الكتاب: الموجز في السجن والنفي في مصادر التشريع الإسلامى
المؤلف: نجم الدين الطبسي
الجزء:
الوفاة: معاصر
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر:
ردمك:
ملاحظات:

من سلسلة الفقه المقارن
الموجز في
السجن والنفي
في مصادر التشريع الاسلامي
تأليف: نجم الدين الطبسي
1

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله، وعلى أهل بيته
الطيبين الطاهرين، سيما الأمام الحجة بن الحسن المهدي، روحي وأرواح العالمين لتراب مقدمه الفداء.
وبعد: بعد أن أنجز - ولله الحمد - تأليف كتابي - " موارد السجن في النصوص والفتاوى " و " النفي و
التغريب في مصادر التشريع الإسلامي " وقوبل بحفاوة فائقة وترحيب في الأوساط العلمية والأطراف المعنية
في داخل إيران وخارجها، بحيث أعيد طبعها ثانيا، وترجمت إلى الفارسية...
إقترح علي بعض السادة الأفاضل أن أقوم بتلخيصها لتتميم الفائدة وتعميم الاستفادة، سيما وهو فقه مقارن،
لينضم إلى سائر أبحاثنا في الدراسات الفقهية التي تم - والحمد لله - نشرها.
فبعد دراسة الموضوع، رأيته اقتراحا جميلا ورأيا سديدا. سيما محدودية الوقت وضيقه، وعزة الفرص، لا
تساعد، بل تفرض الاختصار - في المؤلفات - والوصول إلى أمهات المطالب بأقصر طريق ممكن. فلبيت طلبهم
- شاكرا لهم - وقمت بتلخيص الكتابين والإشارة إلى الروايات ونقل بعضها، والإشارة إلى كلمات فقهاء
الفريقين وموارد الخلاف والوفاق، ثم ذكر المصادر في الهامش، بحيث يستغني الباحث عن الرجوع إلى
الكتابين، كما يسهل عليه الأطلال عليها، خلال هذا المختصر، لأنه نافذة ومدخل اليهما، وسميته ب‍... " الموجز في
السجن والنفي، في مصادر التشريع الاسلامي ".
وفي الختام نحمد الله على أنعمه وتوفيقه وما توفيقي الا بالله. عليه توكلت واليه أنيب.
نجم الدين الطبسي
قم المقدسة
2

القسم الأول:
في السجن
الموارد، الحقوق، الاحكام
3

الباب الأول:
موارد السجن
الفصل الأول: في الدم
الفصل الثاني: في السرقة
الفصل الثالث: في الإيذاء الجسمي بغير الجرح
الفصل الرابع: في الإيذاء الروحي
الفصل الخامس: في ترك الواجبات وفعل المحرمات
الفصل السادس: في السحر وأضرابه
الفصل السابع: في بعض أصحاب السلوك المنحرف
الفصل الثامن: في الارتداد
الفصل التاسع: في الفحشاء
الفصل العاشر: في الخمر والمسكرات
الفصل الحادي عشر: في مسائل الزوجية
الفصل الثاني عشر: في أعداء الدولة ومناوئيها
الفصل الثالث عشر: في العمال والموظفين
الفصل الرابع عشر: في الحقوق المالية
4

السجن في اللغة:
السجن هو الحبس (1) وسجنه: أي حبسه، والسجن بالكسر هو المحبس، وصاحبه، سجان والسجين:
المحبوس (2) كما أن الحبس والمحبس موضعان للمحبوس، فالمحبس يكون سجنا ويكون فعلا (3) وعليه: فالسجن
هو المكان الذي يحبس فيه الانسان. (4)
السجن في الاسلام:
إن وجود الحبس والسجن في الاسلام - كما هو الحال في كل نظام قضائي في العالم - يعد من الأمور المسلمة،
المفروغ عن الاستدلال عليها، فمن أشرف على الفقه الاسلامي يذعن بوجود عقوبة - أو حتى ولو لم تكن بعنوان
العقوبة - باسم الحبس المخلد أو المؤقت، التأديبي، أو الاحتياطي (5) فنحن في غنى عن إقامة البرهان على
إثباته في الشرع، فلذا نتفرغ للبحث عن أمور أخرى ترتبط بالتفاصيل، من موارد السجن وحقوق السجين.

1 - النهاية لابن الأثير 2: 342، الصحاح 5: 2132، لسان العرب 13: 203، مجمع البحرين 4: 60.
2 - القاموس 4: 235، لسان العرب 13: 203، المفردات للراغب: 104.
3 - العين 1: 338، لسان العرب 6: 44.
4 - معجم مقاييس اللغة 3: 13.
5 - مجلة " فراسو " لقاء وحوار مع مؤلف هذا الكتاب، نجم الدين الطبسي، العدد الثالث والرابع من السنة الأولى ص 78.
5

القسم الأول: في موارد السجن
فنقول: اما في بحث موارد السجن فيمكن أن يلخص في أربعة عشر عنوانا - مع قطع النظر عن أنها مفتى بها
أم لا، ورد فيها نص أم لا، بل المهم أنها موارد ذكرت في الفقه الاسلامي - أعم من فقه المذهب الامامي، أو سائر
المذاهب الاسلامية الأخرى، والأبواب من العناوين الرئيسية في القسم الأول من هذا الكتاب هي ما يلي:
1 - الحبس في الدم،
2 - الحبس في السرقة،
3 - الحبس في الإيذاء الجسمي بغير الجرح،
4 - الحبس في الايذاء الروحي والسب،
5 - الحبس في ترك الواجبات وفعل المحرمات،
6 - الحبس في السحر وأضرابه،
7 - الحبس في بعض أصحاب السلوك المنحرف أو المحدودين،
8 - الحبس في الارتداد،
9 - الحبس في الفحشاء،
10 - الحبس في الخمر والمسكرات،
11 - الحبس في مسائل الزوجية،
12 - حبس أعداء الدولة ومناوئيها،
13 - حبس العمال والموظفين،
14 - الحبس في الحقوق المالية. (1)
ولكل من هذه العناوين الرئيسية، فصول وعناوين أخرى قد تربو على سبعة عشر فصلا.

1 - انظر، موارد السجن: 35.
6

الفصل الأول: الحبس في الدم
وفيه موارد:
الأول: الحبس في تهمة الدم.
وقد وردت فيه روايات من الفريقين، وأن المتهم بالقتل يحبس. ففي رواية الصادق (عليه السلام) قال:
" إن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يحبس في تهمة الدم ستة أيام. فإن جاء أولياء المقتول ببينة، وإلا خلي سبيله. " (1)
وقد نقله الطوسي باختلاف. (2)
كما روى الحاكم - وهو من السنة - أن النبي (صلى الله عليه وآله) حبس رجلا في تهمة الدم (3) وقد أفتى بمضمونها جمع من
فقهائنا كالطوسي (4) وابن البراج (5) وابن أبي حمزة الطوسي (6) والعلامة الحلي في بعض فتاواه (7) ومن
المعاصرين هو رأي الامام الخميني (8) والخوئي (9) والگلپايگاني (10) ومن العامة: مالك بن انس (11) وإن خالف
بعض آخر منا. (12)
مدة الحبس: وقد اختلفوا في مدة الحبس - على القول به - على أقوال:
1 - ستة أيام: وهو قول الطوسي وجمع من فقهاء الإمامية. (13)
2 - ثلاثة أيام: وهو قول ابن أبي حمزة الطوسي. (14)
3 - سنة كاملة: نقل ذلك عن الإسكافي. (15)
4 - الحبس إلى فصل الخصومة، أو إحضار البينة. (16)

1 - الكافي 7: 370، ح 5.
2 - التهذيب 10: 152، ح 39.
3 - المستدرك على الصحيحين 4: 102، نيل الأوطار 7: 152، سنن الترمذي 4: 28.
4 - النهاية، 744.
5 - المهذب 2: 503.
6 - الوسيلة، 461.
7 - تحرير الأحكام 2: 254.
8 - تحرير الوسيلة 2: 480.
9 - مباني تكملة المنهاج 2: 133.
10 - مجمع المسائل 3: 208.
11 - المدونة الكبرى 6: 416.
12 - شرائع الاسلام 4: 227، المختصر النافع 2: 298، الروضة البهية 10: 76، مسالك الأفهام 15: 223.
13 - القواعد والفوائد 2: 192، نضد القواعد الفقهية: 499.
14 - الوسيلة: 461.
15 - جواهر الكلام 41: 261.
16 - موارد السجن: 45.
7

ثم إن هذا الحبس مختص بالمتهم بالقتل دون الجرح، كما هو استظهار المحقق النجفي (1) وكذا إن هذا الحبس هو
على سبيل الوجوب لا الاستحباب (2) كما أن بعض العامة يرى حبس المتهم الناكل عن اليمين إلى أن يحلف أو
يقر. (3)
المورد الثاني: حبس من دل على شخص يراد قتله، ولم أجد من تعرض له من فقهائنا ولا من العامة ألا
الشافعي حيث يرى فيه الحبس والتعزير. (4)
المورد الثالث: حبس من أمسك شخصا للقتل وقد وردت بذلك روايات من الفريقين، والسجن فيه مؤبدا: ففي
الكافي عن الصادق (عليه السلام): " قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في رجلين أمسك أحدهما وقتل الاخر، قال: يقتل القاتل، و
يحبس الاخر حتى يموت غما، كما كان حبسه عليه حتى مات غما. (5)
واما عن العامة: فعن الدارقطني: قضى رسول الله (عليه السلام) في رجل أمسك رجلا وقتله الآخر، قال: " يقتل القاتل،
ويحبس الممسك. " (6)
كما أفتى فقهاؤنا بمضمونها، كالمفيد، والطوسي، والديلمي، وابن زهرة، والمحقق النجفي، والامام الخميني، و
المرحوم الطبسي (7)، بل صرح السيد المرتضى بأن هذا من متفردات الإمامية حيث قال: " ومما انفردت به
الإمامية القول بأن الثلاثة إذا قتل أحدهم وامسك الاخر وكان الثالث عينا لهم حتى فرغوا، انه يقتل القاتل، و
يحبس الممسك ابدا حتى يموت، وتسمل عين الناظر. (8)
وأما عند المذاهب الأخرى، فالحكم مختلف فيه فعن مالك: " يعاقب الممسك أشد العقوبة، ويسجن سنة (9)، و
عن الشافعي: " انه يعزر ويحبس. " (10)، وكذلك عن أبي حنيفة: " الممسك يوجع عقوبة ويستودع في

1 - جواهر الكلام 41: 261، مفتاح الكرامة 10: 82، " تعليقات على باب القصاص ".
2 - موارد السجن: 46.
3 - بدائع الصنايع 7: 289 - الاختيار 2: 135 - التفريع 2: 209 - تحفة الفقهاء 3: 134.
4 - الام 7: 331، المحلى 10: 511، موارد السجن: 51.
5 - الكافي 7: 281، الفقيه 4: 86، التهذيب 10: 219.
6 - سنن الدارقطني 3: 140، مصنف ابن أبي شيبة 9: 372، مصنف عبد الرزاق 9: 427، شرح النووي 18: 382، نيل الأوطار
7: 23.
7 - المقنعة 166، الخلاف 5: 173، المبسوط 7: 49، المراسم العلوية: 238، غنية النزوع: 407، جواهر الكلام 41: 42،
تحرير الوسيلة 2: 463، ذخيرة الصالحين 8: 67.
8 - الانتصار: 270.
9 - الموطأ 2: 873.
10 - الام 6: 30.
8

السجن. " (1)
فالحنفية كلها ترى فيه الحبس حتى الموت (2) والحنابلة: يقتل في رأي، ويحبس حتى الموت في رأي آخر لهم. (3)
ثم إن هذا الحبس المؤبد للممسك، حق الناس فيسقط بإسقاطه، كما عن الامام الخميني (4)
ثم إن المراد بالإمساك الموجب للحبس الأبدي: هو الإمساك حين فراره، لكي يتمكن منه القاتل كما يفهم ذلك
من الطوسي (5) ولكن يظهر من بعض الروايات أن المقصود به الإمساك العرفي فلا خصوصية لشد الوثاق، أو
الإمساك عن الفرار فيصدق حتى على إقفال البيت وما شابه. (6)
روى الكليني بسنده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في رجل شد على رجل ليقتله والرجل فر منه فاستقبله رجل آخر
فأمسكه عليه حتى جاء الرجل فقتله، فقتل الرجل الذي قتله وقضى على الآخر الذي أمسكه عليه ان يطرح في
السجن أبدا حتى يموت فيه.. (7)
ثم إن الحبس هنافي الممسك مؤبد ودائمي، كما هو صريح بعض رواياتنا، ففي رواية سماعة: وقضى على الآخر
الذي أمسكه عليه أن يطرح في السجن أبدا حتى يموت. (8)
وصريح فتاوى فقهائنا (9) بل هو مجمع عليه، كما عن المحقق النجفي (10) وهو رأي بعض الظاهرية (11) ويبدو من
العامة ان ذلك موكول إلى رأي الحاكم - الإمام - في طول المدة وقصرها. (12)
ثم إنه يجلد في كل عام خمسون جلدة، وبه رواية صحيحة عن الإمام الصادق (عليه السلام) (13)
وهو رأي بعض فقهائنا كابن البراج (14) والسيد الخوئي. (15)
المورد الرابع: حبس الآمر بالقتل وهو المشهور عندنا (16)، بل ادعي الإجماع عليه (17) ووردت بذلك
رواية صحيحة عن الباقر (عليه السلام) في رجل أمر رجلا بقتل رجل فقتله؟ فقال: يقتل به الذي قتله، ويحبس الامر بقتله

