الكتاب: الينابيع الفقهية
المؤلف: علي أصغر مرواريد
الجزء: ٢٢
الوفاة: معاصر
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق:
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤١٠ - ١٩٩٠ م
المطبعة:
الناشر: دار التراث - بيروت - لبنان / الدار الإسلامية - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات: أشرف على جمع أصولها الخطية وترتيبها حسب التسلسل الزمني وعلى تحقيقها وإخراجها وعمل قواميسها علي أصغر مرواريد

الينابيع الفقهية
المواريث
حقوق الطبع محفوظة
الطبعة الأولى
1410 ه‍. 1990 م
دار التراث = الدار الاسلامية
بيروت.
سلسلة الينابيع الفقهية
المواريث
أشرف على جمع أصولها الخطية وترتيبها حسب التسلسل
الزمنى وعلى تحقيقها واخراجها وعمل قواميسها
على أصغر مرواريد
بسم الله الرحمن الرحيم
1

المواريث
فقه الرضا
المنسوب
للإمام علي بن موسى الرضا ع
153 - 202 ه‍ ق
2

باب الفرائض والمواريث:
اعلم يرحمك الله أن الله تعالى قسم الفرائض بقدر مقدور وحساب محسوب وبين في
كتابه ما بين من القسمة، ثم قال عز وجل: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله،
فجعل الإرث على ضربين: قسمة مشروحة وقسمة مجملة، وجعل للزوج إذا لم يكن له ولد
النصف ومع الولد الربع لا يزيد ولا ينقص مع باقي الورثة، وجعل للزوجة الربع إذا لم يكن
لها ولد والثمن مع الولد على هذا السبيل، وجعل للأبوين مع الولد والشركاء السدسين
لا ينقصان من ذلك شيئا ولهما في مواضع زيادة على السدسين، ثم سمى للأولاد والإخوة
والأخوات والقرابات سهاما في القرآن وسهاما بأنها ذوي الأرحام، وجعل الأموال بعد
الزوج والزوجة والأبوين للأقرب فالأقرب للذكر مثل حظ الأنثيين، وإذا تساوت القرابة
من جهة الأب والأم تقسمه بفصل الكتاب فإذا تقاربت فبآية ذوي الأرحام.
واعلم أن المواريث تكون ستة أسهم لا تزيد عليها وصارت من ستة أسهم لأن الانسان
خلق من ستة أشياء، وهو قوله: ولقد خلقنا الانسان من سلالة، تمام الآية.
وأصل المواريث أن لا يرث مع الولد والأبوين أحد إلا الزوج والزوجة، فإذا ترك
الرجل امرأة فللمرأة الربع وما بقي فللقرابة إن كان له قرابة وإن لم يكن له أحد حصل
3

ما بقي لإمام المسلمين، فإن تركت المرأة زوجها فله النصف والنصف الآخر لقرابة لها إن
كانت فإن لم تكن لها قرابة فالنصف يرد على الزوج، وإن تركت مع الزوج ولدا ذكرا أم
أنثى فللزوج الربع وما بقي فللولد، فإن ترك الزوج امرأة وولدا فللمرأة الثمن وما بقي
فللولد، فإن ترك الرجل أبويه فلأمه الثلث وللأب الثلثان، فإن ترك أبوين وابنا أو أكثر من
ذلك فللأبوين السدسان وما بقي فللابن.
فإن ترك أباه وابنته فللابنة النصف ثلاثة أسهم من ستة وللأب السدس، يقسم المال
على أربعة أسهم فما أصاب ثلاثة أسهم فللابنة وما أصاب سهما فللأب وكذلك إذا ترك أمه
وابنته، فإن ترك أبوين وابنته فللابنة النصف وللأبوين السدسان يقسم المال على خمسة
فما أصاب ثلاثة أسهم فللابنة وما أصاب سهمين فللأبوين، فإن ترك ابنتين وأبوين فللابنتين
الثلثان وللأبوين السدسان، وإن ترك أبويه وابنا وابنة أو بنين وبنات فللأبوين السدسان وما
بقي للبنين والبنات للذكر مثل حظ الأنثيين.
فإن ترك امرأة وأبوين لامرأته الربع ولأمه الثلث وما بقي فللأب، فإن تركت امرأة
زوجها وأبويها وولدا ذكرا كان أو أنثى واحدا كان أو أكثر فللزوج الربع وللأبوين السدسان
وما في فللولد، فإن ترك أبويه وأخا فللأم الثلث وللأب الثلثان وسقط الأخ، فإن ترك أبويه
فللأم الثلث وللأب الثلثان، وكذلك إذا ترك أخا أو أختين أو ثلاث أخوات أو أختا وأبوين
فللأم الثلث وللأب الثلثان، فإن ترك أبوين وأخوين أو أربع أخوات أو أخا وأختين فللأم
السدس وما بقي فللأب، وإن كان الإخوة والأخوات من الأم لم يحجب الأم عن الثلث وإنما
يحجبها الإخوة والأخوات من الأب أو من الأب والأم.
فإذا ترك الرجل أخا لأبيه وأخا لأمه وأخاه لأبيه وأمه فللأخ من الأم السدس وما بقي
فللأخ من الأم والأب وسقط الأخ من الأب، وكذلك إذا ترك ثلاث أخوات متفرقات فلأخت
من الأم السدس وما بقي فللأخت من الأم والأب، وإن ترك أخوين للأم أو أخا وأختا لأم أو
أكثر من ذلك أو أختا للأب والأم أو لأب، أو أختا لأب وأم أو لأب أو إخوة وأخوات لأب وأم
لأم، فللإخوة والأخوات من الأب والأم أو من الأب للذكر مثل حظ الأنثيين وكذلك سهم
أولادهم على هذا، وإن ترك أخا لأب وأم، وجدا فالمال بينهما نصفان، وكذلك إذا أخا لأب وجدا
4

فالمال بينهما نصفان، وإن ترك أخا لأم وجدا فللأخ من الأم السدس وما بقي فللجد.
وإن ترك أختين أو أخوين أو أخا وأختا لأم أو أكثر من ذلك، وجدا فللإخوة والأخوات
من الأم الثلث بينهم بالسوية وما بقي فللجد، وإن ترك أخا لأم أو أختا أو أكثر من ذلك،
وإخوة وأخوات لأب وأم وإخوة وأخوات لأب وجد فللإخوة والأخوات من الأم الثلث بينهم
بالسوية وما بقي فللإخوة والأخوات من الأب والأم والجد للذكر مثل حظ الأنثيين، وسقط
الإخوة والأخوات من الأب، وإن ترك أختا لأب وأم فللأخت النصف وللجد النصف، وإن
ترك أختين لأب وأم أو لأب، وجدا فللإخوة الثلثان وما بقي فللجد.
ومن ترك عما وجدا فالمال للجد، وإن ترك عما وخالا وجدا وأخا فالمال بين الأخ والجد
وسقط العم والخال، وإن ترك خالا وخالة وعما وعمة فللخال والخالة الثلث بينهما بالسوية و
ما بقي فللعم والعمة للذكر مثل حظ الأنثيين، ومن ترك واحدا ممن له سهم، ينظر فإن كان
من بقي من درجته أولى بالميراث ممن سفل فهو أولى مثل أن يترك الرجل أخاه وابن أخيه
فالأخ أولى من ابن أخيه، وكذلك إذا ترك عمه وابن خاله فالعم أولى، وكذلك خالا وابن
عم فالخال أولى لأن ابن العم قد ترك إلا أن يترك عما لأب وابن عم لأب وأم فإن الميراث لابن
العم للأب والأم، لأن ابن العم جمع الكلالتين كلالة الأب وكلالة الأم فعلى هذا يكون الميراث،
وإن ترك جدا من قبل الأب وجدا من قبل الأم فللجد من قبل الأم الثلث وللجد من قبل
الأب الثلثان، وإن ترك جدين من قبل الأم وجدين من قبل الأب فللجد والجدة من قبل الأم
الثلث بينهما بالسوية وما بقي فللجد والجدة من قبل الأب للذكر مثل حظ الأنثيين. واعلم
أنه لا يتوارثان أهل الملتين نحن نرثهم ولا يرثونا، ولو أن رجلا مسلما أو ذميا ترك ابنا مسلما
وابنا ذميا لكان الميراث من الرجل المسلم أو الذمي للابن المسلم، وكذلك من ترك ذا
قرابة مسلمة وذا قرابة من أهل ذمته ممن قرب نسبه أو بعد لكان المسلم أولى بالميراث من
الذمي، ولو كان الذمي ولدا وكان المسلم أخا أو عما أو ابن أخ أو ابن عم أو أبعد من ذلك
لكان المسلم أولى بالميراث من الذمي سواء كان الميت مسلما أو ذميا لأن الاسلام لم يزده إلا
قوة، ولو مات مسلم وترك امرأة يهودية أو نصرانية لم يكن لها ميراث وإن ماتت هي ورثها
الزوج المسلم وإذا ترك الرجل ابن ملاعنة فلا ميراث لولده منه وكان ميراثه لأقربائه فإن لم
5

يكن له قرابة فميراثه لإمام المسلمين إلا أن يكون أكذب نفسه بعد اللعان فيرثه الابن وإن
مات الابن لم يرثه الأب.
واعلم أن الدية يرثها الورثة على كتاب الله ما خلا الإخوة والأخوات من الأم فإنهم
لا يرثون من الدية شيئا، وإن ترك رجل ولدا خنثى فإنه ينظر إلى إحليله إذا بال فإن خرج
بوله مما يخرج من الرجال ورث ميراث الرجال وإن خرج البول مما يخرج من النساء ورث
ميراث النساء وإن خرج البول منهما جميعا فمن أيهما سبق البول ورث عليه وإن خرج
البول من الموضعين معا فله نصف ميراث الذكر ونصف ميراث الأنثى، وإن لم يكن له ما
للرجال ولا ما للنساء فإنه يؤخذ سهمان يكتب على سهم عبد الله وعلى سهم أمة الله ثم يجعل
السهمان في سهام مبهمة ثم يقوم الإمام أو المقرع فيقول: اللهم أنت تحكم بين عبادك فيما
كانوا فيه يختلفون بين لنا أمر هذا المولود حتى نورثه ما فرضت له في كتابك، ثم تجال السهام
فأيهما خرج ورث عليه.
وإذا ترك الرجل ولدا له رأسان فإنه يترك حتى ينام ثم ينبههما فإن انتبها جميعا ورث
ميراثا واحدا وإن انتبه أحدهما وبقي الآخر نائما ورثا ميراث اثنين، ولو أن قوما غرقوا
أو سقط عليهم حائط وهم أقرباء فلم يدر أيهم مات قبل صاحبه لكان الحكم فيه أن يورث
بعضهم من بعض، فإذا غرق رجل وامرأة أو سقط عليهما سقف ولم يدر أيهما مات قبل
صاحبه كان الحكم أن تورث المرأة من الرجل ويورث الرجل من المرأة، وكذلك إذا كان
الأب والابن ثم يورث الابن من الأب، وإذا ماتا جميعا في ساعة واحدة فخرجت أنفسهما
جميعا في لحظة واحدة لم يورث بعضهم من بعض.
وإذا مات رجل حر فترك أما مملوكة فإن أمير المؤمنين ع أمر أن تشتري الأم
من مال ابنها وتعتق وترث، وإذا ترك الرجل جارية أم ولد ولم يكن ولده منها فإنها مملوكة
للورثة وإن كان ولدها باقيا فإنها وهم لا يملكونها وهي حرة، لأن الانسان لا يملك أبويه ولا
ولده، فإن كان للميت ولد من غير هذه التي هي أم ولده فإنها تجعل في نصيب ولدها إذا
كانوا صغارا فإذا أدركوا تولوا هم عتقها فإن ماتوا قبل أن يدركوا ألحقت ميراثا للورثة،
وبالله التوفيق.
6

المقنع
في الفقه
للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي
الملقب بالصدوق المتوفى 381 ه‍ ق
7

باب المواريث
اعلم أن سهام المواريث تكون من ستة أسهم لا تزيد عليها. وصارت من ستة
أسهم لأن الانسان خلق من ستة أشياء. وهو قول الله عز وجل: ولقد خلقنا الانسان من سلالة
من طين... الآية.
وإذا مات الرجل وترك ابنا ولم يترك زوجة ولا أبوين،
فالمال كله للابن. وإن كانا أخوين أو أكثر من ذلك فالمال بينهم بالسوية. وإذا ترك ابنة ولم
يترك زوجا ولا أبوين. فالمال كله للابنة. وكذلك إن كانتا ابنتين أو أكثر من ذلك، فالمال
بينهن بالسوية.
وإذا ترك ابنا وابن، فالمال كله للابن وليس لابن الابن شئ لأنه قد نزل ببطن. وإن
ترك ابنا وابنة أو بنين وبنات، فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين. وإن ترك ابن ابن وابن
ابنة، فالمال لابن الابن، لأنه أقرب. فإن ترك ابن ابن وابن ابن، فالمال كله لابن الابن، لأنه
أقرب. وكذلك إذا ترك ثلاث بنات أو بني ابن ابن أو أكثر من ذلك، وثلاث بنات أو بني ابن
ابن ابن أو أكثر من ذلك، وثلاث بنات ابن ابن ابن ابن أو بني ابن ابن ابن ابن، فالمال
للبنات وبني ابن ابن، وسقط الباقون.
فإن ترك الميت ابنا وأبا فللأب السدس وما بقي فللابن. وكذلك إن كانا ابنين أو ثلاثا
9

أو أكثر من ذلك، فإن مات وترك ابنة وأبا فللابنة النصف وللأب السدس يقسم المال بينهما
على أربعة أسهم: فما أصاب ثلاثة أسهم فللابنة وما أصاب سهما فللأب. وكذلك إذا ترك
ابنة وأما. فإن ترك ابنة وأبوين فللابنة النصف وللأبوين السدسان يقسم المال على خمسة
أسهم، فما أصاب ثلاثة أسهم فللابنة وما أصاب سهمين فللأبوين. فإن ترك ابنتين وأبوين
فللابنتين الثلثان وللأبوين السدسان. وكذلك إذا كن ثلاث بنات أو أكثر من ذلك وأبوين
فللأبوين السدسان وللبنات الثلثان. فإن ترك ابنا وابنة وأبوين فللأبوين السدسان وما
فبين الابن والبنت للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ترك ابن ابن وأبوين، فللأم الثلث وللأب
الثلثان وسقط ابن الابن.
فإن ترك أبوين وأخا لأب وأم أو لأب فللأم الثلث وللأب الثلثان، فإن كانا أخوين وأبوين،
السدس وللأب خمسة أسداس، إذا كانا الأخوين لأب وأم أو لأب. فإن ترك فللأم أخا
أو أخوين أو أخوة أو أخوات لأم وأبوين، فللأم الثلث وللأب الثلثان، لأن الأخوات من الأم
يحجبون الأم عن الثلث ما بلغوا وإنما يحجبها الإخوة والأخوات من الأب أو من الأب والأم.
فإن ماتت امرأة وتركت زوجها وابنها فللزوج الربع وما بقي فللابن. وكذا إذا كانا
ابنين أو ثلاثة أو أكثر من ذلك وزوجا فللزوج الربع وما بقي فبينهم بالسوية. واعلم أن
الزوج لا ينقص من الربع شيئا ولا الزوجة من الثمن ولا الأبوين من السدسين. وإن
تركت ابنة وزوجا فللزوج الربع وما بقي فللابنة، وكذلك إذا تركت بنتين أو بنات أو أكثر من
ذلك، فللزوج الربع وما بقي فللبنات بينهن بالسوية. وإن تركت زوجا وبنين وبنات، فللزوج
الربع وما بقي فللبنين والبنات للذكر مثل حظ الأنثيين.
وإذا تركت المرأة زوجها وابن ابنها، فإن الفضل بن شاذان النيشابوري رحمه الله
قال: للزوج الربع وما بقي فلولد الولد. وكذلك إذا ترك الرجل امرأة وابن ابن فللمرأة
الثمن وما بقي فلابن الابن. ولم أر بهذا حديثا عن الصادقين ع.
وإذا ترك الرجل امرأة فللمرأة الربع وما بقي فللقرابة له إن كانت. فإن لم يكن له
قرابة جعل ما بقي لإمام المسلمين. وإن تركت المرأة زوجها، فللزوج النصف والباقي
لقرابة لها إن كانت. فإن لم يكن لها أحد فالنصف يرد على الزوج. وقد روي إذا مات
10

الرجل وترك امرأة فالمال كله لها. وإن ماتت المرأة وتركت زوجها فالمال كله للزوج.
وإن ترك الميت امرأة وابنا فللمرأة الثمن وما بقي فللابن. وكذلك إذا ترك ابنا أو
ابنين أو بنين وبنات وزوجة، فللزوجة الثمن وما بقي فللبنين والبنات للذكر مثل حظ
الأنثيين.
وإن ماتت امرأة وتركت زوجها وأبويها وابنا أو ابنين أو بنين وبنات، فللزوج الربع
وللأبوين السدسان وما بقي فللبنين والبنات، للذكر مثل حظ الأنثيين.
وإن تركت المرأة زوجها وابنتها وأبويها، فللزوج الربع، ثلاثة من اثنى عشر
وللأبوين السدسان أربعة من اثني عشر وبقي خمسة أسهم فهي للابنة. كذلك روي عن أبي
جعفر ع.
وإذا ترك الزوج امرأة وأبوين وابنا أو ابنين وبنات، فللمرأة الثمن وللأبوين
السدسان وما بقي فللبنين والبنات، للذكر مثل حظ الأنثيين.
وإذا ماتت المرأة وتركت زوجها وأبويها، فللزوج النصف وللأم الثلث وللأب
السدس. وإذا ترك الرجل امرأة وأبوين فللمرأة الربع وللأم الثلث وللأب، الباقي.
فإن ترك ابنا وابنة وأخا فالمال للولد وليس للأخ مع الولد شئ. وإذا ترك ابن ابن
وأخا فالمال لابن الابن، لأن ولد الولد يقوم مقام الولد إذا لم يكن هناك ولد ولا وارث غيره،
فإن ترك ابنته وأخته لأبيه وأمه فالمال كله للابنة.
وإن ماتت المرأة وتركت زوجها وأباها وإخوة وأخوات لأب وأم أو لأب أو لأم،
فللزوج النصف وما بقي فللأب، وإذا ماتت وتركت أمها وزوجها وإخوة وأخوات لأم وأب
أو لأب أو لأم فللزوج النصف وما بقي فللأم وسقط الإخوة والأخوات. وإن تركت المرأة
زوجها وأبويها وإخوة وأخوات لأب وأم أو لأب، فللأم السدس وللزوج النصف وما بقي
فللأب وسقط الإخوة والأخوات. فإن تركت زوجها وأبويها وإخوة وأخوات لأم، فللزوج
النصف وللأم الثلث وللأب السدس وسقط الإخوة والأخوات.
فإن ترك أخا لأب وأم أو لأب أو لأم فالمال كله له، وكذلك إن ترك أخوين أو إخوة أو
أخوات، فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن ترك إخوة وأخوات لأم ما بلغوا، فالمال
11

بينهم بالسوية، الذكر والأنثى فيه سواء. فإن ترك أخا لأب وأخا لأم، فللأخ من الأم السدس
وما بقي فللأخ من الأب، وإذا ترك أخا لأم وأخا لأب وأم، فللأخ من الأم السدس وما بقي
فللأخ من الأم والأب، وإن ترك أخا لأب وأم وأخا لأم وأخا لأب، فللأخ من الأم السدس و
ما بقي فللأخ للأب والأم وسقط الأخ من الأب، فإن ترك أخوين لأم أو أخا وأختا لأم أو إخوة
وأخوات لأم وأخا لأب أو إخوة وأخوات لأب وأخا لأب وأم أو إخوة وأخوات لأب وأم،
فللإخوة والأخوات من الأم الثلث بينهم بالسوية وما بقي فللإخوة والأخوات من الأب و
سقط الإخوة والأخوات من الأب.
فإن ترك ابن أخ لأم وابن أخ لأب وأم أو لأب، فلابن الأخ من الأم السدس وما بقي
فلابن الأخ من الأم والأب. فإن ترك بني أخ لأم وبني أخ لأب وأم وبني أخ لأب، فلبني الأخ من الأم
الثلث بينهم بالسوية وما بقي فلبني الأخ من الأب والأم وسقط بنات الأخ وبنو الأخ للأب.
وكذلك إذا ترك بنات وبني ابن أخ لأم وبنات وبني ابن أخ لأب وأم وبنات وبني ابن أخ لأب.
فللبنات وبني ابن الأخ للأم الثلث بينهم بالسوية وما بقي فللبنات وبني ابن الأخ للأم والأب،
وسقط بنات وبنو ابن الأخ للأب.
وإذا مات وترك ابن أخ لأم وابن ابن ابن أخ لأب، فإن الفضل بن شاذان قال: لابن
الأخ من الأم السدس وما بقي فلابن ابن ابن الأخ للأب، ولم أر وبهذا حديثا ولم أجده في
كتابه.
فإن ترك أخا لأب وأم وجدا فالمال بينهما نصفان، وكذلك إذا ترك أخا لأب وجدا،
المال بينهما نصفان. فإن ترك أخا لأم وجدا فللأخ من الأم السدس وما بقي
فللجد وإن ترك أختين أو أخوين أو أخا وأختا لأم أو أكثر من ذلك وأختين وأخوين لأم
وأب أو أكثر من ذلك وأختين وأخوين لأب أو أكثر من ذلك وجدا، فللإخوة والأخوات من
الأم الثلث يقسم بينهم بالسوية وما بقي فللإخوة والأخوات من الأب والأم والجد، للذكر مثل
حظ الأنثيين وتسقط الإخوة والأخوات من الأب. فإن ترك أختا لأب وأم وجدا فللأخت
النصف وللجد النصف. فإن ترك أخوات لأب وأم أو لأب وجدا فللأخوات الثلثان وما بقي
فللجد.
12

وإن ترك عما وجدا فالمال للجد. وإن ترك عما وخالا وجدا وأخا، فالمال بين الأخ
والجد وسقط العم والخال.
فإن ترك عما وخالا فللعم الثلثان وللخال الثلث. فإن ترك عمة وخالة فللعمة
الثلثان وللخالة الثلث. فإن ترك خالا وخالة وعما وعمة فللخال والخالة الثلث بينهما
بالسوية وما بقي فللعم والعمة للذكر مثل حظ الأنثيين.
وإذا ترك أخا وابن أخ فالمال للأخ. وإذا ترك عما وابن خال فالمال للعم. وإذا ترك
خالا وابن عم فالمال للخال. وإذا ترك عما لأب وابن عم لأب وأم فالميراث لابن العم من
الأب والأم، لأنه قد جمع الكلالتين كلالة الأب وكلالة الأم.
فإن ترك جدا من قبل الأب وجدا من قبل الأم، فللجد من قبل الأب الثلثان وللجد
من قبل الأم الثلث. فإن ترك جدين من قبل الأب وجدين من قبل الأم، فللجد والجدة من
قبل الأم الثلث بينهما بالسوية وما بقي فللجد والجدة من قبل الأب للذكر مثل حظ الأنثيين.
فإن ترك أخوالا وخالات فالمال بينهم بالسوية. وإن ترك أعماما وعمات، فالمال بينهم للذكر
مثل حظ الأنثيين. فإن ترك خالا لأب وأم وخالا لأب، فإن الفضل بن شاذان ذكر: إن المال للخال
للأب والأم، وسقط الخال للأب. وكذلك العم والخالة في هذا سواء على ما ذكره.
فإن ترك عما وابن أخت فالمال لابن الأخت. فإن ترك عما وابن أخ فالمال لابن الأخ
وقال يونس بن عبد الرحمن: المال بينهما نصفان. وذكر الفضل: إن يونس غلط في هذه
وما رويناه أن المال لابن الأخ.
واعلم أنه لا يتوارث أهل ملتين. والمسلم يرث الكافر والكافر لا يرث المسلم.
ولو أن رجلا ترك ابنا مسلما وابنا ذميا، لكان الميراث للابن المسلم، وكل من ترك ذا قرابة
من أهل الذمة، وذا قرابة مسلما ممن قرب نسبه أو بعد لكان المسلم أولى بالميراث من
الذمي، فلو كان الذمي ابنا وكان المسلم أخا أو عما أو ابن أخ أو ابن عم أو أبعد من ذلك،
لكان المسلم أولى بالميراث. كان الميت مسلما أو ذميا. كذلك ذكره والدي رحمه الله في
رسالته إلى.
وإذا ترك الرجل ولدا له رأسان فإنه يصبر حتى ينام ثم ينبه، فإن انتبها جميعا ورث
13

ميراث واحد. وإن انتبه واحد وبقي الأخر نائما ورث ميراث اثنين.
فإن ترك الرجل ولدا خنثى فإنه ينظر إلى إحليله إذا بال، فإن خرج البول مما يخرج
من الرجال ورث ميراث الرجال. وإن خرج مما يخرج من النساء ورث ميراث النساء. وإن
خرج البول من الموضعين معا ورث نصف ميراث الذكر ونصف ميراث الأنثى.
وإن لم يكن له ما للرجال ولا ما للنساء فإنه يؤخذ سهمان، فيكتب على سهم: عبد
الله وعلى الآخر: أمة الله. ثم يجعل السهمان في سهام مبهمة، ثم يقول الإمام أو المقرع: اللهم
أنت الله لا إله إلا أنت. عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم أنت تحكم بين عبادك في ما
كانوا فيه يختلفون بين لنا أمر هذا المولود حتى يورث ما فرضت له في كتابك. ثم يجال
السهمان فأيهما خرج ورث عليه.
فإن ترك الرجل ابن الملاعنة فلا ميراث لولده منه وكان ميراثه لأقربائه. فإن لم يكن
ذو قرابة فميراثه لإمام المسلمين، إلا أن يكون أكذب نفسه بعد اللعان، فيرثه الابن، وإن
مات الابن لم يرثه الأب. وإذا ترك ابن الملاعنة أمه وأخواله فميراثه كله لأمه. فإن لم يكن له
أم فميراثه لأخواله. وإن ترك ابنته وأخته لأمه فميراثه لابنته. وإن ترك خاله وخالته فالمال
بينهما. وإن ترك جده أبا أمه وجدته فالمال بينهما. فإن ترك أخاه وجده أبا أمه فالمال بينهما
سواء، لأنهما يتقربان إليه بقرابة واحدة. فهكذا تكون مواريث ابن الملاعنة وولد
الزنى.
وإذا غرق قوم أو سقط عليهم حائط وهم أقرباء، فلم يدر أيهم مات قبل صاحبه
فإن الحكم فيه أن يرث بعضهم من بعض. وإذا غرق أخوان لأحدهما مال وليس للآخر شئ
ولا يدرى أيهما مات قبل صاحبه: فإن الميراث لورثة الذي ليس له شئ إذا لم يكن لهما أحد
أقرب من بعضهما من بعض.
وإذا غرق رجل وامرأة أو سقط عليهما حائط، ولم يدر أيهما مات قبل صاحبه، فإنه
يورث المرأة من الرجل ثم يورث الرجل من المرأة. وكذلك إذا كان الأب والابن ورث الأب
من الابن ثم ورث الابن من الأب وإذا ماتا جميعا في ساعة واحدة وخرجت أنفسهما جميعا في
لحظة واحدة. لم يورث بعضهما من بعض.
14

وإذا مات رجل حر وترك أما مملوكة، فإن أمير المؤمنين ع أمر أن تشتري
الأم من مال ابنها، ثم تعتق فيورثها. وإذا ترك الرجل جارية أم ولده ولم يكن ولده منها
باقيا فإنها مملوكة للورثة، فإن كان ولده منها باقيا فإنها للولد وهم لا يملكونها لأن الانسان
لا يملك أبويه ولا ولده. فإن كان للميت ولد من غير هذه التي هي أم الولد، فإنها تجعل في
نصيب ولدها إذا كانوا صغارا، فإذا أدركوا تولوا هم عتقها. فإن ماتوا من قبل أن
يدركوا، رجعت ميراثا لورثة الميت. كذلك ذكره والدي رحمه الله في رسالته إلى. وإذا ترك
وارثا حرا ووارثا مملوكا، ورث الحر دون المملوك. وإذا لم يرثه وارث حر، ورث المملوك ماله
على قسمة السهام التي سمى الله لأصحاب المواريث. ولا يرث الحر المملوك، لأنه لا مال له
إنما ماله لمواليه.
وأما مواريث أهل الكتاب والمجوس: فإنهم يورثون من جهة القرابة، ويبطل ما
سوى ذلك من ولادتهم.
وإذا أسلم المشرك على ميراث قبل أن يقسم فله ميراثه غير منقوص. وكذلك
المملوك إذا أعتق قبل أن يقسم الميراث فهو وارث معهم وإذا أسلم المشرك أو أعتق
المملوك بعد ما قسم الميراث فلا ميراث لهما.
والمكاتب يورث بحساب ما عتق منه ويرث.
والنصراني إذا أسلم، ثم رجع إلى النصرانية، ثم مات فميراثه لولده
النصراني.
إذا تنصر مسلم ثم مات فميراثه لولده المسلمين.
وقال أبو عبد الله ع في الرجل النصراني عنده المرأة
النصرانية، فتسلم أو يسلم ثم يموت أحدهما قال: ليس بينهما ميراث. وقيل له: رجل
نصراني فجر بامرأة مسلمة فأولدها غلاما، ثم مات النصراني وترك مالا، من يرثه؟
قال: يكون ميراثه لابنه من المسلمة، قيل له: كان الرجل مسلما وفجر بامرأة يهودية فولدت
منه غلاما ثم مات المسلم، لمن يكون ميراثه؟ قال: ميراثه لابنه من اليهودية.
15

الهداية بالخير
للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي
الملقب بالصدوق المتوفى 381 ه‍ ق
17

باب المواريث
سهام المواريث لا تعول على ستة أسهم لقول الله عز وجل: ولقد خلقنا
الانسان من سلالة من طين. الآية وأهل المواريث الذين يرثون ولا يسقطون
أبدا: الأبوان والابن والبنت والزوج والزوجة. وأربعة لا يرث معهم أحد إلا الزوج
والزوجة، الأبوان والابن والابنة.
فإذا ترك الرجل ابنا فالمال له وإن كان ابنين أو أكثر فالمال لهم. فإن ترك ابنه
فالمال لها وكذلك إن ترك ابنتين أو أكثر، فالمال لهن بالسوية. وإن ترك ابنا وابنة أو
ابنين وبنتين فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين...
وإن ترك أباه فالمال. فإن ترك أمه فالمال لها. فإن ترك أبوين فللأم الثلث وللأب
الثلثان.
فإن ترك أبا وابنا فللأب السدس وما بقي فللابن. وإن ترك ابنا وأما فللأم
السدس وما بقي فللابن. وإن ترك أبا وابنه السدس وللابنة النصف: يقسم المال على
أربعة أسهم، فما أصاب ثلاثة أسهم فللابنة، وما أصاب فللأب. وكذلك إذا ترك أمه
وابنته.
19

فإن ترك أبوين وابنة فللأبوين السدسان وللابنة النصف: يقسم المال على
خمسة أسهم، فما أصاب ثلاثة أسهم فللابنة، وما أصاب سهمين فللأبوين.
وإن ترك أبوين وابنا وابنة أو بنين وبنات، فللأبوين السدسان وما بقي فللبنين
والبنات، للذكر مثل حظ الأنثيين.
فإن ترك امرأة فللمرأة الربع وما بقي فلقرابة له إن كانت. وإن لم يكن له
قرابة جعل ما بقي لإمام المسلمين.
فإن تركت امرأة زوجها، فللزوج النصف وما بقي فلقرابة لها إن كانت. فإن يكن لها
قرابة فالنصف يرد على الزوج.
فإن ترك الرجل امرأته وابنا وابنة أو ولد ولد وإن سفل، فللمرأة الثمن، وما
بقي فللولد أو ولد الولد وإن سفل.
فإن تركت امرأة زوجها وابنا وابنة أو ولد ولد وإن سفل، فللزوج الربع، وما
بقي فللولد أو ولد الولد وإن سفل.
فإن تركت امرأة زوجها وأمها وأباها، فللزوج النصف وللأم الثلث، وللأب
السدس.
وإن ترك الرجل امرأته وأبويه، فللمرأة الربع وللأم الثلث وللأب الباقي.
فإن ترك امرأته وأبويه وولدا، ذكرا كان أو أنثى، واحدا كان أو أكثر، فللمرأة
الثمن وللأبوين السدسان وما بقي فللولد.
وإن تركت امرأة زوجها وأبويها وولدا، ذكرا أو أنثى، واحدا كان أو أكثر
فللزوج الربع وللأبوين السدسان وما بقي فللولد
ولا يرث ولد الولد مع الولد ولا مع الأبوين، وولد الولد يقومون مقام الولد إذا لم
يكن هناك ولد ولا وارث غيره.
20

باب ميراث الإخوة والأخوات
إذا ترك الرجل أخاه لأبيه فالمال له. فإن ترك أخاه
لأمه فالمال له. فإن ترك أخاه لأبيه وأمه فالمال له. وإن ترك أخاه لأمه وأخاه لأبيه، فللأخ من الأم السدس وما بقي فللأخ
من الأب. فإن ترك أخا لأب وأخا لأب وأم، فالمال للأخ من الأب والأم، وسقط الأخ من
الأب. فإن ترك أخاه لأبيه وأخاه لأمه وأخاه لأبيه وأمه، فللأخ من الأم السدس وما بقي
فللأخ من الأب والأم وسقط الأخ من الأب.
فإن ترك إخوة لأم وإخوة لأب وأم وإخوة لأب، فللإخوة من الأم الثلث، وما بقي
فللإخوة للأب والأم، ويسقط الإخوة من الأب.
فإن ترك إخوة وأخوات لأم وإخوة لأب وأم وأخوات لأب، فللإخوة والأخوات
من الأم الثلث، الذكر والأنثى فيه سواء وما بقي فللإخوة والأخوات من الأب والأم
ويسقط الإخوة والأخوات من الأب. وكذلك إن ترك إخوة متفرقين، فهذا حكمهم
وكذلك تجري سهام أولادهم على هذا.
باب ميراث الأجداد والجدات
الجد من الأم بمنزلة الأخ من الأم. والجدة من والأم بمنزلة الأخت للأم والجد من
الأب بمنزلة الأخ من الأب والأم. والجدة من الأب بمنزلة الأخت من الأب والأم.
فإذا اجتمع الجد للأم وإخوة لأب وأم، وإخوة لأم وأخوات لأب وجد للأب، فللأخوة من الأم
والجد للأم الثلث وما بقي فللإخوة والأخوات من الأب والأم والجد من الأب
للذكر مثل حظ الأنثيين وسقط الإخوة والأخوات من الأب فإن ترك جدا وجدة من
قبل الأم وإخوة وأخوات للأب فللإخوة والأخوات من الأم والجد والحدة من الأم
الثلث الذكر والأنثى فيه سواء وما بقي فللإخوة والأخوات من الأم والأب والجد والجدة
21

للذكر مثل حظ الأنثيين وسقط الإخوة والأخوات من الأب.
ولا يرث مع الأخ ابن الأخ ولا يرث مع الأخ والجد عم ولا خال. فإن ترك جدا
وابن أخ، فالمال بينهما نصفان.
باب ميراث العم والعمة والخال والخالة
إذا ترك الرجل عما فالمال له. فإن ترك عمة فالمال لها. فإن ترك عما وعمة
فللعمة الثلث وللعم الثلثان.
وإن ترك خالا فالمال له. وإن ترك خالة فالمال لها. وإن ترك خالا وخالة، فالمال
بينهما نصفان.
وإن ترك عما وخالا، فللخال الثلث وللعم الثلثان. وكذلك إن ترك عما وخالة
وكذلك إن ترك عمة وخالا، فللعمة الثلثان وللخال الثلث.
وإن ترك عما وعمة وخالا وخالة، فللخال والخالة الثلث بينهما بالسوية وما
بقي فللعم والعمة، للذكر مثل حظ الأنثيين. وكذلك تجري سهام أولادهم على هذا.
ولا يرث مع العم والعمة والخال والخالة، ابن عم ولا ابن عمة ولا ابن خال
ولا ابن خالة.
باب ميراث المولود يلد وله رأسان
قضى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع في مولود له رأسان أنه
يصبر عليه حتى ينام. ثم ينتبه، فإن انتبها جميعا معا ورثا ميراثا واحدا، وإن انتبه
واحد وبقي الآخر نائما، ورث ميراث الاثنين.
22

باب ميراث المولود ليس له ما للرجال ولا ما للنساء
إذا لم يكن للمولود ما للرجال ولا ما للنساء، تؤخذ سهمان، يكتب على أحدهما
عبد الله وعلى الآخر أمة الله. ثم يقول الإمام أو المقرع: اللهم أنت الله لا إله إلا أنت
عالم الغيب والشهادة. أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون. بين لنا أمر هذا
المولود، حتى يورث ما فرضت له في كتابك ثم تجعل سهمان في سهام مبهمة، ثم
تجال، فأيهما خرج، ورث.
باب ميراث المولود له ما للرجال وما للنساء
روي أن شريح القاضي بينما هو في مجلس القضاء إذ أتته امرأة فقالت: أيها
القاضي اقض بيني وبين خصمي. فقال لها: ومن خصمك؟ قالت: أنت. قال:
أفرجوا لها. فأفرجوا لها فدخلت فقال لها: وما ظلامتك؟ فقالت: إن لي ما للرجال وما
للنساء. قال شريح: فإن أمير المؤمنين ع يقضي على المبال قالت: فإني أبول بهما جميعا
ويسكنا معا قال شريح: والله ما سمعت بأعجب من هذا. قالت: وأعجب من
هذا. قال: وما هو؟ قالت جامعني زوجي فولدت منه وجامعت جاريتي فولدت مني
فضرب شريح إحدى يديه على الأخرى متعجبا. ثم جاء إلى أمير المؤمنين عليه
السلام وقال: يا أمير المؤمنين لقد ورد علي شئ ما سمعت بأعجب منه. ثم قص عليه قصة المرأة
فسألها أمير المؤمنين ع عن ذلك. فقالت: هو كما ذكر. فقال لها: من
زوجك؟ فقالت: فلان. فبعث إليه فدعاه. قال: أ تعرف هذه؟ قال: نعم زوجتي قال:
فسأله عما قالت، فقال: هو كذلك. فقال أمير المؤمنين ع: لأنت أجرأ من
الأسد حيث تقدم عليها بهذه الحال. ثم قال: يا قنبر أدخلها بيتا مع امرأة تعد أضلاعها
فقال زوجها: يا أمير المؤمنين لا آمن عليها رجلا ولا آمن عليها امرأة فقال علي عليه
23

على بدينار الخصي وكان من صالحي أهل الكوفة وكان يثق به. فقال له
يا دينار أدخلها بيتا وعرها من ثيابها ومرها أن تشد مئزرها وعد أضلاعها. ففعل
دينار ذلك، فكان أضلاعها سبعة عشر ضلعا، تسعة في اليمين وثمانية في الشمال
فألبسها ثياب الرجال: القلنسوة والنعلين وألقي عليها الرداء وألحقها بالرجال. فقال زوجها يا
أمير المؤمنين ابنة عمي وقد ولدت مني تلحقها بالرجال؟ فقال: أني: حكمت فيها
بحكم الله تعالى، إن الله تبارك وتعالى خلق حواء من ضلع آدم الأيسر الأقصى وأضلاع
الرجال تنقص، وأضلاع النساء تمام.
باب ميراث ابن الملاعنة
إذا ترك الرجل ابن الملاعنة فلا ميراث لولده منه وكان ميراثه لأقربائه فإن لم
يكن، فلإمام المسلمين، إلا أن يكون أكذب نفسه بعد اللعان فيرثه الابن. وإن مات
الابن لم يرثه الأب.
وإذا ترك ابن الملاعنة أمه وأخواله، فميراثه كله لأمه فإذا ترك ابنته وأخته
فميراثه كله لا بنته. وإن ترك خاله وخالته فالمال بينهما فإن ترك أخته لأمه وجده لأبيه
فالمال لأخته. وإن ترك جدته، أم أمه وجده، أبا أمه، كان المال بينهما وإن ترك ابن أخت
وجده: أبا أمه، كان المال بينهما سواء: لأنهما يتقربان إليه بقرابة واحدة. وإن ترك جده
وجدته، أبا أمه وأم أمه فالمال بينهما. وهكذا يجري مواريث قراباته من قبل الأم
ولا يرث ميراث الأب واحد.
باب ميراث أهل الملل
لا يتوارث أهل ملتين. ونحن نرثهم ولا يرثوننا.
24

وإذا مات مسلم وذمي وترك ابنا مسلما وابنا ذميا، كان المال للابن المسلم
دون الذمي. وكذلك إن مات وترك ابنا ذميا وابن ابن مسلم أو ابن ابنة أو ابن أخ أو
ابن عم أو ابن خال أو من قرب نسبه إليه أو بعد، مسلما كان الميت أو ذميا، فكان المال
للمسلم دون الذمي لأن الاسلام لم يزده إلا عزا.
باب ميراث من لا وارث له
قال الصادق ع: من مات ولا وارث له، فماله لإمام المسلمين.
باب نادر
قال الصادق ع: إن الله عز وجل آخى بين الأرواح في الأظلة، قبل أن
يخلق الأجساد بألفي عام، فإذا قام قائمنا أهل البيت، ورث الأخ الذي آخى بينهما في
الأظلة ولم يورث الأخ من الولادة
25

المقنعة
في الأصول والفروع
للشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن النعمان الحارثي
البغدادي المعروف بابن المعلم
336 - 413 ه‍ ق
27

أبواب فرائض المواريث:
قال الله عز وجل: للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما
ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا، فجعل تعالى تركة الميت لأقاربه من
الرجال والنساء على سهام بينهما في مواضع أخر في كتابه وسنة نبيه ص،
فينبغي أن تعرف السهام على حقائقها من مواضعها ويسلك في عملها طريق المعرفة بها
دون غيره ليحصل للإنسان فهمها ويستقر له الحكم فيها على يقين إن شاء الله تعالى.
باب استحقاق الميراث:
والميراث يستحق في حكم الله تعالى بضربين: أحدهما نسب والآخر سبب، فمن
استحقه بالنسب كان استحقاقه يترتب على القرب به ليستوي في فريضته باستوائه في
درجته ويختلف في استحقاقه باختلافه فيه، ومن استحقه بالسبب كان استحقاقه بوجوده
له دون عدمه.
والنسب لا يتعدى المذكور بالتعيين، ويقوم فيه الولد مقام الوالد المذكور، والسبب
لا يتعدى المذكور بالتعيين ولا يقوم غيره مقامه في حكمه على حال، والسبب الذي يستحق به
الميراث الزوجية دون ما عداه من الأسباب.
باب الأولى من ذوي الأنساب بالميراث:
وأولى ذوي الأرحام بالميراث من تقرب إلى الميت بنفسه ولم يتقرب إليه بغيره وهو
الولد والوالدان، قال الله عز وجل: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن
نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما
السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة
فلأمه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين، آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا
فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما.
فقدم جل اسمه الوالدين والولد على جميع ذوي الرحم لقربهم من الميت وأخر من
29

سواهم من الأهل عن رتبتهم في القربى وجعل لكل واحد منهم نصيبا سماه له وبينه لتزول
الشبهة عمن عرفه في استحقاقه.
باب ميراث الوالدين:
فإذا ترك الميت أبويه ولم يترك معهما ولدا ولا ذا سبب بالنكاح أو حاجبا للأم عن فرض
إلى دونه من الإخوة كان ما خلفه بعد الدين والوصية - إن كان عليه دين أو له وصية - للأبوين
دون غيرهما من سائر الأهل والقرابات، للأب الثلثان وللأم الثلث. فإن ترك أحد أبويه
وليس معه ولد ولا ذو سبب - كزوج أو زوجة - فالتركة كلها له دون غيره من ذوي الأرحام
وإن كانوا أخوة وأخوات وعمومة وعمات.
فإن ترك مع أبويه أو أحدهما ولدا ذكرا - جماعة كانوا أو واحدا - فللأبوين السدسان
بينهما بالسوية والباقي للولد الذكر وليس لغيرهم من قرابات الميت نصيب على حال.
وإن ترك مع الأبوين ولدا ذكورا وإناثا فللأبوين ما ذكرناه لهما مما جعله الله تعالى نصيبهما
مع الأولاد وهو السدسان والباقي بين الولد، الذكور والإناث - اثنين كانوا أو أكثر من ذلك -
للذكر مثل حظ الأنثيين على ما بينه الله تعالى ونص عليه في القرآن، وليس لأحد من الأقارب
معهم نصيب كما قدمناه.
فإن ترك مع أبويه ابنتين أو أكثر من ذلك فللأبوين السدسان كما ذكرناه وللبنتين الثلثان
بينهما بالسوية فإن كن أكثر من اثنتين فلهن الثلثان بينهن بالسوية على حكم القرآن وظاهر
التبيان.
فإن ترك مع أبويه بنتا واحدة كان لها النصف كما سماه الله تعالى في صريح القرآن
وللأبوين السدسان وبقي سدس يرد عليهم بحساب سهامهم - وهي خمسة أسهم - فيكون
للبنت منه ثلاثة أسهم وللأبوين سهمان، فيصير للأبوين الخمسان وللبنت ثلاثة أخماس
بتسميته الفريضة والرد عليهم بالرحم التي كانوا أولى ممن سواهم من ذوي الأرحام،
قال الله عز وجل: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله، فخبر أن بعضهم
أولى ببعض للرحم فوجب أن يكون الأقرب أولى من الأبعد في الميراث، والوالدان والولد
30

أقرب من جميع ذوي النسب كما بيناه لأنهم يتقربون بأنفسهم وبهم قربة من سواهم من
جميع الأهل وذوي الأرحام.
وإن ترك أحد أبويه وبنتا كان للبنت النصف على ما قدمناه - كما سماه الله تعالى لها في
القرآن - والباقي من الأبوين السدس بالتسمية أيضا في الكتاب، وبقي الثلث فيرد عليهما
بحساب سهامهما وهي أربعة أسهم، للبنت ثلاثة أسهم وللباقي من الأبوين - أبا كان أو أما
- السهم الرابع، فيحصل للبنت الثلاثة الأرباع وللباقي من الأبوين الربع على الكمال
بالتسمية لهما والرد عليهما بالرحم على ما أوجبه القرآن حسب ما أثبتناه.
وحكم البنات إذا كن مع الأبوين وإن بلغن مائة في العدد حكم البنتين، لهن جميعا
الثلثان لا ينقصن منه ولا يزدن عليه، وللأبوين السدسان لا ينقصان منه ولا يزادان عليه
حسب ما ذكرناه.
وإذا ترك الانسان ابنين أحدهما أكبر من صاحبه أو أولادا ذكورا فيهم واحد وهو أكبرهم
سنا حبي الأكبر من تركته بثياب بدنه وبخاتمه الذي كان يلبسه وبسيفه ومصحفه، وعلى
هذا الأكبر أن يقضي عن والده ما فاته من صيام وصلاة دون إخوته، فإن كان الأكبر فاسد
العقل أو سفيها فلا يحب بشئ من ذلك، فإن لم يخلف الميت من ثياب بدنه إلا ما كان عليه
كانت ميراثا بين أهله ولم يحب بها الولد الأكبر من ولده.
باب ميراث الوالدين مع الإخوة والأخوات:
قد بينا أنه لا ميراث لأحد من ذوي الأرحام مع الأبوين ولا مع الولد على حال، غير أن
الله تعالى سمى للأم نصيبا مع الأب وحجبها عنه بالأخوة من الأب وحطها إلى ما هو
دونه ليتوفر سهم الأب لموضع عيلولته الإخوة ووجوب ذلك عليه دونها: فقال جل
اسمه: فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس، فإن
ترك الميت أبويه وأخويه لأبيه وأمه أو لأبيه خاصة فما زاد على ذلك أو أربع أخوات أو أخا
أو أختين فما زاد على ذلك في العدد حجبوا الأم عن الثلث إلى السدس وكان الخمسة الأسداس
الباقية للأب لأنه ذو عيال يحتاج إلى النفقة عليهم.
31

فإن كان الإخوة من الأم خاصة لم يحجبوها عن الثلث ولو كانوا مائة أو ألفا لأنهم
يكونون حينئذ في عيالها فهي إلى أن يتوفر سهمها أولى من أن ينقص منه، وقد ثبت الخبر
بالسنة في اختصاص الإخوة من الأب أو الأب والأم بحجب الأم عن الثلث إلى السدس و
عدم حجب الإخوة والأخوات من الأم خاصة لها عن ذلك فلا حاجة بنا مع ثبوته إلى ما سواه
في هذا الباب.
فإن ترك الميت أخا واحدا - لأب أو لأب وأم - أو أختا أو أختين أو ثلاث أخوات أو أخا
وأختا لم يحجبوا الأم عن الثلث، وإنما يحجبها الأخوان من الأب أو الأب والأم أو الأربع أخوات
أو الأخ والأختان مما زاد على ذلك في العدد دون ما نقص منه بالسنة الثابتة عن النبي صلى الله
عليه وآله.
ولا يحجب الإخوة الأم عن حقها الزائد على السدس، إلا إذا كان الأب موجودا، فأما مع
عدمه فلا تحجب عن ذلك.
والأم تستحق مع البنت الربع على ما قدمناه ونحو إذا كان هناك صاحب سبب من
زوج أو زوجة، فلو كان للميت أخوة لأب لم يحجبوها عن ذلك ولو كانوا ألفا وإنما يحجبونها
مع الأب ليتوفر سهمه على ما ذكرناه. وإذا كان مع الأبوين والبنت أخوة لأب كان للبنت
النصف كاملا وللأبوين السدسان والسدس الباقي مردودا على الأب والبنت بحساب
سهامهما وهي أربعة أسهم، ولا يرد على الأم شئ لأنها محجوبة عن الرد بالأخوة كما
حجبت عن الثلث إلى السدس مع عدم الولد حساب ما قدمناه.
باب ميراث الوالدين مع الأزواج:
وإذا ترك الميت والديه وزوجا أو زوجة ولم يكن له ولد كان للزوج النصف كاملا وللأم
الثلث كاملا وللأب السدس لأن الله تعالى سمى للأم الثلث مع عدم الولد ولم يحجبها عنه إلا بهم
وبالأخوة على ما شرحناه فهو لها على الكمال بنص الله تعالى على ذلك في القرآن، وللزوجة
الربع وللأم الثلث وما بقي وهو الربع، والسدس للأب لا يزاد عليه شئ ولا ينقص منه حسب
ما قسمه الله تعالى في كتابه لمن سميناه.
32

وإن ترك الميت زوجا وأبا كان للزوج النصف وللأب الباقي وهو النصف. فإن ترك
زوجة وأبا كان للزوجة الربع وللأب ما يبقى وهو الثلاثة وكذلك الأرباع، إن ترك أما وزوجا
أو زوجة فللزوجة الربع والباقي للأم وللزوج النصف والباقي لها لا يختلف الحكم في ذلك
بين الأبوين على ما وصفناه.
باب ميراث الأزواج:
والربع للزوجة مع عدم الولد كما قدمناه والنصف للزوج إذا لم يكن ولد على
ما شرحناه وبذلك حكم في القرآن وعليه الاجماع والاتفاق، فإن ترك الميت ولدا مع الزوج
أو الزوجة كان الزوج محجوبا بالولد - ذكرا كان أو أنثى واحدا كان أو أكثر من ذلك - عن
النصف إلى الربع والزوجة محجوبة عن الربع إلى الثمن به بظاهر القرآن والإجماع أيضا
والاتفاق.
ولا ترث الزوجة شيئا مما يخلفه الزوج من الرباع وتعطى قيمة الخشب والطوب
والبناء والآلات فيه وهذا هو منصوص عليه عن نبي الهدي عليه وآله السلام وعن
الأئمة من عترته ع. والرباع هي الدور المساكن دون البساتين والضياع
وحكم الزوجتين والثلاث والأربع حكم الزوجة الواحدة، لهن مع الولد الثمن بينهن سواء
والربع إذا لم يكن ولد بينهن بالسواء.
باب ميراث من علا من الآباء وهبط من الأولاد:
وإذا ترك الميت جده وإن علا وجدته وإن ارتفعت ولم يترك معهما ولدا ولا أخوة
ولا أخوات كانا أحق بتركته من جميع ذوي أرحامه سواهما وإن كانوا عمومة وعمات
وخؤولة وخالات وأولاد من سميناه لأن العمومة يتقربون بالأجداد والخؤولة يتقربون
بالجدات والمتقرب بنفسه أولى ممن يتقرب به ممن هو دونه في قرابة الرحم والمتقرب بشئ
أقرب ممن يتقرب به لأجل ذلك الشئ.
وتقسم فريضة الجد والجدة إذا تساويا في الدرجة ولم يكن معهما من يحجبهما عن جواز
33

الميراث كما تقسم فريضة الأبوين سواء للذكر مثل حظ الأنثيين، وكذلك الولد يقومون مقام
آبائهم وإن نزلوا في الدرجة ما لم يكن معهم من يحجبهم بالعلو من الأولاد، وتقسم فريضتهم
كقسمة فرائض آبائهم على الاتفاق.
ولا يحجب الأبوان أولاد الولد وإن هبطوا ويحجب ولد الولد من علا من الآباء لأنهم
جميعا يدخلون تحت اسم الولد علي الإطلاق ولا يدخل وبالاتفاق الأجداد تحت اسم الأبوة في
كل حال على الإطلاق، ولأنه لا ميراث للأخوة مع ولد الولد وإن هبطوا وهم يرثون مع الأجداد
سواء قربوا أو بعدوا بما ثبت من السنة عن النبي ص.
وولد الولد إذا ورثوا حجبوا الوالدين عن الثلث والثلثين إلى السدس والسدسين
وحجبوا الزوج عن النصف إلى الربع والزوجة عن الربع إلى الثمن بالاتفاق ولا
ميراث للجد مع الأب ولا لولد الولد مع الولد الأدنى. والبنت للصلب أحق من ابن الابن،
والابن الأدنى أحق من ابن الابن وبنت الابن، والأم أولى بالميراث من الجدة، والجدة الدنيا
أولى من الجدة العليا بالميراث. وهذا أصل في كل من علا وهبط من ذوي الأرحام إذا لم يكن
وارثا بتسمية مفصلة وكان وارثا بالقرابة والأرحام.
باب ميراث الإخوة والأخوات:
وإذا ترك الانسان أخا لأبيه وأمه أو لأبيه خاصة أو لأمه ولم يترك من غيره ذوي أرحامه
كان المال كله له، وكذلك إن كانوا إخوة جماعة أو أختا أو أخوات جماعة، فإن ترك أخا لأبيه
وأمه وأخا لأبيه كانت التركة للأخ للأب والأم دون الأخ للأب خاصة إجماع، وهذا وإن ترك أختا
لأبيه وأمه وأختا لأبيه خاصة كان الحكم كذلك للأخت من الأب والأم التركة كلها ولم يكن
للأخت من الأب خاصة معها نصيب وهذا إجماع عن الأئمة ع والعامة تخالف
فيه.
وإن ترك أخا لأبيه وأمه أو أخته لهما وأخاه لأمه أو أخته لها فللأخ أو الأخت من الأم
السدس بنص التنزيل والباقي للأخ أو الأخت للأب والأم، وإن ترك إخوة وأخوات لأب وأم
وأخا وأختا لأم فالحكم فيه كذلك للأخ أو الأخت للأم السدس والباقي للأخوة والأخوات من
34

الأب والأم للذكر مثل حظ الأنثيين.
وإن ترك أخا لأب وأم أو أخوة لهما وأخوين لأم أو أختا وأخا لأم أو أكثر من ذلك فللإخوة
والأخوات من الأم الثلث بينهم بالسوية الذكر والأنثى فيه سواء والباقي للأخ أو الأخت
أو الإخوة والأخوات من الأب والأم للذكر مثل حظ الأنثيين، وإن ترك أخا أختا لأب وأم وأخا
لأم أو أختا لها وأخا لأب أو أختا له فللأخ من الأم أو الأخت لها السدس والباقي للأخ أو الأخت
من الأب والأم وليس للأخ من الأب أو الأخت له مع الأخ أو الأخت من الأب والأم نصيب على
ما قدمناه. والحكم فيما زاد على الواحد ممن سميناه مع من ذكرناه - سواء كان واحدا أو
أكثر من ذلك - حكم آحادهم لا يختلف في معناه.
وإن ترك أخا لأب وأخا لأم كان للأخ من الأم السدس والباقي للأخ من الأب، وكذلك إن
كان بدل الأخ من الأب جماعة ذكورا أو ذكورا وإناثا فالحكم فيه سواء. وإن ترك أخوين لأم أو
أختين لها أو أكثر من ذلك وأخا لأب أو أخوة وأخوات له كان للأخوين أو الأختين من الأم و
ما زاد على ذلك الثلث بينهم بالسوية والباقي للأخوة والأخوات من الأب خاصة للذكر مثل
حظ الأنثيين.
ولا يرث مع الإخوة والأخوات أولادهم، ولا يرث معهم عم ولا خال لما قدمناه من كون
الأقرب أولى بالميراث من الأبعد لآية ذوي الأرحام.
وإذا ترك الميت زوجة أو أزواجا وإخوة وأخوات ولم يترك ولدا كان للزوجة أو
الزوجات الربع والباقي للأخوة والأخوات على ما قدمناه من استحقاقهم وسهامهم بما
وصفناه، وكذلك إن ترك زوجا وإخوة وأخوات فللزوج النصف والباقي للأخوة والأخوات
على ما فصلناه.
وإذا لم يكن مع الأزواج إخوة وأخوات وكان معهم غيرهم من القرابات ورث الأزواج
سهامهم على الكمال وكان الباقي لذوي أرحام الميت وقراباته من النساء والرجال
بحسب استحقاقهم لذلك وسهامهم الثابتة في شريعة الاسلام. وإذا لم يوجد مع الأزواج
قريب ولا نسيب للميت رد باقي التركة على الأزواج.
35

باب ميراث أولاد الإخوة والأخوات:
وإذا ترك الميت ابن أخيه لأبيه وأمه وابن أخيه لأبيه وابن أخيه لأمه كان لابن الأخ من
الأم نصيب أمه وهو السدس والباقي لابن الأخ للأب والأم وليس لابن الأخ من الأب خاصة
نصيب، وكذلك حكم أولاد الأخت يقوم كل واحد منهم مقام أمه ويأخذ نصيبها ويسقط
بسقوطها.
ولا يرث ابن الأخ مع الإخوة والأخوات لأنهم أعلى منه وأقرب إلى الميت رحما. ويقوم
أولاد الإخوة والأخوات مقام آبائهم وأمهاتهم مع الأجداد والجدات فيرث كل واحد منهم
نصيب أبيه وأمه مع الجد والجدة.
وسهم الأخ مع الجد كسهم الأخ مع الأخ وسهم الأخت مع الجدة كسهم الأخت مع الأخت
والأجداد والجدات مع الإخوة والأخوات كبعضهم مع بعض، وحكم أولاد الإخوة والأخوات
معهم كحكم آبائهم إلا أنهم لا يرثون مع وجود آبائهم على ما ذكرناه.
باب ميراث الأعمام والعمات والأخوال والخالات:
وإذا ترك الميت عما وعمة وخالا ولم يترك معهم ذا رحم أقرب منهم كان للخال والخالة
الثلث بينهما بالسوية وللعم والعمة الثلثان بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، وكذلك إن كانوا
عشرة أعمام وعمات وأخوال وخالات فالثلث بين الأخوال والخالات بالسوية والثلثان بين
الأعمام والعمات للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن كان للميت زوجة كان له نصيبه الربع
أو النصف على ما ذكرناه والباقي للأعمام والأخوال والخالات على الفرض الذي ذكرناه.
وإن ترك الميت عما ولم يترك وارثا أقرب منه كان المال له كله، وكذلك إن ترك خالا ولم
يترك غيره فالمال له كله، والقول في العمة الواحدة كذلك، والقول في الخالة كذلك.
ولا يرث ابن العم مع العم ولا ابن الخال مع الخال إلا أن يختلف أسبابهما في النسب
فيكون العم لأب وابن العم لأب وأم، فإن كانا كذلك كان ابن العم للأب والأم أحق بالميراث
من العم للأب لأن ابن العم يتقرب إلى الميت بسببين والعم يتقرب بسبب واحد، وليس
كذلك حكم الأخ للأب وابن الأخ للأب والأم لأن الأخ وارث بالتسمية الصريحة وابن الأخ
36

وارث بالرحم دون التسمية ومن ورث بالتسمية يحجب يستق الميراث بالرحم دون
التسمية والعم والعم وابن العم إنما يرثان بالقربى دون التسمية، فمن تقرب بسببين منهما
كان أحق ممن تقرب بسبب واحد على ما بيناه لقول الله عز وجل: وأولوا الأرحام بعضهم
أولى ببعض في كتاب الله، والعم وإن ارتفع على ابن العم فقد لحقه ابن العم في رتبته للنسبة
من الأم وحصل له من كلالة الأب والأم ما يحجب به الأخ أخاه من الأب من القوة على ما
قدمناه.
وإذا ترك الميت عمه أخا أبيه لأبيه وعمه أخا أبيه لأبيه وأمه وعمه أخا أبيه لأمه جروا
مجرى الإخوة المتفرقين فكان للعم من قبل الأم السدس والباقي للعم من قبل الأب والأم ولم
يكن للعم من قبل الأب شئ. وإن ترك خاله أخا أمه لأمها وخاله أخا أمه لأبيها وأمها و
خاله أخا أمه لأبيها كان لخاله من قبل أمه السدس ولخاله من قبل أبيه وأمه الباقي ولم يكن
للخال من قبل الأب شئ، وكذلك الحكم فيهم إذا استحقوا الثلث مع العمومة.
وإن ترك جدا من قبل أبيه وعما حجب الجد العم عن الميراث وكان أحق به من العم
حسب ما بيناه، وكذلك إن ترك جدته من قبل أمه وخالته فالجدة أحق بالميراث من
الخالة لأنها تتقرب بها وهي موجودة. ولا يرث ابن الخال مع الخالة
ولا بنت الخالة مع الخالة كما لا يرث ابن العم مع العم ولا بنت العم مع العمة.
وإن ترك خالا وابن عم فالمال كله للخال لأنه أعلى من ابن العم في النسب، وإن ترك
عما وابن خال فالمال كله للعم، وكذلك الحكم في الخالة وابن العم وبينهما والعمة وابن
الخال وبينهما.
باب ميراث الموالي وذوي الأرحام:
وإذا ترك الميت ذا رحم وكان له مولى قد أعتقه فميراثه لذي رحمه دون المولى سواء
قرب الرحم أو بعد، فإن لم يترك ذا رحم كان مولاه أحق بتركته من بيت المال.
وإن مات المعتق قبل المعتق ثم مات المعتق فميراثه لأولاد من أعتقه إن كانوا ذكورا،
فإن لم يكن له ولد ذكور كان لعصبة مولاه دون الإناث من الولد.
37

وإذا أعتقت المرأة العبد ثم مات وخلف مالا ولم يترك ولدا ولا ذا قرابة فماله لسيدته
التي أعتقته، فإن ماتت قبله وخلفت ولدا ذكرا كان ميراثه له، فإن لم يكن لها ولد ذكر
فميراثه لعصبة سيدته على ما بيناه.
وإذا أسلم الذمي وتولى رجلا مسلما على أن يضمن جريرته ويكون ناصرا له كان
ميراثه له وحكمه معه حكم السيد مع عبده إذا أعتقه، وكذلك الحكم في من تولى غيره وإن
كان مسلما إذا قبل ولاءه وجب عليه ضمان جريرته وكان له ميراثه.
ومن أعتق عبدا في كفارة لم يكن له عليه ولاء إلا أن يتولاه العبد، فإن تولى غيره كان
ميراثه له وجريرته عليه، فإن لم يتولى أحدا حتى مات كان ميراثه لبيت المال إن لم
يكن له نسيب، وكذلك الذمي، إذا أسلم ولم يتول أحدا ومات وله مال ولم يكن له ذو رحم كانت
تركته لبيت المال.
باب الحر إذا مات وترك وارثا مملوكا:
وإذا مات الحر وخلف مالا وترك أباه وهو مملوك اشترى أبوه من تركته وأعتق وورث
ما بقي من الذي نقد في ثمنه من تركة ابنه، وكذلك إن ترك أمه أو ولده لصلبه. وليس حكم
الجد والجدة وولد الولد كحكم الوالدين الأدنيين والولد للصلب فيما ذكرناه.
ويجبر سيد الأم والأب على البيع أو العتق ليحوزا ميراث ولدهما، فإن كان الذي تركه
بقدر قيمة أبيه أو أمه اشتريا وأعتقا، وإن كان ينقص عن قيمة الأب أو الأم لم يجب ابتياعهما
وكانت تركته لبيت المال، وكذلك الحكم في الولد إذا زادت قيمته على التركة سواء.
ولا يجب ابتياع أحد من ذوي أرحامه سوى الأبوين والولد للصلب إلا أن يتبرع
المولى بعتق ولد الولد والقرابة، فإن أعتقهم ورثوا، وإن ترك ولدين أحدهما حر والآخر
مملوك كانت تركته للحر منهما دون المملوك، فإن أعتق المملوك قبل نفوذ الميراث كان بينهما
جميعا، وكذلك إن ترك ولدين أحدهما مسلم والآخر كافر كانت تركته للمسلم دون
الكافر، فإن أسلم الكافر قبل قسمة الميراث كان الميراث بينه وبين أخيه المسلم،
ولا ميراث لمن أسلم أو أعتق بعد القسمة.
38

وأم الولد تجعل في نصيب ولدها من قسطه وتعتق بذلك على ما بينا الحكم فيه و
ذكرناه فيما سلف.
والمملوك إذا كان تحته حرة فأعتق كان ولاء ولده للذي أعتقه، فإن هلكوا وتركوا مالا
ولم يكن لهم وارث من ذوي أرحامهم كان ما تركوه للذي أعتق أباهم وللذكور من ولده
بعده، فإن لم يكن له ولد ذكور فلعصبته.
باب ميراث ابن الملاعنة: قد بينا الحكم في ذلك فيما سلف ونحن نعيده في هذا المكان لدخوله في أبواب المواريث
ونزيده شرحا على ما تقدم للحاجة إلى معرفته إن شاء الله.
إذا ترك ابن الملاعنة أمه وذوي أرحامه من قبلها كانت الأم أحق بميراثه، فإن ترك أمه
وأباه الذي نفاه لم يكن لأبيه نصيب ميراثه - سواء اعترف به بعد النفي أو لم يعترف به
- وكان جميع تركته فإن لم يترك أما وترك جدة لأمه كان ميراثه لها، وإن لم يترك أما لأم وترك أخوة
لأم أو أخوة وأخوات لأم وأخوة وأخوات الأب الذي نفاه ولا جدة ولا عن أمه ثم اعترف به
من بعد كان ميراثه لإخوته وأخواته من قبل أمه خاصة الذكر والأنثى فيه سواء وليس
للمنتسبين إلى الأب - الذي نفاه من إخوة وأخوات وغيرهم نصيب من تركته على حال.
وحكم آحاد الإخوة فيما ذكرناه كحكم جماعتهم فيما وصفناه.
فإن لم يكن له أخوة من قبل الأم أو أخوات منها أو من يرث بهم من أولادهم وكان له
خؤولة كان ميراثه لأخواله وخالاته بينهم سواء، فإن لم يكن له أخوال ولا خالات كان لأقاربه
من قبل أمه كالعمومة والعمات والخؤولة والخالات وأبنائهم بحسب ترتيبهم في
الاستحقاق، فإن لم يكن له قرابة ممن أحد من ذكرناه كان ميراثه لبيت المال.
باب ميراث المكاتب:
وإذا مات العبد المكاتب وترك مالا وولدا وذا رحم قريب أو بعيد كان لولده وقريبه
من تركته بحساب ما عتق منه والباقي لسيده، وإن مات المكاتب وله ووالد وذو رحم كان
39

له من تركته بحساب ما عتق منه.
وإذا كان عبد بين شريكين فأعتق أحدهما نصيبه كان الحكم في ميراثه كحكم
المكاتب سواء يرث ويورث بحساب الحرية فيه.
باب ميراث الخنثى ومن يشكل أمره من الناس:
وإذا خلف الانسان وارثا يشتبه حاله بحال الذكر والأنثى لأن له فرجين أحدهما فرج
الرجال والآخر فرج النساء وجب أن يعتبر بالبول، فإن بال من أحدهما دون الآخر قضي له
بحكم ما بال منه فإن بال منهما جميعا نظر من أيهما ينقطع آخرا فيحكم له بحكمه، فإن بال
منهما جميعا وقطع منهما جميعا ورث ميراث الرجال والنساء فأعطي نصف سهم الأنثى و
نصف سهم الذكر. وإذا لم يكن له ما للرجال ولا ما للنساء فإنه يورث القرعة فيكتب على
سهم: عبد الله، ويكتب على سهم: أمة الله، ويجعلان في سهام مبهمة وتخلط ويدعو المقرع وهو
إمام الجماعة، فإن لم يحضر إمام كان للحاكم أن يتولى ذلك، فإن لم يكن حاكم عادل تولاها
فقيه القوم وصالحهم.
فيقول: اللهم أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، بين لنا أمر هذا الشخص
لنحكم فيه بحكمك، ثم يؤخذ سهم، فإن خرج على سهم عبد الله حكم له بحكم الذكور،
وإن خرج عليه أمة الله حكم له بحكم الإناث.
وإذا خلف الميت شخصا له رأسان أو بدنان على حقو واحد ترك حتى ينام ثم ينبه
أحدهما فإن انتبه والآخر نائم فهما اثنان وإن انتبها جميعا معا فهما واحد.
باب مواريث أهل الملل المختلفة والاعتقادات المتباينة:
ويرث أهل الاسلام بالنسب والسبب أهل الكفر والإسلام، ولا يرث كافر مسلما على
حال، فإن ترك اليهودي أو النصراني أو المجوسي ابنا مسلما وابنا على ملته فميراثه
عند آل محمد ع لابنه المسلم دون الكافر. ولو ترك أخا مسلما وابنا كافرا حجب
الأخ المسلم الابن عن الميراث وكان أحق به من الابن الكافر وجرى الابن الكافر بكفره
40

مجرى الميت في حياة أبيه أو القاتل الممنوع بجنايته من الميراث.
وإذا ترك الذمي أولادا أصاغر وإخوة لأبيه وإخوة لأمه مسلمين كان للأخوة من الأم ثلث
تركته وللأخوة من الأب الثلثان، وينفق الإخوة من الأم على الأولاد حساب ما عزلوه بحقهم
الثلث من النفقة، وينفق الإخوة من الأب بحساب حقهم الثلثين فإذا بلغ الأولاد فأسلموا
سلم الإخوة إليهم ما بقي من الميراث وإن اختاروا الكفر تصرف الإخوة في التركة و
حرموها الأولاد.
وإن كان للمسلم امرأة ذمية فماتت ولها ابن ذمي أو أخ فتركتها للزوج المسلم
دون الابن والأخ لأنهما بكفرهما كالقاتل عمدا اللهم إلا أن يكون لها ذو رحم مسلم فيكون
للزوج النصف والباقي لذي رحمها من المسلمين دون ولدها وغيره من قراباتها الكافرين.
ويرث المؤمنون أهل البدع من المعتزلة والمرجئة والخوارج والحشوية، ولا ترث هذه
الفرق أحدا من أهل الإيمان كما يرث المسلمون الكفار ولا يرث الكفار أهل الاسلام،
ويتوارث المسلمون وإن اختلفوا في الأهواء ولا يمنع تباينهم في الأداء من توارثهم إذ كان الاسلام
وظاهر حكمه يوجب التوارث ويحل المناكحة دون الإيمان الذي يستحق به الثواب وبتركه
العقاب. ويورث أهل الملل المختلفة بعضهم من بعض على اختلافهم ولا يفرق بينهم في
المواريث لأن الكفر كالملة الواحدة في الضلال.
والقول في المسلمة إذا كان لها ولد ذمي وقرابة ومولى نعمة مسلم فالميراث لمولى
النعمة دون الولد القريب الكافر، وكذلك القول إذا كانت ذمية ومولى نعمتها مسلما و
أقاربها أهل ذمة فالميراث لمولى النعمة دون الأقارب وأقاربها في حكم الأموات بكفرهم.
باب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم ومن مات في وقت واحد:
وإذا غرق جماعة يتوارثون أو انهدم عليهم جدار أو وقع عليهم سقف فماتوا أو قتلوا
في المعركة ونحو هذا ولم يعرف حالهم في خروج أنفسهم وهل كان ذلك في حالة واحدة
أولا ولم يعلم أيهم مات قبل صاحبه ورث بعضهم من بعض، فيقدم أضعفهم سهما في
41

التوريث ويؤخر أوفرهم سهما فيه.
مثال ذلك أن يغرق أب وابن في حالة واحدة فنفرض المسألة على أن الابن مات
قبل الأب فيورث الأب منه سهمه - وهو السدس - مع الولد لأنه يأخذ الخمسة الأسداس مع
أبيه إذا لم يكن غيرهما، ويأخذ السبعة الأثمان مع الزوجة إذا لم يوجد من الورثة سواهما، ثم
تفرض المسألة في أن الأب مات قبل الابن وورثه الابن فيورث منه ما كان ورثه من جهته وما
كان يملكه سوى ذلك إلى وقت وفاته فيصير سهم الابن أقوى لأنه في الأصل أقوى من سهم
الأب، إذا كان الأب يأخذ السدس أحيانا وما زاد على ذلك وللابن المال كله في موضع، ما يبقى
بعد حق الوالد ومن سواه كائنا ما كان.
وكذلك لو غرق رجل وامرأته أو انهدم عليهما جدار جعل الزوج الميت أولا وورثت
منه المرأة وجعلت المرأة الميتة بعد ذلك والزوج هو الحي وورث منها ما ورثته منه وما كان
ملكا لها سواه.
وإذا مات جماعة يتوارثون بغير غرق ولا هدم في وقت واحد لم يورث بعضهم من
بعض بل جعل تركة كل واحد منهم لوراثه الأحياء خاصة.
باب ميراث المجوسي:
وإذا ترك المجوسي أمه وهي زوجته ورثت عندنا من الوجهين جميعا فكان لها الثمن
مع الولد من جهة الزوجية والسدس من جهة الأمومة.
وإذا اجتمع للوارث منهم سببان يحجب واحد منهما عن ميراث تركة الآخر ورث من
جهة واحدة، مثال ذلك أن يترك ابنته وهي أخته فتورث من جهة البنوة دون الإخوة
إذ لا ميراث للأخت مع البنت وعلى هذا تجري مواريثهم في جميع الوجوه فينبغي أن يعرف
الأصل فيه إن شاء الله.
باب إقرار بعض الورثة بوارث:
وإذا أقر بعض الورثة بوارث وأنكره الباقون حكم عليه بإقراره في حقه دون من
42

سواه، مثال ذلك: أخوان ورثا أخا لهما بالسوية فأقر أحدهما بأخ ثالث وأنكره الآخر
فالوجه أن يعطي الثلث من سهم الأخ المقر دون المنكر، وكذلك إن أقر باثنين أو أكثر من
ذلك، وإن أقر بزوجة وأنكر ذلك الباقون كان نصيبها من المال في حق المقر خاصة
بحساب استحقاقها على ما بيناه.
باب ميراث المرتد ومن يستحق الدية من ذوي الأرحام:
وتركة المرتد إذا مات على ردته أو قتل ميراثه بين أهله على حسب فرائضهم في
كتاب الله عز وجل وسنة نبيه ص، ودية المقتول أيضا بين ورثته على
فرائضهم في شريعة الاسلام، ولا يعطي الإخوة والأخوات من قبل الأم من الدية شيئا وكذلك
الأخوال والخالات لا يورثون من الدية شيئا لأنهم لا يعقلون عن المقتول لو قتل في حال
حياته. والمرأة ترث من دية زوجها بقسطها من الميراث، والزوج يرث من دية زوجته إذا
قتلت ما فرض الله تعالى له من الميراث.
باب ميراث القاتل:
وقاتل العمد لا يرث المقتول إذا كان نسيبه، ويرثه إذا قتله خطأ فإنما منع قاتل العمد
من الميراث عقوبة له على جرمه وعظم ذنبه وقاتل الخطأ غير مذنب لأنه لم يتعمد لله خلافا
ولا أوقع بقتله له معصية.
فإن قتل الانسان أباه عمدا لم يرث من تركته شيئا، فإن كان للقاتل الذي هو الابن
ولد ورث جده المقتول، فإن لم يكن له ولد كان ميراث المقتول لأقرب الناس إليه رحما بعد
القاتل، وكذلك إن كان القاتل أبا لم يرث ابنه، فإن كان للمقتول أخ وجد أو أب كان المال
بينهما نصفين وقام القاتل مقام الميت المعدوم، وهذا أصل ينبغي أن يعرف ليجري الحكم
فيه على جميع القاتلين من ذوي الأرحام على ما رتبناه.
وإذا قتل المسلم وله أب نصراني أو يهودي أو من بعض الكفار ولم يكن له وارث
سواه من ذوي نسبه كانت تركته وديته لبيت مال المسلمين.
43

وإذا ورث الانسان الدية وجب عليه أن يقضي منها الدين عن المقتول إن كان قد مضى
وعليه ديون.
باب الحجب:
إذا مات انسان وله أخوان كافران ووالدان مسلمان لم تحجب الأم عن الثلث إلى
السدس بالكافرين، وكذلك إن كان الأخوان عبدين لم يحجباها عن الثلث ولا يحجب عن
الميراث من لا يستحقه لرق أو كفر أو قتل على حال ويحجب عنه من لا يستحقه مع من هو
أقرب منه، ويستحقه مع عدم الأقرب ووجوده مع الرق والجنايات.
باب توارث الأزواج من الصبيان:
وإذا عقد على الصبيان آباؤهم عقد النكاح فمات أحد الزوجين منهم ورثه الآخر،
وإن كان العاقد عليهم غير الآباء لم يكن بينهم توارث إلا أن يبلغوا فيرضوا بالعقد
ويمضوه.
وإذا زوج الرجل ابنه وهو صغير وفرض عنه المهر ثم مات الأب قبل تسليم المهر
كان من أصل تركته إلا أن يكون للابن مال في وقت العقد فيكون من ماله دون تركة الأب.
باب ميراث المطلقة:
قد تقدم القول في ميراث المطلقة في المرض ومن طلق في الصحة طلاقا يملك فيه
الرجعة ورثته المطلقة ما دامت في العدة، فإن مات بعد خروجها من العدة فلا ميراث لها
منه، وإن خالعها أو بارأها أو طلقها ثلاثا للعدة فلا ميراث لها منه وإن مات وهي في العدة،
والتي لم يدخل بها ترث الزوج إذا مات عنها كما ترثه المدخول بها وتعتد منه للوفاة كما
تعتد المدخول بها من ذلك وهذا أيضا قد تقدم الحكم فيه على البيان.
44

باب ميراث من لا وارث له من العصبة والموالي وذوي الأرحام:
ومن مات وليس له وارث قد سمي له سهم في القرآن وترك قرابة بعيدة لا تستحق
الميراث بالتسمية في القرآن كان ميراثه لنسبه وإن بعد سواء كان من الرجال أو من النساء
فإن مات انسان لا يعرف له قرابة من العصبة ولا الموالي ولا ذوي الأرحام كان ميراثه
لإمام المسلمين خاصة يضعه فيهم حيث يرى، وكان أمير المؤمنين ع يعطي تركه
من لا وارث له من قريب ولا نسيب ولا مولى فقراء أهل بلده وضعفاء جيرانه وخلطائه
تبرعا عليهم بما يستحقه من ذلك واستصلاحا للرعية حسب ما كان يراه في الحال من
صواب الرأي لأنه من الأنفال كما قدمناه في ذكر ما يستحقه الإمام من الأموال، وله إنفاقه
فيما شاء ووضعه حيث شاء ولا اعتراض للأمة عليه في ذلك. بحال ومن مات وخلف تركة في
يد انسان ولا يعرف له وارثا جعلها في الفقراء والمساكين ولم يدفعها إلى سلطان الجور والظلمة
من الولاة.
وإذا مات انسان وله ولد مفقود لا يعرف له موت ولا حياة عزل ميراثه حتى يعرف
خبره، فإن تطاولت المدة في ذلك وكان للميت ورثة سوى الولد ملاء بحقه لم يكن بأس
باقتسامه وهم ضامنون له إن عرف للولد خبر بعد ذلك.
ولا بأس أن يبتاع الانسان عقارا للمفقود بعد عشر سنين من غيبته وفقده وانقطاع
خبره ويكون البائع ضامنا للثمن والدرك، فإن حضر المفقود خرج إليه من حقه.
باب الأصل في حساب المواريث:
وأصل حساب المواريث من ستة أبواب:
أولها سهمان وهو النصف وما يبقى، والثاني الثلث وما يبقى، والثالث الربع وما يبقى،
والرابع السدس وما يبقى، والخامس السدسان وما يبقى، والسادس الثمن وما يبقى.
فصل فيه ستة أبواب:
فالباب الأول: سهم الزوج مع ذوي الأرحام، قال الله جل وعلا: ولكم نصف ما ترك
45

أزواجكم إن لم يكن لهن ولد.
والباب الثاني: سهم الأم مع الأب، قال الله عز وجل: فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه
الثلث.
والباب الثالث: سهم الزوجة مع ذوي الأرحام، قال الله عز وجل: ولهن الربع مما تركتم
إن لم يكن لكم ولد.
والباب الرابع: سهم الأخ من الأم مع الإخوة من الأب، قال الله عز وجل: وإن كان رجل
يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس.
والباب الخامس: سهم الأبوين مع الولد، قال الله عز وجل: ولأبويه لكل واحد منهما
السدس مما ترك إن كان له ولد.
والباب السادس سهم الزوجة مع الولد، قال الله عز وجل: فإن كان لكم ولد فلهن
الثمن مما تركتم.
فصل:
ثم قد يتفرع من هذه الستة الأبواب ستة أبواب أخر يبني عليها الحساب المستخرج به
الحقوق من المواريث الواجبات على الأصل الذي رسمناه فيه وبيناه.
فمن ذلك باب الأزواج وذوي الأرحام من الكلالة وغيرهم، وهو على ضربين لكل
ضرب منهما باب على الانفراد:
أحدهما:
سهام ذوي الأرحام المسماة مع الأزواج والإخوة والأخوات من الأب والأم معا. أو
من الأب وحده أو من الأم خاصة، فلا ينقص الأزواج عن فرضهم الأعلى مع أحد من سميناه
أو جماعتهم، وتختلف سهام ذوي الأرحام معهم بحسب اجتماعهم وافتراقهم فينقص
بعضهم عن الفرض المسمى له في حال مخصوصة ويزاد في حالة أخرى من جهة الرد عليه
بالرحم التي استحق بها الميراث.
46

والضرب الآخر:
سهام العصبة وذوي الأرحام الذين ليست لهم فروض مسماة مع الأزواج كالعمومة
والعمات والخؤولة والخالات وأبنائهم القائمين مقامهم بعدهم في استحقاق الميراث وأبناء
الإخوة وأبناء الأخوات، فلا ينقص أيضا الأزواج معهم عن أعلى سهامهم في هذا الباب،
ويجري ذو والأرحام ممن سميناه في الزيادة والنقصان معهم مجرى ذوي الأرحام من الكلالة
المقدم ذكرهم من الإخوة والأخوات.
والباب الثالث:
سهم الأزواج مع الوالدين خاصة فلهم السهم الأعلى هاهنا أيضا على ما قدمناه، والباقي
للأبوين على حسب فرائضهم مع أسباب الحجب الحاصلة إذ ذاك وعدمها بما تضمنه نص
القرآن.
الباب الرابع:
سهم الأزواج مع الوالدين والولد فيحطون هاهنا عن أعلى السهمين إلى دونهما بحكم
القرآن، ويكون للوالدين مع الولد الزيادة على أقل سهميهما في حالة ويكون عليهما في حالة
أخرى النقصان وإن لم ينقصا عن أدون سهميهما على حال.
والباب الخامس:
سهام من له سببان يستحق بهما الميراث مع من له سبب واحد فيه على الاختصاص
كزوج هو ابن عم وابن خال، فللزوج النصف بالتسمية من جهة الزوجية والثلثان مما
يبقى بالرحم، ولابن الخال الثلث الباقي برحمه على حسب فرائض من تقربا به من
العمومة الخؤولة كما بيناه فيما سلف وشرحناه. ولو كان بدل الزوج زوجة هي ابنة عم وبدل
ابن الخال ابنة الخال، أو كانت الزوجة ابنة خال أو ابنة خالة والآخر ابن عم أو ابنة عم
أو عمة لكان الحكم فيه ما رسمناه.
47

والباب السادس:
سهام من له فرضان مسميان مع من له فرض واحد مسمى أو باق على غير تعيين
كمجوسي خلف زوجة له هي أخته لأبيه وأمه وأختا لأمه، فلأخته لأبيه وأمه التي هي زوجته
النصف والربع بالتسمية ولأخته التي لأمه السدس بالتسمية، والباقي يرد عليهما بحساب
سهامهما من جهة الرحم خاصة على ما ذكرناه.
وإن كان بدل أخته لأمه أختا لأبيه أو أخا له أو أختا وأخا لأبيه أو إخوة أو أخوات له لم
يكن لهم مع الأخت للأب والأم نصيب وكانت أحق بما يبقى من جهة الرد عليها باجتماع
السببين لها على ما بيناه، وكان لهم الباقي من غير زيادة ولا نقصان. فهذه هي الستة
الأبواب المتفرعة على ما تقدمها، ومنها يتفرع حساب المواريث على أصله الذي بيناه فينبغي أن تعرف على حقائقها لتعمل فيه إن شاء الله.
فصل:
والأصل في حساب هذه الفرائض أن تنظر في أقل عدد يحتوي على السهام فتستخرج
منه حقوق الوارث على الصحة دون الانكسار، فإن انكسرت السهام على بعضهم نظر في
أصل سهام المنكسر عليهم فحصلت ثم ضربت في أصل الحساب فإنها تخرج على سهام
صحاح غير منكسرات إن شاء الله.
باب تفسير هذه الجملة وشرح المعاني منها والأغراض:
فإذا أراد الانسان معرفة ما ذكرناه فلينظر في:
الباب الأول منه:
وهو النصف المسمى وما يبقى وهو سهم الزوج مع عدم الأولاد ووجود غيرهم من
ذوي الأرحام فيجد أصل حسابه من اثنين لأن أقل عدد له نصف صحيح اثنان، فيجعل
النصف منه للزوج - وهو واحد - والنصف الآخر لمن كان معه من ذوي الأرحام، فإن كان
48

واحدا فقد سلم له السهم من الانكسار، وإن كانا اثنين يتساويان في التسمية على السواء
انكسر عليهم السهم، فالوجه أن تضرب سهميهما في أصل الفريضة وهي اثنان فيصير
أربعة، فيأخذ الزوج النصف سهمين غير منكسرين ويأخذ الاثنان من ذوي الرحم
السهمين الباقيين على غير انكسار.
وإن كان الاثنان ممن يختلفان في السهام لأن أحدهما ذكر والآخر أنثى - كأخ للميت و
أخت لأب مع الزوج - ضرب سهامهما وهي ثلاثة للأخ اثنان وللأخت واحد في أصل الفريضة
وهي اثنان فتصير ستة أسهم، فيأخذ الزوج النصف من ذلك ثلاثة صحاحا ويأخذ الأخ
سهمين وتأخذ الأخت سهما فلا تنكسر عليهم حينئذ السهام، وكذلك إن كان ذو الرحم مع
الزوج ابن عم وبنت عم فالحكم فيهم ما ذكرناه وحساب فرائضهم على ما شرحناه.
وإن كان ذو الرحم أخوين لأب وأختا لأب تنظر في سهامهم فإذا هي خمسة أسهم
للأخوين أربعة أسهم وللأخت سهم واحد فتضرب في أصل الفريضة وهي اثنان في خمسة
فتصير عشرة أسهم، فيأخذ الزوج النصف خمسة أسهم على الكمال من غير انكسار و
يأخذ الأخوان أربعة أسهم صحاحا وتأخذ الأخت سهما واحدا بلا انكسار.
وإن كانوا أخوين وأختين نظر في سهامهم فإذا هي ستة أسهم للأخوين أربعة وللأختين
سهمان فتضرب في أصل الفريضة وهي اثنان فتكون اثنا عشر سهما، فيأخذ الزوج النصف
وهو ستة أسهم لا تنكسر على ما قدمناه ويأخذ الأخوان أربعة أسهم صحاحا وتأخذ الأختان
سهمين بلا انكسار، وعلى هذا الأصل الذي شرحناه يعمل في هذا الباب.
الثاني: وهو سهم الأم مع الأب فتحسبه من ثلاثة لأن أقل عدد له ثلث صحيح ثلاثة، فيكون
للأم واحد وهو الثلث وللأب اثنان وهما الثلثان.
والثالث:
سهم الزوجة وهو الربع مع عدم الولد ووجود غيره من ذوي الأرحام يحسب من أربعة
49

أسهم لأن أقل عدد له ربع صحيح أربعة، فيكون للزوجة واحد وهو الربع ويكون لذوي
الأرحام ما يبقى وهو الثلاثة الأرباع، فإن كان ذو الرحم واحدا أخذ الثلاثة الأرباع على
غير انكسار، وإن كان ثلاثة نفر على تساوي في الاستحقاق أخذوا السهام الثلاثة على
الصحة أيضا وعدم الانكسار، وإن كانوا أربعة أو اثنين ضرب سهامهم في أصل الفريضة
وهي أربعة ثم قسمت السهام عليهم بعد ذلك فخرجت لهم على الصحة حسب ما بيناه،
وكذلك إن كانوا مختلفي السهام لأن فيهم ذكرانا وإناثا تنظر في سهامهم، فتضرب في عدده
في أصل فرضهم وهي أربعة أسهم ثم قسمت الفريضة على ما أخرجه الحساب فإنه
لا ينكسر إن شاء الله.
والرابع وهو السدس:
سهم الأخ من الأم مع الأخ من الأب أو الإخوة والأخوات محسوب من ستة لأن أقل
عدد له سدس صحيح ستة، فيكون للأخ من الأم السدس سهم واحد وللأخ الباقي خمسة أسهم
صحاح، فإن كانا أخوين انكسرت الخمسة عليهما ينظر في سهامهما فيؤخذ سهمان فتضرب
في أصل الفريضة وهي ستة أسهم فتصير اثنا عشر سهما، فيأخذ الأخ من الأم سهمين وهما
السدس ويأخذ الأخوان عشرة أسهم على غير انكسار.
وإن كان أخا وأختا لأب مع الأخ للأم انكسرت الخمسة من الأصل عليهما ومن الاثني
عشر فينظر في سهامهما فتؤخذ ثلاثة أسهم للأخ اثنان وللأخت واحد فتضرب في أصل
الفريضة التي هي ستة أسهم فتصير ثمانية عشر سهما، فيأخذ الأخ للأم السدس ثلاثة
أسهم ويأخذ الأخ للأب الثلثين من الباقي وهو عشرة أسهم وتأخذ الأخت الثلث الباقي
وهو خمسة أسهم على غير انكسار، وكذلك إن كانوا أكثر من اثنين في العدد وسهامهم أكثر
من ثلاثة إلى ما زاد، فالعبرة في سهامهم وتصحيحها ما رسمناه.
والخامس:
سهم الأبوين مع الولد وهما السدسان وفريضتهم من ستة لأن أقل عدد له سدس
50

صحيح ستة فيكون للأبوين اثنان والباقي للولد إن كان ذكرا فتحصل له أربعة أسهم على
غير انكسار، وكذلك إن كان الولد اثنين ذكرين أخذ كل واحد منهما سهمين صحيحين، وإن
كانا ابنتين أخذتا الثلثين على السواء وهي أربعة أسهم كما أخذ الابنان.
وإن كان الولد ذكرا وأنثى انكسرت عليهم الأربعة لأن سهامهما ثلاثة للابن سهمان
وللبنت سهم واحد فتضرب سهامهما وهي ثلاثة في أصل الفريضة وهي ستة أسهم فتصير
ثمانية عشر سهما، فيأخذ الأبوان السدسين وهما ستة أسهم لكل واحد منهما ثلاثة أسهم
صحاح ويأخذ الابن ثلثي ما بقي وهو ثمانية أسهم بغير انكسار وتأخذ البنت ما بقي وهو
أربعة أسهم صحاح، ثم على هذا المثال يكون العمل فيما زاد على اثنين في عدد الأولاد -
اتفقت سهامهم أو اختلفت - على ما شرحناه.
والسادس:
سهم الزوجة مع الولد وهو الثمن فأصل فريضتهم من ثمانية لأن أقل عدد له ثمن
صحيح ثمانية، فيكون للزوجة سهم واحد والباقي وهو سبعة أسهم للولد إن كان واحدا
وإن كانوا سبعة متساوين في السهام.
فإن كان الولد اثنين انكسرت السهام عليهما فتضرب سهامهما - وهما اثنان - إن كانا
متساويين فيها في أصل الفريضة فتصير ستة عشر سهما، فتأخذ الزوجة الثمن وهو اثنان
ويأخذ كل واحد منهما سبعة أسهم على غير انكسار.
وإن كانوا ثلاثة ضرب سهامهم وهي ثلاثة في الأصل وهي ثمانية فصارت أربعة وعشرين،
للزوجة الثمن ثلاثة ولكل واحد من الأولاد سبعة على السواء، وإن كان الولد اثنين
ذكرا وأنثى فحساب فريضتهم على هذا الحساب، وإن كان الولد ثلاثة منهم ذكران والآخر أنثى
انكسر ذلك عليهم فضربت سهامهم وهي خمسة في أصل الفريضة وهي ثمانية فتصير
أربعين، فيكون للزوجة الثمن خمسة أسهم صحاح ويكون للابنين ثمانية وعشرون سهما
لكل واحد منهم أربعة عشر سهما وللبنت سبعة أسهم فيصح لكل واحد منهم السهام على
غير انكسار، ثم على هذا الحساب يكون فرائض الولد وإن زادوا على ثلاثة نفر إلى مائة
51

وأكثر من ذلك - اتفقت سهامهم أو اختلفت - على ما شرحناه.
والعمل في استخراج سهام من سمى الله تعالى لهم سهاما فاجتمعت في فريضة واحدة
كذلك على ما بيناه في المثال، فينظر في أقل عدد له نصف صحيح وثلث صحيح وهي
فريضة الزوج والأم فيكون من ستة على ما بيناه للزوج النصف ثلاثة وللأم الثلث وهو اثنان
وما بقي وهو واحد فللأب إن كان معها وإن كانت وحدها فهو رد عليها حسب ما قدمناه،
وقد ذكرنا فريضة الأبوين والبنتين واجتماع ثلاثة أسهم مسماة فيها للوارث وأنها تخرج من
ستة لأن أقل عدد له سدسان صحيحان وثلثان صحيحان ستة أسهم وبينا وجه العمل فيما
ينكسر من السهام إذا كان البنات ثلاثا أو خمسا بما شرحناه.
فصل آخر:
وقد يجتمع في الفريضة ثلاثة أسهم مسماة ويبقى من التركة ما يرد على بعضهم دون
بعض فالوجه في حساب ذلك واستخراج السهام منه على الصحة دون الانكسار أن
يرجع إلى الأصل الذي رسمناه فينظر أقل عدد فيه تلك السهام فيعتمد في استخراج
الحقوق منه، فإن انكسر في الرد شئ نظر في سهام المردود عليهم واستخرجت من أقل عدد
تخرج منه السهام على الصحة دون الانكسار، ثم تضرب في أصل حساب الفريضة فإنه
تخرج به السهام المردودة على الصحة بلا ارتياب.
مثال ذلك: فريضة الأم والبنت والزوج ففيها ربع مذكور وسدس مذكور
ونصف مذكور وباق يرد على ما ذكرناه، وأقل عدد فيه نصف وربع وسدس على الصحة دون الانكسار
اثنا عشر، للبنت منه النصف ستة أسهم وللأم منه السدس اثنان وللزوج منه الربع ثلاثة
ويبقى سهم واحد ينكسر في الرد على الأم والبنت بحساب سهامهما وهما النصف
والسدس، فينظر في أقل عدد يكون له سدس صحيح ونصف صحيح، فيكون ستة
نصيب البنت منه ثلاثة بحق النصف ونصيب الأم منه واحد بحق السدس، فتضرب
الأربعة الأسهم في أصل الفريضة وهي اثنا عشر فيكون ثمانية وأربعين فيرجع إليها في
حساب السهام دون الاثني عشر الأولة، فيحصل للبنت النصف أربعة وعشرون وللأم
52

السدس ثمانية وللزوج الربع اثنا عشر، وتبقى أربعة فترد على البنت ثلاثة بحساب حقها
من الأصل وعلى الأم السهم الرابع بحساب حقها وهو السدس.
وكذلك إذا اجتمعت فريضة فيها ثمن وسدس ونصف وهي فريضة البنت والأم
والزوجة فالأصل فيها من أربعة وعشرين لأن أقل عدد له ثمن صحيح ونصف صحيح وسدس
صحيح أربعة وعشرين، فيكون للبنت النصف اثنا عشر وللأم السدس أربعة وللزوجة
الثمن ثلاثة، وتبقى خمسة تنكسر في الرد على الأم والبنت، فتضرب سهامهما وهي أربعة
بحق النصف والسدس في أصل الفريضة وهي أربعة وعشرون فتصير ستة وتسعين،
للبنت النصف ثمانية وأربعون وللأم السدس ستة عشر وللزوجة الثمن اثنا عشر، تبقى
عشرون يرد على البنت خمسة عشر وعلى الأم خمسة أسهم فيصير ثلاثة وستون سهما وللأم
أحد وعشرون وللزوجة اثنا عشر سهما وهي ثمنها الذي ذكرناه، وعلى هذا الحساب أبواب
الرد كلها لا يختلف الحكم فيه أن شاء الله.
فصل آخر:
وإذا اجتمعت في الفريضة سهام مسماة فلم يف المال بالسهام فإن السهام اجتمعت
فيها بالذكر دون الحكم لاستحالة الخطأ على الله عز وجل في الأحكام وإيجابه ما لا يستطاع،
فالوجه في ترتيب الفرض ممن ذكرناه أن يبدأ بالقسمة لمن لهم سهام مذكورة في العلو والدنو
ومن حط عن فرض إلى ما هو دونه فيعطى حقه بشرط حكمه في القرآن، ويدفع الباقي من
التركة إلى من تأخر عنه في الترتيب ممن خرج عن حكمه في بيان سهمه على الكثرة
والنقصان ليبطل بذلك العول الذي أبدعه أهل الضلال ونسبوا الله تعالى فيه إلى الخطأ في
الحساب أو تكليف ما لا يطاق وإيجاب ما يتعذر فيه الإيجاب، وأنا أفسر هذه الجملة بما يصح
معناها لمن تأمله من ذوي الألباب إن شاء الله:
قد جعل الله تعالى للأبوين السدسين مع الولد، وجعل للزوج الربع معه ومعهما، وجعل
الثلثين في نص القرآن. وقد يجتمع والدان وزوج وثلاث بنات وليس يصح أن للبنات
يكون مال واحد ولا شئ واحد له ثلثان وسدسان وربع على حال، فنعلم بهذا أن أحد
53

هؤلاء المذكورين لم يقسم الله تعالى له ما سماه عند اجتماعهم في الميراث لاستحالة قسمة
المحال والمعدوم الذي لا وجود له بحال من الأحوال، فنظرنا فإذا الأبوان قد سمى الله
تعالى لهما فريضة ثم حطها إلى أخرى دونها فسمى لهما مع عدم الولد الثلث والثلثين
والثلث وما يبقى ثم حطهما عن هذه الفريضة مع الولد إلى السدسين، فعلمنا أنهما لا يهبطان
عن السدسين أبدا إذ لو كانت لهما درجة في الميراث يهبطان إليها ما اقتصر الله تعالى في ذلك
على ما سماه ولبينه كما بين ما سواه وأهبطهما إليها بالتعيين لهما كما أهبطهما عن الدرجة
العليا إلى ما ذكرناه فوجب أن يوفيهما أدنى سهم لهما مذكور في القرآن.
وكذلك وجدنا الزوج والزوجة قد أهبطا من درجة في الميراث إلى دونها، فأهبط
الزوج من النصف إلى الربع وأهبطت الزوجة من الربع إلى الثمن فجريا مجرى الأبوين
في بيان أقل سهامهما عند الله فلم يجز حطهما عن ذلك بحال، ووجدنا البنات غير
مهبطات من درجة إلى درجة في التسمية والسهام فكان الأمر في فرضهن على الإكمال ووجب
لهن بذلك الزيادة إن وجدت وعليهن النقصان في استيفاء أهل السهام ممن ذكرنا
سهامهم بتفصيل القرآن، فوجب أن يبدأ فيما ذكرناه وعيناه من الفريضة بالأبوين فيعطيا
السدسين، ويعطي الزوج الربع على الكمال، ويكون للبنتين أو البنات ما يبقى كائنا ما كان
لأنه لو لم يكن معهن أبوان أخذن الثلاثة الأرباع مع الزوج وهو أكثر من المسمى لهن بلا
ارتياب فيكون لهن الزيادة عند وجودها وعليهن النقصان مع أصحاب السهام ممن
ذكرناه، وليس ينقص في هذه الفريضة عن حق لهن سمي في القرآن لأنه لم يفرض لهن على
ما تضمنه الذكر في هذا المكان، وإنما فرض لهن في غيره وهو الموضع الذي يحصل لهن فيه
على الكمال.
وإذا أراد الانسان أن يقسم فريضة من سميناه نظر أقل عدد له ربع صحيح وسدسان
صحيحان فحسب منه السهام. ووفى صاحب الربع ربعه وصاحبي السدسين حقهما منه
ودفع ما يبقى إلى من تأخر عنهما في التسمية لما بيناه وشرحناه فلا تنكسر عليه حينئذ سهام
أبدا بالقسمة على حال، فإن انكسر عليه سهام المتأخرين جمعها في الأصل وضربها في العدد الذي
استخرج منه السهام فصح له الحساب بلا ارتياب بغير كسر إن شاء الله.
54

مثال ذلك، أن ينظر في أقل عدد له ربع وسدسان فيكون اثنا عشر، فيأخذ الزوج الربع
ثلاثة أسهم صحاح ويأخذ الأبوان السدسين أربعة أسهم لكل واحد منهما سهمان صحيحان
وتبقى خمسة تنكسر على الابنتين، فتضرب سهامهما في الأصل وهما اثنان في أصل الفريضة
فتصير أربعة وعشرين، فيأخذ الزوج ستة والأبوان ثمانية وتبقى عشرة فتأخذ كل بنت
خمسة فتصح السهام للجماعة على غير انكسار إن شاء الله.
55

الانتصار
للسيد الشريف المرتضى علم الهدي أبي القاسم
علي بن الحسين الموسوي
355 - 436 ه‍ ق
57

مسائل المواريث والفرائض والوصايا
وما يتعلق بذلك
أعلم أن المسائل التي تنفرد بها الإمامية في هذا الباب يدور أكثرها ومعظمها على أصول
نحن نبين الكلام فيها ونستوفيه وهي الكلام في العصبة والعول والرد، وإذا بان أن الحق في
هذه الأصول معنا دون مخالفينا أثبت المسائل الكثيرة في الفرائض عليه واستغنينا عن
التطويل بتعيين الكلام في المسائل مع رجوعهن إلى أصل واحد وقد أحكمناه. فصل في
الكلام عن التعصيب: اعلم أن مخالفينا في هذا الباب يذهبون في ذلك إلى ما لم يقم به حجة
كتاب ولا سنة مقطوع بها ولا إجماع، ويعولون في هذا الأصل الجليل على أخبار آحاد
ضعيفة لو سلمت من كل قدح ومخالفة لنص الكتاب وظاهره على ما نستدل عليه ومعارضة
بأمثالها لكانت غاية أمرها أن توجب الظن الذي قد بينا في غير موضع أن الأحكام الشرعية
لا تثبت بمثله، وادعاء الاجماع على قولهم في التعصيب غير ممكن مع الخلاف المعروف المسطور
فيه سالفا وآنفا لأن ابن عباس رحمة الله عليه كان يخالفهم في التعصيب، ويذهب إلى مثل
مذهب الإمامية ويقول في من خلف بنت وأختا أن المال كله للبنت دون الأخت ووافقه في ذلك
جابر بن عبد الله.
وحكى الساجي أن عبد الله بن الزبير قضى أيضا بذلك، وحكى الطبري مثله، ورويت موافقة
59

ابن عباس عن إبراهيم النخعي في رواية الأعمش عنه وذهب داود بن علي الإصفهاني إلى
مثل ما حكيناه ولم يجعل الأخوات عصبة مع البنات فبطل ادعاء الاجماع مع ثبوت الخلاف
متقدما ومتأخرا، والذي يدل على صحة مذهبنا وبطلان مذهب مخالفينا في العصبة بعد
إجماع الطائفة الذي قد بينا أنه حجة قوله تعالى: (للرجال نصيب مما ترك الوالدان
والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا)
وهذا نص في موضع الخلاف، لأن الله تعالى صرح بأن للرجال من الميراث نصيبا، وأن
للنساء أيضا نصيبا ولم يخص موضعا دون موضوع، فمن خص في بعض المواريث
بالميراث الرجال دون النساء فقد خالف ظاهر هذه الآية.
وأيضا فإن توريث الرجال دون النساء مع المساواة في القربى والدرجة من أحكام
الجاهلية، وقد نسخ الله تعالى بشريعة نبينا عليه وآله أحكام الجاهلية، وذم من أقام عليها
واستمر على العمل بها بقوله تعالى: أ فحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما،
وليس لهم أن يقولوا أننا نخص الآية التي ذكرتموها بالسنة، وذلك أن السنة التي لا تقتضي
العلم القاطع لا نخص بها القرآن، كما لا ننسخه بها، وإنما يجوز بالسنة أن نخص أو ننسع
إذا كانت تقتضي العلم اليقين، ولا خلاف في أن الأخبار المروية في توريث العصبة أخبار
آحاد لا توجب علما، وأكثر ما تقتضيه غلبة الظن، على أن أخبار التعصيب معارضة بأخبار
كثيرة ترويها الشيعة من طرق مختلفة في إبطال أن يكون الميراث بالعصبة وأنه
بالقربى والرحم وإذا تعارضت الأخبار رجعنا إلى ظواهر الكتاب.
فاعتماد المخالفين في العصبة على حديث رواه ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس
عن النبي ص أنه قال: قال رسول الله ص: يقسم المال على أهل الفرائض على
كتاب الله فما تركت فلأولي ذكر قرب، وهذا خبر لم يروه أحد من أصحاب الحديث إلا من
طريق ابن طاووس، ولا رواه ابن طاووس إلا عن أبيه يسنده تارة
إلى ابن عباس في رواية وهيب ومعمر، وتارة أخرى يرويه عنه الثوري وعلي بن عاصم،
عن أبيه مرسلا غير مذكور فيه ابن عباس. فيقول الثوري وعلي بن عاصم عن ابن
طاووس عن أبيه قال: قال رسول الله ص، ثم هو مختلف اللفظ، لأنه يروى فما
60

أبقت الفرائض فلأولي ذكر، وروي أيضا فلأولي عصبة قرب عصبة، وروي أيضا فلأولي
عصبة ذكر، وفي رواية أخرى فلأولي رجل ذكر عصبة، واختلاف لفظه والطريق واحد يدل
على ضعفه.
وقد خالف ابن عباس الذي يسند هذا الخبر إليه ما أجمع متقبلو هذا الخبر عليه في
توريث الأخت بالتعصيب إذا خلف الميت ابنة وأختا على ما قدمنا وحكيناه عنه، وراوي
الخبر إذا خالف معناه كان فيه ما هو معلوم، ثم إذا تجاوز عن ذلك من أين لهم أن معنى
العصبة المذكورة في الخبر هو ما يذهبون إليه، وليس في اللغة العربية لذلك شاهد ولا في
العرف الشعبي؟ فأما اللغة فإن الخليل بن أحمد قال في كتاب العين، إن العصبة مشتقة
من الأعصاب وهي التي تصل بين أطراف العظام، ولما كانت هي الواصلة بين المتفرق
من الأعضاء حتى التأمت، وكان ولد البنات أولادا للجد كما أن أولاد الابن ولد للجد،
والجد جد للجميع كان البنات في جميع ولدهن إلى الجد، وضم الأهل والقبيلة المنسوبة إلى
الجد كالبنين وكانوا جميعا كالأعصاب التي تجمع العظام وتلائم الجسد، فوجب أن يسموا
جميعا عصبة، وذكر أبو عمرو غلام ثعلب قال: قال ثعلب: قال ابن الأعرابي: العصبة جميع
الأهل من الرجال والنساء، فإن هذا هو المعروف المشهور في لغة العرب، وإن الكلالة ما عدا
الوالدين والولد من الأهل، فإذا كانت اللغة على ما ذكرناه فهي شاهد بضد ما يذهب إليه
مخالفنا في العصبة، وليس هاهنا عرف شرعي مستقر في هذه اللفظة، لأن الاختلاف واقع في
معناها لأن في الناس من يذهب إلى أن العصبة إنما هي القرابة من جهة الأب.
وفيهم من يذهب فيها إلى أن المراد بها قرابة الميت من الرجال الذين اتصلت
قرابتهم به من جهة الرجال كالأخ والعم دون الأخت والعمة، ولا يجعل الرجال الذين
اتصلت قرابتهم من جهة النساء عصبة كإخوة الميت لأمه وفيهم من جعل العصبة
مأخوذة من التعصب والرايات والديوان والنصرة ومع هذا الاختلاف لا إجماع يستقر
على معناها، على أنهم يخالفون لفظ هذا الحديث الذي يروونه لأنهم يعطون الأخت مع
البنت بالتعصيب وليست برجل ولا ذكر كما تضمنه لفظ الحديث.
فإن قالوا: تخص هذا اللفظ إذا ورثنا الأخت مع البنت.
61

قلنا: ما الفرق بينكم إذا خصصتموه ببعض المواضع، وبيننا إذا فعلنا في تخصيصه
مثل فعلكم فجعلناه مستعملا في من خلف أختين لأم وابن أخ وابنة أخ لأب وأم وأخا لأب فإن
للأختين من الأم فرضهن الثلث وما بقي فلأولي ذكر قرب وهو الأخ من الأب وسقط ابن الأخ
وبنت الأخ، لأن الأخ أقرب منهما، وفي موضع آخر وهو أن يخلف الميت امرأة وعما وعمة وخالا
وخالة وابن أخ وأخا، فللمرأة الربع وما بقي فلأولي ذكر وهو الأخ أو الأخ وسقط الباقون ثم
يقال لهم: من أي وجه كانت الأخت مع البنت عصبة، فإذا قالوا: من حيث عصبها
أخوها، قلنا: فألا جعلتم البنت عصبة عند عدم البنين ويكون أخوها هو الذي يعصبها،
وإذا كان الابن أحق بالتعصيب من الأب فالأب أحق بالتعصيب من الأخ، وأخت الابن
أحق بالتعصيب كثيرا من أخت الأخ.
وكذلك يلزمهم أن يجعلوا العمة عند عدم العم عصبة في ما توجه لإنجازه وفعله، فإن
قالوا: البنت لا تعقل عن أبيها، قلنا: والأخت أيضا لا تعقل فلا تجعلوها عصبة مع البنات.
فإن تعلقوا بما رووه عن النبي ص أنه أعطى الأخت مع البنت.
قلنا: هذا حديث لو صح وبرئ من كل قدح لكان مخالفا لنص الكتاب لأن الله تعالى
قال: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله، فنص على القربى وتداني الأرحام
سبب في استحقاق الميراث والبنت أقرب من الأخت وأدنى رحما وخبرهم الذين يعولون
عليه في توريث الأخت مع البنت، رواه الهذيل بن شرحبيل أن أبا موسى الأشعري سئل عن
رجل ترك بنتا وابنة ابن وأختا من أبيه وأمه، فقال: لابنته النصف وما بقي فللأخت،
وبخبر يرويه الأسود بن يزيد قال: قضى فينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله ص
فأعطى البنت النصف، والأخت النصف ولم يورث العصبة شيئا.
فأما الخبر الأول فقد قدح أصحاب الحديث في روايته وضعفوا رجاله وقيل: إن هذيل
بن شرحبيل مجهول ضعيف، ولو زال هذا القدح لم يكن فيه حجة لأن أبا موسى ليس في
قضائه بذلك حجة، ولأنه ما أسنده عن النبي ص.
وكذلك القول في خبر معاذ وليس في قولهم أنه كان على عهد رسول الله ص
حجة لأنه قد يكون على عهده ما لا يعرفه، ولو عرفه لأنكره، وقد امتنع من توريث
62

الأخت مع البنت من هو أقوى من معاذ، وهو أولى بأن يتبع وهو ابن عباس.
وفي حديث معاذ أيضا ما يقتضي بطلان قول من يذهب إلى أن الأخت تأخذ بالتعصيب
مع البنت لأنه قال: ولم يورث العصبة شيئا لأنها لو كانت عصبة في هذا الموضع لم يقل
ذلك، بل كان يقول: ولم يورث باقي العصبة شيئا، وليس يجوز أن يستدل على أن الأخت
لا ترث مع البنت بقوله تعالى: إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك،
فشرط في توريث الأخت فقد الولد فيجب أن لا تعطى مع البنت لأنها ولد، وذلك أنه تعالى
إنما شرط في هذا الفرض المخصوص للأخت فقد الولد، وليس ذلك بمانع من أن ترث مع
فقد هذا الشرط بسبب آخر، فإن تعليق الحكم بشرط لا يدل على ارتفاعه مع فقد الشرط
على ما بيناه في كتاب أصول الفقه.
بالتعصيب مع فقد إخوتهن على أي من ذهب إلى التوريث بالتعصيب، ألا ترى
أن البنات وبنات الابن لا يرثن بالتعصيب إذا أفردن، فلو ورثت الأخت بالتعصيب إذا
انفردت لكانت بنت الابن أولى من الأخت بما فضل من فرض البنات.
وإذا كنا قد دللنا على بطلان الميراث بالعصبة فقد بطل كل يبنيه مخالفونا من المسائل
في الفرائض على هذا الأصل وهي كثيرة ولا حاجة بنا إلى تفصيلها وتعيين الكلام في كل
واحد منها، لأن إبطالنا الأصل الذي يبني هذه المسائل عليه قد أغنى وكفى.
فمن هذه المسائل: أن يخلف الرجل بنتا وعما، فعند المخالف أن للبنت النصف
والباقي للعم بالعصبة، وعندنا أنه لا حظ للعم والمال كله للبنت بالفرض والرد، وكذلك
لو كان مكان العم ابن عم، وكذلك لو كان مكان البنت ابنتان، ولو خلف الميت عمومة
وعمات أو بني عم وبنات عم فمخالفنا يورث الذكور من هؤلاء دون الإناث لأجل
التعصيب، ونحن نورث الذكور والإناث. ومسائل التعصيب لا تحصى كثرة.
وحجتنا على صحة ما نذهب إليه في هذه المسائل كلها ما بينا صحته من إبطال
التعصيب والتوريث به.
فإن قيل: إذا كنتم تستدلون على أن العمات يرثن مع العمومة، وبنات العم يرثن مع بني
63

العم وما أشبه ذلك من المسائل بقوله تعالى: للرجال نصيب ترك الوالدان والأقربون، الآية
ففي هذه الآية حجة عليكم في موضع آخر، لأنا نقول لكم ألا ورثتم العم أو ابن العم مع
البنت بظاهر هذه الآية؟، وكيف خصصتم النساء دون الرجال بالميراث في بعض
المواضع وخالفتم ظاهر الآية؟ فألا ساع لمخالفكم مثل ما فعلتموه؟
قلنا: لا خلاف في أن قوله تعالى: للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون - الآية، أن
المراد به مع الاستواء في القرابة والدرج أ لا ترى أنه لا يرث ولد الولد ذكورا كانوا أو إناثا مع
الولد لعدم التساوي في الدرجة والقرابة، وإن كانوا يدخلون تحت التسمية بالرجال
والنساء وإذا كانت القرابة والدرجة مراعاتين فالعم أو ابنه لا يساوى البنت في القربى
والدرجة وهو أبعد منها كثيرا.
وليس كذلك العمومة والعمات وبنات العم وبنو العم، لأن درجة هؤلاء واحدة
وقرباهم متساوية والمخالف يورث الرجال منهم دون النساء فظاهر الآية حجة عليه وفعله
مخالف لها، وليس كذلك قولنا في المسائل التي وقت الإشارة إليها وهذا واضح فليتأمل.
فصل في العول:
اعلم أن العول في اللغة العربية اسم للزيادة والنقصان وهو يجري مجرى الأضداد،
وإنما دخل هذا الاسم في الفرائض في المواضع الذي ينقص فيه المال عن السهام المفروضة
فيه فدخل هاهنا النقصان، ويمكن أن يكون دخوله لأجل الزيادة، لأن السهام زادت على
مبلغ المال، وإذا أضيف إلى المال كان نقصانا، وإذا أضيف إلى السهام كان زيادة، والذي
تذهب إليه الشيعة الإمامية أن المال إذا ضاق عن سهام الورثة قدم ذوو السهام المؤكدة من
الأبوين والزوجين على البنات والأخوات من الأب والأم أو من الأب، وجعل الفاضل عن
سهامهم لهن، وذهب ابن عباس رحمه الله إلى مثل ذلك، وقال به أيضا عطاء ابن أبي رباح.
وحكى الفقهاء من العامة هذا المذهب عن محمد بن علي بن الحسين الباقر صلوات
الله عليه وعلى آبائه الطاهرين ومحمد بن الحنفية رضي الله عنه وهو مذهب داود بن علي
الإصفهاني وقال باقي الفقهاء: إن المال إذا ضاق عن سهام الورثة قسم بينهم على قدر
64

سهامهم، كما يفعل ذلك في الديون والوصايا إذا ضاقت التركة عنها.
والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه إجماع الطائفة عليه، فإنهم لا يختلفون فيه، وقد
بينا أن إجماعهم حجة.
وأيضا فإن المال إذا ضاق عن السهام كامرأة ماتت وخلقت ابنتين وأبوين وزوجا،
والمال يضيق عن الثلثين والسدسين والربع فنحن بين أمور: إما أن ندخل النقصان على
كل واحد من هذه السهام أو ندخله على بعضها، وقد أجمعت الأمة على أن البنتين هاهنا
منقوصتان بلا خلاف، فيجب أن يعطي الأبوان السدسين والزوج الربع، ونجعل ما بقي
للابنتين، ونخصهما بالنقص لأنهما منقوصتان بالإجماع، ومن عداهما ما وقع إجماع على
نقصه من سهامه ولا قام دليل على ذلك، وظاهر الكتاب يقتضي أن له سهما معلوما فيجب
أن نوفيه إياه ونجعل النقص لاحقا بمن أجمعوا على نقصه. (طريقة أخرى). ومما يدل
أيضا على ذلك أنا إذا نقصنا جميع ذوي السهام وأعطينا كل واحد منهم بعض ما تناوله
النص خصصنا ظواهر كثيرة وصرفناها عن الحقيقة إلى المجاز، وإذا نقصنا أحدهم
عدلنا فيما يخص هذا المنقوص وحده عن الظاهر والحقيقة وبقينا ما عداه على ظاهره
وحقيقته، وإذا كان التخصيص والانصراف عن الحقيقة إنما يفعل للضرورة فقليله أولى
من كثيره ولا معتبر بما يفعله مخالفونا من تسميتهم ما هو خمس في الحقيقة ربعا، وما هو أقل
من السدسين بأنه سدسان ولا بالثمن عن التسع وما أشبه ذلك لأنهم يسمون الشئ بغير
اسمه الموضوع له، وخرجوا عن موجب اللغة.
ولم يبق إلا أن يقال لنا: كلامكم يقتضي أن نقصان بعض السهام المذكورة أولى من
إدخال النقص على الجميع فلم خصصتم من ذكرتموه من البنات والأخوات بالنقصان
دون من عداهن؟ وما الفرق بينكم وبين من جعل النقص داخلا على غير من ذكرتم وفي
سهام من خصصتموه بالنقصان؟
والجواب: إن كل من أوجب نقص أحد المسمين دون جميعهم خص بالنقصان من
عيناه دون غيره والقول: بأن النقص داخل على البعض الذي هو غير من عيناه
وخصصناه بالنقصان قول يخرج عن الاجماع.
65

فأما اعتماد من نفى العول من أصحابنا وغيرهم على أن الزوج والزوجة كانت لكل
واحد منهما فريضة فحطا إلى دونها، وكذلك الأبوان حطا من فريضة إلى أخرى والبنات
والأخوات لم يهبطا من فريضة إلى أخرى فدخول النقص على من لم يلحقه نقص أولى من
دخوله على من نقص فليس بشئ وإنما هو دعوى محضة.
وإذا قيل لهم: ولم إذا كان الأمر على ما حكيتموه وجب ما ظننتموه ولو عكس عاكس
ذلك عليكم، فقال: دخول النقص على الزوجين والأبوين دلالة على ضعف حكمهما وامتناع
دخول النقص على البنات والأخوات أمارة لقوة نصيبهما، فإدخال العول على الضعيف
أولى من القوي لم يجدوا فرقا صحيحا وهم يروون هذا الترجيح عن ابن عباس رحمه الله
وإذا صح عنه فلا حجة فيه لما أشرنا إليه.
والمعتمد في نفي العول على ما قررناه - وليس يشبه ما يقولونه في العول - الديون إذا
كانت على الميت ولم تف تركته بالوفاء بها، فإن الواجب القسمة للمال على أصحاب الديون
بحسب ديونهم من غير إدخال نقص على بعضهم وذلك أن أصحاب الديون مستوون في
وجوب استيفاء أموالهم من تركة الميت، وليس لأحد مزية على الآخر في ذلك، فإن اتسع
المال لحقوقهم استوفوها، وإن ضاق تساهموه وليس كذلك مسائل العول، لأنا قد بينا أن
بعض الورثة أولى بالنقص من بعض، وأنهم غير مستويين كاستواء أصحاب الديون فافترق
الأمران.
ومما يمكن أن يفرق به بين العول والدين إذا ضاقت التركة عنهما أن الديون ربما اتسعت
أموال الميت لاستيفائها منها، وليس كذلك العول لأن ولا قلة وكيف يشبه الديون العول وفي
أصحابا من ذهب إلى أن البنت إنما جعل لها النصف مع الأبوين، وجعل للبنتين الثلثان
أيضا معهما، فإذا انفردت البنت الواحدة أو الابنتان عن الأبوين تغير هذا الفرض، وهذا
إنما ارتكبوه فرارا به من العول حتى لا يجتمع في مرأة ماتت وخلفت بنتين وأبوين وزوجا
الثلثان والسدسان والربع.
وقد بينا في مسألة أمليناها مفردة وتكلمنا فيها على شئ أخطأ فيه الفضل بن شاذان
66

في المواريث بطلان هذه الشبهة، وأن الله تعالى جعل للبنت الواحدة النصف بالإطلاق
وعلى كل حال وللبنتين الثلثين على كل حال، وأن قوله تعالى: ولأبويه لكل واحد منهما
السدس، كلام مبتدأ لا يتعلق بما تقدم، وقلنا أيضا: كيف يجوز أن يريد أن للواحدة النصف
وللبنتين الثلثين مع الأبوين، وهو تعالى يقول: ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له
ولد فإن لم يكن له ولد، وأشبعنا ذلك واستوفيناه على أنهم لا يتمكنون من مثل هذا في امرأة
خلفت زوجا وأخوين من أم وأختا من أب وأم، لأن هذه المسألة فيها نصف وهو حق
الزوج، وثلث وهو حق الأخوين من الأم، ونصف وهو حق الأخت من
الأب والأم، فلا بد من مذهب المخالف في العول ونقصان الجميع أو إفراد الأخت من الأب والأم بالنقصان،
وليس لهم أن يقولوا إنما جعل للأخت النصف إذا انفردت، وذلك لأن الله تعالى شرط في
استحقاقها هذا النصف نفي الولد، والظاهر يقتضي أنها تستحق ذلك مع فقد الولد على
كل حال، وإنما نقول: إن الباقي هاهنا للأخت لدليل اقتضى العدول عن الظاهر فيجب أن
يقولوا بمثل ذلك في ميراث البنت والبنتين مع الأبوين وفقدهما، وإنا إنما ندخل النقص على
البنات مع دخولهن تحت الظاهر بدليل اقتضى ذلك.
فأما قول بعض أصحابنا محتجا على صحة ما ذهبنا إليه من إدخال النقص على البنات بأنه لو
كان مكان البنت أو البنتين ابن أو بنون ما كان لهم إلا ما بقي، والبنت ليست بأحسن حالا
من الابن، فيجب أن يكون لها ما بقي فليس بمعتمد، لأن الابن ليس من ذوي السهام
المنصوص عليها في موضع من المواضع، وليس كذلك البنت والبنتان.
فأما دعوى المخالف أن أمير المؤمنين ص كان يذهب إلى العول في الفرائض،
وأنهم يروون عنه ذلك، وأنه ع سئل وهو على المنبر عن بنتين وأبوين وزوجة، فقال
ع بغير روية صار ثمنها تسعا فباطلة لأنا نروي عنه صلوات الله عليه خلاف العول
ووسائطنا إليه النجوم الزاهرة من عترته كزين العابدين والباقر والصادق والكاظم
صلوات الله عليهم، وهؤلاء ع أعرف بمذهب أبيهم صلوات الله عليه نقل
خلاف ما نقلوه، وابن عباس رحمه الله ما تلقى إبطال العول في الفرائض إلا عنه
عليه الصلوات.
67

ومعولهم في الرواية عنه ع أنه كان يقول بالعول عن الشعبي والحسن بن
عمارة والنخعي.
فأما الشعبي فإنه ولد في سنة ست وثلاثين. والنخعي ولد سنة سبع وثلاثين، وقتل أمير
المؤمنين سنة أربعين فكيف تصح روايتهما عنه؟ والحسن بن عمارة ضعيف عند أصحاب الحديث،
ولما ولي المظالم قال سليمان بن مهران الأعمش: ظالم ولي المظالم، ولو سلم كل
ما ذكرناه من كل قدح وجرح لم يكونوا بإزاء من ذكرناه من السادة القادة الذين رووا عنه
ع إبطال العول.
فأما الخبر المتضمن أن ثمنها صار تسعا، فإنما رواه سفيان عن رجل لم يسمه
والمجهول لا حكم له، وما رواه عنه ع أهله أولى وأثبت وفي أصحابنا
من يتأول هذا الخبر إذا صح على أن المراد به أن
ثمنها صار تسعا عندكم أو أراد الاستفهام وأسقط حرفه،
كما أسقط في مواضع كثيرة، ووجدت بعض من يشار إليه في علم الفرائض
يلزم من نفي العول فيقول له ما تقول في زوج وأم وأخوين من أم قال: فإن قال للزوج
النصف وللأم الثلث وللأخوين الثلث عالت الفريضة، فيقال له: لا ينبغي أن تكلم من
لا تعرف مذهبه، وللزوج عندنا في هذه الفريضة النصف وللأم الباقي ولا حظ للأخوين من
الأم فإن الإخوة عندنا لا يرثون مع الأم في موضع من المواضع.
وقال أيضا من تقدمت الإشارة إليه: يقال لمن نفى العول: ما تقولون في زوج وأخت لأب
وأم وأخت لأب؟ فإن قالوا: للزوج النصف وللأخت للأب والأم النصف وتسقط الأخت
للأب، قيل: ولم صارت الأخت للأب والأم مقدمة على الأخت للأب وهما يرثان مرة بالفرض
ومرة بالتعصيب؟ فيقال له: إنما جعلنا للزوج النصف وللأخت للأب والأم النصف
الآخر، لأن الأخت للأب والأم إذا اجتمعت مع أخت لأب سقطت الأخت للأب وورث جميع
المال الأخت للأب والأم فالأخت للأب والأم مقدمة على الأخت للأب كما أن الأخ للأب
والأم مقدم على الأخ للأب.
ثم قال هذا الذي أشرنا إليه: يقال لمن نفى العول ولم يقل بالقياس إذا لم يكن عندكم ما
فرض لذوي السهام عاما في كل المسائل، فمن أين قلتم في زوج وأختين لأب وأم للزوج
68

النصف وللأختين النصف؟ فإن قالوا: قلنا بالإجماع في فرض الزوج، ثم قال: لا إجماع في
ذلك، فالجواب غير ما حكاه عنا لأنا نقول في هذه المسألة أن الأختين منقوصتان مما فرض لهما
من السهام بلا خلاف فيجب أن تنقصا والزوج غير مجمع على وجوب نقصه فيجب أن
يكون سهامه موفرة، وإن شئت أن تقول ليس يمكن العمل بعموم الظواهر في هذه المسألة
لأنه محال أن يكون لمال واحد نصف وثلثان فنحن بين أمرين بين أن ننقص الزوج والأختين
كما فعل أصحاب العول وبين أن ننقص إما الزوج أو الأختين فلو نقصنا الزوج والأختين معا
لكنا عادلين عن الظاهر في سهام الزوج والظاهر في سهام الأختين، وإذا أنقصنا الأختين
دون الزوج فإنما عدلنا عن ظاهر واحد، وحملنا الآخر على حقيقته، فالعدول عن ظاهر
واحد أولى من العدول عن اثنين، وليس لأحد أن يقول فاعدلوا عن ظاهر الزوج وبقوا
ظاهر الأختين، لأن كل من أوجب العدول في هذه المسألة عن بعض الظواهر دون
بعض أوجب العدول في من عيناه وإذا كنا قد بينا فساد القول بالعول فقد أبطلنا بذلك كلما
يبني عليه من المسائل وهي كثيرة ولا حاجة بنا إلى تعيين جميعها وتفصيلها مع إبطال
الأصل الذي يرجع إليه.
فصل في القول بوجوب الرد:
عندنا أن الفاضل عن فرض ذوي السهام من الورثة يرد على أصحاب السهام بقدر
سهامهم، ولا رد على زوج ولا زوجة كمن خلف بنتا وأبا فللبنت بالتسمية النصف وللأب
بالتسمية السدس وما بقي بعد ذلك وهو المال رد عليهما بقدر أنصبائهما فللبنت ثلاثة
أرباعه وللأب ربعه فيصير المال مقسوما على أربعة أسهم للبنت ثلاثة أسهم من أربعة وللأب
سهم من أربعة، وقال أهل العراق: إن الفاضل من السهام إذا لم يكن هناك عصبة رد على
أصحاب السهام بقدر سهامهم إلا على الزوجين.
وروى مخالفونا ذلك عن أمير المؤمنين ع وابن عباس وابن مسعود وبه قال
الثوري والشعبي والنخعي ولم يرد ابن مسعود أيضا على ولد الأم مع ولا الأم على الجدة
مع ذي رحم له سهم ولا على بنات الابن مع البنت ولا على أخت لأب مع أخت لأب وأم،
69

وذهب زيد بن ثابت إلى أن الفاضل من السهام لبيت المال، وبه قال الشافعي ومالك وداود
وكثير من أهل الحجاز، ومن تأمل هذا الموضع علم أن الإمامية منفردة فيه عن من وافقها
في الرد من أهل العراق وغيرهم لأن أولئك راعوا العصبة والإمامية لا تراعيها، وترد على كل
حال، والوجود إذا تؤملت عرف موضع انفراد الإمامية.
والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه في هذه المسألة إجماع الطائفة، وقد بينا أنه حجة،
ويمكن أن يستدل على ذلك بقوله تعالى: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب
الله)، فدل على أن من هو أولى بالرحم وأقرب به أولى بالميراث.
وقد علمنا أن قرابة الميت وذوي رحمه أولى بميراثه من المسلمين وبيت المال، وأصحاب
السهام أيضا غير الزوج والزوجة أقرب إلى الميت من عصبته فوجب أن يكون فاضل
السهام إليهم مصروفا.
فإن قيل: لم يقع التصريح في الآية بأن أولى الأرحام بعضهم أولى ببعض في الميراث؟
قلنا: اللفظ يحتمل الميراث وغيره فنحمله بحكم العموم على جميع ما يحتمله، ومن ادعى
التخصيص فعليه الدليل، ومما يمكن أن يعارض به الخصوم في رواياتهم التي يتناولونها وتوجد في
كتبهم ما رووه عن النبي ص من قوله: المرأة تحوز ميراث ثلاثة
عتيقها ولقيطها وولدها، فأخبر أنها تحوز جميع ميراث بنيها، ولا تحوز جميعه إلا بالرد عليها
دون التسمية.
ومما يمكن أن يعارضوا به أيضا ما يروونه عن النبي ص أنه جعل ميراث
ولد الملاعنة لأمة ولذريتها من بعدها، وهذا يقتضي أن يكون جميع ميراثه لها، ولا يكون لها
الجميع إلا بالتسمية والرد، ومما يمكن أيضا أن يعارضوا به ما يروونه عن سعد أنه قال للنبي
ص إن لي مالا كثيرا وليس يرثني إلا بنتي أ فأوصي بمالي كله؟ قال: لا، قال:
فبالنصف؟ قال: لا، قال: فبالثلث؟ قال: الثلث والثلث كثير، ووجه الدلالة من الخبر أنه
قال: ليس يرثني إلا بنتي ولم ينكر عليه النبي ص.
وروي هذا الخبر بلفظ آخر أنه قال: أ فأوصي بثلثي مالي والثلث لبنتي؟ قال:
لا، قال: أ فأوصي بنصف مالي والنصف لبنتي؟ قال: لا، قال: أ فأوصي بثلث مالي والثلثان
70

لبنتي؟ قال: الثلث والثلث كثير فدل ذلك على أن البنت قد ترث الثلثين.
واحتج المخالف لنا في الرد بقوله تعالى: إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها
نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد، فجعل للأخت النصف إذا مات أخوها ولا
ولد له ولم يردها عليه، فدل على أنها لا تستحق أكثر من النصف بحال من الأحوال.
والجواب عن ذلك أن النصف إنما وجب لها بالتسمية، ولأنها أخت والزيادة إنما
تأخذها لمعنى آخر وهو الرد بالرحم، وليس يمتنع أن ينضاف سبب إلى آخر، مثال ذلك
الزوج إذا كان ابن عم ولا وارث معه فإنه يرث النصف بالزوجية والنصف الآخر عندنا
لأجل القرابة، وعند مخالفينا لأجل العصبة، ولم يجب إذا كان الله تعالى قد سمى النصف
مع فقد الولد ألا يزاد عليه بسبب آخر.
وبمثل هذا الجواب نجيبهم إذا قالوا: إن الله تعالى جعل للبنت الواحدة النصف
فلا يجوز أن يزاد على ذلك، لأنا قد بينا أن النصف تستحقه بالتسمية والباقي تستحقه
بسبب آخر وهو الرد، فاختلف السببان واعلم أن المسائل التي تنفرد بها الإمامية في الرد
كثيرة لا معنى للتطويل بذكرها، وإذا كنا قد بينا صحة أصولنا في الرد وما يبني عليه وكل
مسألة تفرعت عن هذه الأصول مردودة إليها ومبنية عليها فلا حاجة إلى تكلف أعيان
المسائل كلها، كما لم نفعل ذلك في باب العصبات وباب العول.
المسائل المشتركة في الإرث
وهي زوج وأم وأخوان من أم وإخوة لأب وأم، فعند الإمامية أن للزوج النصف وللأم
باقي المال بالتسمية والرد، وليس للأخوة والأخوات حظ في هذا الميراث.
وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أن للزوج النصف وللأم السدس ولولد الأم الثلث
وأسقطوا الإخوة من الأب والأم وهو مذهب أبي بن كعب وأبي موسى الأشعري، وإحدى
الروايتين عن ابن مسعود وزيد، وهو أيضا مذهب داود بن علي الإصفهاني، وقال مالك
والشافعي: الثلث بين جميع الأخوات والإخوة بالسوية ذكورهم وإناثهم فيه سواء، وروي هذا
القول عن عمر وعثمان، وبه قال سعيد بن المسيب والزهري.
71

والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه إجماع الطائفة عليه، وأيضا فإن الأم في حيازة
الميراث تجري مجرى الأب ولا يرث الإخوة والأخوات مع واحد منهما فإذا أخذت الأم السدس
بالتسمية فإن الباقي يكون ردا عليها لأنها أقرب رحما من الإخوة والأخوات، وإذا كنا نرد
على الأقرب فهي الأقرب من كل الإخوة.
فإن قيل لنا: فلو سقط من هذه الفريضة الأم وبقي زوج وأخوان من أم وأخوة من أب وأم
كيف قولكم فيها؟
قلنا: للزوج النصف وللأخوين من الأم الثلث والباقي للأخوة من الأب والأم وإنما قلنا
بذلك لأن النصف للزوج بظاهر الكتاب، وكذلك الأخوين من الأم والإخوة من الأب والأم
لا تسمية لهم فهم يأخذون ما بقي.
فإن قيل: كيف ينقص حظ الإخوة من الأب والأم عن حظ الإخوة للأم وقد ساووهم في
القرابة من جهة الأم ونزلوا منزلتهم، وزيادتهم عليهم بالقرابة من جهة الأب إن لم تزدهم
تأكيدا لم تنقصهم؟
قلنا: القياس في الشرع مطرح والاعتبار فيه بالنصوص، وقد بينا أن الأمر على
ما ذكرناه ثم لا اعتبار بما ذكروه على أن ما ذكروه ينتقض بامرأة خلفت زوجا وأما وأخا لأم
و عشرين إخوة لأب وأم لأنهم يذهبون إلى أن للزوج النصف وللأم السدس وللأخ من الأم
السدس كاملا والسدس الباقي بين الإخوة للأب والأم وحظ كل واحد منهم أقل كثيرا من
حظ الأخ للأم مع تساويهم في قرابة الأم فعلم أنه لا اعتبار بما ذكروه.
مسألة:
ومما ظن انفراد الإمامية به ولهم فيه موافق متقدم أن الميت إذا خلف أبوين وزوجا أو
زوجة أنه يبدأ باخراج حق الزوج أو الزوجة وما بقي بعد ذلك فللأم منه الثلث من الأصل
لا تنقص منه، وما بقي بعد حق الزوج أو الزوجة وحق الأم فهو للأب، فإن كان ميتا خلف
زوجة وأبا وأما، فللزوجة الربع وللأم الثلث وللأب ما بقي وهو خمسة أسهم من اثنى عشر
سهما، ولو خلفت الميتة زوجا وأبوين فللزوج النصف ثلاثة أسهم من ستة وللأم الثلث
72

سهمان وللأب سهم واحد.
وقد روي أن عبد الله بن عباس رضي الله عنه كان يقول هذا القول بعينه و شريح
وأنهما لم يرجعا عنه. وروي عن ابن سيرين مثل قول ابن عباس في امرأة وأبوين وخالفه
في زوج وأبوين فأعطى الأم - في زوج وأبوين - ثلث ما بقي. وقال باقي الفقهاء المتقدمون
والمتأخرون بخلاف ذلك، وقالوا: إن للأم ثلث ما بقي، وما بقي فللأب، والدليل على صحة ما
ذهبنا إليه في المسألة الاجماع المتردد، وأيضا فإن الله تعالى قال: فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه
فلأمه الثلث، فأوجب لها صريحا ثلث أصل المال، لأن إطلاق قولنا ثلث أو نصف أو سدس
يقتضي أن يكون من أصل المال دون بعض من أبعاضه، أ لا ترى أنه تعالى لما جعل للزوج
النصف مع فقد الولد، والربع مع وجوده، وللزوجة الربع مع فقده، والثمن مع وجوده،
وكذلك كل من سمي له سهما كالبنت الواحدة والبنتين لم يفهم أحد من العلماء أن ذلك
المسمى إلا من أصل المال دون بعضه، فكيف يجوز أن يفهم من قوله تعالى: فلأمه الثلث، أن
ثلث ما بقي وذلك بخلاف جميع ظواهر القرآن.
وأيضا فإن الله تعالى جعل للأم مع فقد الولد سهما مسمى وهو الثلث ولم يعين للأب
سهما مسمى في هذا الموضع بل كان له ما بقي، إلا أن الذي يبقى في هذه المسألة الثلثان
بالاتفاق لأنه هو السهم الذي لا بد أن يستحقه الأب، فإذا دخل الزوج والزوجة على الأبوين
كانا داخلين على من له فرض مسمى وهو الأم على من ليس له سهم مسمى وهو الأب فيجب
أن لا ينقص صاحب السهم المسمى وهو الأم عن سهمه، ويكون النقصان داخلا على من
له ما يبقى وهو الأب كما يكون له الزيادة، أ لا ترى أن الزوج والزوجة لا ينقصان من تسمية
سهامهما، فالأم لاحقة بهما لتسمية سهمها، ولو جاز أن يدخل النقصان على الأم مع تعيين
سهمها جاز ذلك في الزوج والزوجة، ولأن الأم إنما تنقص بالولد والإخوة ولم يوجدوا في هذه
المسألة.
فإن قيل قوله تعالى: فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث، إنما المراد به إذا لم
يرثه غير أبويه ولا خلاف أن الميت إذا ورثه أبواه من غير وارث سواهما فإن للأم الثلث.
قلنا: الظاهر بخلاف ذلك، لأن قوله تعالى: فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث،
73

إيجاب للأم الثلث مع فقد الولد على كل حال، ولم يذكر أنه لا وارث غيرهما، كما لم يذكر أن له
وارثا غيرهما، وإذا لم يذكر كل ذلك حملناه على إطلاقه مع فقد الوارث ووجوده،
ووجدت بعض من نصر هذه المسألة خاصة من المخالفين في الفرائض يستدل على أن للأم
الثلث كاملا لا ثلث، ما بقي بقوله تعالى: وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه
السدس، قال: هذا المحتج يدل على أنها ترث مع فقد الإخوة الثلث ومع الإخوة السدس، وفي
ذلك بطلان قول من جعل لها ثلث الباقي عن فرض الزوج وهو سدس المال فلأمه يقتضي من
التسوية بين حالها إذا كان إخوة أو لم يكن إخوة، وقد فرق الله تعالى بين حالتها فجعل لها مع الإخوة
السدس ومع فقد الإخوة الثلث، كما فرق بين حال الزوجين فجعل لهما مع فقد الولد مثلي ما
لهما مع الولد فلما لم يجز أن يعطيا مع فقد الولد ما فرض لهما مع الولد دل أنه لا يجوز أن تعطى
الأم مع غير الولد والإخوة ما جعل لها مع الإخوة والولد إذا كان الله تعالى قد فرق بين حالتهم
جميعا، وفي التسوية بينهما مخالفة للظاهر وما هو إلا قريب.
فإن قال قائل: لما كان الأبوان يرثان بمعنى واحد وهو الولادة وكانا في درجة واحدة
شابها الابن والبنت اللذين يرثان بالولادة، فوجب أن لا يفضل الأنثى منهم على الذكر إذا
كانا تساويا في درجة.
قلنا: هذا قياس وإن كان غير صحيح وبالقياس لا تثبت عندنا الأحكام الشرعية، ثم
لو لزم ذلك للزم أن يرث الأبوان مع الولد للذكر مثل حظ الأنثيين ولا تساوى بينهما لاستوائهما
في الدرج والولادة، وللزم مثله أيضا في الإخوة والأخوات من الأم والجد والجدة إذا استووا في
الدرجة، واحتج ابن علية في هذه المسألة وتبعه في ذلك أبو بكر أحمد بن علي الرازي الحنفي
بأن للأب والأم إذا لم يكن معهما غيرهما فللأم الثلث وللأب الثلثان، وإذا دخل عليهما من
استحق بعض المال وجب أن يرجعا إلى ما كان لهما في الأصل كشريكين كان بينهما مال
لأحدهما ثلثه وللآخر ثلثاه فإن استحق مستحق نصف هذا المال، فالواجب أن يقسم ما بقي من المال على ما
كان لهما في الأصل، لصاحب الثلث ثلث ما بقي ولصاحب الثلثين ثلثا
ما بقي.
وقد قوى أبو بكر الرازي هذا الاحتجاج بأن قال: إن الله تعالى جعل عند انفراد
74

