الكتاب: النفي والتغريب
المؤلف: الشيخ نجم الدين الطبسي
الجزء:
الوفاة: معاصر
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق:
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: رمضان المبارك ١٤١٦
المطبعة: مؤسسة الهادي - قم
الناشر: مجمع الفكر الإسلامي
ردمك:
ملاحظات:

النفي والتغريب
في مصادر التشريع الإسلامي
1

النفي والتغريب
في مصادر التشريع الإسلامي
دراسة فقهية، استدلالية، تتناول ما ورد
من التغريب ومشروعيته، وحقوق المغرب.
تأليف: الشيخ نجم الدين الطبسي
3

قم - ص.. 3654 / 37185
الهاتف: 737117
الكتاب: النفي والتغريب في مصادر التشريع الإسلامي
المؤلف: الشيخ نجم الدين الطبسي
الناشر: مجمع الفكر الإسلامي
الطبعة: الأولى / رمضان المبارك 1416 ه‍. ق
تنضيد الحروف: مجمع الفكر الإسلامي
الليتوغراف: مؤسسة الهادي - قم
المطبعة: مؤسسة الهادي - قم
جميع الحقوق محفوظة لمجمع الفكر الإسلامي
4

بسم الله الرحمن الرحيم
5

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطاهرين.
إن الشريعة الإسلامية بصفتها خاتمة الشرائع السماوية قد استوعبت حياة
الإنسان بمجالاتها كافة: اجتماعية وسياسية واقتصادية و... فأنارت له سبل
الهداية التي تتناسب وطبيعة البشرية، مجيبة عما يعترضه من مشاكل وأزمات
بأسلوب علمي هادئ رصين يهتم بتكامله في الحياة وسيره إلى الله تعالى.
ومن هنا فقد انبرى علماء الإسلام - وفي جميع مقاطعه الزمنية - لتأليف
مصنفات في مجالات شتى ليعرضوا للعالم حقيقة تلك الشريعة المباركة بوجهها
الناصع المشرق، وليثبتوا بأنها الصوت الإلهي السرمدي المنزه الذي يخرج
الإنسان من الظلمات إلى النور.
ومن الموضوعات المهمة: (القضاء) والتشريع الجنائي، وهو العنوان المترامي
الأطراف الذي ازدهر البحث فيه أبان عصر انتصار الثورة الإسلامية المباركة،
وشدة الحاجة إليه لإقامة حدود الله في جمهورية شيدت دستورها على شريعته
المقدسة، فانبثقت جهود علمية - وبتشجيع من قائد الثورة المباركة الإمام
الخميني (قدس سره) - مكثفة صبت اهتمامها على هذا الموضوع الحيوي، وحققت انجازات
ملفتة للنظر، منها:
تصدي الحوزات العلمية لتدريسه، وتحقيق كتب السلف الصالح، وبحث ما لم
يبحثوه في موضوع القضاء - بسبب ما تعرضوا له من ضغوط سياسية أبعدتهم عن
7

هذا المنصب وأقصتهم عن الابتلاء العملي به - وتبويبه حسب ما تقتضيه حاجات
المجتمع الانساني المعاصر.
ومن الكتب المهمة التي ألفت في هذا المضمار قبل سنوات قليلة كتاب " موارد
السجن في النصوص والفتاوى " لسماحة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ نجم الدين
الطبسي حفظه الله ورعاه، استعرض فيه بحوثا فقهية ترتبط بشؤون السجناء وتبين
موارد السجن في التشريع الإسلامي، وقد اتحفنا بكتاب آخر وفي نفس الموضوع
يحمل عنوان " النفي والتغريب في مصادر التشريع الإسلامي " استعرض فيه
موارد التغريب ومشروعيته، وبيان حقوق المغرب، وأمورا متنوعة أخرى لها
وشائج مختلفة مع الموضوع الرئيس، مستفيدا من المصادر الشيعية والسنية.
إن هذا الكتاب ليمثل جانبا وضاء آخر من جوانب الشريعة الإسلامية، وهو
قدم صدق على طريق الحقيقة.
إن مجمع الفكر الإسلامي في الوقت الذي يبارك للمؤلف جهوده العلمية المثمرة
يعرض بين يديك - أيها القارئ الكريم - هذا النتاج الفكري الثمين بصفته تجسيدا
عمليا لأهداف المجمع الكبيرة في نشر المعارف الإلهية، وتبيين الشريعة المحمدية
بأسلوب عصري رصين و...
وختاما نسأل الله تبارك وتعالى أن يمن على مؤلفنا العزيز بدوام السداد، وأن
يتقبل منا هذا (السعي) قربة إليه، ويوفقنا لنيل رضاه وهو ولي التوفيق.
15 / شعبان / 1416 ه‍ المصادف لذكرى
ولادة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه.
مجمع الفكر الإسلامي
8

الإهداء
إلى صاحب الراية والشافع يوم القيامة، إلى
خاتم النبيين وحجة الله على الأولين والآخرين،
إلى خلفائه الراشدين (الأئمة الاثني عشر)، أولهم
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وآخرهم الإمام
المنتظر عليهم سلام الله. أهدي إليهم جهدي
المتواضع...
... فتفضلوا علي بالقبول.
المؤلف
9

بسم الله الرحمن الرحيم
بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران المظفرة وقيام الجمهورية الإسلامية
فيها، نشأت في المكتبة الإسلامية حاجة ملحة إلى نوع من الأبحاث المتخصصة
ذات الثمرة العملية التطبيقية في المجالات التشريعية والاجتماعية والسياسية
والاقتصادية والعسكرية، وذلك لتسهيل مهمة الحكومة الإسلامية في أداء
تكليفها في هذه المجالات بما يخدم حركة الدولة الإسلامية نحو الأفضل على كل
الأصعدة.
وكنت استشعر هذه الحاجة بوضوح من موقعي كواحد من طلبة العلوم الدينية
وأتأمل في ما يمكنني أن أقدمه على صعيد هذه الحاجة، حتى وفقني الله - تبارك
وتعالى - إلى البحث في مجال أحكام السجن، في محاولة لتوسعة وسد نقائص
الخطوة التي خطاها قبلي علماء أفاضل في هذا المجال الذي هو ثغرة من الثغرات
التي لا بد من ردمها في ضوء تلك الحاجة.
وبعد صدور كتابي (موارد السجن في النصوص والفتاوى) قوبل هذا الكتاب
بترحيب كبير وحفاوة فائقة في الأوساط العلمية والعامة لم أكن أتوقعها،
ووردتني رسائل كثيرة من داخل جمهورية إيران الإسلامية وخارجها تتضمن
11

في ثناياها الكثير من الثناء والتقدير، وشوفهت أيضا بهذا الثناء والتقدير في
لقاءات واجتماعات عامة، كما اثني على الكتاب في محافل كبيرة كصلاة الجمعة
في طهران.
الأمر الذي شد عزمي على مواصلة بذل الجهد لاتمام الحلقة الثانية من هذا
المشروع التي كنت قد وعدت القراء الكرام بإنجازها وهي (النفي والتغريب في
مصادر التشريع الإسلامي) الذي يتضمنها هذا الكتاب الذي بين يدي القارئ
العزيز.
فالحمد لله منتهى رضاه على توفيقه إياي إلى انجاز هذه المهمة بعد بذل الجهد
قرابة سنوات أربع.
وتحسن الإشارة هنا إلى أن الأسلوب الذي اتبعته في هذا الكتاب (النفي
والتغريب) هو نفس أسلوبي في (موارد السجن) مع فارق هو: كثرة الفروع
والمسائل في كل فصل من هذا الكتاب، إضافة إلى تعمق أكثر في الجانب
الاستدلالي.
وهذا الكتاب يحتوي على قسمين، القسم الأول: وفيه ستة فصول من أبحاث
تمهيدية والقسم الثاني على أربعة أبواب:
1 - التغريب في الدم: وفيه خمسة فصول.
2 - التغريب في الفحشاء: وفيه ثمانية فصول.
3 - التغريب فيما يرتبط بالدولة الإسلامية: وفيه خمسة فصول.
4 - التغريب فيما يرتبط بأمن المجتمع الإسلامي وسلامته: وفيه أربعة فصول.
وقد أوردنا في كل فصل - كما في فصل (القيادة) مثلا - ما ورد من الروايات
عن طريق أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، وبحثنا في السند والدلالة بقدر ما تفرضه الحاجة،
ثم نقلنا ما ورد من طرق غيرهم مع البحث في السند والدلالة بقدر الحاجة أيضا.
12

ثم نقلنا فتاوى الفريقين، وأوردنا بعدها التفريعات والمسائل المتعلقة بالعنوان
مع أدلتها التفصيلية، كمدة النفي، محل النفي، نفقة المنفي، رجوع المنفي، الرخصة
والإجازة.
وإن أملي لكبير في أن تكون هذه الخدمة المتواضعة نافعة بين يدي سادتي
العلماء الذين وقعت عليهم مسؤولية القضاء وفصل الخصومات وحل مشكلات
الناس.
وأن يكون هذا الكتاب دعوة مفتوحة لكل المتعصبين من أهل المذاهب
الأخرى الذين حرموا أنفسهم من زلال معين فقه أئمة أهل البيت (عليهم السلام) الذي لا
ينضب، فما زالوا حيارى في تيه جهل العصبية لا يشربون إلا من غور أو من
وحل ضحل ضئيل، ليدخلوا حرم فقه أهل بيت العصمة الطاهرة (عليهم السلام) فيرتووا
من كوثرهم، علهم يسلكون ما سلك بعضهم من أصحاب الضمائر الحية ممن ترك
طريقة أسلافه في العناد والمكابرة، واتبع طريقة شيخ الطائفة الحقة، الشيخ
الطوسي (قدس سره) في الخلاف والمبسوط، والسيد المرتضى (قدس سره) في الانتصار، والمحقق
الحلي في المعتبر، والعلامة في التذكرة من كتابه في الفقه المقارن.
وأود أن أقول بين يدي القارئ الكريم: إن هذه الدراسة وإن أخذت مني
الكثير من الوقت واستدعت المزيد من التحقيق والتتبع، إلا إنني لا أدعي أنها
جاءت جامعة مانعة، بل هي خطوة أولى على طريق لم تسلك من قبل، وأملي أن
يغفر لي العلماء والمحققون والمتتبعون ما يكتشفونه من عثراتي التي أرجو أن لا
تكون كثيرة.
كما أود أن أذكر بأن هذا الكتاب ليس كتاب فتوى، فلا بد من الرجوع إلى
فقهائنا - أعزهم الله - في كل مسألة وفرع.
ولقد ذكرت موارد غير مفتى بها عندنا رغم ورود النصوص فيها، فضلا عن
13

موارد اختصت المذاهب الأخرى في الفتيا بها، مثل نفي المخنث ومن وقع عليه
التشبيب... وفروع أخرى لم يقل فيها أحد منا.
ولقد عرضت هذا الانجاز المتواضع على بعض المحققين في الحوزة العلمية
وأرباب الفكر والقلم، فأتحفونا بملاحظات قيمة، وأرى من اللازم أن أتقدم
بالشكر والتقدير لهم، كأصحاب السماحة حجج الإسلام والمسلمين: الشيخ
كاردان، والشيخ علي الكوراني، والشيخ محمد هادي اليوسفي الغروي، والسيد
جعفر مرتضى العاملي، والشيخ محمد علي الأنصاري، والشيخ محمد الخاقاني،
والسيد محمد جواد الجلالي، وشقيقي الشيخ محمد جواد والشيخ محمد جعفر
الطبسي، وصديقنا العزيز الأستاذ حامد عبد الخالق. فلهم جزيل الشكر والله من
وراء القصد.
نجم الدين الطبسي
قم المقدسة - 8 / ع 2 / 1415 ه‍ ق
14

القسم الأول
معنى النفي والتغريب، مشروعيته، أنواعه،
شمول التعزير للتغريب.
15

الفصل الأول
النفي والتغريب في اللغة
1 - قال الطريحي: " النفي هو الطرد والدفع، يقال: نفيت الحصى من وجه
الأرض، فانتفى، ثم قيل لكل كلام تدفعه ولا تثبته: نفيته، ومنه: نفي إلى بلدة
أخرى، أي دفع إليها. " (1).
وقال أيضا: " غرب الشخص (بالضم) غرابة: بعد عن وطنه، فهو غريب...
تغرب واغترب: أي: ذهب إلى بلاد الغربة. " (2).
2 - وعن ابن فارس: " نفي: النون والفاء، والحرف المعتل أصيل، يدل على
تعرية (تغربة) شئ من شئ وإبعاده منه... " (3).
3 - وعن ابن الأثير: " النفي: الإبعاد عن البلد، يقال: نفيته، أنفيته نفيا، إذا

(1) مجمع البحرين 1: 418 (مادة نفي) - أنظر: صحاح اللغة 6: 2513.
(2) مجمع البحرين 1: 131 (مادة غرب).
(3) معجم مقاييس اللغة 5: 456.
17

أخرجته من البلد وطردته. " (1).
وقال أيضا: " التغريب: النفي عن البلد الذي وقعت فيه الجناية، يقال:
أغربته وغربته إذا نحيته وأبعدته، والغرب: البعد. " (2).
4 - وعن ابن منظور: " الغرب: الذهاب والتنحي عن الناس، وقد غرب عنا
يغرب غربا، وغرب وأغرب وغربه، وأغربه: نحاه، وفي الحديث أمر (صلى الله عليه وآله)
بتغريب الزاني: وهو نفيه عن بلده. " (3).
وقال أيضا: " نفى الشئ: تنحى، نفي الرجل عن الأرض، ونفيته عنها:
طردته فانتفى... وهو التغريب الذي جاء في الحديث، ونفي المخنث: أن لا يقر
في مدن المسلمين. " (4).
5 - وقال الطبرسي: " أصل النفي: الإهلاك بالاعدام، ومنه النفاية لردئ
المتاع، ومنه النفي وهو ما تطاير من الماء عن الدلو. والنفي: الطرد، قال أوس بن
حجر:
ينفون من طرق الكرام كما * ينفى المطارق ما يلي القرد " (5).
6 - وقال الفيض: " التغريب: الإرسال إلى الغربة... " (6).

(1) النهاية 5: 101.
(2) النهاية 4: 349.
(3) لسان العرب 1: 638.
(4) لسان العرب 15: 337 - أنظر القاموس المحيط 4: 399 - لغت نامه دهخدا 14: 337.
(5) مجمع البيان 3: 187.
(6) الوافي 22: 828.
18

الفصل الثاني
مشروعية النفي
النفي مشروع بالأدلة الأربعة:
أما الكتاب، فيدل عليه قوله تعالى: * (... أو ينفوا من الأرض...) * (1). وفسر
بالتغريب على ما يأتي في بحث المحارب إن شاء الله.
وأما السنة: فالروايات الواردة الدالة على مشروعية النفي إجمالا مستفيضة،
بل لعلها متواترة إجمالا من طريق الفريقين وسيتضح هذا من خلال مطالعة
الكتاب.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، روى الفريقان: أن النبي (صلى الله عليه وآله) غرب، وعليا (عليه السلام)
غرب (2)، وسائر الخلفاء غربوا.
وقد أفرد في بعض الجوامع الحديثية باب باسم النفي، كما في الوسائل (3)،

(1) المائدة: 33.
(2) التهذيب 10: 36 ح 127 - وعنه الوسائل 18: 540 ب 4 ح 6.
(3) الوسائل 18: 393 ب 24.
19

والترمذي حيث قال: " باب ما جاء في النفي: وقد صح عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)
النفي، رواه أبو هريرة، وزيد بن خالد، وعبادة بن الصامت، وغيرهم، عن
النبي (صلى الله عليه وآله)، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) منهم:
أبو بكر، وعمر، وعلي (عليه السلام) وأبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، وأبو ذر،
وغيرهم. وكذلك روي عن غير واحد من فقهاء التابعين، وهو قول سفيان
الثوري ومالك بن أنس، وعبد الله بن المبارك، والشافعي وأحمد،
وإسحاق... " (1).
وأما الإجماع: فقد ادعي - الإجماع - أو عدم الخلاف، أو: الاتفاق على النفي
- اجمالا، في بعض الموارد - كنفي الزاني غير المحصن، أو المحارب.
ويمكن أن يقال: لا حاجة إلى الإجماع لأن حجيته إنما هو لكشفه عن رأي
المعصوم، فإذا كان المنكشف عندنا قطعيا فلا حاجة إلى الكاشف عنه.
وأما العقل: فهو يحكم بالحفاظ على أمن البلاد وأهلها، ودفع شر الظالمين
والمفسدين عنها بكل طريق ممكن.
والنفي، وإن كان منافيا لحرية بعض الناس وتسلطهم على أنفسهم، غير أن
بقاء هذا البعض حرا يوجب تهديد أمن المجتمع وسلامته وحريته، فتقدم هنا
المصلحة العامة على مصلحة الفرد، أو أن العقل - على الأقل - لا يمنع من تغريبه،
وإن لم يحكم بتغريبه بالخصوص (2).

(1) الجامع الصحيح 4: 44 ب 11 ح 1438 - الحدود - السنن الكبرى 8: 222 - عمدة
القارئ 23: 13 - كنز العمال 5: 411 - بلوغ المرام 2: 259.
(2) هذا كله على القول بحجية مدركات العقل، أما على قول بعض الأخباريين بعدم حجية
العقل بقول مطلق، حتى الفطري الخالي من شوائب الأوهام، فتكفينا الأدلة السابقة. أنظر:
فرائد الأصول للشيخ الأنصاري: 10.
20

الفصل الثالث
شمول التعزير للنفي
التعزير في اللغة: هو من الألفاظ ذات المعاني المتضادة، فهو بمعنى التوقير
والتأديب كما عن الجوهري، وابن منظور، وابن الأثير، والشيرازي في معيار
اللغة.
وأما في اصطلاح الفقهاء، فالمشهور عندهم: أن التعزير: هو العقوبة غير
المقدرة، والتي يرجع تقديرها إلى الحاكم الشرعي، وقيدها بعضهم بقوله: " في
الغالب " لورود تعزيرات خاصة في الشرع، محددة، مقدرة.
هذا وقد صرح الفقهاء بشمول دائرته الحبس، كالشيخ الطوسي في موردين
من مبسوطه، والعلامة الحلي في موارد من التحرير، وفي القواعد والتذكرة،
والمجلسي الأول في الروضة، والشيخ محمد حسن النجفي في موردين من
موسوعته القيمة - جواهر الكلام - والسيد محمد جواد العاملي في مفتاح الكرامة،
والسيد الگلپايگاني في مجمع المسائل، وبعض المعاصرين من فقهاء الإمامية،
وأكثر فقهاء المذاهب الأخرى على ذلك.
21

كما صرح آخرون من فقهاء الإمامية، بشموله للنفي أيضا كما عن جواهر
الكلام. ويبدو أن الإمام الخميني رضوان الله عليه وبعض تلامذته يذهبان إلى
ذلك أيضا.
وقيل بشمول التعزير، للتشهير (1) والإطافة (2) كما في جواهر الكلام.
واحتمل بعضهم: شموله شمل العينين أيضا. نعم صرح فقهاؤنا: بعدم شموله
للجرح أو أخذ المال (3) - على خلاف رأي العامة - وإن قال بعضهم بجواز الجرح
والقتل من باب إحدى مراتب النهي عن المنكر (4).
وعليه فلو أن فقيها أضاف النفي والتغريب إلى سائر التعزيرات، لما كان
متفردا في هذا الحقل، ولا شاذ القول، ولا بعيدا عن الإثبات والاستدلال.
أضف إلى أن الأصل الأولي لتعيين مفاد الألفاظ ومفاهيمها هو العرف، إلا إذا
كان عندنا نص معتبر من الشرع يعين معنى اللفظ. كما أن اعتبار قول اللغوي
أيضا بهذا المعنى. ولم يكن معنى التعزير عند العرف، هو خصوص الجلد، بل
معناه: التعظيم، والنصر، والإذلال.
نعم لو اختلف العرف أو اللغة في سعة دائرته وشموليته فترجع المسألة إلى
كونها من موارد الشبهة المفهومية للتعزير فيؤخذ بالقدر المتيقن.
أ - التعزير في اللغة:
1 - عن الجوهري: " التعزير: التعظيم، والتوقير، والتعزير أيضا: التأديب.

(1) أنظر معناه في فروع " النفي في القيادة ": 126.
(2) أنظر معناه في فروع " النفي في القيادة ": 126.
(3) وهو في التعزير المالي، وسيأتي البحث عنه في هذا الفصل.
(4) أنظر: الارشاد للعلامة 2: 352 - الروضة البهية 2: 416 - مسالك الأفهام 3: 105
(الطبعة الحديثة).
22

ومنه سمي الضرب دون الحد تعزيرا. " (1).
2 - وعن ابن منظور: " أصل التعزير: التأديب ولهذا يسمى الضرب دون
الحد تعزيرا. إنما هو أدب. " (2).
3 - وعن ابن الأثير: " أصل التعزير: المنع والرد... ولهذا قيل للتأديب الذي
هو دون الحد: التعزير... " (3).
4 - وعن الشيرازي: " التعزير: التعظيم والتوقير والتأديب، ومنه سمي
الضرب دون الحد تعزيرا. " (4).
هذا ما ورد في اللغة، وأما عند الفقهاء:
ب - رأي الإمامية:
1 - قال المحقق الحلي: " كل ماله عقوبة مقدرة يسمى حدا، وما ليس كذلك
سمي تعزيرا. " (5).
2 - وقال الشهيد الثاني: " التعزير لغة التأديب، وشرعا: عقوبة أو إهانة لا
تقدير لها بأصل الشرع غالبا. " (6).
3 - وقال الطباطبائي: " وإذا لم تقدر العقوبة سمي تعزيرا، وهو لغة التأديب " (7).

(1) صحاح اللغة 2: 744.
(2) لسان العرب 4: 561.
(3) النهاية 3: 228.
(4) معيار اللغة 1: 463 أنظر: مفردات الراغب: 345.
(5) شرائع الإسلام 4: 147.
(6) مسالك الأفهام 2: 423 - أنظر السرائر 3: 534 والمهذب البارع 5: 74.
(7) رياض المسائل 2: 459.
23

4 - وقال الشيخ محمد تقي الشيرازي: " التعزير تأديب تعبدا لله سبحانه به
لردع المعزر، وغيره من المكلفين، وهو مستحق للإخلال بكل واجب واتيان كل
قبيح لم يرد الشرع بتوظيف الحد عليه. " (1)
5 - وقال السبزواري: " المشهور بين الفقهاء: أن كلما فيه عقوبة مقدرة،
تسمى حدا، وما ليس كذلك يسمى تعزيرا، ولا بد وأن يكون ذلك بحسب
الغالب، وإلا فقد وردت في الشرع تعزيرات خاصة، في موارد مخصوصة محدودة
بكميات معينة. " (2)
هذا وقد صرح كثير من فقهائنا بشمول دائرة التعزير للحبس والنفي،
والتشهير، والإطافة، والسمل، وحلق الرأس، وغيرها، وفيما يلي كلماتهم:
ج - القائلون بشمول التعزير للحبس والنفي و...:
1 - قال الشيخ الطوسي: " إذا فعل إنسان ما يستحق به التعزير، مثل: أن قبل
امرأة حراما أو أتاها فيما دون الفرج، أو أتى غلاما بين فخذيه - عندهم - لأن
ذلك لواط. أو ضرب انسانا، أو شتمه بغير حق، فللإمام تأديبه، فإن رأى أن
يوبخه على ذلك، ويبكته، أو يحبسه، فعل... " (3)
2 - وقال أيضا: " ومن وجب عليه دين حال، وعرف له مال يستره، ولم
يكن له مال سواه، فإن السلطان يجبره على قضاء الدين، فإن فعل وإلا حبسه
تعزيرا. " (4).

(1) الحاشية: 124.
(2) مهذب الأحكام 27: 271.
(3) المبسوط 8: 66 - ومثله: الطرابلسي في المهذب 2: 596.
(4) المبسوط 4: 232.
24

3 - وقال العلامة الحلي: " التعزير يكون بالضرب أو الحبس أو التوبيخ أو بما
يراه الإمام، وليس فيه قطع شئ منه، ولا جرحه ولا أخذ ماله. والتعزير فيما
يسوغ فيه التعزير واجب، ولا يجب ضمانه لو تلف بالتعزير السايغ. " (1)
4 - وقال أيضا: " التعزير يجب في كل جناية. لا حد فيها... وهو يكون:
بالضرب والحبس والتوبيخ من غير قطع ولا جرح ولا أخذ مال، والتعزير
واجب فيما يشرع فيه التعزير، ولا ضمان لمن مات به. " (2).
5 - وقال في القواعد: " ثم ينظر - أي القاضي - أول جلوسه في المحبوسين،
فيطلق كل من حبس بظلم أو تعزير. " (3).
6 - وقال في التذكرة: " فيمن أسلم على ثمان زوجات - فإن اختار أربعا،
وإلا حبسه الحاكم تعزيرا عليه في ترك الواجب. " (4).
7 - وقال ابن فهد: " التعزير موكول إلى نظر الإمام... وهو يكون بالضرب
وبالحبس وبالتوبيخ من غير جرح ولا قطع ولا تخسير. " (5).
وقال أيضا: " والمعتمد اختصاص كل عقوبة بما عينت له شرعا ومع فقده
يرجع إلى تأديب الإمام له بما يراه من تعزير أو حبس أو غيره " (6).
8 - وقال المجلسي الأول: " وهذا - أي الحبس - أيضا أحد أنواع التعزير. " (7).
9 - وقال الشيخ محمد حسن النجفي - في مسألة من أزال شعر رأس المرأة -:

(1) تحرير الأحكام 2: 227.
(2) تحرير الأحكام 2: 239، أنظر 2: 182.
(3) قواعد الأحكام 2: 204.
(4) تذكرة الفقهاء 2: 656 - أنظر القواعد والفوائد للشهيد الأول 2: 142 - الرقم 204.
(5) المهذب البارع 5: 73 و 89 و 90.
(6) المهذب البارع 5: 73 و 89 و 90.
(7) روضة المتقين 9: 163.
25

" ولعل ما فيه من الحبس والضرب على الوجه المزبور، محمول على ضرب من
التعزير الذي هو على حسب ما يراه الحاكم. " (1).
10 - وقال أيضا: " نعم قد تحصل مصلحة في بعض المقامات تقتضي جواز
حبس الحاكم. " (2).
11 - وقال أيضا: " كما أن ما عن المقنعة، والنهاية، والسرائر، والوسيلة،
والتحرير، من شهر المحتال ليحذر منه الناس، محمول على ما إذا رأى الحاكم
ذلك، لمصلحة. " (3).
12 - وقال أيضا في نفي واطئ البهيمة: " والنفي المذكور في موثق سماعة
محمول على ما إذا رآه الحاكم في التعزير. " (4).
13 - وقال السيد جواد العاملي في عقوبة الواجد للدين: " وفي نقل آخر:
وحبسه بدل عقوبته، ولا تفاوت، إذ العقوبة بعض أنواعها الحبس. " (5).
14 - وقال الفيض: " والتعزير موكول إلى رأي الإمام (عليه السلام) يقيمه في كل
موضع، بما يراه المصلحة فيه. " (6).
15 - وقال أيضا في نفي علي (عليه السلام) رجلين من الكوفة: " لعل الغرض من
النفي، الإذلال والصغار. " (7).

(1) جواهر الكلام 41: 249 (الحدود).
(2) جواهر الكلام 42: 249 " الحدود ".
(3) جواهر الكلام 41: 598.
(4) جواهر الكلام 41: 639.
(5) مفتاح الكرامة 10: 86.
(6) الوافي 15: 307 و 309.
(7) الوافي 15: 288 ذيل ح 15074.
26

16 - وقال السيد الگلپايگاني: " يجوز التعزير بالحبس في بعض الموارد. " (1).
17 - ويبدو من كلام الإمام الخميني (رحمه الله): " أن للحاكم الشرعي، أو نائبه
عقوبة المتخلف، بالحبس والتغريب عن بلده وتعطيل محل كسبه، وفصله عن
عمله - فيما لو كان موظفا حكوميا - لكن هذا كله في مثل الاحتكار و و... مما فيه
جانب اجتماعي. " (2).
18 - قال الشيخ المنتظري بعد أن ذكر موارد التغريب والحبس وحلق الرأس
والإطافة والتشهير: " ولعل المتتبع يقف على موارد كثيرة من هذا القبيل، وهذه
كلها من باب التعزير قطعا، إذ لا ثالث للحد والتعزير فيكون مفهومه أعم من
الضرب، وهو المطلوب، فتأمل. " (3).
" ويحتمل البعض منا أن يكون سمل العينين، من باب أحد أفراد التعزير، فلا
يكون حدا، فللحاكم أن يعزر من لم يدافع عن المسلم المقتول، بما يراه صلاحا " (4).
والحاصل من مجموع هذه الفتاوى والكلمات أن التعزير لم ينحصر بالضرب،
بل هو أعم منه، والملاك هو الاذلال والتحقير، وأما نوعية التعزير فهي منوطة بما
يراه الحاكم من المصلحة، والنفي من أظهر مصاديق التذليل والتحقير، فيعزر به
إن رآه الحاكم.
د - آراء المذاهب الأخرى:
1 - قال الماوردي: "... ثم هذه الغاية - أي التسعة وثلاثين سوطا - لا يجب

(1) مجمع المسائل 3: 213 - المسألة: 99.
(2) أنظر الموازين القضائية عند الإمام الخميني 1: 171.
(3) ولاية الفقيه 2: 326.
(4) أنظر حدود الشريعة 4: 379 - و 3: 484.
27

استعمالها في كل معزر، لأن التعزير يختلف باختلاف حال المعزر، ويكون موقوفا
على الاجتهاد فمن أدى الاجتهاد إلى تعزيره بالضرب اجتهد في عدده... وإن
أدى الاجتهاد إلى تعزيره بالحبس، لم يعدل به إلى الضرب، وإن أدى الاجتهاد
إلى تعزيره بالقول والزجر لم يعدل به إلى ضرب ولا حبس... " (1).
2 - وقال في الأحكام السلطانية: " ثم يعدل بمن دون ذلك إلى النفي والابعاد،
إذا تعدت ذنوبه إلى اجتلاب غيره إليها، واستضراره بها، وعامة نفيه مقدر بما
دون الحول ولو بيوم، لئلا يصير مساويا لتغريب الحول في الزنا.
أقول: وظاهر مذهب مالك: أنه يجوز أن يزاد فيه على الحول بما يرى من
أسباب الزجر. " (2).
3 - وقال البهوتي: " ويكون التعزير أيضا بالحبس والصفع والتوبيخ والعزل
عن الولاية وإقامته في المجلس حسبما يراه الحاكم ويصلبه حيا، ولا يمتنع من
أكل ووضوء. ويصلي بالايماء... وفي " الفنون ": للسلطان سلوك السياسة، وهو
الحزم عندنا، ولا تقف السياسة على ما نطق به الشرع... " (3).
4 - وقال علي ناصف: " التعزير بالضرب والحبس والنفي " (4).
5 - وقال الجزيري: "... إن التعزير باب واسع يمكن للحاكم أن يقضي به على
كل الجرائم التي لم يضع الشارع لها حدا أو كفارة، على أن يضع العقوبة المناسبة
لكل بيئة، ولكل جريمة: من سجن أو ضرب، أو نفي، أو توبيخ، أو غير

(1) أدب القاضي 2: 364.
(2) الأحكام السلطانية: 279 - أنظر: الأحكام السلطانية للفراء: 236 - معالم القربة: 191
- الفروق 4: 177 - حاشية الشيخ سليمان 5: 344 - الجمل على شرح المنهج 5: 162.
(3) شرح منتهى الإرادات 3: 361.
(4) التاج 3: 32.
28

ذلك... " (1).
6 - وقال الزحيلي: " والتعزير: يكون إما بالضرب، أو بالحبس، أو الجلد، أو
النفي، أو التوبيخ، أو التغريم المالي، ونحو ذلك مما يراه الحاكم رادعا للشخص
بحسب اختلاف حالات الناس، حتى القتل سياسة كما قرر فقهاء الحنفية
والمالكية. " (2).

(1) الفقه على المذاهب الأربعة 5: 400.
(2) الفقه الإسلامي وأدلته 4: 287 - أنظر: المغني 8: 326 - المبسوط للسرخسي 9: 38 -
بدائع الصنائع 7: 64 - تحفة الفقهاء 3: 148 - معالم القربة: 285 - عيون الأزهار: 485
- المنهاج للنووي: 532.
29

الفصل الرابع
التعزير المالي
أما التعزير المالي، فقد أنكره العلامة الحلي في التحرير (1)، والسيد الگلپايگاني
في المجمع (2)، ومن أهل السنة: ابن قدامة في المغني (3)، وأجازه بعض
المعاصرين (4)، وبعض الحنفية (5)، على أن يرد له إذا تاب.
هذا ولم يرد دليل على الجواز، مع ما فيه من المخالفة لتسلط الناس على أموالهم (6)

(1) تحرير الأحكام 2: 227 و 239 - أنظر المهذب البارع 5: 73.
(2) مجمع المسائل 3: 213 - المسألة: 99.
(3) المغني 8: 328.
(4) ولاية الفقيه 2: 329 - 345.
(5) الفقه على المذاهب الأربعة 5: 401.
(6) غوالي اللآلي 1: 222 و 457 - و ج 2: 138 - و ج 3: 208 - وعنه البحار 2: 271
ح 7.
31

ولعدم حل مال الغير إلا بإذنه (1) نعم، روي عن علي (عليه السلام) أنه أمر بإحراق الطعام
المحتكر (2)، وروي أيضا أنه (عليه السلام) أمر بإحراق قرية يصنع فيها الخمر، وذلك حينما
" نظر (عليه السلام) إلى قرية، فقال: ما هذه القرية؟ قالوا: قرية تدعى زرارة يلحم فيها
ويباع الخمر، فأتاها بالنيران، فقال: أضرموها فيها، فإن الخبيث يأكل بعضه
بعضا فاحترقت " (3) ولكنهما ضعيفتا المأخذ.
وأما ما ورد عن بعض الصحابة، أنه أحرق بيت رويشد الثقفي، وكان
حانوتا للشراب (4)، لعله أحرق الخمر المتواجد فيه، لعدم ماليته، فضلا عن أن
الحجة عندنا عمل المعصوم فقط. وما يقال إنه كان بمرأى ومنظر الإمام
المعصوم (عليه السلام)، فنقول: لم يثبت رضاؤه (عليه السلام) بكل ما يحدث بمرآى ومنظر
منه (عليه السلام).

(1) الوسائل 2: 425 ب 3 ح 3.
(2) المحلى 9: 65 - المسألة 1567.
(3) كنز العمال 5: 504 ح 13744 - عن ربيعة بن زكار. لم نعثر على ترجمته.
(4) مصنف عبد الرزاق 9: 230 ح 17039 - كنز العمال 5: 499 ح 13737.
32

الفصل الخامس
النفي قبل الإسلام
مقتضى بعض الروايات أن النفي - بمعناه العرفي واللغوي - كان متداولا في
المجتمعات قبل الإسلام، بالنسبة إلى بعض الجناة. فإنهم كانوا ينفون الزاني عن
مجالسهم ويطردونه، ويشتمونه، ويؤذونه... وكان الأمر على هذا المنوال حتى
بعد الإسلام إلى مدة بمصداق الآية الكريمة: * (واللذان يأتيانها منكم
فآذوهما...) * (1) إلى أن نزلت آية الجلد. فنسخت الآية الأولى.
وقد ذهب إلى هذا الرأي، عكرمة، وعبادة بن الصامت.
هذا: ولكن الإمام الخوئي قال: " لا نسخ في الآية، وليس المراد من الضمير
في الآية * (يأتيانها) * الزنا، بل المراد: اللواط، ومعه: فموضوع الآية أجنبي
عن موضوع آية الجلد. " (2).
ونحن نورد الرواية الواردة في النفي:

(1) النساء: 16.
(2) أنظر: البيان في تفسير القرآن: 329 - 332.
33

روى الحر العاملي: " عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن آبائه،
عن أمير المؤمنين في حديث الناسخ والمنسوخ قال: فكان من شريعتهم في
الجاهلية، أن المرأة إذا زنت حبست في بيت وأقيم بأودها (1) حتى يأتيها الموت،
وإذا زنى الرجل نفوه عن مجالسهم وشتموه وآذوه وعيروه ولم يكونوا يعرفون
غير هذا. قال الله تعالى في أول الإسلام: * (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم
فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن
الموت أو يجعل الله لهن سبيلا z واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا
فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما) * (2).
فلما كثر المسلمون وقوي الإسلام واستوحشوا أمور الجاهلية، أنزل الله
تعالى: * (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة...) * (3) فنسخت هذه،
آية الحبس والأذى. " (4).
أقول روي عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: * (فآذوهما) * هو التعيير
باللسان والضرب بالنعال (5).

(1) الأود: العوج، أقام إوده: أي عوجه مجمع البحرين 3: 9 (مادة أود).
(2) النساء 15 - 16.
(3) النور: 2.
(4) الوسائل 18: 351 ح 19 - نقلا عن المحكم والمتشابه ص 8، بتفاوت، وتفسير القمي 1:
133 - وعنه البحار 76: 59 ح 56.
(5) تفسير التبيان 3: 144.
34

الفصل السادس
النفي غير الشرعي
لم نقصد بالنفي والتغريب - في هذا الكتاب - ما ارتكبه بعض الصحابة بحق
الرعية تعنتا وظلما، ولأغراض سياسية محضة.
ولم نرد أن نجعله مدركا نستند إليه في الفتاوى الفقهية، بل رأينا فيه أنه جريمة
وذنب بحق المسلمين، صدر عن جهل أو ظلم، أو كليهما.
فقد نفى عثمان، أبا ذر الصحابي الكبير إلى الشام، ثم إلى الربذة، وغرب
كعب بن عبده إلى بعض الجبال، وغرب عبادة بن الصامت من الشام، وغرب
كعبا من المدينة إلى الري، وغرب عامر بن عبد قيس إلى الشام، وغرب
حمران بن أبان إلى البصرة، وغرب عبد الرحمن الجمحي إلى القموس (1)،
وغرب عمرو بن زرارة من الكوفة إلى الشام (2)، وغرب عبد الرحمن بن

(1) كذا في لفظ اليعقوبي. وفي الإصابة: الغموص. ولعل الصحيح: القموص: وهو جبل بخيبر
عليه حصن أبي الحقيق اليهودي. (معجم البلدان 4: 398).
(2) الغدير 8: 381 - و 9: 392.
35

حنبل (1) إلى خيبر بعد أن ضربه (2)، ونفى هشام، جنيدا إلى السند (3).
فهذه الأعمال ليست فقها، ولا هي أمور شرعية يمكن الاستناد إليها، بل هي
مجرد الاستبداد بالرأي وديكتاتورية محضة صدرت من أولئك الحكام الذين
تسلطوا على رقاب المسلمين، ولا بد من الوقوف أمام هذه التيارات ولا يحق
لحاكم أن يرتكب هذه الجريمة بحق أحد من الرعية.
وقد وقف أمير المؤمنين علي (عليه السلام) أمام هذه النعرات الجاهلية، التي كانت
تطلب منه تهجير قوم، وطردهم من الكوفة، عاصمة الخلافة الإسلامية آنذاك،
لأنهم كانوا من الموالي، فقد اتخذ الإمام علي (عليه السلام) موقفا حاسما، وقال: " فأكون
من الجاهلين، أو من الظالمين ". فالطرد لا عن سبب شرعي، يعد جهلا من
الحاكم، بأحكام الشرع، وظلما بحق الرعية.
وفيما يلي موقف الإمام علي (عليه السلام)، ممن طلب طرد الموالي من الكوفة، ونماذج
من طرد بعض الحكام، للمؤمنين وتهجيرهم لا عن وجه شرعي:
ففي كتاب الغارات: " عن عباد بن عبد الله الأسدي قال: كنت جالسا يوم
الجمعة، وعلي (عليه السلام) يخطب على منبر من آجر، وابن صوحان جالس، فجاء
الأشعث فجعل يتخطى الناس، فقال: يا أمير المؤمنين، غلبتنا هذه الحمراء على
وجهك! فغضب، فقال ابن صوحان: ليبين اليوم من أمر العرب ما كان يخفى،
فقال علي (عليه السلام): من يعذرني من هؤلاء الضياطرة، يقيل (4) أحدهم يتقلب على

(1) وفي نسخة ابن حبان، أو: ابن حسان.
(2) شرح الأخبار 2: 19 ح 406.
(3) الغدير 9: 392.
(4) أي ينام القيلولة - أي الضحى -.
36

حشاياه، ويهجر (1) قوم لذكر الله، فيأمرني أن أطردهم فأكون من الظالمين؟!
والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لقد سمعت محمدا يقول: ليضربنكم - والله -
على الدين عودا كما ضربتموهم عليه بدءا... " (2).
الشرح: الحمراء: العجم والروم، لأن العرب تسمي الموالي الحمراء.
الضيطار: وهو الضخم الذي لا منفعة فيه، ولا غناء.
الحشايا: الفراش المحشو.
نماذج من النفي غير الشرعي
1 - نفي عثمان أبا ذر (رحمه الله):
عن الواقدي: " عن صهبان مولى الأسلميين، قال: رأيت أبا ذر يوم دخل به
على عثمان، فقال له: أنت الذي فعلت ما فعلت؟ فقال له أبو ذر: نصحتك
فاستغششتني، ونصحت صاحبك فاستغشني. فقال عثمان: كذبت ولكنك تريد
الفتنة وتحبها، قد انفلت الشام علينا! فقال له أبو ذر: اتبع سنة صاحبك لا يكن
لأحد عليك كلام. قال عثمان: مالك وذلك؟ - لا أم لك - قال أبو ذر: والله ما
وجدت لي عذرا إلا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فغضب عثمان. وقال:
أشيروا علي في هذا الشيخ الكذاب، إما أن أضربه، أو أحبسه، أو أقتله، فإنه قد
فرق جماعة المسلمين، أو أنفيه من أرض الإسلام... فقال: أخرج عنا من بلادنا،
فقال أبو ذر: ما أبغض إلي جوارك فإلى أين أخرج؟ قال: حيث شئت. قال:

(1) يهجر: من الهجير، أي الحر، أي يتعرض لحر الشمس.
(2) الغارات 2: 498 - بحار الأنوار 34: 319 - شرح ابن أبي الحديد 20: 284 - سفينة
البحار 8: 605، مادة " ولي ".
37

فأخرج إلى الشام - أرض الجهاد - قال: إنما جلبتك من الشام، لما قد أفسدتها،
أفأردك إليها؟ قال: فأخرج إلى العراق، قال: لا. قال: فإلى أين أخرج؟ قال:
حيث شئت. قال أبو ذر: فهو إذن التعرب بعد الهجرة، أخرج إلى نجد. فقال عثمان
الشرف الأبعد أقصى فالأقصى امض على وجهك هذا، ولا تعدون الربذة، فسر
إليها، فخرج إليها. " (1)
2 و 3 - نفي عبادة وكعب:
قال الحلبي: " من جملة ما انتقم به على عثمان: أنه... أشخص عبادة بن
الصامت من الشام لما شكاه معاوية، وضرب عمار بن ياسر، وكعب بن عبده،
ضربه عشرين سوطا ونفاه إلى بعض الجبال. " (2)
4 - نفي عثمان، للأشتر وجماعة من صلحاء الكوفة:
قال البلاذري: " فكتب سعيد بن العاص بذلك - أي وثوب الأشتر بابن
خنيس، صاحب الشرطة - إلى عثمان، وقال: إني لا أملك من الكوفة مع الأشتر
وأصحابه الذين يدعون القراء، وهم السفهاء، شيئا. فكتب إليه: أن سيرهم إلى
الشام. وكتب إلى الأشتر: إني لأراك تضمر شيئا لو أظهرته لحل دمك، وما أظنك

(1) الغدير 8: 298 - أنظر: الأنساب 5: 52 - طبقات ابن سعد 4: 168 - مروج الذهب
1: 438 - تأريخ اليعقوبي 2: 148 - شرح ابن أبي الحديد 1: 240 - فتح البارئ 3:
213 - عمدة القارئ 4: 291.
(2) السيرة الحلبية 2: 87 - عنه الغدير 9: 6 ويقال إن عثمان أمر بكعب فجرد وضرب
عشرين سوطا وسيره إلى دباوند، ويقال إلى جبل الدخان. أنظر تأريخ الطبري 5: 137 -
الرياض النضرة 2: 140 - شرح ابن أبي الحديد 1: 168 - الغدير 9: 48.
38

منتهيا حتى يصيبك قارعة لا بقيا بعدها، فإذا أتاك كتابي هذا فسر إلى الشام،
لإفسادك من قبلك، وأنك لا تألوهم خبالا، فسير سعيد الأشتر ومن كان وثب
مع الأشتر وهم: زيد وصعصعة ابنا صوحان وعائذ بن حملة الطهوي - من بني
تميم - وكميل بن زياد النخعي، وجندب بن زهير الأزدي، والحارث بن عبد الله
الأعور الهمداني، ويزيد بن المكفف النخعي، وثابت بن قيس بن المنقع النخعي،
وأصعر - أصغر - بن الحارث الحارثي فخرج المسيرون من قراء أهل الكوفة،
فاجتمعوا بدمشق، نزلوا مع عمرو بن زرارة... ثم إنه جرى بين معاوية وبين
الأشتر قول حتى تغالظا فحبسه معاوية... (ثم بعد اخراجهم من الحبس) بلغ
معاوية أن قوما من أهل دمشق يجالسون الأشتر وأصحابه. فكتب إلى عثمان.
إنك بعثت إلي قوما أفسدوا مصرهم وأنغلوه، ولا آمن أن يفسدوا طاعة من
قبلي، ويعلموهم ما لا يحسنونه حتى تعود سلامتهم غائلة واستقامتهم اعوجاجا،
فكتب إلى معاوية، يأمره أن يسيرهم إلى حمص، ففعل. وكان واليها عبد الرحمن
ابن خالد بن الوليد بن المغيرة، ويقال: إن عثمان كتب في ردهم إلى الكوفة،
فضج منهم سعيد ثانية، فكتب في تسييرهم إلى حمص، فنزلوا الساحل " (1).
5 - نفي عامر بن عبد قيس التميمي:
قال ابن حجر: " روى ابن المبارك في الزهد، من طريق بلال بن سعد، أن
عامر ابن قيس وشي به إلى عثمان، فأمر أن ينفى إلى الشام على قتب، فأنزله
معاوية الخضراء، وبعث إليه بجارية، وأمرها أن تعلمه ما حاله؟ فكان يقوم الليل
كله ويخرج من السحر فلا يعود إلا بعد العتمة، ولا يتناول من طعام معاوية شيئا.
كان يجئ معه بكسر، فيجعلها في ماء فيأكلها، ويشرب من ذلك الماء، فكتب

(1) الأنساب 5: 39 - الغدير 9: 31.
39

معاوية إلى عثمان بحاله... " (1)
6 - نفي عبد الرحمن الجمحي:
قال اليعقوبي: " سير عبد الرحمن صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى القموص من
خيبر، وكان سبب تسييره إياه، أنه بلغه كرهه مساوئ ابنه وخاله وأنه هجاه "
وقال ابن حجر: " لما أعطى عثمان مروان خمس مائة ألف من خمس إفريقية قال
عبد الرحمن [أشعارا]:
وأعطيت مروان خمس الغنيمة * آثرته وحميت الحمى
فأمر به، فحبس بخيبر... فلم يزل علي (عليه السلام) يكلم عثمان حتى خلى سبيله
على أن لا يساكنه بالمدينة، فسيره إلى خيبر، فأنزله قلعة بها تسمى " القموص "
فلم يزل بها حتى ناهض المسلمون عثمان... " (2).
7 - نفي عمرو بن زرارة:
قال البلاذري: " إن أول من دعا إلى خلع عثمان والبيعة لعلي (عليه السلام)، عمرو بن
زرارة بن قيس النخعي، وكميل بن زياد، فقام عمرو بن زرارة فقال: أيها
الناس: إن عثمان قد ترك الحق وهو يعرفه، وقد أغرى بصلحائكم يولي شراركم.

(1) الإصابة 3: 85 - وعنه الغدير 9: 54 - أنظر المحاضرات للراغب 2: 212 - المعارف
لابن قتيبة 84 - العقد الفريد 2: 261 - الأنساب 5: 57 - تأريخ الطبري 5: 91 - الكامل
في التأريخ 3: 60.
(2) الغدير 9: 58 - أنظر تأريخ اليعقوبي 2: 150 - الاستيعاب 2: 410 - شرح ابن أبي
الحديد 1: 66 - الإصابة 2: 395 - تأريخ الطبري 6: 25.
40

فبلغ الوليد فكتب إلى عثمان بما كان من ابن زرارة. فكتب إليه عثمان: إن ابن
زرارة أعرابي جلف. فسيره إلى الشام، وشيعه الأشتر، والأسود بن يزيد،
وعلقمة... " (1).
8 - نفي عبد الرحمن:
قال القاضي نعمان: " عبد الرحمن بن حنبل [أو بن حبان، أو بن حسان] وهو
الذي ضربه عثمان، وسيره إلى خيبر، قتل يوم صفين. " (2).
9 - نفي هشام جنيدا إلى السند:
قال ابن عساكر: " قال الجنيد بن عبد الرحمن بن عمرو: أتيت من حوران (3)
إلى دمشق لآخذ عطائي، فصليت الجمعة، ثم خرجت من باب الدرج، فإذا عليه
شيخ يقال له: أبو شيبة القاص، يقص على الناس. فرغب، فرغبنا. وخوف
فبكينا. فلما انقضى حديثه، قال: اختموا مجلسنا بلعن أبي تراب، فلعنوا أبا
تراب (عليه السلام). فالتفت إلى من على يميني، فقلت له: فمن أبو تراب؟ فقال: علي بن
أبي طالب، ابن عم رسول الله، وزوج ابنته، وأول الناس إسلاما، وأبو الحسن

(1) الأنساب للبلاذري 5: 30 - أسد الغابة 2: 220 و 4: 104 - الإصابة 1: 548 - الغدير
9: 146.
(2) شرح الأخبار 2: 19 ح 406. أنظر: العقد الفريد 4: 309 - والطبعة القديمة منها 2:
247 - والغدير 8: 381 - فيما يتعلق بعثمان حيث طلب من علي (عليه السلام) أن " يغادر المدينة إلى
ينبع " فلعله يرتبط بالمقام.
(3) كورة واسعة، من أعمال دمشق ذات قرى كثيرة. ويقال أيضا أنها ماء بنجد. والظاهر هو
الأول. معجم البلدان 2: 317.
41

والحسين... فاستنكر الأمر، ولطم وجه الرجل فشكى إلى هشام بن عبد الملك،
فنفى الجنيد إلى السند، فلم يزل بها إلى أن مات. " (1).
هذه نماذج - وحقائق تأريخية مرة - من التغريب غير الشرعي، صدرت
لأهداف سياسية، ولأغراض شخصية، فهي لاستمرار الحكم والتسلط على
رقاب الناس، ولتخويف من يروم أية محاولة ومناوشة ضد الحكام وإلا فما هو
الوجه الشرعي لنفي جنيد الذي قام بدور النهي عن المنكر، وردع من يأمر بلعن
الإمام علي (عليه السلام)؟
وأي وجه شرعي لنفي زرارة الذي كان يطالب الخليفة بالرجوع إلى الحق،
وعدم تولية الأشرار؟
وأي مبرر شرعي لنفي الجمحي الذي اعترض على الخليفة في اعطائه الألوف
من الدنانير - من أموال المسلمين - لمروان طريد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهكذا نفي
أبي ذر ذلك الصحابي الكبير وغيره؟!

(1) تأريخ ابن عساكر 3: 407 - أنظر الغدير 9: 392.
42

القسم الثاني
في موارد النفي والتغريب
43

الباب الأول
التغريب في الدم
45

الفصل الأول
نفي قاتل الولد
وردت رواية في التهذيب، في نفي قاتل الولد، والعبد لكنها ضعيفة السند
بعمرو بن شمر - وإن اعتمد عليه بعض الأعاظم منا.
كما أفتى بمضمونها: يحيى بن سعيد الحلي في الجامع، والشيخ الوالد في موسوعته
الفقهية. هذا، وقد حملها المجلسي في الملاذ، على الحبس، أو التخيير بينه وبين النفي
في خصوص قاتل العبد.
كما حملها في الجواهر على أن النفي بعض أفراد ما يراه الحاكم من التعزير.
ويظهر ذلك من السيدين: الخوئي، والخوانساري.
ولكن أكثر الفقهاء صرحوا بالتعزير من دون إشارة إلى النفي والتغريب،
كالشيخ المفيد في المقنعة، والشيخ الطوسي في المبسوط، وسلار في المراسم، والمحقق
الحلي في الشرائع، والمختصر النافع، والعلامة الحلي في التحرير والتبصرة،
والشهيدين في الروضة، والشيخ البهائي في الجامع العباسي، والسيد الطباطبائي في
الرياض والمامقاني في المناهج، والسيد الخوئي في المباني. كما أن جمعا من الفقهاء
47

لم يتعرض للتعزير: كالقاضي في المهذب، والعلامة الحلي في قواعد الأحكام،
والارشاد، وولده فخر المحققين في الإيضاح، والشهيد في المسالك، والسيد
الخميني في تحرير الوسيلة.
الروايات:
1 - التهذيب: " محمد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه،
عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) في الرجل
يقتل ابنه، أو عبده قال: لا يقتل به، ولكن يضرب ضربا شديدا، وينفى عن
مسقط رأسه. " (1).
قال المجلسي: " الحديث ضعيف " (2).
أقول: وضعفه بعمرو بن شمر، وإن وثقه ابن قولويه، واعتمد عليه الشيخ
المفيد، والمحدث النوري (3).
المصرحون بالتغريب من فقهائنا:
1 - يحيى بن سعيد الحلي: " وينفى قاتل ولده وعبده عمدا عن مسقطي
رأسهما ويضربان ضربا شديدا. " (4).
2 - المجلسي الثاني: " ويدل - أي الحديث - على أنه لا يقتل الرجل بابنه، وهو

(1) التهذيب 10: 236 ب 19 ح 11 - وعنه الوسائل 19: 69 ب 37 ح 9 - والوافي 16:
632 (أبواب القصاص).
(2) ملاذ الأخيار 16: 500.
(3) أنظر: معجم رجال الحديث 13: 106 الرقم 8922.
(4) الجامع للشرائع: 576.
48

إجماعي، والمشهور إلحاق الأجداد في ذلك بالأب، وفيه إشكال.
وعلى أنه يعزر، وقد ذكره الأصحاب. وعلى أنه ينفى من البلد، ولم أر في
كلامهم إلا ما نقلناه سابقا من الجامع. ويمكن حمله على الحبس، وإن كان بعيدا، أو
التخيير بينه، وبين الحبس - في العبد - جمعا. " (1).
3 - الشيخ محمد حسن النجفي: " فلو قتل والد ولده لم يقتل به بلا خلاف أجده
فيه، بل الإجماع بقسميه عليه - ولكن عليه الكفارة لعموم الأدلة، بل كفارة الجمع
والدية لمن يرثه - والتعزير بما يراه الحاكم، ولكن في خبر جابر: " وينفى عن
مسقط رأسه " ولعله محمول على أن ذلك بعض أفراد ما يراه الحاكم. " (2).
4 - السيد الخوئي: " أن لا يكون القاتل أبا للمقتول، فإنه لا يقتل بقتل ابنه،
وعليه الدية، ويعزر، وهل يشمل الحكم أب الأب أم لا؟ وجهان لا يبعد
الشمول. ثم قال في الهامش: لما تقدم من ثبوت التعزير لكل معصية كبيرة، حسبما
يراه الحاكم الشرعي، ويؤيد ذلك رواية جابر... وينفى عن مسقط رأسه... " (3)
5 - الشيخ الوالد: " أن لا يكون القاتل أبا. فلا يقتل الأب بالولد، فلو كان
الأب قاتلا لابنه لا يقتل الأب لابنه قصاصا، بلا خلاف في المسألة، بل عليه
الإجماع. والأصل فيه الرواية التي ذكرها العامة والخاصة... ويعزر الأب على
فعله المحرم، ويضرب ضربا كما في الخبر، وينفى الأب القاتل عن مسقط رأسه " (4).
6 - السيد الخوانساري: " أما عدم قتل الأب بقتل ولده، فلا خلاف فيه
ظاهرا. وتدل عليه النصوص الصحيحة... وأما التعزير فهو المعروف في المعاصي

(1) ملاذ الأخيار 16: 500 - 498.
(2) جواهر الكلام 41: 159.
(3) مباني تكملة المنهاج 2: 72.
(4) ذخيرة الصالحين 8: 72.
49

الكبيرة. وتؤيده الرواية هذه: " وينفى عن مسقط رأسه. " (1) كما يلوح ذلك من
كلام ابن إدريس، حيث قال: " لو قتل والد ولده في المحاربة... يتحتم عليه
القتل... وليس للإمام نفيه هاهنا دون قتله. " (2).
هذا، ولكن الإنصاف، أنه لا صراحة لهذه النصوص في التغريب، سيما كلام
" الخوئي والخوانساري " (رحمهما الله) حيث إنهما أوردا رواية جابر للتأييد فقط.
المصرحون بالتعزير أو العقوبة:
1 - الشيخ المفيد: " والأب إذا قتل ولده خطأ... وإذا قتله عمدا عاقبه
السلطان عقوبة موجعة، وألزمه الدية على الكمال لورثته سوى الأب القاتل. " (3).
2 - الشيخ الطوسي: " إذا قتل الرجل ولده لم يقتل به بحال، سواء قتله حذفا
بالسيف أو ذبحا. وعلى أي وجه قتله عندنا، وعند أكثرهم... فإذا ثبت أنه لا
يقاد به، فعليه التعزير والكفارة... " (4).
3 - سلار بن عبد العزيز: "... إلا اللهم أن يكون القاتل أب المقتول، فإن
الأب لا يقاد بابنه بل يؤخذ منه ديته ولا يورث منها، ويعاقب. " (5).
4 - المحقق الحلي: " الشرط الثالث أن لا يكون القاتل أبا، فلو قتل ولده لم يقتل
به، وعليه الكفارة، والدية والتعزير. " (6).

(1) جامع المدارك 7: 233.
(2) السرائر 3: 506.
(3) المقنعة: 749.
(4) المبسوط 7: 9 - أنظر النهاية: 739 - الخلاف 2: 343. المسألة: 9.
(5) المراسم: 236.
(6) شرائع الإسلام 4: 214 - ومثله في المختصر النافع: 296.
50

5 - العلامة الحلي: " لا يقتل الأب بولده. بل يجب على الأب الدية لورثة
الولد، غيره، ويعزر، ويجب عليه كفارة الجمع. " (1).
6 - الشهيدان: " ويعزر الوالد بقتل الولد، ويكفر، ويجب الدية لغيره من
الورثة. " (2).
7 - الشيخ البهائي: " أن لا يكون القاتل أبا أو جدا للمقتول، فإن كان كذلك،
فلا يقتص منه بل يعزر ويجب عليه الكفارة والدية. " (3).
8 - السيد الطباطبائي: " أن لا يكون القاتل أبا للمقتول، فلو قتل الوالد ولده،
لم يقتل به مطلقا بلا خلاف أجده، بل عليه اجماعنا في كلام جماعة، وهو الحجة
مضافا إلى المعتبرة المستفيضة. وعليه الدية والكفارة... والتعزير لذلك.
وللنص... مع أن ذلك - أي التعزير - مقتضى كل محرم لم يجد فيه حد. " (4).
9 - المامقاني: " فلو قتل والد ولده، لم يقتل به، نعم عليه الكفارة، والدية
والتعزير، وفي حكمه الجد للأب. ويقتل الولد بأبيه وأمه. " (5).

(1) تحرير الأحكام 2: 248 - ومثله في تبصرة المتعلمين: 204 - أنظر الارشاد 2: 203.
(2) الروضة البهية 10: 64.
(3) جامع عباسي: 432.
(4) رياض المسائل 2: 512.
(5) مناهج المتقين: 512.
ومنهم من لم يتعرض للتعزير مثل: علي بن حمزة في الوسيلة: 431 - الطرابلسي في
المهذب 2: 459. العلامة الحلي في القواعد 2: 291 - والارشاد 2: 203 - فخر المحققين
في إيضاح الفوائد 4: 598 - الشهيد الثاني في مسالك الأفهام 2: 467. ومن المذاهب
الأخرى: البيهقي عن الشافعي 8: 38 - المقدسي في الفروع 5: 643 - ابن منجا الحجاوي
في الروض المربع 1: 332 - المرداوي في الإنصاف 9: 473 - الزحيلي في الفقه الإسلامي
وأدلته 6: 268.
51

فروع ومسائل
الأول: لو كان مسقط الرأس مجهولا، أو كان في فلاة:
لو قتل الأب ولده، ولم يمكن إحراز مسقط رأس القاتل، بأن كانت ولادته في
سفر بري أو جوي أو بحري، فمقتضى الجمود على ظاهر الرواية هو انتفاء هذا
الحكم. ويثبت التعزير حينئذ للرواية، أو لثبوته في كل محرم لم يرد فيه نص. إلا أن
يقال: بأن " مسقط الرأس " عنوان مشير إلى الموطن الفعلي، إذ من المقطوع عدم
دخل مثله في الحكم، فتأمل. إذ إن أخذ كل قيد وعنوان، ظاهر في مدخليته في
الحكم.
الثاني: حكم اشتراك الأب في القتل:
لو كان الأب شريكا في القتل: فإما أن تكون شركته في القتل على نحو
الإمساك، أو أنه اشتراك، كالناظر والرائي، أو يكون قد اشترك في الضرب
المؤدي إلى القتل.
فقد يقال: إن الأصل الأولي هو إجراء الحد، وقد خص الأب القاتل بعدم
الاقتصاص منه في خصوص المورد الثالث، وهو الاشتراك في القتل. وأما في
الموردين الأوليين، فيرجع إلى العمومات والإطلاقات، فيحبس لو كان ممسكا،
وتسمل عينه لو كان ناظرا - إن طلب ذلك أولياء الدم - فلا يقتص منه حينئذ.
وإنما الكلام في ضربه ونفيه حينئذ، فقد يقال: بعدمه أيضا، لأن الحكم ثابت في
صورة الاستقلال في القتل، فلا يشمل صورة الاشتراك إلا بتنقيح المناط القطعي،
وهو غير ثابت هنا، كما أنه لا قياس هنا، إذ لا أولوية ولا مساواة بل هو قياس
52

الأدنى بالأقوى. (1)
وقد أورد هذا الفرع الشهيدان في اللمعة والروضة، والشيخ البهائي وغيرهم،
من دون إشارة إلى التغريب.
آراء فقهائنا:
1 - الشهيدان: " لو اشترك الأب والأجنبي في قتل الولد، اقتص من الأجنبي،
ورد الأب نصف الدية عليه. " (2).
2 - الشيخ البهائي: " لو اشترك الأب والأجنبي: يقتل الأجنبي، ويغرم الأب
نصف الدية. " (3).
الثالث: هل يشمل النفي الجد القاتل؟
قد يقال بعدم شموله للجد، وذلك لخروجه عن مورد النص، فتشمله أدلة
القصاص... قد يقال بالشمول بناء على تناول الإطلاق (4)، له لغة وعرفا، بل وإن
لم يكن كذلك، ولكن في المقام يمكن إرادته من نحو قول الصادق (عليه السلام): " لا يقتل
الأب بابنه " (5) بمعونة كلام الأصحاب، وبأولوية الجد أو مساواته للأب في ذلك،

(1) لأن التغريب لو ثبت في صورة الاستقلال بالقتل، فهو غير ملازم لثبوته في صورة
الاشتراك فيه. إذ الأول أقوى، والثاني أضعف.
(2) الروضة البهية 10: 97.
(3) جامع عباسي: 432 - المغني 7: 676.
(4) المراد بالإطلاق: صحيحة حمران، ومعتبرة إسحاق بن عمار، وصحيحة ظريف، فإن
الظاهر شمول كلمة الوالد لأب الأب - أنظر: مباني تكملة المنهاج 2: 73 - الوسائل 19:
56 ب 32 ح 1، 2، 8.
(5) الكافي 7: 298 ح 3 - التهذيب 10: 237 ح 16 - الفقيه 4: 90 ح 4 - الوسائل 19:
57 ح 5 - سنن الدارمي 250 ب 6 ح 2357 - سنن ابن ماجة 2: 888 ب 22 ح 2661 -
مصنف ابن أبي شيبة 9: 410.
53

فلا يقتل - وإن علا - بالأحفاد، سواء قربوا أم بعدوا، بل مقتضى إطلاق النص
والفتوى، عدم الفرق بين المتكافئين في الإسلام والحرية ونحوهما. (1)
أضف إلى ذلك: الشهرة العظيمة في المقام كما ادعاه السيد الخوئي في المباني.
هذا، وقد أفتى الكثير من فقهائنا بالشمول وعدم الاقتصاص منه. وإن تردد
البعض، كالمحقق الحلي في المختصر النافع.
آراء فقهائنا:
1 - الشيخ الطوسي: " وإذا قتله جده فلا قود أيضا، وكذلك كل جد وإن
علا... " (2).
2 - العلامة الحلي: " لا يقتل الأب وإن علا بالولد وإن نزل. " (3).
3 - الشهيد الثاني: " وكذا الأجداد لا يقتلون بالأحفاد، سواء قربوا أم بعدوا،
وسواء كانوا من قبل الأب أم من قبل الأم، لوجود المقتضي في الجميع، ويحتمل
اختصاص الحكم بالأبوين، لأنه المتيقن في مخالفة عموم الآية، لأن الجد ليس
أبا حقيقة. " (4).
4 - السيد الطباطبائي: " وفي قتل الجد للأب بولد الولد تردد، ينشأ من أنه
هل هو حقيقة أو مجاز؟ فإن قلنا بالأول، لم يقتل به. والمشهور الأول،...

(1) جواهر الكلام 41: 159.
(2) المبسوط 7: 9. ومثله في الخلاف 2: 343 المسألة: 10 - والنهاية: 740.
(3) قواعد الأحكام 2: 291 - مثله تحرير الأحكام 2: 249.
(4) مسالك الأفهام 2: 447.
54

ويعضدهم تقديم الشارع عقده على ابنة الابن على عقده عليها إذا تقارنا، مع أني
لم أجد في ذلك مخالفا عدا الماتن هنا بقي في الحكم مترددا، وتبعه بعض... " (1).
5 - السيد الخوئي: " وهل يشمل الحكم أب الأب أم لا؟ وجهان، لا يبعد
الشمول. " (2).
6 - السيد الخميني: " والظاهر أن لا يقتل أب الأب، وهكذا. " (3).
هذا، وتردد في القتل، المحقق الحلي حيث قال: " وفي قتل الجد بولد الولد
تردد. " (4).
أقول: ولم يتعرض الفقهاء للحد - من الضرب والنفي - أو التعزير. ولعل ذلك
كان لأجل وضوحه من الاشتراك بينهما. ولكن يمكن أن يقال بعدم تغريبه،
اقتصارا فيما خالف الأصل، على مورد الوفاق، وللاحتياط، ولأنه مبني على
التخفيف. فتأمل.
آراء المذاهب الأخرى:
الشافعي: " وقد حفظت عن عدد من أهل العلم لقيتهم أن لا يقتل الوالد
بالولد، وبذلك أقول... فكذلك الجد أبو الأب والجد أبعد منه، لأن كلهم والده...
وكذلك أبو الأم والذي أبعد منه لأن كلهم والده. " (5).

(1) رياض المسائل 2: 512 - أنظر البداية للحر العاملي 2: 280.
(2) مباني تكملة المنهاج 2: 72.
(3) تحرير الوسيلة 2: 469.
(4) المختصر النافع: 297.
(5) الأم 6: 36.
55

الرابع: هل يشمل النفي الأم والجد الأمي؟
يظهر من بعض العامة الشمول، ولا دليل له إلا من باب القياس على الأب،
ومن باب الاستحسان. وعندنا: أنه يقاد منها بلا خلاف، ومن الجد الأمي على
رأي البعض. فلا يصل الدور إلى البحث عن تغريبه لو قتل سبطه.
نعم خالف الإسكافي وسيأتي.
آراء فقهائنا:
1 - الشيخ الطوسي: " فأما الأم وأمهاتها وأمهات الأب يقدن عندنا بالولد،
وعندهم لا يقدن كالآباء. " (1).
2 - وقال في الخلاف: " ألام إذا قتلت ولدها قتلت به، وكذلك أمها، وكذلك
أمهات الأب، وإن علون، فأما الأجداد فيجرون مجرى الأب لا يقادون. " (2).
3 - وقال في النهاية: " أو قتلت الأم ولدها عمدا قتل كل واحد منهما بصاحبه " (3).
4 - العلامة الحلي: " وكذا الأم يقتل به، ويقتل الولد بها، وكذا الأقارب
كالأجداد، والجدات من قبلها، والأخوة، والأعمام والأخوال، وغيرهم. " (4).
5 - الشيخ محمد حسن النجفي: " وكذا الأم تقتل به، بلا خلاف أجده فيه
بيننا، إلا من الإسكافي الذي وافق العامة هنا على ذلك قياسا على الأب
واستحسانا... " (5).

(1) المبسوط 7: 9.
(2) الخلاف 2: 343.
(3) النهاية 740 - ومثله سلار بن عبد العزيز في المراسم: 236.
(4) قواعد الأحكام 2: 291. ومثله تحرير الأحكام 2: 249 مع تشويش في العبارة.
(5) جواهر الكلام 41: 160 - " أبو علي: لا يقاد والد ولا والدة ولا جد ولا جدة لأب ولا
لأم بولده، إذا قتله عمدا " المهذب البارع 5: 189.
56

6 - السيد الخميني: " يقتل الولد بقتل أبيه، وكذا الأم وإن علت بقتل ولدها،
والولد بقتل أمه، وكذا الأقارب كالأجداد والجدات من الأم. " (1).
ويظهر من الخلاف أن عدم الاقتصاص من الأجداد والجدات والأم قول
الشافعي وباقي الفقهاء (2).
الخامس: لو قتل الوالد ولده في الحرابة:
لو قتل الوالد ولده في الحرابة فهل يشمله الحكم - من الضرب والنفي - أم
يجري عليه أحكام المحارب عملا بعموم الآية الكريمة، والإطلاقات؟ فعن ابن
إدريس في السرائر: أنه يقتل فلا تغريب حينئذ.
وعن العلامة الحلي في التحرير - في باب المحاربين - أنه لا يقتل، ولكنه (رحمه الله) لم
يتعرض لحكمه - من النفي والتعزير - نعم أفتى فيه بالتعزير، في أحكام قصاص
النفس.
وأما من المذاهب الأخرى: فعن الحنفية والحنابلة أنه لا يقتل. وعن المالكية
والشافعية في إحدى روايتهم أنه يقتل.
هذا، ونقول: نظرا إلى أن الولي لو عفى، يتحتم على السلطان، قتل المحارب،
فلا يصل الدور إلى التغريب والنفي، إلا أن يقال: بأن إطلاق الدليل اللفظي
يشمل مورد الحرابة. وبه يخصص العام الكتابي، والسنة.
اللهم إلا أن يقال: بعدم إمكان تخصيص العام الكتابي بالخبر الواحد (3)، فتأمل.

(1) تحرير الوسيلة 2: 470.
(2) الخلاف 2: 343.
(3) لا خلاف بين الإمامية في جواز تخصيص عموم الكتاب بخبر الواحد. والمخالف، إنما هم
العامة. وهم بين من أنكر تخصيصه به مطلقا، وبين من فصل تارة: بما إذا خصص العام
الكتابي بمخصص، قطعي، قبله فيجوز. وما إذا لم يخصص به كذلك فلا يجوز. وبين المخصص
المتصل والمنفصل، فجوز في الأول دون الثاني. أنظر: محاضرات في أصول الفقه للفياض
5: 309 - وأصول السرخسي 1: 367 - الموافقات للشاطبي 4: 12.
57

آراء فقهائنا:
1 - قال ابن إدريس: " أن لا يكون القاتل والد المقتول... إلا في موضع
واحد، وهو الموضع الذي يتحتم القتل عليه لأجل المحاربة، فيقتل بقتل ولده
لأجل المحاربة، الحتم لا لأجل الإستقادة. بدليل أن ولي من قتله المحارب لو
عفا لوجب على السلطان قتله حد المحاربة. " (1).
2 - وقال أيضا: " لو قتل والد ولده في المحاربة... يتحتم عليه القتل، وليس
للإمام نفيه ها هنا دون قتله. " (2).
3 - وقال العلامة الحلي: " ولو كان المحاربون جماعة وفيهم والد، سقط القتل
قصاصا خاصة عن الأب، ولم يسقط القتل في حق الباقين. " (3).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - قال الجزيري: " الحنفية والحنابلة - إن المحارب إذا كان في المحاربة من لا
يكافئه في الدين كالكافر والعبد والولد وعبد نفسه، فقتله في حالة الإغارة، وقطع
الطريق، فلا يقتل به بعد القبض عليه، بل تجب الدية لأولياء الدم، أو قيمة العبد،
لأن القصاص سقط عنه.
المالكية والشافعية في إحدى روايتهم - قالوا: إن المحارب يقتل إذا قتل من لا

(1) السرائر 3: 324.
(2) السرائر 3: 506.
(3) تحرير الأحكام 2: 234 - أنظر: مختلف الشيعة 779 (أحكام المحاربين) - الروضة البهية
9: 296.
58

يكافئه، أو قتل ولده، أو قتل عبدا، ولو عبد نفسه. " (1).
أقول: إن النسبة بين الطائفتين - من الأدلة - عموم من وجه، إذ مقتضى عموم
أدلة المحاربة أنه يقتل المحارب - أبا كان أم غيره، ومقتضى عموم أدلة عدم
الاقتصاص من الأب، أنه لا يقتل - سواء في الحرابة وغيره - ومجمع العنوانين هو
كون المحارب أبا. ولكن تقدم الطائفة الأولى لكثرتها وقوتها - بخلاف الثانية،
فهي رواية واحدة، أو اثنتان، مع ما عرفت في سندها.
ثم على فرض التكافؤ والتساقط، نرجع إلى العام الفوق، وهو عموم آية
المحاربة، أو إطلاقات أدلة القصاص * (ولكم في القصاص حياة...) * (2) * (... أن
النفس بالنفس...) * (3) * (ومن قتل مظلوما، فقد جعلنا لوليه سلطانا...) * (4).
فتأمل.
السادس: مدة النفي:
لم يرد في النص ما يحدد مدة نفي قاتل الولد، وتقدير المدة بالعام، قياسا
على مدة نفي الزاني غير سديد عندنا.
لكن: إذا ثبت أن عليه التعزير، وأن النفي الوارد في الرواية محمول على أنه
من أنواع التعزير، فأمره إلى الحاكم، كما صرح به الشيخ محمد حسن النجفي في
الجواهر. (5)

(1) الفقه على المذاهب الأربعة 5: 414، أنظر: الحواشي للهيثمي 9: 163.
(2) البقرة: 179.
(3) المائدة: 45.
(4) الإسراء: 33.
(5) جواهر الكلام 41: 639.
59

هذا كله بالنسبة إلى الحر. وأما العبد: فإن ثبت تحديد مدة لنفي الحر، فعليه
نصفه بمقتضى العمومات، وإن لم يثبت - كما هو الحال - فبمقدار ما يعينه
الحاكم.
إلا أن يقال بعدم ثبوت التغريب على العبيد. فتأمل.
السابع: مساواة الأب للابن:
لا فرق في المقام بين أن يكون الأب مساويا للابن في الدين والحرية أم لا،
وذلك لأن المانع من القصاص هو شرف الأبوة.
وقد أفتى بذلك جمع من فقهائنا، لكن يشكل الحكم بتغريبه لو كان عبدا،
وذلك لمغايرته لحق مولاه. إلا أن يقال: إن المدار، على ورود المخصص كما
ورد بعدم تغريب الزاني - غير المحصن - لو كان عبدا.
أما في المقام، فإنه لما لم يرد مخصص، فلا بد من العمل بالعمومات. كما في
القيادة، حيث ينفى القواد - وإن كان عبدا - بمقتضى الإطلاق.
آراء فقهائنا:
1 - الشيخ محمد حسن النجفي: " بل مقتضى إطلاق النص والفتوى عدم الفرق
بين المتكافئين - أي الأب والابن - في الإسلام والحرية... " (1).
2 - الإمام الخميني: " لا يقتل الأب بقتل ابنه، ولو لم يكن مكافئا له. فلا يقتل
الأب الكافر بقتل ابنه المسلم. " (2).

(1) جواهر الكلام 41: 159.
(2) تحرير الوسيلة 2: 407 - المسألة 2.
60

الثامن: هل فرق بين النفس والطرف؟
لا فرق في عدم الاقتصاص من الأب، بين النفس والطرف، بدليل ما ورد عن
كتاب ظريف - مع الغض عن سنده - أو بدليل قياس الأولوية، فتأمل، أو لشرف
البنوة.
وإنما الكلام في ثبوت النفي على الأب في جناية الطرف، فقد يقال فيه:
بالنفي على القول بأن الرواية محمولة على أن النفي بعض أفراد ما يراه الحاكم كما
استظهره صاحب الجواهر. وقد وردت في ذلك رواية، ذكرها الحر العاملي:
" قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه لا قود لولد أصابه والده في أمر يعيب عليه فيه،
فأصابه عيب: من قطع، وغيره، وتكون له الدية، ولا يقاد. " (1).
قال الشيخ النجفي: " ومنه - أي كتاب ظريف - يعلم عدم الفرق بين النفس
والطرف... " (2).

(1) الوسائل 19: 58 ب 32 ح 10.
(2) جواهر الكلام 41: 159.
61

الفصل الثاني
نفي من قتل عبده
أورد شيخ الطائفة رواية عن أبي جعفر (عليه السلام) في أن قاتل عبده لا يقتل به، بل
يضرب، وينفى عن مسقط رأسه. والرواية ضعيفة، وإن وثقها بعض أعاظم
الإمامية، كالمفيد، وابن قولويه.
كما أورد ابن أبي شيبة روايتين عن النبي (صلى الله عليه وآله) في عدم الاقتصاص من قاتل
عبده، وأنه ينفى، وكذلك البيهقي في السنن. ولكن البيهقي ضعف سنديهما.
هذا، ولم أر من فقهائنا من أفتى بالتغريب، إلا يحيى بن سعيد في الجامع،
والمجلسي الثاني في الملاذ.
وأما الباقون: فبين قائل: بأنه يعاقب، أو يؤدب، أو يعزر، كما عن المفيد
في المقنعة وشيخ الطائفة في كتبه، وابن زهرة في الغنية، والمحقق في المختصر،
والشرائع، والعلامة في القواعد والتحرير، والشهيدين في الروضة، والفيض في
المفاتيح، والخوانساري في المدارك.
وهو يشمل النفي، على المبنى في سعة دائرة التعزير. وأضاف البعض ضربه
63

مائة جلدة، كالسيد الخوئي في المباني، والشيخ الوالد في شرح التبصرة. وعن
السيد الخوئي: إضافة الحبس سنة أيضا، مع اتفاق الكل على عدم الاقتصاص منه.
الروايات:
1 - التهذيب: " محمد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه، عن
أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام): في الرجل،
يقتل ابنه، أو عبده؟ قال: لا يقتل به، ولكن يضرب ضربا شديدا وينفى عن
مسقط رأسه. " (1).
وقد ضعفها المجلسي، مع حملها على التخيير بين النفي والحبس، في العبد
جمعا. (2)
أقول: وضعفها بعمرو بن شمر، وإن وثقه ابن قولويه، واعتمد عليه الشيخ
المفيد، والمحدث النوري. (3)
الروايات من غير طرقنا:
1 - ابن أبي شيبة: " حدثنا أبو بكر، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن إسحاق
ابن أبي فروة، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين، عن أبيه، عن علي. قال: أتي
رسول الله (صلى الله عليه وآله) برجل قتل عبده متعمدا، فجلده رسول الله (صلى الله عليه وآله) مائة جلدة،

(1) التهذيب 10: 236 ب 19 ح 11 - وعنه الوسائل 19: 69 ب 37 ح 9 - والوافي 16:
632 - (أبواب القصاص).
(2) ملاذ الأخيار 16: 500.
(3) أنظر: معجم رجال الحديث 13: 106 - الرقم 8922.
64

ونفاه سنة، ومحا سهمه من المسلمين، ولم يقده به. " (1).
2 - البيهقي: " أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أنبأ علي بن عمر الحافظ، ثنا
الحسين بن الحسين ابن الصابوني الأنطاكي، قاضي الثغور، ثنا محمد بن الحكم
الرملي، ثنا محمد بن عبد العزيز الرملي، ثنا إسماعيل بن عياش، عن الأوزاعي،
عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رجلا قتل عبده متعمدا، فجلده
النبي مائة جلدة، ونفاه سنة، ومحا سهمه من المسلمين، ولم يقده به، وأمره أن
يعتق رقبة. " (2).
3 - وفيه: " أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أنبأ أبو الوليد، ثنا الحسن بن سفيان،
ثنا أبو بكر، ثنا حفص، عن حجاج، عن عمرو بن شعيب، أن أبا بكر وعمر كانا
يقولان: لا يقتل المؤمن بعبده، ولكن يضرب، ويطال حبسه، ويحرم سهمه. " (3).
قال البيهقي: " أسانيد هذه الأحاديث ضعيفة، لا تقوم بشئ منها الحجة، إلا
أن أكثر أهل العلم على أن لا يقتل الرجل بعبده. " (4).
مناقشة في الاسناد:
أما روايات العامة، ففي سندها من لا يؤخذ بروايته، ونكتفي بالبحث عن

(1) المصنف 9: 304 ح 7560 - وعنه السنن الكبرى 8: 36 - المحلى 10: 560 - سنن ابن
ماجة 2: 888 ب 23 ح 2664 - كنز العمال 15: 93 ح 40229 - المغني 7: 659 -
وروى مثله، وفي طريقه عمرو بن شعيب.
(2) السنن الكبرى 8: 36 - أقضية رسول الله (صلى الله عليه وآله): عن كتاب ابن شعبان.
(3) السنن الكبرى 8: 37 - أنظر مصنف ابن أبي شيبة 9: 305 ح 7564 - كنز العمال 15:
70 ح 40139 - موارد السجن: 92.
(4) السنن الكبرى 8: 36.
65

ثلاثة: إسماعيل بن عياش، وإسحاق بن أبي فروة، وعمرو بن شعيب.
1 - أما إسماعيل: فعليه مؤاخذات، وأهمها: ضعف ما يرويه عن الحجازيين،
أو عن غير الشاميين، مع أن الحديث الأول، والثاني يرويه عن إسحاق بن أبي
فروة، وهو مدني - حجازي - أضف إلى ضعف إسحاق.
ولو قلنا: إن وجه ضعفه: هو الخلط لكبر سنه، فروايته - عن الأوزاعي (1) -
أيضا للنقاش مورد.
2 - أما إسحاق بن أبي فروة: فهو ممن لا يحل الحديث عنه، ويقلب
الأحاديث، ولا يحتج بحديثه، وأنه ضعيف جدا. كما وصفوه في كتب الرجال،
وسيأتي.
3 - وأما عمرو بن شعيب: فعمدة المؤاخذات عليه: روايته " عن أبيه، عن
جده " ليست بحجة، لأنها وجادة (2) وليست بسماع فاجتنبه الناس، ولم يدخلوه
في صحاح ما خرجوه. فالرواية الثانية ساقطة، لأنها عن عمرو بن شعيب، عن
" أبيه، عن جده. " وعليه فروايات العامة ساقطة عن الاعتبار، وذلك لعدم
وجود رواية خالية عن المناقشة.
أما رواية الخاصة، فهي موافقة لهذه الروايات. فهل تسقط لذلك؟ قد يقال:

(1) سير أعلام النبلاء 7: 107 - الرقم 48.
(2) وهو أن يجد إنسان كتابا، أو حديثا، مروي إنسان بخطه، معاصر له، أو غير معاصر، ولم
يسمعه منه، ولا له منه إجازة، ولا نحوها... وربما دلس بعضهم، فذكر الذي وجد بخطه
وقاله فيه: عن فلان، أو قال فلان، وذلك تدليس قبيح. إن أوهم سماعه منه. وجازف
بعضهم فأطلق في هذا: حدثنا، وأخبرنا. وهو غلط منكر. أنظر: الدراية في مصطلح
الحديث للشهيد الثاني: 108 - البداية 107 - مقباس الهداية 3: 165 - تدريب الراوي
2: 61 - أصول الحديث: 244 - فتح المغيث 2: 135 - تحفة العالم 1: 113.
66

نعم، على فرض قبول مبنى وجوب الأخذ بما خالف العامة، في باب الترجيح.
لكنه مبني على وجود طائفتين متعارضتين. فيؤخذ بما خالفهم - أخبارهم
وأقوالهم - والمقام ليس كذلك، إذ ليس إلا رواية واحدة موافقة لهم.
والنتيجة: بعد تضعيف الروايات - من الطريقين - هي أن مقتضى الأصل عدم
ثبوت التغريب. فيثبت التعزير، لارتكابه المحرم. فلا نفي إلا على القول بشمول
التعزير له.
ما قيل في إسماعيل بن عياش بن مسلم العنسي:
هو من رجال البخاري والسنن الأربعة وكان العراقيون يكرهون حديثه كما
عن يحيى بن معين.
قال محمد بن عثمان:... أما روايته عن أهل الحجاز، فإن كتابه ضاع فخلط في
حفظه عنهم. وقال المديني: فأما ما روي عن غير أهل الشام ففيه ضعف. وعن
ابن عدي: إذا روى عن الحجازيين فلا يخلو عن غلط: إما أن يكون حديثا
برأسه، أو مرسلا يوصله، أو موقوفا يرفعه. وعن الجوزجاني: أما إسماعيل كان
أروي الناس عن الكذابين.
وعن ابن خزيمة: - لا يحتج به. - وعن الحاكم: إذا انفرد بحديث لم يقبل منه لسوء
حفظه. وعن ابن حبان:... فلما كبر تغير حفظه... وما حفظ على الكبر من حديث
الغرباء، خلط فيه وأدخل الأسناد في الأسناد، وألزق المتن بالمتن، وهو لا يعلم، فمن
كان هذا نعته حتى صار الخطأ في حديثه يكثر، خرج عن حد الاحتجاج به (1).

(1) تهذيب التهذيب 1: 281 - الرقم 584 - الكامل في الضعفاء 1: 291 - الرقم 127 -
سير أعلام النبلاء 1: 172 - الجرح والتعديل 2: 191 - الضعفاء للعقيلي 1: 30 -
المجروحين 1: 124 - تذكرة الحفاظ 1: 233 - ميزان الاعتدال 1: 240 - العبر 1: 227
- تهذيب ابن عساكر 3: 39 - شذرات الذهب 1: 294.
67

ما قيل في: إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة:
قال يحيى بن معين: ليس بشئ. وقال أحمد بن حنبل: ما هو بأهل أن يحمل عنه،
ولا يروى عنه. وعن المديني: منكر الحديث. وعن علي بن عبد الله: لم يدخل
مالك في كتابه ابن أبي فروة.
وعن محمد بن عاصم بن حفص: حججت ومالك حي. فلم أر أهل
المدينة يشكون أن إسحاق بن عبد الله متهم. قلت: فيم ذا؟ قال: في الإسلام.
وعن عمرو بن علي والنسائي: متروك الحديث. وعن البخاري: تركوه. وعن
ابن عدي: فلا يتابعه أحد على أسانيده، ولا متونه (1) وعن ابن سعد: لا يحتجون
بحديثه. وعن أحمد: لا تحل عندي الرواية عنه. وعن أبي داود، والغلابي: ليس
بثقة. وعن علي بن الحسن: كذاب. وعن ابن عمار ضعيف ذاهب. وعن الخليلي
في الارشاد: ضعفوه جدا، وتكلم فيه مالك والشافعي وتركاه. وعن ابن حبان:
يقلب الأحاديث ويرسل المراسيل. وذكره ابن الجارود والعقيلي، والدولابي
وأبو أيوب والساجي وابن شاهين في الضعفاء. (2)
ما قيل في: عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله القرشي:
هو من رجال البخاري، والأربعة، وقد ضعفه ناس مطلقا، ووثقه الجمهور،
وضعف بعضهم روايته عن أبيه، عن جده. فقط.
قال يحيى بن سعيد: حديثه عندنا واه وقال أحمد: له أشياء مناكير. وإنما
نكتب حديثه نعتبر به، فأما أن يكون حجة فلا. وإن أصحاب الحديث إذا شاؤوا
احتجوا بحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وإذا شاؤوا تركوه. وعن

(1) الكامل في الضعفاء 1: 326 - الرقم 154.
(2) تهذيب التهذيب 1: 210 الرقم 449.
68

أبي زرعة: إنما أنكروا عليه لكثرة روايته عن أبيه عن جده. وقالوا: إنما سمع
أحاديث يسيرة، وأخذ صحيفة كانت عنده فرواها. وما أقل ما تصيب عنه مما
روى عن غير أبيه من المنكر. وعامة هذه المناكير التي تروى عنه إنما هي عن
المثنى بن الصباح وابن لهيعة، والضعفاء. قيل لأبي داود: عمرو بن شعيب، عن
أبيه عن جده، عندك حجة؟ قال: لا، ولا نصف حجة...
عن ابن عدي: أن أحاديثه عن أبيه، عن جده عن النبي (صلى الله عليه وآله)، احتج به الناس
مع احتمالهم إياه، ولم يدخلوه في صحاح ما خرجوه، وقالوا: هي صحيفة (1).
آراء فقهائنا، القائلين بالنفي:
1 - قال يحيى بن سعيد: " وينفى قاتل ولده، وعبده، عمدا، عن مسقطي
رؤوسهما، ويضربان ضربا شديدا. " (2).
2 - قال المجلسي الثاني - بعد أن نقل رواية جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) في نفي
قاتل العبد -: " ويدل، على أنه ينفى من البلد، ولم أر في كلامهم إلا ما نقلناه
سابقا من الجامع، ويمكن حمله على الحبس، وإن كان بعيدا، أو التخيير بينه وبين
الحبس، في العبد، جمعا. " (3).

(1) سير أعلام النبلاء 5: 168 الرقم 61 - المستدرك على الصحيحين 2: 65 - الكامل في
الضعفاء 5: 114 الرقم 314 / 1281 - الجرح والتعديل 6: 238 - المغني في الضعفاء 2:
484 - طبقات خليفة: 286 - تأريخ خليفة: 349 - التأريخ الكبير 6: 342 - تأريخ
الإسلام 4: 285 - ميزان الاعتدال 3: 263 - تهذيب التهذيب 8: 42 - الرقم 80 - العبر
1: 148 - لسان الميزان 7: 325 - العقد الثمين 6: 396 - شذرات الذهب 1: 155.
(2) الجامع للشرائع: 576.
(3) ملاذ الأخيار 16: 500.
69

القائلون بالتعزير:
1 - قال الشيخ المفيد: " وإذا قتل السيد عبده عمدا عاقبه السلطان، وأغرمه
ثمنه، وتصدق به على المساكين، وكان على السيد كفارة صنعه: عتق رقبة
مؤمنة. " (1).
2 - وقال الشيخ الطوسي: " إذا قتل الحر عبدا... فإن كان عبد نفسه عزرناه،
وعليه الكفارة... " (2).
3 - وقال السيد ابن زهرة: " وإذا قتل السيد عبده، بالغ السلطان في تأديبه
وأغرمه قيمته، وتصدق بها. " (3).
4 - وقال المحقق الحلي: " ولو قتل المولى عبده، كفر، وعزر، ولم يقتل. وقيل
يغرم قيمته، ويتصدق بها، وفي المستند ضعف " (4).
5 - وقال العلامة الحلي: " لو قتل المولى عبده عزر، وكفر. " (5).
6 - وقال الشهيدان: " لو قتل المولى عبده، أو أمته، كفر كفارة القتل، وعزر،
ولا يلزمه شئ، غير ذلك على الأقوى. " (6).
7 - وقال الفيض الكاشاني: " ولو قتل المولى عبده، كفر وعزر، وتصدق بثمنه
على المشهور. " (7).

(1) المقنعة: 749.
(2) المبسوط 7: 6 - ومثله في الخلاف 2: 342 - المسألة 4 - والنهاية: 751.
(3) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): 558.
(4) شرائع الإسلام 4: 205 - ومثله في المختصر النافع: 295.
(5) الارشاد 2: 203 - ومثله في قواعد الأحكام 2: 286 - تحرير الأحكام 2: 245.
(6) الروضة البهية 10: 46.
(7) مفاتيح الشرائع 2: 135.
70

8 - وقال السيد الخوانساري: " ولو كان العبد المقتول ملكا للقاتل، فيترتب
التعزير. " (1).
9 - وقال السيد الخوئي: " لو قتل المولى عبده متعمدا، فإن كان غير معروف،
بالقتل، ضرب مائة ضربة شديدة، وحبس، وأخذت منه قيمته، يتصدق بها، أو
تدفع إلى بيت مال المسلمين. " (2).
أقول: وفتواه رضوان الله عليه بمقتضى الجمع بين صحيحة يونس التي فيها
" ضرب ضربا شديدا " (3) ومعتبرة السكوني التي فيها: " فضربه مائة نكالا
وحبسه " (4) وتضعيف ما ورد عن مسمع بن عبد الملك التي فيها: " حبسه
سنة " (5). وذلك بسهل بن زياد، وابن شمون، والأصم. وقد ضعف هذا الطريق:
المحقق الحلي والعلامة، وابن فهد - في المقتصر (6) - هذا وقد توسعنا في الموضوع
في كتابنا موارد السجن فراجع (7).

(1) جامع المدارك 7: 207 - أنظر الكافي في الفقه: 384 - شعائر الإسلام: 834 - ذخيرة
الصالحين 8: 67 (للشيخ الوالد).
(2) مباني تكملة المنهاج 2: 40 - المسألة: 45.
(3) الوسائل 19: 69 ب 38 ح 2.
(4) الوسائل 19: 68 ب 37 ح 5.
(5) الوسائل 19: 68 ب 37 ح 5.
(6) المقتصر: 424.
(7) موارد السجن: 91.
71

الفصل الثالث
نفي قاتل العبد
إن قاتل العبد - عندنا - يعزر، إضافة إلى الكفارة، ودفع القيمة، كما في
المبسوط (1)، والنهاية (2)، والخلاف (3). ويقتل، إن كان معتادا لقتل الرقيق، مصرا
عليه، كما في الغنية لابن زهرة (4) وينفى إذا كان العبد له، كما عن ابن سعيد (5)،
أو يحبس، ويضرب مائة كما عن الخوئي (6).
وأما عند المذاهب الأخرى: يضرب مائة، ويحبس سنة، كما عن ابن الجلاب
في التفريع (7).

(1) المبسوط 7: 6.
(2) النهاية: 751.
(3) الخلاف 2: 342 - المسألة: 4.
(4) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): 558.
(5) الجامع للشرائع: 576.
(6) مباني تكملة المنهاج 2: 40 - المسألة 40.
(7) التفريع 2: 211.
73

هذا، ولم أجد من الفريقين - على الرغم ما نقلوه من عمر بن الخطاب: أنه نفى
قاتل العبد - من أفتى بالنفي فيه، مما يدل على أن فعل الخليفة ليس بحجة عندهم
دائما، ولعله كان بالنسبة إلى من قتل عبده... أو أن التعزير عندهم عام يشمل
النفي أيضا. هذا: وحيث إنه لم يصدر عن المعصوم فلا يمكن الركون إليه في الإفتاء.
وإليك ما نقله عبد الرزاق من فعل الخليفة: " ابن جريج، عن عمرو بن
شعيب، قال: ضرب عمر بن الخطاب حرا، قتل عبدا، مائة، ونفاه عاما. " (1).
وفي رواية أنه يسجن: " إسماعيل بن أمية، سمعت أن الذي يقتل عبدا يسجن
ويضرب مائة " (2).
مالك: أنه يحبس سنة (3). وعن ابن حزم: أنه يسجن حتى يتوب (4). ولم يقل
أحد بالنفي فيه.
هذا: وقد روى ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه فرض
على قاتله النفي. وقد نفى عمر بن عبد العزيز قاتل الذمي.
أقول: وفي السند نقاش، كما أعرض الفقهاء عن دلالته، مما يوهن صدوره
عنه، وفيما يلي ما أورده عبد الرزاق في مصنفه: " ابن جريج، قال: أخبرني
عمرو بن شعيب، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرض على كل مسلم قتل رجلا من أهل
الكتاب أربعة آلاف درهم، وأنه ينفى من أرضه إلى غيرها. ".

(1) المصنف 9: 407 ح 17805 - وعنه كنز العمال 15: 119 ح 4034.
(2) المصنف 9: 407 ح 17804.
(3) المدونة الكبرى 6: 403.
(4) المحلى 10: 347.
74

الفصل الرابع
نفي قاتل الذمي
لا خلاف عندنا في عدم قتل المسلم بالذمي - إن لم يكن معتادا ذلك - بل
عليه التعزير والدية. وقد أفتى بذلك المفيد في المقنعة (1)، والشيخ الطوسي في
المبسوط (2)، وغيرهما (3)، ولم نجد من قال فيه بالنفي. نعم، لعل التعزير بمعناه
الواسع يشمله، فتأمل.
وأما المذاهب الأخرى، فقد اختلفت آراؤهم فيه، فعن الحنفية: أنه يقاد
بالذمي، وعن المالكية: لا يقاد إلا أن يقتله غيلة، وعن الشافعية والحنابلة: لا
يقاد أصلا (4) وعن مالك: أنه يحبس سنة (5). وعن ابن حزم: أنه يسجن حتى

(1) المقنعة: 115.
(2) المبسوط 7: 5.
(3) أنظر الانتصار: 272 - شرائع الإسلام 4: 211 - جواهر الكلام 42: 150.
(4) الفقه على المذاهب الأربعة 5: 283.
(5) المدونة الكبرى 6: 403.
75

يتوب (1). ولم يقل أحد بالنفي فيه.
هذا وقد روى ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه فرض على
قاتله النفي. وقد نفى عمر بن عبد العزيز قاتل الذمي.
أقول: وفي السند نقاش، كما أعرض الفقهاء عن دلالته، مما يوهن صدوره
عنه، وفيما يلي ما أورده عبد الرزاق في مصنفه: " ابن جريج، قال: أخبرني
عمرو بن شعيب، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرض على كل مسلم قتل رجلا من أهل
الكتاب أربعة آلاف درهم، وأنه ينفى من أرضه إلى غيرها.
وأن رجلا من خثعم قتل رجلا من أهل الحرة على عهد عمر بن عبد العزيز،
وأن عمر نفاه إلى أرض خثعم - أو قال: من بيته.
قال عمرو: فكان عندنا حتى جهزناه إلى قومه، فانطلق. " (2).
من هو ابن جريج؟
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، ورواياته وافرة في الصحاح الستة،
ومسند أحمد، والمعجم الكبير، وقد اعتمد عليه أكثر العامة، إلا أنه قد تكلم
البعض فيه، أمثال مالك، ويحيى بن سعيد، والدارقطني.
فعن الدارقطني: تجنب تدليس ابن جريج، فإنه قبيح التدليس، لا يدلس
إلا فيما سمعه من مجروح، مثل إبراهيم بن أبي يحيى، وموسى بن عبيدة،
وغيرهما.
وعن علي بن المديني: سألت يحيى بن سعيد عن حديث ابن جريج عن عطا
الخراساني؟ فقال: ضعيف. قلت ليحيى إنه يقول: أخبرني. قال: لا شئ، كله

(1) المحلى 10: 347.
(2) مصنف عبد الرزاق 10: 92 ح 18474 - وعنه كنز العمال 15: 140 ح 40428 - السنن
الكبرى 8: 101 - بعضه.
76

ضعيف، إنما هو كتاب رفعه إليه (1).
هذا حاله عند العامة، وأما عندنا: فهو مختلف فيه فعن العلامة في الخلاصة،
أنه من رجال العامة. وعن الكشي:... أنه يميل إلى التشيع. واستظهر الوحيد:
كونه من ثقات الشيعة، وعن المامقاني أنه عامي، وعلى فرض كونه شيعيا فهو
مجهول الحال (2).
أضف إلى ذلك، ارسال الحديث لحذف الواسطة بين عمرو بن شعيب وبين
النبي (صلى الله عليه وآله).
وأما الكلام في عمرو بن شعيب، فإنه مختلف فيه، وهو ليس بحجة عند أبي
داود (3) وقد سبق الكلام فيه، فراجع. أما مقدار الدية المذكورة في الحديث،
فالمذهب عند الفريقين على عدم وجوبها (4) أو على عدم بلوغها هذا المقدار.
هذا وقد وردت رواية صحيحة بأن دية الذمي، دية المسلم (5) وقد حملها
البعض على التقية (6) لموافقتها لبعض العامة، وعن بعض أعلام الحوزة العلمية أنه
يفتي بمضمون الرواية.

(1) سير أعلام النبلاء 6: 325 - تهذيب التهذيب 6: 359 - رجال صحيح البخاري 2:
479 - تذكرة الحفاظ 1: 169 - تأريخ بغداد 10: 400.
أقول أنه كان يقول بحلية الزواج المؤقت ويعمل المتعة وعن الشافعي: أنه استمتع
بسبعين أو تسعين امرأة متعة. (شرح مختصر أبي ضياء للزرقاني 8: 76) - تأريخ بغداد 7:
255.
(2) تنقيح المقال 2: 228 - مجمع رجال الحديث 11: 18 - الرقم 7289.
(3) أنظر: تهذيب التهذيب 8: 43 - سير أعلام النبلاء 5: 165.
(4) أنظر: الروضة البهية 10: 191 - الفقه على المذاهب الأربعة 5: 379.
(5) الوسائل 19: 163 ب 14 ح 1.
(6) أنظر جواهر الكلام 42: 39.
77

الفصل الخامس
نفي الممثل بالميت
أورد المسعودي عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام) أنه قال: " إنما سئل الرضا (عليه السلام)
عن نباش نبش قبر امرأة، وفجر بها، وأخذ أكفانها. فأمر (عليه السلام)، بقطعه للسرقة،
ونفيه لتمثيله بالميت. " (1).
أقول: يحتمل أن يكون المراد بالنفي هنا الحبس بقرينة ما ورد في الكافي (2) عن
أبي عبد الله (عليه السلام): لا يخلد في السجن إلا ثلاثة: الذي يمثل... وقد فسره المجلسي:
بالتنكيل والتشويه بقطع الأنف والأذن والأطراف. (3) وكذلك الفيض (4).
وهو المتبادر من لفظ " التمثيل " كما صرح به بعض المعاصرين منا (5) وعليه

(1) اثبات الوصية: 187 - وعنه المستدرك 18: 190 ب 2 ح 1.
(2) الكافي 7: 270 ح 45.
(3) مرآة العقول 23: 420.
(4) الوافي 15: 493 (حد المرتد).
(5) ولاية الفقيه 2: 532.
79

اللغويون كما عن النهاية، لابن الأثير، ولسان العرب لابن منظور.
هذا: ولكن الحبس فيه، خلاف المشهور كما قاله المجلسي في المرآة (1)، والسيد
العاملي في مفتاح الكرامة (2).
أضف: إلى ذلك: ليس في السؤال - من الرواية - أنه مثل بالميت - بمعنى
التنكيل الجسدي - بل نبش وفجر وأخذ الكفن. لكن لعل ذلك يفهم من جواب
الإمام (عليه السلام) أو يحمل على ظاهر اللفظ: وهو التغريب والنفي عن البلد. ولكن: لا
جابر للرواية ولا قائل به عندنا.
نعم، يحد للزنا - لأن حكم الزنا بالميتة حكم الزنا بالحية - كما عن العلامة في
التحرير (3) فيغرب إن كان بكرا. كما يقطع أيضا للسرقة من الحرز. هذا وقد أسهبنا
البحث عنه في كتابنا " موارد السجن " (4) فراجع.