1 - الام 7: 330.
2 - الفقه على المذاهب الأربعة 5: 302.
3 - الفقه على المذاهب الأربعة 5: 302.
4 - موازين قضائي از ديدگاه امام خميني 1: 185.
5 - الخلاف 2: 354.
6 - موارد السجن: 62.
7 - الكافي 7: 287، التهذيب 10: 219.
8 - الكافي 7: 287، التهذيب 10: 219.
9 - المقنعة: 116، النهاية: 744، تحرير الأحكام 2: 242، تحرير الوسيلة 2: 463، مباني تكملة المنهاج 2: 11، ذخيرة
الصالحين 8: 67.
10 - جواهر الكلام 41: 42.
11 - المحلى 10: 511.
12 - الموطأ 2: 873 - نيل الأوطار 7: 23.
13 - الكافي 7: 387، التهذيب 10: 221، البحار 101: 397، مرآة العقول 24: 39.
14 - المهذب 2: 468.
15 - مباني تكملة المنهاج 2: 11.
16 - رياض المسائل 16: 190.
17 - الروضة البهية 10: 27.
9

في السجن حتى يموت. (1)
ورواية أخرى عامية أوردها ابن حزم: لو أمر رجل عبدا له، فقتل رجلا لم يقتل الامر، ولكن يديه (2) ويعاقب
ويحبس (3) وقد عمل فقهاؤنا بمضمون الصحيحة الأولى. (4)
وعند العامة: يعزر المكره، وعن بعضهم: يحبس، كما في الممسك على القتل. (5)
المورد الخامس: حبس من خلص القاتل من القصاص وبه رواية صحيحة عن الصادق (عليه السلام): سألته عن رجل
قتل رجلا عمدا فرفع إلى الوالي، فدفعه الوالي إلى أولياء المقتول ليقتلوه، فوثب عليهم قوم فخلصوا القاتل من
أيدي الأولياء، فقال أرى أن يحبس الذين خلصوا القاتل، من أيدي الأولياء حتى يأتوا بالقاتل قيل: فإن مات
القاتل وهم في السجن؟ قال: فإن مات فعليهم الدية يؤدونها جميعا إلى أولياء المقتول. (6)
وقد أفتى بمضمونها جمع من فقهائنا، منهم الحلبي ويحيى بن سعيد، والبحراني والسيد الخوئي والگلپايگاني (7)
قال الخوئي: لو أراد أولياء المقتول القصاص من القاتل، فخلصه قوم من أيديهم حبس المخلص حتى يتمكن من
القاتل، فإن مات القاتل، أو لم يقدر عليه، فالدية على المخلص. (8)
المورد السادس: حبس من يقوم بالاغتيال وبه رواية عن الصادق (عليه السلام): إن عليا (عليه السلام) خرج يوقظ الناس لصلاة
الصبح، فضربه عبد الرحمن بن ملجم بالسيف على أم رأسه، فوقع على ركبتيه، فأخذه فالتزمه حتى أخذه الناس،
وحمل علي حتى أفاق، ثم قال للحسن والحسين: احبسوا هذا الأسير وأطعموه واسقوه، وأحسنوا إساره، فإن
عشت فأنا أولى بما صنع بي، إن شئت استنقذت (استقدت) وإن شئت عفوت، وإن شئت صالحت (9) وروى
عبد الرزاق بهذا المضمون رواية أخرى عن قثم مولى الفضل، عن علي (عليه السلام) (10) ورواية ثالثة عن النبي (صلى الله عليه وآله): أنه لما
رجع من خيبر جاءته امرأة من اليهود قد أظهرت الإيمان ومعها ذراع مسمومة مشوية وضعتها بين يديه... إذ

1 - الكافي 7: 285، وسائل الشيعة 19: 32.
2 - أي يعطي الدية.
3 - المحلى 10: 508.
4 - النهاية: 747، الكافي في الفقه: 387، الوسيلة: 438، الغنية: 407، مباني تكملة المنهاج 2: 13، تحرير الوسيلة 2: 463،
مجمع المسائل 3: 209، ذخيرة الصالحين 8: 66.
5 - الإنصاف 9: 454، الاختيار 2: 108.
6 - الكافي 7: 286 - الفقيه 4: 80 - التهذيب 10: 223 - وسائل الشيعة 19: 34.
7 - الكافي: 395، الجامع للشرائع: 571، الحدائق الناضرة 21: 72، مباني تكملة المنهاج 2: 126، مجمع المسائل 3:
209.
8 - المباني 2: 126.
9 - قرب الإسناد: 143، الوسائل الشيعة 19: 96، جامع أحاديث الشيعة 13: 179.
10 - المصنف 10: 154.
10

أنطق الله الذراع، فقالت: يا رسول الله، لا تأكلني فإني مسمومة... فقال: ائتوني بالمرأة، ثم أمر بها فحبست. (1)
ولكن قد يناقش بأن المورد خاص، ولا وجه لإلغاء الخصوصية.
المورد السابع: حبس القاتل بعد عفو الأولياء.
وردت بذلك روايتان: إحداهما من طرق الخاصة، رواها: الطوسي بسند حسن موثق والثانية من طرق العامة،
رواها البستي (2)
الرواية الأولى: عن الفضيل بن يسار، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): عشرة قتلوا رجلا، فقال إن شاء أولياؤه
قتلوهم جميعا وغرموا تسع ديات، وإن شاؤوا تخيروا رجلا فقتلوه، وأدى التسعة الباقون إلى أهل المقتول
الأخير عشر الدية، كل رجل منهم، قال: ثم إن الوالي بعد يلي أدبهم وحبسهم (3)
ولم يفت أحد من فقهائنا بمضمونها، بل صرح بعضهم بعدم جواز الحبس والضرب (4)
نعم، يبدو من بعض المعاصرين الميل إلى ذلك (5) وأما العامة، فعن مالك والليث (6) بل المالكية والأحناف،
والأوزاعي: الحبس سنة. (7)
المورد الثامن: حبس الجاني إلى أن يستكمل الولي الشروط فيما لو كان صغيرا أو غائبا أو مجنونا، فلا يقتص من
القاتل إلى أن يبلغ ولي الدم، أو يفيق أو... وحبس القاتل حينئذ، هو رأي كثير من فقهائنا كالطوسي وابن أبي

1 - بحار الأنوار 17: 319، موارد السجن: 74.
2 - معالم السنن 4: 3.
3 - الكافي 7: 283، الفقيه 4: 85، التهذيب 10: 217.
4 - تحرير الأحكام 2: 256.
5 - ولاية الفقيه 2: 505.
6 - بداية المجتهد 2: 402، الموطأ 2: 874، المدونة الكبرى 6: 403.
7 - الفقه على المذاهب الأربعة 5: 265، المغني 7: 745.
11

حمزة (1) والعلامة الحلي على احتمال (2) وولده فخر المحققين (3) والشهيد الأول (4) والإمام الخميني، فيما لو كان
زمان البلوغ قصيرا (5) وفيما لو كان الولي غائبا (6).
ومن العامة: هو رأي الشيباني (7) وا لشافعي (8) وابن قدامة (9) والقرافي (10) والنووي (11) وغيرهم (12) بل
هو رأي الشافعية والحنابلة والصاحبان من الحنفية (13)
ثم إن بعض فقهائنا، فصل بين الولي الصغير والمجنون، كما فصل آخرون بين خوف فراره فيحبس، وعدمه فلا
يحبس.
وبعد هذا كله فليعلم أنه لم يرد فيه نص بالخصوص، بل المستند، إما هو حفظ حقوقهم، أو عدم تحقق التشفي، أو
عدم العلم بما يريده الغائب (14)
المورد التاسع: حبس المسلم إذا قتل الذمي، فيما لو لم يكن معتادا لذلك.
فيعزر ويغرم الدية عندنا (15) وأما عند العامة: فقد صرح مالك فيه بالحبس (16) ولم يرد فيه نص بالخصوص
(17)
المورد العاشر: حبس القاتل إذا هرب بعد أخذ الدية.
وبه رواية موثقة أوردها الكليني، بسنده عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل قتل رجلا متعمدا،
ثم هرب القاتل فلم يقدر عليه: قال: إن كان له مال اخذت الدية من ماله، وإلا فمن الأقرب فالأقرب.
وفي رواية أخرى: ثم للوالي بعد حبسه وأدبه. (18)
وعن المجلسي الأول: أنه عمل بهما أكثر الأصحاب. (19)

1 - المبسوط 7: 54، الوسيلة: 439.
2 - قواعد الأحكام 2: 299.
3 - إيضاح الفوائد 4: 623.
4 - القواعد والفوائد 2: 192.
5 - موازين قضائي از ديدگاه امام خميني 1: 154.
6 - تحرير الوسيلة 2: 483.
7 - الجامع الصغير: 495.
8 - الام 8: 398 و 137.
9 - المغني 7: 740.
10 - الفروق 4: 79.
11 - المجموع 18: 450.
12 - انظر: الشرح الكبير 9: 385 - نهاية المحتاج 7: 284 - البحر الرائق 8: 299 - التشريع الجنائي: 238.
13 - الفقه على المذاهب الأربعة 5: 273.
14 - موارد السجن: 84.
15 - المقنعة: 739، المبسوط 7: 5، غنية النزوع: 407، شرائع الإسلام 4: 211.
16 - المدونة الكبرى 6: 403.
17 - موارد السجن: 86.
18 - الكافي 7: 365، وسائل الشيعة 19: 303.
19 - روضة المتقين 10: 416.
12

هذا ولم أر من عمل بمضمون الذيل. (1)
المورد الحادي عشر: حبس المولى الذي قتل عبده، أو الذي يقتل العبد.
وردت روايات من الفريقين بحبس من قتل عبده، أو عذبه حتى مات، فقد روى الكليني بسنده عن الصادق (عليه السلام)
أن أمير المؤمنين (عليه السلام) رفع إليه رجل عذب عبده حتى مات فضربه مائة نكالا، وحبسه سنة، وغرمه قيمة العبد
فتصدق بها عنه. (2)
ولكن لم نجد من أفتى مضمونها من فقهائنا، (3) غير السيد الخوئي (4) ويحيي بن سعيد الحلي. (5)
وأما العامة: فقد قال بالحبس ابن الجلاب. (6)
المورد الثاني عشر: حبس العبد القاتل بأمر مولاه.
فقد أفتى جمع من فقهائنا بتخليد العبد في السجن كما عن أبي الصلاح الحلبي (7) ويحيي بن سعيد (8) والسيد
الخوئي (9)
وأما من العامة: قال به أحمد بن حنبل (10) وأبو طالب (11)
وفيه روايتان: إحداهما عن أهل البيت (عليهما السلام)، والأخرى بطريق عامي عن علي بن أبي طالب (عليه السلام):
الأولى: عن الصادق (عليه السلام) قال: أمير المؤمنين (عليه السلام) في رجل أمر عبده أن يقتل رجلا فقتله: وهل عبد الرجل إلا
كسوطه أو كسيفه؟ يقتل السيد به، ويستودع العبد السجن. (12)
الثانية: عن خلاس: عن علي (عليه السلام): إذا أمر الرجل عبده أن يقتل رجلا فإنما هو كسيفه أو كسوطه، يقتل المولى و
يحبس العبد في السجن (13) وروى الكليني أيضا: وحبس العبد القاتل عمدا (14)
وفيه كلام يراجع (15)

1 - موارد ا لسجن: 88.
2 - الكافي 7: 303، التهذيب 10: 235، الفقيه 4: 112، الجعفريات: 123، مستدرك الوسائل 18: 243.
3 - موارد السجن: 90.
4 - مباني تكملة المنهاج 2: 40.
5 - الجامع للشرائع: 576.
6 - التفريع 2: 211.
7 - الكافي في الفقه: 387.
8 - الجامع للشرائع: 580.
9 - مباني تكملة المنهاج 2: 14.
10 - المغني 7: 757.
11 - الإنصاف 9: 455.
12 - الكافي 7: 285، وسائل الشيعة 19: 33، المناقب 2: 195، البحار 104: 386.
13 - الام 7: 177، السنن الكبرى 8: 51، كنز العمال 15: 87.
14 - الكافي 7: 304.
15 - موارد السجن: 102.
13

