الكتاب: الينابيع الفقهية
المؤلف: علي أصغر مرواريد
الجزء: ٣٤ق٢
الوفاة: معاصر
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق:
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤١٣ - ١٩٩٣ م
المطبعة:
الناشر: مؤسسة فقه الشيعة - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات: أشرف على جمع أصولها الخطية وترتيبها حسب التسلسل الزمني وعلى تحقيقها وإخراجها وعمل قواميسها علي أصغر مرواريد

كتاب المواريث
1

الخلاف
تأليف شيخ الطائفة
أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (قدس سره)
385 - 460 ه‍. ق
3

كتاب الفرائض
مسألة 1: ميراث من لا وارث له ولا مولى نعمة لإمام المسلمين سواء كان
مسلما أو ذميا، وقال جميع الفقهاء: إن ميراثه لبيت المال وهو لجميع المسلمين.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم.
مسألة 2: اختلف الناس في توريث ستة عشر نفسا: أولاد البنات، أولاد
الأخوات، وأولاد الإخوة من الأم، وبنات الإخوة من الأب، والعمة وأولادها،
والخالة وأولادها، والخال وأولاده، والعم أخو الأب للأم وأولاده، وبنات العم
وأولادهن، والجد أب الأم، والجدة أم الأم فعندنا أن هؤلاء كلهم يرثون على
الترتيب الذي ذكرناه في النهاية، ولا يرث مع واحد منهم مولى نعمة، ويحجب
بعضهم بعضا على ما قلناه، وسنذكره فيما بعد.
وبه قال علي عليه السلام وعبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود، ومعاذ بن
جبل وأبو الدرداء، وإحدى الروايتين عن عمر أنه قال: العمة كالأب والخالة
كالأم، وشريح والحسن وابن سيرين وجابر بن زيد وعلقمة وعبيدة والأسود
وطاووس ومجاهد والشعبي وأهل العراق.
وقال قوم: إن ذوي الأرحام يرثون إلا أنه يقدم المولى ومن يأخذ بالرد
عليهم، يقولون: إذا مات وترك بنتا وعمة فالمال للبنت النصف بالفرض،
5

والنصف الآخر بالرد كما نقول، غير أنهم يقدمون المولى على ذوي الأرحام
ويوافقونا في أن من يأخذ بالرد أولى من أولى الأرحام، ويقولون: إذا لم يكن
هناك مولى ولا من يرث بالفرض ولا بالرد كان لذوي الأرحام، فخالفونا في
توريث المولى معهم والباقي وفاق.
ذهب إلى هذا أبو حنيفة وأصحابه وليس معهم أحد من الصحابة إلا رواية
شاذة عن علي عليه السلام، وذهب الشافعي إلى أنهم لا يرثون ولا يحجبون بحال
إن كان للميت قرابة فالمال له، وإن كان مولى كان له، وإن لم يكن مولى ولا
قرابة فميراثه لبيت المال، وبه قال في الصحابة زيد بن ثابت وابن عمر، وإحدى
الروايتين عن عمر أنه قال: عجبا للعمة تورث ولا نورثها، وبه قال في التابعين
الزهري، وفي الفقهاء مالك وأهل المدينة، وحكي عن مالك أنه قال: الأمر
المجمع عليه والذي أدركت عليه عامة علماء بلدنا أن هؤلاء يرثون، وبه قال
الأوزاعي وأهل الشام وأبو ثور.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم فإنهم لا يختلفون فيما قلناه، وأيضا قوله
تعالى: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين، فجعل تعالى الميراث
للولد، وولد البنت ولد، ويسمى ابنا بدلالة إجماع المسلمين على أن عيسى بن
مريم من ولد آدم وهو ابن مريم لأنه لا أب له، وروي عن النبي صلى الله عليه وآله
أنه قال: ابناي هذان سيدا شباب أهل الجنة، وقال: إن ابني هذا سيد يصلح
الله به بين فئتين من المسلمين، فسماه ابنا مع أنه ابن فاطمة عليه السلام، وقال: لا
تزرموا على ابني هذا بوله، أي لا تقطعوا عليه وكان بال في حجره صلى الله عليه وآله
فأرادوا أخذه فقال هذا القول.
وقال تعالى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض، وهؤلاء من ذوي
الأرحام، وقوله تعالى: للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء
نصيب مما ترك الوالدان والأقربون، ولم يفرق، وهؤلاء من الرجال والنساء.
وروى عمر وعائشة ومقدام بن معديكرب الكندي أن النبي صلى الله عليه وآله
6

قال: الخال وارث من لا وارث له، وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله
ورث الخال، وروى واسع بن حسان أن ثابت بن دحداح توفي ولم
يخلص له نسيبا فدفع رسول الله صلى الله عليه وآله ماله إلى خاله، وأخبرنا ابن
أبي الفوارس عن عمرو بن محمد بن حسومة قال: حدثنا علي بن العبد قال: حدثنا
أبو داود قال: حدثنا حفص بن عمير قال: حدثنا شعبة عن بديل عن علي بن أبي
طلحة عن راشد بن سعد عن أبي عامر عن أبي المقدم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله
: من ترك كلأ فإلي ومن ترك مالا فلورثته وأنا وارث من لا وارث
له أعقل ماله وأرثه، والخال وارث من لا وارث له يعقل عنه ويرثه.
وبهذا الإسناد عن أبي داود قال: حدثنا سلمان بن حرب في آخرين قال:
حدثنا حماد عن بديل عن علي بن أبي طلحة عن راشد بن سعد عن أبي عامر
اليهودي عن المقدام الكندي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنا أولى
بكل مؤمن من نفسه، فمن ترك دينا أو ضيعة فإلي، ومن ترك مالا فلورثته وأنا
مولى من لا مولى له أرث ماله وأفك عاينه، والخال مولى من لا مولى له يرث ماله
ويفك عاينه.
مسألة 3: إذا مات وخلف بنتا أو أختا أو غيرهما ممن له سهم وزوجا أو
زوجة فللبنت أو الأخت النصف بالتسمية، وللزوج أو للزوجة سهمهما والباقي يرد
على البنت أو على الأخت ولا يرد على الزوج والزوجة بحال، وليس للعصبة
والمولى معهما شئ على حال.
وروي ذلك عن علي عليه السلام وعبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود
وأبو حنيفة وأصحابه، هذا مذهبهم لا يختلفون في الرد، لكن اختلفوا في تخصيص
بعضهم دون بعض، فذهب علي عليه السلام إلى أنه يرد على هؤلاء إلا الزوج
والزوجة، ولا يرد على بنت الابن مع بنت الصلب كما نقول، ولا يرد على الأخت
من الأب مع الأخت للأب والأم، وكذلك نقول، ولا على الجد مع ذي سهم،
7

ولا على ولد الأم مع الأم، وهذا لا خلاف فيه، وقال الشافعي: للبنت النصف
والباقي للعصبة، فإن لم تكن عصبة فللمولى، وإن لم يكن مولى فلبيت المال.
قال أبو حامد: وهذه المسألة مثل مسألة ذوي الأرحام، لكن من قال: يقدم
ذوي الأرحام هناك على المولى، فهاهنا قدم على الرد المولى، ومن قال هناك:
يقدم المولى على ذوي الأرحام، فهاهنا يقدم المولى على الرد لكن يقدم الرد على
ذوي الأرحام.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وقوله تعالى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى
ببعض، وهذا أقرب.
فإن قيل: قوله تعالى: بعضهم أولى ببعض، لم يقل في ما ذا أولى وإذا لم
يكن في صريحه جاز لنا أن نحمله على أنه أولى بدفنه والصلاة عليه وغسله.
قلنا: ذلك تخصيص يحتاج إلى دليل، ونحن نحمله على عمومه، فإن قيل:
فقد بين بقوله في كتاب الله " من المؤمنين والمهاجرين " وإنما أراد فسخ التوارث
بالمؤاخاة الأولة، قيل: وهذا أيضا تخصيص يحتاج إلى دليل، وليس إذا كان
آخر الآية مخصوصا يجب تخصيص أولها.
فإن قالوا: يحمل على أن بعضهم أولى ببعض الذين بينهم في آية الفرائض
في سورة النساء لأنه قال: في كتاب الله.
قيل: وهذا أيضا تخصيص بلا دليل، وقوله: في كتاب الله، يعني حكم الله،
وذلك عام في جميع ما قلناه.
وروى واثلة بن الأسقع أن النبي صلى الله عليه وآله قال: تحوز المرأة ثلاث
مواريث عتيقها ولقيطها وولدها الذي لاعنت عليه، وروى عمرو بن شعيب عن
أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وآله جعل ميراث ولد الملاعنة لأمه، وفي
بعض الأخبار والعصبة بعدها، وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: ولد
الملاعنة أمه أبوه وأمه، فجعل أمه أباه فينبغي أن تأخذ الميراث بالأبوة والأمومة،
وروي أن النبي صلى الله عليه وآله دخل على سعد ليعوده فقال سعد:
8

يا رسول الله إنما ترثني ابنتان لي أفأوصي بمالي؟ فقال: لا، فقال: أفأوصي بنصف
مالي؟ فقال: لا، قال: أفأوصي بثلث مالي؟ فقال: الثلث والثلث كثير، وفي بعض
الأخبار: والثلث كبير، فوجه الدلالة من هذا أن سعدا قال: ابنتاي تحوزان المال،
ولم ينكر النبي صلى الله عليه وآله فدل على أنهما تحوزان.
مسألة 4: اختلف من قال بتوريث ذوي الأرحام، فعندنا أنه يقدم الأقرب
فالأقرب وينزل كل واحد منزلة الوارث الذي يمت به، فيكون ولد البنات
والأخوات بمنزلة أمهاتهم وبنات الأعمام والعمات بمنزلة آبائهم وأمهاتهم، والخال
والخالات وآباء الأم بمنزلة الأم، والأعمام للأم والعمات لها بمنزلة الأب، وبه قال
أكثرهم، وهو المحكي عن علي عليه السلام وعمرو بن مسعود.
وعن علي عليه السلام أنه أنزل الأعمام للأم والعمات لها بمنزلة الأعمام
للأب والأم، وكان الثوري ومحمد بن سالم وأبو عبيدة ينزلون العمات للأب
بمنزلة الجد مع ولد الأخوات وبنات الإخوة، ونزلوا كل من يمت بذي سهم أو
عصبة بمنزلة من يمت به، ومن سبق إلى وارث في التنزيل كان أحق بالمال ممن
هو أبعد إلى الوارث، فهذا مثل ما قلناه سواء إلا مراعاة العصبة فإنا لا نراعيها.
وروي عن محمد بن سلام والثوري والحسن بن صالح بن حي أنهم ورثوا
من قرب ومن بعد إذا كانا من جهتين مختلفتين، وقالوا في ثلاث حالات
متفرقات: نصيب الأم بينهن على خمسة لأنهن أخوات للأم مفترقات، وفي ثلاث
عمات مفترقات نصيب الأب بينهن على خمسة لأنهن أخوات مفترقات للأب.
ومن نزل العمات المفترقات بمنزلة الأعمام المفترقين فالمال كله للعمة للأب
والأم، وقال نعيم بن حماد: نصيب الأب بينهن على ثلاثة لكل واحدة منهن سهم،
وكذلك نصيب الأم بين الأخوال والخالات المفترقين بالسوية، وكذلك في
والد الأخوال والخالات المفترقين والأعمام والعمات إلا أنه يقدم ولد الأب والأم
على ولد الأب وولد الأب على ولد الأم.
9

دليلنا: إجماع الفرقة وقد بيناه في النهاية وتهذيب الأحكام مشروحا.
مسألة 5: قد بينا أن ميراث ذوي الأرحام الأقرب أولى من الأبعد، ولو كان
بينهما درجة اتفقت أسبابهم أو اختلفت، فإن أولاد الصلب وإن نزلوا ذكورا كانوا
أو إناثا أولى من أولاد الأب ومن أولاد الأم وإن لم ينزلوا، وإن أولاد الأب والأم
وإن نزلوا أولى من أولاد الجد منهما وإن لم ينزلوا، وإن أولاد الأبوين وإن نزلوا
يقاسمون الجد والجدة من قبل الأبوين، وكذلك أولاد الجد والجدة من جهتهما
وإن نزلوا أولى من أولاد جد الأب وجد الأم وإن لم ينزلوا، وعلى هذا التدريج
كل من كان أقرب كان أولى.
وكان أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد يورثون ذوي الأرحام على ترتيب
العصبات، فيجعلون ولد الميت من ذوي أرحامه أحق من سائر ذوي الأرحام ثم
ولد أبي الميت ثم ولد جده ثم ولد أبي الجد، إلا أن أبا حنيفة قدم أب الأم على ولد
الأب، ذكر عنه أنه قدمه على ولد الميت أيضا.
وكان أبو يوسف ومحمد يقدمان كل أب على أولاده أو من كان في درجة
أولاده، ويقدمان عليه ولد أب أبعد منه ومن في درجتهم.
دليلنا: ما تقدم وتكرر من إجماع الفرقة وأخبارهم.
مسألة 6: ثلاث خالات مفترقات وثلاثة أخوال مفترقين يأخذون نصيب
الأم للخال والخالة من الأم الثلث بينهما بالسوية، والباقي للخال والخالة من قبل
الأب والأم بينهما أيضا بالسوية.
وفي أصحابنا من قال: بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، ويسقط الخال
والخالة من قبل الأب، وقال من تقدم ذكره: للخال والخالة من الأب والأم المال
كله، فإن لم يكن فللخال والخالة من قبل الأب، وإن لم يكن فللخال والخالة من
قبل الأم.
10

دليلنا: ما تقدم ذكره.
مسألة 7: العمات المفترقات يأخذن نصيب الأب يقسم بينهن قسمة
الأخوات المفترقات بالسواء، وقال من تقدم ذكره: يقدم من كان للأب والأم،
فإن لم يكن فالتي للأب، وإن لم يكن فالتي للأم.
دليلنا: ما قدمناه في المسألة الأولى.
مسألة 8: بنات الإخوة المفترقين يأخذن نصيب آبائهن على ترتيب الإخوة
المفترقين، وكذلك أولاد الأخوات المفترقات.
وقال أبو يوسف في الفريقين: المال لمن كان للأب والأم ثم لولد الأب ثم
لولد الأم، وكان محمد يورث بعضهم من بعض بعد أن يجعل عدد من يدلي
بأخت أخوات، وعدد من يدلي بأخ إخوة، ثم يورثهم على سبيل ميراث الأخوات
المفترقات والإخوة المفترقين كما نقول، لكن لا نراعي نحن العدد.
وروي عن أبي حنيفة مثل قول أبي يوسف ومحمد جميعا، وكانوا يورثون
الأخوال والخالات من الأم وأولادهما للذكر مثل حظ الأنثيين، وكذلك الأعمام
للأم والعمات وأولادهما للذكر مثل حظ الأنثيين.
وكان أهل التنزيل لا يفضلون ذكورهم على إناثهم، وأجمعوا على أن ولد
الإخوة والأخوات من الأم لا يفضلون ذكورهم على إناثهم، وكان أبو عبيدة لا
يفضل الذكر على أخته في جميع ذوي الأرحام.
دليلنا: إجماع الفرقة على ما تقدم ذكره.
مسألة 9: اختلف أهل العلم من أهل العراق في أعمام الأم وعماتها
وأخوالها وخالاتها وأجدادها وجداتها اللاتي يرثن بالرحم، وفي أخوال الأب
وعماته وأجداده وجداته الذين يرثون بالرحم، فروى عنهم عيسى بن أبان أن
11

نصيب الأم لقرابتها من قبل أبيها، ونصيب الأب لقرابته من قبل أبيه، وروى
أبو سليمان الجوزجاني واللؤلؤي أن نصيب الأم ثلثاه لقرابتها من قبل أبيها وثلثه
لقرابتها من قبل أمها، وأن نصيب الأب ثلثاه لقرابته من قبل أبيه، وثلثه لقرابته من
قبل أمه، فإذا اجتمع قرابتا الأب والأم وكان بعضهم أقرب بدرجة فالمال كله
لأقربها، مثل أم أبي أم وأم أبي أم أب فالمال كله لأم أب الأم، وهذا هو الصحيح
الذي نذهب إليه.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم.
مسألة 10: اختلف من ورث ذوي الأرحام إذا كان معهم زوج أو زوجة،
مثل أن يخلف الميت زوجا وبنت بنت وبنت أخت، فعندنا للزوج سهمه الربع،
والباقي لبنت البنت، وتسقط بنت الأخت.
وكان الحسن بن زياد وأبو عبيدة يعطيان الزوج فرضه النصف، ويجعلان
النصف الباقي لبنت البنت نصفه ونصفه لبنت الأخت لأنهما بمنزلة بنت واحدة
وأخت.
وكان يحيى بن آدم وأبو نعيم يحجبان الزوج ويعطيانه الربع، ولابنة البنت
النصف سهمان من أربعة، والباقي لبنت الأخت ثم يرجعان فيعطيان الزوج
النصف ويجعلان باقي المال بين بنت البنت وبنت الأخت على ثلاثة، ثلثاه لبنت
البنت وثلثه لبنت الأخت، على قدر سهامهما في حال الحجب، وتصح من ستة.
دليلنا: ما تقدم ذكره من إجماع الفرقة، وأيضا فبنت البنت بنت يتناولها
الظاهر، وقد بينا أيضا أن ولد الأب لا يرث مع ولد الصلب وإن نزل.
مسألة 11: عم لأب مع ابن عم لأب وأم، المال لابن العم للأب والأم دون
العم للأب، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.
دليلنا: إجماع الفرقة فإنهم لا يختلفون في ذلك، ويقولون: إن
12

أمير المؤمنين عليه السلام كان أولى من العباس لو جاز أن يرثا مع البنت لأن
القول بالعصبة باطل عندهم.
مسألة 12: لا يرث المولى مع ذي رحم قريبا كان أو بعيدا، وبه قال علي عليه
السلام وعمرو بن مسعود وابن عباس وأبو الدرداء ومعاذ وعلقمة والأسود
وعبيدة والشعبي وشريح ومجاهد.
وكان زيد يورث ذا السهم سهمه ويجعل الباقي للمولى ويورثه دون ذوي
الأرحام الذين لا سهم لهم، وإليه ذهب الحسن البصري والأوزاعي ومالك
والشافعي وابن أبي ليلى وأبو حنيفة وأهل العراق، وروي عن علي عليه السلام
القولان معا.
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا قوله تعالى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى
ببعض، وقوله تعالى: للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء
نصيب مما ترك الوالدان والأقربون، وذوي الأرحام من جملة الرجال والنساء.
مسألة 13: الابن والأب والجد وابن الأخ والعم وابن العم والمولى كلهم
يأخذون بآية أولى الأرحام دون التعصيب، والمولى يأخذ بالولاء.
وقال الشافعي: يأخذ هؤلاء كلهم بالتعصيب، وبه قال باقي الفقهاء.
دليلنا: إجماع الفرقة على بطلان القول بالتعصيب وسندل على ذلك فيما
بعد إن شاء الله، والمولى يأخذ بالولاء إجماعا، فإن سموا ذلك تعصيبا فهو
خلاف في عبارة.
مسألة 14: ميراث من لا وارث له لا ينقل إلى بيت المال وهو للإمام
خاصة.
وعند جميع الفقهاء ينقل إلى بيت المال ويكون للمسلمين، وعند الشافعي
13

يرثه المسلمون بالتعصيب، وعند أبي حنيفة في إحدى الروايتين عنه، وفي الرواية
الأخرى بالموالاة دون التعصيب.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وأيضا فلا خلاف أن للإمام أن يخص به
قوما دون قوم، فلو لا أنه له لم يجز ذلك، ولأنه لو كان ميراثا لكان للذكر مثل
حظ الأنثيين كالميراث فلما لم يفضل ذكر على أنثى دل على أنه ليس بميراث،
فأما الذمي إذا مات ولا وارث له، فإن ماله لبيت المال فيئا بلا خلاف بينهم،
وعندنا أنه للإمام مثل الذي للمسلم سواء.
دليلنا: عليهما واحد وهو إجماع الفرقة.
مسألة 15: كل موضع وجب المال لبيت المال عند الفقهاء للمسلمين،
وعندنا للإمام، وإن وجد الإمام العادل سلم إليه بلا خلاف، وإن لم يوجد وجب
حفظه له عندنا كما يحفظ سائر أمواله التي يستحقها.
واختلف أصحاب الشافعي فمنهم من قال: إذا فقد الإمام العادل سلم إلى
ذوي الأرحام لأن هذه المسألة اجتهادية، فإذا بطل إحدى الجهتين ثبتت الأخرى،
ومنهم من قال: هذا لا يجوز، لأنه حق لجميع المسلمين فلا يجوز دفعه إلى ذوي
الأرحام، لكن يفعل به ما يفعل بزكاة الأموال الظاهرة، والإنسان بالخيار بين أن
يسلمه إلى الإمام الجائر وبين أن يضعه في مصالح المسلمين وبين أن يحفظه حتى
يظهر إمام عادل كذلك هاهنا.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وأيضا فإذا دفعه إلى الإمام العادل برئت
ذمته بلا خلاف، وليس على براءة ذمته إذا دفعه إلى الجائر أو صرفه في مصالح
المسلمين دليل.
مسألة 16: لا يرث الكافر المسلم بلا خلاف، وعندنا أن المسلم يرث
الكافر قريبا كان أو بعيدا.
14

وبه قال في الصحابة على رواية أصحابنا علي عليه السلام، وعلى قول
المخالفين معاذ بن جبل ومعاوية بن أبي سفيان، وبه قال مسروق وسعيد وعبد الله
بن معقل ومحمد بن الحنفية ومحمد بن علي الباقر عليه السلام، وإسحاق بن
راهويه.
وقال الشافعي: لا يرث المسلم الكافر، وحكي ذلك عن علي عليه السلام
وعمرو عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وزيد بن ثابت والفقهاء كلهم.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وأيضا قول النبي صلى الله عليه وآله
: الإسلام يعلو ولا يعلى عليه، وروى معاذ بن جبل قال: سمعت رسول الله
صلى الله عليه وآله يقول: الإسلام يزيد ولا ينقص.
وما رواه المخالفون من قول النبي صلى الله عليه وآله: لا يتوارث أهل
ملتين، صحيح لأن ذلك لا يكون إلا بثبوت التوارث بين كل واحد منهما من
صاحبه، وذلك لا نقوله.
ويدل على صحة ما قلناه قوله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل
حظ الأنثيين، وقوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم، وقوله: للرجال
نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان
والأقربون، فهو على عمومه إلا ما أخرجه الدليل.
مسألة 17: الكفر ملة واحدة، فالذمي يرث من الذمي كما أن المسلم يرث
من المسلم.
وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي والثوري وأصحاب أبي حنيفة.
وذهب قوم إلى أن الكفر ملل، ولا يرث الذمي من الذمي، وبه قال شريح
والزهري وربيعة وابن أبي ليلى وأحمد وإسحاق.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وروى أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وآله
قال: لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم، فجعل الكفر ملة واحدة.
15

مسألة 18: إذا أسلم الكافر قبل قسمة الميراث شارك أهل الميراث في
ميراثهم، وإن كان بعد قسمته لم يكن له شئ، وبه قال عمر وعثمان والحسن
وقتادة وجابر بن زيد وعكرمة وأحمد وإسحاق، وقالوا: كان علي عليه السلام لا
يورث من أسلم على ميراث، وبه قال ابن المسيب وعطاء وطاووس وأهل العراق
ومالك والشافعي.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وأيضا ظواهر القرآن كلها تتناوله، وإنما
منعناه الميراث في حال كفره بالإجماع.
مسألة 19: المملوك لا يورث منه بلا خلاف لأنه لا يملك، وهل يرث أم
لا؟ فيه خلاف.
فعندنا أنه إن كان هناك وارث فإنه لا يرث إلا أن يعتق قبل قسمة المال
فإنه يقاسمهم المال، وإن لم يكن هناك مستحق اشترى المملوك بذلك المال أو
ببعضه وأعتق وأعطي الباقي، وإن لم يسع المال لثمنه سقط ذلك وكان لبيت
المال، وقال ابن مسعود: يشترى بهذا المال فما بقي يرثه، ولم يفصل، وقال
طاووس: يرثه كالوصية، وقال باقي الفقهاء أبو حنيفة والشافعي ومالك: إنه لا
يورث، وروي ذلك عن علي عليه السلام وعمر.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وجميع ظواهر القرآن يتناول عمومها هذا
الموضع، وإنما نخصها بدليل في بعض الأحوال.
مسألة 20: العبد إذا كان بعضه حرا وبعضه مملوكا فإنه يرث بحساب
الحرية ويحرم بحساب الرق.
وخالف الفقهاء كلهم في ذلك وقالوا: حكمه حكم العبد القن سواء.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم تدل على ذلك، وليس هاهنا مخصص لها.
16

مسألة 21: متى اكتسب هذا العبد مالا فإنه يكون بينه وبين سيده إما
بالمهاياة أو بغير المهاياة ومات فإنه يورث عنه ما يخصه ولا يكون لسيده.
وللشافعي فيه قولان: أحدهما يورث، والثاني لا يورث، لأن كل معنى أسقط
إرثه أسقط الإرث له كالارتداد.
دليلنا: إجماع الفرقة وظواهر الآيات وإنما نخصها بدليل.
مسألة 22: القاتل إذا كان عمدا في معصية فإنه لا يرث المقتول بلا
خلاف، وإن كان عمدا في طاعة فإنه يرثه عندنا وفيه خلاف، وإن كان خطأ فإنه
لا يرث من ديته، ويرث ما سواها وفيه خلاف.
وروي مثل مذهبنا عن عمر، ووافقنا عليه جماعة من الفقهاء عطاء وسعيد بن
المسيب ومالك والأوزاعي، وذهب قوم إلى أنه يرث من ماله وديته، وقال
الشافعي: القاتل لا يرث سواء كان صغيرا أو كبيرا مجنونا أو عاقلا عمدا كان أو
خطأ لمصلحة أو لغير مصلحة، مثل أن يسقيه دواء أو يطلى جراحة فمات، وسواء
كان قتل مباشرة أو بسبب جناية أو غير جناية، وسواء كان حاكما شهد عنده
بالقتل أو بالزنى وكان محصنا أو اعترف فقتله عادلا أو باغيا فرماه وقتله في
المعركة.
وبه قال في الصحابة علي عليه السلام على ما رواه عنه عبد الله بن عباس،
وفي التابعين عمر بن عبد العزيز، وفي الفقهاء أحمد، أطلقوا بأن القاتل لا يرث
بحال.
ومن أصحاب الشافعي من قال: إن كان جناية لا يرثه مثل أن يكون قتل
العمد الذي يوجب القود والكفارة أو قتل الخطأ الذي يوجب الدية والكفارة، أو
قتله مسلم في دار الحرب فوجب الكفارة.
وقال أبو إسحاق: إن كان موضع التهمة فإنه لا يرثه مثل أن يكون حاكما
فيشهد عنده بقتل ابنه عمدا أو بالزنى وكان محصنا فقتله فإنه لا يرثه، فإن هاهنا
17

تهمة التزكية لأن إليه تزكية العدول، فأما إن اعترف فإنه يرثه فإنه ليس بمتهم قال
أبو حامد: وهذان ليسا بشئ.
واختلفوا في قاتل الخطأ فكان علي عليه السلام على ما رووه عنه وعمر وزيد
وابن عباس لا يورثونه، وبه قال الشافعي والنخعي والثوري وأبو حنيفة وأصحابه،
إلا أن من قول أبي حنيفة: إن المجنون والمغلوب على عقله والصبي والعادل إذا
قتل الباغي ورثوا من المال والدية معا.
وكان عطاء ومالك والزهري وأهل المدينة يورثون قاتل الخطأ من المال
دون الدية.
وكان أهل البصرة يورثونه من المال والدية معا.
وقال أبو حنيفة: إن كان القتل بالمباشرة فإنه لا يرثه إلا في ثلاثة: الطفل
والمجنون والعادل إذا رمى في الصف فقتل واحدا من المقاتلة، فأما بالسبب مثل
أن لو حفر بئرا فوقع فيها إنسان، أو نصب سكينا فعثر به إنسان فمات، أو ساق
دابة أو قادها فرفست فقتلته فإنه يرثه، فأما إن كان راكبا على الدابة فرفسها وقتلت
إنسانا فإنه لا يرثه، وقال أبو يوسف ومحمد: يرث من الذي قتله الدابة وإن كان
راكبا.
دليلنا: إجماع الفرقة، وروى محمد بن سعيد - قال الدارقطني وهو ثقة -
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله
قال: لا يتوارث أهل الملتين بشئ ترث المرأة من مال زوجها ومن ديته ويرث
الرجل من مالها ومن ديتها ما لم يقتل أحدهما صاحبه فإن قتل أحدهما صاحبه
عمدا فلا يرث من ماله ولا من ديته، وإن قتله خطأ ورث من ماله ولا يرث من
ديته، وهذا نص.
وكلما يروى من الأخبار في أن القاتل لا يرث ويتعلق بعمومه لنا أن نخصه
بهذا الخبر.
18

في ميراث المهدوم عليه والغرقى
مسألة 23: المهدوم عليهم والغرقى إذا لم يعرف تقدم موت بعضهم على
بعض فإنه يورث بعضهم من بعض من نفس ما ترك دون ما يرثه من صاحبه،
وبه قال علي عليه السلام، وهو إحدى الروايتين عن عمر، وبه قال شريح وإياس
بن عبد الله والحسن البصري والشعبي وسفيان الثوري وابن أبي ليلى، كلهم ذهبوا
إلى أن الميت يرث من الميت.
وقال الشافعي: من غرق أو انهدم عليه أو يقتل في الحرب ولم يعرف موت
أحدهم سبق موته إذا كانوا جماعة، فإنه إن كان يعرف أن أحدهم سبق موته فإن
الميراث يكون للباقي، وإن عرف السابق لكن نسي أيهم كان فإن الميراث يكون
موقوفا رجاء أن يذكر ذكرا ناقصا أو تاما.
إن كان أحدهما أسبق ولم يعرف عينه فإن ميراثه يكون لورثته الأحياء ولا
يرث الموتى عنه، وبه قال أبو بكر وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وزيد بن
ثابت وابن عمر، وهو إحدى الروايتين عن عمر، ومعاذ بن جبل لا يورث الموتى
من الموتى، وبه قال أبو حنيفة.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وروى إلياس بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وآله
نهى عن بيع الماء، وسئل عن قوم انهدم عليهم بيت فقال: يورث
الموتى من الموتى.
مسألة 24: القاتل والمملوك والكافر لا يحجبون، وبه قال جميع الفقهاء
وجميع الصحابة إلا عبد الله بن مسعود فإنه انفرد بخمس مسائل هذه أولها فإنه
قال: القاتل والمملوك والكافر يحجبون حجبا مقيدا، والمقيد ما يحجب من
فرض إلى فرض.
دليلنا: إجماع الفرقة بل إجماع الأمة، وابن مسعود قد انقرض خلافه.
19

مسألة 25: أولاد الأم يسقطون مع الأبوين ومع الأولاد ذكورا كانوا أو
إناثا، ومع ولد الولد ذكورا كانوا أو إناثا سواء كانوا أولاد ابن أو أولاد بنت، ولا
يسقطون مع الجد.
وقال الشافعي: يسقطون مع أربعة، مع الأب والجد وإن علا ومع الأولاد
ذكورا كانوا أو إناثا ومع أولاد الابن ذكورا كانوا أو إناثا.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، ودليلنا على أنهم لا يسقطون مع الجد بعد
الإجماع المذكور، أنهم يتساوون في القربى، والجد يرث عندنا بالرحم لا
بالتعصيب، وأما سقوطهم مع ولد البنت فلأن ولد البنت ولد على الحقيقة على ما
دللنا عليه.
بيان الاختلاف في معنى الكلالة
مسألة 26: كلالة الأم هم الإخوة والأخوات من قبل الأم، وكلالة الأب هم
الإخوة والأخوات من قبل الأب والأم أو من قبل الأب، وبه قال الشافعي، وبه قال
في الصحابة علي عليه السلام وأبو بكر وعمر وزيد بن ثابت وجابر بن عبد الله،
وقال القتيبي: الكلالة الوالدان، وقال أبو عبيدة: الكلالة الوالدان والمولودون، قال
الساجي: قال أهل البصرة: الكلالة إنما هو الميت، وقال أهل الحجاز وأهل
الكوفة: الكلالة الورثة، وعلى هذا أهل اللغة.
دليلنا: إجماع الفرقة وأيضا قوله تعالى: وإن كان رجل يورث كلالة أو
امرأة، وقراءة ابن مسعود وسعد بن أبي وقاص " كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت
من أم "، ولأنه تعالى قال: فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث، وهذا
حكم يختص ولد الأم بلا خلاف.
وأما كلالة الأب فقوله تعالى: يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ
هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد،
فنص على الكلالة إذا لم يكن ولد وأضمر الوالدين لأنه جعل ميراث الأخت كله
20

له إذا لم يكن له ولد، والأخ لا يرث إلا مع عدم الوالدين فكأنه تعالى قال: إن
امرؤ هلك ليس له ولد ولا والدان يكون ورثته كلالة.
وعلى المسألة إجماع لأنه روي عن أبي بكر أنه قال: الكلالة إذا لم يكن له
ولد ولا والد، وروي عن عمر أنه قال: إني أستحيي أن أخالف أبا بكر في الكلالة،
وروي عن علي عليه السلام مثله، وسميت الكلالة كلالة لأنه ليس معه علو ولا
نزول لا يعلو ولا ينزل وهو الوسط.
قال أبو عبيدة: الكلالة إذا لم يكن معه طرفاه، وقال أبو عبيدة: يقال تكلله
النسب إذا أحاط به، ومن هذا سمي الإكليل إكليلا لأنه يحيط بالرأس لا يصعد ولا
ينزل.
قال الشاعر:
ورثتم قناة الملك لاعن كلالة عن ابن مناف عبد شمس وهاشم
وقال الشاعر:
وكيف بأطرافي إذا ما شتمتني وما بعد شتم الوالدين صفوح
قال أبو عبيدة: وهذا يدل على أنه إذا سقط طرفاه سمي كلالة.
مسألة 27: الإخوة والأخوات من الأب والأم أو من الأب كلالة، وهم
يسقطون بثلاثة بالأب وبالابن، ويسقطون بابن الابن بلا خلاف، ويسقطون
بالبنات وبنات الابن، وبجميع ولد الولد وإن نزلوا سواء كانوا أولاد ابن أو أولاد
بنت، وقال الشافعي: لا يسقطون بهؤلاء، ولا خلاف أنهم لا يسقطون بالجد.
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا إنما قلنا: إنهم يسقطون بهؤلاء، لأن الله تعالى
جعل لهم الميراث بشرط أن لا يكون هناك ولد لأنه تعالى قال: يستفتونك قل
الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك،
فسمى لها النصف مع عدم الولد، ثم عطف الأختين والإخوة والأخوات بعد
ذلك، والبنت وبنت الابن ولد فيجب أن يسقطوهم.
21

مسألة 28: تسقط أم الأم بالأب، وعند الفقهاء إنها لا تسقط لأنها تدلي بالأم
لا بالأب.
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا فإن الأب أقرب بدرجة واحدة، وإن لم تدل
بالأب وأدلت بالأم فقد بعدت بدرجة، فوجب أن لا ترث لقوله: وأولوا الأرحام
بعضهم أولى ببعض.
مسألة 29: أم الأب لا ترث مع الأب، وبه قال في الصحابة علي عليه السلام
وعثمان بن عفان وزيد بن ثابت وزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص،
وفي الفقهاء أبو حنيفة وأصحابه والشافعي ومالك.
وذهب قوم إلى أنها ترث مع الأب، وهو قول أبي بكر وعمر وعبد الله بن
مسعود وأبي موسى الأشعري وعمران بن حصين وشريح والشعبي وأحمد
وإسحاق ومحمد بن جرير الطبري.
وقال أصحابنا: إذا خلف أبوين وجدة أم أبيه فللأم الثلث وللأب الثلثان،
ويؤخذ السدس من نصيب الأب، ويعطي الجدة التي هي أمة على وجه الطعمة لا
الميراث.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم.
مسألة 30: إذا خلف أم الأم وأم الأب مع الأب فالمال كله عندنا للأب،
ويؤخذ منه السدس طعمة، فيعطى أم الأب ولا شئ لأم الأم، وقال الشافعي ومن
ذكرناه في المسألة الأولى: لا ترث أم الأب مع الأب شيئا على ما قلناه، ولا
يشارك عند الشافعي، ومن وافقه في المسألة الأولى أم الأم وأم الأب، وعند
مخالفيهم السدس بينهما أعني أم الأب وأم الأم.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وما رواه عبد الله بن مسعود وعبد الله بن
عباس أن النبي صلى الله عليه وآله ورث جدة وابنها حي.
22

حجب الأم بالإخوة والأخوات
مسألة 31: لا تحجب الأم عن الثلث إلا بأخوين أو بأخ وأختين أو أربع
أخوات ولا تحجب بأختين.
وقال جميع الفقهاء: إنها تحجب بأختين أيضا، وقال ابن عباس: لا تحجب
بأقل من ثلاثة إخوة، وهذه في جملة الخمس مسائل التي انفرد بها.
دليلنا: إجماع الفرقة ولأن ما ذكرناه مجمع على وقوع الحجب به إلا قول
ابن عباس، ووقوع الحجب بأختين ليس عليه دليل، فأما قوله تعالى: فإن كان له
إخوة، وإن كان لفظه لفظ الجمع فنحن نحمله على الاثنين، بدلالة الإجماع من
الفرقة على أن في الناس من قال: أقل الجمع اثنان، فعلى هذا قد وفى الظاهر
حقه.
مسألة 32: لا يقع الحجب بالإخوة والأخوات إذا كانوا من قبل الأم،
وخالف جميع الفقهاء ذلك.
دليلنا: إجماع الفرقة، ولأن ما اعتبرناه مجمع على وقوع الحجب به
وليس على ما قالوه دليل، وقوله تعالى: فإن كان له إخوة، فنحن نخصه بكلالة
الأب بدلالة إجماع الفرقة على ذلك.
مسألة 33: زوج وأبوان، عندنا للزوج النصف وللأم ثلث الأصل،
والباقي وهو السدس للأب.
وبه قال عبد الله بن عباس، وإليه ذهب شريح، وروي عن علي عليه الصلاة
والسلام مثله في المسألتين، وقال جميع الفقهاء: للأم ثلث ما يبقى.
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا قوله تعالى: فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه
فلأمه الثلث، فأطلقها لها الثلث مع عدم الولد سواء كان زوج أو لم يكن، فمن
قال: ثلث ما يبقى، فقد ترك الظاهر، وعليه إجماع الفرقة.
23

مسألة 34: زوجة وأبوان، للزوجة الربع بلا خلاف، وللأم ثلث جميع
المال، وما يبقى فللأب، وبه قال ابن عباس، وقال جميع الفقهاء: لها ثلث ما يبقى
مثل المسألة الأولى سواء، وقال ابن سيرين في المسألة الأولى بقول الفقهاء، وفي
هذه المسألة بقولنا.
دليلنا: الآية وإجماع الفرقة، فأما فرق ابن سيرين فإنه يسقط بالإجماع لأن
من خالف الإجماع في مسألة مثل من فرق بين مسألتين على السواء في أنه
مخالف للإجماع.
مسألة 35: زوج وأخت لأب وأم، للزوج النصف، وللأخت النصف
الآخر بلا خلاف، فإن كان زوج وأختان لأب وأم أو لأب، فللزوج النصف من
أصل المال والباقي للأختين ولا عول، وعند الفقهاء أنها تعول إلى سبعة.
دليلنا: إجماع الفرقة على ذلك، وأيضا فإذا ثبت بطلان العول ثبتت هذه
المسألة لأن أحدا لا يقول بها مع بطلان العول.
مسألة 36: زوج وأم وأختان لأب وأم، للزوج النصف والباقي للأم ولا
يرث معها الأختان، وعند الفقهاء أنها تعول إلى ثمانية.
دليلنا: إجماع الفرقة ولأن الله تعالى جعل للأم الثلث مع عدم الولد،
وكل من قال أن لها ثلث جميع المال قال هاهنا: أن لها الباقي بالرد.
مسألة 37: زوج وأختان لأب وأم، وأم وأخ لأم، للزوج النصف،
والباقي للأم ولا شئ للأختين ولا للأخ من الأم معها، وعند الفقهاء أنها تعول إلى
تسعة.
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
24

مسألة 38: زوج وأختان لأم وأب وأختان لأم وأم، للزوج النصف
والباقي للأم، وعند الفقهاء أنه يعول إلى عشرة، وهذه المسألة يقال لها أم
الفروخ.
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 39: زوج وبنتان وأم، للزوج الربع وللأم السدس والباقي للبنتين
ولا عول، وعند الفقهاء أنها تعول من اثني عشر إلى ثلاثة عشر.
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 40: زوج وأبوان وبنتان، للزوج الربع وللأبوين السدسان والباقي
للبنتين، وعندهم يعول إلى خمسة عشر.
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 41: زوج وأبوان وبنت، للزوج الربع وللأبوين السدسان والباقي
للبنت، وعند الفقهاء أنها تعول إلى ثلاثة عشر.
دليلنا: ما قدمناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 42: زوجة وأختان من أب وأم وأم، للزوجة الربع وللأم ما بقي،
وعند الفقهاء تعول من اثني عشر إلى ثلاثة عشر.
دليلنا: ما قدمناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 43: فإن كان معهم أخ من أم كان للزوجة الربع والباقي للأم،
وعندهم تعول إلى خمسة عشر.
دليلنا: ما قدمناه في المسألة الأولى سواء.
25

مسألة 44: فإن كان معهم أخ آخر فمثل ذلك، وعندهم تعول إلى سبعة
عشر.
دليلنا: ما قدمناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 45: بنتان وأبوان وزوجة، للزوجة الثمن وللأبوين السدسان والباقي
للبنتين، وعندهم تعول من أربعة وعشرين إلى سبعة وعشرين.
دليلنا: ما قلناه سواء، وهذه المسألة يقال لها المنبرية التي قال فيها صار
ثمنها تسعا.
مسألة 46: للبنتين فصاعدا الثلثان، وبه قال عامة الفقهاء، ورويت رواية
شاذة عن ابن عباس: إن للبنتين النصف وللثلاث فما فوقهن الثلثان.
دليلنا: إجماع الفرقة وإجماع الأمة في عصرنا لأن خلاف ابن عباس قد
انقرض، وقوله تعالى: فإن كن نساء فوق اثنتين، لا خلاف أنها نزلت بسبب
البنتين، لا يجوز أن تنزل الآية على سبب ولا يدخل السبب فيها.
وأيضا قيل: قوله " فوق " صلة مثل قوله تعالى: فاضربوا فوق الأعناق،
والمعنى اضربوا الأعناق.
وروى جابر أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وآله ومعها ابنتان فقالت:
هاتان بنتا سعد بن ربيعة قتل يوم أحد معك وإن عمهما أخذ جميع مالهما
وميراثهما أفترى والله لا تنكحان ولا مال لهما؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله:
يقضي الله في ذلك، فنزل قوله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ
الأنثيين... إلى قوله: فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك، فقال صلى الله
عليه وآله: يا جابر ادع إلى المرأة وصاحبها، قال: فدعوتهما، فقال صلى الله عليه
وآله: أعطهما الثلثين وللأم الثمن وما يبقى فلك، ووجه الدلالة أنهما كانتا اثنتين
فقال: أعطهما الثلثين.
26

مسألة 47: بنت وبنت ابن وعصبة، المال للبنت النصف بالتسمية والباقي
رد عليها.
وقال الفقهاء: للبنت النصف ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين والباقي
للعصبة.
دليلنا: إجماع الفرقة وأيضا قوله تعالى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى
ببعض، والبنت أولى لأنها أقرب، والقول بالعصبة باطل على ما سنبينه فيما بعد.
مسألة 48: بنت وبنات ابن وعصبة، للبنت النصف بالفرض والباقي رد
عليها، وقال الفقهاء: لها النصف والسدس لبنات الابن والباقي للعصبة.
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 49: بنتان وبنت ابن وعصبة، للبنتين الثلثان بالتسمية والباقي رد
عليهما.
وقال الفقهاء: للبنتين الثلثان وتسقط بنت الابن والباقي للعصبة.
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 50: بنتان وبنت ابن ومعها ابن ابن، للبنتين الثلثان والباقي رد
عليهما.
وقال جميع الفقهاء: لهما الثلثان والباقي بين بنت الابن وأخيها " للذكر مثل
حظ الأنثيين ".
وقال عبد الله بن مسعود: للبنتين الثلثان والباقي لابن الابن، وتسقط بنت
الابن، وهذه المسألة الثانية التي انفرد بها من جملة الخمس مسائل.
دليلنا: ما قدمناه في المسألة الأولى سواء.
27

مسألة 51: زوج وأبوان وبنت وبنت ابن، للزوج الربع وللأبوين
السدسان والباقي للبنت، وليس لبنت الابن شئ.
وقال جميع الفقهاء: هذه من اثني عشر تعول إلى خمسة عشر، للزوج
الربع ثلاثة، وللأبوين السدسان أربعة، وللبنت النصف ستة، ولبنت الابن
السدس تكملة الثلثين سهمان.
دليلنا: ما قدمناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 52: بنت وبنات ابن وابن ابن، للبنت النصف بالتسمية والباقي لها
بالرد.
وقال الفقهاء: الباقي لبنات الابن مع أخيهم " للذكر مثل حظ الأنثيين ".
وقال ابن مسعود: بنات الابن يدفع إليهن ما هو أضر بهن من السدس
والمقاسمة، فإن كانت المقاسمة أضر بهن فلهن المقاسمة، وإن كان السدس أضر
بهن من المقاسمة فلهن السدس، بناه على أصله أن البنات إذا استكملن الثلثين
وكان هناك بنت ابن وابن ابن فإن الباقي لابن الابن لأن عنده بعد تكملة الثلثين
لا ترث بنات الابن، وإن كان معهن أخ فهاهنا السدس أضر بهن لأنه إذا كان
بنات الابن أكثر من بني الابن فالسدس أضر بهن، وإن كانوا بنو الابن أكثر
فالمقاسمة أضر بهن.
دليلنا: ما قدمناه في المسائل الأول.
مسألة 53: بنتان وابن ابن وبنت ابن ابن، للبنتين الثلثان بالفرض والباقي
رد عليهما ويسقط الباقون.
وقال الفقهاء: الباقي لابن الابن وتسقط بنت ابن الابن، لأن العصبة من
الأولاد يسقطون من هو أنزل منهم، ألا ترى أن الابن يسقط ابن الابن والأخ يسقط
ابن الأخ.
28

دليلنا: ما قدمناه في المسائل الأول.
مسألة 54: بنتان وبنت ابن وابن ابن ابن، فللبنتين الثلثان والباقي رد عليهما
ويسقط الباقون.
وقال الفقهاء: الباقي بين بنت الابن وابن ابن الابن " للذكر مثل حظ
الأنثيين " وقال ابن مسعود: الباقي لابن ابن الابن وسقط بنت الابن، وممن يقول:
الباقي بينهما، من خالف هاهنا وهو الأصم فقال: الباقي لابن ابن الابن ولا يعصب
هذا لابن بنت ابن ابن.
دليلنا: ما تقدم وتكرر.
مسألة 55: بنتان وأخت لأب وأم أو لأب، للبنتين الثلثان فرضا والباقي رد
عليهما.
وقال الفقهاء: الباقي للأخت لأن الأخوات مع البنات عصبة.
دليلنا: ما قدمناه في المسائل الأول، وأيضا قوله تعالى: إن امرؤ هلك
ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك، ففرض لها النصف مع عدم الولد
وهاهنا ولد وهي البنت، فمن أعطاها مع وجود الولد فقد خالف الظاهر.
مسألة 56: بنت واحدة وأخت لأب وأم أو لأب، للبنت النصف بالفرض
والباقي رد عليها، وقال الفقهاء: الباقي للأخت بالتعصيب.
دليلنا: ما قدمناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 57: ولد الولد يقوم مقام الولد ويأخذ كل واحد نصيب من يتقرب
به، فولد البنت يقوم مقام البنت ذكرا كان أو أنثى، وولد الابن يقوم مقام الابن
ذكرا كان أو أنثى فإذا اجتمعا أخذ كل واحد نصيب من يتقرب به، مثال ذلك،
29

بنت ابن وابن بنت، لبنت الابن الثلثان ولابن البنت الثلث، ثم الأقرب يمنع
الأبعد، والأعلى يمنع الأسفل، فعلى هذا لا يجتمع الأعلى مع من هو أنزل منه
ذكرا كان أو أنثى.
وخالف جميع الفقهاء في ذلك وقالوا: ولد الولد يقوم مقام الولد، ومعناه
لو كانوا ولد الصلب لورثوا ميراث ولد الصلب، فولد البنت لا يرث على مذهب
الشافعي، وقد مضى الخلاف فيه، وبنت الابن تأخذ النصف، وإن كان معها
أخوها كان للذكر مثل حظ الأنثيين، وبنتا الابن لهما الثلثان، وبنت الابن مع بنت
ابن الابن تجريان مجرى البنت للصلب مع بنت الابن، وقد مضى الخلاف.
ثم على هذا التنزيل للبنت العليا النصف وللتي تليها تكملة الثلثين، ويسقط
من هو أنزل منها إلا أن يكون معها أخوها فيكون الباقي بينهما للذكر مثل حظ
الأنثيين.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم.
مسألة 58: بنو الأخ يرثون مع الجد وإن نزلوا ويقومون مقام أبيهم،
وخالف جميع الفقهاء في ذلك، وقالوا: يسقطون مع الجد.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم.
مسألة 59: أخت من أب وأم وأخت من أب وعصبة، للأخت من الأب
والأم النصف بلا خلاف، والباقي عندنا رد عليها لأنها تجمع السببين، وقال
جميع الفقهاء: للأخت للأب السدس تكملة الثلثين والباقي للعصبة.
دليلنا: إجماع الفرقة وقيام الدليل على بطلان القول بالعصبة، ولأن
الأخت من الأب والأم تجمع السببين، والأخت من الأب لها سبب واحد فهي
أولى بالباقي، وقوله تعالى: وإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان، لا يتناولهما لأنه لو
تناولهما لكان ذلك بينهما بالسوية.
30

مسألة 60: أخت من أب وأم وأخوات من أب عصبة، للأخت من الأب
والأم النصف بلا خلاف والباقي عندنا رد عليها، وعند الفقهاء للأخوات من الأب
السدس تكملة الثلثين والباقي للعصبة.
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 61: أختان من أب وأم وأخت من أب وابن أخ من أب، للأختين
الثلثان بلا خلاف، والباقي عندنا رد عليهما ويسقط الباقون، وقال جميع الفقهاء:
الباقي لابن الأخ من الأب لأنه عصبة، ولا شئ للأخت من الأب.
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء ولأن الأخت للأب والأم مع أنهما
تجمع السببين أقرب بدرجة فهي أولى.
مسألة 62: أختان من أم وأب وأخت وأخ من أب، للأختين الثلثان بلا
خلاف والباقي عندنا رد عليهما، وقال جميع الفقهاء: الباقي للأخ والأخت من
الأب، للذكر مثل حظ الأنثيين، وقال ابن مسعود: الباقي للأخ وتسقط الأخت
للأب، بناه على أصله في البنتين وبنت ابن وابن ابن.
دليلنا: ما قدمناه في المسائل الأول.
مسألة 63: أخت من أب وأم وأخ وأخوات من أب، للأخت من الأب
والأم النصف بلا خلاف، والباقي عندنا رد عليها، وقال الفقهاء: الباقي للأخ
والأخوات " للذكر مثل حظ الأنثيين " وقال ابن مسعود: يكون للأخوات من
الأب ما يكون أضر بهن، فإن كان السدس أضر بهن فلهن السدس، وإن كانت
المقاسمة أضر بهن فيتقاسم بينهم، بناه على أصله على ما مضى.
دليلنا: ما قدمناه في المسائل الأول سواء.
31

مسألة 64: ثلاث أخوات متفرقات وعصبة، للأخت من الأب والأم
النصف، وللأخت من الأم السدس، والباقي رد على أخت من الأب والأم.
ومن أصحابنا من قال: يرد عليهما لأنهما ذو سهام وتسقط الأخت من الأب،
وقال جميع الفقهاء: للأخت من الأب السدس تكملة الثلثين والباقي للعصبة.
دليلنا: ما قدمناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 65: ثلاث أخوات متفرقات مع إحداهن، نظرت فإن كان مع
الأخت للأم فإن لهما الثلث، وللأخت من الأب والأم النصف، والباقي رد عليها،
وتسقط الأخت من الأب.
وقال الفقهاء: للأخت من الأب السدس تمام الثلثين، وإن كان الأخ مع
الأخت للأب والأم يكون للأخت من الأم السدس والباقي للأخت من الأب والأم
مع أخيها، وتسقط الأخت من الأب بلا خلاف، وإن كان الأخ مع الأخت للأب
كان للأخت للأم السدس للأخت للأب والأم النصف، والباقي رد عليها.
وقال الفقهاء: للأخت من الأب السدس، والباقي للأخ والأخت من قبل
الأب " للذكر مثل حظ الأنثيين ".
دليلنا: ما قدمناه في المسائل الأول.
مسألة 66: ثلاث أخوات متفرقات مع كل واحدة منهن أخ فإن للأخ
والأخت من الأم الثلث، والباقي للأخ والأخت من قبل الأم والأب " للذكر مثل
حظ الأنثيين " بلا خلاف، ويسقط الأخ والأخت من قبل الأب.
دليلنا: إجماع الفرقة، ودليلهم ما رواه أبو إسحاق عن الحارث عن علي عليه
السلام أن النبي صلى الله عليه وآله قال: أعيان بني الأم يرثون دون بني العلات
يرث الرجل أخاه من أبيه وأمه دون أخيه من أبيه.
32

مسألة 67: لا يرث مع البنات واحدة كانت أو ثنتين أحد من الأخوات،
وقال الفقهاء: بنت وأخت وبنت وإخوة وأخوات من قبل الأب أو من قبل الأب،
للبنت النصف، والباقي للأخت أو الإخوة والأخوات لأن الأخوات مع البنات
عصبة، وقالوا في بنت وبنت ابن وأخت: للبنت النصف، ولبنت الابن السدس
والباقي للأخت، وقال عبد الله بن مسعود: لا ترث الأخت لأن الأخوات لا ترث
مع البنات ولا تكن عصبته مع البنات، وبه قال ابن عباس وهذا مثل قولنا.
دليلنا: إجماع الفرقة وقوله تعالى: إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت
فلها نصف ما ترك، وهاهنا له ولد، وأيضا ما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله
أنه قال: ألحقوا الفرائض بأهلها فما تركت، وفي بعضها فما أبقت، فلرجل ذكر
وفي بعضها فللذكر.
مسألة 68: أبوان وإخوة، للأم السدس والباقي للأب بلا خلاف إلا ما
روي عن ابن عباس برواية شاذة أنه قال: السدس الذي حجبوا به الأم يكون
للأخوة.
دليلنا: إجماع الفرقة، وقوله تعالى: ورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له
إخوة فلأمه السدس، فأضاف الميراث إلى الأبوين، ثم جعل سهم الأم الثلث و
الباقي حصل للأب كما يقول القائل: ساقيتك على أن لك ثلث الثمرة فيكون
الباقي لرب النخل، ثم قال: فإن كان له إخوة فلأمه السدس، فجعل لها السدس
مع الإخوة، والباقي يكون للأب لأنه أضاف المال إليهما ثم أخرج الثلث ثم
أخرج السدس على صفة فلا يكون للأم مع تلك الصفة إلا السدس والباقي
للأب.
مسألة 69: بنت وأب، للأب السدس وللبنت النصف والباقي رد عليهما
على قدر سهامهما، وقال الفقهاء: الباقي يرد على الأب بالتعصيب.
33

دليلنا: إجماع الفرقة وقيام الأدلة على بطلان القول بالتعصيب، وإنما الرد
بالقربى، والقربى من الجهتين واحدة فيجب أن يرد عليهما على قدر نصيبهما.
مسألة 70: بنتان وأب لهما الثلثان، وللأب السدس، والباقي رد عليهم على
قدر سهامهم، وقال الفقهاء: الباقي للأب.
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 71: بنت وبنت ابن وأب، للبنت للصلب النصف، وللأب السدس،
والباقي رد عليهما وتسقط بنت الابن معهما، وقال الفقهاء: للأب السدس وللبنت
الصلب النصف، ولبنت الابن تكملة الثلثين، وللبنتين الثلثان والباقي للأب
بالتعصيب.
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 72: لا ترث واحدة من الجدات مع أولاده، وقال جميع الفقهاء:
للجدة السدس مع الولد.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وقوله تعالى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى
ببعض.
مسألة 73: للجدة من قبل الأم نصيب الأم، إذا لم يكن غيرها الثلث
المسمى للأم، والباقي يرد عليها كما يرد على الأم، وإن اجتمعت جدتان، جدة أم
وجدة أب كان للجدة من قبل الأم الثلث، وللجدة من قبل الأب الثلثان، كل
واحدة تأخذ نصيب من تتقرب به، وقال ابن عباس: جدة الأم لها الثلث نصيب
الأم كما قلناه، وقال الفقهاء كلهم: لها السدس فإن اجتمعتا كان السدس بينهما
نصفين.
34

