الكتاب: صوم عاشوراء بين السنة النبوية والبدعة الأموية
المؤلف: نجم الدين الطبسي
الجزء:
الوفاة: معاصر
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق:
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤٢٢
المطبعة:
الناشر: منشورات العهد
ردمك: ٩٩٤-٥٧٦٣-٠٨-٨
ملاحظات: مركز التوزيع : إيران ، قم ، شارع معلم ، زقاق ٢٩ ، رقم الدار ٤٤٨ / هاتف : ٧٧٣٣٤١٣ ، ٧٧٤٤٩٨٨

دراسات فقهية في مسائل خلافية
صوم عاشوراء
بين
السنة النبوية والبدعة الأموية
دراسة فقهية حول حكم صوم يوم عاشوراء على ضوء المذاهب
الاسلامية، وتحقيق فيما ندب إليه الشرع وفيما نسب إليه
لمؤلفه:
نجم الدين الطبسي
1

طبسي، نجم الدين، 1334 -
صوم عاشوراء بين السنة النبوية والبدعة الأموية، من سلسلة دراسات فقهية في مسائل خلافية: دراسة فقهية
حول حكم صوم يوم عاشوراء على ضوء المذاهب الإسلامية... / مؤلفه نجم الدين الطبسي. - قم: عهد، 1380.
176 ص.
ISBN 994 - 5763 - 08 - 8
فهرستنويسي بر أساس اطلاعات فيپا.
عربي.
1 - فقه تطبيق. 2. ورزه در عاشورا (فقه). 3. عاشوراء. الف. عنوان: دراسة فقهية حول حكم صوم يوم
عاشوراء على ضوء المذاهب الإسلامية، وتحقيق فيما ندب إليه الشرع وفيما نسب إليه.
4 و 2 ط / 25 / 188 BP 354 / 297
كتابخانه ملى إيران 21293 - 80 م
صوم عاشوراء
نجم الدين الطبسي
منشورات العهد
الطبعة الأولى
المطبعة: نگارش
سنة النشر: 1422 ه‍
الكمية: 1500 نسخة
شابك (ردمك): 8 - 08 - 5763 - 964 ISBN
مركز التوزيع: إيران، قم، شارع معلم، زقاق 29، رقم الدار 448
هاتف: 7733413، 7744988
2

بسم الله الرحمن الرحيم
3

المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين سيما الامام المهدى قائم
آل محمد، عليه وعلى آبائه أفضل التحية والسلام.
وبعد:
سمعنا بعض خطباء الجمعة من أهل السنة من بلاد الشام وغيرهم يؤكدون في
خطبهم - أيام عاشوراء - على أهمية هذا اليوم وبركته!!! وانه يستحب فيه الصوم
استحبابا مؤكدا وانه اليوم الذي تاب الله فيه على آدم (عليه السلام) واليوم الذي أنجى الله
موسى (عليه السلام)....
فخطر في ذهني أن أبدأ بدراسة هذا الموضوع دراسة عميقة نصا وفتوى مع سبر
عمق التاريخ والأحاديث، للاطلاع على جذور هذه المسألة، على ضوء أصول
الفريقين وكتبهم.
ثم يعرف بعد - التتبع والتحقيق - أن استحباب صوم عاشوراء الذي ينوه
باستحبابه وانه من المسلمات لم يكن كما يقال، وذلك أن الروايات عندنا متعارضة و
كذلك فتاوى الفقهاء وان كان المشهور هو الاستحباب على وجه الحزن ولكن - في
المقابل - لنا من يقول بالحرمة أو يميل إليه، كما يوجد من يقول بالكراهة ومن يحمل
الصوم الوارد في عاشوراء على المعنى اللغوي - وهو الامساك - لكن إلى العصر لا
الغروب. هذا بالنسبة إلى فقهاء الامامية.
5

واما العامة: فيرى بعض الصحابة كراهة الصوم يوم عاشوراء؛ كعبد الله بن عمر
وعبد الله بن مسعود وغيرهما.
ويرى البعض الآخر: حرمة ذلك أو وجوبه (1) وهم أهل المدينة حيث كان هذا
رأيهم إلى عام 44، أو 57 بالهجرة عام قدوم معاوية إليها على ما يظهر من رواية
البخاري.
هذا وقد سمعنا من بعض علماء السنة في بلوشستان الإيرانية انهم يصومون
حزنا على الإمام الحسين (عليه السلام) وهو موافق لرأي المشهور عندنا وإن لم نعثر
على دليل لهم في هذا المجال.
ولا يهمنا ان نبدي الرأي هنا بقدر ما يهمنا عرض الآراء والأدلة كي يستخلص
المحقق خلال احاطته بهذه الدراسة رأيه الفقهي.
وقد حاولنا هنا مناقشة الاسناد وبعض الفتاوى والآراء على قدر الحاجة.
هذا ولا ندعي انا قدمنا جديدا إلى المكتبة الفقهية الاسلامية إذ الفضل لمن سبق
من سلفنا الصالح كيف لا وقد تناولت موسوعاتهم الفقهية ورسائلهم العملية في
جملة ما تناولته هذا الموضوع وبيان حكمه بالتفصيل كالسيد الطباطبائي في الرياض،
والمحدث البحراني في الحدائق والمحقق القمي في الغنائم والفاضل النراقي في
المستند والمحقق النجفي في الجواهر والسيد الخوئي في المستند والسيد الخونساري
في جامع المدارك والشيخ الوالد - الطبسي - في ذخيرة الصالحين وغيرهم.
ولكن مع ذلك لم نعثر - رغم التتبع والفحص - على رسالة أو كتاب خصص
بهذا الموضوع وأفرد له غير ما عن السيد محمد بن السيد عبد الكريم
الطباطبائي جد السيد محمد مهدي بحر العلوم وما عن الشيخ احمد آل طعان، الآتي
ذكر كتابيهما:

1 - قال عياض: " كان بعض السلف يقول: كان فرضا وهو باق على فرضيته لم ينسخ. " عمدة القاري
11: 118. شرح الزرقاني 2: 178.
6

1 - رسالة في صوم يوم العاشورا، للسيد محمد بن السيد عبد الكريم الطباطبائي
البروجردي جد سيدنا بحر العلوم، ذكرها حفيده في حاشية المواهب. (1)
2 - جواب المسألة العاشورائية في تفسير عاشوراء وحكم الصوم فيه وتعيين
ساعة بعد العصر، يستحب فيها الافطار، للشيخ احمد (2) بن صالح، ذكره
ولده: الشيخ محمد صالح (3)
كما عثرنا على مقالات نشرت في المجلات والصحف، وهي:
1 - تحقيق في صوم يوم عاشوراء - للأستاذ حسن توفيق السقاف نشرته مجلة
الهادي بقم المقدسة. في عددها الثاني للسنة السابعة عام 1401 ه‍.
2 - " يوم عاشوراء " في اللغة والتاريخ والحديث، للشيخ محمد هادي الغروي
اليوسفي، نشرته رسالة الثقلين بقم المقدسة في عددها الثاني، للسنة الأولى
عام...
3 - " پيشينه عاشوراء " مقالة بالفارسية. للشيخ رضا الاستاذي، نشرته مجلة
" پيام حوزه " بقم المقدسة في عددها الأول والثاني من السنة الثانية عام....
وفي الختام: نشكر أصحاب السماحة الذين بذلوا أجهدهم إذ طالعوا المسودات و
أبدوا ملاحظات قيمة، أخصهم بالذكر حجج الاسلام الشيخ غلام رضا كاردان، و
سماحة السيد الجلالي، والسيد الخادمي والشيخ اليوسفي الغروي، والشيخ عبد الهادي
النوري، والشيخ محمد جعفر الطبسي والأستاذ المحقق علي الشاوي، والأخ فارس

1 - الذريعة إلى تصانيف الشيعة 15: 101. الرقم 668.
2 - هو الشيخ أحمد بن الشيخ الصالح آل طعان القطيفي، ولد عام 1251 ه‍... توفى عام 1315 ه‍... في البحرين
وكان من تلامذة العلامة الأنصاري وله رسالة في ترجمته - اي ترجمة أستاذه -
واما ولده: فهو العالم المصنف الشيخ محمد صالح. المتوفى بالحائر عام 1333 ه‍.... الذريعة 4: 165 / الرقم
819 وج 5: 190.
3 - الذريعة إلى تصانيف الشيعة 5: 190 / الرقم 880 وقد تم طبعها عام 1419 ه‍... ضمن مجموعة ا لرسائل
الأحمدية ج 2 - تحقيق ونشر دار المصطفى لأحياء التراث، بقم المقدسة.
7

حسن فلهم جزيل الشكر.
كما نلتمس الصفح ممن وقف على الهفوات في كتابنا هذا، فالعصمة لأهلها.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا لخدمة الدين الحنيف ولمذهب أهل بيت النبي
الكريم صلى الله عليه وآله وسم إنه سميع مجيب.
نجم الدين الطبسي
قم المقدسة - الحوزة العلمية
15 / ج 1 / 1419 ه‍ ق
8

الباب الأول: أبحاث تمهيدية
1 - عاشوراء في اللغة
2 - عاشوراء وجذورها الروائية
3 - عاشوراء هل هو التاسع ام العاشر
4 - حكم صوم عاشوراء قبل نزول صوم رمضان
5 - هل كان النبي يحب موافقة اليهود
6 - هل اليهود تصوم يوم عاشوراء
9

عاشوراء في اللغة:
1 - الخليل بن أحمد: " عاشوراء اليوم العاشر من المحرم، ويقال: بل
التاسع... " (1)
2 - الأزهري: " قال الليث: ويوم عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرم. قلت: ولم
اسمع في أمثلة الأسماء اسما على فاعولا، الا أحرفا قليلة. قال ابن بزرج: الضاروراء:
الضراء، والساروراء: السراء والد الولاء: الدالة... " (2)
3 - ابن دريد: " عاشوراء يوم سمي في الاسلام ولم يعرف في الجاهلية، وليس في
كلامهم فاعولا ممدودا الا عاشوراء... " (3)
4 - ابن منظور: " عاشوراء وعشوراء ممدودان: اليوم العاشر من المحرم وقيل:
التاسع... " (4)
5 - الفيروز آبادي: " العاشوراء والعاشوراء ويقصران والعاشور: عاشر المحرم
أو تاسعة. " (5)

1 - العين 1: 249.
2 - تهذيب اللغة 1: 409.
3 - الجمهرة في لغة العرب 4: 212.
4 - لسان العرب 9: 218.
5 - القاموس المحيط 2: 89
11

6 - الزبيدي: " العاشوراء قلت: المعروف تجرده من أل: والعاشوراء ممدودان و
تقصران، والعاشور عاشر محرم وقد الحق به تاسوعا... " (1)
7 - الهروي: " في حديث ابن عباس: لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع، قال
أبو منصور: يعنى عاشوراء كأنه تأول فيه عشر الورد، أنها تسعة أيام والعرب تقول:
وردت الإبل عشرا إذا وردت يوم التاسع... " (2)
8 - الطريحي: " يوم عاشوراء - بالمد والقصر - وهو عاشر المحرم وهو اسم
اسلامي وجاء عشوراء بالمد مع حذف الألف، التي بعد العين... " (3)
9 - العيني: " اشتقاقه من العشر الذي هو اسم للعدد المعين وقال القرطبي:
عاشوراء معدول عن عاشرة للمبالغة والتعظيم، وهو في الأصل صفة لليلة العاشر
لأنه مأخوذ من العشر الذي هو اسم الفعل واليوم مضاف إليها، فإذا قيل: يوم
عاشوراء فكأنه قيل: يوم الليلة العاشرة إلا انهم لما عدلوا به عن الصفة غلبت عليها
الإسمية فاستغنوا عن الموصوف فحذفوا الليلة، وقيل: مأخوذ من العشر بالكسر في
أوراد الإبل تقول العرب: وردت الإبل عشرا إذا وردت اليوم التاسع، وذلك لأنهم
يحسبون في الظماء يوم الورود. فإذا قامت في الرعي يومين ثم وردت في الثالثة قالوا:
وردت ربعا، وان رعت ثلاثا وفي الرابع وردت خمسا... وعلى هذا القول يكون
التاسع عاشوراء.... " (4)

1 - تاج العروس 3: 400.
2 - الغريبين 1: 254. انظر: معيار اللغة 1: 465. و 2: 88. وأقرب الموارد 1: 77 و 2: 784.
3 - مجمع البحرين 3: 405. 4
4 - عمدة القاري 11: 117 - انظر فتح الباري 4: 288. ارشاد الساري 4: 646.
12

عاشوراء وجذورها الروائية:
يظهر من بعض النصوص ان هذا الاسم له جذور في الروايات، وان هذه
التسمية اما لأجل إكرام عشرة من الأنبياء بعشر كرامات، على ما في حاشية الجمل
- دون أن يشير إلى مصدر له - وإما لأجل تسمية الله عز وجل يوم استشهاد
أبى عبد الله الحسين عليه السلام بيوم عاشوراء - على ما رواه الطريحي ضمن رواية تفضيل أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم على سائر الأمم بعشر:
1 - قال الشيخ سليمان: " سمى بذلك لان عشرة من الأنبياء أكرموا فيه بعشر
كرامات. "
ثم إنه استند إلى رواية مرسلة اخذها من بعض كتب الوعظ ولم يذكر اسمه. (1)
2 - الطريحي: " وفي حديث مناجاة موسى عليه السلام وقد قال: يا رب لم فضلت أمة محمد
صلى الله عليه وآله وسلم على سائر الأمم؟ فقال الله تعالى: فضلتهم لعشر خصال، قال موسى: وما تلك الخصال التي يعملونها حتى آمر بني إسرائيل يعملونها؟
قال الله تعالى: الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد والجمعة والجماعة و
القرآن والعلم والعاشوراء.
قال موسى: يا رب وما العاشوراء؟ قال: البكاء والتباكي على سبط محمد صلى الله عليه وآله وسلم والمرثية والعزاء على مصيبة ولد المصطفى، يا موسى ما من عبد من عبيدي في ذلك

1 - حاشية الجمل على شرح المنهج 2: 347.
13

الزمان بكى أو تباكى وتعزى على ولد المصطفى الا وكانت له الجنة ثابتا فيها. وما من
عبد أنفق من ماله في محبة ابن بنت نبيه طعاما وغير ذلك، درهما أو دينارا الا
باركت له في دار الدنيا، الدرهم بسبعين وكان معافي في الجنة، وغفرت له ذنوبه.
وعزتي وجلالي ما من رجل أو امرأة، سال دمع عينيه في يوم عاشوراء وغيره
قطرة واحدة الا وكتب له اجر مائة شهيد. " (1)
أقول: ومضمونها حق وعليها شواهد كثيرة من الروايات والنصوص، ولكن لم
نعثر على هذا النص بالخصوص في مصادر أخرى، أضف إلى ذلك إرسالها، ولعلها هي
المرسلة التي أشار إليها في حاشية الجمل، من دون ايراد التفصيل.
ثم إنه يفهم منها - بغض النظر عن السند - سبق هذه الكلمة على مجئ الاسلام
وانها كانت في الأمم السالفة وعرفها الله عز وجل للأنبياء، فلا وجه لدعوى اللغويين
كابن دريد وابن الأثير والطريحي - من أنها اسم اسلامي ولم يعرف قبل ذلك،
فتأمل، كيف! وقد ثبت صوم اليهود في هذا اليوم والتعظيم له - بل والنصارى كما
يظهر من الرواية المرسلة التي ينقلها الفيومي ان النصارى كذلك كانت تعظم هذا
اليوم، ولكن رغم التتبع لم نعثر على مصدر هذا النص في غير كتابه، ولا عرف
للنصارى صوم وتعظيم لهذا اليوم.
ونص الرواية التي نقلها الفيومي: " ان رسول الله صام عاشورا، فقيل له: ان
اليهود والنصارى تعظمه فقال: إذا كان العام المقبل صمنا التاسع. " (2)
إلا ان يقال: إن تعظيمهم لهذا اليوم أو صومهم فيه، لا يلازم التسمية بالعاشوراء
- آنذاك - ومعرفتهم له بهذا الاسم.

1 - مجمع البحرين 3: 405.
2 - المصباح المنير: 104 - أقول انه قد ينفرد بنقل أحاديث لم يعثر عليها في غير كتابه وقد أشرنا إلى بعضها في كتابنا موارد السجن: 503.
14

عاشورا هل هو التاسع أم العاشر من المحرم؟
المشهور عندنا ان عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرم كما صرح بذلك
العلامة الحلي (قدس سره) في المنتهى والمحقق القمي (قدس سره) في الغنائم والعلامة المجلسي (قدس سره) في المرآة.
وهو قول أكثر أهل السنة، وجماهير السلف والخلف منهم. كما أفاده العسقلاني في
فتح الباري والشوكاني عن النووي. وعن ابن عباس - في إحدى روايتيه - انه هو
العاشر من المحرم على ما نقله عبد الرزاق في مصنفه، عنه، وروى عنه أيضا انه اليوم
التاسع، ولا يهمنا الخلاف بعد ما كان مشهورا عندنا وبه روايات كثيرة ومتبعا عند
جماهير العامة.
آراء فقهائنا:
1 - العلامة الحلي (قدس سره): " يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرم وبه قال سعيد
بن المسيب والحسن البصري. وروى عن ابن عباس أنه قال: إنه التاسع من المحرم و
ليس بمعتمد، لما تقدم في أحاديثنا انه يوم قتل الحسين (عليه السلام) هو
العاشر بلا خلاف.
وروى الجمهور عن ابن عباس، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يصوم يوم عاشوراء
- العاشر من المحرم -، وهذا ينافي ما روى عنه أولا. " (1)

1 - منتهى المطلب 2: 611.
15

2 - المحقق القمي (قدس سره): " المعروف من المذهب ان عاشوراء هو يوم العاشر من
المحرم لأنه يوم قتل الحسين ولا خلاف انه كان في عاشر محرم... " (1)
3 - العلامة المجلسي (قدس سره): " قال بعد رواية زيد النرسي عن الصادق (عليه السلام): من صامه كان حظه من صيام ذلك اليوم خط ابن مرجانة وآل زياد... " قال:... يدل على أن عاشوراء هو العاشر كما هو المشهور... " (2)
آراء السنة:
1 - البغوي: " اختلف العلماء في يوم عاشوراء قال بعضهم: هو اليوم العاشر من
المحرم، وقال بعضهم: هو اليوم التاسع، وروى عن ابن عباس أنه قال: صوموا التاسع
والعاشر. وبه قال الشافعي واحمد وإسحاق. " (3)
2 - العسقلاني: " اختلف أهل الشرع في تعيينه، فقال الأكثر هو اليوم
العاشر. " (4)
3 - الشوكاني: " عن النووي: ذهب جماهير السلف والخلف ان عاشوراء هو
اليوم العاشر من المحرم... " (5)
4 - عبد الرزاق: ".... عن ابن عباس، قال: يوم عاشوراء العاشر. " (6)
أقول: وممن يرى أنه هو التاسع - من فقهاء العامة - هو ابن حزم. (7)

1 - غنائم الأيام 6: 78.
2 - مرآة العقول 16: 362.
3 - التهذيب 3: 191.
4 - فتح الباري 4: 288.
5 - نيل الأوطار 4: 245.
6 - المصنف 4: 288، ح 7841.
7 - المحلى 7: 17.
16

حكم صوم عاشوراء قبل نزول صوم رمضان:
اختلف فقهائنا في حكم عاشوراء قبل نزول آية صوم رمضان، وهل أنه
كان واجبا أم لا؟
فاختار الأول المحقق النجفي في الجواهر، والمحقق القمي في الغنائم، ومال إليه
السيد الطباطبائي في المدارك.
و اكتفى المحقق السبزواري في الذخيرة والعلامة في التذكرة والمنتهى بنقل
الخلاف.
كما أن مفاد بعض رواياتنا هو الأول (1) - أعني الوجوب -، وأما العامة فعن
أبي حنيفة أنه كان واجبا، وظاهر مذهب الشافعي، أنه لم يكن واجبا، وعليه أكثر
العامة كما عن النووي وللشافعي قولان، ولأحمد روايتان. وسنشير إلى الروايات في
فصل " حكم صوم عاشوراء ".
آراء فقهائنا:
1 - العلامة الحلي: " اختلف في صوم عاشوراء هل كان واجبا أم لا؟ فقال
أبو حنيفة: إنه كان واجبا، وقال آخرون: إنه لم يكن واجبا، وللشافعي قولان، وعن

1 - من لا يحضره الفقيه 2: 51، الرقم 224. عنه وسائل الشيعة 10: 459 ب 21 ح 1. الكافي 4: 146 / ح 4. التهذيب 4: 301 / ح 910. الاستبصار 2: 134.
مرآة العقول 16: 360.
17

أحمد روايتان.
احتج الموجبون بما روت عائشة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صامه وأمر بصيامه، فلما
افترض رمضان كان هو فريضة وترك عاشوراء فمن شاء تركه.
و أيضا فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كتب إلى أهل العوالي (1) أنه من أكل منكم فليمسك بقية يومه، ومن لم يأكل فليصم، وهذا يدل على وجوبه، واحتج الآخرون بما رووه
عن معاوية أنه سمع يوم عاشوراء على المنبر يقول: يا أهل المدينة أين علماءكم؟ و
سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: يوم عاشوراء لم يكتب الله عليكم صيامه... وقد ورد في أحاديثنا ما يدل عليهما... " (2)
2 - المحقق النجفي: " ومنه يعلم أن صومه كان واجبا... " (3)
3 - المحقق القمي: " أن الظاهر من الأخبار أنه كان واجبا قبل نزول شهر رمضان
ثم ترك " (4)
4 - السيد العاملي: " اختلف في صوم عاشوراء هل كان واجبا أم لا؟ والمروي
في أخبارنا أنه كان واجبا قبل نزول صوم شهر رمضان، وممن روي ذلك زرارة و
محمد بن مسلم ". (5)
5 - السبزواري: " واعلم أنه اختلف في صوم عاشوراء هل كان واجبا أم لا؟ و
في بعض أخبارنا أنه كان واجبا قبل نزول صوم شهر رمضان وصوم كل خميس و
جمعة... ". (6)

1 - هي ضيعة بينها وبين المدينة أربعة أميال، وقيل: ثلاثة أميال، معجم البلدان 4: 166.
2 - منتهى المطلب 2: 611 - مثله: تذكرة الفقهاء 6: 162.
3 - جواهر الكلام 17: 107.
4 - غنائم الأيام 6: 78.
5 - المدارك 6: 268.
6 - ذخيرة المعاد: 50.
18

6 - المجلسي: " عن المنتقى: وفي هذه السنة - الأولى للهجرة - صام - أي
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - عاشوراء وأمر بصيامه ". (1)
أقول: لم يتبين الفقهاء في أقولهم رأيا معينا - على ما نعلم - وإنما اكتفوا بنقل
الخلاف ومفاد الروايات، إلا المحقق القمي حيث استند إلى ظاهر الرويات الذي يعلم
منه الوجوب.
ثم إن العلامة المجلسي اكتفى بنقل كلام المنتقى من دون أي تعليق.
آراء فقهاء السنة:
1 - العيني: " اختلفوا في حمكه أول الاسلام، فقال أبو حنيفة: كان واجبا، و
اختلف أصحاب الشافعي على وجهين: أشهرهما أنه لم يزل سنة من حين الشرع ولم
يك واجبا قط في هذه الأمة، ولكنه كان يتأكد الاستحباب، فلما نزل صوم رمضان
صار مستحبا دون ذلك الاستحباب.
الثاني: كان واجبا كقول أبي حنيفة، عياض: كن بعض السلف يقول: كان
فرضا وهو باق على فرضيته لم ينسخ. وانقرض القائلون بهذا، وحصل الاجماع على
أنه ليس بفرض أنما هو مستحب ". (2)
2 - ابن قدامة: " اختلف في صوم عاشوراء هل كان واجبا؟ فذهب القاضي إلى
أنه لم يكن واجبا، وقال: هذا قياس المذهب، واستدل بشيئين. وروي عن أحمد أنه
كان مفروضا ". (3)
3 - الكاساني: " وصوم عاشوراء كان فرضا يومئذ... ". (4)

1 - بحار الأنوار 19: 130.
2 - عمدة القاري 11: 118 - مثله المجموع 6: 383.
3 - المغني 2: 174.
4 - بدائع الصنائع 2: 262.
19

4 - القسطلاني: " ذيل حديث " أنا أحق بموسى منكم " فصامه وأمر بصيامه،
قال: فيه دليل لمن قال: كان قبل النسخ واجبا، لكن أجاب أصحابنا بحمل الأمر هنا
على تأكيد الاستحباب... ". (1)
5 - الزرقاني في شرح قوله: " فمن شاء صامه ". قال: لأنه ليس متحتما فعلى هذا لم
يقع الأمر بصومه إلا في سنة واحدة وعلى القول بفرضيته فقد نسخ، ولم يرد أنه
جدد صلى الله عليه وآله وسلم للناس أمرا بصيامه بعد فرض رمضان، بل تركهم على ما كانوا عليه من غير نهي عن صيامه، فان كان أمره بصيامه قبل فرض رمضان للوجوب ففي نسخ
الاستحباب إذا نسخ الوجوب خلاف مشهور، وإن كان للاستحباب كان باقيا على
استحبابه.
و في الاكمال: قيل: كان صومه في صدر الاسلام قبل رمضان واجبا ثم نسخ على
ظاهر هذا الحديث.
و قيل: كان سنة مرغبا فيه ثم خفف فصار مخيرا فيه، وقال بعض السلف: لم يزل
فرضه باقيا لم ينسخ، وانقرض القائلون بهذا، وحصل الاجماع اليوم على خلافه،
و كره ابن عمر قصد صيامه... (3)

1 - إرشاد الساري 4: 649.
2 - فتح الباري 4: 29.
3 - شرح الزرقاني 2: 178.
20

هل كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يحب موافقة اليهود؟
يرى زين الدين الحنفي وهكذا العسقلاني - من علماء السنة - ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يحب موافقة أهل الكتاب في صيامهم، حيث إن هذا المؤلف بعد أن قسم صيام
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على أربع حالات، قال: الحالة الثانية ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما قدم المدينة ورأى صيام أهل الكتاب له وتعظيمهم له وكان يحب موافقتهم! فيما
لم يؤمر به صامه، وأمر الناس بصيامه، وأكد الامر بصيامه والحث عليه حتى كانوا يصومونه أطفالهم. " (1)
وقال العسقلاني: " وقد كان (صلى الله عليه وآله وسلم) يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه
بشئ ولا سيما إذا كان فيما يخالف فيه أهل الأوثان. " (2)
والملاحظ هو ان زين الدين الحنفي يؤكد على أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يحب موافقتهم وبالتالي وافقهم وحث الناس على ذلك!!!
وهذا يناقض ما رواه هو وغيره عن ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من أن صيام
عاشوراء كان لمخالفة اليهود:
" صوموا عاشوراء وخالفوا فيه اليهود... " (3)
فكيف يجتمع هذا النص مع ما استظهره الحنفي والعسقلاني من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم

1 - لطائف المعارف: 102.
2 - فتح الباري 4: 288.
3 - السنن الكبرى 4: 475.
21

كان يجب موافقة اليهود!!؟
كما أنه يناقض أيضا ما ورد عن يعلى بن شداد عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود. " (1)
وفي رواية أخرى: لا تشبهوا باليهود. " (2)
وهل هذا الصوم المدعى الا تشبه بهم وقد نهينا عن التشبه بهم بل صرح
القاضي في شرح قوله: " لأصومن التاسع " بان ذلك لعله على طريق الجمع مع العاشر
لئلا يتشبه باليهود. " (3)
وهكذا في المحيط: " كره افراد يوم عاشوراء بالصوم لأجل التشبه باليهود. " (4)
ثم هل يجوز لنا ان نشارك اليهود أو النصارى ببعض أعيادهم وصيامهم بحجة
اننا أحق بموسى أو بعيسى منهم!؟ ثم لا ندري ما هذه المحاولة من البعض في ربط
المفاهيم الاسلامية واحكامها وسننها وآدابها وعقائدها، بسنن أهل الكتاب و
أحكامهم وعاداتهم؟ ولماذا وما هو السر - في دعوى، بل التظاهر بالتنسيق بين
الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل الكتاب خاصة اليهود؟! وللأسف نرى أحاديث منسوبة إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في الصحاح ومضمونها ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يصدق ويتعجب (5) من قول حبر من اليهود، وان اليهودي حينما يمر بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يطلب النبي (6) منه ان يحدثه!!

1 - المعجم الكبير 7: 290، ح 7165 - المستدرك على الصحيحين 1: 260 - صححه الذهبي.
2 - المعجم الكبير 7: 290، ح 7164.
3 - عمدة القاري ج 11: 117.
4 - عمدة القاري ج 11: 117.
5 - صحيح البخاري 4: 300. كتاب التوحيد: " جاء حبر من اليهود فقال إنه إذا كان يوم القيامة جعل الله السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والماء والثري على إصبع والخلائق على إصبع ثم يهزهن ثم يقول: انا المالك انا المالك فلقد رأيت النبي يضحك حتى بدت نواجده تعجبا وتصديقا لقوله... "
6 - فتح الباري 13: 409: " مر يهودي بالنبي فقال: يا يهودي حدثنا، فقال كيف تقول يا أبا القاسم إذا وضع الله السماوات على ذه... "
22

وان امرأة يهودية تعلم النبي (1) قضايا فتنة القبر!! " وان تميم الداري النصراني
يصدقه النبي ويروي عنه حدثني حديثا وافق الذي كنت أحدثكم عن مسيح
الدجال... فإنه أعجبني حديث تميم انه وافق الذي كنت أحدثكم عنه وعن
المدينة... " (2)

1 - سنن النسائي 4: 104 / باب التعوذ من عذاب القبر: " ان عايشة قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه آله وسلم وعندي امرأة من اليهود وهي تقول: انكم تفتنون يهود في القبور، فارتاع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: انما تفتن
اليهود، وقالت عايشة فلبثنا ليالي ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: انه أوحى إلى انكم تفتنون في القبور... "
2 - صحيح مسلم 4: 337 - قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تميم الداري فأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انه ركب البحر فتاهت به سفينته فسقط إلى جزيرة فخرج إليها يلتمس الماء فلقي انسانا يجر بشعره... وفي آخر: فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلاته جلس على المنبر وهو يضحك فقال: ليلزم كل انسان مصلاه ثم قال:
أتدرون لم جمعتكم...؟
23

هل اليهود تصوم يوم عاشوراء؟
ان المستفاد من مراجعة التاريخ وكلمات اللغويين والفقهاء والمحققين وغيرهم
ان مدار السنة عند اليهود ليست قمرية بل شمسية، ولم يكن صومهم في عاشوراء ولا
في محرم، كما أن اليوم الذي غرق فيه فرعون لم يتقيد بكونه دائما هو عاشوراء المحرم، و
إنما هو في اليوم العاشر من شهر هم الأول: تشرى، ويسمونه يوم كيپور " kipur " -
اي الكافرة وهو اليوم الذي تلقى فيه الإسرائيليون اللوح الثاني من الشريعة.
ثم على الفرض - البعيد انه اتفق ذلك اليوم مع قدوم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الكريم المدينة وعاشوراء المحرم فهو محض اتفاق.
أضف إلى ذلك أن كيفية الصوم عندهم أيضا تختلف عن الصوم عندنا، فإنهم
يصومون من غروب الشمس إلى غروبها في اليوم التالي.
وعليه فلا وجه ولا أساس لما نسب في المرويات إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من أن صوم عاشوراء كان ذا أصل يهودي وانهم كانوا يصومونه في هذا اليوم.
ولنعرض بعض الأقوال في هذا الشأن:
1 - قال الدكتور جواد على: " ويقصدون بصوم اليهود يوم عاشوراء ما يقال له:
" يوم الكفارة " وهو يوم صوم وانقطاع ويقع قبل عيد المظال بخمسة أيام اي في يوم
عشرة تشري وهو يوم الكبور " kipur " ويكون الصوم فيه من غروب الشمس
24

إلى غروبها في اليوم التالي وله حرمة كحرمة السبت، وفيه يدخل الكاهن الأعظم
قدس الأقداس لأداء الفروض الدينية المفروضة في ذلك اليوم. " (1)
2 - وقال السقاف: " في واقعنا الحاضر لا نجد أي يهودي يصوم في العاشر من
محرم أو يعده عيدا، ولم يوجد في السجلات التاريخية ما يشير إلى انهم صاموا في
العاشر من محرم أو عدوه عيدا، بل اليهود يصومون يوم العاشر من شهر تشرين وهو
الشهر الأول من سنتهم في تقويمهم وتاريخهم الا انهم لا يسمونه يوم عاشوراء بل
يوم أو عيد كيپور. " (2)
3 - قال أيضا: " ان لليهود تقويما خاصا بهم يختلف عن تقويمنا العربي
الاسلامي اختلافا بينا ويبتدئ بشهر (تشري) ثم (حشران) وينتهي بشهر (أيلول) و
هو الشهر الثاني عشر، وفي كل سنة الكبيسة يضاف إليها شهر واحد حتى يكون للسنة
الكبيسة ثلاثة عشر شهرا وهو شهر (آذار الثاني) الذي يتخلل بين آذار الشهر
السادس وبين نيسان الشهر الثامن، ويكون (آذار الثاني) الشهر السابع وعدد أيام
السنة في السنوات العادية 353 أو 354، أو 355 يوما وفي الكبيسة 383 أو
384 أو 385 يوما والتقويم اليهودي المستعمل الآن شهور قمرية وسنواته
شمسية. " (3)
4 - وقال محمود باشا الفلكي في تقويم العرب قبل الاسلام: " يظهر ان اليهود من
العرب كانوا يسمون أيضا عاشوراء وعاشوراء اليوم العاشر من شهر تشري الذي هو
أول شهور سنتهم المدنية وسابع شهور السنة الدينية عندهم.
والسنة عند اليهود شمسية لا قمرية فيوم عاشوراء الذي كان فيه غرق فرعون

1 - المفصل في تاريخ العرب 6: 339. دار الملايين - انظر كتاب المقدس 2: 2660.
2 - مجلة الهادي 7 ع 2: 37.
3 - مجلة الهادي 7 العدد 2: 36.
25

لا يتقيد بكونه عاشر المحرم، بل اتفق وقوعه يوم قدوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم. " (1)
5 - وقال أبو ريحان (2): " تشرين وهو ثلاثون يوما... وفي اليوم العاشر منه
صوم الكبور ويدعي العاشوراء وهو الصوم المفروض من بين سائر الصيام فإنها
نوافل، ويصام هذا الكبور من قبل غروب الشمس من اليوم التاسع بنصف ساعة إلى
ما بعد غروبها في اليوم العاشر بنصف ساعة تمام خمس وعشرين ساعة.... وصومه
كفارة لكل ذنب على وجه الغلط، ويجب على من لم يصمه من اليهود القتل عندهم، و
فيه يصلى خمس صلوات ويسجد فيها. " (3)
6 - وقال العلامة الشعراني: " اعلم أن يوم عاشوراء كان يوم صوم اليهود ولا
يزالون يصومون إلى الآن، وهو الصوم الكبير، (4) ووقته اليوم العاشر من الشهر
الأول من السنة ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة كان أول اليهود مطابقا لأول
المحرم وكذلك بعده إلى أن حرم النسئ وترك في الاسلام وبقي عليه اليهود إلى زماننا هذا
فتخلف أول سنة المسلمين عن أول سنتهم، وافترق يوم عاشوراء عن يوم صومهم، و
ذلك لأنهم ينسئون إلى زماننا فيجعلون في كل ثلاث سنين سنة واحدة ثلاثة عشر

1 - دائرة المعارف البستاني 11: 446.
2 - هو محمد بن أحمد الخوارزمي الحكيم الرياضي الطبيب المنجم المعروف كان فيلسوفا عالما
بالفلسفة اليونانية وفروعها وفلسفة الهنود، وبرع في علم الرياضيات والفلك، بل قيل: إنه أشهر علماء النجوم والرياضيات من المسلمين، كان معاصرا لابن سينا وبينهما مراسلات وأبحاث، كان أصله من بيرون - بلد في السند - وسافر إلى بلاد الهند أربعين سنة اطلع فيها على علوم الهنود. وأقام مدة في خوارزم وأكثر اشتغاله في النجوم والرياضيات والتاريخ، وخلف مؤلفات نفيسة منها الآثار الباقية عن القرون الخالية ألفه لشمس المعالي قابوس. حكى أنه كان مكبا على تحصيل العلوم متفننا على التصنيف لا يكاد يفارق يده العلم، وعينه النظر، وقلبه الفكر، وكان مشتغلا في تمام أيام السنة الا يوم النيروز ويوم المهرجان.... " الكنى والألقاب 1: 78.
3 - الآثار الباقية: 277.
4 - لعل الصحيح: كبور.
26

أشهرا كما كان يفعله العرب في الجاهلية، فصام رسول الله والمسلمين يوم عاشورا كما
كانوا يصومون وقال: نحن أولى بموسى... إلى أن نسخ وجوب صومه بصوم رمضان و
بقي الجواز... " (1)
أقول: أولا إن قدوم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهجرته إلى المدينة المنورة كانت في ربيع الأول (3) لا في محرم، ومعه كيف يطابق سنة اليهود لقدوم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولمحرم؟؟
ثانيا المعروف ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يصم عاشوراء الا سنة واحدة كما سيأتي الإشارة
إلى ذلك ومعه كيف يقول السيد الشعراني: " وكذلك بعده إلى أن حرم النسئ... "
ثالثا يبدو من كلامه ان صومه كان واجبا إلى أن نسخ بصوم رمضان، مع أن
الامر مختلف فيه عندنا وعند العامة أيضا - كما مر فالظاهر أن العلامة الشعراني تبنى
أمرا من دون إراءة أي مستند ودليل.
أقول: سوف يتضح انه تخطيط أموي للتغطية على قضية كربلاء، وما صدر من
الجرائم الانسانية بحق أهل بيت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).