المورد الثالث عشر: حبس من قتل مستأمنا.
ولم نجد به رواية ولا رأيا لفقيه من الطرفين، إلا ما ورد عن عمر بن عبد العزيز: أن رجلا قدم من الهند بأمان إلى
عدن، فقتله رجل بأخيه، فكتب فيه إلى عمر بن عبد العزيز، فكتب عمر: أن لا تقتلوه به، وخذوا منه الدية و
ابعثوا بها إلى ذريته، وأمر به فسجن (1)
المورد الرابع عشر: حبس من قصد إهلاك ولده.
ولم يفت به إلا السرخسي من العامة (2) ثم هناك موارد أخرى من الحبس في الدم، فيراجع (3)
الفصل الثاني: الحبس في السرقة
وفيه موارد كثيرة:
المورد الأول: حبس السارق في الثالثة إلى أن يموت.
وهو مما اتفقت عليه الإمامية - لكن بعد قطع يده ورجله في الأولى والثانية (4) كما أنه هو رأي بعض العامة
أيضا، كالشعبي، والحسن البصري، والنخعي، والزهري، وحماد الثوري (5) وهو رأي مالك (6)، وأبي يوسف
(7)، وابن الجلاب (8)، والكاساني (9)، والموصلي (10) بل هو رأي الأحناف (11).
وأما من فقهائنا: فلم نجد به مخالفا، إذ هو مما يمكن دعوى القطع به من النصوص (12) ونكتفي بذكر أسماء بعض
فقهائنا:
منهم: الشيخ المفيد (13)، والشيخ الطوسي (14)، سلار بن عبد العزيز الديلمي (15)، وابن إدريس (16)، الطباطبائي
(17)، الإمام الخميني (18)، والشيخ الطبسي (19)

1 - سنن سعيد بن منصور 2: 295، مصنف عبد الرزاق 9: 451.
2 - المبسوط 20: 90.
3 - موارد السجن ص 102.
4 - موارد السجن: 110.
5 - المغني 8: 268.
6 - المدونة الكبرى 6: 282.
7 - الخراج: 174.
8 - التفريع 2: 227.
9 - بدايع الصنايع 7: 86.
10 - الاختيار 4: 109.
11 - الفقه على المذاهب الأربعة 5: 159.
12 - جواهر الكلام 41: 533.
13 - المقنعة: 150.
14 - المبسوط 8: 35 - الخلاف 6: 436 - النهاية: 717.
15 - المراسم العلوية: 259.
16 - السرائر 3: 489.
17 - رياض المسائل 16: 131.
18 - تحرير الوسيلة 2: 440.
19 - ذخيرة الصالحين 8: 255.
14

وبه روايات من الفريقين تربو على ثمانية عشرة، ولنذكر بعضا منها: الكليني: بسنده، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال:
قضى أمير المؤمنين في السارق إذا سرق قطعت يمينه، وإذا سرق مرة أخرى قطعت رجله اليسرى، ثم إذا سرق
مرة أخرى سجنته وتركت رجله اليمنى يمشي عليها إلى الغائط، ويده اليسرى يأكل ويستنجي بها، وقال: إني
لأستحيي من الله أن أتركه لا ينتفع بشئ، ولكنني أسجنه حتى يموت في السجن (1)
وأما من العامة: فقد روى ابن أبي شيبة عن علي (عليه السلام) قال: اتي بسارق فقطع يده اليمنى، ثم اتي به فقطع رجله
اليسرى، ثم اتي به الثالثة، فقال: إني أستحيي أن أقطع يده التي يأكل بها ويستنجي بها، وفي حديث بعضهم:
ضربه وحبسه (2)
وفي حديث: ثم إن عاد استودعته السجن (3)
المورد الثاني: حبس السارق الأشل، والأقطع.
بمعنى أن السارق لو كان أقطع اليدين والرجلين، حكمه الحبس.
وقد أفتى بذلك شيخ الطائفة حيث قال:... ومن سرق وليس له اليمنى فإن كانت قطعت في القصاص أو غير
ذلك، وكانت له اليسرى قطعت يسراه... فإن لم يكن له رجل، لم يكن عليه أكثر من الحبس على ما بيناه (4)، و
تبعه ابن البراج الطرابلسي (5) والعلامة الحلي (6)، وجعله الفاضل المقداد من مواضع ثبوت الحبس فيه (7) وبه
قال الشهيد الثاني (8) وتبناه الفاضل الهندي (9) والمحقق النجفي، حيث قال في تقريب كلام شيخ الطائفة: حبس
دائما، ولعله لثبوت عقوبة السارق في الجملة (10) وأما من العامة، فقد أفتى بذلك مالك بن انس (11)، وابن قدامة
(12) وهو رأي الشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي (13)

1 - الكافي 7: 222، وسائل الشيعة 18: 492، البحار 76: 185، علل الشرائع 2: 536، الجعفريات: 140،
مستدرك الوسائل 18: 125، دعائم الاسلام 2: 539، مسند زيد: 302.
2 - المصنف 9: 509.
3 - كنز العمال 5: 553، موارد السجن: 112.
4 - النهاية: 717، المبسوط 8: 39، الخلاف 5: 41.
5 - انظر مختلف الشيعة 9: 222.
6 - قواعد الأحكام 2: 271، تحرير الأحكام 2: 231.
7 - نضد القواعد الفقهية: 499.
8 - الروضة البهية 9: 285، مسالك الأفهام 14: 524.
9 - كشف اللثام 2: 249.
10 - جواهر الكلام 41: 538.
11 - المدونة الكبرى 6: 282.
12 - المغني 8: 263، انظر الإنصاف 10: 263.
13 - الإنصاف 10: 263.
15

هذا ولكن لم يرد به نص من طرق الخاصة، ولكن ورد من طرق العامة عن علي (عليه السلام): أنه أشار على عمر بالحبس
أو التعزير فقد روى البيهقي بسنده: اتي عمر برجل أقطع اليد والرجل قد سرق، فأمر به عمر أن يقطع رجله
فقال علي (عليه السلام): إنما جزاء الذين يحاربون... فقد قطعت يد هذا ورجله، فلا ينبغي أن تقطع رجله فتدعه ليس له
قائمة يمشي عليها، إما أن تعزره وإما أن تستودعه السجن. قال: أستودعه السجن. (1)
هذا وقد خالف بعض فقهائنا حكم الحبس، كابن إدريس، والمحقق الحلي، والعلامة الحلي في التحرير، والمحقق
النجفي، والخميني، والخوئي، والمرحوم الطبسي (2) بل القول بالحبس خلاف المشهور (3) لكنه قول تبناه جمع من
فقهائنا.
المورد الثالث: حبس سارق الحلية.
وقد أفتى بذلك يحيي بن سعيد (4) ولم يقل به غيره، ولا ورد نص، ولعل وجهه:
كون المسروق من غير حرز، فيحبس تعزيرا. (5)
المورد الرابع: حبس الطرار والمختلس والقفاف وبه وردت روايات من الفريقين: أما عندنا، فقد روى الكليني
بسنده عن الصادق (عليه السلام) قال: إن أمير المؤمنين اتي برجل قد اختلس درة من اذن جارية، قال: هذه - الدغارة (6)
المعلنة، فضربه وحبسه. (7)
وعن العامة: فعن قتادة: لا قطع على المختلس، ولكن يسجن ويعاقب (8) هذا ولكن لم يفت أحد منا فيه
بالحبس، بل رأيهم فيه: التعزير بما يراه الحاكم، (9) أو التعزير بما يردع. (10)
ومن العامة: يرى أبو يوسف في القفاف والمختلس، الأدب والحبس حتى يحدثا توبة. (11)
المورد الخامس: الحبس في ناقب البيت، والكاسر للقفل.
وبه رواية عن علي (عليه السلام) أنه اتي بلص، نقب بيتا فعاجلوه وأخذوه، فقال: عجلتم عليه، وضربه وقال: لا يقطع

1 - السنن الكبرى 8: 274، كنز العمال 5: 553، المحلى 11: 355، انظر: شرح منتهى الإرادات 3: 374.
2 - انظر موارد السجن: 124.
3 - ذخيرة الصالحين 8: 59.
4 - الجامع للشرائع: 562.
5 - موارد السجن: 125.
6 - أخذ الشئ اختلاسا. لسان العرب 4: 288، النهاية 2: 123.
7 - الكافي 7: 226، التهذيب 10: 114، وسائل الشيعة 18: 503.
8 - مصنف عبد الرزاق 10: 209.
9 - الروضة البهية 9: 304، جواهر الكلام 41: 506.
10 - المختصر النافع: 227، الوسيلة: 423، المهذب 2: 554، موارد السجن: 129.
11 - الخراج: 171، الاختيار 4: 108، الفقه على المذاهب الأربعة 5: 182.
16

من نقب بيتا، ولا من كسر قفلا، ولا من دخل البيت وأخذ المتاع حتى يخرجه من الحرز، ولكن يضرب ضربا
وجيعا ويحبس ويغرم ما أفسده (1)
وأما الفتوى: فيرى فقهاؤنا فيه العقوبة والتأديب (2) والتعزير (3) وأما عند العامة: فيحبس حتى يحدث توبة (4)
المورد السادس: حبس البناش:
وقد أورد القاضي عن الصادق (عليه السلام) أنه يعاقب في كل مرة عقوبة موجعة وينكل ويحبس (5) ولكن فقهاؤنا: مع
تفصيلهم بين إخراجه الكفن من القبر وعدمه (6) وبين كون قيمة الكفن أكثر من ربع دينار أو أقل (7) وبين
تكرار الفعل منه وعدمه (8)، وبين أن يفوت السلطان وعدمه (9)، مع ذلك كله لم يفت أحد منهم فيه بالحبس. (10)
بل قالوا: بالتعزير. (11)
المورد السابع: حبس من باع حرا
وقد ورد بذلك عن ابن عباس: أن عليه شبيه القطع، الحبس (12) ولكن لم يقل أحد منا فيه بالحبس، بل عليه
القطع لفساده في الأرض (13) وبه روايات. (14)
المورد الثامن: حبس السارق لغيبة المسروق منه:
أشار إليه شيخ الطائفة حيث قال: منهم من قال: يحبس حتى يحضر الغائب بكل حال.. (15) والظاهر أن هذا هو
قول العامة، حيث إن الشافعي يرى حبسه إلى حضور الغائب (16)، وأورده النووي مع تفاصيله (17).
المورد التاسع: حبس قاطع الطريق
وردت بذلك رواية عن الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السلام) قال: فان كانوا أخافوا السبيل فقط ولم يقتلوا أحدا ولم

1 - دعائم الاسلام 2: 473، مستدرك الوسائل 18: 135.
2 - تحرير الأحكام 2: 233.
3 - مناهج المتقين: 504.
4 - الخراج: 171، مصنف عبد الرزاق 10: 198، ابن أبي شيبة 10: 118، المحلى 11: 320.
5 - دعائم الإسلام 2: 476، مستدرك الوسائل 18: 136.
6 - المبسوط 8: 34.
7 - المقنعة: 804.
8 - الاستبصار 4: 247.
9 - النهاية: 722.
10 - موارد السجن: 132.
11 - الروضة البهية 9: 273.
12 - مصنف عبد الرزاق 10: 195.
13 - موارد السجن: 139.
14 - الكافي 7: 229.
15 - المبسوط 8: 42.
16 - الام 7: 151.
17 - المجموع 20: 97.
17

يأخذوا مالا امر بإيداعهم الحبس. (1)
ورواه في مسند زيد عن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام). (2)
وقد أفتى بمضمونه أبو الصلاح الحلبي، (3) وأبو المكارم ابن زهرة (4) والصهرشتي (5) ويحيي بن سعيد (6) وهو
رأي مالك (7)، والموصلي (8).
المورد العاشر: حبس من أعان قطاع الطريق: كالطليع والردء، وهو رأي الشافعية: وانه يحبس المعين تعزيرا (9)
ولكن لا يبعد التعزير فيه (10)
المورد الحادي عشر: حبس المتهم بالسرقة
سواء فيه: الحبس إلى أن يأتي بالمتاع المسروق (11) أم الحبس فيه إلى أن يحضر الشهود (12) أم الحبس لتعديل
الشهود (13) أم حبس المتهم الذي يدعي ملكيته للمتاع. (14)
فهي كلها روايات وفتاوى عامية، لم يتعرض لها فقهاء الأمامية أعلى الله كلمتهم.
المورد الثاني عشر: حبس المعروف بالسرقة:
ووجهه: أن الإمام يحبس الأشرار، ولكن لم نجد من تعرض لخصوص هذا العنوان - المورد - من فقهاء
الإمامية، ولا من فقهاء المذاهب الأخرى إلا داوود بن يوسف الخطيب، قال: سئل محمد بن مقاتل عن لص
معروف بالسرقة!.. له أن يأخذه ويأتي به الامام ليحبسه حتى يتوب. (15)
الفصل الثالث: الحبس في الإيذاء الجسمي بغير الجرح
وفيه موارد:

1 - تفسير العياشي 1: 314، تفسير البرهان 1: 467، وسائل الشيعة 18: 535، البحار 76: 197.
2 - مسند زيد: 323.
3 - الكافي في الفقه: 252.
4 - غنية النزوع: 202.
5 - إشارة السبق: 144.
6 - الجامع للشرائع: 241.
7 - المدونة الكبرى 6: 298.
8 - الاختيار 4: 114، انظر: نيل الأوطار 7: 155، الفقه على المذاهب الأربعة 5: 409، موارد السجن: 148.
9 - الفقه على المذاهب الأربعة 5: 412، حاشية ابن عابدين 3: 212.
10 - موارد السجن: 148.
11 - مصنف عبد الرزاق 10: 216، سنن أبي داود 4: 135، فقه السنة 14: 83، الأحكام السلطانية: 220.
12 - مصنف عبد الرزاق 10: 190، كنز العمال 5: 549.
13 - المدونة الكبرى 6: 267.
14 - مصنف عبد الرزاق ابن أبي شيبة 10: 119.
15 - فتاوى الغاثية: 100.
18