(1) مرآة العقول 23: 420.
(2) مفتاح الكرامة 10: 379.
(3) تحرير الأحكام 2: 225.
(4) موارد السجن: 155.
80

الباب الثاني
التغريب في الفحشاء
81

الفصل الأول
نفي واطئ البهيمة
الروايات في عقوبة الواطئ مختلفة، فمنها ما تثبت عليه التعزير، وما ذكر
فيه من الضرب، فهو لأجل غلبة وقوع التعزير به، وقد ورد في الروايات: " عليه
التعزير، يضرب تعزيرا، يعاقب عقوبة موجعة ".
ومنها ما يثبت دون الحد، ومنها ما يثبت خمسة وعشرين سوطا، ومنها ما
ذكرت أن حده حد الزاني، ومنها ما ذكرت عقوبة القتل فيه، ومنها ما جعلت
العقوبة فيه بالسيف (1).
هذا: وقد وردت رواية موثقة رواها الكليني في الكافي والشيخ في التهذيبين،
بأنه يضرب دون الحد وينفى. وروى الشوكاني عن الحسن (عليه السلام) الرجم إن كان
محصنا (2).
وبما أن المشهور في عقوبته هو التعزير، فيمكن جعل هذا النفي من مصاديقه

(1) أنظر الوسائل 18: 570 ب 1 ح 1 إلى 11 - والمستدرك 18: 190 ب 1 ح 3.
(2) نيل الأوطار 7: 119.
83

كما أن الضرب الوارد في رواية الفضيل بن يسار إشارة إلى مصداق آخر له. حيث
قال (عليه السلام): " يضرب تعزيرا ".
قد يقال: هذا مبني على شمول التعزير للنفي والتغريب، ولا نرى منعا من ذلك
بعد وروده في رواية موثقة وسيما إذا كان عليه أيضا رأي الحاكم في التعزير،
وقد صرح بالنفي صاحب الجواهر والسيد الخوئي ويلوح ذلك من آخرين
كالشيخ الوالد وسيأتي.
هذا وقد تعرض الشيخ المفيد في المقنعة لهذا الموضوع وأفتى فيه: بما دون الحد.
والسيد المرتضى في الانتصار وقال: إنه مما ظن انفراد الإمامية به، وقال فيه
بالتعزير. وهكذا الشيخ الطوسي في الخلاف والمبسوط، والحلبي في الكافي
والقاضي في المهذب والعلامة الحلي في التحرير و... والشهيد الثاني في المسالك،
والفاضل الهندي في كشف اللثام. والسيد الطباطبائي في الرياض، والفيض
الكاشاني في المفاتيح والإمام الخميني في التحرير.
نعم عن الصدوق في المقنع: أنه يقتل.
أما العامة: فالأقوال عندهم ثلاثة: القتل، والتفصيل بين المحصن وغيره.
فيرجم الأول وينفى الثاني - بعد الجلد - والثالث: التعزير وهو قول مالك
والثوري وأبي حنيفة والحسن على ما في المصنف - وللشافعي الأقوال الثلاثة على
ما يظهر من الخلاف لشيخ الطائفة.
وقد تعرض المقدسي في الفروع، والنووي في المجموع وغيرهما.
وفيما يلي الروايات ثم الآراء:
البهيمة في اللغة:
قال الطريحي: " البهيمة واحدة البهائم، وهي كل ذات أربع من دواب البر
والبحر، وكل ما كان من الحيوان لا يميز فهو بهيمة، وبهيمة الأنعام هي الإبل
84

والبقر والضأن، الذكر والأنثى سواء، والجمع البهائم. سميت بهيمة لإبهامها من
جهة نقص نطقها وفهمها، وعدم تمييزها... " (1).
الروايات:
الكليني: " علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن سماعة قال:
سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يأتي بهيمة أو شاة أو ناقة أو بقرة؟ قال:
فقال: عليه أن يجلد حدا غير الحد ثم ينفى من بلاده إلى غيرها، وذكروا أن لحم
تلك البهيمة محرم ولبنها. " (2).
وأورده الشيخ الطوسي بسنده، عن يونس، عن سماعة، وفيه: " يأتي بهيمة
شاة " (3) وأورده في الاستبصار، عن يونس عن سماعة وفيه: لحم تلك البهيمة
محرم وثمنها " (4) وقد حملها الشيخ في التهذيبين على ما إذا كان الفعل دون الايلاج
فإنه يكون فيه التعزير.
قال المجلسي الثاني: " الحديث موثق... قوله " غير الحد " أي أقل من الحدود
المقررة في الزنا أو مطلق الحدود، قوله " ينفى " لم يتعرض الأصحاب للنفي لخلو
سائر الأخبار عنه. قوله " ذكروا " أي الأئمة ولعله من كلام يونس أو سماعة،
ويحتمل أن يكون من كلام الإمام، والأول أظهر. " (5).

(1) مجمع البحرين 6: 11.
(2) الكافي 7: 204 ح 2 - وعنه الوسائل 18: 571 ب 1 ح 2 - الوافي 15: 346
ح 15193.
(3) التهذيب 10: 60 ب 4 ح 2.
(4) الاستبصار 4: 223 ب 127 ح 2.
(5) مرآة العقول 23: 312 - ومثله في ملاذ الأخيار 16: 120.
85

آراء فقهائنا القائلين بالنفي:
1 - الشيخ محمد حسن النجفي: " إما التعزير بمعنى العقوبة على الفاعل
المستحق، فلا خلاف أجده فيه نصا وفتوى، بل يمكن تحصيل الإجماع عليه.
والمشهور أن تقديره إلى الإمام كغيره مما ثبت فيه التعزير للأصل والنصوص...
والنفي المذكور في موثق سماعة محمول على ما إذا رآه الحاكم في التعزير... " (1).
2 - السيد الخوئي: " وطأ بهيمة مأكولة اللحم، أو غيرها، فلا حد عليه، ولكن
يعزره الحاكم حسب ما يراه من المصلحة، وينفى من بلاده إلى غيرها. " (2).
3 - الشيخ الوالد: " إذا وطأ البالغ العاقل، البهيمة عزر... أما مسألة التغريم
ونفي البلد فقد عرفت الأدلة، فنقول زيادة كما في الموثق عن الرجل يأتي بهيمة...
فقال (عليه السلام): عليه أن يجلد حدا... ثم ينفى عن بلاده. " (3).
آراء فقهائنا القائلين بالتعزير أو الحد:
1 - الشيخ الصدوق: " إذا أتى الرجل البهيمة فإنه يقام قائما ثم يضرب ضربة
بالسيف أخذ منه ما أخذ، وروي عليه الحد. " (4).
2 - المفيد: " ومن نكح بهيمة وجب عليه التعزير بما دون الحد في الزنا
واللواط... " (5).
3 - السيد المرتضى: " ومما ظن انفراد الإمامية به القول بأن من نكح بهيمة

(1) جواهر الكلام 41: 639 - أنظر: قواعد الأحكام 2: 259.
(2) مباني تكملة المنهاج 1: 345، المسألة 290 - أنظر: 347.
(3) ذخيرة الصالحين 8: 62.
(4) المقنع: 147.
(5) المقنعة: 789.
86

وجب عليه التعزير بما هو دون الحد من الزنا وتغريم ثمن البهيمة لصاحبها وقد
روي عن الأوزاعي ايجاب الحد على من أتى البهيمة، وقال باقي الفقهاء لا حد
على من أتى البهيمة ولا تعزير، والمعتمد في ذلك على اجماع الطائفة. " (1).
4 - الشيخ الطوسي: " إذا أتى بهيمة كان عليه التعزير دون الحد وبه قال مالك
والثوري وأبو حنيفة وللشافعي فيه ثلاثة أقوال أحدها مثل ما قلناه، والثاني مثل
الزنا، والثالث مثل اللواط... " (2).
5 - أبو الصلاح الحلبي: " ويعزر من استمنى بكفه أو أتى بهيمة. " (3).
6 - القاضي ابن البراج: " إذا وطأ رجل، بهيمة، كان عليه التعزير... " (4).
7 - العلامة الحلي: " إذا وطأ بهيمة وكان بالغا رشيدا عزر بما يراه الإمام. " (5).
8 - الشهيد الثاني: " من وطأ البهائم... فالواجب عليه من التعزير موكول إلى
نظر الحاكم كغيره من التعزيرات التي لا تقدير لها شرعا. هذا هو المشهور بين
الأصحاب. " (6).
9 - الفاضل الهندي: "... إذا وطأ البالغ العاقل بهيمة كان عليه التعزير في
المشهور... " (7).
10 - السيد الطباطبائي: " ويعزر الواطئ بما يراه الحاكم. " (8).

(1) الانتصار: 253.
(2) الخلاف 2: 445 - مسألة: 23 - المبسوط 8: 7.
(3) الكافي في الفقه: 418.
(4) المهذب 2: 533.
(5) تحرير الأحكام 2: 225 - ومثله في المهذب البارع 5: 132.
(6) مسالك الأفهام 2: 453.
(7) كشف اللثام 2: 231.
(8) رياض المسائل 2: 498.
87

11 - الفيض الكاشاني: " من وطأ بهيمة عزر بما يراه الحاكم على المشهور
للنصوص، وقيل يضرب خمسة وعشرين سوطا للمعتبرة، وقيل: يحد حد الزاني
للمعتبرة الأخرى، وقيل: يقتل للصحيح، وجمع الشيخ بينها بحمل الأولين على ما
دون الايلاج، والأخيرين على الايلاج أو على التقية، أو حمل القتل على ما إذا
تكرر منه مع تخلل الحد. " (1).
أقول: المراد بالمعتبرة: رواية إسحاق بن عمار عن الكاظم (عليه السلام) (2) والمراد
بالمعتبرة الأخرى: رواية أبي بصير (3) عن الصادق (عليه السلام) " في الذي يأتي البهيمة
فيولج عليه حد الزنا "
والمراد بالصحيح: صحيحة جميل عن الصادق (عليه السلام) (4) التي فيها " يقتل "
والمراد بالحمل على التقية: حمل رواية إسحاق بن عمار ورواية أبي بصير لأنهما
موافقان لرأي العامة - الشافعية (5).
الإمام الخميني: " في وطء البهيمة تعزير وهو منوط بنظر الحاكم. " (6).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - ابن أبي شيبة: " حدثنا يزيد، عن هشام، عن الحسن قال: يعزر ويقوم عليه " (7).

(1) مفاتيح الشرائع 2: 78.
(2) الوسائل 18: 570 ب 1 ح 1.
(3) الوسائل 18: 572 ب 1 ح 8.
(4) الوسائل 18: 572 ب 1 ح 6.
(5) أنظر الخلاف 2: 445.
(6) تحرير الوسيلة 2: 446 - أنظر: مناهج المتقين: 516.
(7) المصنف 10: 10 ح 8574.
88

2 - شمس الدين المقدسي: " من أتى بهيمة ولو سمكة عزر، نقله واختاره
الأكثر. " (1).
3 - النووي: " يحرم اتيان البهيمة لقوله عز وجل: * (والذين هم لفروجهم...) * (2)
فإن أتى البهيمة وهو ممن يجب عليه حد الزنا ففيه ثلاثة أقوال:
الأول: أنه يجب عليه القتل لما روى ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله): من وقع على
بهيمة فاقتلوه... " (3).
الثاني: أنه كالزنا فإن كان غير محصن جلد وغرب، وإن كان محصنا رجم
لأنه حد يجب بالوطء.
الثالث: أنه يجب فيه التعزير لأن الحد يجب للردع عما يشتهي وتميل النفس
إليه. " (4).

(1) الفروع 6: 72.
(2) المؤمنون: 5.
(3) مصنف عبد الرزاق 7: 364 ح 13492.
(4) المجموع 20: 29.
89

الفصل الثاني
نفي القواد
القيادة هي الجمع بين الذكرين أو الأنثيين أو الذكر والأنثى حراما (1) والقواد
كما عن الطريحي: " بالفتح والتشديد: هو الذي يجمع بين الذكر والأنثى
حراما " (2). وقد ورد النهي عنه وأنه من الكبائر، وذم فاعله على لسان
المعصومين: أشد الذم، فعن بعضهم: " أنه حرم الله عليه الجنة، ولم يزل في سخط
الله حتى يموت، ومأواه جهنم " (3) إلى غير ذلك.
وأما العقوبة الدنيوية، فقد روى المشايخ الثلاثة رضوان الله عليهم عن
الصادق (عليه السلام): أن عليه ثلاثة أرباع حد الزاني، ثم ينفى.

(1) وأضاف البعض: الجمع بين المذكر، والحيوان للوطء.
(2) مجمع البحرين 3: 132 - ولم أعثر على معناه في سائر كتب اللغة ولعله لعدم ورود
نص من طرق العامة، ولا تعرض لها الفقهاء المتقدمون منهم. فهذه المسألة من
منفردات الإمامية على حد تعبير الإمام المرتضى في الانتصار.
(3) الوسائل 14: 266 ب 27 ح 1.
91

كما ورد في الكافي، عن الصادق (عليه السلام) أن هيت ومانعا حينما أرشدا رجلا إلى
ابنة غيلان الثقفية - قبيل فتح الطائف - غربهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى العرايا. وفي
رواية ثالثة: عن الفقه المنسوب إلى الرضا (عليه السلام): أنه ينفى أيضا، ولكن في سند
الأول كلاما فإنه ضعيف بمحمد بن سليمان، لاشتراكه، وإن عبر البعض عنه
بالقوي، وآخر بالصحيح. وكذلك الكلام في الفقه الرضوي.
هذا وقد أفتى كثير من فقهائنا: بالجلد ثم التغريب، كالشيخ المفيد في المقنعة،
والشيخ الطوسي في النهاية والحلبي في الكافي، وسلار في المراسم وابن حمزة في
الوسيلة، وابن زهرة في الغنية، والصهرشتي في أصباح الشيعة وابن إدريس في
السرائر والفاضل الآبي في كشف الرموز، والمحقق الحلي في الشرائع والمختصر،
ويحيى بن سعيد في الجامع، والعلامة الحلي في الارشاد والتبصرة، وفخر المحققين
في الفوائد وابن فهد: في المقتصر، والأردبيلي في المجمع، والمحدث الحر العاملي
في البداية، والفيض في المفاتيح، والطباطبائي في شرحيه، والنجفي في الجواهر،
والأنصاري في المكاسب المحرمة، والشيخ محمد تقي الشيرازي في الحاشية
والمامقاني في المناهج، والخوانساري في جامع المدارك، والشيخ الوالد في
الذخيرة، والسبزواري في المهذب.
ويظهر من آخرين: أن حده ثلاثة أرباع حد الزاني، بل هذا هو المشهور - كما
في مباني التكملة - وممن يرى هذا الرأي:
السيد المرتضى في الانتصار، والراوندي في فقه القرآن، والعلامة الحلي في
القواعد والتحرير والمختلف، والشهيد الأول في اللمعة، والشهيد الثاني في
المسالك، والفاضل المقداد في التنقيح، والمجلسي الأول في الفقه، والسيد الخوئي
في المباني، والگلپايگاني في المجمع، والفاضل الهندي في كشف اللثام، مع
الاختلاف في القيادة: وهل هي من الجمع بين الذكر والأنثى فقط أم تشمل الجمع
92

بين الأنثيين، أو الذكريين...؟
أما من المذاهب الأخرى، فلم نجد من تعرض له منهم إلى القرن الثامن، نعم،
قد تعرض المقدسي في الفروع والبهوتي في كشف القناع، وابن تيمية في الفتاوى،
- وهم من القرن التاسع فما بعد - لهذه المسألة. وأفتوا بالضرب والتشهير، أو ما
يراه ولي الأمر من المصلحة.
وفيما يلي: الروايات، ثم آراء الفقهاء:
الروايات:
1 - الكافي: " علي، عن أبيه، عن محمد بن سليمان، عن عبد الله بن سنان،
قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أخبرني عن القواد ما حده؟ قال: لا حد على
القواد، أليس إنما يعطى الأجر على أن يقود؟ قلت: جعلت فداك، إنما يجمع بين
الذكر والأنثى حراما؟ قال: ذاك المؤلف بين الذكر والأنثى حراما؟ فقلت: هو
ذاك جعلت فداك، قال: يضرب ثلاثة أرباع حد الزاني - خمسة وسبعين سوطا -
وينفى من المصر الذي هو فيه... " (1).
قال المجلسي: " مجهول " (2).
ورواه الشيخ الطوسي في التهذيب، بسنده إلى علي بن إبراهيم. (3)
ورواه الشيخ الصدوق، في الفقيه بسنده، عن إبراهيم بن هاشم، عن صالح بن

(1) الكافي 7: 266 ح 10 - وعنه الوسائل 18: 429 ب 5 ح 1 - والوافي 15: 356 -
والبحار 22: 88 ح 42.
(2) مرآة العقول 23 - 406 ذيل ح 10 - ملاذ الأخيار 16: 127.
(3) التهذيب 10: 64 ب 5 ح 1 - وعنه الوافي 15: 356.
93

السندي، عن محمد بن سليمان (1)...
قال المجلسي الأول: (في القوي) ثم أضاف: (القواد) وهو دلال الزنا
واللواط... يدل - أي الخبر على أن حده خمسة وسبعين سوطا، وينفى. " (2).
وجوه تضعيف الرواية وتقويتها:
أما وجه الضعف: فهو اشتراك محمد بن سليمان بين جماعة منهم الثقة وغيره، كما
عن الشهيد الثاني (3) والمحقق الأردبيلي (4) والسيد الخوئي (5). بل الظاهر أنه محمد
ابن سليمان البصري (المصري) الذي ضعفه النجاشي، فإنه المذكور في طريق
الصدوق في هذه الرواية، كما قاله السيد الخوئي (6).
أما وجوه التقوية:
1 - انجبار الضعف بفتوى المشهور وعملهم.
2 - أنه مشمول لما ذكره الصدوق من الاعتماد على ما يرويه في الفقيه وأن
التخلف عن هذا البناء نادر لا يضر فلا مانع من الأخذ به.
3 - عدم تضعيف العلامة له. وقد اعتمد السيد الخوانساري على هذين
الوجهين (7)... في نقاشه مع السيد الخوئي.
4 - الاعتماد عليه من قبل من لا يعتمد ولا يعمل إلا بالقطعيات. والوجه

(1) الفقيه 4: 34 ب 5 ح 10.
(2) روضة المتقين 10: 100.
(3) مسالك الأفهام 2: 435.
(4) مجمع الفائدة (الحجرية) الحدود.
(5) مباني تكملة المنهاج 3: 193 (الهامش).
(6) مباني تكملة المنهاج 3: 193 (الهامش).
(7) جامع المدارك 7: 90.
94

الأخير يكفي في حصول الظن الاجتهادي، كما يصح جعل الوجوه الثلاثة تأييدا
لا دليلا، لأنها لا تسلم من المناقشة.
2 - فقه الرضا (عليه السلام): " وإن قامت بينة على قواد، جلد خمسة وسبعين، ونفي
عن المصر الذي هو فيه، وروي أن النفي هو الحبس سنة أو يتوب. (1) ".
3 - وفيه: " الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه
جميعا، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد
الله (عليه السلام)، عن أبيه، عن آبائه: قال: كان بالمدينة رجلان يسمى أحدهما هيت
والآخر مانع، فقالا لرجل ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يسمع: إذا افتتحتم الطائف إن شاء
الله فعليك بابنة غيلان الثقفية فإنها شموع نجلاء مبتلة هيفاء شنباء، إذا جلست
تثنت، وإذا تكلمت غنت، تقبل بأربع، وتدبر بثمان، بين رجليها مثل القدح، فقال
النبي (صلى الله عليه وآله): لا أريكما من أولي الإربة من الرجال، فأمر بهما رسول الله (صلى الله عليه وآله)
فغرب بهما إلى مكان يقال له: العرايا، وكانا يتسوقان في كل جمعة. " (2).
أقول سيجئ البحث عنه سندا ودلالة في " نفي المخنث ".
ثم إني لم أر أحدا استدل بهذه الرواية على تغريب القواد، ولا ذكرها في هذا
المقام، ولعلها بمراحل من الاستدلال، لأن كلمة " قواد " صيغة المبالغة في الفعل
وهي تطلق على من يكثر من ارتكاب القيادة. ولا يظهر من الرواية أن هيت
ومانعا كانا كذلك، كما أنه لم يظهر أن عملهما هذا كان السبب في
تغريبهما.

(1) فقه الرضا (عليه السلام) 310 ب 56 - وعنه المستدرك 18: 87 ب 5 ح 1 - والبحار 76: 116
ح 11 - وقد أسهبنا البحث حول الفقه المنسوب إلى الرضا (عليه السلام) في كتابنا (موارد السجن)
271 - فراجع.
(2) الكافي 5: 523 ح 3 - وعنه البحار 22: 88 ح 42 - وفيه الغرابا.
95

ولعل السبب هو ما ذكر في الرواية: " لا أريكما من أولي الإربة ".
لكن مع ذلك كله فيمكن التأييد بها.
آراء فقهائنا القائلين بالتغريب:
1 - الشيخ المفيد: " ومن قامت عليه البينة بالجمع بين النساء والرجال، أو
الرجال والغلمان للفجور كان على السلطان أن يجلده خمسا وسبعين جلدة، ويحلق
رأسه، ويشهره في البلد الذي يفعل ذلك فيه. وتجلد المرأة إذا جمعت بين أهل
الفجور لفعلها كذلك، لكن لا يحلق رأسها، ولا تشهر، كشهرة الرجال، فإن عاد
المجلود على ذلك بعد العقاب عليه جلد، كما جلد أول مرة، ونفي عن المصر
الذي هو فيه إلى غيره. " (1).
2 - الشيخ الطوسي: " الجامع بين النساء والرجال والغلمان للفجور، إذا شهد
عليه شاهدان، أو أقر على نفسه بذلك، يجب عليه ثلاثة أرباع حد الزاني خمسة
وسبعون جلدة، ويحلق رأسه ويشهر في البلد، ثم ينفى عن البلد الذي فعل ذلك
فيه إلى غيره من الأمصار، والمرأة إذا فعلت ذلك، فعل بها ما يفعل بالرجل من
الجلد، ولا تشهر، ولا يحلق رأسها، ولا تنفى عن البلد الذي فعلت فيه ما فعلت،
كما يفعل ذلك بالرجال. " (2).
3 - أبو الصلاح الحلبي: " إنما يثبت هذا الحكم بشاهدي عدل، أو بإقرار من
يعتد باقراره، مرتين، بالجمع بين الرجال والنساء، والغلمان، أو النساء والنساء،
فيه جلد خمسة وسبعين سوطا ويحلق رأس الرجل ويشهر في المصر ولا يحلق
رأس المرأة ولا تشهر... فإن عاد ثانية جلد ونفي عن المصر، فإن عاد ثالثة

(1) المقنعة: 791 ب 5.
(2) النهاية: 710.
96

جلد، فإن عاد رابعة استتيب فإن تاب قبلت توبته وجلد، وإن أبى التوبة قتل،
وإن تاب ثم أحدث بعد التوبة خامسة، قتل على كل حال. " (1).
4 - سلار بن عبد العزيز الديلمي: " يجلد القواد خمسة وسبعين سوطا، ثم هو
على ضربين: رجل وامرأة، فالرجل يحلق رأسه مع الحد ويشهر، والمرأة تجلد
حسب، ثم لا يخلو: إما أن يعودوا أو لا يعودوا، فإن عادوا، نفوا من المصر بعد
فعل ما استحقوه. " (2).
5 - القاضي ابن البراج: " إذا جمع إنسان بين الرجال والنساء، أو الرجال
والغلمان للفجور، كان عليه خمس وسبعون جلدة - وذلك ثلاثة أرباع حد الزاني -
ويحلق رأسه، ويشهر في البلد الذي يفعل ذلك فيه، وينفى منه إلى بلد آخر...
وإذا فعلت امرأة ذلك، كان عليها مثل ما ذكرنا أنه يفعل بالرجل إلا حلق
الرأس والاشهار، والنفي، فإنه لا يفعل بها شئ من ذلك " (3).
6 - ابن حمزة الطوسي: " القيادة: الجمع بين الفاجرين للفجور، والحد فيها
ثلاثة أرباع حد الزاني، فإن كان الجامع بينهما رجلا زيد له حلق الرأس،
والاشهار في البلد، فإن عاد ثانية أعيد الحد عليه، ونفي من بلده إلى آخر. وليس
على النساء حلق ولا نفي ولا إشهار. " (4).
7 - السيد ابن زهرة: " من جمع بين رجل وامرأة وغلام، وبين امرأتين
للفجور، فعليه جلد خمسة وسبعين سوطا، رجلا أو امرأة، حرا أو عبدا، مسلما أو
ذميا، ويحلق رأس الرجل ويشهر في المصر، ولا يفعل ذلك بالمرأة... ومن عاد

(1) الكافي في الفقه: 410.
(2) المراسم: 257.
(3) المهذب 2: 534.
(4) الوسيلة: 414.
97

ثانية جلد ونفي، عن المصر كل ذلك بدليل اجماع الطائفة. وروي أنه إن عاد
ثالثة جلد، فإن عاد رابعة عرضت عليه التوبة، فإن أبى قتل وإن أصابت (1) قبلت
توبته وجلد، فإن عاد خامسة بعد التوبة قتل من غير أن يستتاب " (2).
8 - الصهرشتي: " من جمع بين رجل وامرأة أو غلام أو عبد أو بين امرأتين
للفجور، فعليه جلد خمسة وسبعين سوطا رجلا كان امرأة أو عبدا مسلما أو ذميا
ويحلق رأس الرجل ويشهر في المصر ولا يفعل ذلك بالمرأة و... ومن عاد ثانية
جلد ونفي عن المصر. " (3).
9 - ابن إدريس الحلي: " فأما نفي القواد، وهو الجامع بين الرجال والنساء
للفجور، فإنه ينفى من بلده إلى بلد آخر، إلا أنه لا يكون نفيه سنة. " (4).
وقال في موضع آخر: " الجامع بين النساء والرجال، أو الرجال والغلمان
للفجور، إذا شهد عليه عدلان، أو أقر على نفسه وهو عاقل مرتين، فإنه يجب
عليه ثلاثة أرباع حد الزاني الحر، وهو خمس وسبعون جلدة، ويحلق رأسه
ويشهر في البلد، وينفى عنه إلى غيره من الأمصار من غير تحديد لمدة نفيه،
سواء كان حرا أو عبدا لأن الأخبار عامة مطلقة خالية من تخصيص، فهي عامة
في هذا الحكم، ويجب العمل بالعموم حتى يقوم الدليل بالخصوص فليلحظ
ذلك. " (5).
10 - الفاضل الآبي: " القيادة: فهي الجمع بين الرجال والنساء، للزنا أو
الرجال والصبيان للواط، والحد فيه خمس وسبعون جلدة، وقيل: يحلق رأسه

(1) وفي نسخة (أجاب) - الينابيع الفقهية 23: 203.
(2) غنية النزوع: 560.
(3) إصباح الشيعة: 519.
(4) السرائر 3: 471 و 454.
(5) السرائر 3: 471 و 454.
98

ويشهر، ويستوي فيه الحر والعبد والمسلم والكافر، وينفى بأول مرة، وقال
المفيد: في الثانية، والأول مروي، ولا نفي على المرأة ولا جز. " (1).
11 - المحقق الحلي: "... والحد فيه خمس وسبعون جلدة. وقيل يحلق رأسه
ويشهر، ويستوي فيه الحر والعبد والمسلم والكافر. وينفى بأول مرة. وقال
المفيد: في الثانية. والأول مروي، ولا نفي على المرأة ولا جز. " (2).
وقال في الشرائع: " ومع ثبوته يجب على القواد خمسة وسبعون جلدة. وقيل
يحلق رأسه ويشهر، ويستوي فيه: الحر والعبد، والمسلم والكافر. وهل ينفى
بأول مرة، قال في النهاية: نعم وقال المفيد: ينفى في الثانية، والأول مروي، وأما
المرأة فتجلد، وليس عليها جز ولا شهرة، ولا نفي. " (3).
12 - يحيى بن سعيد: " ويحد الجامع بين الرجال والنساء، والنساء والرجال
والغلمان للفجور، خمسا وسبعين جلدة رجلا كان أو امرأة، عبدا أو حرا، مسلما
أو كافرا، ويحلق رأسه ويشهر وينفى عن البلد إلى غيره، وعلى المرأة مثله إلا أنها
لا تحلق ولا تشهر ولا تنفى " (4).
13 - العلامة الحلي: " القواد هو الجامع بين الرجال والنساء للزنا، أو بين
الرجال والصبيان للواط وحده خمس وسبعون جلدة، ثلاثة أرباع حد الزاني،
رجلا كان أو امرأة، ويؤدب الصبي غير البالغ، ويستوي الحر والعبد والمسلم
والكافر، ويزاد في عقوبة الرجل، وإن كان عبدا حلق رأسه والشهرة.

(1) كشف الرموز 2: 563.
(2) المختصر النافع: 219.
(3) شرائع الإسلام 4: 162.
(4) الجامع للشرائع: 557.
99

وهل ينفى بأول مرة؟ قيل نعم، وقيل بالثانية إلى أن يتوب. " (1).
وقال في الارشاد: " ويجلد القواد - وهو الجامع بين الرجال أمثالهم للواط
وبينهم وبين النساء للزنا - خمسا وسبعين جلدة، ويحلق رأسه وينفى، سواء: الحر
والعبد، المسلم والكافر، والرجل والمرأة، إلا في الجز والشهرة والنفي فيسقط
عنها " (2).
14 - فخر المحققين: بعد قول والده العلامة: " هل ينفى بأول مرة؟ قيل نعم
وقيل بالثانية إلى أن يتوب " قال: أقول: " الأول قول الشيخ في النهاية وابن
البراج وابن إدريس. والثاني: قول المفيد وسلار وأبي الصلاح.
احتج الشيخ بما رواه عبد الله بن سنان عن الصادق (عليه السلام) وهذا هو الأقوى
عندي. " (3).
15 - المحقق الأردبيلي: " دليل حد القواد، رواية عبد الله بن سنان... أنت
تعلم ما فيها سندا لوجود محمد بن سليمان المشترك، ودلالة: فإنها لم تدل على
الحلق ولا على الشهرة، وإنها لم تدل أيضا على الذي يجمع بين الرجلين ولا بين
المرأتين، وعلى تقدير العموم، فاستثناء المرأة من النفي والحلق الذي يراد به
الجز هنا، والشهرة، يحتاج إلى دليل. إلا أن يقال: الأصل العدم، ثبت في الرجل
بالاجماع ولا اجماع ولا غيره في المرأة، وبالجملة: أصل ثبوت هذا الحكم ثم
تعميمه بجعله أعم من أن يكون المؤلف مسلما أو كافرا، ذكرا أو أنثى، حرا أو
عبدا، إلا في المرأة، فتسقط هذه الثلاثة: الجز والشهرة والنفي، غير ظاهر
الدليل. ".

(1) قواعد الأحكام 2: 258 - ومثله: تحرير الأحكام 2: 224.
(2) الارشاد 2: 176 - ومثله: تبصرة المتعلمين: 186.
(3) إيضاح الفوائد 4: 495 - ومثله ابن فهد الحلي في المقتصر: 409.
100

وقال أيضا: " وقد نقل في التحرير والشرائع اتفاق الكل على ثبوت الجلد
المذكور على القواد، وإنما الاختلاف في ثبوت الزيادة مثل الحلق والنفي والشهرة،
فإن كانت الحجة هو الخبر فقط، ينبغي الاقتصار على مضمونه، فيدخل النفي
أيضا دونهما، ولكن لم يثبت في غير المؤلف بين الذكر والأنثى للزنا، وإن كان
غيره من الاجماع يعمل به فيما إذا ثبت ولا يتعدى عن الدليل، فتأمل. " (1).
16 - الحر العاملي: " ويجب على القواد خمسة وسبعون سوطا، وكذا القوادة
وينفيان من مصرهما. " (2).
17 - الفيض الكاشاني: " وحد القيادة ثلاثة أرباع حد الزاني خمسة وسبعون
سوطا، وينفى من المصر الذي هو فيه، كذا في النص ولم نجد غيره، وقيل يحلق
رأس الرجل ويشهر مع ذلك، وقيل إنما ينفى في المرة الثانية دون الأولى. ولم نجد
مستندهما.
ولا فرق بين الحر والعبد ولا المسلم والكافر في هذين الحدين بلا خلاف. " (3).
18 - السيد الطباطبائي: " فهي الجمع بين الرجال والنساء للزنا والرجال
والصبيان والنساء للواط والسحق... والحد فيه خمس وسبعون جلدة بلا خلاف
أجده بل عليه الاجماع في الانتصار والغنية والمسالك وبه صريح الرواية الآتية
وليس فيها ما قيل من أنه يحلق مع ذلك رأسه ويشهر في البلد لكنه مشهور بين
الأصحاب مدعى عليه في الانتصار والغنية الاجماع وهو كاف في الثبوت سيما مع
الاعتضاد بفتوى المشهور، سيما مثل الحلي الذي لا يعمل بالآحاد مع أنه لا مخالف
فيه صريحا وإنما ظاهر المتن وغيره التردد فيه ولا وجه له بعد ما عرفته ويستوي

(1) مجمع الفائدة (الطبعة الحجرية) الحدود، المقصد الرابع.
(2) بداية الهداية 2: 463.
(3) مفاتيح الشرائع 2: 76.
101

فيه الحر والعبد والمسلم والكافر بلا خلاف بل عليه الاجماع في الانتصار والغنية
وهو الحجة مضافا إلى اطلاق الرواية الآتية. وينفى عن بلده إلى غيره من
الأمصار من غير تحديد لمدة نفيه بأول مرة، وفاقا للنهاية وجماعة، وقال المفيد
وابنا زهرة وحمزة والديلمي وغيرهم إنه إنما ينفى في الثانية، والأول مروي في
رواية عبد الله بن سنان ونحوه الرضوي.
والتصريح بأول مرة وإن لم يقع في شئ منها لكنه مقتضى الاطلاق جدا،
والأحوط القول الثاني بل لعله المتعين للأصل ودعوى الاجماع عليه في الغنية وهو
أرجح من الرواية المذكورة من وجوه، منها صراحة الدلالة فتقيد به الرواية... " (1).
19 - الفاضل الهندي: " وحده خمس وسبعون جلدة ثلاثة أرباع حد الزاني،
رجلا كان أو امرأة، اتفاقا،... ويستوي الحر والعبد، والمسلم والكافر، ويزاد في
عقوبة الرجل - وإن كان عبدا - حلق رأسه والشهرة في المصر الذي فعله فيه، كما
ذكره الأصحاب ولم أجد به خبرا، وهل ينفى بأول مرة، قيل في السرائر وظاهر
النهاية والجامع: نعم، لاطلاق الرواية به.
وقيل في المقنعة والمراسم والغنية والوسيلة والاصباح إنما ينفى بالثانية. " (2).
20 - الشيخ محمد حسن النجفي: " يجب على القواد خمس وسبعون جلدة،
ثلاثة أرباع حد الزاني، رجلا كان أو امرأة، بلا خلاف أجده فيه، ولكن ليس فيه
ما قيل من أنه يحلق رأسه ويشهر، بل هو مشهور بين الأصحاب... ولعل ذلك
كاف في ثبوت مثله، مضافا إلى إشعار النفي المراد منه شهرته، بذلك خصوصا بعد
وروده في مثله... وهل ينفى عن مصره إلى غيره من الأمصار بأول مرة؟ قال
الشيخ في النهاية نعم... وقال المفيد: في الثانية... ولكن لا ريب أن الأحوط

(1) رياض المسائل 2: 477 - ومثله: الشرح الصغير 3: 359.
(2) كشف اللثام 2: 229.
102

الثاني... " (1).
21 - الشيخ الأنصاري: " القيادة حرام وهي السعي بين الشخصين لجمعهما
على الوطء ء المحرم، وهي من الكبائر وقد تقدم تفسير الواصلة (2) والمستوصلة،
بذلك في مسألة تدليس الماشطة، وفي صحيحة ابن سنان أنه يضرب ثلاثة أرباع
حد الزاني خمسة وسبعين سوطا وينفى من المصر الذي هو فيه. " (3).
22 - الشيخ محمد تقي الشيرازي، بعد نقله قول الشيخ الأنصاري " وهي من
الكبائر " قال: لعل الدليل عليه، الصحيحة الآتية، فإن الصغيرة المكفرة بغيرها لا
توجب الحد والنفي عن البلد. " (4).
23 - المامقاني: " القيادة: فهي الجمع بين الذكور والإناث للزنا، وبين الذكور
والذكور، للواط. وفي صدقها على الجمع بين النساء والنساء للمساحقة تردد،
وإن كان لا شبهة في حرمة ذلك، إلا أن الشك في ثبوت حدها على مرتكب ذلك.
وحد القيادة: ثلاثة أرباع حد الزنا خمس وسبعون جلدة، رجلا كان، أو
امرأة، حرا، أو عبدا، مسلما أو كافرا.
وينفى إذا كان رجلا من المصر الذي هو فيه. وقيل يحلق رأسه ويشهر، ولا
نفي ولا جز ولا شهرة إذا كانت امرأة. " (5).

(1) جواهر الكلام 41: 400.
(2) نقل الصدوق عن علي بن غراب في معنى الواصلة: التي تصل شعر المرأة بشعر امرأة
غيرها، والمستوصلة: التي يفعل ذلك بها. معاني الأخبار: 249. ويسمى هذا: تدليس
الماشطة، وفي رواية عن الباقر (عليه السلام): الواصلة: التي تزني في شبابها، فإذا كبرت قادت
النساء إلى الرجال. الوسائل 12: 94 ح 3.
(3) المكاسب المحرمة 4: 145 (الطبعة الجديدة) أنظر 2: 166.
(4) الحاشية: 124.
(5) مناهج المتقين: 499.
103

24 - السيد الخوانساري: " وأما ما ذكر من الرواية خاصة بمن يجمع بين الذكر
والأنثى، فلا يوجب الاختصاص ظاهرا، حيث إن سؤال الراوي كان عن القواد،
فمع شمول هذا العنوان بمطلق الجمع لا يوجب ذكر الخاص رفع اليد عن العام،
واطلاق الحد على فرض الحجية يشمل جميع ما ذكر، فلا بد من ملاحظة ما دل
على تنصيف الحد بالنسبة إلى المملوك، هل يشمل المقام أو لا؟
... أما النفي بأول مرة، فهو مقتضى الاطلاق في الرواية المذكورة وبه قال
الشيخ (رحمه الله) في النهاية وابنا إدريس والسعيد في محكي السرائر والجامع... " (1).
25 - الشيخ الوالد: " واعلم أنه يجلد القواد خمسا وسبعين جلدة بلا خلاف
أجده، بل عليه الاجماع... ويحلق رأسه ويشهر وينفى حرا كان أو عبدا مسلما
كان أو كافرا... " (2).
26 - السيد الخميني: " يحد القواد خمس وسبعون جلدا ثلاثة أرباع حد الزاني
وينفى من البلد إلى غيره، والأحوط أن يكون النفي في المرة الثانية وعلى قول
مشهور يحلق رأسه ويشهر ويستوي فيه المسلم والكافر إلا أنه ليس في المرأة
إلا الجلد فلا حلق ولا نفي ولا شهرة عليها... " (3).
27 - السيد السبزواري: " حد القيادة ثلاثة أرباع حد الزاني، خمس وسبعون
جلدة، وينفى من البلد إلى غيره، والأحوط أن يكون النفي في المرة الثانية
ويحلق رأسه ويشهر...
ويستوي في ذلك كله الرجل والمرأة والمسلم والكافر إلا أنه ليس في المرأة
نفي ولا حلق ولا شهر بل تختص بالجلد فقط، أما الأول: فلإطلاق الدليل

(1) جامع المدارك 7: 91.
(2) ذخيرة الصالحين 8: 47.
(3) تحرير الوسيلة 2: 425. المسألة: 15.
104

الشامل للجميع، وأما الثاني: فلأن المنساق من الشهرة والنفي والحلق عند
المتشرعة إنما هو خصوص الرجل فقط دون المرأة المطلوب فيها الستر مهما أمكن
مضافا إلى الأصل والاجماع. " (1).
28 - الشيخ الفاضل: " أما النفي ففيه جهات من الكلام: الأولى: في أصل
ثبوته، والدليل عليه هي الرواية المتقدمة - عبد الله بن سنان - المنجبرة بفتوى
المشهور على طبقها واستنادهم إليها، وعليه فلا مجال لدعوى عدم الثبوت نظرا
إلى عدم الدليل عليه لضعف الرواية وعدم كونها قابلة للاعتماد عليها هذا مضافا
إلى أنه لم ينقل الخلاف في ذلك... " (2).
أقول: أما رواية عبد الله بن سنان - التي تشمل على التغريب - فقد عرفت ما
فيها.
وأما دعوى عدم الخلاف، فستعرف أن جمعا من فقهائنا - كالسيد المرتضى في
الانتصار، والراوندي في فقه القرآن، والشهيدين في اللمعة والروضة، والمجلسي
الأول، والسيد الخوئي والگلپايگاني و و... - اكتفوا بالجلد ولم يتعرضوا للنفي، مما
يشعر أو يدل على وجود الخلاف في المسألة، بل صرح العلامة بأنه: من
المتوقفين.
من أفتى بالجلد:
1 - السيد المرتضى: " ومما انفردت به الإمامية القول: بأن من قامت عليه
البينة بالجمع بين النساء والرجال، أو الرجال والغلمان للفجور، وجب أن يجلد
خمسا وسبعين جلدة ويحلق رأسه ويشهر في البلد الذي يفعل ذلك فيه وتجلد المرأة

(1) مهذب الأحكام 27: 391. المسألة 4 و 6.
(2) تفصيل الشريعة: 277 (الحدود).
105

إذا جمعت بين الفاجرين لكنها لا يحلق رأسها ولا تشهر، ولم يعرف باقي الفقهاء
ذلك ولا سمعناه عنهم ولا منهم.
والحجة لنا فيه إجماع الطائفة، وأن ذلك أزجر وادعى إلى مجانبة هذا الفعل
القبيح الشنيع. " (1).
2 - الراوندي: " والجامع بين الفاجرين يجب عليه ثلاثة أرباع حد الزاني. " (2).
3 - العلامة الحلي: بعد نقله الآراء: " ونحن في ذلك من المتوقفين. " (3).
4 - الشهيد الأول: " والقيادة: الجمع بين فاعلي الفاحشة... والحد خمس
وسبعون جلدة حرا كان أو عبدا، مسلما أو كافرا، رجلا أو امرأة، وقيل يحلق
رأسه ويشهر وينفى بأول مرة. " (4).
5 - الفاضل المقداد، فإنه بعد أن اكتفى بنقل الآراء ولم يختر جانبا، قال:
" وقيل يحلق رأسه ويشهر، قاله الشيخ في النهاية، ولا أعلم مستنده. " (5).
6 - الشهيد الثاني: " اتفق الجميع على أن حد القيادة مطلقا خمس وسبعون
جلدة، واختلفوا في ثبوت آخر معها، فأثبت الشيخ في النهاية، معها على الرجل
حلق رأسه وشهرته في البلد والنفي من بلده الذي فعل فيه الفعل إلى غيره...
وليس في الباب من الأخبار سوى رواية عبد الله بن سنان عن الصادق (عليه السلام)
وهي تدل على نفيه أول مرة كما ذكره الشيخ، لكن ليس فيه الحلق والشهرة، مع
أن في طريقه محمد بن سليمان وهو مشترك بين جماعة منهم الثقة وغيره، ومن ثم

(1) الانتصار: 254.
(2) فقه القرآن 2: 378.
(3) مختلف الشيعة: 767.
(4) اللمعة الدمشقية: 167.
(5) التنقيح الرائع 4: 356.
106

جعل المصنف حلق رأسه وشهرته قولا، مؤذنا بضعفه لعدم وقوفه على مستند،
وقد أحسن ابن جنيد حيث اقتصر من حكم القيادة على ما ذكره في الرواية. " (1).
7 - المجلسي الأول: فإنه يقتصر على القول بالجلد والجز دون النفي (2). وقال
في الروضة بعد نقل الرواية وتقويتها: " يدل على أن حده خمسة وسبعون سوطا
وينفى. " (3).
8 - المجلسي الثاني: " في حد القيادة،... وعن بعض أنه يجلد في المرة الأولى
خمسا وسبعين جلدة ثم يغرب عن البلد وهو الأقوى بحسب الدليل. " (4).
9 - السيد الخوئي: " وهي الجمع بين الرجال والنساء للزنا، وبين الرجال
والرجال للواط، وبين النساء والنساء للسحق.
إذا كان القواد رجلا، فالمشهور أنه يضرب ثلاثة أرباع حد الزاني، بل في
كلام بعض عدم الخلاف فيه، بل الاجماع عليه، وقال جماعة: إنه ينفى من مصره
إلى غيره من الأمصار، وهو ضعيف وقيل يحلق رأسه ويشهر، بل نسب ذلك إلى
المشهور، ولكن لا مستند له، وأما إذا كان القواد امرأة، فالمشهور أنها تجلد، بل
ادعي على ذلك عدم الخلاف، لكنه لا يخلو من إشكال، وليس عليها نفي ولا
شهرة ولا حلق. " (5).
10 - السيد الگلپايگاني: " حد القيادة بعد الثبوت ثلاثة أرباع حد الزنا خمس
وسبعون جلدة ولو تكرر ثانيا بعد الحد، حد خمس وسبعون جلدة أيضا، فإن

(1) مسالك الأفهام 2: 435.
(2) فقه (فارسي) 202 - الفصل: 17.
(3) روضة المتقين 10: 100.
(4) حدود، قصاص، ديات: 24.
(5) مباني تكملة المنهاج 2: 251 مسألة: 199.
107

تكرر ثالثا، فقد حكم البعض بقتله، ولكن الأحوط ترك القتل، بل يحد خمس
وسبعون جلدة، فإن تكرر رابعا قتل... " (1).
11 - وعن البعض: " أن القيادة حرام جزما حتى في المساحقة فضلا عن الزنا
واللواط ولكنها لا حد لها على الأرجح فإن الرواية ضعيفة سندا والاجماع منقول،
فيثبت لها التعزير فللحاكم أن يعامل مع القواد ما يراه صالحا والله العالم " (2).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - شمس الدين المقدسي: " ونقل ابن منصور: لا نفي إلا في الزنا والمخنث...
وقال القاضي: نفيه دون عام، واحتج به شيخنا، وبنفي عمر نضر بن حجاج لما
خاف الفتنة به نفاه من المدينة إلى البصرة، فكيف من عرف ذنبه ويمنعه العزب
السكنى بين متأهلين وعكسه.
وأن امرأة تجمع بين الرجال والنساء شر منهم، وهو القوادة. فيفعل ولي الأمر
المصلحة... " (3).
2 - البهوتي: " والقوادة التي تفسد النساء والرجال، أقل ما يجب عليها
الضرب البليغ، وينبغي شهرة ذلك بحيث يستفيض في النساء والرجال لتجتنب
(وإذا أركبت) القوادة (دابة وضمت عليها ثيابها) ليأمن كشف عورتها (ونودي)
عليها هذا جزاء من يفعل كذا وكذا، أي يفسد النساء والرجال، كان أعظم
المصالح، قاله الشيخ، ليشتهر ذلك ويظهر. وقال: لولي الأمر كصاحب الشرطة

(1) مجمع المسائل 3: 193 المسألة: 15.
(2) أنظر: حدود الشريعة 4: 358.
(3) الفروع 6: 115 - أنظر كشاف القناع 6: 127.
108

أن يعرف ضررها إما بحبسها أو بنقلها عن الجيران أو غير ذلك... " (1).
3 - ابن تيمية (2): " في امرأة قوادة تجمع الرجال والنساء وقد ضربت
وحبست، ثم عادت تفعل ذلك وقد لحق الجيران الضرر بها فهل لولي الأمر نقلها
من بينهم أم لا؟

(1) كشف القناع عن متن الاقناع 6: 127.
(2) هو أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القسم بن تيمية الحراني
الحنبلي، صاحب البدع والفتاوى والعقائد المعروفة الذي حكم الفقهاء بضلالته وبفساد
عقيدته فحبسه عامل مصر وكان عاقبة أمره أنه توفي في محبس مراكش سنة 728 ه‍
" الكنى والألقاب 1: 236 " وقد اختلف فيه: فعن السبكي: أن أفكاره لا تلائم عقيدة
جمهور المسلمين وأحدث في أصول العقائد ونقض من دعائم الإسلام: الأركان والمعاقد بعد
أن كان مستترا بتبعية الكتاب والسنة مظهرا أنه داع إلى الحق، فخرج عن الاتباع إلى
الابتداع وشذ عن جماعة المسلمين.
طبقات الشافعية 10: 186.
وعن الحصني الدمشقي: " أنه زنديق، وإن معتقد عقائده مهدور الدم والمال. "
الدرر الكامنة 1: 154 - دفع شبهة من شبه وتمرد: 216.
وعن ابن حجر الهيثمي: " أنه عبد خذله الله وأضله وأعماه وأصمه وأذله. " الفتاوى
الحديثية: 86.
وعن الذهبي: " أنه ازدرى الأبرار، ومعظم أتباعه العقيد المربوط، الخفيف العقل، أو
العامي الكذاب، البليد الذهن أو القوي المكر. ".
تكملة السيف الصيقل: 190 - الغدير 5: 155.
وعن النبهاني: " فقد ثبت وتحقق وظهر ظهور الشمس في رائعة النهار أن علماء المذاهب
الأربعة قد اتفقوا على رد بدع ابن تيمية... كما طعنوا بكمال عقله، فضلا عن شدة تشنيعهم
عليه في خطئه الفاحش في تلك المسائل التي شذ بها في الدين وخالف إجماع المسلمين، لا
سيما فيما يتعلق بسيد المرسلين. " وقالوا فيه غير ذلك.
الملل والنحل للسبحاني 4: 54.
109

الجواب: نعم لولي الأمر كصاحب الشرطة أن يصرف ضررها بما يراه مصلحة
إما بحبسها، وإما بنقلها عن الحرائر، وإما بغير ذلك مما يراه فيه المصلحة وقد
كان عمر بن الخطاب يأمر العزاب أن تسكن بين المتأهلين، وأن لا يسكن المتأهل
بين العزاب، وهكذا فعل المهاجرون لما قدموا المدينة على عهد النبي (صلى الله عليه وآله)، ونفوا
شابا خافوا الفتنة به، من المدينة إلى البصرة، وقد ثبت في الصحيحين أن النبي نفى
المخنثين، وأمر بنفيهم من البيوت، خشية أن يفسدوا النساء، فالقوادة شر من
هؤلاء، والله يعذبها مع أصحابها. " (1).
هذا ولم نجد للعامة رأيا إلا ما ذكرناه، بما يفهم منه التغريب في القيادة.
فروع ومسائل
الأول: هل تنفى المرأة القوادة؟
لا نفي على المرأة - في القيادة - وقد ادعي الاتفاق عليه كما عن ابن زهرة،
أو عدم الخلاف كما عن السيد في الرياض، وقد يستدل بما يلي:
1 - الاجماع كما هو الظاهر من الانتصار والغنية.
2 - اختصاص العنوان والرواية والفتوى بحكم التبادر بالرجل.
هذا: ولكن لا دليل حينئذ على جلدها أيضا إلا أن يكون مستند الجلد هو
الاجماع.
إذن: إلغاء الخصوصية بدعوى أنه عنوان مشير إلى مطلق القواد، يحتاج إلى
مثبت.
3 - منافاة النفي والشهرة لما يجب مراعاته من ستر المرأة.
4 - الأصل.

(1) الفتاوى الكبرى 4: 299 - المسألة 433.
110

5 - أن المنساق من الشهرة والنفي والحلق عند المتشرعة إنما هو خصوص
الرجل فقط دون المرأة...
هذا: ويبدو من بعض فقهائنا تعميم الحكم بالنفي، كما عن سلار، والمحقق
الأردبيلي، والمحدث العاملي، والسيد الخوانساري هذا، وقد أرجع السيد الضمير
في الرواية إلى مطلق الإنسان، فيشمل الذكر والأنثى. كما أن الاجماع مدركي،
فالنتيجة شمول التغريب للمرأة.
هذا: ولكن نظرا لدعوى الاتفاق وعدم الخلاف، والأصل للشك في ثبوته
على المرأة - لا تنفى المرأة في القيادة - وأما في سائر الجهات فسيأتي البحث
فيها.
آراء فقهائنا القائلين بعدم نفي المرأة:
1 - الشيخ الطوسي: " ولا تنفى [المرأة] عن البلد الذي فعلت فيه ما فعلت،
كما يفعل ذلك بالرجال. " (1).
2 - القاضي ابن البراج: " وإذا فعلت امرأة ذلك كان عليها مثل ما ذكرنا... إلا
حلق الرأس والاشهار، والنفي فإنه لا يفعل بها شئ من ذلك. " (2).
3 - ابن حمزة: " وليس على النساء حلق ولا نفي ولا اشهار. " (3).
4 - الفاضل الآبي: " ولا نفي على المرأة. " (4).

(1) النهاية: 710.
(2) المهذب 2: 534.
(3) الوسيلة: 414.
(4) كشف الرموز 2: 563.
111

5 - المحقق الحلي: " ولا نفي على المرأة. " (1).
6 - يحيى بن سعيد: " لا تحلق ولا تشهر ولا تنفى " (2).
7 - العلامة الحلي: " والرجل كالمرأة إلا في الجز والشهرة والنفي. " (3).
8 - الطباطبائي: " ولا نفي على المرأة ولا جز ولا شهرة بلا خلاف أجده بل
عليه الاجماع في الانتصار والغنية وهو الحجة مضافا إلى الأصل، واختصاص
الفتوى والرواية بحكم التبادر، بالرجل دون المرأة مع منافاة النفي والشهرة لما
يجب مراعاته من ستر المرأة. " (4).
9 - الشيخ محمد حسن النجفي: " ولا نفي: اتفاقا على الظاهر منهم... مضافا
إلى الأصل... " (5).
10 - الشيخ الوالد: " ولا جز على المرأة ولا نفي اتفاقا على الظاهر بل عن
الانتصار والغنية الاجماع عليه مضافا إلى الأصل واختصاص الفتوى والرواية
بحكم التبادر بالرجل دون المرأة مع منافاة ما هو المقصود من مراعاة ما يجب
مراعاته إذا نفيت من مصر إلى مصر من الوقوع في الفساد الذي لا يريد الشارع
وقوعه في الخارج. " (6).
11 - الشيخ الفاضل: " اختصاص النفي بالرجل ويدل عليه مضافا إلى ذلك

(1) المختصر النافع: 219 - شرائع الإسلام 4: 162.
(2) الجامع للشرائع: 557.
(3) الارشاد 2: 176 - تبصرة المتعلمين: 186 - قواعد الأحكام 2: 258 - تحرير الأحكام
2: 224.
(4) رياض المسائل 2: 477.
(5) جواهر الكلام 41: 401.
(6) ذخيرة الصالحين 8: 47.
112

أي الاجماع وإلى الأصل للشك في ثبوته في المرأة، وإلى كونه مخالفا لما هو
ظاهر مذاق الشارع بالإضافة إلى النساء اختصاص الرواية - التي هي الأصل في
الباب - بالرجل. وإلغاء الخصوصية بالإضافة إلى الجلد، لا يلازم الغاءها في مورد
النفي أيضا " (1).
آراء فقهائنا القائلين بنفي المرأة:
1 - سلار: " ثم لا يخلو: إما أن يعودوا (الرجل والمرأة) أو لا يعودوا فإن
عادوا نفوا من المصر بعد فعل ما استحقوه. " (2).
2 - الأردبيلي: " وعلى تقدير العموم، فاستثناء المرأة من النفي والحلق الذي
يراد به الجز هنا والشهرة يحتاج إلى دليل... " (3).
3 - الحر العاملي: " وكذا القوادة وينفيان من مصرهما. " (4).
4 - الخوانساري: " وأما عدم النفي والجز على المرأة ".
يمكن أن يقال: " إن تم الاتفاق فلا كلام، وإن كان النظر إلى الرواية، وذكر
الضمير مذكرا، فلازمه عدم شمول الحد المذكور فيها للمرأة، فلا وجه لتخصيص
النفي والجز بالمذكر، وظاهر التخصيص استحقاق الحد المذكور للمرأة أيضا،
فيجعل الضمير المذكر على الإنسان الشامل للمذكر والمؤنث فيشمل النفي المذكور

(1) تفصيل الشريعة: 278 - الحدود.
أقول: لا يخفى ما في كلام الشيخ الأستاذ: إذ لو تم اختصاص الرواية بالرجل فلازمه
عدم شمول الحد المذكور فيها، للمرأة، فكيف يلغي الخصوصية في التغريب ولا يلغيها في
الجلد! إلا أن يتم اتفاق أو اجماع.
(2) المراسم: 257.
(3) مجمع الفائدة (الحجرية) الحدود، المقصد الرابع.
(4) بداية الهداية 2: 463.
113

في الرواية على الرجل والمرأة. " (1).
الثاني: مدة النفي
لم يرد من الشرع ما يحدد مقدار النفي والتغريب - في القيادة - كما وأطلق
أكثر من قال به من فقهائنا رضوان الله عليهم ولم يحدده بمدة معينة.
بل صرح البعض بعدم تحديده بمدة كالشيخ الطوسي في النهاية وابن إدريس
الحلي في السرائر، والمحقق الحلي في النكت.
هذا: ولكن بما أن إقامة الحدود والتعزيرات من شؤون الفقيه الجامع لشرائط
الافتاء (2) فيكون تحديد مدة النفي موكولا إليه، إذ له الولاية والنظر فيه من باب
الحسبة (3).
كما حدده البعض بالتوبة كصاحب الجواهر. واحتمل ثالث حبسه سنة، كما

(1) جامع المدارك 7: 91.
(2) الارشاد 2: 353.
(3) معنى الحسبة: البدار إلى طلب الأجر وتحصيله بالتسليم. والصبر، أو باستعمال أنواع البر
والقيام بها على الوجه المرسوم فيها طلبا للثواب المرجو فيها.
كما في النهاية لابن الأثير 1: 382. أو بمعنى الانكار كما في الصحاح 1: 110. أو بمعنى
المحاسبة ومراقبة أحد الرجلين للآخر وحسابه عليه كما احتمله في ولاية الفقيه 2: 260. أو
بمعنى الأمر بالمعروف إذا ظهر تركه والنهي عن المنكر إذا ظهر فعله كما في معالم القربة: 7
- والأحكام السلطانية: 284. أو ما علم رضا الشارع بإهمالها كما في البيع 2: 497
للإمام الخميني - أنظر مفاتيح الشرائع 2: 47 - جامع الشتات 2: 465 - الدروس
الشرعية 2: 47 للشهيد الأول - دائرة معارف الفقه الإسلامي طبقا لمذهب أهل البيت
(بحوث تجريبية): 3 - مقدمة ابن خلدون: 225 - الموسوعة الفقهية (الكويتية) 17:
223، 232.
114

يظهر ذلك من مرسلة الرضوي.
آراء فقهائنا:
1 - الشيخ الطوسي: " يحلق رأسه ويشهر في البلد وينفى عنه إلى غيره من
الأمصار [من غير حد لمدة نفيه]. " (1).
2 - ابن إدريس: "... وينفى عنه إلى غيره من الأمصار من غير تحديد لمدة
نفيه (2). وقال أيضا: إلا أنه لا يكون نفيه سنة. " (3).
3 - المحقق الحلي: " قوله: ويشهر القواد في البلد ثم ينفى عن البلد الذي فعل
فيه إلى غيره من الأمصار " وهل للنفي مدة أم لا؟
الجواب: " ليس للنفي هنا مدة مقدرة ولكن ذلك بحسب ما يراه الإمام، لأن
الشرع خال من التقدير، فيكون موكولا إلى نظر الإمام، لأنه منصوب للمصلحة " (4).
4 - ابن فهد: " وفي القيادة، ولا حد لمدته إلا أن يتوب... " (5)
5 - الطباطبائي: " وينفى عن بلده إلى غيره من الأمصار من غير تحديد لمدة
نفيه " (6).
6 - الإمام الخميني: "... يحد القواد ولا يبعد أن يكون حد النفي بنظر الحاكم. " (7).

(1) النهاية: 710 - ولم يوجد فيه الذيل، وإنما نقله العلامة الحلي عنه في التحرير " 2: 225 "
- ويبدو أنه من كلام العلامة.
(2) السرائر 3: 471 و 454.
(3) السرائر 3: 471 و 454.
(4) النهاية ونكتها 3: 314.
(5) المهذب البارع 5: 64.
(6) رياض المسائل 2: 477.
(7) تحرير الوسيلة 2: 425 المسألة: 15 أنظر: تفصيل الشريعة: 278 (الحدود) فإنه ارتضى
رأي أستاذه رضوان الله عليه.
115

7 - السبزواري: " حد النفي موكول إلى نظر ولي الأمر، إذ لم يرد فيه تحديد
في الشرع، فله الولاية والنظر فيه من باب الحسبة. " (1).
التحديد بالتوبة:
1 - ابن فهد: " النفي: يجب في ثلاث:... وفي القيادة، ولا حد لمدته، إلا أن
يتوب " (2).
وقال أيضا: " تقدير التغريب في الشرع على ثلاثة أقسام:... الاكتفاء بمطلق
النفي من غير تقدير المدة وهو في القيادة " (3).
2 - الفاضل الهندي: " ولم يحد أحد منهم مدة النفي لإطلاق الخبر، وحده
المصنف إلى أن يتوب، لأنه قضية الاطلاق لدلالة اللفظ على نفي القواد، وما لم
يتب يصدق عليه اسمه، فيجب نفيه، وفي بعض الأخبار النفي، هو الحبس سنة " (4).
2 - الشيخ محمد حسن النجفي: " وعلى كل حال فليس في الخبر تحديد له،
فينبغي أن يكون حده التوبة، إذ بدونها يصدق عليه اسمه. " (5).
الثالث: الحلق والتشهير
هل يجب عليه الحلق والتشهير زائدا على النفي والتغريب؟
فنقول: لم يرد نص خاص على ذلك، بل لو كان الدليل هو رواية ابن سنان

(1) مهذب الأحكام 27: 391 - المسألة: 5.
(2) المهذب البارع 5: 64 و 32.
(3) المصدر السابق.
(4) كشف اللثام 2: 229.
(5) جواهر الكلام 41: 401.
116

فينبغي الاقتصار على مضمونه من الجلد والنفي فقط، سيما بملاحظة ما روي عن
ابن عباس: أن جعل الحلق والتشهير عقوبة، كان من بدع معاوية (1). هذا: ولكنه
مشهور كما في الرياض والجواهر، بل ادعي عليه الإجماع، كما في الانتصار
والغنية، وعمل به من لا يعمل إلا بالقطعيات كابن إدريس الحلي، وممن أفتى
بذلك: المفيد، والمرتضى، والطوسي، والحلبي، والصهرشتي، وابن زهرة، وسلار،
وابن البراج، وابن حمزة، ويحيى بن سعيد، وابن إدريس، والعلامة الحلي في

(1) روى القاضي النعمان: " أن معاوية نقم على رجل، فأمر به فحلق رأسه، وطيف به، فبلغ
ذلك ابن عباس وكعبا، فقالا: ما لمعاوية قاتله الله، ابتدع بدعة، جعل الحلق عقوبة ومثلة،
وجعله الله نسكا وسنة " شرح الأخبار 2: 156 ح 477 - مصنف ابن أبي شيبة 5: 526
ح 28637. وروي عن أبي قلابة، عن ابن عباس، أنه سئل عن الحلق؟
فقال: " جعله الله نسكا وسنة، وجعله الناس عقوبة. " مصنف ابن أبي شيبة 5: 526
ح 28637 - مصنف عبد الرزاق 9: 233 ح 17048 و 17047.
وروي عن محمد بن مسلم: " جعله الله طهورا، وجعلتموه عقوبة. " وروي عن
عامر: " حلق الرأس في العقوبة بدعة. " أنظر: مصنف ابن أبي شيبة 10: 41
ح 8692 وص 58 ح 8762 - مصنف عبد الرزاق 8: 326 ح 15392 - السنن الكبرى
10: 140.
أقول: الأصل الأولي يقتضي عدم تشريع العقوبة بحلق الرأس، إلا ما ورد فيه النص،
وهو في الزاني البكر، مورد للاتفاق، وفي القيادة، مشهور أو مجمع عليه، وفي النصراني
يقذف مسلما. كما في الكافي 7: 239 ح 6 - التهذيب 10: 75 ح 5 - مرآة العقول 23:
372 - روضة المتقين 16: 246. وأما في غير هذه الموارد فيعمل بالأصل، وأما هذه
الآثار، فعلى فرض صحة سندها وقبولها، فهي في غير ما ورد فيه النص، كيف وقد روي
من طرقهم: أن عمر أمر بحلق رأس شاهد الزور، وروي عن قتادة: أن عليا (عليه السلام)
أمر بحلق المشهود عليه بالزنا. أنظر: السنن الكبرى 10: 140 - مصنف ابن أبي شيبة 10:
41 ح 8692 وص 58 - مصنف عبد الرزاق 8: 326 ح 15392.
117

أكثر كتبه، والطباطبائي، والشيخ الوالد، والسيد الخميني، والسيد الخوانساري،
والسيد السبزواري.
وممن تردد فيه أو نفاه صريحا أو اكتفى بنقل الأقوال فيه، جمع منهم:
المحقق الحلي في المختصر والشرائع، والعلامة الحلي في المختلف والفاضل الآبي
والشهيدان في اللمعة والروضة، والأردبيلي في المجمع، والحر العاملي في
البداية، والفيض الكاشاني في المفاتيح، والمجلسي الأول في (الفقه) والمامقاني
والسيد الخوئي، كما يظهر من الفاضل الهندي ذلك.
أقول: قيام الشهرة والاجماع في المقام، يكفي في حصول الظن الاجتهادي وما
ورد عن ابن عباس فعلى فرض صحة السند، وإمكان الاحتجاج به كمصدر من
مصادر التشريع، لعل البدعة هي التشهير والحلق بالنسبة إلى من تنقم السلطة
عليه ولا ذنب له سوى نقمة الظالمين عليه، إضافة إلى ما روي من المعارض (1).
هذا وفيما يلي نماذج من آراء كلا الطرفين.
القائلون بالحلق والتشهير:
1 - ابن فهد: " الشهرة تجب في ثلاث مواضع: أ - في القيادة... ب - في شهادة
التزوير... ج - وفي القذف بعد استيفاء الحد... " (2).
2 - السيد الطباطبائي: " وليس فيها ما قيل من أنه يحلق مع ذلك رأسه
ويشهر في البلد لكنه مشهور بين الأصحاب مدعى - عليه في الانتصار والغنية -

(1) " حدثنا أبو بكر، قال: حدثنا عائد بن حبيب، عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن جلاس،
قال: جئ برجل معه أربعة، فشهد ثلاثة منهم بالزنا، ولم يمض الرابع. فجلد علي الثلاثة،
وجز رآس المقصود عليه. " المصنف لابن أبي شيبة 5: 526 ح 28642.
(2) المهذب البارع 5: 64.
118

الاجماع وهو كاف في الثبوت سيما مع الاعتضاد بفتوى المشهور سيما مثل الحلي
الذي لا يعمل بالآحاد مع أنه لا مخالف فيه صريحا وإنما ظاهر المتن وغيره التردد
فيه ولا وجه له بعد ما عرفته. " (1).
3 - الشيخ محمد حسن النجفي: " ولكن ليس فيه ما قيل من أنه يحلق رأسه
ويشهر بل هو مشهور بين الأصحاب الذين منهم ابن إدريس الذي لا يعمل
بأخبار الآحاد بل عن الانتصار والغنية الاجماع عليه، ولعل ذلك كان في ثبوت
مثله، مضافا إلى إشعار النفي المراد منه شهرته بذلك خصوصا بعد وروده في مثله
كما عرفت " (2).
4 - السيد الخوانساري: " أما ما ذكر من حلق الرأس والاشهار فهو المشهور
لكن ليس في الرواية، والشهرة بين الأصحاب الذين منهم ابن إدريس (قدس سره) الذي
لا يعمل إلا بالقطعيات من الأخبار. " (3).
5 - السيد السبزواري: " ويحلق رأسه ويشهر. قال في (الحلق): على المشهور
بل ادعى الاجماع عليه وعمل به من لا يعمل إلا بالقطعيات ويكفي ذلك في
حصول الظن الاجتهادي. " (4).
6 - الشيخ الفاضل: " وأما حلق رأس الرجل بسبب القيادة، وإشهاره بين
الناس، فالمشهور بين الأصحاب... ثبوتهما... وحيث إن الرواية المتقدمة خالية
عن الدلالة على هذه الجهة، فمن فتوى المشهور يستكشف وجود دليل معتبر على
هذا المعنى، خصوصا مع موافقة ابن إدريس، وهذا المقدار يكفي في الحكم

(1) رياض المسائل 2: 487 - الحدود.
(2) جواهر الكلام 41: 400.
(3) جامع المدارك 7: 90.
(4) مهذب الأحكام 27: 391.
119

بالثبوت. كما أنه يختص بالرجل، لاختصاص مورد الفتوى به فلا يجريان في
المرأة، مضافا إلى عدم ترتب الأثر فيها على الحلق. وكون إشهارها مخالفا لمذاق
الشارع قطعا " (1).
آراء فقهائنا النافين للحلق والتشهير:
1 - الشهيد الثاني: " ولكن ليس فيه [الخبر] الحلق والشهرة، مع أن في طريقه
محمد بن سليمان وهو مشترك بين جماعة منهم الثقة وغيره، ومن ثم جعل المصنف
حلق رأسه وشهرته قولا مؤذنا بضعفه لعدم وقوفه على مستند. " (2).
2 - الفاضل المقداد: " وقيل يحلق رأسه ويشهر، قاله الشيخ في النهاية، وإلا لا
أعلم مستنده. " (3).
3 - الفاضل الهندي: " ويزاد في عقوبة الرجل وإن كان عبدا حلق رأسه
والشهرة في المصر الذي فعله فيه كما ذكره الأصحاب ولم أجد به خبرا. " (4).
4 - السيد الخوئي: " قيل يحلق رأسه ويشهر، بل نسب ذلك إلى المشهور،
ولكن لا مستند له. " (5).
الرابع: هل يعدل عن النفي إلى الحبس؟
ظاهر الفتوى والنص هو " النفي " بمعنى التغريب من بلد إلى آخر. لكن يمكن

(1) تفصيل الشريعة: 278 (الحدود).
(2) مسالك الأفهام 2: 435.
(3) التنقيح الرائع 4: 356.
(4) كشف اللثام 2: 229.
(5) مباني تكملة المنهاج 1: 251 المسألة 199.
120

أن يقال بالعدول عنه إلى الحبس، لأمور:
الأول: ما ورد من تفسير النفي بالحبس في الفقه الرضوي (1)، مع تحديده
بسنة. لكن فيه بحث في السند.
الثاني: ما ورد في تفسير نفي المحارب بالحبس، وهو رأي بعض العامة كما
في الرياض (2) ورأي السيد ابن زهرة (3) وادعى عليه الاجماع لكن على التخيير
بينه وبين النفي. كما يظهر ذلك من يحيى بن سعيد في الجامع (4) وعلاء الدين
الحلبي (5) هذا: ولكنه في خصوص المحارب، ولا دليل على جريانه في المقام إلا
على القول بعدم الخصوصية فيه، بل الكلام في تفسير النفي وتحديده. ومع ذلك
صرح بعض فقهائنا بعدم جواز العدول عن الظاهر.
قال السيد الطباطبائي: " وظاهر النفي في الفتوى والنص إنما هو الاخراج من
البلد، ولكن في الرضوي وغيره: روي أن المراد به الحبس سنة أو يتوب،
والرواية مرسلة فلا يعدل بها عن الظاهر بلا شبهة. " (6).
الخامس: هل أن النفي في المرة الأولى أم الثانية؟
اختلف القائلون بثبوت النفي، على قولين: الأول: إن النفي بأول مرة، وهو

(1) فقه الرضا (عليه السلام) 310 ب 57 - وعنه المستدرك 18: 87 ب 5 ح 1 - البحار 76: 116.
(2) رياض المسائل 2: 497 - الشرح الصغير 3: 391 - أنظر المبسوط 8: 47.
(3) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): 522.
(4) الجامع للشرائع: 242.
(5) إشارة السبق: 144 - أنظر: كتابنا " موارد السجن " 356.
(6) رياض المسائل 2: 478 - وعن الشيخ الأستاذ: " لا مجال لرفع اليد عما هو ظاهر الرواية
المتقدمة من كون المراد به - أي النفي - هو الإخراج من البلد... " تفصيل الشريعة: 278
(الحدود).
121

رأي جماعة من فقهائنا - أعلى الله كلمتهم - كالشيخ الطوسي وابن البراج وابن
إدريس والفاضل الآبي، وظاهر المحقق الحلي في كتابيه، ويحيى بن سعيد في الجامع.
والعلامة الحلي في الارشاد والتبصرة، وولده فخر المحققين في الايضاح، وابن فهد
الحلي في المهذب، والحر العاملي في البداية والفيض الكاشاني في المفاتيح، وظاهر
الشيخ الأنصاري في المكاسب، والمامقاني، وظاهر الشيخ الوالد، والسيد
الخوانساري.
والقول الثاني: أن النفي في المرة الثانية، وهو قول الشيخ المفيد وأبي الصلاح
الحلبي، وسلار وابن حمزة الطوسي والسيد ابن زهرة، والصهرشتي والسيد
الطباطبائي في الرياض، والشيخ محمد حسن في الجواهر ومن المعاصرين السيد
الخميني والسيد السبزواري، والشيخ الأستاذ (1).
دليل القول الأول: هو اطلاق الدليل اللفظي، وهو حجة ما لم يرد له مقيد.
دليل القول الثاني: 1 - ذهاب جمع من أعاظم القدماء إلى ذلك.
2 - الأصل - البراءة من وجوب النفي عليه بأول مرة -.
3 - الاجماع.
4 - الاحتياط في الحدود.
فيتقيد الاطلاق اللفظي، بالاجماع، هذا إذا قلنا بأن دليل الحكم هو الدليل
اللفظي - الرواية - وأما لو قلنا بأن دليله هو الاجماع لضعف مستند الدليل
اللفظي، فالقدر المتيقن منه هو المرة الثانية.

(1) تفصيل الشريعة: 277 (الحدود): " لا ينبغي الإشكال في أن مقتضى الاحتياط هو النفي
في المرة الثانية. " أقول: إن عملنا بالرواية، فإطلاقها يقتضي، أن يكون النفي بأول مرة،
وإن لم نعمل بها فلا تغريب أصلا.
122

السادس: عقوبة القيادة على فرض عدم الدليل الخاص
ثم على القول بضعف سند الرواية كما عن الشهيد الأول والثاني، والمحقق
الأردبيلي والسيد الخوئي وغيرهم، فما هي عقوبة القواد حينئذ؟
فنقول: نظرا لورود روايات (1) في قبح هذا العمل وشناعته وأنه من الكبائر
الموبقة والجرائم المهلكة، فلا شبهة في حرمتها تكليفا بل ذاك من ضروريات
الإسلام. فيكون حكمها التعزير دون الحد كما هو في كل محرم لم يرد فيه نص

(1) 1 - عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): " ومن قاد بين امرأة ورجل حراما حرم الله عليه الجنة ومأواه
جهنم وساءت مصيرا ولم يزل في سخط الله حتى يموت. ".
الوسائل 14: 266 ب 27 ح 2 عن عقاب الأعمال: 337.
2 - وعن إبراهيم بن زياد الكرخي قال: " سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لعن رسول
الله (صلى الله عليه وآله) الواصلة والمستوصلة يعني الزانية والقوادة. ".
الوسائل 14: 266 ب 27 ح 1 عن معاني الأخبار: 250، و 18: 430 ح 2.
3 - عن محمد بن علي الرضا (عليه السلام) عن آبائه عن علي (عليه السلام) "... وأما التي كانت تحرق وجهها
وبدنها وهي تجر أمعاءها فإنها كانت قوادة. ".
الوسائل 14: 156 ب 117 ح 7 عن عيون الأخبار 2: 10 / 24.
4 - عن سعد الإسكاف عن أبي جعفر (عليه السلام) قال فقلت: " بلغنا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعن
الواصلة والموصولة فقال: ليس هناك إنما لعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) الواصلة والموصولة التي
تزني في شبابها، فلما كبرت قادت النساء إلى الرجال، فتلك الواصلة والموصولة. ".
الوسائل 14: 135 ب 101 ح 2 الكافي 5: 119 ح 3.
5 - عن عمار الساباطي قال: " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) إن الناس يرون أن رسول
الله (صلى الله عليه وآله) لعن الواصلة والموصولة، قال، فقال نعم، قلت: التي تمتشط وتجعل في الشعر
القرامل؟ قال، فقال لي: ليس بهذا بأس، قلت: فما الواصلة والموصولة؟ قال: الفاجرة
والقوادة. ". الوسائل 14: 136 ب 101 ح 4 عن مكارم الأخلاق: 84. وعن الحسن:
يغفر للزاني قبل أن يغفر للقواد. تأريخ بغداد 6: 322.
123

خاص كما عن المحقق الحلي والعلامة في التحرير والقواعد والتذكرة والفيض
الكاشاني، والفاضل الهندي وصاحب الجواهر، والسيد الخوئي.
وحينئذ فلو قلنا بشمول التعزير للنفي والتغريب، فيمكن تغريب القواد.
آراء فقهائنا فيمن فعل محرما:
1 - المحقق الحلي: " كل من فعل محرما أو ترك واجبا فللإمام تعزيره بما لا يبلغ
الحد، وتقديره إلى الإمام... " (1).
2 - العلامة الحلي: " كل من فعل محرما أو ترك واجبا فللإمام تعزيره بما لا يبلغ
الحد، وكميته منوطة بنظر الإمام، ويختلف باختلاف أحوال الجناة " (2).
3 - الفيض الكاشاني: " كل من فعل محرما أو ترك واجبا فللحاكم تعزيره " (3).
4 - الشيخ محمد حسن النجفي: " لا خلاف ولا اشكال نصا وفتوى في أن كل
من فعل محرما أو ترك واجبا وكان من الكبائر فللإمام تعزيره. " (4).
السابع: حكم ما لو تكررت القيادة ثلاثا أو أربعا
ثم سواء قلنا بالنفي أو لم نقل، ما هي عقوبة من تكرر منه ثالثا، ثم رابعا. بل
خامسا؟
فنقول: على القول بأن أصحاب الكبائر يقتلون في الثالثة أو الرابعة - على

(1) شرائع الإسلام 4: 168 - ومثله في المختصر النافع: 221.
(2) تحرير الأحكام 2: 237 - أنظر قواعد الأحكام: 262 - تذكرة الفقهاء 2: 656.
(3) مفاتيح الشرائع 2: 235.
(4) جواهر الكلام 41: 448 - أنظر: مباني تكملة المنهاج 1: 337 مسألة 282 - المغني لابن
قدامة 8: 131.
124

الخلاف المعروف - فواضح.
لكن فصل البعض في الرابعة بين الاستتابة والتوبة، وعدمها. فإن تاب تقبل
توبته ويجلد، وإن لم يتب فيقتل. كالحلبي وابن زهرة وحكم الآخرون بالقتل في
الرابعة من دون إشارة إلى التوبة، وأما في الخامسة فيقتل من دون استتابة.
آراء فقهائنا:
1 - أبو صلاح الحلبي: "... فإن عاد ثالثة جلد، فإن عاد رابعة استتيب فإن
تاب قبلت توبته وجلد، وإن أبى التوبة قتل، وإن تاب ثم أحدث بعد التوبة
خامسة قتل على كل حال. " (1).
2 - ابن زهرة: " وروي أنه إن عاد ثالثة جلد، فإن عاد رابعة عرضت عليه
التوبة فإن أبى قتل، وإن أجاب قبلت توبته وجلد فإن عاد خامسة بعد التوبة قتل
من غير أن يستتاب. " (2).
3 - العلامة الحلي بعد حكاية قول أبي الصلاح: " ونحن في ذلك من
المتوقفين " (3).
4 - الشيخ محمد حسن النجفي: " بل ينبغي العمل بما دل على قتل أصحاب
الكبائر في الثالثة أو الرابعة بعد تخلل الحد. " (4).

(1) الكافي في الفقه: 410.
(2) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): 560 وأورده الصهرشتي في أصباح الشيعة: 519 وعنه
كشف اللثام 2: 230.
(3) المختلف: 767.
(4) جواهر الكلام 41: 401 - وأفتى السيد الگلپايگاني بقتله في الرابعة. مجمع المسائل 3: 193.
125

الثامن: ما هو معنى التشهير؟
التشهير في اللغة: ظهور الشئ في شنعة حتى يشهره الناس. وعن الجوهري:
وضوح الأمر. قد شهره يشهره شهرا وشهرة فاشتهر، وشهره تشهيرا واشتهر
فاشتهر (1). هذا ولم يرد نص في معناه، ولا فسره الفقهاء في باب القيادة مع أن
القول بالتشهير مجمع عليه أو مشهور بينهم.
ولعلهم اكتفوا واعتمدوا على ما فسروه في باب تشهير شاهد الزور.
آراء فقهائنا:
1 - الشيخ الطوسي: "... وكيفية الشهر أن ينادى عليه في قبيلته، أو مسجده،
أو سوقه وما أشبه ذلك بأن هذا شاهد زور. فاعرفوه، ولا يحلق رأسه ولا يركب
ولا يطوف به، ولا ينادي هو على نفسه، وبه قال الشافعي... " (2).
وهكذا فسره ابن إدريس (3): وكذلك الفاضل الهندي في كشف اللثام مع
زيادة قوله: (ولا يمثل به) (4).
2 - ابن فهد: "... والشهرة: بأن يدار به في محافل الناس ومجتمعاتهم
كالأسواق خزيا ونكالا، وليحذر الناس من مخالطته، كيلا يفسد نسائهم
وصبيانهم " (5).

(1) الصحاح 2: 705 مادة " شهر " - لسان العرب 4: 434 - مجمع البحرين 3: 357.
(2) الخلاف 2: 601 مسألة 39.
(3) السرائر 3: 531 - أنظر 2: 150.
(4) كشف اللثام 2: 212.
(5) المهذب البارع 5: 64 (القيادة) وقال في كيفية تشهير القاذف: " بأن ينادى عليه: إن
فلانا قذف محصنا فلا تثقوا بقوله. "، المصدر نفسه 5: 63.
126

3 - الشيخ الوالد: في معنى الشهرة في شاهد الزور: قال: " أن يطاف في البلد
وما حوله من البلدان ويكون معه شخص يعرفه إلى الناس (1) "، هذا وقد ورد عن
أهل البيت (عليهم السلام): " أن عليا كان إذا أخذ شاهد زور، فإن كان غريبا بعث به إلى
حيه، وإن كان سوقيا بعث به إلى سوقه، فطيف به، ثم يحبسه أياما ثم يخلي
سبيله. " (2). ولعله تفسير للتشهير: وإن لم يصرح به وصرح المجلسي الأول: بأن
هذا - الإطافة - أحد أنواع التعزير (3) كما ورد الإطافة في النصراني يقذف
مسلما (4) كما ورد عن عمر: تسخيم الوجه ثم الإطافة بالبلد (5).
وعن شريح: يركب وينادي هو على نفسه هذا جزاء من شهد بالزور. وعن
بعض آخر من العامة: يحلق نصف رأسه فإذا فرغ من شهرته حلق النصف الآخر
إن شاء: ويقال: يحلق نصف الرأس... (6).
وأما في يومنا هذا: قد يقال: بأن الاعلام الصحفي أو الإذاعة أو التلفاز حسب ما
يراه الحاكم أو الإمام، يعد من وسائل التشهير، بل لعله هو الذريعة (7).

(1) ذخيرة الصالحين 8: 36 (مخطوط).
(2) التهذيب 6: 280 ح 175 - وعنه الوسائل 18: 244 ح 3.
(3) روضة المتقين 6: 163.
(4) الكافي 7: 239 ح 6 - التهذيب 10: 75 ح 50 - مرآة العقول 23: 372 - روضة المتقين
16: 146.
(5) المدونة الكبرى 5: 203 - مصنف ابن أبي شيبة 10: 41 - مصنف عبد الرزاق 8: 326
السنن الكبرى 10: 140 - الخلاف 2: 601.
(6) أنظر الخلاف 2: 601.
(7) راجع لتفصيل البحث كتابنا موارد السجن: 205 - حدود الشريعة 4: 373.
127

التاسع: هل تعتبر المسافة؟
لم نجد تحديدا مكانيا لنفي القواد في فتاوى فقهائنا - رضوان الله عليهم - ولا
رأينا نصا من الشرع بذلك، بل ولم نعثر على مورد - في التأريخ - على نفي القواد
إلى محل خاص. فلا يدرى حينئذ: هل يكون دون المسافة، أو أكثر، أو الملاك
صدق السفر.
هذا وقد يستأنس له بما ورد في حد المحارب والزاني والمخنث على - القول به -
والذين كانوا يؤذون رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقد غرب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى العرايا، أو
حمراء الأسد، أو الطائف، كما غرب (عليه السلام) إلى البصرة.
وغرب الخلفاء إلى فدك، والشام، ومصر وخيبر، وإن لم يكن عمل غير
المعصوم عندنا حجة ولكن لا يمكن القياس بتلك الموارد إلا بتنقيح المناط القطعي
أضف إلى عدم اعتبار المسافة في تغريب الزاني عند كثير من فقهائنا. وقد ورد في
الرواية، التغريب إلى الديلم.
الروايات:
فعن أبي جعفر (عليه السلام): كان أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا نفى أحدا من أهل الإسلام
نفاه إلى أقرب بلدة من أهل الشرك إلى الإسلام، فنظر في ذلك فكانت الديلم
أقرب أهل الشرك إلى الإسلام (1).
وقال المجلسي: " ضعيف كالموثق (2). ورواية أخرى (3) نذكرها في محلها. لكن
غاية دلالتها على الجواز، لا الوجوب والتحديد بحيث لا يجوز التجاوز عنه. ".

(1) التهذيب 10: 36 ح 127 - وعنه الوافي 15: 470 ح 7. 155 - المحارب.
(2) ملاذ الأخيار 16: 72.
(3) التهذيب 10: 37.
128

هذا: ولكن مقتضى الإطلاق: عدم خصوصية لمحل التغريب، وذلك لعدم
ورود تحديد له فيكون حسب ما يراه الإمام كما صرح به الشيخ الطوسي في حد
الزنا فقال: " وحد التغريب أن يخرجه من بلده أو قريته إلى بلد آخر، وليس ذلك
بمحدود بل على حسب ما يراه الإمام " (1).
العاشر: مؤنة المغرب ونفقة عياله
لم أجد من تعرض لهذا الفرع، ولم يبين موارد أجرة النفي ومصارفه ونفقة
المنفي مدة التغريب، وكذلك نفقة عياله، إلا ابن فهد الحلي في المهذب.
ولكن قد يقال، بما مر في كتابنا موارد السجن التفصيل عنه في نفقة المسجون
وأنه: إن كان واجدا للمال أو متمكنا من تحصيله فعليه، وإلا فعلى بيت المال، إن
كان، وإلا فعلى المسلمين ومن مال الفقراء.
وقال ابن فهد: "... في القيادة... ولو افتقر في التغريب إلى مؤنة كانت عليه
في ماله وإن لم يكن له، فمن بيت المال. " (2).
الحادي عشر: هل يقتصر على مورد الرواية؟
إن مورد الرواية هو الجامع بين المذكر والمؤنث حراما، فهل يقتصر على مورده
أم يشمل المؤلف بين الذكرين، والأنثيين، والرجل والغلام؟
فالأكثر على التعميم واستدل البعض له، باطلاق كلمة " القواد " في السؤال. فما
ذكر من الرواية خاصة بمن يجمع بين الذكر والأنثى لا يوجب الاختصاص.
هذا، ولكن تردد البعض في هذا التعميم، كالأردبيلي في المجمع والسيد الخوئي

(1) المبسوط 8: 1.
(2) المهذب البارع 5: 64.
129

في التكملة، والمامقاني في المناهج، واحتج السيد الخوئي بسكوت الرواية عن
الجامع بين النساء، وإن قال بشمول الرواية للجامع بين الرجال بالأولوية القطعية.
130

الفصل الثالث
هل ينفى اللائط؟
حد اللواط - مع الإيقاب - هو القتل - عندنا - والإمام مخير فيه بين أن يقتله
بالسيف أو يرمي عليه حائطا، أو يرمي به من موضع عال، أو يضرب رقبته، أو
يرجمه، أو يحرقه بالنار.
وهذا ما اتفقت عليه الإمامية (1).
وقد روي عن النبي (صلى الله عليه وآله): " من عمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل
والمفعول. " (2) وروي ذلك عن أبي بكر (3) وابن عباس (4) وروي عن علي (عليه السلام)

(1) أنظر الخلاف 2: 444 - النهاية: 704 - المبسوط 8: 7 - المقنع: 144 - المقنعة: 786 -
المهذب 2: 530 - الجامع للشرائع: 555. غنية النزوع (الجوامع الفقهية): 560 - شرائع
الإسلام 4: 160 - جواهر الكلام 41: 381 - الحدود.
(2) مصنف عبد الرزاق 7: 364 ح 13492 - السنن الكبرى 8: 232.
(3) السنن الكبرى 8: 232.
(4) مصنف عبد الرزاق 7: 364 ح 13491.
131

مثله (1)، من غير تفصيل بين المحصن وغيره.
وعليه فلا يصل الدور إلى التغريب والنفي، نعم ينفى من الأرض بمعنى أنه
يقضى على حياته كما في تفسير نفي المحارب - على رأي (2) - هذا، ولكن المنقول
عن الزهري، وابن جريج - على ما في المصنف - هو الحبس والنفي إن كان بكرا
- غير متزوج - وهو رأي الشافعية - كما عن الجزيري - وجمع من التابعين، مثل
سعيد، وعطا، والبصري، والنخعي، والثوري، والأوزاعي و... بزعمهم أنه نوع
من الزنا.
آراء المذاهب الأخرى:
1 - عبد الرزاق: " عن معمر، عن الزهري، قال: يرجم إن كان محصنا، ويجلد
إن كان بكرا، ويغلظ عليه في الحبس والنفي. " (3).
2 - وفيه: " عن ابن جريج، في الذي يعمل عمل قوم لوط، قال: يرجم إن
كان محصنا، ويجلد وينفى إن كان بكرا. وقاله ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح عن
مجاهد. " (4).
3 - وقال النووي: " اللواط: وفي حده قولان: أحدهما وهو المشهور من
مذهبه - أي المصنف، وهو أبو إسحاق - أنه يجب فيه ما يجب في الزنا، فإن كان
غير محصن، وجب عليه الحد والتغريب، وإن كان محصنا، وجب عليه الرجم. " (5).

(1) السنن الكبرى 8: 233.
(2) أنظر: الفرع السادس عشر من فروع المحارب من هذا الكتاب.
(3) المصنف 7: 363 ح 13485.
(4) المصنف 7: 363 ح 13484.
(5) المجموع: 20: 27.
132

4 - وقال الشوكاني: " وذهب سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح والحسن
وقتادة والنخعي والثوري والأوزاعي وأبو طالب ويحيى والشافعي في قوله...
إلى أن حد اللوطي حد الزاني فيجلد البكر ويغرب ويرجم المحصن وحكاه في
البحر عن القاسم بن إبراهيم " (1).
5 - الجزيري: " الشافعية في رواية أخرى، قالوا: حده مثل حد الزنا فيعتبر
فيه الإحصان، وهو مذهب سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح، والحسن
البصري، وقتادة، والنخعي، والثوري، والأوزاعي، وأبي طالب، ويحيى، قالوا:
يجلد البكر ويغرب ويرجم المحصن منهما حتى يموت، لأنه نوع من الزنا. " (2).

(1) نيل الأوطار 7: 116.
(2) الفقه على المذاهب الأربعة 5: 141 - أنظر: تلخيص الخلاف 3: 226 - المسألة: 21.
133

الفصل الرابع
نفي الزاني غير المحصن
لا خلاف عند الإمامية، في تغريب الزاني غير المحصن، وقد وردت بذلك من
طرقنا أكثر من خمس عشرة رواية. ومن العامة أكثر من خمس روايات - فيما عدا
الآثار والمنقولات عن الصحابة والتابعين - فإنها كادت أن تبلغ التواتر، ولا أقل
من الاستفاضة. كما وافقنا على ذلك المالكية في تغريب الرجل فقط. ولكن ذهب
الشافعية والحنابلة إلى تغريب الرجل والمرأة.
وخالف في ذلك الحنفية حيث اقتصروا على الجلد فقط، وقالوا في النفي: إنه
ليس بحد بل هو تعزير، أمره إلى الحاكم.
وإنما وقع الخلاف في بعض الفروعات والمسائل تجدها في هذا الباب. وفيما
يلي عرض للنصوص من الفريقين، ثم عرض الآراء والفتاوى:
الروايات من طرقنا:
1 - الكافي: " باسناده [علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى] عن يونس،
135

عمن رواه، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: المحصن يرجم، والذي قد أملك
ولم يدخل بها، فجلد مائة ونفي سنة. " (1).
قال الفيض: " أملك، أي تزوج. " (2) رماه المجلسي الثاني بالإرسال (3).
ورواه الشيخ في التهذيب، عن يونس بن عبد الرحمن بتفاوت يسير (4).
قال المجلسي في الملاذ: " صحيح " (5).
2 - وفيه: " علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن
حميد، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (عليه السلام)...
وقضى في البكر والبكرة إذا زنيا جلد مائة، ونفي سنة في غير مصرهما، وهما
اللذان قد أملكا ولم يدخلا بها. " (6).
قال المجلسي الثاني: " الحديث حسن، ويدل على اشتراك التغريب بين الرجل
والمرأة كما ذهب إليه ابن أبي عقيل وابن الجنيد، والمشهور بين الأصحاب بل
ادعى الشيخ في الخلاف الاجماع على اختصاصه بالرجل. " (7). وروى الشيخ عن
علي بن إبراهيم، مثله (8).
وروى في الاستبصار مثله (9).

(1) الكافي 7: 177 ح 4 - وعنه الوسائل 18: 348 ب 1 ح 6.
(2) الوافي 15: 238 ح 14961.
(3) مرآة العقول 23: 267.
(4) التهذيب 10: 3 ب 1 ح 8 - وعنه نور الثقلين 3: 569 ح 11.
(5) ملاذ الأخيار 16: 10.
(6) الكافي 7: 177 ح 7 - وعنه الوسائل 18: 347 ب 1 ح 2 بتفاوت.
(7) مرآة العقول 23: 268.
(8) التهذيب 10: 3 ح 9.
(9) الاستبصار 4: 202 ح 10.
136

وروى أيضا باسناده، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عاصم
بتفاوت (1).
قال المجلسي في الملاذ: " الحديث صحيح " (2).
3 - وفيه: " عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن
فضالة، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: الذي لم يحصن
يجلد مائة جلدة ولا ينفى، والذي قد أملك ولم يدخل بها يجلد مائة
وينفى " (3).
قال المجلسي: " ضعيف على المشهور " (4) ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن
سعيد، وفيه: " والتي قد أملكت ولم يدخل بها تجلد مائة وتنفى. " (5).
ورواه في الاستبصار (6) كما في الكافي.
قال المجلسي في الملاذ: " ضعيف كالموثق. " (7).
قال الفيض " في التهذيب " ينفى " في الموضعين بدون " لا ". والتي قد أملكت،
على المؤنث. وفي الإستبصار مثل ما في الكافي " (8).
4 - وفيه: " علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن زرعة، عن
سماعة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا زنى الرجل فجلد، ينبغي للإمام أن ينفيه

(1) التهذيب 10: 36 ح 123 - والاستبصار 4: 202 ح 759.
(2) ملاذ الأخيار 16: 71.
(3) الكافي 7: 177 ح 6 - وعنه الوسائل 18: 348 ب 1 ح 7 - نور الثقلين 3: 569 ح 9.
(4) مرآة العقول 23: 268.
(5) التهذيب 10: 4 ح 12.
(6) الاستبصار 4: 200 ح 3.
(7) ملاذ الأخيار 16: 12.
(8) الوافي 15: 239.
137

من الأرض التي جلد فيها إلى غيرها، فإنما على الإمام أن يخرجه من المصر
الذي جلد فيه. " (1).
قال المجلسي: " موثق " (2).
ورواه الصدوق في الفقيه، وفيه " فليس ينبغي " (3).
قال الفيض: " وهو الأظهر، وعلى التقديرين لا يخلو من إبهام واجمال. " (4).
وقاله الشيخ محمد حسن النجفي في الجواهر أيضا (5).
وقال المجلسي الأول بعد توثيقه للسند: وليس " ليس " فيهما - أي في الكافي
والتهذيب (6).
ورواه الشيخ في التهذيب، بتفاوت (7). ووثقه المجلسي (8).
5 - وفيه: " يونس، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، قال: سألت أبا
عبد الله (عليه السلام) عن الزاني إذا زنى أينفى؟ قال: فقال: نعم من التي جلد فيها إلى
غيرها. " (9).

(1) الكافي 7: 197 ح 2 - وعنه الوسائل 18: 393 ب 24 ح 3 - ومثله العياشي 1: 316
ح 97 - والبحار 76: 188 ح 26 وص 52 ح 41.
(2) مرآة العقول 23: 300.
(3) الفقيه 4: 17 ح 9.
(4) الوافي 15: 288.
(5) جواهر الكلام 41: 325.
(6) روضة المتقين 10: 16.
(7) التهذيب 10: 35 ح 119.
(8) ملاذ الأخيار 16: 70.
(9) الكافي 7: 197 ح 3.
138

قال المجلسي: " صحيح " (1)، ورواه الشيخ في التهذيب (2)، وصححه
المجلسي الأول (3)، والمجلسي الثاني (4).
ورواه العياشي في تفسيره: بزيادة " سنة " (5).
6 - وفيه: " عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن
مثنى الحناط، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الزاني إذا جلد الحد، قال:
ينفى من الأرض إلى بلدة يكون فيها سنة. " (6).
قال المجلسي في المرآة: " ضعيف على المشهور " (7).
ورواه الشيخ في التهذيب باسناده، عن سهل، وفيه: " من الأرض التي
يأتيه " (8).
وضعفه المجلسي في الملاذ أيضا (9).
وعبر عنه المجلسي الأول في الروضة " بالقوي " (10).
7 - الفقيه: " وروى إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن حفص، عن عبد الله
- يعني ابن سنان - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:... وإذا زنى الشاب الحدث جلد

(1) مرآة العقول 23: 300.
(2) التهذيب 10: 35 ح 121.
(3) روضة المتقين 10: 16.
(4) ملاذ الأخيار 16: 71.
(5) تفسير العياشي 1: 316 ح 97 - البرهان 1: 468 - الوسائل 18: 394 ب 24 ح 5.
(6) الكافي 7: 197 ح 3 - وعنه الوسائل 18: 393 ب 24 ح 4.
(7) مرآة العقول 23: 301.
(8) التهذيب 10: 35 ح 122.
(9) ملاذ الأخيار 16: 71.
(10) روضة المتقين 10: 17.
139

مائة ونفي سنة من مصره. (1) ".
قال المجلسي: " في القوي كالشيخ، عن عبد الله وصرح الشيخ بعبد الله بن
سنان، والمظنون أنه عبد الله بن طلحة لأنه روى محمد بن أحمد بن يحيى في
كتابه عن محمد بن حفص، عن عبد الله بن طلحة، ثم روى بطريق آخر، عن محمد
بن حفص، عن عبد الله، فظن المصنف أنه ابن سنان، وقطع الشيخ به وغفلا عما
قبله، وعلى أي حال لا ينفع، لجهالة محمد بن حفص، وفي النسخ الصحيحة من
التهذيب: محمد بن جعفر وهو تصحيف النساخ أو قلم الشيخ. " (2).
ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن إبراهيم بن صالح بن
سعيد، عن محمد بن حفص، عن عبد الله بن طلحة... (3).
قال المجلسي في الملاذ: " مجهول " (4).
8 - وفيه: " روى حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الشيخ والشيخة
جلد مائة والرجم، والبكر والبكرة جلد مائة ونفي سنة. " (5) قواه المجلسي في
الروضة (6) ورواه الشيخ في التهذيب عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير،
عن عبد الرحمن بن حماد عن الحلبي (7).

(1) الفقيه 4: 27 ح 48 عنه الوسائل 18: 349 ب 1 ح 11 - الوافي 15: 242. أنظر التهذيب
10: 5 ح 17 - والاستبصار 4: 201 ح 8 - نور الثقلين 3: 569 ح 11.
(2) روضة المتقين 10: 51.
(3) التهذيب 10: 4 و 10 - والاستبصار 4: 200 ح 1 وعنهما الوسائل 18: 249 ب 1 ح 11.
(4) ملاذ الأخيار 16: 14.
(5) الفقيه 4: 17 ح 10.
(6) روضة المتقين 10: 17.
(7) التهذيب 10: 4 ب 1 ح 4 - وعنه الوسائل 18: 348 ب 1 ح 8 - الاستبصار 4: 201
ب 117 ح 5.
140

قال المجلسي الأول: " عبد الرحمن بن حماد وهو مجهول، والظاهر أن عبد
الرحمن سهو من قلم الشيخ... " (1) وكذلك المجلسي الثاني رماه بالجهالة (2).
9 - التهذيب: " محمد بن الحسن الصفار، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي عن
صفوان بن يحيى عن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان علي (عليه السلام)
يضرب الشيخ والشيخة مائة ويرجم المحصن والمحصنة ويجلد البكر والبكرة
وينفيهما سنة. " (3). قال المجلسي: " مختلف فيه كالصحيح " (4).
قال الشهيد الثاني: " هذه الرواية تضمنت تغريب الرجل والمرأة ولكن
المشهور بين الأصحاب بل ادعى الشيخ في الخلاف الاجماع على اختصاص
التغريب بالرجل. فإن تم الاجماع فهو الحجة وإلا فمقتضى النص ثبوته عليها.
وهو مختار ابن أبي عقيل وابن الجنيد. " (5).
10 - وفيه: " أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن عيسى عن عبد الله بن
المغيرة، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن جعفر عن أبيه عن آبائه: أن محمد بن
أبي بكر كتب إلى علي (عليه السلام) يسأله عن الرجل يزني بالمرأة اليهودية والنصرانية،
فكتب (عليه السلام) إليه: إن كان محصنا فارجمه وإن كان بكرا فاجلده مائة جلدة ثم إنفه،
وأما اليهودية فابعث بها إلى أهل ملتها فليقضوا فيها ما أحبوا. " (6).