1 - الوافي (الهامش 2: 114).
2 - تاريخ الطبري 2: ص 3 - الكامل في التاريخ 2: 518 (لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول يوم الاثنين) بحار الأنوار 19: 104 - فتح الباري 4: 289.
27

الباب الثاني:
حكم صوم عاشوراء
أ - الروايات المانعة
ب - الروايات الدالة على الجواز
ج - الروايات من طرق السنة
29

حكم صوم عاشوراء
وردت روايات متعارضة بشأن هذا الصوم، ففي بعضها كفارة سنة وان يوم
عاشوراء يوم البركة والنجاة، وان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يأمر حتى الصبيان بالامساك والصيام، كما في التهذيب والكافي والجعفريات.
وفي بعضها الآخر: ما ينافي هذا، إذ مفاده: انه صوم متروك، وفي بعض آخر:
انه منهي عنه وفي آخر: انه بدعة وما هو يوم صوم، وفي بعض آخر: انه صوم
الأدعياء، أو أن حظ الصائم فيه هو النار، وفي بعض آخر: ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما كان يصومه. هذا ما في كتبنا الروائية.
وأما السيرة العملية للأئمة الطاهرين فالجدير بالذكر هو انه لم يعهد منهم ولا من
أصحابهم الصوم في هذا اليوم، كما صرح به السيد الخوئي في تقرير بحث أستاذه، فلو
كان مستحبا لما استمر المعصوم على ترك هذا المستحب.
وأما في كتب السنة: فالروايات عندهم مختلفة، إذ مفاد كثير منها الاستحباب و
التأكيد على الصوم، وأخرى: تغايرها، إذ فيها ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما كان يصوم يوم عاشوراء، أو انه لم يأمر به بعد نزول صوم شهر رمضان، كما في البخاري ومسلم
وسائر كتب السنن، وقد جمعها الهيثمي في زوائده وضعف أسانيد أكثرها.
وفيما يلي عرض الروايات:
31

1 الروايات من طرقنا:
ما دل منها على المنع:
1 - الفقيه: " سأل محمد بن مسلم وزرارة بن أعين أبا جعفر الباقر عليه السلام عن صوم
يوم عاشوراء، فقال: كان صومه قبل شهر رمضان، فلما نزل شهر رمضان ترك. " (1)
عبر عنه المجلسي الأول بالصحيح، وقال: قوله: " كان صومه ": اي وجوبه أو
استحبابه، وقوله: " ترك " اي نسخ. " (2)
أقول: على القول بان الصوم كان واجبا ثم عرض النسخ يرد البحث الأصولي: و
هو إذا نسخ الوجوب هل يبقى معه الجواز أم لا؟
والمراد بالجواز اما بالمعنى الأعم وهو غير التحريم، واما بالمعنى الأخص وهو
الا باحة. فالمعروف هو عدم دلالة دليل الناسخ ولا دليل المنسوخ على بقاء الجواز
فتعيين أحد الاحكام الأربعة بعد نسخ الوجوب يحتاج إلى دليل.
كما لا مجال لا ثبات الجواز من خلال استحباب الجواز الذي كان ضمن
الوجوب وكان بمنزلة الجنس له فيما لم نقل باستصحاب الكلى القسم الثالث. ويطلب
التفصيل من مظانه. (3)
2 - الكافي: علي بن إبراهيم عن أبيه، عن نوح، عن شعيب النيسابوري، عن
ياسين الضرير، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليه السلام قالا:
لا تصم (4) في يوم عاشوراء ولا عرفه بمكة ولا في المدينة ولا في وطنك ولا في
مصر من الأمصار ". (5)

1 - من لا يحضره الفقيه 2: 51 / ح 224. عنه الوسائل 10: 452 / ب 21 / ح 1.
2 - روضة المتقين 4: 247.
3 - انظر الكفاية: 140.
4 - في الوافي: ج 11: 73 لا تصومن.
5 - الكافي 4: 146 / ح 3. عنه الوسائل 10: 462 / ب 41 / ح 6.
32

من الأمصار. " (1)
قال المجلسي: الحديث مجهول، وحمل على ما إذا اشتبه الهلال، أو ضعف عن
الدعاء، والنهى على الكراهة. " (1)
أقول: وان كان هذا الحمل خلاف الظاهر ولكن يصار إليه بقرينة النهى عن
صيام عرفه الذي لا شك في عدم حرمته.
3 - وفيه: الحسن بن علي الهاشمي عن محمد بن موسى عن يعقوب بن يزيد،
عن الحسن بن علي الوشاء، قال: حدثني نجبة بن الحارث العطار، قال: سألت: أبا
جعفر عليه السلام عن صوم يوم عاشورا، فقال: صوم متروك بنزول شهر رمضان، والمتروك بدعة.
قال نجبة: فسألت أبا عبد الله من بعد أبيه عليه السلام عن ذلك فأجابني بمثل جواب أبيه
ثم، قال: أما إنه صوم يوم ما نزل به كتاب، ولا جرت به سنة، الا سنة آل زياد بقتل
الحسين بن علي صلوات الله عليهما. " (2)
عبر عنه المجلسي الأول: بالقوي، فقال: ويؤيده ما رواه الكليني في القوى (3) و
عبر عنه المجلسي الثاني: بأنه مجهول.
وقال: قوله: " صوم متروك " يدل على أنه كان واجبا قبل نزول صوم شهر
رمضان. وقال بعض الأصحاب: لم يكن واجبا قط.
قوله: " والمتروك بدعه ": يدل على أنه نسخ وجوبه ورجحانه مطلقا الا ان
يقال: غرضه انه نسخ وجوبه، وما نسخ وجوبه لا يبقى رجحان الا بدليل اخر كما
هو المذهب المنصور، ولم يرد ما يدل على رجحانه الا العمومات الشاملة له ولغيره،

1 - مرآة العقول 16: 360.
2 - الكافي 4: 146 / ح 4. عنه الوسائل 10: 461 / ب 21 / ح 5. التهذيب 4: 301 / ح 910. الاستبصار 2: 134.
3 - روضة المتقين 3: 247. أقول: والقوي والموثق في اصطلاح الفقهاء واحد، وعند العامة مساوي للجيد، أي دون الصحيح برتبة وأولى من الحسن مقاما. انظر: مقباس الداية 5: 136.
33

فإذا صام الانسان بقصد انه من السنن أو مندوب إليه على الخصوص كان مبتدعا،
لكن الظاهر من الخبر عدم رجحان لا خصوصا ولا عموما. " (1)
ورماه في الملاذ بالمجهولية، فقال: مجهول. " (2)
4 - وفيه: عن الحسن بن علي الهاشمي، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن
سنان، عن ابان، (3) عن عبد الملك، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن صوم تاسوعاء و
عاشوراء من شهر المحرم، فقال: تاسوعاء يوم حوصر فيه الحسين وأصحابه رضي الله
عنهم بكربلاء، واجتمع عليه خيل أهل الشام وأناخوا عليه، (4) وفرح ابن مرجانة
وعمر بن سعد بتوافر (5) الخيل وكثرتها، واستضعفوا فيه الحسين وأصحابه، وأيقنوا
أن لا يأتي الحسين ناصر، ولا يمده أهل العراق بابي المستضعف الغريب أ ثم قال: وأما
يوم عاشوراء فيوم أصيب فيه الحسين صريعا بين أصحابه وأصحابه صرعى حوله
(عراة) أ فصوم يكون في ذلك اليوم؟ كلا ورب البيت الحرام وما هو يوم صوم وما
هو الا يوم حزن ومصيبة دخلت على أهل السماء وأهل الأرض وجميع المؤمنين، و
يوم فرح وسرور لابن مرجانة وآل زياد وأهل الشام غضب الله عليهم وعلى
ذرياتهم، وذلك يوم بكت عليه جميع بقاع الأرض خلا بقعة الشام، فمن صامه أو
تبرك به حشره الله مع آل زياد ممسوخ القلب مسخوط عليه، ومن إدخر إلى منزله
ذخيرة أعقبه الله تعالى نفاقا في قلبه إلى يوم يلقاه، وانتزع البركة عنه وعن أهل بيته
وولده، وشاركه الشيطان في جميع ذلك (6).

1 - مرآة العقول 16: 360.
2 - ملاذ الأخيار 7: 117.
3 - كتب في هامش الوسائل: في نسخة: أبان بن عبد الملك 10: 460
4 - اي أبركوا إبلهم، ولعل المراد هنا: انهم أحاطوا به واحكموا حصارهم.
5 - أي بكثرة الخيل والعدة والعدة.
6 - الكافي 4: 147 / ح 7. عنه الوسائل 10: 459 / ب 21 / ح 2.
34

قال الفيض: " بأبي المستضعف الغريب ": اي فديت بابي الحسين إذ كان
مستضعفا غريبا. " من ادخر إلى منزله ذخيرة ". أشار به إلى ما كان المتبركون بهذا
اليوم يفعلونه فإنهم كانوا يدخرون قوت سنتهم في هذا اليوم تبركا به وتيمنا و
يجعلونه أعظم أعياد هم لعنهم الله. " (1)
قال المجلسي: " ضعيف على المشهور، ويدل على أن عاشوراء هو العاشر كما هو
المشهور، ويدل على كراهة صوم يوم تاسوعاء أيضا. " (2)
تحقيق في سند الرواية:
لعل ضعف الرواية لأجل محمد بن سنان فإنه ضعيف غال، يضع الحديث لا
يلتفت إليه، كما عن ابن الغضائري وانه مطعون فيه لا تختلف العصابة في تهمته و
ضعفه، ومن كان هذا سبيله لا يعتمد عليه في الدين، كما عن الشيخ المفيد. (3)
وان ما يختص بروايته ولا يشركه فيه غيره لا يعمل عليه، كما عن الشيخ
الطوسي. (4)
وانه لا يستحل أيوب بن نوح الرواية عنه. (5)
لكن نقول إن الفضل روى عنه وأجاز لآخرين رواية أحاديثه بعده، وان
الكشي في عنوانه الثاني والرابع اقتصر على اخبار مدحه، وان النجاشي قال في آخر
كلامه: يدل خبر صفوان على زوال اضطرابه، وان المفيد قد وثقه في الارشاد، وان
الشيخ الطوسي وان ضعفه في التهذيبين والفهرست ورجاله لكنه جعله في كتاب

1 - الوافي 11: 73 / ح 10437.
2 - مرآة العقول 16: 362.
3 - مصنفات الشيخ المفيد: 9. جوابات أهل الموصل في العدد والرؤية.
4 - الاستبصار 3: 224. تسمية المهر.
5 - الكشي: 389.
35

الغيبة من ممدوحي أصحاب الأئمة وروى اخبار مدحه.
كما أن جمعا من العدول والثقات رووا عنه كيونس بن عبد الرحمن والحسين بن
سعيد الأهوازي وأخيه والفضل بن شاذان وأبيه وأيوب بن نوح ومحمد بن الحسين
بن أبي الخطاب وغيرهم. وهذا يدل على اعتبار اخباره إن لم يدل على حسنه في
نفسه، فاخباره معتبرة الا ما كان فيها غلوا أو تخليطا، وهذه الرواية لم يظهر عليها
آثار الغلو والتخليط، بل مؤيدة بروايات أخرى فلا نرى مانعا من الأخذ بهذه
الرواية والعمل بها.
أما لو كان الضعف لأجل أبان فالظاهر هو ابن تغلب، أو ابن عثمان، أو ابن
عبد الملك، (1) فعلى الأول فلا كلام في جلالته، وعلى الثاني: فقد عده الكشي من الستة
الذين اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم (2) وعلى الثالث: فهو حسن
الحال كما قاله المامقاني. (3) فلم يبق ايراد في السند، فتأمل.
5 - وفيه: الحسن بن علي الهاشمي وعن محمد بن عيسى بن عبيد قال: حدثني
جعفر بن عيسى أخوه، قال: سألت الرضا عليه السلام عن صوم عاشوراء وما يقول الناس
فيه، فقال: عن صوم ابن مرجانة تسألني؟ ذلك يوم صامه الأدعياء من آل زياد لقتل
الحسين وهو يتشاءم به آل محمد ويتشاءم به أهل الاسلام، واليوم الذي يتشاءم به
أهل الاسلام لا يصام ولا يتبرك به، ويوم الاثنين يوم نحس قبض الله عز وجل فيه
نبيه، وما أصيب آل محمد إلا في يوم الاثنين (4) فتشأمنا به وتبرك به ابن مرجانة و
تشأئم به آل محمد، فمن صامها أو تبرك بها لقي الله تبارك وتعالى ممسوخ القلب و

1 - انظر معجم رجال الحديث 16: 138.
2 - انظر تنقيح المقال 1: 5. ثم ان السيد الخوانساري عبر عن رواية عبد الملك بالصحيحة ظانا رحمة الله أنها عن زرارة ومحمد بن مسلم. " انظر جامع المدارك 226 ".
3 - المصدر.
4 - الكافي 4: 146 / ح 5. التهذيب 4: 301 / ح 911. الاستبصار 2: 135 / ح 442. عنه الوسائل 10: 460 / ب 21 / ح 3. الوافي 11: 72 / ح 10435.
36

كان حشره مع الذين سنوا صومها والتبرك بها. (1)
مناقشة السند:
1 - لقد تأمل العلامة الحلي في صحة سند هذه الرواية حيث قال: فإن صح
السند كان صوم الاثنين مكروها وإلا فلا ". (2)
2 - وقد عبر المجلسي الأول عن هذه الحديث بالقوى ". (3)
3 - كما رماه المجلسي الثاني بالمجهولية فقال: الحديث مجهول. (4)
أقول: لعل منشأ التأمل في السند هو الحسن أو الحسين بن علي الهاشمي إذ لم يرد
له ذكر في الكتب الرجالية.
وقد أورده السيد الخوئي في معجمه ساكتا عن أي رأي فيه (5) كما أورده النمازي
في مستدركه معبرا عنه بقوله: انه من مشايخ الكليني. (6) فإن كان المبنى وثاقة أو
حسن مشايخ الثقات كما تبناه المامقاني (7) فلا غبار على السند ويرتفع الجهالة فيه، و
إلا يكفي في المقام: الوثوق الخبري.
فقه الحديث:
قال المجلسي: قوله: الأدعياء: اي أولاد الزنا قال في القاموس (7) الدعي

1 - وسائل الشيعة 10: 460.
2 - مختلف الشيعة 3: 370.
3 - روضة المتقين 3: 247.
4 - مرآة العقول 16: 360. ملاذ الأخيار 7: 118.
5 - معجم رجال الحديث 5: 74.
6 - مستدركات علم رجال الحديث 3: 17.
7 - تنقيح المقال 1: 5. قال في أبان بن عبد الملك الثقفي " يثبت بشيخوخته حسنه أقلا. "
8 - القاموس في اللغة 4: 328.
37

كغني المتهم في نسبه.
قوله: " فمن صامها " يدل ظاهرا على حرمة صوم يوم الاثنين ويوم عاشوراء،
فأما الأول: فالمشهور عدم كراهته أيضا وقال ابن الجنيد: صومه منسوخ، ويمكن
حمله على ما إذا صام متبركا للعلة المذكورة في الخبر أو لقصد رجحانه على الخصوص
فإنه يكون بدعة حينئذ.
وأما صوم يوم عاشوراء: فقد اختلف الروايات فيه، والأظهر عندي: ان
الأخبار الواردة بفضل صومه محمولة على التقية، وإنما المستحب الامساك على وجه
الحزن إلى العصر لا الصوم، كما رواه الشيخ في المصباح... صمه من غير تبييت، و
أفطره من غير تشميت... وبالجملة: الأحوط ترك صيامه مطلقا. (1)
ب - وقال الفيض الكاشاني: " مسخ القلب عبارة عن تغير صورته في الباطن
إلى صورة بعض الحيوانات، كما أشير إليه بقوله عز وجل ونحشرهم يوم القيامة على
وجوههم عميا وبكما وصما (2). " (3)
كلام القطيفي:
لقد استظهر الطعان من عبارة " فمن صام أو تبرك " ان ماهية الصوم ونفس
الامساك إلى الغروب بنية الصوم مورد للكراهة عند أئمة أهل البيت (عليهما السلام) فلا معنى لحمل الأخبار المانعة عن الصيام على الصوم لغير الحزن، وحمل الأخبار المجوزة
للصيام على الصوم على وجه الحزن، فان هذا الجمع مردود قال: "... تصريح الأئمة
بعدم قبول ذلك اليوم لماهية الصيام ويكون نفس الصوم موجبا للحشر مع آل زياد و
سائر ما هو مذكور من المهالك، كما أن التبرك أيضا موجب لذلك، وبأن الصوم أيضا

1 - مرآة العقول 16: 360.
2 - سورة اسراء 97.
3 - الوافي 11: 73 / ح 10435.
38

لا يكون للحزن والمصيبة وانما يكون شكرا للسلامة... ففي خبر عبد الملك: أ فصوم
يكون ذلك اليوم؟ كلا ورب البيت الحرام ما هو يوم صوم وما هو الا يوم حزن و
مصيبة... فمن صام أو تبرك به حشره الله مع آل زياد.
قال: الا ترى كيف جعل الصيام مسببا لتلك الأمور العظام ورتب عليه الوعيد
كما رتبه على التبرك بذلك اليوم النكيد.
وفي خبر أبي غندر: ان الصوم لا يكون للمصيبة ولا يكون الا شكرا للسلامة.
فان ظاهر هذه... ان الحزن لم يكن سببا لاستحباب الصيام في شئ من الأيام،
و ان الصوم إنما يستحب في الأيام التي يتجدد فيها الفرح والسرور دون الأيام التي
يحدث فيها الترح - الهم - والشرور ". (1)
6 - وفيه: الحسن بن علي الهاشمي عن محمد بن عيسى، قال: حدثنا محمد بن
أبي عمير، عن زيد النرسي، قال: سمعت عبيد بن زرارة يسأل أبا عبد الله عليه السلام عن صوم عاشوراء، فقال: من صامه كان حظه من صيام ذلك اليوم حظ ابن مرجانة و
آل زياد.
قال: قلت: وما كان حظهم من ذلك اليوم؟
قال: النار أعاذنا الله من النار، ومن عمل يقرب من النار ". (2)
أقول: وفي التهذيب زيادة: قال: سمعت زرارة بعد قوله: عن عبيد بن زرارة، و
لعله من زيادات النساخ.
وقد رماه المجلسي الثاني بالمجهولية، فقال: مجهول (3) ولكن عبر المجلسي الأول
عن الحديث بالحسن كالصحيح، فقال: " وفي الحسن كالصحيح عن محمد بن

1 - الرسالة العاشورائية 284.
2 - الكافي 4: 147 / ح 6. التهذيب 4: 301 / ح 912. الاستبصار 2: 135 / ح 443. الوسائل 10: 461 / ب 21 / ح 4. الوافي 11: 73 / ح 10436.
3 - ملاذ الأخبار 7: 118.
39

أبي عمير، عن زيد النرسي ". (1)
أقول: إن كان وجه التأمل في السند هو الحسن بن علي الهاشمي فقد تقدم الكلام
فيه.
7 - أمالي الطوسي: " محمد بن الحسن في المجالس والأخبار، عن الحسين بن
إبراهيم القزويني، عن محمد بن وهبان، عن علي بن حبشي، عن العباس بن محمد
بن الحسين، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن الحسين بن أبي غندر، عن أبيه، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن صوم يوم عرفة، فقال: عيد من أعياد المسلمين ويوم دعاء ومسألة.
قلت: فصوم عاشورا؟ قال: ذاك يوم قتل فيه الحسين عليه السلام، فان كنت شامتا
فصم، ثم قال: إن آل أمية عليهم لعنة الله ومن أعانهم على قتل الحسين عليه السلام من أهل
الشام، نذرا إن قتل الحسين (عليه السلام) وسلم من خرج إلى الحسين عليه السلام وصارت الخلافة إلى آل أبي سفيان أن يتخذوا ذلك اليوم عيدا لهم يصوموا فيه شكرا، ويفرحون
أولادهم فصارت في آل أبي سفيان سنة إلى اليوم في الناس، واقتدى بهم الناس
جميعا، فلذلك يصومونه ويدخلون على عيالاتهم وأهاليهم الفرح ذلك اليوم، ثم قال:
إن الصوم لا يكون للمصيبة ولا يكون الا شكرا للسلامة، وإن الحسين عليه السلام أصيب
يوم عاشوراء فان كنت فيمن أصيب به فلا تصم، وإن كنت شامتا ممن سرك سلامة
بني أمية فصم شكرا لله ". (2)
8 - المصباح: عن عبد الله بن سنان، قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام يوم
عاشوراء فألفيته كاسفا (3) ودموعه تنحدر على عينيه كاللؤلؤ المتساقط، فقلت: مم
بكاؤك؟

1 - روضة المتقين 3: 247.
2 - أمالي الطوسي 2: 279. عنه الوسائل 10: 462 / ب 21 / ح 7.
3 - أي مهموم وقد تغير لونه، وهزل من الحزن. لسان العرب 9: 319.
40

فقال: أفي غفلة أنت؟ أما علمت أن الحسين أصيب في مثل هذا اليوم؟
فقلت: ما قولك في صومه؟ فقال لي: صمه من غير تبييت، وأفطره من غير
تشميت، ولا تجعله يوم صوم كملا، وليكن إفطارك بعد صلاة العصر بساعة على
شربة من ماء فإنه في مثل هذا الوقت من ذلك اليوم تجلت الهيجاء على آل
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ". (1)
9 - ابن طاوس: " أقول: ورأيت من طريقهم في المجلد الثالث من تاريخ
النيسابوري للحاكم في ترجمة: نصر بن عبد الله النيسابوري بإسناده إلى سعيد بن
المسيب، عن سعد ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يصم عاشوراء ". (2)
أقول: لعله أشار بذلك إلى ما رواه الهيثمي عن أبي سعيد الخدري أن
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم امر بصوم عاشورا وكان لا يصومه. (3) وفيه اشكال بين: إذ كيف يأمر بمعروف ولا يأتي هو به؟!
وقال ابن طاووس في أول الفصل: " اعلم أن الروايات وردت متظافرات في
تحريم صوم يوم عاشورا على وجه الشماتات، وذلك معلوم بين أهل الديانات، فإن
الشماتة يكسر حرمة الله جل جلاله ورد مراسمه، وهتك حرمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
وهدم معالمه، وعكس أحكام الاسلام وإبطال مواسمه، ما يشمت بها ويفرح لها، إلا
من يكون عقله وقلبه ونفسه ودينه قد ماتت بالعمى والضلالة، وشهدت عليه
بالكفر والجهالة... ". (4)

1 - مصباح المتهجد: 724. عنه الوسائل 10: 458 / ب 20 / ح 7. مستدرك الوسائل 7: 524 / ب 16 / ح 6، عن المزار للمشهدي: 685 وص 525 / ب 17 / ح 1، عن الاقبال 3: 59. بحار الأنوار 101: 313 / ح 6.
2 - الاقبال 3: 51. عنه البحار 95: 341.
3 - مجمع الزوائد 3: 183.
4 - الاقبال 3: 51.
41

تحقيق في الروايات المانعة:
بما أن كثيرا من هذه الروايات عرضة للمناقشة أسانيدها - كما يأتي تفصيله عن
السيد الخوئي فلذا تصدى الفقهاء للدفاع عن هذه الروايات وترميم ضعفها بما يلي:
1 - وجودها في الكتب المعتبرة، كما عن النراقي حيث قال: " لا يضر ضعف
إسناد بعض تلك الأخبار بعد وجودها في الكتب المعتبرة، مع أن فيها الصحيحة ". (1)
2 - كون هذه الروايات مستفيضة، بل قريبة من التواتر، كما عن الطباطبائي
حيث قال: " النصوص المرغبة وهي مع قصور أسانيدها وعدم ظهور عامل باطلاقها
بالكلية معارضة بأكثر منها كثرة زائدة تكاد تقرب التواتر، ولأجلها لا يمكن العمل
بتلك ولو من باب المسامحة، إذ هي حيث لم تحتمل منعا ولو كراهة وهي محتملة من
جهة الأخبار المانعة ". (2)
3 - أنها معتبرة سندا: وذلك لان جمع الشيخ بين الطائفتين وجعل التعارض
بينهما يدل على تسليمه للاخبار وذلك لان التعارض فرع اعتبار السند وحجيته كما
عن الشيخ الأستاذ الوحيد الخراساني.
4 - وثاقة الحسين بن علي الهاشمي، وذلك لأنه من مشايخ الكليني، وعلى مبنى
اعتبار مشايخ الثقات يخرج الهاشمي عن الاهمال، والجهالة إلى رتبة الاعتبار.
الا ان يناقش في هذا المبنى ويقال: إن نقل الثقة عن شخص لا يدل على كون
المروي عنه ثقة لشيوع نقل الثقات من غيرهم.
نعم، لقد تبنى هذا الرأي جمع؛ منهم المامقاني في التنقيح، والنوري في المستدرك،
وجعل نقل الثقة آية كون الشخص المروي عنه ثقة. (3)

1 - مستند الشيعة 10: 487.
2 - رياض المسائل 5: 467.
3 - تنقيح المقال 1: 5. ترجمة أبان بن عبد الملك الخثعمي.
42

أقول: إن المبنى المقبول عند البعض هو كثرة نقل الثقة عن شخص يدل على
اعتباره وحسن وثاقته.
5 - اعتبار هذه الروايات لأجل موافقتها لسيرة المتشرعة، ولأصحاب
الأئمة (عليهم السلام) كما عن الشيخ الأستاذ حيث قال في درسه في نقاشه كلام السيد الخوئي:
" إن إسقاط هذه الروايات لمجرد ضعف سندها مع أن المسلم موافقتها لسيرة المتشرعة
القطعية ولأصحاب الأئمة الذين كانوا ملتزمين بترك الصوم في يوم عاشوراء غير
مقبول، بل مخدوش، ولسنا نحن مع السيد الخوئي في طريقته هذه في الفقه فلابد:
أولا: ملاحظة عدد هذه الروايات.
ثانيا: كيفية تلقي السلف لهذه الروايات
ثالثا: ملاحظة أن السيرة القطعية هل هي موافقة لهذه الروايات أم لا؟
وقد جمع الشيخ الطوسي بين الروايات المانعة والروايات الدالة على المطلوبية
فهل ترى أنه جمع بين الروايات الضعيفة والقوية؟
اذن طريقة السيد الخوئي مورد للمناقشة والاشكال، أضف إلى ذلك انا لا نقول
بان مستند الحكم هو الرواية الضعيفة، بل نقول إن الروايات إذا كانت متعددة وكانت
موردا لتسالم الأصحاب وقبولهم وكانت السيرة مطابقة لهذه الروايات فتكون
الروايات التي تحمل هذه المواصفات مستندا للحكم لا الرواية الضعيفة، وما نحن فيه
من هذا القبيل ". (1)
أقول: يرد على السيد الخوئي: إن تصريحه في أجود التقريرات بمداومة الأئمة (عليهم السلام) على الترك وأمرهم أصحابهم به ينافي ما يتبناه من القول بالاستحباب. (2)
كما يرد على الشيخ الأستاذ: إن موافقة الروايات للسيرة لا توجب قوة الضعيف.