دليلنا: إجماع الفرقة على ذلك وأخبارهم.
مسألة 74: أم الأم ترث وإن علت بالإجماع، وأم أب الأم ترث أيضا،
عندنا إذا لم يكن هناك من هو أقرب منها، وتقاسم من هو في درجتها، وعندهم
أنها لا ترث بالإجماع، وأم أم الأب ترث وإن علت بالإجماع، وأم أب الأب ترث
عندنا إلا أن يكون هناك من هو أقرب منها، وللشافعي فيها قولان:
أحدهما: أنها ترث وهو الصحيح عندهم، وبه قال في الصحابة علي عليه
السلام وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وإحدى الروايتين عن زيد بن
ثابت، وفي الفقهاء أهل البصرة والحسن البصري وابن سيرين وأهل الكوفة
وأبو حنيفة وأصحابه.
والقول الثاني - وهو الضعيف -: أنها لا ترث، وبه قال في الصحابة سعد بن
أبي وقاص وإحدى الروايتين عن زيد بن ثابت وأهل الحجاز ومالك وربيعة.
دليلنا: إجماع الفرقة وقوله تعالى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض،
وهؤلاء كلهم من أولى الأرحام فيجب أن يرثوا، ومن منع منه فعليه الدلالة.
مسألة 75: أم أم أم هي أم أب أب، صورتها كان لها ابن ابن ابن، وبنت بنت
بنت، فتزوج ابن ابن ابنها بنت بنت البنت فجاءت بولد فهي أم أم أم وأم أب
أب، فإذا مات المولود ترث بالسببين معا عندنا على حسب استحقاقهما.
وفي أصحاب الشافعي من قال: ترث بالسببين معا ثلثي السدس، وهو قول
ابن عباس، وبه قال الحسن بن صالح بن حي ومحمد وزفر، قالوا: ترث ميراث
جدتين، وكلما زادت بقرابة تورث بمثلها ورثت مع الجدات الأخر بعدد قراباتها
في السدس، ومذهب الشافعي أنها لا ترث الثلثين، وبه قال أبو يوسف.
دليلنا: ما قدمناه في المسائل الأول من إجماع الفرقة، وآية أولوا الأرحام.
35

مسألة 76: أم أم الأم ترث عندنا، وبه قال ابن سيرين، وقال جميع
الفقهاء: لا ترث.
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء، وأيضا فإن اسم الجدة يتناولها
فتدخل تحت ظواهر الأخبار.
مسألة 77: أم أب أب لا تسقط بأم أم أب، وعند الشافعي تسقط لأنها جهة
واحدة، وعن ابن مسعود روايتان: إحديهما مثل قول الشافعي، والثانية مثل قولنا.
دليلنا: أن درجتها واحدة فوجب أن لا تسقط إحديهما بالأخرى، ومن
أسقط فعليه الدلالة.
مسألة 78: إذا كانت قربى وبعدي من جهة واحدة، مثل أن تكون أم أم و
أم أم أم أو أم أب وأم أم أب فإن القربى تحجب البعدى بلا خلاف، وإذا اختلفت
جهات الجدات مثل أن تكون من جهة الأم ومن جهة الأب فإنها تسقط البعدى
بالقربى عندنا وإن تساويا لم تسقط إحديهما مثل أم أم وأم أم أب أو أم أب وأم أم
أم فإنه تسقط القربى البعدى، واختلفت الصحابة في ذلك على ثلاثة مذاهب:
فذهب علي عليه السلام إلى أنه تسقط البعدى بالقربى سواء كانت من قبل
الأم أو من الأب مثل ما قلناه، وبه قال أهل العراق.
وقال ابن مسعود: يتشاركون فيه القربى والبعدى من قبل الأب ومن قبل
الأم.
والثالث مذهب زيد بن ثابت أنه قال: إن كن من قبل الأم فإن البعدى تسقط
بالقربى، وإن كن من قبل الأب ففيه روايتان إحديهما لا تسقط ويشرك بينهما في
السدس، وبه قال مالك وأكثر أهل الحجاز وللشافعي فيه قولان:
أحدهما أنه تسقط البعدى بالقربى، والثاني أنهما إن كانتا من قبل أم فإن القربى
تسقط البعدى، وإن كانتا من قبل أب فعلى قولين مثل قول زيد.
36

دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا قوله تعالى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى
ببعض، وإذا كانت إحديهما أقرب فهي أولى بالميراث، ومن سوى بينهما فعليه
الدلالة.
مسألة 79: أم الأم لا ترث عندنا مع الأب، وقال الشافعي مع باقي
الفقهاء: لها السدس.
دليلنا: إجماع الفرقة وقوله تعالى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض،
وهذه قد بعدت لأنها تدلي بالأم والأم تدلي بنفسها والأب يدلي بنفسه، فلا يجوز
أن يشاركه من يدلي بغيره، وأيضا ليس في القرآن ولا في السنة أنها ترث مع
الأب فيجب أن لا ترث معه.
بطلان القول بالعصبة
مسألة 80: القول بالعصبة باطل عندنا، ولا يورث بها في موضع من
المواضع، وإنما يورث بالفرض المسمى أو القربى أو الأسباب التي يورث بها من
الزوجية والولاء.
وروي ذلك عن ابن عباس لأنه قال في من خلف بنتا وأختا: إن المال كله
للبنت دون الأخت، ووافقه جابر بن عبد الله في ذلك، وحكى الساجي أن عبد الله
بن الزبير قضى بذلك، وحكى الطبري مثل ذلك، وروي موافقة ابن عباس عن
إبراهيم النخعي، وروى عنه الأعمش، ولم يجعل داود الأخوات مع البنات
عصبة.
وخالف جميع الفقهاء في ذلك، وأثبتوا العصبات من جهة الأب والابن.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وقد ذكرناها في الكتاب الكبير، منها ما
رواه عبد الله بن بكير عن حسين الرزاز قال: أمرت من يسأل أبا عبد الله عليه السلام
: المال لمن هو؟ للأقرب أو للعصبة؟ فقال: المال للأقرب، والعصبة في فيه
37

التراب.
وروى حكيم بن جابر عن زيد بن ثابت أنه قال: من قضاء الجاهلية أن يورث
الرجال دون النساء، واستدل أصحابنا على ذلك أيضا بقوله تعالى:
للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان
والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا، فذكر تعالى أن للنساء نصيبا مما
تركه الوالدان والأقربون كما أن للرجال نصيبا في مثل ذلك.
ولئن جاز لقائل أن يقول: ليس للنساء نصيب، جاز أن يقول آخر: ليس
للرجال نصيب.
ويدل أيضا على بطلانه قوله تعالى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في
كتاب الله، فحكم أن ذوي الأرحام بعضهم أولى ببعض، وإنما أراد بذلك
الأقرب فالأقرب بلا خلاف، ونحن نعلم أن البنت أقرب من ابن ابن ابن، ومن ابن
العم، ومن العم أيضا نفسه لأنها تتقرب بنفسها إلى الميت، وهؤلاء يتقربون بغيرهم
وبمن بينه وبينهم درج كثيرة.
واستدل المخالفون بخبر رووه عن وهيب عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن
عباس عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: ألحقوا الفرائض فما أبقت الفرائض
فلا ولي عصبة ذكر، وبخبر رووه عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر أن
سعد بن الربيع قتل يوم أحد وأن النبي صلى الله عليه وآله رأى امرأة فجاءت ب
ابنتي سعد فقالت: يا رسول الله إن أباهما قتل يوم أحد وأخذ عمهما المال كله ولا
تنكحان إلا ولهما مال، فقال النبي صلى الله عليه وآله: سيقضي الله في ذلك،
فأنزل الله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين، حتى ختم
الآية، فدعا النبي صلى الله عليه وآله عمهما وقال: أعط الجاريتين الثلثين وأعط
أمهما الثمن وما يبقى لك.
واستدلوا بقوله تعالى: وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا
فهب لي من لدنك وليا يرثني، وإنما خاف أن يرثه عصبة فسأل الله تعالى أن
38

يرزقه وليا يرثه دون عصبة ولم يسأل وليه فترث.
وقد طعن في هذه الأخبار بما يرجع إلى سندها بأن قبل هذا خبر رواه زيد
بن هارون عن سفيان عن ابن طاووس عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وآله
مرسلا ولم يذكر فيه ابن عباس وإنما ذكر فيه ابن عباس وهيب، وسفيان أثبت من
وهيب وأحفظ منه ومن غيره، وهذا يدل على أن الرواية غير محفوظة.
هذا الذي ذكرناه ذكره الفضل بن شاذان، وليس هذا طعنا لأن هذه الرواية
قد رويت مسندة من غير طريق وهيب، روى أبو طالب الأنباري عن الفرياني
والصاغاني جميعا قالا: حدثنا أبو كريب عن علي بن سعيد الكندي عن علي بن
عابس عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله أنه
قال: ألحقوا بالأموال الفرائض فما أبقت الفرائض فلا ولي عصبة ذكر، والذي
يدل على بطلان هذه الرواية أنهم رووا عن طاووس خلاف ذلك وأنه تبرأ من
هذا الخبر، وذكر أنه شئ ألقاه الشيطان على ألسنة العامة.
روى ذلك أبو طالب الأنباري قال: حدثنا محمد بن أحمد البربري قال:
حدثنا بشر بن هارون قال: حدثنا الحميري قال: حدثنا سفيان عن أبي إسحاق
عن قلابة بن مضرب قال: جلست إلى ابن عباس وهو بمكة فقلت: يا بن عباس
حديث يرويه أهل العراق عنك وطاووس مولاك يرويه، إن ما أبقت الفرائض
فلا ولي عصبة ذكر، قال: أمن أهل العراق أنت؟ قلت: نعم، قال: أبلغ من
وراءك أني أقول: إن قول لله عز وجل: آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب
لكم نفعا فريضة من الله، وقوله: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب
الله، وهل هذه إلا فريضتان؟ وهل أبقيا شيئا؟ ما قلت هذا ولا طاووس، يرويه
على، قال قلابة بن مضرب: فلقيت طاووس فقال: لا والله ما رويت هذا عن علي
بن عباس قط، وإنما الشيطان ألقاه على ألسنتهم، قال سفيان: أراه من قبل ابنه
عبد الله بن طاووس فإنه كان على خاتم سليمان بن عبد الملك، وكان يحمل على
هؤلاء القوم حملا شديدا يعني بني هاشم.
39

ثم لا خلاف بين الأمة أن هذا الخبر ليس على ظاهره لأن ظاهره يقتضي ما
أجمع المسلمون على خلافه، ألا ترى أن رجلا لو مات وخلف بنتا وأخا وأختا
فمن قولهم أجمع أن للبنت النصف، وما بقي فللأخ والأخت " للذكر مثل حظ
الأنثيين " والخبر يقتضي أن ما يبقى للأخ لأنه الذكر، وكذلك لو أن رجلا مات
وترك بنتا وابنة ابن وعما أن يكون النصف للبنت، وما بقي للعم لأنه أولى ذكر،
ولا تعطى بنت الابن شيئا، وكذلك في أخت لأب وأخت لأب وأم وابن عم، أنه
لا تعطى الأخت للأب شيئا بل تعطى التي من قبل الأب والأم النصف، وما يبقى
لابن العم لأنه أولى ذكر، وكذلك في بنت وابن ابن وبنت ابن، وكذلك في
بنت ابن وإخوة وأخوات لأب وأم وأمثال ذلك كثيرة جدا.
فإن قالوا: جميع ما ذكرتموه لا يلزمنا منه شئ لأنا لم نقل في هذه
المواضع إلا لظواهر دلت عليه صرفتنا عن استعمال الخبر فيه، ألا ترى أن البنت
مع بنت الابن والعم إنما أعطينا بنت الابن السدس لأن الظواهر تقتضي أن للبنتين
الثلثين، وإذا علمنا أن للبنت من الصلب النصف علمنا أن ما يبقى وهو السدس
لبنت الابن، وكذلك القول في الأخت للأب والأم والأخت للأب والعم،
وكذلك في بنت وبنت ابن، وابن ابن، لأن للأختين الثلثين وقد علمنا أن للأخت
من قبل الأب والأم النصف، علمنا أن ما يفضل وهو السدس للأخت من قبل
الأب، وكذلك قوله: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين، يقتضي
أن بنت الصلب وبنت الابن وابن الابن المال بينهم، للذكر مثل حظ الأنثيين، وإذا
علمنا أن للبنت من الصلب النصف علمنا أن ما يبقى للباقين على ما فرض الله.
قيل لهم: هذا باطل لأن الموضع الذي تناول أن للأختين الثلثين اقتضى أن
لكل واحدة منهما مثل نصيب صاحبتها، وليس فرض كل واحدة منهما مع
الانضمام فرضها مع الانفراد، وكذلك القول في البنت للصلب مع بنت الابن،
فإن كان الظاهر يتناولهما فوجب أن يقتضي أن لكل واحدة منهما مثل نصيب
صاحبتها، فإذا لم يقولوا ذلك علمنا أنهم مناقضون، وكذلك القول في المسائل
40

الأخر على أن هذا إنما ألزمناهم على أصولهم، وناقضناهم على مذاهبهم، لأن عندنا
أن هذه المسائل كلها الأمر فيها بخلاف ذلك، لأن مع البنت للصلب لا يرث
أحد من الإخوة والأخوات على حال، ولا يرث معها أحد من ولد الولد، ولا مع
الأخت للأب والأم يرث العم ولا الأخت من الأب لقوله تعالى: وأولوا الأرحام
بعضهم أولى ببعض، وأن البنت للصلب أولى وأقرب من جميع من ذكروه، فقد
بينا أنهم تاركون لظاهر الخبر، وإذا تركوا ظاهره إلى ما قالوه جاز لنا أن نحمله
على ما نقوله بأن نقول: هذا الخبر على تسليمه يحتمل أشياء: منها أن يكون مقدرا
في رجل مات وخلف أختين من قبل الأم، وابن أخ، وبنت أخ لأب وأم وأخا
لأب، فللأختين من قبل الأم الثلث فرضهما، وما بقي فلا ولي ذكر، وهو الأخ
للأب.
وفي مثل امرأة وخال وخالة وعم وعمة وابن أخ فللمرأة فريضتها الربع وما
بقي فلا ولي ذكر وهو ابن الأخ، ويسقط الباقون.
فإن قيل: ليس ما ذكرتموه صحيحا لأنه إنما ينبغي أن يبينوا أن أولى ذكر
يحوز الميراث مع التساوي في الدرج، فأما إذا كان أحدهما أقرب فليس بالذي
يتناوله الخبر.
قلنا: ليس في ظاهر الخبر أن ما أبقت الفرائض فلا ولي عصبة ذكر مع
التساوي في الدرج، بل هو عام في المتساويين وفي المتباعدين، وإذا حملناه على
شئ من ذلك برئت عهدتنا، على أنه لو كان المراد به مع التساوي لم يجز لهم
أن يورثوا ابن العم والعم مع البنت، لأن البنت أقرب منهما، ولا محيص عن
ذلك إلا بالتعلق بعمومه، على أنه يمكن ذلك مع التساوي في الدرج بأن نقول:
هذا مقدر في رجل مات وخلف زوجة وأخا لأب وأم وأختا لأب فللزوجة سهمها
المسمى الربع، والباقي للأخ للأب والأم ولا تورث معه الأخت من قبل الأب.
وفي مثل امرأة ماتت وخلفت زوجا وعما من قبل الأب والأم وعمة من قبل
الأب، فللزوج النصف سهمه المسمى، وما بقي فللعم للأب والأم ولا يكون للعمة
41

من قبل الأب شئ، وهذا وجه صحيح.
وليس يلزمنا أن نتناول الخبر على ما يوافق الخصم عليه، لأنه لو كان
كذلك لما جاز تأويل شئ من الأخبار المخالفة من يخالف في ذلك، وقد ألزم
القائلون بالعصبة من الأقوال الشنيعة ما لا يحصى، ذكرنا بعضها في تهذيب
الأحكام، من ذلك أن يكون الولد الذكر للصلب أضعف سببا من ابن ابن ابن
العم بأن قيل لهم: إذا قدرنا أن رجلا مات وخلف ثمانية وعشرين بنتا وابنا كيف
يقسم المال؟
فمن قول الكل أن للابن جزءين من ثلاثين، ولكل واحدة من البنات جزء
من ثلاثين، وهذا بلا خلاف.
فقيل لهم: فلو كان بدل الابن ابن ابن ابن العم؟ فقالوا: إن لابن ابن ابن العم
عشرة أسهم من ثلاثين سهما وعشرين جزء الثمانية وعشرين بنتا وهذا على ما ترى
تفضيل للبعيد على الولد للصلب، وفي ذلك خروج من العرف والشريعة
وترك لقوله تعالى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض، وما يجري هذا المجرى
من الإلزامات والمعارضات فمن أرادها وجدها هناك.
وأما الكلام على الخبر الثاني فقيل: إن رواية رجل واحد، وهو عبد الله بن
محمد بن عقيل وهو عندهم ضعيف، ولا يحتجون بحديثه وهو منفرد بهذه
الرواية، ومع هذا فهي معارضة لظاهر القرآن.
وأما ما تعلقوا به من قوله تعالى: وإني خفت الموالي، فإنما هو تأويل على
خلاف الظاهر، وذلك أنه لم يكن له بنو العم فيرثون بسبب ذوي الأرحام لا
بسبب العصبة لأنه لو لم يكن بنو العم وكان بدلهم بنات العم لورثته بسبب ذوي
الأرحام، فليس في هذا ما يدل على العصبة.
وأما قولهم: إنه سأل وليا ولم يسأل وليه فإنما ذلك لأن الخلق كلهم
يرغبون في البنين دون البنات، فهو صلى الله عليه وآله إنما سأل ما عليه طبع
البشر، ولو كان يعلم أنه لو ولد له أنثى لم يكن يرث العصبة البعدى مع الولد
42

الأقرب، لكن رغب فيما يرغب الناس كلهم فيه، على أن الآية دالة على أن العصبة
لا ترث مع الولد الأنثى، لقوله تعالى: وكانت امرأتي عاقرا، والعاقر هي التي لا
تلد، فلو لم تكن امرأته عاقرا وكانت تلد لم يخف الموالي من ورائه لأنها متى
ولدت ولدا كان ذكرا أو أنثى ارتفع عقرها، وأحرز الولد الميراث، ففي الآية دلالة
واضحة على أن العصبة لا ترث مع أحد من الولد ذكرا كان أو أنثى.
على أنا لا نسلم أن زكريا سأل الذكر دون الأنثى بل الظاهر يقتضي أنه طلب
الأنثى كما طلب الذكر، ألا ترى إلى قوله تعالى: وكفلها زكريا كلما دخل عليها
زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن
الله يرزق من يشاء بغير حساب هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من
لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء، فإنما طلب زكريا حين رأى مريم على
حالها أن يرزقه الله تعالى مثل مريم، لما رأى من منزلتها عند الله، فرغب إلى الله
في مثلها وطلب إلى الله عز وجل أن يهب له ذرية طيبة مثل مريم، فأعطاه الله
تعالى أفضل مما سأل، فأمر زكريا حجة عليهم في إبطال ما يتعلقون به.
في بطلان العول
مسألة 81: العول عندنا باطل فكل مسألة تعول على مذهب المخالفين
فالقول عندنا فيها بخلاف ما قالوه.
وبه قال ابن عباس، فإنه لم يعول المسائل وأدخل النقص على البنات
وبنات الابن والأخوات للأب والأم، أو للأب، وبه قال محمد بن الحنفية ومحمد
بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام وداود بن علي، وأعالها
جميع الفقهاء.
مثال ذلك، زوج وأخت، للزوج النصف وللأخت النصف بلا خلاف،
في هذه المسألة زوج وأختان للزوج النصف والباقي للأختين، وعندهم تعول
إلى سبعة معهم أم، للزوج النصف، والباقي للأم، وعندهم تعول إلى ثمانية معهم
43

أخ من أم تعول إلى تسعة معهم أخوان من أم تعول إلى عشرة، ويقال لهذه
المسألة أم الفروخ لأنها تعول بالوتر وتعول بالشفع أيضا.
ومثل مسألة المنبرية وهي زوجة وأبوان وبنتان، للزوجة الثمن، وللأبوين
السدسان، والباقي للبنتين، وعندهم للبنتين الثلثان تعول من أربعة وعشرين إلى
سبعة وعشرين، ووافقنا في إدخال الضرر على البنتين داود بن علي.
دليلنا: إجماع الفرقة فإنهم لا يختلفون في إبطال العول، وأيضا روى
الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أنه قال: التقيت أنا وزفر بن
أوس البصري، فقلنا نمضي إلى ابن عباس نتحدث عنده، فمضينا فتحدثنا فكان
مما نتحدث ذكر الفرائض والمواريث.
فقال ابن عباس: سبحان الله العظيم أترون أن الذي أحصى رمل عالج
عددا جعل في المال نصفا ونصفا وثلثا، ذهب النصفان بالمال فأين الثلث؟ إنما
جعل الله نصفا ونصفا وأثلاثا وأرباعا، وأيم الله لو قدموا من قدمه الله وأخروا من
أخره الله لما عالت الفريضة قط.
قلت: من الذي قدمه الله، ومن الذي أخره الله؟
قال: الذي أهبطه الله من فرض إلى فرض فهو الذي قدمه الله، والذي أهبطه
من فرض إلى ما بقي فهو الذي أخره الله.
فقلت: من أول من أعال الفرائض؟
قال: عمر بن الخطاب.
قلت: هلا أشرت به عليه؟
قال: هبته وكان امرؤا مهيبا.
قال الزهري: لولا أنه تقدم ابن عباس إمام عدل وحكم به وأمضاه وتابعه
الناس على ذلك لما اختلف على ابن عباس اثنان، فكان الزهري مال إلى ما قاله
ابن عباس.
ووجه الدليل من وجهين:
44

أحدهما: قال الذي يعلم عدد الرمل لا يعلم أن المال لا يكون له نصف
ونصف وثلث، ويستحيل أن يكون كذلك.
والثاني: إنه قال: لو قدموا من قدمه الله وأخروا من أخره الله، قال للزوج
النصف إذا لم يكن له ولد وله الربع مع الولد، وللزوجة الربع ولها الثمن مع
الولد، وللأم الثلث ولها مع الولد السدس وللبنت إذا كانت وحدها النصف
وهكذا الأخت لها النصف، وإذا كان مع البنت ابن ومع الأخت أخ فإن لهما ما
يبقى " للذكر مثل حظ الأنثيين " فالزوج والزوجة يهبطان من فرض إلى فرض،
والبنت والأخت يهبطان إلى ما بقي، فوجب أن يكون النقص يدخل على من يهبط
من فرض إلى ما بقي لا على من يهبط من فرض إلى فرض.
فإن قيل: إذا اجتمع ذوو السهام وعجز المال عن توفية سهامهم ما الذي
تعملون فيه؟ فإن أدخلتم النقص على الكل فهو الذي أردناه وإن أردتم نقصان
بعض فلا بعض بذلك أولى من بعض.
قيل: نحن ندخل النقص على من أجمع المسلمون على دخول النقص عليه
ولا ندخل النقص على من اختلفوا في دخول النقص عليه، مثال ذلك، إذا اجتمع
زوج وأبوان وبنتان فإنما نعطي الزوج الربع كملا، وللأبوين السدسان كملا،
ويدخل النقص على البنتين فإنهما منقوصتان بلا خلاف، فنحن نقول: جميع
النقص داخل عليهما، وهم يدعون أن النقص داخل عليهما وعلى غيرهما، فقد
حصلتا بالإجماع منقوصتين، والزوج والأبوان ما أجمع المسلمون على دخول
النقص عليهم، ولا قام دليل عليه فوفيناهم حقوقهم على الكمال.
استدلال المخالفين للعول
واستدلوا على صحة مذهبهم بقياس ذوي السهام على الديون إذا عجزت
التركة عنها وأنه يدخل النقص على جميع الغرماء، وكذلك بوصايا كثيرة
يعجز الثلث عنها، وأنه يدخل النقص على الجميع، فكذلك ذو السهام.
45

وقد تكلمنا على ذلك في تهذيب الأحكام، وبينا أن مذهبنا في الوصية
مخالف لمذهب القوم، وهو أن النقص يدخل على من ذكر أخيرا فلا يلزمنا ما
قالوه، وأما الديون فلا تشبه ما نحن فيه لأنها باقية في ذمة الميت، فإذا قضى بعضها
بقي الباقي في ذمته، وليس كذلك ذو السهام لأنهم يستحقون من التركة ما
يصيب كل واحد منهم، فإذا نقصوا عما سمى لهم لم يبق لهم شئ هناك فبان
الفرق بين ذلك والوصية والدين، وذكرنا هناك ما يلزم القائلين بالعول من
المحال والأقوال الشنيعة ما يكفي فلا نطيل بذكره هاهنا.
واستدلوا أيضا بخبر رواه عبيدة السلماني عن علي عليه السلام حين سئل عن
رجل مات وخلف زوجة وأبوين وابنتيه فقال عليه السلام: صار ثمنها تسعا،
قالوا: وهذا صريح بالعول لأنكم قلتم أنها لا تنقص عن الثمن، وقد جعل عليه السلام
ثمنها تسعا، والجواب عن ذلك من وجهين:
أحدهما: أن يكون خرج مخرج التقية لأنه كان يعلم من مذهب المتقدم
عليه القول بالعول، وتقرر ذلك في نفوس الناس فلم يمكنه إظهار خلافه كما لم
يمكنه المظاهرة بكثير من مذاهبه، ولأجل ذلك قال لقضاته وقد سألوه: بم نحكم
يا أمير المؤمنين؟ فقال: اقضوا بما كنتم تقضون حتى يكون الناس جماعة أو أموت
كما مات أصحابي، وقد روينا شرح هذا في كتابنا الكبير، وما روي من تصريح
أمير المؤمنين عليه السلام بمذهبه لعمر وأنه لم يقبل ذلك وعمل بما أراده.
والوجه الآخر: أن يكون ذلك خرج مخرج النكير لا الإخبار، والحكم
كما يقول الواحد منا إذا أحسن إلى غيره وقابله بالذم والإساءة فيقول: قد صار
حسني قبيحا، وليس يريد بذلك الخبر بل يريد الإنكار حسب ما قدمناه،
والكلام في هذه المسألة مستوفى حيث ذكرناه.
مسألة 82: ابنا عم أحدهما أخ من أم، للأخ من الأم السدس بالتسمية بلا
خلاف، والباقي يرد عليه عندنا لأنه أقرب من ابن العم.
46

وقال الشافعي وباقي الفقهاء: الباقي بينهما نصفان بالتعصيب، ورووا ذلك
عن علي عليه السلام، وعن زيد بن ثابت، وبه قال من الفقهاء مالك والأوزاعي
وأبو حنيفة وأهل العراق وأهل الحجاز.
وذهب عمرو بن مسعود إلى أن الأخ من الأم يسقط، وبه قال شريح
والحسن وابن سيرين، وروي عن علي عليه السلام أنه قال: رحم الله ابن مسعود
إنه كان فقيها، لو كنت أنا لجعلت لابن الأخ للأم السدس والباقي بينهما، وذكر
بين يديه شريح وأنه يقول به، فقال علي عليه السلام: ادعوا إلى العبد، فجاءوا به
فقال له عليه السلام: في أي كتاب الله وجدت هذا؟ فقال: قوله " وأولوا الأرحام
بعضهم أولى ببعض " فقال: لهذا قلت معناه وإنه ضعيف - أي حجة - ضعيفة،
وبه قال الحسن البصري.
دليلنا: إجماع الفرقة وقيام الدلالة على بطلان القول بالعصبة، وإذا ثبت
ذلك ثبت ما قلناه لأن أحدا لا يقول سوى ذلك، وأيضا ما رواه أبو إسحاق عن
الحارث عن علي عليه السلام أن النبي صلى الله عليه وآله قال: أعيان بني الأم
أولى من بني العلات، وذلك عام في جميع المواضع.
مسائل الولاء
مسألة 83: الولاء لا يثبت به الميراث مع وجود أحد من ذوي الأنساب
قريبا كان أو بعيدا، ذا سهم كان أو غير ذي سهم، عصبة كان أو غير عصبة، أو
من يأخذ بالرحم، وعلى كل حال.
وقال الشافعي: إذا لم يكن له عصبة مثل الابن والأب والجد والعم وابن
العم الذين يأخذون الكل بالتعصيب أو الذي يأخذ بالفرض جميع المال وهو
الزوج والأخت، أو من يأخذ بالفرض والتعصيب مثل بنت وعم وأخت وعم
وبنت وابن عم وبنت وأخ، فإن لم يكن أولئك فالمولى يرث.
والمولى له حالتان: حالة يأخذ كل المال وحالة يأخذ النصف وذلك إذا
47

كان معه واحد ممن يأخذ النصف مثل الأخت والبنت والزوج، فإن لم يكن
مولى فعصبة المولى، فإن لم يكن عصبة المولى فمولى المولى، فإن لم يكن مولى
المولى فعصبة مولى المولى، فإن لم يكن عصبة مولى المولى فلبيت المال.
دليلنا: إجماع الفرقة وثبوت القول ببطلان التعصيب على ما مضى،
وثبوت التوريث لذوي الأرحام.
مسألة 84: الولاء يجري مجرى النسب ويرثه من يرث من ذوي الأنساب
على حد واحد إلا الإخوة والأخوات من الأم أو من يتقرب بها من الجد والجدة
والخال والخالة وأولادهما.
وفي أصحابنا من قال: إنه لا ترث النساء من الولاء شيئا وإنما يرثه الذكور
من الأولاد والعصبة.
وقال الشافعي: أولى العصبات يقدم ثم الأولى فالأولى بعد ذلك على ما
ذكر في النسب سواء، وعنده الابن أولى من الأب وأقوى منه بالتعصيب، ثم الأب
أولى من الجد ثم الجد أولى من الأخ ثم الأخ أولى من ابن الأخ، وابن الأخ أولى
من العم، والعم أولى من ابن العم، وبه قال أكثر الفقهاء. ولا يرث أحد من البنات
ولا الأخوات مع الإخوة شيئا، وقال الشعبي وأبو يوسف وأحمد وإسحاق: يكون
للأب السدس، والباقي يكون للابن كما يكون في النسب مثل ما نقول، وقال
سفيان الثوري: يكون بينهما نصفين، وكان طاووس يورث بنت المولى من مال
مكاتبه.
دليلنا: إجماع الفرقة وأيضا قوله صلى الله عليه وآله: الولاء لحمة كلحمة
النسب لا يباع ولا يوهب، وفي النسب يكون للأب السدس والباقي للابن
فكذلك يجب في الولاء مثله.
مسألة 85: ابن الابن لا يرث الولاء مع الابن للصلب، وبه قال الشافعي
48

وأكثر الفقهاء.
وقال شريح: يرث ابن الابن مع الابن.
دليلنا: إجماع الفرقة وأيضا قوله تعالى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى
ببعض، وأيضا فإن ابن الابن يسقط في الميراث مع الابن للصلب وكذلك في
الولاء.
مسألة 86: المعتق إذا كان امرأة فولاء مولاها لعصبتها دون ولدها سواء
كانوا ذكورا أو إناثا، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم.
مسألة 87: الجد والأخ يستويان وهما بمنزلة أخوين في الولاء يتقاسمان
المال، وهو أحد قولي الشافعي، وبه قال الأوزاعي وأبو يوسف ومحمد وأحمد
وإسحاق، غير أنه إذا قال: يستويان، فالجد أولى، والقول الآخر الأخ أولى ويسقط
الجد، وبه قال مالك، وقال أبو حنيفة: الجد أولى من الأخ في الميراث بالنسب
والولاء.
دليلنا: إجماع الفرقة، وقول النبي صلى الله عليه وآله الولاء لحمة كلحمة
النسب، يدل أيضا عليه لأن في النسب يقاسم الجد الأخ على ما ندل عليه، ولأنه
يدليان بالأب فوجب أن يستويا فيه، وقال الشافعي: الأقيس أن الأخ أولى ولولا
الإجماع لقلت بإسقاط الجد مع الأخ في النسب، لكن ذلك لم يقله أحد، وفي
الولاء ما أجمعوا عليه ولأجل هذا قلت بإسقاط الجد مع الأخ في الولاء.
مسألة 88: إذا خلف المولى إخوة وأخوات أو أخا وأختا فإن الولاء يكون
بينهم " للذكر مثل حظ الأنثيين " وبه قال شريح وطاووس، وقال الشافعي وعامة
الفقهاء: المال للذكور منهم دون الإناث، وفي أصحابنا من قال بذلك.
49

دليلنا: قول النبي صلى الله عليه وآله: الولاء لحمة كلحمة النسب، وفي
النسب " للذكر مثل حظ الأنثيين " فكذلك يجب في الولاء.
مسألة 89: إن ترك ابنا لمولاه وابن ابن له، فالمال للابن دون ابن الابن،
وبه قال جميع الفقهاء، وقال شريح وطاووس: المال بينهما كل واحد منهما
يأخذ من الأب.
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا فإن الابن أقرب من ابن الابن ولا يأخذ البعيد
مع القريب، وأيضا قوله صلى الله عليه وآله: الولاء لحمة كلحمة النسب، وفي
النسب الابن أولى من ابن الابن، وروي عن علي عليه السلام وعمر وعثمان أنهم
قالوا: الولاء للأكبر، وروي عن ابن مسعود أنه قال: الولاء للابن دون ابن الابن.
مسألة 90: مولى مات وخلف ثلاثة بنين، ثم مات أحد البنين وخلف ابنين،
ثم مات الثاني وخلف ثلاثة بنين، ومات الثالث وخلف خمسة بنين، ثم مات
المعتق فإن الولاء بينهم أثلاثا، لأولاد كل واحد من البنين الثلث نصيب أبيهم.
وقال جميع الفقهاء: المال بينهم لأن جميعهم يشتركون في أن الولاء لهم
وليس الولاء لآبائهم فإنهم أموات.
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا قوله صلى الله عليه وآله: الولاء لحمة كلحمة
النسب، ولو مات الأب كان يأخذ ولد كل ابن نصيب أبيه بلا خلاف، فكذلك
في الولاء لأن حكمه حكم النسب.
مسألة 91: إذا مات المعتق وخلف المعتق فإنه لا يرثه المعتق، وبه قال
جميع الفقهاء، وقال شريح وطاووس: يرث كل واحد منهما من صاحبه.
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا قوله عليه السلام: الولاء لمن أعتق، وهذا ما
أعتق.
50

مسألة 92: رجل زوج أمته من عبد ثم أعتقها فجاءت بولد فإن الولد حر
بلا خلاف، ويكون ولاء ولدها لمن أعتقها، فإن أعتق العبد جر الولاء إلى مولى
نفسه،
وبه قال في الصحابة علي عليه السلام وعمر وعثمان وعبد الله بن مسعود
والزبير بن العوام وزيد بن ثابت والحسن وابن سيرين، وفي الفقهاء أبو حنيفة
وأصحابه ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق والأوزاعي، وذهب طائفة من
التابعين إلى أنه لا ينجر الولاء، وهم: الزهري ومجاهد وعكرمة وجماعة من أهل
المدينة، وبه قال رافع بن خديج.
دليلنا: إجماع الفرقة ولأنه قول جميع الصحابة وله قصة: روي أن الزبير
قدم خيبر فلقي فتية لعبا فأعجبه طرفهم فسأل عنهم فقيل له: هم موالي رافع بن
خديج قد أعتق أمهم وأبوهم مملوك لآل حرقة، فاشترى الزبير أباهم فأعتقه،
فقال الزبير: انتسبوا إلى فأنا مولاكم، قال رافع بن خديج: الولاء لي أنا أعتقت
أمهم، فتخاصموا إلى عثمان فقضى للزبير وأثبت الولاء له، ولم ينكره أحد فدل
على أنه إجماع.
مسألة 93: عبد تزوج بمعتقة قوم فجاءت بولد حكمنا بالولاء لمولى الأم،
فإن كان هناك جد فأعتق الجد والأب حي فهل ينجر الولاء إلى مولى هذا الجد
من مولى الأم؟ عندنا أنه ينجر إليه، فإن أعتق بعد ذلك الأب انجر إلى مولى الأب
من مولى الجد، وبه قال مالك والأوزاعي وابن أبي ليلى وزفر.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا ينجر الولاء إلى الجد، ولأصحاب الشافعي فيه
وجهان ذكرها الإسفرايني: أحدهما مثل قولنا، والثاني مثل قول أبي حنيفة.
دليلنا: أن الجد يقوم مقام الأب في جميع الأمور، فإذا منع مانع من الأب
لا يتعدى إلى الجد، ألا ترى أنه لو قتل الأب ابنه فحرم الميراث فإن كان له أب
أخذ الميراث الجد ولم يحرم لمكان تحريم الأب، وكذلك لو كان الأب كافرا
51

والجد مسلما يحكم بإسلام الولد تبعا للجد فكذلك هنا.
مسألة 94: حر تزوج بأمة وجاءت بولد لستة أشهر فصاعدا فإنه لا يثبت
الولاء لأحد عليه، وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: إن كان الرجل عربيا فلا
يثبت الولاء، وإن كان أعجميا ثبت عليه الولاء بناء على أصله حيث يقول: إن
عبدة الأوثان لا يسترقون إذا كانوا من العرب.
دليلنا: أن الأصل عدم الولاء، وإثباته يحتاج إلى دليل، ولأنه صلى الله عليه وآله
قال: الولاء لمن أعتق، وهذا ما أعتق.
مسألة 95: عبد تزوج بمعتقة رجل فجاءت بولد فإنه يكون حرا، ولمولى
الأم عليه الولاء فأعتق العبد ومات الولد فإن الولاء ينجر إلى مولى الأب فإن لم
يكن مولى الأب فعصبة مولى الأب، فإن لم يكن عصبة فمولى عصبة الأب، فإن لم
يكن مولى ولا عصبة كانت لبيت المال على ما مضى من الخلاف بيننا وبينهم،
وبه قال جميع الفقهاء.
وقال ابن عباس: يكون الولاء لمولى الأم لأن الولاء كان له فلما جر مولى
الأب كان له، فلما لم يكن عصبة المولى عاد إليه.
دليلنا: إنا أجمعنا على انتقاله عنه، وعوده إليه يحتاج إلى دليل وليس في
الشرع ما يدل عليه.
مسألة 96: عبد تزوج بمعتقة رجل فاستولدها بنتين فهما حرتان،
وولاؤهما لمولى الأم فاشترتا أباهما فإنه ينعتق عليهما، كل ذلك بلا خلاف،
مات الأب، للبنتين الثلثان بحق النسب والباقي يرد عليهما.
وقال الفقهاء: الباقي لكل واحدة منهما نصف الثلث بحق الولاء لأنها
مولاته، إن ماتت إحدى البنتين للشافعي فيه قولان، حكى الربيع والبويطي أن
52

لهذه البنت سبعة أثمان، والباقي يرجع إلى مولى الأم، وبه قال محمد بن الحسن
وزفر، ونقل المزني أن لها ثلاثة أرباع، والربع الباقي لمولى الأم، وبه قال مالك
وعلى ما قدرناه هذا الفرع وأمثاله يسقط عنا لأن أحدا من ذوي القربى قريبا كان
أو بعيدا أبا كان أو أما أو غير ذلك لا يجتمع له الميراث بالنسب والولاء، لأن
الولاء عندنا إنما يثبت إذا لم يكن هناك ذو نسب، فأما إذا كان هناك ذو نسب
فلا ميراث بالولاء على حال، وهذا أصل فيما يتعلق بهذا الباب، فلأجل هذا لم
نذكر المسائل المتفرعة عليه لأنه لا فائدة في ذكرها.
مسألة 97: الإخوة من الأم مع الجد للأب يأخذون نصيبهم الثلث
المفروض والباقي للجد، وخالف جميع الفقهاء في ذلك، وقالوا: المال للجد
ويسقطون.
دليلنا: إجماع الفرقة وأيضا قوله تعالى: وإن كان رجل يورث كلالة أو
امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم
شركاء في الثلث، ولم يفرق فمن أسقطهم مع الجد فقد خالف نص القرآن.
مسألة 98: الجد والجدة من قبل الأم بمنزلة الأخ والأخت من قبلها
يقاسمان الإخوة والأخوات من قبل الأب والأم أو من قبل الأب والإخوة
والأخوات من قبل الأم، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم.
مسألة 99: إذا كان مع الجد للأب إخوة من الأب والأم أو إخوة من الأب
فإنهم يرثون معه ويقاسمونه.
واختلف الفقهاء في ذلك على مذهبين: فذهب قوم إلى أنهم لا يسقطون مع
الجد ويرثون، وحكوا ذلك عن علي عليه السلام وعمر وعثمان وابن مسعود
53

وزيد بن ثابت، وفي التابعين جماعة، وفي الفقهاء مالك بن أنس وأهل الحجاز
والأوزاعي وأهل الشام وأبو يوسف ومحمد بن الحسن والشافعي وأحمد بن
حنبل، وذهبت طائفة إلى أن الإخوة للأب والأم أو للأب لا يرثون مع الجد
ويسقطون، روي ذلك عن أبي بكر وابن عباس وعشرة من مهاجري الصحابة
مثل أبي بن كعب وعائشة وأبي الدرداء وغيرهم، وفي الفقهاء أبو حنيفة وعثمان
البتي وداود والمزني من أصحاب الشافعي ومحمد بن جرير الطبري وإسحاق بن
راهويه.
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا فإن قرابة كل واحد منهم على حد واحد، لأن
الأخ يدلي بالأب، وكذلك الجد يدلي بالأب، فقد اتفقا فيجب أن يشتركا في
الميراث، وأيضا قوله تعالى: للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء
نصيب مما ترك الوالدان والأقربون، والإخوة والأخوات من قبل الأب من
الرجال والنساء.
مسألة 100: ابن الأخ يقوم مقام الأخ في مقاسمة الجد إذا عدم الأخ،
وخالف جميع الفقهاء في ذلك.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم.
مسألة 101: الجد يقاسم الإخوة ويكون كواحد منهم بالغا ما بلغوا.
وقال الشافعي: يدفع إلى الجد ما هو خير له من المقاسمة أو ثلث جميع
المال، وبه قال في الصحابة ابن مسعود وزيد بن ثابت.
وروي عن علي عليه السلام ثلاث روايات: إحداها أنه يدفع إلى الجد
السدس أو المقاسمة، فإن كانت المقاسمة خيرا له من السدس فالمقاسمة وإلا
فالسدس، والثانية للجد المقاسمة أو السبع، والثالثة المقاسمة أو الثمن.
وروي عنه أنه قال في سبعة إخوة وجد: هو كأحدهم، وهذه الرواية تدل
54

على مذهبنا لأنها مثل ما رويناه عنه عليه السلام، وروي عنه عليه السلام أنه فرض
للجد مع البنات والإخوة والأخوات السدس، وجعل التعصيب للأخوة
والأخوات.
وذهب أبو موسى الأشعري وعمران بن الحصين إلى أن للجد المقاسمة أو
نصف السدس.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم.
مسألة 102: إذا كان إخوة من أب وأم وإخوة من أب وجد قاسم الجد من
كان من قبل الأب والأم، وكان زيد يقاسم الجد بهما، فما حصل لولد الأب يرده
على ولد الأب والأم إلا أن تكون أختا من أب وأم فيرد عليها من ولد الأب تمام
النصف، وإن بقي شئ كان بين ولد الأب.
وروي عن عمر نحو هذا، وبه قال الأوزاعي ومالك والشافعي والثوري
وأبو يوسف ومحمد وكثير من أهل العراق.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم لا يختلفون فيه.
مسألة 103: الأخوات مع الجد يقاسمن الجد، وبه قال زيد بن ثابت
والشافعي، ورووا عن علي عليه السلام وابن مسعود أن الأخوات لا يقاسمن، إنما
نفرض لهن إذا كانت واحدة لها النصف، وإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم.
مسألة 104: بنت وأخت وجد، للبنت النصف بالفرض والباقي بالرحم،
ويسقط الباقون.
وقال الشافعي: للبنت النصف بالفرض والباقي بين الأخت والجد، وبه قال
زيد بن ثابت وجماعة من الصحابة، وعلى مذهب أبي بكر وابن عباس للبنت
55

النصف والباقي للجد بالتعصيب لأنهم لا يقولون بالمقاسمة، وعلى مذهب على
وابن مسعود للبنت النصف وللجد السدس، والباقي للأخت لأن الأخت مع
البنت عصبة لا يمكن أن يفرض لها، وليس من مذهبهم أن يقسم لها.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم وقوله تعالى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى
ببعض، والبنت أولى لأنها تتقرب بنفسها، ولأنا قد بينا بطلان القول بالتعصيب.
مسألة 105: زوج وأم وجد، للزوج النصف بلا خلاف، وللأم الثلث
بالفرض بلا خلاف والباقي يرد عليها.
وقال الشافعي: الباقي للجد، وبه قال زيد بن ثابت، وعن عمر روايتان:
إحديهما للزوج النصف، وللأم ثلث ما بقي، والرواية الثانية للزوج النصف وللأم
سدس جميع المال، وهكذا في زوجة وأم وجد لا يختلف قوله في زوج وأم،
وفي زوجة وأم، إلا أن يكون في الزوج والأم لا فرق بين ثلث ما يبقى وبين سدس
جميع المال، وليس كذلك في زوجة وأم وجد لأن للزوجة الربع، فثلث ما يبقى
أكثر من السدس من جميع المال.
وعن ابن مسعود ثلاث روايات: روايتان مثل قول عمر، والثالثة قال:
للزوج النصف والباقي بين الأم والجد بينهما نصفين، وهذه المسألة التي يقال لها
مربعة ابن مسعود.
دليلنا: إجماع الفرقة والآية التي ذكرناها.
مسألة 106: أخت وأم وجد، للأم الثلث بالفرض بلا خلاف، والباقي عندنا
رد عليها، ويسقط الباقون.
واختلف الصحابة فيها على سبعة مذاهب: فذهب أبو بكر وابن عباس إلى أن
للأم الثلث والباقي للجد وسقطت الأخت، وعن عمر روايتان: إحديهما للأم الثلث
مما يبقى، والثانية لها سدس جميع المال، يكون للأخت النصف، وللأم سدس
56

جميع المال والباقي للجد، ولا يختلف هاهنا ثلث ما يبقى وسدس جميع المال،
إلا أن يكون في المسألة أختان وأم.
وعن ابن مسعود ثلاث روايات: روايتان مثل قول عمر، والثالث للأخت
النصف والباقي بين الأم والجد نصفان.
ومذهب عثمان، المال بينهم أثلاثا، ومذهب علي عليه السلام، للأم ثلث
جميع المال والباقي للجد وتسقط الأخت، ومذهب زيد بن ثابت، للأم ثلث جميع
المال والباقي بين الجد والأخت " للذكر مثل حظ الأنثيين " وهذه يقال لها مربعة
ابن مسعود وهي الثانية من المربعة ويقال لها مثلثة عثمان، ويقال لها حرفاء لأنها
تحرفت فيها أقاويل الصحابة.
دليلنا: إجماع الفرقة والآية، وبطلان القول بالتعصيب.
المسألة الأكدرية
مسألة 107: الأكدرية، زوج وأم وأخت، وجد عندنا، للزوج النصف
وللأم الثلث بالفرض والباقي رد عليها ويسقط الباقون.
واختلف الصحابة على حسب مذهبهم على تفصيل ما ذكرناه، فذهب
أبو بكر ومن تابعه من الصحابة إلى أن للزوج النصف، وللأم الثلث، وللجد
السدس، وتسقط الأخت بناه على أصله أن الأخت تسقط بالجد.
وذهب عمر وابن مسعود إلى أن للزوج النصف، وللأخت النصف، وللأم
السدس، وللجد السدس، تصير المسألة من ثمانية لأنهما لا يفضلان الأم على
الجد.
وروي عن علي عليه السلام أن للزوج النصف، وللأم الثلث، وللأخت
النصف، وللجد السدس لأن من مذهبه تفضيل الأم على الجد فتكون المسألة من
تسعة.
وذهب زيد بن ثابت إلى أن للزوج النصف وللأم الثلث وللأخت النصف
57

أيضا يضاف إلى سدس الجد فيكون بينهما " للذكر مثل حظ الأنثيين ".
ففرض الأخت مع الجد لما ضاقت به الفريضة لأن الزوج لا يحجب إلا
بالولد، وليس هاهنا ولد ولا تحجب الأم بأقل من أخوين، ولا يفرض للأخت مع
الجد ولا يجوز أن ينقص من سدس الجد فأضاف النصف إلى السدس وجعل
بينهما.
وروى سفيان قال: قلت للأعمش: لم سميت هذه المسألة الأكدرية؟ قال:
سأل عبد الملك بن مروان رجلا من الفرضيين يقال له " أكدر " فأجاب على
مذهب زيد بن ثابت، وقيل: إن امرأة ماتت وخلفت هؤلاء الذين ذكرناهم
وكانت اسمها " أكدرية " فسميت المسألة أكدرية.
وقيل: إنها سميت أكدرية لأنها كدرت المذهب على زيد بن ثابت لأنه
ناقض أصله في هذه المسألة في موضعين: أحدهما أنه فرض للأخت مع الجد
والأخت مع الجد لا يفرض لها، وأعال المسألة مع الجد والجد عصبة، ومن
مذهبه أن لا يعال بعصبة.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم.
مسألة 108: أخ لأب وأم، وأخ لأب، وجد، المال بين الأخ للأب والجد
نصفان، ويسقط الأخ من جهة الأب.
واختلف الناس فيها، فذهب أبو بكر ومن تابعه إلى أن المال للجد ويسقطان
معا، وبه قال أبو حنيفة بناء على أصله في أن الإخوة لا يقاسمون الجد.
وذهب عمر وعبد الله بن مسعود إلى أن المال بين الأخ للأب والأم، وبين
الجد نصفان مثل قولنا ويسقط الأخ للأب.
وذهب زيد بن ثابت إلى أن المال بينهم أثلاثا، للجد الثلث ثم يعاد الثلث
الذي للأخ للأب إلى الأخ للأب والأم فيأخذ الأخ للأب والأم الثلثين.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم.
58

مسألة 109: أخت لأب وأم وأخ لأب وجد، المال بين الجد والأخت للأب
والأم " للذكر مثل حظ الأنثيين " ويسقط الأخ من الأب.
واختلف الصحابة فيها، فذهب أبو بكر ومن تابعه إلى أن المال للجد ويسقط
الباقون، وذهب عمر وابن مسعود إلى أن المال بين الأخت للأب والأم، وبين
الجد نصفان، ويسقط الأخ من الأب.
وروي عن علي عليه السلام أن للأخت للأب والأم النصف والباقي بين
الجد والأخ للأب نصفين.
ومذهب زيد بن ثابت، للجد خمسان لأن المسألة من خمسة، خمسان للجد
اثنان وللأخت من الأب والأم النصف سهمان ونصف، ويبقى نصف سهم
فيضرب اثنان في خمسة يكون عشرة للجد أربعة وللأخت للأب والأم خمسة،
يبقى سهم للأخ للأب، وإنما صار كذلك لأنه يعطي الجد خمسين، والباقي بين
الأخ للأب والأخت " للذكر مثل حظ الأنثيين " يرجع فيأخذ من الأخ للأب
تمام نصف الأخت للأب والأم فيعطيها، وهذه تسمى عشارية زيد، ويقال لها
مختصرة زيد بن ثابت.
دليلنا: إجماع الفرقة على ما مضى القول فيه.
مسألة 110: إذا ارتد المسلم ومات على كفره أو قتل فميراثه لورثته
المسلمين دون الكفار قريبا كان المسلم أو بعيدا، كما لو كان مسلما سواء اكتسبه
في حال إسلامه أو في حال ارتداده، فإن لم يكن له وارث مسلم كان لبيت المال،
وبه قال عبد الله بن مسعود، وإحدى الروايتين عن علي عليه السلام، فروي عنه عليه السلام
أنه قتل مستورد العجلي حين ارتد، وقسم ماله بين ورثته، وبه قال ابن
المسيب وحسن وعطاء والشعبي، وفي الفقهاء: الأوزاعي وأبو يوسف ومحمد، ولا
يرثه كافر على حال.
وذهب الشافعي إلى أنه ينتقل ماله إلى بيت المال فيئا، سواء اكتسبه حال
59

إسلامه أو حال ارتداده، وسواء قال: زال ملكه بالردة أو لم يزل، وبه قال من
الصحابة ابن عباس، وإحدى الروايتين عن علي عليه السلام، ومن التابعين
جماعة، وفي الفقهاء، ربيعة ومالك وابن أبي ليلى وأحمد بن حنبل، وقال قوم: إن
ماله الذي اكتسبه في حال حقن دمه يرثه عنه المسلم، والذي اكتسبه حال إباحة
دمه ينتقل إلى بيت المال، وبه قال الثوري وأبو حنيفة.
وقال قوم: إن مال المرتد يكون لأهل ملته الذين انتقل إليهم إن كانوا يهودا
يرثهم وإن كانوا نصارى يرثهم، وبه قال عمر بن عبد العزيز وقتادة.
وقال أبو حنيفة: إذا ارتد زال ملكه، ولكن لا يقسم بين ورثته رجاء أن يعود،
وإن لحق بدار الحرب فإنه يرث عنه كما لو مات، فينعتق عليه رقيقه وأمهات
أولاده، ويقسم ماله على الورثة، فإن عاد فالذي عتق لا يعود والعتق نافذ، وأما
المال نظرت، فإن كان عينا يرد، وما كان قد تلف لا يرجع عليه ولا ضمان على
ورثته.
قال الشافعي: قلت لمحمد بن الحسن: رجل ارتد ولحق بدار الحرب نرث
عنه؟ قال: نعم، قلت: إن عاد مع أهل الحرب ويقاتلنا نرث عنه؟ قال: كذلك،
قلت: رجل حي يقاتلنا نرث عنه؟ قال أبو حامد الإسفرايني: حكى أبو أيوب
الفرضي عن أبي حنيفة من مذهبه شيئا عجيبا، وذلك أنه قال: الزوجان إذا ارتدا
ولهما أولاد ولحقا بدار الحرب قال: فإن حملا الأولاد إلى دار الحرب حكم بكفر
الأولاد أيضا، وإن تركا الأولاد في دار الإسلام لا يحكم بردتهم وكفرهم.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم على أن المسلم يرث الكافر، والكافر لا
يرثه وهي على عمومها، وأيضا قوله تعالى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض،
ولم يفرق، وقوله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين،
وقوله: ولأبويه لكل واحد منهما السدس، وقوله: ولكم نصف ما ترك
أزواجكم، وقوله: للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب
مما ترك الوالدان والأقربون، ولم يفرق بين المرتد وغيره.
60

في أن المطلقة بالطلاق الثلاث في حال المرض ترث من الزوج إلى
سنة إذا لم تتزوج
مسألة 111: المطلقة تطليقة ثالثة في حال المرض ترث ما بينهما وبين سنة
إذا لم يصح من ذلك المرض ما لم تتزوج، فإن تزوجت فلا ميراث لها والرجل
يرثها ما دامت في العدة الرجعية، فأما في البائنة فلا يرثها على حال.
وللشافعي في المطلقة البائنة قولان: أحدهما أنها لا ترث وهو القياس عندهم،
والثاني ترث، ولم يفصلوا الذي ذكرناه.
وقال ابن أبي ليلى وعطاء والحسن البصري: هي ترثه ما لم تتزوج، ولم
يقيدوا بالسنة.
وروي عن علي عليه السلام وعبد الرحمان بن عوف وابن الزبير أنهم لم
يورثوها، وكان أبو حنيفة وأصحابه والثوري يورثوها ما دامت في العدة إلا أن
يكون الطلاق من جهتها فإنها لا ترثه، وهو أحد قولي الشافعي.
وروي عن عمر وعثمان أنها ترثه سواء تزوجت أو لم تتزوج، وبه قال
مالك، واتفقوا على أن المرأة إذا ماتت لم يرثها الزوج، واتفق الجميع على أن
الطلاق الرجعي لا يقطع التوارث بين الزوجين.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وقد ذكرناها في الكتاب الكبير.
مسألة 112: المشتركة، زوج وأم وأخوان لأب وأم وأخوان لأم، عندنا
للزوج النصف والباقي للأم، الثلث بالفرض والباقي بالرد.
وقال الشافعي: للزوج النصف وللأم السدس تكملة الثلثين وللأخوين للأم
الثلث، ويشركهم بنو الأب والأم ولا يسقطون وصاروا بني أم معا، وبه قال في
الصحابة عمر وعثمان وابن مسعود وزيد بن ثابت، وفي التابعين شريح وسعيد
والزهري، وفي الفقهاء مالك وإسحاق والنخعي والثوري وأهل المدينة والبصرة.
وذهب طائفة إلى أن للزوج النصف وللأم السدس وللأخوين للأم الثلث،
61