الأبوين بالميراث للأم الثلث وللأب الثلثين كما جعل مثل ذلك للابن والبنت في قوله تعالى:
للذكر مثل حظ الأنثيين، وللأخ والأخت في قوله تعالى: وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر
مثل حظ الأنثيين، ثم لما سمي للزوج والزوجة ما سمي لهما وأخذا نصيبهما كان الباقي بين
الابن والبنت على ما كان عليه قبل دخولهما، وكذلك بين الأخ والأخت، وهذا يقتضي في
مسألة الأبوين أن يكون إذا أخذ الزوج والزوجة نصيبهما وجب أن يكون ما كان للأبوين
على ما استحقاه في الأصل قبل دخول الزوجين، وهذا احتجاج ركيك مبني على فساد، لأن
الله تعالى إذا فرض للأم الثلث عند انفراد الأبوين بالميراث ولم يسم للأب شيئا فأعطيناه ما بقي
وكان الثلثين اتفاقا المسألة تصح بها أفضل وبدونها بتكلف لأنه السهم المعين، وإذا كان
فرض الأم الثلث في كل موضع وقد بينا أن الظاهر يقتضي أنه الثلث من أصل المال وجب أن
نعطيها الثلث كاملا من المال مع الداخل وفقد الداخل، ويكون للأب ما بقي كائنا ما كان
ولا يشبه ذلك الشريكين، فإن الشريكين في المال لكل واحد منهما نصفه فإذا استحق مستحق من
المال شيئا أعطينا كل واحد من الشريكين النصف بعد الخارج لتساويهما في السهام.
وقد بينا أن سهم الأم مذكور في القرآن، وسهم الأب غير معين، وإنما له ما بقي بعد فرض
الأم، ولا يشبه ذلك ما ذكره الرازي في الابن والبنت والأخ والأخت، وأن الله تعالى قد صرح
في نصيب من ذكره بأن: للذكر مثل حظ الأنثيين، فينبغي أن تكون القسمة على ذلك مع
الانفراد والاجتماع ولم يصرح في الأبوين بأن للأب مع الانفراد الثلثين، فافترق الأمران ولا
وجه للجمع بينهما.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية أنه لا يرث مع الوالدين ولا مع أحدهما أحد سوى الولد
والزوج والزوجة، وذهب فقهاء العامة إلى خلاف ذلك، وورثوا الإخوة والأخوات مع الأم
على بعض الوجوه.
دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه بعد إجماع الطائفة الذي يتكرر قوله تعالى: وأولوا
الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله، وقد علمنا أن الوالدين أقرب إلى الميت من
إخوته لأنهم يتقربون إليه بهما، والوالدان يتقربان بنفوسهما.
75

وأيضا فإن الله تعالى جعل للوالدين حقا عاليا ثم أهبطهما عنه في بعض الأحوال ولم
يفرق بين الأب والأم في ذلك، وكما أن الإخوة والأخوات لا يرثون شيئا مع الأب كذلك يجب
أن لا يرثوا مع الأم.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية أنهم ذهبوا في من يموت ويخلف والديه وبنته أن للبنت النصف
وللأبوين السدسين وما يبقى يرد عليهم على حساب سهامهم، وخالف باقي الفقهاء في ذلك
وذهبوا إلى أن للبنت النصف وللأم السدس وللأب ما بقي وهو الثلث.
دليلنا على صحة قولنا الاجماع المتردد، ولأن الأبوين لهما السدسان بظاهر الكتاب
وللبنت النصف بظاهره أيضا، ويبقى السدس فيجب أن يكون مردودا على الجماعة بقوله
تعالى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض، فكيف يجوز هذا الباقي للأب وإنما له السدس مع
الولد، فإذا قالوا: بالخبر المتضمن لذكر العصبة، فقد تقدم من الكلام في ذلك ما فيه كفاية،
ولأن خبرهم إذا صح يقتضي أن تبقى الفرائض شيئا، وهاهنا ما أبقت الفرائض شيئا بل قد
استوفى النص جميع المال.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية أنهم يذهبون في من ترك ابنتيه وأحد أبويه وابن ابن أن للبنتين
الثلثين ولأحد الأبوين السدس وما يبقى فهو رد على البنتين وأحد الأبوين وليس لابن الابن
شئ، وخالف سائر الفقهاء في ذلك وذهبوا إلى أن السدس الباقي من هذه الفريضة لابن
الابن.
والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه بعد إجماع الطائفة المتردد أن أحد الأبوين أقرب
إلى الميت من ابن ابنه، والقربى مراعاة في الميراث فكيف يجوز أن يرث البعيد مع القريب،
ولأن مخالفينا يعولون في ذلك على الخبر الذي يروونه عن النبي ص: ما أبقت
الفرائض فلأولي ذي عصبة ذكر، وقد أسلفنا من الكلام في إبطال هذا الخبر ما فيه كفاية.
ثم لو كان صحيحا لكان الأب بأن يكون هو الأولى بالميراث من ابن الابن، فلو راعينا
التعصيب الذي يراعونه لكان الأب أحق من ابن الابن به.
76

مسألة:
ومما انفردت به الإمامية القول: بأنه لا يحجب الأم عن الثلث إلى السدس الإخوة من الأم
خاصة، وإنما يحجبها عنه الإخوة من الأب والأم أو من الأب، وخالف باقي الفقهاء في ذلك
وذهبوا إلى أن الإخوة من الأم يحجبون كما يحجب الإخوة من الأب والأم، دليلنا على صحة
ما ذهبنا إليه الاجماع الذي قد تكرر.
فإذا احتج علينا بظاهر قوله تعالى: فإن كان له إخوة فلأمه السدس، وأن الاسم يتناول
الإخوة من الأم خاصة كما يتناول الإخوة من الأب والأم.
قلنا: هذا العموم ترجع عن ظاهره بالإجماع فإنه لا خلاف بين الطائفة في هذا، وقول من
يقول من أصحابنا: كيف يجوز أن يحجبها الإخوة من الأم وهم في كفالتها ومؤنتها، ليس بعلة
في سقوط الحجب وإنما اتبعوا في ذلك لفظ الرواية فإنهم يروون عن أئمتهم ع
أنهم لا يحجبونها لأنهم في نفقتها ومؤنتها.
ومما انفردت به الإمامية القول: بأنه لا يرث مع الولد ذكرا كان أو أنثى أحد إلا الوالدان
والزوج والزوجة، وخالف باقي الفقهاء في ذلك وجعلوا للأخوة والأخوات والعمومة
وأولادهم نصيبا مع البنات.
والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه بعد الاجماع المتردد أنه لو جاز أن يرث أحد ممن
ذكرناه مع البنات لجاز أن يرث مع البنين، لأن اسم الولد يتناول الجميع، ولأن قربى البنت
كقربى الابن وما يعولون عليه من الخبر في العصبة قد تقدم الكلام عليه وبيان ما فيه.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية: أن الولد الذكر الأكبر يفضل دون سائر الورثة بسيف أبيه وخاتمه
ومصحفه، وباقي الفقهاء يخالفون في ذلك، والذي يقوى في نفسي أن التفضيل للأكبر من
الذكور بما ذكروه إنما هو بأن يخص بتسليمه إليه وتحصيله في يديه دون باقي الورثة وإن
احتسب بقيمته عليه، وهذا على كل حال انفراد من الفقهاء لأنهم لا يوجبون ذلك
ولا يستحبونه وإن كانت القيمة
وإنما قوينا ما بيناه وإن لم يصرح به
77

أصحابنا، لأن الله تعالى يقول: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين، وهذا الظاهر
يقتضي مشاركة الأنثى للذكر في جميع ما يخلفه الميت من سيف ومصحف وغيرهما.
وكذلك ظاهر آيات ميراث الأبوين والزوجين يقتضي أن لهم السهام المذكورة في جميع
تركة الميت، فإذا خصصنا الذكر الأكبر بشئ من ذلك من غير احتساب بقيمته عليه،
تركنا هذه الظواهر، وأصحابنا لم يجمعوا على أن الذكر الأكبر مفضل بهذه الأشياء من غير
احتساب بالقيمة، وإنما عولوا على أخبار رووها تتضمن تخصيص الأكبر بما ذكرناه من غير
تصريح باحتساب عليه أو بقيمته، وإذا خصصناه بذلك اتباعا لهذه الأخبار واحتسبنا
بالقيمة عليه فقد سلمت ظواهر الكتاب مع العمل بما أجمعت عليه الطائفة من
التخصيص له بهذه الأشياء فذلك أولى، ووجه تخصيصه بذلك مع الاحتساب بقيمته
عليه أنه القائم مقام أبيه والساد مسده فهو أحق بهذه الأمور من النسوان والأصاغر للرتبة
والجاه.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية إن ولد الصلب يحجب من كان أهبط منه، ولا فرق في ذلك بين
كونه ذكرا أو أنثى، وخالف باقي الفقهاء في ذلك وذهبوا إلى أن لولد الولد نصيبا مع بنات
الصلب.
والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه بعد إجماع الطائفة أن الذكر من ولد الصلب إنما
يحجب من هو أسفل منه لأنه ولد صلب ولقرابته القريبة من الميت وهذا ثابت في الأنثى
والذكر، فلو جاز أن يرث ولد الولد مع ولد الصلب إذا كان أنثى جاز مثل ذلك في الذكر.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية: إن الزوج يرث المال كله إذا لم يكن وارث سواه فالنصف
بالتسمية والنصف الآخر بالرد وهو أحق بذلك من بيت المال، وخالف باقي الفقهاء في
ذلك، وذهبوا كلهم إلى أن النصف له والنصف الآخر لبيت المال.
والحجة لنا في ذلك إجماع الطائفة عليه.
فإذا قيل: كيف يرد على من لا قرابة له ولا نسب وإنما يرث بسبب، وإنما يرد على ذوي
78

الأرحام ولو جاز أن يرد على الزوج لجاز أن يرد على الزوجة حتى ترث جميع المال إذا لم يكن
وارث سواها؟
قلنا: الشرع ليس يؤخذ قياسا وإنما يتبع فيه الأدلة الشرعية، وليس يمتنع أن يرد على من لم
يكن ذا رحم وقرابة إذا قام الدليل على ذلك، وأما الزوجة فقد وردت رواية شاذة بأنها
ترث المال كله إذا انفردت كالزوج، ولكن معول على هذه الرواية ولا تعمل الطائفة بها،
وليس يمتنع أن يكون للزوج مزية في هذا الحكم على الزوجة، كما كانت له مزية عليها في
تضاعف حقه على حقها.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية: إن الزوجة لا ثلاث من رباع المتوفى شيئا بل تعطى بقيمته
حقها من البناء والآلات دون قيمة العراص، وخالف باقي الفقهاء في ذلك ولم
يفرقوا بين الرباع وغيرها في تعلق حق الزوجات.
والذي يقوى في نفسي أن هذه المسألة جارية مجرى المتقدمة في تخصيص الأكبر من
الذكور بالمصحف والسيف وإن الرباع وإن لم تسلم إلى الزوجات فقيمتها محسوبة لها،
والطريقة في نصرة ما قويناه هي الطريقة في نصرة المسألة الأولى وقد تقدم بيان ذلك.
ويمكن أن يكون الوجه في صد الزوجة عن الرباع أنها ربما تزوجت وأسكنت هذه
الرباع من كان ينافس المتوفى أو يغبطه أو يحسده فيثقل ذلك على أهله وعشيرته فعدل بها عن ذلك
على أجمل الوجوه.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية: أنه لا يرث مع الأخت للأب والأم أحد من الإخوة والأخوات للأب
خاصة، كما لا يرثون مع الأخ للأب والأم وخالف باقي الفقهاء في ذلك فورثوا الأخت من الأب
مع الأخت من الأب والأم.
دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه إجماع الطائفة، وأيضا ما منع من ميراث ولد الأب خاصة
مع الذكور من ولد الأب والأم يمنع من ميراثه مع الإناث، لأن اسم الولد شامل لهم وتأكد
القرابة ثابت في الجميع ولا وجه للتفرقة بينهم.
79

مسألة:
ومما انفردت به الإمامية القول: بأن بني الإخوة يقومون عند فقد آبائهم مقامهم في
مقاسمة الجد ومشاركته، وخالف باقي الفقهاء في ذلك، وحجتنا على ذلك إجماع الطائفة
ولا اعتراض لهم علينا بأن الجد أقرب إلى الميت من ابن أخيه لأنهم لا يراعون في الميراث
القربى، ولأن ابن الأخ قد ورث من سمى الله تعالى له سهما في النص، وليس كذلك الجد
فهو أقوى سببا منه، والمعول على إجماع الطائفة ولا علة للأحكام الشرعية نعرفها أكثر من
المصلحة الدينية على سبيل الجملة من غير معرفة بتفصيل ذلك.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية: إن من لاعن زوجته وفرق الحاكم بينهما الفرقة المؤبدة إن عاد بعد
ذلك وأقر بالولد أو أكذب نفسه لا يورث من الولد، بل يورث الولد منه، ولا يورث هذا
الراجع، وباقي الفقهاء يخالفون في ذلك، وقد بينا الكلام في هذه المسألة في باب اللعان من
هذا الكتاب فلا معنى لإعادته.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية عن أقوال باقي الفقهاء في هذه الأزمان القريبة وإن كان لها
موافق متقدم الزمان القول: بأن المسلم يرث الكافر وإن لم يرث الكافر المسلم، وقد روى
الفقهاء في كتبهم موافقة الإمامية على هذا المذهب عن سيدنا زين العابدين علي بن الحسين
ع ومحمد ابن الحنفية رضي الله عنه وعن مسروق وعبد الله بن معقل المزني وسعيد
بن المسيب ويحيى بن يعمر ومعاذ بن جبل ومعاوية بن أبي سفيان، وخالف باقي
الفقهاء في ذلك، وذهبوا إلى أن كل واحد من المسلم والكافر لا يرث صاحبه.
دليلنا بعد إجماع الطائفة المتردد جميع ظواهر آيات المواريث، لأن قوله تعالى: يوصيكم
الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين، يعم الكافر والمسلم، وكذلك آية ميراث الأزواج
والزوجات والكلالة وظواهر هذه الآيات كلها تقتضي أن الكافر كالمسلم في الميراث، فلما
أجمعت الأمة على أن الكافر لا يرث المسلم أخرجناه بهذا الدليل الموجب للعلم وبقي
ميراث المسلم للكافر تحت الظاهر كميراث المسلم للمسلم.
80

ولا يجوز أن يرجع عن هذا الظاهر بأخبار الآحاد التي يروونها، لأنها توجب الظن
ولا يخص بها ويرجع عما يوجب العلم من ظواهر الكتاب ولأن أكثرها مطعون على رواته
مقدوح فيهم، ولأنها معارضة بأخبار كثيرة يروونها أيضا مخالفونا، وتوجد في كتبهم، ولأن
أكثرها له تأويل يوافق مذهبنا، وتفصيل هذه الجملة أن مخالفنا في هذه المسألة يعول على
خبر يرويه الزهري عن علي بن الحسين ع عن عمرو بن عثمان بن عفان عن
أسامة بن زيد أن النبي ص قال: لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم.
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله ص: أنه
لا يتوارث أهل ملتين. وعن عامر الشعبي عن النبي عليه وآله السلام نحوه
وعن الزهري عن سعيد بن المسيب قال: مضت السنة أن لا يرث المسلم الكافر، ولم
يورث عمر بن الخطاب الأشعث بن قيس عن عمته اليهودية وقال الزهري: كان المسلم
لا يرث الكافر في عهد النبي ص وعهد أبي بكر وعمر وعثمان، فلما ولى
معاوية ورث المسلم من الكافر وأخذ بذلك الخلفاء حتى قام عمر بن عبد العزيز فراجع
السنة الأولى، وكل هذه الأخبار إذا سلمت من القدوح والجروح إنما توجب الظن دون العلم
اليقين، ولا يجوز أن يرجع بها ولا بشئ منها عما يوجب العلم من ظواهر كتاب الله تعالى.
فأما خبر أسامة فمقدوح فيه، لأن أسامة تفرد به عن النبي ص وتفرد
به أيضا عنه عمرو بن عثمان. وتفرد به عنه علي بن الحسين ع وتفرد به الزهري
عن علي بن الحسين ع وتفرد الراوي بالحديث مما يوهنه ويضعفه لوجوه معروفة.
وقد روي هذا الحديث بعينه الزهري فقال عن عمرو بن عثمان ولم يذكر علي بن
الحسين ع واختلاف الرواية أيضا فيه مما يضعفه، ومما يضعف هذا الخبر أن علي
بن الحسين ع كان يورث المسلم من الكافر بلا خلاف فلو روي فيه سنة لما
خالفها.
وروى أحمد بن حنبل عن يعقوب عن أبيه عن صالح عن الزهري أن علي بن الحسين
عليهما السلام أخبره أن عثمان بن عفان وأسامة بن زيد قالا: لا يرث المسلم الكافر من
غير أن يسنداه إلى النبي ص وهذا الاختلاف والاضطراب في رواية الخبر
81

دالان على ضعفه، وأما حديث عمرو بن شعيب فإن الحفاظ لا يثبتونه عن النبي صلى الله
عليه وآله ويذكرون أنه من قول عمر بن الخطاب وعمرو بن شعيب مضعف عند أصحاب الحديث.
ومما يوهنه أيضا تفرده، عن أبيه وتفرد أبيه عن جده وتفرد جده به عن النبي صلى الله
عليه وآله، وعمرو بن شعيب ما لقي عبد الله بن عمر الذي هو جده وإنما يرسل عنه. وأما
خبر الشعبي عن النبي ص فهو مرسل، وقول سعيد بن المسيب أنه سنة
لا حجة فيه، لأن ذلك خبر عن اعتقاده ومذهبه، ويجوز أن يريد به أنه من سنن عمر بن
الخطاب لا النبي ع وما يسنه غير النبي ع ممن ذكرناه يجوز أن يكون
خطأ، كما يجوز أن يكون صوابا.
وكان من مذهب سعيد بن المسيب توريث المسلم من الكافر، فكيف يجوز أن يكون
عنده في خلاف ذلك سنة، على أن هذه الأخبار معارضة مقابلة بما يرويه مخالفونا، ويوجد في
كتبهم مثل الخبر الذي يرويه عمر بن أبي حكيم عن عبد الله بن بريدة أن أخوين اختصما
إلى يحيى بن يعمر يهودي ومسلم فورث المسلم منهما.
وقال حدثني أبو الأسود الدؤلي أن رجلا حدثه أن معاذا قال: سمعت رسول الله صلى
الله عليه وآله يقول: الاسلام يزيد ولا ينقص فورث المسلم، ونظائر هذا الخبر موجودة
كثيرة في رواياتهم، فأما روايات الشيعة في ذلك فمما لا يحصى.
وأما الخبر المتضمن لنفي التوارث بين أهل ملتين فنحن نقول بموجبه لأن التوارث
تفاعل وهو مقتض أن يكون كل واحد منهما يرث صاحبه وإذا ذهبنا إلى أن المسلم يرث الكافر
والكافر لا يرثه فما أثبتنا بينهما توارثا، وربما عول بعض المخالفين لنا في هذه المسألة على
أن المواريث ثبتت على النصرة والموالاة، بدلالة قوله تعالى: (والذين آمنوا ولم يهاجروا ما
لكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا) فقطع بذلك الميراث بين
المسلم المهاجر وبين المسلم الذي لا يهاجر إلى أن نسخ ذلك بانقطاع الهجرة بعد الفتح، وكذلك يرث الذكور
من العصبة دون الإناث لنفي العقل والنصرة عن النساء، وكذلك لا يرث القاتل ولا العبد
لنفي النصرة وهذا ضعيف جدا لأنا أولا لا نسلم أن المواريث تثبت على النصرة والموالاة
82

والمعونة، لأن النساء يرثن والأطفال ولا نصرة هاهنا، وعلة ثبوت المواريث غير معلومة على
التفصيل، وإن كنا نعلم على سبيل الجملة أنها للمصلحة، وبعد فإن النصرة مبذولة
من المسلم للكافر في الواجب وعلى الحق كما أنها مبذولة للمسلم بهذا الشرط.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية: إن المطلقة المبتوتة في المرض ترث المطلق لها إذا مات في
مرضه ذلك ما بين طلاقها وبين سنة واحدة بشرط أن لا تتزوج فإن تزوجت فلا ميراث لها.
وخالف باقي الفقهاء في ذلك ولم يعتبروا فيه ما اعتبرناه، لأن أبا حنيفة وأصحابه
يذهبون إلى أنه إذا طلق امرأته في مرضه ثم مات من مرضه وهي في العدة فإنها ترثه، فإن مات بعد
انقضاء العدة لم ترثه، فإن صح من مرضه ثم مرض ثم مات لم ترثه.
وقال الحسن عن زفر: إن صح من مرضه ثم مرض ثم مات في مرضه وهي في العدة
ورثته أيضا. وقال الثوري والأوزاعي مثل قول زفر، وكذلك قول الحسن بن حي. وقال
مالك: إذا طلق امرأته وهو مريض قبل الدخول كان لها نصف المهر والميراث ولا عدة
عليها، فإن تزوجت عشرة أزواج كلهم طلق في المرض فإنها ترث جميعهم إذا ماتوا قبل أن
يصحوا من المرض، وذكر الليث، إن ابن شبرمة سأل ربيعة عن المريض يطلق امرأته، قال:
ترثه ولو تزوجت بعشرة أزواج.
وقال مالك: وإن صح من مرضه ثم مات بعد ذلك لم ترثه وهو قول الليث. وقال
الشافعي: لا ترث المبتوتة وإن مات وهي في العدة، وأجمعوا على أن المرأة لو ماتت لم يرثها،
فبان بهذا الشرح أن الإمامية منفردة بقولها.
والذي يدل على صحته الاجماع المتكرر الذي قد بينا أن فيه الحجة، وأيضا فإن الأغلب
والأظهر أن الرجل إنما يطلق امرأته في مرضه هربا من أن ترثه فإذا حكم لها بأنها ترثه مدة
سنة كان ذلك كالصارف عن هذا الفعل.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية: إن من أشكلت حاله من الخناثى في كونه ذكرا أو أنثى اعتبر
حاله بخروج البول، فإن خرج من الفرج الذي يكون للرجال خاصة ورث ميراث الرجال،
83

وإن كان خروجه مما يكون للنساء خاصة ورث ميراث النساء وإن كان بال منهما معا نظر إلى
الأغلب والأكثر منهما فعمل عليه وورث به، فإن تساوى ما يخرج من الموضعين ولم يختلف
اعتبر بعدد الأضلاع، فإن اتفقت ورث ميراث الإناث، وإن اختلفت ورث ميراث الرجال.
وخالف باقي الفقهاء في ذلك وقالوا فيه أقوالا مختلفة كلها يخالف قول الشيعة في ذلك،
لأن أبا حنيفة وإن كان قد روي عنه اعتبار البول كما تعتبره الإمامية فإنه يذهب إلى أنه متى
خرج البول من الفرجين جميعا ورثه بأحسن أحواله، فإن كان أحسن أحواله أن يكون ذكرا
أعطاه ذلك، وإن كان أحسن أحواله أن يكون أنثى أعطاه ذلك. والشافعي يعطي الخنثى
ميراث امرأة ويوقف بقية المال حتى يتضح أمره، فأقوال الجميع إذا تؤملت علم أنها
خارجة عن أقوال الإمامية ومنفردة.
والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه الاجماع المتردد، وأيضا فإن باقي الفقهاء عولوا
عند إشكال الأمر وتقابل الأمارات على رأي وظن وحسبان، وعولت الإمامية فيما يحكم به في
الخنثى على نصوص وشرع محدود، فقولها على كل حال أولى.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية القول: بأن المفقود يحبس ماله عن ورثته قدر ما يطلب في
الأرض كلها أربع سنين، فإن لم يوجد بعد انقضاء هذه المدة قسم المال بين ورثته، وخالف
باقي الفقهاء في ذلك، وقالوا فيه أقوالا مختلفة، فذهب بعضهم في مال المفقود أنه يوقف ماله
سبعين سنة من يوم فقد ثم يقسم بين الأحياء من ورثته. وقال آخرون: يوقف تمام مائة
وعشرين سنة، وأقوالهم المختلفة في هذا الباب تخالف كلها ما تذهب إليه الإمامية.
والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه بعد الاجماع المتردد أن من خالفها يعول في
ما ذهب إليه على القياس والظن، وقد بينا أن ذلك لا مدخل له في الأحكام الشرعية.
مسألة:
ومما يظن انفراد الإمامية به ولها فيه موافق قولها: بأن القاتل خطأ يرث المقتول لكنه
لا يرث من الدية، ووافق الإمامية على هذا المذهب عثمان البستي وذهب إلى أن قاتل الخطأ يرث،
قاتل عمد لا خطأ إلا أن يكون صبيا أو مجنونا فلا يحرم الميراث.
84

وقال ابن وهب عن مالك: لا يرث القاتل من دية من قتله شيئا ولا من ماله فإن قتله
خطأ لم يرث من ديته ويرث من سائر ماله وهو قول الأوزاعي وهذا كما تراه موافقة للإمامية.
وقال ابن شبرمة: لا يرث قاتل الخطأ، وقال الثوري: لا يرث القاتل من مال المقتول
ولا من ديته. وحكى المزني عن الشافعي أنه قال: إذا قتل الباغي
العادل أو العادل الباغي لا يتوارثان، لأنهما قاتلان، والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه الاجماع المتردد.
ويدل أيضا عليه ظواهر آيات المواريث كلها مثل قوله تعالى (يوصيكم الله في أولادكم)
فإذا عورضنا بقاتل العمد فهو مخرج بدليل قاطع لم يثبت مثله في القاتل ويمكن أن يقوى ذلك
أيضا بأن قاتل الخطأ معذور غير مذموم ولا مستحق للعقاب، فلا يجب أن يحرم الميراث
الذي يحرمه العامد على سبيل العقوبة، فإن احتج المخالف بقوله تعالى: (ومن قتل مؤمنا
خطأ فتحرير رقبة ودية مؤمنة مسلمة إلى أهله) فلو كان القاتل وارثا لما وجب عليه تسليم
الدية. فالجواب عن ذلك أن وجوب تسليم الدية على القاتل إلى أهله لا يدل على أنه لا يرث
ما هو دون الدية من تركته، لأنه لا تنافي بين الميراث وبين تسليم الدية، وأكثر ما في ذلك ألا
يرث من الدية التي يجب عليه تسليمها شيئا وإلى هذا نذهب.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية القول: إن من مات وخلف مالا وأبا مملوكا وأما مملوكة فإن
الواجب أن يشترى أبوه وأمه من تركته ويعتق عليه ويورث باقي التركة، وباقي الفقهاء
يخالفون في ذلك، وقد روي عن ابن مسعود في أن الرجل إذا مات وترك أبا مملوكا أنه يشترى
من تركته ويعتق، والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه الاجماع المتردد ولأن قولنا أيضا مفض
إلى قربة وعبادة وهو العتق فهو أولى.
مسألة:
ومما ظن انفراد الإمامية به ما ذهبوا إليه من أن الوصية للوارث جائزة وليس للوارث
ردها وقد وافقهم في هذا المذهب بعض الفقهاء وكان الجمهور والغالب على خلافه.
والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه في ذلك بعد الاجماع المتردد قوله تعالى: كتب عليكم
85

إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين، وهذا نص في موضع
الخلاف.
وأيضا قوله تعالى: من بعد وصية يوصى بها أو دين، وهذا عام في الأقارب والأجانب
فمن خص به الأجانب دون الأقارب فقد عدل عن الظاهر بغير دليل، وأيضا فإن هذا
إحسان إلى أقاربه وقد ندب الله سبحانه إلى كل إحسان عقلا وسمعا ولم يخص بعيدا من
قريب بذلك، ولا فرق بين أن يعطيهم في حياته من ماله أو في مرضه وبين أن يوصى بذلك لأنه
إحسان إليهم وفعل مندوب إليه، فإن قالوا فإن الآية منسوخة بآية المواريث وبما يروى عن
النبي ص من طرق مختلفة من أنه: لا وصية لوارث، فالجواب عن ذلك أن
النسخ بين الخبرين إنما يكون إذا تنافي العمل بموجبهما ولا تنافي بين آية المواريث وآية
الوصية والعمل بمقتضاهما جميعا جائز سائغ، فكيف يجوز أن يدعى في آية المواريث أنها
ناسخة لآية الوصية مع فقد التنافي؟ فأما الأخبار المروية في هذا الباب فلا اعتبار بها لأنها
إذا سلمت من كل قدح وجرح وتضعيف كانت تقتضي الظن ولا تنتهي إلى العلم اليقين،
ولا يجوز أن ينسخ بما يقتضي الظن كتاب الله تعالى الذي يوجب العلم، وإذا كنا لا
نخصص كتاب الله تعالى بأخبار الآحاد فأولى أن لا ننسخه بها. وقد بينا ذلك في كتابنا
في أصول الفقه وبسطناه.
ومعول القوم على خبر يرويه شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن عثمان عن عمرو
بن خارجة عن النبي ص أنه قال: لا يجوز لوارث وصية، وعلى خبر يرويه
إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن مسلم عن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت النبي
ص يقول في خطبته عام حجة الوداع: ألا أن الله تعالى قد أعطى كل ذي
حق حقه، فلا وصية لوارث.
وعلى خبر يرويه إسحاق بن إبراهيم الهروي عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار،
عن جابر بن عبد الله عن النبي ص أنه قال: لا وصية لوارث.
فأما خبر شهر بن حوشب فهو عند نقاد الحديث مضعف كذاب، ومع ذلك فإنه تفرد
به عن عبد الرحمن بن عثمان وتفرد به عبد الرحمن عن عمرو بن خارجة، وليس لعمرو بن
86

خارجة عن النبي ص إلا هذا الحديث، ومن البعيد أن يخطب النبي صلى الله
عليه وآله في الموسم بأنه لا وصية لوارث فلا يرويه عنه المطيفون به من أصحابه، ويرويه
أعرابي مجهول وهو عمرو بن خارجة، ثم لا يرويه عن عمرو إلا عبد الرحمن، ولا يرويه عن
عبد الرحمن إلا شهر بن حوشب وهو ضعيف متهم عند جميع الرواة، فأما حديث أبي أمامة
فلا يثبت وهو مرسل، لأن الذي رواه عنه شرحبيل بن مسلم وهو لم يلق أبا أمامة ورواه عن
شرحبيل إسماعيل بن عياش وحده وهو ضعيف. وحديث عمرو بن شعيب أيضا مرسل،
وعمرو ضعيف لا يحتج بحديثه.
وحديث جابر أسنده أبو موسى الهروي وهو ضعيف متهم في الحديث، وجميع من رواه
عن عمرو بن دينار لم يذكروا جابرا ولم يسندوه.
وما روي عن ابن عياش لا أصل له عند الحفاظ. ورواية حجاج بن محمد عن ابن
جريح عن عطاء الخراساني. وعطاء الخراساني ضعيف ولم يلق ابن عباس وإنما أرسله
عنه.
وربما تعلق بعض المخالفين بأن الوصية للوارث إيثار لبعضهم على بعض وذلك مما
يكسب العداوة والبغضاء بين الأقارب، ويدعو إلى عقوق الموصي وقطيعة الرحم، وهذا
ضعيف جدا، لأنه إن منع من الوصية للأقارب ما ذكروه منع من تفضيل بعضهم على بعض في
الحياة بالبر والإحسان لأن ذلك يدعو إلى الحسد والعداوة ولا خلاف في جوازه وكذلك الأول.
(تم الكتاب بحمد الله ومنه، والحمد لله رب العالمين)
(والصلاة على سيدنا محمد وآله الطاهرين وسلم تسليما)
تم كتاب الانتصار لما انفردت به الإمامية، فرع من تحريره في ثامن شهر الله الأحب رجب
من شهور سنة ست وتسعين وخمس مائة.
87

المسائل الناصريات
للسيد الشريف المرتضى علم الهدي أبي القاسم
علي بن الحسين الموسوي
355 - 436 ه‍ ق
89

كتاب الفرائض
المسألة التسعون والمائة:
الفرائض لا تعول ولو مات رجل وخلف أبوين وبنتين وزوجة فللزوجة الثمن
وللأبوين لكل واحد منهما السدس وما بقي فللبنتين. هذا صحيح وذهب أصحابنا بلا خلاف
أن الفرائض لا تعول ووافقنا على ذلك ابن عباس وداود بن علي الإصفهاني وخالفنا باقي
الفقهاء وتحقيق هذه المسألة أن تكون السهام المسماة في الفرائض يضيق عنها المال
ولا يتسع لها، كامرأة خلفت ابنتين وأبوين وزوجا فللزوج الربع وللبنتين الثلثان وللأبوين
السدسان وهذا مما يضيق عنه المال لأنه لا يجوز أن يكون للمال ثلثان وسدسان وربع وعندنا
في هذه المسألة أن للأبوين السدسين وللزوج الربع وما بقي فللبنتين ومخالفونا الذين
يذهبون إلى العول يجعلون للزوج الخمس ثلاثة أسهم من خمسة عشر وللأبوين السدسين
أربعة من خمسة عشر وللبنتين الثلثان ثمانية من خمسة عشر فقد نسب مخالفونا في العول
إلى الله تعالى ما لا يليق بحكمته وعدله وجميع صفاته لأنه لا يجوز أن يفرض في المال
ما لا يتسع المال له فذلك سفه وعبث ولأن الله تعالى فرض للأبوين السدسين في هذه
المسألة وأعطوهما أربعة من خمسة عشر وهذا خمس وثلثا عشر لا سدسان وفرض للزوج
الربع أعطوه ثلاثة من خمسة عشر وهذا خمس لا ربع وفرض للبنتين الثلثين فاعطوهما
91

ثمانية من خمسة عشر وهذا ثلث وخمس لا ثلثان فإن قالوا فلم أوجبتم النقصان في هذه
المسألة على البنتين دون الجماعة والله تعالى قد سمى للبنتين الثلثين كما جعل للواحدة
النصف قلنا المعتمد في إدخال النقص على نصيب البنتين في هذه المسألة وما شاكلها من
المسائل التي يدعى فيها العول إنا نقصنا من أجمعت الأمة على نقصانه من سهامه وهما
البنتان لأنه لا خلاف بين من أثبت العول ومن نفاه في أن البنتين منقوصتان ههنا عن
سهامهما التي هي الثلثان وليس كذلك من عد البنتين والأبوين من الزوج لأن الأمة
ما أجمعت على نقصانهم ولا قام على ذلك دليل فلما اضطررنا إلى النقصان وضاقت
السهام عن الوفاء نقضنا من وقع الاجماع على نقصانه ووفرنا نصيب من لا دليل على
وجوب نقصانه فصار هذا الاجماع دليلا على أنه ليس للبنتين الثلثان على كل حال وفي
كل موضع فخصصنا الظاهر بالإجماع ووفينا الباقين في هذه الفريضة بظواهر الكتاب
التي لم يقم دليل على تخصيصها وفي أصحابنا من يقول في هذا الموضع إن الله تعالى إنما
فرض للبنتين الثلثين مع الأبوين فقط إذا لم يكن غيرهم فإذا دخل في هذه الفريضة الزوج
تغيرت الفريضة التي سمى فيها الثلثين للبنتين كما أنه لو كان مكان الزوج ابن لتغيرت
القسمة ولم يكن للابنتين الثلثان وقالوا أيضا إن الزوج والزوجة جعل لهما في الكتاب
فرضان أعلى وأسفل وحطا من الأعلى إلى الأدون وكذلك جعل للأبوين فرضان أحدهما
أعلى وهو الثلثان للأب والثلث للأم ثم بين أنهما إذا حجبا عن ذلك حطا إلى السدسين
وفرض للابنة النصف وللابنتين الثلثين ولم يحط البنات من فريضة إلى أخرى فيجب
إدخال النقص على سهام من لم يلحقه نقص ولا حط من رتبة إلى أخرى وتوفر نصيب من
نقص وحط من رتبة عليا إلى سفلي حتى لا يلحقه نقص بعد آخر فيكون ذلك إجحافا به
وقالوا أيضا أجمع المسلمون على أن المرأة لو خلفت زوجا وأبوين وابنتين كان للزوج الربع
وللأبوين السدس وما بقي فللابنتين فيجب أن يكون ما بقي أيضا بعد نصيب الزوج
والأبوين للبنتين كما لو كان مكانهما ابنان إنه لا يجوز أن تكون البنتان أحسن حالا من
الابنين وهو تعالى يقول للذكر مثل حظ الأنثيين وفي هذا الذي حكيناه عن أصحابنا نظر
والمعمول على ما قدمناه وتفردنا به وقد روى الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال
92

جلست إلى ابن عباس فجرى ذكر الفرائض والمواريث فقال ابن عباس: سبحان الله
أترون الذي أحصى رمل عالج عددا جعل مال نصفا وثلثا وربعا فقال له زفر بن الأوس
البصري يا بن عباس فمن أول من أعال الفرائض؟ قال: عمر بن الخطاب لما التقت
عنده الفرائض ودافع بعضها بعضا قال والله ما أدري أيكم قدم الله وأيكم أخر فما أجد
شيا هو أوسع من أن أقسم عليكم هذا المال بالحصص وأدخل على كل ذي حق حق
ما دخل عليه من عول الفريضة وأيم الله لو قدم من قدم الله وأخر من أخر الله ما عالت
فريضة فقال له زفر بن أوس فأيها قدم الله وأيها أخر الله فقال ابن عباس كل فريضة لم
يهبطها الله عن فريضة إلى أخرى فهو ما أخر ولها ما بقي وأما ما قدم الله فكل فريضة إذا زالت
عن فرضها الأعلى فإلى فرض أدنى فأما ما قدم الله فالزوج له النصف فإذا دخل عليه
ما يزيله رجع إلى الربع لم يزله عنه شئ والزوجة لها الربع فإذا زالت عنه صارت إلى الثمن
لا يزيلها عنه شئ إلا يكن عددا فيكون ما نصيب واحدة بينهن والأم لها الثلث فإذا زالت
عنه صارت إلى السدس لا يزيلها عنه شئ فهذه الفرائض التي قدم الله. وأما ما أخر
ففريضة البنات والأخوات لهن النصف والثلثان فإذا أزالهن الفرائض عن ذلك لم يكن
لهن إلا ما يبقى فإذا أجمع ما قدم الله وما أخر بدا فمن قدم الله فأعطي حقه كاملا فإن بقي
شئ كان لمن أخر إن أن لم يبق شئ فلا شئ له فقال له زفر فما منعك أن تشير بهذا الرأي
على عمر فقال هبته والله فأما ما يتعلق به المخالفون من تشبيه مسائل العول بمن مات
وعليه لجماعة مبالغ من المال مختلفة وما يخلفه من المال يضيق عن جميع حقوقهم فإنه
لا خلاف في أن كل واحد من الغرماء يضرب بسهمه في التركة على قدر مبلغ حقه فإنه
لا يدخل النقصان على بعضهم دون بعض فالجواب عنه أن الغرماء بخلاف السهام في
الميراث لأن الغرماء لهم مال معين على الميت فإن اتسعت التركة لكل يستوفى وإن ضاقت
عنه قال فالمال الموجود بينهم على قدر سهامهم بخلافه وهذه سنة جاهلية لأنهم كانوا
يورثون الرجال دون النساء وقال الله تعالى وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب
الله فبين أن الميراث يستحق بقربى الرحم ولم يخص النساء دون الرجال فإن عولوا في
مذهبهم هذا الذي نحن في الكلام عليه على الخبر المروي عن ابن عباس عن النبي عليه
93

السلام أنه قال يقسم المال على أهل الفرائض فما تركت فلأولي ذكر قرب وفي خبر آخر
ما أبقت الفرائض فلأولي ذكر وفي رواية أخرى فلأولي عصبة ذكر وفي رواية أخرى فلأولي
رجل ذكر عصبة فالجواب عنه أن هذا خبر مقدوح في روايته وطريقه ما هو معروف ومع هذا
فإنه يخالف ظاهر الكتاب الذي تلوناه والعمل بالكتاب أولى من العمل به وأيضا فإن ابن
عباس الذي أسند هذا الخبر إليه خالف مضمون الخبر وقوله في نفي العصبة مشهور
معروف وراوي الحديث إذا خالفه كان قدحا في الحديث على أن مخالفينا في مسألة العصبة
يناقضون ويخالفون الأخبار التي رووها في التعصيب ويذهبون في بنت وأخ وأخت إلى أن
للبنت النصف وما بقي فبين الأخ والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين فقد خالفوا بهذه
القسمة النص لأنه لا نصيب للأخ والأخت مع الولد وخالفوا أيضا الأحاديث التي رووها في
التعصيب لأنهم أعطوا الأخت مع العصبة الذكر وأحاديث التعصيب تقتضي أن يعطوا
البنت النصف والباقي للأخ لأنه أولى عصبة رجل فزن وما كان ينبغي أن يعطوا الأخت
شيئا ويخالفون أيضا إخبار التعصيب في من ورثته بنت وابن ابن وبنت فيشركون بين
ابن الابن وبنت الابن في النصف ويخالفون أيضا إخبارهم في بنت وأخت وعم ويسقطون
العم وهو أولى عصبة ذكر ويعطون الأخت ومما يقال لهم إذا جاز أن يكون للأخوات وهن
بنات الأب الثلثان وإذا كان الابن أحق بالتعصيب من الأب والأب أحق بالتعصيب
من الأخ وأخت الابن أحق بالتعصيب من الأخ وأخت الابن أحق بالتعصيب كثيرا من
أخت الأخ فإذا قالوا إنما جعلت الأخت عصبة عند عدم الأخ قيل لهم: يلزمكم أن تجعلوا
البنت عصبة عند عدم الابن فإن قالوا: البنت لا تعقل عن أبيها قلنا والأخت قد
جعلتموها عصبة مع البنات وإن كانت لا تعقل فإن قالوا: نحن نخص الحديث الوارد
بأن الذي ينفي الفرائض لأولي عصبة ذكر ويستعمله في بعض المواضع دون بعض للأدلة
الموجبة لذلك قلنا نحن أيضا إذا سلمنا أحاديث العصبة يمكنا أن نحملها على الخصوص
في بعض المواضع الموافقة لمذهبنا رجل مات وخلف أختين لأم وابن أخ وبنت أخ لأب وأم
وأخا لأب فإن الأختين من الأم فريضتهما الثلث وما بقي فلأولي ذكر قرب وهو الأخ من
الأب دون ابن الأخ وبنت الأخ لأنه أقرب منهما ببطن وكذلك لو خلف الميت امرأة وعما
94

وعمة وخالا وخالة وابن الأخ أو أخا فللمرأة الربع وما بقي فلأولي ذكر وهو لا يدخل
النقصان على بعض دون بعض لتساوي أحوالهم وليس كذلك مسائل العول لأنا قد بينا أن
في أصحاب الفرائض من لا يجوز أن ينقص من سهم المفروض وفيهم من هو أولى أن
ينقص فخالفت حالهم حال الغرماء على أن الغرماء إذا ضاقت التركة عن استيفاء ما لهم فأخذ
ذلك الموجود بقدر حصصهم لا يقول أحد من الأمة إن كل واحد منهم قد أخذ جميع دينه على
الميت بل يقول أخذ بعضا ومخالفونا في مسألة العول يقولون إن الزوج قد أخذ الربع والأبوين
السدسين والبنتين الثلثين فيسمون الشئ بما لا يطابق معناه وأحد لا يقول في غريم كان له
ألف على الميت فأخذ مائة لضيق التركة أنه قد أخذ ألفا فأما ما يدعونه على أمير المؤمنين
من أنه كان يقول بالعول وأن سائلا سأله وهو يخطب على المنبر عن ابنتين وأبوين وزوجة
فقال صار ثمنها تسعا فالجواب أن هذا الخبر مطعون عليه عند أصحاب الحديث مقدوح في
روايته ولو سلم من كل قدح لكان خبرا واحدا لا يوجب قطعا ولا علما على أنه يتضمن
بما لا يليق به ع لأن سائلا سأله عن ميراث المذكورين في المسألة وأجاب عن حال
الزوجة ولم يجب عن ميراث البنتين والأبوين وإغفال ذلك غير جائز على مثله ع
وقد قيل في هذا الخبر إن صح يجوز أن يكون المراد به صار ثمنها تسعا عند من يرى العول
ويذهب إليه على سبيل التهجين له والذم كما قال تعالى ذق إنك أنت العزيز الكريم أي
عند قومك وأهلك وقيل أيضا يجوز أن يكون أراد الاستفهام فأسقط حرفه كما روي عن ابن
عباس في قوله تعالى فلا اقتحم العقبة في أنه أراد أ فلا اقتحم العقبة وكما قال عمر بن أبي
ربيعة ثم قالوا تحبها قلت بهرا عدد القطر والحصى والتراب وأراد الاستفهام فحذف حرفه استغناء
بظهوره.
المسألة الحادية والتسعون والمائة:
لا يرث الجد مع الولد ولا ولد الولد وإن سفل هذا صحيح وإليه يذهب أصحابنا
والفقهاء يخالفون فيه وفي أصحابنا من ذهب إلى خلافه وأعطى الجد سهما مع ولد الولد وهو
خطأ ممن ذهب إليه والذي يدل على صحة ما ذكرناه إجماع الطائفة عليه وأيضا فإن ولد
95

الولد ولد للميت ويستحق هذه التسمية على سبيل الحقيقة على ما سندل عليه بمشيئة الله
وعونه في المسألة التي تلى مسائلنا هذه وإذا ثبت أن ولد الولد يعمهم اسم الولد وكان الجد
بلا خلاف لا يرث مع الولد فلا يجوز أن يرث مع أولاد الأولاد وهم أولاد على الحقيقة فإن
قيل إذا كان أولاد ولد الميت وإن سفلوا أولادا على الحقيقة فيجب أن يكون الجد أبا على
الحقيقة لأنه لا يجوز أن يكون لزيد ولد إلا وهو له والد وإذا كان الأجداد آباء على الحقيقة
كان أولاد الأولاد أولادا على الحقيقة فيجئ من ذلك أن يكون قوله تعالى فلأبويه لكل
واحد منهما السدس متناولا للآباء والأجداد وهذا خلاف الاجماع قلنا لو تركنا الظاهر لحكمنا
بأن قوله تعالى ولأبويه يقع على الآباء والأجداد لكن أجمعت الأمة على أنه يتناول الآباء
دون الأجداد فقلنا بذلك بالإجماع وخصصنا ظاهر الكتاب ولا يجوز إذا خصصنا هذا
الموضع بالإجماع أن نخص الظواهر التي تتناول الأولاد مع عمومها لولد الولد بغير دليل
فبان الفرق بين الأمرين.
المسألة الثانية والتسعون والمائة:
ولو مات رجل وخلف بنت بنت وزوجة فللزوجة الثمن كما لو ترك بنتا. هذا صحيح
وإليه يذهب أصحابنا وخالف باقي الفقهاء فيه وذهبوا إلى أن ولد البنت لا يحجبون وفي
بعض المتقدمين من لم يحجب بولد الابن كما لم يحجب بولد البنت وفقهاء الأعصار إلى
الآن يحجبون بولد الابن وإن سفل والدليل على هذه المسألة بعد الاجماع المتقدم أن ولد
البنت يقع عليهم اسم الولد كما أن ولد الابن يقع عليهم هذا الاسم وجميع ما علق الله تعالى
من الأحكام بالولد فإنه قد عم به ولد الولد كقوله تعالى حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم
إلى قوله وبنات الأخ وبنات الأخت وحلائل أبنائكم وقوله تعالى ولا يبدين زينتهن
إلا لبعولتهن أو آبائهن أو أبناء بعولتهن فعم الحكم بذلك أولاد الأولاد بظاهر الاسم وعموم
اللفظ وإذا كان أولاد البنت يقع عليهم اسم الولد كوقوعه على ولد الابن حجبوا الزوجة
من الربع إلى الثمن كما يحجب أولاد الابن فإن قيل ولد الولد يقع عليهم اسم الولد على
سبيل المجاز لا الحقيقة قلنا هذا إقرار بلا برهان وإذا وقع اسم الولد على ولد الولد فالظاهر
96

أنه حقيقة لأن الأصل في الاستعمال الحقيقة والمجاز طار عليها ومن ادعى المجاز في لفظ
مستعمل فعليه الدليل لأنه عادل عن الظاهر فإن قيل لو حلف رجل بالطلاق إن لا ولد له لم
يحنث إلا أن ينويهم فدل ذلك على أنه مجاز فلو كان حقيقة لحنث من غير نية قلنا يحنث عندنا
ولن لم يكن له نية لأن اسم الولد واقع على ولد الولد حقيقة.
المسألة الثالثة والتسعون والمائة:
بنت وأخ لأب وأم فالمال كله للبنت. هذا صحيح وإليه يذهب أصحابنا لا خلاف
بينهم فيه وخالف في ذلك باقي الفقهاء فورثوا الأخ مع البنت للتعصيب وكان ابن عباس
رضي الله عنه ينكر القول في العصبة ويذهب إلى مذهبنا فيه وقوله في ذلك مشهور ووافقه
جابر بن عبد الله الأنصاري وقيل إن الزبير كان يقضي بخلاف العصبة قال إبراهيم
النخعي أيضا في رواية الأعمش عنه كان يذهب إلى ذلك والذي يدل على أن للبنت المال
كله دون الأخ الاجماع المتقدم وأيضا فإن البنت وإن كان لها اسم النصف فإنها تستحق
النصف الآخر دون الأخ بالقربى لأنها أقرب إلى الميت من أخيه بلا شبهة لأنها تتقرب
بنفسها والأخ يتقرب بالجد فقرابتها أقرب ولا شبهة في أن من يرث بالقربى والنسب يعتبر
فيه قرب القرابة فإن قالوا يورث الأخ بالتعصيب قلنا لا حجة لكم فيما ذهبتم إليه من
التعصيب وقولكم بالتعصيب خارج عن الكتاب والسنة لأن الله يقول للرجال نصيب
مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا فلم يجعل للرجال من الميراث
شيئا دون النساء ومن ذهب إلى توريث العصبة خالف هذا الظاهر وعمل الأخ وابن الأخ
وفي أصحابنا من حمل خبر التعصيب إن صح على أن المراد به ما أبقت الفرائض فلأولي
عصبة ذكر أي أولى من ذكره الله تعالى من قرابة الميت ممن يستحق بالقربى ميراثه ويكون
لفظة ذكر ههنا فعلا ماضيا لا اسما كما ذهبوا إليه وقد روى أبو سلمة خبر أبي هريرة عن
النبي أنه قال: من ترك مالا فلأهله وهذا يدل على أن خبر العصبة إنما أراد به الأهل من غير
تخصيص لذكر من أنثى وروى أبو عمر غلام ثعلب عن تغلب قال: قال ابن الأعرابي
: العصبة جميع الأهل من الرجال والنساء وقال: هذا معروف عند العرب مشهور وقال
97

الخليل في كتاب العين العصبة مشتقة من الأعصاب وهي التي تصل بين أطراف العظام
وهذا الاشتقاق يقتضي أن البنات كالبنين وأولادهن في اللحمة بالميت والاتصال به.
المسألة الرابعة والتسعون والمائة:
بنت وابن ابن، المال كله للبنت كما لو ترك ابنان وابن ابن. هذا صحيح وإليه يذهب
أصحابنا وخالف الفقهاء كلهم فيه والدليل على صحة ما ذهبنا إليه الاجماع المتقدم وأيضا
قد دللنا على أن البنت كالابن في تناول اسم الولد لهما على الحقيقة وإذا كانت ولدا للمتوفى
فلم يرث معها ولد الولد لنزوله عنها بدرجة كما لا يرث ابن الابن مع الابن.
المسألة الخامسة والتسعون:
خال وخالة المال بينهما نصفان. هذا صحيح وإليه يذهب أصحابنا وأبو حنيفة
وأصحابه يوافقونا على توريث ذوي الأرحام إلا أنهم لا يسوون بين الخال والخالة في
القسمة كما سوينا وخالف الشافعي ومالك في توريث ذوي الأرحام وكان يذهب إلى توريث
ذوي الأرحام من الصحابة عمر بن الخطاب وعائشة وأبو هريرة الدليل على صحة ما ذهبنا
إليه بعد الاجماع المتردد قوله تعالى وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من
المؤمنين والمهاجرين وأيضا قوله تعالى للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون
وللنساء نصيب فظاهر هذه الآية تقتضي توريث الإناث وذوي الأرحام قرابات فوجب
توريثهم وأيضا ما رواه سهل بن حنيف عن عمر عن النبي ص قال:
الله تعالى ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له وأيضا ما رواه المقداد بن
معديكرب أن رسول الله قال من ترك كلا فإلي ومن ترك مالا فلورثته وأنا وارث من
لا وارث له اعقل عنه وارثه والخال وارث من لا وارث له يعقل عنه وأيضا ما روي من أن
ثابت بن الدحداح مات فقال رسول الله لعاصم بن عدي هل تعلم له نسبا في العرب فقال
يا رسول الله كان رجلا أبيا فتزوج عبد المنذر أخته فولدت له أبا لبابة فجعل رسول الله
ميراثه لأبي لبابة وهو ابن أخته وهذا يقتضي توريث ذوي الأرحام فإن احتج المخالف
98

بما رواه أبو أمامة الباهلي من أن النبي ع قال إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه
لموضع الدليل أن الله تعالى بين فرض من له حق في الكتاب والعمة والخالة وغيرهما من
ذوي الأرحام ما ذكر فرضهم في الكتاب فلا حق لهم والجواب أن الله تعالى قد بين حقهم في
الكتاب وإن كان على سبيل الجملة دون التفصيل بقوله تعالى للرجال نصيب مما ترك
الوالدان والأقربون الآية وبقوله تعالى وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله
فإن تعلقوا بما رواه عطاء ابن سيان أن النبي ع دعا إلى جنازة رجل من الأنصار
فقال لهم رسول الله: ما ترك؟ فقالوا: ترك عمته وخالته فقال اللهم رجل ترك عمته وخالته
فلم ينزل عليه شئ فقال رسول الله: لا أجد لهما شيئا والجواب أن هذا الحديث منقطع
الإسناد يضعف الاحتجاج به وبعد فيحتمل أن يريد به ع لا أجد لهما شيئا معينا
محددا كما حدد نصيب غيرهم ومما يجوز أن يستدل به على توريث ذوي الأرحام أن ذوي
الأرحام لهم نسب وإسلام ولجماعة المسلمين الاسلام فقط فذوو الأرحام أحق من بيت
المال لإجماع المسلمين لهم.
المسألة السادسة والتسعون والمائة:
عم وخال المال بينهما للعم الثلثان وللخال الثلث. هذا صحيح وإليه يذهب
أصحابنا وخالف باقي الفقهاء في ذلك وورثوا العم دون الخال بالتعصيب الذي قد بينا
فساد دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه الاجماع المتردد وأيضا فإن من ورث العم في هذه المسألة
دون الخال إنما اعتبر العصبة وقد بينا فساد التعلق بالعصبة وإذا كانت قرابة العم من
الميت كقرابة الخال من الميت لأن العم أخو أبيه والخال أخو أمه وجب أن يورث كل واحد
منهما سهم من يقرب به فيرث العم سهم الأب وهو الثلثان ويرث الخال سهم الأم وهو
الثلث.
المسألة السابعة والتسعون والمائة:
نحن نرث المشركين ونحجبهم. هذا صحيح وإليه يذهب أصحابنا وروي القول
99

بمثل مذهبنا عن معاوية بن أبي سفيان ومعاذ ومحمد بن الحنفية ومسروق وعبد الله بن معقل
المري وسعيد بن المسيب وخالف باقي الفقهاء في ذلك وقالوا إن المسلم لا يرث الكافر
والكافر لا يرث المسلم دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه الاجماع المتردد فظاهر آيات المواريث
في الكتاب لأنه تعالى قال يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ولم يخص مؤمنا
من كافر وباقي الروايات علقت المواريث فيها بالأنساب أو الزوجية وعمة المؤمن والكافر
وأيضا ما رواه أبو الأسود الدؤلي أن رجلا حدثه أن معاذا قال: سمعت رسول الله يقول:
الاسلام يزيد ولا ينقص فورث معاذ المسلم وورثه معاوية بن أبي سفيان وقال كما يحل لنا
النكاح منهم ولا يحل لهم منا وكذلك نرثهم ولا يرثونا فإن تعلق المخالف بما روي عنه عليه
السلام من قوله لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم وبخبر آخر لا يتوارث أهل ملتين
فالجواب عن ذلك أن الخبر الأول إذا صح فظاهر القرآن يدفعه وأخبار الآحاد لا يخص بها
القرآن ولو ساغ العمل بها في الشريعة ثم يجوز أن يكون المراد لا يخص بها القرآن ولو ساغ
العمل بها في الشريعة ثم يجوز أن يكون المراد به أن مظهر الاسلام الذي لا يبطنه لا يرث
الكافر وقد سمى الله مظهر الشئ باسم مبطنه قال الله تعالى فتحرير رقبة مؤمنة لا خلاف
بين المسلمين في أن المراد بذلك مظهر الإيمان فإن قيل هذا يقتضي أن لا يورث مظهر الاسلام
الكافر قلنا الخبر إنما يدل على خطر أن يرث مظهر الاسلام من غير ابطان لها الكافر فأما
الحكم بتوريثه فقد يجوزان يحكم بأن أظهر الاسلام ممن يجوز أن يكون مبطنا له وإن كنا
نجوز أن يكون باطنه خلاف ظاهره بتوريثه للكافر على الظاهر وإن كان لا يحل لمن يعلم
من نفسه ابطان خلاف الاسلام أن يرث الكافر فأما الخبر الثاني فالأمر فيه واضح لأن
التوارث تفاعل وإذا لم يكن من الجهتين لم يطلق عليه اسم التفاعل ونحن نقول إن المسلم
يرث الكافر ولا يرثه الكافر.
100

الكافي
في الفقه
لأبي الصلاح تقي الدين ابن نجم الدين عبد الله الحلبي
347 - 447 ه‍ ق
101

فصل في الإرث:
الإرث سبب لاستحقاق الوارث مال الموروث، وهذا التكليف يقتضي العلم بمسائل
ستة: أولها الأسباب التي يستحق بها الإرث وثانيها الأسباب المانعة منه وثالثها مقادير
سهامه ورابعها مراتب التوريث وخامسها كيفية سهام الوارث وسادسها قسمة سهامهم.
الباب الأول:
الأسباب التي يستحق بها الإرث نسب وزوجية وولاء وفرض طاعة، وأصل النسب -
وإن تفرع - (كذا) الأبوان والمستحق به مفصل ومجمل ويترتب بحسبه في القرب والبعد،
والزوجية مختص بنكاح الغبطة وما يستحق بها مفصل بالنص وأن يترتب بوجود الولد
وفقده، والولاء موجب عن العتق تبرعا أو قبوله عن الحر، وفرض الطاعة مختص بإمام الملة
ع.
الباب الثاني:
الأسباب المانعة من الإرث: كفر وإن اختلفت جهاته بوثنية أو مجوسية أو صائبة أو يهودية
103

أو نصرانية أو ثنوية أو تشبيه أو جبر أو كفر بفرض يعم، أو رق، أو قتل الموروث عمدا.
الباب الثالث:
السهام الستة: الثلثان وهو سهم الأب مع الأم والابنتين والأختين للأب فما زاد عليهما
والنصف وهو سهم الزوج مع عدم الولد والبنت والأخت للأب، والثلث وهو سهم الأم مع
عدم الولد والإخوة والاثنين فما زاد من كلالة الأم والربع وهو سهم الزوج مع وجود الولد
والزوجة مع عدمه، والسدس وهو سهم كل واحد من الأبوين مع الولد وواحد الإخوة و
الأجداد من قبل الأم، والثمن وهو سهم الزوجة مع الولد.
الباب الرابع:
رتب التوريث وهي خمس:
أولها: الأبوان والولد، لا يرث مع جميعهم ولا واحدهم أحد ممن عداهم من ذوي الأنساب،
ويقوم ولد الولد وإن هبطوا مقام آبائهم وأمهاتهم الأدنين في استحقاق كل منهم ميراث من
تقرب به ومشاركته للآباء في الإرث وحجبهم عن أعلى السهمين إلى أدناهما ومنع من
عداهم من الأقارب.
والرتبة الثانية: الإخوة والأخوات والأجداد والجدات، واستحقاقهم الإرث موقوف
على عدم الرتبة الأولى جملة، ولا يرث مع جميعهم ولا واحدهم أحد ممن عداهم من ذوي
الأنساب، ويقوم ولد الإخوة وإن هبطوا مقام آبائهم وأمهاتهم في استحقاق كل منهم ميراث
من تقرب به ومشاركة الأجداد ومنع من حجبه آبائهم الأدنون عن الإرث.
والرتبة الثالثة: الأعمام والعمات والأخوال والخالات، واستحقاقهم موقوف على
عدم ذوي الرتبتين الأولة والثانية وآحادهم، ويقوم أولاد كل منهم مقام أبيه أو أمه، والأقرب
من أهل هذه الرتب الثلاث أولى بالإرث ممن بعد (كذا)، فالولد الأدنى أحق من ولد الولد
وإن كان الأدنى بنتا والأبعد ابن ابن، وبنت البنت أولى بالإرث من ابن ابن الابن، والأخت
للأم أحق من ابن الأخ للأب والأم، وابن الأخت للأم أحق من ابن ابن الأخ للأب والأم والعمة
104

والخالة أحق من ابن العم، وبنت العمة والخالة أحق من ابن ابن العم وبنت بنت العمة.
ثم على هذا التنزيل لا يختلف حال التوريث إلا في ابن عم لأب وأم وعم لأب في توريث
ابن العم دونه، والإرث بالزوجة ثابت مع جميع الرتب فلذلك لم نفرده بترتيب.
والرتبة الرابعة: ميراث المولى وهو مستحق بشرط عدم ذوي الأنساب الدانية
والقاصية، أو ما يفضل عن إرث الزوجة وهو مختص بذوي الولاء وعصبته.
والرتبة الخامسة: ميراث سلطان الاسلام وهو مستحق بشرط عدم ذوي الأنساب
والولاء و (كذا) ما يفضل عن حق الزوجة.
الباب الخامس:
أول المستحقين الأبوان والولد: للأبوين منفردين المال كله، للأم الثلث وللأب الثلثان
ولأحدهما المال كله بالتسمية والرد، وإن كان معهما زوج أو زوجة فللزوج النصف وللزوجة
الربع والباقي له، وإن كانا معا فللزوج سهمه وللزوجة فرضها وللأم الثلث من الأصل
والباقي للأب، فإن كان هناك أخوان أو أربع أخوات أو أخ وأختان للأب أو لأب وأم، فللأم
السدس وللزوجة أو الزوج فرضه والباقي للأب، وإن لم يكن هناك زوجية فالباقي للأب.
فإن كان معهما أو أحدهما ولد ذكر أو أنثى واحدا وجماعة فلهما السدسان ولأحدهما
السدس والباقي لواحد الولد الذكر أو جماعتهم أو ولده وإن سفل، وإن كانت بنتا فلها
النصف والباقي رد عليها وعلى الأبوين أو أحدهما بحساب السهام، وإن كانت ابنتان
فما زاد فلهما الثلثان وللأبوين السدسان ولأحدهما السدس والباقي رد عليهم بحساب
السهام.
فإن كان مع الأبوين والبنت إخوة يحجبون الأم اختص الرد بالأب والبنت، وإن كان مع
الأبوين أو أحدهما والولد زوج أو زوجة فللزوج الربع وللزوجة الثمن وللأبوين السدسان
ولأحدهما السدس وللولد الذكر والأنثيين فما زاد عليهما ما يبقى وللبنت النصف، فإن
فضل شئ فهو رد عليهما وعلى الأبوين أو أحدهما، وإن لم يف الباقي بالمسمى للبنت أو
الابنتين لم يكن لهن غيره.
105

وللولد إذا انفرد من الأبوين ذكرا كان أو أنثى واحدا أم جماعة المال كله يتساوى
الذكور فيه والإناث، فإن كانوا ذكورا وإناثا فللذكر مثل حظ الأنثيين، وإن كان مع الولد زوج
أو زوجة فله الربع ولها الثمن والباقي للولد بحسب فرائضهم، وولد الصلب الأدنى أحق
بالإرث من ولد الولد وإن كان الأدنى بنتا والأبعد ابن ابن.
وإذا فقد الولد الأدنى قام ولد الولد مقامه في حجب الأبوين والزوجين عن أعلى
الفرضين إلى أدناها، وورث كل منهم ميراث من تقرب به كابن بنت وبنت ابن، لبنت الابن
الثلثان ميراث أبيها ولابن البنت الثلث ميراث أمه، فإن كان ولد البنت أو الابن جماعة
فلكل منهم ميراث من تقرب به بينهم بالسوية إن كانوا ذكرانا أو إناثا، وإن كانوا ذكرانا
وإناثا فللذكر مثل حظ الأنثيين.
ولا يرث من بعد عن الموروث من أهل هذه الرتب الثلاث برتبتين مع من هو أدنى منه
برتبة ولا ذو الرتب الثلاث مع ذي الرتبتين، هكذا أبدا لا يختلف الحكم فيه، ومن السنة أن
يحبى الأكبر من ولد الموروث بسيفه ومصحفه وخاتمه وثياب مصلاه دون سائر الورثة
ويقسم الباقي.
وثاني المستحقين الإخوة والأخوات والأجداد والجدات، فلو أحدهم إذا انفرد المال كله،
وإن انفرد بالإرث إخوة الأم والجد والجدة لها فلهم جميع الإرث بينهم بالسوية الذكر والأنثى
فيه سواء، وحكم الجد والجدة معهم كحكمهم في الاستحقاق وكيفيته.
فإن كان معهم أخ لأب وأم أو أخت أو جماعة لهما أو للأب خاصة أو جد أو جدة لأب،
فللاثنين من كلالة الأم فما زاد عليهما الثلث بينهم بالسوية ولواحدهم السدس أخا كان أم
أختا جدا أم جدة والباقي لكلالة الأب أو الأب والأم واحدا كان منهما أخا أم أختا جدا أم
جدة، أو جماعة بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، والجد كالأخ والجدة كالأخت.
ولا يرث أحد من إخوة الأب خاصة مع واحد إخوة الأب والأم أخا كان أم أختا أم
جماعة، كان هناك كلالة أم أم لم يكن، وإنما يرثون مع كلالة الأم ومع فقدهم إذا انفردوا من
واحد الإخوة للأب والأم وجميعهم.
ويقوم ولد الإخوة بعد فقد آبائهم وإن هبطوا في استحقاق الإرث ومقاسمة الأجداد
106

ومنع من منعه الإخوة مقامهم، يرث الواحد من ولد الأخ أو الأخت أو الجماعة ميراث أبيه
أو أمه، للواحد جميع السهم وللجماعة من قبل الأب أو الأب والأم للذكر مثل حظ الأنثيين ومن
قبل الأم خاصة الذكر والأنثى سواء كآبائهم.
ولا يرث أحد من ولد الإخوة مع واحد الإخوة ولا جميعهم، لا يرث ابن الأخ للأب والأم مع
الأخت للأم، وولد الإخوة الأدنون أحق بالإرث ممن هبط عنهم بدرجة، ثم هكذا ذو الرتبتين
أولى من ذوي الثلاث وذو الثلاث أولى من ذي الأربع، وإن كان الأدنى ابن أخت لأم والأبعد
ابن ابن أخ لأب وأم.
فإن كان مع أحد الكلالتين زوج أو زوجة فله النصف ولها الربع والباقي للكلالة
بحسب فرائضهم المبينة، وإن اجتمع الكلالتان فللزوج أو الزوجة فرضه ولواحد كلالة الأم
السدس وللاثنين فما زاد عليهما الثلث كاملا، وما يبقى لكلالة الأب أو الأب والأم واحدا
كانوا أم جماعة يقسم بينهم بحسب ما فرض لهم.
وحكم ولد الإخوة مع الأزواج حكم آبائهم، وحكم الأجداد والجدات وإن علوا مع
الإخوة حكم الأجداد الأدنين بشرط فقدهم، ويترتبون في التوريث ترتب ولد الولد، فلا يرث
من علا بدرجتين مع الجد الأدنى ولا ذو الثلاث درج مع ذي الدرجتين هكذا أبدا إذا كانوا
متساوين في الكلالة، فإن اختلفوا لم يحجب بعضهم بعضا (كما) لا يحجب الجد الأدنى من قبل
الأب أو الأم الأعلى من قبل الأم أو الأب.
وثالث المستحقين الأعمام والعمات والخؤولة والخالات، لواحدهم إذا انفرد جميع المال
عما كان أم عمة خالا أو خالة، فإن انفرد بالإرث أحد الكلالتين فلهم جميع المال قسمة، كلالة
الأم الذكر والأنثى سواء وكلالة الأب للذكر سهمان وللأنثى سهم، وإن اجتمع الكلالتان
فلواحد كلالة الأم خالا كان أو خالة ولجميعهم الثلث يتساوون فيه والباقي لكلالة الأب
واحدا كان منها عما أو عمة جماعة للذكر سهمان وللأنثى سهم.
فإن اختلفت جهات أحد الكلالتين كعم أو عمة أو أعمام لأب، وعم أو عمة أو أعمام لأم،
وعم أو عمة أو أعمام لأب وأم فلو أحد الأعمام للأم السدس ولجميعهم الثلث والباقي لأعمام
الأب والأم واحدا كانوا أم جماعة دون أعمام الأب خاصة، وكذلك القول في الأخوال المتفرقة.
107

فإن اجتمعت الأعمام المتفرقون مع الأخوال المتفرقين، فللأخوال الثلث لأخوال الأم منه
السدس والباقي لأخوال الأب والأم دون أخوال الأب، وللأعمام الثلثان لأعمام الأب منه
السدس والباقي لأعمام الأب والأم دون أعمام الأب.
ويقوم الأعمام إخوة الأب لأبيه خاصة مقام الأعمام إخوة الأب لأبيه وأمه في مقاسمة الأعمام
إخوة الأب لأمه وكذلك القول في الأخوال، وأي واحد وجد من الأعمام المختلفي الجهات قام
مقام أي عم وجد في مقاسمة أي واحد وجد من الأخوال المختلفي الجهات.
ويرث الواحد من ولد العم أو العمة أو الخال أو الخالة والجماعة منهم ميراث أبيه أو أمه
بشرط فقدهم يتقاسمون مقاسمة آبائهم، ذكور ولد الأخوال كإناثهم وذكور ولد الأعمام
كالأعمام وإناثهم كالعمات، ولا يرث أحد منهم مع وجود من هو أقرب منه، لا يرث ابن العم مع
الخالة ولا العمة ولا ذو الدرجتين مع ذي الدرجة الدنيا ولا ذو الثلاث درج مع ذي الدرجتين
إلا بحيث ذكرناه في مسألة ابن عم لأب وأم مع عم لأب.
ورابع المستحقين موالي النعمة وفرضهم مختص بوليها وعصبته من بعده بشرط فقد
ذوي الأنساب، فإن كان معه زوج أو زوجة فللزوج النصف بالتسمية والباقي رد عليه دون
مولى النعمة، وللزوجة الربع والباقي لمولى النعمة أو لعصبته، وأولاهم الولد ثم
الإخوة ثم الأعمام ثم بنو العم الذكور منهم دون الإناث.
وخامس المستحقين سلطان الاسلام المفترض الطاعة على الأنام وفرضه ثابت بشرط
عدم ذوي الأنساب والزوج ومولى النعمة وهو من جملة الأنفال، فإن كانت هناك زوجة فلها
الربع والباقي للإمام، فإن لم تكن زوجة فله المال كله.
ولا ترث الزوجة من رقاب الرباع والأرضين شيئا وترث من قيمة آلات الرباع من
خشب وآجر كسائر الإرث.
ولا يرث الكافر المسلم وإن اختلفت جهات كفره وقرب نسبه، ويرث المسلم
الكافر وإن بعد نسبه كابن خال مسلم لموروث مسلم أو (كذا) كافر له ولد كافر بيهودية
أو نصرانية أو جبر أو تشبيه أو جحد نبوة أو إمامة، ميراثه لابن خاله المسلم دون ولده
الكافر، فإن كان جميع ورثة المسلم كفارا بأحد أسباب الكفر فميراثه لمولى نعمته
108

المسلم، فإن لم يكن له ولي نعمة فتركته لسلطان الاسلام.
وإن كان الموروث كافرا ولا قرابة له من المسلمين وله قرابة أو مولى نعمة يضارعونه في
الكفر ورثوه، وإن كان للكافر أولاد أصاغر وقرابة مسلم أنفق عليهم من التركة حتى
يبلغوا، فإن أسلموا فلهم الميراث وإن دانوا بالكفر فميراثه لقرابته المسلم دونهم،
ويرث الكفار بعضهم بعضا وإن اختلفت جهات كفرهم ما عدا كفار ملتنا فإنهم يرثون
غيرهم من الكفار ولا يرثونهم.
ولا يرث القاتل مقتوله عمدا، ويرثه إن كان القتل خطأ ما خرج عن الدية المستحقة
عليه ويرثه إن كان قتله إياه بحق قصاص أو جهاد أو غير ذلك، ولا يرث ولد الملاعنة
ملاعن أمه المصر على نفيه ولا من يتعلق بنسبه ولا يرثونه ومن يتعلق بنسبه، ويرثه بعد
الاعتراف به والرجوع عن نفيه ومن يتعلق بنسبه، ولا يرثه الأب ولا من يتعلق بنسبه وترثه
أمه ومن يتعلق بنسبها ويرثهم على كل حال.
ويورث الخنثى وهو ذو الفرجين بحسب المبال ومن لا فرج له بالقرعة، ويرث المكاتب
بحسب ما عتق منه، وإذا عتق المملوك أو أسلم الكافر قبل القسمة ورث، وبعدها لا يرث،
وإذا لم يكن للموروث إلا وارث مملوك ابتيع من الإرث وعتق وورث الباقي وإذا كان للوارث
أب أو أم رق لموروثه حصل في سهمه وعتق عليه.
وإذا أقر بعض الورثة بوارث وأنكره الباقون لزمه حكم الإقرار في سهمه دونهم، مثال
ذلك أخوان أو ولدان أقر أحدهما بثالث في البنوة أو الإخوة وأنكره الآخر فعلى المقر أن
يعطيه ثلث سهمه، وإن شهد اثنان من الورثة بوارث وكانا عدلين ثبت نسبه ولحق
بالوارث، وإن لم يكونا كذلك فهما مقران بنسبه يلزمهما إعطاء ما يستحقه من إرثهما حسب
ما تقدم بيانه.
ولا يرث من الدية أحد من كلالة الأم ويرثها من عداهم من ذوي الأنساب والأسباب،
فإن لم يكن للمقتول وارث بنسب ولا زوجية فهي لمولى نعمته، فإن لم يكن له مولى نعمة
فميراثه من الأنفال.
وإذا مات جماعة في وقت واحد ورث كلا منهم مستحقو ميراثه، وإن علم ترتب موتهم
109

حكم في تركاتهم بحسبه، وإن لم يعلم ذلك من حالهم لهدم أو غرق أو قتل معركة أو غير ذلك
ورث بعضهم من بعض ما كان له قبل الموت بالهدم والغرق دون ما ورثه من صاحبه، والأولى
تقديم الأضعف في التوريث.
مثال ذلك: أب وابن غرقا جميعا ولكل منهم وارث غير صاحبه وتركة، فالحكم أن
يفرض أن الابن مات أولا إذ كان هو ذا السهم الأوفر ويورث منه الأب فرضه، ثم يفرض أن
الأب مات فيورث منه الابن ما كان يملكه قبل الموت دون ما ورثه منه، فيكون ما ورثه الأب
من الابن وما بقي من ماله بعد توريث الابن منه بين ورثته على فرائضهم، وما ورثه الابن
من الأب وما بقي من ماله بعد توريث الأب منه بين ورثته على فرائضهم بحسب استحقاقهم.
وأهل الملل المختلفة في الكفر إذا تحاكموا إلى أهل الاسلام ورثوا على الأنساب
والأسباب الثابتة في ملة الاسلام بحسب ما قررته من السهام لذوي الأنساب والأسباب
الصحيحة، دون ما يرونه في ملتهم نسبا وسببا لا يصح مثلهما فيها ودون ما يثبتونه من
سهام المستحقين، مثال ذلك ابن وبنت يهوديان تحاكما إلى أهل الاسلام في ميراث أبيهم
فالحكم أن يعطي الابن الثلثان والبنت الثلث دون ما يرون في ملتهم من المساواة إلى غير
ذلك مما يخالف فيه أحكامهم لأحكام الاسلام.
أو مجوسيان تحاكما إلينا أحدهما ابن وزوج لمورثه والآخر أب وأخ، فالحكم أن يبطل
ميراث الأبوة والإخوة لأن الأب هاهنا تزوج بأمه فأولدها هذه المورثة فهي ابنته وأخته لأمه
وكلا النسبتين باطل في ملتنا بغير شبهة، ويبطل من الآخر حق الزوجية لفساد عقد الابن
على الأم في ملتنا، وتورثه بالبنوة خاصة إن كانت صحيحة في ملتنا وإن كانت باطلة لكونه
ابنها من أخيه الذي هو ابنها أو لغير ذلك من النكاح الفاسد أبطلناها أيضا، وورثنا من بعد
نسبه الصحيح أو ثبت سببه أو ولايته، فإن فقد جميع المستحقين فميراثها من الأنفال، ثم
على هذا يجري الحكم في توريثهم عند التحاكم إلينا، وإن أمضوا الأحكام بينهم على ما يرونه
شرعا لهم لم يجز الاعتراض عليهم لحق ذمتهم.
وميراث المرتد للأولى به من ذوي نسبه وإن كانوا أصاغر.
وإذا كان العاقد على الصبيين أبويهما توارثا، وإن كان العاقد غيرهما لم يتوارثا حتى
110

يبلغا ويمضيا العقد، وإن كان الزوج عاقلا والمعقود عليها صغيرة وليها أبوها توارثا، وإن
كان غير الأب فمات الزوج قبل بلوغها تربص بالميراث بلوغها، فإن أبت العقد
فلا ميراث لها وإن أمضته أحلفت أنها لم ترض به للإرث، فإن حلفت ورثت وإن امتنعت
فلا ميراث لها.
والمطلقة في الصحة طلاقا رجعيا ترث المطلق ما لم تخرج عن عدتها وإن كان بائنا لم
ترثه، (و) في المرض ترث مطلقها ما لم يتزوج أو يمضى لطلاقها سنة أو يبرأ فيمضي الطلاق
فلا ترثه، وولد الزنى يرث أمه ومن يتعلق بنسبها ويرثونه، ولا يرث الفحل ومن يتعلق بنسبه
ولا يرثونه، ولا يحل لأحد أن يعترف بنسب لا يثبت مثله في ملتنا ولا يورثه.
ومن السنة إطعام الجدة أو الجد للأب السدس من نصيب ابنها إذا كان حيا وسهمه
الأوفر، فإن وجدا معا فالسدس بينهما نصفان، وإن فقد الابن أو كان سهمه الأقل فلا طعمة
لهما ولا طعمة لأجداد الأم.
وإذا فقد أحد الورثة عزل سهمه حتى يكشف السلطان خبره أربع سنين، فإن عرفت
حياته فهو له وإلا قسم بين الورثة، وإن كان المفقود أولى بالميراث ممن وجد عزل جملة الإرث
للمدة المذكورة إلى أن ينكشف الحال فيه فيحكم بما شرع في أمره، ويورث المولود
بالاستهلال وبالحركة الكبيرة التي لا تكون إلا من حي لأنه ربما كان أخرس.
الباب السادس:
قسمة الرباع والأرضين بين وراثها تفتقر إلى تصحيح السهام لاستغناء ما عداهما من
التركات عن ذلك، وطريق اخراج السهام صحاحا أن ينظر مريد ذلك في فريضة أهل الإرث
فإنها لا تخلو أن يكون فيها ذو نصف أو ثلث أو ربع أو سدس أو ثمن معه غيره فيفرضها
من عدد يخرج منه ذلك السهم صحيحا ثم ينظر في التفاضل عنه وسهام من عدا مستحقه،
فإن انقسم عليهم من غير انكسار وإلا ضرب سهامهم في أصل الفريضة فما انتهت إليه
فسهام الكل تخرج منه صحاحا بغير انكسار. وفهم هذه الجملة كاف ونفصلها ليقع
العلم بأعيان مسائلها.
111

فمن ذلك فريضة النصف أصلها من اثنين، لذي النصف سهم ويبقى سهم، فإن
كان الوارث معه واحد فهو له من غير انكسار، وإن كانا اثنين يتساويان كأخ وأخت من
قبل الأم أو أخوين أو أختين من قبل الأب انكسر الباقي عليهم، فالوجه أن تضرب سهامهم
وهي اثنان في أصل الفريضة فتصير أربعة لذي النصف سهمان ولكل واحد من هذين
سهم.
وإن كانوا ثلاثة يتساوون في السهام كإخوة الأم أو اثنين يختلفان كأخ وأخت لأب
فلتضرب سهامهم وهي ثلاثة في أصل الفريضة فتصير ستة، للزوج ثلاثة ولكل واحد من
الثلاثة المتساويين سهم ولواحد الاثنين سهمان وللأنثى سهم.
وإن كان ذو السهام خمسة متساوين كإخوة أم أو إخوة من أب منفردين أو أخوات له أو
أخوان لأب وأخت له فإن الفاضل ينكسر عليهم فلتضرب سهامهم وهي خمسة في أصل
الفريضة فتصير عشرة، لذي النصف خمسة أسهم ولكل واحد من الخمسة المتساوين
سهم ولكل واحد الأخوين مع الأخت سهمان وللأخت سهم، ثم على هذا يجري الحساب في
جميع أهل هذه الفريضة وإن كثروا.
ومن ذلك فريضة الثلث أصلها من ثلاثة، لذي الثلث سهمه وهو واحد وهو سهم الأم
مع الأب والباقي له، فإن كان معهما زوج أو زوجة فأصل الفريضة من عدد له ثلث صحيح و
ربع صحيح، فتعطى الأم منه الثلث والزوج النصف والزوجة الربع والباقي للأب، فإن كان
الزوجات جماعة ينكسر عليهم الربع ضربت سهامهم في أصل الفريضة فما انتهت إليه
أخرجت منه السهام صحاحا.
وإن كانت فريضة إخوة أم وإخوة أب وكان الفاضل عن فريضة إخوة الأم و هو اثنان
ينكسر على من معهم من إخوة الأب فلتضرب سهام المنكسر عليهم في أصل الفريضة، فما
بلغت أخرجت منه السهام صحاحا كأنهم كانوا أربعة متساوين أو أخا أو أختين فسهامهم
أربعة تضرب في ثلاثة فتصير اثنا عشر سهما، لإخوة الأم الثلث أربعة وتبقى ثمانية أسهم
للأخ أربعة منها ولكل أخت سهمان، ثم على الحساب.
ومن ذلك فريضة الربع أصلها من أربعة، لذي الربع حقه واحد والباقي لمشاركيه إن
112

كانوا ثلاثة يتساوون لكل واحد منهم سهما، وإن اختلفوا فزادوا أو نقصوا ضربت
سهامهم في أصل الفريضة فما انتهت إليه أخرجت منه السهام صحاحا، مثال ذلك: ثلاثة
بنين وبنتان مع زوج، أو ثلاثة إخوة لأب وأختان مع زوجة، فسهام كل مع ذي الربع ثمانية
تضرب في أصل الفريضة وهي أربعة تصير اثنين وثلاثين سهما، لذي الربع ثمانية أسهم
ولكل ذكر من الولد أو الإخوة ستة أسهم ولكل أنثى ثلاثة أسهم، ثم على هذا يجري الحكم
في حساب سهام جميع من يرث معه ذو الربع.
ومن ذلك فريضة السدس وأصلها من ستة، لذي السدس سهم ولمشاركيه إن كانوا
خمسة يتساوون لكل واحد سهم، وإن كانوا أخوين لأب وأخت أو ابنين وبنت فلكل ذكر
سهمان وللأنثى سهم، وإن زادت السهام عليهم أو نقصت ضربت سهامهم في أصل
الفريضة فما بلغت أخرجت منه صحاحا، مثال ذلك: ثلاثة إخوة لأب وأربع أخوات له مع
أخ لأم، أو ثلاثة بنين وأربع بنات مع أحد الأبوين، فسهامهم عشرة تضرب في الأصل فتصير
ستين سهما، لذي السدس عشرة أسهم ولكل واحد من الذكور عشرة أسهم ولكل أنثى
خمسة أسهم، ثم على هذا يجري حساب هذه الفريضة بالغا ما بلغ أهلها.
ومن ذلك فريضة الثمن وأصلها من ثمانية، لذي الثمن واحد وتبقى سبعة، فإن
كان مشاركوه ممن تصح قسمتها عليهم صحاحا قسمت، وإن انكسرت عليهم ضربت
سهامهم في أصل الفريضة فما بلغت أخرجت منها السهام صحاحا، مثال ذلك: خمس
بنين أو ابنان وبنت أو ابن وثلاث بنات، سهامهم خمسة تضرب في الفريضة وهي ثمانية
فتصير أربعين سهما، لذي الثمن خمسة ويبقى خمسة وثلاثون سهما لكل واحد من البنين
الخمس سبعة أسهم ولكل واحد من الابنين مع البنت أربعة عشر سهما وللبنت سبعة
أسهم، وللابن أربعة عشر سهما ولكل بنت من الثلاث سبعة أسهم، ثم على هذا تجري
القسمة في هذه الفريضة بالغا ما بلغت سهام أهلها.
فإن اجتمع في الفريضة ربع وسدس وهي فريضة الزوجة مع واحد الإخوة من الأم
وإخوة الأب فأصلها من اثني عشر، للزوجة ثلاثة وللأم سهمان ويبقى سبعة لكلالة الأب،
فإن أمكنت قسمتها عليهم صحاحا وإلا ضربت سهامهم في أصل الفريضة فما بلغت
113

أخرجت منه السهام صحاحا، وكذلك القول في فريضة إخوة الأم والزوجة أو الزوج عملها
كالأول، فإن كان ما يستحقه كل واحد من الكلالتين ينكسر عليهم ضربت سهام كل واحد
من أهل الكلالتين في سهام الأخرى، فما بلغ ضرب في أصل الفريضة فما بلغ أخرجت منه
السهام صحاحا.
فإن كان في الفريضة ذوو سهام مسماة ورد ينكسر، كزوج وأحد الأبوين وبنت فأصل
الفريضة من اثني عشر، للزوج الربع ثلاثة ولأحد الأبوين السدس سهمان وللبنت النصف
ستة أسهم، يبقى سهم ينكسر في الرد على البنت والأب، فالوجه أن يضرب سهامهما وهي
أربعة في أصل الفريضة وهي اثنا عشر فتصير ثمانية وأربعين سهما، للزوج الربع اثنا
عشر سهما ولأحد الأبوين السدس ثمانية أسهم وللبنت النصف أربعة وعشرون سهما،
ويبقى أربعة أسهم للبنت ثلاثة أسهم ولأحد الأبوين سهم، ثم على هذا الوجه يجري حكم
حساب جميع الفرائض فليعمل بحسبه.
واستقصاء مسائل جميع الفرائض في القسمة وما يتفرع منها ويتناسخ يخرج عن
الغرض بهذا المختصر وفيما ذكرناه بلغة لمن فهم.
114

النهاية
في مجرد الفقه والفتاوى
للشيخ الأجل أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي
المشتهر بشيخ الطائفة والشيخ الطوسي
385 - 460 ه‍ ق
115

كتاب المواريث
باب ما يستحق به الميراث
الميراث يستحق بشيئين: أحدهما نسب والآخر سبب، والنسب على ضربين: نسب
الوالدين ومن يتقرب بهما والثاني نسب الولد للصلب ومن يتقرب بهم.
فالميراث بالنسب ثابت على كل حال إلا أن يكون هناك ذو نسب أولى منه بالميراث
وأقرب منه أو مع كونه مساويا أو أقرب يكون كافرا أو قاتلا أو مملوكا، فإن هذه الأسباب تمنع
من الميراث مع وجود النسب وليس يمنع من الميراث بالنسب شئ غير ما ذكرناه.
وأما السبب فهو على ضربين: سبب الزوجية وسبب الولاء، فالميراث بالزوجية ثابت
على كل حال مع وجود ذوي الأنساب ومع فقدهم على قدر استحقاقهم إلا ما يمنع من
الميراث كما منع صاحب النسب من الكفر والقتل والرق.
وأما سبب الولاء فعلى ثلاثة أضرب: ولاء العتق ويكون ذلك مقصورا على المعتق أو
من يتقرب به على ما يستحقونه، والثاني ولاء تضمن الجريرة وذلك مقصور على ضامن
الجريرة والحدث خاصة ولا يتعدى إلى غيره على حال، والثالث ولاء الإمامة ويكون ذلك
خاصا في من لا وارث له من ذي نسب أو سبب، وليس يخرج جميع أقسام الفرائض عن
شئ مما ذكرناه ولكل قسم منها أبواب وتفاصيل نحن نبينها على ما تقتضيه الحاجة إليه إن
شاء الله.
117

باب ميراث الوالدين ومن يدخل عليهما:
إذا خلف الميت والدين ولم يخلف غيرهما كان ما خلفه لهما للأب الثلثان وللأم الثلث،
فإن ترك أحد أبويه أبا كان أو أما ولم يخلف غيره من ذوي الأنساب والأسباب كان جميع
ما خلفه له.
فإن خلف مع الأبوين أولادا ذكورا وإناثا كان للأبوين السدسان وما بقي فللأولاد للذكر
مثل حظ الأنثيين، فإن خلف معهما بنتا واحدة كان لهما السدسان، وللبنت النصف ثلاثة
أسهم من ستة وبقي سهم يرد عليهم على قدر سهامهم وهي خمسة أسهم، فيجعل أصل
الفريضة من خمسة أسهم: للأبوين منهما سهمان وللبنت ثلاثة أسهم، فإن خلف مع الأبوين
بنتين كان للأبوين السدسان وللبنتين الثلثان، وكذلك الحكم إن كن أكثر من بنتين كان
الثلثان بينهن بالسوية، فإن خلف مع الأبوين ولدا ذكرا كان للأبوين السدسان وما بقي
فللولد الذكر.
فإن خلف أحد أبويه وبنتا كان لأحد أبويه السدس وللبنت النصف والباقي رد عليهما
على قدر سهامهما، فتجعل الفريضة من أربعة: يكون للبنت منها ثلاثة أسهم والسهم الآخر
لأحد الأبوين، فإن خلف مع أحد الأبوين بنتين كان لأحد الأبوين السدس وللبنتين الثلثان
والباقي رد عليهم على قدر أنصبائهم، فتجعل الفريضة من خمسة: فيكون للبنتين أربعة
أسهم منها والسهم الآخر لأحد الأبوين، فإن خلف مع أحد الأبوين بنات جماعة كان الحكم
فيهن مثل الحكم في البنتين على السواء، فإن خلف مع أحد الأبوين ولدا ذكرا كان لأحد
الأبوين السدس والباقي للولد الذكر.
وإذا خلف الرجل أبويه وزوجة ولم يخلف غيرهم كان للزوجة الربع من أصل المال
والباقي للأبوين: للأم الثلث من أصل المال والباقي للأب، فتجعل الفريضة من اثني عشر:
فتكون للزوجة ثلاثة أسهم منها وهي الربع وبقي تسعة أسهم للأم منها أربعة أسهم وما بقي
وهو خمسة أسهم للأب.
فإن ترك الرجل أباه وزوجة ولم يخلف غيرهما كان للزوجة الربع والباقي للأب، فإن
خلف أما وزوجة كان للزوجة الربع وللأم الثلث وما بقي يرد على الأم، فتجعل الفريضة من
118

اثني عشر: للزوجة الربع ثلاثة أسهم وللأم الثلث أربعة أسهم ويبقى خمسة أسهم ترد على
الأم دون الزوجة، فتصير سهام الأم تسعة من اثني عشر وثلاثة أسهم للزوجة.
فإن ترك أبويه وزوجة وولدا ذكورا وإناثا كان للزوجة الثمن وللأبوين السدسان
والباقي للأولاد، فتجعل الفريضة من أربعة وعشرين: فيكون للأبوين السدسان ثمانية
أسهم وللزوجة الثمن ثلاثة أسهم ويبقى ثلاثة عشر سهما بين الأولاد للذكر مثل حظ
الأنثيين.
فإن خلف مع الأبوين زوجة وبنتا كان للأبوين السدسان وللبنت النصف وللزوجة
الثمن وما بقي رد على الأبوين والبنت دون الزوجة، فتجعل الفريضة من مائة وعشرين:
فيكون للزوجة منها الثمن خمسة عشر سهما وللأبوين السدسان أربعون سهما وللبنت
النصف ستون سهما، وتبقى خمسة أسهم ترد على سهام البنت والأبوين وهي خمسة: فيعطى
الأبوان سهمين منها وللبنت الثلاثة أسهم الأخر، فتصير سهام الأبوين اثنين وأربعين سهما
وسهام البنت ثلاثة وستين سهما، وخمسة عشر سهما للزوجة فذلك مائة وعشرون سهما.
فإن خلف مع الأبوين زوجة وبنتين فصاعدا كان للزوجة الثمن وللأبوين السدسان
وما يبقى للبنتين أو البنات، فتجعل الفريضة من أربعة وعشرين سهما: للزوجة الثمن
ثلاثة أسهم وللأبوين السدسان ثمانية أسهم، وتبقى ثلاثة عشر سهما فهي للبنتين أو
البنات بينهن بالسوية.
فإن ماتت امرأة وخلفت أبويها وزوجها ولم تخلف غيرهم كان للزوج النصف من
أصل المال وللأم الثلث وما يبقى فللأب، فتجعل الفريضة من ستة فيكون للزوج ثلاثة أسهم
منها وسهمان للأم ويبقى سهم فهو للأب، فإن خلفت زوجها وأحد أبويها أما كان أو أبا ولم
تخلف غيرهما كان للزوج النصف وما يبقى فلأحد الأبوين، فإن كانت أما أعطيت الثلث
بالتسمية والباقي يرد عليها لأنها أولى من غيرها بنص القرآن. فإن خلفت أبويها وزوجها
وأولادا ذكورا وإناثا كان للأبوين السدسان وللزوج الربع وما بقي للأولاد للذكر مثل حظ
الأنثيين، فتجعل الفريضة من اثني عشر يكون للزوج الربع ثلاثة وللأبوين السدسان أربعة
وتبقى خمسة أسهم تكون بين الأولاد على ما بيناه.
119

فإن خلفت أبويها وزوجها وبنتا أو بنتين فصاعدا كان للأبوين السدسان وللزوج
الربع وما يبقى فللبنت أو ما زاد عليها من البنات، فتجعل الفريضة من اثني عشر: فيكون
للأبوين السدسان أربعة وللزوج الربع ثلاثة، وتبقى خمسة أسهم فهي للبنت إن كانت
واحدة وكذلك إن كانت اثنتين فما زاد عليهما.
فإن خلفت أحد أبويها أبا كان أو أما وزوجا وبنتا كان للزوج الربع من أصل المال
ولأحد الأبوين السدس وللبنت النصف وما يبقى يرد على أحد الأبوين والبنت ولا يرد على
الزوج شئ، فتجعل الفريضة من ثمانية وأربعين سهما: فيكون للزوج الربع منها اثنا عشر
سهما ولأحد الأبوين السدس ثمانية أسهم وللبنت النصف أربعة وعشرون سهما، ويبقى
أربعة أسهم ترد على البنت وأحد الأبوين على قدر سهامهم وهي أربعة: فيكون منها لأحد
الأبوين سهم واحد وللبنت ثلاثة أسهم، فتصير سهام أحد الأبوين تسعة أسهم وسهام
البنت سبعة وعشرين سهما وسهام الزوج اثنا عشر على ما ذكرناه، فذلك ثمانية وأربعون
سهما.
فإن خلفت أحد أبويها وزوجها وبنتين أو ما زاد عليهما كان للزوج الربع ولأحد الأبوين
السدس وما يبقى بين البنتين فصاعدا بينهن بالسوية، فتجعل الفريضة من اثني عشر سهما
فيكون للزوج الربع ثلاثة أسهم ولأحد الأبوين السدس سهمان، وما يبقى وهو سبعة أسهم
يكون بين البنتين فما زاد عليهما.
فإن خلف الميت أبويه ولم يخلف غيرهما من زوج أو ولد، وخلف أخوين أو أخا وأختين
أو أربع أخوات من جهة الأب والأم أو من جهة الأب خاصة، حجبوا الأم عن الثلث إلى
السدس، فيكون الميراث للأب خمسة أسهم وللأم سهم واحد. وإن أخا واحدا أو خلف أختين
أو ثلاث أخوات لم يحجبوا وإن كانوا من جهة الأب والأم أو من جهة الأب، وإن كانوا إخوة
وأخوات جماعة من جهة الأم لم يحجبوا أيضا الأم عن الثلث على حال، وكذلك إن كانت
الإخوة والأخوات من قبل الأب أو الأب والأم كفارا أو مماليك لم يحجبوا الأم عن الثلث على
حال ولا يحجب أيضا ما كان حملا لم يولد بعد، وإنما يحجب ما ولد واستهل.
فإن خلف الميت أبويه وأولادا وإخوة وأخوات كان للأبوين السدسان والباقي للأولاد،
120

وليس هاهنا للحجب تأثير لأنه لا تنقص الأم من السدس شيئا، فإن خلف أبويه وبنتين
فصاعدا وإخوة وأخوات كان الأمر أيضا مثل ذلك: للأبوين السدسان وللبنتين أو البنات
الثلثان.
فإن خلف أبويه وبنتا وإخوة وأخوات كان للبنت النصف وللأبوين السدسان
وللبنتين أو البنات الثلثان.
فإن خلف أبويه وبنتا وإخوة وأخوات كان للبنت النصف وللأبوين السدسان وبقي
سهم يرد على الأب خاصة والبنت، ولم يرد على الأم شئ، لأن الله تعالى جعل للأم مع وجود
الإخوة والأخوات إذا كان هناك أب السدس لا أكثر من ذلك، فتجعل الفريضة من أربعة
وعشرين سهما: فيكون للبنت النصف منها اثنا عشر سهما ولكل واحد من الأبوين
السدس أربعة، فيصير عشرين وتبقى أربعة فيرد على البنت والأب على قدر سهامهم: للأب
منها سهم وللبنت ثلاثة أسهم، فتصير سهام البنت خمسة عشر سهما وسهام الأب خمسة
أسهم، وتبقى أربعة منها هي سهام الأم.
فإن خلف الميت أبويه وزوجا وبنتا أو بنات كان للأبوين السدسان على الكمال وللزوج
الربع وما يبقى فللبنت أو البنات، فإن خلفت المرأة أبويها وبنتها وزوجها كان للزوج الربع
وللأبوين السدسان وما يبقى فللبنت.
فإن خلف الميت أمه وإخوة وأخوات لم يحجبوا الأم عن الثلث إلى السدس وإنما
يحجبونها عن الثلث مع وجود الأب ليتوفر عليه ما تمنع هي، فأما إذا انفردت فهي تستحق
الميراث كله إذا لم يكن غيرها على ما قدمناه أو يكون لها الثلث مع وجود الزوج أو الزوجة
بالتسمية والباقي رد عليها، وليس للأخوة والأخوات معها شئ البتة، وإن كان معها بنت
واحدة أو بنتان وفضل من سهامهم شئ رد على الجميع بحساب سهامهم على ما بيناه
و لا يحجبونها الإخوة والأخوات في أحد هذه المواضع على حال.
وولد الولد مع الأبوين يقوم مقام الولد إذا لم يكن هناك ولد للصلب، فولد الابن ذكرا
كان أو أنثى يأخذ مع الأبوين نصيب أبيه وولد البنت معهما ذكرا كان أو أنثى يقوم مقام
121

البنت يأخذ نصيب أمه على الكمال، وعند اجتماع ذوي السهام من الزوج و الزوجة
والأبوين يجري حكم ولد الولد حكم الولد على السواء، وذكر بعض أصحابنا: أن ولد الولد
مع الأبوين لا يأخذ شيئا من المال وذلك خطأ لأنه خلاف لظاهر التنزيل والمتواتر من الأخبار.
والجد والجدة من قبل الأب والجد والجدة من قبل الأم لا يرثون مع الأبوين، فإن حضر
جد أو جدة من قبل الأب مع الأبوين كان للأبوين المال: للأب سهمان وللأم سهم واحد، ويؤخذ
من نصيب الأب سدس فيعطى الجد أو الجدة على سبيل الطعمة لا على جهة الميراث،
وكذلك إن حضر جد أو جدة من قبل الأم في هذه المسألة أخذ سدس من ثلث الأم فأعطى
الجد أو الجدة على ما ذكرناه من الطعمة، فإن حضرا في حال لا يستحق فيها كل واحد من
الأبوين أكثر من السدس لم يكن لهما طعمة وإنما تكون الطعمة إذا زاد حظهما على السدس
، ولا طعمة للجد والجدة من قبل الأب إذا كان أب الميت ميتا ويكون المال كله للأم وكذلك
لا طعمة لهما إذا كانا من قبل الأم إلا إذا كانت الأم حية، فإن كانت ميتة كان المال كله للأب.
وإذا خلفت المرأة زوجها وأبويها وجدها أو جدتها من قبل أبيها وجدها أو جدتها من
قبل أمها كان للزوج النصف وللأم الثلث وللأب السدس، ويؤخذ من ثلث الأم سدس أصل
المال فيعطى الجد أو الجدة من قبلها وسقط الجد والجدة من قبل الأب.
وإن خلف الميت أبويه وإخوة وأخوات من قبل الأب وجدا أو جدة من قبله وجدا من
قبل الأم كان للأم السدس لأنها محجوبة عن الثلث بالإخوة والأخوات وبقي خمسة أسهم فهي
للأب، يؤخذ منها سدس أصل المال فيعطى الجد أو الجدة من قبل الأب وسقط الجد والجدة
من قبل الأم، وإذا اجتمع الجد والجدة من قبل الأب أو من قبل الأم في حال يستحق فيها
الطعمة قسم السدس طعمة بينهما نصفين لأن كل واحد منهما يستحق كما يستحق الآخر.
ولا يرث مع الأبوين ولا مع واحد منهما سوى من ذكرناه من الزوج والزوجة والولد وولد
الولد، ولا يرث معهما إخوة وأخوات ولا عم ولا عمة ولا خال ولا خالة ولا أجداد ولا واحد
من أولادهم على ما بيناه.
122

باب ميراث الولد وولد الولد
إذا خلف الميت ولدا ذكرا ولم يخلف وارثا غيره كان المال كله له، فإن خلف ابنين ولم
يخلف غيرهما كان المال بينهما نصفين، فإن خلف أولادا ذكورا وإناثا ولم يخلف غيرهم كان
المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن خلف بنتا ولم يخلف غيرها كان لها النصف
بالتسمية والباقي يرد عليها بآية أولى الأرحام، فإن خلف بنتين فصاعدا كان لهما أو لهن
الثلثان بالتسمية الصريحة والباقي رد عليهما أو عليهن بمثل ما ذكرناه.
ولا يرث مع الولد ذكرا كان أو أنثى واحدا كان أو اثنين أحد سوى من ذكرناه في الباب الأول
من الوالدين ويرث معهم الزوج والزوجة، فإن خلف الميت زوجا أو زوجة كان للزوج
الربع أو للزوجة الثمن والباقي للولد على ما بيناه، ولا يرث مع الولد للصلب ولد الولد
ولا الأخ ولا الأخت ولا أولادهما ولا الجد ولا الجدة ولا العم ولا العمة ولا الخال ولا الخالة
ولا غيرهم من ذوي الأرحام.
وإذا خلف الميت ولدين ذكرين أحدهما أكبر من الآخر أعطي الأكبر منهما ثياب بدنه
وخاتمه الذي كان يلبسه وسيفه ومصحفه وعلى هذا الأكبر أن يقضي عنه ما فاته من صيام أو
صلاة دون أخيه الآخر، وكذلك إن كانوا جماعة أعطي الأكبر منهم ما ذكرناه، فإن كان الأكبر
من الأولاد أنثى لم تعط شيئا وأعطي الأكبر من الذكور فإن كانوا سواء في السن لم يخص
واحد منهم بشئ من جملة التركة، وكذلك إن كان الأكبر سفيها أو فاسد الرأي لم يجب من
التركة بشئ، وإن لم يخلف الميت غير ما ذكرناه من ثياب جلده وسيفه وخاتمه كان بين الورثة
ولم يخص واحد منهم بشئ على حال.
وولد الولد يقوم مقام الولد إذا لم يكن هناك ولد للصلب، وكل واحد منهم يقوم مقام
من يتقرب به، فإن خلف الميت ابن بنت وبنت ابن كان لبنت الابن الثلثان ولابن البنت
الثلث، فإن خلف أولاد ابن وأولاد بنت ذكورا وإناثا كان لأولاد الابن الثلثان بينهم للذكر
مثل حظ الأنثيين ولأولاد البنت الثلث الذكر والأنثى فيه سواء بعض أصحابنا، وعندي: أن
المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
فإن خلف بنت ابن ولم يخلف غيرها كان لها المال كله وكذلك إن خلف أكثر منها كان
123

المال كله لهن، فإن خلف بنت بنت ولم يخلف غيرها كان لها النصف تسمية أمها والباقي رد
عليها بآية أولى الأرحام، وإن خلف بنتي بنت كان لهما النصف أيضا بالتسمية التي تناولت
أمهما والباقي رد عليهما على ما قلناه، فإن خلف بنتي بنتين كان لها الثلثان نصيب أمهما
والباقي يرد عليهما بآية أولى الأرحام، وعلى هذا يجري مواريث ولد الولد قلوا أم كثروا فإن
كل واحد منهم يأخذ نصيب من يتقرب به حسب ما قدمناه.
وكل من يأخذ الميراث مع لولد الصلب صلب فإنه يأخذ مع ولد الولد مثل ذلك من الوالدين
والزوج والزوجة، ولا يرث مع ولد الولد وإن نزل من لا يرث مع الولد للصلب من أخ
وأخت ولا أولادهما ولا جد ولا جدة ولا عم ولا عمة ولا خال ولا خالة ولا أولادهم على حال،
ولا يرث مع ولد الولد ولد ولد الولد كما لا يرث مع الولد للصلب ولد الولد لأنهم أقرب
ببطن.
باب ميراث الإخوة والأخوات
إذا خلف الميت أخا لأبيه وأمه أو لأبيه ولم يخلف غيره كان المال له، فإن خلف أخوين
لأب وأم أو لأب ولم يخلف غيرهما كان المال بينهما نصفين، فإن خلف ثلاثة إخوة
فصاعدا لأب أو لأم ولم يخلف غيرهم كان المال بينهم بالسوية، فإن خلف إخوة وأخوات لأب
أو لأب وأم ولم يخلف غيرهم كان المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
فإن خلف أخوين أحدهما لأب والآخر لأب وأم كان المال للأخ من الأب والأم وسقط الأخ
من الأب، فإن خلف أخا لأب وأم وإخوة وأخوات لأب كان المال للأخ من قبل الأب والأم دون
الإخوة والأخوات من الأب.
فإن خلف أختا لأب وأم وأختا لأب أو أختين له أو أكثر منهما أو أخا لأب أو إخوة له كان المال
للأخت من الأب والأم وسقط الإخوة والأخوات من قبل الأب، يكون
النصف لها بالتسمية والباقي رد عليها لأنها تجمع السببين، ومن يتقرب بسببين أولى ممن يتقرب
بسبب واحد، وكذلك إن كانتا أختين مع من ذكرناه من الإخوة والأخوات كان لهما الثلثان
بالتسمية والباقي رد عليهما وسقط الباقون من قبل الأب.
124

فإن خلف أخا لأم ولم يخلف غيره كان المال كله له السدس بالتسمية والباقي رد عليه
بآية أولى الأرحام، فإن خلف أخوين من الأم فصاعدا ولم يخلف غيرهما كان لهما المال كله
الثلث بالتسمية والباقي رد عليهما لمثل ما ذكرناه، وإن خلف إخوة وأخوات من قبل الأم
كان أيضا الميراث لهم الثلث بالتسمية والباقي رد عليهم ويكون الذكر والأنثى فيه سواء.
فإن خلف أخا لأب وأم وأخا لأم كان للأخ من الأم السدس والباقي للأخ من الأب والأم،
فإن خلف إخوة من قبل الأم وإخوة من قبل الأب والأم للأخوة كان من قبل الأم الثلث والباقي
لإخوة من قبل الأب والأم، فإن خلف إخوة وأخوات من قبل الأب والأم وإخوة وأخوات من
قبل الأم كان للأخوة والأخوات من قبل الأم الثلث بينهم بالسوية والباقي للأخوة والأخوات
من قبل الأب والأم للذكر حظ الاثنين.
فإن خلف أختا لأم وأختا لأب وأم كان للأخت من قبل الأم السدس، والنصف للأخت
من قبل الأب والأم بالتسمية والباقي رد على الأخت من قبل الأب والأم لأنها تجمع السببين
ولأن النقصان داخل عليها، ألا ترى أنه لو كان معها زوج أو زوجة كان له حقه إما
النصف إن كان زوجا أو الربع إن كانت زوجة؟ وللأخت من قبل الأم السدس سهمهما
المسمى وما يبقى فهو للأخت للأب والأم.
فإن خلف أختين فصاعدا من قبل الأم وأختين فصاعدا من قبل الأب والأم كان
للأختين أو الأخوات من قبل الأم الثلث وما يبقى وهو الثلثان بين الأختين أو الأخوات من قبل
الأب والأم، فإن كان معهن زوج أو زوجة كان له حقه إما النصف إن كان زوجا أو الربع إن
كانت زوجة، والثلث للأختين أو الأخوات من قبل الأم وما يبقى فللأختين أو الأخوات من قبل
الأب والأم.
فإن خلف أخا أو أختا من قبل الأم وأخا لأب كان للأخ أو الأخت من قبل الأم السدس
والباقي للأخ من قبل الأب، فإن خلف إخوة وأخوات من قبل الأم وإخوة وأخوات من قبل
الأب كان للأخوة والأخوات من قبل الأم الثلث بينهم بالسوية والباقي بين الإخوة والأخوات من
قبل الأب للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن كان في الفريضة زوج أو زوجة كان له حقه إما
النصف إن كان زوجا أو الربع إن كانت زوجة، والثلث للأخوة والأخوات من قبل الأم
125

لا ينقصون عنه، والباقي للأخوة والأخوات من قبل الأب على ما بيناه للذكر مثل حظ
الأنثيين.
فإن خلف أخا أو أختا أو إخوة وأخوات من قبل الأم وأختا من قبل الأب
كان للأخ أو الأخت أو الإخوة والأخوات من قبل الأم سهمهم المسمى
السدس أو الثلث وللأخت من قبل الأب النصف بالتسمية، والباقي رد عليها لأنه لو نقص
من النصف كان النقصان داخلا عليها، أ لا ترى أنه لو كان في الفريضة زوج أو زوجة كان
له حقه النصف إن كان زوجا أو الربع إن كانت زوجة؟ وللأخ أو الأخت أو الإخوة
والأخوات من الأم السدس أو الثلث وما يبقى للأخت للأب.
فإن خلف أختين أو إخوة وأخوات من قبل الأم وأختين أو أخوات من قبل الأب
كان للأخوة والأخوات من قبل الأم الثلث بينهم بالسوية والباقي وهو الثلثان بين الأختين أو
الأخوات من قبل الأب، فإن كان في الفريضة زوج أو زوجة كان حقه إما النصف إن كان
زوجا أو الربع إن كانت زوجة، والثلث للأخوة والأخوات من قبل الأم لا ينقصون عنه
والباقي للأختين أو الأخوات من قبل الأب لا يزادون على ما بقي شيئا.
فإن خلف ثلاثة إخوة متفرقين كان للأخ من الأم السدس والباقي للأخ من قبل الأب
والأم وسقط الأخ من قبل الأب. فإن خلف إخوة وأخوات من قبل أب وأم وإخوة وأخوات من قبل
الأب وإخوة وأخوات من قبل الأم، كان للأخوة والأخوات من قبل الأم
الثلث بينهم بالسوية لا ينقصون عنه والباقي للأخوة والأخوات من قبل الأب والأم وسقط
الإخوة والأخوات من قبل الأب.
فإن خلف ثلاث أخوات متفرقات كان للأخت من قبل الأم السدس والباقي للأخت من
قبل الأب والأم وسقطت الأخت من قبل الأب على ما بيناه فإن كان الفريضة زوج أو زوجة
كان له حقه النصف إن كان زوجا والربع إن كانت زوجة، والسدس للأخت من قبل الأم
والباقي للأخت من قبل الأب والأم على ما بيناه وسقطت الأخت من قبل الأب.
ولا يرث مع الإخوة والأخوات سواء كانوا من قبل الأم أو قبل الأب والأم أو من
قبل الأب أحد من ذوي الأرحام: من العم والعمة وأولادهما والخال والخالة وأولادهما، ويرث
126

معهم الجد والجدة على ما نبينه في باب مفرد إن شاء الله، ولا يرث معهم أيضا وإن اختلفت
أسبابهم أحد من أولاد الإخوة والأخوات سواء كان أولاد الإخوة والأخوات من قبل الأب أو من قبل الأب والأم أو
من قبل الأم وعلى كل حال.
وسهم الزوج والزوجة ثابت معهم على ما بيناه لا ينقصان عما سمي لهما ولا يزادان
عليه: النصف إن كان زوجا والربع إن كانت زوجة، ليس لهما أكثر من ذلك على ما بيناه.
باب ميراث الأزواج
الزوج له النصف مع عدم الولد مع جميع ذوي الأرحام قريبا كان أو بعيدا لا يزاد عليه
ولا ينقص منه، وله الربع مع وجود الولد واحدا كان أو اثنين ذكرا كان أو أنثى لا يزاد على
الربع شيئا ولا ينقص منه.
والزوجة لها الربع مع عدم الولد مع جميع ذوي الأرحام ولها الثمن مع وجود الولد
لا يزاد عليه ولا ينقص منه، فإن خلف الرجل زوجتين أو ثلاثا أو أربعا كان لهن الثمن أو
الربع بينهم بالسوية لا يزدن عليه شيئا، وإن كان لرجل أربع نسوة فطلق واحدة منهن ثم
تزوج بأخرى ثم مات ولم تتميز المطلقة من غيرهن فإنه يجعل ربع الثمن للتي تزوجها
أخيرا والثلاثة أرباع الثمن بين الأربع نسوة اللاتي طلق واحدة منهن ولم تتميز منهن.
ومن طلق امرأته طلاقا يملك فيه الرجعة ثم مات فإنها ترثه ما دامت في العدة ويرثها
هو أيضا إن ماتت في العدة، فإن كانت التطليقة بائنة فلا توارث بينهما على حال، والمرأة إذا
لم يدخل بها وطلقها زوجها انقطعت العصمة بينهما ولا توارث بينهما على حال، وكذلك من
لم تبلغ المحيض ومثلها لا تحيض والآيسة من المحيض في سن من لا تحيض، وإذا مات
الرجل عن امرأته قبل الدخول بها قبل الطلاق ورثته كما ترثه المدخول بها وكان عليها
العدة كاملة على ما بيناه.
والصبيان إذا زوجا وكان الذي تولى العقد عليهما أبواهما ثم مات واحد منهما قبل
البلوغ فإنه يرث صاحبه، فإن كان العاقد عليهما غير الأبوين كائنا من كان فلا توارث بينهما
حتى يبلغا ويرضيا بالعقد.
127

فإن ماتت الصبية قبل البلوغ وكان الصبي قد بلغ ورضي بالعقد لم يرثها لأن لها
الخيار إذا بلغت، وإن بلغت الصبية ورضيت بالعقد ولم يبلغ الصبي ومات الصبي
فإنها لا ترثه لأن له الخيار إذا بلغ، فإن بلغ الصبي ورضي بالعقد ولم تبلغ الصبية ومات
الصبي عزل ميراث الصبية منه إلى أن تبلغ، فإذا رضيت عند البلوغ بالعقد حلفت بالله
تعالى أنه ما دعاها إلى الرضا بالعقد الطمع في المال، فإذا حلفت سلم إليها حقها منه
وكذلك القول في الصبي سواء.
والمرأة لا ترث من زوجها من الأرضين والقرى والرباع من الدور والمنازل بل يقوم
الطوب والخشب وغير ذلك من الآلات وتعطى حصتها منه ولا تعطى من نفس الأرض
شيئا، وقال بعض أصحابنا: إن هذا الحكم مخصوص بالدور والمنازل دون الأرضين
والبساتين، والأول أكثر في الروايات وأظهر في المذهب، وهذا الحكم الذي ذكرناه إنما يكون
إذا لم يكن للمرأة ولد من الميت، فإن كان لها منه ولد أعطيت حقها من جميع ما ذكرناه من
الضياع والعقار والدور والمساكن.
وإذا خلفت المرأة زوجا ولم تخلف غيره من ذي رحم قريب أو بعيد كان للزوج
النصف بنص القرآن والباقي رد عليه بالصحيح من الأخبار عن أئمة آل محمد عليهم
السلام، وإذا خلف الرجل زوجة ولم يخلف غيرها من ذي رحم قريب أو بعيد كان لها الربع
بنص القرآن والباقي للإمام، وقد روي أن الباقي يرد عليها كما يرد على الزوج. وقال بعض
أصحابنا في الجمع بين الخبرين: إن هذا الحكم مخصوص بحال غيبة الإمام وقصور يده،
فأما إذا كان ظاهرا فليس للمرأة أكثر من الربع والباقي له على ما بيناه، وهذا وجه قريب
من الصواب.
باب ميراث أولاد الإخوة والأخوات
أولاد الإخوة يقومون مقام آبائهم ذكورا كانوا أو إناثا واحدا كان أو أكثر منه إذا لم
يكن هناك إخوة ولا أخوات، وأولاد الأخوات أيضا يقومون مقام الأخوات إذا لم يكن هناك
أخوات ولا إخوة، فإن خلف الميت أولاد أخ لأب وأم أو لأب ولم يخلف غيرهم كان الميراث بينهم
128

للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن خلف أولاد أخ لأب وأم وأولاد أخ من الأب، وإن خلف أولاد
أخت لأب وأم وأولاد أخ وأخت لأب كان المال لأولاد الأخت من قبل الأب والأم ويسقط
أولاد الأخ والأخت من قبل الأب.
فإن خلف أولاد أخ أو أخت لأب ولم يخلف غيرهم كان الميراث بينهم للذكر مثل حظ
الأنثيين، فإن خلف أولاد أخ أو أخت لأم ولم يخلف غيرهم كان المال لهم الذكر والأنثى فيه
سواء، فإن خلف معهم أولاد أخ لأب أو لأب وأم أو أولاد أخت لأب أو أولاد أخت لأب وأم
كان لأولاد الأخ أو الأخت من قبل الأم السدس الذكر والأنثى فيه سواء، والباقي لأولاد الأخ
للأب أو للأب والأم أو أولاد الأخت من قبل الأب أو من قبل الأب والأم للذكر مثل حظ الأنثيين.
فإن كان في هذه الفريضة زوج أو زوجة كان له حقه النصف إن كان زوجا والربع إن
كانت زوجة، ولأولاد الأخ أو الأخت من الأم السدس والباقي لأولاد الأخ أو الأخت من قبل
الأب أو من قبل الأب والأم، فإن خلف أولاد أخ أو أولاد أخت من أم وأولاد أخ أو أخت من
أب وأولاد أخ أو أخت من أب وأم كان لأولاد الأخ أو الأخت من قبل الأم السدس بينهم
بالسوية، والباقي لأولاد الأخ أو الأخت من قبل الأب والأم وسقط أولاد الأخ أو الأخت من
قبل الأب.
فإن خلف أولاد أخ لأب وأم وأولاد أخت لهما أيضا ولم يخلف غيرهم كان لأولاد الأخ من
الأب والأم الثلثان للذكر مثل حظ الأنثيين، ولأولاد الأخت من الأب والأم الثلث الباقي للذكر
أيضا مثل حظ الأنثيين، وكذلك إن كانوا أولاد أخ لأب وأولاد أخت من أب ولم يكن معهم
غيرهم كان الميراث مثل ذلك على ما بيناه على السواء.
فإن خلف أولاد أخ لأب وأم وأولاد أخت لهما وأولاد أخ لأم وأولاد أخت لها كان لأولاد
الأخ وأولاد الأخت من قبل الأم الثلث ولأولاد الأخ من ذلك السدس بينهم بالسوية،
والسدس الباقي لأولاد الأخت من قبلها الذكر والأنثى فيه سواء، ويبقى الثلثان من أصل
المال فيكون لأولاد الأخ من قبل الأب والأم الثلثان للذكر مثل حظ الأنثيين، والثلث الباقي
وهو ثلث الثلثين لأولاد الأخت من قبل الأب والأم ذكر أيضا مثل حظ الأنثيين، فتنكسر عليهم
فتضرب عليهم سهامهم وهي ثلاثة في أصل التركة وهي ستة فتصير ثمانية عشر: فيكون
129

من ذلك لأولاد الأخ من الأم السدس ثلاثة ولأولاد الأخت من قبلها سدس آخر ثلاثة
فتصير ستة، ويبقى اثنا عشر: فيكون الثلثان منها لأولاد الأخ للأب والأم ثمانية بينهم
ما قدمناه والثلث منها وهي الأربعة لأولاد الأخت من قبل الأب والأم.
فإن كان في الفريضة زوج كان له النصف من أصل المال، فتجعل الفريضة من اثني
عشر: فيكون للزوج النصف ستة ولأولاد الأخ من قبل الأم السدس اثنان ولأولاد الأخت من
قبلها سدس آخر اثنان، ويبقى اثنان وهو السدس فينكسر على أولاد الأخ والأخت من قبل
الأب والأم، فتضرب سهامهم وهي ثلاثة في أصل التركة وهي اثنا عشر فتصير ستة
وثلاثين: فيكون منها للزوج النصف ثمانية عشر سهما ولأولاد الأخت من الأم السدس ستة،
وكذلك لأولاد الأخ من قبلها سدس آخر ستة فتصير ثلثين وتبقى ستة: فيكون الثلثان منها
وهي أربعة لأولاد الأخ من الأب والأم والثلث وهو اثنان لأولاد الأخت من قبل الأب والأم،
وقد استوفيت الفريضة.
فإن كان في الفريضة زوجة كان لها الربع من أصل والباقي يقسم على ما قدمناه
، فتجعل الفريضة من اثني عشر: فيكون للزوجة الربع ثلاثة ولأولاد الأخ من الأم السدس
اثنان ولأولاد الأخت من قبلها سدس آخر، فتصير سبعة وتبقى خمسة تنكسر على أولاد الأخ
والأخت من قبل الأب والأم، فتضرب سهامهم وهي ثلاثة في أصل التركة وهي اثنا عشر
فتصير ستة وثلاثين: فيكون للزوجة الربع تسعة ولأولاد الأخ من الأم السدس ستة ولأولاد
الأخت من قبلها مثل ذلك ستة فيصير الجميع إحدى وعشرين سهما، وتبقى خمسة عشر
سهما: فيكون لأولاد الأخ من قبل الأب والأم الثلثان عشرة ولأولاد الأخت من قبلهما
الثلث من ذلك خمسة، وقد استوفيت الفريضة.
وعلى هذا المنهاج يجري ما زاد على ما ذكرناه من أرباب الفرائض من أولاد الإخوة
والأخوات فإن ذلك لا ينحصر، فينبغي أن يعرف الأصل فيه.
ولا يرث مع أولاد الأخ وأولاد الأخت من أب كانوا أو من أب وأم خاصة أحد من
أولاد ولد الأخ ولا أولاد ولد الأخت وإن كانوا من الأب والأم، كما لا يرث مع الأخ أو الأخت وإن
اختلفت أسبابها أحد من أولادهما، وأن قويت أسبابهما لأنهم أقرب ببطن، ومن كان أقرب
130

فهو أولى بالميراث، ولا يرث مع أولاد الإخوة والأخوات من قبل أب كانوا أو من قبل أم أو
من قبل أب وأم أحد من ذوي الأرحام إلا الجد أو الجدة على ما نبينه فيما بعد، ولا يرث معهم
عم ولا عمة ولا خال ولا أحد من أولادهم على حال.
وسهم الزوج والزوجة ثابت معهم، النصف إن كان زوجا والربع إن كانت زوجة
ولا ينقصان عن ذلك، لا يزادان عليه ما بيناه والباقي يكون بينهم على ما بيناه.
باب ميراث الأجداد والجدات
إذا خلف الميت جدة من قبل أبيه أو جدته ولم يخلف غيره كان المال له، فإن خلفهما
كان المال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، وإن خلف جدا من قبل أمه أو جدته منها ولم يخلف
غيره كان الميراث له. فإن خلفهما كان المال بينهما نصفين، فإن خلف جده وجدته من قبل
أبيه وجده وجدته من قبل أمه كان للجد والجدة من قبل الأب الثلثان نصيب الأب للذكر
مثل حظ الأنثيين، وللجد والجدة من قبل الأم الثلث بينهما بالسوية.
فإن كان في الفريضة زوج أو زوجة كان للزوج النصف وللزوجة الربع، وللجد والجدة
من قبل الأم الثلث نصيب الأم وما يبقى فهو للجد والجدة من قبل الأب، لأن الأب والأم
لو كانا حيين لكان للأم الثلث وما يبقى فللأب.
فإن خلف جدا من قبل أبيه أو جدته منه وجده من قبل أمه أو جدته منها كان للجد أو
الجدة من قبل الأم الثلث نصيب الأم والباقي للجد أو الجدة من قبل الأب نصيب الأب،
فإن خلف جده وجدته من قبل أبيه وجده أو جدته من قبل أمه كان للجد أو الجدة من قبل
الأم الثلث نصيب الأم والثلثان بين الجد والجدة من قبل الأب للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن
خلف جده جدته من قبل أبيه وجده وجدته من قبل أمه كان للجد والجدة من قبل الأم الثلث
بينهما بالسوية والثلثان للجد أو الجدة من قبل الأب على ما بيناه.
ولا يرث مع الجد والجدة من قبل أب كانا أو من قبل أم أحد من ذوي الأرحام غير
الإخوة والأخوات وأولادهم على ما نبينه، ولا يرث معهم عم ولا عمة ولا خال ولا خالة
131

ولا أحد من أولادهم على حال، وكذلك لا يرث مع الجد الأدنى ولا مع الجدة الدنيا من قبل
الأب كانا أو من قبل أم الجد الأعلى ولا الجدة العليا، من قبل أب كانا أو من قبل أم كما لا يرث
الجد والجدة مع الأبوين.
وجد أبي الميت وجدته وجد أم الميت وجدتها يتقاسمون المال كما يتقاسم جد الميت
وجدته من قبل أبيه وجده وجدته من قبل أمه إذا لم يكن هناك جد الميت ولا جدته لا من
قبل الأب ولا من قبل الأم.
فإذا اجتمع جد أبي الميت وجدته من قبل أبيه وجد أبيه وجدته من قبل أمه وجد أم
الميت وجدتها من قبل أبيها وجدها وجدتها من قبل أمها، كان لأجداد الأب الثلثان: منها
ثلثا الثلثين للجد والجدة من قبل أبيه بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، والثلث الباقي وهو ثلث
الثلثين للجد والجدة من قبل أمه بينهما أيضا للذكر مثل حظ الأنثيين، والثلث الباقي من أصل
المال للجدين والجدتين من قبل الأم، النصف من ذلك وهو السدس من أصل المال للجد
والجدة من قبل أب أم الميت بينهم بالسوية والنصف الآخر بين الجد والجدة من قبل
أمها بينهما أيضا بالسوية.
فتجعل الفريضة من مائة وثمانية: منها الثلث للجدين والجدتين من قبل أم الميت
وهو ستة وثلاثون سهما، للجد والجدة من أبيها النصف من ذلك ثمانية عشر لكل واحد
منهما تسعة وللجد والجدة من قبل أمها النصف الباقي وهي ثمانية عشر لكل واحد منهما
تسعة، وبقي الثلثان من أصل المال وهو اثنان وسبعون سهما للجدين والجدتين من قبل أب
الميت: منها الثلثان وهو ثمانية وأربعون سهما للجد والجدة من قبل أبيه: للجد اثنان
وثلاثون سهما وللجدة ستة عشر سهما، والثلث الباقي وهو أربعة وعشرون سهما للجد
والجدة من قبل أمه: منها للجد ستة عشر سهما وللجدة ثمانية أسهم فذلك مائة وثمانية
أسهم وقد استوفيت الفريضة.
والجد من قبل الأب يقاسم الإخوة من قبل الأب والأم والأخوات منهما ويكون كواحد
منهم يستحق ما يستحقه أخ منهم، إن كان واحدا قاسمه المال نصفين وإن كانوا أكثر من
ذلك فعلى حساب ذلك بالغا ما بلغوا، وإن كانت أختا كان للجد الثلثان وللأخت الثلث،
132

وإن كن أخوات كان هو كأخ معهن المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
وكذلك يقاسم الإخوة والأخوات من قبل الأب إذا لم يكن هناك إخوة وأخوات من
قبل أب وأم ويكون كواحد منهم على الترتيب الذي رتبناه، فإن اجتمع جد وأخ أو
أخت أو أخوة وأخوات من قبل أب وأم وإخوة وأخوات من قبل الأب كان المال للجد مع الأخ أو
الأخت أو الإخوة والأخوات من قبل الأب والأم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين وتسقط
الإخوة والأخوات من قبل الأب.
والجدة من قبل الأب بمنزلة الأخت من قبل الأب والأم أو الأخت من قبل الأب تقاسم
الإخوة والأخوات من قبل الأب والأم كما تقاسم الأخت منهما، وإن صادفت إخوة وأخوات
من قبل أب لا غير قاسمتهم كما تقاسم الأخت منه.
والجد من قبل الأم بمنزلة الأخ من قبل الأم يقاسم من قاسمه الأخ من قبلها على السواء
ويسقط في الموضع الذي يسقط، وكذلك الجدة من قبل الأم بمنزلة الأخت من قبلها، تقاسم من
تقاسمه على حد واحد، وتسقط في الموضع الذي تسقط.
فإذا اجتمعا كانا بمنزلة أخ وأخت من قبل أم يقاسمان من يقاسمه الإخوة من قبل الأم
ويسقطان في الموضع الذي يسقطان فيه، فإذا اجتمعا أو واحد منهما مع أخ أو أخت أو إخوة
وأخوات من قبل الأم، مع أخ أو أخت أو إخوة وأخوات من قبل أب وأم أو من قبل أب
وجد أو جدة من قبل أب، كان للجد والجدة من قبل الأم والإخوة والأخوات من قبلها الثلث
بينهم بالسوية، والباقي للأخ أو الأخت أو الإخوة والأخوات والجد أو الجدة من قبل الأب
للذكر مثل حظ الأنثيين على ما بيناه.
وأولاد الإخوة والأخوات وإن نزلوا من قبل أب كانوا أو من قبل أب وأم
أو من قبل أم خاصة يقومون مقام الإخوة والأخوات في مقاسمة الجد والجدة إذا لم يكن هناك إخوة
ولا أخوات ويأخذون نصيب من يتقربون به إليه من أخ أو أخت على حد واحد، ولا يسقط
أحد منهم وإن نزل ببطون كثيرة على حال.
والجد والجدة وإن عليا من قبل أب كانا أو من قبل أم فإنهم يقاسمون الإخوة
والأخوات على ما رتبناه، فإذا اجتمع جد أب وجدته وجد أمه وجدتها مع جد الميت وجدته
133

من قبل أبيه وجده وجدته من قبل أمه كان الذي يقاسم الإخوة وأخوات جد الميت وجدته
من قبل أبيه ومن قبل أمه ويسقط جد الأب والأم وجدتها، ثم على هذا الحساب الأدنى يمنع
الأبعد إذا كان موجودا باقيا، فإذا عدم قام الأبعد مقامه في مقاسمة الإخوة والأخوات على
ما بيناه، وسهم الزوج والزوجة ثابت مع الجد والجدة على ما بيناه.
باب ميراث ذوي الأرحام
ميراث العمومة والعمات مثل ميراث الإخوة والأخوات من قبل الأب على حد واحد،
وميراث الخؤولة والخالات مثل ميراث الإخوة والأخوات من قبل الأم على حد واحد:
للخؤولة والخالات الثلث نصيب الأم وللعمومة والعمات الثلثان نصيب الأب ليس بينهم
تفاوت إلا في مسألة واحدة، وهي أن ابن العم من قبل الأب والأم مع العم من قبل الأب يكون
أولى بالميراث بما ثبت عن آل محمد ع، وليس كذلك ابن الأخ من قبل الأب والأم
مع الأخ من قبل الأب لأن الأخ من قبل الأب أولى بالميراث من ابن الأخ وإن كان من قبل
الأب والأم لأنه أقرب ببطن.
والزيادة في الأسباب إنما تراعى مع التساوي في الدرج مثل أخوين أحدهما لأب وأم
والآخر لأب، فالذي للأب والأم يكون أولى بالميراث، فأما إذا كان أحدهما أقرب فهو أولى
بالميراث وإن كان الأبعد له سببان، ومسألة العم وابن العم مخصوصة بما ثبت من الآثار عن
أئمة آل محمد ع وإجماعهم.
فإذا خلف الميت عما أو عمة أو عمومة أو عمات ولم يخلف معهم غيرهم كان الميراث
لهم، وكذلك إن ترك عمومة وعمات كان المال لهم للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن ترك عمين
أحدهما لأب وأم والآخر لأب كان المال للعم من قبل الأب والأم وسقط العم من قبل الأب، فإن
خلف عمين أحدهما لأم والآخر لأب وأم أو لأب كان للعم من قبل الأم السدس والباقي للعم
من قبل الأب والأم أو من قبل الأب.
فإن ترك عمة ولم يخلف غيرها كان المال لها فإن ترك عمتين كان المال بينهما نصفين،
فإن خلف عمة لأب وأم وعما أو عمة أو عمومة أو عمات أو عمومة وعمات من قبل الأب كان
134

المال للعمة من قبل الأب والأم ويسقط الباقون من قبل الأب، فإن خلف عمة من قبل الأم
وعمة أو عما أو عمومة أو عمات أو عمومة وعمات من قبل الأب أو من قبل الأب والأم كان
للعمة من قبل الأم السدس والباقي لمن كان من قبل الأب والأم أو من قبل الأب، فإن خلف
عمومة وعمات مختلفين كان للعمومة والعمات من قبل الأب والأم للذكر مثل حظ الأنثيين
وسقط العمومة والعمات من قبل الأب.
فإن خلف خالا أو خالة ولم يخلف غيره كان المال له فإن خلفهما كان المال بينهما
نصفين، فإن خلف خؤولة وخالات كان الحكم أيضا مثل ذلك سواء الميراث بينهم
بالسوية، فإن خلف خالين أحدهما لأب وأم والآخر لأب كان المال للخال من قبل الأب والأم
وسقط الخال من قبل الأب، فإن خلف خالين أحدهما من قبل الأم والآخر إما من قبل الأب
والأم أو من قبل الأب كان للخال من قبل الأم السدس والباقي للخال من قبل الأب أو من
قبل الأب والأم، فإن خلف ثلاثة أخوال متفرقين كان للخال من قبل الأم السدس والباقي
للخال من قبل الأب والأم وسقط الخال من قبل الأب.
فإن خلف خالين أو خالتين فصاعدا من قبل الأم وخالا أو خالة فصاعدا من قبل
الأب أو من قبل الأب والأم كان للخالين أو الخالتين من قبل الأم الثلث بينهم بالسوية،
والباقي للخال أو الخالة أو الخؤولة والخالات من قبل الأب كانوا أو من قبل الأب والأم
للذكر أيضا مثل حظ الأنثيين، فإن خلف خالة من قبل الأم وخالا أو خالة فصاعدا من قبل
الأب والأم أو من قبل الأب كان للخالة من قبل الأم السدس والباقي للخال أو الخالة أو
الخؤولة والخالات من قبل الأب أو من قبل الأب والأم للذكر أيضا مثل حظ الأنثيين.
فإن خلف عما أو عمة أو عمومة أو عمات أو عمومة وعمات متفرقين كانوا أو متفقين مع
خال أو خالة أو خؤولة أو خالات أو خؤولة وخالات كان لمن يتقرب بالأب واحدا كان أو
أكثر منه من العمومة والعمات الثلثان على ما رتبناه من الاستحقاق، والثلث لمن يتقرب من
قبل الأم واحدا كان أو أكثر من ذلك على ما بيناه من الاستحقاق.
ولا يرث مع العمومة والعمات واحدا كان أو اثنين أحد من بني العم ولا بني العمة
اختلفت أسبابهما أو اتفقت إلا المسألة التي استثنيناها في صدر هذا الباب لأنهم أقرب
135

ببطن، وكذلك لا يرث مع الخؤولة والخالات أحد من أولادهم اختلفت أسبابهم أو اتفقت
من غير استثناء بل بالإطلاق، ولا يرث مع العم والعمة واحدا كان أو اثنين أو أكثر أحد من
بني الخؤولة والخالات على حال لأنهم أقرب بدرجة، وكذلك لا يرث مع الخؤولة والخالات
ولا مع واحد منهم أحد من بني الأعمام والعمات لأنهم أقرب ببطن.
ولا يرث مع ولد العم والعمة ولد ولد العم والعمة ولا مع ولد الخال والخالة أحد من ولد
ولدهما كما لا يرث مع العم والعمة والخال والخالة أحد من أولادهما، وولد ولد العم من قبل
الأب والأم مع العم للأب يكون المال للعم للأب ويسقط ولد ولد العم، وليس يجري ذلك مجرى
ولد العم للأب لأنه قد بعد، وعلى هذا يجري ميراث ذوي الأرحام، فكل من كان أقرب بدرجة
كان أولى بالميراث من الأبعد.
وسهم الزوج والزوجة ثابت مع العمومة والعمات ومع الخؤولة والخالات ومع أولادهم
لا ينقصون عنه: النصف إن كان زوجا والربع إن كانت زوجة، والجد والجدة من قبل أب
كانا أو من قبل أم وكل واحد منهما قربا أو بعدا يمنعان العمومة والعمات والخؤولة والخالات
وأولادهم من الميراث، ولا يرث أحد منهم معهما ولا مع واحد منهما شيئا على حال.
ولا يرث عم الأب ولا عمته ولا خال الأب ولا خالته ولا عم الأم ولا عمتها ولا خالها
ولا خالتها مع عم الميت وعماته وخاله وخالاته على حال لأنهم أقرب بدرجة، فإن لم يكن
هناك عم ولا عمة ولا خال ولا خالة كان المال لهم على حسب ما يستحقون.
فإذا اجتمع عم أب وعمته وخاله وخالته وعم الأم وعمتها وخالها وخالتها كان لعم
الأب وعمته وخاله وخالته الثلثان: منهما ثلثا الثلثين لعمه وعمته للذكر مثل الأنثيين وثلث
الثلثين لخاله وخالته بينهما بالسوية، والثلث الباقي من أصل المال يكون لعم الأم وعمتها
وخالها وخالتها: منها لعمها النصف من ذلك وهو السدس من أصل المال الذكر والأنثى فيه
سواء، والنصف الآخر وهو السدس من أصل المال لخالها وخالتها بينهما بالسوية.
فيجعل أصل الفريضة من مائة وثمانية أسهم، فيكون الثلثان منها وهو اثنان وسبعون
لمن يتقرب من جهة الأب من عمة وعمته وخاله وخالته، فيكون ثلثاه للعم والعمة وهو
136

ثمانية وأربعون سهما: للعم من ذلك اثنان وثلاثون سهما وللعمة ستة عشر سهما، وثلث
الثلثين وهو أربعة وعشرون سهما بين خاله وخالته: للخال من ذلك اثنا عشر سهما وللخالة
أيضا مثل ذلك، والثلث الباقي من أصل المال وهو ستة وثلاثون سهما لمن يتقرب من جهة
الأم: النصف من ذلك وهو ثمانية عشر سهما للعم والعمة لكل واحد منها تسعة أسهم،
والنصف الآخر بين الخال والخالة مثل ذلك لكل واحد منهما تسعة أسهم وقد استوفيت
الفريضة، وعلى هذا التقدير تجري فرائض ذوي الأرحام.
وأولاد العم والعمة وإن سفلوا أولى بالمال من عم الأب وعمته ومن خاله وخالته كما أن
أولاد الإخوة أولى بالمال من العمومة والعمات، وكذلك أولاد الخؤولة وإن سفلوا أولى من
خال الأم وخالتها وعمها وعمتها على كل حال وكذلك أولاد العمومة والعمات وإن سفلوا
أولى من خؤولة الأم وخالاتها وعمومتها وعماتها وكذلك أولاد الخؤولة والخالات وإن سفلوا
أولى من عم الأب وعمته وخاله وخالته على كل حال لأن هؤلاء وإن سفلوا يقومون مقام من
يتقربون به إليه، ومن يتقربون به إما العم أو العمة أو الخال أو الخالة وهؤلاء أولى من
عمومة الأب ومن خؤولته وخؤولة الأم وخالاتها لأنهم أقرب بدرجة.
وأولاد العمومة يقومون مقام آبائهم إذا لم يكن عمومة ولا عمات ويحجبون من الميراث
من يحجبهم العمومة، وكذلك أولاد العمات يقومون مقام العمات إذا لم يكن عمات ولا عمومة
ويحجبون من يحجبه العمات إلا أن يكون هناك من هو أقرب منهم، وكذلك أولاد الخؤولة
والخالات يقومون مقام آبائهم وأمهاتهم إذا لم يكن خؤولة ولا خالات، ويمنعون من الميراث
من كان يمنعه الخؤولة والخالات إلا أن يكون هناك من هو أقرب منهم.
وإذا خلف الميت أولاد عمومة متفرقين كان لأولاد العم من قبل الأم السدس بينهم
بالسوية والباقي لأولاد العم من قبل الأب والأم للذكر مثل حظ الأنثيين ويسقط أولاد العم من
قبل الأب، وكذلك إن خلف أولاد خؤولة متفرقين كان لأولاد الخال من قبل الأم السدس
بينهم بالسوية والباقي لأولاد الخال من قبل الأب والأم للذكر أيضا مثل حظ الأنثيين سواء
وسقط أولاد الخال من قبل الأب.
وحكم أولاد العمات المتفرقات مثل حكم أولاد العمومة المتفرقين على السواء وكذلك
137