1 - تقرير أبحاث شيخنا الأستاذ الوحيد الخراساني 27 / ذي القعدة 1414 ه‍...، ش. المصادف 18 / 2 / 1373 ه ش.
2 - أجود التقريرات 1: 364.
43

فلا بد وأن ينظر إلى هذه السيرة ولم يحرز أنها لأجل استنكار الصوم يوم عاشوراء،
بل لعله لأجل الحفاظ على القوة على إقامة مراسم عزاء أبى عبد الله عليه السلام كما أشار إليه السيد الخوئي. (1)
كلام السيد خوئي حول الروايات المانعة:
إن الخوئي يرجع أربعا من الروايات المانعة التي يعود سندها إلى الحسين أو
الحسن بن علي الهاشمي إلى رواية واحدة ويضعف طريقها بالهاشمي لأنه مجهول.
أضف إلى وجود ابن سنان في روايته الأولى، وزيد النرسي في طريقه الآخر.
قال: " ما رواه الكليني عن شيخه الحسين بن علي الهاشمي - كما في الوسائل -، و
عن الحسن - كما في الكافي -، ولهذا الشخص روايات أربع رواها في الوسائل الا إننا
نعتبر الكل رواية واحدة لان في سند الجميع رجلا واحد أو هو الهاشمي، وحيث إنه لم
يوثق ولم يذكر بمدح، فهي بأجمعها محكومة بالضعف، مضافا إلى ضعف الأولى بابن
سنان أيضا، والثالثة بزيد النرسي على المشهور، وان كان مذكورا في إسناد كامل
الزيارات.
وما في الوسائل في سند الرابعة من كلمة نجية غلط والصواب نجبه، ولا بأس
به، وكيف كان فلا يعتد بشئ منها بعد ضعف أسانيدها.
أقول: إن روايات الهاشمي قوية عند المجلسي الأول، كما مر آنفا، ثم إن السيد
الخوئي قال في وجه تضعيف الرواية الثانية - ياسين الضرير -، " اما الرواية الثانية
فهي ضعيفة السند بنوح بن شعيب وياسين الضرير على أن صوم عرفة غير محرم
قطعا، وقد صامه الامام كما في بعض الروايات، نعم يكره لمن يضعفه عن الدعاء
فمن الجائز ان يكون صوم يوم عاشوراء أيضا مكروها لمن يضعفه عن القيام

1 - مستند العروة الوثقى 2: 304.
44

بمراسيم العزاء ". (1)
وقال حول الرواية الأخيرة - وهي رواية غندر -:
وهي ضعيفة السند جدا لاشتماله على عدة من المجاهيل، فهذه الروايات بأجمعها
ضعاف ". (2)
ثم أضاف في مجال تضعيف الروايات المانعة وسقوطها عن الاعتبار فضلا عن
المعارضة: " فالروايات الناهية غير نقية السند برمتها، بل هي ضعيفة بأجمعها، فليست
لدينا رواية معتبرة يعتمد عليها ليحمل المعارض على التقية كما صنعه صاحب
الحدائق ". (1)
أقول: وقد عرفت الجواب عن السيد الخوئي خلال عرض كلام الشيخ الأستاذ
والشيخ النراقي والسيد الطباطبائي و... ومعه لا يبقى مجال لما يراه السيد الخوئي.
مناقشة الخوئي رواية المصباح:
حاصل مناقشته للرواية هو: ان الطوسي التزم في التهذيبين الرواية عمن
له أصل أو كتاب، فيذكر اسم صاحب الكتاب ثم يذكر طريقه إليه في المشيخة أو في
الفهرست، ولم يلتزم بهذا المعنى في مصباح المتهجد بأنه كلما يرويه هنا عن شخص
فهو رواية عن كتابه.
وهذه الرواية في المصباح عن ابن سنان وطريقه إلى كتابه وان كان صحيحا و
لكنه لم يعلم أن ما رواه هنا فهو عن كتابه، بل لعله رواه عن نفس الرجل ابن سنان لا
عن كتابه ولم يعرف طريقه إليه وانه صحيح أم لا. وعليه فالرواية في حكم المرسل،
وبالتالي يصح ما تبناه " من أن الروايات الناهية كلها ضعيفة السند فتكون الروايات

1 و 2 - مستند العروة الوثقى 305 - 304.
3 - الحدائق الناضرة 16: 376.
45

الآمرة سليمة عن المعارض ". (1)
مناقشة الشيخ الأستاذ كلام الخوئي:
قال الشيخ الأستاذ في نقاشة كلام السيد الخوئي: أولا: بالنسبة إلى خصوص
رواية ابن سنان للشيخ الطوسي في الفهرست طريق إلى كتابيه:
1 - كتاب الصلاة 2 - كتاب اليوم والليلة، ولم ينقل في الفهرست أكثر من

1 - مستند العروة الوثقى 1: 306. واليك نص كلامه " قال: وهي - اي رواية المصباح عن عبد الله بن سنان من حيث التصريح بعدم تبييت النية، وعدم تكميل الصوم، ولزوم الافطار بعد العصر - واضحة الدلالة على المنع عن الصوم الشرعي، وانه مجرد إمساك صوري في معظم النهار تأسيا بما جرى على الحسين وأهله الأطهار عليهم صلوات الملك المنتقم الجبار إلا ان الشأن في سندها: والظاهر أنها ضعيفة السند لجهالة طريق الشيخ إلى عبد الله بن سنان فيما يرويه في المصباح فتكون في حكم المرسل. توضيح:
أن الشيخ في كتابي التهذيب والاستبصار التزم ان يروى عن كل من له أصل وكتاب فيذكر أسماء أرباب الكتب أول السند مثل محمد بن علي بن محبوب ومحمد بن الحسن ابن الصفار وعبد الله بن سنان ونحو ذلك، ثم يذكر في المشيخة طريقه إلى أرباب تلك الكتب لتخرج الروايات بذلك عن المراسيل إلى المسانيد، وقد ذكر طريقه في كتابيه إلى عبد الله بن سنان وهو طريق صحيح. وذكر قدس سره في الفهرست طريقه إلى أرباب الكتب والمجاميع سواء روى عنهم في التهذيبين أم في غيرهما، منهم عبد الله بن سنان وطريقه فيه صحيح أيضا، وأما طريقه إلى نفس هذا الرجل لا إلى كتابه فغير معلوم، إذ لم يذكر لا في المشيخة ولا في الفهرست ولا في غيرهما لأنهما معدان لبيان الطرق إلى نفس الكتب لا إلى أربابها ولو في غير تلكم الكتب، وهذه الرواية مذكورة في كتاب المصباح ولم يلتزم الشيخ هنا بان كل ما يرويه عمن له أصل أو كتاب فهو يرويه عن كتابه كما التزم في التهذيبين حسبما عرفت، وعليه فمن الجائز أن يروى هذه الرواية عن غير كتاب عبد الله بن سنان الذي له إليه طريق آخر لا محالة وهو غير معلوم كما عرفت فان هذا الاحتمال يتطرق بطبيعة الحال ولا مدفع له، وهو بمجرده كاف في عدم الجزم بصحة السند، بل إن هذا الاحتمال قريب جدا، بل هو المظنون، بل المطمئن به، إذ لو كانت مذكورة في كتاب عبد الله بن سنان فلما ذا اهملها في التهذيب والاستبصار مع عنوانه قدس سره فيها: صوم يوم عاشوراء ونقله
سائر الروايات الواردة في الباب وبنائه قدس سره على نقل ما في ذلك الكتاب وغيره من الكتب فيكشف هذا عن روايته هذه عنه عن غير كتابه كما ذكرناه، وحيث إن طريقه إليه غير معلوم فالرواية في حكم المرسل، فهي أيضا ضعيفة السند كالروايات الثلاث المتقدمة ".
مستند العروة الوثقى 1: 306.
46

كتابين لابن سنان، ولكن النجاشي نقل له ثلاثة كتب، ثم قال في ذيله: " له كتاب
الصلاة الذي يعرف بعمل يوم وليلة: وكتاب الصلاة الكبير، وكتاب في سائر
الأبواب من الحلال والحرام، روى هذه الكتب عنه جماعات من أصحابنا لعظمه في
الطائفة وثقته وجلالته ". (1)
فلنفرض عدم وجود هذه الرواية في كتاب الصلاة لابن سنان أو في كتابه الآخر.
ولكنه يحتمل (2) وجوده في كتاب " الحلال والحرام " الذي يوجد لأكثر العظماء إليه
سند.
ثانيا: عبر الشيخ في المصباح بقوله: " روى عبد الله بن سنان " وفرق بين " روي "
وبين " روى " ففي الثاني يسند المطلب إلى الصادق (عليه السلام) فلو لم يكن قابلا للاعتبار لما أسنده إلى الصادق (عليه السلام) مع ما يمتلكه من الدقة والعلم والإحاطة بالفقه والرجال.
إذن لا اشكال في صدورها وصحتها، والشاهد عليه: أولا قوة المتن وثانيا:
تعبير الشيخ بقوله: روى ولم يعبر بقوله روي ". (3)
طريق آخر لرواية ابن سنان:
ثم إن لرواية عبد الله بن سنان طريق آخر صحيح غير ما رواه الشيخ الطوسي في
المصباح وهو ما رواه المشهدي في مزاره، وقد تبنى الأستاذ هذا الطريق واعتمد
عليه نتيجة لاعتماد السيد عبد الكريم بن طاوس وولده عليه.
قال الأستاذ: " هذا كله إضافة إلى وجود طريق آخر صحيح، وهو ما رواه
المشهدي في مزاره عن عماد الدين الطبري وهو ثقة بلا اشكال، عن، أبي على حسن
وهو ولد الشيخ الطوسي، عن والده أبى جعفر الطوسي، عن المفيد، عن ابن قولويه و
الصدوق، عن الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله

1 - النجاشي: 148.
2 - تقرير أبحاث الشيخ الأستاذ الوحيد الخراساني 27 / ذي القعدة / 1414 - الموافق 28 / 2 / 1373 ه‍. ش.
1 - قد يقال: لا يكفي الاحتمال، بل اللازم هو الاحراز، وهو غير حاصل.
47

بن سنان، قال: دخلت على سيدي أبى عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يوم عاشوراء. " (1)
اذن حتى ولو لم يتم طريق الشيخ في المصباح إلى نفس هذا الرجل - ابن سنان -
مع ذلك لا تسقط الرواية عن الاعتبار وذلك لوجود طريق آخر.
أضف إلى ذلك أنه اعتمد على هذه الروايات من ليس مبناه الاعتماد على أخبار
الآحاد كابن إدريس وابن زهرة، فهذه الروايات موضوع لأدلة الاعتبار قطعا ". (2)
ما دل منها على الجواز:
1 - التهذيب " وعنه علي بن الحسن بن فضال -، عن يعقوب بن يزيد، عن
أبي همام، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: صام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم عاشوراء ". (3)
وثقه المجلسي فقال: " موثق " (4) وحمله المحقق القمي وغيره على التقية. (5)
2 - وفيه: " سعد بن عبد الله، عن أبي جعفر، عن جعفر بن محمد بن عبيد الله بن
ميمون القداح، عن أبي جعفر عن أبيه (عليهما السلام) قال: صيام يوم عاشوراء كفارة سنة ". (6)
رماه المجلسي بالمجهولية، فقال ك مجهول. (7)

1 - المزار للمشهدي: 685. عنه بحار الأنوار 101: 313. والمستدرك 7: 524 / ب 16 / ح 9.
2 - استفدناه من استدراكات الشيخ الأستاذ في درسه يوم الأحد 18 / 2 / 73، كما أنه قال في أول درسه يوم الاثنين 19 / 2 / 73 اعتمادنا على المزار للمشهدي نتيجة لاعتماد السيد عبد الكريم بن طاووس وولده عليه.
3 - التهذيب 4: 299 / ح 906. الاستبصار 2: 134 / ح 438 وعنه الوسائل 10: 457 / ب 20 / ح 1. الوافي 11: 75 / ح 10440.
4 - ملاذ الأخيار 7: 116.
5 - غنائم الأيام 6: 76.
6 - التهذيب 4: 300 / ح 907. الاستبصار 2: 134 / ح 439. عنه الوسائل 10: 457 / ب 20 / ح 1 وفيه: جعفر بن محمد بن عبد الله. الوافي 11: 75 / ح 10442.
7 - ملاذ الأخيار 7: 116.
48

3 - وفيه: " علي بن الحسن عن محمد بن عبد الله بن زرارة، عن أحمد بن محمد
بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان الأحمر، عن كثير النواء، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: لزقت السفينة يوم عاشوراء على الجودي فأمر نوح (عليه السلام) من معه من الجن والانس ان يصوموا ذلك اليوم.
وقال أبو جعفر عليه السلام: أتدرون ما هذا اليوم؟ هذا اليوم الذي تاب الله عز وجل فيه
على آدم وحواء، وهذا اليوم الذي فلق الله فيه البحر لبني إسرائيل فأغرق فرعون
ومن معه، وهذا اليوم الذي غلب فيه موسى (عليه السلام) فرعون، وهذا اليوم الذي ولد فيه إبراهيم عليه السلام، وهذا اليوم الذي تاب الله فيه على قوم يونس عليه السلام، وهذا اليوم الذي ولد فيه عيسى بن مريم عليه السلام وهذا اليوم الذي يقوم فيه القائم عليه السلام ". (1)
قال المجلسي: " ضعيف، الأظهر حمله على التقية لما رواه الصدوق في أماليه (2) و
غيره: ان وقوع هذه البركات في هذا اليوم من أكاذيب العامة ومفترياتهم.
ويظهر من الأخبار الآتية أيضا أن تلك الأخبار صدرت تقية، بل المستحب
الامساك إلى ما بعد العصر بغير نية، كما رواه الشيخ في المصباح (3) وغيره في غيره،
والله يعلم ". (4)
وقد ذكر القمي ان كثير النواء عامي بتري، وقال: " مع أن روايته من حيث
المضمون مخالفة لسائر الأخبار في ولادة عيسى عليه السلام فقد مر أنها في أول ذي الحجة، و
توبة قوم يونس عليه السلام فقد ورد أنها كانت في شوال وتوبة آدم عليه السلام فقد ورد أنها كانت

1 - التهذيب 4: 300 / 908. عنه الوسائل 10: 458 / ب 21 / ح 5. وملاذ الأخيار 7: 116. الاقبال 3: 51. باسناده إلى علي بن فضال. الوافي 11: 74 / ح 10443. مستدرك الوسائل 7: 523 / 16 / ح 7. بحار الأنوار 95: 132.
2 - الأمالي: 132.
3 - مصباح المتهجد: 713.
4 - ملاذ الأخيار 7: 116. اي رواه غير الطوسي في غير المصباح.
49

في يوم الغدير، وغير ذلك.
وأما ذكر قيام القائم عليه السلام فلعله من جهة تخليطه حتى لا يكذب في سائر ما
ذكره ". (1)
تحقيق في كثير النواء:
ان كثير النواء بن قاروند ضعيف عندنا.
ففي الكشي عن الصادق (عليه السلام): اللهم إني إليك من كثير النواء أبرأ في الدنيا و
الآخرة ". (2)
وعن أبي جعفر (عليه السلام): ان الحكم بن عيينة وسلمة وكثير النواء... أضلوا كثيرا ممن
ضل من هؤلاء ". (3)
4 - وفيه: علي بن الحسن بن فضال، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن
صدقة، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عليهما السلام) ان عليا (عليه السلام) قال: صوموا العاشوراء التاسع والعاشر فإنه يكفر ذنوب سنة ". (4)
ضعفه المجلسي فقال: ضعيف ". (5)
وقال والده المجلسي الأول: أما ما رواه الشيخ عن مسعدة بن صدقة وغيره
من الأخبار فمحمولة على التقية، أو على الصوم حزنا، أو الامساك بغير نية الصوم

1 - غنائم الأيام 6: 73.
2 - اختيار معرفة الرجال: 241.
3 - اختيار معرفة الرجال 230. انظر قاموس الرجال 8: 564. معجم رجال الحديث 14: 108. الرقم 9713. كما أنه ضعيف عند بعض العامة وأبي حاتم، ومجهول عند ابن قطان، ميزان الإعتدال 5: 410. تهذيب التهذيب 8: 380. تهذيب الكمال 15: 374.
4 - التهذيب 4: 299 / ح 905. الاستبصار 2: 134 / ح 438. عنهما الوسائل 10: 457 / ب 20 / ح 2. والوافي 11: 75 / ح 10440. الاقبال 3: 51. عنه المستدرك 7: 524 / ب 16 / ح 8.
5 - ملاذ الأخيار 7: 115.
50

إلى العصر ". (1)
وقال القمي: ويمكن الجواب عن الأخبار الأولة بحملها على التقية ومسعدة
عامي أو بتري. (2)
5 - وفيه: أحمد بن محمد عن البرقي، عن يونس بن هشام عن حفص بن
غياث عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كثيرا ما يتفل يوم عاشوراء في أفواه أطفال المراضع من ولد فاطمة عليها السلام من ريقه ويقول: لا تطعموهم شيئا إلى الليل، وكانوا يروون من ريق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
قال: وكانت الوحش تصوم يوم عاشوراء على عهد داود (عليه السلام) ". (3)
قال المجلسي: الحديث ضعيف أو مجهول (4)
قال الفيض: كأن الوجه في ذلك ما روي أن الوحش كانت تحضر وعظ داود عليه السلام
وتذكيره لحسن صوته وإعجاب كلامه، فلعلها سمعت منه عليه السلام من ذلك شيئا أو
أوقع الله في نفوسها في ذلك اليوم حزنا فتركت الأكل ". (5)
أقول: ولا دلالة فيها على استحباب الصوم.
6 - الكافي: " علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن
سليمان بن داود، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن علي بن الحسين عليه السلام قال:..
اما الصوم الذي صاحبه فيه بالخيار... صوم عاشوراء... (6)

1 - روضة المتقين 3: 248.
2 - غنائم الأيام 6: 76.
3 - التهذيب 4: 333 / ح 1045. وعنه الوسائل 10: 457 / ب 20 / ح 4. وفيه: يونس بن هاشم بدل " هشام " وجعفر بن عثمان بدل " حفص بن غياث " وسيأتي روايته عن طريق العامة وتعليقنا عليه ورأي الهيثمي في مسنده مجمع الزوائد 3: 186.
4 - ملاذ الأخيار 7: 174.
5 - الوافي 11: 74.
6 - الكافي 4: 86 / ح 1. التهذيب 4: 296 / ح 895. الفقيه 2: 48 / ح 208. عنه الوسائل 10: 458 /
51

قال المجلسي: ضعيف والزهري نسبته إلى زهرة أحد أجداده واسمه محمد بن
مسلم بن عبيد الله... وهو من علماء المخالفين، وكان له رجوع إلى سيد
الساجدين عليه السلام.... ثم إنه لعل المراد بصوم العاشر بل التاسع أيضا: الامساك حزنا
لورود النهى عن صومهما كثيرا والأظهر أنه محمول على التقية، بل الظاهر أن صوم
السنة والاثنين أيضا موافقان للعامة، كما يظهر من بعض الأخبار مع أن الراوي أيضا
عامي. (1)
وقال المجلسي الأول: الزهري من علماء العامة وفقهائهم، وكان له انقطاع إلى
علي بن الحسين (عليهما السلام) ويروى عنه كثيرا.
قوله " بالخيار " أي يجوز له الافطار بعد الشروع فيه، أو لا يجب صومه...
والظاهر انه وقع تقية وسيجيئ الأخبار في ذمه وانه يوم تبركت به بنو أمية لعنهم الله
بقتلهم الحسين (عليه السلام) فيه. (2)
أقول: وإن كان المعروف بل المقطوع به انه من العامة، ولكن نسب إلى الوحيد
البهبهاني (3) القول بتشيعه، ويميل إليه التستري (4) ويقول السيد الخوئي: " الزهري و
ان كان من علماء العامة، إلا انه يظهر من هذه الرواية - رواية ابن شهرآشوب و
غيرها - انه كان يحب علي بن الحسين ويعظمه ". (5)
8 - الجعفريات: " أخبرنا محمد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده،
جعفر بن محمد (عليه السلام)، عن أبيه قال: كان علي (عليه السلام) يقول: صوموا يوم عاشورا التاسع و

ب 20 / ح 6 و 10: 411 / ب 5 / ح 1. الهداية: 50. المقنع 57. المستدرك الوسائل 7: 522.
1 - مرآة العقول 16: 246.
2 - روضة المتقين 3: 230 و 235.
3 - تنقيح المقال 3: 178.
4 - القاموس الرجال 9: 584.
5 - معجم رجال الحديث 16: 182. انظر منتهى المقال 6: 202.
52

العاشر احتياطا فإنه كفارة للسنة التي قبله، وإن لم يعلم به أحدكم حتى يأكل فليتم
صومه ". (1)
أقول: وفى كتاب الجعفريات كلام فقد ضعفه صاحب الجواهر ونفى كونه من
الأصول المشهورة. (2)
9 - ابن طاووس: " رأيناه في كتاب دستور المذكرين بإسناده عن ابن عباس،
فقال: إذا رأيت هلال المحرم فاعدد، فإذا أصبحت من تاسعه فأصبح صائما. قال: قلت:
كذلك يصوم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قال: نعم. (3)
أقول: مع غض النظر عن السند لا دلالة فيها على المطلوب، إذ ظاهرها
استحباب أو وجوب صوم التاسع من المحرم، وقريبا يأتي البحث حول كتاب دستور
المذكرين.
10 - الصدوق: في عشر من المحرم وهو يوم عاشوراء أنزل الله توبة آدم - إلى أن
قال: - فمن صام ذلك اليوم غفر له ذنوب سبعين سنة وغفر له مكاتم (4) عمله. (5)
أقول: إن كتاب المقنع مجموعة (6) روايات حذف المؤلف أسنادها لئلا يثقل حمله
ويصعب حفظه ولا يمل قارئه، كما صرح بذلك في أول مقدمته، الا ان هذه الرواية
كسائر رواياته مرسلة عندنا وأنها معارضة بما يأتي من النهى عن الصوم في يوم
عاشوراء، وأن توبة آدم عليه السلام لم تكن في عاشوراء.

1 - الجعفريات: 63. عنه مستدرك الوسائل 7: 523 / ب 16 / ح 5. جامع أحاديث الشيعة 11: 730 / ب 18.
2 - جواهر الكلام 21: 397. انظر كلام المحدث النوري في الدفاع عن هذا الكتاب في خاتمة المستدرك 19: 24.
3 - الاقبال 3: 45. عنه البحار 8: 335. مستدرك الوسائل 7: 523 / ب / ح.
4 - المكتوم: المخفي والمتسور، لسان العرب 12: 506 / مادة كتم.
5 - المقنع: 66. عنه المستدرك 7: 523 / ب 16 / ح 4.
6 - انظر الذريعة 22: 123.
53

11 - فقه الرضا: واما الصوم الذي صاحبه فيه بالخيار فصوم يوم الجمعة - إلى
أن قال: - ويوم عاشوراء. (1)
12 - دعائم الاسلام: " عن جعفر بن محمد (عليه السلام) أنه قال: أوفت (2) السفينة يوم
عاشوراء على الجودي فأمر نوح من معه من الإنس والجن بصومه، وهو اليوم الذي
تاب الله فيه على آدم (عليه السلام) وهو اليوم الذي يقوم فيه قائمنا أهل البيت (عليهما السلام) ". (3)
أقول: لا دلالة فيها على مطلوبية الصيام في شرعنا.
أضف إلى ذلك: الكلام والتأمل في اعتبار هذا الكتاب واعتبار مؤلفه القاضي
نعمان المصري، وكذلك الكلام في اعتبار الفقه المنسوب إلى الإمام الرضا عليه السلام، وقد
تعرضنا لذلك في كتابنا موارد السجن، فراجع. (4)
لمحة عن دستور المذكرين ومؤلفه:
لم يعرف عن مؤلفه شئ، ولعله شافعي المذهب - كما عن الذهبي - إلا ان ابن
طاوس نقل عنه في مواضع من الإقبال، منها: في تسمية الشوال وصيامه وفي
الخامس والعشرين من رجب وفي صوم ثلاثة أيام من الشهر الحرام، ومواضع
أخرى.
ولم يتعرض له بمدح ولا ذم، وقد اختلف في اسمه، فعن الطهراني والنمازي و
الذهبي - من العامة - ان اسمه محمد بن أبي بكر، وعن خليفة في كشف الظنون: اسمه
محمد بن عمر.

1
1 - فقه الرضا: 23 - عنه مستدرك الوسائل 7: 522 / ب 16 / ح 2.
2 - أوفت على المكان: أتته وأشرفت عليه، لسان العرب 15: 399.
3 - دعائم الاسلام 1: 284. عنه مستدرك الوسائل 7: 522 / ب 16 / ح 1.
4 - موارد السجن: 271.
54

وفيما يلي كلماتهم:
1 - قال الطهراني: " وهو كتاب دستور المذكرين ومنشور المتعبدين للحافظ
محمد بن أبي بكر المديني، كذا نقل عنه السيد ابن طاوس في الإقبال في اعمال
عاشوراء استنادا إلى حديث (1) " من بلغ ". (2)
و لكن ابن طاووس أسماه محمد بن أبي بكر المديني في البحث عن الاختلاف في
ليلة القدر. (3)
2 - وقال النمازي: " محمد بن أبي بكر بن أبي عيسى المديني الحافظ، لم
يذكروه ". (4)
3 - وقال خليفة: " دستور المذكرين لأبي موسى المديني محمد بن الحافظ،
ت 581 ه‍. ". (5)
4 - وقال الذهبي: " الامام العلامة الحافظ الكبير الثقة، شيخ المحدثين أبو موسى
محمد بن أبي بكر عمر بن أبي عيسى، المديني الأصبهاني الشافعي، صاحب
التصانيف ". (6)
والمتحصل ان المؤلف ليس من العلماء الامامية، ولكنه شافعي، وثقه الذهبي، فهو
مقبول عندهم.

1 - ان الاستدلال بالأخبار الضعيفة والمجهولة على السنن والآداب وهو المسمى بقاعدة التسامح في
أدلة السنن، للمجلسي كلام مبسوط ومهم في هذا المجال فراجع. مرآة العقول 8: 112. رسائل فقهية للشيخ الأنصاري: 137. مصباح الأصول للسيد الخوئي 2: 319.
2 - الذريعة إلى تصانيف الشيعة 8: 166.
3 - الاقبال 1: 155.
4 - مستدركات علم الرجال 6: 373.
5 - كشف الظنون 1: 754.
6 - سير أعلام النبلاء 21: 152. انظر: الوافي بالوفيات 4: 246. تذكرة الحفاظ 4: 128. ووفيات الأعيان. 4: 286. ومعجم المؤلفين 11: 76.
55

الروايات من طرق السنة:
وردت في كتبهم أحاديث كثيرة نسبوها إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الكريم يظهر عليها
التهافت والتعارض البين، الأمر الذي ألجأ الشراح والمحشين إلى استخدام التأويلات
والتمحلات التي سيرد عليك بعضها. اما الروايات فهي على طوائف منها ما تفيد
التخيير، ومنها ما أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بصيام عاشوراء، ولكن لم يعرف متى
كان هذا الامر؟ ومنها أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالصيام في المدينة، ومنها: صوم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل الاسلام لصوم الجاهلية في عاشوراء، ثم نسخه برمضان، والأصل والسبب في الصوم هو موافقة الجاهلية!
ومنها: ان بدء الصوم كان حينما قدم النبي صلى عليه وآله وسلم المدينة وكانت اليهود تصوم
فكأنه أحب موافقتهم!!
ومنها: ان صوم هذا اليوم لأجل مخالفة اليهود، وظاهره أنهم ما كانوا يصومون
في هذا اليوم فأمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) المسلمين بالصيام مخالفة لهم.
ومنها: عدم الأمر بهذا الصوم بعد نزول رمضان وعدم صوم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في يوم عاشوراء أصلا، بل ترك بعده.
ومنها استمرارية هذا الصوم والتأكيد عليه إلى قبل عام وفاته صلى الله عليه وآله وسلم.
وفيما يلي بعض تلك الأحاديث:
1 - البخاري: " أبو عاصم، عن عمر بن محمد، عن سالم عن أبيه (رضي الله عنه) قال: قال
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، يوم عاشوراء إن شاء صام ". (1)
أقول: أبو عاصم هو النبيل، الضحاك بن مخلد، عن عمر بن محمد بن زيد بن
عبد الله بن عمر بن الخطاب، سالم، عن أبيه: ابن عمر. وفي السند: عمر بن محمد

1 - البخاري 1: 341. عمدة القاري 18: 103. فتح الباري 8: 28.
56

بن زيد: قيل: لينه يحيى بن معين (1) وفي أبو عاصم - الضحاك بن مخلد - تناكر العقيلي وذكره في كتابه وساق له حديثا خولف في سنده. (2)
2 - وفيه: " أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني عروة بن
الزبير ان عائشة قالت: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) امر بصيام يوم عاشوراء، فلما فرض رمضان كان من شاء صام ومن شاء أفطر ". (3)
أقول: أبو اليمان هو الحكم بن نافع الحمصي: وشعيب: هو ابن أبي حمزة الحمصي.
فعن أحمد بن حنبل، قال بشر بن شعيب: جاء أبو اليمان بعد موت أبى فاخذ
كتابه والساعة يقول: أخبرنا شعيب فكيف يستحل هذا؟! (4) فهذه وجادة اصطلاحا
وليست سماعا.
اما الدلالة: مفاده نسخ وجوب الصوم كما قاله العيني. (5)
3 - وفيه: " حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه،
عن عائشة، قالت: كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية، وكان
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصومه، فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان ترك يوم عاشوراء، فمن شاء صامه، ومن شاء تركه. (6)
مناقشة السند: وفيه هشام بن عروة: فعن ابن قطان: انه اختلط وتغير، وعن
الذهبي: انه نسي بعض محفوظه أو وهم، وعن ابن خراش: كان مالك لا يرضاه نقم

1 - ميزان الاعتدال 3: 220.
2 - الضعفاء الكبير 2: 223. ميزان الاعتدال 2: 325.
3 - البخاري 1: 341. ابن ماجة 1: 552 / ح 1733. مصنف عبد الرزاق 4: 288 / ح 7842.
4 - ميزان الاعتدال 1: 582.
5 - عمدة القاري 11: 120.
6 - البخاري 1: 341 وج 3: 103. مصنف عبد الرزاق 4: 289 / ح 7844 وفيه: قالت عائشة: من شاء صامه، ومن شاء تركه، مسند الحميدي 1: 102 / ح 200 مع اختلاف يسير.
57

عليه حديثه لأهل العراق. (1)
أقوال وتعاليق:
1 - قال العيني: قوله: " تصومه قريش في الجاهلية ": (2) يعنى قبل الاسلام، و
قوله: " كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يصومه " اي قبل الهجرة، وقال بعضهم: إن أهل الجاهلية كانوا يصومونه، وإن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يصومه في الجاهلية أي قبل أن يهاجر إلى المدينة.
قال: هذا الكلام غير موجه، لان الجاهلية انما هي قبل البعثة، فكيف يقول: وإن
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يصومه في الجاهلية، ثم يفسره بقوله: اي قبل الهجرة، والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أقام نبيا في مكة ثلاث عشر سنة، فكيف يقال: صومه كان في الجاهلية؟ ". (3)

1 - ميزان الاعتدال 4: 301.
2 - قال زين الدين الحنفي: " روى من حديث ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن خارجة بن زيد، عن أبيه قال: ليس يوم عاشورا باليوم الذي يقوله الناس إنما كان يوما يستر فيه الكعبة وتقلس (الضرب بالدف والغناء) فيه الحبشة عند رسول الله صلى عليه وآله وسلم!! وكان يدور في السنة فكان الناس يأتون فلانا اليهودي فيسألونه، فلما مات اليهودي أتوا زيد بن ثابت فسألوه، المعجم الكبير 5: 138 / ح 4876. وهذا فيه إشارة إلى أن عاشوراء، ليس هو في المحرم، بل يحسب بحساب السنة الشمسية كحساب أهل الكتاب، وهذا خلاف ما عليه عمل المسلمين قديما وحديثا. لطائف المعارف: 190.
قال الحافظ: وسنده حسن، قلت: ظفرت بمعناه في كتاب الآثار القديمة لأبي الريحان البيروني فذكر ما حاصله: ان جهلة اليهود يعتمدون في صيامهم وأعيادهم حساب النجوم فالسنة عندهم شمسية لا هلالية، قلت: فمن ثم احتاجوا إلى من يعرف الحساب ليعتمدوا عليه في ذلك. فتح الباري 4: 248. وفي هامش مجمع الزوائد: معناه ان زيد بن ثابت كان يذهب إلى أن عاشوراء يوم في السنة لا أنه اليوم العاشر من المحرم، وكان من كان على رأيه في ذلك يسألون رجلا من اليهود ممن عنده علم من الكتاب الأول عن ذلك اليوم بعينه من طريق الحساب فكان يخبرهم، فلما مات كان علم حساب ذلك عند زيد بن ثابت فكانوا يسألونه عنه، وهي مسألة غريبة جدا. مجمع الزوائد 3:
187.
3 - عمدة القاري 11: 121.
58

2 - أقول: أما صوم قريش في الجاهلية فيحتمل فيه العسقلاني احتمالين:
الأول: لعلهم تلقوه من الشرع السالف.
الثاني: ان قريش أذنبت ذنبا في الجاهلية، فعظم في صدورهم فقيل لهم: صوموا
عاشوراء يكفر ذلك.
ولكن لا يعلم من القائل لهم! ولماذا تابعهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على ذلك؟ فهل
كان قد أذنب معهم - والعياذ بالله؟!
ثم إن هذا النص يناقض ما روي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما دخل المدينة رأى ليهود
تصوم في هذا اليوم، فقال: انا أحق، فصامه وأمر بصيامه. ومعنى ذلك: انه ما كان
يصومه قبل ذلك، أضف إلى ذلك أن معناه: تأثر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالأجواء و
التيارات - حاشاه - فتارة يصوم بمكة متأثرا بالجاهلية، وأخرى يصوم بالمدينة متأثرا باليهود
- نعوذ بالله - أو حبا لموافقته معهم!
3 - وقال الدكتور جواد علي: "... ويظهر انه خبر صيام قريش يوم عاشوراء
هو خبر متأخر، ولا يوجد له سند يؤيده ولا يعقل صيام قريش فيه وهم قوم
مشركون، وصوم عاشوراء هو من صيام يهود، وهو صيام كفارة واستغفار عندهم.
فلم تستغفر قريش ويصومون هذا اليوم؟ وما ذا فعلوا من ذنب ليطلبوا من آلهتهم
العفو والغفران؟
وإذا كان هناك صوم عند الجاهليين فقد كان بالأحرى ان يصومه الأحناف، (1)
و لم يرد في اخبار أهل الاخبار ما يفيد صيامهم في عاشوراء ولا في غير عاشوراء.
ثم إن علماء التفسير والحديث والاخبار يذكرون ان الرسول صام عاشوراء
مقدمه المدينة... وانه بقي عليه حتى نزل الامر بفرض رمضان، ويظهر ان الرواة
أقحموا اسم قريش في صيام عاشوراء لإثبات انه كان من السنن العربية القديمة التي

1 - الأحناف: اي المائلين عن جميع الأديان إلى دين الاسلام، مسلمين بالرسل كلهم مجمع البحرين
5: 41.
59

ترجع إلى ما قبل الاسلام، وان قريشا كانت تصوم قبل الاسلام ". (1)
أقول: ان المراد بالجاهلية هو عهد ما قبل الاسلام، فلو كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يصوم في الجاهلية فلماذا انقطع عنه بعد البعثة وعاد إليه بعد الهجرة؟ فلو كان لأجل مخالفة المشركين فلماذا عاد إليه بعد الهجرة؟ فهل هو لأجل حبه موافقة أهل الكتاب و
اليهود؟!!
4 - وقال العسقلاني بعد هذه الأحاديث الثلاث:
أفادت تعيين الوقت الذي وقع فيه الامر بصيام عاشوراء، وقد كان أول قدومه
المدينة، ولا شك ان قدومه كان في ربيع الأول، فحينئذ كان الأمر بذلك في أول السنة
الثانية، وفي السنة الثانية فرض شهر رمضان. فعلى هذا لم يقع الامر بصيام عاشوراء،
إلا في سنة واحدة ثم فوض الأمر في صومه إلى رأى المتطوع، فعلى تقدير صحة قول
من يدعى أنه كان قد فرض فقد نسخ فرضه بهذه الأحاديث الصحيحة، ونقل
عياض ان بعض السلف كان يرى بقاء فرضية عاشوراء لكن انقرض القائلون بذلك.
ونقل ابن عبد البر: الاجماع على أنه الآن ليس بفرض والاجماع على أنه
مستحب.
وكان ابن عمر يكره قصده بالصوم، ثم انقرض القول بذلك. (2)
أقول: أولا لو ثبت ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فوض الامر في صومه إلى رأى المتطوع فمن أين جاء القول بالاستحباب الشرعي؟
ثانيا: كيف يدعى ابن عبد البر - بل العامة - الاجماع على استحبابه مع أن
ابن عمر (3) كان يكره قصده بالصوم وكان ممن يحرمه على عهد معاوية

1 - المفصل في تاريخ العرب 6: 339.
2 - فتح الباري 4: 289. نيل الأوطار 4: 243.
3 - يرى العامة فيه رأيا خاصا، وانه روى علما كثيرا، وانه شيخ الاسلام!! وانه من الصحابة المكثرين للفتوى، كما عن ابن حزم في كتاب الأحكام وانظر: سير أعلام النبلاء 3: 204 / 4: 237. كتاب الأحكام 5: 92.
60

أو يكرهه. (1)
5 - وقال القسطلاني أيضا: " فعلى هذا - ترك يوم عاشوراء - لم يقع الامر
بصومه الا في سنة واحدة، وعلى تقدير القول بفرضيته فقد نسخ ولم يرو عنه انه
عليه الصلاة والسلام جدد للناس أمرا بصيامه بعد فرض رمضان، بل تركهم على ما
كانوا عليه من غير نهى عن صيامه، فإن كان امره عليه الصلاة والسلام بصيامه قبل
فرض صيام رمضان للوجوب فإنه يبتنى على أن الوجوب إذا نسخ هل ينسخ
الاستحباب أم لا؟ فيه اختلاف مشهور.
وان كان امره للاستحباب فيكون باقيا على الاستحباب ". (2)
أقول: إذا كان واجبا ثم نسخ لكن هل الباقي بعد نسخ الوجوب هو الاستحباب أو
الحظر أو على ما كان عليه سابقا... فيه الاختلاف العريق ومعه فما الدليل على تبنى
القول بالاستحباب وحده، مع هذا الاختلاف في المباني الأصولية؟!
ثم: انه لو كان مستحبا ثم نسخ فما الدليل على بقاء الاستحباب حينئذ؟؟
5 - البخاري: " عن مالك، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف
انه سمع معاوية بن أبي سفيان يوم عاشوراء عام حج وهو على المنبر يقول: يا أهل
المدينة أين علماؤكم؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لهذا اليوم: هذا يوم عاشوراء ولم يكتب عليكم صيامه وانا صائم، فمن شاء فليصم، ومن شاء فليفطر ". (3)
أ - قال النووي: " الظاهر انما قال هذا لما سمع من يوجبه أو يحرمه أو يكره
فأراد إعلامهم بأنه ليس بواجب ولا محرم ولا مكروه ". (4)

1 - عمدة القاري 11: 121.
2 - ارشاد الساري 4: 648.
3 - البخاري 1: 341. كتاب الصوم - مسلم ج 1، القسم الثاني ص 472. سنن النسائي 4: 204. الموطأ 1: 299 - قوله: ولم يكتب إلى آخر، من كلام النبي - التوشيح 2: 403.
4 - انظر عمدة القاري 11: 121
61