ويسقط الأخوان من قبل الأب والأم، ورووا ذلك عن علي عليه السلام وابن
عباس وأبي موسى الأشعري وأبي بن كعب والشعبي، وفي الفقهاء أبو حنيفة
وأصحابه وأهل العراق وابن أبي ليلى وأحمد بن حنبل، وروي عن زيد وابن
مسعود مثل ذلك، والمشهور عنهما الأول.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وأيضا فإن الأم لها الثلث هاهنا لأنها إنما
تحجب بالإخوة إذا كان هناك أب، فأما مع عدمه فلا حجب، وإذا ثبت أن لها
الثلث، فكل من قال بذلك قال بما قلناه ولم يفرق، وأيضا قوله تعالى: وأولوا
الأرحام بعضهم أولى ببعض، والأم أقرب من الإخوة، والقول بالتعصيب قد
أفسدناه، وأما الإخوة للأم فإن الله تعالى إنما فرض لهم الثلث إذا كان الرجل
يورث كلالة أو امرأة، وإذا كان هناك أبوان أو أحدهما فلا كلالة فيسقط
تسميتهم هاهنا.
إرث ولد الملاعنة
مسألة 113: إذا مات ولد الملاعنة وخلف أما وأخوين لها، فللأم الثلث
بالتسمية والباقي يرد عليها، ويسقط الأخوان معها.
وقال الشافعي: للأم السدس وللأخوين الثلث والباقي لمولى الأم، فإن لم
يكن فلبيت المال، وبه قال زيد بن ثابت.
وقال أبو حنيفة: لها السدس ولهما الثلث والباقي يرد عليهم.
وقال عبد الله بن مسعود: المال كله للأم لأنها عصبة، وقال عبد الله بن عمر
وابن أبي ليلى: الباقي من فرض الأم والإخوة فلعصبة الأم.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم وقوله تعالى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى
ببعض، والأم أولى من الإخوة لأنهم يتقربون بها وقد بينا أن الإخوة من جهة الأم
لا يحجبون ومن جهة الأب إنما يحجبون إذا كان هناك أب حي وليس هاهنا
أب.
62

في أن ولد الزنى لا يرث من أمه ولا ترث أمه منه
مسألة 114: الظاهر من مذهب أصحابنا أن ولد الزنى لا يرث أمه، ولا ترثه
أمه، ولا أحد من جهتها.
وقد ذهب قوم من أصحابنا إلى أن ميراثه مثل ميراث ولد الملاعنة، وسواء
كان ولدا واحدا أو ولدين، فإن أحدهما لا يرث الآخر إلا على القول الثاني.
وقال الشافعي: إن كان واحدا فحكمه حكم ولد الملاعنة، فأما إذا كانا
ولدي زنا توأمين فإن مات أحدهما فإنه يرثه الآخر بالأمومة لا بالأبوة، وهكذا قال
جميع الفقهاء.
دليلنا: الأخبار المروية عنهم عليهم السلام، ولأن الميراث تابع للنسب
الشرعي وليس هاهنا نسب شرعي بين ولد الزنى وبين الأم.
مسألة 115: ولد الزنى إذا كان توأما ثم مات أحدهما فإنه يرث الآخر منه من
جهة الأمومة دون الأبوة على قول من قال من أصحابنا: إنه يجري مجرى ولد
الملاعنة، وللشافعي فيه وجهان: أحدهما أنه يرث بالأبوة والأمومة، وبه قال
مالك، والوجه الثاني يرث بالأمومة فحسب.
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 116: إذا مات إنسان وخلف خنثى مشكلا له ما للرجال وما للنساء
فإنه يعتبر بالمبال، فإن خرج من أحدهما أولا ورث عليه، وإن خرج من كليهما
اعتبرنا الانقطاع فورث على ما ينقطع أخيرا، فإن اتفقا روى أصحابنا أنه تعد
أضلاعه، فإن تساويا ورث ميراث النساء، وإن نقص أحدهما ورث ميراث
الرجال، والمعمول عليه أنه يرجع إلى القرعة فيعمل عليها.
وقال الشافعي: ننزله نحن بأسوأ حالتيه فنعطيه نصف المال لأنه اليقين،
والباقي يكون موقوفا حتى يتبين حاله، فإن بان أنه ذكر أعطيناه ميراث الذكور،
63

وإن بان أنه أنثى فقد أخذ حقه ونعطي الباقي العصبة، وبه قال زيد بن ثابت.
وقال أبو حنيفة: نعطيه النصف يقينا، والباقي يدفع إلى عصبته، وذهب قوم
من الحجازيين وقوم من البصريين إلى أنه يدفع إليه نصف ميراث الذكر ونصف
ميراث الأنثى، فيعطى ثلاثة أرباع المال، وبه قال أبو يوسف وجماعة من أهل
الكوفة.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم.
مسألة 117: رجل مات وخلف أولادا مسلمين ومشركين، فإن المسلمين
يرثونه دون المشركين بلا خلاف، فإن أسلم المشركون بعد موته قبل القسمة
قاسموهم المال، وإن أسلموا بعد قسمة المال فلا ميراث لهم، وبه قال عمر بن
الخطاب وعثمان بن عفان.
وقال جميع الفقهاء: إنهم لا ميراث لهم بحال إذا أسلموا بعد موته سواء قسم
أو لم يقسم.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه
قال: من أسلم على شئ فهو له، وهؤلاء أسلموا على ميراث وجب أن يكون لهم.
مسألة 118: مسلم مات وله أولاد مسلمون بعضهم معه حضور وبعضهم
مأسورون، فإن الميراث للحاضرين والمأسورين، وبه قال جميع الفقهاء، وقال
شريح: المأسورون أولى، وقال النخعي: لا يرث المأسور.
دليلنا: إجماع الفرقة وظواهر القرآن وعمومها، وتخصيصها في التوريث،
والمنع يحتاج إلى دليل.
مسألة 119: اختلف أصحابنا في ميراث المجوس على ثلاثة أقوال: أحدها
أنهم لا يورثون إلا بسبب أو نسب يسوع في شرع الإسلام، والآخر أنهم يورثون
64

بالنسب على كل حال، وبالسبب الذي يجوز في الشرع وما لا يجوز لا يورثون
به، والثالث أنه يجوز أن يورث بالأمرين معا سواء كان جائزا في الشرع أو لم
يكن، وهو الذي اخترته في النهاية وتهذيب الأحكام.
وبهذا الذي اخترته أخيرا قال علي عليه السلام وعمر وعبد الله بن مسعود
وأهل الكوفة وابن أبي ليلى والثوري وأبو حنيفة وأصحابه والنخعي وقتادة فإنهم
قالوا كلهم: المجوس يورثون بجميع قراباتهم التي يدلون بها ما لم يسقط بعضها
بعضا، وهذا هو الذي ذهبنا إليه.
فأما إذا تزوج واحد منهم بمن يحرم عليه في شرع الإسلام مثل أن يتزوج
بأمه أو بنته أو عمته أو خالته أو بنت أخيه أو بنت أخته، فإنه لا يثبت بينهما الميراث
بالزوجية، بلا خلاف عند الفقهاء، لأن الزوجية لم تثبت، والصحيح عندي أنه
يثبت بينهما الميراث بالزوجية، وروي ذلك عن علي عليه السلام ذكره ابن
الكفان الفرضي في الموجز.
وقال الشافعي: كل قرابة إذا انفرد كل واحد منهما يرثه بجهة واحدة، فإذا
اجتمعتا لم يرث بهما يعني جهتين، مثال ذلك مجوسي تزوج بنته فماتت هي فإن
الأب يرث بالأبوة ولا يرث بالزوجية، وهكذا إن مات الأب فإنها ترث بالبنوة لا
بالزوجية. قالوا: وهذا لا خلاف فيه، قالوا: لأن الزوجية ما ثبتت.
وإن كان مجوسيا تزوج بالأخت فجاءت ببنت ومات المجوسي، فإن هذه
البنت هي بنت وبنت أخت وأمها أخت وأم لهذه، فإن ماتت البنت فإن الأم ترث
بالأمومة لأن الأمومة أقوى من الإخوة لأنها تسقط والأم لا تسقط، وإن ماتت الأم
فهي ترث بالبنوة لا بالإخوة لمثل ذلك، وبه قال في الصحابة زيد بن ثابت، وفي
التابعين الحسن البصري والزهري، وفي الفقهاء مالك والأوزاعي وأهل المدينة.
دليلنا: قوله تعالى: وورثه أبواه فلأمه الثلث، فجعل للأم الثلث وللأخت
النصف ولم يفصل، وكذلك قوله: ولكم نصف ما ترك أزواجكم، وقوله:
ولهن الربع مما تركتم، وكل ذلك عام وقد ذكرنا الرواية صريحة عن أئمتنا
65

عليهم السلام بذلك في تهذيب الأحكام.
مسألة 120: مجوسية ماتت وخلفت أما هي أخت لأب، للأم الثلث والباقي
رد عليها، وقال الفقهاء: الباقي للعصبة.
دليلنا: ما قدمناه من بطلان القول بالتعصيب، وكل من أبطله قال بما
قلناه.
مسألة 121: مجوسية ماتت وخلفت بنتا هي أخت لأب، للبنت النصف
بالتسمية والباقي رد عليها، وقال أبو حنيفة: الباقي لها أيضا بالتعصيب لأن الأخت
تعصيب البنت، وقال أبو العباس فيه قولان: أحدهما مثل قول أبي حنيفة، والثاني
الباقي للعصبة لأن كل من يدلي بسببين لا يرث بفرضين، ولأنها لو ماتت هي
لكانت العليا التي هي أمها ترث منها بسبب واحد، كذلك إذا ماتت تلك ترث
هي منها بسبب واحد.
وفرق أبو العباس بين هذه المسألة والتي قبلها إذا ماتت الأم قال: لأن هناك
لو قلنا ترث بسبب واحد لكانت هي أختا والأخرى أختا، وكان يؤدى إلى أن
تحجب نفسها بنفسها، والإنسان لا يحجب نفسه بنفسه، وليس كذلك هاهنا لأنه
لا يؤدى إلى ذلك، وقال أبو حامد: وهذا التعليل ليس بشئ لأن هاهنا أيضا
يتصور أن تعصب نفسها بنفسها، فلما لم يجز ذلك لم يجز هناك.
دليلنا: ما قدمناه من أن مع الأم لا يرث أحد من الإخوة والأخوات من أي
جهة كانوا.
مسألة 122: مجوسي مات وخلف أما هي أخت لأب وأختا لأب وأم، للأم
الثلث بالفرض والباقي يرد عليها.
وقال الشافعي: للأم الثلث وللأخت للأب والأم النصف، والباقي للعصبة.
66

وقال أبو حنيفة: للأخت من الأب والأم النصف، وللأم السدس، ولها
سدس آخر لأنها أخت لأب فيصورها أختين يحجب بهما الأم إلى السدس.
دليلنا: ما قدمناه في المسائل المتقدمة.
مسألة 123: ماتت مجوسية وخلفت أما هي أخت لأبيها، وأخا لأب وأم،
للأم الثلث والباقي يرد عليها.
وقال أبو حنيفة: للأم السدس، والباقي للأخ، وقال الشافعي: للأم الثلث
والباقي للأخ.
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى من أنه لا يرث مع الأم أحد من الإخوة
والأخوات لا بالفرض ولا بالتعصيب.
مسألة 124: المولود إذا علم أنه حي حين ولادته بصياح أو حركة أو
اختلاج أو عطاس بعد أن يتبين حياته فإنه يرث.
وبه قال الحسن والأوزاعي والشافعي والثوري وأبو حنيفة وأصحابه وأهل
العراق، إلا أن من قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وزفر والحسن بن صالح
بن حي: إن المولود إذا خرج أكثره من الرحم وعلم حياته ثم خرج جميعه وهو
ميت فإنه يرث ويورث منه.
وكان مالك وأبو سلمة بن عبد الرحمان والنخعي لا يورثون المولود حتى
يسمع صوته.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم وقوله: يوصيكم الله في أولادكم للذكر
مثل حظ الأنثيين، ولم يفصل.
مسألة 125: إذا مات ميت وخلف ورثة وامرأة حاملا فإنه يوقف ميراث
ابنين ويقسم الباقي، وبه قال محمد بن الحسن ويؤخذ منهم ضمناء.
67

وقال الشافعي ومالك: لا يقسم الميراث حتى تضع إلا أن يكون الحمل لا
يدخل نقصا على بعض الورثة، فيدفع إلى ذلك الوارث حقه معجلا، ويوقف
الباقي.
وكان أبو يوسف يقسم الميراث ويوقف نصيب واحد ويأخذ من الورثة
ضمناء، وهذا أيضا جيد يجوز لنا أن نعتمده، وكان شريك يوقف نصيب أربعة
وهو قياس الشافعي، ومروي ابن المبارك من أبي حنيفة نحوه، وروى اللؤلؤي
عن أبي حنيفة أنه يوقف المال كله حتى تضع الحمل.
دليلنا: إن العادة جرت بأن أكثر ما تلده المرأة اثنان وما زاد عليه شاذ
خارج عن العادة ولتجويز ذلك أخذنا الضمناء، وزيادة ما جرت به العادة
ووجوب إيقانه يحتاج إلى دليل.
مسألة 126: دية الجنين إذا تم خلقه مائة دينار، وإذا لم يتم فغرة عبد أو أمة
وعند الفقهاء عبدا أو أمة على كل حال، إلا أن هذه الدية يرثها سائر المناسبين
وغير المناسبين، وبه قال جميع الفقهاء إلا ربيعة، فإنه قال: إن هذا العبد لأمه لأنه
قتل ولم ينفصل منها، فكأنه أتلف عضوا منها.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وروى مغيرة بن شعبة أن امرأتين من
هذيل اقتتلتا فقتلت إحديهما الأخرى فقضى رسول الله صلى الله عليه وآله بدية
المقتولة على عاقلة القاتلة، وقضى في الجنين بغرة عبد أو أمة، فوجه الدلالة أن
النبي صلى الله عليه وآله أفرد دية الجنين عن دية النفس فثبت بذلك ما قلناه.
مسألة 127: يرث الدية جميع الورثة سواء كانوا مناسبين أو غير مناسبين،
من الزوج والزوجة، وبه قال جميع الفقهاء، وعن علي عليه السلام روايتان:
إحديهما كما قلناه وهو الصحيح، والثانية أن الدية للعصبة، ولا يرث من لا يعقل
عنه العقل مثل الأخت والزوج والزوجة.
68

دليلنا: إجماع الفرقة، وروي أن عمر بن الخطاب قال: لا ترث الزوجة من
دية زوجها، حتى سأل الصحابة فقال له سفيان بن الضحاك: إن النبي صلى الله
عليه وآله كتب إلينا بأن نورث امرأة ابن أبي أثيم الضبابي من دية زوجها فورثناها،
فرجع عمر عن ذلك وورثها.
مسألة 128: يقضى من الدية الدين والوصايا، وبه قال عامة الفقهاء إلا
أبا ثور فإنه قال: لا يقضى منها الدين ولا الوصية.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم.
مسألة 129: يخص الابن الأكبر من التركة بثياب جلد الميت وسيفه
ومصحفه دون باقي الورثة، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم.
مسألة 130: إذا خلفت المرأة زوجها ولا وارث لها سواه فالنصف له
بالفرض والباقي يعطي إياه، وفي الزوجة الربع لها بلا خلاف، والباقي لأصحابنا
فيه روايتان: إحديهما مثل الزوج يرد عليها، والأخرى الباقي لبيت المال،
وخالف جميع الفقهاء في المسألتين معا وقالوا: الباقي لبيت المال.
مسألة 131: لا ترث المرأة من الرباع والدور والأرضين شيئا بل يقوم
الطوب والخشب فتعطى حقها منه، وخالف جميع الفقهاء في ذلك، وقالوا: لها
الميراث من ذلك جميعه.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم.
مسألة 132: إذا تزوج رجل في حال مرضه ودخل بها ثم مات ورثته وإن
69

لم يدخل بها ترثه، وقال أبو حنيفة وأهل العراق والبصرة والشافعي: إنها ترثه،
ولم يفصلوا، وقال مالك وأهل المدينة: لا ترثه، ولم يفصلوا أيضا.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم.
مسألة 133: المكاتب على ضربين: مشروط عليه ومطلق، فالمشروط عليه
بمنزلة القن ما بقي عليه درهم لا يرث ولا يورث، والمطلق يرث ويورث بمقدار ما
تحرر منه، وبه قال علي عليه السلام.
وروي عن عمر وزيد وعائشة وابن عمر أنهم جعلوا المكاتب عبدا ما بقي
عليه درهم ولم يفصلوا، وإليه ذهب الزهري ومالك والشافعي وأبو حنيفة، وعن
ابن عباس أنه قال: إذا كتبت الصحيفة فهو حر، وعن ابن مسعود أنه إذا أدى ثلثا
أو ربعا فهو حر، وعن عمر نحوه.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم فإنهم لا يختلفون، والظواهر كلها تتناول
المكاتب وغيره وإنما نحرمه الميراث بدليل.
مسألة 134: المعتق بعضه بمنزلة المكاتب المطلق إذا أدى بعض مكاتبته
يرث ويورث بحسب حريته، ويمنع بحساب رقه، وبه قال علي عليه السلام، وإليه
ذهب ابن أبي ليلى وعطاء وطاووس وعثمان البتي، وكان الزهري ومالك وأحد
قولي الشافعي لا يورث منه ويجعلون ماله للمتمسك برقه، وأبو حنيفة يجعل ماله
كمال المكاتب يؤدى عنه مكاتبته، فإن بقي منه شئ كان لورثته ولا يورثه ما لم
تكمل فيه الحرية، وروي عن الشافعي أنه قال: يورث عنه بقدر ما فيه من الحرية
ولا يرث، وكان الثوري وأبو يوسف ومحمد وزفر يجعلون المعتق بعضه بمنزلة
الحر في جميع أحكامه.
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
70

مسألة 135: الأسير إذا علم حياته فإنه يورث وإذا لم يعلم أحي هو أم ميت
فهو بمنزلة المفقود، وبه قال عامة الفقهاء.
وروي عن سعيد بن المسيب أنه قال: لا يورث الأسير، وعن إبراهيم قال: لا
يورث الأسير، وعن إبراهيم أيضا قال: نمنعه من الميراث.
دليلنا: إجماع الفرقة وظواهر القرآن وهي عامة في الأسير وغيره.
مسألة 136: لا يقسم مال المفقود حتى يعلم موته أو تمضى مدة يعيش مثله
إليها بمجرى العادة، وإن مات له من يرثه المفقود دفع إلى كل وارث أقل ما
يصيبه، ويوقف الباقي حتى يعلم حاله، وبه قال الشافعي، وقيل عن مالك نحوه.
وقال مالك: يضرب للمفقود مدة سبعين سنة مع سنة يوم فقد، فإن علمت
حياته وإلا قسم ماله، وقال بعض أصحابه: يضرب له مدة تسعين سنة، وقال
محمد: إذا بلغ ما لا يعيش مثله في مثل سنة جعلناه ميتا وورث منه كل وارث
حي، وإن مات أحد من ورثته قبل ذلك لم أورثه ولا أورث المفقود من ذلك
الميت، ولم يحده بمدة، وهذا مثل ما قلناه.
وقال الشافعي وقال الحسن بن زياد اللؤلؤي: إذا مضى على المفقود من
السنين ما يكون مع سنة يوم فقد مائة وعشرون سنة قسم ماله بين الأحياء من
ورثته، وبه قال أبو يوسف.
دليلنا: أن الاعتبار بما جرت به العادة فإذا عمل عليه فقد أخذنا بالأحوط،
وما لم تجر به العادة ليس إليه طريق، وأما التحديد بمدة بعينها فإنه يحتاج إلى
دليل.
ولاء الموالاة
مسألة 137: ولاء الموالاة جائز عندنا، ومعناه أن يسلم رجل على يد
رجل فيواليه فيصير مولاه، وله أن ينقل ولاءه إلى غيره ما لم يعقل عنه أو أحد من
71

أولاده الذين كانوا صغارا عند عقد الولاء، وبه قال علي عليه السلام وعمر، وروي
عنهما أنهما ورثا به، وبه قال ابن المسيب وعطاء والزهري والأوزاعي وأبو حنيفة
وأصحابه، وكان زيد لا يجعل الولاء إلا للمعتق، وإليه ذهب مالك والشافعي
وابن أبي ليلى.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم.
مسألة 138: حكم الرجل المجهول النسب حكم الذي يسلم على يد غيره
إذا توالى إليه، وبه قال أبو حنيفة، وقال الشافعي: لا يجوز ذلك.
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 139: المعتق سائبة لا ولاء عليه، وله أن يوالي من شاء، وبه قال
عمر وابن مسعود في إحدى الروايتين عنهما، وبه قال الزهري وسليمان بن يسار
وأبو العالية ومالك، والرواية الأخرى عنهما أنهما قالا: لا سائبة في الإسلام الولاء
لمن أعتق، فإن يخرج من ميراثه جعله في بيت مال المسلمين، وكان الشعبي
والشافعي وأهل العراق يجعلون ولاءه لمعتقه.
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 140: من أعتق عن غيره فإن كان بأمره كان ولاؤه للآمر وإن كان
بغير أمره فولاؤه لمعتقه دون المعتق عنه، وبه قال الأوزاعي والشافعي
وأبو يوسف، وكان أبو حنيفة يجعل ولاءه للمعتق أمر المعتق عنه بذلك أو لم
يأمر، إلا أن يكون أمره أن يعتق عنه عبده على عوض يدفعه إليه ويلزمه العوض،
فيكون الولاء له.
وقال مالك وأبو عبيدة: ولاؤه للمعتق عنه على كل حال، أمره بذلك أو لم
يأمر.
72

دليلنا: قول النبي صلى الله عليه وآله: الولاء لمن أعتق، والأمر بالعتق
معتق على كل حال كما أن الأمر بالبيع والطلاق وسائر العقود عاقد لها.
مسألة 141: إذا مات العبد المعتق وليس له مولى فميراثه لمن يتقرب إلى
مولاه من جهة أبيه دون أمه، الأقرب أولى من الأبعد على تدريج ميراث المال.
وروي عن علي عليه السلام وعمر وزيد بن ثابت وابن مسعود أن ميراثه
لأقرب عصبة مولاه يوم يموت العبد، وبه قال مالك والشافعي والأوزاعي وأهل
العراق والحجاز.
وكان شريح يورث الولاء كما يورث المال، فيقول: إذا أعتق رجل عبدا
ويموت ويخلف ابنين، فيموت أحد الابنين ويخلف ابنا، ثم يموت العبد المعتق،
نصف المال لابن المولى، ونصفه لابن الابن لأنه ورث ذلك عن أبيه، وعلى قول
الفقهاء للابن لا غير، وعلى مذهبنا يكون للابن أيضا دون ابن الابن، لأنه أقرب،
وروي عن النخعي مثل قول شريح.
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا قوله صلى الله عليه وآله: الولاء لحمة كلحمة
النسب، ومع الولد للصلب لا يرث ابن الابن، فكذا الولاء لظاهر الخبر.
مسألة 142: إذا خلف المعتق أبا مولاه وابن مولاه فللأب السدس والباقي
لابن المولى، وعند زيد المال لابن المولى، وبه قال الزهري والحسن وعطاء
ومالك والشافعي وأهل العراق.
وعلى قول شريح وأبي يوسف والأوزاعي والنخعي مثل ما قلناه لأبي المولى
السدس، والباقي لابنه.
دليلنا: إجماع الفرقة وقوله صلى الله عليه وآله: الولاء لحمة كلحمة
النسب.
73

مسألة 143: إذا ترك جد مولاه وأخا مولاه فالمال بينهما نصفان، وبه قال
الأوزاعي والثوري وأحد قولي الشافعي وأبو يوسف ومحمد، وقال أحمد: وقول
الشافعي الآخر لأخي مولاه.
دليلنا: إجماع الفرقة وما قدمناه من الخبر.
مسألة 144: إذا ترك ابن أخي المولى وجد المولى فالمال بين ابن الأخ
والجد، وعلى أحد قولي الشافعي ومالك: لابن الأخ، وكان أبو حنيفة ونعيم بن
حماد وأبو ثور يجعلون المال للجد دون ابن أخيه.
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 145: الولاء لا يباع ولا يوهب، وبه قال جميع الفقهاء، وروي أن
ميمونة وهبت ولاء سليمان بن يسار من ابن عباس، وروي أن ابن المسيب وعروة
وعلقمة أجازوا بيع الولاء وهبته.
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا قول النبي عليه السلام: الولاء لحمة كلحمة
النسب لا يباع ولا يوهب.
مسألة 146: قد بينا أن ميراث ولد الملاعنة لأمه إذا كانت حية فإن لم تكن
حية فلمن يتقرب بها إليه من الإخوة والأخوات والخؤولة والخالات والجد والجدة
للأم يقدم الأولى فالأولى، والأقرب فالأقرب كما نقول في الولد صحيح، وروي
ذلك عن علي عليه السلام، وذهب إليه أهل العراق والبصرة.
وروي عن علي عليه السلام أنه قال: يجعل عصبة ولد الملاعنة عصبة أمه إذا
لم يكن له وارث ذو سهم من ذوي الأرحام فإن كان له وارث ذو سهم من ذوي
الأرحام جعل فاضل المال ردا عليه.
وكان ابن مسعود يقول: عصبته عصبة أمه، فإن لم تكن فعصبة عصبة أمه،
74

وعن ابن عباس وابن عمر نحوه، وإليه ذهب الحسن وابن سيرين وعطاء
والنخعي.
وكان زيد يجعل الباقي من فروض ذوي السهام لمولى أمه إن كان لها
مولى فإن لم يكن لها مولى فلبيت المال، وإليه ذهب عروة وابن المسيب والزهري
ومالك والشافعي والأوزاعي.
والخلاف في ولد الزنى كالخلاف في ولد الملاعنة إلا أن مالكا كان يقول:
يورث توأم الملاعنة من أخيه ميراث الأخ لأب وأم، ويورث توأم الزانية ميراث
أخ لأم، وورثه عامة الفقهاء ميراث أخ لأم.
دليلنا: قوله تعالى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض، وأيضا إجماع
الفرقة وأخبارهم.
مسألة 147: جدة الأب لا ترث مع ابنها، وبه قال علي عليه السلام وعمر
وعثمان وزبير وسعد وزيد، وإليه ذهب الشافعي ومالك وأهل العراق وأكثر أهل
الحجاز، إلا أن أصحابنا رووا أنها تطعم السدس من نصيب ولدها طعمة دون
الميراث.
وروي عن عثمان وابن مسعود وأبي موسى وعمران بن الحصين وأبي
الطفيل أنهم ورثوا الجدة وابنها حي يعنون أبا الميت دون عمه، وبه قال شريح
والحسن وابن سيرين وعطاء وأهل البصرة.
دليلنا: إجماع الفرقة، ولأن الجدة ليس لها فرض في الكتاب ووجوب
توريثها يحتاج إلى دلالة، وقوله تعالى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في
كتاب الله، وهي أبعد من الأب لأنها تدلي بالابن والابن بنفسه وكان من يتقرب
بنفسه أولى ممن يتقرب بغيره.
مسألة 148: تورث من الجدات القربى دون البعدى من أي جانب كانت،
75

وبه قال علي عليه السلام، وروي عن زيد نحوه، وبه قال أهل العراق.
والمشهور عن زيد أنه ورث القربى إذا كانت من قبل الأم، وإن كانت من
قبل الأب أشرك بينهما في السدس، وبه قال مالك والشافعي وأكثر أهل
الحجاز.
والمشهور عن ابن مسعود أنه ورث القربى والبعدى إذا كانتا من جهتين،
جهة الأم وجهة الأب وإن كانتا من جهة واحدة ورث أقربهما، وقيل إنه ورث
القربى والبعدى من جميع الجهات، وأجمعوا له على أن الجدة تحجب أمهاتها فلا
يرثن معها، والجدة التي ورثها الصحابة هي التي لا يكون بينهما وبين الميت أب بين
أمين إذا نسبت إليه مثل أم أب الأم.
وعن ابن عباس أنه ورث أم أب الأم، وعن جابر بن زيد وابن سيرين نحوه،
وكان مالك وأكثر أهل المدينة لا يورثون أكثر من جدتين، أم الأم وأم الأب
وأمهاتهما، وكان الأوزاعي وأحمد لا يورثان أكثر من ثلاث جدات وهي أم الأم
وأم الأب وأم الجد أبي الأب، وورث سائر الصحابة والفقهاء الجدات وإن كثرن.
دليلنا: ما تقدم ذكره من الإجماع والآية.
مسألة 149: كان ابن مسعود لا يورث الإخوة للأب مع الأخت للأب والأم والجد شيئا، وبه
نقول، وروي مثل ذلك عن عمر بن الخطاب، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.
دليلنا: إجماع الفرقة.
مسألة 150: امرأة وأم وأخ وجد، للمرأة الربع وللأم الثلث بالفرض
والباقي يرد عليها، وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: للمرأة الربع وللأم
السدس، والباقي بين الجد والأخ، وروي عنه أنه جعلها من أربعة، للمرأة سهم
وللجد سهم وللأم سهم وللأخ سهم، وهي مربعة عبد الله.
76

دليلنا: إجماع الفرقة المحقة.
مسألة 151: الفاضل من فرض ذوي السهام يرد عليهم بقدر سهامهم إلا
على الزوج والزوجة أو يكون من ذوي الفرض من له سببان والآخر له سبب
واحد فيرد على من له سببان.
وروي عن علي عليه السلام مثل ذلك، وإليه ذهب أهل العراق إلا أنهم لم
يستثنوا، وكان ابن مسعود يرد على كل ذي سهم سهمه بقدر سهمه إلا على ستة،
الزوج والزوجة والجدة مع ذوي سهم من ذوي الأرحام، وبنات الابن مع البنت
والأخوات للأب والأم، وولد الأم مع الأم.
وروي عن علي عليه السلام وابن عباس أنهما لم يردا على الجدة مع ذي
سهم من ذوي الأرحام، فإذا انفردت يردوا عليها.
وكان زيد يجعل الباقي لبيت المال، وإليه ذهب الأوزاعي ومالك
والشافعي وأهل المدينة.
دليلنا: إجماع الفرقة وقوله تعالى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض.
مسألة 152: انفرد ابن عباس بثلاث مسائل: بطلان القول بالعول، وبه
نقول: ولم يجعل البنات مع الأخوات عصبة كما نقول: ولم يحجب الأم بدون
الثلاثة من الإخوة ونحن نحجبها باثنين، وقد مضى الخلاف فيه.
وانفرد ابن مسعود بخمس مسائل كان يحجب الزوج والزوجة والأم بالكفار
والعبيد والقاتلين، وقد ذكرنا الخلاف فيه، وروي عنه أنه أسقط الأخوات ولد الأم
بالولد المشرك والمملوك، وروي عنه لم يسقطهم، وروي عنه أنه أسقط الجدة
بالأم المشركة والمملوكة، وروي عنه أنه لم يسقطها، وإليه ذهب أبو ثور.
وكان علي عليه السلام وزيد وفقهاء الأمصار لا يحجبون إلا بالحر المسلم
غير القاتل، وإذا استكمل الأخوات للأم والأب الثلثين جعل الباقي للأخوة للأب
77

دون أخواتهم، وإليه ذهب الأسود وعلقمة والنخعي وأبو ثور.
وكان باقي الصحابة وفقهاء الأمصار يجعلون الباقي بين الذكور والإناث
" للذكر مثل حظ الأنثيين ".
وعندنا أن الباقي يرد على الأختين للأب والأم لأنهما تجمعان سببين، وكان
يقول في بنت وبنات ابن وبني ابن: للبنت النصف، ولبنات الابن الأضر بهن من
المقاسمة أو السدس والباقي لبني الابن، وكذلك في أخت لأب وأم وإخوة
وأخوات لأب يجعل للأخت للأب والأم النصف، وللأخوات للأب الأضر بهن
من المقاسمة والسدس، ويجعل الباقي للأخوة للأب وكذلك مع البنت أو
الأخت للأب والأم دونه، وبه قال أبو ثور.
وكان سائر الصحابة وفقهاء الأمصار يجعلون الباقي بين الذكور والإناث
" للذكر مثل حظ الأنثيين " وعندنا الباقي يرد على البنت وقد مضى الخلاف فيه.
78

المبسوط
في فقه الإمامية
تأليف شيخ الطائفة
أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (قدس سره)
385 - 460 ه‍. ق
79

كتاب الفرائض والمواريث
روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: تعلموا الفرائض وعلموها الناس
فإنها نصف العلم، وهو ينسى وهو أول شئ ينتزع من أمتي.
وروى عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وآله قال: تعلموا القرآن
وعلموه الناس وتعلموا الفرائض وعملوها الناس فإني امرؤ مقبوض، وسيقبض
العلم وتظهر الفتن حتى يختلف الرجلان في فريضة ولا يجدان من يفصل بينهما.
وكانت الجاهلية يتوارثون بالحلف والنصرة، وأقروا على ذلك في صدر
الإسلام في قوله تعالى: " والذين عقدت أيمانكم فأتوهم نصيبهم " ثم نسخ بسورة
الأنفال بقوله: " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض " وكانوا يتوارثون بالإسلام
والهجرة، فروي أن النبي صلى الله عليه وآله آخى بين المهاجرين والأنصار لما قدم
المدينة فكان يرث المهاجري من الأنصاري، والأنصاري من المهاجري ولا يرث
وارثه الذي كان له بمكة، وإن كان مسلما لقوله تعالى: " إن الذين آمنوا وهاجروا
وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم
أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا
وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر ".
ثم نسخت هذه الآية بالقرابة والرحم والنسب والأسباب بقوله تعالى:
" وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا
81

أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا وفي أخرى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى
ببعض، فبين أن أولي الأرحام أولى من المهاجرين إلا أن تكون وصية وقوله:
للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان
والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا.
ثم قرر ذلك في سورة النساء في ثلاث آيات في قوله تعالى: يوصيكم الله
في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين، ذكر فرض ثلاثة: أحدها جعل للبنت
النصف وللبنتين الثلثان، وإن كانوا ذكورا وإناثا فللذكر مثل حظ الأنثيين ثم بين
ذكر الوالدين وأن لكل واحد منهما السدس مع الولد، فإن لم ين له ولد فللأم
الثلث والباقي للأب، وإن كانوا إخوة معهما فلأمه السدس والباقي للأب في قوله:
ولأبويه لكل واحد منهما السدس إن كان له ولد، فإن لم يكن له ولد وورثه
أبواه فلأمه الثلث، فإن كان له إخوة فلأمه السدس هذه الآية الأولى.
ثم قال: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فذكر في
صدر هذه الآية حكمين، وذكر في آخرها حكم الكلالة: ذكر في أولها حكم
الزوج والزوجة وأن للزوج إذا لم يكن له ولد النصف، فإن كان له ولد فله
الربع، وللزوجة الربع إذا لم يكن له ولد، فإن كان له ولد فلها الثمن.
ثم عقب بالكلالة فقال: إن كان له أخ من أم أو أخت فله السدس، وإن
كانوا اثنين فصاعدا فلهم الثلث، وفي قراءة ابن مسعود وإن كان يورث رجل
كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت من أم فلكل واحد منهما السدس وأيضا فإن الله
تعالى ذكر أنثى وذكرا، وجعل لهما الثلث، ولم يفصل أحدهما على الآخر ثبت
أنه يأخذ بالرحم.
الآية الثالثة في آخر سورة النساء قوله: يستفتونك قل الله يفتيكم في
الكلالة إن امرؤ هلك فذكر فيه أربعة أحكام ذكر أن للأخت من الأب والأم إذا
كانت واحدة فلها النصف، وإن ماتت هي ولم يكن لها ولد ولها أخ فالأخ يأخذ
الكل، وإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان، وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل
82

حظ الأنثيين.
وروي عن ابن عباس، أنه قال: من علم سورة - النساء وعلم من يحجب ومن
لا يحجب فقد علم الفرائض.
فإذا ثبت هذا فالإرث على ضربين: خاص وعام.
فالعام إذا مات ميت ولم يكن له وارث ولا مولى نعمة، كانت تركته لبيت
المال يرثه جميع المسلمين، كما يعقلون عنه، ويستوي فيه الكبير والصغير،
والحاضر والغائب، والذي يجئ بعده، لأنهم يأخذون بحق المولاة.
وعند أصحابنا أن ميراث من هذه صفته للإمام خاصة، وهو الذي يعقل عنه،
وإن مات ذمي لا وارث له كان ذلك للإمام، وعند المخالف يكون لبيت المال
فيئا.
والإرث الخاص يكون بشيئين: نسب وسبب، والسبب سببان: زوجية وولاء،
والولاء على ثلاثة أقسام: ولاء النعمة، وولاء تضمن الجريرة، وولاء
الإمامة.
فالميراث بالنسب يثبت على وجهين بالفرض والقرابة، فإذا مات ميت
فلا يخلو حالة من ثلاثة أقسام: أولها أن يخلف من يجوز جميع المال، والثاني أن
يخلف من يأخذ بعض المال، والثالث لم يخلف أحدا.
فإن خلف من يحوز جميع المال فلا يخلو ذلك من ثلاثة أقسام: أحدها
يأخذ ذلك بالقرابة، والثاني يأخذ الكل بالفرض، والثالث يأخذ بالفرض
والقرابة.
فمن يأخذ بالقرابة فقط، مثل الابن والأب فإنهما يأخذان المال بالقرابة دون
التعصيب، لأن التعصيب عندنا باطل، وكذلك الجد، والأخ وابن الأخ والعم
وابن العم، وكذلك من يتقرب من قبل الأم فإن كل واحد من هؤلاء يأخذ
جميع المال بالقرابة.
وأما المولى فإنه يأخذ بحق الولاء دون التعصيب، فإن كانوا جماعة أخذوا
83

المال كله بالقرابة أو الولاء، لأنهم ليس لهم تسمية فيأخذون بها، والعصبة باطلة.
ومن يأخذ بالفرض دون القرابة مثل الزوج والأخت إذا اجتمعا يأخذ
الزوج النصف، والأخت النصف بلا خلاف، وكذلك حكم البنتين والأبوين،
أو الأختين من الأب والأم أو الأب مع الأختين أو الأخوين من الأم.
ومن يأخذ بالفرض والقرابة مثل الزوج والعم أو ابن العم وما يجري مجراه
فإن الزوج يأخذ بالفرض، والباقين يأخذون بالقرابة دون التعصيب، وكذلك
كل من له سهم مسمى، ويفضل عن سهمه من ذوي الأنساب، إذا لم يكن هناك
غيره، فإنه يأخذ ما سمي له بالفرض، والباقي بالقرابة، يرد عليه، مثل أن يخلف
البنت وحدها أو البنتين، فإنها تأخذ النصف إذا كانت وحدها، والثلثين إذا كانتا
اثنتين، والباقي رد عليها أو عليهما.
فأما إذا لم يخلف أحدا فإن ميراثه للإمام، وعند المخالفين لبيت المال، على
ما بيناه على اختلافهم أنه على جهة الفئ أو التعصيب.
فإذا ثبت هذا فإن كان الإمام ظاهرا سلم إليه، وإن لم يكن ظاهرا حفظ له
كما يحفظ سائر حقوقه، ولا يسلم إلى أئمة الجور مع الإمكان، فمن سلمه مع
الاختيار إلى أئمة الجور كان ضامنا، ومن قال: إنه لبيت المال يرثه جميع
المسلمين، قال: إن كان إمام عدل سلمه إليه، وإلا فهو بالخيار بين أن يحفظه حتى
يظهر الإمام العادل، وإن شاء وضعه في المصالح وإن شاء دفعه إلى الإمام
الجائر.
فصل: في ذكر سهام المواريث وما يجتمع منها وما لا يجتمع:
سهام المواريث ستة: النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس.
فالنصف سهم أربعة: سهم الزوج مع عدم الولد وولد الولد وإن نزلوا
ذكورا كانوا أو إناثا أولاد ابن كانوا أو أولاد بنت، وسهم البنت إذا انفردت ولم
يكن غيرها من الأولاد، وسهم الأخت من الأب والأم، وسهم الأخت من الأب إذا
84

لم يكن أخت من قبل أب وأم.
والربع سهم اثنين: سهم الزوج مع وجود الولد أو ولد الولد، وإن نزلوا،
وسهم الزوجة مع عدم الولد وولد الولد، وإن نزلوا.
والثمن سهم الزوجة مع وجود الولد وولد الولد، وإن نزلوا لا غير.
والثلثان سهم البنتين فصاعدا، وسهم الأختين فصاعدا من الأب والأم فإن لم
يكونا من الأب والأم فهو سهمها إذا كانتا من قبل الأب لا غير.
والثلث سهم اثنين: سهم الأم مع عدم الولد، وعدم ولد الولد، وعدم من
يحجبها من الإخوة والأخوات، وسهم اثنين فصاعدا من كلالة الأم.
والسدس سهم خمسة: سهم كل واحد من الأبوين مع وجود الولد وولد
الولد، وسهم الأم مع عدم الولد وولد الولد مع وجود من يحجبها من أخوين أو
أخ وأختين أو أربع أخوات إذا كانوا من قبل أب وأم أو من قبل أب دون أم على
الانفراد، وسهم كل واحد من كلالة الأم ذكرا كان أو أنثى.
ونحن نذكر ما يصح أن يجتمع من هذه السهام:
فأما النصف فإنه يصح أن يجتمع مع النصف في زوج وأخت من أب وأم
أو أخت من أب فإنهما يأخذان المال بينهما نصفين، ويصح أن يجتمع النصف
مع الربع مثل نصف البنت مع ربع الزوج، ومثل نصف الأخت للأب والأم
أو للأب مع ربع الزوجة.
ويصح أن يجتمع النصف مع الثمن، مثل ثمن الزوجة مع نصف البنت
لا غير، ولا يصح أن يجتمع النصف مع الثلثين، لأنهما تعول، والعول باطل
عندنا، ويصح أن يجتمع مع الثلث مثل نصف الزوج وثلث الأم، أو ثلث الاثنين
من كلالة الأم ويصح أن يجتمع مع السدس مثل نصف البنت مع سدس كل
واحد من الأبوين على الانفراد وسدسهما على الاجتماع، ومثل نصف الزوج
وسدس كل واحد من كلالة الأم ومثل نصف الأخت للأب والأم أو للأب مع
سدس كل واحد من كلالة الأم.
85

ولا يصح أن يجتمع مع الربع الثمن لأن الربع لا يكون إلا سهم الزوج أو
الزوجة، والثمن سهم الزوجة خاصة، وهما لا يجتمعان، فأما اجتماع الربع مع
الثلثين فإنه يصح مثل ربع الزوج مع الثلثين للبنتين، ومثل ربع الزوجة مع
الثلثين للأختين من الأب والأم أو للأب، ويصح اجتماع الربع مع الثلث، مثل
ربع الزوجة مع ثلث الأم، وربع الزوجة أيضا مع ثلث كلالتي الأم، ويصح
اجتماعه مع السدس مثل ربع الزوج مع سدس كل واحد من الأبوين إذا كان
هناك ولد ومثل ربع الزوجة مع سدس الأم إذا كان هناك من يحجبها ومع
سدس كل واحد من كلالة الأم.
ويصح اجتماع الثمن مع ثلثي البنتين، ومع سدس كل واحد من الأبوين،
والثلثان يصح اجتماعهما مع الثلث مثل ثلثي الأختين من الأب والأم دون الأب
مع ثلث ابنتين فصاعدا من كلالة الأم، ويصح اجتماعه أيضا مع السدس مثل
ثلثي البنتين مع سدس كل واحد من الأبوين، ومثل ثلثي الأختين من الأب والأم
أو من الأب مع سدس كل واحد من كلالة الأم، ولا يصح اجتماع الثلث مع
السدس على حال.
وهؤلاء ذوو السهام على ضربين: ذوي الأنساب وذوي الأسباب، فلا يصح
أن يجتمع من ذوي الأنساب في فريضة واحدة إلا من كان قرباه إلى الميت على
حد واحد، مثل البنت والبنتين مع الأبوين أو مع كل واحد منهما لأن كل واحد
من هؤلاء يتقرب إلى الميت بنفسه.
فأما إذا كان أحدهما أقرب والآخر أبعد، فإنه يسقط الأبعد، وإن كان ذا
فرض وذلك مثل الكلالتين معا مع البنت أو البنتين أو الأبوين لأن هؤلاء أقرب
والكلالتان يدليان بالأبوين فهما أبعد، وأما الكلالتان أنفسهما فيصح أن يجتمعا
لأن قرباهما واحدة.
فإذا اجتمعوا فلهم ثلاثة أحوال: حالة يكون المال وفقا لسهامهم، وحالة
يفضل المال عن سهامهم، وحالة ينقص لمزاحمة الزوج أو الزوجة لهم.
86

فإذا كانت التركة وقفا لسهامهم أخذ كل ذي سهم سهمه، وذلك مثل
الأبوين والبنتين، للبنتين الثلثان، وللأبوين السدسان، ومثل الأختين من كلالة
الأب والابنين من كلالة الأم فللأختين من كلالة الأب الثلثان، وللابنين من كلالة
الأم الثلث وقد استوفيت الفريضة.
وإذا كانت التركة فاضلة عن سهامهم أخذ كل ذي سهم حقه، والباقي يرد
عليهم على قدر سهامهم، مثل بنت وأبوين أو أحدهما أو بنتين وأحد الأبوين، فإن
كل واحد منهم يأخذ نصيبه والباقي يرد عليهم على قدر سهامهم ومثل الأخت من
قبل الأب مع الأخ أو الأخت من قبل الأم، فإن كل واحد منهما يأخذ نصيبه
والباقي يرد عليهما على قدر سهامهما.
وفي أصحابنا من قال يرد على الأخت من قبل الأب لأن النقص يدخل
عليها، إذا دخل في الفريضة زوج أو زوجة، والأول أصح.
فأما إذا كان أحدهما له سببان والآخر له سبب واحد، فإن الباقي يرد على من
له سببان مثل أخت من قبل أب وأم مع أخ أو أخت من قبل الأم، فإن الباقي يرد
على الأخت من الأب والأم لأنها تجمع سببين، ومتى اجتمع كلالة الأب والأم
مع كلالة الأب سقط كلالة الأب، وإن اجتمع الثلاث كلالات سقطت التي من
جهة الأب لا غير.
وأما إذا كانت التركة ناقصة عن سهامهم لمزاحمة الزوج أو الزوجة كان
النقص داخلا على البنت أو البنات دون الأبوين والزوج والزوجة، وعلى الأخت
من قبل الأب والأم أو من قبل الأب دون كلالة الأم والزوج أو الزوجة، فإن
العول عندنا باطل.
مثال ذلك بنت أو بنتان وأبوان وزوج، للزوج الربع وللأبوين السدسان
والباقي للبنت أو البنتين، وكذلك إن كان أخت من أب وأم أو أختان منهما أو
من الأب مع الإخوة من الأم والزوج أو الزوجة، فللزوج النصف كملا وللزوجة
الربع كما، ولكلالة الأم الثلث كملا، والباقي لمن بقي من كلالة الأب لأن لها
87

الزيادة إذا فضلت.
فأما ذو السهم من ذوي النسب إذا انفرد أخذ ما سمي له بالفرض، والباقي
يرد عليه كائنا من كان.
فأما ذوو الأسباب فهم الزوج والزوجة، لهما حالتان حالة انفراد بالميراث
وحالة اجتماع، فإذا انفردوا كان لهم سهمهم المسمى: إن كان زوجا له النصف،
وإن كانت زوجة فلها الربع، والباقي للإمام، وقال أصحابنا: إن الزوج وحده
يرد عليه الباقي لإجماع الفرقة عليه.
وأما حالة الاجتماع فلهم سهمهم المسمى: للزوج النصف مع عدم الولد،
وعدم ولد الولد وإن سفلوا، مع جميع الوارث ذا فرض كان أو غير ذي فرض،
وله الربع مع وجود الولد وولد الولد وإن سفلوا، والزوجة لها الربع مع عدم
الولد وعدم ولد الولد وإن سفل مع جميع الوراث، ولها الثمن مع وجود الولد
وولد الولد، ولا يدخل عليهما النقصان، ولا يرد عليهما الفاضل إلا ما استثناه.
فصل: في من يرث بالقرابة وكيفية ذلك:
يستحق الميراث بالقرابة من جهتين: أحدهما من جهة الولد للصلب إذا كانوا
ذكورا أو إناثا أو ذكورا وإناثا ومن يتقرب بهم من ولد الولد وإن نزلوا، سواء
كانوا ولد الابن أو ولد البنت، فأما البنات فلهن سهم مسمى فقط وقد بيناه، والآخر
الأب ومن يتقرب بالأبوين.
فمن يتقرب بالأب هم الإخوة والأخوات، إذا كانوا من جهة أب وأم أو من
جهة أب أو إخوة فقط، دون الأخوات، فإن الأخوات من جهته لهن سهمهن المسمى
وقد بيناه أولا، وأولاد الإخوة والأخوات وإن نزلوا والجد والجدة من قبله، ومن
يتقرب بهما من العمومة والعمات وأولاهم، وإن نزلوا، والجد والجد الأعلى والجدة العليا، ومن يتقرب بهما. ومن يتقرب بالأم هو الجد الأدنى والجدة الدنيا، ومن يتقرب بهما من الخال
88

والخالة وأولادهما، والجد الأعلى والجدة العليا ومن يتقرب بهما من أولادهما
وأولاد أولادهما وإن علوا أو نزلوا.
فأما الأم نفسها والإخوة والأخوات من جهتها فلهم سهام مسماة وقد ذكرناه.
فأقوى القرابة الولد للصلب، فإنه إن كانوا ذكرا أخذا المال كله بالقرابة دون
التعصيب، وإن كانوا أكثر فالمال بينهم بالسوية، وإن كانوا ذكورا وإناثا كان
للذكر مثل حظ الأنثيين، ولا يرث معهم أحد ممن يرث بالقرابة، سواء تقرب بهم
أو بغيرهم إلا الزوج أو الزوجة، أو الولدان أو أحدهما الذين هم ذوو السهام على
ما بيناه.
ثم بعد ذلك ولد أقوى من غيرهم من القرابات، لأن ولد الولد يقوم
مقام الولد الصلب، ويمنع من يمنعه الولد للصلب، ولا يأخذ معه إلا من يأخذ مع
الولد للصلب من الأبوين أو الزوج والزوجة، ويأخذ كل واحد منهم نصيب من
يتقرب به.
فولد الابن يقوم مقام الابن، ذكرا كان أو أنثى، ويكون للذكر مثل حظ
الأنثيين، وولد البنت يقوم مقام البنت، ذكرا كان أو أنثى، فإن كانوا ذكورا وإناثا
فالمال بينهم بالسوية، وإن اجتمع أولاد الابن وأولاد البنت أخذ كل فريق منهم
نصيب من يتقرب به على ما بيناه.
والبطن الأول أبدا يمنع من نزل عنه بدرجة، كما يمنع ولد الصلب ولد
الولد، وهم وإن نزلوا يمنعون كل من يمنعه ولد الصلب على حد واحد، وكل من
يأخذ مع الولد الصلب من ذوي السهام فإنه يأخذ مع ولد الولد على حد واحد،
من غير زيادة ولا نقصان.
ثم الأب فإنه يستحق جميع المال إذا انفرد، وإذا اجتمع مع الأم أخذ ما
يبقى من سهمها، وهو السدس مع وجود من يحجبها من الإخوة والأخوات من
قبل الأب أو الثلث مع عدمهم، والباقي للأب بالقرابة، ولا يجتمع معه أحد من
يتقرب به ولا من يتقرب بالأم، ويجتمع معه الزوجة على ما بيناه في ذوي
89

السهام.
فإن اجتمع زوج وأم وأب، فإن للأم الثلث إذا لم يكن هناك من يحجبها
وللزوج النصف والباقي للأب، فإن كان بدل الزوج زوجة كان مثل ذلك
سواء.
وأما من يتقرب به إما ولده أو والده أو من يتقرب بهما من جد وجدة، وعم
وعمة، فالجد أبو الأب مع الأخ الذي هو ولد الأب في درجة واحدة، وكذلك
الجدة من قبله مع الأخت من قبله في درجة، فهم يتقاسمون المال بينهم، للذكر
مثل حظ الأنثيين إذا كانوا ذكورا وإناثا، وكذلك أولاد الأب إذا اجتمع الذكور
والإناث كان المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، وإن كانوا ذكورا كان المال
بينهم بالسوية، ومن له سببان يمنع من له سبب واحد.
وكذلك إذا اجتمع الجد والجدة من قبل الأب كان المال بينهما للذكر
مثل حظ الأنثيين.
وولد الإخوة والأخوات، يقومون مقام آبائهم وأمهاتهم في مقاسمة الجد، كما
أن ولد الولد يقوم مقام الولد للصلب مع الأب.
والجد والجدة وإن عليا يقاسمان الإخوة والأخوات وأولادهم وإن نزلوا علي
حد واحد، ولا يجتمع مع الجد والجدة، ولا مع واحد منهم أولاد الجد أو الجدة،
كما لا يجتمع مع الولد للصلب أولاد الأب، وعلى هذا التدريج الأقرب يمنع
الأبعد بالغا ما بلغوا.
فأما من يتقرب من قبل الأم، فليس إلا الجد أو الجدة من قبلها أو من يتقرب
بهما، فإن أولادها ذوو سهام، والجد والجدة من قبلها يقاسمون الجد والجدة من
قبل الأب والإخوة والأخوات من قبله ومن قبل الأم، لتساويهم في القرابة، وتسقط
تسمية كلالة الأب وكلالة الأم لتساويهم في القرابة معا عند الاجتماع.
ومتى اجتمع قرابة الأب مع قرابة الأم مع تساويهم في الدرج، كان لقرابة
الأم الثلث نصيب الأم بينهم الذكر والأنثى فيه سواء، والباقي لقرابة الأب للذكر
90

مثل حظ الأنثيين.
فإن زاحمهم زوج أو زوجة لم ينقص قرابة الأم عن الثلث، ودخل النقص
على قرابة الأب، كما يدخل على الأب نفسه، إذا كان هناك زوج وأبوان فإن
للزوج النصف وللأم الثلث، والباقي للأب وهو السدس، وكذلك إن كان بدل
الزوج زوجة كان لها الربع كملا وللأم الثلث والباقي للأب.
ومتى بعد أحد القرابتين بدرجة سقط مع الذي هو أقرب، سواء كان الأقرب
من قبل الأب أو من قبل الأم وسواء كان البعيد له سببان والقريب له سبب واحد
أو لم يكن.
إلا مسألة واحدة، وهي: ابن عم للأب والأم مع عم الأب، فإن المال لابن
العم للأب والأم، دون العم للأب، ولا يحمل عليها غيرها، لأن الطائفة اجتمعت
على هذه، وما عداها فعلى الأصل الذي قررناه، ثم على هذا المنهاج يمنع أولاد
الجد الأدنى والجدة الدنيا من جهة الأب وأولاد أولادهم أولاد الجد الأعلى،
وكذلك أولاد الجد للأم والجدة من قبلها - الدنيا - يمنع أولاد الجد الأعلى
والجدة العليا من قبلها، كما يمنع أولاد الأب نفسه أولاد الجد والجدة من قبله،
وكذلك أولاد الأم نفسها يمنع أولاد الجد الأعلى والجدة من قبلها لأنهم يقومون
مقام آبائهم، وآباؤهم أقرب بدرجة.
فصل: فيما يمنع من الميراث من الكفر والرق والقتل:
يمنع من الميراث ثلاثة أشياء: الكفر والرق والقتل، والكافر لا يرث المسلم
بلا خلاف، والمسلم يرث الكافر عندنا، سواء كان حربيا أو ذميا أو كافرا أصل
أو مرتدا عن الإسلام، وسواء ما خلفه كسبه في حال الإسلام أو حال الارتداد،
ويجوز المسلم المال قريبا كان أو بعيدا، ذا سهم كان أو ذا قرابة، من جهة الأب
كان أو من قبل الأم، ويمنع جميع ورثته الكفار وإن كانوا أقرب منه.
ومتى أسلم الكافر على ميراث قبل القسمة قاسم الورثة إن كان ممن يستحق
91