(1) روضة المتقين 10: 17.
(2) ملاذ الأخيار 16: 13.
(3) التهذيب 10: 4 ب 1 ح 14 - وعنه الوسائل 18: 349 ب 1 ح 12 - الاستبصار 4: 200
ب 117 ح 1.
(4) ملاذ الأخيار 16: 12.
(5) مسالك الأفهام 2: 428.
(6) التهذيب 10: 15 ح 36 - الاستبصار 4: 207 ب 118 ح 11 - وعنه الوسائل 18: 361
ب 8 ح 5 - الوافي 15: 245 ح 14983.
141

قال المجلسي في الملاذ: ضعيف على المشهور (1).
11 - وفيه: " محمد بن علي بن محبوب عن أحمد عن علي بن الحكم، عن سيف
ابن عميرة، عن حنان، قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) وأنا أسمع، عن البكر
يفجر وقد تزوج قبل أن يدخل بأهله، قال: يضرب مائة ويجز شعره وينفى من
المصر حولا ويفرق بينه وبين أهله. " (2).
قال المجلسي: " موثق، وظاهره أنه موجب للافساخ كما يظهر من
الصدوق (رحمه الله) القول به ويمكن أن يكون المراد التفريق في زمان النفي لا مطلقا " (3).
12 - وفيه: " عنه، عن بنان بن محمد عن موسى بن القاسم عن علي بن جعفر
عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن رجل تزوج امرأة ولم يدخل بها
فزنى ما عليه؟ قال: يجلد الحد ويحلق رأسه ويفرق بينه وبين أهله وينفى
سنة. " (4).
قال المجلسي: " مجهول أو صحيح، إذ في بعض النسخ: وعن موسى " (5).
ورواه أيضا في التهذيب بتفاوت (6). وعبر عنه بالصحيح (7). ورواه الصدوق في
الفقيه (8).

(1) ملاذ الأخيار 16: 31.
(2) التهذيب 10: 36 ح 124 - وعنه الوسائل 18: 359 ب 7 ح 6.
(3) ملاذ الأخيار 16: 72.
(4) التهذيب 10: 36 ح 125 - وعنه الوسائل 18: 359 ب 7 ح 8 - قرب الإسناد: 247
ح 975 - وعنه البحار 76: 39 ب 7 ح 19 بتفاوت.
(5) ملاذ الأخيار 10: 72.
(6) التهذيب 7: 490 ح 174.
(7) ملاذ الأخيار 12: 514 ح 172.
(8) الفقيه 3: 262 ح 36 - ورواه في الجعفريات 108 وليس فيه: " يفرق بينه وبين أهله ".
142

قال المجلسي: " وروى (1) علي بن جعفر، في الصحيح كالشيخ، والظاهر أن
الشيخ أخذه من هنا.
ويدل على أن الذي تزوج ولم يدخل فليس بمحصن، ويسمى بالبكر،
وستجئ الأخبار الصحيحة في ذلك، في باب الحدود إلا في التفريق، فإن ظاهره
أنه إذا صار زانيا يرتفع النكاح أو يكون للزوجة الخيار في فسخ العقد كما في عكسه.
ويمكن حمل التفريق بالنفي سنة، ويكون مفسرا، وخبر معاوية لا يدل على
خيار الفسخ بل على الرجوع بزيادة المهر، فإن مهر الزانية المعيوبة أنقص من مهر
العفيفة. " (2).
13 - الدعائم: " قال جعفر بن محمد (عليه السلام) وجلد الزاني من أشد الجلد وإذا
جلد الزاني البكر نفي عن بلده سنة بعد الجلد وإن كان أحد الزانيين بكرا والآخر
ثيبا جلد كل واحد منهما مائة جلدة ونفي البكر منهما ورجم الثيب... والبكر هو
الذي ليس له زوج من رجل أو امرأة، والثيب ذو الزوج منهما. " (3).
14 - النوادر: " أحمد بن محمد بن عيسى،... عن عبد الرحمن قال: سألته
عن الرجل إذا زنى، قال: ينبغي للإمام إذا جلده أن ينفيه من الأرض التي جلده
فيها إلى غيرها سنة، وعلى الإمام أن يخرجه من المصر. " (4).
15 - وفيه: " عن سماعة، عن أبي بصير، عن الصادق (عليه السلام)، قال أمير

(1) وهي الرواية التي مرت برقم 12.
(2) روضة المتقين 8: 259.
(3) دعائم الإسلام 2: 450 ح 1576 - وعنه المستدرك 18: 39 ب 1 ح 3 - و ب 22 ح 1
- أو له -.
(4) نوادر أحمد بن محمد بن عيسى: 147 ح 377 - وعنه المستدرك 18: 138 ب 2 ح 2
و ج 18: 61 ب 22 ح 2 - والبحار 76: 56 ب 7 ذيل ح 49.
143

المؤمنين (عليه السلام): إذا زنى الشيخ والشيخة، جلد كل واحد منهما مائة جلدة، وعليهما
الرجم، وعلى البكر جلد مائة ونفي سنة في غير مصره. " (1).
16 - وفيه: " وعن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: المحصن يرجم، والذي لم
يحصن يجلد مائة ولا ينفى، والذي قد أملك، يجلد مائة وينفى. " (2).
17 - المقنع: " وعن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: المحصن يجلد مائة جلدة
ويرجم، ومن لم يحصن يجلد مائة جلدة ولا ينفى، والذي قد أملك ولم يدخل بها
يجلد مائة وينفى. " (3).
18 - فقه الرضا: " ومن زنى بمحصنة وهو غير محصن فعليها الرجم وعليه
الجلد وتغريب سنة وحد التغريب خمسون فرسخا " (4).
19 - عوالي اللآلي: " عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: خذوا عني: قد جعل الله لهن
السبيل، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام... " (5).
الروايات من غير طرقنا:
20 - مسند زيد: " حدثني زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي - رضى

(1) نوادر أحمد بن عيسى: 145 ح 371 - وعنه المستدرك 18: 40 ب 1 ح 5 و ب 22 ح 3 -
والبحار 76: 54 ب 70 ح 45.
(2) نوادر أحمد بن عيسى: 145 ح 373 - وعنه المستدرك 18: 40 ب 1 ح 6 - وص 62
ب 22 ح 4 - والبحار 76: 55 ب 7 ح 47.
(3) المقنع: 146 - وعنه المستدرك 18: 41 ب 1 ح 11 وص 62 ب 22 ح 6.
(4) فقه الرضا: 275 ب 44 - وعنه المستدرك 18: 40 ب 1 ح 4 و 62 ب 22 ح 7 - والبحار
76: 48 ب 7 ح 33.
(5) عوالي اللآلي 1: 237 ح 149 - وعنه المستدرك 18: 62 ب 22 ح 8.
144

الله عنهم - قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الثيب بالثيب، جلد مائة، والرجم.
والبكر بالبكر جلد مائة والحبس سنة. " (1).
قال في شرح الإبانة وحواشيها: " في رواية: وتغريب عام وفي رواية: ونفي
سنة... " (2).
21 - البخاري: " حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان قال حفظناه من فم
الزهري، قال: أخبرني عبيد الله أنه سمع أبا هريرة وزيد بن خالد، قالا: " كنا
عند النبي (صلى الله عليه وآله) فقام رجل فقال: أنشدك الله إلا ما قضيت بيننا بكتاب الله، فقام
خصمه وكان أفقه منه، فقال: اقض بيننا بكتاب الله وأذن لي. قال: قل. قال:
إن ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته فافتديت منه بمائة شاة وخادم. ثم
سألت رجالا من أهل العلم، فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام
وعلى امرأته الرجم، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب
الله جل ذكره، المائة شاة رد وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام. واغديا يا أنيس
على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها، فغدا عليها فاعترفت، فرجمها.
قلت لسفيان: لم يقل فأخبروني أن على ابني الرجم، فقال: أشك فيها من
الزهري فربما قلتها وربما سكت. " (3).
ورواه عن عاصم بن علي، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري: " وفيه:

(1) مسند زيد: 298.
(2) مسند زيد: 298 (الهامش).
(3) البخاري 8: 30 و 34 - الأم 6: 133 - عمدة القارئ 23: 4 ح 23 - كنز العمال 5:
334 ح 13102 - و 425 ح 13503 عن ابن أبي شيبة، وعبد الرزاق - المعجم الكبير 5:
233 ح 5188.
145

فأخبروني أن على ابني الرجم، فافتديت بمائة من الغنم ووليدة. " (1).
ورواه عن عبد الله بن يوسف، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن
عتبة بن مسعود، عن أبي هريرة (2).
قال العيني: " العسيف: الأجير، وقد يكون العبد والسائل. وفي المحكم:
العسيف: الأجير المستهان، وقيل هو المملوك المستهان. وقيل: كل خادم
عسيف. وفي شرح الموطأ لعبد الملك بن حبيب: العسيف: الغلام الذي لم يبلغ
الحلم. قوله: خادم: الجارية المعدة للخدمة.
وفي الحديث فوائد:... النفي والتغريب للبكر الزاني، استدلت به الشافعية،
وأبو حنيفة لا يقول بالنفي، لأن ايجابه زيادة على النص، والزيادة على النص
بخبر الواحد نسخ فلا يجوز. " (3).
قال العسقلاني: " (لأقضين...) أي بما تضمنه كتاب الله، أو بحكم الله، وهو
أولى. لأن الحكم فيه التغريب، والتغريب ليس مذكورا في القرآن. " (4).
أقول: " ورواه ابن أبي شيبة عن ابن عيينة عن الزهري (5). ورواه مسلم عن
قتيبة بن سعيد، حدثنا الليث، ح، وحدثنا محمد بن رمح، أخبرنا الليث، عن ابن

(1) البخاري 8: 24 - الجامع الصحيح 4: 39 ب 8 ح 1433 - الموطأ: 822 ح 6 - النسائي
8: 240 ب 22 - مسند الحميدي 2: 354 ح 811 - الأقضية: 48 - عمدة القارئ 24:
15 ح 29.
(2) البخاري 8: 29 - مصنف عبد الرزاق 7: 310 ح 13309 - السنن الكبرى 8: 22 -
نصب الراية 3: 328.
(3) عمدة القارئ 24: 5 - أنظر: إرشاد الساري 10: 18.
(4) إرشاد الساري 10: 26.
(5) مصنف ابن أبي شيبة 14: 170 ح 17972 - أنظر: 10: 80 ح 8834 - و 10: 159
ح 9101.
146

شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن أبي هريرة " (1).
قال المعلق على مسلم: " تغريب عام، أي نفي سنة، وهذا عندنا ليس بطريق
الحد بل بطريق المصلحة التي رآها الإمام من السياسة. " (2).
22 - وفيه: " حدثنا مالك بن إسماعيل، حدثنا عبد العزيز، أخبرنا ابن
شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن زيد بن خالد الجهني، قال: سمعت
النبي (صلى الله عليه وآله) يأمر فيمن زنى ولم يحصن جلد مائة وتغريب عام. " (3).
قال العيني: " في الحديث تغريب البكر مع الجلد وهو حجة على أبي حنيفة
ومحمد في إنكار التغريب " (4).
نقاش في السند:
أقول في الطريق مالك بن إسماعيل وهو أبو غسان النهدي. وهو مردود على
مبناهم فعن الذهبي: " فيه أدنى تشيع (5) " وعن ابن سعد: " شديد التشيع " (6)
وعن الغازي: سألت البخاري عن أبي غسان؟ قال: وعماذا تسأل؟ قلت:
التشيع، فقال: هو على مذهب أهل بلده، ولو رأيتم عبيد الله بن موسى. وأبا نعيم،

(1) مسلم 3 / الحدود / 111 - مسند أحمد 4: 125 - مسند الطيالسي 4: 953 - و 6: 189
ح 1333 - و 10: 328 ح 2514 - ابن ماجة 2: 852 ب 7 ح 2549 - الدارمي 2: 232
ب 12 ح 2317.
(2) مسلم 3 / الحدود / 111 (الهامش).
(3) البخاري 8: 28 كتاب الحدود. و 3: 15 كتاب المحاربين - المحلى 11: 186 - السنن
الكبرى 8: 222 و 236 - إرشاد الساري 10: 25 - عمدة القارئ 24: 13 ح 26 -
نصب الراية 3: 328 - المعجم الكبير 5: 236 ح 5194.
(4) عمدة القارئ 24: 13.
(5) سير أعلام النبلاء 10: 431.
(6) طبقات ابن سعد 6: 404.
147

وجماعة مشايخنا الكوفيين، لما سألتمونا عن أبي غسان (1). ويكفي في الجرح
عندهم كونه شيعيا ويرمونه بما هم أولى به. ولكن لعل السر في قبول رواياتهم هو
أن التشيع كان سائدا في التابعين وتابعيهم على الدين والورع والصدق، فلو رد
حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية وهي مفسدة (2) - على حد تعبير
الذهبي (3) - إلا أن يقال إن القادح عندهم هو الغلو لا مجرد التشيع، كما يظهر من
الذهبي في ترجمة أبان (4).
23 - وفيه: " حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب،
عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قضى فيمن زنى ولم
يحصن بنفي عام بإقامة الحد عليه. " (5).
قال العيني: " قوله بإقامة الحد: أي ملتبسا بها جامعا بينهما، ويروى: وإقامة
الحد. " (6).
ورواه أحمد وفيه: مع الحد عليه (7).
وقال القسطلاني: " وفي رواية النسائي: أن ينفى عاما مع إقامة الحد عليه،
وكذا أخرجه الإسماعيلي من طريق حجاج بن محمد، عن الليث، والمراد بإقامة
الحد ما ذكر في رواية عبد العزيز جلد المائة، وأطلق عليها الحد لكونها بنص

(1) سير أعلام النبلاء 10: 431.
(2) ميزان الاعتدال 1: 6.
(3) أنظر تهذيب التهذيب 10: 4 - الجرح والتعديل 8: 206 - العبر 1: 378 - الكاشف 2:
112.
(4) ميزان الاعتدال 1: 6.
(5) البخاري 8: 28 - عمدة القارئ 24: 14 ح 17.
(6) عمدة القارئ 24: 14 - الطيالسي 6: 189 ح 1332.
(7) مسند أحمد 2: 453 - أنظر مجمع الزوائد 6: 264.
148

القرآن وقد تمسك بهذه الرواية من ذهب إلى أن النفي تعزير وأنه ليس جزءا
من الحد. وأجيب بأن الحديث يفسر بعضه بعضا، وقد وقع التصريح في قصة
العسيف من لفظ النبي (صلى الله عليه وآله) أن عليه جلد مائة وتغريب عام، وهو ظاهر في كون
الكل حده، ولم يختلف على رواته في لفظه، فهو أرجح من حكاية الصحابي مع
الاختلاف... " (1).
24 - مسلم: " وحدثنا يحيى بن يحيى التميمي، أخبرنا هشيم، عن منصور،
عن الحسن، عن حطان بن عبد الله الرقاشي، عن عبادة بن الصامت، قال: قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله): خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا، البكر بالبكر
جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم. " (2). وعن عمرو الناقد،
عن هشيم، عن منصور، بهذا الاسناد، مثله (3) وعن محمد بن المثنى وابن بشار
جميعا، عن عبد الأعلى، عن سعيد، عن قتادة، مثله (4).
ورواه ابن أبي شيبة عن شبابة بن سوار عن شعبة عن قتادة (5).

(1) إرشاد الساري 10: 26.
(2) مسلم 3: 106 - مصنف عبد الرزاق 7: 310 ح 133080 - المبسوط
للإمام الطوسي 3: 286 - نصب الراية 3: 328 - كنز العمال 5: 426 ح 13505 - وص
427 ح 13509 و 334 ح 13098 - مسند الطيالسي 2: 79 ح 584 - ابن ماجة 2: 852
ب 7 ح 2550.
(5) المصنف 12: 171 ح 17972 - أنظر الحدود 10: 81 ح 8835 - ومصنف عبد الرزاق
7: 310 ح 13308 وص 329 ح 13359 - أحمد 5: 320، 313، 321، 327، 317
و 4: 115 - الجامع الصحيح 4: 41 ب 8 ح 1434 - سنن أبي داود 4: 153 ح 4445 -
سنن الدارمي 2: 236 ب 19 ح 2327.
(3) تقدم آنفا تحت رقم 2.
(4) تقدم آنفا تحت رقم 2.
149

بحث في هشيم:
وفي السند هشيم بن بشر السلمي - كما عن ابن منجويه (1) - أو ابن بشير كما في
العسقلاني - وهو مدلس كما عن العجلي والخليلي وابن المبارك، وابن حبان. وابن
سعد.
وقال أبو داود: قيل ليحيى بن معين في تساهل هشيم، فقال: ما أدراه ما يخرج
من رأسه. وعن ابن سعد: يدلس كثيرا، فما قال في حديثه " أخبرنا " فهو حجة
وما لم يقل، فليس بشئ.
أقول: وروايته في صحيح مسلم: معنعنة وليست فيها " أنا " فليست بشئ
على مبنى ابن سعد (2).
ورواه الترمذي في الجامع، وقال: " هذا حديث حسن، صحيح، والعمل على
هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)، منهم علي بن أبي طالب، وأبي
ابن كعب، وعبد الله بن مسعود... " (3).
25 - المصنف: " عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، قال: قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله): قد قضى الله ورسوله: إن شهد أربعة على بكرين، جلدا، كما
قال الله عز وجل: * (... مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله...) * (4) وغربا

(1) رجال صحيح مسلم 2: 327.
(2) تهذيب التهذيب 11: 54 - أنظر: سير أعلام النبلاء 8: 287 - الجرح والتعديل 9:
115 - المعرفة والتأريخ 1: 174 - تأريخ بغداد 14: 85 - الكامل لابن أثير 6: 165 -
تذكرة الحفاظ 1: 148 - طبقات المدلسين: 18 - تهذيب الأسماء واللغات لأبي زكريا
النووي 2: 138.
(3) الجامع الصحيح 4: 41.
(4) النور: 2.
150

سنة غير الأرض التي كانا بهما، وتغريبهما شتى... " (1).
وفي الدر المنثور: " وتغريبهما سنتي. " (2) بدل: شتى.
26 - وفيه: " عبد الرزاق، عن الحسن بن عمارة، عن العلاء بن جابر، قال:
فجرت امرأة على عهد علي، وقد زوجت، ولم يدخل بها، قال: فأتي بها إلى
علي، فجلدها مائة، ونفاها سنة إلى نهري كربلاء، ثم رجعت، فردها على زوجها
بنكاحها الأول. " (3).
رواه الهندي عن عبد الرزاق بتفاوت، وفيه " هري كربلاء. " (4).
27 - المحلى: " عن ابن وهب، أخبرني جرير ابن حازم، عن الحسن بن عمارة،
عن العلاء بن بدر، عن كلثوم بن جبير، قال: تزوج رجل منا امرأة فزنت قبل أن
يدخل بها فجلدها علي بن أبي طالب مائة سوط، ونفاها سنة إلى نهر كربلاء، فلما
رجعت، دفعها إلى زوجها، قال: امرأتك، فإن شئت فطلق، وإن شئت
فأمسك. " (5).

(1) مصنف عبد الرزاق 7: 138 ح 10270 - و 313 ح 23318.
(2) الدر المنثور 5: 18.
(3) مصنف عبد الرزاق 7: 247 ح 10695 - 7: 305 ح 13282. وفيه العلاء بن بدر بدل
" بن جابر " - السنن الكبرى 8: 217.
(4) كنز العمال 5: 420 ح 13488 - و 427 ح 13510.
(5) المحلى 11: 184 - جامع الأحاديث للسيوطي 3: 632 ح 06310 هذا ولم نعثر على
معرفة " نهر كربلاء، أو نهري، أو هري " رغم مراجعة كتب كثيرة، منها ما يلي:
1 - مراصد الاطلاع. 2 - معجم البلدان. 3 - أحسن التقاسيم. 4 - البلدان لابن الفقيه.
5 - نخبة الدهر لشيخ الربوة. 6 - المسالك والممالك لابن خرداذبة. 7 - البلدان لليعقوبي.
ولكن لعل المراد: كربلاء، والنهر مضاف، وإنما ذكر المضاف لأن كربلاء اسم المنطقة، وليس
اسم نقطة خاصة، ويؤيده ما ورد في تأريخ بغداد 1: 134 الحسين (عليه السلام) قتل بنهري كربلاء يوم عاشورا. هذا وفي بعض النصوص: نهرين كرفلا. أنظر: عبد الرزاق 6: 10133.
151

وهي متحدة مع ما قبلها، وإن اختلف فيها السند وبعض عبارات المتن.
28 - المصنف: " عبد الرزاق، عن إسرائيل بن يونس، عن أبي إسحاق، عن
علي: أن رجلا جلد جارية فجرت، وتحت ثيابها درع حديد، ألبسها إياه أهلها،
ونفاها إلى البصرة. " (1) وفي دلالتها إبهام.
29 - المحلى: " نا حمام نا ابن مفرج، نا ابن الأعرابي، نا الدبري، نا عبد الرزاق،
عن أبي حنيفة، عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم، قال: قال علي بن أبي
طالب في البكر يزني بالبكر، فإن حبسهما من الفتيان ينفيان. " (2).
ورواه الهندي وفيه: " حبسهما من الفتنة أن ينفيا " (3).
ورواه عبد الرزاق وفيه: " حسبهما من الفتنة أن ينفيا " (4).
قال شيخ الطائفة الإمام الطوسي: " وروي عن علي (عليه السلام) أنه قال: التغريب
فتنة. الوجه فيه أن عمر نفى شارب الخمر فلحق بالروم... وقول علي (عليه السلام) أراد
أن نفي عمر فتنة. " (5).
قال السبزواري: " وأما ما ينسب إلى علي (عليه السلام) من أنه قال: التغريب فتنة،
فهو قضية في واقعة، لم يعلم وجه الصدور منه " (6).

(1) مصنف عبد الرزاق 7: 375 ح 13531.
(2) المحلى 11: 184.
(3) كنز العمال 5: 421 ح 1349.
(4) مصنف عبد الرزاق 7: 312 ح 13313 - نصب الراية 3: 330.
(5) الخلاف 2: 439 ذيل مسألة 2 - ومثله جواهر الكلام 41: 324.
(6) مهذب الأحكام 27: 336.
152

الآثار:
1 - ابن أبي شيبة: " حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا محمد بن إسحاق،
عن نافع، عن ابن عمر: أن أبا بكر نفى رجلا وامرأة حولا. " (1).
2 - ابن أبي شيبة: " حدثنا أبو بكر، قال: حدثنا شريف بن عبد الله، عن
فراس عن عامر عن مسروق، عن أبي قال: إذا زنى البكران يجلدان وينفيان وإذا
زنى الثيبان يجلدان ويرجمان " (2).
ورواه البيهقي بسند آخر وفيه: والثيبان يرجمان (3).
3 - وفيه: " حدثنا أبو بكر قال: حدثنا وكيع عن المسعودي عن القاسم قال:
قال أبو ذر: الشيخان الثيبان يجلدان ويرجمان والبكران يجلدان وينفيان " (4).
4 - وفيه: " حدثنا أبو بكر، قال حدثنا ابن مهدي عن زمعة عن ابن طاوس
عن أبيه قال: على المحصن إذا زنى الرجم، وعلى البكر الجلد والنفي " (5).
5 - وفيه: " حدثنا أبو بكر قال: حدثنا يزيد بن هارون، عن محمد بن سالم
عن عامر في البكر إذا زنى: ينفى سنة " (6).
6 - وفيه: " حدثنا جرير عن مغيرة، عن ابن يسار مولى لقمان، قال: جلد عثمان
امرأة في زنى، ثم أرسل بها مع مولى له يقال له المهري إلى خيبر، نفاها إليها " (7).

(1) المصنف 10: 84 ح 8852 - السنن الكبرى 8: 223.
(2) المصنف 10: 81 ح 8836 - كنز العمال 5: 334 ح 13101.
(3) السنن الكبرى 8: 223.
(4) المصنف 10: 82 ح 8840 - المحلى 11: 283.
(5) المصنف 10: 82 ح 8841 - مصنف عبد الرزاق 7: 310.
(6) المصنف 10: 82 ح 8842.
(7) المصنف 10: 83 ح 8847 - وعنه نصب الراية 3: 332.
153

7 - الموطأ: " حدثني مالك عن نافع، أن عبدا كان يقوم على رقيق الخمس،
وأنه استكره جارية من ذلك الرقيق، فوقع بها، فجلده عمر بن الخطاب ونفاه،
ولم يجلد الوليدة، لأنه استكرهها. " (1).
8 - وفيه: " حدثني مالك، عن نافع: أن صفية بنت ابن عبيد أخبرته أن أبا
بكر أتى برجل قد وقع على جارية بكر فأحبلها، ثم اعترف على نفسه بالزنا، ولم
يكن أحصن، فأمر به أبو بكر فجلد الحد، ثم نفي إلى فدك. " (2).
ورواه ابن أبي شيبة بتفاوت (3).
ورواه عبد الرزاق وفيه: " فجلد مائة " (4).
9 - عبد الرزاق: " قال: أخبرنا ابن جريج عن عطاء، قال: البكر يجلد مائة
وينفى سنة. " (5).
10 - وفيه: " عن ابن جريج قال: أخبرني ابن طاوس، عن أبيه، أنه قال:
في البكر يزني يجلد مائة ويغرب سنة. " (6).
11 - وفيه: " عن أبي حنيفة عن حماد [عن إبراهيم] قال: قال عبد الله بن
مسعود: في البكر يزني بالبكر: يجلدان مائة وينفيان سنة. " (7).

(1) الموطأ 2: ب 3 ح 15 - وعنه: نصب الراية 3: 332.
(2) الموطأ 2: 826 ح 13 ب 2 - نصب الراية 3: 331 - كنز العمال 5: 411 ح 13456.
(3) المصنف 10: 683 ح 8845 - السنن الكبرى 8: 223.
(4) مصنف عبد الرزاق 7: 311 ح 13311 و 13312 - المحلى 11: 184.
(5) مصنف عبد الرزاق 7: 309 ح 13306 - المحلى 11: 184.
(6) مصنف عبد الرزاق 7: 309 ح 13307.
(7) مصنف عبد الرزاق 7: 312 ح 13313 - و 315 ح 13327 - و 314 ح 13319 - نصب
الراية 3: 330 - كنز العمال 5: 421 ح 13490 - المعجم الكبير 9: 395 ح 9686.
154

قال الهيثمي: " اسناده منقطع وفيه ضعف. " (1).
12 - وفيه: " عبد الرزاق عن الثوري عن الأعمش عن مسروق قال:
البكران يجلدان أو ينفيان، والثيبان يرجمان ولا يجلدان... " (2).
13 - وفيه: " أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج عن نافع أن غلاما
لعمر وقع على وليدة من الخمس، استكرهها فأصابها، وهو أمير على ذلك
الرقيق، فجلده الحد ونفاه وترك الجارية فلم يجلدها من أجل أنه
استكرهها. " (3).
14 - وفيه: " عبد الرزاق عن ابن جريج قال: أخبرني هشام بن عروة عن
أبيه أن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب حدثه قال: توفي عبد الرحمن بن حاطب،
وأعتق من صلى من رقيقه وصام، وكانت له نوبية قد صلت وصامت، وهي
أعجمية لم تفقه، فلم يرع إلا حبلها، وكانت ثيبا، فذهب إلى عمر فزعا، فحدثه،
فقال له عمر: لأنت الرجل لا يأتي بخير، فأفزعه ذلك، فأرسل إليها، فسألها
فقال: حبلت؟ قالت: نعم، من مرغوش (4) بدرهمين، وإذا هي تستهل بذلك، لا
تكتمه، فصادف عنده عليا وعثمان وعبد الرحمن بن عوف، فقال: أشيروا علي!
وكان عثمان جالسا فأضطجع، فقال علي وعبد الرحمن: قد وقع عليها الحد. فقال:
أشر علي يا عثمان! فقال: قد أشار عليك أخواك. قال: أشر علي أنت! قال عثمان:
أراها تستهل به كأنها لا تعلمه، وليس الحد إلا (على) من علمه. فأمر بها فجلدت

(1) مجمع الزوائد 6: 365.
(2) مصنف عبد الرزاق 7: 329 ح 13361.
(3) مصنف عبد الرزاق 7: 358 ح 13470 - السنن الكبرى 8: 223 - نصب الراية 3:
332 - كنز العمال 5: 414 ح 13467.
(4) وهو اسم الزاني بها، قد خدعها بدرهمين.
155

مائة، ثم غربها، ثم قال: صدقت، والذي نفسي بيده ما الحد إلا على من علم. " (1).
قال الشيخ: وكان حدها الرجم، فكأنه درأ عنها حدها للشبهة بالجهالة،
وجلدها وغرب بها تعزيرا، والله أعلم (2).
15 - وفيه: " عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، فيمن زنى بذات محرم؟
قال: إن لم يكن أحصن، جلد مائة وغلظ عليه في الحبس والنفي. " (3).
16 - وفيه: " أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا عبيد الله بن عمر، عن نافع،
قال: جاء رجل إلى أبي بكر، فذكر أن ضيفا له افتض أخته استكرهها على
نفسها، فسأله، فاعترف، فضربه أبو بكر الحد، ونفاه سنة إلى فدك، ولم يضربها،
ولم ينفها لأنه استكرهها، ثم زوجها إياه أبو بكر، وأدخله عليها. " (4).
أورده البيهقي وفيه: " وأمر بهما فغربا عاما أو حولا. " (5).
17 - وفيه: " أخبرنا ابن جريج، قال: قلت لعطاء: رجل قال لرجل أربع
مرات: قد زنيت بفلانة وسماها؟ قال: يجلد مائة إن كان بكرا، وينفى سنة. " (6).
18 - المحلى: " عن عائشة: أتى رجل إلى عمر، فأخبره أن أخته أحدثت
وهي في سترها، وأنها حامل، فقال: أمهلها حتى إذا وضعت، واستقلت، فأذني

(1) مصنف عبد الرزاق 7: 403 ح 13644 و 13645 - المحلى 11: 184 - منتخب كنز
العمال 2: 405.
(2) السنن الكبرى 8: 239.
(3) مصنف عبد الرزاق 7: 200 ح 12778.
(4) مصنف عبد الرزاق 7: 204 ح 12799 - وعنه: نصب الراية 3: 332 - كنز العمال 5:
410 ح 13452 - و 13453 - وص 411 ح 13454.
(5) السنن الكبرى 8: 223.
(6) مصنف عبد الرزاق 1: 430 ح 13751.
156

بها... فلما وضعت جلدها مائة وغربها إلى البصرة عاما. " (1).
19 - المصنف: " أخبرنا ابن جريج، عن عطاء قال: لا يرجم إذا زنى بكر أو
ثيب بأمة، يجلدان مائة وينفيان، سنة. قال: كذلك أن زنت حرة بعبد. وكان يقول
قبل ذلك غير ذلك. حتى سمع عن حبيب بن ثابت يقول ذلك، فقاله. " (2).
20 - السنن الكبرى: "... عن نافع عن ابن عمر قال بينما أبو بكر في المسجد
جاءه رجل فلاث عليه بلوث من كلام وهو دهش، فقال أبو بكر لعمر قم فانظر في
شأنه، فإن له شأنا، فقام إليه عمر، قال: إنه ضافه ضيف فوقع بابنته. فصك عمر
في صدره وقال: قبحك الله إلا سترت على ابنتك، قال: فأمر بهما أبو بكر فضربا
الحد ثم تزوج أحدهما من الآخر وأمر بهما فغربا عاما أو حولا. " (3).
آراء فقهائنا
1 - قال ابن الجنيد: " إذا زنى غير المحصن جلد مائة وغرب سنة من بلده إذا
كان حرا، ولم يشترط الملاك. " (4).
2 - ابن أبي عقيل: " إذا كانا بكرين جلدا مائة ونفيا سنة و... " (5).
3 - الشيخ الصدوق: " والبكر والبكرة إذا زنيا جلدا مائة جلدة ثم ينفيان سنة
إلى غير مصرهما. " (6).

(1) المحلى 11: 184.
(2) المصنف 7: 336 ح 13391.
(3) السنن الكبرى 8: 223.
(4) مختلف الشيعة: 757.
(5) مختلف الشيعة: 757 - أنظر حياة ابن أبي عقيل وفقهه: 530.
(6) المقنع: 145 - وعنه المستدرك 18: 42 و 62.
157

وقال: " والذي قد أملك ولم يدخل بها مائة وينفى " (1).
4 - الشيخ المفيد: " وإذا زنى الرجل وقد - أملك - بامرأة وكان زناه قبل أن
يدخل بها جزت ناصيته وجلد مائة جلدة ونفي عن المصر حولا كاملا. " (2).
5 - الشيخ الطوسي: " البكر هو الذي ليس بمحصن، فإنه إذا زنى وجب عليه
جلد مائة ونفي سنة إلى بلد آخر إذا كان رجلا ولا نفي عندنا على المرأة، وفيهم
من قال: يجب عليها النفي أيضا. والنفي واجب عندنا وليس بمستحب وقال
بعضهم: هو مستحب موكول إلى اختيار الإمام إن رأى نفى وإن رأى حبس " (3).
وقال أيضا: " شرع في صدر الإسلام: إذا زنى الثيب أن تحبس حتى تموت،
والبكر أن تؤذى وتوبخ حتى تتوب قال الله تعالى: * (واللاتي يأتين الفاحشة من
نسائكم... إلى قوله... فأعرضوا عنهما) * (4) ثم نسخ هذا الحكم فأوجب على الثيب
الرجم وعلى البكر جلد مائة وتغريب عام. " (5).
وقال أيضا: " إذا وجب على رجل وامرأة حد الزنا ببينة أو بإقرارها أو بلعان
الزوج فالحكم واحد، فلا يخلوا إما أن يكون بكرا أو ثيبا، فإن كان بكرا لم تخل
إما أن تكون صحيحة أو مريضة فإن كانت صحيحة، فإن كان الهواء معتدلا لا حر
ولا برد، أقيم عليها حد الأبكار: جلد مائة وتغريب عام، وعندنا لا تغريب
عليها " (6).

(1) المقنع: 145.
(2) المقنعة: 775.
(3) المبسوط 8: 1.
(4) النساء: 15 - 16.
(5) المبسوط 8: 1 - أنظر 4: 343 يبدو منه أنه اتخذ خلاف ما هنا.
(6) المبسوط 5: 203 / اللعان.
158

وقال أيضا: " فإن لم يقم البينة حكم بفسقه، وسقطت شهادته حتى يتوب،
وعليه الحد ثمانون جلدة وإذا أقام البينة - وهو أربعة من الشهود - عليه بالزنا
سقط عنه الحد وزال ما حكم به من الفسق في الظاهر، ووجب على المقذوف حد
الزنا: جلد مائة وتغريب عام إن كان بكرا، والرجم إن كان محصنا بلا خلاف
لقوله تعالى: * (والذين يرمون المحصنات...) * " (1).
وقال في النهاية: " القسم الرابع وهو من يجب عليه الجلد ثم النفي فهو البكر
والبكرة، والبكر هو الذي قد أملك على امرأة ولا يكون قد دخل بها بعد، ثم
زنى، فإنه يجب عليه الجلد مائة، ونفي سنة عن مصره إلى مصر آخر بعد أن يجز
رأسه، والبكرة تجلد مائة وليس عليها جز الشعر ولا النفي على كل حال. " (2).
وقال في الخلاف: " البكر عبارة عن غير المحصن، فإذا زنى البكر جلد مائة
وغرب عاما، كل واحد منهما حد، إن كان ذكرا، وإن كان أنثى لم يكن عليها
تغريب. " (3).
6 - أبو الصلاح الحلبي: " وإن كان أحدهما محصنا بغائبة عنه أو حاضرة لا
يتمكن من الوصول إليها جلد مائة سوط وغرب عاما. " (4).
7 - سلار بن عبد العزيز: " إلا أن من زنى وهو لم يدخل بزوجته بعد، جلد
مائة وجزت ناصيته وغرب من المصر سنة. " (5).
8 - القاضي ابن البراج: " والبكر الذي ذكرناه. أنه هو الذي أملك بالمرأة ولم

(1) المبسوط 5: 182 / اللعان والآية في سورة النور: 4.
(2) النهاية: 694.
(3) الخلاف 2: 429 المسألة: 3.
(4) الكافي في الفقه: 405.
(5) المراسم: 253.
159

يدخل بها، يجب عليه مع الجلد جز شعره، والنفي عن بلده سنة وإذا كان امرأة لم
يجب عليها شئ من ذلك، ولا يجب عليها غير الحد. " (1).
وقال: " ومن يجب عليه النفي بالزنا، يجب نفيه عن البلد الذي زنى فيه إلى بلد
آخر سنة. " (2).
9 - علي بن حمزة الطوسي: " أما الزناة فضربان: أحدهما يستوي فيه
الاحصان وفقده والآخر لا يستويان، وما لا يستويان فيه أربعة أضرب:
... ثالثها: موجبة الجلد ثم النفي بعد جز الناصية وهو من زنى بعد أن عقد على
امرأة عقدا شرعيا دائما ولم يدخل بها... " (3).
10 - الراوندي: " قال الحسن وقتادة: إذا جلد البكر فإنه ينفى سنة وهو
مذهبنا... " (4).
11 - السيد ابن زهرة: " ومن الزناة من يجب عليه الجلد ثم النفي عاما إلى
مصر آخر وهو الرجل إذا كان بكرا بدليل الاجماع وقد روي من طرق المخالف
أنه (صلى الله عليه وآله) قال البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام. " (5).
12 - ابن إدريس: " القسم الثالث: من عدا ما ذكرناه من العقلاء الأحرار،
فإنه يجب عليه الجلد مائة سوط وتغريب عام من مصره إذا كان رجلا وجز شعره
على ما رواه أصحابنا... " (6).

(1) المهذب 2: 520.
(2) المهذب 2: 528.
(3) الوسيلة: 411.
(4) فقه القرآن 2: 369.
(5) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): 560.
(6) السرائر 3: 439 أنظر: 441.
160

وقال: " ومن يجب نفيه عن البلد الذي زنى فيه فإنه ينفى إلى بلد آخر
سنة. " (1).
13 - الفاضل الآبي: "... والذي لم يحصن يجلد مائة جلدة، ولا ينفى، والذي
قد أملك ولم يدخل بها، يجلد مائة وينفى... " (2).
14 - المحقق الحلي: " ويجز رأس البكر مع الحد ويغرب عن بلده سنة... والبكر
من ليس بمحصن، وقيل: الذي أملك ولم يدخل... " (3).
وقال في الشرائع: " وأما الجلد والتغريب، فيجبان على الذكر الحر غير
المحصن، يجلد مائة ويجز رأسه ويغرب عن مصره عاما مملكا كان أو غير مملك،
وقيل: يختص التغريب بمن أملك ولم يدخل، وهو مبني على أن البكر ما هو؟
والأشبه أنه عبارة عن غير المحصن وإن لم يكن مملكا. " (4).
15 - يحيى بن سعيد: " والمملك والمملكة إذا زنيا وهما حران جلد كل واحد
منهما مائة، ونفي الرجل الحر عن مصره سنة بعد حلق رأسه، فإن رجع لدون
السنة رد، ونفيه إلى أدنى بلد من بلاد الإسلام إلى الشرك... " (5).
16 - العلامة الحلي: "... وإن كان غير محصن جلد مائة سوط وحلق رأسه
وغرب عن البلد [سنة خ ل] " (6).
17 - وقال في القواعد: " الرابع جلد مائة ثم الجز والتغريب والنفي عن بلد

(1) السرائر 3: 454.
(2) كشف الرموز 2: 547.
(3) المختصر النافع: 215.
(4) شرائع الإسلام 4: 155.
(5) الجامع للشرائع: 550.
(6) تبصرة المتعلمين: 185.
161

وهو حد البكر غير المحصن الذكر الحر، واختلف في تفسير البكر، فقيل هو من
أملك ولم يدخل وقيل: غير المحصن مطلقا سواء أملك أو لا... " (1).
18 - وقال في الارشاد: " الجلد والجز والتغريب: وهو واجب على الذكر الحر
غير المحصن، وهل يشترط أن يكون ممكنا؟ قولان: ويجلد مائة ويجز رأسه
ويغرب عن مصره سنة. " (2).
19 - وقال في التحرير أيضا: " لو عاد البكر من التغريب قبل الحول أعيد
تغريبه حتى يكمل الحول مسافرا ويبنى على ما مضى، وينبغي أن يغرب عن بلده
أو قريته إلى موضع آخر حسب ما يراه الإمام وليس للمسافة حد محدود. فلو
غربه إلى ما دون مسافة القصر جاز ولا يحبس في البلد الذي ينفى إليه، فإن زنى
الغريب غرب إلى بلد غير وطنه. وإن زنى في البلد الذي غرب إليه غرب منه إلى
غير البلد الذي غرب منه. " (3).
وقال قبل ذلك: " الجلد والتغريب والجز يجب على البكر الحر الذكر غير
المحصن، والمراد بالبكر هو الذي أملك ولم يدخل، فإنه يجب عليه جلد مائة ويجز
رأسه ويغرب عن مصره إلى غيره سنة. " (4).
واختار في المختلف ما اختاره الشيخ في النهاية في معنى البكر وحكمه (5).
20 - أمين الإسلام الطبرسي: " البكر عبارة عن غير المحصن، فإذا زنى البكر
جلد مائة وغرب عاما، كل واحد منهما حد، هذا إذا كان ذكرا وإن كان أنثى لم

(1) قواعد الأحكام 2: 252.
(2) الارشاد 2: 173.
(3) تحرير الأحكام 2: 223.
(4) تحرير الأحكام 2: 222.
(5) مختلف الشيعة: 757.
162

يكن عليها تغريب وبه قال مالك. " (1).
21 - الفاضل المقداد: " الأمر بالجلد مائة... وهذا الحكم مخصوص بالسنة
والكتاب أما السنة فبالزيادة تارة كما في حق البكر الذكر، فإنه يزاد التغريب سنة
لقوله (صلى الله عليه وآله) البكر بالبكر. ومنعه أبو حنيفة، والخبر يبطل قوله، وكذا عمل
الصحابة، وقوله إن الآية ناسخة للخبر ضعيف لأن عدم ذكر التغريب ليس ذكرا
لعدمه، لتكون ناسخة له، وفعل الصحابة متأخر عن الآية فكيف يكون التغريب
منسوخا بها. " (2).
22 - الشهيدان: " ورابعها الجلد والجز والتغريب، ويجب الثلاثة على الزاني
الذكر الحر غير المحصن وإن لم يملك أي يتزوج من غير أن يدخل لاطلاق الحكم
على البكر وهو شامل للقسمين بل هو على غير المتزوج أظهر ولاطلاق قول
الصادق (عليه السلام) إذا زنى الشاب... والتغريب نفيه عن مصره بل مطلق وطنه إلى
آخر قريبا كان أم بعيدا بحسب ما يراه الإمام (عليه السلام) مع صدق اسم الغربة، فإن كان
غريبا غرب إلى بلد آخر غير وطنه والبلد الذي غرب منه عاما هلاليا فإن رجع
إلى ما غرب منه قبل إكماله أعيد حتى يكمل بانيا على ما سبق وإن طال
الفصل... " (3).
23 - الشيخ البهائي: " جلد مائة وجز الرأس والتغريب وهذا حد البكر... " (4).
24 - المجلسي الأول: " لو لم يكن محصنا يجلد ويجز رأسه ويغرب سنة... " (5).

(1) المؤتلف من المختلف 2: 387.
(2) كنز العرفان 2: 341.
(3) الروضة البهية 9: 109 - أنظر مسالك الأفهام 2: 428.
(4) جامع عباسي: 420.
(5) فقه (فارسي): 201 - ومثله المجلسي الثاني في كتاب " حدود، قصاص، ديات ": 16.
163

25 - الحر العاملي: " والذي أملك ولم يدخل يجلد مائة وينفى سنة إلى مصر
آخر. " (1).
26 - الفيض الكاشاني: اكتفى بنقل الخلاف في معنى المحصن (2).
27 - الفاضل الهندي: " الرابع من الأقسام جلد مائة ثم جز والتغريب وهو
حد البكر غير المحصن. " (3).
28 - السيد الطباطبائي: " ويجز أي يحلق رأس البكر مع الحد وجلد مائة
ويغرب وينفى عن بلده التي جلد فيها - سنة بلا خلاف أجده في الجملة " (4).
29 - الشيخ محمد حسن النجفي: " وأما الجلد والتغريب فيجبان على الذكر
غير المحصن وكذا الجز، فيجلد حينئذ مائة ويجز رأسه ويغرب عن مصره عاما
مملكا أو غير مملك. " (5).
30 - الشيخ المامقاني: " أما الجلد والتغريب فيجبان على الذكر غير المحصن
إذا عقد على امرأته ولم يدخل بها وكذا الجز فيجلد حينئذ مائة ويجز رأسه وينفى
عن المصر الذي جلد فيه سنة. " (6).
31 - الشيخ الوالد: " ولو كان الزاني غير محصن بأن لم يكن له زوجة أصلا
حتى يتمكن من وطئها، أو له الزوجة أو المملوكة ولكن بعيدة عنه بحيث لا يتمكن
من وطئها في أي وقت شاء، كما هو الشأن في الاحصان، جلد مائة سوط وحلق

(1) بداية الهداية 2: 457.
(2) مفاتيح الشرائع 2: 71.
(3) كشف اللثام 2: 219.
(4) رياض المسائل 2: 469 - ومثله الشرح الصغير 3: 242.
(5) جواهر الكلام 41: 323.
(6) مناهج المتقين: 498.
164

رأسه وغرب عن البلد الذي فعل هذا العمل مدة سنة كاملة بلا خلاف
اجماعا. " (1).
32 - السيد الخميني: " الخامس: الجلد والتغريب والجز، وهي حد البكر،
وهو الذي تزوج ولم يدخل بها على الأقرب. وحد النفي سنة. " (2).
33 - السيد الخوئي: " قد عرفت أن الزاني إذا لم يكن محصنا يضرب مائة
جلدة ولكن مع ذلك يجب جز شعر رأسه أو حلقه، ويغرب عن بلده سنة كاملة.
وهل يختص هذا الحكم - وهو جز شعر الرأس أو الحلق والتغريب - بمن أملك ولم
يدخل بها أو يعمه وغيره؟ فيه قولان، الأظهر هو الاختصاص، أما المرأة فلا جز
عليها بلا إشكال.
وأما التغريب ففي ثبوته إشكال، والأقرب الثبوت. " (3).
34 - السيد السبزواري: " القسم الخامس: الجلد والتغريب وحلق الرأس
وهي على من تزوج امرأة ولم يدخل بها وزنى. " (4).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - الشافعي: " النفي ثلاثة وجوه: والنفي في السنة وجهان أحدهما ثابت
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو نفي البكر الزاني يجلد مائة وينفى سنة، وقد روي عن
رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: " لأقضين بينكما بكتاب الله عزو جل " ثم قضى بالنفي
والجلد على البكر... وقد رأيت أصحابنا يعرفون هذا - نفي المخنث - ويقولون به

(1) ذخيرة الصالحين 8: 41.
(2) تحرير الوسيلة 2: 418 المسألة: 2.
(3) مباني تكملة المنهاج 2: 201 المسألة 157.
(4) مهذب الأحكام 27: 334.
165

حتى لا أحفظ عن أحد منهم أنه خالف فيه وإن كان لا يثبت كثبوت نفي الزنا " (1).
وقال أيضا: " فإن قال قائل لا أنفي أحدا فقيل لبعض من يقول قوله: ولم
رددت النفي في الزنا وهو ثابت عن النبي (صلى الله عليه وآله) وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي
وابن مسعود والناس عندنا إلى اليوم... " (2).
2 - المدونة: " قلت: أرأيت البكرين إذا زنيا هل ينفيان جميعا الجارية والفتى
في قول مالك أم لا نفي على النساء في قول مالك، وهل يفرق بينهما في النفي، ينفى
هذا إلى موضع وهذا إلى موضع آخر، وهل يسجنان في الموضع الذي ينفيان إليه
في قول مالك أم لا؟ (قال) قال مالك: لا نفي على النساء ولا على العبيد ولا
تغريب قلت: فهل يسجن الفتى في الموضع الذي ينفى إليه في قول مالك. قال:
نعم، يسجن ولولا أنه يسجن لذهب في البلاد.
وقال مالك: لا ينفى إلا زان أو محارب ويسجنان جميعا في الموضع الذي
ينفيان إليه يحبس الزاني سنة، والمحارب حتى تعرف له توبة. " (3).
3 - البستي: ذيل قوله (عليه السلام) خذوا عني: " وفيه اثبات النفي على الزاني
والتغريب له سنة وهو قول عامة العلماء من السلف وأكثر الخلف وإنما لم ير
التغريب منهم أبو حنيفة ومحمد بن الحسن. " (4).
4 - أبو يعلى: " باب التعزير: وعامة نفيه مقدر بما دون الحول، ولو بيوم لئلا
يصير مساويا لتغريب الحول في الزنا. " (5).

(1) الأم 6: 146.
(2) الأم 6: 134.
(3) المدونة الكبرى 6: 236.
(4) معالم السنن 3: 324.
(5) الأحكام السلطانية: 279.
166

5 - الماوردي: " أما البكر فهو الذي لم يطأ زوجة بنكاح... واختلف الفقهاء
في تغريبه مع الجلد. فمنع منه أبو حنيفة اقتصارا على جلده، وقال مالك يغرب
الرجل ولا تغرب المرأة. وأوجب الشافعي تغريبها عاما عن بلدها إلى مسافة
أقلها يوم وليلة... " (1).
6 - ابن حزم: " وأما نفي الزاني فإن الناس اختلفوا فيه فقالت طائفة: الزاني
غير المحصن يجلد مائة وينفى سنة الحر والحرة ذات الزوج وغير ذات الزوج في
ذلك سواء وأما العبد الذكر فكالحر وأما الأمة فجلد خمسين ونفي ستة أشهر. وهو
قول الشافعي وأصحابه وسفيان الثوري والحسن بن حي وابن أبي ليلى، وقالت
طائفة: ينفى الرجل الزاني جملة ولا تنفى النساء وهو قول الأوزاعي، وقالت
طائفة: ينفى الحر الذكر ولا تنفى المرأة الحرة ذات زوج كانت أو غير ذات زوج
ولا الأمة ولا العبد وهو قول مالك وأصحابه وقالت طائفة لا نفي على زان أصلا
ولا على ذكر ولا على أنثى ولا حر ولا عبد ولا أمة وهو قول أبي حنيفة
وأصحابه. " ثم نقل الروايات الدالة على ذلك ثم قال: " فكانت هذه آثارا
متظاهرة رواها ثلاثة من الصحابة: عبادة بن الصامت وأبو هريرة وزيد بن خالد
الجهني بايجاب تغريب عام مع جلد مائة على الزاني الذي لم يحصن مع إقسام
النبي (صلى الله عليه وآله) بالله تعالى في قضائه به أنه كتاب الله تعالى... " (2).
7 - السرخسي: "... فأما الحديث فقد بينا أن الجمع بين الجلد والتغريب كان
في الابتداء ثم انتسخ بنزول سورة النور والمراد بالتغريب الحبس على سبيل
التعزير، قيل في تأويل قوله تعالى: * (أو ينفوا من الأرض) * إنه الحبس... ونحن
نقول يحبس بطريق التعزير حتى تظهر توبته، وإن ثبت النفي على أحد فذلك

(1) الأحكام السلطانية: 223.
(2) المحلى 11: 186.
167

بطريق المصلحة لا بطريق الحد " (1).
8 - الموصلي: " ولا يجمع على غير المحصن الجلد والنفي لقوله تعالى:
* (الزانية والزاني فاجلدوا) * وأنه بيان لجميع الحكم لأنه كل المذكور، أو لأنه ذكره
بحرف الفاء وهو الجزاء فلا يزاد عليه إلا بدليل يساويه أو يترجح عليه، إذ
الزيادة على النص نسخ، ولأن النفي يفتح عليها باب الزنا لقلة استحيائها من
عشيرتها. وفيه قطع المادة عنها فربما اتخذت ذلك مكسبا وفيه من الفساد ما لا
يخفى. وإليه الإشارة بقول علي (عليه السلام) كفى بالتغريب فتنة. وأما قوله (صلى الله عليه وآله): " البكر
بالبكر جلد مائة وتغريب عام " قلنا الآية متأخرة عنه فنسخته، بيانه: أن الجلد
في الأصل كان الايذاء لقوله تعالى: * (فآذوهما) *، ثم نسخ بالحبس بقوله تعالى:
* (فأمسكوهن في البيوت...) *.
قال: إلا أن يراه الإمام مصلحة فيفعله بما يراه. فيكون سياسة وتعزيرا لا
حدا، وهو تأويل ما روي من التغريب عن النبي (صلى الله عليه وآله). " (2).
9 - ابن رشد القرطبي: " فإنه اكتفى بنقل الخلاف بين أبي حنيفة والشافعي
ومالك، ولم يختر جانبا. " (3).
10 - ابن قدامة: " مسألة: وإذا زنى الحر البكر جلد مائة وغرب عاما...
ويجب مع الجلد تغريبه عاما في قول جمهور العلماء روي ذلك عن الخلفاء
الراشدين وبه قال أبي وأبو داود وابن مسعود وابن عمر وإليه ذهب عطاء
وطاوس والثوري وابن أبي ليلى والشافعي وإسحاق وأبو ثور. وقال مالك
والأوزاعي يغرب الرجل دون المرأة...

(1) المبسوط 9: 45.
(2) الاختيار 4: 86.
(3) بداية المجتهد 2: 436.
168

وقال بعد نقل حديث العسيف وهذا يدل على أن هذا كان مشهورا عندهم من
حكم الله تعالى وقضاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد قيل إن الذي قال له هذا هو أبو بكر
وعمر. ولأن التغريب فعله الخلفاء الراشدون ولا نعرف لهم في الصحابة مخالفا
فكان اجماعا ولأن الخبر يدل على عقوبتين في حق الثيب وكذلك في حق البكر،
وما رووه عن علي لا يثبت لضعف رواته وارساله وقول عمر لا أغرب بعده
مسلما فيحتمل أنه تغريبه في الخمر الذي أصابت الفتنة ربيعة فيه. ".
ثم قال: " ويغرب البكر الزاني حولا كاملا فإن عاد قبل مضي الحول أعيد
تغريبه حتى يكمل الحول مسافرا ويبنى على ما مضى ويغرب الرجل إلى مسافة
القصر لأن ما دونها في حكم الحضر بدليل أنه لا يثبت في حقه أحكام
المسافرين... " (1).
11 - القرشي: " وإن كان بكرا فالحد وتغريب عام، والبكر هو الذي لم يطأ
زوجة بنكاح صحيح، واختلف الفقهاء في تغريبه بعد الحد، فمنع أبو حنيفة منه
اقتصارا على جلده وقال مالك يغرب الرجل ولا تغرب المرأة، وأوجب الشافعي
تغريبهما عاما عن بلدهما إلى مسافة أقلها يوم وليلة. وحد الكافر والمسلم سواء
عند الشافعي في الجلد والتغريب... " (2).
12 - النووي: " وإن زنى الحر غير المحصن جلد مائة جلدة وغرب إلى مسافة
قصر، لأن أحكام السفر من القصر والفطر لا تثبت بدونه. " (3).
13 - المرداوي: " وإن زنى الحر غير المحصن، جلد مائة جلدة، وغرب عاما

(1) المغني 8: 168.
(2) معالم القربة: 278.
(3) المجموع 20: 14 - أنظر: 16.
169

إلى مسافة القصر. " (1).
14 - القسطلاني: " وحكى ابن نصر في كتاب الاجماع الاتفاق على نفي الزاني
إلا عند الكوفيين وعليه الجمهور، وادعى الطحاوي أنه منسوخ. " (2).
15 - البهوتي: " وإن زنى حر غير محصن جلد مائة بلا خلاف للخبر، وغرب
إلى ما يراه الإمام لا هو عاما ولو أنثى، مسلما كان أو كافرا لعموم الخبر ولأنه
حد ترتب على الزاني فوجب على الكافر كالقود. " (3).
16 - محمد بن إسماعيل الصنعاني: " وقوله نفي سنة: فيه دليل على وجوب
التغريب للزاني البكر عاما وأنه من تام الحد وإليه ذهب الخلفاء الأربعة ومالك
والشافعي وأحمد وإسحاق. وغيرهم وادعي فيه الاجماع.
وذهبت الهادوية والحنفية إلى أنه لا يجب التغريب، واستدل الحنفية بأنه لم
يذكر في آية النور، فالتغريب زيادة على النص، وهو ثابت بخبر الواحد فلا يعمل
به لأنه يكون ناسخا.
وجوابه أن الحديث مشهور لكثرة طرقه وكثرة من عمل به من الصحابة وقد
عملت الحنفية بمثله بل بدونه كنقض الوضوء من القهقهة وجواز الوضوء بالنبيذ
وغير ذلك مما هو زيادة على ما في القرآن وهذا منه. وقال ابن المنذر: أقسم
النبي (صلى الله عليه وآله) في قصة العسيف أنه يقضي بكتاب الله ثم قال: " إن عليه جلد مائة
وتغريب عام، وهو المبين لكتاب الله. وخطب بذلك عمر على رؤوس المنابر " (4).
17 - الشوكاني: "... وفي هذا الحديث - العسيف - دليل على ثبوت التغريب

(1) الانصاف 10: 173.
(2) إرشاد الساري 10: 26.
(3) شرح منتهى الإرادات 3: 344 - ومثله في الروض المربع: 346.
(4) سبل السلام 4: 5.
170

ووجوبه على من كان غير محصن... والحاصل أن أحاديث التغريب قد جاوزت
حد الشهرة المعتبرة عند الحنفية فيما ورد من السنة زائدا على القرآن، فليس لهم
عنها بذلك وقد عملوا بما هو دونها بمراحل... وظاهر الأحاديث المذكورة في
الباب أن التغريب هو نفي الزاني عن محله سنة. " (1).
18 - وقال في الدراري: " إن كان بكرا حرا جلد مائة جلدة وبعد الجلد يغرب
عاما. " (2).
19 - وقال في شرحه: "... وقد ذهب إلى تغريب الزاني الذي لم يحصن
الجمهور حتى ادعى محمد بن نصر في كتاب الاجماع الاتفاق على نفي الزاني البكر
إلا عن الكوفيين وقد حكى ابن المنذر أنه عمل بالتغريب الخلفاء الراشدون، ولم
ينكره أحد فكان اجماعا. ولم يأت من لم يقل بالتغريب بحجة نيرة، غاية ما
تمسكوا به عدم ذكره في بعض الأحاديث وذلك لا يستلزم العدم... " (3).
20 - الجزيري: " اختلف الفقهاء في ذلك - الجمع بين الجلد والتغريب -
المالكية قالوا: يجب تغريب البكر الحر الزاني غير المحصن، بعد إقامة حد الجلد
عليه بعيدا عن موطنه الذي يقيم فيه مسافة قصر، ولمدة عام، لتقبيح الزنا في
عين الزاني، ورحمة به لبعده عن المكان الذي حصل فيه الزنا، لأنه يحصل له
أذى وخزي كلما رآه أهل بلده وجيرانه ويحتقرونه في المساجد والمجتمعات
ويحصل لهم الإثم من تعييره، فتغريبه أفضل له ولهم.
وأما المرأة الزانية فلا تغرب عن بلدها خوفا من شيوع الفتنة وانتشار الفساد
ولأنها وفي تغريبها تضييع لها...

(1) نيل الأوطار 7: 89.
(2) الدر البهية: 221.
(3) الدراري المضيئة: 223.
171

الحنفية: لا يجوز الجمع بين الجلد والتغريب وإنما يترك - أي التغريب - الرأي
للإمام. ويكون من باب التعزير فإن رأى الإمام فيه فائدة غربه وإن لم ير فيه
فائدة فلا يبعده عن وطنه...
الشافعية والحنابلة - قالوا: إنه يجمع في حق الزانيين البكرين الحرين
العاقلين بين الجلد والتغريب إلى حد تقصر فيه الصلاة. " (1).

(1) الفقه على المذاهب الأربعة 5: 64 - مثله الفقه الإسلامي وأدلته 6: 39.
172

فروع ومسائل
1 - التغريب واجب أم مستحب؟
2 - التغريب حد أم تعزير؟
3 - مدة التغريب.
4 - المراد بالسنة: الهلالية أم الشمسية؟
5 - ابتداء العام، من أول السفر، أو من وصوله إلى المنفى.
6 - هل يجوز الزيادة على السنة؟
7 - حكم العودة من المنفى.
8 - لو عاد المغرب: هل يبنى على ما مضى أو يستأنف؟
9 - مراعاة الترتيب بين الجلد والنفي.
10 - هل ينفى المريض؟
11 - حكم التغريب إذا ترتبت عليه مفسدة.
12 - الزاني والزانية هل يغربان إلى بلدة واحدة؟
13 - حد التغريب ومسافته.
14 - حكم التغريب إلى بلاد الشرك.
ومسائل أخر.
173

فروع ومسائل
الأول: التغريب واجب أم مستحب؟
الظاهر من النصوص وفتاوى الفقهاء، أنه واجب، وعن بعض العامة، القول
بالاستحباب، وذلك على مبناهم: من أن النفي تعزير موكول إلى اختيار الإمام،
إن شاء غرب، وإن شاء حبس، وإن شاء ترك، وقد تعرض شيخ الطائفة،
الطوسي، وابن فهد الحلي - من فقهائنا - لهذه المسألة.
1 - فقال: " والنفي واجب عندنا، وليس بمستحب. وقال بعضهم: هو
مستحب، موكول إلى اختيار الإمام، إن رأى نفى، وإن رأى حبس. " (1).
2 - وقال ابن فهد: " والنفي يجب في ثلاث مواضع قدمناها: 1 - زنا البكر،
وحده عام. " (2).
الثاني: التغريب حد أم تعزير؟
اتفقت الإمامية على أن التغريب حد، كما أن الجلد حد، وهو رأي جمهور

(1) المبسوط 8: 3.
(2) المهذب البارع 5: 64.
175

العامة، وخالف فيه أبو حنيفة وأتباعه، فزعموا أنه تعزير يرجع فيه إلى اجتهاد
الإمام، فإن رأى حبس، وإن رأى غرب.
دليل القول الأول: 1 - ظاهر الأخبار. 2 - أمر النبي (صلى الله عليه وآله) وفعله، سيما في
قصة العسيف " جلد مائة وتغريب عام ". فحمل الأخبار وفعل النبي (صلى الله عليه وآله) على
التعزير، وتأويله يحتاج إلى دليل.
وقد تعرض الشيخ الطوسي لهذا الفرع، وتبعه الصيمري في تلخيص الخلاف وغيره.
دليل القول الثاني: دعوى أن آية الجلد (1) ناسخة للجمع بين الجلد والتغريب
الذي كان في ابتداء الإسلام. وهو كما ترى، مجرد ادعاء. وهناك أدلة أخرى، لا
ترجع إلى محصل، فراجع (2).
آراء فقهائنا:
1 - الشيخ الطوسي: "... فإذا زنى البكر، جلد مائة وغرب عاما كل واحد
منهما حد... وقال أبو حنيفة الحد هو الجلد فقط، والتغريب ليس بحد، وإنما هو
تعزير إلى اجتهاد الإمام، وليس بمقدر، فإن رأى الحبس فعل، وإن رأى التغريب
إلى بلد آخر فعل، من غير تقدير...
أما الدليل على أنهما حدان، ظاهر الأخبار، وأن النبي (صلى الله عليه وآله) فعل ذلك وأمر
به، فمن حمل ذلك على التعزير أو جعله إلى اجتهاد الإمام فعليه الدليل. " (3).
2 - الصيمري: فإنه بعد نقله قول الشيخ في الخلاف وقول أبي حنيفة، قال:

(1) النور: 2.
(2) روائع البيان 2: 28.
(3) الخلاف 2: 439.
176

" المعتمد قول الشيخ، واستدل باجماع الفرقة وأخبارهم. " (1).
3 - الكاظمي: " إن ايجاب الجلد في الآية لا ينافي ايجاب التغريب وعدمه، بل
يحصل مع كل منهما. فلا إشعار في الآية بأحد القسمين، إلا أن عدم التغريب لما
كان موافقا للبراءة الأصلية كان ايجابه بخبر الواحد لا يزيل إلا محض البراءة،
فلا يلزم نسخ القرآن به... ولا استبعاد في عدم اشتهار بعض الأحكام، كأكثر
المخصصات، والأخبار الواردة في نفي التغريب، معارضة بأخبار أخر دلت على
ثبوته. " (2).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - السرخسي: "... فأما الحديث، فقد بينا أن الجمع بين الجلد والتغريب
كان في ابتداء الإسلام، ثم انتسخ بنزول سورة النور.
والمراد بالتغريب، الحبس على سبيل التعزير، قيل في تأويل قوله تعالى:
* (... أو ينفوا من الأرض...) * (3) إنه الحبس... ونحن نقول (4): يحبس بطريق
التعزير حتى تظهر توبته، وإن ثبت النفي على أحد، فذلك بطريق المصلحة لا
بطريق الحد كما نفى رسول الله (صلى الله عليه وآله) " (5).
2 - الموصلي: " إلا أن يراه - أي التغريب - الإمام مصلحة فيفعله بما يراه،

(1) تلخيص الخلاف 3: 221.
(2) مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام 4: 211.
(3) المائدة: 33.
(4) نقل الراوندي عن الجبائي: " أن النفي يجوز من طريق اجتهاد الإمام. " أنظر فقه القرآن
2: 369.
(5) المبسوط 9: 45.
177

فيكون سياسة وتعزيرا، لا حدا، وهو تأويل ما روي من التغريب عن
النبي (صلى الله عليه وآله) " (1).
3 - الكاساني: "... لنا: قوله عز وجل: * (الزانية والزاني...) * (2) والاستدلال
به من جهتين: أحدهما أنه عز وجل أمر بجلد الزانية والزاني، ولم يذكر التغريب،
فمن أوجبه، فقد زاد على كتاب الله عز وجل، والزيادة عليه نسخ، ولا يجوز
نسخ النص بخبر الواحد.
والثاني: أنه سبحانه جعل الجلد جزاء، والجزاء اسم لما تقع به الكفاية، فلو
أوجبنا التغريب، لا تقع الكفاية بالجلد، وهذا خلاف النص. ولأن التغريب
تعريض للمغرب على الزنا، لأنه ما دام في بلده يمتنع عن العشائر والمعارف حياء
منهم، وبالتغريب يزول هذا المعنى فيعرى الداعي عن الموانع فيقدم عليه. " (3).
4 - القسطلاني: " قال بعد حديث العسيف: وقد تمسك بهذه الرواية من ذهب
إلى أن النفي تعزير، وأنه ليس جزء من الحد. وأجيب بأن الحديث يفسر بعضه
بعضا. وقد وقع التصريح في قصة العسيف من لفظ النبي (صلى الله عليه وآله) أن عليه جلد مائة
وتغريب عام وهو ظاهر في كون الكل حده، ولم يختلف على رواته في لفظه، فهو
أرجح من حكاية الصحابي مع الاختلاف. " (4).
5 - التركماني: " ما ورد في هذا الباب - الزنا - من النفي، محمول على أنه
كان تأديبا لرفع الفساد لا حدا، كما ينفى أهل الدعارة " (5).

(1) الاختبار 4: 186 - أنظر المجموع 20: 15.
(2) النور: 2.
(3) بدائع الصنائع 7: 39.
(4) إرشاد الساري 10: 26.
(5) السنن الكبرى 8: 222 (الهامش).
178

6 - الشوكاني: " وقد أجاب صاحب البحر عن أحاديث التغريب بأنه عقوبة
لا حد. ويجاب عن ذلك بالقول بموجبه، فإن الحدود كلها عقوبات والنزاع في
ثبوته، لا في مجرد التسمية. " (1).
7 - محمد الذهني: " تغريب عام - أي نفي سنة - وهذا عندنا ليس بطريق الحد
بل بطريق المصلحة التي رآها الإمام من السياسة " (2).
8 - الصابوني: " يرى أبو حنيفة أن حد الزاني البكر هو الجلد مائة جلدة وأن
النفي ليس من الحد في شئ وأنه مفوض إلى رأي الإمام، إن شاء غرب وإن
شاء ترك.
ويرى الجمهور - مالك والشافعي وأحمد - أن حده الجلد مائة جلدة وتغريب
عام...
واستدل الجمهور: 1 - بحديث عبادة بن الصامت.
2 - قصة العسيف.
3 - قالوا: وقد تكرر ذكر النفي في قصة العسيف على أنه
من الحد، ولا مانع من الزيادة على حكم الآية بخبر
الآحاد، فقد أنزل الله الجلد - قرآنا - وبقي التغريب في
البكر - سنة -... " (3).
9 - الشيخ السايس: " ويمكن الجمع بين هذه الأخبار بابقاء الآية على حكمها،
وأن الجلد هو تمام الحد، وجعل النفي على وجه التعزير، ويكون النبي (صلى الله عليه وآله) قد
رأى في ذلك الوقت نفي البكر لأنهم كانوا حديثي عهد بالجاهلية فرأى ردعهم

(1) نيل الأوطار 7: 89.
(2) هامش صحيح مسلم 2: 111.
(3) روائع البيان 2: 29 - أنظر: مغني الحكام 2: 29.
179

بالنفي بعد الجلد كما أمر بشق روايا (1) الخمر، وكسر الأواني، لأنه أبلغ في
الزجر وأحرى بقطع العادة. " (2).
الثالث: مدة التغريب:
المشهور عندنا أن مدة نفي الزاني عام واحد، بلا زيادة ولا نقيصة. وبه
تظافرت النصوص - من الفريقين - ففي رواية زرارة، ومحمد بن قيس عن أبي
جعفر (عليه السلام): نفي سنة وهكذا في رواية محمد بن حفص عن الصادق (عليه السلام) ورواية
مثنى الحناط، ورواية علي بن جعفر، وصحيحة الحلبي، ورواية النوادر، وفي
موثقة حنان ينفى عن المصر حولا، وفي رواية عبد الرحمن: ينفيهما سنة،
وكذلك في النبوي الشريف عن العوالي. وما في فقه الرضا (عليه السلام).
أما ما ورد من غير طريقنا: فعن أبي هريرة، والجهني كما في البخاري،
ورواية أبي هريرة كما في الطيالسي، ورواية عبادة بن الصامت كما في صحيح
مسلم، ورواية عمرو بن شعيب كما في المصنف، ورواية المحلى: أن النفي سنة.
وقد نقل ذلك عن الصحابة والتابعين كما أن المذهب عندهم هو النفي سنة. نعم
خالف فيه الحنفية فأفتوا بأقل من ذلك جريا على مبناهم من أن التغريب تعزير
لا حد، فيرجع أمره إلى الحاكم أو إلى أن يتوب. هذا: ولكن: بعض النصوص
- عندنا - خالية من التحديد كما في رواية زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) وموثقة
سماعة. وأبي بصير، ومرسلة الدعائم ورواية إسماعيل بن زياد، ورواية المقنع،
لكن مع ضعف بعضها تحمل على المقيدات. كما يحمل اطلاق كلام ابن

(1) الرويا من الإبل: الحوامل للماء، واحدتها راوية، فشبهها بها. ومنه سميت المزادة راوية.
النهاية لابن الأثير 2: 279 (مادة روي)، أنظر مجمع البحرين 1: 198.
(2) تفسير آيات الأحكام 3: 110.
180

حمزة والفاضل الآبي على المشهور - نفي سنة - ولا نطيل البحث في هذا الفرع.
وقد مرت مصادره في أول الفصل.
الرابع: هل المراد بالسنة الهلالية أم الشمسية؟
لم يرد نص في المقام ولكن اطلاق الروايات منصرفة إلى الهلالي، لأن الشهر
حقيقة في الهلالي منه دون العددي - الشمسي - فيكون هو المراد بمقتضى أصالة
الحقيقة وأصالة الظهور (1).
كما أن مقتضى دوران الأمر بين الأقل والأكثر هو الهلالي لأنه الأقل. ويؤيده
أن الهلالي هو الملاك في موارد أخرى من الشرع، مثل البلوغ المعتبر في
التكليف، والحول المعتبر في الزكاة (2)، وإن لم نعثر على تصريح في موارد أخرى
مثل المفقود عنها زوجها، بأن المراد بأربع سنين في ضرب الأجل هو الهلالي،
وكذلك في تعريف اللقطة. ولكنه منصرف إلى الهلالي أيضا. نعم صرح السيد
الأصفهاني في " وسيلة النجاة " (3)، في العدة أن المراد بالأشهر هي الهلالية، وتبعه
الشيخ الوالد والإمام الخميني والسيد الگلپايگاني.
هذا وتعرض لهذا الفرع، الشهيد السعيد في الروضة البهية ومن المعاصرين:
السيد الگلپايگاني في الدر المنضود والرملي من السنة في نهاية المحتاج.
ثم أن الفرق بين الهلالي والشمسي عشرة أيام تقريبا. وهذا فيما يلي آراء
فقهائنا.

(1) أنظر: مستند تحرير الوسيلة: 148 (الطلاق).
(2) الروضة البهية 2: 23.
(3) وسيلة النجاة 3: 249، المسألة: 15.
181

آراء فقهائنا:
1 - الشهيد الثاني: " والتغريب نفيه عن مصره... عاما هلاليا. " (1).
2 - السيد الگلپايگاني: " المراد من السنة والعام هو الهلالي. منها دون
الشمسي، فإن الأحكام الواردة من الشرع في الشهور والسنة محمولة على القمرية
كالحج والصوم والأشهر الحرم وسنة التكليف وغير ذلك... وعلى الجملة فالملاك
هو السنة القمرية... " (2).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - الرملي: " وتغريب عام: أي سنة هلالية. " (3).
الخامس: ابتداء العام، من أول السفر، أو من وصوله إلى المنفى:
هل المدة تحتسب من حين الإخراج من البلد - بلد الجلد، أو الفعل أو وطنه
على الخلاف، وسيأتي - أو من حين الدخول في البلد المنفي إليه؟
ظاهر بعض الروايات: هو الأول، وبعضها ظاهرة في الثاني، ولعل الاحتياط
يناسب الأول، وكذلك الأصل، وإليه مال بعض المعاصرين منا، وهو المعتمد عند
الشافعية، لكن المذهب عند المالكية: أن العام يبدأ من يوم سجن المغرب في
البلد التي غرب إليها (4).

(1) الروضة البهية 9: 109.
(2) الدر المنضود 1: 321 - قال المجلسي: " إن أكثر الأحكام الشرعية تترتب على الأشهر
القمرية " أنظر بيست وپنج رسالة فارسي: 402.
(3) نهاية المحتاج 7: 428.
(4) أنظر: أسنى المطالب مع حاشية الرملي 4: 129 - تحفة المحتاج 9: 109 - مغني المحتاج
4: 148 - الخرشي 8: 83 - الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 4: 322.
182

أما ما يدل على الأول:
1 - رواية عبد الله بن سنان: " نفي عن مصره سنة. " (1).
2 - رواية مثنى الحناط: " ينفى من الأرض سنة. " (2).
3 - رواية عبد الرحمن: " أن ينفيه من الأرض التي جلده فيها إلى غيرها
سنة " (3).
4 - رواية حنان: " نفي من المصر حولا. " (4).
أقول: وفي دلالتها على المطلوب، نظر.
ما يدل على الثاني:
1 - رواية محمد بن قيس: " ونفي سنة في غير مصرهما. " (5).
2 - رواية أبي بصير: " ونفي سنة في غير مصره. " (6).
وظاهر الأخيرتين أن مدة المكث - وهي السنة - لا بد من تصرمها في مصر
آخر غير مصره...
قال بعض المعاصرين: " لا ينبغي الإشكال في احتساب مدة النفي من بعد
الحكم به لا من حين الفجور، ولكنه هل من حين الخروج من المصر المنفي عنها،
أو من حين الدخول في المصر المنفي فيها؟ المستفاد من الروايات هو الأول. " (7).

(1) الفقيه 4: 27 ح 68.
(2) الكافي 7: 197 ح 4.
(3) النوادر 47: 377.
(4) التهذيب 10: 36 ح 124.
(5) الكافي 7: 177 ح 7.
(6) النوادر 45: 371.
(7) حدود الشريعة 4: 270.
183

أقول: على فرض التعارض بينهما، وعدم ما يترجح به إحدى الطائفتين من
المرجحات المنصوصة - مثل ما يكون مرجحا لسند أحد المتعارضين، كموافقة
الشهرة، وكون الراوي لأحدهما أوثق، أو أعدل أو أصدق، ومثل ما يكون
مرجحا لجهة الصدور ككون أحدهما مخالفا للعامة، ومثل ما يكون، مرجحا
لمضمون أحد المتعارضين كموافقة الكتاب - هل الوظيفة هي التخيير في الأخذ
بأحدهما، أو الأخذ بما يوافق الاحتياط (1)، وهو ما تدل عليه الطائفة الأولى (2).
ويؤيده: أن التغريب يتناوله من حين خروجه من بلده، ولو قلنا بغير ذلك
لأفضى إلى تغريبه أكثر من عام، فتأمل.
آراء المذاهب الأخرى:
1 - الرملي: " ابتداء العام: من أول السفر " (3).
2 - الشربيني: " ابتداء العام من حصوله في بلد التغريب في أحد وجهين:
أجاب به القاضي أبو الطيب، والوجه الثاني: من خروجه من بلد الزنا " (4).
السادس: هل يجوز الزيادة على السنة؟
لم أجد أحدا من فقهائنا تعرض لهذا الفرع بالخصوص، ولعله لوضوحه، إذ بعد
تحديد النفي بالعام في النصوص - من الفريقين - فالزيادة عليه، أو نقصانه يحتاج
إلى دليل.

(1) أنظر فوائد الأصول 4: 283 - 289.
(2) التي ظاهرها: الإحتساب من حين الخروج.
(3) نهاية المحتاج 7: 428.
(4) مغني المحتاج 4: 148.
184

اللهم إلا أن يقال: بأن التغريب عقوبة وتعزير لا حد - كما هو مذهب الحنفية -
وممن تعرض لهذا الفرع: شمس الدين المقدسي في الفروع، وأبو إسحاق في المهذب.
آراء المذاهب الأخرى:
1 - أبو إسحاق: " وإن رأى أن يزيد على سنة لم يجز لأن السنة منصوص
عليها، والمسافة يجتهد فيها. " (1).
2 - شمس الدين المقدسي: " وإن رأى زيادة على الحول لم يجز، لأن مدة
الحول منصوص عليها، فلم يدخلها الاجتهاد. " (2).
أقول: ويجوز عند مالك أن يزيد التغريب في التعزير عن سنة. مع أن التغريب
عنده في الزنا حد، لأنه يقول بنسخ حديث " من بلغ حدا في غير حد فهو من
المعتدين " (3).
والراجح عند المالكية: " أن للإمام أن يزيد في التعزير عن الحد مع مراعاة
المصلحة غير المشوبة بالهوى. " (4).
لكن عندنا: أنه حد، ومقدر بالعام. فلا معنى للاجتهاد في مقابل النصوص.
السابع: حكم العودة من المنفى:
لو عاد المغرب من المنفى، فتارة يعود إلى بلد الفاحشة أو بلد الجلد فيجب
رده لوجوب النفي عن البلد المذكور سنة، وأخرى يرجع إلى موطنه، فعن العلامة
الحلي في القواعد والفاضل الهندي في كشف اللثام، عدم وجوب رده فيما لو كان

(1) المهذب 2: 271.
(2) أنظر: المجموع 20: 14.
(3) أنظر الشرح الصغير 4: 504 - الموسوعة الفقهية الكويتية 12: 270.
(4) أنظر الشرح الصغير 4: 504 - الموسوعة الفقهية الكويتية 12: 270.
185

غريبا لأن الواجب نفيه عن بلد الجلد والفاحشة، مع أنه لم يرجع إليهما.
وقد تعرضنا سابقا إلى الخلاف في ذلك وتعرضنا لتحديد البلد المنفي عنه
وانتهينا إلى أن ظاهر الأدلة هو النفي عن بلد الجلد والفاحشة وموطنه، جميعا
هذا وقد تعرض الآخرون من فقهائنا إلى هذا الفرع ووجوب رده لكن من دون
الإشارة إلى هذا التفصيل.
منهم يحيى بن سعيد في الجامع، والشهيدان في الروضة.
ومن العامة: أبو إسحاق في المهذب، والبهوتي في شرح منتهى الإرادات.
آراء فقهائنا:
1 - يحيى بن سعيد: " فإن رجع لدون السنة رد " (1).
2 - العلامة الحلي: " ولو عاد البكر من التغريب قبل الحول، أعيد تغريبه حتى
يكمل الحول مسافرا ويبنى على ما مضى. " (2).
3 - وقال في القواعد: " والغريب يخرج إلى غير بلده فإن رجع إلى بلده لم
يتعرض له، ولو رجع إلى بلد الفاحشة قبل الحول، طرد. " (3).
4 - ابن فهد: " يجب اعتباره مدة التغريب عاما فيمنع لو عاد قبله. " (4).
5 - الشهيدان: " فإن رجع إلى ما غرب منه قبل اكماله أعيد حتى يكمل بانيا
على ما سبق، وإن طال الفصل. " (5).

(1) الجامع للشرائع: 550.
(2) تحرير الأحكام 2: 223.
(3) قواعد الأحكام 2: 255.
(4) المهذب البارع 5: 32.
(5) الروضة البهية 9: 111.
186

6 - الفاضل الهندي: " والغريب إذا زنى يخرج إلى غير بلده، فإن رجع قبل
الحول إلى بلده لم يتعرض له للأصل فإنا لم نؤمر إلا بالتغريب عن بلد الجلد أو
الفاحشة، ولو رجع إلى بلد الفاحشة أو الجلد على ما عرفت من اختلاف الأخبار
في ذلك قبل الحول، طرد لوجود النفي سنة. " (1).
7 - السيد الگلپايگاني: "... فأما أن يرجع إلى بلده، وإما إلى بلد آخر، فعلى
الأول يجب على الحاكم نفيه ثانيا من بلده، فإن ذلك مقتضى وجوب كونه منفيا
عن البلد وخارجا عنه مدة حول، وأما على الثاني:... لا يجب بحسب الظاهر
اخراجه وارجاعه إلى المنفى وذلك لأن المستظهر من الأدلة هو عدم كونه في
بلده، وما كان على الحاكم فهو اخراجه، وأما تعيين الموضع الذي ينفى إليه،
فليس بيد الحاكم، نعم لا يجوز له أن يخرج إلى بلاد الكفر. " (2).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - أبو إسحاق: " فإن رجع قبل انقضاء المدة رده إلى الموضع الذي نفي
إليه. " (3).
2 - البهوتي: " وإن عاد إلى وطنه قبل الحول، منع. " (4).
ثم: هذا كله بالنسبة إلى وظيفة الحاكم وأنه يجب رده، ولكن بالنسبة إلى
المغرب، هل يحرم عليه الرجوع، وأنه ارتكب الإثم في ذلك؟.
قد يقال: إن المفهوم من الحكم، ثبوته لنفس المغرب أيضا فلا يجوز له

(1) كشف اللثام 2: 224.
(2) الدر المنضود 1: 322.
(3) المهذب 2: 721 - أنظر: المجموع 20: 45.
(4) شرح منتهى الإرادات 3: 244.
187

الرجوع، أضف: إلى أنه مقتضى وجوب قبول حكم الحاكم (1).
الثامن: لو عاد المغرب: هل يبنى على ما مضى أو يستأنف؟
اختلف الفقهاء في البناء على ما مضى، وعدمه - فيما لو رجع المغرب ثم
أعيد - على قولين: الأول: البناء على ما سبق، وهو رأي العلامة في التحرير
والشهيد في الروضة، ومن المعاصرين السيد الگلپايگاني ووافقهم الحنابلة والمالكية.
والثاني: الاستئناف، وهو رأي العلامة في القواعد، والفاضل الهندي في كشف
اللثام، ووافقهم الشافعية. كما يبدو ذلك من القسطلاني، والرملي والشربيني...
وفيما يلي أدلة القولين:
دليل القول الأول: 1 - الأصل - عدم اعتبار الاتصال. 2 - الإطلاقات.
3 - تحقق العقوبة.
دليل القول الثاني: 1 - تبادر الاتصال من التغريب. 2 - احتمال كون الحكمة
هي البعد عن مكان الفتنة، وهذا يناسبه طول الزمان.
آراء القائلين بالاحتساب:
1 - العلامة الحلي: " ولو عاد البكر من التغريب قبل الحول أعيد تغريبه حتى
يكمل الحول مسافرا، ويبنى على ما مضى. " (2).
2 - الشهيدان: " فإن رجع إلى ما غرب منه قبل إكماله، أعيد حتى يكمل، بانيا
على ما سبق، وإن طال الفصل. " (3).

(1) أنظر: حدود الشريعة 4: 271.
(2) تحرير الأحكام 2: 223.
(3) الروضة البهية 9: 111.
188

3 - السيد الگلپايگاني: " هل اللازم بعد ما أعيد إلى منفاه، هو الاستئناف أو
أنه يكفي البناء على ما مضى من نفيه؟ الظاهر هو الثاني، كما قال في
الروضة. " (1).
4 - ومن بعض المعاصرين: " إذا عاد الزاني إلى محله المنفي عنها بعض المدة
فهل يجب قضاؤه بالإقامة في المحل المنفي إليها بعد اكمال المدة أم لا، وكذا إذا
عاد بعد شهرين مثلا إلى، محله ولم يتمكن الحاكم من نفيه ثانيا حتى انقضت السنة
أو لم يذهب إلى محله المنفى إليها أصلا ولم يتمكن الحاكم - لجهله أو عجزه - من
نفيه حتى مضت سنة أو سنوات فهل يجب نفيه عند التمكن وهل يجب عليه الذهاب
إلى المحل المنفي إليه إذا أراد التوبة، فيه تردد. " (2).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - البهوتي: " فإن عاد المغرب من تغريبه قبل مضي الحول أعيد تغريبه حتى
يكمل الحول مسافرا... ويبنى على ما مضى قبل عوده، فلا يلزمه أن يستأنف
لزيادته، إذن عن العام. " (3).
القائلون بالاستئناف:
1 - العلامة الحلي: " وكذا لو غرب المستوطن عن بلده ثم عاد قبل الحول، ولا
يحتسب المدة الماضية " (4).

(1) الدر المنضود 1: 322.
(2) حدود الشريعة 4: 271.
(3) كشاف القناع 6: 92.
(4) قواعد الأحكام 2: 255.
189

2 - الفاضل الهندي: " وكذا لو غرب المستوطن في بلد الفاحشة عن بلده ثم
عاد قبل الحول طرد، ولا تحتسب له المدة الماضية قبل العود بل لا بد من مضي
سنة من الطرد لتبادر الاتصال عن التغريب والنفي سنة، إذ لا يقال سافر أياما ثم
رجع ثم سافر وهكذا إلى أن كمل له سنة، ولاحتمال كون الحكمة البعد عن مكان
الفتنة والزنا بها، ويناسبه اتصال الزمان وطول العهد، وحكم في التحرير بالبناء،
للأصل والاطلاقات وتحقق العقوبة. " (1).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - يظهر من القسطلاني اعتبار التوالي في مدة التغريب حيث قال في ذيل
قوله: " سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يأمر فيمن زنى، تغريب عام " قال: " ولاء " (2).
2 - الرملي: " وإذا رجع قبل انقضاء المدة رد لما يراه الإمام واستأنفها لأن
التنكيل لا يتم إلا بمولاة مدة التغريب. " (3).
3 - الشربيني: " ولو عاد إلى البلد الذي غرب منه أو إلى دون مسافة القصر
منه رد واستؤنفت المدة على الأصح، إذ لا يجوز تفريق سنة التغريب في الحر. " (4).
4 - عودة: " يرى الشافعيون إعادة تغريب المغرب إذا رجع إلى البلد الذي
غرب منه، على أن تستأنف المدة من جديد ليتوالى الايحاش وحتى لا تفرق
السنة. أما الحنابلة فيرون إعادة التغريب في حالة الرجوع عن أن يبنى على مدة
التغريب السابقة بحيث يعاد تغريبه ليكمل ما بقي من الحول لا ليبدأ حولا

(1) كشف اللثام 2: 224.
(2) إرشاد الساري 10: 26.
(3) نهاية المحتاج 7: 428.
(4) مغني المحتاج 4: 128.
190

جديدا " (1).
أقول وهذا مذهب المالكية أيضا (2).
ثم لو قلنا بالاستئناف لم يتعين ذلك البلد، بل أمكن نفيه إلى بلد آخر غير ما
كان فيه أولا.
التاسع: مراعاة الترتيب بين الجلد والنفي:
مقتضى ظهور، بل صراحة بعض النصوص هو لزوم مراعاة الترتيب وكون
التغريب تلو الجلد، وعليه يحمل ما ورد من المطلقات. كما أن هذا هو مقتضى
وجوب التشريع في ايقاع حد الله وعدم جواز تأخيره. إذ لو أخر الجلد بعد
النفي، لزم تأخير حد الله. وهذا هو رأي السيد الگلپايگاني من فقهائنا
المعاصرين، ووافقنا عليه بعض الشافعية. وهو ظاهر الحنابلة والمالكية، بحجة أن
هذا هو الذي درج عليه السلف، ولأن تغريبه قبل جلده قد يفضي إلى فوات
الجلد بهرب أو موت وغيرهما وهو غير جائز. هذا ولكن أكثر الشافعية على عدم
اشتراط الترتيب، فلو قدم التغريب جاز. وأشار إلى هذا الرأي الحصني الشافعي
في الكفاية. وفيما يلي الروايات ثم آراء بعض الفقهاء:
الروايات:
1 - التهذيب: " عن إسماعيل بن أبي زياد، عن جعفر، عن أبيه، عن

(1) التشريع الجنائي الإسلامي 2: 383 - أنظر: أسنى المطالب 4: 130 - الاقناع 4: 252 -
المهذب 2: 27 - تحفة المحتاج 9: 110.
(2) أنظر: كشاف القناع 6: 92 - الانصاف 10: 174 - الشرح الكبير للدردير 4: 322
- الزرقاني 8: 83.
191

آبائه (عليهم السلام): أن محمد بن أبي بكر كتب إلى علي (عليه السلام) يسأله عن الرجل يزني
بالمرأة اليهودية والنصرانية، فكتب (عليه السلام) إليه: إن كان محصنا... وإن كان بكرا
فاجلده مائة جلدة ثم إنفه. " (1).
فإن " ثم " للترتيب، ولكن الكلام في السند وقد مر في أول الفصل.
2 - الكافي: " مثنى الحناط، عن أبي عبد الله (عليه السلام) سألته عن الزاني إذا جلد
الحد؟ قال: ينفى من الأرض إلى بلدة يكون فيها سنة " (2).
وهي ظاهرة أيضا في كون التغريب بعد الجلد، حيث إن التقديم كان أمرا
مرتكزا في ذهن السائل، والإمام (عليه السلام) قرر هذا الارتكاز ولكن الكلام في
السند.
3 - وفيه: " أبو بصير، سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الزاني إذا زنى أينفى؟ قال،
فقال: نعم من التي جلد فيها إلى غيرها. " (3) وهي أظهر من الأولى، وأدل في
المطلوب، إضافة إلى صحة سندها.
4 - الدعائم: " قال جعفر بن محمد (عليه السلام):... وإذا جلد الزاني البكر نفي عن
بلده سنة بعد الجلد... " (4) وهي صريحة في المدعى، وإنما الكلام في السند.
ويؤيده موثقة سماعة (5) ويؤيده أيضا ما رواه في المحلى عن كلثوم بن جبير:
"... فجلدها علي (عليه السلام) مائة سوط ونفاها سنة إلى نهر كربلاء " (6).

(1) التهذيب 10: 15 ح 36.
(2) الكافي 7: 197 ح 4.
(3) الكافي 7: 197 ح 3.
(4) دعائم الإسلام 2: 450 ح 1576.
(5) أنظر: الكافي 7: 197 ح 2.
(6) المحلى 11: 184.
192

إن لم نقل بأن مضمونها خلاف ما عليه الإمامية من تغريب المرأة، وأن فعل
الإمام (عليه السلام) غاية ما يدل على الجواز لا الوجوب، أضف إلى ذلك كله ضعف
السند.
ومما يؤيد لزوم مراعاة الترتيب وتقديم الجلد أن تأخير الجلد معناه تأخير
إقامة الحد مع امكان إقامته فورا وهو غير جائز سيما على القول بأن التغريب
تعزير، فتأمل.
آراء فقهائنا:
1 - السيد الگلپايگاني: " الظاهر هو وجوب تقديم الجلد والجز على النفي،
وذلك لأنه بتقديمهما فقد أسرع في إيقاع حد الله تعالى، وذلك لعدم افتقارهما
إلى وقت كثير، بخلاف ما لو أخرا إلى ما بعد النفي فإنه بمقتضى احتياج النفي إلى
زمان زائد فقد لزم تأخيرهما وهو تأخير حد الله تعالى. " (1).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - الحصني الشافعي: " إعلم أنه لا ترتيب بين الجلد والتغريب فيقدم ما شاء
منهما. " (2).
2 - الرملي: " قوله مائة جلدة وتغريب عام... وعطف - الماتن - بالواو ليفيد
به عدم الترتيب بينهما وإن كان تقديم الجلد أولى، فلو قدم التغريب اعتد به ويجلد

(1) الدر المنضود 1: 324.
(2) أنظر كفاية الأخيار 2: 110 - أنظر: حاشية الدسوقي 4: 321 - أسنى المطالب 4: 129
- تحفة المحتاج 9: 109 - الخرشي 8: 83 - كشاف القناع 6: 91 - شرح منتهى
الإرادات 3: 344.
193

بعده، وإن نازع في ذلك الأذرعي " (1).
3 - الشربيني: مثله (2).
العاشر: هل ينفى المريض؟
لم نجد نصا في هذه المسألة بالخصوص، ولا كلاما من فقهائنا - أعلى الله
كلمتهم - ولا من المذاهب الأخرى. إلا ما يبدو من شيخ الطائفة - في المبسوط
والخلاف. ومن ابن حزم - من الظاهرية - في خصوص المحارب. هذا ولكن
مقتضى إطلاقات أدلة التغريب هو إجراؤه، وعدم مانعية المرض.
نعم لو كان التغريب مضرا بحاله بحيث يتوقع البرء لو بقي في بلده أو لأجل
وقايته من السراية فلا يغرب، إذ لم يرد تلفه، وكذلك في الجلد.
آراء فقهائنا:
1 - الشيخ الطوسي: " إذا وجب على رجل أو امرأة، حد الزنا... فلا يخلو إما
أن يكون بكرا أو ثيبا، فإن كانت بكرا لم تخل إما أن تكون صحيحة أو مريضة،
فإن كانت صحيحة، فإن كان الهواء معتدلا، لا حر ولا برد، أقيم عليها حد
الأبكار: جلد مائة، وتغريب عام، وعندنا: لا تغريب عليها...، وأما إذا كان
مريضا نظر في مرضه، فإن لم يكن مأيوسا من برئه، انتظر به اليوم، والأيام حد
المرضى، وإن كان مرضا لا يرجى زواله، فإنه يحد حد المرضى. " (3).
والظاهر أنه (رحمه الله) في مقام بيان الجلد، ولا نظر له إلى حكم التغريب. فتأمل.

(1) نهاية المحتاج 7: 428.
(2) مغني المحتاج 4: 148.
(3) المبسوط 5: 203 - 204.
194

2 - وقال في الخلاف: " المريض المأيوس منه إذا زنى وهو بكر، أخذ عذق (1)،
فيه مائة شمراخ (2)، أو مائة عود، يشد بعضه إلى بعض... " (3).
الحادي عشر: حكم التغريب إذا ترتبت عليه مفسدة:
لا كلام في عدم جواز تأخير الحد - ووجوب التسريع فيه - بما فيه النفي لما
ورد عن علي (عليه السلام): " ليس في الحدود نظر ساعة (4) " وغيره.
ولكن لو ترتبت على النفي مفسدة تعود إليه أو إلى عائلته أو حدوث قتال
وإثارة الفتن، فهل يؤخر إلى زوال المانع أم يترك؟ فقد يقال: بأنه يدور الأمر
بين المهم والأهم ويلاحظ أقوى الملاكين. ولم يتعرض لهذا الفرع - على ما نعلم -
إلا السيد الگلپايگاني على ما في تقرير أبحاثه قال: "... إنه من باب الأهم
والمهم وتزاحمهما فيلاحظ الأهم، ولا وجه لسقوط النفي من رأس، فإذا رأى
الحاكم أنه يمكن حدوث قتل وقتال وإثارة الفتن بين الطوائف والقبائل مثلا بسبب
نفيه عن البلد فإنه يتوقف الحكم بنفيه إلى أن يرتفع المانع ويزول المحذور ويتيسر
نفيه كما أن الأمر كذلك في الحد نفسه. ولذا ترى أنه يؤخر حد المرأة الزانية إذا
كانت حاملا، والحد قد يؤخر لعلل وأسباب لكنه لا يسقط، وعلى الجملة فمقتضى

(1) العذق: كل غصن له شعب، عنقود التمر، العرجون بما فيه من الشماريخ، النخلة بحملها.
أنظر النهاية 3: 199 - القاموس 3: 271 - مجمع البحرين 5: 212 - المنجد: 256
(عذق).
(2) وهو العثكال: ما عليه بسر أو عنب (القاموس) 272 - أنظر: لسان العرب 11: 425
(عثل) - مجمع البحرين 2: 436 (شمرخ).
(3) الخلاف 2: 442. المسألة: 18.
(4) الوسائل 18: 372 ح 8.
195

القاعدة هو كونه عليه، ومقتضى حكم العقل تقديم جانب الأمر الأهم لا أنه
وردت به رواية، وهكذا لو منع من نفيه مانع آخر فإنه ينتظر زواله ولا يرفع
النفي عنه فينتظر زواله فينفي بعده وإن طالت المدة. " (1).
الثاني عشر: الزاني والزانية هل يغربان إلى بلدة واحدة؟
لم أر لفقهائنا، ولا للسنة - إلا إبراهيم على ما في المصنف - رأيا في لزوم
التفرقة بين الزاني والزانية وعدمه.
ولعله لانتفاء موضوعه عندنا، إذ لا نفي على المرأة، عندنا.
ولكن على فرض القول بتغريب المرأة - كما هو رأي القديمين، والشافعية. فقد
ورد ما يستفاد منه التفريق بينهما، لكن هناك كلام في سنده.
الروايات:
1 - المصنف: " عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، قال: قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله): قضى الله ورسوله: إن شهد أربعة على بكرين، جلدا، كما قال
الله عز وجل: * (... مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله...) * (2) وغربا سنة
غير الأرض التي كانا بها، وتغريبهما شتى " (3).
وعن السيوطي: " وتغريبهما سنتي، بدل قوله: شتى. " (4).

(1) الدر المنضود 1: 323.
(2) النور: 2.
(3) مصنف عبد الرزاق 7: 313 ح 13318.
(4) الدر المنثور 5: 18.
196

آراء المذاهب الأخرى:
1 - قال إبراهيم (1): " لا ينفيان إلى قرية واحدة. ينفى كل واحد منهما إلى
قرية " (2).
الثالث عشر: حد التغريب:
إن النصوص من طرقنا مختلفة، ففي الكافي: أن الإمام علي (عليه السلام) نفى الزاني
من الكوفة إلى البصرة، وورد مثله عن ابن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما.
وفي التهذيب: أن عليا كان ينفي إلى أقرب بلدة من أهل الشرك إلى الإسلام.
وفي فقه الرضا (عليه السلام): التحديد بخمسين فرسخا.
أما من طرق السنة: أن النبي (صلى الله عليه وآله) نفى إلى خيبر، وأن عليا نفى من البصرة
إلى الكوفة، وعن بعض الصحابة، أنه نفى إلى فدك وخيبر، أو ينفى من عمله إلى
غيره - كما عن الشعبي -، ومن مكة إلى الطائف. هذا ولكن أكثر الروايات
والنصوص مطلقة من حيث التحديد بالمسافة.
الآراء وأدلتهم:
كما اختلفت الآراء: 1 - منهم من قال: بأنه غير محدود، بل هو موكول إلى

(1) هو ابن مليكة إبراهيم بن يزيد النخعي اليماني، مفتي أهل الكوفة. حينما بشر بموت
الحجاج، سجد وبكى فرحا. ويقول في مرويات أبي هريرة: " كانوا يرون أن كثيرا من
حديث أبي هريرة منسوخ. ويقول في علي (عليه السلام) وفيمن شهد صفين معه، بخ بخ، من لنا مثل
علي بن أبي طالب ورجاله. عاش تسعا وأربعين سنة، أو ثمانيا وخمسين سنة، ومات سنة
ست وتسعين. " أنظر: سير أعلام النبلاء 14: 520 - طبقات ابن سعد 6: 270 - تأريخ
البخاري 1: 333 - وفيات الأعيان 1: 25.
(2) مصنف عبد الرزاق 7: 313 ح 13313 - وص 314 ح 13319 - نصب الراية 3: 330.
197

رأي الحاكم، وكفاية ما يقع عليه اسم النفي، وهو رأي الإمام الطوسي في
المبسوط، والعلامة في التحرير - مع التصريح بجواز التغريب إلى دون مسافة
القصر - والشهيد في الروضة، والسبزواري في المهذب، وهو مذهب جماعة من
السنة كابن المنذر - على ما في عمدة القارئ - إذ يرى كفاية ما يقع عليه اسم
النفي، قل أو كثر، ورأي أبي ثور: إذ حدد المسافة بالميل والأقل منه.
2 - ومنهم من اشترط كونه مسافة القصر، كالعلامة في القواعد، وولده فخر
المحققين في الايضاح، وابن فهد والفاضل الهندي في كشف اللثام، وهو رأي
الشافعي: حيث حدد التغريب بمسافة يوم، وليلة، وابن قدامة، والنووي
والحصني الشافعي، والقسطلاني، والبهوتي في كشف القناع، وأحمد - على ما
في عمدة القارئ - بل هو مذهب جمهور السنة (1).
3 - ومنهم من حدده بأقرب بلد الشرك إلى بلد الإسلام وبه قال يحيى بن سعيد
في الجامع.
دليل القول الأول:
1 - الأصل.
2 - العمومات.
3 - الإطلاقات.
4 - عدم دليل معتبر على اعتبار مسافة معينة.
5 - صدق الإخراج في التغريب إلى ما دون المسافة.
6 - توجيه ما ورد من فعل علي (عليه السلام) بأنه قضية في واقعة.