المورد الأول: حبس الممثل.
ففي رواية عن الصادق (عليه السلام): لا يخلد في السجن إلا ثلاثة: الذي يمثل، و المرأة ترتد عن الاسلام، والسارق بعد
قطع اليد والرجل (1) ثم هل المراد بالتمثيل: عمل الصور، أو التنكيل والتشوية بقطع الانف والاذن والأطراف
(2) أو الذي يصر على العمل - التمثيل - ويدوم عليه؟ (3) فيه اختلاف.
ثم إن الحكم بالحبس فيه مخالف للمشهور (4) ولعل المراد به التمثيل الذي لا يوجب قصاصا ولادية، كالذي يمثل
عبده (5) ولا يبعد جواز حكم الامام بالسجن، على من يصر على عمل حرام مستهجن، بحيث لا يردعه عنه
رادع الا ذاك (6) وعليه: فالحاكم فيه بالحبس داخل تحت الحكم بالحبس على من يصر على عمل محرم، وليس
هو عنوانا خاصا حينئذ (7)
المورد الثاني: حبس من حلق شعر امرأة، أو أزاله
وقد وردت بذلك رواية صحيحة، فعن الكليني أنه روى عن عبد الله بن سنان، قال: قلت لأبى عبد الله (عليه السلام): فما
على الرجل الذي وثبت على امرأة، فحلق رأسها؟ قال: يضرب ضربا وجيعا، ويحبس في سجن المسلمين حتى
يستبرأ شعرها، فإن نبت اخذ منه مهر نسائها، وإن لم ينبت، اخذت منه الدية كاملة خمسة آلاف درهم. (8) وقد
أفتى يحيى بن سعيد فيه بالحبس (9)، وكذلك العلامة المجلسي (10)، وهكذا المحقق النجفي، مع حمل الحبس على
ضرب من التعزير الذي هو على حسب ما يراه الحاكم (11) ولكن تردد فيه العاملي، فقال: والحبس والضرب فلا
جابر لهما. (12)
المورد الثالث: حبس من ضرب العبد بغير ذنب.
ولم أجد فيه الا ما عن بعض المنتحلين إلى الاسلام. (13)
الفصل الرابع: الحبس في السب والإيذاء والافتراء
وفيه موارد:

1 - الكافي 7: 270، وسائل الشيعة 18: 493.
2 - مرآة العقول 23: 420، الوافي 15: 493.
3 - ولاية الفقيه 2: 532.
4 - مرآة العقول 23: 420.
5 - الوافي 15: 493.
6 - ولاية الفقيه 2: 532.
7 - موارد السجن: 156.
8 - الكافي 7: 261، التهذيب 10: 64.
9 - الجامع للشرائع: 601.
10 - حدود، ديات، قصاص: 62.
11 - جواهر الكلام 42: 174.
12 - مفتاح الكرامة 10: 379.
13 - المصنف للكندي: 20.
19

المورد الأول: حبس من سب مسلما أو هجاه.
والمشهور فيه عندنا هو تعزير من شتم الغير بما لا يبلغ القذف الموجب للحد. (1)
وعند العامة: حبس من هجا مسلما أو شتمه (2) ولعل المراد به التعزير الذي يراه الحاكم تأديبا له. (3)
المورد الثاني: حبس من يؤذي الناس.
وقد يستدل بفعل علي بن أبي طالب (عليه السلام) حيث كان إذا كان في القبيلة - أو القوم - الرجل الداعر حبسه، فإن
كان له مال انفق عليه من ماله، وان لم يكن له مال انفق.. عليه من مال المسلمين (4)
هذا وفي العامة من يقول بذلك، كابن النجار (5)
المورد الثالث: حبس الامر بالافتراء.
وقد تعرض له فيما نعلم الشافعي من العامة. (6)
ولعل هذا - والذي قبله داخل تحت الحبس للردع عن المحرمات، ومبني على شمول التعزير للحبس. (7)
العنوان الخامس: الحبس في ترك الواجبات وفعل المحرمات
وفيه موارد:
المورد الأول: الحبس للمنع عن محارم الله.
وفيه رواية صحيحة أوردها الصدوق بسنده، عن الصادق (عليه السلام) قال: جاء رجل إلى رسول الله (عليه السلام)، فقال: ان أمي
لا تدفع يد لا مس، قال: فاحبسها، قال: قد فعلت، قال: فامنع من يدخل عليها، قال: قد فعلت، قال: فقيدها،
فإنك لا تبرها بشئ أفضل من أن تمنعها من محارم الله (8)

1 - الروضة البهية 9: 188 - النهاية: 729، المهذب 2: 551.
2 - المدونة الكبرى 6: 223، فتاوى الغياثية: 99، الفقه على المذاهب الأربعة 5: 218.
3 - موارد السجن: 175، اما ساب النبي (عليه السلام) فيقتل عندنا وعند المالكية والحنابلة فلا يصل الدور إلى الحبس، نعم
يختلف حكمه عند بعض المذاهب الاسلامية الأخرى، فراجع.
4 - الخراج: 150.
5 - منتهى الإرادات 2: 479، الانصاف 10: 249.
6 - الام 7: 331.
7 - موارد السجن: 177.
8 - الفقيه 4: 51. وسائل الشيعة 18: 412.
20

والمراد بقيدها، هو الحبس والمنع كما عن المجلسي الأول (1) والحر العاملي (2). وقد يكون كناية عن ربطها
بالزوج كما يربط البعير الشارد بالعقال (3) وعلى أي حال، فقد عمل بمضمونها بعض فقهائنا. (4)
ومن العامة: يرى القرافي: مشروعية الحبس في ثمانية مواضع: منها حبس الجاني تعزيرا وردعا عن معاصي
الله. (5)
المورد الثاني: الحبس على ترك الفرائض، كترك الصلاة، ترك الزكاة.
وقد أفتى بذلك العلامة، فقال: لو اعتقد وجوبها - أي الزكاة - ومنعها فهو فاسق يضيق الامام عليه، ويقاتله
حتى يدفعها، لأنه حق واجب عليه، فإن أخفى ماله حبسه حتى يظهره، فإذا ظهر عليه أخذ منه قدر الزكاة... (6)
وفي تارك الصلاة، عن أبي حنيفة ومالك: يحبس حتى يصلي. (7)
وعن القرافي - من العامة - يشرع الحبس في ثمانية مواضع:...
الثاني: يحبس الممتنع في حق الله تعالى كالصوم (8)
وهو رأي الحنفية والمزني صاحب الشافعي (9)
وعن المحقق النجفي: نعم، وقد تحصل مصلحة في بعض المقامات تقتضي جواز حبس الحاكم (10)
المورد الثالث: حبس المبتدع وهو رأي أحمد (11)
وعلى مذهبنا: يعزر فيما لو لم يؤد إلى إنكار الله أو النبي (صلى الله عليه وآله) والقرآن وإلا قتل للارتداد (12)

1 - روضة المتقين 10: 215.
2 - بداية الهداية 2: 462.
3 - بداية الهداية 2: 462.
4 - ولاية الفقيه 2: 431، 534، بداية الهداية 2: 462.
5 - الفروق 4: 79.
6 - تذكرة الفقهاء 5: 8.
7 - الخلاف 5: 358.
8 - الفروق 4: 80.
9 - الفقه على المذاهب الأربعة 5: 458.
10 - جواهر الكلام 41: 249.
11 - الانصاف 10: 249.
12 - موارد السجن: 189.
21

الفصل السادس: الحبس في السحر وأضرابه
وفيه موارد:
المورد الأول: الحبس في السحر والكهانة، وعندنا: إن الساحر يقتل بلا خلاف (1) أما عند أحمد بن حنبل فإنه
يحبس (2)
أما الكهانة: فلا خلاف عندنا في حرمتها. (3)
وأما العامة: فعن أحمد بن حنبل القول بالحبس فيه (4)
المورد الثاني: حبس المنجم فقد ورد عن علي (عليه السلام) في قوله لمسافر بن عفيف الأزدي: لئن بلغني أنك تنظر في
النجوم لأخلدنك في الحبس ما دام لي سلطان، فوالله ما كان محمد منجما ولا كاهنا (5)
وظاهره السجن المؤبد، ولا خلاف بين المسلمين في حرمة بعض صور التنجيم لكن هل التنجيم بمعنى الاعتقاد
بتأثير الأوضاع الفلكية في العالم السفلي على وجه الاستقلال. (6) أو بمعنى الاعتقاد بكون الكواكب علامة على
حوادث العالم (7)
ثم إن مفاد الرواية التخليد في الحبس والمنع عن العطاء والرزق، ولا دلالة فيها على حرمة بعض صور التعلم
لأغراض مباحة. (8)
الفصل السابع: حبس بعض أصحاب السلوك المنحرف
وفيه موارد:
المورد الأول: حبس شاهد الزور.
وبه روايات من الفريقين: فعن الصادق، عن أبيه (عليهما السلام): ان عليا كان إذا أخذ شاهد زور فإن كان غريبا بعث به

1 - مسالك الأفهام 14: 454، المبسوط 7: 72.
2 - المغني 8: 155.
3 - تحرير الأحكام 2: 161، كفاية الأحكام: 87، رياض المسائل 16: 58، مصباح الفقاهة 1: 417، ذخيرة الصالحين
5: 297.
4 - المغني 8: 155، الفقه على المذاهب الأربعة 5: 462، موارد السجن: 196.
5 - أنساب الأشراف 1: 197، نهج السعادة 2: 372، وسائل الشيعة 8: 269، مرآة العقول 4: 410.
6 - تحرير الأحكام 1: 161، منتهى المطلب 2: 1014، القواعد والفوائد 2: 35، جامع المقاصد 4: 32.
7 - موارد السجن: 201، مصباح الفقاهة 1: 248.
8 - مصباح الفقاهة 1: 248، كفاية الأحكام: 87، المكاسب المحرمة 2: 279.
22

إلى حيه، وإن كان سوقيا بعث به إلى سوقه، فطيف به، ثم يحبسه أياما ثم يخلي سبيله (1)
وقد أفتى فقهاؤنا فيه بالتعزير (2) ولم يفت أحد منا فيه بالحبس إلا ما يترائ من الحر العاملي قال:
شاهد الزور يجلد حدا بقدر ما يراه الامام، ويحبس بعد ما يطاف به.. (3)
وأما فقهاء العامة: فعن أبي يوسف ومحمد: يعاقب بالتعزير والحبس. (4)
المورد الثاني: حبس العالم الفاسق، والطبيب الجاهل، والمكري المفلس.
وبه رواية مرسلة أوردها الصدوق عن علي (عليه السلام): يجب على الامام أن يحبس الفساق من العلماء والجهال من
الأطباء، والمفاليس من الاكرياء (5)
والمكري المفلس إما بمعنى: الذين يدافعون ما عليهم من الحقوق (6)
أو بمعنى ما يشمل الدلالين والوسائط في المعاملات، أو المقاولون الذين يخدعون الناس ولا يوفون
بالتزامهم. (7)
ولم أر من أفتى بمضمونها إلا يحيى بن سعيد الحلي (8) والگلپايگاني (9)
ومن العامة: فقد أفتى به ابن رشد في خصوص الطبيب الذي لم يكن من أهل المعرفة، فقال فيه: بالضرب و
السجن والدية (10)
المورد الثالث: حبس السكارى المتباعجين.
فقد روى الصدوق بسنده عن الصادق (عليه السلام) قال: كان قوم يشربون، فيسكرون فتباعجوا بسكاكين كانت معهم،
فرفعوا إلى أمير المؤمنين فسجنهم.. (11)
وقد عمل القدماء - من فقهائنا - بهذا النص، وأما المتأخرون فلمخالفته للأصول و القواعد، لم

1 - التهذيب 6: 280. وسائل الشيعة 18: 244 - انظر كنز العمال 7: 29، السنن الكبرى 10: 140، مصنف ابن أبي
شيبة 10: 41.
2 - النهاية: 33 - المهذب 2: 552 - تحرير الوسيلة 2: 409 - ذخيرة الصالحين 8: 36.
3 - بداية الهداية 2: 441.
4 - المبسوط للسرخسي 16: 145.
5 - الفقيه 3: 2 - التهذيب 6: 319 - وسائل الشيعة 18: 221 - الوافي 16: 1076.
6 - مجمع البحرين 1: 358 - الوافي 6: 1076 - القضاء للكني: 210.
7 - ولاية الفقيه 2: 432 و 483.
8 - الجامع للشرائع: 568.
9 - مجمع المسائل 3: 209.
10 - بداية المجتهد 2: 232.
11 - الفقيه 4: 87 - وسائل الشيعة 19: 173 - الارشاد: 106 - المقنعة: 750 - الجعفريات: 125 - التهذيب 10: 240.
23