المقاسمة، وإن كان أولى منهم أخذ المال كله دونهم، ومتى أسلم بعد قسمة المال
فلا ميراث له، وكذلك إن كان الذي استحق التركة واحدا، أو لم يكن له وارث
فنقلت إلى بيت المال، فلا يستحق من يسلم بعده على حال.
الكفر كالملة الواحدة، يرث بعضهم بعضا.
إذا مات مسلم وله أولاد بعضهم مأسورون، وبعضهم معه، كان ميراثه
للجميع إجماعا إلا شريح، فإنه قال: المأسور أولى به، وقال النخعي: المأسور
لا يرث.
المملوك لا يرث على حال ما دام رقا، فإن أعتق قبل قسمة المال قاسم الورثة
إن استحق القسمة، أو حاز المال إن كان مستحقا لجميعه، وإن أعتق بعد قسمة
المال أو بعد حيازة الحر له إن كان واحدا لم يستحق المال، ومتى لم يكن للميت
وارث غير هذا المملوك اشترى من تركته وأعتق وورث بقية المال إن وسع
ذلك، وإن لم يسع لم يجب ذلك، ونقل إلى بيت المال، وأما إن عتق بعضه
وبقى بعضه رقا ورث بقدر حريته، ويورث منه بقدر ذلك، ويمنع بمقدار ما بقي
منه رقا.
وأما القاتل إذا كان عمدا ظلما فلا يستحق الميراث، وإن تاب فيما بعد، وإن
كان مطيعا بالقتل لم يمنع الميراث، وإن كان خطأ لم يمنع الميراث من تركته،
ويمنع الميراث من ديته.
وحكم المدبر وأم الولد والمعتق نصفه والمكاتب المشروط عليه عندنا و
عندهم مطلقا حكم المملوك القن سواء، ومن كان بينه وبين سيده مهاياة وقد
عتق بعضه وكسب مالا في يومه، فإنه يورث عنه، ولا يكون لسيده، وفيه خلاف.
فإذا ثبت أنه موروث فإن كان له مناسب كان ما خلفه له، وإن لم يكن له
مناسب فلمولاه بحق الولاء، وإن لم يكن له مولى فللإمام، وعندهم لبيت المال،
ومن قال: لا يورث، قال: يكون لهذا السيد الذي له نصفه، وفيهم من قال: يكون
لبيت المال.
92

قد ذكرنا جملة يشرف بها على جميع المذهب، ونحن الآن نذكر باقي
الكتاب حسب ما ذكره المخالفون من المسائل، وإن كانت غير متناسبة لتستوفي
جميع المسائل ونذكر مذهبنا فيه إن شاء الله تعالى.
فصل: في ذكر الحجب:
الحجب على ضربين: حجب مطلق، وحجب مقيد، فالمطلق من يسقط
ويدفع الذي لو لم يكن كان يرثه، مثل الجد يسقط بالأب، وابن الابن يسقط
بالابن وابن العم يسقط بالعم، وابن الأخ يسقط بالأخ، والحجب المقيد إذا حجب
عن بعض فرضه، ولا يسقطه أصلا مثل الزوج والزوجة والأم.
فإذا ثبت هذا فالمملوك والكافر والقاتل لا يرثون، ولا يحجبون، إلا ابن
مسعود فإنه انفرد في جملة الخمس مسائل بأن هؤلاء يحجبون.
أولاد الأم يسقطون مع ثلاثة: مع الأبوين، ومع الولد، وولد الولد، ذكورا
كانوا أو إناثا، سواء كانوا أولاد ابن أو أولاد بنت، ويسقطون بالأبوين وبكل
واحد منهما عندنا، ولا يسقطون مع الجد بل يقاسمونه على ما بيناه.
الإخوة والأخوات للأب والأم يسقطون بالأب ولا يسقطون بالجد،
ويسقطون بالابن إجماعا ويسقطون عندنا بالبنات، وفيه خلاف، ويسقطون بابن
الابن بلا خلاف، ويسقطون ببنات ابن الابن، وفيه خلاف.
تسقط الجدة بالأم لأنها تدلي بها، وتسقط الجدة أم الأب بالأم لأنها في درجة
أم الأم ويسقط الجد بالأب بلا خلاف، في هذه المسائل، وتسقط أم الأم بالأب
وعندهم لا تسقط به، لأنها تدلي بالأم لا بالأب.
أم الأب لا ترث مع الأب وفيه خلاف.
إذا خلف أباه وجدتي، أم أبيه، وأم أمه، فالمال لأبيه، ولا شئ للجدتين،
ويؤخذ من الأب السدس فتعطى أمه طعمة، فإذا كان بدل الأب أما كان المال لها
ويؤخذ منها السدس، فتعطى أمها طعمة ويسقط الباقون، وفيها خلاف.
93

وللزوج النصف كملا مع عدم الولد، وللزوجة الربع مع عدم الولد،
والثمن مع الولد غير معول، لأن العول باطل، وعند المخالف مثل ذلك،
ويشترطون فيه كونه معولا لقولهم بالعول، فأما النصف غير المعول إذا كان معه
من عصبات غير الولد وولد الولد مثل الأب والجد والعم وابن العم والأخ وابن
الأخ ومولى فإن هاهنا يأخذ نصفا كملا بلا عول، ونصف معول مع
ذوي الفروض من غير ذوي العصبات مثل أختين من أب وأم أو من أب، فللزوج
النصف وللأختين الثلثان، المسألة من ستة تعول إلى سبعة.
وعندنا له النصف كملا والنقص يدخل عليهما، فإن كان معهما أم فلها
السدس يعول إلى ثمانية، وعندنا يكون الباقي للأم دونهما، فإن كان معهم أخ
من أم يعول إلى تسعة وعندنا يكون الباقي للأم ويسقطون هؤلاء، فإن كان معهم
أخ آخر من أم له سدس آخر يعول إلى عشرة، وليس في الفرائض مسألة تعول
بالشفع والوتر إلا هذه المسألة، وتعول بثلثيها ويقال لها أم الفروخ لأجل ما
ذكرناه، ولها فروخ، وصورتها: زوج وأم وأختان من أب وأم وأخوين من أم
ولا يعول أكثر من هذا، وقد بينا مذهبنا فيها.
وأما ربع غير معول إذا كان معه عصبة من الأولاد مثل الولد أو ولد الولد
فله الربع، والباقي للولد.
وأما ربع معول إذا كان معه من ذوي الفروض من الولد وولد الابن مثل
ابنين ويكون في المسألة بنتان وأم للزوج الربع وللبنتين الثلثان، وللأم السدس،
تكون المسألة من اثني عشر تعول إلى ثلاثة عشر، وإذا كان معه أبوان تعول إلى
خمسة - عشر ولا تعول بأكثر من هذا.
وأما الزوجة فلها ربع غير معول وربع معول، أما ربع غير معول إذا كان
معها عصبة من غير الأولاد مثل الأب والجد وابن العم والأخ وابن الأخ
والمولى، لها الربع والباقي لهم، وأما ربع معول إذا كان معها من ذوي الفروض
من غير الولد وغير العصبات مثل زوجة وأختين من أب وأم وأم: للزوجة الربع
94

وللأختين الثلثان وللأم السدس، والمسألة من اثني عشر يعول إلى ثلاثة عشر، فإن
كان معهم أخ من أم له السدس ويعول إلى خمسة عشر، فإن كان معهم أخ آخر
له سدس آخر، فيعول إلى سبعة عشر، وهذه تعول بالوتر لا بالشفع، ويعول من
اثني عشر إلى سبعة عشر لا أكثر من ذلك.
وأما ثمن غير معول للزوجة إذا كان معها عصبة من الولد وولد الولد مثل
زوجة وابنتين: للزوجة الثمن، وللبنتين الثلثان، والباقي لمن معهما، وأما ثمن معول
إذا كان معها من ذوي الفروض من الولد وولد الابن، مثل زوجة وابنتين وأم
وأب: للزوجة الثمن وللبنتين الثلثان، وللأبوين السدسان، أقل المسألة من أربعة
وعشرين، يعول إلى سبعة وعشرين، ويقال لها المنبرية صورتها: زوجة وأبوان
وبنتان فهي التي يقال: صار ثمنها تسعا.
وعندنا أن هذه المسائل كلها لا تصح لأن أحدا من الأخوات والإخوة
لا يرث مع الأم والنقص يدخل على البنت دون الأم والزوج والزوجة، على ما
بيناه.
للأم سبعة أحوال: حال لها السدس إذا كان معها ولد، الثانية لها الثلث مع
الأب إذا لم يكن هناك ولد، والثالثة لها السدس مع الإخوة أو الأخوات، الرابعة
إذا كان معها أخ واحد لها الثلث، لأنه لم يكمل من يحجب، هذه كلها لا خلاف
فيها.
فأما إن كان معها أخوان فلها السدس وكذلك تحجب بأخ وأختين أو
أربع أخوات، فأما الأختان فلا يحجب بهما عندنا وفيها خلاف، والسادسة زوج
وأبوان للزوج النصف بلا خلاف، وللأم ثلث جميع المال، والباقي للأب وفيه
خلاف.
السابعة زوجة وأبوان: للزوجة الربع بلا خلاف وللأم ثلث جميع المال،
والباقي للأب وفيه خلاف.
للبنتين فصاعدا الثلثان وقال ابن عباس: للبنتين النصف وللثلاث فصاعدا
95

الثلثان.
لا يرث مع الولد أحد من ولد الولد سواء كان ذكرا أو أنثى، واحدة كانت
أو اثنتين، فإذا خلف بنتا وبنت ابن، وعصبة، فالمال للبنت وكذلك جميع
المسائل التي يتركب على هذا: زوج وأبوان وبنت وبنت ابن، للزوج الربع،
وللأبوين السدسان والباقي للبنت، ولا شئ لبنت الابن.
وقال المخالفون: للبنت النصف ستة ولبنت الابن سهمان السدس،
وللزوج الربع ثلاثة، وللأبوين السدسان أربعة، يعول من اثني عشر إلى خمسة
عشر.
فإن كان مع بنت ابن، ابن ابن فإن بنت الابن تسقط بالأخ، لأن المسألة
لا تعول بالعصبات وإنما تعول بذي فرض، فرجع المسألة مع عولها إلى ثلاثة
عشر.
أولاد الصلب بنت وابن وبنت وبنون وبنات وابن وابنان وبنت سواء كانوا
الذكور أكثر أو الإناث، المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين بلا خلاف.
وهكذا ولد الولد يقوم مقام الولد، سواء فرادى وجماعة بلا خلاف إلا أن
عندنا: يأخذ كل واحد منهم نصيب من يتقرب به، وعند الفقهاء: يأخذ كل منهم
نصيب من لو كان للصلب: لبنت الابن نصف المال ولبنات الابن الثلثان ولبنت
الابن وابن الابن المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، وهكذا بنات الابن وابن
الابن وبنت الابن وبنو ابن الابن المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، وولد البنت
لا يرث عندهم مع العصبة، ومع عدمهم فيه خلاف.
ثلاث بنات ابن بعضهن أسفل من بعض، لبنت الابن النصف، ولبنت ابن
الابن السدس، تكملة الثلثين، وتسقط بنت ابن ابن الابن.
المسألة بحالها معهن أخ لهن ثلاث بنات ابن بعضهن أسفل من بعض،
معهن أخ لهن نظرت: فإن كان الأخ مع بنت الابن فإن المال بينهم للذكر مثل
حظ الأنثيين ويسقطان الآخران، وإن كان الأخ مع بنت ابن الابن، فإن لبنت
96

الابن النصف والباقي بين بنت ابن ابن وأخيها للذكر مثل حظ الأنثيين، وإن كان
الأخ مع بنت ابن ابن ابن، للبنت النصف، ولبنت ابن الابن السدس، والباقي بين
بنت ابن ابن ابن وأخيها للذكر مثل حظ الأنثيين.
وعندنا أن المال لبنت الابن، ويسقط الباقون.
على حال: ثلاث بنات ابن بعضهن أسفل من بعض، مع كل واحدة عمة
وعمتها، هن تسعة: ثلاث بنات ابن، وثلاث عمات وثلاث عمات عمات، بيانه:
عمة العليا بنت الميت، وعمة عمتها أخت الميت وعمة الوسطى أخت العليا، وعمة
عمتها بنت الميت، وعمة السفلى أخت الوسطى وعمة عمتها أخت العليا، حصل
هاهنا أخت وبنتان وثلاث بنات ابن، وبنتا ابن ابن وبنت ابن ابن ابن: للبنتين
الثلثان، والباقي للأخت، لأن الأخوات مع البنات عصبة، وعندنا للبنتين الثلثان،
والباقي رد عليهما وسقط الباقون.
لا يحجب الأم إلا الولد، وولد الولد، والإخوة، فأما أولاد الأخ فلا يحجبونها
بلا خلاف، وفي أصحابنا من قال: إن ولد الولد لا يحجب الأم، وهو شاذ.
أولاد الأخ يقومون مقام آبائهم في مقاسمة الجد ولم يوافقنا عليه أحد.
ولد الأم إن كان واحدا له السدس، وإن كانوا اثنين فصاعدا لهم الثلث
يتساوون وفيه خلاف، الذكر والأنثى فيه سواء.
الإخوة والأخوات للأب والأم يقومون مقام الولد، إذا لم يكن هناك أبوان
فيسقط معهم الإخوة والأخوات من الأب بلا خلاف، ويقومون مقام الولد في سائر
الأشياء إن كانت واحدة فلها النصف، وإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان، وإن كان
أخ من أب وأم له المال، وإن كانوا ذكورا كان المال بينهم بالسوية، وإن كانوا
إخوة وأخوات المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين بلا خلاف في جميع ذلك
لقوله تعالى: " يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة... الآية " إلى آخرها.
لا يرث مع الأخ والأخت من قبل الأب والأم أحد من أولاد الأب خاصة
واحدة كانت أو اثنتين أو إخوة وأخوات، وسواء كان الذي للأب أخت واحدة
97

أو أختان أو إخوة أو أخوات بل المال كله للذي يجمع السببين، واحدة كان أو
ما زاد عليها:
إن كان أختا فلها النصف بالتسمية والباقي رد عليها، وإن كانتا اثنتين لهما
الثلثان بالتسمية والباقي رد عليهما، وفيه خلاف، فإن كانوا ذكورا وإناثا بينهم
للذكر مثل حظ الأنثيين بلا خلاف.
وإن كان معهم ولد الأم فله نصيبه إن كان واحدا له السدس، وإن كانتا
اثنتين فصاعدا لهم الثلث ذكورا كانوا أو إناثا، ولا يرث مع جميع من ذكرناه ولا
مع واحد منهم العصبة بحال، وفي أكثر ذلك خلاف.
والإخوة والأخوات من قبل الأب يقومون مقام الإخوة والأخوات من قبل
الأب والأم واحدا كان أو اثنين، ذكرا كان أو أنثى، في جميع الأحكام، مع
الأخ أو الأخت أو معهما من قبل الأم ومع العصبة، وعلى كل حال إذا لم يكن
هناك أحد من قبل أب وأم بلا خلاف.
إلا في مسألة المشتركة وهي: زوج وأم وإخوة لأم وإخوة لأب وأم، فإن
عندهم للزوج النصف، وللأم السدس، وللأخوة للأم الثلث، ويشاركهم الإخوة
للأب والأم في ثلثهم وذكرهم وأنثاهم سواء، فإن كان معهم أخوة لأب لم يرثوا
معهم ويسقطون.
وعندنا في هذه المسألة للزوج النصف، وللأم الثلث بالتسمية والباقي رد
عليها ويسقط الباقون.
الأب له ثلاثة أحوال: حال يأخذ المال بالرحم، وحال بالتعصيب وحده،
وحالة يأخذ بالرحم والتعصيب.
أما الحالة التي يأخذ بالرحم، فإنه يأخذ السدس مع الابن، وابن الابن، لأن
تعصيب الابن أقوى من تعصيب الأب، فيرده إلى الرحم لقوله تعالى: " لكل
واحد منهما السدس إن كان له ولد " وهاهنا له ولد.
وأما الحالة الثانية: إذا كان يأخذ بالتعصيب وهو ينقسم قسمين:
98

أحدهما: إذا كان يأخذ جميع المال، وهو إذا كان وحده، أو كان مع من
يدلي به وهو الجد، أو كان مع من يدلي بمن يدلي به، وهو الأخ لأن الأخ يدلي
بالجد، والجد يدلي بهذا فإنه يأخذ هاهنا جميع المال.
والقسم الثاني: إذا كان معه من له فرض غير الولد مثل الزوج والزوجة
أو الجدة لأن زوجا وأبا، للزوج النصف، والباقي للأب، زوجة وأب للزوجة الربع
والباقي للأب، جدة وأب للجدة السدس والباقي للأب.
وعندنا أن سدس الجدة من ماله طعمة لها إن كانت من قبله، وإن كانت من
قبل الأم لا شئ لها.
أبوان: للأم الثلث، والباقي للأب.
وإذا كان مع الأبوين إخوة فللأم السدس والباقي للأب، بلا خلاف إلا
رواية شاذة عن ابن عباس فإنه قال: السدس الذي حجبوا به الأم يكون للأخوة،
وهذه المسائل كلها لا خلاف فيها، غير أن عندنا الأب له حالتان: حالة يأخذ
بالفرض وهو مع وجود الولد وولد الولد، والثاني مع عدم الولد يأخذ بالقرابة
في جميع هذه المسائل ولا نعرف بالتعصيب.
الحالة الثالثة: إذا كان يأخذ بالرحم والتعصيب، وهو إذا كان معه ذو فرض
من الأولاد، مثل بنت وأب، للأب السدس، وللبنت النصف، والباقي يرد على
الأب بالتعصيب.
بنتان وأب للأب السدس وللبنتين الثلثان والباقي للأب بالتعصيب، بنت
وبنت ابن وأب، للأب السدس وللبنت النصف ولبنت الابن السدس والباقي
للأب بالتعصيب.
وهذه المسائل كلها عندنا للبنت أو البنتين فريضتهما، وللأب السدس،
والباقي رد عليهما أو عليهم على قدر أنصبائهم، فأما بنت الابن فلا ترث عندنا مع
البنت للصلب شيئا أصلا، وإذا انفردت مع الأب كان للأب السدس، والباقي لها،
لأنها تأخذ نصيب الابن الذي يتقرب به، وله المال كله بعد السدس.
99

فصل: في ميراث الجدات:
قد رتبنا ميراث الأجداد والجدات في النهاية على ما لا مزيد عليه، وفيما
عقدناه من ميراث من يأخذ بالقرابة بينا ما فيه مقنع، ونسوق الآن ترتيب الفقهاء
كما فعلناه في العصبة.
فأول الدرجة جدتان، الدرجة الثانية تكون أربعة، الدرجة الثالثة تكون
ثمانية، الرابعة ستة عشر، الخامسة اثنان وثلاثون، السادسة أربعة وستون، ثم على
هذا القياس كلما تزيد درجة يزيد ضعفها، وإنما كان كذلك لأنه ما من جدة إلا
ولها أبوان، ويكون لأبيها جدة، ولأمها جدة فكلما ترتفع درجة ترتفع معه
جدتان.
فإذا ثبت هذا فإن أم الأم ترث وإن علون إجماعا، وأم أبي الأم عندنا ترث
وعندهم لا ترث، وأم أم الأب ترث، وإن علون إجماعا، وأم أب الأب عندنا ترث،
وفيهم من قال: لا ترث، وفيها خلاف.
أم أم أم هي أم أب أب، عندنا تأخذ المال من الطرفين، وصورتها أن المرأة
كان لها ابن ابن ابن وبنت بنت بنت، فتزوج ابن ابن ابن بنت بنت بنت، فجاءت
بولد، هي الآن أم أم أم وأم أب أب، فيجب أن يستحق المال من الطرفين، وفيها
خلاف بين الفقهاء.
وذهب بعضهم إلى أن كل جدة تدلي بالأم فإنها ترث إجماعا، وكل جدة
تدلي بالجد الذي هو وارث فهل ترث أم لا؟ قيل: فيه قولان، فمن قال: لا ترث
فليس في الدنيا جدة ترث من قبل الأم إلا جدتان، ومن قال: ترث، فترث جميع
الجدات إلا واحدة.
تنزيل الجدات:
قد بينا أن أول درجة الجدات هما جدتان، وهي أم أم، وأم أب، وهي ثاني
درجة الميت، والدرجة الثانية أربع جدات، وفي الدرجة الثالثة ثمان جدات، وفي
الدرجة الرابعة ستة عشر، وفي الخامسة اثنان وثلاثون، وعلى هذا كلما
100

ترتفع، درجة، زاد من الجدات ويتضاعف لأنه إذا كان له أبوان فأمهما جدتان
فكذلك الجدة لها أبوان، فلها جدتان وكلما ترتفع درجة تزيد جدة.
ففي الدرجة الأولة: جدتان أم أم وأم أب، هما وارثتان بلا خلاف.
الثانية: أربع جدات إحديهما أم أم الأم وارثة بلا خلاف، الثانية أم أب الأم
فهي لا ترث عندهم، إلا ابن سيرين فإنه قال: إن أم أب الأم ترث لأنها جدة.
الثالثة: أم أم أب ترث بلا خلاف.
الرابعة: أم أب أب ترث، وفيهم من قال: لا ترث، والصحيح الأول وعليه
التفريع، وترث أم أم، وأم أم أب وأم أب أب أب عندهم.
فالجدتان المتساويتان في الدرجة الأولى، والأربع جدات المتساويات في
الدرجة الثانية، والثمانية جدات في الدرجة الثالثة، والست عشر متساويات في
الرابعة، كلهن يرثن عندنا غير أن القربى تسقط البعدى، وعند الفقهاء: الجدتان
الوارثتان المتساويتان في الدرجة الأولى أم أم وأم أب وثلاث جدات وارثات في
الثانية، وأربع جدات وارثات في الثالثة، وعشر جدات وارثات في الدرجة
التاسعة، ومائة جدات وارثات في الدرجة التاسع والتسعين وإنما كان كذلك
لأنه كلما ترتفع الدرجة زادت واحدة.
وهاهنا أجداد ليسوا بوارث عندهم إلا جد واحد يرث فيرث من يدلي به،
وهي الجدة، وكلما ترتفع درجة تزيد جدة وارثة، وفي عشر جدات وارثات من
قبل الأم واحدة، والباقون كلهن من قبل الأب، فلأجل ذلك كن في تسع درج
عشر جدات.
لأن هذه الزيادة كانت في الدرجة الأولة كانتا جدتين أم أم، وأم أب،
والباقين كلهن من قبل الجد وبقى التي زادت من قبل الأم حتى حصلت في تسع
درج عشر جدات.
والبعدى تسقط بالقربى إذا كن من جهة واحدة، مثل أن تكون أم أم مع أم أم أم، فإن
أم أم الأم تسقط مع أم الأم، لأنها تدلي بها، وكذلك تسقط أم أم أم أب
101

.
بأم أم أب، وكذلك أم أم أب أب أب تسقط بأم أب أب، وهذه أيضا جهة واحدة،
إذا كانت منفردة، وأم أب أب لا تسقط بأم أم أب لأنها تتساويان في الدرج،
وعندهم يسقط، لأن الجهة واحدة، وفيها خلاف.
وأما إذا كانتا من جهتين من قبل الأب ومن قبل الأم مثل أن يكون أم أم أم
وأم أم أب فعندنا أنه لا تسقط واحدة منهما، لأنهما متساويتان في الدرج، والمال
بينهما تأخذ كل واحدة نصيب من تتقرب به وفيها خلاف.
فصل: في ذكر العصبة:
القول بالعصبة باطل، ولا نعرف في موضع من مواضع الميراث
بالتعصيب، وقال جميع الفقهاء: إن الميراث بالتعصيب صحيح، وقال قوم:
العصبة ما يحوز ويجمع ويحيط بالمال، ولهذا سميت العصابة عصابة لأنها تحيط
بالرأس.
فإذا ثبت هذا فالعصبة ترث المال عندهم والعصبات تتفرع من نفسين من
ابن وأب، أما الابن فإن ابن ابن ابن يكون منه والأب فالأخ يدلي بالأب، وابن
الأخ والعم يدلي بالأب، وابن العم والجد كلهم يدلون بالأب.
فأول العصبات من هؤلاء عصبة الولد لقوله تعالى: " يوصيكم الله في
أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين " ومن شأن العرب أو تفتتح وتبتدئ بالأهم،
ولأن الابن أقوى عصبة من الولد لأن الله تعالى جعل للأب السدس مع الولد
فجعل ميراثه مع الولد السدس بالرحم كالأم لأن الابن عصبة وأسقط عصبته،
فثبت بذلك أن الابن أقوى.
فإذا ثبت أنه أولى بالتعصيب من الأب، فإن كان واحدا فله المال كله، وإن
كانا اثنين فالمال بينهما بالسوية، وإن كانوا ذكورا وإناثا بينهم للذكر مثل حظ
الأنثيين.
وابن الابن وإن نزل يقوم مقام الابن مع الأب بلا خلاف، وإن لم يكن ولد
102

أصلا فالمال للأب بلا خلاف، فإن لم يكن أب فالجد، لأنه يدلي بالأب، فإن لم
يكن جد فجد الجد، وإن علا، فإن اجتمع جد وأخ تقاسما عندنا وفيه خلاف،
وجد الأب يسقط مع الأخ، وفيهم من قال: لا يسقط، وهو الأقوى.
وإن لم يكن جد وكان عم وأخ سقط العم مع الأخ بلا خلاف، لأنه ولد
الأب والعم ولد الجد، وإن اجتمع الأب مع الجد كان الأب أولى، والأخ من
الأب والأم أولى من الأخ من الأب لأنه يتقرب بسببين، فإن لم يكن أخ من أب
وأم فالأخ من الأب يقوم مقامه، وكان أولى من ابن الأخ للأب والأم، كل هذا لا
خلاف فيه، وإن اختلفوا في تعليله:
فعندنا أنهم أولى لأنهم أقرب، وعندهم أولى لأن تعصيبهم أقوى، فإن لم
يكن أخ من أب فابن أخ من أب وأم، فإن لم يكن فابن أخ من أب، فإن لم يكن
فالعم من الأب والأم، لأنه ولد الجد فيقوم مقام أبيه كما أن ولد الأب يقومون مقام
أبيهم، فإن لم يكن عم من أب وأم فعم من أب، فإن لم يكن فابن عم لأب وأم،
وعند أصحابنا: أنه أولى من العم للأب، فإن لم يكن فابن العم للأب، فإن لم يكن
فعم الجد، فإن لم يكن عم الجد فبنوهم، فإن لم يكن فعم جد الجد ثم بنوهم على
هذا التدريج.
ابنا عم أحدهما أخ من أم فللأخ من الأم السدس بالفرض، والباقي رد عليه
لأنه أقرب والتعصيب باطل وفيه خلاف.
فصل: في ذكر الولاء:
الولاء لحمة مثل النسب، يثبت به الميراث إلا أنه لا يرث المولى مع وجود
واحد من ذوي الأنساب، سواء كان ذا فرض أو لم يكن ذا فرض، قريبا كان أو
بعيدا من قبل أب كان أو من قبل أم، وعلى كل حال، وإذا لم يكن له أحد كان
ميراثه لمولاه الذي أعتقه أو من يتقرب من جهته من الولد والوالدين أو إخوته من
قبل أبيه وأمه أو من قبل أبيه.
103

وفي أصحابنا من قال: والأخوات من جهتهما أو من يتقرب بأبيه من الجد
والعمومة وأولادهم، ولا يرث أحد ممن يتقرب من جهة أمه من الإخوة والأخوات
ومن يتقرب بهما، ولا الجد والجدة من قبلها، ولا من يتقرب بهما، فإن لم يكن أحد
ممن ذكرناه كان ميراثه للإمام، وعند المخالف لبيت المال.
روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: الولاء لحمة كلحمة النسب
لا يباع ولا يشترى ولا يوهب.
ويتعلق بالولاء ثلاثة أحكام: النكاح والعقل والميراث، وهذه كلها تتعلق
بالنسب أيضا، ويتعلق بالنسب زائدا على ذلك العتق والولاية والإجبار على
النكاح والشهادة.
إذا ثبت هذا فإن النسب يتعلق به مالا يتعلق بالولاء، فيكون أقوى من الولاء
فلأجل ذلك يجب أن يقدم، فإذا ثبت ذلك فمتى وجد من أهل النسب واحد
فالمولى لا يرث.
وهم ثلاثة أنواع: منهم من يأخذ الكل بالتعصيب مثل الابن والأب والجد
والعم وابن العم إذا كانوا موجودين، والثاني: من يأخذ بالفرض من جميع المال
وهو الزوج والأخت، والثالث: من يأخذ بالفرض والتعصيب مثل بنت وعم
وأخت وعم وبنت وابن عم وبنت وابن أخ، فإن لم يكونوا أولئك فالمولى يرث.
هذا مذهب من قال بالتعصيب، وعلى ما قدمناه لا يرث المولى إلا مع عدم
ذوي الأنساب، سواء ورث بالفرض أو بالقرابة، قريبا كان أو بعيدا، فأما في هذه
المسائل فلا شئ فيها للمولى، وهو الأقرب فالأقرب على ما قدمنا القول فيه.
والمولى له حالتان عندنا: إما أن يأخذ المال كله مع عدم ذوي الأنساب
والأسباب، وإما أن لا يأخذ شيئا، وليس له حالة يأخذ مع واحد من ذوي
الأنساب، لا مع من له فرض ولا مع من ليس له فرض، وعند المخالف له
حالتان: حالة يأخذ كل المال، وحالة يأخذ النصف، وذلك إذا كان معه واحد
ممن يأخذ النصف مثل الأخت والبنت.
104

وعندنا إنما يأخذ النصف المولى مع الزوج فقط، والزوجة تأخذ الربع و
الباقي للمولى، ومتى لم يكن له مولى فعصبة المولى، فإن لم يكن عصبة المولى
فمولى المولى، فإن لم يكن مولى المولى فعصبة مولى المولى، فإن لم يكن عصبة
مولى المولى فعندنا للإمام وعندهم لبيت المال.
وقد ذكرنا في النسب أن من يتفرع منه العصبة نفسان: أب وابن، كذلك
هنا في الولاء الذي يتفرع منه العصبة أبو المولى وابن المولى، فابن المولى والأب
يرثان معا من الولاء، لأنهما في درجة، وعندهم الابن أولى، وأما الابن أولى من ابن
الابن بلا خلاف، والأب أولى من الجد، ثم الجد أولى من الأخ عندهم، وعندنا
يشتركان فيه والأخ أولى من العم بلا خلاف، وابن الأخ يشترك عندنا مع
الجد وعندهم الجد أولى، وابن الأخ أولى من العم وابن العم بلا خلاف فيه،
وكذلك العم أولى من ابن العم وعلى هذا.
والإخوة والأخوات من الأم ومن يتقرب بهما لا يرثون الولاء بلا خلاف، وقد
بينا أن ابن الأخ يقاسم الجد وإن علا ذلك ونزل هذا، وعندهم لا يقاسم، ومتى لم
يكن له عصبة فعصبة المولى، فإن لم تكن عصبة المولى فمولى المولى، فإن لم
يكن مولى المولى فعصبة مولى المولى، ومتى كانوا في درجة اشتركوا في الولاء،
ومتى بعد أحدهما كان الولاء للأقرب.
والمرأة إذا أعتقت فالولاء لها وترث بالولاء بلا خلاف، ولا ترث المرأة
بالولاء إلا في موضعين: أحدهما إذا باشرت العتق فيكون مولى لها أو يكون مولى
المولى لها.
إذا خلف المولى إخوة وأخوات من الأب والأم أو من الأب أو أخا وأختا،
كان ميراث مولاه بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، وقال المخالفون: للذكور دون
الإناث، وفي أصحابنا من قال بذلك.
مولى مات وخلف ثلاث بنين، مات أحد البنين وخلف ابنين، مات الثاني
وخلف ثلاث بنين، مات الثالث وخالف خمس بنين، ثم مات مولاه، فإن الولاء
105

بينهم أثلاثا يأخذ كل قوم منهم نصيب أبيه، وقال المخالف: المال بينهم على عدد
رؤوسهم، وفي الميراث لا خلاف أن كل واحد يأخذ نصيب من يتقرب به.
إذا مات المعتق لا يرثه المعتق بلا خلاف إلا شريحا وطاووسا.
رجل زوج أمته من عبد ثم أعتقها فجاءت بولد كان الولد حرا بلا خلاف
عندنا لأنه لاحق بالحرية، وعندهم أنه لا حق بأمه وولاؤه يكون لمولى الأم، فإن
أعتق العبد جر الولاء إلى مولى نفسه، وهذه المسألة يسميها الفرضيون مسألة
الجر، وبه قال أكثر أهل العلم وفيه خلاف.
رجل زوج معتقته بمعتق غيره، فجاءت بولد فنفي الولد باللعان، فإنه ينتفي
باللعان، ويكون الولاء لمولى الأمة، فإن أكذب نفسه، فإنه يرجع النسب إلى
الأب والولاء إلى مولى الأب ويقتضي مذهبنا أن الولاء لا يرجع إلى المولى، لأنهم
قالوا: إذا اعترف به بعد اللعان فإن الأب لا يرثه، وإنما يرثه الابن.
رجل زوج معتقته بمعتق غيره، فإن ولدت بولدين فنفاهما باللعان فإنهما
ينتفيان، فقتل أحد الابنين الآخر، فإن القاتل لا يرث، ويكون ميراثه لأمه عندنا،
وعندهم الثلث للأم والباقي لمولى الأم، فإن أكذب نفسه، فإنه يرجع الولاء إلى
مولى الأب ويسترجع ثلثا الميراث، ويدفع إلى الأب، وعندنا المال للأم ولا
يسترجع منها شئ بعد انقضاء اللعان.
المسألة بحالها زوج معتقته بعبد فأولدت ولدين فقتل أحدهما الآخر،
فالقاتل لا يرث، ويكون ثلث المال للأم، والباقي رد عليها، وعندهم لمولاها، فإن
أعتق العبد، فإن الولاء يرجع إلى مولى العبد، ولا يرد الثلثان إليه.
والفرق بين هذه المسألة والتي قبلها أن هناك أخذ مولى الأم بغير
استحقاق، فلأجل هذا لما أكذب نفسه استرجعنا، وليس كذلك هاهنا، لأن
مولى الأم أخذه باستحقاق لأنه حين أخذه ما كان العبد من أهل الولاء، ولا ولاء
لأحد عليه، وعندنا أن الولاء يرجع إلى مولى العبد، غير أنه لا يرث واحد منهم
مع وجود الأم شيئا، وإن ماتت الأم كان مولى العبد أولى وعلى ما قلناه قبل هذا
106

لا يرجع الولاء أيضا لما مضى.
رجل زوج أمته بعبد فجاءت بولد فأعتقها سيدها مع ابنها، فإن الولاء
لمولى الأمة ثم أعتق العبد فإن هاهنا لا ينجر الولاء إليه.
والفرق بين هذه المسألة والتي قبلها حيث قلنا: إنه إذا أعتق العبد ينجر
الولاء لأن هناك ما صادق عتقا هذا الابن، وما باشر العتق، لأجل هذا قلنا: ينجر
الولاء إلى مولى الأب، وليس كذلك هاهنا لأنه صادف عتقا وباشر العتق، فلم
ينجر الولاء إلى غيره.
رجل زوج أمته بعبد فاستولدها بولد ثم أحبلها ثم أعتقها سيدها، فإن العتق
يسري إلى الحمل ويعتق، كما لو باشر العتق، فإن أعتق العبد يكون الولاء لمولى
الأمة لما تقدم ذكره.
رجل زوج أمته بعبد فاستولدها بولد، ثم أحبلها ثم أعتقها سيدها، فإنه يعتق
الابن والحمل جميعا لما ذكرناه من السراية، فإن أعتق العبد يكون ولاء الابن
والحمل جميعا لمولى الأم، لا ينجر إلى الأب، فإن جاءت بولد ثالث يكون الولاء
لمولى الأب لأنه هو المنعم عليه.
عبد تزوج بأمة ثم طلقها تطليقتين، أو خالعها فبانت منه، ثم أعتقت الأمة
وأتت بولد، فالولد يكون حرا تبعا لأمه لأنه لا يخلو: إما أن تكون أتت به بعد
العتق، أو كان موجودا حال العتق، فإن أتت به بعد العتق، فإن ولد المعتقة
يكون معتقا، وإن كان موجودا حال العتق، وكانت حبلى فإن عتق الأم يسري
إلى ولدها وحملها، فإن أعتق العبد لا ينجر الولاء ويكون ولاء هذا الابن لمولى الأم
لأنه لا يخلو: إما أن تكون أتت به في وقت يمكن إلحاقه به، أو تكون أتت به في
وقت لا يمكن إلحاقه به:
فإن أتت به في مدة لا يمكن إلحاقه به مثل أن يكون فوق تسعة أشهر عندنا،
وعند بعضهم فوق أربع سنين، فإن هاهنا لا يثبت النسب، فإذا لم يثبت النسب
لا يثبت الولاء، وإن أتت به في مدة يمكن إلحاقه به، مثل أن يكون أتت به من حين
107

طلقها إلى دون تسعة أشهر فإنا نشك فيه، ويجوز أن يكون موجودا حال العتق،
ويجوز أن لا يكون موجودا والأصل بقاء الرق، فإذا ثبت هذا فإن لمولى الأمة عليه
ولاؤه.
وإن تزوج عبد بأمة فماتت ثم أعتقت الأمة وأولدت ولدا فالحكم في هذا
كالحكم في التي قبلها إذا طلقها.
عبد تزوج بمعتقة فجاءت بولد، فإن الولاء لمولى الأم، فإن مات العبد
وخلف جدا فأعتق الجد، فإنه ينجر الولاء الذي كان لمولى الأم إلى مولى نفسه،
لأن الجد عصبة، وهو يقوم مقام الأب، ولو كان الأب حيا لكان ينجر الولاء
كذلك الجد.
المسألة بحالها: عبد تزوج بمعتقة فجاءت بولد حكمنا بالولاء لمولى الأم
وكان هناك جد فأعتق الجد والأب حي، فهل يجر الولاء مولى هذا الجد من
مولى الأم إلى نفسه؟ قال قوم: يجر، وقال آخرون: لا يجر، والأول أقوى.
ولهذه المسألة نظير يبني عليها، وذلك أن الأب إذا أسلم وله ولد، فإنه
يحكم بإسلام الابن تبعا للأب، فإن مات الأب وأسلم الجد فإنا نحكم بإسلامه
لإسلام الجد، وإن كان الأب حيا وأسلم الجد هل يحكم بإسلام هذا الولد تبعا
للجد؟ قيل فيه وجهان: أحدهما يحكم به، وهو الأقوى، لأنه لو ملكه لا يعتق عليه،
والثاني لا يحكم بإسلامه، لأن الولد يكون تبعا للأب، فأما أن يكون تبعا للجد مع
وجود الأب فلا. ويفارق ما قالوه: من أنه إذا ملكه عتق عليه، لأن ذلك تمليك، ويصح
للجد أن يملك مع وجود الأب، وليس كذلك هاهنا لأنه يكون تبعا ولا يجوز
أن يكون تبعا للجد مع وجود الأب كذلك هاهنا على وجهين: أحدها ينجر إلى
الجد وهو الأقوى والثاني لا ينجر، فمن قال: لا ينجر، فإن الولاء لمولى الأم فإن
مات الأب انجر إلى الجد حينئذ، ومن قال: ينجر إلى الجد، فإن الولاء يكون
لمولى الجد فإن أعتق الأب انجر من جده إلى نفسه.
108

حر تزوج بأمة فأعتقت ثم جاءت بولد لستة أشهر، وأكثر، فإن هاهنا لا
يثبت الولاء لأحد لأنه أتت به من حر، وقال قوم: إن كان من عربي فلا يثبت
الولاء هاهنا لأحد بناء على أصله أن عبدة الأوثان من العرب لا يسترقون، وإن
كان أعجميا يثبت عليه الولاء، والأول أقوى، لأن الأصل الحرية وعدم الولاء،
فإثباتهما يحتاج إلى دلالة، وليس هاهنا معتق، والنبي صلى الله عليه وآله قال:
الولاء لمن أعتق، وهذا ما أعتق.
عبد تزوج بمعتقة رجل فاتت بولد، فإنه يكون حرا ولمولى الأم عليه الولاء
فأعتق العبد ومات الولد، فإن ولاءه ينجر إلى مولى الأب، فإن لم يكن مولى الأب
فعصبة مولى الأب، فإن لم يكن عصبته فمولى عصبة مولى الأب، وإن لم يكن
مولى ولا عصبة كان ميراثه عندنا للإمام وعندهم لبيت المال.
وحكي عن ابن عباس أنه قال: الولاء لمولى الأم لأن الولاء كان له فلما جر
مولى الأب كان له، فلما لم يكن عصبة المولى عاد الولاء إلى مولى الأم، كما لو لم
تكن عصبة الأب، والأول أقوى، لأن عوده إليه بعد أن كان انجر عنه يحتاج إلى دليل.
عبد تزوج بمعتقة رجل وبحرة، أو تزوج بمعتقتين فإن الحكم لا يتغير
فجاءت المعتقة بولد، فإن ولاءه لمولى الأم، فمات الولد فالأب لا يرث لأنه عبد
وتعطى أمه الثلث، والباقي يرد عليها عندنا، وعند المخالف الثلثان لمولى الأم، فإن
أتت الحرة بولد نظرت: فإن أتت به في ستة أشهر وأكثر فإنه لا ينقص شئ
والميراث على حاله، لأنا تبينا أنه ما كان موجودا حال موت ذلك الولد، وإن
أتت به لستة أشهر ودونه فإنا ننقض ذلك الحكم ونسترجع الثلثين، الذي دفعنا
إلى مولى الأم، لأن الوارث الآن هو الولد الذي ولد الأخ، لأنا تبينا أنه كان
موجودا حال موته، فيكون للأم الثلث والثلثان لهذا الولد.
وعندنا المال كله للأم بالفرض والرد، ولا شئ للمولى معها بحال على ما
مضى القول فيه.
109

امرأة اشترت عبدا فأعتقته، فالولاء لها عليه، اشترى هذا المعتق عبدا وأعتقه
ومات المعتق الأول نظرت: فإن كان له مناسب فالمال له، وإن لم يكن له
مناسب فالمال لمولاته.
فإن مات المعتق الثاني نظرت: فإن كان له مناسب فالمال له، وإن لم يكن
له مال وكان مولاه الذي أعتقه باقيا فالمال له، وإن لم يكن الذي أعتقه باقيا ولا
مناسب له فالمال المولاة المولى، وهي مولاة مولاة وليس في الميراث موضع ترث
المرأة بالولاء إلا هاهنا.
امرأة اشترت أباها فإنه ينعتق عليها، فاشترى أبوها عبدا وأعتقه، ومات الأب
المال لها، النصف بالتسمية، والباقي بالرد، ولا حكم للولاء، وعند المخالف
الباقي لها بالولاء.
مات العبد المعتق المال لها أيضا النصف بالفرض، والباقي لها لأنها بنت
المولى وقال المخالف: لها، لأنها عصبة المولى.
بنتان اشترتا أباهما فإنه ينعتق عليهما، فاشترى الأب أباه جدا لهما، مات
الأب، للبنتين الثلثان بالفرض، والسدس للأب الذي هو جدهما والباقي رد عليهم
وقال قوم: الباقي للجد بالفرض والتعصيب.
مات الجد المال لهما عندنا بالقرابة لأنهما بنتا أبيه، وعند المخالف لهما
الثلثان بالفرض والثلث بجر الولاء لأن لهما الولاء على الأب انجر الجد، فلما مات
الجد، عاد الولاء عليهما، صارت المسألة من ستة، الثلثان أربعة بالفرض، والثلث
سهمان لكل واحدة منهما سهم، فيحصل لكل واحدة منهما ثلاثة أسهم.
بنتان اشترتا أباهما عتق عليهما فاشترت أحدهما مع الأب جدهما، فقد عتق
عليهما، لأن الجد ينعتق على بنت الابن كما ينعتق على الابن، ولهما ولاء على
الأب ولإحديهما لها على الجد نصف الولاء، ونصف الولاء للأب.
مات الأب للبنتين الثلثان، وللجد السدس، والباقي رد عليهم على قدر
سهامهم، وقال المخالف: الباقي للجد بالفرض والتعصيب، فيسقط تعصيب
110

البنات.
مات الجد لهما ولاء على الأب، ولإحديهما نصف الولاء على الجد، الثلثان
بينهما، والتي اشترت الجد مع الأب لها النصف من الثلث لأن لها نصف الولاء
من الجد، فبقي نصف الثلث يكون بينهما نصفين، لأن ولاء الأب بينهما، جعلت
المسألة من اثني عشر، ثمانية بينهما بالفرض، يبقى أربعة، منها للتي اشترت الجد
مع الأب سهمان، وبقى سهمان بينهما لأن الولاء على الأب كان بينهما، فإن مات
الجد أولا فالمال كله للأب، وقد بينا أن المال عندنا كله لها بالقرابة دون الفرض
والتعصيب.
بنتان اشترتا أباهما عتق عليهما اشترت أحدهما مع الأب أخا لها فنصف
الابن ينعتق على الأب ولا يقوم عليه الباقي، لأنه معسر، والنصف الآخر للأخت لا
يعتق عليها، لأن الأخ لا يعتق على الأخت بالملك، فإن تطوعت فأعتقه أعتق
ويكون لها عليه نصف الولاء.
مات الأب المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن مات الأخ فللبنتين
الولاء ولإحداهما نصف الولاء على الأخ.
إذا ثبت هذا فلهما الثلثان بالفرض والباقي رد عليهما بالقرابة عندنا، وعندهم
يبقى ثلث، لإحداهما نصف الثلث بحق ولاء الأخ، يبقى نصف الثلث يكون بينهما
نصفين.
المسألة تخرج من اثني عشر، الثلثان ثمانية، ونصف الثلث اثنان، ونصف
نصف الثلث واحد، فيحصل لإحداهما سبعة أسهم، وللأخرى خمسة أسهم،
وكذلك المسألة التي قبلها، لإحداهما سبعة أسهم وللأخرى خمسة، فإن مات أولا
الأخ فالمال كله للأب لأن الأخوات لا يرثن مع الأب.
بنتان اشترت إحديهما الأب عتق عليها، اشترت التي لم تشتر الأب مع الأب
جدا لهما فإنه يعتق عليهما، لأن الجد يعتق على بنت الابن كما ينعتق على الابن،
مات الأب للبنتين الثلثان، وللأب الذي هو جدهما سهم، وعند المخالف الباقي
111

للجد بالفرض والتعصيب، وعندنا الباقي رد عليهما وعلى الجد الذي هو أب
الأب، على قدر سهامهم.
مات الجد أيضا كان المال للبنتين كله بالقرابة، وعندهم الثلثان بالفرض،
يبقى ثلث المال للتي اشترت الجد مع الأب، لها على الجد نصف الولاء، يأخذ من
هذا نصف الثلث سهم، يبقى سهم للأخرى لأن ولاء الأب لها وهذا نصيب الأب،
المسألة من ستة ثلثاه أربعة بينهما وسهم للتي اشترت الجد، وسهم للأخرى بحق
الولاء على الأب، فإن مات الجد أولا كان المال للأب.
بنتان اشترتا أباهما فعتق عليهما، مات الأب لهما الثلثان بالفرض، والباقي
بالرد وعندهم، والثلث بالتعصيب لأن الولاء لهما.
ماتت إحدى البنتين وبقيت الأخرى، لها النصف بالفرض، ولها على الأب
نصف الولاء تأخذ ربع المال أيضا عن الولاء، المسألة من أربعة لها منها ثلاثة
أسهم، والباقي سهم لبيت المال. المسألة بحالها كانت قد اشترت الأب هذه التي في الحياة يكون المال كله
لها.
المسألة بحالها بنتان اشترتا أباهما عتق عليهما ماتت إحدى البنتين، المال
للأب لأن الأخت لا ترث مع الأب.
مات الأب أيضا لهذه البنت النصف بالفرض، والباقي رد عليها عندنا
بالقرابة، وعندهم لها نصف الولاء على الأب، ولها أيضا سهمان بحق ولاء الأب
وكان للتي ماتت بعد الولاء لما ماتت انجر الولاء إلى الأب نفسه ذلك الولاء،
فيكون لعصبة الأب، لما مات الأب صارت لهذه السهم الذي جر الأب، المسألة
من ثمانية، لها أربعة بالفرض وسهمان لها بالولاء الذي على الأب، ولها أيضا سهم
الذي جر أباها وترك لها فبقي سهم ثمانية لبيت المال.
ثلاث بنات أحرار ولهن أبوان وأخ مملوكون، فاشترت اثنتان منهن أباهما
عتق عليهما، واشترت التي لم تشتر الأب الأخ مع إحدى التي اشترت الأب مع
112

الأب، فثلاثهم اشترت الأخ فالأخ عتق ثلثه، لأن الأب إذا ملك الولد عتق عليه
ولا يقوم عليه ثلثاه لأنه معسر، ولا ينعتق على الأختين، لأن الأخت تملك الأخ،
ولا يعتق عليها.
فإن تطوعتا وأعتقتا فإنه يعتق ويكون لها عليه ولاء، فاجتمعوا الكل
خمستهم الأب والأخ مع البنات، واشتروا الأم فإن أربعة أخماسها تنعتق على
الأولاد، ولا يقوم عليهم، لأنهم معسرون، ولا ينعتق على الزوج، لأن الزوج أو
الزوجة إذا ملكت إحديهما الأخرى لا ينعتق عليه، لكن ينفسخ النكاح بينهما إذا
ملك أحدهما كله أو بعضه انفسخ النكاح بينهما، لكن إن تطوع وأعتقها يصيبه
الخمس الذي ملك منها، صارت هاهنا بنتان مولاتي الأب، وللأخ ثلاث موالي
أختان وأب، وللأم خمس موالي بنات وابن وزوج، وهم مواليها.
مات الأب وخلف ثلاث بنات وابن وزوجة مطلقة، الزوجة لا ترث لأنها
بانت بالطلاق، المال بين البنات والأخ للذكر مثل حظ الأنثيين، تكون المسألة
من خمسة: ثلاثة أسهم للبنتان، وسهمان للابن.
مات الابن وخلف ثلاث أخوات وأم، وله ثلاث موال، عندنا المال للأم
وسقط الموالي، وعند المخالف للأخوات الثلثان أربعة، وللأم السدس
سهم، يبقى سهم لأن المسألة من ستة بينهم على ثلاثة لا تصح، فيضرب اثنان وهما عصبتا
الأب في ثلاثة يكون ستة، وتضرب ستة في أصل المسألة وهو ستة يصير ستة
وثلاثين، فللأخوات الثلثان أربعة وعشرون، وللأم السدس سهم ستة يكون
ثلاثين، يبقى ستة، للموالي أثلاثا منها للأختين أربعة، وسهمان كان للأب وينتقل
إلى مولاته.
تكون للبنت التي اشترت أباها، وشاركته في شراء الأخ ثمانية بالأخوة
وسهمان لأنها مولاته، ولها سهم لأنها مولاة مولى مولاه وهو الأب، فحصل لها
إحدى عشر، وللأخت التي اشترت الأخ ولم تشتر أباها ثمانية بالأخوة، وسهمان
لأنها مولاته تكون عشرة، وللبنت التي اشترت أباها ولم تشتر أخاها ثمانية
113

بالأخوة، وسهم لأنها مولاة الأب، تكون تسعة والجميع ثلاثين، وستة للأم
صارت ستة وثلاثين.
طريقة أخرى أوضح من هذا فتنكشف، هاهنا ثلاث أخوات إحداها مولاته
ومولاة مولى مولاه، والثانية أخت مولاته، والثالثة أخت مولاة مولى مولاة.
فالتي هي مولاته لها ثمانية بالأخوة، وسهمان لأنها مولاته ولها سهم لأنها
مولاة مولاه، والتي هي أخت ومولاته لها ثمانية بالأخوة وسهمان لأنها مولاته،
والتي هي مولاه مولى مولاه لها ثمانية بالأخوة ولها سهم من قبل الأب لأنها مولاة
مولى مولاه يكون ثلاثين، وستة للأم الجميع ستة وثلاثين.
ماتت الأم خلفت ثلاث بنات وخمس موالي، للبنات الثلثان يبقى الثلث على
الخمس للبنات ثلاثة أخماس وخمس منها للأب انتقلت منه إلى مولاته وخمس
الآخر للأخ ينتقل إلى مواليه أختين وأب، للأختين الثلثان من هذا الخمس لكل
واحدة ثلثه، وثلث الباقي من هذا الخمس كان للأب انتقل إلى مولاته، المسألة من
ثلاثة، للأختين الثلثان سهمان، يبقى سهم على ثلاثة لا يصح، يضرب ثلاثة في
ثلاثة تصير تسعة، الثلثان ستة للبنتين يصح عليهن، يبقى ثلاثة لا يصح على
خمسة، يضرب تسعة في خمسة، يكون خمسة وأربعين هناك سهم انتقل إلى
مولاته لا يصح، فيضرب سهماهما في خمسة وأربعين هناك سهم انتقل إلى
مولاته لا يصح، فيضرب سهماهما في خمسة وأربعين تكون تسعين، الثلثان للبنتين
ستون، ويبقى ثلاثون منها ثلاثة أخماس للبنات، وهو ثمانية عشر، بقي اثنا عشر
سهما، خمس للأب ينتقل إلى مولاته، والخمس الآخر للأخ انتقل إلى مواليه منها
للأختين ثلثي الخمس، وثلث الخمس للأب انتقل إلى مولاته.
تكون للتي اشترت الأب وشاركت في شراء الأخ والأم اثنان وثلاثون
وللأخت التي اشترت الأب ولم تشاركهم في شراء الأخ ثلاثون، عشرون
بالأخوة وستة للأب يجر بالولاء على الأم وثلاثة أسهم لها بالولاء على الأم، وسهم
لها بالولاء على الأب وهو السهم الذي كان للأب يجر الولاء على الابن فانتقل
إليها، وللأخت التي اشترت الأخ ولم يشتر الأب عشرون بحق البنوة وستة أسهم
114

بحق الولاء على الأم وسهمان لها بحق الولاء على الأخ، فحصل لإحداهن اثنان
وثلاثون، وللثانية ثلاثون وللثالثة ثمانية وعشرون الجميع تسعون.
طريقة أخرى توضح هذا وينكشف، ثلاث بنات إحداها بنت هي مولاتها ومولاة مولاتين
ومولاة مولى مولاة البنت، الثانية مولاتها ومولى مولاتها، الثالثة
وهي بنت مولاتها ومولاة مولى مولاتها.
فالتي هي مولاتها ومولاة مولاتين من جهة ومولاة مولى لها اثنان وثلاثون
بحق البنوة عشرون وستة لأنها مولاة الأم، ولها ثلاثة أسهم بالولاء على الأب ولها
سهمان بالولاء على الأخ، ولها سهم آخر الذي كان للأب من ولاء الأخ، فانتقل
إليها فصار اثنين وثلاثين.
الثانية: وهي بنت وهي مولاتها ومولاة مولى مولاتها، لها عشرون بحق البنوة
وستة لأنها مولاتها، ولها ثلاثة بحق الولاء على الأب، ولها سهم الذي كان للأب
على الابن فانتقل إليها فصار لها ثلاثون.
والثالثة: بنت وهي مولاتها ومولاة مولى مولاتها، لها بحق البنوة عشرون،
ولها بحق ولاء الأم ستة أسهم، ولها بحق ولاء الأخ سهمان كان الجميع ثمانية
وعشرين.
وقد بينا أن على مذهبنا لا يحتاج إلى جميع ذلك، لأن مع وجود البنات
يبطل حكم الولاء، وإنما يورث بالولاء إذا لم يكن أحد من المناسبين، كان ذا
فرض أو لم يكن كذلك.
عبد تزوج بمعتقة رجل، فاستولدها بنتين، فالبنتان تكونان حرتين، لأنهما
ولد المعتقة، ويكون ولاؤهما لمولى الأم، ولمولى الأم عليها ولاء، فاشترتا أباهما
فإنه ينعتق عليهما، لأن الولد إذا ملك أباه انعتق عليه، وينجر الأب بعتقه من مولى
الأم إلى مولى نفسه، وكان ولاء الأب للبنتين.
إذا ثبت هذا فإنه ينجر الولاء وكان ينبغي أن يقال إنه ينجر كل الولاء إلى
البنتين لكن لمولى الأم على البنتين ولاؤهما والإنسان لا يملك ولاء نفسه، فكل
115