(1) أنظر: بداية المجتهد 2: 356 - شرح منتهى الإرادات 3: 344 - تحفة المحتاج 9: 109 -
روضة الطالبين 10: 88 - كشاف القناع 6: 92 - الشرح الكبير للدردير 4: 322.
198

دليل القول الثاني:
1 - عدم حصول البراءة بالأقل من القصر.
2 - عدم صدق الموضوع، لأن الخارج إلى ما دونها كالمقيم.
3 - واستدلالات أخرى من العامة، لكنها ضعيفة، تمر عليك فيما يلي.
ولعل دليل القول الثالث - وإن لم يصرح القائل، بما استدل به - هو ما ورد عن
أبي جعفر (عليه السلام) في الرواية الثانية - في هذا الفرع -.
أقول: لعل القول الثاني هو الأقرب لعدم حصول اليقين بالبراءة في إتيان
المأمور به. وهو وجوب تغريب الزاني فيما لو غرب إلى ما دون المسافة، مع ضعف
مستند القول الثالث. إلا أن يقال: بأن المقام من الشك في التكليف بأكثر من هذا
المقدار، وهو دون المسافة. لكن مع وجود الدليل لا وجه لجريان الأصل،
فالإطلاقات والعمومات محكمة، وهي تقتضي عدم اعتبار المسافة.
ويرى بعض العامة: أن يكون النفي من عمل الحاكم إلى عمل غيره، دون
التقيد بمسافة معينة، فلو نفى إلى قرية تبعد عن محل الحادث ميلا لكفى، كما يجوز
أن ينفى من مصر إلى مصر. ولا ندري ما هو مستنده؟! ثم لا بد من البحث في
مقدار مسافة القصر، وهل أنها أربعة برد - كما عن مالك والشافعي وأحمد - وهما
مسيرة يوم بالسير الوسط - أو مسيرة ثلاثة أيام، كما هو رأي أبي حنيفة
والكوفيين (1). أو ميل فأكثر كما هو رأي الظاهريين (2). أو بريدان، كما هو المجمع
عليه عند الإمامية - وهو أربعة وعشرون ميلا (3).

(1) بداية المجتهد 1: 131.
(2) المحلى 5: 1.
(3) جواهر الكلام 14: 193 و 194 و 197.
199

الروايات من طرقنا:
1 - الكافي: " علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن
الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: النفي من بلدة إلى بلدة، وقال: قد نفى
علي (عليه السلام) رجلين من الكوفة إلى البصرة. " (1).
قال المجلسي في المرآة والملاذ: " حسن " (2).
ورواه الصدوق في الفقيه مرسلا (3).
قال الفيض: " لعل الغرض من النفي، الاذلال والصغار " (4) أقول المستفاد منه
مشروعية التغريب إلى مسافة القصر، لا تعينه وعدم كفاية الأقل منه.
2 - التهذيب: " عنه - أحمد بن محمد - عن خلف بن حماد عن موسى بن بكر
عن بكير بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام): قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا نفى
أحدا من أهل الإسلام نفاه إلى أقرب بلدة من أهل الشرك إلى الإسلام، فنظر في
ذلك فكانت الديلم أقرب أهل الشرك إلى الإسلام. " (5).
قال المجلسي: " ضعيف كالموثق " (6).
3 - فقه الرضا (عليه السلام): " ومن زنى بمحصنة وهو غير محصن فعليها الرجم وعليه
الجلد وتغريب سنة وحد التغريب خمسون فرسخا " (7) والدلالة واضحة، وإنما

(1) الكافي 7: 197 ح 1 - التهذيب 10: 35 ح 120.
(2) مرآة العقول 23: 300 - ملاذ الأخيار 16: 70.
(3) الفقيه 4: 17 ح 11 - أنظر روضة المتقين 10: 17.
(4) الوافي 15: 228.
(5) التهذيب 10: 36 ح 127.
(6) ملاذ الأخيار 16: 72.
(7) فقه الرضا: 275 ب 44.
200

الكلام في السند.
الروايات من غير طرقنا:
1 - ابن أبي شيبة: " حدثنا وكيع، عن سفيان، عن رجل عن الحسن: أن
النبي (صلى الله عليه وآله) نفى إلى خيبر " (1) وخيبر على ثمانية برد من المدينة، والبريد إثنا
عشر ميلا، والميل أربعة آلاف ذراع. ومفاده جواز التغريب إلى هذا الحد، لا عدم
كفاية الأقل منه (2).
2 - وفيه: " حدثنا أبو بكر قال: حدثنا وكيع، عن سفيان عن أبي إسحاق عن
يحيى إن عليا نفى إلى البصرة " (3).
ورواه عبد الرزاق وفيه: " من الكوفة إلى البصرة " (4).
قال السبزواري: " وما روي عن علي (عليه السلام)... قضية في واقعة لا لأجل
اعتبار المسافة " (5).
3 - وفيه: " أبو بكر حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن الأجلح عن ابن إسحاق
قال: أتي علي بجارية من همدان فضربها وسيرها إلى البصرة سنة. " (6).
4 - السنن الكبرى: " أخبرنا أبو حازم العبدوي الحافظ، أنبأ أبو الفضل

(1) المصنف 10: 84.
(2) أنظر معجم البلدان 2: 409 - أحسن التقاسيم: 83 - أعلام المنجد.
(3) المصنف 10: 84 - مصنف عبد الرزاق 7: 314 - ح 13323 - أنظر كنز العمال 5: 423
ح 13496.
(4) مصنف عبد الرزاق 7: 314 ح 13323.
(5) مهذب الأحكام 27: 336.
(6) المصنف 10: 84.
201

الكرابيسي أنبأ أحمد بن نجده، ثنا سعيد بن منصور، ثنا هشيم، ثنا الشيباني عن
الشعبي: أن عليا (عليه السلام) جلد ونفى من البصرة إلى الكوفة، أو قال: من الكوفة إلى
البصرة " (1).
الآثار:
1 - وفيه: " أبو بكر قال حدثنا وكيع عن سفيان، عن زيد بن أسلم عن أبيه،
أن عمر نفى إلى فدك. " (2).
2 - وفيه: " أبو بكر قال حدثنا جرير عن مغيرة عن أبي يسار مولى عثمان
قال: جلد عثمان امرأة في زنا ثم أرسل بها مولى له يقال له المهري إلى خيبر
فنفاها إليها. " (3).
3 - وفيه: " أبو بكر قال حدثنا هشيم، عن إسماعيل بن سالم عن الشعبي قال:
قلت له في زمن ابن هبيرة - من أين ينفى في الزنا؟ قال من عمله إلى غيره. " (4).
4 - وفيه: " أبو بكر قال: حدثنا أبو أسامة، عن ابن جريج عن الزهري أن
عمر نفى إلى البصرة. " (5).
5 - عبد الرزاق: " عن الثوري، عن ابن إسحاق، قلت لعطاء: نفي من مكة
إلى الطائف، قال: حسبه ذلك " (6).

(1) السنن الكبرى 8: 223 - كنز العمال 5: 423 ح 13496.
(2) المصنف 10: 83 ح 8846.
(3) المصنف 10: 83 ح 8847 - نصب الراية 3: 332.
(4) المصنف 10: 84 ح 8850.
(5) المصنف 10: 85 - مصنف عبد الرزاق 7: 314 ح 13321 - السنن الكبرى 8: 222.
(6) المصنف 7: 315 ح 13325.
202

6 - وفيه: " عبد الرزاق عن معمر عن أيوب، عن نافع أن ابن عمر نفى إلى
فدك " (1).
7 - وفيه: " عبد الرزاق عن ابن جريج عن عبد الله بن عمر: أن أبا بكر نفى
إلى فدك وعمر. " (2).
8 - البيهقي: " قال ابن شهاب كان عمر ينفي من المدينة إلى البصرة وإلى
خيبر. " (3).
أوردنا هذه الآثار لاستيفاء المقام - كما في سائر الموارد - لا للاستدلال بها.
آراء فقهائنا:
1 - الشيخ الطوسي: " وحد التغريب أن يخرجه من بلده أو قريته إلى بلد
آخر، وليس ذلك بمحدود، بل على حسب ما يراه الإمام، وقال قوم: ينفيه إلى
موضع يقصر فيه الصلاة حتى يكون في حكم المسافر عن البلد. " (4).
2 - يحيى بن سعيد: " ونفيه إلى أدنى بلد من بلاد الإسلام إلى الشرك " (5).
3 - العلامة الحلي: " وينبغي أن يغرب عن بلده أو قريته إلى موضع آخر
حسب ما يراه الإمام وليس للمسافة حد محدود، فلو غربه إلى ما دون مسافة
القصر جاز. " (6).

(1) المصنف 7: 315 ح 13326.
(2) المصنف 7: 315 ح 13328.
(3) السنن الكبرى 8: 222.
(4) المبسوط 8: 3.
(5) الجامع للشرائع: 550.
(6) تحرير الأحكام 2: 223.
203

4 - وقال في القواعد: " وهل يشترط التغريب إلى مسافة القصر فصاعدا
الأقرب ذلك. " (1).
5 - ولد العلامة - فخر المحققين -: بعد كلام والده في القواعد قال: " أقول:
وجه القرب الأمر بالتغريب وحصوله في مسافة التقصير يقيني والأقل منه غير
يقيني، فلا يحصل به تقين بالبراءة، ويحتمل الاجزاء، لأن التغريب هو الاخراج
عن بلده إلى موضع ليس بمستوطنه، والأقوى عندي ما هو الأقرب عند
المصنف. " (2).
6 - ابن فهد: " ظاهر الشيخ في النهاية والمبسوط، عدم تحديد التغريب بل هو
موكول إلى نظر الحاكم، واستغرب العلامة استخراجه إلى مسافة التقصير وقواه
فخر المحققين... والأول أحوط. " (3).
7 - الشهيدان: " والتغريب نفيه عن مصره بل مطلق وطنه إلى آخر قريبا كان
أم بعيدا بحسب ما يراه الإمام مع صدق اسم الغربة. " (4).
8 - الفاضل الهندي: " هل يشترط التغريب إلى مسافة القصر فصاعدا
الأقرب ذلك لأن الخارج إلى ما دونها كالمقيم دون الغريب " (5).
9 - السبزواري: " لا يعتبر في التغريب تحقق المسافة الشرعية بل المناط
صدق الغربة والتبعيد عرفا لعدم دليل على اعتباره، وما ورد من تبعيد علي (عليه السلام)
رجلين من الكوفة إلى البصرة، قضية في واقعة، لا لأجل اعتبار المسافة، للأصل

(1) قواعد الأحكام 2: 255.
(2) إيضاح الفوائد 4: 484.
(3) المهذب البارع 5: 32.
(4) الروضة البهية 9: 110.
(5) كشف اللثام 2: 225.
204

والعمومات المتقدمة والاطلاقات بعد صدق الموضوع عرفا. " (1).
10 - السيد الگلپايگاني: " الظاهر عدم ورود تحديد له في الأخبار سوى ما
حكي عن الفقه الرضوي: حد التغريب خمسون فرسخا. ومن المعلوم أن ما في فقه
الرضا (عليه السلام) لوحده لا يصلح مستندا للافتاء ولم نعثر على من قيد النفي بذلك.
وأظن أني رأيت في رواية أنه ينفى إلى موضع يقصر فيه الصلاة. لا يقال: إنه وإن
لم يرد دليل صريح صحيح يدل على اعتبار خمسين فرسخا إلا أن ما حكي من نفي
الإمام علي (عليه السلام) بحسب الموارد والمصاديق كان إلى مواضع لا تقصر عن ذلك
فإنه (عليه السلام) قد نفى إلى البصرة مثلا. ومعلوم أن المسافة بينها وبين الكوفة أزيد من
خمسين فرسخا وهكذا ما نقل من نفيه إلى الروم وغير ذلك، لأنه يقال: إنه
مجرد ذلك لا يدل على الاختصاص واعتبار هذا الحد، لأنه مجرد العمل، ولعله
رأى مصالح في ذلك. أضف إلى ذلك ما نقل من أن عمر نفى إلى فدك وهو وإن لم
يكن بنفسه دليلا إلا أنه دليل بضم أنه كان ذلك بمرأى ومنظر الإمام (عليه السلام).
والظاهر كفاية مطلق التغريب وصدق كونه غريبا ومجرد نفيه إلى بلد آخر أيا ما
شاء وذلك بمقتضى لفظ التغريب والنفي واطلاقها وعدم ما يصلح للتقييد
والتحديد. " (2).
أقول: لم نعثر على ما ظنه رواية وإن قرب العلامة مضمونه في القواعد وقواه
ولده في الايضاح وهو رأي الفاضل الهندي. ومن العامة أحمد ومن تبعه.
أما النفي إلى البصرة فلم يعلم من الرواية أن مورده الزنا - مع غض النظر عن
ارسالها - على ما رواه الصدوق.
أما تقرير الإمام (عليه السلام) لفعل الخليفة فلم يثبت التقرير على اطلاقه.

(1) مهذب الأحكام 27: 336 - المسألة: 8.
(2) الدر المنضود 1: 320.
205

آراء المذاهب الأخرى:
1 - الماوردي: " وأوجب الشافعي تغريبها عاما عن بلدها إلى مسافة أقلها
يوم وليلة. " (1).
2 - ابن قدامة: " ويغرب الرجل إلى مسافة القصر، لأن ما دونها في حكم
الحضر بدليل أنه لا يثبت في حقه أحكام المسافرين. " (2).
3 - شمس الدين المقدسي: " وحيث رأى الإمام الزيادة في المسافة فله ذلك،
لأن عمر غرب إلى الشام والعراق، وإن رأى زيادة على الحول لم يجز لأن مدة
الحول منصوص عليها، فلم يدخلها الاجتهاد... والمسافة غير منصوص عليها،
فرجع فيها إلى الاجتهاد. " (3).
4 - النووي: " قال المصنف: وإن وجب التغريب نفي إلى مسافة يقصر فيها
الصلاة، لأن ما دون ذاك في حكم الموضع الذي كان فيه المنع من القصر والفطر
والمسح على الخف ثلاثة أيام ".
وإن رأى الإمام أن ينفيه إلى أبعد من المسافة التي تقصر فيها الصلاة كان له
ذلك... وحكي عن أبي علي بن أبي هريرة، أنه قال: " يغرب إلى حيث ينطبق
عليه اسم الغربة، وإن كان دون ما تقصر إليه الصلاة، لأن القصد تعذيبه بالغربة،
وذلك يحصل بدون ما تقصر إليه الصلاة. " (4).
وقال أيضا: " وإن زنى الحر غير المحصن... وغرب عاما إلى مسافة قصر،

(1) الأحكام السلطانية: 223 - أنظر معالم القربة: 278.
(2) المغني 8: 168.
(3) الفروع 6: 690 - المجموع 20: 14.
(4) المجموع 20: 45.
206

لأن أحكام السفر من القصر والفطر، لا تثبت بدونه. " (1).
5 - أبو بكر الحصني الشافعي: "... نعم يشترط في التغريب أن يكون إلى
مسافة تقصر فيها الصلاة على الصحيح، لأن المقصود به الايحاش عن أهله
ووطنه، وما دون مسافة القصر في حكم الحضر، فإن رأى الإمام تغريبه إلى أكثر
من ذلك فعل لأن الصديق غرب إلى فدك، والفاروق إلى الشام وعثمان إلى مصر،
وعلي (عليه السلام) إلى البصرة.
وقال المتولي: إن وجد على مسافة القصر موضعا صالحا لم يجز إلى الأبعد،
وهو وجه.
والصحيح الذي قطع به الجمهور، الأول: لقضية الصحابة. " (2).
6 - العيني: "... وعن أحمد إلى قدر ما تقصر فيه الصلاة، وقال أبو ثور: إلى
ميل وأقل منه. وقال ابن المنذر: يجزي من ذلك ما يقع عليه اسم النفي، قل أو
كثر " (3).
7 - القسطلاني: " وتغريب عام ولاء إلى مسافة القصر لأن المقصود إيحاشه
بالبعد عن الأهل والوطن، فأكثر، إن رآه الإمام... ولا يكفي تغريبه إلى ما دون
مسافة القصر إذ لا يتم الإيحاش المذكور به فإن الأخبار تتواصل إليه
حينئذ " (4).
8 - الرملي: " وإنما يجوز التغريب إلى مسافة قصر، من محل زناه فما فوقها

(1) المجموع 20: 14.
(2) كفاية الأخيار 2: 110 - أنظر: أسنى المطالب 4: 130 - المهذب 2: 288.
(3) عمدة القارئ 23: 13.
(4) إرشاد الساري 10: 26 - أنظر: فتح البارئ 12: 157 - الانصاف 10: 172 - المغني
9: 44 - روضة الطالبين 10: 88 - نيل الأوطار 7: 101.
207

على ما يراه الإمام. " (1).
9 - الشربيني: " يغرب إلى مسافة القصر، لأن ما دونها في حكم الحضر،
لتوصل الأخبار فيها إليه، والمقصود إيحاشه بالبعد عن الأهل والوطن فما فوقها،
إن رآه الإمام. " (2).
الرابع عشر: حكم التغريب إلى بلاد الشرك:
قد يقال إن مقتضى خبر بكير بن أعين (3) عن علي (عليه السلام): جواز نفيه إلى بلاد
الشرك الحدودية المجاورة لبلاد الإسلام وأن هذا كان دأبه (عليه السلام) بقرينة لفظ " كان "
الظاهر في الاستمرار... وبقرينة تغريبه (عليه السلام) شخصا آخر إلى الروم. ولا ينافيه
حرمة التغرب بعد الهجرة.
إلا أن يقال: إن مورده المحارب كما استظهره الحر العاملي في الوسائل. ولكن
يجاب عنه: أن لفظ (أحدا) دال على العموم. فتأمل.
هذا وعن السيد الگلپايگاني كون المدار هو صدق النفي والتغريب سواء كان
في بلاد الإسلام أو ديار الكفر بحسب ما تقتضيه المصلحة. ولكنه قال في نهاية
المطاف " وإن كان مقتضى القاعدة هو الاقتصار على بلاد الإسلام وعدم نفيه إلى
بلاد الكفر إلا بدليل قاطع وذلك لأنه من مصاديق التعرب بعد الهجرة وهو حرام
بلا كلام. " (4).

(1) نهاية المحتاج 7: 428.
(2) مغني المحتاج 4: 148
وعن مالك: في الموازية: ينفى من مصر إلى الحجاز، وإلى مثل شعب وما والاها ومن
المدينة إلى مثل فدك وخيبر. المنتقى 7: 137.
(3) الوسائل 18: 394 ب 24 ح 6.
(4) الدر المنضود 1: 319.
208

الخامس عشر: هل يحبس المغرب في المنفى؟
تعرض العلامة الحلي في التحرير لهذا الفرع وقال بعدم حبس المغرب في البلد
الذي ينفى إليه ووافقه الشافعية، وكأنه ناظر إلى قول مالك وأبي حنيفة من أن:
التغريب معناه الحبس، فيحبس في البلد الذي يغرب إليه مدة لا تزيد على سنة،
فالتغريب عند المالكيين والحنفيين هو الحبس في بلد غير البلد الذي وقعت فيه
الجريمة كما في المدونة والمغني وشرح الزرقاني وعمدة القارئ، وهو رأي
الزيديين. وهو كما ترى لأنه زيادة عقوبة لم يرد بها الشرع. ويرى الشافعي
وأحمد: أن معناه النفي من البلد الذي حدث فيه الزنا إلى بلد آخر على أن يراقب
المغرب بحيث يحفظ بالمراقبة في البلد الذي غرب إليه ولا يحبس فيه.
فالتغريب عند الشافعيين والحنابلة والظاهريين هو: الوضع تحت المراقبة في
بلد آخر، والمقصود من المراقبة أن يمنع الزاني من العودة إلى بلده قبل انتهاء
المدة، أو إلى ما دون مسافة القصر على رأي بعض. ويرى البعض: أن المقصود
بالمراقبة الزام المغرب بالإقامة في البلد المغرب إليه، فلا يمكن من الضرب في
الأرض.
آراء فقهائنا:
1 - العلامة الحلي: " ولا يحبس في البلد الذي ينفى إليه... " (1).

(1) تحرير الأحكام 2: 223.
قال علاء الدين الحلبي: " والمفسدون في الأرض... وإن لم يحدث منهم سوى الإخافة
والإرجاف، نفوا من بلد إلى بلد وأودعوا السجن إلى أن يتوبوا أو يموتوا " إشارة السبق:
144.
209

آراء المذاهب الأخرى:
1 - المدونة: " قلت: فهل يسجن الفتى في الموضع الذي ينفى إليه في قول
مالك؟ قال: نعم، يسجن، ولولا أنه يسجن لذهب في البلاد.
قال مالك: لا ينفى إلا زان، أو محارب، ويسجنان جميعا في الموضع الذي
ينفيان إليه. يحبس الزاني سنة. " (1).
2 - الأندلسي: " ويكتب إلى والي البلد الذي يغرب إليه أن يقبضه، ويسجنه
سنة عنده. " (2).
3 - ابن قدامة: "... ولا يحبس في البلد الذي نفي إليه، وبهذا قال الشافعي،
وقال مالك: يحبس. ولنا: أنه زيادة لم يرد بها الشرع، فلا تشرع كالزيادة على
العام " (3).
4 - الشربيني: "... ولا يعتقل في الموضع الذي غرب إليه... لكن يحفظ
بالمراقبة، والتوكيل به، لئلا يرجع إلى بلدته، أو إلى دون المسافة منها، لا لئلا
ينتقل إلى بلد آخر، لما مر من أنه لو انتقل إلى بلد آخر لم يمنع... فإن احتيج
إلى الاعتقال خوفا من رجوعه إلى ما ذكر، اعتقل، وكذا: إن خيف من تعرضه
للنساء وافسادهن. " (4).
5 - الرملي: " ولا يقيد إلا إن خيف من رجوعه، ولم تفد فيه المراقبة، أو من
تعرضه لافساد النساء. " (5).

(1) المدونة الكبرى 6: 236.
(2) المنتقى 7: 137.
(3) المغني 8: 169.
(4) مغني المحتاج 4: 248.
(5) نهاية المحتاج 7: 428.
210

6 - البهوتي: " ولا يحبس المغرب في البلد الذي نفي إليه لعدم وروده. " (1).
7 - العيني: " فإنه نقل كلام مالك. " (2).
8 - عودة: " التغريب عند الشافعيين: أن التغريب معناه النفي، إلا أنهم
يجيزون حبس المغرب إذا خيف رجوعه إلى البلد الذي غرب منه. " (3).
السادس عشر: تعيين البلد، بيد الحاكم أو المغرب:
الظاهر أن تعيين المنفى بخصوصه - مكان خاص، وبلدة معينة - بيد الحاكم
ونظره، لأنه من شؤونه واختياراته، لا بيد المغرب - ما لم يقم دليل خاص على
خلافه - نعم ليس للحاكم تغريبه إلى بلد الجلد، ولا إلى بلد الزنا - على ما استظهره
البعض من رواية مثنى الحناط: " من الأرض الذي يأتيه " (4) وقد أفتى بذلك
الإمام الخميني، والسبزواري، وهو رأي جمهور السنة، إذ يشترطون أن يغرب
إلى بلد معين... فلا يجوز للإمام، أو نائبه أن يرسله ارسالا إلى غير بلد معين (5).
وذهب إليه - على سبيل المثال لا الحصر - البهوتي، والرملي، والشربيني.
هذا: وعن العلامة الحلي، والفاضل الهندي، ومن المعاصرين: الگلپايگاني
خلاف ذلك، وأن تعيين البلد بيد المغرب، لا بيد الحاكم.

(1) كشاف القناع 6: 92.
(2) عمدة القارئ 23: 13.
(3) التشريع الجنائي الإسلامي 2: 383 - أنظر: أسنى المطالب 4: 130 - شرح الزرقاني 8:
83 - الشرح الكبير للدردير 4: 322 - تبصرة الحكام 2: 260 - الخرشي 8: 83 - المحلى
11: 182 - أسنى المطالب 4: 130.
(4) التهذيب 10: 35 ح 119.
(5) أنظر: أسنى المطالب 4: 129 - روضة الطالبين 10: 88 - الزرقاني 8: 83 - الخرشي 8:
83 - الشرح الكبير للدردير 4: 322.
211

واستظهر البعض منا، هذا الحكم من رواية سماعة بنقل الفقيه: إن التعيين بيد
المغرب، لا الحاكم، وإنما على الحاكم مجرد الاخراج: " وليس ينبغي للإمام أن
ينفيه من الأرض التي جلد فيها إلى غيرها. ".
وفيما يلي الروايات ثم آراء الفريقين.
الروايات:
1 - الفقيه: " روى زرعة، عن سماعة، قال: قال: إذا زنى الرجل فجلد، فليس
ينبغي للإمام أن ينفيه من الأرض التي جلد فيها إلى غيرها، وإنما على الإمام أن
يخرجه من المصر الذي جلد فيه. " (1).
آراء فقهائنا:
1 - العلامة الحلي: " وإليه - المغرب - الخيرة في جهات السفر. " (2).
2 - الفاضل الهندي: " وإليه الخيرة في جهات السفر، فليس علينا إلا إخراجه،
وأمره بالمسافرة. " (3).
3 - الگلپايگاني: "... ما كان على الحاكم، فهو إخراجه، وأما تعيين الموضع
الذي ينفى إليه، فليس بيد الحاكم... " (4).

(1) الفقيه 4: 17 ح 9.
(2) قواعد الأحكام 2: 255.
(3) كشف اللثام 2: 224.
(4) الدر المنضود 1: 322.
212

وأما القائلون بأنه بيد الحاكم:
1 - الإمام الخميني: " حد النفي سنة... وتعيين البلد مع الحاكم... " (1).
2 - السبزواري: "... تعيين محل النفي، منوط بنظر الحاكم، لأن نظره متبع،
مطلقا، إن لم يكن فيه دليل بالخصوص. " (2).
3 - الشيخ الأستاذ: " والذيل قرينة على أنه ليس المراد بكلمة " ينبغي " مجرد
الرجحان، بل اللزوم، ولكن روى هذه الرواية، الصدوق في الفقيه، مع إضافة
لفظة " ليس "، إلى كلمة " ينبغي ". وعليه فيصير المراد من الرواية أنه: لا ينبغي
للإمام تعيين المحل الذي ينفي إليه، بل اللازم [هو] مجرد الإخراج من بلده،
وتعيين المحل الآخر إنما هو باختياره... " (3).
أقول لا أدري، إن كان في مقام التشكيك، أو الرجوع عما أفاده أولا من لزوم
التعيين - على الحاكم - لكن قد يجاب عنه أولا: بأن نقل الفقيه - فضلا عن
اضماره - معارض مع نقل الكافي (4) والتهذيب (5)، إذ لم يكن فيهما " ليس ".
ثانيا: في الرواية إبهام وإجمال، على التقديرين: وجود " ليس " وعدمه. كما
أفاده الفيض في الوافي (6) والشيخ محمد حسن النجفي في موسوعته القيمة
- الجواهر (7) - إن قلت: في الترديد بين احتمال الزيادة والنقيصة، يقدم - بأصالة

(1) تحرير الوسيلة 2: 418.
(2) مهذب الأحكام 27: 336.
(3) تفصيل الشريعة: 138 (الحدود).
(4) الكافي 7: 197 ح 2.
(5) التهذيب 10: 35 ح 199.
(6) الوافي 15: 288.
(7) جواهر الكلام 41: 325.
213

عدم السهو في الزيادة - عدم الزيادة، فيؤخذ بنسخة الفقيه. وذلك لأن السهو في
الزيادة، يحتاج إلى عناية أكثر، فأصالة الضبط تقتضي تقديم عدم الزيادة على
عدم النقيصة قلت: لا يجري هذا الأصل هنا، وذلك لتعارض نسختين مع نسخة
واحدة. (1).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - البهوتي: " وإن زنى - وهو غير محصن -... غرب إلى ما يراه الإمام، لا
هو. " (2).
2 - الرملي: " وعبر بالتغريب، ليفيد به، اعتبار فعل الحاكم، فلو غرب نفسه
لم يعتد به، لانتفاء التنكيل. " (3).
3 - الشربيني: " ولفظ التغريب، أنه لا بد من تغريب الإمام أو نائبه، حتى لو
أراد الإمام تغريبه فخرج بنفسه وغاب سنة ثم عاد لم يكف... " (4).

(1) هل المورد: من الترديد، أو التباين، وأنه من موارد دوران الأمر بين الحجة واللاحجة، أو
من تعارض الخبرين؟ فإن قلنا: إنهما من تعارض الحجتين، ومقتضى الحجية فيها تامة،
فالقاعدة هي ملاحظة المبنى في تعارض الحجتين من التساقط والتخيير في المسألة
الأصولية. فعلى التساقط: المرجع هو الاطلاقات. وعلى الثاني: هو التخيير في أخذ
أحدهما والفتوى على طبقه.
هذا وقد تعرض شيخنا الأستاذ الوحيد الخراساني لهذا البحث مستقصى في مجلس
درس الفقه والسيد الخوئي في المستند 6: 375.
(2) شرح منتهى الإرادات 3: 344 - ومثله في كشاف القناع 6: 92.
(3) نهاية المحتاج 7: 428.
(4) مغني المحتاج 4: 148.
214

السابع عشر: هل يجوز مخالفة ما عينه الحاكم؟
ثم إذا قلنا بأن التعيين من شؤون الحاكم، فمقتضى وجوب إطاعته ونفوذ حكمه
وعدم جواز مخالفته، هو وجوب امتثاله في الجهة التي عينها، فلا يجوز له اختيار
جهة أخرى، لا لما قاله بعض العامة: من كونه أليق بالزجر، وأنه معاملة له بنقيض
قصده، فإنها استحسانات محضة. بل لأجل أن ذلك رد لحكم الحاكم وهو غير جائز.
وفيما يلي آراء المذاهب:
1 - قال في شرح الأزهار: " لو عين الإمام بلدا تعين. " (1).
2 - الرملي: " إذا عين الإمام جهة فليس له طلب غيرها في الأصح، فلو طلب
لم يعتد به لأنه قد يكون له غرض فيه، فينتفي الزجر المقصود. " (2).
3 - الشربيني: " وإذا عين الإمام جهة فليس له طلب غيرها... لأن ذلك أليق
بالزجر، ومعاملة له بنقيض قصده، والثاني: له ذلك لأن المقصود ايحاشه بالبعد
عن الوطن. " (3) أقول: وهو مذهب الشافعية.
4 - الشبراملسي: " إذا عين الإمام جهة: يجب ذهابه إليها فورا، امتثالا لأمر
الإمام، ويغتفر له التأخير لتهيئة ما يحتاج إليه. " (4).
الثامن عشر: حكم التغريب فيما لو كان الطريق غير آمن:
نظرا لإطلاقات الأمر بالتغريب، وأن الحكمة فيه الاذلال والصغار، أو

(1) شرح الأزهار 3: 342.
(2) نهاية المحتاج 7: 428.
(3) مغني المحتاج 4: 148.
(4) ذيل نهاية المحتاج 7: 428 - أنظر: الشرح الكبير للدردير 4: 322 - الزرقاني 8: 83
- الخرشي 8: 83 - روضة الطالبين 10: 88 - كشاف القناع 6: 92.
215

التشديد والإيذاء - على ما قيل - ولم يقصد به الإتلاف، فلا يمنع، عدم أمن
الطريق، من التغريب، فيما إذا لم يخش عليه من التلف، وإلا فينتظر.
إلا أن يقال: بعدم شمول الإطلاقات لبعض الإنقسامات التي لها حكم آخر، إذ
ليست بالنسبة إليها في مقام البيان كما في قوله تعالى: * (... فكلوا مما أمسكن
عليكم...) * (1) فإن إطلاق الآية لا تشمل جواز أكل محل جرح الصيد قبل تطهيره.
فهنا أيضا الإيذاء حرام ولا يرتفع حكمها بهذه الإطلاقات، فتأمل.
هذا وقد تعرض للمسألة: العلامة الحلي في القواعد، وتبعة الفاضل الهندي في
كشف اللثام. ومن المذاهب الأخرى: الرملي في النهاية.
آراء فقهائنا:
1 - العلامة الحلي: " ولو كانت الطرق مخوفة لم ينتظر الأمن للعموم، بل يؤمر
بالخروج إلا أن يخشى تلفه فينتظر. " (2).
2 - الفاضل الهندي: " ولو كانت الطريق مخيفة لم ينتظر الأمن، للعموم، بل
يؤمر بالخروج إلا أن يخشى تلفه فينتظر، إذ لم يؤمر بإتلافه. " (3).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - الرملي: "... بشرط كون الطريق آمنا، كما اقتضاه كلامهم. " (4).

(1) المائدة: 4.
(2) قواعد الأحكام 2: 255.
(3) كشف اللثام 2: 224.
(4) نهاية المحتاج 7: 428 - أنظر: تحفة المحتاج 9: 109 - كشاف القناع 6: 92.
216

التاسع عشر: هل يكفي النفي من القرية إلى مصرها؟
هل يكفي التغريب من القرية إلى مصرها؟ أو من المصر إلى ضواحيها
وقراها؟ قد يقال بكفاية ذلك ما دام يصدق عليه التغريب، وما دام لم يعتبر فيه
المسافة.
وقد يقال بعدم كفاية ذلك، بمقتضى صحيحة الحلبي إذ فيها: " النفي من بلدة
إلى بلدة " فلا بد من صدق " البلد الآخر " على المنفي إليه. وبها تقيد الاطلاقات.
هذا وقد تعرض بعض المعاصرين منا لهذا الفرع فقال: " لا يكفي في النفي المأمور
به النفي من بلدة إلى ما حولها من القرى والأرياف، ولا من قريته إلى مصرها،
بل لا بد من نفيه إلى بلد آخر لرواية الحلبي (1)، المقيدة لإطلاق غيرها... " (2).
العشرون: الانتقال من بلد التغريب:
هل يجوز الانتقال من بلد النفي إلى بلد آخر، أم تفرض عليه الإقامة
الإجبارية؟
لم يقم نص بالخصوص على أحد الطرفين، ولا في كلام الأصحاب تعرض
للمقام، ولكن يبدو من القول، بأنه: لو رجع رد إلى منفاه، أنه ملزم بالإقامة،
سيما إذا حتمه عليه الحاكم.
هذا فيما إذا لم يكن البقاء ضرريا، أو لم نقل بأن تعيين المحل بيد المغرب لا
الحاكم.
ثم إن لازم القول بحبسه في المنفى هو المنع من مغادرة منفاه، كما هو رأي

(1) الوسائل 18: 393 ب 24 ح 1.
(2) حدود الشريعة 4: 270.
217

المالكية (1).
وعند الشافعية: منع المغرب من مغادرة منفاه قبل كمال المدة، لأن ذلك يؤدي
إلى الترويح عنه وهو مناف للمقصود من تغريبه (2).
قد يقال: إن المدار، والملاك، هو صدق التغريب، فلو كان الانتقال منافيا له،
فيمنع منه، وإلا فلا.
وأما دعوى " أن الانتقال يؤدي إلى الترويح، فيمنع "، لا يرجع إلى محصل، ما
دام لم يقم الدليل على أن المقصود بالتغريب هو التضييق عليه، إذ لعل المقصود،
هو الاذلال والتحقير - وهو حاصل حتى مع الانتقال -، ما دام مغربا وممنوعا من
العودة إلى بلده.
وفيما يلي بعض الآراء:
آراء فقهائنا:
1 - السيد الگلپايگاني: " هل يجوز له أن يخرج من المنفى إلى بلد آخر، بعد
مفروغية عدم جواز الخروج إلى بلده، ما لم يقض الحول؟ الظاهر بحسب ما
تقدم، من أن اختيار النفي وحده بيد الحاكم دون اختيار موضعه - فإنه بيد
الزاني - هو الجواز. " (3).
2 - وعن بعض المعاصرين: " هل يجوز للمنفي الانتقال من المصر المنفى فيه
إلى مصر آخر أم يجب عليه الإقامة فيه؟ وجهان، فيمكن اختيار أولهما بدعوى
عدم الخصوصية في المنفى فيه إلا إذا حتم الحاكم الإقامة عليه في مصر معين

(1) أنظر: الشرح الكبير للدردير 4: 322 - الخرشي 8: 83 - الزرقاني 8: 83.
(2) تحفة المحتاج 9: 110.
(3) الدر المنضود 1: 322.
218

لمصلحة، فتأمل.
نعم، لا مانع من الجواز إذا كان البقاء فيه ضرريا أو حرجيا وقال قبله:... نعم
لا يجب على المنفي الإقامة في نفس المصر بل له أن يقيم في القرى التابعة لذلك
المصر المنفي إليها حسب فهم العرف. " (1).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - الشربيني: "... - في الانتقال - وجهان: أصحهما كما في أصل الروضة،
لا يمنع، لأنه امتثل، والمنع من الانتقال لم يدل عليه دليل. " (2).
2 - الرملي: " يلزمه الإقامة فيما غرب إليه ليكون له كالحبس. " (3).
الحادي والعشرون: حكم من زنى في فلاة، أو بادية أو قرية:
الظاهر من فتاوى الفقهاء عدم الخصوصية للمصر، فلو زنى في الفلاة، أو
القرية، ينفى عن وطنه. وبه قال شيخ الطائفة، في المبسوط، والنجفي في الجواهر،
والمامقاني في المناهج، والإمام الخميني في التحرير، والسبزواري في المهذب،
والگلپايگاني في الدر المنضود، ومن العامة، البهوتي في الكشاف. وذلك لشمول
الإطلاق، والاتفاق، للفلاة والقرية، وأما ما ورد في موثقة سماعة " على الإمام
أن يخرجه من المصر الذي جلد فيه. " (4) فهو قيد غالبي، بقرينة روايات أخرى:

(1) حدود الشريعة 4: 270.
(2) مغني المحتاج 4: 148.
(3) نهاية المحتاج 7: 428.
(4) الكافي 7: 197 ح 2.
219

" ينفيه من الأرض التي جلده فيها " (1) كما في رواية عبد الرحمن، وغيرها،
فالأرض مطلقة، سواء كانت ضمن القرية، أم الفلاة، أم المصر. هذا وعن الفاضل
الهندي في " كشف اللثام ": سقوط النفي عمن زنى في الفلاة، إلا أن يكون من
منازل أهل البدو.
آراء فقهائنا:
1 - الشيخ الطوسي: " وحد التغريب أن يخرجه من بلده، أو قريته إلى بلد
آخر. " (2).
2 - الشيخ محمد حسن النجفي: " والظاهر أن القرية كالمصر، فينفي منها،
وعن المبسوط التصريح به. " (3).
3 - المامقاني: " والقرية كالمصر في ثبوت النفي عنه، وكذا الفلاة على الأظهر،
الأقرب، سيما إذا كان من سكانها. " (4).
4 - الإمام الخميني: " ولو حده في فلاة، لا يسقط النفي، فينفيه إلى غير وطن،
ولا فرق في البلد بين كونه مصرا أو قرية. " (5).
5 - السيد الگلپايگاني: " هل يجري الحكم في الفلاة أيضا أم لا؟ الظاهر أنه
يجري هناك أيضا.
فلو كان الزاني من أهل البادية، وساكنا في الفلاة ويعيش في البراري، فإنه

(1) نوادر أحمد بن محمد بن عيسى: 147 ح 377.
(2) المبسوط 8: 3.
(3) جواهر الكلام 41: 327.
(4) مناهج المتقين: 498.
(5) تحرير الوسيلة 2: 418.
220

ينفى من مكانه إلى موضع آخر، فلو لم يكن ساكنا فيها، فيجب منعه من دخول
بلده إلى سنة. " (1).
6 - السيد السبزواري: " ولو حد في الفلاة، ينفى من محل الحد إلى غير
وطنه، لشمول ما مر من الإطلاق والاتفاق، للفلاة أيضا... " (2).
وقال أيضا: " ولا فرق في محل الحد بين كونه مصرا، أو قرية. قال: للاطلاق
الشامل للقسمين، وذكر مصر في بعضها، كما في خبر عبد الله بن طلحة - ونفي
سنة عن مصره - من باب الغالب، لا التقييد. " (3).
7 - الشيخ الفاضل: " وأما ما أفيد في الذيل، من عدم سقوط النفي لو تحقق
الحد في فلاة، بل اللازم نفيه إلى غير وطنه، فلأنه لا دليل على السقوط في هذه
الصورة " (4).
وقال أيضا: " ثم إنه من الواضح عدم كون المراد من المصر، أو البلد الواقع
في النصوص، ما يقابل القرية، بل أعم منها، كما لا يخفى. " (5).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - البهوتي: " البدوي يغرب عن حلته - بكسر الحاء - وقومه إلى مسافة
القصر، فأكثر، ولا يمكن البدوي من الإقامة بينهم - أي بين قومه - حتى يمضي
العام، ليحصل التغريب. " (6).

(1) الدر المنضود: 322.
(2) مهذب الأحكام 27: 336.
(3) مهذب الأحكام 27: 336.
(4) تفصيل الشريعة: 145 (الحدود).
(5) تفصيل الشريعة: 145 (الحدود).
(6) كشاف القناع 6: 92.
221

آراء القائلين بعدم التغريب:
1 - الفاضل الهندي: " فلو زنى في فلاة، لم يكن عليه نفي، إلا أن يكون من
منازل أهل البلد فيكون كالمصر. " (1).
الثاني والعشرون: هل النفي، من بلد الزنا، أو بلد الجلد، أو بلد الزاني؟
اختلف الفقهاء في البلد الذي ينفى منه، هل هو بلد الزنا، أو الجلد، أو موطن
الزاني وبلده، فذهب إلى كل فريق، والظاهر من موثقة سماعة، وصحيحة أبي
بصير، ورواية النوادر - هو بلد الجلد.
كما أن الظاهر من رواية: مثنى الحناط هو بلد الزنا. ويظهر من رواية ابن
سنان، ومحمد بن قيس، ورواية الدعائم، والرواية الثانية من النوادر، أنه بلد
الزاني وموطنه. واختار الأول الفاضل الهندي في كشف اللثام، والطباطبائي في
الرياض، والمامقاني في المناهج، والشيخ الوالد في الذخيرة، والخميني في
التحرير، والسبزواري في المهذب.
كما اختار الثاني: شيخ الطائفة في المبسوط، والنهاية، وابن البراج في المهذب.
ومن المذاهب الأخرى: ابن أبي ليلى - كما في المبسوط للسرخسي.
واختار الثالث: ابن حمزة في الوسيلة، والعلامة الحلي في التحرير، والشهيدان
في الروضة، والنجفي في الجواهر.
ومن المذاهب الأخرى: الشوكاني في نيل الأوطار.
لعل هناك رأي رابع: وهو مراعاة جميع العناوين، ونفيه من بلد الجلد والزنا
وموطنه، وهو رأي بعض أعاظم العصر. بدليل أن هذا هو الظاهر من الأدلة.

(1) كشف اللثام 2: 219.
222

وفيما يلي النصوص ثم الآراء:
الروايات:
الروايات الدالة على بلد الجلد:
1 - الكافي: " عن سماعة: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا زنى الرجل فجلد، ينبغي
للإمام أن ينفيه من الأرض التي جلد فيها إلى غيرها، فإنما على الإمام أن يخرجه
من المصر الذي جلد فيه. " (1) وهي موثقة، ولكن في نقل الفقيه " ليس ينبغي ".
وعلى التقديرين لا تخلو من إبهام وإجمال كما عن الفيض، وقد مر.
2 - وفيه: " عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الزاني أينفى؟
قال: فقال: نعم، من التي جلد فيها إلى غيرها. " (2).
وهي صحيحة، سندا، وصريحة دلالة في أن النفي من بلد الجلد والحد. ومثلها
رواية النوادر " ينفيه من الأرض التي جلده فيها... " (3).
الروايات الدالة على بلد الزاني:
1 - الفقيه: " عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)... وإذا زنى الشاب
الحدث جلد مائة، ونفي سنة، عن مصره. " (4).
وفي السند كلام، لإشتراك عبد الله بين: ابن طلحة، وابن سنان، وجهالة محمد
ابن حفص (5).

(1) الكافي 7: 197 ح 2. و 3.
(2) الكافي 7: 197 ح 2. و 3.
(3) نوادر أحمد بن عيسى: 147 ح 377 - المستدرك 18: 138 ب 20 ح 2.
(4) الفقيه 4: 27 ح 48 - نور الثقلين 3: 569 ح 11.
(5) أنظر: معجم رجال الحديث 16: 29.
223

2 - الكافي: " محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام)... ونفي سنة في غير
مصرهما... " (1). وهي حسنة، ولكن مفادها - تغريب المرأة - خلاف المشهور
عند الأصحاب.
3 - الدعائم: " قال جعفر بن محمد (عليه السلام): وجلد الزاني... ونفي عن بلده
سنة... (2). ".
4 - النوادر: " عن الصادق (عليه السلام) قال أمير المؤمنين (عليه السلام)... وعلى البكر جلدة
مائة ونفي سنة في غير مصره. " (3).
الروايات الدالة على بلد الزنا:
1 - التهذيب: " عن أبي عبد الله (عليه السلام):... وينفى من الأرض التي
يأتيه... " (4).
هذا وليس فيما ورد من غير طرقنا، ما يشير إلى الوجوه، إلا ما أورده
السيوطي، عن عمرو بن شعيب، عن النبي (صلى الله عليه وآله): "... وغربا سنة، غير الأرض
التي كانا بها. " (5)، ولعل المستفاد منها: الموطن وبلد الزاني، لكنها ليست ظاهرة
فيه، أضف إلى ضعف السند، وأن مضمونه غير مفتى به عند أكثر فقهائنا، وكثير
من فقهاء العامة.

(1) الكافي 7: 177 ح 7.
(2) دعائم الإسلام 2: 450 ح 1576.
(3) نوادر أحمد بن عيسى: 145 ح 371 - المستدرك 18: 40 ح 5.
(4) التهذيب 10: 35 ح 122.
(5) الدر المنثور 5: 18.
224

القائلون بالنفي عن بلد الجلد:
1 - السيد الطباطبائي: " وينفى عن بلده التي جلد فيها سنة بلا خلاف أجده
في الجملة. " (1).
2 - المامقاني: "... وينفى عن المصر الذي جلد فيه " (2).
3 - السيد الخميني: " حد النفي سنة من البلدة التي جلد فيها. " (3).
4 - السيد الخوئي: " لا شك في أن الزاني لا ينفى إلى بلاد الشرك وإنما ينفى من
البلد الذي جلد فيه إلى بلد آخر. " (4).
5 - السيد السبزواري: " مدة النفي سنة من البلدة التي جلد فيها كما في رواية
أبي بصير... وفي الموثق أيضا... ويحمل عليها ما ورد من المطلقات. " (5).
القائلون ببلد الزنا:
1 - الشيخ الطوسي: " فإن كان الزاني غريبا نفاه إلى بلد آخر غير البلد الذي
زنى فيه. " (6) وقال في النهاية: " من وجب عليه النفي في الزنا، نفي عن بلده الذي
فعل فيه ذلك الفعل إلى بلد آخر سنة. " (7).
2 - ابن البراج: " ومن يجب عليه النفي بالزنا، يجب نفيه عن البلد الذي زنى

(1) رياض المسائل 2: 469.
(2) مناهج المتقين: 498.
(3) تحرير الوسيلة 2: 218.
(4) مباني تكملة المنهاج 1: 322.
(5) مهذب الأحكام 27: 336.
(6) المبسوط 8: 3. أقول: هذا بالنسبة إلى الغريب، وأما غيره فقال: " وحد التغريب أن
يخرجه من بلده أو قريته إلى بلد آخر... " المبسوط 8: 3.
(7) النهاية: 702.
225

فيه إلى بلد آخر سنة " (1).
3 - الأردبيلي: " التغريب: الاخراج عن البلد الذي زنى فيه إلى بلد آخر، لا
عن تحت حكومة قاضي تلك البلد. " (2).
4 - الفاضل الهندي: " عن مصره: أي المصر الذي زنى فيه كما في المبسوط،
سئل الصادق (عليه السلام): قال: " ينفى من الأرض التي يأتيه "... فإن الظاهر " أن
يأتيه " بمعنى يأتي الزنا، ويحتمل: يأتي الإمام فيكون من أرض الجلد كما في
خبري حنان ومحمد بن قيس، والمصلحة في النفي يحتمل أن يكون مجرد
الإهانة والعقوبة وأن يكون التبعيد عن المزني بها ومكان الفتنة. وبحسب ذلك
يختلف الأمر في التغريب من بلد الجلد، احتمل جواز التغريب إلى بلد الزنا " (3).
5 - الشيخ الوالد: " نفي عن البلد الذي فعل هذا الفعل سنة كاملة. " (4).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - السرخسي: " ابن أبي ليلى: ينفى إلى بلد غير البلد الذي فجر فيه ولكن
دون مسيرة سفر. " (5).
القائلون بالنفي عن وطنه:
1 - ابن حمزة: " وليس على النساء جز الناصية ولا النفي، وهو التغريب سنة

(1) المهذب 2: 528.
(2) مجمع الفائدة (الحدود) من الطبعة الحجرية.
(3) كشف اللثام 2: 219.
(4) ذخيرة الصالحين (مخطوط) 8: 41.
(5) المبسوط 9: 45.
226

عن البلد الذي هو به. " (1).
2 - العلامة الحلي: "... وينبغي أن يغرب عن بلده أو قريته إلى موضع آخر " (2).
3 - الشهيدان: " والتغريب نفيه عن مصره، بل مطلق وطنه إلى آخر قريبا
كان أم بعيدا. " (3).
4 - الشيخ محمد حسن النجفي: " ثم إن الظاهر التغريب عن مصره الذي هو
وطنه، ولكن عن المبسوط: المصر الذي زنى فيه، ولعله الظاهر من خبر المثنى
الحناط، وربما احتمل بعد أن يأتي الإمام، فيكون النفي من أرض الجلد إلى
مصر آخر، كما في خبري حنان ومحمد بن قيس، ويؤيده قول الصادق (عليه السلام) في
حسن الحلبي: النفي من بلدة إلى بلدة. وقال: نفى علي رجلين من الكوفة إلى
البصرة... وقد سمعت خبر سماعة التصريح في النفي من المصر الذي جلد فيه، بل
وكذا خبر أبي بصير " (4).
وأضاف أيضا: " قد يقال: إن الظاهر كون المصلحة في التغريب الإهانة
والعقوبة، فلا يختلف الحال، وربما احتمل كونها التبعيد من المزني بها، ومكان
الفتنة، وهو بعيد، فيكفي فيه حينئذ التغريب من بلد الجلد بناء على القول به إلى
بلد الزنا. " (5).
5 - السيد الگلپايگاني: فإنه قال بعد كلام الفاضل الهندي: " إن المصالح
والحكم الكامنة كالاعتبارات، لا تصح أن تكون دليلا على الحكم، وموجبا

(1) الوسيلة: 411.
(2) تحرير الأحكام 2: 223.
(3) الروضة البهية 9: 109.
(4) جواهر الكلام 41: 327.
(5) جواهر الكلام 41: 327.
227

لصرف الأدلة، وهذا الذي ذكر من النفي إلى بلد الزنا بعيد بحسب الأدلة، بل
الظاهر منها ما ذكرناه من مراعاة جميع العناوين، ونفيه، عن بلد الزنا وبلد الجلد،
وعن موطنه. " (1).
6 - وعن البعض: "... نعم إذا قلنا بإنصراف البلدة الأخرى التي ينفى إليها،
عن بلد الفاعل والفعل كما هو غير بعيد، يسهل الخطب، إذ لا يبقى ثمرة، فإن
الزاني ينفى إلى بلدة غير بلدة الجلد وبلدة توطنه، وفجوره، سواء أكانت البلدة
المنفي عنها هي الأولى أو غيرها، فتأمل. " (2).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - الشوكاني: " فإن التغريب المذكور في الأحاديث شرعا هو إخراج الزاني
عن موضع إقامته بحيث يعد غريبا. " (3).
الثالث والعشرون: هل يجزي الحبس، عن التغريب؟
الأصل في العناوين المأخوذة في لسان الأدلة هو الموضوعية بمعنى أن الحكم
وجودا وعدما يدور مدار ذلك الموضوع والعنوان، فالتعدي منه إلى عنوان آخر
يحتاج إلى دليل قطعي.
وفي المقام: لا شك في تغاير عنواني الحبس والتغريب، ومعه فالإكتفاء،
واستبدال التغريب به، تعد عن مقتضى النصوص الصريحة، وكلمات الأصحاب،
فلا يجوز ذلك إلا بدليل قطعي، أو يدعى أن التغريب تعزير، وأمره إلى الحاكم،

(1) الدر المنضود 1: 317.
(2) حدود الشريعة 4: 270.
(3) نيل الأوطار 7: 89.
228

فإن رأى إبداله فله ذلك، وهو كما ترى.
هذا: وعن جمع من السنة، ولعله مذهب الأحناف أن المراد بالتغريب: سجن
الجاني في بلد الجناية (1).
وقد يقال: إنه ورد في مسند زيد ما يؤيد كفاية الحبس، إذ صرح فيه: " حكم
البكر هو الحبس سنة. " (2) ولكن تعارضه النصوص الكثيرة - بما فيها من
الصحاح - إضافة إلى وجود اختلاف النقل لهذا النص. فتأمل.
وقد يقال: بأن المراد بالنفي هو الحبس، كما ذهب إليه أبو الصلاح الحلبي (3)،
وابن زهرة (4)، وعلاء الدين الحلبي (5) - في آية النفي - وسيأتي البحث فيه.
هذا: ولكن يمكن أن يقال: إن المعارضة، إنما هي فيما لو كانت هناك ضرورة
أو إجماع على عدم وجوب كليهما، وإلا فيجمع بينهما بالقول بأن الواجب كلاهما.
لكن الذي يهون الخطب هو ضعف سند المعارض.
ونكتفي في المقام بكلام الشوكاني - من المذاهب الأخرى -.
قال الشوكاني: " ظاهر الأحاديث المذكورة في الباب أن التغريب هو نفي
الزاني عن محله سنة... والتغريب يصدق بما يطلق عليه اسم الغربة شرعا فلا بد من
اخراج الزاني عن المحل الذي لا يصدق عليه اسم الغربة... وحكى في البحر عن
علي وزيد بن علي والصادق والناصر في أحد قوله: أن التغريب هو حبس سنة.

(1) أنظر: حاشية ابن عابدين 4: 14 - البحر الرائق 5: 11 - تبيين الحقائق 3: 173 - سبل
السلام 4: 5.
(2) مسند زيد: 298.
(3) الكافي في الفقه: 252.
(4) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): 522.
(5) إشارة السبق: 144.
229

وأجاب عنه بأنه مخالف لوضع التغريب. وتعقبه صاحب ضوء النهار: بأن مخالفة
الوضع لا تنافي التجوز وهما مشتركان في فقد الأنيس... وجعل قرينه المجاز
حديث النهي عن سفر المرأة مع غير محرم، ويجاب عن هذا التعقيب بأن الواجب
حمل الأحكام الشرعية على ما هي حقيقة فيه في لسان الشارع ولا يعدل عن ذلك
المجاز إلا ملجئ، ولا ملجئ هنا، فإن التغريب المذكور في الأحاديث شرعا هو
اخراج الزاني عن موضع إقامته بحيث يعد غريبا والمحبوس في وطنه لا يصدق
عليه ذلك الاسم. وهذا هو المعروف عند الصحابة الذين هم أعرف بمقاصد
الشرع... " (1).
الرابع والعشرون: التغريب وإقامة الحد وظيفة الإمام:
لا كلام في أن المستوفي للحدود وهو الإمام أو من يأمره الإمام، أو الفقهاء
الذين فوض الإمام النظر فيها إليهم.
ولكن مقتضى بعض الروايات أن للمولى اجراء الحدود على عبده، وبه وردت
روايات أوردنا بعضها وقد أفتى فقهاؤنا بجواز إقامة الولي الحد على عبده وأمته،
وكذلك على الولد والزوجة ولكن بشرط ثبوته بالإقرار أو المشاهدة، وبشرط
عدم بلوغه الرجم والقتل - والقطع - وإلا اختص بالإمام. وفيما يلي عرض
الروايات أولا، ثم نقل كلمات بعض فقهائنا كالمفيد، والطوسي، والصهرشتي،
والعلامة الحلي في كتابيه، والمحقق الكركي.
ومن السنة نكتفي بما أورده الجزيري:

(1) نيل الأوطار 7: 90.
230

الروايات:
1 - الفقيه: " روى سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث قال: سألت
أبا عبد الله (عليه السلام) من يقيم الحدود السلطان أو القاضي:؟
فقال: إقامة الحدود إلى من إليه الحكم. " (1).
2 - وفيه: " روى ابن محبوب عن عبد الله بن بكير عن عنبسة بن مصعب
قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)، إن زنت جارية لي أحدها؟ قال: نعم وليكن ذلك
في سر فإني أخاف عليك من السلطان. " (2)، أقول: لعل مفاده الاستيذان من
الإمام وإذنه (عليه السلام).
3 - قرب الإسناد: " عبد الله بن جعفر، عن عبد الله بن الحسن عن جده علي
ابن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن رجل هل يصلح أن
يضرب مملوكه في الذنب يذنبه؟ قال: يضربه على قدر ذنبه إن زنى جلده، وإن
كان غير ذلك فعلى قدر ذنبه، السوط والسوطين وشبهه، ولا يفرط في
العقوبة. " (3).
آراء فقهائنا:
1 - الشيخ المفيد: " فأما إقامة الحدود فهو إلى سلطان الإسلام المنصوب من
قبل الله، وهم أئمة الهدى من آل محمد (صلى الله عليه وآله) ومن نصبوه لذلك من الأمراء
والحكام، وقد فوضوا النظر فيه إلى فقهاء شيعتهم مع الإمكان، فمن تمكن من
إقامتها على ولده، وعبده، ولم يخف من سلطان الجور إضرارا به على ذلك

(1) الفقيه: 4: 51 ب 17 ح 1.
(2) الفقيه: 4: 32 ب 7 ح 5 - وعنه الوسائل 18: 340 ح 6.
(3) قرب الإسناد: 259 ح 1028 - وعنه الوسائل 18: 340 ح 8.
231

فليقمها. " (1).
2 - الشيخ الطوسي: " للسيد أن يقيم الحد على ما ملكت يمينه بغير إذن الإمام
عبدا كان أو أمة مزوجة كانت الأمة أو غير مزوجة عندنا وعند جماعة. وقال
قوم: ليس له ذلك. ومن قال له ذلك فمنهم من قال: له التغريب أيضا وهو
الأصح. ومنهم من قال: ليس له ذلك. " (2).
3 - الصهرشتي: " ويجوز للسيد إقامة الحد على من يملكه بغير إذن الإمام. " (3).
4 - العلامة الحلي: " وللسيد إقامة الجلد على المملوك ذكرا كان أو أنثى، وكذا
المملوكة سواء كانت مزوجة أو غير مزوجة وسواء ثبت بالبينة أو بالاقرار... " (4).
5 - وقال في القواعد: " وللسيد إقامة الحد على عبده أو أمته من دون إذن
الإمام... وللسيد أيضا التعزير... للرجل إقامة الحد على ولده... هذا كله إنما
يكون إذا شاهد السيد أو الزوج أو الوالد الزنا أو أقر الزاني فإن قامت عنده بينة
عادلة فالأقرب الافتقار إلى إذن الحاكم... ولو كان الحد رجما أو قتلا اختص
بالإمام... " (5).
6 - وقال في كتاب الأمر بالمعروف: " وللمولى في حال الغيبة إقامة الحد على
مملوكه، وفي إقامته على ولده وزوجته قول بالجواز " (6).
7 - قال المحقق الكركي في شرح قول العلامة:

(1) المقنعة: 810.
(2) المبسوط 8: 11.
(3) إصباح الشيعة: 516.
(4) تحرير الأحكام 2: 223 - أنظر المراسم للديلمي: 261.
(5) قواعد الأحكام 2: 255.
(6) قواعد الأحكام 1: 119.
232

" عبارتهم في ذلك مطلقة أيضا، ومقتضاه عدم اشتراط أهلية الحكم، ويلوح من
عبارة المختلف الاشتراط في الجميع حتى في العبد، وعلى هذا فيكون استثناء هذه
من عموم المنع من إقامة الحدود.
والأصح: أنه لا يجوز إقامة الحد على الولد والزوجة إلا مع الأهلية، وأما
المملوك فإن الحكم فيه كاد يكون اجماعيا، وقد ذكروا استفاضة النقل في
الترخيص فيه، وما هذا شأنه فتقييده لا يكون إلا بدليل. " (1).
آراء المذاهب الأخرى:
الجزيري: " اتفقت كلمة العلماء على أن غير الإمام لا يجوز له أن يقيم الحد
لقوله تعالى: * (فاجلدوا) * (2) فقد أجمعت الأمة على أن المخاطب بذلك هو الإمام،
ثم احتجوا بهذا على وجوب نصب الإمام لأنه سبحانه أمر بإقامة الحد... " (3).
الخامس والعشرون: في معنى البكر:
لا كلام في رجم المحصن ومعناه على ما في المبسوط للطوسي " كل حر بالغ
كامل العقل، كان له فرج يغدو إليه ويروح على جهة الدوام متمكنا من وطئه
سواء كان ذلك بعقد الزوجية أو بملك اليمين ويكون قد وطئ. " (4).
كما يجلد البكر ويغرب - عند الأكثر - واختلف في تفسيره إلى قولين:
الأول: من ليس بمحصن.

(1) جامع المقاصد 3: 489.
(2) النور: 2.
(3) الفقه على المذاهب الأربعة 5: 78 - أنظر المجموع 20: 25.
(4) المبسوط 8: 3.
233

الثاني: من أملك وعقد له أو عليها دواما ولم يدخل.
والتفسير الأول: أعم من الذي عقد له أو لم يعقد له فكلاهما عليهما الجلد
والتغريب.
وعلى التفسير الثاني: يختص التغريب بالذي عقد له، وأما الذي لم يعقد له
فيجب عليه الجلد فقط.
وصريح المبسوط والخلاف والسرائر، وظاهر العماني والإسكافي والحلبي،
وأكثر المتأخرين هو التفسير الأول.
أدلة التفسير الأول:
واستدل له بوجوه:
1 - دعوى الشهرة.
2 - دعوى الاجماع كما عن السرائر.
3 - القسمة الثنائية في النبوي الشريف.
4 - العرف.
5 - اطلاق قول الصادق (عليه السلام) في خبر عبد الله بن طلحة - خرج منه المحصن
بالنص والاجماع فيبقى غيره.
6 - خبر السكوني: أن محمد بن أبي بكر...
7 - خبر سماعة: إذا زنى الرجل ينبغي...
8 - خبر أبي بصير.
9 - خبر مثنى الحناط: ويعارضه محمد بن قيس: قضى علي...
وأما التفسير الثاني، فهو مقتضى صريح النهاية، والجامع للشرائع والغنية،
والاصباح، وظاهر المقنع، والمقنعة، والمراسم، والوسيلة، واختاره في المختلف
234

والتحرير والايضاح، والمقتصر وبه قال الصدوق.
أدلة التفسير الثاني:
واستدل له بوجوه:
1 - الشهرة كما عن العلامة في التحرير.
2 - رواية زرارة " وهما اللذان قد أملكا ".
3 - رواية محمد بن قيس الذي لم يحصن يجلد مائة ولا ينفى.
4 - أصل براءة الذمة مما زاد على الجلد حتى يثبت الدليل.
5 - رواية علي بن جعفر.
6 - مرسلة الدعائم.
لكن قصور سند الثاني، وتضمن الأول لنفي البكرة مع أنهم لا يقولون به يمتنع
العمل بهما.
أضف إلى ضعف دلالة رواية زرارة - وهو الدليل الثاني هنا - لاحتمال كون
التعريف من غير الإمام، ولا جابر لهذه القوادح عدا الشهرة عن العلامة في
التحرير، وهي غير معلومة، ومعارضة بدعوى جماعة الشهرة على
خلافها.
وقد تردد بعض في تفسير البكر، كالفاضل المقداد في التنقيح، والصيمري في
شرح الشرائع. حيث اكتفيا بنقل التفسيرين.
ولكن يتقوى التفسير الثاني بمقتضى الشبهة الدارئة، والاجماع المدعى عن ابن
زهرة ورجوع الشيخ في كتابيه عن التفسير الأول وأصالة براءة الذمة من
التغريب إلا أن يثبت بدليل قطعي. وفي المقام نكتفي بنقل بعض الآراء من
الطرفين.
235

القائلون بالمعنى الأول:
1 - الشيخ الطوسي: " والبكر من لم يحصن " (1).
وقال في الخلاف: " البكر عبارة عن غير المحصن... " (2).
هذا: وفسر ابن أبي عقيل، المحصن: " بأنه الذي يكون له زوجة حرة مسلمة
يغدو عليها ويروح " (3).
2 - المحقق الحلي: " والبكر من ليس بمحصن " (4).
وقال في الشرائع: " والأشبه أنه - البكر - عبارة عن غير المحصن وإن لم يكن
مملكا. " (5).
3 - الطبرسي: " البكر عبارة عن غير المحصن " (6).
4 - الشهيدان: " لاطلاق الحكم على البكر وهو شامل للقسمين بل هو على
غير المتزوج أظهر... " (7).
5 - القاضي ابن البراج: " والبكر... هو الذي أملك بالمرأة ولم يدخل بها " (8).
6 - الصهرشتي: " والبكر هو من ليس بمحصن وقد أملك على امرأة ولم يدخل
بها، وحكم المرأة في ذلك كله حكم الرجل " (9).

(1) المبسوط 8: 3.
(2) الخلاف 2: 439.
(3) مختلف الشيعة: 757 أنظر: حياة العماني وفقهه: 530.
(4) المختصر النافع: 215.
(5) شرائع الإسلام 4: 155.
(6) المؤتلف من المختلف 2: 287.
(7) الروضة البهية 9: 109.
(8) المهذب 2: 528.
(9) إصباح الشيعة: 514.
236

7 - علي بن حمزة الطوسي: "... وهو من زنى بعد أن عقد على امرأة عقدا
شرعيا دائما ولم يدخل بها... " (1).
8 - العلامة الحلي: " والأقرب ما اختاره الشيخ في النهاية. " (2).
9 - وقال في التحرير: " والمراد بالبكر هو الذي أملك ولم يدخل " (3).
10 - يحيى بن سعيد: " والمملك والمملكة إذا زنيا... جلد كل واحد منهما
مائة، ونفي الرجل. " (4).
11 - المجلسي الأول - بعد نقل رواية علي بن جعفر عن أخيه (عليه السلام) -: " ويدل
على أن الذي تزوج ولم يدخل فليس بمحصن ويسمى بالبكر وسيجئ الأخبار
الصحيحة في ذلك... " (5).
القائلون بالمعنى الثاني:
1 - الصدوق: " والذي قد أملك ولم يدخل بها جلد مائة وينفى. " (6).
2 - المفيد: " وإذا زنى الرجل وقد أملك بامرأة وكان زناه قبل أن يدخل بها
جزت ناصيته... " (7).
3 - الشيخ الطوسي: " والبكر هو الذي قد أملك على امرأة، ولا يكون قد

(1) الوسيلة: 411.
(2) مختلف الشيعة: 757.
(3) تحرير الأحكام 2: 222.
(4) الجامع للشرائع: 550.
(5) روضة المتقين 8: 259.
(6) المقنع: 145.
(7) المقنعة: 775.
237

دخل بها بعد، ثم زنى. " (1).
4 - الحلبي: " وإن كان أحدهما محصنا بغائبة عنه، أو حاضرة لا يتمكن من
الوصول إليها جلد مائة سوط وغرب عاما. " (2).
5 - سلار بن عبد العزيز: " إلا أن من زنى وهو لم يدخل بزوجته بعد... " (3).
السادس والعشرون: هل يطلق المحصن على من طلق زوجته أو ماتت عنه؟
هل يشمل الحكم من طلق زوجته أو ماتت عنه، وعقد على أخرى ولم يدخل
بها، أو ظاهر أو آلى؟
فنقول: أما بالنسبة إلى الأخيرين فهو محصن، وعدم امكانه من الغدو والرواح
عليها إنما هو باختياره، والامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار إذ يمكنه الرجوع
بالكفارة، فتأمل.
وأما الأولان: فقد يقال إنهما خارجان عن موضوع جملة من الروايات لأنه
ليس ببكر. ولكن مقتضى جملة أخرى من الروايات هو الشمول مثل: صحيحة
زرارة: والذي قد أملك ولم يدخل.
وصحيح أبي بصير: عن الزاني إذا زنى...
وموثقة سماعة: إذا زنى الرجل ينبغي...
وصحيح علي بن جعفر: سألته عن رجل تزوج امرأة ولم يدخل بها، فزنى...
فتأمل، فإنه لا يصدق على من طلق، أو ماتت زوجته إنه أملك ولم يدخل، هذا

(1) النهاية: 694.
(2) الكافي في الفقه: 405.
(3) المراسم: 253.
238

ولم أجد من تعرض لهذه المسألة إلا بعض المعاصرين منا (1).
السابع والعشرون: حكم تغريب المرأة:
اختلف الفقهاء في تغريب المرأة، فالأكثرون على عدمه، كالشيخ الطوسي في
الخلاف والنهاية والمبسوط، والحلبي في الكافي، وسلار في المراسم، وابن البراج
في المهذب، وابن حمزة في الوسيلة، وابن إدريس في السرائر، والمحقق الحلي
في المختصر والشرائع، ويحيى بن سعيد في الجامع، والعلامة في التحرير والقواعد
والمختلف والتبصرة، وولده فخر المحققين في الايضاح، والفاضل المقداد في
التنقيح، وابن فهد في المهذب والشهيد الأول في غاية المراد واللمعة، والطبرسي في
المؤتلف، والشهيد الثاني في الروضة، والمجلسي الأول في الفقه، والفاضل الهندي
في كشف اللثام، والطباطبائي في الرياض، والنجفي في الجواهر، والمامقاني في
المناهج، والشيخ الوالد في موسوعته الفقهية، والسبزواري في مهذب الأحكام،
بل هذا الرأي هو المشهور عندنا.
وأما من المذاهب الأخرى: خص مالك، النفي بالرجل، وهو المذهب عند
المالكية، والأوزاعي، وإليه أشار في المدونة، والأحكام السلطانية، والمبسوط،
وإرشاد الساري. وهو رأي الشافعية والحنابلة واللخمي من المالكية، وذهب جمع
من فقهائنا إلى ثبوت التغريب لها، كما هو رأي العماني، ونسب إلى ابن الجنيد
أيضا، وإن لم نعثر على كلامه، بل في المختلف نسب هذا القول إلى العماني فقط.
وكذلك الشهيد الأول في غاية المراد، وعبر السيد الطباطبائي عن هذه النسبة
بقوله: ربما يحكى عن الإسكافي - أي ابن الجنيد - نعم: أول من نسب هذا القول

(1) حدود الشريعة 4: 269.
239

إلى الإسكافي - صريحا - هو الشهيد الثاني في المسالك وتبعه المجلسي الثاني.
كما أن القول بالتغريب هو رأي السيد الخوئي، ورأي بعض العامة أيضا:
كالشافعية على ما يبدو من القسطلاني في الإرشاد، وشمس الدين المقدسي في
الفروع، والقرطبي في البداية، وابن قدامة في المغني، والمرداوي في الانصاف.
وذهب المالكية إلى أنه لا تغريب على المرأة، ولو مع محرم أو زوج، ولو رضيت
بذلك، على المعتمد عندهم.
وتردد آخرون منا: كالشهيد الثاني في المسالك، والأردبيلي في مجمع الفائدة،
والفيض في المفاتيح، والسيد الخوانساري في المدارك. وفيما يلي أدلة الطرفين.
أدلة النافين:
1 - الاجماع: وقد ادعاه الشيخ الطوسي، وتبعه من بعده، وهو اجماع مدركي،
أضف إلى ذلك مخالفة القديمين، إلا أن يقال: إن فتاويهم متروكة.
2 - المرأة عورة، يقصد بها الصيانة، ومنعها من الاتيان بمثل ما فعلت، ولا
يؤمن عليها ذلك في الغربة.
وجوابه: هذه الوجوه الخطابية، لا تقابل النصوص، نعم قد تكون مؤيدة
للحكم سيما وكثرة اهتمام الشارع بسترهن واختفائهن.
لكن لو أعدت أماكن خاصة، أو كانت مع محرم لها، فيرتفع الاشكال.
3 - قوله تعالى: * (فعليهن نصف ما على المحصنات) * (1)، فلو وجب التغريب
على الحرة، لوجب على الأمة، نصفه، مع أنه لا تغريب عليها اجماعا.
والجواب: لولا النص الخاص والإجماع على عدم تغريب الأمة، لالتزمنا
باطلاق الآية.

(1) النساء: 25.
240

4 - لو غربت: فإما مع محرم، أو زوج، مع أنه: * (ولا تزر وازرة وزر
أخرى) * (1)، وأما لا مع محرم، فلا يجوز: لقوله (صلى الله عليه وآله): " لا يحل لامرأة أن تسافر
من غير محرم. " (2).
وقد أجيب: أن النفي هجرة واجبة، فعلى الإمام أن يتكلف لما يحتاج إليه في
إقامة الجلد. أضف إلى ذلك أن أمر التغريب إلى الإمام لا إلى المحدود، ونهي المرأة
عن السفر إذا كانت مختارة له، وأما مع الاكراه من الإمام، فلا نهي يتعلق بها.
5 - دعوى الاعراض عن النصوص الدالة على نفي المرأة، كما في غاية المراد
ومهذب الأحكام وتفصيل الشريعة، والدر المنضود.
والجواب: أن الاعراض أينما يتحقق إذا كان بالنسبة إلى السند، وأما
الاعراض الدلالي، فغير موجب للوهن، وهنا لا يكون الاعراض سنديا
لاستدلالهم لتغريب الرجل بها أيضا، فتأمل، إذ لعل استدلالهم بغيرها من
الروايات.
6 - تأييد الاجماع بالشهرة، والأصل، لكنه مبني على اعتبار الشهرة نفسها،
وأما الأصل، فهو دليل حيث لا دليل.
7 - التشكيك في دلالة بعض النصوص، كرواية محمد بن قيس، وأنه ليس
صريحا في نفيهما فيجوز اختصاصه به - كما في كشف اللثام - والجواب: هب صحة
هذا التشكيك، فكيف بسائر النصوص بما فيها من الصحاح.
8 - أن الشهوة غالبة فيهن، والغالب أن انزجارهن واحترازهن عن الزنا،
لاستحيائهن من الأقارب ووجود الحفاظ لهن من الرجال، وبالتغريب يخرجن

(1) الأنعام: 164.
(2) مسند أحمد 1: 222.
241

من أيدي الحفاظ ويقل حياؤهن لبعدهن من أقاربهن وربما اشتد فقرهن ويصير
مجموع ذلك سببا لانفتاح باب هذه الفاحشة، والجواب: أنه أمر اعتباري لا
يرجع إلى محصل.
9 - الاستدلال بآية الجلد، تقريبه: أن الله تعالى جعل الجلد جزاء للزاني
والزانية، والجزاء اسم لما تقع به الكفاية فلو أوجبنا التغريب على الزانية، لا تقع
الكفاية بالجلد. وهذا خلاف الآية. والجواب: ينتقض بتغريب الرجل.
10 - الاستدلال بالقياس: وذلك بقياس المرأة على الصبي. أقول: على فرض
حجيته في نفسه لكنه غير مستقيم لوجود الفارق، لأن الصبي غير مكلف فسقوطه
عنه لا يلازم السقوط عنها، مع أنها مكلفة.
وهذه الأدلة الثلاثة (1) الأخيرة من السنة.
أدلة المجوزين:
1 - صحيحة محمد بن قيس والحلبي وصحيحة عبد الرحمان.
2 - التعليل الوارد في نفي الرجم والتغريب عن المجنونة: بأنها لا تملك أمرها،
فهي تدل على أنها لو كانت مالكة فعليها الرجم والنفي.
الروايات
الروايات من طرقنا:
1 - الكافي: " علي بن إبراهيم... قال: قضى أمير المؤمنين (عليه السلام)... في البكر
والبكرة إذا زنيا جلد مائة ونفي سنة في غير مصرهما... " (2) وحسنه المجلسي.

(1) أنظر: شرح فتح القدير 5: 432 - الحاوي للماوردي 18: 157 - المبسوط 9: 197.
(2) الكافي 7: 177 ح 7.
242

2 - الفقيه: " عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام): الشيخ والشيخة... والبكر
والبكرة جلد مائة ونفي سنة. " (1)، وقواه المجلسي.
3 - التهذيب: " عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)... والتي قد أملكت، ولم
يدخل بها تجلد مائة وتنفى. " (2).
4 - وفيه: " عن عبد الرحمان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان علي (عليه السلام)...
يجلد البكر والبكرة، وينفيهما سنة. " (3)، وهو مختلف فيه، كالصحيح كما عن المجلسي.
5 - الدعائم: " قال جعفر بن محمد (عليه السلام):... وإن كان أحد الزانيين بكرا، والآخر
ثيبا، جلد كل واحد منهما مائة جلدة، ونفي البكر منهما. " (4).
الروايات من غير طرقنا:
1 - البخاري: " حدثنا مالك بن إسماعيل، حدثنا عبد العزيز، أخبرنا ابن
شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن زيد بن خالد الجهني: قال سمعت
النبي (صلى الله عليه وآله) يأمر فيمن زنى ولم يحصن جلد مائة وتغريب عام. " (5).
و (من) للعموم، يشمل المذكر والمؤنث.
2 - وفيه: " حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث عن عقيل، عن ابن شهاب
عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قضى فيمن زنى ولم
يحصن بنفي عام بإقامة الحد عليه. " (6).
3 - عبد الرزاق: " عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)

(1) الفقيه 4: 17 ح 10.
(2) التهذيب 10: 4 ح 12 و 11.
(3) التهذيب 10: 4 ح 12 و 11.
(4) دعائم الإسلام 2: 450 ح 1576. مرت هذه الأحاديث في أول هذا الباب فراجع.
(5) البخاري 8: 28.
(6) البخاري 8: 28.
243

قد قضى الله ورسوله: إن شهد أربعة على بكرين جلدا... وغربا سنة غير الأرض
التي كانا بها، وتغريبهما شتى. " (1).
4 - المحلى: " عن ابن وهب، أخبرني جرير بن حازم عن الحسن بن عمارة عن
العلاء بن بدر، عن كلثوم بن جبير قال: تزوج رجل منا امرأة فزنت قبل أن
يدخل بها فجلدها علي بن أبي طالب (عليه السلام) مائة سوط ونفاها سنة إلى نهر
كربلاء... " (2).
5 - وفيه: " نا حمام، نا ابن مفرج، نا ابن الأعرابي، نا الدبري، نا عبد الرزاق،
عن أبي حنيفة، عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم النخعي، قال: قال علي بن
أبي طالب (عليه السلام)، في البكر يزني بالبكر، فإن حبسهما من الفتيان ينفيان. " (3).
6 - المصنف: " حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن الأجلح، عن أبي إسحاق،
قال: أتي علي بجارية من همدان، فضربها وسيرها إلى البصرة سنة. ". (4)
الآثار:
1 - وفيه: " حدثنا وكيع، عن المسعودي، عن القاسم، قال: قال أبو ذر:
"... والبكران يجلدان وينفيان. " (5).
2 - المحلى: " عن أبي بن كعب: البكران يجلدان وينفيان " (6).

(1) المصنف 7: 312.
(2) المحلى 11: 184.
(3) المحلى 11: 184.
(4) مصنف ابن أبي شيبة 10: 84.
(5) مصنف ابن أبي شيبة 10: 82 ح 8840.
(6) أنظر مصادرها في أول هذا الفصل.
244

3 - وفيه عن ابن مسعود: " يجلدان مائة وينفيان سنة. " (1).
4 - عن إبراهيم النخعي: " إذا نفي الزانيان، نفي كل واحد منهما إلى
قرية. " (2).
5 - وعن أبي بكر: " أنه نفى رجلا وامرأة حولا. " (3).
6 - وعن عثمان: " أنه جلد امرأة في زنا، ثم نفاها إلى خيبر. " (4).
7 - سنن سعيد: "... عن الشعبي: إذا زنت البكر ونفيت فهي عند زوجها على
نكاحها... " (5).
آراء القائلين بالتغريب:
1 - ابن أبي عقيل: " إذا كانا بكرين جلدا مائة ونفيا سنة... " (6).
2 - الشهيد الثاني: " واعلم أن الروايتين السابقتين تضمنتا تغريب الرجل
والمرأة ولكن المشهور بين الأصحاب بل ادعى عليه الشيخ في الخلاف الاجماع
على اختصاص التغريب بالرجل فإن تم الاجماع فهو الحجة وإلا فمقتضى النص
ثبوته عليهما وهو مختار ابن أبي عقيل وابن الجنيد. وعللوا عدم تغريبهما بأنها
عورة يقصد بها الصيانة ومنعها عن الاتيان بمثل ما فعلت ولا يؤمن عليها ذلك في
الغربة، وهذا التعليل لا يقابل النص، وإنما يتجه مؤيدا للحكم وحكمة له... " (7).
3 - المحقق الأردبيلي: " قالوا: النفي والجز كلاهما مختصان بالرجل، والمرأة
ليس عليها شئ منها وهو غير ظاهر، إلا أن يقال: لا دليل قوي عليها والأصل

(1) - (4) المصدر السابق.
(5) سنن سعيد بن منصور 1: 221.
(6) مختلف الشيعة: 757.
(7) مسالك الأفهام 2: 428.
245

وظاهر بعض الأدلة حيث اقتصر على الجلد أو الرجم يدل على نفيها والاجماع
ورد في الرجل فقط، فتأمل. " (1).
4 - السيد الخوانساري: " أما ما ذكر من عدم التغريب والجز على المرأة... أما
التغريب: فادعى الاجماع على أنه لا تغريب على المرأة ولكن نسب الخلاف إلى
بعض، وتردد الشهيد الثاني وتدل على الثبوت عدة روايات منها قوله في
صحيحة محمد بن قيس المتقدمة: وقضي في البكر والبكرة ومنها قوله: على المحكي
في صحيحة الحلبي المذكورة: البكر والبكرة جلد مائة ونفي سنة. "
5 - السيد الخوئي: " أما التغريب ففي ثبوته اشكال، والأقرب الثبوت " وقال
في الهامش: "... ولكن القول بالثبوت هو الأقرب، وتدل على ذلك عدة
روايات: منها قوله في صحيحة محمد بن قيس: وقضى في البكر والبكرة... ونفي
سنة ومنها قوله (عليه السلام) في صحيحة الحلبي... ونفي سنة، ومنها قوله (عليه السلام) في صحيحة
عبد الرحمان ويجلد البكر والبكرة... وينفى سنة.
وتدل على ذلك أيضا الروايات المتقدمة الواردة في نفي الرجم والتغريب عن
المرأة المجنونة والمستكرهة، معللة بأنها لا تملك أمرها، فإنها تدل بوضوح على
أنها لو كانت مالكة لأمرها لكان عليها رجم ونفي. وعلى هذا فإن كان اجماع في
المقام فهو، لكنه لا اجماع، وعليه فلا موجب لرفع اليد عما دلت عليه الروايات
الصحيحة " (2).
6 - الفيض: " والمشهور اختصاص التغريب بالرجل، بل ادعى في الخلاف
عليه الوفاق وعلل بأن المرأة عورة يقصد بها الصيانة. ومنعها عن الاتيان بمثل

(1) مجمع الفائدة (الحدود): من الطبعة الحجرية.
(2) مباني تكملة المنهاج 1: 201.
246

ما فعلت ولا يؤمن عليها ذلك في الغربة، وخالف فيه القديمان والنصوص
معهما (1) ".
ويظهر من كلامه أنه يميل إلى رأي القديمين.
القائلون بعدم التغريب:
1 - الشيخ الطوسي: " ولا نفي عندنا على المرأة " (2).
2 - وقال أيضا: " وعندنا لا تغريب عليها " (3).
3 - وقال في النهاية: " وليس عليها جز الشعر ولا النفي على كل حال " (4).
4 - وقال في الخلاف: " وإن كان أنثى لم يكن عليها تغريب " (5).
5 - الحلبي: " ولا تغريب عليها " (6).
6 - سلار: " ولا تغريب على المرأة ولا جز " (7).
7 - ابن البراج: " وإذا كان امرأة لم يجب عليها شئ من ذلك - جز ونفي -
ولا يجب عليها غير الحد. " (8).
8 - علي بن حمزة: " وليس على النساء جز الناصية ولا النفي... " (9).

(1) مفاتيح الشرائع 2: 72.
(2) المبسوط 8: 1.
(3) المبسوط 5: 203.
(4) النهاية: 694.
(5) الخلاف 2: 439.
(6) الكافي في الفقه: 405.
(7) المراسم: 253.
(8) المهذب 2: 520.
(9) الوسيلة: 411 - أنظر الغنية: 560.
247

9 - ابن إدريس: " ولا نفي ولا جز على المرأة " (1).
10 - المحقق الحلي: " ولا تغريب على المرأة ولا جز " (2).
11 - وقال في الشرائع: " أما المرأة... ولا تغريب عليها ولا جز " (3).
12 - يحيى بن سعيد: " ولا جز على امرأة ولا عبد ولا نفي. " (4).
13 - العلامة الحلي: " ولا جز على المرأة ولا تغريب. " (5).
14 - وقال في التبصرة: " وليس على المرأة جز ولا تغريب. " (6).
15 - وقال في المختلف: "... كلام ابن أبي عقيل يدل على أنها تنفى سنة
كالرجل للأخبار السالفة في المسألة السابقة، لكن المشهور ما قاله الشيخ، لما
فيه من الصيانة لها ومنعها عن الاتيان بمثل ما فعلت. " (7).
16 - ابن فهد الحلي: " المشهور عدم النفي على المرأة، وادعى الشيخ عليه
الاجماع وتبعه الآخرون... " (8).
17 - فخر المحققين: " لا يقال لو صحت الرواية - محمد بن قيس عن
الباقر (عليه السلام) - للاستدلال لزم وجوب نفي المرأة، لكن اللازم باطل على قولكم
فالمقدم كذلك. لأنا نقول: إنما خصت المرأة بعدم وجوب النفي بدليل منفصل وهو
اجماع الفرقة وقد نقله الشيخ في الخلاف فيكون حجة، ولأصالة براءة الذمة، ولما

(1) السرائر 3: 439.
(2) المختصر النافع: 215.
(3) شرائع الإسلام 4: 155.
(4) الجامع للشرائع: 550.
(5) تحرير الأحكام 2: 223 - ومثله في القواعد 2: 252.
(6) تبصرة المتعلمين: 185.
(7) مختلف الشيعة: 757.
(8) المهذب البارع 5: 31.
248

في عدم النفي من الصيانة ومنعها عن الاتيان بمثل ما فعلت. " (1).
18 - الفاضل المقداد: " ولا تغريب على المرأة ولا جز هذا هو المشهور،
واستدل عليه في الخلاف باجماع الفرقة وأخبارهم، وبقوله: * (فعليهن نصف ما
على المحصنات) * (2)، فلو كانت الحرة يجب تغريبها لكان على الأمة نصفها... ولما
فيه من الصيانة ومنعها من الاتيان بمثل ما فعلت. " (3).
19 - الشهيد الأول: " قلت: وهذان الخبران متروك - عبد الله بن طلحة عن
الصادق (عليه السلام)، ورواية زرارة عن الباقر (عليه السلام) - ظاهرهما لتضمنهما النفي على
المرأة ولم يذكره غير ابن أبي عقيل. " (4).
20 - الطبرسي: " وإن كان أنثى لم يكن عليها تغريب " (5).
21 - الشهيدان: " ولا جز على المرأة ولا تغريب، بل تجلد مائة لا غير،
لأصالة البراءة وادعى الشيخ عليه الاجماع وكأنه لم يعتد بخلاف ابن أبي عقيل
حيث أثبت التغريب عليها للأخبار السابقة، والمشهور أولى بحال المرأة
وصيانتها. ومنعها من الاتيان بمثل ما فعلت " (6).
22 - المجلسي الأول: " ولا جز ولا تغريب على المرأة والعبد " (7).
23 - الفاضل الهندي: " ولا تغريب وفاقا للمشهور... وزاد غيره أنها لو

(1) إيضاح الفوائد 4: 479.
(2) النساء: 25.
(3) التنقيح الرائع 4: 338.
(4) غاية المراد: 341 (الحجرية) / كتاب الحدود.
(5) المؤتلف من المختلف 2: 387.
(6) الروضة البهية 9: 111.
(7) الفقه - فارسي: 201.
249

غربت فأما مع محرم أو زوج ولا تزر وازرة وزر أخرى، أو لا، ولا يجوز
لقوله (عليه السلام): " لا يحل لامرأة أن تسافر من غير ذي محرم، ولأن الشهوة غالبة فيهن
والغالب أن انزجارهن عن الزنا لاستحيائهن من الأقارب والمعارف ووجود
الحفاظ لهن عن الرجال، وبالتغريب يخرجن من أيدي الحفاظ ويقل حياؤهن
لبعدهن من أقاربهن ومعارفهن وربما اشتد فقرهن فيصير مجموع ذلك سببا
لانفتاح هذه الفاحشة العظيمة عليهن وربما يقهرن عليه إذا بعد من الأقارب
والمعارف وخلافا للحسن لما مر من حسن محمد بن قيس وليس نصا في نفيها
لجواز أن يراد أنه قضى فيما إذا زنى ببكر يجلد مائة ونفي سنة إلى غير مصرهما
أي المصر الذي زنيا فيه وهو ليس صريحا في نفيهما فيجوز اختصاصه به. " (1).
24 - السيد الطباطبائي: " ولا تغريب على المرأة مطلقا على الأشهر الأقوى
بل عليه عامة متأخري أصحابنا على الظاهر المصرح به في المختلف بل عليه في
صريح الخلاف والغنية وظاهر المبسوط الاجماع وهو الحجة المترجحة على نحو
الصحيحة المتقدمة بالأصل والشهرة العظيمة الظاهرة والمحكية في كلام جماعة
وتعدد النقلة له، والعلل المذكورة في كلام الجماعة من أن المرأة عورة يقصد بها
الصيانة ومنعها عن الاتيان بمثل ما فعلت ولا يؤمن عليها ذلك في الغربة وغير
ذلك خلافا للعماني فقال تغرب أيضا وربما يحكى عن الإسكافي وهو شاذ وإن دل
عليه نحو الصحيح المتقدم لما تقدم مضافا إلى ما قيل عليه من أنه ليس نصا في
تغريبها لجواز أن يراد أنه قضى فيما إذا زنى بكر ببكرة يجلد مائة ونفي سنة إلى
غير مصرهما أي المصر الذي زنيا فيه، وهو ليس صريحا في تغريبها فيجوز
اختصاصه به. " (2).

(1) كشف اللثام 2: 399.
(2) رياض المسائل 2: 469.
250

وقال في الشرح الصغير: " ولا تغريب على المرأة مطلقا... خلافا للقديمين
فتغرب أيضا وهو شاذ " (1).
25 - الشيخ محمد حسن النجفي: " وأما المرأة فعليها الجلد مائة ولا تغريب
عليها ولا جز بلا خلاف معتد به أجده...
ثم بعد أن نقل ما في المسالك والرياض قال: لكن فيه أن النص المزبور مع أنه
غير صريح معارض بالاجماع المزبور المعتضد بالشهرة العظيمة وبالأصل وغيره،
فلا ريب في أن الأصح عدم التغريب فيها والله العالم. " (2).
26 - المامقاني: " ولا جز ولا تغريب على الأنثى " (3).
27 - الشيخ الوالد: " وليس على المرأة والمملوك جز ولا تغريب على الأشهر
معللا بأن المرأة عورة يقصد بها الصيانة ومنها الاتيان بمثل ما فعلت ولا يؤمن
عليها في الغربة. " (4).
28 - السيد السبزواري: " لا جز على المرأة بل ولا تغريب عليها أيضا، أما
الثاني: " النفي " فادعى عليه الاجماع أيضا ويشهد لذلك كثرة اهتمام الشارع
بسترهن واختفائهن ولكن يظهر من بعض الأخبار مثل صحيح محمد بن قيس
عن أبي جعفر (عليه السلام): قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في البكر والبكرة إذا زنيا جلد مائة
ونفي سنة في غير مصرهما... وقريب منه غيره، ولكنها موهونة بالاعراض
ودعوى الاجماع على الخلاف " (5).

(1) الشرح الصغير 3: 343.
(2) جواهر الكلام 41: 328.
(3) مناهج المتقين: 298.
(4) ذخيرة الصالحين 8: 41.
(5) مهذب الأحكام 27: 334.
251

29 - الگلپايگاني: " كما لا تغريب على المرأة كذلك لا يجز
رأسها... " (1).
30 - الشيخ الأستاذ: "... أما ما ورد في التغريب فمقتضى الروايات الصحيحة
المتقدمة كصحيحة الحلبي وصحيحة عبد الرحمان ثبوت النفي في المرأة أيضا ولكن
الفتوى على خلافها وثبوت الشهرة أو الاجماع على العدم خصوصا مع كون
مستندهم في تغريب الرجل نفس هذه الروايات تدل على اطلاعهم على رأي
الأئمة (عليهم السلام) من طريق آخر ووصول هذا الرأي إليهم يدا بيد وإلا فكيف لم يفتوا
بهذه الجهة من الروايات الصحيحة المعتبرة وهذا هو الوجه في اختصاص الحكم
بالتغريب بالرجل... " (2).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - المدونة: " قال مالك: لا نفي على النساء ولا على العبيد، ولا تغريب. " (3).
2 - الماوردي: " ولا تغرب المرأة. " (4).
3 - ابن حزم: " ثم نظرنا في قول من لم ير التغريب على النساء والمماليك...
فلا حجة لهم فيه لأنه خبر مجمل فسره غيره... فليس سكوت النبي (صلى الله عليه وآله) عن ذكر
التغريب في ذلك الخبر حجة في ابطال التغريب الذي قد صح أمره (صلى الله عليه وآله) به فيمن

(1) الدر المنضود 1: 331.
(2) تفصيل الشريعة: 142 (الحدود).
(3) المدونة الكبرى 6: 236 - أنظر: المنتقى 7: 137 - تبصرة الحكام 2: 277 - الإشراف
على مسائل الخلاف 2: 209 - الخرشي 8: 82 - الشرح الكبير للدردير 4: 321 - عمدة
القاري 24: 13.
(4) الأحكام السلطانية: 223.
252

زنى ولم يحصن، وكذلك ليس في سكوته (صلى الله عليه وآله) عن ذكر عدد جلدها هو حجة في
اسقاط ما قد صح عنه من أن حدها نصف حد الحرة.
وأيضا فإن هذا الخبر ليس فيه أن لا تغريب ولا أن التغريب ساقط عنها لكنه
مسكوت عنه فقط. وإذا لم يكن فيه نهي عن تغريبها فلا يجوز أن يكون هذا الخبر
معارضا للأخبار التي فيها النفي. " (1).
4 - أبو إسحاق الشيرازي: " ولا تغرب المرأة إلا في صحبة ذي محرم أو امرأة
ثقة في صحبة مأمونة، وإن لم تجد ذا رحم محرم، ولا امرأة ثقة يتطوع بالخروج
معها، استؤجر من يخرج معها. " (2).
5 - السرخسي: " النفي هجرة واجبة فلا يعتبر فيه المحرم كالهجرة في التي
أسلمت في دار الحرب فلما كان حدا فعلى الإمام أن يتكلف لما يحتاج إليه في إقامته
كالجلد... أن عليا وابن مسعود اختلفا في أم ولد زنت بعد موت مولاها، قال
علي: تجلد ولا تنفى وقال ابن مسعود: تنفى. وأخذنا بقول علي لأنه أقرب إلى
دفع الفتنة والفساد... " (3).
6 - ابن رشد: " ومن خصص المرأة من هذا العموم فإنما خصصه بالقياس لأنه
رأى أن المرأة تعرض بالغربة لأكثر من الزنا وهذا من القياس المرسل أعني
المصلحي الذي كثيرا ما يقول به مالك. " (4).
7 - ابن قدامة: " فأما المرأة فإن خرج معها محرمها نفيت إلى مسافة القصر وإن

(1) المحلى 11: 186.
(2) المهذب 2: 271 - أنظر المجموع 20: 45. أقضية رسول الله (صلى الله عليه وآله): 51 - شرح الأزهار:
342.
(3) المبسوط 9: 44.
(4) بداية المجتهد 2: 436.
253

لم يخرج معها محرمها فقد نقل عن أحمد أنها تغرب إلى مسافة القصر كالرجل،
وهذا مذهب الشافعي (1)، وروي عن أحمد: أنها تغرب إلى دون مسافة القصر
لتغرب من أهلها فيحفظوها " (2).
وقال أيضا: " ويخرج مع المرأة محرمها حتى يسكنها في موضع، ثم إن شاء
رجع إذا أمن عليها. وإن شاء أقام معها حتى يكمل حولها، وإن أبى الخروج معها
بذلت له الأجرة....
وقال أيضا: فأما المرأة، فإن خرج معها محرمها نفيت إلى مسافة القصر، وإن
لم يخرج معها محرمها، فقد نقل عن أحمد: أنها تغرب إلى مسافة القصر، كالرجل،
وهذا مذهب الشافعي. " (3).
8 - شمس الدين المقدسي: " والمرأة بمحرم باذل، وعليها أجرته، وقيل من
بيت المال، إن أمكن وبدونه، لتعذره.
وفي الترغيب وغيره: مع أمن، وعنه بلا محرم، تعذر أو لا، لأنه عقوبة،
وتغرب مسافة قصر، نقله الأكثر لوجوبه كالدعوى وعنه، أقل، وعنه بدونه،
وقال جماعة: إن تعذر، فامرأة ثقة، ولو بالأجرة. وقيل لا تغرب مع تعذرها
وقيل مطلقا. " (4).
9 - المرداوي: " سواء كان المغرب رجلا أو امرأة، واختاره ابن عبدوس في
تذكرته وقدمه في الرعايتين، والهداية، والمذهب، والمستوعب وغيرهم.
وعنه: إن المرأة تنفى إلى دون مسافة القصر. جزم به في الوجيز. وعنه:

(1) والثوري والأوزاعي - عمدة القاري 24: 13.
(2) المغني 8: 169.
(3) المغني 8: 169 - أنظر: التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد 9: 88.
(4) الفروع 6: 69 - أنظر: شرح الزرقاني 8: 83.
254

تغرب المرأة مع محرمها لمسافة القصر، ومع تعذره لدونها. " (1).
10 - القسطلاني: " واختلف القائلون بالتغريب، فقال الشافعي: بالتعميم
للرجل والمرأة... وخص مالك النفي بالرجل... وعن أحمد روايتان. " (2).
11 - البهوتي: "... وإن زنى حر غير محصن جلد مائة وغرب عاما، ولو أنثى
بمحرم باذل نفسه معها، وجوبا، لعموم نهيها عن السفر بلا محرم، وعليها أجرته
- أي المحرم - لصرفه نفعه في أداء ما وجب عليها، فإن تعذرت أجرته منها - لعدم
أو امتناع - فمن بيت المال، لأنه من المصالح، فإن أبى المحرم السفر معها، أو
تعذر، بأن لم يكن لها محرم، فوحدها... " (3).
وقال في الروض: " وغرب أيضا مع الجلد عاما، ولو كان المجلود امرأة،
فتغرب مع محرم وعليها أجرته، فإن تعذر المحرم فوحدها إلى مسافة
القصر... " (4).
12 - محمد بن إسماعيل الصنعاني: "... وقال مالك والأوزاعي: إن المرأة لا
تغرب، قالوا: لأنها عورة، وفي نفيها تضييع لها، وتعريض للفتنة، ولهذا نهيت عن
السفر مع غير محرم، ولا يخفى أنه لا يرد ما ذكر، ولأنه قد شرط من قال بالتغريب
أن تكون مع محرمها، وأجرته منها، إذ وجبت بجنايتها، وقيل: في بيت المال،
كأجرة الجلاد. " (5).
13 - الزحيلي: "... ولكن لا تغرب المرأة وحدها، بل مع زوج، أو محرم،

(1) الإنصاف 10: 174.
(2) إرشاد الساري 10: 26.
(3) شرح منتهى الإرادات 4: 354.
(4) الروض المربع: 346.
(5) سبل السلام 4: 5.
255

لخبر: لا تسافر المرأة إلا ومعها زوج أو محرم، ويؤكده قصة العسيف. " (1).
14 - الصابوني: " وقال الشافعي وأحمد: إن النفي عام للرجال والنساء،
فتغرب المرأة مع محرم وأجرته عليها، ودليلهما عموم الأحاديث، وهذا هو
المشهور من مذهب الشافعية والحنابلة. " (2).
أقول على ضوء هذا الفرع - من تغريب المرأة - فهي تغرب، وإن أوجب
تفويت التمتع على الزوج، نعم للزوج أن يسافر معها، ما دام لم يرد منع من الشرع،
ولم يجب عليها الرجم، لعدم توفر شرائطه. هذا، وقد تعرض بعض السنة لهذا
الفرع (3).
الثامن والعشرون: حكم الزاني لو كان كافرا:
تارة يكون زناؤه بالمسلمة، فعلى الإمام قتله، ولا يجوز الاعراض، لأنه هتك
حرمة الإسلام وخرج عن الذمة - كما قاله في الجواهر (4) - فلا يصل الدور إلى
النفي.
وأخرى يكون زناه بالكافرة - ذمية أو غيرها - فهنا إن شاء الإمام بعثه إلى
أهل نحلته ليقيموا الحد على معتقدهم، وإن شاء أقام الحد بموجب شرع الإسلام،
فيجلده ثم ينفيه. ولا خلاف فيه كما قاله في الجواهر (5) أيضا، وإن استشكل في

(1) الفقه الإسلامي وأدلته 6: 39.
(2) روائع البيان 2: 29 - أنظر: حاشية الدسوقي 4: 322 - المغني 4: 148 - كشاف القناع
6: 92 - المجموع 20: 14 و 16.
(3) أنظر: مغني المحتاج 4: 149 - أسنى المطالب 4: 129.
(4) جواهر الكلام 41: 336 - أنظر: تحرير الأحكام 2: 223.
(5) جواهر الكلام 41: 336.
256

ذلك بأن دفعه إليهم لذلك، أمر بالمنكر، وبالمروي عن قرب الإسناد (1).
وقد يقال: إن وجوب البعث على القاضي طريقي، للوصول إلى تطبيق حدود
الله تعالى، وهل هو تعييني، أو تخييري بينه وبين القضاء بحكم الإسلام؟ ثم إذا
لم يكن له أهل ملة، أو لم يمكن بعثه إليهم، فالظاهر وجوب إجراء الحكم
الإسلامي عليه للاطلاقات (2).
هذا ويظهر من بعض السنة جلده وتغريبه.
آراء المذاهب الأخرى:
1 - القرشي: " وحد الكافر والمسلم... سواء عند الشافعي في الجلد
والتغريب " (3).
2 - البهوتي: " وإن زنى حر غير محصن جلد مائة بلا خلاف، وغرب، مسلما
كان أو كافرا. " (4).
التاسع والعشرون: هل ينفى غير المحصن لو زنى بالميتة؟
حكم الزاني بالميت حكم الزاني بغيرها بل أفحش، ويجري عليه في زناه بغير

(1) " علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام): سألته عن يهودي، أو نصراني، أو
مجوسي، أخذ زانيا، أو شارب خمر ما عليه؟ قال: يقام عليه حدود المسلمين إذا فعلوا ذلك
في مصر من أمصار المسلمين، أو في غير أمصار المسلمين إذا رفعوا إلى حكام المسلمين. "
قرب الإسناد 260 ح 1029 - الوسائل 18: 338 ب 29 ح 1. ومثله " عن علي (عليه السلام) " في
الوسائل 18: 361 ب 8 ح 5.
(2) حدود الشريعة 4: 96.
(3) معالم القربة: 278.
(4) شرح منتهى الإرادات 3: 344 - أنظر: الفقه على المذاهب الأربعة 5: 59.
257

الميتة، فلو كان غير محصن أو غير مملوك - على الخلاف - يجلد ويحلق رأسه وينفى
سنة - ولو كانت زوجته عزر وسقط الحد للشبهة.
وقد تعرض العلامة الحلي في تحريره لهذا الفرع.
آراء فقهائنا:
1 - العلامة الحلي: " من وطئ امرأة ميتة كان حكمه حكم وطئ الحية في
تعلق الاسم والحد واعتبار الاحصان وعدمه... وإن كان مملوكا جلد مائة وحلق
رأسه ونفي... ولو كانت الميتة زوجته أو أمته عزر وسقط الحد للشبهة... " (1).
2 - يقول البعض: " لا دليل معتبر على حرمة جماع الزوجة الميتة فإن الاجماع
المنقول غير حجة، وهتك الحرمة لو سلم غير جار في الزوجة الكتابية
ونحوها " (2).
الثلاثون: لو زنى وهو غير محصن ثم زنى وهو محصن:
تارة لم يثبت الزنا الأول شرعا، وأخرى، يثبت، ولكن لم يجر عليه الحد لعدم
التمكن منه، أو لعدم وجود الحاكم.
فعلى الأول: لا كلام في اجراء حد واحد عليه، وهو الرجم فقط، لأنه ينطبق
عليه عنوان " زنا المحصن " فقط، ولم يثبت زناه السابق شرعا.
وعلى الثاني: لا كلام في تعدد الحد بتعدد السبب والموجب فيجلد ويغرب ثم
يرجم. فدعوى التداخل يحتاج إلى دليل. وحينئذ، فإن أمكن الجمع بينهما - كما
لو زنى وهو غير بكر وقذف - فبها، وإلا بدئ بما لا يفوت جمعا بين الحدود

(1) تحرير الأحكام 2: 225.
(2) أنظر: حدود الشريعة 4: 58.
258

فيجلد ويغرب، ثم يقتل - يرجم - هذا وعن بعض العامة، الاكتفاء بالقتل.
وقد تعرض المحقق الحلي لهذا الفرع، وعلق عليه الشهيد في المسالك، ثم الشيخ
النجفي في الجواهر. ومن العامة النووي في المجموع.
آراء فقهائنا:
1 - الشهيد الثاني: " إذا اجتمع على المكلف حدان فصاعدا فإن أمكن الجمع
بينهما من غير منافاة، كما لو زنى غير محصن وقذف، تخير المستوفي، في البدأة،
وكذا لو سرق معها، وإن تنافت بأن كان فيها قتل أو نفي، وجب البدأة بما لا
يفوت، جمعا بين الحقوق الواجب تحصيلها، فيبدأ بالجلد قبل الرجم والقتل،
وبالقطع قبل القتل وهكذا، وقد دل على وجوب مراعاة ذلك روايات كثيرة...
وإذا تقرر ذلك فالواجب من ذلك ما يحصل معه الجمع، ولا يجب التأخير زيادة
عليه، للأصل، ولأنه لا تأخير في حد و... ولأن القصد الإتلاف، فلا وجه
للتأخير، وذهب الشيخان والأتباع إلى وجوب تأخيره إلى أن يبرأ جلده تأكيدا
في الزجر ومنعوا من كون الواجب الإتلاف مطلقا، بل جاز أن يكون بعض
الغرض، والبعض الآخر قصد التغريب... " (1).
2 - الطباطبائي: " لو اقتضى حدودا مختلفة، كأن زنى بكرا ثم زنى محصنا،
توجه عليه الحدان معا. " (2).
3 - الشيخ محمد حسن النجفي: " وكذا إذا اجتمعت حدود بدئ بما لا يفوت
معها الآخر بلا خلاف أجده فيه بيننا، بل ولا إشكال، فإنه مقتضى العمل بالسببين
مع إمكانه، مضافا إلى المعتبرة المستفيضة...