يعملوا به. (1)
المورد الرابع: حبس الأشرار والفاسدين.
وردت بذلك روايات من الفريقين، وأن عليا كان يحبس الفساق والفاسدين.
ففي الجعفريات: عن الصادق (عليه السلام): إن عليا (عليه السلام) كان يخرج الفساق إلى الجمعة، وكان يأمر بالتضييق عليهم (2)
وفي مسند زيد: إن عليا كان يقيد الدعار بقيود لها أقفال، ويوكل بهم من يحلها لهم في أوقات الصلاة من أحد
الجانبين (3).
ولم نجد في كلمات فقهائنا من أفتى فيهم بالحبس، إلا ما عن الشيخ المفيد، فقد حكم في أهل الدغارة - الزعارة -
حكمه في المفسدين والمحاربين (4)
وأما العامة: فعن السرخسي: الذعار يحبسون أبدا حتى يموتوا (5)، وكذلك عن الماوردي وبعض المعاصرين
منهم حيث يرى وجوب تأديب الأشرار من ضرب وحبس ونفي (6)
وفيه موارد أخرى: كالحبس فيمن أقيم عليه حد القطع حتى يبرأ، والحبس للاستتابة عن الذنب وفيها بحث و
كلام (7)
الفصل الثامن: الحبس في الارتداد
وفيه موارد:
المورد الأول: حبس المرأة المرتدة حبسا مؤبدا.
وبه روايات منها: ما رواه الكليني بسنده، عن الباقرين (عليهما السلام) في المرتد يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، والمرأة إذا
ارتدت عن الاسلام استتيبت، فإن تابت ورجعت وإلا خلدت في السجن وضيق عليها في حبسها. (8)

1 - روضة المتقين 10: 351 - المهذب البارع 5: 283 - جواهر الكلام 42: 92 - شرائع الاسلام 4: 253 - مسالك
الأفهام 15: 358.
2 - الجعفريات: 44 - مستدرك الوسائل 6: 27.
3 - مسند زيد: 265 - موارد السجن: 217.
4 - المقنعة: 804.
5 - المبسوط 9: 91.
6 - الأحكام السلطانية: 220 - غاية المأمول 3: 33.
7 - موارد السجن: 220.
8 - الكافي 7: 256 - التهذيب 10: 137 - الاستبصار 4: 253.
24

وهذا هو المشهور بين الطائفة (1)، ومجمع عليه إجماعا بقسميه وللنصوص (2).
وأما العامة: فهو رأي طائفة منهم: كالثوري وغيره من أهل الكوفة (3)، والسمرقندي (4)، وأبو حنيفة، بل
الأحناف (5)
ثم هنا بحث: هل تحبس المرأة مخلدا ودائما وإن رجعت إلى الاسلام وتابت؟ يبدو من ابن إدريس (6) والعلامة
الحلي (7) وجود الخلاف في ذلك، وقد صرح الشهيد الثاني بهذا الخلاف، وأنها تخلد ولم يقبل توبتها وإن تابت،
حيث قال: فيمكن حمل الأخبار الدالة على حبسها دائما من غير تفصيل على الفطرية بأن يجعل ذلك حدها من
غير أن يقبل توبتها كما لا يقبل توبته. (8)
وفيه موردان آخران وهما: حبس المرتد وحبس من يرى الألوهية في علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وفي كليهما تأمل
سندا ودلالة. (9)
الفصل التاسع: الحبس في الفحشاء
وفيه موارد كثيرة:
المورد الأول: الحبس لإقامة الحد، وبه نصوص من الفريقين، بحبس من يراد إجراء الحد عليه، كالحامل حتى
تضع، والمقر بالزنا أربعا والقاتل إلى حين إجراء القصاص. (10)
روى الشيخ الطوسي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قضى في وليدة كانت نصرانية... وأنا أحبسها حتى تضع

1 - انظر: الحدود والقصاص والديات للمجلسي: 48.
2 - الجواهر 41: 608 - مسالك الأفهام 15: 26 - مجمع البرهان 13: 336 - رياض المسائل 14: 231 - الكافي في
الفقه: 31 - شعائر الاسلام 2: 835 - تحرير الوسيلة 2: 445 - مباني تكملة المنهاج 1: 332 - ذخيرة الصالحين 8: 29، و
كذلك لو ارتدت المرأة المسلمة بعد الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام لم ترجع إلى دار الكفر، ويجري عليها حكم
المسلمة المرتدة في دار الاسلام ابتداء من الحبس والضرب في أوقات الصلاة حتى تتوب أو تموت. انظر ملحق منهاج
الصالحين: 403، المسألة: 1368.
3 - سنن الترمذي 4: 58.
4 - تحفة الفقهاء 3: 309.
5 - المغني 8: 123 - الفقه على المذاهب الأربعة 5: 426.
6 - السرائر 3: 532.
7 - تحرير الأحكام 2: 235.
8 - مسالك الأفهام 15: 26 - انظر: تحرير الأحكام 2: 235 - جواهر الكلام 41: 612 - ولاية الفقيه 2: 522 - موارد
السجن: 242.
9 - موارد السجن: 243.
10 - موارد السجن: 247.
25

ولدها الذي في بطنها فإذا ولدت قتلتها. (1)
وفي قصة ماعز: أنه أقر عند النبي (صلى الله عليه وآله) فأمر به فحبس (2)
وقد أفتى الشيخ المفيد بحبس الحامل إلى أن تضع (3)
كما أفتى علي بن أبي حمزة الطوسي بحبس القاتل إلى وقت القصاص (4)
أما العامة: فعن الشافعي، والسرخسي: الحبس إلى أن تضع (5)
وعن الإصطخري: لا تحبس حتى يشهد أربع نسوة بالحمل، في مورد القصاص (6).
وعن الجزيري: إن حبس الحامل إلى أن تضع، مورد الاتفاق (7)
هنا تنبيهان:
1 - مدة الحبس في الحامل: وهي عندنا تسعة أشهر، وقيل عشرة. وغاية ما قيل عندنا سنة، وهي أقصى مدة
الحمل. (8)
وأما عند السنة، فقيل تحبس إلى سنتين، كما عن السرخسي (9)
وعلى رأي المالكية: إن أكثر الحمل خمس سنين، وهذا هو المشهور الذي درج عليه القضاء عندهم. (10)
وهذا الاختلاف ينشأ من الخلاف في أقصى مدة الحمل، فبعضهم لا يرى امكان بقاء الولد أكثر من سنتين، و
بعضهم يرى امكان بقائه إلى خمسة، ويأتي بشواهد: إن الضحاك بن مزاحم ولد وهو ابن ستة عشر شهرا، و
شعبة بن الحجاج ولد لسنتين (11) ومالك بن انس ولد لثلاث سنين (12) ومحمد بن عجلان حمل به أكثر من ثلاث
سنين، فلما ولد كانت قد نبتت أسنانه، وآل الحجاف من ولد زيد بن الخطاب يقلن " ما حملت امرأة منا أقل من
ثلاثين شهرا. وهرم بن حيان، حمل به أربع سنين، ولذلك سمي هرما (13) وهو رأي سخيف يرده العقل والعلم، و

1 - التهذيب 10: 143 - الاستبصار 4: 255 - وسائل الشيعة 18: 550.
2 - مصنف ابن أبي شيبة 10: 72 - مصنف عبد الرزاق 7: 327 - كنز العمال 5: 410.
3 - المقنعة: 782.
4 - الوسيلة: 439.
5 - الام 6: 146 - المبسوط 9: 73.
6 - المجموع 18: 450.
7 - الفقه على المذاهب الأربعة 5: 364.
8 - الروضة البهية 5: 432.
9 - المبسوط 9: 274.
10 - الفقه على المذاهب الأربعة 4: 523 - انظر الاختيار 3: 179 - الانصاف 9: 274 - موارد السجن: 251.
11 - المعارف: 594.
12 - سير أعلام النبلاء 8: 132.
13 - المعارف: 594.
26

باطل عندنا وعند بعض العامة.
التنبيه الثاني: هل يحبس - للقصاص - في ايراد الجرح؟ وقد يستشف هذا من مالك (1)
ولم أر من تعرض لذلك منا، ولا من العامة غيره - (2)
المورد الثاني: الحبس للفصل بين الحدين
وبه رواية عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه حبس النجاشي بعد أن ضربه ثمانين جلدة - حد الشرب - ثم ضربه
عشرين سوطا. (3)
ولم يتعرض لهذا أحد من فقهائنا الا ما يتراءى من الشيخ الطوسي (4)
وأما العامة: فعن أبي يوسف: يحبس حتى يخف الضرب (5) وكذلك عن السرخسي والكاساني (6)
المورد الثالث: الحبس للمنع عن الزنا.
وقد أشرنا اليه في الحبس للمنع عن المحرمات (7)
المورد الرابع: الحبس في الزاني بأخته.
وذلك بعد أن ضرب بالسيف - حدا ولكنه لم يمت فيحبس حتى يموت، وبه رواية أوردها الكليني عمن ذكره
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن رجل وقع على أخته؟ قال: يضرب ضربة بالسيف. قلت: فإنه يخلص؟ قال:
يحبس أبدا حتى يموت. (8)
ولكنها ضعيفة في بعض طرقها، ولم نر قائلا بمضمونها، بل المقطوع في كلامهم القتل (9)
نعم، يظهر من يحيى بن سعيد (10) والحر العاملي (11) القول بمضمونها.
فالرواية قاصرة عن المعارضة، - فتأمل - بل شاذة (12)

1 - المدونة الكبرى 6: 432 - الفقه على المذاهب الأربعة 5: 81.
2 - موارد السجن: 252.
3 - الكافي 7: 216 - وسائل الشيعة 18: 474 - الفقيه 4: 40.
4 - المبسوط 5: 196.
5 - الخراج: 166.
6 - المبسوط 24: 32 - بدائع الصنائع 7: 63.
7 - موارد السجن: 255.
8 - الكافي 7: 190 - وسائل الشيعة 18: 385 - التهذيب 10: 23 - الاستبصار 4: 208.
9 - مرآة العقول 23: 289 - موارد السجن: 257.
10 - الجامع للشرائع: 549.
11 - بداية الهداية 2: 459.
12 - جواهر الكلام 41: 311 - تقرير أبحاث الگلپايگاني بقلم السيد على الميلاني - ذخيرة الصالحين للطبسي 8: 39.
27

المورد الخامس: حبس الزانية، حدا وعقوبة للجريمة.
وهذا هو ما كان في بداية الاسلام (1)، ثم نسخ بآية الرجم (2) وعن البعض: لا نسخ في الآية، بل هذا الحكم شرع
للتحفظ عن الوقوع في الفاحشة مرة أخرى (3)
وهذا ما يترائ عن بعض العامة أيضا (4)
ولكن الأكثرون منا على نسخ هذا الحكم بآية الجلد (5)
وعن العامة: أيضا أنه منسوخ بإجماع الأمة (6)
المورد السادس: حبس الزاني غير المحصن.
وبه رواية عن مسند زيد، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الثيب بالثيب، جلد مائة والرجم.
والبكر بالبكر جلد مائة والحبس سنة (7)
ولم يقل به أحد من فقهائنا، ولا من العامة، إلا ما عن مالك: أنه يسجن في الموضع الذي ينفى إليه. (8)
ويراه ابن الجلاب (9) ونسبه الشوكاني إلى بعض آخرين أيضا (10)
المورد السابع: حبس الممسك على الزنا.
ولم يرد به رواية ونص، ولا قاله أحد الا الشافعي (11)، ولا ننكر أن عليه التعزير لإعانته على المحرم (12)
المورد الثامن: حبس القواد.. وهو الدلال على الفحشاء
وبه رواية ضعيفة السند، حيث فيها النفي بالحبس سنة (13)
ولم أر من أفتى بالحبس فيه من فقهائنا ولا من تعرض لهذه المسألة في كتابه من العامة، الا ما يتراءى من فتاوى
بعض النواصب المنتحلين للإسلام، فقال فيه بالحبس (14)

1 - وسائل الشيعة 18: 351.
2 - تفسير القمي 1: 133.
3 - البيان: 231 - موارد السجن: 265.
4 - التفسير الكبير 9: 232 - روائع البيان 2: 20.
5 - فقه القرآن 2: 367 - تحرير الأحكام 2: 222 - مسالك الأفهام 14: 325.
6 - المحلى 11: 133 - السنن الكبرى 8: 210.
7 - مسند زيد: 298.
8 - المدونة الكبرى 6: 237.
9 - التفريع 2: 222.
10 - نيل الأوطار 7: 90 - انظر موارد السجن: 269.
11 - الام 7: 331.
12 - موارد السجن: 270.
13 - فقه الرضا (عليه السلام): 31 - مستدرك الوسائل 18: 87 - البحار 79: 116.
14 - الفتاوى الكبرى 4: 299.
28