حكم أولاد الخؤولة المتفرقين مثل حكم أولاد الخالات المتفرقات على السواء.
فإذا خلف الميت ابني عم وأحدهما أخ لأم كان المال للأخ من قبل الأم من جهة الإخوة
لا من جهة أنه ابن عم وسقط الآخر.
فإن خلفت امرأة ابني عم أحدهما زوج، كان لابن العم الذي هو الزوج النصف
بالزوجية والباقي بينهما نصفين، فإن خلف ابني خالة أحدهما أخ لأب كان المال لابن الخالة
الذي هو الأخ بسبب الإخوة لا بسبب أنه ابن الخالة وسقط الأخ الآخر، فإن خلف الرجل
ابنتي عم إحديهما زوجته كان لابنة العم التي هي الزوجة الربع بسبب الزوجية والباقي
بينهما نصفين فتجعل الفريضة من ثمانية: فإحدى بنتي العم الربع سهمان بسبب الزوجية
وتبقى ستة فهو بينها وبين بنت العم الأخرى بينهما نصفين، فيصير لهذه خمسة من ثمانية
ولتلك ثلاثة من ثمانية.
فإن خلفت امرأة ابني عم أحدهما زوجها كان لابن العم الذي هو الزوج النصف
بسبب الزوجية والنصف الآخر بينهما نصفين فتجعل الفريضة من أربعة: لأحد ابني العم
بسبب الزوجية النصف من ذلك اثنان والنصف الآخر بينهما لكل واحد منهما سهم،
فيصير لابن العم الذي هو الزوج ثلاثة ولابن العم الآخر واحد.
فإن خلفت المرأة زوجها وخالها أو خالتها وعمها أو عمتها كان للزوج النصف من
أصل المال والثلث للخال أو الخالة أو لهما إذا اجتمعا نصيب الأم، لقول أبي عبد الله عليه
السلام: إن كل ذي رحم له نصيب الرحم التي يجر بها إلا أن يكون وارث أقرب إلى الميت
منه، والخال والخالة يجران برحم الأم ولهما الثلث بالتسمية، وما يبقى وهو السدس فللعم أو
العمة أو لهما إذا اجتمعا. وهذه المسألة مثل امرأة ماتت وخلفت زوجها وأبويها يكون للزوج
النصف وللأم الثلث وللأب ما يبقى وهو السدس.
وكذلك لو خلف الرجل امرأة وخالا أو خالة وعما أو عمة كان للزوجة الربع من أصل
المال وللخال أو الخالة الثلث وما يبقى فهو للعم أو العمة، فتكون الفريضة من اثني عشر:
للزوجة الربع من ذلك ثلاثة وللخال أو الخالة أو لهما الثلث أربعة، وتبقى خمسة فهي للعم أو
العمة أو لهما وقد استوفيت الفريضة. وهذه المسألة أيضا مثل رجل مات وخلف زوجة
138

وأبوين يكون للزوجة الربع وللأم الثلث وما يبقى فيكون للأب مثل الأولى سواء.
وكذلك إن خلفت المرأة أو الرجل زوجا أو زوجة وبني خال أو بني خالة، وبني عم أو
بني عمة، كان للزوج النصف، وللزوجة الربع ولبني الخال أو الخالة الثلث، وما يبقى فلبني
العم أو العمة لأن النقصان يدخل عليهم كما يدخل على الإخوة من قبل الأب وعلى الأب
نفسه دون الإخوة من قبل الأم ودون الأم نفسها.
وكذلك إن خلف الرجل أو المرأة زوجا أو زوجة وجدا من قبل الأب أو جدة أو جدا
من قبل الأم أو جدا وجدة من قبلهما كان للزوج النصف أو للزوجة الربع، والثلث للجد أو
الجدة من قبل الأم أو لهما وما يبقى فللجد أو الجدة أو لهما من قبل الأب يدخل النقصان
عليهما كما دخل على الأب.
فإن خلف الميت عمة لأب هي خالة لأم وعمة أخرى لأب وخالة لأب وأم، كان للعمتين
من قبل الأب الثلثان اثنا عشر من ثمانية عشر سهما لكل واحدة منهما ستة، وللخالة من
الأم التي هي إحدى العمتين من الأب سدس الثلث، وهو واحد من ثمانية عشر فيصير
معها سبعة، وللخالة الأخرى من الأب والأم خمسة أسهم من ثمانية عشر سهما.
باب توارث أهل الملتين
الكافر لا يرث المسلم على حال من الأحوال كافرا أصليا كان أو مرتدا عن الاسلام،
ولدا كان أو والدا أو ذا رحم زوجا كان أو زوجة، والمسلم يرث الكافر على كل حال كائنا
من كان إلا أن يكون هناك من هو أولى منه بالميراث فمنعه إياه.
فإذا خلف المسلم ولدا كافرا ولم يخلف غيره من ولد ولا والد ولا ذي رحم ولا زوج
ولا زوجة كان ميراثه لبيت المال، فإن خلف مع الولد الكافر ولدا آخر مسلما كان المال له
ذكرا كان أو أنثى دون الكافر، فإن كان يدل الولد المسلم والدا أو والدة أو أحد ذوي
أرحامه قريبا كان أو بعيدا كان المال للمسلم كائنا من كان وسقط الولد الكافر ولا يستحق
منه شيئا على حال.
فإن خلف ولدين أو ثلاثة وما زاد عليهم مسلمين وولدا كافرا كان المال لولده المسلمين
139

دون الكافر، فإن أسلم الولد الكافر قبل أن يقسم المال كان له نصيبه معهم، وإن أسلم
بعد قسمتهم المال لم يكن له شئ على حال، فإن خلف ولدا واحدا مسلما وآخر كافرا كان
المال للمسلم دون الكافر، فإن أسلم الكافر لم يكن له من المال شئ لأن المسلم قد
استحق المال عند موت الميت وإنما يتصور القسمة إذا كانت التركة بين نفسين فصاعدا،
فإذا أسلم قبل القسمة قاسمهم على ما بيناه وذلك لا يتأتى في الواحد على حال، فإن خلف
أولادا مسلمين ووالدين كافرين كان المال لأولاده المسلمين دون الوالدين، فإن أسلما أو
واحد منهما قبل قسمة المال كان له سهمه مع الأولاد، وإن أسلم بعد القسمة لم يكن له شئ
على حال.
فإن خلف والدين مسلمين وولدا كافرا كان المال للوالدين المسلمين، فإن أسلم الولد
قبل قسمة الوالدين المال كان لهما سهمهما السدسان والباقي للولد وإن أسلم الولد بعد
قسمتهما المال لم يكن له شئ على حال، وإن كان المسلم من الوالدين أحدهما كان المال له
فإن أسلم بعد ذلك الولد لم يقاسمه المال على الأصل الذي بيناه.
وإن خلف الميت ولدا كافرا أو الدين كافرين أو أحدهما وكان كافرا، وابن ابن ابن عم أو عمة أو ابن ابن
خال أو خالة، أو من هو أبعد منهم وكان مسلما كان الميراث للبعيد
المسلم دون الولد والوالدين الكفار، فإن أعلم الولد أو الوالدان أو أحدهما قبل قسمتهم
المال رجع الميراث إليهم وسقط ذوو الأرحام، وإن أسلموا بعد قسمة المال لم يكن لهم شئ
على حال.
وإذا خلفت المرأة زوجها وكان مسلما وولدا أو والدا أو ذوي أرحام كفارا كان الميراث
للزوج كله وسقط هؤلاء كلهم، فإن أسلموا رد عليهم ما يفضل من سهم الزوج، وإن خلف
الرجل امرأة مسلمة ولم يخلف وارثا غيرها مسلما وخلف وراثا كفارا كان ربع ما تركه
لزوجته والباقي لإمام المسلمين وسقط هؤلاء كلهم، فإن أسلموا بعد ذلك قبل قسمة المال رد
عليهم ما يفضل عن سهم الزوجة، وإن كان إسلامهم بعد ذلك، لم يكن لهم شئ على حال.
وإذا خلف الكافر وارثا مسلما ولدا كان أو والدا، أو ذا رحم قريبا كان أو بعيدا ذكرا
كان أو أنثى، أو زوجا أو زوجة ولم يخلف غيره كان المال له، فإن خلف مع المسلم كائنا من
140

كان وارثا كافرا قريبا أو بعيدا أو زوجا أو زوجة كان الميراث للوارث المسلم دون الكافر،
فإن أسلم الكافر قبل قسمة المال كان له ميراثه على قدر استحقاقه وإن أسلم بعد ذلك لم
يكن له شئ على حال.
وإذا خلف الكافر أولادا صغارا وإخوة وأخوات من قبل الأب وإخوة وأخوات من
قبل الأم مسلمين كان للأخوة والأخوات من قبل الأم الثلث وللأخوة والأخوات من قبل الأب
الثلثان، وينفق الإخوة من قبل الأم على الأولاد بحساب حقهم ثلث النفقة وينفق الإخوة
والأخوات من الأب بحساب حقهم ثلثي النفقة، فإذا بلغ الأولاد فأسلموا أسلم لإخوة إليهم
ما بقي من الميراث، وإن اختاروا الكفر تصرفوا في باقي التركة ولم يعطوا الأولاد منها شيئا.
وإن كان أحد أبوي الأولاد الصغار مسلما وخلف إخوة وأخوات من قبل أب أو من
قبل أم كان الميراث للأولاد الصغار، فإذا بلغوا أجبروا على الاسلام وقهروا عليه، فإن
أبوا كانوا بحكم المرتدين وجرى عليهم ما يجري عليهم سواء، والمسلم إذا كان له أولاد
ذميون وقرابة كفار ومولى نعمة مسلم كان ميراثه لمولى نعمته المسلم دون أولاده وقراباته
الكفار.
والمسلمون يتوارث بعضهم من بعض وإن اختلفوا في الآراء والديانات لأن الذي به
تثبت الموارثة إظهار الشهادتين والإقرار بأركان الشريعة من الصلاة والزكاة والصوم
والحج دون فعل الإيمان الذي يستحق به الثواب.
والكفار على اختلافهم يتوارث بعضهم من بعض لأن الكفر كالملة الواحدة، لقول أبي
عبد الله عليه السلام: لا يتوارث أهل ملتين نحن نرثهم ولا يرثونا، فجعل من خالف الاسلام
ملة واحدة.
والمسلم الذي ولد على الاسلام ثم ارتد فقد بانت منه امرأته ووجب عليها عدة المتوفى
عنها زوجها وقسم ميراثه بين أهله، ولا يستتاب بل يقتل على كل حال، فإن لحق بدار
الحرب ثم مات وله أولاد كفار وليس له وارث مسلم كان ميراثه لإمام المسلمين.
ومن كان كافرا فأسلم ثم ارتد عرض ع فإن رجع إليه وإلا ضربت عنقه،
فإن لحق بدار الحرب ولم يقدر عليه اعتدت منه امرأته عدة المطلقة ثم يقسم ميراثه بين أهله،
141

فإن رجع إلى الاسلام قبل انقضاء عدتها كان أملك بها وإن رجع بعد انقضاء عدتها لم يكن له
عليها سبيل، فإن مات على كفره وله أولاد كفار ولم يخلف وارثا مسلما كان ميراثه لبيت
المال، وقد روي: أنه يكون ميراثه لورثته الكفار وذلك محمول على ضرب من التقية لأنه
مذهب العامة.
باب الحر المسلم يموت ويترك وارثا مملوكا
المملوك لا يرث الحر ما دام مملوكا ولدا كان أو والدا أو ذا رحم مع وجود غيره من
الورثة الأحرار سواء كان ذلك الغير ولدا أو والدا أو ذا رحم قريبا أو بعيدا ذكرا كان أو أنثى
على كل حال.
فإن خلف الميت الحر ولدا مملوكا وآخر حرا كان ميراثه لولده الحر دون المملوك، فإن
أعتق المملوك قبل قسمة المال بين الورثة الأحرار كان له نصيبه معهم على حسب
استحقاقه وإن أعتق بعد قسمة الميراث فلا ميراث له، وكذلك إن كان الوارث الحر واحدا
لم يرث معه المملوك وإن أعتق، لأن عند موت الميت قد استحق الحر الميراث.
وإن خلف الميت ولدا مملوكا وذا رحم بعيد منه أو قريب حر كان الميراث لذي رحمه دون
ولده المملوك، فإن أعتق الولد قبل قسمة المال كان المال له دون ذي رحمه، وإن أعتق بعد
قسمة الميراث لم يكن له شئ على حال.
فإن خلف ولدا مملوكا ولولده حر كان الميراث لولد ولده الحر دون ولده المملوك ولم
يمنع ولد الولد الميراث من حيث كان من يتقرب به مملوكا وكذلك الحكم في باقي ذوي
الأرحام، فإن كان للميت وارث حر وزوج أو زوجة مملوك كان الميراث للحر ولم يكن للزوج
والزوجة شئ على حال، فإن خلف زوجا أو زوجة حرا ووارثا آخر مملوكا كان المال للزوج
أو الزوجة على ما بيناه من ميراثهما مع فقد الوارث.
وإذا لم يخلف الميت وارثا حرا على وجه وخلف وارثا مملوكا ولدا كان أو والدا أو أخا أو
إخوة أو واحدا من ذوي أرحامه وجب أن يشترى من تركته وأعتق، وأعطي بقية المال ولم
يكن لمالكه الامتناع من بيعه بل يقهر عليه. هذا إذا كان قدر ما خلفه بقيمة المملوك أو أكثر
142

منه.
فإن كانت التركة أقل من قيمة المملوك لم يجب شراء الوارث على حال وكان المال
لبيت مال المسلمين، وحكم الزوج والزوجة حكم ذوي الأرحام في أنه إذا لم يخلف غيرهما
اشتريا وأعتقا وورثا على ما بيناه، وقال بعض أصحابنا: أنه إذا كانت التركة أقل من ثمن
المملوك استسعى في باقيه، ولست أعرف بذلك أثرا وينبغي أن يكون العمل على ما قلناه.
وكذلك إن خلف وارثين مملوكين كل واحد منهما يرث مع صاحبه مثل ولدين أو والدين
أو ولدا ووالدين أو ولدا وأحد الأبوين وما أشبه ذلك، ولم يخلف إلا مقدار ما يشترى به
أحدهما لم يجب شراء واحد منهما على حال لأن القدر الذي يستحقه قد نقص عن ثمنه
وذلك لا يوجب شراءه على ما بيناه، وأم الولد تجعل في نصيب ولدها وتنعتق على ما بيناه
وليس لها ميراث.
باب ميراث الموالي مع وجود ذوي الأرحام ومع فقدهم:
إذا مات المعتق وخلف ذا رحم له حرا مسلما ولدا كان أو والدا أو ذا رحم قريبا أو
بعيدا وعلى كل حال، كانت تركته له دون مواليه الذين أعتقوه، فإن لم يخلف أحدا من ذوي
أرحامه فهو على ضربين: فإن كان سائبة، وهو الذي أعتق في الواجبات من النذور والأيمان
والكفارات أو يكون قد أعتقه مولاه وتبرأ من ضمان جريرته وأشهد على ذلك، كان ميراث
هؤلاء كلهم لإمام المسلمين، إذا لم يكونوا توالوا إلى أحد يضمن عنهم جريرتهم وحدثهم لأنه
من الأنفال وإن لم يكن المعتق سائبة كان ميراثه لمن أعتقه رجلا كان أو امرأة.
فإن كان الذي أعتقه لم يكن حيا وكان له أولاد ذكور وإناث كان ميراث المعتق لولده
الذكور منهم دون الإناث، فإن لم يخلف غير إناث من الأولاد وخلف معهن عصبة، كان
ميراثه لعصبة مولاه دون بناته.
والوالدان يرثان المعتق إذ لم يكن للمعتق ولد، فإن لم يكن له والدان وكان له إخوة
وأخوات من قبل أب وأم أو من قبل أب كان ميراث المولى لهم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين،
فإن كانوا من قبل أم لم يكن لهم من ميراث المعتق شئ على حال وكان المال للعصبة، فإن
143

لم يكن له عصبة ولا أحد ممن ذكرناه كان المال لبيت المال.
هذا إذا كان المعتق رجلا فإن كانت امرأة فميراث مولاها لها إن كانت حية وإن لم
تكن حية فميراثه لعصبتها دون ولدها ذكورا كانوا أو إناثا، وقد بينا في باب الولاء من
كتاب العتق تعلق الولاء بعضه ببعض فعلى ذلك تجري أحكام المواريث، وسهم الزوج
والزوجة ثابت في المعتق مع وجود ذوي الأرحام ومع فقدهم والباقي إما للمولى أو للإمام.
ومن توالى إلى غيره فضمن جريرته وحدثه ثم مات وخلف وارثا قريبا كان أو بعيدا
كان ميراثه له دون من توالى إليه، فإن لم يكن له أحد من قريب ولا بعيد وكان له زوج أو
زوجة كان له حقه والباقي لمولاه الذي ضمن جريرته.
وإن مات ولا يعرف له وارث ولا يكون قد توالى إلى أحد كان ميراثه للإمام، وهو القسم
الثالث من أقسام الموالي وهو ميراث من لا وارث له وذلك خاص له لأنه من الأنفال على
ما بيناه، وكان أمير المؤمنين ع يعطي ميراث من لا وارث له فقراء أهل بلده
وضعفائهم، وذلك على سبيل التبرع منه ع.
وإذا خلف الميت ولدا غائبا لا يعرف خبره وورثه شهودا غير أن الغائب أولى به من
الحاضر فإنه توقف تركته إلى أن يجئ الغائب، فإن تطاولت المدة قسم بين الحاضرين
وكانوا ضامنين له إن جاء، وإن مات في غيبته بعد الموروث منه وله ورثة كان هؤلاء ضامنين
للمال لورثته.
ومتى خلف انسان مالا وليس له وارث ولم يتمكن من إيصاله إلى سلطان الحق قسم
ذلك في الفقراء والمساكين ولا يعطي سلطان الجور منه شيئا على حال إلا أن يتغلب عليه أو
يخاف سطوته فيجوز حينئذ تسليمه إليه للتقية والخوف.
باب ميراث القاتل ومن يستحق الدية
القاتل على ضربين: قاتل عمد وقاتل خطأ.
فإذا كان قاتل عمد فإنه لا يرث المقتول لا من تركته ولا من ديته إن قبل أولياؤه الدية،
ولدا كان أو والدا قريبا كان أو بعيدا زوجا كان أو زوجة، وتكون تركة المقتول وديته لمن
144

عدا القاتل من ورثته قريبا كان أو بعيدا، فإن لم يكن للمقتول أحد غير الذي قتله كان
ميراثه لبيت المال ولا يعطي القاتل شيئا منه على حال.
فإن قتل الرجل ابنه لم يرثه، فإن كان للقاتل أب وابن ورثا المقتول وكان الميراث بينهما
نصفين لأنه حد المقتول وأخوه، وإن قتل الرجل أباه لم يرثه على حال فإن كان للأب أولاد
غير القاتل كان ميراثه لهم، فإن لم يكن له ولد غير القاتل وكان لولده ولد ورث جده
المقتول دون أبيه القاتل ولم يمنع المال حيث كان من يتقرب به ممنوعا.
وإذا كان القاتل خطأ فإنه يرث المقتول على كل حال ولدا كان أو والدا أو ذا رحم أو
زوجا أو زوجة من نفس التركة ومن الدية، وقد رويت رواية بأن القاتل لا يرث وإن كان
خطأ وهذه رواية شاذة لا عمل عليها لأن أكثر الروايات على ما قدمناه، وكان شيخنا رحمه
الله يحمل هذه الرواية على أنه إذا كان القاتل خطأ فإنه لا يرث من الدية ويرث من التركة
ليجمع بين الأخبار، وعلى هذا أعمل لأنه أحوط.
وإذا كان للمقتول وارث كافر كان ميراثه لبيت المال، فإن أسلم الكافر كان له
الميراث والمطالبة بالدم وإن لم يسلم وكان المقتول عمدا كان الإمام وليه وهو مخير بين أن
يأخذ الدية فيجعلها في بيت مال المسلمين أو يقيد به القاتل، وليس له أن يعفو لأن ذلك ليس
بحقه فيجوز له تركه وإنما هو حق لجميع المسلمين، وإذا كان على المقتول دين وجب قضاؤه
من الدية كما يجب قضاؤه من نفس التركة سواء كان المقتول عمدا أو خطأ وعلى كل حال.
وقاتل العمد إذا كان مطيعا بالقتل لم يمنع الميراث ولم يحرمه وإنما يحرم إذا كان ظالما،
ومثال ما ذكرناه أن يقتل الرجل أباه وهو كافر أو باع على إمام عادل أو قتله بأمر الإمام إما
قودا أو لغير ذلك، فإن ميراثه منه ثابت ولم يستحق الحرمان.
والدية يستحقها جميع ورثة المقتول على سهام الله تعالى: الوالدان والولد والإخوة
والأخوات وكل من يتقرب من جهة الأب خاصة ذكرا كان أو أنثى، ولا يستحقها الإخوة
والأخوات من قبل الأم ولا أحد من ذوي أرحامها، والزوج والزوجة يرث كل واحد منهما
الآخر من نفس الدية كما يرثه من نفس التركة ما لم يقتل أحدهما صاحبه، فإن قتله منع
الميراث من التركة والدية معا على ما بيناه.
145

والمطلقة طلاقا يملك رجعتها إذا قتلت ورثها الزوج من تركتها وديتها، وإن قتل الزوج
ورثته أيضا مثل ذلك ما دامت في العدة من التركة والدية وتكون عليها عدة المتوفى عنها
زوجها، فإذا خرجت من العدة لم يكن لها ميراث على حال وكذلك إن كان طلاقا لا يملك
فيها الرجعة لم يكن لواحد منهما ميراث من صاحبه على ما بيناه.
باب ميراث المماليك والمكاتبين
المملوك لا يملك شيئا يستحقه ورثته من الأحرار بل ماله لمولاه وكذلك حكم المدبر،
فأما المكاتب فهو على ضربين: مشروط عليه ومطلق.
فإذا كان مشروطا عليه فحكمه حكم المماليك، وإن كان غير مشروط عليه فإنه يرث
ويورث بقدر ما أدى من مكاتبته من غير زيادة ولا نقصان، ويحرم ما زاد على ذلك.
وإذا اشترط المكاتب على الذي كاتبه بأن يكون ولاؤه له كان شرطه صحيحا، فإن
شرط أن يكون ميراثه له دون ورثته كان ذلك باطلا، وكذلك إذا كان عبد بين شريكين أعتق
أحدهما نصيبه، ثم مات وخلف مالا كان نصف ما ترك للذي لم يعتق والباقي لورثته، فإن
لم يكن له ورثة كان ذلك لمولاه الذي أعتقه على ما بيناه.
باب ميراث المجوس وسائر أصناف الكفار
اختلف أصحابنا في ميراث المجوس، فقال قوم: إنهم يورثون بالأنساب والأسباب
الصحيحة التي يجوز في شرع الاسلام ولا يورثون بما لا يجوز فيه على حال، وقال قوم: إنهم
يورثون بالأنساب على كل حال ولا يورثون بالأسباب إلا بما هو جائز في شريعة الاسلام.
وقال قوم: أنهم يورثون من الجهتي معا سواء كان مما يجوز في شريعة الاسلام أو لا يجوز.
هذا القول عندي هو المعتمد عليه وبه تشهد الروايات، وأيضا فإن أنسابهم وأسبابهم وإن لم
تكن جائزة في شريعة الاسلام فهي جائزة عندهم وهي نكاح على رأيهم ومذهبهم، وقد أمرنا
أن نقرهم على ما يرونه من المذاهب ونهينا عن قذفهم بالزنى، وقيل: أ ليس ذلك عندهم
نكاحا؟ وإذا كان ذلك ثابتا فينبغي أن يكون العمل عليه مع أنه قد رويت الرواية
146

الصريحة، وقد أوردناها في كتاب تهذيب الأحكام بأنهم يورثون من الجهتين جميعا، وإن
كان ذلك باطلا في شريعة الاسلام.
فأما من عدا المجوس من الكفار، فإذا تحاكموا إلينا ورثناهم أيضا على كتاب الله
تعالى وسنة نبيه ص سواء.
باب الإقرار بوارث
إذا أقر الانسان بولد ألحق به سواء كان إقراره به في صحة أو مرض وتوارثا معا سواء
صدقة الولد أو كذبه إلا أن يكون الولد مشهورا بغير ذلك النسب فإن كان كذلك لم يلحق
به، فإن نفى من كان أقر به لم يلتفت إلى نفيه وألحق به.
وإذا أقر الانسان بوالد أو والدة وكانا مصدقين له قبل إقراره وتوارثا، فإن لم يكونا
مصدقين له لم يلتفت إلى إقراره، وإذا أقر بزوجة وكانت مصدقة له قبل إقراره وتوارثا، وإن
لم تكن مصدقة له لم يقبل إقراره إلا ببينة وكذلك إن أقرت المرأة بزوج كان الحكم فيه أيضا
مثل ذلك سواء.
وإذا أقر الانسان بولد ولد أو أخ أو أخت أو جد أو جدة أو عم أو عمة أو خال أو خالة
أو أحد ذوي أرحامه وكان له ورثة مشهوري النسب، لم يقبل إقراره إلا ببينة ولم يتوارثا
سواء صدقه المقر له في قوله أو كذبه، فإن لم يكن ورثة غير الذي أقر به فإن كان يصدقه المقر
له توارثا وإن لم يصدقه وكذبه في إقراره، ولم يلتفت إلى إقراره.
وإذا مات انسان وخلف ورثة فأقر بعض الورثة بوارث آخر بالنسب، فإن كان المقر له
أولى به من المقر أعطاه جميع ما في يده، وإن كان مثله سواء أعطاه مقدار ما كان يصيبه من
سهمه لا أكثر من ذلك ولا أقل منه.
ومتى أقر بورثة جماعة كان الحكم أيضا فيه مثل ذلك سواء، فإن أقر بوارثين أحدهما
أولى من صاحبه غير أنهما جميعا أولى منه بالمال أعطي جميع ما في يديه للذي هو أولى بالميت
وسقط الآخر.
فإن أقر بوارثين فصاعدا متساويين في الميراث وتناكروا هم ذلك النسب لم يلتفت إلى
147

إنكارهم وقبل إقراره لهم، وإذا أنكروا إقراره أيضا لم يكن لهم شئ من المال وإن أقروا له
بمثل ما أقر به توارثوا بينهم إذا كان المقر له ولدا أو والدا، فإن كان غيرهما من ذوي الأرحام لم
يتوارثوهم وإن صدق بعضهم بعضا، ولا يعدي الحكم فيه مال الميت على حال.
فإن أقر بوارث أولى منه بالمال وجب أن يعطيه المال على ما بيناه، فإن أقر بعد ذلك
بوارث آخر هو أولى منهما لزمه أن يغرم له مثل جميع المال، فإن أقر بعد ذلك بوارث آخر هو
أولى منهم كلهم لزمه أن يغرم أيضا مثل جميع المال ثم على هذا المثال بالغا ما بلغ إقراره.
فإن أقر بوارث أولى منه بالمال فأعطاه ما في يده ثم أقر بوارث مساو للمقر له في
الميراث لزمه أن يغرم له مثل ما كان يصيبه من أصل التركة، فإن أقر بوارث مساو له في
الميراث فقاسمه المال ثم أقر بوارث أولى منهما لزمه أن يغرم له مثل جميع المال على هذا
المثال بالغا ما بلغ إقراره.
فإن أقر بزوج للميتة أعطي الزوج مقدار ما كان يصيبه من سهمه، فإن أقر بعد ذلك
بزوج آخر كان إقراره باطلا، اللهم إلا أن يكذب نفسه في الإقرار بالزوج الأول فيلزمه
حينئذ أن يغرم للزوج الثاني وليس له على الأول سبيل.
فإن أقر الولد بزوجة للميت أعطاها ثمن ما كان في يده، فإن أقر بزوجة أخرى
أعطاها أيضا نصف ثمن ما في يده فإن أقر بثالثة أعطاها ثلث ثمن ما في يده فإن أقر
برابعة أعطاها ربع ثمن ما في يده فإن أقر بخامسة، وقال: إن إحدى من أقر لها ليست
زوجة لم يلتفت إلى إنكاره لها ولزمه أن يغرم للتي أقر لها بعد ذلك، وإن لم ينكر واحدة من
الأربع لم يلتفت إلى إقراره بالخامسة وكان باطلا، فإن أقر لأربع نسوة في دفعة واحدة لم يكن
لهن أكثر من الثمن بينهن بالسوية.
ومتى أقر اثنان من الورثة بوارث آخر فإن كانا مرضيين مشهوري العدالة قبلت
شهادتهما للمقر له وألحق نسبه بالميت وقاسم الوراث إلا أن يكون مشهورا بغير ذلك
النسب، فإن كان كذلك لم يلتفت إلى إقرارهما وشهادتهما، فإن كانا غير مرضيي العدالة لم
يثبت نسب المقر له ولزمهما في نصيبهما بمقدار ما كان يصيبه من حظهما لا أكثر من ذلك
ولا أقل كما ذكرناه في المقر الواحد.
148

وكذلك الحكم في المسائل الأخر لا يختلف الحكم فيها، فينبغي أن يعرف هذا الباب
ويعتمد عليه فإنه يشرف به على سائر ما طول به من المسائل في الكتب، وأصولها ما لخصناه.
149

المراسم العلوية
لأبي يعلى حمزة بن عبد العزيز الديلمي
الملقب بسلار
المتوفى:
463 ه‍ ق
151

كتاب المواريث
الوارث بأمرين: نسب وسبب.
فالنسب على ضربين: أحدهما أبوا المورث ومن يتقرب بهما. والآخر ولده وولد ولده
وإن سفل.
والسبب على ضربين: نكاح وولاء. فالإرث بالنكاح يثبت مع كل نسب والإرث
بالولاء لا يثبت إلا مع فقد كل نسب.
والموانع من الإرث: الكفر والرق وقتل الوارث من كان يرثه لولا القتل. ولا يمنع
الأبوين والولد والزوج والزوجات من أجل الإرث مانع. ثم هم على ثلاثة أضرب:
الأول: الولد يمنع من يتقرب به - ومن يجري مجراه من ولد إخوته وأخواته - من أصل
الإرث، ويمنع من يتقرب بالأبوين عن أصل الإرث أيضا، ويمنع الأبوين عما زاد على السدس
إلا على سبيل الرد مع البنت والبنات ويسقط نصف سهم الزوج والزوجة.
والأبوان يمنعان من يتقرب بهما أو بأحدهما ولا يتعدى منعهما إلى غيره.
والزوج والزوجة لا حظ لهما في المنع.
وولد الولد - وإن سفل - يقوم مقام الولد الأدنى عند فقده في الإرث والمنع ويترتبون
الأقرب فالأقرب، وهذه سبيل ولد الإخوة والأخوات - وإن سفل - إذا لم يكن أخوة وأخوات
153

مع الجدين والجدات.
وينقسم الورثة قسمة أخرى على ثلاثة أقسام: قسم يرث بالفرض والتسمية في سائر الأحوال وهم على ضربين: أحدهما يرث
بالتسمية ولا يرد عليه إذا كان معه ذو فرض غيره. والثاني يرث بالتسمية ويرد عليه إذا كان
معه ذو فرض غيره.
وقسم يرث بالفرض والتسمية في حال ويرث في أخرى لا بالفرض ولا بالتسمية.
وقسم لا يرث بالفرض ولا التسمية في حال من الأحوال.
فالأول من الأقسام من سمى الله تعالى له فرضين أعلى وأدنى وهم: الأم لها الثلث إذا لم
يكن لها ولد ولا أخوة وأخوات مع بقاء الأب. لها السدس مع الولد والإخوة والأخوات مع
وجود الأب. والزوج له النصف إذا لم يكن ولد والربع مع الولد. والزوجة والزوجات لهن
الربع مع فقد الولد والثمن مع الولد.
والذي يرد عليه ممن دخل في هذه القسمة مع التسمية الأم دون الزوج والزوجات
ولا درجة لهم بعد ذلك.
والذي يرث بالفرض والتسمية في حال من سمي له فرض ولم ينتقل إلى فرض وهم:
الأب مع الولد والبنت والبنات والأخت والأخوات للأب والأم أو الأب والواحد من ولد
الأم والاثنان فصاعدا.
(والذي لا يرث بالفرض ولا بالتسمية كل من عدا هؤلاء فإنهم يرثون بالقرابة
لا بالفرض ولا بالتسمية)
والفروض تنقسم ستة أقسام:
النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس.
فالنصف فرض البنت، والأخت للأب والأم، والأخت للأب، والزوج إذا لم يكن له
ولد - ولا ولد وإن سفل.
والربع فرض الزوج مع الولد وولده وإن سفل، والزوجة والزوجات إذا لم يكن
ولد وولد الولد وإن سفل.
154

والثمن فرض الزوجة والزوجات مع الولد وولد الولد.
والثلثان فرض ما زاد على الواحدة من البنات وما زاد على الواحدة من الأخوات للأب
والأم أو للأب.
والثلث فرض الأم إذا لم يكن ولد ولا ولد ولد وإن سفل، ولا أخوة وأخوات لأب وأم أو
مع وجود الأب، ولما زاد على الواحدة من الأم الذكور فيه والإناث سواء.
والسدس فرض كل واحد من الأبوين مع الولد وولد الولد وإن سفل، وفرض الأم مع
الإخوة والأخوات إذا كان الأب موجودا، وللواحد من ولد الأم ذكرا كان أو أنثى.
فهذه أصول هذا الكتاب، ثم نورد البيان إن شاء الله تعالى.
واعلم، أن البيان يشتمل على بيان ميراث الوالدين على اختلاف أحوالهما وميراث
الأجداد وميراث الأولاد وميراث الأزواج على اختلاف أحوالهم وميراث الإخوة والأخوات
وميراث أولاد الإخوة والأخوات وميراث العمومة والعمات والخؤولة والخالات وميراث
الموالي وميراث من لا وارث له من العصبة وذوي الأرحام وميراث المجوس
وميراث الخنثى وميراث الغرقى والمهدوم عليهم.
وأول ما نقول: قد بينا أن الموانع من الإرث ثلاثة أقسام: كفر وقتل ورق. فلنبين ذلك
أولا.
الكفر على ثلاثة أضرب: كفر في الموروث، وكفر في الوارث، وكفر فيهما فالمانع عندنا
من الإرث هو الكفر في الوارث خاصة، فإذا مات مؤمن وله وارث كافر لم يرثه، فإن كان له
وارث سواه ورثه وإن كان الكافر أعلى منه وأقرب كأن يموت ويخلف ابنا كافرا وابن ابن
مسلما فالإرث لابن الابن وعلى هذا وإن بعد المسلم فإن لم يكن له وارث مسلم فميراثه
لبيت المال.
فأما الكفار فإنه يرث بعضهم بعضا إذا لم يكونوا حربيين. ويرث المسلم الكافر على
كل حال.
فأما القتل فعلى ثلاثة أضرب: عمد وخطأ وخطأ شبيه العمد. ولا يمنع الإرث إلا العمد
خاصة، فإن كان للمقتول وارث سوى قاتله ورثه وإلا كان ميراثه لبيت المال، وحكمه حكم
155

الكفر سواء في الأعلى والأدنى من ذوي النسب والقرابة.
فأما الرق فعلى ضربين: أحدهما يجب إزالته للإرث والآخر لا يجب. فما يجب إزالته
فهو رق الأبوين مثاله: أن يموت من له إرث ويخلف أبويه أو أحدهما وهما في الزق فإنهما
يشتريان أو من كان منهما من التركة ويعتقان ليجوزا
والتركة على ضربين تركة تفي بثمنهما وتركة تنقص عن ذلك. وإنما يجب شراؤهما أو شري
أحدهما هنا إذا كانت التركة تفضل عن ثمنهما أو ثمن أحدهما، فأما إذا قصرت
فلا يشترى أحدهما بل يكون الإرث لبيت المال.
ومن عدا الأبوين لا يجب شراؤه ولا يجبر مالكه على البيع كما يجبر في الأبوين، فإن تبرع
بالعتق مالكه ورث وإلا كان الميراث لبيت المال أو لمن يكون حرا من ذوي رحمه وقراباته
وإن بعد ودنا العبد ومن ذلك المكاتب يرث ويورث منه بحسب ما عتق منه لا غير.
واعلم أن الدين والوصية والكفن مقدم ذلك كله على إرث الكفن ثم الدين ثم
الوصية.
ذكر: ميراث الأبوين:
إذا مات الولد فلا يخلو أن يكون له وارث غير الأبوين أو يكون ثم وارث. فإذا لم يكن
ثم وارث غيرهما فالإرث كله لهما، وإن كان ثم وارث فعلى ضربين: أحدهما لا يرث معه
والآخر يرث معه. فمن لا يرث معه من عدا الولد والزوج والزوجة، ومن يرثهم من ذكرناه. فإذا
كان الأبوان بلا وارث سواهما فللأب الثلثان وللأم الثلث، وإن كان ثم غيرهما فلا يخلو أن
يكون ولدا أو أخوة أو غيرهما، فالولد يحجب الوالدين حتى ينتهي ميراثهما إلى السدس،
فأما الإخوة فلا يرثون معهما وهم على ضربين: أخ يحجب وأخ لا يحجب. فمن لا يحجب الأخ
من الأم خاصة، ومن يحجب فإنما يحجب بشرط أن يكون أخوين لأبيه وأمه أو لأبيه، أو أربع
أخوات أو أخا وأختين فما زاد، وأن لا يكونوا كفارا ولا عبيدا، وأن يكون الأب باقيا فإنه
يحجب الأم عن الثلث إلى السدس والباقي كله للأب.
فأما غير الولد والإخوة فعلى ضربين: أحدهما يرث مع الأبوين وهما الزوج والزوجة،
156

فللزوج النصف وللزوجة أو الزوجات الربع، والباقي للأبوين.
ومع الولد للأبوين السدسان وللزوج الربع وللزوجة والزوجات الثمن والباقي للولد ولا حظ لغيرهما معهما
من الميراث.
فأما إذا خلف جدين وحكمهما في الدرجة واحد فحكمهما حكم الأبوين للذكر مثل حظ
الأنثيين وهم أحق بالتركة من ذوي الأرحام لا يرث معهما عم ولا عمة ولا خال ولا خالة
ولا أولادهم لأن بهما يتقربون، ويرث معهما الإخوة وأولادهم والزوج والزوجات والجد والجدة
الأدنى أولى من الأعلى.
ذكر: ميراث الأولاد:
من ترك ولدا لا وارث له سواه فكل ميراثه له ثم لا يخلو أن يكون واحدا أو اثنين
أو أكثر، ثم لا يخلو أن يكونوا ذكورا كلهم أو إناثا أو ذكورا وإناثا.
فإن كان الواحد ذكرا فالمال له كله، وإن كانا اثنين فهو بينهما نصفين وما زاد يقسم
بينهم بالسوية، وكذلك حكم الإناث إذا لم يكن معهم ذكور سهم البنت الواحدة النصف
والباقي يرد عليها إذا كانت وحدها.
فأما إن كانوا ذكورا وإناثا فللذكر مثل حظ الأنثيين، فإن كان معهم أبوان فللأبوين
السدسان والباقي للأولاد، وإن كان معهم زوج أو زوجة فللأبوين السدسان وللزوج
أو الزوجة الربع والثمن والباقي لهم، وإن كان زوج فقط أو زوجة فلهما سهمهما والباقي
لهم، والبنت للصلب أحق من ابن الابن، فأما ابن الملاعنة فأمه ترثه دون أبيه، فإن لم يكن
له أم فمن يتقرب بها دون من يتقرب بأبيه.
ذكر: ميراث الأزواج:
قد بينا أن النصف للزوج مع عدم الولد والربع للزوجة مع عدم الولد وأن مع
وجوده للزوج الربع وللزوجة الثمن، ولو كان له أربع زوجات لكان لهن الثمن بينهن
بالسوية.
157

وفي أصحابنا من قال: إنه إذا ماتت امرأة ولم تخلف غير زوجها فالمال كله له بالتسمية
والرد، فأما الزوجة فلا رد لها بل ما يفضل من سهمهما لبيت المال. وروي أنه يرد عليها كما
يرد على الزوج.
ذكر: ميراث الإخوة والأخوات:
الأخ لا يخلو أن يكون للأب والأم، أو للأب وحده، أو للأم وحدها. فإن ترك واحدا منهم
ليس معه غيره فالمال كله له، وإن كان معه غيره فلا يخلو أن يكونوا مثله في النسب إخوة
وأخوات فيكونوا في حكمه أو مخالفين له.
والمخالف له على ضربين: أحدهما أخ وأخت والآخر غيرهما. فالأخ والأخت اللذان
من الأب لا حق لهما مع الأخ من الأب والأم، والأخ والأخت من الأم لكل واحد منهما السدس،
وإن كانوا أكثر من واحد - يعني الإخوة والأخوات من الأم - فلهم الثلث وما يرثون بينهم
بالسوية الذكر والأنثى فيه سواء
والإخوة والأخوات من جهة الأب أو من جهة الأب والأم للذكر مثل حظ الأنثيين، ولا يرث
مع الإخوة وأولادهم ولا أحد سوى الزوج والزوجة والجد والجدة، فأما أولاد الإخوة
والأخوات فحكمهم حكم آبائهم إذا فقد آباؤهم، ولا حظ لابن الأخ مع الأخ.
ذكر: ميراث العمومة والعمات والخؤولة والخالات:
ميراث العمومة والعمات كميراث الإخوة والأخوات من الأب والأم أو من الأب.
وميراث الخؤولة والخالات كميراث الإخوة والأخوات من الأم إلا في موضع واحد وهو: إن
ابن العم للأب والأم أحق بالميراث من العم للأب وليس كذلك الإخوة لأن ابن الأخ للأب
والأم مع الأخ للأب لا حظ له وإنما التركة للأخ من الأب.
ذكر: ميراث المولى:
الموالي على ضربين: مولى بالعتق في غير واجب ومولى ضمن جريرته. ولا يورثون
158

إلا إذا لم يكن لهم قريب ولا نسب، ومن كان مولى ولا وارث له من مولى ونسب فميراثه
لبيت المال.
وميراث من لا وارث له للإمام يضعه حيث يرى، وكان أمير المؤمنين صلوات الله عليه
يعطي ميراث من لا وارث له فقراء أهل بلده وضعفاء جيرانه.
ذكر: ميراث المجوس:
أي مجوسي ترك أمه وهي زوجته أو واحدا من قراباته فإنها ترث من الوجهين بحق
الزوجية الثمن مع الولد والربع مع عدمه والسدس مع الولد والثلث مع عدمه. فإن اتفق
للوارث منهم سببان يحجب بواحد منهما عن ميراث تركة الآخرون ورث من جهة واحدة
وهي أن تكون ابنته وأخته، وترث من جهة البنوة دون الإخوة لأنه لا ميراث للأخت مع البنت.
وعلى هذا كل مسائله على نسخه.
ذكر: ميراث الخنثى ومن له رأسان أو بدنان على حقو واحد:
الخنثى: من له ما للرجال وما للنساء. ولا يخلو إن بال أن يبول من أحدهما دون الآخر
أو منهما. فإن بال من أحدهما ورث عليه، وإن بال منهما نظر من أيهما يقطع أخيرا ورث عليه،
وإن انقطع منهما جميعا ورث النصف من ميراث النساء والنصف من ميراث الرجال.
وإن لم يكن له ما للرجال وما للنساء ورث بالقرعة وهو أن يكتب على سهم عبد الله
وعلى سهم أمة الله.
فأما من له رأسان أو بدنان فإنه إذا نام نبه فإن انتبه واحد منهما ورث سهم اثنين، وإن
انتبها جميعا فهو واحد.
ذكر: ميراث الغرقى ومن انهدم عليهم ومن مات في وقت واحد:
إذا هلك جماعة بينهم قربى في وقت واحد فلم يعلم أيهم مات قبل صاحبه فإنه يورث
بعضهم من بعض بأن يقدم أضعفهم سهما ويؤخر أقواهم سهما. مثاله: أن يهلك أب وابن
159

فيورث الأب سدسا مع الولد والسبعة أثمان مع الزوجة ثم يفرض أن الأب مات وورثه
الابن فيرث كل ماله دون ما ورثه من. وقد استثنى من ذلك من مات في وقت واحد لأنه
لا يورث بعضهم من بعض بل يرثهم ورثتهم.
واعلم أن من لا فرض له من الورثة فالمتقرب منهم بسببين أولى من المتقرب بسبب
واحد إذا تساووا في الدرجة والقربى.
ذكر: جملة وجيزة في حساب الفرائض:
قد مضى القول في أن الفروض ستة مخرجها على الصحة من خمسة أعداد مخرج
النصف من اثنين ومخرج الثلث من ثلاثة ومخرج الربع أربعة ومخرج السدس من ستة
ومخرج الثمن من ثمانية.
ثم يدخل على هذه السهام سهام أخر فينقسم مخرجها على الصحة إلى ثلاثة أقسام
: إذا كان مع النصف ثلث أو سدس فأصلها من ستة وإن كان مع الربع ثلث أو سدس
فأصلها من اثني عشر. فإن كان مع الثمن ثلثان أو سدس فأصلها من أربعة وعشرين.
ثم إذا زاد الورثة على الواحد ففيه الحساب، فإن خرجت السهام على هذه المخارج
على صحة فقد حصل المبتغى، وإن انكسر فهو على ثلاثة أضرب:
منها: أن يضرب عددهم في أصل الفريضة. مثاله: أبوان وخمس بنات للأبوين
السدسان سهمان من ستة، وتبقى أربعة أسهم لا تنقسم على صحة يضرب عدد البنات وهو
خمسة في أصل الفريضة وهي ستة فيكون ثلاثين لكل واحد من الأبوين خمسة أسهم ولكل
واحد من البنات أربعة أسهم.
والآخر: أن يبقى بعد الفرائض أكثر من واحد ولا تصح القسمة بغير كسر تضرب
عدد من له ما بقي في أصل الفريضة. مثاله: أبوان وزوج وابنتان للزوج الربع وللأبوين
السدسان، مخرج هذه الفريضة من اثني عشر تبقى بعد فرائضهم خمسة أسهم لا تنقسم على
البنتين على صحة تضرب عدد البنتين وهو اثنان في اثني عشر فيكون أربعة وعشرين لكل
واحد من الأبوين أربعة أسهم، وللزوج ستة أسهم، ولكل واحد من البنتين خمسة أسهم.
160

والآخر: أن يبقى بعد الفرائض ما يجب رده على أرباب الفرائض أو على بعضهم بقدر
فرائضهم ولا تصح القسمة على صحة الجمع مخرج فرائض من يجب عليه الرد ويضرب في
أصل الفريضة مثاله: أم وبنت وزوج فيها ربع وسدس ونصف، مخرجها من اثني عشر: للأم
اثنتان، وللبنت ستة، وللزوج ثلاثة. يبقى واحد فلا يرجع على صحته الأم والبنت بحساب
سهامهما وهو النصف والسدس، ينظر أقل عدد يكون له سدس صحيح ونصف صحيح
فيكون ستة نصيب البنت منها ثلاثة ونصيب الأم واحدة، فتضرب الأربعة في أصل
الفريضة وهو اثنا عشر فيكون ثمانية وأربعين، فيجعل للبنت النصف أربعة وعشرون
سهما، وللأم السدس ثمانية، وللزوج الربع اثنا عشر. وتبقى أربعة فيرد على البنت ثلاثة
بحساب حقها من الأصل وعلى الأم السهم الرابع بحساب حقها وهو السدس. وعلى هذا
كائنا ما كان، ولا يرد على الأم مع الأب والإخوة من الأب والأم أو الأب بل يحجبونها عن الرد
أيضا كما حجبوها في الأصل.
ذكر: إبطال العول:
لا يجوز أن يجعل الله تعالى في مال يفي به لحكمته تعالى. فإذا اجتمع في فريضة من له
سهام مسماة ولم يف المال فإن السهام إنما اجتمعت بالذكر دون الحكم ويعمل فيها بأن يبدأ
بمن له سهم مذكور قد حط من فرض إلى فرض فيعطى حقه والباقي لمن بقي. مثاله:
والدان وزوج وثلاث بنات، ليس في شئ واحد سدسان وربع وثلثان، ومعلوم أن الأبوين قد
حطا بعد الأعلى إلى الأدون، وكذلك الزوج، والباقي للبنين أو البنات لأنهما فرضان: أعلى
وأدون.
ذكر: ترتيب ذوي الأنساب:
أصل النسب الأبوان والوالد فلا يرث معهم من يتقرب بهم، وقد مضى بيان ذلك،
وقلنا: إن الولد يمنع من يتقرب به ومن يجري مجراه من أخوته وأخواته ويمنع أيضا من يتقرب
بالأبوين وأن الأبوين لا يمنعان إلا من يتقرب بهما أو بأحدهما. فإن ولد الولد - وإن سفل - يقوم
161

مع الأبوين مقام الولد إذا فقد الولد، ثم يلي الأبوين والولد وولد الولد - وإن سفل - من كان
عنه الأبوان وهم الجدان والجدتان، ومن كان عن الأبوين وهم: الإخوة والأخوات، وحكمهم
مع من يتقرب بهم كحكم الأبوين في المنع من الإرث. فولد الأبوين - وهم الإخوة والأخوات -
يمنعون من يتقرب بهم من ولدهم وولد ولد من يجري مجراهم، ويمنعون أيضا من يتقرب
بالجدين والجدتين، ويقوم أولادهم - إذا فقدوا - مقامهم مع الجدين والجدتين.
والجدان والجدتان لا يمنعون إلا من يتقرب بهم ولا يمنعون من يتقرب بالأخوة والأخوات،
وولد الإخوة والأخوات يقومون مع الجدين والجدتين مقام الإخوة والأخوات إذا لم يكن أخوة
وأخوات، كما يقوم ولد الولد مع الأبوين مقام آبائهم إذا لم يكن ولد.
ثم يلي الجدين والجدتين والإخوة وولدهم - وإن سفل - آباء الجدين والجدتين وأمهاتهم
وولد الجدين والجدتين، وهم: العمومة والعمات والخؤولة والخالات، ثم يليهم آباء آباء
الجدين والجدتين وأمهاتهم، وآباء أمهات الجدين والجدتين وأمهاتهم، وولد العمومة
والعمات، وولد الخؤولة والخالات الأقرب فالأقرب.
وأما الزوج والزوجة فإنهما يرثان على كل حال، وإذا اجتمعا مع الأبوين أو من يتقرب
بهما كان فرض الزوج والزوجات داخلا على الأب ومن يتقرب به دون الأم ومن يتقرب بها.
162

جواهر الفقه
للقاضي عبد العزيز بن البراج الطرابلسي
400 - 481 ه‍ ق
باب مسائل يتعلق بالفرائض
163

مسألة: ما الذي يستحق به الميراث؟
الجواب: نسب وسبب فالنسب نسب الوالدين ونسب الولد ومن يتقرب به ومن
يتقرب بهما ونسب الولد ومن يتقرب به والسبب الزوجية والولاء.
مسألة: كم سهام المواريث؟
الجواب: سهام المواريث ستة، وهي النصف والربع والثمن والثلثان والثلث
والسدس.
مسألة: من المستحق للنصف؟
الجواب: الذي يستحق النصف أربعة، وهم البنت مع انفرادها، والأخت من جهة
الأب والأم، والأخت من جهة الأب مع عدم الأخت من جهة الأب والأم والزوج مع عدم
الولد. وولد الولد ذكورا كانوا أو إناثا، وإن نزلوا.
مسألة: من يستحق الربع؟
الجواب: الذي يستحق الربع الزوج مع وجود الولد وولد الولد ذكرا كان أو أنثى،
والزوجة مع عدم الولد أو ولد الولد.
مسألة: من الذي يستحق الثمن؟
165

الجواب: الذي يستحق الثمن الزوجة مع وجود الولد وولد الولد ذكرا كان
أو أنثى.
مسألة: من يستحق الثلثين؟
الجواب: الذي يستحق الثلثين ثلاثة: البنتان أو ما زاد عليهما من البنات، والأختان
من جهة الأب والأم. والأختان من جهة الأب إذا لم يكن أختان ولا واحدة ولا أخ من جهة
الأب
مسألة: من يستحق الثلث؟
الجواب: الذي يستحق الثلث الأم مع عدم الولد أو ولد الولد من يحجبها من أخوين
أو أخ وأختين، وأربع أخوات من قبل الأب أو من قبل الأب والأم. والابنان أو ما زاد عليهما
من كلالة الأم.
مسألة: من يستحق السدس؟
الجواب: الذي يستحق السدس الأبوان وإن عليا مع وجود الولد وولد الولد، والأم
مع وجود من يحجبها من الإخوة والأخوات الذي قدمناه ذكرهم، والواحد من كلالة الأم
ذكرا
مسألة: هل يصح اجتماع النصف مع النصف في هذه السهام؟
الجواب: يصح ذلك بأن يكون الوارث زوجا وأختا من قبل الأم والأب، أو من قبل
الأب فيأخذ الزوج النصف، وتأخذ الأخت النصف.
مسألة: هل يصح أن يجتمع النصف مع الربع؟
الجواب: يصح ذلك بأن يكون الوارث بنتا وزوجا فيكون فرض البنت النصف
والزوج الربع. وأن يكون الوارث أيضا أختا لأب وأم أو لأب مع زوجته فيكون فرض الأخت
لنصف والزوجة الربع.
مسألة: هل يصح أن يجتمع النصف مع الثمن؟
الجواب: يصح ذلك بأن يكون الوارث بنتا وزوجة فيكون فرض البنت
النصف والزوجة الثمن.
166

مسألة: هل يصح اجتماع ربع مع ثمن؟
الجواب: هذه المسألة كالتي قبلها في أنها فرض للزوجين، ولا يصح اجتماعهما.
مسألة: هل يصح اجتماع ربع مع ربع؟
الجواب: لا يصح ذلك لأنه فرض الزوجين، ولا يصح اجتماعهما.
مسألة: هل يصح اجتماع الثلثين مع الثلثين؟
الجواب: لا يصح ذلك، لأن من يستحق ذلك من الأخوات للأب والأم أو للأب،
لا يصح اجتماعهن في الميراث بمن يستحق ذلك من البنات لأن البنات أحق بالميراث من
الأخوات ولأنهن لو اجتمعن معهن لكانت المسألة تعول والعول عندنا باطل.
مسألة: هل يصح اجتماع الثلثين مع الثلث؟
الجواب: يصح ذلك، بأن يجتمع بأختين أو ما زاد عليهما من قبل الأب والأم أو من
قبل الأب مع ابنين أو ما زاد عليهما من كلالة الأم، فيكون للأختين من قبل الأب والأم أو من
قبل الأب أو ما زاد عليهما الثلثان، والثلث للابنين أو ما زاد عليهما من كلالة الأم.
مسألة: هل يصح اجتماع الثلثين مع السدس؟
الجواب: يصح ذلك مثل أن يجتمع أختان أو ما زاد عليهما من قبل الأب والأم أو من
قبل الأب، ومع الواحد من كلالة الأم، فيكون للأختين أو ما زاد عليهما من قبل الأب والأم
أو من قبل الأب الثلثان وللواحد من كلالة الأم السدس والباقي يرد على الأختين أو ما زاد
عليهما من قبل الأب والأم.
مسألة: هل يصح اجتماع الثلث مع الثلث؟
الجواب: لا يصح ذلك، لأن الثلث فرض الأم مع عدم الولد وولد الولد وعدم من
يحجبها وفرض الاثنين أو ما زاد عليهما من كلالة الأم، وقد قدمناه القول بأنه لا يصح اجتماع
أحد من هذه الكلالة مع الأم في الميراث لأنها أحق به منه.
مسألة: هل يصح اجتماع الثلث مع السدس؟
الجواب: لا يصح ذلك لأنهما قد يكونان فرضين للأم أعلى وأدنى، والأعلى الذي هو
الثلث يستحقه مع عدم الولد وولد الولد وعدم من يحجبها من الإخوة والأخوات والأدنى
167

الذي هو السدس يستحقه مع وجود من ذكرناه، فإن فرضت عدمهم كان فرضها الثلث
دون السدس، وإن فرضت وجودهم كان فرضهم السدس دون الثلث، وعلى هذا لا يصح
لها اجتماع هذين الفرضين. وقد يكون السدس فرضها وفرض الأب مع وجود الأولاد، الذي
ذكرناهم، وفرضها أن مع الأولاد من يحجبها، وليس يصح اجتماع السدس الذي هو فرض
الأب مع الثلث الذي هو فرضها لأن الأب إنما يستحق السدس مع وجود الولد أو ولد الولد،
ومع وجود هؤلاء تنتقل ممن هي من الثلث إلى السدس وإنما تستحق هي الثلث مع عدم
الأولاد أو عدم من يحجبها من الإخوة والأخوات، ومع ذلك لا يكون فرض الأب السدس
فلا يصح أيضا اجتماع الثلث مع السدس لأن الثلث وإن كان يستحقه الاثنان أو ما زاد
عليهما من كلالة الأم والسدس يستحقه الواحد من هذه الكلالة، فإنك إن فرضت وجود
مع وجود هذه الكلالة كانت هي أحق بالميراث منهم وإن فرضت وجود من يستحق الثلث
من كلالة الأم مع استحقاق الأب السدس لم يصح اجتماع ذلك، لأن الأب إنما يستحق
السدس مع وجود الأولاد.
والكلالة لا يصح اجتماعها في الميراث مع الأولاد.
مسألة: هل يصح اجتماع النصف مع الثلثين؟
الجواب: لا يصح ذلك لأن هذه المسألة تعول والعول باطل عندنا، والواجب أن
يأخذ من فرضه النصف - وهو الزوج النصف، وتأخذ الأختان أو ما زاد عليهما من الأب
والأم أو من الأب، الباقي. والنصف أيضا قد يكون فرضا للبنت فلو فرضت وجودها مع
الأخوات الذين ذكرناهم لما صح اجتماع ذلك، لأن المسألة تكون قد عالت، ولأن البنت أحق
بالميراث من الأخوات والإخوة أيضا من أي كلالة كانوا.
مسألة: هل يصح اجتماع النصف مع الثلث؟
الجواب: يصح ذلك مثل أن يجتمع اثنان أو أكثر منهما من كلالة الأم مع زوج، فيكون
للزوج فرضه وهو النصف وللاثنين أو ما زاد عليهما من هذه الكلالة فرضه الثلث والباقي
يرد عليهم دون الزوج، ومثل أن يجتمع أب وأم وزوج فيكون للزوج النصف وللأم الثلث مع
عدم من يحجبها والباقي للأب، ومثل أن يجتمع أخت من قبل الأب والأم أو من قبل الأب مع
اثنين أو ما زاد عليها من كلالة الأم فيكون للأخت من قبل الأب والأم أو من قبل الأب النصف
168

بالتسمية وللاثنين أو مزاد عليهما من كلالة الأم الثلث بالتسمية أيضا، والباقي يرد على
الأخت من قبل الأب والأم أو من قبل الأب، ومثل أن يجتمع أم وزوج فيكون للزوج النصف
وللأم الثلث والباقي يرد على الأم.
مسألة: هل يصح اجتماع النصف مع السدس؟
الجواب: يصح ذلك مثل أن يجتمع أب وأم وزوج، فيكون للزوج النصف وللأم
السدس مع وجود من يحجبها من الإخوة والأخوات، والباقي للأب، ومثل أ يجتمع واحد
كلالة الأم مع زوج فيكون لهذا الواحد السدس بالتسمية وللزوج النصف والباقي يرد على
الواحد من هذه الكلالة، ومثل أن يجتمع أخت الأب وأمه أو أب مع واحد من كلالة الأم
فيكون للأخت من قبل الأب والأم أو من قبل الأب النصف، وللواحد من كلالة الأم السدس
ويرد الباقي على من كان من قبل الأب والأم أو من قبل الأب.
مسألة: هل يصح اجتماع الربع من الثلثين؟
الجواب: يصح ذلك مثل أن يجتمع البنتان أو ما زاد عليهما من البنات مع زوج فيكون للبنتين
أو البنات الثلثان وللزوج الربع والباقي يرد على البنتين أو البنات، ومثل أو يجتمع الأختان أو
أكثر منهما من الأخوات من قبل الأب والأم أو من قبل الأب مع زوجة فيكون للأخوات
المذكورات الثلثان ويكون للزوج الربع.
مسألة: هل يصح اجتماع الربع مع الثلث؟
الجواب: يصح ذلك مثل أن يجتمع أب وأم وزوجة، فيكون للزوجة الربع وللأم مع
عدم من يحجبها من الأخوات والإخوة الثلث والباقي للأب. ومثل أن يجتمع أم وزوجة فيكون
للزوجة الربع وللأم الثلث والباقي يرد على الأم ومثل أن يجتمع اثنان أو ما زاد عليهما من
كلالة الأم فيكون للزوجة الربع وللاثنين أو ما زاد عليهما من هذه الكلالة الثلث والباقي يرد
على الذي هو من هذه الكلالة.
مسألة: هل يصح اجتماع الربع مع السدس؟
الجواب: يصح ذلك مثل أن يجتمع أبوان أو أحدهما مع ولد أو أكثر منه من الأولاد
وزوج، فيكون لكل واحد منهما السدس، وإن انفرد أحدهما كان له السدس وللزوج الربع
169

والباقي للأولاد. إن كانوا ذكورا أو ذكورا وإناثا. وإن كان بنتا واحدة كان للأب والأم السدس
وللزوج الربع والباقي يرد على البنت والأبوين أو أحدهما، ومثل أن يجتمع أب وأم
وزوجة، فيكون للأم السدس مع وجود من يحجبها من الإخوة والأخوات وللزوجة الربع
والباقي للأب. ومثل أن يجتمع أم وزوجة، فيكون للزوجة الربع وللأم الثلث، والباقي يرد
على الأم، ومثل أن يجتمع واحد من كلالة الأم مع زوجة، فيكون للزوجة الربع وللواحد
المذكور السدس، والباقي يرد عليه دون الزوج.
مسألة: هل يصح اجتماع الثمن مع الثلثين؟
الجواب: يصح ذلك بأن يجتمع البنتان أو أكثر منهما من البنات مع زوجة فيكون
للزوجة الثمن وللبنات الثلثان، والباقي يرد على البنات.
مسألة: هل يصح اجتماع الثمن مع الثلث؟
الجواب: لا يصح ذلك لأن الثمن إنما يستحق مع وجود الأولاد، ومع وجودهم لا
يثبت استحقاق الثلث، لأنك إن فرضت استحقاق الأم فذلك لا يكون إلا مع عدم الأولاد
. وكذلك إن فرضت
استحقاقها له مع عدم من يحجبها من الإخوة والأخوات. وإن فرضت استحقاق الاثنين أو ما زاد عليهما من كلالة الأم، فذلك أيضا لا يصح إلا مع عدم الأولاد.
مسألة: هل يصح اجتماع الثمن مع السدس؟
الجواب: يصح ذلك مثل أن يجتمع الأبوان أو أحدهما مع الولد أو ولد الولد
وزوجة، فيكون لأحد الأبوين السدس وللزوجة الثمن، والباقي للأولاد، فإن كان الأولاد
ذكورا أو ذكورا وإناثا، كان ذلك. وإن كان واحدا أنثى، كان لها النصف بالتسمية،
وللزوجة الثمن ولكل واحد من الأبوين السدس، والباقي يرد على البنت والأبوين أو
أحدهما.
مسألة: هل يمنع من الإرث شئ أم لا؟
الجواب: يمنع من الإرث الكفر والرق والقتل عمدا بغير استحقاق.
مسألة: إذا مات انسان وخلف ابن بنت وبنت ابن ما الذي يستحقه كل واحد
منهما من الميراث؟
170

الجواب: الذي يستحقه ابن البنت الثلث والذي تستحقه بنت الابن الثلثان لأن كل
واحد منهما يأخذ منهم من يتقرب به، والذي يتقرب به ابن البنت أمه، والذي يتقرب به بنت
الابن أبوها، فلهذا للأم إذا اجتمعت مع أخيها الذي هو أبو هذه البنت الثلث وله الثلثان.
مسألة: المسألة بعينها وإن اجتمع معهما زوج أو زوجة، كيف يستحق الميراث؟
الجواب: إذا اجتمع معهما زوج أو زوجة كان للزوج الربع أو للزوجة الثمن ولبنت
الابن ثلثا الباقي، ولابن البنت ثلث الباقي وكذلك الباقي إذا أخذت الزوجة الثمن.
مسألة: إذا مات وخلف بنت بنت أو بنتي بنتين، كيف يستحقان الميراث؟
الجواب: إذا خلف بنت بنت كان لها فرض أمها، وهو النصف والباقي يرد عليها،
فإن كان المخلف بنتي بنتين كان لهما فرض من يتقربان به وهو الثلثان.
مسألة: المسألة بعينها، إذا اجتمع بنت البنت أو بنتي البنتين وزوج أو زوجة، كيف
يكون الحكم فيهم في الميراث؟
الجواب: إذا اجتمع الزوج أو الزوجة مع بنت البنت كان له فرضه الربع إن كان
زوجا، والثمن إن كانت زوجة ولبنت البنت النصف فرض أمها والباقي يرد عليها دون
الزوج والزوجة وإن اجتمع الزوج أو الزوجة مع بنتي البنتين كان للزوج الربع أو للزوجة
الثمن ولبنتي البنتين الثلثان فرض أمهما، والباقي يرد عليهما دون الزوج أو الزوجة.
مسألة: إذا مات وخلف أخا لأب وأم وأخا لأب، هل يكون الميراث لهما أو لأحدهما؟
الجواب: الميراث للأخ من الأب والأم دون الأخ للأب بغير خلاف بيننا.
مسألة: المسألة بعينها واجتمع معهما أخ لأم، أو أكثر منه، كيف الحكم في ذلك؟
الجواب: للأخ من الأم السدس ذكرا كان أو أنثى، والباقي للأخ من الأب والأم
لأنه أقوى، ويسقط الأخ من الأب بغير خلاف أيضا، وإن كان المخلف من الأم أكثر من
واحد كان لهم الثلث والباقي للأخ من الأب والأم.
مسألة: إذا مات وخلف جده وجدته من أبيه أو من أمه أو من أبيه وأمه أو أحدهم
إخوة وأخوات، هل للأجداد والجدات أو أحدهم أن يقاسموا الإخوة أو الأخوات أو أحدهم
أو لا؟
171

الجواب: الأجداد والجدات إذا اجتمعوا أو أحدهم مع الإخوة والأخوات
أو أحدهم قاسموهم المال وجروا مجرى الإخوة والأخوات في المقاسمة لأن درجتهم متساوية.
مسألة: إذا اجتمع جدا أب الميت وجدته من قبل أبيه، وجده وجدته من قبل أمه
وجد أم الميت وجدتها من قبل أبيها وجدها وجدتها من قبل أمها مع جد الميت وجدته من
أبيه وجدتها من قبل أمها وإخوة وأخوات، من يقاسم الإخوة والأخوات منهم؟
الجواب: الذي يقاسم الإخوة والأخوات من هؤلاء الأجداد والجدات جد الميت
وجدته من أبيه وجده وجدته من أمه، ويسقط الباقون لأن الأدنى والأقرب إلى الميت يحجب
الأبعد عن الميراث ويمنعه.
الجواب: إذا كان له أربع زوجات لم يدخل بهن، وطلق واحدة منهن وتزوج أخرى،
أو كان قد دخل بهن ومرض وطلق الواحدة طلاقا رجعيا وانقضت عدتها، وتزوج
بالمذكورة ومات ما بينه وبين سنة ولم يتعين المطلقة من غيرها ولا تزوجت في مرضه، كيف
حكمهن في الميراث؟
الجواب: إذا كان الأمر على ما ذكر في هذه المسألة، كان للتي تزوجها ربع الثمن، و
ثلاثة أرباع الثمن بين الثلاثة الباقيات والمطلقة التي لم تتميز من غيرها.
مسألة: إذا مات وخلف عم أبيه وعمته، وعم أمه وعمتها وخال أبيه وخالته،
وخالة أمه وخالها، كيف الحكم في الميراث بينهم؟
الجواب: لعم الأب وعمته وخاله وخالته الثلثان، أن يكون ثلث الثلثين لهذا العم
والعمة بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، وثلث الثلثين لهذا، الخال والخالة بينهم بالسوية، فيكون
ثلث الباقي من أصل المال لعم الأم وعمتها وخالها وخالتها، لهذا العم والعمة النصف منهم
أو هو سدس الأصل بينهما بالسوية، والنصف الآخر وهو سدس الأصل بين هذا الخال والخالة
بالسوية أيضا.
مسألة: إذا مات وخلف خال ابن عمه وعم ابن خاله، كيف الحكم في ميراثها؟
الجواب: لخال ابن العم نصيب العم الثلثان والعم ابن الخال نصيب ابن الخال
الثلث لأن كل واحد منهما يأخذ سهم من يتقرب به وهو ما ذكرناه.
172

مسألة: إذا مات وخلف ولدا خنثى، ما الحكم فيه؟
الجواب: إن كان ما للرجال وما للنساء كان الاعتبار فيه بالمبال، فإن سبق
من الذكر ورث ميراث الرجال، وإن سبق من الفرج ورث ميراث النساء. فإن خرج البول
منهما في حال واحدة اعتبر بانقطاعه منهما، فما انقطع منه أولا حكم له به فإن كان انقطاعه
في حال واحدة ورث نصف ميراث الرجل ونصف ميراث المرأة وقد ذكر أنه يعد أضلاعه
فإن نقص أحد الجانبين عن الآخر حكم بأنه ذكر، وإن تساوت، حكم بأنه أنثى وإن، لم
يكن له ما للرجال وما للنساء اعتبر حاله بالقرعة فما خرج، ورث عليه.
مسألة: إذا مات مسلم وكان له أولاد بعضهم أسارى وبعضهم غير أسارى، كم
يكون ميراثه؟
الجواب: إذا كان الأمر على ما ذكر في المسألة كان ميراثه لجميع الأولاد بغير خلاف
، إلا من النخعي وشريح. وخلافهما غير معتد به لا سيما على ما ما يقتضيه أصلنا في الاجماع.
مسألة: إذا أسلم انسان وكنا نحكم بإسلام الولد تبعا للأب، وإن مات الأب
وأسلم الجد حكمنا بإسلامه لإسلام الجد، فما القول في ذلك إن كان الأب حيا وأسلم
الجد، هل يحكم بإسلام الولد تبعا له أم لا؟
الجواب: إذا أسلم كما ذكر في المسألة حكمنا بإسلام الولد تبعا له، لأنه لو ملكه
لا يعتق عليه.
مسألة: إذا كانت الأم تحجب عن الثلث إلى السدس بأخوين أو أخ وأختين أو أربع
أخوات من قبل الأب والأم أو من قبل الأب ولا يحجبها عندكم غير هؤلاء من الإخوة
والأخوات، فهل يحجبها أولادهم أولا؟
الجواب: لا يحجب الأم أولاد الإخوة والأخوات بغير خلاف.
مسألة: إذا كان لإنسان مملوكة فزوجها عبدا ثم أعتقها فجاءت بولد، هل يكون
الولد حرا أم لا؟
الجواب: هذا الولد حر لاحق بالحرية بغير خلاف.
مسألة: هل يستوي الجد والأخ في الولاء حتى يتقاسمان الميراث كذلك أم لا؟
173

الجواب: الجد والأخ يستويان في ذلك لقول رسول الله ص:
الولاء لحمة كلحمة النسب، وأيضا فإنهما يدلان وبالأب فيجب أن يستويا في ذلك وأيضا
فإن في النسب يقاسم الجد والأخ فيجب في ذلك مثله.
مسألة: إذا مات مولى وخلف ثلاثة بنين مات أحد البنين وترك ابنين، مات الثاني
وترك ثلاثة بنين، مات الثالث وترك ثمانية بنين ثم مات المعتق، كيف الحكم في الولاء؟
الجواب: إذا كان الأمر على ما ذكر كان الولاء بينهم أثلاثا، يأخذ كل واحد منهم من
البنين نصيب أبيه وهو الثلث المخبر المقدم ذكره، ولو مات المولى لكان ولد كل ابن يأخذ
نصيب أبيه بلا خلاف، فإذا كان حكم الولاء حكم النسب كان ههنا مثله.
مسألة: إذا تزوج حر بأمة فجاءت بولد بستة أشهر أو أكثر، هل يثبت له الولاء أم
لا؟
الجواب: لا يثبت له ولاء لأن الولاء لمن أعتقت وهذا لم يعتق لأن الأصل أن لا ولاء،
وإثباته يفتقر فيه إلى دليل ولا دليل.
مسألة: انسان زوج مملوكة من عبد، ثم أعتقها فجاءت بولد وكان الولد حرا بغير
خلاف، وكان ولاء ولدها لمن أعتقها وإن أعتق العبد هل يجر الولاء إلى مولى نفسه أم
لا؟
الجواب: إذا أعتق العبد جرى الولاء إلى مولى نفسه لأن اجتماع الصحابة عليه،
وأيضا فإجماعنا عليه وفيه الحجة.
مسألة: إذا مات انسان وخلف ورثة وامرأة حاملا كيف الحكم في الميراث؟
الجواب: يورث ميراث ذكرين ويقسم الباقي في الوارث ويضمنون، لأن العادة
جارية بأن أكثر ما يكنه المرأة اثنان وما زاد على ذلك شاذ خارج عن العادة، ولتجويز
ما ذكرناه قلنا بالضمان.
مسألة: إذا أعتق انسان من غيره مملوكا، هل يكون ولاء للمعتق عنه أو للمعتق؟
الجواب: إذا كان المعتق أعتق المملوك بأمر المعتق عنه، فالولاء للأمر له بالعتق وإن
كان عتقه بغير أمره فالولاء له دون المعتق عنه، لقول رسول الله ص. الولاء
174

لمن أعتق، والأمر بالعتق معتق كما أن الأمر بالطلاق والبيع وغير ذلك من العقود عاقد له.
مسألة: إذا ماتت امرأة وخلفت ابني عم لها أحدهما زوج، كيف الحكم في الميراث؟
الجواب: لابن العم الذي هو الزوج النصف بالزوجية، والنصف الآخر يقسم
بينهما، فيكون لهذا الزوج بالزوجية وبالنسب نصف وربع، ويكون لأخيه الذي ليس بزوج
الربع الباقي.
مسألة: إذا مات رجل وخلف ابنتي عم، إحداهما زوجته، كيف حكم الميراث
بينهما؟
الجواب: لبنت العم الربع بالزوجية، والباقي يقسم بينهما وبين بنت العم الأخرى
فيكون لهذه الزوجة النصف والثمن وللأخرى الربع والثمن الباقي.
مسألة: إذا مات وخلف ابني خالة أحدهما أخ للأب، كيف حكم الميراث ههنا؟
الجواب: حكم الميراث ههنا أن المال لابن الخالة الذي هو الأخ بسبب الإخوة
لا بسبب أنه ابن الخالة، ويسقط ابن الخالة الآخر.
مسألة: إذا مات انسان رجلا كان أو امرأة وخلف زوجا وجده وجدته أو جده
وجدته من قبل أمه، كيف ينقسم المال بينهما؟
الجواب: النصف للزوج أو الربع للزوجة، والثلث للجد والجدة أو لأحدهما من قبل
الأم، والباقي للجد والجدة أو لأحدهما من قبل الأب.
مسألة: إذا مات وخلف عمته لأب هي خالة لأم وعمة أخرى لأب وخالة لأب وأم،
كيف يكون قسمة الميراث، ههنا؟
الجواب: للعمتين من قبل الأب الثلثان وللخالة من قبل الأم التي هي إحدى العمتين
من الأب السدس من الثلث، وللخالة الأخرى التي هي من الأب والأم الباقي، وهذه المسألة
إنما يتصور فيها ما ذكرناه ينقسم سهاما نفرضها من ثمانية عشر سهما للعمتين من الأب
الثلثان، اثنا عشر سهما لكل واحد منهما، ستة أسهم، وللخالة من الأم التي هي إحدى
العمتين من الأب سدس الثلث سهم واحد فيصير لها سبعة أسهم، وللخالة الأخرى التي
هي من الأم والأب الباقي وهو خمسة أسهم.
175

مسألة: إذا كان الكافر لا يرث المسلم، فما القول مات الكافر وخلف وراثا
بعضهم مسلم وبعضهم كافر. ثم أسلم الكافر؟
الجواب: إذا مات الكافر وخلف ذلك وأسلم من كان كافرا، كان له حقه من
الميراث إن كان أسلم قبل القسمة، فإن أسلم بعد القسمة لم يكن له شئ.
مسألة: إذا مات الكافر وخلف أولادا صغار وإخوة من قبل الأم وإخوة من قبل
الأب. كيف الحكم في الميراث؟
الجواب: إذا مات الكافر وخلف المذكورين دفع إلى الإخوة من الأم الثلث وإلى
الإخوة من الأب الثلثان، وأمر الحاكم الإخوة بأن ينفق على الصغار بحسب ما ذكروه،
فيكون على الإخوة من الأم ثلث النفقة وعلى الإخوة من الأب ثلثا ذلك. فإذا بلغ الصغار
وأسلموا، دفع الإخوة إليهم ما بقي بعد النفقة عليهم من المال، وإن لم يسلموا تصرفوا
الإخوة بما بقي من المال في أيديهم لنفوسهم كيف شاؤوا.
مسألة: إذا كان المملوك ما دام مملوكا لا يرث حرا، فما القول في حر مات وخلف ولدا
مملوكا أو ولدا أو إخوة أو أحدا من ذوي أرحامه، كذلك ولا وارث له غير هذا المملوك. فكيف
يفعل بالميراث؟
الجواب: إذا كان هذا الميت قد خلف من ذكر في المسألة، وجب أن يبتاع المملوك
من تركته ويعتق ويدفع باقي المال إليه فإن امتنع سيده من بيعه أجبر على ذلك ولم يكن
لامتناعه تأثير. هذا إذا كان المال يزيد على ثمن المملوك وإن لم يزد عليه وكان يفي بثمنه
أبتيع به وأعتق أيضا، وإن كان ينقص عن ثمنه ولا يفي به لم يجب ابتياعه وكان لبيت المال.
وقد ذكر أنه يبتاع ويتسع في الباقي فمن عمل بذلك لم يكن بذلك بأس. مسألة: إذا مات الحر وخلف وارثين مملوكين يرث أحدهما مع الآخر مثل الوالدين
أو الولدين، أو ما جرى مجرى ذلك من ذوي الأرحام، ولم يخلف هذا الميت من الميراث إلا ما
يبتاع به واحد، هل يجب ابتياع واحد من الباقين ويعتق أم لا؟
الجواب: لا يجوز ذلك ولا يشترى منهم أحد، لأن القدر الذي يستحق ينقص من
الثمن ويكون المال لبيت مال المسلمين.
176

مسألة: من يستحق لدية المقتول؟
الجواب: الذي يستحق هو الأب والأم وأولاد الإخوة والأخوات من يتقرب إلى المقتول من جهة أب
خاصة، ولا يستحقها أخ ولا أخت من جهة أمة، ولا أحد من ذوي أرحامها
والزوج والزوجة إذا لم يقتل أحدهما الآخر، والمطلقة طلاقا رجعيا ترث زوجها إذا قتل من
ديته كما ترث من تركته ما لم يخرج من عدتها، وكذلك الزوج إذا قتلت زوجته وهي في عدتها
ورث من ديتها كما يرث من تركتها.
مسألة: إذا وقع على جماعة يرث بعضهم بعضا، حائط أو دارا وغرقوا أو احترقوا في
وقت واحد، ولم يعلم تقدم موت أحدهم على الآخر، كيف الحكم في توريثهم؟
الجواب: إذا كان الأمر على ما ذكر في هذه المسألة، وجب توريث بعضهم من بعض
من نفس تركته لا مما يرثه الآخر، يقدم الأضعف في استحقاق الميراث ويؤخر الأقوى في ذلك
مثال ما ذكرناه أب وابن فنفرض أن الابن مات أولا فيورث الأب منه سهمه السدس مع
الولد والباقي للابن، وهو أضعف منه، ويعطي ورثته الباقي، ثم يفرض أن مات فيعطى
حقه منه ولورثته الباقي ومثاله أيضا زوج وزوجة، فيفرض موت الزوج أولا يورث الزوجة
منه لأن سهمها في الاستحقاق أقل من سهم الزوج، لأن أكثر ما تستحقه المرأة الربع وأكثر
ما يستحقه الرجل النصف، وهو أقوى خطأ منها، ودفع إلى الزوجة حقها منه، ولورثته
ما بقي. ثم يفرض أنها ماتت فيعطى الزوج منها حقه من نفس تركتها لا مما ورثته منه،
ويدفع إلى ورثتها الباقي، فإن فرضا في هذه المسألة في الأب الذي قدمنا ذكره أن له وارثا
إلا أن الولد المذكور أولى منه، وفرضنا أن للولد وارثا له إلا أن أباه أولى منه، فإنه يصير
ميراث الابن لورثة الأب وميراث الأب لورثة الابن.
مسألة: إذا مات انسان وخلف شخصا له رأسان أو بدنان على حقو واحد، هل
يورث ميراث، اثنين، أو ميراث واحد؟ فإن قلتم يورث واحد، قيل لكم كيف يورث ذلك
والشخص اثنان، وإن قلتم يورث ميراث اثنين قيل لكم كيف يورث والبدن الذي عليه الرأسان
أو الحقو الذي عليه البدنان واحد؟ بعد كيف يعلم أنه واحد أو اثنان حتى يورث على
ما ذكرتموه.
177

الجواب: هذا الشخص لا يورث ميراث اثنين ولا ميراث واحد إلا بعد أن يعلم
هل هو حيان أو حي واحد، فإن علم أنه حيان ورث ميراث اثنين، وإن علم أنه حي واحد
ورث ميراث حي واحد والطريق إلى المعرفة بما ذكرناه، هو أن يترك هذا الشخص حتى
ينام ثم ينبه أحدهما فإن انتبه الاثنان كان حيا واحدا ورث ميراث واحد، وإن انتبه أحدهما
ولم ينبه الآخر كان حيين ورث ميراث اثنين.
178

المهذب
للقاضي عبد العزيز بن البراج الطرابلسي
400 - 481 ه‍ ق
179

كتاب الفرائض
قال الله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم، الآيات، وروي عن رسول الله صلى الله
عليه وآله أنه قال: تعلموا الفرائض فإنها من دينكم وهي نصف العلم، وقال أول علم
ينتزع من أمتي الفرائض، وقال: تعلموا الفرائض وعلموها الناس وإني امرؤ مقبوض،
وسيقبض العلم ويظهر الفتن حتى يختلف الرجلان في فريضة لا يجدان من يفصل بينهما،
وروي عن الأئمة ع: أمران لا يقومان إلا بالسيف: الفرائض والطلاق.
واعلم أن الجاهلية قبل الاسلام كان يتوارث بالحلف والنصرة، وأقاموا على ذلك في
صدر الاسلام مدة يبين ذلك قوله تعالى: والذين عقدت أيمانكم فأتوهم نصيبهم، ثم
نسخ بعد ذلك بما تضمنته سورة الأنفال من قوله تعالى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى
ببعض.
وكانوا يتوارثون بالإسلام والهجرة، وكان ص لما قدم المدينة آخر بين
المهاجرين والأنصار، وكان المهاجر يرث من الأنصاري والأنصاري من المهاجر، ولا
يرث وارثه الذي كان له بمكة وإن كان مسلما يبين ذلك قوله تعالى: إن الذين آمنوا
وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم
أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا،
الآية.
ونسخت هذه الآية بالقرابة والرحم والنسب والأسباب، يبين ذلك قوله تعالى:
181

وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن
تفعلوا إلى أوليائكم معروفا، فبين أن أولى الأرحام أولى من المهاجرين إلا أن تكون
وصية.
وأحكام المواريث تبين بذكر وجوه منها الأسباب الذي يستحق الإرث بها ومنها
الوجوه المعانة من الإرث ومنها سهام الفرائض المسماة ومن يستحقها ومنها مراتب الوراث
ومنها كيفية التوريث ومنها بيان استخراج سهام الوراث بالقسمة، ونحن نورد ذلك بابا
بابا بمشيئة الله تعالى.
باب الأسباب التي يستحق الإرث بها:
الميراث يستحق بأمرين: أحدهما نسب والآخر سبب، والنسب ضربان: أحدهما
نسب الوالدين ومن يتقرب بهما والآخر نسب ولد الصلب ومن يتقرب به، والسبب
ضربان: أحدهما الزوجية والآخر الولاء، والميراث بالزوجية مع وجود من يستحق ميراث
الميت، ومع فقده ولا ميت قط في حال إلا أن يمنع من ذلك فيه ما يمنع من الإرث بما
سنذكره بعد هذا الفصل، فأما الولاء فثلاثة أضرب: ولاء العتق وولاء تضمن الجريرة
وولاء الإمامة.
باب ما يمنع من الإرث:
المانع من الإرث ثلاثة أشياء: الكفر ارتدادا كان أو أصليا، والقتل عمدا بغير حق
ولا طاعة، والرق على بعض الوجوه.
باب سهام الفرائض المسماة والمستحق لها:
سهام الفرائض المسماة ستة: وهي النصف والربع والثمن والثلثان والثلث
والسدس.
182

فأما النصف فهو سهم أربعة: البنت والأخت من قبل الأب والأم، والأخت من
قبل الأب مع عدم الأخت من قبل الأب والأم، والزوج مع عدم الولد وولد الولد وإن
سفلوا.
وأما الربع: فهو سهم اثنين، وهما الزوج مع وجود الولد أو ولد الولد وإن سفلوا،
والزوجة مع عدم الولد أو ولد الولد وإن سفلوا.
وأما الثمن: فسهم الزوجة مع وجود الولد أو ولد الولد ذكرا كان أو أنثى وإن سفلوا.
وأما الثلثان: فسهم ثلاثة وهم البنتان وما زاد عليهما من البنات، والأختان وما زاد
عليهما من الأخوات من قبل الأب والأم، والأختان وما زاد عليهما من جهة الأب مع فقد
الأخوات من قبل الأب والأم.
وأما الثلث: فسهم اثنين وهما الأم مع فقد الولد وولد الولد وإن نزلوا ومن يحجبها من
أخوين، أو أخ وأختين أو أربع أخوات من جهة الأب والأم أو من جهة الأب فقط،
وسهم الاثنين وما زاد عليها من كلالة الأم.
وأما السدس: فهو سهم أربعة: الأب والأم مع وجود الولد وولد الولد وإن نزلوا والأم
مع فقد الولد ولد الولد وإن سفلوا، مع وجود من يحجبها من الإخوة والأخوات المقدم
ذكرهم، والواحد من كلالة الأم ذكرا كان أو أنثى.
باب مراتب المواريث:
هي مرتبة الوالدين والولد والإخوة والأخوات وأولادهم والأجداد والجدات والأزواج
والعمومة والعمات والأخوال والخالات والمولى وإمام المسلمين.
باب كيفيات المواريث:
نبين ذلك بما نذكره في أبواب مستحقي الميراث، وهي المراتب التي سلف ذكرها
وربما ينبغي أن نلحق بذلك شيئا، فأولها مرتبة الوالدين ونحن نبدأ بها.
183

باب ميراث الوالدين:
ليس يرث مع الوالدين ولا مع واحد منهما أحد غير الولد أو ولد الولد وإن نزلوا إذا لم
يكن ولد الصلب، والزوج والزوجة، ولا يرث معهما ولا مع أحدهما غير من ذكرناه.
فإذا خلف الميت أبويه ولم يخلف غيرهما من ذوي نسب أو سبب كان ما خلفه لهما:
للأب الثلثان وللأم الثلث، فإن خلف واحد منهما ولم يخلف غيره كان جميع ما خلفه له،
فإن خلف أبويه وأولادا ذكورا وإناثا كان للأبوين السدسان وما بقي فللأولاد للذكر مثل
حظ الأنثيين، فإن خلف معهما بنتا واحدة كان للأبوين السدسان وللبنت النصف،
والباقي سهم يرد على الأبوين والبنت على قدر سهامهم.
فإن ترك أبويه وبنتين كان للأبوين السدسان وللبنتين الباقي وهو الثلثان بينهما
بالسوية، فإن ترك أبويه وبنات جماعة كان الحكم فيهن كالحكم في الأبوين والبنتين
سواء، فإن خلف أبويه وولدا ذكرا كان للأبوين السدسان والباقي للولد الذكر، فإن
ترك أبويه وأولادا ذكورا كان للأبوين السدسان والباقي للأولاد الذكور بينهم بالسوية.
فإن ترك أحد أبويه وولدا ذكرا كان لأحد الأبوين السدس والباقي للولد الذكر،
فإن ترك أحد أبويه وأولادا ذكورا كان لأحد الأبوين السدس والباقي للأولاد الذكور
بينهم بالسوية، فإن ترك أحد أبويه وبنتا كان لأحد الأبوين السدس وللبنت النصف،
والباقي يرد على أحد الأبوين والبنت على قدر سهامهما.
فإن خلف أحد أبويه وبنتين كان لأحد الأبوين السدس وللبنتين الثلثان، والباقي
يرد عليهم على قدر سهامهم، فإن خلف أحد أبويه وبنات جماعة كان الحكم في أحد
الأبوين والبنتين سواء.
فإن ترك أحد أبويه وزوجة كان للزوجة الربع وللأم الثلث والباقي للأب، فإن ترك
أباه وزوجة كان الربع للزوجة والباقي للأب، فإن ترك أما وزوجة كان للزوجة الربع
وللأم الثلث، والباقي يرد على الأم ولا يرد على الزوجة شئ
فإن خلف أبويه وزوجة وأولادا ذكورا وإناثا كان للزوجة الثمن وللأبوين
184

السدسان، والباقي للأولاد بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن خلف أبويه وزوجة وبنتا
كان للأبوين السدسان وللزوجة الثمن وللبنت النصف، والباقي يرد على الأبوين
والبنت على قدر سهامهم ولا يرد على الزوجة شئ، فإن خلف أبويه وزوجة وبنتين أو
أكثر منهما من البنات كان للأبوين السدسان وللزوجة الثمن، والباقي للبنتين أو البنات
بينهن بالسوية.
فإن هلكت امرأة وخلفت أبويها وزوجها ولم يخلف غيرهم، كان للزوج النصف
وللأم الثلث والباقي للأب، فإن تركت أحد أبويها وزوجها كان للزوج النصف وما يبقى
فلأحد الأبوين، فإن كانت أما أعطيت الثلث بالتسمية والباقي يرد عليها.
فإن خلف أبويه وزوجها وبنتا أو بنتين أو أكثر من ذلك من البنات، كان للأبوين
السدسان وللزوج الربع والباقي للبنت أو البنات بينهن بالسوية، فإن خلفت أحد أبويها أبا
كان أو أما، وزوجها وبنتا كان لأحد الأبوين السدس وللزوج الربع وللبنت النصف،
والباقي يرد على أحد الأبوين والبنت ولا يرد على الزوج شئ، فإن خلفت أحد أبويها
وزوجها وبنتين أو أكثر منهما من البنات، كان لأحد الأبوين السدس وللزوج الربع
والباقي للبنتين أو البنات بينهن بالسوية.
فإن مات انسان رجلا كان أو امرأة، وخلف أبويه ولم يترك معهما زوجا ولا زوجة،
وترك معهما أخوين أو أخا وأختين أو أربع أخوات من الأب والأم أو من جهة الأب،
حجبوا الأم عن الثلث إلى السدس فيكون للأم السدس والباقي للأب، فإن كان الإخوة
والأخوات من جهة الأب أو من جهة الأب والأم كفارا لم يحجبوها عن الثلث أيضا،
وكذلك الحمل لا يحجبها عن الثلث أيضا وإنما يحجب ما ولد واستهل.
فإن خلف أبويه وأولادا وإخوة وأخوات كان للأبوين السدسان والباقي للأولاد، ولا
تحجب الإخوة والأخوات هاهنا الأم عن شئ لأنهم إنما يحجبونها في الموضع الذي يكون
لها فيه الثلث أو ما زاد على السدس بالرد، وليس هاهنا ثلث ولا تأثير للحجب هاهنا
لأنهما لا يجوز أن ينقص عن السدس شيئا.
185

وإن خلف أبويه وبنتين أو أكثر منهما من البنات وإخوة وأخوات كان الحكم فيهم
مثل ما تقدم، للأبوين السدسان والباقي للبنتين أو البنات، ولا تأثير للحجب هنا أيضا،
فإن خلف أبويه وبنتا وإخوة وأخوات حجبوها عن الرد.
كان للأبوين السدسان وللبنت النصف والباقي يرد على الأب والبنت دون الأم، لأن
الإخوة والأخوات.
فإن تركت أبويها وزوجا وبنتا أو بنات كان للأبوين السدسان وللزوج الربع والباقي
للبنت، فإن ترك الميت أمه وإخوة وأخوات لم يحجبوا الأم عن الثلث، وإنما يحجبونها إذا
كان الأب موجودا حتى يتوفر عليه ما يمنع منها، وليس هاهنا أب ولا تأثير للحجب.
وولد الولد يقوم مقام الولد للصلب، فولد الابن ذكرا كان أو أنثى يأخذ مع الأبوين
نصيب أبيه، وولد البنت ذكرا كان أو أنثى يأخذ مع الأبوين نصيب أمه، وحكم ولد
الولد مع الأبوين والزوج والزوجة إذا اجتمعوا أيضا كحكم الولد على السواء.
طعمة الجد والجدة:
فإن ترك الميت أبويه وجدا أو جدة من قبل الأب كان ما تركه للأبوين، للأب
الثلثان وللأم الثلث، ويؤخذ من نصيب الأب سدس فيدفع الجد أو الجدة على جهة
الطعمة لا على أنه ميراث، فإن حضر عوض الجد أو الجدة من قبل الأب جد أو جدة من
قبل الأم، أخذ من نصيب الأم سدس فيدفع إلى الجد أو الجدة على جهة الطعمة أيضا
لا على أنه ميراث.
فإن حضرا في حال لا يستحق كل واحد من الأبوين فيها أكثر من السدس لم يكن لهما
طعمة لأن الطعمة إنما يثبت إذا زاد ما يستحقه كل واحد من الأبوين على السدس، ولا
طعمة للجد والجدة من قبل الأب إذا كان أبو الميت ميتا ويكون جميع التركة للأم،
وكذلك لا يكون لهما طعمة إذا كانا من جهة الأم وكانت الأم ميتة ويكون جميع المال
للأب.
فإن خلفت المرأة أبويها وزوجها وجدها أو جدتها من قبل أبيها وجدها أو جدتها من
186

قبل أمها، كان للزوج النصف وللأم الثلث وللأب السدس، وأخذ من ثلث الأم سدس
أصل المال فيدفع إلى الجد أو الجدة من جهتها، ويسقط الجد والجدة من قبل الأب.
فإن خلف الميت أبويه وإخوة وأخوات من جهة الأب وجدا أو جدة من جهته وجدا
أو جدة من جهة الأم، كان للأم السدس والباقي للأب، ويؤخذ من نصيب الأب سدس
أصل المال فيدفع إلى الجد أو الجدة من جهة الأب، ويقسط الجد والجدة من جهة الأم،
وإن اجتمع جد وجدة من جهة الأب أو من جهة الأم في حال يستحق فيها الطعمة، قسم
السدس بينهما نصفين.
باب ميراث الولد وولد الولد:
ليس يرث مع الولد أحد إلا الوالدين والزوج والزوجة، ولا يرث معهم من عداهم
لا من ولد الولد ولا غيرهم من جميع القرابات وذوي الأرحام، فإن مات انسان وخلف
ولدا ذكرا ولم يخلف غيره كان ما خلفه له، فإن خلف ابنين ولم يخلف غيرهما كان
ما خلفه بينهما نصفين، فإن ترك أولادا ذكورا وإناثا ولم يترك غيرهم كان المال كله لهم
للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن ترك بنتا ولم يترك غيرها كان لها النصف بالتسمية
والباقي يرد عليها بالرحم، فإن ترك بنتين أو أكثر منهما كان للبنتين أو البنات الثلثان
بالتسمية والباقي يرد على البنتين أو البنات.
فإن خلف الميت مع الولد زوجا أو زوجة كان للزوج الربع أو للزوجة الثمن والباقي
للولد، فإن ترك ولدين ذكرين أحدهما أكبر من الآخر دفع إلى الأكبر منهما ثياب بدنه
وخاتمه الذي كان يلبسه ومصحفه وسيفه، وعلى هذا الأكبر أن يقضي ما فاته من صلاة أو
صوم وكذلك الحكم إن كان الأولاد جماعة، فإن كان الأكبر أنثى لم تعط شيئا ودفع ذلك
إلى الأكبر من الذكور، فإن كانوا سواء في السن لم يخص منهم أحد بذلك وقسم على
جميعهم ما يخلفه الميت، فإن لم يخلف شيئا غير ذلك لم يخص أحد منهم به وكان ميراثا بين
جميعهم، وولد الولد يقوم مقام الولد إذا لم يكن ولد الصلب وكل واحد منهم يقوم مقام من
187

يتقرب به.
فإن خلف الميت ابن بنت وبنت ابن كان لابن البنت الثلث ولبنت الابن الثلثان،
وإن خلف أولاد ابن وأولاد بنت ذكورا وإناثا كان لأولاد الابن الثلثان بينهم للذكر مثل
حظ الأنثيين، ولأولاد البنت الثلث الذكر والأنثى فيه سواء، فإن خلف بنت ابن ولم
يترك غيرها كان المال كله لها، وإن ترك أكثر منها كان جميع المال لهن.
فإن ترك بنت بنت ولم يترك غيرها كان لها النصف تسمية أمها، والباقي يرد عليها
وكذلك إن ترك بنتي بنت، فإن ترك بنتي بنتين كان لهما الثلثان نصيب أمهما والباقي يرد
عليهما.
وميراث ولد الولد قلوا أم كثروا يجري على هذه الوجه يأخذ كل واحد منهم نصيب من
يتقرب به، وكل من يأخذ الميراث مع ولد الصلب فإنه يأخذ مع ولد الولد، ولا يرث مع
ولد الولد، ولد ولد الولد، كما يرث مع الولد للصلب ولد الولد.
باب ميراث الإخوة والأخوات:
لا يرث أحد من أولاد الإخوة والأخوات معهم ولا غيرهم إلا الجد والجدة على
ما نبينه فيما بعد، والزوج والزوجة، فإذا مات انسان وترك أخا لأبيه وأمه أو لأبيه ولم
يخلف غيره، كان المال كله له، فإن خلف أخوين لأب وأم أو لأب ولم يخلف غيرهما،
كان المال بينهما نصفين، فإن ترك ثلاثة إخوة أو أكثر لأب وأم أو لأب ولم يترك غيرهم،
كان المال بينهم بالسوية.
فإن ترك إخوة وأخوات لأب وأم أو لأب ولم يخلف غيرهم، كان المال بينهم للذكر
مثل حظ الأنثيين، فإن ترك أخوين أحدهما لأب وأم والآخر لأب، كان المال للأخ من
جهة الأب والأم ولا شئ للأخ من جهة الأب، فإن ترك أخا لأب وأم وإخوة وأخوات
من أب، كان المال للأخ من جهة الأب والأم ولا شئ للأخوة والأخوات من جهة
الأب.
188

فإن ترك أختا لأب وأم وأختا لأب أو أختين له أو أكثر منهما أو أخا لأب أو إخوة له،
كان المال للأخت من قبل الأب والأم دون الإخوة والأخوات من قبل الأب، النصف
لها بالتسمية والباقي بالرد، وكذلك إن كانت أختين مع الإخوة والأخوات من جهة
الأب.
فإن ترك أخا لأمه ولم يترك غيره وكان المال كله له، السدس بالتسمية والباقي
بالرد، فإن ترك أخوين لأمه أو أكثر منهما ولم يترك غيرهما، كان المال لهما الثلث
بالتسمية والباقي بالرد، فإن خلف إخوة وأخوات من جهة الأم كان المال لهم، الثلث
بالتسمية والباقي بالرد الذكر منهم والأنثى فيه سواء.
فإن ترك أخا من جهة الأب والأم وأخا من جهة الأم، كان للأخ من جهة الأم
السدس والباقي للأخ من الأب والأم، فإن ترك إخوة من قبل الأب والأم وإخوة من قبل
الأم، كان للأخوة من قبل الأم الثلث والباقي للأخوة من قبل الأب والأم، فإن ترك
إخوة وأخوات من قبل الأب والأم وإخوة وأخوات من قبل الأم كان للأخوة والأخوات
من قبل الأم الثلث بينهم بالسوية والباقي للأخوة والأخوات من قبل الأب والأم، للذكر
مثل حظ الأنثيين.
فإن ترك أختا لأم وأختا لأب وأم كان للأخت من قبل الأم السدس والباقي
للأخت من قبل الأب والأم، النصف بالتسمية والباقي بالرد، وإن ترك أختين أو أكثر
منهما من الأخوات من قبل الأم وأختين أو أكثر منهما من الأخوات من قبل الأب والأم،
كان للأختين أو الأخوات من قبل الأم الثلث والباقي للأختين من قبل الأب والأم، فإن
اجتمع معهم الزوج والزوجة كان له النصف إن كان زوجا أو الربع إن كانت زوجة،
والثلث للأخوة أو الأختين أو الأخوات من قبل الأم والباقي للأختين أو الأخوات من قبل
الأب والأم.
فإن ترك أخا أو أختا من قبل الأم وأخا لأب، كان للأخ أو للأخت من قبل الأم
السدس والباقي للأخ من قبل الأب، فإن ترك إخوة وأخوات من قبل الأم وإخوة
189

وأخوات من قبل الأب، كان للأخوة والأخوات من قبل الأم الثلث بينهم بالسوية
والباقي للأخوة والأخوات من قبل الأب للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن كان قد اجتمع في
هذه الفريضة زوج أو زوجة كان له النصف إن كان زوجا أو الربع إن كانت زوجة،
والثلث للأخوة والأخوات من قبل الأم والباقي للأخوة والأخوات من قبل الأب.
فإن خلف أخا أو أختا أو إخوة أو أخوات من قبل الأم وأختا من قبل الأب، كان
للأخ أو للأخت أو الإخوة أو الأخوات من قبل الأم سهمهم السدس أو الثلث وللأخت
من قبل الأخت الباقي، النصف بالتسمية والباقي بالرد.
فإن ترك أختين أو إخوة وأخوات من قبل الأم وأختين وأخوات من قبل الأب، كان
للأخوة والأخوات من قبل الأم الثلث بالسوية بينهم والباقي للأختين أو الأخوات من قبل
الأب، وإن كان في هذه الفريضة زوج أو زوجة كان له سهمه النصف إن كان زوجا أو
الربع إن كانت زوجة، والثلث للأخوة والأخوات من قبل الأم والباقي للأختين
والأخوات من قبل الأب.
فإن خلف ثلاثة إخوة متفرقين كان للأخ من الأم السدس والباقي للأخ من قبل
الأب والأم، وسقط الأخ للأب، فإن ترك إخوة وأخوات من قبل الأب والأم وإخوة
وأخوات من قبل الأم وإخوة وأخوات من قبل الأب، كان للأخوة والأخوات من قبل
الأم الثلث بينهم بالسوية والباقي للأخوة والأخوات من قبل الأب والأم للذكر مثل حظ
الأنثيين، وسقط الإخوة والأخوات من قبل الأب.
فإن ترك ثلاث أخوات متفرقات كان للأخت من الأم السدس والباقي للأخت من
قبل الأب والأم وسقط الأخت للأب، فإن حصل في هذه الفريضة زوج أو زوجة كان له
النصف إن كان زوجا أو الربع إن كانت زوجة، والسدس للأخت من قبل الأم والباقي
للأخت من قبل الأب والأم، ولا شئ للأخت من قبل الأب.
190

باب ميراث أولاد الإخوة والأخوات:
أولاد الإخوة والأخوات لا يرث أحد معهم من أولادهم ولا أولاد أولادهم ولا غيرهم
إلا الجد والجدة على ما يأتي بيانه، والزوج والزوجة وأولاد الإخوة يقومون مقام آبائهم
ذكورا كانوا أو إناثا واحدا كان أو أكثر، إذا لم يكن هناك إخوة ولا أخوات.
فإن خلف الميت أولاد أخ لأب ولم يترك غيرهم كان المال لهم للذكر مثل حظ
الأنثيين، فإن خلف أولاد أخ لأب وأم وأولاد أخ لأب كان المال لأولاد الأخ من جهة
الأب والأم دون الأولاد للأخ من جهة الأب، فإن خلف أولاد أخت لأب وأم وأولاد
أخت لأب كان المال لأولاد الأخت للأب والأم دون أولاد الأخت للأب، فإن خلف
أولاد أخت لأب ولم يترك غيرهم، كان المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن خلف
أولاد أخ أو أخت لأم ولم يترك غيرهم، كان المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثى بالسوية.
فإن خلف معهم أولاد أخ لأب أو لأب وأم وأولاد أخت لأب أو أولاد أخت لأب
وأم، كان لأولاد الأخ أو الأخت من جهة الأم السدس الذكر والأنثى فيه سواء، والباقي
لأولاد الأخ للأب أو للأب والأم للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن حصل في هذه الفريضة
زوج أو زوجة كان له النصف إن كان زوجا أو الربع إن كانت زوجة، ولأولاد الأخ أو
الأخت من قبل الأم السدس والباقي لأولاد الأخ أو الأخت من جهة الأب أو من جهة
الأب والأم.
فإن ترك أولاد أخ أو أولاد أخت من أم، وأولاد أخ أو أخت من أب، وأولاد أخ أو
أولاد أخت من قبل أب وأم، كان لأولاد الأخ أو الأخت من جهة الأم السدس بينهم
بالسوية والباقي لأولاد الأخ أو الأخت من جهة الأب والأم.
فإن خلف أولاد أخ لأب وأم وأولاد أخت لهما أيضا ولم يترك غيرهم، كان لأولاد
الأخ من الأب والأم الثلثان للذكر مثل حظ الأنثيين، ولأولاد الأخت من الأب والأم
الباقي للذكر مثل حظ الأنثيين، وكذلك إن كانوا أولاد أخ لأب وأولاد أخت من أب ولم
يكن معهم غيرهم، كان الحكم في الميراث مثل ذلك سواء.
191

فإن خلف أولاد أخ لأب وأم وأولاد أخت لهما وأولاد أخ لأم وأولاد أخت لها، كان
لأولاد الأخ وأولاد الأخت من الأم، الثلث لأولاد الأخ من ذلك السدس بينهم
بالسوية، والسدس الباقي لأولاد الأخت الذكر فيه أيضا والأنثى سواء، ويبقى الثلثان
يكون لأولاد الأخ من قبل الأب والأم الثلثان للذكر مثل حظ الأنثيين، والثلث الباقي
وهو ثلث الثلثين لأولاد الأخت من جهة الأب والأخ للذكر أيضا مثل حظ الأنثيين
وسهم الزوج والزوجة ثابت مع من ذكرناه على كل حال.
باب ميراث الأزواج والزوجات:
قد مضى القول في سهام الفرائض بأن للزوج النصف مع عدم الولد أو ولد الولد
والربع مع وجود الولد أو ولد الولد، وللزوجة الربع مع عدم الولد وولد الولد والثمن مع
وجود الولد وولد الولد، لا ينقص الزوج شيئا من النصف أو الربع ولا يزاد على ذلك
وكذلك الزوجة لا تنقص من الربع أو الثمن ولا تزاد على ذلك، فإن كانت الزوجة أكثر
من واحدة بأن تكون زوجتين أو ثلاثا أو أربعا، فإن الثمن ينقسم عليهن، فإن كان
للرجل أربع نسوة فطلق منهن واحدة وتزوج أخرى ثم مات ولم تتميز المطلقة من غيرها من
الزوجات، جعل ربع الثمن للتي تزوجها أخيرا وثلاثة أرباع الثمن بيع أربع نسوة اللاتي
طلق واحدة منهن ولم تتميز.
فإن طلق رجل زوجته طلقة رجعية ومات ورثته ما دامت في العدة، ويرثها هو أيضا
إذا ماتت وهي في العدة، فإن كانت الطلقة بائنة لم يكن بينهما توارث، وإذا لم يدخل
الرجل بزوجته وطلقها انقطعت العصمة بينهما ولم يكن بينهما أيضا توارث، وكذلك الحكم
في من لم يبلغ المحيض ومثلها لا تحيض، والآئسة من المحيض وليس في سنها من تحيض،
فإن مات رجل قبل دخوله بزوجته، ورثته كما ترثه المدخول بها وعليها العدة على كمالها.
وإن زوج الصبيين أبواهما ومات واحد منهما قبل البلوغ ورثه الآخر، فإن عقد عليهما غير
أبويهما لم يكن بينهما توارث إلا أن يبلغا ويرضيا بالعقد، فإن ماتت الصبية قبل البلوغ وكان
192

الصبي قد بلغ ورضي بالعقد لم يرثها لأن لها الخيار إذا بلغت وقد ماتت دون البلوغ، وإن
مات الصبي وكانت الصبية قد بلغت ورضيت بالعقد ولم يكن الصبي بلغ فإنه لا ترثه
لأن له الخيار إذا بلغ وقد مات دون البلوغ، وإذا بلغ الصبي ورضي بالعقد، ولم تبلغ
الصبية ومات الصبي عزل ميراث الصبية منه ولم يدفع إليها إلى أن تبلغ، فإذا بلغت
ورضيت بالعقد وحلفت بالله تعالى إنه لم يدعها إلى الرضا بالعقد، الرغبة في ميراثه، دفع
ذلك إليها، وكذلك الحكم في الصبي سواء.
والمرأة إذا لم يكن لها ولد من زوجها ومات عنها لم يورث من الأرضين، والرباع
والدور والمنازل والقرى شيئا بل يقوم الأخشاب والطوب وجميع آلات ذلك، ويدفع إليها
بحقها منه ولا يدفع إليها من نفس ذلك شئ، وذهب بعض أصحابنا إلى أن ذلك يختص
بالمنازل والدور دون الأراضي وغيرها والظاهر الأول، فإن كان لها منه ولد دفع إليها
حقها من نفس ذلك ولم يمنع من شئ منه، فإن ماتت امرأة وتركت زوجها ولم تخلف
غيره، فكان له النصف بالتسمية والباقي يرد عليه.
فإن مات رجل وخلف زوجته ولم يخلف غيرها كان لها الربع بالتسمية والباقي
للإمام، وقد روي أن الباقي يرد عليها مثل الزوج والظاهر ما ذكرناه، وذكر بعض
أصحابنا الجمع بين الخبرين أنه مخصوص بحال الغيبة، فأما إذا كان الإمام ظاهرا فليس
للمرأة أكثر من الربع والباقي له، ذكر أبو جعفر الطوسي: أن هذا الوجه قريب في جواز
العمل به، الأولى عندي أن لا يدفع إليها إلا الربع بغير زيادة عليه والباقي للإمام
ع، لأنها إذا عملنا به كما ذكره كنا قد عولنا في العمل به على خبر واحد لا يعضده
قرينة وهذا لا يجوز، وينبغي أن يفعل فيه في حال الغيبة مثل ما يفعل في غيره فيما يختص به
من دفن أو وصية، والوصية أحوط على كل حال.
باب ميراث الأجداد والجدات:
لا يرث مع الأجداد والجدات أحد غير الإخوة والأخوات أو أولادهم والزوج
193

والزوجة، ولا يرث الأعلى مع الأدنى منهم، فإذا مات انسان وخلف جده أو جدته من
قبل أبيه ولم يترك مع واحد منهما غيره كان المال كله له، فإن ترك جده وجدته من قبل
أبيه ولم يترك غيرهما كان المال لهما، للجد الثلثان وللجدة الثلث، فإن ترك جده أو جدته
من قبل أمه ولم يترك مع واحد منهما غيره كان المال كله له.
فإن ترك جده وجدته من قبل أمه ولم يترك معهما غيرهما كان المال بينهما بالسوية،
فإن ترك جده وجدته من قبل أبيه وجده وجدته من قبل أمه، كان للجد والجدة من قبل
الأب الثلثان للذكر مثل حظ الأنثيين، وللجد والجدة من قبل الأم الثلث بينهما بالسوية،
فإن حصل في هذه الفريضة زوج أو زوجة كان للزوج النصف أو للزوجة الربع وللجد
والجدة من قبل الأم الثلث بينهما بالسوية، والباقي للجد والجدة من قبل الأب للذكر مثل
حظ الأنثيين.
فإن ترك جده وجدته من قبل أبيه وجده أو جدته من قبل أمه، كان للجد والجدة
من قبل أبيه الثلثان بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، والثلث الباقي للجد أو الجدة من قبل
الأم، فإن ترك جده أو جدته من قبل أبيه وجده وجدته من قبل أمه، كان للجد أو الجدة
من قبل الأب الثلثان وللجد والجدة من قبل الأم الثلث بينهما نصفين، وجد أبي الميت
وجدته وجد أم الميت وجدتها يتقاسمون الميراث كما يتقاسمه جد الميت وجدته من قبل
أبيه، وجده وجدته من قبل أمه إذا لم يكن هناك جد الميت ولا جدته من قبل أبيه أو أمه.
فإن اجتمع جد أبي الميت وجدته من قبل أبيه وجد أبيه وجدته من قبل أمه، وجد
أم الميت وجدتها من قبل أبيها وجدها وجدتها من قبل أمها كان لأجداد الأب الثلثان،
فيكون ثلثا الثلثين للجد والجدة من قبل أبيه للذكر مثل حظ الأنثيين، والثلث الباقي وهو
ثلث الثلثين للجد والجدة من قبل أمه بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، والثلث الباقي من
أصل المال للجدين والجدتين من قبل الأم، النصف منه وهو السدس من أصل المال للجد
والجدة من قبل أبيها بينهما بالسوية والباقي للجد والجدة من قبل الأم بينهما بالسوية أيضا.
والجد من قبل الأب يقاسم الإخوة من الأب والأم والأخوات منهما، ويكون مثل
194

واحد منهم ويستحق مثل ما يستحقه الأخ منهم، إن كان واحدا قاسمه المال نصفين وإن
كان أكثر من ذلك جرى الحكم فيهم على هذا الوجه بالغا ما بلغوا، فإن كانت أختا كان
لها الثلث وللجد الثلثان، وإن كان أخوات كان هو مثل أخ معهن يكون المال بينهم للذكر
مثل حظ الأنثيين، وكذلك يقاسم الإخوة والأخوات من قبل الأب إذا لم يكن هنا إخوة
وأخوات من قبل الأب والأم ويكون مثل واحد منهم على ما بيناه.
فإن اجتمع جد وأخ أو أخت أو إخوة وأخوات من قبل أب وأم وإخوة وأخوات من
قبل الأب، كان المال للجد مع الأخ أو الأخت أو الإخوة والأخوات من قبل الأب والأم
وسقط الإخوة والأخوات من قبل الأب، والجدة من قبل الأب بمنزلة الأخت من قبل
الأب والأم أو من قبل الأب، تقاسم الإخوة والأخوات من قبل الأب والأم كما تقاسم
الأخت منهما، فإن اجتمعت مع إخوة وأخوات من قبل الأب لا غير قاسمتهم كما تقاسم
الأخت منه.
والجد من قبل الأم مثل الأخ من قبل الأم يقاسم من قاسمه الأخ من قبلها ويسقط
في الموضع الذي يسقط، وكذلك الجدة من قبل الأم وتكون مثل الأخت من قبلها تقاسم
الأخت منه.
والجد من قبل الأم مثل الأخ من قبل الأم يقاسم من قاسمه الأخ من قبلها ويسقط
في الموضع الذي يسقط، وكذلك الجدة من قبل الأم وتكون مثل الأخت من قبلها تقاسم
من تقاسمه وتسقط في الموضع الذي تسقط، فإذا اجتمعا كانا بمنزلة أخ وأخت من قبل
الأم يقاسمان من يقاسمه الإخوة من قبل الأم ويسقطان في الموضع الذي يسقطون فيه.
فإن اجتمعا أو واحد منهما مع أخ أو أخت أو إخوة أو أخوات من قبل الأم، مع أخ أو
أخت أو أخوة أو أخوات من قبل الأب والأم أو
من قبل الأب وجد أو جدة من قبل أب، كان لجد والجدة من قبل الأم مع الإخوة
والأخوات من قبلها الثلث يقتسمونه بينهم بالسوية، والباقي للأخ أو الأخت أو الإخوة أو
الأخوات مع الجد والجدة من قبل الأب للذكر مثل حظ الأنثيين على ما سلف بيانه.
وأولاد الإخوة والأخوات وإن نزلوا من قبل أب كانوا أو من قبل أب وأم أو من قبل
أم يقومون مقام الإخوة والأخوات في مقاسمة الجد والجدة إذا لم يكن هناك إخوة ولا
أخوات ويأخذون نصيب من يتقربون به إليه من أخ أو أخت على حد واحد، ولا يسقط
195

منهم أحد وإن نزلوا ببطون كثيرة، والجد والجدة وإن عليا من قبل الأب كانا أو من قبل
الأم يقاسمان الإخوة والأخوات وأولادهم على ما سلف بيانه.
وإن اجتمع جد أبي الميت وجدته وجد أم الميت وجدتها مع جد الميت وجدته من قبل
أبيه وجدته من قبل أمه، كان الذي يقاسم الإخوة والأخوات جد الميت وجدته من قبل
أبيه ومن قبل أمه ويسقط جد الأب والأم وجدتهما، وعلى هذا الترتيب يمنع الأدنى الأبعد
إذا كان موجودا، فإن كان معدوما قام الأبعد في مقاسمة الإخوة والأخوات مقامه على
ما قدمناه.
باب ميراث ذوي الأرحام:
العمومة والعمات لا يرث مع واحد منهم أولادهم إلا في موضع واحد، وهو أن
ابن العم للأب والأم إذا اجتمع مع العم للأب كان أولى بالميراث من العم للأب، ولا
يرث مع أولاد العمومة والعمات أولادهم ولا غيرهم إلا الزوج والزوجة، فإن سهم كل
واحد منهما ثابت معهم وثابت أيضا مع الخؤولة والخالات أو أحدهم ومع أولادهم إذا لم
يكن هناك عمومة ولا عمات ولا خؤولة وخالات، النصف إن كان زوجا أو الربع إن
كانت زوجة.
ولا يرث مع الخؤولة والخالات أولادهم ولا أولاد العمومة والعمات، ولا يرث مع
العمومة والعمات أولاد الخؤولة والخالات ولا أولاد العمومة والعمات، ولا يرث عم
الأب ولا عمته ولا خال الأب ولا خالته ولا عم الأم ولا عمتها ولا خالها ولا خالتها مع
عم الميت وعماته وخاله وخالاته لأنهم أقرب بدرجة.
وميراث العمومة والعمات مثل ميراث الإخوة والأخوات من قبل الأب، وميراث
الخؤولة والخالات مثل ميراث الإخوة والأخوات من قبل الأم، للخؤولة والخالات الثلث
نصيب الأم وللعمومة والعمات الثلثان إلا في المسألة التي ذكرناها، فإن خلف الميت عما
أو عمة أو عمومة أو عمات ولم يخلف غيرهم، كان المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين،
196

وكذلك الحكم إن خلف عمومة وعمات في أنه يكون المال بينهم للذكر مثل حظ
الأنثيين.
فإن ترك الميت عمين أحدهما لأب وأم والآخر لأب كان المال للعم من قبل الأب
والأم وسقط العم من الأب، فإن ترك عمين أحدهما لأب وأم أو لأب والآخر لأم، كان
للعم من جهة الأم السدس والباقي للعم من قبل الأب والأم أو من قبل الأب، فإن ترك
عمة ولم يترك غيرها كان المال لها، فإن ترك عمتين لكان المال بينهما نصفين.
فإن ترك عمة أب ولم يترك غيرها كان المال لها، فإن ترك عمتين له كان المال
بينهما نصفين، فإن ترك عمة لأب وأم وعما أو عمة أو عمومة أو عمات من قبل الأب
كان المال للعمة من قبل الأب والأم وسقط العمومة والعمات من قبل الأب، فإن ترك
عمة من قبل الأم وعمة أو عما أو عمومة وعمات من قبل الأب أو من قبل الأب والأم،
كان للعمة من قبل الأم السدس والباقي لمن هو من قبل الأب والأم أو من قبل الأب.
فإن خلف عمومة وعمات مفترقين كان للعمومة والعمات من قبل الأم الثلث بينهم
بالسوية والباقي للعمومة والعمات من قبل الأب والأم للذكر مثل حظ الأنثيين، ويسقط
العمومة والعمات من قبل الأب، فإن خلف خالا أو خالة ولم يخلف غيره كان المال كله
له، فإن تركهما كان المال بينهما نصفين، فإن ترك خؤولة وخالات كان الحكم فيهما مثل
ذلك يكون الميراث بينهم بالسوية.
فإن خلف خالين أحدهما لأب وأم والآخر لأب، كان المال للخال من قبل الأب
والأم وسقط الخال من قبل الأب، فإن خلف خالين أحدهما من قبل الأم والآخر إما من
قبل الأب والأم أو من قبل الأب، كان للخال من قبل الأم السدس، والباقي للخال من
قبل الأب والأم أو من قبل الأب.
فإن ترك ثلاثة أخوال مفترقين كان للخال من جهة الأم السدس، والباقي للخال
من جهة الأب والأم وسقط الخال من جهة الأب، فإن ترك خالين أو خالتين أو أكثر من
قبل الأم وخالا أو خالة أو أكثر من قبل الأب والأم أو من قبل الأب، كان للخالين أو
197

الخالتين من قبل الأم الثلث بينهما بالسوية، والباقي للخال أو الخالة أو الخؤولة والخالات
من قبل الأب كانوا أو من قبل الأب والأم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
فإن خلف خالا أو خالة أو أكثر من قبل الأب أو من قبل الأب والأم مع خالة من
قبل الأم، كان للخالة من قبل الأم السدس والباقي للخال أو الخالة أو الخؤولة والخالات
من قبل الأب أو من قبل الأب والأم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
فإن ترك عما أو عمة أو عمومة أو عمات أو عمومة وعمات مختلفين أو متفقين مع
خال أو خالة أو خالات أو خؤولة وخالات، كان لمن يتقرب بالأب من العمومة
والعمات الثلثان يقسم بينهم على ما تقدم بيانه، والثلث لمن يتقرب بالأم واحدا كان أو
أكثر يقسم بينهم أيضا على ما بيناه فيما تقدم.
ولا يرث مع الأجداد والجدات وإن علوا أحد من العمومة والعمات ولا أولادهم ولا
أحد من الخؤولة والخالات، ولا يرث عم الأب ولا عمته ولا خاله ولا خالته ولا عم الأم
ولا عمتها ولا خالها ولا خالتها مع عم الميت وعمته وخاله وخالته.
فإن خلف عم الأب وعمته وخاله وخالته وعم الأم وعمتها وخالها وخالتها، كان لعم
الأب وعمته وخاله وخالته الثلثان يكون ثلثا الثلثين لعم الأب وعمته بينهما للذكر مثل
حظ الأنثيين، وثلث الثلثين لخال الأب وخالته بينهما بالسوية، والثلث من أصل المال
لعم الأم وعمتها ولخالها وخالتها يكون النصف من ذلك وهو السدس من أصل المال لعم
الأم وعمتها بينهما بالسوية، والنصف الآخر وهو السدس أيضا من أصل المال لخال الأم
وخالتها أيضا بينهما بالسوية.
وأولاد العم والعمة وإن نزلوا أولى بالميراث من عم الأب وعمته وخاله وخالته كما أن
أولاد الإخوة أولى بالميراث من الأعمام والعمات، وأولاد الخؤولة والخالات وإن نزلوا
أولى بالميراث من عم الأب وعمته وخاله وخالته لأنهم يقومون مقام من يتقربون إليه
والذي يتقربون به وإما العم وإما العمة وإما الخال وإما الخالة وهؤلاء أولى بالميراث من
عمومة الأب وعماته وأخواله وخالاته لأنهم أقرب بدرجة، وأولاد العمومة والعمات
198

يقومون مقام العمومة والعمات إذا لم يكن عمومة ولا عمات، ويحجبون من يحجبهم
العمومة والعمات إلا أن يكون هناك من هو أقرب منهم.
فإن خلف الميت أولاد عمومة متفرقين كان لأولاد العم من قبل الأم السدس بينهم
بالسوية، والباقي لأولاد العم من قبل الأب والأم أو من قبل الأب للذكر من حظ
الأنثيين، ويسقط أولاد العم للأب إذا اجتمعوا مع أولاد العم من الأب والأم، فإن
خلف أولاد خؤولة متفرقين كان لأولاد الخال من قبل الأم السدس بينهم بالسوية،
والباقي لأولاد الخال من قبل الأب والأم للذكر أيضا مثل حظ الأنثيين، وسقط أولاد
الخال من قبل الأب.
فإن ترك أولاد عمات متفرقين أو أولاد خالات مفترقين كان الحكم في أولاد
العمات مثل ما ذكرناه في أولاد العمومة المفترقين، فإن ترك ابني عم أحدهما أخ لأم،
كان الميراث للأخ من الأم من جهة الإخوة لا لأنه ابن عم ويسقط ابن العم الآخر.
فإن ماتت امرأة وخلفت ابني عم أحدهما زوجها كان لزوجها النصف والربع،
النصف من ذلك بالزوجية والربع بالميراث، والربع الباقي لابن العم الآخر لأن النصف
الباقي بعد نصف الزوج يقسم بينهما نصفين، فيكون للواحد النصف والربع كما ذكرناه
وللآخر الربع الباقي.
فإن خلف ابني خالة، أحدها أخ لأب كان الميراث للذي هو أخ من جهة الإخوة
لا لأنه ابن خالته، وسقط ابن خالة الآخر، فإن خلف ابنتي عم إحديهما زوجته كان
للزوجة منهما الربع من جهة الزوجية والباقي بينهما نصفين، فإن هلكت امرأة وخلفت زوجا
وخالا أو خالة وعما أو عمة، كان للزوج النصف والثلث للخال أو الخالة أو لهما إن
اجتمعا، والباقي للعم أو العمة.
فإن مات رجل أو امرأة وترك زوجا أو زوجة وأولاد خال أو أولاد خالة، وأولاد عم
أو أولاد عمة كان للزوج النصف أو للزوجة الربع، ولأولاد الخال أو الخالة الثلث والباقي
لأولاد العم أو العمة، فإن مات رجل أو امرأة وترك زوجا أو زوجة وجدا أو جدة، أو جدا
199

وجدة من قبل الأب أو جدا وجدة من قبل الأم، كان للزوج النصف أو للزوجة الربع،
والثلث للجد أو الجدة من قبل الأم أو لهما إن اجتمعا، والباقي للجد أو الجدة من قبل الأب
أو لهما إن اجتمعا.
فإن هلك انسان وترك عمتين لأب الواحدة منهما خالة لأم وخالة لأب وأم، كان
للعمتين الثلثان من أصل المال بينهما نصفين، والثلث الباقي للخالة من الأم التي هي
عمة، والخالة من الأب والأم تكون للأم التي هي عمة سدس الثلث، والباقي للخالة من
قبل الأب والأم.
باب ميراث المولى وذوي الأرحام:
إذا مات انسان معتق وخلف فارحم مسلما قريبا كان أو بعيدا مع مولاه الذي أعتقه
كان الميراث لذي رحمه دون مولاه، فإن لم يترك ذا رحم وكان سائبة ولم يتوال إلى أحد
يضمن جريرته وحدثه كان ميراثه لبيت المال، وإن كان توالى إلى أحد يضمن جريرته
وحدثه كان ميراثه لمن توالى إليه، وإن لم يكن سائبة كان ميراثه لمولاه الذي أعتقه رجلا
كان الذي أعتقه أو امرأة.
فإن كان الذي أعتقه مات قبله وترك ولدا وكان الأولاد ذكورا كان ميراث المعتق
لهم، وإن كانوا ذكورا وإناثا كان ميراثه للذكور دون الإناث، وإن كانوا إناثا وكان قد
ترك معهم عصبة كان الميراث للعصبة دون الأولاد الإناث، وإن لم يكن ترك معهن
عصبة كان الميراث لبيت المال، وإن لم يكن ترك أولادا وكان قد ترك عصبة كان
الميراث للعصبة، فإن لم يكن ترك عصبة كان الميراث لبيت المال، فإن كان الذي أعتقه
امرأة وهي حية فميراثه لها، وإن لم تكن حية وكان لها عصبة كان ميراثه لعصبتها سواء
كان لها أولاد أولا، يكون لها ذلك.
وإذا تولى هذا المعتق إلى من يضمن جريرته وحدثه ثم مات وكان قد ترك ذا رحم
قريبا كان أو بعيدا كان ميراثه لذي رحمه، وإن لم يكن ترك ذلك كان ميراثه لمن توالى
200

إليه وضمن جريرته وحدثه وإن لم يكن له ذو رحم قريبا ولا بعيدا ولا أحد توالى إليه،
كان ميراثه لإمام المسلمين لأنه ميراث من لا وارث له، وذلك من الأنفال.
والميت إذا لم يكن له وارث وترك مالا ولم يتمكن من إيصاله إلى الإمام قسم في
الفقراء والمساكين ولم يدفع منه إلى سلطان الجور شئ، هذا إن أمكن ذلك وكانت
التقية مرتفعة، فإن كان الخوف والتقية حاصلين ويغلب عليه جاز حينئذ تسليمه إليه ولم
يكن على الذي سلمه إليه شئ.
وإذا مات انسان وترك وراثا بعضهم غائب وبعض الآخر حاضر، والغائب أحق
بالميراث من الحاضر وأولى به منه، فينبغي أن يوقف الميراث إلى حين حضور الغائب
ويدفع إليه، فإن لم يحضر وتطاولت المدة قسم على الحاضر وكان ضامنا له إلى حين حضور
الغائب فإذا حضر سلمه إليه، وإن مات الغائب بعد أن تسلم الحاضر الميراث وكان
للغائب وارث كان على الحاضر تسليم الميراث إلى ورثة الغائب، وإن لم يكن له ورثة كان
الميراث للحاضر.
باب الحكم في من يموت من المسلمين الأحرار ويخلف وارثا مملوكا:
إذا مات الحر المسلم وخلف ذا رحم مملوكا قريبا كان أو بعيدا مستقر الملك وكان قد
ترك مع المملوك ذا رحم حرا قريبا كان أو بعيدا، كان ميراثه لذي رحمه الحر دون
المملوك لأن المملوك لا يجوز أن يرث الحر إذا كان معه وارث حر، فإن لم يكن ترك مع
ذي رحمه المملوك ذا رحم حرا وكان الميراث ينقص عن قيمة المملوك لم يجب ابتياعه وكان
الميراث لبيت المال، وذهب بعض أصحابنا إلى أنه يشترى من التركة ويعتق ويستسعي
في الباقي، وهذا ضعيف جدا لأنه لم يرد به رواية ولا ثبت عليه دليل، وإن كان الميراث
يفي بقيمة المملوك أو يزيد عليه وجب ابتياعه من التركة وعتقه، ويدفع إليه الباقي إن
كان هناك ما يبقى.
فإن ترك هذا الحر أبويه وهما مملوكان أو ولدين له كذلك أو ما جرى هذا المجرى
201

وكان الميراث يفي بقيمة الاثنين اشتريا وأعتقا، وإن كان ينقص عن قيمتها لم يجب ابتياع
واحد منهما ولا جميعهما وإن كان فيه ما يفي بقيمة أحدهما أو يزيد على ذلك، وإذا خلف
الحر وراثا أحرارا وذا رحم مملوكا كان المال للأحرار.
فإن أعتق المملوك قبل قسمة المال وكان أقرب منهم أخذ المال، وإن كان ممن
يقاسمهم قاسمهم ذلك وإن انعتق بعد قسمة المال لم يكن له شئ، وأم الولد يجعل في
نصيب ولدها وأعتقت ولا يورث شيئا، وسهم الزوج والزوجة ثابت مع من تقدم ذكره
على كل حال.
باب توارث أهل ملتين:
الكافر لا يرث المسلم بغير خلاف، والمسلم عندنا يرث الكافر سواء كان الكافر
حربيا أو ذميا أو مرتدا أو على أي حال كان من الكفر، ويجوز المسلم المال قريبا كان أو
بعيدا ذا سهم كان أو قرابة من جهة الأب كان أو من جهة الأم، فإذا ترك المسلم ولدا
كافرا ولم يترك غيره من المسلمين من زوج ولا زوجة ولا غير ذلك من ذي رحمه قريبا ولا
بعيدا كان ميراثه لبيت المال، فإن ترك ولدين أحدهما كافر والآخر مسلم كان الميراث
للمسلم ذكرا كان أو أنثى، ولم يكن للكافر شئ.
فإن خلف ثلاثة أولاد وأكثر من ذلك أحدهم كافر كان المال للاثنين المسلمين
دون الكافر، فإن أسلم قبل قسمة الميراث كان له حقه منه وإن أسلم بعد القسمة لم يكن
له شئ، فإن ترك ولدين أحدهما مسلم والآخر كافر كان الميراث للمسلم دون الكفر،
فإن أسلم الكافر لم يكن له شئ لأن المسلم قد استحق المال في حال موت من يرثه،
والقسمة إنما يثبت للكافر إذا أسلم وكان الميراث بين اثنين قبل إسلامه أو أكثر منهما ولم
يقسم، فإن خلف أولادا مسلمين ووالدين كافرين كان المال للأولاد المسلمين ولم يكن
للوالدين الكافرين فيه شئ.
فإن أسلم الوالدان أو أحدهما قبل القسمة في الميراث كان له حقه منه، وإن أسلما أو
202

أحدهما بعد القسمة لم يكن له شئ.
فإن خلف أبوين مسلمين وولدا كافرا كان المال للأبوين المسلمين دون الولد
الكافر، فإن أسلم الولد قبل قسمة الميراث كان له حقه منه، فإن أسلم بعد القسمة لم
يكن له شئ، فإن خلف أحد أبويه مسلما وولدا كافرا كان المال لأحد الأبوين، فإن
أسلم الولد لم يكن له شئ.
فإن ترك ولدا كافرا ووالدين كافرين أو أحدهما وهو كافر، وابن ابن ابن عم أو
عمة أو ابن ابن ابن خال أو خالة أو من يكون أبعد منهم وكان مسلما، كان المال للمسلم
البعيد دون الولد أو الوالدين أو أحدهما الكفار، فإن أسلم أحدهم أو جميعهم قبل قسمة
الميراث وكان المال لهم أو لمن أسلم منهم دون ذوي الأرحام، وإن أسلموا أو أحدهم بعد
القسمة لم يكن لهم شئ.
وإذا ماتت امرأة وتركت زوجها وهو مسلم وولدا أو والدا أو ذوي أرحام كفارا، كان
المال كله للزوج ولم يكن للولد ولا للوالدين ولا لذوي أرحامه شئ، فإن أسلموا رد عليهم
الفاضل عن سهم الزوج، فإن مات رجل وخلف زوجة مسلمة ولم يخلف غيرها من
المسلمين وترك وراثا كفارا كان ربع المال للزوجة والباقي لإمام المسلمين، فإن أسلموا
قبل قسمة الميراث رد عليهم الفاضل عن سهم الزوجة، وإن أسلموا بعد ذلك لم يكن لهم
شئ.
وإن خلف الكافر وارثا مسلما قريبا كان أو بعيدا ذكرا كان أو أنثى زوجا أو زوجة
ولم يترك غيره كان المال كله له، فإن ترك مع المسلم كائنا من كان وارثا كافرا قريبا
كان أو بعيدا أو زوجا أو زوجة كان المال للمسلم دون الكافر، فإن أسلم قبل قسمة
الميراث كان له حقه منه، وإن أسلم بعد ذلك لم يكن له شئ.
وإذا مات كافر وترك أولادا وإخوة وأخوات من قبل الأب، وأخوات من قبل الأم
مسلمين وأولادا صغارا كان للأخوة والأخوات من قبل الأم الثلث، وللأخوة والأخوات
من قبل الأب الثلثان، وينفق الإخوة والأخوات من قبل الأم على هؤلاء الأولاد الصغار
203

ثلث النفقة، وينفق الإخوة والأخوات من قبل الأب عليهم ثلثي النفقة حتى يبلغوا، فإذا
بلغوا وأسلموا سلم الإخوة إليهم ما بقي في أيديهم بعد النفقة، وإن لم يسلموا واختاروا الكفر
لم يدفعوا إليهم شيئا وتصرفوا في الباقي.
فإن كان أحد أبوي الأولاد الصغار مسلما وترك إخوة وأخوات من قبل الأم كان
المال للأولاد الصغار، فإذا بلغوا قهروا على الاسلام، فإن لم يسلموا كان حكمهم حكم
المرتدين وأجرى عليهم ما يجري على المرتدين، فإن هلك وترك أولادا وقرابة كفارا ومولى
نعمة مسلما، كان الميراث لمولى النعمة المسلم ولم يكن للأولاد والقرابة الكفار بشئ.
والمسلمون يرث بعضهم بعضا وإن اختلفوا في المذاهب والآراء لأن الموارثة تثبت
بإظهار الشهادتين، والإقرار بأركان الشريعة من صلاة وصيام وزكاة وحج، دون الإيمان
الذي يستحق به الثواب، والكفار يرث بعضهم بعضا على اختلافهم في الديانات لأن
الكفر عندنا كالملة الواحدة.
في إرث المرتد:
وإذا ارتد المسلم بانت منه زوجته وكان عليها أن تعتد عدة المتوفى عنها زوجها،
ويقسم ميراثه بين مستحقيه من وراثه ويقتل من غير أن يستتاب، فإن لحق بدار الحرب
ومات وكان له أولاد كفار وليس له وارث مسلم كان ماله للإمام، ومن كان كافرا ثم
أسلم وارتد بعد إسلامه فإن يعرض عليه الاسلام فإن عاد إليه وإلا قتل، فإن لحق بدار
الحرب كان على زوجته أن تعتد منه عدة المطلقة، ثم يقسم ميراثه بين المستحقين له من
وراثه، فإن عاد إلى الاسلام قبل انقضاء عدتها كان أملك بها، وإن عاد بعد انقضاء العدة
لم يكن له عليها سبيل وكانت قد ملكت نفسها، فإن مات وهو كافر ولم يكن له وارث
مسلم لأن ميراثه لبيت المال.
204

باب ميراث القاتل:
القاتل على ضربين: قاتل عمد وقاتل خطاء، فأما قاتل العمد فليس يرث شيئا من
ميراث المقتول ولا من ديته إن قبل أولياؤه الدية ولدا كان، أو والدا قريبا كان أو بعيدا
زوجا كان أو زوجة، ويكون ميراث المقتول وديته لمن عدا القاتل من ورثته قريبا كان، أو
بعيدا، فإن لم يخلف المقتول أحدا من الوراث إلا الذي قتله كان ميراثه لبيت المال ولا
يعطي القاتل شيئا منه على حال.
وإذا قتل رجل ابنه لم يرثه، فإن كان للقاتل أب وابن كان الميراث للأب والابن
دون القاتل، يكون ذلك بينهما نصفين لأن الأب جد المقتول والابن إخوة، فإن قتل رجل
أباه لم يرثه، فإن كان للأب أولاد غير القاتل كان الميراث لهم وإن لم يكن له ولد غير
القاتل وكان للولد القاتل ولد، كان الميراث لهذا الولد دون أبيه القاتل، وأما القاتل خطأ
فإنه يرث المقتول من ميراثه ولا يرث من ديته ولدا كان أو والدا أو ذا رحم أو زوجا أو
زوجة.
ومن قتل وليس له من الوراث إلا وارث كافر كان ميراثه لبيت المال، فإن أسلم
الكافر كان الميراث له وكان له أيضا المطالبة بالدم، فإن لم يسلم وكان
المقتول عمدا كان الإمام وليه، وهو مخير بين أن يقيد به القاتل وبين أخذ الدية ليجعلها في بيت المال، وليس
له العفو عنه لأنه ليس بحق له وإنما هو حق المسلمين.
فإذا كان على المقتول دين قضي عنه من ديته كما يقضي عنه من ميراثه سواء كان
المقتول مقتولا عمدا أو خطأ، وقاتل العمد إذا كان مطيعا بالقتل لم يجز أن يمنع ميراث
المقتول، وذلك مثل أن يقتل الانسان غيره بأمر الإمام أو يقتل أباه أو ولده أو أخاه وهو
كافر أو من البغاة على الإمام.
باب من يستحق دية المقتول:
الذي يرث دية المقتول هو من كان يستحق أن يرث الميراث إلا الإخوة والأخوات
205

من جهة الأم ومن يتقرب بها، ويرث معها الزوج والزوجة ولا يرث منها من يتقرب بالأب
من الإناث، وأما الذكور فإنهم يرثون منها على كل حال، فإن لم يكن هناك إلا من
يتقرب بالأم أو من يتقرب بالأب من الإناث كان الميراث لبيت المال، والزوج والزوجة
يرث كل واحد منهما صاحبه من الدية كما يرث من التركة، إلا أن يقتل أحدهما الآخر
فإنه إذا كان ذلك لم يرث من الدية ولا من التركة أيضا.
والمطلقة طلاقا رجعيا إذا قتلت ورث زوجها من تركتها ومن ديتها وإن قتل الزوج
ورثته أيضا مثل ذلك ما لم تنقض عدتها، وعدتها هي عدة المتوفى عنها زوجها، فإن انقضت
عدتها لم يكن لها ميراث، وإن كان طلاقها طلاقا لا يملك فيه الرجعة لم يرث كل واحد
منهما الآخر على وجه.
باب ميراث ولد الملاعنة:
لا يرث ولد الملاعنة أباه ولا الأب يرثه ولا يرث أحدا من قرابة أبيه، وهو يرث أمه
وكل من كان من أقاربها، وترثه أمه ومن يتقرب إليه بالأم، فإن أقر الأب به بعد اللعان
ورث أباه ولم يرثه الأب على حال، فإن مات ولد الملاعنة وخلف أخوين أو أختين أو أخا
وأختا أحدهما أخا كان أو أختا من قبل الأب والأم، والآخر من قبل الأم، كان الميراث
بينهما نصفين لأن نسبة من قبل الأب غير معتبر، وإنما الاعتبار بما كان من قبل الأم.
فإن ترك ابن أخيه لأمه، وابنة أخيه لها، كان الميراث بينهما نصفين.
فإن ترك بنت أخيه لأمه، وابن أخته لها، كان الميراث بينهما نصفين، لأن كل واحد
منهما يأخذ نصيب من يتقرب به، والذي يتقربون به من الأخ والأخت يتساوون في
القسمة، وكذلك إن ترك أخا وأختا وابن أخ وابن أخت وجد أو جدة، كان الميراث
بينهم أثلاثا متساوية، كمثل ما قدمناه، وعلى هذا الترتيب كان الولد لاحقا بالذي هي
عنده، ويرثه ويرث الأب والولد أيضا يرثه، وإذا تبرأ انسان من جريرة ولده عند سلطان
ومن ميراثه ومات الولد، كان ميراثه لعصبة أبيه ولم يكن لأبيه شئ في ذلك على حال.
206