(1) مسالك الأفهام 2: 430.
(2) رياض المسائل 2: 468.
259

فما عن بعض العامة من الاكتفاء بالقتل لأنه يأتي على الجميع لا وجه له. نعم
لو أمكن الجمع بين موجب الحدين من غير منافاة كما لو زنى غير محصن وقذف
وسرق، ففي المسالك يتخير في البدأة.
قلت: هو كذلك، لكن قد يقال فيه وفي ما لو كان موجب الأمرين الفوات مع
كون أحدهما حق آدمي، وطالب به، قدم على حق الله تعالى، نعم لو كانا معا
حق الله، تخير الإمام، والله العالم. " (1).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - النووي: " إذا زنى وهو بكر، فلم يحد حتى أحصن وزنى ففيه وجهان:
1 - يرجم ويدخلان فيه. 2 - لا يدخل، بل يجلد، ثم يرجم ولا يغرب، لأن
التغريب يحصل بالرجم. " (2).
الحادي والثلاثون: هل ينفى من تزوج بالخامسة؟
إن من ضروريات الفقه عندنا أن من تزوج بمن يحرم عليه نكاحها كان العقد
باطلا، وإن وطأها مع العلم بالتحريم وجب عليه القتل وهكذا كل نكاح أجمع
على بطلانه كالخامسة، وقد تعرض الفقهاء لهذه المسألة، كالشيخ الطوسي في
الخلاف والعلامة الحلي في تحرير الأحكام وغيرهما.
هذا ولكن يبدو مما أورده عبد الرزاق عن إبراهيم النخعي أن هناك من يقول
بالنفي، ولعله على مبنى أن العقد وحده كاف في سقوط الحد، فينفي تعزيرا، كما
هو زعم أبي حنيفة وأتباعه. وهذا باطل عندنا مبنى وبناء.

(1) جواهر الكلام 41: 345.
(2) المجموع 20: 17 - أنظر: الفقه على المذاهب الأربعة 5: 67.
260

على أن مقتضى الروايات أن النفي على البكر أو غير المحصن، فالمتزوج
بالخامسة خارج عنه تخصصا.
آراء فقهائنا:
1 - الشيخ المفيد: " من عقد على واحدة ممن سميناه وهو يعرف رحمه منها ثم
وطأها ضربت عنقه... وهذا بضد ما ذهب إليه أبو حنيفة وزعم أنه من عقد على
أمه أو أخته أو ابنته وهو يعرفهن ولا يجهل الرحم بينه وبينهن ثم وطأهن سقط
عنه الحد لموضع الشبهة... وهذا هدم للإسلام... " (1).
2 - الشيخ الطوسي: " إذا عقد النكاح على ذات محرم له كأمه وبنته وأخته
وخالته وعمته من نسب أو رضاع أو امرأة بعد أن بانت باللعان أو بالطلاق
الثلاث مع العلم بالتحريم فعليه القتل في وطء ذات محرم والحد في وطء الأجنبية
وبه قال الشافعي إلا أنه لا يفصل، وقال أبو حنيفة: لا حد في شئ من
هذا... " (2).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - عبد الرزاق: " عن ابن جريج عن الحكم بن عتيبة عن إبراهيم النخعي: في
الذي ينكح الخامسة متعمدا قبل أن تنقضي عدة الرابعة من نسائه، قال: يجلد
مائة ولا ينفى. " (3).

(1) المقنعة: 775.
(2) الخلاف 2: 446 المسألة: 29 - ومثله: تحرير الأحكام 2: 219 - الفقه على المذاهب
الأربعة 5: 67 - المجموع 20: 20.
(3) المصنف 7: 400 ح 13633.
261

الثاني والثلاثون: هل يكفي التغرب من دون حكم الحاكم به؟
بما أن الخطاب بالتغريب متوجه نحو الإمام، فهو وظيفته، لا وظيفة من ارتكب
موجبه، وعليه فلا يجب على الزاني التغرب من دون حكم الحاكم وأمره، نعم
يجب ذلك بعد حكمه، بمقتضى وجوب قبول حكم الحاكم (1) هذا، ولكن الكلام في
كفاية ذلك لو غرب الزاني نفسه، فالظاهر من كلام بعض فقهائنا - أعلى الله
كلمتهم - كفاية ذلك، محتجا بأن الغرض وهو الابعاد عن البلد حاصل بمجرد
خروجه بنفسه، ووافقه بعض الشافعية (2). قد يقال: لو كان الغرض هو الابعاد
عن تذليل واستهانة، فلم يتحقق ذلك بمجرد خروجه بنفسه. هذا: وجمهور علماء
السنة على خلافه وأنه لم يكفه ذلك بل لا بد من تغريب الإمام أو نائبه (3)، ونكتفي
في المقام بكلام الگلپايگاني.
آراء فقهائنا:
" ثم إنه قد يورد على ما ذكرناه: من أن الغرض الأصيل هو عدم كونه في تلك
الأماكن وأن النفي والاخراج مقدمة لذلك، بأن لازم ذلك هو عدم وجوب نفيه
إذا خرج هو بنفسه عقيب زناه ونحن نقول: إنا نلتزم بذلك ولا بأس به، ومن
البعيد جدا أن يقال: إنه إذا خرج بنفسه يلزم أن يعاد حتى يخرجه الحاكم من
البلد " (4).

(1) أنظر: حدود الشريعة 4: 271.
(2) أنظر: روضة الطالبين 10: 89.
(3) أنظر: حاشية الدسوقي 4: 322 - كشاف القناع 6: 92 - الخرشي 8: 83 - نهاية المحتاج
7: 428 - تحفة المحتاج 9: 109 - شرح منتهى الإرادات 3: 344.
(4) الدر المنضود 1: 317.
262

أقول: لا بعد فيه بعد أن كان حدا وتنفيذه منوط بنظر الحاكم، وإلا فاللازم منه
سقوط الجلد لو جلد هو نفسه، وسقوط الجز لو جز شعره، وسقوط التشهير لو
شهر نفسه، وسقوط الحبس لو حبس نفسه، ولا أظن يلتزم به أحد، فتأمل.
آراء المذاهب الأخرى:
1 - الرملي: "... فلو غرب نفسه لم يعتد به لانتفاء التنكيل. " (1).
2 - الشربيني: "... لو أراد الإمام تغريبه فخرج بنفسه وغاب سنة، ثم عاد لم
يكف وهو الصحيح، لأن المقصود التنكيل، ولم يحصل. " (2).
3 - البهوتي: " لو أراد الحاكم تغريبه فخرج بنفسه وغاب سنة ثم عاد لم يكفه
في ظاهر كلامهم لأنه لا يحصل به الزجر كما لو جلد نفسه. " (3).
الثالث والثلاثون: حكم السجين إذا زنى:
لا كلام في أن من زنى وهو مسجون، لا يكون محصنا، وإن كان متزوجا
- للنص - وإنما الكلام في تغريبه بناء على عدم اختصاص التغريب بمن أملك ولم
يدخل - على الخلاف الذي مر سابقا -.
يحتمل: تأخير تغريبه إلى انقضاء مدة الحبس بمقتضى الاستصحاب لحكم
الحبس، ولكن يشكل فيما لو كان الحبس دائما.
ويحتمل: إبعاده عن بلد الحبس إلى بلد آخر وحبسه فيه، بمقتضى اطلاق وجوب
التغريب عن بلد الفاحشة - على المبنى - فيكون من الجمع بين الحقين - أو الحدين -.

(1) نهاية المحتاج 7: 428.
(2) مغني المحتاج 4: 148.
(3) كشاف القناع 6: 92.
263

ويحتمل: سقوط التغريب لعدم إمكانه سيما لو كان الحبس دائما...
هذا: وقد ورد في النص أن عليه الجلد، من دون إشارة إلى التغريب. ثم لم
نجد من تعرض لهذا الفرع. وفيما يلي النص:
الروايات:
الكافي: " محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن
ربيع الأصم، عن الحارث بن المغيرة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل له
امرأة بالعراق فأصاب فجورا وهو بالحجاز فقال: يضرب الزاني مائة جلدة ولا
يرجم، قلت: فإن كان معها في بلدة واحدة وهو محبوس في سجن لا يقدر أن
يخرج إليها ولا تدخل هي عليه أرأيت إن زنى في السجن؟ قال: هو بمنزلة الغائب
عن أهله يجلد مائة جلدة. " (1).
الرابع والثلاثون: لو زنى من لا وطن له:
قد يقال: إنه يمهل حتى يتوطن محلا ثم يغرب منه، لأن الأماكن جميعها بالنسبة
له متساوية فلا يتحقق الغرض - وهو الايحاش أو الاذلال - فتعين امهاله ليألف
ثم يغرب ليتم المقصود من التغريب. كما هو مذهب الشافعية.
لكن هذا معناه: امهال الزاني عن اجراء الحد وقد يؤدي إلى سقوطه.
أقول: لو كان المبنى هو النفي عن بلد الجلد أو بلد الزنا، فالأمر واضح، لأنه
سواء كان له وطن أو لم يكن له، ينفى عن بلد الجلد والزنا. إنما الاشكال فيما
لو كان المبنى الابعاد عن موطنه أو سكناه. وأردنا الجمود على مقتضى اللفظ.

(1) الكافي 7: 178 ح 3 - التهذيب 10: 15 ح 37 - الفقيه 4: 28 ح 53 - الوسائل 18:
356 ب 3 ح 4 عن الكافي - الوافي 15: 251 ح 1499 - و 252 ح 15000.
264

ثم لو قلنا إن الظاهر من الأدلة مراعاة جميع العنوانين، ونفيه من بلد الزنا
والجلد وعن موطنه. - كما يبدو من كلام السيد الگلپايگاني (1) - فالأمر سهل
حتى لو لم يتخذ بعد موطنا. وفيما يلي كلام بعض السنة.
آراء المذاهب الأخرى:
الرملي: " إما غريب لا وطن له كأن زنى من هاجر لدارنا عقب وصولها
فيمهل حتى يتوطن محلا ثم يغرب منه، وفارق تغريب مسافر زنى بغير مقصده
وإن فاته الحج مثلا لأن القصد تنكيله وايحاشه ولا يتم بدون ذلك بأن هذا له
وطن، فالايحاش حاصل ببعده عنه وذاك لا وطن له فاستوت الأماكن جميعها
بالنسبة إليه فتعين امهاله ليألف ثم يغرب ليتم الايحاش. واحتمال عدم توطنه بلدا
فيؤدي إلى سقوط الحد بعيد جدا... " (2).
الخامس والثلاثون: لو زنى الغريب، أو زنى المغرب في المنفى:
لو زنى المغرب في المنفى فهل ينفى إلى بلد آخر؟ وعلى فرض الوجوب فهل
هو فوري أم بعد انقضاء مدة النفي الأول؟ وعلى القول بأنه فوري فهل يجب
تتميم ما بقي من الأول - بعد انقضاء مدة النفي الثاني - أم يتداخل؟ فنقول
مقتضى القاعدة هو عدم التداخل لتعدد السبب فلا تدخل المدة الباقية من
التغريب الأول في مدة التغريب الثانية بحجة تجانس الحدين كما نسب ذلك إلى

(1) الدر المنضود 1: 317.
(2) نهاية المحتاج 7: 429 - أنظر: تحفة المحتاج 9: 110 - مغني المحتاج 4: 148.
265

مالك والشافعي وأحمد (1) وهو مذهب الشافعية والحنابلة وظاهر مذهب المالكية،
وعن الظاهريين: وجوب تتميم مدة التغريب الأولى ثم تبدأ في الثانية بدليل أن ما
وجب من حد لا يجزي عن حد آخر (2).
كما أن مقتضى الاستصحاب هو تأخر الثاني عن اكمال الأول. ولكن مقتضى
فورية الحد، وعدم جواز تأخيره، مع امكان الجمع بين التغريبين، هو فورية
تغريبه ثانيا ثم احتساب المجموع... ثم لو زنى الغريب فهل يغرب إلى مستوطنه
أم إلى بلد غير بلد الفاحشة، أو الجلد؟ فقد تعرض الشيخ الطوسي في المبسوط،
والعلامة في التحرير والقواعد، والشهيد الثاني في الروضة، والفاضل الهندي في
كشف اللثام والگلپايگاني في الدر المنضود، وبعض المعاصرين منا لهذين
المسألتين. ومن المذاهب الأخرى ابن قدامة في المغني، والنووي في المجموع،
والمرداوي في الانصاف وغيرهم.
آراء فقهائنا:
1 - الشيخ الطوسي: " فإن كان الزاني غريبا نفاه إلى بلد آخر غير البلد الذي
زنى فيه. " (3).
2 - العلامة الحلي: " فإن زنى الغريب غرب إلى بلد غير وطنه وإن زنى في
البلد الذي غرب إليه، غرب منه إلى غير البلد الذي غرب إليه. " (4).

(1) الزرقاني 8: 81 - أسنى المطالب 4: 134 - الاقناع 4: 252 - المحلى 11: 134 -
التشريع الجنائي الإسلامي 2: 383 - أنظر: تحفة المحتاج 9: 111 - روضة الطالبين 1: 89
- كشاف القناع 6: 92 - الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 4: 322.
(2) المصدر السابق.
(3) المبسوط 8: 3.
(4) تحرير الأحكام 2: 223.
266

وقال في القواعد: " والغريب يخرج إلى غير بلده. " (1).
3 - ابن فهد الحلي: " لو كان غريبا نفاه إلى بلد آخر غير بلده الأصلي الذي
يعرف بالإقامة فيه " (2).
4 - الشهيد الثاني: " فإن كان غريبا غرب إلى بلد آخر غير وطنه والبلد الذي
غرب منه. " (3).
5 - الفاضل الهندي: " والغريب إذا زنى يخرج إلى غير بلده الذي استوطنه
تحقيقا لمعنى التغريب والعقوبة، هذا أحد الاحتمالين للحكم في النفي وعلى
كونها التبعيد عن مكان الفتنة لا فرق بين وطنه وغيره. " (4).
6 - الگلپايگاني: " مقتضى وجوب نفي الزاني عن بلد الزنا هو اخراجه من
هذه الأرض أيضا، وعلى ما تقدم منا لو كان وطنه وبلد جلده غير بلد زناه يجب
أن يطرد عنها أيضا فإن كان بعد مضي الحول وانقضائه يجب نفيه حولا آخر وأما
إذا كان قد زنى في أثناء الحول كما إذا انقضى منه ستة أشهر فقط فزنى ثانيا فإنه
يخرج من هذا البلد إلى بلد آخر، وهل تتداخل السنتان حينئذ بأن ينفى من هذا
البلد ويمنع من الدخول فيه حولا فقط أو أنه يجب اكمال السنة الأولى أولا ثم يبدأ
في سنة أخرى لزناه الثاني؟
يمكن أن يقال بالأول وذلك لأنه بعد أن نفاه الحاكم ثانيا ففي المنفى يصدق أنه
قد أخرج عن البلد الأول كما يصدق أنه قد أخرج من البلد الثاني الذي زنى فيه
ثانيا فيكتفى بمضي سنة بعد ذلك خصوصا أن مبنى الحدود على درئها بالشبهات.

(1) قواعد الأحكام 2: 255.
(2) المهذب البارع 5: 32.
(3) الروضة البهية 9: 110.
(4) كشف اللثام 2: 224 - أنظر حدود الشريعة 4: 271.
267

هذا لكن التحقيق خلاف ذلك، فإن أثر الزنا هو نفي الزاني عن البلد وإذا لم يتم
الحول الأول وقد زنى مرة أخرى فإنه يتم ويكمل الحول الأول ثم يشرع في الثاني
فإن كل سبب يوجب ويطلب مسببا مستقلا، والتداخل يحتاج إلى الدليل. نعم
حيث إنه قد زنى هنا، يجب أن يخرج من هذا المكان حتى بالنسبة إلى ما بقي من
الحول الأول وعلى هذا فبحسب الظاهر لا مانع مع انقضاء ما بقي من العام الأول
أن ينفى إلى بلد قد زنى فيه أولا إذا لم يكن وطنه على أي حال وأما بالنسبة إلى
الزنا الثاني فإنه يمنع عن بلد الزنا والجلد الفعليين... " (1).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - ابن قدامة: " إذا زنى الغريب غرب إلى بلد غير وطنه، وإن زنى في البلد
الذي غرب إليه، غرب منه إلى غير البلد الذي غرب منه، لأن الأمر بالتغريب
يتناوله حيث كان، ولأنه قد أنس بالبلد الذي سكنه فيبعد عنه. " (2).
2 - الرملي: " ولو زنى فيما غرب إليه غرب لغيره بعيدا عن وطنه ومحل زناه
ودخل فيه بقية الأول، ومقابل الأصح، لا يتعرض له " (3).
3 - الشربيني: " ولو زنى الغريب في البلد الذي غرب إليه غرب إلى بلد آخر،
ودخلت مدة بقية الأول في مدة الثاني لتجانس الحدين " (4).
4 - النووي: " ويغرب غريب زنى ويغرب مغرب زنى زمن غربته إلى غير
وطنه لأن عوده إلى وطنه ليس تغريبا وتدخل بقية التغريب الأول في الثاني. " (5).

(1) الدر المنضود 1: 322.
(2) المغني 8: 169.
(3) تحفة المحتاج 7: 428.
(4) مغني المحتاج 4: 148.
(5) المجموع 20: 14.
268

5 - المرداوي: " لو زنى حال التغريب غرب من بلد الزنى فإن عاد إليه قبل
الحول منع، وإن زنى في الآخر غرب إلى غيره. " (1).
6 - البهوتي: " ويغرب غريب إلى غير وطنه " (2).
7 - وقال في الكشاف: " وإن زنى المغرب في البلد الذي غرب إليه، غرب إلى
غير البلد الذي غرب منه، وتدخل بقية مدة التغريب الأول في التغريب الثاني
لأن الحدين من جنس واحد. " (3).
8 - عبد القادر عودة: " إذا زنى الغريب غرب إلى غير بلده، وإذا زنى في البلد
الذي غرب إليه غرب إلى بلد آخر غير الذي غرب منه ويرى بعض المالكيين أن
سجن الغريب في البلدة التي زنى فيها يعتبر تغريبا له. ولكن الشافعيين والحنابلة:
يشترطون أن يغرب عنها. " (4).
أقول: ويرى بعض آخر من المالكية: إن تأنس بأهل السجن لطول الإقامة
معهم فإنه يغرب لموضع آخر وإلا اكتفى بسجنه في ذلك الموضع لأنه ما دام بعيدا
عن وطنه وأهله فهو في الحقيقة مغرب. (5).
أقول: لا وجه لهذا التفصيل ولا دليل عليه، بل اطلاقات الأمر بتغريبه، تشمل
هذا المورد أيضا، فلا مبرر لتركه.

(1) الانصاف 10: 174.
(2) الروض المربع: 346 - أنظر: حاشية ابن عابدين 3: 147 - حاشية الدسوقي 4: 322 -
أسنى المطالب 4: 130 - الموسوعة الكويتية 13: 47.
(3) كشاف القناع 2: 92.
(4) التشريع الجنائي الإسلامي 2: 383.
(5) أنظر: الخرشي 8: 83 - الشرح الكبير للدردير مع حاشية الدسوقي 4: 322.
269

السادس والثلاثون: نفقة المغرب:
لم يقم دليل يشير إلى الجهة التي تتكفل مؤنة المغرب والمرافق له. لكن مقتضى
الأصل الأولي هو وجوب نفقته على نفسه، لأنه نتيجة لفعله، وعليه فلو كان فقيرا
فعلى بيت المال إن كان، وإلا فعلى المسلمين. وقد يقال: بأنه من بيت المال لأنه
معد لمصالح المسلمين - حتى ولو كان متمكنا - والتغريب من جملة مصالحهم لما
فيه من ردع الزاني وصلاح المجتمع...
وأما نفقة المرافق له فالأصل يقتضي كونه على مرسله إلا أن يكون بطلب من
المغرب فيكون عليه.
هذا وقد تناول فقهاؤنا هذا الفرع في موسوعاتهم القيمة، مع ايجابهم المؤنة على
الزاني، كالعلامة الحلي في القواعد وبعض من فقهائنا في حواشيهم عليه كابن
النجار في حاشية القواعد، والفاضل الهندي في كشف اللثام وغيره، والگلپايگاني
على ما في المخطوط من تقرير أبحاثه، - والمطبوع منه - ثم إنه لا يقاس النفي
بالسجن، وذلك لأنه أولا لم يثبت كون نفقة السجين على بيت المال إلا في موارد
خاصة أسهبنا البحث عنها في كتابنا " موارد السجن ".
وثانيا: على فرض ثبوته هناك، فلا يسري الحكم إلى المورد إلا بتنقيح المناط
القطعي، سيما وهما عنوانان متغايران...
آراء فقهائنا:
1 - العلامة الحلي: " ومؤنة التغريب على الزاني، أو في بيت
المال. " (1).

(1) قواعد الأحكام 2: 254.
270

2 - قال المعلق: " أي مؤنة من يمشي معه حتى يوصله إلى البلد الذي يوصله
الحاكم، أما مؤنة نفسه فعليه. " (1).
3 - ابن النجار: " يمكن أن يكون " أو " تخييرا في الحكم وشكا
فيه ووجه الأول أن بيت المال معد للمصالح العامة والتغريب مصلحة عامة
لما فيه من ردع الزاني وغيره، ومن أنه نتيجة فعل الزاني فليكن مؤنة
عقوبته عليه، لأن المسبب يدفع السبب، وإذا تساوى الوجهان تخير الحاكم
ويحتمل ترجيح بيت المال لأنه مكنه (كذا) الحدود وعليه مؤنته مع أنه نتيجة
فعل غيره، أما لو كان في بيت المال ضيق أو كان هناك أهم، ترجح كونه على
الزاني " (2).
4 - الفاضل الهندي: " ومؤنة التغريب على الزاني إن تمكن منها فإنه عقوبة
على فعله أو في بيت المال إن لم يتمكن لأنه من المصالح " (3).
5 - الگلپايگاني: " الخامس في مؤنة المنفي: إن كان واجدا للمال أو متمكنا
من تحصيله فعليه ذلك، وإلا فعلى بيت المال، إن كان، وإلا فعلى المسلمين من

(1) قواعد الأحكام 2: 254 (الهامش) - ولم نعثر على اسم المعلق.
(2) قواعد الأحكام 2: 254 (الهامش).
قال العلامة الطهراني: " الشيخ جمال الدين أحمد بن النجار من أجلاء تلاميذ الشيخ
الشهيد في (786) كتب بخطه " قواعد الشهيد " في 823 ثم قابل الشيخ على ابن علي بن
طي نسخته مع نسخة خط ابن النجار في 835 ودعا ابن طي لابن النجار في هذا التأريخ
بقوله " تغمده الله برحمته " فيظهر أن وفاة ابن النجار كانت بين هذين التأريخين، وطبعت
جملة من هذه الحاشية مع القواعد في 1315 وقد يقال لها - الحواشي النجارية. الذريعة 6:
169 الرقم 921.
(3) كشف اللثام 2: 219 - أنظر المهذب البارع 5: 64.
271

مال الفقراء، وكذا الكلام في مؤنة عياله. " (1).
وفي الدر المنضود: " مقتضى القاعدة أنه لو كان له مال فلا وجه لأداء مخارجه
ومصارفه من بيت المال، فهي على نفسه بمقتضى تمكنه ويساره وأنه بنفسه وبسوء
اختياره صار سببا لوقوعه في هذا الابتلاء، بل لعل الأمر كذلك لو لم يكن له مال
بالفعل إلا أن له صنعة وحرفة يمكن له الاكتساب بهما وبعمله فإنه يكلف بذلك
وتكون مؤنته على نفسه وفي حاصل عمله وكسبه... وأما لو لم يكن له مال ولا له
شغل وعمل يتمكن به من إدارة معاشه، فإن رزقه ومؤنته على الإمام ويدفع إليه
من بيت المال.
هذا إذا كان هناك بيت مال أمكن التوفير منه عليه وإلا فلو لم يكن كذلك
فمؤنته على المسلمين وحينئذ يمكن أداؤها من الزكوات والصدقات وأموال الفقراء
وسهامهم وهذا البحث جار بالنسبة إلى المحبوسين والمسجونين أيضا. " (2).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - الأندلسي: " كراؤه في سيره عليه في ماله في الزنا والمحارب، قاله
أصبغ، وإن لم يكن له مال ففي المسلمين " (3).
2 - أبو إسحاق الشيرازي: " وإن لم تجد ذا رحم ولا امرأة ثقة يتطوع بالخروج
معها استؤجر من يخرج بها. ومن أين يستأجر؟ فيه وجهان: من أصحابنا من
قال: يستأجر من مالها لأنه حق عليها فكانت مؤنته عليها، وإن لم يكن لها مال
استوجرت من بيت المال. ومن أصحابنا من قال: يستأجر من بيت المال لأنه

(1) تقرير أبحاث الگلپايگاني - بقلم السيد الميلاني - (مخطوط).
(2) الدر المنضود 1: 324.
(3) المنتقى 7: 137.
272

حق الله عز وجل فكانت مؤنته من بيت المال، فإن لم يكن في بيت المال ما
يستأجر به استؤجر من مالها. " (1).
3 - المرداوي: "... فإن أراد - المحرم - أجرة بذلت من مالها فإن تعذر فمن
بيت المال. " (2).
4 - الشبراملسي: " رزق من بيت المال، إن لم يكن له مال وإلا فمن مياسير
المسلمين " (3).
5 - الجزيري: " الشافعية والحنابلة... ويغرب الذكر والأنثى على السواء مع
ملاحظة أن يكون مع الزاني ذو رحم محرم على نفقتها في حالة غربتها، يرافقها
ويقيم معها " (4).
وبعض هذه الكلمات ترتبط بنفقة المرافق، ولا إشارة فيها إلى نفقة المغرب.
السابع والثلاثون: هل يغرب من كان عائلا بمن تجب نفقته؟
مقتضى الاطلاقات هو وجوب التغريب حتى ولو كان له من يعولهم من
الأبوين والأولاد والزوجة، ولا تعارض بين الواجبين، لأن النفقة المستقبلة غير
واجبة عليه، وبعد التغريب تسقط عنه نفقتهم إن كان عاجزا عن العمل في محل
التغريب.
وأما لو أمكنه العمل، فقد يقال: يجب أن يمكن منه، لأن التغريب يحصل من
غير اضرار بأهله وأبويه.

(1) المهذب 2: 271 - أنظر المجموع 20: 45.
(2) الانصاف 10: 175.
(3) ذيل نهاية المحتاج 7: 428.
(4) الفقه على المذاهب الأربعة 5: 65.
273

ثم إن صاروا فقراء محتاجين - بعد تغريب المعيل - إن قلنا بتغريبه وعدم تأخير
نفيه كما يبدو من بعض فقهائنا المعاصرين، فعلى بيت المال، كما أن نفقته أيضا
عليه مع فقره.
هذا كله مع امكان تصور تغريب المحصن كما في غير الزنا.
وقد أشار إلى هذا الفرع الگلپايگاني في الدر المنضود، والرملي - من السنة -
في نهاية المحتاج.
آراء فقهائنا:
1 - الگلپايگاني: "... كما أن مخارج عائلته ومؤنتهم أيضا يجب عليه لو أمكن
وتيسر له بواحد من الوجهين - له مال أو صنعة - ولو لم يتمكن من أداء مؤنتهم
ومصارفهم فإنه يؤخر نفيه إلى رفع المانع. " (1).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - الشبراملسي: " يغرب وإن كان له أبوان ينفق عليهما أو زوجة أو أولاد
صغار أو كبار محتاجون وهو ظاهر، ويوجه بأن النفقة المستقبلة غير واجبة ففي
ابتداء التغريب لا نفقة عليه وبعده عاجز " (2).
الثامن والثلاثون: مراعاة الأمور الترفيهية، وسلامة المنفى:
لم يقصد بالتغريب القضاء على المغرب، إلا في المحارب، - على الخلاف -
وليس هو كالحبس الذي قد يكون التضييق والتشديد فيه على السجين، مطلوبا

(1) الدر المنضود 1: 324.
(2) ذيل نهاية المحتاج 7: 428.
274

في بعض موارده. وعليه: فلا بد من توفر الاحتياجات الأولية، بل الأمور
الترفيهية في المنفى. فلا ينبغي التغريب إلى أماكن خالية من هذه الأمور، بل
خالية من السكن. أو النفي إلى مناطق يكون الطقس فيها حارا جدا أو باردا
كذلك، أو بلد فتك بها مرض من الأمراض كالطاعون.
هذا كله فيما لو لم يقم على خلافه دليل، أو يتمسك بالإطلاقات، أو يراه
الحاكم. وقد أشار البعض منا، ومن المذاهب الأخرى، إلى هذا الشرط في
الجملة مستدلا برواية الحلبي حيث فيها " النفي من بلدة إلى بلدة ". وفيما يلي
الآراء:
آراء فقهائنا:
1 - الشيخ الأستاذ: " والظاهر أن المراد منه " النفي من بلد إلى بلد " في جانب
المنفي إليه لزوم كون النفي إلى ما هو محل الإقامة لجماعة، ومسكنا لهم، فلا
يجوز النفي إلى محل خال من لوازم الحياة، ووجود الجماعة. " (1).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - الرملي: " وأن لا يكون بالبلد طاعون لحرمة دخوله، كما هو ظاهر. " (2).
التاسع والثلاثون: هل يؤذن له بحمل مال للتجارة؟
مقتضى الاطلاقات أنه لا مانع من ذلك ما لم يقم دليل على أن المقصود
بالتغريب، التشديد عليه، وحمل المال والتجارة ينافيه، وهو رأي الماوردي

(1) تفصيل الشريعة: 145 (الحدود).
(2) نهاية المحتاج 7: 428 - أنظر: تحفة المحتاج 9: 109 - كشاف القناع 6: 92.
275

والروياني والشربيني من السنة، وأما الرملي - منهم - فعلى خلافهم وقد يستأنس
المنع مما ورد من النهي عن مبايعة المحارب ومشاراته، فتأمل.
هذا ونكتفي بكلام بعض من المذاهب:
آراء المذاهب الأخرى:
1 - الشربيني: " ويجوز له أن يحمل... وكذا مال يتجر فيه كما قاله
الماوردي... " (1).
2 - الرملي: " وقضية كلامهما عدم تمكينه من حمل مال زائد على نفقته، وهو
متجه، خلافا للماوردي والروياني. " (2).
الأربعون: هل الدين يمنع من التغريب؟
الظاهر أن الدين لا يمنع منه، لأنه إن كان مؤجلا فلا يستحق الدائن عليه شيئا،
وإن كان معجلا: فأما أن يكون له مال فيؤديه، وأما لم يكن له، * (... فنظرة إلى
ميسرة...) * (3)، ولا معنى حينئذ من إقامته عند الدائن لأجل الدين.
هذا وقد تعرض بعض السنة لهذه المسألة، ونكتفي بكلام الرملي.
قال: " ويوجه تغريب المدين وإن كان الدين حالا، بأنه إن كان له مال قضي
منه وإلا لم تفد إقامته عند الدائن فلم يمنع حقه توجه التغريب إليه. " (4).

(1) مغني المحتاج 4: 148.
(2) نهاية المحتاج 7: 428.
(3) البقرة: 280.
(4) نهاية المحتاج 7: 428 - أنظر حاشية الرملي على أسنى المطالب 4: 219 - حاشية
الدسوقي 4: 322 - الخرشي 8: 83 - الزرقاني 8: 83.
276

الحادي والأربعون: هل يغرب لو كان أجيرا للغير؟
مقتضى قاعدتي نفي الضرر والحرج هو عدم جواز تغريبه إلا بعد انتهاء مدة
الإجارة فيما لو كانت الإجارة قبل زناه أو قبل ثبوت الزنا عند الحاكم، ولم يمكن
العمل في مكان تغريبه وأما بعده فقد يقال: بعدم صحة الإجارة حينئذ لوجوب
تغريبه قبل عقد الإجارة، لكن قد يقال: بتغريبه في الحال ويثبت للمستأجر
الخيار، وذلك لأن تأجيل التغريب قد يفوته، مع أنه لا تأخير في الحدود. وهذا
أحد قولي الشافعية.
وقد يستدل لتأخير التغريب: بأن الإجارة حق العبد، وهو مبني على
المشاحة، والتغريب حق الله وهو مبني على المسامحة. وهذا ما اعتمد عليه
الشافعية.
ونكتفي من آراء السنة بما قاله الرملي. هذا وقد تعرض فقهاؤنا لنظير هذا
الفرع - وهو حبسه لو كان أجيرا - منهم السيد اليزدي في العروة والإمام الخميني
في التحرير والسبزواري في المهذب (1).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - الرملي: " أما مستأجر العين فالأوجه عدم تغريبه إن تعذر عمله في الغربة،
كما لا يحبس إن تعذر ذلك في الحبس " (2).
الثاني والأربعون: الرخصة والإجارة للمغرب:
لم نجد لفقهائنا ولا من المذاهب الأخرى كلاما في هذا المجال فلذا نتعرض

(1) أنظر: موارد السجن 512.
(2) نهاية المحتاج 7: 428 - أنظر: مغني المحتاج 4: 149 - أسنى المطالب 4: 129.
277

للمسألة بمقتضى القواعد فنقول:
إن التغريب تارة يكون حدا وأخرى تعزيرا، وعلى الأول: تارة يكون
محدودا بمدة - سنة مثلا - وأخرى غير محدود. فلو كان حدا ومحدودا بمدة مثل نفي
الزاني غير المحصن، فمقتضى اطلاق دليل النفي هو وجوب كونه مغربا في جميع
تلك المدة، فالرخصة تنافيه. بل لو عاد هو من تلقاء نفسه، يبطل ما مضى،
ويستأنف الحساب لعدم تحقق الواجب، لأنه ليس صرف وجود التغريب.
فتأمل (1).
وأما لو لم يكن محدودا بمدة - أو كان محدودا بالتوبة مثلا - فالاطلاق يقتضي
نفيه مدة، فيجوز ترخيصه بعده. لكن قد يقال: لازم ذلك كفاية نفيه مدة ما، فلا
يتصور تخلل الرخصة بين التغريب، بل يفرج عنه بعد مدة ما.
وأما لو كان تعزيرا - على القول بشمول التعزير له - كما في وطء البهيمة،
وقاتل الولد والقواد وقاتل العبد وقاتل الذمي، فإن رأى الحاكم مصلحة في
ترخيصه - كما رأى المصلحة في نفيه. وقلنا بسعة ولايته إلى هذا المقدار فيجوز له
الترخيص، فيرخص. هذا بحسب القاعدة الأولية.
وأما بحسب الدليل، فإن ورد فيه الدليل اثباتا أو نفيا فهو المتبع. وقد
نسب - على ما في الكنز - إلى النبي (صلى الله عليه وآله) أنه رخص لمغرب الحضور في جماعات
العيد.

(1) إذ قد يقال: بعدم منافاة الإطلاق، للتغريب بشكل غير مستمر بأن يرجع عن المنفى بعد
شهر ثم يعود وهكذا إلى أن تكمل السنة وذلك لقابليته للانقسام لصدق التغريب، على من
غرب سنة ولو بشكل غير مستمر، إلا أن يقال إن التغريب منصرف إلى صورة الاستمرار
لكن منشأ الانصراف هو التشكيك في الصدق وخفاء الصدق على التغريب غير المستمر
فتأمل.
278

ولكن الكلام في السند، وأنا لا نقول بمورده - وهو المخنث - وعلى القول به
فيشكل التعدي عنه إلى غيره من العناوين - قاتل الولد والمحارب و... إلا بالتنقيح
القطعي للمناط. كما يشكل الترخيص في غير ما ورد في النص - وهو الترخيص
للحضور في صلاة العيدين أو بإضافة الجمعة، ويستشم من كلام الگلپايگاني عدم
جواز ذلك، ثم على القول بالترخيص، فهل يحتسب له ذلك من المدة أم لا؟ وهل
يضر الرخصة بالتوالي، فيستأنف الحساب من الأول؟ أم لا.
الروايات:
كنز العمال: " يا أنة أخرج من المدينة إلى حمراء الأسد فليكن بها منزلك، ولا
تدخلن المدينة إلا أن يكن للناس عيد فتشهده. " (1).
آراء فقهائنا:
الگلپايگاني: " ظاهر الأدلة الناطقة بوجوب نفيه سنة هو السنة متوالية،
وعلى هذا فلا يجوز له أن يقيم مدة في المنفى ومدة في بلده مثلا، هذا هو حكم
المقام من حيث هو، وذلك لا ينافي البناء على ما مضى في الفرع (2) السابق. " (3).
الثالث والأربعون: هل يسمح له باصطحاب زوجته إلى المنفى؟
مقتضى الاطلاقات هو جواز الخروج مع زوجته، كما لم يرد على المنع دليل

(1) كنز العمال 5: 324 ح 13047 - الباوردي.
(2) وهو البناء على ما مضى فيما لو رجع من منفاه.
(3) الدر المنضود 1: 322.
279

خاص، نعم قد يستظهر من رواية السكوني " يفرق بينهما ولا صداق " (1)،
ورواية علي بن جعفر (2) " يفرق بينه وبين أهله " ورواية حنان (3) " يفرق بينه
وبين أهله " أنه يغرب وحده وليس له الخروج بزوجته، لكن فيها احتمالان آخران
لا دافع لهما: أحدهما كون المراد وجوب الطلاق. الثاني: فسخ العقد وابطاله.
ويؤيد أن المراد هو الطلاق، ما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (عليه السلام): " أن
تنفى من الرجل ويطلقها زوجها. " (4)، أضف إلى ذلك: أن مورد رواية السكوني
هو زنا المرأة. لا الرجل.
ثم قد يتمسك - للحكم بعدم الجواز - بمناسبة الحكم والموضوع وأنها تقتضي
عدم مصاحبتها مع الزوج لأنه محروم عن الالتذاذات المباحة المتعلقة بالنساء.
لكن لو تم: لزم القول بتحريم العقد والتزويج، عليه - مدة النفي - دائما ومؤقتا.
وهو كما ترى.
هذا ولم نجد من تعرض له إلا السيد الگلپايگاني - على ما في تقريراته - وأنه
يرى عدم جواز الخروج بزوجته استنادا إلى مناسبة الحكم والموضوع، ووافقه
الرملي من السنة لكن في خصوص الخروج زوجته دون أمته، مع أن الگلپايگاني
لم يتعرض لحكم الخروج بالأمة للتسري، كما يبدو ذلك من الشربيني أيضا.
آراء فقهائنا:
1 - الگلپايگاني: " وكيف كان فيشترط أن لا يخرج إلى المنفى مع زوجته وفي

(1) التهذيب 10: 36 ح 126.
(2) الفقيه 3: 262 ح 36.
(3) التهذيب 10: 36 ح 124.
(4) الكافي 7: 425 ح 9.
280

مصاحبتها، فإن مناسبة الحكم والموضوع تقتضي ذلك وهو عقوبة له على
ارتكاب الزنا. ولعل وجه عدم تعرض العلماء لذلك اكتفاؤهم بذكر النفي عن ذكر
ذلك واستغناؤهم بذلك فإن نفي الزاني عن البلد خصوصا بمناسبة كونه زانيا قد
ارتكب الفحشاء، وأن النفي عقوبة له على هذا العمل الشنيع هو خروجه عن أهله
وحرمانه عن مصاحبتهم وعدم كونه معهم، وذهابه إلى مكان لا يصاحبهم، ولو
كان يجوز له أن يذهب بهم معه لذكروا ذلك طبعا وتعرضوا له، لكنهم لم يذكروه
لأنهم لم يروا حاجة إلى ذكر ذلك بعد أن كان النفي عقوبة له على فعله وهو يقتضي
ذهابه وحده ومتفردا، خصوصا بمناسبة الحكم والموضوع التي توجب أن يكون
محروما عن الالتذاذات المباحة المتعلقة بالنساء. " (1).
أقول: وفي ما أفاده (رحمه الله) موارد للنظر.
ثم على فرض قبول مناسبة الحكم والموضوع، يختص الحكم بنفي الزاني دون
سائر الموارد - المحارب، القواد، قاتل الولد، واطئ البهيمة....
آراء المذاهب الأخرى:
1 - الرملي: " وله استصحاب أمة يتسرى بها دون أهله وعشيرته. " (2).
2 - الشربيني: " ويجوز له أن يحمل معه جارية يتسرى بها مع نفقة يحتاجها كما
قاله الماوردي وليس له أن يحمل معه أهله وعشيرته، فإن خرجوا معه لم
يمنعوا " (3).
3 - الشبراملسي: " نقل عن الزيادي: التسوية بين الأمة والزوجة، وعبارته:

(1) الدر المنضود 1: 326.
(2) نهاية المحتاج 7: 428.
(3) مغني المحتاج 4: 148.
281

وله أن يستصحب سرية ومثلها الزوجة، فهي مستثناة من الأهل، وظاهره أن له
ذلك وإن لم يخف الزنا. " (1).
الرابع والأربعون: هل تنقطع العلقة بين المغرب وزوجته؟
هل ينقطع حقوق الزوجية - بالتغريب - من النفقة، وحق المسكن، ووجوب
الوطئ كل أربعة أشهر، وهل يلزم إطاعة الزوجة له؟
استظهر المجلسي الأول من رواية علي بن جعفر عن الكاظم (عليه السلام) أنه بالزنا
يرتفع النكاح أو يكون للزوجة الخيار في فسخ العقد كما في عكسه (2).
وكذلك يستظهر من صحيحة حنان. كما يستظهر من موثقة السكوني ورواية
معاوية بن وهب عكسه. وعليه فينقطع العلقة الزوجية، وينقطع الحقوق بتبعه ولم
أر من التزم به.
الروايات:
1 - الفقيه: " وروى علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: سألته
عن رجل تزوج بامرأة فلم يدخل بها فزنى ما عليه؟ قال: يجلد الحد ويحلق
رأسه ويفرق بينه وبين أهله وينفى سنة. " (3).
2 - التهذيب: "... عن سيف بن عميرة عن حنان قال: سأل رجل أبا
عبد الله (عليه السلام) وأنا أسمع عن البكر يفجر وقد تزوج ففجر قبل أن يدخل بأهله؟
فقال: يضرب مائة ويجز شعره وينفى من المصر حولا، ويفرق بينه وبين

(1) ذيل نهاية المحتاج 7: 428.
(2) روضة المتقين 8: 259.
(3) الفقيه 3: 262 ح 36.
282

أهله. " (1).
3 - وفيه: " أحمد بن محمد عن البرقي عن عبد الله بن المغيرة عن السكوني، عن
جعفر عن أبيه عن آبائه (عليه السلام) في المرأة إذا زنت قبل أن يدخل بها. قال: يفرق
بينهما ولا صداق لها، لأن الحدث كان من قبلها. " (2).
4 - الكافي: " علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن وهب عن أبي
عبد الله (عليه السلام) قال: أتي عمر بن الخطاب بجارية شهدوا عليها أنها بغت... فألزم
علي (عليه السلام) المرأة حد القاذف... وأمر امرأة [المرأة] (3) أن تنفى من الرجل ويطلقها
زوجها. " (4).
أقول: أما الأوليان فمعارضان بصحيحة رفاعة: قلت هل يفرق بينهما إذا زنى
قبل أن يدخل بها؟ قال لا. (5) ويجمع بينها بحمل الروايتين على الحكم غير
الالزامي أو غير الواقعي - كما عن بعض المعاصرين منا (6).
وأما موثقة السكوني: ذكر الصداق فيها يدل على أم المراد بالتفريق هو الطلاق
دون مجرد البينونة مع بقاء علقة النكاح، ويؤيده التصريح بالطلاق في الرواية
الرابعة وإن كان موردها حد القذف. فلا يبقى حقوق حينئذ. ولكن ما رأيت أحدا
أفتى بمضمون الموثقة.

(1) التهذيب 10: 36 ح 124 - وعنه الوسائل 18: 359 ح 7.
(2) التهذيب 10: 36 ح 126 - عنه الوسائل 18: 359 ح 8.
(3) التهذيب 6: 308 ح 59.
(4) الكافي 7: 425 ح 9.
(5) الفقيه 4: 29 ح 4 - عنه الوسائل 18: 358 ح 2. أنظر سنن سعيد بن منصور 1: 219
ح 856، وص 221 ح 869، وص 857.
(6) حدود الشريعة 4: 113.
283

آراء فقهائنا:
1 - قال الصدوق بعد رواية طلحة بن زيد (1): " جاء هذا الحديث هكذا
فأوردته لما فيه من العلة، والذي أفتي به وأعتمد عليه في هذا المعنى، ما حدثني
به محمد بن الحسن (رحمه الله) عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى،
عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير وفضالة بن أيوب عن رفاعة، قال: سألت
أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يزني قبل أن يدخل بأهله أيرجم؟ قال: لا. قلت:
يفرق بينهما إذا زنى قبل أن يدخل بها، قال: لا. وزاد فيه ابن أبي عمير، ولا
يحصن بالأمة " (2).
2 - الفيض الكاشاني، بعد كلام الصدوق: " التوفيق بين الخبرين يقتضي أن
يحمل حديث طلحة وما في معناه على ما إذا شهر بالزنا... وحديث رفاعة على ما
إذا لم يشتهر. " (3).
3 - الگلپايگاني: " أما إرادة التفريق بين الزوج والزوجة ففيه مضافا إلى عدم
ذكر عن الزوج فيها فلعل الحكم بوجوب التفريق وبطلان العقد أو وجوب طلاق
الزوجة إذا زنت بعد العقد عليها، وعدم وجوب المهر لها خلاف الضرورة... وقد
تقدم أن العلماء لم يتعرضوا لهذا الحكم أصلا، نعم للمحدث الكاشاني كلام في وجه
الجمع بين الأخبار، وأما الافتاء بما أفاده (رحمه الله)، فلم يظهر منه ذلك. " (4).

(1) " طلحة بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيه (عليهما السلام)، قال: قرأت في كتاب علي (عليه السلام) أن
الرجل إذا تزوج بالمرأة فزنى قبل أن يدخل بها لم تحل له، لأنه زان ويفرق بينهما ويعطيها
نصف الصداق " علل الشرائع: 501 ب 264 ح 1.
(2) علل الشرائع: 502 ب 264 ذيل ح 1.
(3) الوافي 21: 136.
(4) الدر المنضود 1: 327.
284

الخامس والأربعون: لو كان الإمام في سفر ومعه جماعة فزنى أحدهم:
يحتمل القول: بتغريبه من القافلة كما احتمله الفاضل الهندي في كشف اللثام
ويحتمل: نفيه إلى غير بلده وغير مقصده - كما هو رأي الشافعية - ويحتمل:
الرجوع إلى رأي الإمام، فإن رأى تغريبه في جهة مقصده لم يمنع، ويكفيه أن
يمنع من عودته إلى بلده، ويمنع من التصرف في السفر بحرية - كما هو رأي
بعض الشافعية - ونكتفي في المقام بكلام الفاضل الهندي، والمحقق النجفي أعلى
الله مقامهما والشربيني من السنة.
آراء فقهائنا:
1 - الفاضل الهندي: " وإن كان الإمام في سفر معه جماعة فجلد رجلا منهم
لزناء وهو بكر، احتمل وجوب نفيه من القافلة. " (1).
2 - الشيخ محمد حسن النجفي قال بعد كلام الفاضل: " وفيه: أنه خلاف ظاهر
النصوص المزبورة " (2).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - الشربيني: " ولو زنى المسافر في طريقه غرب إلى غير مقصده... وعن
البلقيني لا يحجر على الإمام ذلك بل إذا رأى تغريبه في جهة مقصده لم
يمنع. " (3).

(1) كشف اللثام 2: 219.
(2) جواهر الكلام 41: 327.
(3) مغني المحتاج 4: 148 - أنظر أسنى المطالب مع حاشية الرملي 4: 129 - روضة الطالبين
10: 89.
285

السادس والأربعون: لو جلد في غير بلده فهل يغرب إلى بلده؟
لو حد الزاني في غير بلده وقريته، فلا ينفى إلى بلده، لعدم صدق التغريب حينئذ،
وقد صرح به العلمان الخميني في التحرير والسبزواري في المهذب وبعض المعاصرين.
آراء فقهائنا:
1 - الإمام الخميني: " ولو كان بلدة الحد غير وطنه لا يجوز النفي منها إلى
وطنه بل لا بد من أن يكون إلى غير وطنه. " (1).
2 - السبزواري: " لو كان محل الحد غير وطنه لا ينفى إلى وطنه بل ينفى إلى
غيره. " (2) وقال لأنه ظاهر من الأدلة.
3 - الشيخ الأستاذ: " فالظاهر أنه بملاحظة أن التغريب والنفي نوع من العذاب
والعقوبة قد حكم الشارع بثبوته في مورده ينسبق إلى الذهن أنه لا بد وأن يكون
من موطن الشخص ومحل إقامته واستراحته وعليه فذكر بلد الجلد والنفي منه
لعله كان بملاحظة أن الغالب كون بلد الجلد هو بلد الزاني وتحقق اجراء الحد عليه
فيه لاشتمال المسافرة في تلك الأعصار على مشقة شديدة وافتقارها إلى وسائل
كثيرة بخلاف... فمقتضى الاحتياط اللازم كون المنفى إليه غير بلد الزاني وغير بلد
الجلد. " (3).
السابع والأربعون: لو ادعى المغرب انتهاء المدة؟
تارة يكون عنده بينة فيعمل بها ويطلق سراحه، وأخرى لا بينة له، فقد يقال:

(1) تحرير الوسيلة 2: 418.
(2) مهذب الأحكام 27: 336.
(3) تفصيل الشريعة: 145 (الحدود).
286

بأن مقتضى استصحاب بقاء المدة، هو عدم انتهائه فلا وجه لقبول دعواه
والمفروض عدم البينة له.
وقد يقال: هذا في حقوق الناس، ولكن المقام: من حقوق الله. وهي مبنية
على المسامحة فيصدق قوله حينئذ. هذا وما رأيت لفقهائنا في المقام كلاما.
وعن الشافعية: يحلف إن كان متهما (1).
هذا ولكن ينبغي للإمام أن يثبت في ديوانه أول زمان التغريب ثم يغرب،
ليتوصل به إلى معرفة استيعابه العام، كما عن البعض (2).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - الشربيني: " لو ادعى المحدود انقضاء العام ولا بينة، صدق لأنه من حقوق
الله تعالى ويحلف استحبابا. " (3).
2 - الرملي: " ويصدق بيمينه في مضي عام عليه حيث لا بينة ويحلف ندبا إن
اتهم، لبناء حقه تعالى على المسامحة. " (4).
أقول لم نعرف وجه الاستحباب ودليله.
الثامن والأربعون: هل يحق للمغرب الرجوع بعد الانتهاء؟
إذا انتهى مدة التغريب فإنه - على القاعدة - يحق للمغرب الرجوع إلى بلده،
ولو لم يستأذن الحاكم، أو لا يأذن له بذلك. لأنه قد أتى بالواجب عليه فلا مبرر

(1) مغني المحتاج 4: 148 - نهاية المحتاج 7: 428.
(2) أنظر المنتقي 7: 137 - مغني المحتاج 4: 148.
(3) مغني المحتاج 4: 148.
(4) نهاية المحتاج 7: 428.
287

لتأخير الافراج عنه، ولا وجه لمكثه في المنفى بعد نهاية الأمد.
هذا ولم نجد لفقهائنا رأيا في هذا المجال. لكنه رأي جمهور العامة (1).
وعن بعض الشافعية: ليس له الرجوع إلا إذا أذن له الإمام في ذلك بعد انتهاء
مدة التغريب، فإن رجع عزر، كما يعزر إذا خرج من السجن بغير إذنه (2).
أقول: ننقل الكلام إلى المقيس عليه، ونقول ما الدليل على ذلك؟!
التاسع والأربعون: هل يغرب لو كان أمرد؟
مقتضى الاطلاقات هو تغريب الزاني البكر، وإن كان أمرد جميلا، نعم لو
ترتب على تغريبه مفسدة، فيمكن القول بالتأخير أو المراقبة في المنفى، فلا دليل
على خروج المحرم معه كما عن بعض السنة، كما لا معنى للقول بسقوط التغريب،
وقد غرب الخليفة ضبيعا ولا ذنب له سوى جماله.
آراء المذاهب الأخرى:
1 - الرملي: " ومثلها - أي المرأة - أمرد جميل، فلا يغرب إلا مع محرم أو
سيد. " (3).
الخمسون: هل يحلق الرأس زيادة على التغريب؟
اختلفت كلمات فقهائنا في جز شعر المنفي، فقد خلت كلمات بعضهم عن الجز

(1) المنتقي 7: 138 - كشاف القناع 6: 92 - الشرح الكبير للدردير 4: 322 - المهذب 2:
272.
(2) أسنى المطالب 4: 130.
(3) نهاية المحتاج 7: 428.
288

كالصدوق وابن أبي عقيل وابن الجنيد، والطوسي في الخلاف والمبسوط، والحلبي
في الكافي، وابن زهرة في الغنية، والطبرسي في المؤتلف، كما خلى كلمات
العامة عنه تبعا لما ورد من طرقهم.
وبعض خص الجز بالناصية كالمفيد في المقنعة وسلار في المراسم وابن حمزة
في الوسيلة لأصالة البراءة من الزائد، وزيادة مدخلية جز شعرها خاصة في
الشفاعة واستحسنه السيد في الرياض وقال: لولا ظهور الخبرين في جز شعر إلا
الرأس بتمامه مع كونهما المستند في أصل جوازه.
والباقون: بين مطلق بالجز وبين مصرح بجز الرأس.
فالأول: كأبن البراج، وابن إدريس والعلامة في القواعد، والفاضل الهندي
في كشف اللثام، والفاضل المقداد في كنز العرفان.
والثاني: كالشيخ في النهاية والمحقق في الشرائع، والشهيدين في الروضة،
والمجلسي الأول في الفقه، والبهائي في الجامع والطباطبائي في الرياض، والحلي
في التحرير والارشاد، والنجفي في الجواهر، والمامقاني في المناهج، والشيخ
الوالد في الذخيرة، والخوئي في التكملة، والخميني في التحرير، والسبزواري
في المهذب. أما النصوص فكثير منها خالية عن التعرض للجز، أو الحلق، نعم في
موثقة حنان جز الشعر وفي رواية علي بن جعفر: حلق الرأس، وفيما يلي
النصوص ثم آراء فقهائنا.
الروايات:
1 - التهذيب: " علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) سألته عن رجل
تزوج امرأة ولم يدخل بها فزنى ما عليه؟ قال: يجلد الحد ويحلق رأسه... " (1).

(1) التهذيب 10: 36 ح 125.
289

2 - وفيه: " عن حنان قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) وأنا أسمع عن
البكر يفجر وقد تزوج قبل أن يدخل بأهله؟ قال: يضرب مائة ويجز
شعره... " (1).
القائلون بجز الناصية:
1 - الشيخ المفيد: " جزت ناصيته " (2).
2 - ابن حمزة: "... بعد جز الناصية " (3).
القائلون بجز الرأس:
1 - الشيخ الطوسي: "... بعد أن يجز رأسه " (4).
2 - ابن إدريس: " وجز شعره " (5).
3 - المحقق الحلي: " ويجز رأسه " (6).
4 - يحيى بن سعيد: " بعد حلق رأسه " (7).
5 - العلامة الحلي: " جلد مائة ثم الجز " (8).

(1) التهذيب 10: 36 ح 124.
(2) المقنعة: 775 - ومثله المراسم: 253.
(3) الوسيلة: 411.
(4) النهاية: 694.
(5) السرائر 3: 453.
(6) شرائع الإسلام 4: 155.
(7) الجامع للشرائع: 550.
(8) قواعد الأحكام 2: 252 - ومثله الارشاد 2: 173.
290

6 - المجلسي: " ويجز رأسه " (1).
7 - البهائي: " وجز الرأس " (2).
8 - الفاضل الهندي: " جلد ثم جز " (3).
9 - الطباطبائي: " ويجز أي يحلق رأس البكر " (4).
10 - الفاضل المقداد: " الجلد والجز... " (5).
11 - الشيخ محمد حسن النجفي: " ويجز رأسه " (6).
12 - المامقاني: " ويجز رأسه " (7).
13 - الشيخ الوالد: " وحلق رأسه " (8).
14 - الخوئي: " يجب جز شعر رأسه " (9).
15 - السبزواري: " حلق الرأس " (10).
16 - الإمام الخميني: " والظاهر لزوم حلق جميع رأسه، ولا يكفي حلق شعر
الناصية. " (11).

(1) فقه (فارسي): 201.
(2) جامع عباسي: 420.
(3) كشف اللثام 2: 210.
(4) رياض المسائل 2: 469.
(5) كنز العرفان 2: 341.
(6) جواهر الكلام 41: 323.
(7) مناهج المتقين: 498.
(8) ذخيرة الصالحين 8: 41.
(9) مباني تكملة المنهاج 2: 201.
(10) مهذب الأحكام 27: 332.
(11) تحرير الوسيلة 2: 418.
291

في نهاية هذا الفرع نلفت نظر القارئ الكريم إلى ما قاله السيد الطباطبائي
في الشرح الصغير:
" ويجز أي يحلق رأس البكر مع الحد وجلده مائة ويغرب وينفى عن بلده التي
جلد بها سنة بلا خلاف فيه في الجملة.
وليس في كثير من النصوص والفتوى ذكر الجز ولكنه أظهر بل وأشهر بل لم
ينقل الخلاف فيه الأكثر للنص وظاهره حلق الرأس كملا فلا يجز شعر غيره من
اللحية وغيرها ولا يكتفي بجز شعر الناصية وإن حكي عن جماعة من
القدماء. " (1).
الحادي والخمسون: هل فرق بين شعره المربى وغيره؟
تعرض الشهيد الثاني في الروضة لهذا الفرع وهو عدم الفرق في لزوم الجز بين
الشعر المربى الذي يعتني به صاحبه - وبين غيره، وهو الذي طال شعره
عفوا، فالجز في حق الأخير لا يفيد، لأنه أيضا قد يحلق رأسه... ولكن هذا هو
مقتضى إطلاق النصوص.
قال الشهيد الثاني: " والجز حلق الرأس أجمع... سواء في ذلك المربى وغيره،
وإن انتفت الفائدة في غيره ظاهرا. " (2).
الثاني والخمسون: اختصاص الحلق والجز بالرجل:
ومما اتفقت عليه الإمامية - أعلى الله كلمتهم - أن لا جز على المرأة، كما عن
السيد الطباطبائي في الرياض والفاضل الهندي في كشف اللثام واستدل له:

(1) الشرح الصغير 3: 342.
(2) الروضة البهية 9: 110.
292

1 - بأصالة البراءة السليمة عن المعارض. 2 - اختصاص النصوص بالرجل،
وغيره يحتاج إلى دليل. وقد اعتمد عليه السيد الطباطبائي والسيد الخوانساري
والشيخ الوالد رحمهم الله.
آراء فقهائنا:
1 - السيد الطباطبائي: " لا جز عليها اتفاقا في الظاهر المصرح به في بعض
العبائر وهو الحجة مضافا إلى أصالة البراءة السليمة عن المعارض بالكلية من
الفتوى والرواية لإختصاص ما دل منهما على الجز بالرجل دون المرأة " (1).
2 - الفاضل الهندي: " ولا جز على المرأة اتفاقا كما هو الظاهر لأصل البراءة " (2).
3 - الخوانساري: "... فالجز في الأخبار راجع إلى الرجل ولا دليل عليه
بالنسبة إلى المرأة فلا وجه لثبوت الجز عليها... " (3).
4 - السبزواري: " لا جز على المرأة " (4).
5 - الشيخ الوالد: " ليس على المرأة جز ولا تغريب... أما الجز أيضا خاص
بالرجل، فبالنسبة إلى المرأة يحتاج إلى الدليل والأصل البراءة " (5).
الثالث والخمسون: عدم كفاية حلق اللحية عن الرأس:
صرح فقهاؤنا بعدم كفاية شعر اللحية، وذلك بدليلين:

(1) رياض المسائل 2: 469.
(2) كشف اللثام 2: 219.
(3) جامع المدارك 7: 32.
(4) مهذب الأحكام 27: 336.
(5) ذخيرة الصالحين 8: 41.
293

الأول: الأصل.
الثاني: كون المتبادر من الشعر هو شعر الرأس، فينبغي تقييد ظاهر إطلاق الجز به.
أما بالنسبة إلى الأصل: فالمورد من دوران الأمر بين التعيين والتخيير، فإن
قلنا: إن الأصل فيه التعيين، كان عدم كفاية شعر اللحية، هو مقتضى الأصل، وإلا
فالكفاية هو مقتضى الأصل.
أما التبادر: فوجهه الانصراف، ومنشأ الانصراف هو التشكيك في الصدق،
وخفاء الصدق بالنسبة إلى شعر اللحية. والحال أنه لم يكن خفاء في هذا الصدق.
لكن يمكن أن يقال: إن حلق اللحية غير جائز (1) في ارتكاز المتشرعة، فهذا هو
المناط لعدم انتقال الذهن إليه.
آراء فقهائنا:
1 - العلامة الحلي: " والجز يختص بالرأس دون اللحية " (2).
2 - الشهيدان: " والجز حلق الرأس أجمع دون غيره كاللحية " (3).
3 - الفاضل الهندي: "... دون اللحية للأصل. " (4).
4 - الطباطبائي: " وظاهر إطلاق الجز فيه، وإن شمل جز شعر اللحية ونحوها
إلا أن المتبادر منه جز شعر الرأس، فينبغي تقييده به... " (5).

(1) ألف علماؤنا فيه كتبا، منها: " المنية في حكم الشارب واللحية " للشيخ الوالد - تغمده
الله برحمته - وقد طبع أكثر من عشرين مرة.
(2) قواعد الأحكام 2: 252.
(3) الروضة البهية 9: 110.
(4) كشف اللثام 2: 219.
(5) رياض المسائل 2: 469.
294

5 - السيد الخميني: "... ولا يجوز حلق لحيته، ولا حلق حاجبه... " (1).
6 - الشيخ الوالد: " وإطلاق الخبر الأخير - الذي يشمل حلق لحيته - يقيد
بباقي الأخبار المقيدة بحلق الرأس. " (2).
الرابع والخمسون: هل يغرب العبيد والإماء؟
وردت روايات من الفريقين - بما فيها من الصحاح والحسان - بعدم نفي العبد
إذا زنى كما هو رأي الإمامية وقد صرح بذلك شيخ الطائفة في المبسوط. وبه قال
الفيض في المفاتيح ومن المذاهب الأخرى نسب مالك ذلك إلى أهل العلم الذين
أدركهم وهو رأي أنس، كما في المصنف، ورأي المقدسي في الفروع، ويبدو أن
للنووي رأيين، والبهوتي و....
أدلة القول بالتغريب:
واستدل له بما يلي:
1 - براءة الذمة وشغلها يحتاج إلى الدليل - قاله الطوسي في الخلاف.
2 - أن النفي اضرار بالسيد مع أن تصرف الشرع يقتضي عدم عقوبة غير
الجاني.
3 - أن النفي للتشديد ولا تشديد عليه لأنه اعتاد الانتقال من بلد إلى آخر.
4 - أن النفي للتعذيب والإخراج عن الأهل، والمملوك لا أهل له.
أقول: لا يخفى ما في هذه الوجوه والعمدة هي النصوص، وقد تكون بعضها
مؤيدات لا أكثر.

(1) تحرير الوسيلة 2: 418.
(2) ذخيرة الصالحين 8: 41.
295

وأما بالنسبة إلى المجنونة والمستكرهة، فلحديث رفع القلم بالإضافة إلى
النصوص الخاصة. وفيما يلي النصوص ثم الآراء.
الروايات من طرقنا:
1 - الكافي: " علي عن أبيه، عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد، عن محمد
ابن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في العبيد والإماء إذا
زنى أحدهم أن يجلد خمسين جلدة، إن كان مسلما أو كافرا أو نصرانيا ولا يرجم
ولا ينفى. " (1).
ورواه الشيخ في التهذيب بتفاوت (2).
قال المجلسي في الملاذ والمرآة: " حسن " (3).
2 - وفيه: " محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن
يوسف ابن عقيل، عن محمد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قضى أمير
المؤمنين (عليه السلام)... وقال: في مكاتبة زنت وقد أعتق منها ثلاثة أرباع وبقي ربع
فجلدت ثلاثة أرباع الحد حساب الحر على مائة فذلك خمسة وسبعون سوطا
وجلد ربعها حساب خمسين من الأمة اثني عشر سوطا ونصفا فذلك سبعة
وثمانون جلدة ونصفا وأبى أن يرجمها وأن ينفيها قبل أن يبين عتقها. " (4).
ورواه الشيخ في التهذيب وفيه: " قبل أن يتبين عتقها " (5).

(1) الكافي 7: 238 ح 23.
(2) التهذيب 10: 28 ح 89.
(3) ملاذ الأخيار 16: 55 - مرآة العقول 23: 371.
(4) الكافي 7: 236 ح 15. أنظر الوافي 15: 324 ح 15153 - وص 327 ح 15159.
(5) التهذيب 10: 28 ح 92.
296

قال المجلسي في الملاذ والمرآة: " حسن " (1).
3 - وفيه: " علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن
حميد، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في
امرأة مجنونة زنت فحبلت قال: هي مثل السائبة، لا تملك أمرها وليس عليها
رجم ولا جلد ولا نفي وقال في امرأة أقرت على نفسها أنه استكرهها رجل على
نفسها قال: هي مثل السائبة لا تملك نفسها فلو شاء قتلها فليس عليها جلد ولا
نفي ولا رجم. " (2).
قال المجلسي في المرآة والملاذ: " حسن ". ورواه الشيخ في التهذيب (3).
قوله: مثل السائبة: في القاموس: السائبة المهملة والعبد يعتق على أن لا ولاء
عليه.
أقول: " لعل المعنى أنها كحيوان سائبة وطأها رجل، فكما أن الحيوان لعدم
اختياره وشعوره لأحد عليه فكذا ههنا. " (4).
4 - الدعائم: " عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، أنه قال: في العبد والأمة إذا زنى أحدهما
جلد خمسين جلدة. مسلما كان أو مشركا، وليس على العبيد نفي ولا رجم " (5).
الروايات من غير طرقنا:
1 - ابن أبي شيبة: " حدثنا أبو بكر، قال عبادة بن العوام عن عمر بن عامر،

(1) ملاذ الأخيار 16: 57 - مرآة العقول 23: 368 ح 15.
(2) الكافي 7: 191 ح 1.
(3) التهذيب 10: 18 ح 55.
(4) مرآة العقول 23: 291 - ملاذ الأخيار 16: 37.
(5) دعائم الإسلام 2: 457 ح 1609 - وعنه المستدرك 18: 66 ب 28 ح 1.
297

عن حماد عن إبراهيم، أن عليا وعبد الله اختلفا في أم ولد بغت، فقال علي (عليه السلام):
تجلد ولا نفي عليها، وقال عبد الله: تجلد وتنفى. " (1).
2 - عبد الرزاق: " عن عثمان، عن سعيد، عن حماد، عن إبراهيم أن عليا قال في
أم الولد إذا أعتقها سيدها أو مات عنها، ثم زنت، فإنها تجلد ولا تنفى، وقال ابن
مسعود: تجلد وتنفى ولا ترجم. " (2).
3 - وفيه: " عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب عن نافع، أن ابن عمر حد
مملوكة له في الزنا، ونفاها إلى فدك. " (3).
4 - وفيه: " عن معمر، عن قتادة، عن أنس: قال: ليس على المملوكين نفي
ولا رجم، قال معمر: وسمعت حمادا يقول ذلك. " (4).
آراء فقهائنا:
1 - الشيخ الطوسي: " إذا زنى العبد بالأمة فعلى كل واحد منهما نصف الحد
خمسين جلدة أحصنا أو لم يحصنا ونريد بذلك التزويج وفيه خلاف.
أما التغريب، قال قوم يغربان، وقال قوم لا تغريب عليهما وهو مذهبنا... " (5).
2 - وقال في الخلاف: " لا نفي على العبد ولا على الأمة وبه قال مالك وأحمد،
وللشافعي فيه قولان أحدهما مثل ما قلناه، والثاني أن عليها النفي دليلنا إن

(1) المصنف 10: 114 ح 8953 - السنن الكبرى 8: 212 - كنز العمال 5: 420 ح 13489.
(2) المصنف 7: 312 ح 13315 - السنن الكبرى 8: 243 - أنظر: البخاري 8: 22 /
الحدود - المحلى 11: 184 - كنز العمال 5: 415 ح 13472.
(3) المصنف 7: 312 ح 13316 - السنن الكبرى 8: 243 - المجموع 20: 35.
(4) المصنف 7: 312 ح 13314.
(5) المبسوط 8: 11.
298

الأصل براءة الذمة وشغلها يحتاج إلى دليل وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: إذا
زنت أمة أحدكم فليجلدها، فإن زنت فليجلدها، ولم يذكر التغريب " (1).
3 - الفيض الكاشاني: " ولا تغريب عندنا لما فيه من الاضرار بالسيد، ولأنه
للتشديد، والمملوك اعتاد الانتقال من بلد إلى آخر. " (2).
4 - الگلپايگاني: " أقول: وسواء كان - أي المملوك - مسلما أو نصرانيا...
فليس عليه الجز ولا التغريب وإنما يجلد خاصة نصف حد الحر. " (3).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - قال مالك: " الذي أدركت عليه أهل العلم أنه لا نفي على العبيد إذا زنوا " (4).
2 - المقدسي: " ويجلد الرق خمسين ولا يغرب، ولا يعير، نص عليهما، يتوجه
نص عليها، احتمال (و م) (5) لأن عمر نفاه، رواه البخاري، وقال في كشف
المشكل: يحتمل قوله: نفاه: أبعده من صحبته " (6).
3 - النووي: " هل يغرب العبد بعد الجلد؟ فيه قولان:
الأول - أنه لا يغرب لما روى أبو هريرة: أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: إذا زنت أمة
أحدكم فليجلدها الحد، ولم يذكر النفي، ولأن القصد بالتغريب تعذيبه
بالاخراج عن الأهل، والمملوك لا أهل له.

(1) الخلاف 2: 440.
(2) مفاتيح الشرائع 3: 72.
(3) الدر المنضود 1: 331.
(4) الموطأ 2: 826.
(5) (و) إشارة إلى الأصح من مذهبهم، (م) إشارة إلى مالك. أنظر الفروع 1: 64.
(6) الفروع: 6: 69.
299

الثاني - أنه يغرب وهو الصحيح لقوله عز وجل: فعليهن نصف...،
ولادته حد يتبعض فوجب على العبد كالجلد، فإذا قلنا إنه يغرب ففي
قدره قولان... " (1).
وقال: " لا يغرب - الرقيق - لأن تغريبه اضرار ولأنه لم يأمر بتغريب الأمة
إذا زنت " (2).
4 - القسطلاني: " احتج من شرط الحرية بأن في نفي العبد عقوبة لمالكه لمنعه
منفعته مدة نفيه وتصرف الشرع يقتضي أن لا يعاقب غير الجاني. " (3).
5 - البهوتي: " ولا يغرب من زنى لأنه عقوبة لسيده دونه إذ العبد لا ضرر
عليه في تغريبه لأنه غريب في موضعه، يترفه فيه بترك الخدمة ويتضرر سيده
بذلك. " (4).
الخامس والخمسون: مدة نفي العبيد:
ثم على القول بتغريبه، ففي مدته قولان:
الأول: أنه يغرب سنة، مثل الحر، لأنها المدة المقدرة شرعا.
الثاني: نصف سنة بدليل أن عليه نصف ما على الحرة للآية الكريمة:
* (... فعليهن نصف ما على المحصنات...) * (5) ولأن الحد يتبعض.
أقول: وفيه:
أولا: هذه الآية تختص بالأمة فأنى لكم باسراء حكمه في العبد إلا على القول

(1) المجموع 20: 10 و 14.
(2) المجموع 20: 10 و 14.
(3) إرشاد الساري 10: 26.
(4) شرح منتهى الإرادات 4: 342.
(5) النساء: 25.
300

بعدم الفصل.
ثانيا: لا دليل على تبعيض الحد في العبد وأنه نصف الحر دائما، كيف: ولا
تنصيف في حد القيادة والسحق والقذف (1).
هذا وقد تعرض الشيخ الطوسي لهذه المسألة في المبسوط والخلاف. ومن
المذاهب الأخرى النووي في المجموع وفيما يلي الآراء:
آراء فقهائنا:
1 - الشيخ الطوسي: " ومن قال عليهما التغريب منهم من قال: سنة، ومنهم
من قال نصف سنة " (2).
2 - وقال في الخلاف: " وكم النفي؟ فيه قولان أحدهما سنة مثل الحر، والآخر
نصف سنة " (3).
آراء المذاهب الأخرى:
النووي: " فإذا قلنا إنه يغرب ففي قدره قولان:
1 - أنه يغرب سنة، لأنها مدة مقدرة بالشرع، فاستوى فيها الحر والعبد كمدة
العنين.
2 - أنه يغرب نصف سنة للآية، ولأنه حد يتبعض فكان العبد فيه على النصف
من الحر كالجلد " (4).

(1) أنظر الروضة البهية 9: 159 و 164 و 188.
(2) المبسوط 8: 11.
(3) الخلاف 2: 440.
(4) المجموع 20: 10.
301

الفصل الخامس
هل ينفى المخنث؟
المخنث هو الذي يلين في قوله وينكسر في مشيه كما عن ابن منظور، وعن
المغرب - على ما في عمدة القارئ - وعن الماري وعياض - على ما في مرآة
العقول.
أو هو الذي يتشبه بالنساء كما عن العسقلاني والقسطلاني وغيرهم. أو هو
الذي يوطأ في دبره - كما عن مجمع البحرين - وقد أورد العامة نصوصا عن
النبي (صلى الله عليه وآله) وبعض الخلفاء في تغريب المخنث عن المدينة إلى النقيع أو العرايا
أو حمراء الأسد أو غيرها كما في تغريب مانع وهدم وهيت وأنجشة (1).
وقد ورد من طرقنا: أن المخنث والمتشبه بالنساء يخرج من المسجد أو البيوت،
نعم ورد في الكافي والتهذيب أنه يرجم، وقد أفتى أبو الصلاح بمضمونها،
واستشكل العلامة الحلي في المختلف في هذا الحكم (الرجم)، ويرى الحر

(1) العبد الذي كان يحدو لركب النبي (صلى الله عليه وآله). التاج 3: 33.
303

العاملي طرده من البيوت والمساجد، وقد حملها الفيض في الوافي على الشتم
والطرد. لكن في ذيل الرواية ما يدل على أن المراد به، الملوط به إذ فيها " يمكن
من نفسه فينكح كما تنكح المرأة " (1).
فمن كان بهذه الصفة فحكمه الرجم تخييرا بينه وبين باقي الأقسام لا النفي.
نعم ورد في الكافي: أن النبي (صلى الله عليه وآله) غرب هيت ومانع إلى العرايا، ولكن ليس في
الرواية: أنهما كانا مخنثين بل يحتمل لأنهما أشاعا الفاحشة وقاما بالقيادة،
والتأليف بين حرامين، أو التشبيب بالنساء. أضف إلى جهالة السند. فلا ربط لها
بالمخنث.
هذا: ويرى العامة نفيه من البلد كما عن الشافعي في الأم. وأحمد على ما في
الأحكام السلطانية والاختيارات العلمية، والعسقلاني والعيني والكرماني.
وادعى الجزيري في الفقه على المذاهب: أنه رأي علماء العامة كلهم.
وأما عندنا: وإن كان هذا المعنى محرما كما صرح به الشيخ الأنصاري، وقد
ورد النهي عن التكلم معهم (2) والسلام عليهم (3). والصلاة خلفهم، كما في أذان
البخاري، وإن من رمى أحدا بالخنث يعزر - عندنا - أو يضرب عشرين كما في
الجامع الصحيح وابن ماجة ولا يدخل الجنة (4) و و... لكن هل هذا المعنى يكفي
سببا في نفيه وتغريبه؟ لم نجد به قائلا من فقهائنا الإمامية - أعلى الله كلمتهم -
إلا ما يظهر من الفيض في تفسير الرجم فتأمل.

(1) الكافي 7: 268 ح 36.
(2) الوسائل 14: 255 ب 18 ح 8.
(3) الوسائل 8: 432 ب 27 ح 7.
(4) الوسائل 11: 273 ب 49 ح 14.
304

المخنث في اللغة والاصطلاح:
1 - قال الطريحي: " خنث خنثا - من باب تعب - إذا كان فيه لين وتكسر،
يعدى بالتضعيف، فيقال: خنثه غيره. ومنه (المخنث) بفتح النون والتشديد وهو
من يوطأ في دبره لما فيه من الانخناث وهو التكسر والتثني. " (1).
2 - وقال ابن منظور: " خنث الرجل خنثا، فهو خنث وتخنث: تثنى وتكسر،
والأنثى خنثة. والمخنث: من ذلك للينه، وتكسره... " (2).
3 - وقال في المغرب: " تركيب الخنث يدل على لين وتكسر. ومنه المخنث وهو
المتشبه في كلامه بالنساء تكسرا وتعطفا. " (3).
4 - قال المجلسي: " قال الماري: المخنث بفتح النون وكسرها الذي يشبه
النساء في أخلاقهن وكلامهن وحركاتهن ". وقال عياض: " التخنث: اللين
والتكسر، والمخنث هو الذي يلين في قوله وينكسر في مشيه ويثني فيه، وقد
يكون خلقة وقد يكون تصنعا من الفسقة " (4).
5 - وقال النووي: " المخنث - بكسر النون وفتحها، والكسر أفصح، والفتح
أشهر - وهو الذي خلقه خلق النساء، في حركاته، وهيئة كلامه، ونحو ذلك، وهو
ضربان: أحدهما: من يكون ذلك خلقة له، لا يتكلفه، ولا صنع له فيه، فهذا لا
إثم عليه، ولا ذم ولا عيب إذ لا فعل له، ولا كسب. والثاني: من يتكلف ذلك،
فليس ذلك بخلقة فيه، فهذا هو المذموم الآثم الذي جاءت الأحاديث بلعنه...

(1) مجمع البحرين 2: 252 - خنث الرجل في كلامه: إذا شبهه بكلام النساء لينا ورخامة
أنظر: القاموس المحيط 1: 166 - المصباح المنير 1: 196.
(2) لسان العرب 2: 145 مادة " خنث ".
(3) عمدة القاري 24: 14.
(4) مرآة العقول 20: 348.
305

سمي مخنثا لانكسار كلامه... " (1).
6 - العسقلاني: " قال ابن بطال: المراد بالمخنثين المتشبهون بالنساء لا من
يؤتى، فإن ذلك حده الرجم، ومن وجب رجمه لا ينفى. " (2).
7 - القسطلاني: " المخنثون من الرجال وهم المتشبهون في كلامهم بالنساء
تكسرا وتعطفا لا من يؤتى. " (3).
8 - منصور علي ناصف: " الرجل المخنث: المتشبه بالنساء، والمترجلات من
النساء: المتشبهات منهن بالرجال تصنعا، فالنبي (صلى الله عليه وآله) أمر بنفيهم حفظا
للأخلاق " (4).
9 - الجزيري: " المخنث: هو الذي يشبه في كلامه النساء تكسرا و تعطفا، أو
الذي يتشبه بالنساء في ثيابهن وزينتهن، كما يفعل بعض الشباب في هذا العصر،
من ترك الشعور وارخاء السوالف، ولبس حلي النساء وبعض ثيابهن وترقيق
أصواتهم في التحدث وغير ذلك... " (5).
الروايات من طرقنا:
1 - الكافي: " الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، وعلي بن إبراهيم، عن
أبيه جميعا، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي
عبد الله، عن أبيه، عن آبائه: قال: كان في المدينة رجلان يسمى أحدهما هيت

(1) تهذيب الأسماء واللغات 3: 99.
(2) فتح الباري 12: 132.
(3) إرشاد الساري 10: 26.
(4) التاج 3: 33.
(5) الفقه على المذاهب الأربعة 5: 135.
306

والآخر مانع فقالا لرجل ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يسمع: إذا افتتحتم الطائف إن شاء
الله فعليك بابنة غيلان الثقفية فإنها شموع نجلاء مبتلة هيفاء شنباء، إذا جلست
تثنت، وإذا تكلمت غنت، تقبل بأربع وتدبر بثمان، بين رجليها مثل القدح، فقال
النبي (صلى الله عليه وآله): لا أريكما من أولي الإربة من الرجال، فأمر بهما رسول الله (صلى الله عليه وآله)
فغرب بهما إلى مكان يقال له: العرايا (1) وكانا يتسوقان في كل جمعة. " (2).
ورماه المجلسي بالجهالة فقال: " مجهول " (3).
أقول: وذلك ب‍ (جعفر بن محمد الأشعري)، حيث لم يتعرضوا له بمدح ولا
ذم (4) وقد وقع في اسناد عدة من الروايات تبلغ مائة وعشرة موارد (5). وهو من
مشايخ إبراهيم بن هاشم. وروى عنه محمد بن أحمد بن يحيى ولم تستثن روايته من
رجاله.
وقد جعل الوحيد البهبهاني، هذا دليلا على ارتضائه وحسن حاله، بل مشعرا
بوثاقته (6).
ورده البعض: بأن اعتماد ابن الوليد أو غيره من الأعلام المتقدمين فضلا عن
المتأخرين على رواية شخص والحكم بصحتها لا يكشف عن وثاقة الراوي أو
حسنه، وذلك لاحتمال أن الحاكم بالصحة يعتمد على أصالة العدالة، ويرى حجية

(1) اسم حصن بالمدينة / مرآة العقول 20: 351. ولم نعثر عليه في سائر الموسوعات
الجغرافية.
(2) الكافي 5: 523 ح 3.
(3) مرآة العقول 20: 351.
(4) جامع الرواة 1: 157.
(5) أنظر: معجم رجال الحديث 4: 98.
(6) معجم رجال الحديث 4: 100.
307

كل رواية يرويها مؤمن لم يظهر منه فسق، وهذا لا يفيد من يعتبر وثاقة الراوي أو
حسنه في حجية خبره (1).
أقول: فالقبول على المبنى، ولكن كونه من مشايخ علي بن إبراهيم (2) واعتماد
ابن الوليد (3) وغيره من المتقدمين عليه، مما يوجب الاطمئنان والظن الشخصي
بوثاقته.
فقه الحديث:
شموع: اللعوب والمزاح، وفي الجمل: مبالغة في كثرة لعبها ومزاجها.
نجلاء: إما من نجلت الأرض اخضرت: أي خضراء، أو من النجل بالتحريك
وهو سعة شق العين. وفي النهاية: عين نجلاء: أي واسعة.
مبتلة: تامة الخلق لم يركب لحمها بعضه على بعض، ويجوز أن يقرأ " منبتلة "
أي منقطعة عن الزوج، يعني أنها باكرة.
هيفاء: ضمر البطن والكشح ورقة الخاصرة. وفي بعض النسخ هيقاء بالقاف،
طويلة العنق.
شنباء: البياض والبريق والتحديد في الأسنان.

(1) أنظر: معجم رجال الحديث 1: 74.
(2) قال الشهيد الثاني: " إن مشايخ الإجازة لا يحتاجون إلى التنصيص على تزكيتهم... أن
مشايخنا من عهد الكليني إلى زماننا لا يحتاجون إلى التنصيص لما اشتهر في كل عصر من
ثقتهم وورعهم. البداية: 69. وقال السيد في الرواشح: 179 ومما يجب أن يعلم ولا يجوز
أن يسهل عنه أن مشيخة المشايخ الذين هم كالأساطين والأركان أمرهم أجل من الاحتياج
إلى تزكية مزك وتوثيق موثق ".
(3) قال المامقاني في أسباب المدح: " منها: رواية الجليل أو الأجلاء عنه، عده على الاطلاق
من أمارات الجلالة... " مقباس الهداية 2: 263 و 219.
308

تثنت: أي ترد بعض أعضائها على بعض، ولعل معناه أنها كانت تثني رجلا
واحدة وتضع الأخرى على فخذها، كما هو شأن المغرور بحسنه أو بجاهه من
الشبان وأهل الدنيا...
قوله تقبل بأربع عن المجلسي الأول رضوان الله عليه: يحتمل أن يكون المراد
بالأربع التي تقبل بهن العينان والحاجبان، أو العين والحاجب والأنف والفم، أو
الوجه والشعر والعنق والصدر.
والمراد بالثمان هذا الأربع مع قلب الناظر وعقله وروحه ودينه، أو مع عينيه
وعقله وقلبه، أو قلبه ولسانه وعينيه، أو قلبه وعينيه وأذنه ولسانه.
بين رجليها مثل القدح: القدح واحد الأقداح التي للشرب شبه ذلك بالقدح في
العظم والهيئة.
قوله: " لا أريكما من أولي الإربة " أي ما كنت أظن أنكما من أولي الإربة،
بل كنت أظن أنكما من الذين لا حاجة بهم إلى النساء والحال علمت أنكما من أولي
الإربة، فلذا نفاهما من المدينة لأنهما كانا يدخلان على النساء ويجلسان معهن.
غرب على البناء للمفعول من التغريب وهو البعد والخروج من موضع إلى
آخر، والباء للتعدية، يقال غرب فلان إذا بعد وغرب به عن الدار، إذا أبعده
وأخرجه منها، وفي بعض النسخ غرب بالغين المعجمة والراء المهملة، بمعنى
النفي عن البلد، ولا يناسبه التعدية إلا بتكلف.
العرايا: اسم حصن بالمدينة.
كانا يتسوقان: أي يدخلان سوق المدينة للبيع والشراء في كل جمعة،
من تسوق القوم إذا باعوا واشتروا. والظاهر أن ذلك كانا بإذنه في حياته. (1).

(1) أنظر: مرآة العقول 20: 351 - 348 - مجمع الأمثال 1: 442 - وفي البحار 22: 91
الغرابا بدل العرايا.
309

2 - ورواه الواقدي باختلاف وفيه:
فسمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) كلامه فقال (صلى الله عليه وآله): ألا أرى هذا الخبيث يفطن للجمال
إذا خرجت إلى العقيق! والحيل لا يمسك لما أسمع (1)! وقال: لا يدخلن على
نساء عبد المطلب! ويقال: قال لا يدخلن على أحد من نسائكم! وغربهما رسول
الله (صلى الله عليه وآله) إلى الحمى (2) فشكيا الحاجة، فأذن لهما أن ينزلا كل جمعة يسألان ثم
يرجعان إلى مكانهما إلى أن توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله)... " (3).
وعن الماوردي: أنه (صلى الله عليه وآله) نفاه إلى حمراء (4) الأسد (5).
قال المجلسي بعد نقل الرواية: " قال عياض (6) من العامة: ولم يزل هيت بذلك
المكان حتى قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) فكلم فيه أبو بكر فأبى أن يرد فلما ولي عمر
كلم فيه فأبى، وقيل: إنه كبر وضعف وضاع فأذن له أن يدخل المدينة في كل
يوم جمعة يسأل ويرجع إلى مكانه، وقال أيضا: فلما فتحت الطائف زوجها عبد
الرحمن بن عوف، وقال ابن الأثير: تزوجها سعد بمكة بعد عبد الرحمن وفيه حجة
على جواز اخراج كل من كان بصفتهما، وتخصيصه بهما وبزمان خاص غير ظاهر.

(1) أنظر النهاية 1: 267.
(2) الحمى حميان، حمى ضرية وحمى الزبدة... فأما حمى ضرية فهو أشهرها وأسبرها
ذكرا... معجم البلدان 2: 308.
(3) المغازي 3: 924.
(4) موضع على ثمانية أميال من المدينة. معجم البلدان 2: 301 - مراصد الاطلاع 1: 424.
(5) مرآة العقول 20: 348.
(6) وهو عياض بن موسى اليحصبي، ومن آثاره: الشفا، والالماع، مشارق الأنوار، العيون
الستة... توفي بمراكش عام 544 ه‍ - أنظر: وفيات الأعيان 1: 496 - العبر 4: 138 -
شذرات الذهب 4: 138. معجم المؤلفين 8: 16 - سفينة البحار 7: 325 (الطبعة
الحديثة).
310

فإن قلت: كونهما من أهل الحاجة إلى النساء والعارفين بأمرهن لا يوجب
إخراجهما، فإن أهل المدينة أكثرهم كانوا كذلك، قلت نعم، ولكنهما كانا يدخلان
على النسوة ويجلسان معهن وينظران إليهن، لأن أهل المدينة كانوا يعدونهما من
غير أولي الإربة، فلما ظهر خلافه أمر باخراجهما قلعا لمادة الفساد ودفعا لوصفهما
محاسن النساء بحضرة الرجال. " (1).
قال الفيض: " التغريب: الارسال إلى الغربة، والتسوق تكلف السوق، وإنما
غربا اشفاقا على نساء المؤمنين من أهل المدينة " (2).
3 - وفيه: " علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي
عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إذا كان الرجل كلامه كلام النساء
ومشيته مشية النساء، ويمكن من نفسه فينكح كما تنكح المرأة، فارجموه ولا
تستحيوه. " (3).
وعبر عنه المجلسي الأول: بالقوي (4).
والمجلسي الثاني في المرآة: " ضعيف على المشهور، قوله (عليه السلام): " ولا
تستحيوه "، وفي القاموس: استحياه: استبقاه، قلت: أي لا تزيدوا حياته " (5).
قال الفيض: " أريد بالرجم الشتم والطرد ولم يرد به الرجم الذي هو الحد " (6).

(1) مرآة العقول 20: 352.
(2) الوافي 22: 828.
(3) الكافي 7: 268 ح 36 - التهذيب 10: 149 ح 29 - الوسائل 18: 421 ب 3 ح 5 -
روضة المتقين 10: 232.
(4) روضة المتقين 10: 232.
(5) مرآة العقول 23: 416.
(6) الوافي 15: 227 ح 14942.
311

4 - العلل: " أبي (رحمه الله) قال حدثنا: محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد قال حدثني
أبو جعفر أحمد بن أبي عبد الله، عن أبي الجوزاء، عن الحسين بن علوان، عن
عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه عن علي (عليه السلام) أنه رأى رجلا به
تأنيث في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له: اخرج من مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) يا
من لعنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم قال علي (عليه السلام): سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: لعن
الله المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال. " (1).
وقال في حديث آخر: " أخرجوهم من بيوتكم فإنهم أقذر شئ. " (2).
5 - الجعفريات: " أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا
أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي: قال: لعن رسول
الله (صلى الله عليه وآله) المخنثين، وقال: أخرجوهم من بيوتكم. " (3).
6 - الدعائم: " عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنه لعن المخنثين من الرجال وقال:
أخرجوهم من بيوتكم، ولعن المذكرات من النساء، والمؤنثين من الرجال. " (4).
الروايات من غير طرقنا:
1 - عبد الرزاق: " أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن يحيى بن أبي
كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: أخرجوا المخنثين من

(1) علل الشرائع: 602 ب 385 ح 63 - وعنه الوسائل 14: 255 ب 18 ح 9 و 12:
212 ب 87 ح 3 - البحار 76: 64 ح 7.
(2) علل الشرائع: 602 ب 385 ح 63 - وعنه الوسائل 14: 255 ب 18 ح 9 و 12:
212 ب 87 ح 3 - البحار 76: 64 ح 7.
(3) الجعفريات: 127 - وعنه المستدرك 14: 348 ب 16 ح 3 - مكارم الأخلاق: 241،
الفصل التاسع - الوسائل 14: 259 ب 22 ح 6.
(4) دعائم الإسلام 2: 455 ح 1597 - وعنه المستدرك 14: 349 ب 16 ح 7.
312

بيوتكم، قال: وأخرج النبي (صلى الله عليه وآله) مخنثا، وأخرج عمر مخنثا. " (1).
2 - وفيه: " أخبرنا عبد الرزاق عن معمر، عن أيوب، عن عكرمة، قال: أمر
النبي (صلى الله عليه وآله) برجل من المخنثين، فأخرج من المدينة. " (2).
3 - أبو داود: " حدثنا هارون بن عبد الله ومحمد بن العلاء، أن أبا أسامة
أخبرهم، عن مفضل بن يونس، عن الأوزاعي، عن أبي يسار القرشي، عن أبي
هاشم، عن أبي هريرة، أن النبي (صلى الله عليه وآله) أتي بمخنث قد خضب يديه ورجليه بالحناء،
قال النبي (صلى الله عليه وآله): ما بال هذا؟ فقيل يا رسول الله، يتشبه بالنساء، فأمر فنفي إلى
النقيع (3)، فقالوا يا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ألا نقتله؟ فقال: " إني نهيت عن قتل
المصلين " (4).
4 - وفيه: " حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا وكيع، عن هشام - يعني بن عروة،
عن أبيه، عن زينب بنت أم سلمة، عن أم سلمة، أن النبي (صلى الله عليه وآله) دخل عليها
وعندها مخنث وهو يقول لعبد الله أخيها أن يفتح الله الطائف غدا دليتك على
امرأة تقبل بأربع وتدبر بثمان، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أخرجوهم من بيوتكم. " (5).

(1) مصنف عبد الرزاق 11: 242 ح 20434 - السنن الكبرى 8: 224 - مسلم 4: 11 /
كتاب السلام - مجمع الزوائد 6: 273.
(2) مصنف عبد الرزاق 11: 243 ح 20435 - السنن الكبرى 8: 224.
(3) نقيع: موضع قرب المدينة كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد حماه لخيله، وله هناك مسجد يقال له
مقمل وهو من ديار مزينة، وبين النقيع والمدينة عشرون فرسخا. معجم البلدان 5: 301 -
مراصد الاطلاع 3: 1387.
(4) سنن أبي داود 4: 282 ح 4928 - السنن الكبرى 8: 224 - التاج الجامع للأصول 3:
33 - العقد الفريد 6: 105 - الدر المنثور 5: 43 - الأغاني 3: 30.
(5) أبو داود 4: 283 ح 4929 - ابن ماجة 2: 872 ب 38 ح 2614 - المعجم الكبير 9: 12
ح 8297 رواه بطريق آخر - السنن الكبرى 8: 224 - مجمع الزوائد 8: 103.
313

5 - المعجم الكبير: " حدثنا عبيد العجل، ثنا الحسن بن علي الحلواني، ثنا يزيد
بن هارون (ح).
وحدثنا أحمد بن زهير ثنا محمد بن عثمان بن كرامة ثنا عبيد الله بن موسى
كلاهما عن عنبسة بن سعيد عن حماد مولى بني أمية عن جناح مولى الوليد عن
واثلة قال: لعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء،
وقال: أخرجوهم من بيوتكم، فأخرج النبي (صلى الله عليه وآله) الحبشة وأخرج عمر
فلانا. " (1).
رواه الهيثمي عنه إلا أن فيه: فأخرج النبي (صلى الله عليه وآله) أنجشة بدل الحبشة. وقال:
وفيه حماد مولى بني أمية (2). وهو متروك كما عن الأزدي. وفيه جناح وعنبسة
وهما ضعيفان أيضا.
6 - البيهقي: " أخبرنا أبو الحسين بن بشران، ببغداد، أخبرنا الحسين بن
صفوان، ثنا عبد الله بن أبي الدنيا ثنا الحسن بن حماد الضبي ثنا عبدة عن محمد بن
إسحاق، عن يزيد، عن موسى بن عبد الرحمن بن عياش بن أبي ربيعة، قال: كان
المخنثون على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثلاثة: مانع وهدم وهيت وكان مانع لفاختة
بنت عمرو بن عائذ خالة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكان يغشى بيوت النبي (صلى الله عليه وآله) ويدخل
عليهن حتى إذا حاصر الطائف، سمعه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يقول لخالد بن
الوليد: إن افتتحت الطائف غدا فلا تنفلتن منك بادية بنت غيلان فإنها تقبل بأربع
وتدبر بثمان. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا أرى هذا الخبيث يفطن لهذا، لا يدخل
عليكن بعد هذا لنسائه، ثم أقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) قافلا حتى إذا كان بذي الحليفة،

(1) المعجم الكبير 22: 85 ح 205.
(2) معجم الزوائد 8: 104.
314

قال: لا يدخلن المدينة، ودخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) المدينة، فكلم فيه، وقيل له: إنه
مسكين ولا بد له من شئ، فجعل له رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوما في كل سبت، يدخل
فيسأل ثم يرجع إلى منزله، فلم يزل كذلك على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأبي بكر
وعلى عهد عمر، ونفى رسول الله (صلى الله عليه وآله) صاحبيه معه هدم والآخر هيت. " (1).
7 - وفيه: " أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان، أنبأ أحمد بن عبيد
الصفار، ثنا إسماعيل بن إسحاق، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا هشام الدستوائي، ثنا
يحيى بن أبي كثير عن عكرمة، عن ابن عباس: أن النبي (صلى الله عليه وآله) لعن المخنثين من
الرجال والمترجلات من النساء، وقال: أخرجوهم من بيوتكم وأخرجوا فلانا
وفلانا يعني المخنثين " (2).
ورواه البخاري وفيه: " وأخرج فلانا " (3)، قال القسطلاني: " فلانا " وهو
أنجشة العبد الحادي (4)، وأورده الميداني مفصلا وفيه: " أمره بأن يسير إلى
خاخ. " (5)، أقول: وهو موضع بين الحرمين يقال له روضة خاخ بقرب حمراء
الأسد، وحكى العصائدي: أنه موضع قريب من مكة، وقيل في حدود
العقيق. (6).