أقول: ومفاده ان أهل المدينة إلى عام 44 أو 57 بالهجرة وهي أيام الحجة
الأولى أو الثانية لمعاوية (1) كانوا متفقين على عدم الاستحباب لأنهم كانوا يقولون
بالوجوب أو الكراهة أو الحرمة، كما هو نص الخبر، فحينئذ قوله: " أنا صائم " ان كان
من كلام معاوية فيكون استحباب الصوم وفضله يوم عاشوراء سنة أموية لا محمدية.
وان كان من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فكيف يرى أهل المدينة خلاف ذلك إلى عام 57 أو 44 عام حج معاوية مع أنهم كانوا أقرب إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من معاوية الذي أسلم عام الفتح ولم يصاحب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الكريم الا أياما قلائل فكيف يكون هو اعرف بالسنة من أهل المدينة؟! فتأمل.
ب - وقال العسقلاني: قوله: " أين علماؤكم؟ " في سياق هذه القصة اشعار بان
معاوية لم ير اهتماما بصيام عاشوراء، فلذلك سأل عن علمائهم أو بلغه عمن يكره
صيامه أو يوجبه ". (2)
أقول: على الاحتمالين - الكراهة أو الوجوب - تكون الرواية ظاهرة في خلاف ما
يدعى من الاجماع على الاستحباب المؤكد، وذلك لوجود من يقول بالكراهة أو
الوجوب، كما أشار إليه العسقلاني.
6 - البخاري: " حدثنا أبو معمر، حدثنا عبد الوارث، حدثنا أيوب، حدثنا
عبد الله بن سعيد بن جبير، عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قدم
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى، قال: فانا أحق بموسى
منكم، فصامه وأمر بصيامه ". (3)

.
1 - عمدة القاري 11: 121.
2 - فتح الباري 4: 290.
3 - البخاري 1: 341. مسند الحميدي 1: 239 / ح 515. الدارمي 2: 36 / ب 46 / ح 1759. أبو داود 2: 326 / ح 2444. ابن ماجة 1: 552. مصنف عبد الرزاق 4: 288 و 290 / ح 7848.
62

يرد عليه: نقاش دلالي، ونقاش سندي:
اما الدلالي:
أولا: مفاد هذا الحديث ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما كان يصوم قبل قدومه المدينة، بل اخذه من اليهود بعد قدومه، وصدقهم في ذلك، وما كان يعلم بهذا النوع من الصيام
و هذا ينافي ما روى أنه كان يصوم في الجاهلية...
ثانيا: ظاهر الخبر بقرينة الفاء " قدم المدينة فرأى " ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حين قدومه المدينة وجد اليهود صياما يوم عاشوراء فهذا النص صريح أو ظاهر في المفاجأة مع
أن قدومه المدينة كان في شهر ربيع الأول.
ثالثا: ان اخبار اليهود غير مقبول فكيف يعمل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بخبرهم؟ وقد أجيب عن الثاني بما فيه تكلف وتمحل ظاهر. وفيما يلي بعض ذلك:
1 - ان المراد؛ ان أول علمه بذلك وسؤاله عنه كان بعد أن قدم المدينة لا انه قبل
أن يقدمها علم بذلك وغايته ان في الكلام حذفا تقديره: قدم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) المدينة فأقام إلى يوم عاشوراء، فوجد اليهود فيه صياما.
ب - يحتمل ان يكون أولئك اليهود كانوا يحسبون يوم عاشوراء بحساب السنين
الشمسية فصادف يوم عاشورا بحسابهم اليوم الذي قدم فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد استبعد العسقلاني (1) هذا الاحتمال كما تأمل فيه العيني (2)
اذن " الفاء " صريحة أو ظاهرة في المفأجاة، والنص يأبى هذه التقديرات و
التكلفات.
وقد أجيب عن الاشكال الثالث بتأويلات لا ترجع إلى محصل، وفيما يلي بعضها:

1 - فتح الباري 4: 294. قال السيوطي:... فإنه قدم في ربيع الأول، ويحتمل ان يكون رآهم حال قدومه وكانوا يحسبون عاشوراء بالسنين الشمسية لا الهلالية كسائر صيامهم وأعيادهم فتأخر عاشوراء عندهم إلى ربيع، التوشيح على الجامع الصحيح 2: 404.
2 - عمدة القاري 11: 122.
63

ا - ان الوحي نزل حينئذ على وفق ما حكموا.
ب - انما صام باجتهاده.
ج - أخبر من أسلم منهم كعبد الله بن سلام.
د - تواتر الخبر عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وارتكاب هذه التمحلات دليل على عدم امكان الاخذ بظاهر الحديث مع أن
هذه الوجوه محض احتمال لا دليل عليها.
اما النقاش السندي:
1 - في السند أبو معمر، وهو عبد الله بن عمرو المنقري وكان الأرزي لا يحدث
عنه للقدر يخافه عليه.
وعن أبي حاتم: صدوق غير أنه لم يكن يحفظ.
وعن الذهبي: لا يقع لنا حديثه فيما علمت عاليا... وحديثه في الكتب مع
بدعته... ". (1)
2 - وفي السند أيضا: عبد الوارث بن سعيد، قال الذهبي:
" قدري، (2) متعصب لعمرو بن عبيد، (3) وكان حماد بن زيد ينهى المحدثين عن
الحمل عنه للقدر. " (4)
وقال أيضا: قدري مبتدع ". (5)

1 - سير أعلام النبلاء 10: 623.
2 - القدرية وهم المنسوبون إلى القدر ويزعمون ان كل عبد خالق فعله ولا يرون المعاصي والكفر
بتقدير الله ومشيئته فنسبوا إلى القدر لأنه بدعتهم وضلالتهم وفي شرح المواقف قيل " القدرية هم المعتزلة لاسناد أفعالهم إلى قدرتهم ". انظر مجمع البحرين 3: 451. مقباس الهداية. 2: 364. 3 - أبو عثمان عمرو بن عبيد البصري، كبير المعتزلة، مات بطريق مكة سنة أربع وأربعين ومئة. تاريخ بغداد 12: 162. سير أعلام النبلاء 6: 105
4 - ميزان الاعتدال 2: 677.
5 - سير أعلام النبلاء 8: 301.
64

وقال يزيد بن زريع: " من أتى مجلس عبد الوارث فلا يقربني ". (1)
7 - البخاري: حدثنا علي بن عبد الله حدثنا أبو أسامة عن أبي عميس عن
قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن أبي موسى قال: كان يوم عاشوراء تعده
اليهود عيدا قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فصوموه أنتم ". (2)
نقاش دلالي
أقول: هذا خلاف ما روي سابقا من أن اليهود كانت تصوم يوم عاشوراء، و
بالتالي لم يتضح ولم يعرف أن اليهود هل كانت تصوم في هذا اليوم أم لا؟ ويفهم من
العسقلاني: ان اليهود ما كانت تصوم يوم عاشوراء حيث قال: " فظاهره ان الباعث
على الامر بصومه محبة مخالفة اليهود حتى يصام ما يفطرون فيه لأن يوم العيد لا
يصام، وقد وردت رواية تصرح بان اليهود كانت تعظم هذا اليوم وتصومه كما في
حديث أبي موسى: وإذا أناس من اليهود يعظمون عاشوراء ويصومونه.
وفي حديث مسلم: كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء يتخذونه عيدا و
يلبسون نسائهم فيه حليتهم وشارتهم - اي هيئتهم الحسنة - ". (3)
اذن: يرد عليه ان مفاد هذا الحديث أن اليهود تعده عيدا، وهذا مناقض
للحديث السابق: فرأى اليهود تصوم وقد فهم القسطلاني أيضا ما أوردناه، فقال:
قوله: " فصوموه أنتم " مخالفة لهم فالباعث على الصيام في هذا غير الباعث في الحديث
ابن عباس السابق إذ هو باعث على موافقته يهود المدينة على السبب وهو شكر الله
تعالى على نجاة موسى عليه السلام ". (4)
وقد أجيب كسابقه بما لا يرجع إلى محصل وفيما يلي بعضه:

1 - ميزان الاعتدال 2: 677.
2 - البخاري 1: 341. انظر الكامل في الضعفاء 4: 172.
3 - فتح الباري 4: 292.
4 - إرشاد الساري 4: 292.
65

ا - لا يلزم من كونه عندهم عيدا الافطار، لاحتمال ان صوم يوم العيد جائز عندهم.
ب - ان هؤلاء اليهود غير يهود المدينة فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وافق يهود المدينة وخالف
غيرهم من اليهود، وهي محاولات يائسة ولا تدفع التهافت، إذ مفاد الأولى صيام
اليهود يوم عاشوراء ومفاد الثانية إفطارهم...
اما النقاش السندي:
1 - وفي السند: قيس بن مسلم الجدلي العدواني وكان مرجئا (1)
2 - وفي السند أيضا: أبو موسى الأشعري: وقد رماه حذيفة بن اليمان بالنفاق. (2)
وكان منحرفا عن علي بن أبي طالب (عليه السلام). (3)
8 - البخاري: حدثنا عبيد الله بن موسى عن ابن عيينة عن عبيد الله بن
أبي يزيد عن ابن عباس رضي الله عنه عنه قال: ما رأيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يتحرى صيام يوم فضله على غيره الا هذا اليوم - يوم عاشوراء -، وهذا - الشهر يعنى شهر رمضان - " (4)
اما النقاش الدلالي:
أولا: ان مفاد هذا النص هو ان يوم عاشوراء أفضل الأيام للصائم بعد رمضان
مع أن مفاد نصوص أخرى هو: ان صيام يوم عرفه أفضل من صيام يوم عاشوراء و
انه يكفر سنتين فلا بد وان يقال: إن ابن عباس أسند ذلك إلى علمه وفهمه. (5)
ثانيا: مفاده استمرارية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومداومته على هذا الصيام وانه كان يتحرى

1 - تهذيب الكمال 15: 337.
2 - سير أعلام النبلاء 2: 394.
3 - الاستيعاب 4: 326.
4 - البخاري 1: 342. مسلم ج 1، القسم الثاني ص 472. النسائي 4: 204. مسند أحمد 1: 222. مصنف عبد الرزاق 4: 287 / ح 873. السنن الكبرى 4: 284.
5 - انظر فتح الباري 4: 292. قال السيوطي: هذا أسنده ابن عباس إلى علمه فلا يرد علم غيره وقد ثبت في صيام يوم عرفة انه يكفر سنتين وذلك يدل على أنه أفضل من يوم عاشوراء ذكر في حكمته ان يوم عاشوراء ومنسوب إلى موسى عليه السلام ويوم عرفة منسوب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلذلك كان أفضل... التوشيح على الجامع الصحيح 2: 404.
66

- اي يقصد - هذا اليوم ويترصده للصيام فيه مع أن هذا مناف لما نقلوا عن عائشة ان
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان
ترك يوم عاشورا. (1)
واما النقاش السندي:
وفي السند: سفيان بن عيينة فهو وان كان عندهم ثقة لكنه مدلس. (2) وعن
يحيى بن سعيد القطان: اشهد ان سفيان اختلط سنة سبع وتسعين ومائة فمن سمع منه
فيها فسماعه لا شئ ". (3)
فيحتمل صدور هذا الحديث بعد عام الاختلاط فلا ضمان لسلامة السند.
واما ابن أبي يزيد فهو وان كان ثقة عندهم ومات 126 ه‍. (4) ولكن لا يرفع
الاشكال.
9 - البخاري: حدثني محمود أخبرنا عبيد الله عن إسرائيل عن منصور عن
إبراهيم عن علقمة عن عبد الله (ابن مسعود) قال: دخل عليه الأشعث وهو (5)
يطعم، فقال: اليوم عاشوراء فقال: كان يصام قبل أن ينزل رمضان فلما نزل رمضان
ترك. فأذن فكل. (6)
ومفاد هذا النص هو عدم المطلوبية ولو بعنوان الاستحباب إذ لم يقصد
الأشعث الوجوب إذ من الأكيد نسخه على عهد الرسول الأعظم.

1 - البخاري 1: 341 و 3: 102. عمدة القاري 18: 103.
2 - ان التدليس عندهم على أقسام: منه ما يقدح ومنه ما لا يقدح انظر كلام ابن عماد ذيل قول الذهبي في الأعمش: ثقة جليل ولكنه يدلس، شذرات الذهب 1: 222. مقباس الهداية 5: 413.
3 - ميزان الاعتدال 2: 170.
4 - انظر عمدة القاري 2: 273.
5 - اي عبد الله بن مسعود يأكل. عمدة القاري 18: 103.
6 - البخاري 3: 103
67

من هو ابن مسعود؟
قال الذهبي: " هو الامام البحر فقيه الأمة كان من السابقين الأولين، ومن
النجباء العالمين شهد بدرا وهاجر الهجرتين... ومناقبه غزيرة، روى علما كثيرا. اتفقا
له في الصحيحين على أربعة وستين وانفرد له البخاري باخراج أحد وعشرين
حديثا ومسلم باخراج خمسة وثلاثين حديثا وله عند بقي بالمكرر ثمانمائة و
أربعون حديثا وكان معدودا في أذكياء العلماء... وانه أول من جهر بالقرآن بمكة بعد
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وانه كما عن الأنصاري ما اعلم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ترك أحدا اعلم بكتاب الله من هذا القائم ونسب إلى علي (عليه السلام) أنه قال فيه: فقيه في الدين عالم بالسنة ونسب إليه أيضا أنه قال: إنه علم الكتاب والسنة، ثم انتهى.
وعن أبي موسى: لا تسألوني عن شئ ما دام هذا الحبر بين أظهركم، وعنه
أيضا: مجلس كنت أجالسه ابن مسعود أوثق في نفسي من عمل السنة.
وعن أبي وائل: ما أعدل بابن مسعود أحدا.
وعن الشعبي: ما دخل الكوفة أحد من الصحابة أنفع علما لا أفقه صاحبا من
عبد الله.... " (1)
أقول كيف يترك العامة قول من هو عندهم فقيه الأمة وروى علما كثيرا وانه
عالم بالسنة وفقيه في الدين ويقال بأن الأمة أجمعت على الاستحباب وترك قول
ابن مسعود وابن عمر؟!! وكيف يتلاءم هذا مع مبناهم وأصولهم!!
و أما عندنا، مختلف فيه، فعن المرتضى: لا خلاف بين الأمة في طهارة ابن مسعود
وفضله وايمانه ومدح النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) له وثنائه عليه وانه مات على الحالة المحمودة. (2)

1 - سير أعلام النبلاء 1: 461 - 500.
2 - الشافعي 4: 283.
68

وعن السيد الخوئي: لم يثبت انه والى عليا عليه السلام وقال بالحق، ولكنه مع ذلك لا
يبعد الحكم بوثاقته لوقوعه في اسناد كامل الزيارات. (1)
وعن التستري: انه والى القوم ومال معهم ولم يتبع عليا ". (2)
10 - البخاري: حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن
شهاب عن عروة عن عائشة.
وحدثني محمد بن مقاتل، قال: أخبرني عبد الله هو ابن المبارك قال: أخبرنا
محمد بن أبي حفصة عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: كانوا يصومون
عاشوراء قبل أن يفرض رمضان وكان يوما تستر فيه الكعبة فلما فرض الله
رمضان قال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من شاء ان يصومه فليصمه، ومن شاء ان يتركه فليتركه ". (3)
أقول: ان كان المراد من " كانوا يصومون عاشوراء " صوم الجاهلية وقريش فيرد
عليه اشكال النسئ (4) في شهر المحرم عند الجاهلية ولازمه عدم تحقق صومهم في
يوم عاشوراء بالمعنى المعروف، وان كان المراد صوم اليهود فقد أثبتنا انهم ما كانوا
يصومون في المحرم وعاشوراء بالمعنى المصطلح. نعم لعله كان يتفق أشهرهم مع شهر
محرم وعاشوراء.
وحينئذ فما هو مرجع الضمير في قوله: فليصمه؟ هل هو بمعناه المعروف - العاشر
من المحرم - أو غيره؟؟
11 - البخاري: " حدثنا المكي بن إبراهيم حدثنا يزيد عن سلمة بن الأكوع،
قال: امر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رجلا من أسلم أن: أذن في الناس ان من كان اكل فليصم بقية

1 - معجم رجال الحديث 10: 323.
2 - قاموس الرجال 6: 608. انظر كتاب دراسات فقهية في مسائل خلافية: 19.
3 - البخاري 1: 278. انظر فتح الباري 3: 531.
4 - سيأتي البحث عن النسئ.
69

يومه، ومن لم يكن اكل فليصم اليوم يوم عاشوراء ". (1)
وفي سنن أبي داود: " فأتموا بقية يومكم واقضوه ".
قال أبو داود: يعنى يوم عاشوراء. (2)
أقول: هل هذا الامر صدر منه (صلى الله عليه وآله وسلم) في عام الهجرة إلى المدينة أم في السنوات الأخرى التي بعدها؟
فعلى الأول: فقد مر انه نسخ بعد ذلك العام.
وعلى الثاني: فهو مخالف لتصريح الشراح، كالعسقلاني وغيره، من أنه لم يقع
الامر بصيام عاشوراء الا في سنة واحدة. هذا وقد استدل بعضهم بهذا الحديث على
اجزاء الصوم بغير نية لمن طرأ عليه العلم بوجوب صوم ذلك اليوم ولكنه مورد
للنقاش عندهم ومردود. (3)
12 - مسلم: حدثنا يحيى بن يحيى التميمي وقتيبة بن سعيد جميعا عن حماد
قال يحيى: أخبرنا حماد بن زيد عن غيلان عن عبد الله بن معبد الزماني عن
أبي قتادة رجل أتى النبي...
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ثلاث من كل شهر ورمضان إلى رمضان فهذا صيام الدهر كله... وصيام يوم عاشوراء احتسب على الله ان يكفر السنة التي قبله ". (4)

1 - البخاري 1: 342. الدارمي 2: 36 / ب 46 / ح 1761.
2 - سنن أبي داود 2: 327 / ح 2447. انظر ابن ماجة 1: 552 / ح 1735. تهذيب الكمال 16: 377. مصنف عبد الرزاق 4: 286 / ح 7834 عن معبد القرشي. مجمع الزوائد 3: 185. لا يرد على السند انه مرسل إذ كيف يروى يزيد بن أبي عبيد مولى سلمة المتوفى عام 147 ه‍... عن سلمة بن الأكوع الصحابي؟ وذلك لان الحديث اعتبروه من ثلاثيات البخاري ولا نقاش فيه عندهم. لان مكي بن إبراهيم الذي مات سنة خمس عشرة ومئتين قد قارب المئة. انظر سير أعلام النبلاء 9: 552. ويزيد بن أبي عبيد مات قبل خروج محمد بن عبد الله بسنة أو سنتين. انظر تهذيب الكمال 20: 354. وسلمة بن الأكوع الذي مات عام 74 ه‍... كان من أبناء التسعين انظر سير أعلام النبلاء 3: 326.
3 - انظر فتح الباري 4: 168 و 292.
4 - مسلم 2: 489. ابن ماجة 1: 553. انظر احمد 5: 307 و 308 و 311 و 296 و 04 و 295 =
70

قال الترمذي: " لا نعلم في شئ من الروايات أنه قال: صيام يوم عاشوراء كفارة
سنة الا في حديث أبي قتادة ". (1)
وقال ابن حجر: قال البخاري: لا يعرف له - اي ابن معبد - سماع من
أبى قتادة ". (2)
وأورده ابن عدي في الضعفاء. (3)
13 - أبو داود: قال حدثنا شعبة قال: أخبرني أبو إسحاق قال سمعت الأسود
بن يزيد يقول: ما رأيت أحدا كان امر بصيام عاشوراء من علي ابن أبي طالب و
أبى موسى. (4)
أقول: ان هذا النص ينافي ثبوت النسخ، وان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يأمر ولم ينه بعد ذلك أحدا.
إضافة إلي أن أبا إسحاق السبيعي رمي تارة بالتدليس وأخرى بافساده حديث
أهل الكوفة. (5)
14 - أبو داود: حدثنا شيبان، عن أشعث بن أبي الشعثاء عن جعفر بن أبي ثور،
عن جابر بن سمرة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمرنا بصيام عاشوراء ويحثنا ويتعاهدنا عنده فلما فرض رمضان لم يأمرنا به ولم ينهنا عنه ولم يتعاهدنا عنده. (6)
أقول: وهذا الحديث لا يفهم منه لا الرجحان ولا الاستحباب، بل دلالته على
مصنف عبد الرزاق 4: 286 / ح 7832 والسنن الكبرى 4: 286. الحميدي 1: 205 / ح 429.

1 - الجامع الصحيح 3: 126 / ب 48 / ح 752.
2 - تهذيب التهذيب 6: 36.
3 - الكامل في الضعفاء 4: 224.
4 - الطيالسي: 167 / ح 1212. مصنف عبد الرزاق 4: 287 / ح 7836.
5 - انظر سير أعلام النبلاء 5: 398 - 399. وضعفه الشيخ عبد الغني النابلسي في كتابه معجم القواعد العربية بقوله: فيه عثمان بن مطر، وهو منكر الحديث.
6 - الطيالسي: 106 / ح 784. كنز العمال 8: 656 / ح 24592.
71

عدم الاستحباب أكثر وأتم.
15 - أبو داود قال: حدثنا شعبة عن الحكم عن القاسم بن مخيمرة عن
عمرو بن شر حبيل عن قيس بن سعد بن عبادة قال كنا نصوم يوم عاشوراء و
نعطى زكاة الفطر قبل أن ينزل علينا صوم رمضان والزكاة فلما نزلا لم نؤمر بها ولم
ننه عنها ما وكنا نفعله ". (1)
وهذا الحديث أيضا لا يفهم منه لا رجحان ولا الاستحباب بل ترك لهم كأي
فعل مباح.
16 - عن مالك انه بلغه ان عمر بن الخطاب أرسل إلى الحارث بن هشام أن غدا
يوم عاشوراء فصم وأمر أهلك ان يصوموا. (2)
أقول: وفضلا عن إرسال هذا النص فان عمر بن الخطاب ليس بمشرع بل
المفروض ان يكون متبعا ثم ليس في قوله انه يروى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
17 - أبو داود: حدثنا سليمان بن داود المهري ثنا ابن وهب أخبرني يحيى بن
أيوب ان إسماعيل بن أمية القرشي حدثه انه سمع أبا غطفان يقول: سمعت عبد الله بن
عباس يقول: حين صام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم عاشوراء أمرنا بصيامه قالوا يا
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انه يوم تعظمه اليهود والنصارى! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فإذا كان العام المقبل صمنا يوم التاسع فلم يأت العام المقبل حتى توفى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. (3)
النقاش الدلالي:
أقول: مفاده ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يأمر بصيام عاشوراء إلى اخر أيامه وأراد صيام

1 - الطيالسي: 168 / ح 1211. كنز العمال 8: 656 / ح 24594.
2 - الموطأ 1: 299 / ح 35. مصنف عبد الرزاق 4: 287 / ح 7838.
3 - أبو داود 2: 327 / ح 2445. مسلم. الطيالسي: 342 / ح 2625 المعجم الكبير 10: 322 / ح 10785.
72

التاسع فلم يمهله الاجل وهذا ينافي ما ورد في السنن: انه لم يأمر ولم ينه عن صوم
عاشوراء بعد نزول صوم رمضان. (1)
وينافي ما ورد في البخاري عن عائشة: انه ترك صوم عاشوراء بعد ما فرض
رمضان وما ورد من أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما صام يوم عاشوراء.
أضف إلى ذلك أنه لم يعهد من النصارى تعظيمهم لهذا اليوم.
اما النقاش السندي:
وفي السند: يحيى بن أيوب وهو أبو العباس الغافقي المصري فعن ابن حنبل:
هو سيئ الحفظ وعن أبي حاتم: لا يحتج به وعن النسائي: ليس بالقوى وعن
الذهبي: له غرائب ومناكير يتجنبها أرباب الصحاح ". (2)
18 - ابن ماجة: حدثنا علي بن محمد ثنا وكيع عن ابن أبي ذئب عن القاسم
بن عباس عن عبد الله بن عمير مولى ابن عباس عن ابن عباس. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لئن بقيت إلى القابل لأصومن اليوم التاسع ". (3)
أقول: يحتمل اتحاده مع الحديث السابق وانه روي بطريق آخر ولكن لا دلالة
فيه على رجحان أو استحباب صوم عاشوراء الا على رواية أحمد بن يونس: مخافة
ان يفوته عاشوراء ولكنه استظهار وفهم الراوي وليست هي من كلام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
النقاش السندي:
وفي السند: وكيع بن الجراح وقد قال فيه احمد: أخطأ في خمسمائة حديث (4).

1 - يمكن أن يقول لعل امره بصوم عاشوراء قبل صوم رمضان، فنتيجته: ان الامر بصوم رمضان في سورة البقرة وهي من أوائل السور في المدينة وابن عباس كان صبيا آنذاك.
2 - سير أعلام النبلاء 8: 6.
3 - ابن ماجة 1: 552 / ح 1736.
4 - سير أعلام النبلاء 9: 155.
73

19 - ابن ماجة: حدثنا محمد بن رمح أنبأنا الليث بن سعد عن نافع عن عبد الله
بن عمر انه ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم عاشوراء، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يوما يصومه أهل الجاهلية، فمن أحب منكم ان يصومه فليصمه، ومن كرهه
فليدعه ". (1)
20 - الدارمي: أخبرنا يعلى عن محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذا يوم عاشوراء، وكانت قريش تصومه في الجاهلية فمن أحب منكم ان يصومه فليصمه ومن أحب منكم ان يتركه فليتركه وكان ابن عمر لا
يصومه الا ان يوافق صيامه (2)
21 - الترمذي: حدثنا قتيبة حدثنا عبد الوارث عن يونس عن الحسن عن
ابن عباس قال: امر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بصوم عاشوراء يوم العاشر. (3)
أقول: وهو لا ينافي ما ورد عنه انه لم يأمر بهذا الصوم بعد رمضان إذ لعل المراد
هنا بالأمر هو الامر قبل نسخه.
أقول: ولا دلالة فيها على الندب والمطلوبية بل فيها تعريض وكناية بمن كان
يصومها حيث قال: يصومه أهل الجاهلية.
22 - النسائي: أخبرني زكريا بن يحيى قال: حدثنا شيبان قال: حدثنا
أبو عوانة، عن الحر بن صياح عن هنيدة بن خالد عن امرأته قالت: حدثتني بعض
نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يصوم يوم عاشوراء وتسعا من ذي الحجة. (4)
أقول: الحديث مرسل إذ لم يعرف من هي امرأته ولم يرد لها توثيق أضف إلى
ذلك أن مفادها الاستمرار وهو ينافي ما ورد من أنه لم يصم عاشوراء.
22 - عبد الرزاق: عن إسماعيل بن عبد الله، قال: أخبرني يونس بن عبيد عن

1 - سنن ابن ماجة 1: 553 / ح 1737.
2 - سنن الدارمي 2: 36 / ح 1762.
3 - سنن الترمذي 3: 129. انظر شرح الزرقاني 2: 178.
4 - سنن النسائي 4: 204.
74

الحكم الأعرج عن ابن عباس قال: إذا أصحبت بعد تسع وعشرين ثم أصبح صائما
فهو يوم عاشوراء. (1)
أقول أولا: لم يسند إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وثانيا: لا دلالة فيه على المطلوب وذلك لان يوم العاشر غير يوم الثلاثين الذي عبر عنه بقوله: " بعد تسع وعشرين، ثم أصبح...
24 - عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني عطاء انه سمع ابن عباس
يقول في يوم عاشوراء: خالفوا اليهود وصوموا التاسع والعاشر. (2)
أقول: ومفاده ان اليهود ما كانت تصوم يوم عاشوراء، بل كانت تتخذه عيدا و
هذا مناف لما ورد من أنه كانت اليهود تصوم عاشوراء وان النبي قال: نحن أحق
بموسى...
25 - عبد الرزاق عن ابن جريج، قال: سمعت عطاء يزعم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم امر بصيام يوم عاشوراء... قالوا: كيف بمن اكل؟ قال: من اكل ومن لم يأكل. (3)
أقول: أولا: الحديث مرسل، ثانيا: مر البحث والنقاش في نظيره فلا نعيد.
26 - ابن عبد البر: قال ابن أبي خيثمة حدثنا محمد بن سعيد الأصبهاني حدثنا
معاوية بن هشام عن سفيان عن قليب عن جابر قال: قالت عائشة: من أفتاكم
بصوم عاشوراء؟ قالوا: علي قالت: أما انه اعلم الناس بالسنة وكانت كثيرا ما ترجع
إليه في المسائل. (4)
أقول: في السند مجاهيل إضافة إلى اجمال الحديث إذ لم يعرف من الحديث
انه (عليه السلام) هل أفتى بالوجوب أو الحرمة أو الاستحباب؟ مع أنه من البعيد جدا الفتوى بالاستحباب مع ورود النصوص التي نقلوها في أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يأمر و
لم ينه عنه بعد

1 - المصنف 4: 288 / ح 7840.
2 - المصنف 4: 287 / ح 7839. السنن الكبرى 4: 287.
3 - المصنف 4: 291 / 7851.
4 - الاستيعاب 2: 462. انظر شرائع الاسلام (الهامش) 1: 240. تحقيق محمد على البقال.
75

صوم رمضان، ولا كلام في أن عليا اعلم الصحابة بسنة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
بل وبالكتاب. (1)
27 - الهيثمي: عن عمار قال: أمرنا بصوم عاشوراء قبل أن ينزل رمضان فلما
نزل رمضان لم نؤمر. (2)
قال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح.
28 - الهيثمي: عن الخدري ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم امر بصوم عاشوراء وكان لا
يصومه. (3)
أقول: أفيأمر ولا يأتمر؟؟
ثم إن روايتي الهيثمي تدلان تدل علي عكس المطلوب وان النبي لم يأمر بصيام
عاشوراء بل ما كان يصومه بعد نزول صوم رمضان.
علما بأن الهيثمي أورد في كتابه قرابة من ثلاثين حديثا في صوم عاشوراء و
ضعف أكثرها. (4)
29 - البيهقي: باب ما جاء في تفله في أفواه المرتضعين يوم عاشوراء. فتكفوا به
إلى الليل:
روى بسندين عن علية بنت الكميت العتكية عن أمها أميمة قالت: قلت لامة الله
بنت رزينة مولاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يا أمة الله أسمعت أمك رزينة تذكر أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يذكر صوم يوم عاشوراء؟ قالت: نعم كان يعظمه ويدعو برضعائه ورضعاء ابنته فاطمة ويتفل في أفواههم ويقول للأمهات: لا ترضعن إلى الليل. (5)

1 - انظر: كتاب شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي 1: 57.
2 - مجمع الزوائد 3: 188 و 186. كنز العمال 8: 656 / ح 24593.
3 - المصدر السابق.
4 - انظر مجمع الزوائد 3: 188.
5 - دلائل النبوة 6: 226.
76

وقال ابن حجر: أخرجه ابن أبي عاصم وابن مندة من طريق عليلة - بمهملة
مصغرة - بنت الكميت حدثتني أمي أمينة عن أمة الله بنت رزينة. (1)
وأخرجه أبو مسلم الكنجي وأبو نعيم من طريقه عن مسلم بن إبراهيم عن
عليلة مطولا ولفظه: حدثنا عليلة بنت الكميت سمعت أمي أمينة (2).
لم يعرف لنا حال عليه أو عليلة كما لم يعرف حال أميمة أو أمنيه كما أشار الهيثمي
قائلا: وعلية ومن فوقها لم أجد من ترجمهن. (3)
ثم متى كان لفاطمة أطفال رضعاء؟ أبعد نزول آية شهر رمضان أم قبل ذلك؟ و
قد ولد الإمام الحسن (عليه السلام) وهو أول مولود لفاطمة الزهراء (عليها السلام) في النصف من شهر رمضان في السنة الثالثة من الهجرة (4) مع أن فرض رمضان كان في العام الثاني من الهجرة. (5) وما علاقة الأطفال الرضع غير المكلفين بالصوم عن الرضاع واللبن؟
30 - السيوطي: اخرج ابن المنذر عن عبد الله بن عمرو. قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، من صام يوم الزينة أدرك ما فاته من صيام تلك السنة ومن تصدق يومئذ بصدقة أدرك ما فاته من صدقة تلك السنة يعنى يوم عاشوراء -. (6)
ما المراد بيوم الزينة؟
ذكر المفسرون ليوم الزينة وجوها أربعة:
1 - يوم عيد لهم يتزينون فيه.
2 - يوم النيروز، كما عن مقاتل.

1 و 2 - الإصابة 4: 302.
3 - مجمع الزوائد 3: 186.
4 - تاريخ الطبري 2: 76. العبر 1: 6.
5 - العبر 1: 5.
6 - الدرر المنثور 4: 303.
77

3 - يوم سوق لهم كما عن ابن الجبير.
4 - يوم عاشوراء كما نسب إلى ابن عباس. (1)
هذا ولم يرد في تفاسيرنا ولا في رواياتنا تفسيره بيوم عاشوراء. بل بمعنى: انه
يوم لهم يجرى بينهم مجرى العيد يتزينون فيه ويزينون الأسواق كما عن قتادة وابن
جريج والسدي وابن زيد وابن إسحاق. (2)
ولعل التفسير بيوم عاشوراء من البدع الأموية واعلامهم المضلل للتغطية على
الجريمة الكبرى التي صدرت منهم في كربلاء بحق سيد شباب أهل الجنة وأهل بيت
الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولأجل التصغير من حجمها والتقليل من شأنها وصرف الرأي
العام الذي كان ضد الشجرة الخبيثة الأموية بسبب هذا الجريمة النكراء بحيث كانوا يحسون
بالذل والهوان في كل يوم سيما يوم عاشوراء حتى صار مثلا على الألسن ويشبه
الفرد الذليل بالأموي يوم عاشوراء كما أورده الميداني في كتابه من دون اي تعليق:
" أذل من أموي بالكوفة يوم عاشوراء ". (3)
سيما ان ما نسب إلى ابن عباس من تفسير يوم الزينة بيوم عاشوراء (4) محل
تأمل وفيه كلام في سنده. أضف إلى ذلك حتى ولو كان بمعنى يوم عاشوراء ولكنه لا
ينطبق مع السنين القمرية لان حسابهم كانت شمسية لا قمرية كما أنه
لابد من مخالفتهم في ذلك اليوم لا الموافقة معهم وجعله يوم فرح وسرور وتزين
واكتحال!!
31 - الشوكاني: ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن الصرد أول طير صام عاشوراء.