باب ميراث المماليك والمكاتبين:
المملوك لا يملك شيئا يستحقه وراثه الأحرار لأن المال الذي يكون معه مال لمولاه
وكذلك المدبر.
فأما المكاتب: فإنه إن كان مشروطا عليه كان حكمه حكم المملوك سواء، وإن لم
يكن مشروطا عليه فإنه يرث ويورث بقدر ما أدى من مكاتبته من غير زيادة ولا نقص،
فإن اشترط المكاتب على الذي كاتبه أن يكون ولاؤه له كان شرطه صحيحا، فإن شرط
أن يكون ميراثه له دون ورثته لم يجز ذلك.
وإذا كان العبد بين شريكين فأعتق أحدهما نصيبه فيه ومات وترك مالا، كان
نصفه للذي لم يعتق منه نصيبه والنصف الآخر لورثته، فإن لم يترك وارثا كان ذلك لمولاه
الذي أعتقه على ما تقدم.
باب ميراث الغرقى، والمهدوم عليهم في وقت واحد:
إذا غرق جماعة من الناس في وقت واحد أو انهدم عليهم موضع فمات جميعهم ويكونون
يتوارثون، ولا يعلم من الذي مات منهم قبل الآخر، فالحكم في توريثهم أن يورث بعضهم
من بعض من نفس تركته لا مما يرثه من الآخر، يقدم الأضعف في استحقاق الميراث
ويؤخر الأقوى في ذلك، مثال ما ذكرناه أن نفرض أنه غرق زوج وزوجة فنفرض موت
الزوج أولا وتورث الزوجة منه لأن سهمها في الاستحقاق أقل من سهم الزوج، وذلك
لأن أكثر ما تستحقه الزوجة الربع وأكثر ما يستحقه الزوج النصف، فهو أقوى حظا
منها فيعطى الزوجة حقها منه والباقي لورثته، ثم نفرض أن الزوجة ماتت فيورث الزوج منها
فيدفع إليه حقه من نفس تركتها دون ما ورثته منه، ويعطي وراثها الباقي.
ومثال ذلك أب وابن، فنفرض موت الابن أولا ويورث الأب منه لأب سهمه
السدس مع الولد، والباقي للابن فهو أضعف منه ويعطي ورثته الباقي من المال، ثم نفرض
أن الأب مات فيعطى الابن حقه والباقي لورثته، فإن فرضنا في هذه المسألة أن للأب
207

وارثا إلا أن هذا الولد أولى منه، وفرضنا أن للولد وارثا إلا أن الأب أولى منه، فإنه يصير
ميراث الابن لورثة الأب وميراث الأب لورثة الابن، لأنا لو فرضنا موت الابن أولا
صارت تركته لأبيه ولو فرضنا موت يجري ميراث ولد الملاعنة، فيتأمل ذلك.
باب ميراث ولد الزنى:
يختلف في ميراث ولد الزنى، فمنهم من يقول: ولد الزنى لا يرث أباه ولا أمه ولا يرثه
أبوه ولا أمه، ومنهم من يقول: يرث أمه ومن يتقرب بها وترثه أمه ومن يتقرب بها، والأقوى
عندي هو الأول لأن توريث الولد من الوالد يتبع صحة إلحاق الولد به شرعا، فلما لم يجز
هاهنا إلحاقه به كذلك من حيث حصل عن وطء بغير عقد ولا شبهة عقد وكان ذلك قائما
كان الأقوى ما ذكرناه، فأما أنه لا يرث أباه ولا يرثه أبوه فلا يختلفون فيه فلذلك قصرنا
هاهنا الكلام في ميراث أمه، فأما ولد الزنى فإنه يرث أباه ويرثه أبوه وكذلك زوجه أو
زوجته.
باب ميراث الحميل والأسير والمفقود واللقيط والمشكوك فيه:
الحميل هو الذي يجلب من بلاد الشرك ويتعارف منهم قوم بسبب يقتضي الموارثة،
فإنهم إذا كانوا كذلك قبل قولهم في ذلك من غير بينة وورثوا، ويجري هذا المجرى سائر من
حصل في بلاد وهو غريب منه، ومعه من يعترف بأنه والده أو ولده أو أخوه أو ما جرى هذا
المجرى، فإنه يقبل قولهم ويورثون عليه.
وأما الأسير: فإذا كان أسيرا في بلاد الشرك أيضا ولم يعلم موته فإنه يورث ويوقف
نصيبه إلى حين حضوره، أو يعلم موته فإن لم يعلم له موت ولا حياة فهو بمنزلة المفقود، وأما
المفقود فإنه لا يقسم ماله إلا أن يعلم موته أو يمضى من الزمان مدة لا يعيش مثله إليها، فإن
مات في هذه المدة من يرثه هذا المفقود فينبغي أن يوقف نصيبه منه حتى يعلم حاله،
ويسلم الباقي إلى الباقين من الوراث.
208

فأما اللقيط: فإن كان توالى إلى أحد يضمن جريرته وحدثه كان ميراثه له وحدثه
عليه، وإن لم يكن توالى إلى أحد كان ميراثه لبيت المال وليس لمن التقطه ورباه من ميراثه
شئ، فإن طلب الذي رباه ما أنفقه عليه كان له ذلك، ويأخذه من أصل تركته ويكون
الباقي لبيت المال.
وأما المشكوك فيه: فهو أن يطأ الرجل زوجته أو مملوكته، ثم يطأها غيره في هذه الحال
وتأتي بولد، فإنه إذا كان كذلك لم يلحقه بنفسه لحوقا صحيحا بل يربيه وينفق عليه، فإذا
حضرته الوفاة عزل له من ماله ما يستعين به على حاله، فإن مات هذا الولد لم يكن له من
ميراثه شئ وكان جميعه لبيت المال إن لم يترك ولدا ولا زوجا ولا زوجة.
وإذا وطئ رجلان جارية مشتركة بينهما وجاءت بولد، أقرع بينهما فمن خرج اسمه
ألحق الولد به وضمن للباقي من شركائه حصتهم وتوارثا، فإن وطئ اثنان في طهر واحد بعد
انتقال الملك من الواحد منهما إلى الآخر، الأب لصارت تركته لورثة الابن.
فإن مات اثنان وخلف أحدهما ميراثا ولم يخلف الآخر شيئا، فالذي خلف ميراثا يرثه
الآخر وينتقل منه إلى ورثته دون ورثة الذي خلف الميراث، مثال ذلك أب وابن فإنا إن
فرضنا أن الابن لم يترك شيئا فالأب ليس له منه حظ، فإذا فرضنا بعد ذلك موت الأب
ورثه الابن فصارت تركة الأب لورثة الابن، وكذلك لو فرضنا أن للابن مالا وليس للأب
شئ، فإنه إذا فرضنا موت الابن انتقلت تركته إلى الأب فإن فرضنا موت الأب بعد
ذلك لم يكن له شئ ينتقل إلى الابن، لأن الذي ورثه الأب لا يرث الابن منه على
ما قدمناه، فيصير ما ورثه من ابنه لورثته خاصة.
فإن غرق اثنان ليس لكل واحد منهما وارث إلا الآخر فإن ميراثهما لبيت المال، فإن
كان لأحدهما وارث من ذي رحم أو مولى نعمة أو ضامن جريرة أو زوج أو زوجة، فإن
ميراث الذي له وارث لمن ليس له وارث وينتقل منه إلى بيت المال.
وإذا غرق اثنان في حال واحدة يرث الواحد الآخر والآخر لا يرثه، فإنه لا يورث
بعضهما من بعض ويكون ميراث كل واحد لورثته، مثال ذلك: أخوان غرقا ولأحدهما
209

أولاد وليس للآخر ولد ولا والدان، فإنه إذا كان كذلك بطل هذا الحكم، لأنه إنما جعل
ذلك بأن يفرض توريث بعض من بعض، فإذا لم يصح ذلك فيه فالحكم ساقط، فإن
مات اثنان حتف أنفهما لم يورث بعضهما من بعض، ويكون ميراث كل واحد منهما لوارثه
الحي لأن هذا الحكم جعل في الموضع الذي جوز فيه تقدم كل واحد منهما على الآخر.
باب ميراث المجوس:
المجوس يرثون بالأنساب والأسباب صحيحة كانت في شرع الاسلام أو غير صحيحة،
مثال ذلك: مجوسي مات وخلف زوجته وهي أخته فإنها تورث منه بالأخوة والزوجية،
فيكون تقدير ذلك في التوريث أن لها من المال الربع بالزوجية والباقي بالأخوة، ومثال
آخر أيضا: مجوسية ماتت وخلفت أخوين الواحد منهما زوجها فإن الأخ الذي ليس بزوج
يورث بالأخوة والآخر يورث بالأخوة والزوجية، فيكون تقدير ذلك بالتوريث أن له
النصف بالزوجية والنصف الآخر يقسم بينه وبين الأخ الآخر.
وقال قوم من أصحابنا: بأن المجوس يورثون بالأنساب ولا يورثون بالأسباب إلا بما
هو جائز في شرع الاسلام، وقال الآخرون منهم بما ذكرناه أولا من أنهم يورثون من
الجهتين معا سواء كان ذلك مما هو جائز في شريعة الاسلام أو غير جائز فيها، وهو الظاهر
من المذهب.
باب ميراث الخنثى:
إذا كان لإنسان ما للرجال وما للنساء اعتبرت حاله في هل هو ذكر أو أنثى ببوله،
فإن خرج البول مما هو للرجال ورث ميراث الذكور، وإن خرج مما هو للنساء ورث
ميراث الإناث، فإن خرج البول منهما جميعا ولم يسبق أحدهما الآخر كان الاعتبار في ذلك
بانقطاعه فأيهما انقطع منه قبل الآخر كان التوريث بحسبه، فإن انقطعا جميعا في حال
واحدة ورث ميراث الرجال والنساء بأن يعطي نصف ميراث ذكر ونصف ميراث أنثى.
210

فإن دعت الحاجة إلى من ينظر الحال في البول من مجيئه وانقطاعه فليحضر قوم عدول
ويقف الخنثى خلفهم ويأخذ كل واحد منهم مرآة فيستقبله بها وينظر الشبح الذي فيها،
فمهما أدى نظره إليه كان الحكم له والتوريث بحسبه، وقد ورد أنه يعد أضلاعه فمن عمل به
كان جائزا.
فإن كان ممسوحا ليس له ما للرجال ولا ما للنساء، فإنه يورث بالقرعة ويكتب على
سهم عبد الله وعلى سهم أمة الله فأيهما خرج ورث بحسبه، والخنثى إذا تزوج من خنثى على
أن الواحد منهما رجل والآخر امرأة، من قبل أن يبين أمرهما أوقف النكاح إلى أن يتبين،
فإن مات أحدهما قبل بيان أمرهما لم يتوارثا.
وإذا كان له ما للرجال وما للنساء ودعت الحاجة إلى أن يختن قبل أن يبين أمره لم يجز
أن يختنه رجل ولا امرأة وينبغي أن يشترى له جارية من ماله تختنه، فإن لم يكن له مال
اشترى ذلك له من بيت المال، فإذا ختنته بيعت بعد ذلك وأعيد ثمنها إلى بيت المال،
والخنثى إذا كان مملوكا وقال سيده: كل عبد لي وأمة أحرار وكل مملوك لي حر، فإنه ينعتق
بذلك من غير أن يعتبر له حال هل هو ذكر أو أنثى، فإن قال: كل عبد لي حر، لم ينعتق
حتى يعتبر حاله في ذلك.
فإن تبين أنه رجل انعتق، فإن تبين أنه امرأة لم ينعتق، فإن قال: كل أمة لي حرة، لم
ينعتق حتى يعتبر حاله، فإن بان أنه امرأة أعتق وإن بان أنه رجل لم ينعتق، فإن مات من
ذكرنا حاله كان ميراثه بالولاية على حسب ما تبين من حاله.
وإذا أوصى انسان لحمل فقال: إن كان ذكرا كان له مائة دينار وإن كان أنثى كان
له خمسون دينارا، فولد خنثى أوقف الحكم فيه إلى أن يبين أمره فمهما بان منه كان الحكم
بحسبه.
وإذا سرق الخنثى أو قذف أقيم عليه الحد، فإن قطع انسان يده أو رجله أو فقأ عينه
أوقفت الجناية حتى يبين أمره، فإن بان أنه رجل كان على الجاني نصف دية رجل، وإن
كان امرأة كان عليه نصف دية امرأة، وإذا ادعى الخنثى أنه رجل أو أنه امرأة لم يلتفت
211

إلى قوله في ذلك ووجب اعتبار حاله، فمهما بان من أمره كان العمل فيه بحسبه.
باب ميراث من له رأسان:
إذا كان لشخص واحد رأسان على حقو واحد كان الاعتبار في هل هو حي واحد أو
حيان بأن يترك حتى ينام، ثم ينبه أحدهما، فإن انتبه أحدهما ولم ينتبه الآخر ورث
ميراث شخصين، وإن انتبها جميعا ورث ميراث شخص واحد.
باب احتصار حساب الفرائض:
الأصل في ذلك سهام الفرائض، وقد ذكرنا فيما تقدم أنها ستة وهي: النصف والربع
والثمن والثلثان والثلث والسدس، وبينا فيما تقدم من المستحق لهذه السهام مفصلا، فإذا
أردنا أن نذكر حساب الفرائض فينبغي أن تبين مخرج كل سهم منها لأنها كما قدمناه
الأصل في ذلك، فنقول: إن مخرج النصف من اثنين ومخرج الربع من أربعة ومخرج الثمن
من ثمانية ومخرج الثلثين والثلث من ثلاثة ومخرج السدس من ستة.
فإن كان في الفريضة مع النصف ثلث أو سدس كان من ستة، وإن اجتمع معه ثمن
أو ربع فهي من ثمانية، فإن اجتمع ثلثان وثلث كان من ثلاثة، فإن كان فيها ربع وما
يبقى أو ربع ونصف وما يبقى فهي من أربعة، فإن كان فيها ثمن وما يبقى أو ثمن ونصف
وما يبقى فهي من ثمانية، وإن كان مع الربع ثلث أو سدس فهي من اثني عشر، وإن كان
مع الثمن ثلثان أو سدس كانت من أربعة وعشرين.
وإذا أردت اخراج السهام وقسمتها صحاحا فانظر الفريضة، فإن كان فيها فرض
مسمى إذا خرجته لمستحقه كان الباقي وفقا لباقي الوارث فاقسمه عليهم، وليست هاهنا
يحتاج إلى ضرب السهام بعضها في بعض مثال ذلك: انسان مات وخلف أباه وخمسة بنين
فهذه من ستة لأن أقل عدد يخرج منه سدس صحيح هو ستة، للأب السدس من ذلك
سهم واحد ويبقى خمسة أسهم يقسم على البنين الخمسة لكل واحد منهم سهم، ومثال
212

آخر: امرأة ماتت وخلفت زوجها وثلاثة بنين فهذه من أربعة، لأن أقل عدد يخرج منه
ربع صحيح هو أربعة للزوج من ذلك الربع سهم، ويبقى ثلاثة أسهم يقسم على البنين
الثلاثة لكل واحد منهم سهم.
فإن لم تجد السهام وفقا على ما ذكرناه ووجدتها منكسرة إذا قسمتها، فهي ضربان:
أحدهما أن يكون فيها فرض مسمى وما بقي لمن يبقى، والباقي أن يكون فيها فرض مسمى
والباقي يرد على أهل تلك التسمية، فإن كان ما يجده ينكسر وفيه فرض مسمى والباقي لمن
يبقى، وهو الضرب الأول فأخرج الفرض الأول لمستحقه، فإذا وجدت الباقي ينكسر على
من يبقى من الوراث فاضرب رؤوسهم في أصل الفريضة ثم اقسم ذلك تجد السهام
صحيحة.
مثال ذلك: انسان مات وترك أباه وثلاثة بنين فهذه من ستة، لأن أقل عدد يخرج
منه سدس صحيح هو ستة كما قدمناه، يكون للأب من ذلك السدس سهم واحد ويبقى
خمسة أسهم لا ينقسم على البنين الثلاثة على الصحة، فالوجه في ذلك أن تضرب رؤوسهم
وهي ثلاثة في أصل الفريضة وهي ستة فيكون ثمانية عشر سهما، للأب منها السدس
ثلاثة أسهم ويبقى خمسة عشر سهما للبنين الثلاثة، لكل واحد منهم خمسة أسهم.
ومثال آخر: انسان مات وترك أباه وأربعة بنين فهذه أيضا من ستة لأن فيها سدسا
وهو سهم للأب، تبقى خمسة أسهم لا تنقسم على الأربعة البنين، فالوجه في ذلك أن
تضرب رؤوسهم وهي أربعة في ستة وهي أصل الفريضة يكون أربعة وعشرين سهما،
فللأب منها السدس أربعة أسهم، ويبقى عشرون سهما للبنين الأربعة لكل واحد منهم
خمسة أسهم، فإن حصل في شئ من ذلك زوج أو زوجة فليفرض ذلك كان رجلا مات
وخلف زوجته وابنين فهذه من ثمانية، للزوجة الثمن سهم واحد، يبقى سبعة أسهم
لا ينقسم على الابنين، فالوجه في ذلك أن تضرب رؤوسهما وهي اثنان في أصل الفريضة
وهي ثمانية فيكون ستة عشر سهما، للزوجة منها الثمن سهمان، ويبقى أربعة عشر سهما
للابنين لكل واحد منهما سبعة أسهم.
213

ومثال آخر: امرأة ماتت وتركت زوجها وابنين، فهذه من أربعة للزوج الربع سهم
واحد، ويبقى ثلاثة أسهم لا تنقسم على الاثنين على الصحة، فالوجه في ذلك أن تضرب
رؤوسهما وهي اثنان في أصل الفريضة وهي أربعة، يكون ثمانية أسهم للزوج منها الربع
سهمان، ويبقى ستة أسهم للابنين لكل واحد منهما ثلاثة.
فإن فرضنا حصول زوج أو زوجة مع الأولاد والأبوين، أو أحدهما كان العمل على
ما نذكره، نفرض أن رجلا مات وترك أبويه وزوجته وابنين، فهذه من أربعة وعشرين
لأن ذلك أقل عدد يخرج منه سدسان صحيحان وثمن صحيح، يكون للزوجة منها الثمن
ثلاثة أسهم وللأبوين السدسان ثمانية أسهم، يبقى ثلاثة عشر سهما لا تنقسم على
الصحة على الابنين، فالوجه في ذلك أن تضرب رؤوسهما وهي اثنان في أصل الفريضة
وهي أربعة وعشرون فيكون ثمانية وأربعين سهما، للزوجة من ذلك ستة أسهم وهي
الثمن، وللأبوين السدسان ستة عشر سهما، يبقى ستة وعشرون سهما للابنين لكل واحد
منهما ثلاثة عشر سهما.
فإن حصل في الفريضة مع البنين بنات فاجعل للابن بنتين، مثال ذلك: رجل مات
وترك أبويه وزوجة وثلاثة بنين وبنتا فالفريضة من أربعة وعشرين، فصح منها سهام
الوالدين والزوجة وتنكسر سهام الأولاد، فتضرب عددهم وهو سبعة لأن بنتا وثلاثة بنين
بمنزلة سبع بنات في أصل الفريضة، فيصير مائة وثمانية وستين، منها سهم الزوجة أحد
وعشرون، وسهم الأب ثمانية وعشرون وكذا سهم الأم، فيبقي أحد وتسعون يكون لكل
ابن أربعة أسهم وللبنت سهمان، ثم أضرب ذلك على ما بيناه.
وأما الضرب الآخر: وهو أن يكون في الفريضة فرض مسمى والباقي رد على أهل
تلك التسمية، فمثاله: أن نفرض أن إنسانا هلك وخلف أبويه وبنتا، فهذه من ستة لأن
فيها نصفا وسدسا للأبوين منها السدسان، وللبنت النصف ثلاثة أسهم، ويبقى سهم يرد
على الأبوين منها والبنت بحسب سهامهم وهي خمسة، فإن شئت جعلتها من خمسة
واستغنيت عن الضرب، فيكون للأبوين منها سهمان وللبنت ثلاثة أسهم، وهذا أولى
214

وأقرب من الضرب.
فإن أردت أن تضرب ذلك فاضرب سهامهم وهي خمسة في أصل الفريضة وهي ستة
يكون ثلاثين سهما، للأبوين منها سدسان عشرة أسهم وللبنت النصف خمسة عشر
سهما، ويبقى خمسة أسهم يرد على الأبوين والبنت بحسب سهامهم، فيكون للأبوين منهما
سهمان لكل واحد منهما سهم، وللبنت ثلاثة أسهم.
ومثال آخر: انسان آخر مات وترك أباه وبنتين فهذه من ستة، للأب منها السدس
سهم واحد وللبنتين الثلثان أربعة أسهم، ويبقى سهم واحد يرد على الأب والبنتين بحسب
سهامهم وهي خمسة، فإن شئت جعلتها من خمسة أسهم وهو الأولى من الضرب، والأقرب
يكون للأب سهم واحد وللبنتين أربعة أسهم لكل واحدة منهما سهمان، وإن أردت ضرب
ذلك فاضرب سهامهم وهي خمسة في أصل الفريضة وهي ستة فيكون ثلاثين سهما،
للأب السدس خمسة أسهم لكل واحدة منهما سهمان.
فإن اجتمع مع أصحاب الرد زوج أو زوجة لم يرد على الزوج والزوجة شئ بل يدفع
إلى كل واحد منهما فرضه المسمى بغير زيادة عليه، والباقي لمن يبقى من الوراث مثال
ذلك: رجل هلك وترك أباه وزوجته وبنتا فهذه من أربعة وعشرين، للزوجة منها الثمن
ثلاثة أسهم، وللأب السدس أربعة أسهم، وللبنت النصف اثنا عشر سهما، يبقى خمسة
يرد على الأب والبنت بحسب سهامهم دون الزوجة، فتنكسر على الأب والبنت.
فالوجه في ذلك أن تضرب سهامهما وهي أربعة من ستة، يحق النصف والسدس في
أصل الفريضة وهي أربعة وعشرون سهما فيكون ستة وتسعين سهما، للزوجة من ذلك
الثمن اثنا عشر سهما، وللأب السدس ستة عشر سهما، وللبنت النصف ثمانية وأربعون
سهما، يبقى عشرون سهما للأب منها خمسة أسهم، وللبنت خمسة عشر سهما.
ومثال آخر: امرأة ماتت وتركت زوجها وأباها وبنتا فهذه من اثني عشر، للزوج الربع
ثلاثة أسهم، وللأب السدس سهمان، وللبنت النصف ستة أسهم، ويبقى سهم يرد على
الأب والبنت بحسب سهامهما دون الزوج فينكسر عليهما، فالوجه في ذلك أن تضرب
215

سهامهما وهي أربعة، يحق النصف والسدس من ستة في أصل الفريضة وهي اثنا عشر
فيكون ثمانية وأربعين سهما، للزوج منها الربع اثنا عشر سهما، وللأب السدس ثمانية
أسهم، وللبنت النصف أربعة وعشرون سهما، يبقى أربعة أسهم للأب سهم واحد،
وللبنت ثلاثة أسهم.
فهذه جملة موجزة ولا نوضح عن الأصل في حساب الفرائض فليتأمل، فإنها تكشف
عن الغرض في ذلك بمشيئة الله تعالى.
فأما الناسخات فنحن نورد منها ما ينكشف به المراد منها فنقول: الأصل في ذلك أن
تصحح مسألة الميت الأول، فإذا صححتها صححت مسألة الميت الثاني، ثم تقسم
ما تختص بالميت الثاني من المسألة الأولى على سهام مسألته، فإن انقسمت فقد صحت
المسألتان جميعا مما صحت منه المسألة في الميت الأول، مثال ذلك: رجل مات وترك
أبوين وابنين فهذه من ستة، للأبوين السدسان سهمان، وللابنين أربعة لكل واحد منهما
سهمان، فإذا مات أحد الابنين وخلف ابنين كان لكل واحد منهما سهم من هذين
السهمين، فقد صحت المسألتان من المسألة الأولى.
فإن لم ينقسم المسألة الثانية من المسألة الأولى نظر في سهام المستحق للمسألة الثانية،
وأجمعها واضربها في سهام المسألة الأولى وقد صحت المسألتان جميعا، مثال ذلك: المسألة
المقدم ذكرها، فنفرض أن أحد الابنين مات وخلف ابنا وبنتا، وكان له سهمان من ستة
لا ينقسم على الصحة على الابن والبنت، فاضرب سهم الابن وهو اثنان وسهم البنت وهو
الواحد في أصل الفريضة للمسألة الأولى وهي ستة فيكون ثمانية عشر، يكون الأبوين
منهما السدسان ستة أسهم، ولكل واحد من الابنين ستة أسهم.
فإن هلك الابن وترك ابنا وبنتا كان للابن من ذلك أربعة أسهم وللبنت سهمان،
وكذلك إن مات ثالثا أو أكثر من ذلك، في أنك تصحح مسألة كل ميت ثم اقسم ماله
من مسائل الذين هلكوا قبله من السهام على سهام مسألته، فإن انقسمت فقد صحت
المسائل كلها وإن لم يصح ضربت جميع مسألته فيما صحت منه الذين ماتوا قبله، فمهما
اجتمع فقد صحت منه جميع المسائل.
216

فقه القرآن
لسعيد بن عبد الله بن الحسين بن هبة الله بن الحسن الراوندي
المتوفى 573 ه‍ ق
217

كتاب المواريث
قال الله تعالى: للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك
الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا، فجعل تعالى تركة الميت لأقاربه من
الرجال والنساء على سهام بينها في موضع آخر من كتابه وسنة نبيه ع فينبغي أن
يعرف السهام على حقائقها في مواضعها، ونسلك في عملها طريق المعرفة بها دون غيره
ليحصل للإنسان فهمها ويستقر له الحكم فيها على يقين إنشاء الله تعالى.
باب كيفية ترتيب نزول المواريث:
اعلم أن الجاهلية كانوا يتوارثون بالحلف والنصرة وأقروا على ذلك في صدر الاسلام
في قوله تعالى: والذين عقدت أيمانكم فأتوهم نصيبهم، ثم نسخ مع وجود ذوي الأنساب
بسورة الأنفال في قوله تعالى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله، وكانوا
يتوارثون بعد ذلك بالإسلام والهجرة، فروي أن النبي ص آخى بين
المهاجرين والأنصار لما قدم المدينة فكان يرث المهاجري من الأنصاري والأنصاري من
المهاجري ولا يرث وارثه الذي كان له بمكة وإن كان مسلما لقوله: إن الذين آمنوا وهاجروا
وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض
والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا.
ثم نسخت هذه الآية بالقرابة والرحم والنسب والأسباب بقوله: وأولوا الأرحام
219

بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم
معروفا، فبين تعالى أن أولى الأرحام أولى من المهاجرين إلا أن يكون وصية، ولقوله تعالى:
للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون، الآية.
ثم قدر ذلك في سورة النساء في ثلاث آيات وهي أمهات أحكام المواريث ذكر الله فيها
أصول الفرائض، وهي سبع عشرة فريضة، فذكر في قوله: يوصيكم الله في أولادكم، ثلاثا في
الأولاد وثلاثا في الأبوين واثنتين في الزوج واثنتين في المرأة واثنتين في الأخوات من الأم، وذكر
في آخر هذه السورة في قوله تعالى: يستفتونك قل الله يفتيكم، الآية. أربعا في الإخوة
والأخوات من الأب والأم أو الأب مع عدمهم من الأب والأم، وذكر واحدة وهي تمام السبع
عشرة فريضة في قوله: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله.
فصل: في بيان ذلك:
ذكر تعالى أولا فرض ثلاثة من الأولاد، جعل للبنت النصف وللبنتين فصاعدا
الثلثين وإن كانوا ذكورا وإناثا فللذكر مثل حظ الأنثيين ثم بين ذكر الوالدين في قوله: ولأبويه
لكل واحد منهما السدس مما ترك إن جان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث
فإن كان له إخوة فلأمه السدس، ذكر أن لكل واحد من الأبوين السدس مع الولد بالفرض،
فإن لم يكن ولد فللأم الثلث والباقي للأب، وإن كان إخوة من الأب والأم أو من الأب فلأمه
السدس والباقي للأب هذه الآية الأولى.
ثم قال: ولكم نصف ما ترك أزواجكم، فذكر في صدر الآية حكمهم وذكر في آخرها
حكم الكلالة من الأم، ذكر في أولها حكم الزوج والزوجة وأن للزوج النصف إذا لم يكن ثم
ولد فإن كان ولد فله الربع، وأن للزوجة الربع إذا لم يكن ولد فإن كان ولد فلها الثمن، ثم
عقب بكلالة الأم فقال: إن كان له أخ من أم أو أخت منها فله أو لها السدس وإن كانوا اثنين
فصاعدا فلهم الثلث، وفي قراءة ابن مسعود: وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ
أو أخت من أم فلكل واحد منهما السدس.
وأيضا فإن الله لما ذكر أنثى وذكرا وجعل لهما الثلث ولم يفصل أحدهما عن الآخر
220

ثبت أنهما يأخذان بالرحم، وذكر في قوله: يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة، في آخر
سورة النساء يذكر فيها أربعة أحكام: ذكر أن للأخت من الأب والأم إذا كانت واحدة فلها
النصف وإن ماتت هي ولم يكن لها ولد ولها أخ فالأخ يأخذ الكل، وإن كانتا اثنتين
فصاعدا فلهما أو لهن الثلثان، وإن كانوا أخوة رجالا ونساءا فللذكر مثل حظ الأنثيين، فإن
لم يكن أخ ولا أخت من الأب والأم فحكم الأخت الواحدة من الأب والأخ من الأم وحكم
الأختين فصاعدا من الأب وحكم الإخوة والأخوات معا من الأب حكم الإخوة والأخوات من
الأب والأم على ما ذكرناه، وقال ابن عباس: من تعلم سورة النساء وعلم من يحجب ومن
لا يحجب فقد علم الفرائض.
باب ما يستحق به المواريث وذكر سهامها:
قد بين الله في كتابه أن الميراث يستحق بشيئين سبب ونسب وبين أيضا أن النسب على
ضربين نسب: الولد للصلب ومن يتقرب بهم ونسب الوالدين ومن يتقرب بهما، فقال:
يوصيكم الله في أولادكم، وهذا عام في الولد وولد الولد وإن نزلوا، وقال: ولأبويه لكل واحد
منهما السدس، وقال: إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت،... الآية، وقال: وإن كان رجل
يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت... الآية.
وكذا بين تعالى أن السبب على ضربين: الزوجية والولاء، فقال: ولكم نصف ما ترك
أزواجكم ولهن الربع مما تركتم، وقال: فإخوانكم في الدين ومواليكم، فإنه يدل على أن
معتق زيد إذا مات ولم يخلف نسيبا كان مولاه أولى به من كل أحد فيكون ميراثه له، وكذا
يدل على ولاء الإمامة فإن ميراث من لا وارث له كان للنبي ع وهو لمن قام مقامه
خلفا عن سلف.
وقال تعالى: والذين عقدت أيمانكم فأتوهم نصيبهم، فإنه يدل على ولاء تضمن
الجريرة على ما تقدم، ويمنع كفر الوارث ورقه على بعض الوجوه وقتله عمدا ظلما من
الميراث من جهة السبب والنسب معا.
ومن تأمل هذه الآيات علم أن سهام المواريث ستة: النصف والربع، والثمن
221

والثلثان والثلث والسدس، وإنما صارت سهام المواريث من ستة أسهم لا يزيد عليها لأن
أهل المواريث الذين يرثون ولا يسقطون ستة: الأبوان والابن والبنت والزوج والزوجة،
وقيل: إن الانسان خلق من ستة أشياء، وهو قول الله تعالى: ولقد خلقنا الانسان من سلالة
من طين، الآية، لمصلحة رآها الله تعالى في ذلك.
باب ذكر ذوي السهام:
نبدأ بذوي الأسباب الذين هم الزوجان ثم نعقبه بذكر ذوي الأنساب: قال الله تعالى:
ولكم نصف ما ترك أزواجكم، بين سبحانه أن للزوج النصف مع عدم الولد وولد الولد
وإن نزلوا وهو السهم الأعلى له وله الربع مع وجود الولد، وقال: ولهن الربع مما تركتم، بين
أيضا أن لها الربع مع عدم الولد وكذلك الزوجات فإن لها الثمن مع وجود الولد وولد
الولد وإن نزلوا وكذلك الزوجين والثلاث والأربع وهو السهم الأدنى لهن.
فإذا اجتمع واحد من الزوجين مع ذوي الأنساب أخذ هو نصيبه والباقي لهم، وإذا
انفرد أحد الزوجين فإن كان هو الزوج يأخذ فرضه المسمى والباقي يرد عليه أيضا بعض
الروايات على كل حال، وإن كان زوجة تأخذ هي نصيبها والباقي لبيت المال وفي زمان
الغيبة يرد إليها أيضا الباقي، ولا يرثان إلا بعد قضاء الدين كله وإعطاء ثلث الوصية.
فصل:
وأما ذوو الأنساب فأقواهم قرابة الولد ولذلك بدأ الله بذكر سهامه فقال تعالى:
يوصيكم الله في أولادكم، وسبب نزول هذه الآية قيل فيه قولان:
أحدهما: قال ابن عباس والسدي: إن سبب نزولها أن القوم لم يكونوا يورثون النساء
والبنات والبنين الصغار ولا يورثون إلا من قاتل وطاعن فأنزل الله الآية وأعلمهم كيفية
الميراث، وقال عطاء عن ابن عباس وابن جريح عن مجاهد: إنهم كانوا يورثون الولد
والوالدين للوصية فنسخ الله ذلك، وقال محمد بن المنكدر عن جابر قال: كنت عليلا مدنفا
فعادني النبي ص ونضح الماء على وجهي فأفقت وقلت: يا رسول الله كيف
222

أعمل في مالي؟ فأنزل الله الآية، وروي عن ابن عباس أنه قال: كان المال للولد والوصية
للوالدين والأقربين فنسخ بهذه الآية.
وقرئ: يوصي بها أو دين، بفتح الصاد وكسرها والكسر أقوى لقوله: مما ترك إن كان ولد،
فتقدم ذكر الميت وذكر المفروض مما ترك، ومن فتحها فلأنه ليس لميت معين وإنما هو شائع في
الجميع، ومعنى: يوصيكم الله، فرض عليكم لأن الوصية من الله فرض كما قال: ولا تقتلوا
النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به، يعني فرض عليكم ذكره الزجاج، وإنما لم
يعد قوله: يوصيكم إلى قوله: مثل حظ الأنثيين، فينصب اللفظ لأنه كالقول في حكاية الجملة
بعده والتقدير قال الله تعالى في أولادكم: للذكر مثل حظ الأنثيين، ولأن الفرض بالآية الفرق
بين الموصي والموصى له في نحو: أوصيت زيدا بعمرو.
فصل: في ميراث الولد:
اعلم أن قوله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم، عام في كل ولد يتركه الميت وأن المال
بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، وكذا حكم البنت والبنتين لها ولهما النصف والثلثان على كل
حال إلا من خصه الدليل من الرق والكفر والقتل الظلم على ما ذكرناه فإنه لا خلاف أن
الكافر والقاتل عمدا على سبيل الظلم والمملوك على بعض الوجوه لا يرثون، وإن كان
القاتل خطأ ففيه خلاف وعندنا يرث من المال دون الدية، والمسلم عندنا يرث الكافر وفيه
خلاف والعبد لا يرث لأنه لا يملك شيئا ويورث إذا لم يكن غيره وارث في درجته بشرط أن
تكون التركة أكثر من قيمته أو مثلها.
والمرتد لا يرث وميراثه لورثته المسلمين وهو قول علي ع، وقال ابن المسيب
نرثهم ولا يرثونا، وما يروونه عن النبي ص أنه قال: لا يتوارث أهل ملتين،
فإذا صح فمعناه لا يرث كل واحد منهما من صاحبه، وإنا نقول: المسلم يرث الكافر
والكافر لا يرث المسلم ولم يثبت حقيقة التوارث بينهما فلا يكون كلامنا مخالفا لذلك.
وقوله تعالى: فإن كن نساءا فوق اثنتين، فالظاهر في هذا يقتضي أن البنتين لا يستحقان
الثلثين وإنما يستحق الثلثان إذا كن فوق اثنتين لكن أجمعت الأمة أن حكم البنتين حكم من
223

زاد عليهما من البنات فتركنا له الظاهر، وقال أبو العباس المبرد وأختاره إسماعيل بن
إسحاق القاضي: إن في الآية دليلا على أن للبنتين الثلثين أيضا لأنه قال: للذكر مثل حظ
الأنثيين، وأول العدد ذكر وأنثى وللذكر الثلثان من ستة وللأنثى الثلث علم من فحوى ذلك
أن للبنتين الثلثين وإن كان بالتلويح، ثم أعلم الله بعده إنما فوق البنتين لهن الثلثان أيضا
بالتصريح ليكون في باب البلاغة على الأقصى وهذا حسن.
وقوله: فإن كانت واحدة فلها النصف، يدل على أن فاطمة ع كانت
مستحقة للميراث لأنه عام في كل بنت، والخبر المدعي أن الأنبياء لا يورثون خبر ما عمل به
الراوي أيضا لأنه ورث ابنته مع أنه خبر واحد لا يترك له عموم الآية لأنه معلوم لا يترك
بمظنون.
فصل: في ميراث الوالدين:
ثم قال: ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد، لا خلاف في ذلك
وكذا إن كان واحد من الأبوين مع الولد كان له السدس بالفرض بلا خلاف، ثم ننظر فإن
كان الولد ذكرا كان الباقي للولد واحدا كان أو أكثر بلا خلاف وكذلك إن كانوا ذكورا
وإناثا فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، وإن كانت بنتا كان لها النصف ولأحد الأبوين
السدس أو لهما السدسان والباقي عندنا يرد على البنت والأبوين أو أحدهما على قدر
سهامهما أيهما كان لأن قرابتهما سواء.
ومن خالفنا يقول: إن كان أحد الأبوين أبا كان الباقي له لأنه عصبة، وإن كانت أما
ففيهم من يقول: بالرد على البنت والأم، وفيهم من يقول: الباقي في بيت المال، وإنما رددنا
عليهم لعموم قوله تعالى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض، وهاهنا هما متساويان لأن
البنت تتقرب بنفسها إلى الميت وكذا الأبوان، والخبر المدعي في أن ما أبقت الفرائض
فلأولي عصبة ذكر خبر ضعيف وله مع ذلك وجه لا يخص به عموم القرآن.
وقوله: فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث، فمفهومه أن الباقي للأب وليس
فيه خلاف، فإن كان في الفريضة زوج كان له النصف وللأم الثلث بالظاهر وما بقي فللأب
224

ومن قال: للأم ثلث ما بقي، فقد ترك الظاهر وبمثل ما قلناه قال ابن عباس، وإن كان بدل
الزوج زوجة كان الأمر مثل ذلك للزوجة الربع وللأم الثلث والباقي للأب، وبه قال ابن عباس
وابن سيرين.
ثم قال: فإن كان له إخوة فلأمه السدس، ففي أصحابنا من يقول: إنما يكون لها
السدس إذا كان هناك أب لأن التقدير فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له
إخوة وورثه أبواه فلأمه السدس، ومنهم من قال: إن لها السدس بالفرض مع وجود الإخوة
سواء كان هناك أب أو لم يكن وبه قال جميع الفقهاء غير إنا نقول: إن كان هناك أب كان
الباقي للأب فإن لم يكن أب كان الباقي ردا على الأم،
ولا يرث أحد من الإخوة والأخوات مع الأم شيئا، سواء كانوا من قبل أب وأم أو من
قبل أب أو من قبل أم على حال لأن الأم أقرب منهم بدرجة، ولا يحجب عندنا من الإخوة إلا
من كان من قبل الأب والأم أو من قبل الأب فأما من كان منهم من قبل الأم فحسب فإنه
لا يحجب على حال، ولا يحجب أقل من أخوين أو أخ وأختين أو أربع أخوات بشريطة أن لم
يكونوا كفارا ولا رقا ولا قاتلين ظلما، فأما أخ وأخت أو أختان فلا يحجبان وكذلك ثلاث
أخوات لا يحجبن على حال، وخالفنا جميع الفقهاء في ذلك.
فأما الأخوان فإنه لا خلاف أنه يحجب بهما الأم عن الثلث إلى السدس إلا ما قال ابن
عباس: إنه لا يحجب بأقل من ثلاثة لقوله تعالى: فإن كان له إخوة، قال: والثلاثة أقل
الجمع، وحكي عن ابن عباس أيضا أن ما يحجبه الإخوة من سهم الأم من الثلث إلى السدس
يأخذه الإخوة دون الأب وذلك خلاف ما أجمعت عليه الأمة لأنه لا خلاف أن أحدا من الإخوة
لا يستحق مع الأبوين شيئا، وإنما قلنا أن الأخوين يحجبان للإجماع فإنه وأيضا يجوز وضع لفظ
الجمع في موضع التثنية إذا اقترنت به دلالة كما قال: إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما،
على أن أقل الجمع اثنان.
فإن قيل: لم حجب الأم الإخوة من غير أن يرثوا مع الأب؟ قلنا: قال قتادة: معونة للأب
لأنه يقوم بنفقتهم ونكاحهم دون الأم، وهذا بعينه رواه أصحابنا وهو دال على أن الإخوة من
الأم لا يحجبون لأن الأب لا يلزمه نفقتهم على حال.
225

وإن كان الإخوة كفارا أو مماليك أو قاتلين ظلما لا يحجبون الأم أيضا مع وجود الأب وفقده
وكذلك إن كانا اثنين وكان أحد الأخوين كافرا أو رقا أو قاتلا ظلما كذلك فإن الأم لا تحجب.
وقوله: لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا، معناه لا تعلمون أيهم أقرب نفعا في الدين والدنيا
والله يعلمه فاقسموه على ما بينه من يعلم المصلحة فيه، وقال بعضهم: الأب يجب عليه نفقة
الابن إذا احتاج إليها وكذلك الابن يجب عليه نفقة الأب مع الحاجة، فهما في النفع في هذا
الباب سواء لا تدرون أيهم أقرب نفعا، وقيل: لا تدرون أيكم يموت قبل صاحبه فينتفع
الآخر بماله.
وقوله: فريضة من الله، نصب على الحال من قوله لأبويه، وتقديره فيثبت لهؤلاء الورثة
ما ذكرناه مفروضا فريضة مؤكدة، لقوله: يوصيكم الله، هذا قول الزجاج، وقال غيره: هو
نصب على المصدر من يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فرضا مفروضا
ويجوز أن يكون نصبا على التمييز، أي فلأمه السدس فريضة كما يقال: هو لك صدقة أو هبة،
وإنما يقال في تثنية الأب والأم: " أبوان " تغليبا للفظ الأب ولا يلزم على ذلك في ابن وابنة لأنه
هاهنا يوهم.
فصل: في ميراث الزوجين:
وإن كنا قدمنا القول فيه فإنا نتكلم على ذلك أيضا هاهنا لنسق القرآن.
لا خلاف أن للزوج نصف ما تتركه الزوجة إذا لم يكن لها ولد، فإن كان لها ولد فله
الربع بلا خلاف سواء كان ولدها منه أو من غيره، وإن كان ولد لا يرث لكونه مملوكا أو كافرا
أو قاتلا عمدا ظالما فلا يحجب الزوج من النصف إلى الربع ووجوده كعدمه، وكذلك حكم
الزوجة لها الربع إذا لم يكن للزوج ولد على ما قلناه في الزوجة في أنه سواء كان منها أو من
غيرها فإن كان له ولد كان لها الثمن.
ولا خلاف أن ما تستحقه الزوجة إن كانت واحدة فهو لها وإن كانت ثنتين أو
ثلاثا أو أربعا لم يكن لهن أكثر من ذلك، ولا يستحق الزوج قل من الربع في حال من الأحوال ولا
الزوجة أقل من الثمن على وجه من الوجوه ولا يدخل عليهما النقصان وكذا الأبوان
226

لا ينقصان في حال من الأحوال لأن العول عندنا باطل على ما نذكره.
وولد الولد وإن نزل يقوم مقام الولد للصلب في حجب الزوجين من الفرض الأعلى
إلى الأدون، وكل من ذكر الله له فرضا فإنما يستحقه إذا أخرج من التركة الكفن والدين
والوصية، فإن استغرق الدين المال لم تنفذ الوصية ولا ميراث، وإن بقي نفذت الوصية ما لم
يزد على ثلث ما يبقى بعد الدين فإن زادت ردت إلى الثلث.
فإن قيل: كيف قدم الوصية على الدين في هذه الآية وفي التي قبلها مع أن الدين يتقدم
عليها بلا خلاف؟ قلنا: لأن " أو " لا يوجب الترتيب وإنما هي لأحد الشيئين فكأنه قال من
بعد أحد هذين مفردا أو مضموما إلى الآخر، كقولهم: جالس الحسن أو ابن سيرين، أي
جالس أحدهما مفردا أو مضموما إلى الآخر، ويجب البدأة بالدين بعد الكفن لأنه مثل رد
الوديعة التي يجب ردها على صاحبها فكذا حال الدين وجب رده أولا ثم تكون الوصية
بعده ثم الميراث، ومثل ما قلناه اختاره الطبري والجبائي وهو المعتمد عليه في تأويل الآية.
فصل: في ميراث كلالة الأم:
ثم قال تعالى: وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت، يعني من الأم
بلا خلاف، وكلالة نصبها يحتمل أمرين: أحدهما على أنه مصدر وقع موقع الحال وتكون
كان تامة وتقديره يورث متكلل النسب كلالة والثاني أن يكون خبر كان ناقصة وتقديره
وإن كان رجل وارث كلالة فرجل اسم كان ويورث صفته وكلالة خبره، والأول هو الوجه
لأن يورث هو الذي اقتضى ذكر الكلالة كما تقول: يورث هذا الرجل كلالة، بخلاف من
يورث ميراث الصلب ويورث كلالة عصبة وغير عصبة.
واختلفوا في معنى الكلالة: فقال قوم: هو من عدا الولد والوالد، وقال ابن عباس: إن
الكلالة ما عدا الولد، وورث الإخوة من الأم السدس مع الأبوين وهو خلاف إجماع أهل
الأعصار، وقال ابن زيد: الميت يسمى كلالة، وقال قوم: الكلالة هو الميت الذي لا ولد له
ولا والد، وعندنا أن الكلالة هم الإخوة والأخوات فمن ذكره الله في هذه الآية هو من كان
من قبل الأم ومن ذكر في آخر السورة هو من قبل الأب والأم أو من قبل الأب.
227

وأصل الكلالة الإحاطة ومنه الإكليل لإحاطته بالرأس، والكلالة لإحاطتها بالنسب
الذي هو الولد والوالد وقال أبو مسلم: أصلها من كل إذا أعيا فكأنه يتناول الميراث من
بعد على كلال وإعياء، وقال الحسين بن علي المغربي: أصله عندي ما تركه الانسان وراء
ظهره، مأخوذا من كلالة وهو مصدر الأكل وهو الظهر، تقول: ولاني فلان أكله على وزن
أظله أي ظهره، وهذا الاسم تعرفه العرب وتخبره عن جملة النسب والوراثة ولا خلاف أن
الإخوة والأخوات من الأم يتساوون في الميراث.
وإنما قال: وله أخ أو أخت، ولم يقل: لهما وقد قال قبله: وإن كان رجل يورث كلالة أو
امرأة، لرفع الإبهام، ولو ثني لكان حسنا كما يقول: من كان له أخ أو أخت فليصله ويجوز
فليصلها ويجوز أيضا فليصلهما، فالأول يرد الكناية على الأخ والثاني على الأخت والثالث
عليهما، كل ذلك حسن.
وقوله تعالى: غير مضار، نصب على الحال ويجوز أن يكون مفعولا به، تلك حدود الله،
أي هذه تفصيلات الله لفرائضه لأن أصل الحد هو الفصل، وقال ابن إلياس: المعنى تلك
حدود طاعة الله، فإن قيل: إذا كان ما تقدم ذكره دل على أنها حدود الله فما الفائدة في
هذا القول؟ قلنا عنه جوابان: أحدهما أنه للتأكيد والثاني أن الوجه في إعادته ما علق به
من الوعد والوعيد.
فصل: في ميراث كلالة الأب:
قال الله تعالى: يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله
أخت فلها نصف ما ترك، إلى آخرها، روى البراء بن عازب: أن هذه الآية آخر ما نزلت
بالمدينة، وقال غيره: نزلت في مسير كان فيه رسول الله ص.
واختلفوا في سبب نزولها: فقال سعيد بن المسيب: سئل النبي ع عن
الكلالة فقال: أ ليس قد بين الله ذلك، فنزلت الآية، وقال جابر: اشتكيت وعندي تسع
أخوات لي أو سبع فدخل علي النبي ع فنفخ في وجهي فأفقت فقلت: يا رسول
الله ألا أوصي لأخواتي بالثلثين؟ قال: أحسن. قلت: بالشطر؟ قال: أحسن، ثم خرج
228

وتركني ورجع إلي وقال: يا جابر إني لا أراك ميتا من وجعك هذا وأن الله قد أنزل في الذي
لأخواتك فجعل لهن الثلثين، قال: وكان جابر يقول: أنزلت هذه الآية في وعن قتادة: إن
أصحاب رسول الله همهم شأن الكلالة فأنزل الله هذه الآية.
ومعنى: يستفتونك، يسألونك يا محمد أن تفتيهم في الكلالة، قل الله يفتيكم، في الكلالة
فحذف أن اختصار لما دل الجواب عليه، والاستفتاء والاستقصاء واحد، وقوله تعالى: إن
امرؤ هلك ليس له ولد، معناه مات انسان ليس له ولد ذكر ولا أنثى وله أخت يعني وللميت
أخت لأبيه وأمه أو لأبيه فلها نصف ما ترك والباقي عندنا رد عليها أيضا سواء كان هناك
عصبة أو لم يكن، وقال جميع الفقهاء: إن الباقي للعصبة، وإن لم يكن عصبة هناك وهم
العم وبنو العم وأولاد الأخ، فمن قال بالرد على ذوي الأرحام رد الباقي على الأخت وهو
اختيار الجبائي وأكثر أهل العلم وهو يرثها إن لم يكن لها ولد يعني إن كانت الأخت هي
الميتة ولها أخ من أب وأم أو من أب فالمال كله له بلا خلاف إذا لم يكن لها ولد سواء كان ذكرا
ولد، والدليل على صحة تسمية البنت بالولد قوله: يوصيكم الله في أولادكم، ثم فسر الأولاد
فقال: للذكر مثل حظ الأنثيين.
أو أنثى، لأنه تعالى قال: وهو يرثها إن لم يكن لها ولد والبنت بلا خلاف
فإن كان للأخت ولد ذكر فالمال كله له بلا خلاف ويسقط الأخ، وإن كان بنتا كان لها
النصف بالتسمية بلا خلاف والباقي عندنا رد عليها لأنها أقرب دون الأخ، ثم قال: فإن
كانتا اثنتين، يعني إن كانت الأختان اثنتين فلهما الثلثان وهذا لا خلاف فيه والباقي على ما
بيناه من الأخت الواحدة عندنا رد عليهما دون عصبته ودون ذوي الأرحام، وإذا كان هناك
عصبة رد الفقهاء الباقي عليهم، فإن كانت إحدى الأختين لأب وأم وأخرى لأب فللأخت
للأب والأم النصف بلا خلاف والباقي رد عليها عندنا لأنها تجمع السببين، ولا شئ للأخت
للأب لأنها انفردت بسبب واحد وعند الفقهاء لها السدس تكملة الثلثين والباقي على
ما بيناه من الخلاف.
وإن كانوا إخوة رجالا ونساءا فللذكر مثل حظ الأنثيين، يعني أن كان الورثة إخوة رجالا
ونساء للأب والأم فللذكر مثل حظ الأنثيين بلا خلاف، وإن كان الذكور منهم للأب والأم
229

والإناث للأب انفرد الذكور بجميع المال بلا خلاف، وإن كان الإناث للأب
والأم والذكور للأب كان للإناث الثلثان بالتسمية بلا خلاف والباقي عندنا رد عليهن لما بيناه من اجتماع
السببين لهن، وعند جماعة الفقهاء أن الباقي للأخوة من الأب لأنهم عصبة، ويروون خبرا
ضعيفا عنه ع أنه قال: ما أبقت الفرائض فلأولي العصبة ذكر وقد قلنا ما عندنا
في خبر العصبة.
ويمكن أن يحمل خبر العصبة مع تسليمه على من مات وخلف زوجا أو زوجة وأخا
لأب وأم وأخا لأب أو ابن أخ لأب وأم وابن أخ لأم أو ابن عم لأب وأم وابن عم لأب. فإن للزوج
سهمه المسمى والباقي لمن يجمع كلالة الأب والأم دون من يتفرد بكلالة الأب، وقال عمر:
سألت رسول الله ص عن الكلالة فقال: يكفيك آية الصيف.
باب في مسائل شتى:
إذا تركت امرأة زوجها وأبويها فللزوج النصف وللأم الثلث كاملا وما بقي فللأب، قال
الله تعالى: فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث، فجعل الله للأم الثلث كاملا إذا لم يكن
ولد ولا أخوة، ومن الدليل على أن لها الثلث في جميع المال أن جميع من خالفنا لم يقولوا لها
السدس في هذه الفريضة، إنما قالوا للأم ثلث ما بقي وثلث ما بقي هو السدس فأحبوا أن
لا يخالفوا لفظ الكتاب فأثبتوا لفظ الكتاب وخالفوا حكمه وذلك تمويه.
وجاء رجل إلى أبي جعفر ع فسأله عن امرأة تركت زوجها وأخويها لأمها
وأختها لأبيها فقال: للزوج النصف ثلاثة أسهم وللأخوة من الأم سهمان وللأخت من الأب
السدس سهم، فقال له الرجل: فإن فرائض زيد وفرائض العامة على غير هذا يقولون:
للأخت من الأب ثلاثة أسهم تصير من ستة تعول إلى ثمانية.
فقال أبو جعفر ع: ولم قالوا ذلك؟ قال: لأن الله تعالى قال: وله أخت فلها
نصف ما ترك، فقال ع، فإن كان مكان الأخت أخا؟ قال: ليس له إلا السدس
فقال أبو جعفر ع: فما لكم نقصتم الأخ إن كنتم تحتجون للأخت النصف بأن
الله سمى لها النصف، فإن الله سمى للأخ الكل والكل أكثر من النصف لأنه تعالى قال في
230

الأخت: فلها نصف ما ترك، وقال في الأخ: وهو يرثها، يعني جميع مالها إن لم يكن لها ولد
فلا تعطون الذي جعل الله له الجميع في بعض فرائضهم شيئا وتعطون الذي جعل الله له
النصف تاما ويقولون: في زوج وأم وأخوة لأم وأخت لأب فيعطون الزوج النصف والأم
السدس والإخوة من الأم الثلث والأخت من الأب النصف فيجعلونها من تسعة وهي ستة
تعول إلى تسعة فقال: كذلك يقولون.
فقال له أبو جعفر ع: فإن كانت الأخت أخا لأب؟ قال الرجل: ليس له
شئ، فقال الرجل لأبي جعفر ع فما تقول أنت؟ فقال: ليس للأخوة من الأب
ولا للأخوة من الأم مع الأم شئ.
باب من يرث بالقرابة دون الفرض:
قال الله تعالى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله، بين سبحانه أو أولى
الناس بالميت أقربهم إليه والآية بعمومها تتناول الميراث وغيره، ومن يرث بالقرابة ستة:
فأقواهم قرابة الولد للصلب لا يرث معه أحد سواء يتقرب به أو بغيره إلا ذوي السهام
المذكورين من قبل من الأبوين والزوجين، ثم ولد الولد وإن نزلوا ثم الأب ثم من يتقرب به
من ولده أو أبويه ثم من يتقرب بالأم دونها ودون ولدها،
ومما يدل على ذلك أيضا قوله تعالى في سورة الأحزاب: وأولوا الأرحام بعضهم أولى
ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا كان ذلك في
الكتاب مسطورا، بين سبحانه أن من كان قرباه أقرب فهو أحق بالميراث من وظاهر الأبعد،
ذلك يمنع أن يرث مع البنت والأم أحد من الإخوة والأخوات، لأن البنت والأم أقرب من الإخوة
والأخوات وكذلك يمنع أن يرث مع الأخت أحد من العمومة والعمات وأولادهم لأنها أقرب.
والخبر المروي في هذا الباب: أن ما أبقت الفرائض فلأولي عصبة ذكر، خبر واحد
مطعون على سنده لا يترك لأجله ظاهر القرآن الذي بين فيه أن أولى الأرحام منهم الأقرب أولى من
الأبعد في كتاب الله من المؤمنين المؤاخين والمهاجرين، فقد روي أنهم كانوا يتوارثون
بالهجرة والمؤاخاة الأولة حتى نزلت هذه الآية.
231

والاستثناء منقطع في قوله: إلا أن تفعلوا، معناه لكن إن فعلتم معروفا من الوصية
يعرف صوابه فهو حسن ولا يجوز أن تكون القرابة مشركين لقوله: لا تتخذوا عدوي
وعدوكم أولياء، وقد أجاز كثير من الفقهاء الوصية للقرابات الكفار وعندنا أن ذلك جائز
للوالدين والولد، و " من " يحتمل أمرين: أحدهما أن تكون دخلت لأولي أي بعضهم أولى
ببعض من المؤمنين والثاني أن يكون التقدير وأولى الأرحام من المؤمنين والمهاجرين أولى
بالميراث.
فصل:
ويدل على ذلك أيضا عموم قوله تعالى: ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض
للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن، فظاهر الخطاب يقتضي تحريم
تمني ما فضل الله به بعضا على بعض فلا يجوز لرجل أن يتمنى إن كان امرأة ولا للمرأة أن
تتمنى لو كانت رجلا بخلاف ما فعله الله تعالى، لأنه تعالى لا يفعل من الأشياء إلا ما هو الأصلح
فيكون تمني ما يكون مفسدة.
ثم اعلم أن الله أخبر عن أحوال المؤمنين الذين هاجروا من مكة إلى المدينة وعن
أحوال الأنصار بقوله تعالى: إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل
الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من
ولايتهم من شئ حتى يهاجروا، فقال: أولئك - يعني المهاجرين والأنصار - بعضهم أولياء
بعض، ثم أخبر عن الذين آمنوا ولم يهاجروا من مكة إلى المدينة فقال: ما لكم من ولايتهم
من شئ.
قيل: نفى ولاية القرابة عنهم لأنهم كانوا يتوارثون بالهجرة والنصرة دون الرحم في
قول ابن عباس، وقيل: إنه تعالى نفى الولاية التي يكونون بها يدا واحدة في الحل والعقد
فنفى عن هؤلاء ما أثبته للأولين حتى يهاجروا، وقيل: نسخ ذلك بقوله: والمؤمنون والمؤمنات
بعضهم أولياء بعض.
ثم قال: والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولوا الأرحام
232

بعضهم أولى ببعض في كتاب الله، ففي الآية دلالة على أن من كان قرباه أقرب إلى الميت
كان أولى بالميراث سواء كان عصبة أو لم يكن أو تسمية أو لم يكن لأن مع كونه أقرب تبطل
التسمية، وهذه الآية نسخت حكم التوارث بالنصرة والهجرة على ما قدمناه فإنهم كانوا
لا يورثون الأعراب من المهاجرين على ما ذكر في الآيات الأول.
ومن قال: الولاية في الآيات الأولة ولاية النصرة دون الميراث؟ نقول: ليست ناسخة
لهما بل هما محكمتان، قال مجاهد: في هذه الآيات الثلاث ذكر ما والى به رسول الله صلى الله
عليه وآله بين المهاجرين والأنصار في الميراث ثم نسخ ذلك بآخرها من قوله تعالى: وأولوا
الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله، وقال ابن الزبير: نزلت في العصبات، كان
الرجل يعاقد الرجل يقول: ترثني وأرثك، فنزلت: وأولوا الأرحام، إلى آخرها.
باب في مسائل منها:
روي عن أبي جعفر ع أنه قال في رجل ترك خالتيه ومواليه أولوا الأرحام
بعضهم أولى ببعض: المال بين الخالتين، ولا يرث الموالي مع أحد من القرابات شيئا وإن كان
بعيدا لأن الله تعالى قد ذكرهم وفرض لهم وأخبر أنهم أولى في هذه الآية ولم يذكر الموالي،
والحديث الذي رواه المخالفون أن مولى لحمزة توفي وأن النبي ص
أعطى بنت حمزة النصف وأعطى ورثة المولى الباقي، فهو خبر واحد ومع التسليم نقول: لعل
ذلك كان شيئا قبل نزول الفرائض فنسخ.
فقد فرض الله للحلفاء في كتابه فقال: والذين عقدت أيمانكم فأتوهم نصيبهم
ولكنه نسخ ذلك بقول: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله، فمتى خلف أحدا
من ذوي الأرحام وترك مولاه المنعم أو المنعم عليه فالمال لنسيبه وليس للموالي شئ فإنه
تعالى يقول: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا
أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا، يعني الوصية لهم بشئ أو هبة الورثة لهم من الميراث شيئا.
233

باب ذكر من يرث بالفرض والقرابة:
قال الله تعالى: للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك
الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا.
اختلفوا في سبب نزول هذه الآية فقال قوم: إن أهل الجاهلية كانوا يورثون الذكور
دون الإناث فنزلت هذه الآية ردا لقولهم، وقال الزجاج: كانت العرب لا يورثون إلا من
طاعن بالرماح وذاد عن الحريم فزلت هذه الآية ردا عليهم، وبين أن للرجال والنساء
نصيبا في مال الميت قليلا كان المال أو كثيرا لكي لا يتوهم أنه إذا قل كان الرجال أولى به
أو خالف حكمه حكم الكثير.
ونصيبا مفروضا نصب على الحال أي لهم نصيب حالة أن الله فرضه، وفي الآية
دليل على بطلان القول بالعصبة لأن الله تعالى فرض الميراث للرجال والنساء، فلو جاز أن
يقال: النساء لا يرثن، في موضع لجاز لآخرين أن يقولوا: والرجال لا يرثون.
ثم قال: وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه، هذه الآية
عندنا محكمة غير منسوخة وبه قال ابن عباس وجماعة، والمخاطب بقوله: فارزقوهم،
الورثة، أمروا بأن يرزقوا المذكورين إذا كانوا لا سهم لهم في الميراث، وقال آخرون: إنما
يتوجه إلى من حضرته الوفاة وأراد الوصية فإنه ينبغي له أن يوصي لمن لا يرثه من هؤلاء
المذكورين بشئ من ماله، والوجه الأول.
وقال سعيد بن جبير: إن كان الميت أوصى لهم بشئ أنفذت وصيته وإن كان الورثة
أرضخوا لهم فإن كانوا صغارا قال وليهم: إني لست أملك هذا المال وليس لي إنما هو
للصغار فذلك قوله: وقولوا لهم قولا معروفا، أمر الله أن يقول الولي الذي لا يرث
للمذكورين قولا معروفا ويقول: إن هذا لقوم غيب أو يتامى صغار ولكم فيه حق ولسنا
نملك أن نعطيكم منه، وقال ابن عباس: إن قوله: للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء
نصيب مما اكتسبن، نزل في الميراث، فإن كان كذلك وإلا فالعموم أيضا يتناوله.
234

فصل:
وقال تعالى: ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم
فأتوهم نصيبهم، معنى الآية جعلنا الميراث لكل من هو مولى الميت، والموالي المذكورون في
الآية قال مجاهد: هم العصبة، وقال قوم: هم الورثة، وهو أقواهما، والتقدير ولكلكم جعلنا
ورثة مما ترك الوالدان والأقربون وقيل: تقديره ولكل مال تركه ميت جعلنا موالي أي قوما
يرثونه فيملكون مما ترك الوالدان والأقربون، وقال الجبائي: أي لكل شئ وارث هو أولى به
من غيره يسمى الوارث مولى من هذه الجهة، ثم استأنف فقال: والذين عقدت، أي عقدتم
أيمانكم أراد بذلك عقد المصاهرة والمناكحة.
وقال الله تعالى: ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في
الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن، اختار الطبري أن يكون المراد به
آيات الفرائض، قال: لأن الصداق ليس مما كتب الله للنساء إلا بالنكاح فما لم تنكح
فلا صداق لها عند أحد، والمستضعفين من الولدان أي وفي المستضعفين وهم اليتامى
الصغار من الذكور والإناث لأنهم كانوا لا يورثون الصغار من الذكور حتى يبلغوا
فأمرهم أن يؤتوا المستضعفين من الولدان حقوقهم من الميراث.
قال ابن جبير: قوله تعالى: فيما يتلى عليكم، يعني قوله: يستفتونك قل الله يفتيكم في
الكلالة،
وقد ذكرنا أن الجاهلية لا يورثون المرأة ولا المولود حتى يكبر فأنزل الله آية الميراث في
أول النساء وهو معنى قوله: اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن، أي
ترغبون فيهن عن ابن سيرين، وقيل: أي ترغبون عن أن تنكحوهن.
فصل:
أما قوله: وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا،
فإن المخالفين استدلوا بهذه الآية على أن البنت لا تحوز المال دون بني العم والعصبة،
قالوا: لأن زكريا طلب وليا ولم يطلب ولية، وهذا ليس بشئ لأن زكريا إنما طلب وليا لوجوه
235

غير ذلك منها أن الله تعالى كان وعده أنه يرزقه ولدا رضيا فسأل الله إنجاح ذلك، وقيل: إنما
طلب وليا لأن من طباع البشر الرغبة في الذكور دون الإناث من الأولاد فلذلك طلب الذكر،
على أنه قيل: إن لفظ الولي يقع على الذكر والأنثى فلا نسلم أنه طلب الذكر بل الذي
يقتضي الظاهر أنه طلب ولدا سواء كان ذكرا أو أنثى.
واعلم أن أكثر الخلاف بيننا وبين مخالفينا ومعظمه في الفرائض والمواريث على ثلاثة
أشياء: العصبة والعول والرد، ونحن نبين بعد هذا أن الحق في هذه الأصول معنا كما في جميع
المواضع، فإذا ثبت ذلك استغنينا عن التطويل بتعيين المسائل، وقد استدللنا على أمهات
مسائل المواريث من الكتاب وفروعها لا يحتمل هذا الموضع ذكرها غير أنا نعقد هاهنا جملة
تدل على صحة المذهب فنقول:
الميراث بالفرض لا يجتمع فيه إلا من كان قرباه واحدة إلى الميت مثل البنت
أو البنات مع الوالدين أو أحدهما فإنه متى انفرد واحد منهم أخذ المال كله بعضه بالفرض
والباقي بالرد، وإذا اجتمعا أخذ كل واحد منهم ما سمي له والباقي يرد عليهم إن فضل
على قدر سهامهم، وإن نقص لمزاحمة الزوج أو الزوجة لهم كان النقص داخلا على البنت أو
البنات دون الأبوين أو أحدهما ودون الزوج والزوجة.
ولا يجتمع مع الأولاد ولا مع الوالدين ولا مع أحدهما أحد ممن يتقرب بهما كالكلالتين
فإنهما لا يجتمعان مع الأولاد ذكورا كانوا أو إناثا ولا مع الوالدين ولا مع أحدهما أبا كان أو
أما بل يجتمع كلالة الأب وكلالة الأم، فكلالة الأم إن كان واحدا كان له السدس وإن كان
اثنين فصاعدا كان لهم الثلث لا ينقصون منه والباقي لكلالة الأب، فإن زاحمهم الزوج أو
الزوجة دخل النقص على كلالة الأب دون كلالة الأم، ولا يجتمع كلالة الأب مع كلالة الأب
والأم فإن اجتمعا كان المال كله لكلالة الأب والأم دون كلالة الأب ذكرا كان أو أنثى.
ومن يرث بالقرابة دون الفرض لا يجتمع إلا من كانت قرباه واحدة وأسبابه ودرجته
متساوية فعلى هذا لا يجتمع مع الولد للصلب ولد الولد ذكرا كان ولد الصلب أو أنثى لأنه
أقرب بدرجة، وكذلك لا يجتمع مع الأبوين ولا مع أحدهما ممن يتقرب بهما من الإخوة
والأخوات والجد والجدة على حال، ولا يجتمع الجد والجدة مع الولد للصلب ولا مع ولد
236

الولد وإن نزلوا، ويجتمع الأبوان مع ولد الولد وإن نزلوا لأنهم بمنزلة الولد للصلب إذا لم
يكن ولد الصلب.
والجد والجدة يجتمعان مع الإخوة والأخوات لأنهم في درج، والجد من قبل الأب بمنزلة
الأخ من قبله والجدة من قبله بمنزلة الأخت من قبله، والجد من قبل الأم بمنزلة الأخ من قبلها
والجدة من قبلها بمنزلة الأخت من قبلها، وأولاد الإخوة والأخوات يقاسمون الجد والجدة
لأنهم بمنزلة آبائهم وآباء الجد والجدة وأمهاتهم يقاسمون الإخوة والأخوات أيضا.
ولا يجتمع مع الجد والجدة من يتقرب بهما من العم والعمة والخال والخالة ولا الجد
الأعلى ولا الجدة العليا، وعلى هذا تجري جملة المواريث فإن فروعها لا تنحصر والآيات
التي قدمناها تدل على جميع ذلك من ظاهرها ومن فحواها.
باب بطلان القول بالعصبة والعول وكيفية الرد:
الذي يدل على صحة مذهبنا وبطلان مذهبهم في العصبة زائدا على إجماع الطائفة
الذي هو حجة قوله تعالى: للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب
مما ترك الوالدان والأقربون، وهذا نص في موضع الخلاف لأن الله صرح بأن للرجال من
الميراث نصيبا وأن للنساء أيضا نصيبا ولم يخص موضعا دون موضع، فمن خص في
بعض المواريث الرجال دون النساء فقد خالف ظاهر هذه الآية وأيضا فإن توريث الرجال
دون النساء مع المواساة في القربى والدرجة من أحكام الجاهلية، وقد نسخ الله بشريعة نبينا
محمد ص أحكام الجاهلية وذم من أقام عليها واستمر على العمل بها بقوله:
أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما.
وليس لهم أن يقولوا: إنا نخص الآية التي ذكرتموها بالسنة وذلك أن السنة التي
لا تقتضي العلم القاطع لا يخص بها القرآن كما لا ينسخه بها وإنما يجوز بالسنة أن تخص أو
تنسخ إذا كانت تقتضي العلم اليقين، ولا خلاف في أن الأخبار المروية في توريث العصبة
أخبار آحاد لا توجب علما وأكثر ما تقتضيه غلبة الظن، على أن أخبار التعصيب معارضة
بأخبار كثيرة نرويها في إبطال أن يكون الميراث بالعصبة وأن يكون بالقربى والرحم، وإذا
237

تعارضت الأخبار رجعنا إلى ظاهر الكتاب.
فإن قيل: إذا كنتم تستدلون على أن العمات يرثن مع العمومة وبنات العم يرثن مع بني
العم وما أشبه ذلك من المسائل بقوله تعالى: للرجال نصيب مما ترك الوالدان و
الأقربون... الآية، ففي هذه الآية حجة عليكم في موضع آخر لأنا نقول لكم: ألا ورثتم العم
أو ابن العم مع البنت بظاهر هذه الآية؟ وكيف خصصتم النساء دون الرجال بالميراث
في بعض المواضع وخالفتم ظاهر الآية؟ فألا ساع لمخالفكم مثل ما قلتموه؟
قلنا: لا خلاف أن قوله: للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون، إن المراد به مع
الاستواء في القرابة والدرج، ألا ترى أنه لا يورث ولد الولد ذكورا أو إناثا مع ولد للصلب
لعدم التساوي في الدرجة والقرابة وإن كانوا يدخلون تحت التسمية بالرجال والنساء؟
وإذا كانت الدرجة والقرابة مراعاتين فالعم أو ابنه لا يساوي البنت في القربى والدرجة وهو
أبعد منها كثيرا، وليس كذلك العمومة والعمات وبنات العم وبنو العم لأن درجة هؤلاء
واحدة وقرباهم متساوية والمخالف يورث الرجال منهم دون النساء، فظاهر الآية حجة
عليه وفعله مخالف لها وليس كذلك قولنا في المسائل التي وقعت الإشارة إليها فالفرق واضح
فليتأمل.
فصل:
أما العول فإنه اسم يدخل في الفرائض في المواضع التي ينقص فيها المال عن السهام
المفروضة منها، فالذي يذهب إليه الإمامية أن المال إذا ضاق عن سهام الورثة قدم ذو السهام
المولدة من الأبوين والزوجين على البنات والأخوات من الأب والأم أو من الأب وجعل
الفاضل عن السهام لهن، وقال المخالف: إن المال إذا ضاق عن سهام الورثة قسم بينهم
على قدر سهامهم كما يفعل في الديون والوصايا إذا ضاقت التركة عنها.
والذي يدل على صحة ما نذهب إليه بعد الاجماع أن المال إذا ضاق عن السهام كمرأة
ماتت وخلفت ابنتين وأبوين والزوج والمال يضيق عن الثلثين والسدسين والربع فنحن بين
أمرين: إما أن ندخل النقص على كل واحد من هذه السهام أو ندخلها على بعضها، وقد
238

أجمعت الأمة على أن البنتين هاهنا منقوصتان بلا خلاف، فيجب أن يعطي الأبوين السدسين
والزوج الربع ويجعل ما بقي للبنتين ونخصهما بالنقص لأنهما منقوصتان بالإجماع ومن
عداهما ما وقع إجماع على نقصه من سهامه ولا قام دليل على ذلك.
فظاهر الكتاب يقتضي أن له سهما معلوما فيجب أن نوفيه إياه ونجعل النقص
لاحقا بمن أجمعوا على نقصه، وقد استدل على ذلك بعض أصحابنا من القرآن وعليه
اعتراضات كثيرة فأضربنا عنه.
فصل:
وأما الرد فعندنا أن الفاضل عن فرض ذوي السهام من الورثة يرد على أصحاب
السهام بقدر سهامهم ولا رد على الزوجين كمن خلف بنتا وأبا فللبنت بالتسمية النصف
وللأب بالتسمية السدس وما بقي بعد ذلك وهو ثلث المال رد عليهم بقدر أنصبائهما فللبنت
ثلاثة أرباعه وللأب ربعه، ويمكن أن يستدل عليه بقوله تعالى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى
ببعض في كتاب الله، زائدا على الاجماع، فدل على أن من هو أولى بالرحم وأقرب به أولى
بالميراث، وقد علمنا أن قرابة الميت وذوي أرحامه أولى بميراثه من المسلمين وبيت المال
وأصحاب السهم غير الزوج والزوجة أقرب إلى الميت من عصبته فوجب أن يكون فاضل
السهام إليهم مصروفا.
فإن قيل: لم يقع التصريح في الآية بأن أولي الأرحام بعضهم أولى ببعض في الميراث؟
قلنا: اللفظ يحتمل الميراث وغيره فنحمله بحكم العموم على جميع ما يحتمله، ومن ادعى
التخصيص فعليه الدليل.
واحتج المخالف لنا في الرد بقوله: إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف
ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد، فجعل للأخت النصف إذا مات أخوها ولا ولد له ولم يزد
عليه، فدل على أنها لا تستحق أكثر من النصف بحال من الأحوال.
والجواب عن ذلك: أن النصف إنما وجب لها بالتسمية لأنها أخت والزيادة إنما
تأخذها لمعنى آخر وهو الرد بالرحم، وليس يمتنع أن ينضاف سبب إلى آخر، مثال ذلك:
239

الزوج إذا كان ابن عم ولا وارث معه فإنه يرث بالزوجية النصف والنصف الآخر عندنا
لأجل القرابة وعند مخالفينا لأجل العصبة، ولم يجب إذا كان الله تعالى قد سمى النصف له
مع فقد الولد أن لا يزاد على ذلك لأنا قد بينا أن النصف قد يستحق بسبب آخر وهو الرد
فاختلف السببان.
باب بيان أن فرض البنتين الثلثان:
إن سأل سائل عن قوله تعالى: إن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك، فقال: ما أين
تقولون أن فرض البنتين هو الثلثان وقوله: فوق اثنتين، يتضمن بأن الثلثين سهم من زاد
على البنتين دون البنتين؟ الجواب: أن الله تعالى لما علمنا الفرائض وقال: يوصيكم الله في
أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين، نبه بذلك أولا على أن لكل ذكر حظ كل أنثيين لأن اللام
التي في كلتا الكلمتين للجنس تفيد ما ذكرنا، فلما بين لنا ذلك علمنا أن للابن سهم البنتين
بهذا التصريح وعلمنا أيضا أن للبنتين الثلثين بهذا التلويح، وإنما قلنا ذلك لأنه إذا اجتمع
ابن وبنت وكان للابن الثلثان وللبنت الثلث هاهنا علم من ذلك أن للبنتين الثلثين فكفى
هذا النص في بيان فريضة البنتين ولم يحتج لأجل ذلك إلى غيره، وليس لأحد أن يقول: إنما
يتمشى لكم ذلك لو كان الثلثان في كل موضع نصيب الابن مع وجود البنتين والثلاث
فصاعدا أيضا كما كان مع بنت واحدة وذلك، لأن أول العدد على ظاهر القرآن ذكر وأنثى
وللذكر الثلثان فلا اعتبار بما سواه من الأحوال، لأن الدرجة الأولى هي التي يبني عليها واللفظ
يقتضي ذلك.
ويمكن أن يستدل على ذلك بوجه آخر وهو أن يقال: إن الله تعالى بين نصيب الولد
الذكر بتضمين ذكر الأنثيين وبين فرضهما من فحواه وبين فرض من فوق اثنتين من البنات
بعده، فدلت الآية على سهم البنتين كما ذكرناه من فحواها ودلت على حظ من زاد عليهما
من الثلاث والأربع فصاعدا من حيث ظاهر اللفظ والتصريح ليكون في باب الفصاحة
أبلغ ومن التكرار أبعد.
وأما قوله: فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك، فقد علمنا به أن الثلثين فرض
240

يسمى لمن زاد على البنتين أيضا، كما أن الثلثين فرض لهما بالنص الأول إلا أن هذه التسمية
إنما تتصور مع فقد جنس البنين من الصلب.
وكذا قوله: وإن كانت واحدة فلها النصف، لأنه ليس للبنت الواحدة ولا للاثنتين
فصاعدا مع وجود ابن فما زاد فرض مسمى بل يكون الميراث بينهما للذكر مثل حظ
الأنثيين، ومثاله قوله تعالى: إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو
يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك، فسمى سبحانه للأخت
الواحدة من الأب والأم أو من الأب النصف وللأختين منه الثلثين.
وإنما يصح ذلك شريطة فقد أحد من الإخوة فصاعدا، ألا ترى إلى قوله تعالى بعده:
وإن كانوا إخوة رجالا ونساءا فللذكر مثل حظ الأنثيين، قد أسقط فيه الاعتبار الأول وأثبت
للذكر مثل حظ الأنثيين فيه إذا كانوا رجالا ونساءا، واستدل بعض الفقهاء على أن للبنتين
الثلثين من هذه الآية وحمل ذلك على هذا وليس ذلك بشئ.
وما أوردت أنا آية الكلالة في هذا الموضع للدلالة وإنما هي على طريق المثال
، والتمثيل جائز وليس بقياس يدل عليه ما روى عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله
ع في الرجل يرمي الصيد وهو يؤم الحرم فتصيبه الرمية فيتحامل بها حتى
يدخل الحرم فيموت، قال ع: ليس عليه شئ إنما هو بمنزلة رجل نصب شبكة في
الحل فوقع فيها صيد فاضطرب حتى دخل الحرم فمات فيه، قلت: هذا عندهم من
القياس، قال: لا إنما شبهت لك شيئا بشئ.
وليس لأحد أن يقول: ألزمت نفسك في إيراد هذا الجواب بهذا التطويل شيئا ليس
يلزمك وقد أمكنك رد السائل بأن لو دفعته بإبطال دليل الخطاب، وذلك لأن هذه الآية مظنة
للنصوص على المواريث مفصلة في أصولها غير مجملة ليست آية من القرآن بهذا
التفصيل في هذا المعنى، ولو أجبت السائل بذلك لكان دفعا بالراح ولم يكن مغنيا بل
يلزمني مع ذلك إيراد النص على ذلك من الآية أو من موضع آخر من الكتاب أو السنة
والاشتغال بالأحسن أولى من الاشتغال بالحسن مع أن دليل الخطاب وإن كان المرتضى
يمنع منه وهو قوي وكلامه لا غبار عليه، فإن الشيخ المفيد كان يقول به وينصره والشيخ
241

أبو جعفر الطوسي كان متوقفا فيه.
فإن قيل: إن ما استدللتم به ضرب من القياس وأنتم لا تقولون به؟
قلنا: هذا كلام من لا يعرف دلالة النص ولا حكم القياس وذلك لأنه لا خلاف بين
الفقهاء المحصلين أن الخطاب الذي يستقل بنفسه ويمكن معرفة المراد به على أربعة
أقسام:
أولها: ما وضع في أصل اللغة لما أريد به وكان صريحا فيه سواء كان خاصا أو عاما
فمتى خاطب الحكيم به يعلم المراد بظاهره.
وثانيها: ما يفهم به المراد بفحواه لا بصريحه وليست دلالة هذا الضرب في القوة تقصر
عن الضرب الأول وفي الوجهين ربما يحتاج إلى قرينة.
وثالثها: تعليق الحكم بصفة الشئ فإنه يدل على أن ما عداه بخلافه على ما يدل وإن
كان فيه خلاف على ما أشرنا إليه.
ورابعها: ما يدل فائدته عليه لا صريحه ولا فحواه ولا دليله.
على أن الروايات عن أئمة الهدي ع الذين كان فيهم التنزيل ومن
عندهم التفسير والتأويل متظاهرة في أن الثلثين فرض البنتين وكلامهم كله من رسول الله
ص، وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، فعلمنا ذلك منهم عليهم
السلام وأجمعت الطائفة المحقة على صحتها، فإذا أضفنا كتاب الله إليه فتلك دلالة
تضاف إلى دلالة وإلا ففي إجماع الإمامية كفاية.
فصل:
ومن شجون الحديث أن أبا هاشم الجعفري ذكر أن الفهفكي سأل أبا محمد العسكري
ع فقال: ما بال المرأة المسكينة الضعيفة تأخذ سهما واحدا ويأخذ الرجل القوي
سهمين، فقال أبو محمد ع: لأن المرأة ليس عليها جهاد ولا نفقة ولا معقلة إنما ذلك
على الرجال، فقلت في نفسي قد كان قيل لي إن ابن أبي العوجاء سأل أبا عبد الله عليه
السلام عن هذه المسألة فأجابه بمثل هذا الجواب، فأقبل ع علي وقال: نعم هذه
242

مسألة ابن أبي العوجاء والجواب منا واحد إذا كان معنى المسألة واحدا.
وعن أبي عبد الله ع وقد سأله عبد الله بن سنان: لم صار للذكر مثل حظ
الأنثيين؟ فقال: لما جعل لها من الصداق، وقال الرضا ع: إعطاء النساء نصف
ما يعطي الرجال من الميراث لأن المرأة إذا تزوجت أخذت والرجل يعطي فلذلك وفر على
الرجال، ولأن الأنثى في عيال الذكر إن احتاجت وعليه أن يعولها وعليه نفقتها وليس على
المرأة أن تعول الرجل ولا تؤخذ بنفقته إن احتاج، فوفر على الرجل لذلك وذلك قوله:
الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم.
باب
أن القاتل خطأ يرث المقتول من التركة لا من الدية:
يدل عليه ظواهر آيات المواريث كلها مثل قوله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم للذكر
مثل حظ الأنثيين، فإذا عورضنا بقاتل العمد فهو مخرج بدليل قاطع لم يثبت مثله في قاتل
الخطأ ويمكن أن يقوى ذلك أيضا بأن الخاطئ معذور فلا يجب أن يحرم الميراث الذي يحرمه
القاتل ظلما على سبيل العقوبة،
فإن احتج المخالف بقوله: ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله،
فإن كان القاتل خطأ وارثا لما وجب عليه تسليم الدية؟ فالجواب عن ذلك: أن وجوب
تسليم الدية على القاتل إلى أهله لا يدل على أنه لا يرث ما دون هذه الدية من تركته لأنه
لا تنافي بين الميراث وبين تسليم الدية، وأكثر ما في ذلك أن لا يرث من الدية التي يجب عليه
تسليمها شيئا وإلى هذا نذهب.
باب إن المسلم يرث الكافر:
جميع ظواهر آيات المواريث دالة على أن المسلم يرث الكافر لأن قوله: يوصيكم الله في
أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين، يعم المسلم والكافر وكذلك آية ميراث الأزواج
والزوجات والكلالتين، وظواهر هذه الآيات كلها تقتضي أن الكافر كالمسلم في الميراث،
243

فلما أجمعت الأمة على أن الكافر لا يرث المسلم أخرجناه بهذا الدليل الموجب للعلم.
ونفي ميراث المسلم من الكافر تحت الظاهر كميراث المسلم من المسلم، ولا يجوز أن
يرجع عن هذا الظاهر بأخبار الآحاد التي يروونها لأنها توجب الظن ولا يخص بها
ولا يرجع عما يوجب العلم من ظواهر الكتاب وربما عول بعض المخالفين لنا في هذه المسألة على أن
المواريث بنيت على النصرة والمولاة بدلالة قوله تعالى: والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم
من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا، فقطع بذلك الميراث بين المسلم المهاجر وبين المسلم
الذي لم يهاجر إلى أن نسخ ذلك بانقطاع الهجرة بعد الفتح فلذلك يرث الذكور في العصبة
دون الإناث لنفي العقد والنصرة عن النساء ولذلك لا يرث القاتل عمدا ظلما ولا العبد لنفي
النصرة.
وهذا ضعيف جدا لأنا أولا لا نسلم أن المواريث بنيت على النصرة والمعونة لأن
النساء يرثن وكذا الأطفال ولا نصرة هاهنا وعلة ثبوت المواريث غير معلومة على
التفصيل وإن كنا نعلم على سبيل الجملة أنها للمصلحة، وبعد فإن النصرة مبذولة من
المسلم للكافر في الواجب وعلى الحق كما أنها مبذولة للمسلم بهذه الشروط.
باب إن ولد الولد ولد وإن نزل:
الدليل على ذلك بعد الاجماع قوله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ
الأنثيين، وهذا يدخل فيه الولد للصلب وولد الولد ولا خلاف أن مع أولاد الابن للوالدين
السدسين، ولا اعتبار بخلاف بعض أصحاب الحديث من أصحابنا لأن الاجماع عندنا إنما
كان حجة لكون المعصوم فيه ومن خالف فيه معلوم أنه ليس بمعصوم فلا يعتد بخلافه
ولا ينعكس ذلك علينا، لأنا لا نعلم أن كل من قال بما قلناه ليس بمعصوم لتجويز أن يكون
بعض علماء الأمة الذي لا يعرف نسبه ولا ولادته إماما.
فإن: قيل لا نسلم أن ولد الولد ولد حقيقة؟، قلنا: هذا خلاف القرآن لأن الله تعالى
قال: وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم، ولا خلاف أن امرأة ولد الولد يحرم نكاحها
ووطؤها سواء كان ولد ابن أو ولد بنت وإن نزلوا ببطون كثيرة لا خلاف بين الأمة في ذلك،
244

وإنما شرط في الآية بقوله: الذين من أصلابكم، لئلا يتوهم أن ولد الدعي الذي تبناه به يحرم
عليه نكاح زوجته إذا فارقها فإن هذا الحكم يختص الولد للصلب وإن نزلوا.
وقال تعالى: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم، ولا خلاف أن من عقد عليه انسان فإن الجد
لا يجوز العقد عليها وإن علا وإذا كان الجد أبا في هذا الموضع فولد الولد يكون ولدا قال
تعالى: ملة أبيكم إبراهيم.
وقال تعالى: ندع أبناءنا وأبناءكم، ولا خلاف أنه عني بذلك الحسن والحسين عليهما
السلام لأنه لم يحضر المباهلة غيرهما من الأبناء، وأيضا فلو أن إنسانا وصى بثلث ماله لولد
رسول الله ص ولولد علي ع كان يجب أن لا تصح الوصية لأن
أولادهما للصلب ليسوا بموجودين وولد الولد على هذا المذهب ليس بولد، وكذا لو وقف
وقفا عليهم كان يجب أن لا يصح الوقف لمثل ما قلناه وكل ذلك باطل بالاتفاق.
فإن قيل: لو كان ولد الولد ولدا على الحقيقة لوجب أن يكون المال بينهم للذكر مثل
حظ الأنثيين إذا كان ابن بنت وبنت ابن والمذهب بخلافه؟
قلنا: في أصحابنا من ذهب إلى ذلك وكان المرتضى ينصره ونحن إذا قلنا بخلافه
نقول: لو خلينا والظاهر لقلنا بذلك ولكن أجمعت الأمة على خلافه، فإن مخالفينا لا يورثون
ولد البنت مع ولد الابن شيئا أصلا وأصحابنا يقولون: إن كل واحد يأخذ نصيب من
يتقرب به لقوله ع: ولد الولد يقوم مقام الولد إذا لم يكن ولد، فولد الابن يقوم
مقام الابن ذكرا كان أو أنثى وولد البنت يقوم مقام البنت ويأخذ نصيبها ذكرا كان أو
أنثى، وإذا أقمناهم مقام آبائهم وأمهاتهم فكان هم أولاد للصلب للذكر مثل حظ الأنثيين.
على أنه لو كان ميراث ولد الولد بالرحم والقرابة لأدى إلى أنه إذا نزل بدرجتين عن
ولد الصلب أن يكون المال للأخ دونه، وإذا نزل ثلاث درج أن يكون المال للعم دونه إذا
نزل بأربع درج أن يكون الميراث لابن العم دونه وأن يكون ولد الولد يقاسم الأخ وكل ذلك
فاسد، فكان يؤدي إلى أن يكون ولد الأخ لا يقاسم الجد وولد ولد الأخ مع العم يكون المال
للعم وذلك باطل.
245

باب الزيادات:
أما قوله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم، فمعناه يعهد إليكم ويأمركم في شأن ميراث
أولادكم بما هو العدل والمصلحة وهذا إجمال تفصيله: للذكر مثل حظ الأنثيين.
فإن قيل: هلا قيل للأنثيين مثل حظ الذكر؟ قلنا: بدأ ببيان حظ الذكر لفضله كما
ضوعف حظه لذلك ولأنهم كانوا يورثون الذكور دون الإناث وهو السبب لورود الآية،
فقيل: كفى الذكور أن ضوعف لهم نصيب الإناث فلا يتمادى في حظهن حتى يحرمن مع
إدلائهن من القرابة بمثل ما يدلون به، وتقديره للذكر منهم فحذف الراجع إليه لأنه مفهوم
كقولهم: السمن منوان بدرهم.
مسألة:
أول من يتقرب إلى الميت بنفسه الولد والوالدان قال تعالى: يوصيكم الله في أولادكم،
ثم قال: ولأبويه، إلى قوله: عليما حكيما، فقدم الولد والوالدين على جميع ذوي الأرحام
لقربهم من الميت وأخر من سواهم من الأهل عن رتبتهم في القربى وجعل لكل واحد منهم
نصيبا سماه له وبينه لتزول الشبهة عمن عرفه في استحقاقه.
مسألة:
وقوله: ولأبويه، الضمير للميت وما بعده بدله بتكرير العامل والإبدال والتفصيل بعد
الاجمال تأكيد وتشديد، فإن قيل: كيف يصح أن يتناول الإخوة الأخوين والجمع خلاف
التثنية؟
قلنا: الإخوة يفيد الجمعية المطلقة بغير كمية والتثنية كالتثليث والتربيع في إفادة الكمية
وهذا موضع الدلالة على الجمع المطلق فدل بالإخوة عليه.
مسألة:
وقوله: وإن كان رجل يورث كلالة، الكلالة في الأصل مصدر بمعنى الكلال وهو ذهاب
246

القوة من الإعياء، واستعيرت للقرابة من غير جهة الولد والوالد لأنها بالإضافة إلى قرابتهما
كالة ضعيفة.
والكلالة يطلق على من لم يخلف ولدا ولا والدا وعلى من ليس بولد ولا والد من
المخلفين وعلى القرابة من غير جهة الولد والوالد، فإذا جعلت صفة للوارث أو الموروث
منه فبمعنى ذي كلالة كما تقول: فلان من قرابتي، تريد من ذوي قرابتي ويجوز أن تكون صفة
كالفقاقة للأحمق، فإن جعلتها اسما للقرابة في الآية فانتصابها على أنه مفعول له أي يورث
لأجل الكلالة أو يورث غيره لأجلها، فإن جعلت يورث على البناء للمفعول من أورث
فالرجل حينئذ هو الوارث لا الموروث و " كلالة " حال أو مفعول به إذا قرئ يورث على البناء
للفاعل بالتخفيف والتشديد.
247

غنية النزوع
إلى علمي الأصول والفروع
لحمزة بن علي بن زهرة الحسيني الإسحاقي الحلبي
511 - 585 ه‍ ق
249

كتاب الفرائض:
جملة ما يحتاج إلى العلم به في ذلك ستة أشياء: ما به يستحق الميراث وما به يمنع
ومقادير سهام الوارث وترتبهم في الاستحقاق وتفصيل أحكامهم مع الانفراد والاجتماع
وكيفية القسمة عليهم.
فأما ما به يستحق فشيئان: نسب وسبب، والسبب ضربان: زوجية وولاء، والولاء على
ضروب ثلاثة: ولاء العتق وولاء تضمن الجريرة وولاء الإمامة.
وأما ما به يمنع فثلاثة أشياء: الكفر والرق وقتل الموروث عمدا على وجه الظلم.
فصل:
وأما مقادير السهام فستة: النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس.
فالنصف سهم أربعة: سهم الزوج مع عدم الولد وولد الولد وإن نزلوا وسهم البنت
إذا لم يكن غيرها من الأولاد والأخت من الأب والأم والأخت من الأب إذا لم تكن أخت
من أب وأم.
والربع سهم اثنين: سهم الزوج مع وجود الولد أو ولد الولد وإن نزلوا وسهم الزوجة
مع عدمهم.
والثمن سهم الزوجة فقط مع وجود الولد وولد الولد وإن نزلوا.
251

والثلثان سهم ثلاثة: سهم البنتين فصاعدا والأختين فما زاد من الأب والأم والأختين
فصاعدا من الأب إذا لم يكن أخوات من أب وأم.
والثلث سهم اثنين: سهم الأم مع عدم الولد وولد الولد وعدم من يحجبها من الإخوة
وسهم الاثنين فصاعدا من كلالة الأم.
والسدس سهم خمسة: سهم كل واحد من الأبوين مع وجود الولد وولد الولد وإن نزلوا
وسهم الأم مع عدم الولد ووجود من يحجبها من الإخوة وسهم الواحد من الإخوة أو الأجداد
من قبل الأم.
فصل:
وأما ترتيب الوراث فاعلم أن الواجب تقديم الأبوين والولد فلا يجوز أن يرث مع
جميعهم ولا مع واحدهم أحد ممن عداهم إلا الزوج والزوجة فإنهما يرثان مع جميع الوراث،
وحكم ولد الولد وإن نزلوا حكم آبائهم وأمهاتهم في الاستحقاق ومشاركة الأبوين وحجبهما
عن أعلى السهمين وحجب من عداهما من الإرث جملة إلا من استثنيناه، والأقرب من الأولاد
أولى من الأبعد وإن كان الأقرب بنتا والأبعد ابن ابن، فإن عدم الأبوان والولد فالواجب
تقديم الإخوة والأخوات والأجداد والجدات فلا يرث مع جميعهم ولا واحدهم أحد ممن عداهم
إلا الزوج والزوجة، وحكم أولاد الإخوة والأخوات وإن نزلوا حكم آبائهم وأمهاتهم في
الاستحقاق ومشاركة الأجداد وحجب من سواهم واعتبار الأقرب منهم فالأقرب، فإن لم
يكن أحد من هؤلاء وجب تقديم الأعمام والعمات والأخوال والخالات أو واحدهم على
غيرهم من الوراث إلا من استثنيناه، وحكم الأولاد منهم وإن نزلوا حكم آبائهم وأمهاتهم
على ما قدمناه إلا في مشاركة الأخوال والأعمام فيما رواه أصحابنا رضي الله عنهم من أن ابن
العم للأب والأم أحق بالميراث من العم للأب، فإن عدم هؤلاء الوراث فالمستحق من له الولاء
بالعتق أو تضمن الجريرة دون الإمام ع، ويقوم ولد المعتق الذكور دون الإناث
مقامه، فإن لم يكن له ولد قام عصبته مقامهم.
252

فصل:
في تفصيل أحكام الوراث مع الانفراد والاجتماع:
وقد بينا أن أول المستحقين الأبوان والولد، فالأبوان إذا انفردا من الولد كان المال كله
لهما للأم الثلث والباقي للأب، والمال كله لأحدهما إذا انفرد فإن كان معهما زوج أو زوجة فللأم
الثلث من أصل التركة والباقي للأب سهم الزوج أو الزوجة.
يدل على ذلك بعد إجماع الطائفة قوله تعالى: فإن لم يكن له ولد... الآية، وهذا نص في
موضع الخلاف لأنه لا يفهم من إيجاب الثلث لها إلا الثلث من الأصل كما لا يفهم من إيجاب
النصف للبنت أو للزوج مع عدم الولد إلا ذلك، وأيضا فإنه تعالى لم يسم للأب مع الأم شيئا
وإنما يأخذ الثلثين لأن ذلك هو الباقي بعد المسمى للأم لا لأنه الذي لا بد أن يستحقه بل الذي
اتفق له، فإذا دخل عليهما زوج أو زوجة وجب أن يكون النقص داخلا على من له ما يبقى
وهو الأب كما أن له الزيادة دون صاحب السهم المسمى وهو الأم، ولو جاز نقصها عما سمى
لها في هذا الموضع لجاز ذلك في الزوج أو الزوجة وقد علمنا خلاف ذلك.
وحمل المخالف الآية على أن المراد للأم الثلث مع الأب إذا لم يكن وارث غيرهما ترك
للظاهر من غير دليل.
وقولهم: لما ورث الأبوان بمعنى واحد وهو الولادة وكانا في درجة واحدة أشبها الابن
والبنت فلم يجز أن تفضل الأنثى على الذكر، قياس لا يجوز أن تثبت به الأحكام الشرعية،
ثم لو منع ذلك من التفضيل منع من التساوي كما منع في الابن والبنت منه وقد علمنا
تساوى الأبوين.
وقولهم: إذا دخل على الأبوين من يستحق بعض المال كان الباقي بعد هذا المستحق
بينهما على ما كان في الأصل كالشريكين في حال لأحدهما ثلثه وللآخر ثلثاه إسحاق عليهما بعضه ليس
يسئ لأن الشريكين قد استحق كل واحد منهما سهما معينا، فإذا استحق
من المال شئ كان ما يبقى بينهما على قدر سهامهما المسماة المعينة، وليس كذلك ما نحن فيه
لأنا قد بينا أن الأب لا يأخذ الثلثين بالتسمية ولا هما سهمه الذي لا بد أن يستحقه وإنما له
الفاضل بعد ما سمى للأم فاتفق أنه الثلثان له.
وبهذا نجيب عن قولهم: إذا دخل النقص على الابن والبنت معا لمزاحمة الزوج أو
253

الزوجة فكذلك في الأبوين، لأن الله سبحانه قد صرح في الابن والبنت بأن للذكر مثل حظ
الأنثيين فوجب أن تكون القسمة بينهما على ذلك في كل حال ولم يصرح بأن للأب في حال
الانفراد من الولد الثلثين وإنما أخذهما اتفاقا فافترق الأمران.
فإن كان مع الأبوين أخوان أو أربع أخوات أو أخ وأختان لأب أو لأب وأم أحرار
مسلمون فالأم محجوبة عن الثلث إلى السدس بدليل الاجماع المشار إليه، وأيضا فلا خلاف في
صحة الحجب بمن ذكرناه وليس كذلك الحجب بمن عداهم، وقوله تعالى: وإن كان له إخوة
فلأمه السدس، وإن تناول ظاهره الإخوة من الأم فإنا نعدل عن الظاهر للدليل.
وللأبوين مع الولد السدسان بينهما بالسوية ولأحدهما السدس واحدا كان الولد أو
أكثر ذكرا كان أو أنثى إلا إنه، إن كان ذكرا فله جميع الباقي بعد سهم الأبوين، وإن كان
ذكرا وأنثى فللذكر مثل حظ الأنثيين، وهذا كله بلا خلاف، وإن كان أنثى فلها النصف
والباقي رد عليها وعلى الأبوين بدليل إجماع الطائفة وأيضا قوله تعالى: وأولوا الأرحام
بعضهم أولى ببعض في كتاب الله، وإذا كانت البنت والأبوان أقرب إلى الميت وأولى برحمه
من عصبته ومن المسلمين وبيت المال كانوا أحق بميراثه.
ويحتج على المخالف بما رووه من قوله ع المرأة تحوز ميراث ثلاثة: عتيقها
ولقيطها وولدها، وهي لا تحوز جميعه إلا بالرد، وبما رووه من أنه ع جعل ميراث
ولد الملاعنة لأمه ولذريتها من بعدها وظاهر ذلك أن جميعه لها ولا يكون لها ذلك إلا بالرد،
وبما رووه عن سعد أنه قال للنبي ص: إن لي مالا كثيرا وليس يرثني إلا بنتي
أ فأوصي بمالي كله؟ قال: لا، قال: فبالنصف؟ قال: لا، قال فبالثلث قال: الثلث والثلث كثير،
فأقره ع على قوله " ليس يرثني إلا بنتي " ولم ينكر عليه، وروي الخبر بلفظ آخر وأنه
قال: أ فأوصي بثلثي مالي والثلث لبنتي؟ قال: لا، قال: أ فأوصي بنصف مالي والنصف
لبنتي؟ قال: لا، قال: أ فأوصي بثلث مالي والثلثان لبنتي؟ قال: الثلث والثلث كثير، وهذا
يدل على أن البنت قد ترث الثلثين.
وقول المخالف: أن الله تعالى جعل للبنت الواحدة النصف فكيف تزاد عليه؟
لا حجة فيه لأنها تأخذ النصف بالتسمية وما زاد عليه بسبب آخر وهو الرد بالرحم
254

ولا يمتنع أن ينضاف سبب إلى آخر كالزوج إذا كان ابن عم ولا وارث معه فإنه يرث
النصف بالزوجية والنصف الآخر عندنا بالقرابة وعند المخالف بالعصبة.
فصل:
فإن كان مع الأبوين ابنتان فما زاد كان لهما الثلثان وللأبوين السدسان ولأحد الأبوين
معهما السدس والباقي رد عليهم بحساب سهامهم، فإن كان هناك إخوة يحجبون الأم لم يرد
عليها شئ.
فإن كان مع الأبوين والولد زوج أو زوجة كان للولد ما يبقى بعد سهم الأبوين والزوج أو
الزوجة واحدا كان الولد أو جماعة ذكرا كان أو أنثى وإن لم يف الباقي بالمسمى للبنت أو
الابنتين ويكون النقص داخلا على البنت أو ما زاد عليها دون الأبوين ودون الزوج أو
الزوجة، وهذه من مسائل العول التي يذهب المخالفون فيها إلى إدخال النقص على جميع
ذوي السهام ويشبهون ذلك بمن مات وعليه ديون لا تتسع تركته لوفائها، والعول في اللغة
عبارة عن الزيادة والنقصان معا، فإذا أضيف هاهنا إلى المال كان نقصانا، وإن أضيف
إلى السهام كان زيادة.
يدل على صحة ما نذهب إليه إجماع الطائفة عليه، وأيضا فلا خلاف أن النقص هاهنا
داخل على البنات ولا دليل على دخوله هنا على ما عداهن من إجماع ولا غيره فوجب البقاء
فيهم على الأصل الذي اقتضاه ظاهر القرآن، وأيضا فدخول النقص على جميع ذوي السهام
تخصيص لظواهر كثيرة من القرآن وعدول عن الحقيقة فيها إلى المجاز ودخوله على
البعض رجوع عن ظاهر واحد فكان أولى، وإذا ثبت أن نقص البعض أولى ثبت أنه الذي
عيناه لأن كل من قال بأحد الأمرين قال بالآخر والقول بأن المنقوص غيره مع القول بأن
نقص البعض أولى خروج عن الاجماع.
والفرق بين ما نحن فيه وبين الديون على التركة أن الغرماء مستوون في وجوب
استيفاء حقوقهم منها ولا مزية لبعضهم على بعض في ذلك وليس كذلك مسائل العول لأنا قد
بينا أن في الورثة من لا يجوز أن ينقص عن سهمه وفيهم من هو أولى بالنقص من غيره
255

فخالفت حالهم الغرماء.
ودعواهم على أمير المؤمنين ع أنه كان يقول بالعول وروايتهم عنه أنه قال
بغير روية وقد سئل وهو على المنبر عن ابنتين وأبوين وزوجة: صار ثمنها تسعا، غير
صحيحة لأن ابنيه عليهما السلام وشيعته أعلم بمذهبه من غيرهم وقد نقلوا عنه خلاف
ذلك، وابن عباس ما أخذ مذهبه في إبطال العول إلا عنه، وقد روى المخالف عنه أنه قال:
من شاء باهلته أن الذي أحصى رمل عالج ما جعل في مال نصفا وثلثا وربعا.
ثم إن اعتمادهم في الرواية عن أمير المؤمنين ع لما ادعوه من قوله بالعول في
الفرائض على أخبار آحاد لا يعول على مثلها في الشرع، ثم هي موقوفة على الشعبي
والنخعي والحسن بن عمارة، والشعبي ولد في سنة ست وثلاثين والنخعي ولد في سنة سبع
وثلاثين وأمير المؤمنين ع قتل في سنة أربعين فلا يصح روايتهما عنه، والحسن بن
عمارة مضعف عند أصحاب الحديث ولما ولى المظالم قال سليمان بن مهران للأعمش: ظالم
ولي المظالم.
وأما ما ادعوه من قوله ع: صار ثمنها تسعا، فرواه سفيان عن رجل لم يسمه
والمجهول لا يعتد بروايته، على أنه يتضمن ما لا يليق به ع لأنه سئل عن ميراث
المذكورين فأجاب عن ميراث الزوجة فقط، وإغفال من عداها - وقد سئل عنه - غير جائز
ع.
وقد قيل: إن الخبر لو صح لاحتمل أن يكون المراد به صار ثمنها تسعا عند من يرى
العول على سبيل التهجين له والذم كما قال تعالى: ذق إنك أنت العزيز الكريم، أي عند
قومك وأهلك، واحتمل أيضا أن يكون أراد الاستفهام وأسقط حرفه كما روي عن ابن
عباس في قوله تعالى: فلا اقتحم العقبة، وكما قال عمر بن أبي ربيعة:
ثم قالوا تحبها؟ قلت بهرا
عدد القطر والحصى والتراب
فصل:
وإذا انفرد الولد من الأبوين وأحد الزوجين فله المال كله سواء كان واحدا أو جماعة ذكرا
كان أو اثنى.
256

فلا يرث مع البنت أحد سوى من قدمناه عصبة كان أم لا بل النصف لها بالتسمية
والنصف الآخر بالرد بالرحم على ما بيناه، ومخالفونا يذهبون إلى أنه لو كان مع البنت عم
وابن عم لكان له النصف بالتعصيب، وكذا لو كان معها أخت، ويجعلون الأخوات
عصبة مع البنات ويسقطون من هو في درجة العم أو ابن العم من النساء كالعمات وبنات
العم إذا اجتمعوا ويخصون بالميراث الرجال دونهن لأجل التعصيب ونحن نورثهن.
يدل على صحة ما نذهب إليه إجماع الطائفة عليه، وما قدمناه من آية ذوي الأرحام لأن
الله سبحانه نص فيها على أن سبب استحقاق الميراث القربى وتداني الأرحام، وإذا ثبت
ذلك وكانت البنت أقرب من العصبة وجب أن تكون أولى بالميراث.
ويدل أيضا على أنه لا يجوز إعطاء الأخت النصف مع البنت قوله تعالى: إن امرؤ هلك
ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك، فشرط في استحقاقها للنصف فقد الولد فيجب
أن لا يستحقه مع البنت لأنها ولد.
ويدل على بطلان تخصيص الرجال بالإرث دون النساء قوله تعالى: للرجال نصيب
مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر
نصيبا مفروضا، فأوجب سبحانه للنساء نصيبا كما أوجب للرجال من غير تخصيص
فمن خص الرجال بالميراث في بعض المواضع فقد ترك الظاهر فعليه الدليل ولا دليل
يقطع به على ذلك.
ولا يلزمنا مثل ذلك إذا خصصنا البنت بالميراث دون العصبة لأن الاستواء في
الدرجة مراعى مع القرابة بدليل أن ولد الولد لا يرث مع الولد وإن شمله اسم الرجال إذا
كان من الذكور واسم النساء إذا كان من الإناث، وإذا ثبت ذلك وكان هو المراد بالآية وورث
المخالف العم دون العمة مع استوائهما في الدرجة كان ظاهر الآية حجة عليهم دوننا، على
أن التخصيص بالأدلة غير منكر وإنما المنكر أن يكون ذلك بغير دليل.
فإن قالوا: نحن نخص الآية التي استدللتم بها بما رواه ابن طاووس عن أبيه عن ابن
عباس عن النبي ص من قوله: يقسم المال على أهل الفرائض على كتاب
الله فما أبقت فلأولي ذكر قرب، وتورث الأخت مع البنت بما رواه الهذيل عن ابن شرحبيل من
257

أن أبا موسى الأشعري سئل عمن ترك بنتا وبنت ابن وأختا لأب وأم فقال: للبنت النصف
وما بقي فللأخت، وبما رواه الأسود بن يزيد قال: قضى فينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله
ع فأعطى البنت النصف والأخت النصف ولم يورث العصبة شيئا.
فالجواب: إن ترك ظاهر القرآن لا يجوز بمثل هذه الأخبار لأن أول ما فيها أن الخبر المروي
عن ابن عباس لم يروه أحد من أهل الحديث إلا من طريق ابن طاووس، ومع هذا فهو
مختلف اللفظ فروي على ما تقدم، وروي: فلأولي عصبة قرب، وروي: فلأولي عصبة ذكر
وروي: فلأولي رجل ذكر عصبته، واختلاف لفظه مع اتحاد طريقه دليل ضعفه، على أن
مذهب ابن عباس في نفي التوريث بالعصبة مشهور وراوي الحديث إذا خالف كان قدحا
في الحديث، والهذيل ابن شرحبيل مجهول ضعيف، ثم إن أبا موسى لم يسند ذلك إلى النبي
ع وفتواه لا حجة فيها، ولا حجة أيضا في قضاء معاذ بذلك ولا في كونه على عهد
رسول الله ما لم يثبت علمه ع به وإقراره عليه، وفي الخبر ما يبطل أن تكون الأخت
أخذت بالتعصيب وهو قوله: ولم يورث العصبة شيئا، لأنها لو كانت هاهنا عصبة لقال
ولم يورث باقي العصبة شيئا.
على أن هذه الأخبار لو سلمت من كل قدح لكانت معارضة بأخبار مثلها واردة من
طرق المخالف مثل قوله ع: من ترك مالا فلأهله، وقول ابن عباس وجابر بن عبد
الله: إن المال كله للبنت دون الأخت، وروى الأعمش مثل ذلك عن إبراهيم النخعي، وبه
قضى عبد الله بن الزبير على حكاه الساجي والطبري، وما نختص نحن بروايته في إبطال
التوريث بالعصبة كثير، وإذا تعارضت الأخبار سقطت ووجب الرجوع إلى ظاهر القرآن،
على أن أخبارهم لو سلمت من المعارضة لكانت أخبار آحاد وقد دللنا على فساد العمل بها
في الشرعيات.
على أنهم قد خالفوا لفظ الحديث عن ابن عباس فورثوا الأخت مع البنت وليس
برجل ولا ذكر، وورثوها أيضا مع الأخ إذا كان مع البنت ولم يخصوا الأخ، وكذا لو كان مكان
الأخ عم، وإذا جاز لهم تخصيصه بموضع دون موضع جاز لنا حمله على من ترك أختين لأم
وأخا لأب مع أولاد أخوة لأب وأم أو ترك زوجة وأخا مع عمومة وعمات فإن ما يبقى بعد
258

الفرض المسمى للأختين أو للزوجة لألي ذكر قرب وهو الأخ بلا خلاف، على أنهم إذا جعلوا
الأخت عند فقد الإخوة عصبة لزمهم أن يجعلوا البنت مع عدم البنتين عصبة بل هي أولى
لأن الابن أحق بالتعصيب من الأب والأب أحق بالتعصيب من الأخ وأخت الابن يجب أن
تكون أحق بالتعصيب من أخت الأخ بلا شبهة، وليس لهم أن يفرقوا بأن البنت لا تعقل
عن أبيها لأن الأخت أيضا لا تعقل.
فصل:
وقد بينا فيما تقدم أن ولد الولد وإن نزلوا يقومون مقام آبائهم وأمهاتهم في مشاركة
من يشاركونه وحجب من يحجبونه ويأخذ كل منهم ميراث من يتقرب به، كابن بنت وبنت
ابن فإن لابن البنت الثلث ولبنت الابن الثلثان.
والدليل على ذلك - بعد إجماع الطائفة - أن اسم الولد يقع على ولد الولد وإن نزلوا
سواء كان الولد ذكرا أو أنثى لما قدمناه من إطلاق المسلمين في عيسى ع أنه من
ولد آدم ع، ومن قول النبي ع في الحسن والحسين عليهما السلام: ابناي
هذان إمامان قاما أو قعدا، ولأن جميع ما علقه سبحانه من الأحكام بالولد قد عم به ولد البنين
والبنات في قوله تعالى: حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم، إلى قوله تعالى: وبنات
الأخ وبنات الأخت، وقوله: وحلائل أبنائكم، وفي قوله: ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن، إلى قوله: أو
أبنائهن أو أبناء بعولتهن.
وإذا وقع اسم الولد على ولد الولد تعلق بهم من أحكام الميراث إذا لم يوجد ولد
للصلب مثل ما تعلق به بظاهر القرآن، وليس لأحد أن يقول: إن اسم الولد يقع على ولد
الولد مجازا فلا يدخل في الظاهر إلا بدليل، لأن الأصل في الاستعمال الحقيقة على ما بيناه فيما
مضى من أصول الفقه ومن ادعى المجاز فعليه الدليل.
ولا يلزم على ذلك مشاركة ولد الولد لولد الصلب في الميراث ولا مشاركة الأجداد
للآباء الأدنين لظاهر قوله تعالى: فلأبويه لكل واحد منهما السدس، لأنا عدلنا عن الظاهر في
ذلك للدليل القاطع ولا دليل يوجب الرجوع عنه فيما اختلفنا فيه فبقينا على ما يقتضيه
الظاهر.
259

فصل:
ويستحب أن يخص الأكبر من الولد الذكورة بسيف أبيه ومصحفه وخاتمه إذا كان
هناك تركة سوى ذلك بدليل إجماع الطائفة، ومن أصحابنا من قال: يحتسب بقيمة ذلك
عليه من سهمه ليجمع بين ظاهر القرآن وما أجمعت عليه الطائفة، وكذا قال فيما رواه
أصحابنا من أن: الزوجة لا ترث من الرباع والأرضين شيئا، فحمله على أنها لا ترث من
نفس ذلك بل من قيمته.
فصل:
ولواحد الإخوة أو الأخوات أو الأجداد والجدات إذا انفرد جميع المال من أي الجهات
كان، وإذا اجتمع كلالة الأم مع كلالة الأب والأم كان للواحد من قبل الأم - أخا كان أم أختا
جدا أم جدة - السدس وللاثنين فصاعدا الثلث الذكر والأنثى فيه سواء، وروي أن لواحد
الأجداد من قبل الأم الثلث نصيب الأم والباقي لكلالة الأب والأم أخا كان أم أختا جدا أم
جدة، فإن كانوا جماعة ذكورا وإناثا فللذكر مثل حظ الأنثيين.
ولا يرث أحد من الإخوة والأخوات من قبل الأب خاصة مع وجود واحد منهم من الأب
والأم أخا كان أم أختا، ومتى اجتمع واحد من كلالة الأم مع أخت أو أختين فصاعدا من الأب
والأم كان الفاضل من سهامهم مردودا على كلالة الأب والأم خاصة ويشترك كلالة الأم مع
كلالة الأب في الفاضل على قدر سهامهم، ومن أصحابنا من قال: يختص بالرد كلالة الأب لأن
النقص يدخل عليها خاصة إذا نقصت التركة عن سهامهم لمزاحمة الزوج أو الزوجة
ولا يدخل على كلالة الأم ولا على الزوج والزوجة على حال.
وولد الإخوة والأخوات وإن نزلوا يقومون عند فقدهم مقامهم في مقاسمة الأجداد وفي
الحجب بغيرهم، وكذا حكم الأجداد والجدات وإن علوا، والأدنى من جميعهم وإن كان أنثى
أحق من الأبعد وإن كان ذكرا كل ذلك بدليل الاجماع من الطائفة عليه، ويستحب إطعام
الجد أو الجدة من قبل الأب السدس من نصيب الأب إذا كان حيا وسهمه الأوفر، فإن وجدا
معا فالسدس بينهما نصفان، ومن أصحابنا من قال: إن هذا حكم الجد والجدة أيضا من
260

قبل الأم معها.
فصل:
ويرث الأعمام والعمات والأخوال والخالات مع فقد من قدمنا ذكره من الوراث، ويجري
الأعمام والعمات من الأب والأم مجرى الإخوة والأخوات من قبلهما في كيفية الميراث وفي
اسقاط الأعمام والعمات من قبل الأب فقط، ويجري الأخوال والخالات مجرى الإخوة والأخوات
من قبل الأم لواحدهم إذا اجتمع مع الأعمام والعمات السدس ولمن زاد عليه الثلث الذكر
والأنثى فيه سواء والباقي للأعمام والعمات من الأب والأم أو من الأم إذا لم يكن واحد منهم من
قبل أب وأم، للذكر من هؤلاء مثل حظ الأنثيين، بدليل إجماع الطائفة وظاهر القرآن الذي
قدمنا ذكره في توريث ذوي الأرحام والقرابات.
فإن اجتمع الأعمام والعمات المتفرقون مع الأخوال والخالات المتفرقين كان للأعمام
والعمات الثلثان، لمن هو للأم من ذلك السدس، والباقي لمن هو للأب والأم دون من هو للأب،
وللأخوال والخالات الثلث، لمن هو للأم منه السدس، والباقي لمن هو للأب والأم دون من هو
للأب.
ولا يقوم ولد الأعمام والعمات مقام الأخوال والخالات، ولا يقوم أيضا ولد الخؤولة
والخالات مقام آبائهم وأمهاتهم في مقاسمة آبائهم وأمهاتهم في مقاسمة الأعمام والعمات،
فلو ترك عمة أو خالة مثلا مع ابن عم وابن خال لكانت كل واحدة من العمة والخالة أحق
بالميراث منهما، ولا يرث الأبعد من هؤلاء مع من هو أدنى منه إلا من استثنيناه فيما مضى من
ابن العم للأب والأم فإنه أحق عندنا من العم للأب، وكل هذا دليله الاجماع من الطائفة عليه.
فصل:
فإن لم يكن أحد ممن قدمنا ذكره من الوراث كان ميراثه لمن أعتقه تبرعا لا فيما يجب
عليه من الكفارات سواء كان المعتق رجلا أو امرأة، والدليل على أن الولاء لا يثبت إلا في
العتق المتبرع به بعد الاجماع المشار إليه أن الولاء حكم شرعي يفتقر ثبوته إلى دليل شرعي
261

وليس في الشرع ما يدل على ثبوته في الموضع الذي اختلفنا فيه فوجب نفيه
. فإن لم يكن المعتق باقيا فالميراث لولده الذكور منهم دون الإناث، ومن أصحابنا من
قال: إن ولد المعتقة لا يقومون مقامها في الميراث ذكورا كانوا أو إناثا.
فإن لم يكن للمعتق أولاد فالميراث لعصبته وأولادهم الإخوة ثم الأعمام ثم بنو العم.
ومن زوج عبده بمعتقة غيره فولاء أولادها لمن أعتقها، فإن أعتق أبوهم أنجز ولاء
الأولاد إلى من عتقه ممن أعتق أمهم، وإن أعتق جدهم من أبيهم مع كون أبيهم عبدا أنجز
ولاء الأولاد من أمهم مع كون أبيهم عبدا أنجز ولاء الأولاد إلى من أعتق جدهم، إلى من
أعتق جدهم، فإن أعتق بعد ذلك أبوهم أنجز الولاء ممن أعتق جدهم إلى من أعتق أباهم،
وحكم المدبر حكم المعتق سواء، ولا يثبت الولاء على المكاتب إلا بالشرط فإن لم يشترط
ذلك كان سائبة.
فصل:
فإن لم يكن أحد ممن ذكرناه وكان الميت سائبة - بأن يكون معتقا في كفارة واجب أو
معتقا تطوعا وقد تبرأ معتقه من جريرته - أو مكاتبا غير مشروط عليه الولاء وقد توالى إلى
من ضمن جريرته كان ميراثه له، فإن مات لم ينتقل إلى ورثته.
فإن عدم جميع هؤلاء الوراث فالميراث للإمام، فإن مات انتقل إلى من يقوم مقامه في
الإمامة دون من يرث تركته، وسهم الزوج أو الزوجة ثابت مع جميع من ذكرناه على ما مضى
بيانه، وكل ذلك بدليل الاجماع المشار إليه.
فصل:
وقد بينا فيما سبق أن الكافر لا يرث المسلم، فأما المسلم فإنه يرث الكافر عندنا
وإن بعد نسبه، ويدل على ذلك الاجماع الماضي ذكره وظاهر آيات الميراث لأنه إنما يخرج من
ظاهرها ما أخرجه دليل قاطع.
ويحتج على المخالف بما رووه من قوله ع: الاسلام يعلو ولا يعلى عليه، وقوله:
262

الاسلام يزيد ولا ينقص، فأما ما رووه من قوله ع: لا توارث بين أهل ملتين، ومن
قول بعض الصحابة في ذلك فأكثره مضعف مقدوح في رواته ثم هو مخالف لظاهر القرآن
ومعارض بما قدمناه، ولو سلم من ذلك كله لكان من أخبار الآحاد التي لا يجوز العمل بها في
الشرعيات، على أنا نقول بموجب قوله ع: لا توارث بين أهل ملتين، لو سلمناه لأن
التوارث تفاعل وذلك لا يكون إلا بأن يرث كل واحد منهما الآخر ونحن لا نقول: بأن
الكافر يرث المسلم فلا توارث بينهما والحال هذه.
وقول بعض المخالفين: إن التوارث إنما هو للنصرة والموالاة ولذلك يرث الذكور من
العصبة دون الإناث ولا يرث القاتل ولا العبد لنفي النصرة، مما لا يعول على مثله لأنه غير
مسلم أن التوارث لما ذكروه وقد ورث النساء والأطفال مع فقد ذلك فيهم، ثم إن النصرة
مبذولة من المسلم للكافر في الحق والوجب كما أنها مبذولة للمسلم بهذا الشرط.
وإذا كان للكافر أولاد أصاغر وقرابة مسلم أنفق عليهم من التركة حتى يبلغوا، فإن
أسلموا فالميراث لهم، وإن لم يسلموا كان لقرابته المسلم، وإذا أسلم الكافر أو عتق
المملوك بعد القسمة لم يرث شيئا.
ومتى لم يكن للميت إلا وارث مملوك ابتيع من التركة وعتق وورث الباقي ويجبر المالك
على بيعه، هذا إذا كانت التركة تبلغ قيمته فما زاد، فأما إذا نقصت عن ذلك فلا يجب
شراؤه، ومن أصحابنا من قال: إذا كانت التركة أقل من ثمن المملوك استسعى في الباقي،
والأول أظهر.
وأم الولد إذا مات سيدها وولدها حي جعلت في نصيبه وعتقت عليه، فإن لم يخلف
غيرها عتق منها نصيب الولد واستسعيت في الباقي لغيره من الورثة، فإن كان ثمنها دينا
على سيدها قومت على ولدها وتركت حتى يبلغ الولد، فإذا بلغ أجبر على قضاء ثمنها، فإن
مات قبل البلوغ بيعت لقضائه.
ولا يرث القاتل عمدا مقتوله على وجه الظلم على ما بيناه بلا خلاف، ويرثه إن كان
قتله خطأ ما عدا الدية المستحقة عليه بدليل الاجماع من الطائفة على ذلك وظاهر آيات
المواريث، وقاتل العمد إنما أخرجناه من الظاهر بدليل قاطع وليس ذلك في قاتل الخطأ
263

وقول المخالف: لو كان قاتل الخطأ وارثا لما وجب تسليم الدية عليه، ليس بشئ لأنه لا تنافي
بين وجوب تسليم الدية وبين الميراث مما عداها، ولا يورث من الدية أحد من كلالة الأم
ويرثها من عداهم من ذوي الأنساب والأسباب.
وميراث ولد الملاعنة لأمه ولمن يتقرب بها وترثه هي ومن يتقرب بها، ولا يرثه أبوه
ولا من يتقرب به على حال ولا يرثه الولد إلا أن يقر به بعد اللعان، بدليل الاجماع المشار إليه
وأيضا فالاحتياط فيما ذكرناه لأن الإقرار بالولد بعد نفيه قد يكون للطمع في ميراثه فإذا لم
يورث كان ذلك صارفا له عن الإقرار به لهذا الغرض واقتضى أن لا يكون بعد الجحود إلا
لتحري الصدق فقط.
وولد الزنى لا يرث أبويه ولا من يتقرب بهما ولا يرثونه على حال لأنه ليس بولد شرعا لأن
الولد للفراش على ما جاء به الأثر، ومن أصحابنا من قال: حكمه وحكم ولد الملاعنة سواء،
وهو مذهب من خالفنا من الفقهاء.
ويعزل من التركة مقدار نصيب الحمل، والاستظهار يقتضي عزل نصيب ذكرين،
فإن ولد ميتا فلا ميراث له، وإن ولد حيا ورث، وتعلم حياته بالاستهلال والحركة الكثيرة
التي لا تكون إلا من حي، وإن ولد وله ما للرجال وما للنساء اعتبرت حاله بالبول فمن أي
الفرجين خرج ورث عليه، فإن خرج منهما اعتبر بالسبق فمن أيهما سبق ورث عليه، فإن
تساوى خروجه منهما فمن أيهما انقطع أخيرا ورث عليه، فإن تساوى انقطاعه منهما ورث
نصف ميراث الرجال ونصف ميراث النساء، وقد روي: أنه تعد أضلاعه فإن نقص أحد
الجانبين ورث ميراث الرجال وإن تساويا ورث ميراث النساء، فإن لم يكن للمولود فرج
أصلا يستخرج بالقرعة فما خرج ورث عليه.
وإذا عقد على الصغيرين عقد النكاح أبواهما توارثا، وإن كان العاقد غيرهما
فلا توارث بينهما حتى يبلغا ويمضيا العقد، وإن بلغ أحدهما فأمضاه ثم مات انتظر بلوغ
الآخر، فإن بلغ وأمضاه حلف أنه لم يرض به للميراث فإن حلف ورث وإلا فلا ميراث له.
ويتوارث الزوجان بعد الطلاق الرجعي سواء كان في الصحة أو المرض ما دامت
المرأة في العدة، وإن كان في حال مرض الزوج ورثته المرأة وإن كان بائنا إذا مات من مرضه
264

ذلك ما لم تتزوج أو يمض لطلاقها سنة، وإذا تزوج المريض ومات قبل الدخول بطل العقد
ولم ترثه المرأة.
وإذا انفرد الزوج بالميراث فله النصف بالتسمية والنصف الآخر بالرد بدليل إجماع
الطائفة ولا يلزم أن يرد على الزوجة لأن الشرع لا يؤخذ بالقياس.
وإذا تعارف المجلوبون من بلاد الشرك بنسب يوجب الموارثة بينهم قبل قولهم بلا بينة
وورثوا عليه، ويوقف نصيب الأسير في بلاد الكفر إلى أن يجئ أو يصح موته، فإن لم يعلم
مكانه فهو مفقود وحكمه أن يطلب في الأرض أربع سنين فإن لم يعلم له خبر في هذه المدة
قسم ماله بين ورثته.
وإذا مات اثنان أو ما زاد عليهما في وقت واحد بهدم أو غرق ولم يعلم أيهما مات قبل
صاحبه ورث أحدهما من الآخر من نفس تركته لا مما يرثه من صاحبه - وأيهما قدم في
التوريث جاز، وروي أن الأولى تقديم الأضعف في الاستحقاق وتأخير الأقوى - ثم ينقل
ميراث كل واحد منهما من صاحبه إلى وارثه، فإن كان أحدهما يرث صاحبه والآخر لا يرثه
بطل هذا الحكم وانتقل كل واحد منهما إلى وارثه من غير واسطة.
ومن أصحابنا من قال: يورث المجوس وغيرهم من أهل الملل المختلفة في الكفر إذا
تحاكموا إلينا على ما قرره شرع الاسلام من الأنساب والأسباب الصحيحة والسهام، ومنهم
من قال: يورثون على ما يرونه في ملتهم، والدليل على ذلك كله - سوى ما لم يتعين المخالف
من الطائفة فيه - إجماعها عليه وفيه الحجة على ما بيناه.
فصل:
في كيفية القسمة على الوراث يحتاج إلى تصحيح السهام في قسمة الأرضين
والرباع، والوجه في ذلك أن يضرب سهام المنكسر عليهم في أصل الفريضة فما بلغت إليه
خرجت منه السهام صحاحا.
وأصل الفريضة هو أقل عدد يخرج منه السهام المسماة فيها صحاحا، مثل أن يجتمع مع
النصف ثلث أو سدس فيكون أصلها من ستة، فإن كان معه ربع فأصلها من أربعة، فإن
265

كان مع النصف ثمن فأصلها من ثمانية، فإن كان مع الربع ثلث أو سدس فأصلها من
اثني عشر، وإن كان مع الثمن ثلثان أو سدس فأصلها من أربعة وعشرين.
مثال ما قدمناه في تصحيح السهام أن نفرض أبوين وابنا وبنتا، فأصل فريضتهم من
ستة، للأبوين سهمان وتبقى أربعة تنكسر على الابن والبنت، فتضرب سهامهما وهي ثلاثة -
للابن سهمان وللبنت سهم - في أصل الفريضة وهي ستة فتكون ثمانية عشر، لكل واحد
من الأبوين ثلاثة، ويبقى اثنا عشر للابن منها ثمانية وللبنت أربعة، وكذا لو كان مكان
الابن والبنت ثلاث بنات فإنا نضرب سهامهن وهي ثلاثة في أصل الفريضة فيكون للأبوين
ستة ولكل واحدة من البنات أربعة.
وإن كان في الفريضة رد منكسر فالوجه أن يجمع مخرج فرائض من يجب الرد عليه ثم
يضرب في أصل الفريضة ويقسم الجميع، كفريضة الأبوين والبنت مثلا فإن أصلها من ستة -
للأبوين الثلث وللبنت النصف ويبقى سهم ينكسر في الرد عليهم فمخرج الثلث من ثلاثة
ومخرج النصف من اثنين وذلك خمسة - فتضرب في أصل الفريضة وهي ستة فيكون ثلاثين،
للأبوين عشرة وللبنت خمسة عشر بالفرض، وللأبوين من الباقي وهو خمسة سهمان وللبنت
ثلاثة بالرد، وعلى هذا يجري الحساب في جميع الفرائض فليتأمل.
والوجه في تصحيح المناسخات أن تصحح مسألة الميت الأول ثم تصحح مسألة
الميت الثاني وتقسم ما يختص بالميت الثاني من المسألة الأولى على سهام مسألته.
فإن انقسمت فقد صحت المسألتان مما صحت منه مسألة الميت الأول، كمن مات
وخلف أبوين وابنين فأصلها من ستة للأبوين سهمان ولكل واحد من الابنين سهمان، فإن
مات أحد الابنين وخلف ابنين كان لكل واحد منهما سهم من هذين السهمين فقد صحت
المسألتان من المسألة الأولى.
وإن لم تنقسم الثانية من الأولى جمعنا سهام المسألة الثانية وضربناها في سهام المسألة
الأولى، مثل أن يخلف أحد الابنين في المسألة التي قدمناها ابنا وبنتا فإن سهمه وهو اثنان من
ستة ينكسر عليهما فيضرب سهم الابن وهو اثنان وسهم البنت وهو واحد في أصل
الفريضة من المسألة الأولى وهي ستة فتكون ثمانية عشر، للأبوين السدسان ستة، ولكل
266

واحد من الابنين ستة، فيكون لابنه وبنته اللذين خلفهما للذكر مثل حظ الأنثيين من غير
انكسار.
وكذا الحكم لو مات ثالث ورابع فما زاد فإنا نصحح مسألة كل ميت ويقسم ماله من
مسائل من مات قبله من السهام على سهام مسألته، فإن انقسمت فقد صحت لنا المسائل
كلها، وإن لم تصح ضربنا جميع مسألته فيما صحت من مسائل من مات قبله فما اجتمع
صحت منه المسائل كلها إن شاء الله.
267

الوسيلة إلى نيل الفضيلة
لعماد الدين أبي جعفر محمد بن علي بن حمزة الطوسي
المعروف بابن حمزة
269

كتاب الموارث
التوارث يكون بأمرين: نسب وسبب.
فالنسب إنما يأخذ به الميراث الوالدان والولد ومن يتقرب بهم، والأقرب يمنع الأبعد إلا
في مسألة واحدة والمتساويان في الدرجة لا يمنع أحدهما الآخر إلا إذا كان لأحدهما قربة إلى
المورث بوجهين.
والسبب: نكاح وولاء، والولاء ثلاثة أضرب: ولاء عتق وولاء ضمان جريرة وولاء
إمامة، وسبب النكاح ثابت مع كل نسب وسبب وسبب الولاء يثبت مع السبب دون
النسب.
والموانع عن الإرث ثلاثة: كفر الوارث مع إسلام الموارث ورقهما أو رق أحدهما وقتل
الوارث مورثه ظلما.
والحجب ضربان: حجب عن بعض ما يستحقه الوارث لغيره مثل حجب الإخوة
والأخوات الأم عن الثلث إلى السدس للأب، وحجب لا للغير وهو ضربان: حجب من
السهم الأعلى إلى الأدون مثل حجب الولد وولد الولد الأب والأم والزوج والزوجة عن بقية
المال من الثلث والنصف والربع إلى السدس والربع والثمن، وحجب عن أصل الإرث
مثل حجب الأقرب الأبعد وحجب الأبعد الأقرب لاجتماع السببين فيه، وحجب من له سببان
271

من له سبب واحد مع التساوي في الدرجة.
ولا يحجب الولد والوالدين والزوجين عن أصل الإرث أحد والزوجان لا حظ لهما في
الحجب والولد وولد الولد لا يحجبهما أحد عن أصل الإرث ولا عن بعضه إلا ولد الولد فإنه
يحجبه الولد عن أصل الإرث، ويحجب الولد الوالدين والزوج والزوجة عن الأعلى إلى
الأدون وكذلك ولد الولد، ويحجب الولد وولد الولد من يتقرب به وبمثله ومن يتقرب
بالوالدين، ولا يحجب الوالدان من يتقرب بالولد وإنما يحجبان من يتقرب بهما.
فصل في بيان السهام المفروضة:
السهام المفروضة في كتاب الله تعالى ستة: النصف والربع والثمن، والثلثان والثلث
والسدس.
فالنصف سهم أربعة: سهم الزوج مع عدم الولد وولد الولد وسهم البنت وسهم
الأخت لأب وأم، والأخت لأب. ويصح معه اجتماع خمسة أسهم: النصف والربع والثمن
والثلث والسدس.
والربع سهم اثنين: سهم الزوج مع وجود الولد أو ولد الولد وإن سفل وسهم الزوجة
مع عدم من ذكرناه، ويصح معه اجتماع أربعة أسهم: الثلثين والثلث والسدس
والنصف.
والثمن سهم الزوجة والزوجات مع وجود الولد وولد الولد، ويصح معه اجتماع
أربعة أسهم: النصف والثلثين والثلث والسدس.
والثلثان وهو سهم ستة: سهم البنتين والأختين لأب وأم والأختين لأب وحده مع عدم
الأختين لأب وأم، ويصح معه اجتماع أربعة أسهم: الثلث والسدس والربع والثمن.
والثلث سهم ثلاثة: سهم الأبوين مع عدم الولد أو ولد الولد وسهم الأم مع عدم الولد
وعدم من يحجبها مع وجود الأب من الإخوة والأخوات وسهم كلالتي الأم فصاعدا،
ويصح معه اجتماع أربعة أسهم: الثلثين والنصف والربع والثمن.
والسدس سهم أربعة: سهم كل واحد من الأبوين مع وجود الولد أو ولد الولد وسهم
272

الأم مع عدم الولد ووجود من يحجبها وسهم واحدة من كلالة الأم، ويصح معه اجتماع
خمسة أسهم: الثلثين والنصف والربع والسدس والثمن.
فصل في بيان من يرث بالفرض مرة وبالقرابة أخرى:
من يرث بالفرض مرة وبالقرابة أخرى ستة نفر: الأبوان والبنت والأخت لأب وأم
والأخت لأب وكلالة الأم، فأما الابن فلا يرث أبدا إلا بالقرابة وكذلك الإخوة.
فالأب له ثلاثة أحوال:
أحدها: يرث فيه بالقرابة وحدها، وهو إذا مات ولده ولم يكن له وارث سواه أو كانت
معه الأم وتأخذ نصيبها بالفرض من الثلث أو السدس والباقي له بالقرابة، أو كان معهما
أحد الزوجين ويأخذ هو فرضه والأم فرضها والباقي له بالقرابة.
وثانيها: يرث فيه بالفرض وحده، وهو إذا مات ولده وخلف ابنا أو ابن وبنتا ويرث هو
السدس بالفرض والباقي لولد الميت، أو خلف معه أما وبنتين أو أكثر وكان لبنتين أو
البنات الثلثان بالفرض وللأم السدس وله السدس بالفرض.
وثالثها: يرث فيه بالقرابة والفرض معا، وهو إذا خلف ولده بنتا أو بنتين فصاعدا
وأباه ويأخذ هو سدسه بالفرض والبنت نصفها بالفرض أو البنتان فصاعدا ثلثاها
بالفرض ويرد ما بقي عليهم بالحساب بسبب القرابة.
وأما الأم فإنها لا تأخذ بالقرابة وحدها أبدا ولها حالتان: أحدها يكون فيه لها الميراث
بالفرض وحده والآخر: تأخذ الميراث بالفرض والقرابة معا، وتأخذ الميراث بالفرض
وحده مع الابن أو مع الابن والبنت أو مع الأب مع فقد الابن أو مع فقده ووجود الزوج مع
وجود الأب أو مع الأب والبنتين، وتأخذ بالفرض والقرابة في موضع تستحق الرد فإنها تأخذ
المسمى بالفرض وما يرد عليها بالقرابة.
وأما البنت فلها ثلاثة أحوال: إما تأخذ الميراث بالقرابة وحدها وهو إذا كان معها ابن
فإن الميراث بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين بالقرابة أو يكون معها جد أو جدة أو كلاهما. وإما
تأخذ بالفرض وحده وهو إذا كانت بنت أخرى وأبوا مورثها فإن للأبوين السدسين وللبنتين
273

الثلثين بالفرض، وإما تأخذ بالفرض والقرابة معا وهو إذا كان معها أحد الأبوين أو كلاهما
وأخذ كل واحد فرضه رد عليهما أو عليهم الفاضل بالقرابة.
وأما الأخت لأب وأم فلها أيضا ثلاثة أحوال: أحدها: تأخذ الميراث فيه بالفرض وحده
وهو إذا كان معها زوج فإنها تأخذ النصف بالفرض والزوج النصف، أو كانت معها
أخت أخرى وكلالتان لأم أو أكثر أو تأخذ بالقرابة وحدها وهو إذا كان معها أخ لأب وأم أو
تأخذ بالقرابة والفرض معا وهو إذا استحقت الرد مع الفرض، وأما الأخت للأب وحده
فهي تقوم مقامها مع عدمها وحكمها سواء.
وأما كلالة الأم فحكمها حكم الأم في الميراث وتأخذ بالفرض وحده مرة أو الفرض
والقرابة معا أخرى وهو الحال الذي تستحق الرد فيه مع الفرض.
وإذا اجتمع ذوو السهام فحالهم على ثلاثة أضرب: أحدها تكون السهام وفقا
للفرائض أو ناقصة عنها أو زائدة عليها.
فالأول في ثلاثة مواضع: وهو إذا خلف الميت بنتين وأبوين أو زوجا وأختا أو كلالتين
فصاعدا من قبل الأب والأم أو من قبل الأب وحده ومثلها من قبل الأم وحدها.
والثاني في خمسة عشر موضعا: وهو إذا خلف الميت بنتا وأبا أو أما أو كليهما، أو بنتين
فصاعدا أو أحد أبويه أو بنتا وزوجا أو زوجة، أو بنتين فصاعدا وأحد الزوجين أو كلالة
أب أو كلالة أم أو كلالتي أب فصاعدا وكلالة أم، أو كلالتي أم فصاعدا أو كلالة أب أو
كلالة أب وزوجة أو كلالة أم وزوجا أو زوجة أو كلالتي أم فصاعدا مع أحدهما.
والثالث: يكون النقصان داخلا على البنات وكلالة الأب دون غيرهما، وذلك في
عشرة مواضع: وهو إذا خلف الميت أبا وأما أو زوجا وبنتين أو خلف زوجا أو زوجة وبنتين
وأبويه أو خلف أبويه وزوجا وبنتا أو خلف أختين فصاعدا وزوجا أو خلف كلالتين لأب
ومثلهما لأم وزوجا أو زوجة، أو خلف كلالة لأب وكلالتين لأم وزوجا أو خلف كلالتين لأب وكلالة لأم وزوجا.
274