(1) السنن الكبرى 8: 224 - أنظر البخاري 8: 28 - أبو داود 4: 283 ح 4929.
(2) السنن الكبرى 8: 224 - أنظر البخاري 8: 28 - أبو داود 4: 283 ح 4930 - مصنف
ابن أبي شيبة 9: 63 - كنز العمال 15: 323 ح 41236.
(3) البخاري 8: 28 - أنظر المعجم الكبير 11: 352 ح 11989 و 11990 - مصنف
عبد الرزاق 11: 242 ح 20434.
(4) إرشاد الساري 10: 26. وقال البعض اسمه (هنب) سمي بذلك لحمقه / لسان العرب 15:
337 - أنظر 1: 788 و 2: 107 - ومجمع الزوائد 6: 273 - مجمع الأمثال 1: 386.
(5) مجمع الأمثال 1: 441 الرقم 1337.
(6) أنظر معجم البلدان 2: 335.
315

نقاش في الاسناد:
أما الحديث الأول لأبي داود، فمن رواته، أبو يسار، وأبو هاشم.
1 - أما أبو يسار، فهو القرشي، قال أبو حاتم: مجهول. (1).
2 - وأما أبو هاشم: فهو الدوسي، ابن عم أبي هريرة، وهو أيضا مجهول، كما
قاله ابن قطان (2).
وأما حديث البيهقي: ففيه محمد بن إسحاق وهو مشترك بين الثقة مثل
الصاغاني، والمخزومي والبكائي وبين الكذاب مثل ابن عكاشة كما عن ابن معين
وأبي حاتم. وبين المجهول: كأبي يعقوب الكرماني كما عن أبي حاتم. وبين من
هو مختلف فيه: كأبي عبد الله المطلبي: فعن مالك أنه دجال من الدجاجلة، وعن
أحمد أنه كان يدلس، وعن ابن معين أنه ضعيف، وعن النسائي أنه ليس بالقوي (3).
وأما ما رواه الطبراني فقد وقع البحث فيه وتم تضعيفه.
وأما سائر الأحاديث فلا صراحة لها في تغريب المخنث عن البلد، كي نناقش
اسنادها.
8 - الهندي: " يا أنة أخرج من المدينة إلى حمراء الأسد فليكن بها منزلك ولا
تدخلن المدينة إلا أن يكن للناس عيد فتشهده. " (4).
أقول: لم نعثر عليه إلا في الكنز وهو على - فرض - صحته وصدوره عن
النبي (صلى الله عليه وآله) - لا عن الصحابة - غير ظاهر في كون المورد مخنثا نعم بما أن الهندي

(1) أنظر تهذيب التهذيب 12: 307 - الرقم 1288.
(2) أنظر تهذيب التهذيب 12: 286 - الرقم 1207.
(3) أنظر تهذيب التهذيب 9: 32 و 33 و 34 و 381 - سير أعلام النبلاء 12: 592 و ج 17:
28 و 11: 36 - الكامل في الضعفاء 6: 279 و 102.
(4) كنز العمال 5: 324 ح 13047 الباوردي عن عائشة.
316

ذكره بعد حديث المخنث، قد يكون قرينة على أنه في مورد الخنث.
ثم إن مفاده وجود إجازة للمغربين كافة، أو لخصوص مورده - وهو
المخنث.
هذا ولم نجد نصا أو فتوى على إجازة المغرب وغيره (1).

(1) أقول: وقد استفاد بعض السنة من هذه النصوص قاعدة كلية وهي مشروعية اخراج كل من يحصل به التأذي للناس.
قال القاضيان الماوردي وأبو يعلي في مشروعية نفي المعزر: " إذا تعدت ذنوبه إلى
اجتذاب غيره إليها واستضراره بها ". الأحكام السلطانية للماوردي: 236 - ولأبي يعلي:
279.
وقال الحافظ العسقلاني معلقا على ما نقل من نفي الرسول (صلى الله عليه وآله) للمخنثين: " وفي هذه
الأحاديث مشروعية اخراج كل من يحصل به التأذي للناس عن مكانه إلى أن يرجع عن
ذلك أو يتوب ". فتح الباري 9: 336 - و 10: 334.
وقال أيضا: " وهذا الحديث أصل في ابعاد من يستراب به في أمر من الأمور. ".
المصدر السابق.
وقال العيني: " من آذى الناس ينفى عن البلد ". حاشية ابن عابدين 4: 64.
وبعض المعاصرين منهم يرى أن هذه النصوص تعين على تعقيد قاعدة في موجبات
النفي تعزيرا، وهي: كل فعل تعدى فاعله إلى اجتذاب غيره أو استضراره به فالنفي تعزيرا
مشروع فيه وعليه يبنى فعل الخليفة عمر من نفي نصر بن حجاج الذي افتتن به النساء،
ونفي شارب الخمر والمحتكر و و...
أقول أولا: في سندها كلام، ثانيا: ما الدليل على اسراء الحكم من عنوان إلى عنوان
آخر! إلا على مذهبهم - القياس - وهو أيضا لا يستقيم.
نعم لو قلنا به من باب التعزير فلا كلام، ولكنه في مورد ارتكاب محرم لم يرد نص على
تعزيره، والقاعدة المفروضة عندهم إن صدق عليها عنوان ارتكاب المحرم فبها وإلا فلا.
317

آراء فقهائنا:
1 - أبو الصلاح الحلبي: " إذا تزيا الذكر بزي المرأة واشتهر بالتمكين من نفسه
وهو المخنث في عرف العادة قتل صبرا، وإن فقد البينة والاقرار بايقاع الفعل به،
لنيابة الشهرة منابهما. " (1).
2 - العلامة الحلي بعد نقل كلام الحلبي: " وفي ذلك اشكال " (2).
3 - الحر العاملي: " ينبغي اخراج المخنثين من البيوت ومن
المسجد. " (3).
4 - هذا وقد عنون الشيخ الأنصاري في (المكاسب المحرمة) بابا بعنوان (تزيين
الرجل بما يحرم عليه) وأورد روايات المتشبه من الرجال، مع الاشكال في دلالته
حيث قال: " وفي دلالته قصور لأن الظاهر من التشبه تأنث الذكر وتذكر الأنثى لا
مجرد لبس أحدهما لباس الآخر... " (4).
5 - وقال الشهيدي في توضيح كلامه: "... فيكون المراد من التشبه في النبوي
تأنيث الذكر أي اتيانه ما يقصد باتيانه كونه أنثى في الأنظار ويدخل في عداد
النسوان مثل لبس اللباس المختص بهن وتمكين الغير في اتيانه ووطيه الذي هو من
خواصهن... " (5).

(1) الكافي في الفقه: 409.
(2) مختلف الشيعة: 766.
(3) الوسائل 14: 258 ب 22 - وغالب عناوينه في الأبواب هي فتواه - على ما ذكره في
مقدمة الكتاب وخاتمته وسمعته من الشيخ الوالد أعلى الله مقامه.
(4) المكاسب المحرمة (ط النجف الأشرف) 2: 187.
(5) هداية الطالب: 38.
318

آراء المذاهب الأخرى:
1 - الشافعي: " والنفي في السنة وجهان... الثاني: أنه يروى عن النبي (صلى الله عليه وآله)
مرسلا أنه نفى مخنثين كانا بالمدينة يقال لأحدهما هيت وللآخر مانع ويحفظ في
أحدهما أنه نفاه إلى الحمى وأنه كان في ذلك المنزل حياة النبي (صلى الله عليه وآله) وحياة أبي
بكر وحياة عمر وأنه شكا الضيق فأذن له بعض الأئمة أن يدخل المدينة في الجمعة
يوما يتسوق ثم ينصرف وقد رأيت أصحابنا يعرفون هذا ويقولون به حتى لا
أحفظ عن أحد منهم أنه خالف فيه وإن كان لا يثبت كثبوت نفي الزنا... " (1).
2 - الفراء: " قال أحمد في المخنث في رواية المروزي: حكمه أن ينفى وقال
في رواية إسحاق وقد سئل عن التغريب في الخمر، قال: لا إلا في الزنا
والمخنث. " (2).
3 - المقدسي: " نقل ابن منصور لا نفي إلا في الزنا والمخنث وقال القاضي نفيه
دون عام (3) ".
4 - ابن تيمية: " ومن التعزير الذي جاءت به السنة ونص عليه أحمد
والشافعي، نفي المخنث (4) ".
5 - السيوطي: " ومنها نفي المخنث، نص عليه الشافعي مع أنه لا معصية فيه إذا
لم يقصده، إنما فعل للمعصية. " (5).
6 - العسقلاني: " قوله - أي البخاري - باب نفي أهل المعاصي، كأنه أراد الرد

(1) الأم 6: 146.
(2) الأحكام السلطانية: 279.
(3) الفروع 6: 115.
(4) الاختيارات العلمية (ذيل الفتاوى الكبرى) 4: 601.
(5) الأشباه والنظائر: 491.
319

على من أنكر النفي على غير المحارب فبين أنه ثابت من فعل النبي (صلى الله عليه وآله) ومن بعده
في حق غير المحارب وإذا ثبت في حق من لم يقع منه كبيرة فوقوعه فيمن أتى كبيرة
بطريق الأولى...
قال ابن البطال: أشار البخاري بايراد هذه الترجمة عقيب ترجمة الزاني إلى أن
النفي إذا شرع في حق من أتى معصية لا حد فيها فلئن يشرع في حق من أتى ما فيه
حد أولى فتتأكد السنة الثابتة بالقياس ليرد على من عارض السنة بالقياس، فإذا
تعارض القياسان بقيت السنة بلا معارض، واستدل به على أن المراد بالمخنثين
المتشبهون بالنساء لا من يؤتى، فإن ذلك حده الرجم، ومن وجب رجمه لا ينفى،
وتعقب بأن حده مختلف فيه: والأكثر أن حكمه حكم الزاني فإن تثبت عليه جلد
ونفي لأنه لا يتصور فيه الاحصان وإن كان يتشبه فقط نفي فقط... " (1).
7 - العيني: " باب نفي أهل المعاصي والمخنثين قال الكرماني: والغرض من
ذكر هذا الباب هنا التنبيه على أن التغريب على المذنب الذي لا حد له عليه ثابت
وعلى الذي عليه الحد بالطريق الأولى.
قلت: يفهم من هذا: أن المرتكب لمعصية من المعاصي يجوز نفيه والترجمة أيضا
تدل عليه. وقال بعض العلماء: لا ينفى إلا ثلاثة بكر زان ومخنث ومحارب
والمخنث إذا كان يؤتى رجم مع الفاعل، أحصنا أو لم يحصنا عند مالك، وقال
الشافعي: إن كان غير محصن فعليه الحد وكذا عند مالك: إذا كانا كافرين أو
عبدين وقيل: يرقى بالمرجوم على رأس جبل ثم يتبع بالحجارة وهو نوع من
الرجم، وفعله جائز، وقال أبو حنيفة: لا حد فيه، وإنما فيه التعزير، وعند بعض
أصحابنا: إذا تكرر يقتل، وحديث ارجموا الفاعل والمفعول به، متكلم فيه، وقال

(1) فتح الباري 12: 134 - أنظر: 10: 274.
320

بعض أهل الظاهر: لا شئ على من فعل هذا الصنيع. وقال الخطابي: هذا أبعد
الأقوال من الصواب. " (1).
8 - الجزيري: " المخنث... وقد اتفقت كلمة العلماء على أن المخنث يجب نفيه
من بلاد المسلمين إلى مناطق نائية مسيرة قصر، عقابا لهم حتى يشعر الواحد
بالوحشة والحسرة عن أهله وقرناء السوء... فقال العلماء: يجوز للإمام أن يعزر
المخنث بما يراه رادعا له وزاجرا عن الوقوع في الذنب ويجوز له نفيه إلى بلد آخر
مسيرة سفر، وذلك إذا لم يثبت عليه اللواطة باعتراف، أو شهادة شهود، كما ثبت
في الحديث النبوي الشريف. " (2).
9 - منصور علي: " فلما رأى النبي (صلى الله عليه وآله) مخنثا خضب يديه ورجليه بالحناء
أنكر ذلك لأنها عادة النساء وأمر بنفيه إلى النقيع... أن على الإمام ونوابه تأديب
الأشرار بما يراه زاجرا لنفوسهم ومقوما لأخلاقهم من ضرب وحبس ونفي
وتشهير ونحوها لكسر شوكتهم ولتأمين الناس على حياتهم. " (3).
الحاصل من البحث:
والحاصل أن أكثر رواياتنا مفادها الاخراج من المسجد، أو الأمر بالاخراج

(1) عمدة القاري 25: 14.
(2) الفقه على المذاهب الأربعة 5: 135.
(3) التاج 3: 33 - أنظر حاشية ابن عابدين 4: 69 - المغني 7: 104 - الخرشي 5: 128 -
129.
قال بعض المعاصرين من السنة: " وهذا التخنث قد فشى في شباب عصرنا فتجد
بعضهم قد ترك شعره وأرخى سوالفه ولبس حلي النساء وثيابهن ورقق صوته في
التحدث... حتى قال الشاعر:
من مخبري من الذين اللواتي * حرت فيهم بين الفتى والفتاة
321

من البيوت، ولعنهم نعم رواية الكافي مفادها تغريب المخنث إلى خارج المدينة
ولكن بعد التأمل في الرواية يعرف أن ليس التغريب لأجل التخنث بل لعله لأجل
الدلالة على الحرام - والقيادة -.
كما وردت رواية: بأن المخنث يرجم، وقد حملت على الطرد، هذا من حيث
النصوص، وأما الفتوى فما رأيت أحدا من فقهائنا - رضوان الله عليهم - يحكم
بنفي المخنث، إن كان الخنث بمعنى التشبه بالمرأة في اللباس والحكاية والمشي،
نعم يبدو من الحر العاملي (رحمه الله) اخراجه من البيوت والمساجد كما هو ظاهر
رواياتنا.
كما أفتى الحلبي بقتله صبرا إن كان يمكن من نفسه، فوجوب قتله حينئذ إنما هو
لذلك لا لأجل الخنث بالمعنى المذكور، هذا ما عندنا، وأما العامة: فقد رأيت أن
رواية أبي داود والبيهقي على نفيه من البلد - كما أن آراءهم أيضا على ذلك لكن
عرفت ضعف اسنادها (1).

(1) وعن بعض العامة، دعوى تعميم نطاق التخنث وشموله للغنا والضرب بالدف والكف
فقال: " ولما كان الغنا والضرب بالدف والكف من عمل النساء كان السلف يسمون من
يفعل ذلك من الرجال مخنثا ويسمون الرجال المغنين مخانيثا وهذا مشهور في
كلامهم ". مجموع فتاوى ابن تيمية 11: 565
322

الفصل السادس
هل ينفى من وقع عليه التشبيب؟
معنى التشبيب:
التشبيب: معناه ذكر المحاسن وإظهار شدة الحب بالشعر.
قال الطريحي: " شبب الشاعر بفلانة، قال فيها الغزل، وعرض بحبها، وشبب
قصيدته: حسنها، وزينها بذكر النساء " (1).
وقال الجوهري: " التشبيب: النسيب، يقال: هو يشبب بفلانة، أي ينسب
بها. " (2).
وهو حرام كما عن الشيخ الطوسي في المبسوط، والمحقق الحلي، والعلامة
الحلي (3)، والشهيدين، والمحقق الكركي (4)، واستدل له بلزوم هتك الحرمة،

(1) مجمع البحرين 2: 85 (مادة شبب) - أنظر لسان العرب 1: 481.
(2) الصحاح 1: 151 (مادة شبب).
(3) قواعد الأحكام 1: 121.
(4) جامع المقاصد 4: 28.
323

والفضح والإيذاء، واغراء الفساق، وإدخال النقص عليها.
ثم إن المتفق على تحريمه هو التشبيب بالمرأة المعروفة المؤمنة المحترمة. وأما
التشبيب بالغلام، فقد تنظر الفيض: في شمول الحكم له.
ولكن أفتى الشهيدان والمحقق الثاني، والفاضل الهندي بالحرمة فيه أيضا، لأنه
فحش محض، فيشمل الاغراء بالقبيح (1).
هذا: وأن المرتكب للإثم والحرام، هو الذي يشبب ويذكر المحاسن، لا المشبب
به. فالتأديب والعقوبة، والتعزير إنما ينال الأول، لا الثاني. وإن كان من الجمال
والحسن بمرتبة يفتتن به الغير، لأن الجمال ليس ذنبا يوجب العقوبة، والنفي.
لكن - مع الأسف - نجد في التأريخ وبعض الكتب الفقهية: أن بعض الخلفاء، غرب
المشبب به إلى البصرة زيادة على جز شعره، ومن هناك إلى فارس ثم الزامه
المساجد كما في نصر بن حجاج، وذلك لافتتان نساء المدينة وتشبيبهن به، على ما
في المبسوط للسرخسي، والاختيارات وفتح الباري للعسقلاني، وكشف القناع
للبهوتي، ووفيات الأعيان لابن خلكان، وشرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد،
وغيرها.
ولا نرى لهذا النفي مبررا، فضلا عن المؤخذات عليه، من قبل الناس - وأنه ذم
على ذلك - ولعلها أيضا هفوة قد حلف هذا الصحابي على أن لا يعود إليها، كما
فعل في نفي شارب الخمر في شهر رمضان.
آراء المذاهب، والنصوص التأريخية:
1 - قال السرخسي: " وإن ثبت النفي على أحد فذلك بطريق المصلحة لا

(1) أنظر المكاسب المحرمة للشيخ الأنصاري 2: 195.
324

بطريق الحد... كما نفى عمر، نصر بن حجاج من المدينة حين سمع قائلة تقول:
هل من سبيل إلى خمر فأشربها أو هل سبيل إلى نصر بن حجاج
فنفاه. والجمال لا يوجب النفي، ولكن فعل ذلك للمصلحة فإنه قال: وما ذنبي
يا أمير المؤمنين؟ قال: لا ذنب لك، وإنما الذنب لي، حيث لا أطهر دار الهجرة
منك. " (1).
2 - وقال ابن تيمية: " ومن التعزير الذي جاءت به السنة... وحلق عمر رأس
نصر بن حجاج ونفاه، لما افتتن به النساء، فكذا من افتتن به الرجال. " (2).
3 - وقال العسقلاني: " سمع عمر قوما يقولون: أبو ذويب أحسن أهل المدينة،
فدعا به، فقال: أنت لعمري، فاخرج عن المدينة. قال: إن كنت تخرجني فإلى
البصرة، حيث أخرجت يا عمر: نصر بن حجاج. " (3).
4 - وقال البهوتي: " سكنى المرأة بين الرجال، وسكنى الرجال بين النساء يمنع
منه لحق الله تعالى... ونفى عمر شابا وهو نصر بن حجاج إلى البصرة - خاف به
الفتنة في المدينة - لتشبب النساء به. " (4).
5 - وقال ابن خلكان: " إن عمر بن الخطاب طاف ليلة في المدينة، فسمع امرأة
تنشد في خدرها:
هل من سبيل إلى خمر فأشربها أم من سبيل إلى نصر بن حجاج

(1) المبسوط 9: 45.
(2) الاختيارات العلمية 4: 601 - أنظر 257.
(3) فتح الباري 12: 134.
(4) كشاف القناع عن متن الإقناع 6: 127 - أنظر عيون الأخبار 10: 23 - فتاوى عمر:
194 - لمحمد بن عبد العزيز الهلاوي - طبقات ابن سعد 3: 285 - الإصابة 10: 198 -
القناع 6: 128 - حاشية ابن عابدين 4: 64 - تبصرة الحكام 2: 296.
325

فقال عمر: لا أرى معي في المدينة رجلا تهتف به العوائق في خدورهن، علي
بنصر بن حجاج، فأتي به، فإذا هو أحسن الناس وجها، وأحسنهم شعرا، فقال
عمر: عزيمة من أمير المؤمنين لتأخذن من شعرك، فأخذ من شعره، فخرج له
وجنتان كأنهما شقتا قمر، فقال: إعتم، فاعتم، ففتن الناس بعينيه، فقال عمر:
والله لا تساكنني ببلدة أنا فيها، قال: يا أمير المؤمنين ما ذنبي؟ قال: هو ما أقول
لك، وسيره إلى البصرة. " (1).
6 - وقال ابن أبي الحديد: " وقد روي أن عمر، أخرج عن المدينة نصر بن
الحجاج لما خاف ناحيته... وقال:... إن عمر قد ذم باخراجه نصر بن الحجاج
من غير ذنب كان منه... " (2).
والحاصل: أن المستفاد من هذه النصوص التأريخية أن الخليفة عمر: غرب،
من لا ذنب له سوى كونه حسن الوجه، وحسن الشعر، وعندنا: أنه أمر مردود
وباطل، إذ لو كان ثمت ذنب فعلى المشبب.

(1) وفيات الأعيان 2: 32.
(2) نهج البلاغة، لابن أبي الحديد 3: 53 و 59 - و ج 12: 29.
326

الفصل السابع
هل يغرب شارب الخمر؟
إن شارب الخمر في شهر رمضان، يؤدب زيادة على الحد الشرعي، وذلك
لتجرئه على الشرب. كما ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام). وقد أفتى فقهاؤنا بالمعاقبة
زيادة على الحد بانتهاك حرمة المكان أو الزمان، كالحلبي في الكافي، وابن
البراج في المهذب، والحلي في التحرير. وإن ناقش المرحوم الخوانساري في
المدارك في وجوب ذلك.
لكن لم يرد في كلماتهم النفي والتغريب، بل وردت العقوبة والتأديب.
وعن بعض: إنها عشرون جلدة. هذا: ولكن نقل عن عمر أنه نفى شارب
الخمر - في رمضان - إلى خيبر، أو الشام - كما ورد في أبي بكر ابن أمية، وربيعة
ابن أمية، وآخرين، على ما في مصنف عبد الرزاق، وسنن النسائي كما يبدو من
بعض الآثار: أنه ندم على فعله، ولعلها كانت هفوة حلف أن لا يعود إليها، سيما
بعد قول علي (عليه السلام): " إنها فتنة " وفيما يلي النصوص، وآراء فقهائنا، ثم ما ورد
في النفي.
327

الروايات:
الكافي: "... عن أبي مريم، قال: أتي أمير المؤمنين (عليه السلام) بالنجاشي الشاعر
وقد شرب الخمر في شهر رمضان، فضربه ثمانين ثم حبسه ليلة، ثم دعى به من
الغد، فضربه عشرين سوطا. فقال له: يا أمير المؤمنين! فقد ضربتني في شرب
الخمر، وهذه العشرين ما هي؟ فقال: هذا لتجريك على شرب الخمر في شهر
رمضان " (1).
آراء فقهائنا:
1 - ابن البراج: " فإن شرب المسكر في شهر رمضان، أو في مكان شريف مثل
حرم الله تعالى وحرم رسوله (صلى الله عليه وآله)، أو أحد الأئمة: أقيم عليه الحد وأدب زائدا
على ذلك لانتهاكه حرمة الذي ذكرناه. " (2).
2 - العلامة الحلي: " لو شرب المسكر في شهر رمضان أو موضع شريف، أو
زمان شريف، أقيم عليه الحد وأدب بعد ذلك بما يراه الإمام " (3).
3 - السيد الخوانساري: " ادعي عدم الخلاف في الحكم - يعني المعاقبة زيادة

(1) الكافي 7: 216 ح 15 - وعنه الوسائل 18: 474 ح 1 - الفقيه 4: 40 ح 2 - التهذيب
10: 94 ح 19 - روضة المتقين 10: 135 - ملاذ الأخيار 16: 184 - دعائم الإسلام 2:
464 ح 1644 - الغارات 2: 535 - المستدرك 18: 113 ح 1 - الوافي 15: 394
ح 15334 - مصنف ابن أبي شيبة 10: 36 ح 8673 - مصنف عبد الرزاق 7: 382
ح 13556 - و ج 9: 231 ح 17042 - المؤتلف من المختلف للدارقطني 3: 241 - كنز
العمال 5: 484 ح 13688 - فتح الباري 27: 326.
(2) المهذب 2: 536.
(3) تحرير الأحكام 2: 227 - أنظر: الكافي في الفقه: 420 - لب الوسائل (المطبوع مع بداية
الهداية) 2: 468.
328

على الحد بانتهاك حرمة المكان أو الزمان - على نحو الوجوب، كوجوب أصل
الحد. فيه اشكال، لأن المرسل المذكور لو لم يكن فيه إشكال من جهة الإرسال،
فهو حكاية للفعل، ولم يعلم وجهه من الوجوب والاستحباب، فلا دليل على
الوجوب وما ذكر من العلة، ليست على نحو يستفاد منه الوجوب. " (1).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - السرخسي: " إذا شرب الخمر في نهار رمضان، حد حد الخمر حتى يخف
عنه الضرب، ثم يعزر، لإفطاره في شهر رمضان، لأن شرب الخمر يلزم الحد
ومهتك حرمة الشهر والصوم يستوجب التعزير... والأصل فيه حديث
علي (رضي الله عنه)... " (2).
الآثار:
1 - عبد الرزاق: " عن الثوري، عن أبي سنان، عن عبد الله بن أبي الهذيل،
قال: أتي عمر بشيخ شرب الخمر في رمضان. فقال: للمنخرين، للمنخرين (3)،
وولداننا صيام، قال فضربه ثمانين، ثم سيره إلى الشام. " (4).
2 - وفيه: " عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن عبد الله بن عمر، إن أبا بكر بن

(1) جامع المدارك 7: 65.
(2) المبسوط 24: 32.
(3) أي كبه الله للمنخرين، كما في النهاية 5: 32.
(4) المصنف 7: 382 ح 13557 و ج 9: 331 ح 17043 - السنن الكبرى 8: 321 - كنز
العمال 5: 474 ح 13661 - أنظر: 480 ح 13683 - فإن الخليفة هدد الجاورد أيضا بالنفي
إلى الشام.
329

أمية بن خلف، غرب في الخمر إلى خيبر، فلحق بهرقل، قال: فتنصر، فقال عمر:
لا اغرب مسلما بعده أبدا.
وعن إبراهيم، أن عليا قال: حسبهم من الفتنة أن ينفوا. " (1).
وأورده النسائي، وفيه: "... عن سعيد بن المسيب، قال: غرب عمر ربيعة بن
أمية في الخمر " (2).
قال السندي في الهامش: " وهذا التغريب من باب التعزير، وهو غير داخل في
الحد، بخلاف التغريب في حد الزنا. وقول عمر: لا اغرب بعده مسلما، محمول على
مثل هذا. وأما ما كان جزءا للحد، فلا بد منه... " (3).
3 - وفيه: " عن إسماعيل بن أمية، أن عمر بن الخطاب، كان إذا وجد شاربا في
رمضان، نفاه مع الحد. " (4).
قال المارديني: " ولما لم يكن في حد القاذف والخمر، تغريب، دل على أنه
تأديب له لدعارته. " (5).
أقول: يستفاد من كلام علي (عليه السلام) أن النفي هنا مردود، ومرغوب عنه (6).

(1) المصنف 7: 314 ح 13320 - و 9: 230 ح 17040 - نصب الراية 3: 331 - كنز العمال
5: 476 ح 13667 و 13669.
(2) سنن النسائي 8: 319.
(3) سنن النسائي (الهامش) 8: 319.
(4) المصنف 9: 232 ح 17044 - كنز العمال 5: 476 ح 13668 - أنظر 480 ح 13983 -
وفيه ما لعله يرتبط بالمقام.
(5) السنن الكبرى (الهامش) 8: 223.
(6) أنظر الخلاف 2: 439.
330

الفصل الثامن
تغريب من يرتزق بضرب الدفوف والغناء
روى ابن ماجة حديثا عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه هدد عمرو بن مرة، - مرتكب الغناء
وضرب الدف - بالضرب الوجيع وحلق الرأس، والنفي من أهله، واستحلال سلبه.
هذا ويبدو من ذيل الحديث أنه كان مخنثا لا يستتر من الناس.
لكن بعد الاغماض عن السند، نقول: بما أن ابن ماجة أورده في باب المخنثين،
فكأنه فهم من الحديث: أن جرم عمرو بن مرة كان هو الخنث. وهو السبب لنفيه
كما أن المتقي الهندي أيضا أورده في باب الغناء المحرم من - كنز العمال - فكأنه
فهم منه أن ذنبه كان التغني المحرم وضرب الدفوف.
أقول: ولا مانع من أن يكون كل واحد منها ذنبا يستحق عليه العقوبة، فلا
كلام عندنا في حرمة الغناء - بل عند المسلمين أجمع - كما لا كلام في حرمة ضرب
الدف عند البعض (1). ولكن هل عقوبته التغريب؟

(1) أنظر: أحكام بانوان: 32 - المسألة 41.
331

ظاهر الحديث ذلك، ولا مانع من القول بالتغريب على فرض شمول التعزير له.
إذا رأى الحاكم المصلحة فيه.
هذا والحديث ضعيف السند بابن نمير الذي كان ركنا من أركان الكذب،
ويحيى بن العلاء الذي كان يكذب، ويضع الحديث، على ما قاله أحمد بن حنبل،
وسيأتي البحث عنهما وفيما يلي نص الحديث:
الروايات من غير طرقنا:
1 - ابن ماجة: " حدثنا الحسن بن أبي الربيع الجرجاني، أنبأنا عبد الرزاق،
أخبرني يحيى بن العلاء أنه سمع بشر بن نمير، أنه سمع مكحولا يقول: إنه سمع يزيد
بن عبد الله، إنه سمع صفوان بن أمية، قال: كنا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) فجاء عمرو
بن مرة، فقال: يا رسول الله: إن الله قد كتب علي الشقوة، فما أراني ارزق إلا من
دفي بكفي، فأذن لي في الغناء في غير فاحشة، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا آذن لك
ولا كرامة، ولا نعمة عين كذبت، أي عدو الله. لقد رزقك الله طيبا حلالا
فاخترت ما حرم الله عليك من رزقه، مكان ما أحل الله عز وجل لك من
حلاله، ولو كنت تقدمت إليك لفعلت بك وفعلت، قم عني، وتب إلى الله، أما إنك
إن فعلت بعد التقدمة إليك، ضربتك ضربا وجيعا وحلقت رأسك مثلة ونفيتك من
أهلك، وأحللت سلبك لفتيان أهل المدينة. فقام عمرو، وبه الشر والخزي، ما لا
يعلمه إلا الله فلما ولى قال النبي (صلى الله عليه وآله): " هؤلاء العصاة، من مات منهم بغير توبة،
حشره الله عز وجل يوم القيامة كما كان في الدنيا مخنثا عريانا، لا يستتر من
الناس كلما قام صرع. " (1).

(1) سنن ابن ماجة 2: 871 ب 38 ح 2613.
332

ورواه الهندي، وقال: " ورواه الديلمي وزاد فيه: وأوسع على نفسك وعيالك
حلالا، فإن ذلك جهاد في سبيل الله، واعلم أن عون الله مع صالحي
التجار. " (1).
بحث في اسناد الحديث:
1 - بشر بن نمير: وهو القشيري البصري. قال يحيى: كان ركنا من أركان
الكذب وقال أحمد: يحيى بن العلاء، كذاب يضع الحديث وبشر بن نمير أسوأ حالا
منه. وقال يحيى بن معين والنسائي: ليس بثقة. وقال الجوزجاني: غير ثقة. وقال
البخاري: مضطرب، تركه علي بن المديني. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه عن
القاسم وغيره لا يتابع عليه، وهو ضعيف. وقال يعقوب بن سفيان: بصري
ضعيف (2).
2 - يحيى بن العلاء: وهو أبو سلمة البجلي ويقال له: أبو عمرو الرازي. قال
أحمد: إنه كذاب يضع الحديث وقال عمرو بن علي والنسائي والدارقطني: متروك
الحديث. وقال أبو زرعة: في حديثه ضعف وقال الآجري: عن أبي داود:
ضعفوه. وعن عبد الرحمن: سمعت وكيعا، وذكر يحيى بن العلاء، فقال: كان
يكذب. وقال ابن حبان: ينفرد عن الثقات بالمقلوبات، لا يجوز الاحتجاج به.
وقال ابن عدي:... لا يتابع عليه، وكلها غير محفوظة، والضعف على رواياته
وحديثه بين. وأحاديثه موضوعات. وقال الدولابي: متروك الحديث. " (3).

(1) كنز العمال 15: 222 - ذيل ح 40671 - في " التغني المحظور ".
(2) أنظر تهذيب التهذيب 1: 404.
(3) أنظر تهذيب التهذيب 11: 239 - الرقم: 427.
333

آراء المذاهب الأخرى:
1 - القرشي: " ومتى سمع بامرأة نائحة، أو مغنية، أو عاهر، استتابها عن
معصيتها، فإن عادت عزرها، ونفاها من البلد. " (1).

(1) معالم القربة: 107.
334

الباب الثالث
التغريب فيما يرتبط بالدولة
336

الفصل الأول
نفي الجاسوس المسلم
لا خلاف عندنا في حرمة التجسس، وجواز عقاب مرتكبه، وقد ورد في
بعض النصوص أنه يقتل، كما روي عن الحسن بن علي (عليهما السلام): أنه قتل جاسوسين
لمعاوية (1).
وفي الدعائم عن أهل البيت (عليهم السلام): إن الجاسوس والعين يقتلان (2).
وفي سنن أبي داود، عن النبي (صلى الله عليه وآله): أنه أمر بقتل عين للمشركين (3).
وأما من حيث الفتوى، فما رأيت أحدا منا يرى نفي الجاسوس وتغريبه. بل
كل من تعرض لهذا الموضوع: قال بالتعزير.

(1) الإرشاد: 188 - وعنه كشف الغمة 2: 162.
(2) دعائم الإسلام 1: 398 - مستدرك الوسائل 11: 98 ب 39 ح 2.
(3) أبو داود 3: 49.
337

آراء فقهائنا:
1 - فعن شيخ الطائفة في المبسوط: " إذا تجسس مسلم لأهل الحرب، وكتب
إليهم، فأطلعهم على أخبار المسلمين لم يحل بذلك قتله، وللإمام أن يعفو عنه،
وله أن يعزره " (1).
2 - وكذلك ابن البراج في جواهر الفقه: " أن الإمام يعزره على ذلك، وله العفو
عنه " (2).
3 - ومثله الحلي في القواعد حيث قال: " بل يعزر إن شاء الإمام " (3).
4 - وكذلك في المنتهى، حيث قال: " فإن الإمام يعزره بحسب حاله وما
يقتضيه نظر الإمام. " (4).
نعم يستظهر بعض المعاصرين منا من الروايات: " أن الجزاء المناسب لهذا
الذنب العظيم هو القتل والإعدام. " (5).
آراء المذاهب الأخرى:
وأما المذاهب الأخرى: فعن أبي يوسف "... إن كانوا من أهل الإسلام -
فأوجعهم وأطل حبسهم " (6).

(1) المبسوط 2: 15.
(2) جواهر الفقه: 51 - المسألة: 183.
(3) قواعد الأحكام 1: 111.
(4) منتهى المطلب 2: 959 - و 939.
(5) ولاية الفقيه 2: 740.
(6) الخراج: 190.
338

وعن أصحاب الرأي - في الجاسوس المسلم - يوجع عقوبته ويطال حبسه (1).
كما في معالم السنن للبستي (2).
ومثله عن الأوزاعي، وأبي حنيفة كما عن العيني (3).
نعم جوز ابن عقيل قتل مسلم إذا كان جاسوسا للكفار، وزاد ابن الجوزي:
إن خيف دوامه (4).
هذا، ولكن يبدو من الأوزاعي في أحد قوليه: أنه يعاقب ثم يغرب وكذلك
من بعض آخرين. وهو مبني على شمول التعزير للنفي، أو ورود نص خاص فيه.
وفيما يلي بعض العبارات الدالة على التغريب:
1 - قال الأوزاعي: " إن كان مسلما عاقبه الإمام عقوبة منكلة، وغربه إلى
بعض الآفاق في وثاق. وإن كان ذميا فقد نقض عهده. " (5).
2 - قال سحنون: " وإذا كاتب المسلم، أهل الحرب، قتل ولم يستتب، وماله
لورثته، وقال غيره: يجلد جلدا وجيعا، ويطال حبسه، وينفى عن موضع يقرب
للكفار. " (6).

(1) الخراج: 190.
(2) معالم السنن 2: 274.
(3) عمدة القاري 14: 256.
(4) الفروع 6: 114.
(5) معالم السنن 2: 274.
(6) أقضية رسول الله (صلى الله عليه وآله): 80.
339

الفصل الثاني
نفي من استهزأ بالنبي (صلى الله عليه وآله)، وأذاع أسرار الدولة
روى الفريقان: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نفى الحكم بن أبي العاص من المدينة إلى
الطائف، وكان بها إلى آخر عهد النبي (صلى الله عليه وآله) وخلافة أبي بكر، وعمر.
وقد اختلف المؤرخون في سبب تغريبه: فعن البعض: أنه كان يفشي سر
رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما في سير أعلام النبلاء. وعن بعض آخر: أنه كان يتجسس
عليه (صلى الله عليه وآله) فكان يتحيل ويستخفي ويتسمع ما يسره رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى كبار
أصحابه، في مشركي قريش، وسائر الكفار والمنافقين. حتى ظهر ذلك عليه، كما
في الاستيعاب. وقيل غير ذلك، كما في الخرائج للراوندي، والبحار، واثبات الهداة.
هذا: ويمكن دعوى جواز تغريب من يفشي أسرار الدولة الإسلامية، استنادا
إلى هذه النصوص الحاكية عن فعل النبي (صلى الله عليه وآله). إن عرف أن افشاءه الأسرار كان
السبب في تغريبه.
وقد يقال: إنها قضية في واقعة، وهو (عليه السلام) أعلم بما فعل.
هذا: ولا شك في حرمة افشاء الأسرار، سيما إذا كانت أسرار الدولة
341

الإسلامية، حيث إن ذلك يضر بمصالح المسلمين، ودولتهم، وكيانهم، فللحاكم
عقوبته بما يرى ومنها التغريب، وقد يتحد هذا مع عنوان التجسس الذي مر
الكلام فيه.
وقد يقال: بافتراقهما موضوعا. ومما يؤيد كون القضية في واقعة، أن أبا لبابة
أيضا أفشى الأسرار العسكرية للدولة الإسلامية، وسياستها بشأن بني قريظة (1)،
ومع ذلك لم يغرب.
لكن قد يقال: إن ذلك لتوبته فورا وندمه على صنيعه، بخلاف الحكم بن أبي
العاص، حيث إنه بقي على خبثه إلى آخر عمره، ولم يندم على فعله. هذا: مع
ذلك، فإنه لا يشمله عنوان الجاسوس، لأن الجاسوس مندوب الأعداء،
ومبعوثهم، فيستخبر لمصلحتهم، ويحاول أن لا يعرف. بخلاف مورد البحث،
حيث إنه كان مشهورا بذلك، لم يكن ليأبى أن يعرف، حقدا على الإسلام، وعلى
صاحب الرسالة (صلى الله عليه وآله).
النصوص:
1 - الطبرسي: في كلام للحسن (عليه السلام) مخاطبا عتبة بن أبي سفيان: " ونفي عمك
بأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله). " (2).
2 - قال الراوندي: " إن جابرا قال: إن الحكم بن أبي العاص، عم عثمان بن
عفان كان يستهزئ من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بخطوته في مشيته، ويسخر منه، وكان
رسول الله (صلى الله عليه وآله) يمشي يوما، والحكم خلفه، يحرك كتفيه، ويكسر يديه خلف

(1) بحار الأنوار 20: 136 ح 30 - أنظر: تفسير فرات: 183 - المعجم الكبير 3: 205
ح 3066.
(2) الاحتجاج 1: 413.
342

رسول الله (صلى الله عليه وآله) استهزاء منه بمشيته (صلى الله عليه وآله). فأشار رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيده وقال:
هكذا فكن، فبقي الحكم على تلك الحال من تحريك أكتافه، وتكسير يديه، ثم نفاه
عن المدينة ولعنه، فكان مطرودا إلى أيام عثمان، فرده إلى المدينة وأكرمه. " (1).
3 - وقال البلاذري: " إن الحكم بن أبي العاص، كان جارا لرسول الله (صلى الله عليه وآله)
في الجاهلية، وكان أشد جيرانه أذى له في الإسلام، وكان قدومه المدينة بعد فتح
مكة، وكان مغموصا - أي مطعونا - عليه في دينه. فكان يمر خلف رسول
الله (صلى الله عليه وآله) فيغمز به ويحكيه ويخلج بأنفه وفمه، وإذا صلى قام خلفه، فأشار بإصبعه،
فبقي على تخليجه، وأصابته خبلة، واطلع على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم، وهو في
بعض حجر نسائه، فخرج إليه بعنزة (2) وقال: من عذيري من هذا الوزغ اللعين.
ثم قال: لا يساكنني، ولا ولده فغربهم جميعا إلى الطائف، فلما قبض رسول
الله (صلى الله عليه وآله) كلم عثمان أبا بكر فيهم، وسأله ردهم، فأبى ذلك، وقال: ما كنت لآوي
طرداء رسول الله (صلى الله عليه وآله). ثم لما استخلف عمر، كلمه فيهم، فقال: مثل قول أبي
بكر. فلما استخلف عثمان، أدخلهم المدينة. " (3).
4 - وقال ابن عبد البر: " أخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحكم من المدينة، وطرده
عنها فنزل الطائف، وخرج معه ابنه مروان. واختلف في السبب الموجب لنفي
رسول الله (صلى الله عليه وآله) إياه. فقيل: كان يتحيل ويستخفي ويتسمع ما يسره رسول

(1) الخرائج والجرائح 1: 168 ح 258 - عنه البحار 18: 59 ح 17 - و ج 8: 304 (الطبعة
القديمة) - اثبات الهداة 1: 374 ح 520 - سفينة البحار 2: 301 (الطبعة الحديثة).
(2) العنزة: عصا في قدر نصف الرمح أو أكثر شيئا، فيها سنان مثل سنان الرمح. لسان العرب
5: 384 " مادة عنز ".
(3) أنساب الأشراف 5: 27 - أنظر: العقد الفريد 2: 364 و 394، و ج 4: 34 - مجمع
الزوائد 5: 243 - وفيات الأعيان 2: 226 - الغدير 8: 243 - تنقيح المقال 1: 356.
343

الله (صلى الله عليه وآله) إلى كبار أصحابه في مشركي قريش، وسائر الكفار والمنافقين فكان
يفشي ذلك عنه، حتى ظهر ذلك عليه، وكان يحكيه في مشيته وبعض حركاته إلى
أمور غيرها، كرهت ذكرها. " (1).
5 - وقال ابن منظور: " عن عائشة: كان النبي (صلى الله عليه وآله) في حجرته، فسمع حسا،
فاستنكره، فذهبوا فنظروا، فإذا الحكم كان يطلع على النبي (صلى الله عليه وآله) فلعنه النبي (صلى الله عليه وآله)
وما في صلبه، ونفاه. " (2).
6 - وقال الذهبي: "... قيل نفاه النبي (صلى الله عليه وآله) إلى الطائف، لكونه حكاه في
مشيته، وفي بعض حركاته، فسبه وطرده، فنزل بواد (3)،... وقيل: كان يفشي
سر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأبعده لذلك. " (4).
7 - وقال ابن أبي الحديد - بعد حكايته كلام ابن عبد البر -: " وقيل كان
يتجسس على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو عند نسائه، ويسترق السمع ويصغي إلى ما يجري
هناك، مما لا يجوز الاطلاع عليه، ثم يحدث به المنافقين على طريق الاستهزاء " (5).
هذا ولم نجد من تعرض لهذا الموضوع ولحكمه في الفقه، رغم هذه النصوص
التأريخية.

(1) الاستيعاب 1: 359 - الرقم 529 - أنظر: أسد الغابة 2: 34 - التراتيب الإدارية 1: 301.
(2) مختصر تأريخ دمشق 24: 192.
(3) وهو وادي الطائف، وفي شرح الأخبار 2: 151 " نفاه إلى دهلك من أرض الحبشة ".
(4) سير أعلام النبلاء 2: 107، الرقم 14 - أنظر: طبقات ابن سعد 5: 447 و 509 - التأريخ
لابن معين: 124 - طبقات خليفة: 197 - تأريخ خليفة: 134 - التأريخ الكبير 2: 331 -
تأريخ الإسلام 2: 95 - الجرح والتعديل 3: 120 - الإصابة 2: 271 - شذرات الذهب
1: 38.
(5) شرح ابن أبي الحديد 6: 149.
344

الفصل الثالث
تغريب النواصب والحاقدين على الدولة الإسلامية من العاصمة
تحدثنا النصوص التأريخية، بإبعاد القائد الإسلامي المعصوم، عناصر، لبغضهم
القيادة الإسلامية - أو لأسباب أخرى - عن العاصمة إلى غيرها من البلدان.
فقد طرد النبي (صلى الله عليه وآله) الحكم بن أبي العاص - وقد مر الحديث فيه - فطرده من
المدينة إلى الطائف، كما طرد اليهود من المدينة، وأمر باخراجهم منها، وأهل
نجران من الحجاز.
وطرد أمير المؤمنين (عليه السلام) قبيلة باهلة من الكوفة لأنهم أبوا أن يخرجوا معه إلى
صفين، فأخرجهم إلى الديلم.
وأن المهدي (عليه السلام) حينما يظهر يخير النواصب بين اختيار الإسلام - أو دفع
الجزية مع طردهم إلى أرض السواد، بمعنى أنه (عليه السلام) يخرجهم من الأمصار كلها،
ويسكنهم القرى.
وقد حاول المجلسي (قدس سره) في المرآة: توجيه هذه الرواية، بأنها في ابتداء
زمانه (عليه السلام)، وإلا فالظاهر من سائر الروايات، أنه لا يقبل منهم إلا الإيمان، أو القتل.
345

ثم إنه: بعد التأمل في هذه النصوص - التي أشرنا إليها اجمالا ونوردها
تفصيلا - نرى أن التغريب لهؤلاء كان من مركز الدولة الإسلامية، وعاصمتها.
كما أن الجامع المشترك بين هؤلاء المبعدين هو بغضهم للقيادة الإسلامية التي
تمتاز عن سائر القيادات الإسلامية - بالعصمة - فقد يقال: إن من كان بهذه الصفة
من البغض والعداء، والنصب للدولة الإسلامية. يجوز (1) نفيه من العاصمة -، بل
من مطلق الأمصار والبلدان العامرة إلى السواد، أو البلدان النائية، حذرا من
مكائده ومؤامراته، ولكي تصفو العاصمة بل سائر الأمصار من المناوئين.
إلا أن يقال: إنها قضايا في وقائع خاصة يرجع علمها إليهم: هذا: ولم نجد من
أفتى بالتغريب في هذا المورد، استنادا إلى هذه النصوص.
الروايات:
أ - النبي يخرج اليهود من المدينة:
1 - قال القمي ذيل قوله تعالى: " * (قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى
جهنم وبئس المهاد) * (2)، فإنها نزلت بعد بدر، لما رجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) من بدر،
أتى بني قينقاع وهم بناديهم (3)، وكان بها سوق يسمى سوق النبط، فأتاهم رسول
الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا معشر اليهود، قد علمتم ما نزل بقريش، وهم أكثر عددا
وسلاحا وكراعا (4) منكم، فأدخلوا في الإسلام. فقالوا يا محمد إنك تحسب حربنا
مثل حرب قومك؟ والله لو قد لقيتنا، للقيت رجالا، فنزل عليه جبرئيل، فقال:

(1) الجواز بالمعنى المطلق الذي لا ينافي الوجوب.
(2) آل عمران: 12.
(3) مجلس القوم ما داموا مجتمعين فيه. أنظر: مجمع البحرين 1: 412 (مادة ندا) ومفردات
الراغب 507 (مادة ندا).
(4) اسم لجماعة الخيل الخاصة / مجمع البحرين 4: 385 (مادة كرع).
346

يا محمد: * (قل للذين كفروا... قد كان لكم آية في فئتين التقتا...) * (1) يعني فئة
المسلمين، وفئة الكفار... " (2).
وقال المجلسي: " وحاصرهم خمس عشرة ليلة، ثم أمر بإجلائهم... وكان
الذي تولى اخراجهم عبادة بن الصامت... " (3).
2 - قال المجلسي: " قال الكازروني وغيره:... كانت غزوة بني النضير في
ربيع الأول، وكانت منازلهم بناحية الفرع وما والاها بقرية يقال لها: زهرة وأنهم
لما نقضوا العهد، وعاقدوا المشركين على حرب النبي (صلى الله عليه وآله) خرج (صلى الله عليه وآله) يوم السبت
وصلى في مسجد قبا ومعه نفر من أصحابه ثم أتى بني النضير فكلمهم أن يعينوه
في دية رجلين كان قد آمنهما فقتلهما عمرو بن أمية، وهو لا يعلم، فقالوا: نفعل
وهموا بالغدر به، فقال عمرو بن الحجاش: أنا أظهر على البيت فاطرح عليه
صخرة، فقال سلام بن مشكم: لا تفعلوا فوالله ليخبرن بما هممتم فجاء جبرئيل
فأخبره (صلى الله عليه وآله) فخرج راجعا إلى المدينة، ثم دعا عليا (عليه السلام)، وقال: لا تبرح من
مكانك، فمن خرج عليك من أصحابي، فسألك عني فقل: توجه إلى المدينة،
ففعل ذلك، ثم لحقوا به، فبعث النبي (صلى الله عليه وآله) محمد بن مسلمة إليهم، وأمرهم بالجلاء
وقال لا تساكنوني، وقد همتم بما هممتم به، أجلتكم عشرا... فحاصرهم رسول
الله (صلى الله عليه وآله) فقالوا نحن نخرج من بلادك، فأجلاهم عن المدينة، وولى اخراجهم
محمد بن مسلمة، وحملوا النساء والصبيان... " (4).

(1) آل عمران: 12، 13.
(2) تفسير القمي 1: 97.
(3) بحار الأنوار 20: 9 - أنظر المغازي للواقدي 1: 176 - الكامل لابن الأثير 2: 97.
(4) البحار 20: 164 - تفسير مجمع البيان 9: 256 - مناقب آل أبي طالب 1: 169 -
الارشاد: 47 - إعلام الورى: 80.
347

3 - وقال أحمد: " حدثنا عبد الله، قال حدثني أبي، ثنا حجاج بن محمد،
قال: أنا ليث، قال: حدثني سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال:
بينما نحن في المسجد، خرج إلينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: انطلقوا إلى يهود، فخرجنا
معه حتى جئنا بيت المدارس (1) فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) فناداهم يا معشر اليهود:
أسلموا تسلموا. فقالوا: قد بلغت يا أبا القاسم؟ قال: ذاك أريد. ثم قالها الثالثة،
فقال: اعلموا أن الأرض لله ولرسوله وأني أريد أن أجليكم من هذه الأرض،
فمن وجد منكم بماله شيئا فليبعه وإلا فاعلموا أن الأرض لله عز وجل
ولرسوله. " (2).
وفيه: "... عن ابن عمر:... وأجلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) يهود المدينة كلهم بني
قينقاع، وهم قوم عبد الله بن سلام، ويهود بني حارثة، وكل يهودي كان
بالمدينة " (3).
وفيه: " حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا عبد الرزاق، أنبأنا ابن جريج،
حدثني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: أخبرني عمر بن الخطاب أنه
سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى
لا أدع فيها إلا مسلما. " (4).
الدارمي: " أخبرنا عفان، ثنا يحيى بن سعيد القطان، ثنا إبراهيم بن ميمون

(1) هو بيت لليهود، حيث يتدارسون فيه كتابهم، أنظر: لسان العرب 6: 80 (مادة درس).
(2) أحمد 2: 451 - أبو داود 3: 155 ح 3003 / الخراج.
(3) أحمد 1: 149 - أنظر: مسلم / الجهاد ب 32 ح 61.
(4) أحمد 1: 29 - أنظر 32، 87، 195، 196 - ج 3: 345 - ج 6: 274 - البخاري ك 58
ب 6 - الجامع الصحيح ك 19 ب 43 - ابن ماجة ك 45 ح 17 - طبقات ابن سعد 2: 29 -
السيرة النبوية 2: 201 - كنز العمال 4: 507 ح 11502.
348

- رجل من أهل الكوفة - حدثني سعيد بن سمرة بن جندب، عن أبيه: سمرة، عن
أبي عبيدة بن الجراح، قال: كان في آخر ما تكلم به رسول الله (صلى الله عليه وآله): أخرجوا
اليهود من الحجاز، وأهل نجران من جزيرة العرب. " (1).
ب - علي (عليه السلام) يخرج (باهلة) من الكوفة:
1 - قال نصر بن مزاحم: " دعا علي باهلة، فقال: يا معشر باهلة: أشهد الله
أنكم تبغضوني وأبغضكم، فخذوا عطاءكم، واخرجوا إلى الديلم (2). وكانوا قد
كرهوا أن يخرجوا معه إلى صفين. " (3).
2 - وقال الثقفي: "... وقال علي (عليه السلام): يا معشر غنى وباهلة (4)، أعيدوا علي
عطاياكم، حتى أشهد لكم عند المقام المحمود أنكم لا تحبوني، ولا أحبكم أبدا " (5).
أقول: ولا يخفى ما في الخبرين من الفرق: فبينما الأول يروي أن عليا (عليه السلام)
أعطاهم عطاياهم، وأخرجهم. يروي الثاني: أنه (عليه السلام) استعاد منهم عطاياهم،

(1) الدارمي 2: 305 ب 55 ح 2498 - الطيالسي: 31 ح 229 - أنظر مصنف عبد الرزاق
6: 53 - 58.
(2) الديلم: القسم الجبلي من بلاد جيلان شمالي بلاد قزوين، أعلام المنجد: 227 - أنظر:
معجم البلدان 2: 544 - أحسن التقاسيم: 271.
(3) وقعة صفين: 116.
(4) قال السمعاني: " الباهلي، نسبة إلى باهلة، وهي باهلة بن أعصر، وكان العرب
يستنكفون من الانتساب إلى باهلة كأنها ليست فيما بينهم من الأشراف حتى قال قائلهم:
وما ينفع الأصل من هاشم إذا كانت النفس من باهلة
الأنساب 1: 275 - شرح بن أبي الحديد 3: 272 - العقد الفريد 4: 49 - الاشتقاق:
271 - الكنى والألقاب 1: 384.
(5) بصائر الدرجات: 458 - الغارات 1: 21 - تأريخ بغداد 9: 74.
349

وأخرجهم. والثاني أولى عقوبة، وتعزيرا، ويصلح شاهدا للتعزير بأخذ المال
- الغرامة -، فتأمل.
3 - وقال أيضا: " حدثنا محمد، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا إبراهيم،
قال حدثني عبيد ابن سليمان النخعي، قال: حدثني سعيد الأشعري، قال:
استخلف علي (عليه السلام) حين سار إلى النهروان رجلا من النخع يقال له: هانئ بن
هوذة، فكتب إلى علي (عليه السلام) أن غنيا وباهلة فتنوا، فدعوا الله عليك أن يظفر بك
عدوك، قال: فكتب إليه علي (عليه السلام) أجلهم من الكوفة، ولا تدع منهم أحدا. " (1).
4 - وقال أيضا: " قال عبيد الله بن سليمان، حدثنا عبد الله بن الرومي، أن
عليا (عليه السلام) قال: لا تجاوروني فيما بعد ثلاث " (2).
ج - المهدي (عليه السلام) يخرج النواصب من الكوفة:
الكليني: " عنه - عدة من أصحابنا عن محمد بن يحيى - عن أحمد بن محمد،
عن ابن محبوب، عن الأحول، عن سلام بن المستنير، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام)
يحدث، إذا قام القائم، عرض الايمان على كل ناصب، فإن دخل فيه بحقيقة، وإلا
ضرب عنقه، أو يؤدي الجزية كما يؤديها اليوم أهل الذمة، ويشد على وسطه
الهميان، يخرجهم من الأمصار إلى السواد. " (3).

(1) الغارات 1: 19 - عنه البحار 34: 307.
(2) الغارات 1: 20.
(3) الكافي 8: 227 ح 288 - عنه البحار 52: 375 ح 175 - اثبات الهداة 3: 450 ب 32
ح 58 - بتفاوت - تنقيح المقال 2: 43 - معجم أحاديث الإمام المهدي (عليه السلام) 3: 308
ح 846 - وهو الكتاب الذي وفقنا الله عز وجل لإنجازه ضمن خمسة مجلدات بمعونة جمع
من أفاضل الحوزة العلمية، بقم المقدسة.
350

قال المجلسي: " الحديث مجهول. قوله: أو يؤدي الجزية، لعل هذا في أوائل
زمانه وإلا فالظاهر من الأخبار أنه لا يقبل منهم إلا الايمان، أو القتل.
قوله: " ويشد على وسطه الهميان " الهميان بالكسر: التكة والمنطقة، وكيس
النفقة والظاهر أن المراد به أنه يعطيهم النفقة ليخرجوا من الأمصار، ويكون
زادهم في الطريق، وقيل هو كناية عن الزنار (1) " (2).

(1) الزنار: ما على وسط المجوسي والنصراني، وفي التهذيب: ما يلبسه الذمي، يشده على
وسطه. لسان العرب 4: 330.
(2) مرآة العقول 26: 159 ح 288.
351

الفصل الرابع
نفي المحتال، ومن يقوم بالتزوير في مستندات الدولة وغيرها
لا خلاف عندنا في حرمة الاحتيال - وهو الذهاب بأموال الناس مكرا
وخداعا وتزويرا، بالرسائل الكاذبة - وتأديب فاعله، وعقوبته، وتشهيره، كما
عن شيخ الطائفة في النهاية، والمفيد في المقنعة، وابن إدريس في السرائر، وابن
حمزة في الوسيلة، والعلامة الحلي في التحرير وغيرهم.
وأما خصوص نفيه وتغريبه، فلم أجد من يرى ذلك من الإمامية. لكن قبوله،
مبني على شمول التعزير له، أو فيما لو رأى الحاكم ذلك مصلحة، كما رآه في
التشهير - على ما قاله صاحب الجواهر (1) في تشهير المحتال - هذا: ولكن ورد
عن بعض الخلفاء أنه ضرب المحتال - حيث صنع خاتما على نقش بيت المال -
وغربه.

(1) جواهر الكلام 41: 598.
353

آراء فقهائنا:
1 - المفيد: " والمحتال على أموال الناس بالمكر والخديعة، يغرم ما أتلفه
ويعاقب بما يردعه عن مثل ذلك في مستقبل الأحوال، يشهره السلطان بالنكال
ليحذر منه الناس، والمدلس في الأموال والسلع حكمه حكم المحتال. " (1).
2 - الشيخ الطوسي: " والمحتال على أموال الناس، بالمكر والخديعة وتزوير
الكتب، والشهادات الزور، والرسالات الكاذبة، وغير ذلك يجب عليه التأديب
والعقاب، وأن يغرم ما أخذ بذلك على الكمال، وينبغي للسلطان أن يشهره
بالعقوبة، لكي يرتدع غيره عن فعل مثله في مستقبل الأوقات. " (2).
3 - سلار بن عبد العزيز: " فأما المحتال على أموال الناس والمدلس في السلع،
فإنه يغرم ويعاقب ويشهر. " (3).
4 - ابن البراج: " المحتال: فهو الذي يتحيل على أخذ أموال الناس بالخديعة
والمكر وشهادات الزور، وتزوير الكتب في الرسائل الكاذبة، وما جرى مجرى
ذلك، فإذا فعل شيئا من ذلك كان عليه التأديب وينبغي للإمام أن يعاقبه عقوبة
تردعه عن فعل مثل ذلك في المستقبل. " (4).
5 - ابن حمزة: " والمحتال: من يذهب بأموال الناس... وبالرسالة الكاذبة
يلزمه التأديب والعقوبة الرادعة، والتغريم، وأن يشهر بالعقوبة. " (5).
6 - ابن إدريس: " والمحتال... وينبغي للحاكم أن يشهره بالعقوبة لكي يرتدع

(1) المقنعة: 805.
(2) النهاية: 805.
(3) المراسم: 259.
(4) المهذب 2: 259.
(5) الوسيلة: 423.
354

عن فعل مثله في مستقبل الأوقات، وينهكه ضربا. " (1).
7 - العلامة الحلي: " والمحتال على أموال الناس بالمكر والخديعة، وتزوير
الكتب والرسالة... وغير ذلك يعزر ويعاقب بما يراه الإمام رادعا، ويغرم ما
أخذه ويشهره. " (2).
8 - الشيخ محمد حسن النجفي: "... كما أن ما عن المقنعة والنهاية والسرائر
والوسيلة والتحرير من شهر المحتال ليحذر منه الناس محمول على ما إذا رأى
الحاكم ذلك لمصلحة. " (3).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - المقدسي الذهبي: " لما عمل معن بن زائدة خاتما على نقش خاتم بيت
المال، ثم جاء به صاحب بيت المال، فأخذ به مالا، ضربه عمر مائة وحبسه،
وكلم فيه فضربه مائة، وكلم فيه، فضربه مائة، ونفاه. " (4).
2 - ابن قدامة: " لعله كانت له ذنوب فأدب عليها، أو تكرر منه الأخذ، أو
كان ذنبه مشتملا على جنايات. " (5)

(1) السرائر 3: 512.
(2) تحرير الأحكام 2: 234.
(3) جواهر الكلام 41: 598.
(4) الفروع 6: 112.
(5) المغني 8: 325.
355

الفصل الخامس
نفي من يقدم إمام باطل على إمام حق
ورد عن عمر بن عبد العزيز أنه: أمر بتغريب من فضل معاوية وقدمه على
أمير المؤمنين علي (عليه السلام). مع أنه لا شك في أن عليا أفضل الأئمة: كما ورد عن
جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): " فاعلم أن أمير المؤمنين (عليه السلام) عند الله أفضل من
الأئمة كلهم، وله ثواب أعمالهم، وعلى قدر أعمالهم فضلوا. " (1).
بل هو (عليه السلام) مفضل على جميع الأنبياء - إلا نبينا محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله) - كما
أخرج السيوطي عن ابن مردويه ذيل الآية الكريمة: * (في بيوت أذن الله...) * (2)
عن أنس بن مالك وبريدة قال: قرأ رسول الله هذه الآية: * (في بيوت...) * الآية
فقام إليه رجل فقال: أي بيوت هذه يا رسول الله؟ قال بيوت الأنبياء.
فقام إليه أبو بكر، فقال: يا رسول الله هذا البيت منها - لبيت علي وفاطمة -؟

(1) كامل الزيارات: 38 - عنه البحار 97: 257 ح 3 - ودرر الأخبار 2: 187.
(2) النور: 36.
357

قال نعم، من أفاضلها. " (1).
ولا شك في أن من اعتقد خلاف ذلك فهو خاطئ، ولكن لو كان اعتقاده عن
عناد ولجاج، فهل يعاقب ويعزر وينفى كما فعله عمر بن عبد العزيز؟ أم يترك
حتى يموت بغيضه وجهله.
قال فراس ابن أبي ورام: " لما ولي عمر بن عبد العزيز، استعمل ميمون بن
مهران على الجزيرة (2). واستعمل ميمون بن مهران على قرقيسيا (3) رجلا، يقال
له علامة. قال: فتنازع رجلان، فقال أحدهما: معاوية أفضل من علي (عليه السلام)،
وأحق، وقال الآخر: علي (عليه السلام) أولى بالأمر من معاوية. فكتب عامل قرقيسيا إلى
ميمون بن مهران، وكتب ميمون إلى عمر بن عبد العزيز، فكتب عمر، إلى ميمون:
أن اكتب إلى عامل قرقيسيا أن أقم الرجل الذي قدم معاوية على علي (عليه السلام)، بباب
مسجد الجامع، فاضربه مائة سوط، وانفه عن البلد الذي هو به. " (4).

(1) الدر المنثور 5: 50.
ورد في مقدمة كتاب النسائي في سبب وفاته: " خرج الإمام النسائي من مصر سنة
302 ه‍ إلى دمشق، فسأله أصحاب معاوية - من أهل الشام - تفضيله على علي (عليه السلام) فقال:
ألا يرضى معاوية رأسا برأس حتى يفضل عليا... فما زال به أهل الشام يضربونه حتى
أخرجوه من المسجد... " سنن النسائي 1: المقدمة - أنظر: تهذيب التهذيب 1: 33.
(2) والظاهر أنها (جزيرة أقور) وهي التي بين دجلة والفرات، مجاورة الشام، سميت الجزيرة
لأنها بين دجلة والفرات. بها مدن جليلة وحصون وقلاع كثيرة، ومن أمهات مدنها حران،
والخابور، وأمد. معجم البلدان 2: 134.
(3) بلد على نهر الخابور، قرب رحبة مالك بن طوق على ستة فراسخ، وعندها مصب الخابور
في الفرات، فهي في مثلث بين الخابور والفرات. معجم البلدان 4: 328.
(4) مجموعة ورام: 301.
358

الباب الرابع
التغريب فيما يرتبط بأمن المجتمع وسلامته
359

الفصل الأول
نفي السارق
أورد المشايخ الثلاثة وغيرهم روايات - فيها الصحاح - في نفي السارق إذا
أقيم عليه الحد. فقد نقل الكليني رواية فيه وعقد له بابا وصححها المجلسي الثاني
في المرآة، ونقلها الصدوق في الفقيه وصححها المجلسي الأول في الروضة،
ونقلها أيضا شيخ الطائفة في التهذيب وصححها المجلسي الثاني في الملاذ،
وأوردها العياشي في تفسيره، وكذلك القاضي في الدعائم وأحمد بن عيسى في
النوادر.
هذا: ولكن لم يفت أحد من فقهاء الإمامية - رضوان الله عليهم - بذلك كما
صرح المجلسيان، وإن استظهر في المرآة والملاذ افتاء الكليني به لأنه عقد له بابا.
وقد حمل المجلسي الأول الرواية على اللص المحارب، فإنه ينفى.
أقول: وفيه نظر، لأنه لا يجمع فيه بين حدي القطع والنفي، إلا أن يقال إنه
تعزير فلا منع من الجمع بينهما، ثم إنه يظهر من المرداوي: أن ذلك قول لصاحب
التبصرة من العامة - ولكن في السرقة الثالثة - وإن استبعده المرداوي.
361

الروايات:
1 - الكافي: " محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب،
عن علي بن الحسن بن رباط، عن ابن مسكان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)
قال: إذا أقيم على السارق الحد نفي إلى بلدة أخرى. " (1).
قال المجلسي الثاني: " صحيح، ولم أر أحدا تعرض للنفي في السارق، وظاهر
المصنف أنه قال به " (2).
رواه الصدوق بإسناده عن الحسن بن محبوب (3).
قال المجلسي الأول بعد نقل الرواية: " في الصحيح،... ويدل على أن السارق
بعد إقامة الحد ينفى من بلده إلى بلدة أخرى لينزجر ويترك، ولكن لم يعمل به
الأصحاب غير المصنف حتى أنه لم يذكروه بعنوان الرواية إلا الأخباريون، وربما
كان لاجمالها فإنه ليس فيها مدة الإخراج لكنه لا يكفي ذلك عذرا لأنه يكفي
الاخراج بأن يسمى اخراجا ولو بأن يكون ساعة عن ذلك البلد. " (4).
ورواه الشيخ في التهذيب بسنده إلى ابن محبوب (5).
قال المجلسي الثاني في الملاذ بعد نقل الرواية: " صحيح، ولم أر أحدا تعرض
لنفي السارق اثباتا ولا نفيا، والرواية صحيحة، وظاهر الكليني العمل به لأنه عقد

(1) الكافي 7: 230 ح 1 - وعنه الوسائل 18: 515 ح 1 - الجامع للشرائع: 562 - الوافي
15: 447 ح 15458.
(2) مرآة العقول 23: 358.
(3) الفقيه 4: 46 ح 19 - الوافي 15: 447 ح 15458.
(4) روضة المتقين 10: 192.
(5) التهذيب 10: 111 ح 52.
362

بابا لذلك. " (1).
2 - التهذيب: " عنه - الحسين بن سعيد - عن الحسن، عن زرعة عن سماعة
قال: ينفى الرجل إذا قطع. " (2).
قال المجلسي الأول: " روى الشيخ في الموثق عن سماعة... ويمكن حمله
على اللص الذي جرد السيف أو السلاح فيكون حينئذ محاربا وينفى سنة كما
سيجئ، ويؤيده أنه لم يذكر في أخبار السرقة النفي، ولو كان لازما مطلقا،
لذكر. " (3).
3 - العياشي: " وفي رواية سماعة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا زنى الرجل
يجلد وينبغي للإمام أن ينفيه من الأرض التي جلد بها إلى غيرها سنة، وكذلك
ينبغي للرجل إذا سرق وقطعت يده. " (4).
4 - الدعائم: " وعنه [علي (عليه السلام)] أنه كان إذا قطع السارق وبرئ نفاه من
الكوفة إلى بلد آخر. " (5).
5 - النوادر: " عن عبد الرحمان قال: سألته عن الرجل إذا زنى، قال: ينبغي
للإمام إذا جلده أن ينفيه من الأرض التي جلده فيها إلى غيرها سنة، وعلى الإمام

(1) ملاذ الأخيار 16: 220.
(2) التهذيب 10: 127 ح 125 - وعنه الوسائل 18: 515 ب 21 ح 3 - الوافي 15: 447
ح 15459.
(3) روضة المتقين 10: 193.
(4) تفسير العياشي 1: 316 ح 97 - وعنه الوسائل 18: 515 ب 21 ح 2 - والبحار 76: 52
ح 41 و 188 ب 91 ح 26 - والبرهان 1: 468.
(5) دعائم الإسلام 2: 471 ح 1679 - وعنه المستدرك 18: 138 ب 20 ح 1.
363

أن يخرجه من المصر، وكذلك إذا سرق وقطعت يده ورجله. " (1).
هذا ولم نعثر على فتوى لأصحابنا في المقام. وأما من العامة فقد نقل المرداوي
عن التبصرة ما يلي:
آراء المذاهب الأخرى:
" السرقة في الثالثة: وقال في الايضاح: يحبس ويعذب وقال في التبصرة:
يحبس أو يغرب، قلت: التغريب بعيد. " (2).
ثم على فرض ثبوت التغريب، فما هو مدته؟ قد يقال بكفاية مسماه، نظرا إلى
الاطلاق اللفظي، وكذلك يكفي تغريبه إلى دون المسافة - مع صدق التغريب عليه
فيه.
ثم إنه يرد هنا بعض الفروع والأبحاث التي أوردناها في نفي الزاني: من نفقة
التغريب والمغرب وعياله وجواز الرجوع إلى بلده، وهل يرخص له في الرجوع و
و... مع فرق واحد بين الموردين وهو أن التغريب هناك حد عندنا وعند أكثر
العامة، فتأمل.

(1) نوادر أحمد بن محمد بن عيسى: 147 ح 377 - وعنه المستدرك 18: 138 ب 20 ح 2.
(2) الانصاف 10: 286.
364

الفصل الثاني
هل ينفى المحتكر؟
اختلف فقهاؤنا في حكم الاحتكار على قولين:
الأول: الكراهة، وهو قول المفيد، والشيخ الطوسي في المبسوط، وأبي الصلاح
في المكاسب (1)، والمحقق الحلي في الشرائع (2)، والعلامة في المختلف (3).
الثاني: الحرمة، وهو قول الصدوق، وابن البراج، وابن إدريس، وأبي
الصلاح في فصل البيع (4)، والشهيدين في الدروس، والمسالك وغيرهم.
هذا ولم نجد من أفتى بالتعزير فيه - من فقهائنا - مع أن القاعدة تقتضي التعزير،
لأنه حكم من ارتكب الحرام - على القول بحرمته - ولم يرد في عقوبته نص.
نعم يرى بعض العامة فيه التغريب، تعزيرا. ويستدل بفعل عمر، حيث أخرج

(1) الكافي في الفقه: 360.
(2) شرائع الإسلام 2: 20.
(3) مختلف الشيعة 5: 36 (الطبعة الحديثة) - أنظر: جواهر الكلام 22: 479.
(4) الكافي في الفقه: 283.
365

أمية بن يزيد، ومولى مزينة من المدينة، لاحتكارهما. فقد ورد في عمدة القاري:
" عن مسلمة بن محارب، عن إسماعيل بن مسلم: أن أمية بن يزيد الأسدي،
ومولى مزينة، كانا يحكران الطعام، بالمدينة، فأخرجهما عمر. " (1).

(1) عمدة القاري 24: 14 - ذيل ح 28 - إرشاد الساري 10: 27 - فتح الباري 12: 134.
366

الفصل الثالث
في تغريب المحارب
معنى الحرابة:
كل من تعرض لحكم المحارب، قام بتعريف الحرابة أولا، أو من خلال بحثه،
ولكنا مراعاة للاختصار، نكتفي بتعريفين عن الإمامية وآخرين عن المذاهب
الأخرى.
1 - الإمام الطوسي: " المحارب هو الذي يجرد السلاح ويكون من أهل الريبة،
في مصر كان أو غير مصر، في بلاد الشرك كان، أو في بلاد الإسلام، ليلا كان أو
نهارا، فمتى فعل ذلك كان محاربا. " (1).
2 - أمين الإسلام الطبرسي: " أن المحارب هو كل من شهر السلاح أو أخاف
الطريق، سواء في المصر، أو خارج المصر. " (2).
3 - ابن يحيى: " المحارب: وهو من أخاف السبيل في غير المصر لأخذ

(1) النهاية: 720.
(2) مجمع البيان 2: 189.
367

المال... " (1).
4 - محمد علي المالكي: " والمحارب كما في خليل وأقرب المسالك: قاطع
الطريق لمنع سلوك، أو أخذ مال محترم ولو لم يبلغ نصابا، والبضع أحرى على
وجه يتعذر معه الغوث... " (2).
تفسير آية الحرابة:
قوله تعالى: * (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا
أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض...) * (3).
إن محاربة الله ورسوله، بمعنى محاربة المسلمين، جعل محاربتهم محاربة الله
ورسوله تعظيما للفعل.
وأصل الحرب: السلب: فاطلاقه على المجرد للسلاح لإخافة الناس لعله
باعتبار سلب الأمان منهم أو سلب المال منهم أو سلب النفس منهم، وبهذا
الاعتبار يدخل قاطع الطريق والمكابر على المال أو البضع في المحارب.
والفساد: ضد الصلاح، وكل ما يخرج عن وضعه الذي يكون به صالحا نافعا،
يقال: إنه فسد، والمراد بالافساد في الأرض إخافة السبيل والقتل والجراح
وسلب الأموال.
قال الإمام الطوسي: " المحارب عندنا هو الذي أشهر السلاح وأخاف السبيل
سواء كان في المصر أو خارج المصر، فإن اللص المحارب في المصر وغير المصر
سواء.

(1) عيون الأزهار: 484.
(2) الفروق 4: 201 (الهامش).
(3) المائدة: 33.
368

يحاربون الله: أي يحاربون أولياء الله ويحاربون رسوله.
ويسعون في الأرض: وهو ما ذكرناه من اشهار السيف وإخافة السبيل. " (1).
قال العلامة الطباطبائي: "... ومحاربة الله، وإن كانت بعد استحالة معناها الحقيقي
وتعين إرادة المعنى المجازي منها، ذات معنى وسيع يصدق على مخالفة كل حكم من
الأحكام الشرعية وكل ظلم واسراف، لكن ضم الرسول إليه يهدي إلى أن المراد
بها بعض ما للرسول فيه دخل، فيكون كالمتعين أن يراد بها ما يرجع إلى ابطال أثر
ما للرسول عليه ولاية من جانب الله سبحانه كمحاربة الكفار مع النبي (صلى الله عليه وآله)
واخلال قطاع الطريق بالأمن العام الذي بسطه بولايته على الأرض، وتعقب الجملة
بقوله: * (... ويسعون في الأرض فسادا...) * يشخص المعنى المراد وهو الافساد في
الأرض بالاخلال بالأمن وقطع الطريق دون مطلق المحاربة مع المسلمين.
على أن الضرورة قاضية بأن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يعامل المحاربين من الكفار بعد
الظهور عليهم والظفر بهم هذه المعاملة من القتل والصلب والمثلة والنفي. على أن
الاستثناء في الآية التالية قرينة على كون المراد بالمحاربة هو الافساد المذكور
فإنه ظاهر في أن التوبة إنما هي من المحاربة دون الشرك ونحوه.
فالمراد بالمحاربة والافساد على ما هو الظاهر هو الاخلال بالأمن العام،
والأمن العام إنما يختل بايجاد الخوف العام وحلوله محله. ولا يكون بحسب
الطبع والعادة إلا باستعمال السلاح المهدد بالقتل طبعا. " (2).
الروايات من طرقنا:
1 - الكافي " محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي

(1) التبيان 3: 504.
(2) الميزان 5: 354 - أنظر التفسير الكبير 11: 171.
369

أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: من شهر السلاح في مصر
من الأمصار فعقر، اقتص منه، ونفي من تلك البلدة. ومن شهر السلاح في غير
الأمصار، وضرب وعقر وأخذ المال ولم يقتل فهو محارب، فجزاؤه جزاء
المحارب، وأمره إلى الإمام، إن شاء قتله و [إن شاء] صلبه، وإن شاء قطع يده
ورجله، قال: وإن ضرب وقتل وأخذ المال، فعلى الإمام أن يقطع يده اليمنى
بالسرقة ثم يدفعه إلى أولياء المقتول فيتبعونه بالمال ثم يقتلونه. قال: فقال أبو
عبيدة: أصلحك الله، أرأيت إن عفى عنه أولياء المقتول؟ قال: فقال أبو
جعفر (عليه السلام): إن عفوا عنه فإن على الإمام أن يقتله، لأنه قد حارب وقتل وسرق،
قال: فقال: أبو عبيدة: أرأيت إن أراد أولياء المقتول أن يأخذوا منه الدية،
ويدعونه، الهم ذلك؟ قال: فقال: لا، عليه القتل. " (1).
قال المجلسي في المرآة: "... عقره: جرحه. " (2).
ورواه الشيخ في التهذيب (3)، والاستبصار (4)، وصححه المجلسي في المرآة (5)،
والملاذ (6).
2 - وفيه: " علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج،
قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: * (إنما جزاء الذين يحاربون

(1) الكافي 7: 248 ح 12 - وعنه الوسائل 18: 532 ب 1 ح 1 - تفسير العياشي 1: 314
ح 89 - المستدرك 18: 156 ب 1 ح 6 - نور الثقلين 1: 624 ح 169 - تفسير البرهان 1:
467 ح 14 و 25.
(2) مرآة العقول 23: 385.
(3) التهذيب 10: 133 ح 145 - وعنه الوافي 15: 467.
(4) الاستبصار 4: 257.
(5) مرآة العقول 23: 385 - ملاذ الأخيار 16: 262 ح 140.
(6) مرآة العقول 23: 385 - ملاذ الأخيار 16: 262 ح 140.
370

الله...) * (1)، فقلت: أي شئ عليهم من هذه الحدود التي سمى الله عز وجل؟
قال ذلك إلى الإمام إن شاء قطع، وإن شاء صلب، وإن شاء نفى، وإن شاء قتل.
قلت: النفي إلى أين؟ قال: ينفى من مصر إلى مصر آخر. وقال: إن عليا (عليه السلام)
نفى رجلين من الكوفة إلى البصرة. " (2).
ورواه الصدوق في المقنع (3)، وحسنه المجلسي في المرآة (4)، والملاذ (5)، وقال
الفيض: " لعل الغرض من النفي، الاذلال، والصغار. " (6).
أقول: المستفاد من الرواية أن النفي حكم تخييري.
3 - وفيه: " علي، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن عبيد الله بن إسحاق
المدائني، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: سئل عن قول الله عز وجل: * (إنما
جزاء الذين...) * (7) الآية. فما الذي إذا فعله استوجب واحدة من هذه الأربع؟
قال: إذا حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا، فقتل، قتل به، وإن قتل
وأخذ المال، قتل وصلب، وإن أخذ المال ولم يقتل، قطعت يده ورجله من
خلاف، وإن شهر السيف، فحارب الله ورسوله، وسعى في الأرض فسادا ولم
يقتل ولم يأخذ المال ينفى من الأرض، قلت: كيف ينفى وما حد نفيه؟ قال: ينفى

(1) المائدة: 33.
(2) الكافي 7: 245 ح 3 - وعنه الوسائل 18: 523 ب 1 ح 3 - تفسير العياشي 1: 316
ح 94 - البحار 76: 199 ح 17 - المستدرك 18: 157 ب 1 ح 8 - الوافي 15: 465 - نور
الثقلين 1: 622 ح 162 - تفسير البرهان 1: 465 ح 4.
(3) المقنع: 152.
(4) مرآة العقول 23: 382.
(5) ملاذ الأخيار 16: 265 ح 144.
(6) الوافي 15: 288 ذيل ح 15074 (صفة النفي).
(7) المائدة: 33.
371

من المصر الذي فعل فيه ما فعل إلى مصر غيره، ويكتب إلى أهل ذلك المصر، أنه
منفي فلا تجالسوه، ولا تبايعوه، ولا تناكحوه، ولا تواكلوه، ولا تشاربوه، فيفعل
ذلك به سنة، فإن خرج من ذلك المصر إلى غيره، كتب إليهم بمثل ذلك حتى تتم
السنة، قلت: فإن توجه إلى أرض الشرك ليدخلها؟ قال: إن توجه إلى أرض
الشرك ليدخلها قوتل أهلها. " (1).
قال المجلسي في المرآة: " ضعيف على المشهور " (2).
ورواه الشيخ في التهذيب بأسناده، عن علي بن إبراهيم (3).
قال المجلسي في الملاذ: " مجهول " (4).
قال الفيض: " إنما يقاتل أهلها إذا أرادوا استلحاقه إلى أنفسهم، وأبوا أن
يسلموه إلى المسلمين، ليقتلوه. وهذا معنى قوله (عليه السلام): قوتل أهلها. " (5).
ورواه عن محمد بن علي بن محبوب، عن أحمد بن محمد، عن جعفر بن محمد بن
عبيد الله، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن عبيد الله المدائني، عن أبي عبد
الله (عليه السلام) وفيه: " فلا يزال هذه حاله سنة، فإذا فعل به ذلك تاب وهو صاغر " (6).

(1) الكافي 7: 246 ح 8، وعنه الوسائل 18: 534 ب 1 ح 4، نور الثقلين 1: 623 ح 165 -
تفسير البرهان 1: 466 ح 8، الوافي 15: 468 ح 15502، أنظر المستدرك 18: 157 ب 1
ح 7.
(2) مرآة العقول 23: 384.
(3) التهذيب 10: 132 ح 143.
(4) ملاذ الأخيار 16: 262 ح 142.
(5) الوافي 15: 469 ذيل ح 15502.
(6) التهذيب 10: 131 ح 140 - تفسير العياشي 1: 317 ح 99 - البحار 76: 201 ح 19 -
نور الثقلين 1: 623 ح 166.
372

قال المجلسي في الملاذ: " ضعيف " (1).
ورواه الشيخ باسناده، عن يونس (2). وضعفه المجلسي (3).
ورواه العياشي، وفيه: " يضرب عنقه إن أراد الدخول في أرض الشرك. " (4).
4 - وفيه: " علي بن محمد، عن علي بن الحسن التيمي، عن علي بن أسباط،
عن داود بن أبي [ي‍] زيد، عن عبيدة بن بشير الخثعمي، قال: سألت أبا
عبد الله (عليه السلام) عن قاطع الطريق، وقلت: إن الناس يقولون: إن الإمام فيه مخير أي
شئ شاء صنع؟ قال: ليس أي شئ شاء صنع، ولكنه يصنع بهم على قدر
جناياتهم: من قطع الطريق فقتل وأخذ المال قطعت يده ورجله وصلب، ومن
قطع الطريق، فقتل ولم يأخذ المال، قتل، ومن قطع الطريق وأخذ المال، ولم يقتل،
قطعت يده ورجله [من خلافه]. ومن قطع الطريق، ولم يأخذ مالا ولم يقتل، نفي
من الأرض. " (5).
قال المجلسي: " مجهول " (6).
ورواه الشيخ في التهذيب (7) والاستبصار (8)، عن محمد بن يعقوب.

(1) ملاذ الأخيار 16: 260 ح 139.
(2) التهذيب 10: 133 ح 144.
(3) ملاذ الأخيار 16: 263 ح 143.
(4) تفسير العياشي 1: 317 ح 98.
(5) الكافي 7: 247 ح 11 - وعنه الوسائل 18: 534 ب 1 ح 5 - نور الثقلين 1: 623 ح 168
- تفسير البرهان 1: 468 ح 24 - الوافي 15: 466 ح 15499.
(6) مرآة العقول 23: 385.
(7) التهذيب 10: 132 ح 142.
(8) الاستبصار 4: 257 ح 3.
373

وقال المجلسي في الملاذ: " مجهول " (1).
أقول: هذه الرواية معارضة للرواية الثانية، وموافقة للرواية الثالثة، مع
اختصاصها بقاطع الطريق.
5 - الفقيه: " محمد بن علي بن الحسين، قال: سئل الصادق (عليه السلام) عن قول الله
عز وجل: * (إنما جزاء الذين...) * (2) الآية؟ فقال: إذا قتل ولم يحارب ولم يأخذ
المال، قتل، وإذا حارب وقتل، قتل وصلب، فإذا حارب وأخذ المال ولم يقتل
قطعت يده ورجله، فإذا حارب ولم يقتل، ولم يأخذ المال، نفي. وينبغي أن يكون
نفيا شبيها بالقتل والصلب، تثقل رجله ويرمى في البحر. " (3).
6 - الكافي: " علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن حفص، عن عبد الله بن
طلحة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: * (إنما جزاء الذين...) * (4)
الآية، هذا نفي المحاربة غير هذا النفي؟ قال يحكم عليه الحاكم بقدر ما عمل
وينفى ويحمل في البحر، ثم يقذف به لو كان النفي من بلد إلى بلد، كأن يكون
اخراجه من بلد إلى بلد آخر، عدل القتل والصلب والقطع، ولكن يكون حدا
يوافق القطع والصلب. " (5).
7 - العياشي: " عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: * (إنما

(1) ملاذ الأخيار 16: 262 ح 141.
(2) المائدة: 33.
(3) الفقيه 4: 47 ح 26.
(4) المائدة: 33.
(5) الكافي 7: 247 ح 10 - وعنه الوسائل 18: 540 ب 4 ح 5 - ونور الثقلين 1: 623 ح
167 - الوافي 15: 470 ح 15509 - تفسير البرهان 1: 466 ح 10.
374

جزاء الذين...) * (1) قال: الإمام في الحكم فيهم بالخيار، إن شاء قتل، وإن شاء
صلب، وإن شاء قطع، وإن شاء نفى من الأرض. " (2).
أقول: وهي موافقة للرواية الثانية ومعارضة للرواية الثالثة والرابعة.
8 - تفسير علي بن إبراهيم: " حدثني أبي، عن علي بن حسان، عن أبي
جعفر (عليه السلام) قال: من حارب الله وأخذ المال وقتل، كان عليه أن يقتل أو يصلب،
ومن حارب وقتل ولم يأخذ المال، كان عليه أن يقتل ولا يصلب، ومن حارب
فأخذ المال ولم يقتل كان عليه أن تقطع يده ورجله من خلاف، ومن حارب ولم
يأخذ المال ولم يقتل كان عليه أن ينفى. " (3).
9 - النوادر: " عن أبي بصير، عنه (عليه السلام) وسألته عن قول الله تعالى: * (... أن
يقتلوا أو يصلبوا...) * (4)؟ قال: ذلك إلى الإمام، أيما شاء فعل، وسألته عن النفي؟
قال: ينفى من أرض الإسلام كلها، فإن وجد في شئ من أرض الإسلام قتل،
ولا أمان له حتى يلحق بأرض الشرك. " (5).
10 - الدعائم: " قال أبو عبد الله (عليه السلام): وأمر المحارب - وهو الذي يقطع
الطريق، ويسلب الناس، ويغير على أموالهم، ومن كان في مثل هذه الحال - إلى

(1) المائدة: 33.
(2) تفسير العياشي 1: 315 ح 93 - وعنه الوسائل 18: 536 ب 1 ح 9 - وتفسير البرهان 1:
468 ح 18 - والبحار 76: 199 ح 15 - والمستدرك 18: 156 ب 1 ح 5.
(3) تفسير علي بن إبراهيم 1: 167 - وعنه الوسائل 18: 536 ب 1 ح 11 - ونور الثقلين 1:
624 ح 173 - وتفسير البرهان 1: 467 ح 13.
(4) المائدة: 33.
(5) نوادر أحمد بن محمد بن عيسى 147: ح 376 - وعنه البحار 76: 55 ذيل ح 49 - الوافي
15: 470 ح 15508. أقول: إن هذه الرواية تعارض الرواية الثالثة من حيث التخيير ومن
حيث الدخول في بلاد الشرك.
375

الإمام، فإن شاء قتل، وإن شاء صلب، وإن شاء قطع، وإن شاء نفى، ويعاقبه
الإمام على قدر ما يرى من جرمه. " (1).
أقول: وفيها تعريف المحارب، وهي موافقة للرواية الثانية من تخيير الإمام،
وإن كان الذيل يضعف القول بالتخيير.
أقول: للنفي في هذا النص معنى خاص وهو الحبس حتى الموت، كما أن
المستفاد من مجموع الروايات في النفي، معان ثلاثة: 1 - الطرد. 2 - الإلقاء في
البحر. 3 - الحبس.
ثم إن الروايات تنقسم إلى أقسام ثلاثة:
الأول: في مقام تعريف المحارب وبيان حكمه.
الثاني: في مقام بيان الحكم فقط.
الثالث: في مقام تفسير الآية الكريمة.
وهناك تعارض بين القسم الأول والثاني، ولسنا في مقام الخوض في هذا
المجال.
الروايات من غير طرقنا:
1 - مسند زيد: " حدثني زيد بن علي، عن أبيه، عن علي - رضي الله عنهم -
قال: إذا قطع الطريق اللصوص، وأشهروا السلاح، ولم يأخذوا مالا، ولم يقتلوا
مسلما، ثم أخذوا، حبسوا حتى يموتوا، وذلك نفيهم من الأرض. " (2).
2 - أبو داود: " حدثنا محمد بن سنان الباهلي، ثنا إبراهيم بن طهمان، عن
عبد العزيز بن رفيع، عن عبيد بن عمير، عن عائشة، قالت: قال رسول

(1) دعائم الإسلام 2: 476 ح 1712 - وعنه المستدرك 18: 156 ب 1 ح 3.
(2) مسند زيد: 322.
376

الله (صلى الله عليه وآله): لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله،
إلا بإحدى ثلاث: رجل زنى بعد احصان، فإنه يرجم، ورجل خرج محاربا لله
ورسوله، فإنه يقتل أو يصلب، أو ينفى من الأرض، أو يقتل نفسا فيقتل بها. " (1).
أقول: وفي السند، إبراهيم بن طهمان، وهو ضعيف مضطرب الحديث، على ما
قاله الحافظ محمد بن عبد الله بن عمار (2).
وعن إسحاق بن إبراهيم: " لو عرفت من إبراهيم بمرو ما عرفت منه بنيشابور
ما استحللت أن أروي عنه (3) ".
3 - السيوطي: " قال: كان حارثة بن بدر التميمي من أهل البصرة، قد أفسد
في الأرض وحارب، وكلم رجالا من قريش أن يستأمنوا له عليا (عليه السلام)، فأبوا،
فأتى سعيد بن قيس الهمداني، فأتى عليا، فقال: يا أمير المؤمنين ما جزاء الذين
يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا؟ قال: أن يقتلوا أو يصلبوا، أو
تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، أو ينفوا من الأرض. ثم قال: إلا الذين تابوا
من قبل أن تقدروا عليهم. فقال سعيد: وإن كان حارثة بن بدر؟ فقال: هذا
حارثة بن بدر قد جاء تائبا فهو آمن؟ قال: نعم، قال فجاء به إليه فبايعه، وقبل
ذلك منه وكتب له أمانا. " (4).
الآثار:
1 - ابن أبي شيبة: " حدثنا ابن إدريس، عن أبيه، عن حماد، عن إبراهيم:

(1) أبو داود 4: 126 ح 4353 - النسائي 7: 101 - الدر المنثور 2: 278.
(2) سير أعلام النبلاء 7: 382 - ميزان الاعتدال 1: 38.
(3) تأريخ بغداد 6: 105 - أقول: لعل تضعيفه، لأنه كان يرى الإرجاء.
(4) الدر المنثور 2: 279 - كنز العمال 4: 611 ح 1168.
377

* (إنما جزاء الذين...) * قال: إذا خرج وأخاف السبيل، وأخذ المال، قطعت يده
ورجله من خلاف، وإذا أخاف السبيل ولم يأخذ المال، نفي، وإذا قتل قتل، وإذا
أخاف السبيل وأخذ المال وقتل، صلب. " (1).
2 - ابن أبي شيبة: " حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن حجاج عن عطية، عن
ابن عباس في قوله: * (إنما جزاء الذين يحاربون الله...) * الآية. فقال: إذا حارب
الرجل وقتل وأخذ المال، قطعت يده ورجله من خلاف، وصلب، وإذا قتل ولم
يأخذ المال، قتل، وإذا أخذ المال ولم يقتل، قطعت يده ورجله من خلاف، وإذا لم
يقتل ولم يأخذ المال، نفي. " (2).
3 - وفيه: " حدثنا وكيع عن عمران بن جدير عن أبي مجلز في هذه الآية:
* (إنما جزاء...) * قال: إذا قتل وأخذ المال، قتل، وإذا أخذ المال وأخاف السبيل
صلب، وإذا قتل ولم يعد ذلك [قتل وإذا أخذ المال لم يعد ذلك] قطع، وإذا أفسد،
نفي " (3).
4 - وفيه: " حدثنا زيد بن حباب عن أبي هلال عن قتادة عن مورق العجلي،
قال: إذا أخذ المحارب فرفع إلى الإمام، فإن كان أخذ المال ولم يقتل قطع، ولم
يقتل، وإن أخذ المال وقتل قطع وصلب، وإن كان لم يأخذ المال ولم يقتل، لم
يقطع، وإن كان لم يأخذ المال ولم يقتل وساق المسلمين [أخاف] نفي. " (4).
يفهم منه نفي من أخاف المسلمين.
5 - عبد الرزاق: " عن معمر، عن قتادة وعطاء الخرساني والكلبي قالوا في

(1) المصنف 10: 147 ح 9066.
(2) المصنف 12: 283 ح 12837 - الدر المنثور 2: 278.
(3) المصنف 12: 283 ح 12838 - أنظر كتاب الحدود 9067.
(4) المصنف 12: 284 ح 12841.
378

هذه الآية * (إنما جزاء الذين...) * قالوا هذه في اللص الذي يقطع الطريق، فهو
محارب، فإن قتل وأخذ مالا صلب، وإن قتل ولم يأخذ مالا، قتل، وإن أخذ مالا
ولم يقتل، قطعت يده ورجله، فإن أخذ قبل أن يفعل شيئا من ذلك نفي. " (1).
6 - وفيه: " عن معمر، عن الزهري فيمن حارب: أن عليه أن يقتل، أو
يصلب أو يقطع، أو ينفى فلا يقدر عليه، أي ذلك شاء الإمام فعل به، فمتى قدر
عليه أقيم عليه بعض هذه الحدود، قال: إن أخاف السبيل ولم يأخذ مالا نفي،
ونفيه أن يطلب فلا يقدر عليه، كلما سمع في أرض طلب " (2) وفيه معنى خاص
للنفي.
7 - وفيه: " عن ابن جريج عن عبد الكريم - أو غيره - قال: سمعت سعيد بن
جبير وأبا الشعثاء يقولان: إنما النفي أن لا يدركوا فإن أدركوا ففيهم حكم الله،
وإلا نفوا حتى يلحقوا بلدهم. " (3).
وعن الطبري من طريق أبي معاوية عن سعيد بن جبير: " على الإمام وعلى
المسلمين أن يطلبوه حتى يأخذوه فيقيموا عليه حكم الله أو ينفوا من الأرض،
أرض الإسلام إلى أرض الكفر. " (4).
8 - وفيه: " عبد الرزاق: عن إبراهيم، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عباس
قال: نزلت هذه الآية في المحارب: * (إنما جزاء الذين...) * إذا عدا فقطع الطريق
فقتل وأخذ المال، صلب، وإن قتل ولم يأخذ مالا، قتل، وإن أخذ المال ولم يقتل،

(1) المصنف 10: 108 ح 18542 - جامع البيان 6: 123 - الدر المنثور 2: 279.
(2) المصنف 10: 109 ح 18545 - جامع البيان 6: 126 - الدر المنثور 2: 279.
(3) المصنف 10: 109 ح 18546.
(4) جامع البيان 6: 141. أنظر: ص 132 - 141.
379

قطع من خلاف، فإن هرب وأعجزهم فذلك نفيه. " (1).
وفيه أيضا معنى خاص للنفي.
9 - الطبراني: " حدثنا بكر، ثنا عبد الله، حدثني معاوية، عن علي بن أبي
طلحة، عن ابن عباس، في قوله: * (إنما جزاء الذين يحاربون...) * قال: قوم من
أهل الكتاب بينهم وبين النبي (صلى الله عليه وآله) عهد وميثاق، فنقضوا العهد وفسدوا في
الأرض، فخير الله نبيه (صلى الله عليه وآله)، إن شاء أن يقتل، وإن شاء صلب، وإن شاء أن
يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، وأما النفي فهو الهرب في الأرض، فإن جاء
تائبا فدخل في الإسلام قبل منه، ولم يؤخذ بما سلف منه. " (2).
قال الهيثمي: " وعلي بن أبي طلحة، لم يدرك ابن عباس. " (3).
10 - الدر المنثور: " أخرج ابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم والنحاس
في ناسخه عن ابن عباس قوله: * (إنما جزاء...) * قال: من شهر السلاح في قبة
الإسلام وأفسد السبيل وظهر عليه وقدر فامام المسلمين مخير فيه إن شاء قتله وإن
شاء صلبه وإن شاء قطع يده ورجله، قال: * (... أو ينفوا من الأرض...) * يهربوا
يخرجوا من دار الإسلام إلى دار الحرب. " (4).
11 - وفيه: " أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: نفيه أن يطلبه الإمام حتى
يأخذه، أقام عليه إحدى هذه المنازل التي ذكر الله، بما استحل. " (5).
12 - وفيه: " أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك قال: كان قوم

(1) المصنف 10: 109 ح 18544.
(2) المعجم الكبير 12: 256 ح 13032 - وعنه مجمع الزوائد 7: 15.
(3) مجمع الزوائد 7: 15.
(4) الدر المنثور 2: 278.
(5) الدر المنثور 2: 279.
380

بينهم وبين النبي (صلى الله عليه وآله) ميثاق فنقضوا العهد وقطعوا السبيل وأفسدوا في الأرض
فخير الله نبيه فيهم إن شاء قتل وإن شاء صلب وإن شاء قطع أيديهم وأرجلهم من
خلاف: * (... أو ينفوا من الأرض...) *؟ قال: هو أن يطلبوا حتى يعجزوا فمن تاب
قبل أن يقدروا عليه قبل ذلك منه. " (1).
13 - وفيه: " أخرج عبد بن حميد عن الحسن في قوله: * (... أو ينفوا من
الأرض...) * قال: من بلد إلى بلد. " (2).
14 - وفيه: " وأخرج ابن جرير عن الحسن: قال: ينفى حتى لا يقدر
عليه. " (3).
15 - وفيه: " أخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في الآية قال: من أخاف
سبيل المؤمنين نفي من بلد إلى غيره " (4).
16 - وفيه: " أخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس في الآية قال: يخرجوا من
الأرض أينما أدركوا خرجوا حتى يلحقوا بأرض العدو. " (5).
أقول: وأكثر هذه النصوص واردة في مقام تفسير الآية الكريمة والمستفاد من
بعضها أن النفي حكم تخييري، ومن البعض الآخر: أنه بعض مراتب حكم
المحارب.
17 - ابن جرير: " عن عبد الكريم أنه سئل عن أبوال الإبل؟ فقال: حدثني
سعيد بن جبير عن المحاربين، قال: كان ناس، أتوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالوا نبايعك
على الإسلام، فبايعوه، وهم كذبة، وليس الإسلام يريدون، ثم قالوا: إنا نجتوي
المدينة، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) هذه اللقاح تغدو عليكم وتروح، فاشربوا من أبوالها
وألبانها، فبينما هم كذلك إذ جاء الصريخ يصرخ إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: قتلوا

(1) - (5) المصدر السابق.
381

الراعي، وساقوا النعم، فأمر نبي الله (صلى الله عليه وآله) فنودي في الناس: أن يا خيل الله
اركبي، فركبوا لا ينتظر فارس فارسا، وركب رسول الله (صلى الله عليه وآله) على أثرهم، فلم
يزالوا يطلبونهم حتى أدخلوهم مأمنهم، فرجع صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقد
أسروا منهم فأتوا بهم النبي (صلى الله عليه وآله) فأنزل الله تعالى: * (إنما جزاء الذين يحاربون الله
ورسوله ويسعون في الأرض فسادا...) * (1) الآية، قال: فكان نفيهم أن نفوهم حتى
أدخلوهم مأمنهم وأرضهم ونفوهم من أرض المسلمين وقتل نبي الله (صلى الله عليه وآله) منهم،
وصلب، وقطع، وسمل الأعين، قال: فما مثل نبي الله قبل ولا بعد، ونهى عن
المثلة، وقال: لا تمثلوا بشئ، قال: وكان أنس بن مالك يقول نحو ذلك غير أنه
قال أحرقهم بالنار بعد ما قتلهم، قال: وبعضهم يقول: هم ناس من بني سليم،
ومنهم من عرنية ناس من بجيلة. " (2).
وقفة للمتأمل: ما رواه الطبري، هو قصة عكل والعرنيين، وقد نسب فيه أنس
- ومع الأسف - إلى النبي (صلى الله عليه وآله) أنه مثل بهم فقطع أيديهم وأرجلهم ثم سمل - أو
سمر - أعينهم، بمعنى كحلهم بمسامير حميت حتى ذهب بصرها - كما في سنن
النسائي (3) - وأحرقهم بالنار، وذلك في السادسة من الهجرة.
وقد أورده أرباب التواريخ والحديث والتفسير والفقه من العامة، وأرسلوه
ارسال المسلمات (4) مع أن هذه النسبة، مما تشوه سمعة الإسلام، وتؤيد جانب

(1) المائدة: 33.
(2) جامع البيان 6: 133 - كنز العمال 2: 404 ح 4363.
(3) النسائي 7: 94.
(4) مسند أحمد 3: 163 - البخاري 4: 174 (المحاربين) - أبو داود 4: 131 - ابن ماجة 2:
821 - الجامع الصحيح 1: 106 ب 55 ح 72 - الطيالسي: 268 ح 2002 - المعجم الكبير
(للطبراني) 2: 358 ح 2509 - مصنف عبد الرزاق 9: 258 ح 17132 - كنز العمال 2:
403 - الكامل في التأريخ 2: 210 - المقتصر 2: 146 - الواقدي 2: 568 - التنبيه
والأشراف: 220 - الوفا بأحوال المصطفى 2: 713 - طبقات ابن سعد 4: 346 - تأريخ
الطبري 3: 1558 - روضة الصفا 2: 309 - تأريخ ابن كثير 4: 180 - تفسير الرازي 4:
188 - روح البيان 5: 100 - الآلوسي 14: 257 - الخازن 2: 36 - المنار 6: 352 - نيل
الأوطار 7: 157.
382

المدعين: أن الإسلام دين السيف، لا المنطق.
المحتملات في قصة العرنيين:
وهذا الفعل ثبوتا لا يخلو عن إحدى العناوين الآتية: إما بعنوان القصاص،
وإما بعنوان حد المحارب، وإما من باب المثلة.
أما الاحتمال الأول: القصاص: فقد مال إليه ابن الجوزي (1).
ويرد عليه: أولا: لا مطابقة بين الجناية والقصاص، وذلك لأن جريمة القوم،
كانت قتل الراعي، ونهب إبل الصدقة والارتداد، فالقطع: للسرقة، والقتل
للارتداد، وقتل الراعي، أولهما معا. فما وجه سمل أعينهم وعدم سقيهم الماء، ثم
إلقائهم في حر الشمس - أو في النار؟
إن قلت: إنهم سملوا عين الراعي. قلت: أولا: لم يرد ذلك في أكثر النصوص.
ثانيا: روى الواقدي: أنهم غرزوا الشوك في لسان الراعي وعينيه (2) فمقتضى
القصاص هو غرز الشوك، لا سمل العين بحديدة محماة، فلماذا لم يقتص النبي (صلى الله عليه وآله)
منهم بغرز الشوك في ألسنتهم؟
ثالثا: هل يسمل عيون ثمانية لأجل راع واحد، أو رعاة ثلاث (3)؟ وهل

(1) أنظر: نيل الأوطار 7: 157.
(2) الواقدي 2: 568.
(3) الميزان 6: 330 - البخاري 4: 174 (المحاربين) - و 2: 174 (الجهاد).
383

يقتص من ثمانية أحرار، لعبد واحد، أو ثلاثة؟ (1).
رابعا: لو كان هذا بعنوان القصاص فلماذا نزلت الآية - المحاربة - عتابا لرسول
الله (صلى الله عليه وآله) - كما عن ابن عمر وأبي الزناد والليث بن سعد (2) -؟ ولماذا أخذ
النبي (صلى الله عليه وآله) ينهى عن المثلة ويأمر بالصدقة، بعد نزول الآية؟ أتراه - والعياذ
بالله - ينهى عن اجراء الحكم الشرعي؟!
خامسا: ادعى أنس: " فلقد رأيت أحدهم يكدم الأرض بفيه عطشا حتى
ماتوا " (3)، وعن البعض: أن النبي (صلى الله عليه وآله) أحرقهم بالنار (4). مع أنهم رووا عن
النبي (صلى الله عليه وآله): أن النار لا يعذب بها إلا الله (5)، وأجمعوا على أن من وجب عليه
القتل لو استسقى الماء لا يمنع الماء قصدا، فيجمع عليه عذابان.
سادسا: كيف يوافق - سمل العيون لعين - مع ما ورد في فقههم: فيما إذا اشترك
جماعة في جرح يوجب القود على الواحد كقلع العين وقطع اليد، أنه لا يقطع
الجماعة بالواحد. كما عن الثوري وأبي حنيفة (6).
سابعا: هل أنهم صلبوا الرعاة حتى يكون صلبهم من باب القصاص؟! وقد
ادعى أنس: " أنهم صلبوا، وأني لواقف أنظر إليهم " (7).