المورد التاسع: الحبس في اللواط.
كما يراه أبو حنيفة، من الحبس المؤبد (1) بل هو رأي الأحناف (2) وهو رأي باطل عندنا. وحده القتل نصا و
فتوى (3)
المورد العاشر: وطء الشريك للجارية المشتركة.
وعندنا أن عليه التعزير، كما صرح بذلك الشيخ المفيد (4) وأما عن بعض الخوارج: فيه الحبس (5)
الفصل العاشر: الحبس في المسكرات
وفيه موارد:
المورد الأول: الحبس في الشارب نهار الصيام.
وبه رواية عن أبي مريم، قال: اتي بالنجاشي الشاعر، قد شرب الخمر في شهر رمضان فضربه أمير المؤمنين (عليه السلام)
ثمانين ثم حبسه ليلة.. (6) وقد أوردناه في الحبس للفصل بين الحدين.
المورد الثاني: حبس ساقي الخمر.
وقد أشار اليه الشافعي (7) وهو دال تحت الحبس على ارتكاب المحرمات. وقد مر سابقا ومبني على شمول
التعزير للحبس.
المورد الثالث: حبس السكران حتى يفيق.
ولم نجد به نصا ولا فتوى، بل لا وجه لتأخير الحد، إلا على قول فقهاء أهل المدينة من أنه لا يجلد السكران حتى
يصحو. (8)
وبالجملة: فهو رأي عبد الله بن مسعود في السكران: رفع إلى السجن، فلما كان الغد جئ به (9) ولكنها ضعيفة
عندهم أيضا (10)

1 - معالم القربة: 281 - المحلى 11: 385.
2 - الفقه على المذاهب الأربعة 5: 141.
3 - المقنع: 144 - المقنعة: 785 - النهاية 4: 708 - المبسوط للطوسي 8: 7 - المهذب 2: 530 - جواهر الكلام 41:
381، قال يحيى بن سعيد: " واللواط بالذكران بالايقاب يوجب الرجم، أو الاحراق بالنار، أو يلقى من عال، أو يلقى عليه
جدار، أو يضرب عنقه، وله احراقه بالنار، ان لم يحرقه حيا. " الجامع للشرائع: 555.
4 - القنعة: 785.
5 - المصنف: 229.
6 - الكافي 7: 216.
7 - الام 7: 331.
8 - السنن الكبرى 8: 318.
9 - مصنف عبد الرزاق 7: 370 - كنز العمال 5: 401.
10 - السنن الكبرى 8: 318.
29

الرابع: حبس المكثر للخمر.
كما فعلوه بأبي محجن الصحابي - الذي كان لا يزال يجلد في الخمر -، فلما أكثر عليهم سجنوه وأوثقوه (1)
وعندنا يقتلون في الثالثة أو الرابعة بعد إقامة الحد مرتين فلا يصل الدور إلى الحبس (2)
الفصل الحادي عشر: الحبس في مسائل الزوجية
وفيه موارد:
المورد الأول: حبس المؤلي زوجته، الممتنع عن الفئ، والرجوع، أو الطلاق.
والروايات منا بلغت حد الاستفاضة: روى الكليني بسنده عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال في المؤلي إذا أبي ان يطلق،
قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يجعل له حظيرة من قصب ويحبسه فيها، ويمنعه من الطعام، والشراب حتى يطلق (3)
وعندنا: ان امتنع من الأمرين حبس وضيق عليه حتى يفئ أو يطلق (4)
وهو مما لا خلاف فيه عند علمائنا (5). أما العامة: فيهم من يقول بالحبس كالشافعي (6) ومالك واحمد وإسحاق و
أبي ثور وأبي عبيد (7)
وهو قول أهل الظاهر من السنة (8) والزيدية. (9)
المورد الثاني: حبس المظاهر الممتنع عن الفئ أو الطلاق.
وبه رواية أوردها الطوسي بسنده عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل ظاهر من امرأته؟ قال: ان
اتاها فعليه عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو اطعام ستين مسكينا والا ترك ثلاثة اشهر، فان فاء والا
أوقف حتى يسأل أ لك حاجة في امرأتك أو تطلقها (10)
وقد أفتى جمع من فقهائنا فيه بالحبس، وانه ان خرجت ثلاثة اشهر ولم يختر أحدهما حبسه الحاكم وضيق

1 - مصنف عبد الرزاق 9: 243 - أسد الغابة 9: 240 - رجال مقارن: 72.
2 - الروضة البهية 9: 205.
3 - الكافي 6: 133 - وسائل الشيعة 15: 545 - التهذيب 8: 6.
4 - شرائع الاسلام 3: 86 - وسيلة النجاة: 390.
5 - جواهر الكلام 33: 315 - المقنع: 351 - المبسوط 4: 133 - الخلاف 4: 515 - النهاية: 529 - الكافي في الفقه:
302 - المراسم: 159 - المهذب 2: 302 - فقه القرآن 2: 302، غنية النزوع: 365، المختصر النافع: 207.
6 - الام 8: 200.
7 - سنن الترمذي 3: 505 - إختلاف العلماء للمروزي: 183.
8 - بداية المجتهد 2: 102.
9 - عيون الأزهار: 34.
10 - التهذيب 8: 24 - مصنف عبد الرزاق 6: 439.
30

عليه في مطعمه ومشربه حتى يتخير أحدهما. (1)
ومن العامة: فهو رأي الحنفية، في أنه يجب على القاضي الزامه بالتكفير بالحبس أولا، فإن لم يفعل يضربه إلى أن
يكفر أو يطلق (2) وهو رأي الزيدية أيضا (3)
المورد الثالث: حبس الممتنع عن تعيين زوجته أو زوجاته. وهو فيما لو اسلم المشرك على أكثر من اربع نسوة ولم
يختر منهن ولم يترك الباقي. فبالنظر إلى عدم جواز نكاح أكثر من أربعة - نكاحا دائما - يجبره الحاكم على
اختيار أربعة وترك الباقي، فان امتنع يحبسه إلى أن يختار منهن، وهو فتوى الطوسي، (4) والعلامة الحلي (5) وهو
رأي الشهيد الأول أيضا (6)
وأما العامة: يرى القرافي المالكي فيه الحبس (7)
والأصل فيه: قصة غيلان بن سلمة، فإنه اسلم بعد فتح الطائف وكان تحته عشرة نسوة في الجاهلية، فأمره رسول
الله (صلى الله عليه وآله) ان يتخير منهن أربعا (8)
المورد الرابع: الحبس في امتناع أحد الزوجين من الطلاق:

1 - قواعد الأحكام 2: 186 - كنز العرفان 2: 290 - رياض المسائل 12: 401 - كشف اللثام 1: 159 - الفقه
للمجلسي الأول: 160 - جواهر الكلام 33: 164 - وسيلة النجاة: 389 - تحرير الوسيلة 2: 318 - منهاج الصالحين 2:
346.
2 - الفقه على المذاهب الأربعة 4: 505.
3 - عيون الأزهار: 231.
4 - المبسوط 4: 231 - 220.
5 - تذكرة الفقهاء 2: 656 - قواعد الأحكام 2: 21 - تحرير الأحكام 2: 19.
6 - القواعد والفوائد 2: 193 - نضد القواعد الفقهية: 499.
7 - الفروق 4: 80.
8 - أسد الغابة 4: 172 - أقضية رسول الله (صلى الله عليه وآله): 191.
31

وهذا من متفردات العلامة الحلي، حيث إنه احتمل الحبس فيما لو عقد كل من الوليين على امرأة
لزوج، فاشتبه السابق منهما - العقدان - وامتنع كل من الزوجين عن الطلاق، فقال: احتمل حبسهما عليه، و
فسخ الحاكم، أو المرأة (1)
وقد تعرض ولده فخر المحققين لهذه المسألة مع بيان وجوه للاحتمالات (2) ويحتمل ان يكون الوجه في الحبس فيه
انه حق الآدمي، وقد امتنعا من أدائه، فيحبس عليه.
المورد الخامس: حبس الزوج والولي لترك النفقة.
وفيه روايات من الفريقين، ففي الجعفريات: إن امرأة استعدت عليا على زوجها، فأمر علي (عليه السلام) بحبسه وذلك أن
الزوج لا ينفق عليها، اضرارا بها، فقال الزوج: احبسها معي، فقال علي (عليه السلام): ذلك لك، انطلقي، معه (3)
وقد أفتى بذلك جمع من فقهائنا كالطوسي، فيما لو كان موسرا (4)
والمحقق الحلي (5)، والعلامة الحلي (6) والمحدث البحراني (7) والمحقق النجفي حيث قال: فان امتنع حبسه، إذا فرض
توقف حصولها عليه لخفاء ماله مثلا (8).
واما العامة: فعن الحنفية: الحبس حتى ينفق (9)، والسرخسي (10)، والموصلي (11) والبهوتي (12) ومن الزيدية،
أحمد بن يحيى، ولكن حبسه للتكسب (13)
المورد السادس: فيما لو قذف الزوج زوجته، فلم يلاعن.
فعن أبي حنيفة وأتباعه: يحبس الزوج لو امتنع عن اللعان، وكذلك الزوجة، لو نكلت، مفسرا آية العذاب في
قول: ويدرؤ عنها العذاب (14) ولا حبس فيه - عندنا، إذ أن الزوج لو قذف زوجته فلم يلاعن فقد ثبت عليه
الحد، وان لاعن ونكلت الزوجة عن ذلك فقد ثبت عليها حد القذف (15)

1 - قواعد الأحكام 2: 8.
2 - إيضاح الفوائد 3: 38.
3 - الجعفريات: 108 - مستدرك الوسائل 13: 432.
4 - المبسوط 6: 22 - النهاية: 360 - الخلاف 5: 129.
5 - شرائع الإسلام 2: 353.
6 - تحرير الأحكام 3: 49 - قواعد الأحكام 2: 256.
7 - الحدائق الناضرة 25: 138.
8 - جواهر الكلام 31: 388.
9 - الفقه على المذاهب الأربعة 4: 586.
10 - المبسوط 20: 90.
11 - الاختيار 2: 90.
12 - شرح منتهى الإرادات 3: 253.
13 - عيون الأزهار: 499.
14 - الام 7: 157 - المحلى 9: 375 - الاختيار 3: 253 - الفقه على المذاهب الأربعة 5: 109، والآية في سورة النور: 7.
15 - شرائع الاسلام 3: 100 - جواهر الكلام 34: 67 - النهاية: 521.
32

المورد السابع: حبس الزوج في بعض موارد الطلاق.
وذلك فيما لو ادعت الزوجة الطلاق، أو شهد الشاهدان أو شاهد واحد، على ذلك. فيرى الشهيد الثاني في بعض
صور الحبس، إن رآه الحاكم صلاحا (1). ويتراءى من كلمات الشيخ الطوسي (2) وهو صريح كلمات بعض
العامة. (3) وهو راجع إلى الحبس في حقوق الناس، كما يبدو ذلك من كلام الشهيد الثاني في المسالك.
المورد الثامن: حبس من يؤذى زوجته.
ولا بأس به لأنه من حقوق الناس، ومبني على اطلاق ولاية الحاكم (4) ولكن لم أر من أفتى به صريحا من
الفريقين، سوى بعض المنتحلين للاسلام (5)
الفصل الثاني عشر: حبس أعداء الدولة
وفيه موارد:
المورد الأول: حبس الجاسوس المسلم وهو رأي أبي حنيفة والأوزاعي وأبي يوسف (6)
واما عندنا فالأمر مختلف فيه باختلاف الموارد، فيعزر ويحرم من الغنيمة ان كان مسلما، وهو قول الشيخ
الطوسي (7) والعلامة الحلي (8)، وابن البراج (9) بل لغير الامام تعزيره، كما عن القمي (10)
وقد يفصل بين المسلم والذمي والحربي (11)
المورد الثاني: حبس البغاة.
وبه رواية أوردها النوري عن شرح الاخبار، عن موسى بن طلحة بن عبيد الله، وكان فيمن أسر يوم
الجمل وحبس مع من حبس من الأسارى بالبصرة، فقال: كنت في سجن علي بالبصرة.... (12)
والبغاة هم الخارجون على كل امام عادل (13)

1 - مسالك الأفهام 14: 320.
2 - المبسوط 8: 254.
3 - المدونة الكبرى 5: 136 - انظر 3: 47 - المحلى 9: 374 - التفريع 2: 106.
4 - موارد السجن: 317.
5 - المصنف للكندي: 15.
6 - الخراج: 190 - معالم السنن 2: 274 - عمدة القارئ 14: 256.
7 - المبسوط 2: 15.
8 - قواعد الأحكام 1: 111.
9 - جواهر الفقه: 151.
10 - جامع الشتات 1: 90.
11 - انظر موارد السجن: 324.
12 - مستدرك الوسائل 11: 57 - جامع أحاديث الشيعة 13: 105 - شرح الاخبار 1: 398.
13 - النهاية: 296.
33