فصل في بيان ميراث الأولاد:
قرابة الولد أقوى القرابات وهو يمنع من يتقرب به وبمثله، وبالأبوين عن أصل الإرث
ذكرا كان أو أنثى، ويجوز الميراث بأسره إن لم يكن معه من يقاسمه، فإن كان ذكرا بالقرابة وإن كانت أنثى بالفرض والرد.
ولم يخل حال الولد من ضربين: أما كان منفردا بالميراث أو كان معه غيره من الوالدين
والزوجين، فإن كان منفردا بالميراث لم يخل: إما كان الولد ذكرا أو أنثى أو ذكرا وأنثى، فإن
كان ذكرا وكان واحدا كان جميع المال له وإن كان أكثر من واحد كان المال بينهم بالسوية
وإن كان الولد أنثى وكانت واحدة كان جميع المال لها نصفه بالفرض ونصفه بالرد، وإن
كانتا اثنتين فصاعدا كان ثلثا المال لهما أو لهن بالفرض والباقي بالرد على سواء.
وإن كان ذكرا وأنثى كان المال بينهما أو بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، وإن اجتمع مع
الولد وكان ذكرا أو ذكرا وأنثى - الأبوان أو أحدهما أخذ كل واحد منهما السدس والباقي
للولد الذكر أو الذكر والأنثى، وإن كان الولد بنتا ومعه أحد أبويه أخذت البنت النصف
وأحد الأبوين السدس والباقي يرد عليهما بالحساب، وإن كان معه الأبوان معا كان للبنت
النصف وللأبوين السدسان والباقي رد عليهم بالحساب.
وإن كان للولد بنتين فصاعدا ومعهما الأبوان كان للبنتين فصاعدا الثلثان وللأبوين
السدسان، وإن كان معهما أحد الأبوين كان له السدس ولهما أو لهن الثلثان والباقي يرد
عليهم بالحساب، وإن كان مع الولد أحد الزوجين أخذ الزوج سهمه الأدنى والباقي للولد
بالقرابة إن كان ذكرا وبالفرض والرد إن كانت أنثى، وإن اجتمع مع الولد أحد الأبوين
أو كلاهما وأحد الزوجين كان لكل واحد منهم سهمه الأدنى والباقي للولد إلا إذا كانت بنتان
وزوجة وأحد الأبوين أو بنت وزوجة أو زوج مع أحد الأبوين فإنه يأخذ من المال كل واحد
منهم فرضه وما بقي يرد على البنت أو البنتين وأحد الأبوين بالحساب.
وإن كان مكان الولد للصلب ولد الولد قام مقامه وقاسم من قاسمه ومنع من منعه
وأخذ نصيب من يتقرب به ذكرا كان أو أنثى، فابن البنت يأخذ نصيب البنت وبنت
الابن تأخذ نصيب الابن وبنو البنت يأخذون نصيب بنت وبنت ابن تأخذ نصيب
275

ابن، وإن كان له عدة أولاد ولكل ولد عدة أولاد ولم يبق أولاده وبقي أولاد أولاده كان
لولد كل ولد نصيب من يتقرب به ويقتسمون للذكر مثل حظ الأنثيين، وولد الولد يمنع ولد
ولد الولد وعلى هذا يمنع الأقرب الأبعد ويأخذ نصيب من يدلي به، ويقاسم الأبوين
والزوجين على حد مقاسمة من يتقرب به.
ويأخذ الابن الكبير ثياب بدن الوالد وخاتمه الذي يلبسه وسيفه ومصحفه بخمسة
شروط: ثبات العقل وسداد الرأي وفقد آخر في سنه وحصول تركة له سوى ما ذكرنا
وقيامه بقضاء ما فاته من صلاة وصيام.
فصل في بيان ميراث الوالدين ومن يرث معهما:
لا يرث مع الوالدين ولا مع أحدهما غير الولد وولد الولد وإن سفل، وغير الزوجين
وقد ذكرنا حكمهما في الميراث مع الولد، فإن كان كل واحد من الأبوين منفردا بالميراث حاز
جميع المال سواء كان أبا أو أما إلا أن الأب يأخذ جميع المال بالقرابة والأم تأخذ الثلث
بالفرض والباقي بالرد.
وإن اجتمع الوالدان معا ولم يكن للميت أخوان ولا أخ وأختان ولا أربع أخوات لأب
وأم أحرار مسلمون يرثون من قبل الميت كان للأم ثلث المال والباقي للأب، فإن كان له ذلك
صارت الأم محجوبة من الثلث إلى السدس والباقي للأب، وإن زاحمهما زوج أو زوجة أخذ كل
واحد منهما سهمه الأعلى، وكان النقصان داخلا على الأب دون الأم بسببهما ولم ينقص
بسبب الزوج والزوجة عن سهمهما الأعلى والأدنى على ما ذكرنا شئ.
وإن كان مع الوالدين جدان أو جدتان من قبلهما وكان نصيب الأم الثلث
ونصيب الأب يزيد على السدس استحق الجد أو الجدة سدس المال على ولده طعمة
لا ميراثا، فإن كان من قبل كل واحد منهما جد وجدة كان السدس بينهما نصفين.
فصل في بيان ميراث الإخوة والأخوات:
الإخوة والأخوات ثلاثة أضرب: إخوة لأب وأم وإخوة لأب وإخوة لأم، فإذا اجتمعوا جميعا
276

سقط كلالة الأب خاصة وإذا لم يكن كلالة الأب والأم قام كلالة الأب مقامه في مقاسمة من
قاسمه ومنع من منعه، ولم يرث معه إلا الجد والجدة والزوجان كما أن الولد لا يرث إلا
الوالدان والزوجان، وكما أن ولد الولد وإن سفل يقاسم الوالدين ولا يقاسم الجد والجدة،
ويقاسم الولد وولد الولد وإن سفل ويقاسم ولد الإخوة والأخوات وإن سفل الجد والجدة
ولا يقاسم أبو الجد والجدة ولا ولده من العمومة والعمات والخؤولة والخالات، الإخوة
والأخوات ولا أولادهم وإن سفلوا.
والزوج والزوجة يرثان مع الإخوة والأخوات وأولادهم ويستحقان معهم السهم الأعلى،
وما فضل عن فريضة الزوج أو الزوجة يكون للكلالة بأسره إن لم يكن معهم جد ولا جدة
من قبل أب أو أم، وميراث كلالة الأب والأم أو كلالة الأب يقسم مثل ميراث الولد فإن كانوا
ذكورا فإنهم يرثون بالقرابة بالسوية، وإن كن إناثا يرثن بالفرض مثل البنات، وإن كانوا
ذكورا وإناثا يرثون بالفرض للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن كان الوارث أخا واحدا حاز جميع
الميراث بالقرابة، وإن كان أكثر كان المال لهم بالسوية.
وإن كان الوارث أختا كان لها جميع المال نصفه بالفرض والباقي بالرد، وإن كانتا
أختين من قبل الأب والأم أو من قبل الأب فحكمها حكم البنتين، فإن كان الوارث كلالة
واحدة للأم كان الجميع له سدسه بالفرض والباقي بالرد. وإن كان أكثر من ذلك كان المال
بينهم بالسوية ثلثه بالفرض والباقي بالرد.
وإن اجتمع كلالة الأب والأم أو الأب وحده وكلالة الأم، فإن كان كلالة الأب والأم واحدا
ذكرا وكلالة الأم واحدا ذكرا كان أو أنثى كان السدس لكلالة الأم بالفرض والباقي لكلالة
الأب والأم بالقرابة، وإن كان مكان كلالة الأب الذكر أنثى كان على ذلك إلا أنها تأخذ
نصف المال بالفرض والباقي بالرد.
ولا يرد على كلالة الأم مع كلالة الأب، والأم لا مع كلالة الأب وحده إذا لم يكن كلالة الأب
والأم لأنه يقوم مقامه إذا عدم ولا يرث معه إذا وجد، وإذا اجتمع كلالة الأب والأم وزاحمهم
زوج أو زوجة كان النقصان داخلا على كلالة الأب كما على الأب نفسه، وإذا اجتمع كلالة
الأب والجد والجدة من قبله وكلالة الأم والجد والجدة من قبلها كان لقرابة الأب
نصيب الأب
277

للذكر مثل حظ الأنثيين وحكم الجد حكم الأخ وحكم الجدة حكم الأخت ولقرابة الأم نصيب
الأم وكان بينهم بالسوية، وإن كانوا ذكورا وإناثا سواء زاحمهم الزوج أو الزوجة أو لم
يزاحمهم.
وجملة أمرهم: أن الكلالتين إذا اجتمعتا معا وكانت التركة وفقا لسهامهما أخذت كل
واحدة سهمها، وإن كانت زائدة عليها كانت الزيادة لتركة الأب ولا تكون التركة ناقصة
عن السهام، وإن كان معهم جدا وجدة أو كلاهما كان كأحدهم إن كان من قبل الأب والأم أو
الأم على ما ذكرنا، وإن زاحمهم زوج أو زوجة كان النقصان داخلا على قرابة الأب دون قرابة
الأم على ما ذكرناه.
فصل في بيان ميراث أولاد الإخوة والأخوات:
من يرث بالنسب ضربان: إما يرث بنفسه أو بغيره، فمن يرث بنفسه الولد
والوالدان، ومن سواهم يرث بغيره ويرث نصيب من يدلي به ذكرا كان أو أنثى واحدا
كان أو أكثر.
وولد الإخوة والأخوات لا يرث مع من يتقرب به ولا مع من هو في مثل درجته ويرث مع
الجد والجدة والزوج والزوجة على حد ما يرث المتقرب به معهم وولد الإخوة لأب لا يرث مع
ولد الإخوة لأب وأم كما لا يرث الإخوة لأب مع الإخوة أو الأخوات لأب وأم، وولد الإخوة
للأم يرث مع ولد الإخوة لأب وأم أو لأب إذا لم يكن للأب والأم كما يرث الإخوة للأم مع
الإخوة للأب والأم والأقرب يمنع الأبعد أبدا.
وإن كان الأقرب أنثى ومتقربا بسبب واحد من جهة أب وأم أو كليهما والأبعد ذكرا للذكر
ومتقربا بسببين على أي وجه، ومن يتقرب بسببين أو بسبب الأب وحده يقتسمون
المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، ومن يتقرب بالأم كان الذكر والأنثى في القسمة سواء وولد
كل أخ أو أخت لأب أو أم أو كليهما إذا كان منفردا حاز جميع الميراث، وإن كان معه غيره
المال بينهما أو بينهم على حسب الاستحقاق.
فإن خلف الميت ولد أخ له لأب وأم وولد أختين له لأب وأم وولد أخ لأم وولد أخوات لأم
278

وولد أخوة لأب سقط ولد الإخوة لأب وكان ثلث المال لولد الأخ والأخوات لأم وقسم الثلث
بالسوية على عدد الإخوة والأخوات لأم وقسم ولد كل أخ أو أخت نصيبه بينهم بالسوية،
وكان الثلثان نصفه بين ولد الأخ لأب وأم للذكر مثل حظ الأنثيين ونصف الثلث الباقي
لولد إحدى الأختين، والباقي لولد الأخرى من الأختين كذلك وعلى هذا حكم الباب.
فصل في بيان ميراث الأزواج والزوجات:
الزوج والزوجة يتوارثان على كل حال ما لم يكن فيهما شئ من الموانع على وتيرة
واحدة في الحالين مع الولد وولد الولد وإن نزلوا ومع فقدهم، وربع أو ثمنها لواحدة أو اثنتين وثلاث
وأربع على سواء فإن كانت الزوجة ذات ولد من
زوجها المتوفى عنها لزم ميراثها في جميع تركاته، وإن لم تكن ذات ولد منه لم يكن لها حق في
الأرضين والقرى والمنازل والدور والرباع.
وروي روايات مختلفات بخلاف ذلك، وإذا كان لرجل أربع زوجات وطلق واحدة
طلاقا بائنا وتزوج بأخرى ومات واشتبهت المطلقة بغيرها كان للجديدة ربع نصيب
الأزواج وثلاثة أرباع نصيبهن بين الأربع بالسوية، وإذا ماتت المرأة وخلفت زوجها ولم
تخلف وارثا سواه بوجه كان جميع المال للزوج: نصفه بالفرض والنصف بالرد.
فصل في بيان ميراث الأجداد والجدات:
الجد من قبل الأب بمنزلة الأخ من قبله والجدة من قبله بمنزلة الأخت، والجد والجدة من
قبل الأم بمنزلة الأخ والأخت من قبلها إلا أن الجد أو الجدة أو كلاهما يأخذ ثلث المال مع الجد
أو الجدة من قبل الأب أو كليهما ومع الأخ أو الأخت من قبله أو كليهما، ولا يأخذ واحد من
الكلالة معهم غير السدس من المال وقد ذكرنا حكم الجد والجدة مع الإخوة والأخوات في
الميراث ومع أولادهم.
ولا يرث مع الجد والجدة ولا مع واحد منهما كان من قبل الأب أو من قبل الأم أحد من
الجد الأعلى ولا من الجدة العليا ولا من أولادهما من العمومة والخؤولة والعمات والخالات
279

ولا من أولادهم، فإن انفرد أحدهم بالميراث حاز الجميع وإن كان معه سواه لم يخل من ثلاثة
أوجه: إما كانا لأب أو لأم أو كان أحدهما لأب والآخر لأم، فإن كانا لأم كان بينهما للذكر مثل
حظ الأنثيين وإن كان لأم اقتسما بالسوية وإن كان أحدهما لأب والآخر لأم كان الثلثان للجد أو
الجدة من قبل الأب أو لهما على ما ذكرنا، والثلث للجد أو الجدة من قبل الأم أو لهما بالسوية،
فإن زاحمهم زوج أو زوجة كان النقصان داخلا على قرابة الأب، والجد الأدنى والجدة الدنيا
يمنعان الأعلى والعليا.
وإن خلف الميت جد أبيه وجدته من قبل أبيه ومثلهما من قبل أمه وجد أمه وجدتها من
قبل أبيها ومثلهما من قبل أمها كان المال بينهم أثلاثا، فالثلثان منها بين قرابة الأب: ثلثا
الثلثين للجد والجدة من قبل الأب وثلثه للجد والجدة من قبل الأم للذكر مثل حظ الأنثيين،
وقيل: في الجد والجدة من قبل الأم بالسوية، وثلث الأصل نصفه بين جد الأم وجدتها من
قبل الأم بالسوية ونصفه بين جدها وجدتها من قبل الأب بالسوية وعلى ذلك يدور حكم
الباب.
فصل في بيان ميراث ذوي القرابات:
ميراث العم والعمة من قبل الأب والأم أو من قبل الأب وحده مثل ميراث الإخوة
والأخوات من قبله وميراث الخال والخالة مثل ميراث الإخوة و الأخوات من قبل الأم،
وأولادهم مع عدمهم يقومون مقام آبائهم والأقرب يمنع الأبعد وإن كان الأبعد يدلي بسببين،
والأقرب بسبب إلا في مسألة واحدة وهي إذا مات الرجل وخلف عما لأب وابن عم لأب وأم
كان المال لابن العم لأب وأم دون العم لأب ولا يتعدى عنه إلى غيره.
والمنفرد بالميراث من العمومة والعمات والخؤولة والخالات وأولادهم وإن سفلوا يحوز
جميع المال، وإن كان معه غيره وكان مثله كان المال بينهما وإن كان خلافه لم يخل من ثلاثة
أوجه: إما يكون أحدهما عما والآخر عمة أو خالا أو خالة، فإن كان عما وعمة على سواء
كان المال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، وإن كان عما وخالا أو خالة كان نصيب الأب للعم
والعمة في أخته ونصيب الأم للخال أو الخالة.
280

وإن خلف عمومة وعمات من قبل الأب والأم ومثلهم من قبل الأب ومثلهم من قبل الأم
وخؤولة وخالات من قبل الأب أو الأم أو كليهما كان ثلث المال لقرابة الأب وثلثه لقرابة الأم،
فما كان لقرابة الأب يكون ثلثاه للعمومة والعمات من قبل الأب والأم للذكر مثل حظ الأنثيين
وثلثه للعمومة والعمات من قبل الأم بينهم بالسوية، وتسقط العمومة والعمات من قبل الأب
وحده.
وما لقرابة الأم ثلثاه للخؤولة والخالات من قبل الأب والأم وثلثه للخؤولة والخالات من
قبل الأم وتسقط الخؤولة والخالات من قبل الأب، فإذا عدم العمومة والعمات والخؤولة
والخالات من قبل الأب والأم قام من هو من قبل الأب خاصة مقامهم، وقرابة الأم واحدا كان
أو أكثر ذكرا كان أو أنثى يتقرب بسببين أو بسبب واحد يأخذ جميع نصيب الأم مع قرابة
الأب وإن كانوا جماعة إذا كان في درجتهم وإن كان على العكس من ذلك فكذلك.
وولد العمومة والعمات والخؤولة والخالات يقومون مقام آبائهم وأمهاتهم ويقتسمون
المال على ما ذكرنا مع التساوي في الدرج والسبب.
والذكر إذا أدلى بأنثى يأخذ نصيبها والأنثى إذا أدلت بذكر تأخذ نصيبه، وبنت عم
وبنو عمة إذا اجتمعوا كان لها ثلثا المال ولهم ثلثه، وعلى هذا وإن نزلوا، فإن زاحمهم الزوج
أو الزوجة كان النقصان داخلا على قرابة الأب، وإن اتفق أن يكون العم خالا والعمة خالة
وابن العم أخا كان الميراث في ابن العم بالأخوة وفي العم والعمة بالوجهين معا، ولا يعدو
حكم الباب ما ذكرناه.
فصل في بيان توارث أهل ملتين:
المسلم يرث الكافر ولا يرثه الكافر، والإسلام على اختلاف المذاهب والآراء ملة
واحدة يرث بعض أهله بعضا والكفر على اختلافه في حكم الملة الواحدة.
وإذا مات مسلم وخلف وارثا مسلما فقد ذكرنا حكمه وإن لم يخلف وارثا مسلما أو خلف
ذا رحم كافرا كان ماله لبيت المال، فإن أسلم الكافر على ذلك وقد نقل التركة إلى بيت
المال لم يستحق شيئا وإن لم تنقل استحق المال على ما ذكرنا.
281

وإن خلف وارثا مسلما وذا قرابة كافرا وأسلم على المال لم يخل من أربعة أوجه: إما
يكون الوارث المسلم واحدا أو أكثر واقتسما جميع المال أو بعضه أو لم يقتسما، فالأول: لم
يستحق من أسلم، والثاني: كذلك، والثالث: استحق حقه مما لم يقتسما، والرابع لا يخلو: إما
يكون أحق بها من غيره أو يكون مثله، فإن كان أحق بها حاز جميعها وإن كان مثله قاسمه
على قدر الاستحقاق.
وإن مات الكافر لم يخل من ثلاثة أوجه: إما يكون وارثه كافرا أو مسلما أو كلاهما،
فالأول: يكون ميراثه للكافر، والثاني: يكون للمسلم، والثالث: كذلك.
وإن كان الكافر أقرب من المسلم وإن كان مكان ذي القرابة مولى نعمة فكذلك، وإن
خلف ولدا طفلا من أم مسلمة كان ميراثه له لأن الولد يلحق بأشرف الأبوين، فإذا بلغوا
وأسلموا أخذوا المال وإن لم يسلموا قهروا عليه فإن أبوا قتلوا وكان ميراثهم لوارثهم
المسلم، فإن لم يكن له وارث مسلم كان لبيت المال.
وأما المرتد فضربان:
أحدهما: يكون مولودا على فطرة الاسلام، فإذا ارتد قسم ماله على ورثته المسلمة
وقتل إن ظفر به على كل حال، فإن لحق بدار الحرب وكسب مالا كان لوارثه المسلم بعد
موته.
والآخر: لا يكون مولودا على فطرة الاسلام، فإن ظفر به وتاب كان ماله له وإن لم يتب
قتل وكان ماله لورثته المسلمة أو لبيت المال إن لم يكن له وارث سواه.
فصل في بيان حكم ميراث القاتل:
من قتل مورثه لم يخل من أربعة أوجه: إما قتله عمدا وعدوانا أو عمدا ولم يكن ظالما له
بالقتل أو قتله خطأ أو شبيها بالخطا.
فالأول: لا يستحق شيئا من ميراثه وكان ميراثه لغيره من الورثة، وإن كان أبعد منه أو
يتقرب به.
والثاني: لا يسقط حقه من الميراث بسبب قتله.
282

والثالث: يرثه من التركة دون الدية وقيل: يرث الدية أيضا، وقيل: لم يرث من التركة
أيضا، وإذا لم يرث لم يحجب الأم عن الثلث وأحد الزوجين عن السهم الأعلى إلى الأدون،
ويستحق الدية خمسة: الولد ومن يتقرب به والوالدان ومن يتقرب بالوالد والزوج.
فصل في بيان ميراث الحر من المملوك والمملوك من الحر:
المملوك لا يرث ولا يورث، فإن مات حر لم يخل الحال من ثلاثة أوجه: إما يكون من
يصلح لكونه وارثا له حرا أو مملوكا أو بعضهم حرا وبعضهم مملوكا، فإن كان حرا فقد
ذكرنا حكمه.
وإن كان مملوكا لم يخل من ستة أوجه: إما يكون ولدا واحدا أو أكثر أو يكون أحد
الوالدين أو كليهما، أو يكون الولد والوالدان معا أو يكون الولد وأحد الوالدين.
فالأول: إن وقت التركة بثمنه وجب إزالة رقه، والثالث: حكمه كذلك، والثاني
والرابع: إن وفت التركة بأثمانهم جميعا وجب إزالة رقهم وإلا فلا، فإن وفت وفضل شئ
أعطوا الفاضل.
والخامس والسادس: فالحكم فيهما أيضا على ما ذكرنا، وروي في الجد والجدة والأخ
والأخت وجميع ذوي الأرحام كذلك.
وإن لم تف التركة بثمنه وحرر قبل نقل المال إلى بيت المال أو كان بعضهم حرا
وبعضهم مملوكا وعتق، وكان الوارث الحر واحدا أو كان أكثر واقتسموا المال كله أو بعضه
أو لم يقتسموا فهو على ما قلنا في المسلم إذا خلف ورثة كفارا أو مسلمين وكفارا.
والمكاتب المطلق إذا حرر بعضه ورث وورث منه بقدر الحرية وكذا حكم من حرر بعضه
ورق بعضه، ولا حظ للمملوك في حجب الأم ولا في المنع من السهم الأعلى إلى الأدون.
فصل في بيان الميراث بالولاء:
الولاء على ثلاثة أضرب: ولاء عتق وضمان جريرة وإمامة.
فولاء العتق يحصل بأن يعتق انسان عبدا تطوعا لوجه الله تعالى ولا يبرأ من جريرته،
283

وحكم المدبر ومن عتق عليه إذا ملكه ومن أعتقه عن غيره بغير إذنه كذلك.
والمعتق: رجل وامرأة، فإن كان رجلا وله ولاء على عتيق ومات العتيق ولم يكن له
وارث من جهة النسب ولا زوج كان ميراثه لمولاه، فإن مات مولاه كان ميراثه لولده الذكور
دون الإناث ولوالد.
والإخوة من قبل الأب والأم يقاسم الجد من قبل الأب والإخوة للأب يقوم مقام الإخوة للأب
والأم مع عدمها على ترتيب سائر المواريث، ولا نصيب للبنات ولا للأم ولا لمن يتقرب بها في
الميراث بالولاء نصيب، فإن كان للعتيق وارث نسبا كان الميراث له دون المولى، وإن كان
له زوج أخذ نصيبه وما بقي فلمولاه.
وإذا مات العتيق وله عتيق ولم يكن لأحدهما وارث من النسب كان ميراثه إذا مات
لمولى المولى، فإن لم يكن مولى المولى حيا أو مات بعده كان ميراثه لعصبته، وإن كان المعتق
امرأة كان ولاؤه لها فإن ماتت كان ولاء العتيق لعصبتها دون ولدها.
وإذا زوج رجل أمته من عبد غيره ثم أعتقها لم يخل: إما كانت حاملا عند العتق أو غير
حامل، فإن كانت حاملا أو أعتقها وولدها بعد الولادة ثم أعتق العبد مولاه لم ينجر ولاء
الولد إلى مولى العبد، وإن لم تكن حاملا ثم حملت بعده فأعتق انسان جد الولد من قبل الأب
انجر إليه ولاؤه، فإن أعتق أباه مولاه انجر إليه ولاؤه، والولاء لا يباع، ولا يوهب.
فأما ولاء ضمان الجريرة فيحصل بأحد أربعة أشياء: بأن يسلم رجل على يد غيره
فيواليه أو بأن يلتقطه فيواليه أو بأن يكون عتيقا سائبة فيوالي إنسانا
أو بأن يكون إنسانا مجهول النسب فيوالي أحدا على أن يضمن جريرته.
فإذا مات الموالي ولم يخلف وارثا قريبا أو بعيدا أو زوجا كان ميراثه لمولاه، فإن كان له
وارث ذو قرابة كان ميراثه له وإن كان له زوج أخذ نصيبه والباقي لمولاه إذا لم يكن له
وارث من جهة النسب، وهذا الولاء يسري إلى ولده الصغار دون الكبار، فإن أراد الموالي
إبطال الولاء كان له إذا لم يؤد المولى شيئا من جنايته، فإن مات من له الولاء لم يرثه وارثه،
ولا تجوز الموالاة بين المسلم والكافر بحال إلا الذمي فإنه يجوز له أن يوالي مسلما.
وأما ولاء الإمامة: فهو أن يموت انسان ولا وارث له بوجه من الوجوه فإن ميراثه للإمام.
284

فصل في بيان ميراث الأسير والحميل والمفقود والجنين:
الأسير في بلاد الشرك من المسلمين إن عرف حياته ومات له مورث احتفظ بحقه من
الميراث حتى يرجع فيأخذ، أو يموت فيورث وارثه إن كان له وارث أو ينقل إلى بيت المال إن
لم يكن له وارث أو يقسم على فقراء المسلمين إن لم يكن إيصاله إلى الإمام، وإن لم يعرف
موته ولا حياته فهو مفقود.
والحميل: المجلوب في بلاد الشرك، فإن تعارف نفسان منهم أو أكثر بنسب يوجب
التوارث واعترفا بذلك ولم يشتهرا بغير ذلك النسب قبل منهما بلا بينة، وإذا أقر انسان
بوارث ذي رحم يرث بنفسه مثل الولد والوالدين، فإن كان الولد صغيرا قبل منه
بشرطين: كون الصغير مجهول النسب غير منازع في نفسه، وإن كان كبيرا قبل منه بأربعة
شروط وتوارثا: إمكان كونه ولدا له وتصديقه إياه وكونه غير منازع في نفسه وكونه مجهول
النسب، فإن أقر بأحد والديه قبل منه بشرطين وتوارثا: إمكان ذلك وتصديقه إياه.
وإن أقر بمن يرث بغيره وكان له ورثة مشهورة النسب لم يقبل منه بغير بينة وإن لم
يكن له بينة ولا ورثة وكان المقر به طفلا قبل منه وورثه الطفل، وهو لم يرث الطفل بحال،
وإن أقر به بالغا وصدقه قبل منه وتوارثا.
وإن أقر بوارث آخر معه وصدقه ولم يكن معه وارث سواه وكان المقر به مثله تقاسما
وإن كان أولى به دفع جميع المال إليه، وإن أقر بأكثر من واحد وصدقوه دفعة فكذلك وإن أقر
بواحد بعد واحد وقال: هذا أولى بالميراث، ودفع إليه المال ثم أقر بآخر، وقال: هذا أولى منه
أو مساو له، غرم للثاني ما يستحقه بإقراره وعلى ذلك بالغا ما بلغ سواء أقر بذي قرابة
أو أحد الزوجين، وإن كان معه وارث سواه وصدقه في ذلك وكانا عدلين وكان المقر به غير
مشهور بنسب آخر وصدقهما قبل منهما على جميع الورثة وألحق نسبه، وإن لم
يكونا عدلين لم يلحق نسبهما ولزمهما له مما في أيديهما نصيبه.
وأما الجنين فإذا سقط حيا ورث وورث منه وعلامة كونه حيا الاستهلال، وإذا مات
رجل وخلف ولدا وامرأة حبلى عزل سهم ذكرين للحمل وقسم بقية المال على بقية الورثة،
فإن ولدت ذكرين توأمين فذاك وإن ولدت واحدا أو واحدة أعطي نصيبه وقسم الباقي
285

على قدر الاستحقاق.
وأما المفقود: فهو من غاب عن وطنه ولم يعلم بحياته ولا موته ولا خبره، فإذا كان
كذلك لم يتعرض لماله حتى يصح موته أو تمضي عليه مدة لا يعيش إليها مثله، فإن ظهر موته
قبل استحقاقه للميراث رد ما عزل له على مستحقيه، وإن مات بعد الاستحقاق للميراث
قسم على ورثته أو نقل إلى بيت المال إن لم يكن له وارث.
فصل في بيان ميراث الغرقى والمهدوم عليهم دفعة:
إذا غرق اثنان أو أكثر دفعة أو احترقوا أو هدم عليهم أو قتلوا لم يخل حالهم من ثلاثة
أوجه: إما يعلم موتهم في حالة واحدة أو تقدم موت بعضهم على بعض أولا يعلم شئ من
ذلك، ويجوز تقديم موت كل واحد منهم على الآخر.
فالأول: لا يكون بينهما توارث مع القرابة الموجبة للتوارث.
والثاني: يرث من تأخر موته من الذي تقدم موته على قدر استحقاقه منه.
والثالث: يورث كل واحد منهما من صاحبه من نفس تركته دون ما ورثه منه وينقل منه
إلى بقية ورثته.
ويقدم الأضعف في الميراث على الأقوى، مثاله: ثمانية نفر في سفينة فغرقت بهم أو في
بيت فانهدم عليهم، وهم: زوج وزوجة وأب كل واحد منهما وابن وبنت، فقدم توريث
الزوجة على الزوج ويورث كل واحد من الوالدين على ولده من نفس التركة دون ما ورثه
من صاحبه، فورثت الزوجة الثمن من الزوج ثم الزوج الربع منها ثم ورثت الزوجة الثلث
والسدس من الابن والبنت ثم الزوج الباقي منهما إن لم يكن لهما وارث آخر لأنهما أبواهما.
وإن كان لكل واحد منهما ولد أعطي السدس وورث أبوا كل واحد منهما السدسين
وورث كل واحد منهما من أبويه ما يستحقه وورث الابن والبنت منهما ما يخصمها وورث
هذا من ذاك من نفس تركته ومما ورثه من الآخر دون ما ورثه منه، ثم تنتقل منه بقية تركته
مع ما ورثه من غيره إلى بقية ورثته أو إلى الإمام إن لم يكن له وارث.
وإن مات شخصان كذلك وكان وارث كل واحد منهما واحدا ولم يكن لهما وارث سقط
286

هذا الحكم لفقد الفائدة، وذلك إذا مات أب وابن ولا وارث للأب سوى هذا الابن وللابن
ولد أو لا وارث لهما أصلا.
فصل في بيان ميراث الخناثى:
من كانت له آلة الرجال والنساء معا فهو خنثى ولها ثلاثة أحوال: إما يحكم عليه
بالذكورة أو بالأنوثة أو يشكل أمره، ويعتبر حاله بالمبال، فإن خرج البول من آلة الرجال
فهو رجل وإن خرج من آلة النساء فهي امرأة وإن منهما معا اعتبر بآلة سبق البول منها فإن
خرج من الآلتين اعتبر بما ينقطع منها أخيرا، فإن خرج منهما دفعة وانقطع عنهما دفعة فهو
مشكل أمره، فإن بان ذكرا كان ميراثه ميراث الرجال وإن بان أنثى كان ميراثها ميراث
النساء، وإن أشكل أمره ورث نصف ميراث الرجل ونصف ميراث الأنثى.
وقيل: بفرض بنتا ونصف بنت، مثاله: مات رجل وخلف ابنا وبنتا وخنثى، فإن
فرض الخنثى بنتا كانت الفريضة من أربعة، للابن اثنان وللبنت واحد وللخنثى واحد، وإن
فرض ابنا كان لكل واحد من الابن والخنثى اثنان وللبنت واحد، فالفريضة من خمسة
فتضرب أربعة في خمسة فتحصل منها عشرون فتضرب عشرون في حالتي الخنثى فتصير
أربعين، منها ثلاثة عشر للخنثى وثمانية عشر للابن وتسعة للبنت، وإن عد الخنثى بنت
ونصف كانت فريضتهم من تسعة، فيكون للابن أربعة وللبنت اثنتان وللخنثى ثلاثة،
وعلى ذلك يدور حساب الخنثى في الميراث.
وإن خلف مولودا لم يكن له ما للرجال ولا ما للنساء وله ثقب يخرج منها البول، فإن
خرج منتحيا كان ذكرا وإن خرج البول غير منتح كان أنثى فإن اشتبه فالحكم للقرعة.
فإن خلف مولودا له رأسان على بدنين في حقو واحد، فإن نام على أحدهما دون الآخر
أو ناما معا ونبه أحدهما برفق ولم ينتبه الآخر كانا اثنين وإن خالف ذلك كانا واحدا، ومن
تبرأ عند الحاكم من جريرة ابنه ومن ميراثه ثم مات الولد لم يرثه وكان ميراثه لغيره من
عصبته.
287

فصل في بيان ميراث ولد الملاعنة وولد الزنى:
ميراث ولد الملاعنة للأم أو من يتقرب بها إن ماتت الأم وهو يرثها ويرث من يتقرب بها
إليه وإن كان من انتفى باللعان عنه لجهة الأمومة دون الأبوة، والأب لا يرثه بحال وإن أقربه
بعد، وهو لا يرثه أيضا إلا إذا أقربه بعد ذلك. وأما ولد الزنى لا يرث أحدا إلا زوجه وولده
وولد ولده، ولا يرثه أحد إلا من يرث هو منه، ومن مات منهما عن غير وارث كان ميراثه
للإمام.
فصل في بيان ميراث المجوس:
روى أصحابنا رضي الله عنهم في ميراث المجوس ثلاث روايات:
إحداها: إنها ترث بكل نسب وسبب صحيحين أو فاسدين في شرع الاسلام.
والثانية: إنها ترث بكل نسب صحيح وفاسد وبكل سبب صحيح غير فاسد.
والثالثة: إنها ترث بنسب وسبب صحيحين غير فاسدين، ونحن نقول بالقول الأول،
ولا يمكن في نسبتها ما يستحق به الميراث بالفرض من وجهين، ويمكن ذلك من جهة النسب
والسبب معا.
وإن خلف من يمكن أن يرث بوجهين ويمنع أحدهما الآخر لم يرث إلا بواحد، مثل من
يرث أما هي أخت أو بنتا هي أخت من قبل الأم أو ابنا هو أخ أو بنتا هي بنت بنت أو ابنا هو
ابن بنت وعلى هذا لأن الأقرب يمنع الأبعد، وإن اتفق أن لا يمنع أحدهما الآخر ورث من
وجهين كمن يكون عما خالا أو عمة خالة، وإن اتفق مع كونه عما خالا كونه زوجا أو مع
كونها عمة خالة كونها زوجة ورث بالأوجه الثلاثة.
فصل في بيان جمل يعرف بها استخراج سهام المواريث:
السهام المسماة في كتاب الله تعالى ستة وقد ذكرناها ومخارجها على الصحة خمسة:
فمخرج الثلثين والثلث: ثلاثة. ومخرج
النصف: اثنان. ومخرج الربع: أربعة. ومخرج السدس: ستة. ومخرج الثمن: ثمانية.
288

فإن اجتمع في فريضة سهمان أو أكثر واختلف المخارج اعتبرنا بالمخرج الأعلى مثل
النصف والثمن لبنت وزوجة أو الثلث والسدس والنصف للأم والأب والزوج أو الربع
والثلثين للزوج والبنتين أو للزوجة والأختين وأمثالها.
فإن خرج السهام من المخرج الأعلى فذاك مثل من مات وخلف زوجا وأبوين فإنه
يكون للزوج النصف وللأم الثلث مع فقد من يحجبها والسدس مع وجوده والسدس أو
الثلث للأب فيكون الحساب في ستة وتنقسم على صحة، وإن خرجت منه وفضل شئ يحتاج
إلى الرد على واحد فقد صح أيضا، مثل زوجة وبنت فتخرج السهام من ثمانية للبنت
أربعة وللزوجة سهم واحد وفضل ثلاثة فهي للبنت.
وإن لم تخرج السهام من المخرج الأعلى لم يخل: إما يحتاج إلى الرد أو لم يحتج، فإن
احتاج لم يخل من ثلاثة أوجه: إما لا يخرج منه سهام الأصل أو سهام الرد أو سهام الأصل
والرد معا، مثل زوجة وأختين لأب وأم أو لأب أو كلالتين لأم أو زوجة وبنتين أو أكثر، فإن جميع
ذلك لا ينقسم على سهام الأصل ولا الرد، والوجه في ذلك أن يضرب المخرج الأعلى في
الآخر، فإن خرج منه سهام الأصل والرد فذاك وإن لم يخرج منه ضربت المحصول في عدد
من له الرد أو في المخرج الثالث أو في عدد من ينكسر عليه وقد صحت المسألة.
مثاله: زوجة وأختان لأب وأم أو لأب، فللزوجة الربع وهو من أربعة وللأختين الثلثان وهو
من ثلاثة فتضرب الثلاثة في الأربعة فتحصل منها اثنا عشر، فيكون للزوجة ثلاثة وللأختين
ثمانية فيبقي واحد لا ينقسم على الأختين على صحة، فيضرب المبلغ في عددهما فيصير
أربعة وعشرون منها للزوجة ستة والأختين ستة عشر فيبقي اثنان لكل واحد منهما واحد
بالرد.
وإن كان مكان الأختين ثلاثة أو أكثر فعلى ما ذكرنا وكذلك إن كان مكان الأختين من
الأب كلالتان لأم فإنه لا يخرج من أربعة سهام الأصل ولا الرد والوجه فيه ما ذكرنا.
وإن كانت زوجة وبنت كانت الفريضة من ثمانية على ما ذكرنا، فإن كانت مكان
زوجة واحدة ثلاث زوجات أو أكثر ومكان بنت واحدة اثنتان أو ثلاث ضربت ثمانية في
عدد الزوجات فصارت أربعة وعشرين منها ثلاث للزوجات، لكل واحدة واحد وللبنتين
289

أو البنات بالفرض ستة عشر، فيبقي ثلاثة فتنقسم على ثلاث بنات ولا تنقسم على بنتين،
فيضرب المبلغ ثانيا في عدد من يجب الرد عليه ويحصل منه المطلوب.
وإن خلفت المرأة زوجا وكلالتين لأم كان مخرج سهم الزوج اثنين ومخرج سهم الكلالتين
ثلاثة لم يخرج من ثلاثة السهمان معا على صحة فضربت هذا في ذاك فحصل ستة فيخرج
منها سهام الأصل دون الرد، فتضرب المبلغ ثانيا في عدد من له الرد فيصير اثني عشر
فتخرج منها سهام الأصل والرد وكذلك إن كان مكان الكلالتين ثلاثة أو أكثر.
وإن خلفت زوجا وبنتا وأحد الوالدين كان الفريضة من ستة فيخرج منها سهم البنت
وهو ثلاثة وسهم أحد الأبوين وهو واحد، ولا يخرج سهم الزوج منها ولا سهام الرد فتضرب
المبلغ في مخرج سهم الزوج، فإن حصل المقصود وإلا ضربت المبلغ الثاني في مخرج سهام
الرد وقد صحت المسألة.
فإن مات قبل القسمة أحد الورثة لم يخل من خمسة أوجه: إما يكون وارثه وارث
الميت الأول بعينه أو يكون بعض ورثة الأول يرثه أو بعض ورثة الأول يرث بعض ميراثه ويرث
الباقي غيره أو يرثه غيره أو لا يكون له وارث.
مثال الأول: رجل مات وخلف بنتين أو بنتين وبنات لأم واحدة ثم مات بعده أحدهم ولم
يكن له وارث سواهم فإنه لا يعتد في ذلك بموت الثاني.
والثاني لم يخل: إما تصح فريضة ورثة الثاني من فريضة ورثة الأول أو لا تصح، فإن
صحت فذاك وإن لم تصح ضربت إحدى الفريضتين في الأخرى وصحتا معا.
مثاله: رجل مات وخلف ثلاثة بنين لأم وبنتين لأخرى ثم مات قبل القسمة أحد البنين أو
إحدى البنتين فإن فريضتهم من ثمانية، فإن مات أحد البنين كان فرضه اثنان فيكون لكل
أخ واحد، وإن مات بعده أو مكانه إحدى البنات كان فرضها واحد فيكون للأخرى، وإن
مات وخلف ابنين وثلاث بنات لأم وبنتا أخرى لأم أخرى ثم ماتت بنت من البنات الثلاث
قبل القسمة كانت فريضتهم أيضا من ثمانية ولم ينقسم نصيبها وهو واحد على ستة
فضربت ثمانية في ستة فيكون لكل واحد من الابنين اثنا عشر ولكل واحدة من البنات
ستة فماتت إحداهن فيكون منها لكل واحد من أخوتها اثنان ولكل واحدة من أختيها لأم
290

واحد.
والثالث: إن صحت فريضة الأولى من الثانية فذاك وإن لم تصح ضربت المسألة في
عدد من ينكسر عليه.
مثاله: رجل مات وخلف أربع أخوات لأب وزوجة كان فريضة الزوجة من أربعة
وفريضة الأخوات من ثلاثة، فضربت هذا في ذاك فحصل منها اثنا عشر منها ثمانية للأخوات
وثلاثة للزوجة فيبقي واحد ولا ينقسم على أربعة فيضرب المبلغ في عددهن فيحصل منها
ثمانية وأربعون، منها للزوجة اثنا عشر ولكل واحدة من البنات تسعة، فإذا ماتت واحدة
قبل القسمة وخلفت الأخوات الثلاث وثلاث أخوات أخر لأم كان ثلث التسعة لهن وهو
ثلاثة لكل واحدة واحد وثلثاها للأخوات من الأب لكل واحدة اثنان.
ومثال الثاني: المسألة بعينها إلا أنه يكون مكان ثلاث أخوات للأم اثنتان أو أربع،
فتضرب المبلغ في عدد من ينكسر عليه وقد صحت المسألة.
والرابع: إن صحت المسألة الثانية من الأولى قسمت منها.
مثاله: مات رجل وخلف أبا وابنين وبنتا، فمات بعده قبل القسمة أحد الابنين
وخلف ابنتين أو ابنين فتكون المسألة من ستة للأب منها واحد ولبنت أيضا واحد ولكل
واحد من الابنين اثنان فمات أحدهما فيكون نصبه لولديه لكل واحد منهما واحد، وإن
لم تصح منها ضربت إحدى الفريضتين في الأخرى وصحت منه.
مثاله: المسألة المذكورة بعينها إلا أنه خلف الميت الثاني مع الابنين بنتا ولا يمكن أن
ينقسم اثنان على ابنين وبنت، فتضرب ستة في مخرج فريضتهم وهو خمسة فيحصل منها ثلاثون
فينقسم عليهم جميعا على صحة.
والخامس: يكون نصيبه لبيت المال ولا يحتاج إلى بيان قسمة.
مثاله: امرأة ماتت وخلفت إخوة وأخوات وزوجا، فمات الزوج قبل القسمة ولم
يخلف وارثا فيكون ميراثه للإمام.
ولاستخراج سهام المواريث والمقاسمات مسائل كثيرة لا يحتملها كتابنا هذا
فاقتصرنا على القليل.
291

إصباح الشيعة
بمصباح الشريعة
لنظام الدين أبي الحسن سلمان بن الحسن بن سليمان الصهرشتي
293

كتاب الفرائض
الفرائض لا بد فيها من معرفة ستة أشياء: ما به يستحق الميراث وما به يمتنع
ومقادير سهام الوراث وترتيبهم في استحقاق وتفصيل أحكامهم مع الانفراد
والاجتماع وكيفية القسمة عليهم.
أما ما به يستحق فشيئان: نسب وسبب. والسبب ضربان: زوجية وولاء. والولاء،
ثلاثة: ولاء العتق وولاء تضمن الجريرة وولاء الإمامة.
وأما ما به يمتنع فثلاثة أشياء: الكفر والرق وقتل المورث منه عمدا على وجه الظلم.
وأما المقادير فستة: النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس.
فالنصف سهم أربعة: سهم الزوج مع عدم الولد وولد الولد وإن نزلوا وسهم البنت إذا لم
يكن ابن غيرها من الأولاد والأخت من الأب والأم والأخت من الأب إذا لم يكن أخت من
أب وأم.
والربع سهم اثنين سهم الزوج مع وجود الولد أو ولد الولد وإن نزلوا وسهم الزوجة
مع عدمهم.
والثمن سهم الزوجة فقط مع وجود الولد وولد الولد وإن نزلوا.
295

والثلثان سهم ثلاثة: سهم البنتين فصاعدا مع فقد الابن والأختين فما زاد من
الأب والأم والأختين فصاعدا من الأب إذا لم تكن أخوات من أب وأم.
والثلث سهم اثنين سهم الأم مع عدم الولد وولد الولد وعدم من يحجبها من الإخوة
وسهم اثنين فصاعدا من كلالة الأم.
والسدس سهم خمسة: سهم كل واحد من الأبوين مع وجود الولد أو ولد الولد وإن
نزلوا، وسهم الأم مع عدم الولد ووجود من يحجبها من الإخوة وسهم الواحد من الإخوة أو
الأجداد من قبل الأم.
فصل:
وأما ترتيب الوارث فالواجب تقديم الأبوين والولد ولا يرث معهم ولا مع واحد منهم ممن
عداهم إلا الزوج والزوجة فإنهما يرثان مع جميع الوارث، وحكم ولد الولد وإن نزلوا حكم آبائهم
وأمهاتهم في الاستحقاق ومشاركة الأبوين وحجبهما عن أعلى السهمين وحجب من عداهما
من الإرث جملة إلا من استثنيناه والأقرب من الأولاد أولى من الأبعد وإن كان الأقرب بنتا
والأبعد ابن ابن، وإن عدم الأبوان والولد فالواجب تقديم الإخوة والأخوات والأجداد
والجدات فلا يرث مع جميعهم ولا واحدهم من عداهم إلا الزوج والزوجة.
وحكم أولاد الإخوة والأخوات وإن نزلوا حكم آبائهم وأمهاتهم في
الاستحقاق ومشاركة الأجداد وحجب من سواهم واعتبار الأقرب منهم فالأقرب، فإن لم
يكن أحد من هؤلاء وجب تقديم الأعمام والعمات والأخوال والخالات أو واحدهم على
غيرهم من الوارث إلا من استثنيناه وحكم أولادهم وإن نزلوا حكم آبائهم وأمهاتهم
على ما سبق إلا في مشاركة الأخوال والأعمام وفي أن ابن العم للأب والأم أحق بالميراث من
العم للأب فإن عدم هؤلاء الوراث فالمستحق من له الولاء بالعتق أو تضمن الجريرة دون
الإمام ويقوم ولد المعتق الذكور منهم دون الإناث مقامه فإن لم يكن له ولد قام عصبته
مقامهم.
296

فصل في تقسيم أحكام الوارث مع الانفراد والاجتماع:
إذا انفرد الأبوان من الولد كان المال كله لهما للأم الثلث والباقي للأب والمال كله
لأحدهما إذا انفرد، فإن كان معهما زوج أو زوجة فللأم الثلث من أصل التركة والباقي بعد
سهم الزوج أو الزوجة للأب وإن كان معهما أخوان أو أربع أخوات أو أخ وأختان لأب
أو لأب وأم أحرار مسلمون فالأم محجوبة عن الثلث إلى السدس وللأبوين مع الولد سدسان
بينهما بالسوية ولأحدهما السدس واحدا كان الولد أو أكثر ذكرا كان أو أنثى إلا أنه إن كان
ذكرا فله جميع الباقي بعد سهم الأبوين، وإن كان ذكرا وأنثى فللذكر مثل حظ الأنثيين، وإن
كان أنثى فلها النصف والباقي رد عليها وعلى الأبوين، وإن كان معهما بنتان فصاعدا كان
لهما الثلثان وللأبوين السدسان ولا لأحد الأبوين معهما السدس والباقي رد عليهم بحساب
سهامهم، فإن كان هناك أخوة يحجبون الأم لم يرد عليها شئ فإن كان مع الأبوين والولد
زوج أو زوجة كان للولد ما يبقى بعد سهم الأبوين والزوج أو الزوجة واحدا كان الولد أو
جماعة ذكرا أو أنثى، وإن لم يف الباقي بالمسمى للبنت أو البنات دخل النقص على البنت
أو البنات دون الأبوين والزوج أو الزوجة
فصل:
وإذا انفرد الولد من الأبوين وأحد الزوجين فله المال كله سواء كان واحدا أو جماعة
ذكرا أو أنثى فلا يرث مع البنت سوى من سبق عصبة كان أم لا بل النصف لها بالتسمية
والنصف الآخر بالرد بالرحم، وولد الولد يأخذ ميراث من يتقرب به كابن بنت وبنت ابن
فلابن البنت الثلث ولبنت الابن الثلثان، ويستحب أن يخص الأكبر من الولد الذكور
بسيف أبيه وبمصحفه وخاتمه إذا كان هناك تركة سوى ذلك وقيل: يحتسب بقيمة ذلك عليه
من سهمه، ليجمع بين ظاهر القرآن وما اجتمعت عليه الطائفة، وكذا قيل فيما روي من أن
الزوجة لا ترث من الرباع والأرضين شيئا فحمل على أنها لا ترث من نفس ذلك بل من
قيمته.
297

فصل:
ولواحد الإخوة أو الأخوات أو الأجداد أو الجدات إذا انفرد جميع المال من أي
الجهات كان، وإذا اجتمع كلالة الأم مع كلالة الأب والأم كان للواحد من قبل الأم أخا كان أو
أختا جدا أو جدة السدس وللاثنين فصاعدا الثلث الذكر والأنثى فيه سواء، وروي أن
لواحد الأجداد من قبل الأم الثلث نصيب الأم والباقي لكلالة الأب (أو الأب) والأم أخا كان
أو أختا جدا أو جدة، فإن كانوا جماعة ذكورا وإناثا فللذكر مثل حظ الأنثيين، ولا يرث أحد
من الإخوة والأخوات من قبل الأب خاصة مع وجود واحد منهم من الأب والأم أخا كان أم
أختا.
ومتى اجتمع واحد من كلالة الأم مع أخت أو أختين فصاعدا من الأب والأم كان
الفاضل من سهامهم مردودا على كلالة الأب والأم خاصة ويشترك كلالة الأم مع كلالة الأب في
الفاضل على قدر سهامهم، وقيل: يختص بالرد كلالة الأب لأن النقص يدخل عليها خاصة
إذا نقصت التركة عن سهامهم لمزاحمة الزوج أو الزوجة ولا يدخل على كلالة الأم
ولا على الزوج والزوجة على كل حال، وولد الإخوة والأخوات وإن نزلوا يقومون عند
فقدهم مقامهم في مقاسمة الأجداد وفي الحجب لغيرهم وكذا حكم الأجداد والجدات وإن
علوا والأدنى من جميعهم - وإن كان أنثى - أحق من الأبعد وإن كان ذكرا.
ويستحب أطعام الجد والجدة من قبل الأب السدس من نصيب الأب إذا كان حيا
وسهمه الأوفر يعني أكثر من السدس وإن كان السدس فلا طعمة وكذا إن مات الأبوان فإن
وجدا معا فالسدس بينهما نصفان وقد قيل: إن هذا حكم الجد والجدة من قبل الأم معها.
فصل:
ويرث الأعمام والعمات والأخوال والخالات مع فقد من ذكرنا ويجري الأعمام والعمات من
الأب والأم مجرى الإخوة والأخوات من قبلهما في كيفية الميراث وفي اسقاط الأعمام والعمات
من قبل الأب فقط ويجري الأخوال والخالات مجرى الإخوة والأخوات من قبل الأم
ولواحدهم إذا اجتمع مع الأعمام والعمات السدس ولمن زاد عليه الثلث الذكر والأنثى فيه
298

سواء والباقي للأعمام من قبل الأم والأب إذا لم يكن واحد منهم من قبل أب وأم للذكر من
هؤلاء مثل حظ الأنثيين.
فإن اجتمع الأعمام والعمات المتفرقون مع الأخوال والخالات المتفرقين كان للأعمام
والعمات الثلثان، لمن هو للأم من ذلك السدس والباقي لمن هو للأب والأم دون من هو للأب
وللأخوال والخالات الثلث لمن هو للأم منه السدس والباقي لمن هو للأب والأم دون من هو
للأب، ولا يقوم ولد الأعمام والعمات مقام آبائهم وأمهاتهم في مقاسمة الأخوال والخالات،
ولا يقوم أيضا ولد الخؤولة والخالات مقام آبائهم وأمهاتهم في مقاسمة الأعمام والعمات، فلو
ترك عمة أو خالة مثلا مع ابن عم وابن خال لكانت كل واحدة من العمة والخالة أحق
بالميراث منهما ولا يرث الأبعد من هؤلاء مع من هو أدنى منه إلا في مسألة ذكرناها.
فصل:
فإن لم يكن أحد منهم كان ميراثه لمن أعتقه تبرعا لا في واجب ككفارة سواء كان
المعتق رجلا أو امرأة فإن لم يكن المعتق باقيا فلولده الذكور منهم دون الإناث وقيل: إن ولد
المعتقة لا يقومون مقامها في الميراث ذكورا كانوا أو إناثا. فإن لم يكن للمعتق أولاد فالميراث
لعصبته وأولادهم الإخوة ثم الأعمام ثم بنو العم.
ومن زوج عبده لمعتقة غيره فولاء أولادها لمن أعتقها فإن أعتق أبوهم انجر ولاء
الأولاد إلى من أعتقه ممن أعتق أمهم وإن أعتق جدهم من أبيهم مع كون أبيهم عبدا انجر
ولاء الأولاد إلى من أعتق جدهم، فإن أعتق بعد ذلك أبوهم انجر الولاء ممن أعتق جدهم
إلى من أعتق أباهم.
وحكم المدبر حكم المعتق سواء ولا يثبت الولاء على المكاتب إلا بالشرط فإن لم
يشترط ذلك كان سائبة.
فصل:
فإن لم يوجد أحدهم وكان الميت سائبة بأن يكون معتقا في كفارة واجب أو معتقا
299

تطوعا وقد تبرأ معتقه من جريرته أو مكاتبا غير مشروط عليه الولاء وقد توالى من ضمن
جريرته كان ميراثه له، فإن مات بطل هذا الولاء ولم ينتقل إلى ورثته فإن عدم جميع هؤلاء
الوراث فالوارث الإمام، فإذا مات انتقل إلى من يقوم مقامه في الإمامة دون من يرث تركته،
وفي حال الغيبة يقسم في الفقراء إن أمكن وسهم الزوج والزوجة ثابت مع جميع ما ذكرناه.
إذا انفرد الزوج بالميراث فله النصف بالتسمية والنصف الآخر بالرد ولا يرد على
الزوجة، وقيل: يرد.
فصل:
المسلم يرث الكافر وإن بعد نسبه إما بالعكس فلا كما مضى وإذا كان للكافر أولاد
أصاغر وقرابة مسلم أنفق عليهم من التركة حتى يبلغوا، فإن أسلموا فالميراث لهم وإلا
فللمسلم، وإذا كان أحد أبوي الصغار مسلما قهروا على الاسلام إذا بلغوا وأعطوا
الميراث فإن أبوا فحكمهم حكم المرتدين، ولا يرث المرتد كافرا. وإذا أسلم الكافر أو
أعتق المملوك بعد القسمة أو بعد نقل المال إلى بيت المال لم يرث شيئا.
ومتى لم يكن للميت إلا وارث مملوك ابتيع من التركة وأعتق وورث الباقي ويجبر
المالك على بيعه هذا إذا كانت التركة تبلغ قيمته فما زاد، فأما إذا نقصت عن ذلك
فلا يجب شراؤه وقيل: إذا كان أقل منها استسعى في الباقي، والأول أظهر.
وأم الولد إذا مات سيدها وولدها حي جعلت في نصيبه وعتقت عليه، فإن لم يخلف
غيرها عتق منها نصيب الولد واستسعيت في الباقي لغيره من الورثة، فإن كان ثمنها دينا
على سيدها قومت على ولدها وتركت حتى يبلغ فإذا بلغ أجبر على قضاء ثمنها فإن مات
قبل البلوغ بيعت لقضائه.
القاتل خطأ يرث مقتوله مما عدا الدية المستحقة عليه ولا يورث من الدية أحد من
كلالة الأم ويرثها من عداهم من ذوي الأسباب والأنساب.
300

فصل:
إذا كان لرجل أربع نسوة فطلق إحداهن ثم تزوج بالأخرى ثم مات ولم تتميز
المطلقة كان ربع ميراثهن للمزوجة أخيرا والباقي بين الأربعة المطلقة إحداهن.
والمطلقة في مرض الوفاة ترث زوجها إلى سنة إلا إذا تزوجت أو زاد على سنة ولو
يوم واحد سواء كان الطلاق رجعيا أو بائنا وهو يرثها ما دامت في العدة إذا كان الطلاق
رجعيا، فإن صح من مرضه ثم مات فلا ميراث لها إلا في الرجعي فإنها ترثه ما لم تخرج من
العدة، وإذا تزوج المريض فإن دخل بها صح العقد وتوارثا، فإن لم يدخل بها ومات بطل
العقد.
وإذا تزوج امرأة صحيحا أو في مرض برأ منه ثم طلقها قبل الدخول بها لم يتوارثا،
وإن مات قبل الطلاق ورثته. والصبيان إذا زوجهما أبواهما ثم مات أحدهما ورثه الآخر
فإن كان العاقد عليهما غير الأبوين فلا توارث بينهما حتى يبلغا ويرضيا، فإن ماتت
الصبية قبل البلوغ وكان الصبي قد بلغ ورضي بالعقد لم يرثها لأن لها الخيار إذا بلغت
وكذا بالعكس، وإذا بلغ الصبي ورضي بالعقد ولم تبلغ الصبية ومات الصبي عزل
ميراث الصبية فإن بلغت ورضيت بالعقد حلفت بالله أنها ما أظهرت الرضا بالعقد
للطمع ثم سلم إليها حقها منه وكذا في الصبي.
فصل:
ويرث ولد الملاعنة أمه ومن يتقرب بها وترثه هي ومن يتقرب بها ولا
يرثه أبوه ولا من يتقرب به على حال ولا يرثه الولد إلا أن يقر به بعد اللعان.
وولد الزنى لا يرث أبويه ولا من يتقرب بهما ولا يرثونه على حال لأنه ليس بولد شرعا
لأن الولد للفراش وقيل: حكمه حكم الولد الملاعنة، فإن كانوا توأمين لم يتوارثا على القول
الأول وتوارثا بالأمومة على الثاني ويعزل من التركة مقدار نصيب الحمل والاستظهار
يقتضي عزل نصيب ذكرين.
فإن ولد ميتا فلا شئ له وإن ولد حيا ورث ويعلم حياته بالاستهلال والحركة
301

فمن أي الفرجين خرج ورث عليه، فإن خرج منهما معا يعتبر بالسبق فمن أيهما سبق
ورث عليه فإن تساوى خروجه منهما اعتبر بانقطاعه فمن انقطع منه أولا ورث عليه، فإن
تساوى انقطاعه منهما ورث نصف ميراث الرجال ونصف ميراث النساء وقد روي أنه
يعد أضلاعه فإن نقص أحد الجانبين ورث ميراث الرجال وإن تساويا ورث ميراث النساء.
فإن لم يكن للمولود فرج استخرج بالقرعة ويكتب على سهم: عبد الله، وعلى
آخر: أمة الله، ويخلطان بالرقاع المبهمة ثم يستخرج واحد فما خرج ورث عليه.
ومتى ولد من له رأسان أو بدنان على حقو واحد تركا حتى يناما ثم ينبه أحدهما فإن
انتبها معا ورث ميراث شخص واحد وإن انتبه أحدهما دون الآخر ورثا ميراث
شخصين.
وإذا تعارف المجلوبون من بلاد الشرك بنسب يوجب الموارثة بينهم قبل قولهم
بلا بينة وورثوا عليه إلا أن يكونوا معروفين بغير ذلك النسب أو قامت البينة بخلافه.
ويوقف نصيب الأسير في بلاد الكفر إلى أن يجئ أو يصح موته، فإن لم
يعلم مكانه فهو مفقود وحكمه أن يطلب في الأرض أربع سنين فإن لم يعلم له خبر في هذه
المدة قسم ماله بين ورثته وقيل، لا يقسم مال المفقود حتى يعلم موته أو يمضى مدة لا يعيش
مثله إليها.
ومن وطأ امرأته أو جاريته ثم وطأها غيره في تلك الحال فجاءت بولد لم يلحقه
بنفسه لكن عزل له شيئا من ماله عند وفاته ولم يرث هو ذلك الولد، وإذا وطأ نفسان
فصاعدا جارية مشتركة بينهم فجاءت بولد أقرع بينهم فمن خرج اسمه ألحق به وضمن
لباقي الشركاء حصتهم وتوارثا، فإن وطأها نفسان في طهر واحد بعد انتقال الملك من
أحدهما إلى الآخر كان الولد لاحقا بمن عنده الجارية فتوارثا.
ومن تبرأ عند السلطان من جريرة ولده ومن ميراثه ثم مات الولد كان ميراثه لورثة
أبيه دون أبيه إذا لم يخلف غيرهم، ودية الميت وما يجنى به عليه يتصدق بها عنه
ولا يستحقها ورثته.
إذا مات اثنان فصاعدا في وقت واحد وكانا ممن يتوارث بهدم أو غرق ولم يعلم
302

أيهما مات قبل صاحبه ورث أحدهما من الآخر من نفس تركته لا مما يرثه من صاحبه وأيهما
قدم جاز، وروي: أن الأولى تقديم الأضعف في الاستحقاق وتأخير الأقوى. ثم ينقل ميراث
كل واحد منهما من صاحبه إلى وارثه فإن كان أحدهما يرث صاحبه والآخر لا يرثه بطل هذا
الحكم وانتقل (ميراث) كل منهما إلى وارثه بلا واسطة.
لأصحابنا في ميراث المجوسي ثلاثة مذاهب: أحدها أنهم لا يورثون إلا بسبب
أو نسب يسوع في الاسلام والثاني أنهم يورثون بالنسب على كل حال وبسبب يجوز في
الشرع لا غير والثالث أنهم يورثون بكلا الأمرين معا النسب والسبب جاز في الاسلام أو لا
ما لم يسقط بعضه بعضا، والأخير اختيار أبي جعفر. ومن عدا المجوس من الكفار إذا تحاكموا
إلينا ورثناهم على شريعة الاسلام.
فصل:
في كيفية القسمة على الوراث يحتاج إلى تصحيح السهام في قسمة الأرضين
والرباع والوجه في ذلك أن يضرب سهام المنكسر عليهم في أصل الفريضة فما بلغت إليه
خرجت منه السهام صحاحا وأصل الفريضة هو أقل عدد يخرج منه السهام المسماة فيها صحاحا
مثل أن يجتمع مع النصف ثلث أو سدس فيكون أصلها من ستة، فإن كان معه ربع فأصلها
من أربعة، فإن كان مع النصف ثمن فأصلها من ثمانية، فإن كان مع الثلاث ثلث
أو سدس فأصلها من اثني عشر، وإن كان مع الثمن ثلثان أو سدس فأصلها من أربعة
وعشرين.
مثال ما سبق في تصحيح السهام أن نفرض والدين وابنا وبنتا فأصل فريضتهم
من ستة للأبوين سهمان ويبقى أربعة تنكسر على الابن والبنت، فتضرب سهامهما وهي ثلاثة
للابن سهمان وللبنت سهم في أصل الفريضة وهي ستة فيكون ثمانية عشر لكل واحد
من الأبوين ثلاثة ويبقى اثنا عشر للابن منها ثمانية وللبنت أربعة، وكذا لو كان مكان الابن
والبنت ثلاث بنات فإنا نضرب سهامهن وهي ثلاثة في أصل الفريضة فيكون للأبوين ستة
ولكل واحدة من البنات أربعة.
303

وإن كان في الفريضة رد ينكسر فالوجه أن يجمع مخرج فرائض من يجب الرد عليه
ثم يضرب في أصل الفريضة ويقسم الجميع كفريضة الأبوين والبنت مثلا فإن أصلها من
ستة: للأبوين الثلث وللبنت النصف ويبقى سهم ينكسر في الرد عليهم، ومخرج الثلث من ثلاثة
ومخرج النصف من اثنين وذلك خمسة فنضرب في أصل الفريضة وهي ستة فيكون ثلاثين
للأبوين. عشرة وللبنت خمسة عشر بالفرض وللأبوين من الباقي وهو خمسة سهمان وللبنت
ثلاثة بالرد.
فصل:
والوجه في تصحيح المناسخات أن تصحح مسألة الميت الأول ثم تصحح مسألة
الميت الثاني ويقسم ما يختص بالميت الثاني من المسألة الأولى على سهام مسألته، فإن انقسم
فقد صحت المسألتان مما صح من مسألة الميت الأول كمن مات وخلف أبوين وابنين فأصلها
من ستة: للأبوين سهمان ولكل واحد من الابنين سهمان، فإن مات أحد الابنين وخلف ابنين
كان لكل واحد منهما سهم من هذين السهمين فقد صحت المسألتان من المسألة الأولى، وإن
لم ينقسم الثانية من الأولى جمعنا سهام المسألة الثانية وضربناها في سهام المسألة الأولى مثل
أن يخلف أحد الابنين في المسألة المذكورة ابنا وبنتا فإن سهمه وهو اثنان من ستة ينكسر
عليهما فنضرب سهم الابن وهو اثنان وسهم البنت وهو واحد في أصل الفريضة في المسألة
الأولى وهي ستة فيكون ثمانية عشر للأبوين السدسان ستة ولكل واحد من الابنين ستة
فيكون لابنه وبنته اللذين خلفهما للذكر مثل حظ الأنثيين من غير انكسار، وكذا الحكم
لو مات ثالث ورابع فما زاد فإنا نصحح مسألة كل ميت ونقسم ماله من مسائل من مات
قبله من السهام على سهام مسألته فإن انقسم فقد صحت المسائل كلها وإن لم
تصح ضربنا جميع مسألته فيما صحت من مسائل من مات قبله فما اجتمع صحت منه
المسائل كلها.
304

السرائر
الحاوي لتحرير الفتاوى
لأبي منصور محمد بن إدريس محمد العجلي الحلي
558 - 598 ه‍ ق
305

كتاب المواريث والفرائض
روي عن النبي ع أنه قال: تعلموا الفرائض وعلموها الناس فإنها نصف
العلم وهو ينسى وهو أول شئ ينتزع من أمتي. وروى عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله
عليه وعلى آله قال: تعلموا القرآن وعلموه الناس وتعلموا الفرائض وعلموها الناس فإني امرؤ
مقبوض وسيقبض العلم وتظهر الفتن حتى يختلف الرجلان في فريضة لا يجدان من يفصل
بينهما، وكانت الجاهلية تتوارث بالحلف والنصرة وأقروا على ذلك في صدر الاسلام في
قوله: والذين عقدت أيمانكم فأتوهم نصيبهم، ثم نسخ ذلك بسورة الأنفال بقوله تعالى:
وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض، وكانوا يتوارثون بالإسلام والهجرة.
فروي أن النبي ص آخى بين المهاجرين والأنصار لما قدم المدينة
فكان يرث المهاجري من الأنصاري والأنصاري من المهاجري ولا يرث وارثه الذي كان له
بمكة وإن كان مسلما لقوله: إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل
الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض و الذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم
من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر.
ثم نسخت هذه الآية بالقرابة والرحم والنسب والأسباب بقوله تعالى: وأولوا الأرحام
بعضهم أولى ببعض في كتاب الله، وفي آية أخرى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض
في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا، فبين أن
أولى الأرحام أولى من المهاجرين إلا أن يكون وصية.
307

وقوله تعالى: للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك
الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا، ثم قدر ذلك في سورة النساء في
ثلاث آيات.
في قوله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين، ذكر فرض
ثلاثة: أحدها جعل للبنت النصف وللبنتين الثلثين فإن كانوا ذكورا وإناثا فللذكر مثل
حظ الأنثيين، ثم بين ذكر الوالدين وأن لكل واحد منهما السدس مع الولد فإن لم يكن ولد
فللأم الثلث والباقي للأب، وإن كانوا إخوة معهما فلأمه السدس والباقي للأب في قوله
تعالى: ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد
وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس، هذه الآية الأولى.
ثم قال: ولكم نصف ما ترك أزواجكم، فذكر في صدر هذه الآية حكمين وذكر في آخرها
حكم الكلالة، ذكر في أولها حكم الزوج والزوجة وأن للزوج إذا لم يكن ولد
النصف فإن كان له ولد فله الربع وللزوجة الربع إذا لم يكن ولد فإن كان ولد فلها الثمن،
ثم عقب بالكلالة فقال: إن كان له أخ من أم أو أخت فله السدس وإن كانوا اثنين
فصاعدا فلهم الثلث، وفي قراءة ابن مسعود: وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو
أخت من أم فلكل واحد منها السدس، وأيضا فإن الله تعالى ذكر أنثى وذكرا وجعل لهما
الثلث ولم يفضل أحدهما على الآخر ثبت أنه يأخذ بالرحم.
الآية الثالثة في آخر سورة النساء قوله: يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة، فذكر فيها
أربعة أحكام: ذكر أن للأخت من الأب والأم إذا كانت واحدة لها النصف، وإن ماتت
هي ولم يكن لها ولد ولها أخ فالأخ يأخذ الكل، وإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان، وإن كانوا
أخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين. وروي عن ابن عباس أنه قال: من علم
سورة النساء وعلم من يحجب ومن لا يحجب فقد علم الفرائض.
فإذا ثبت هذا فالإرث على ضربين: خاص وعام.
فالعام إذا مات ميت ولم يكن له وارث ولا مولى نعمة ولا مولى تضمن جريرة، كانت
308

تركته عند أصحابنا لإمام المسلمين خاصة وهو الذي يعقل عنه، وإن مات ذمي ولا وارث
له كان كذلك للإمام وعند المخالف يكون ميراثه لبيت مال المسلمين فيئا.
والإرث الخاص يكون بشيئين نسب وسبب، والسبب سببان: زوجية وولاء، والولاء
على ثلاثة أقسام: ولاء النعمة وولاء تضمن الجريرة وولاء الإمامة. فالميراث بالنسب
يثبت على وجهين: بالفرض والقرابة، فإذا مات ميت فلا يخلو حاله من ثلاثة أقسام:
أولها أن يخلف من يجوز جميع المال، والثاني أن يخلف من يأخذ بعض ماله، الثالث لم
يخلف أحدا.
فإن خلف من يجوز جميع المال فلا يخلو ذلك من ثلاثة أقسام: أحدها يأخذ الكل
بالقرابة، الثاني يأخذ الكل بالفرض، الثالث يأخذ بالفرض والقرابة.
فمن يأخذ بالقرابة فقط مثل الابن أو الأب فإنهما يأخذان المال بالقرابة عندنا دون
التعصيب لأن التعصيب عندنا باطل، وكذلك الجد والأخ وابن الأخ والعم، وكذلك من
يتقرب من قبل الأم فإن كل واحد من هؤلاء يأخذ جميع المال بالقرابة. وأما المولى فإنه يأخذ
بحق الولاء دون التعصيب، فإن كانوا جماعة أخذوا المال كله بالقرابة أو الولاء لأنه ليس
لهم تسمية فيأخذون بها، والعصبة عندنا باطلة.
ومن يأخذ بالفرض دون القرابة مثل الزوج والأخت إذا اجتمعا، يأخذ الزوج النصف
والأخت النصف بلا خلاف، وكذلك حكم البنتين والأبوين والأختين من الأب والأم أو
الأب مع الأختين أو الأخوين من الأم.
ومن يأخذ بالفرض والقرابة مثل الزوج والعم أو ابن العم ومن يجري مجراه، فإن الزوج
يأخذ بالفرض والباقي يأخذون بالقرابة دون التعصيب، وكذلك كل من له سهم مسمى
ويفضل عن سهمه من ذوي الأنساب إذا لم يكن هناك غيره فإنه يأخذ ما سمي له
بالفرض والباقي بالقرابة يرد عليه، مثل أن يخلف البنت وحدها أو البنتين فإنها تأخذ
النصف إذا كانت وحدها والثلثين إذا كانتا اثنتين والباقي رد عليها أو عليهما، فإذا لم يخلف
أحدا ممن يرثه فإن ميراثه عندنا لإمام المسلمين وعند المخالف لبيت المال، فإذا ثبت هذا
309

فإن كان الإمام ظاهرا سلم إليه وإن لم يكن ظاهرا حفظ له كما يحفظ سائر حقوقه ولا يسلم
إلى سلاطين الجور فمن سلمه مع الاختيار إلى سلاطين الجور كان ضامنا.
وجملة الأمر وعقد الباب ما يحتاج إلى العلم به في ذلك ستة أشياء: ما به يستحق
الميراث، وما به يمتنع، ومقادير سهام الوراث، وترتيبهم في الاستحقاق، وتفصيل
أحكامهم مع الانفراد والاجتماع، وكيفية القسمة عليهم.
فأما ما به يستحق فشيئان: نسب وسبب، والسبب ضربان: زوجية وولاء، والولاء
على ضروب ثلاثة: ولاء العتق المتبرع به وولاء تضمن الجريرة وولاء الإمامة على
ما قدمناه.
وأما ما به يمتنع فثلاثة أشياء: الكفر والرق وقتل الوراث عمدا على وجه الظلم، فكل
ما يمنع من الميراث من الكفر والرق والقتل يمنع من حجب الأم من الثلث إلى السدس،
فإذا ثبت هذا فإنهم لا يرثون ولا يحجبون، وهو إجماع الأمة إلا ابن مسعود فإنه انفرد في جملة
الخمس المسائل بأن هؤلاء يحجبون فلا يعتد بخلافه لأنه قد انقرض وخصوصا على مذهبنا
في الاجماع وعلة كونه حجة.
فصل:
وأما مقادير السهام فستة: النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس.
فالنصف سهم أربعة: سهم الزوج مع عدم الولد وولد الولد وإن نزلوا ذكورا كانوا أو
إناثا، وسهم البنت إذا لم يكن غيرها من الأولاد، والأخت من الأب والأم، والأخت من
الأب إذا لم يكن أخت من أب وأم. والربع سهم اثنين: سهم الزوج مع وجود الولد وولد
الولد وإن نزلوا، وسهم الزوجة مع عدمهم.
والثمن سهم الزوجة أو الزوجات الأربع أو ما زاد عليهن في بعض الأحكام لأن
المريض إذا طلق أربعا في مرضه طلاقا ثالثا فله أن يتزوج بأربع غيرهن قبل خروجهن من
عدتهن، فإذا دخل بمن تزوجهن أخيرا ثم مات قبل برئه من مرضه الذي طلق الأربع فيه
310

وقبل سنة من طلاقه لهن وقبل تزويجهن، فإن الثمان النسوة يرثنه الثمن إن ترك معهن ولدا
أو ولد ولد وإن نزلوا لأنهم ينطلق عليهم اسم الولد حقيقة عندنا، والربع إن لم يترك ولدا
ويكون بين جميعهن بالسوية، ويتقدر أن يكون أكثر من ثماني نسوة أضعافهن على التقرير
والتقدير الذي قدرنا وحررناه بغير خلاف بين أصحابنا فلا يتعجب مما يقوم الدليل على
صحته بل الدليل كما يقال يعمل العجب.
والثلثان سهم ثلاثة: سهم البنتين فصاعدا، والأختين فما زاد من الأب والأم،
والأختين فصاعدا من الأب إذا لم يكن أخوات من أب وأم.
والثلث سهم اثنين: سهم الأم مع عدم الولد وولد الولد وعدم من يحجبها من الإخوة
المخصوصين بنسب مخصوص وعدد مخصوص وانتفاء صفات مخصوصة،
معنى قولنا: بنسب مخصوص، أن يكونوا من الأب والأم أو من الأب، فأما إن كانوا من الأم
وحدها فلا يحجبونها عن الثلث بحال ولو كانوا ألفا. وقولنا: عدد مخصوص، أن يكونوا ذكرين
موجودين منفصلين عن البطن لأن الحمل عندنا لا يحجب أو يكونوا أربع أخوات أو يكونوا ذكرا
وأنثيين ولا يحجب أقل من هذه العدة. وقولنا: انتفاء صفات مخصوصة، أن لا يكونوا قتلة عمدا
على جهة الظلم للمقتول ولا عبيدا ولا كفرة لأن كل من حصلت فيه إحدى هذه الصفات
الثلاث فإنه لا يحجب ولا يرث ولو كانوا ألفا.
وسهم الاثنين سواء كانا ذكرين أو أنثيين فصاعدا من كلالة الأم.
والكلالة عند أصحابنا الإخوة ومن انضم إليهم، فأما إذا لم يكن من الإخوة للأم أحد
فإن المتقرب بالأم يأخذ نصيبها وهو الثلث سواء كان واحدا المتقرب بها أو أكثر من واحد
ويأخذه بالقربى لا بالفرض والتسمية بخلاف الإخوة لأن الإخوة يأخذون بالتسمية
والفرض، للواحد السدس ومن زاد عليه الثلث.
وقد ذهب بعض أصحابنا إلى أن للجد من قبل الأم السدس وللاثنين الثلث وأجراهم مجرى
الإخوة، والأظهر الأول لأن الإخوة يأخذون بالفرض والتسمية بغير خلاف فلا يزادون على
ما سمي لهم، والأجداد من قبلها يأخذون سهم الأم وهو الثلث الواحد منهم الثلث والجماعة
311

الثلث هذا إذا انفردوا عن الإخوة من قبلها، فأما إذا اجتمعوا مع الإخوة أخذ الجميع من الإخوة
والأجداد معا الثلث يكون بينهم بالسوية لا يفضل أحد على الآخر، ولا يفضل أخ على جد ولا
جد على أخ ولا ذكر على أنثى، فليلحظ ذلك ويتأمل فإن فيه غموضا ولبسا.
فصل:
وأما ترتيب الوراث فاعلم أن الواجب تقديم الأبوين والولد، فلا يجوز أن يرث مع
جميعهم ولا مع واحد منهم أحد ممن عداهم من النسب والسبب إلا الزوج والزوجة فإنهما
يرثان إذا انتفت عنهما الصفات الثلاث المقدم ذكرها مع جميع الوراث، وحكم ولد الولد
وإن نزلوا حكم آبائهم وأمهاتهم في الاستحقاق ومشاركة الأبوين وحجبهما عن أعلى
السهمين إلى أدناهما.
وبعض أصحابنا يذهب إلى: أن ابن البنت يعطي نصيب البنت وبنت الابن تعطي نصيب
الابن. وذهب آخرون من أصحابنا إلى خلاف ذلك وقالوا: ابن البنت ولد ذكر حقيقة فنعطيه
نصيب الولد الذكر دون نصيب أمه وبنت الابن بنت حقيقة نعطيها نصيب البنت دون نصيب
الابن الذي هو أبوها، واختاره السيد المرتضى، واستدل على صحة ذلك بما لا يمكن المنصف
دفعه من الأدلة القاهرة اللائحة والبراهين الواضحة.
قال رضي الله عنه: اعلم أنه يلزم من ذهب من أصحابنا إلى أن أولاد البنين والبنات يرثون سهام
آبائهم مسائل سبع لا مخلص لهم منها.
فمن ذلك: أنه يلزمهم أن يكون حال البنت أحسن من حال الابن بل أحسن من حال جماعة
كثيرة من البنين، كرجل خلف بنت ابن وعشرين ابنا من بنت، فعندهم أن لبنت الابن
نصيب أبيها وهو الثلثان ولبني البنت نصيب أمهم وهو الثلث، فالبنت الواحدة أوفر نصيبا من
عشرين ابنا.
ومنها: أن يكون نصيب البنت يساوى نصيب الابن حتى لو كان مكانها ابن لورث ما ترثه هي
بعينه على وجه واحد وسبب واحد، وذلك أن مذهبهم أن بنت الابن تأخذ المال كله بسبب
312

واحد لأن لها عندهم نصيب أبيها فلو كان مكان هذه البنت ابن لساواها في هذا الحكم وأخذ
ما كانت تأخذه البنت على الوجه الذي كانت تأخذه عليه، وليس في الشريعة أن الابن يساوى
البنت في الميراث.
فإذا عارضونا بمن خلف بنتا ولم يخلف غيرها فإنها تأخذ جميع المال ولو كان مكانها ابن لجرى في
ذلك مجراها.
فالجواب: إن الابن لا يجري عندنا مجرى البنت هاهنا لأن البنت تأخذ النصف بالتسمية
والنصف الآخر بالرد، والابن يأخذ المال بسبب واحد من غير تسميه ولا رد، وأنتم توجبون
مساواة الابن للبنت في الميراث والسبب.
ومنها: أن البنت في الشرع بظاهر القرآن لها النصف إذا انفردت وللبنتين الثلثان، وهم يعطون
بنت الابن - وهي عندهم بنت المتوفى ومستحقه لهذه التسمية - الجميع، وكذلك يقولون في
ابنتي ابن: أن لهما جميع المال من غير رد عليهما، وهذا بخلاف الكتاب والإجماع.
فإن قالوا: ما جعل الله تعالى للبنت الواحدة النصف وللبنتين الثلثين في كل موضع، وإنما جعل
لهن ذلك مع الأبوين خاصة وإذا انفردت عن الأبوين لم يكن لهن ذلك
قلنا: قد ذهب الفضل بن شاذان إلى هذا المذهب ومن تابعه عليه فرارا من مسألة العول، ونحن
نبين فساد هذه الطريقة بعد أن نبين لزوم ما ألزمناهم إياه على تسليم ما اقترحوه فنقول:
قد جعل الله تعالى للبنت الواحدة النصف، ومذهبكم هذا يقتضي أن للأبوين السدسين وما بقي
لبنت الابن وهي عندكم بنت المتوفى على سبيل الحقيقة، فقد صارت البنت تأخذ مع الأبوين
أكثر من النصف بسبب واحد وجرت في ذلك مجرى الابن.
فأما القول: بأن للبنت الواحدة النصف وللبنتين الثلثين إنما يختص باجتماع الأبوين معهن،
فمن بعيد القول عن الصواب لأن الله تعالى قال: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ
الأنثيين، وهذه جملة مستقلة بنفسها وظاهر القرآن يقتضي أن للذكر مثل حظ الأنثيين على كل
حال ومع وجود كل أحد وفقد كل أحد، ثم عطف عليها جملة أخرى مستقلة أيضا فقال تعالى:
فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك، ظاهر هذه الجملة أن ذلك لهن على كل حال ومع
313

فقد كل واحد ووجوده، ثم عطف تعالى جملة أخرى مستقلة غير متعلقة بما يليها ولا ما تقدمها
فقال تعالى: وإن كانت واحدة فلها النصف، وما جرى إلى هاهنا للوالدين ذكر، وظاهر الكلام
يقتضي أن للواحدة النصف مع كل أحد إلا أن يقع دليل.
ثم قال تعالى: ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد
وورثه أبواه فلأمه الثلث، فبين جل اسمه هاهنا حكم الوالدين في الميراث مع وجود الولد
وفقده، فكيف يجوز أن يعلق إيجاب النصف للبنت الواحدة والثلثين للبنتين بوجود الأبوين وقد
تقدم ذكر حكم البنات مطلقا وبعد الخروج عنه أتى ذكر الأبوين مشروطا؟ وكيف يتوهم ذلك
متأمل والله تعالى يقول: إن كان له ولد، فشرط في ميراث الأبوين الولد، ولو كان المراد أن
النصف للبنت والثلثين للبنتين مع وجود الأبوين لكان اشتراط الولد لغوا واشتراطا لما هو
موجود مذكور، ولو صرح تعالى بما ذكروه لكان الكلام قبيحا خارجا عن البلاغة والبيان.
ألا ترى أنه لو قال تعالى: ولأبويه مع البنت أو البنتين لكل واحد منهما السدس إن كان له ولد،
لقبح وفحش ذلك فكيف يقدر في الكلام ما لو أظهرناه لكان غير مستقيم؟ وأجمع أهل العربية
على أن الوقف التام عند قوله تعالى: وإن كانت واحدة فلها النصف، ولو كان المراد ما توهموه
من أن لها النصف مع الأبوين لما كان ذلك وقفا تاما، ولا خلاف بين أحد من أهل العلم البتة
والمفسرين وأصحاب الأحكام في أن قوله تعالى: ولأبويه، كلام مبتدأ مستأنف لا تعلق له بما
قبله.
فأما اعتذارهم عند سماع هذا الكلام بأن اشتراط الولد إنما حسن ليدخل فيه الذكور وما زاد
على البنتين لأنه لم يمض إلا ذكر البنت الواحدة والبنتين، فعجيب لأنه لو أراد ما ذكروه لقال
تعالى: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين مع الأبوين فإن كن نساء فوق اثنتين
معهما فلهما ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة معهما فلها النصف، فلو أراد هذا المعنى على الترتيب
الذي رتبوه وعني بقوله أن ذلك لهما مع البنت أو البنتين وما زاد عليهما، وأراد أن يبين أن
السدسين للأبوين مع الأولاد لكان لا يحسن أن يقول: إن كان له ولد، بل يقول: وإن كان له
أيضا ذكور، لأنه قد تقدم ذكر البنت الواحدة وما زاد عليها فلا معنى لاشتراط الولد، وانفراد قوله
314

تعالى: ولأبويه، عن الجملة المتقدمة لا يذهب على متأهل، وإنما فروا بهذا التقدير الذي
لا يتحصل عن نقصان البنت في مسألة العول عن النصف وادعوا أن النصف جعل لها مع
الأبوين لا في كل موضع، وأحسن من ركوبهم هذه المعضلة أن يقولوا: إن الله تعالى جعل لها
النصف بظاهر الكلام في كل موضع، وفي مسألة العول قام دليل على أن لها دون ذلك، فعلمنا
أن الله تعالى لم يجعل لها النصف في هذا الموضع خاصة وإن كان لها في سائر المواضع، وأيما أحسن
أن يخص بدليل بعض المواضع أو يجعل ما هو مطلق من القول مشروطا بغير دليل ولا حجة على
وجه يسمج به الكلام ويذهب رونقه وتزول فصاحته؟
ثم يقال لهم: خبرونا عمن خلف أولاد ابن أو أولاد بنت ذكورا وإناثا كيف تقسمون الميراث
بين هؤلاء الأولاد؟
فإذا قالوا: للذكر مثل حظ الأنثيين.
قلنا: فبأي حجة فعلتم ذلك؟ فلا وجه لهذه القسمة إلا قوله: يوصيكم الله في أولادكم للذكر
مثل حظ الأنثيين، وإلى الآية المفزع في ذلك، فيقال لهم: فقد سمى الله تعالى أولاد الأولاد
أولادا، فأي فرق بين أن يكون الذكور والإناث أولاد ابن واحد أو بنت واحدة وبين أن يكون
هؤلاء الذكور والإناث أولاد بنت وابن في تناول الاسم لهم؟ وإذا كان الاسم متناولا لهم في
الحالين فيجب أن تكون القسمة في الحالين تتفق ولا تختلف ويعطي أولاد البنات الذكور
والإناث وأولاد البنين الذكور والإناث للذكر مثل حظ الأنثيين، فلا يخالف حكم الآية في
أحد الموضعين وتناول الآية لهما تناولا واحدا.
فإن قالوا: يلزمكم أن تورثوا أولاد الأولاد مع الأولاد لتناول الاسم للجماعة عندكم
قلنا: لو تركنا وظاهر الآية فعلنا ذلك لكن إجماع الشيعة الإمامية بل إجماع كل المسلمين منع من
ذلك فخصصنا الظاهر وحملنا الآية على أن المراد: يوصيكم الله في أولادكم بطنا بعد بطن.
فإن قالوا: فنحن أيضا نخصص الظاهر ونحمل قوله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم، على أن
المراد به أولاد الصلب بغير واسطة.
قلنا: تحتاجون إلى دليل قاطع على هذا التخصيص كما فعلناه نحن في ذلك ورجعنا فيه إلى
315

الاجماع.
فإن قالوا: أجمعت الإمامية على ذلك.
قلنا: ما الدليل على ذلك؟ فإنا ما نعرف هذا الاجماع وفي المسألة خلاف بينهم وإن كان أكثرهم
يقول بخلاف الصواب في هذه المسألة تقليدا وتعويلا على روايات رووها: إن كل من تقرب
بغيره أخذ سهام من تقرب به، وهذا الخبر إنما هو في أولاد الإخوة والأخوات والأعمام والعمات
والأخوال والخالات وبني الأعمام والأخوال، لأن هؤلاء لا تسمية لهم في الميراث وإنما يتقربون
بغيرهم فأعطوا سهام من يتقربون به، وليس كذلك أولاد الأولاد لأن هؤلاء وإن سفلوا داخلون
في اسم الولد، واسم البنات والبنين على الحقيقة ممن هو مسمى في الكتاب ومنصوص على
توريثه لا يحتاج في توريثه إلى ذكر قرابته وأن نعطيه نصيب من يتقرب به، كما لا نحتاج في
توريث أولاد الصلب بلا واسطة إلى شئ من ذلك.
فإن قيل: فما دليلكم على صحة ما ذهبتم إليه من توريث أولاد الأولاد والقسمة عليهم للذكر من
حظ الأنثيين؟
قلنا: دليلنا على ذلك قوله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين، ولا
خلاف بين أصحابنا في أن ولد البنين وولد البنات وإن سفلوا تقع عليهم هذه التسمية وتناولهم
على سبيل الحقيقة، ولهذا حجبوا الأبوين عن ميراثهما إلى السدسين بولد الولد وإن هبطوا،
وحجبوا الزوج عن النصف إلى الربع والزوجة عن الربع إلى الثمن بولد الولد، فمن سماه الله
تعالى ولدا في حجب الأبوين وحجب الزوجين يجب أن يكون هو الذي سماه ولدا في قوله تعالى:
يوصيكم الله في أولادكم، وكيف يخالف بين حكم الأولاد ويعطي بعضهم للذكر مثل حظ
الأنثيين والبعض الآخر نصيب آبائهم الذي يختلف ويزيد وينقص ويقتضي تارة تفضيل
الأنثى على الذكر والقليل على الكثير وتارة المساواة بين الذكر والأنثى؟ وعلى أي شئ نعول في
الرجوع عن ظاهر كتاب الله تعالى؟
فأما مخالفونا من العامة فإنهم لا يوافقونا في تسمية ولد البنت بأنه ولد على الحقيقة وفيهم من وافق
على ذلك، ووافق جميعهم على أن ولد الولد وإن هبط يسمى ولدا على الحقيقة، وقد حكي عن
316

بعضهم أنه كان يقول: إن ولد الولد إنما يسمون بهذه التسمية إذا لم يحضر أولاد الصلب فإن
حضروا لم يتناولهم الاسم، وهذا طريف فإن الاسم إذا تناولهم لم يختلف ذلك بأن يحضر غيرهم
أو لا يحضر، وما راعى أحد فيما يجري على المسميات من الأسماء مثل ذلك، وإنما أحوجهم إلى
ذلك أنهم وجدوا أولاد الابن لا يأخذون مع حضور الابن شيئا ويأخذون مع فقده بالآية
المتضمنة للقسمة على الأولاد وظنوا أن الاسم لا يتناولهم في الحال التي لا يرثون فيها، وهذا غلط
منهم وقد أغناهم الله تعالى عن هذه البدعة في إجراء الاسم والخروج عن المعهود فيها بأن يقولوا:
إن الظاهر يقتضي اشتراك الولد وولد الولد في الميراث لولا أن الاجماع على خلاف ذلك
فيخصصوا بالإجماع الظاهر.
ومما يدل على أن ولد البنين والبنات يقع عليهم اسم الولد قوله تعالى: حرمت عليكم أمهاتكم
وبناتكم، ولا خلاف بين الأمة في أن بظاهر هذه الآية تحرم علينا بنات أولادنا فلو لم تكن بنت
البنت بنتا على الحقيقة لما دخلت تحت هذه الآية.
وتحقيق ذلك أنه تعالى، لما قال: وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات
الأخ وبنات الأخت، ذكر في المحرمات بنات الأخ وبنات الأخت لأنهن لم يدخلن تحت اسم الأخوات،
ولما دخل بنات البنات تحت اسم البنات لم يحتج وقد حرمهن أن يقول: وبنات بناتكم، وهذه
حجة قوية فيما قصدناه، وقوله تعالى: وحلائل أبنائكم وقوله جل اسمه: ولا يبدين زينتهن إلا
لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن، لا خلاف في عموم الحكم هاهنا
بجميع أولاد الأولاد من ذكور وإناث.
ومما يدل أيضا على أن ولد البنت ينطلق عليه اسم الولد على الحقيقة: أنه لا خلاف في تسمية
الحسن والحسين ع بأنهما ابنا رسول الله ص، وأنهما يفضلان
بذلك ويمدحان ولا فضيلة ولا مدح في وصف مجاز مستعار فثبت أنه حقيقة.
وقد روى أصحاب السير كلهم: أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه لما أمر ابنه محمد بن الحنفية
وكان صاحب رأيته يوم الجمل في ذلك اليوم فقال له:
317

اطعن بها طعن أبيك تحمد
لا خير في الحرب إذا لم توقد
بالمشرقي والقنا المسدد
قال محمد بن إدريس رحمه الله: يعني المقوم وقد استدل الشئ إذا استقام، ومنه قول الشاعر:
أعلمه الرماية كل يوم
فلما استد ساعده رماني
والعامة تنشده بالشين المعجمة وهو بالسين غير المعجمة فحمل محمد رضي الله عنه فأبلى جهده
فقال أمير المؤمنين ع: أنت ابني حقا وهذان ابنا رسول الله، يعني الحسن والحسين عليهما السلام
فأجرى عليهما هذه التسمية مادحا لهما ومفضلا والمدح لا يكون بالمجاز والاستعارة،
وما زالت العرب في الجاهلية تنسب الولد إلى جده أما في موضع مدح أو ذم ولا يتناكرون ذلك
ولا يحتشمون منه، وقد كان الصادق أبو عبد الله ع يقال له أبدا: أنت ابن الصديق،
لأن أمه بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، ولا خلاف بين الأمة في أن عيسى ع من
بني آدم وولده وإنما ينسب إليه بالأمومة دون الأبوية.
فإن قيل: اسم الولد يجري على ولد البنات مجازا وليس كل شئ استعمل في غيره يكون حقيقة
له.
قلنا: الظاهر من الاستعمال الحقيقة وعلى من ادعى المجاز الدلالة، وقد بينا في غير موضع أن
الأصل الحقيقة والمجاز طار داخل والاستعمال محمول على الأصول إلا أن تنقل دلالة قاهرة.
فإن قالوا: لو حلف رجل بالطلاق أو بالله تعالى أنه لا ولد له وله ولد بنت لما كان حانثا.
قلنا: يكون عندنا حانثا إذا أطلق القول وإنما لا يكون حانثا إذا نوى ما يخرجه عن الحنث، وقد
ناقض الفضل بن شاذان في مذهبه وقال في كتابه في الفرائض في رجل خلف بنت ابن وابن
بنت: أن لبنت الابن الثلثين نصيب أبيها ولابن البنت الثلث نصيبه أمه، فجعل لولد الولد
نصيب من يتقرب به وأعطاه ذلك، ثم قال في هذا الكتاب في بنت ابن وابن ابن: أن المال
بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، وهذه مناقضة لما قرره لأن بنت الابن تتقرب بأبيها وابن الابن
يتقرب أيضا بأبيه فيجب أن يتساويا في النصيب، فكيف جعل هاهنا للذكر مثل حظ الأنثيين
318

مع أن كل واحد يتقرب بغيره فله على مذهبه نصيب من يتقرب به؟ وألا فعل مثل ذلك في بنت
ابن وابن بنت وجعل للذكر مثل حظ الأنثيين؟ ومن العجب أنه قال في كتابه ما هذه حكاية
لفظه: فإن ترك ابن بنت وابنة ابن وأبوين، فللأبوين السدسان وما بقي فلابنة الابن حق أبيها
الثلثان، ولابن البنت حق أمه الثلث لأن ولد الابنة ولد كما أن ولد الابن ولد، وهذا التعليل
ينقض الفتوى، لأنه إذا كان ولد البنت ولدا كما أن ولد الابن كذلك فيجب أن يكون المال
بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين بظاهر قوله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم، فكيف أعطي
الأنثى ضعف ما أعطي الذكر؟
وقد يوافق الحق مذهب ابن شاذان في بعض المسائل من هذا الباب وإن خالف في التعليل، مثل
من خلف بنت بنت وابن ابن، فإنه يعطي البنت نصيب أمها وهو الثلث، ويعطي الابن
نصيب أبيه وهو الثلثان، وهكذا نعطيهما نحن لأنا ننزلهما منزلة ابن وبنت بلا واسطة للذكر مثل
حظ الأنثيين.
هذا آخر كلام السيد المرتضى رضي الله عنه وهو الذي يقوى في نفسي وأفتي به وأعمل عليه لأن
العدول إلى ما سواه عدول إلى غير دليل من كتاب ولا سنة مقطوع بها ولا إجماع منعقد، بل
ما ذهبنا إليه هو ظاهر الكتاب الحكيم، والإجماع حاصل على أن ولد الولد ولد حقيقة على ما دللنا
عليه في غير موضع، ولا نعدل عن هذه الأدلة القاطعة للأعذار إلا بأدلة مثلها موجبة للعلم، ولا
يلتفت إلى أخبار آحاد في هذا الباب لا توجب علما ولا عملا ولا إلى كثرة القائلين به والمودعيه
كتبهم وتصنيفاتهم، لأن الكثرة لا دليل معها لأنه ربما كان الدليل مع القليلين لأن الحجة هو
قول إمام الزمان ع ولأجله عندنا صار الاجماع حجة ودليلا، فإذا لم يقطع على أن قوله
مع أقوال الكثيرين من أصحابنا لم نأمن أن يكون قوله داخلا في أقوال القليلين فيحتاج في
المسألة إلى دليل غير الاجماع لأن دليل صحة الاجماع غير مقطوع به مع أحد الفريقين فيحتاج في
المسألة إلى دليل غيره،
وإلى ما اختاره السيد واخترناه ذهب الحسن بن أبي عقيل العماني رحمه الله في كتابه كتاب
المتمسك بحبل آل الرسول ع، وهذا الرجل من جلة فقهاء أصحابنا ومتكلميهم
319

وكتابه كتاب معتمد قد ذكره شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في فهرست المصنفين وأثنى عليه
، وكان شيخنا المفيد محمد بن النعمان رحمه الله يكثر الثناء على هذا الرجل.
والأقرب من الأولاد أولى من الأبعد، وإن كان الأقرب بنتا والأبعد ابن ابن فإن عدم
الأبوان والولد فالواجب تقديم الإخوة والأخوات والأجداد والجدات ولا يرث مع جميعهم
ولا واحدهم أحد ممن عداهم من ذوي الأنساب، ويرث معهم من ذوي الأسباب الزوج
والزوجة على ما قدمناه من أنهما يرثان مع كل أحد ولا يمنعان من الإرث جملة إلا أن يكون
المانع إحدى الصفات الثلاث المقدم ذكرها.
وحكم أولاد الإخوة والأخوات وإن نزلوا حكم آبائهم وأمهاتهم في الاستحقاق
ومشاركة الأجداد وحجب من سواهم واعتبار الأقرب منهم فالأقرب، فالأخ من الأب أو
للأب والأم مع الجد للأب أو للأب والأم بمنزلة الأخ مع الأخ، والأخت من هذا النسب
مع الجد المذكور بمنزلة الأخت مع الأخ، والجدة من هذا النسب المذكور مع الأخ أيضا من
هذا النسب بمنزلة الأخت مع الأخ، والجدة مع الأخت بمنزلة الأخت مع الأخت، فأما إن
كان الأخ من الأم فحسب فقد قدمنا حكمه، وكذلك إن كان الجد مع الأم مع هؤلاء المقدم
ذكرهم فقد قدمنا أيضا حكمهم وحررناه وشرحناه فيما مضى فليلحظ مني هناك فلا وجه
لإعادته.
فإن لم يكن أحد من هؤلاء وجب تقديم الأعمام والعمات والأخوال والخالات أو
واحدهم على غيرهم من القرابات إلا من استثنيناه، وحكم الأولاد منهم وإن نزلوا حكم
آبائهم وأمهاتهم على ما قدمناه إلا في مشاركة الأخوال أو الأعمام، وفيما رواه أصحابنا
وأجمعوا من أن ابن العم للأب والأم أحق بالميراث من العم للأب، فإنهم أجمعوا على عين
هذه المسألة وصورتها فحسب، فإن كان عوض العم المذكور فيها عمة للأب كان الميراث
لها دون ابن العم الذي للأب والأم لأنهم ما أجمعوا إلا على صورة المسألة المقدم ذكرها.
وكذلك لو كان خال وعم للأب وابن العم للأب والأم كان المال للعم والخال للعم
الثلثان وللخال الثلث وسقط ابن العم للأب والأم، وكذلك لو كان خال وابن العم المقدم
320

ذكره كان الميراث للخال دون ابن العم للمذكور في المسألة.
وقال شيخنا أبو جعفر في استبصاره في تأويل خبر أورده وهو: رجل مات ولم يخلف إلا بني عم
وبنات عم وعم أب وعمتين لمن الميراث؟ فكتب: أهل العصبة وبنو العم هم وارثون، قال
شيخنا: فالوجه في هذا الخبر أحد شيئين، أحدهما: أن نحمله على التقية لأنه موافق لمذهب العامة
لأن المتقرر من مذهب الطائفة أن الأقرب أولى بالميراث من الأبعد، وإذا ثبت ذلك فالعمتان
أولى لأنهما أقرب من ابن العم ومن عم الأب، والوجه الآخر: أن يكون هذا الحكم يختص إذا
كان بنو العم لأب وأم والعم أو العمة للأب خاصة.
قال محمد بن إدريس رحمه الله قوله: أو العمة، غير صحيح لأن الاجماع منعقد على العم دون
العمة، وقد رجع شيخنا عن هذا في المسائل الحلبية فقال: المسألة السادسة: ابن العم للأب
والأم مع العم للأب، المال لابن العم فإن كان معه إخوة كان بينهم، فإن كان مع ابن العم
للأب عمة للأب أو عم للأم كان المال لمن كان من قبل الأم أو الأب دون ابن العم للأب
والأم، ولا نحمل على تلك المسألة غيرها لبطلان القياس، ولولا إجماع الفرقة عليها لما قلنا بها
لأنها تخالف الأصول فينبغي أن يكون الفتيا مقصورا عليها، هذا آخر كلام شيخنا أبي جعفر
الطوسي رحمه الله، فلا يجوز لنا أن نتعدى عن المسألة وصورتها وصيغتها ولا نقيس عليها غيرها
لأن القياس عندنا باطل كما قال.
فإن عدم هؤلاء الوراث فالمستحق من له الولاء بالعتق المتبرع به أو الولاء بتضمن
الجريرة دون ولاء الإمامة، لأن ولاء الإمامة لا يستحق به الإرث إلا بعد الولاءين المقدم
ذكرهما ولا يستحق أيضا الإرث في جميع أقسام الولاء الثلاثة إلا بعد عدم جميع ذوي
الأنساب دون الأسباب إلا في ولاء الإمامة فإن الإمام لا يستحقه إلا مع عدم جميع ذوي
الأنساب أيضا دون الأسباب إلا سبب واحد وهو الزوج، فإن الإمام لا يستحق من الإرث
بولاء الإمامة شيئا مع الزوج لإجماع أصحابنا على ذلك، فأما مع الزوجة فإنه يستحق ما بقي
بعد سهمها وفرضها.
بغير خلاف من محصل متأمل إلا رواية شاذة لا يلتفت إليها ولا يعرج عليها، فإن شيخنا
321

أبا جعفر ذكر في نهايته قال: فإذا خلفت زوجا ولم تخلف غيره من ذي رحم قريب أو بعيد كان
للزوج النصف بنص القرآن والباقي رد عليه بالصحيح من الأخبار عن أئمة آل محمد
عليهم السلام، وإذا خلف الرجل زوجة ولم يخلف غيرها من ذي رحم قريب أو بعيد كان لها
الربع بنص القرآن والباقي للإمام، وقد روي: أن الباقي يرد عليها كما يرد على الزوج، وقال
بعض أصحابنا في الجمع بين الخبرين: هذا الحكم مخصوص بحال غيبة الإمام وقصور يده، فأما
إذا كان ظاهرا فليس للمرأة أكثر من الربع والباقي له على ما بيناه، وهذا وجه قريب من
الصواب.
قال محمد بن إدريس رحمه الله مصنف هذا الكتاب: ما قربه شيخنا رحمه الله أبعد مما بين
المشرق إلى المغرب لأن تخصيص الجامع بين الخبرين بما قد ذهب إليه يحتاج فيه إلى دلالة قاهرة
وبراهين متظاهرة، لأن أموال بني آدم ومستحقاتهم لا تحل بغيبتهم لأن التصرف في مال الغير بغير
إذنه قبيح عقلا وسمعا، وشيخنا أبو جعفر فقد رجع عما قربه في إيجازه فقال: ذوو السهام على
ضربين: ذوو الأنساب وذوو الأسباب، فذوو الأسباب هم الزوجة والزوج ولهما حالتان، حالة
انفراد بالميراث وحالة اجتماع، فإذا انفردوا كان لهم سهمهم المسمى، إن كان زوجا النصف،
والربع إن كانت زوجة، والباقي لبيت المال، وقال أصحابنا: إن الزوج وحده يرد عليه الباقي
بإجماع الفرقة على ذلك، هذا آخر كلامه في الإيجاز.
وقال شيخنا المفيد في مقنعته في آخر باب ميراث الإخوة والأخوات: وإذا لم يوجد مع الأزواج
قريب ولا نسيب للميت رد باقي التركة على الأزواج، إلا أنه رحمه الله رجع عن ظاهر كلامه
وإجماله في كتابه كتاب الأعلام فقال في باب ميراث الأزواج: واتفقت الإمامية على أن المرأة
إذا توفيت وخلفت زوجا لم تخلف وارثا غيره من عصبة ولا ذي رحم أن المال كله للزوج،
النصف منه بالتسمية والنصف الآخر مردود عليه بالسنة، هذا آخر كلامه رحمه الله.
وإلى ما اخترناه ذهب السيد المرتضى في انتصاره فقال مسألة: ومما انفردت به الإمامية أن
الزوج يرث المال كله إذا لم يكن وارث سواه، فالنصف بالتسمية والنصف الآخر بالرد وهو
أحق بذلك من بيت المال، وخالف باقي الفقهاء في ذلك وذهبوا كلهم إلى أن النصف له
322

والنصف الآخر لبيت المال، والحجة في ذلك إجماع الطائفة عليه.
فإذا قيل: كيف يرد على من لا قرابة له ولا نسب وإنما يرث بسبب وإنما يرد على ذوي الأرحام؟
ولو جاز أن يرد على الزوج لجاز أن يرد على الزوجة حتى تورث جميع المال إذا لم يكن وارث
سواها.
قلنا: الشرع ليس يؤخذ قياسا وإنما يتبع فيه الأدلة الشرعية وليس يمتنع أن يرد على من لم يكن
ذا رحم وقرابة إذا قام الدليل على ذلك، وأما الزوجة فقد وردت رواية شاذة بأنها: ترث المال
كله إذا انفردت كالزوج، ولكن لا معول على هذه الرواية ولا تعمل الطائفة بها، وليس يمتنع أن
يكون للزوج مزية في هذا الحكم على الزوجة كما كانت له مزية عليها في تضاعف حقه على
حقها، هذا آخر كلامه رحمه الله.
ويقوم ولد المعتق الذكور منهم والإناث وجميع من يرثه من ذوي الأنساب على حد
واحد مقامه، إلا الإخوة والأخوات من الأم أو من يتقرب بها من الجد والجدة والخال
والخالة وأولادهما على الصحيح من المذهب، سواء كان المعتق المباشر للعتق رجلا أو امرأة
لأنه الذي يقتضيه أصل مذهبنا.
وفي أصحابنا من قال: أنه لا ترث النساء من الولاء شيئا وإنما يرثه الذكور من الأولاد والعصبة
إذا لم يكن أولاد ذكور، هذا إذا كان المعتق رجلا، وأما إذا كان المعتق امرأة فلا يرث أولادها
من ولاء مواليها شيئا بل يرث الولاء العصبة دون أولادها سواء كان الأولاد ذكور أو إناثا.
وذهب بعض أصحابنا إلى: أنه إذا كان المعتق رجلا يرث ولاء مواليه أولاده الذكور دون
الإناث منهم، فإن لم يكن له أولاد ذكور كان الولاء للعصبة، فإن كان المعتق امرأة ورث ولاء
مواليها أولادها الذكور دون الإناث، فإن لم يكن ذكور فإن الولاء للعصبة مثل ما قال في إذا
كان المعتق رجلا، وهذا اختيار شيخنا المفيد في مقنعته.
وقال الحسن بن أبي عقيل: يرث الولاء جميع ورثة المعتق، وذكر اختلاف الشيعة في ذلك، وقال
الأكثرون منهم بما أوردناه عنه ثم قال: وهذا مشهور متعالم.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: والثاني اختيار شيخنا أبي جعفر في نهايته، والأول اختياره في
323

وقولهم: لما ورث الأبوان بمعنى واحد وهو الولادة وكانا في درجة واحدة أشبها الابن والبنت فلم
يجز أن تفضل الأنثى على الذكر، قياس لا يجوز أن تثبت به الأحكام الشرعية، ثم لو منع ذلك
من التفضيل منع من التساوي كما منع في الابن والبنت منه وقد علمنا تساوى الأبوين.
وقولهم: إذا دخل على الأبوين من يستحق بعض المال كان الباقي بعد أخذ المستحقين بينهما
على ما كان في الأصل كالشريكين في مال لأحدهما ثلثه وللآخر ثلثاه استحق عليهما بعضه،
ليس بشئ لأن الشريكين قد استحق كل واحد منهما سهما معينا، فإذا استحق من المال
شئ كان ما يبقى بينهما على قدر سهامهما المسماة المعينة، وليس كذلك ما نحن فيه لأنا قد بينا أن
الأب لا يأخذ الثلثين بالتسمية ولا هما سهمه الذي لا بد أن يستحقه، وإنما له الفاضل بعد
ما سمى للأم فاتفق أنه الثلثان وبهذا نجيب عن قولهم: إذا دخل النقص على الابن والبنت معا
لمزاحمة الزوج أو الزوجة فكذلك يجب في الأبوين، لأن الله تعالى قد صرح في الابن والبنت بأن
للذكر مثل حظ الأنثيين فوجب أن تكون القسمة بينهما على ذلك في كل حال ولم يصرح بأن
للأب في حال الانفراد من الولد الثلثين وإنما أخذهما اتفاقا فافترق الأمران.
فإن كان مع الأبوين أخوان أو أربع أخوات أو أخ وأختان لأب أو لأب وأم قد
انتفت عنهم الصفات الثلاث المقدم ذكرها فالأم محجوبة عن الثلث إلى السدس،
بدليل إجماع أهل البيت ع، وأيضا فلا خلاف في صحة الحجب بمن ذكرناه وليس
كذلك الحجب بمن عداهم، وقوله تعالى: فإن كان له إخوة فلأمه السدس، وإن تناول ظاهره
الإخوة من الأم فإنا نعدل عن الظاهر للدليل، وهذا جوابنا على من قال: إنه لا يحجب بأقل من
ثلاثة من الإخوة، وتمسك بظاهر الآية وأن أقل الجمع ثلاثة.
وللأبوين مع الولد الثلث بينهما بالسوية ولأحدهما السدس، واحدا كان الولد أو أكثر،
ذكرا كان أو أنثى، ولد صلب كان أو غيره، إلا أنه إن كان ذكرا فله جميع الباقي بعد سهم
الأبوين، وإن كان ذكرا وأنثى فللذكر مثل حظ الأنثيين وهذا كله بلا خلاف، وإن كان
أنثى فلها النصف والباقي يرد عليها وعلى الأبوين بدليل إجماع الطائفة وأيضا قوله تعالى:
وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله.
324

وإذا كانت البنت والأبوان أقرب إلى الميت وأولى برحمه من عصبته ومن إمام المسلمين
وبيت المال كانوا أحق بميراثه.
ويحتج على المخالف بما رووه من قوله ع: المرأة تحوز ميراث ثلاثة: عتيقها ولقيطها
وولدها، وهي لا تحوز جميعه إلا بالرد. وبما رووه من أنه ع جعل ميراث ولد الملاعنة
لأمه ولذريتها من بعدها وظاهر ذلك أن جميعه لها ولا يكون لها ذلك إلا بالرد. وبما رووه عن
سعد أنه قال للنبي ص: إن لي مالا كثيرا وليس يرثني إلا بنتي أ فأوصي
بمالي كله؟ قال لا، قال: فبالنصف؟ قال: لا، قال: فبالثلث؟ قال: الثلث والثلث كثير. فأقره
ع على قوله: ليس يرثني إلا بنتي، ولم ينكر عليه.
وروي هذا الخبر بلفظ آخر وأنه قال: أ فأوصي بثلثي مالي والثلث لبنتي؟ قال:
لا، قال: أ فأوصي بنصف مالي والنصف لبنتي؟ قال: لا، قال: أ فأوصي بثلث مالي والثلثان لبنتي؟
قال: الثلث والثلث كثير. وهذا يدل على أن البنت ترث الثلثين، وقول المخالف: إن الله جعل
للبنت الواحدة النصف فكيف يزاد على ذلك؟ لا حجة فيه لأنها تأخذ النصف بالتسمية وما زاد
عليه بسبب آخر وهو الرد بالرحم ولا يمتنع أن ينضاف سبب إلى آخر، كالزوج إذا كان ابن عم
ولا وارث معه فإنه يرث النصف بالزوجية والنصف الآخر عندنا بالقرابة وعند المخالف
بالعصبة.
فإن كان مع الأبوين ابنتان فما زاد كان لهما الثلثان وللأبوين السدسان ولأحد
الأبوين معهما السدس والباقي رد عليهم بحساب سهامهم، فإن كان هناك إخوة يحجبون
الأم لم يرد عليها من فاضل الفريضة شئ ورد ذلك على الأب والبنت فحسب.
إذا خلف بنتا وأبوين وإخوة يحجبون الأم فهاهنا لا يرد من الفاضل على السهام شئ
على الأم ورد على الأب والبنت، فإن كان مع الأبوين والولد زوج أو زوجة كان للولد
ما يبقى بعد سهم الأبوين والزوج أو الزوجة، واحدا كان الولد أو جماعة، ذكرا كان أو أنثى،
للصلب كان أو لغيره، فإن لم يف الباقي بالمسمى للبنت أو للابنتين يكون النقص داخلا
على البنت أو ما زاد عليها دون الأبوين ودون الزوج أو الزوجة.
325

مسائل خلافه فإنه قال مسألة: الولاء يجري مجرى النسب ويرثه من يرث من ذوي الأنساب
على حد واحد إلا الإخوة والأخوات من الأم أو من يتقرب بها من الجد والجدة والخال والخالة
وأولادهما، وفي أصحابنا من قال: أنه لا ترث النساء من الولاء شيئا وإنما يرثه الذكور من
الأولاد والعصبة، ثم استدل فقال: دليلنا إجماع الفرقة وأيضا قوله ع: الولاء لحمة
كلحمة النسب لا يبتاع ولا يوهب، اللحمة بضم اللام: القرابة، ولحمة الثوب تفتح وتضم.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: وهذا الخبر مجمع عليه متلقى بالقبول عند المخالف والمؤالف،
ومن المعلوم أن في النسب يرث جميع ذوي الأنساب على حد واحد إلا ما خرج بالإجماع من
كلالة الأم ومن يتقرب بها على ما قدمناه.
فصل: في تفصيل أحكام الوراث مع الانفراد والاجتماع:
قد بينا أن أول المستحقين الأبوان والولد، فالأبوان إذا انفردا من الولد كان المال كله
لهما، للأم الثلث والباقي للأب، والمال كله لأحدهما إذا انفرد.
فإن كان معهما زوج أو زوجة فللأم الثلث من أصل التركة بالتسمية والباقي بعد سهم
الزوج أو الزوجة للأب بآية أولي الأرحام،
يدل على ذلك بعد إجماعنا قوله تعالى: فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث، وهذا نص
في موضع الخلاف لأنه لا يفهم من إيجاب الثلث لها إلا الثلث من الأصل كما لا يفهم من
إيجاب النصف للبنت أو الزوج مع عدم الولد إلا ذلك، وأيضا فإنه تعالى لم يسم للأب مع الأم
شيئا وإنما يأخذ الثلثين لأن ذلك هو الباقي بعد المسمى للأم لا لأنه الذي لا بد أن يستحقه بل
الذي اتفق له، فإذا دخل عليهما زوج أو زوجة وجب أن يكون النقص داخلا على من له ما يبقى
وهو الأب، كما أن له الزيادة دون صاحب السهم المسمى وهو الأم، ولو جاز نقصها عما سمي
لها في هذا الموضع لجاز ذلك في الزوج أو الزوجة وقد علمنا خلاف ذلك.
وحمل المخالف الآية على أن المراد للأم الثلث مع الأب: إذا لم يكن وارث غيرهما، ترك للظاهر
من غير دليل.
326

لأن الأمة بأجمعها تذهب إلى أن البنت أو البنتين منقوصات، وما أجمعت على أن الأبوين
والزوج منقصون بل أجمعت على أنهم هاهنا مسمون بظاهر التنزيل فعملنا بالقرآن هاهنا
وخصصنا البنات بالنقص وإن كن مسميات بالإجماع من الأمة، وليس معنا في حق الأبوين
والزوج إجماع منعقد بحيث نخصصهم به فوفينا الظاهر حقه وعملنا بكتاب الله وبإجماع الأمة،
وهذه من مسائل العول التي يذهب المخالفون فيها إلى إدخال النقص على جميع ذوي السهام
ويشبهون ذلك بمن مات وعليه ديون لا تتسع تركته لوفائها، والعول في اللغة عبارة عن الزيادة
والنقصان معا، فإن أضيف هاهنا إلى المال كان نقصانا وإن أضيف إلى السهام كان زيادة.
ودليلنا على ما ذهبنا إليه إجماع أهل البيت عليه، وأيضا فلا خلاف أن النقص هاهنا داخل على
البنات على ما قدمناه، ولا دليل على دخوله هاهنا على من عداهن من إجماع ولا غيره فوجب
البقاء فيهم على الأصل الذي اقتضاه ظاهر القرآن ومحكم التبيان، وأيضا فدخول النقص على
جميع ذوي السهام تخصيص لظواهر كثيرة من القرآن وعدول عن الحقيقة فيها إلى المجاز، ودخوله
على البعض رجوع عن ظاهر واحد فكان أولى.
فإذا ثبت أن نقص البعض أولى ثبت أنه الذي عيناه لأن كل من قال بأحد الأمرين قال
بالآخر، والقول بأن المنقوص غيره مع القول بأن نقص البعض أولى خروج عن الاجماع.
وفي أصحابنا من يقول في هذا الموضع: إن الله تعالى إنما فرض للبنتين الثلثين مع الأبوين فقط إذا
لم يكن غيرهم، فإذا دخل في هذه الفريضة الزوج تغيرت الفريضة التي سمى فيها الثلثين
للبنتين كما أنه لو كان مكان الزوج ابن لتغيرت القسمة ولم يكن للابنتين الثلثان.
وقال أيضا أعني بعض أصحابنا: إن الزوج والزوجة جعل لهما في الكتاب فرضان أعلى وأسفل
وحطا من الأعلى إلى الأدون، وكذلك جعل للأبوين فرضان أحدهما أعلى وهو الثلثان للأب
والثلث للأم ثم بين أنهما إذا حجبا عن ذلك حطا إلى السدسين، وفرض للابنة النصف
وللابنتين الثلثين ولم يحط البنات من فريضة إلى أخرى، فيجب إدخال النقص على سهام من لم
يلحقه نقص ولا حط من رتبة إلى رتبة أخرى، ويوفر نصيب من نقص وحط من رتبة عليا إلى
رتبة سفلي حتى لا يلحقه نقص بعد نقص آخر فيكون ذلك إجحافا به.
327

وهذا الذي حكيناه عن بعض أصحابنا فيه نظر، والمعتمد في الاستدلال على ما قدمناه أولا
وحررناه فإنه أحسم للشغب، وهذا اختيار السيد المرتضى في الناصريات فإنه قال في المسألة
التسعين والمائة: الفرائض لا تعول، ولو مات رجل وخلف أبوين وبنتين وزوجة فللزوجة الثمن
وللأبوين لكل واحد منهما السدس وما بقي فللبنتين، هذا صحيح وذهب أصحابنا بلا خلاف
إلى: أن الفرائض لا تعول، ووافقنا على ذلك ابن عباس، وداود بن علي الإصفهاني، وخالفنا
باقي الفقهاء، وتحقيق هذه المسألة أن تكون السهام المسماة في الفريضة يضيق عنها المال ولا
يتسع لها، كامرأة خلفت ابنتين وأبوين وزوجا فللزوج الربع وللبنتين الثلثان وللأبوين
السدسان، وهذا مما يضيق عنه المال لأنه لا يجوز أن يكون للمال ثلثان وسدسان وربع.
وعندنا في هذه المسألة أن للأبوين السدسين وللزوج الربع وما بقي فللبنتين، ومخالفونا الذين
يذهبون إلى العول يجعلون للزوج الخمس ثلاثة أسهم من خمسة عشر، وللأبوين السدسان أربعة
من خمسة عشر، وللبنتين الثلثان ثمانية من خمسة عشر، فقد نسب مخالفونا في العول إلى الله تعالى
ما لا يليق بحكمته وعدله وجميل صفاته، لأنه لا يجوز أن يفرض في المال ما لا يتسع المال له فذلك
سفه وعبث، لأن الله تعالى فرض للأبوين السدسين في هذه المسألة وأعطوهما أربعة من خمسة
عشر وهذا خمس وثلثا عشر لا سدسان، وفرض للزوج الربع وأعطوه ثلاثة من خمسة عشر وهذا
خمس لا ربع، وفرض للبنتين الثلثين فأعطوهما ثمانية من خمسة عشر وهذا ثلث وخمس لا ثلثان.
فإن قالوا: فلم أدخلتم النقصان في هذه المسألة على البنتين دون الجماعة والله تعالى قد سمى
للبنتين الثلثين كما جعل للواحدة النصف؟
قلنا: المعتمد في إدخال النقص على نصيب البنتين في هذه المسألة وما شاكلها من المسائل التي
يدعى فيها العول، أنا نقصنا من أجمعت الأمة على نقصانه من سهامه وهم البنتان، لأنه
لا خلاف بين من أثبت العول وبين من نفاه في أن البنتين منقوصتان هاهنا عن سهامهما التي
هي الثلثان وليس كذلك من عدا البنتين من الأبوين والزوج لأن الأمة ما أجمعت على نقصانهم
ولا قام على ذلك دليل، فلما اضطررنا إلى النقصان وضاقت السهام عن الوفاء نقصنا من وقع
الاجماع على نقصانه ووفرنا نصيب من لا دليل على وجوب نقصانه، فصار هذا الاجماع دليلا على
328

أنه ليس للبنتين الثلثان على كل حال وفي كل موضع، فخصصنا الظاهر بالإجماع ووفينا
الباقين في هذه الفريضة بظواهر الكتاب التي لم يقم دليل على تخصيصها، إلى هاهنا آخر كلام
السيد المرتضى رضي الله عنه، فنعم ما قال واستدل وحرر.
وأيضا فقد روى الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي أحد فقهاء أهل
المدينة السبعة، والثاني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي، والقاسم بن
محمد بن أبي بكر الصديق التيمي، وعروة بن الزبير الأسدي القرشي، وسعيد بن المسيب بن
حرزة المخزومي، وسليمان بن بشار مولى ميمونة بنت الحارث زوج النبي ع،
وخارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري، فهؤلاء السبعة، قال: جلست إلى ابن عباس فجرى ذكر
الفرائض والمواريث، فقال ابن عباس: سبحان الله أ ترون الذي أحصى رمل عالج عددا جعل
في مال نصفا وثلثا وربعا؟ فقال له زفر بن أوس البصري: يا بن عباس فمن أول من أعال
الفرائض؟ قال: عمر بن الخطاب لما التفت عنده الفرائض ودافع بعضها بعضا قال: والله
ما أدري أيكم قدم الله وأيكم أخر فما أجد شيئا هو أوسع من أن أقسم عليكم هذا المال
بالحصص، وأدخل على كل ذي حق حق ما دخل عليه من عول الفريضة، وأيم الله لو قدم من
قدم الله وأخر من أخر الله ما عالت فريضة، تمام الحديث، فإنا أخذنا منه موضع قصدنا.
والفرق بين ما نحن فيه وبين الديون على التركة، أن الغرماء مستوون في وجوب استيفاء حقوقهم
منها ولا مزية لبعضهم على بعض في ذلك وليس كذلك مسائل العول، لأنا قد بينا أن في الورثة
من لا يجوز أن ينقص عن سهمه وفيهم من هو أولى بالنقص من غيره فخالفت حالهم حال
الغرماء، ودعواهم على أمير المؤمنين ع أنه كان يقول بالعول وروايتهم عنه أنه قال بغير
روية وقد سئل وهو على المنبر عن ابنتين وأبوين وزوجة: صار ثمنها تسعا، غير صحيحة لأن
أبناءه عليهم السلام وشيعته أعلم بمذهبه من غيرهم وقد نقلوا عنه خلاف ذلك، وابن عباس
ما أخذ مذهبه في إبطال العول إلا عنه، وقد روى المخالف عنه أنه قال: من شاء باهلته أن الذي
أحصى رمل عالج ما جعل في مال نصفا وثلثا وربعا.
ثم اعتمادهم في الرواية عن أمير المؤمنين ع لما ادعوه من قوله بالعول في الفرائض على
329

أخبار آحاد لا يعول على مثلها في الشرع، ثم هي موقوفة على الشعبي والنخعي والحسن بن
عمارة، والشعبي ولد في سنة ست وثلاثين والنخعي ولد في سنة سبع وثلاثين، وأمير المؤمنين
ع قتل في سنة أربعين فلا يصح روايتهما عنه، والحسن بن عمارة مضعف عند أصحاب
الحديث ولما ولى المظالم قال سليمان بن مهران الأعمش: ظالم ولى المظالم.
فأما ما ادعوه من قوله ع: صار ثمنها تسعا، فرواه سفيان عن رجل لم يسمه والمجهول
لا يعتد بروايته، على أنه يتضمن ما لا يليق به ع لأنه سئل عن ميراث المذكورين
فأجاب عن ميراث الزوجة فقط، وإغفال من عداها وقد سئل عنه غير جائز عليه، وقد قيل أن
الخبر لو صح لاحتمل أن يكون المراد به: صار ثمنها تسعا، عند من يرى العول على سبيل التهجين
له والذم كما قال الله تعالى: ذق إنك أنت العزيز الكريم، أي عند قومك وأهلك، ولاحتمل
أيضا أن يكون أراد الاستفهام وأسقط حرفه كما روي عن ابن عباس في قوله تعالى: فلا اقتحم
العقبة، وقال عمر بن أبي ربيعة:
ثم قالوا تحبها قلت بهرا
عدد القطر والحصى والتراب
فصل:
وإذا انفرد الولد من الأبوين وأحد الزوجين فله المال كله، سواء كان واحدا أو جماعة
ذكرا كان أو أنثى، ولا يرث مع البنت أحد سوى من قدمناه عصبة كان أو غيره، بل
النصف لها بالتسمية الصريحة والنصف الآخر بالرد بالرحم على ما بيناه.
ومخالفونا يذهبون إلى: أنه لو كان مع البنت عم أو ابن عم لكان له النصف بالتعصيب وكذا لو
كان معها أخت، ويجعلون الأخوات عصبة مع البنات، ويسقطون من هو في درجة العم أو ابن
العم من النساء كالعمات وبنات العم إذا اجتمعوا، ويخصون بالميراث الرجال دونهن لأجل
التعصيب ونحن نورثهن.
ويدل على صحة ما نذهب إليه بعد إجماع أصحابنا عليه ما قدمناه من آية ذوي الأرحام لأن الله
330

سبحانه نص فيها على أن سبب استحقاق الميراث القربى وتداني الأرحام، وإذا ثبت ذلك
وكانت البنت أقرب من العصبة وجب أن تكون أولى بالميراث، ويدل أيضا على أنه لا يجوز
إعطاء الأخت النصف مع البنت قوله تعالى: إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف
ما ترك، فشرط في استحقاقها النصف عدم الولد وفقده، فوجب أن لا يستحقه مع البنت لأنها
ولد، ويدل على بطلان تخصيص الرجال بالإرث دون النساء قوله تعالى: للرجال نصيب مما
ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر
نصيبا مفروضا، فأوجب سبحانه للنساء نصيبا كما أوجب للرجال من غير تخصيص، فمن خص
الرجال بالميراث في بعض المواضع فقد ترك الظاهر فعليه الدلالة، ولا دلالة يقطع بها على ذلك
ولا يلزمنا مثل ذلك إذا خصصنا البنت بالميراث دون العصبة لأن الاستواء في الدرجة مراعى
مع القرابة، بدليل أن ولد الولد لا يرث مع الولد للصلب وإن شمله اسم الرجال إذا كان من
الذكور، واسم النساء إذا كان من الإناث.
وإذا ثبت ذلك وكان هو المراد بالآية وورث المخالف العم دون العمة مع استوائهما في الدرجة،
كان ظاهر الآية حجة عليه دوننا، على أن التخصيص بالأدلة غير منكر وإنما المنكر أن يكون
ذلك بغير دليل.
فإن قالوا نحن نخص الآية التي استدللتم بها بما رواه ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس عن
النبي ع من قوله: يقسم المال على أهل الفرائض على كتاب الله فما أبقت فلأولي ذكر
قرب، ونورث الأخت مع البنت بما رواه الهذيل بن شرحبيل من أن أبا موسى الأشعري سئل
عمن ترك بنتا وبنت ابن وأختا لأب وأم فقال: للبنت النصف وما بقي فللأخت، وبما رواه
الأسود بن يزيد قال: قضى فينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله ص
فأعطى البنت النصف والأخت النصف ولم يورث العصبة شيئا.
فالجواب: إن ترك ظاهر القرآن لا يجوز بمثل هذه الأخبار لأن أول ما فيها أن الخبر المروي عن
ابن عباس لم يروه أحد من أصحاب الحديث إلا من طريق ابن طاووس ومع هذا فهو مختلف
اللفظ، فروي على ما تقدم، وروي: فلأولي عصبة ذكر، وروي: فلأولي رجل ذكر وكل
331

عصبة، واختلاف لفظه مع اتحاد طريقه دليل ضعفه، على أن مذهب ابن عباس في
نفي التوريث بالعصبة مشهور وراوي الحديث إذا خالفه كان قدحا في الحديث، والهذيل بن
شرحبيل مجهول ضعيف، ثم إن أبا موسى لم يسند ذلك إلى النبي ع وفتواه هو لا حجة
فيها، ولا حجة أيضا في قضاء معاذ بذلك ولا في كونه على عهد رسول الله ص
ما لم يثبت علمه ع به وإقراره عليه، وفي الخبر ما يبطل أن تكون الأخت أخذت
بالتعصيب وهو قوله: ولم يورث العصبة شيئا، لأنها لو كانت هاهنا عصبة لقال: ولم يورث باقي
العصبة شيئا.
على أن هذه الأخبار لو سلمت من كل قدح لكانت معارضة بأخبار مثلها واردة من طريق
المخالف مثل قوله ع: من ترك مالا فلأهله، وقول ابن عباس وجابر بن عبد الله: الآن
المال كله للبنت دون الأخت، وروى الأعمش مثل ذلك عن إبراهيم النخعي وبه قضى
عبد الله بن الزبير على ما حكاه الساجي والطبري، وما نختص نحن بروايته في إبطال التوريث
بالعصبة كثير، وإذا تعارضت الأخبار سقطت ووجب الرجوع إلى ظاهر القرآن، على أن
أخبارهم لو سلمت من المعارضة لكانت أخبار آحاد وقد دللنا على فساد العمل بها في
الشرعيات.
على أنهم قد خالفوا في لفظ الحديث عن ابن عباس فورثوا الأخت مع البنت وليست برجل ولا
ذكر، وورثوها أيضا مع الأخ إذا كانا مع البنت ولم يخصوا الأخ وكذا لو كان مكان الأخ عم،
وإذا جاز لهم تخصيصه بموضع دون موضع جاز لنا حمله على من ترك أختين لأم وأخا لأب مع
أولاد إخوة لأب وأم أو ترك زوجة وأخا مع عمومة وعمات، فإن ما يبقى بعد الفرض المسمى
للأختين أو الزوجة لأولي ذكر قرب وهو الأخ بلا خلاف.
على أنهم إذا جعلوا الأخت عند فقد الإخوة عصبة لزمهم أن يجعلوا البنت مع عدم البنين عصبة
بل هي أولى لأن الابن أحق بالتعصيب من الأب، والأب أحق بالتعصيب مع الأخ، فأخت
الابن تكون أحق بالتعصيب من أخت الأخ بلا شبهة، وليس لهم أن يفرقوا بأن البنت لا تعقل
عن أبيها لأن الأخت أيضا لا تعقل، وقد بينا فيما تقدم أن ولد الولد وإن نزلوا يقومون مقام آبائهم
332

وأمهاتهم بل هم أولاد حقيقة، وبينا مذهبنا واختيارنا في ذلك فلا وجه لإعادته في مشاركة من
يشاركونه وحجب من يحجبونه، ويأخذ كل منهم تسمية نفسه وما ينطلق عليه من الاسم دون
ميراث من يتقرب به.
وذهب بعض أصحابنا على ما حكيناه أولا عنهم: أنه يأخذ كل منهم ميراث من يتقرب به كابن
بنت وبنت ابن فإن لابن البنت الثلث ولبنت الابن الثلثين، والصحيح من المذهب ما قدمناه
لأن اسم الولد يقع على ولد الولد وإن نزلوا حقيقة، سواء كان الولد ذكرا أو أنثى، عند جميع
أصحابنا المخالف في المسألة والمؤالف، لما قدمناه من إطلاق المسلمين في عيسى ع أنه
ابن آدم، ولقول الرسول ع في الحسن والحسين عليهما السلام: ابناي هذان إمامان قاما
أو قعدا، ولأن جميع ما علقه سبحانه من الأحكام بالولد قد عم به ولد البنين والبنات في قوله:
حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم، إلى قوله: وبنات الأخ وبنات الأخت، وقوله: وحلائل
أبنائكم، وقوله: ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن.
فإذا وقع اسم الولد على ولد الولد حقيقة تعلق بهم أحكام الميراث إذا لم يوجد ولد الصلب مثل
ما تعلق به بظواهر القرآن، وليس لأحد أن يقول: إن اسم الولد يقع على ولد الولد مجازا فلا يدخل
في الظواهر إلا بدليل، لأن الأصل في الاستعمال حقيقة على ما بينه محصلوا أصحاب أصول
الفقه، ومن ادعى المجاز فعليه الدلالة، ولا يلزم على ذلك مشاركة ولد الولد لولد الصلب في
الميراث ولا مشاركة الأجداد للآباء الأدنين لظاهر قوله تعالى: فلأبويه لكل واحد منهما
السدس، لأنا عدلنا من الظاهر في ذلك للدليل القاطع، ولا دليل يوجب الرجوع عنه فيما اختلفا
فيه فبقينا على ما يقتضيه الظاهر.
ويخص الولد الأكبر من الذكور إذا لم يكن سفيها فاسد الرأي بسيف أبيه ومصحفه
وخاتمه وثياب جلده إذا كان هناك تركة سوى ذلك، فإذا لم يخلف الميت غيره سقط هذا
الحكم وقسم بين الجميع، فإن كان له جماعة من هذه الأجناس خص بالذي كان يعتاد
لبسه ويديمه دون ما سواه من غير احتساب به عليه.
وذهب بعض أصحابنا إلى: أنه يحتسب عليه بقيمته من سهمه، ليجمع بين ظواهر القرآن وما
333

أجمعت الطائفة عليه، وهو تخريج السيد المرتضى ذكره في الانتصار.
وذهب بعض أصحابنا إلى: أن ذلك مستحب تخصيصه به دون أن يكون ذلك مستحقا له على
جهة الوجوب، وهو اختيار أبي الصلاح الحلبي في كتابه الكافي والأول من الأقوال هو الظاهر
المجمع عليه عند أصحابنا المعمول به، وفتاويهم في عصرنا هذا - وهو ستة ثمان وثمانين
وخمس مائة - عليه بلا اختلاف بينهم.
وكذا ذهب السيد المرتضى فيما رواه أصحابنا وأجمعوا عليه من: أن الزوجة التي لا يكون لها من
الميت ولد لا ترث من الرباع والمنازل شيئا، وألحق بعض أصحابنا جميع الأرضين من البساتين
والضياع وغيرها، وهذا اختيار شيخنا أبي جعفر، والأول اختيار شيخنا المفيد وهو الذي تقتضيه
أصول مذهبنا لأنا لو خلينا وظواهر القرآن ورثناها من جميع ذلك، وإنما عدلنا في الرباع والمنازل
بالأدلة وهو إجماعنا وتواتر أخبارنا ولا إجماع معنا منعقد على ما عدا الرباع والمنازل، فحمله السيد
المرتضى على أنها لا ترث من نفس ذلك بل من قيمته كما يذهب أصحابنا في الأنقاض
والطوب، بالطاء غير المعجمة المضمومة والواو والباء المنقطة من تحتها نقطة واحدة وهو الآجر،
والصحيح أنها لا ترث من نفسه التربة ولا من قيمتها بل يقوم الطوب والآلات وتعطى قيمته،
وما ذكره السيد تخريج منه وانفراد، هذا إذا لم يكن لها من الميت ولد.
فأما إذا كان لها منه، ولد أعطيت سهمها من نفس جميع ذلك، على قول بعض أصحابنا وهو
اختيار محمد بن علي بن الحسين بن بابويه تمسكا منه برواية شاذة وخبر واحد لا يوجب علما ولا
عملا، وإلى هذا القول ذهب شيخنا أبو جعفر في نهايته إلا أنه رجع عنه في استبصاره، وهو الذي
يقوى عندي أعني ما اختاره في استبصاره لأن التخصيص يحتاج إلى أدلة قوية وأحكام شرعية،
والإجماع على أنها لا ترث من نفس تربة الرباع والمنازل شيئا سواء كان لها من الزوج ولد أو لم
يكن، وهو ظاهر قول شيخنا المفيد في مقنعته والسيد المرتضى في انتصاره.
ولواحد الإخوة أو الأخوات أو الأجداد أو الجدات إذا انفرد جميع المال من أي الجهات
كان.
وإذا اجتمع كلالة الأم مع كلالة الأب والأم أو الأب مع عدم كلالة الأب والأم
334

كان للواحد من كلالة الأم أخا كان أو أختا السدس وللاثنين فصاعدا الثلث وهذا
مخصوص بالإخوة لأنها الكلالة عندنا.
وذهب بعض أصحابنا إلى أن قال: وإذا اجتمع كلالة الأم مع كلالة الأب والأم كان للواحد
من قبل الأم - أخا كان أم أختا جدا كان أم جدة - السدس وللاثنين فصاعدا الثلث الذكر
والأنثى فيه سواء، والصحيح من أقوال أصحابنا المحصلين أن لواحد الأجداد من قبل الأم إذا
انفرد الثلث، فإن كان معه من الإخوة من قبلها أحد كان له ولهم الثلث بينهم بالسوية والباقي
لكلالة الأب أخا كان أم أختا جدا كان أم جدة، فإن كان كلالة الأب جماعة ذكورا وإناثا،
فللذكر مثل حظ الأنثيين ولا يرث أحد من الإخوة والأخوات من قبل الأب خاصة مع وجود
واحد منهم من الأب والأم أخا كان أو أختا.
ومتى اجتمع واحد من كلالة الأم مع أخت أو أختين فصاعدا من الأب والأم كان
الفاضل من سهامهم مردودا على كلالة الأب والأم خاصة لاجتماع السببين فيهم وتشترك
كلالة الأم مع كلالة الأب فحسب في الفاضل على قدر سهامهم.
ومن أصحابنا من قال: يختص بالرد كلالة الأب أيضا لأن النقص يدخل عليها خاصة إذا
نقصت التركة عن سهامهم لمزاحمة الزوج أو الزوجة، ولا يدخل على كلالة الأم ولا على الزوج
والزوجة على حال. والأول هو الظاهر من المذهب لأن هؤلاء يتقربون إلى الميت بسبب واحد،
وأولئك أيضا بسبب واحد فلا دليل على رد الفاضل عليهم وإنما رددنا الفاضل على كلالة الأب
والأم لإجماعنا على ذلك ولأنهم جمعوا السببين معا.
وولد الإخوة والأخوات وإن نزلوا يقومون عند فقد آبائهم مقامهم في مقاسمة الأجداد
وفي الحجب لغيرهم، وكذلك حكم الأجداد والجدات وإن علوا، والأدنى من جميعهم وإن
كان أنثى أحق من الأبعد وإن كان ذكرا، كل ذلك بدليل إجماعنا عليه.
ويستحب إطعام الجد أو الجدة من قبل الأب السدس من نصيب الأب، فإن اجتمعا
كانت الطعمة بينهما نصفين وليس ذلك بواجب.
والطعمة في لسان العرب: الهبة، ذكر ذلك أبو سعيد الأصمعي عبد الملك بن قريب في كتاب
335

الأبواب قال: باب يقال هذه طعمة لفلان، أي هبة وفي حديث بعض الصحابة أن معاوية
أعطى مصر عمرو بن العاص طعمة أي هبة، فإذا ثبت ذلك فللواهب أن يهب وله أن لا يهب فلا
يتوهم أحد أن ذلك على جهة الوجوب فهو عين الخطأ.
هذا إذا كان الأب حيا وسهمه الأوفر.
ومن أصحابنا من قال: إن هذا حكم الجد أو الجدة أيضا من قبل الأم معها، وهو الأظهر.
والمراد بالسدس الذي هو الطعمة سدس جميع أصل الفريضة لا سدس ما يصيب الأب من
الفريضة فحسب ولا سدس ما يصيب الأم من الفريضة فحسب، بل سدس جميع أصل الفريضة
بدلالة الخبر الذي أورده شيخنا في الاستبصار مفصلا عن أبي عبد الله ع في أبوين وجدة
لأم قال: للأم السدس وللجدة السدس وما بقي وهو الثلثان للأب، وعموم الأخبار الباقية، وهذا
معنى قوله في نهايته: ويؤخذ من ثلث الأم سدس أصل المال فيعطى الجد أو الجدة من قبلها،
وكذلك قال في الجد أو الجدة من قبل الأب: يؤخذ سدس أصل المال، والمراد بأصل المال في
الموضعين أصل الفريضة لا أصل ما حصل للأم بسهمها وفرضها من الفريضة، وكذلك القول في
الأب، فليلحظ ذلك ويحتفظ به فإنه ملتبس.
ويرث الأعمام والعمات والأخوال والخالات مع فقد من قدمناه ذكره من الوراث.
ويجري الأعمام والعمات من الأب والأم مجرى الإخوة والأخوات من قبلهما في كيفية
الإرث وفي اسقاط الأعمام والعمات من قبل الأب فقط، ويجري الأخوال والخالات مجرى
الإخوة والأخوات من قبل الأم، لواحدهم إذا اجتمع مع الأعمام والعمات السدس، ولمن
زاد عليه الثلث الذكر والأنثى فيه سواء، والباقي للأعمام والعمات من الأب والأم أو من
الأب إذا لم يكن عم ولا عمة من قبل الأب والأم، وللذكر من هؤلاء الأعمام والعمات
مثل حظ الأنثيين.
هذا على قول بعض أصحابنا، والأظهر من الأقوال والذي يقتضيه أصل مذهبنا والذي عليه
المحصلون من أصحابنا أن واحد الأخوال والخالات يأخذ مع الأعمام والعمات الثلث، والابنين
فصاعدا الثلث نصيب الأم، وإنما ذلك مخصوص بالإخوة والأخوات فحسب لأنهم الكلالة
336