واحد من البنتين لا ينجر إليها نصف الولاء الذي له عليها، بل ينجر إلى كل
واحدة نصف ولاء أختها والذي على نفسها فلا.
هذا الكلام في الولاء.
فأما الميراث، مات الأب للبنتين الثلثان بحق الفرض والباقي عندنا رد عليها
بالقرابة بحق النسب لا بحق الولاء، وعندهم يبقى الثلث لكل واحدة نصف
الثلث الباقي بحق الولاء لأنها مولاته.
إن ماتت إحدى البنتين كان لهذه البنت سبعة أثمان، والباقي يرجع إلى
مولى الأم، وقال قوم: إن لها ثلاثة أرباع والربع الباقي يكون لمولى الأم.
المسألة من أربعة:
فمن قال بالأول قال: المسألة من ثمانية، لها نصف المال لأنها أخت، ولها
نصف الباقي لأنها مولاتها، ولها نصف النصف لأنها مولى عصبة الأب، لأن
الأخت التي ماتت كانت مولاة الأب وهذه عصبتها، ومن قال بالآخر جعل
المسألة من أربعة، لها نصف المال لأنها أخت، ولها نصف الذي بقي لأن لها
نصف ولاء الأخت، والباقي لمولى الأم لأن مولى الأم أقرب منها بدرجة، ولأن
مولى الأم مولاتها وهي مولى مولاتها فيكون مولى الأم أولى من هذه بذلك السهم،
يحصل له ثلاثة أرباع، والربع الذي بقي لمولى الأب.
فإن ماتت إحدى البنتين قبل الأب فإن المال كله للأب، ثم مات الأب
وخلف البنت التي اشترت نصف أبيها، فإن لها نصف المال بحق النسب، ولها
سهمان بحق الولاء على مباشرة عتق الأب، ولها سهم آخر لأنها مولاة المولى.
فمن قال: إن المسألة من ثمانية ولها سبعة أثمان، قال: الثمن الباقي لبيت
المال، ومن قال: لها ثلاثة أرباع، قال: الربع الباقي لبيت المال.
المسألة بحالها، عبد تزوج معتقة فاستولدها بنتين، فإنهما ينعتقان، ولمولى
الأم عليهما الولاء اشترت إحديهما أباها فانعتق عليها، فلها على الأب الولاء.
إذا مات الأب، لهما الثلثان بحق النسب والباقي للتي اشترت الأب.
116

فإن ماتت التي لم اشترت الأب فالمال كله للتي اشترت أباها نصف المال لها
بالفرض لأنها أختها، والباقي بالولاء عليها، لأن هذه اشترت أباها وانعتق عليها،
انجر الأب جميع الولاء إليها، فالولاء التي يصيبها على قولين والنصف الذي هو
على أختها حصل لها كل ذلك النصف فتأخذ هذا الباقي بالولاء عليها.
فإن ماتت التي اشترت أباهما أولا، لها نصف المال بحق النسب لأنه لا ولاء
لها، فعلى قول بعضهم يكون النصف الباقي لبيت المال وعلى قول آخرين لمولى
الأم يعود إليه كما قلناه فيما تقدم.
رجل له ابنان فاشترى أحد الابنين مع الأب عبدا فأعتقاه، فإن للأب والابن
معا عليه ولاء، مات الأب المال بينهما نصفين، مات المعتق، يكون المال للذي
اشتراه مع الأب ثلاثة أرباعه والباقي يكون للأخ الآخر، نصف المال لأنه مولاه،
وله نصف النصف الذي كان لأبيهما، فيكون نصفه لهذا، والباقي يكون للأخ،
يكون ثلاثة أرباع المال لهذا، وربع المال لأخيه.
عبد تزوج بمعتقة فاستولدها، الولد يكون حرا ولمولى الأم عليه الولاء، بلغ
الولد واشترى أباه فإنه يعتق عليه، فإذا أعتق هذا الأب لا ينجر الولاء من مولى الأم
إلى مولى نفسه، لأن مولى الأب هو هذا الابن، وكان ولاء مولى الأم على هذا
الابن، فلا يجوز أن يملك الولاء على نفسه.
لأن العتق والولاء يفيد ثلاثة أشياء: التزويج والعقل والإرث، والإنسان لا
يملك تزويج نفسه، ولا يعقل عن نفسه، ولا يرث من نفسه، فلذلك قلنا لا ينجر
هذا الأب الولاء الذي على الابن من مولى الأم، وقال قوم: ينجر الولاء من مولى
الأم فيكون لبيت المال.
عبد تزوج بمعتقة فاستولدها فجاءت بولد، يكون الولد حرا لحرية الأم
وعليه الولاء لمولى الأم، فمضى هذا الابن واشترى عبدا فأعتقه يكون الولاء له
وهذا يكون مولى له، فمضى هذا المعتق واشترى أبا معتقه وأعتقه، فيصير حرا
فيكون للمعتق عليه ولاء هذا الأب لما أعتق ينجر الولاء الذي كان على الابن من
117

مولى الأم إلى مولى نفسه وهو هذا المعتق، فإن كل واحد منهما يتولى الآخر يعني
الابن والعبد والمعتق كل واحد منهما مولى لصاحبه مولى من أعلى، ومولى من
أسفل.
مات الأب يكون المال كله للابن بالنسب، مات المعتق ولم يكن له مناسب
المال لهذا الابن، فإن مات الابن يكون ماله للمعتق كل واحد منهما يرث من
الآخر، فإن ماتا ولم يكن لهما مناسب يكون لمولى الأم، ويعود إليه الولاء الذي
جر أبوه.
ومن هذا قول الفرضيين أنه انتقل الولاء، وقولهم: ينجر الولاء من الأب، لا
يريدون به أنه زال ملكه لكن يريدون به أن هذا عصبة المولى، ومولى الأم مولى
المولى، فعصبة المولى أولى من مولى المولى.
أخ وأخت حران اشتريا أباهما فإنه يعتق عليهما، ولهما على الأب الولاء،
اشترى أبوهما عبدا فأعتقه يكون له عليه ولاء، مات الأب المال بينهم للذكر مثل
حظ الأنثيين، مات المعتق المال للابن لأنه عصبة المولى، والبنت هي مولى
المولى، وعصبة المولى أولى من مولى المولى.
المسألة بحالها مات الابن وخلف ابنا المال لابن الابن، لأنه عصبة، المولى
خلف ابنا وبنتا المال لابن الابن، ولا يكون لبنت الابن شئ مع ابن الابن، وعندنا
أنه بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين.
مات الابن وخلف أختا وبنتا وأبا، للبنت النصف، والباقي للأب السدس
بالفرض، والباقي بالتعصيب، ولا يكون للأخت شئ لأن الأخت تسقط مع
الأب، وعندنا أنه يكون للبنت النصف وللأب السدس والباقي رد عليهما مثل
الميراث.
مات الأب وخلف بنتا وبنت ابن، للبنت النصف، ولبنت الابن السدس
تكملة الثلثين، بقي ثلث المال، نصف الثلث للبنت أيضا بحق الولاء على الأب،
ويبقى نصف الثلث لها في هذا النصف نصف أيضا وهو الذي جره الأب من ولاء
118

الأخ، لأن الولاء يكون للعصبة، وهذه عصبة هذا الأخ.
واعلم أنه لا يصح على مذهبنا أن يستحق أحد على غيره من المناسبين له
شيئا من الولاء ولا يرث به، لا من ينعتق عليه من الأبوين والأجداد ولا
الولد وولد الولد، سواء كان ذا سهم أو لم يكن، لأنه متى كان له عليه ولاء، وهو مناسبه،
فإنما يستحق المال بالقرابة دون الولاء، لأن الولاء إنما يثبت به الميراث مع عدم
ذوي الأنساب القريبة أو البعيدة، على ما ذكرناه في أول الباب، فإذا ثبت هذا
سقط عنا هذه الفروع كلها، وإنما أجريناها ليعرف مذهب المخالف، ويرتاض
بها، وإلا فلا يحتاج إليها على حال.
إذا كان المعتق امرأة وخلفت ولدا ذكرا أو أولادا أو عما أو بني عم فولاء
مواليها لعصبتها التي هو العم وابن العم دون الابن الذكر، وخالف جميع الفقهاء
في ذلك، وقالوا: الولد أحق، وفي أصحابنا من قال بذلك.
وأما ولاء تضمن الجريرة فهو كل من أعتق نسمة في أمر واجب مثل نذر أو
كفارة فإنه لا يثبت له عليه الولاء، ويكون سائبة لا ولاء لأحد عليه، فإن توالى إلى
إنسان يضمن جريرته وحدثه ويكون له ميراثه إذا لم يخلف وارثا كان ذلك
صحيحا، وكذلك من لا وارث له أصلا فتوالى إلى إنسان بهذا الشرط ويكون
ولاؤه له كان ذلك صحيحا ويثبت به الميراث مثل ولاء النعمة سواء، وفيها
خلاف.
فصل: في ميراث الجد:
قد بينا كيفية ميراث الجد فيما تقدم إذا انفرد، وإذا كان معه من يقاسمه.
ونحن نذكر الآن حسب ما ذكره المخالفون، فعندنا أنه يرث مع الإخوة
للأم لهم ثلثهم المفروض، والباقي للجد، وخالف جميع الفقهاء في ذلك وقالوا:
المال للجد والجد يقاسم الإخوة والأخوات من قبل الأب والأم أو من قبل الأب،
وكان كواحد منهم، وفيه خلاف.
119

والجد وإن علا قاسم الإخوة والأخوات بلا خلاف عند من قال بالمقاسمة،
وولد الأخ عندنا يقاسم الجد وإن نزل، وخالف جميعهم في ذلك، وفي الناس
من لا يقاسم الإخوة والأخوات ما دام الثلث خيرا له، فإن كانت المقاسمة خيرا له
قاسم.
وهو بمنزلة الأب في جميع المواضع إلا في أربع مسائل:
إحداهما: إن الأب يسقط الأخ، والجد لا يسقط الأخ، والثانية: زوج وأبوان،
الثالثة: زوجة وأبوان، لأن في هاتين المسألتين إذا كانت الأم مع الأب ترث ثلث
ما بقي، وإن كانت مع الجد ترث ثلث جميع المال، وعندنا أن لها ثلث جميع
المال في المسألتين معا، الرابعة: إن الأب يسقط أمه والجد لا يسقط أم أبيه.
إذا ثبت هذا، فإن لم يكن جد فجد الجد وإن علا، لأن عمود الأجداد وإن
علا مثل عمود الأولاد وإن سفل، وليس كذلك الأخ وابن الأخ لأن ابن الأخ لا
يرث مع الجد، وعندنا أنه يرث ابن الأخ وإن نزل مع الجد، وجد الجد مع
الجد كالابن وابن الابن وإن سفل في سائر الأشياء إلا في شئ واحد، وهو أن جد
الجد يسقط ما هو أبعد منه، ولا يسقط من هو في درجته أو يكون أقرب منه، وليس
كذلك ابن الابن، وعندنا أنهما سواء فإن الأقرب في الطرفين يسقط الأبعد، هذا
إذا لم يكن معه ذو فرض، فإن كان معه ذو فرض مثل زوج وأخ وجد فهاهنا
للجد ثلاثة أحوال: المقاسمة، أو ثلث ما بقي، أو سدس جميع المال، فأيها كان
خيرا له عمل به، وعندنا ليس له إلا المقاسمة.
بنت وأخت وجد، المال للبنت عندنا بالفرض والرد وفيها خلاف.
زوج وأم وأخت وجد، للزوج النصف، والباقي للأم بالفرض والرد، وفيها
خلاف بين الصحابة وهي الأكدرية.
زوج وأم وجد وأخ، للزوج النصف والباقي للأم بالفرض والرد، وعندهم
على حسب اختلافهم في الجد، للزوج النصف، وللأم الثلث، وللجد السدس،
وسقط الأخ لأن الأخ عصبة والمسألة لا تعول بعصبة.
120

زوج وأم وبنت وأخت وجد، للزوج الربع، وللبنت النصف، وللأم
السدس، والباقي رد على البنت والأم، وعندهم للجد السدس وتسقط الأخت لأن
الأخ مع البنت عصبة، والعصبة تسقط في العول.
زوج وأم وأختان وجد، للزوج النصف، والباقي للأم بالفرض والرد،
وعندهم للزوج النصف، وللأم السدس، والباقي بين الجد والأختين للذكر مثل
حظ الأنثيين، إن شاء قاسم وإن شاء أخذ السدس.
أخ لأب وأم وأخوات لأب وجد، المال هاهنا للجد أيضا بالمقاسمة بين الأخ
للأب والأم وبينه، وتسقط اللواتي من جهة الأب وفيها خلاف.
أخوان لأب وأم وأخ لأب وجد مثل ذلك، وعندهم الثلث له خير من
المقاسمة.
أخ لأب وأم وأخت لأب وجد، المقاسمة بين الأخ للأب والأم والجد
وتسقط الأخت.
أخ لأب وأم وأختان لأب وجد، المقاسمة مثل ما ذكرناه بين الأخ للأب
والأم والجد لا غير.
أخت لأب وأم وأخت لأب وجد، المقاسمة بين الجد والأخت للأب والأم
فحسب للذكر مثل حظ الأنثيين، وعندهم يكون له النصف وللأخت من الأب
والأم النصف.
أخت لأب وأم وأختان لأب وجد، للجد سهمان من ثلاثة وسهم للأخت
وتسقط الأختان للأب، وعندهم للجد سهمان من خمسة، وللأخت للأب والأم
سهمان ونصف سهم، لا يصح على اثنين يضرب في خمسة تصير عشرة يصير
للجد خمسان أربعة، وللأخت للأب والأم النصف خمسة أسهم، يبقى سهم لا
يصح على اثنين تضرب في عشرة يكون عشرين، للجد ثمانية وللأخت للأم
والأب عشرة، ويبقى سهمان لكل واحد سهم.
أخت للأب والأم وثلاثة أخوات للأب وجد، عندنا مثل الأول سواء،
121

وعندهم المقاسمة والثلث للجد شئ واحد، فإن كن أربع أخوات فالثلث خير له
من المقاسمة.
أخت لأب وأم وأخ لأب وجد، للجد سهمان من ثلاثة، وللأخت للأب والأم
سهم، ويسقط الأخ من الأب، وفيها خلاف بين الصحابة ذكرناه في الخلاف.
فصل: في حكم المرتد:
المرتد إذا ارتد وقتل أو مات فماله لمن تقرب إليه من المسلمين كان قريبا أو
بعيدا، فإن لم يكن له أحد من المسلمين كان للإمام، ولا يرثه كافر على حال وفيه
خلاف، وعند بعضهم أنه لبيت المال فيئا.
وجملته أن كل مال يؤخذ من المشركين فعلى ثلاثة أضرب: أحدها يؤخذ
بالقهر والغلبة، والثاني يؤخذ فزعا، والثالث يؤخذ من غير فزع.
فما يؤخذ بالقهر والغلبة والقتال، يكون خمسة لأهل الخمس، والباقي
للغانمين.
وما يؤخذ فزعا مثل أن يظهر الإمام ببلاد الشرك فينهزمون منه ويتركون
ديارهم وأموالهم، فإن ذلك يكون فيئا للإمام خاصة، وعندهم يكون خمسه لأهله
والباقي كان للنبي صلى الله عليه وآله، واليوم فيهم من قال: يدفع إلى المقاتلة،
وفيهم من قال: ينتقل إلى بيت المال لمصالح المسلمين.
الثالث: ما يؤخذ من غير خوف مثل الجزية والعشر في أموالهم التي
يتجرون به في دار الإسلام، والذي يؤخذ من المصالح منهم.
وإن مات أحد من أهل الشرك في دار الحرب وخلف مالا ولم يكن له
وارث فإنه يكون جميع ذلك فيئا عندنا للإمام خاصة وعندهم لمن تقدم ذكره،
وروى أصحابنا في الجزية والصلح أنه للمجاهدين.
مسألة المشتركة: زوج وأم وأخوان لأب وأم وأخوان لأم، عندنا للزوج
122

النصف والباقي للأم، الثلث بالتسمية والباقي بالرد، وفي أصحابنا، من قال: لها
السدس بالتسمية والباقي بالرد، وفيه خلاف، عند بعضهم، للزوج النصف وللأم
السدس، وللأخوة من الأم الثلث ويشاركونهم الإخوة من الأب والأم.
فصل: في ميراث ولد الملاعنة:
ولد الملاعنة لا نسب بينه وبين والده، ونسبه ثابت مع أمه بلا خلاف، فإن
ماتت الأم فالمال للابن، وإن مات هذا الابن فللأم الثلث بالفرض، والباقي رد
عليها، وقال المخالف: الباقي لمولى الأم فإن لم يكن لها مولى فلبيت المال.
ولا يرث عندنا مع الأم إخوة وأخوات من جهتها، وعندهم إن خلف أما
وأخوين منها فللأم السدس، ولهما الثلث، والباقي لبيت المال إن لم يكن لها
مولى، وإن كان أخا واحدا كان له السدس والباقي على ما قلناه، وقد قلنا: إن
عندنا المال كله للأم.
ولد الملاعنة توأمان فإنه يرث أحدهما الآخر بالأمومة دون الأبوة، وفيهم من
قال: يرث بالأبوة والأمومة معا.
ولد الزنا لا يرث ولا يورث عندنا وماله للإمام إن لم يكن له وارث من ولد
أو ولد ولد ولا زوج ولا زوجة ولا مولى، وفي أصحابنا من قال: ميراثه مثل
ميراث ولد الملاعنة، وبه قال جميع من خالفنا، وعلى ما قلناه إذا كانا توأمين لا
يرث أحدهما صاحبه لأن نسبهم الشرعي ليس بثابت، وعندهم على ما قلناه في
ولد الملاعن سواء.
ميراث الخنثى:
إذا كان له ما للرجال وله ما للنساء اعتبرنا بالمبال، فمن أيهما سبق ورث
عليه، فإن تساويا فمن أيهما انقطع ورث عليه، وإن تساويا ورث نصف ميراث
الرجال ونصف ميراث النساء، وقد روي أنه تعد أضلاعه فإن نقص أحد
123

الجانبين على الآخر كان ذكرا وإن تساويا كانت أنثى، والأول أحوط.
وإن لم يكن له ما للرجال ولا ما للنساء استعمل القرعة، فما خرج ورث
عليه، ومن المخالفين من قال: يعطي نصف ميراث الذكر ويوقف الباقي حتى
يتبين أمره، فإن بان ذكرا أعطي الباقي وإن بان أنثى أعطي عصبته.
وعندنا إن كان واحدا أعطي المال كله، لأن له ذلك سواء ذكرا كان أو
أنثى، وحكم ما زاد على الواحد حكم الواحد في الخناثي، وإذا اجتمع خنثى مع
ولد بيقين كان الحكم أيضا مثل ذلك عندنا.
وعند قوم إن كانتا اثنتين أعطيا ميراث البنتين، لأنه المقطوع به والباقي
يوقف على ما مضى.
فإن خلف ثلاث خناثى كان عندنا أيضا المال بينهم بالسوية، وعند قوم
يجوز أن يكونوا ذكورا، ويجوز أن يكونوا إناثا، ويجوز أن يكون بنتان وابن،
ويجوز أن يكون ابنان وبنت، فإن سهامهم خمسة يدفع إلى كل واحد منهم
الخمس، يبقى خمسان يكون موقوفا.
فإن كانوا أربع خناثى، عندنا الأمر على ما قلناه، وعندهم يدفع إلى كل
واحد منهم السبع، فإن كانوا خمسة يدفع إلى كل واحد منهم التسع، والباقي
يكون موقوفا، وعلى هذا المنهاج يجعل واحدة أنثى والباقي ذكرانا.
فإذا استقر ما قلناه على مذهبنا، فإن خلف خنثى فالمال كله له، وإن كان
اثنين فصاعدا فالمال بينهم بالسوية، إن كان ابنا أو ابنين فالمال بينهم بالسوية بلا
خلاف، وإن كانت بنتا أو بنات فلها النصف ولهن الثلثان، والباقي رد عليها أو
عليهن بالسوية، وإن كان بعضهم ذكورا وبعضهم إناثا فإنهم أيضا يشتركون في
أن لكل واحد نصف ما للذكر ونصف ما للأنثى، فقد تساووا على كل حال.
وإن كان مع الخنثى ولد بيقين فالذي يعول عليه في هذا الباب ويجعل
أصلا فيه أن نفرض الخنثى بنتا ونصف بنت مع الباقين من الورثة، وقيل أيضا أن
يقسم الفريضة دفعتين، يفرض الخنثى في إحديهما ذكرا وفي الأخرى أنثى، فما
124

يصيبه في الدفعتين أعطي نصفه من الفريضة.
مثال ذلك: إذا خلف ابنا بيقين وخنثى، فينبغي أن يطلب مالا يمكن قسمته
مع فرض الذكر ومع فرض الأنثى من غير كسر، وأقل ما يمكن ذلك فيه في
هذه المسألة ستة، فإن فرضت الخنثى ذكرا كان المال بينهما نصفين، لكل واحد
ثلاثة، وإن فرضته بنتا كان له سهمان من ستة إذا أضفت السهمين إلى الثلاثة
صارت خمسة، فيعطى الخنثى نصفها سهمان ونصف من ستة، وثلاثة ونصف
للابن بيقين، فإن أردت أن لا ينكسر فاجعلها من اثني عشر فيعطى الابن سبعة،
وللخنثى خمسة.
وإن فرضت بنتا بيقين وخنثى خرجت أيضا من اثني عشر، فإن كان ذكرا
كان له ثمانية وللبنت أربعة، وإن كان بنتا كان لها ستة لأن المال بينهما نصفين
بالفرض والرد عندنا، فنضيف الستة إلى الثمانية فيصير أربعة عشر، فيعطى الخنثى
نصفها سبعة وللبنت بيقين خمسة.
فإن كان ابن وبنت وخنثى فأقل ما يخرج منه سهامهم عشرون، فإن فرضته
ذكرا كان له ثمانية وإن فرضته أنثى كان له خمسة تصير ثلاثة عشر، تعطيه نصفه
ستة ونصف من عشرين، فإن أردته بلا كسر جعلته من أربعين فيعطى الخنثى
ثلاثة عشر، وتبقى سبعة وعشرين، للابن ثمانية عشر وللبنت تسعة، ثم على هذا
المنهاج بالغا ما بلغوا.
فإن كان معهم زوج أو زوجة أخرجت سهمه والباقي قسمته على ما قلنا،
مثال ذلك: خلفت زوجا وابنا وبنتا وخنثى، فللزوج الربع واحد من أربعة تبقى
ثلاثة تنكسر عليهم، وقد بينا أن سهامهم تخرج من أربعين، فيضرب أربعة في
أربعين يكون مائة وستين، للزوج الربع أربعين والباقي على ما قلناه، فكل
من أعطيته هناك سهما جعلته هاهنا ثلاثة، فإن كان بدل الزوج زوجة فلها الثمن،
ضربت الثمانية التي يخرج منها الثمن في أربعين يكون ثلاثمائة وعشرين، يخرج
الثمن أربعين ويقسم على ما قلناه، فمن أعطيته هناك سهما أعطيت هاهنا سبعة
125

أسهم وعلى هذا بالغا ما بلغوا.
فإن خلفت مع الخنثى أبوين، فإن فرضته ذكرا كان لهما السدسان، والباقي
للذكر، وإن فرضته أنثى كان الباقي رد عليهم فأقل ما يخرج من ثلاثين، فإن
فرضت الخنثى ذكرا كان له عشرون بعد السدس، وإن فرضته أنثى كانت
مقسومة على خمسة، يكون لها ثمانية عشر، فإذا أضفت العشرين إلى ثمانية عشر
كانت ثمانية وثلاثين، ويكون نصفها للخنثى تسعة عشر من ثلاثين وأحد عشر كانت
ثمانية وثلاثين، يكون نصفها للخنثى تسعة عشر من ثلاثين وأحد عشر
للأبوين، فإن أردت أن لا ينكسر عليهما فاجعلها من ستين وأضعف سهامهم.
فإن كان مع الخنثى أحد الأبوين فإنها تخرج من أربعة وعشرين، فإن
فرضت الخنثى ذكرا كان له عشرون، وإن فرضته أنثى كان لها ثمانية عشر،
فيصير ثمانية وثلاثين تأخذ نصفها تسعة عشر، فيعطى الخنثى ذلك من أربعة
وعشرين، وخمسة لأحد الأبوين.
فإن فرضت خنثيين فصاعدا مع الأبوين، كان للأبوين السدسان والباقي
للخناثى ولا رد هاهنا، وإن فرضت خنثيين فصاعدا مع أحد الأبوين، كانت
خارجة من ستين، لأحد الأبوين أحد عشر سهما والباقي للخناثى، لأنك إن
فرضتهم ذكورا كان لهم خمسون، وإن فرضتهم أناثى كان لهم ثمانية وأربعون،
الجميع ثمانية وتسعون سهما نصفها تسعة وأربعون سهما، فإن انكسر على
الخناثى ضربت عدد الخناثى في أصل الفريضة وقد صحت لك المسألة.
ومتى حصل في الفريضة زوج أو زوجة وأبوان أو أحدهما مع خنثى أو
خناثى أو ابن وخنثى أو بنت وخنثى أو ما زاد عليهم، أخرجت سهم الزوج
والزوجة وسهم الأبوين أو أحدهما على الكمال، والباقي قسمت بين الأولاد على ما
بيناه، وكذلك إذا كان في الفريضة زوج أو زوجة ومعهم إخوة وأخوات فيهم
خناثى من قبل أب وأم أو من قبل أب، أخرجت سهام الزوج أو الزوجة وقسمت
الباقي بين الإخوة والأخوات والخناثى على ما بيناه في الأولاد سواء.
فإن كان الإخوة والأخوات من قبل الأم كان الباقي بينهم بالسوية لأن
126

الذكور والإناث في ذلك سواء.
وحكم الجد والجدة والعمة والعمات وأولادهم إذا اجتمعوا مع الزوج
والزوجة وفيهم الخناثى كان الحكم مثل ذلك سواء، وإن كانوا من قبل الأم
كان المال بينهم بالسوية على ما بيناه.
ومتى كان مع الأبوين إخوة وأخوات خناثى فإنه لا يحجب الأم من الثلث
إلى السدس إلا بأربعة لأنه اليقين، لجواز أن يكونوا كلهم إناثا ولا يتقدر في الخنثى
أن يكون أبا وأما، لأنه متى كان أبا كان ذكرا بيقين، ومتى كان أما كانت أنثى
بيقين، ويتقدر أن يكون زوجا أو زوجة، على ما روي في بعض الأخبار، فإن كان
زوجا كان له نصف ميراث الزوج، ونصف ميراث الزوجة والطريق على ما
قلناه.
ومسائل الخناثى لا تنحصر، وبتركيبها يطول الكتاب، والطريقة ما قدمناه
في استخراج المسائل.
ومتى ولد مولود له رأسان على حقو واحد وبدنان تركا حتى يناما ثم
ينبهان، فإن انتبها معا كان شخصا واحدا، وإن انتبه أحدهما دون الآخر فهما
شخصان على ما وردت به الأخبار.
فصل: في ميراث الغرقى والمهدوم عليهم:
إذا غرق جماعة في وقت واحد أو انهدم عليهم حائط وكانوا يتوارثون، فإن
علم تقدم موت أحدهما ورث الآخر منهم، وإن لم يعلم من تقدم موته وأشكل
الأمر ورث بعضهم من بعض من نفس التركة، لا مما يرثه من الآخر، لأنا إن
ورثناه مما يرثه منه لما انفصلت القسمة أبدا.
وقد روى أصحابنا أنه يقدم أضعفها في الاستحقاق، ويؤخر الأقوى، مثل
زوجة وزوج فإنه يفرض المسألة أولا كان الزوج مات ويورث منه الزوجة لأن
سهمها أقل من سهم الزوج، ثم يورث بعد ذلك الزوج، وهذا مما لا يتغير به
127

حكم سواء قدمنا موت الزوج أو الزوجة إذا ورثنا أحدهما من صاحبه غير أنا
نتبع الأثر في ذلك.
ومثل أب وابن فإنه يفرض أولا موت الابن ثم موت الأب، لأن سهمه أقل،
ومتى ورثنا أحدهما من صاحبه قدر ما يستحقه فما بقي يكون للورثة الأحياء، فإن
فرضنا أن للأب وارثا آخر غير أن هذا الولد أولى منه، وفرضنا أن للولد وارثا غير
أن أباه أولى منه، فإنه يصير ميراث الابن لورثة الأب، وميراث الأب لورثة الابن،
لأنا إذا فرضنا موت الابن أولا صارت تركته للأب، وإذا فرضنا موت الأب بعد
ذلك صارت تركته خاصة للولد، وصار ما كان ورثه من ابنه لورثته الأخر،
وكذلك إذا فرضنا موت الأب صارت تركته خاصة لورثة الابن، وعلى هذا
يجري أصل هذا الباب.
وإن خلف أحدهما شيئا ولم يخلف الآخر، فإنه ينتقل ميراث من له مال إلى
الذي ليس له شئ، ومنه ينتقل إلى ورثته، ولا ينتقل إلى ورثة الذي خلف المال
شئ على حال.
وعلى هذا متى كان أخوان معتقان، فماتا وورث كل واحد منهما صاحبه
ولأحدهما مال والآخر لا مال له، فإنه تنتقل تركة الذي له مال إلى مولى الذي لا
مال له، لما قلناه، ولا ترجيح في هذه المسألة لتقديم أحدهما على صاحبه، لأن
ميراث كل واحد منهما من صاحبه على حد الآخر، وإن كان ليس لأحدهما
وارث غير صاحبه فميراثهما للإمام، لأن ما ينتقل إلى كل واحد منهما من صاحبه
لا وارث له فيصير للإمام على ما قدمناه.
فإن كان أحدهما له وارث من ذي رحم أو مولى نعمة أو مولى ضامن جريرة
أو زوج أو زوجة، فإن ميراث الذي له وارث لمن ليس له وارث، وينتقل منه إلى
الإمام، ومال من ليس له وارث لمن له وارث فينتقل منه إلى ورثته، وعلى هذا
المثال تجري مسائل هذا الباب.
وإن كان أحدهما يرث صاحبه والآخر لا يرثه، فإنه لا يورث بعضهم من
128

بعض ويكون ميراث كل واحد منهما لورثته، مثل أن يغرق أخوان ولأحدهما
أولاد والآخر لا ولد له، فإنه لا توارث بينهما، لأن مع وجود الولد لا يرث الأخ
فعلى هذا يسقط هذا الاعتبار، وتنتقل تركة كل واحد منهما إلى ورثته الأحياء،
ومتى ماتا حتف أنفهما لم يورث بعضهما من بعض، بل يكون ميراثهما لورثتهما
الأحياء لأن ذلك إنما يجوز في الموضع الذي يشتبه الحال فيه، فيجوز تقديم
موت أحدهما على صاحبه.
فصل: في ميراث المجوس:
لأصحابنا في ميراث المجوس ثلاثة مذاهب: فيهم من قال: لا يورثون إلا
بالأنساب والأسباب الصحيحة التي تجوز في شريعة الإسلام، وفيهم من قال:
يورثون بالأنساب على كل حال، ولا يورثون بسبب لا يجوز في شرع الإسلام،
وقال آخرون: يورثون بكلا الأمرين الأنساب والأسباب سواء كانا جائزين في
الشرع أو لم يكونا جائزين، وهو الذي اخترته في سائر كتبي، في " النهاية،
والخلاف، والإيجاز، وتهذيب الأحكام " وغير ذلك لأنه الأظهر في الروايات.
فعلى هذا إذا خلف مجوسي أمه هي أخته فإنها ترث بالأمومة دون الإخوة
لأن الأخت لا ترث مع الأم عندنا، فإن كانت زوجة ورثت بالأمومة والزوجية،
ولا خلاف بين الفقهاء أن النسب الفاسد لا يورث به، وإنما الخلاف بينهم في
الأسباب الفاسدة والصحيحة، وقد قلنا: إن الصحيح أن الميراث يثبت بينهم
بالزوجية على كل حال، وروي ذلك عن علي عليه السلام، وذكر ابن اللبان في
الموجز ذلك عنه.
وإذا خلف أما هي أخت لأب، ورثت بالأمومة، وإذا خلف بنتا هي بنت بنت
ورثت بأنها بنت بلا خلاف.
والأصل في هذا الباب أن المجوسي يورث بجميع قراباته ما لم يسقط
بعضها بعضا.
129

مجوسي تزوج بنته ثم مات فلها النصف بالبنوة ولها الثمن بالزوجية والباقي
رد عليها بالبنوة.
المسألة بحالها فاستولدها وجاءت ببنت ثم مات المجوسي وخلف بنتا هي
زوجته وبنت بنته، فلهما الثلثان عند المخالف، لأنهما بنتاه، وهذا صحيح أيضا
عندنا، وللبنت التي هي زوجته الثمن، والباقي رد عليهما بالبنوة.
المسألة بحالها ماتت السفلى وخلفت أما هي أخت لأب، للأم الثلث بلا
خلاف والباقي رد عليها بالأمومة عندنا، الكل للبنت بالفرض والرد، وعندهم
لها النصف لأنها بنت والنصف الآخر لأنها أخت، ومنهم من قال: للعصبة الباقي.
مجوسي تزوج بنتا له فأولدها فجاءت بولدين ذكرا وأنثى ثم مات، فقد
خلف بنتا هي زوجته، وبنت بنت وابن بنت هما لصلبه، فالمال بينهم للذكر مثل
حظ الأنثيين بلا خلاف، إلا ما قلنا من إخراج الثمن بحق الزوجية للبنت الواحدة.
ماتت الكبرى التي هي أم وخلفت بنتا هي أخت لأب، وابنا هو أخ لأب،
فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين بلا خلاف بالبنوة.
مات الابن ولم تمت الكبرى التي هي أمه، وخلف أما هي أخت لأب وأختا
لأب وأم، للأم الثلث بلا خلاف والباقي رد عليها عندنا، وعند بعضهم للأخت
للأب والأم النصف، والباقي للعصبة، وفيهم من قال: للأخت للأب والأم
النصف، وللأم السدس ولها سدس آخر لأنها أخت لأب، فتصور هاهنا أختين
هي وأختها، فكأنها تحجب نفسها بنفسها، لأجل هذا حصل لها بالأمومة السدس
لأن هاهنا حصل أختان والأم تحجب بأختين.
ماتت السفلى وهي بنت البنت وخلفت أما هي أخت لأبيها وأخا لأب وأم،
للأم الثلث والباقي رد عليها، وعند بعضهم الباقي للأخ، وعند آخرين للأم
السدس والباقي للأخ فحجبها أيضا بنفسها.
مجوسي تزوج بأمه ثم ماتت، للأم الثلث بالأمومة، والربع بالزوجية،
130

والباقي رد عليها بالأمومة.
أولدها بنتا ومات المجوسي، خلف أما وبنتا هي أخت لأمه، للأم السدس
بالفرض، والنصف للبنت، وعندنا تعطى الأم الثمن بالزوجية والباقي يرد عليها
بالأمومة والبنوة ولا شئ للأخت بسبب الإخوة، وعند بعضهم الباقي للعصبة،
وعند آخرين يرد عليها بالأخوة.
فإن ماتت البنت وخلفت أمها فهي أمه وهي جدته أم أب فلها الثلث بالأمومة
والباقي يرد عليها ولا شئ للجدة إجماعا لأنها أم أب لا ترث مع الأب.
مجوسي تزوج بأمه واستولدها بنتين ثم تزوج بإحدى البنتين واستولدها
بنتا وابنا ومات المجوسي، خلف هاهنا أما هي زوجته، وخلف بنتين هما أختان
من أم، إحديهما زوجته، وخلف بنتا وابنا هما ولداه وهما ولدا بنته، وهما ولدا أخته
من أمه، للأم السدس بالأمومة بلا خلاف، ولها الثمن بالزوجية، ولا يثبت ذلك
عندهم والباقي للبنات والابن بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
فخرج المسألة من أربعين، الثمن خمسة، وللابن أربعة عشر، ولكل واحدة
من البنات سبعة، ولا ترث البنات بكونهما أختين للأم، لأن ولد الأم لا يرث مع
الولد إجماعا، ولا يرثان بكونهما ولدي أخت، ولا بكونهما ولدي بنت لمثل
ذلك.
المسألة بحالها ماتت الأم وخلفت أربعة، بنتين وهما بنتا ابن وخلفت ولدي
ابنها وهما ولدا بنتها، للبنتين الثلثان إجماعا لكونهما بنتين، ولا يرثان بكونهما بنتي
ابن لأنهما يرثان بقرابة واحدة، ولا من قرابتين، والباقي يرد عندنا على البنتين.
وعندهم الباقي بين بنت الابن وابن الابن للذكر مثل حظ الأنثيين، وفيهم من
قال: الباقي بينهما لأن ابن الابن يعصب أختا لأب وأم ولا تعصب أختا لأب، وقال
غيره: هذا غلط لأن ابن الابن يعصب أختا لأب كما يعصب أختا لأب وأم.
المسألة بحالها مات الابن والأم بحالها ولم تمت فخلف أما وجدة وأختا
لأب وأم وأم التي هي في درجته، وخلف أختا لأب وهي خالته، للأم السدس،
131

وتسقط هاهنا الأم بسبب الجدة وترث بكونها أمه ولا ترث بكونها أختا لأبيه،
وللأخت للأب والأم النصف وللأخت للأب التي هي خالته السدس، تكملة
الثلثين، والباقي للعصبة، وعندنا إن المال كله للأم بالفرض والرد، وسقط
الباقون.
المسألة بحالها لم يمت الابن وماتت أخته وخلفت أما وجدة أما هي أخت من
أبيها وخلفت أخا لأب وأم وخلفت أختا لأب للأم السدس، وسقطت الجدة،
والباقي للأخ للأب والأم فتسقط الأخت للأب بالأخ للأب والأم، وعندنا أنها
مثل الأولى سواء.
المسألة بحالها ماتت إحدى البنتين الأولتين نظرت: فإن ماتت التي هي أمهما
فإنها ماتت وخلفت أما وأختا لأب وأم، وهي التي في درجتها، وخلفت ولدين
وهما إخوتها لأبيها، للأم السدس، والباقي لولديها، وتسقط الأخت للأب بالابن
فتصح المسألة من ثمانية عشر. لم يكن هكذا، لكن ماتت التي هي
لم تكن أم الولدين، وخلفت أمها وأختا
لأب وأم وهي التي في درجتها وهي أم الولدين وخلفت أخوين من أبيها وهما ولدا
أخت لأب وأم، للأم السدس والباقي رد عليها عندنا، وعندهم للأخت للأب والأم
النصف والباقي للأخوين من أبيها للذكر مثل حظ الأنثيين.
فصل: في ميراث الحمل والأسير والمفقود والحميل وغير ذلك:
رجل مات وخلف امرأة حبلى فإن الحمل يرث بلا خلاف، فإن خرج
واستهل فإنه يرث بلا خلاف، وإن خرج وفيه حياة مستقرة ولم يستهل فإنه يرث
أيضا ويصلى عليه استحبابا.
ويعلم أن فيه حياة مستقرة بأن يعطس أو يمص اللبن أو يبقى يومين وثلاثة،
وقال قوم: إذا لم يستهل فإنه لا يرث، ويعتبر الحياة حين يسقط وإن لم يكن فيه
حياة حال موت أبيه، ألا ترى أن الرجل لو وطئ امرأة ثم مات وجاءت بعد
132

ذلك بولد لستة أشهر فصاعدا ألحقناه به في النسب، والميراث تابع للنسب، وإن
كنا نتحقق أن حال موت أبيه ما كان مخلوقا فيه الحياة.
ومتى خرج ميتا فإنه لا يرث لما روي عنه عنه عليه السلام أنه قال: السقط لا
يرث ولا يورث، وكذلك إن خرج وهو يتحرك ويختلج حركة الموتى فإنه لا
يرث لأنه يتحرك كما يتحرك المذبوح، وكذلك إن خرج نصفه حيا ثم
خرج الباقي ميتا فإنه لا يرث، لأن الاعتبار بالحياة حال الخروج، وهذا ما كان
فيه حياة حال الخروج.
وإذا ثبت هذا نظرت: فإن لم يكن وارث غير هذا الحمل فإنه يوقف
ويحبس ماله، فإن خرج حيا دفع إليه ذكرا كان أو أنثى عندنا، وفيه خلاف،
فأما إن كان له وارث نظرت: فإن كان ممن له فرض مقدر مثل الزوج والزوجة
والأبوين فإنه يدفع فرض هؤلاء أقل ما يستحقون إما السدس أو الربع للزوج
والثمن للزوجة، ويوقف الباقي، ولا يشترط كونه معمولا لأن العول باطل على ما
بيناه.
فإن كان للميت ابن حاضر فعند قوم لا يدفع إليه شئ أصلا، وعند آخرين
يدفع إليه الخمس لأن أكثر ما تلده المرأة أربعة فيكون مع هذا خمسا.
وقال محمد بن الحسن: يدفع إلى هذا الابن ثلث المال، لأن أكثر ما جرت
به العادة أن تلد المرأة توأمين فيكون ثلاثة، وهذا الذي يقوى في نفسي.
وقال أبو يوسف: يدفع إليه النصف لأن العادة جرت أن تلد المرأة ذكرا
وأنثى.
ومن ضرب امرأة فألقت جنينا، فعندنا إن كان تاما قد شق له السمع
والبصر لزمته ديته مائة دينار، وإن لم يشق له سمع لزمه غرة عبد أو أمة، وعند
المخالف غرة، ولم يفصلوا، وتكون هذه الدية موروثة لسائر الوارث المناسبين
وغير المناسبين لهذا السقط بلا خلاف إلا ربيعة، فإنه قال: هذا العبد لأمه، وحكي
عن بعض الصحابة أنه يكون لعصبته، ويقضي الديون والوصايا من الدية بلا
133

خلاف، إلا أبا ثور فإنه قال: لا تقضي منه الدين ولا الوصية.
والحميل من جلب من بلاد الشرك فيتعارف منهم نفسان بنسب يوجب
الموارثة بينهما قبل قولهم بلا بينة وورثوا عليه، إلا أن يكونوا معروفين بغير ذلك
النسب أو قامت البينة بخلافه فيبطل حكم الإقرار.
والأسير في بلاد الشرك إذا لم يعلم موته فإنه يورث، ويوقف نصيبه إلى أن
يجئ أو يصح موته، فإن لم يعلم موته ولا حياته، فهو بمنزلة المفقود.
والمفقود لا يقسم ماله حتى يعلم موته أو يمضي مدة لا يعيش مثله إليها، فإن
مات في هذه المدة من يرثه هذا المفقود، فإنه يوقف نصيبه منه، حتى يعلم حاله
وسلم الباقي إلى الباقين، وإن سلم نصيب المفقود وميراث الحمل أيضا إلى الورثة
الحاضرين وأخذ منهم كفلا بذلك كان جائزا.
والمريض إذا طلق المرأة ومات من مرضه ذلك ورثته المرأة ما بينه وما بين
سنة ما لم تتزوج سواء كان الطلاق رجعيا أو بائنا، فإن زاد على سنة أو تزوجت
فلا ميراث لها، وهو يرثها ما دامت في العدة إذا كان الطلاق رجعيا.
إذا تزوج المريض فإن دخل بها صح العقد وتوارثا، وإن لم يدخل بها
ومات كان العقد باطلا.
والصبيان إذا زوجهما أبواهما، ثم مات واحد منهما قبل البلوغ ورثه الآخر،
فإن كان العاقد عليهما غير الأبوين فلا توارث بينهما حتى يبلغا ويرضيا، فإن ماتت
الصبية قبل البلوغ وكان الصبي قد بلغ ورضي بالعقد، لم يرثها لأن لها الخيار إذا
بلغت، وإن بلغت الصبية ورضيت بالعقد ولم يبلغ الصبي فإنها لا ترثه لأن له
الخيار إذا بلغ.
فإن بلغ الصبي ورضي بالعقد ولم تبلغ الصبية ومات الصبي عزل ميراث
الصبية، فإذا بلغت ورضيت بالعقد حلفت بالله أنه ما دعاها إلى الرضا بالعقد
الطمع في المال، فإذا حلفت يسلم إليها حقها منه، وكذلك القول في الصبي
سواء.
134

والمرأة لا ترث من زوجها من الأرضين والقرى والرباع من الدور
والمنازل، بل يقوم الطوب والخشب وغير ذلك من الآلات، وتعطى حصتها منه
ولا تعطى من نفس الأرض شيئا.
وقال بعض أصحابنا: إن هذا مخصوص بالدور والمنازل دون الأرضين
والبساتين، والأول أظهر، هذا إذا لم يكن لها منه ولد، فأما إذا كان لها ولد فإنها
تعطى حقها من جميع ذلك.
وقال أصحابنا: إن الابن الأكبر يخص بسيفه ومصحفه وخاتمه وثياب
جلده، فإن كانوا جماعة في سن واحد اشتركوا فيه، وإن كان لم يخلف غير
ذلك يسقط هذا الحكم، وفي أصحابنا من قال: إن ذلك يقوم عليهم دون أن
يعطوا بلا تقويم.
فصل: في المعاياة:
إذا قالت امرأة: إن ولدت ذكرا يرث، وإن ولدت أنثى لم ترث، وإن ولدت
ذكرا وأنثى فالذكر يرث دون الأنثى.
صورتها: رجل مات وخلف امرأة أخيه حبلى وخلف ورثة أخر ابن أخ أو
ابن عم، فإنها إن ولدت ذكرا فإنه يكون ابن الأخ، وابن الأخ يرث مع ابن
الأخ، وهكذا ابن العم يرث مع ابن العم، وإن أتت بأنثى لا ترث فإن بنت الأخ
لا ترث مع ابن الأخ.
مسألة أخرى: قوم كانوا يقسمون الميراث، قالت امرأة: لا تقتسموا لأني
حاملة، فإن ولدت أنثى فإنها ترث، وإن ولدت ذكرا فإنه لا يرث، وإن ولدت
ذكرا وأنثى فلا يرثان.
صورة المسألة: امرأة ماتت وخلفت زوجا وبنتا وأبوين وامرأة ابنها حامل،
المسألة من اثني عشر، للزوج الربع ثلاثة، وللبنت النصف ستة، وللأبوين
السدسان أربعة، يكون ثلاثة عشر، عالت الفريضة بواحدة فإن أتت امرأة ابنها
135

ببنت فإنها ترث وتعول المسألة إلى خمسة عشر، وإن أتت بابن لا يرث لأنه ابن
ابن والمسألة لا تعول بالعصبة، وهكذا إن أتت بذكر وأنثى فمثل ذلك.
وهذه المسائل لا تصح على مذهبنا لأن ولد الأخ يرث ذكرا كان أو أنثى
وهو أولى من العم وابن العم ولا يرث مع البنت للصلب ولد الولد بحال، سواء
كان ولد ابن أو ولد بنت.
عشرة من الرجال يرثون بالإجماع: الابن، وابن الابن وإن نزل، والأب
والجد وإن علا، والأخ وابن الأخ، والعم وابن العم، والزوج ومولى النعمة.
سبع من النساء يرثن بالإجماع: البنت وبنت الابن والأم والجدة والأخت
والزوجة ومولاة النعمة.
ستة لا يرثون بالإجماع: العبد والمدبر وأم الولد وقاتل العمد والمرتد
والكافر.
ستة عشر اختلفوا في توريثهم: أولاد البنات، وأولاد الأخوات، وأولاد الإخوة
من الأم، وبنات الإخوة من الأب، والعمة وأولادها، والخالة وأولادها، والخال
وأولاده، والعم أخو الأب من أمه، وأولاده، وبنات العم وأولادهن، والجد أبو
الأم، والجدة أم أبي الأم.
فعندنا أن هؤلاء كلهم يرثون، وإنما يقدم الأقرب فالأقرب وفيه خلاف.
فصل: في ذكر جمل يعرف بها سهام الفرائض:
قد ذكرنا أن السهام المسماة ستة " النصف والربع والثمن والثلثان والثلث
والسدس " فمخرج النصف من اثنين ومخرج الربع من أربعة، ومخرج الثمن
من ثمانية، ومخرج الثلثين والثلث من ثلاثة، ومخرج السدس من ستة.
فإن كان في المال نصف ونصف فاجعله من اثنين، وإن كان مع النصف
ثلاثة أو سدس فاجعلها من ستة، فإن كان معه ثمن أو ربع فاجعلها من ثمانية وإن
اجتمع ثلثان وثلث فاجعله من ثلاثة، وإذا اجتمع ربع وما بقي أو ربع ونصف
136

وما بقي فاجعلها من أربعة، وإن كان ثمن وما بقي أو ثمن ونصف وما بقي فاجعله
من ثمانية، فإن كان مع الربع ثلث أو سدس فاجعلها من اثني عشر، وإن كان
مع الربع ثلثان فاجعلها من اثني عشر، وإن كان مع الثمن ثلثان أو سدس
فاجعلها من أربعة وعشرين.
فإن زاد من له أصل الفرائض على واحد ولم يخرج سهامهم على صحة
ضربت عددهم في أصل الفريضة مثل أبوين وخمس بنات، للأبوين السدسان
سهمان من ستة، ويبقى أربعة لا ينقسم على الصحة، تضرب عدد البنات وهي
خمسة في أصل الفريضة وهي ستة فيكون ثلاثين، لكل واحد من الأبوين خمسة
أسهم ولكل واحدة من البنات أربعة أسهم.
وإن كان من بقي بعد الفرائض أكثر من واحد، ولم تصح القسمة فاضرب
عدد من له ما بقي في أصل الفريضة، مثل أبوين وزوج وبنتين، للزوج الربع،
وللأبوين السدسان، يخرج من اثني عشر يبقى بعد فرائضهم خمسة فتنكسر على
البنتين، فتضرب عدد البنتين وهو اثنان في اثني عشر فيكون أربعا وعشرين، لكل
واحد من الأبوين أربعة أسهم وللزوج ستة أسهم، ولكل واحد من البنتين خمسة
أسهم.
وإن بقي بعد الفرائض ما يجب رده على أرباب الفرائض أو على بعضهم
بعد فرائضهم ولم تصح القسمة، فاجمع مخرج فرائض من يجب عليه الردة
واضرب في أصل الفريضة، مثل أبوين وبنت، للأبوين السدسان، وللبنت
النصف، ويبقى سهم واحد من ستة أسهم، فتأخذ مخرج السدس وهو الثلث من
ثلاثة، ومخرج النصف من اثنين فيكون خمسة فتضرب في ستة وهو أصل
الفريضة فيكون ثلاثين، لكل واحد من الأبوين خمسة أسهم بالفرض، وللبنت
خمسة عشر سهما بالفرض ويبقى خمسة أسهم لكل واحد من الأبوين سهم واحد
بالرد، وللبنت ثلاثة أسهم بالرد.
فإن كانت المسألة بحالها ووجب الرد على بعضهم بأن يكون هناك إخوة
137

وأخوات، فإن عند ذلك لا تستحق الأم أكثر من السدس، وما وجب من الرد
عليها يتوفر على الأب، فإنه يكون مثل الأولى سواء، غير أن السهم المردود على
الأم يوفر على الأب فيحصل للأب سبعة أسهم، وللأم خمسة أسهم، وللبنت ثمانية
عشر سهما.
فإن فرضنا أن المسألة فيها زوج فإنها تستحق الثمن فتصح المسألة من
أربعة وعشرين، للأبوين السدسان ثمانية، وللبنت النصف اثنا عشر، وللزوجة
الثمن ثلاثة، وبقى سهم يحتاج إلى أن يرد على الأبوين دون الزوجة، فتضرب
سهامهم وهي خمسة في أصل الفريضة وهي أربعة وعشرين، تصير مائة وعشرين،
للزوجة الثمن خمسة عشر، وللبنت النصف ستون، وللأبوين السدسان أربعون،
يبقى خمسة أعطي كل واحد من الأبوين سهما والثلاثة أسهم للبنت، فإن كان
هناك من يحجب الأم وفر سهمها من الرد على الأب فيحصل معه سهمان من الرد
ولا شئ للأم.
فصل: في ذكر جمل من استخراج المناسخات:
العمل في تصحيح ذلك أن تصحح مسألة الميت الأول ثم تصحح مسألة
الميت الثاني، وتقسم ما يخص الميت الثاني من المسألة الأولى على سهام مسألته،
فإن انقسمت فقد صحت المسألتان معا مما صحت منه مسألة الميت الأول.
مثال ذلك: رجل مات وخلف أبوين وابنين، فالمسألة تخرج من ستة،
للأبوين السدسان، ولكل واحد من الابنين اثنان فإذا مات أحد الابنين وخلف
ابنين كان لكل واحد منهما سهم من هذين السهمين، فقد صحت المسألتان من
المسألة الأولى.
وإن لم تنقسم الثانية من المسألة الأولى نظرت في سهام من يستحق المسألة
الثانية وجمعتها وضربتها في سهام المسألة الأولى صحت لك المسألتان معا، مثل
المسألة التي قدمناها.
138

فيفرض أن أحد الابنين مات وخلف ابنا وبنتا وكان له سهمان من ستة لم
يمكن قسمتهما عليهما، ضربت سهم الابن وهو اثنان وسهم البنت وهو واحد في
أصل الفريضة الأولى وهي ستة فيصير ثمانية عشر، يكون للأبوين السدسان ستة،
ولكل واحد من الابنين ستة.
فإذا مات الابن وخلف ابنا وبنتا كان للابن من ذلك أربعة، وللبنت اثنان،
وكذلك إن مات ثالث ورابع صحح مسألة كل ميت ثم أقسم ماله من مسائل
المتوفين قبله من السهام على سهام مسألته، فإن انقسمت فقد صحت لك المسائل
كلها، وإن لم تصح فاضرب جميع مسألته فيما صحت منه مسائل المتوفين قبله،
فما اجتمع صحت منه المسائل كلها، والله تعالى الموفق للصواب.
139

تبصرة المتعلمين
في أحكام الدين
للشيخ جمال الدين أبي منصور الحسن بن سديد الدين
يوسف بن زين الدين علي بن محمد مطهر الحلي المشتهر بالعلامة الحلي
والعلامة على الإطلاق
647 - 726 ه‍. ق
141

كتاب الميراث
وفيه فصول:
الأول: في أسبابه:
وهي شيئان، نسب وسبب، فالنسب مراتبه ثلاث:
الأولى: الأبوان والأولاد:
فللأب المنفرد المال، وللأم وحدها الثلث والباقي رد عليها، ولو اجتمعا كان
الباقي له، ولو كان معهما زوج أو زوجة فله نصيبه وللأم الثلث والباقي للأب،
وللابن المال، وكذا الاثنين فما زاد بالسوية، ولو انفردت البنت فلها النصف
والباقي رد عليها، وللاثنتين فما زاد الثلثان والباقي رد عليهما، فلو اجتمع الذكور
والإناث من الأولاد فللذكر مثل حظ الأنثيين.
ولكل واحد من الأبوين مع الذكور السدس والباقي للأولاد، ولو كان
معهم إناث فالباقي بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
ولكل واحد من الأبوين منفردا مع البنت الربع بالتسمية والرد والباقي
للبنت كذلك، ومع البنتين فما زاد الخمس، ولهما معا مع البنت الخمسان تسمية
وردا والباقي لها، ومع البنتين فما زاد الثلث، ولو شاركهم زوج أو زوجة دخل
النقص على البنت أو البنات.
143

مسائل:
الأولى: إذا خلف الميت مع الأبوين أخا وأختين أو أربع أخوات أو أخوين،
حجبوا الأم عما زاد على السدس بشرط أن يكونوا مسلمين، غير قاتلين ولا
مماليك، منفصلين غير حمل، ويكونوا من الأبوين، أو من الأب ويكون الأب
موجودا، فإن فقد أحد هذه فلا حجب، وإذا اجتمعت الشرائط فإن لم يكن معهما
أولاد فللأم السدس خاصة والباقي للأب، وإن كان معهما بنت فلكل من الأبوين
السدس وللبنت النصف، والباقي يرد على الأب والبنت أرباعا.
الثانية: أولاد الأولاد يقومون مقام الأولاد عند عدمهم، ويأخذ كل فريق منهم
نصيب من يتقرب به، فلأولاد البنت مع أولاد الابن الثلث للذكر مثل حظ
الأنثيين، ولأولاد الابن الثلثان كذلك، والأقرب يمنع الأبعد ويشاركون الأبوين
كآبائهم، ويرد على أولاد البنت كما يرد عليها ذكورا كانوا أو إناثا.
الثالثة: يحبى الولد الذكر الأكبر بثياب بدن الميت وخاتمه وسيفه ومصحفه،
إذا لم يكن سفيها ولا فاسد الرأي، بشرط أن يخلف الميت غير ذلك، وعليه ما
على الميت من صلاة وصيام.
المرتبة الثانية: الإخوة والأجداد:
إذا لم يكن للميت ولد - وإن نزل - ولا أحد الأبوين، كان ميراثه للأخوة
والأجداد، فللأخ من الأبوين فما زاد المال، وللأخت من قبلهما النصف والباقي رد
عليهما، وللأختين منهما فما زاد الثلثان والباقي رد عليهما.
ولو اجتمع الذكور والإناث فللذكر مثل حظ الأنثيين، وللواحد من ولد الأم
ذكرا أو أنثى السدس والباقي رد عليه، وللاثنين فصاعدا الثلث والباقي رد عليهم
الذكر والأنثى سواء.
ويقوم من يتقرب بالأب خاصة مقام من يتقرب بالأبوين من غير مشاركة
وحكمهم حكمهم.
144