1 - التفسير الكبير 73: 22. البيضاوي 2: 53.
2 - مجمع البيان 7: 16. تفسير الصافي 3: 310. تفسير كنز الدقائق 6: 288. تفسير الميزان 14: 186. تفسير التبيان 7: 181.
3 - مجمع الأمثال 2: 21. الرقم 1513.
4 - الدر المنثور 4: 303.
78

رواه الخطيب عن أبي غليظ مرفوعا ولا يعرف في الصحابة من له هذا
الاسم. (1)
وفي اسناده: عبد الله بن معاوية منكر الحديث.
ورواه الحكيم الترمذي عن أبي غليظ عن أبي هريرة: قال: الصرد أول طير
صام (2)
عن التوضيح: هذا من قلة الفهم فان الطائر لا يوصف بالصوم (3).
عن الحاكم: انه من الأحاديث الذي وضعها قتلة الحسين رضي الله عنه. وهو حديث باطل
رواته مجهولون. (4)
ثم لا دلالة له على المطلوب من استحباب الصوم يوم عاشوراء.
32 - الشوكاني: من صام عاشوراء أعطى ثواب عشرة آلاف الملك.
قال: ذكره في اللئالي مطولا عن ابن عباس مرفوعا وهو موضوع (5)

1 - الفوائد المجموعة: 100.
2 - الفوائد المجموعة: 100. وروى ثوير بن أبي فاختة عن أبي الزبير عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه امر بصيامه. انظر الكامل في الضعفاء 2: 106.
3 - عمدة القاري 11: 118.
4 - الفوائد المجموعة: 98. انظر الكامل في الضعفاء 2: 106.
5 - الفوائد المجموعة: 100. انظر الكامل في الضعفاء 2: 106.
79

الباب الثالث:
1 - آراء الفقهاء
أ - كلمات القائلين بالحرمة
ب - كلمات القائلين بالاستحباب
ج - كلمات القائلين بالاستحباب حزنا
د - كلمات القائلين بالإمساك إلى العصر
ه‍ - كلمات القائلين بالكرامة.
2 - آراء الفقهاء السنة
81

آراء الفقهاء:
إلى هنا ننتهي من عرض الروايات المانعة والمجوزة والمناقشات السندية و
الدلالية والجواب عنها وفيما يلي آراء الفقهاء فنقول: اختلف الفقهاء في حكم
صوم عاشورا على أقوال فبعضهم قال: بالحرمة كما عن صاحب الحدائق المحدث
البحراني وصاحب مرآة العقول المجلسي والشيخ الأستاذ الخراساني ويميل إليه
الخونساري في جامع المدارك والنراقي في المستند.
وعن جمع آخر القول بالكراهة وهو رأى أكثر المعاصرين من فقهائنا كالسيد
اليزدي والبروجردي والحكيم وغالب المعلقين على العروة الوثقى، والسبزواري.
مع اتفاق القولين ظاهرا على استحباب الامساك إلى العصر، وان هذا ليس هو الصوم
الاصطلاحي بل هو مجرد إمساك وهو الظاهر من العلامة الحلي في بعض كتبه و
الشهيد الأول في الدروس وغاية المراد والشهيد الثاني في المسالك فإنه فسر الصوم
يوم عاشوراء بهذا المعنى ليس إلا، والسبزواري في الذخيرة وكاشف الغطاء في
كشف الغطاء والبهائي في الجامع والفيض في الوافي والمفاتيح والنخبة و
الطباطبائي في الرياض والشرح الصغير والأردبيلي في مجمع الفائدة والنراقي في
المستند والسيد الخوانساري في المدارك والشيخ الوالد في الذخيرة.
وقال جماعة آخرون بالاستحباب وهم بين من أطلق القول بالاستحباب
كالصدوق في الهداية والمحقق في نكت النهاية وآقا جمال الخوانساري في المشارق،
83

والسيد الخوئي في المستند. - مع إصرار منه رحمة الله عليه.
وقيده آخرون بعنوان الحزن كما هو المشهور وهو قول الشيخ الطوسي في
التهذيب والاستبصار والاقتصاد والرسائل العشر والمفيد في المقنعة وابن البراج
في المهذب وابن زهرة في الغنية والصهر شتى في إشارة السبق وابن إدريس الحلي
في السرائر ويحيى بن سعيد في الجامع والمحقق الحلي في الشرايع والرسائل التسع
والعلامة الحلي في المنتهى والارشاد والسبزواري في الكفاية والمحقق النجفي في
الجواهر.
أدلة الأقوال:
الأول: دليل القول بالتحريم:
1 - ظهور بل صراحة النصوص في الحرمة وهي:
- خبر زرارة ومحمد بن مسلم عن الصادق (عليه السلام).
- خبر جعفر بن عيسى.
- خبر يزيد - زيد - النرسي.
- خبر نجبة بن الحرث.
- خبر زرارة.
- خبر الحسين بن أبي غندر.
- خبر عبد الملك.
- خبر جبلة المكية (1).
2 - ان ضعفها منجبر بوجودها في الكتب المعتبرة مع صحة بعضها وعن
البعض: ان استفاضتها بل تواترها يكفي في حصول العلم بصدورها وصحتها.

1 - يأتي هذا الخبر أواخر الكتاب في فصل " موقف معصومين (عليهم السلام).
84

3 - حمل الروايات المجوزة أو الآمرة على التقية لموافقتها للعامة فقها وحديثا فلم
يحرز أصالة الجد والجهة (1) فيها فلا يصل الدور إلى التعارض بين الطائفتين من
الروايات ولو فرضنا انه وصل إلى التعارض يؤخذ بما خالف العامة.
4 - ان صوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان قبل نزول صوم شهر رمضان واما بعد ذلك نسخ ذلك الصوم.
5 - لا معنى لحمل الروايات المجوزة على الاستحباب حزنا وجزعا وذلك
لظهور خبر الحسين بن أبي غندر في عدم الصوم للمصيبة بل الصوم هو للشكر و
السلامة.
6 - تعين العمل بصحيحة ابن سنان التي مفادها مجرد الامساك إلى العصر و
لا يسمى صوما وهو رأى صاحب المدارك والحدائق وغيرهما. وليست هذه
الرواية ضعيفة كما ادعاه السيد الخوئي في المستند فالمجموع من هذه الأدلة على
سبيل منع الخلو يكون دليل القول بالحرمة.
دليل القول بالاستحباب:
1 - الاجماع كما ادعاه الغنية بل عدم وجدان الخلاف كما عن جواهر
الكلام لكنه مدركي أو محتمل المدركية.
2 - خبر أبي همام عن أبي الحسن (عليه السلام) صام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (2) والرواية وان كانت موثقة لكنها محمولة على التقية، كما عن المحقق القمي وغيره. (3)

1 - لكن قد يقال: لا وجه لسقوط أصالة الجد إذ مواقة العامة لا توجب ذلك، ويشهد له: أن مورده هو في الخبرين المتعارضين. وواضح أن التعارض فرع المتقضي للحجية في الدليلين، فلا معنى لدعوى السقوط لعدم إحراز أصالة الجد والجهة وعدم التعارض!!
2 - التهذيب 4: 299 / ح 906.
3 - غنائم الأيام 6: 76.
85

3 - خبر القداح عن الصادق انه (عليه السلام) كفارة سنة (1) ولكنها مجهولة كما عن
المجلسي. (2)
4 - خبر مسعدة عن الصادق (عليه السلام) صوموا العاشوراء (3) لكنه ضعيفة ومحمول
على التقية. (4)
5 - خبر كثير النواء (5) لكنه كسابقه ضعيف ومحمول على التقية لان وقوع هذه
البركات في يوم عاشوراء من أكاذيب العامة ومفترياتهم. (6)
6 - دعوى ضعف جميع الروايات (7) الناهية عن الصوم يوم عاشوراء.
إلى هنا يكون هذا دليل القول باستحباب صوم يوم عاشوراء من دون تقييد
بالصوم على وجه الحزن وهذا هو القول بالاستحباب المطلق.
وقد أجيب عن هذه الدعوى: ان ملاحظة عدد الروايات المانعة وكيفية تلقي
السلف وتعاملهم معها وملاحظة السيرة القطعية للمتشرعة ومطابقتها مع هذه
الروايات وجمع الشيخ الطوسي بين هذه الروايات والروايات المجوزة تخرجها عن
كونها روايات ومستندات ضعيفة. (8)

1 - التهذيب 4: 300 / ح 907.
2 - ملاذ الأخيار 7: 116.
3 - التهذيب 4: 299 ح 905.
4 - روضة المتقين 3: 248.
5 - إخبار معرفة الرجال: 230.
6 - الموضوعات 2: 200.
7 - مستند العروة الوثقى 2: 304.
8 - يرى السيد الخوئي ضعف روايات المنع بأجمعها إذ في بعضها الهاشمي وهو لم يوثق ولا ذكر بمدح أضف إلى ذلك أن مفادها ليس هو النهي عن مطلق الصوم بعنوانه الأولى كما في العيدين بل المنع عن الصوم باتخاذه يوم بركة وفرح وسرور كما يتخذه المخالفون.
أقول: هذا كلام غريب: إذ هل يخفى حرمة مثل ذلك على مثل زرارة ومحمد بن مسلم حتى يسألاه
86

7 - انه بعد التعارض بين الروايات المجوزة والناهية يجمع بينهما بالحمل على
استحباب الصوم على وجه الحزن وحرمة الصوم على وجه الشكر والفرح!!
وهذا هو دليل القول بالاستحباب المقيد بعنوان الحزن.
وأجيب عنه ان يوم عاشوراء حسب الروايات الناهية غير قابل لماهية الصوم
بل الصوم يعد بدعة وموجبا للهلكة ولا معنى للصوم على وجه الحزن لان الحزن
لا يكون سببا لاستحباب الصوم أصلا بل السبب لاستحباب الصوم هو أيام الفرح
والسرور وأين ذلك من يوم عاشوراء الذي هو يوم مصيبة وعزاء؟!
وهو كلام متين ومقبول، فتأمل.
8 - ضعف رواية ابن سنان التي فيها: صم من غير تبييت وقد أجاب البعض
عنه: بوجود طريق آخر غير طريق الشيخ في المصباح وهو ما رواه المشهدي في
مزاره.
أضف إلى ذلك عدم صحة دعوى الضعف بل الرواية صحيحة وصادرة قطعا...
9 - عدم القول بالحرمة أو الكراهة أو ندرة القول بها بل هو مناف لظاهر اتفاق
الأصحاب.
لكنه استبعاد محض، ولا يعد دليلا فقهيا.
أضف إلى ذلك تبنى الكثير من فقهائنا القول بالحرمة أو الكراهة، وقد مر ذكر

عنه؟؟ الا ان يقال: يمكن ان يكون سؤالهما عن الصوم بالعنوان الأولى وجواب الامام ناظر إلى الصوم بالعنوان الثانوي فتأمل، كما يرى الخوئي أيضا ضعف رواية زرارة عن الباقر والصادق عليهما السلام بضعف نوح بن شعيب وياسين الضرير أضف إلى ذلك: حملها على الكراهة بقرينة وحدة السياق مع صوم عرفة الذي هو مكروه لمن يضعفه عن الدعاء ولكن كيف يتبنى الاستحباب مع حمله لهذه الرواية على الكراهة!! ويرى أيضا ضعف رواية أبى غندر لاشتمالها على مجاهيل وعدم دلالة صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم - فلما نزلت آية شهر رمضان ترك - على نفى الاستحباب فضلا عن نفى الجواز إذ لا تتضمن نهيا وبالتالي: عدم وجود رواية معتبرة مانعة عن الصوم كي تحمل الروايات الامرة والمجوزة على التقية.
87

أسماؤهم وسيجئ آراءهم.
10 - ان هذا الصوم يكون من المواساة لأهل البيت (عليهم السلام) مما لا قوة من العطش و
الجوع... فهذا الصوم يوافقه الاعتبار!
أقول: يكفيه في المواساة لأهل البيت عليهم السلام العمل برواية ابن سنان: من الصوم من
غير تبييت والافطار من غير تشميت.
أضف إلى ذلك أن المواساة لا يعد وجها ودليلا شرعيا يستند إليه في جعل العمل
مستحبا - شرعيا - بل يحتاج إلى دليل خاص.
دليل القول بالكراهة:
1 - ان الصوم في عاشوراء سنة للأعداء واتصاف بصفاتهم واشعار بزيهم و
هذا مثل ما ورد في كراهة الاتصاف بأوصاف اليهود والنصارى. (1)
2 - حمل الروايات المانعة عن الصوم على الكراهة بقرينة وحدة السياق بينها و
بين روايات النهى عن صوم عرفة.
3 - الاستناد إلى ظهور قول أبى جعفر (عليه السلام) أ فصوم يكون في ذلك اليوم؟ كلا و
رب البيت الحرام ما هو يوم صوم وما هو الا يوم حزن دخلت على أهل السماء و
الأرض.
4 - حمل الروايات الآمرة بالصوم على الامساك حزنا لا الامساك بقصد الصوم،
أو حمل هذه الروايات على التقية.
5 - عدم معهودية الصوم يوم عاشوراء من الأئمة (عليهم السلام) ولا من أصحابهم.
أقول: دلالة الوجه الأول والثالث والخامس على التحريم أظهر من الدلالة على
الكراهة.

1 - انظر مجمع الفائدة 5: 189.
88

والجواب عن الثاني هو انه على فرض ان يكون وحدة السياق والنظم قرينة
ودليلا على الكراهة لكن لابد من رفع اليد عن هذه القرينة والدليل بالروايات
الأخرى التي مفادها التحريم.
والجواب عن الرابع: ان هذا الحمل مقبول ولكنه لا يخدم القول بالكراهة إذ
حتى على القول بالتحريم يحمل الروايات الآمرة بالصوم يوم عاشوراء على الامساك
حزنا أو على التقية.
ويرى بعض الفقهاء بملاحظة رواية ابن سنان المذكورة في المصباح والمزار و
رواية ميثم التمار (1) - ان هذا الصوم لم يتأكد استحبابه سيما وانه مشارك في الصورة مع الأعداء حتى وان كانت النية عندنا الحزن وعندهم التبرك والسرور بل إن
استحباب هذا الصوم واتمامه انما يكون ثابتا فيما لم يتمكن من الافطار ولو لأجل
التقية فحينئذ ينوى به الصوم على وجه الحزن لا مطلق الصوم (2) (3).
أقول: وقد أشرنا سابقا إلى أن ماهية الصوم يوم عاشوراء موجب للهلكة و
أنها موبقة حتى إذا تعنون بعنوان الحزن.
كلمات القائلين بالحرمة:
1 - البحراني: وبالجملة فان دلالة هذه الأخبار على التحريم مطلقا أظهر ظاهر

1 - علل الشرايع 1: 217. وسيأتي الإشارة إليه في آخر الكتاب.
2 - انظر جواهر الكلام 17: 108.
3 - اما عند العامة: فبالرغم من ان أهل المدينة كانوا يرون الحرمة أو الكراهة أو الوجوب على ما قاله العيني إلى عام 44 أو 57 بالهجرة عام مجئ معاوية إلى المدينة وإعلانه استحباب ذلك والاصرار عليه ورغم ان بعض الصحابة الذين هم ممن يعتمد عليه عند العامة كابن عمر حيث كان يرى الكراهة ويصر على ذلك إلى اخر عمره عام 73 ه‍، مع ذلك كله ادعوا إجماع العامة على الاستحباب على عهد الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم فلا معنى للنسخ بعده. أنظر سير أعلام النبلاء 3: 232. عمدة القارئ 11: 121.
89

لكن العذر لأصحابنا فيما ذكروه من حيث عدم تتبع الاخبار كملا والتأمل فيها. و
قال: فتحريم صيامه مطلقا من هذه الأخبار أظهر ظاهر.... (1)

(1) - الحدائق 13: 376. قال: منها صوم يوم عاشوراء على وجه الحزن كذا قيده جملة الأصحاب وكأنهم جعلوا ذلك وجه الجمع بين الأخبار الواردة في صومه أمرا ونهيا وبهذا جمع الشيخ بين الاخبار في الاستبصار ونقل هذا الجمع عن شيخه المفيد، قال في المدارك بعد ذكر ذلك وهو جيد.
أقول: بل الظاهر بعده... اما ما يدل على عدم جواز صومه: فمنه ما رواه الصدوق... وما رواه ثقة الاسلام في الكافي... وما رواه جعفر بن عيسى قال: سألت الرضا عليه السلام وما رواه فيه عن زيد النرسي: سمعت عبيد بن زرارة يسأل أبا عبد الله عليه السلام وما رواه عن نجبة بن الحارث... وما رواه عن زرارة عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام وما رواه الصدوق في كتاب المجالس عن الحسين بن أبي غندر عن أبيه. وما رواه في كتاب المجالس باسناده إلى جبلة المكية.
ثم أقول: لا يخفى عليك ما في دلالة هذه الأخبار من الظهور والصراحة في تحريم صوم هذا اليوم مطلقا وان صومه انما كان في صدر الاسلام ثم نسخ بنزول صوم شهر رمضان وعلى هذا يحمل خبر صوم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ". واما خبر القداح وخبر مسعدة بن صدقة الدال كل منهما على أن صومه كفارة سنة والامر بصومه كما في ثانيهما فسبيلها الحمل على التقية لا على ما ذكروه من استحباب صومه على سبيل الحزن والجزع كيف وخبر الحسين بن أبي غندر عن أبيه ظاهر في أن الصوم لا يكون للمصيبة وانما يكون شكرا للسلامة مع دلالة الاخبار الباقية على النهي الصريح عن صومه مطلقا سيما خبر نجبة.
وقولهما (عليهما السلام) فيه: انه متروك بصيام شهر رمضان والمتروك بدعة. وبالجملة فتحريم صيامه مطلقا من هذه الأخبار أظهر ظاهر...
واما خبر كثير النواء مع كون راوية المذكور بتريا عاميا... معارض بخير ميثم المذكور.
نعم قد روى الشيخ رضي الله عنه في كتاب مصباح المتهجد عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام دخلت عليه: وهذه الرواية هي التي ينبغي العمل عليها وهي دالة على مجرد الامساك إلى الوقت المذكور والمفهوم من كلام شيخنا الشهيد الثاني في المسالك حمل كلام الأصحاب باستحباب صوم يوم عاشوراء على وجه الحزن هو صومه على هذا الوجه المذكور. في الرواية وهو بعيد فان كلامهم صريح أو كالصريح في أن مرادهم صيام اليوم كملا كما في جملة افراد الصيام.. والله العالم. الحدائق الناضرة 13: 376. مناقشة الأستاذ للحدائق:
ادعى صاحب الحدائق طي كلامه: نسخ هذا الصوم الذي كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مداوما عليه. وناقشه
90

2 - العلامة المجلسي: والجملة الأحوط ترك صيامه مطلقا. (1)

الأستاذ: لا معنى للنسخ بعد الدقة في الروايات وذلك لوجود رواية معتبرة أعم من صحيحة أو موثقه دالة على صدور الامر بالصوم من أمير المؤمنين عليه السلام (أقول بما أن هذه الرواية موافقة للعامة فلم يتم فيها أصالة الجد كما هو مبنى الأستاذ) ولا نشك في أن هذه الروايات انما صدرت بعد تشريع صوم رمضان فهذا المقدار يكفي في رده. توضيحه: ان دليل الحدائق هو هذه الرواية: سألا أبا جعفر الباقر عليه السلام عن صوم يوم عاشورا؟ فقال: كان صومه قبل شهر رمضان فلما نزل شهر رمضان ترك.
ويرد عليه: لنا روايتان مفادهما الامر بصيام عاشورا:
1 - عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما السلام ان عليا عليه السلام قال: صوموا العاشورا التاسعة والعاشرة فإنه يكفر ذنوب سنة. فلو كان النسخ ثابتا فما معنى هذه الرواية؟!
2 - سعد بن عبد الله عن أبي جعفر عن محمد بن عبيد الله عن عبد الله بن ميمون القداح عن أبي جعفر عن أبيه (عليهما السلام) قال: صيام يوم عاشورا كفارة سنة. ثم إن المثبت لرأي الحدائق رواية ضعيفة: ان صوم عاشوراء كان ولكن ترك برمضان ولكنه ليس دليلا على نسخ أصل الصوم يوم عاشوراء بل هو دليل على الترك ولكن هل هذا الترك وصل إلى حد عدم المشروعية أم رفع وجوبه فقط. نعم، الرواية التي هي نص على مدعى الحدائق ما تلي: سألت أبا جعفر عليه السلام عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال: صوم متروك بنزول شهر رمضان والمتروك بدعة وهي صريحة في أن متروكية صوم عاشوراء ليس متروكية الوجوب كي يبقى ندبه بل متروكية المشروعية. و
لكن يرد عليها أنها: ضعفة السند فلا تعارض مع صحيحة السند فمقتضى الصناعة هي: ان الرواية الدالة على المتروكية ظاهرة في متروكية أصل الوجوب وليس نصا إذ فيه احتمالان:
- 1 الترك يعنى عملا مع بقاء أصل المشروعية.
2 - الترك بمعنى زوال أصل المشروعية فتصير مجملة واما لو قلنا أنها ظاهرة: فغايته انعقاد الظهور في عدم المشروعية واما رواية القداح فهي نص في بقاء المشروعية فنرفع اليد من الظهور بالنص. أو نرفع اجمال الرواية بهذين الروايتين المعتبرة واما رواية نجبة فهي ضعيفة السند فليس فيها مقتضى الحجية كي يتعارض مع الصحيحة.
أقول: لو قلنا بصدور الصحيحة والموثقة بعنوان التقية فلم يتم فيها أصالة الجهة والجد فيبقى كلام الحدائق على قوته ومتانته. الا ان يقال بجريان أصالة الجد ولا مجال للحمل على التقية إذ مجرد الموافقة للعامة لا يمنع جريان الأصل المذكور نعم في مورد التعارض لا يجرى الأصل المذكور
لكنه نقاش مبنائي.
1 - مرآة العقول 16: 361. ومثله في زاد المعاد 378 - 388.
91

3 - الخونساري: واما استحباب صوم يوم عاشوراء فلخبر عبد الله بن ميمون
القداح عن جعفر عن أبيه عليه السلام قال: صيام يوم عاشوراء كفارة سنة وقيده
المصنف وجماعة بان يكون على وجه الحزن لمصاب سيد شباب أهل الجنة لا ان
يكون على جهة التبرك والشكر كما يصنعه بنوا أمية واتباعهم وبذلك جمع الشيخان
وغيرهما - قدس سرهم - بين ما سمعت وبين النصوص المتضمنة للنهي عن صومه
كصحيح زرارة ومحمد بن مسلم سألا الباقر عليه السلام عن صوم يوم عاشوراء من شهر
الحرام فقال: يوم فيه حوصر الحسين... وجزم بعض متأخري المتأخرين بالحرمة
ترجيحا للنصوص الناهية وحملا لما دل على الاستحباب على التقية والظاهر أن
هذا أقرب خصوصا مع ملاحظة خبر عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام قال دخلت
عليه يوم عاشوراء فألفيته كاسف اللون... فان من المعلوم ان صوم هذا السائل لم يكن
بعنوان التبرك. (1)
3 - الشيخ الأستاذ: صوم يوم عاشوراء على الأحوط الوجوبي لا يكون
جائز. (2)

1 - جامع المدارك 2: 227.
2 - توضيح المسائل (الطبعة الأولى) ص 494 المسألة: 1755 ومضمون كلام الأستاذ في الدرس: لابد من ملاحظة - الراوي - في رواية: لا تجعله يوم صوم وغيرهما حيث إن السائل فيها هو ابن سنان وهكذا روايات أخرى يكون السائل من أكابر الشيعة وهؤلاء لم يسألوا عن الصوم شكرا أو فرحا أو استبشارا يوم عاشوراء بل السؤال عن الصوم في ذلك اليوم فيجيب الامام بالمنع.
لكن قد يجاب عن الأستاذ: بان هؤلاء لم يسألوا لأنفسهم كما يظهر من أكثر مسائلهم التي كانت عن الفروع الفقهية الواضحة العامة الابتلاء بل كانوا يريدون سماع النصوص من المعصومين عليهم السلام حول المسائل لعامة الناس وتثبيتها في الكتب وبثها فلا ينظر إلى حالتهم الخاصة ومقامهم العلمي لبيان فقه الحديث.
ثم أضاف الأستاذ قائلا: أضف إلى ذلك أن في الروايات: ان الصوم للشكر وعاشوراء يوم مصيبة وهذا اللحن لسان المنع والزجر فكيف يمكن الجمع بينهما وبين ما دلت على أنها كفارة ذنب سنة، فهذا
92



الجمع هو الجمع التبرعي.
لكن قد يجاب عن الأستاذ: ان الشكر لا ينافي المصيبة والشاهد على ذلك قوله في
زيارة عاشوراء. اللهم لك الحمد حمد الشاكرين على مصابهم ".
أضف إلى ذلك أن الفرح الذي هو ضد المصيبة انما يناسب الافطار ويشهد لذلك تعليل حرمة الصوم يوم العيدين بأنه يوم فرح وسرور. فالمراد بالشكر هو ما يقوم به آل أمية واتباعهم من الصوم بنية الشكر على قتل الحسين عليه السلام ".
أضاف الأستاذ قائلا: " مع أن قانون الجمع هو: ان يكون أحدهما نصا والآخر ظاهرا أو يكون أحدهما أظهر والثاني ظاهرا ولابد من ملاحظة شاهد الجمع بين الروايتين.
وعليه فكلام ابن إدريس والمحقق وصاحب الجواهر يكون من الجمع بلا شاهد سيما مع هذا
التصريح من الامام بالصوم بلا نيه والافطار بعد العصر بشربة من الماء فالصوم الحزني هو
الامساك لا الصوم بنية الحزن وفرق بينهما.
اذن: الحق هو التعارض بين الطائفتين بالتباين ولا يمكن الجمع بينهما إذ مفاد طائفة منها: المطلوبية والمحبوبية ومفاد طائفة أخرى: النص في المبغوضية ولا جمع عرفي بينهما.
بيان آخر: ان إحدى الطائفتين آمرة بالصوم " صمه، صوموا " والأخرى ناهية عن الصوم ولا شك في تحقق التعارض بينهما. فيما لو تعلقا بشئ واحد عرفا وعقلا ونصا. بل هذا من أظهر مصاديق " يجئ عنكم حديثان مختلفان أحدهما يأمرنا والآخر ينهانا "، ثم إن الحدائق حمل الروايات الدالة على الاستحباب على التقية ونحن نوافقه ولكن لا بالمقدار الذي قاله بل تحتاج المسألة إلى تحقيق إذ لو لم يتم حجية الروايات المانعة فلا يصل الدور إلى التعارض ثم الحمل على التقية. حيث إن من جملة المرجحات هي المخالفة للعامة فلو لم يتم حجية الروايات المانعة كما عن السيد الخوئي وعدم اعتبار رواية ابن سنان عنده فتبقى روايات الاستحباب حجة وبلا معارض. نعم يبقى الموافقة للعامة وهنا لنا بحث دقيق، وهو انه: نفرض عدم وجود المعارض لهذه الروايات ولكن لابد من ملاحظة أصالة الجد والجهة في هذه الروايات الآمرة بالصوم مع غض النظر عن التعارض وعن اعتبار رواية ابن سنان وذلك لان حجية كل رواية متوقفة على تمامية أصول ثلاثة:
1 - أصالة السند والصدور.
2 - أصالة الظهور.
3 - أصالة الجد.
93



فنقول: ان مقتضى التحقيق الفقهي هو: ان تمامية أصالة الجهة في الروايات الآمرة بالصوم حتى مع فرض صحة سندها مشكل وذلك لان الروايات المعتبرة ثلاثة:
1) ان النبي صام وترك.
2) رواية القداح.
3) الموثقة.
وهذه الثلاثة تامة من حيث السند وهي موافقة للروايات المتظافرة الكثيرة في صحيح مسلم (ان رواية الوسائل والرواية الأخرى التي هي مرتبطة بصوم يوم عاشوراء موافقة للرواية الواردة عن العامة.) وللعنوان في كتبهم الفقهية كالمغني لابن قدامة " صيام كفارة سنة " فرواية القداح والموثق أيضا موافقان المضمون، هذا من حيث العنوان الفقهي.
واما من حيث الروايات أيضا: فان أبا قتادة روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: في صيام عاشوراء انى احتسب على الله ان يكفر سنة.
وروى الترمذي: امر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صوم يوم عاشوراء ثم قال: حديث حسن صحيح.
وعليه فالروايات الدالة على الاستحباب تكون موافقة مع المتون الفقهية المسلمة للعامة.
قال الأستاذ في جواب المستشكل:
ان أهل النظر متفقون على عدم انعقاد أصالة الجد في هذا روايات والكلام انما هو على هذا المبنى المسلم بل إن المحقق العراقي يسقط بأقل من هذا المقدار وهذا النائيني وغيره.
كما أنها توافق الروايات المقبولة عندهم فلم ينعقد أصالة الجد في هذا روايات أولا أقل من الشك فيه وبما أن مبنى أصالة الجد هو بناء العقلاء وهو دليل لبى فيشكل انعقاده، هذا على فرض التنزل إذ لا يصل الدور إلى الشك لكن قد يقال في جواب الشيخ الأستاذ ان أصالة الجد أصل عقلائي موضوعه الشك وموافقة العامة موجبة لانقداح الشك فإذا شك في صدور الروايات بداعي الجد أو بداع آخر مثل التقية فأصالة الجد محكمة.
المرحلة الثانية: ثم لو وصل الدور إلى التعارض فالحق هو سقوط جميع الروايات الدالة على الاستحباب بمناط صحيحة قطب الدين الراوندي من لزوم طرح الروايات الموافقة لهم ولقد استقصينا فرأينا ان جميع الروايات الدالة على الاستحباب موافقة لمتون العامة فنأخذ بما خالف العامة بمقتضى ما ورد من الروايات في باب التعادل والترجيح.
94

القائلون باستحباب صوم يوم عاشوراء:
أن السيد الخوئي بعد أن ضعف سند الروايات المنع وادعى أنها غير نقية السند و

إشكالان: الأول: ان اجماع السلف على الاستحباب لا يجتمع مع القول بالحرمة.
الثاني: حتى وان قلنا: إن الخروج عن مخالفة الاجماع يكفي فيه موافقة فقيه واحد، وهو هنا متحقق البحراني صاحب الحدائق من القول بالحرمة ولكن مع ذلك لا يخلو عن الاشكال.
والجواب: ان هذا الاجماع اجتهادي ولا يكون مستنده شئ خارج عن هذه الروايات والشاهد عليه ان
الشيخ وغيره أفتى استنادا إلى الجمع بين الروايات الآمرة بالصوم والروايات الناهية عنه. فالاجماع هنا قطعي المدرك أو لا أقل: انه محتمل المدرك فلا يكون حينئذ كاشفا عن رأي المعصوم أو عن دليل معتبر زائد على ما أوردناه من الروايات بحيث يوجب تبدل الرأي. والشاهد على دفع الأشكال هو ان المتأخرين عن العلامة أيضا استدلوا على المطلب بهذه النصوص وبهذا الجمع. وعليه: لا نخشى من مخالفة هذا الاجماع نعم يشكل الاعتماد على مجرد مخالفة فقيه واحد وهو صاحب الحدايق في مخالفة الاجماع لكنا عثرنا على كلام صاحب المدارك. وهو مؤيد قوى وهو الذي لا يعتمد الا على الخبر الصحيح حتى أنه مخالف لجده الشهيد الثاني الذي هو مدقق في رجال السند ومع ذلك يقول: ينبغي العمل برواية ابن سنان لصحة سنده. فيرتفع الاستيحاش ويكون الأقوى حرمة صوم يوم عاشوراء ولكن نظرا إلى الطريقة التي عندنا في الاحتياط في الفتوى بالنسبة إلى ترك صوم يوم عاشوراء من حيث عدم المخالفة العملية للمشهور فنحتاط ونقول: الأحوط وجوبا هو الترك ولكن من حيث النظرية العملية: الأقوى هو الحرمة ومن حيث الفتوى الأحوط وجوبا التعامل معه معاملة حرمة الصوم (تقرير درس الأستاذ الوحيد الخراساني يوم الأحد 18 / 3 / 73. الموافق 27 / ذي القعدة / 1414).
ثم بعد الإشارة إلى قول الحدائق والمجلسي يظهر النظر والتأمل في كلام المحقق القمي حيث نفى القائل بالحرمة الا على وجه التبرك قال: ومع ذلك فلم يظهر قول بالحرمة من أحدنا الا على وجه التيمن والتبرك باليوم كما يتيمن به الأعداء (غنائم الأيام 6: 78.) اما المطلقات: انما تؤثر فيما لو لم يتعارض ولم يقدم مثل رواية ابن سنان حينئذ تؤثر الروايات العامة والمطلقات والا فالاطلاقات تقيد بروايات المنع. ثم إن رواية الزهري الدالة على التخيير تكون ضمن مجموعة الروايات الموافقة للعامة أضف إلى ضعف السند فيها. وهكذا الروايات الواردة في فضل يوم
عاشوراء فقد ثبت ردها برواية ميثم تمار...
95

رأى أن صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم لا تتضمن نهيا بل غايته ان صومه صار
متروكا ومنسوخا ولعله كان واجبا سابقا ثم أبدل بشهر رمضان فلا تدل على نفى
الاستحباب عنه بوجه فضلا عن الجواز، قال: اما نفس الصوم في هذا اليوم اما قضاء
أو ندبا ولا سيما حزنا فلا ينبغي التأمل في جوازه من غير كراهة فضلا عن الحرمة.
وقال قبل ذلك: واما الروايات المتضمنة للامر واستحباب الصوم في هذا اليوم
فكثيرة مثل صحيحة القداح... وموثقة مسعدة بن صدقة... ونحوها غيرها وهو
مساعد للاعتبار نظرا إلى المواساة مع أهل البيت الوحي وما لا قوه في هذا اليوم
العصيب من جوع وعطش وسائر الآلام والمصائب العظام التي هي أعظم مما تدركه
الافهام والأوهام. فالأقوى استحباب الصوم في هذا اليوم من حيث هو... نعم لا
اشكال في حرمة صوم هذا اليوم بعنوان التيمن والتبرك والفرح والسرور كما يفعله
أجلاف آل زياد والطغاة من بني أمية من غير حاجة إلى ورود نص ابدا بل هو من
أعظم المحرمات فإنه ينبئ عن خبث فاعله وخلل في مذهبه ودينه وهو الذي أشير
إليه في بعض النصوص المتقدمة... ويكون من الأشياع والاتباع الذين هم مورد
اللعن في زيارة عاشوراء وهذا واضح لا سترة عليه بل هو خارج عن محل
الكلام. (1)
أورد الأستاذ عليه فيما أورد:
ان تصريحه في أجود التقريرات بمداومة الأئمة (عليهم السلام) على الترك وأمرهم أصحابهم
به (2) ينافي ما تبناه من الاستحباب.
ويرد عليه رحمه الله: ان القول بالاستحباب ينافي أيضا قوله بالكراهة في حاشية
العروة وهكذا في رسالته العملية.