(1) الواقدي 2: 568.
(2) النسائي 7: 100 - أبو داود 4: 132 - كنز العمال 2: 405 - المنار 6: 353 - الخازن 2:
37.
(3) أنظر الجامع الصحيح 1: 106 ب 55 ح 72.
(4) كنز العمال 2: 404 ح 4363.
(5) البخاري 2: 172 - أحمد 1: 217 و 219 و 282 - و ج 3: 494 - المعجم الكبير 3: 177
ح 2995 - و ج 7: ح 6223.
(6) أنظر: الخلاف 2: 346 المسألة 17.
(7) الواقدي 2: 569.
384

الاحتمال الثاني: كونه حد المحارب:
أما لو ادعي أن فعل النبي (صلى الله عليه وآله) كان بعنوان حد المحاربة، ففيه:
أولا: اتفق أهل السنة أنها نزلت بعد فعله بهم فلم يكن هذا الحكم مشرعا قبل
ذلك.
ثانيا: لماذا نزلت الآية توبيخا وعتابا - على ما قيل - لرسول الله (صلى الله عليه وآله). ولماذا
نهى (صلى الله عليه وآله) عنه بعد ذلك. فهل يعاتب النبي (صلى الله عليه وآله) على اجراء الحد، أو ينهى عنه؟!.
ثالثا: ليس في حد المحارب سمل العين والإلقاء في الحر ولا المنع من السقي.
الاحتمال الثالث: المثلة:
ولكن فيه: كيف مثل بهم، في السنة السادسة، مع ورود النهي عنه في السنة
الثالثة - في غزوة أحد.
وقد اتفق المفسرون (1) على أن قوله تعالى: * (وإن عاقبتم...) * (2) نزلت في وقعة
أحد. بل ادعى النحاس: أنها نزلت في مكة.
والصحيح في المقام: أن أصل القصة مما تظافر بها النصوص وأما سمل العين
وقطع الألسن ومنعهم من الماء والقاؤهم في الحر، أو حرقهم، كلها من المجعولات
التي تقصد بذلك الحط من شخصية النبي الكريم.
والنصوص الواردة من طريق (3) أهل البيت (عليهم السلام) وبعض طرق العامة، خالية
عن هذه المزاعم.

(1) الدر المنثور 2: 278 - الآلوسي 14: 257 - الطبري 3: 1420 - كنز العمال 2: 403 -
أحمد 3: 290.
(2) النحل: 126.
(3) صرح العلامة الطباطبائي: " بخلو النصوص من طرقنا عن ذلك " الميزان 5: 360.
385

الروايات:
1 - فقد ورد عن علي بن الحسين (عليه السلام) أنه قال: لا والله ما سمل رسول
الله (صلى الله عليه وآله) عينا ولا زاد أهل اللقاح على قطع أيديهم وأرجلهم (1).
2 - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قدم على رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوم من بني ضبة
مرضى، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله): أقيموا عندي، فإذا برئتم بعثتكم في سرية،
فقالوا: أخرجنا من المدينة، فبعث بهم إلى إبل الصدقة يشربون من أبوالها،
ويأكلون من البانها، فلما برئوا واشتدوا، قتلوا ثلاثة ممن كان في الإبل، فبلغ
رسول الله (صلى الله عليه وآله) فبعث إليهم عليا، وإذا هم في واد تحيروا ليس يقدرون أن
يخرجوا منه، قريبا من أرض اليمن، فأسرهم، وجاء بهم إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)
فنزلت هذه الآية: * (إنما جزاء الذين...) * (2)، فاختار رسول الله (صلى الله عليه وآله) القطع،
فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف. " (3).
وقد ورد عن أبي جعفر (عليه السلام): أن أنس كذب على النبي (صلى الله عليه وآله) ولعله إشارة إلى
هذه القصة، أو أنها كذبة أخرى من أنس.
3 - عن أبي جعفر (عليه السلام): " أن أول من استحل الأمراء العذاب لكذبة كذبها
أنس بن مالك على رسول الله (صلى الله عليه وآله): سمر يد رجل إلى الحائط، ومن ثم استحل
الأمراء العذاب " (4).

(1) الأم 4: 162 - أبو حنيفة، لابن زهرة: 250 - أنظر: مصنف عبد الرزاق 9: 258.
(2) المائدة: 33.
(3) الكافي 7: 245 ح 1 - التهذيب 10: 134 ح 150 - الوسائل 18 6 535 ب 1 ح 7.
(4) علل الشرائع 2: 541 ح 18 - وعنه البحار 76: 203 ح 1.
أقول: أنس، من الثلاثة الذين قال الصادق (عليه السلام) فيهم: إنهم كانوا يكذبون على رسول
الله (صلى الله عليه وآله). أنظر: الخصال باب الثلاثة، ح 263 - معجم رجال الحديث 3: 241. وأما ما
ورد عن سعيد بن جبير، فهو فضلا عن ارساله، مروي عن عبد الكريم، وهو ابن مالك
الجزري. وقد توقف ابن حبان في الاحتجاج به. أنظر: ميزان الاعتدال 2: 645. وأما
عندنا فمهمل.
386

4 - وعن ابن بلال: " أن رسول الله (صلى الله عليه وآله)... لم يسمل عينا قط ولم يزد على
قطع اليد والرجل. " (1).
5 - وعن السدي - في قوله تعالى: " * (إنما جزاء الذين يحاربون...) * (2) بعث
رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأتي بهم فأراد أن يسمل أعينهم فنهاه الله عن ذلك وأمره أن
يقيم فيهم الحد. " (3).
أقول: نعم إذا كان فيهم طليعة، فتسمل عينه كما عن شيخ الطائفة: " والذي
نقوله: إن عندنا إن كان فيهم طليعة لهم حتى يقتلوا قوما، سملت عين الربيئة،
وأجري الحد على الباقين. " (4).
آراء فقهائنا:
1 - الصدوق: " والمحارب يقتل أو يصلب أو يقطع يده ورجله من خلاف، أو
ينفى من الأرض كما قال الله عز وجل، وذلك مفوض إلى الإمام: إن شاء صلب
وإن شاء قطع يده ورجله من خلاف وإن شاء نفاه من الأرض. " (5).
2 - المفيد: " وأهل الدغارة (6) إذا جردوا السلاح في دار الإسلام وأخذوا

(1) أبو داود 4: 131 (الحدود).
(2) المائدة: 33.
(3) الدر المنثور 2: 278.
(4) تفسير التبيان 6: 503.
(5) الهداية: 77.
(6) المفسد، الخبيث، قطاع الطريق، المخيف، ويأتي على معان أخرى، أنظر: مجمع البحرين 3
: 302 - معيار اللغة 1: 412 - لسان العرب 13: 286 - معجم مقاييس اللغة 2: 283.
387

الأموال كان الإمام مخيرا فيهم: إن شاء قتلهم بالسيف وإن شاء صلبهم حتى
يموتوا، وإن شاء قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وإن شاء نفاهم عن المصر إلى
غيره ووكل بهم من ينفيهم عنه إلى ما سواه حتى لا يستقر بهم مكان إلا وهم
منفيون عنه مبعدون إلى أن تظهر منهم التوبة والصلاح. " (1).
3 - الشيخ الطوسي: " المحارب... إن أخذ المال ولم يقتل ولم يجرح، قطع، ثم
نفي عن البلد، وإن جرح ولم يأخذ المال ولم يقتل وجب عليه أن يقتص منه، ثم
ينفى بعد ذلك من البلد الذي فعل ذلك فيه إلى غيره، وكذلك أن لم يجرح ولم يأخذ
المال، وجب عليه أن ينفى من البلد الذي فعل فيه ذلك الفعل إلى غيره، ثم يكتب
إلى أهل ذلك المصر بأنه منفي محارب فلا تواكلوه ولا تشاربوه، ولا تبايعوه، ولا
تجالسوه، فإن انتقل إلى غير ذلك من البلدان، كوتب أيضا أهلها بمثل ذلك، فلا
يزال يفعل به ذلك حتى يتوب، فإن قصد بلاد الشرك، لم يمكن من الدخول فيها،
وقوتلوا هم على تمكينهم [إياه] من دخولها. " (2).
وقال في التبيان: " * (... ويسعون في الأرض فسادا...) *: وهو ما ذكرناه من
إشهار السيف وإخافة السبيل... وإن أخاف السبيل فقط فإنما عليه النفي لا غير،
هذا مذهبنا... " (3).
وقال أيضا: " * (... أو ينفوا من الأرض...) * في معناه ثلاثة أقوال:
الأول: أنه يخرج من بلاد الإسلام وينفى من بلد إلى بلد إلا أن يتوب ويرجع
وهو الذي نذهب إليه، وبه قال ابن عباس وأنس بن مالك، ومالك بن أنس

(1) المقنعة: 804.
(2) النهاية: 720.
(3) التبيان 3: 502 - مثله في مجمع البيان 3: 188.
388

والحسن والسدي والضحاك، وقتادة وسعيد بن جبير، والربيع بن أنس
والزهري.
وقال أصحابنا لا يمكن أيضا من دخول بلاد الشرك، ويقاتل المشركون على
تمكينهم من ذلك حتى يتوبوا ويرجعوا إلى الحق.
وقال الفراء: النفي أن يقال: من قتله فدمه هدر.
والثاني: أنه ينفى من بلد إلى بلد غيره ذهب إليه سعيد بن جبير في رواية
أخرى، وعمر بن عبد العزيز.
الثالث: أن النفي هو الحبس ذهب إليه أبو حنيفة وأصحابه.
أصل النفي الاهلاك ومنه النفي: الاعدام، فالنفي الاهلاك بالاعدام. ومنه
النفاية لردئ المتاع. ومنه النفي وهو ما تطاير من الماء عن الدلو... " (1).
وقال في الخلاف: " قد بينا أن نفيه عن الأرض أن يخرج من بلده ولا يترك أن
يستقر في بلد حتى يتوب، فإن قصد بلد الشرك منع من دخوله وقوتلوا على
تمكينهم [إياه] من دخوله إليهم، وقال أبو حنيفة: نفيه أن يحبس في بلده، وقال
أبو العباس بن سريج يحبس في غير بلده.
دليلنا: اجماع الفرقة وأخبارهم. " (2).
وقال في المبسوط: " فقال قوم إذا شهر السلاح وأخاف السبيل لقطع الطريق
كان حكمه متى ظفر به الإمام التعزير. وهو أن ينفى عن بلده ويحبس في غيره،
وفيهم من قال: يحبس في غيره، وهذا مذهبنا، غير أن أصحابنا رووا أنه لا يقر في
بلده وينفى عن بلاد الإسلام كلها. " (3).

(1) التبيان 3: 506.
(2) الخلاف 2: 479 / قطاع الطريق.
(3) المبسوط 8: 47.
389

4 - أبو الصلاح: " وإن كانوا محاربين وهم الذين يخرجون عن دار الأمن لقطع
الطريق وإخافة السبيل والسعي في الأرض بالفساد، فعلى سلطان الإسلام أو من
تصح دعوته أن يدعوهم... إن لم يقتلوا ولم يأخذوا مالا أن ينفيهم من الأرض
بالحبس أو النفي من مصر إلى مصر حتى يؤمنوا، أو يرى الصفح عنهم... " (1).
5 - سلار: " المجرد للسلاح في أرض بلاد الإسلام والساعي فيها فسادا: إن
شاء الإمام...، وإن شاء نفاه من الأرض... " (2).
6 - القاضي ابن البراج: " من كان من أهل الريبة وجرد سلاحا في بر أو بحر،
أو في بلده أو في غير بلده في ديار الإسلام أو في ديار الشرك ليلا أو نهارا كان
محاربا... فإن أخذ المال ولم يقتل أحدا ولا جرحه كان عليه القطع ثم النفي من
البلد الذي هو فيه. وإن جرح ولم يأخذ مالا ولا قتل أحدا، كان عليه القصاص،
والنفي بعد ذلك من البلد الذي فعل فيه ذلك إلى غيره. وإن لم يجرح ولا أخذ مالا
كان عليه النفي كما قدمناه... " (3).
7 - السيد ابن زهرة: " وأسري من عدا من ذكرناه من المحاربين على أخذ
المال، وإن كانوا قتلوا (4) ولم يأخذوا مالا نفوا من الأرض بالحبس أو النفي من
مصر إلى مصر كل ذلك بالاجماع من الطائفة عليه. " (5).
8 - ابن حمزة: " المحارب: كل من أظهر السلاح من الرجال أو النساء في أي

(1) الكافي في الفقه: 251 و 252.
(2) المراسم: 251.
(3) المهذب 2: 553.
(4) كذا في الأصل، والظاهر أنه تصحيف ولعل الصحيح: قاتلوا ولم يقتلوا أو لم يقاتلوا: بمعنى
أنهم شهروا السلاح فقط.
(5) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): 522.
390

وقت وأي موضع يكون،... وإن لم يجن وأخاف نفي عن البلد، وعلى هذا حتى
يتوب، وإن جنى وجرح اقتص منه، ونفي عن البلد، وإن أخذ المال قطعت يده
ورجله من خلاف ونفي... " (1).
9 - ابن إدريس: " هو كل من قصد إلى أخذ مال الإنسان وشهر السلاح في بر
أو بحر، أو حضر، أو سفر، فمتى كان شئ من ذلك، جاز للإنسان دفعه عن نفسه
وماله.
وقال في حد المحاربين، ذيل آية الحرابة: ولا خلاف بين الفقهاء أن المراد بهذه
الآية قطاع الطريق... وعندنا كل من شهر السلاح لإخافة الناس في بر كان أو
بحر، في العمران والأمصار أو في البراري والصحاري وعلى كل حال، فإذا ثبت
ذلك فالإمام مخير فيه بين أربعة أشياء كما قال تعالى: بين أن يقطع يده ورجله من
خلاف، أو يقتل، أو يصلب أو ينفى، هذا بنفس شهر السلاح وإخافة الناس. " (2).
10 - الراوندي: " من جرد السلاح في مصر أو غيره وهو من أهل الريبة على
كل حال كان محاربا، وله خمسة أحوال: فإن جرح ولم يأخذ المال ولم يقتل،
وجب أن يقتص منه ثم ينفى بعد ذلك، وإن لم يجرح ولم يأخذ المال وجب أن ينفى
من البلد الذي فعل فيه ذلك إلى غيره على ما قدمناه... " (3).
11 - المحقق الحلي: " في المحارب، وهو كل مجرد سلاحا في بر أو بحر ليلا أو
نهارا لإخافة السابلة، وإن لم يكن من أهلها على الأشبه. وحده: القتل، أو
الصلب، أو القطع مخالفا، أو النفي... وينفى المحارب عن بلده... " (4).

(1) الوسيلة: 206.
(2) السرائر 3: 505 - و 2: 9.
(3) فقه القرآن 2: 191.
(4) المختصر النافع: 226.
391

وقال في الشرائع: " وحد المحارب: القتل... أو النفي... " (1).
12 - يحيى بن سعيد: " والمسلم المحارب... فإن أخاف ولم يجن نفي من
الأرض، بأن يغرق - على قول - أو يحبس على آخر، أو ينفى من بلاد الإسلام
سنة حتى يتوب... فإن جرح فقط، جرح ونفي. " (2).
13 - علاء الدين الحلبي: " والمفسدون في الأرض كقطاع الطرق والواثبين
على نهب الأموال، يقتلون إن قتلوا... وإن لم يحدث منهم سوى الإخافة
والإرجاف، نفوا من بلد إلى بلد وأودعوا السجن إلى أن يتوبوا، أو
يموتوا. " (3).
14 - العلامة الحلي: " كل من جرد السلاح للإخافة في بر أو بحر ليلا أو نهارا،
تخير الإمام بين قتله وصلبه وقطعه مخالفا، ونفيه، ولو تاب قبل القدرة عليه سقط
الحد دون حقوق الناس، ولو تاب بعدها لم يسقط. " (4).
وقال في التحرير: " المحارب من جرد السلاح لإخافة الناس في بر أو بحر ليلا
كان أو نهارا في مصر وغيره وسواء كان في العمران أو في البراري والصحاري
وعلى كل حال، وهل يشترط كونه من أهل الريبة الظاهر من كلامه - في النهاية -
الاشتراط، والوجه المنع إذا عرف أنه قصد الإخافة... " (5).
وقال في القواعد: " كل من أظهر السلاح وجرده لإخافة الناس في بر أو بحر
ليلا كان أو نهارا في مصر أو غيره... ولا يشترط كونه من أهل الريبة على

(1) شرائع الإسلام 4: 180.
(2) الجامع للشرائع: 242.
(3) إشارة السبق: 144.
(4) تبصرة المتعلمين: 190.
(5) تحرير الأحكام 2: 233.
392

اشكال. " (1).
15 - قال ولده فخر المحققين في وجه الاشكال: " أقول: منشؤه من اختلاف
الأصحاب: فالمشهور من فتاويهم ما ذكره الشيخ في النهاية فقال: المحارب هو
الذي يجرد السلاح ويكون من أهل الريبة. وقال المفيد: أهل الإغارة إذا جردوا
السلاح في دار الإسلام...
وذكر أحكام المحارب وعموم الآية يدل على عدم الاشتراط وهو الأقوى
عندي. " (2).
16 - الشهيدان: " وهي تجريد السلاح برا أو بحرا ليلا أو نهارا لإخافة الناس
في مصر وغيره من ذكر أو أنثى قوي أو ضعيف من أهل الريبة أم لا، قصد الإخافة
أم لا... " (3).
17 - الفاضل المقداد: " أصل الحرب، السلب، ومنه حرب الرجل ماله أي
سلبه فهو محروب وحريب، وعند الفقهاء كل من جرد السلاح لإخافة الناس في
بر أو بحر، ليلا أو نهارا، ضعيفا كان أو قويا، من أهل الريبة كان أو لم يكن، ذكرا
كان أو أنثى فهو محارب، ويدخل في ذلك قاطع الطريق، والمكابر على المال أو
البضع. " (4).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - أبو يوسف: "... ونفيه - المحارب - من الأرض صلبه، وكان يروى ذلك

(1) قواعد الأحكام 2: 272 - أنظر: كشف الرموز للآبي 2: 285.
(2) إيضاح الفوائد 4: 543.
(3) الروضة البهية 9: 290.
(4) كنز العرفان 2: 351 - أنظر: رياض المسائل 2: 495.
393

عن حماد عن إبراهيم. " (1).
2 - ابن رشد: " واختلف أيضا في قوله: * (... أو ينفوا من الأرض...) * فقيل:
إن النفي هو السجن، وقيل: إن النفي هو أن ينفى من بلد إلى بلد فيسجن فيه إلى أن تظهر توبته، وهو قول ابن
القاسم عن مالك، ويكون بين البلدين أقل ما تقصر
فيه الصلاة، والقولان عن مالك، وبالأول قال أبو حنيفة وقال الشافعي: أما النفي
فغير مقصود، ولكن إن هربوا شردناهم في البلاد بالاتباع، وقيل: هي عقوبة
مقصودة، فقيل: على هذا ينفى ويسجن دائما. وكلها عن الشافعي. " (2).
3 - ابن قدامة: " أن المحاربين إذا أخافوا السبيل ولم يقتلوا ولم يأخذوا مالا
فإنهم ينفون من الأرض، لقول الله تعالى: * (... أو ينفوا من الأرض...) * ويروى
عن ابن عباس أن النفي يكون في هذه الحالة، وهو قول النخعي وقتادة، وعطاء
الخرساني، والنفي هو تشريدهم عن الأمصار والبلدان فلا يتركون يأوون بلدا
ويروى نحو هذا عن الحسن والزهري وعن ابن عباس: أنه ينفى من بلده إلى بلد
غيره كنفي الزاني، وبه قال طائفة من أهل العلم، قال أبو الزناد: كان منفى الناس
إلى باضع من أرض الحبشة وذلك أقصى تهامة اليمن، وقال مالك يحبس في البلد
الذي ينفى إليه كقوله في الزاني، وقال أبو حنيفة: نفيه حبسه حتى يحدث توبة
ونحو هذا قال الشافعي، فإنه قال في هذه الحال يعزرهم الإمام، وإن رأى أن
حبسهم، وقيل عنه: النفي طلب الإمام لهم ليقيم فيهم حدود الله تعالى، وروي
ذلك عن ابن عباس، وقال ابن سريج يحبسهم في غير بلدهم، وهذا مثل قول
مالك وهذا أولى لأن تشريدهم إخراج لهم إلى مكان يقطعون فيه الطريق
ويؤذون به الناس فكان حبسهم أولى. وحكى أبو الخطاب، عن أحمد رواية

(1) الخراج: 177 - أنظر: المحلى 11: 183.
(2) بداية المجتهد 2: 456.
394

أخرى معناها: أن نفيهم طلب الإمام لهم فإذا ظفر بهم عزرهم بما يردعهم، ولنا:
ظاهر الآية، فإن النفي الطرد والابعاد، والحبس إمساك وهما يتنافيان، فأما نفيهم
إلى غير مكان معين فلقوله سبحانه: * (... أو ينفوا من الأرض...) * وهذا يتناول
نفيه من جميعها وما ذكروه يبطل بنفي الزاني فإنه ينفى إلى مكان يحتمل أن يوجد
منه الزنا فيه " (1).
4 - أحمد بن يحيى: " والمحارب يعزره الإمام أو ينفيه بالطرد ما لم يكن أحدث،
وإلا قطع يده ورجله من خلاف... " (2).
5 - البهوتي: " قطاع الطريق: وهم الذين يتعرضون للناس بالسلاح ولو عصا
أو حجرا، في الصحراء أو البنيان أو البحر، فيغصبونهم المال المحرم مجاهرة لا
سرقة... فإن لم يصيبوا نفسا ولا مالا يبلغ نصاب السرقة نفوا بأن شردوا متفرقين
فلا يتركوا يأوون إلى بلد حتى تظهر توبتهم. " (3).
6 - الشوكاني: " حد المحارب هو أحد الأنواع المذكورة في القرآن،... أو
النفي من الأرض يفعل الإمام منها ما رأى فيه صلاحا لكل من قطع طريقا ولو
في المصر... أما النفي من الأرض فهو طرده عن الأرض التي أفسد فيها وقيل: إنه
الحبس وهو خلاف المعنى العربي. " (4).

(1) المغني 8: 295.
(2) عيون الأزهار: 484.
(3) الروض المربع: 352.
(4) الدراري المضيئة: 240 - أنظر: المجموع 20: 108 - المبسوط للسرخسي 9: 135 -
تبيين الحقائق 3: 236 - فتح القدير 4: 270 - البدائع والصنائع 7: 95 - حاشية الدسوقي
4: 349 - القوانين الفقهية: 363 - المنتقى على الموطأ 7: 173 - مغني المحتاج 4: 181 -
المهذب 2: 284 - المنار 6: 362.
395

7 - المرداوي: " قوله: ومن لم يقتل ولا أخذ المال: نفي وشرد، فلا يترك
يأتي إلى البلد. "، وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في
الوجيز وغيره، قال الزركشي: هذا المذهب المجزوم به عند القاضي، وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي
والبلغة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم، وهو من
مفردات المذهب.
وعنه: أن نفيه تعزيره بما يردعه.
وقال في التبصرة: يعزر ثم ينفى ويشرد. وعنه أن نفيه حبسه. وفي الواضح
وغيره رواية: نفيه طلبه. " (1).
فروع ومسائل
الأول: مدة النفي:
أن الروايات مطلقة - من حيث مدة النفي - ولكن في رواية المدائني عن أبي
الحسن الرضا (عليه السلام): التقدير بسنة. هذا، ولكن مقتضى رواية المدائني عن أبي
عبد الله (عليه السلام)، أن الملاك هو التوبة، وأن الافراج عنه لمدة سنة إنما هو لأجل أنه
سيتوب خلالها.
ومقتضى ذيل آية المحاربة، أن التوبة بعد الظفر لا أثر لها. هذا: ولم نعثر على من
حدد المدة بالسنة، غير يحيى بن سعيد، بل صرح المفيد في المقنعة، وابن إدريس:
بأنه نفيا أبديا أو يتوب، وكذا الشهيد الأول في غاية المراد، والفاضل الهندي في
كشف اللثام. وهو رأي جمهور العامة، وعن ظاهر شرح المنهاج للنووي: أن

(1) الانصاف 10: 298.
396

المرجع هو تقدير الإمام، وعن بعض المالكية: إن تاب قبل تمام العام فلا يفرج
عنه قبل كمال السنة، وعند الشافعية سنة ينقص منها شيئا، وعن بعض الحنابلة:
سنة، وعن آخرين: ستة أشهر.
هذا وعن الإمام الخوئي: أنه ينفى إلى الأبد.
الروايات:
1 - الكافي: "... عن عبيد الله بن إسحاق المدائني، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)
... ويكتب إلى أهل ذلك المصر أنه منفي... فيفعل ذلك به سنة... " (1).
2 - التهذيب: " عن عبيد الله المدائني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)... فلا يزال هذه
حاله سنة، فإذا فعل به ذلك تاب وهو صاغر. " (2).
أقول، وفيهما ضعف وقد مر، والافراج عنه إنما يكون بعد التوبة، فالمدار على
التوبة، لا انقضاء العام.
آراء فقهائنا:
1 - المفيد: "... إلى أن تظهر منهم التوبة والصلاح. " (3).
2 - ابن إدريس: " وأما نفي المحارب فأبدا، إلى أن يتوب ويرجع الحق،
وينيب إلى الله تعالى. " (4).
3 - ابن فهد الحلي: " التغريب عموما بالنسبة إلى الزمان والبلدان، فيمنع من

(1) الكافي 7: 246 ح 8.
(2) التهذيب 10: 131 ح 140.
(3) المقنعة: 804.
(4) السرائر 3: 454.
397

كل بلد يقصده دائما حتى يتوب، وهو في المحارب. " (1).
4 - الشهيد الأول: " قد تضمنت الرواية تقدير النفي سنة، ولم يذكره معظم
الأصحاب، ولعل الأشبه حملها على التوبة في الأثناء، أو على رأسها، وهو
موجود في رواية عبد الله، عن الكاظم (عليه السلام) في قوله (عليه السلام) فإنه سيتوب قبل ذلك
وهو صاغر، وبتقدير عدم حصول التوبة، يسمى [كذا] النفي عملا باطلاق
الآية. " (2).
5 - يحيى بن سعيد: "... أو ينفى من بلاد الإسلام سنة حتى يتوب. " (3).
6 - الشهيد الثاني: " ظاهر المصنف - أي صاحب الشرائع - والأكثر عدم
تحديده بمدة. بل ينفى دائما إلى أن يتوب، وفي هذه الرواية - المدائني عن أبي
الحسن (عليه السلام) - كونه سنة، وحملت على التوبة في الأثناء، وهو بعيد. " (4).
7 - الفاضل الهندي: " إلى أن يتوب: كذا أطلقه أكثر الأصحاب، وفي خبر
المدائني عن الرضا (عليه السلام): التوقيت بسنة، وكذا في خبر المدائني عن
الصادق (عليه السلام). " (5)
8 - المجلسي: " ويؤيد عدم التحديد ما رواه الكافي... " (6).
9 - الفيض: " وقدر النفي في بعض الأخبار بسنة. قال: فإنه سيتوب قبل ذلك

(1) المهذب البارع 5: 32.
(2) غاية المراد: 354 (الحدود) - لعل الصحيح (يستمر) بدل يسمى.
(3) الجامع للشرائع: 242.
(4) مسالك الأفهام 2: 450.
(5) كشف اللثام 2: 252.
(6) ملاذ الأخيار 16: 236.
398

وهو صاغر. " (1).
هذا ولكن يظهر من السيد الخوئي أن نفيه أبدي حتى بعد التوبة بل يستمر إلى
الموت. فقال: " ولا أمان له ولا يبايع ولا يؤوى ولا يطعم ولا يتصدق عليه حتى
يموت. على المشهور شهرة عظيمة، فإنهم لم يقيدوا النفي بزمان خاص، وقد
صرح الشهيد الثاني (قدس سره) باستمرار النفي إلى الموت في الروضة والمسالك، ونسبه
في الثاني إلى الأكثر وتدل على ذلك صحيحة حنان عن أبي عبد الله (عليه السلام): لا
يبايع ولا يؤوى... فإن مقتضى اطلاقها استمرار الحكم إلى أن يموت.
وتؤيدها رواية زرارة عن أحدهما (عليه السلام)... لا يبايع ولا يؤتى بطعام وعن ابن
سعيد أن حد النفي سنة واحدة، ولكن لا دليل عليه إلا الروايات المتقدمة وبما أنها
ضعاف جميعا، فلا يمكن الاعتماد عليها أصلا. ثم إن صريح المحقق في النافع والشهيد
الثاني في الروضة تقييد زمان النفي بعدم التوبة، فإذا تاب يسقط حكم النفي
فيسمح له بالاستقرار في أي مكان شاء.
وهذا مما لا نعرف له وجها ظاهرا، ومقتضى اطلاق الدليل من الآية وغيرها
أن التوبة بعد الظفر به لا أثر لها فيبقى منفيا حتى يموت. " (2).
أقول: التحديد بالسنة يحتاج إلى دليل، ورواية المدائني ضعيفة، والتحديد
بالعام حملا على تغريب الزاني كما عند الحنابلة قياس لا نقول به. أضف إلى أن
مقتضى الحكمة في التغريب هي توبته عن الحرابة لا لبثه في المنفى مدة معينة ثم
يعود ليزاول الحرابة، فتأمل. فإن كلام الإمام الخوئي في غاية المتانة إلا أنه
مخالف لأكثر الأصحاب.

(1) مفاتيح الشرائع 2: 101.
(2) مباني تكملة المنهاج 1: 324.
399

آراء المذاهب الأخرى:
1 - المدونة: " قلت: وكم يسجن حيث ينفى قال مالك: يسجن حتى تعرف له
توبة... " (1).
2 - ابن قدامة: " ولم يذكر أصحابنا قدر مدة نفيهم فيحتمل أن تتقدر مدته بما
تظهر فيه توبتهم وتحسن سيرتهم ويحتمل إن ينفوا عاما كنفي الزاني. " (2).
3 - المرداوي: " لا يزال منفيا حتى تظهر توبته، على الصحيح من المذهب،
قدمه في الفروع وغيره. وقيل ينفى عاما، وذكرهما المصنف، والشارح احتمالين،
وقالا: لم يذكر أصحابنا قدر مدة نفيهم. " (3).
4 - الجزيري: " الشافعية والحنابلة... ولا يقدر الحبس بمدة بل يستدام حتى
تظهر توبته، وقيل: يقدر حبسه بستة أشهر ينقص منها شيئا لئلا يزيد على
تغريب العبد في الزنا، وقيل بسنة ينقص منها شيئا لئلا يزيد على تغريب الحر في
الزنا... " (4).
الثاني: المراد من نفي المحارب:
مقتضى ما ورد في تفسير العياشي عن الإمام الجواد (عليه السلام)، وفي مسند زيد عن
علي (عليه السلام) أن المراد بالنفي هو الايداع في الحبس، وهو رأي بعض الإمامية، كأبي
الصلاح الحلبي في الكافي، وابن زهرة، لكن على التخيير بينه وبين الإخراج من

(1) المدونة الكبرى 6: 298.
(2) المغني 8: 295.
(3) الانصاف 10: 299.
(4) الفقه على المذاهب الأربعة 5: 411 - أنظر: مغني المحتاج 4: 181 - المهذب 2: 284 -
حاشية الشرواني على تحفة المحتاج 9: 159.
400

المصر، وقد ادعى السيد عليه الاجماع.
وهذا المعنى يترآى من بعض المعاصرين منا أيضا. وهو رأي الجمهور - على
ما صرح به الشهيد الأول في غاية المراد، ولكن مقتضى بعض النصوص: هو
الالقاء في البحر، كما مر. وفيما يلي النصوص ثم الآراء.
الروايات:
1 - العياشي: " عن أحمد بن الفضل الخاقاني... عن أبي جعفر (عليه السلام)... فإن
كانوا أخافوا السبيل فقط ولم يقتلوا أحدا، ولم يأخذوا مالا، أمر بايداعهم
الحبس، قال: ذلك معنى نفيهم من الأرض بإخافتهم السبيل. " (1).
2 - عن علي (عليه السلام): " إذا قطع الطريق اللصوص، وأشهروا السلاح ولم يأخذوا
مالا ولم يقتلوا مسلما، ثم أخذوا، حبسوا حتى يموتوا، وذلك نفيهم من
الأرض. " (2).
آراء فقهائنا:
1 - الحلبي: "... وإن لم يقتلوا ولم يأخذوا مالا، أن ينفيهم من الأرض
بالحبس، أو النفي من مصر إلى مصر. " (3).
2 - ابن زهرة: "... ولم يأخذوا مالا نفوا من الأرض بالحبس أو النفي من

(1) تفسير العياشي 1: 314 ح 91 - وعنه تفسير البرهان 1: 467 ح 16 - تفسير الصافي
1: 439 - الوسائل 18: 535 ح 8 - البحار 76: 197 ح 13.
(2) مسند زيد: 323.
(3) الكافي في الفقه: 252.
401

مصر إلى مصر. " (1).
3 - الشهيد الأول: " الثالثة: النفي عندنا ما هو مذكور في المتن للرواية، وقال
بعض الجمهور هو الحبس. قال صالح بن عبد القدوس وقد حبس على التهمة
بالزندقة في حبس ضيق وطال حبسه:
خرجنا من الدنيا ونحن من أهلها * فلسنا من الأحياء فيها ولا الموتى
إذا جاءنا السجان يوما بحاجة * عجبنا وقلنا جاء هذا من الدنيا
ويضعف بأنه خلاف الظاهر إلا أن ما قلناه أقرب المجازات ولأن أصحابه كانوا
ينفونهم إلى دهلك (2) وهي أقصى تهامة وباضع (3) وهو من بلاد الحبشة. " (4).
4 - السيد الطباطبائي: " فإن لم يتب استمر النفي إلى أن يموت ونفيه عن
الأرض كناية عن ذلك، وفي رواية: أن معناه ايداعه الحبس كما عليه بعض
العامة، وادعي عليه الاجماع في الغنية لكن على التخيير بينه وبين المعنى
المتقدم " (5)، وأضاف السيد في الشرح الصغير: " وفيه نظر " (6).
5 - العلامة الطباطبائي: " النفي - في الآية الكريمة - هو الطرد والتغييب. " (7).

(1) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): 522.
(2) اسم أعجمي معرب، ويقال له دهبك أيضا، وهي جزيرة في بحر اليمن، وهو مرسى بين
بلاد اليمن والحبشة، بلدة ضيقة حرجة حارة، كانوا بنو أمية إذا سخطوا على أحد نفوه إليها.
معجم البلدان 2: 492.
(3) جزيرة في بحر اليمن، لها ذكر في حديث عبد الله وعبيد الله ابني مروان بن محمد الحمار آخر
ملوك بني مروان... وباضع اليوم خراب. معجم البلدان 1: 324.
(4) غاية المراد: 354 (الحدود).
(5) رياض المسائل 2: 497.
(6) الشرح الصغير 3: 391.
(7) الميزان 5: 355 - أنظر: مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام (للكاظمي) 4: 211.
402

6 - المنتظري: " وقد يقال في توجيه ذلك - إن النفي عن الأرض حقيقة غير
ممكن، إذ كل مكان يرسل هو إليه يكون من الأرض لا محالة، فالمراد جعله بحيث
لا يتمكن أن يتصرف فيها تصرف الأحياء، فينطبق قهرا على الحبس، وقد أشار
إلى هذا المعنى في مجمع البيان... هذا مضافا إلى أن الملاك والغرض من النفي وهو
الانقطاع من أهله وأهل بلده يحصل بالحبس أيضا كما لا يخفى، فتأمل. " (1).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - ابن رشد: " واختلف أيضا في قوله: * (... أو ينفوا من الأرض...) * فقيل:
إن النفي هو السجن، وقيل: هو أن ينفى من بلد إلى بلد فيسجن فيه إلى أن تظهر
توبته، وهو قول ابن القاسم عن مالك، ويكون بين البلدين أقل ما تقصر فيه
الصلاة، والقولان عن مالك، وبالأول قال أبو حنيفة، وقال ابن الماجشون: معنى
النفي هو فرارهم من الإمام لإقامة الحد عليهم، فأما أن ينفى بعد أن يقدر عليه
فلا، وقال الشافعي: أما النفي فغير مقصود ولكن إن هربوا شردناهم في البلاد
بالاتباع، وقيل هي عقوبة مقصودة، فقيل على هذا ينفى ويسجن دائما، وكلها عن
الشافعي، والذي يظهر هو أن النفي تغريبهم عن وطنهم... " (2).
2 - النووي: " ولو علم الإمام قوما يخيفون الطريق ولم يأخذوا مالا ولا نفسا
عزرهم بحبس وغيره. " (3).
3 - الكاساني: " قيل نفيه أن يطرد حتى يخرج من دار الإسلام وهو قول
الحسن، وعن إبراهيم النخعي في رواية: أن نفيه طلبه وبه قال الشافعي: إنه

(1) ولاية الفقيه 2: 427.
(2) بداية المجتهد 2: 456 - أنظر: الفقه على المذاهب الأربعة 5: 411.
(3) المنهاج: 532.
403

يطلب من كل بلد. " (1).
الثالث: هل تشترط المسافة في صدق المحاربة؟
مقتضى اطلاق النصوص: عدم اعتبار المسافة في صدق المحارب، فيصدق
عليه المحارب لو شهر السلاح ولو في داخل البلد، وهو صريح فتاوى فقهائنا،
أضف إلى ذلك الاجماع الذي ادعاه شيخ الطائفة في الخلاف هذا ولكن العامة
اختلفت آراؤهم فيه، فعن بعضهم: اشتراط ثلاثة أميال وعن آخر: اشتراط
مسافة السفر، ونكتفي في المقام بنقل فتوى الشيخ الطوسي في الخلاف والفاضل
الهندي في كشف اللثام، وبما أورده ابن رشد في البداية.
آراء فقهائنا:
1 - الشيخ الطوسي: " حكم قطاع الطريق في البلد والبادية سواء، مثل أن
يحاصروا قرية ويفتحوها ويغلبوا أهلها ويفعلوا مثل هذا في بلد صغير أو طرف
من أطراف البلد أو كان بهم كثرة فأحاطوا ببلد كبير، واستولوا عليهم، الحكم
فيهم واحد. وهكذا القول في دعار البلد إذا استولوا على أهله وأخذوا أموالهم
على صفة لا غوث لهم، الباب واحد. وبه قال الشافعي وأبو يوسف. وقال مالك:
قطاع الطريق من كان في (من) البلد على مسافة ثلاثة أميال فإن كان دون ذلك
فليسوا قطاع الطريق.
وقال أبو حنيفة ومحمد: إذا كانوا في البلد أو في القرب منه مثل ما بين الحيرة
والكوفة أو بين قريتين لم يكونوا قطاع الطريق.

(1) بدائع الصنائع 7: 95.
404

دليلنا اجماع الفرقة وأخبارهم وأيضا قوله تعالى: * (إنما جزاء الذين...) *
ولم يفصل بين أن يكونوا في البلد وغير البلد. " (1).
2 - الفاضل الهندي: " كل من أظهر السلاح في مصر أو غيره، في بلاد الإسلام
وغيرها، لاطلاق النصوص والاجماع، واشترط مالك البعد من البلد بثلاثة
أميال، وأبو حنيفة بمسافة السفر. " (2).
المذاهب الأخرى:
1 - ابن رشد: "... واختلفوا فيمن حارب داخل المصر، فقال مالك: داخل
المصر وخارجه سواء، واشترط الشافعي الشوكة، وإن كان لم يشترط العدد،
وإنما معنى الشوكة عنده المغالبة، ولذلك يشترط فيها البعد عن العمران، لأن
المغالبة إنما تتأتى بالبعد عن العمران... وقال أبو حنيفة: لا تكون المحاربة في
المصر. " (3).
الرابع: هل يشمل النفي النساء المحاربات؟
المسألة ذات قولين: أحدهما التعميم، والآخر: الاختصاص.
الظاهر من الشيخ في الخلاف والمبسوط، والعلامة الحلي، في القواعد،
والتحرير، والمختلف، والتبصرة، والشهيدين في الروضة، والفاضل الهندي في
كشف اللثام هو القول الأول.

(1) الخلاف 2: 480 المسألة: 8.
(2) كشف اللثام 2: 250.
(3) بداية المجتهد 2: 455. وفي شرح الأزهار: 376: " أما إذا أخافها في المصر فليس
بمحارب بل مختلس أو طرار، لأنه يلحقه الغوث في الحال. ".
405

وعن ابن إدريس في السرائر هو القول الثاني، كما نسب ذلك إلى ابن الجنيد
أيضا. وهو رأي مالك وجماعة من الحنفية.
ويستدل للأول: 1 - بالعموم، واطلاق الآية الكريمة. 2 - النصوص الواردة.
3 - صحيحة محمد بن مسلم (1).
إذ فيها (من) وهي عامة للذكور والإناث، لأن هذه اللفظة تتناول القسمين،
بالحقيقة إجماعا... لأن تعليق الحكم على الوصف مشعر بالعلية كما في التنقيح (2)
والمختلف.
ويستدل للثاني: باختصاص الآية بالرجال، لأنها خطاب للذكور، وشمول
الآية للنساء يحتاج إلى قيام الدليل.
آراء فقهائنا:
1 - الشيخ الطوسي: " أحكام المحاربين تتعلق بالرجال والنساء سواء،
... دليلنا قوله تعالى: * (إنما جزاء الذين...) * ولم يفصل (يفرق) بين النساء
والرجال فوجب حملها على العموم. " (3).
وقال في المبسوط: " النساء والرجال في أحكام المحاربين سواء على ما فصلناه
في العقوبة،... لعموم الآية، والأخبار الواردة في هذا المعنى. " (4).
2 - قال ابن الجنيد: "... وكذلك كل النساء إلا إنهن لا يقتلن " (5).

(1) الكافي 7: 248 ح 12 - وقد مر في أول بحث المحارب.
(2) التنقيح الرائع 4: 394.
(3) الخلاف 2: 483 المسألة: 15.
(4) المبسوط 8: 56.
(5) مختلف الشيعة: 779.
406

3 - ابن إدريس: " ولم أجد لأصحابنا المصنفين قولا في قتل النساء في المحاربة،
والذي يقتضيه أصول مذهبنا أن لا يقتلن إلا بدليل قاطع، فأما تمسكه بالآية
فضعيف لأنها خطاب للذكران دون الإناث، ومن قال تدخل النساء في خطاب
الرجال على طريق التبع، فذلك مجاز والكلام في الحقائق، والمواضع التي دخلن في
خطاب الرجال فبالاجماع دون غيره، فليلحظ ذلك.
وقال في آخر البحث: قد قلنا إن أحكام المحاربين يتعلق بالرجال والنساء
سواء... " (1).
4 - العلامة الحلي: " سواء كان المحارب ذكرا أو أنثى خلافا لابن إدريس، ثم
رجع إلى ما قلناه. " (2).
5 - وقال في القواعد: " ولا يشترط الذكورة... فلو غالبت المرأة الواحدة
بفضل قوة، فهي قاطعة طريق. " (3).
6 - وقال في المختلف: " والوجه ما قاله الشيخ - من تعلق الأحكام بالرجال
والنساء سواء - " (4).
7 - ابن فهد: " هذا الحكم يثبت للنساء لعموم الآية ولصحيحة محمد بن
مسلم... ولفظة (من) من ألفاظ العموم... " (5).
8 - الشهيدان: " من ذكر أو أنثى... لعموم الآية المتناول لجميع ما ذكر وخالف
ابن الجنيد فخص الحكم بالرجال بناء على أن الضمير في الآية للذكور ودخول

(1) السرائر 3: 510 و 508.
(2) تحرير الأحكام 2: 233.
(3) قواعد الأحكام 2: 271.
(4) مختلف الشيعة: 779.
(5) المهذب البارع 5: 128.
407

الإناث فيهم مجاز، وفيه: مع تسليمه أن في صحيحة محمد بن مسلم: من شهر
السلاح، و (من) عامة حقيقة للذكور والإناث. " (1).
9 - الفاضل الهندي: " ولا يشترط الذكورة، كما اشترطها أبو علي وابن
إدريس في موضع حكى التعميم لهن... ثم قال متهجما على ابن إدريس في
التناقض بين كلاميه وهذا اضطراب منه وقلة تأمل وعدم مبالات بتناقض
كلاميه. " (2).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - المدونة: " قلت: أرأيت إن كانت فيهم امرأة أيكون سبيلها في قول مالك
سبيل الرجال أم لا؟ وهل يكون النساء محاربات في قول مالك أم لا؟ قال: أرى
أن النساء والرجال في ذلك سواء " (3).
2 - السرخسي: " ذكر الكرخي أن حد قطع الطريق لا يجب على النساء، لأن
السبب هو المحاربة، وانقطاع الطريق بهم والمرأة بأصل الخلقة ليست
بمحاربة. " (4).
3 - شرح الأزهار: " سواء كان المحارب ذكرا أو أنثى... وقال البعض تعتبر
الذكورة. " (5).
4 - الجزيري: " المالكية: أما المرأة المحاربة فلا تصلب ولا تنفى، وإنما حدها

(1) الروضة البهية 9: 290 - أنظر التنقيح الرائع 4: 396.
(2) كشف اللثام 2: 251.
(3) المدونة الكبرى 6: 302.
(4) المبسوط 9: 197 - أنظر: شرح فتح القدير: 432.
(5) شرح الأزهار: 376.
408

القتل، أو القطع من خلاف. وقال الشافعية والمالكية والحنابلة: إذا كان مع قطاع
الطريق امرأة فوافقتهم في القتل وأخذ المال قتلت حدا... " (1).
أقول إن جمهور السنة على وجوب تغريب المرأة إذا كانت محاربة، وهو رأي
جماعة من الحنفية (2).
الخامس: هل يشترط في المحارب البلوغ؟
اشترط ابن الجنيد - على ما في غاية المراد وغيره - في المحارب البلوغ وتبعه
العلامة الحلي في التحرير، والشهيد الأول في غاية المراد، والشهيد الثاني في
الروضة ودليله واضح لأن الحد مشروط بالتكليف... هذا ولم يتعرض لهذا الفرع
كثير من الأصحاب ولعله لوضوحه.
آراء فقهائنا:
1 - العلامة الحلي: " ولو كان المحاربون جماعة وفيهم صبي أو مجنون أو والد
لمن قتلوه، سقط القتل قصاصا وحدا عن الصبي والمجنون. " (3).
2 - الشهيد الأول: " وشرط ابن الجنيد فيه البلوغ وهو جيد ولم يذكره كثير
من الأصحاب. " (4).

(1) الفقه على المذاهب الأربعة 5: 410 و 414.
(2) أنظر: حاشية ابن عابدين 4: 117 - شرح فتح القدير 5: 432 - تحفة المحتاج 9:
109 - أسنى المطالب 4: 129 - الزرقاني 8: 83 - تبصرة الحكام 2: 277 - المنتقى
7: 137.
(3) تحرير الأحكام 2: 234.
(4) غاية المراد: 354.
409

3 - الشهيد الثاني: " ويشكل في الصغير فإن الحد مشروط بالتكليف خصوصا
القتل، وشرط ابن الجنيد فيه البلوغ ورجحه المصنف في الشرح وهو حسن. " (1).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - المدونة الكبرى: " قلت: فالصبيان؟ قال: لا يكونون محاربين حتى
يحتلموا، عند مالك لأن الحدود لا تقام عليهم عند مالك والحرابة حد من الحدود
والنساء إنما صرن محاربات لأن مالك قال: تقام عليهن الحدود والحرابة حد من
الحدود... " (2).
2 - الجزيري: " الشافعية والمالكية والحنابلة: إذا كان مع قطاع الطريق امرأة
فوافقتهم في القتل وأخذ المال قتلت حدا، وكذلك الصبي وذو الرحم وغيره لأن
ذلك حق الله تعالى فيقتل حدا ". الحنفية: " إذا كان من قطاع الطريق امرأة فإنها
تقتل قصاصا وتضمن وإذا كان معهم صبي أو مجنون، أو ذو رحم من المقطوع عليه
سقط الحد عن الباقين لأنه جناية واحدة قامت بالكل... " (3).
السادس: هل يحبس في المنفى؟
لا دليل على حبسه في المنفى، وما ورد في الفرع السابق من العياشي عن
الجواد (عليه السلام) ومسند زيد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) فليس فيه النفي زيادة على
الحبس، بل عقوبة المحارب هو خصوص الحبس.
وعليه: فمقتضى القاعدة والأصل أن يكون مطلق العنان في المنفى، ويؤيده ما

(1) الروضة البهية 9: 292.
(2) المدونة الكبرى 6: 302.
(3) الفقه على المذاهب الأربعة 5: 414.
410

ورد من أنه: كوتب إلى كل بلد يقصده أنه محارب فلا يباع ولا يشترى... فإن
ظاهره أنه مطلق العنان في المنفى، وهو ظاهر كلام شيخ الطائفة، الطوسي في
النهاية (1).
هذا ولكن عن علاء الدين الحلبي في إشارة السبق وكذلك في المدونة الكبرى
وبداية المجتهد - من العامة - هو الحبس زيادة على النفي. وفيما يلي الآراء:
آراء فقهائنا:
1 - علاء الدين الحلبي: " والمفسدون في الأرض كقطاع الطرق والواثبين على
نهب الأموال... وإن لم يحدث منهم سوى الإخافة والارجاف، نفوا من بلد إلى
بلد وأودعوا السجن إلى أن يتوبوا، أو يموتوا. " (2).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - المدونة: "... أيسره وأخفه أن يجلد وينفى ويسجن في الموضع الذي نفي
إليه " (3).
2 - ابن رشد: " وقيل إن النفي هو أن ينفى من بلد إلى بلد فيسجن فيه إلى أن
تظهر توبته وهو قول ابن القاسم عن مالك... وقيل هي عقوبة مقصودة فقيل على
هذا ينفى ويسجن دائما، وكلها عن الشافعي... " (4).

(1) النهاية: 720.
(2) إشارة السبق: 144.
(3) المدونة الكبرى 4: 429.
(4) بداية المجتهد 2: 456 - أنظر: حاشية الدسوقي 4: 349 - القوانين الفقهية: 363 - المنتقى
على الموطأ 7: 173.
411

3 - وفي شرح الأزهار: " واختلف الناس بماذا يكون نفيه، فقيل أنه يكون
بالحبس، وقيل تسمل بصره، والذي عليه الجمهور أنه يكون
بالطرد
والإخافة... " (1).
السابع: حكم المنفي المحارب إذا أراد اللجوء إلى بلاد الشرك:
وردت روايات في المحارب لو أراد اللجوء إلى بلاد الشرك أنه يضرب عنقه،
ولو مكنه المشركون من الدخول قوتلوا حتى ولو كانوا أهل ذمة أو صلح كما عن
الشهيد، وقد أفتى فقهاؤنا بذلك غير أنه
م لم يفتوا بقتله.
هذا وقد وردت رواية: في أنه يمنع من بلاد الإسلام ويطارد إلى أن يلحق ببلد
الشرك، ولكنها ضعيفة أو مضمرة ومجملة من جهة سبب النفي كما في الجواهر (2)،
وفيما يلي الروايات ثم الآراء:
الروايات:
1 - عن الرضا (عليه السلام): "... فإن توجه إلى أرض الشرك فيدخلها؟ قال: قوتل
أهلها. " (3).
2 - المدائني: " جعلت فداك فإن أتى أرض الشرك فدخلها؟ قال: يضرب
عنقه إن أراد الدخول في أرض الشرك. " (4).

(1) شرح الأزهار: 376.
(2) جواهر الكلام 41: 594.
(3) تفسير العياشي 1: 317 - البحار 76: 201 ح 20.
(4) تفسير العياشي 1: 317 - نور الثقلين 1: 622 - البحار 76: 201 ح 21.
412

3 - أبو بصير: " وسألته عن النفي؟ قال: ينفى من أرض الإسلام كلها، فإن
وجد في شئ من أرض الإسلام قتل ولا أمان له حتى يلحق بأرض
الشرك. " (1).
آراء فقهائنا:
1 - الشيخ الطوسي: "... فإن قصد بلد الشرك، منع من دخوله وقوتلوا على
تمكينهم من دخوله إليهم. " (2).
2 - ابن إدريس: " فإن قصد بلد الشرك كاتبهم بأن يخرجوه فإن لم يفعلوا
قاتلهم... " (3).
3 - المحقق الحلي: " ولو قصد بلاد الشرك منع منها، ولو مكنوه من دخولها
قوتلوا حتى يخرجوه. " (4).
4 - العلامة الحلي: " فإن قصد بلاد الشرك لم يمكن من الدخول إليها، فإن
مكنوه، قوتلوا حتى يخرجوه. " (5).
5 - وقال في القواعد: " فإن قصد دار الكفر منع، فإن مكنوه من دخولها
قوتلوا حتى يخرجوه. " (6).
6 - الشهيدان: " ويمنع من دخول بلاد الشرك، فإن مكنوه من الدخول،

(1) نوادر أحمد بن محمد بن عيسى: 147 ح 376 - وعنه المستدرك 18: 159 ب 3 ح 2.
(2) الخلاف 2: 479.
(3) السرائر 3: 505.
(4) شرائع الإسلام 4: 182 - المهذب 2: 553.
(5) تحرير الأحكام 2: 233.
(6) قواعد الأحكام 2: 272.
413

قوتلوا حتى يخرجوه، وإن كانوا أهل ذمة أو صلح. " (1).
7 - قال الشيخ محمد حسن النجفي بعد نقل كلام المحقق الحلي: " وربما أشكل
الحكم المزبور على قواعد أحكام الكفار بأنهم إن كانوا أهل حرب فمقاتلتهم لا
تتوقف على ذلك، وإن كانوا أهل هدنة وذمة فلا يقدح ذلك بمجرده في عهدهم إلا
مع شرطه، واثباته من مجرد هذا الخبر لا يتم خصوصا عند المصنف وغيره ممن لم
يعتبر أصل الخبر نظرا إلى ما تقدم. قلت: لا بأس بالعمل به بعد انجباره واعتضاده
بما عرفت مضافا إلى ما قلناه سابقا من ايكال ذلك إلى نظر الإمام على حسب ما
يراه من المصلحة في الأفراد وكيفياتها والله العالم. " (2).
8 - قال الفيض: " إنما يقاتل أهلها إذا أرادوا استلحاقه إلى أنفسهم، وأبوا أن
يسلموه إلى المسلمين ليقتلوه، وهذا معنى قوله (عليه السلام) قوتل أهلها. " (3).
9 - الكاظمي: "... ولا يمكنوهم من الدخول إلى بلاد الشرك ويقاتل
المشركون إن مكنوهم منه. " (4).
الثامن: ما هو البلد الذي ينفى منه؟
صريح رواية الباقر (عليه السلام) والرضا (عليه السلام) أن النفي يكون من المصر الذي حارب
فيه: وممن تعرض لهذه المسألة القاضي ابن البراج في المهذب، والراوندي في فقه
القرآن، وقد أوردنا هذا الفرع مستقصى في تغريب الزاني غير المحصن، مع
النصوص والآراء فيه. وأما هنا فنورد ما عثرنا عليه من النصوص، وإليك:

(1) الروضة البهية 9: 302 - أنظر: جواهر الكلام 41: 594 - مفاتيح الشرائع 2: 101.
(2) جواهر الكلام 41: 594.
(3) الوافي 15: 468 ح 15502.
(4) مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام (للكاظمي) 4: 211.
414

الروايات:
1 - الباقر (عليه السلام): " من شهر السلاح في مصر من الأمصار فعقر، اقتص منه
ونفي من تلك البلدة. " (1).
2 - الرضا (عليه السلام): " ينفى من المصر الذي فعل فيه ما فعل إلى مصر غيره. " (2).
آراء فقهائنا:
1 - القاضي ابن البراج: " والنفي بعد ذلك من البلد الذي فعل فيه ذلك إلى
غيره... " (3).
2 - الراوندي: "... وإن لم يجرح... وجب أن ينفى من البلد الذي فعل فيه
ذلك إلى غيره... " (4).
التاسع: هل يعزر المحارب زيادة على النفي؟
لم نعثر على نص يشير فيه إلى ضرب المحارب وتعزيره زيادة عما ورد فيه من
النفي و... كما لم يقل به أحد من فقهائنا. نعم للحاكم ذلك لو رأى فيه المصلحة.
هذا ولكن قال به بعض العامة، والزيدية في المدونة، والانصاف وشرح
الأزهار من تعزيره زيادة على النفي.

(1) الكافي 7: 248 ح 12.
(2) الكافي 7: 246 ح 8.
(3) المهذب 2: 553.
(4) فقه القرآن 2: 191.
415

آراء المذاهب الأخرى:
1 - المدونة: " قال: أيسره وأخفه أن يجلد وينفى ويسجن في الموضع الذي
نفي إليه. " (1).
2 - المرداوي: " قال في التبصرة: يعزر ثم ينفى ويشرد. " (2).
3 - وفي شرح الأزهار: " وعن البعض: لا يجمع بين التعزير والنفي - في
المحارب... " (3).
العاشر: هل ينفى الجماعة المحاربون متفرقين؟
لو كان المحاربون جماعة وكان حكمهم النفي فهل يفرق بينهم في المنفى؟
لم نعثر على دليل بالخصوص ولا تعرض فقهاؤنا لهذا الفرع نعم أورد
عبد الرزاق في مصنفه عن النبي (صلى الله عليه وآله) في البكرين إذا زنيا: أنهما يغربان شتى - أي
متفرقين - وبه قال النخعي من العامة (4).
ولكن لا ربط له بالمقام - مع غض النظر عن السند - نعم لو كان في اجتماعهم
مفسدة أو رأى الحاكم في تفرقهم المصلحة، فعل. أضف إلى أن اختيار البلد يكون
إليه - على رأي بعض المعاصرين منا - هذا ولكن عن المرداوي: أنه يفرق بينهم.
آراء المذاهب الأخرى:
1 - المرداوي: " تنفى الجماعة متفرقين على الصحيح من المذاهب خلافا

(1) المدونة الكبرى 6: 298.
(2) الانصاف 10: 298.
(3) شرح الأزهار: 376.
(4) المصنف 7: 312 ح 13313.
416

لصاحب التبصرة. " (1).
الحادي عشر: هل يسقط النفي بالتوبة؟
قد يتوب المحارب قبل الظفر به، فيسقط عنه الحد بلا خلاف عملا بالآية
الكريمة، وقد يتوب بعد الظفر به، فهذا لا يسقط عنه الحد بلا خلاف وفي المقام
نصوص - أشرنا إليها في صدر البحث - وآراء:
أما الآية الكريمة: * (إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور
رحيم) * (2).
آراء فقهائنا:
1 - ابن إدريس: " والمحارب إذا وجب عليه حد من حدود الله تعالى لأجل
المحاربة، مثل انحتام القتل أو قطع الرجل واليد من خلاف، والصلب عند من رتب
الأحكام وعند من لم يرتبها، ثم تاب قبل القدرة عليه وقبل قيام الحد، سقط الحد
بلا خلاف وإن تاب بعد القدرة عليه لا يسقط بلا خلاف. " (3).
2 - العلامة الحلي: " إذا تاب المحارب قبل القدرة عليه سقط الحد دون
القصاص في النفس والجراح ودون أخذ المال، ولو تاب بعد الظفر به لم يسقط الحد
ولا القصاص ولا ضمان المال. " (4).
3 - الفاضل الهندي: " قد نصت عليه الآية وما مر عن مرسل داود الطائي،

(1) الانصاف 10: 299.
(2) المائدة: 34.
(3) السرائر 3: 509.
(4) تحرير الأحكام 2: 234 - مثله في القواعد 2: 272 - تبصرة المتعلمين 2: 190.
417

وقد روي أن حارثة بن بدر (1) خرج غازيا، ثم تاب، فقبل أمير المؤمنين (عليه السلام)
توبته. " (2)
الثاني عشر: هل ينفى المحارب لو مرض؟
من كان حكمه النفي وكان المبنى فيه: عدم السماح له بالاستقرار على وجه
الأرض حتى يموت، فلو مرض، فهل يترك حتى يبرأ؟ لم نجد من تعرض لهذا
الفرع منا، ولكن قد يقال: إن السماح له بالاستقرار مناف لظاهر الآية من
الاستمرار في النفي.
وقد يقال: إن هذا ليس استقرارا اختياريا... وإن الواجب هو النفي لا القضاء
عليه مع أن نفيه في حال المرض قد يوجب موته.
هذا وقد استدل بعض الظاهرية على ترك المحارب من أجل المرض، بالآية
الكريمة: * (... تعاونوا على البر والتقوى...) * (3) حيث قال: " الواجب أن لا يترك
يقر إلا... مدة مرضه لقوله تعالى: * (... وتعاونوا...) * " (4).
أقول: الأمر بالتعاون إنما هو بالنسبة إلى المؤمنين، كما يعلم من صدر الآية
الكريمة، فلا يشمل من حارب الله ورسوله.
الثالث عشر: المحاصرة الاقتصادية وقطع العلاقات الاجتماعية:
وردت نصوص بالتضييق على المحارب في المنفى ومحاصرته اقتصاديا وقطع

(1) كنز العمال 4: 611 ح 11768.
(2) كشف اللثام 2: 252.
(3) المائدة: 2.
(4) المحلى 11: 183.
418

العلاقات الاجتماعية معه، وعدم ايوائه وعدم مبايعته ومشاراته وعدم مؤاكلته
ومجالسته والتصدق عليه - كما عن الفاضل الهندي - وعدم مناكحته.
كما أفتى فقهاؤنا بذلك أيضا، ولم نعثر على رأي للعامة. وفيما يلي النصوص
ثم عرض الفتاوى.
الروايات:
1 - العياشي: " عن أبي إسحاق المدايني: " كنت عند أبي الحسن (عليه السلام)...
فقال (عليه السلام) ثم يكتب إلى أهل ذلك المصر أن ينادى عليه بأنه منفي فلا تواكلوه ولا
تشاربوه ولا تناكحوه... " (1)، وفي الكافي: " فلا تجالسوه ولا تبايعوه... ".
2 - وفيه: " عن زرارة عن أحدهما في قوله: * (إنما جزاء الذين...) * لا يبايع
ولا يؤتى بطعام ولا يتصدق عليه. " (2).
3 - الكافي: " علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في
قول الله عز وجل: * (إنما جزاء...) * قال: لا يبايع ولا يؤوى ولا يتصدق
عليه " (3).
قال المجلسي في المرآة - في وصف الرواية - بأنه: " حسن أو موثق " (4).
أقول: رواية إبراهيم بن هاشم (الذي كان حيا إلى أواخر القرن الثالث) عن
حنان ربما يردد الباحث في اتصال سلسلة السند، لكن الذي يوجب اعتبار

(1) تفسير العياشي 1: 317 ح 98 - البحار 76: 199 - البرهان 1: 466 ح 8 - أنظر:
الكافي 7: 246 ح 8.
(2) تفسير العياشي 1: 316 ح 94 - عنه الوسائل 18: 541 ب 4 ح 8.
(3) الكافي 7: 246 ح 4 - وعنه الوسائل 18: 539 ب 4 ح 1 - التهذيب 10: 134 ح 148.
(4) مرآة العقول 23: 383.
419

الرواية قول النجاشي في رجاله: " عمر حنان عمرا طويلا " (1).
أضف إلى ذلك أن ابن هاشم كان من أصحاب الرضا (عليه السلام) على ما قاله الكشي،
وإن تنظر النجاشي وغيره في هذا المقال (2).
آراء فقهائنا:
1 - ابن البراج: "... ويكتب إلى البلد الذي ينفى إليه: بأنه محارب فلا يجالس
ولا يبايع ولا يؤاكل ولا يشارب " (3).
2 - يحيى بن سعيد: "... وكوتبوا أنه منفي محارب فلا تؤوه ولا تعاملوه، فإن
آووه قوتلوا... " (4).
3 - المحقق الحلي: " ينفى المحارب عن بلده ويكتب إلى كل بلد يأوي إليه
بالمنع من مواكلته ومشاربته ومجالسته ومبايعته... " (5).
4 - وقال في المختصر النافع: " وينفى المحارب عن بلده ويكتب بالمنع من
مواكلته ومجالسته ومعاملته حتى يتوب " (6).
5 - العلامة الحلي: " وإذا نفي كتب إلى كل بلد بالمنع من معاملته ومواكلته
ومجالسته إلى أن يتوب. " (7).

(1) النجاشي: 106 - الكنى والألقاب 3: 84.
(2) أنظر: معجم رجال الحديث 1: 317.
(3) المهذب 2: 553 - أنظر: حدود الشريعة 1: 97 و ج 2: 3.
(4) الجامع للشرائع: 242.
(5) شرائع الإسلام 4: 182.
(6) المختصر النافع: 226.
(7) تبصرة المتعلمين: 190.
420

6 - وقال في التحرير: " نفي المحارب عن بلده وعن كل بلد يقصده وتكتب إلى
كل بلد وخله بالمنع من مبايعته ومعاملته إلى أن يتوب... " (1).
7 - وقال في القواعد: " وإذا نفي كوتب إلى كل بلد يقصده أنه محارب فلا يباع
ولا يعامل ويمنع من مواكلته ومشاربته ومجالسته إلى أن يتوب. " (2).
8 - ابن فهد: "... ويؤخذ عليه أقطار الأرض تضييقا عليه حتى يتوب " (3).
9 - الفيض: " لا بد في المنفي إلى بلد آخر أن يكتب إلى أهل ذلك البلد بالمنع
من مواكلته ومعاملته واطعامه، لينتقل إلى آخر وهكذا. " (4).
10 - السيد الطباطبائي: " وحيث ينفى المحارب اختيارا أو حتما ينفى بما هو
الظاهر معناه المصرح به في كلام الأصحاب مدعيا بعضهم الاجماع وأكثر الأخبار
وهو أن يخرج عن بلده إلى غيره. ويكتب إلى كل بلد يأوي إليه بالمنع من مؤاكلته
ومشاربته ومجالسته ومعاملته حتى يتوب، فإن لم يتب استمر النفي إلى أن يموت،
ونفيه عن الأرض كناية عن ذلك... " (5).
11 - الفاضل الهندي: " وإذا نفي... فلا يبايع ولا يناكح ولا يعامل ولا يؤوى
ولا يتصدق عليه ويمنع من مواكلته. " (6).
12 - الكاظمي: " والمراد نفيهم من بلد إلى بلد بحيث لا يتمكنوا من الفرار إلى

(1) تحرير الأحكام 2: 233.
(2) قواعد الأحكام 2: 272.
(3) المهذب البارع 5: 64.
(4) مفاتيح الشرائع 2: 101.
(5) الشرح الصغير 3: 391.
(6) كشف اللثام 2: 252.
421

موضع ولا يطعمونهم " (1).
13 - السيد الخوئي: "... ولا أمان له ولا يبايع ولا يؤوى ولا يطعم ولا
يتصدق عليه حتى يموت. " (2).
14 - الشيخ الوالد: " إذا نفي من بلده كتب من قبل الحاكم إلى كل بلد بالمنع
من معاملته ومن مؤاكلته ومجالسته إلى أن يتوب من عمله. " (3).
الرابع عشر: حكم مال المحارب:
لا شك في عدم خروج المحارب عن الإسلام بل ما زال مسلما، ويترتب عليه
أحكام الإسلام، بدليل أمره بالغسل قبل اجراء الحد عليه، وصلبه. أو الأمر بغسله
وتكفينه والصلاة عليه ودفنه في مقابر المسلمين - إن تحتم عليه القتل - وعليه فلا
يغنم ماله، بل هو له، ومن بعده لورثته.
وقد أشار إلى هذا الفرع يحيى بن سعيد في الجامع فقال: " ولا يغنم مال
المحارب " (4).
الخامس عشر: هل يطارد من بلد إلى بلد؟
مقتضى الروايات هو نفي المحارب من بلد الحرابة إلى بلدة أخرى، ثم بعد ذلك
فهو مخير في الانتقال منه إلى أي بلد شاء، نعم لو خرج إلى بلد آخر: كتب إليهم
أنه محارب... كما في رواية المدائني عن الرضا (عليه السلام).

(1) مسالك الأفهام (للكاظمي) 4: 211.
(2) مباني تكملة المنهاج 1: 324.
(3) ذخيرة الصالحين 8: 60 - أنظر: حدود الشريعة 1: 97.
(4) الجامع للشرائع: 242.
422

هذا ولكن عن المفيد في المقنعة والطوسي في الخلاف وابن إدريس في السرائر
أنه يطارد وكلما قصد الاستيطان ببلده...، نفي عنها وهو رأي السيد الخوئي
ويترأى ذلك من الشيخ الوالد في موسوعته (1) أيضا، واستدل السيد الخوئي في
المباني: بأن هذا هو مقتضى النفي من وجه الأرض فإنه لا يتحقق إلا بأن لا يكون
له مقر يستقر فيه.
وعن بعض العامة: لا يترك يقر إلا مدة أكله ونومه.
وأما معتبرة أبي بصير: لا أمان له حتى يلحق بأرض الشرك. ومعتبرة بكير بن
أعين: نفاه إلى أقرب بلد من أهل الشرك إلى الإسلام، التي مفادهما الاستقرار
للمحارب، فيطرحهما السيد الخوئي: ويقول: " فلا بد من رد علمهما إلى أهله...
وأنهما غير واجدتين لشرائط الحجية في نفسهما لأنهما مخالفتان للكتاب... فإن
النفي من الأرض يقتضي أن لا يسمح للمحارب بالاستقرار في مكان ونفيه إلى
أرض الشرك سماح له بالاستقرار هذا مضافا إلى أن بلاد المسلمين - حين نزول
الآية المباركة - كانت قليلة جدا، فلا يمكن تقييد الأرض في الآية الكريمة بها
بمقتضى هاتين المعتبرتين فإنه مستلزم لتخصيص الأكثر " (2).
آراء فقهائنا:
1 - الشيخ المفيد: "... حتى لا يستقر بهم مكان إلا وهم منفيون عنه
مبعدون... " (3).
2 - الشيخ الطوسي: " قد بينا أن نفيه عن الأرض أن يخرج من بلده ولا يترك

(1) أنظر: ذخيرة الصالحين 8: 60 (مخطوط).
(2) أنظر: مباني تكملة المنهاج 1: 322.
(3) المقنعة: 804.
423

أن يستقر في بلده حتى يتوب... " (1).
3 - ابن إدريس: " والنفي عندنا أن ينفيه من الأرض وكلما قصد بلدا نفاه منه،
فإن قصد بلد الشرك فلا يزال يفعل معه كذلك إلى أن يتوب ويرجع عما هو
عليه. " (2).
4 - ابن فهد: " وفي المحارب ويؤخذ عليه أقطار الأرض تضييقا عليه حتى
يتوب " (3).
5 - السيد الخوئي: " ينفى المحارب من مصر إلى مصر ومن بلد إلى آخر ولا
يسمح له بالاستقرار على وجه الأرض... " (4).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - ابن رشد: " قال الشافعي: أما النفي فغير مقصود، ولكن إن هربوا
شردناهم في البلاد بالاتباع. " (5).
2 - ابن حزم: " الواجب أن ينفى - أي المحارب - أبدا من كل مكان من
الأرض وأن لا يترك يقر إلا مدة أكله ونومه وما لا بد له منه من الراحة التي إن لم
ينلها مات، ومدة مرضه لقوله تعالى: * (... وتعاونوا على البر والتقوى...) *
فواجب أن لا يقتل وأن لا يضيع لكن ينفى أبدا حتى يحدث توبة فإذا أحدثها
سقط عنه النفي وترك يرجع إلى مكانه. " (6).

(1) الخلاف 2: 479.
(2) السرائر 3: 505.
(3) المهذب البارع 5: 64،. مثله في 33.
(4) مباني تكملة المنهاج 1: 322 المسألة 267.
(5) بداية المجتهد 2: 456.
(6) المحلى 11: 183.
424

3 - الجزيري: " الحنابلة - في أحد روايتيهم - قالوا: إن أخذوا قبل أن يقتلوا
نفسا، أو يأخذوا مالا نفوا في الأرض، وصفته أن لا يتركوا يأوون في بلد... " (1).
السادس عشر: هل يقتل المحارب؟
ليس المقصود بالنفي القضاء على حياة المحارب سيما على القول بالترتيب، لا
التخيير - في حد المحارب - فينفي إلى أن يتوب إلا على رأي السيد الخوئي، إذ
يرى مطاردته إلى أن يموت.
هذا، ولكن مقتضى ما رواه عبد الله بن طلحة عن الصادق (عليه السلام) أنه يلقى به في
البحر كي يكون - أي النفي الوارد في الآية - حدا يوافق القطع والصلب،
فيتعارض مع سائر الروايات. ولكن لم يقل به أحد من الأصحاب إلا ما يظهر من
الصدوق في الفقيه، ويترأى من يحيى بن سعيد - في الجامع.
هذا: والرواية ضعيفة بعبد الله بن طلحة، ومحمد بن حفص الهندي.
أما عبد الله بن طلحة، فمجهول، أو مهمل، كما قال القهبائي - على ما في المعجم،
حيث قال: " لكن جملة من الكتب الرجالية خالية عن ذكره، وقد ضعفها الشهيد
لشذوذها، والمجلسي في المرآة، وإن عده الشيخ في رجاله والبرقي: من أصحاب
الصادق (عليه السلام) وعبر النجاشي عنه: عربي كوفي " (2).
وأما محمد بن حفص: فمجهول أيضا (3).
هذا وحاول الفيض توجيه الرواية: بما إذا كان المحارب كافرا أو مرتدا،
فيرتفع التعارض بينها وبين سائر الأخبار، وتنظر الطباطبائي في هذا التوجيه.

(1) الفقه على المذاهب الأربعة 5: 411.
(2) معجم رجال الحديث 10: 227 - الرقم 6934.
(3) معجم رجال الحديث 16: 29 - الرقم 10611.
425

وحملها النجفي في الجواهر: بأنها للعامة.
الروايات:
1 - الكافي: " علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن حفص، عن عبد الله بن
طلحة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: * (إنما جزاء الذين...) * (1)
هذا نفي المحاربة غير هذا النفي قال: يحكم عليه الحاكم بقدر ما عمل وينفى
ويحمل في البحر ثم يقذف به لو كان النفي من بلد إلى بلد كأن يكون اخراجه من
بلد إلى بلد آخر عدا القتل والصلب والقطع ولكن يكون حدا يوافق القطع
والصلب. " (2).
قال المجلسي: في المرآة في وصف الخبر: " ضعيف، وقال: قوله (عليه السلام): " لو
كان النفي " لعل هذا استفهام انكاري، أي لو كان مجرد الاخراج من بلد إلى بلد
آخر كيف يكون معادلا للقتل والصلب، بل لا بد أن يكون على هذا الوجه
المتضمن للقتل، حتى يكون معادلا لهما، ولم يقل بهما أحد من الأصحاب سوى ما
يظهر من كلام الصدوق في الفقيه... " (3).
آراء فقهائنا:
1 - الصدوق، بعد نقله رواية الصادق (عليه السلام) قال: " وينبغي أن يكون نفيا يشبه
الصلب والقتل، يثقل رجليه ويرمى في البحر. " (4).

(1) المائدة: 33.
(2) الكافي 7: 247 ح 10 - وعنه الوسائل 18: 540 ب 4 ح 5.
(3) مرآة العقول 23: 385.
(4) الفقيه 4: 47 ذيل ح 26.
426

2 - يحيى بن سعيد: "... فإن أخاف ولم يجن نفي من الأرض، بأن يغرق - على
قول - أو يحبس على آخر أو ينفى من بلاد الإسلام سنة حتى يتوب... " (1).
3 - الشهيد الأول: " روى ابن الجنيد عن عبد الله بن طلحة عن الصادق (عليه السلام)
أنه قال يحكم على المحارب بقدر ما يعمل وينفى، يحمل في البحر يقذف به حتى
يكون حدا يوافق القطع والصلب. ".
قلت: " وهذا ضعيف لشذوذه. " (2).
4 - الفيض: " وفي رواية أن المراد بنفي المحارب رميه في البحر أقول: ينبغي
حملها على ما إذا كان المحارب كافرا أو مرتدا عن الدين فيكون الإمام مخيرا بين
قتله بأي نحو من الأنحاء الأربعة شاء. وأما إذا كان جانيا مسلما غير مرتد عن
الدين فإنما يعاقبه الإمام على نحو جنايته، ويكون معنى النفي ما سبق، وبهذا
تتوافق الأخبار المتنافية بحسب الظاهر في الباب. " (3).
5 - الطباطبائي: " وقيل ينبغي حملها على... وهو كما سبق فيه نظر. " (4).
6 - الشيخ محمد حسن النجفي: " وعلى كل حال فالنفي من الأرض هو ما
عرفت بل لعله المنساق منه عرفا لكن في محكي الفقيه ينبغي أن يكون نفيا شبيها
بالصلب والقتل تثقل رجلاه ويرمى في البحر، ولعله لخبر عبد الله بن طلحة... ولم
نعرفه قولا لغيره نعم عن الجامع: نفي من الأرض بأن يغرق على قول أو يحبس
على آخر، أو ينفى من بلاد الإسلام... ولعله للعامة كالقول بالحبس الموجود في

(1) الجامع للشرائع: 242.
(2) غاية المراد: 354.
(3) مفاتيح الشرائع 2: 100 - الوافي 15: 471.
(4) الشرح الصغير 3: 391.
427

بعض نصوصنا المحمول عليه. " (1).
السابع عشر: هل يفرق بين ذي رأي وعدمه؟
لا فرق بين كون المحارب ممن له الرأي والتدبير أم لا. بل يعاقب على حسب
جنايته إن كان المبنى هو التفصيل ويتخير الحاكم فيه - إن كان المبنى هو التخيير -
وعليه فلا يتحتم عليه القتل بحجة أنه ذو رأي.
هذا: وعن مالك التفصيل بين كونه ذا رأي وعدمه. " فإن كان المحارب ممن له
الرأي والتدبير، فوجه الاجتهاد قتله أو صلبه، لأن القطع لا يرفع ضرره، وإن
كان لا رأي له وإنما هو ذو قوة وبأس، قطعه من خلاف. " (2).
وهذا قول على مدعيه الدليل، وأنى له ذلك. أضف إلى ذلك أن الاطلاقات
تقتضي عدم الفرق.
الثامن عشر: نفي المحارب هل هو مقتضى التخيير أو الترتيب؟
اختلف فقهاؤنا في حد المحارب على قولين: أحدهما التخيير بين القتل والصلب
والقطع والنفي.
الثاني: التفصيل والترتيب.
فالقائلون بالأول: الشيخ الصدوق في الهداية، والشيخ المفيد في المقنعة،
والديلمي في المراسم، وابن إدريس في السرائر، والمحقق الحلي في الشرائع
والمختصر النافع، والعلامة الحلي في المختلف والتحرير والتبصرة. وقيل: إن عليه

(1) جواهر الكلام 41: 593. قال في شرح الأزهار: " واختلف الناس بماذا يكون نفيه؟
فقيل أنه يكون
بالحبس، وقيل تسمل بصره، والذي عليه الجمهور أنه يكون
بالطرد
والإخافة " ج 3: 376.
(2) بداية المجتهد 2: 455.
428

أكثر المتأخرين.
والقائلون بالثاني: في طليعتهم شيخ الطائفة، والإسكافي، والتقي (أبو
الصلاح) وابن زهرة واتباع الشيخ على ما في نكت الارشاد، بل في أكثر الكتب
كما في كشف اللثام.
أدلة القول الأول:
1 - أن الأصل في كلمة (أو) هو التخيير.
2 - مقتضى صحيح حريز (أو) في القرآن للتخيير.
عن أبي عبد الله (عليه السلام): " كل شئ في القرآن (أو) فصاحبه فيه بالخيار. " (1).
3 - خبر سماعة: عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله * (إنما جزاء الذين...) *
قال: " الإمام في الحكم فيهم بالخيار إن شاء قتل، وإن شاء صلب، وإن شاء قطع،
وإن شاء نفى من الأرض. " (2).
4 - عن جميل بن دراج: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل:
* (إنما جزاء...) * أي شئ عليه من هذه الحدود التي سمى الله عز وجل؟ قال:
ذلك إلى الإمام إن شاء قطع، وإن شاء نفى، وإن شاء قتل، قلت: النفي إلى أين؟
قال: من مصر إلى مصر آخر... " (3).
أدلة القول الثاني:
1 - صحيح بريد بن معاوية قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز

(1) التهذيب 8: 299 ح 99 - تفسير العياشي 1: 338 ح 175 - تفسير البرهان 1: 496 -
بحار الأنوار 23: 146 - الوسائل 15: 562 ب 12 ح 7.
(2) الوسائل 18: 536 ب 1 ح 9.
(3) الوسائل 18: 532 ب 1 ح 3.
429

وجل: * (إنما جزاء الذين...) * قال: ذلك إلى الإمام يفعل ما شاء قلت: فمفوض
ذلك إليه؟ قال: لا، ولكن نحو الجناية " (1).
2 - " يستبعد اتحاد عقوبة القاتل وأخذ المال مع عقوبة من شهر السلاح ولم
يقتل ولم يجرح ولم يأخذ مالا " (2).
آراء فقهائنا:
1 - المحقق الحلي: " وللأصحاب اختلاف، قال المفيد: بالتخيير وهو الوجه
وقال الشيخ بالترتيب... " (3).
2 - وقال في الشرائع: " وقد تردد فيه الأصحاب فقال المفيد بالتخيير، وقال
الشيخ أبو جعفر بالترتيب... واستند في التفصيل إلى الأحاديث الدالة عليه،
وتلك الأحاديث لا تنفك عن ضعف في اسناد أو اضطراب في متن، أو قصور في
دلالة، فالأولى العمل بالأول تمسكا بظاهر الآية. " (4).
3 - العلامة الحلي: " اختلف علماؤنا في حد المحارب على قولين، فالمفيد
وابن إدريس خير الإمام بين القتل والصلب، والقطع مخالفا والنفي، مطلقا إلا أن
يقتل فيتحتم القتل، وقال الشيخ بالتفصيل، والأصح الأول: عملا بنص القرآن في
التخيير وبرواية جميل بن دراج... عن الصادق (عليه السلام)... " (5).
4 - الشهيد الأول: " جمع في الاستبصار بين الروايات بحمل الترتيب على ما

(1) الوسائل 18: 533 ب 1 ح 2.
(2) جواهر الكلام 41: 574.
(3) المختصر النافع: 226.
(4) شرائع الإسلام 4: 180.
(5) تحرير الأحكام 2: 234 - ومثله قواعد الأحكام 2: 272 إلا أنه لم يرجح جانبا.
430

إذا قتل والتخيير على عدمه، تمسكا بصحيحة محمد بن مسلم... " (1).
5 - السيد الطباطبائي: " قال الشيخ في النهاية... ولو جرح ولم يأخذ المال
اقتص منه ونفي ولو اقتصر على شهر السلاح مخيفا، نفي لا غير. وقيل فيها غير
ذلك. ولم أجد حجة على شئ من الكيفيات من النصوص، وإن دل أكثرها على
الترتيب في الجملة لكن شئ منها لا يوافق شيئا منها فهي شاذة مع ضعف
أسانيدها جملة، لكنها مشهورة بين القدماء شهرة عظيمة، ومع ذلك مخالفة لما عليه
أكثر العامة.
واختلافها في كيفية الترتيب إنما يضعف اثبات كيفية خاصة منها لا أصله في مقابلة
القول بالتخيير بعد اتفاقها عليه مع أن من جملة ما يدل عليه بحسب السند صحيحا.
فالقول بالترتيب أقرب إلى الترجيح ولكن يبقى الكلام في الكيفية، والأجود
منها ما في النهاية لشهرتها، وقبول النصوص التنزيل عليها. وعلى التخير هل هو
مطلق حتى في صورة ما إذا قتل المحارب، فللإمام (عليه السلام) فيها أيضا الاقتصار على
النفي مثلا كما هو ظاهر المتن أم يتعين فيها اختيار القتل كما صرح به المفيد
وكثير، أجودهما: الثاني لكن قصاصا لا حدا. " (2).
6 - العلامة الطباطبائي: " وتمام الكلام في الفقه غير أن الآية لا تخلو عن
اشعار بالترتيب بين الحدود بحسب اختلاف مراتب الفساد فإن الترديد بين القتل
والصلب والقطع والنفي - وهي أمور غير متعادلة ولا متوازنة بل مختلفة من حيث
الشدة والضعف - قرينة عقلية على ذلك. " (3).

(1) غاية المراد: 354.
(2) الشرح الصغير 3: 391 - أنظر: مفاتيح الشرائع 2: 100 - كشف اللثام 2: 251 - كنز
العرفان 2: 351.
(3) الميزان 5: 360.
431

7 - الشيخ الوالد: " ظاهر الرواية الشريفة - جميل بن دراج - والآية الكريمة
التخيير، وعن بعض مشايخ مشايخنا تقوية الترتيب... " (1).
التحقيق في المقام:
إن الخلاف بين المشهور والشيخ الطوسي واتباعه. فالمشهور على التخير.
والشيخ واتباعه على الترتيب، ويرى الشيخ: التغريب في ثلاث صور: 1 - أخذ
المال. 2 - الجرح. 3 - شهر السلاح والإخافة.
ويرد عليه:
أولا: أن مستند هذا التفصيل روايات لا تخلوا بعضها من ضعف وجهالة.
ثانيا: اختلاف في المتن، بحيث يقصر عن إفادة هذا التفصيل.
ثالثا: لم يجتمع جميع ما ذكره الشيخ من الأحكام في رواية منها، بل يتلفق كثير
منه من الجميع.
رابعا: لا مستند لبعض تفصيلات الشيخ، مثل صورة: الجرح وأخذ المال.
وصورة القتل والجرح فقط.
خامسا: لم يكن تقسيم الشيخ حاصرا لجميع الفروض ولعل هذا هو المبعد
لقول الشيخ، أضف إلى تلك الوجوه المذكورة لتقوية القول بالتخيير (2).
آراء المذاهب الأخرى:
كما وقع الخلاف بين السنة في ذلك فالمذهب عند المالكية والظاهرية هو التخيير
بحسب ما يراه الإمام من المصلحة، وعند الحنفية والشافعية هو الترتيب والتوزيع

(1) ذخيرة الصالحين 8: 60 (مخطوط).
(2) أنظر: اللمعة الدمشقية 9: 299 - مسالك الأفهام 2: 449.
432

باعتبار الجناية، ونكتفي في المقام بكلام ابن رشد:
ابن رشد: " واختلفوا في هذه العقوبات هل هي على التخيير أو مرتبة على قدر
جناية المحارب، فقال مالك: إن قتل فلا بد من قتله، وليس للإمام التخيير في قطعه
ولا في نفيه، وإنما التخيير في قتله أو صلبه. وأما إن أخذ المال ولم يقتل فلا تخيير
في نفيه، وإنما التخيير في قتله أو صلبه أو قطعه من خلاف. وأما إذا أخاف السبيل
فقط فالإمام عنده مخير في قتله أو صلبه أو قطعه أو نفيه. ومعنى التخيير عنده أن
الأمر راجع في ذلك إلى اجتهاد الإمام....
وذهب الشافعي وأبو حنيفة وجماعة من العلماء إلى أن هذه العقوبة هي مرتبة
على الجنايات المعلوم من الشرع ترتيبها عليه، فلا يقتل من المحاربين إلا من قتل،
ولا يقطع إلا من أخذ المال، ولا ينفى إلا من لم يأخذ المال ولا قتل.
وقال قوم: بل الإمام مخير فيهم على الاطلاق، وسواء قتل أو لم يقتل، أخذ
المال أو لم يأخذه. وسبب الخلاف هل حرف (أو) في الآية للتخيير أو للتفصيل على
حسب جناياتهم؟ ومالك حمل البعض من المحاربين على التفصيل والبعض على
التخيير. " (1).
التاسع عشر: هل يثبت النفي للطليع والردء؟
لا تثبت أحكام المحارب من النفي وغيره على الطليع وهو الذي يرقب

(1) بداية المجتهد 2: 456 - أنظر: المحلى 11: 300 - الجامع لأحكام القرآن 6: 152 -
الزرقاني مع حاشية البناني 8: 110 - تفسير الطبري 6: 214 - الانصاف 10: 292 -
روضة الطالبين 10: 156 - حاشية ابن عابدين 4: 113 - شرح منتهى الإرادات 3:
375 - المغني 9: 145 - شرح الأزهار: 376.
433

للمحارب من يمر بالطريق فيعلمه، ولا الردء (1) وهو المعين من غير المباشرة،
للأصل والاحتياط وخروجهما من مورد النص.
نعم يعزر لارتكابه الحرام وإعانته على الظلم، بل يحبس كما أفتى به العلامة
الحلي في التحرير.
وأما المذاهب الأخرى: فاختلفت آراؤهم فيه، فعن أبي حنيفة: مساواتهما
للمحارب، ولكن لم نعرف وجهه مع اختلاف العناوين، وثبوت الحكم لعنوان
المحارب. وعن الشافعية: تعزيره بالحبس أو التغريب وغيرهما.
وقد تعرض فقهاؤنا لهذا الفرع ذيل بحث المحارب، ونكتفي بنقل آراء ابن
إدريس في السرائر والمحقق الحلي في الشرائع، والعلامة في التحرير، والشهيدين
في الروضة والمسالك والشيخ النجفي في الجواهر. ومن العامة: بما أورده الجزيري
في الفقه على المذاهب. وفيما يلي الآراء:
آراء فقهائنا:
1 - ابن إدريس: " لا يجب أحكام المحارب على الطليع والردء بالنظر لهم وإنما
يجب على من باشر القتل أو أخذ المال، أو جمع بينهما، أو شهر سلاحه لإخافة
الناس. " (2).
2 - المحقق الحلي: " ولا يثبت هذا الحكم للطليع ولا للردء " (3).
3 - العلامة الحلي: " فأما من كثر أو هيت [كذا] وكان ردءا أو معاونا فإنما

(1) فلان ردء فلان، أي معينه. معجم مقاييس اللغة 2: 507 / ردى / وقال الراغب:
الردء: الذي يتبع غيره معينا له. المفردات: 198.
(2) السرائر 3: 509.
(3) شرائع الإسلام 4: 181.
434

يعزر ويحبس ولا يكون محاربا. " (1).
4 - الشهيدان: " لا الطليع للمحارب وهو الذي يرقب له من يمر بالطريق فيعلمه
به أو يرقب له من يخاف عليه منه فيحذره، والردء: وهو المعين له فيما يحتاج إليه
من غير أن يباشر متعلق المحاربة فيما فيه أذى الناس وإلا كان محاربا. " (2).
5 - الشيخ محمد حسن النجفي، قال بعد نقل كلام المحقق الحلي: " للأصل
والاحتياط والخروج عن النصوص، خلافا لأبي حنيفة فسوى بين المباشر
وغيره، وفساده واضح بعد عدم حصول وصف المحاربة في الثاني، نعم لو كان
المدار على مطلق مسمى الافساد اتجه ذلك. لكن قد عرفت اتفاق الفتاوى على
اعتبار المحاربة على الوجه المزبور، والنصوص وإن لم يكن فيها ما يقتضي حصر
المفسد في ذلك صريحا إلا أنه بمعونة الاتفاق المزبور مع الانسياق وملاحظة بعض
المفاهيم فيها يتجه ما ذكره الأصحاب من جعل المدار على صدق المحاربة على
الوجه الذي ذكرناه. " (3).
آراء المذاهب الأخرى:
1 - الجزيري: " الشافعية: من أعان قطاع الطريق، وكثر جمعهم ولم يزد على
ذلك بأن لم يأخذ مالا مقدار نصاب ولم يقتل نفسا عزره الإمام بحبس، أو تغريب
وغيرهما كسائر المعاصي.
وقيل يتعين التعزير بالنفي إلى مكان يراه الإمام لأن عقوبته في الآية، النفي " (4).

(1) تحرير الأحكام 2: 233.
(2) الروضة البهية 9: 293 - أنظر: مسالك الأفهام 2: 449.
(3) جواهر الكلام 41: 571.
(4) الفقه على المذاهب الأربعة 5: 412.
435

العشرون: هل ينفى العبد المحارب؟
مقتضى الاطلاقات والعمومات هو التسوية بين العبد والحر، ولا مخصص لهذه
العمومات. وأما ما ورد من المقيدات فإنما هي في خصوص الزاني، مع الخلاف في
المحارب.
هذا: ولم أجد تصريحا من فقهائنا في خصوص المقام وإن كان يشمله مقتضى
اطلاقات كلماتهم.
وأما المذاهب الأخرى، فعن المالكية أنه لا ينفى، وظاهر كلام كثير من العامة
هو الاشتراك مع الحر في الأحكام، كما عن المرداوي في الانصاف.
آراء المذاهب الأخرى:
1 - المرداوي: " ظاهر كلام المصنف وكثير من الأصحاب: دخول العبد في
ذلك وأنه ينفى. وقد قال القاضي في التعليق لا تعرف الرواية عن أصحابنا في
ذلك. وإن سلمناه فالقصد من ذلك كفه عن الفساد، وهذا يشترك فيه الحر
والعبد. " (1).
2 - الجزيري: " المالكية:... وأما حد الرقيق المحارب فهو القتل، أو الصلب
والقتل، أو قطع يد ورجل، ولا ينفى. " (2).

(1) الانصاف 10: 298.
(2) الفقه على المذاهب الأربعة 5: 410.
436

الفصل الرابع
هل ينفى من يعنت بالغوامض؟
نقل القرطبي في كتابه (أقضية رسول الله (صلى الله عليه وآله)) عن بعض الصحابة أنه نفى
ضبيعا من المدينة إلى البصرة، بعد أن ضربه مائتين، وذلك لأنه سأل عن معنى
والذاريات والمرسلات والنازعات.
وزاد ابن حجر في الإصابة: أنه دمى رأسه، ولم يزل ذليلا في قومه بعد أن كان
سيدا فيهم.
وأورده ابن أبي الحديد في سيرة عمر، وزاد فيه: أنه ضربه حتى أسقط عمامته،
وحبسه، ثم كان يخرجه كل يوم فيضربه مائة، ثم غربه إلى البصرة.
وأضاف في التاج (1) أنه كتب إلى الوالي أن لا يؤويه، ونهى عن مجالسته.
ولا ندري ما الذي صدر عنه، حتى استحق مثل هذه العقوبات الصارمة،
الشديدة!

(1) التاج 6: 20.
437

وقد ذكر الفيروزآبادي في قاموسه: أنه كان يعنت الناس بالغوامض (1).
وعلى فرض صحة ما قال الفيروزآبادي، فهل بهذه الجريمة تستحق كل هذه
الويلات!؟.
هذا، ولم أجد من فقهاء العامة - ممن يعتد بأقواله عندهم - من أفتى بهذه
العقوبة للمعنت، استنادا إلى فعل عمر، مما يرشدنا إلى عدم حجية فعل الخليفة
عندهم.
هذا: وعندنا إن من ثبت أنه يؤذي الناس، عند الحاكم، فله تعزيره.
النصوص التأريخية:
1 - قال محمد بن الفرج: " إن عمر سجن ضبيعا على سؤاله، عن الذاريات،
والمرسلات، والنازعات، وشبههن، وأمر الناس بالتفقه [في ذلك]، وضربه مرة
بعد مرة، ونفاه إلى العراق. وقيل: إلى البصرة، وكتب أن لا يجالسه أحد قال
المحدث [الرملي] فلو جاءنا [أي ضبيع] ونحن مائة لتفرقنا عنه، ثم كتب أبو
موسى إلى عمر أنه قد حسنت توبته، فأمره عمر فخلى بينه وبين الناس.
وذكر البزار: أنه ضربه مائة فلما برئ عنه ضربه مائة أخرى وحمله على
قتب... " (2).
2 - وقال ابن حجر: " قدم المدينة رجل يقال له ضبيع، فجعل يسأل عن
متشابه القرآن، فأرسل إليه عمر، فأعد له عراجين النخل، فقال: من أنت؟ قال:
أنا عبد الله ضبيع، قال: وأنا عبد الله، عمر. فضربه حتى دمى رأسه، فقال

(1) القاموس 3: 113.
(2) أقضية رسول الله (صلى الله عليه وآله): 10 - أنظر: تذكرة الحفاظ 1: 61 - الرقم 56 - كنز العمال 2:
510 ح 4617 و 4618.
438

حسبك يا أمير المؤمنين، قد ذهب الذي كنت أجده في رأسي... ثم نفاه إلى
البصرة.
... وعن سعيد بن المسيب:... فأمر به عمر فضرب مائة سوط، فلما برئ
دعاه فضربه مائة أخرى ثم حمله على قتب، وكتب إلى أبي موسى: حرم على
الناس مجالسته.
قال ابن حجر: غريب تفرد به ابن أبي سبره وهو ضعيف، والراوي عنه
أضعف منه، ولكن أخرجه ابن الأنباري من وجه آخر... بسند صحيح وفيه: فلم
يزل ضبيع وضيعا في قومه بعد أن كان سيدا فيهم. " (1).
3 - وقال ابن أبي الحديد: "... ثم أمر به فجعل في بيت، ثم كان يخرجه كل
يوم فيضربه مائة، فإذا برئ أخرجه، فضربه مائة أخرى، ثم حمله على قتب
وسيره إلى البصرة. وكتب إلى أبي موسى، يأمره أن يحرم على الناس مجالسته،
وأن يقوم في الناس خطيبا، ثم يقول: إن ضبيعا قد ابتغى العلم فأخطاه. فلم يزل
وضيعا في قومه حتى هلك... " (2).
4 - وفي الكنز: "... فإذا جاءك كتابي هذا، فلا تبايعوه، وإن مرض فلا
تعودوه، إن مات فلا تشهدوه... " (3).
التحقيق في المقام:
التعنت: التشديد. فلان يعنت فلانا، مرادهم أنه شدد عليه وألزمه بما يصعب

(1) الإصابة 2: 198 - الرقم 4123.
(2) شرح نهج البلاغة 12: 102.
(3) كنز العمال 2: 336 ح 4180 - أنظر 2: 334 ح 4170 و 333 ح 4169 و 335 ح 4173
و 4174 - مصنف عبد الرزاق 11: 426 ح 20906.
439

عليه أداؤه - كما عن ابن الأنباري (1) - وعن الطريحي: أصل العنت: المشقة
والصعوبة. والعنت: الوقوع في أمر شاق (2).
وعن الفيض الكاشاني: التعنت: طلب الزلة (3).
وهو خلاف مقتضى الآداب، والأخلاق الإسلامية، وقد ورد النهي عن
ارتكابه، كما ورد عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) ذيل الآية الكريمة: * (... وجعلنا
من الماء...) * (4).
عن الحسين بن علوان، قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) عن طعم الماء؟
فقال: سل تفقها، ولا تسأل تعنتا، طعم الماء طعم الحياة. " (5).
هذا هو موقف الشرع تجاه المعنت بالسؤال وهو موقف أهل البيت (عليهم السلام). وهو
المقياس في تقييم أعمال الغير وسيرته.
وعلى هذا، فنقول: أما حرمته فلم تثبت إلا بأن يدخل تحت عنوان محرم،
فيتبعه في التعزير كما وكيفا، نعم هو خلاف الأخلاق الإسلامية. وعليه: يرد ما
يلي:
أولا: على فرض دخوله تحت عنوان محرم، يرد البحث في التعزير إلى هذا
المقدار! مع أن التعزير بالجرح والإدماء، والقطع، ليس من الشرع، ولا أفتى به

(1) لسان العرب 2: 61 (مادة عنت).
(2) مجمع البحرين 1: 211.
(3) الوافي 20: 558 - أبواب المشارب.
(4) الأنبياء: 30.
(5) الكافي 6: 381 ح 7 - مجمع البيان 4: 45 - الوسائل 17: 187 ب 1 ح 6 - مستدرك
الوسائل 17: 5 ب 1 ح 3 - قال الفيض: التعنت، طلب الزلة، كأنه (عليه السلام) استفرس من
الرجل أنه يريد تخجيله وافحامه عن الجواب. الوافي 20: 558.
440

ممن يقتدى به من الفقهاء. وقد صرح بذلك من يعتنى بقوله من العامة، أمثال ابن
قدامة في المغني، ومن فقهائنا: العلامة الحلي في التحرير، ولم يذكره الآخرون
في عداد التعزيرات، كالماوردي في أدب القاضي (1)، والأحكام السلطانية (2)،
والكاساني في البدائع (3)، وأبي يعلى في الأحكام السلطانية (4)، والقرشي في
المعالم (5)، وأحمد ابن يحيى في العيون (6)، والقرافي في الفروق (7)، والشيخ سليمان في
الحاشية (8)، والجزيري في الفقه على المذاهب (9)، وإن ادعى بعض الكتاب
المعاصرين (10) خلاف ذلك، ونسبه إلى بعض مذاهب العامة، وفيما يلي نص كلام
بعضهم:
1 - قال ابن قدامة: " التعزير يكون بالضرب والحبس والتوبيخ، ولا يجوز
قطع شئ منه، ولا جرحه، ولا أخذ ماله، لأن الشرع لم يرد بشئ من ذلك عن
أحد يقتدى به، لأن الواجب أدب والتأديب لا يكون بالاتلاف. " (11).
2 - وقال العلامة الحلي: " التعزير يجب في كل جناية لا حد فيها، وهو يكون

(1) أدب القاضي 2: 364 - الأحكام السلطانية: 236.
(2) أدب القاضي 2: 364 - الأحكام السلطانية: 236.
(3) بدائع الصنائع 7: 64.
(4) الأحكام السلطانية: 279.
(5) معالم القربة: 191.
(6) عيون الأزهار: 485.
(7) الفروق 4: 177.
(8) الحاشية 5: 344.
(9) الفقه على المذاهب الأربعة 5: 400.
(10) الفقه الإسلامي وأدلته 4: 287.
(11) المغني 8: 328.
441

بالضرب والحبس والتوبيخ من غير قطع، ولا جرح... " (1).
قد يقال: بجواز أمثال ذلك من باب النهي عن المنكر كما ذهب إليه المرتضى -
على ما في الروضة (2) - والعلامة في الارشاد (3) - مع إذن الإمام، فتأمل. بل في
كثير من كتبه - على ما في الروضة أيضا - لعموم الأوامر واطلاقها، لكن مع ذلك:
فشرط التدرج إلى الجرح هو عدم تأثير غيره من المراتب، مع أن ضبيعا كان
يرتدع عن فعله بمجرد اظهار الكراهة، والاعراض عنه، ثم القول اللين، ثم
الغليظ، ولا حاجة إلى الضرب، ثم الادماء، ثم النفي....
ثانيا: لم يثبت كون سؤال ضبيع، عن تعنت، بل لعله كان تعلما وتفقها وطلبا
لفهم تفسير الآيات الشريفة.
ثالثا: هب أنه كان للتعنت، لكن هل يسمح الشرع بهذا النحو من المؤاخذة
- ثلاثمائة جلدة، ادماء رأسه، وتغريبه، والنهي عن مجالسته، وايوائه، واذلاله
بين عشيرته، إلى آخر حياته -؟!
وهل كانت هذه سيرة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وأهل البيت (عليهم السلام) مع المسلمين
سيما مع من كان سيد القوم وكريمهم (4).
رابعا: إذا ثبت منه التعنت، وثبت أن التعنت ايذاء للناس، فحكمه التعزير،

(1) تحرير الأحكام 2: 239.
(2) الروضة البهية 2: 416.
(3) الارشاد 2: 352: " قال: ويجبان - أي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - بالقلب
وباليد، إذا عرف الحاجة إلى الضرب، ولو افتقر إلى الجراح والقتل، افتقر إلى إذن الإمام
على رأي. ". أنظر مسالك الأفهام 3: 105.
(4) أنظر: ابن ماجة 2: 1223 / الأدب / ب 19 ح 3712 - المعجم الكبير 2: 325
ح 2358.
442

حسب ما ارتكب لا أكثر وفي نهاية المطاف: ما دام لم يدع أبناء السنة، عصمة
غير النبي (صلى الله عليه وآله) فعذره: القول بأنه أخطأ، أو أنها كانت لعلة سياسية، فلا يمكن
جعله مستندا للفتوى، بل ولا يتحمل التوجيه والحمل على الصحة، ولعل الخليفة
ندم على فعله، كما في نفيه شارب الخمر.
هذا ما وفقنا الله عز وجل لجمعه والتحقيق فيه، ولعل هناك موارد أخرى لم
نعثر عليها، أو (1) ليست بصريحة.
وفي الختام نشكر المولى العلي القدير الذي هيأ لعبده أسباب انجاز هذا
الكتاب المسمى ب‍ (النفي والتغريب في مصادر التشريع الإسلامي) وذلك في
8 / ربيع الثاني / 1415 ه، يوم ميلاد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) بقم المشرفة، وأنا العبد الراجي ربه نجم الدين بن محمد رضا الطبسي النجفي.