ولو اجتمع الإخوة من الأبوين مع الإخوة من كل واحد منهما كان لمن
يتقرب بالأم السدس إن كان واحدا والثلث إن كانوا أكثر بينهم بالسوية وإن
كانوا ذكورا وإناثا، ولمن تقرب بالأبوين الباقي واحدا كان أو أكثر للذكر مثل
حظ الأنثيين وسقط الإخوة من الأب.
ولو اجتمع الإخوة من الأم مع الإخوة من الأب خاصة كأن لم تقرب بالأم
السدس إن كان واحدا، والثلث إن كان أكثر بالسوية، والباقي لمن تقرب بالأب
للذكر مثل حظ الأنثيين.
ولو كان الإخوة من قبل الأب إناثا كان الرد بينهن وبين المتقرب بالأم
أرباعا أو أخماسا وللزوج والزوجة نصيبهما الأعلى، ويدخل النقص على المتقرب
بالأبوين أو بالأب.
وللجد إذا انفرد المال، وكذا الجدة، ولو اجتمعا لأب فللذكر ضعف الأنثى،
وإن كانا لأم فبالسوية.
ولو اجتمع المختلفون فللمتقرب بالأم الثلث وإن كان واحدا والباقي
للمتقرب بالأب، ولو دخل الزوج أو الزوجة دخل النقص على المتقرب بالأب،
والأقرب يمنع الأبعد.
ولو اجتمع الإخوة والأجداد كان الجد كالأخ والجدة كالأخت، والجد
وإن علا يقاسم الإخوة.
وأولاد الإخوة والأخوات يقومون مقام آبائهم عند عدمهم في مقاسمة
الأجداد، وكل واحد منهم يرث نصيب من يتقرب به، ويقتسمون بالسوية إن
كانوا لأم، وإن كانوا لأب فللذكر ضعف الأنثى.
المترتبة الثالثة: الأعمام والأخوال:
وإنما يرثون مع فقد الأولين، فللعم وحده المال، وكذا العمان فما زاد،
وكذا العمة والعمتان والعمات، ولو اجتمعوا فللذكر منهم مثل حظ الأنثيين، ولو
145

تفرقوا فللواحد من الأم السدس، وللزائد عليه الثلث بالسوية والباقي لمن تقرب
بالأبوين واحدا أو أكثر للذكر ضعف الأنثى، وسقط المتقرب بالأب، ولو فقد
المتقرب بهما قام المتقرب بالأب مقامه وحكمه حكمه.
وللخال المنفرد المال، وكذا الخالان فما زاد، وكذا الخالة والخالتان
والخالات، ولو اجتمعوا تساووا، ولو تفرقوا فللمتقرب بالأم السدس وإن كان
واحدا، والثلث إن كان أكثر بالسوية، والباقي لمن يتقرب بالأبوين واحدا كان أو
أكثر بالسوية، وسقط المتقرب بالأب، ولو فقد المتقرب بهما قام المتقرب بالأب
مقامه كهيئته.
ولو اجتمع الأخوال والأعمام فللأخوال الثلث وإن كان واحدا ذكرا أو
أنثى، والباقي للأعمام، فإن تفرق الأخوال فللمتقرب بالأم سدس الثلث إن كان
واحدا، وثلثه إن كان أكثر بالسوية، والباقي لمن تقرب بالأبوين، وسقط المتقرب
بالأب، وللأعمام الباقي، فإن تفرقوا فللمتقرب بالأم سدسه إن كان واحدا، وإلا
فالثلث، والباقي للمتقرب بهما، وسقط المتقرب بالأب، وللزوج أو الزوجة نصيبه،
وللمتقرب بالأم ثلث الأصل، والباقي للمتقرب بهما أو بالأب.
ويقوم أولاد العمومة والعمات والخؤولة والخالات مقام آبائهم مع عدمهم،
ويأخذ كل منهم نصيب من يتقرب به، واحدا كان أو أكثر، والأقرب يمنع الأبعد
إلا في صورة واحدة، وهي: ابن عم من الأبوين مع العم من الأب، فإن المال لابن
العم خاصة.
وعمومة الأب وخؤولته وعمومة الأم وخؤولتها يقومون مقام العمومة
والعمات والخؤولة والخالات مع فقدهم، والأقرب يمنع الأبعد، وأولاد العمومة
والخؤولة وإن نزلوا يمنعون عمومة الأب وخؤولته وعمومة الأم وخؤولتها.
ولو اجتمع للوارث سببان متشاركان ورث بهما، كابن عم لأب هو ابن
خال الأم، أو زوج هو ابن عم، مع ابن عم أو ابن خال.
ولو منع أحدهما الآخر ورث من قبل المانع كابن عم الأب هو أخ لأم.
146

الفصل الثاني: في الميراث بالسبب:
وهو اثنان: الزوجة والولاء.
فللزوج مع عدم الولد النصف، ومعه وإن نزل الربع، وللزوجة مع عدمه
الربع ومع وجوده الثمن، ولو فقد غيرهما رد على الزوج، وفي الزوجة قولان
ويتشارك ما زاد على الواحدة في الثمن أو الربع.
ويرث كل منهما من صاحبه مع الدخول وعدمه، ومع الطلاق الرجعي،
ويرث الزوج من جميع التركة، وكذا المرأة إذا كان له ولد منها، ولو فقد ورثت
إلا من العقارات والأرضين، فتقوم الأبنية والآلات والنخيل والأشجار وترث من
القيمة.
ولو تزوج المريض ودخل ورثت، وإلا فلا مهر ولا ميراث.
وأما الولاء: فأقسامه ثلاثة:
ولاء العتق: ويرث المعتق عتيقه مع التبرع وعدم التبرؤ من الجريرة بعد فقد
النسب، ويشارك الزوج والزوجة، ولو كان المنعم متعددا تشاركوا، ولو عدم
فالأقرب انتقال الولاء إلى الأبوين والأولاد الذكور، فإن فقدوا فللعصبة، ولو كان
المنعم امرأة انتقل إلى عصبتها دون أولادها.
ولا يرث الولاء من يتقرب بالأم، ولا يصح بيعه ولا هبته ولا اشتراطه في
بيع.
وجر الولاء صحيح، فلو حملت المعتقة بعد العتق من مملوك حرا فولاؤه
لمولاها، فإذا أعتق الأب انجر الولاء إلى معتق أبيه، فإن فقد فلأبويه وأولاده
الذكور، فإن فقدوا فلعصبته، فإن فقد فلمولى مولى الأب، فإن فقد فلمولى عصبة
المولى، فإن فقد فللضامن، فإن فقد فللإمام.
ولا يرجع إلى مولى الأم، ولو مات المنعم عن اثنين ثم مات المعتق بعد موت أحدهما
شارك الحي ورثة الميت.
الثاني: ولاء تضمن الجريرة: ومن توالى إنسانا يضمن حدثه ويكون ولاؤه له،
147

وورث مع فقد كل مناسب ومسابب، ويشارك الزوجين، وهو أولى من الإمام،
ولا يتعدى الضامن، ولا يضمن إلا سائبة - كالمعتق - واجبا، أو من لا وارث
سواه.
الثالث: ولاء الإمامة: وإذا فقد كل مناسب ومسابب انتقل الميراث إلى الإمام
يعمل به ما شاء وكان علي عليه السلام يضعه في فقراء بلده وضعفاء جيرانه،
ومع الغيبة يقسم في الفقراء.
الفصل الثالث: في موانع الإرث:
وهي ثلاثة: كفر وقتل ورق.
أما الكفر: فلا يرث الكافر المسلم وإن قرب، ولا يمنع من يتقرب به، فلو
كان للمسلم ولد كافر وله ابن مسلم ورث الجد ولو فقد المسلم كان الميراث
للإمام، والمسلم يرث الكافر، ويمنع مشاركة الكفار، فلو كان للكافر ولد كافر
وابن عم مسلم فميراثه لابن العم، ولو أسلم الكافر قبل القسمة شاركه إن كان
مساويا وأخذ الجميع إن كان أولى، سواء كان الميت مسلما أو كافرا، ولو كان
الوارث واحدا وأسلم الكافر لم يرث.
والمسلمون يتوارثون وإن اختلفوا في الآراء، والكفار يتوارثون وإن اختلفوا
في الملل، والمرتد عن فطرة يقتل في الحال، وتعتد امرأته من حين الارتداد عدة
الوفاة، ويقسم ميراثه، ولا تسقط هذه الأحكام بالتوبة، وعن غيره فطرة يستتاب،
فإن تاب وإلا قتل، وتعتد زوجته عدة الطلاق، ولا تقسم أمواله إلا بعد القتل، ولو
تكرر قتل في الرابعة.
والمرأة إذا ارتدت حبست وضربت أوقات الصلاة حتى تتوب أو تموت وإن
كانت عن فطرة، وميراث المرتد للمسلم ولو لم يكن إلا كافرا انتقل إلى الإمام،
والمرتد لا يرث المسلم.
148

الثاني: وهو يمنع الوارث من الإرث إن كان عمدا ظالما، ولو كان خطأ منع
من إرث الدية على قول، وميراث المقتول لغير القاتل وإن بعد أو تقرب بالقاتل،
ولو فقد فللإمام.
والدية يرثها من يتقرب بالأب ذكورا أو إناثا والزوج والزوجة، وفي
المتقرب بالأم قولان، ولو لم يكن للمقتول عمدا وارث لم يكن للإمام العفو بل
أخذ الدية أو القتل، ويقتضي من الدية الديون والوصايا، وإن كانت للعمد، وليس
للديان المنع من القصاص.
الثالث: الرق، وهو مانع في الطرفين ولو اجتمع الحر مع المملوك فالمال
للحر وإن بعد، ولو أعتق قبل القسمة شارك مع المساواة واختص مع الأولوية.
ولو كان الوارث واحدا وأعتق لم يرث، ولو لم يكن وارث إلا المملوك
أجبر مولاه على أخذ القيمة من التركة وأعتق وأخذ الباقي، ولو قصرت التركة لم
يفك.
وميراث المملوك لمولاه وإن قلنا أنه يملك، فالمدبر وأم الولد والمكاتب
المشروط أو المطلق إذا لم يتحرر منه شئ كالقن.
الفصل الرابع: في مخارج السهام:
النصف من اثنين، والثلث والثلثان من ثلاثة، والربع من أربعة، والسدس
من ستة، والثمن من ثمانية، ولو كان في الفريضة ربع وسدس فمن اثني عشر،
والثمن والسدس من أربعة وعشرين.
وقد تنكسر الفريضة فيضرب عدد من انكسر في أصل الفريضة - إن لم يكن
بين نصيبهم وعددهم وفق مثل: أبوين وخمس بنات، وإلا ضربت الوفق من
العدد كأبوين وست بنات تضرب ثلاثة وفق العدد مع النصيب في الفريضة.
149

ولو قصرت الفريضة بدخول الزوج أو الزوجة دخل النفص على البنت أو
البنات والأخت أو الأخوات للأبوين أو للأب، ولو زادت الفريضة ردت على غير
الزوج والزوجة والأم مع الإخوة، وذو السببين أولى بالرد من السبب الواحد.
ولو مات بعض الوراث قبل القسمة وتغاير الوارث أو الاستحقاق فاضرب
الوفق من الفريضة الثانية في الفريضة الأولى، وإن لم يكن وفق فاضرب الفريضة
الثانية في الأولى.
الفصل الخامس: في ميراث ولد الملاعنة والزنى والحمل والمفقود:
ولد الملاعنة: ترثه أمه ومن يتقرب بها وولده وزوجه أو زوجته، وهو يرثهم،
فلا توارث بينه وبين الأب ومن يتقرب به، ولو ترك أخوة من الأبوين مع أخوة
من الأم تساووا في ميراثه.
وولد الزنى لا يرثه الزاني ولا الزانية ولا من يتقرب بهما ولا يرثهم، وإنما يرثه
ولده وزوجه أو زوجته وهو يرثهم، ومع عدمهم الإمام.
والحمل إن سقط حيا ورث وإلا فلا، ويوقف له قبل الولادة نصيب ذكرين
احتياطا، ويعطي أصحاب الفرض أقل النصيبين، ودية الجنين لأبويه ومن يتقرب
بهما أو بالأب.
والمفقود يقسم أمواله بعد مضي مدة لا يمكن أن يعيش مثله إليها غالبا.
الفصل السادس: في ميراث الخنثى:
وهو من له فرجان فأيهما سبق بالبول منه حكم له، ولو تساويا حكم للمتأخر
في الانقطاع، فإن تساويا أعطي نصف سهم رجل ونصف سهم امرأة.
ولو خلف ولدين ذكرا وخنثى فرضتهما ذكرين ثم ذكرا وأنثى، وضربت
إحدى الفريضتين في الأخرى، ثم المجتمع في حالتيه فيكون اثنا عشر، للخنثى
خمسة وللذكر سبعة، ولو كان معه أنثى كان لها خمسة وللخنثى سبعة ولو
150

اجتمعا معه فالفريضة من أربعين، ولو فقد الفرجين ورث بالقرعة.
ومن له رأسان أو بدنان على حقو واحد، يصاح به فإن انتبها معا فواحد وإلا
فاثنان.
الفصل السابع: في ميراث الغرقى والمهدوم عليهم:
وهؤلاء يتوارثون بشروط: أن يكون لهما أو لأحدهما مال وكانوا يتوارثون
ويشتبه المتقدم، وفي ثبوت الحكم بغير الغرق والهدم إشكال، ومع الشرائط
يرث كل منهم من صاحبه لا مما ورث منه، ويقدم الأضعف في الإرث، فلو غرق
أب وابن فرض موت الابن وأخذ الأب نصيبه ثم يرث الابن نصيبه من تركة الأب
مما ورث وينتقل نصيب كل واحد منهما إلى وارثه، ولو كان لأحد الآخرين مال
انتقل ماله إلى ورثة الآخر، ولو لم يكن وارث كان للإمام.
الفصل الثامن: في ميراث المجوس:
وهؤلاء يرثون بالنسب والسبب صحيحهما وفاسدهما - على خلاف، فلو
ترك أما هي زوجة فلها نصيبها، ولو كان أحدهما مانعا ورث به خاصة كبنت
هي بنت بنت، فإنها ترث نصيب البنت خاصة.
151

إرشاد الأذهان
للشيخ جمال الدين أبي منصور الحسن بن سديد الدين يوسف بن زين الدين
علي بن محمد مطهر الحلي المشتهر بالعلامة الحلي والعلامة على الإطلاق
647 - 726 ه‍. ق
153

كتاب الميراث
وفيه مقاصد:
الأول: في أسبابه:
وهي شيئان: النسب، والسبب. والنسب ثلاث مراتب: الآباء والأولاد، ثم
الأجداد والإخوة، ثم الأعمام والأخوال. والسبب: زوجية، وولاء. والولاء ثلاثة:
المعتق، وضامن الجريرة، والإمام.
الفصل الأول: في الأبوين والأولاد:
وكل من الأبوين إذا انفرد أخذ المال، لكن للأم الثلث بالتسمية والباقي
بالرد، ولو اجتمعا فللأم الثلث مع عدم الإخوة - والسدس معهم - وللأب الباقي.
وإن انفرد الابن أخذ المال، وإن كانا اثنين فصاعدا تشاركوا بالسوية، فإن
انفردت البنت فلها النصف تسمية والباقي ردا، وإن كانتا اثنتين فصاعدا فلهن
الثلثان تسمية والباقي ردا، ولو اجتمع الذكور والإناث فللذكر مثل حظ الأنثيين.
ولكل من الأبوين مع الذكور أو الذكور والإناث السدس، والباقي للأولاد
بالسوية إن كانوا ذكورا، وإلا فللذكر مثل حظ الأنثيين، وللأبوين مع البنت
السدسان، ولها النصف والباقي يرد عليهم أخماسا، ومع الإخوة يرد على البنت
والأب أرباعا، ولأحدهما معها السدس، ولها النصف والباقي يرد عليهم أرباعا،
155

ولأحدهما مع البنتين فصاعدا السدس وللبنات الثلثان والباقي يرد أخماسا،
وللأبوين مع البنتين فصاعدا السدسان، والباقي للبنتين فصاعدا.
وللزوج والزوجة مع أحد الأبوين حصته العليا، والباقي لأحد الأبوين ومع
الأبوين له ذلك، وللأم ثلث الأصل إن لم يكن إخوة، والسدس معهم والباقي
للأب، وللزوج والزوجة مع الأولاد حصته الدنيا، والباقي للأولاد على ما فصل،
وللزوج مع الأبوين والبنت حصته الدنيا، وللأبوين السدسان والباقي للبنت، وإن
كانت زوجة فالفاضل عن السهام يرد على البنت والأبوين أخماسا، ومع الإخوة
على البنت والأب أرباعا، ولأحدهما مع أحد الأبوين والبنت حصته الدنيا. ولأحد
الأبوين السدس وللبنت النصف والباقي يرد على البنت وأحد الأبوين أرباعا،
ولأحدهما مع الأبوين والبنتين حصته الدنيا، وللأبوين السدسان والباقي للبنتين
وللزوج مع أحد الأبوين والبنتين حصته الدنيا ولأحد الأبوين السدس والباقي
للبنتين - ولا عول في المسألتين - وللزوجة مع أحد الأبوين والبنتين الثمن،
ولأحد الأبوين السدس، وللبنات الثلثان والباقي رد على أحد الأبوين والبنات
أخماسا.
ومع فقد الأولاد يقوم أولادهم مقامهم في مقاسمة الأبوين، ولكل نصيب من
يتقرب به: فلبنت الابن الثلثان، ولابن البنت ثلث، ولو انفرد ابن البنت فله النصف
والباقي بالرد، ويرد عليه مع الأبوين كما يرد على البنت، ولولد الابن جميع المال
إن انفرد - ذكرا كان أو أنثى - والفاضل عن الفرائض إن شارك ولا يرث ولد
الولد ذكرا كان أو أنثى مع ولد الصلب ذكرا أو أنثى، وكل أقرب يمنع الأبعد،
ويشاركون الزوج والزوجة كآبائهم، وكل من أولاد الابن وأولاد البنت
يقتسمون المال للذكر مثل حظ الأنثيين، ويمنع الأولاد كل من يتقرب بالأبوين
من الإخوة والأجداد والأعمام والأخوال وأولادهم، ومن يتقرب بهم كأولاد
الأولاد، وكذا أولاد الأولاد، والأبوان يمنعان آباءهم، لكن يستحب الإطعام إن
زاد النصيب عن السدس بسدس الأصل، فلو كان الأبوان مع أخوة استحب
156

للأب طعمة أبويه دون الأم، فلو كان معهما زوج استحب للأم طعمة أبويها دون
الأب.
ويحبى الولد للصلب المؤمن الذكر الأكبر غير السفيه بثياب بدن أبيه،
وخاتمه، وسيفه، ومصحفه إن خلف الميت غيرها، وعليه ما فات الأب من صلاة
وصيام، ولو كان الأكبر أنثى خص أكبر الذكور.
الفصل الثاني: في ميراث الإخوة والأجداد:
للأخ المنفرد من الأبوين المال، وللأخوين فصاعدا كذلك بالسوية،
وللأخت لهما النصف تسمية والباقي ردا، وللأختين لهما فصاعدا الثلثان تسمية
والباقي ردا، فإن اجتمع الذكور والإناث فالمال بينهم للذكر ضعف الأنثى،
وللواحد من الأم ذكرا أو أنثى السدس، وللزائد الثلث بالسوية وإن كانوا ذكورا
وإناثا، والباقي رد عليه أو عليهم، ولو اجتمع المتقرب بالأبوين مع المتقرب بالأم،
فللمتقرب بالأم السدس إن كان واحدا، والثلث إن كان أكثر، والباقي للمتقرب
بهما ذكرا أو أنثى واحدا أو أكثر، ولا شئ للمتقرب بالأب ذكرا أو أنثى مع
المتقرب بالأبوين ذكرا كان أو أنثى، فإن فقد المتقرب بالأبوين قام المتقرب
بالأب مقامه على هيئته، إلا أن للأخت من الأب مع الواحد من الأم النصف،
وللواحد السدس، والباقي رد عليهما بالنسبة على رأي، ولها مع الأزيد النصف،
ولهم الثلث والباقي يرد أخماسا على رأي، ولو اجتمع الإخوة المتفرقون،
فللمتقرب بالأم السدس إن كان واحدا والثلث إن كان أكثر، الذكر والأنثى
سواء، والباقي للمتقرب بالأبوين للذكر ضعف الأنثى، ويسقط المتقرب بالأب.
وللجد أو الجدة المال إذا انفرد، لأب كان أو لأم، ولهما المال للذكر مثل
حظ الأنثيين إن كانا لأب، وبالسوية إن كانا لأم، وللجد أو الجدة أو لهما للأم
الثلث بالسوية، والباقي للجد أو الجدة أو لهما لأب، للذكر ضعف الأنثى.
ولو اجتمع الأجداد والإخوة فالجد للأم كالأخ لها، والجدة لها كالأخت
157

منها، والجد للأب كالأخ للأبوين، والجدة له كالأخت لهما، وللجد أو الجدة
أو لهما من الأم مع الإخوة للأبوين أو للأب مع عدمهم الثلث، ولو كانا أو أحدهما
مع الأخت للأبوين، الثلث فالباقي للأخت تسمية وردا، ومع الأخت من الأب
إشكال في الرد، والأدنى يمنع الأبعد، والأبعد يشارك الإخوة كالأقرب مع
عدمه، ولأجداد الأب الأربعة الثلثان، ثلثاهما للجدين من قبل أب الأب الذكر
ضعف الأنثى، وثلثهما للجدين من قبل أم الأب كذلك، وثلث الأصل لأجداد
الأم الأربعة بالسوية، ويصح من مائة وثمانية.
والزوج والزوجة يأخذ كل منهما نصيبه الأعلى مع الإخوة والأجداد
وأولادهم، ولأحدهما مع الإخوة من الأم سهمه الأعلى، والثلث للأخوة من الأم
تسمية والباقي لهم ردا، ولو كان واحدا فله السدس تسمية والباقي ردا، ولأحدهما
مع الأخت من الأب أو من الأبوين سهمه الأعلى، وللأخت النصف تسمية والباقي
ردا، ولأحدهما مع الإخوة المتفرقين نصيبه الأعلى، وللأخوة من الأم ثلث الأصل
والباقي للمتقرب بالأبوين، ومع عدمهم فللمتقرب بالأب، ويدخل النقص عليهم
دون كلالة الأم، وإن كان المتقرب بالأم واحد فله السدس، والباقي للمتقرب
بالأبوين أو بالأب مع عدمهم، فإن كان المتقرب بالأب أنثى رد الفاضل على
المتقرب بالأم والمتقرب بالأب على النسبة على رأي.
ويقوم أولاد الإخوة والإخوة والأخوات مقام آبائهم مع عدمهم، ولكل نصيب من
يتقرب به، فإن كانوا من قبل الأب أو الأبوين فللذكر مثل حظ الأنثيين، وإلا
فبالسوية، ولأولاد الأخت للأب أو لهما النصف للذكر ضعف الأنثى، والباقي لهم
بالرد إن فقد المشارك، ولأولاد الأختين الثلثان لكل نصيب من يتقرب به، ويقوم
مقامهم مع عدمهم أولاد الإخوة للأب، ويدخل النقص بدخول الزوج أو الزوجة
عليهم دون المتقرب بالأم، ولأولاد الأخت من الأم السدس بالسوية، ولأولاد
الأختين فصاعدا الثلث لكل نصيب من يتقرب به، ولو اجتمع الكلالات مع
الزوج أو الزوجة، فللزوج أو الزوجة نصيبه الأعلى، ولأولاد الإخوة للأم ثلث
158

الأصل، ولأولاد الإخوة من الأبوين الباقي، وسقط المتقرب بالأب، ولو فضل عن
السهام رد على المتقرب بالأبوين خاصة، ومع عدمهم يرد على المتقرب بالأم
وعلى المتقرب بالأب بالنسبة على رأي، ويقاسمون الأجداد كآبائهم، ويمنع
الإخوة وأولادهم وإن نزلوا والأجداد وإن علوا الأعمام والأخوال وأولادهم.
الفصل الثالث: في ميراث الأعمام والأخوال:
للعم المنفرد المال، وكذا العمان والأعمام بالسوية إن كانوا من درجة
واحدة، وكذا العمة والعمتان والعمات، ولو اجتمع الذكور والإناث، فإن كانوا
من قبل الأب أو الأبوين فللذكر ضعف الأنثى، وإلا تساووا، ولا ترث المتقرب
بالأب مع المتقرب بالأبوين إذا تساووا في الدرجة، ولو اجتمع المتفرقون، فلمن
تقرب بالأم السدس إن كان واحدا، والثلث إن كانوا أكثر للذكر مثل الأنثى،
والباقي للمتقرب بالأبوين للذكر ضعف الأنثى، ويسقط المتقرب بالأب، ويقوم
المتقرب بالأب مقام المتقرب بهما عند عدمهم ذكرهم ضعف إناثهم، والأقرب
بدرجة وإن كان من جهة واحدة يمنع الأبعد وإن كان من جهتين إلا في مسألة
إجماعية وهو: ابن العم من الأبوين يمنع العم من الأب.
ولو كان معهما خال أو عمة، أو كان عوض العم عمة أو عوض الابن بنتا،
فالأقرب أولى، وللخال المال إذا انفرد، وكذا الخالات والأخوال والخالة
والخالتان والخالات مع تساوي الدرجة، ولو اجتمعوا فالذكر والأنثى سواء، ولو اختلفوا،
فلمن تقرب بالأم السدس إن كان واحدا، والثلث للأزيد، والباقي للمتقرب
بالأبوين الذكر والأنثى سواء، ولا شئ للمتقرب بالأب، ويقوم المتقرب بالأب
مقام المتقرب بالأبوين عند عدمهم كهيئتهم، والأقرب وإن تقرب بجهة يمنع
الأبعد وإن تقرب بجهتين.
ولو اجتمع الأخوال والأعمام، فالثلث للخال أو الخالة أو لهما بالسوية،
والثلثان للعم أو العمة أو لهما، ولو اجتمع الأخوال المتفرقون مع الأعمام
159

المتفرقين، فلمن تقرب بالأم من الأخوال سدس الثلث إن كان واحدا، وثلثه إن
كان أكثر، والباقي من الثلث للمتقرب بالأبوين بالسوية، وسقط المتقرب بالأب،
وللعمومة من الأم ثلث الثلثين بالسوية، وإن كان واحدا فسدس، والباقي للمتقرب
بالأبوين الذكر ضعف الأنثى، وسقط المتقرب بالأب.
وأولاد العمومة والعمات والخؤولة والخالات يأخذ كل نصيب من يتقرب
به، فلأولاد العم للأم السدس بالسوية، ولأولاد العمين الثلث لكل نصيب من
يتقرب به بالسوية، والباقي لبني العم، أو العمومة للأبوين لكل نصيب من يتقرب
به الذكر ضعف الأنثى، ومع عدمهم لبني العمومة من الأب كذلك، وكذا أولاد
الخؤولة وعمومة الميت وعماته وخؤولته وخالاته وأولادهم وإن نزلوا، يمنعون
عمومة الأب وعماته وخؤولته وخالاته وعمومة الأم وخالاتها.
فإن فقد العمومة والخؤولة وأولادهم، فلعمومة الأب والأم وخؤولتهما
وأولادهم وإن نزلوا، وكل بطن وإن نزلت تمنع البطن العليا، وابن عم أب الأب
أولى من عم الجد.
ولو اجتمع عم الأب وعمته وخاله وخالته، وعم الأم وعمتها وخالها
وخالتها، فلمن تقرب بالأم الثلث بالسوية، ولخال الأب وخالته ثلث الثلثين
بالسوية، والباقي لعم الأب وعمته للذكر ضعف الأنثى، فيصح من مائة وثمانية.
ولو اجتمع سببان متساويان في واحد ورث بهما، كابن عم لأب هو ابن
خال لأم، وابن عم هو زوج، وعمة لأب هي خالة لأم، ولو تفاوتا ورث بالمانع،
كابن عم هو أخ.
ولكل من الزوج والزوجة نصيبه الأعلى، وللأخوال نصيبهم، ويدخل
النقص على العمومة، فللزوج النصف وللخال الثلث وللعم السدس، ولو اجتمع
الزوج مع العمومة فله النصف وللعمومة من الأم الثلث وللعمومة من الأب
السدس، وكذا الخؤولة، ولو دخل أحدهما على أولادهم فكذلك.
160

الفصل الرابع: في ميراث الأزواج:
للزوج مع عدم الولد وإن نزل النصف، فإن لم يكن سواه ولو ضامن
جريرة رد عليه رأي، وعلى الإمام على رأي، وإلا فعلى غيره، ومع الولد وإن
نزل الربع.
وللزوجة مع عدم الولد وإن نزل الربع، فإن لم يكن غيرها ولو ضامن
جريرة رد عليها مع الغيبة، وإلا فعلى الإمام على رأي، ومع الولد وإن نزل الثمن،
ولو كن أربعا تساوين في الربع أو الثمن، ولا يتوقف ميراث أحدهما من صاحبه
على الدخول، إلا في عقد المرض، والمطلقة رجعية كالزوجة ما دامت في العدة،
ولا توارث في البائن، ولو اشتبهت المطلقة من الأربع بعد تزويج الخامسة.
فللأخيرة ربع الثمن، والباقي بين الأربعة، ولو اشتبهت بواحدة من الأربع أو
بأكثر أو بالجميع، احتمل القرعة، وانسحاب الحكم، فتقسم الحصة عليهن مع
الاستيعاب، وحصته المشتبهة بين من وقع فيه الاشتباه.
ولا يرد على الزوج والزوجة إلا مع عدم كل وارث مسابب ومناسب، ولا
ينقصان عن أدنى السهمين، وذات الولد من زوجها ترث منه من جميع تركته،
فإن لم يكن لها منه ولد لم ترث من رقبة الأرض شيئا، وأعطيت حصتها من قيمة
الآلات والأبنية والنخل والشجر على رأي.
الفصل الخامس: في الولاء:
ولا يرث المعتق مع وجود النسب وإن بعد، وللزوج أو الزوجة نصيبهما
الأعلى والباقي للمعتق، فإن عدم المنعم ومن يرث الولاء انتقل المال إلى ضامن
الجريرة - وهو: كل من ضمن جريرة غيره وحدثه - ويكون ولاؤه له، ويثبت
بذلك الميراث، ولا يتعدى الضامن، ولا يضمن إلا سائبة، ولا يرث إلا مع فقد
كل مناسب ومسابب حتى المعتق، ويأخذ مع أحد الزوجين ما فضل عن نصيبه،
فإن عدم ضامن الجريرة فهو للإمام، ولا يرث إلا مع فقد كل مناسب ومسابب.
161

وكان أمير المؤمنين عليه السلام يضعه في فقراء أهل بلده وضعفاء جيرانه تبرعا
منه، ومع الغيبة يقسم في الفقراء والمساكين، فإن خيف دفع إلى الظالم، وكل
من مات ولا وارث له وإن كان حربيا فميراثه للإمام، وما يتركه المشركون خوفا
من غير حرب فللإمام.
المقصد الثاني: في موانع الإرث:
وهي خمسة:
الأول: الكفر:
فلا يرث الذمي والحربي والمرتد مسلما، ويرث المسلم الكافر، ولو كان
للكافر ورثة كفار ومسلم، فالميراث كله للمسلم وإن بعد، كضامن الجريرة،
وقرب الكفار كالولد، فإن لم يخلف مسلما ورثه الكافر إن كان أصليا، فلو خلف
مع الولد الكافر زوجة مسلمة، فلها الثمن والباقي للولد، فإن كان مرتدا ورثه
الإمام، ولو كان وارث المسلم كافرا فالميراث للإمام.
والمسلمون يتوارثون وإن اختلفوا في المذاهب، والكفار يتوارثون وإن
اختلفوا في الملل، ولو أسلم الكافر على ميراث قبل القسمة شارك إن ساوى،
واختص به إن كان أولى، وإن كان بعدها أو كان الوارث واحدا فلا شئ له،
ولو كان الوارث الإمام فهو أولى إن لم ينتقل إلى بيت المال، والزوج كالواحد
على رأي، والزوجة كالمتعدد على رأي، وكذا البحث لو كان الميت كافرا
والورثة كفار، لكن هنا لو أسلم قبل القسمة اختص وإن كان مساويا.
والطفل تابع الأحد أبويه في الإسلام الأصلي والمتجدد، فإن بلغ وامتنع عن
الإسلام قهر عليه، فإن امتنع كان مرتدا، ولو خلف الكافر أولادا صغارا لاحظ
لهم في الإسلام، وابن أخ وابن أخت مسلمين، فالميراث لهما دون الأولاد، ولا
إنفاق على رأي، ولو ارتد أحد الورثة فنصيبه لورثته وإن لم يقسم، لا لورثة الميت.
162

الثاني: الرق:
فلا يرث ولا يورث، إذ لا ملك له، سواء كان قنا، أو مدبرا، أو مكاتبا
مشروطا، أو مطلقا لم يؤد، أو أم ولد، فلو كان أحد الوارثين رقا اختص الحر
وإن بعد - كالمعتق، وضامن الجريرة - ومنع العبد وإن قرب كالولد، ولا يمنع
ولد الولد برق أبيه ولا كفره، ولو عتق قبل القسمة شارك إن ساوى، واختص
إن كان أقرب، ولو عتق بعدها أو كان الوارث واحدا فلا شئ له، ولو قسم
بعض التركة ثم عتق أو أسلم شارك في الجميع، ولو لم يكن وارث سوى العبد
اشترى من التركة وأعتق وأخذ الباقي، ويقهر المالك على ذلك البيع، سواء
كان أبا أو ابنا أو غيرهما، حتى الزوج والزوجة على رأي، فإن قصر المال لم
يجب الشراء وكان المال للإمام، وكذا لو كانا اثنين وقصر عنهما لم يجب شراء
أحدهما وإن فضل عنه، ولو قصر نصيب أحدهم اشترى الآخر وأعتق وأخذ
المال، ولو تحرر بعضه ورث من نصيبه بقدر حريته ومنع من الباقي، وكذا يورث
منه، ومع ظهور الإمام لو قصر الربع ووقت التركة ففي الشراء نظر.
الثالث: القتل:
ويمنع القاتل عمدا ظلما، وفي الخطأ قولان، أظهرهما المنع من الدية لا
التركة، ولو تجرد العمد عن الظلم كالقصاص والحد لم يمنع، ولو لم يكن سوى
القاتل فالميراث للإمام، ويطالب بالقود أو الدية ولا عفو، ولا يمنع ولد الولد
بجناية أبيه، ويرث الدية كل مناسب ومسابب، وفي المتقرب بالأم قولان، ولا
يرث الزوجان من القصاص، فإن رضي الورثة بدية العمد ورثا منها.
الرابع: اللعان:
وهو يقطع الميراث بين المتلاعنين، وبين الملاعن وكل من يتقرب به وبين
الولد، فإن اعترف به الأب لم يرثه هو ولا من يتقرب به، ويرثه الولد، وهل يرث
163

المتقرب بأبيه؟ قيل: نعم وفيه نظر، ويبقى الإرث ثابتا بين الولد وأمه ومن يتقرب
بها، ولو نفى باللعان توأمين توارثا بإخوة الأم ولو خلف ولد والملاعنة أخوين
أحدهما لأبويه والآخر لأمه تساويا، ولو لم يخلف سوى أمه فلها الثلث تسمية
والباقي ردا، ولو كان معها ابن فلها السدس، ولو لم يخلف وارثا من قبل الأم لم
يرثه الأب ولا من يتقرب به، بل ميراثه للإمام.
وأما ولد الزنى فلا يرثه أبواه، ولا من يتقرب بهما، وكذا هو لا يرثهم، وإنما
يرثه الزوجان وأولاده ولو نزلوا، فإن فقدوا فالإمام، ومن تبرأ عند السلطان من
جريرة ولده وميراثه لم يصح على رأي.
الخامس: الاشتباه في التقدم والتأخر:
إلا في الغرق والهدم، فلو مات جماعة يتوارثون واشتبه المتقدم أو علم
الاقتران، فلا توارث بينهم، بل يرث كلا منهم ورثته، فلو ادعى زوج الميتة موتها
قبل ولده وادعى أخوها التأخير ولا بينة فميراثها بين الزوج والأخ وميراث الولد
لأبيه.
أما في الهدم والغرق، فإنهم يتوارثون إن كان لهم أو لأحدهم مال وكانوا
يتوارثون واشتبه المتقدم، فلو انتفى المال، أو التوارث وإن كان من أحدهما، أو
علم الاقتران، أو تقدم أحدهما فلا توارث، ومع الشرائط يرث بعضهم من بعض
من تركته لا مما ورثه من الآخر، ويقدم الأضعف في التوريث تعبدا لا وجوبا، فلو
غرق زوج وزوجة فرض موت الزوج أولا، فللزوجة نصيبها والباقي لورثته، ثم
يفرض موت الزوجة، فللزوج نصيبه، والباقي وما ورثته لورثتها، وكذا غيرهما،
ولو كان كل منهما أولى من ورثة الآخر ورث كل منهما جميع تركة الآخر
وانتقل إلى ورثته، فيأخذ ورثة الابن من أمه جميع تركة الأب، ويأخذ أخوة الأب
جميع تركة الابن، ولو تساويا فلا تقديم كأخوين، وينتقل بمال كل واحد منهما
إلى ورثة الآخر، ولو لم يكن لأحدهما وارث انتقل ما صار إليه عن أخيه إلى
164

الإمام، ولو كان لأحدهما مال انتقل إلى الآخر ثم إلى ورثته، ولا شئ لورثة ذي
المال إن كان الآخر أولى منهم، ولو غرق الأبوان والولد، فرض موته أولا فيرث
الأبوان نصيبهما منه، ثم يفرض موت الأب فيرث الولد والأم نصيبهما من تركته،
وترث الأم مما ورثه من الولد ولا يرث الولد منه، ثم يفرض موت الأم، فيرث
الأب والولد من تركتها، ويرث كل منهما مما ورثته من الآخر.
خاتمة:
المفقود ينتظر مدة لا يمكن أن يعيش مثله إليها غالبا، ثم تقسم تركته بين
الموجودين وقت الحكم، ولو مات له قريب حاضر توقفنا في نصيبه، وقدر حياته
في حق الحاضرين.
والحمل يرث بشرط انفصاله حيا وإن كان بجناية، إن علم استناد حركته
إلى الحياة، ولا يشترط حياته عند موت المورث، ولو سقط ميتا أو نصفه حيا
ونصفه ميتا، قدر معدوما ويأخذ الموجودون بأضر الأحوال، فيقدر الحمل
ذكرين، فيأخذ الأبوان السدسين والبنت الخمس، فإن سقط ميتا أكمل لهم، ودية
الجنين لأبويه ومن يتقرب بهما، أو بالأب نسبا وسببا، ومن مات وعليه دين
مستوعب فلا ميراث، وإن لم يكن مستوعبا فالفاضل للوارث.
تتمة في الحجب:
كل أقرب يمنع الأبعد - فلا يرث ولد ولد مع ولد الصلب - إلا المسألة
الإجماعية، والمتقرب بالأبوين يمنع المتقرب بالأب مع تساوي الدرجة.
والإخوة تحجب الإمام عما زاد عن السدس بشروط خمسة: وجود الأب، وأن
يكونا رجلين أو رجلا وامرأتين أو أربع نساء أو أربع خناثى، وأن لا يكونوا كفارا
ولا عبيدا ولا قتله، وأن يكونوا من الأبوين أو من الأب، وأن يكونوا منفصلين لا
حملا.
165

ولا يحجب أولاد الإخوة.
نكتة:
العول عندنا باطل، بل النقص على البنت والبنات والأب ومن يتقرب به أو
بالأبوين.
ولا إرث بالتعصيب، بل بالقرابة أو التسبيب، فإما أن يرث بالفرض خاصة
كالأم - إلا في الرد - والزوج والزوجة، أو بالفرض تارة والقرابة أخرى كالأب
والبنت والبنات والأخت والأخوات وكلالة الأم، أو بالقرابة خاصة وهم من
عداهم.
فإن كان الوارث لا فرض له، فالمال له إن لم يشاركه غيره كالابن، وإن
شاركه مثله فلهما، ولو اختلف النسب فلكل نصيب من يتقرب به، كالأخوال
والأعمام.
وإن كان ذا فرض أخذ فرضه، ويرد الباقي عليه إن لم يشاركه مساو
- كالبنت مع الأخت - وإن ساواه ذو فرض أخذ فرضه، فإن فضل ولا مساوي
رد عليهما بالنسبة، إلا مع حاجب لأحدهم أو زيادة في الوصلة، وإن نقصت
فالنقص على من ذكرنا أولا، وإن كان المساوي غير ذي فرض فالباقي له.
المقصد الثالث: في اللواحق:
وفيه فصول:
الأول:
الخنثى من له فرج الذكر والأنثى، فيلحق بمن سبق البول منه، فإن اتفقا
ألحق بمن ينقطع عليه أخيرا، فإن تساويا أعطي نصف سهم ذكر ونصف سهم
أنثى، فإن انفرد فالمال له، وإن كان معه مثله تساووا.
فإن كان معه ذكر فرض ذكرا تارة وأنثى أخرى، وضربت إحدى
166

الفريضتين على أحد التقديرين في الأخرى على الآخر، ثم ضربت المجتمع في
اثنين، وله المجتمع من نصف السهمين، وللذكر الباقي.
وكذا لو كان معه أنثى أو هما معا، فتضرب لو اجتمعا معه أربعة في خمسة،
ثم اثنين في المجتمع، فللخنثى ثلاثة عشر، وللذكر ثلثا الباقي، وللأنثى الثلث.
ولو اتفق زوج أو زوجة صححت الخناثى ومشاركيهم، ثم ضربت مخرج
الزوجين في المجتمع، فتضرب أربعة مخرج نصيب الزوج في أربعين، فللزوج
أربعون، وللخنثى تسعة وثلاثون، وثلثا الباقي للذكر، والمتخلف للأنثى.
ولو كان مع الخنثى أبوان، فلهما السدسان تارة والخمسان أخرى، تضرب
خمسة في ستة، للأبوين أحد عشر، وللخنثى تسعة عشر، ولو كان مع أحدهما
خنثيان فالضرب واحد، لكن تضرب اثنين في ثلاثين، لأن لأحد الأبوين نصف
الرد، فله من ستين أحد عشر، وللخنثيين نصف أربعة الأخماس وخمسة
الأسداس، ولو كان مع الأنثى والخنثى أحد الأبوين فله تارة السدس وأخرى
الخمس، فله مع السدس نصف التفاوت، تضرب خمسة في ستة، ثم اثنين في
المجتمع، ثم ثلاثة في الستين فللأب ثلاثة وثلاثون، وللأنثى أحد وستون.
وللخنثى ستة وثمانون.
ولو كان الأخ أو العم خنثى فكالولد، قال الشيخ: ولو كان زوجا أو زوجة
فله نصف ميراثهما، وفاقد الفرجين يورث بالقرعة، وذو الرأسين والبدنين يوقظ
أحدهما، فإن انتبها فواحد، وإلا اثنان.
الفصل الثاني: في ميراث المجوس:
واختلف فيهم، فمن علمائنا من يورثهم كالمسلمين، ومنهم من يورثهم
بالنسب الصحيح والفاسد والسبب الصحيح خاصة، ومنهم من يورثهم
بالصحيح منهما والفاسد.
فلو تزوج بأمه فأولدها بنتا فللأم نصيب الزوجة والأم وللبنت نصيبها، ولو
167

كان أحدهما مانعا ورث باعتبار المانع، كبنت هي أخت من أم، وبنت هي بنت
بنت، وعمة هي أخت من أب، وعمة هي بنت عمة.
ولو أولد من ابنته بنتا ثم مات ورثته العليا والسفلى بالبنوة، ولو ماتت العليا
بعده وقد خلفت بنتا هي أخت لأب، فترث من جهة البنوة، ولو مات السفلى فقد
خلفت أما هي أخت لأب، فترث من جهة الأمومة، ولو أولد من السفلى بنتا ثم
ماتت الوسطى بعده فقد خلفت أما وبنتا هما أختا لأب، فللأم الربع وللبنت
الباقي.
أما المسلم، فلا يرث بالسبب الفاسد ويرث بالنسب صحيحة وفاسدة، فإن
الشبهة كالصحيح في لحوق النسب.
الفصل الثالث: في السهام:
وهي ستة: النصف من اثنين، والربع من أربعة، والثمن من ثمانية، والثلث
والثلثان من ثلاثة، والسدس من ستة.
فإن اجتمع السدس والربع فمن اثني عشر، والثمن والسدس من أربعة
وعشرين.
فإن لم تنقص الفريضة ولم تزد، فإن صحت كأبوين وبنتين، وإلا ضربت
عدد من انكسر نصيبه في الفريضة، إن لم يكن بين نصيبهم وعددهم وفق -
كأبوين وخمس بنات - وإن كان هناك وفق، فاضرب الوفق من العدد لا من
النصيب، كأبوين وست بنات.
وإن انكسر على أكثر من فريق، فإن كان بين سهام كل فريق وعدده وفق
فرد كل فريق إلى جزء الوفق، وإن كان للبعض خاصة فرده إلى جزء الوفق
واترك الأخرى بحالها، وإن لم يكن لشئ منها وفق فاترك كل عدد بحاله.
ثم إن تماثلت الأعداد في الأقسام الثلاثة اقتصرت على أخذها وضربته في
الفريضة، كأربعة إخوة من أب ومثلهم من أم، وإن تداخلت - وهي: التي يفني أقلها
168

الأكثر مرتين أو مرارا - فاضرب الأكثر، مثل ثلاثة إخوة من أم مع ستة من أب،
وإن توافقت - وهي: التي إذا سقط الأقل من الأكثر مرة أو مرارا بقي أكثر من
واحد، كالعشرة إذا أسقطت من اثني عشر بقي اثنان، فإذا أسقطتها من العشرة
مرارا فنيت بها - فاضرب وفق أحدهما في عدد الآخر والمجتمع في الفريضة،
كأربع زوجات وستة إخوة، وإن تباينت - وهي التي إذا أسقط أحدهما من الآخر
بقي واحد - ضربت أحدهما في الآخر والمجتمع في الفريضة، كأخوين من أم
وخمسة من أب.
الفصل الرابع: في المناسخات:
إذا مات أحد الوراث قبل القسمة صححت فريضة الأول، فإن كان وارث
الثاني هو وارث الأول من غير اختلاف، فالفريضة واحدة، كأخوين وأختين مات
أخ وأخت عن الباقيين، ولو اختلف الاستحقاق أو الوراث أو هما، فقد ينهض
النصيب بالفريضة الثانية - كزوجة مع بنت وأب خلفت ابنا وبنتا - وقد لا
ينهض، فتضرب وفق الفريضة الثانية - لا وفق نصيب الميت الثاني - في الأولى،
إن كان بين نصيب الميت الثاني من فريضة الأول والفريضة الثانية وفق، كزوج
مع أخوين من أم وأخوين من أب مات عن ابن وبنتين، ولو تباين النصيب والفريضة
ضربت الفريضة الثانية في الأولى، كزوج وأخوين من أم وأخ من أب
مات عن ابنين وبنت، وكذا البحث لو تضاعفت.
169

تلخيص المرام
في معرفة الأحكام
للشيخ جمال الدين أبي منصور الحسن بن سديد الدين
يوسف بن زين الدين علي بن محمد مطهر الحلي المشتهر بالعلامة الحلي
والعلامة على الإطلاق
647 - 726 ه‍. ق
171

كتاب المواريث
وفيه فصول:
الأول:
مخرج السهام الستة خمسة، النصف من اثنين والثلث والثلثان من ثلاثة
والربع من أربعة والسدس من ستة والثمن من ثمانية، فإن انقسمت الفريضة من
غير كسر وإلا فاضرب عدد من انكسرت الفريضة في حقه فيها إن لم يكن بين
نصيبهم وعددهم وفق، وإلا فاضرب الوفق من العدد، وإن تعدد من انكسرت
عليه، فإن كان بين سهام كل فريق وعدده، وفق، فرد كل فريق إلى جزء الوفق
وإن كان البعض كذلك فرده خاصة.
وإن لم يكن شئ منها كذلك فاجعل كل عدد بحاله، فإن كانت الأعداد
متماثلة فاضرب أحدها، وإن تداخلتا أي يفني الأقل الأكثر مرتين أو مرارا
ولا يتجاوز الأقل النصف فاضرب الأكثر، وإن وافقا أي اللذان إذا أسقط أقلهما من
الأكثر مرة أو مرارا بقي أكثر من الواحد فاضرب وفق أحدهما في عدد الآخر،
والقائم في الفريضة وإن تباينا أي لا يعدهما إلا الواحد فاضرب أحدهما في الآخر، والقائم
في الفريضة.
فالنصف للزوج مع عدم الولد وإن نزل والبنت إلا مع أخرى أو ذكر،
والأخت للأب والأم أو للأب مع عدم الأقرب والمشارك، والثلثان للبنتين
173

فصاعدا مع عدم الولد الذكر والأختين فصاعدا من الأبوين أو من الأب مع عدم
الأخ من قبله، والثلث للأم مع عدم الحاجب وللأخوين فصاعدا من قبلها،
والربع للزوج مع الولد وللزوجة مع عدمه، والسدس لكل واحد من الأبوين
مع الولد وإن نزل والأم مع الإخوان للأب أو للأب والأم مع الأب والأخ من
قبلها، والثمن للزوجة مع الولد.
ولا ميراث بالتعصيب، فالفاضل للمساوي غير ذي الفرض وإلا رد عليه، إلا
للزوج والزوجة، ولا عول بل يدخل النقص بدخول الزوج أو الزوجة خاصة
على البنت أو البنات، أو الأب أو من يتقرب به، أو به وبالأم.
وأسباب الميراث أمران:
النسب ومراتبه ثلاث، والسبب وهو قسمان: زوجية وولاء، وأقسام الولاء
ثلاثة.
الثاني:
أعلى المراتب: الآباء والأولاد ولا مشارك إلا الزوج والزوجة:
فللأب المنفرد المال، وللأم المنفردة الثلث والباقي رد عليها، ولو اجتمعا
فللأم الثلث وله الباقي، ويحجب منه ومن الرد إلى السدس بالأخوين فصاعدا من
قبل الأب أو الأب والأم، أو الأخ والأختين أو أربع أخوات كذلك بشرط فقد
الموانع ووجود الأب، ولا يحجب الحمل ولا أولادهم ولا أقل من أربع من
الخناثى.
ولا يرث الإخوة، وللابن المنفرد المال، ولو كثروا تساووا، وللبنت النصف
والباقي رد، وللابنتين الثلثان والباقي رد، ولو اجتمع الذكور والإناث فللذكر مثل
حظ الأنثيين، ولو اجتمع معهم الأبوان فلكل واحد السدس والباقي لهم على
التفصيل وللواحد معهم السدس، ولو كانوا إناثا فلهما السدسان ولهن الباقي
بالسوية، ولو كانت واحدة فلها النصف ولهما السدسان والباقي يرد عليهم
174

أخماسا، ومع الإخوة على غير الأم أرباعا، ولو كان أحدهما فالرد أرباعا، ومع
الاثنين فصاعدا أخماسا.
ولو كان مع الأبوين والبنتين فصاعدا أو البنت زوج أو زوجة دخل
النقص على البنت أو البنات، ولو كان هناك ذكر أخذ كل ذي فرض فرضه
الأدنى وقسم الباقي للأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين، ولو كان مع البنت وأحد
الأبوين زوج أو زوجة فالرد على البنت وأحدهما أرباعا، ولو كان ذكر أخذ كل
ذي فرض فرضه الأدنى والباقي للذكر مثل حظ الأنثيين، ولو كان مع أحد
الأبوين والبنتين فصاعدا زوجة فالرد على البنتين وأحدهما أخماسا، ولو كان مع
الأبوين زوج أو زوجة فللأم الثلث ولكل من الزوجين حقه الأعلى والباقي للأب،
ومع الإخوة للأم السدس.
وأولاد الأولاد يقومون مقام آبائهم في مقاسمة الأبوين على رأي، ويمنعون من
يتقرب بهم وبهما، والأقرب يمنع الأبعد ولكل نصيب من يتقرب به على رأي،
فلبنت الابن مع ابن البنت الثلثان، ولولد البنت واحدا أو أكثر ذكرا أو أنثى
النصف وحده ومع الأبوين، ويرد عليه معهما أو أحدهما، ولولد الابن واحدا أو
أكثر ذكرا أو أنثى المال لو انفرد، ويقسم أولاد البنات حقهم للذكر مثل حظ
الأنثيين كأولاد البنين.
ويحبى الولد الأكبر بثياب البدن والخاتم والسيف والمصحف، وعليه قضاء
ما عليه من صلاة وصيام بشرط عدم السفه وفساد الرأي، ووجود غير ما ذكر، ولو
كان الأكبر أنثى أعطي أكبر الذكور، ولو تعدد الأكبر تشاركوا، وقيل:
الاختصاص مع التقويم.
ولا يرث الجد والجدة مع الأبوين، وتستحب الطعمة لهما بالسوية أو
لأحدهما إذا زاد النصيب عن السدس، بسدس الأصل، فللجد أو الجدة أو لهما من
الأب، وله أو لها أو لهما من الأم مع الأبوين خاصة الثلث منهما، ومع الإخوة لمن
كان من قبل الأب من نصيبه السدس، ومع الزوج لمن كان من قبل الأم من
175

نصيبها السدس ولا يطعم الأبعد.
وثاني المراتب: الأجداد والإخوة، فللأخ من الأب والأم المال ولو تعدد
تشاركوا بالسوية وللأنثى منهما النصف والباقي يرد عليها ولو تعددت فالثلثان
والباقي رد، ولو اجتمعوا فللذكر مثل حظ الأنثيين، وكذلك الإخوة والأخوات
من الأب وحده إلا إنهم لا يرثون شيئا مع المتقرب بهما، واحدا كان أو أكثر مع
واحد أو أكثر.
وللأخ من الأم السدس والباقي رد عليه، ولو تعددوا فالثلث والباقي رد
والأنثى كذلك، ولو اجتمعوا تساوى الذكور والإناث في الثلث والرد، ولو
تفرقوا فللمتقرب بالأم السدس إن اتحد والثلث إن تكثر بالسوية ذكورا كانوا أو
إناثا أو بالتفريق والباقي للمتقرب بالأب والأم اتحد أو تكثر ذكورا أو إناثا أو
بالتفريق لكن للذكر مثل حظ الأنثيين وسقط المتقرب بالأب وحده ويرد الفاضل
عن نصيب الأخت للأبوين أو الأختين لهما عليهن، دون المتقرب بالأم خاصة،
وللأخت من قبل الأم مع الأخت من قبل الأب أو الأختين من قبله السدس ويرد
الباقي عليهما أرباعا أو أخماسا على رأي.
وللزوج والزوجة نصيبهما الأعلى والنقص داخل على من تقرب بالأب
والأم أو بالأب خاصة، وللجد المنفرد المال وكذا الجدة لأب أو لأم.
ولو اجتمع الجد للأب أو الجدة أو هما مع الجد للأم أو الجدة أو هما،
فللمتقرب بالأم الثلث اتحد أو تكثر بالسوية، والباقي لمن يتقرب بالأب للذكر مثل
حظ الأنثيين والنقص بدخول الزوج أو الزوجة على المتقرب بالأب.
ولو اجتمع الأجداد والإخوة فالجد من قبل الأب بمنزلة الأخ من قبله أو من
قبلهما والجدة منه كالأخت منه أو منهما والجدة من قبل الأم كالأخت من قبلها
والجد من قبلها كالأخ منها، والجد وإن علا يقاسم الإخوة مع عدم الأدنى، ولو
اجتمعا فالمقاسم الأدنى، ولو ترك أجداد أبويه الثمانية فلأجداد الأم الثلث أرباعا،
والباقي لأجداد الأب، ثلثاه لأجداد أبيه للذكر مثل حظ الأنثيين والثلث لأجداد أمه
176