1 - مستند العروة الوثقى 2: 305.
2 - أجود التقريرات 1: 364.
96

أقول: لعله رجع عن هذا الرأي وهذا لا يعد اشكالا...
ولعل هذا القول يفهم من كلام الشيخ الصدوق أيضا، قال: اما الصوم الذي
صاحبه فيه بالخيار فصوم يوم الجمعة ويوم عاشوراء كل ذلك صاحبه فيه بالخيار ان
شاء صام وان شاء أفطر. (1)
استحباب الصيام على وجه الحزن:
1 - الشيخ المفيد: واما الذي صاحبه فيه بالخيار فصوم يوم عاشوراء على وجه
الامساك فيه لمصيبة آل محمد (عليهم السلام). (2)
أقول: لم يفهم منه الاستحباب.
2 - الطوسي: اما المندوب:... وصوم يوم عاشوراء على وجه الحزن والمصيبة لما
حل بأهل بيت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. (3)
3 - وقال أيضا: اما المسنون فجميع أيام السنة الا الأيام التي يحرم فيها الصوم
غير أن فيها ما هو أشد تأكيدا وهي عشر قسما وصوم يوم عاشوراء على وجه
الحزن والمصيبة. (4)
4 - وقال أيضا في الجمع بين الاخبار المتعارضة: فالوجه في هذه الأحاديث ان
من صام يوم عاشوراء على طريق الحزن بمصاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والجزع لما حل بعترته فقد أصاب ومن صامه على ما يعتقد فيه مخالفونا من الفضل في صومه و
التبرك به والاعتقاد لبركته وسعادته فقد أثم وأخطأ. (5)

1 - الهداية: 303. دار المحجة البيضاء.
2 - المقنعة: 367.
3 - الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد: 293. نشر جامع چهل ستون طهران.
4 - الرسائل العشر: 218. نشر جماعة المدرسين.
5 - التهذيب 4: 302. الاستبصار 2: 135.
97

5 - ابن البراج: واما المندوب فهو ضربان أحدهما مشدد فيه على وجه
التأكيد... اما المشدد فيه فهو... صوم يوم عاشوراء على وجه الحزن بمصاب أهل
البيت عليهم السلام. (1)
6 - ابن زهرة: اما الصوم المندوب... وصوم عاشوراء على وجه الحزن. (2)
7 - الصهرشتي قال في الصوم المندوب: وعاشر المحرم للحزن والمصيبة. (3)
8 - ابن إدريس: يستحب... وصوم يوم عاشوراء على وجه الحزن بمصاب آل
الرسول عليهم السلام. (4)
9 - يحيى بن سعيد: الصوم المسنون:... ويوم عاشوراء على وجه الحزن وروي
الفطر فيه بعد العصر. (5)
10 - المحقق الحلي: والندب من الصوم قد يختص وقتا والمؤكد منه أربعة عشر
قسما... وصوم عاشوراء على وجه الحزن. (6)
11 - وقال أيضا: يستحب من الصوم... وعاشوراء حزنا. (7)
12 - وقال أيضا: والصوم الذي يكون صاحبه فيه بالخيار فيوم الجمعة و
الخميس و... يوم عاشوراء. (8)
أقول: لعله مقتبس أو إشارة إلى رواية الزهري عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) و
التي ضعفها المجلسي في المرآة. (9)

1 - المهذب 1: 188.
2 - الغنية: 148.
3 - إشارة السبق: 121.
4 - السرائر 1: 419.
5 - الجامع للشرايع: 162.
6 - شرائع الاسلام 1: 238.
7 - الرسائل التسع: 353. نشر مكتبة النجفي. قم.
8 - النهاية ونكتها 1: 414.
9 - مرآة العقول 16: 246.
98

وفسر والده المجلسي الأول هذه الفقرة بقوله: اي يجوز له الافطار بعد الشروع
فيه أو لا يجب صومه. (1)
13 - العلامة الحلي: وصوم يوم عاشوراء مستحب حزنا لا تبركا لأنه يوم
جرت فيه أعظم المصاب وهو قتل الحسين بن علي (عليهما السلام) وهتك حريمه فكان الحزن بترك الأكل والملال به واحتمال الأذى متعينا. ولما رواه سعد بن صدقة... وعن
أبي همام... وعن أبي عبد الله بن ميمون القداح وقد روى الجمهور عن ابن عباس...
وقد وردت أحاديث في كراهته محمولة على ما قلناه من الصوم للتبرك. ومن صام
على ما يعتقد فيه مخالفونا من الفضل في صومه والتبرك به والاعتقاد لبركته و
سعادته فقد أثم وأخطأ. (2)
14 - وقال في الارشاد: الصوم أربعة واجب... ومندوب وهو عاشوراء
حزنا. (3)
15 - المحقق محمد باقر السبزواري: واختلف الروايات في صوم يوم عاشوراء؛
فبعضها تدل على الاستحباب وانه كفارة سنة وبعضها تدل على المنع وان من
صامه كان حظه من ذلك اليوم حظ ابن مرجانة وآل زياد وهو النار، والشيخ في
الاستبصار جمع بين الاخبار بان من صام يوم عاشوراء على طريق الحزن بمصاب آل
محمد صلى الله عليه وآله وسلم والجزع لما حل بعترته صلى الله عليه وآله وسلم فقد أصاب...
وهو غير بعيد وفي بعض الروايات وليكن إفطارك بعد العصر على شربة من
ماء. (4)
16 - الشيخ محمد حسن النجفي: اما الندب من الصوم... والمؤكد منه أربعة

1 - روضة المتقين 4: 230.
2 - منتهى المطلب 2: 611.
3 - إرشاد الأذهان 1: 300.
4 - الكفاية الاحكام: 50.
99

عشر قسما:... الثامن: بلا خلاف أجده فيه بل في ظاهر الغنية الاجماع عليه - صوم
يوم عاشوراء - لخبر أبى همام عن أبي الحسن وخبر عبد الله بن ميمون القداح عن
جعفر عن أبيه وخبر مسعدة بن صدقة عن الصادق عليه السلام وخبر كثير النوا عن
الباقر عليه السلام لكن قيده المصنف وجماعة بان يكون على وجه الحزن لمصائب سيد
شباب أهل الجنة وما جرى عليه في ذلك اليوم. مما ينبغي لوليه ان يمنع نفسه عن
الطعام والشراب طول عمره فضلا عن ذلك اليوم لا ان يكون على جهة التبرك و
الشكر كما يصنعه بنو أمية واتباعهم... وبذلك جمع الشيخان وغير هما بين ما سمعت و
بين النصوص المتضمنة للنهي عن صومه.
هذا مع أنه مناف لظاهر اتفاق الأصحاب ومعلومية حصر الحرمة في غيره
لكن فيه: إن أقصى ما يستفاد من هذه النصوص الكراهة خصوصا بعد جمعه مع
الاثنين ومع يوم عرفه كمعلومية ان المذموم والمنهي عنه اتخاذه كما يتخذه المخالفون
والتبرك فيه واظهار الفرح والسرور فيه لا ان المنهى عنه مطلق صومه وانه كالعيد
وأيام التشريق وإلا لم يكن ليخفى مثل ذلك على زرارة ومحمد بن مسلم حتى يسألا
عنه ضرورة حينئذ كونه كصوم العيدين.
نعم، قد يقال بنفي التأكيد عنه لمشاركته في الصورة لأعداء الله وان اختلفت
النية، بل لعل ذلك انما يكون إذا لم يتمكن من افطاره ولو للتقية فينوي فيه الوجه
المزبور لا مطلقا خصوصا مع ملاحظة خبر عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام... و
خصوصا بعد ما روي عن ميثم التمار... مما يدل على كذب ما ذكروا وقوعه فيه من
خروج يونس. وبه يظهر ضعف خبر كثير النواء الذي روى ذلك مضافا إلى ما قيل
فيه من أنه بتري عامي قد تبرأ الصادق (عليه السلام) منه في الدنيا والآخرة.
وعلى كل حال فلا ريب في جواز صومه سيما على الوجه الذي ذكره الأصحاب.
وما في المسالك من أن مرادهم بصومه على جهة الحزن: الامساك إلى العصر كما في
100

الخبر المزبور واضح الضعف بل يمكن القطع بفساده بأدنى ملاحظة والله أعلم. (1)
أقول: مراد المحقق النجفي هو ان تفسير الشهيد الثاني كلام الأصحاب وانهم
أرادوا بالصوم خصوص الامساك إلى العصر لا الصوم الاصطلاحي تفسير بعيد عن
الواقع. إذ ظهور بل صراحة كلامهم يأبى عن هذا التوجيه والتفسير نعم لا ننكر وجود
جمع غفير من فقهائنا صرحوا بان المراد بالصوم هو الامساك إلى العصر ويأتي قريبا
أقوالهم ولكن هذا لا يعنى ارجاع جميع الكلمات إلى هذا التفسير.
كلمات القائلين باستحباب الامساك إلى العصر:
1 - قال الشهيد الثاني في شرح قول المحقق " والندب من الصوم... وصوم
عاشوراء على وجه الحزن. " قال: أشار بقوله على وجه الحزن إلى أن صومه ليس
صوما معتبرا شرعا بل هو إمساك بدون نية الصوم لان صومه متروك كما وردت به
الرواية وينبه على ذلك قول الصادق (عليه السلام): صمه من غير تبييت وأفطره من غير تشميت وليكن فطرك بعد العصر، فهو عبارة عن ترك المفطرات اشتغالا عنها بالحزن
والمصيبة وينبغي ان يكون الامساك المذكور بالنية لأنه عبادة. (2)
2 - قال المحقق الكركي في شرح قول العلامة في القواعد: " وعاشوراء حزنا "
قال: اي صومه ليس صوما معتبرا شرعا بل هو الامساك بدون نية الصوم لان
صومه متروك كما وردت به الرواية فيستحب الامساك فيها إلى بعد العصر حزنا و
صومه شعار بني أمية لعنهم الله سرورا بقتل الحسين (عليه السلام). (3)

1 - جواهر الكلام 17: 89 - 109.
2 - مسالك الأفهام 2: 78. أورد في المدارك على الشهيد بقوله: ذكر الشارح ان معنى الصوم على وجه الحزن: ان الصوم إلى العصر بغير نية الصوم كما تضمنته الرواية وهو مع بعده في نفسه مخالف لما نص عليه المصنف في المعتبر وغيره 6: 268.
3 - جامع المقاصد 3: 86.
101

3 - العلامة الحلي: يستحب صوم يوم عاشوراء حزنا لا تبركا لأنه يوم قتل أحد
سيدي شباب أهل الجنة الحسين بن علي صلوات الله عليه وهتك حريمه وجرت
فيه أعظم المصائب على أهل البيت (عليهم السلام) فينبغي الحزن فيه بتبرك الأكل والملاذ.
وإذا عرفت هذا فإنه ينبغي أن لا يتم صوم ذلك اليوم بل يفطر بعد العصر لما
روى عن الصادق عليه السلام: ان صومه متروك بنزول شهر رمضان والمتروك بدعة. (1)
4 - وقال أيضا: ويستحب صوم العشر بأسره فإذا كان اليوم العاشر أمسك
عن الطعام والشراب إلى بعد العصر ثم يتناول شيئا من التربة. (2)
5 - الشهيد الأول: وفي صوم عاشوراء حزنا كله أو إلى العصر أو تركه روايات
و روى صمه من غير تبييت وأفطره من غير تشميت ويفهم منه استحباب ترك
المفطرات لا على أنه صوم حقيقي وهو حسن. (3)
6 - وقال أيضا:... يستحب صوم العشر فإذا كان يوم العاشر أفطر بعد العصر
من غير أن ينوي الصوم بل ينوي فيه الامساك خاصة. (4)
7 - وقال الأردبيلي:... ولا يبعد استحباب محض الامتناع عن الأكل والشرب
كسائر المشتهيات لا صومه سواء أفطر بعد العصر ليخرج عن الصوم ظاهرا كما هو
المشهور المعمول أم لا ويمكن حمل مثل المتن على ما قلناه من الاستحباب كما هو
الظاهر وعلى ما بعده أيضا فتأمل... (5)
8 - الشيخ البهائي: في بيان الصوم المستحب... الثالث عشر صوم يوم عاشوراء
وهو اليوم العاشر من المحرم إلى وقت العصر، ثم يفطر على الماء أو تربة كربلاء بنية

1 - تذكرة الفقهاء 6: 192.
2 - تحرير الأحكام 1: 84.
3 - الدروس الشرعية 1: 282.
4 - غاية المراد 1: 329.
5 - مجمع الفائدة 5: 188.
102

الشفاء بشرط عدم الزيادة عن قدر الحمصة. (1)
9 - السبزواري: والعمل بمضمون هذه الرواية متجه - اي رواية بن سنان عن
الصادق - وكأنه المقصود كما قاله بعض الأصحاب الا انه خلاف ما صرح به جماعة
منهم. (2)
10 - الفيض الكاشاني: أقول: بل الأولى ترك صيامه على كل حال لان
الترغيب في صيامه موافق للعامة مسند إلى آبائهم (عليهم السلام) كذا -، وهذا من امارات
التقية فينبغي ترك العمل به، ولأن صيامه متروك بصيام شهر رمضان والمتروك
بدعة...
ولو حمل ترغيب صيام هذا اليوم على الامساك عن المفطرات عامة النهار من
دون اتمامه إلى الليل على وجه الحزن كما ورد به بعض الاخبار لكان حسنا وهو ما
رواه صاحب التهذيبين في مصباح المتهجد عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام
انه سأله عنه فقال: صمه من غير تبييت... (3)
11 - وقال في المفاتيح: ومن المستحب صوم التأديب وهو الامساك عن
المفطرات في بعض النهار تشبها بصائمين وهو ثابت بالنص والاجماع في سبعة
مواطن: المسافر إذا قدم أهله... والا ظهر أن صوم يوم عاشوراء من هذا القبيل لقول
الصادق (عليه السلام) صمه من غير تبييت وأفطره من غير تشميت...
وينبغي العمل على هذا الحديث لاعتبار سنده. (4)
12 - وقال أيضا: يستحب يوم عاشوراء تحزنا إلى ما بعد العصر. (5)

1 - جامع العباسي: 106. ترجمناه من الفارسية.
2 - الكفاية: 520.
3 - الوافي 11: 76.
4 - مفاتيح الشرائع 1: 284. أورده الشيخ عباس القمي في بداية الهداية 1: 242.
5 - النخبة الفيضية: 144. مركز الطباعة والنشر لمنظمة الاعلام. انظر أدوار فقه: 163.
103

13 - الحر العاملي: يحرم صوم التاسع والعاشر من المحرم بقصد التبرك لا
الحزن. (1)
14 - المجلسي: واما صوم يوم عاشوراء فقد اختلفت الروايات فيه وجمع الشيخ
بينها بان من صام يوم عاشوراء على طريق الحزن بمصائب آل محمد عليهم السلام فقد
أصاب...
والأظهر عندي: ان الأخبار الواردة بفضل صومه محمولة على التقية وانما
المستحب الامساك على وجه الحزن إلى العصر لا الصوم كما رواه الشيخ في المصباح
عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: صمه من غير تبييت، وبالجملة الأحوط ترك صيامه مطلقا. (2)
15 - كاشف الغطاء: وورد في صوم تاسوعا وعاشوراء ان صومها يعدل سنة
والأولى أن لا يصوم العاشر الا إلى ما بعد صلاة العصر بساعة وينبغي له الافطار
حينئذ على شربة من ماء. (3)
16 - قال الطعان:... ان ما جنح إليه المشهور منهدم الأركان متداعى البنيان و
اما ما استدل به لهم من نفى الخلاف ومنقول الاجماع والاخبار فهو من الضعف
بمكان، اما الأولان فلما لا يخفى على من رقى ذرى العرفان من شيوع الخلاف في سائر
الأزمان على وجه ينتفى فيه مناط الحجية الذي هو الكشف عن قول المعصوم سيد
البرية.
واما الاخبار فالجواب عنها: اما اجمالا فلمعارضتها بما هو أقوى عمدا وأكثر
عددا وأصح سندا وابعد عن مذاهب أهل الخلاف أمدا وقد تكثرت الاخبار عن
الأئمة الأطهار في بيان ميزان الترجيح والمعيار بإطراح ما وافق أولئك الأشرار

1 - بداية الهداية 1: 238.
2 - مرآة العقول 16: 361.
3 - كشف الغطاء: 323.
104

معللا في كثير منها، ان الرشد في خلاف أولئك الفجار، وحيث قد وافقت هذه
الأخبار مذهبهم سقطت عن درجه الاعتبار... (1)
وقال الطعان بعد نقل كلام المسالك:
" الا انه بعيد غاية ومناف لقواعدهم نهاية لما تقرر عندهم من أن أسماء
العبادات حيث تطلق في لسان المتشرعة انما تحمل على المعاني الشرعية دون المعاني
اللغوية ولشيوع الخلاف قديما وحديثا بين علماء الإمامية فلو صح هذا الوجه لا
تنفي الخلاف من رأس وانهدم من الأساس نعم يمكن حمل الصيام في كلمات النبي
والأئمة الاعلام على هذا المعنى المذكور في تلك الرواية الصحيحة الحسنى اما على
القول بعدم ثبوت الحقائق الشرعية فظاهر لكل ذي روية واما على القول بثبوتها
فلأن الحمل على المعاني الثانوية المنقولة الشرعية مشروط بعدم وجود القرينة المعينة
للمعاني الأصلية اللغوية، والقرينة هنا موجودة وهي وإن لم تكن داخلية مقالية
لكنها خارجية حالية وهي النهى عن الصوم الشرعي في تلك الأخبار القوية و
تبيين كيفية الصوم الذي هو وظيفة ذلك اليوم في هاتين الروايتين الدالتين على
المطلوب بالصراحة الجلية. (2)
17 - الطباطبائي: وصوم يوم عاشوراء حزنا بمصاب آل محمد عليهم السلام بلا خلاف
أجده بل عليه الاجماع في الغنية.
قالوا: جمعا بين ما ورد في الامر بصومه وانه كفارة سنة وما ورد ان من صامه
كان حظه من ذلك حظ آل زياد وابن مرجانة عليهم اللعنة.
ولا شاهد على هذا الجمع من رواية بل في جملة من الأخبار المانعة ما يشيد
خلافه.

1 - الرسالة العاشورائية: 279.
2 - الرسالة العاشورائية (ضمن الرسائل الأحمدية) 290.
105

لكنها كغيرها غير نقية الأسانيد شاذة فلا يمكن ان يثبت بها تحريم ولا كراهة
ولا يخصص بها العمومات باستحباب الصوم بقول مطلق وانه جنة.
ويكفي في الاستحباب بالخصوص فتوى الأصحاب معتضدة باجماع الغنية و
لكن في النفس بعد منه شئ سيما مع احتمال تفسير الصوم على وجه الحزن بما ذكره
جماعة من استحباب الامساك عن المفطرات إلى العصر كما في النص وينبغي ان
يكون العمل عليه. (1)
18 - النراقي: منها صوم يوم عاشوراء فإنه قال باستحبابه جمع من الأصحاب
على وجه الحزن والمصيبة بل قيل لا خلاف فيه أجده... ولا يخفى انه لا دلالة في
شئ من اخبار الطرفين على المذكور " التقييد بكونه حزنا " ولا شاهد على ذلك
الجمع من وجه... بل مقتضى الطريقة طرح الاخبار الأولى بالكلية لمرجوحيتها
بموافقة أخبث طوائف العامة موافقة قطعية والاخبار بها مصرحة ولذلك جعل في
الوافي الأولى تركه.
وقال بعض مشايخنا فيه بالحرمة وهو في غايته الجودة بمعنى حرمته لأجل
الخصوصية وإن لم يحرم من جهة مطلق الصوم.
ولا يضر ضعف اسناد بعض تلك الأخبار بعد وجودها في الكتب المعتبرة مع
أن فيها الصحيحة.
ولا يرد ما قيل من أنها مخالفة للشهرة بل لم يقل به أحد من الطائفة ومع ذلك
مع اخبار استحباب مطلق الصوم لمعارضة، لان جميع ذلك انما يرد لو قلنا بالتحريم
بالمرة لا بقصد الخصوصية ولأجل انه السنة واما معه فلا نسلم المخالفة للشهرة ول
لا تعارضها اخبار مطلق الصوم.
فالحق حرمة صومه من هذه الجهة فإنه بدعة عند آل محمد عليهم السلام متروكة، ولو

1 - الشرح الصغير 1: 292. ومثله في الرياض 5: 461.
106

صامه من حيث رجحان مطلق الصوم لم يكن بدعة وان ثبتت له المرجوحية
الإضافية.
والأولى العمل برواية المصباح المتقدمة واما ما في رواية النواء من ذكر بعض
فضائل يوم عاشوراء فيعارضه ما في رواية أخرى في مجالس الصدوق في تكذيب
تلك الرواية.... (1)
19 - المحقق القمي: " لا اشكال في أن صوم عاشوراء من جهة اليمن والتبرك به
حرام بل قد ينتهي إلى الكفر والاخبار مستفيضة بان من فعله كذلك فهو في سلك
آل زياد.
وكذلك لا اشكال في استحباب الامساك عن الأكل والشرب وحزنا على
مصائب آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين.
انما الاشكال في استحباب الصوم لا بقصد التيمن أو عدمه بل المستحب
الامساك إلى العصر ثم الافطار بشربة من ماء.
فالذي يظهر من المحقق في الشرائع هو استحباب الصوم الواقعي على سبيل
الحزن كما فهمه صاحب المدارك... ولعل ذلك بالنظر إلى فتواهم باستحباب صومه
حزنا على مصائب آل محمد (عليهم السلام) وهو مشكل إذ قد عرفت الاشكال في أن المراد من
هذه العبادة: هل هو الصوم الواقعي أو الامساك إلى العصر؟... واما حكاية صوم
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيمكن دفعه باحتمال نسخه... واما ما يدل على الامساك حزنا إلى العصر فهو ما رواه الشيخ في المصباح... والظاهر أنه الصحيح. (2)
20 - وقال أيضا: ويبقى الاشكال في ترجيح الصوم الشرعي على وجه التحرز
أو الامساك إلى العصر والظاهر أن كليهما مرضيان لكن الثاني أرجح ولذلك لم

1 - مستند الشيعة 10: 487.
2 - غنائم الأيام 6: 78 - 79.
107

يذكر الكليني في جوازه رواية أصلا، واقتصر على اختيار المنع وكذلك كثير من
الفقهاء، ومع ذلك فلم يظهر قول بالحرمة من أحد إلا على وجه التيمن والتبرك
باليوم كما يتيمن به الأعداء.
فالذي هو محرم هو صومه بقصد التيمن والذي هو مندوب صومه من جهة انه
يوم من أيام الله تعالى ومن حيث إنه صوم أو من حيث إنه هذا اليوم بقصد التحزن
وترك اللذة فيه والذي هو مكروه صومه لأنه عاشوراء لا لأجل التبرك والتيمن
ولا لأجل التحزن لأنه تشبه بالادعياء وأعداء آل محمد عليهم السلام. (1)
21 - وقال العاملي:... وهنا فوائد: الأولى: روى الشيخ في المصباح عن
الصادق عليه السلام صمه من غير تبييت وأفطره من غير تشميت ولا تجعله يوم صوم
كملا، وليكن إفطارك بعد العصر بساعة على شربة من ماء...
وينبغي العمل بمضمون هذه الرواية لاعتبار سندها الا ان الامساك على هذا
الوجه لا يسمى صوما. (2)
22 - الشيخ الوالد: اما الكلام في الصوم المندوب... ومنها صوم يوم عاشوراء
مقتل سيدنا المظلوم الشهيد على وجه الحزن كذا قيده جملة من الأصحاب كأنهم
جعلوا ذلك وجه الجمع بين الأخبار الواردة فيه أمرا ونهيا.
قلت: وهذه الرواية - رواية عبد الملك - تصير شاهد الجمع وانه إذا صام على
وجه الحزن لا بأس به ولكن من غير تبييت وأفطر بعد العصر.
ويؤيده بل يدل على ذلك ما رواه الشيخ في المصباح عن عبد الله بن سنان
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: دخلت عليه يوم عاشوراء فألفيته كاسف اللون...
والانصاف ان هذه الرواية هي التي يلوح منها آثار الصدق وينبغي الركون و

1 - غنائم الأيام 6: 78 - 79.
2 - المدارك 6: 268.
108

السناد والاعتماد عليها فيه، والله العالم. (1)
أقول: لكنه علق على كلام أستاذه الامام الأصبهاني في بحث الصوم المندوب
قائلا: أول يوم من المحرم وثالثه وسابعه بل الشهر المحرم كله يستحب صومه. (2)
لكن لعل مقصوده غير يوم عاشوراء من الشهر إذ عرفت أن رأيه هو
استحباب الامساك إلى العصر.
فرع: ما هو حكم صوم النذر المعين أو غير المعين في يوم عاشوراء أو اتيان
الصوم بسبب تضيق الوقت للقضاء؟
لقد أشار إليه القمي فقال: إذا وجب صومه بسبب كقضاء رمضان سيما إذا تضيق
وقته فلا كراهة بل قد يحرم تركه وكذلك النذر المطلق والنذر المعين من غير جهة
انه عاشوراء كنذر الخميس إذا وقع فيه. واما النذر المعين من جهة فهو موقوف على
رجحانه ويشكل فيما لو نذر صوم محرم بتمامه غفلة عن حال يوم العاشوراء.
والظاهر انعقاد النذر ووجوب الاتيان به إذ ليس ذلك نذرا لخصوصية اليوم
حتى يكون مرجوحا بل لأنه يوم من أيام الله ولازم ذلك أنه إذا تفحص الانسان
حاله وجزم بان التبرك والتيمن ليس في نظره أصلا ولا يختلج بخاطره قطعا و
صام من حيث إنه يوم من أيام السنة لا من حيث إن هذا اليوم الخاص فلا يكون
صومه مرجوحا بالنسبة إلى افطاره فالذي هو محرم هو صومه بقصد التيمن والذي
هو مندوب صومه من جهة انه يوم من أيام الله ومن حيث إنه صوم أو من حيث
إنه هذا اليوم بقصد التحزن وترك اللذة فيه والذي هو مكروه صومه لأنه عاشوراء
لا لأجل التبرك والتيمن ولا لأجل التحزن لأنه تشبه بالأدعياء وأعداء آل
محمد. (3)

1 - ذخيرة الصالحين المجلد الثالث: 111 / كتاب الصوم.
2 - وسيلة النجاة: 175.
3 - غنائم الأيام 6: 80.
109

أقول هذا على عدم فرض الحرمة والا فيختلف الامر إذ قد يقال بعدم انعقاد
النذر حينئذ.
كلمات القائلين بالكراهة:
الكراهة بمعنى قلة الثواب كما هو مبنى السيد اليزدي أو بمعنى الملازمة لأمر
مرجوح أو المزاحمة لأمر أرجح منه كما هو مبنى السيد الحكيم أو غير ذلك.
والظاهر من الطباطبائي في الرياض عدم القائل بالكراهة من فقهائنا - أو
شذوذه - هذا ولكن الظاهر من المعاصرين ومن قبلهم هو الكراهة ويظهر ذلك من
عدم تعليقهم على كلام السيد اليزدي في العروة الوثقى عندما أفتى بالكراهة.
بل علق بعضهم على هذا الكلام: وليس منه - اي من الصوم المكروه - صرف
الامساك فيه حزنا إلى العصر.
1 - قال اليزدي: واما المكروه منه: بمعنى قلة الثواب ففي مواضع أيضا منها صوم
عاشورا. (1)
2 - وهذا الكتاب محشي بحواشي ثلة من فقهاء العصر كالسيد الحكيم والخوئي
و الشاهرودي والگلپايگاني والخميني والأراكي. (2)
ومع ذلك لم يعلق أحد منهم على كلام السيد اليزدي إلا الشاهرودي (قدس سرهم) حيث
قال: وليس منه صرف الامساك فيه حزنا إلى العصر.
اذن رأيهم مطابقة للمتن في العروة الوثقى وهو القول بالكراهة.
3 - قال السبزواري: اما المكروه منه بمعنى قلة الثواب أو سائر ما قيل في توجيه
العبادات المكروهة كالمزاحمة بما هو أفضل منه نحوها... صوم عاشوراء، لقول
أبى جعفر عليه السلام: أ فصوم يكون في ذلك اليوم؟ كلا ورب البيت الحرام ما هو يوم صوم،

1 - العروة الوثقى: 376. دار الكتب الاسلامية - طهران.
2 - العروة الوثقى 2: 71. نشر دار التفسير.
3 -
110

وما هو الا يوم حزن دخلت على أهل السماء والأرض، وما ورد في فضل صومه اما
محمول على الامساك حزنا إلى العصر لا بقصد الصوم المعهود أو على التقية. (1)
4 - السيد المرعشي النجفي: يكره صوم يوم عاشوراء. (2)
آراء فقهاء السنة:
لا حاجة إلى الاستقراء والتتبع في كلماتهم وعرضها بالتفصيل إذ من المسلم
المؤكد عندهم هو تبنى رأى استحباب صوم عاشوراء وانه مجمع عليه عندهم رغم
ثبوت كراهة ذلك عند بعض الصحابة كابن مسعود وابن عمر ورغم نقلهم ان
الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم كان يكثر من صوم شعبان دون محرم وهذا ينافي دعواهم
ان الفضل في شهر محرم وعاشوراء وفيما يلي بعض الآراء:
1 - الشوكاني: " كان ابن عمر يكره قصده بالصوم ". (3)
2 - البيهقي: " وكان عبد الله لا يصومه الا ان يوافق صومه ". (4)
3 - زين الدين الحنفي: " وقد روى عن ابن مسعود وابن عمر ما يدل على أن
أصل استحباب صيامه زال ". (5)
4 - النووي: " اتفق أصحابنا وغيرهم على استحباب صوم عاشوراء و
تاسوعا ". (6)
5 - ابن قدامة: " وصيام عاشوراء كفارة سنة وجملته ان صيام هذين

1 - مهذب الاحكام 10: 349.
2 - رسالة توضيح المسائل: 274 / الرقم 1756.
3 - نيل الأوطار 4: 243.
4 - السنن الكبرى 4: 480.
5 - لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف: 102.
6 - المجموع 6: 383.
111

اليومين مستحب ". (1)
6 - ابن حزم: " مسألة ونستحب صوم يوم عاشوراء وهو التاسع من المحرم و
ان صام العاشر بعده فحسن واستدل على ذلك بحديث أبى قتادة.... وحديث الحكم
بن الأعرج عن ابن عباس وحديث عطاء عنه ". (2)
7 - الشوكاني: " اما صيام شهر محرم فلحديث أبي هريرة عند احمد ومسلم و
أهل السنن انه سئل اي الصيام بعد رمضان أفضل؟ فقال: شهر الله المحرم وأكده يوم
عاشوراء... ". (3)
وقال أيضا نقل ابن عبد البر الاجماع على أنه مستحب وكان ابن عمر يكره
قصده بالصوم ". (4)
8 - ابن حجر: " يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر المحرم وينبغي ان يصوم
يوما قبله أو يوما بعده مخالفة لليهود ". (5)
9 - الصنعاني: " اما صوم يوم عاشوراء وهو العاشر من شهر المحرم عند
الجماهير فإنه قد كان واجبا قبل فرض رمضان ثم صار بعده مستحبا ". (6)
10 - الجزيري: " الصوم المندوب منه صوم شهر المحرم وأفضله يوم التاسع و
العاشر منه والحنفية يقولون ان صومها سنة لا مندوب وقد عرفت أن الشافعية و
الحنابلة يوافقون على هذه التسمية إذ لا فرق عندهم بين السنة والمندوب اما
المالكية فلا يوافقون للفرق عندهم بين المندوب والسنة كما هو عند الحنفية ". (7)

1 - المغنى 3: 174.
2 - المحلى 7: 17. انظر التهذيب 3: 191.
3 - الدراري المضيئة 2: 27.
4 - نيل الأوطار 4: 243.
5 - بلوغ المرام: 268.
6 - سبل السلام 2: 167.
7 - الفقه على المذاهب الأربعة 1: 556. انظر التاج 2: 90.
112

الباب الرابع: أكاذيب ومواقف
أ - الأكاذيب في التوسعة والاكتحال
ب - موقف اهل البيت عليهم السلام من الأكاذيب
ج - كيف يجتمع النسئ مع صوم عاشوراء
د - اصرار على الغلط
ه‍ - عاشوراء عيد الأمويين
و - معاوية يعلن عاشوراء يوم عيد
ز - الوظائف يوم عاشوراء
113

الأكاذيب في التوسعة والاكتحال في عاشوراء:
لقد افتعلوا أحاديث ونسبوها زورا إلى الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في فضل عاشوراء مفادها: فضل التوسعة على العيال في ذلك اليوم والاكتحال والإدهان والتطيب فيه و
التزين..!! وهي كما ستعرف روايات ضعيفة الاسناد غريبة المتون وقد صرح
علماء العامة بأنها من مفتعلات جهلة أهل السنة وأنها من وضع الكذابين كما عن
العيني وان فيها من الكذب ما يقشعر له الجلد كما عن ابن الجوزي وأنها من وضع
قتلة الحسين - بني أمية لعنهم الله - كما عن الحاكم وغيره وهذه التصريحات وال
اعترافات الخطيرة تغنينا عن البحث في اسناد هذه الأباطيل فنكتفي في المقام ببعض
تلك الموضوعات ثم بيان موقف علماء السنة منها:
1 - الشوكاني: من وسع على عياله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنة.
رواه الطبراني عن انس مرفوعا وفي اسناده الهيصم بن شداخ مجهول.
ورواه العقيلي؛ عن أبي هريرة وقال: سليمان بن أبي عبد الله مجهول والحديث
غير محفوظ.
وقال في اللئالي: قال الحافظ أبو الفضل العراقي في أماليه: قد ورد من حديث
أبي هريرة من طرق: صحح بعضها أبو الفضل ابن ناصر وتعقبه ابن الجوزي في
الموضوعات وابن تيمية في فتوى له فحكما بوضع الحديث من تلك الطريق قال: و
115

الحق ما قالاه. (1)
اي ان الحديث موضوع. أقول: أورد الهيثمي حديثين بهذا المضمون في أحدهما
محمد بن إسماعيل الجعفري قال فيه أبو حاتم: منكر الحديث.
والثاني: عن ابن الشداخ وهو ضعيف جدا. (2)
تصريح لابن الجوزي:
قال: تمذهب قوم من الجهال بمذهب أهل السنة فقصدوا غيظ الرافضة (3)
فوضعوا أحاديث في فضل عاشوراء ونحن براء من الفريقين وقد صح ان
رسول الله امر بصوم عاشوراء إذ قال: " إنه كفارة سنة "، فلم يقنعوا بذلك حتى

1 - الفوائد المجموعة للشوكاني: 100.
2 - مجمع الزوائد 3: 189.
3 - بل غيظ أهل بيت الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بل غيظ فاطمة الزهراء (عليها السلام). وعدائهم لآل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واضح، وحقدهم بين، واليك نموذجا من حقد السلطنة المحلية الحاكمة آنذاك وعملائهم وأذنابهم وأسيادهم الأجلاف:
قال هشام الكلبي: " انى أدركت بنى أود وهم يعلمون أبنائهم وحرمهم سب علي ومنهم رجل دخل على الحجاج فكلمه بكلام فأغلظ عليه الحجاج في الجواب، فقال: لا تقل هذا أيها الأمير فما لقريش ولا لثقيف منقبة يعتدون بها الا ونحن نعتد بمثلها قال: وما مناقبكم؟ قال: ما ينقص عثمان ولا يذكر بسوء في نادينا قط، قال: هذه منقبة قال: ولا رؤي منا خارجي قط قال: منقبة. قال: وما شهد منا مع أبي تراب مشاهده الا رجل فأسقطه ذلك عندنا قال: منقبة قال: وما أراد رجل منا قط ان يتزوج امرأة الا سأل عنها: هل تحب أبا تراب أو تذكره بخير؟ فان قيل: أنها تفعل ذلك اجتنبها قال: منقبة. قال: ولا ولد فينا ذكر فسمى عليا ولا حسنا ولا حسينا ولا ولدت فينا جارية فسميت فاطمة. قال: منقبة. قال: ونذرت امرأة منا ان قتل الحسين ان تنحر عشر جزور فلما قتل وفت بنذرها، قال: منقبة. قال: ودعى رجل منا إلى البراءة من علي ولعنه، فقال: نعم وأزيدكم حسنا وحسينا. قال منقبة والله (الغارات 2: 843.) اذن من يكون هذا رأيه في الحسين عليه السلام لا يتورع في جعل أحاديث وبهذا الحجم من الأكاذيب تغطية لجرائم الشجرة الملعونة.
116

أطالوا وأعرضوا وترقوا في الكذب. (1)
أقول يرد عليه:
أولا قد عرفت أن حديث: " كفارة سنة " مما لم يثبت صحته عندهم ولم يورده
البخاري وقالوا: لا يعرف سماع معبد من أبى قتادة وأورده ابن عدي في الضعفاء.
ثانيا: ثبوت الامر بالصوم لا يلازم الاستمرارية وعدم النسخ فلذا كان يكرهه
من هو ذو مكانة عندهم كابن عمر.
2 - وعنه أيضا: ان الله افترض على بني إسرائيل صوم يوم في السنة وهو يوم
عاشوراء وهو اليوم العاشر من المحرم فصوموه ووسعوا على أهليكم فإنه اليوم
الذي تاب الله فيه على آدم.
قال الشوكاني: رواه ابن ناصر عن أبي هريرة مرفوعا وساق في اللئالي
مطولا: وفيه من الكذب على الله وعلى رسوله ما يقشعر له الجلد فلعن الله الكذابين
وهو موضوع بلا شك. (2)
3 - عبد الرزاق، عن ابن جريج عن رجل عن عكرمة قال: هو يوم تاب الله
على آدم يوم عاشوراء. (3)
أقول: وفيه أولا انه مرسل لأنه عن رجل.
ثانيا: وفيه عكرمة:
فعن ابن سيرين ويحيى بن سعيد الأنصاري: انه كذاب وعن ابن أبي ذئب انه
غير ثقة. وعن محمد بن سعد: وليس يحتج بحديثه ويتكلم الناس فيه وعن علي بن
عبد الله بن عباس: ان هذا الخبيث - اي عكرمة - يكذب على أبي.