عندنا على ما قدمناه.
والإخوة والأخوات المتفرقون والأعمام والعمات المتفرقون والأخوال والخالات المتفرقون، مثال
ذلك أخ من قبل الأب والأم وأخ من قبل الأم فحسب وأخ من قبل الأب وكذلك الأعمام
والأخوال، فإنه يسقط واحد الثلاثة الذي من جهة الأب خاصة إذا فقد الذي من جهة الأب
والأم قام مقامه الذي من قبل الأب الذي أسقطناه في أخذ ما يأخذه ومقاسمة من يقاسمه على
حد واحد، فليلحظ ذلك ويتأمل، والدليل على ذلك إجماعنا عليه بغير خلاف أعلمه.
ولا يقوم ولد الأعمام والعمات مقام آبائهم وأمهاتهم في مقاسمة الأخوال والخالات،
ولا يقوم أيضا ولد الخؤولة والخالات مقام آبائهم وأمهاتهم في مقاسمة الأعمام والعمات،
فلو ترك عمة أو خالة مثلا مع ابن عم وابن خال لكانت كل واحدة من العمة والخالة أحق
بالميراث منهما، ولا يرث الأبعد من هؤلاء مع من هو أدنى منه إلا من استثنيناه فيما مضى من
أن ابن العم للأب والأم يكون أحق عندنا من العم للأب، لإجماعنا على صورة هذه المسألة
وعينها دون ما عداها، وليس كذلك إذا ترك أخا لأبيه وابن أخ لأبيه وأمه فإن المال هاهنا
للأقرب الذي هو الأخ من الأب دون ابن الأخ الذي من الأب والأم فليلحظ ذلك.
وكل واحد من العم والعمة والخال والخالة يأخذ نصيب من يتقرب به، فإن جرى
نقص لمزاحمة زوج أو زوجة كان داخلا على من هو من قبل الأب، مثاله: امرأة ماتت
وخلفت زوجها وعمها وخالها، فإن الزوج يستحق النصف من التركة والخال يستحق
الثلث والباقي وهو السدس للعم لأنه لو كان من يتقربان به موجودا وهو الأب والأم كانت
القسمة هكذا، وإجماعنا منعقد على جميع ذلك.
فصل:
فإن لم يكن أحد ممن قدمنا ذكره من الوراث كان ميراثه لمن أعتقه تبرعا، لا فيما يجب
عليه من الكفارات أو الواجبات غير الكفارات أو عتق عليه بغير اختياره سواء كان المعتق
رجلا أو امرأة، فإن لم يكن المباشر للعتق حيا ورث ولاء مواليه ورثته ذكرانهم وإناثهم على
337

ترتيب ميراث النسب لأنه يجري مجراه، ويرثه من يرث من ذوي الأنساب على حد واحد
على ما قدمناه إلا الإخوة والأخوات من الأم أو من يتقرب بها من الجد والجدة والخال
والخالة وأولادهما، لقوله ع المجمع عليه: الولاء لحمة كلحمة النسب.
وبعض أصحابنا يقول: إن لم يكن المعتق حيا باقيا فالميراث لولده الذكور منهم دون الإناث
سواء كان المباشر للعتق رجلا أو امرأة، وهو اختيار شيخنا المفيد في مقنعته. ومن أصحابنا من
قال: إن ولد المعتقة لا يقومون مقامها في الميراث ذكورا كانوا أو إناثا، وهو اختيار شيخنا
أبي جعفر في نهايته، وإن كان قد رجع عن ذلك جميعه في مسائل خلافه وقال بما اخترناه وهو الحق
اليقين.
فإن لم يكن للمعتق أولاد فالميراث للعصبة وأولادهم الإخوة ثم الأعمام ثم بنو العم،
هذا على مقالة شيخنا في نهايته لا على ما ذهب إليه في مسائل خلافه، وجر الولاء صحيح
وصورته أن يزوج عبده بمعتقة غيره فولاء أولادها لمن أعتقها، فإن أعتق مولى أبيهم أباهم
انجر ولاء الأولاد إلى مولى أبيهم من مولى أمهم، فإن أعتق مولى جدهم لأبيهم جدهم مع
كون أبيهم عبدا انجر ولاء الأولاد إلى من أعتق جدهم من مولى أمهم، فإن أعتق بعد ذلك
مولى أبيهم أباهم انجر ولاء الأولاد إلى مولى أبيهم من مولى جدهم، ولا ينجر ولاء من بوشر
عتقه إلى غير من باشره في حال من الأحوال، ولا ينجر ولاء أولاد حرة أصلية لم يمسها رق
أصلا وإن أعتق معتق أباهم لأن أمهم ما أعتقها معتق حتى ينجر الولاء منه إلى من أعتق
أباهم، والحر إذا تزوج بأمة ولم يشرط مولاها كون الأولاد رقا فالأولاد أحرار عندنا بغير
خلاف، فإن أعتقها مولاها لا يثبت له ولاء على الأولاد بحال.
عبد تزوج بمعتقة رجل فاستولدها بنتين فهما حرتان إذا لم يشترط مولاه رق الأولاد،
وولاؤهما لمولى الأم فاشترتا أباهما فإنه ينعتق عليهما كل ذلك بلا خلاف، فإذا مات الأب
للبنتين الثلثان بحق النسب والباقي رد عليهما بآية أولي الأرحام لا بحق الولاء لأن الولاء عندنا
إنما يثبت إذا لم يكن هناك ذو نسب قريب أو بعيد، فإذا كان هناك نسب فلا ميراث
بالولاء على حال، وهذا أصل فيما يتعلق بهذا الباب.
338

وإذا اشترى المعتق عبدا فأعتقه فولاؤه له، فإن مات ولم يخلف أحدا فولاؤه لمولى المولى أو
لمن يتقرب به ممن يستحق الولاء سواء كان المعتق رجلا أو امرأة لا يختلف الحكم فيه.
قد قلنا: أنه إذا زوج الرجل معتقته بعبد ثم جاءت بولد فولاء الولد لمولى المعتقة، ثم إن سيد العبد
أعتق عبده انجر الولاء من مولى الأمة إلى مولى أب الولد، فإن زوج الرجل أمته بعبد فجاءت بولد
فأعتقها سيدها مع ابنها فإن الولاء لمولى الأمة، ثم أعتق مولى العبد عبده فهاهنا لا ينجر الولاء
إليه، والفرق بين هذه المسألة والتي قبلها حيث قلنا: إنه إذا أعتق الأب ينجر الولاء إلى سيده،
لأن هناك ما صادف عتقا هذا الابن وما باشر عتقا فلأجل هذا قلنا: ينجر الولاء إلى مولى
الأب، وليس كذلك هاهنا لأنه صادف عتقا وباشر العتق فلم ينجر الولاء إلى غيره فليلحظ
ذلك.
وحكم المدبر حكم المعتق على حد واحد، وأما المكاتب فلا يثبت الولاء عليه إلا
بشرط، فإذا لم يشرط كان سائبة، ولا يصح بيع الولاء ولا هبته بحال.
وأما ولاء تضمن الجريرة: فهو أن يكون المعتق سائبة وهو كل من أعتق في كفارة أو في
واجب غير الكفارة، أو أعتق عبدا تبرعا وتبرأ من ضمان جريرته فإنه يتوالى إلى من شاء
ممن يضمن جريرته وحدثه، أو يكون انسان لا نسب له معروف فيتوالى إلى انسان معروف
النسب أو يتوالى مجهول النسب إلى مجهول النسب كالحميلين، فأما معروف النسب
والوراث فلا يجوز أن يتوالى إلى أحد بحال إلا أن لا يكون له وارث فيتوالى إذ ذاك، فمتى
مات هذا الانسان ولا أحد يرثه من قريب ولا بعيد فميراثه لمن ضمن جريرته وحدثه، فإذا
مات بطل هذا الولاء ورجع إلى ما كان ولا ينتقل منه إلى ورثته كانتقال ولاء المعتق.
وذهب شيخنا المفيد في مقنعته إلى: أنهما سواء في جميع الأحكام، وما اخترناه رأي شيخنا
أبي جعفر في إيجازه، وهو الأظهر لأن انتقال الضمان بعد الموت والإرث يحتاجان إلى دليل
شرعي لأن هذا حكم التزمه ضامن الجريرة على نفسه ولا دليل على التزام ورثته له بعد موته
فليلحظ ذلك
فإذا تعاقدا بينهما ولاء تضمن الجريرة فليس لأحدهما فسخ ذلك العقد سواء عقل عنه
339

بعد العقد أو لم يعقل.
وبعض المخالفين لنا قال: له الفسخ ما لم يعقل عنه، واختاره شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه،
ومذهبنا الأول لأنه الذي يقتضيه أصولنا ولقوله تعالى: أوفوا بالعقود، وهذا عقد يجب الوفاء به.
وأما ولاء الإمامة: فهو كل من لا وارث له من قريب ولا بعيد ولا مولى عتاقه ولا مولى
تضمن جريرة، فإن ولاءه للإمام وميراثه له، لأنه الذي يضمن جريرته وحدثه من ماله
وخاصه دون مال بيت المسلمين، فإذا مات الإمام انتقل إلى الإمام الذي يقوم بأمر الأمة
مقامه دون ورثته الذين يرثون تركته ومن يتقرب إليه.
وقد قلنا: إنه إذا مات العبد المعتق وليس له مولى فميراثه لمن يتقرب إلى مولاه من جهة أبيه دون
أمه، الأقرب أولى من الأبعد على تدريج ميراث المال، وبينا خلاف أصحابنا في ذلك وما ذهبنا
إليه هو اختيار شيخنا أبي جعفر في مسائل خلافه فإنه قال مسألة: إذا مات العبد المعتق وليس له
مولى فميراثه لمن يتقرب إلى مولاه من جهة أبيه دون أمه، الأقرب أولى من الأبعد على تدريج
ميراث المال، ثم قال: دليلنا إجماع الفرقة وأيضا قوله ع: الولاء لحمة - بضم اللام -
كلحمة النسب، هذا آخر كلام شيخنا أبي جعفر الطوسي رحمه الله وهو الصحيح.
وسهم الزوج والزوجة ثابت مع جميع من ذكرناه على ما مضى بيانه وتحريره.
فصل:
قد بينا فيما مضى أن الكافر لا يرث المسلم، فأما المسلم فإنه يرث الكافر عندنا وإن بعد
نسبه ويحجب من قرب عن الميراث بلا خلاف بيننا.
وقد دللنا على ذلك بظواهر آيات الميراث لأنه إنما يخرج من ظاهرها ما أخرجه دليل قاطع،
وأيضا فالإسلام يزيده قوة وعلوا لقوله ع: الاسلام يعلو ولا يعلى عليه، وبهذا يحتج على
المخالف، وبقوله ع: الاسلام يزيد ولا ينقص، فأما ما رووه من قوله ع:
لا توارث بين أهل ملتين، ومن قول بعض الصحابة في ذلك، فأكثره مضعف مقدوح في رواته،
ثم هو مخالف لظاهر القرآن ومعارض بما قدمناه، ولو سلم من ذلك كله لكان من أخبار الآحاد
340

التي لا يجوز العمل بها في الشرعيات عندنا لأنها لا تثمر علما ولا توجب عملا على أنا نقول
بموجب قوله ع: لا توارث بين أهل ملتين، لو سلمناه تسليم جدل، لأن التوارث تفاعل
وذلك لا يكون إلا بأن يرث كل واحد منهما الآخر، ونحن لا نقول: بأن الكافر يرث المسلم، فلا
توارث بينهما والحال هذه، وقول بعض المخالفين: إن التوارث إنما هو النصرة والموالاة ولذلك يرث
الذكور من العصبة دون الإناث ولا يرث القاتل ولاء العبد لنفي النصرة مما لا يعول عليه، لأنه
غير مسلم أن التوارث لما ذكروه وقد ورث النساء والأطفال مع فقد ذلك فيهم ثم إن النصرة
مبذولة من المسلم للكافر في الحق والواجب كما أنها مبذولة للمسلم بهذا الشرط.
وإذا خلف المسلم ولدا كافرا ولم يخلف غيره من ولد ولا والد ولا ذي رحم ولا
زوج ولا زوجة ولا قريب ولا بعيد من المسلمين كان ميراثه للإمام ع.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: كان ميراثه لبيت المال، وأطلق ذلك ومقصوده لبيت مال
الإمام دون بيت مال المسلمين.
فإن خلف مع الولد الكافر ولدا آخر مسلما، كان المال له ذكرا كان أو أنثى دون
الكافر، وكذلك إذا كان بدل الولد المسلم أحد ذوي أرحامه قريبا كان أو بعيدا كان المال
للمسلم كائنا من كان على ما قدمناه وسقط الولد الكافر ولا يستحق منه شيئا على حال.
فإن خلف من الوراث المسلمين أكثر من واحد ممن تتقدر القسمة بينهم وولدا كافرا
كان المال للوراث المسلمين دون الولد الكافر أو الأقرب الكافر فإن أسلم الولد الكافر أو
الأقرب الكافر قبل قسمة الميراث بين الوراث المسلمين كان له نصيبه، وإن أسلم بعد قسمة
المال لم يكن له شئ على حال، فهذا معنى قوله ع: من أسلم على ميراث قبل
قسمته فله حقه، وكذلك من أعتق على ميراث الحكم في ذلك سواء لا يختلف.
فإن خلف وارثا مسلما وآخر كافرا كان للمسلم المال دون الكافر، فإن أسلم الكافر لم
يكن له من المال شئ لأن المسلم قد استحق الميراث عند موت الميت وإنما تتصور القسمة
إذا كانت التركة بين نفسين فصاعدا، فإذا أسلم قبل القسمة قاسمهم على ما بيناه وذلك
لا يتأتى في الواحد على حال.
341

وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: وإذا خلفت المرأة زوجها وكان مسلما وولدا ووالدا أو ذوي
أرحام كفارا، كان الميراث للزوج كله وسقط هؤلاء كلهم، فإن أسلموا رد عليهم ما يفضل من
سهم الزوج الزوجية.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: وهذا غير مستقيم على الأصل الذي أصله وقرره في صدر الباب
- أعني باب توارث أهل ملتين - وإجماعنا أيضا مستقر عليه، وهو أنه إذا كان الوارث المسلم
واحدا استحق بنفس الموت الميراث ولا يرد على من أسلم بعد الموت من الميراث شئ على
حال، لأن هاهنا لا تتقدر القسمة، والزوج عندنا في هذه الحال وارث جميع المال، النصف
بالتسمية والنصف الآخر رد عليه بإجماع أصحابنا على ما قدمناه، بل كان هذا يستقيم لشيخنا
أبي جعفر لو كان المخلف زوجة، لأن هاهنا تتقدر القسمة بينها وبين الإمام ع لأنها غير
وارثة بنفس الموت جميع المال بل لها الربع فحسب والباقي لإمام المسلمين، فإن أسلم الوارث
الكافر قبل قسمة المال بينها وبين الإمام أخذ ما كان يأخذه الإمام، وإن أسلم بعد القسمة فلا
شئ له بحال، فليلحظ ذلك فإنه واضح جلي.
وروي: أنه إذا خلف الكافر أولادا صغارا وأخوة وأخوات من قبل الأم وأخوة وأخوات
من قبل الأب مسلمين، كان للأخوة والأخوات من قبل الأم الثلث وللأخوة والأخوات
من قبل الأب الثلثان، وينفق الإخوة من قبل الأم على الأولاد بحساب حقهم ثلث النفقة،
وينفق الإخوة والأخوات من الأب بحساب حقهم ثلثي النفقة، فإذا بلغ الأولاد وأسلموا،
سلم الإخوة إليهم ما بقي من الميراث، وإن اختاروا الكفر تصرفوا في باقي التركة ولم يعطوا
الأولاد منها شيئا، وإن كان أحد أبوي الأولاد الصغار مسلما وخلف أخوة وأخوات من قبل
أب أو من قبل أم كان الميراث للأولاد الصغار، فإذا بلغوا أجبروا على الاسلام وقهروا عليه،
فإن أبوا كانوا بحكم المرتدين الأصليين وجرى عليهم ما يجري عليهم سواء.
أورد ذلك شيخنا أبو جعفر في نهايته، والذي يقتضيه أصل مذهبنا أن في المسألة الأولى يكون
الميراث بين الإخوة من الأب والإخوة من الأم، للذين من قبل الأب الثلثان وللذين من قبل
الأم الثلث يتصرفون فيه تصرف المالكين في أملاكهم، لأنه لا وارث مسلم لهذا الميت الكافر
342

سواهم لأنهم استحقوا الميراث دون من عداهم من سائر الناس لأنه لا وارث له مسلم سواهم،
ولو لم يكن كذلك ما جاز لهم قسمة الميراث بينهم ثلثين وثلثا، ولا سوع لهم الشارع ذلك.
فعلى هذا التحرير والتقرير إذا بلغ الأولاد واختاروا الاسلام لا يجب على الإخوة رد شئ من
الميراث إليهم بحال، ولا يجب لهم النفقة أيضا قبل البلوغ، ولا يلزم الإخوة ذلك بحال على
الأصل الذي أصلناه وقررناه لأن الأولاد حكمهم حكم آبائهم فيما يجري عليهم من الأحكام
الشرعيات لأنهم لا يدفنون في مقابر المسلمين لو ماتوا قبل البلوغ، ولا إذا قتلهم قاتل من
المسلمين يقاد بهم، ولا ديتهم ديات المسلمين، بل حكمهم في جميع ذلك أحكام الكفار، كما أن
في المسألة الثانية لا يرثه الإخوة المذكورة بل ورثه أولاده الأطفال دون أخوته لأنهم بحكم أبيهم
المسلم، فلأجل ذلك إذا بلغوا ولم يختاروا الاسلام كان حكمهم حكم المرتدين عن فطرة
الاسلام، والأولاد في المسألة الأولى لا يقهرون على الاسلام، ولا إذا اختاروا الكفر كان
حكمهم حكم المرتدين عن فطرة الاسلام، ولا حكم المرتد الذي كان كافرا ثم أسلم لأنهم
بحكم الكفار الأصليين، فليلحظ ذلك فإن فيه لبسا على من لم ينعم النظر، وإنما الرواية من
أخبار الآحاد أوردها شيخنا في نهايته إيرادا كما أورد أمثالها مما لا يعمل به.
والمسلم إذا كان له أولاد ذميون وقرابة كفار ومولى نعمة مسلم أو مولى تضمن جريرة أو
مولى إمامة فإن ميراثه للمولى المسلم دون أولاده وقراباته الكفار.
والمسلمون يرث بعضهم بعضا وإن اختلفوا في الآراء والمذاهب والاعتقادات
والديانات والمقالات، لأن الذي به يثبت الموارثة: إظهار الشهادتين، والإقرار بأركان
الشريعة من الصلاة والزكاة والصوم والحج دون فعل الإيمان الذي يستحق به الثواب
وبتركه العقاب.
وقد يوجد في بعض نسخ المقنعة في باب أهل الملل المختلفة والاعتقادات المتباينة: ويرث المؤمنون
أهل البدع من المعتزلة والمرجئة والحشوية ولا ترث هذه الفرق أحدا من أهل الإيمان، كما يرث
المسلمون الكفار ولا يرث الكفار أهل الاسلام، والأول هو المذهب المحصل والقول المعول عليه
والمرجوع إليه.
343

والكفار على اختلافهم يتوارث بعضهم من بعض لأن الكفر كالملة الواحدة لقول
أبي عبد الله ع: لا يتوارث أهل ملتين نحن نرثهم ولا يرثونا، فجعل من خالف
الاسلام ملة واحدة.
والمسلم الذي يولد على فطرة الاسلام ثم ارتد فقد بانت منه امرأته ووجب عليها عدة
المتوفى عنها زوجها وقسم ميراثه بين ورثته، وتستحق الزوجة سهمها معهم لأنه بحكم الميت
فكأنه قد مات وهي زوجته ما فارقها إلا بالموت فكأنه قد مات عن زوجة، ولا يستتاب بل
يقتل على كل حال فإن القتل قد تحتم عليه، فإن لحق بدار الحرب ثم مات وله أولاد كفار
وليس له وارث مسلم كان ميراثه لإمام المسلمين.
ومن كان كافرا فأسلم ثم ارتد عرض عليه الاسلام فإن رجع إليه وإلا ضربت عنقه،
وتعتد امرأته منه عدة المطلقة دون عدة المتوفى عنها زوجها لأنها بانت منه قبل موته، وتلك
ما بانت منه إلا بعد موته الذي هو ارتداده الذي هو بمنزلة موته، فإن قتل أو مات وزوجته في
العدة ورثته مع وراثه المسلمين ووجب عليها استئناف عدة المتوفى عنها زوجها مذ يوم مات،
لأنه لو تاب ورجع إلى الاسلام قبل خروجها من عدتها كان أملك بها بالعقد الأول، فإن
ماتت في العدة لم يرثها وهو على حال الكفر - لأنا قد بينا أن الكافر لا يرث المسلم والمسلم
يرث الكافر - ولا يجب عليها على جميع الأحوال إلا عدة المطلقة دون المتوفى عنها زوجها،
ما عدا الموضع الذي ذكرناه واستثنيناه من وجوب استئناف عدة الوفاة، لأنه لو تاب وهي
في العدة كان أملك بها، وإنما يجب على من مات زوجها وهي في عدة يكون بها أملك أن
تستأنف عدة المتوفى عنها زوجها، لقوله تعالى: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا
يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا، وهذا قد وذر زوجة لأن المعتدة عدة رجعية عندنا بغير
خلاف بيننا زوجة، وهذا المرتد الذي ارتد لا عن فطرة الاسلام لا يقسم ماله بين ورثته إلى
أن يموت أو يقتل ولو لحق بدار الحرب، بل يوقف وهو على ملكه ما زال عنه بارتداده.
وقال شيخنا في نهايته: ومن كان كافرا فأسلم ثم ارتد عرض عليه الاسلام فإن رجع إليه وإلا
ضرب عنقه، فإن لحق بدار الحرب ولم يقدر عليه اعتدت منه امرأته عدة المطلقة ثم يقسم ميراثه
344

بين أهله، فإن رجع إلى الاسلام قبل انقضاء عدتها كان أملك بها، وإن رجع بعد انقضاء عدتها لم
يكن له عليها سبيل، فإن مات على كفره وله أولاد كفار أو لم يخلف وارثا مسلما كان ميراثه
لبيت المال، هذا آخر كلامه رحمه الله إلا أنه رجع عنه في مسائل خلافه ومبسوطه وذهب إلى
ما اخترناه، لأن قسمة أموال بني آدم وانتقالها منهم حكم شرعي يحتاج في إثباته إلى دليل شرعي.
وإنما الشافعي في أحد قوليه يقول: المرتد الذي يستتاب يزول ملكه عن ماله وينتقل ماله إلى
ورثته وهو حي، ومذهبنا بخلاف ذلك بل ماله باق على ملكه ما دام حيا وبالموت أو القتل
ينتقل عنه إلى ورثته المسلمين فليلحظ ذلك.
وقوله رحمه الله: كان ميراثه لبيت المال، فمراده بيت مال الإمام دون بيت مال المسلمين، فليلحظ
ذلك في جميع ما يقوله في باب المواريث.
وقد قدمنا أنه إذا أسلم الكافر أو عتق المملوك على ميراث بعد قسمته لم يرث شيئا،
ومتى لم يكن للميت إلا وارث مملوك ابتيع من التركة وعتق وورث الباقي ويجبر المالك على
بيعه بالقيمة العدل، هذا إذا كانت التركة تبلغ قيمته أو زائدا عليها، فأما إذا نقصت عن
ذلك فلا يجب شراؤه ولا يجبر المولى على بيعه وتكون التركة لإمام المسلمين بغير خلاف.
وروي أنه إذا كانت التركة أقل من ثمن المملوك استسعى في الباقي.
ذهب إليه بعض أصحابنا والأول الأظهر وعليه العمل والفتاوى.
فإن كان الوارث اثنين أو جماعة ونقصت التركة عن شرائهما أو شراء جميعهم ووفت
بثمن واحد منهم فلا يشترى من وفت بثمنه بغير خلاف.
وذهب أكثر أصحابنا إلى: أنه لا يشترى إلا ولد الصلب والوالد والوالدة فحسب دون من
عداهم من سائر الوراث من ذوي الأنساب والأسباب، وهو الذي يقوى في نفسي وأعمل عليه
وأفتى به، وهو اختيار شيخنا المفيد والسيد المرتضى، والأول اختيار شيخنا أبي جعفر الطوسي
والذي يدل على صحة ما اخترناه، أنه لا خلاف بيننا في أن الرق يحجب الوارث عن الإرث،
مثل الكفر والقتل عمدا على جهة الظلم وبإجماعنا اشترى الثلاثة المذكورون وليس معنا إجماع
منعقد ممن عداهم فبقينا في من عداهم على الأصل، وشيخنا أبو جعفر في نهايته يوجب شراء
345

الزوج والزوجة إلا أنه رجع عن ذلك في استبصاره وذهب إلى: أنه لا يشترى واحد منهما ولا
يورث بل تكون التركة لإمام المسلمين.
وأما ما عدا الولد للصلب والوالدين من سائر القرابات فلم يرد بذلك إلا خبر واحد مرسل وراويه
عبد الله بن بكير وهو فطحي المذهب، وقد قلنا ما عندنا في ذلك فلا وجه لإعادته.
وأم الولد إذا مات سيدها وولدها حي ولم يكن عليه دين جعلت في نصيب ولدها
وعتقت عليه، فإن لم يخلف غيرها عتق منها نصيب الولد واستسعيت في الباقي لغيره من
الورثة، فإن كان ثمنها دينا على سيدها بيعت في الدين إذا لم يخلف ما يحيط بثمن رقبتها.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته في باب أمهات الأولاد: وإذا مات مولاها وولدها حي جعلت في
نصيب ولدها وقد انعتقت، فإن لم يخلف غيرها كان نصيب ولدها منها حرا واستسعيت في
الباقي لمن عدا ولدها من الورثة، فإن لم يخلف غيرها وكان ثمنها دينا على مولاها قومت على
ولدها وتترك إلى أن يبلغ فإذا بلغ أجبر على ثمنها، فإن مات قبل البلوغ بيعت في ثمنها وقضي به
الدين.
إلا أنه رجع عن هذا أيضا في نهايته في باب السراري وملك الأيمان في كتاب النكاح فإنه قال
في آخر الباب: وإذا كان للرجل جارية رزق منها ولدا لم يجز له بيعها ما دام الولد باقيا فإن مات
الولد جاز له بيعها، ويجوز بيعها مع وجود الولد في ثمن رقبتها إذا لم يكن مع الرجل غيرها، فإن
مات الرجل ولم يخلف غيرها بيعت وقضي بثمنها دينه، وإن كان له مال غيرها جعلت من
نصيب ولدها وتنعتق، هذا آخر كلام شيخنا.
ولا يرث القاتل عمدا مقتوله على وجه الظلم على ما بيناه بلا خلاف، ويرثه إذا كان
قتله خطأ ما عدا الدية المستحقة عليه أو على عاقلته.
بدليل الاجماع من الطائفة على ذلك وظاهر آيات المواريث، وقاتل العمد إنما أخرجناه من
الظاهر بدليل قاطع وليس ذلك في قاتل الخطأ، وقول المخالف: لو كان قاتل الخطأ وارثا لما
وجب تسليم الدية عليه، ليس بشئ لأنه لا تنافي بين وجوب تسليم الدية وبين الميراث مما
عداها.
346

ولا يرث من الدية أحد من كلالة الأم ولا من يتقرب بها ويرثها من عداهم من ذوي
الأنساب والأسباب، ولا يستحق أحد من الزوجين القود على حال فإن رضي الورثة
المناسبون بأخذ الدية وبذلها القاتل كان لهما نصيبهما فيها.
وميراث ولد الملاعنة لأمه ولمن يتقرب بها ويرثها هو ومن يتقرب بها، ولا يرثه أبوه ولا
من يتقرب به على حال، ولا يرثه الولد إلا أن يقر به بعد اللعان ويرثه الولد دون أقاربه لأن
إقراره في حق نفسه فحسب.
هذا على قول بعض أصحابنا وهو الذي أورده شيخنا في نهايته، وقال آخرون منهم: ولا يرث ولد
الملاعنة ملاعن أمه المصر على نفيه ولا من يتعلق بنسبه ولا يرثونه ومن يتعلق بنسبه، ويرثه بعد
الاعتراف به والرجوع عن نفيه ومن يتعلق بنسبه، ولا يرثه الأب ولا من يتعلق بنسبه، وهذا هو
الأقوى عندي لأنه إذا أقربه حكم عليه بأنه ابنه إلا ما أخرجه الدليل ولأن الإقرار بمنزلة البينة
بل أقوى، إلا أن لقائل أن يقول: قد حكم الشارع في هذا الموضع أنه ليس بولد له كما لو أقر
اللقيط بأنه عبد لا يقبل إقراره بالعبودية لأن الشارع حكم بأنه حر فلا يقبل إقراره بالرق، والذي
أعتمده في هذه الفتوى أن الولد يرثه بعد إقراره به دون غيره من قراباته فإنه لا يرثهم ولا يرثونه،
لإجماع أصحابنا على ذلك ومن شذ منهم لا يلتفت إلى خلافه فإنه معروف النسب والاسم وهو
أبو الصلاح صاحب كتاب الكافي الحلبي.
والوالد لا يرث الولد على حال،
بدليل إجماعنا على ذلك وأيضا فالاحتياط مما ذكرناه، لأن الإقرار بالولد بعد نفيه قد يكون
للطمع في ميراثه، فإذا لم يورث كان ذلك صارفا له عن الإقرار به لهذا الغرض واقتضى أن
لا يكون بعد الجحود إلا لتحري الصدق فقط.
فإن مات ولد الملاعنة وخلف أخا من أبيه الذي نفاه ومن أمه وخلف أختا من أمه
كان الميراث بين الأخ والأخت نصفين، لأنهما من كلالة الأم يتساوى الذكر والأنثى في
الميراث لأن نسب الأخ إليه من أبيه غير معتد به لأنه بعد نفيه ما صار أباه، فكأنه خلف أخا
وأختا لأم فليلحظ ذلك.
347

وذهب شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في استبصاره إلى: أن ولد الملاعنة إن اعترف به أبوه بعد
الملاعنة فإنه يرث أباه ولا يرثه أبوه ويرث أخواله ويرثه أخواله إذا كانت أمه ميتة، فأما إذا لم
يعترف به أبوه بعد اللعان فإنه لا يرث أباه وترثه أمه، فإذا ماتت يرثه أخواله وهو لا يرث أخواله،
هذا بخلاف مذهبه في نهايته فإن بها أطلق القول، والصحيح أنه يرث أخواله ويرثه أخواله سواء
اعترف به أبوه بعد اللعان أو لم يعترف، لأن نسبه من الأم بسبب شرعي بغير خلاف، وأورد في
استبصاره حديثين قال فيهما: ابن الملاعنة ترثه أمه الثلث والباقي لإمام المسلمين لأن جنايته على
الإمام، فتأولهما وقال: الوجه في هاتين الروايتين أن نقول إنما يكون لها الثلث من المال إذا لم
يكن لها عصبة يعقلون عنه.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: وهذا تأويل يرغب الانسان عنه ويربأ بنفسه منه، لأنه مصير إلى
مذهب المخالفين وعدول عن آية ذوي الأرحام وأصول المذهب ورجوع إلى القول بالعصبة، ثم
هدم ونقض لإجماعنا وهو أن قرابات الأم وكلالتها لا يعقلون ولا يرثون من الدية شيئا بغير خلاف
بيننا فليلحظ ذلك ويتأمل.
وولد الزنى لا يرث من خلق من نطفته ولا من ولدته لأنهما غير أبويه شرعا، ولا من
يتقرب بهما إليه ولا يرثونه على حال لأنه ليس بولد لهما شرعا على ما قدمناه، لأن الولد
للفراش على ما جاء عنه ع.
والفراش المذكور في الخبر عبارة عن العقد وإمكان الوطء عندنا وعند الشافعي، ومن أصحابنا
من قال: حكمه حكم ولد الملاعنة سواء، وهو مذهب من خالفنا من الفقهاء والأول هو المذهب
الذي تقتضيه أصولنا.
ويعزل من التركة مقدار نصيب الحمل والاستظهار يقتضي عزل نصيب ذكرين، فإن
ولد ميتا فلا شئ له وإن ولد حيا ورث ويعلم حياته بالاستهلال وهو رفع الصوت أو الحركة
الكثيرة التي لا تكون إلا من حي فربما كان أخرس، وقد ذكرنا أحكام الشهادة
بالاستهلال وكيفيتها في كتاب الشهادات فلا وجه لإعادته.
وإن ولد مولود ليس له فرج أصلا لا فرج الرجال ولا فرج النساء فهذا هو المشكل أمره
348

استخرج بالقرعة.
بغير خلاف بين أصحابنا في ذلك ولقولهم ع: كل أمر مشكل فيه القرعة، فما
أخرجت القرعة ورث عليه فيكتب على سهم " عبد الله " ويكتب على سهم آخر " أمة الله "
ويجعلان في سهام مبهمة وتخلط، ويدعو المقرع فيقول: اللهم أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا
فيه يختلفون بين لنا أمر هذا الشخص لنحكم فيه بحكمك، ثم يؤخذ سهم سهم فإن خرج عليه
" عبد الله " حكم له بحكم الذكور وورث ميراثهم، وإن خرج " أمة الله " حكم له بحكم الإناث
وورث ميراثهن.
وإذا خلف الميت شخصا له رأسان على بدن واحد أو بدنان ورأسان على حقو واحد
ترك حتى ينام، ثم ينبه أحدهما فإن انتبه والآخر نائم فهما اثنان وإن انتبها جميعا فهما واحد.
فأما ميراث الخنثى وهو الذي له فرج الرجال وفرج النساء معا فله أحوال عند
أصحابنا: فأول أحواله اعتبار المبال، فإن خرج من فرج الرجال ورث ميراثهم وحكم عليه
بأنه رجل، وإن خرج البول من فرج النساء ورث ميراثهن ويحكم عليه بحكمهن، فإن بال
منهما جميعا فالاعتبار بالسابق منهما فيورث عليه، فإن لم يسبق أحدهما الآخر فالاعتبار
بالفرج الذي ينقطع البول منه أخيرا فيورث عليه ويحكم به له، فإن جاءا سواء في دفعة
واحدة وانقطعا سواء في وقت واحد فهاهنا وفي هذه الحال يتصور مسألة الخلاف بين
أصحابنا فحينئذ محيز النزاع، وأما في الأحوال الأول فلا خلاف بينهم فيها أجمع، بل
الخلاف فيما صورناه.
فذهب شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في نهايته وإيجازه ومبسوطه إلى: أنه يورث نصف ميراث
الرجال ونصف ميراث النساء، فيجعله تارة ذكرا وتارة أنثى ويعطيه ويورثه نصف سهم الذكر
ونصف سهم الأنثى. قال الذاهب إلى هذا القول: الذي يعول عليه في ميراث الخنثى وكيفية
قسمته ويجعل أصلا فيه أن يفرض الخنثى بنتا ونصف بنت مع الباقين من الورثة، قال: وقيل فيه
وجه آخر وهو أن يقسم الفريضة دفعتين تفرض الخنثى في أحدهما ذكرا وفي الأخرى أنثى فما
يصيبه في الدفعتين أعطي نصفه من الفريضة، مثال ذلك: إذا خلف ابنا بيقين وخلف خنثى
349

فينبغي أن يطلب ما لا يمكن قسمته مع فرض الذكر ومع فرض الأنثى من غير كسر، وأقل
ما يمكن فيه في هذه المسألة ستة، فإن فرضت الخنثى ذكرا كان المال بينهما نصفين لكل واحد
ثلاثة، فإن فرضته بنتا كان لها سهمان من ستة، فإذا أضفت السهمين إلى الثلاثة صارت خمسة
فتعطى الخنثى نصفها وهو سهمان ونصف من ستة، وثلاثة ونصف للابن المتيقن، فإذا أردت
أن لا تنكسر فاجعلها من اثني عشر فيعطى الابن سبعة والخنثى خمسة، فإن فرضت بنتا بيقين
وخنثى خرجت الفريضة أيضا من اثني عشر، فإن كان ذكرا كان له ثمانية وللبنت أربعة، وإن
كانت بنتا كان لها ستة لأن المال بينهما نصفان بالفرض والرد عندنا فنضيف الستة إلى الثمانية
يصير أربعة عشر فيعطى الخنثى نصفها سبعة، وللبنت المتيقنة خمسة، فإن كان ابن وبنت وخنثى
فأقل ما يخرج منه سهامهم عشرون، فإن فرضته ذكرا كان له ثمانية، وإن فرضته أنثى كان له
خمسة، تصير ثلاثة عشر تعطيه نصفه ستة ونصفا من عشرين فإن أردته بلا كسر جعلته من أربعين
فيعطى الخنثى ثلاثة عشر ويبقى سبعة وعشرون، للابن ثمانية عشر وللبنت تسعة، ثم على هذا
المنهاج بالغا ما بلغوا، وإن كان معهم زوج أو زوجة أخرجت سهمه والباقي قسمته على ما قلناه.
وذهب جماهير أصحابنا والأكثرون منهم والمحصلون إلى: أنه في هذه الحال المتنازع فيها يعتبر
ويورث بعدد الأضلاع، فإن نقص عدد أحد الجانبين عن الآخر ورث ميراث الرجال وحكم
عليه بحكمهم، وإن تساوى الجانبان في عدد الأضلاع ورث ميراث النساء وحكم له بحكمهن،
وهو مذهب شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان الحارثي رحمه الله فإنه قال في كتابه كتاب
الأعلام وشرحه على جميع متفقهة العامة فيه ومستدلا عليهم قال: واتفقت الإمامية في توريث
الخنثى على اعتباره بالمبال، فإن خرج البول مما يكون للرجال خاصة ورث ميراث الرجال،
وإن كان خروجه مما يكون للنساء حسب ورث ميراث النساء، وإن بال منهما جميعا نظر إلى
الأغلب منهما بالكثرة فورث عليه، وإن تساوى ما يخرج من الموضعين اعتبر باتفاق الأضلاع
واختلافها فإن اتفقت ورث ميراث الإناث وإن اختلفت ورث ميراث الرجال، قال رحمه الله:
ولم أجد من العامة أحدا يعتبر في الخنثى ما ذكرناه على الترتيب الذي وصفناه، قال: ولنا بعد
الحجة بإجماع الفرقة المحقة على ما ذكرناه في هذه المسألة ورود الخبر بذلك عن أمير المؤمنين
350

علي بن أبي طالب ع يعزوه إلى السنة الثابتة عنده عن نبي الهدي ص،
وبطلان مقال من خالفه فيه وقطع على فساده من العامة إذ لم يعتمد في ذلك على حجة في
فساده، وقد ثبت أن الحق لا يخرج عن أمة محمد ص، ولو كانت الإمامية
مبطلة فيما اعتقدته منه وكان من خالفها أيضا مبطلا في إنكاره لما ذكرناه لخرج الحق عن أمة
محمد ص وذلك باطل لما بيناه، هذا آخر كلامه رحمه الله، فقد رجع كما ترى عما
ذكره وأورده في مقنعته بغير شك ولا ارتياب.
وهذا أيضا مذهب السيد المرتضى رضي الله عنه على ما حكاه عنه، ذكره في انتصاره مثل
ما ذكره شيخه المفيد وشرحه كشرحه وفصل أحواله كتفصيله وصوره كتصويره حرفا فحرفا،
ثم قال في استدلاله على صحة المسألة: والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه الاجماع المتردد،
وأيضا فإن باقي الفقهاء عولوا عند إشكال الأمر وتقابل الأمارات على رأي وظن وحسبان،
وعولت الإمامية فيما يحكم به في الخنثى على نصوص وشرع محدود فقولها على كل حال أولى، هذا
آخر كلام السيد المرتضى، ألا ترى أرشدك الله إلى الخيرات استدلال هذين العالمين القدوتين
بإجماع الإمامية على صحة القول في هذه المسألة وفساد قول من خالفهما فيه، وإلى ما ذهبا إليه
أذهب، وعليه أعمل وبه أفتى إذ الدليل يعضده والحجة تسنده وهو الاجماع المشار إليه والخبر
المتفق عليه، وقد كان بعض أصحابنا الماضين رحمهم الله يتعاطى معرفة مسائل الخناثى
والضرب لها واستخراج سهامهم بغير انكسار، وكنا نجيل في ذلك سهامنا مع سهامهم فيه
متبعين كلامهم قبل إعمال نظرنا في المسألة إذ الأذن البكر تقبل ما يرد عليها بلا روية ولا نظر،
وهذا غير محمود عقلا وشرعا فحيث تأملنا المسألة وأعطينا النظر حقه وسبرنا أقاويل أصحابنا
وكتبهم وجدناها بخلاف ما كنا عليه فكشفنا قناع صحتها وأوضحنا غياهيب ظلمتها.
وأيضا فالدليل على أصل المسألة قول الله سبحانه ممتنا به على خلفه وعباده: يا أيها الناس اتقوا
ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منها رجالا كثيرا ونساء، وقال
تعالى: يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور، وقال تعالى: أ له البنات ولكم البنون،
وقال: وما خلق الذكر والأنثى، وقال: اصطفى البنات على البنين، وقال تعالى: أ لكم
351

الذكر وله الأنثى تلك إذا قسمة ضيزى، فلو كان بعد الأنثى منزلة لذكرها، وقال سبحانه:
فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى، فلو كان المجعول قسما آخر لذكر في امتنانه علينا، ألا ترى
إلى قوله تعالى في هذه الآيات، ووجه الامتنان بها وذكر التثنية في جميعها من غير إدخال قسم
ثالث فيها.
ثم إن شيخنا أبا جعفر الطوسي رحمه الله رجع عما ذكره أجمع في مسائل خلافه وترك القول الذي
حكيناه عنه في نهايته ومبسوطه وإيجازه فقال في مسائل الخلاف مسألة: إذا مات انسان وخلف
خنثى مشكلا له ما للرجال وما للنساء اعتبر بالمبال، فإن خرج من أحدهما أولا ورث عليه، وإن
خرج منهما اعتبر بالانقطاع فورث على ما ينقطع أخيرا، فإن اتفقا روى أصحابنا: أنه تعد
أضلاعه فإن تساويا ورث ميراث النساء وإن نقص أحدهما ورث ميراث الرجال، والمعمول
عليه أن يرجع إلى القرعة فيعمل عليها، وقال الشافعي: ننزله نحن بأسوأ حالتيه فنعطيه نصف
المال لأنه اليقين والباقي يكون موقوفا حتى نتبين حاله، فإن بان أنه ذكر أعطيناه ميراث
الذكور، وإن بان أنه أنثى فقد أخذ حقه ويعطي الباقي للعصبة، وبه قال زيد بن ثابت، وقال
أبو حنيفة: نعطيه النصف يقينا والباقي يدفع إلى عصبته، وذهب قوم من الحجازيين وقوم من
البصريين: أنه يدفع إليه نصف ميراث الذكر ونصف ميراث الأنثى فيعطى ثلاثة أرباع المال،
وبه قال أبو يوسف وجماعة من أهل الكوفة، دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم، هذا آخر كلامه
رحمه الله في المسألة.
ألا ترى إلى قول شيخنا رحمه الله، فإن فيه إذا تأملته عجائب ودلائل على صحة القول بما اخترناه
وفساد المذهب الذي ذهب إليه في كتبه المقدم ذكرها، وهو قوله: فإن اتفقا روى أصحابنا: أنه
تعد أضلاعه فإن تساويا ورث ميراث النساء وإن نقص أحدهما ورث ميراث الرجال، فقد أقر
على نفسه أن أصحابه يعني الشيعة الإمامية رووا ذلك من غير خلاف بينهم في الرواية بل تلقاها
جميعهم بالقبول لأنه لم يقل: وقد روي خلافه، فدل على أن الرواية متواترة وما هذا حكمه يجب
العمل به ولا يجوز العدول عنه.
وقال رحمه الله مستدلا على خصومه: دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم، فجعل الأخبار دليله وهو قد
352

حكى عن أصحابه أنهم رووه فالأخبار التي استدل بها وعناها هي التي رووا، ثم استدل
بإجماعهم وإجماعهم منعقد على هذه الأخبار التي رووها في هذا المعنى، ثم إنه رحمه الله خالف
أصحابه على ما حكي عنهم وخالف قوله الذي ذكره في كتبه الثلاثة المقدم ذكرها وقال
هاهنا: المعمول عليه أن يرجع إلى القرعة فيعمل عليها، وفي هذا ما فيه، ثم إن القرعة لا تستعمل
إلا في كل أمر مشكل إذا لم يرد فيه بيان شرعي ولا نص مبين لحكمه فحينئذ يفزع إلى القرعة فتجعل
بيان حكمه وحل مشكله.
فأما إذا ورد البيان من الشارع لحكمه فلا يجوز الرجوع فيه إلى القرعة بحال من غير خلاف بيننا في
هذا الأصل المقرر المحرر، وقد أقر رحمه الله أن أصحابه رووا بيان هذا الحكم واستدل بإجماعهم
وأخبارهم التي رووها عليه، فكيف يفزع هو إلى القرعة في هذا الموضع؟ إن هذا لعجيب طريف
إلا أن يريد بأخبارهم التي عناها: أن كل أمر مشكل فيه القرعة، وقد دللنا على فساد هذه
الطريقة وقلنا: أنه لا يجوز استعمال القرعة إلا في أمر لم يبين الشارع حكمه ومشكله، والشارع
بين حكم هذا بعد الأضلاع، فإن شيخنا أقر بأن أصحابه رووا ذلك من غير تناكر بينهم في
الرواية، وقد قال رحمه الله في الحائريات لما سئل عن الخبر الذي ورد: أن الله تعالى لما خلق آدم
ع أخذ من جنبه الأيسر ضلعه الأعوج فخلق منه حواء وأن أضلاع الرجال تنقص
وأضلاع النساء تمام، فما عنده فيه؟ فقال الشيخ: الجواب: ذلك مشهور بين أهل النقل في
أصحابنا والمخالفين وهو جائز لا مانع منه وهو في قضايا أمير المؤمنين ع، ألا
ترى إلى قوله: ذلك مشهور بين أهل النقل في أصحابنا والمخالفين، فدل على أنه إجماع المسلمين فضلا
عن طائفتنا على رواية هذا الحكم.
ثم إنه رحمه الله لم يذكر في كلامه الذي حكيناه عنه في مسائل خلافه أنه ذهب إلى ما ذكره في
نهايته وإيجازه ومبسوطه إلا قوم مجهولون غير معينين ما خلا أبا يوسف القاضي صاحب
أبي حنيفة، فإذا لم يذهب إليه أحد من المسلمين المعروفين ولا أحد من الصحابة والتابعين ولا
الفقهاء المعروفين سوى أبي يوسف، وكفى بهذا القول وهنا وضعفا.
فإذا عقد على الصغيرين عقد النكاح أبواهما توارثا، فإن كان العاقد غيرهما فلا
353

توارث بينهما حتى يبلغا ويمضيا العقد، فإن بلغ أحدهما فأمضاه ثم مات انتظر بلوغ الآخر
فإن بلغ وأمضاه حلف بأنه لم يرض به طمعا في الميراث فإذا حلف ورث سهمه وإن لم
يحلف فلا ميراث له.
ويتوارث الزوجان بعد الطلاق الرجعي سواء كان في الصحة أو المرض ما دامت المرأة
في العدة بغير خلاف، وإن كان الطلاق في حال مرض الزوج ورثته المرأة أيضا بعد
خروجها من العدة ما بينها وبين سنة ما لم تتزوج أو يبرأ الزوج من مرضه الذي طلقها فيه،
وهو لا يرثها بعد خروجها من عدتها هذا في الطلاق الرجعي.
فإن كان طلاقه لها طلاقا لا رجعة له فيه فلا ميراث بينهما ساعة طلقها إلا أن يكون
أوقع هذا الطلاق البائن في مرضه فإنها ترثه ما دامت في عدتها وبعد خروجها من العدة
ما بينها وبين سنة ما لم تتزوج المرأة أو يبل من مرضه الذي طلقها فيه.
وشيخنا أبو جعفر ذهب في نهايته إلى: أنهما يتوارثان ما دامت في العدة وإن كان الطلاق لا رجعة
له عليها فيه، إذا كان طلاقه لها في المرض ثم بعد خروجها من العدة ترثه ما لم تتزوج أو يبرأ
الزوج من مرضه الذي طلق فيه إلى سنة، إلا أنه رجع عن ذلك في مسائل خلافه على
ما ذكرناه فيما تقدم.
وإذا تزوج المريض ومات قبل برئه وقبل الدخول بالمرأة بطل العقد بينهما عند
أصحابنا ولم ترثه المرأة ولا عدة عليها منه، وإذا انفرد الزوج بالميراث فله النصف بالتسمية
والنصف الآخر رد عليه بإجماع أصحابنا، ولا يلزم على ذلك أن يرد الباقي من سهم
الزوجة عليها إذا انفردت بالميراث لأن الشرع لا يؤخذ قياسا، وقد قدمنا القول في ذلك
مشروحا فلا وجه لإعادته.
وإذا تعارف المجلبون.
واحدهم مجلب وهو الحميل واختلف في تفسيره، فقال الجوهري في كتاب الصحاح: الحميل
الذي يحمل من بلده صغيرا والحميل: الدعي قال الكميت يعاتب قضاعة في تحويلهم إلى
اليمن:
354

علا م نزلتم من غير فقر
ولا ضراء منزلة الحميل
وقال صاحب المجمل وهو ابن فارس: الحميل الدعي، وقال الهروي في غريب الحديث: أما
قوله الحميل لا يورث إلا ببينة ففيه قولان، يقال فيه هو الذي يحمل من بلاده صغيرا إلى بلاد
الاسلام، ويقال هو المجهول النسب.
وذلك أن يقول: هذا أخي أو أبي أو ابني، ليزوي ميراثه عن مواليه فلا يصدق إلا ببينة.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: وأما الحميل فهو الذي يجلب من بلاد الشرك ويسترق، فإذا
تعارف منهم اثنان أو جماعة بنسب يوجب بينهم الموارثة في شرع الاسلام فإنه يقبل قولهم في
ذلك ويورثون على نسبهم ولا يطالبون بالبينة على ذلك على حال، وهذا القول قريب من قول
من حكيناه من أهل اللغة إذ كل منهما مدع نسبا من الآخر، لأن حقيقة الدعوى كل خبر ليس
على صحته وفساده دليل، إلا أن شيخنا أبا جعفر رجع في التبيان فقال: الحميل الغريب لأنه
يحمل على القوم وليس.
فأما ميراث اللقيط، فإن كان توالى إلى انسان ضمن جريرته وحدثه فإنه يكون ميراثه
له وضمان جريرته عليه، فإن لم يكن توالى إلى أحد فميراثه لإمام المسلمين وليس لمن
التقطه ورباه شئ من ميراثه.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: وأما المشكوك فيه فهو أن يطأ الرجل امرأته أو جاريته ثم
يطأها غيره في تلك الحال وتجئ بالولد، فإنه لا ينبغي له أن يلحقه به لحوقا صحيحا بل
ينبغي أن يربيه وينفق عليه، فإذا حضرته الوفاة عزل له شيئا من ماله قدر ما يتقوى به على
شأنه، وإن مات هذا الولد لم يكن له شئ من تركته وكانت لبيت المال إن لم يخلف ولدا ولا
زوجا ولا زوجة، هذا آخر كلامه في نهايته.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: ما ذكره رحمه الله خلاف ما يقتضيه أصول مذهبنا، والصحيح
أن هذا الولد الذي من زوجته ولده شرعا يرثه إذا مات، وكذلك الولد يرث الوالد إذا لم ينتف
منه باللعان مع أمه بغير خلاف بيننا، ولقوله ع: الولد للفراش وللعاهر الحجر،
والفراش عبارة عن العقد وإمكان الوطء على ما جرت به العادة دون التمكين على ما في مقدور
355

الله تعالى على ما يذهب إليه أبو حنيفة.
وإذا وطأ نفسان فصاعدا جارية مشتركة بينهما فجاءت بولد أقرع بينهما فمن خرج اسمه
ألحق به وضمن للباقين من شركائه حصتهم وتوارثا، فإن وطأها نفسان في طهر واحد بعد
انتقال الملك من واحد منهما إلى الآخر كان الولد لاحقا بمن عنده الجارية وترثه، الأب
والولد أيضا مثل ذلك يرثه على ما رواه أصحابنا.
وتحقيق ذلك أن يعتبر بستة أشهر وأقل منها، فإن كان أقل من ستة أشهر من وقت وطء المشتري
فإن الولد يلحق بالسيد الأول الذي هو البائع، وإن كان لستة أشهر فصاعدا فإنه يلحق
بالمشتري الذي عنده الجارية، فأما الرواية فيمكن أن يعمل بها على بعض الوجوه وهو أن يكونا
وطئاها في وقتين متقاربين في يوم واحد.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: ومن تبرأ عند السلطان من جريرة ولده ومن ميراثه ثم مات
الولد وله مال كان ميراثه لعصبة أبيه دون أبيه، وهذا خلاف إجماع أصحابنا وإجماع المسلمين،
لأن الوالد يضمن جريرة ابنه ويعقل عنه ولا يصح التبري من المواريث على حال، وإنما هذه
رواية شاذة من أضعف أخبار الآحاد وأوردها شيخنا إيرادا لا اعتقادا.
وقد رجع عنها في الحائريات في المسألة الخامسة والثمانين والمائة، وعن العاقلة إذا تبرأت من
ميراث من تعقل عنه وجريرته أ يكون ذلك بمنزلة الأب أو ما الحكم في ذلك فيه؟ فقال
رحمه الله: الجواب لا يصح له التبري لأن الشرع إذا حكم به لم ينفع التبري وثبت حكمه، والرواية
في تبرئ الأب من جريرة الابن رواية شاذة فيها نظر، فإن صحت لا يقاس عليها غيرها، هذا
آخر كلام شيخنا أبي جعفر الطوسي رحمه الله في الجواب.
والمملوك لا يملك شيئا حتى يستحقه ورثته من الأحرار بل ماله إن كان في يده شئ
لمولاه وكذلك حكم المدبر بغير خلاف بين أصحابنا.
فأما المكاتب فهو على ضربين: مشروط عليه ومطلق على ما قدمناه في موضعه، فإذا
كان مشروطا عليه فحكمه حكم المماليك، فإن كان غير مشروط عليه فإنه يرث ويورث
بقدر ما أدى من مكاتبته من غير زيادة ولا نقصان ويحرم ما زاد على ذلك.
356

وإذا اشترط المكاتب على الذي كاتبه أن يكون ولاؤه له كان شرطه صحيحا، وإن لم
يشرط ذلك لم يكن له ولاؤه إلا أن يتولاه، فإن شرط عليه أن يكون ميراثه له دون ورثته
كان ذلك باطلا لأنه خلاف الكتاب والسنة.
وإذا أدى المكاتب المطلق نصف الكتابة ثم مات وخلف ولدا من جارية له أو من
حرة أو وارثا غير الولد وخلف مالا فنصفه للسيد ونصفه لوارثه، ويعطي الوارث من نصيبه
الذي أخذه وهو النصف ما بقي على مورثه من مال الكتابة لأنه دين على مورثه فلا يستحق
الوارث التركة إلا بعد قضاء الدين.
وإذا كان عبد بين شريكين أعتق أحدهما نصيبه ثم مات وخلف مالا كان نصف
ما ترك للذي لم يعتق والباقي لورثته، فإن لم يكن له ورثة كان ذلك لمولاه الذي أعتقه
تبرعا.
فصل في ميراث المجوس:
اختلف قول أصحابنا في ميراث المجوس إذا تحاكموا إلى حكام الاسلام على ثلاثة
أقوال:
فقال قوم: إنهم يورثون بالأنساب والأسباب الصحيحة التي تجوز في شرع الاسلام
ولا يورثون بما لا يجوز فيه على كل حال.
وقال قوم: إنهم يورثون بالأنساب على كل حال ولا يورثون بالأسباب إلا بما هو جائز
في شريعة الاسلام.
وقال قوم: إنهم يورثون من الجهتين معا سواء كان مما يجوز في شريعة الاسلام أو
لا يجوز.
وهذا القول الأخير الذي هو ثالث الأقوال خيرة شيخنا أي أبو جعفر الطوسي في نهايته وسائر
كتبه، وأول الأقوال اختيار شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان فإنه قال في كتاب
الأعلام وشرحه: فأما ميراث المجوس فإنه عند جمهور الإمامية يكون من جهة النسب الصحيح
357

دون النكاح الفاسد، وهو مذهب مالك والشافعي ومن اتبعهما فيه من المتأخرين وسبقهما إليه
من المتقدمين، هذا آخر كلامه رحمه الله، وإلى هذا القول أذهب وعليه أعتمد وبه أفتى، لأن الله
تعالى قال: وأن احكم بينهم بما أنزل الله، وقال في موضع آخر: وقل الحق من ربكم فمن
شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، وقال تعالى: فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن
تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط.
فإذا حكم الحاكم بما لا يجوز في شرع الاسلام فقد حكم بغير الحق وبغير ما أنزل الله وبغير
القسط، وأيضا فلا خلاف بيننا أن الحاكم لا يجوز له أن يحكم بمذاهب أهل الخلاف مع
الاختيار.
وشيخنا أبو جعفر يوافق على هذا وقد ذكره في عدة مواضع من كتبه، وإنما اعتمد رحمه الله على
رواية شاذة روتها العامة عن أمير المؤمنين ع ذكر ذلك ابن اللبان الفرضي في الموجز
وهو من فقهاء المخالفين لمذهب أهل البيت عليهم السلام، وأحال شيخنا أبو جعفر في مبسوطه
على ابن اللبان لأنه قال: وقد قلنا أن الصحيح أن الميراث يثبت بينهم بالزوجية على كل
حال، وروي ذلك عن علي ع وذكر ابن اللبان ذلك في الموجز عنه، هذا آخر كلام
شيخنا في مبسوطه، ورأيت أنا الموجز بخط شيخنا أبي جعفر جميعه وهو كتاب صغير في
الفرائض فحسب.
ثم إن شيخنا أبا جعفر رحمه الله يقول في نهايته: وهذا القول عندي هو المعتمد وبه تشهد
الروايات، واستدل بما يرغب الانسان عن ذكره سترة عليه، ثم قال بعد ذلك أيضا في نهايته:
مع أنه قد رويت الرواية الصريحة وقد أوردناها في كتاب تهذيب الأحكام بأنهم يورثون من
الجهتين جميعا وإن كان ذلك باطلا في شريعة الاسلام.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: أعجب منه رحمه الله كيف قال في أول كلامه: وهذا القول
عندي هو المعتمد وبه تشهد الروايات، ثم قال في آخر كلامه وبابه: مع أنه قد رويت الرواية
الصريحة؟ في الأول كانت جماعة روايات وبالأخير رواية واحدة فحسب؟ ثم هذه الروايات
التي قال عنها في أول كلامه وادعاها أين أو دعت؟ وفي أي تصنيف ذكرت؟ ثم إنه رحمه الله
358

قد صنف كتبا أخبارية أكبرها تهذيب الأحكام أورد فيه من كل غث وسمين، وهو الذي
يومئ إليه ويعتمد عليه، وما أورد فيه ولا ذكر سوى الرواية الواحدة التي رواها مخالفونا في
المذهب، وهو إسماعيل بن أبي زياد السكوني بفتح السين منسوب إلى قبيلة من العرب اليمن
وهو عامي المذهب بغير خلاف، وشيخنا أبو جعفر موافق على ذلك قائل به ذكره في فهرست
المصنفين، وله كتاب يعد في الأصول وهو عندي بخطي كتبته من خط ابن أشناس البزاز،
وقد قرئ على شيخنا أبي جعفر وعليه خطه إجازة وسماعا لولده أبي علي ولجماعة رجال غيره.
فإن كان شيخنا أبو جعفر عاملا بأخبار الآحاد فلا يجوز له أن يعمل بهذه الرواية إذا سلمنا له
العمل بأخبار الآحاد تسليم جدل على ما يقترحه وذكره في عدته، وإن كان مخالفا لإجماع
أصحابنا سلفهم وخلفهم، حتى أن المخالفين من أصحاب المقالات يذكرون في كتبهم
ومقالات أهل الآراء والمذاهب: أن الشيعة الإمامية لا ترى العمل في الشرعيات بأخبار
الآحاد، وشيخنا المفيد ذكر ذلك أيضا في كتاب المقالات الذي صنفه ومذهب السيد
المرتضى ومقالته في ذلك فأشهر من أن يذكر، وما أظن خفي على هذين السيدين الأوحدين
العالمين مقالة أهل مذهبهما بل ربما لم يكن لأصحابنا في المتقدمين والمتأخرين أقوم منهما بمعرفة
المقالات وتحقيق أصول المذهب ومعرفة الرجال، وخصوصا شيخنا المفيد محمد بن محمد بن
النعمان رحمه الله فإنه خريت هذه الصناعة.
قال شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في عدته: والذي أذهب إليه أن خبر الواحد لا يوجب
العلم وكان يجوز أن ترد العبارة بالعمل به عقلا، وقد ورد جواز العمل به في الشرع إلا أن ذلك
موقوف على طريق مخصوص وهو ما يرويه من كان من الطائفة المحقة ويختص بروايته ويكون
على صفة يجوز معها قبول خبره من العدالة وغيرها.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: راوي الرواية التي اعتمدها رحمه الله هو إسماعيل بن أبي زياد
السكوني ما حصلت فيه الطريق التي راعاها شيخنا ولا الصفة التي اعتبرها، بل هو عامي
المذهب ليس هو من جملة الطائفة وهو غير عدل عنده بل كافر، فكيف اعتمد على روايته وهو
لا يقول بذلك؟ وإن كان يعمل في بعض مقالاته على أخبار الآحاد بل يراعى أن يكون
359

الراوي من عدول طائفتنا على ما قرره في عدته على ما حكيناه عنه.
ولقد أحسن شيخنا محمود الحمصي رحمه الله فيما أورد في كتابه " المصادر في أصول الفقه " لما
حكى كلام شيخنا أبي جعفر الطوسي رضي الله عنه في عدته فإنه ذكر جملة باب الأخبار
وطول في الإيراد لها معظمها فإنه قال:
وذهب شيخنا السعيد الموفق أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي قدس الله روحه ونور ضريحه إلى
وجوب العمل بما ترويه ثقات الطائفة المحقة وإن كانوا في حيز الآحاد - ثم ذكر بعد ذلك
فصولا كثيرة حكى فيها كلامه - ثم قال بعد ذلك: قال قدس الله روحه:
فإن قيل: كيف تعملون بهذه الأخبار ونحن نعلم أن رواتها أكثرهم كما رووها رووا أيضا أخبار
الجبر والتشبيه وغير ذلك من الغلو والتناسخ وغير ذلك من المناكير؟ فكيف يجوز الاعتماد على
ما يرويه أمثال هؤلاء؟
قيل لهم: ليس كل الثقات نقل حديث الجبر والتشبيه وغير ذلك مما ذكر في السؤال، ولو
صح أنه نقله لم يدل على أنه كان معتقدا لما تضمنه الخبر ولا يمتنع أن يكون إنما رواه ليعلم أنه لم
يشذ عنه شئ من الروايا ت لا لأنه يعتقد ذلك.
فإن قيل: كيف تعولون على هذه الأخبار وأكثر رواتها المجبرة والمشبهة والمقلدة والغلاة والواقفة
والفطحية وغير هؤلاء من فرق الشيعة المخالفة للاعتقاد الصحيح؟ ومن شرط خبر الواحد أن
يكون راويه عدلا عند من أوجب العمل به وهذا مفقود في هؤلاء؟
قيل: لسنا نقول أن جميع أخبار الآحاد يجوز العمل بها، بل لها شرائط نحن نذكرها فيما بعد
ونشير هاهنا إلى جملة من القول فيه: فأما ما يرويه العلماء المعتقدون للحق فلا طعن على ذلك
بهذا السؤال، وأما الفرق الذين أشاروا إليهم من الواقفة والفطحية وغير ذلك
فعن ذلك جوابان:
أحدهما: أن ما يرويه هؤلاء يجوز العمل به إذا كانوا ثقات في النقل وإن كانوا مخطئين في
الاعتقاد، فما يكون طريقه هؤلاء جاز العمل به.
قال عليه شيخنا الحمصي: إلا أن هذا الجواب لا يوافق المذهب الذي اختاره وقرره وقننه من
360

أن الخبر إذا كان واردا من طريق أصحابنا القائلين بالإمامة جاز العمل به دون ما يكون واردا
من غير طريقهم، فإن اعتذر بما ذكره قدس الله روحه: من أن هؤلاء وإن كانوا مخطئين في
الاعتقاد كانوا ثقات في النقل، قيل له: هذه العلة وهي الثقة في النقل قد توجد في غير هؤلاء
من المبطلين في العقائد كالمجبرة والمشبهة وغيرهم فأجز العمل بخبرهم إذا كانوا ثقات في
النقل كما أجزت في هؤلاء المبطلين، وإلا فما الفرق وهذا يوجب عليه أن يرفع الفرق والتمييز
بين أصحابنا وبين غيرهم من الفرق في الرواية والنقل وأن يصير إلى مذهب المخالفين في أخبار
الآحاد، هذا آخر كلام الحمصي الذي قاله على شيخنا أبي جعفر رحمه الله، ونعم ما قال
واستدرك واعترض فإنه لازم كطوق الحمامة.
قال شيخنا أبو جعفر: والجواب الثاني: إن ما يروونه إذا اختصوا بروايته لا يعمل به، وإنما يعمل به
إذا انضاف إلى روايتهم رواية من هو على الطريقة المستقيمة والاعتقاد الصحيح فحينئذ يجوز
العمل به، قال شيخنا الحمصي: وهذا الجواب هو الذي يوافق مذهبه الذي حكيناه.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: فالسكوني ما انضاف إلى روايته رواية من هو على الطريقة
المستقيمة والاعتقاد الصحيح، فكيف جاز لشيخنا رحمه الله العمل في ميراث المجوس بروايته؟
وأيضا ما هو من فرقتنا ولا من عدول طائفتنا على ما قرره شيخنا في مذهبه في العمل بأخبار
الآحاد
ثم إنا نورد ما أورده في كتاب تهذيب الأحكام جميعه ونتكلم عليه، قال رحمه الله: باب ميراث
المجوس: محمد بن أحمد بن يحيى عن بنان بن محمد عن أبيه عن ابن المغيرة عن
السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي: أنه كان يورث المجوسي إذا تزوج بأمه وبابنته من وجهين
من وجه أنها أمه ووجه أنها زوجته، قال محمد بن الحسن: قد اختلف أصحابنا رحمهم الله في
ميراث المجوسي إذا تزوج بإحدى المحرمات من جهة النسب في شريعة الاسلام، فقال
يونس بن عبد الرحمن وكثير ممن تبعه من المتأخرين: أنه لا يورث إلا من جهة النسب والسبب
اللذين يجوزان في شريعة الاسلام فأما ما لا يجوز في شريعة الاسلام فإنه لا يورث منه على
حال. وقال الفضل بن شاذان وقوم من المتأخرين ممن تبعوه على قوله: أنه يورث من جهة
361

النسب على كل حال وإن كان حاصلا عن سبب لا يجوز في شريعة الاسلام فأما السبب فلا
يورث منه إلا مما يجوز في شرع الاسلام، والصحيح عندي أنه يورث المجوسي من جهة النسب
والسبب معا سواء كان مما يجوز في شريعة الاسلام أو لا يجوز، والذي يدل على ذلك الخبر
الذي قدمناه عن السكوني، وما ذكره أصحابنا من خلاف ذلك ليس به أثر عند الصادقين
عليهم السلام ولا عليه دليل من ظاهر القرآن، بل إنما قالوه لضرب من الاعتبار وذلك عندنا
مطرح بالإجماع، وأيضا فإن هذه الأنساب والأسباب وإن كانا غير جائزين في شريعة الاسلام
فهما جائزان عندهم ويعتقدون أنه مما تستحل به الفروج ولا تستباح بغيره فجرى مجرى العقد
في شريعة الاسلام، ألا ترى إلى ما روي: أن رجلا سب مجوسيا بحضرة أبي عبد الله فزبره ونهاه
عن ذلك فقال: إنه تزوج بأمه فقال: أما علمت أن ذلك عندهم النكاح؟ وقد روي أيضا
أنه قال ع: إن كل قوم دانوا بشئ يلزمهم حكمه، وإذا كان المجوس يعتقدون صحة
ذلك فينبغي أن يكون نكاحهم جائزا، وأيضا لو كان ذلك غير جائز لوجب أن لا يجوز أيضا
إذا عقد على غير المحرمات وجعل المهر خمرا أو خنزيرا أو غير ذلك من المحرمات لأن ذلك غير
جائز في الشرع، وقد أجمع أصحابنا على جواز ذلك فعلم بجميع ذلك أن الذي ذكرناه هو
الصحيح وينبغي أن يكون عليه العمل وما عداه يطرح ولا يعمل عليه على حال، هذا آخر
الباب جميعها حرفا فحرفا التي أوردها شيخنا أبو جعفر في تهذيب الأحكام.
فانظر أرشدك الله بعين قلبك واترك تقليد الرجال جانبا هل فيها دليل يعتمد ويوجب العمل
والعلم ويثمر اليقين؟ بل معظمها عنده رضي الله عنه الرواية عن السكوني التي جعلها
اعتماده فصدر بها بابه وقد بينا ما فيها.
ثم إنه رحمه الله حكى في نهايته لما قال: وهذا القول هو المعتمد عندي وبه تشهد الروايات،
وما أورد في تهذيب أحكامه الذي هو معدن رواياته ومظان أخباره إلا رواية واحدة وقد قلنا
ما عندنا فيها، ثم إنه حكى في تهذيب الأحكام أن أصحابنا على مذهبين اثنين فحسب:
مذهب يونس ومن تابعه، ومذهب ابن شاذان ومن تبعه، فكيف يحدث هو رحمه الله قولا
ثالثا؟ وأصحابنا على ما حكاه عنهم على قولين فإذا أجمعوا على قولين فلا يجوز إحداث قول
362

ثالث بغير خلاف لأن الحق لا يعدوهم، وفي هذا القول ما فيه عند من تدبره وتأمله.
ثم قوله: وما ذكره أصحابنا من خلاف ذلك ليس به أثر عند الصادقين عليهم السلام ولا عليه
دليل من ظاهر القرآن بل إنما قالوه لضرب من الاعتبار وذلك عندنا مطرح بالإجماع، فقد أقر
بأن قال: وما ذكره أصحابنا، يعني الإمامية وما تقوله الإمامية الذين هم أصحابه ففيه الحق،
فكيف لا يكون عليه دليل؟ بل قولهم له هو الدليل القاطع والبرهان الساطع.
ثم قال: ليس به أثر عن الصادقين، فإذا أجمعوا على القول فلا حاجة لهم إلى رواية تروي عن
بعض الصادقين إذا لا دليل فيها، بل إجماعهم عليها هو الدليل على صحتها، بل في قولهم
وإجماعهم على الحكم قول بعض الصادقين وهو رئيس الكل في عصره وإمام زمانه مقطوع على
صدقه.
وأما قوله رحمه الله: ولا عليه دليل من ظاهر القرآن، بل ظاهر القرآن عليه ومعهم فيه - وهو قوله
تعالى: فاحكم بينهم بما أنزل الله وقل الحق من ربكم - دليل إلى غير ذلك من الآيات
المحكمات، وأي ظاهر قرآن معه رحمه الله فيما ذهب إليه؟ أو أي رواية عن الصادقين معه؟ وفي
هذا الموضع يحسن أن يقال: اقلب تصب.
ثم قوله رحمه الله وشناعته: بل إنما قالوه لضرب من الاعتبار، إن أراد بالاعتبار هاهنا القياس
فهو كما قال إنه باطل عندنا، وأي قياس هاهنا حتى يشنعه؟ وإن أراد بالاعتبار استخراج
الأدلة والنظر فيها وما يقتضيه أصول المذهب، فهذا لا نأباه نحن ولا هو رحمه الله، وأكثر
استدلالاته في مسائله على خصومه وغيرهم قوله: والذي يقتضيه أصول مذهبنا، وما يزال قائلا
بأن: الأصل الإباحة والحظر يحتاج إلى دليل، هذا لا يزال يستدل به في مسائل خلافه وفي أول
خطبة مسائل خلافه لما قرر الأدلة وبنى كتابه عليها قال: أو إجماع أو دليل أصل، ثم ما رأيت
أعجب منه رحمه الله يذهب إلى هذا في خطبة مسائل خلافه وفي جميع استدلالاته في مسائلها
إذا احتاج إلى ذلك، ويذهب في عدته التي هي أصول فقهه في أن الأشياء في دليل العقل على
الحظر أو الإباحة أو الوقف في ذلك، ويستدل في مسائل خلافه بأن الأصل الإباحة في
الأشياء، وأصول الفقه ما تراد إلا حتى تركب عليها مسائل الفقه.
363

ثم قوله رحمه الله: بأن هذه الأنساب والأسباب وإن كانا غير جائزين في شريعة الاسلام فهما
جائزان عندهم وما روي أن رجلا سب مجوسيا بحضرة أبي عبد الله ع فزبره ونهاه، وأي
فرج له في ذلك؟ وأي نسبة بين هذا وبين جواز أن يحكم بالباطل ويغير الحق ويغير شرعنا
إذا تحاكموا إلينا؟ وهل هذا إلا دفع بالراح ومعارضة في غير موضعها وبناء على شفا جرف
هار.
فأما قوله رحمه الله: لو كان ذلك غير جائز لوجب أن لا يجوز أيضا إذا عقد على غير المحرمات
وجعل المهر خمرا أو خنزيرا أو غير ذلك من المحرمات لأن ذلك غير جائز في الشرع وقد أجمع
أصحابنا على جواز ذلك، فمما يضحك الثكلى لكن ما أحسن قول الرسول ع: حبك
الشئ يعمي ويصم، يا سبحان الله كان ذكر المهر الحلال ملكه شرط في صحة عقد النكاح
فنحن بإجماع المسلمين نصحح عقد النكاح الدائم من غير ذكر مهر فيه فما ذكر المهر الفاسد
بأعظم من ترك ذكره جملة ومع هذا فالعقد صحيح.
ثم ما أعجل ما نسي استدلاله في الجزء الثاني من مسائل خلافه في أول كتاب الصداق قال
مسألة: إذا عقد على مهر فاسد مثل الخمر والخنزير والميتة وما أشبهه فسد المهر ولم يفسد النكاح
ووجب لها مهر المثل، وبه قال جميع الفقهاء إلا مالكا فإن عنه روايتين: إحديهما مثل ما قلناه
والأخرى يفسد النكاح، وبه قال قوم من أصحابنا، دليلنا أن ذكر المهر ليس من شرط صحة
العقد فإذا ذكر ما هو فاسد لم يكن أكثر من أن لم يذكره أصلا فلا يؤثر ذلك في فساد العقد،
وأيضا قوله ع: لا نكاح إلا بولي مرشد وشاهدي عدل، فنفاه لعدم الولي والشاهدين
وأثبته بهم، وهذا نكاح له قد عقد بهم فوجب أن يكون ثابتا، وأيضا فإنهما عقدان يصح أن
ينفرد كل واحد منهما عن صاحبه ألا ترى أنه لو عقد بغير مهر صح النكاح بلا خلاف، فإذا
ثبت بعد ذلك المهر صح أيضا وإذا كانا عقدين ففساد أحدهما لا يوجب فساد الآخر إلا
بدليل، هذا آخر استدلاله ومسألته.
وأيضا فلا خلاف بين أصحابنا، المخالف في هذه المسألة والمؤالف: أن اليهود والنصارى
والمجوس متى انقادوا إلى الجزية وقبلوها وقاموا بشرائطها والتزموا أحكامنا عليهم وما يقترحه
364

إمامنا عقد لهم عقد الذمة، وشرائط الذمة الامتناع من مجاهرة المسلمين بأكل لحم الخنزير
وشرب الخمر وأكل الربا ونكاح المحرمات في شريعة الاسلام، فمتى فعلوا شيئا من ذلك وهذا
خرجوا من الذمة، فكيف يجوز لنا أن نقرهم على نكاح المحرمات في شرعنا ونحكم لهم بذلك
وبصحته إذا تحاكموا إلينا وأخذ علينا أن لا نقرهم على ذلك؟ هذا في اليهود والنصارى الذين
هم الأصل في هذه الأحكام والمجوس فرع عليهم، لأنا أمرنا الشارع أن نسن فيهم سنة أهل
الكتاب اليهود والنصارى، فإذا كان الأصل أن لا نقرهم على نكاح المحرمات فكيف بك
بالفرع؟ وهذا الاستدلال مجمع عليه لا خلاف فيه أن من جملة شرائط الذمة أن لا تنكحوا
المحرمات في شرعنا.
وقد قال شيخنا أبو جعفر الطوسي في مبسوطه في الجزء الرابع في كتاب المكاتب في فصل في
كتابة الذمي: يجوز كتابة النصراني بما يجوز به كتابة المسلم لعموم الآية والخبر، وإنما يصح
كتابته على الوجه الذي يصح عليه كتابة المسلم ويرد على الوجه الذي يرد عليه المسلم، فإذا
كاتب عبدا ثم ترافعا إلى حاكم المسلمين حكم بينهم بحكم الاسلام، فإن كانت الكتابة يجوز
بين المسلمين أمضاها وإن كانت لا يجوز ردها لأن الحاكم إنما يجوز له أن يحكم بما يسوع في
دينه، هذا آخر كلامه من أول الفصل إلى هاهنا حرفا فحرفا.
ألا ترى إلى قوله رحمه الله في هذا الموضع: لأن الحاكم إنما يجوز له أن يحكم بما يسوع في دينه،
وهذا هو الحق اليقين، فشيخنا أبو جعفر المخالف في مسألة المجوس إذا تحاكموا إلينا وهو محجوج
بقوله هذا الذي حكيناه عنه في مبسوطه.
وما ذهبنا إليه اختيار السيد المرتضى ذهب إليه في المسائل الموصليات الثانية فإنه قال المسألة
التاسعة والمائة: وإن ميراث المجوس من جهة النسب الصحيح دون النكاح الفاسد والحجة في
ذلك الاجماع المتكرر وليس هذه المسألة مما ينفرد بها الإمامية بل يوافق عليها مالك والشافعي
ومن المتقدمين الحسن والزهري والأوزاعي، هذا آخر كلامه في المسألة وكلامنا أيضا فقد أطلنا
فيها.
فأما من عدا المجوس من الكفار إذا تحاكموا إلينا ورثناهم على كتاب الله وشريعة
365

نبيه ع بلا خلاف بين أصحابنا في ذلك.
وهو مذهب شيخنا أبي جعفر أيضا في نهايته فإنه قال بعد أن أطنب في ميراث المجوس: فأما من
عدا المجوس من الكفار فإذا تحاكموا إلينا ورثناهم أيضا على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله
عليه وآله سواء، هذا آخر كلامه رحمه الله في الباب. قوله رحمه الله: فأما من عدا المجوس من
الكفار فإذا تحاكموا إلينا ورثناهم أيضا على كتاب الله وسنة نبيه ص سواء،
كأنه رحمه الله قد ورث المجوس على كتاب الله وسنة نبيه حتى يعطف عليهم غيرهم ويقول:
ورثناهم أيضا على كتاب الله وسنة نبيه، فإن هذا قول عجيب طريف.
وقال شيخنا أبو جعفر في مبسوطه لما ذكر اختلاف أصحابنا في ميراث المجوس: وقال آخرون
يورثون بكلا الأمرين الأنساب والأسباب سواء كانا جائزين في الشرع أو لم يكون جائزين،
وهو الذي اخترته في سائر كتبي في النهاية والخلاف والإيجاز في الفرائض وتهذيب الأحكام
وغير ذلك لأنه الأظهر في الروايات.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: ما رأيت أعجب من شيخنا رحمه الله في هذه المقالة، وأي
روايات في ذلك حتى يكون ما اختاره هو الأظهر فيها؟ إن هذا لعجيب، وليس إذا علمنا أن
مصنفا أراد لفظة يقيم بها تصنيفه فجعل مكانها لفظة تحيله وتفسده وجب أن يحسب له
ما يتوهم أنه أراده ويترك ما قد صرح به، ولو كانت الأمور كلها تجري هذا المجرى لم يكن
خطأ.
ويوقف نصيب الأسير في بلاد الكفر إلى أن يجئ أو يصح موته، فإن لم يعلم مكانه
ولا موته وحياته فهو مفقود، واختلف أصحابنا فيه على ثلاثة أقوال:
فقال قوم: إن المفقود يحبس ماله عن ورثته قدر ما يطلب في الأرض كلها أربع
سنين، فإن لم يوجد بعد انقضاء هذه المدة قسم المال بين ورثته.
وقال قوم: لا بأس أن يبتاع عقار المفقود بعد عشر سنين من غيبته وفقده وانقطاع خبره
ويكون البائع ضامنا للثمن والدرك، فإن حضر المفقود خرج إليه من حقه.
366

وقال قوم: لا يقسم مال المفقود حتى يعلم موته أو يمضى مدة لا يعيش مثله إليها بمجرى
العادة، وإن مات له من يرثه المفقود دفع إلى كل وارث أقل ما يصيبه ووقف الباقي حتى
يعلم حاله.
وهذا الأخير هو الذي يقوى عندي وأعمل عليه وأفتى به، والأول من الأقوال اختيار السيد
المرتضى ذكره في انتصاره، والثاني من الأقوال اختيار شيخنا المفيد ذكره في مقنعته، والثالث
من الأقوال اختيار شيخنا أبي جعفر الطوسي ذكره في مسائل خلافه، وهو الأصح والأظهر لأن
فيه الاحتياط والإجماع، لأن التصرف في مال الغير بغير إذنه قبيح محظور عقلا وسمعا فمن
أباحه يحتاج إلى دليل، ونعم ما اختار شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله فإن قوله في هذه المسألة
هو الصواب وما عداه لا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولا إجماع، والأصل المنع من التصرف
في مال الغير إلا باذنه، فمن ادعى قسمته والتصرف فيه فقد ادعى حكما شرعيا يحتاج في إثباته
إلى دليل شرعي، فالعاقل اللبيب يتوخى الانصاف فلا يسلم إلى المتقدم إذا جاء بالردئ
لتقدمه ولا يبخس المتأخر حق الفضيلة إذا أتى بالحسن لتأخره، فمن العدل أن يذكر الحسن
ولو جاء ممن جاء ويثبته الآتي به كائنا من كان فإن الحكمة ضالة المؤمن ويطرح الردئ ولو
جاء ممن جاء، فقد روي عن أمير المؤمنين ع أنه قال: انظر إلى ما قال ولا تنظر إلى
من قال.
وقال شيخنا المفيد في مقنعته: ومن مات وخلف تركة في يد انسان لا يعرف له وارثا جعلها في
الفقراء والمساكين ولم يدفعها إلى سلطان الجور والظلمة من الولاة.
وقال شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه: ميراث من لا وارث له ينقل إلى بيت المال وهو للإمام
خاصة، وعند جميع الفقهاء ينتقل إلى بيت المال ويكون للمسلمين وقال رحمه الله في مسألة
أخرى: كل موضع وجب المال لبيت المال عند الفقهاء وعندنا للإمام إن وجد الإمام العادل
سلم إليه بلا خلاف وإن لم يوجد وجب عليه حفظه لم عندنا كما يحفظ سائر أمواله التي
يستحقها، ثم استدل فقال: دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم وأيضا فإذا دفعه إلى الإمام العادل
برئت ذمته بلا خلاف وليس على براءتها إذا دفعه إلى الجائز أو صرفه في مصالح المسلمين
367

دليل، هذا آخر كلامه رحمه الله ومعه في هذا الحق اليقين والدليل على صحة ما استدل به فنعم
ما قال واستدل، ولا نلتفت إلى ما قاله شيخنا في مقنعته فإنه خلاف أصول مذهبنا وإجماع
طائفتنا ومصير إلى مذهب المخالف لنا.
والمهدوم عليهم والغرقى إذا لم يعرف تقدم موت بعضهم على بعض وكان يرث بعضهم
بعضا ورث بعضهم من بعض من نفس التركة لا مما يرثه من الآخر لأنا إن ورثناه مما
ورثه لما انفصلت القسمة أبدا.
وذهب بعض أصحابنا إلى: أنه يورثه مما ورثه أيضا، وهو اختيار شيخنا المفيد، والأول هو
الأظهر بين الطائفة الذي يقتضيه أصول مذهبنا لأن الإرث لا يكون إلا فيما يملكه الميت قبل
موته، وقد روى أصحابنا: أنه يقدم أضعفهم نصيبا في الاستحقاق ويؤخر الأقوى، مثال ذلك:
زوج وزوجة فإنه يفرض المسألة أولا كان الزوج مات وتورث منه الزوجة لأن سهمها أقل من
سهم الزوج ويورث بعد ذلك الزوج، قال شيخنا أبو جعفر في مبسوطه: وهذا مما لا يتغير به
حكم سواء قدمنا موت الزوج أو الزوجة إذا ورثنا أحدهما من صاحبه غير أنا نتبع الأثر في
ذلك، ونعم ما قال.
ومتى ورثنا أحدهما من صاحبه قدر ما يستحقه فما يبقى يكون لورثته الأحياء، فإن
فرضنا في غرق الأب والابن أن للأب وارثا غير أن هذا الولد أولى منه، وفرضنا أن للولد
وارثا غير أن أباه أولى منه، فإنه يصير ميراث الابن لورثة الأب وميراث الأب لورثة الابن،
لأنا إذا فرضنا موت الابن أولا صارت تركته للأب وإذا فرضنا موت الأب بعد ذلك
صارت تركته خاصة للولد وصار مما كان ورثه من أبيه لورثة الآخر، وكذلك إذا فرضنا
موت الأب تصير تركته خاصة لورثة الابن وعلى هذا يجري أصل هذا الباب.
فإن خلف أحدهما شيئا ولم يخلف الآخر شيئا فإنه ينتقل ميراث من له مال إلى الذي
ليس له شئ، ومنه ينتقل إلى ورثته ولا ينتقل إلى ورثة الذي خلف المال شئ على
حال.
وعلى هذا متى كان أخوان معتقان فماتا غرقا أو هدما ولم يعلم تقدم موت أحدهما على
368

الآخر ورث كل منهما صاحبه، فإن كان لأحدهما مال والآخر لا مال له فإنه ينتقل تركة
الذي له مال إلى مولى الذي لا مال له لما قلناه.
ولا ترجيح في هذه المسألة لتقديم أحدهما على الآخر لأن ميراث كل واحد منهما من صاحبه
على حد الآخر عند من رأى تقديم الأقوى، والأولى عندي أنه لا اعتبار بذلك.
وإذا كان ليس لأحدهما وارث غير صاحبه فميراثهما للإمام، وإذا كان أحدهما يرث
صاحبه والآخر لا يرثه فإنه لا يورث بعضهم من بعض ويكون ميراث كل واحد منهما
لورثته، مثال ذلك: أن يغرق أخوان ولأحدهما أولاد والآخر لا ولد له فإنه لا توارث بينهما
لأنه مع وجود الولد لا يرث الأخ.
ومتى ماتا حتف أنفهما في وقت واحد لم يورث بعضهم من بعض لأن ذلك إنما يجوز في
الموضع الذي يشتبه الحال فيه فيجوز تقديم موت أحدهما على صاحبه.
قال شيخنا أبو جعفر في مبسوطه: فصل في المعاياة، وهذا الفصل وضعه على رأي المخالف في
مسائل العول، والعول باطل على مذهبنا ومعنى المعاياة أن يأتي بشئ لا يهتدي له، وجمل
عياياء إذا لم يهتد للضراب، فأردت بجعلي هذه الكلمة هاهنا أن يفهم معنى المعاياة التي ذكرها
شيخنا في مبسوطه.
وإذا كان للرجل أربع نسوة فطلق واحدة منهن ثم تزوج بأخرى ثم مات ولم تتميز
المطلقة من غيرها، فإنه يجعل ربع الثمن للتي تزوجها أخيرا لأنها متيقنة، باستحقاقه،
وثلاثة أرباع الثمن بين الأربع نسوة الأول اللاتي طلق واحدة منهن ولم تتميز منهن.
وإذا اجتمع جد أبي الميت وجدته من قبل أبيه، وجد أبيه وجدته من قبل أمه، وجد أم
الميت وجدتها من قبل أبيها، وجدها وجدتها من قبل أمها، ولا يجتمع هذه الثمانية
الأجداد إلا بعد عدم الأجداد الذين يتقربون هؤلاء الثمانية بهم حتى يتقدر اجتماع
هؤلاء، فإذا قدر ذلك كان لأجداد الأب الثلثان منهما، ثلثا الثلثين للجد والجدة من قبل
أبيه بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، والثلث الباقي - وهو ثلث الثلثين - للجد والجدة من
قبل أمه بينهما أيضا للذكر مثل حظ الأنثيين، والثلث الباقي من أصل المال للجدين
369

والجدتين من قبل الأم النصف من ذلك - وهو السدس من أصل المال - للجد والجدة من
قبل أب أم الميت بينهما بالسوية، والنصف الآخر بين الجد والجدة من قبل أمها بينهما
أيضا بالسوية.
فهذه الفريضة مخرجها من ثلاثة لأن أقل مال له ثلثان وثلث صحيحان من ثلاثة
فتنكسر على كل واحد من المستحقين فتضرب عدد رؤوس الأجداد الذين من قبل الأم
وهم أربعة في أصل الفريضة فينكسر أيضا عليهم فتضرب أيضا تسعة في اثنى عشر فيرتقي
إلى مائة وثمانية أسهم، منها الثلث للجدين والجدتين من قبل أم الميت وهو ست وثلاثون
سهما، للجد والجدة من أبيها النصف من ذلك ثمانية عشر سهما لكل واحد منهما تسعة
وللجد والجدة من قبل أمها النصف الباقي وهو ثمانية عشر سهما لكل واحد منهما تسعة،
لأن هؤلاء الأربعة يأخذ كل واحد منهم مثل ما يأخذه الآخر ذكرهم وأنثاهم سواء لأنهم
من قبل الأم.
ويبقى الثلثان من أصل المال وهو اثنان وسبعون سهما للجدين والجدتين من قبل أب
الميت منها الثلثان - وهو ثمانية وأربعون سهما - للجد والجدة من قبل أبيه للجد اثنان
وثلاثون سهما وللجدة ستة عشر سهما، وثلث الباقي - وهو أربعة وعشرون سهما - للجد
والجدة من قبل أمه منها للجد ستة عشر سهما وللجدة ثمانية أسهم، فذلك مائة وثمانية
أسهم وقد استوفيت الفريضة.
فإن خلف الميت عمة لأب هي خالة لأم وعمة أخرى لأب وخالة لأب وأم كان
للعمتين من قبل الأب الثلثان اثنا عشر من ثمانية عشر سهما لكل واحدة منهما ستة،
وللخالة من الأم - التي هي إحدى العمتين من الأب - سدس الثلث وهو واحد من
ثمانية عشر فيصير معها سبعة، وللخالة الأخرى من الأب والأم خمسة أسهم من ثمانية
عشر سهما، فكأنما خلف عمتين لأب وخالتين إحدى الخالتين لأم والخالة الأخرى لأب
أو لأب وأم، فأصل الفريضة من ثلاثة لأن أقل مال له ثلثان صحيحان وثلث صحيح
ثلاثة فتعطى العمتان الثلثين وهما سهمان، وتعطى الخالتان سهما ينكسر عليهما
370

وإحديهما تستحق مع الأخرى السدس لأنها من الأم فتضرب ستة في أصل الفريضة
فتصير ثمانية عشر سهما فينقسم على ما قدمناه أولا.
فصل: في ذكر جمل تعرف بها سهام الفرائض وكيفية القسمة على الوراث:
مخرج النصف من اثنين والثلثين من ثلاثة ومخرج الربع من أربعة ومخرج السدس
من ستة ومخرج الثمن من ثمانية، فإن كان في الفريضة مع النصف سدس كانت من
ستة، فإن اجتمع معه ثمن أو ربع فهي من ثمانية، فإن اجتمع ثلثان وثلث كانت من
ثلاثة، فإن كان فيها ربع وما يبقى أو ثمن ونصف وما يبقى فهي من ثمانية، وإن كان مع
الربع ثلث أو سدس فهي من اثني عشر، فإن كان مع الثمن ثلثان أو سدس كانت من
أربعة وعشرين.
فإذا أردت اخراج السهام وقسمتها صحاحا فانظر الفريضة، فإن كان فيها فرض
مسمى إذا أخرجته لمستحقه كان الباقي وفقا لباقي الوراث فاقسمه عليهم و لست هاهنا
تحتاج إلى ضرب السهام بعضها في بعض،
مثال ذلك: انسان مات وخلف أباه وخمسة بنين، فهذه من ستة لأن أقل عدد يخرج
منه سدس صحيح فهو ستة للأب السدس من ذلك واحد ويبقى خمسة يقسم على البنين
الخمسة لكل واحد منهم سهم وقد استوفيت الفريضة.
فإن لم تجد السهام وفقا على ما ذكرناه ووجدتها تنكسر إذا قسمتها فهي على ضربين:
أحدهما: أن يكون في الفريضة فرض مسمى والباقي لمن يبقى، والآخر: أن يكون فيها
صاحب فرض مسمى والباقي يرد على أصحاب تلك القسمة.
فإن كان ما تجده منكسر وفيها صاحب مسمى والباقي لمن يبقى - وهو الضرب
الأول - فأخرج الفرض المسمى لصاحبه، فإذا وجدت الباقي بعده ينكسر على من تبقى
من الوراث فاضرب رؤوسهم - أعني عددهم لا عدد سهامهم ولا عدد مخارجها سوى عدد
صاحب الفرض المسمى - في أصل الفريضة، هذا إذا كان يستحق كل واحد مثل
371

ما يستحقه صاحبه سواء، ثم اقسم ذلك تجد السهام صحيحة،
مثال ذلك: انسان مات وترك أباه وثلاثة بنين، فهذه من ستة يكون للأب من ذلك
سدس، يبقى خمسة أسهم لا تنقسم على البنين الثلاثة على الصحة، فالوجه في ذلك أن
تضرب عدد رؤوسهم وهي ثلاثة في أصل الفريضة وهي ستة فيكون ثمانية عشر سهما،
للأب منها السدس، ثلاثة أسهم، ويبقى خمسة عشر سهما لكل واحد من البنين خمسة
أسهم وقد استوفيت الفريضة على الصحة من غير انكسار.
ومثال آخر وهو: رجل مات وخلف أبوين وخمس بنات، للأبوين السدسان سهمان
من ستة يبقى أربعة أسهم لا تنقسم على صحة، تضرب عدد البنات وهو خمسة في أصل
الفريضة وهو ستة فيكون ثلثين، لكل واحد من الأبوين خمسة أسهم ولكل واحدة من
البنات أربعة أسهم.
وإن كان من بقي بعد الفرائض أكثر من واحد ولم تصح القسمة فاضرب عدد من له
ما بقي في أصل الفريضة، مثل أبوين وزوج وبنتين، للزوج الربع وللأبوين السدسان
يخرج من اثني عشر، يبقى بعد فرائضهم خمسة فتنكسر على البنتين فتضرب عدد البنتين وهو
اثنان في اثني عشر فيكون أربعة وعشرين لكل واحد من الأبوين أربعة أسهم وللزوجة
ستة أسهم ولكل واحدة من البنتين خمسة أسهم.
فإن بقي بعد الفرائض ما يجب رده على أرباب الفرائض أو على بعضهم بعد فرائضهم
ولم تصح القسمة فاجمع مخرج فرائض من يجب الرد عليه واضرب في أصل الفريضة، مثل
أبوين وبنت، للأبوين السدسان وللبنت النصف، ويبقى سهم واحد من ستة أسهم،
فتأخذ مخرج السدسين وهو الثلث من ثلاثة ومخرج النصف من اثنين فيكون خمسة،
فتضرب في ستة وهو أصل الفريضة فيكون ثلثين، لكل واحد من الأبوين خمسة أسهم
بالفرض وللبنت خمسة عشر سهما بالفرض، ويبقى خمسة أسهم لكل واحد من الأبوين
سهم واحد بالرد، وللبنت ثلاثة أسهم بالرد.
فإن كانت المسألة بحالها ووجب الرد على بعضهم بأن يكون هناك إخوة وأخوات،
372

فإنه عند ذلك لا تستحق الأم أكثر من السدس، وما وجب من الرد عليها يتوفر على الأب
فإنها تكون مثل الأول سواء غير أن السهم المردود على الأم يوفر على الأب، فيحصل للأب
سبعة أسهم وللأم خمسة أسهم وللبنت ثمانية عشر سهما.
فإن فرضنا أن المسألة فيها زوجة فإنها تستحق الثمن فتصح المسألة من أربعة
وعشرين، للأبوين السدسان ثمانية وللبنت النصف اثنا عشر وللزوجة الثمن ثلاثة، بقي
سهم يحتاج إلى أن يرد على الأبوين والبنت دون الزوجة لأن الزوج والزوجة لا يستحقان
في الرد شيئا، فتضرب سهامهم وهي خمسة في أصل الفريضة وهي أربعة وعشرون يصير
مائة وعشرين، للزوجة الثمن خمسة عشر وللبنت النصف ستون وللأبوين السدسان
أربعون، بقي خمسة أعط كل واحد من الأبوين سهما والثلاثة أسهم للبنت، فإن كان
هناك من يحجب الأم وفر سهمها من الرد على الأب فيحصل معه سهمان من الرد ولا
شئ للأم.
قال محمد بن إدريس: وللفرضيين طريقة أخرى في حساب هذا الباب وانكساره قالوا: فإن
كان الباقي صحيحا فقد استغنيت عن ضربها، فإن انكسر عليك فأنظره إلى ما بقي بعد اخراج
فرائضهم من السهام هل توافق سهام رؤوسهم بشئ من الأجزاء، فإن وافقها بشئ من
الأجزاء فاضرب مخرج ذلك الجزء الذي يوافقه في أصل الفريضة ثم اقسم بينهم فإنه يصح
ذلك مقسوما محررا، فإن كان الذي يوافقها أنصافا فاضرب في اثنين ثم اقسم، فإن كان
الذي يوافقها أثلاثا فاضربه في ثلاثة في أصل المسألة ثم على هذا الاعتبار أبدا.
وذلك أن يقال: امرأة تركت زوجها وستة بنين، فأصل هذه المسألة من أربعة أسهم لأن فيها
ربعا وباقيا، للزوج الربع واحد ويبقى ثلاثة أسهم للأولاد الستة لا تصح بينهم إلا مكسورا،
وتوافق الثلاثة الباقية لهم من الأسهم الستة التي هي سهام رؤوسهم نصفا، فنضرب اثنين وهو
مخرج النصف في أصل الفريضة وهي أربعة التي كانت أصل مسألتهم فيكون ثمانية فيخرج
ربعها اثنين ويبقى ستة للبنين.
وكذلك أبوان وثلاثة بنين وبنتان، فأصل المسألة من ستة لأن فيها سدسين، للأبوين سهمان
373

وتبقى أربعة على ثمانية بعد سهام البنين والبنتين ويوافق الاثنين الأربعة أيضا، فاضرب اثنين
في أصل المسألة فيكون اثنا عشر سهما للأبوين السدسان وتبقى ثمانية، فإن قيل لك: امرأة
تركت زوجها وثلاثة بنين وثلاث بنات، فأصلها من أربعة لأن فيها ربعا للزوج الربع واحد
وتبقى ثلاثة على تسعة بعدد سهام البنين والبنات ويوافق الثلاثة التسعة أثلاثا فتضرب ثلاثة
في أربعة.
وكذلك امرأة وسبعة بنين وسبع بنات، فهذه أصلها من ثمانية لأن فيها ثمنا، للمرأة الثمن
سهم يبقى سبعة على أحد وعشرين، والسبعة توافق الأحد والعشرين أثلاثا، فتضرب ثلاثة
في ثمانية فيكون أربعة وعشرين فتخرج لهم حسابا صحيحا.
فهذا أصل هذا الفن قد نبهتك على مبسوطه فاعتبره واسبره فإنه أكثر من أن يحاط به.
فإذا كانت مسألة لا توافق ما يبقى شيئا من الأجزاء، فاضرب عدد سهامهم في أصل
المسألة تصح إن شاء الله، وذلك أن يقال لك: امرأة تركت زوجا وخمسة بنين فهذه أصلها
من أربعة، فللزوج الربع سهم وتبقى ثلاثة لا تنقسم ولا توافق شيئا من الأجزاء، فتضرب
خمسة في أربعة للزوج الربع خمسة والباقي يخرج بينهم مستويا ثلاثة ثلاثة، فهذا مختصر من
حسابهم ومجمل من مبسوط أسبابهم.
فصل في ذكر جمل من استخراج المناسخات:
العمل في تصحيح ذلك أن تصحح مسألة الميت الأول ثم تصحح مسألة الميت الثاني،
وتقسم ما يخص الميت الثاني من المسألة الأولى على سهام مسألته، فإن انقسمت فقد
صحت المسألتان معا مما صحت منه مسألته الميت الأول.
مثال ذلك: رجل مات وخلف أبوين وابنين، فالمسألة تخرج من ستة: للأبوين
السدسان ولكل واحد من الابنين اثنان، فإذا مات أحد الابنين وخلف ابنين كان لكل
واحد منهما سهم من هذين السهمين، فقد صحت المسألتان من المسألة الأولى.
فإن لم تنقسم الثانية من المسألة الأولى نظرت في سهام من يستحق المسألة الثانية
374

وجمعتها وضربت في سهام المسألة الأولى صحت لك المسألتان معا.
مثال ذلك: المسألة التي قدمناها فنفرض أن أحد الابنين مات وخلف ابنا وبنتا
وكان له سهمان من ستة لم يمكن قسمتها عليهما، ضربت سهم الابن وهو اثنان وسهم
البنت وهو واحد في أصل فريضة المسألة الأولى وهي ستة فتصير ثمانية عشر، للأبوين
السدسان ستة ولكل واحد من الابنين ستة.
فإذا مات الابن وخلف ابنا وبنتا كان للابن من ذلك أربعة وللبنت اثنان، وكذلك
إن مات ثالث ورابع فصحح مسألة كل ميت ثم أقسم ماله من مسائل المتوفين قبله من
السهام على سهام مسألته، فإن انقسمت فقد صحت لك المسائل كلها وإن لم تصح
فاضرب جميع مسألته فيما صحت منه مسائل المتوفين قبله فما اجتمع صحت منه المسائل
كلها، والله الموفق للصواب، ومعنى تناسخ الورثة عند الفقهاء أن يموت ورثة بعد ورثة،
وأصل الميراث الأول قائم لم يقسم بعد.
باب الإقرار بوارث:
إذا مات رجل وخلف ابنين فأقر أحدهما بأخ وجحد الآخر فلا خلاف أن نسبه
لا يثبت، فأما المال الذي حصل في يد المقر فمذهبنا: أنه يلزمه بمقدار حصته فيكون له ثلث
ما في يده، ثم على هذا الحساب لأنه أقر على نفسه وعلى غيره فقبلنا إقراره على نفسه ولا
نقبل في حق غيره، والنسب بشاهد واحد لا يثبت.
إذا كان الوراث جماعة فأقر اثنان رجلان ثبت نسبه إذا كانا مرضيي الشهادة، فإن لم
يكونا عدلين لم يثبت نسبه، ولزمهما بمقدار حصتهما على ما قدمناه من الاعتبار.
الإقرار بالنسب لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون المقر بالنسب مقرا على نفسه
بنسب أو غيره.
فإن كان على نفسه مثل أن يقر بأنه ابنه نظر:
فإن كان المقر به صغيرا اعتبر فيه ثلاثة شروط: أحدهما: أن يمكن أن يكون ولدا له
375

فإن لم يمكن أن يكون ولدا له فلا يثبت نسبه مثل أن يقر به وللمقر ستة عشر سنة وللمقر به
عشر سنين، والثاني: أن يكون مجهول النسب لأنه إذا كان معروف النسب فلا يثبت
نسبه منه، والثالث: أن لا ينازعه فيه غيره لأنه إذا نازعه فيه غيره لم يثبت ما يقول إلا
ببينة، فإذا حصلت هذه الشروط الثلاثة ثبت النسب.
وإن كان المقر به كبيرا فإنه يعتبر فيه أربعة شروط: الثلاثة التي ذكرناها، والرابع
تصديق المقر به لأنه إذا كذبه في إقراره لم يثبت نسبه منه.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: جميع ما يقر به يعتبر تصديقه له إلا ولد الصلب فحسب فإنه
يثبت نسبه منه سواء صدقه أو كذبه، وفي ذلك نظر، إلا أن شيخنا رجع في مبسوطه إلى
ما قلناه أولا فاعتبر تصديق المقر به في الجميع.
فإذا ثبت هذا، فإن أقر بصغير ووجدت الشرائط الثلاثة فيه ثبت نسبه، فإذا بلغ
وأنكر أن يكون ولدا له لم يقبل منه ولم تسمع دعواه لذلك لأنه حكم عليه قبل أن يكون
لكلامه حكم بأنه ابنه، فلا يسمع بعد الحكم دعواه، كما لو كان في يده صبي صغير
محكوم له برقه فلما بلغ أنكر أن يكون عبدا له لم يسمع منه لما تقدم له من الحكم بالرق قبل
أن يكون لكلامه حكم، وهكذا إذا التقط الانسان لقيطا ورباه ثم أقر الملتقط بأنه عبد
لفلان لم يقبل إقراره عليه بذلك لأن الظاهر من اللقيط الحرية.
فأما إذا أقر بنسب على غيره مثل أن يقر بأخ، فإن كان صغيرا فبثلاثة شروط وإن
كان كبيرا فبأربعة شروط على ما قدمناه، ويراعى في ذلك إقرار رجلين عدلين.
وقال شيخنا أبو جعفر في مبسوطه: أو رجل وامرأتين من الورثة، والأول الذي
اخترناه هو الذي يقتضيه أصول مذهبنا وهو أن النسب لا يثبت إلا بشهادة رجلين عدلين فإن لم يكن كذلك فلا
يثبت النسب على ما بيناه.
فإذا ثبت هذا فكل موضع ثبت النسب بالإقرار ثبت المال بغير استثناء عندنا.
وعند المخالف يستثني موضعا واحدا وهو: إذا كان إثبات الميراث يؤدى إلى إسقاطه، مثل أن
يقر الأخوان بابن للوارث فإن نسبه يثبت ولا يثبت عنده له الميراث، قال: لأنه لو ورث
376

حجب الأخوين وخرجا من كونهما وارثين، ويبطل الإقرار بالنسب لأنه أقر بمن ليس بوارث،
فإذا بطل النسب بطل الميراث فلما أدى إثبات الميراث إلى إسقاطه أسقط فثبت النسب
دونه.
قال شيخنا أبو جعفر في مبسوطه لما أورد ما قاله المخالف: ولو قلنا أنه يثبت الميراث أيضا كان
قويا، لأنه يكون قد ثبت نسب بشهادتهما فتبعه الميراث لا بالإقرار، هذا في المقر الذي يثبت
النسب بإقراره وهو إذا كانا اثنين عدلين.
فأما إذا كان المقر واحدا أو كانا غير عدلين فإنه يثبت لهما الميراث بمقدار ما يخصهما، ولو مات
المقر له لم يرثه المقر لأنه لم يثبت نسبه اللهم إلا أن يكون قد صدقه المقر له في ذلك وكان
بالغا عاقلا، ولا يتعدى منهما إلى غيرهما إلا إلى أولادهما فقط، فأما غيرهما من ذوي النسب
فلا يثبت ميراثهما منه إلا بالإقرار منهم أيضا كذلك أو تصديق لهما فيقوم مقام الإقرار.
إذا مات رجل وخلف ابنا فأقر بأخ ثم إنهما أقرا بثالث ثبت نسب الثالث، ثم إن
الثالث أنكر الثاني وقال: ليس بأخ لنا، سقط نسبه لأنه لم يقر بنسبه اثنان من الورثة وإنما
أقر الأول فيكون المال بين الأول والثالث، ويأخذ الثاني من الأول ثلث ما في يده لأنه
مقر به وبغيره.
إذا خلف زوجة وأخا فأقرت الزوجة بابن للأخ وأنكره الأخ لم يثبت نسبه إلا أنه
يقاسمها، فالمرأة تزعم أن لها الثمن لأن لمورثها ابنا فينظر، فإن كان المال في يد الأخ لم
تأخذ إلا الثمن لأنه القدر الذي تدعيه، وإن كان المال في يدها لم يأخذ الأخ إلا ثلاثة
أرباع المال لأنه هو القدر الذي يدعيه، لأنه يقول لها الربع إذ ليس لمورثها ابن فيبقي في
يدها الربع وهي تدعي نصفه فيكون لها والباقي ترده على الابن.
إذا خلف ابنين فأقر أحدهما بأخ وجحد الآخر فإن نسب المقر به لا يثبت، فإن مات
الجاحد فورثه المقر جميع ماله وجب عليه أن يقاسم الأخ المقر به لأنه كان أقر به، وإن
خلف أخوه الجاحد ابنا فوافق عمه على إقراره ثبت النسب والميراث على ما ذكرناه لأنهما
اثنان.
377

إذا خلف ابنين أحدهما عاقل والآخر مجنون، فأقر العاقل بنسب أخ له لم يثبت
النسب بإقراره لأنه واحد، فإن أفاق المجنون ووافقه على إقراره ثبت النسب والميراث، وإن
خالفه لم يثبت نسبه وشاركه المقر في مقدار ما يخصه، وإن مات وهو مجنون فإن ورثه المقر
جميع المال قاسم المقر به لأنه كان مقرا به.
فإن خلف ابنين أحدهما كافر والآخر مسلم، فأقر أحدهما بأخ نظر، فإن كان الميت
كافرا فإن الميراث للمسلم، فإن أقر بنسب قاسم المقربة إن كان مسلما وإلا حاز الميراث
جميعه، ولا يراعى جحود الكافر لأنه لا يرث شيئا فالمال كله للمسلم، وإن كان الميت
المسلم فكذلك المال للمسلم، فإذا أقر بنسب ثبت وقاسمه المال ولا يراعى جحود الكافر،
وإن أقر الكافر في المسألتين لم يكن لإقراره تأثير لأنه لا يرث شيئا.
وإذا خلف ابنين أحدهما قاتل فالمال كله لغير القاتل، فإن أقر بنسب أخ شاركه في
الميراث، وإن أقر القاتل لم يثبت النسب لأنه ليس له من الميراث شئ.
إذا أقر ببنوة صبي لم يكن ذلك إقرارا بزوجية أمه سواء كانت مشهورة الحرية أو لم
تكن.
وإلى هذا ذهب شيخنا أبو جعفر الطوسي في مسائل خلافه ووافقه الشافعي على ذلك،
وخالفهما أبو حنيفة واحتج أبو حنيفة بأن أنساب المسلمين وأحوالهم ينبغي أن تحمل على
الصحة. فقال شيخنا: يحتمل أن يكون الولد من نكاح صحيح كما يحتمل أن يكون من
نكاح فاسد أو من وطئ شبهة، ثم قال: ويبطل قول أبي حنيفة ببنوة أخيه.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: معنى ذلك أن رجلا آخر لو أقر ببنوة أخ لهذا الصبي لكان يلزم
على قول أبي حنيفة أنها تكون زوجة للمقرين في حالة واحدة صحيحة النكاح.
وإذا مات صبي مجهول النسب وله مال فأقر رجل بنسبه ثبت النسب وكان له ميراثه
إذا كانت الشرائط حاصلة من الإمكان وغيره على ما قدمناه،
وليس لأحد أن يقول: إن هاهنا تهمة من حيث يجوز أن يكون قصد بذلك أخذ المال، وذلك
أن هذا يفسد به إذا كان حيا وله مال فأقر به فإن لحوق التهمة تجوز في هذه الحال لأنه لا ينتفع
378

بماله ويساره كما ينتفع به بعد موته.
وإن كان المقر به كبيرا فإنه يثبت نسبه بإقراره في وجود الشرائط وتصديقه لا يراعى
لأنه إذا مات صار في معنى الصغير والمجنون الذي لا حكم لكلامه ولا اعتبار بتصديقه ولا
خلاف في ذلك.
وإذا مات انسان وخلف ورثة فأقر بعض الورثة بوارث آخر بالنسب، فإن كان المقر
له أولى به من المقر أعطاه جميع ما في يده، وإن كان مثله سواء أعطاه مقدار ما كان يصيبه
من سهمه ولا أكثر من ذلك ولا أقل منه، ومتى أقر بورثة جماعة كان الحكم أيضا فيه مثل
ذلك سواء.
فإن أقر بوارثين أحدهما أولى من صاحبه غير أنهما جميعا أولى منه بالمال أعطي جميع
ما في يده للذي هو أولى بالميت وأحق بميراثه وسقط الآخر، فإن أقر بوارثين فصاعدا
متساويين في الميراث وتناكروا هم ذلك النسب بينهم لو يلتفت إلى إنكارهم وقبل إقراره
لهم، وإذا أنكروا أيضا إقراره في الأول لهم لم يستحقوا شيئا من المال، فإن أقروا له بمثل ما
أقر لهم به توارثوا بينهم إذا كان المقر له ولدا أو والدا، فإن كان غيرهما من ذوي الأرحام لم
يتوارثوا هم وإن صدق بعضهم بعضا، ولا يتعدى الحكم فيه مال الميت على حال كما
قدمناه لأنه لا يقبل إقراره على غيره.
فإن أقر بوارث هو أولى منه بالمال وجب أن يعطيه المال على ما بيناه، فإن أقر بعد ذلك
بوارث آخر هو أولى منهما لزمه أن يغرم له مثل جميع المال، فإن أقر بعد هذا بوارث آخر هو
أولى منهم كلهم لزمه أن يغرم أيضا مثل جميع المال، ثم على هذا المثال بالغا ما بلغ إقراره.
فإن أقر بوارث أولى منه بالمال فأعطاه ما في يده، ثم أقر بوارث مساو للمقر له في
الميراث لزمه أن يغرم له مثل ما كان يصيبه من أصل التركة، فإن أقر بوارث مساو له في
الميراث فقاسمه المال، ثم أقر بوارث أولى منهما لزمه أن يغرم له مثل جميع المال، ثم على
هذا المثال بالغا ما بلغ إقراره.
فإن أقر بزوج للميتة أعطي الزوج مقدار ما كان يصيبه من سهمه، فإن أقر بعد ذلك
379

بزوج آخر كان إقراره باطلا اللهم إلا أن ينكر إقراره الأول ويكذب نفسه في الإقرار
بالزوج الأول، فيلزمه حينئذ أن يغرم للزوج الثاني مقدار ما يصيبه من سهمه وليس له على
الأول سبيل ولا رجوع بشئ أخذه.
فإن أقر ولد الميت بزوجة له أعطاها ثمن ما كان في يده من التركة، فإن أقر بزوجة
ثانية أعطاها أيضا نصف ثمن ما في يده من التركة، فإن أقر بزوجة ثالثة أعطاها ثلث ثمن
ما في يده، وإن أقر بزوجة رابعة أعطاها ربع ثمن ما أخذه من التركة، فإن أقر بخامسة
وقال: إن إحدى من أقررت لها ليست زوجة، لم يلتفت إلى إنكاره لها ولزمه أن يغرم
للتي أقر لها بعد ذلك ربع ثمن ما أخذه من التركة، فإن لم ينكر واحدة من الأربع لم يلتفت
إلى إقراره بالخامسة وكان باطلا، إلا أن يكون قد أقر بزوجات طلقهن في حال مرضه على
ما قدمناه أولا وشرحناه وحررناه فليلحظ ذلك ويراعى في إقراره بالخامسة وما زاد عليها،
فإن أقر للأربع النسوة في دفعة واحدة لم يكن لهن أكثر من الثمن بينهن بالسوية.
وقد قدمنا فيما مضى أنه متى أقر اثنان بوارث آخر، فإن كانا مرضيين مشهوري العدالة
- والشرائط المقدم ذكرها أولا حاصلة - قبلت شهادتهما للمقر له وألحق نسبه بالميت
وقاسم الوراث، إلا أن يكون مشهورا بغير ذلك النسب على ما بيناه فإن كان كذلك لم
يلتفت إلى إقرارهما وشهادتهما.
وإن كانا غير مرضيي العدالة لم يثبت نسب المقر له ولزمهما في نصيبهما بمقدار ما كان
نصيبه من حظهما لا أكثر من ذلك ولا أقل كما ذكرناه في المقر الواحد.
وكذلك الحكم فيما يزيد ويتفرع على المسائل من هذا الباب سواء فينبغي أن تحصل
معرفته ويعتمد عليه فإنه يطلع به على سائر ما تشعب في التصنيفات فإن أصولها ما لخصناه
وأثبتناه.
فصل آخر في كيفية القسمة بين الوراث:
فإن للفرضيين طريقة أخرى وهي أن قالوا: قسمة الرباع والأرضين بين وراثها يفتقر
380

إلى تصحيح السهام لاستغناء ما عداها من التركات عن ذلك، فطريق اخراج السهام
صحاحا أن ينظر مريد ذلك في فريضة أهل الإرث فإنها لا تخلو أن يكون فيها ذو نصف أو
ثلث أو ربع أو سدس أو ثمن معه غيره، فنفرضها من عدد يخرج منه ذلك السهم صحيحا
ثم ينظر في الفاضل عنه وسهام ما عدا مستحقه، فإن انقسم عليهم من غير انكسار وإلا
ضرب سهامهم في أصل الفريضة فما انتهت إليه فسهام الكل يخرج منها صحاحا بغير
انكسار، وفهم هذه الجملة كاف ونفصلها ليقع العلم بأعيان مسائلها.
فمن ذلك فريضة النصف أصلها من اثنين، لذي النصف سهم ويبقى سهم، فإن
كان الوارث معه واحدا فهو له من غير انكسار، وإن كانا اثنين متساويين كأخ وأخت من
قبل الأم أو أخوين أو أختين من قبل الأب انكسر الباقي عليهم، فالوجه في ذلك أن
تضرب سهامهم وهي اثنان في أصل الفريضة فتصير أربعة، لذي النصف سهمان ولكل
واحد من هذين سهم. وإن كانوا ثلاثة يتساوون في السهام كإخوة الأم أو اثنان مختلفان
كأخ وأخت لأب، فلتضرب سهامهم وهي ثلاثة في أصل الفريضة فتصير ستة، للزوج
ثلاثة ولكل واحد من الثلاثة المتساويين سهم ولواحد الاثنين سهمان وللأنثى سهم.
وإن كانوا ذوي سهام خمسة متساوين كإخوة أم أو أخوات أب أو إخوان لأب وأخت له
فإن الفاضل ينكسر عليهم، فلتضرب سهامهم وهي خمسة في أصل الفريضة فتصير عشرة،
لذي النصف خمسة أسهم ولكل واحد من الخمسة المتساويين سهم ولكل واحد من
الأخوين مع الأخت سهمان وللأخت سهم، ثم على هذا يجري الحساب في جميع أهل
هذه الفريضة وإن كثروا.
ومن ذلك فريضة الثلث أصلها من ثلاثة، لذي الثلث سهمه وهو واحد وهو سهم
الأم مع الأب والباقي له. فإن كان معهما زوج أو زوجة فأصل الفريضة من عدد له ثلث
صحيح وربع صحيح، فتعطى الأم منه الثلث والزوج النصف والزوجة الربع والباقي
للأب. فإن كن الزوجات جماعة ينكسر عليهن الربع، ضربت سهامهن في أصل الفريضة
فما انتهت إليه أخرجت منه السهام صحاحا. وإن كانت فريضة إخوة أم أو إخوة أب
381

وكان الفاضل عن فريضة أخوة الأم وهو اثنان ينكسر على من معهم من أخوة الأب،
فليضرب سهامهم المنكسر عليهم في أصل الفريضة فما بلغت أخرجت منه السهام صحاحا
كأنهم كانوا أربعة متساوين أو أخا وأختين فسهامهم أربعة، تضرب في ثلاثة فيصير
اثني عشر سهما لإخوة الأم الثلث أربعة ويبقى ثمانية أسهم للأخ أربعة منها، ولكل أخت
سهمان ثم على هذا الحساب.
ومن ذلك فريضة الربع أصلها من أربعة، لذي الربع حقه واحد والباقي لمشاركيه إن
كانوا ثلاثة يتساوون، أخذ كل واحد منهم سهما، فإن اختلفوا فزادوا أو نقصوا ضربت
سهامهم في أصل الفريضة فما انتهت إليه أخرجت منه السهام صحاحا،
مثال ذلك: ثلاثة بنين وبنتان مع زوج أو ثلاثة أخوة لأب وأختان مع زوجة، فسهام
كل مع ذي الربع ثمانية تضرب في أصل الفريضة وهي أربعة فتصير اثنين وثلاثين
سهما، لذي الربع ثمانية أسهم ولكل ذكر من الولد أو الإخوة ستة أسهم ولكل أنثى
ثلاثة أسهم، ثم على هذا يجري الحكم في حساب سهام جميع من يرث معه ذو الربع.
ومن ذلك فريضة السدس وأصلها من ستة، لذي السدس سهم ولمشاركيه إن كانوا
خمسة يتساوون لكل واحد سهم، وإن كانوا أخوين لأب وأختا أو ابنين وبنتا فلكل ذكر
سهمان وللأنثى سهم، وإن زادت السهام عليهم أو نقصت ضربت سهامهم في أصل
الفريضة فما بلغت أخرجت منه السهام صحاحا،
مثال ذلك: ثلاثة إخوة لأب وأربع أخوات له مع أخ أو ثلاثة بنين وأربع بنات مع
أحد الأبوين فسهامهم عشرة، تضرب في الأصل فتصير ستين سهما، لذي السدس عشرة
أسهم ولكل واحد من الذكور عشرة أسهم ولكل أنثى خمسة أسهم، ثم على هذا يجري
حساب هذه الفريضة بالغا ما بلغ أهلها.
ومن ذلك فريضة الثمن وأصلها من ثمانية، لذي الثمن واحد ويبقى سبعة، فإن كان
مشاركوه ممن تصح قسمتها عليهم صحاحا قسمت، وإن انكسرت عليهم ضربت سهامهم
في أصل الفريضة فما بلغت أخرجت منه السهام صحاحا،
382

مثال ذلك: خمسة بنين أو ابنان وبنت أو ابن وثلاث بنات سهامهم خمسة، تضرب في
الفريضة وهي ثمانية فتصير أربعين سهما، لذي الثمن خمسة ويبقى خمسة وثلاثون سهما
لكل واحد من البنين الخمسة سبعة أسهم ولكل واحد من الابنين مع البنت أربعة عشر
سهما وبقيت سبعة أسهم وللابن أربعة عشر سهما ولكل بنت من الثلاث سبعة أسهم ثم
على هذا الحساب تجري القسمة في هذه الفريضة بالغا ما بلغت سهام أهلها.
فإن اجتمع في الفريضة ربع وسدس - وهي فريضة الزوجة مع واحد من الإخوة من
الأم وإخوة الأب - فأصلها من اثني عشر، للزوجة ثلاثة ولأخ الأم سهمان، تبقى سبعة
أسهم لكلالة الأب، فإن أمكنت قسمتها عليهم صحاحا وإلا ضربت سهامهم في أصل
الفريضة فما بلغت أخرجت منه السهام صحاحا.
وكذلك القول في فريضة إخوة الأم والزوجة أو الزوج عملها كالأول، فإن كان
ما يستحقه كل واحد من الكلالتين تنكسر عليهم ضربت سهام كل واحد من أهل
الكلالتين في سهام الأخرى فما بلغ ضرب في أصل الفريضة فما بلغ أخرجت منه السهام
صحاحا، فإن كان في الفريضة ذو سهام مسماة ورد ينكسر، كزوج وأحد الأبوين وبنت
فأصل الفريضة من اثني عشر للزوج الربع ثلاثة ولأحد الأبوين السدس سهمان وللبنت
النصف ستة أسهم، يبقى سهم ينكسر في الرد على البنت والأب، فالوجه في ذلك أن
تضرب سهامهما وهي أربعة في أصل الفريضة وهي اثنا عشر فيصير ثمانية وأربعين سهما،
للزوج الربع اثنا عشر سهما ولأحد الأبوين السدس ثمانية أسهم وللبنت النصف أربعة
وعشرين سهما، وتبقى أربعة أسهم للبنت ثلاثة أسهم ولأحد الأبوين سهم، ثم على هذا
الوجه يجري حكم حساب جميع الفرائض فليعمل بحسبه، واستقصاء مسائل جميع الفرائض
في القسمة وما يتفرع منها ويتناتج يطول وفيما ذكرناه كفاية وبلغة ومقنع لمن فهمه وتدبره
وتأمله.
تم الجزء الخامس من كتاب السرائر الحاوي لتحرير الفتاوى ويتلوه الجزء السادس
كتاب الحدود والديات والجنايات إن شاء الله تعالى، وفرع من نسخه كاتبه أبو الحسين
383

جعفر بن علي بن جعفر بن عبد الله بن حماش في شهر ربيع الآخر من سنه ثلاث وستمائة
بالمشهد المقدس الكاظمي في مقابر قريش سلام الله على ساكنه حامدا لله تعالى ومصليا
على رسوله محمد النبي المصطفى وآله الطيبين الطاهرين فالحمد لله رب العالمين.
384

شرائع الاسلام
في مسائل الحلال والحرام
لأبي القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن بن أبي زكريا
يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي المشتهر بالمحقق وبالمحقق الحلي
602 - 676 ه‍ ق
385

كتاب الفرائض
والنظر في المقدمات والمقاصد واللواحق:
والمقدمات أربع:
الأولى: في موجبات الإرث:
وهي إما نسب وإما سبب.
والنسب مراتب ثلاث:
الأولى: الأبوان والولد وإن نزل.
الثانية: الإخوة وأولادهم وإن نزلوا والأجداد وإن علوا.
الثالثة: الأخوال والأعمام.
والسبب اثنان: زوجية وولاء، والولاء ثلاث مراتب: ولاء العتق ثم ولاء تضمن
الجريرة ثم ولاء الإمامة.
وينقسم الوراث: فمنهم من لا يرث إلا بالفرض وهم الأم من بين الأنساب إلا على
الرد، والزوج والزوجة من بين الأسباب إلا نادرا، ومنهم من يرث تارة بالفرض وأخرى
بالقرابة وهم الأب والبنت أو البنات والأخت أو الأخوات وكلالة الأم، ومن عدا هؤلاء
لا يرث إلا بالقرابة.
فإذا كان الوارث لا فرض له ولم يشاركه آخر فالمال له مناسبا كان أو مساببا، وإن
شاركه من لا فرض له فالمال لهما، فإن اختلفت الوصلة فلكل طائفة نصيب من يتقرب به
387

كالخال أو الأخوال مع العم أو الأعمام، فللأخوال نصيب الأم وهو الثلث وللأعمام
نصيب الأب وهو الثلثان.
فإن كان الوارث ذا فرض أخذ نصيبه، فإن لم يكن معه مساو كان الرد عليه مثل
بنت مع أخ أو أخت مع عم فلكل واحدة نصيبها والباقي يرد عليها لأنها أقرب، ولا يرد
على الزوجة مطلقا ولا على الزوج مع وجود وارث عدا الإمام ع.
وإن كان معه مساو ذو فرض وكانت التركة بقدر السهام قسمت على الفريضة، وإن
زادت كان الزائد ردا عليهم على قدر السهام ما لم يكن حاجب لأحدهم أو ينفرد بزيادة
في الوصلة، ولو نقصت التركة كان النقص داخلا على البنت أو البنات أو الأب أو من
يتقرب به دون من يتقرب بالأم، مثال الأول أبوان وبنتان فصاعدا أو اثنان من ولد الأم
مع أختين للأب والأم أو للأب أو زوج وأخت لأب، ومثال الثاني أبوان وبنت وأخوة،
ومثال الثالث أبوان وزوج وبنتان أو أبوان وزوج وبنت زوج أو زوجة واثنان من ولد الأم
مع أختين للأب والأم أو للأب.
وإن لم يكن المساوي ذا فرض كان له ما بقي، مثاله أبوان أو أحدهما وابن أو أب
وزوج أو زوجة أو ابن وزوج أو زوجة أو أخ وزوج أو زوجة.
المقدمة الثانية: في موانع الإرث:
وهي ثلاثة: الكفر والقتل والرق.
والكفر المانع هو ما يخرج به معتقده عن سمة الاسلام، فلا يرث ذمي ولا حربي ولا
مرتد مسلما، ويرث المسلم الكافر أصليا أو مرتدا. ولو مات كافر وله ورثة كفار ووارث
مسلم كان ميراثه للمسلم - ولو كان مولى نعمة أو ضامن جريرة - دون الكافر وإن قرب،
ولو لم يخلف الكافر مسلما ورثه الكافر إذا كان أصليا، ولو كان الميت مرتدا ورثه الإمام
مع عدم الوارث المسلم، وفي رواية يرثه الكافر وهي شاذة، ولو كان للمسلم وراث كفار لم
يرثوه وورثه الإمام ع مع عدم الوارث المسلم.
388

وإذا أسلم الكافر على ميراث قبل قسمته شارك أهله إن كان مساويا في الدرجة
وانفرد به إن كان أولى، ولو أسلم بعد القسمة أو كان الوارث واحدا لم يكن له نصيب،
أما لو لم يكن له وارث سوى الإمام ع فأسلم الوارث فهو أولى من الإمام لرواية
أبي بصير، وقيل: إن كان قبل نقل التركة إلى بيت مال الإمام ورث وإن كان بعده لم
يرث، وقيل: لا يرث لأن الإمام كالوارث الواحد.
ولو كان الوارث زوجا أو زوجة وآخر كافرا، فإن أسلم أخذ ما فضل عن نصيب
الزوجية وفيه إشكال ينشأ من عدم إمكان القسمة، ولو قيل: يشارك مع الزوجة دون
الزوج، كان وجها لأن مع فريضة الزوجة يمكن القسمة مع الإمام، والزوج يرد عليه
ما فضل فلا يتقدر في فريضته قسمة فيكون كبنت مسلمة وابن وأب كافر أو أخت مسلمة
وأخ كافر.
مسائل أربع:
الأولى: إذا كان أحد أبوي الطفل مسلما حكم بإسلامه، وكذا لو أسلم أحد الأبوين
وهو طفل، ولو بلغ فامتنع عن الاسلام قهر عليه ولو أصر كان مرتدا.
الثانية: لو خلف نصراني أولادا صغارا وابن أخ وابن أخت مسلمين كان لابن الأخ
ثلثا التركة ولابن الأخت ثلثه وينفق الاثنان على الأولاد بنسبة حقهما، فإن بلغ الأولاد
مسلمين فهم أحق بالتركة على رواية مالك بن أعين، وإن اختاروا الكفر استقر ملك
الوارثين على ما ورثاه ومنع الأولاد، وفيه إشكال ينشأ من إجراء الطفل مجرى أبويه في
الكفر، وسبق القسمة على الاسلام يمنع استحقاق.
الثالثة: المسلمون يتوارثون وإن اختلفوا في المذاهب، والكفار يتوارثون وإن اختلفوا في
النحل.
الرابعة: تقسم تركة المرتد عن فطرة حين ارتداده وتبين زوجته، وتعتد عدة الوفاة سواء
قتل أو بقي ولا يستتاب، والمرأة لا تقتل وتحبس وتضرب أوقات الصلوات ولا تقسم تركتها
389

حتى تموت، ولو كان المرتد لا عن فطرة استتيب فإن تاب وإلا قتل، ولا يقسم ماله حتى
يقتل أو يموت، وتعتد زوجته من حين اختلاف دينهما، فإن عاد قبل خروجها من العدة فهو
أحق بها وإن خرجت العدة ولم يعد فلا سبيل له عليها.
وأما القتل: فيمنع القاتل من الإرث إذا كان عمدا ظلما ولو كان بحق لم يمنع، ولو
كان القتل خطأ ورث على الأشهر، وخرج المفيد رحمه الله وجها آخر هو المنع من الدية وهو
حسن والأول أشبه، ويستوي في ذلك الأب والولد وغيرهما من ذوي الأنساب
والأسباب، ولو لم يكن وارث سوى القاتل كان الميراث لبيت المال، ولو قتل أباه وللقاتل
ولد ورث جده إذا لم يكن هناك ولد للصلب ولم يمنع من الميراث بجناية أبيه، ولو كان
للقاتل وارث كافر منعا جميعا وكان الميراث للإمام، ولو أسلم الكافر كان الميراث له
والمطالبة إليه وفيه قول آخر.
وهنا مسائل:
الأولى: إذا لم يكن للمقتول وارث سوى الإمام فله المطالبة بالقود أو الدية مع
التراضي وليس له العفو.
الثانية: الدية في حكم مال المقتول يقضى منها دينه ويخرج منها وصاياه سواء قتل
عمدا فأخذت الدية أو خطأ.
الثالثة: يرث الدية كل مناسب أو مسابب عدا من يتقرب بالأم فإن فيهم خلافا، ولا
يرث أحد الزوجين القصاص، ولو وقع التراضي بالدية ورثا نصيبهما منها.
وأما الرق: فيمنع في الوارث والموروث، فمن مات وله وارث حر وآخر مملوك فالميراث
للحر ولو بعد دون الرق وإن قرب ولو كان الوارث رقا، ولو ولد حر لم يمنع الولد برق أبيه،
ولو كان الوارث اثنين فصاعدا فعتق المملوك قبل القسمة شارك إن كان مساويا وإن
انفرد كان أولى، ولو كان عتقه بعد القسمة لم يكن له نصيب، وكذا لو كان المستحق
للتركة واحدا لم يستحق العبد بعتقه نصيبا، وإذا لم يكن للميت وارث سوى المملوك
390

اشترى المملوك من التركة وأعتق وأعطي بقية المال ويقهر المالك على بيعه، ولو قصر المال
عن ثمنه قيل: يفك بما وجد ويسعى في الباقي، وقيل: لا يفك ويكون الميراث للإمام،
وهو الأظهر. وكذا لو ترك وارثين أو أكثر وقصر نصيب كل واحد منهم أو نصيب بعضهم
عن قيمته لم يفك أحدهم وكان الميراث للإمام، ولو كان العبد قد انعتق بعضه ورث من
نصيبه بقدر حريته ومنع بقدر رقيته وكذا يورث منه، وحكم الأمة كذلك.
مسألتان:
الأولى: يفك الأبوان للإرث إجماعا وفي الأولاد تردد أظهره أنهم يفكون، وهل يفك
من عدا الآباء والأولاد؟ الأظهر لا، وقيل: يفك كل وارث ولو كان زوجا أو زوجة،
والأولى أولى.
الثانية: أم الولد لا ترث وكذا المدبر ولو كان وارثا من مدبره، وكذا المكاتب المشروط
والمطلق الذي لم يؤد شيئا.
ومن لواحق أسباب المنع أربعة:
الأول: اللعان سبب لسقوط نسب الولد، نعم لو اعترف بعد اللعان ألحق به ويرثه
الولد وهو لا يرثه.
الثاني: الغائب غيبة منقطعة لا يورث حتى يتحقق موته أو ينقضي مدة لا يعيش مثله
إليها غالبا فيحكم لورثته الموجودين في وقت الحكم، وقيل: يورث بعد انقضاء عشر سنين
من غيبته، وقيل: يدفع ماله إلى وارثه الملي، والأول أولى.
الثالث: الحمل يرث بشرط انفصاله حيا، ولو سقط ميتا لم يكن له نصيب، ولو مات
بعد وجوده حيا كان نصيبه لوارثه، ولو سقط بجناية، اعتبر بالحركة التي لا تصدر إلا من
حي دون التقلص الذي يحصل طبعا لا اختيارا.
الرابع: إذا مات وعليه دين يستوعب التركة لم ينتقل إلى الوارث وكانت على حكم
391

مال الميت، وإن لم يكن مستوعبا انتقل إلى الورثة ما فضل وما قابل الدين باق على حكم
مال الميت.
المقدمة الثالثة: في الحجب
الحجب قد يكون عن أصل الإرث وقد يكون عن بعض الفرض.
فالأول: ضابطه مراعاة القرب، فلا ميراث لولد ولد مع ولد ذكرا كان أو أنثى حتى
أنه لا ميراث لابن ابن مع بنت، ومتى اجتمع أولاد الأولاد وإن سفلوا فالأقرب منهم يمنع
الأبعد، ويمنع الولد من يتقرب بالأبوين أو بأحدهما كالأخوة وبينهم والأجداد وآبائهم
والأعمام والأخوال وأولادهم.
ولا يشارك الأولاد في الإرث سوى الأبوين والزوج أو الزوجة، فإذا عدم الآباء
والأولاد فالإخوة والأجداد، ويمنع الأخ ولد الأخ.
ولو اجتمعوا بطونا متنازلة فالأقرب أولى من الأبعد، ويمنع الإخوة وأولادهم وإن نزلوا
من يتقرب بالأجداد من الأعمام والأخوال وأولادهم ولا يمنعون آباء الأجداد، فإن الجد
وإن علا جد لكن لو اجتمعوا بطونا متصاعدة فالأدنى إلى الميت أولى من الأبعد، والأعمام
والأخوال وأولادهم وإن نزلوا يمنعون أعمام الأب وأخواله، وكذا أولاد أعمام الأب
وأخواله يمنعون أعمام الجد وأخواله، ويسقط من يتقرب بالأب وحده مع من يتقرب
بالأب والأم مع التساوي في الدرج والمناسب، وإن بعد يمنع مولى النعمة، وكذا
ولي النعمة أو من قام مقامه في ميراث المعتق يمنع ضامن الجريرة، وضامن الجريرة يمنع
الإمام.
وأما الحجب عن بعض الفرض: فاثنان: حجب الولد وحجب الإخوة:
أما الولد فإنه وإن نزل ذكرا كان أو أنثى يمنع الأبوين عما زاد عن السدسين إلا مع
البنت أو البنتين فصاعدا مع أحد الأبوين، ويحجب أيضا الزوج والزوجة عن النصيب
الأعلى إلى الأخفض، والزوج والزوجة ثلاثة أحوال:
392

الأولى: أن يكون في الفريضة ولد وإن سفل فللزوج الربع وللزوجة الثمن.
الثانية: أن لا يكون هناك ولد ولا ولد ولد وإن نزل فللزوج النصف وللزوجة الربع،
ولا يعال نصيبهما لأن العول عندنا باطل.
الثالثة: أن لا يكون هناك وارث أصلا من مناسب ولا مسابب فالنصف للزوج
والباقي رد عليه وللزوجة الربع، وهل يرد عليها؟ فيه أقوال ثلاثة: أحدها يرد والآخر لا يرد
والثالث يرد مع عدم الإمام لا مع وجوده، والحق أنه لا يرد.
وأما حجب الإخوة فإنهم يمنعون الأم عما زاد عن السدس بشروط أربعة:
الأول: أن يكونا رجلين فصاعدا أو رجلا وامرأتين أو أربع نساء.
الثاني: ألا يكونوا كفرة ولا رقا، وهل يحجب القاتل؟ فيه تردد والظاهر أنه
لا يحجب.
الثالث: أن يكون الأب موجودا.
الرابع: أن يكونوا للأب والأم أو للأب، وفي اشتراط وجودهم منفصلين لا حملا
تردد أظهره أنه شرط، ولا يحجبها أولاد الإخوة ولا من الخناثى أقل من أربعة لاحتمال أن
يكونوا إناثا.
المقدمة الرابعة: في مقادير السهام واجتماعها:
السهام ستة: النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس:
فالنصف: نصيب الزوج مع عدم الولد وإن نزل، وسهم للبنت والأخت للأب والأم
أو الأخت للأب.
والربع: سهم الزوج مع الولد وإن نزل والزوجة مع عدمه.
والثمن: سهم الزوجة مع الولد وإن نزل.
والثلثان: سهم البنين فصاعدا والأختين فصاعدا للأب والأم أو للأب.
والثلث: سهم الأم مع عدم من يحجبها من الولد وإن نزل والإخوة، وسهم الاثنين
393

فصاعدا من ولد الأم.
والسدس: سهم كل واحد من الأبوين مع الولد وإن نزل، وسهم الأم مع الإخوة
للأب والأم أو للأب مع وجود الأب، وسهم الواحد من ولد الأم ذكرا كان أو أنثى.
وهذه الفروض منها ما يصح أن يجتمع ومنها ما يمتنع، فالنصف يجتمع مع مثله ومع
الربع ومع الثمن، ولا يجتمع من الثلثين لبطلان العول بل يكون النقص داخلا على
الأختين دون الزوج.
ويجتمع النصف مع الثلث ومع السدس ولا يجتمع الربع والثمن، ويجتمع الربع مع
الثلثين ومع الثلث ومع السدس، ويجتمع الثمن مع الثلثين والسدس ولا يجتمع مع
الثلث، ولا يجتمع الثلث مع السدس تسمية.
ويلحق بذلك مسألتان:
الأولى: لا يثبت الميراث عندنا بالتعصيب، وإذا أبقت الفريضة، فإن كان هناك
مساو لا فرض له فالفاضل له بالقرابة مثل أبوين وزوج أو زوجة للأم ثلث الأصل وللزوج
أو الزوجة نصيبهما وللأب الباقي، ولو كان إخوة كان للأم السدس وللزوج النصف وللأب
الباقي، وكذا أبوان وابن زوج، وكذا زوج وإخوان من أم وأخ أو إخوة من أب وأم أو من
أب، وإن كان بعيدا لم يرث ورد الفاضل على ذوي الفروض عدا الزوج والزوجة مثل
أبوين أو إحديهما وبنت وأخ أو عم.
الثانية: العول عندنا باطل لاستحالة أن يفرض الله سبحانه في مال ما لا يقوم به، ولا
يكون العول إلا بمزاحمة الزوج أو الزوجة فيكون النقص داخلا على الأب أو البنت أو
البنتين أو من يتقرب بالأب والأم أو بالأب من الأخت أو الأخوات دون من يتقرب
بالأم مثل زوج وأبوين وبنت أو زوج وأحد الأبوين وبنتين فصاعدا أو زوجة وأبوين
وبنتين أو زوج مع كلالة الأم وأخت أو أخوات لأب وأم أو لأب.
394