(1) أ - قال ابن أبي الحديد: روى الأعمش عن إبراهيم التيمي قال: قال علي (عليه السلام) لشريح
وقد قضى قضية نقم عليه أمرها: " والله لأنفينك إلى بانقينا شهرين تقضي بين اليهود... "
شرح نهج البلاغة 4: 98 - أنظر قاموس الرجال 5: 405.
ب - وعن ابن طاووس عن أبيه: " أن قوما كانوا في السوق وكان اسلامهم حديثا لا فقه
لهم، لا يحسنون يذبحون، قال: فأخرجهم عمر من السوق، وأمر باخراجهم. ".
مصنف عبد الرزاق 4: 483 ح 8559.
ج - قال الأوزاعي والليث ومالك: " من قتل عمدا فعفى عنه الأولياء، أو فادوه
بالدية، فإنه يجلد مائة سوط مع ذلك وينفى سنة ".
د - وقال مالك في القسامة يدعى على جماعة أنهم لا يقسمون إلا على واحد فإن أقسموا
عليه قتلوه وضرب الباقون كل واحد مائة سوط وينفوا كلهم سنة سنة. المحلى 10: 462.
أقول: أوردنا هذه الاستدراكات خوفا من الضياع، وسنبحث عنها بالتفصيل، في
المستقبل إن شاء الله تعالى.
443

الفهارس الفنية
445

دليل الفهارس
1 - فهرس الآيات 449
2 - فهرس الأحاديث 453
3 - فهرس أسماء المعصومين (عليهم السلام) 475
4 - فهرس الأعلام 479
5 - فهرس الفرق والمذاهب 507
6 - فهرس الجماعات والقبائل 511
7 - فهرس البلدان والأماكن 515
8 - فهرس المصادر 519
9 - فهرس المواضيع 547
447

فهرس
الآيات الكريمة
البقرة (2)
رقم الآية رقم الصفحة
179 * (ولكم في القصاص حياة) * 59
280 * (فنظرة إلى ميسرة) * 276
آل عمران (3)
12 * (قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم...) * 346، 347
13 * (قد كان لكم آية في فئتين التقتا...) * 347
النساء (4)
15 * (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن) * 34، 158
15 * (فأمسكوهن في البيوت) * 168
16 * (واللذان يأتيانها منكم فآذوهما...) * 33، 34، 168
449

رقم الآية رقم الصفحة
16 * (فأعرضوا عنهما) * 158
25 * (فعليهن نصف ما على المحصنات) * 240، 249، 300
المائدة (5)
2 * (وتعاونوا على البر والتقوى) * 418، 424
4 * (فكلوا مما أمسكن عليكم) * 216
33 * (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله) * 368
370، 371، 374، 378، 379، 380
382، 387، 405، 406، 419، 426، 429
33 * (ويسعون في الأرض فسادا...) * 369، 388
33 * (أن يقتلوا أو يصلبوا) * 375
33 * (أو ينفوا من الأرض) * 19
167، 177، 381، 388، 394، 395، 403
34 * (إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله...) * 417
45 * (أن النفس بالنفس) * 59
الأنعام (6)
164 * (ولا تزر وازرة وزر أخرى) * 241
النحل (16)
126 * (وإن عاقبتم...) * 385
450

الأسراء (17)
رقم الآية رقم الصفحة
33 * (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا) * 59
الأنبياء (21)
30 * (وجعلنا من الماء...) * 44
المؤمنون (23)
5 * (والذين هم لفروجهم...) * 89
النور (24)
2 * (الزانية والزاني فاجلدوا...) * 168، 178، 233
2 * (مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة) * 150، 196
4 * (والذين يرمون المحصنات...) * 159
36 * (في بيوت أذن الله...) * 357
451

فهرس
الأحاديث الشريفة
أتى رجل إلى عمر فأخبره أن أخته أحدثت... في الخبر 156
أتي أمير المؤمنين (عليه السلام) بالنجاشي الشاعر وقد شرب الخمر في الخبر 328
أوتي رسول الله (صلى الله عليه وآله) برجل قتل عبده متعمدا... الإمام علي (عليه السلام) 64
أتي علي بجارية من همدان فضربها وسيرها إلى البصرة في الخبر 201
أتي عمر بن الخطاب بجارية شهدوا عليها أنها بغت الصادق (عليه السلام) 283
أتيت من حوران إلى دمشق لآخذ عطائي... في الخبر 41
453

أجلهم من الكوفة ولا تدع منهم أحدا الإمام علي (عليه السلام) 350
أخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحكم من المدينة وطرده عنها... في الخبر 343
أخرجوا المخنثين من بيوتكم النبي (صلى الله عليه وآله) 313
أخرجوا اليهود من الحجاز وأهل نجران... النبي (صلى الله عليه وآله) 349
أخرجوهم من بيوتكم فإنهم أقذر شئ النبي (صلى الله عليه وآله)
312، 313، 314، 315
إذا أقيم على السارق الحد نفي إلى بلدة أخرى الصادق (عليه السلام) 362
إذا حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا... الرضا (عليه السلام) 371
إذا حارب الرجل وقتل وأخذ المال قطعت يده... في الخبر 378
إذا زنى البكران يجلدان وينفيان... في الخبر 153
إذا زنى الرجل فجلد فليس ينبغي للإمام أن ينفيه الصادق (عليه السلام) 212
إذا زنى الرجل فجلد ينبغي للإمام أن ينفيه... الصادق (عليه السلام)
137، 223، 363
454

إذا زنى الشيخ والشيخة جلد كل واحد منهما مائة جلدة الإمام علي (عليه السلام) 144
إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد... النبي (صلى الله عليه وآله) 299
إذا قام القائم عرض الايمان على كل ناصب... الباقر (عليه السلام) 350
إذا قتل ولم يحارب ولم يأخذ المال قتل... الصادق (عليه السلام) 374
إذا قطع الطريق اللصوص وأشهروا السلاح... الإمام علي (عليه السلام)
376، 401
إذا كان الرجل كلامه كلام النساء ومشيته مشية النساء الإمام علي (عليه السلام) 311
إذا نفي الزانيان نفي كل واحد منهما إلى قرية في الخبر 245
أضرموها فيها فإن الخبيث يأكل بعضه بعضا الإمام علي (عليه السلام) 32
اعلموا أن الأرض لله ولرسوله وأني أريد أن أجليكم من النبي (صلى الله عليه وآله)
هذه الأرض 348
إقامة الحدود إلى من إليه الحكم الصادق (عليه السلام) 231
أقيموا عندي فإذا برئتم بعثتكم في سرية النبي (صلى الله عليه وآله) 386
455

الذي لم يحصن يجلد مائة جلدة ولا ينفى... الباقر (عليه السلام) 137
الإمام في الحكم فيهم بالخيار إن شاء قتل وإن شاء صلب الصادق (عليه السلام) 429
امرأتك فإن شئت فطلق وإن شئت فأمسك الإمام علي (عليه السلام) 151
أن أبا بكر نفى رجلا وامرأة حولا في الخبر 153
أن أنس كذب على النبي (صلى الله عليه وآله)... الباقر (عليه السلام) 386
أن أول من استحل الأمراء العذاب لكذبة كذبها أنس الباقر (عليه السلام) 386
إن أول من دعا إلى خلع عثمان والبيعة لعلي (عليه السلام)... في الخبر 40
أن تنفى من الرجل ويطلقها زوجها الصادق (عليه السلام) 280
إن توجه إلى أرض الشرك ليدخلها قوتل أهلها الرضا (عليه السلام) 372
أن الجاسوس والعين يقتلان في الخبر 337
أن الحكم بن أبي العاص كان جارا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في الخبر
في الجاهلية... 343
456

أن رجلا جلد جارية فجرت وتحت ثيابها درع حديد... في الخبر 152
أن رجلا قتل عبده متعمدا فجلده النبي مائة جلدة... في الخبر 65
أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قضى فيمن زنى ولم يحصن بنفي عام في الخبر 243
أن عامر بن قيس وشي به إلى عثمان فأمر أن ينفى إلى الشام في الخبر 39
أن عبدا كان يقوم على رقيق الخمس وأنه استكره جارية في الخبر 154
إن عفوا عنه فإن على الإمام أن يقتله... الكاظم (عليه السلام) 370
أن عليا (عليه السلام) جلد ونفى من البصرة إلى الكوفة... في الخبر 202
أن عليا قال في أم الولد إذا أعتقها سيدها أو مات عنها... في الخبر 298
إن عليا (عليه السلام) نفى رجلين من الكوفة إلى البصرة الصادق (عليه السلام) 371
أن عليه ثلاثة أرباع حد الزاني الصادق (عليه السلام) 91
أن عليه جلد مائة وتغريب عام النبي (صلى الله عليه وآله) 170
457

أن قاتل عبده لا يقتل به... الباقر (عليه السلام) 63
إن كان محصنا فارجمه وإن كان بكرا فاجلده... الإمام علي (عليه السلام) 141
إن كان محصنا وإن كان بكرا فاجلده مائة جلدة الإمام علي (عليه السلام) 192
أن محمد بن أبي بكر كتب إلى علي (عليه السلام) يسأله عن الرجل... الصادق (عليه السلام)
141، 192
أن النبي (صلى الله عليه وآله) غرب هيت ومانع إلى العرايا في الخبر 304
أن النبي (صلى الله عليه وآله) لعن المخنثين من الرجال والمترجلات في الخبر 315
أن النفي يكون من المصر الذي حارب فيه الباقر (عليه السلام) 414
أن النفي يكون من المصر الذي حارب فيه الرضا (عليه السلام) 414
أن هيت ومانعا حينما أرشدا رجلا إلى ابنة غيلان... الصادق (عليه السلام) 92
أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف الإمام علي (عليه السلام) 377
أن ينادى عليه بأنه منفي فلا تواكلوه ولا تشاربوه... الكاظم (عليه السلام) 419
458

أن ينفيه من الأرض التي جلده فيها إلى غيرها سنة في الخبر 183
انطلقوا إلى يهود النبي (صلى الله عليه وآله) 348
إنما سئل الرضا (عليه السلام) عن نباش نبش قبر امرأة... الجواد (عليه السلام) 79
أنه أمر باحراق الطعام المحتكر الإمام علي (عليه السلام) 32
أنه أمر بقتل عين للمشركين النبي (صلى الله عليه وآله) 337
أنه قتل جاسوسين لمعاوية الحسن (عليه السلام) 337
أنه كان إذا قطع السارق وبرئ نفاه من الكوفة... الإمام علي (عليه السلام) 363
إنها فتنة الإمام علي (عليه السلام) 327
إني نهيت عن قتل المصلين النبي (صلى الله عليه وآله) 313
البكران يجلدان أو ينفيان... في الخبر 155
بيوت الأنبياء النبي (صلى الله عليه وآله) 357
459

تجلد ولا تنفى الإمام علي (عليه السلام) 253
تجلد ولا نفي عليها الإمام علي (عليه السلام) 298
تزوج رجل منا امرأة فزنت قبل أن يدخل بها... في الخبر
151، 244
التغريب فتنة الإمام علي (عليه السلام) 152
الثيب بالثيب جلد مائة والرجم... النبي (صلى الله عليه وآله) 144
جاء رجل إلى أبي بكر فذكر أن ضيفا له افتض أخته في الخبر 156
جلد عثمان امرأة في زنى ثم أرسل بها مع مولى له... في الخبر 153
حبسه سنة في الخبر 71
خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا... النبي (صلى الله عليه وآله) 149
خذوا عني قد جعل الله لهن السبيل... النبي (صلى الله عليه وآله) 144
ذاك المؤلف بين الذكر والأنثى حراما الصادق (عليه السلام) 93
460

ذلك إلى الإمام إن شاء قطع وإن شاء صلب... الصادق (عليه السلام) 371
ذلك إلى الإمام إن شاء قطع وإن شاء نفى... الصادق (عليه السلام) 429
ذلك إلى الإمام أيما شاء فعل... الصادق (عليه السلام) 375
ذلك إلى الإمام يفعل ما شاء الصادق (عليه السلام) 429
رأيت أبا ذر يوم دخل به على عثمان فقال له... في الخبر 37
سل تفقها ولا تسأل تعنتا... الصادق (عليه السلام) 440
سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لعن الله المتشبهين من الرجال الإمام علي (عليه السلام) 312
سير عبد الرحمان صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى القموص... في الخبر 40
الشيخان الثيبان يجلدان ويرجمان والبكران... في الخبر 153
الشيخ والشيخة جلد مائة والرجم والبكر والبكرة... الصادق (عليه السلام)
140، 243
ضرب ضربا شديدا في الخبر 71
461

على المحصن إذا زنى الرجم... في الخبر 153
عليه أن يجلد حدا غير الحد ثم ينفى من بلاده... الصادق (عليه السلام) 85
فاعلم أن أمير المؤمنين (عليه السلام) عند الله أفضل من الأئمة... الصادق (عليه السلام) 357
فأكون من الجاهلين أو من الظالمين الإمام علي (عليه السلام) 36
فإن حبسهما من الفتنة أن ينفيا الإمام علي (عليه السلام) 152
فإن كانوا أخافوا السبيل فقط ولم يقتلوا أحدا الباقر (عليه السلام) 401
فإنه سيتوب قبل ذلك وهو صاغر الكاظم (عليه السلام) 398
فجرت امرأة على عهد علي وقد زوجت ولم يدخل بها في الخبر 151
فكان من شريعتهم في الجاهلية أن المرأة إذا زنت حبست الإمام علي (عليه السلام) 34
فكتب سعيد بن العاص إلى عثمان إني لا أملك من الكوفة... في الخبر 38
في الذي يأتي البهيمة فيولج عليه حد الزنا الصادق (عليه السلام) 88
462

في البكر يزني بالبكر فإن حبسهما من الفتيان ينفيان الإمام علي (عليه السلام) 244
في العبد والأمة إذا زنى أحدهما جلد خمسين جلدة الإمام علي (عليه السلام) 297
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا زنى الشيخ والشيخة جلد كل الصادق (عليه السلام)
واحد... 143
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا كان الرجل كلامه كلام النساء... الصادق (عليه السلام) 311
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في امرأة مجنونة زنت فحبلت... الكاظم (عليه السلام) 297
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) وعلى البكر جلدة مائة ونفي سنة الصادق (عليه السلام) 224
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) الثيب بالثيب جلد مائة... الإمام علي (عليه السلام) 144
قد قضى الله ورسوله إن شهد أربعة على بكرين جلدا... النبي (صلى الله عليه وآله)
150، 196، 244
قدم على رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوم من بني ضبة مرضى... الصادق (عليه السلام) 386
قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه لا قود لولد أصابه والده في الخبر 61
قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في البكر والبكرة إذا زنيا جلد مائة الباقر (عليه السلام)
136، 242، 251
463

قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في العبيد والإماء إذا زنى أحدهم الكاظم (عليه السلام) 296
قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في مكاتبة زنت وقد أعتق منها... الكاظم (عليه السلام) 296
قوتل أهلها الرضا (عليه السلام)
412، 414
كان أمير المؤمنين إذا نفى أحدا من أهل الإسلام... الباقر (عليه السلام) 128، 200
كان بالمدينة رجلان يسمى أحدهما هيت والآخر مانع... الصادق (عليه السلام) 95
كان علي (عليه السلام) يجلد البكر والبكرة وينفيهما سنة الصادق (عليه السلام) 243
كان علي (عليه السلام) يضرب الشيخ والشيخة مائة ويرجم الصادق (عليه السلام)
المحصن... 141
كان في المدينة رجلان يسمى أحدهما هيت والآخر مانع... الصادق (عليه السلام) 306
كان المخنثون على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثلاثة مانع وهدم عن المعصوم (عليه السلام) 314
كان النبي (صلى الله عليه وآله) في حجرته فسمع حسا فاستنكره... في الخبر 344
كانت غزوة بني النضير في ربيع الأول وكانت منازلهم... في الخبر 347
464

كفى بالتغريب فتنة الإمام علي (عليه السلام) 168
كل شئ في القرآن فصاحبه فيه بالخيار الصادق (عليه السلام) 429
كنت جالسا يوم الجمعة وعلي (عليه السلام) يخطب على منبر... في الخبر 36
لا (سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يزني قبل أن يدخل الصادق (عليه السلام)
بأهله...) 284
لا آذن لك ولا كرامة ولا نعمة... النبي (صلى الله عليه وآله) 332
لا أرى هذا الخبيث يفطن لهذا... النبي (صلى الله عليه وآله) 314
لا أريكما من أولي الإربة من الرجال النبي (صلى الله عليه وآله)
95، 96
لا تبرح من مكانك فمن خرج عليك من أصحابي فسألك النبي (صلى الله عليه وآله)
عني... 347
لا تجاوروني فيما بعد ثلاث الإمام علي (عليه السلام) 350
لا حد على القواد... الصادق (عليه السلام) 93
لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب النبي (صلى الله عليه وآله) 348
465

لا، عليه القتل الكاظم (عليه السلام) 370
لأقضين بينكما بكتاب الله عز وجل النبي (صلى الله عليه وآله) 165
لا والله ما سمل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عينا ولا زاد أهل اللقاح... السجاد (عليه السلام) 386
لا ولكن نحو الجناية الصادق (عليه السلام) 430
لا يبايع ولا يؤتى بطعام عن أحدهما (عليهما السلام)
399، 419
لا يبايع ولا يؤوى... الصادق (عليه السلام)
399، 419
لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله... الصادق (عليه السلام) 377
لا يحل لامرأة أن تسافر من غير محرم النبي (صلى الله عليه وآله)
241، 250
لا يخلد في السجن إلا ثلاثة الصادق (عليه السلام) 79
لا يقتل الأب بابنه الصادق (عليه السلام) 53
لا يقتل به ولكن يضرب ضربا شديدا... الباقر (عليه السلام)
48، 64
466

لا يقتل المؤمن بعبده ولكن يضرب... في الخبر 65
لحم تلك البهيمة محرم وثمنها في الخبر 85
لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء... النبي (صلى الله عليه وآله) 312
لعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) المخنثين من الرجال... في الخبر 314
لعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) المخنثين وقال أخرجوهم من بيوتكم الإمام علي (عليه السلام) 312
لما أعطى عثمان مروان خمس مائة ألف من خمس إفريقية في الخبر 40
لما عمل معن بن زائدة خاتما على نقش خاتم بيت المال... في الخبر 355
لما ولي عمر بن عبد العزيز استعمل ميمون بن مهران على في الخبر
الجزيرة 358
ليس أي شئ شاء صنع ولكنه يصنع بهم على قدر جناياتهم الصادق (عليه السلام) 373
ليس في الحدود نظر ساعة الإمام علي (عليه السلام) 195
ما بال هذا النبي (صلى الله عليه وآله)
467

ما هذه القرية الإمام علي (عليه السلام) 32
المحصن يجلد مائة جلدة ويرجم ومن لم يحصن... الباقر (عليه السلام) 144
المحصن يرجم والذي قد أملك ولم يدخل بها فجلد مائة... الباقر (عليه السلام) 136
المحصن يرجم والذي لم يحصن يجلد مائة... الباقر (عليه السلام) 144
من حارب الله وأخذ المال وقتل كان عليه أن يقتل أو الباقر (عليه السلام)
يصلب 375
من شهر السلاح في مصر من الأمصار فعقر اقتص منه... الباقر (عليه السلام) 415
من شهر السلاح في مصر من الأمصار فعقر اقتص منه الكاظم (عليه السلام) 370
من عذيري من هذا الوزغ اللعين النبي (صلى الله عليه وآله) 343
من عمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول النبي (صلى الله عليه وآله) 131
من مصر إلى مصر آخر الصادق (عليه السلام) 429
من وقع على بهيمة فاقتلوه النبي (صلى الله عليه وآله) 89
468

من يعذرني من هؤلاء الضياطرة... الإمام علي (عليه السلام) 36
نعم من أفاضلها النبي (صلى الله عليه وآله) 358
نعم من التي جلد فيها إلى غيرها الصادق (عليه السلام)
138، 192، 223
نعم وليكن ذلك في سر فإني أخاف عليك من السلطان الصادق (عليه السلام) 231
نفى على رجلين من الكوفة إلى البصرة الصادق (عليه السلام) 227
نفي عن المصر حولا في الخبر 183
نفي عن مصره سنة في الخبر 183
النفي من بلدة إلى بلدة... الصادق (عليه السلام) 200
هذا حارثة بن بدر قد جاء تائبا فهو آمن الإمام علي (عليه السلام) 377
هذا لتجريك على شرب الخمر في شهر رمضان الإمام علي (عليه السلام) 328
هذه اللقاح تغدو عليكم وتروح فاشربوا من أبوالها النبي (صلى الله عليه وآله) 381
469

هؤلاء العصاة من مات منهم بغير توبة... النبي (صلى الله عليه وآله) 332
هو بمنزلة الغائب عن أهله يجلد مائة جلدة الصادق (عليه السلام) 264
هي مثل السائبة لا تملك أمرها الإمام علي (عليه السلام) 297
وإذا جلد الزاني البكر نفي عن بلده سنة بعد الجلد الصادق (عليه السلام) 192
وإذا زنى الشاب الحدث جلد مائة ونفي سنة الصادق (عليه السلام) 139، 223
والتي قد أملكت ولم يدخل بها تجلد مائة وتنفى الباقر (عليه السلام) 243
والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لقد سمعت... الإمام علي (عليه السلام) 37
والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله... النبي (صلى الله عليه وآله) 145
وأمر المحارب إلى الإمام فإن شاء قتل وإن شاء صلب الصادق (عليه السلام) 375
وإن قامت بينة على قواد جلد خمسة وسبعين... الرضا (عليه السلام) 95
وإن كان أحد الزانيين بكرا والآخر ثيبا... الصادق (عليه السلام) 243
470

والبكران يجلدان وينفيان في الخبر 244
وجلد الزاني من أشد الجلد وإذا جلد الزاني البكر... الصادق (عليه السلام)
143، 224
وعلى البكر جلدة مائة ونفي سنة في غير مصره الإمام علي (عليه السلام) 224
وغربا سنة غير الأرض التي كانا بها النبي (صلى الله عليه وآله) 224
ومن زنى بمحصنة وهو غير محصن فعليها الرجم الرضا (عليه السلام)
144، 200
ونفي سنة في غير مصره في الخبر 183
ونفي سنة في غير مصرهما الكاظم (عليه السلام)
183، 224
ويدل على أن الذي تزوج ولم يدخل فليس بمحصن الكاظم (عليه السلام) 237
وينبغي أن يكون نفيا يشبه الصلب والقتل الصادق (عليه السلام) 426
وينفى عن مسقط رأسه الباقر (عليه السلام) 49
وينفى من الأرض التي يأتيه الصادق (عليه السلام) 224
471

يأتي بهيمة شاة في الخبر 85
يا معشر باهلة أشهد الله أنكم تبغضوني وأبغضكم الإمام علي (عليه السلام) 349
يا معشر غنى وباهلة أعيدوا علي عطاياكم... الإمام علي (عليه السلام) 349
يا معشر اليهود أسلموا تسلموا النبي (صلى الله عليه وآله) 348
يا معشر اليهود قد علمتم ما نزل بقريش... النبي (صلى الله عليه وآله) 346
يجلدان مائة وينفيان سنة في الخبر
154، 245
يجلد الحد ويحلق رأسه ويفرق بينه وبين أهله الكاظم (عليه السلام)
142، 282، 290
يحكم على المحارب بقدر ما يعمل وينفى... الصادق (عليه السلام) 427
يحكم عليه الحاكم بقدر ما عمل وينفى... الصادق (عليه السلام) 374
يضرب تعزيرا في الخبر 84
يضرب ثلاثة أرباع حد الزاني الصادق (عليه السلام) 93
472

يضرب الزاني مائة جلدة ولا يرجم... الصادق (عليه السلام) 264
يضرب عنقه إن أراد الدخول في أرض الشرك في الخبر
373، 412
يضرب مائة ويجز شعره وينفى من المصر حولا الصادق (عليه السلام)
142، 282، 290
يضربه على قدر ذنبه إن زنى جلده... الكاظم (عليه السلام) 231
يفرق بينهما ولا صداق لها... الصادق (عليه السلام) 283
ينبغي للإمام إذا جلده أن ينفيه من الأرض... عن المعصوم (عليه السلام) 363
ينفى من أرض الإسلام كلها... الصادق (عليه السلام) 375
ينفى من الأرض إلى بلدة يكون فيها سنة الصادق (عليه السلام)
139، 192
ينفى من الأرض التي يأتيه الصادق (عليه السلام) 226
ينفى من الأرض سنة في الخبر 183
ينفى من مصر إلى مصر آخر الصادق (عليه السلام) 371
473

ينفى من المصر الذي فعل فيه ما فعل إلى مصر غيره الرضا (عليه السلام)
371، 415
474

فهرس
أسماء المعصومين (عليهم السلام)
محمد بن عبد الله - رسول الله - النبي (صلى الله عليه وآله) 19، 20، 37، 40، 41، 42، 63
64، 69، 74، 76، 77، 89، 92، 95، 110
128 131، 144، 145، 147، 149، 150
165، 166، 168، 169، 170، 176، 177
178، 179، 190، 196، 197، 201، 224
243، 252، 279، 299، 303، 304، 307
310، 312، 313، 314، 315، 316، 319
320، 321، 331، 332، 341، 342، 343
344، 345، 346، 347، 348، 349، 357
369، 376، 380، 381، 382، 383، 384
385، 386، 387، 416، 437، 442، 443
علي بن أبي طالب - أمير المؤمنين (عليه السلام) 19 20، 26، 32، 34، 36، 40
41، 42، 61، 64، 128، 131، 141، 144
475

150، 151، 152، 166، 168، 169، 192
195، 197، 198، 200، 201، 202، 204
205، 207، 208، 224، 234، 242، 243
244، 251، 253، 283، 296، 297، 298
311، 312، 327، 328، 329، 330، 345
347، 349، 350، 357، 358، 363، 371
376، 377، 386، 400، 401، 410، 418
فاطمة (الزهراء (عليها السلام)) 357
الحسن بن علي (عليه السلام) 337
علي بن الحسين (عليه السلام) 386
محمد بن علي الباقر - أبو جعفر (عليه السلام) 48، 63، 64، 69، 128
136، 137، 144، 180، 199، 200، 224
231، 243، 248، 249، 251، 296، 297
300، 370، 375، 386، 401، 414، 415
جعفر بن محمد - الصادق - أبو عبد الله (عليه السلام) 34، 53، 79، 85، 88، 91
92، 93، 95، 106، 137، 138، 139
140، 141، 142، 143، 163، 180، 191
192، 200، 223، 224، 226، 231، 234
243، 249، 264، 280، 283، 290، 306
311، 312، 357، 362، 363، 370، 372
373، 374، 375، 386، 396، 398، 399
419، 425، 426، 427، 429، 430، 440
476

موسى بن جعفر الكاظم - أبو الحسن (عليه السلام) 88، 142، 282، 289، 398، 419
علي بن موسى الرضا - أبو الحسن (عليه السلام) 79، 205، 371
396، 397، 398، 412، 414، 415، 422
محمد بن علي الجواد - أبو جعفر الثاني (عليه السلام) 79، 400، 410
الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) 443
المهدي (عجل الله تعالى فرجه) 345، 350
477

فهرس الأعلام
إبراهيم بن أبي يحيى 76
إبراهيم بن عبد الله بن حنيف 64
إبراهيم بن هاشم 419، 420
إبراهيم النخعي 244، 245، 260، 261، 403
ابن أبي الحديد 326، 344، 437، 439
ابن أبي شيبة 63، 64، 88، 146
149، 153، 197، 201، 297، 377، 378
ابن أبي عقيل (العماني) 136، 157
234، 236، 239، 245، 248، 249، 289
ابن أبي عمير 140، 284
ابن أبي ليلى 167، 168، 222، 226
ابن أبي نجيح 132
ابن الأثير 17، 21، 23، 80، 311
ابن إدريس 50، 57، 58،
479

92، 98، 100، 104، 114، 115، 117
119، 126، 160، 239، 248، 289، 290
353، 354، 391، 396، 397، 406، 407
408، 413، 417، 423، 424، 428، 434
ابن الأنباري 440
ابن البراج (القاضي) 48، 87، 100، 111، 117، 159، 222
225، 236، 239، 247، 289، 327، 328
338، 354، 365، 390، 414، 415، 420
ابن بشار 149
ابن بشير 150
ابن بطال 306، 320
ابن بلال 387
ابن تيمية 93، 109، 319، 325
ابن الجارود 68
ابن جريج 74، 76، 132
150، 154، 155، 156، 157، 196، 329
ابن جرير 380، 381
ابن الجلاب 73
ابن الجنيد (الإسكافي) 56، 107، 136
157، 234، 239، 240، 245، 250، 289
406، 407، 408، 409، 410، 427، 428
ابن الجوزي 339
480

ابن حبان 68، 333
ابن حجر 40، 437، 438، 439
ابن حزم 74، 75، 167، 194، 252، 424
ابن حمزة الطوسي 92
97، 102، 111، 117، 122، 160، 222
226، 237، 239، 247، 289، 354، 390
ابن خلكان 325
ابن خزيمة 67
ابن خنيس 38
ابن رشد القرطبي 168، 240، 253، 394
403، 404، 405، 411، 424، 433، 437
ابن زهرة 63، 70، 73
92، 102، 117، 121، 122، 125، 160
229، 235، 289، 390، 400، 401، 429
ابن سريج 394
ابن سعد 68
ابن شاهين 68
ابن شهاب 203
ابن صوحان 36
ابن طلحة 223
ابن عباس 34، 89، 117، 118، 131
313، 315، 378، 379، 380، 388، 394
481

ابن عدي 67، 68، 69، 333
ابن عبدوس 254
ابن عساكر 41
ابن عكاشة 316
ابن عمار 68
ابن عمر (راجع عبد الله بن عمر)
ابن عيينة 132، 146
ابن فارس 17
ابن فهد الحلي 25، 71، 92
116، 122، 126، 129، 175، 186، 198
204، 239، 248، 267، 397، 407، 421
ابن القاسم 394، 403، 411
ابن قدامة 31، 168، 206، 210
240، 253، 266، 268، 355، 400، 441
ابن قولويه 48، 63، 64
ابن لهيعة 69
ابن ماجة 331، 332
ابن الماجشون 403
ابن المبارك 39
ابن مردويه 357
ابن معين 316
ابن منجويه 150
482

ابن المنذر 170، 171، 198، 207
ابن منظور 18، 21، 23، 80، 303، 305، 344
ابن النجار 271
ابن نصر 170
ابن الوليد 308
أبو إسحاق 152
أبو إسحاق الشيرازي 253، 272
أبو إسحاق المدايني 412، 419، 422
أبو أيوب 68
أبو بصير 88، 138، 143، 180، 183، 192
222، 223، 227، 234، 238، 413، 423
أبو بكر بن أبي قحافة 20
65، 131، 156، 157، 166، 169، 203
207، 245، 310، 315، 319، 343، 357
أبو بكر بن أمية بن خلف 327، 329
أبو بكر الحصني الشافعي 207
أبو ثور 168، 198، 207
أبو حاتم 316
أبو حنيفة 84
87، 146، 166، 167، 168، 169، 176
179، 199، 209، 260، 261، 320، 339
384، 389، 394، 403، 404، 405، 433
483

أبو الخطاب 394
أبو داود 68، 69، 77، 150، 316، 322، 333، 337
أبو ذر الغفاري 20، 35، 37، 38، 42، 153، 244
أبو زرعة 69، 333
أبو الزناد 384، 394
أبو سلمة البجلي 333
أبو سنان 329
أبو الشعثاء 379
أبو شيبة القاص 41
أبو الصلاح الحلبي 84، 87، 92، 96، 100، 125، 159، 229
234، 238، 239، 247، 289، 303، 318
322، 327، 365، 390، 400، 401، 428
أبو الطيب 184
أبو العباس بن سريج 389
أبو عبد الله المطلبي 316
أبو عبيدة الجراح 349، 370
أبو علي بن أ بي هريرة 206
أبو غسان النهدي 147، 148
أبو لبابة 342
أبو مجلز 378
أبو مريم 328
أبو موسى 439
484

أبو نعيم 147
أبو هاشم 316
أبو هريرة 20، 145، 146
148، 180، 243، 299، 313، 316، 348
أبو يسار 316
أبو يعقوب 316
أبو يعلى 166، 441
أبو يوسف 338، 404
أم سلمة 313
أبي بن كعب 20، 150، 244
أحمد بن حنبل 20
68، 76، 179، 199، 265، 316، 332
أحمد بن عيسى 361
أحمد بن الفضل الخاقاني 401
أحمد بن يحيى 395، 441
الأردبيلي 92، 130، 240
إسحاق 20
إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة 66، 68
إسحاق بن عمار 88
الإسكافي (راجع ابن الجنيد)
إسماعيل بن أبي زياد 191
إسماعيل بن أمية 74، 330
485

إسماعيل بن جابر 34
إسماعيل بن زياد 180
إسماعيل بن عياش 66، 67
إسماعيل بن مسلم 366
الأسود بن يزيد 41
الأشعث 36
أصغر بن الحارث الحارثي 39
السيد الإصفهاني 181
الأعمش 155
أمية بن يزيد الأسدي 366
أمين الإسلام الطبرسي 162، 367
الأندلسي 210، 272
أنس بن مالك 382، 384، 386، 388
الشيخ الأنصاري 103، 123، 304، 318
الأوزاعي 87، 132، 133، 167، 168، 339
أوس بن حجر 18
أيوب 203
بادية بنت غيلان 314
البخاري 67، 68
بريد بن معاوية 429
بريدة 357
البستي 166
486

بشر بن نمير 332، 333
البكائي 316
بكير بن أعين 200، 208
البلاذري 38، 40، 343
بلال بن سعد 39
البلقيني 285
الشيخ البهائي 47، 51، 53، 163، 291
البهوتي 28، 93، 108، 170، 186
187، 189، 198، 211، 214، 219، 221
255، 257، 263، 269، 300، 325، 395
البيهقي 63
65، 153، 156، 203، 314، 316، 322
التركماني 178
ثابت بن قيس بن المنقع النخعي 39
الثقفي 349
جابر 48، 49، 50، 69، 342
جابر بن عبد الله الأنصاري 348
الجزيري 28، 58، 132
133، 171، 230، 273، 304، 306، 321
400، 408، 410، 424، 435، 436، 441
جميل بن دراج 370، 429، 430، 432
جندب بن زهير الأزدي 39
487

الجنيد بن عبد الرحمان بن عمرو 36، 41، 42
الجوزجاني 333
الجوهري 21، 22، 323
حارثة بن بدر 377، 418
الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني 39
الحارث بن المغيرة 264
حجاج بن محمد 148
الحر العاملي 34، 61
101، 113، 118، 122، 164، 208، 322
الحسن البصري 132، 133
الحسن بن حي 167
الحسن بن عمارة 151
الحسن بن محبوب 362
الحسين بن سعيد 140
الحسين بن علوان 440
حفص بن غياث 231
الحكم بن أبي العاص 341، 342، 343، 345
الحلبي 180، 200، 217
242، 243، 246، 252، 275، 289، 362
حمران بن أبان 35
حنان 183، 226
227، 280، 282، 290، 399، 419، 420
488

خالد بن الوليد 314
الخطابي 321
الخليلي 68
الإمام الخميني 22، 27، 29
48، 55، 57، 60، 84، 88، 104، 115
118، 122، 165، 181، 211، 213، 219
220، 225، 277، 286، 289، 291، 295
السيد الخوئي 33، 47، 49، 50، 54، 55، 64
71، 73، 84، 86، 94، 105، 107، 118
120، 123، 130، 165، 225، 240، 246
291، 397، 399، 422، 423، 424، 425
السيد الخوانساري 47، 49، 50
63، 71، 92، 94، 104، 111، 113، 118
119، 122، 240، 246، 293، 327، 328
الدارقطني 76، 333
الدولابي 68، 333
الذهبي 147، 148، 344
الرازي 333
الراوندي 92
106، 160، 341، 342، 391، 414، 415
الربيع بن أنس 381، 389
ربيعة بن أمية 327، 330
489

رفاعة 284
الرملي 207، 210، 214
215، 216، 219، 263، 265، 268، 274
275، 276، 277، 281، 287، 288، 438
الروياني 276
رويشد الثقفي 32
الزحيلي 29، 255
زرارة 136، 137
144، 180، 235، 243، 249، 399، 419
زرعة 212، 363
الزركشي 396
الزهري 132، 145، 146، 389، 394
زيد بن خالد الجهني 20، 145، 147، 167، 243
زيد بن صوحان 39
زيد بن أسلم 202
زيد بن علي 312، 376
زين الدين الجبعي العاملي (الشهيد الثاني) 23، 84
87، 92، 94، 106، 118، 120، 141
181، 182، 198، 240، 245، 246، 259
266، 267، 289، 292، 398، 399، 409
الساجي 68
السبزواري 24، 92، 104، 116
490

118، 119، 122، 152، 165، 198، 201
204، 211، 213، 219، 221، 222، 225
239، 251، 277، 286، 289، 291، 293
سحنون 339
السدي 389
السرخسي 167، 177، 222، 226، 253، 329، 408
سعيد الأشعري 350
سعيد بن جبير 379، 381، 389
سعيد بن العاص 38
سعيد بن قيس الهمداني 377
سعيد بن المسيب 132، 133، 243، 330، 439
سفيان الثوري 20، 84، 87
132، 133، 155، 167، 168، 329، 384
السكوني 71، 234، 280، 282، 283، 311
سلار (الديلمي) 47، 50، 92، 97
100، 102، 113، 117، 122، 159، 238
239، 247، 289، 333، 354، 390، 428
سلام بن المستنير 350
سلام بن مشكم 347
سماعة بن مهران 85، 137، 180، 192، 212، 219
222، 223، 227، 238، 363، 374، 429
السندي 330
491

سيف بن عميدة 142
السيوطي 196، 319، 377
الشافعي 20، 55، 68، 84، 87، 165، 167
168، 169، 179، 198، 199، 209، 254
256، 261، 265، 298، 304، 319، 320
394، 403، 404، 405، 411، 424، 433
شبابة بن سوار 149
الشبراملسي 215، 273، 274، 281
الشربيني 184
190، 194، 276، 280، 281، 285، 208
210، 214، 215، 219، 263، 268، 287
شعبة 149
الشعبي 197، 202، 245
شمس الدين المقدسي 84، 89، 93، 108، 185
206، 240، 254، 295، 299، 319، 355
الشهيدان 47، 51، 53، 63، 70
105، 163، 186، 188، 204، 222، 227
289، 294، 323، 365، 392، 434، 435
الشهيدي 318
الشوكاني 170، 179، 222، 228، 229، 395
الشيرازي 21، 23
الصابوني 179، 256
492

الصاغاني 316
صالح بن عبد القدوس 402
صعصعة بن صوحان 39
صفوان بن أمية 332
صفوان بن يحيى 141
صفية بنت ابن عبيد 154
صهبان 37
الصهرشتي 92، 98، 117، 122، 230، 232، 236
الصيمري 176، 235
ضبيع 437، 438
الضحاك 389
طاووس 168
الطبراني 316
الطبرسي 18، 236، 239، 249، 289، 342
الطحاوي 170
الطريحي 17، 84، 91، 305، 323، 440
طلحة بن زيد 284
الشيخ الطوسي 21، 24، 47، 50
56، 63، 70، 75، 83، 84، 85، 92
93، 96، 100، 103، 104، 106، 111
114، 115، 117، 122، 126، 129، 136
139، 141، 152، 158، 162، 175، 176
493

177، 194، 198، 203، 219، 225، 230
232، 233، 236، 237، 239، 240، 245
247، 248، 259، 266، 289، 290، 296
297، 298، 301، 323، 338، 353، 354
362، 365، 367، 368، 387، 388، 393
404، 406، 407، 411، 413، 431، 432
الطيالسي 180
عائذ بن حملة الطهوي 39
عاصم 137
عائشة 156، 344، 376
عامر بن عبد قيس 35، 39
عباد بن عبد الله الأسدي 36
عبادة بن الصامت 20، 33، 35، 38، 149، 167، 180
عبد الأعلى 149
عبد الله بن أبي الهذيل 329
عبد الله بن الحسن 231
عبد الله بن سلام 348
عبد الله بن سنان 93، 100، 103، 105
106، 117، 139، 140، 183، 222، 223
عبد الله بن طلحة 140، 234، 249، 374، 425، 426، 427
عبد الله بن عمر 153، 203، 298، 329، 348، 384
عبد الله بن المبارك 20
494

عبد الله بن مسعود 20، 150، 166، 168، 245، 253، 298
عبد الله بن ميمون القداح 95، 306
عبد بن حميد 381
عبد الرحمان 183، 243، 246
عبد الرحمان بن حنبل 35، 41
عبد الرحمان بن خالد 39
عبد الرحمان بن عوف 311
عبد الرحمان الجمحي 35، 40
عبد الرزاق 74، 76، 132
150، 151، 152، 154، 155، 156، 196
197، 203، 243، 260، 261، 298، 312
313، 327، 329، 332، 378، 379، 416
عبد القادر عودة 269
عبيد الله بن إسحاق المدائني 371، 372، 397
عبيد الله بن موسى 147
عبيد بن بشير الخثعمي 373
عتبة بن أبي سفيان 342
عثمان بن عفان 35، 37، 38، 39، 40
41، 166، 202، 207، 245، 342، 343
العسقلاني 303، 304، 306، 319، 324، 325
العصائدي 315
عطاء بن أبي رباح 132، 133، 154، 157
495

عطاء الخراساني 76
العقيلي 68
عكرمة 33، 313
علاء الدين الحلبي 121، 229، 392، 411
العلامة الحلي 21، 25، 31، 47، 48، 51، 54
56، 57، 58، 63، 70، 71، 80، 84، 87
92، 99، 106، 112، 117، 118، 122
124، 161، 185، 186، 188، 189، 198
203، 204، 205، 209، 211، 212، 216
222، 227، 230، 232، 235، 237، 239
248، 258، 260، 266، 270، 289، 290
294، 303، 318، 323، 327، 328، 338
353، 355، 365، 392، 405، 407، 409
413، 417، 420، 430، 434، 441، 442
العلامة الطباطبائي 369، 402، 431
علقمة 41
علي بن أبي طلحة 380
علي بن جعفر 142، 143
231، 235، 237، 238، 280، 282، 289
علي بن حسان 375
علي بن الحسن 68
علي بن حمزة الطوسي (راجع ابن حمزة)
496

علي بن عبد الله 68
علي بن المديني 67، 68، 76، 333
السيد علي الطباطبائي 23، 47، 51، 54، 84، 87، 92، 101
112، 115، 118، 121، 122، 164، 222
225، 239، 250، 259، 289، 291، 292
293، 294، 402، 421، 425، 427، 431
علي ناصف 28
عمار بن ياسر 38
العماني (راجع ابن أبي عقيل)
عمر بن الخطاب 20، 65، 74، 154، 156، 157، 166
169، 202، 203، 205، 207، 283، 310
315، 319، 325، 326، 327، 329، 330
341، 343، 348، 355، 366، 437، 438
عمر بن عامر 297
عمر بن عبد العزيز 74، 76، 357، 358، 389
عمرو بن أمية 347
عمرو بن الحجاش 347
عمرو بن زرارة 35، 39، 40، 41
عمرو بن شعيب 65، 66، 68، 69، 74
76، 77، 150، 180، 196، 224، 243
عمرو بن شمر 47، 48، 64
عمرو بن عثمان 371
497

عمرو بن علي 68، 333
عمرو بن مرة 332
عنبسة بن سعيد 314
عنبسة بن مصعب 231
عياش بن أبي ربيعة 314
العيني 146، 207، 211، 304، 320، 339
الغلابي 68
فاختة بنت عمرو بن عائذ 314
الفاضل الآبي 92
98، 111، 118، 119، 122، 161، 181
الفاضل المقداد 92، 106
120، 163، 235، 239، 249، 289، 393
الفاضل الهندي 84، 87
92، 102، 116، 118، 120، 126، 164
185، 187، 188، 190، 198، 204، 205
211، 212، 216، 220، 222، 226، 227
239، 249، 266، 267، 270، 271، 285
289، 291، 292، 293، 294، 333، 396
398، 404، 405، 408، 417، 419، 421
فخر المحققين 48
92، 100، 122، 198، 204، 248، 393
الفراء 319
498

فراس بن أبي ورام 358
فضالة بن أيوب 284
الفضيل بن يسار 83
الفيروزآبادي 438
الفيض الكاشاني 18، 26، 63، 71
79، 84، 88، 92، 101، 122، 124، 136
137، 138، 164، 200، 213، 240، 246
267، 284، 295، 298، 304، 311، 312
372، 398، 414، 421، 425، 427، 440
القاضي نعمان 41
قتادة 149، 389
القرشي 169، 257، 334، 441
القسطلاني 170، 178، 207، 255، 300، 303، 315
القهبائي 425
الكازروني 347
الكاساني 178، 403، 441
الكاظمي 177، 421
الكرماني 304، 316، 320
الكشي 77، 420
كعب بن عبدة 35، 38
كلثوم بن جبير 151، 192، 244
الكليني 83، 85، 361، 362
499

كميل بن زياد النخعي 39، 40
الليث بن سعد 384
مالك 68، 74، 75، 87، 167، 179
199، 265، 316، 400، 403، 404، 411
مالك الأشتر 38، 39، 41
مالك بن إسماعيل 147، 243
مالك بن أنس 20، 28
المامقاني 47، 51، 77
92، 103، 118، 122، 130، 164، 219
220، 222، 225، 239، 251، 289، 291
مانع 303، 304، 307، 314، 319
الماوردي 27، 167، 206، 275، 281، 310، 441
المارديني 330
المثنى بن الصباح 69
مثنى الحناط 139
180، 183، 192، 211، 222، 227، 234
المجلسي الأول 21
25، 79، 80، 92، 93، 94، 105، 107
118، 127، 128، 137، 138، 139، 140
141، 142، 143، 163، 200، 237، 239
242، 243، 249، 272، 289، 291، 296
297، 305، 307، 309، 310، 311، 345
500

347، 351، 361، 362، 363، 370، 371
372، 373، 374، 398، 419، 425، 426
المجلسي الثاني 48، 63، 64، 69، 85، 107، 136
139، 141، 200، 240، 311، 361، 362
المحقق الأردبيلي 94، 100، 111، 113، 123، 245
المحقق الحلي 23، 47، 50، 55، 63
122، 124، 161، 70، 71، 92، 99، 112
115، 236، 239، 248، 290، 323، 365
391، 413، 414، 420، 428، 430، 434
المحقق الكركي 230، 232، 323
محمد بن أبي بكر 141، 192، 234
محمد بن إسحاق 316
محمد بن إسماعيل الصنعاني 170، 255
محمد بن جمال الدين مكي العاملي (الشهيد الأول) 92، 106، 118، 123، 239
249، 396، 398، 402، 409، 427، 430
محمد بن حفص 140، 180، 223، 425
محمد بن سليمان 94، 100، 106
محمد بن عاصم بن حفص 68
محمد بن عثمان 67
محمد بن علي بن الحسين (الصدوق) 86، 93، 94، 138، 142
157، 200، 205، 237، 284، 289، 361
362، 365، 371، 374، 387، 426، 428
501

محمد بن قيس 136، 180
222، 224، 226، 227، 234، 235، 241
242، 246، 248، 250، 251، 296، 297
محمد بن المثنى 149
محمد بن مسلم 370، 407، 408
محمد بن مسلمة 347
محمد بن تقي الشيرازي 24، 92، 103
محمد بن جواد العاملي 21، 26
الشيخ محمد حسن النجفي 21، 25، 49
56، 59، 61، 86، 92، 102، 112، 116
119، 122، 124، 138، 164، 213، 219
220، 222، 227، 239، 251، 259، 285
289، 291، 355، 414، 425، 427، 434
محمد الذهبي 179
السيد محمد رضا الگلپايگاني 21، 27، 31، 92
105، 107، 181، 182، 187، 188، 189
193، 195، 205، 208، 211، 212، 218
219، 220، 227، 252، 262، 265، 266
270، 271، 274، 279، 280، 284، 299
محمد علي المالكي 368
المخزومي 316
المرداوي 169، 254، 269
502

273، 361، 364، 396، 400، 416، 436
السيد المرتضى 84، 86، 92، 105، 117، 442
مسلمة بن محارب 366
المسعودي 79
مسمع بن عبد الملك 71
معاوية بن أبي سفيان 38، 39، 40، 117، 337، 357، 358
معاوية بن وهب 280، 282، 283
معمر 203
معن بن زائدة 355
الشيخ المفيد 47، 48، 50، 63
64، 70، 84، 86، 92، 96، 99، 102
103، 117، 122، 158، 230، 231، 237
259، 261، 289، 290، 353، 354، 365
387، 393، 396، 397، 423، 428، 430
المقدسي 84
مكحول 332
مروان 40
المروزي 319
الشيخ المنتظري 27، 403
مورق العجلي 378
موسى بن عبيدة 76
الموصلي 177
503

الميداني 315
ميمون بن مهران 358
نافع 203
النجاشي 94، 328، 420
النخعي 132، 133، 394، 416
النسائي 68، 316، 330، 333
نصر بن حجاج 324، 325، 326
نصر بن مزاحم 349
النضر بن سويد 137
النوري 48، 64
النووي 84، 89، 132، 169
198، 206، 260، 268، 299، 301، 403
هاني بن هوذة 350
هدم 303، 314، 315
هشام بن عبد الملك 36، 41، 42، 88
هشام بن عروة 155
هشيم بن بشر السلمي 150
هيت 303، 304، 306، 314، 315، 319
الهيثمي 314
الواقدي 37، 310
الوحيد البهبهاني 307
الوليد 41
504

يحيى بن سعيد الحلي 47، 48، 63، 68، 69، 73، 76، 92
99، 104، 112، 117، 121، 122، 161
186، 198، 203، 237، 239، 248، 290
392، 396، 398، 399، 420، 422، 426
يحيى بن العلاء 332، 333
يحيى بن معين 67، 68، 333
يزيد بن عبد الله 332
يزيد بن المكفف النخعي 39
يعقوب بن سفيان 333
اليعقوبي 40
يونس 71
505

فهرس
الفرق والمذاهب
الأخباريون 362
الإسلام 33، 34، 37، 54
60، 68، 128، 158، 161، 176، 197
198، 200، 203، 208، 231، 256، 257
261، 342، 343، 345، 346، 367، 375
380، 381، 382، 383، 387، 388، 389
390، 403، 405، 412، 413، 422، 427
الإمامية 23، 63
84، 86، 105، 131، 135، 175، 199
292، 295، 304، 353، 361، 367، 400
أهل الحرب 339
أهل الذمة 350
507

أهل السنة 31، 197
أهل الكتاب 74، 380
الحنابلة 57، 58، 75، 135، 172، 188
190، 191، 209، 273، 239، 256، 265
269، 397، 399، 400، 409، 410، 424
الحنفية 29، 31، 57، 58، 75، 135، 170، 171
172، 180، 185، 209، 409، 410، 432
الخاصة 49، 66
الزيدية 415
الشافعية 57، 75، 88، 132، 133
135، 146، 172، 182، 188، 190، 191
196، 209، 211، 215، 218، 239، 240
256، 262، 265، 269، 273، 277، 285
288، 397، 400، 409، 410، 432، 434
الشيعة 77
العامة 22، 49، 56
65، 66، 76، 67، 77، 88، 110، 121
127، 135، 175، 176، 186، 199، 205
215، 259، 260، 271، 288، 303، 304
310، 322، 361، 364، 365، 382، 385
411، 415، 416، 419، 425، 427، 441
المالكية 29، 57، 75، 135، 171، 182، 185
508

188، 191، 209، 218، 239، 240، 265
269، 397، 408، 409، 410، 432، 436
المسلمين 18، 35، 36، 37، 40
42، 65، 71، 129، 270، 271، 272، 321
331، 338، 342، 347، 368، 369، 372
378، 379، 380، 382، 422، 423، 442
النصارى 348
النواصب 345، 350
الهادوية 170
اليهود 345، 346، 348، 349
509

فهرس
الجماعات والقبائل
الأئمة (عليهم السلام) 252
آل محمد (صلى الله عليه وآله) 231
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) 20، 150
أصحاب الرضا (عليه السلام) 420
أهل الإسلام 128، 200، 338
أهل البادية 220
أهل البصرة 377
أهل البيت (عليهم السلام) 127، 337، 385، 440، 442
أهل الحجاز 67
أهل الحرة 76
أهل دمشق 39
أهل الشام 67
511

أهل الشرك 128
أهل الكوفة 39
أهل المدينة 68، 311
أهل نجران 345، 349
باهلة 349، 350
بجيلة 382
بنو أمية 314
بنو تميم 39
بنو سليم 382
بنو قريظة 342
بنو قينقاع 346، 348
بنو النضير 347
التابعين 20، 135، 180
الحجازيين 66، 67
خثعم 76
الخلفاء الراشدين 168، 169، 171
الروم 37، 208
الزيديين 209
الشاميين 66
العجم 37
العراقيون 67
العرب 36
512

علماء العامة 304
عرينة 382
غنى 349، 350
فقهاء الإمامية 21، 22
فقهاء العامة 224
قراء أهل الكوفة 39
قريش 346، 377
الكوفيين 170، 171، 199
مشركي قريش 341، 344
المهاجرون 110
النخع 350
يهود بني حارثة 348
يهود المدينة 348
513

فهرس
البلدان والأماكن
بدر 346
البصرة 35، 110، 128، 152، 197، 200
201، 202، 203، 204، 205، 207، 227
244، 324، 325، 371، 437، 438، 439
جزيرة العرب 348، 349
الحجاز 264، 345، 349
حرم رسول الله (صلى الله عليه وآله) 328
حمراء الأسد 128، 279، 303، 310، 315، 316
حمص 39
حوران 41
خاخ 315
الخضراء 39
515

خيبر 36، 40، 41، 128
153، 197، 201، 202، 203، 327، 330
دمشق 39، 41
الديلم 128، 345، 349
ذي الحليفة 314
الربذة 35، 38
الري 35
زرارة (اسم قرية) 32
السند 36، 42
الشام 35
37، 38، 39، 41، 128، 206، 207، 327
صفين 41، 345، 349
الطائف 92، 95، 128
197، 202، 313، 314، 343، 344، 345
العراق 38، 206، 264، 438
العرايا 92، 95، 128، 303، 304، 307، 309
العقيق 315
فارس 324
فدك 128، 202، 203، 207
قرقيسيا 358
القموص 35، 40
الكوفة 26، 35، 36
516

38، 39، 197، 200، 201، 202، 204
205، 227، 345، 349، 350، 363، 371
المدينة 35، 95، 110، 201
203، 279، 303، 306، 309، 315، 316
319، 324، 325، 326، 341، 343، 345
346، 347، 366، 381، 386، 437، 438
مرو 377
مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) 312
مسجد قبا 347
مصر 128، 207
مكة 197، 202، 311، 315، 343
نجد 38
النقيع 303، 313
النهروان 350
نهري كربلاء 151، 192، 244
نيشابور 377
همدان 201، 244
اليمن 386
517

مصادر التحقيق
- القرآن الكريم.
- نهج البلاغة، جمع الشريف الرضي ت 406 ه‍، مؤسسة الأعلمي، بيروت.
- إثبات الهداة، محمد بن الحسن الحر العاملي، ت 1104 ه‍، المطبعة العلمية،
قم المقدسة
- إثبات الوصية، علي بن الحسين المسعودي، المؤرخ، ت 346 ه‍، المطبعة
الحيدرية، النجف الأشرف، نشر الرضي، قم المقدسة.
- الإحتجاج، أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي - من علماء القرن السادس،
مكتبة المصطفوي، قم المقدسة.
- أحسن التقاسيم، محمد بن أحمد البناء البشاري المقدسي، ت 380 ه‍، دار
إحياء التراث العربي، بيروت.
- أحكام بانوان، محمد وحيدي، مكتب الأعلم الإسلامي، قم المقدسة.
- الأحكام السلطانية، أبو الحسن الماوردي، ت 450 ه‍، مكتب الإعلام
الإسلامي، قم المقدسة.
519

- الأحكام السلطانية، أبو يعلى الفراء، ت 458 ه، مكتب الاعلام الإسلامي، قم المقدسة.
- الاختيار، عبد الله الموصلي، ت 590 ه‍، عالم المعرفة، بيروت.
- الاختيارات العلمية، ابن تيمية، ت 728 ه‍، دار المعرفة، بيروت.
- الاستبصار، محمد بن الحسن الطوسي - شيخ الطائفة - ت 460 ه‍، المكتبة
المرتضوية، طهران.
- الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ابن عبد البر، ت 463 ه‍، مكتبة نهضة
مصر.
- الاشتقاق، ابن دريد، ت 321 ه‍، مكتبة الخانجي، مصر.
- أدب القاضي، أبو الحسن الماوردي، ت 450 ه‍، طبع العاني، بغداد، سنة
1392 ه‍.
- الارشاد، محمد بن محمد بن النعمان - المفيد - ت 413 ه‍، مكتبة بصيرتي، قم
المقدسة.
- إرشاد الأذهان، أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي، ت 726 ه‍،
جماعة المدرسين، قم المقدسة.
- إرشاد الساري، القسطلاني، ت 923 ه‍، دار التراث العربي، بيروت.
- أسد الغابة، ابن الأثير الشيباني، ت 630 ه‍، المكتبة الإسلامية، طهران.
- أسنى المطالب، أبو يحيى زكريا الأنصاري، ت 926 ه‍، المكتبة الإسلامية،
عن طبع الميمنية، مصر، سنة 1313 ه‍.
- إشارة السبق، علاء الدين الحلبي، ت 708 ه‍، جماعة المدرسين، قم المقدسة.
- الأشباه والنظائر، جلال الدين السيوطي، ت 911 ه‍، مصطفى الحلبي،
مصر، سنة 1378 ه‍.
520

- الأشباه والنظائر، زين العابدين ابن نجيم، ت 970 ه‍، مصطفى الحلبي، مصر،
سنة 1378 ه‍.
- الإصابة، ابن حجر العسقلاني، ت 852 ه‍، دار الكتاب، بيروت.
- أصول السرخسي، ت 490 ه‍، دار المعرفة، بيروت.
- أصول الحديث، محمد عجاج الخطيب، دار الفكر، بيروت.
- إعلام الورى، أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي، ت 548 ه‍، دار المعرفة،
بيروت.
- الأغاني، أبو الفرج الأصفهاني، ت 356 ه‍، دار إحياء التراث العربي،
بيروت.
- أقضية رسول الله (صلى الله عليه وآله)، محمد بن فرج القرطبي المالكي، ت 497 ه‍، دار
البخاري، القصيم.
- الاقناع، أبو بكر النيسابوري، ت 318 ه‍، الطبعة الأولى، تحقيق: جبرين.
- الأم، محمد بن إدريس الشافعي، ت 204 ه‍، دار المعرفة، بيروت.
- الانتصار، علي بن الحسين الموسوي (الشريف الرضي)، ت 436 ه‍، نشر
الرضي، قم المقدسة.
- الأنساب، أحمد بن يحيى البلاذري، ت القرن الثالث، الأعلمي، بيروت.
- الأنساب، عبد الكريم بن محمد التميمي السمعاني، ت 562 ه‍، دار الكتب
العلمية، بيروت.
- الانصاف، علاء الدين المرداوي، ت 885 ه‍، دار إحياء التراث العربي،
بيروت.
- إيضاح الفوائد، الشيخ أبو طالب الحلي (فخر المحققين)، ت 771 ه‍، بنياد
فرهنگ إسلامي، طهران.
521

- ايضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون، إسماعيل باشا، ت 1339 ه‍،
دار احياء التراث العربي، بيروت.
- بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي، ت 1111 ه‍، مؤسسة الوفاء، بيروت.
- البحر الرائق، زين العابدين ابن نجيم، ت 970 ه‍، دار المعرفة، بيروت.
- بدائع الصنائع، علاء الدين الكاساني، ت 587 ه‍، دار الكتب العلمية،
بيروت.
- بداية المجتهد، ابن رشد القرطبي، ت 595 ه‍، دار المعرفة، بيروت.
- البداية والنهاية، إسماعيل بن عمر بن كثير، ت 774 ه‍، دار الفكر، بيروت.
- بداية الهداية، محمد بن الحسن، الحر العاملي، ت 1104 ه‍، آل البيت، قم
المقدسة.
- البرهان في تفسير القرآن، السيد هاشم البحراني، ت 1107 ه‍، اسماعيليان،
قم المقدسة.
- بصائر الدرجات في فضائل آل محمد (صلى الله عليه وآله)، محمد بن الحسن بن فروخ الصفار
القمي، ت 290 ه‍، مكتبة المرعشي، قم المقدسة.
- البلدان، أحمد بن يعقوب، الشهير باليعقوبي، ت 284 ه‍، دار إحياء التراث
العربي، بيروت.
- بلوغ المرام، ابن حجر العسقلاني، ت 852 ه‍، القاهرة سنة 1352 ه‍.
- البيان في تفسير القرآن، السيد أبو القاسم الخوئي، المطبعة العلمية، قم
المقدسة.
- البيان والتحصيل، ابن رشد القرطبي، ت 520 ه‍، دار الغرب الإسلامي.
- بيست وپنج مقاله، محمد باقر المجلسي، ت 1111 ه‍، مكتبة المرعشي، قم
المقدسة.
522

- التاج الجامع للأصول، منصور علي ناصف، ت 1371 ه‍، دار إحياء التراث
العربي.
- تأريخ ابن معين، يحيى بن معين الغطفاني البغدادي، ت 233 ه‍، دار القلم،
بيروت.
- تأريخ الإسلام، شمس الدين الذهبي، ت 748 ه‍، دار الكتاب العربي،
بيروت.
- تأريخ الأمم والملوك، أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، ت 310 ه‍، دار
المعارف، القاهرة.
- تأريخ بغداد، أبو بكر، أحمد بن علي الخطيب البغدادي، ت 463 ه‍، دار
الكتب العلمية، بيروت.
- تأريخ خليفة، خليفة بن خياط، ت 240 ه‍، دار طيبة، الرياض.
- التأريخ الكبير، إسماعيل بن إبراهيم البخاري، ت 256 ه‍، دار الكتب
العلمية، بيروت.
- تأريخ مدينة دمشق (ابن عساكر)، علي بن حسن الشافعي، ت 571 ه‍،
مجمع اللغة العربية، دار الفكر، دمشق.
- تأريخ اليعقوبي، ابن واضح الأخباري، ت 284 ه‍، دار صادر، بيروت.
- تبصرة الحكام، برهان الدين ابن فرحون، ت 799 ه‍، مطبوع بهامش فتح
العلي المالك، مطبعة مصطفى الحلبي، مصر، سنة 1378 ه‍.
- تبصرة المتعلمين، العلامة الحلي، ت 726 ه‍، مجمع الذخائر الإسلامي، قم
المقدسة.
- تبيين الحقائق، فخر الدين الزيلعي، ت 743 ه‍، دار المعرفة، بيروت.
- تحرير الأحكام، العلامة الحلي، ت 726 ه‍، مؤسسة آل البيت، قم المقدسة.
523

- تحرير الوسيلة، الإمام الخميني، ت 1409 ه‍، جماعة المدرسين، قم المقدسة.
- تحفة الفقهاء، علاء الدين السمرقندي، ت 539 ه‍، دار الكتب العلمية،
بيروت.
- تحفة المحتاج، ابن حجر الهيثمي، ت 974 ه‍، دار صادر، بيروت.
- تدريب الراوي، جلال الدين السيوطي، ت 911 ه‍، دار الفكر، بيروت.
- تذكرة الحفاظ، شمس الدين الذهبي، ت 748 ه‍، دار إحياء التراث العربي،
بيروت.
- تذكرة الفقهاء، العلامة الحلي، ت 726 ه‍، المكتبة المرتضوية، طهران.
- التراتيب الإدارية، عبد الحي الكتاني، ت 1383 ه‍، دار إحياء التراث
العربي، بيروت.
- التشريع الجنائي الإسلامي، عبد القادر عودة، ت 1373 ه‍، مؤسسة
الرسالة، بيروت.
- التفريع، ابن جلاب، ت 378 ه‍، دار الغرب الإسلامي، بيروت.
- تفسير آيات الأحكام، الصابوني، مكتبة الغزالي، دمشق.
- تفسير التبيان، محمد بن الحسن الطوسي - شيخ الطائفة -، ت 460 ه‍،
الأعلمي، بيروت.
- تفسير الخازن (لباب التأويل) علاء الدين البغدادي الخازن، ت 725 ه‍،
دار الفكر، بيروت.
- تفسير الدر المنثور، جلال الدين السيوطي، ت 911، نشر محمد أمين دمج،
بيروت.
- تفسير روح البيان، الآلوسي، ت 1270 ه‍، دار إحياء التراث العربي،
بيروت.
524

- تفسير الصافي، المولى محسن (الفيض الكاشاني)، ت 1091 ه‍، مؤسسة
الأعلمي، بيروت.
- تفسير العياشي، أبو النضر محمد بن مسعود بن عياش، المكتبة العلمية،
طهران.
- تفسير فرات، فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي، ت القرن الثالث ه‍، مكتبة
الداوري، قم المقدسة.
- تفسير القمي، علي بن إبراهيم بن هاشم القمي، ت القرن الثالث ه‍، مكتبة
العلامة، قم المقدسة.
- التفسير الكبير، الفخر الرازي، ت 606 ه‍، مطبعة البهية المصرية.
- تفسير مجمع البيان، أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي، الشهير ب‍ (أمين
الإسلام)، ت 548 ه‍، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
- تفسير المنار، محمد رشيد رضا، دار المعرفة، بيروت.
- تفسير الميزان، السيد محمد حسين الطباطبائي، ت 1402 ه‍، دار الكتب
الإسلامية، طهران.
- تفسير نور الثقلين، عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي، ت 1112 ه‍،
مؤسسة اسماعيليان، قم المقدسة.
- تفصيل الشريعة، الشيخ محمد الفاضل اللنكراني، جماعة المدرسين، قم
المقدسة.
- تقرير أبحاث الگلپايگاني (مخطوط)، بقلم السيد علي الميلاني.
- تلخيص الخلاف، الشيخ مفلح الصيمري، ت 873 ه‍، مكتبة المرعشي، قم
المقدسة.
- التمهيد لما في الموطأ، أبو عمر القرطبي، ت 463 ه‍، مكتبة السوادي، جدة.
525

- التنبيه والأشراف، علي بن الحسين المسعودي، ت 345 ه‍، دار الصاوي،
القاهرة.
- التنقيح الرائع لمختصر الشرائع، الفاضل المقداد السيوري، ت 826 ه‍، مكتبة
المرعشي، قم المقدسة.
- تنقيح المقال، الشيخ عبد الله المامقاني، ت 1315 ه‍، المطبعة المرتضوية،
النجف الأشرف.
- تهذيب الأحكام، محمد بن الحسن الطوسي - شيخ الطائفة - ت 460 ه‍، دار
الكتب الإسلامية، طهران.
- تهذيب الأسماء واللغات، أبو زكريا، محي الدين بن شرف النووي،
ت 676 ه‍، دار الكتب العلمية، بيروت.
- تهذيب تأريخ دمشق، عبد القادر بدران، ت 1346 ه‍، دار المسيرة، بيروت.
- تهذيب التهذيب، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، ت 852 ه‍، دار صادر،
بيروت.
- جامع الأحاديث، جلال الدين السيوطي، ت 911 ه‍، مطبعة محمد هاشم
الكتبي، دمشق.
- جامع أحاديث الشيعة، تحت اشراف آغا حسين البروجردي، ت 1380 ه‍،
نشر مدينة العلم، قم المقدسة.
- جامع الرواة، محمد بن علي الأردبيلي، كان حيا 1100 ه‍، مكتبة المصطفوي،
قم المقدسة.
- جامع عباسي، بهاء الدين العاملي، ت 1031 ه‍، مؤسسة فراهاني، طهران.
- جامع المدارك، السيد أحمد الخوانساري، ت 1405 ه‍، نشر مكتبة الصدوق،
طهران.
526

- جامع المقاصد، المحقق الكركي، ت 940 ه‍، مؤسسة آل البيت، قم المقدسة.
- الجامع الصحيح، محمد بن عيسى بن سورة الترمذي، ت 297 ه‍، دار احياء
التراث العربي، بيروت.
- الجامع لأحكام القرآن، أبو عبد الله القرطبي، ت 671 ه‍، دار الكاتب
العربي، القاهرة، سنة الطبع 1387 ه‍.
- الجامع للشرائع، يحيى بن سعيد الحلي، ت 690 ه‍، مؤسسة سيد الشهداء (عليه السلام)،
قم المقدسة.
- الجرح والتعديل، عبد الرحمان بن أبي حاتم التميمي الرازي، ت 327 ه‍، دار
إحياء التراث العربي، بيروت.
- الجعفريات، إسماعيل بن موسى بن جعفر (عليه السلام) برواية محمد بن محمد الأشعث
الكوفي - من أعلام القرن الرابع - الطبعة الحجرية، الدار الإسلامية،
طهران.
- جواهر الفقه، ابن البراج الطرابلسي، ت 481 ه‍، جماعة المدرسين، قم
المقدسة.
- جواهر الكلام، محمد حسن النجفي، ت 1266 ه‍، دار الكتب الإسلامية،
طهران.
- الجوهر النقي - بهامش السنن الكبرى - علاء الدين التركماني، ت 745 ه‍،
دار المعرفة، بيروت.
- الحاشية، محمد تقي الشيرازي، ت 1338 ه‍، نشر الشريف الرضي، قم.
- حاشية الجمل على شرح المنهج، الشيخ سليمان الجمل، دار الفكر، بيروت.
- حاشية رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين الشهير بابن عابدين،
ت 1252 ه‍، مصطفى الحلبي، مصر، سنة 1386 ه‍.
527

- حاشية الشبراملسي، أبو ضياء الشبراملسي، ت 1087 ه‍، طبع مصطفى
الحلبي، مصر، سنة 1386 ه‍.
- حاشية الشرواني على تحفة المحتاج، عبد الحميد الشيرواني، دار صادر،
بيروت.
- الحاوي للفتاوي، جلال الدين السيوطي، ت 911 ه‍، دار الكتب العلمية،
بيروت.
- حدود الشريعة، محمد آصف محسني، مطبعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، قم المقدسة.
- حدود، قصاص، ديات، محمد باقر المجلسي، ت 1111 ه‍، نشر آثار
إسلامي، قم المقدسة.
- حياة ابن أبي عقيل وفقهه، مركز المعجم الفقهي في الحوزة العلمية بقم
المقدسة.
- الخراج أبو يوسف، ت 182 ه‍، دار المعرفة، بيروت.
- الخرائج والجرائح، قطب الدين الراوندي - سعيد بن هبة الله - ت 573 ه‍،
مدرسة الإمام المهدي (عليه السلام)، قم المقدسة.
- الخلاف، محمد بن الحسن الطوسي - شيخ الطائفة - ت 460 ه‍، مطبعة تابان،
طهران.
- الدراري المضيئة، محمد بن علي الشوكاني، ت 1255 ه‍، دار المعرفة،
بيروت.
- درر الأخبار فيما يتعلق بحال الاحتضار، الشيخ محمد رضا الطبسي - الوالد
رضوان الله عليه - ت 1405 ه‍، مطبعة النعمان، النجف الأشرف.
- الدرر الكامنة، ابن حجر العسقلاني، ت 852 ه‍، دار الجيل، بيروت.
- دعائم الإسلام، نعمان بن محمد بن منصور التميمي المغربي، ت 363 ه‍،
528

آل البيت، قم المقدسة.
- ذخيرة الصالحين في شرح تبصرة المتعلمين، محمد رضا الطبسي - الوالد
رضوان الله عليه - ت 1405 ه‍، (مخطوط).
- الذريعة إلى تصانيف الشيعة، آغا بزرگ الطهراني، ت 1389 ه‍، المكتبة
الإسلامية، طهران.
- رجال صحيح البخاري، أبو نصر الكلاباذي، ت 398 ه‍، دار المعرفة،
بيروت.
- رجال النجاشي، أحمد بن علي بن عباس النجاشي، ت 450 ه‍، مكتبة
الداوري، قم المقدسة.
- روائع البيان، الصابوني، مكتبة الغزالي، دمشق.
- الرواشح، مير محمد باقر الحسيني، الداماد، مكتبة المرعشي، قم المقدسة.
- الروضة البهية، زين الدين الجبعي العاملي (الشهيد الثاني)، ت 966 ه‍،
جامعة النجف الدينية.
- روضة الطالبين، أبو زكريا يحيى النووي، ت 676 ه‍، المكتب الإسلامي،
دمشق، بيروت.
- روضة المتقين، محمد تقي بن مقصود الأصفهاني (المجلسي الأول)،
ت 1070 ه‍، نشر بنياد فرهنگ، إسلامي، كوشانپور، طهران.
- الروض المربع، منصور بن يونس البهوتي، ت 1051 ه‍، طبع السلفية،
القاهرة.
- رياض المسائل (الشرح الكبير)، مير سيد علي بن السيد محمد علي
الطباطبائي، ت 1231 ه‍، الطبعة الحجرية، سنة 1300 ه‍.
- الرياض النضرة، أبو جعفر أحمد، المحب الطبري، دار الندوة الجديدة،
529

بيروت.
- سبل السلام، محمد بن إسماعيل الصنعاني، ت 1182 ه‍، دار الريان، القاهرة.
- السرائر، ابن إدريس العجلي الحلي، ت 598 ه‍، المطبعة العلمية، قم المقدسة.
- سفينة البحار، الشيخ عباس القمي، ت 1359 ه‍، دار الأسوة، قم المقدسة.
- سنن أبي داود، سليمان بن الأشعث السجستاني، ت 275 ه‍، دار إحياء السنة
النبوية.
- سنن ابن ماجة، محمد بن يزيد القزويني، ت 275 ه‍، دار إحياء التراث
العربي، بيروت.
- سنن الدارقطني، علي بن عمر الدارقطني، ت 385 ه‍، دار المحاسن، القاهرة.
- سنن الدارمي، عبد الله بن عبد الرحمان الدارمي، ت 255 ه‍، دار الفكر،
بيروت.
- سنن سعيد بن منصور، ابن شعبة الخراساني المكي، ت 327 ه‍، دار الكتب
العلمية، بيروت.
- السنن الكبرى، أبو بكر، أحمد بن الحسين البيهقي، ت 458 ه‍، دار المعرفة،
بيروت.
- سنن النسائي، أحمد بن شعيب بن علي النسائي، ت 303 ه‍، دار الفكر،
بيروت.
- سير أعلام النبلاء، شمس الدين الذهبي، 748 ه‍، الرسالة، بيروت.
- السيرة الحلبية، علي بن برهان الدين الحلبي الشافعي، ت 1044 ه‍، بيروت.
- السيرة النبوية، ابن هشام، ت 213 ه‍، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
- شذرات الذهب، أبو الفلاح، ابن عماد، ت 1089 ه‍، المكتب التجاري،
بيروت.
530

- شرائع الإسلام، أبو القاسم، نجم الدين الحلي (المحقق الحلي)، ت 676 ه‍،
مطبعة الآداب، النجف الأشرف.
- شرح الأخبار، نعمان بن محمد بن منصور التميمي، ت 363 ه‍، جماعة
المدرسين، قم المقدسة.
- شرح الأزهار، لجمع من الشراح، طبع على نفقة عبد الله بن إسماعيل
غمضان.
- شرح الخرشي، أبو عبد الله، محمد الخرشي، ت 1101 ه‍، دار صادر،
بيروت.
- شرح الزرقاني، عبد الباقي الزرقاني، ت 1099 ه‍، طبع عيسى الحلبي، مصر.
- الشرح الصغير، مير سيد علي الطباطبائي، ت 1231 ه‍، مكتبة المرعشي، قم
المقدسة.
- شرح فتح القدير، محمد المعروف بابن الهمام، ت 681 ه‍، طبع مصطفى الحلبي،
مصر، سنة 1389 ه‍.
- الشرح الكبير، أحمد الدردير، ت 1201 ه‍، طبع عيسى الحلبي، مصر.
- الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي، محمد بن أحمد الدسوقي، ت 1230 ه‍،
طبع عيسى الحلبي، مصر.
- شرح منتهى الإرادات، منصور بن يونس البهوتي، ت 1051 ه‍، المكتبة
السلفية، المدينة المنورة.
- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد المعتزلي، ت 656 ه‍، دار الكتب العلمية،
قم المقدسة.
- شعائر الإسلام، ملا محمد الأشرفي البارفروشي، ت 1315 ه‍، طبع
سنة 1312 ه‍.
531

- صحاح اللغة، إسماعيل بن حماد الجوهري، ت 396 ه‍، دار العلم للملايين،
بيروت.
- صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل البخاري، ت 256 ه‍، دار المعرفة،
بيروت.
- صحيح مسلم، مسلم بن الحجاج القشيري، ت 261 ه‍، دار إحياء التراث
العربي، بيروت.
- الضعفاء الكبير، أبو جعفر محمد بن عمر العقيلي المكي، ت 322 ه‍، الدار
العلمية، بيروت.
- طبقات الشافعية، عبد الوهاب السبكي، ت 771 ه‍، عيسى البابي، مصر.
- الطبقات الكبرى، محمد بن سعيد بن منيع البصري، ت 230 ه‍، دار صادر،
بيروت.
- العبر في خبر من غبر، شمس الدين الذهبي، ت 748 ه‍، دار الكتب العلمية،
بيروت.
- عقاب الأعمال، أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي (الصدوق)، ت
381 ه‍، الطبعة الحجرية 1299 ه‍.
- العقد الثمين، محمد بن أحمد الحسيني القاسي المالكي، ت 832 ه‍، مؤسسة
الرسالة، بيروت.
- العقد الفريد، ابن عبد ربه الأندلسي، ت 327 ه‍، دار الكتاب العربي،
بيروت.
- علل الشرائع، محمد بن علي بن الحسين، الصدوق، ت 381 ه‍، المكتبة
الحيدرية، النجف الأشرف.
- عمدة القارئ، بدر الدين العيني، ت 855 ه‍، دار إحياء التراث العربي،
532

بيروت.
- عيون أخبار الرضا، عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، ت 276 ه‍، دار
الكتب العلمية، بيروت.
- عيون أخبار الرضا، محمد بن علي الحسين الصدوق، ت 381 ه‍، مكتبة
طوس، قم المقدسة.
- عيون الأزهار، أحمد بن يحيى المرتضى، ت 885 ه‍، دار الكتاب اللبناني.
- الغارات، أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، ت 283 ه‍، انجمن آثار ملى،
طهران.
- غاية المراد، محمد بن جمال الدين مكي العاملي (الشهيد الأول)، ت 786 ه‍،
الطبعة الحجرية.
- الغدير، عبد الحسين الأميني، ت 1390 ه‍، دار الكتاب العربي، بيروت.
- غمر عيون البصائر، ابن نجيم المصري، كان حيا 969 ه‍، دار الكتب العلمية،
بيروت.
- غنية النزوع، أبو المكارم ابن زهرة، ت 585 ه‍، (مطبوع مع الجوامع
الفقهية).
- غوالي اللآلي، محمد بن علي بن إبراهيم الأحسائي، ت 940 ه‍، مطبعة سيد
الشهداء (عليه السلام)، قم المقدسة.
- الفتاوى الحديثة، أحمد بن حجر الهيثمي، ت 974 ه‍، مطبعة التقدم العلمية،
مصر.
- الفتاوى الكبرى، ابن تيمية، ت 728 ه‍، دار المعرفة، بيروت.
- فتح الباري بشرح البخاري، ابن حجر العسقلاني، ت 852 ه‍، دار إحياء
التراث العربي، بيروت.
533

- فتح المغيث بشرح ألفية الحديث، الحافظ العراقي، عالم الكتب، بيروت.
- فرائد الأصول (الرسائل)، الشيخ مرتضى الأنصاري، ت 1281 ه‍، الطبعة
الحجرية.
- الفروع، محمد بن مفلح المقدسي، ت 763 ه‍، عالم الكتب، بيروت.
- الفروق، شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي، ت 684 ه‍، دار المعرفة،
بيروت.
- الفقه الإسلامي وأدلته، وهبة الزحيلي، دار الفكر، بيروت.
- الفقه على المذاهب الأربعة، عبد الرحمان الجزيري، ت 1360 ه‍، دار
إحياء التراث العربي، بيروت.
- فقه (فارسي) محمد تقي المجلسي، ت 1070 ه‍، نشر فراهاني، طهران.
- فقه القرآن، سعيد بن هبة الله الراوندي، ت 573 ه‍، المطبعة العلمية، قم
المقدسة.
- الفقه المنسوب إلى الرضا (عليه السلام)، نشر المؤتمر العالمي، للإمام الرضا (عليه السلام)،
مشهد المقدسة.
- فرائد الأصول، تقرير أبحاث ميرزا حسين النائيني، بقلم تلميذه الشيخ محمد
علي الكاظمي، مكتبة المصطفوي، قم المقدسة.
- قاموس الرجال محمد تقي التستري، ت 1415 ه‍، جماعة المدرسين، قم
المقدسة.
- القاموس المحيط، محمد بن يعقوب الفيروزآبادي، ت 817 ه‍، مؤسسة
الحلبي، القاهرة.
- قرب الإسناد، أبو عباس عبد الله بن جعفر الحميري، ت 310 ه‍، مؤسسة
آل البيت، قم المقدسة.
534

- القواعد والفوائد، محمد جمال الدين مكي العاملي - الشهيد الأول -
ت 786 ه‍، مكتبة المفيد، قم المقدسة.
- الكاشف، شمس الدين الذهبي، ت 748 ه‍، دار الكتب العلمية، بيروت.
- الكافي، محمد بن يعقوب الرازي الكليني، ت 328 ه‍، المطبعة الإسلامية،
طهران.
- الكافي في الفقه، أبو الصلاح الحلبي، ت 447 ه‍، مكتبة الإمام أمير
المؤمنين (عليه السلام)، أصفهان.
- كامل الزيارات، أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه القمي (فقيه الطائفة)،
ت 367 ه‍، مكتبة وجداني، قم المقدسة.
- الكامل في التأريخ، علي بن أبي المكرم، المعروف بابن الأثير، ت 630 ه‍،
نشر دار صادر، بيروت.
- الكامل في الضعفاء، عبد الله بن عدي الجرجاني، ت 365 ه‍، دار الفكر،
بيروت.
- كشف الرموز، زين الدين الحسن بن أبي طالب اليوسفي، المعروف بالفاضل
الآبي، ت 676 ه‍، جماعة المدرسين، قم المقدسة.
- كشف الظنون، مصطفى بن عبد الله الشهير ب‍ (الحاج خليفة)، ت 1067 ه‍،
دار احياء التراث العربي، بيروت.
- كشف الغمة، علي بن عيسى بن أبي الفتح الأربلي، ت 600 ه‍، دار الكتاب
الإسلامي، بيروت.
- كشاف القناع، منصور بن يونس البهوتي، ت 1051 ه‍، عالم الكتب،
بيروت.
- كشف اللثام، الفاضل الأصفهاني، المعروف بالفاضل الهندي، ت 1135 ه‍،
535

مؤسسة فراهانى، طهران.
- كفاية الأخيار، أبو بكر بن محمد الحصني الدمشقي الشافعي، من أعلام
القرن التاسع الهجري، دار صعب، بيروت.
- الكنى والألقاب، الشيخ عباس القمي، ت 1359 ه‍، مكتبة الصدر، طهران.
- كنز العرفان في فقه القرآن، الفاضل المقداد السيوري، ت 826 ه‍، المكتبة
المرتضوية، طهران.
- كنز العمال، المتقي الهندي، ت 975 ه‍، مؤسسة الرسالة، بيروت.
- لب الوسائل، الشيخ عباس القمي، ت 1359 ه‍، مكتبة الصدر، طهران.
- لغت نامه دهخدا، منظمة طبع لغت نامه، طهران.
- لسان العرب، ابن منظور، محمد بن مكرم الأفريقي، ت 711 ه‍، أدب
الحوزة، قم المقدسة.
- لسان الميزان، ابن حجر العسقلاني، ت 852 ه‍، مؤسسة الأعلمي، بيروت.
- مباني تكملة المنهاج، السيد أبو القاسم الخوئي، مطبعة الآداب، النجف
الأشرف.
- المبسوط، محمد بن الحسن الطوسي (شيخ الطائفة)، ت 460 ه‍، المكتبة
المرتضوية، طهران.
- المبسوط، شمس الدين السرخسي، ت 490 ه‍، دار الفكر، بيروت.
- المجروحين، محمد بن حيان التميمي البستي، ت 354 ه‍، دار المعرفة، بيروت.
- مجمع الأمثال، أبو الفضل النيسابوري الميداني، ت 518 ه‍، دار الجيل،
بيروت.
- مجمع البحرين، فخر الدين الطريحي، ت 1085 ه‍، المكتبة المرتضوية،
طهران.
536

- مجمع الرجال، زكي الدين، عناية الله بن مشرف الدين القهبائي، من أعلام
القرن الحادي عشر، مطبعة الرباني، أصفهان.
- مجمع الزوائد، علي بن أبي بكر الهيثمي، ت 807 ه‍، دار الكتاب العربي،
بيروت.
- مجمع الفائدة والبرهان، للمولى أحمد، المقدس الأردبيلي، ت 993 ه‍، جماعة
المدرسين، قم المقدسة.
- مجمع المسائل، محمد رضا الگلپايگاني، نشر دار القرآن الكريم، قم المقدسة.
- المجموع، محي الدين بن شرف النووي، ت 676 ه‍، دار الفكر، بيروت.
- مجموع فتاوى ابن تيمية، أبو العباس ابن تيمية، ت 728 ه‍، جمعها عبد
الرحمان بن محمد، السعودية 1386 ه‍.
- مجموعة ورام (تنبيه الخواطر)، أبو الحسن بن أبي فراس المالكي الأشتري،
ت 605 ه‍، طهران.
- محاضرات للراغب، أبو القاسم حسين بن محمد الراغب الإصبهاني،
ت 565 ه‍.
- محاضرات، تقرير أبحاث السيد الخوئي، بقلم محمد إسحاق فياض، نشر
الإمام موسى الصدر.
- المحكم والمتشابه، منسوب إلى السيد المرتضى، حجرية، 1312 ه‍.
- المحلى، ابن حزم، ت 456 ه‍، دار الآفاق الجديدة، بيروت.
- مختصر تأريخ دمشق، محمد بن مكرم (المعروف بابن منظور)، ت 711 ه‍،
دار الفكر، دمشق.
- مختصر كتاب البلدان، أبو بكر أحمد بن محمد الهمداني (ابن الفقيه)، دار
إحياء التراث العربي، بيروت.
537

- المختصر النافع، أبو القاسم، نجم الدين - المحقق الحلي - ت 676 ه‍، دار
الكتاب العربي، بمصر.
- مختلف الشيعة في أحكام الشريعة، العلامة الحلي، ت 726 ه‍، الحجرية، سنة
1324 ه‍، وطبعة جماعة المدرسين، قم المقدسة.
- المدونة الكبرى، مالك بن أنس الأصبحي، برواية سحنون بن سعيد
التنوخي، ت 240 ه‍، عن عبد الرحمان بن القاسم، دار صادر، بيروت.
- مرآة العقول، محمد باقر المجلسي، ت 1111 ه‍، دار الكتب الإسلامية،
طهران.
- المراسم في الفقه الإمامي، حمزة بن عبد العزيز الديلمي، ت 463 ه‍، نشر
الحرمين.
- مراصد الاطلاع، عبد المؤمن البغدادي، ت 739 ه‍، طبع عيسى الحلبي،
مصر، سنة 1373 ه‍.
- مروج الذهب، علي بن الحسين المسعودي، ت 346 ه‍، دار الأندلس،
بيروت.
- مسالك الأفهام، زين الدين الجبعي (الشهيد الثاني)، ت 965 ه‍، الحجرية.
- مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام، الجواد الكاظمي، من أعلام القرن
الحادي عشر، المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية.
- المسالك والممالك، أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله، (المعروف بابن
خرداذبة)، كان حيا 233 ه‍، دار احياء التراث العربي، بيروت.
- المستدرك على الصحيحين، أبو عبد الله الحاكم النيسابوري، (الحاكم)،
ت 405 ه‍، دار الفكر، بيروت.
- مستدرك الوسائل، ميرزا حسين الطبرسي، النوري، ت 1320 ه‍، مؤسسة
538

آل البيت، قم المقدسة.
- مستند تحرير الوسيلة، أحمد المطهري، مطبعة الخيام، قم المقدسة، سنة
1406 ه‍.
- مسند أحمد، أحمد بن حنبل، ت 241 ه‍، دار الفكر، بيروت.
- مسند الحميدي، أبو بكر الحميدي، ت 219 ه‍، عالم الكتب، بيروت.
- مسند زيد، جمع عبد العزيز بن إسحاق البقال، ت 313 ه‍، دار الكتب
العلمية، بيروت.
- مسند الطيالسي، سليمان بن داود الفارسي (الشهير بأبي داود الطيالسي)،
ت 204 ه‍، دار الباز، مكة المكرمة.
- مصادر الحق، عبد الرزاق السنهوري، دار المعارف، مصر.
- المصباح المنير، أحمد الفيومي، ت 770 ه‍، مصطفى الحلبي، مصر.
- المصنف، عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، ت 235 ه‍، طبع السلفية، الهند، سنة
1399 ه‍.
- المصنف، عبد الرزاق الصنعاني، ت 211 ه‍، المكتب الإسلامي، بيروت.
- المصنف، الكندي النزوي، ت 557 ه‍، سلطنة عمان، وزارة الأوقاف.
- المعارف، أبو عبد الله بن قتيبة الدينوري، ت 276 ه‍، دار الكتب العلمية،
بيروت.
- معالم السنن، أبو سليمان حمد بن محمد الخطابي البستي، ت 388 ه‍، المكتبة
العلمية، بيروت.
- معالم القربة، محمد بن محمد بن أحمد القرشي، ت 648 ه‍، مكتب الاعلام
الإسلامي، قم المقدسة.
- معاني الأخبار، محمد بن بابويه القمي (الصدوق)، ت 381 ه‍، دار المعرفة،
539

بيروت، سنة 1399 ه‍.
- معجم أحاديث الإمام المهدي (عليه السلام)، جماعة من المحققين، ومنهم مؤلف هذا
الكتاب، نشر مؤسسة المعارف الإسلامية، قم المقدسة.
- معجم البلدان، ياقوت بن عبد الله الحموي، ت 626 ه‍، دار إحياء التراث
العربي، بيروت.
- معجم رجال الحديث، السيد أبو القاسم الخوئي، دار الزهراء، بيروت.
- معجم فقه ابن حزم، لجنة موسوعة الفقه الإسلامي، دمشق، طبع دار الفكر.
- المعجم الكبير، سليمان بن أحمد الطبراني، ت 360 ه‍، وزارة الأوقاف
العراقية.
- المعجم المفهرس لألفاظ الحديث، وضعه: جماعة المستشرقين، مكتبة بريل،
لندن.
- المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبد الباقي، دار الكتب
المصرية، القاهرة.
- معجم المؤلفين، عمر رضا كحالة، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
- معجم المغني، دار الفكر، بيروت.
- معجم مقاييس اللغة، أبو الحسين، أحمد بن فارس، ت 395 ه‍، مكتب
الاعلام الإسلامي، قم المقدسة.
- المعرفة والتأريخ، يعقوب بن سفيان البسوي، ت 277 ه‍، مطبعة الارشاد،
بغداد.
- معيار اللغة، ميرزا محمد علي الشيرازي، كان حيا 1273 ه‍، الحجرية، سنة
1370 ه‍.
- معين الحكام، أبو الحسن الطرابلسي، ت 844 ه‍، مصطفى الحلبي، سنة
540

1392 ه‍.
- المغازي، محمد بن عمر بن واقد، ت 207 ه‍، نشر عالم الكتب، بيروت.
- المغني، أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة، ت 541 ه‍، عالم الكتب،
بيروت.
- المغني في الضعفاء، أبو عبد الله الذهبي، ت 748 ه‍، دار المعارف، حلب.
- مغني المحتاج، محمد الشربيني الخطيب، ت 977 ه‍، المكتبة الإسلامية.
- مفاتيح الشرائع، الفيض الكاشاني، ت 1091 ه‍، مجمع الذخائر الإسلامية،
قم المقدسة.
- مفتاح الكرامة، محمد جواد العاملي، ت 1266 ه‍، مؤسسة آل البيت، قم
المقدسة.
- مفتاح كنوز السنة، أ، ي فنسنك، دار الباز، مكة المكرمة.
- المفردات، الراغب الأصفهاني، ت 565 ه‍، مؤسسة اسماعيليان، قم المقدسة.
- مقباس الهداية، عبد الله المامقاني، ت 1351 ه‍، مؤسسة آل البيت، قم
المقدسة.
- المقتصر، أحمد بن محمد بن فهد الحلي، ت 841 ه‍، مجمع البحوث الإسلامية،
مشهد المقدسة.
- مقدمة ابن خلدون، دار القلم، بيروت.
- المقنع، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه، القمي، (الصدوق)، ت 381 ه‍،
دار العلم، قم المقدسة.
- المقنعة، محمد بن محمد بن النعمان، ت 413 ه‍، جماعة المدرسين، قم المقدسة.
- مكارم الأخلاق، رضي الدين أبو نصر، الحسن بن الفضل الطبرسي - من
أعلام القرن السادس - المطبعة الحيدرية، النجف الأشرف.
541

- المكاسب، الشيخ مرتضى الأنصاري، ت 1281 ه‍، منشورات النجف
الأشرف.
- ملاذ الأخيار، محمد باقر المجلسي، ت 1111 ه‍، مكتبة المرعشي، قم المقدسة.
- الملل والنحل، جعفر السبحاني، جماعة المدرسين، قم المقدسة.
- الملل والنحل، أبو الفتح محمد بن عبد الكريم، الشهرستاني، ت 548 ه‍،
الشريف الرضي، قم المقدسة.
- مناقب آل أبي طالب، ابن شهرآشوب، ت 588 ه‍، المطبعة العلمية، قم
المقدسة.
- مناهج المتقين، عبد الله المامقاني، ت 1351 ه‍، المطبعة المرتضوية، النجف
الأشرف.
- منتخب كنز العمال، علي بن حسام الدين المتقي، ت 975 ه‍، مطبوع بهامش
مسند أحمد.
- منتهى الإرادات، ابن النجار الفتوحي، ت 972 ه‍، دار الجيل، القاهرة، سنة
1381 ه‍.
- المنجد، للأب لويس معلوف اليسوعي، دار المشرق، بيروت.
- من لا يحضره الفقيه، محمد بن علي بن الحسين (الصدوق)، ت 381 ه‍، دار
الكتب الإسلامية، طهران.
- المنتقى، أبو محمد ابن الجارود، ت 307 ه‍، طبع الفجالة الجديدة، القاهرة،
سنة 1382 ه‍.
- المنتقى، أبو الوليد الباجي، ت 494 ه‍، طبع السعادة، مصر، سنة 1332 ه‍.
- المنتقى، للأندلسي، ت 439 ه‍.
- منتهى المطلب، العلامة الحلي، ت 726 ه‍، حجرية، نشر الحاج أحمد مؤيد
542

العلماء.
- المنية في تحقيق حكم الشارب واللحية، محمد رضا الطبسي - الشيخ الوالد
رضوان الله تعالى عليه - ت 1405 ه‍، المطبعة العلمية، قم المقدسة.
- المهذب، ابن البراج الطرابلسي، ت 481 ه‍، جماعة المدرسين، قم المقدسة.
- المهذب، أبو إسحاق الشيرازي، ت 476 ه‍، عيسى البابي، مصر.
- مهذب الأحكام، عبد الأعلى السبزواري، ت 1414 ه‍، مطبعة الآداب،
النجف الأشرف.
- المهذب البارع، ابن فهد الحلي، ت 841 ه‍، جماعة المدرسين، قم المقدسة.
- موارد السجن، نجم الدين الطبسي، مكتب الاعلام الإسلامي، قم المقدسة.
- موازين قضائي، حسين كريمي، نشر شكوري، قم المقدسة.
- الموافقات، أبو إسحاق الشاطبي ت 790 ه‍، دار المعرفة، بيروت.
- الموطأ، مالك بن أنس، ت 190 ه‍، برواية يحيى الأندلسي، دار إحياء
التراث العربي، بيروت.
- الموسوعة الفقهية الكويتية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت.
- المؤتلف من المختلف، فضل بن الحسن الطبرسي (أمين الإسلام)، ت 548 ه‍،
بنياد پژوهشهاى إسلامي، مشهد.
- المؤتلف والمختلف، علي بن عمر الدارقطني، ت 385 ه‍، دار المحاسن،
القاهرة.
- ميزان الاعتدال، شمس الدين الذهبي، ت 748 ه‍، دار المعرفة، بيروت.
- النتف في الفتاوى، علي بن الحسين السغدي، ت 461 ه‍، مؤسسة الرسالة،
بيروت، دار العرفان، عمان.
- نخبة الدهر في عجائب البر والبحر، شمس الدين الدمشقي (المعروف بشيخ
543

الربوة)، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
- نصب الراية، أبو محمد الزيلعي، ت 762 ه‍، المكتبة الإسلامية، بيروت.
- النهاية في مجرد الفقه والفتاوى، أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي (شيخ
الطائفة)، ت 460 ه‍، منشورات قدس، قم المقدسة.
- النهاية في غريب الحديث، المبارك بن محمد الجزري (ابن الأثير)،
ت 606 ه‍، مؤسسة اسماعيليان، قم المقدسة.
- نهاية المحتاج، محمد بن أبي العباس الرملي، ت 1004 ه‍، طبع مصطفى الحلبي،
مصر سنة 1386 ه‍.
- النهاية ونكتها، نجم الدين، جعفر بن الحسن الهذلي (المحقق الحلي)،
ت 676 ه‍، جماعة المدرسين، قم المقدسة.
- نوادر أحمد بن عيسى، مدرسة الإمام المهدي (عليه السلام)، قم المقدسة.
- نيل الأوطار، محمد بن علي الشوكاني، ت 1255 ه‍، دار الكتب العلمية،
بيروت.
- الهداية، محمد بن علي بن بابويه القمي (الصدوق)، ت 381 ه‍، دار العلم، قم
المقدسة.
- الهداية، أبو الخطاب الكلوذاني، ت 510 ه‍، طبع القصيم، سنة 1391 ه‍.
- الوافي، الفيض الكاشاني، ت 1091 ه‍، حجرية، مكتبة المرعشي، قم
المقدسة، الطبعة الجديدة، مكتبة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، أصفهان.
- وسائل الشيعة، محمد بن الحسن الحر العاملي، ت 1104 ه‍، دار إحياء
التراث العربي، بيروت.
- الوسيلة، علي بن حمزة الطوسي، ت 566 ه‍، مكتبة المرعشي، قم المقدسة.
- وسيلة النجاة، السيد أبو الحسن الأصفهاني، ت 1365 ه‍، الحجرية.
544

- وسيلة النجاة مع تعاليق الشيخ الطبسي - الوالد (رحمه الله) - (مخطوط).
- الوفا بأحوال المصطفى، أبو الفرج، عبد الرحمان المعروف ب‍ (ابن الجوزي)،
ت 597 ه‍، دار المعرفة، بيروت.
- وفيات الأعيان، أحمد بن محمد بن خلكان، ت 681 ه‍، دار الثقافة، بيروت.
- ولاية الفقيه، حسين علي المنتظري، المركز العالمي للدراسات الإسلامية.
- الينابيع الفقهية، جمع علي أصغر مرواريد، نشر: مركز بحوث الحج والعمرة.
545