1 - الموضوعات 2: 200.
2 - الفوائد المجموعة: 100.
3 - مصنف عبد الرزاق 4: 291 / ح 7852.
117

وقد تجنبه مسلم وروى له قليلا مقرونا بغيره. (1)
4 - القاري: من اكتحل بالأثمد يوم عاشوراء لم يرمد ابدا.
رواه الحاكم عن ابن عباس مرفوعا وفي اسناده جويبر قال الحاكم: انا أبرأ
إلى الله من عهدة جويبر، وقال في اللئالي: أخرجه البيهقي في الشعب وقال: اسناده
ضعيف بمرة.
ورواه ابن النجار في تاريخه من حديث أبي هريرة وفي اسناده إسماعيل بن
معمر بن قيس.
قال في الميزان: ليس بثقة. (2)
قال القاري: وأحاديث الاكتحال والإدهان والتطيب فمن وضع الكذابين.
أقول: أورد الزيلعي طرقها وفندها سيما وان في إحدى الطرق: رواية الضحاك
عن ابن عباس وهو لم يلق ابن عباس ولا رآه. (3)
5 - ابن الجوزي:... فمن الأحاديث التي وضعوا:... عن الأعرج عن أبي هريرة
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ان الله عز وجل افترض على بني إسرائيل صوم يوم في السنة يوم عاشوراء وهو اليوم العاشر من المحرم فصوموه (4) ووسعوا على أهليكم
فإنه من وسع على أهله من ماله يوم عاشوراء وسع عليه سائر سنته فصوموه فإنه
اليوم الذي تاب الله فيه على آدم عليه السلام وهو اليوم الذي رفع الله فيه إدريس عليه السلام مكانا عليا وهو اليوم الذي نجى فيه إبراهيم عليه السلام من النار وهو اليوم الذي اخرج فيه
نوحا عليه السلام من السفينة وهو اليوم الذي انزل الله فيه التوراة على موسى عليه السلام وفدى الله

1 - ميزان الاعتدال 3: 93. الضعفاء 5: 266.
2 - انظر ميزان الاعتدال 1: 251.
3 - نصب الراية 2: 455.
4 - ان ابن تيمية يقبح اعمال بني أمية ويحكم بوضع حديث صوم عاشوراء انظر كتاب " اقتضاء الصراط المستقيم " نشر مكتبة الرياض الحديثة.
118

إسماعيل عليه السلام من الذبح وهو اليوم الذي اخرج الله يوسف من السجن وهو
اليوم الذي رد الله على يعقوب عليه السلام بصره وهو اليوم الذي كشف الله فيه عن
أيوب عليه السلام البلاء وهو اليوم الذي اخرج الله فيه يونس عليه السلام من بطن الحوت. وهو اليوم الذي فلق الله فيه البحر لبني إسرائيل وهو اليوم الذي غفر الله لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم ذنبه ما تقدم وما تأخر وفي هذا اليوم عبر موسى عليه السلام البحر وفي هذا اليوم انزل الله تعالى التوبة على قوم يونس عليه السلام فمن صام هذا اليوم كانت له كفارة أربعين سنة.
وأول يوم خلق الله من الدنيا يوم عاشوراء.... وأول مطر نزل من السماء يوم
عاشوراء وأول رحمة نزلت يوم عاشوراء فمن صام يوم عاشوراء فكأنما صام
الدهر كله وهو صوم الأنبياء... ومن أحيا ليلة عاشوراء فكأنما عبد الله تعالى مثل
عبادة أهل السماوات السبع ومن صلى أربع ركعات يقرأ في كل ركعة الحمد مرة
وخمس مرات قل هو الله أحد غفر الله خمسين عاما ماض، وخمسين عاما مستقبل وبنى
له في الملأ الأعلى الف الف منبر من نور ومن سقى شربة من ماء فكأنما لم يعص الله
طرفة عين. (1) ومن أشبع أهل بيت مساكين يوم عاشوراء مر على الصراط كالبرق
الخاطف ومن تصدق بصدقة يوم عاشوراء فكأنما لم يرد سائلا قط ومن اغتسل
يوم عاشوراء لم يمرض مرضا إلا مرض الموت ومن اكتحل يوم عاشوراء لم ترمد
عينه تلك السنة كلها ومن امر يده على رأس يتيم فكأنما بر يتامى ولد آدم كلهم. (2)
ومن صام يوم عاشوراء أعطى ثواب الف حاج ومعتمر ومن صام يوم
عاشوراء أعطى ثواب الف شهيد ومن صام يوم عاشوراء كتب له أجر سبع
سماوات وفيه خلق الله السماوات والأرضين والجبال والبحار وخلق العرش يوم
عاشوراء... وخلق القلم يوم عاشوراء وخلق اللوح يوم عاشوراء وخلق

1 - أورد الحائري مضمون " من سقى الماء ليلة عاشوراء عند قبره كان كمن سقى عسكر الحسين. ": 206 عن دستور المذكرين.
2 - الموضوعات 2: 200.
119

جبرئيل عليه السلام يوم عاشوراء ورفع عيسى عليه السلام يوم عاشوراء وأعطى سليمان عليه السلام الملك يوم عاشوراء، ويوم القيامة يوم عاشوراء ومن عاد مريضا يوم عاشوراء، فكأنما
عاد مرضى ولد آدم كلهم. (1)
قال ابن الجوزي: هذا حديث لا يشك عاقل في وضعه ولقد أبدع من وضعه و
كشف القناع ولم يستحيى واتى فيه المستحيل وهو قوله: وأول يوم خلق الله يوم
عاشوراء وهذا تغفيل من واضعه لأنه انما يسمى يوم عاشوراء إذا سبقه تسعة.
وقال فيه: خلق السماوات والأرض والجبال يوم عاشوراء.
وفي الحديث الصحيح: ان الله تعالى خلق التربة يوم السبت وخلق الجبال يوم
الأحد.
وفيه من التحريف في مقادير الثواب الذي لا يليق بمحاسن الشريعة... وما أظنه
إلا دس في أحاديث الثقات وكان مع الذي رواه نوع تغفل ولا أحسب ذلك الا في
المتأخرين. وان كان يحيى بن معين قد قال في ابن أبي الزناد: ليس بشئ ولا يحتج
بحديثه واسم أبى الزناد: عبد الله بن ذكوان واسم ابنه عبد الرحمن كان ابن مهدي
لا يحدث عنه.
وقال احمد: هو مضطرب الحديث وقال أبو حاتم الرازي: لا يحتج به فلعل
بعض أهل الهوى قد أدخله في حديثه. (2)
تصريح للقاضي عبد النبي:
... ولم تثبت هذه الأعمال من الأحاديث الصحيحة فان الأحاديث المنقولة
موضوعات... واعلم أن الفقهاء والعباد يلتزمون الصلاة والأدعية في هذا اليوم
ويذكرون فيها الأحاديث ولم يثبت شئ منها أهل الحديث غير الصوم و

1 - الموضوعات 2: 200.
2 - الموضوعات 2: 202.
120

توسيع الطعام...
أقول: وقد مر الكلام في أحاديث التوسعة على العيال والصيام في عاشوراء.
الهيثمي: روى الطبراني: وفي رجب حمل الله نوحا عليه السلام في السفينة فجرت بهم
السفينة سبعة أشهر، آخر ذلك يوم عاشوراء. قال الهيثمي: فيه عبد الغفور: وهو
متروك. (1)
3 - ابن الجوزي:... حدثنا حبيب بن أبي حبيب عن إبراهيم الصائغ عن
ميمون بن مهران عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من صام يوم عاشوراء كتب الله له عبادة ستين سنة بصيامها وقيامها ومن صام يوم عاشوراء أعطى ثواب
عشرة آلاف ملك ومن صام يوم عاشوراء أعطى ثواب الف حاج ومعتمر ومن
صام يوم عاشوراء أعطى ثواب عشرة آلاف شهيد ومن صام يوم عاشوراء كتب
الله له اجر سبع سماوات.
ومن أفطر عنده مؤمن في يوم عاشوراء فكأنما أفطر عنده جميع أمة محمد ومن
أشبع جائعا في يوم عاشوراء فكأنما أطعم جميع فقراء أمة محمد وأشبع بطونهم ومن
مسح على رأس يتيم رفعت له بكل شعر على رأسه في الجنة درجة.
قال: فقال عمر: يا رسول الله لقد فضلنا الله عز وجل بيوم عاشورا؟ قال: نعم
خلق الله عز وجل يوم عاشوراء والأرض كمثله وخلق الجبال يوم عاشوراء و
النجوم كمثله وخلق القلم يوم عاشوراء واللوح كمثله وخلق جبرئيل يوم
عاشورا وملائكته يوم عاشورا وخلق آدم يوم عاشورا وولد إبراهيم يوم
عاشوراء ونجاه الله من النار يوم عاشوراء ورفع إدريس يوم عاشوراء وولد في
يوم عاشوراء وتاب الله على آدم في يوم عاشوراء وغفر ذنب داود في يوم
عاشوراء وأعطى الله الملك لسليمان يوم عاشوراء وولد النبي في يوم عاشوراء.. و

1 - مجمع الزوائد 3: 188.
121

استوى الرب عز وجل على العرش يوم عاشوراء ويوم القيامة يوم عاشوراء. (1)
1 - قال ابن الجوزي: هذا حديث موضوع بلا شك وقال أحمد بن حنبل: كان
حبيب بن أبي حبيب يكذب وقال ابن عدي: كان يضع الحديث وفي الرواة من
يدخل بين حبيب وبين إبراهيم إبله.
قال أبو حاتم أبو حبان: هذا حديث باطل لا أصل له قال: وكان حبيب من أهل
مرو يضع الحديث على الثقاة لا يحل كتب حديثه الا على سبيل القدح فيه. (2)
أقول: وعن أبي داود: كان من أكذب الناس وعن الرازي والأزدي: متروك
الحديث وعن ابن عدي: أحاديثه كلها موضوعة، عن مالك وغيره وذكر له عدة
أحاديث ثم قال: وهذه الأحاديث مع غيرها مما روى حبيب عن هشام بن سعد
كلها موضوعة وعامة حديث حبيب موضوع المتن مقلوب الاسناد ولا يحتشم
في وضع الحديث على الثقات وأمره بين في الكذب. (3)
2 - وقال القاري: ومنها - اي من الموضوعات - الاكتحال يوم عاشوراء و
التزين والتوسعة والصلاة فيه وغير ذلك من فضائل لا يصح منها شئ ولا
حديث واحد ولا يثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه شئ غير أحاديث صيامه (4) وما عداها فباطل وأمثل ما فيها حديث: " ومن وسع على عياله يوم عاشوراء وسع الله
عليه سائر سنته " قال الإمام أحمد ل: لا يصح هذا الحديث وفيه أيضا: من
اكتحل... رواه البيهقي عن ابن عباس... (5)
قال: من وسع على عياله في يوم عاشوراء، قال الزركشي: لا يثبت انما هو من

1 و 2 - الموضوعات 2: 202.
3 - تهذيب الكمال 4: 116. الكامل في الضعفاء 2: 412. والحديث هذا الذي شانه وانه أشبه شئ بالأساطير مع ذلك نرى ان البعض من العامة يورده في كتابه ويرسله إرسال المسلمات من دون اي نقد وتحقيق. كما ارتكبه في حاشية الجمل على شرح المنهج 2: 347.
4 - وقد مر الكلام في هذه الأحاديث بالتفصيل فراجع.
5 - الاسرار المرفوعة: 345 - 320 - 402. انظر تهذيب التهذيب 2: 159.
122

كلام محمد بن المنتشر (1)
وقال: من صام يوم عاشورا كتب الله له عبادة ستين سنة فهذا باطل يرويه
حبيب بن أبي حبيب عن إبراهيم الصانع عن ميمون بن مهران عن ابن عباس. و
حبيب هذا غير حبيب - اي مرغوب عنه - وليس بجيد كان يضع الأحاديث. (2)
3 - وقال زين الدين الحنفي: اما التوسعة فيه على العيال... قد روي من وجوه
متعددة لا يصح فيها شئ... وممن قال ذلك: محمد بن عبد الله بن عبد الحكم وقال
العقيلي: هو غير محفوظ. وقد روى عن عمر من قوله، وفي اسناده مجهول لا
يعرف. (3)
4 - وقال العيني: ما ورد في صلاة ليلة عاشوراء ويوم عاشوراء وفي فضل
الكحل يوم عاشوراء لا يصح ومن ذلك من اكتحل بالأثمد وهو حديث موضوع
وضعه قتلة الحسين. وقال احمد: والاكتحال يوم عاشوراء لم يرو عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيه اثر، وهو بدعة. (4)
5 - قال الشيخ يوسف القرضاوي:
رأينا رعايا أكثر بلاد المسلمين يحتفلون بيوم عاشوراء يذبحون الذباح و
يعتبرونه عيدا أو موسما يوسعون فيه على الأهل والعيال اعتمادا على حديث ضعيف
بل موضوع في رأى ابن تيمية وغيره وهو الحديث المشهور على الألسنة: " من
أوسع على عياله وأهله يوم عاشوراء أوسع الله عليه سائر سنته ".
قال المنذري: رواه البيهقي وغيره من طرق عن جماعة من الصحابة وقال
البيهقي: هذه الأسانيد وان كانت ضعيفة فهي إذا ضم بعضها إلى بعض اخذت قوة.
قال القرضاوي: وفي هذا القبول نظر وقد جزم ابن الجوزي وابن تيمية في

1 و 2 - المصدر.
3 - لطائف المعارف: 113.
4 - عمدة القاري 11: 118.
123

منهاج السنة وغيرهما ان الحديث موضوع. وحاول الطبراني وغيره الدفاع عنه و
اثبات حسنه لغيره! وكثير من المتأخرين يعز عليهم ان يحكموا بالوضع على حديث،
والذي يترجح لي ان الحديث مما وضعه بعض الجهال من أهل السنة في الرد على
مبالغات الشيعة في جعل يوم عاشوراء يوم حزن وحداد فجعله هؤلاء يوم اكتحال و
اغتسال وتوسعة على العيال. (1)
موقف أهل البيت (عليهم السلام):
لقد عارض الأئمة (عليهم السلام) هذه المؤامرة الأموية الخبيثة وتخطيطها الشيطاني بشأن
اعلان يوم عاشوراء عيدا فتصدوا لهذا التيار الظالم والبدعة القبيحة بكل ما لديهم من
طاقة.
فتراهم يعلنون بملء الفم بترك السعي للحوائج يوم عاشوراء والاضراب عن
العمل وجعل هذا اليوم يوم حزن وبكاء وتقبيح من يعده يوم بركة والدعاء عليه
بحشره يوم القيامة مع المبتدعين لهذه البدعة الشيطانية وهم بنو أمية وأذنابهم،
فالأوامر الصادرة من الأئمة بشأن الحداد في يوم عاشوراء من البكاء وامر أعضاء
الأسرة بالبكاء والتلاقي بالبكاء... أوامر مؤكدة يضمن الامام لمنفذها الجنة فالأئمة
يشجبون مزاعم البركة في ادخار قوت السنة في يوم عاشوراء خلافا لما يذيعه و
يشيعه الأمويون حيث يرون البركة في شراء قوت السنة، فالأئمة (عليهم السلام) يكشفون
الستار عن مؤامرة الشجرة الملعونة ووعاظهم في جعل يوم شهادة الحسين (عليه السلام) يوم
عيد وبركة لدفن القضية وصرف الأذهان عن الفاجعة الكبرى بشأن سيد شباب
أهل الجنة رجاء ان يعدل الرأي العام من الاستنكار والشجب إلى الاستعداد للعيد و

1 - كيف نتعامل مع السنة النبوية (معالم وضوابط): 825. منشور في السنة النبوية ومنهجنا في بناء المعرفة والحضارة: 2 / 1992 - عمان المجمع الملكي لبحوث الحاضرة الاسلامية - مؤسسة آل البيت (مآب) عمان الأردن.
124

التبرك به والعدول عن البكاء والحداد والحزن إلى الفرح والسرور سود الله
وجوههم - بني أمية - كما اسودت قلوبهم:
1 - ابن طاووس: وروينا باسنادنا إلى مولانا علي بن موسى الرضا (عليه السلام) أنه قال:
من ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراء قضى الله له حوائج الدنيا والآخرة ومن
كان يوم عاشوراء يوم مصيبته وحزنه وبكائه جعل الله يوم القيامة يوم فرحه و
سروره وقرت بنا في الجنة عينه ومن سمى يوم عاشوراء يوم بركة وادخر لمنزله
فيه شيئا لم يبارك له فيما ادخرها وحشر يوم القيامة مع يزيد وعبيد الله بن زياد وعمر
بن سعد لعنهم الله في أسفل درك من النار. (1)
2 - الطوسي: محمد بن الحسن في المصباح عن محمد بن إسماعيل عن صالح بن
عقبة عن أبيه عن علقمة عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث زيارة الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء من قرب وبعد قال: ثم ليندب الحسين ويبكيه ويأمر من في داره ممن لا
يتقيه بالبكاء عليه ويقيم في داره المصيبة باظهار الجزع عليه وليعز بعضهم بعضا
بمصابهم بالحسين (عليه السلام) وانا ضامن لهم إذا فعلوا ذلك على الله عز وجل جميع ذلك يعنى ثواب ألفي حجة وألفي عمرة وألفي غزوة.
قلت: أنت الضامن لهم ذلك والزعيم؟
قال: انا الضامن والزعيم لمن فعل ذلك.
قلت: وكيف يعزى بعضنا بعضا؟
قال يقولون: أعظم الله أجورنا وأجوركم بمصابنا بالحسين (عليه السلام) وجعلنا وإياكم
من الطالبين بثأره مع وليه الامام المهدي من آل محمد وان استطعت أن لا تنتشر
يومك في حاجة فافعل فإنه يوم نحس لا تقضى فيه حاجة مؤمن وان قضيت لم
يبارك له فيها ولم ير فيها رشدا ولا يدخرن أحدكم لمنزله فيه شيئا فمن ادخر في

1 - الاقبال 3: 82. عنه البحار 95: 344 و 44: 284 رواه في عيون أخبار الرضا 2: 299. أمالي الصدوق: 112. الوسائل 14: 504 / ب 66 / ح 7.
125

ذلك اليوم شيئا لم يبارك له فيما ادخر ولم يبارك له في أهله فإذا فعلوا ذلك كتب الله
لهم ثواب الف حجة والف عمرة والف غزوة كلها مع رسول الله صلى الله عليه آله وسلم وكان له اجر وثواب كل نبي ورسول ووصى وصديق وشهيد مات أو قتل منذ خلق الله الدنيا
إلى أن تقوم الساعة. (1)
الصدوق: حدثنا الحسين بن إدريس قال حدثنا أبي عن محمد بن الحسين بن
أبي الخطاب عن نصر بن مزاحم عن عمرو بن سعيد عن أرطأة بن حبيب عن
فضيل الرسان.
3 - الصدوق عن جبلة المكية، قالت: سمعت ميثم التمار قدس الله روحه يقول:
والله لتقتل هذه الأمة ابن نبيها في ا لمحرم لعشر يمضين منه وليتخذن أعداء الله ذلك
اليوم يوم بركة وان ذلك لكائن قد سبق في علم الله تعالى ذكره. اعلم ذلك بعهد
عهده إلى مولاي أمير المؤمنين (عليه السلام) ولقد أخبرني انه يبكى عليه كل شئ حتى
الوحوش في الفلوات والحيتان في البحر والطير في السماء ويبكي عليه الشمس
والقمر والنجوم والسماء والأرض ومؤمنو الإنس والجن وجميع ملائكة السماوات و
الأرضين ورضوان ومالك وحملة العرش وتمطر السماء دما ورمادا ثم قال:
وجبت لعنه الله على قتلة الحسين كما وجبت على المشركين الذين يجعلون مع الله إلها
آخر وكما وجبت على اليهود والنصارى والمجوس.
قالت: جبلة: فقلت له: يا ميثم! فكيف يتخذ الناس ذلك اليوم الذي قتل فيه
الحسين يوم بركة؟
فبكى ميثم رضي الله عنه ثم قال: يزعمون لحديث يضعونه انه اليوم الذي تاب الله فيه على
آدم وانما تاب الله على آدم في ذي الحجة ويزعمون أنه اليوم الذي قبل الله فيه توبة
داود وانما قبل الله عز وجل توبته في ذي الحجة ويزعمون انه اليوم الذي اخرج الله

1 - المصباح المتهجد: 713. عنه الوسائل 14: 509 / ب 66: ح 20.
126

فيه يونس من بطن الحوت وانما اخرج الله عز وجل يونس من بطن الحوت في
ذي الحجة ويزعمون انه اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح على الجودي وانما
استوت على الجودي في يوم الثامن عشر من ذي الحجة ويزعمون انه اليوم الذي
فلق الله عز وجل فيه البحر لبني إسرائيل وانما كان ذلك في ربيع الأول ثم قال ميثم:
يا جبلة اعلمي ان الحسين بن علي سيد الشهداء يوم القيامة ولأصحابه على سائر
الشهداء درجة.
يا جبلة: إذا نظرت السماء (1) حمراء كأنها دم فاعلمي ان سيد الشهداء الحسين عليه السلام
قتل.
قالت جبلة: فخرجت ذات يوم فرأيت الشمس على الحيطان كأنها الملاحف
المعصفرة فصحت حينئذ وبكيت وقلت: قد والله قتل سيدنا الحسين بن علي (عليه السلام) (2)
4 - من دعاء في قنوت صلاة علم به الإمام الصادق عبد الله بن سنان يقرأه
يوم عاشوراء اللهم وأهلك من جعل قتل أهل بيت نبيك عيدا واستهل فرحا و
سرورا وخذ آخرهم بما اخذت به أولهم اللهم أضعف البلاء والعذاب والتنكيل
على الظالمين من الأولين والآخرين وعلى ظالمي آل بيت نبيك (صلى الله عليه وآله وسلم)
وزدهم نكالا ولعنة وأهلك شيعتهم وقادتهم وجماعتهم. (3)
5 - عن زرارة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام يا زرارة ان السماء بكت على الحسين
أربعين صباحا بالدم وان الأرض بكت أربعين صباحا بالسواد وان الشمس بكت
أربعين صباحا بالكسوف والحمرة وان الجبال تقطعت وانتثرت وان البحار
تفجرت وان الملائكة بكت أربعين صباحا على الحسين وما اختضبت منا امرأة و

1 - وفي البحار 45: 202: إلى الشمس.
2 - علل الشرائع 1: 227 / ب 162 / ح 3. أمالي الصدوق المجلس 27 - الرقم 1 - بحار الأنوار 45: 203. الوافي 11: 76. سفينة البحار 6: 270.
3 - الاقبال 3: 68.
127

لا ادهنت ولا اكتحلت ولا رجلت حتى أتانا رأس عبيد الله ابن زياد لعنة الله وما زلنا
في عبرة بعده... (1)
6 - الصدوق: حدثنا محمد بن علي بن بشار القزويني رضي الله عنه قال: حدثنا أبو الفرج المظفر بن أحمد القزويني قال: حدثنا محمد بن جعفر الكوفي الأسدي قال: حدثنا
سهل بن زياد الآدمي قال: حدثنا سليمان بن عبد الله الخزاز الكوفي قال: حدثنا
عبد الله بن الفضل الهاشمي قال: قلت لأبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): يا بن رسول الله كيف صار يوم عاشوراء يوم مصيبة وغم وجزع وبكاء دون اليوم الذي قبض رسول الله واليوم الذي ماتت فيه فاطمة (عليها السلام) واليوم الذي قتل فيه أمير المؤمنين (عليه السلام) واليوم الذي قتل فيه الحسن بالسم؟
فقال: ان يوم الحسين (عليه السلام) أعظم مصيبة من جميع سائر الأيام وذلك أن أصحاب
الكساء الذي كانوا أكرم الخلق على الله تعالى كانوا خمسة فلما مضى عنهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقي أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) فكان فيهم للناس عزاء وسلوة فلما مضت فاطمة (عليها السلام) كان في أمير المؤمنين (عليه السلام) والحسن (عليه السلام) والحسين (عليه السلام) عزاء وسلوه فلما مضى منهم أمير المؤمنين (عليه السلام) كان للناس في الحسن (عليه السلام) والحسين (عليه السلام) عزاء وسلوة فلما مضى الحسن (عليه السلام) كان للناس في الحسين (عليه السلام) عزاء وسلوة فلما قتل الحسين (عليه السلام) لم يكن بقي من أهل لكساء أحد للناس فيه بعده عزاء وسلوة فكان ذهابه كذهاب جميعهم كما كان بقاؤه كبقاء جميعهم فلذلك صار يومه أعظم مصيبة.
قال عبد الله بن الفضل الهاشمي: فقلت له يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم لم يكن
للناس في علي بن الحسين عزا وسلوة مثل ما كان لهم في آبائه (عليهم السلام)؟
فقال: بلى ان علي بن الحسين كان سيد العابدين (عليه السلام) واماما وحجة على
الخلق بعد آبائه الماضين ولكنه لم يلق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يسمع منه وكان علمه

3 - بحار الأنوار 45: 207.
128

وراثة عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) قد شاهدهم الناس مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أحوال في أن يتوالى فكانوا متى نظروا إلى أحد منهم تذكروا حاله مع رسول الله وقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) له وفيه فلما مضوا فقد الناس مشاهدة الأكرمين على الله عز وجل ولم يكن في أحد منهم فقد جميعهم الا في فقد الحسين عليه السلام لأنه مضى آخرهم فلذلك صار يومه أعظم الأيام
مصيبة.
قال عبد الله بن الفضل الهاشمي: فقلت له يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فكيف سمت العامة يوم عاشوراء يوم بركة؟ فبكى ثم قال: لما قتل الحسين (عليه السلام) تقرب الناس
بالشام إلى يزيد فوضعوا له الاخبار واخذوا عليه الجوائز من الأموال فكان مما وضعوا له امر هذا اليوم وانه يوم بركة ليعدل الناس فيه من الجزع والبكاء والمصيبة والحزن إلى الفرح والسرور والتبرك والاستعداد فيه حكم الله بيننا وبينهم. (1)
أقول: ولهذه الرواية امارات وشواهد على الصدق أعم من القرائن الخارجية و
الداخلية، كقوة المتن فلا مجال لردها بجهالة عبد الله بن الفضل الهاشمي وان النمازي
قال: انه ظفر على مدحه وجلالته (2) معتمدا على حديث عن الصادق (عليه السلام) قائلا له: ولو شئت لأريتك اسمك في صحيفتنا قال: وجدت في أسفلها اسمى (3) لكن فيه تأمل
من حيث إنه لا يمكن الاستدلال على وثاقة شخص برواية نفسه عن الامام إذ
يستلزم الدور الواضح بل قد يثير سوء الظن به كما قاله الامام الخميني رحمة الله:
إذا كان ناقل الوثاقة هو نفس الراوي فان ذلك يثير سوء الظن به حيث قام بنقل
مدائحه وفضائله في الملأ الاسلامي. (4)

1 - علل الشرائع 1: 227 / ب 162. عنه البحار 44: 269.
2 - المستدركات في علم رجال الحديث 5: 70.
3 - الاختصاص: 216.
4 - كليات في علم الرجال: 152.
129

وعن السيد الخوئي: لا يمكن اثبات وثاقة شخص برواية نفسه، (1) هذا ولكن
التستري اعتمد على هذه الرواية أيضا في اثبات جلالته، حيث قال:
ثم يشهد لاتحاده وجلاله رواية الاختصاص... أضف إلى ذلك أن التستري يراه
متحدا مع عبد الله بن الفضل بن عبد الله بن نوفل النوفلي - الذي هو ثقة -. (2)
واستظهر ذلك أيضا الحائري. (3)
كيف يجتمع النسئ مع صوم عاشوراء:
ان الجاهلية كانت تؤخر المحرم إلى صفر تارة يجعلون صفرا مع ذي القعدة محرما
تحرجا من توالي ثلاثة أشهر محرمة. ولا يهمنا ان المنادي - بذلك كما يأتي - من هو؟
هل هم قوم من بنى فقيم أو من بنى كنانة رجل منهم يقال له نعيم بن ثعلبة، بل المهم
هو انه " لم يتحقق توافق بين اسم الشهر ونفسه الا في كل اثنتي عشرة سنة مرة ان
كان التأخير على نظام محفوظ وذلك على نحو الدوران. (4)
وان كان بمعنى انساء حرمة المحرم إلى صفر ثم إعادتها مكانها في العام المقبل كما
هو المعروف والمشهور في تفسير النسئ فيكون المعنى ان صفر هو المحرم عندهم، و
ان الصوم في العاشر من صفر كان هو المتداول عند الجاهلية، وعليه كيف يجتمع مع
دعوى أن قريش كانت تصوم يوم عاشورا والنبي صلى الله عليه وآله وسلم أيضا كان يصومه؟
معنى النسئ:
قال الطباطبائي: ثم انهم - اي العرب - ربما كانوا يتحرجون من القعود

1 - معجم رجال الحديث 3: 316. في ترجمه بشر بن سليمان.
2 - القاموس 6: 550.
3 - منتهى المقال 4: 216. انظر تنقيح المقال 2: 202.
4 - تفسير الميزان 9: 288.
130

عن الحروب والغارات ثلاثة أشهر متواليات فسألوا بعض بنى كنانة ان يحل لهم ثالث
الشهور الثلاثة، فقام فيهم بعض أيام الحج بمنى وأحل لهم المحرم ونسأ حرمته إلى
صفر، فذهبوا لوجههم عامهم ذلك يقاتلون العدو، ثم رد الحرمة إلى مكانه في قابل،
وهذا هو النسئ.
وأضاف الطباطبائي قائلا: وكان يسمى المحرم صفر الأول، وصفر صفر الثاني،
فلما أقر الاسلام الحرمة لصفر الأول عبروا عنه بشهر الله المحرم، ثم لما كثر الاستعمال
خفف وقيل: المحرم واختص اسم صفر بصفر الثاني، فالمحرم من الألفاظ الاسلامية،
كما ذكره السيوطي في المزهر. (1)
أقول: وعليه فلم يتحقق موضوع لمحرم بالمعنى الاسلامي في الجاهلية، وإن
صومهم في الجاهلية عاشوراء من المحرم لم يكن بالمعنى المعروف المشهور عندنا.
معنى آخر للنسئ:
أخرج عبد الرزاق... عن مجاهد في قوله: انما النسئ زيادة في الكفر، قال:
فرض الله الحج في ذي الحجة، وكان المشركون يسمون الأشهر ذا الحجة والمحرم و
صفر وربيع وربيع وجمادى وجمادى وشعبان ورمضان وشوال وذو القعدة و
ذو الحجة، ثم يحجون فيه، ثم يسكتون عن المحرم فلا يذكرونه، ثم يعودون فيسمون
صفر صفر، ثم يسمون رجب جمادى الآخرة، ثم يسمون شعبان رمضان ورمضان
شوال، ويسمون ذا القعدة شوال، ثم يسمون ذا الحجة ذا القعدة، ثم يسمون المحرم
ذا الحجة، ثم يحجون فيه واسمه عندهم ذو الحجة.
ثم عادوا إلى مثل هذه القصة فكانوا يحجون في كل شهر عاما حتى وافق حجة
أبى بكر الآخرة من العام في ذي القعدة، ثم حج النبي حجته التي حج فيها فوافق

1 - تفسير الميزان 9: 287.
131

ذو الحجة فذلك حين يقول في خطبته: ا ن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله
السماوات والأرض.
قال الطباطبائي: ومحصله على ما فيه من التشويش والاضطراب ان العرب
كانت قبل الاسلام تحج البيت في ذي الحجة غير أنهم أرادوا ان يحجوا كل عام في
شهر فكانوا يدورون بالحج الشهور شهرا بعد شهر وكل شهر وصلت إليه النوبة
عامهم ذلك سموه ذا الحجة وسكتوا عن اسمه الأصلي، ولازم ذلك أن يتألف كل سنة
فيها حجة من ثلاثة عشر شهرا، وان يتكرر اسم بعض الشهور مرتين أو أزيد كما
يشعر به الرواية، ولذا ذكر الطبري ان العرب كانت تجعل السنة ثلاثة عشر شهرا، و
في رواية: اثني عشر شهرا وخمسة وعشرين يوما، ولازم ذلك أيضا ان تغيير أسماء
الشهور كلها وان لا يواطئ اسم الشهر نفس الشهر الا في كل اثنتي عشرة سنة مرة
إن كان التأخير على نظام محفوظ، وذلك على نحو الدوران. ومثل هذا لا يقال له
الإنساء والتأخير، فان اخذ السنة ثلاثة عشر شهرا وتسمية آخرها ذا الحجة تغيير
لأصل التركيب لا تأخير لبعض الشهور بحسب الحقيقة.
فالحق ان النسئ هو ما تقدم انهم كانوا يتحرجون من توالى شهور ثلاثة محرمة
فينسؤن حرمة المحرم إلى صفر ثم يعيدونها مكانها في العام المقبل... (1)
إصرار على الغلط:
قال المحدث القمي: ومما لا ينقضي منه العجب كلام الشيخ عبد القادر الجيلاني في
محكى كتابه غنية الطالبين ولا بأس بذكره، قال: وقد طعن قوم على صيام هذا اليوم
العظيم وما ورد فيه من التعظيم وزعموا أنه لا يجوز صيامه لأجل قتل ا لحسين بن
علي (عليهما السلام) فيه وقالوا: ينبغي ان تكون المصيبة فيه عامة على جميع الناس لفقده وأنتم