وأما المقاصد فثلاثة:
المقصد الأول: في ميراث الأنساب:
وهم ثلاث مراتب:
الأولى: الأبوان والأولاد:
فإن انفرد الأب فالمال له، وإن انفردت الأم فلها الثلث والباقي رد عليها، ولو اجتمع
الأبوان فللأم الثلث وللأب الباقي، ولو كان هناك إخوة كان لها السدس وللأب الباقي
ولا يرث الإخوة شيئا، ولو انفرد الابن فالمال له، ولو كانوا أكثر من واحد فهم سواء في
المال، ولو انفردت البنت فلها النصف والباقي رد عليها، ولو كانت بنتان فصاعدا فلهما أو
لهن الثلثان والباقي رد عليهما أو عليهن.
وإذا اجتمع الذكران والإناث فالمال لهم للذكر مثل حظ الأنثيين، ولو اجتمع
الأبوان أو أحدهما مع الأولاد فلكل واحد من الأبوين السدس والباقي للأولاد بالسوية
إن كانوا ذكورا، وإن كان معهم أنثى أو إناث فللذكر مثل حظ الأنثيين، ولو كان معهم
زوج أو زوجة أخذ حصة الدنيا وكذا الأبوان والباقي للأولاد، ولو كان مع الأبوين بنت
فللأبوين السدسان وللبنت النصف والباقي رد عليهم أخماسا، ولو كان أخوة للأب كان
الرد على الأب والبنت أرباعا، ولو دخل معهم زوج كان له نصيبه الأدنى وللأبوين
كذلك والباقي للبنت، ولو كانت له زوجة أخذ كل ذي فرض فرضه والباقي يرد على
البنت والأبوين دون الزوجة، ومع الإخوة يرد الباقي على البنت والأب أرباعا.
ولو انفرد أحد الأبوين معها كان المال بينهما أرباعا، ولو دخل معهما زوج أو زوجة
كان الفاضل ردا على البنت وأحد الأبوين دون الزوج أو الزوجة، ولو كان بنتان
فصاعدا فللأبوين السدسان وللبنتين فصاعدا الثلثان بالسوية، ولو كان معهم زوج أو
زوجة كان لكل واحد منهما نصيبه الأدنى وللأبوين السدسان والباقي للبنتين فصاعدا، ولو
كان أحد الأبوين كان له السدس وللبنتين فصاعدا الثلثان والباقي رد عليهم أخماسا، ولو
كان زوج كان النقص داخلا على البنتين فصاعدا، ولو كانت زوجة كان لها نصيبها وهو
395

الثمن والباقي بين أحد الأبوين والبنات أخماسا، ولو كان مع الأبوين زوج فله النصف
وللأم ثلث الأصل والباقي للأب، ومع الإخوة للأم السدس والباقي للأب، ولو كان معهما
زوجة فلها الربع وللأم ثلث الأصل إن لم يكن أخوة والباقي للأب، ومع الإخوة لها
السدس والباقي للأب.
مسائل:
الأولى: أولاد الأولاد يقومون مقام آبائهم في مقاسمة الأبوين، وشرط ابن بابويه
رحمه الله توريثهم عدم الأبوين وهو متروك، ويمنع الأولاد من يتقرب
بهم ومن يتقرب بالأبوين من الإخوة وأولادهم والأجداد وآبائهم والأعمام والأخوال وأولادهم،
ويترتبون الأقرب فالأقرب، فلا يرث بطن مع من هو أقرب منه إلى الميت ويرث كل
واحد منهم نصيب من يتقرب به، فيرث ولد البنت نصيب أمه ذكرا كان أو أنثى وهو
النصف إن انفرد أو كان مع الأبوين ويرد عليه كما يرد على أمه لو كانت موجودة، ويرث
ولد الابن نصيب أبيه ذكرا كان أو أنثى جميع المال إن انفرد وما فضل عن حصص
الفريضة إن كان معه وراث كالأبوين أو أحدهما والزوج أو الزوجة، ولو انفرد أولاد
الابن وأولاد البنت كان لأولاد الابن الثلثان ولأولاد البنت الثلث على الأظهر، ولو
كان زوج أو زوجة كان له نصيبه الأدنى والباقي بينهم لأولاد البنت الثلث ولأولاد الابن
الثلثان.
الثانية: أولاد البنت يقتسمون نصيبهم للذكر مثل حظ الأنثيين كما يقتسم أولاد
الابن، وقيل: يقتسمونه بالسوية، وهو متروك.
الثالثة: يحبى الولد الأكبر من تركة أبيه بثياب بدنه وخاتمه وسيفه ومصحفه وعليه
قضاء ما عليه من صلاة وصيام، ومن شرط اختصاصه أن لا يكون سفيها ولا فاسد الرأي
على قول مشهور، وأن يخلف الميت مالا غير ذلك فلو لم يخلف سواه لم يخص بشئ منه،
ولو كان الأكبر أنثى لم يحب وأعطي الأكبر من الذكور.
396

الرابعة: لا يرث الجد ولا الجدة مع أحد الأبوين شيئا لكن يستحب أن يطعما سدس
الأصل إذا زاد نصيبه عن ذلك مثل أن يخلف أبويه وجدا وجدة لأب وجدا وجدة لأم
فللأم الثلث وتطعم نصف نصيبها جدة وجدته بالسوية، ولو كان واحدا كان السدس له
وللأب الثلثان ويطعم جدة وجدته سدس أصل التركة بالسوية، ولو كان واحدا كان
السدس له، ولو حصل لأحدهما السدس من غير زيادة وحصل للآخر الزيادة استحب له
الطعمة دون صاحب السدس، فلو خلف أبوين وإخوة استحب للأب الطعمة دون الأم،
ولو خلف أبوين وزوجا استحب للأم الطعمة دون الأب، ولا يطعم الجد للأب ولا الجدة
له إلا مع وجوده، ولا الجد للأم ولا جدتها إلا مع وجودها.
المرتبة الثانية: الإخوة والأجداد:
إذا انفرد الأخ للأب والأم فالمال له، فإن كان معه أخ أو إخوة فالمال بينهم بالسوية،
ولو كان أنثى أو إناثا فللذكر سهمان وللأنثى سهم، ولو كان المنفرد أختا لهما كان
النصف والباقي يرد عليها، ولو كان أختان فصاعدا كان لهما أو لهن الثلثان والباقي يرد
عليهما أو عليهن.
ويقوم مقام كلالة الأب والأم مع عدمهم كلالة الأب، ويكون حكمهم في الانفراد
والاجتماع حكم كلالة الأب والأم، ولا يرث أخ ولا أخت من أب مع أحد من الإخوة
للأب والأم لاجتماع السببين، ولو انفرد الواحد من ولد الأم كان له السدس والباقي رد
عليه ذكرا كان أو أنثى، وللأنثيين فصاعدا الثلث بينهم بالسوية ذكرانا كانوا أو
إناثا أو ذكرانا وإناثا.
ولو كان الإخوة متفرقين كان لمن يتقرب بالأم السدس إن كان واحدا، والثلث إن
كانوا أكثر بينهم بالسوية، والثلثان لمن يتقرب بالأب والأم واحدا كان أو أكثر، لكن لو
كان أنثى كان لها النصف بالتسمية والباقي بالرد، وإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان، فإن
أبقت الفريضة فلهما الفاضل، وإن كانوا ذكورا فالباقي بعد كلالة الأم بينهم بالسوية،
397

وإن كانوا ذكورا وإناثا فالباقي بينهم للذكر سهمان وللأنثى سهم، والجد إذا انفرد فالمال
له لأب كان أو لأم وكذا الجدة، ولو كان جدا أو جدة أو هما لأم وجدا وجدة أو هما لأب
كان لمن يتقرب منهم بالأم الثلث بالسوية ولمن يتقرب بالأب الثلثان للذكر مثل حظ
الأنثيين.
وإذا اجتمع مع الإخوة للأم جد وجدة أو أحدهما من قبلها كان الجد كالأخ والجدة
كالأخت فكان الثلث بينهم بالسوية، وكذا إذا اجتمع مع الأخت أو مع الأختين
فصاعدا للأب والأم أو للأب جد وجدة أو أحدهما كان الجد كالأخ من قبله والجدة
كالأخت، وينقسم الباقي بعد كلالة الأم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، والزوج
والزوجة يأخذان نصيبهما الأعلى مع الإخوة اتفقت وصلتهم أو اختلفت.
ويأخذ من يتقرب بالأم نصيبه المسمى من أصل التركة وما يفضل فلكلالة الأب
والأم ومع عدمهم فلكلالة الأب، ويكون النقص داخلا على من يتقرب بالأب والأم أو
بالأب كما في زوج مع واحد من كلالة الأم مع أخت للأب، والآن فرضت الزيادة كما
في واحد من كلالة الأم مع أخت لأب وأم كان الفاضل للأخت خاصة، وإن كانت
للأب فهل تخص بما فضل عن السهام؟ قيل: نعم لأن النقص يدخل عليها بمزاحمة الزوج
أو الزوجة، ولما روي عن أبي جعفر ع في ابن أخت لأب وابن أخت لأم قال:
لابن الأخت للأم السدس والباقي لابن الأخت للأب. وفي طريقها علي بن فضال، وفيه
ضعف، وقيل: بل يرد على من يتقرب بالأم وعلى الأخت أو الأخوات للأب أرباعا أو
أخماسا للتساوي في الدرجة، وهو أولى.
مسائل ثلاث:
الأولى: الجد وإن علا يقاسم الإخوة مع عدم الأدنى، ولو اجتمعا مع الإخوة شاركهم
الأدنى وسقط الأبعد.
الثانية: إذا ترك جد أبيه وجدته لأبيه وجده وجدته لأمه ومثلهم للأم كان لأجدادها
398

الثلث بينهم أرباعا ولأجداد الأب الثلثان بينهم أثلاثا، ثلثا ذلك لجده وجدته لأبيه بينهما
للذكر مثل حظ الأنثيين، والثلث الآخر لجده وجدته لأمه أثلاثا على ما ذكره الشيخ،
فيكون أصل الفريضة ثلاثة تنكسر على الفريقين فتضرب أربعة في تسعة ثم تضرب
المجتمع في ثلاثة فيكون مائة وثمانية.
الثالثة: أخ من أم مع ابن أخ لأب وأم الميراث كله للأخ من الأم لأنه أقرب، وقال
ابن شاذان: له السدس والباقي لابن الأخ للأب والأم لأنه يجمع السببين، وهو ضعيف
لأن كثرة الأسباب أثرها مع التساوي في الدرجة لا مع التفاوت.
خاتمة:
أولاد الإخوة والأخوات يقومون مقام آبائهم عند عدمهم ويرث كل واحد منهم
نصيب من يتقرب به، فإن كان واحدا كان النصيب له، وإن كانوا جماعة اقتسموا ذلك
النصيب بينهم بالسوية إن كانوا ذكرانا أو إناثا، وإن اجتمعوا فللذكر مثل حظ الأنثيين،
وإن كانوا أولاد أخوة من أم كانت القسمة بينهم بالسوية ويأخذ أولاد الأخ الباقي
كأبيهم، وأولاد الأخت للأب والأم النصف نصيب أمهم إلا على سبيل الرد، وأولاد
الأختين فصاعدا الثلثين إلا أن يقصر المال بدخول الزوج أو الزوجة فيكون لهم الباقي كما
يكون لمن يتقربون به.
ولو لم يكن أولاد كلالة الأب والأم قام مقامهم أولاد كلالة الأب، ولأولاد الأخ أو
الأخت من الأم السدس، ولو كانوا أولاد اثنين كان لهم الثلث لكل فريق نصيب من
يتقربون به بينهم بالسوية، ولو اجتمع أولاد الكلالات كان لأولاد كلالة الأم الثلث
ولأولاد كلالة الأب والأم الثلثان وسقط أولاد كلالة الأب.
ولو دخل عليهم زوج أو زوجة كان له نصيبه الأعلى لمن يتقرب بالأم ثلث الأصل إن
كانوا لأكثر من واحد، والسدس إن كانوا لواحد والباقي لأولاد كلالة الأب والأم زائدا
كان أو ناقصا، ولو لم يكونوا فلأولاد كلالة الأب خاصة، وفي طرف الزيادة يحصل التردد
399

على ما مضى، ولو اجتمع معهم الأجداد قاسموهم كما تقاسمهم الإخوة وقد بيناه.
المرتبة الثالثة: الأعمام والأخوال:
العم يرث المال إذا انفرد وكذا العمات والأعمام، ويقتسمون المال بينهم بالسوية
وكذا العمة والعمتان والعمات، وإن اجتمعوا فللذكر مثل حظ الأنثيين، ولو كانوا
متفرقين فللعمة أو العم من الأم السدس ولما زاد على الواحد الثلث، يستوي فيه الذكر
والأنثى والباقي للعم أو العمين أو الأعمام من الأب والأم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين،
ويسقط الأعمام للأب بالأعمام للأب والأم ويقومون مقامهم عند عدمهم:
ولا يرث ابن عم مع عم ولا من هو أبعد مع أقرب إلا في مسألة واحدة، وهي ابن عم
لأب وأم مع عم لأب، فابن العم أولى ما دامت الصورة على حالها، فلو انضم إليهما ولو
خال تغيرت الحال وسقط ابن العم، ولو انفرد الخال كان المال له، وكذا الخالان
والأخوال وكذا الخالة والخالتان والخالات، ولو اجتمعوا فالذكر والأنثى سواء، ولو افترقوا
كان لمن يتقرب بالأم السدس إن كان واحدا والثلث إن كان أكثر، الذكر فيه والأنثى
سواء، والباقي للخؤولة من الأب والأم بينهم للذكر مثل حظ الأنثى، وتسقط الخؤولة من
الأب إلا مع عدم الخؤولة من الأب والأم، ولو اجتمع الأخوال والأعمام كان للأخوال
الثلث، وكذا لو كان واحدا ذكرا كان أو أنثى.
وللأعمام الثلثان، وكذا لو كان واحدا ذكرا كان أو أنثى، فإن كان الأخوال
مجتمعين فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثى، وإن كانوا متفرقين فلمن تقرب بالأم سدس
الثلث إن كان واحدا، وثلثه إن كان أكثر بينهم بالسوية والباقي لمن تقرب منهم بالأب
والأم وللأعمام ما بقي، فإن كانوا من جهة واحدة فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين،
وإن كانوا متفرقين فلمن تقرب منهم بالأم السدس إن كان واحدا، والثلث إن كانوا أكثر
بينهم بالسوية والباقي للأعمام من قبل الأب والأم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين،
ويسقط من تقرب بالأب منفردا إلا مع عدم من يتقرب بالأب والأم.
400

ولو اجتمع عم الأب وعمته وخاله وخالته وعم الأم وعمتها وخالها وخالها قال في
النهاية: كان لمن يتقرب بالأم الثلث بينهم بالسوية، ولمن تقرب بالأب الثلثان ثلثه لخال
الأب وخالته بينهما بالسوية وثلثاه بين العم والعمة بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، فيكون
أصل الفريضة ثلاثة تنكسر على الفريقين فتضرب أربعة في تسعة فتصير ستة وثلاثين ثم
تضربها في ثلاثة فتصير مائة وثمانية.
مسائل خمس:
الأولى: عمومة الميت وعماته وأولادهم وإن نزلوا وخؤولته وخالاته وأولادهم وإن
نزلوا أحق بالميراث من عمومة الأب وعماته وخؤولته وخالاته، وأحق من عمومة الأم
وعماتها وخؤولتها وخالاتها لأن عمومة الميت وخؤولته أقرب، والأولاد يقومون مقام آبائهم
عند عدمهم، فإذا عدم عمومة الميت وعماته وخؤولته وخالاته وأولادهم وإن نزلوا قام
مقامهم عمومة الأب وعماته وخؤولته وخالاته، وعمومة أمه وعماتها وخؤولتها وخالاتها
وأولادهم وإن نزلوا، وهكذا كل بطن منهم وإن نزل أولى من البطن الأعلى.
الثانية: أولاد العمومة المتفرقين يأخذون نصيب آبائهم، فبنو العم للأم لهم السدس،
ولو كانوا بني عمين للأم كان لهم الثلث، والباقي لبني العم أو العمة أو لبني العمومة أو
العمات للأب والأم، وكذا البحث في بني الخؤولة.
الثالثة: إذا اجتمع للوارث سببان فإن لم يمنع أحدهما الآخر ورث بهما مثل ابن عم
لأب هو ابن خال لأم، ومثل ابن عم هو زوج أو بنت عم هي زوجة، ومثل عمة لأب هي
خالة لأم، وإن منع أحدهما الآخر ورث من جهة المانع مثل ابن عم هو أخ فإنه يرث
بالأخوة خاصة.
الرابعة: إذا دخل الزوج أو الزوجة على الخؤولة والخالات والعمومة والعمات كان
للزوج أو الزوجة النصيب الأعلى، ولمن تقرب بالأم نصيبه الأصلي من أصل التركة، وما
بقي فهو لقرابة الأب والأم وإن لم يكونوا فلقرابة الأب.
401

الخامسة: حكم أولاد الخؤولة مع الزوج والزوجة حكم الخؤولة فإن كان زوج أو زوجة
وبنو أخوال مع بني أعمام فللزوج أو الزوجة نصيب الزوجية، ولبني الأخوال ثلث الأصل
والباقي لبني الأعمام.
المقصد الثاني: في مسائل من أحكام الأزواج:
الأولى: الزوجة ترث ما دامت في حبال الزوج وإن لم يدخل بها وكذا يرثها الزوج، ولو
طلقت رجعية توارثا إذا مات أحدهما في العدة لأنها بحكم الزوجة، ولا ترث البائن ولا
تورث كالمطلقة ثالثة والتي لم يدخل بها واليائسة وليس في سنها من تحيض والمختلعة
والمباراة والمعتدة عن وطء الشبهة أو الفسخ.
الثانية: للزوجة مع عدم الولد الربع، ولو كن أكثر من واحدة كن شركاء فيه
بالسوية، ولو كان له ولد كان لهن الثمن بالسوية، وكذا لو كانت واحدة لا يزدن عليه
شيئا.
الثالثة: إذا طلق واحدة من أربع وتزوج أخرى ثم اشتبهت المطلقة في الأول كان
للأخيرة ربع الثمن مع الولد والباقي من الثمن بين الأربع بالسوية.
الرابعة: إذا زوج الصبية أبوها أو جدها لأبيها ورثها الزوج وورثته، وكذا لو زوج
الصغيرين أبواهما أو جداهما لأبويهما توارثا، ولو زوجهما غير الأب أو الجد كان العقد موقوفا
على رضاهما عند البلوغ والرشد، ولو مات أحدهما قبل ذلك بطل العقد ولا ميراث، وكذا
لو بلغ أحدهما فرضي ثم مات الآخر قبل البلوغ، ولو مات الذي رضي عزل نصيب الآخر
من تركة الميت وتربص بالحي، فإن بلغ وأنكر فقد بطل العقد ولا ميراث، وإن أجاز صح
وأحلف أنه لم يدعه إلى الرضا الرغبة الميراث.
الخامسة: إذا كان للزوجة من الميت ولد ورثت من جميع ما ترك، ولو لم يكن لم ترث
من الأرض شيئا وأعطيت حصتها من قيمة الآلات والأبنية، وقيل: لا تمنع إلا من الدور
والمساكن، وخرج المرتضى رحمه الله قولا ثالثا وهو تقويم الأرض وتسليم حصتها من القيمة
402

والقول الأول أظهر.
السادسة: نكاح المريض مشروط بالدخول، فإن مات في مرضه ولم يدخل بطل العقد
ولا مهر لها ولا ميراث وهي رواية زرارة عن أحدهما ع.
المقصد الثالث: في الميراث بالولاء:
وهو ثلاثة أقسام:
الأول: ولاء العتق:
إنما يرث المنعم إذا كان متبرعا ولم يتبرأ من ضمان جريرته ولم يكن للمعتق وارث
مناسب، فلو أعتق في واجب كالكفارات والنذور لم يثبت للمنعم ميراث وكذا لو تبرع
واشترط سقوط الضمان، وهل يشترط في سقوطه الإشهاد بالبراءة؟ الوجه لا، ولو نكل به
فانعتق كان سائبة، ولو كان للمعتق وارث مناسب قريبا كان أو بعيدا ذا فرض أو غيره
لم يرث المنعم، أما لو كان زوج أو زوجة كان سهم الزوجية لصاحبه والباقي للمنعم أو من
يقوم مقامه عند عدمه، وإذا اجتمعت الشروط ورثه المنعم إن كان واحدا، وإن كانوا أكثر
فهم شركاء في الولاء بالحصص رجالا كان المعتقون أو نساء أو رجالا ونساء.
ولو عدم المنعم، قال ابن بابويه رحمه الله: يكون الولاء للأولاد الذكور والإناث، وهو
حسن، ومثله في الخلاف إذا كان رجلا. وقال المفيد رحمه الله: الولاء للأولاد الذكور
دون الإناث رجلا كان المنعم أو امرأة. وقال الشيخ رحمه الله في النهاية: يكون للأولاد
الذكور دون الإناث إن كان المعتق رجلا، ولو كان امرأة كان الولاء لعصبتها، وبقوله
تشهد الروايات.
ويرث الولاء الأبوان والأولاد ومع الانفراد لا يشتركهما أحد من الأقارب، ويقوم
أولاد الأولاد مقام آبائهم عند عدمهم، ويأخذ كل منهم نصيب من يتقرب به كالميراث
في غير الولاء، ومع عدم الأبوين والولد يرثه الإخوة، وهل ترث الأخوات؟ على تردد
أظهره نعم لأن الولاء لحمة كلحمة النسب، ويشترك الإخوة الأجداد والجدات ومع
403

عدمهم الأعمام والعمات وبنوهم ويترتبون الأقرب فالأقرب، ولا يرث الولاء من يتقرب
بالأم من الإخوة والأخوات والأخوال والخالات والأجداد والجدات، ومع عدم قرابة
المنعم يرثه مولى المولى فإن عدم فقرابة مولى المولى لأبيه دون أمه، والمنعم لا يرثه المعتق ولو لم
يخلف وارثا ويكون ميراثه للإمام دون المحرر، ولا يصح بيع الولاء ولا هبته ولا اشتراطه في
بيع.
مسائل ثمان:
الأولى: ميراث ولد المعتقة لمن أعتقهم ولو أعتقوا حملا مع أمهم ولا ينجر ولاؤهم، ولو
حملت بهم بعد العتق كان ولاؤهم لمولى أمهم إذا كان أبوهم رقا، ولو كان حرا في الأصل
لم يكن لمولى أمهم ولاء، وإن كان أبوهم معتقا فولاؤهم لمولى الأب، وكذا لو أعتق أبوهم
بعد ولادتهم انجر ولاؤهم من مولى أمهم إلى مولى الأب.
الثانية: لو تزوج مملوك بمعتقة فأولدها فولاء الولد لمولاها، فلو مات الأب وأعتق الجد
قال الشيخ: ينجر الولاء إلى معتق الجد لأنه قائم مقام الأب، وكذا لو كان الأب باقيا،
ولو أعتق الأب بعد ذلك انجر الولاء من مولى الجد إلى مولى الأب لأنه أقرب.
الثالثة: لو أنكر المعتق ولد زوجته المعتقة فلاعنته، فإن مات الولد ولا مناسب له كان
ولاؤه لمولى أمه، ولو اعترف به الأب بعد ذلك لم يرثه الأب ولا المنعم على الأب لأن
النسب وإن عاد فإن الأب لا يرثه ولا من يتقرب به.
الرابعة: ينجر الولاء من مولى الأم إلى مولى الأب، فإن لم يكن فلعصبة المولى، فإن لم
يكن عصبته فلمولى عصبة مولى الأب ولا يرجع إلى مولى الأم، فإن فقد الموالي وعصباتهم
وكان هناك ضامن جريرة كان له وإلا كان الولاء للإمام.
الخامسة: امرأة أعتقت مملوكا فأعتق المعتق آخر، فإن مات الأول ولا مناسب له
فميراثه لمولاته، وإن مات الثاني ولا مناسب له فميراثه لمعتقه، فإن لم يكن الأول ولا
مناسبوه كان ولاء الثاني لمولاة مولاه، ولو اشترت أباها فانعتق ثم أعتق أبوها آخر ومات
404

أبوها ثم مات المعتق ولا وارث له سواها كان ميراث المعتق لها، النصف بالتسمية
والباقي بالرد لا بالتعصيب إن قلنا يرث الولاء ولد المعتق وإن كن إناثا وإلا كان الميراث
لها بالولاء.
السادسة: إن أولد العبد بنتين من معتقة فاشترتا أباهما انعتق عليهما، فلو مات الأب
كان ميراثه لهما بالتسمية والرد لا بالولاء لأنه لا يجتمع الميراث بالولاء مع النسب، ولو
ماتتا أو إحديهما والأب موجود كان الميراث لأبيهما، ولو لم يكن موجودا كان ميراث
السابقة لأختها بالتسمية والرد ولا ميراث لمولاه لوجود المناسب، ولو ماتت الأخرى ولا
وارث لها هل يرثها مولى أمها؟ فيه تردد منشأه هل انجر الولاء إليهما بعتق الأب أم لا؟
ولعل الأقرب أنه لا ينجر هنا إذا لا يجتمع استحقاق الولاء بالنسب والعتق.
السابعة: لو اشترى أحد الولدين مع أبيه مملوكا فأعتقاه فمات الأب ثم مات المعتق
كان لمن اشتراه مع أبيه ثلاثة أرباع تركته ولأخيه الربع.
الثامنة: إذا أولد العبد من معتقه ابنا فولاء الابن لمعتق أمه، فلو اشترى الابن عبدا
فأعتقه كان ولاؤه له، فلو اشترى معتقه أب المنعم فأعتقه انجر الولاء من مولى الأم إلى
مولى الأب وكان كل واحد منهما مولى الآخر، فإن مات الأب فميراثه لابنه، فإن مات
الابن ولا مناسب له فولاؤه لمعتق أبيه، وإن مات المعتق ولا مناسب له فولاؤه للابن الذي
باشر عتقه، ولو ماتا ولم يكن لهما مناسب قال الشيخ: يرجع الولاء إلى مولى الأم، وفيه
تردد.
القسم الثاني: ولاء تضمن الجريرة:
ومن توالى إلى أحد يضمن حدثه ويكون ولاؤه له صح ذلك ويثبت به الميراث لكن
لا يتعدى الضامن، ولا يضمن إلا سائبة لا ولاء عليه كالمعتق في الكفارات والنذور أو من
لا وارث له أصلا، ولا يرث هذا إلا مع فقد كل مناسب ومع فقد المعتق وهو أولى من
الإمام، ويرث معه الزوج والزوجة نصيبهما الأعلى.
405

القسم الثالث: ولاء الإمامة:
فإذا عدم الضامن كان الإمام وارث من لا وارث له وهو القسم الثالث من الولاء،
فإن كان موجودا فالمال له يصنع به ما يشاء، وكان علي ع يعطيه فقراء بلده
وضعفاء جيرانه تبرعا.
وإن كان غائبا قسم في القراء والمساكين، ولا يدفع إلى غير سلطان الحق إلا مع
الخوف أو التغلب.
مسائل ثلاث:
الأولى: ما يؤخذ من أموال المشركين في حال الحرب فهو للمقاتلة بعد الخمس، وما
يأخذه سرية بغير إذن الإمام فهو للإمام ع، وما يتركه المشركون فزعا ويفارقونه
من غير حرب فهو للإمام أيضا، وما يؤخذ صلحا أو جزية فهو للمجاهدين ومع عدمهم
يقسم في الفقراء من المسلمين.
الثانية: ما يؤخذ غيلة من أهل الحرب إن كان في زمان الهدنة أعيد عليهم، وإن لم
يكن كان لآخذه وفيه الخمس.
الثالثة: من مات من أهل الحرب وخلف مالا فماله للإمام إذا لم يكن له وارث.
وأما اللواحق فأربعة فصول:
الفصل الأول: في ميراث ولد الملاعنة وولد الزنى:
يرث ولد الملاعنة ولده وأمه، للأم السدس والباقي للولد للذكر سهمان وللأنثى سهم،
ولو لم يكن ولد كان المال لأمه، الثلث بالتسمية والباقي بالرد، وفي رواية: ترث الثلث
والباقي للإمام لأنه الذي يعقل عنه، والأول أشهر، ومع عدم الأم والولد يرثه الإخوة للأم
وأولادهم والأجداد لها وإن علوا ويترتبون الأقرب فالأقرب، ومع عدمهم يرثه الأخوال
و الخالات وأولادهم على ترتب الإرث، وفي كل هذه المراتب يرث الذكر والأنثى سواء،
406

فإن عدم قرابة الأم أصلا حتى لا يبقى لها وارث وإن بعد فميراثه للإمام.
والزوج والزوجة يرثان نصيبهما مع كل درجة من هذه الدرجات، النصف للزوج
والربع للزوجة مع عدم الولد ونصف ذلك معه، وهل يرث هو قرابة أمه؟ قيل نعم لأن
نسبه من الأم ثابت، وقيل: لا يرث إلا أن يعترف به الأب، وهو متروك، ولا يرثه أبوه ولا
من يتقرب به، فإن اعترف به بعد اللعان ورث هو أباه ولا يرثه الأب، وهل يرث أقارب
أبيه مع الاعتراف؟ قيل نعم، والوجه أنه لا يرثهم ولا يرثونه لانقطاع النسب باللعان
واختصاص حكم الإقرار بالمقر حسب.
مسائل:
الأولى: لا عبرة بنسب الأب هنا، فلو خلف أخوين أحدهما لأبيه وأمه والآخر لأمه
فهما سواء، وكذا لو كانا أختين أو أخا وأختا وأحدهما للأب والأم، وكذا لو خلف ابن
أخيه لأبيه وأمه وابن أخيه لأمه أو خلف أخا وأختا لأبويه مع جد أو جدة المال بينهم
أثلاثا وسقط اعتبار نسب الأب.
الثانية: إذا ماتت أمه ولا وارث لها سواه فميراثها له، ولو كان معه أبوان أو أحدهما
فلهما السدسان أو لأحدهما السدس والباقي له إن كان ذكرا، وإن كان أنثى فالنصف لها
والباقي يرد بموجب السهام.
الثالثة: لو أنكر الحمل وتلاعنا فولدت توأمين توارثا بالأمومة دون الأبوة.
الرابعة: لو تبرأ عند السلطان من جريرة ولده ومن ميراثه ثم مات الولد قال الشيخ
رحمه الله في النهاية: كان ميراثه لعصبة أبيه دون أبيه، وهو قول شاذ.
وأما ولد الزنى فلا نسب له ولا يرثه الزاني ولا التي ولدته ولا أحد من أنسابهما ولا
يرثهم هو، وميراثه لولده ومع عدمهم للإمام، ويرث الزوج والزوجة نصيبهما الأدنى مع
الولد والأعلى مع عدمه، وفي رواية ترثه أمه ومن يتقرب بها مثل ابن الملاعنة، وهي
مطرحة.
407

الفصل الثاني: في ميراث الخنثى:
من له فرج الرجال والنساء يرث على الفرج الذي يسبق منه البول، فإن جاء منهما
اعتبر الذي ينقطع منه أخيرا فيورث عليه، فإن تساويا في السبق والتأخر، قال في
الخلاف: يعمل فيه بالقرعة محتجا بالإجماع والأخبار. وقال في النهاية والإيجاز والمبسوط:
يعطي نصف ميراث رجل ونصف ميراث امرأة. وعليه دلت رواية هشام بن سالم عن
أبي عبد الله ع في قضاء علي عليه الصلاة والسلام، وقال المفيد والمرتضى رحمهما
الله: تعد أضلاعه، فإن استوى جنباه فهو امرأة وإن اختلفا فهو ذكر، وهي رواية شريح
القاضي حكاية لفعل علي ع واحتجا بالإجماع، والرواية ضعيفة والإجماع لم
يتحقق، إذا عرفت ذلك، فإذا انفرد أخذ المال وإن كانوا أكثر فعلى القول بالقرعة يقرع.
فإن كانوا ذكورا أو إناثا فالمال سواء، وإن كان بعضهم إناثا فلكل ذكر مثل حظ
الأنثيين، وكذا يعتبر لو قيل يعد الأضلاع، وعلى ما اخترناه يكونون سواء في المال ولو كانوا
مائة لتساويهم في الاستحقاق، ولو اجتمع مع الخنثى ذكر بيقين قيل: يكون للذكر أربعة
أسهم وللخنثى ثلاثة، ولو كان معهما أنثى، كان لها سهمان، وقيل: بل تقسم الفريضة
مرتين ويفرض في مرة ذكرا وفي الأخرى أنثى ويعطي نصف النصيبين.
وطريق ذلك أن ينظر في أقل عدد يمكن قسم فريضتهما منه ويضرب مخرج أحد
الفريضتين في الآخر، مثال ذلك: خنثى وذكر فتفرضهما ذكرين فتطلب مالا له نصف
ولنصفه نصف وهو أربعة، ثم تفرضهما ذكرا وأنثى فتطلب مالا له ثلث ولثلثه نصف وهو
ستة وهما متفقان بالنصف فتضرب نصف أحد المخرجين في الآخر فيكون اثنى عشر
فيحصل للخنثى تارة النصف وهو ستة وتارة الثلث وهو أربعة فيكون عشرة، ونصفه خمسة
وهو نصيب الخنثى ويبقى سبعة للذكر، وكذا لو كان بدل الذكر أنثى فإنها تصح من
اثني عشر أيضا فيكون للخنثى سبعة وللأنثى خمسة.
ولو كان مع الخنثى ابن وبنت، فإذا فرضت ذكرين وبنتا كان المال أخماسا، وإذا
فرضت ذكرا وبنتين كان أرباعا فتضرب أربعة في خمسة يكون عشرين، لكن لا يقوم
408

لحاصل الخنثى نصف صحيح فتضرب مخرج النصف وهو اثنان في عشرين فيكون أربعين
فيصح الفريضة بغير كسر.
فإن اتفق معهم زوج أو زوجة صححت مسألة الخناثى ومشاركيهم أولا دون الزوج أو
الزوجة ثم ضربت مخرج نصيب الزوج أو الزوجة فيما اجتمع، مثاله: أن يجتمع ابن وبنت
وخنثى وزوج، وقد عرفت أن سهام الخنثى ومشاركيه أربعون فتضرب مخرج سهم الزوج
وهو أربعة في أربعين فيكون مائة وستين يعطي الزوج الربع أربعين ويبقى مائة وعشرون،
فكل من حصل له أولا سهم ضربته في ثلاثة فما اجتمع فهو نصيبه من مائة وستين.
وإن كان أبوان أو أحدهما مع خنثى فللأبوين السدسان تارة ولهما الخمسان أخرى،
فتضرب خمسة في ستة فيكون للأبوين أحد عشر وللخنثى تسعة عشر، ولو كان مع الأبوين
خنثيان فصاعدا كان للأبوين السدسان والباقي للخنثيين لأنه لا رد هنا، ولو كان أحد
الأبوين كان الرد عليهم أخماسا وافتقرت إلى عدد يصح منه ذلك، والعمل في سهم
الخناثى من الإخوة والعمومة كما ذكرناه في الأولاد، أما الإخوة من الأم فلا حاجة في
حسابهم إلى هذه الكلفة لأن ذكرهم وأنثاهم سواء في الميراث وكذا الأخوال، وفي كون
الآباء أو الأجداد خناثى بعد لأن الولادة تنكشف عن حال الخنثى إلا أن يبني على
ما روي عن شريح في المرأة التي ولدت وأولدت، وقال الشيخ رحمه الله: ولو كان الخنثى
زوجا أو زوجة كان له نصف ميراث الزوج ونصف ميراث الزوجة.
مسائل ثمان:
الأولى: من ليس له فرج الرجال ولا النساء يورث بالقرعة بأن يكتب على سهم
عبد الله وعلى آخر أمة الله ويستخرج بعد الدعاء فما خرج عمل عليه.
الثانية: من له رأسان أو بدنان على حقو واحد يوقظ أحدهما، فإن انتبها فهما واحد وإن
انتبه أحدهما فهما اثنان.
الثالثة: الحمل يرث إن ولد حيا، وكذا لو سقط بجناية أو غير جناية فتحرك حركة
409

الأحياء، ولو خرج نصفه حيا والباقي ميتا لم يرث، وكذا لو تحرك حركة لا تدل على
استقرار الحياة كحركة المذبوح، وفي رواية ربعي عن أبي جعفر ع: إذا تحرك
تحركا بينا يرث ويورث، وكذا في رواية أبي بصير عن أبي عبد الله ع، ولا يشترط
كونه حيا عند موت المورث حتى أنه لو ولده لستة أشهر من موت الواطئ ورث أو لتسعة
ولم تتزوج.
الرابعة: إذا ترك أبوين أو أحدهما أو زوجا أو زوجة وترك حملا أعطي ذوو الفروض
نصيبهم الأدنى واحتبس الباقي، فإن سقط ميتا أكمل لكل منهم نصيبه.
الخامسة: قال الشيخ: لو كان للميت ابن موجود وحمل أعطي الموجود الثلث ووقف
للحمل ثلثان لأنه الأغلب في الكثرة وما زاد نادر، ولو كان الموجود أنثى أعطيت الخمس
حتى يتبين الحمل، وهو حسن:
السادسة: دية الجنين يرثها أبواه ومن تدنى بهما جميعا أو بالأب بالنسب أو السبب.
السابعة: إذا تعارف اثنان ورث بعضهم من بعض ولا يكلفان البينة، ولو كانا
معروفين بغير ذلك النسب لم يقبل قولهما.
الثامنة: المفقود يتربص بماله وفي قدر التربص أقوال، قيل: أربع سنين، وهي رواية
عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي عبد الله ع وفي الرواية ضعف، وقيل: تباع
داره بعد عشر سنين، وهي اختيار المفيد رحمه الله وهي رواية علي بن مهزيار عن أبي جعفر
ع في بيع قطعة من داره، والاستدلال بمثل هذه تعسف، وقال الشيخ: إن دفع
إلى الحاضرين وكفلوا به جاز، وفي رواية إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله ع: إذا
كان الورثة ملاء اقتسموه فإن جاء ردوه عليه، وفي إسحاق قوله وفي طريقها سهل بن زياد
وهو ضعيف، وقال في الخلاف: لا يقسم حتى تمضي مدة لا يعيش مثله إليها بمجرى
العادة، وهذا أولى.
410

الفصل الثالث: في ميراث الغرقى والمهدوم عليهم:
وهؤلاء يرث بعضهم من بعض إذا كان لهم أو لأحدهم مال وكانوا يتوارثون،
واشتبهت الحال في تقدم موت بعض على بعض، فلو لم يكن لهم مال أو لم يكن بينهم موارثة
أو كان أحدهما يرث دون صاحبه كأخوين لأحدهما ولد سقط هذا الحكم، وكذا لو كان
الموت لا عن سبب أو علم اقتران موتهما أو تقدم أحدهما على الآخر.
وفي ثبوت هذا الحكم بغير سبب الهدم والغرق مما يحصل معه الاشتباه تردد، وكلام
الشيخ في النهاية يؤذن بطرده مع أسباب الاشتباه، إذا ثبت هذا فمع حصول الشرائط
يورث بعضهم من بعض ولا يورث الثاني مما ورث منه، وقال المفيد رحمه الله: يرث مما
ورث منه، والأول أصح لأنه إنما يفرض الممكن، والتوريث مما ورث يستدعي الحياة
بعد فرض الموت، وهو غير ممكن عادة ولما روي أنه لو كان لأحدهما مال صار المال لمن
لا مال له.
وفي وجوب تقديم الأضعف في التوريث تردد، قال في الإيجاز: لا يجب وقال في
المبسوط: لا يتعين به حكم، غير إنا تتبع الأثر في ذلك، وعلى قول المفيد رحمه الله تظهر
فائدة التقديم، وما ذكره في الإيجاز أشبه بالصواب، ولو ثبت الوجوب كان تعبدا.
فلو غرق زوج وزوجة فرض موت الزوج أولا وتعطى الزوجة ثم يفرض موت الزوجة
ويعطي الزوج نصيبه من تركتها الأصلية لا مما ورثته، وكذا لو غرق أب وابن يورث الأب
ثم يورث الابن، ثم إن كان كل واحد منهما أولى من بقية الوراث انتقل مال كل واحد
منهما إلى الآخر، ومنه إلى ورثته كابن له إخوة من أم وأب له إخوة فمال الولد ينتقل إلى
الوالد، وكذا مال الوالد الأصلي ينتقل إلى الولد ثم ينتقل ما صار إلى كل واحد منهما إلى
إخوته.
وإن كان لأحدهما أو لكل واحد منهما شريك في الإرث كابن وأب وللأب أولاد غير
من غرق وللولد أولاد فإن الأب يرث مع الأولاد السدس، ثم يفرض موت الأب فيرث
الابن مع إخوته نصيبه وينتقل ما بقي من تركته مع هذا النصيب إلى أولاده، ولو كان
411

الوارثان متساويين في الاستحقاق كالأخوين لم يقدم أحدهما على الآخر وكانا سواء في
الاستحقاق وينتقل مال كل واحد منهما إلى الآخر، فإن لم يكن لهما وارث فميراثهما للإمام
ع، وإن كان لأحدهما وارث انتقل ما صار إليه إلى ورثته وما صار إلى الآخر إلى
الإمام.
الفصل الرابع: في ميراث المجوسي:
المجوسي قد ينكح المحرمات بشبهة دينه فيحصل له النسب الصحيح والفاسد والسبب
الصحيح والفاسد، ونعني بالفاسد ما يكون عن نكاح محرم عندنا لا عندهم كما إذا نكح
أمه فأولدها ولدا، فنسب الولد فاسد وسبب زوجيتها فاسد. فمن الأصحاب من لا يورثه إلا
بالصحيح من النسب والسبب وهو المحكي عن يونس بن عبد الرحمن ومتابعيه، ومنهم من
يورثه بالنسب صحيحه وفاسدة، وبالسبب الصحيح لا الفاسد، وهو اختيار الفضل بن
شاذان من القدماء ومن تابعه ومذهب شيخنا المفيد رحمه الله وهو حسن.
والشيخ أبو جعفر رحمه الله يورث بالأمرين صحيحهما وفاسدهما، وعلى هذا القول: لو
اجتمع الأمران لواحد ورث بهما، مثل أم هي زوجة لها نصيب الزوجية وهو الربع مع عدم
الولد والثلث نصيب الأمومة من الأصل، فإن لم يكن مشارك كالأب فالباقي يرد عليها
بالأمومة، وكذا بنت هي زوجة لها الثمن والنصف والباقي يرد عليها بالقرابة إذا لم يكن
مشارك، ولو كان أبوان كان لهما السدسان ولها الثمن والنصف وما فضل يرد عليها
بالقرابة وعلى الأبوين، وكذا أخت هي زوجة لها الربع والنصف والباقي يرد عليها بالقرابة
إذا لم يكن مشارك.
ولو اجتمع سببان وأحدهما يمنع الآخر ورث من جهة المانع، مثل بنت هي أخت من
أم فلها نصيب البنت دون الأخت لأنه لا ميراث عندنا لأخت مع بنت، وكذا بنت هي
بنت بنت لها نصيب البنت دون بنت البنت، وكذا عمة هي أخت من أب لها نصيب
الأخت دون العمة، وكذا عمة هي بنت عمة لها نصيب العمة.
412

مسألتان:
الأولى: المسلم لا يرث بالسبب الفاسد، فلو تزوج محرمة لم يتوارثا سواء كان تحريمها
متفقا عليه كالأم من الرضاع أو مختلفا فيه كأم المزني بها أو المتخلقة من ماء الزاني،
وسواء كان الزوج معتقدا للتحليل أو لم يكن.
الثانية: المسلم يرث بالنسب الصحيح والفاسد لأن الشبهة كالعقد الصحيح في
التحاق النسب.
خاتمة: في حساب الفرائض:
وهي تشتمل على مقاصد:
المقصد الأول: في مخارج الفروض الستة وطريق الحساب:
ونعني بالمخرج أقل عدد يخرج منه ذلك الجزء صحيحا فهي إذا خمسة: النصف من
اثنين والربع من أربعة والثمن ثمانية والثلث والثلثان من ثلاثة والسدس من ستة.
وكل فريضة حصل فيها نصفان أو نصف وما بقي فهي من اثنين، وإن اشتملت على
ربع ونصف أو ربع وما بقي فهي من أربعة، وإن اشتملت على ثمن ونصف أو ثمن وما
بقي فهي من ثمانية، وإن اشتملت على ثلث وثلثين أو ثلث وما بقي أو ثلثين وما بقي فهي
من ثلاثة، وإن اشتملت على سدس وثلث أو سدس وثلثين أو سدس وما بقي فمن ستة،
والنصف مع الثلث أو الثلثين والسدس أو مع أحدهما من ستة، ولو كان بدل النصف
ربع كانت الفريضة من اثني عشر، ولو كان بدله ثمن كانت من أربعة وعشرين، إذا
عرفت هذا:
فالفريضة: إما وفق السهام أو ناقصة أو زائدة:
القسم الأول: أن تكون الفريضة بقدر السهام، فإن انقسمت من غير كسر فلا بحث
مثل أخت لأب مع زوج فالفريضة من اثنين، أو بنتين وأبوين أو أبوين وزوج فالفريضة
413

من ستة وتنقسم بغير كسر، وإن انكسرت الفريضة فأما على فريق واحد أو أكثر، فالأول
تضرب عددهم في أصل الفريضة إن لم يكن بين نصيبهم وعددهم وفق، مثل أبوين
وخمس بنات فريضتهم ستة، نصيب البنات أربعة ولا وفق، فيضرب عددهن وهو خمسة في
ستة فما ارتفع فمنه الفريضة، وكل من حصل له من الوارث من الفريضة سهم قبل الضرب
فأضر به في خمسة وذلك قدر نصيبه.
وإن كان بين النصيب والعدد وفق فاضرب الوفق من عددهن لا من النصيب في
الفريضة، مثل أبوين وست بنات للبنات أربعة لا تنقسم عليهن على صحة فالنصيب
يوافق عددهن بالنصف فتضرب نصف عددهن وهو ثلاثة في الفريضة وهي ستة فتبلغ
ثمانية عشر، وقد كان للأبوين من الأصل سهمان ضربتهما في ثلاثة فكان لهما ستة،
وللبنات من الأصل أربعة فضربتها في ثلاثة فاجتمع لهن اثنا عشر لكل بنت سهمان.
وإن انكسرت على أكثر من فريق، فإما أن يكون بين سهام كل فريق وعدده وفق،
وإما أن لا يكون للجميع وفق، أو يكون لبعض دون بعض، ففي الأول يرد كل فريق إلى
جزء الوفق، وفي الثاني يجعل كل عدد بحاله، وفي الثالث ترد الطائفة التي لها الوفق إلى
جزء الوفق وتبقى الأخرى بحالها.
ثم بعد ذلك إما أن تبقى الأعداد متماثلة أو متداخلة أو متوافقة أو متباينة:
فإن كان الأول اقتصرت على أحدهما وضربته في أصل الفريضة، مثل أخوين لأب
وأم ومثلهما لأم فريضتهم من ثلاثة لا ينقسم على صحة، ضربت أحد العددين وهو اثنان
في الفريضة وهي ثلاثة فصار ستة للأخوين، للأم سهمان بينهما وللأخوين للأب والأم
أربعة.
وإن تداخل العددان فاطرح الأقل واضرب الأكثر في الفريضة، مثل إخوة ثلاثة لأم
وستة لأب فريضتهم ثلاثة لا ينقسم على صحة وأحد الفريقين نصف الآخر، فالعددان
متداخلان فاضرب الستة في الفريضة تبلغ ثمانية عشر ومنه يصح.
وإن توافق العددان فاضرب وفق أحدهما في عدد الآخر فما ارتفع فاضربه في أصل
414

الفريضة: مثل أربع زوجات وستة إخوة فريضتهم أربعة لا ينقسم صحاحا وبين الأربعة
والستة وفق وهو النصف، فتضرب نصف أحدهما وهو اثنان في الآخر وهو ستة تبلغ
اثني عشر، فتضرب ذلك في أصل الفريضة وهي أربعة فما ارتفع صحت منه القسمة.
وإن تباين العددان فاضرب أحدهما في الآخر فما اجتمع فاضربه في الفريضة، مثل
أخوين من أم وخمسة من أب فريضتهم ثلاثة لا ينقسم على صحة ولا وفق بين العددين ولا
تداخل، فاضرب أحدهما في الآخر تكن عشرة ثم اضرب العشرة في أصل الفريضة وهي
ثلاثة فيما ارتفع فمنه يصح:
تتمة:
العددان إما متساويان أو مختلفان، والمختلفان إما متداخلان أو متوافقان أو متباينان.
فالمتداخلان: هما اللذان يفني أقلهما الأكثر إما مرتين أو مرارا ولا يتجاوز الأقل
نصف الأكثر، وإن شئت سميتهما بالمتناسبين كالثلاثة بالقياس إلى الستة والتسعة
وكالأربعة بالقياس إلى الثمانية والاثني عشر:
والمتوافقان: هما اللذان إذا أسقطت أقلهما من الأكثر مرة أو مرارا بقي أكثر من واحد
كالعشرة والاثني عشر، فإنك إذا أسقطت العشرة بقي اثنان، فإذا أسقطتهما من العشرة
مرارا فنيت بهما، فإذا فضل بعد الإسقاط اثنان فهما يتوافقان بالنصف، ولو بقي ثلاثة
فالموافقة بالثلث وكذا إلى العشرة، ولو بقي أحد عشر فالموافقة بالجزء منها.
والمتباينان: هما اللذان إذا سقط الأقل من الأكثر مرة أو مرارا بقي واحد مثل ثلاثة
عشر وعشرين، فإنك إذا أسقطت ثلاثة عشر بقي سبعة، فإذا أسقطت سبعة من ثلاثة
عشر بقي ستة، فإذا أسقطت ستة من سبعة بقي واحد.
القسم الثاني: أن تكون الفريضة قاصرة عن السهام، ولن تقصر إلا بدخول الزوج أو
الزوجة، مثل أبوين وبنتين فصاعدا مع زوج أو زوجة أو أبوين وبنت وزوج أو أحد
الأبوين وبنتين فصاعدا مع زوج، فللزوج أو الزوجة في هذه المسائل نصيبهما الأدنى ولكل
415

واحد من الأبوين السدس، وما يبقى فللبنت أو البنتين فصاعدا ولا تعول الفريضة أبدا،
وكذا إخوان لأم وأختان فصاعدا لأب وأم أو لأب مع زوج أو زوجة أو أحد كلالة الأم مع
أخت وزوج، ففي هذه المسائل يأخذ الزوج أو الزوجة نصيبهما الأعلى ويدخل النقص على
الأخت أو الأخوات للأب والأم أو للأب خاصة، فإن انقسمت الفريضة على صحة وإلا
ضربت سهام من انكسر عليهن النصيب في أصل الفريضة.
مثال الأول: أبوان وزوج وخمس بنات فريضتهم اثنا عشر للزوج ثلاثة وللأبوين
أربعة ويبقى خمسة للبنات بالسوية، ومثال الثاني: كانت البنات ثلاثا فلم تنقسم
الخمسة عليهن، ضربت ثلاثة في أصل الفريضة فما بلغت صحت منه المسألة.
القسم الثالث: أن تزيد الفريضة عن السهام فترد على ذوي السهام عدا الزوج
والزوجة والأم مع الإخوة على ما سبق، أو يجتمع من له سببان مع من له سبب واحد فذو
السببين أحق بالرد.
مثل أبوين وبنت فإذا لم يكن إخوة فالرد أخماسا، وإن كان إخوة فالرد أرباعا تضرب
مخرج سهام الرد في أصل الفريضة، ومثل أحد الأبوين وبنتين فصاعدا فالفاضل يرد
أخماسا فتضرب خمسة في أصل الفريضة، ومثل واحد من كلالة الأم مع أخت لأب فالرد
عليهما على الأصح أرباعا، ومثل اثنين من كلالة الأم مع أخت لأب، فإن الرد يكون
أخماسا تضرب خمسة في أصل الفريضة فما ارتفع صحت منه القسمة.
المقصد الثاني: في المناسخات:
ونعني به أن يموت انسان فلا تقسم تركته ثم يموت بعض وراثه ويتعلق الفرض بقسمة
الفريضتين من أصل واحد، فطريق ذلك أن تصحح مسألة الأولى ويجعل للثاني من ذلك
نصيب إذا قسم على ورثته صح من غير كسر، فإن كان ورثة الثاني هم ورثة الأول من غير
اختلاف في القسمة كان كالفريضة الواحدة، مثل إخوة ثلاثة وأخوات ثلاث من جهة
واحدة مات أحد الإخوة ثم مات الآخر، ثم ماتت إحدى الأخوات ثم ماتت أخرى وبقي
416

أخ وأخت فمال الموتى بينهما أثلاثا أو بالسوية، ولو اختلف الاستحقاق أو الوراث أو هما
فانظر نصيب الثاني، فإن نهض بالقسمة على الصحة فلا كلام، مثل أن يموت انسان
وبترك زوجة وابنا وأبا وبنتا فللزوجة الثمن ثلاثة من أربعة وعشرين، ثم تموت الزوجة
فتترك ابنا وبنتا فإن لم ينقسم نصيبه على وراثه على صحة فهنا صورتان:
الأولى: أن يكون بين نصيب الميت الثاني من الفريضة الأولى وبين الفريضة الثانية
وفق، فتضرب وفق الفريضة الثانية لا وفق نصيب الميت الثاني في الفريضة الأولى، فما بلغ
صحت منه الفريضتان، مثل أخوين من أم ومثلهما من أب وزوج ثم مات الزوج وخلف
ابنا وبنتين فالفريضة الأولى ستة تنكسر فتصير إلى اثني عشر، نصيب الزوج ستة لا تنقسم
على أربعة ولكن توافق الفريضة الثانية بالنصف، فتضرب جزء الوفق من الفريضة
الثانية وهو اثنان لا من النصيب في الفريضة الأولى وهي اثنا عشر، فما بلغت صحت منه
الفريضتان، وكل من كان له من الفريضة الأولى شئ أخذه مضروبا في اثنين.
الصورة الثانية: أن يتباين النصيب والفريضة فتضرب الفريضة الثانية في الأولى فما
بلغ صحت منه الفريضتان، وكل من كان له من الفريضة الأولى شئ أخذه مضروبا في
الثانية، مثل زوج واثنين من كلالة الأم وأخ من أب ثم مات الزوج وترك ابنين وبنتا،
فريضة الأول من ستة نصيب الزوج ثلاثة لا تنقسم على خمسة ولا توافق، فاضرب
الخمسة في الفريضة الأولى فما بلغ صحت منه الفريضتان، ولو كانت المناسخات أكثر من
فريضتين نظرت في الثالثة، فإن انقسم نصيب الثالث على ورثته على صحة وإلا عملت
في فريضته مع الفريضتين ما عملت في فريضة الثاني مع الأول، وكذا لو فرض موت رابع
أو ما زاد على ذلك.
المقصد الثالث: في معرفة سهام الوراث من التركة:
وللناس في ذلك طرق أقربها أن تنسب سهام كل وارث من الفريضة وتأخذ له من
التركة بتلك النسبة فما كان فهو نصيبه منها، وإن شئت قسمت التركة على الفريضة فما
417

خرج بالقسمة ضربته في سهام كل واحد فما بلغ فهو نصيبه، ولك طريق آخر: وهو أنه إذا
كانت التركة صحاحا لا كسر فيها فجرد العدد الذي منه تصح الفريضة ثم خذ ما حصل
لكل وارث، واضربه في التركة، فما حصل فاقسمه على العدد الذي صححت منه الفريضة
فما خرج فهو نصيب ذلك الوارث، وإن كان فيها كسر فابسط التركة من جنس ذلك
الكسر بأن تضرب مخرج ذلك الكسر في التركة، فما ارتفع أضفت إليه الكسر وعملت فيه
ما عملت في الصحاح، فما اجتمع للوارث قسمته على ذلك المخرج، فإن كان الكسر نصفا
قسمته على اثنين، وإن كان ثلثا قسمته على ثلاثة، وعلى هذا إلى العشر نقسمه على عشرة
فما اجتمع فهو نصيبه.
ولو كانت المسألة عددا أصم فأقسم التركة عليه، فإن بقي ما لا يبلغ دينارا فابسطه
قراريط واقسمه، فإن بقي ما لا يبلغ قيراطا فابسطه حيات واقسمه، فإن بقي ما لا يبلغ حية
فابسطه أرزات واقسمه، فإن بقي ما لا يبلغ أرزة فانسبه بالأجزاء إليها، وقد يغلط الحاسب
فاجمع ما يحصل للوراث، فإن ساوى التركة فالقسمة صواب وإلا فهي خطأ.
418

المختصر النافع
لأبي القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن بن أبي زكريا
يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي المشتهر بالمحقق وبالمحقق الحلي
602 - 676 ه‍ ق
419

كتاب المواريث:
والنظر في المقدمات، والمقاصد، واللواحق:
والمقدمات ثلاث:
الأولى: في موجبات الإرث: وهي: نسب، وسبب.
فالنسب ثلاث مراتب:
1 - الأبوان، والولد وإن نزل.
2 - والأجداد وإن علوا، والإخوة وأولادهم وإن نزلوا.
3 - والأعمام والأخوال.
والسبب قسمان: زوجية وولاء. والولاء ثلاث مراتب: ولاء العتق، ثم ولاء تضمن
الجريرة ثم ولاء الإمامة.
الثانية: في موانع الإرث، وهي ثلاثة: الكفر، والرق، والقتل.
أما الكفر: فإنه يمنع في طرف الوارث. فلا يرث الكافر مسلما، حربيا كان الكافر أو ذميا
أو مرتدا ويرث الكافر أصليا ومرتدا فميراث المسلم لوارثه المسلم انفرد بالنسب
أو شاركه الكافر أو كان أقرب حتى لو كان ضامن جريرة مع ولد كافر فالميراث للضامن.
ولو لم يكن وارث مسلم فميراثه للإمام.
421

والكافر يرثه المسلم أن اتفق ولا يرثه الكافر إلا إذا لم يكن وارث مسلم. ولو كان
وارث مسلم كان أحق بالإرث وأن بعد وقرب الكافر، وإذا أسلم الكافر، على ميراث
قبل قسمته شارك إن كان مساويا في النسب وحاز الميراث إن كان أولى سواء كان الموروث
مسلما أو كافرا. ولو كان الوارث المسلم واحدا لم يزاحمه الكافر وأن أسلم لأنه لا تتحقق
هنا قسمة:
مسائل:
الأولى: الزوج أحق بميراث زوجته من ذوي قرابتها الكفار، كافرة كانت أو مسلمة
، له النصف بالزوجية والباقي بالرد وللزوجة المسلمة الربع مع الورثة الكفار والباقي
للإمام. ولو أسلموا أو أسلم أحدهم، قال الشيخ: يرد عليهم ما فضل عن سهم الزوجية،
وفيه تردد.
الثانية: روى مالك بن أعين عن أبي جعفر ع في نصراني مات وله ابن أخ
وابن أخت مسلمان وأولاد صغار: لابن الأخ الثلثان، ولابن الأخت الثلث، وينفقان على
الأولاد بالنسبة فإن أسلم الصغار دفع المال إلى الإمام فإن بلغوا على الاسلام دفعه
الإمام إليهم. فإن لم يبقوا دفع إلى ابن الأخ الثلثين وإلى ابن الأخت الثلث.
الثالثة: إذا كان أحد أبوي الصغير مسلما ألحق به. فلو بلغ أجبر على الاسلام.
ولو أبي كان كالمرتد.
الرابعة: المسلمون يتوارثون وأن اختلفت آراؤهم، وكذا الكفار وإن اختلفت مللهم.
الخامسة: المرتد عن فطرة يقتل ولا يستتاب، وتعتد امرأته عدة الوفاة. وتقسم
أمواله. ومن ليس عن فطرة يستتاب. فإن تاب وإلا يقتل وتعتد زوجته عدة الطلاق مع
الحياة وعدة الوفاة لا معها. والمرأة لا تقتل بل تحبس وتضرب أوقات الصلاة حتى تتوب
ولو كانت عن فطرة.
السادسة: لو مات المرتد كان ميراثه لوارثه المسلم. ولو لم يكن وارث إلا كافرا كان
ميراثه للإمام على الأظهر.
422

وأما القتل: فيمنع الوارث من الإرث إذا كان عمدا ظلما ولا يمنع لو كان خطأ. وقال
الشيخان: يمنع من الدية حسب. ولو اجتمع القاتل وغيره فالميراث لغير القاتل وأن بعد،
سواء تقرب بالقاتل أو بغيره. ولو لم يكن وارث سوى القاتل فالإرث للإمام.
وهنا مسائل:
الأولى: الدية كأموال الميت تقضى منها ديونه وتنفذ وصاياه وأن قتل عمدا إذا أخذت
الدية، وهل للديان منع الوارث من القصاص؟ الوجه: لا، وفي رواية لهم المنع حتى يضمن
الوارث الدين.
الثانية: يرث الدية من يتقرب بالأب ذكرانا أو إناثا، والزوج والزوجة ولا يرث من
يتقرب بالأم، وقيل: يرثها من يرث المال.
الثالثة: إذا لم يكن للمقتول عمدا وارث سوى الإمام فله القود أو الدية مع التراضي
وليس له العفو، وقيل: له العفو.
أما الرق، فيمنع في الوارث والموروث. ولو اجتمع مع الحر فالميراث للحر دونه ولو بعد
وقرب المملوك، ولو أعتق على ميراث قبل القسمة شارك أن كان مساويا وحاز الإرث أن
كان أولى.
ولو كان الوارث واحدا فأعتق الرق لم يرث وأن كان أقرب لأنه لا قسمة، ولو لم يكن
وارث سوى المملوك أجبر مولاه على أخذ قيمته وينعتق ليحوز الإرث. ولو قصر المال عن
قيمته لم يفك. وقيل: يفك ويسعى في باقيه ويفك الأبوان والأولاد دون غيرهما وقيل: يفك
ذو القرابة. وفيه رواية ضعيفة. وفي الزوج والزوجة تردد.
ولا يرث المدبر ولا أم الولد ولا المكاتب المشروط. ومن تحرر بعضه يرث بما فيه من الحرية
ويمنع بما فيه من الرقية.
المقدمة الثالثة: في السهام:
وهي ستة: النصف، والربع، والثمن، والثلثان والثلث، والسدس.
423

فالنصف للزوج مع عدم الولد وإن نزل، وللبنت، والأخت للأب والأم أو للأب. والربع
للزوج مع الولد وإن نزل وللزوجة مع عدمه. والثمن للزوجة مع الولد وإن نزل. والثلثان
للبنتين فصاعدا وللأختين فصاعدا للأب والأم، أو للأب. والثلث للأم مع عدم من يحجبها من
الولد وأن نزل أو الإخوة، وللاثنين فصاعدا من ولد الأم. والسدس لكل: واحد من الأبوين
مع الولد وإن نزل. وللأم مع من يحجبها عن الزائد. وللواحد من كلالة الأم ذكرا كان أو أنثى.
والنصف يجتمع مع مثله، ومع الربع، والثمن، ومع الثلث والسدس. ولا يجتمع الربع
مع الثمن. ويجتمع الربع مع الثلثين والثلث والسدس.
ويجتمع الثمن مع الثلثين والسدس.
ولا يجتمع مع الثلث، ولا الثلث مع السدس. مسألتان:
الأولى: التعصيب باطل. وفاضل التركة يرد على ذوي السهام عدا الزوج
والزوجة. والأم مع وجود من يحجبها على تفصيل يأتي.
الثانية: لا عول في الفرائض لاستحالة أن يفرض الله سبحانه في مال مالا يفي بل
يدخل النقص على البنت أو البنتين، أو على الأب أو من يتقرب به. وسيأتي بيانه إن شاء الله
تعالى.
وأما المقاصد فثلاثة:
الأول: في الأنساب. ومراتبهم ثلاث:
الأولى: الآباء والأولاد:
فالأب يرث المال إذا انفرد. والأم الثلث والباقي بالرد. ولو اجتمعا فللأم الثلث وللأب
لباقي. ولو كان له أخوة كان لها السدس. ولو شاركهما زوج أو زوجة، فللزوج النصف،
وللزوجة الربع. وللأم ثلث الأصل إذا لم يكن حاجب والباقي للأب، ولو كان لها حاجب كان
لها السدس.
ولو انفرد الابن فالمال له. ولو كانوا أكثر اشتركوا بالسوية. ولو كانوا ذكرانا وإناثا
424

فللذكر سهمان، وللأنثى سهم. ولو اجتمع معهما الأبوان فلهما السدسان والباقي للأولاد
ذكرانا كانوا أو إناثا أو ذكرانا وإناثا.
ولو كانت بنت فلها النصف وللأبوين السدسان، والباقي يرد أخماسا. ولو كان من
يحجب الأم رد على الأب والبنت أرباعا.
ولو كانت بنتان فصاعدا فللأبوين: السدسان، وللبنتين أو البنات: الثلثان بالسوية.
ولو كان معهما أو معهن أحد الأبوين كان له: السدس، ولهما أو لهن: الثلثان والباقي يرد
أخماسا. ولو كان مع البنت والأبوين زوج أو زوجة كان للزوج: الربع، وللزوجة الثمن،
وللأبوين: السدسان، والباقي للبنت. وحيث يفضل عن النصف يرد الزائد عليها وعلى
الأبوين أخماسا. ولو كان من يحجب الأم رددناه على البنت والأب أرباعا.
ويلحق مسائل:
الأولى: الأولاد يقومون مقام آبائهم عند عدمهم ويأخذ كل فريق نصيب من يتقرب
به، ويقسمونه للذكر مثل حظ الأنثيين، أولاد ابن كانوا أو أولاد البنت على الأشبه. ويمنع
الأقرب الأبعد. ويرد على ولد البنت كما يرد على أمه ذكرا كان أو أنثى. ويشاركون الأبوين
كما يشاركهما الأولاد للصلب على الأصح.
الثانية: يحبى الولد الأكبر بثياب بدن الميت وخاتمه وسيفه ومصحفه إذا خلف الميت
غير ذلك. ولو كان الأكبر بنتا أخذه الأكبر من الذكور ويقضي عنه ما ترك من صيام أو صلاة.
وشرط بعض الأصحاب ألا يكون سفيها ولا فاسد الرأي.
الثالثة: لا يرث مع الأبوين ولا مع الأولاد جد ولا جدة ولا أحد من ذوي القرابة. لكن
يستحب للأب أن يطعم أباه وأمه: السدس من أصل التركة بالسوية، إذا حصل له الثلثان.
وتطعم الأم أباها وأمها: النصف من نصيبها بالسوية إذا حصل لها الثلث فما زاد.
ولو حصل لأحدهما نصيبه الأعلى دون الآخر استحب له طعمة الجد والجدة دون صاحبه.
ولا طعمة لأحد الأجداد إلا مع وجود من يتقرب به.
الرابعة: لا يحجب الإخوة الأم إلا بشروط أربعة:
425

أن يكون أخوين أو أخا وأختين أو أربع أخوات فما زاد لأب وأم أو لأب مع وجود الأب،
غير كفرة ولا رق. وفي القتلة قولان، أشبههما: عدم الحجب وأن يكونوا منفصلين لا حملا.
المرتبة الثانية: الإخوة والأجداد:
إذا لم يكن أحد الأبوين. ولا ولد وأن نزل، فالميراث للأخوة والأجداد. فالأخ الواحد
للأب والأم يرث المال، وكذا الإخوة. والأخت إنما ترث النصف بالتسمية، والباقي بالرد.
وللأختين فصاعدا الثلثان بالتسمية والباقي بالرد.
ولو اجتمع الإخوة والأخوات لهما كان المال بينهم للذكر سهمان وللأنثى سهم. وللواحد
من ولد الأم السدس ذكرا كان أو أنثى. وللاثنين فصاعدا الثلث بينهم بالسوية ذكرانا كانوا
أو إناثا. ولا يرث مع الإخوة للأب والأم ولا مع أحدهم أحد من ولد الأب، لكن يقومون مقامهم
عند عدمهم. ويكون حكمهم في الانفراد والاجتماع ذلك الحكم.
ولو اجتمع الكلالات كان لولد الأم السدس إن كان واحدا، والثلث أن كانوا أكثر،
والباقي لولد الأب والأم ويسقط أولاد الأب. فإن أبقت الفريضة فالرد على كلالة الأب والأم،
وإن أبقت الفريضة مع ولد الأم وولد الأب، ففي الرد قولان، أحدهما: يرد على كلالة الأب، لأن
النقص يدخل عليهم، مثل أخت لأب، مع واحد أو اثنين فصاعدا من ولد الأم، أو أختين
للأب، مع واحد من ولد الأم. والآخر: يرد على الفريقين بنسبة مستحقهما وهو أشبه.
وللجد المال إذا انفرد لأب كان أو لأم. وكذا الجدة. ولو اجتمع جد وجدة، فإن كانا لأب
فلهما المال، للذكر مثل حظ الأنثيين وإن كانا لأم فالمال بالسوية.
وإذا اجتمع الأجداد المختلفون، فلمن يتقرب بالأم الثلث على الأصح، واحدا كان
أو أكثر. ولم يتقرب بالأب الثلثان ولو كان واحدا. ولو كان معهم زوج أو زوجة أخذ النصيب
الأعلى. ولمن يتقرب بالأم ثلث الأصل. والباقي لمن يتقرب بالأب. والجد الأدنى يمنع الأعلى
وإذا اجتمع معهم الإخوة، فالجد كالأخ والجدة كالأخت.
426

مسألتان:
الأولى: لو اجتمع أربعة أجداد لأب ومثلهم لأم كان لأجداد الأم الثلث بينهم أرباعا.
ولأجداد الأب وجداته الثلثان، لأبوي أبيه ثلثا الثلثين أثلاثا ولأبوي أمه الثلث أثلاثا أيضا
فيصح من مائة وثمانية.
الثانية: الجد وإن علا يقاسم الإخوة والأخوات. وأولاد الإخوة والأخوات وإن نزلوا،
يقومون مقام آبائهم عند عدمهم في مقاسمة الأجداد والجدات ويرث كل واحد منهم
نصيب من يتقرب به. ثم إن كانوا أولاد أخوة أو أخوات لأب اقتسموا المال، للذكر مثل
حظ الأنثيين. وإن كانوا لأم اقتسموا بالسوية.
المرتبة الثالثة: الأعمام والأخوال:
للعم المال إذا انفرد. وكذا للعمين فصاعدا. وكذا العمة والعمتان والعمات.
والعمومة والعمات: للذكر مثل حظ الأنثيين. ولو كانوا متفرقين، فلمن تقرب بالأم السدس
إن كان واحدا، والثلث إن كانوا أكثر بالسوية. والباقي لمن يتقرب بالأب والأم للذكر مثل
حظ الأنثيين. ويسقط من يتقرب بالأب معهم. ويقومون مقامهم عند عدمهم.
ولا يرث الأبعد مع الأقرب مثل ابن خال مع خال أو عم.
أو ابن عم مع خال أو عم، إلا ابن عم لأب وأم مع عم لأب فابن العم أولى. وللخال المال إذا انفرد. وكذا للخالين
والأخوال والخالة والخالتين والخالات. ولو اجتمعوا فالمال بينهم بالسوية كيف كانوا.
ولو كانوا متفرقين، فلمن يتقرب بالأم السدس أن كان واحدا، والثلث إن كانوا أكثر.
والثلثان لمن يتقرب بالأب والأم. ويسقط من يتقرب بالأم معهم. والقسمة بينهم للذكر مثل
حظ الأنثيين.
ولو اجتمع الأخوال والأعمام فللأخوال الثلث وللأعمام الثلثان. ولو كان معهم زوج
أو زوجة فلهما النصيب الأعلى. ولمن يتقرب بالأم ثلث الأصل. والباقي لمن يتقرب بالأب.
ولو اجتمع عم الأب وعمته وخاله وخالته وعم الأم وعمتها وخالها وخالتها كان لمن
يتقرب بالأم الثلث بينهم أرباعا. ولمن يتقرب بالأب الثلثان: ثلثاه لعمه وعمته أثلاثا. وثلثه
427

لخاله وخالته بالسوية، على قول.
مسائل:
الأولى: عمومة الميت وعماته وخئولته وخالاته وأولادهم وإن نزلوا أولى من عمومة
أبيه وخئولته. وكذا أولاد كل بطن أقرب. أولى من البطن الأبعد. ويقوم أولاد العمومة
والعمات والخؤولة والخالات مقام آبائهم عند عدمهم، ويأخذ كل منهم نصيب من يتقرب
به واحدا كان أو أكثر.
الثانية: من اجتمع له سببان ورث بهما ما لم يمنع أحدهما الآخر. فالأول كابن عم لأب
هو ابن خال لأم، وزوج هو ابن عم، وعمة لأب هي خالة لأم. والثاني كابن عم هو أخ لأم.
الثالثة: حكم أولاد العمومة والخؤولة مع الزوج والزوجة حكم آبائهم، يأخذ من
يتقرب بالأم ثلث الأصل والزوج نصيبه الأعلى. وما يبقى لمن يتقرب بالأب.
المقصد الثاني في ميراث الأزواج:
للزوج مع عدم الولد النصف، وللزوجة الربع. ومع وجوده وإن نزل نصف
النصيب. ولو لم يكن وارث سوى الزوج، رد عليه الفاضل.
وفي الزوجة قولان: أحدهما: لها الربع والباقي للإمام. والآخر: يرد عليها الفاضل
كالزوج. وقال ثالث: بالرد مع عدم الإمام والأول: أظهر.
وإذا كن أكثر من واحدة فهن مشتركات في الربع أو الثمن.
وترث الزوجة وإن لم يدخل بها الزوج. وكذا الزوج. وكذا في العدة الرجعية خاصة،
لكن لو طلقها مريضا ورثت وإن كان بائنا ما لم تخرج السنة ولم يبرأ ولم تتزوج. ولا ترث
البائن إلا هنا.
ويرث الزوج من جميع ما تركته المرأة، وكذا المرأة عدا العقار، وترث من قيمة الآلات
والأبنية، ومنهم من طرد الحكم في أرض المزارع والقرى، وعلم الهدي يمنعها العين دون
القيمة.
428

مسألتان:
الأولى: إذا طلق واحدة من أربع وتزوج أخرى فاشتبهت كان للأخيرة ربع الثمن مع
الولد أو ربع الربع مع عدمه، والباقي بين الأربعة بالسوية.
الثانية: نكاح المريض مشروط بالدخول، فإن مات قبله فلا مهر لها ولا ميراث.
المقصد الثالث في الولاء وأقسامه ثلاثة:
القسم الأول: ولاء العتق:
ويشترط التبرع بالعتق وألا يتبرأ من ضمان جريرته. فلو كان واجبا كان المعتق
سائبة. وكذا لو تبرع بالعتق وتبرأ من الجريرة.
ولا يرث المعتق مع وجود مناسب وإن بعد. ويرث مع الزوج والزوجة.
وإذا اجتمعت الشروط ورثه المنعم إن كان واحدا، واشتركوا في المال إن كانوا أكثر.
ولو عدم المنعم فللأصحاب فيه أقوال، أظهرهما. انتقال الولاء إلى الأولاد الذكور دون الإناث
فإن لم يكن الذكور، فالولاء لعصبة المنعم. ولو كان المعتق امرأة فإلى عصبها دون أولادها
ولو كانوا ذكورا.
ولا يرث الولاء من يتقرب بأم المنعم. ولا يصح بيعه ولا هبته. ويصح جره من مولى
الأم إلى مولى الأب إذا كان الأولاد مولودين على الحرية.
القسم الثاني ولاء تضمن الجريرة:
من توالى إنسانا يضمن حدثه ويكون ولاؤه له. ثبت له الميراث ولا يتعدى الضامن،
ولا يضمن إلا سائبة كالمعتق في النذر والكفارات أو من لا وارث له. ولا يرث الضامن إلا مع
فقد كل مناسب ومع فقد المعتق. ويرث معه الزوج والزوجة نصيبهما الأعلى وما بقي له،
وهو أولى من بيت مال الإمام.
429

القسم الثالث ولاء الإمامة:
ولا يرث إلا مع فقد وارث عدا الزوجة فإنها تشاركه على الأصح. ومع وجوده عليه
السلام فالمال له يصنع به ما شاء. وكان على ع يعطيه فقراء بلده تبرعا. ومع
غيبته يقسم في الفقراء ولا يعطي الجائر إلا مع الخوف.
وأما اللواحق فأربعة:
الأول: في ميراث ابن الملاعنة:
ميراثه لأمه وولده، للأم السدس والباقي للولد. ولو انفردت كان لها الثلث والباقي
بالرد. ولو انفردت الأولاد فللواحد النصف وللاثنين فصاعدا الثلثان. وللذكران المال
بالسوية. وأن اجتمعوا فللذكر سهمان وللأنثى سهم.
ويرث الزوج والزوجة نصيبهما الأعلى مع عدم
الولد وأن نزل، والأدنى معهم. ولو عدم
الولد يرثه من تقرب بأمه الأقرب فالأقرب الذكر والأنثى سواء. ومع عدم الوارث يرثه
الإمام. ويرث هو أمه ومن يتقرب بها على الأظهر. ولا يرث أباه ولا من يتقرب به ولا يرثونه.
ولو اعترف به الأب لحق به، وورث هو أباه دون غيره من ذوي قرابة أبيه ولا عبرة بنسب
الأب. فلو ترك أخوة لأب وأم مع أخ أو أخت لأم كانوا سواء في المال. وكذا لو ترك جدا لأم مع
أخ أو أخت أو أخوة أو أخت من أب وأم.
خاتمة
تشتمل على مسائل:
الأولى: ولد الزنى لا ترثه أمه ولا غيرها من الأنساب. ويرثه ولده وإن نزل والزوج
أو الزوجة. ولو لم يكن أحدهم فميراثه للإمام. وقيل: ترثه أمه كابن الملاعنة.
الثانية: الحمل يرث أن سقط حيا وتعتبر حركة الأحياء كالاستهلال، والحركات
الإرادية، دون التقلص.
430

الثالثة: قال الشيخ: يوقف للحمل نصيب ذكرين احتياطا. ولو كان ذو فرض
أعطوا النصيب الأدنى.
الرابعة: يرث دية الجنين أبواه ومن يتقرب بهما أو بالأب.
الخامسة: إذا تعارفا بما يقتضي الميراث توارثا ولم يكلف أحدهما البينة.
السادسة: المفقود يتربص بماله. وفي قدر التربص روايات: أربع سنين، وفي سندها
ضعف، وعشر سنين وهي في حكم خاص، وفي ثالثة يقتسمه الورثة إذا كانوا ملاء، وفيها
ضعف أيضا. وقال في الخلاف حتى يمضى مدة لا يعيش مثله إليها، وهو أولى في الاحتياط
وأبعد من التهجم على الأموال المعصومة بالأخبار الموهومة.
السابعة: لو تبرأ من جريرة ولده وميراثه، ففي رواية يكون ميراثه للأقرب إلى أبيه، و
في الرواية ضعف.
الثاني: في ميراث الخنثى:
من له فرج الرجال والنساء يعتبر بالبول، فمن أيهما سبق يورث عليه. فإن بدر منهما
قال الشيخ: يورث على الذي ينقطع منه أخيرا، وفيه تردد. وإن تساويا، قال في الخلاف:
يعمل فيه بالقرعة. وقال المفيد وعلم الهدي: تعد أضلاعه. وقال في النهاية والإيجاز
والمبسوط: يعطي نصف ميراث رجل ونصف امرأة، وهو أشهر.
ولو اجتمع مع الأنثى ذكر وأنثى، قيل: للذكر أربعة، وللخنثى ثلاثة وللأنثى سهمان.
وقيل: تقسم الفريضة مرتين فتفرض مرة ذكرا ومرة أنثى ويعطي نصف النصيبين وهو
أظهر. مثاله خنثى وذكر تفرضهما ذكرين تارة وذكرا وأنثى أخرى، وتطلب أقل مال له
نصف ولنصفه نصف وله ثلث ولثلثه نصف، فيكون اثنا عشر فيحصل للخنثى خمسة
وللذكر سبعة. ولو كان بدل الذكر أنثى حصل للخنثى سبعة وللأنثى خمسة. ولو شاركهم
زوج أو زوجة صححت فريضة الخنثى ثم ضربت فخرج نصيب الزوج أو الزوجة في تلك
الفريضة فما ارتفع فمنه تصح.
ومن ليس له فرج النساء ولا الرجال يورث بالقرعة. ومن له رأسان أو بدنان على حقو
431

واحد يوقظ أو يصاح به، فإن انتبه أحدهما فهما اثنان.
الثالث: في الغرقى والمهدوم عليهم:
وهؤلاء يرث بعضهم بعضا إذا كان لهم أو لأحدهم مال وكانوا يتوارثون واشتبه المتقدم
في الموت بالمتأخر. وفي ثبوت هذا الحكم بغير سبب الغرق والهدم تردد.
ومع الشرائط يورث الأضعف أولا، ثم الأقوى، ولا يورث مما ورث منه. وفيه قول آخر.
والتقديم على الاستحباب على الأشبه. فلو غرق أب وابن، ورث
الأب أولا نصيبه، ثم ورث الابن من أصل تركة أبيه مما لا يورث منه، ثم يعطي نصيب كل منهما لوارثه.
ولو كان لأحدهما وارث أعطي ما اجتمع لدى الوراث لهم، وما اجتمع للآخر للإمام.
ولو لم يكن لهما غيرهما انتقل مال كل منهما إلى الآخر ثم منهما إلى الإمام. وإذا لم يكن بينهما
تفاوت في الاستحقاق سقط اعتبار التقديم، كأخوين، فإن كان لهما مال ولا مشارك لهما
انتقل مال كل منهما إلى صاحبه ثم منهما إلى ورثتهما. وإن كان لأحدهما مال صار ماله لأخيه،
ومنه إلى ورثته ولم يكن للآخر شئ ولو لم يكن لهما وارث انتقل المال إلى الإمام. ولو ماتا
حتف أنفهما لم يتوارثا، وكان ميراث كل منهما لورثته.
الرابع: في ميراث المجوس:
وقد اختلف الأصحاب فيه. فالمحكي عن يونس أنه لا يورثهم إلا بالصحيح من
النسب والسبب، وعن الفضل بن شاذان: أنه يورثهم بالنسب، صحيحه وفاسدة. والسبب
الصحيح خاصة، وتابعه المفيد رحمه الله. وقال الشيخ: يورثون بالصحيح والفاسد فيهما.
واختيار الفضل أشبه.
ولو خلف أما هي زوجة، فلها نصيب الأم دون الزوجة. ولو خلف جدة هي أخت ورثت
بهما. ولا كذا لو خلف بنتا هي أخت، لأنه لا ميراث للأخت مع البنت.
432

خاتمة في حساب الفرائض
مخارج الفروض ستة:
ونعني بالمخرج أقل عدد يخرج منه ذلك الجزء صحيحا. فالنصف من اثنين، والربع
من أربعة، والثمن من ثمانية، والثلثان والثلث من ثلاثة، والسدس من ستة.
والفريضة إما بقدر السهام أو أقل أو أكثر:
فما كان بقدرها فإن انقسم من غير كسر وإلا فاضرب عدد من انكسر عليهم في
أصل الفريضة مثل: أبوين وخمس بنات، تنكسر الأربعة على الخمسة، فتضرب خمسة في
أصل الفريضة فما اجتمع فمنه الفريضة، لأنه لا وفق بين نصيبهن وعددهن. ولو كان
وفق ضربت الوفق من العدد لا من النصيب في أصل الفريضة مثل: أبوين وست بنات،
للبنات أربعة، وبين نصيبهن وهو أربعة وعددهن وهو ستة، وفق، وهو النصف فيضرب
الوفق من العدد وهو ثلاثة في أصل الفريضة وهو ستة فما اجتمع صحت منه.
ولو نقصت الفريضة بدخول الزوج أو الزوجة فلا عول ويدخل النقص على البنت
أو البنات أو من يتقرب بالأب والأم، وأو الأب، مثل: أبوين، وزوج وبنت، فللأبوين السدسان
وللزوج الربع، والباقي للبنت. وكذا الأبوان أو أحدهما، وبنت أو بنات وزوج النقص يدخل
على البنت أو البنات، واثنان من ولد الأم والأختان للأب والأم أو للأب مع زوج أو زوجة،
يدخل النقص على من يتقرب بالأب والأم. أو الأب خاصة.
ثم إن انقسمت الفريضة على صحة وإلا ضربت سهام من انكسر عليهم في أصل
الفريضة. ولو زادت الفريضة كان الرد على ذوي السهام دون غيرهم. ولا تعصيب. ولا يرد
على الزوج والزوجة، ولا على الأم مع وجود من يحجبها، مثل أبوين وبنت. فإذا لم يكن
حاجب فالرد أخماسا. وأن كان حاجب فالرد أرباعا تضرب فخرج سهام الرد في أصل
الفريضة فما اجتمع صحت منه الفريضة.
433

تتمة في المناسخات:
ونعني به أن يموت الانسان فلا تقسم تركته، ثم يموت أحد وراثه ويتعلق الغرض
بقسمة الفريضتين من أصل واحد.
فإن اختلف الوارث أو الاستحقاق أو هما ونهض نصيب الثاني بالقسمة على وراثه
وإلا فاضرب الوفق من الفريضة الثانية في الفريضة الأولى، أن كان بين الفريضتين وفق. و
إن لم يكن فاضرب الفريضة الثانية في الأولى فما بلغ صحت منه الفريضتان.
434

الجامع للشرائع
للشيخ أبي زكريا يحيى بن أحمد بن يحيى بن الحسن
بن سعيد الهذلي
601 - 689 أو 690 ه‍ ق
435

كتاب الميراث:
الفروض في كتاب الله تعالى ست: النصف الربع الثمن الثلثان الثلث السدس.
فالنصف: فرض البنت الواحدة والأخت للأب والأم أو للأب مع عدمها والزوج مع
عدم الولد.
والربع: فرض الزوج مع الولد وإن نزل والزوجة فصاعدا مع عدمه.
والثمن: فرض الزوجة فصاعدا مع وجوده.
والثلثان: فرض البنين فصاعدا وللأختين للأب والأم أو الأب مع عدمها.
والثلث: فرض الأم مع الأب وعدم الولد ومن يحجبها والاثنين فصاعدا من الإخوة
والأخوات للأم.
والسدس: فرض كل واحد من الأبوين مع الولد، وفرض الأم مع وجود الأب ومن
يحجبها، وفرض الواحد من أخ أو أخت للأم.
وموجب الإرث أمران: نسب الوالدين ومن يمت بهما والولد ومن يتقرب به، وسبب وهو
نكاح دائم وولاء عتق ثم ولاء ضمان جريرة ثم ولاء إمامة، فالإرث بالنكاح يثبت مع كل ذي
نسب وسبب، فإن لم تخلف غير زوجها فله المال كله وإن لم يخلف غيرها فلها الربع والباقي
للإمام، وإذا لم يتمكن من سلطان العدل رد عليها وبولاء العتق مع فقد كل ذي نسب وبعد
سهم الزوجين، وولاء ضمان الجريرة بعد فقد كل ذي نسب وولاء نعمة وبعد سهم الزوجين
وولاء الإمامة بعد فقد كل ذي نسب وولاء وبعد سهم الزوجين، وقد بينا حكم ولاء العتق و
437

الضمان في ما مضى.
مانعية الكفر:
ويمنع الإرث ردة الوارث أو كفره، والموروث مسلم أو كافر له وارث مسلم، فإن خلف
الكافر وارثا مثله وآخر مسلما ورثه المسلم وإن كان أبعد من الكافر، والكفار يتوارثون وإن
اختلفت مللهم والمسلمون يتوارثون وإن اختلفوا في الآراء.
وإن ترك الكافر ولدا كافرا وابن أخ وابن أخت مسلمين فالثلث لابن الأخت والثلثان
لابن الأخ دون الولد، فإن كان ولده صغارا أنفق عليه ابن الأخ ثلثي النفقة وابن الأخت
ثلثها، فإن أسلموا صغارا، قبض الإمام تركة أبيهم حتى يدركوا، فإن بقوا على الاسلام دفعه
إليهم، فإن لم يبقوا عليه دفع إلى ابن الأخ ثلثيه وإلى ابن الأخت ثلثه، وإذا قتل مسلم
وليس له وارث مسلم جعلت ديته في بيت المال لأن جنايته عليه، وقضى علي ع
للنساء في ما أدرك الاسلام من مال مشترك لم يكن قسم بالحظ فيه على كتاب الله تعالى.
والمرتد عن فطرة ترثه زوجته وورثته المسلمون في الحال لا الكافر، فإن ارتد عن غيره
فطرة ومات أو قتل فكذلك، فإن ماتت الكافرة وتركت ولدا أو ذوي قرابة كفارا وزوجا
مسلما ورثها الزوج، فإن كان بدله زوجة ورثت الربع والباقي كما تقدم، وإذا خلف المسلم
ورثة مسلمين وذا قرابة وزوجة كفارا فأسلم أحد الزوجين أو ذو القرابة قبل القسمة،
شارك المسلمين أو انفرد به دونهم بحسبه، وإن أسلم بعد القسمة أو كان وارثه المسلم
واحدا لم يرث.
مانعية الرق:
ويمنع الإرث رق الوارث ويرثه الحر وإن بعد دونه، فإن لم يخلف سواه والمال يفي بقيمته
أو يفضل عنها وجب شراؤه وإعتاقه وليس للسيد الامتناع من بيعه، فإن كان زوجا أو زوجة
لم يجب شراؤهما وكان لبيت المال، وإن لم يف المال بقيمة العبد فهو لبيت المال، وإن كان له
وارثان فصاعدا فأعتق الرقيق ولو كان زوجا أو زوجة قبل القسمة شارك أو انفرد به إن
438

كان أولى، وإن أعتق بعد القسمة أو كان الوارث واحدا لم يرث بكل حال.
والعبد لا يورث وما في يده لسيده، والمعتق بعضه يرث ويورث بحساب ما عتق منه
ويمنع بما رق منه، وإذا خلف الحر وارثا حرا وإن بعد لم يجب شراء من في درجته أو أقرب منه،
ولا يمنع ولد لولد المسلم الحر الإرث لكفر والده أو رقه، وإذا خلف وارثين رقيقين في درجة
وماله لا يفي بقيمتها فهو لبيت المال.
مانعية القتل:
وإذا قتل الوارث مورثه عمدا ظلما لم يرثه، وإن كان له غيره ورثه ولو بعد، فإن لم يكن
فلبيت المال، وإن قتله خطأ ورثه وقيل: يرث ماله دون ديته، فإن قتله بإذن الإمام أو دفعه عن
نفسه ورثه.
أحكام الحجب:
ويحجب الأم عن الثلث إلى السدس والزوجين عن النصف والربع إلى نصفيهما
الولد وولده وإن سفل ولد ابن أو بنت، ولا تحجب الأم عن الرد بنت ولا بنات وجد الأب
أو فقد، ويحجبها عن كمال الثلث والرد أخوان أو أربع أخوات أو أخ وأختان لأب وأم أو أب
مولودون غير قتلة للميت ولا كفار ولا رق مع وجود الأب ويوفر عليه ما حرمته، فإن لم يكن لم
يحجبوها، والأسير والمفقود يرثان ويحفظ لهما، فإن علم بعد ذلك تقدم موتهما رد على مستحقه.
ويورثان بعد أربع سنين إذا طلبا على قول وقيل بعد عشر، وقيل إذا مضت مدة لا يعيش
إليها مثلهما في الغالب.
وإذا لم يخلف الميت وارثا قريبا ولا بعيدا ولا مولى وإن علا فإرثه لبيت المال، وإذا ترك امرأة
حاملا ولم يخلف وارثا وقف المال حتى تضع، فإن سقط حيا ورثه وإن سقط ميتا أو تحرك حركة
المذبوح أو خرج نصفه حيا والباقي ميتا لم يرث، وإن خلف مع الحمل وارثا ذا فرض
كالزوج والزوجة والأبوين سلم إليه أقل فرضه ووقف المال، وإن لم يكن ذا فرض كالولد
الذكر قيل: يعطي الخمس وقيل الثلث وقيل النصف لغالب العادة.
439

ويجوز تسليم نصيب الحمل والمفقود إلى الحاضر الملئ، ولا يكتم موت الغائب لتعتد
امرأته ويقسم ماله، والجنين موروث فلو ضرب أمه فألقته ورث الدية أبواه.
وإقرار المجلوبين من بلد الشرك بنسب يوجب الموارثة مقبول بلا بينة إلا أن يعرفوا
بخلافه أو تقوم البينة بذلك، والدية يرثها الوارث إلا الإخوة والأخوات من الأم وقيل يرثون،
ويرث منها الزوج والزوجة ويقضي منها الدين والوصية.
ميراث الخنثى:
والخنثى يعتبر بالمبال، فإن بال من فرج الذكور فذكر ومن فرج الإناث فأنثى، وإن بال
منهما ورث بما سبق، فإن تساويا فعلى ما ينقطع منه أخيرا، فإن استويا ورث نصف سهم
الذكر ونصف سهم الأنثى، ويأخذ العدلان مرآة والخنثى عريان خلفهما فيحكمان على
الشبح، وروي إن تساوى عدد أضلاعه من الجانبين فامرأة وإن اختلفا فرجل.
وإن خلف خنثيين فصاعدا فبالسوية، فإن خلف خنثى وأنثى أو ذكرا وخنثى فرضت
للخنثى حالين وضربت كلا منهما في الأخرى وأعطيته ومن معه نصفي ما حصل لهما في
الحالين، وإن فرضت الخنثى مع الذكر مثله فمن اثنين وإن فرضته أنثى فمن ثلاثة، وإن
فرضته مع الأنثى أنثى فمن اثنين، وإن فرضته ذكرا فله سهمان وللأنثى سهم، فتضرب ثلاثة
في اثنين واثنين في ثلاثة فيكون اثني عشر، فتعطى الخنثى مع الأنثى سبعة والأنثى خمسة،
وتعطى الخنثى مع الذكر خمسة للذكر سبعة، فإذا أدخلت عليهما أبوين ضربت ثلاثة في اثني
عشر يكون ستة وثلاثين.
للأبوين اثنا عشر وتضاعف سهام من بقي، فإن أدخلت عليهم زوجا ضربت أربعة في
ستة وثلاثين فللزوج ستة وثلاثون وللأبوين ثمانية وأربعون، ثم كل من أعطيته قبل فرض
الزوج فيها سهما جعلته بمثليه ونصف مثله هنا، فإن أدخلت عليهم زوجة ضربت ثمانية في
ستة وثلاثين فأعطيت الزوجة ستة وثلاثين وللأبوين ستة وتسعين، ثم كل من أعطيته قبلها
سهما أعطيته هنا مثليه وثلاثة أخماس مثله.
فإن خلف ذكرا وخنثى وأحد الأبوين ضربت ستة في اثني عشر وأعطيت أحد الأبوين
440

اثني عشر، وكل من أعطيته قبله سهما أعطيته هنا خمسة، فإن أدخلت عليهم زوجا ضربت
أربعة في اثنين وسبعين وأعطيت الزوج اثنين وسبعين ولأحد الأبوين ثمانية وأربعين، ثم كل
من أعطيته قبل دخول الزوج سهما أعطيته هنا مثليه وأربعة أخماس مثله.
فإن أدخلت عليهما زوجة ضربت ثمانية في اثنين وسبعين، وأعطيت الزوجة اثنين
وسبعين وأحد الأبوين ستة وتسعين، ثم كل من أعطيته سهما قبل هذه جعلته هنا مثليه وثلاثة
أسباع مثله، فإن كان في مسألة الخنثى رد في حال دون حال كأبوين وخنثى فرضت الحالين
وضربت كلا منهما في الأخرى، وأعطيت كلا منهم نصفي ما حصل له في الفرضين، فتضرب
في هذه ستة في خمسة وبالعكس يكون ستين: للأبوين اثنان وعشرون وللخنثى ثمانية
وثلاثون.
ومن له رأسان فنام من أحدهما وانتبه من أحدهما فهما اثنان، وإن كان بخلاف ذلك
فواحد، ويورث من لا فرج له بالقرعة، ولا يرث ولد الزنى إلا ولده وزوجه وزوجته، وهو
يرثهم وقيل: حكمه حكم ولد الملاعنة، والإجماع على أنه لا توارث بينه وبين الزاني، وذكرنا
حكم ولد الملاعنة في اللعان وحكم المشكوك فيه وحكم من وطأها اثنان فصاعدا في
النكاح، وإذا لم يتوال اللقيط ومن أعتق في واجب أو ندب يبرأ معتقه من جريرته بالإشهاد
والمكاتب الذي لم يشترط عليه الولاء ومن عتق على صاحبه بما ذكرنا في باب العتق ومن
لا وارث له ومن أسلم على يد غيره ومجهول النسب إلى أحد ولم يخلف وارثا، فإرثه من
الأنفال.
وتقسم تركة من لا وارث له إذا يتمكن من سلطان العدل في الفقراء والمساكين ولا يعطي
الجائر إلا تقية وخوفا، وفي خبر آخر أن ماله لهمشهريجه يعني أهل بلده، فيحمل هذا على
حال الغيبة والأول على حال الظهور، وإذا لم يكن للمقتول إلا وارث كافر فأسلم فله
الطلب بالدم، وإذا لم يسلم والقتل عمد فللإمام أخذ الدية من قاتله وجعلها في بيت مال
المسلمين أو يقتله به، وليس له العفو لأنه حق لجميع المسلمين، وروي: أن عليا ع
كان يعطي ميراث من لا وارث له ضعفاء جيرانه، وأنه أنفذ فاشترى أحد الزوجين وورثه،
وإذا ترك ولد الملاعنة أخوين تساويا في إرثه لأن نسبه من جهة الأب غير معتد به، وإذا لم
441

يخلف وارثا من جهة أمه فإرثه لبيت المال.
والمجوس يتوارثون بالنسب (مطلقا وبالسبب الصحيح دون الفاسد، وروى
السكوني: أنهم يرثون بالنسب) والسبب بكل حال. ويرث كل وارث من جميع تركة
الموروث إلا زوجة لا ولد لها منه، فإنها لا ترث في الأرض وترث في ما عداها، ويعطي قيمة
حصتها من الحيطان والنخل والشجر والسقوف، فإن كان لها منه ولد ورثت كغيرها.
ويجب وقيل يستحب أن يخص الوالد الذكر غير السفيه ولا الفاسد الرأي من التركة:
خاتم والده وثياب جلده وسيفه ومصحفه، وروي في بعض الروايات: وكتبه، سلاحه،
ورحله وراحلته، فإن كانا اثنين فأكبرهما فإن تساويا في السن اشتركا فيه فإن كان الأكبر
بنتا فللأكبر من الذكور، فلا تخصيص لبنت وجعل بعض أصحابنا تخصيصه به بقيمته
فإن لم يخلف تركة سوى ذلك فلا حباء، وإذا قتله ولده وللقاتل ولد ورث الجد، وذكرنا حكم
المطلقات في الصحة والمرض وحكم البائن والرجعي والمطلقة المشتبهة بغيرها في الإرث، في الطلاق.
باب ميراث الوالدين والولد:
إذا انفرد الأبوان فللأم الثلث والباقي للأب، فإن كان للميت من يحجب من الإخوة فلها
السدس والباقي للأب، فإن خلف أحد أبويه: أبا وأما فالمال له، للأم الثلث والباقي رد عليها ولا يرث
معها إخوة ولا يحجبونها، فإن كان مع الأبوين زوج أو زوجة فللأم ثلث الأصل ولأحد الزوجين سهمه النصف
أو الربع والباقي للأب.
وإن كانت بحالها مع من يحجب من الإخوة فللأم السدس ولكل من الزوجين سهمه
والباقي للأب، فإن كان أحد الزوجين مع أحد الأبوين أخذ سهمه الأعلى والباقي لأحد
الأبوين، فإن خلف ولدا ذكرا فصاعدا أو ذكرا وأنثى فصاعدا مع أبوين أو أحدهما
فللأبوين السدسان ولأحدهما السدس، والباقي للذكر أو الذكور بينهم بالسوية أو للذكر
والأنثى، للذكر سهمان وللأنثى سهم ما بلغوا.
فإن خلف مع أبويه بنتا فلهما السدسان وللبنت النصف والباقي رد عليهم بقدر
السهام، فيجعل من خمسة للبنت ثلاثة ولكل منهما سهم، فإن كان معهم من يحجب من
442

الإخوة ضربت خمسة في ستة فكانت ثلاثين، للأم خمسة وللأب سبعة وللبنت ثمانية عشر، وإن
ترك أحد أبوين وبنتا فهي من أربعة، للبنت ثلاثة وللآخر سهم، فإن خلف أبويه وبنتين
فصاعدا فللأبوين السدسان وللبنتين فصاعدا الثلثان، فإن خلف أحد أبويه وبنتين
فصاعدا فله السدس وللبنتين فصاعدا الثلثان فيجعل من خمسة، لأحد الأبوين سهم
وأربعة لمن بقي.
فإن كان 1 - مع الأبوين والبنت زوج 2 - أو زوجة 3 - أو مع أحدهما بنت وزوج 4 -
أو زوجة، أو 5 - معهما بنتان فصاعدا وزوج 6 - أو زوجة 7 - أو مع أحد الأبوين والبنتين
فصاعدا زوج 8 - أو زوجة:
فللأولى من اثني عشر، للأبوين أربعة وللزوج ثلاثة والباقي للبنت.
والثانية من أربعة وعشرين، للزوجة ثلاثة وللأبوين ثمانية وللبنت اثنا عشر ويبقى
سهم يرد على الأبوين والبنت، فتضرب خمسة في أصل الفريضة يكون مائة وعشرين،
للزوجة خمسة عشر وللأبوين اثنان وأربعون وللبنت ثلاثة وستون بالفرض والرد، فإن كان
معهم من يحجب من الإخوة كان للأب اثنان وعشرون وللأم عشرون.
والثالثة من اثني عشر، للزوج ثلاثة ولأحد الأبوين سهمان وللبنت ستة ويرد السهم
الباقي على البنت وأحد الأبوين وسهامهما أربعة، فيجعل من ثمانية وأربعين، للزوج اثنا
عشر ولأحد الأبوين تسعة وللبنت سبعة وعشرون.
والرابعة من أربعة وعشرين، للزوجة ثلاثة ولأحد الأبوين أربعة وللبنت اثنا عشر، ويبقى
خمسة تضرب أربعة وهي سهام البنت وأحد الأبوين في أصل الفريضة يكون ستة وتسعين،
للزوجة اثنا عشر ولأحد الأبوين أحد وعشرون وللبنت ثلاثة وستون.
والخامسة من اثني عشر، للأبوين أربعة وللزوج ثلاثة والباقي للباقي.
والسادسة من أربعة وعشرين، للزوجة ثلاثة وللأبوين ثمانية والباقي لمن بقي.
والسابعة من اثني عشر، لأحد الأبوين سهمان وللزوج ثلاثة والباقي لمن بقي.
والثامنة من أربعة وعشرين، للزوجة ثلاثة ولأحد الأبوين أربعة ولمن بقي الثلثان ستة
عشر ويبقى سهم يرد أخماسا، فتضرب خمسة من أصلها يكون مائة وعشرين، للزوجة خمسة
443

عشر ولأحد الأبوين أحد وعشرون ولمن بقي أربعة وثمانون بالفرض والرد.
ولا عول عند الإمامية والنقص يدخل على من أخر الله، وهو من لم يسم له فرضين،
أعلى وأدون كالبنت والبنات والأخت للأب والأم أو للأب، والأخوات، ولا يسقط الزوجان مع
وارث، ولا يرث مع الأبوين والولد سوى الزوجين ويمنع الولد من يتقرب به وبالأبوين، ويمنع
الأبوان من يتقرب بهما فقط، وولد الولد يقوم مقام الولد مع الأبوين، ولد ابن أو بنت ويأخذ
نصيب من تقرب به فقط، فلابن الابن وبنت الابن ما كان لأبيهما، ولابن البنت وبنت
البنت ما كان لأمهما.
ويستحب للأبوين أو لأحدهما إذا ورث سهمه الأعلى أن يطعم أباه أو أمه سدس أصل
المال، فإن كانا فهو بينهما نصفين لأنه ليس بميراث بل هو هبة، فإن أخذ السدس فلا طعمة،
فإذا خلفت المرأة أبويها وزوجها وأبوي أبيها وأبوي أمها أو أحدهم أطعمت الأم أبويها
أو أحدهما سدس أصل المال، ويطعم الأب أبويه فإن خلف أبويه ومن يحجب الأم أطعم أبويه
ولم تطعم الأم أبويها، وإذا انفرد الولد فله المال كله ذكرا كان أو أنثى، النصف للأنثى
بالتسمية والباقي رد عليها بآية أولى الأرحام، فإن خلف ذكورا فبينهم بالسوية، فإن خلف
إناثا فلهن الثلثان بالفرض والباقي لهن بالسوية بالآية، فإن خلف ذكورا وإناثا فللذكر
سهمان وللأنثى سهم.
ولا ترث بنت بنت وابن بنت وبنت ابن، وابن ابن مع الابن والبنت للصلب، ويرد
الفاضل عن الفروض على ذوي الفروض عدا الزوجين، والقول بالعصبة باطل عند
الإمامية، فإن خلف مع الذكور زوجا أو زوجة فلهما سهمهما الأدنى والباقي للولد الذكر
أو الأنثى أو للأنثى والذكر فصاعدا أو ولد الابن أو ولد البنت، ولولد البنت النصف بينهم
للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن كان معهم ولد الابن فالثلث لهم والثلثان لولد الابن كذلك،
ومن لا يرث مع ولد الصلب لا يرث مع ولد الولد.
باب ميراث الإخوة والأخوات وأولادهم:
لا يرث مع الإخوة والأخوات أولادهم، ولا مع الأجداد والجدات أمهاتهم وآباؤهم، ولا مع
444

أخ لأب وأم أو أخت لهما أخ ولا أخت من أب، ويرث الأخ أو الأخت للأم مع الأخ أو الأخت
للأب والأم أو الأب والجد والجدة يقاسم الإخوة والأخوات وأولادهم.
فإن خلف أخا، أو أختا لا غير فالمال له، فإن خلف أخا أو أختا لأم ففرضه السدس ورد
عليه الباقي، فإن خلف أخا فالمال له، أو أختا لأم لأبويه أو أبيه فلها النصف ورد عليها
الباقي، فإن خلف أختين فصاعدا لأبويه أو لأبيه فالفرض الثلثان والباقي رد عليهما أو
عليهن، فإن خلف أخوين كذلك فصاعدا فبالسوية.
فإن خلف أختين فصاعدا للأبوين أو الأب مع أخ أو أخت لأم، فلقرابة الأب أو الأبوين
الثلثان والسدس لقرابة الأم والباقي يرد على قرابة الأبوين أو الأب، فإن خلف أخا وأختا
كذلك فصاعدا، فللذكر سهمان وللأنثى سهم، فإن خلف أخا وأختا أو أخوين فصاعدا
أو أختين فصاعدا لأم فلهما أو لهم الثلث بالسوية، فإن خلف أخا أو أختا لأم وأخا أو أختا لأب
فللأخ أو الأخت للأم السدس وللأخ للأب الباقي، أو للأخ أو الأخت للأم السدس
وللأخت للأب النصف والباقي رد عليها لأن النقصان يدخل عليها.
فإن خلف أختا لأم وأختا لأب وأم فللأخت للأم السدس وللأخت للأب والأم النصف
والباقي رد عليها لجمعها النسبين ولدخول النقص عليها، فإن خلف مع أخ لأب وأم أو أب
وأخ لأم أو أخت أحد الزوجين فله سهمه الأعلى، وللأخت أو الأخ للأم السدس والباقي للأخ
المذكور، فإن خلف أختين أو أخوين لأم مع أحد الزوجين وأخا لأب وأم أو أب فللزوجين
سهمهما الأعلى ولقرابة الأم الثلث والباقي للأخ المذكور، فإن كان بدله أختا لأبوين أو لأب
فلها الباقي، فإن خلف أختين فصاعدا للأبوين أو للأب وأختين أو أخوين فصاعدا لأم
وزوجا أو زوجة فلهما السهم الأعلى ولقرابة الأم الثلث والباقي لقرابة الأب والأم أو قرابة
الأب، فإن خلف أختين فصاعدا للأبوين أو للأب مع واحد من كلالة الأم فللأختين فصاعدا
الثلثان، ولواحد قرابة الأم السدس والسدس الباقي يرد عليهما أو عليهن، فإن كان فيها
زوج فله النصف ولقرابة الأم السدس والباقي لقرابة الأبوين أو الأب.
فإن كانت مع ذلك قرابة الأم اثنين فصاعدا فلهما الثلث، فإن كان فيها زوج فله
النصف ولقرابة الأم الثلث والباقي لقرابة الأبوين أو الأب، وولد الإخوة والأخوات يقومون
445

مقام آبائهم وأمهاتهم إذا لم تكن إخوة ولا أخوات يرثون نصيب آبائهم وأمهاتهم
ويسقطون موضع سقوطهم، ولا يرث مع الإخوة والأخوات وأولادهم والجد والجدة وآبائهم
وأمهاتهم عم ولا عمة ولا خال ولا خالة ولا ولدهم.
ولولد الأخ للأم أو الأخت لها السدس بينهم بالسوية، ولأولاد الإخوة والأخوات لها الثلث
على عدد الآباء والأمهات يستوون فيه، ولولد الأخت للأب أو الأب والأم النصف، ولولد
الأختين كذلك الثلثان يتفاضلون فيه، للذكر سهمان وللأنثى سهم، ولولد الأخ ما كان لأبيه
ولذكرهم سهمان وللأنثى سهم، وإذا دخل مع من ذكرناهم زوج أو زوجة أعطي أولاد الإخوة
أو ولد الأخوات أو ولد كليهما ما كان لأصولهم ولا يختلف.
ويسقط ولد الأخ لأب مع ولد الأخ أو الأخت للأبوين، ويرث أخ أو أخت أو أخوان
فصاعدا للأم مع قرابة الأبوين أو الأب، فإن خلف أولاد أخ لأم وأولاد أخت لها وأولاد أخ
لأبوين أو لأب وأولاد أخت كذلك، فهي من ستة تنكسر فتضرب ثلاثة في ستة تكون ثمانية
عشر، لولد الأخ للأم ثلاثة ومثلها لأولاد الأخت لها وثمانية لأولاد الأخ للأبوين أو الأب
وأربعة لولد الأخت كذلك.
فإن خلف معهم زوجا جعلت من اثني عشر فانكسرت على قرابة الأبوين أو الأب
فضربت ثلاثة في اثني عشر، فكانت ستة وثلاثين، للزوج نصفها وستة لولد الأخ للأم وستة
لولد الأخت لها وسهمان لولد الأخت للأبوين أو الأب وأربعة لولد الأخ كذلك، فإن كان معهم
زوجة فلها الربع تكون من اثني عشر فتنكسر على قرابة الأبوين أو الأب، فتضرب ثلاثة في
اثني عشر تكون ستة وثلاثين، للزوجة تسعة ولولد الأخ للأم ستة ولولد الأخت لها مثلها
وخمسة لولد الأخت وعشرة لولد الأخ المذكورين.
باب ميراث الجد والجدة:
للجد والجدة المال، ثلثاه للجد وثلثه للجدة، وإذا انفرد أحدهما فالمال له، وللجد أو
الجدة للأم إذا انفرد المال، فإن كانا فبينهما نصفين، فإن خلف جدة وجدته لأبيه وجده وجدته
لأمه فللجد والجدة للأب الثلثان، للجد سهمان وللجدة سهم والثلث للجد والجدة للأم بينهما
446

نصفين، فإن خلف مع ذلك زوجا وزوجة فلهما السهم الأعلى ولقرابة الأم الثلث سواء
والباقي لقرابة الأب متفاضلا، فإن خلف جدا لأبيه أو جدة وجدا لأمه أو جدة فللجد أو الجدة
لأبيه الثلثان والثلث لمن بقي.
ويمنع الجد الأدنى والجدة الدنيا لأب أو لأم الجد الأعلى والجدة العليا لأب أو أم أو لهما، وجد
أبي الميت وجدته وجد أم الميت وجدتها عند فقد جده وجدته في المقاسمة بمنزلتهم، فإن
خلف جد أبيه وجدته لأبيه ومثلهما لأمه وجد أمه وجدتها من أبيها ومثلهما من
أمها فهي من مائة وثماني، للجدين والجدتين لأم الميت الثلث ستة وثلاثون، نصفها للجد والجدة لأبيهما
بينهما نصفين ونصفها الأخرى للجد الجدة من أمها نصفين بينهما، وثمانية وأربعون
سهما، منها اثنان وثلاثون للجد من قبل أبيه وستة عشر للجدة، وأربعة وعشرون سهما،
للجد من أمه ستة عشر وللجدة ثمانية.
والجد للأب كأخ لأب وأم أو أب والجدة للأب كأخت للأبوين، فإن اجتمع الجد والأخت
فالثلثان للجد والثلث للأخت، وقال بعض أصحابنا للأخت النصف، وإن اجتمعت الجدة
والأخت فكأختين، فإن اجتمع الجد والأخ فبينهما نصفين، والجد أبو الأم، والجدة أم الأم لهما
الثلث أو لأحدهما.
فإن حصل معهما أو مع أحدهما أخ أو أخت لأم فصاعدا فالثلث بينهم سواء، فإن
خلف أخا أو أختا لأم وجدا أو جدة لها وأخا أو أختا لأب أو لأب وأم وجدا وجدة لأب فللأخ
أو الأخت وما زاد عليهما مع الجد أو الجدة للأم أو كليهما الثلث بالسوية، وللأخ أو الأخت
أو لهما لأب وأم أو لأب فما زاد والجد والجدة للأب الثلثان بينهم، للذكر سهمان وللأنثى سهم.
فإن دخل معهم زوج فله النصف والثلث لقرابة الأم أجمعين والباقي لقرابة الأب
أجمعين، فإن دخلت زوجة فلها الربع والثلث لقرابة الأم والباقي لقرابة الأب أجمعين
والأجداد والجدات يقاسمون الإخوة، والأخوات أو أولادهم إن فقد آباؤهم وأمهاتهم
كمقاسمة آبائهم وأمهاتهم لهم سواء وإن علا الأجداد وهبط الأولاد، والأخ للأم أو
للأب أو الأخت أولى من ابن الأخ لأبوين، وعند بعض أصحابنا السدس للجد أو الجدة للأم وللاثنين
فصاعدا الثلث كالإخوة للأم.
447

باب ميراث ذوي الأرحام:
للعم أو العمة أو الخال أو الخالة المال إذا انفرد فإن لم يكن فلولده، فإن كان عم وعمة
لأبوين أو أب فللذكر سهمان وللأنثى سهم، فإن كانا لأم بينهما سواء، فإن كان عم وخال أو
خالة أو عمة فللعم أو العمة الثلثان وللخال أو الخالة الثلث، فإن كان فيها زوج أو زوجة
أخذ أعلى السهمين، والخال أو الخالة أو هما إن كانا الثلث بينهما سواء والباقي للعم أو العمة
أو لها متفاضلا.
فإن خلف عمة وخالة وخالا فللخال أو الخالة فصاعدا الثلث وللعمة الثلثان، فإن
خلف عما أو عمة لأبوين أو لأب وعما أو عمة لأم فللعم أو العمة للأم السدس وخمسة الأسداس
للعم أو العمة للأبوين أو لأب، فإن خلف معهما خالا أو خالة فله أو لها الثلث والسدس من
لثلثين للعم أو العمة للأم وباقي الثلثين للآخرين.
فإن خلف عما أو عمة لأبويه أو لأبيه وخالا أو خالة لأبويه وخالا لأمه أو خالة فالثلثان
لقرابة الأبوين أو الأب، وسدس الثلث للخال أو الخالة للأم وخمسة أسداسه للخال أو الخالة
الأخرى، فإن خلف عما لأبويه أو عمة وعما أو عمة لأبيه سقط قرابة الأب خاصة وكذا لو خلف
خالا لأبويه وخالا لأبيه.
وذو السببين يمنع ذا السبب الواحد مع تساويهما في الدرجة، والأقرب يمنع الأبعد وإن كان
الأبعد ذا سببين، إلا أن ابن العم فصاعدا لأبوين يمنع العم للأب والعمومة له، فإن ترك بنت
عم لأبويه مع عم لأبيه ورث العم، وإن ترك ابن عم لأبويه وعمة لأبيه ورثت العمة، وإذا فقدت
العمومة والعمات والأخوال والخالات ورثت عمومة أبي الميت وخؤولته وعمومة أمه
وخؤولتها كما ترث العمومة والعمات والخالة والخالات.
وترث أولاد العمومة والعمات وأولاد الخؤولة والخالات ميراث آبائهم وأمهاتهم عند
فقدهم ويسقطون موضع سقوطهم، ودخول الزوج أو الزوجة عليهم كدخولهما على الآباء
والأمهات، والفاضل مردود على قرابة الأبوين أو الأب وكذا النقصان، ولا نقصان على
قرابة الأم ولا رد.
448

قواعد الأحكام
في مسائل الحلال والحرام
للشيخ جمال الدين أبي منصور الحسن بن سديد الدين يوسف بن زين الدين
علي بن محمد بن مطهر الحلي المشتهر بالعلامة الحلي والعلامة على الإطلاق
647 - 726 ه‍ ق
449

كتاب الفرائض:
ومقاصده ثلاثة:
الأول: في المقدمات: وفيه فصول:
الفصل الأول: في موجب الإرث:
إنما يثبت الإرث بأمرين نسب وسبب، فالنسب اتصال شخص بغيره لانتهاء
أحدهما في الولادة إلى الآخر أو لانتهائهما إلى ثالث على الوجه الشرعي ومراتبه
ثلاث:
الأولى: الأبوان من غير ارتفاع والأولاد وإن نزلوا.
الثانية: الإخوة والأخوات لأب أو لأم أو لهما وأولادهم وإن نزلوا،
والأجداد والجدات وإن علوا لأب كانوا أو لأم أو لهما.
الثالثة: الأخوال والخالات وإن علوا أو سفلوا، والأعمام والعمات وإن
علوا أو سفلوا.
وأصل النسب التوليد فمن ولد شخصا من نطفته كان ابنه والوالد أبا والأنثى
أما، وآباؤهما أجدادا وجدات وإن تصاعدوا، وأولادهما إخوة وأخوات وهم
الموجودون على حاشية عمود النسب، وأولاد آبائهما وإن علوا أعمام وعمات
وأخوال وخالات وهم على الحاشية أيضا.
451

والسبب اثنان: زوجية وولاء، ومراتب الولاء ثلاث: ولاء العتق ثم ولاء
تضمن الجريرة ثم ولاء الإمامة.
واعلم أن هؤلاء ينقسمون، فمنهم من لا يرث إلا بالفرض خاصة وهم: الأم
من الأنساب إلا على الرد والزوج والزوجة من الأسباب إلا نادرا، ومنهم من يرث
بالفرض مرة وبالقرابة أخرى وهم: الأب والبنت أو البنات والأخت والأخوات
ومن يتقرب بالأم، ومنهم من لا يرث إلا بالقرابة وهم الباقون.
فإذا خلف الميت ذا فرض لا غير أخذ فرضه ورد عليه الباقي، وإن كان معه
ذا فرض أخذ فرضه، فإن أبقت التركة ولا قريب غيرهما رد عليهما بنسبة حصصهما إلا
الزوج والزوجة فإنه لا يرد عليهما مع وجود النسب، وإن قصرت التركة اختص
النقص بالبنت أو البنات أو من يتقرب بالأب دون الأم ومن يتقرب بها، ولو شارك
ذا الفرض من لا فرض له فله الباقي، ولو كان الميت قد خلف من لا فرض له ولم
يشاركه غيره فالمال له مناسبا كان أو مساببا، وإن شاركه من لا فرض له فالمال لهما،
فإن اختلفت الوصلة إليهما فلكل طائفة نصيب من يتقرب به كالأخوال مع الأعمام.
واعلم أن الطبقة الأولى تمنع الطبقتين الباقيتين ولا يرث واحد منهما مع أحد
من الطبقة الأولى، وفي الطبقة الأولى صنفان: الأبوان ولا يقوم غيرهما مقامهما
والأولاد ويقوم أولادهم وإن نزلوا مقامهم إذا فقدوا في جميع المواضع، والاعتبار
فيهم بالمساواة في التعدد إلى الميت، فالواحد من بطن أعلى وإن كان أنثى يمنع جميع
من في بطن أسفل.
والطبقة الثانية تأخذ عند فقد الطبقة الأولى وتمنع الطبقة الثالثة، وفيها
صنفان: الأجداد والجدات وإن علوا والإخوة والأخوات وأولادهم وإن نزلوا،
والأقرب من كل صنف إلى الميت يمنع الأبعد من ذلك الصنف دون الأبعد من
الصنف الآخر.
والطبقة الثالثة فيها صنف واحد من الورثة وهو إخوة الأب وهم الأعمام،
452

وإخوة الأم وهم الأخوال إلا أنهم على درجات متفاوتة:
الأولى: أعمام الميت وأخواله وعماته وخالاته ويقوم أولادهم مقامهم.
الثانية: عمومة أبوي الميت وخؤولتهما وأولادهم.
الثالثة: عمومة الأجداد والجدات وخالاتهم وأولادهم بعدهم وهلم جرا إلى
سائر الدرجات. وهذه الطبقة الثالثة هي طبقة أولي الأرحام.
والواحد من كل طبقة أو درجة وإن كان أنثى يمنع من ورائه من الطبقات
والدرجات، ومن له قرابة من جهتي الأب والأم يمنع من له تلك القرابة من جهة
الأب خاصة من الإرث والرد، ويمنع من له تلك القرابة من جهة الأم خاصة من
الرد دون الإرث مع التساوي قربا وبعدا، ومن له قرابتان مختلفتان لا يحجب من له
قرابة واحدة، نعم يكثر استحقاقه فإنه يأخذ بالجهتين إذا استويا في المرتبة كعم هو
خال.
الفصل الثاني: في موانع الإرث: وهي ثلاثة: الكفر والقتل والرق.
المطلب الأول: في الكفر:
وهو كل ما يخرج به معتقده من دين الاسلام سواء كان حربيا أو ذميا أو
مرتدا أو على ظاهر الاسلام إذا جحد ما يعلم ثبوته من الدين ضرورة كالخوارج
والغلاة، فلا يرث كافر مسلما ويرث المسلم الكافر على اختلاف ضروبه.
ولو خلف الكافر ورثة كفارا ورثوه، ولو كان معهم مسلم كان الميراث كله
له سواء قرب أو بعد حتى أن مولى النعمة بل ضامن الجريرة المسلم، يمنع الولد
الكافر من ميراثه من أبيه الكافر، والإمام لا يمنع الولد من الإرث، ولو كان مع
الولد الكافر زوجة مسلمة، فإن قلنا بالرد فلا بحث وإلا فأقوى الاحتمالات أن
للزوجة الثمن والباقي للولد ثم الربع فالباقي له أو لهما أو للإمام.
ولو كان الميت مرتدا، فإن كان له وارث مسلم ورثه وإلا كان ميراثه
453

للإمام ولا شئ لأولاده الكفار سواء كانت ردته عن فطرة أو لا عنها وسواء ولد له
حال كفره الأصلي أو بعد إسلامه وارتداده، ولو كان الميت مسلما وله ورثة كفار
لم يرثوه وورثه الإمام مع عدم الوارث المسلم وإن بعد كالضامن.
ولو أسلم الكافر الوارث على ميراث قبل قسمته شارك الورثة إن ساواهم
واختص به إن كان أولى سواء كان الميت مسلما أو كافرا، والأقرب تبعية النماء
المتجدد بين الموت والإسلام وثبوت الإرث فيما لا يمكن قسمته على إشكال، وعدمه
لو وهب أو باع أحد الورثة على إشكال، ولو أسلم بعد القسمة فلا شئ له، وكذا لو
خلف الميت واحدا لم يكن لمن أسلم معه شئ إذ لا قسمة.
أما لو لم يكن سوى الإمام فأسلم، قيل هو أولى من الإمام، وقيل لا يرث
لأن الإمام كالوارث الواحد، وقيل إن أسلم قبل النقل إلى بيت مال الإمام فهو
أولى وإلا فالإمام، ولو كان الواحد زوجا أو زوجة فأسلم، فإن قلنا بالرد عليهما لم
يرث، وإن منعناه ورث ما فضل عن فرضهما، ولو كانت الزوجات أربعا فأسلمت
واحدة فلها كمال الحصة، ولو أسلم بعد قسمة البعض احتمل الشركة أو
الاختصاص في الجميع وفي الباقي، والمنع على بعد.
ولو كان الكافر من صنف متعدد وهناك صنف مشارك وقسمت التركة
بين الصنفين ولم يقسم كل صنف بين أفراده فالأقرب الشركة، كعم كافر وللميت
أعمام وأخوال فاقتسموا أثلاثا ولم يقسم الأعمام نصيبهم، ولو اقتسموا نصيبهم لم
يشارك وإن لم يقتسم الأخوال، وكذا لو كان ولدا ذكرا مع أولاد ذكور وأبوين
بخلاف ما لو كان ولدا ذكرا مع أولاد ذكور وإناث لزيادة نصيبهم لو كان مسلما،
ولو تعدد الكافر فأسلم أحدهما قبل القسمة شارك دون الآخر، ولو ادعى الاسلام
قبل القسمة فالقول قول الورثة مع اليمين، فإن صدقه أحدهم نفذ في نصيبه، وإن
كان عدلا وشهد معه آخر ثقة شارك، ولو انفرد ففي إثبات حقه باليمين مع الشاهد
إشكال.
454

والطفل تابع لأحد أبويه في الاسلام، فلو كان أحدهما مسلما فهو بحكمه وإن
كان الآخر كافرا. وكذا لو أسلم أحد أبويه تبعه، فإن بلغ فامتنع من الاسلام قهر
عليه فإن أصر كان مرتدا، والمسلمون يتوارثون وإن اختلفوا في المذاهب، والكفار
يتوارثون وإن اختلفوا في الملل فاليهودي يرث من النصراني والحربي وبالعكس.
أما المرتد، فإن كان عن فطرة قسمت تركته حين ارتداده بين ورثته المسلمين
وتبين زوجته وتعتد عدة الوفاة وإن لم يقتل ولا تقبل توبته، وإن كان امرأة لم
تقتل بل تحبس وتضرب أوقات الصلوات ولا تقسم تركتها حتى تموت ولو تابت
قبلت توبتها، ولو كان المرتد عن غير فطرة استتيب ولا تقسم تركته إلا أن يقتل إذا
لم يتب أو يموت وتعتد زوجته من حين الارتداد عدة الطلاق، فإن عاد في العدة فهو
أولى بها وإن خرجت وهو مرتد لم يكن له عليها سبيل، ولا يمنع من يتقرب إلى
الميت بالكافر وإن منعت الوصلة.
المطلب الثاني: القتل:
القاتل لا يرث مقتوله إذا كان القتل عمدا ظلما، ولو كان بحق لم يمنع، ولو
كان خطأ قيل ورث مطلقا، وقيل يمنع مطلقا، وقيل يمنع من الدية خاصة، وهو
جيد، ولا فرق في ذلك بين مراتب النسب والسبب، وفي اشتراط استقرار الحياة
إشكال.
ولو لم يكن وارث إلا القاتل كان الميراث للإمام، ولو كان لقاتل أبيه ولد
ورث الجد ولم يمنع لمنع الأب إذا لم يكن هناك ولد الصلب، ولو لم يكن وارث
إلا الكافر والقاتل ورث الإمام، فإن أسلم الكافر ورث وطالب بالقتل ولو نقلت
التركة طالب ولم يرث، ولو لم يكن وارث سوى الإمام لم يكن له العفو بل يأخذ
الدية أو يقتص.
ويرث الدية كل مناسب ومسابب عدا المتقرب بالأم على رأي، ولا يرث
455

أحد الزوجين القصاص بل إن تراضوا في العمد على الدية ورثا منها وإلا فلا،
والدية في حكم مال الميت تقضى منها ديونه وتخرج وصاياه وإن كان القتل عمدا
لكن إن رضي الورثة بالدية، وليس للديان منعهم من القصاص وإن مات فقيرا.
وهل يلحق شبيه العمد بالعمد أو بالخطا؟ الأقرب الأول، والقتل بالسبب
مانع وكذا قتل الصبي والمجنون والنائم، ولو أمره عاقل كبير ببط خراجة أو قطع
سلعة فمات ورثه، وإذا قتل العادل الباغي ورثه، والمشارك في القتل كالقاتل. أما
الناظر والممسك ففيهما إشكال، ولو شهد مع جماعة ظلما فقتل لم يرث وإن كان
الحق يثبت بغيره لو لم يشهد، أما لو شهد بعد الحكم لم يمنع.
ولو جرح أحد الولدين أباه والآخر أمه ثم ماتا دفعة ولا وارث سواهما فلكل
منهما مال الذي لم يقتله والقصاص على صاحبه، ولو عفا أحدهما فللآخر قتل العافي
ويرثه، ولو بادر أحدهما فقتل أخاه سقط القصاص عنه وورثه، ولو قتل أكبر
الإخوة الثاني والثالث. الرابع فميراث الرابع للأكبر وله قتل الثالث، وليس
للثالث قتله إلا أن يدفع إليه نصف الدية.
المطلب الثالث: في الرق:
وهو يمنع من الإرث في الوارث والموروث، فلو مات عبد لم يرثه أحد لأن ماله
لمولاه، ولو انعتق بعضه ورث ورثته الأحرار من ماله بقدر الحرية وكان الباقي
لمولاه، ولو مات حر وخلف وارثا مملوكا لغيره وآخر حرا فالميراث للحر وإن بعد
كضامن الجريرة دون الرق وإن قرب كالولد، ولو تقرب الحر بالمملوك لم يمنع وإن
منع السبب، ولو أعتق المملوك على ميراث قبل قسمته شارك إن ساواهما واختص
به إن كان أولى، ولو أعتق بعد القسمة أو كان الوارث واحدا منع ولم يكن له
شئ، والإشكال لو أعتق بعد قسمة البعض كما تقدم.
ولو لم يكن وارث سوى المملوك لم يعط الإمام بل اشترى المملوك من التركة
456

وأعتق وأعطي بقية المال، ويقهر مالكه على بيعه ويتولى الشراء والعتق الإمام،
ولا يكفي الشراء عن العتق ويدفع إلى مالكه القيمة لا أزيد وإن طلب الزيادة لم
يجب، ولو امتنع من البيع دفع إليه القيمة وكان كافيا في الشراء وأخذ منه قهرا،
ولو قصر المال عن الثمن كانت التركة للإمام وقيل: يفك بما وجد ويسعى في
الباقي.
ولو تعدد الوارث الرقيق وقصر نصيب كل واحد منهم أو نصيب بعضهم عن
قيمته لم يفك وكان المال للإمام، وهل يفك من ينهض نصيبه بقيمته لكثرته أو
لقلة قيمته؟ فيه إشكال، فإن أوجبناه ورث باقي المال، ولو وفت التركة بشرائهما
أجمع اشتريا سواء كان نصيب أحدهما قاصرا عن ثمنه أو لا، ومنه ينشأ الإشكال
السابق، ولو كان أحدهما أولى وقصرت عن قيمة القريب دون البعيد ففي شرائه
إشكال.
ولو كان الوارث رقا له ولم يخلف سواه عتق وورث باقي المال، ولو خلف
غيره فإن كان المملوك ممن يعتقه عليه عتق ولم يشاركه في باقي التركة إلا أن يتعدد
الحر، وإن لم يكن ممن يعتق لم ينعتق وورثه الحر وإن بعد كأخ مملوك مع ضامن جريرة،
ولا خلاف في فك الأبوين والأقرب في الأولاد ذلك وكذا باقي الأقارب على إشكال،
وقيل الزوجان كالأقارب، فلو خلف زوجة يقصر الربع عن ثمنها وتفي التركة به ففي
الشراء إشكال.
وأم الولد تنعتق من نصيب ولدها ولا ترث، وكذا المدبر لا يرث من مدبره
مع وحدة الوارث ولا المكاتب المشروط والمطلق الذي لم يؤد شيئا.
ولو خلف ولدا نصفه حر وأخا فالمال بينهما نصفان، ولو انعتق ثلثه فله ثلث
المال وهكذا لا يمنع بجزئه الحر، من بعد على إشكال.
457

فروع:
أ: إن كان المعتق بعضه ذا فرض أعطي بقدر ما فيه من الحرية من فرضه،
وإن كان يرث بالقرابة نظر ماله مع الحرية الكاملة فأعطي بقدر ما فيه منها، ولو
تعدد من يرث بالقرابة كابنين نصفهما حر احتمل أن يكمل الحرية فيهما بأن يضم
الحرية من أحدهما إلى ما في الآخر منها، فإن كمل منهما واحد ورثا جميعا ميراث ابن
حر لأن نصفي شئ شئ كامل، ثم يقسم ما ورثاه بينهما على قدر ما في كل واحد
منهما.
فإن كان ثلثا أحدهما حرا وثلث الآخر حرا كان ما ورثاه بينهما أثلاثا، وإن
نقص ما فيهما عن حر كامل ورثا بقدر ما فيهما من الحرية، ويحتمل عدم التكميل وإلا
لم يظهر للرق أثر وكانا في ميراثهما كالحرين، ولو كان أحدهما يحجب الآخر
فالأقرب عدم التكميل فيه لأن الشئ لا يكمل بما يسقطه ولا يجمع بينه وبين
ما ينافيه.
ب: ابن نصفه حر وآخر كذلك لهما المال على الأول والنصف على الثاني
والباقي لغيرهما وإن بعد على إشكال، ويحتمل أن يكون لكل واحد ثلاثة أثمان
المال لأنهما لو كانا حرين لكان لكل نصف ولو كانا رقيقين منعا، ولو كان الأكبر
حرا فالمال له ولو كان الأصغر فالمال له، ولكل منهما في أربعة الأحوال مال
ونصف فله ربع ذلك.
ولو كان معهما ابن ثالث ثلثه حر، فعلى الأول يقسم المال بينهم على ثمانية
، وعلى الثاني يقسم النصف على ثمانية، ويحتمل قسمة الثلث أثلاثا والسدس بين
صاحبي النصف نصفين، وعلى تنزيل الأحوال يحتمل أن يكون لكل واحد ممن
نصفه حر سدس المال وثمنه، ولمن ثلثه حر ثلثا ذلك وهو تسع المال ونصف
سدسه لأن لكل واحد المال في حال ونصفه في حالين وثلثه في حال، فيكون له
مالان وثلث في ثمانية أحوال فيعطيه ثمن ذلك وهو سدس وثمن، ويعطي من
458

ثلثه حر ثلثيه وهو تسع ونصف سدس.
ج: ابن حر وآخر نصفه حر، فعلى الأول للحر ثلثاه وللآخر ثلثه، وعلى
الثاني النصف بينهما بالسوية وللحر الباقي فيكون له ثلاثة أرباع وللآخر الربع، ولو
نزلتهما بالأحوال فالأمر كذلك لأن للحر المال في حال ونصف في حال فله نصفهما
وهو ثلاثة أرباع وللآخر نصفه في حال فله نصف ذلك وهو الربع، ولو خاطبتهما
لقلت للحر: لك المال لو كان أخوك رقا ونصفه لو كان حرا فقد حجبك بحريته
عن النصف فنصفها يحجبك عن الربع فيبقي لك ثلاثة أرباع، ويقال للآخر: لك
النصف لو كنت حرا فإذا كان نصفك حرا فلك الربع.
د: ابن ثلثاه حر وآخر ثلثه حر، فعلى الأول المال بينهما أثلاثا، وعلى الثاني
الثلث بينهما وللأول ثلث فيكون له النصف وللآخر السدس، ويحتمل أن يكون
الثلثان بينهما أثلاثا وبالخطاب يقال لمن ثلثاه حر: لو كنت وحدك حرا كان لك
المال ولو كنتما حرين كان لك النصف فقد حجبك بحريته عن النصف فثلثها
يحجبك عن السدس يبقى لك خمسة أسداس لو كنت حرا فلك بثلثي حرية خمسة
اتساع، ويقال للآخر: يحجبك أخوك بثلثي حريته عن ثلثي النصف وهو الثلث
يبقى لك الثلثان ولك بثلث الحرية ثلث ذلك وهو تسعان، ويبقى التسعان لباقي
الأقارب أو لبيت المال مع عدمهم.
ه‍: ابن حر وبنت نصفها حر، للابن خمسة أسداس المال وللبنت سدسه في
الخطاب وفي التنزيل معا، وعلى تقدير جمع الحرية يلزم أن يكون له أربعة أخماس
ولها الخمس. ولو كانت البنت حرة والابن نصفه حر، فعلى جمع الحرية المال بينهما
نصفان وعلى تقدير الخطاب يكون لها الثلثان وله الثلث وكذا على التنزيل.
و: ابن وبنت نصفهما حر، فعلى جمع الحرية لهما ثلاثة أرباع بينهما أثلاثا،
وعلى تنزيل الأحوال لو كانا حرين كان له الثلثان ولو كان وحده حرا كان له
المال ولو كانا رقيقين أو كان رقا لم يكن له شئ، فله المال في حال من الأربعة
459

وثلثاه في حال الأخرى منها، فله ربع ذلك وسدس، وللبنت نصف ذلك ثمن
ونصف سدس والباقي للأقارب.
ولو كان معهما أم وزوجة حرتان كملت الحرية فيهما بالنسبة إلى الزوجة فحجباها
إلى الثمن لأن كل واحد منهما لو انفرد لحجب نصف الحجب وإذا اجتمعا اجتمع
الحجب، وأما الأم فإنها محجوبة بالنسبة إلى الابن لو كان حرا عن الثلث إلى
السدس، وبالنسبة إلى البنت لو كانت حرة عن الثلث إلى الربع فيحجبانها عن
نصف ذلك، وعلى التنزيل للأم السدس في الحالين وربع سبعة أثمان في حال
وثلاثة أرباع في حال فلها ربع ذلك، وللمرأة الثمن في ثلاثة أحوال والربع في
حال فلها ربع ذلك، وللابن الباقي في حال وثلثاه في حال فله ربعهما، وللبنت
ثلث الباقي في حال وثلاثة أرباع سبعة أثمان في حال فلها الربع.
ز: ابن وأبوان نصف كل واحد منهم حر، فعلى تقدير حرية الجميع للابن
الثلثان، وعلى تقدير حريته خاصة له المال، وعلى تقدير حريته مع حرية أحدهما له
خمسة أسداس فإذا جمع يكون ثلاثة أموال وثلثا فله ثمنها وهو ربع وسدس،
وللأب المال في حال وثلثاه في حال وسدسه في حالين فله ثمن ذلك ربع، وللأم
الثلث في حال والمال في حال والسدس في حالين فلها ثمن ذلك والباقي
للأقارب.
وإن عملتها بالبسط قلت: إن قدرناهم أحرارا فهي من ستة وإن قدرنا الابن
وحده حرا فهي من سهم وكذا الأب وكذا الأم إن قدرنا الابن مع الأب أو مع
الأم فهي من ستة، وإن قدرنا الأبوين فهي من ثلاثة، وإن قدرناهم رقيقا فالمال
للأقارب، وجميع المسائل تدخل في ستة تضربها في الأحوال الثمانية تصير ثمانية
وأربعين، للابن المال في حال ستة، وثلثاه في حال أربعة، وخمسة أسداسه في
حالين عشرة فذلك عشرون، وللأب المال في حال ستة، وثلثاه في حال أربعة،
وسدساه في حالين اثنان وذلك اثنا عشر، وللأم المال في حال ستة، والثلث في
460

حال اثنان، والسدس في حالين اثنان وذلك عشرة، والباقي للورثة.
ولو كان ثلث كل واحد منهم حرا زدت على الستة نصفها يصير تسعة وتضربها
في ثمانية تكون اثنين وسبعين، للابن عشرون من اثنين وسبعين وهي السدس
والتسع، وللأب اثنا عشر وهي السدس، وللأم عشرة هي تسع وربع تسع، ولا
يتغير سهامهم وإنما تصير مقسومة على اثنين وسبعين، ولو كان ربع كل واحد منهم
حرا زدت على الستة مثلها.
ح: ابن نصفه حر وأم حرة، للأم على تقدير حرية الولد السدس، وعلى تقدير
رقية المال فلها نصف ذلك وهو نصف ونصف سدس، وللابن تارة خمسة أسداس
وتارة يمنع فله نصف خمسة أسداس وهو ثلث ونصف سدس، ولو كان بدل الأم
أختا حرة فالمال بينهما نصفان.
ط: ابن نصفه حر وابن ابن حر فالمال بينهما بالسوية، فإن كان نصف الثاني
حرا فله الربع، وإن كان معهما ابن ابن ابن نصفه حر فله الثمن، ويحتمل أن
يكون للأعلى النصف وللثاني النصف لأن فيهما حرية ابن، ويحتمل حرمان الثاني
والثالث لأن ما فيهما من الحرية محجوب بحرية الابن، ولو كان ابن الابن ثلثه حر
ومعهما أخ ثلاثة أرباعه حر فللابن النصف وللثاني ثلث الباقي السدس وللأخ
ثلاثة أرباع الباقي الربع، وعلى الاحتمال الآخر للابن النصف ولابن الابن الثلث
والباقي للأخ. ي: ثلاثة أخوة متفرقين نصف كل واحد حر، للأخ من الأم نصف السدس
وللأخ من الأبوين نصف الباقي وللأخ من الأب نصف الباقي، فيصح من ثمانية
وأربعين، للأخ من الأم أربعة وللأخ من الأبوين اثنان وعشرون وللأخ من الأب
أحد عشر إلا إذا حجبناه بحرية الأخ من الأبوين فلا شئ له.
يا: بنت نصفها حرة لها النصف بالفرض والرد، فإن كان معها أم حرة
فللبنت ربع وثمن والباقي للأم، ولو كان معها زوجة فلها الثمن ونصف الثمن،
461