كذلك.
وأولاد الإخوة والأخوات يقومون مقام آبائهم مع عدمهم، ويرث كل منهم
نصيب من يتقرب به فللواحد النصيب وللأكثر بالسوية إن اتحدوا وإن تفرقوا
فللذكر مثل حظ الأنثيين إن كانوا من قبل الأب أو من قبلهما وإلا فبالسوية،
ولأولاد الأخت من قبلهما النصف تسمية والباقي ردا، ولأولاد الأختين الثلثان
تسمية والباقي ردا لكل منهم نصيب من يتقرب به، ولأولاد الواحد من قبل الأم
السدس تسمية والباقي ردا، ولأولاد المتكثر من قبلها الثلث تسمية والباقي ردا
ولكل منهم نصيب من يتقرب به.
ويسقط أولاد الأخ أو الأخت أو هما من قبل الأب مع من يتقرب بهما، ولو
اجتمعوا فلأولاد الأخ أو الأخت السدس والباقي لأولاد الأخ أو الأخت من قبل
الأب والأم ويسقط الباقي، ولأولاد المتكثر من قبل الأم الثلث بالسوية لكل منهم
نصيب من يتقرب به، ولأولاد الأخ أو الأخت أو هما من قبل الأب والأم الباقي
ويسقط معهم أولاد الإخوة والأخوات من قبل الأب.
ومع الزوج أو الزوجة يدخل النقص على المتقرب بالأب، أو به وبالأم
دون المتقرب بالأم ودونهما، ويقوم أولاد كلالة الأب مقام أولاد كلالة الأب
والأم مع عدمهم على ترتيبهم، ولأولاد الأخ من قبل الأب مع أولاد الواحد من
قبل الأم ما زاد على السدس ولأولاد الأخت من قبله من أولاد الواحد من قبل الأم
النصف تسمية والسدس لأولئك والباقي يرد أرباعا ولو كانوا أولاد أختين فالرد
أخماسا، ولو كانوا أولاد أخت مع المتكثر فالرد كذلك على رأي، ويقاسمون
الأجداد كآبائهم ويمنعون من يمنعه الآباء.
والأخ من الأم أولى من ابن الأخ للأب والأم على رأي، ويمنع الإخوة
وأولادهم المتقرب بالجد من الأعمام والأخوال وأولادهم ولا يمنعون آباء الأجداد
وإن علوا.
وثالث المراتب: الأعمام والأخوال، فللعم المال، وإن تكثر فبالسوية وكذا
177

العمة وإن تكثرت، ولو اجتمعوا فللذكر مثل حظ الأنثيين، ولو اختلفوا فللواحد
ذكرا كان أو أنثى من قبل الأم السدس وإن تكثر فالثلث بالسوية والباقي لمن
كان من قبل الأب والأم واحدا أو أكثر للذكر مثل حظ الأنثيين، ويسقط المتقرب
بالأب، ومع عدم المتقرب بهما يقوم المتقرب بالأب مقامه كهيئته، ولا يرث
أولادهم معهم مطلقا، إلا مسألة إجماعية، وهي أن ابن العم لهما أولى من العم من
قبل الأب، ولو انضم الخال معهما سقط ابن العم وتشاركا، وسمعنا مذاكرة:
مشاركة الخال وابن العم واختصاص الخال - وكذا تسقط بنت العم منهما مع
العم له أو العمة، وابن العم مع العمة، والأقرب اختصاص أولاد العم لهما مع
العم أو الأعمام.
وللخال وحده المال، فإن تكثر فبالسوية وكذا الخالة وإن تكثرت، ولو
اجتمعوا تساووا، ولو اختلفوا فللواحد من قبل الأم السدس وإن تكثر فالثلث
بالسوية والباقي للمتقرب بهما بالسوية أيضا، وسقط المتقرب بالأب، ولو عدم
المتقرب بهما قام المتقرب بالأب مقامه كهيئته.
ولو اجتمع الأعمام والأخوال، فللأخوال الثلث وإن كان واحدا ذكرا أو
أنثى وللأعمام الباقي، فإن اتفق الأخوال تساووا وإن اختلفوا فللمتقرب بالأم سدس
الثلث إن اتحد وثلثه إن تكثر بالسوية، وباقيه للمتقرب بهما، وللأعمام الباقي للذكر
مثل حظ الأنثيين إن تساووا وإن اختلفوا فللمتقرب بالأم سدس الثلثين إن اتحد
والثلث إن تكثر بالسوية، وباقيها للمتقرب بهما على التفصيل، وسقط المتقرب
بالأب إلا مع عدم المتقرب بهما.
والعمومة والعمات وأولادهم وإن نزلوا، والخؤولة والخالات وأولادهم وإن
نزلوا أولى من عمومة الأب وعماته وخؤولته وخالاته ومن عمومة الأم وعماتها
وخؤولتها وخالاتها، وكذا أولاد أعمام الأب وأخواله وأولاد أعمام الأم وأخوالها
يمنعون أعمام الجد وأخواله، فإذا عدم الأدنى قام الأبعد مقامه.
وكل بطن وإن نزلت أولى من العليا فإن خلف العمومة والخؤولة الثمانية،
178

فللمتقرب بالأم الثلث أرباعا، وثلثا الباقي لمن يتقرب بالأب من العمومة على
التفصيل، والباقي لخؤولته على التساوي.
وأولاد العمومة المتفرقين يأخذون نصيب آبائهم، فلبني العم من الأم
السدس، ولو تكثر المنتسب إليه فالثلث لكل نصيب من يتقرب به والباقي لبني
العم أو العمة للأب والأم للأب مع عدمهم كذلك، وكذا الخؤولة.
وإذا كان ابنا عم أحدهما أخ فالمال له، ولو كان ابن عم لأب هو ابن خال
لأم أو ابن عم هو زوج أو بنت عم هي زوجة أو عمة لأب هي خالة لأم، ورث بهما
وشارك من في درجته، وللزوج والزوجة نصيبهما الأعلى مع الخؤولة والخالات
والعمومة والعمات وأولادهم، وعمومة الأب وخؤولته وعمومة الأم وخؤولتها،
ويدخل النقص على المتقرب بالأب أو بهما وأولادهم، دون المتقرب بالأم، فلو
خلفت زوجها وأحد الخالين لأم وأحدهما للأبوين، فللزوج النصف، وقيل:
للخال لها سدس الباقي، والأقرب سدس الثلث، ولو انضمت العمومة فللزوج
النصف وللأخوال الثلث منه، سدسه للخال للأم والباقي للأعمام.
والزوجة ترث وإن كانت غير مدخول بها أو مطلقة رجعية إذا مات في
العدة أو بائنا إذا طلقها مريضا بالشروط، وكذا الزوج، ولا توارث في البائن،
وللزوجات الأربع نصيب الواحدة، ولو طلق إحداهن وتزوج أخرى واشتبهت
المطلقة، فللأخيرة ربع الحصة والباقي بينهن بالسوية.
وإذا كان للزوجة ولد من الميت ورثت من جميع ما ترك، وإلا لم ترث من
الأرض شيئا وأعطيت حصتها من قيمة الآلات والأبنية على رأي، ولو كان هناك
دين فالتقسيط بالحصص، ولو تزوجها مريضا ومات فيه من غير دخول بطل
ولا مهر ولا ميراث، ويصح لو دخل وترث.
ولو انفرد الزوج فالأولى أنه يأخذ الجميع، وفي الزوجة كذلك على رأي،
وقيل: بالتفصيل، وقيل: بالمنع من الزائد مطلقا.
وإذا أردت معرفة السهام من التركة، فأنسب سهام كل وارث من الفريضة
179

وخذ من التركة بتلك النسبة فما كان فهو نصيبه، أو تقسم التركة على الفريضة
فما خرج بالقسمة ضربته في سهام كل واحد فما بلغ فهو نصيبه.
ولك طريق آخر وهو أن تأخذ ما حصل لكل وارث من الفريضة وتضربه
في التركة، إذا فقد الكسر فما حصل فاقسمه على العدد الذي تصح منه الفريضة
فما خرج فهو نصيب الوارث، ولو وجد الكسر فابسط التركة من جنسه بأن
تضرب مخرجه في التركة فما ارتفع أضفت إليه الكسر فصارت كالصحيح فما
اجتمع للوارث قسمته على ذلك المخرج، فإن كان الكسر نصفا قسمته على
اثنين، وهكذا، ولو كانت المسألة عددا أصم فأقسم التركة عليه فإن بقي ما لا يبلغ
دينارا فابسطه قراريط فإن نقص فابسطه حبات فإن نقص فابسطه أرزات فإن
نقص فأنسبه بالأجزاء.
الثالث:
أول أقسام الولاء: المعتق، ولا يرث المعتق مع وجود النسيب الوارث وإن
بعد ولا مع غير التبرع ولا مع التبري من ضمان الجريرة والحدث، ويثبت مع
التدبير، ولا تشترط الشهادة في سقوطه ولا مع التنكيل به.
والولاء كلحمة النسب وهو موروث، ويثبت للكافر بإعتاق المسلم والكافر،
إلا أنه لا يرث المسلم حال كفره، وللمسلم بإعتاق الكافر والمسلم ويرثهما، ومع
الشروط يرث إن كان واحدا ولو تكثروا اشتركوا بالحصص مطلقا، ولا ينعكس
بل يكون للإمام مع العدم، ويشارك الزوجات، ولو عدم المعتق قيل: يكون
للأولاد الذكور خاصة إن كان المعتق رجلا وإلا فللعصبة ومن يتفرع من الأب
والابن ويتشارك الأولاد والآباء، ومع انفراد الأبوين ولا يشركهما غيرهما من
الأقارب.
ويقوم أولاد الأولاد مقام آبائهم مع عدمهم وأخذ كل منهم نصيب من
يتقرب به كالميراث، ولو عدم الآباء والأولاد وإن نزلوا يشارك الإخوة
180

والأخوات والأجداد والجدات، ومع عدمهم الأعمام والعمات وأولادهم وإن
نزلوا، ويترتبون الأقرب فالأقرب للذكر مثل حظ الأنثيين، وقيل: لا ترث الإناث
ولا يرث من يتقرب بالأم.
ولو عدم قرابة المعتق ورثه مولى المولى، فإن عدم فقرابة مولى المولى
للأب.
ولا ترث المرأة بالولاء إلا إذا باشرت العتق أو أعتق مولاها.
ولا يصح بيع الولاء ولا هبته ولا اشتراطه في بيع، فلو اشترط البائع العتق
والولاء صح البيع واشتراط العتق وكان الولاء للمعتق.
ويرث ولد المعتقة معتقه وإن كان حملا ولا ينجر ولاؤهم، ولو حملت بهم
بعد العتق فولاؤهم لمولاها مع رقية أبيهم، وإن كان حرا فلا، ولو كان معتقا
فولاؤهم لمولى أبيهم، وكذا لو أعتق بعد ولادتهم انجر من مولى أمهم إلى مولى
أبيهم فإن فقد مولى الأب فعصبة المولى فإن فقدوا فلمولى عصبة مولى الأب فإن
فقد فلضامن الجريرة فإن فقد فللإمام، ولا يرجع إلى مولى الأم.
ولو تزوج العبد بمعتقة فولاء الولد لمولاها، فإن أعتق الجد انجر الولاء إلى
معتقه، فإن أعتق بعد ذلك الأب انجر من مولى أبيه إلى مولاه ولو أنكر بعد عتقه
الولد فلاعنه فولاؤه مع عدم النسب لمولى أمه ولو اعترف بعد اللعان، ولو
أولدها قبله بنتين فاشترتاه فميراثه فلهما بالنسب، ولو ماتتا أو إحديهما قبله فالميراث
له ومع عدمه فميراث السابقة للاحقة بالنسب، ولو ماتت الأخرى ولا نسب لم
يرثها مولى أمها.
ولو أعتق أحد الولدين مع أبيه مملوكا، فمات الأب ثم المعتق فللمشتري
ثلاثة الأرباع وللآخر الربع، ولو اشترى ابن المعتقة عبدا فولاؤه بعد العتق له،
فلو اشترى أباه وأعتقه انجر الولاء من مولى الأم إلى مولى الأب، وكان كل منهما
مولى الآخر، فإن مات الأب فميراثه للابن، ولو مات الابن ولا نسب فولاؤه لمعتق
أبيه، ولو مات المعتق ولا نسب فولاؤه للابن، ولو ماتا قيل: يرجع الولاء إلى
181

مولى الأم.
ولو أعتقت المطلقة ثلاثا أو الميت عنها فالولد جر، فإن أعتق العبد الزوج
قال الشيخ: لا ينجر لحصول الشك بوجوده حال العتق وعدمه.
وثانية: ولاء تضمن الجريرة، وهو يكون مع عدم الأول لمن توالى إلى غيره،
يضمن جريرته وحدثه ويكون ولاؤه له ويصير مولى له ولصغار ولده دون
كبارهم، ويثبت به الميراث ولا يتعدى الضامن، فلو مات ضامن الجريرة لم يرث
وارثه الولاء.
ولا يصح إلا لمن ليس عليه ولاء، ويشاركه الزوج والزوجة فيأخذان
الأعلى، وللذمي مولاة المسلم ولا يجوز العكس، ويجوز التقايل في الولاء، وللمولى
إبطال الولاء عنه ما لم يؤد المولى عنه جناية.
فإذا عدم الضامن فهو للإمام، وهو ثالثة، وكان أمير المؤمنين علي (عليه السلام) يضعه
في فقراء بلده وضعفاء جيرانه، ومع غيبته يقسم على الفقراء والمساكين،
ولا يدفع إلى الظالم إلا مع الخوف، ويختص به ما تأخذه السرية بغير إذنه
وما يفارقه المشركون فزعا من غير حرب والمصالح عليه والجزية للمجاهدين،
ومع العدم لفقراء المسلمين والمسروق من أهل الحرب يعاد عليهم حال الهدنة
وإلا فللآخذ بعد الخمس، ومال الميت من الكفار مع عدم الوارث للإمام.
وميراث ولد الملاعنة لأمه ومن يتقرب بها وأولاده وزوجه وزوجته على
التفصيل، ولا يرثه الأب ولا من يتقرب به، ولو انفردت الأم فالمال لها على رأي،
ولو لم يكن وارث من جهة الأم فللإمام، ويرث هو قرابة الأم على الأصح،
ولا يرث أقارب أبيه وإن اعترف به بعد اللعان، ويتساوى الإخوان من قبل الأب
والأم ومن قبل الأم، ولو أنكر الحمل ولا عن فولدت توأمين توارثا بالأمومة، ولو
تبرأ عند السلطان من جريرة ولده وميراثه قيل: يكون ميراثه لعصبة أبيه دون أمه.
وولد الزنى لا يرثه أبواه ولا من يتقرب بهما، ولا يرثهم بل ولده وزوجه
وزوجته على ما بين، ومع عدمهم الإمام، ولا يرث أحد التوأمين صاحبه.
182

الرابع:
الخنثى من له الفرجان، فيحكم بما يسبق منه البول، فإن اتفقا فبما ينقطع،
فإن اتفقا أعطي نصف الميراثين على رأي، فإن انفرد أخذ المال وإن تعدد تساووا،
ولو كان معه ذكر أو أنثى قسمت الفريضة مرتين باعتبار حالتيه، ويعطي نصف
النصيبين، فله مع الذكر خمسة من اثنى عشر ومع الأنثى سبعة ومعهما ثلاثة عشر
من أربعين، ولو دخل عليهم الزوج أو الزوجة ضرب مخرج سهمه في أربعين
فيأخذ الزوج أربعين من المجتمع والخنثى تسعة وثلاثون، وللأبوين معه
السدسان تارة والخمسان أخرى فيضرب خمسة في ستة فتصير ثلاثين، فلهما أحد
عشر وللخنثى تسعة عشر، ولو تعدد فلهما السدسان والباقي للمتعدد بالسوية، ولو
كان أحد الأبوين مع المتعدد فله أحد عشر من ستين والباقي للخناثى فالرد
أخماسا، وسهم الإخوة من الأب أو منهما والعمومة في الخناثى، على ما ذكر، قيل:
ولو كان زوجا أو زوجة فله نصف نصيبهما، وكذا في الأجداد، وفاقدهما يرث
بالقرعة.
وذو الرأسين، ينبه أحدهما فإن تنبه الآخر فواحد وإلا فاثنان.
والحمل يرث إن ولد حيا، ولو خرج نصفه حيا أو تحرك بما لا يدل على
استقرار الحياة، وإن وقع بجناية لم يرث، ولا يشترط حياته عند الموت، فيرث لو
ولدته لتسعة من الموت مع عدم التزويج ولدون ستة معه، ويعطي أصحاب
الفروض الأقل، فإن خرج ميتا أكمل لهم، ويعطي الابن الموجود معه الثلث
والبنت الخمس.
ولو تعارف اثنان توارثا ولا يفتقر إلى البينة إلا مع اشتهارهما بغيره، وينتظر
المفقود بمجرى العادة على رأي، ويتوارث الغرقى والمهدوم عليهم إذا كان لهم أو
لأحدهم مال مع التوارث والاشتباه، ويسقط الحكم مع عدم التوارث أو
اختصاص البعض به أو علم الاقتران أو التقدم، وفي الاطراد نظر، ولا يرث الثاني
مما يورث منه على رأي، ففي وجوب تقديم الأضعف في التوريث نظر، فيفرض
183

موت الزوج أولا فتأخذ الزوجة نصيبها ثم يفرض موتها فيأخذ نصيبه لا مما ورثته،
وينتقل الباقي من كل منهما وما ورثه إلى الورثة الأحياء ويفرض موت الابن فيأخذ
الأب ثم العكس، ولو كان كل منهما أولى بالآخر انتقل مال كل منهما إلى ورثة
صاحبه، وإن شاركهما أو أحدهما المغاير أخذ ما يصيبه وانتقلت إلى ورثته والباقي
للمشارك، ولو تساويا كالأخوين لم يقدم أحدهما، ولو كان لأحدهما وارث
دون الآخر انتقل مال ذي الوارث إلى الإمام والآخر إلى ورثته، ولو اختص
أحدهما بالمال ورثه الآخر دونه.
والأظهر في المجوس توريثهم بالأسباب والأنساب الصحيحة والفاسدة،
فللأم الزوجة نصيبهما، وكذا لو كانت بنتا وأختا، فإن فقد المشارك فالباقي رد
بالنسب، ولو اجتمع المانع وغيره ورث من جهة المانع، فللبنت الأخت المال لا
بالأخوة، وللبنت بنت البنت المال بالأقرب، وللأخت للأب العمة المال بالأخوة،
وللعمة بنت العمة المال بالأقرب، وغيرهم من الكفار إذا تحاكموا إلينا ورثناهم
على كتاب الله تعالى.
والمسلم لا يرث بالسبب الفاسد وإن اعتقد التحليل، ويرث بالنسب صحيحه
وشبهته فإن الشبهة كالصحيح.
ولو مات بعض الوراث قبل القسمة واتحد الوارثان فالفريضتان كالواحدة،
ولو اختلف الاستحقاق أو الوارث أو هما ولم ينهض نصيب الثاني بالقسمة على
الصحة وكان بين نصيب الميت الثاني من فريضة الأول والفريضة الثانية وفق،
فاضرب وفق الفريضة الثانية في الفريضة فتصح الفريضة في المجتمع، ولو تباين
ضربت الثانية في الأولى وصحت من المجتمع.
الخامس:
لا يرث الكافر مطلقا ولا المرتد المسلم وإن قربوا ولا مع المسلم وإن بعد،
كالضامن، ولو عدم المسلم كان للإمام، ويرث الكافر مع فقد المسلم، ولو كان
184

مرتدا ورثه الإمام، ولا يرثه الكافر، ولو أسلم الوارث قبل القسمة شارك مع
المساواة وانفرد مع الأولوية، ولو أسلم بعدها أو كان الوارث واحدا فلا إرث،
ولو لم يكن وارث قيل ورث إن لم تنتقل التركة إلى بيت المال، ولو كان الواحد
زوجا أو زوجة أخذ الفاضل على رأي.
ويحكم بإسلام الطفل لو كان أحد أبويه مسلما أو أسلم، ويقهر بعد البلوغ
عليه ومع الامتناع فهو مرتد قيل: ولو خلف الكافر أولادا صغارا وإخوة وأخوات
مسلمين اقتسموا أثلاثا وأنفق الإخوة على الأولاد بنصيبهم وكذا الأخوات، فإن
أسلموا بعد البلوغ فهم أحق وإلا استقر ملك الإخوة والأخوات.
والمسلمون يتوارثون وإن اختلفوا في المذاهب، والكفار يتوارثون وإن
اختلفوا في الديانات.
والمرتد عن فطرة تقسم تركته حين الارتداد وتعتد زوجته للوفاة
ولا يستتاب، وتحبس المرأة وتضرب أوقات الصلوات ولا تقسم تركتها إلا بعد
الموت، وفي اكتسابه بعد الارتداد إشكال، ولو كان عن غير فطرة استتيب فإن
تاب وإلا قتل ولا تقسم تركته إلا بعد وفاته أو قتله وتعتد زوجته من حين الارتداد
عدة الطلاق، فإن عاد فيها فهو أحق.
والقاتل عمدا ظلما لا يرث ولا يمنع لو كان بحق أو خطأ على رأي، وقيل:
بالمنع في الدية، ولو لم يكن سواه فالمال للإمام، ولو قتل أباه وله ولد لم يمنع
بسبب منع والده مع عدم الولد، ولو كان مع القاتل وارث كافر منعا، فإن
أسلم ورث وله المطالبة، ولو لم يكن إلا الإمام فله المطالبة بالقود أو الدية مع
الرضا لا العفو، ويخرج من الدية الديون والوصايا وإن أخذت في العمد، ويرث
الدية كل مناسب ومسابب عدا المتقرب بالأم على رأي، ولا يرث أحد الزوجين
القصاص ويرث الدية لو رضي الورثة بها.
والرق مانع في الوارث والموروث، فلو خلف المملوك مع الحر فالميراث
للحر وإن بعد، ولو كان للرق ولد حر ورث، ولو عتق المملوك قبل القسمة
185

شارك أو اختص، ولو كان بعد القسمة أو كان الوارث واحدا فلا مشاركة، ولو
لم يكن سواه اشترى من التركة قهرا وأعتق ودفع إليه الباقي، ولو قصرت عن
الثمن كانت للإمام على رأي، وكذا لو تعدد وقصرت عنهما جميعا، ولو عتق
بعضه ورث بحسبه ويورث منه كذلك قيل: ولو كسب في يومه لم يرثه سيده،
وقيل: يختص بالفك الآباء والأولاد، وقيل: بالتعميم حتى الزوج والزوجة،
ولا ترث أم الولد ولا المدبر ولا المكاتب المشروط والمطلق مع عدم الأداء، ومع
الدين المستوعب لا انتقال، وينتقل فاضل غيره.
186

الدروس الشرعية
للشهيد السعيد محمد بن جمال الدين مكي العاملي
" الشهيد الأول "
734 - 786 ه‍. ق
187

كتاب الميراث
وهو ما يستحقه إنسان بموت آخر بنسب أو سبب بالأصالة، فالنسب الاتصال
بالولادة بانتهاء أحدهما إلى الآخر أو بانتهائهما إلى ثالث على الوجه الشرعي،
والسبب الاتصال بالزوجية أو الولاء.
ومراتب النسب ثلاث:
الآباء والأبناء وإن نزلوا.
ثم الإخوة والأجداد فصاعدا ذكورا وإناثا، وأولاد الإخوة فنازلا ذكورا أو
إناثا.
ثم الأعمام والأخوال فصاعدا وأولادهم فنازلا ذكورا أو إناثا.
وعمود النسب الآباء فصاعدا والأبناء فنازلا والباقي حاشية.
وأما السبب فيثبت:
بالزوجية من الجانبين إذا كان العقد دائما، أو مؤجلا شرط فيه الإرث،
وبولاء العتق وضمان الجريرة وولاء الإمامة، والزوجية تجامع جميع الوراث،
والعتق لا يجامع النسب وهو مقدم على ضمان الجريرة المقدم على ولاء الإمامة.
قاعدة:
كل وارث إما أن يسمى له في كتاب الله بخصوصه ويسمى ذو فرض، أو
189

بعمومه ويسمى قرابة.
فالوارث ثلاثة:
الأول: ذو فرض لا غير، وهو الأم والأخ والأخت أو المتعدد من قبلهما إلا
على الرد.
والثاني: ذو فرض تارة وقرابة أخرى، وهو الأب والبنت وإن تعددت،
والأخت للأب وإن تعددت.
والثالث: ذو قرابة لا غير، وهم الباقون.
قاعدة:
كلما خلف الميت ذا فرض أخذ فرضه، فإن تعدد في طبقته أخذ كل فرضه
والفاضل يرد على ذوي الفرض إن فقد غيرهم في طبقتهم وكانت وصلتهم
متساوية، لا مثل كلالة الأم من الإخوة وكلالة الأب من الأخت والأخوات، فإن
كلالة الأب تنفرد بالرد.
وفي الزوج والزوجة خلاف أقربه الرد على الزوج دون الزوجة سواء كان
في غيبة الإمام أو حضوره، إذا لم يكن وارث سواهما.
ولو قصرت التركة عن ذوي الفروض نقص البنت أو البنات والأخت
للأب أو الأخوات له، ولا تعصيب في الأول كما لا عول في الثاني.
وكلما كان الوارث لا فرض له فالجميع له واحدا كان أو أكثر، ولو
اختلفت وصلتهم إلى الميت فلكل نصيب ممن يتقرب به كالأعمام لهم نصيب
الأب، والأخوال لهم نصيب الأم، وكلما اجتمع ذو فرض وغيره في طبقة فالباقي
بعد الفرض للآخر.
قاعدة:
لا ترث المرتبة اللاحقة مع السابقة، ولو اشتملت المرتبة على طبقات ورث
الأعلى فالأعلى كالأجداد والحفدة من أبناء الميت وأبناء إخوته وأبناء أعمامه
190

وأخواله، وفي مثل أعمام الميت وأخواله وأعمام أبيه وأخوالهم فصاعدا يمنع
الأدنى الأعلى.
قاعدة: قد يجمع للوارث نسبان فصاعدا، أو سببان أو نسب وسبب، فيرث
بالجميع ما لم يكن هناك من هو أقرب منه فيهما أو في أحدهما، أو يكون أحدهما
مانعا للآخر، ولا يمنع من هو في طبقته من ذوي النسب الواحد، فهنا ثمانية أمثلة:
الأول: نسبان يرث بهما كعم هو خال.
الثاني: أنساب متعددة يرث بها، مثل ابن عم لأب هو ابن خال للأم وهو ابن
بنت عمة وهو ابن بنت خالة.
الثالث: نسبان يحجب أحدهما الآخر كأخ هو ابن عم.
الرابع: نسبان يحجب غير صاحبهما أحدهما كزوج هو ابن عم وللزوجة
أخ أو ولد.
الخامس: نسبان فصاعدا لواحد ونسب واحد لآخر كابني عم أحدهما ابن
خال.
السادس: سببان في واحد ولا يحجب أحدهما الآخر كزوج هو معتق أو
ضامن جريرة.
السابع: سببان ولا يحجب أحدهما الآخر كالإمام إذا مات عتيقه فإنه يرث
بالعتق لا بالإمامة، وكمعتق هو ضامن جريرة كما لو كان قد ضمن جريرة كافر
ثم استرق فأعتقه، وقلنا ببقاء ضمان الجريرة.
الثامن: سببان هناك من يحجب أحدهما كزوج معتقته ولها ولد أو أخ.
درس [1]:
قاعدة:
متى اجتمعت قرابة الأبوين مع قرابة الأم تشاركوا مع اتحاد الرتبة،
191

ويختص الرد بقرابة الأبوين حيث تقع، وكذا قرابة الأب وحده مع قرابة الأم
وحدها. ومتى اجتمع قرابة الأب وحده مع قرابة الأبوين فلا شئ لقرابة الأب،
ومتى اجتمع قرابة الأب وحده مع قرابة الأم وحدها تنزل منزلة قرابة الأب والأم
مع عدمهم.
وفي الرد على الإخوة خلاف يأتي إن شاء الله تعالى.
قاعدة:
لا يمنع " أبعد " " أقرب " إلا في مسألة إجماعية، وهي ابن عم لأبوين مع عم
لأب، فابن العم يمنعه، ولا يتغير الحكم بتعدد أحدهما أو تعددهما ولا بالزوج
والزوجة، ويتغير بالذكورة والأنوثة على الأقرب وفاقا لابن إدريس.
وقال الشيخ: العمة للأب كالعم وكذا بمجامعة الخال، فيكون المال بين
العم والخال على ما يأتي إن شاء الله تعالى، وبه قال عماد الدين بن حمزة -
رحمه الله -، وقال قطب الدين الراوندي ومعين الدين المصري: المال للخال
وابن العم لأن الخال لا يمنع العم فلان لا يمنع ابن العم الذي هو أقرب أولى،
وقال سديد الدين محمود الحمصي: المال للخال لأن العم محجوب بابن العم
وابن العم محجوب بالخال، وقد روى سليمان بن محرز عن الصادق عليه السلام
في ابن عم وخال: " المال للخال "، وابن عم وخالة: " المال للخالة "، وفيه دلالة
على ما اخترناه، وفي المسألة مباحث طويلة وفوائد جليلة جرت بين هؤلاء
الفضلاء رضوان الله عليهم.
وهنا موضعان آخران قد يتصور فيهما تقديم الأبعد على الأقرب:
أحدهما: لو ترك إخوة لأم وجدا قريبا لأب وجدا بعيدا لأم، سواء كان
هناك إخوة لأب أم لا.
أو ترك مع الإخوة للأب جدا بعيدا لأب ومع الإخوة للأم جدا قريبا لأم.
فإن الجد القريب في المسألة الأولى يأخذ ثلثي المال وللأخوة للأم الثلث،
192

ويمكن هنا مشاركة الجد البعيد لهم لأن الأخ لا يمنع الجد البعيد، والجد القريب
لا يزاحمه البعيد.
وفي المسألة الثانية لأقرباء الأم الثلث وللأخوة الباقي، ويمكن مشاركة الجد
البعيد إياهم لما قلناه.
وثانيهما: لو ترك جدا لأم وابن أخ لأم مع أخ لأب، فابن الأخ لا يحجبه
الجد للأم ولا يزاحم الأخ للأب فيرث مع الجد للأم.
قاعدة:
الأولاد والإخوة من قبل الأب والأعمام من قبله والأجداد من قبله يقتسمون
للذكر مثل حظ الأنثيين، واقتسام كلالة الأم بالسوية من الإخوة والأجداد
والأعمام والأخوال، واقتسام المعتقين وضمناء الجريرة بنسبة العتق والضمان،
واقتسام ورثة المعتق كاقتسام ميراثه.
قاعدة:
الفروض المعينة في كتاب الله ستة:
النصف وهو للزوج مع فقد الولد وإن نزل، وللبنت الواحدة، والأخت
للأبوين أو للأب مع فقد أخت الأبوين، إذا لم يكن ذكر في الموضعين.
والربع وهو للزوج مع وجود ولد، وللزوجة أو الزوجات مع فقده.
والثمن وهو للزوجة أو الزوجات مع وجود الولد وإن نزل.
والثلثان وهو سهم البنتين فصاعدا، والأختين فصاعدا للأب والأم أو للأب
مع فقد كلالة الأبوين إذا لم يكن ذكر في الموضعين.
والثلث وهو سهم الأم مع عدم الحاجب من الولد والإخوة، وسهم الاثنين
فصاعدا من ولد الأم ذكورا كانوا أو إناثا أو ذكورا وإناثا.
والسدس سهم كل من الأبوين مع الولد، وسهم الأم مع وجود الحاجب
193

من الإخوة للأبوين أو للأب، وسهام الواحد من ولد الأم.
قاعدة:
يمكن اجتماع نصفين كزوج وأخت لأب، ونصف وربع كزوجة وأخت
لأب وكزوج وبنت، ونصف وثلثين كأن يكون مع الزوج أختان فصاعدا أو
يدخل النقص عليهما، ونصف والثلث كزوج وأم وكلالة الأم إذا تعدد مع أختين
فصاعدا لأب، ونصف وسدس كزوج وواحد من كلالة الأم وكبنت مع أم
وكأخت لأب مع واحد من كلالة الأم، ونصف وثمن كزوجة وبنت، ويمكن
اجتماع ربع وثلثين كزوج وابنتين وكزوجة وأختين لأب، وربع وثلث كزوجة
وأم وزوجة واثنين من كلالة الأم، وربع وسدس كزوجة وواحد من كلالة الأم
وكزوج وابن وأحد الأبوين، ويمكن اجتماع ثمن مع ثلثين كزوجة وبنتين،
وثمن مع سدس كزوجة وابن واحد الأبوين، ويمكن اجتماع ثلثين وثلث كإخوة
الأم مع أختين فصاعدا مع الأب.
ويمتنع اجتماع ربع وثمن، وثلث وثمن، وثلث وسدس فرضا، ويمكن
قرابة كزوج وأبوين.
درس [2]:
قاعدة:
مخرج السهم أقل عدد يخرج منه السهم صحيحا، وهو اثنان للنصف،
والباقي من سميه، وسمي الثلث والثلثين الثلاثة، فالمخارج خمسة ومع اجتماعهما
يراعى فيها التساوي والتباين والتداخل والتوافق، وكذا اجتماع الورثة قد يوجب
ذلك وإن لم يكن لهم فرض.
فالمتساويان يجتزأ بأحدهما كالثلاثة والثلاثة في إخوة ثلاثة لأم وأخوات
ثلاث لأب وأم في باب الفرض، وكأعمام ثلاثة وأخوال ثلاثة في باب القرابة.
194

والمتباينان وهما اللذان لا يعدهما سوى الواحد، نضرب أحدهما في الآخر
كالخمسة والستة.
والمتداخلان ويسميان متناسبين ومتوافقين وهما اللذان يعد أقلهما الأكثر
ولا يتجاوز نصفه، كالثلاثة والستة والأربعة والاثني عشر والخمسة والعشرين
يجتزأ بأكثرهما.
والمتوافقان وهما اللذان يعدهما عدد ثالث، كالستة والثمانية يعدهما الاثنان،
والتسعة والاثني عشر يعدهما الثلاثة، والثمانية والاثني عشر يعدهما الأربعة،
وكذلك يسميان بالمتشاركين، ويجتزأ بضرب أحدهما في الكسر الذي ذلك
الكسر المشترك سمي له، كالنصف في الستة والثمانية، والربع في الثمانية
والاثني عشر، والثلث في التسعة والاثني عشر، ويترامى إلى الجزء من أحد عشر
فصاعدا.
قاعدة:
قد تكون الفريضة بقدر السهام وتنقسم من مخارج السهام، كأبوين وابنتين
الفريضة سدسان وثلثان وهي مال كامل، والمخرج ستة لدخول الثلاثة في الستة،
وقد لا تنقسم من المخارج فكسرها إما على فريق أو أكثر فيراعى في سهام
المنكسر عليهم وعددهم تناسب الأعداد بالموافقة وشبهها، ومع الموافقة يؤخذ من
العدد لا من النصيب ويراعى مع تعدد أعداد المنكسر عليهم التناسب المذكور في
القاعدة السالفة، ولنذكر هنا أمثلة أربعة:
أحدها: انكسرت على فريق واحد ولا وفق بين عدده وسهامه، وكأبوين
وخمس بنات، فإن للبنات أربعة أسهم وهي تنكسر على الخمسة وتباينها فتضرب
الخمسة في أصل المسألة وهي ستة تبلغ ثلاثين فتصح.
وثانيها: الصورة بحالها مع الوفق، كأن كان البنات ستا فالتوافق
والتشارك بالنصف، فتضرب نصف عددهن في ستة تبلغ ثمانية عشر.
195

وثالثها: انكسرت على الجميع ولا وفق، كزوجتين وثلاثة إخوة للأم وسبعة
للأبوين، فالمسألة من اثني عشر لأنها مخرج الربع والثلث، فللزوجتين الربع
ثلاثة وللأخوة للأم الثلث أربعة وللأخوة للأب الباقي وهو خمسة، وهذه الأعداد
الثلاثة متباينة فتضرب أيها شئت في الآخر ثم المبلغ في الباقي ثم المبلغ في أصل
المسألة، كما تضرب اثنين هنا في ثلاثة تبلغ ستة ثم تضربها في سبعة تكون اثنين
وأربعين ثم اثنين وأربعين في اثني عشر تبلغ خمسمائة وأربعة، فكل من كان له
سهم من اثني عشر أخذه مضروبا في اثنين وأربعين، ولا يعتبر هنا توافق مضروب
المخارج مع أصل المسألة ولا عدمه لأنه لا أثر له هنا، فلا يقال الاثنان والأربعون
في هذه الصورة تشارك الاثني عشر في السدس، فتجتزئ بسدس أحدهما في
الآخر.
ورابعها: انكسرت على الجميع مع الوفق، كست زوجات في المريض
يطلق ويتزوج ويدخل ثم يموت قبل الحول، وثمانية من كلالة الأم، وعشرة من
كلالة الأب، فالمسألة اثنا عشر، للزوجات ثلاثة ويوافق عددهن بالثلث، ولكلالة
الأم أربعة وتوافق عددهن بالربع، ولكلالة الأب خمسة وتوافق عددهن بالخمس،
فترد الزوجات إلى اثنين والإخوة للأم إلى اثنين والإخوة للأب إلى اثنين فتتماثل
الأعداد، فتجتزئ باثنين فتضربهما في اثني عشر تبلغ أربعة وعشرين، للزوجات
ثلاثة في اثنين ستة لكل واحدة سهم وللأخوة للأم ثمانية لكل واحد سهم، وللأخوة
للأب عشرة لكل واحد سهم، ومنه يعلم ما إذا انكسرت على بعضهم
دون بعض أو كان لبعض من انكسر وفق دون بعض.
قاعدة:
إذا زادت الفريضة على السهام فهي مردودة عليهم على ما يأتي إن شاء الله
تعالى وسبق، وتكون القسمة على تلك السهام وإن نقصت الفريضة عن السهام
أخذ من لا ينقص سهامه وافية وكان للآخر الباقي، ويراعى في القسمة موافقة سهام
196

كل لعدده وعدمها على ما مر.
درس [3]:
موانع الإرث في الجملة عشرون:
أحدها: الرق، وهو مانع من الإرث فلا يرث الرقيق من قريبه سواء كان
الموروث حرا أو رقيقا، وكذا لا يورث الرق وماله لمولاه بحق الملك لا بالإرث
سواء قلنا يملك أم لا، ولو اجتمع الحر والرق ورث الحر وإن كان ضامن
جريرة، دون العبد وإن كان ولدا، ولو كان له ابن رق وله ولد حر ورث جده
ولا يمنع برق أبيه، ولو تحرر بعضه ومات وورث منه بحساب الحرية، فلو كان له
ولد نصفه حر وأخ حر فالمال بينهما نصفان، ولو كان الأخ نصفه حرا فللابن
النصف وللأخ الربع، ولو كان هناك عم حر أخذ الربع الباقي ولو كان نصفه
حرا أخذ الثمن وكان الثمن لغيره.
ولو أعتق العبد بعد موت قريبه وكان الوارث واحدا لم يرث، وإن كان
متعددا واقتسموا المال لم يرث أيضا، ولو لم يقتسموا وكان متساويا لهم في
الدرجة ورث معهم، وإن كان أولى ورث دونهم.
ولو فقد الوارث وهناك قريب رق اشترى من التركة وأعتق وورث الباقي
سواء كان أحد الأبوين أو ولدا أو غيرهما من الأقارب، وقال المفيد رحمه الله
تعالى: لا يفك سوى الأبوين والولد، والأول اختيار الشيخ لرواية عبد الله بن
طلحة عن الصادق عليه السلام، وفي الزوجة رواية صحيحة عنه عليه السلام،
ويلزم عليها فك الزوج بطريق الأولى، واختاره الشيخ أيضا، ولو قصر المال عن
قيمته لم يفك على الأظهر، ونقل الأصحاب قولا بالفك ويسعى في الباقي، وقال
الفضل بن شاذان: يفك إلى أن يقصر المال عن جزء من ثلاثين جزءا من قيمته
فلا يفك أخذا من عدة الشهر.
وزعم أن الأمة لو تجاوزت قيمتها دية الحرة ردت إليها، وحكاهما عنه
197

الكليني ساكتا عليهما، ويقهر المالك على البيع لو امتنع، والمدبر والمكاتب
كالقن، ولو كان المدبر صالحا للإرث فحكمه ما مر، وكذا أم الولد كالقن.
وثانيها: الكفر، فلا يرث الكافر المسلم وإن قرب حتى أن ضامن الجريرة
المسلم والإمام يمنعانه، ويرث المسلم الكافر ويمنع ورثته الكفار وإن قربوا وبعد،
ولو لم يكن هناك ضامن جريرة مسلم ورثه الكافر، ولا فرق بين الحربي والذمي
والخارجي والناصبي والغالي، أما المبتدعة من المسلمين فيقع التوارث بينهم وبين
أهل الحق من الجانبين، وعن المفيد: يرث المؤمن أهل البدع من المعتزلة
والمرجئة والخوارج والحشوية، ولا ترث هذه الفرق مؤمنا.
وقال الحلبي: المجبرة والمشبهة وجاحد الإمامة لا يرثون المسلم والمرتد يرثه
المسلم، ولو فقد فالإمام، ولا يرثه الكافر على الأقرب، وقال الصدوق: لو ارتد عن
ملة فمات ورثه الكفار، وفي النهاية روي ذلك، ورواه ابن الجنيد عن ابن فضال
وابن يحيى عن الصادق عليه السلام.
ولو ارتد أحد الورثة قبل القسمة فماله لوارثه إن قتل أو كان عن فطرة، ومن
أسلم على ميراث قبل قسمته شارك إن كان مساويا، وانفرد إن كان أولى سواء
كان الموروث مسلما أو كافرا.
والنماء كالأصل، وإن اقتسموا أو كان الوارث واحدا فلا شئ له، وفي
تنزل الإمام منزلة الوارث الواحد أو اعتبار نقل التركة إلى بيت المال أو توريث
الوارث مطلقا أوجه.
ولو كان الوارث أحد الزوجين فالأقرب المشاركة مع الزوجة، لأن الأقرب
مشاركة الإمام إياها دون الزوج لأن الأقرب انفراده بالتركة، وفي النهاية:
يشارك مع الزوجين، ولو تنازعا في تقدم إسلامه على قسمة المال قيل: يحلف
الوارث لأصالة عدم الإرث إلا مع يقين السبب، ولو قيل بأنهما " إن اتفقا على
زمان القسمة واختلفا في تقدم الإسلام أو اختلفا في زمان القسمة والإسلام يحلف
الوارث، وإن اتفقا في زمان الإسلام واختلفا في تقدم القسمة وتأخرها يحلف
198

المتجدد إسلامه " كان قويا، ولو صدقه أحد الورثة مضى في نصيبه وتقبل شهادته
على الباقين، وفي الاكتفاء هنا بالشاهد واليمين وجهان من حيث أن الغرض المال
ومن أن الإسلام ليس بمال، وكذا الشاهد والمرأتان.
والطفل يتبع المسلم من الأبوين، فيجري فيه الإرث والتوريث بحسب
الإسلام، ولا حكم لإسلامه منفردا وإن كان مراهقا.
وفي رواية مالك بن أعين الصحيحة عن الباقر عليه السلام في نصراني مات
عن زوجة وولد نصراني وابن أخ مسلم وابن أخت مسلم " لابن أخيه الثلثان
ولابن أخته الثلث وينفقان على أولاده بالنسبة فإذا أدركوا قطعوا النفقة عنهم، فإن
أسلموا صغارا دفع المال إلى الإمام حتى يدركوا، فإن بقوا على الإسلام دفع المال
إليهم وإن لم يبقوا فهو لابن الأخ وابن الأخت "، وعليها معظم الأصحاب.
وطرد بعضهم الحكم في ذوي القرابة المسلم مع الأولاد، وردها الحليون
وأقروا الإرث على المسلمين إلا أن يسلم الأولاد قبل القسمة، وأنكروا وجوب
الإنفاق بناء على أن حكم الطفل حكم أبويه وجهة الاتفاق معلومة وليس هذا
منها، والوجه العمل بها اتباعا للمعظم.
والخروج عن الأصول جائز إذا قام عليه دليل، ويمكن موافقة الأصل من
حيث أن الولادة على الفطرة منهم بحكم المسلمين إلا أن يبلغوا ويعربوا الكفر.
فرع:
لو ماتوا قبل البلوغ أمكن أن يورث عنهم المال لعدم إعراب الكفر، ويمكن
أن يكون لابن الأخ والأخت بناء على أن إعراب الإسلام شرط ولم يحصل هذا.
ويتوارث الكفار وإن اختلفوا في الملل، والمسلمون وإن اختلفوا في النحل
ما لم يؤد إلى الكفر، وقال الحلبي: يرث كفار ملتنا غيرهم من الكفار ولا يرثهم
الكفار، ورده الفاضل للتساوي في الكفر فيرث بعضهم بعضا.
وثالثها: القتل، وهو يمنع القاتل من الإرث إذا كان عمدا ظلما، ولو اشتركوا
199

في القتل منعوا، وإن كان خطأ فالمشهور منعه من الدية خاصة، وقال ابن أبي
عقيل: لا يرث مطلقا، وقال المفيد وسلار: يرث مطلقا، وإن كان شبيه عمد
فكالعمد عند ابن الجنيد وكالخطأ عند سلار.
وقال الفضل: لو ضرب ابنه تأديبا غير مسرف فمات ورثه لأنه ضرب
سائغ، ولو أسرف لم يرث، ولو ربط جرحه أو جراحة فمات ورثه لأنه
استصلاح.
وكذا لو تلف بدابة يسوقها أو يقودها، ولا يرثه لو ركب دابة فأوطأها إياه،
ولو أخرج كنيفا أو ظلة أو حفر بئرا في غير حقه فمات قريبه به ورثه، ولو قتل
الصبي والمجنون قريبه ورثه، وتبعه ابن أبي عقيل، ونقله الكليني والصدوق عن
الفضل ساكتين عليه.
وقال بعض الأصحاب: القتل بالسب مانع، وكذا قتل الصبي والمجنون و
النائم.
ولا يحجب المتقرب بالقاتل، ويرث الدية من يرث المال عدا الإخوة
والأخوات من الأم لروايات متظافرة، وطرد المفيد وأبو الصلاح المنع من قرابة
الأم، ومنع الشيخ في الخلاف الأخوات من قبل الأب، وفي المبسوط: يرثها
وارث المال، واختاره ابن إدريس والفاضل للآية.
والأقرب منع قرابة الأم مطلقا، وروى أبو العباس عن الصادق عليه السلام
أنه " ليس للنساء عفو ولا قود "، أما الزوجان فيرثان من الدية في أشهر الروايات،
ورواية السكوني عن علي عليه السلام بمنع إرث الزوجين من الدية محمولة على
التقية.
والدية كسائر أموال الميت تقضى منها ديونه وتنفذ وصاياه ولو أخذت
صلحا، ولو لم يكن وارث سوى القاتل ورثه الإمام وله القصاص أو الدية، وليس
له العفو على الأقرب.
200

درس [4]:
ورابعها: اللعان، وهو يقطع إرث الزوجين والولد المنفى من جانب الأب
والابن، فيرث الابن أمه وترثه، وكذا يرثه ولده وقرابة الأم وزوجه وزوجته،
وروى أبو بصير عن الصادق عليه السلام أنه " لا يرث أخواله مع أنهم يرثونه "،
وحملها الشيخ على عدم اعتراف الأب به بعد اللعان، فإن اعترف وقعت الموارثة
بينه وبين أخواله، وبه روايات، والأقرب الموارثة مطلقا لرواية زيد الشحام عن
الصادق عليه السلام.
ولو أكذب الأب نفسه في لعانه واعترف به ورثه الولد، ولا يرث الأب
الولد، وأما قرابة الأب مع اعتراف الأب به، فأثبت إرث الولد جماعة منهم أبو
الصلاح ونفاه الباقون، وخرج الفاضل التوارث بينهم إذا اعترفوا به وكذبوا الأب
في نفيه وهو نادر، ومع أن الشرع حكم بانقطاع النسب، فكيف يعود؟
ولو انفردت أمه فلها الثلث تسمية والباقي ردا لرواية أبي الصباح وزيد
الشحام عن الصادق عليه السلام، وروى أبو عبيدة عن الباقر عليه السلام أن " لها
الثلث والباقي للإمام لأنه عاقلته "، ومثله روى زرارة عنه عليه السلام أن عليا عليه
السلام قضى بذلك، وعليها الشيخ بشرط عدم عصبة الأم وهو خيرة ابن الجنيد،
وقال الصدوق بها حال حضور الإمام لا حال غيبته، ولو فقد الوارث ورثه الإمام
عليه السلام، ولا عبرة بنسب الأب هنا، فلو كان له إخوة للأبوين وإخوة للأم
فالقسمة بالسوية، ولو كانا توأمين توارثا بالأمومة على ما أفتى به الأصحاب.
وخامسها: الزنى، وهو يقطع النسب من الأبوين فلا يرثان الولد ولا يرثهما
ولا من يتقرب بهما، وإنما يرثه ولده وزوجته، ثم المعتق ثم الضامن ثم الإمام،
وروى إسحاق بن عمار أنه " ترثه أمه وإخوته منها أو عصبتها "، وكذا في رواية
يونس وهو قول ابن الجنيد والصدوق والحلبي، ونسب الشيخ الأولى إلى توهم
الراوي أنه كولد الملاعنة والثانية إلى الشذوذ مع أنها مقطوعة، وروى حنان عن
الصادق عليه السلام: " إذا أقربه الأب ورثه " وهي مطرحة.
201

وسادسها: التبرؤ عند السلطان من جريرة الابن وميراثه، فإنه يمنع إرث الأب
منه ويرثه أقرب الناس إليه في رواية أبي بصير، وعليها الشيخ في النهاية،
والقاضي، وأنكرها الأكثر والشيخ في الحائرية.
وسابعها: الشك في النسب، فيما إذا وطئ المولى أو الزوج وأجنبي المرأة في
طهر واحد، فإن الولد لا يرث الأب بل يستحب له أن يعزل له قسطا من ميراثه،
ولو مات الولد لم يرثه الأب وميراثه لولده، فإن فقدوا فللإمام عند الشيخ
والقاضي، وهو مروي في الأمة بسند صحيح، وأنكر ابن إدريس ذلك وألحق
الولد بالزوج.
وثامنها: الغيبة المنقطعة، وهي مانعة من نفوذ الإرث ظاهرا حتى يعلم موته
ببينة أو مضي مدة لا يعيش مثله إليها عادة، فيحكم بتوريث من هو موجود حال
الحكم، ولو مات له قريب عزل نصيبه منه وكان كحكم ماله، وقال ابن الجنيد:
يورث بعد أربع سنين من كان في عسكر شهدت هزيمته وقتل أكثرهم، وبعد
عشر سنين من انقطع خبره أو أسر، وقال المرتضى رحمه الله: يحبس ماله أربع
سنين ويطلب فيها في كل أرض فإن لم يوجد قسم ماله بين ورثته، ونحوه قال
الصدوق رحمه الله والحلبي، وقال المفيد: ويباع عقاره بعد عشر سنين إذا انقطع
خبره.
ولو عزل ميراث الولد الغائب من أبيه وطالت المدة جاز لوارث أبيه اقتسامه
مع الملاءة ويضمنون، والأول مختار الشيخ وأتباعه وابن إدريس، وقول
المرتضى قوي وإليه جنح الفاضل رحمه الله تعالى.
وتاسعها: الدين المغترق للتركة للآية، وهو مذهب الشيخ، فعلى هذا يكون
النماء مصروفا في الدين لعدم ملك الوارث، وقيل: بل يملكه الوارث ويتعلق به
الدين، إما تعلق الأرض بالجاني أو تعلق الرهن، ولو لم يغترق انتقل إليهم ما زاد
وتكون جميع التركة كالرهن حتى يقضى الدين.
202

درس [5]:
وعاشرها: علم اقتران موت المتوارثين أو اشتباه المتقدم والمتأخر في الموت
إذا كان حتف الأنف أو بسبب الغرق والهدم، فإنه لا يتوارث الموتى بل ميراث
كل لورثته الأحياء، ويلوح من ابن الجنيد والحلبي اطراد حكم الغرقى والهدمى
في كل مشتبه، وصرح ابن حمزة بذلك في الغرق والحرق والهدم والقتل.
وإذا حكمنا بالتوريث مع الغرق والهدم فيشرط فيه اشتباه الحال، فلو علم
اقتران الموت فلا توارث، ولو علم التقدم والتأخر ورث المتأخر المتقدم دون
العكس، وأن تكون الموارثة دائرة بينهما، فلو غرق أخوان ولكل منهما ولد أو
لأحدهما فلا توارث بينهما، ثم إن كان لأحدهما مال صار لمن لا مال له ومنه إلى
وارثه الحي، ولا يرث أحدهما مما ورثه منه الآخر وإلا يتسلسل.
واستدعى المحال عادة وهو فرض الحياة بعد الموت لأن التوريث منه
يقتضي فرض موته، فلو ورث ما انتقل منه لكان حيا بعد انتقال المال عنه وهو
ممتنع عادة، وقال المفيد وسلار: يرث مما ورث منه، لوجوب تقديم الأضعف
ولا فائدة إلا التوريث مما ورث منه، قلنا نمنع الوجوب، ولو سلم كان تعبدا.
فلو غرق الأب وولده قدم موت الابن فيرث الأب نصيبه منه، ثم نفرض
موت الأب فيرث الولد نصيبه منه ويصير مال كل واحد منهما منقولا إلى ورثة
الآخر الأحياء، إن لم يكن وارث غيرهما أولى منهما، وإن شاركهما مساو انتقل
إلى وارثه الحي ما ورثه، ولو تساويا في الاستحقاق فلا تقديم ويصير مال كل
منهما لورثة الآخر كأخوين لأب لكل منهما خال.
ولو لم يكن لهما وارث صار مالهما للإمام، وعلى قول المفيد رحمه الله: لو
كان لكل من الأخوين جد لأم ولا مال لأحدهما يقرع، فإن خرج توريث المعدم
أولا انتقل مال الآخر إليه وإلى جده، ثلثه لجده وثلثاه لأخيه، ثم نفرض موت
المعدم فيرث الموسر منه ثلثي ما انتقل إليه وثلثه لجد المعدم، وينتقل ما ورثه
الموسر إلى جده فيجتمع لجده ثلث أصل ماله وثلثا ثلثيه وذلك سبعة اتساع ماله
203

ولجد المعدم تسعان، ولو خرج توريث الموسر لم يرث من أخيه شيئا، ثم يقدر
موت الموسر فيرث ماله أخوه وجده أثلاثا، فيكون لجده الثلث ولأخيه الثلثان
ينتقل ما صار لأخيه إلى جده فيكون لجد الموسر ثلث ماله ولجد المعدم ثلثاه،
فوجبت القرعة لتغير الحكم بالتقدم والتأخر، وعلى الأصح يصير مال الموسر بين
جده وجد أخيه أثلاثا، لجده الثلث ولجد أخيه الثلثان، وكذا يقرع على قوله: لو
كان له مال تساويا في قدره أو اختلفا، فإن جد المتقدم في الموت يفوز بأكثر مما
يحصل له لو تأخر موت مورثه، وعلى الأصح يقسم مال كل أخ بين جده وجد
أخيه أثلاثا، لجده ثلثه ولجد أخيه ثلثاه.
ولو تكثرت الغرقى لم يتغير الحكم فيقدم موت كل واحد ويورث بحسب
الاستحقاق.
درس [6]:
وحادي عشرها: الحمل، وإرثه ممنوع إلا أن ينفصل حيا، فلو سقط ميتا لم
يرث لقوله صلى الله عليه وآله: السقط لا يرث ولا يورث.
ولا يشترط حياته عند موت المورث، فلو كان نطفة ورث إذا انفصل حيا،
ولا يشترط استقرار الحياة فلو سقط بجناية جان وتحرك حركة تدل على الحياة
ورث وانتقل ماله إلى وارثه، ولا اعتبار بالتقلص الطبيعي، ولو خرج بعضه ميتا
لم يرث، ولا يشترط الاستهلال لأنه قد يكون أخرس بل يكفي الحركة البينة،
ورواية عبد الله بن سنان باشتراط سماع صوته محمولة على التقية.
وكما يحجب عن الإرث حتى ينفصل حيا يحجب غيره ممن هو دونه، كما
لو كان للميت امرأة حامل وإخوة فإنه يرجا ميراثه حتى يتبين، ولو طلبت المرأة
الإرث أعطيت الثمن إذا كانت زوجة، ولو طلب الأبوان أعطيا السدس والباقي
موقوف، ولو طلب الإخوة فرض الحمل ذكرين لندور الزائد، فإن انكشف
الحال بخلافه استدرك، ويعلم وجوده حال موت المورث بأن يوضع لدون ستة
204