وقال: الطوسي فيه بالحبس، وانه يترك في الحبس إلى انقضاء الحرب (1)
وقاله العلامة الحلي أيضا (2) والشهيد الأول (3)، وقد تأمل فيه المحقق النجفي (4)
وهو قول العامة أيضا، كما عن أبي يوسف (5) والفيروز آبادي (6) والفراء (7) وبه قال بعض الزيدية أيضا (8)
المورد الثالث: حبس الأسرى.
وبه روايات من الفريقين، في أن النبي (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) كانا يحبسان الاسرى، فعن المفيد: لما جيئ
بالأسرى - من بني قريظة - إلى المدينة حبسوا في دار من دور بنى النجار. (9)
وعن ابن هشام: فجعلت بنت حاتم في حظيرة بباب المسجد، كانت السبايا يحبسن فيها (10) وبه نصوص كثيرة
من الفريقين ولكن لم أجد له إشارة في الكتب الفقهية.
المورد الرابع: حبس الكافر والباغي مقابل أسر المسلمين.
تفيد بعض النصوص ان النبي (صلى الله عليه وآله) حبس بعض الكفار في مقابل حبسهم لبعض المسلمين - المحتجزين عندهم -
فعن عمران بن حصين: كانت بنو عامر أسروا رجلين من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) فاسر النبي (صلى الله عليه وآله) رجلا من ثقيف...
فمر به النبي (صلى الله عليه وآله) وهو موثق، فقال: يا محمد، على ما احبس؟ فقال: بجريرة حلفائك من بنى عامر (11).
وقد أفتى فقهاؤنا بهذا المعنى، فعن الحلي: جاز لأهل العدل حبس من معهم توصلا إلى تخليص أسراهم (12) وبه
قال بعض العامة كابن قدامة (13) وأشار اليه بعض آخر منهم (14)
المورد الخامس: حبس غير البالغ من المشركين. لو ادعى انه غير بالغ كي يتخلص من القتل.
وهذا ما احتمله العلامة الحلي حيث قال: لو ادعى الصبي المشرك انه استنبت الشعر بالعلاج، حلف وإلا قتل، و

1 - المبسوط 7: 271 - الخلاف 5: 340.
2 - تحرير الأحكام 1: 156.
3 - الدروس 1: 42.
4 - جواهر الكلام 21: 342.
5 - الخراج: 214.
6 - التنبيه: 229.
7 - الأحكام السلطانية ص 62 و 55، المغني 8: 111.
8 - عيون الأزهار: 521 - انظر الانصاف 10: 315 - شرح منتهى الإرادات 3: 383 - الفقه على المذاهب الأربعة 5:
421.
9 - الارشاد: 58 - مناقب ابن شهرآشوب 1: 200.
10 - السيرة النبوية 4: 225.
11 - مصنف عبد الرزاق 5: 206 - تاريخ المدينة 1: 440 - المعجم الكبير 18: 290.
12 - تذكرة الفقهاء 1: 456 - تحرير الأحكام 1: 156.
13 - المغني 8: 115.
14 - الانصاف 10: 315 - شرح ابن عابدين 3: 311.
34

يحتمل ان يحبس حتى يبلغ ثم يحلف فان نكل قتل (1) واستوجهه السيد العاملي (2)، ولكن خالف في ذلك بعض
آخر من فقهائنا وأشاروا إلى حلول أخرى (3)
المورد السادس: حبس الممتنع عن دفع الجزية (من أهل الكتاب)
وهو رأي عامي، وعن أبي يوسف فقط (4).
واما عندنا: ان عدم دفعهم الجزية يخرجهم من عهد الذمة إلى المحاربين، خصوصا فيما اشترط الجزية في العقد، و
حينئذ لا خلاف في خروجهم عن الذمة (5). فلا مورد للحبس فيه.
المورد السابع: حبس المستأمن إذا أراد الالتحاق بدار الحرب.
وهو ما أفتى به ابن البراج الطرابلسي بقوله: ولم يكن له الرجوع إلى دار الحرب فان أراد ذلك أو هم به لم يكن
بحبسه بأس (6)
المورد الثامن: حبس من أراد الخروج على الامام.
والأصل فيه ما أورده الطبري عن علي (عليه السلام) " ما يحل لنا دمه ولكنا نحبسه " (7) وما أورده السرخسي عن
علي (عليه السلام): ما لم يعزموا على الخروج فالإمام لا يتعرض لهم، فإذا بلغه عزمهم على الخروج، فحينئذ ينبغي له ان
يأخذهم فيحبسهم، قبل ان يتفاقم الامر لعزمهم على المعصية وتهييج الفتنة (8)، ولعله من باب الحبس للردع
عن المعصية (9).
المورد التاسع: حبس المحارب، فيما لو لم يقتل ولم يأخذ مالا.
وهو المتبادر من الشيخ الطوسي (10) والحلبي (11) والسيد ابن زهرة (12) ويحيى بن سعيد (13) وعلاء الدين
الحلبي (14) وادعى في الجواهر (15) ان القول بالحبس قول للعامة (16)، نعم هو قول مالك وعمر بن عبد العزيز (17)

1 - قواعد الأحكام 2: 211 - إيضاح الفوائد 4: 39.
2 - مفتاح الكرامة 10: 106.
3 - المبسوط 8: 213 - شرائع الاسلام 4: 91 - الدروس 2: 33 - القضاء: 93.
4 - الخراج: 123 - المجموع 19: 402.
5 - جواهر الكلام 21: 267.
6 - المهذب 1: 308.
7 - تاريخ الأمم والملوك 6: 384.
8 - المبسوط 10: 125.
9 - موارد السجن: 353.
10 - المبسوط 8: 147.
11 - الكافي في الفقه: 252.
12 - غنية النزوع: 201.
13 - الجامع للشرائع: 242.
14 - إشارة السبق: 142.
15 - جواهر الكلام 41: 593.
16 - المدونة الكبرى 6: 237.
17 - مصنف عبد الرزاق 10: 118.
35

وأبي حنيفة (1) وأبي يعلى الموصلي (2) والقرافي (3)
المورد العاشر: حبس العجزة والنساء والأطفال من البغاة.
وهو أحد قولي الشيخ الطوسي، يقول: وذلك لكسر قلوبهم وفل جمعهم (4) وخالفه هو في كتابه الاخر (5) ولم
أجد من وافقه من الطائفة. (6)
اما العامة: فنسب هذا القول إلى الحنفية والمالكية، كما عن الفيروزآبادي (7) وابن قدامة (8) والجزيري (9)
المورد الحادي عشر: حبس الطليع والردء، وتفرد به - على ما نعلم - العلامة الحلي حيث قال: انما يعزر و
يحبس ولا يكون محاربا (10)
المورد الثاني عشر: الحبس للنزول على حكم الامام.
والأصل في ذلك ما رواه الطبراني عن الكلبي ومحمد بن إسحاق: ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) حبس بني قريظة حتى نزلوا
في حكم سعد (11)
المورد الثالث عشر: حبس من يؤذي النبي (صلى الله عليه وآله) ويسترق السمع ليفشي الاسرار.
روى في الحكم بن أبي العاص حيث قرع بسمعه الباب ليسترق بسمعه ما يسار النبي (صلى الله عليه وآله) عليا.
فقال (صلى الله عليه وآله): قرع الخبيث بسمعه الباب، انطلق - يا أبا الحسن - فقده كما تقاد الشاة إلى حالبها، فإذا بعلي قد جاء
بالحكم اخذا باذنه ولهازمه جميعا حتى وقف بين يدي النبي (صلى الله عليه وآله) فلعنه نبي الله ثلاثا، فقال لعلي: احبسه
ناحية. (12)
الفصل الثالث عشر: حبس العمال والموظفين
وفيه ثلاثة موارد:
المورد الأول: حبس العامل الخائن.

1 - تحفة الفقهاء 3: 15.
2 - الأحكام السلطانية: 58.
3 - الفروق 4: 171.
4 - المبسوط 7: 271.
5 - الخلاف 5: 341.
6 - انظر: تذكرة الفقهاء 1: 456 - المختلف 4: 454 - الدروس 2: 42.
7 - التنبية: 229.
8 - المغني 8: 115.
9 - الفقه على المذاهب الأربعة 5: 422.
10 - تحرير الأحكام 2: 233 - موارد السجن: 357.
11 - المعجم الكبير 6: 7 - بحار الأنوار 20: 262 - المبسوط للسرخسي 20: 896.
12 - مجمع الزوائد 5: 243.
36

وقد وردت روايات، ونصوص تاريخية، عن حبس علي (عليه السلام) للعامل الخائن والمختلس من بيت المال، وعقوبته،
زائدا على الحبس.
فعن علي (عليه السلام) في رسالته إلى رفاعة قاضي الأهواز، حينما استدرك على ابن هرمة والي سوق الأهواز - خيانة: إذا
قرأت كتابي، فنح ابن هرمة عن السوق وأوقفه للناس وأسجنه، وناد عليه واكتب إلى أهل عملك تعلمهم
رأيي فيه، ولا تأخذك فيه غفلة ولا تفريط، فتهلك عند الله، وأعزلك أخبث عزلة، وأعيذك بالله من ذلك، فإذا
كان يوم الجمعة فأخرجه من السجن واضربه خمسة وثلاثين سوطا وطف به إلى الأسواق، فمن اتى عليه
بشاهد فحلفه مع شاهده، وادفع اليه من مكسبه ما شهد به، ومر به إلى السجن مهانا مقبوحا منبوحا (1)
وقد تتأيد هذه بما دلت على حبس الغاصب والمديون الذي لم يثبت اعساره، والملتوي عن أداء الدين، فلعل
الحبس من هذه الجهات، أو جهات أخرى لا نعلمها. (2)
المورد الثاني: حبس ملقن العامل الخائن.
ولعل الأصل فيه ما ورد ذيل كتاب علي إلى رفاعة - قاضي الأهواز - في خيانة ابن هرمة: ولا تدع أحدا
يدخل اليه - أي إلى ابن هرمة - ممن يلقنه اللدد ويرجيه الخلوص - خلاص خ ل - فان صح عندك ان أحدا
لقنه ما يضر به مسلما، فاضربه بالدرة، فاحبسه حتى يتوب، وفي سنده كلام. (3)
المورد الثالث: حبس الأمير المداهن.
والأصل فيه: ما أورده البلاذري من قول علي (عليه السلام) لمسيب، وتأنيبه حيث قال له: نا بيت قومك وداهنت و
ضيعت!!
فاعتذر اليه وكلمه وجوه أهل الكوفة بالرضا عنه، فلم يجبهم، وربطه إلى سارية من سواري المسجد، ويقال:
انه حبسه. (4)
الفصل الرابع عشر: الحبس في الحقوق المالية
وفيه موارد كثيرة منها:
المورد الأول: حبس الممتنع عن أداء دينه، قد وردت روايات من الفريقين بحبس الملتوي.
منها: ما رواه الكليني بسنده عن الصادق (عليه السلام)، قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يحبس الرجل إذا التوى على غرمائه، ثم

1 - دعائم الاسلام 2: 532 - مستدرك الوسائل 17: 402 - نهج السعادة 4: 34.
2 - موارد السجن: 367.
3 - دعائم الإسلام 2: 532.
4 - أنساب الأشراف 3: 1136 - نهج السعادة 2: 577.
37

يأمر فيقسم ماله بينهم بالحصص، فان أبي باعه، فيقسم - يعني ماله - (1)
والقول بالحبس فيه هو رأي فقهائنا قديما وحديثا. فعن المفيد: لزمه الحق والخروج منه إلى خصمه، فإن لم يخرج
اليه منه، كان له حبسه (2) ومثله عن الطوسي (3) وأبي الصلاح الحلبي (4) ولكنه يشترط في ذلك التماس صاحب
الحق، كما صرح بذلك على أبي بن حمزة وغيره (5)
وقد أشار إلى هذا الامر من فقهائنا المعاصرين: الامام الخميني (6) والسيد الخوئي (7) والطبسي (8) و
السبزواري (9)
ومن العامة: هو رأي مالك (10) وأبو حنيفة. (11)
ثم يبقى الكلام في فروع المسألة:
الفرع الأول: مدة الحبس، فقيل: شهر، وقيل شهران، وقيل: ثلاثة، وبعضهم بأربعة، وبعضهم إلى سنة، أو
يفوض إلى رأي القاضي (12) أو الحبس إلى أن يبيع ماله (13) أو إلى أربعين يوما (14) أو ليس له حد محدود. (15)
الفرع الثاني: المماطل الموسر هل يتعين عليه الحبس أم يتخير الحاكم بينه وبين بيع ماله؟ ذهب المحقق إلى الثاني، و
اما الأول فهو رأي جمع من فقهائنا، كالنجفي والنراقي (16)
الفرع الثالث: هل يحبس الوالد في دين ولده؟ فعن العلامة الحلي في أحد قوليه: لا يحبس (17) وفي رأيه الاخر:
يحبس (18) ولليزدي كلام. (19) ومن العامة: يرى مالك أيضا عدم حبس الوالد (20)
الفرع الرابع: هل يحبس العاقلة إذا امتنعوا عن أداء الدية؟