ولو كان معها أخ من أم ولم نقل بالحجب فله نصف السدس. وهذا ضابط كلي
يستخرج منه ما يرد عليك من فروع هذا الباب فإنها كثيرة لا تنحصر.
يب: لو اشترى وأعتق ثم ظهر الوارث فالأقرب بطلانهما.
خاتمة: قد يحصل منع الإرث بأسباب أخر:
أ: اللعان فإنه يقطع النكاح ولا يرث أحد الزوجين صاحبه وإن وقع في
المرض، ولو نفى الولد باللعان سقط نسبه ولم تقع الموارثة بينهما، فإن اعترف به بعد
اللعان ألحق به دون آبائه وأقاربه مع عدم اعترافهم به إلا بالنسبة إليه، ويدخل في
الوقف على أولاده والوصية لهم وورثه الولد دون الزوجة، وكذا لو أكذب نفسه في
القذف بعد اللعان لم ترثه وهو لا يرث الولد.
ب: من مات وعليه دين مستوعب للتركة فالأقرب عندي أن التركة للورثة
لكن يمنعون منها كالرهن حتى يقضى الدين منها أو من غيرها، وقيل يبقى على
حكم مال الميت ولا ينتقل إلى الوارث، وتظهر الفائدة في النماء، ولو لم يكن
مستوعبا انتقل إلى الورثة ما فضل عن الدين وكان ما قابله على حكم مال الميت،
وتكون التركة بأجمعها كالرهن.
ج: الغائب غيبة متقطعة بحيث لا يعلم خبره لا يورث حتى يعلم موته إما
بالبينة أو بمضي مدة لا يمكن أن يعيش مثله إليها عادة فيحكم حينئذ لورثته
الموجودين في وقت الحكم، وقيل يورث بعد مضى عشر سنين من غيبته، وقيل بعد
أربع سنين، وقيل يدفع ماله إلى الوارث الملي.
د: الحمل يرث بشرط انفصاله حيا، ولو سقط ميتا لم يكن له شئ ويحكم
بعدمه حالة موت الميت، ولو ولد حيا ثم مات في الحال ورث وانتقل نصيبه إلى
وارثه، ولو سقط بجناية فإن تحرك حركة تدل على الحياة ورث وإلا فلا كالتقلص
الذي يحصل طبعا لا اختيارا، ولو خرج نصفه حيا والباقي ميتا لم يرث، ولو طلب
الورثة قسمة المال فإن كانوا محجوبين به لم يعطوا شيئا حتى يظهر أمره وإن كانوا
462

غير محجوبين دفع إلى من لا ينقصه الحمل كمال ميراثه ومن ينقصه أقل ما يصيبه.
الفصل الثالث: في الحجب:
وهو إما عن أصل الإرث بأن يحجب القريب البعيد فلا يرث ولد ولد مع ولد
سواء كانا ذكرين أو أنثيين أو ذكرا وأنثى وسواء كان ابن ابن أو ابن بنت أو
بنت ابن، وكذا يمنع ولد الولد ولد ولد الولد، وعلى هذا الأقرب يمنع
الأبعد، ويمنع الولد وإن نزل كل من يتقرب بالأبوين من الأجداد والأعمام والأخوال
وأولادهم، ولا يرث مع الأولاد وأولادهم وإن نزلوا سوى الأبوين والزوجين.
فإذا عدم الآباء والأبناء ورث الإخوة والأخوات والأجداد والجدات
ويمنعون من عداهم سوى الزوجين، ويمنعون من يتقرب بهم كالإخوة يمنعون
أولادهم، والأجداد يمنعون آباءهم وأبناءهم، ويمنع الإخوة وأولادهم أولاد
الأجداد وهم: الأعمام والأخوال وأولادهم، ولا يمنعون آباء الأجداد وإن
تصاعدوا، وكذا الأجداد لا يمنعون أولاد الإخوة وإن نزلوا.
والأعمام والأخوال وأولادهم وإن نزلوا يمنعون أعمام الأب وأخواله
وأعمام الأم وأخوالها، وكذا أعمام الأجداد والجدات وإن تصاعدوا يمنعون
بالأعمام والأخوال وأولادهم، والمتقرب بالأبوين يمنع المتقرب بالأب وحده مع
تساوى الدرج، والنسب وإن بعد يمنع المعتق، والمعتق يمنع ضامن الجريرة
والضامن يمنع الإمام.
وأما عن بعضه، وهو إما حجب الولد فإن الولد وإن نزل ذكرا كان أو أنثى
يمنع الأبوين عما زاد عن السدسين إلا البنت وحدها معهما أو مع أحدهما والبنتين
فما زاد مع أحدهما، ويحجب الولد ذكرا كان أو أنثى وإن نزل الزوجين عما زاد عن
الأدنى، وإما حجب الإخوة وهم يمنعون الأم عما زاد على السدس بشروط ستة.
أ: العدد، فلا يحجب الواحد وإن كان ذكرا بل إما ذكران أو ذكر وأنثيان
463

أو أربع إناث والخناثى كالإناث إلا أن يحكم بالذكورية فيهم.
ب: انتفاء موانع الإرث عنهم وهي الرق والقتل والكفر.
ج: وجود الأب، فلو كان مفقودا لم يكن حجب.
د: أن يكونوا للأب أو للأب والأم، فلو كانوا للأم خاصة لم يحجبوا وإن
كثروا.
ه‍: أن يكونوا منفصلين ولو كانوا حملا لم يحجبوا.
و: أن يكونوا أحياء، فلو كان بعضهم ميتا لم يقع حجب، والأقرب المغايرة
فلو كانت الأم أختا لم تحجب.
الفصل الرابع: في تفصيل السهام وكيفية الاجتماع:
السهام المنصوصة في كتاب الله تعالى ستة:
النصف: وهو فرض البنت الواحدة والأخت الواحدة للأبوين أو للأب إذا
انفردتا عن ذكر مساو في القرب والزوج مع عدم الولد وإن نزل.
والربع: وهو سهم الزوج مع الولد وإن نزل وسهم الزوجة مع عدمه.
والثمن: سهم الزوجة خاصة مع الولد وإن نزل.
والثلثان: سهم البنتين فصاعدا مع عدم الولد الذكر والأختين فصاعدا من
الأبوين أو من الأب مع عدم الأخ من قبله.
والثلث: سهم الأم مع عدم الولد وعدم من يحجبها من الإخوة وسهم
الاثنين فصاعدا من ولد الأم.
والسدس: سهم كل من الأبوين مع الولد وإن نزل وسهم الأم مع
الحاجب من الإخوة وسهم الواحد من ولد الأم ذكرا كان أو أنثى.
والنصف يجتمع مع مثله كالأخت والزوج ومع الربع كالبنت والزوج
والأخت والزوجة ومع الثمن كالبنت والزوجة، ولا يجتمع من الثلثين لاستحالة
464

العول بل يدخل النقص على الأختين دون الزوج، ويجتمع مع الثلث كالأم والزوج
ومع السدس كالبنت والأم، ويجتمع الربع مع الثلثين كالزوج والبنتين والزوجة
والأختين ومع الثلث كالزوجة والأم ومع السدس كزوج وأم وبنت وزوجة
وأخت لأم ولا يجتمع مع الثمن، ويجتمع الثمن مع الثلثين كالزوجة والبنات
والسدس كما لو انضم إليهن أم، ولا يجتمع مع الثلث ولا الثلث مع السدس
تسمية ويصح للقرابة كزوج وأبوين.
واعلم أن الفريضة قد تكون وفق السهام فلا بحث وقد تزيد وقد تنقص،
فإذا زادت الفريضة عن الفروض، فإن كان هناك مساو لا فرض له فالفاضل له
بالقرابة كأبوين وزوج أو زوجة: للأم الثلث وللزوج النصف أو للزوجة الربع
والباقي للأب، فإن كان هناك إخوة يحجبون: فللأم السدس والباقي بعد الزوجين
للأب، وكأبوين وابن وزوج أو زوجة: للأبوين السدسان وللزوج الربع أو
للزوجة الثمن والباقي للولد، وكزوج أو زوجة وإخوة من الأم وإخوة من الأبوين
أو من الأب: للزوج النصف أو للزوجة الربع وللأخوة من الأم الثلث والباقي لمن
تقرب بالأب.
وإن لم يكن هناك مساو بل أبعد لم يرث بالتعصيب ولا غيره بل يرد الباقي
على ذوي الفروض بنسبة فروضهم عدا الزوجين، فلو خلف أبوين وبنتا وأخا فلكل
من الأبوين السدس وللبنت النصف ولا شئ للأخ بل يرد السدس على الأبوين
والبنت أخماسا، وإذا نقصت فإن كان بسبب وصية ثبت العول، وإن كان
بسبب ورثة لم يثبت لاستحالة أن يفرض الله في مال ما لا يفي به، وإنما تنقص
الفريضة بدخول الزوج أو الزوجة إما مع البنت أو البنات أو مع الأخت أو
الأخوات من قبل الأبوين أو الأب، وحينئذ يدخل النقص على البنت أو البنات
وعلى الأخت أو الأخوات من قبل الأب أو من قبلهما معا دون باقي الورثة.
فلو خلف زوجا وأبوين وبنتا فللزوج الربع كملا وللأبوين السدسان كملا
465

والباقي للبنت، وكذا لو كان أزيد منها مع الأبوين أو أحدهما والزوج، وكزوجة
مع أبوين وبنتين، وكزوج مع أخوين من الأم وأختين من الأب أو أخت،
وكزوجة مع أخت لأب أو أختين فصاعدا مع أخوين من قبل الأم.
المقصد الثاني: في تعيين الوراث وسهامهم: وفيه فصول:
الأول: في ميراث الأبوين والأولاد:
للأب المنفرد المال وللأم المنفردة الثلث والباقي رد عليها، فإن اجتمعا فللأم
الثلث والباقي للأب ومع الإخوة الحاجبين لها السدس والباقي للأب، ولا يرث
الإخوة شيئا وإن حجبوا، وللابن المنفرد المال وكذا الابنان فصاعدا بالسوية،
وللبنت المنفردة النصف والباقي يرد عليها، وللاثنين فصاعدا الثلثان والباقي رد
عليهن.
ولو اجتمع الذكور والإناث من الأولاد فللذكر مثل حظ الأنثيين، ولو
اجتمع الأبوان أو أحدهما مع ولد ذكر فصاعدا فلهما السدسان أو السدس إن كان
واحدا والباقي للولد أو لمن زاد بالسوية، ولو كان مع الأبوين أو مع أحدهما أولاد
ذكور وإناث فللواحد السدس ولهما السدسان أو السدس إن كان واحدا والباقي
للأولاد للذكر ضعف الأنثى.
ولو كان معهم زوج أو زوجة أخذ الزوج الربع والزوجة الثمن وللأبوين
السدسان والباقي للأولاد للذكر ضعف الأنثى، وللأبوين مع البنت السدسان
وللبنت النصف والباقي يرد عليهم أخماسا، فإن كان إخوة فالرد على البنت والأب
خاصة أرباعا، ولأحدهما معها السدس ولها النصف والباقي يرد أرباعا مطلقا،
ولهما مع البنتين فصاعدا السدسان وللبنات الثلثان، ولأحدهما مع البنتين فصاعدا
السدس والباقي يرد أخماسا.
ولو دخل الزوج أو الزوجة أخذ كل منهما النصيب الأدنى وللأبوين السدسان
466

أو لأحدهما السدس والباقي للبنت أو البنات، فإن حصل رد فهو على البنت وأحد
الأبوين أو هما دون الزوجة، ومع الحاجب يرد على الأب والبنت دون الأم
والزوجة، ولو اجتمع الزوج أو الزوجة مع الأبوين فللأم الثلث ولأحد الزوجين
فرضه الأعلى والباقي للأب، ومع الإخوة للأم السدس والباقي للأب بعد نصيب
أحد الزوجين.
وولد الولد وإن نزل يقوم مقام الولد مع عدم أبيه ومن هو في طبقته ويقاسم
الأبوين كأبيه، وشرط ابن بابويه في توريثه عدم الأبوين، والأقرب يمنع الأبعد، فلا
يرث ابن ابن ابن مع ابن ابن، ويرث كل منهم نصيب من يتقرب به، فلولد البنت
نصيب أمه ذكرا كان أو أنثى وهو النصف مع الانفراد أو مع الأبوين ويرد عليه
كأمه وإن كان ذكرا، ولولد الابن نصيب الابن ذكرا كان أو أنثى وهو جميع
المال إذا انفرد والفاضل عن الفرائض إن اجتمع مع ذوي الفروض كالأبوين أو
أحد الزوجين.
ولو انفرد أولاد الابن وأولاد البنت فلأولاد الابن الثلثان وإن كان واحدا
أنثى ولأولاد البنت الثلث وإن كان أكثر ذكرا، ولو كان معهما أبوان فلهما
السدسان والفاضل بينهم على ما بيناه، ولو كان هناك أحد الزوجين فله نصيب
الأدنى وللأبوين السدسان والباقي لأولاد الابن ولأولاد البنت أثلاثا.
وأولاد البنت يقتسمون نصيب أمهم للذكر ضعف الأنثى على الأصح، وقيل
أن الأولاد يتقاسمون المال بينهم تقاسم الأولاد.
خاتمة:
لا يرث الجد ولا الجدة مع الأبوين لكن يستحب للأبوين الطعمة لكل واحد
بالأقل من سدس الأصل والزيادة مع زيادة نصيب المطعم على السدس، ولو نقص
سقطت الطعمة في حقه دون الآخر، فلو خلف أبوين وزوجا وجدا وجدة من قبل
467

الأب وجدا وجدة من قبل الأم استحب للأم طعمة أبويها بسدس الأصل بينهما
بالسوية، ولو كان أحدهما كان السدس له ولا طعمة على الأب.
فلو كان معهما إخوة استحبت للأب طعمة أبويه بسدس الأصل بينهما بالسوية
أو لأحدهما دون الأم، وكذا لو خلف أبويه وإخوة استحب للأب الطعمة خاصة،
ولو خلف أبويه خاصة استحب لكل منهما الطعمة، ولا يطعم أحدهما أبوي الآخر،
ولا طعمة للأجداد من الأب إلا مع وجود الأب، وكذا لا طعمة للأجداد من الأم
إلا مع وجودها، ولا طعمة للأجداد إذا علوا.
تتمة:
يحبى الولد الذكر من تركة أبيه ثياب بدنه وخاتمه وسيفه ومصحفه وعليه
قضاء ما فات الأب من صلاة وصيام، وإنما يحبى إذا لم يكن سفيها ولا فاسد
المذهب ويخلف الميت غير ما ذكر، فلو لم يخلف سواه لم يخص، وكذا لو قصر
النصيب عنه على إشكال، ولو كان الأكبر أنثى لم تحب وأعطي أكبر الذكور، ولو
كان الأكبر متعددا فالأقوى القسمة، ولو تعددت هذه الأجناس أعطي من الثياب
وفي الباقي إشكال أقربه إعطاء واحد يتخيره الوارث وفي العمامة نظر.
الفصل الثاني: في ميراث الإخوة والأجداد: ومطالبه ثلاثة:
الأول: في ميراث الإخوة:
للأخ من الأبوين أو الأب المنفرد المال فإن تعددوا تشاركوا بالسوية،
وللأخت من قبل الأبوين أو الأب المنفردة النصف والباقي يرد عليها، ولو تعددت
فلهما أو لهن الثلثان بالسوية والباقي بينهن بالسوية، ولو اجتمع الذكور والإناث
فالمال لهم للذكر ضعف الأنثى.
ويمنع المتقرب بالأبوين مطلقا المتقرب بالأب خاصة، ويقوم المتقرب بالأب
468

مقام المتقرب بالأبوين من الإخوة عند عدمهم وقسمتهم قسمتهم، وللواحد من ولد
الأم السدس أخا كان أو أختا والباقي يرد عليه، وللاثنين فصاعدا الثلث بالسوية
والباقي يرد عليهم بالسوية ذكورا كانوا أو إناثا أو بالتفريق.
ولو اجتمع الإخوة المتفرقون فللمتقرب بالأم السدس إن كان واحدا والثلث
إن كان أكثر بالسوية والباقي للأخوة من قبل الأبوين للذكر ضعف الأنثى ويسقط
المتقرب بالأب، ولو كان المتقرب بالأبوين واحدا ذكرا فله الباقي، ولو كان أنثى
فلها النصف والباقي يرد عليها دون المتقرب بالأم وإن تعدد، ولو كان المتقرب
بالأبوين أختين فلهما الثلثان، وللواحد من كلالة الأم السدس والباقي يرد على
المتقرب بالأبوين خاصة دون المتقرب بالأم.
ولو اجتمع الإخوة من الأب خاصة مع الإخوة من الأم فللواحد من قبل الأم
السدس ذكرا كان أو أنثى والباقي للمتقرب بالأب إن كان ذكرا أو ذكورا
وإناثا، ولو كان أنثى فلها النصف والباقي يرد عليها وعلى الواحد من كلالة الأم
أرباعا على رأي وعليها خاصة على رأي لدخول النقص، ولما روي عن الباقر
ع في ابن أخت لأب وابن أخت لأم أن لابن الأخت للأم السدس
والباقي لابن الأخت للأب، وفي طريقها علي بن فضال وفيه قول، ولو تعدد
المتقرب بالأم كان له الثلث وللأخت للأب النصف والباقي يرد عليها خاصة أو
أخماسا.
ولو كان مع الواحد من قبل الأم أختان فصاعدا للأب فللواحد السدس
وللأختين فصاعدا الثلثان والباقي يرد أخماسا على الجميع أو على المتقرب بالأب
خاصة على الخلاف، وتمنع الإخوة من يتقرب بهم من أولادهم، وأولاد الأب من
العمومة والعمات والخؤولة والخالات وأولادهم دون الأجداد والجدات، وقال
ابن شاذان: للأخ من الأم مع ابن الأخ للأبوين السدس والباقي لابن الأخ، وليس
بجيد لأن كثرة السبب تراعى مع تساوى الدرج.
469

ولو دخل الزوج أو الزوجة كان لهما نصيبهما الأعلى وللأخ أو الأخت أو هما
نصيبهما السدس إن كان واحدا والثلث إن كان أكثر بالسوية والباقي للمتقرب
بالأبوين واحدا كان أو أكثر ذكرا كان أو أنثى، ومع عدمهم فللمتقرب بالأب
خاصة كذلك إلا أن يكون أنثى واحدة مع زوجة فللزوجة الربع وللأخت من قبل
الأب النصف وللواحد من كلالة الأم السدس والباقي يرد على الأخت للأب
خاصة أو عليها وعلى المتقرب بالأم أرباعا على الخلاف.
المطلب الثاني: في ميراث الأجداد:
للجد المنفرد المال وكذا الجدة سواء كان لأب أو لأم، ولو اجتمع الجد
والجدة تساويا إن كانا لأم وإن كانا لأب فللجد الثلثان وللجدة الثلث، وللجد
أو الجدة أو لهما لأم مع جد أو جدة أو هما لأب الثلث إن كان واحدا أو أكثر
بالسوية والباقي للجد أو الجدة أو لهما للأب أثلاثا، ولو دخل زوج أو زوجة كان
لهما نصيبهما الأعلى النصف للزوج والربع للزوجة، وللجد أو الجدة أو هما للأم ثلث
الأصل والباقي للجد أو الجدة أو هما للأب.
ويمنع الجد أو الجدة لأب كانا أو لأم كل من يتقرب بهما من آبائهما أو
أجدادهما وأولادهما وهم العمومة والعمات والخؤولة والخالات وأولادهم، ولا
يمنعون الإخوة والأخوات ولا أولادهم، والجد الأعلى ذكرا كان أو أنثى يمنع العم
والعمة والخال والخالة وأولادهم، والجد للأم يمنع أب الجد للأب وكذا الجد
للأب يمنع أب الجد للأم وكذا الأنثى. ومع فقد الأجداد الدنيا يرث أجداد الأب
وأجداد الأم، فلو ترك جد أبيه وجدته لأبيه وجده وجدته لأمه وجد أمه وجدتها
لأبيها وجدها وجدتها لأمها، كان لأجداد الأم الثلث بالسوية والثلثان لأجداد
الأب: ثلثاهما للجدين من قبل أبيه أثلاثا والثلث للجدين من قبل أمه كذلك
وينقسم من مائة وثمانية، ولو كان معهم زوج أو زوجة دخل النقص على أجداد
470

الأب الأربعة دون أجداد الأم بسهمهما الأعلى، ويشارك الأجداد وإن علوا الإخوة
وأولادهم وإن نزلوا، فإذا اجتمعوا كان الجد من الأب كالأخ من قبله أو من قبل
الأبوين، والجدة كالأخت والجد من الأم كالأخ من قبلها وكذا الجدة، ولو كان
معهم زوج أو زوجة أخذا نصيبهما الأعلى واقتسم الأجداد والإخوة كما قلناه.
فإذا اجتمع جد وجدة أو أحدهما من قبل الأم مع إخوة لها كان الثلث بينهم
للذكر مثل الأنثى، وإن اجتمع جد أو جدة أو هما لأب مع أخ أو أخت أو هما
للأبوين أو للأب كان الجد كالأخ والجدة كالأخت، فإذا اجتمع الإخوة المتفرقون
مع الأجداد المتفرقين كان للأخوة والأجداد من قبل الأم الثلث بالسوية والباقي
للأخوة والأخوات من قبل الأبوين والأجداد والجدات من قبل الأب بالسوية،
وسقط الإخوة والأخوات من قبل الأب.
ولو اجتمع الجد أو الجدة أو هما من الأب مع الأخ أو الأخت أو هما من
الأم، كان للأخ أو الأخت السدس والباقي للأجداد من قبل الأب وإن كان
واحدا أنثى على إشكال، ولو كانا اثنين كان لهما الثلث والباقي للأجداد من قبل
الأب، ولو كان الجد أو الجدة أو هما من قبل الأم مع أخ أو أخت أو هما من قبل
الأبوين أو الأب، كان للجد أو الجدة أو هما من قبل الأم الثلث والباقي للأخوة من
قبل الأبوين، وفي الأخت المنفردة من قبل الأب إشكال.
ولو اجتمع من الأجداد للأب إخوة من قبله أو من قبل الأبوين وأجداد من
قبل الأم، كان للجدين من قبل الأم أو لأحدهما الثلث والثلثان للأجداد والإخوة
من قبل الأب، ولو اجتمع مع الإخوة الأجداد العليا والدنيا كان المقاسم للأخوة
الدنيا دون العليا، ولو فقد الأدنى ورث الأبعد، ولا يرث الأعلى للأب مع الأدنى
للأم وكذا العكس. ولو خلف مع الأجداد الثمانية أخا لأب كان لأجداد الأم
الثلث بالسوية والباقي للأخ والأجداد من قبل الأب، والأقرب أنه يأخذ مثل
نصيب الجد من قبل أب الأب.
471

وهل يوفر ثلث الثلثين على جد أم الأب وجدتها ويقسم ثلثا الثلثين على الأخ
والجد والجدة من قبل أب الأب أخماسا؟ الأقرب ذلك، فيصح من خمس مائة
وأربعين، ويحتمل دخول النقص على أجداد الأب الأربعة فتصح من مائة وست
وخمسين، لأنك تضرب أربعة سهام أجداد الأم في أصل الفريضة وهي ثلاثة يصير
اثنا عشر، ثم تضرب ثلاثة عشر سهام أجداد الأب وهي تسعة وسهام الأخ وهي
أربعة في اثني عشر، فللأخ اثنان وثلاثون وكذا لجد الأب من أبيه، ولجدة الأب
من أبيه ستة عشر وكذا لجد الأب من أمه، وثمانية لجدة الأب من أمه ولكل من
أجداد الأم ثلاثة عشر، وكذا لو تعددت الإخوة من الأب أو من الأم.
ولو شارك الأجداد الثمانية أحد الزوجين أخذ نصيبه الأعلى، والثلث
للأجداد الأربعة من قبل أبوي الأم ودخل النقص على أجداد الأب الأربعة، وقد
يتفق مع تباعد الدرج كون الجد من قبل الأبوين، فالأقرب أنه يمنع الجد للأب دون
الجد للأم لكن للجد للأم معه الثلث، ولو خلف الأجداد الأربعة من قبل الأب مع
جد واحد للأم كان للجد الواحد الثلث والباقي للأجداد الأربعة.
المطلب الثالث: في ميراث أولاد الإخوة والأخوات:
وهؤلاء يقومون مقام آبائهم مع عدمهم ويرث كل منهم نصيب من يتقرب به،
فإن كان واحدا فله النصيب وإن كان أكثر اقتسموه بالسوية إن كانوا ذكورا أو
إناثا أو اختلفوا وكانوا من قبل الأم، ولو اختلفوا من قبل الأب أو الأبوين كان
للذكر مثل حظ الأنثيين، فلأولاد الأخ للأب أو لهما إذا انفردوا المال، وإن
اجتمعوا مع ذي فرض فلهم الباقي ولأولاد الأخت للأبوين أو للأب مع عدم
المتقرب بالأبوين النصف والباقي يرد عليهم إن لم يشاركهم غيرهم، ولو كانوا أولاد
أختين فصاعدا كان لهم الثلثان والباقي يرد عليهم، ولو دخل الزوج أو الزوجة عليهم
كان له نصيبه الأعلى والباقي لهم.
472

ويقوم أولاد كلالة الأب مقام أولاد كلالة الأبوين مع فقدهم ولا يرثون
معهم شيئا، ولأولاد الأخ أو الأخت من الأم السدس بالسوية، ولو كانوا أولاد
اثنين فصاعدا كان لهم الثلث لكل فريق منهم نصيب من يتقرب به بالسوية،
فلأولاد الأخ سدس وإن كان واحدا ولأولاد الأخت سدس وإن كانوا مائة،
ولو اجتمع أولاد الكلالات الثلاث كان لأولاد كلالة الأم الثلث إن كان
المنسوب إليه أكثر من واحد لكل فريق نصيب من يتقرب به والسدس إن كان
واحدا، ولأولاد كلالة الأب والأم الثلثان أو الباقي.
فإن كانوا أولاد أخ أو أولاد أخت تساووا للذكر ضعف الأنثى، وإن كانوا
أولاد أخ وأولاد أخت، فلأولاد الأخ الثلثان من الباقي للذكر ضعف الأنثى
ولأولاد الأخت الثلث للذكر ضعف الأنثى ويسقط أولاد كلالة الأب، ولو دخل
عليهم زوج أو زوجة كان له نصيبه الأعلى ولمن تقرب بالأم ثلث الأصل إن كانوا
أولاد أخ وأخت أو أولاد أخوين أو أختين، والسدس إن كانوا أولاد واحد والباقي
لأولاد كلالة الأبوين زائدا كان أو ناقصا، فإن لم يكونوا فلأولاد كلالة الأب
خاصة، ولو حصل رد اختص بأولاد الإخوة من الأبوين، ولو كانوا أولاد أخ أو
أخت لأم وأولاد أخت لأب خاصة ففي الرد الخلاف، فلو اجتمع معهم الأجداد
قاسموهم كما يقاسمهم الإخوة.
ولو خلف ابن أخ وبنت ذلك الأخ لأب وابن أخت وبنت تلك الأخت له
وابن أخ وبنت ذلك الأخ لأم وابن أخت وبنت تلك الأخت لأم مع الأجداد
الثمانية، أخذ الثلثين الأجداد من قبل الأب مع أولاد الأخ والأخت الأربعة،
فللجد والجدة وأولاد الأخ والأخت ثلثا الثلثين للجد، وأولاد الأخ ثلثا ذلك نصفه
للجد ونصفه لأولاد الأخ والثلث للجدة، ولأولاد الأخت نصفه للجدة ونصفه
لأولاد الأخت أثلاثا، وثلثهما للجد والجدة من قبل أم الأب، والثلث للأجداد
الأربعة من الأم ولأولاد الإخوة من قبلها أسداسا، لكل جد سدس ولأولاد الأخ
473

للأم سدس ولأولاد الأخت سدس آخر، ويصح من ثلاث مائة وأربعة وعشرين.
ولو خلف مع الإخوة من الأب جدا قريبا لأب ومع الإخوة من الأم جدا
بعيدا منها أو بالعكس، فالأقرب أن الأدنى هنا يمنع الأبعد مع احتمال عدمه لعدم
مزاحمته به، ولو تجرد البعيد عن مشارك من الإخوة منع وكذا لو كان الأعلى من
الأم مع واحد من قبلها منع، وكذا الأقرب فيما لو خلف الجد من قبل الأم وابن أخ
من قبلها مع أخ من قبل الأبوين أو من الأب فإنه يرث الأبعد مع الأقرب.
الفصل الثالث: في ميراث الأعمام والأخوال: وفيه مطلبان:
الأول: في ميراث العمومة والخؤولة:
للعم المنفرد المال وكذا العمات والأعمام بالسوية إن تساووا في المرتبة وكذا
العمة والعمتان والعمات، ولو اجتمعوا فللذكر ضعف الأنثى إن كانوا من الأبوين
أو من الأب وإلا فبالسوية، والمتقرب بالأبوين وإن كان واحدا أنثى يمنع
المتقرب بالأب خاصة وإن تعدد مع تساوى الدرج، ولو اجتمع المتفرقون سقط
المتقرب بالأب خاصة وكان للمتقرب بالأم السدس إن كان واحدا ذكرا كان أو
أنثى، والثلث إن كان أكثر بالسوية، وإن اختلفوا في الذكورية والباقي للمتقرب
بالأبوين واحدا كان أو أكثر، ولو عدم المتقرب بالأبوين قام المتقرب بالأب
مقامهم ويقسمون حصة المتقرب بالأبوين للذكر أيضا ضعف الأنثى.
ولو اجتمع الواحد من كلالة الأم مع العمة للأب فصاعدا كان للواحد
السدس والباقي للعمة أو ما زاد ولا رد هنا، ولو خلف معهم زوجا أو زوجة كان
له نصيبه الأعلى والباقي يقسم على ما ذكرناه، ولا يرث ابن العم مع العم إلا في
مسألة إجماعية وهي ابن عم من الأبوين أولى بالمال من العم للأب ولو تغير الحال
انعكس الحجب، فلو كان بدل العم عمة أو بدل الابن بنتا كان الأبعد ممنوعا
بالأقرب وإن جمع الأبعد السببين.
474

ولو اجتمع مع العم وابن العم خال أو خالة فالأجود حرمان ابن العم
ومقاسمة الخال والعم، ويحتمل حرمان العم وابن العم وحرمان الخال والعم
وكذا لو اجتمعا مع العم للأم، ولو كان معهما زوج أو زوجة أخذ نصيبه الأعلى
، وهل يأخذ العم أو ابن العم؟ إشكال، ولو تعدد أحدهما أو كلاهما فالإشكال
أقوى، ولا يرث الأبعد في غير هذه المسألة مع الأقرب.
والخال إذا انفرد أخذ المال وكذا إن تعدد بالسوية وإن اختلفوا في الذكورية
مع تساوى النسبة، وكذا الخالة والخالات. والخال أو الخالة أو هما من الأبوين
يمنع المتقرب بالأب خاصة اتحد أو تعدد، ولا يمنع المتقرب بالأم بل يأخذ المتقرب
بالأم السدس إن كان واحدا والثلث إن كان أكثر بالسوية، والباقي للمتقرب
بالأبوين ذكورا كانوا أو إناثا أو هما معا بالسوية، ويقوم المتقرب بالأب مقام
المتقرب بالأبوين عند عدمه.
ولو اجتمع الأخوال المتفرقون سقط المتقرب بالأب وكان للمتقرب بالأم
السدس إن كان واحدا والثلث إن كان أكثر بالسوية، والباقي لمن يتقرب بالأبوين
واحدا كان أو أكثر بالسوية وإن كانوا ذكورا وإناثا، ولو اجتمع معهم زوج أو
زوجة أخذ نصيبه الأعلى والباقي بين الأخوال على ما فصلناه، فلو خلفت زوجها
وخالا من الأم وخالا من الأبوين، فللزوج النصف وللخال للأم سدس الثلث
وقيل سدس الباقي والمتخلف للخال من الأبوين، وللخال للأم أو الخالة السدس
مع الخالة للأب والباقي للخالة من الأب ولا رد.
ولو اجتمع الأعمام والأخوال كان للخال - واحدا كان أو أكثر - الثلث
والباقي للأعمام وإن كان واحدا، ولو اجتمع الأعمام والأخوال المتفرقون كان
للأخوال الثلث سدس الثلث للخال أو الخالة من قبل الأم، ولو كان أكثر من
واحد كان له ثلث الثلث بالسوية والباقي لمن تقرب بالأبوين بالسوية أيضا وسقط
المتقرب بالأب، وسدس الثلثين للعم أو العمة من قبل الأم، ولو كان أكثر من
475

واحد فله الثلث بالسوية والباقي للمتقرب بالأبوين وسقط المتقرب بالأب.
ولو اجتمع معهم زوج أو زوجة كان له النصف أو الربع وللخال أو الخالة أو
هما الثلث سدسه لمن يتقرب بالأم إن كان واحدا، وثلثه إن كان أكثر بالسوية
والباقي للمتقرب بالأبوين، وللعمومة والعمات الباقي بعد سهم الزوجين، والأخوال على
ما بيناه سدسه لمن تقرب بالأم وإن كان واحدا وإلا فالثلث بالسوية والباقي للمتقرب بالأبوين
للذكر ضعف الأنثى لأم وخالتين لأب وعمتين لأم وعمة وعمتين لأب أصلها مائة وثمانون،
ثم نجعل نصيب كل واحد منقسما على أولاده فيبلغ خمس مائة وأربعين: لذوي القرابات
الأربع مائتان وأحد وستون ولذوي القرابتين مائة وخمسة وثلاثون ولحوافد العم الثلاثة ستة
وتسعون ولحوافد العمة ثمانية وأربعون.
وعمومة الميت وعماته وخؤولته وخالاته وأولادهم وإن نزلوا أولى من
عمومة الأب وعماته وخؤولته وخالاته وعمومة الأم وعماتها وخؤولتها وخالاتها
وأولادهم، فابن العم وإن نزل أولى من عم الأب سواء اتفقت أنسابهما أو
اختلفت، وهكذا عمومة الأبوين وأولادهم وخؤولتهما وأولادهم أولى من عمومة
الجدين وخؤولتهما، وعم الأب من الأب أولى من ابن عم الأب من الأبوين،
وهكذا كل أقرب يمنع الأبعد وإن تقرب الأبعد بسببين والأقرب بسبب واحد.
ولو اجتمع عم الأب وعمته وخاله وخالته وعم الأم وعمتها وخالها
وخالتها، فلأعمام الأم وأخوالها الثلث بالسوية وثلث الثلثين لخال الأب وخالته
بالسوية وثلثاه لعمه وعمته للذكر ضعف الأنثى وينقسم من مائة وثمانية،
ويحتمل أن يكون لعم الأم وعمتها ثلثا الثلث بالسوية وثلثه لخالها وخالتها بالسوية
فتصح من أربعة وخمسين، وعلى الأول لو زاد أعمام الأم على أخوالها أو بالعكس
احتمل التنصيف ضعيفا والتسوية قويا، ولو اجتمع معهم زوج أو زوجة دخل
النقص على المتقرب بالأب من العمومة والخؤولة دون عمومة الأم وخؤولتها.
ولو اجتمع عم الأب وعمته من الأبوين ومثلهما من الأم وخاله وخالته من
الأبوين ومثلهما من الأم وعم الأم وعمتها من الأبوين ومثلهما من الأم وخالها
476

وخالتها من الأبوين ومثلهما من الأم، كان للأعمام والأخوال الثمانية من قبل
الأم الثلث: ثلثه لأخوالها الأربعة بالسوية وثلثاه لأعمامها كذلك، ويحتمل قسمته
أثمانا ويحتمل أن يكون ثلث الثلث للأخوال الأربعة: ثلثه لمن يتقرب بالأم وثلثاه
للمتقرب بالأبوين وثلثاه لأعمامها الأربعة: ثلثهما لمن يتقرب بالأم وثلثاهما لمن
يتقرب بهما.
ويحتمل قسمة الثلث نصفين نصفه للأخوال إما على التفاوت أو على التسوية
ونصفه لأعمامها كذلك، وثلث الثلثين لخؤولة الأب: ثلثه للخال والخالة من قبل
أمه بالسوية وثلثاه لخاله وخالته من الأبوين كذلك، وثلثا الثلثين للعمين
والعمتين: ثلثه للعم والعمة من قبل الأم بالسوية وثلثاه للعم والعمة من قبل
الأب أثلاثا.
المطلب الثاني: في ميراث أولاد العمومة والخؤولة:
أولاد العمومة والعمات يقومون مقام آبائهم عند عدمهم، ولا يرث ابن عم
مع خال وإن تقرب بسببين، ولا ابن خال مع عم وإن تقرب بهما بل الأقرب
وإن اتحد سببه يمنع الأبعد وإن تكثر سببه، وكذا في صنفه كبني العم مع العم
وبني الخال مع الخال إلا المسألة الإجماعية وقد سلفت.
ولو اجتمع أولاد العمومة المتفرقين كان لأولاد العم للأم السدس إن كانوا
لواحد والثلث إن كانوا لأكثر بالسوية، ولأولاد العم للأبوين الباقي لواحد كانوا أو
لأكثر للذكر ضعف الأنثى ويسقط المتقرب بالأب، وأولاد الخؤولة يقومون مقام
آبائهم عند عدمهم ويأخذ كل منهم نصيب من يتقرب به، ولو اجتمع أولاد الخؤولة
المتفرقين كان لأولاد الخال للأم السدس إن كانوا لواحد والثلث إن كانوا لأكثر
بالسوية، والباقي لأولاد الخال للأبوين لواحد كانوا أو لأكثر بالسوية.
ولو اجتمع أولاد الخال وأولاد العم فلأولاد الخال الثلث لواحد كانوا أو
477

لأكثر ولأولاد العم الباقي، ثم إن اتفقوا في الجهة تساووا في القسمة وإلا كان
سدس الثلث لأولاد الخال أو الخالة للأم بالسوية، وثلثه لأولاد المتعدد لكل نصيب
من يتقرب به بالسوية، وباقي الثلث لأولاد الخال أو الخالة أو لهما للأبوين أو للأب
بالسوية، وسدس الثلثين لأولاد العم أو العمة للأم للذكر مثل الأنثى، وثلثهما
لأولاد المتعدد لكل نصيب من يتقرب به للذكر مثل الأنثى، والباقي لأولاد العم أو
العمة أو لهما للأبوين أو لأب للذكر ضعف الأنثى.
ولو كان معهم زوج أو زوجة كان له النصف أو الربع ولبني الأخوال ثلث
الأصل والباقي لبني الأعمام، كما أنهما لو دخلا على الأعمام والأخوال كان لهما
النصف أو الربع ولمن يتقرب بالأم نصيبه الأصلي من أصل التركة والباقي لقرابة
الأبوين، إن لم يكونوا فلقرابة الأب.
فائدة:
قد يجتمع للوارث سببان فإن لم يمنع أحدهما الآخر ورث بهما، كابن عم لأب
هو ابن خال لأم أو ابن عم هو زوج أو بنت عم هي زوجة أو عمة لأب هي خالة
لأم، ولو منع أحدهما الآخر ورث من جهة المانع كأخ هو ابن عم فإنه يرث من
جهة الإخوة خاصة.
ونقل أن شخصا مات وخلف ابن ابن عم له من قبل أبي أبيه هو ابن ابن
خال له من قبل أم أمه هو ابن بنت خالة له من قبل أبي أمه وهو ابن بنت عمة له
من قبل أم أبيه، وابني بنت عمة له أخرى من قبل أم أبيه هما ابنا بنت خالة له
أيضا من قبل أبي أمه وأختا لهما كذلك، وثلاثة بني ابن عم له آخر من قبل أبي
أبيه، وثلاث بنات بنت عمة له من قبل أبي أبيه.
وتحقيقه أن الشخص الأول له أربع قرابات وذلك لأن عم المتوفى لأبيه كان
هو خاله لأمه فولد ابنا وكانت عمته لأمه هي خالته لأبيه فولدت بنتا ثم تزوجها
478

الابن المذكور فولدت له ابنا فله هذه القرابات الأربع فيجعل كأربعة نفر، وهكذا
في أولاد العمة الأخرى الذين هم أولاد الخالة أيضا، فتكون المسألة كمن ترك خالا
لأم وخالتين لأب وعمتين لأم وعمة وعمين لأب أصلها مائة وثمانون، ثم نجعل نصيب
كل واحد منقسما على أولاده فيبلغ خمس مائة وأربعين: لذوي القرابات الأربع مائتان
وأحد وستون ولذوي القرابتين مائة وخمسة وثلاثون ولحوافد العم الثلاثة ستة وتسعون
ولحوافد العمة ثمانية وأربعون.
تتمة:
لو خلف عمة لأب هي خالة لأم وعمة أخرى لأب وخالة أخرى لأب وأم،
كان للعمتين من الأب الثلثان بالسوية وللخالة التي هي عمة سدس الثلث
وللأخرى الباقي، فالفريضة من ثمانية عشر لكل عمة ستة وللخالة العمة سهم آخر
وللخالة الأخرى خمسة.
الفصل الرابع: في ميراث الأزواج:
للزوج مع الولد ذكرا كان أو أنثى أو ولد الولد وإن نزل كذلك الربع ومع
عدمهم أجمع النصف مع جميع الوراث والباقي للقريب إن وجد، فإن فقد فلمولى
النعمة فإن فقد فلضامن الجريرة فإن فقد قيل يرد عليه وقيل يكون للإمام سواء
دخل أو لا، وللزوجة مع الولد أو ولد الولد وإن نزل الثمن ومع عدمه الربع مع
جميع الوراث والباقي لمن كان من ذوي النسب، فإن فقدوا أجمع فلمولى النعمة فإن
فقد فللضامن فإن فقد قيل يرد عليها وقيل للإمام وقيل يرد حال الغيبة سواء دخل
أو لا، ولو تعددت الزوجات كان لهن الربع مع عدم الولد بالسوية بينهن سواء دخل
بهن أو بعضهن أو لا، والثمن مع الولد بينهن بالسوية.
والمطلقة رجعية ترث في العدة كالزوجة ويرثها الزوج فيها، ولا توارث في
479

البائن كالمطلقة ثلاثا، وغير المدخول بها واليائسة والمختلعة والمباراة والمعتدة عن
وطء الشبهة أو الفسخ، فلو رجعت المختلعة والمباراة في البذل في العدة توارثا على
إشكال إذا كان يمكنه الرجوع، ولو طلق ذو الأربع إحداهن وتزوج غيرها ثم
اشتبهت المطلقة فللأخيرة ربع الثمن والباقي بين الأربعة بالسوية، وهل ينسحب
على غيره بأن تشتبه الخامسة أيضا أو تشتبه المطلقة بواحدة أو اثنتين أو ثلاث؟
إشكال.
ولو تزوج المريض ومات في مرضه ورثت إن دخل وإلا بطل العقد ولا
ميراث لها ولا مهر، ولو ماتت هي قبل الدخول ففي توريثه منها نظر، ولو برئ ثم
مات توارثا مطلقا، ولو كان المريض الزوجة فكالصحيحة، والزوج يرث من جميع
ما تخلفه المرأة سواء دخل أو لا إذا كان العقد في غير مرض الموت، أما الزوجة فإن
كان لها ولد من الميت فكذلك، وإن لم يكن لها ولد فالمشهور أنها لا ترث من رقبة
الأرض شيئا وتعطى حصتها من قيمة الآلات والأبنية والنخل والشجر، وقيل إنما
تمنع من الدور والمساكن، وقيل ترث من قيمة الأرض أيضا لا من العين، ولو
اجتمعتا ورثت ذات الولد كمال الثمن من رقبة الأرض ونصفه من الباقي.
ولو طلق المريض أربعا وخرجن من العدة ثم تزوج أربعا ودخل ثم طلقهن
وخرجت عدتهن ثم تزوج أربعا وفعل كالأول وهكذا إلى آخر السنة ومات قبل
بلوغها في ذلك المرض من غير برء ورث جميع المطلقات وغيرهن الربع بينهن بالسوية
أو الثمن.
الفصل الخامس: في الولاء: وأقسامه ثلاثة:
الأول: ولاء العتق:
وإنما يرث المتبرع بالعتق إذا لم يتبرأ من ضمان الجريرة ولم يكن للعتيق
وارث من النسب وإنما يرث المولى من أعلى ولا يرث من أسفل، وهل يورث
480

الولاء أو يورث به؟ إشكال أقربه الثاني، لقوله ع: إنما الولاء لمن أعتق،
وقوله ع: الولاء لحمة كلحمة النسب، والنسب يورث به ولا يورث،
ولأن الولاء يحصل بإنعام السيد على عبده بالعتق وهو غير منتقل فلا ينتقل معلولة،
ويرث العتيق من عصبات سيده أقربهم إليه وأولاهم بميراثه يوم موت العبد، فعلى
هذا لو مات المعتق وخلف ولدين ثم مات أحدهما عن أولاد ثم العتيق ورثه الولد
الباقي خاصة على الثاني واشترك الباقي وورثة الأول نصفين على الأول.
ولا يجتمع الميراث بالولاء والنسب سواء اتحد الوارث بهما أو اختلف بل يرث
بالنسب خاصة ولو أعتق الرجل وابنته عبدا ثم مات عنها وعن ابن ثم مات العبد
فالولاء بين البنت والابن نصفان، وإن قلنا البنات يرثن بالولاء كان لها الثلثان،
فإن مات الابن قبل العبد وخلف بنتا ثم مات العبد وخلف معتقة نصفه وبنت
أخيها، فللمعتقة نصف ماله وباقيه لبيت المال، وإن جعلنا للبنت ميراثا بالولاء
ورثت البنت من أبيها ثلث حصته إن جعلنا الولاء موروثا وإلا فلا.
ولو خلف الميت بنت مولاه ومولى أبيه فتركته لبيت المال إن منعنا البنت لأنه
ثبت عليه الولاء بالمباشرة فلا يثبت عليه بإعتاق الأب، ولو ماتت امرأة حرة لا
ولاء عليها وأبواها رقيقان بأن سبيا لكفرهما وأسلمت دونهما فتحررت واسترقا
وخلفت معتق أبيها لم يرثها لأنه إنما يرث بالولاء وهذه لا ولاء عليها.
ولو ماتت المعتقة وخلفت ابنها وأخاها ثم مات مولاها فميراثه لابنها على قول
المفيد رحمة الله عليه، فإن مات ابنها بعدها وقبل مولاها وترك عصبة كأعمامه ثم
مات العبد وترك أخا مولاته وعصبة ابنها فميراثه لأخي مولاته لأنه أقرب عصبة
المعتق، فإن انقرض عصبتها كان بيت المال أحق به من عصبة ابنها، ولو قلنا الولاء
يورث كالمال يرثه عصبة الابن، ولا يرث العتيق من أقارب معتقه بعد أولاده إلا
العصبة على رأي وأقرب العصبات يمنع الأبعد.
ولو مات المعتق وخلف أبا معتقه وابنه فللأب السدس والباقي للابن، ولو
481

كان عوض الأب جدا كان المال للابن، ولو خلف أخا معتقه وجده تساويا، ولو
خلف جد معتقه وابني أخي معتقه فللجد النصف ولا بني الأخ النصف، ولو
خلف جدا وعما لمعتقه فالمال للجد، ولو خلف المعتق ابنين ثم ماتا وخلف
أحدهما عشرة والآخر واحدا ثم مات العبد، فإن جعلنا الولاء يورث كان للواحد
النصف وللعشرة نصف وإن قلنا يورث به فكذلك، ويحتمل كون الميراث بينهم
على عددهم لكل واحد جزء من أحد عشر.
ولو خلف السيد ابنه وابن ابنه فمات ابنه بعده عن ابن ثم مات عتيقه فميراثه
بين ابني الابنين نصفان على الثاني، وكان لابن الابن الذي كان حيا عند موت
أبيه على الأول، ولو مات السيد عن أخ من أب وابن أخ من الأبوين فمات الأخ
من الأب عن ابن ثم مات العتيق فماله لابن الأخ من الأبوين، وعلى الآخر هو
لابن الأخ من الأب، والزوج والزوجة يرثان نصيبهما الأعلى والباقي للمنعم أو لمن
يقوم مقامه عند عدمه.
الثاني: ولاء تضمن الجريرة:
ومن توالى إلى أحد يضمن حدثه ويكون ولاؤه له صح ويثبت به الميراث
لكن مع فقد كل مناسب ومعتق ويرث مع الزوج والزوجة، فلهما نصيبهما الأعلى
والباقي للضامن وهو أولى من الإمام ولا يتعدى الميراث الضامن، فلو مات
المضمون ورثه الضامن مع فقد النسب والمعتق، ولو مات الضامن أولا لم يرثه أولاده
ولا ورثته ولا يرث المضمون الضامن، ولا يضمن إلا سائبة لا ولاء عليه كالمعتق
في الكفارات والنذور أو من لا وارث له.
الثالث: ولاء الإمامة:
وإذا عدم كل وارث من مناسب ومسابب يرث الإمام، ولو وجد معه
482

الزوجان ففي توريثه معهما خلاف سبق، فإن كان الإمام ظاهرا أخذه يصنع به
ما شاء، وكان علي ع يضعه في فقراء بلده وضعفاء جيرانه، وإن كان
غائبا حفظ له أو صرف في المحاويج، ولا يعطي سلطان الجور مع الأمن، ومن مات
من أهل الحرب ولم يخلف وارثا كان ميراثه للإمام، وكل ما يتركه المشركون خوفا
ويفارقونه من غير حرب فهو للإمام.
وما يؤخذ صلحا أو جزية فهو للمجاهدين ومع عدمهم يقسم في الفقراء من
المسلمين والمصالح. وما
يؤخذ من أموالهم في حال الحرب للمقاتلة بعد الخمس وما يأخذه سرية بغير إذن الإمام فهو له خاصة، وما يؤخذ غيلة في زمان الهدنة يعاد
عليهم، وإن كان في غيره كان لآخذه بعد الخمس.
المقصد الثالث: في اللواحق: وفيه فصول:
الأول: في ميراث ولد الملاعنة وولد الزنى:
ولد الملاعنة ترثه أمه وولده وزوجه أو زوجته وكل من يتقرب بالأم، فمع
الولد للأم السدس إن كان ذكرا أو ذكرا وأنثى والباقي للأولاد، ولو لم يكن ولد
فلها الثلث والباقي بالرد، فإن فقدت الأم والأولاد ورثه الإخوة من قبلها والأجداد
من قبلها ويترتبون الأقرب فالأقرب، ومع عدمهم فالأخوال والخالات وأولادهم
على ما تقدم من الترتيب بالسوية في هذه المراتب، ولو لم يكن للأم قرابة أصلا ورثه
الإمام دون الأب ومن يتقرب به، ويرث الزوج والزوجة سهمهما مع كل درجة،
ويرث هو من قرابة الأم على الأصح.
ولو اعترف به أبوه بعد اللعان ورث الولد أباه دون العكس، وهل يرث
أقارب الأب مع اعترافه؟ إشكال، ولو قيل يرثهم إن اعترفوا به وكذبوا الأب في
اللعان ويرثونه كان وجها، ولو خلف أخوين أحدهما من الأبوين والآخر من الأم
تساويا لسقوط اعتبار نسب الأخ بالأب في نظر الشرع، وكذا لو كان أخا لأبويه
483

وأختا لأمه أو أختين فإنهما يتساويان وكذا ابن الأخ للأم، ولو خلف أخوين من
الأبوين مع جد وجدة للأم تساووا.
ولو أنكر الحمل فتلاعنا فولدت توأمين توارثا بالأمومة دون الأبوة، ولو ماتت
الأم ولا وارث سواه فميراثها له، ولو كان معه أبوان أو أحدهما فلكل السدس
والباقي له، ولو كان مع الأبوين أنثى فلها النصف وللأبوين السدسان ويرد الباقي
أخماسا، ومن برأ عند السلطان من جريرة ولده وميراثه ثم مات الولد قيل يرثه
عصبة الأب دون الأب وليس بجيد.
ولا يرث أحد الزانيين ولد الزنى ولا أحد من أقاربهما ولا يرثهم هو لعدم
النسب شرعا وإنما يرثه ولده وزوجه أو زوجته، فإن فقد أولاده فميراثه للإمام ومع
الزوجين الخلاف، وروي أن ميراثه لأمه ومن يتقرب بها وهي مطروحة
الفصل الثاني: في ميراث الخناثى:
من له فرجان يرث على الفرج الذي يبول منه، فإن بال منهما فعلى الذي
يسبق منه البول، فإن جاء منهما ورث على الذي ينقطع أخيرا، فإن تساويا أخذا
وتركا حصل الاشتباه فقيل بالقرعة، وقيل بعد أضلاعه فإن اختلف عدد الجنبين
فذكر وإن اتفقا فأنثى، وقيل يرث النصيبين وهو الأشهر، ونبات اللحية وتفلك
الثدي والحبل والحيض علامات على الأقرب، وفي كيفية معرفته طرق أربعة:
الأول: أن يجعل مرة ذكرا ومرة أنثى وتعمل المسألة على هذا مرة وعلى هذا
أخرى ثم تضرب إحديهما في الأخرى إن تباينتا أو في وفقهما إن اتفقتا وتجتزئ
بإحداهما إن تماثلتا وبالأكثر إن تناسبتا ثم تضربها في اثنين ثم تجمع ما لكل واحد
منهما إن تماثلتا وتضرب إحديهما في الأخرى إن تباينتا أو في وفقهما إن اتفقتا فيدفعه
إليه وهذا يسمى التنزيل.
الثاني: أن يجعل للخنثى سهم بنت ونصف بنت، فلو خلف ابنا وبنتا وخنثى
484

بسطت سهامهم فتجعل لحصة الابن نصفا ولحصة البنت نصفا فيكون أقل عدد
نفرض للبنت اثنان وللذكر ضعفهما وللخنثى نصفهما فالفريضة من تسعة، ولو كان
مع الخنثى ذكر فالفريضة من سبعة، ولو كان معها أنثى فالفريضة من خمسة.
الثالث: أن نورثه بالدعوى في ما بقي بعد اليقين كمسألة الابن والبنت
والخنثى للذكر الخمسان بيقين وهي ستة عشر من أربعين وهو يدعي النصف
عشرين، وللبنت الخمس بيقين ثمانية وهي تدعي الربع عشرة، وللخنثى الربع
بيقين وهو يدعي الخمسين ستة عشر، والمختلف فيه ستة أسهم يدعيها الخنثى كلها
فنعطيه نصفها ثلاثة مع العشرة صار له ثلاثة عشر، والابن يدعي أربعة نعطيه
نصفها سهمين يصير له ثمانية عشر، والبنت تدعي سهمين فندفع إليها سهما صار
لها تسعة، ويحتمل توريثه بالدعوى من أصل المال فيكون الميراث في هذه المسألة من
ثلاثة وعشرين لأن المدعي هاهنا نصف وربع وخمسان، ومخرجها عشرون للابن
النصف عشرة وللبنت خمسة وللخنثى ثمانية تعول إلى ثلاثة وعشرين.
الرابع: أن نقسم التركة نصفين فنقسم أحد النصفين على الوراث على تقدير
ذكورية الخنثى والنصف الآخر عليهم على تقدير الأنوثة كالمسألة بعينها، أصل
الفريضة سهمان نضرب في خمسة لأن حصة البنت على تقدير الذكورية الخمس يصير
عشرة ثم نضربها في أربعة هي أصل حصتها على تقدير الأنوثة فتصير أربعين، يقسم
نصفها وهو عشرون على ذكر وأنثيين يكون للخنثى منها خمسة وكذا الأنثى وللذكر
عشرة، ونصف الآخر نقسمه على ذكرين وأنثى يكون للخنثى ثمانية وكذا الذكر
والأنثى أربعة فيجتمع للخنثى ثلاثة عشر وللذكر ثمانية عشر وللأنثى تسعة.
والطريق الأول يخالف الطريق الثاني في هذه المسألة لأن على الطريق الأول
نضرب فريضة الذكورية وهي خمسة في فريضة الأنوثة وهي أربعة، ثم اثنين في
المجتمع تصير أربعين للخنثى على تقدير الذكورية ست عشرة وعلى تقدير الأنوثة
عشرة، فلها نصفهما ثلاثة عشر وللذكر ثمانية عشر وللأنثى تسعة لأن للبنت سهمان
485

في خمسة وسهما في أربعة فالمجموع تسعة، وللذكر ثمانية عشر وللخنثى سهمان في
خمسة وسهم في أربعة يكون ثلاثة عشر، وعلى الطريق الثاني المسألة من تسعة
للخنثى الثلث وهو ثلاثة وثلاثة عشر من أربعين أقل من الثلث، والطريقة الثالثة
توافق الأولى في أكثر المواضع كما في هذه المسألة.
فروع:
أ: لو خلف ابنا وخنثى فعلى الأول نضرب اثنين في ثلاثة ثم اثنين في المجتمع
للذكر سبعة وللخنثى خمسة، وعلى الثاني الفريضة من سبعة للذكر أربعة وللخنثى
ثلاثة، وعلى الثالث للذكر بيقين النصف ستة وللخنثى بيقين أربعة يبقى سهمان
يدعيهما كل منهما فيقسم بينهما، وعلى العول في الدعوى يصح من سبعة لأن مخرج
النصف إحدى الدعويين والثلثين الدعوى الأخرى من ستة الذكر يدعي أربعة
والخنثى ثلاثة، وعلى الرابع من اثني عشر لأن أحد النصفين يقسم نصفين والآخر
أثلاثا وأقل مخرج الثلث والربع اثنا عشر.
ب: لو خلف أنثى وخنثى فعلى الأول الفريضة من اثني عشر: للخنثى سبعة
وللأنثى خمسة، وعلى الثاني من خمسة للخنثى ثلاثة وللأنثى سهمان، وباقي الطرق
ظاهر.
ج: لو اتفق معهم زوج أو زوجة صححت مسألة الخناثى ومشاركيهم أولا دون
الزوج والزوجة ثم ضربت مخرج نصيب الزوج أو الزوجة فيما اجتمع، كابن وبنت
وخنثى فريضتهما على الأول أربعون تضرب مخرج سهم الزوج وهو أربعة في أربعين
فبلغ مائة وستين: للزوج أربعون وكل من حصل له أولا سهم ضربته في ثلاثة،
فما اجتمع فهو نصيبه من مائة وستين: فللخنثى تسعة وثلاثون وللذكر أربعة وخمسون
وللأنثى سبعة وعشرون، وعلى الثاني تضرب تسعة في أربعة: للزوج تسعة وللذكر
اثنا عشر وللأنثى ستة وللخنثى نصفهما وباقي الطرق ظاهر.
486

د: أبوان وخنثى للأبوين تارة الخمسان وتارة السدسان تضرب خمسة في ستة
يبلغ ثلاثين للأبوين أحد عشر وللخنثى تسعة عشر وكذا على الثاني والثالث،
وعلى العول يصح من ستة عشر فإن الأبوين يدعيان الخمسين والخنثى الثلثين
مخرجهما خمسة عشر والرابع كالأول، ولو اعتبرت نصف نصيب كل واحد من
الأبوين استوى الأول والرابع في كون الفريضة من ستين.
ه‍: أبوان وخنثيان للأبوين السدسان والباقي للخنثيين، الفريضة من ستة
للأبوين سهمان ولكل خنثى سهمان على جميع الطرق إذ لا رد هنا، ولو كان معهما
أحد الأبوين فله تارة السدس وتارة الخمس، نضرب خمسة في ستة يبلغ ثلاثين ثم
اثنين في ثلاثين فللأب تارة الخمس اثنا عشر وتارة السدس عشرة فله نصفهما أحد
عشر والباقي للخناثى بالسوية وكذا باقي الطرق، وعلى العول من أحد وثلاثين.
و: أحد الأبوين وخنثى الفريضة من أربعة وعشرين للأم خمسة والباقي
للخنثى إن جعلنا له نصف ابن ونصف بنت، وكذا على الطريق الأول والثالث
لأن للأم السدس بيقين وللخنثى ثلاثة أرباع بيقين ويقسم نصف السدس بينهما
وكذا الرابع، وعلى الثاني إن جعلنا التفاوت باعتبار البنت الزائدة احتمل أن يكون
الفريضة من أربعين للأم تسعة لأن للأم مع البنت الواحدة الربع ومع البنتين
الخمس فلها نصف التفاوت، وأن يكون من ستة وثلاثين لأن الأصل ستة للأم
السدس وللبنت ثلاثة ولنصف البنت نصف سهم، فإن ضربت اثنين في ستة بلغ
اثني عشر وضربت ثلاثة الوفق في اثني عشر يصير ستة وثلاثين: للأم بالتسمية ستة
وبالرد سهمان والباقي للخنثى، أو تضرب تسعة في ستة فيبلغ أربعة وخمسين: للأم
اثنا عشر بالتسمية والرد.
وإن جعلنا التفاوت باعتبار مجموع الزائدة والبنت الأصلية احتمل أن يكون
الفريضة من ثمانين: للأم مع البنتين الخمس ومع البنت الربع فالتفاوت وهو
سهم من عشرين للخنثى ثلاثة أرباعه تضرب أربعة في عشرين: للأم الخمس ستة
487

عشر وربع التفاوت وهو سهم وللخنثى ثلاثة وستون، والأجود أن يقال: للأم
السدس وللخنثى نصف وثلاثة أرباع سدس والمخرج أربعة وعشرون: للأم
بالتسمية أربعة وللخنثى خمسة عشر، فإما أن نجعل الفريضة تسعة عشر أو نضرب
تسعة عشر في أربعة وعشرين يبلغ أربعمائة وستة وخمسين للأم من كل تسعة عشر
سهما أربعة ستة وتسعون فالباقي للخنثى، وعلى العول من ثلاثة عشر.
ز: أحد الأبوين وأنثى وخنثى، فعلى الأول تضرب مخرج الخمس في مخرج
السدس ثم اثنين في المجتمع ثم مخرج الثلث في المرتفع وذلك مائة وثمانون: للأب
على تقدير الذكورية ثلاثون وللخنثى مائة وللأنثى خمسون، وعلى تقدير الأنوثة للأب
الخمس ستة وثلاثون وللخنثى اثنان وسبعون، وكذا الأنثى فيأخذ نصف نصيب
كل واحد وهو فرضه فللأب ثلاثة وثلاثون وللخنثى ستة وثمانون وللأنثى أحد
وستون.
ويحتمل أن يقال: نضرب مسألة الخناثى وهي اثنا عشر في مسألة الأم وهي
ستون فتصير سبعمائة وعشرون: للأم السدس مائة وعشرون وللبنت مائتان
وللخنثى مائتان وثمانون إذ للبنت مع الخنثى خمسة من اثني عشر وللخنثى سبعة
ويبقى الرد وهو مائة وعشرون، للأم على تقدير الأنوثية الخمس بالنسبة إليهما معا
أربعة وعشرون وتأخذ البنت من الباقي أربعين والخنثى ستة وخمسين سهما، ثم
يرجع الخنثى على الأب بنصف ما أخذ منه من الرد وهو سبعة لأنه إذا أخذ أربعة
وعشرين التي هي الرد منهما كان ما يأخذه من الأنثى عشرة أسهم ومن الخنثى أربعة
عشر ونصفها غير مستحق لأنه نصف ذكر، فيصير مع الأب سبعة عشر سهما وله في
الأصل مائة وعشرون فيصير له مائة وسبعة وثلاثون وللخنثى ثلاث مائة وثلاثة
وأربعون وللأنثى مائتان وأربعون، وهذا بناء على أن فرض الخنثى ذكرا هل
يقتضي سقوط الرد بالنسبة إلى البنت مطلقا أو لا؟ وبالجملة فقه هذه المسألة لا
ينفك عن عسر ما.
488

وعلى الطريق الثاني للأم نصف سدس ونصف خمس ومخرجهما ستون تضربها
في خمسة فريضة الخنثى والأنثى يبلغ ثلاث مائة: للأم خمسة وخمسون وللبنت ثمانية
وتسعون وللخنثى مائة وسبعة وأربعون، وعلى الاحتمال الثاني نقول: قد عرفت
أن فريضة الخنثى والأنثى خمسة وللأم من حصة البنت خمسها ومن نصف حصة
الخنثى سدسه ومن النصف الآخر خمسه، فتضرب خمسة في خمسة يصير خمسة
وعشرين للخنثى خمسة عشر ليس لها نصف، تضرب اثنين في الأصل يصير خمسين
للخنثى ثلاثون ليس لنصفها نصف، تضرب اثنين في خمسين يبلغ مائة للأنثى أربعون
تأخذ الأم منها ثمانية وللخنثى ستون تأخذ من نصفها ستة ومن نصفها الآخر خمسة
يتكمل لها تسعة عشر، وللأنثى اثنان وثلاثون وللخنثى تسعة وأربعون.
ويحتمل أن يكون للأم من سهم الخنثى سدس ثلثيه وخمس ثلثه تضرب خمسة
في خمسة ثم ثلاثة وفق الستة مع المنكسر من حصة الخنثى في المرتفع للأم من حصة
الأنثى ستة ومن ثلثي حصة الخنثى خمسة ومن ثلثها ثلاثة يتكمل أربعة عشر وللأنثى
أربعة وعشرون وللخنثى سبعة وثلاثون، وينعكس الحال في الخنثى فتأخذ الأم من
ثلثي حصتها الخمس كالبنت ومن الثلث السدس لأنه الزائد على حصة البنت لأن
للأم أن تقول الزائد باعتبار فرض الذكورية هو السهم الزائد تضرب خمسة في خمسة
ثم ستة في المرتفع للأم من سهم الأنثى اثنا عشر، وكذا من ثلثي سهم الخنثى ومن
الثلث خمسة يتكمل للأم تسعة وعشرون وللأنثى ثمانية وأربعون وللخنثى ثلاثة
وسبعون.
وعلى الطريق الثالث الأم تدعي الخمس ستة وثلاثين من مائة وثمانين ولها
باليقين السدس ثلاثون، والبنت تدعي الخمسين اثنان وسبعون ولها بيقين ثلث
الباقي بعد السدس وهو سدس وثلثا سدس خمسون، والخنثى يدعي ثلثي الباقي بعد
السدس وهو نصف ونصف تسع وهو مائة وله بيقين الخمسان اثنان وسبعون،
فيقع التنازع في ثمانية وعشرين فالخنثى يدعيها أجمع فيعطى نصفها أربعة عشر والأم
489

تدعي منها ستة فتعطى ثلاثة والبنت تدعي اثنين وعشرين تعطى أحد عشر، وهذا
الطريق ينسحب على الاحتمال الأول خاصة.
وعلى العول الأم تدعي الخمس والخنثى تدعي خمسة اتساع والأنثى الخمسين
ومخرج ذلك خمسة وأربعون سهما، للأم خمس تسعة وللبنت خمسان ثمانية عشر
وللخنثى خمسة اتساع خمسة وعشرون فالمجموع اثنان وخمسون تعول بسبعة.
وعلى الطريق الرابع تطلب مالا له نصف ولنصفه خمس وسدس ولسدس
النصف ثلث تضرب اثنين في خمسة ثم ستة في المجتمع ثم ثلاثة في المرتفع تبلغ مائة
وثمانين يقسم تسعين أخماسا، للأم ثمانية عشر وللبنت ستة وثلاثون وكذا الخنثى
ويقسم تسعين أسداسا للأم خمسة عشر ثم يقسم الباقي أثلاثا، للبنت خمسة
وعشرون وللخنثى خمسون فيكمل للأم ثلاثة وثلاثون وللبنت أحد وستون وللخنثى
ستة وثمانون.
ح: لو تعددت الخناثى تساووا في الميراث لتساويهم في الاستحقاق إن لم نقل
بعد الأضلاع ولا القرعة، وحينئذ يحتمل أن ينزلوا حالين تارة ذكورا وأخرى إناثا
كما يفعل بالواحد، وأن ينزلوا بعدد أحوالهم فللاثنين أربعة أحوال وللثلاثة ثمانية
وللأربعة ستة عشر وللخمسة اثنان وثلاثون حالا وهكذا، ثم تجمع ما لهم في
الأحوال كلها فتقسمه على عدد أحوالهم فما خرج بالقسمة فهو لهم إن كانوا من جهة
واحدة، وإن كانوا من جهات جمعت مال كل واحد منهم في الأحوال وقسمته على
عدد الأحوال فالخارج بالقسمة هو نصيبه.
فلو خلف بنتا وخنثيين، فعلى الأول تضرب ثلاثة في خمسة ثم اثنين في
المجتمع تبلغ ثلاثين، للبنت حال الذكورية ستة وحال الأنوثة عشرة فلها نصفهما
ثمانية ولكل خنثى أحد عشر هي مجموع نصف اثني عشر الحاصلة حال الذكورية
ونصف عشرة الحاصلة حال الأنوثة
وعلى الثاني نفرض لكل وارث حالين آخرين، فنفرض أكبر الخنثيين ذكرا
490

وأصغرهما أنثى وبالعكس فيكون لكل خنثى في حال ذكوريتهما اثنا عشر وفي حال
أنوثتهما عشرة، وللكبرى حال فرضها ذكرا خمسة عشر وللأخرى سبعة ونصف،
وللصغرى حال فرضها ذكرا خمسة عشر وللكبرى سبعة ونصف، وللبنت في
الفرض الأول ستة وفي الثاني عشرة وفي الفرضين الآخرين سبعة ونصف فتأخذ
لكل وارث ربع ما حصل له في الأحوال وتجمعها فهو نصيبه، فللبنت سبعة وثلاثة
أرباع وذلك ربع ما حصل لها في الأحوال الأربعة ولكل خنثى أحد عشر سهما
وثمن سهم فقد حصل التفاوت بين الاحتمالين، والأخير أعدل لما فيه من إعطاء
كل واحد بحسب ما فيه من الاحتمال، وفي الأول يعطي ببعض الاحتمالات دون
بعض وهو تحكم لكن هنا يحتاج إلى زيادة ضرب للفرض الآخر.
ولو كان عوض الأنثى ذكرا فعلى الاكتفاء بالاحتمالين تضرب أربعة في ثلاثة
ثم اثنين في المجتمع فللذكر عشرة ولكل خنثى سبعة، وعلى تقدير الاحتمالات
نفرض الأكبر ذكرا والأصغر أنثى فالفريضة من خمسة نضربها في أربعة وعشرين
يصير مائة وعشرين، فعلى تقدير ذكورية الجميع لكل وارث أربعون وعلى تقدير
أنوثية الجميع للذكر ستون ولكل خنثى ثلاثون، وعلى تقدير ذكورية الأكبر يكون له
ثمانية وأربعون وكذا للذكر وللأصغر أربعة وعشرون، وبالعكس يكون للأكبر
أربعة وعشرون وللأصغر ثمانية وأربعون، فللذكر ربع ما حصل له في الأحوال
الأربعة تسعة وأربعون ولكل خنثى خمسة وثلاثون سهما ونصف، وعلى الاكتفاء
بالاحتمالين يكون للذكر من مائة وعشرين خمسون ولكل خنثى خمسة وثلاثون
فيظهر التفاوت، والأخير أصوب.
ولو كان مع الخنثيين أحد الأبوين فله الخمس تارة والسدس أخرى ويصح
الفريضة من مائة وعشرين، فإن اكتفينا بالاحتمالين فللأب اثنان وعشرون، وإن
أوجبنا الاحتمالات فله حال ذكوريتهما عشرون وكذا حال ذكورية الأكبر خاصة
وحال ذكورية الأصغر خاصة، وله حال أنوثيتهما أربعة وعشرون فله ربع المجموع
491

وذلك أحد وعشرون فتنقص سهما لأن الأربعة يأخذها في حال ويسقط في ثلاثة
أحوال فكان له ربعها.
ط: إن جعلنا الخنثى تمنع من الرد في النصف باعتبار نصف الذكورية
احتمل مع تعدد الخناثى سقوط الرد، فإن الأب يمنع من نصف الرد بنصف
الذكورية في أحدهما ومن النصف الآخر بالذكورية من الآخر وذلك لأن في كل
واحد منهما اعتبار نصف ذكر ففيهما اعتبار ذكر والذكر مانع من الرد، ويحتمل عدم
ذلك فيحصل نصف الرد إن اكتفينا بالاحتمالين وإلا فبحسب تعدد
الاحتمالات.
ي: العمل في سهم الخناثى من الإخوة من الأبوين أو الأب والعمومة
وأولادهم كما ذكرنا في الأولاد، فلو فرضنا جدا لأب وأخا له خنثى فعلى تقدير
الذكورية المال نصفان وعلى تقدير الأنوثية المال أثلاثا نضرب اثنين في ثلاثة يصير
ستة ثم نضرب اثنين في ستة تبلغ اثني عشر فللجد سبعة وللخنثى خمسة، ولو كانت
جدة فبالعكس. أما الإخوة من الأم أو الأخوال وأولادهم فلا حاجة في حسابهم إلى
هذا العمل لتساوي الذكور والإناث. وهل يصح أن يكون الآباء والأجداد
خناثى؟ قيل نعم، حتى لو كان الخنثى زوجا وزوجة كان له نصف ميراث الزوج
ونصف ميراث الزوجة، والأقرب المنع إلا ما روي من أن امرأة ولدت وأولدت
فعلى هذه الرواية تشكل النسبة بينهما إذ هي أم لأحدهما وأب للآخر، ويشترط في
إضافة أخوة اتحاد أحدهما بينهما وهو منفي هنا.
مسائل:
أ: من ليس له فرج الرجال ولا النساء يورث بالقرعة فيكتب على سهم
عبد الله وعلى سهم أمة الله ويستخرج بعد الدعاء فيورث على ما يخرج عليه.
ب: من له رأسان وبدنان على حقو واحد يوقظ أحدهما، فإن انتبها فهما واحد
492

وإن انتبه أحدهما خاصة فهما اثنان في الميراث، وكذا التفصيل في الشهادة، أما
التكليف فاثنان مطلقا، وفي النكاح واحد وإن كان أنثى ولا قصاص على أحدهما
وإن تعمد مطلقا، ولو تشاركا ففي الرد مع الانتباه لا دفعة إشكال ودفعة أشكل.
ج: لا يشترط في ميراث الحمل كونه حيا عند موت المورث حتى أنه لو ولد
لستة أشهر من موت الواطئ ورث، وكذا لو ولد لأقصى الحمل إذا لم تتزوج، نعم
يشترط انفصاله حيا، ولو ترك الميت ذا فرضين أعلى وأدون كأحد الزوجين أو
الأبوين أعطي ذو الفرض نصيبه الأدنى وحبس الباقي، فإن سقط ميتا أكمل له
وإلا فلا، ولو كان للميت ابن موجود أعطي الثلث ولو كان الموجود بنتا أعطيت
الخمس.
ولو خلف ابنا وبنتا وحملا فالاحتمالات الممكنة التي لا تخرج إلى الشذوذ في
الحمل عشرة، فإذا أردت فريضة واحدة تنقسم على جميع التقادير قلت الفريضة على
تقدير عدمه ثلاثة وعلى تقدير كونه ذكرا خمسة وعلى تقدير كونه أنثى أربعة وعلى
تقدير كونه خنثى تسعة وعلى تقدير كونه ذكرين سبعة وعلى تقدير كونه أنثيين خمسة
وعلى تقدير كونه خنثيين اثنا عشر وعلى تقدير كونه ذكرا وأنثى ستة وعلى تقدير
كونه ذكرا وخنثى ثلاثة عشر وعلى تقدير كونه خنثى وأنثى أحد عشر، تضرب سبعة
في ثلاثة عشر ثم إحدى عشر في المرتفع وهو أحد وتسعون يكون ألفا وواحدا ثم
خمسة في ذلك يكون خمسة آلاف وخمسة ثم وفق التسعة في اثني عشر يكون ستة
وثلاثين تضربها في خمسة آلاف وخمسة تصير مائة ألف وثمانين ألف ومائة
وثمانين سهما.
فعلى تقدير أن يكون ذكرا أو أنثيين تقسم أخماسا للبنت ستة وثلاثون ألفا
وستة وثلاثون سهما وللذكر الضعف.
وعلى تقدير أن يكون أنثى يقسم أرباعا للبنت خمسة وأربعون ألفا وخمسة
وأربعون سهما وللذكر ضعفه.
493

وعلى تقدير أن يكون خنثى تقسم اتساعا للبنت تسعان أربعون ألفا وأربعون
سهما وللذكر ضعفاه وللخنثى ضعف ونصفه.
وعلى تقدير أن يكونا ذكرين يقسم أسباعا للبنت سبع وهو خمسة وعشرون
ألفا وسبعمائة وأربعون وللذكر ضعفه.
وعلى تقدير أن يكون خنثيين تقسم على اثني عشر وللبنت سدس وهو ثلاثون
ألفا وثلاثون سهما وللابن ضعفه وللخنثى مثله ونصفه.
وعلى تقدير أن يكون ذكرا وأنثى يقسم أسداسا للبنت سدس وللذكر ضعفه.
وعلى تقدير أن يكون ذكرا وخنثى يقسم على ثلاثة عشر كل قسم ثلاثة عشر
ألفا ثمان مائة وستون للبنت قسمان وللذكر أربعة وللخنثى ثلاثة.
وعلى تقدير أن يكون أنثى وخنثى يقسم على أحد عشر كل قسم ستة عشر ألفا
وثلاث مائة وثمانون للبنت قسمان وللذكر أربعة والخنثى ثلاثة.
د: دية الجنين يرثها أبواه ومن يتقرب بهما أو بالأب بالنسب والسبب، وفي
المتقرب بالأم قولان.
الفصل الثالث: في الإقرار بالنسب:
وقد تقوم أصول هذا الباب ونحن نذكر هنا ما يتعلق بتعيين السهام من
الفريضة.
إذا تعارف اثنان ورث بعضهم من بعض ولا يطلب منهما بينة، ولو كانا
معروفين بغير ذلك النسب لم يقبل قولهما، وإذا أقر بعض الورثة بمشارك في الميراث
ولم يثبت نسبه ألزم المقر أن يدفع إليه ما فضل في يده عن ميراثه ولا يجب أن
يقاسم، ولو أقر الابن ولا وارث سواه بآخر دفع إليه نصف ما في يده، فإن أقر
بثالث فإن صدقه الثاني وأنكر الثالث الثاني لم يكن له أكثر من الثلث لأنه لم يقر
له بأكثر منه، والمشهور أن له نصف التركة، وعلى الأول يحتمل أن يغرم المقر الأول
494

له سدس التركة لأنه أتلفه عليه بإقراره الأول.
ولو أنكر الثاني الثالث دفع الأول إلى الثالث ثلث ما بقي في يده، ويحتمل أن
يلزمه دفع ثلث جميع المال لأنه فوته عليه بدفع النصف إلى الأول وهو يقر أنه لا
يستحق إلا الثلث، وسواء دفعه بحكم حاكم أو بغير حكمه إذ إقراره سبب الحكم
سواء علم بالحال عند إقراره الأول أو لم يعلم لتساوي العمد والخطأ في ضمان
الإتلاف، ويحتمل عدم الضمان إذا لم يعلم بالثاني حين أقر بالأول أو لم يعلم أنه
إذا أقر بعد الأول لا يقبل لأنه يجب عليه الإقرار بالأول إذا علمه ولا يحوجه إلى
حاكم. ومن فعل الواجب لم يخن فلم يضمن، وإن علم بالثاني وعلم أنه إذا أقر
بعد الأول لم يقبل ضمن لتفويته حق غيره بتفريطه.
فروع:
أ: إذا أردت معرفة الفضل فاضرب مسألة الإقرار في مسألة الانكار ثم تضرب
ما للمقر من مسألة الإقرار في مسألة الانكار إذا كانتا متباينتين وتضرب ما للمنكر
في مسألة الانكار في مسألة الإقرار فما كان بينهما فهو الفضل، فإن لم يكن في يده
فضل فلا شئ للمقر له كإخوة متفرقين أقر الأخ من الأم بأخ أو أخت فلا شئ
للمقر له لأنه مقر على غيره سواء أقر لأخ من أم أو غيره.
وأما لو خلف أختا لأم وأخرى لأب فأقرت الأولى بأخرى من أي جهة
كانت فلها خمس ما في يدها لأن مسألة الانكار من أربعة والإقرار من خمسة إذا
ضربت إحديهما في الأخرى كانت عشرين فلها في مسألة الانكار خمسة وفي
مسألة الإقرار أربعة يفضل في يدها سهم فهو للأخت.
ولو أقرت الأخت من الأب بأخرى من الأم وكذبتها الأخت من الأم
فالعمل ما تقدم وتأخذ الثالثة خمس ما في يد الأخت من الأب لأن لها من مسألة
الإقرار اثني عشر وفي مسألة الانكار خمسة عشر فيفضل ثلاثة، ولو أقرت بأخت من
495

الأب فالعمل واحد لكن لها في مسألة الانكار خمسة عشر وفي مسألة الإقرار ثمانية
يفضل معها سبعة فهي للمقر بها.
ولو أقرت بأخ من الأب فمسألة الإقرار هاهنا ثمانية عشر ومضروب المسألتين
اثنان وسبعون لها في مسألة الانكار أربعة وخمسون وفي مسألة الإقرار عشرون يفضل
في يدها أربعة وثلاثون تسلم إلى الأخ، فإن ضربت الوفق فالمضروب ستة
وثلاثون، ولو أقرت بأخ أو أخت من الأبوين دفعت جميع ما في يدها.
ب: لو خلف ابنين فأقر الأكبر بأخوين فصدقه الأصغر في أحدهما ثبت نسب
المتفق عليه فصاروا ثلاثة ومسألة الإقرار أربعة ومضروب المسألتين اثنا عشر،
للأصغر سهم من مسألة الانكار في مسألة الإقرار أربعة وللأكبر سهم من مسألة
الإقرار وفي مسألة الانكار ثلاثة، وللمتفق عليه إن أقر بصاحبه مثل سهم الأكبر
وإن أنكر فمثل سهم الأصغر.
ويحتمل أن المتفق عليه إن صدق بصاحبه لم يأخذ من الأصغر إلا ربع ما في
يده لأنه لا يدعي أكثر منه ويأخذ هو والمختلف فيه من الأكبر نصف ما في يده
فيصح من ثمانية: للأصغر ثلاثة أسهم وللأكبر سهمان وللمتفق عليه سهمان
وللآخر سهم، ويضعف بأن الأصغر يقر أنه لا يستحق أكثر من الثلث وقد حضر
من يدعي الزيادة فتدفع إليه، كما لو ادعى دارا في يد آخر فأقر بها لغيره فقال المقر
له: إنها للمدعي، فإنها تدفع إليه.
ويحتمل أن يدفع الأكبر إليهما نصف ما في يده ويأخذ المتفق عليه من الأصغر
ثلث ما في يده فيحصل: للأصغر الثلث وللأكبر الربع وللمتفق عليه السدس
والثمن وللمختلف فيه الثمن، ويصح من أربعة وعشرين: للأصغر ثمانية
وللمتفق عليه سبعة وللأكبر ستة وللمختلف فيه ثلاثة.
ج: لو خلف ثلاثة بنين فأقر الأكبر بأخ وأخت فصدقه الأوسط في الأخ
والأصغر في الأخت لم يثبت نسبهما ويدفع الأكبر إليهما ثلث ما في يده والأوسط إلى
496

الأخ ربع ما في يده والأصغر إلى الأخت سبع ما في يده فالأصل ثلاثة، سهم الأكبر
بينه وبينهما على تسعة: له ستة ولهما ثلاثة، وسهم الأوسط بينه وبين الأخ على
أربعة: له ثلاثة وللآخر سهم، وسهم الأصغر بينه وبين الأخت على سبعة: له
ستة ولها سهم، وهي متباينة نضرب أربعة في سبعة ثم في تسعة ثم في أصل المسألة
تبلغ سبع مائة وستة وخمسين: للأكبر ستة في أربعة في سبعة، مائة وثمانية وستون،
وللأوسط ثلاثة في سبعة في تسعة، مائة وتسعة وثمانون، وللأصغر ستة في أربعة
في تسعة مائتان وستة عشر، وللأخ سهمان في أربعة في سبعة ستة وخمسون، وسهم
في سبعة في تسعة ثلاثة وستون فتكمل له مائة وتسعة عشر، وللأخت سهم في أربعة
في سبعة ثمانية وعشرون وسهم في أربعة في تسعة ستة وثلاثون يجتمع لها أربعة
وستون، ولا فرق بين تصادقهما وبين تجاحدهما لأنه لا فضل في يد أحدهما عن
ميراثه.
ولو كان هناك ابن رابع مكذب في الجميع كان أصل المسألة من أربعة سهم
على أحد عشر وسهم على تسعة وسهم على خمسة وسهم ينفرد به الجاحد فيصح من
ألف وتسع مائة وثمانين سهما.
د: لو خلف ثلاثة إخوة لأب وادعت امرأة أنها أخت الميت لأبويه فصدقها
الأكبر وقال الأوسط: هي أخت لأم، وقال الأصغر: لأب، دفع الأكبر ما في يده
إليها ودفع الأوسط سدس ما في يده ودفع الأصغر سبع ما في يده، ويصح من مائة
وستة وعشرين لأن أصل المسألة ثلاثة فمسألة الأوسط من ستة والأصغر من سبعة
تضرب ستة في سبعة تبلغ اثنين وأربعين وهو ما في يد كل واحد منهم فتأخذ جميع
ما في يد الأكبر، ومن الأوسط سدسه سبعة ومن الأصغر سبعة ستة صار لها خمسة
وخمسون.
ه‍: لو أقر الابن ولا وارث سواه بابن ثم جحده لم يقبل ويدفع إليه نصف
ما في يده، فإن أقر بعد جحوده بآخر احتمل أن لا يلزمه شئ لأنه لا فضل في يده
497

عن ميراثه، فإن كان لم يدفع إلى الأول شيئا لزمه أن يدفع إليه نصف ما في يده
ولا يلزم للآخر شئ، ويحتمل أن يلزمه دفع النصف الثاني كله إلى الثاني لأنه
فوته عليه، ويحتمل أن يلزمه ثلث ما في يده للثاني لأنه الفضل الذي في يده على
تقدير كونهم ثلاثة فيصير كما لو أقر بالثاني من غير جحود.
و: أبوان وبنتان اقتسموا التركة ثم أقروا ببنت فاعترفت البنت بأنها قد
استوفت نصيبها من التركة فالفريضة في الإقرار من ثمانية عشر للأبوين ستة ولكل
بنت أربعة فأسقط منها نصيب البنت المقر بها يبقى أربعة عشر، للأبوين منها ستة
ولكل بنت أربعة، وإنما أخذا ثلث أربعة عشر وذلك أربعة وثلثان فيبقي لهما في
يد البنتين سهم وثلث يأخذانهما منهما، فاضرب ثلاثة في أربعة عشر يكون اثنين
وأربعين فقد أخذ الأبوان أربعة عشر وهما يستحقان ثمانية عشر يبقى لهما أربعة
يأخذانها منهما ويبقى للابنتين أربعة وعشرون.
ولو قالت: استوفيت نصف نصيبي، فأسقط سهمين من ثمانية عشر يبقى ستة
عشر، أخذا ثلثها خمسة وثلثا بقي لهما ثلثا سهم، فإذا ضربتها في ثلاثة كانت ثمانية
وأربعين قد أخذا منها ستة عشر بقي لهما سهمان. وفروع هذا الباب كثيرة من ضبط
ما أصلناه قدر على استخراج الباقي.
الفصل الرابع: في ميراث المجوس:
قيل يورثون بالأنساب والأسباب الصحيحة والفاسدة أعني ما حصل عن
نكاح محرم عندنا لا عندهم، كما إذا نكح أمه فأولدها فنسب الولد فاسد وسبب
الأم فاسد، وقيل إنما يرثون بالصحيح منهما كالمسلمين، وقيل يورثون بالأنساب
الصحيحة والفاسدة والأسباب الصحيحة خاصة وهو الأقرب.
فعلى هذا لو تزوج أخته وهي بنته ورثت بالبنتية خاصة، وعلى الأول ترث
بالزوجية أيضا وعلى الثاني لا ميراث لها أصلا.
498

ولو تزوج أمه فعلى الأول لها الربع والثلث إذا لم يكن ولد والباقي يرد عليها
بالأمومة.
ولو كانت أختا هي زوجة كان لها النصف والربع والباقي يرد عليها بالقرابة
إذا لم يكن مشارك.
ولو منع أحد السببين الآخر ورث من جهة المانع وإلا بهما كبنت هي أخت
من أم ترث من جهة البنت خاصة، وكذا بنت هي بنت بنت لها نصيب البنت
خاصة وكذا عمة هي أخت من أب أو عمة هي بنت عمة وكذا بنت هي بنت بنت
وهي بنت أخت، ولو لم يمنع ورث بهما كجدة هي أخت.
وأما المسلمون فلا يتوارثون بالأسباب الفاسدة إجماعا، فلو تزوج بمحرمة عليه
إما بالإجماع كالأم من الرضاعة أو على الخلاف كأم المزني بها والبنت من الزنى
سواء اعتقد الزوج الإباحة أو لا، ويتوارثون بالأنساب الفاسدة فإن الشبهة كالعقد
الصحيح في التحاق النسب به، فلو تشبهت بنت المسلم عليه بزوجته أو اشتراها وهو
لا يعلم بها ثم وطئها وأولدها لحق به النسب واتفق مثل هذه الأنساب وكان
الحكم كما تقدم في المجوس.
الفصل الخامس: في ميراث الغرق والمهدوم عليهم:
إذا مات اثنان فصاعدا بسبب كهدم أو غرق أو شبههما على رأي واشتبه تقدم
موت أحدهم وتأخره ورث بعضهم من بعض بشروط.
أ: أن يكون لهم أو لأحدهم مال، فإن لم يكن هناك مال لأحدهم لم يكن
ميراث.
ب: أن يكون الموارثة ثابتة من الطرفين، فلو ثبتت من أحدهما سقط هذا
الحكم كأخوين غرقا ولأحدهما ولد.
ج: أن يكون الموت بسبب كالغرق والهدم، والأقرب في غيرهما من الأسباب
499

ثبوت الحكم، فلو ماتوا لا بسبب كحتف أنفهما سقط هذا الحكم.
د: أن يشتبه تقدم موت أحدهما، فلو علم السابق أو الاقتران بطل الحكم.
ومع الشرائط يرث بعضهم من بعض من تلاد ماله دون طارفه وهو ما ورثه
عن ميت معه على الأصح، لما روي لو كان لأحدهما مال صار لمن لا مال له ولأن
توريثه مما ورث منه يؤدي إلى فرض الحياة بعد الموت وهو ممتنع عادة، وهل يجب
تقديم الأضعف في التوريث؟ قيل نعم ولا ثمرة له إلا على التوريث من الجميع،
فلو غرق الزوجان فرض موت الزوج أولا فللزوجة نصيبها منه ثم يفرض موتها فيأخذ
نصيبه من تركتها الأصلية لا مما ورثته منه، ولو غرق أب وابن ورث الأب نصيبه
ثم يفرض موت الأب فيرث الابن نصيبه من ماله لا مما ورثه من الابن، وما يرثه
كل واحد من الآخر ينتقل إلى ورثته الأحياء خاصة.
ولو كان كل منهما أو لي بالآخر من الأحياء كالإخوة للأب والابن من غيره
انتقل مال كل واحد منهما إلى صاحبه ثم ينتقل إلى ورثته الأحياء فيرث الأب مال
الابن أجمع، ثم ينتقل عن الأب إلى إخوة الأب نفسه وينتقل مال الأب الأصلي
إلى الولد ثم عنه إلى إخوة الولد فيرث إخوة كل منهما مال الآخر. وإن كان لهما أو
لأحدهما شريك في الميراث كأن يكون للأب أولاد أخرى وللولد أولاد، فللأب
سدس تركة الابن يأخذ الأحياء من أولاده ويأخذ أولاد الابن خمسة أسداس تركته
ثم يفرض موت الأب فيأخذ الابن نصيبه ينتقل إلى أولاده وباقي تركة الأب لباقي
أولاده.
ولو كان الغريقان متساويين في الاستحقاق كأخوين غرقا لم يقدم أحدهما في
التوريث وانتقل مال كل واحد إلى الآخر، فإن لم يكن لهما وارث فالميراثان للإمام،
ولو كان لأحدهما وارث كجد من أم انتقل ما صار إليه من أخيه إلى وارثه وانتقل
ما صار إلى الآخر إلى الإمام، وعلى المذهب الضعيف ينبغي استعمال القرعة مع
الفائدة، كأخوين من أب لكل واحد منهما جد لأم ولأحدهما مال دون الآخر فإنه
500

يقرع في المتقدم في الميراث، فإن خرج ذو المال لم يرث من أخيه شيئا لكن إذا فرض
موته بعد ذلك أخذ أخوه ثلثي تركته وانتقلت إلى جده وأخذ جد ذي المال الثلث
خاصة، وإن خرج المعدم ورث ثلثي مال أخيه ثم نفرض موته فيرجع إلى أخيه ثلثا
ما ورثه منه فيصير لجد ذي المال سبعة أسهم من تسعة ولجد المعدم سهمان فظهرت
الفائدة.
ولو كان الغرقى أكثر من اثنين يتوارثون فالحكم كذلك نفرق موت أحدهم
ونقسم تركته على الأحياء والأموات معه فما يصيب الحي يعطي وما يصيب الميت
معه يقسم على ورثته الأحياء دون الأموات، وهكذا نفرض موت كل واحد إلى أن
يصير تركات جميعهم منقولة إلى الأحياء، وإذا ماتا حتف أنفهما واشتبه المتقدم أو
علم الاقتران لم يرث أحدهما من الآخر بل كان ميراث كل واحد منهما لورثته
الأحياء.
فلو ماتت امرأة وولدها واشتبه السابق وادعى الزوج موت الزوجة أولا
والأخ موت الولد أولا كان ميراث المرأة بين الزوج والأخ نصفين وميراث الولد
للزوج خاصة وحلف كل منهما لصاحبه، وكذا مع علم الاقتران إلا أنه لا يمين إلا
أن يدعيه أحدهما ويدعي الآخر السبق فيقدم قول مدعي الاقتران مع اليمين.
ولنذكر هاهنا أمثلة للغرقى المتكثرة.
أ: ثلاثة إخوة لأب مهدوم عليهم خلف كل واحد منهم أخا لأم، نفرض
موت كل واحد منهم فيصير كمن خلف أخا لأم وأخوين لأب فيكون أصل ماله
اثني عشر: لأخيه لأمه سهمان ولكل من المتوفيين معه خمسة ينتقل منه إلى أخيه
لأمه فيكون بعد قسمة تركة الجميع، لكل أخ حي سهمان من اثني عشر من أصل
تركة أخيه وخمسة أسهم من اثني عشر من تركة كل واحدة من الأخوين الباقيين
بالانتقال عن أخيه.
ب: زوجان وابن وابنتان لهما ماتوا جميعا وخلف الرجل أخا والمرأة أبا
501

والابن زوجة وإحدى البنتين زوجا، نفرض موت الرجل أولا فأصل ما له اثنان
وثلاثون منها أربعة لزوجته وينتقل إلى أبيها وأربعة عشر لابنه ولا ينقسم على
ورثته إذ ليس لها ربع صحيح، فنضرب الأصل في اثنين تبلغ أربعة وستين للزوجة
ثمانية وينتقل إلى أبيها، ونصيب الابن ثمانية وعشرون ينتقل منها سبعة إلى
زوجته والباقي إلى جده، ونصيب البنت التي لها زوج أربعة عشر ينتقل منها سبعة
إلى زوجها والباقي إلى جدها وأربعة عشر للبنت الأخرى وينتقل إلى جدها.
ثم نفرض موت الزوجة قبل سائر الورثة فأصل مالها ثمانية وأربعون منها
ثمانية لأبيها واثنا عشر لزوجها وأربعة عشر لابنها وليس لها ربع صحيح،
فنضربها في اثنين فيصير أصل المال ستة وتسعين منها ستة عشر لأبيها وأربعة
وعشرون لزوجها وينتقل إلى أخيه، وثمانية وعشرون لابنها ينتقل منها سبعة إلى
زوجته والباقي إلى جده، وأربعة عشر لبنتها التي لها زوج ينتقل منها سبعة إلى
زوجها والباقي إلى جدها، وأربعة عشر للبنت الأخرى وينتقل إلى جدها.
ثم نفرض موت الابن قبل البنتين فيكون أصل ماله اثني عشر: ثلاثة لزوجته
وأربعة لأمه وينتقل إلى أبيها، والباقي خمسة لأبيه وينتقل إلى أخيه، ثم نفرض
موت البنت التي لها زوج فيكون أصل مالها ستة: ثلاثة لزوجها واثنان لأمها
وينتقل إلى أبيها وواحد لأبيها وينتقل إلى أخيه، ثم نقدر موت البنت الأخرى
كذلك فيكون أصل مالها ثلاثة: واحد لأمها وينتقل إلى أبيها واثنان لأبيها وينتقل
إلى أخيه.
فلأخ الرجل من تركة زوجته أربعة وعشرون من ستة وتسعين، ومن تركة ابنه
خمسة من اثني عشر ومن تركة بنته التي لها زوج واحد من ستة ومن تركة بنته
الأخرى اثنان من ثلاثة، جميع ذلك بالانتقال ولا شئ له من الأصل.
ولأب المرأة من تركتها ثمانية وخمسون من ستة وتسعين، منها ستة عشر من
أصل مالها والباقي بالانتقال، ومن تركة الرجل خمسون من أربعة وستين ومن تركة
502

الابن أربعة من اثني عشر، ومن تركة البنت التي لها زوج اثنان من ستة ومن تركة
البنت الأخرى واحد من ثلاثة، جميع ذلك بالانتقال.
ولزوجة الابن من تركة أبيه سبعة من أربعة وستين ومن تركة أمه سبعة من
ستة وتسعين بالانتقال ومن أصل تركته ثلاثة من اثني عشر.
ولزوج البنت من أصل تركتها ثلاثة من ستة ومن تركة أبيها سبعة من أربعة
وستين ومن تركة أمها سبعة من ستة وتسعين بالانتقال.
ج: أخوان وأخت لأب وأم وجد لهم من قبل أبيهم ماتوا كذلك، وخلف
الجد أخا وأختا والإخوة ابن أخ آخر لأمه، فأصل مال الجد خمسة: اثنان لكل أخ
وواحد للأخت، وينتقل جميعا إلى ابن أخيهم الحي ولا شئ لأخيه وأخته مع
وجود أولاد أولاده، وأصل مال كل واحد من الأخوين خمسة اثنان للجد ولا
ينقسم على ورثته فنضربها في ثلاثة تبلغ أصل ماله خمسة عشر، منها ستة للجد
وينتقل اثنان إلى أخته وأربعة إلى أخيه والباقي للأخ والأخت وينتقل إلى ابن
أخيهما.
وأصل مال الأخت ثلاثة واحد للجد ولا ينقسم على ورثته فنضربها في ثلاثة
تبلغ تسعة: ثلاثة منها للجد وينتقل إلى أخيه وأخته والباقي للأخوين وينتقل إلى
ابن أخيهما، فلابن الأخ جميع مال الجد وتسعة من خمسة عشر من مال كل واحد من
الأخوين وستة من تسعة من مال أختهما جميع ذلك بالانتقال، ولأخ الجد أربعة من
خمسة عشر من مال كل واحد من الأخوين واثنان من تسعة من مال أختهما،
ولأخته نصف ذلك جميع ذلك بالانتقال، ولا شئ للأحياء في هذه الصورة من
أصول التركات إلا بالانتقال.
د: رجل وابن عمه وابنة خاله ماتوا غرقا وخلف الرجل زوجة وابن العم
ابن خال وبنت الخال زوجا، أصل تركة الرجل اثنا عشر منها ثلاثة لزوجته واثنان
لبنت خاله وينتقل إلى زوجها وسبعة لابن عمه وينتقل إلى ابن خاله، وأصل تركة
503

ابن عمه ستة واحد لابن خاله الحي والباقي للرجل وليس له ربع، فتضربها في
أربعة تبلغ الأصل أربعة وعشرين منها: أربعة لابن خاله الحي وعشرون للرجل
وينتقل خمسة منها إلى زوجته والباقي إلى بيت المال.
وأصل مال بنت الخال ثمانية أربعة لزوجها وأربعة للرجل ينتقل منها إلى
زوجته واحد والباقي لبيت المال، فظهر أن للزوجة من أصل مال زوجها ثلاثة من
اثني عشر ومن مال ابن عم زوجها خمسة من أربعة وعشرين ومن مال بنت خال
زوجها واحد بالانتقال، وللزوج من أصل مال زوجته أربعة من ثمانية ومن مال
ابن عمها وهو الرجل اثنان من اثني عشر بالانتقال ولابن الخال من مال الرجل
سبعة من اثني عشر ولبيت المال ثلاثة من ثمانية من مال بنت الخال وخمسة عشر من
أربعة وعشرين من مال ابن عم الرجل بالانتقال هذا على قول بعض أصحابنا،
وعلى الأشهر أن لبنت الخال الثلث فتركة الرجل اثنا عشر ثلاثة للزوجة وأربعة
لبنت الخال، وينتقل إلى زوجها وخمسة لابن عمه وينتقل إلى ابن خاله.
وأصل تركة ابن عمه ثلاثة: واحد لابن خاله الحي والباقي للرجل وليس له
ربع تضربها في أربعة يبلغ اثني عشر منها: أربعة لابن خاله الحي وثمانية للرجل
ينتقل منها سهمان إلى زوجته والباقي إلى بيت المال، وأصل مال بنت الخال
ثمانية: أربعة لزوجها وأربعة للرجل ينتقل منها إلى زوجته واحد والباقي
لبيت المال.
الفصل السادس: في حساب الفرائض: وفيه مطلبان:
الأول: في المقدمات: وهي أربعة:
المقدمة الأولى:
عادة الحساب اخراج الحصص من أقل عدد ينقسم على أرباب الحقوق ولا
يقع فيه كسر ويضيفون فيسمون حصة كل واحد منهم إلى ذلك العدد، فإذا كان
504

ابنين قالوا: لكل ابن سهم من سهمين من تركته، ولا يقولون التركة بينهما نصفان،
فيسمون العدد المضاف إليه أصل المال ومخرج السهام: والمخرج هو أقل عدد
يخرج منه الجزء المطلوب صحيحا.
ومخارج الفروض الستة خمسة: النصف من اثنين والثلث والثلثان من ثلاثة
والربع من أربعة والسدس من ستة والثمن من ثمانية، إذا عرفت هذا فنقول:
الورثة إن لم يكن فيهم ذو فرض وتساووا فعدد رؤوسهم أصل المال، كأربعة أولاد
ذكور وإن كانوا يقتسمون للذكر مثل حظ الأنثيين فاجعل لكل ذكر سهمين
ولكل أنثى سهما فما اجتمع فهو أصل المال، وإن كان فيهم ذو فرض أو أصحاب
فروض فاطلب عددا له ذلك السهم أو تلك السهام، وتنقسم الباقي بعد السهم أو
السهام على رؤوس باقي الورثة إن تساووا وعلى سهامهم إن اختلفوا، فإذا اجتمع في
الفريضة نصفان أو نصف وما بقي فهي من اثنين، وإن اشتملت على ثلث وثلثين
أو أحدهما وما بقي فهي من ثلاثة، وإن اشتملت على ربع وما بقي فهي من أربعة،
وعلى ثمن وما بقي من ثمانية، وعلى سدس وما بقي من ستة.
المقدمة الثانية:
كل عددين إما أن يتساويا أو يختلفا، والمختلفان إن عد أقلهما الأكثر حتى
أفناه تداخلا، ولا يمكن أن يتجاوز الأقل نصف الأكثر، ويسميان أيضا بالمتناسبين
كثلاثة وستة وأربعة واثني عشر، وإن لم يعد الأقل الأكثر، فإن وجد ثالث أكثر
من الواحد يعد كلا منهما كذلك تشاركا، ويسميان أيضا بالمتوافقين وذلك العدد هو
مخرج الكسر المشترك فيه، وهذان إذا أسقط أقلهما من الأكثر مرة أو مرارا بقي أكثر
من الواحد كعشرة واثني عشر يعدهما الاثنان، وإذا أسقطت العشرة من اثني عشر
بقي اثنان، فإذا أسقطنهما من العشرة مرارا فنيت بهما فهذان يتوافقان بجزء ما يعدهما
وهو النصف، وإن بقي ثلاثة كتسعة وستة فالموافقة بالثلث وكذا إلى العشرة، ولو
505

بقي أحد عشر فالموافقة بجزء من أحد عشر وهكذا.
وإن لم يعد أحدهما الآخر ولا عدهما غيرهما سوى الواحد فهما متباينان، وهما
اللذان إذا أسقط الأقل من الأكثر مرة أو مرارا بقي واحد كثلاثة عشر وعشرين،
فإذا أسقطت ثلاثة عشر بقي سبعة فإذا أسقطت من ثلاثة عشر بقي ستة فإذا أسقطت
من سبعة بقي واحد.
المقدمة الثالثة:
إذا أردت أن تطلب أقل عدد ينقسم على عددين مختلفين فاعرف النسبة بينهما،
فإن كانا متداخلين فالمطلوب هو الأكثر منهما ولا يحتاج إلى عمل آخر، فإن كانا
متشاركين في كسر فالمطلوب هو الحاصل من ضرب ذلك الكسر من أحدهما في
الآخر، كما إذا طلبنا عددا تنقسم على ثمانية عشر وثلاثين قد اشتركا في السدس
فسدس أيتهما ضربت في الأخرى حصل تسعون وهي أقل عدد ينقسم عليهما.
وإن كانا متباينين فالمطلوب هو الحاصل من ضرب أحدهما في الآخر، كما إذا
طلبنا أقل عدد ينقسم على سبعة وتسعة فهو ثلاثة وستون، وكذا إذا أردت أقل
عدد تنقسم على أعداد مختلفة لأنك إذا عرفت العدد المنقسم على اثنين منهما عرفت
العدد المنقسم عليه وعلى الثالث ثم المنقسم عليه وعلى الرابع وهكذا، مثلا إذا
أردت أن تعرف أقل عدد تنقسم على ثلاثة وأربعة وخمسة وستة وثمانية فالمنقسم
على الثلاثة والأربعة اثنا عشر لأنهما متباينان والمنقسم عليهما وعلى الخمسة ستون
لأنهما متباينان أيضا والمنقسم عليها وعلى الستة ستون لتداخلهما والمنقسم عليها
وعلى الثمانية مائة وعشرون لأنهما متشاركان في الربع.
المقدمة الرابعة:
الكسر ضربان مفرد ومركب، والمفرد كالسدس وكجزء من خمسة عشر،
506

والمركب إما مضاف كنصف سدس أو جزء من خمسة عشر هي جزء من ثلاثة
وإما معطوف كالنصف والسدس، فمخرج الكسر المفرد هو العدد المسمى له أو
المنسوب إليه كالسدس مخرجه ستة وجزء من خمسة عشر مخرجه خمسة عشر، ومخرج
المضاف هو الحاصل من ضرب مخرج المضاف في مخرج المضاف إليه كنصف.
السدس فإن مخرجه هو الحاصل من ضرب اثنين مخرج النصف في ستة مخرج السدس
وهو اثنا عشر، ومخرج المعطوف هو العدد المنقسم على المخارج كالنصف والسدس
والعشر فإن مخرج الجميع ثلاثون.
فإذا قيل: أي عدد له كسر كذا وكذا؟ فاطلب العدد المنقسم على مخارجها،
فإذا قيل: أي عدد ينقسم منه كذا على كذا مثل أي عدد ينقسم ربعه على خمسة؟
فاطلب عددا يكون لربعه خمس، وإذا قيل: أي عدد ينقسم ربعه على ثلاثة
وخمسه على ستة؟ فاطلب عددا لربعه ثلث وعددا آخر لخمسه سدس ثم اطلب
المنقسم عليهما فهو المطلوب، وإذا قيل أي عدد ينقسم الباقي منه بعد الربع
والسدس على خمسة مثلا؟ فاطلب العدد الذي له الربع والسدس وأنقص منه ربعه
وسدسه ثم انظر في الباقي، فإن كانت الخمسة مباينة له فاضربها في العدد الأول فما
بلغ فهو المطلوب، وإن كانت مشاركة أو متداخلة فبحسب ما يقتضيه الأصل الذي
عرفت.
المطلب الثاني:
الفريضة إما أن يكون بقدر السهام أو زائدة أو ناقصة:
الأول: أن تكون بقدر السهام، فإن انقسمت من غير كسر فلا بحث كأبوين
وأربع بنات أو زوج وأبوين الفريضة من ستة، وإن انكسرت فأما على فريق
واحد أو أكثر، فالأول تضرب عددهم في أصل الفريضة إن لم يكن بين نصيبهم
وعددهم وفق كأبوين وخمس بنات نصيب البنات من الفريضة أربعة ولا وفق
507

بينها، وبين العدد تضرب خمسة عددهن في ستة تبلغ ثلاثين فمن حصل له من
الوارث سهم من الفريضة قبل الضرب أخذه مضروبا في خمسة وهو قدر نصيبه
، وإن كان بين العدد والنصيب وفق تضرب الوفق من عددهن لا من النصيب في
الفريضة كست بنات وأبوين تضرب نصف عددهن في الفريضة تبلغ ثمانية عشر.
وإن انكسرت على أكثر من فريق، فإن كان بين نصيب كل فريق وعدده
وفق فرد كل فريق إلى جزء الوفق، وإن كان بعضهم كذلك دون بعض رد من له
وفق إلى جزء الوفق واترك الآخر بحاله، وإن لم يكن لأحدهم وفق فاجعل كل
عدد بحاله ثم تعتبر الأعداد، فإن كانوا متماثلة اقتصرت على واحد وضربته في
الفريضة كثلاثة إخوة من أب ومثلهم من أم الفريضة ثلاثة تضرب عدد أحدهم
ثلاثة في الفريضة تصير تسعة.
وإن تداخلت اقتصرت على ضرب الأكثر في الفريضة كثلاثة من أب وستة
من أم تضرب ستة في أصل الفريضة وهي ثلاثة فللإخوة من الأب اثنا عشر ومن
الأم ستة، وإن توافقت ضربت وفق أحدهما في عدد الآخر، ثم المرتفع في الفريضة
كأربع زوجات وستة إخوة الفريضة من أربعة تنكسر حصة الزوجات وكذا
الإخوة، وبين عدد الزوجات وعدد الإخوة وفق بالنصف فاضرب اثنين في ستة ثم
المرتفع وهو اثنا عشر في أربعة أصل الفريضة، وإن تباينت ضربت أحدهما في
الآخر ثم المجتمع في الفريضة كأربع زوجات وخمس بنات.
الثاني: أن تزيد الفريضة على السهام فترد على ذوي السهام إلا الزوج
والزوجة وعدا الأم مع الإخوة، أو يجتمع ذو سبب مع ذي سببين فذو السببين أولى
بالرد كأبوين وبنت للأبوين السدسان وللبنت النصف والباقي يرد أخماسا، ومع
الإخوة على الأب والبنت خاصة أرباعا، فإما أن يجعل الفريضة في أصلها من خمسة
أو أربعة أو تضرب مخرج الرد في أصل الفريضة، ومثل أحد الأبوين وبنتين فالرد
أخماسا، ومثل واحد من كلالة الأم مع أخت لأب فالرد عليهما على رأي بالنسبة
508

وعلى الأخت للأب خاصة على رأي.
وأما الخنثى مع أحد الأبوين أو معهما فالرد الثابت لهما مع البنت يثبت هنا
نصفه، وقيل: لا رد لأن الأصل عدمه، وإنما يثبت في البنات بالإجماع وليس
الخنثى بنتا وكونها يستحق نصف ميراث بنت وإن أوجب ردا لكن استحقاق
نصف ميراث ابن يسقطه فتعارضا فتساقطا ورجع إلى الأصل وهو عدم الرد على
الأبوين بل يكون الجميع للخنثى، والمعتمد الأول.
الثالث: أن تقصر الفريضة عن السهام عن السهام وسببه دخول الزوج أو
الزوجة في موضعين:
أ: أبوان مع بنت وزوج، أبوان وبنتان مع زوج أو زوجة، أحد الأبوين مع
بنتين وزوج، فالنقص على البنت أو البنات خاصة.
ب: إخوة من أم وأخت من أب أو أبوين وزوج، إخوة من أم وأخت من
الأبوين أو الأب وزوجة، إخوة من أم وأختان فصاعدا من الأبوين أو الأب مع
أحد الزوجين، أخ من أم مع أخت من الأبوين أو الأب مع زوج، أخ من أم مع
أختين فصاعدا من الأبوين أو الأب مع أحد الزوجين، أخ من أم مع أخت من
الأبوين أو الأب مع زوج، أخ من أم مع أختين فصاعدا من الأبوين أو الأب مع
أحد الزوجين، والنقص هنا على المتقرب بالأبوين أو بالأب خاصة، ففي الأول
يأخذ الزوجان الأدنى وفي الثاني الأعلى، فإن انقسمت الفريضة وإلا ضربت سهام
من انكسر عليهم النصيب في الأصل، فالأول كزوج وأبوين وخمس بنات للأبوين
أربعة من اثني عشر وللزوج ثلاثة يبقى خمسة للبنات من غير كسر، والثاني كان
البنات أربعا تضرب عددهن في اثني عشر.
الفصل السابع: في المناسخات:
إذا مات بعض الوراث قبل القسمة وأريد قسمة الفريضتين من أصل واحد
509

صححت مسألة الأول، فإن كان نصيب الثاني ينهض بالقسمة على ورثته من غير كسر
فلا بحث وإلا احتيج إلى عمل، فنقول: إن كان ورثة الثاني هم ورثة الأول من
غير اختلاف في القسمة كان كالفريضة الواحدة، كإخوة ثلاثة وأخوات ثلاث من
جهة واحدة مات أخ ثم آخر ثم أخت ثم أخرى وبقي أخ وأخت فتركة الأول ومن
بعده لهما أثلاثا أو بالسوية.
وإن اختلف الاستحقاق أو الوراث أو هما فإن صح نصيب الثاني على ورثته
، كزوجة ماتت عن ابن وبنت بعد زوجها وخلف معها ابنا وبنتا فنصيب الزوجة
ثلاثة من أربعة وعشرين يصح على ولديها من غير كسر، وإلا فاضرب وفق
الفريضة الثانية في الفريضة الأولى إن كان بين نصيب الثاني من فريضة الأول
والفريضة الثانية وفق لا وفق نصيب الثاني، كأخوين من أم ومثلهما من أب
وزوج ومات الزوج عن ابن وبنتين الفريضة الأولى اثنا عشر وبين الفريضة الثانية
ونصف الأولى سهم الزوج موافقة بالنصف فتضرب جزء الوفق من الفريضة الثانية
وهو اثنان لا من النصيب في اثني عشر تصير أربعة وعشرين، وإن لم يكن بين
نصيب الثاني من فريضة الأول والفريضة الثانية وفق بل مباينة فاضرب الفريضة
الثانية في الأول فالمرتفع المطلوب.
وكل من كان له من الفريضة الأولى قسط أخذه مضروبا في الفريضة الثانية
كزوج وأخوين من الأم وأخ من الأب مات الزوج عن ابنين وبنت، فريضة
الأول من ستة للزوج ثلاثة لا ينقسم على خمسة ولا وفق، فاضرب الخمسة في الستة
تبلغ ثلاثين ومنها تصح الفريضتان، ولو كانت المناسخات أكثر من فريضتين إما
بأن يموت وارث آخر في طبقة الأول أو من وراث ورثة الأول، فإن انقسم نصيب
الثالث على ورثته على صحة وإلا عملت ما تقدم، وكذا لو مات رابع فما زاد.
ولنورد هنا مثالين ذكرهما بعض علمائنا:
أ: رجل خلف أبوين وثلاث زوجات وابنين وبنتا وخنثى مشكلا أمره
510

وإحدى زوجاته هي أم البنت وابن واحد من ابنيه، وأوصى لأجنبي بمثل ما
لأبيه إلا نصف ما يبقى من الثلث بعد اخراج نصيبه من الثلث، ولآخر بمثل ما لأمه
إلا ثلث ما يبقى ولآخر بمثل ما لابن واحد إلا سدس ما يبقى، ثم وقع الهدم على
الابن الذي له أم وعلى أمه التي هي إحدى الزوجات المذكورة وعلى بنت الابن
وخلفوا المذكورين، ومات الابن الآخر وخلف ثلاث بنين وقد أقر أحدهم بزوجة
له وابنة منها، وماتت الزوجة الثانية أيضا وخلفت ابن ابن أخيها لأبيها الذي هو
ابن ابن أختها لأمها الذي هو ابن بنت أختها لأبيها الذي هو ابن بنت أخيها
لأمها وابن بنت أخت أخرى لأبيها أيضا، وماتت الزوجة الثالثة أيضا وخلفت
زوجا وعما وعمة، وأقر الزوج أنها أوصت لأجنبي بثلث مالها، ثم مات وخلف
بنتين ولم يخلف غير المتوفى الأول تركة.
فأصل الفريضة مائة وثمانون: للأب أربعة وعشرون وللزوجات ثمانية عشر
ولكل ابن أربعة وعشرون وللبنت اثنا عشر وللخنثى ثمانية عشر وللموصى له الأول
ستة وللثاني اثنا عشر وللثالث ثمانية عشر، ثم نقسم الأربعة والعشرين التي هي
للابن المهدوم عليه على ورثته فنصيب أمه ستة وينتقل إلى بنتها والباقي لبنته
وينتقل إلى جدي أبيها للذكر ضعف الأنثى، ثم نقسم الستة التي هي للزوجة
المهدوم عليها على ورثتها فنصيب بنتها اثنان وابنها المهدوم معها أربعة وينتقل
منها اثنان إلى جده وواحد إلى جدته وواحد إلى أخته تبلغ نصيب الجد ثمانية
وثلاثين ونصيب الجدة أحدا وثلاثين ونصيب البنت أحدا وعشرين.
وأما الأربعة والعشرون التي هي حصة للابن الآخر فنقسمها على ورثته
والمقر لهما فيكون لكل ابن ثمانية وللابن المقر ستة وللزوجة المقر بها واحد
ولبنتها واحد، وأما الستة التي هي حصة الزوجة الثانية فلذي القرابات الأربع
خمسة منها ولذي القرابة الواحدة واحدة، وأما الستة التي هي حصة الزوجة الثالثة
فلزوجها ثلاثة منها واحد للموصى له المقر به وواحد لكل بنت من بنتيه ولعمها
511

اثنان ولعمتها واحد.
ب: ماتت امرأة عن زوج وثلاثة بنين وأوصت لأجنبي بمثل ما للزوج إلا
سدس المال ثم مات الزوج عن أخ لأم وأخوين وأخت لأب وأوصى لأجنبي
بمثل ما للأخ من الأم إلا ثمن المال ثم مات الأخ للأم عن زوجة وسبع بنات
وأوصى لأجنبي بمثل ما لإحدى البنات إلا نصف سبع المال.
أصل الفريضة أربعة: للزوج سهم ولكل ابن سهم وتضيف إليها للأجنبي
سهما تصير خمسة تضربها في مخرج السدس تصير ثلاثين، تعطى الزوج السدس
المستثنى خمسة أسهم ولكل ابن خمسة فيبقي عشرة تقسم على خمسة: للموصى له
سهمان ولكل وارث سهمان فلكل ابن سبعة وكذا الزوج.
وسهام ورثة الزوج ستة: لأخيه من الأم سهم ولكل أخ من الأب سهمان
وللأخت سهم، وتضيف إليها سهم الموصى له يصير سبعة تضربها في مخرج الثمن
يصير ستة وخمسين سهما.
وسهام مورثهم الثاني سبعة من ثلاثين تضربها في ثمانية يصير ستة وخمسين،
فاضرب أصل سهام الورثة الأول وهي ثلاثون في ثمانية أسهم يكون مائتين
وأربعين، لكل ابن ستة وخمسون وللموصى له ستة عشر وللزوج الموروث الثاني
ستة وخمسون لأخيه لأمه الثمن المستثنى سبعة أسهم ولكل أخ من الأب أربعة عشر
وللأخت سبعة يبقى أربعة عشر تقسم على سبعة، الموصى له والورثة لكل منهم
سهمان، فلكل أخ للأب من الأصل والمستثنى ثمانية عشر وللأخت تسعة وللأخ
من الأم تسعة وللموصى له سهمان.
ثم سهام ورثة هذا الأخ من الأم ثمانية: للزوجة سهم ولكل بنت سهم
وتضيف إليها للأجنبي سهما تصير تسعة، تضربها في مخرج نصف السبع أربعة
عشر يكون مائة وستة وعشرين سهما.
وسهام هذا الموروث تسعة من مائتين وأربعين سهما، تضرب التسعة في
512

أربعة عشر تبلغ مائة وستة وعشرين سهما، فاضرب أصل سهام الورثة الأولة وهي
مائتان وأربعون في أربعة عشر يكون ثلاثة آلاف وثلاث مائة وستين، لكل ابن في
الطبقة الأولى من هذه الجملة سبع مائة وأربعة وثمانون سهما، وللموصى له معهم
مائتان وأربعة وعشرون، وللزوج سبع مائة وأربعة وثمانون.
ثم لكل واحد من الأخوين للأب مائتان واثنان وخمسون وللأخت مائة
وستة وعشرون وللموصى له معهم ثمانية وعشرون، وللأخ من الأم مائة وستة
وعشرون، ثم لكل واحدة من بنات هذا الأخ وهو الموروث الثالث وزوجته نصف
سبع المستثنى تسعة أسهم، ويبقى أربعة وخمسون يقسم على تسعة للورثة والموصى له،
فلكل بنت وللزوجة ستة أسهم وللموصى له معهم ستة فله مثل إحداهن إلا
نصف سبع المال، ونصف سبع المال تسعة أسهم.
الفصل الثامن: في معرفة سهام الورثة من التركة: وفيه طرق:
أ: انسب سهام كل وارث من الفريضة وخذ له من التركة بتلك النسبة فما
كان فهو نصيبه كزوج وأبوين، الفريضة ستة للزوج ثلاثة وهي نصف التركة
فيأخذ من التركة نصفها وللأم سهمان هي الثلث فلها ثلث التركة وللأب سهم
هو سدس فله سدس التركة.
ب: أن تقسم التركة على الفريضة فما خرجت بالقسمة ضربته في سهام كل
واحد فما بلغ فهو نصيبه كما لو كانت التركة أربعة وعشرين والفريضة ستة كما
تقدم، فإذا قسمت التركة على ستة خرج أربعة لكل سهم تضرب الخارج وهو
أربعة في سهام كل وارث فما بلغ فهو نصيبه، فإذا ضربت أربعة في ثلاثة نصيب
الزوج بلغ اثني عشر دينارا فهي نصيبه، وتضرب أربعة في واحد نصيب الأب يكون
أربعة وفي اثنين نصيب الأم تصير ثمانية.
ج: التركة إن كانت صحاحا فاضرب ما حصل لكل وارث من الفريضة في
513

التركة فما حصل فاقسمه على العدد الذي صحت منه الفريضة فما خرج فهو نصيب
الوارث، كزوجة وأبوين والتركة عشرون والفريضة اثنا عشر للزوجة ثلاثة تضربها
في عشرين تبلغ ستين نقسمها على اثني عشر تخرج خمسة فللزوجة خمسة دنانير وللأم
أربعة، نضربها في عشرين تبلغ ثمانين نقسمها على اثني عشر تخرج ستة وثلثان
فيكون للأم ستة دنانير وثلثا دينار وللأب خمسة، نضربها في عشرين يصير مائة
يقسم على اثني عشر يخرج ثمانية وثلث فيكون للأب ثمانية دنانير وثلث دينار.
وإن كان في التركة كسر فابسط التركة من جنسه بأن تضرب مخرج الكسر
في التركة ثم تضيف الكسر إلى المرتفع وتعمل ما عملت في الصحاح فما اجتمع
للوارث قسمته على ذلك المخرج، فلو كانت التركة عشرين دينارا ونصفا فابسطها
أنصافا يكون أحدا وأربعين، واعمل كما عملت في الصحاح فما خرج لكل وارث
من العدد المبسوط فاقسمه على اثنين فما خرج نصيبا للواحد فهو نصيب الواحد من
الجنس الذي تريده، ولو كان الكسر ثلثا فأقسم التركة أثلاثا وهكذا إلى العشرة.
ولو كانت المسألة عددا أصم فأقسم التركة عليه، فإن بقي ما لا يبلغ دينارا
فابسطه قراريط واقسمه، فإن بقي ما لا يبلغ قيراطا فابسطه حبات واقسمه، وإن
بقي ما لا يبلغ حبة فابسطه أرزات واقسم، وإن بقي ما لا يبلغ أرزة فانسبه بالأجزاء
إليها، وعليك بالتحفظ من الخطأ واجمع ما يحصل لكل وارث، فإن ساوى المجموع
التركة فالقسمة صواب وإلا فهي خطأ.
تذنيب:
إذا عين الورثة نصيب بعضهم في عين اقتسم الباقون الباقي على نسبة سهامهم
الباقية فيأخذ الأب مع الابن تسعي الباقي بعد التعيين للزوج.
514

اللمعة الدمشقية
للشيخ أبي عبد الله شمس الدين محمد بن الشيخ جمال الدين مكي بن الشيخ شمس الدين
محمد بن حامد بن أحمد المطلبي العاملي النباطي الجزيني المشتهر بالشهيد الأول
734 - 786 ه‍ ق
515

كتاب الميراث
وفيه فصول:
الأول: الموجبات والموانع:
يوجب الإرث النسب والسبب.
فالنسب: الآباء والأولاد ثم الإخوة والأجداد فصاعدا وأولاد الإخوة فنازلا ثم
الأعمام والأخوال.
والسبب أربعة: الزوجية والإعتاق وضمان الجريرة والإمامة. ويمنع الإرث الكفر فلا
يرث الكافر المسلم والمسلم يرث الكافر، ولو لم يخلف المسلم قريبا مسلما كان ميراثه
للمعتق ثم ضامن الجريرة ثم الإمام ولا يرثه الكافر بحال.
وإذا أسلم الكافر على ميراث قبل قسمته شارك إن كان مساويا وانفرد إن كان
أولى، ولو كان الوارث واحدا فلا مشاركة.
والمرتد عن فطرة تقسم تركته وإن لم يقتل وترثه المسلمون لا غير، وعن غير فطرة
يستتاب فإن تاب وإلا قتل، والمرأة لا تقتل بالارتداد ولكن تحبس وتضرب أوقات
الصلوات حتى تتوب أو تموت وكذلك الخنثى، والقتل مانع إذا كان عمدا ظلما ولو
كان خطأ منع من الدية خاصة ويرث الدية كل مناسب ومسابب، وفي المتقرب بالأم
قولان ويرثها الزوج والزوجة ولا يرثان القصاص ولو صولح على الدية ورثا منها.
والرق مانع في الوارث والموروث ولو كان للرقيق ولد ورث جده دون الأب، وكذا
الكافر والقاتل لا يمنعان من يتقرب بهما، والمبعض يرث بقدر ما فيه من الحرية ويمنع
517

بقدر الرقية ويورث كذلك، وإذا أعتق على ميراث قبل قسمته فكالإسلام، وإذا لم
يكن للميت وارث سوى المملوك اشترى من التركة وأعتق ورث أبا كان أو ولدا أو
غيرهما، ولا فرق بين أم الولد والمدبر والمكاتب المشروط والمطلق الذي لم يؤد وبين القن.
واللعان مانع من الإرث إلا أن يكذب نفسه فيرثه الولد من غير عكس، والحمل مانع
من الإرث إلا أن ينفصل حيا، والغائب غيبة منقطعة لا يورث حتى يمضى مدة لا يعيش
مثله إليها عادة.
ويلحق بذلك الحجب وهو تارة عن أصل الإرث كما في حجب القريب البعيد
فالأبوان والأولاد يحجبون الإخوة والأجداد ثم الإخوة والأجداد يحجبون الأعمام
والأخوال ثم هم يحجبون أبناءهم ثم القريب يحجب المعتق، والمعتق ضامن الجريرة
والضامن الإمام.
والمتقرب بالأبوين يحجب المتقرب بالأب مع تساوى الدرج إلا في ابن عم للأب
والأم فإنه يمنع العم للأب وإن كان أقرب منه وهي مسألة إجماعية.
وأما الحجب عن بعض الإرث ففي الولد الحجب عن نصيب الزوجية الأعلى وإن
نزل، ويحجب الأبوين عما زاد عن السدسين إلا مع البنت مطلقا أو البنات مع أحد
الأبوين، والإخوة تحجب الأم عن الثلث إلى السدس بشرط وجود الأب وكونهم رجلين
فصاعدا وأربع نساء أو رجلا وامرأتين وكونهم للأب والأم أو للأب، وانتفاء القتل
والكفر والرق عنهم وكونهم منفصلين لا حملا.
الفصل الثاني: في السهام وأهلها:
وهي في كتاب الله تعالى: النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس.
فالنصف لأربعة: الزوج مع عدم الولد وإن نزل والبنت والأخت للأبوين والأخت
للأب. والربع لاثنين: الزوج مع الولد والزوجة مع عدمه. والثمن لقبيل واحد للزوجة
وإن تعددت مع الولد. والثلثان لثلاثة: البنتين فصاعدا
والأختين للأبوين فصاعدا والأختين للأب كذلك. والثلث لقبيلين: الأم مع عدم من يحجبها وللأخوين أو الأختين
518

أو للأخ والأخت فصاعدا من جهتها. والسدس لثلاثة: الأب مع الولد والأم معه
وللواحد من كلالة الأم.
ويجتمع النصف مع مثله ومع الربع والثمن ومع الثلث والسدس، ويجتمع الربع
والثمن مع الثلثين، ويجتمع الربع مع الثلث، ويجتمع الثمن مع السدس، وأما الاجتماع
لا بحسب الفرض فلا حصر له.
ولا ميراث للعصبة إلا مع عدم القريب فيرد على البنت والبنات والأخت والأخوات
للأب والأم وعلى الأم وعلى كلالة الأم مع عدم وارث في درجتهم، ولا يرد على الزوج
والزوجة إلا مع عدم كل وارث عدا الإمام والأقرب إرثه مع الزوجة إن كان حاضرا، ولا
عول في الفرائض بل يدخل النقص على الأب والبنت والبنات والأخوات للأب والأم أو
للأب.
مسائل:
الأولى: إذا انفرد كل من الأبوين فالمال له لكن للأم ثلث بالتسمية والباقي بالرد،
ولو اجتمعا فللأم الثلث مع عدم الحاجب والسدس مع الحاجب والباقي للأب.
الثانية: للابن المنفرد المال وكذا للزائد بينهم بالسوية، وللبنت المنفردة النصف
تسمية والباقي ردا، وللبنتين فصاعدا الثلثان تسمية والباقي ردا، ولو اجتمع الذكور
والإناث فللذكر مثل حظ الأنثيين، ولو اجتمع مع الولد الأبوان فلكل السدس والباقي
للابن أو البنين أو للذكور والإناث على ما قلناه، ولهما مع البنت الواحدة السدسان ولها
النصف والباقي يرد أخماسا، ومع الحاجب يرد على الأب والبنت أرباعا، ولو كان
بنتان فصاعدا مع الأبوين فلا رد ومع أحد الأبوين يرد السدس أخماسا، ولو كان زوج
أو زوجة أخذ نصيبه الأدنى، وللأبوين السدسان ولأحدهما السدس وحيث يفضل يرد
بالنسبة، ولو دخل نقص كان على البنتين فصاعدا دون الأبوين والزوج، ولو كان مع
الأبوين زوج أو زوجة فله نصيبه الأعلى، وللأم ثلث الأصل والباقي للأب.
الثالثة: أولاد الأولاد يقومون مقام آبائهم عند عدمهم يأخذ كل منهم نصيب من
519

يتقرب به ويقتسمون بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين وإن كانوا أولاد بنت.
الرابعة: يحبى الولد الأكبر من تركة أبيه بثيابه وخاتمه وسيفه ومصحفه وعليه قضاء ما
فاته من صلاة وصيام ويشترط أن لا يكون سفيها ولا فاسد الرأي وأن يخلف الميت مالا
غيرها، ولو كان الأكبر أنثى أعطي أكبر الذكور.
الخامسة: لا ترث الأجداد مع الأبوين ويستحب لهما الطعمة حيث يفضل لأحدهما
سدس فصاعدا فوق السدس، وربما قيل: يطعم حيث يزيد نصيبه عن السدس، وتظهر
الفائدة في اجتماعهما مع البنت أو أحدهما مع البنات فإن الفاضل ينقص عن سدس
فتستحب الطعمة على القول الثاني.
القول في ميراث الأجداد والإخوة:
وفيه مسائل:
الأولى: للجد وحده المال لأب أو لأم وكذا الأخ للأب والأم أو للأب، ولو اجتمعا
للأب فالمال بينهما نصفان، وللجدة المنفردة لأب أو لأم المال، ولو كان جدا أو جدة أو
كلاهما لأب مع جد أو جدة أو كليهما لأم فللمتقرب بالأب الثلثان للذكر مثل حظ
الأنثيين، وللمتقرب بالأم الثلث بالسوية.
الثانية: للأخت للأبوين أو الأب منفردة النصف تسمية والباقي ردا، والأختين
فصاعدا الثلثان والباقي ردا، والإخوة والأخوات من الأبوين أو من الأب المال للذكر
الضعف.
الثالثة: للواحد من الإخوة والأخوات للأم السدس، والأكثر الثلث بالسوية والباقي
ردا.
الرابعة: لو اجتمع الإخوة من الكلالات سقط كلالة الأب وحده، ولكلالة الأم
السدس إن كان واحدا، والثلث إن كان أكثر بالسوية، ولكلالة الأبوين الباقي
بالتفاوت.
الخامسة: لو اجتمع أخت للأبوين مع واحد من كلالة الأم أو جماعة أو أختان
520

للأبوين مع واحد من الأم فالمردود على قرابة الأبوين.
السادسة: الصورة بحالها ولكن كان الأخت أو الأخوات للأب وحده، ففي الرد
على قرابة الأب هنا قولان، وثبوته قوي.
السابعة: تقوم كلالة الأب مقام كلالة الأبوين عند عدمهم في كل موضع.
الثامنة: لو اجتمع الإخوة والأجداد فلقرابة الأم من الإخوة والأجداد الثلث بينهم
بالسوية، ولقرابة الأب من الإخوة والأجداد الثلثان بينهم للذكر ضعف الأنثى.
التاسعة: الجد وإن علا يقاسم الإخوة، وابن الأخ وإن نزل يقاسم الأجداد، وإنما
يمنع الجد الأدنى الجد الأعلى ويمنع الأخ ابن الأخ ويمنع ابن الأخ ابن ابنه وعلى هذا.
العاشرة: الزوج والزوجة مع الإخوة والأجداد يأخذان نصيبهما الأعلى، ولأجداد الأم
أو الإخوة للأم والقبيلتين ثلث الأصل والباقي لقرابة الأبوين أو الأب مع عدمهم.
الحادية عشرة: لو ترك الأجداد الأربعة لأبيه ومثلهم لأمه فالمسألة من ثلاثة أسهم:
سهم لأقرباء الأم لا ينقسم على أربعة، وسهمان لأقرباء الأب لا ينقسم على تسعة
ومضروبهما ستة وثلاثون، ومضروبها في الأصل مائة وثمانية ثلثها ينقسم على أربعة
وثلثاها ينقسم على تسعة.
الثانية عشرة: أولاد الإخوة يقومون مقام آبائهم عند عدمهم ويأخذ كل نصيب من
يتقرب به، فإن كانوا أولاد كلالة الأم فبالسوية، وإن كانوا أولاد كلالة الأبوين أو
الأب فبالتفاوت.
القول في ميراث الأعمام والأخوال:
وفيه مسائل:
الأولى: العم يرث المال وكذا العمة والأعمام المال بالسوية وكذا العمات، ولو اجتمعوا
اقتسموا بالسوية إن كانوا لأم وإلا فبالتفاوت، والكلام في قرابة الأب وحده كما سلف
في الإخوة.
الثانية: للعم الواحد للأم أو العمة مع قرابة الأب السدس وللزائد الثلث والباقي
521

لقرابة الأب وإن كان واحدا.
الثالثة: للخال أو الخالة أو هما أو الأخوال مع الانفراد المال بالسوية، ولو تفرقوا سقط
كلالة الأب وكان لكلالة الأم السدس إن كان واحدا والثلث إن كان أكثر بالسوية،
ولكلالة الأب الباقي بالسوية.
الرابعة: لو اجتمع الأعمام والأخوال فللأخوال الثلث وإن كان واحدا على الأصح،
وللأعمام الثلثان وإن كان واحدا.
الخامسة: للزوج أو الزوجة مع الأعمام والأخوال نصيبه الأعلى وللأخوات الثلث من
الأصل وللأعمام الباقي، وقيل: للخال من الأم مع الخال من الأب والزوج ثلث
الباقي، وقيل: سدسه.
السادسة: عمومة الميت وعماته وخؤولته وخالاته أولى من عمومة أبيه وعماته
وخؤولته وخالاته ومن عمومة أمه وعماتها وخؤولتها وخالاتها ويقومون مقامهم عند
عدمهم وعدم أولادهم وإن نزلوا.
السابعة: أولاد العمومة والخؤولة يقومون مقام آبائهم عند عدمهم ويأخذ كل منهم
نصيب من يتقرب به، ويقسم أولاد العمومة من الأبوين بالتفاوت وكذا من الأب،
وأولاد العمومة من الأم بالتساوي وكذا أولاد الخؤولة.
الثامنة: لا يرث الأبعد مع الأقرب في الأعمام والأخوال وأولادهم إلا في مسألة ابن
العم والعم.
التاسعة: من له سببان يرث بهما كعم هو خال، ولو كان أحدهما يحجب الآخر ورث
من جهة الحاجب كابن عم هو أخ لأم.
القول في ميراث الأزواج:
يتوارثان وإن لم يدخل إلا في المريض إلا أن يبرأ، والطلاق الرجعي لا يمنع من
الإرث إذا مات أحدهما في العدة بخلاف البائن إلا في المرض على ما سلف، وتمنع
الزوجة غير ذات الولد من الأرض عينا وقيمة ومن الآلات والأبنية عينا لا قيمة، ولو
522

طلق إحدى الأربع وتزوج ومات ثم اشتبهت المطلقة فللمعلومة ربع النصيب وثلاثة
أرباعه بين الباقيات بالسوية، وقيل: بالقرعة.
الفصل الثالث: في الولاء:
يرث المعتق عتيقه إذا تبرع ولم يبرأ من ضمان جريرته ولم يخلف العتيق مناسبا،
فالمعتق في واجب سائبة وكذا لو تبرأ من ضمان الجريرة وإن لم يشهد والمنكل به أيضا
سائبة، وللزوج والزوجة نصيبهما الأعلى ومع عدم المنعم فالولاء للأولاد الذكور والإناث
على المشهور بين الأصحاب ثم الإخوة والأخوات، ولا يرثه المتقرب بالأم فإن عدم قرابة
المولى فمولى المولى ثم قرابة مولى المولى وعلى هذا فإن عدموا فضامن الجريرة وإنما يضمن
سائبة، ثم الإمام ومع غيبته يصرف في الفقراء والمساكين من بلد الميت ولا يدفع إلى
سلطان الجور مع القدرة.
الفصل الرابع: في التوابع:
وفيه مسائل:
الأولى: من له فرج الرجال والنساء يورث على ما سبق منه البول ثم على ما ينقطع
منه ثم نصف النصيبين فله مع الذكر خمسة من اثني عشر ومع الأنثى سبعة و معهما ثلاثة
عشر من أربعين سهما، والضابط أنك تعمل المسألة تارة أنوثية وتارة ذكورية وتعطى كل
وارث نصف ما اجتمع في المسألتين.
الثانية: من ليس له فرج يورث بالقرعة، ومن له رأسان أو بدنان على حقو واحد
يورث بحسب الانتباه فإذا انتبه أحدهما فانتبه الآخر فواحد وإلا فاثنان.
الثالثة: الحمل يورث إذا انفصل حيا أو تحرك حركة الأحياء ثم مات.
الرابعة: دية الجنين يرثها أبواه ومن يتقرب بهما أو بالأب بالنسب والسبب.
الخامسة: ولد الملاعنة ترثه أمه وولده وزوجته على ما سلف ومع عدمهم فلقرابة أمه
بالسوية ويترتبون الأقرب فالأقرب ويرث أيضا قرابة أمه.
523

السادسة: ولد الزنى يرثه ولده وزوجته لا أبواه ولا من يتقرب بهما ومع العدم
فالضامن فالإمام.
السابعة: لا عبرة بالتبري من النسب وفيه قول شاذ أنه يرثه عصبة أمه دون أبيه لو
تبرأ أبوه من نسبه.
الثامنة: يتوارث الغرقى والمهدوم عليهم إذا كان بينهم نسب أو سبب وكان بينهم
مال واشتبه المتقدم بالمتأخر وكان بينهم توارث، ولا يرث الثاني مما ورث منه الأول
ويقدم الأضعف تعبدا.
التاسعة: المجوس يتوارثون بالنسب الصحيح والفاسد والسبب الصحيح لا الفاسد،
فلو أنكح أمة فأولدها ورثته بالأمومة وورثها ولدها بالنسب الفاسد ولا ترثه الأم
بالزوجية، ولو أنكح المسلم بعض محارمه لشبهة وقع التوارث بالنسب أيضا.
العاشرة: مخارج الفروض خمسة: النصف من اثنين والثلثان والثلث من ثلاثة والربع
من أربعة والثمن من ثمانية والسدس من ستة.
الحادية عشرة: الفريضة إذا كانت بقدر السهام وانقسمت بغير كسر فلا بحث كزوج
وأخت للأبوين أو للأب فالمسألة من سهمين، فإن انكسرت على فريق واحد ضربت
عدده في أصل الفريضة إن عدم الوفق بين النصيب والعدد كأبوين وخمس بنات نصيب
البنات أربعة تضرب الخمسة في الستة أصل الفريضة، وإن انكسرت على أكثر نسبت
الأعداد بالوفق وغيره وضربت ما يحصل منها في أصل المسألة مثل زوج وخمسة إخوة لأم
وسبعة لأب فأصلها ستة للزوج ثلاثة وللأخوة للأم سهمان ولا وفق وللأخوة للأب سهم
ولا وفق فتضرب الخمسة في السبعة تكون خمسة وثلاثين تضربها في ستة أصل الفريضة
تكون مائتين وعشرة، فمن كان له سهم أخذه مضروبا في خمسة وثلاثين، فللزوج ثلاثة
فيها مائة وخمسة، ولقرابة الأم سهمان فيها سبعون لكل أربعة عشر، ولقرابة الأب سهم
فيها خمسة و ثلاثون لكل خمسة.
الثانية عشرة: أن تقصر الفريضة عن السهام بدخول أحد الزوجين فيدخل النقص على
البنت والبنات وقرابة الأب.
524

الثالثة عشرة: أن يزيد على السهام فيرد الزائد على ذوي السهام عدا الزوج والزوجة
وللأم مع الإخوة أو يجتمع ذو سببين مع ذي سبب واحد كما مر.
الرابعة عشرة: لو مات بعض الورثة قبل قسمة التركة صححنا الأولى، فإن نهض
نصيب الميت الثاني بالقسمة على ورثته صحت المسألتان من المسألة الأولى، وإن لم
تنهض فاضرب الوفق بين نصيبه وسهم وارثه في المسألة الأولى فما بلغ صحت منه، ولو
لم يكن وفق ضربت المسألة الثانية في الأولى، ولو مات بعض ورثة الميت الثاني عملت
فيه ما عملت في المرتبة الأولى وهكذا.
525