1 - الميزان في تفسير القرآن 9: 288.
132

تأخذونه يوم فرح وسرور، وتأمرون فيه بالتوسعة على العيال والنفقة الكثيرة و
الصدقة على الضعفاء والمساكين، وليس هذا من حق الحسين على جماعة المسلمين.
وهذا القائل خاطئ ومذهبه قبيح فاسد، لأن الله اختار لسبط نبيه الشهادة في أشرف
الأيام وأعظمها وأجلها وأرفعها عنده ليزيده بذلك رفعة في درجاته وكرامة مضافة
إلى كراماته ويبلغه منازل الخلفاء الراشدين الشهداء بالشهادة، ولو جاز أن يتخذ يوم
موته مصيبة لكان يوم الاثنين أولى بذلك إذ قبض الله فيه نبيه... (1)
وقد اتفق الناس على شرف يوم الاثنين وفضيلة صومه، وانه تعرض به في
يوم الخميس أعمال العباد، وكذلك عاشوراء لا يتخذ يوم مصيبة (2) ولأن يوم
عاشوراء ان يتخذ يوم مصيبة ليس بأولى من أن يتخذ يوم عيد وفرح وسرور لما
قدمنا ذكره وفضله من أنه يوم أنجى الله فيه أنبيائه من أعدائهم، وأهلك فيه
أعداءهم الكفار من فرعون وقومه وغيرهم، وانه خلق السماوات والأرض و
الأشياء الشريفة وآدم وغير ذلك، وما أعد الله لمن صامه من الثواب الجزيل و
العطاء الوافر، وتكفير الذنوب وتمحيص السيئات، فصار عاشوراء مثل بقية الأيام
الشريفة كالعيدين والجمعة وعرفه وغيرها.
ثم لو جاز ان يتخذ هذا اليوم يوم مصيبة لاتخذته الصحابة والتابعون لأنهم
أقرب إليه منا وأخص به. (3)
أقول: أن الجيلاني يصر على تأكد التوسعة والنفقة على العيال والصدقة في يوم
عاشوراء، وانه يوم عيد وبركة إذ فيه: أنجى الله أنبيائه فكأنه لم يهتد إلى قول ابن
الجوزي حيث قال: هذا حديث لا يشك عاقل في وضعه، ولقد أبدع من وضعه و

1 - يا ترى وهل يوم الاثنين يوم بركة ويوم عيد، فنتبرك به لأنه توفى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيه!!؟
2 - نعم يتخذ يوم عيد وبركة وفرح وسرور كما أشاع بذلك الشجرة الملعونة الأموية وأشياعهم
واتباعهم.
3 - سفينة البحار 6: 270.
133

كشف القناع ولم يستحيي... (1)
ولا إلى قول العيني: وهو حديث موضوع وضعه قتلة الحسين. (2)
ولا إلى قول القاري ولا الشوكاني. فتراه يلهج ويرد الأباطيل في فضل
عاشوراء وهو غافل عن كلام مهرة الفن وموقفهم من هذه المنقولات: تذهب قوم
من الجهال بمذهب أهل السنة فوضعوا هذه الأحاديث... (3)
و منقولات التوسعة على العيال مجهولة أو ضعيفة جدا، وروايات نجاة الأنبياء
في يوم عاشوراء فهي من المراسيل وتنتهي إلى عكرمة الخبيث الذي كان يكذب على
ابن عباس - على ما صرح به علي بن عبد الله بن عباس -. (4)
وكان الجيلاني لم يتفقه هذه المعاني، ولا أرشد إلى هذه التقارير من أرباب الفن،
فتراه يصر على أشرفية أيام عاشوراء رفعتها على جميع ما سواها. وكأنه غفل عن
أفضلية شهر رمضان وأيامها وليالها على سائر ما سواها، وكذلك أفضلية عرفه كما
لعله غفل أو تغافل عن أن الاعلان بالعيد يوم عاشوراء من مبتدعات تلك الشجرة
الملعونة والخبيثة كما سيأتي ا لكلام حوله.
وللأسف انه ينسب كذبا وزورا إلى المذهب الإمامي الشيعة الاثني عشرية بأنهم يحرمون الصوم
في عاشوراء لأجل قتل الحسين.
وهذا غريب ممن يدعى الفضل والفهم ولا علم له لا بكتب السنة ولا بمباني
الامامية وآرائهم.
إذ أي فقيه امامي يقول بأن الحرمة لأجل قتل الحسين (عليه السلام)!!
أليس القول المشهور عند الطائفة - أعلى الله كلمتهم هو الاستحباب، لكن على

1 - الموضوعات 2: 200.
2 - عمدة القاري 11: 121.
3 - الموضوعات 2: 200.
4 - ميزان الاعتدال 3: 93.
134

سبيل الحزن؟!
ثم إن القائل بالحرمة منا من المتأخرين والمعاصرين لا يعلل بما نسبه الجيلاني
إلينا بل يقول: ان الصيام في هذا اليوم ودعوى البركة فيه انما هو من بدع الأمويين
فإنهم هم الذين صاموا بقصد الشكر لله على قتل الحسين قرة عين الرسول وسيد
شباب أهل الجنة، فالصوم فيه بهذا القصد وبقصد التبرك صوم أموي واجر الصائم
فيه على يزيد بن معاوية وعلى ابن مرجانة الدعي ابن الدعي وسائر قتلة الحسين
عليهم آلاف اللعنة والعذاب الأليم، وان حظ الصائم فيه بهذا القصد هو حظ
المبتدعين له وهو النار ان شاء الله.
أقول: يكفي الجيلاني قول الذهبي فيه: الشيخ عبد القادر... عليه مأخذ في بعض
أقواله ودعاويه والله الموعد!؟ (1)
اما قوله: لأتخذه الصحابة والتابعون:
لقد تعرضنا للروايات التي مفادها ان أهل البيت (عليهم السلام) اتخذوا هذا اليوم يوم حزن
وحداد وأمروا المسلمين باتخاذه يوم عزاء وبكاء... كما أورد الحموي (2) والطريحي (3) روايات في هذا المجال، فليراجع.
عاشوراء عيد الأمويين:
يعرف من خلال التواريخ ومن خلال تصريحات المؤرخين ان الاحتفال بيوم
عاشوراء كعيد ويوم فرح وسرور انما هو من بدع أجلاف بني أمية وعمالهم
وأذنابهم كالحجاج بن يوسف وملوك بنى أيوب، كما ورد التصريح بذلك في الخطط
للمقريزي والآثار الباقية لأبي ريحان البيروني، حيث صرح بان بني أمية لبسوا فيه

1 - سير أعلام النبلاء 20: 451.
2 - انظر فرائد السمطين 2: 154.
3 - مجمع البحرين 3: 405.
135

الجديد، وتزينوا واكتحلوا وعيدوا... وجرت هذه المراسم أيام ملكهم... وبقيت
آثارها إلى يومنا هذا في بعض البلاد الاسلامية وأضاف البعض: ان بني أمية اتخذوا
اليوم الأول من صفر عيدا لهم حيث أدخلت فيه رأس الحسين (عليه السلام). (1)
1 - قال أبو الريحان: وكانوا يعظمون هذا اليوم - اي يوم عاشوراء - إلى أن اتفق
فيه قتل الحسين بن علي بن أبي طالب وأصحابه وفعل به وبهم ما لم يفعل في جميع
الأمم بأشرار الخلق من القتل بالعطش والسيف والاحراق وصلب الرؤوس وإجراء
الخيول على الأجساد فتشاءموا به، فأما بنوا أمية فقد لبسوا فيه ما تجدد وتزينوا
واكتحلوا وعيدوا، وأقاموا الولائم والضيافات وأطعموا الحلاوات والطيبات، وجرى
الرسم في العامة على ذلك أيام ملكهم وبقي فيهم بعد زواله عنهم.
واما الشيعة فإنهم ينوحون ويبكون أسفا لقتل سيد الشهداء فيه، ويظهرون ذلك
بمدينة السلام وأمثالها من المدن والبلاد ويزورون فيه التربة المسعودة بكربلاء،
ولذلك كره فيه العامة تجديد الأواني والأثاث. (2)
2 - وقال المقريزي: انه لما كانت الخلفاء الفاطميون بمصر كانت تتعطل الأسواق
في ذلك اليوم - عاشوراء - ويعمل فيه السماط (3) العظيم المسمى سماط الحزن
وينحرون الإبل، وظل الفاطميون يجرون على ذلك كل أيامهم فلما زالت الدولة
الفاطمية اتخذ الملوك من بنى أيوب يوم عاشوراء يوم سرور يوسعون فيه على
عيالهم، ويتبسطون في المطاعم، ويتخذون الأواني الجديدة، ويكتحلون ويدخلون
الحمام جريا على عادة أهل الشام التي سنتها لهم الحجاج (4) في أيام عبد الملك بن

1 - كتاب الحضارة الاسلامية 1: 137.
2 - الكنى والألقاب 1: 431. انظر عجائب المخلوقات بهامش حياة الحيوان للدميري 1: 114 و 3: 104.
3 - الصنف من الناس مجمع البحرين 4: 254. مادة سمط.
4 - قال الذهبي: أهلكه الله في رمضان سنة خمس وتسعين وكان ظلوما جبارا ناصبيا خبيثا سفاكا
للدماء... و
136

مروان ليرغموا بذلك إناف شيعة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه الذين يتخذون يوم
عاشوراء يوم عزاء وحزن على الحسين بن علي (عليه السلام) لأنه قتل فيه قال: وقد أدركنا بقايا مما عمله بنو أمية من اتخاذ عاشورا يوم سرور وتبسط. (1)
3 - المصاحب: لا زال يوم عاشوراء في تونس والمراكش وليبيا يوم سرور وتقام
فيها مراسم خاصة ويقوم الناس فيه بزيارة القبور وجعل الورود عليها
ويجعلون أطواقا من النيران فيقفزون عليها ثم يرمونها في الأنهار وعادات أخرى
ورثوها من البربر. (2)
اذن المتبادر من المقريزي وغيره ان بدعة العيد والاكتحال والتزين ومراسم
الفرح والسرور بدعة خبيثة من شجرة خبيثة أموية، كان الحجاج يصر على إقامتها
تأسيا بأسياده الأمويين، وحجاج هذا هو الذي كان يأسف لعدم حضوره كربلاء ليكون هو المتولي لسفك دم سيد شباب أهل الجنة الحسين بن علي (عليه السلام) اما بعض
العادات التي ذكرها المصاحب ونوردها عن الكراجكي أيضا فهي عادات متخذة من البربر ادخلها أجلاف بني أمية في يوم عاشوراء ليكتمل بها سرورهم ويكون شاهدا
واضحا على الجذور التي ينتموا إليها.

حصاره لابن الزبير بالكعبة ورميه إياها بالمنجنيق وإذلاله لأهل الحرمين... وتأخيره للصلوات
إلى ان استأصله الله فنسبه ولا نحبه بل نبغضه في الله، سير أعلام النبلاء 4: 343.
وقد مات في سجنه خمسون الف رجلا وثلاثون الف امرأة منهن ستة عشر ألفا مجردات عاريات حياة الحيوان 1: 96 - 241.
وأطلق من سجنه بعده ثلاثمائة الف ما بين رجل وامرأة - حياة الإمام الحسين 2: 300. وقتل المئات من الأبرياء منهم المفسر الكبير سعيد بن جبير. سير أعلام النبلاء 4: 321. تاريخ الاسلام حوادث 80 - 61.
1 - الخطط 2: 385. عنه الكنى والألقاب 1: 431. الحضارة الاسلامية 1: 137. دائرة المعارف للبستاني 11: 446.
2 - دائرة المعارف للمصاحب: 1652.
137

4 - يقول الكراجكي: ومن عجبت أمرهم: دعواهم محبة أهل البيت (عليهم السلام) مع ما
يفعلون يوم المصاب بالحسين عليه السلام من المواظبة على البر والصدقة والمحافظة على
البذل والنفقة والتبرك بشراء ملح السنة والتفاخر بالملابس المنتخبة والمظاهرة
بتطيب الأبدان، والمجاهرة بمصافحة الإخوان والتوفر على المزاورة والدعوات، و
الشكر من أسباب الأفراح والمسرات واعتذارهم في ذلك بأنه يوم ليس كالأيام و
انه مخصوص بالمناقب العظام ويدعون ان الله عز وجل تاب فيه على آدم.
فكيف وجب ان يقضى فيه حق آدم فيتخذ عيدا ولم يجب ان يقضى حق سيد
الأولين والآخرين محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم في مصابه بسبطه وولده وريحانته وقرة عينه وبأهله الذين أصيبوا وحريمه الذين سبوا وهتكوا فتجهد فيه حزنا ووجدا
ويبالغ عملا وكدا لولا البغضة للذرية التي تتوارثها الأبناء عن الاباء. (1)
5 - يقول زين الدين الحنفي: وقد روى أن يوم عاشوراء كان يوم الزينة الذي
كان فيه ميعاد موسى لفرعون وانه كان عيدا لهم ويروي ان موسى عليه السلام كان يلبس
فيه الكتان ويكتحل فيه بالأثمد وكانت اليهود من أهل المدينة وخيبر في عهد
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتخذونه عيدا وكان أهل الجاهلية يقتدون بهم في ذلك وكانوا
يسترون فيه الكعبة ولكن شرعنا ورد بخلاف ذلك ففي الصحيحين عن أبي موسى
قال: كان يوم عاشوراء يوما تعظمه اليهود وتتخذه عيدا فقال: صوموه وأنتم في
رواية لمسلم: كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء يتخذونه عيدا ويلبسون
نساءهم فيه حليتهم وشارتهم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فصوموه أنتم. (2)
6 - قال السقاف: كتب ماكيا فيلي كتابا أسماه " الأمير " اقتبسه من واقع الحياة
السياسية وجاء فيه مما اقتبسه من واقع حياتهم السياسية منطق: " الغاية تبرر
الواسطة " وعلى هذا الأساس حل للحاكم السياسي الذي حاول ان يدفن حادثة

1 - التعجب: 115.
2 - لطائف المعارف: 111. انظر فتح الباري 4: 292.
138

عاشوراء ان يتخذ كل وسيلة لذلك ولو كانت منافية للدين والأخلاق ففي سبيل
إطفاء شعلة عاشوراء ودفن قضية كربلاء ولجأوا إلى اختلاق اخبار جعلوها
أحاديث ونسبوها إلى جد الحسين (عليه السلام) الا ان عدم التنسيق في وسائل الأعلام لهؤلاء الحكام جعلها متخالفة متضاربة.
أتوا بهذه الاخبار العظيمة والكثيرة العدد بغية دفن قضية كربلاء ولكن فشلوا
وبقيت قضية كربلاء على ما هي عليه القضية العظيمة جدا استحلال دم
الحسين عليه السلام.
وقد أصاب الشريف الرضى (رضي الله عنه) في وصف هذا الامر إذ قال:
كانت مآتم بالعراق تعدها * أموية بالشام من أعيادها
جعلت رسول الله من خصمائها * فلبئس ما ادخرت ليوم معادها
نسل النبي على صعاب مطيها * ودم النبي على رؤوس صعادها (1)
معاوية يعلن عاشوراء يوم عيد:
ومما يؤيد ان الاعلان عن عاشوراء كعيد هو من بدع الأمويين هو ما ورد ان
معاوية أيضا عبر عن عاشورا بالعيد ولم يعهد من أحد لا من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الكريم ولا من الصحابة التعبير عنه بالعيد اللهم الا ان يكون الصحابي أمويا أو عميلا لآل أمية
أو مستنا بشرع اليهود.
1 - عبد الرزاق عن ابن جريج قال: أخبرني يحيى بن محمد بن عبد الله
صيفي (2): ان عمرو بن أبي يوسف - أخا بنى نوفل - أخبره انه سمع معاوية على المنبر
يقول: ان يوم عاشوراء يوم عيد فمن صامه فقد كان يصام ومن تركه فلا حرج. (3)

1 - مجلة الهادي السنة السابعة العدد الثاني.
2 - مختلف في اسمه، انظر تهذيب التهذيب 11: 212.
3 - مصنف عبد الرزاق 4: 291 / ح 7850. وقد أورده البخاري وليس فيه كلمة العيد.
139

بالنظر إلى هذا النص يعرف ان معاوية هو أول من أطلق على يوم عاشوراء
صفة العيد ولعل معاوية خاصة والأمويين عامة كانوا يتوقعون مقتل الحسين
الشهيد (عليه السلام) يوم عاشوراء لأنهم كانوا يعنون عناية خاصة بأخبار الملاحم (1) والفتن المأثورة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعن علي (عليه السلام) وفي جملة الملاحم أخبار كثيرة حول مقتل الإمام الحسين واليوم الذي يقتل فيه والأرض التي يقتل فيها.
قد يقال: نسب في بعض النصوص إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تسمية العيد لهذا اليوم.
" عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عاشوراء عيد نبي كان قبلكم فصوموه أنتم. (2)
ولكن فيه: أولا: في سنده إبراهيم الهجري وقد ضعفه الأئمة - كما قال
الهيثمي - (3) منهم: ابن عيينة ويحيى بن معين والنسائي. (4)
ثانيا: أورد الحافظ زين الدين الحنبلي هذا النص عن الهجري وليس فيه كلمة
عيد واليك نصه: عاشوراء كانت تصومه الأنبياء فصوموه أنتم. (5)
ثالثا: رغم التتبع ومراجعة الأحاديث (6) لم نعثر على نص يعبر عن هذا اليوم
بالعيد غير ما نقله الهجري مما يثير ويقوى شبهه الوضع فيما نقله الهجري أو
الزيادة سيما وانه ضعيف عند أئمة الرجال. نعم في البخاري: كان يوم عاشوراء

1 - ويشهد على ذلك رعايتهم لكعب الأحبار الذي كان ينقل اخبار ملك بني أمية... فتأمل.
2 - مجمع الزوائد 3: 185.
3 - المصدر.
4 - الكامل في الضعفاء 1: 212.
5 - لطائف المعارف: 102. للحافظ زين الدين الحنبلي ت 795. دار ابن كثير - دمشق.
6 - انظر: السنن الكبرى 4: 481. المعجم المفهرس 4: 420. وبعض العباسيين أيضا يبدو منهم نفس سياسة الأمويين نجاة يوم عاشوراء. فقد تحول يوم عاشوراء المتوكل إلى المأخوزه مدينته التي امر ببنائها وفرق في الصناع والعمال عليها مبلغا عظيما. تاريخ الاسلام حوادث عام 241 ص 16. انظر الطبري 9: 219. الكامل في التاريخ 7: 93. المختصر في اخبار البشر 2: 41. النجوم الزاهرة 2: 322.
140

تعده اليهود عيدا.
رابعا: وصف عاشوراء بالعيد على عهد الأنبياء السلف لا يلازم كونه عيدا
على عهد النبي الكريم أيضا.
وظائف المؤمنين ليلة عاشوراء ويومه:
حيث انتهينا إلى ما يرتكبه الأمويون وعملاؤهم يوم عاشوراء ويأمرون العامة
بارتكابه من البدع يستهدفون دفن عاشوراء وقضية كربلاء الحسين (عليه السلام)... لا بأس
بالإشارة إلى ما ينبغي فعله في هذا اليوم مواساة لأهل بيت الرسول (عليهم السلام) مما وصل
إلينا وكلفنا به من الأئمة الطاهرين عليهم السلام وقد ذكرنا طائفة منها في فصل " موقف أهل
البيت عليهم السلام وفيما يلي نصوص أخرى وكلمات الفقهاء رضوان الله عليهم:
1 - زيارة الحسين عليه السلام ليلة عاشوراء ويومه:
أ - ابن طاووس: روينا ذلك باسنادنا إلى الشيخ أبى جعفر الطوسي فيما رواه عن
جابر الجعفي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من بات عند قبر الحسين ليلة عاشوراء لقي الله يوم القيامة ملطخا بدمه وكأنما قتل معه في عرصة كربلاء. (1)
ب - وعنه: وقال شيخنا المفيد في كتاب التواريخ الشرعية وروى أن من زار و
بات عنده في ليلة عاشوراء حتى يصبح حشره الله تعالى ملطخا بدم الحسين عليه السلام في
جملة الشهداء معه. (2)
ابن قولويه: عن جابر الجعفي قال: دخلت على جعفر بن محمد عليه السلام في يوم

1 - الاقبال 3: 50 - مصباح المتهجد 2: 771. عنه بحار الأنوار 98: 340. كامل الزيارات: 191. مصباح الكفعمي: 482 - وسائل الشيعة 14: 478.
2 - الاقبال 3: 50. عنه البحار 98: 101.
141

عاشوراء فقال لي: هؤلاء زوار الله وحق على المزور ان يكرم الزائر من بات عند
القبر الحسين ليلة عاشوراء لقي الله يوم القيامة ملطخا بدمه كأنما قتل معه في عصره و
قال: من زار قبر الحسين عليه السلام ليوم عاشورا أو بات عنده كان كمن استشهد بين يديه. (1)
د - وعنه: عن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من زار الحسين يوم عاشوراء
وجبت له الجنة. (2)
ه - وعنه عن زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من زار قبر الحسين بن
علي عليه السلام يوم عاشوراء عارفا بحقه كان كمن زار الله في عرشه. (3)
و - وعنه: عن محمد بن جمهور العمي عمن ذكره عنهم عليه السلام قال: من زار
الحسين عليه السلام يوم عاشوراء كان كمن تشحط بدمه بين يديه. (4)
ز - وعنه: روى محمد بن أبي سيار المدايني باسناده قال: من سقى يوم عاشوراء
عند قبر الحسين عليه السلام كان كمن سقى عسكر الحسين وشهد معه. (5)
ح - وعنه:... عن يزيد الشحام عن جعفر بن محمد عليه السلام قال: من زار الحسين...
ومن زاره يوم عاشورا فكأنما زار الله فوق عرشه. (6)
ط - المفيد: روى أن من أراد أن يقضى حق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحق أمير المؤمنين وحق فاطمة (عليهما السلام) فليزر الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء. (7)
ي - وعنه: روى أن من زار الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء غفر الله له ما تقدم من ذنبه
وما تأخر. (8)

1 - كامل الزيارات: 191. التهذيب 6: 51 / ح 121. الوسائل 14: 476. مصباح المتهجد: 713.
2 - المصدر.
3 - الاقبال: 38.
4 - كامل الزيارات: 192.
5 - المصدر.
6 - المصدر.
7 - مسار الشيعة: 61. الوسائل 14: 477 / ب 55 / ح 6 و 7.
8 - المصدر.
142

ك - الطوسي: عن صالح بن عقبة عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام قال: من زار
الحسين في يوم عاشوراء من المحرم حتى يظل عنده باكيا لقي الله عز وجل يوم يلقاه
بثواب ألفي حجة وألفي عمرة وألفي غزوة وثواب كل حجة وعمرة وغزوة كثواب من
حج واعتمر وغزا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم... (1)
2 - الأحياء مواساة لأهل البيت (عليهم السلام):
قال ابن طاوس: " اعلم أن هذه الليلة أحياها مولانا الحسين عليه السلام وأصحابه
بالصلوات والدعوات وقد أحاط بهم زنادقة الاسلام ليستبيحوا منهم النفوس
المعظمات وينتهكوا منهم الحرمات ويسبوا نساءهم المصونات فينبغي لمن أدرك
هذه الليلة ان يكون مواسيا لبقايا أهل آية المباهلة وآية التطهير فيما كانوا عليه في
ذلك المقام الكبير وعلى قدم الغضب مع الله جل جلاله ورسوله صلوات الله عليه
والموافقة لهما فيما جرت الحال عليه ويتقرب إلى الله جل جلاله بالاخلاص من موالاة
أوليائه ومعاداة أعدائه.
اما فضل احيائها:
1 - فقد رأينا في كتاب دستور المذكرين بإسناده عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من أحيى ليلة عاشوراء فكأنما عبد الله عبادة جميع الملائكة واجر العامل فيها كأجر سبعين سنة. (2)
أقول: ومؤلفه كما مر سابقا هو محمد بن أبي بكر أو محمد بن عمر أبو عيسى
المديني الشافعي ولم يضمن ابن طاوس صحة الرواية ولذا قال: رأينا في كتاب
دستور المذكرين فيمكن العمل بها من باب التسامح في أدلة السنن على مبنى جعل
العمل مستحبا أو...

1 - مصباح المتهجد: 713. الوسائل 14: 477 / ب 55 / ح 6 و 7.
2 - الاقبال 3: 50.
143

2 - وعن علي (عليه السلام): ان استطعت ان تحافظ على... ليلة عاشوراء فافعل وأكثر
فيهن من الدعاء والصلاة وتلاوة القرآن. (1)
اما يوم عاشوراء:
- فيه اعمال وتكاليف وفيما يلي بعضها:
1 - إظهار الحزن:
قال ابن طاوس: ان أقل مراتب يوم عاشوراء ان تجعل قتل مولانا الحسين
صلوات الله عليه وقتل من قتل معه من الأهل والأنباء مجرى والداك " ولديك " أو
بعض من يعز عليك فكن في يوم عاشوراء كما كنت تكون عند فقدان أخص أهلك
به وأقربهم إليك، فأنت تعلم أن موت أحد من أعزتك ما فيه ظلم لك ولا لهم ولا
كسر حرمة الاسلام ولا كفر الأعداء لحرمتك.
فاجتهد ان يراك الله جل جلاله ان كلما يعز عليه يعز عليك وان يراك رسوله عليه السلام
ان كلما هو إساءة إليه فهو إساءة إليك. فكذا يكون من يريد شرف الوفاء لله جل
جلاله ولرسوله ولخاصته وكذا يكون من يريد أن يكون الله جل جلاله ورسوله
وأوليائه عليه وعليهم السلام معه عند نكبته أو حاجته أو ضرورته فإنه إذا كان
معهم في الغضب والرضا ولذة والسرور كانوا معه عند مثل تلك الأمور. (2)
2 - إقامة العزاء:
ا - عن الامام أبى جعفر الباقر عليه السلام:... ثم ليندب الحسين ويبكيه ويأمر من في

1 - البحار 95: 336.
2 - الاقبال 3: 81.
144

داره ممن لا يتقيه بالبكاء عليه ويقيم في داره المصيبة باظهار الجزع عليه وليعز
بعضهم بعضا بمصابهم بالحسين. (1)
ب - عن الإمام الرضا عليه السلام: من كان يوم عاشوراء يوم مصيبته وحزنه جعل الله
يوم القيامة يوم فرحه وسروره وقرت بنا في الجنة عينه. (2)
ج - قال ابن طاوس: فمن مهمات يوم عاشوراء عند الأولياء المشاركة للملائكة
و الأنبياء والأوصياء في العزاء لأجل ما ذهب من الحرمات الإلهية ودرس من
المقامات النبوية وما دخل ويدخل على الاسلام بذلك العدوان من الذل والهوان
وظهور دولة إبليس وجنوده على دولة الله جل جلاله وخواص عبيده، فليجلس
الانسان في العزاء لقراءة ما جرى على ذرية سيد الأنبياء صلوات الله جل جلاله عليه
وعليهم وذكر المصائب التي تجددت بسفك دمائهم والإساءة إليهم.
د - وقد أقيم العزاء يوم عاشوراء في دمشق في اجتماع حافل وقد رثي سبط ابن
جوزي الحسين بن علي وأجهش الناس بالبكاء فعن ابن كثير:... كان مجلس وعظ
سبط بن الجوزي مطربا وصوته فيما يورده حسنا طيبا وقد سئل في يوم عاشوراء
زمن الملك الناصر صاحب حلب ان يذكر للناس من مقتل الحسين عليه السلام فصعد المنبر
وجلس طويلا لا يتكلم ثم وضع المنديل على وجهه وبكى شديدا ثم أنشأ يقول و
هو يبكي:
ويل لمن شفعاؤه خصماؤه * والصور في نشر الخلائق ينفخ
لا بد ان ترد القيامة فاطم * وقميصها بدم الحسين ملطخ
ثم نزل على المنبر وهو يبكى وصعد إلى الصالحية وهو كذلك رحمه الله. (3)

1 - الاقبال 3: 82.
2 - الاقبال 3: 81.
3 - البداية والنهاية 13: 207. وكذلك أقيمت في بغداد مأتم ومسيرات عزائة كما ذكره الذهبي في العبر وتاريخ الاسلام. وانظر مستدرك سفينة البحار 7: 239.
145

3 - الاضراب عن العمل:
ا - عن الامام الرضاء (عليه السلام) أنه قال: من ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراء
قضى الله له حوائج الدنيا والآخرة. (1)
ب - عن الإمام الباقر عليه السلام:... وان استطعت أن لا تنتشر يومك في حاجة فافعل
فإنه يوم نحس لا تقضى فيه حاجة مؤمن وان قضيت لم يبارك له فيها ولم ير فيها
رشدا. (2)
4 - الامساك عن الطعام:
قال ابن طاووس: اعلم اننا ذكرنا أن يوم عاشورا يكون على عوائد أهل
المصائب في العزاء ويمسك الانسان عن الطعام والشراب إلى آخر نهار يوم
المصاب ثم يتناول تربة شريفة ويقول من الدعوات ما قدمناه عند تناول المأكولات
في غير هذا الجزء من المصنفات ونزيد على ما ذكرناه ان نقول: اللهم اننا أمسكنا
عن المأكول والمشروب حيث كان أهل النبوة في الحروب والكروب واما حيث
حضر وقت انتقالهم بالشهادة إلى دار البقاء وظفروا بمراتب الشهداء والسعداء و
دخلوا تحت بشارات الآيات بقولك جل جلالك: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل
الله أمواتا بل احياء عند ربهم يرزقون.) (3)
فنحن لهم موافقون فنتناول الطعام الآن حيث إنهم يرزقون في ديار الرضوان
مواساة لهم في الامساك والاطلاق فاجعل ذلك سببا لعتق الأعناق واللحاق بهم في
درجات الصالحين برحمتك يا ارحم الراحمين. (4)

1 - الاقبال 3: 82.
2 - المصباح المتهجد 713 - عنه الوسائل 14: 509 / ب 66 / ح 20.
3 - آل عمران: 169.
4 - الاقبال 3: 91.
146

أقول: الامساك هنا ليس بمعنى الصوم بل لعله إشارة إلى رواية ابن سنان: صم
من غير تبييت وليكن إفطارك بعد العصر...
5 - الدعاء على الظلمة:
أ - عن الإمام الصادق (عليه السلام): فإذا فرغت من ذلك - الصلاة - وقفت في موضعك
الذي صليت فيه وقلت سبعين مرة: اللهم عذب الذين حاربوا رسلك وشاقوك
وعبدوا غيرك واستحلوا محارمك والعن القادة والاتباع ومن كان منهم ومن رضي
بفعلهم لعنا كثيرا. (1)
ب - وقال الإمام الصادق (عليه السلام) أيضا: تقول في قنوتك: اللهم ان الأمة خالفت
الأئمة وكفروا بالكلمة وأقاموا على الضلالة والكفر والردي والجهالة والعمى و
هجروا الكتاب الذي أمرت بمعرفته والوصي الذي أمرت بطاعته فأماتوا الحق و
عدلوا عن القسط وأضلوا الأمة عن الحق وخالفوا السنة وبدلوا الكتاب و
ملكوا الأحزاب وكفروا بالحق لما جاء هم وتمسكوا بالباطل وضيعوا الحق و
أضلوا خلقك وقتلوا أولاد نبيك وخيرة عبادك وأصفيائك وحملة عرشك و
خزنة سرك ومن جعلتهم الحكام في سماواتك وأرضك.
اللهم فزلزل أقدامهم وأخرب ديارهم واكفف سلاحهم وأيديهم والق
الاختلاف فيما بينهم وأوهن كيدهم واضربهم بسيفك الصارم وحجرك الدامغ و
طمعهم بالبلاء طما وارمهم بالبلاء رميا وعذبهم عذابا شديدا نكرا وارمهم بالغلاء
وخذهم بالسنين الذي اخذت بها أعدائك وأهلكهم بما أهلكتم به اللهم وخذهم
اخذ القرى وهي ظالمة ان اخذها اليم شديد. (2)

1 - الاقبال 3: 67.
2 - الإقبال 3: 67 وانظر: بحار الأنوار 98: 269.
147

6 - الدعاء بالفرج:
من دعاء علم به الصادق (عليه السلام) عبد الله بن سنان يقرؤه بعد الصلاة يوم عاشوراء:
اللهم فرج عن أهل محمد أجمعين واستنقذهم من أيدي المنافقين والكفار و
الجاحدين وامنن عليهم وافتح لهم فتحا يسيرا، واجعل لهم من لدنك على عدوك و
عدوهم سلطانا نصيرا. (1)
7 - زيارة الشهداء يوم عاشوراء:
لقد عنون ابن طاوس الفصل الرابع عشر من كتابه بهذا العنوان ثم نقل الزيارة
الواردة من الناحية (3) المقدسة والتي تتضمن قائمة بأسماء شهداء كربلاء. (2)
8 - لبس السواد: ذهب جماعة كثيرة من علمائنا الاعلام وفقهائنا الكرام إلى
استحباب لبس السواد في مأتم مولانا الحسين قولا وفعلا: كالفقيه المحدث البحراني،
في الحدائق والدربندي في الاسرار والسيد إسماعيل العقيلي النوري في وسيلة المعاد
في شرح نجات العباد والمحدث النوري في المستدرك والشيخ زين العابدين
المازندراني في ذخيرة المعاد والشيخ محمد تقي الشيرازي والشيخ محمد حسين
كاشف الغطاء في حاشيته على العروة والشيخ محمد على النخجواني في الدعواة
الحسينية والسيد حسن الصدر في تبيين الرشاد في لبس السواد على الأئمة الأمجاد و
الشيخ أبو الفضل الطهراني في شفاء الصدر وقد كان بعض الفقهاء يلبس السواد
طيلة هذين الشهرين كالفقيه السيد حسين القمي والسيد الحكيم وغيره... (3)
ويؤيده ما أورده البرقي: عن عمر بن زين العابدين أنه قال: لما قتل جدي
الحسين عليه السلام لبس نساء بنى هاشم في مأتمه السواد والمسوح وكن لا يشتكين من حر

1 - الاقبال 3: 67.
2 - الاقبال 3: 67.
3 - انظر: إرشاد العباد إلى استحباب لبس السواد: 53. انظر: الذريعة 8: 198.
148

ولا برد وكان علي بن الحسين يعمل لهن الطعام المأتم. (1)
إذ من المستبعد عدم اطلاع الامام على اتفاقهن على ليس السواد ولم يمنعهن
فهو تقرير منه عليه السلام. (2)
وهناك اعمال وأدعية وزيارات أخرى يطلب من مظانها.
اللهم ارزقني شفاعة الحسين يوم الورود، ثبت لي قدم صدق عندك
مع الحسين وأصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين عليه السلام.
و الحمد الله رب العالمين.

1 - المحاسن 2: 420 / ب 25. الاطعام في المأتم ح 159. الوسلائل 3: 238 والحدائق الناضرة 4: 160. أورده المجلسي مع تغيير.
2 - انظر: ارشاد العباد: 29.
149