أشهر منذ الموت أو لأقصى الحمل إذا لم توطأ الأم وطء يصح استناد الولد إليه.
وثاني عشرها: بعد الدرجة مع وجود أقرب، فلا يرث أبعد مع أقرب حسب
ما فصل ويأتي إن شاء الله تعالى، وقد يكون وجوده مانعا عن بعض الإرث
وذلك متحقق في موضعين:
الأول: الولد بالنسبة إلى الأبوين أو أحدهما وإلى كل من الزوجين، فإن
الولد على الإطلاق يحجب الزوجين عن النصيب الأعلى إلى الأدنى ويحجب
الذكر الأبوين أو أحدهما عما زاد عن السدس، وتحجب البنت الأبوين أو أحدهما،
أو البنات أحد الأبوين عما زاد على النصيب الحاصل من الأصل والرد، وقال ابن
الجنيد: تحجب البنات أحد الأبوين عما زاد على السدس لرواية أبي بصير عن
الصادق عليه السلام، وهي متروكة.
الثاني: الإخوة، فإنهم يمنعون الأم عما زاد عن السدس لرواية أبي بصير عن
الصادق عليه السلام إذا كان الأب موجودا، وقال الصدوق: لو خلفت زوجها
وأمها وإخوة فللأم السدس والباقي رد عليها، وظاهره الحجب عما زاد على
السدس فريضة لمكان الإخوة، وهو يشبه النزاع اللفظي.
وروى زرارة عن الصادق عليه السلام في أم وأخوات لأب وأم وأخوات
لأم، أن " للأم السدس ولكلالة الأب الثلثان ولكلالة الأم السدس " وهي متروكة،
للإجماع على أن الإخوة لا يرثون مع الأم، وحملها الشيخ على إلزامهم بمعتقدهم،
يعني لو كانت الأم ترى ذلك حل للأخوات التناول لنص الباقر والصادق
والكاظم عليهم السلام على جواز ذلك وأمثاله.
ويشترط في الحجب مع وجود الأب خمسة شروط:
الأول: التعدد، فلا بد من أخوين ذكرين أو أخ وأختين أو أربع أخوات،
والخنثى كالأنثى، ويحتمل قويا القرعة هنا.
الثاني: كونهم للأبوين أو للأب، فلا تحجب كلالة الأم.
الثالث: انتفاء موانع الإرث عنهم من الكفر والقتل والرق واللعان، وقال
205

الصدوق والحسن: يحجب القاتل، والأقرب أن الغائب يحجب ما لم يقض
بموته.
الرابع: انفصالهم، فالحمل لا يحجب على قول.
ولو كان بعضهم ميتا أو كلهم عند موت المورث لم يحجب، وكذا لو اقترن
موتاهما، ولو اشتبه التقدم والتأخر فالظاهر عدم الحجب، وفي الغرقى نظر، كما
لو مات أخوان غرقا ومعهما أبوان ولهما أخ آخر حيا أو غريقا، فإن فرض موت
كل واحد منهما يستدعي كون الآخر حيا فيتحقق الحجب، ومن عدم القطع
بوجوده.
والإرث حكم شرعي فلا يلزم منه اطراد الحكم بالحياة مع احتمال عدم
تقدير السبق بينهما، ولم أجد في هذا كلاما لمن سبق.
فرع:
لو خلف بنتا وأبوين وحاجبا، فالمشهور أن للبنت النصف وللأبوين
السدسان والباقي يرد على الأب والبنت أرباعا، وقال الشيخ معين الدين سالم
المصري: يكون الرد أخماسا فيأخذ الأب ما كان يرد على الأبوين مع عدم
الحاجب، وهو محتمل.
الخامس: المغايرة، فلو كانت الأم أختا لأب فلا حجب، كما يتفق في
المجوسي أو الشبهة بوطئ الرجل ابنته فولدها أخوها لأبيها.
درس [7]:
وثالث عشرها: منع يتعلق بالزوجين، وهو من وجوه:
الأول: تجرد عقد المريض على امرأة عن الدخول إذا مات في مرضه، فإن
ذلك يمنع من إرثها على المشهور، ولو عقدت المريضة على نفسها فالأقرب عدم
اشتراط الدخول، ولو برئ من مرضه زال المانع على الأقرب.
206

الثاني: لو كان العقد منقطعا منع من الإرث في الزوج والزوجة، ولو شرطا
التوريث فالمروي الصحة وعليه خرج اشتراط أحدهما دون صاحبه، وهو أشكل
من الأول.
الثالث: لو خلت الزوجة عن ولد لم ترث من رقبة الأرض شيئا وتعطى قيمة
الآلات والأبنية والشجر، وقال المرتضى: تمنع من عين الأرض لا من قيمتها، وقال
المفيد: لا تمنع من البساتين والضياع وتعطى قيمة الآلات والدور والمساكن،
وفي صحيح زرارة عن الباقر عليه السلام: منعها من السلاح والدواب، ولو كان
لها ولد من الميت فالشيخ وأتباعه يورثونها من جميع ما ترك وهو فتوى
الصدوق، وصرح ابن إدريس بأنه لا فرق بين أن يكون لها منه ولد أو لا، وهو
ظاهر المفيد والمرتضى والحلبي والشيخ في الاستبصار، وأكثر الأخبار لم تفرق،
والفرق في رواية ابن أذينة.
فرع:
لو كان لها ولد ولد، فإن كان وارثا فالأقرب لأنه كالولد، وإن لم يكن وارثا
كما لو كان هناك ولد للصلب ففيه نظر من صدق الولد ومن عدم إرثه، فتبقى
علة المنع موجودة وهي إدخال المرأة عليهم من يكرهونه.
الرابع: لو زوج الفضوليان الصغيرين وبلغ أحدهما وأجاز ثم مات عزل
من تركته نصيب الآخر، فإن مات قبل البلوغ فلا إرث، وإن بلغ ورد عنه في
الإرث فلا إرث، وإن أجاز رغبة في الإرث فلا إرث، ويعلم ذلك بقوله وإن أجاز
مخبرا عن عدم الرغبة في الإرث أحلف على ذلك فإن امتنع فلا إرث.
فرع:
لو كان أحد الزوجين مباشرا للعقد وباشر الفضولي عن الآخر ومات من
باشر عنه الفضولي قبل إجازته فلا إرث سواء كان قد بلغ أم لا، وإن مات المباشر
207

عن نفسه ففي عزل نصيب الآخر وسريان الحكم نظر، وكذا لو كانا صغيرين
وباشر الولي عن أحدهما.
الخامس: لو طلق رجعيا ومات في العدة أو ماتت توارثا، ولو كان بائنا فلا
إرث وإن ماتا في العدة، إلا أن يكون الطلاق في المرض فترثه إلى سنة ما لم
تتزوج أو يبرأ من مرضه، ولو كان بسؤالهما ففيه وجهان مبنيان على تعلق الحكم
بالطلاق في المرض أو باعتبار التهمة، وكذا لو كانت أمة فأعتقت أو كافرة
فأسلمت ولو فسخ نكاحها بعيبها ففي إجراء الحكم وجه بعيد، أما لو فسخت
نكاحه بعيبه لم يتوارثا قطعا، وكذا لو فسخ النكاح لسبب الرضاع سواء كانت
هي المرضعة أو بعض قرابة الزوج.
فرع:
لو طلق الأسير مع أمارات إتلافه أو المأخوذ للقود أو للرحم فالظاهر أنه
لا يطرد الحكم فيه، وطرده ابن الجنيد وحكم بالإرث إلى سنة، وجنح إليه في
المختلف ثم قال: المشهور اختصاص الحكم بالمريض.
السادس: لو تزوجت زوجة المفقود ثم ماتت وحضر الأول، فإن كان
التزويج الثاني فاسدا لعدم استيفاء الشرائط ورثها الأول، وإن كان صحيحا
فالمشهور إرث الثاني، وقال ابن الجنيد: يرثها الأول ولو كان الثاني قد حازه،
وفيه بعد.
السابع: لو طلق بائنا واشتبه ثم مات فالأقرب القرعة، وكذا لو مات المسلم
عن كفر وله زوجات تبعته في الإسلام ولما تخير، وقيل: بالتشريك والوقف
حتى يصطلحن.
الثامن: لو طلق معينة واشتبهت ثم تزوج أخرى ومات عن أربع غير
المطلقة، فالمروي أن للمعينة ربع نصيب الزوجية ويقسم الباقي بين الأربع
بالسوية، وقال ابن إدريس: يقرع، ولو اشتبهت بواحدة أو باثنتين ففي انسحاب
208

الحكم أو القرعة نظر من الخروج عن النص وتساويهما معنى.
التاسع: قال ابن الجنيد: لو زوج الأب ابنه بنتا في حجره فمات الابن ورثته
ولو ماتت لم يرثها الابن إلا أن يكون قد رضي بالعقد ويرثها، ويشكل بأن العقدان
صح توارثا وإلا فلا، ورضي الورثة لا عبرة به إذا لم يكن فيهم ولي شرعي.
درس [8]:
ورابع عشرها: منع المستهل من الإرث إذا لم تكمل شهود الاستهلال، فلو
شهدت امرأة واحدة منع من ثلاثة أرباع النصيب، ولو شهدت اثنتان منع من
النصف، ولو شهدت ثلاث منع من الربع، ونقل ابن الجنيد قبول شهادة الواحدة
في الجميع وهو قول الحسن وهو ظاهر المفيد، فعلى هذا لا منع إلا أنه متروك.
وخامس عشرها: اشتباه الحر الوارث بالعبد، فيما لو سقط بيت على قوم فماتوا
وبقى منهم صبيان أحدهما حر والآخر مملوك له واشتبه فإنه روي عن الصادق
عليه السلام: أنه يقرع لتعيين الحر، فإذا تعين أعتق الآخر وصار الحر مولاه، فهذا
منع من إرث الحر العبد إن أوجبنا عتق الآخر وهو ظاهر الرواية وظاهر قول
الحسن والصدوق، وقال الشيخ في النهاية: بل يرثه الحر بعد القرعة ولا عتق،
وهو قوي، وتحمل الرواية على الاستحباب.
وسادس عشرها: قدر الحبوة، فإنه لا ينفذ فيه ميراث غير المحبو - وهو الولد
الأكبر الذكر -، وذلك في السيف والخاتم والمصحف وثياب بدن الميت،
وشرط ابن إدريس أن لا يكون سفيها فاسد الرأي وأن يخلف الميت غيرها، وشرط
ابن حمزة ثبات العقل وسداد الرأي وفقد آخر في سنة وحصول تركة غيرها
وقيامه بقضاء ما فاته من صيام وصلاة، وفي رواية ربعي أضاف الدرع والكتب
والرحل والراحلة، وفي رواية الفضيل ومرسلة ابن أذينة ذكر السلاح.
ولو كان الأكبر أنثى فللأكبر من الذكور، وصرح ابن إدريس بوجوب
الحبوة وهو ظاهر الأكثر والأخبار وأنها لا تحسب عليه بالقيمة، وقال المرتضى:
209

تحسب عليه بالقيمة وهو نادر، وصرح ابن الجنيد باستحباب الحبوة وهو ظاهر
الحلبي حيث قال: ومن السنة أن نحبي، وذكر ثياب مصلاه.
فروع:
الأول: لو تعدد الأكبر فالظاهر القسمة قاله في المبسوط خلافا لابن حمزة،
وفي اشتراط بلوغه احتمال، وظاهره وظاهر ابن إدريس اشتراطه.
الثاني: لو تعددت هذه الأجناس، قال ابن إدريس يختص بالذي يعتاد لبسه
ويديمه وهو حسن فيما جاء بلفظ الوحدة، أما الثياب فالأقرب العموم حتى
العمامة، وكلام أبي الصلاح يقتضي تخصيص ثياب الصلاة.
الثالث: لو خلف دينا مغترقا فلا حبوة إذا لا إرث، نعم لو قضى الورثة الدين
من غير التركة فالأقرب الحبوة، ولو أراد الأكبر افتكاكها من ماله ليحتبي بها
فالأقرب إجابته.
الرابع: لو أوصى الميت بصرفها في جهة مباحة فالأقرب اعتبارها من الثلث،
ولو زادت فالأقرب توقفها على إجازة الأكبر لا غيره.
الخامس: لو قصر نصيب كل وارث عن قدر الحبوة فالظاهر أنه غير مانع،
ويحتمل المنع للإجحاف.
وسابع عشرها: الكفن ومؤونة التجهيز، وهو مانع من الإرث في قدره فلو لم
يفضل شئ فلا إرث إلا في الزوجة على ما سلف.
وثامن عشرها: الوصية، فإنها مانعة ما لم تزد على الثلث، فإن زادت ولم يجز
الوارث نفذ الإرث في الباقي وإن أجاز فظاهر جماعة أن الإرث لا ينفذ فيها بناء
على أن الإجازة تنفيذ لفعل الموصي لا ابتداء عطية، وعند ابني بابويه من لا وارث
له ولا عصبة يصح إيصاؤه بجميع ماله في المسلمين والمساكين وابن السبيل.
وتاسع عشرها: كون العين موقوفة، فإنه لا تنفذ فيها المواريث وإن كانت ملكا
للموقوف عليه على الأصح، ثم إن كان هناك مرتبة أخرى انتقلت إليها بحق
210

الوقف، وإن كان منقطعا ففيه خلاف سبق في الوقف.
العشرون: كون العبد جانيا عمدا، فإنه إذا اختير استرقاقه أو قتله تبين عدم
نفوذ الإرث فيه، ويحتمل تملك الوارث ثم ينتزع منه، ولو كان خطأ نفذ فيه
الإرث لأن التخيير إلى مولى الجاني، ومن ذلك أم الولد فإن من عدا ولدها يكون
حقه في القيمة ويحتمل نفوذ الإرث فيها ثم يقوم، وروى محمد بن يحيى عن وصي
علي بن السري إنه أوصى بإخراج ولده جعفر من الإرث لما أصاب أم ولده،
فأقره الكاظم عليه السلام، قال الشيخ: هذه قضية في واقعة فلا تتعدى إلى غيرها،
وقال ابن الجنيد في حديث أهل البيت: إن من فجر بزوجة أبيه لم يورث من
ميراث أبيه شئ.
درس [9]:
في ميراث الآباء والأولاد
للأب وحده المال وللأم وحدها الثلث تسمية والباقي ردا، ولو اجتمعا فلها
الثلث إلا مع الحاجب والسدس معه والباقي للأب، ولو كان هناك زوج أو
زوجة فلها النصيب الأعلى وللأم ثلث الأصل أو سدسه والباقي للأب، ولو كان
الزوج أو الزوجة مع الأم فلها الثلث بعد نصيب الزوجية تسمية والباقي ردا، ولو
كان أحدهما مع الأب فالباقي بعد نصيب الزوجية له، ولو كان معهما ابن فلهما
السدسان والباقي له، ولو كان أحدهما مع الابن فله السدس والباقي للابن، وكذا
لو تعدد الابن، ولو اجتمع معهما بنتان فصاعدا فلهما الثلثان وللأبوين السدسان،
وإن كانت بنت واحدة فلها النصف ولهما السدسان ويرد الباقي أخماسا على
الجميع ومع الحاجب يرد أرباعا على البنت والأب، ولو كان معهما ذكور
وإناث أو مع أحدهما فلهما السدسان أو لأحدهما السدس والباقي يقسم للذكر
مثل حظ الأنثيين.
وللابن المنفرد المال وللابنين فصاعدا المال بالسوية، وللبنت المنفردة
211

النصف تسمية والباقي ردا وإن كانتا اثنتين فصاعدا فلهما الثلثان تسمية والباقي
ردا، ولو اجتمع الذكور والإناث اقتسموا الجميع للذكر مثل حظ الأنثيين، ولو
اجتمع البنت وأحد الأبوين فلها النصف وله السدس والباقي يرد أرباعا فيكون
جميع المال أرباعا، ولو كان هناك زوج أو زوجة فلها النصيب الأدنى، وللبنت
النصف ولأحد الأبوين السدس والباقي يرد أرباعا، ولأحد الأبوين مع البنتين
السدس ولهما الثلثان والباقي يرد أخماسا ومع الزوجة يأخذ الثمن والباقي يرد
أخماسا.
ولو اجتمع الأبوان والبنت والزوجة فلهما السدسان وللبنت النصف
وللزوجة الثمن والباقي يرد أخماسا مع عدم الحاجب، وإلا فعلى الأب والبنت
أرباعا، ومع الزوج يدخل النقص على البنتين وكذا يدخل عليهما لو اجتمعا مع
الأبوين والزوج أو الزوجة، وكذا لو اجتمعت البنت والأبوان والزوج فالنقص
يدخل عليها.
وإذا عدم الأولاد قام بنوهم مقامهم سواء كان الأبوان موجودين أو أحدهما
أو لا على الأصح، ولا نعلم فيه خلافا إلا من الصدوق فإنه شرط في توريثهم عدم
الأبوين تعويلا على رواية قاصرة الدلالة.
ثم أولاد الأولاد ينزلون منزلة آبائهم، فلابن البنت نصيب أمه ولبنت الابن
نصيب أبيها، فلو خلف بنت ابن وبني بنت فلبنت الابن الثلثان ولبني البنت الثلث
وإن كثروا، ثم يقتسم أولاد البنت وأولاد الابن النصيب للذكر مثل حظ الأنثيين،
ونقل الشيخ أن أولاد البنت يقتسمون المال بالسوية واختاره تلميذه القاضي،
وقال الحسن والمرتضى وابن إدريس: يعتبر أولاد الأولاد بأنفسهم فللذكر ضعف
الأنثى وإن كان يتقرب بأمه وتتقرب الأنثى بأبيها، لأنهم أولاد حقيقة، والأول أشهر
فتوى ورواية، ويترتب أولاد الأولاد في الإرث، فالأقرب إلى الميت يمنع الأبعد
ذكرا كان أو أنثى.
ولا يرث الجد والجدة مع الأبوين بل يستحب للأبوين إطعام آبائهما سدس
212

الأصل إذا زاد نصيب المطعم بقدر السدس، فلو زاد نصيب أحدهما خاصة أطعم
أبويه لا أبوي الآخر، ولا يستحب للأولاد طعمة الأجداد، ولو كان أحد الجدين
مفقودا فالطعمة للآخر، وإن وجدا فهي بينهما بالسوية.
درس [10]:
في ميراث الإخوة والأجداد، إنما يرثون مع عدم الآباء والأبناء وأبنائهم،
وقال الصدوق: يرث الجد مع ولد الولد ويرث الجد للأب مع الأب والجد من
قبل الأم مع الأم، لرواية سعيد عن الكاظم عليه السلام ويرث الجد مع بنات
البنت السدس وقال الشيخ: ذكر ابن فضال إجماع العصابة على ترك العمل
بهذا الخبر، وقال الصدوق: لو خلفت زوجها وابن ابنها وجدا فللزوج الربع
وللجد السدس والباقي لابن الابن، وقال ابن الجنيد لو خلفت بنتا وأبوين
فالفاضل عن أنصابهم للجدين أو الجدتين، ولو خلف ولد ولد وجدا أو والدا
وجدا فللجد السدس، وقال الشيخ يونس بن عبد الرحمن: الجد أبو الأب أولى من
ابن الابن، والأقوال الثلاثة شاذة، فللأخ من الأبوين وجده المال، وللأخوين
فصاعدا المال بالسوية.
ولو اجتمع الإخوة والأخوات للأبوين فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين،
وللأخت المنفردة للأبوين النصف تسمية والباقي ردا وللأختين فصاعدا الثلثان
تسمية والباقي ردا بينهن بالسوية، ولا يرث معهم الإخوة والأخوات من كلالة
الأب، نعم يقومون مقامهم عند عدمهم، وللواحد من كلالة الأم ذكرا كان أو أنثى
إذا انفرد السدس تسمية والباقي ردا، وللاثنين فصاعدا الثلث تسمية والباقي ردا
بالسوية ذكورا كانوا أو إناثا أو ذكورا وإناثا.
ولو اجتمعت الكلالات الثلاث سقط كلالة الأب وكان لكلالة الأم سدس
الأصل إن كان واحدا والثلث إن كان أكثر بالسوية والباقي لكلالة الأب والأم،
إن كان واحدا ذكرا أو ذكرين فصاعدا أو ذكورا وإناثا للذكر مثل حظ الأنثيين
213

وسقط كلالة الأب.
ولو اجتمع مع كلالة الأم أخت للأبوين فلها النصف وللواحد من كلالة
الأم السدس وللأكثر الثلث والباقي للأخت من الأبوين، ولو كانتا أختين للأبوين
مع واحد من كلالة الأم كان السدس ردا عليهما خاصة، وتفرد الحسن والفضل
بأن الباقي يرد بالنسبة أرباعا أو أخماسا.
ولو كانت الأخت للأب خاصة أو الأختان كذلك مع كلالة الأم
فالخلاف هنا مشهور، فعند ابن الجنيد والحسن وابن إدريس والمحقق يرد على
الجميع بالنسبة، وعند الشيخين وأتباعهما يختص به كلالة الأب لرواية محمد بن
مسلم عن الباقر عليه السلام وهو الأقرب.
وللزوج أو الزوجة النصيب الأعلى ولكلالة الأم سدس الأصل أو ثلثه
والباقي لكلالة الأب ذكورا كانوا، أو إناثا، ولا عول هنا كما لا عول في اجتماع
الزوج أو الزوجة مع البنات، ولا تعصيب عندنا بحال.
درس [11]:
للجد المنفرد المال لأب كان أو لأم، وكذا الجدة، ولو اجتمعا من طرف
واحد تقاسما المال للذكر مثل حظ الأنثيين إن كانا لأب وبالسوية إن كانا لأم،
ولو كانا من طرفين فللجد للأم أو الجدة أو لهما الثلث بينهما بالسوية، وللجد
والجدة للأب أو لهما الثلثان بالتفاوت، وقال الحسن والفضل: لو ترك جدته أم
أمه وجدته أم أبيه فلأم الأم السدس ولأم الأب النصف والباقي يرد عليهما
بالنسبة، كمن ترك أختا لأب وأم وأختا لأم، وقال الصدوق: للجد من الأم مع
الجد للأب أو الأخ للأب السدس والباقي للجد للأب أو الأخ، وقال الفضل: لو
ترك جدته أم أمه وأخته للأبوين فللجدة السدس، وقال الحليان والكيدري:
للجد أو الجدة للأم السدس ولهما الثلث بالسوية، والأول أظهر، ولو جامعهم أحد
الزوجين أخذ نصيبه الأعلى، وللجد أو الجدة أو لهما من الأم ثلث الأصل والباقي
214

للمتقرب بالأب.
ويمنع الأجداد الدنيا من علا من الأجداد ويقومون مقامهم عند عدمهم
الأقرب إلى الميت فالأقرب، وكذا يمنعون من يتقرب بهم من الأعمام والأخوال
وإن بعد الأجداد.
وللميت في المرتبة الأولى أربعة أجداد وفي الثانية ثمانية وفي الثالثة ستة
عشر، وعلى هذا فلو خلف الأجداد الثمانية فلقرابة الأم الثلث بينهم بالسوية ولقرابة
الأب الثلثان لأبوي أبي الأب الثلثان بينهما أثلاثا ولأبوي أم الأب الثلث بينهما
أثلاثا قاله الشيخ، فسهام أقرباء الأم أربعة وسهام أقرباء الأب تسعة، وأصلها ثلاثة
تنكسر على الفريقين ولا وفق فتضرب أربعة في تسعة ثم في ثلاثة تبلغ مائة
وثمانية، وقال الشيخ معين الدين سالم المصري: ثلث الثلث لأبوي أم الأم
بالسوية وثلثاه لأبوي أبي الأم بالسوية وثلث الثلثين لأبوي أم الأب بالسوية
وثلثاهما لأبوي أبيه أثلاثا، فسهام قرابة الأم ستة وسهام قرابة الأب ثمانية عشر
فيجتزأ بها وتضرب في أصل المسألة تبلغ أربعة وخمسين ومنها تصح، وقال
الشيخ زين الدين محمد بن القاسم البرزهي: ثلث الثلث لأبوي أم الأم بالسوية
وثلثا الثلث لأبوي أبي الأم أثلاثا، وصحتها أيضا من أربعة وخمسين، والأول أشهر.
وقد يجتمع في الجد الواحد قرابة الأبوين فيكون له نصيب الجدين، ويرث
معه المنفرد بإحدى القرابتين إذا كان في درجته.
ولا يمنع الجد للأب خاصة إذا ليس كالإخوة في منع كلالة الأبوين كلالة
الأب.
ولو اجتمع الإخوة والأجداد فالأخ للأم كالجد من قبلها، وكذا الأخت
كالجدة، والأخ للأب كالجد من قبله وكذا الأخت للأب، فلقرابة الأم من الإخوة
والأجداد الثلث بينهم بالسوية، ولقرابة الأب الثلثان بينهم بالتفاوت، ويقوم الإخوة
للأب مقام الإخوة للأب والأم عند فقدهم.
ولو خلف جدا أو جدة أو إياهما لأم مع أخ أو إخوة لأب وأم، فللجدودة
215

الثلث والباقي للأخوة ولو كانت أختا واحدة للأبوين، ولو كانت للأب فالأقرب
أنها كذلك، ويمكن انسحاب الخلاف السابق فيها.
ولو خلف أخا أو أختا لأم وجدا أو جدة أو إياهما لأب، فللواحد من كلالة
الأم السدس والباقي للجدودة، ويقاسم الأجداد وإن علوا الإخوة ويمنع كل طبقة
من فوقها ولا يمنعهم الإخوة.
ويقوم أولاد الإخوة مقام آبائهم عند عدمهم فيرث كل نصيب من يتقرب به،
فلولد الأخت نصيب أمه اتحد أو تعدد ذكرا كان أو أنثى، ولولد الأخ نصيب
أبيه كذلك، ويمنع أولاد كلالة الأب والأم أولاد كلالة الأب ويقومون مقامهم
عند عدمهم ويقاسمون الأجداد كآبائهم وإن علوا أو سفل أولاد الإخوة.
ولا ميراث لابن الأخ من الأبوين مع الأخ للأم ولا لابن ابن الأخ من الأبوين
مع ابن أخ لأم، خلافا للفضل في المسألتين لاجتماع السببين، ويضعف بتفاوت
الدرجتين، والقسمة بين أولاد الإخوة للأبوين أو للأب، للذكر مثل حظ الأنثيين،
والقسمة بين أولاد الإخوة للأم بالسوية.
درس [12]:
في الأعمام والأخوال - وهم أولوا الأرحام -، وإنما يرثون مع فقد الإخوة
وبنيهم والأجداد فصاعدا.
وعن الفضل أنه لو خلف خالا وجدة لأم اقتسما المال نصفين، والذي في
كتابه أنه لو ترك جدته وعمته وخالته فالمال للجدة، ونقل عن يونس مساواة
العمة والخالة وأنه جعل العمة تساوي الجد، وغلطه في ذلك، وفي قوله: أنه لو
خلف عما وابن أخ، اقتسما المال نصفين، فللعم أو العمة أو أكثر من قبل أب أو أم
المال بالسوية إذا كانوا من قبل الأم، وبالتفاوت إذا كانوا من قبل الأبوين أو
الأب.
ولا يرث قرابة الأب إلا مع عدم قرابة الأبوين، ولو اجتمع قرابة الأم مع
216

قرابة الأب، فلقرابة الأم السدس إن كان واحدا عما كان أو عمة، والثلث إن كانوا
أكثر بالسوية، ولقرابة الأبوين أو الأب الثلثان عما كان أو عمة أو أكثر بالتفاوت،
ولو خلف كلالة الأم مع كلالة عمة للأب فلها الفاضل عن السدس أو الثلث،
ولا ينسحب الخلاف في الأخت للأب هنا ولو جامعهم أحد الزوجين أخذ نصيبه
الأعلى.
ولقرابة الأم ثلث الأصل أو سدسه بحسب التعدد والوحدة والباقي لقرابة
الأبوين، ومع عدمهم فلقرابة الأب والقسمة بينهم مع التعدد بالتفاوت، وللخال
المنفرد المال وكذا الخالة لأب كانت أو لأم، وللمتعدد المال بالسوية لأب كانوا
أو لأم.
ولو اجتمع الكلالتان فللمتقرب بالأم السدس إن كان واحدا والثلث إن
كان أكثر بالسوية وإن كانوا ذكورا أو إناثا، وللمتقرب بالأبوين أو بالأب مع
عدمهم الباقي واحدا كان أو أكثر بالسوية وإن كانوا ذكورا وإناثا على الأصح،
ونقل الشيخ في الخلاف عن بعض الأصحاب أنهم يقتسمونه للذكر ضعف
الأنثى، ولو كان هناك أحد الزوجين فله نصيبه الأعلى، ثم إن كان الأخوال من
جهة واحدة فالباقي لهم بالسوية كيف كانوا، وإن كانوا متفرقين، سقط كلالة
الأب مع كلالة الأبوين
قال الفاضل: يأخذ كلالة الأم سدس الأصل إن كان واحدا وثلثه إن كان
أكثر والباقي لكلالة الأبوين، فلو خلفت زوجها وخالا من الأم وخالا من الأبوين،
فللزوج النصف وللخال للأم سدس الثلث، ونقل أنه يأخذ سدس الباقي.
وقد يفهم من كلام الأصحاب أن للخال للأم بعد نصيب الزوجية سدس
الأصل إن اتحد وثلثه إن تعدد كما لو لم يكن هناك زوج ولا زوجة، ولو اجتمع
الأخوال والأعمام فللأخوال الثلث وكذا لو كان واحدا وللأعمام الثلثان وكذا لو
كان واحدا، ولو كانوا متفرقين فللأخوال من جهة الأم ثلثا الثلث وإن كان واحدا
فله سدس الثلث والباقي من الثلث للأخوال من جهة الأب وكذا لو كان واحدا.
217

والثلثان للأعمام، فللمتقرب بالأم سدس الثلثين إن كان واحدا وثلثهما إن
كان أكثر بالسوية وإن اختلفوا في الذكورية والأنوثية والباقي للأعمام المتقربين
بالأبوين بالتفاوت، ولو عدموا قام مقامهم قرابة الأب، وكذا في الأخوال.
وللزوج أو الزوجة مع الأعمام أو الأخوال النصيب الأعلى، وللأخوال ثلث
الأصل وكذا لو كان واحدا وللأعمام الباقي، ولو تفرقت الخؤولة والعمومة
فللمتقرب بالأم من الخؤولة سدس الثلث إن كان واحدا وثلثه إن كانوا أكثر
والباقي للمتقرب بالأب، وللتقرب بالأم من العمومة سدس الثلثين إن كان واحدا
وثلثه إن كانوا أكثر بالسوية، والباقي للمتقرب بالأبوين، ومع عدمهم للمتقرب
بالأب.
ويقوم أولاد الأخوال والأعمام مقام آبائهم وأمهاتهم ويقتسمون كما كان
يقتسم آبائهم، ولكل نصيب من يتقرب به، والأقرب منهم يمنع الأبعد وإن لم
يكن من صنفه، فابن الخال أولى من ابن ابن العم وابن العم أولى من ابن ابن
الخال، والخال أولى من بني العم والعم أولى من بني الخال كما أن العم أولى من
ابن العم إلا في المسألة الإجماعية والخال أولى من ابن الخال على الإطلاق.
وأعمام الميت وأخواله وأولادهم فنازلا أولى من عمومة أبي الميت وعماته
وخؤولته وخالاته ومن عمومة أم الميت وعماتها وخؤولتها وخالاتها، ومع عدم
أولاد العمومة والخؤولة يرث هؤلاء، والأدنى منهم إلى الميت وأولاده وإن نزلوا
أولى من الأعلى، فابن ابن عم الأب أولى من عم الجد وهكذا.
ولو ترك عم الأب وعمته وخاله وخالته وعم الأم وعمتها وخالتها وخالتها
فالثلث لقرابة الأم بالسوية على القول المشهور والثلثان لقرابة الأب ثلثهما للخال
والخالة بالسوية وثلثاهما للعم والعمة أثلاثا.
فسهام أقرباء الأم أربعة وأقرباء الأب ثمانية عشر، ويتوافقان بالنصف
فتضرب نصف أحدهما في الآخر ثم الحاصل في ثلاثة تبلغ مائة وثمانية، وقيل:
لخال الأم وخالتها ثلث الثلث بالسوية وثلثاه لعمها وعمتها بالسوية، وصحتها من
218

أربعة وخمسين، وربما قيل: للأخوال الأربعة الثلث بالسوية وللأعمام الثلثان ثلثه
لعم الأم وعمتها بالسوية وثلثاهما لعم الأب وعمته أثلاثا وصحتها من مائة وثمانية.
وقد يجتمع للوارث سببان فصاعدا فيرث بالجميع، كعم هو خال، وابن عم
هو ابن خال، ولو منع أحدهما الآخر ورث بالمانع كأخ هو ابن عم.
درس [13]:
في الأسباب:
فالزوجان يرثان مع جميع الورثة - إذا خلوا عن الموانع - النصيب الأعلى
مع فقد الولد وإن نزل ذكرا أو أنثى والنصيب الأدنى مع وجوده، ولا يرد عليهما
مع وجود وارث ولو ضامن جريرة.
أما لو لم يكن سوى الزوج أو الزوجة فالمشهور الرد على الزوج، فيأخذ
النصيب تسمية والباقي ردا، ونقل المفيد والمرتضى والشيخ فيه الإجماع، ويظهر
من سلار وجود الخلاف فيه لموثقة جميل بن دراج عن الصادق عليه السلام:
لا يكون الرد على زوج ولا زوجة، ويعارضها أخبار صحاح مصرحة بالرد عليه،
أما الزوجة فثالث الأقوال للصدوق والشيخ في النهاية الرد عليها حال الغيبة
لا حال حضور الإمام جمعا بين الأخبار، والمشهور عدم الرد عليها مطلقا، ولم يقل
بالرد عليها مطلقا إلا المفيد في ظاهر كلامه.
ولو تعددت الزوجة فالحصة مشتركة ولو زدن على الأربع، كما في
المريض يطلق ويتزوج ثم يدخل ويموت في مرضه قبل مضي سنة ولما تتزوج
مطلقته.
وترث المطلقة رجعية إذا مات في العدة وتورث بخلاف الثانية إلا أن يكون
الطلاق في المرض فإنها ترثه إلى سنة ولا يرثها، ولا يشترط في التوريث الدخول إلا
إذا كان التزويج في المرض على ما سلف.
وأما الولاء بالعتق فقد ذكر فيه وأما الولاء بضمان الجريرة فهو أن يكون
219

سائبة كالمعتق في نذر أو كفارة أو حر الأصل ولم يعلم له قريب فيضمن واحد
جريرته فيرثه.
ولا يرث المضمون الضامن إلا أن يدور الضمان، وإنما يرث مع فقد جميع
الأسباب، ومع فقد المعتق وعصبته ومعتقه ومن يمت به.
وأما الإمام فهو وارث عند عدم ضامن الجريرة وعدم كل وارث إلا الزوجة
فمع حضوره يصنع به ما شاء، وكان أمير المؤمنين عليه السلام يتبرع به على
فقراء بلد الميت وضعفاء جيرانه، وإن كان غائبا قال جماعة من الأصحاب: يحفظ
له بالوصاة أو الدفن إلى حين ظهوره والأظهر جواز قسمته في الفقراء والمساكين،
ولو أخذه المتغلب فلا ضمان على أحد، ولا يجوز دفعه إليه إلا مع الخوف.
وروى سليمان بن خالد عن الصادق عليه السلام في المعتق سائبة ولم يتول
أحدا: يجعل ميراثه في بيت مال المسلمين، وتعارضه رواية أبي الأخوص عن
الباقر عليه السلام أن " ميراثه للإمام "، وروى أبو بصير عن الصادق عليه السلام
أن السائبة يرثه أقرب الناس إلى الذي أعتقه ويضمن جريرته، قال الشيخ: لا يعمل
عليه بل ميراثه لبيت المال، وهذا يشعر بأنه لبيت مال المسلمين كما في الرواية،
ولم أر قائلا به من الأصحاب.
ولو مات كافر ذمي أو حربي ولا وارث له فميراثه للإمام كغيره، وكذا
يختص بالإمام ما تركه المشركون خوفا من غير حرب وما غنمته سرية بغير إذنه،
وأما مال الصلح والجزية فللمجاهدين، ومع عدمهم فلفقراء المسلمين.
درس [14]:
في ميراث الخنثى وشبهه:
من له ما للرجال وما للنساء يرث بما يبول منه، فإن بال منهما فبالذي يسبق
منه البول، فإن سبق منهما معا ورث على الذي يتأخر انقطاعه، وقال القاضي:
يرث على الذي يسبق انقطاعه، وهو ضعيف.
220

فإن تساويا سبقا وقطعا فهو المشكل.
فقال المفيد والمرتضى وابن إدريس: تعد أضلاعه فإن كانت ثمانية عشر
ضلعا فهي أنثى وإن كانت سبعة عشر من الجانب الأيمن تسعة ومن الأيسر ثمانية
وضلع ناقص صغير فهو الذكر، لما روي أن حواء خلقت من ضلع آدم الأيسر
عليهما السلام، ونقل فيه المفيد والمرتضى الإجماع، ورواه ميسرة بن شريح من
قضاء أمير المؤمنين عليه السلام، وفي الخلاف يورث بالقرعة.
وقال الحسن: إن كان هناك علامة من لحية أو بول أو حيض أو احتلام أو
جماع وإلا ورث ميراث رجل وهو متروك.
والمشهور أن له نصف النصيبين وضعفه ابن إدريس بانحصار أمره في
الذكورة والأنوثة، يعني أنه ليس بطبيعة ثالثة حتى يكون الأمر فيه كذلك واحتج
بقوله تعالى " يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور " وتدفعه الروايات،
وبمنع منافاة ذلك للحصر سلمنا، ولكن الآية لا تدل على الحصر لأنها خرجت
مخرج الأغلب.
وفي تقريره طرق، أقربها أن يجعل التركة منقسمة على تقدير الذكورية مرة
وعلى تقدير الأنوثية أخرى ثم تضرب إحديهما في الأخرى أو في وفقها أو في
الأكثر مع التداخل، ثم تضرب الحاصل في اثنين، ثم يعطي كل وارث نصف
ما حصل له في المسألتين.
فلو خلف ذكرا وخنثى وأنثى فهي من أربعين.
ولو جامعهم أحد الزوجين ضربت مخرج نصيبه فيها ثم أخذت نصيبه
وقسمت الباقي على أربعين لكل سهم ثلاثة أسهم إن كان زوجا وسبعة إن كانت
زوجة.
ولو اجتمع أبوان وخنثى ففريضة الذكورية ستة وفريضة الأنوثية خمسة
بالفرض والرد ومضروبهما ثلاثون، ثم تضرب في اثنين تبلغ ستين فللأبوين اثنان
وعشرون وللخنثى ثمانية وثلاثون.
221

ولو كان أحد الأبوين مع الخنثى فالفريضتان متوافقتان بالنصف لأن
إحديهما ستة والأخرى أربعة، فتضرب نصف أحدهما في الآخر يبلغ اثني عشر ثم
في اثنين يبلغ أربعة وعشرين، فلأحد الأبوين خمسة وللخنثى تسعة عشر، ولو
اجتمع خنثيان مع أحد الأبوين فكمسألة الخنثى مع الأبوين ثم تصير إلى مائة
وعشرين ولو كان مع الأنثى والخنثى أحد الأبوين، ضربت خمسة مسألة الأنوثة
في ثمانية عشر المسألة الأخرى تبلغ تسعين ثم تضربها في اثنين تبلغ مائة
وثمانين، لأحد الأبوين ثلاثة وثلاثون لأن له ستة وثلاثين تارة وثلاثين أخرى فله
نصفهما، وللأنثى أحد وستون وللخنثى ستة وثمانون، فقد سقط من سهام الأب
نصف الرد إذا المردود على تقدير أنوثيتهما ستة هي الفاضلة على تقدير الذكورية.
ولو اجتمع الأبوان أو أحدهما مع الخنثى أو الخناثى وهناك ذكر لم يرد
نصيبهما على الفرض، وكذا خنثيان وأبوان، ولو كانت الإخوة للأبوين أو للأب
خناثى فكالأولاد، أما الإخوة للأم فسواء، أو الأعمام للأب كالإخوة للأب
والأخوال كالإخوة للأم.
وأما كون الخنثى أبا أو جدا أو أما أو جدة مع بقاء أشكاله فبعيد إذ ذلك
يكشف عن حاله، إلا على ما روى ميسرة في امرأة ولدت وأولدت.
وأما كون الخنثى زوجا أو زوجة فأبعد لبطلان تزويجه ما دام مشكلا سواء
تزوج بذكر أو أنثى أو خنثى، وقال الشيخ: له نصف نصيب الزوج ونصف
نصيب الزوجة، وربما تصور إذا تزوج خنثى بخنثى وحكمنا بصحة العقد وهو
ضعيف.
ومن ليس له الفرجان، إما بأن يفقدا أو يفقد الدبر وله مخرج بين المخرجين
تخرج منه الفضلة، أو بأن تكون هناك لحمة زائدة يخرج منها، أو بأن يتقيأ
ما يأكله، أو بأن يخرجا معا من الدبر، كما نقل ذلك كله يورث بالقرعة، فيكتب
عبد الله على سهم وأمة الله على سهم ويجعل في سهام مبهمة، ويقول ما رواه
الفضيل بن يسار عن الصادق عليه السلام: " اللهم أنت الله لا إله إلا أنت عالم
222

الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون فبين لنا أمر هذا
المولود وكيف يورث ما فرضت له في كتابك " ثم تجيل السهام ويورث على
ما يخرج، والظاهر أن الدعاء مستحب.
وفي رواية مرسلة في الكافي عن أحدهما عليهما السلام: إذا لم يكن له إلا
ثقب يخرج منه البول فنحي بوله عند خروجه فهو ذكر، وإن كان لا ينحي بوله
فهو أنثى، وعليها ابن الجنيد، ويظهر من الشيخ جواز العمل بها وإن كانت القرعة
أحوط.
ولو كان له رأسان وبدنان على حقو واحد يوقظ أحدهما بعد نومهما فإن
انتبها معا فهما واحد وإن انتبه أحدهما فهما اثنان، كما قضى به علي عليه السلام،
وقال أبو جميلة: رأيت بفارس امرأة لها رأسان وصدران في حقو واحد، من وجه
يتغايران.
درس [15]:
في ميراث المجوس:
اختلف فيه، فقال يونس: أنهم يتوارثون بالنسب والسبب الصحيحين دون
الفاسدين، وهو قول الحلبي وابن إدريس، وقال الفاضل وجماعة: يتوارثون
بالصحيحين والفاسدين، وقال الفضل وجماعة: يتوارثون بالنسب الصحيح
والفاسد وبالسبب الصحيح خاصة وهو المختار.
ويشهد للشيخ خبر السكوني عن علي عليه السلام أنه كان يورث المجوسي
إذا تزوج بأمه وأخته وابنته، من جهة أنها أمه وأنها زوجته، وقول الصادق عليه
السلام لمن سب مجوسيا وقال: إنه تزوج بأمه " أما علمت أن ذلك عندهم هو
النكاح " بعد أن ذبر الساب، وقوله عليه السلام: إن كل قوم دانوا بشئ يلزمهم
حكمه، فلو تزوج بنته وأولدها بنتا ثم مات فللزوجة نصيب البنت ونصيب
الزوجية وللأخرى نصيب البنت، ولو كانت أخته لأمه جدته لأبيه أو أخته لأبيه
223

جدته لأمه ورثت بالأمرين.
ولو منع أحد النسبين الآخر فالإرث بالمانع، كبنت هي أخت لأم وعمة هي
أخت لأب وعمة هي بنت عمة وأخت هي أم.
ولا يرث المسلمون بالسبب الفاسد إجماعا سواء كان التحريم مجمعا عليه
كالأم نسبا أو رضاعا، أو مختلفا فيه كأم المزني بها أو البنت من الزنى، ولا فرق بين
اعتقاد الزوج التحريم أو الزوجة أو اعتقاد التحليل، بل المعتبر باعتقاد الحاكم.
أما النسب الفاسد للمسلم كما يتفق بوطئ الشبهة فحكمه حكم المجوس في
التوريث.
وأما غير المجوس من الكفار فإنهم يورثون كالمسلمين لو تحاكموا إلينا،
وقد ذكر الفضل - رحمه الله - فروعا، فلنذكر هاهنا ثلاثة،
الأول: أولد من ابنته ابنتين يرثن ماله بالسوية، فلو ماتت إحديهما وقد تركت
أمها وأختها فالمال لأمها، فإن ماتت الأم ورثها ابنتاها، فإن ماتت إحداهما فقد
ورثتها الأخرى.
الثاني: أولد بنته بنتا ثم أولد البنت الثانية بنتا فالمال بينهن بالسوية، فإن
ماتت العليا ورثتها الوسطى دون السفلى، وإن ماتت الوسطى فللعليا نصيب الأم
وللسفلى نصيب البنت والباقي يرد أرباعا، وإن ماتت السفلى ورثتها الوسطى لأنه
لا ميراث للجدة والأخت مع الأم.
الثالث: أولد بنته ابنتين، ثم تزوج إحديهما فولدت له بنتا ثم مات ورثته
أرباعا، فلو ماتت البنت التي أولدها ثانيا فلبنتها النصف ولأمها السدس والباقي
يرد عليهما ولا شئ لأختها التي هي جدة.
درس [16]:
في الإقرار بوارث أو دين:
لو حمل قوم من بلد الشرك فتعارفوا بنسب ثبت ذلك وإن لم يقيموا بينة،
224

وكذا كل اثنين تعارفا ما لم يعرفا بنسب غيره.
وإذا أقر الورثة بمشارك في الميراث قاسمهم وثبت نسبه إن شهد به عدلان،
وإن أقر به واحد دفع إليه ما فضل في يده، وطريق ذلك أن نضرب مسألة الإقرار
في مسألة الإنكار أو في وفقها، ثم نضرب ما للمقر من مسألة الإقرار في مسألة
الإنكار ونضرب ما للمنكر من مسألة الإنكار في مسألة الإقرار فما كان بينهما فهو
الفضل.
كما لو أقر الابن مع البنات الثلاث بابن وأنكر البنات فمسألة الإقرار من
سبعة ومسألة الإنكار من خمسة ومضروبها خمسة وثلاثون، فللمقر من مسألة
الإقرار سهمان في مسألة الإنكار عشرة وللمنكر من مسألة الإنكار سهم في مسألة
الإقرار سبعة، فالتفاوت أربعة لأن للابن مثل البنتين ولهما أربعة عشر فالأربعة
للمقر له، ولو أقرت البنت فلها من مسألة الإقرار سهم في مسألة الإنكار خمسة
فالفاضل سهمان فهما للمقر له، وإن شئت قلت: تنظر ما للمقر على تقدير الإقرار
وما له على تقدير الإنكار فالتفاوت يدفعه، كما في هذه الصورة فإن للابن على
تقدير إقراره عشرة وله على تقدير إنكاره أربعة عشر فالتفاوت أربعة، ولو قدر
تساوي ماله في حالتي الإقرار والإنكار لم يدفع شيئا.
كما لو كان هناك إخوة ثلاثة لأب وأخ لأم فأقر الأخ من الأم بأخ منها،
فمسألة الإقرار ثمانية عشر ومسألة الإنكار كذلك، فيجتزئ بأحدهما، فللمقر ثلاثة
ولو قدر كونه منكرا كان له ثلاثة فلا فضل في يده،
فلو أقر بأخوين لأم فمسألة الإقرار من تسعة ومسألة الإنكار من ثمانية عشر،
فيجتزئ بالأكثر، فله على تقدير إقراره سهمان وعلى تقدير إنكاره ثلاثة أسهم
فيفضل في يده سهم فيدفعه إلى المقر لهما.
ولو كان المقر أحد الإخوة للأب بأخ من أم فالمسألة بحالها، فله على
تقدير إقراره أربعة من ثمانية عشر وعلى تقدير إنكاره خمسة فالفاضل سهم فيدفعه
إلى المقر له.
225

ولو أقر بأخ من أب فمسألة الإقرار من أربعة وعشرين ومسألة الإنكار من
ثمانية عشر، وهما متوافقان بالسدس فتضرب سدس أحدهما في الآخر وأيا ما كان
يبلغ اثنين وسبعين، فله بتقدير إقراره خمسة عشر وبتقدير إنكاره عشرون
فالفاضل خمسة فهي للمقر له، ولو كان المقر بالأخ للأب الأخ للأم لم يغرم له
شيئا لعدم الفضل في يده.
ولو أقر بعض الورثة بدين لزمه ما يقتضيه التقسيط من التركة، فلو خلف
ابنين وبنتا وألفا وأقر أحدهما بألف على الميت فزائدا فعليه أربعمائة، فإن أقر
بخمسمائة فعليه مائتان ويفضل في يده ومائتان.
ومن الوقائع ما رواه الحكم بن عتيبة - من علماء العامة - قال: كنا بباب أبي
جعفر عليه السلام فجاءت امرأة فقالت: أيكم أبو جعفر عليه السلام لأسأله؟ فقالوا
لها: هذا فقيه أهل العراق، فسألته فقالت: إن زوجي مات وترك ألف درهم ولي
عليه مهر خمسمائة درهم فأخذت مهري وأخذت ميراثي مما بقي فادعي عليه بألف
درهم فشهدت له على زوجي، فقال الحكم: فبينا نحن نحسب إذ خرج أبو جعفر
عليه السلام فأخبرناه، فقال: أقرت بثلثي ما في يدها ولا ميراث لها، قال الحكم:
والله ما رأيت أحدا أفهم من أبي جعفر عليه السلام.
قال الكليني - رحمه الله -، قال الفضل: لأن ما على الزوج ألف وخمسمائة
فلها ثلث التركة، وإنما جاز إقرارها في حصتها فلها مما ترك الثلث وللرجل
الثلثان ويرد الثلث على الرجل ولا إرث لها لا لاستغراق الدين التركة، قلت: هذا
مبني على أن الإقرار يبني على الإشاعة وإن إقراره لا ينفذ في حق الغير، والثاني
لا نزاع فيه، وأما الأول فظاهر الأصحاب أن الإقرار إنما يمضي في قدر ما زاد عن
حق المقر بزعمه، كما لو أقر بمن هو مساو له فإنه يعطيه ما فضل عن نصيبه
ولا يقاسمه، فحينئذ تكون قد أقرت بثلث ما في يدها - أعني الخمسمائة - لأن
لها بزعمها وزعمه ثلث الألف الذي هو ثلثا الخمسمائة فيستقر ملكه عليه ويفضل معها
ثلث خمس المائة، إذا كانت أخذت شيئا بالإرث فهو بأسره مردود على المقر له،
226

لأنه بزعمها ملك له، والذي في التهذيب نقلا عن الفضل فقد أقرت بثلث ما في
يدها رأيته بخط مصنفه، وكذا في الاستبصار، وهذا موافق لما قلناه.
وذكره الشيخ أيضا بسند آخر عن غير الفضل وغير الحكم متصل بالفضيل
بن يسار عنه عليه السلام: أقرت بذهاب ثلث مالها ولا ميراث لها، تأخذ المرأة ثلثي
خمسمائة ويرد عليه ما بقي.
درس [17]:
فيه بحثان:
الأول: المناسخات:
ويتحقق بأن يموت إنسان ولا تقسم تركته ثم يموت أحد وراثه، فإنه يجب
قسمة الفريضتين من أصل واحد لو طلب ذلك، فإن اتحد الوارث والاستحقاق
كإخوة ستة وأخوات ست لميت فمات بعده أحد الإخوة ثم إحدى الأخوات
وهكذا حتى يبقى أخ وأخت، فمال الجميع بينهما أثلاثا وإن تقربوا بالأب
وبالسوية إن تقربوا بالأم، وإن اختلف الوارث والاستحقاق أو أحدهما فإن انقسم
نصيب الميت الثاني على ورثته صحت المسألتان من الأولى، كزوج وأربعة إخوة
لأب ثم يموت الزوج ويترك ابنا وبنتين فتصح المسألتان من المسألة الأولى
وهي ثمانية، وإن لم تنقسم تنظر النسبة بين نصيب الميت الثاني وسهام ورثته فإن
كان فيها وفق ضربت وفق الفريضة الثانية لا وفق النصيب في الفريضة الأولى،
مثل أبوين وابن ثم يموت الابن ويترك ابنين وبنتين فالفريضة الأولى ستة ونصيب
الابن أربعة وسهام ورثته ستة توافقها بالنصف فتضرب ثلاثة في ستة تبلغ ثمانية
عشر، وإن كان فيها تباين ضربت الثانية في الأولى مثل كون ورثة الابن ابنين
وبنتا فسهامهم خمسة تباين نصيب مورثهم فتضرب خمسة في ستة تبلغ ثلاثين.
ولو مات أحد وراث الميت الثاني قبل القسمة فالعمل واحد، وكذا لو
فرض كثرة التناسخ.
227

والثاني: قسمة التركات:
وهو ثمرة الحساب في الفرائض، فإن المسألة قد تصح من ألف والتركة
درهم فلا يتبين نصيب كل وارث إلا بعمل آخر.
فنقول: التركة إن كانت عقارا فهو مقسوم على ما صحت منه المسألة، وإن
كانت مكيلة أو موزونة أو مذروعة احتيج إلى عمل، وفي ذلك طرق:
منها نسبة سهام كل وارث من الفريضة، فيؤخذ له من التركة بتلك النسبة،
وهذا يقرب إذا كانت النسبة واضحة، مثل زوجة وأبوين ولا حاجب فالفريضة من
اثني عشر للزوجة ثلاثة هي ربع الفريضة فتعطى ربع التركة وللأم أربعة هي ثلث
الفريضة فتعطى ثلث التركة وللأب خمسة هي ربع وسدس فيعطى ربع التركة
وسدسها، ومع ذلك قد لا يسهل استخراج هذه النسبة إلا بضرب التركة، كأن
كانت التركة خمسة دنانير والفريضة بحالها فإنها تحتاج إلى ضرب الخمسة في
عدد سهام الفريضة فيكون ستين فتجعل الخمسة ستين جزءا كل دينار من ذلك
اثنا عشر جزءا، فللزوجة خمسة عشر جزءا هي دينار وربع وللأم عشرون جزءا
هي دينار وثلثا دينار وللأب خمسة وعشرون جزءا هي ديناران ونصف سدس
دينار.
ومنها أن تقسم التركة على الفريضة فما خرج بالقسمة ضربته في سهام كل
واحد فما بلغ فهو نصيبه، وهذا يقرب مع سهولة القسمة فالفريضة بحالها والتركة
ستة دنانير فإنها إذا قسمت على الفريضة فلكل سهم نصف دينار، فتضرب نصف
دينار في سهام الزوجة وهي ثلاثة يكون دينارا ونصفا، ونضرب نصف دينار في
سهام الأم وهي أربعة يكون دينارين، ونضرب نصف دينار في سهام الأب وهي
خمسة يكون دينارين ونصفا.
ومنها وهو المستعمل بين الفريضتين لشموله النسب المتقاربة والمتباعدة وله
مثالان:
الأول: أن لا يكون في التركة كسر كاثني عشر دينارا، فيؤخذ سهام كل
228

وارث من الفريضة وتضرب في التركة فما بلغ قسم على أصل الفريضة فالخارج
بالقسمة هو نصيب ذلك الوارث، مثل ثلاث زوجات وأبوين وابنين وبنت،
فالفريضة من أربعة وعشرين ينكسر نصيب الأولاد على خمسة ولا وفق فتضربها
في الأصل فتكون مائة وعشرين، فسهام كل زوجة خمسة تضرب في التركة اثني
عشر تكون ستين دينارا نقسمها على مائة وعشرين يخرج نصف دينار فهو نصيب
كل زوجة، وسهام كل من الأبوين عشرون فنضربها في اثني عشر يكون مائتين
وأربعين تقسمها على مائة وعشرين يخرج ديناران فهو نصيب كل واحد منهما،
وسهام كل ابن ستة وعشرون، نضربها في اثني عشر تكون ثلاثمائة واثني عشر
دينارا ونقسمها على مائة وعشرين يخرج ديناران وثلاثة أخماس دينار لكل ابن
وللبنت دينار وثلاثة أعشاره.
الثاني: أن يكون في التركة كسر، فتبسط من جنس الكسر وتزيد عليها
الكسر وتعمل فيه ما عملت في الصحاح، كأن كانت في المثال المذكور اثني
عشر ونصفا فتجعلها خمسة وعشرين، ولو كان ثلثا جعلتها سبعة وثلاثين وهكذا.
ومتى أمكن القسمة إلى القراريط والحبات والأرزات فعل، سواء كان عددها
منطبقا كذي الكسر المستقيم أو أصم كغيره، والدينار عشرون قيراطا، والقيراط
ثلاث حبات، والحبة أربع أرزات، وليس بعد الأرزة اسم خاص، ومتى قسمت
التركة جمعت ما حصل بالقسمة فإن ساوى التركة علمت صحة القسمة وإلا فلا.
229