1 - الكافي 5: 102 - التهذيب 6: 191 - النهاية: 352.
2 - المقنعة: 733.
3 - المبسوط 4: 232 - النهاية: 348.
4 - الكافي في الفقه: 448.
5 - الوسيلة: 213.
6 - تحرير الوسيلة 2: 375.
7 - مباني تكملة المنهاج 1: 24.
8 - ذخيرة الصالحين 5: 131.
9 - مهذب الاحكام 27: 86.
10 - المدونة الكبرى 5: 205.
11 - المجموع 13: 279 - انظر: المبسوط 24: 164 - المغني 4: 529 - فتح العزيز 10: 196.
12 - الاختيار - الهامش 2: 90.
13 - المصنف: 187.
14 - ميزان الاعتدال 4: 482.
15 - التفريع 2: 247.
16 - مستند الشيعة 17: 181.
17 - تذكرة الفقهاء 2: 59.
18 - قواعد الأحكام 1: 176.
19 - العروة الوثقى 3: 56 - موارد السجن: 391.
20 - المدونة الكبرى 5: 205.
38

قال به بعض العامة (1) ولعله لشمول الاطلاقات، ولأنهم تركوا الواجب (2).
الفرع الخامس: هل يحبس المديون للدولة؟
قد يقال بالحبس، لشمول اطلاقات الأدلة، وقد يقال بالعدم، وقد تعرض بعض العامة لهذا الفرع وقال فيه
بالحبس فيما لو مطل في أداء الخراج (3)
الفرع السادس: هل يختص الحبس في الملتوي المسلم، أم يعم الذمي والحربي، والمستأمن، والعبيد والنساء و
الصبي عند بعض العامة؟ (4) وقد أشار إلى ذلك بعض العامة (5)
الفرع السابع: يرى بعض العامة حبس الشفيع الذي لم يسلم الثمن في الحال، كما نقل ذلك عن أبي حنيفة وأبي
يوسف. (6)
وعندنا تبطل الشفعة بعجز الشفيع عن الثمن وبالمماطلة، وكذا لو هرب (7) ومعه لا يبقى مجال للحبس.
المورد الثاني: حبس المديون الذي يدعي العسر.
وبه روايات منها: ما رواه الصدوق بسنده عن أمير المؤمنين: قضى علي (عليه السلام) في الدين: انه يحبس صاحبه، فإذا
تبين افلاسه والحاجة، فيخلي سبيله حتى يستفيد مالا (8)
وقد أفتى به كثير من فقهائنا قديما وحديثا، كالمفيد (9) وأبي الصلاح الحلبي في مواضع من كتابه، حيث قال: وان
ادعى إعسارا، وأنكر المدين وفقد البينة... فان ثبت له اعسار بعد ما حبسه أطلقه (10) وقاله سلار بن عبد
العزيز (11)، والطباطبائي (12) والخوانساري (13) والمحقق العراقي. (14)
ومن العامة: ابن جلاب (15) والموصلي (16)
فروع:
الأول: هل يحبس من دون حلف مدعي اليسار؟

1 - المبسوط للسرخسي 20: 91.
2 - موارد السجن: 394.
3 - الأحكام السلطانية: 172.
4 - المبسوط 20: 91.
5 - المدونة الكبرى 5: 205.
6 - تحفة الفقهاء 3: 54.
7 - شرائع الاسلام 3: 255 - جواهر الكلام 37: 281.
8 - الفقيه 3: 19 - التهذيب 6: 232.
9 - المقنعة: 723.
10 - الكافي في الفقه: 341.
11 - المراسم العلوية: 230.
12 - رياض المسائل 15: 66.
13 - جامع المدارك 6: 25.
14 - شرح التبصرة: 78.
15 - التفريع 2: 247.
16 - الاختيار 2: 89 - موارد السجن: 407.
39

فعن الحلي: يحبس بعد أن يحلف مدعي اليسار وعن آخرين لا حاجة إلى حلف المدعي، بل يحبس إلى أن يثبت
يساره. (1)
الثاني: هل يسمع بينة مدعي الإعسار فورا أم بعد حبسه مدة؟ عندنا وجب سماعه فورا. (2)
وعند أبي حنيفة: يحبس المفلس شهرين، وعن الطحاوي شهرا. وروى أربعة أشهر، ثم يسمع البينة. (3)
المورد الثالث: حبس المعسر إذا صرف ماله في الحرام أو كان مخالفا للحق.
وقد تفرد به أبو الصلاح الحلبي قائلا: وان كان مخالفا للحق أو منفقا ما استدانه في حرام فله حبسه. (4)
المورد الرابع: حبس المفلس حتى يبيع أمواله.
وبه أفتى فقهاؤنا: كالطوسي في كتابيه (5)، والعلامة الحلي (6) والشهيدان - على تخيير للحاكم بين حبسه إلى أن
يقضي بنفسه وبين أن يقضى عن ماله، ولو ببيع ما خالف الحق - (7) والمحقق الكركي (8) والشيخ البهائي. (9)
وعن أبي حنيفة: ليس للحاكم بيعه وانما يجبره على بيعه، فان باعه والا حبسه إلى أن يبيعه (10) وبه قال ابن
قدامة من العامة (11) ولابن جزم في بعض صور المسألة تأمل. (12)
المورد الخامس: حبس الغاصب وآكل مال اليتيم وخائن الأمانة.
وبه رواية أوردها الكليني مرفوعا عن أمير المؤمنين (عليه السلام): كان لا يرى الحبس الا في ثلاث: رجل اكل مال اليتيم،
أو غصبه، أو رجل أوتمن على أمانة فذهب بها. (13)
وأوردها الطوسي بطريقه إلى الباقر (عليه السلام) (14)
وقد احتمل الطوسي فيها احتمالين:
1 - ما كان يحبس على جهة العقوبة الا الذين ذكرهم.
2 - ما كان يحبسهم حبسا طويلا الا الذين استثناهم، لأن الحبس في الدين انما يكون بمقدار ما يبين حاله، فان

1 - قواعد الأحكام 2: 209، مستند الشيعة 17: 181.
2 - الخلاف 3: 276.
3 - الخلاف 3: 27 - انظر مفتاح الكرامة 10: 72 - القضاء للشيخ الكني: 212.
4 - الكافي في الفقه: 331.
5 - المبسوط 2: 272 - الخلاف 3: 268.
6 - تذكرة الفقهاء 2: 58 - قواعد الأحكام 1: 172.
7 - الروضة البهية 4: 41.
8 - جامع المقاصد 5: 225.
9 - جامع عباسى: 354.
10 - الخلاف 3: 268.
11 - المغني 4: 529.
12 - المحلى 8: 169.
13 - الكافي 7: 263.
14 - التهذيب 6: 299 - وسائل الشيعة 18: 181.
40

كان معدما، وعلم ذلك خلاه. (1)
ولكل من المحقق القمي والسيد العاملي والشيخ الكني والسيد احمد الخوانساري بيان واستظهار (2)
ومن العامة: فعن الموصلي الحنفي (3) وعلاء الدين الكاساني (4): حبس الغاصب مدة.
المورد السادس: حبس الراهن.
وقد نص الفقهاء على حبسه فيما لو حل الحق وامتنع من أدائه فيجبره على البيع أو يبيع عليه أو يحبسه، على
الخلاف، ولا نص له بالخصوص إلا أنه دين قد التوى عن أدائه مع تمكنه من أدائه فيشمله أدلة الحبس.
ولقد تعرض له الشيخ الطوسي بقوله: إن رأي الحاكم حبسه وتعزيره حتى يبيعه فعل، وان رأي بيعه
بنفسه.. (5) ومثله المحقق الحلي (6) والعلامة الحلي (7) وأورد البعض في المسألة اشكالا. (8)
واما عن العامة: فالشافعي موافق للطوسي (9) واما أبو حنيفة يرى حبس الراهن حتى يبيعه. (10)
المورد السابع: حبس الكفيل إلى أن يأتي بالمكفول.
وبه روايات بعضها صحيحة، منها: ما رواه الطوسي بسنده إلى الصادق (عليه السلام): إن عليا اتى برجل كفل برجل بعينة
(سلف أو نسية) فأخذ بالمكفول فقال: احبسوه حتى يأتي بصاحبه. (11)
والمراد بالعينة: السلف والنسية. (12)

1 - التهذيب 6: 300 - الاستبصار 3: 48.
2 - غنائم الأيام: 679 - مفتاح الكرامة 10: 72 - القضاء: 311 - جامع المدارك 6: 25 - ولاية الفقيه 2: 484.
3 - الاختيار 3: 59.
4 - بدائع الصنائع 7: 163.
5 - النهاية: 433 - المبسوط 2: 224.
6 - شرائع الاسلام 2: 82.
7 - تحرير الأحكام 1: 208.
8 - جواهر الكلام 25: 217 - منهاج الصالحين 2: 211.
9 - المغني 4: 447.
10 - تحفة الفقهاء 3: 43.
11 - التهذيب 6: 209 - وسائل الشيعة 13: 156 - الوافي 18: 835.
12 - ملاذ الأخيار 9: 555.
41

وقد أفتى فقهاؤنا كالصدوق (1) والطوسي في كتبه (2) وسلار (3) والمحقق الحلي (4) ويحيى بن سعيد (5) و
الشهيدان (6) والعلامة الحلي في كتبه (7) والسيد الأصبهاني (8) والشيخ الطبسي (9) بل هو رأي كل من تعرض
لهذه المسألة، كما هو رأي كثير من العامة (10)
لكن الكلام فيما لو كان محبوسا، فقد فصل فقهاؤنا بين كونه في سجن الحاكم فيجب تسليمه، وبين كونه في حبس
الظالم، فلا يجب تسليمه (11)
المورد الثامن: حبس المدعى عليه الممتنع عن الكلام.
وقد أفتى الكثير منا: بحبس المدعى عليه الساكت عن الجواب عند سؤال القاضي، إلى أن يقر أو ينكر، أو يعفو
الخصم عن حقه. منهم: الشيخ المفيد (12) والطوسي (13) والديلمي (14) وابن أبي حمزة (15) والمحقق الحلي (16) و
السيد العاملي (17) والكني. (18)
ومن العامة: هو رأي أبي حنيفة (19) وأحمد بن يحيي (20) وفيه قول ثان بالتخيير بين الحبس والرد - كما هو
رأي السيد الخوانساري (21) ورأي الشهيدين (22).
وقول ثالث: لجمع من فقهائنا: منهم: الامام الخميني وليس فيه الحبس. (23)
المورد التاسع: حبس الملتوي في المحكمة، والذي أغلظ القول للحاكم وقد أفتى بذلك جمع من فقهائنا: كالشيخ

1 - المقنع: 127.
2 - النهاية: 315 - المبسوط 2: 337 - الخلاف 3: 323.
3 - المراسم: 200.
4 - شرائع الاسلام 2: 115 - مختصر النافع: 143.
5 - الجامع للشرائع: 303.
6 - الروضة البهية 4: 152.
7 - تحرير الأحكام 1: 224 - قواعد الأحكام 1: 182 - تذكرة الفقهاء 2: 102.
8 - وسيلة النجاة 2: 146 - تحرير الوسيلة 2: 31.
9 - ذخيرة الصالحين 5: 185.
10 - المبسوط للسرخسي 20: 89 - تحفة الفقهاء 2: 243 - بداية المجتهد 2: 29 - المجموع 14: 53.
11 - تحرير الأحكام 1: 225 - الحدائق الناضرة 21: 76.
12 - المقنعة: 725.
13 - الخلاف 6: 238 - والنهاية: 342.
14 - المراسم العلوية: 231.
15 - الوسيلة: 211.
16 - شرائع الاسلام 4: 85 - المختصر النافع: 282.
17 - مفتاح الكرامة 10: 86.
18 - القضاء: 193.
19 - موارد السجن: 440 - ابن قدامة 9: 90.
20 - عيون الأزهار: 424.
21 - جامع المدارك 6: 39.
22 - الروضة البهية 3: 93.
23 - تحرير الوسيلة 2: 382.
42

الطوسي (1) والقاضي ابن البراج. (2)
ومن العامة: الماوردي (3) وابن قدامة (4)
والأكثرون على تأديبه وتعزيره بما يقتضيه اجتهاد الحاكم. (5)
المورد العاشر: حبس المدعى عليه الممتنع عن الحضور في المحكمة.
ولا كلام في تعزيره وتأديبه بما يراه الحاكم، ولكن في خصوص حبسه لم يقل به الا بعض العامة. (6) المورد
الحادي عشر: حبس المدعى عليه حتى يحضر الشهود.
وهو قول الشيخ الطوسي - في موردين: أحدهما الحبس لتعديل الشهود، وفي مورد إتيان شاهد عدل واحد،
على أن يأتي بآخر. فيرى الطوسي أن الأقوى هو حبسه، حينئذ (7) وهو رأي بعض العامة أيضا مثل مالك (8) و
أبي حنيفة. (9)
المورد الثاني عشر: الحبس في النكول
فتارة يكون ناكلا عن اليمين في الدين للميت، والوارث الناكل عن اليمين في الوصية وقد أورده الطوسي وافتى
فيهما بالحبس. (10)
وأخرى المدعى عليه الناكل عن اليمين، مع عدم البينة للمدعي، والحبس فيه قول بعض العامة: كأبي حنيفة، و
ابن أبي ليلى. (11)
وثالثة: حبس المدعى عليه الناكل عن الجواب والتفسير، والحبس فيه هو رأي المشهور منا (12) بل يضيق عليه
في الحبس (13) وهو قول بعض العامة: كالقرافي. (14)
رابعا: حبس المدعى عليه لو انكر وجود المحكوم به.

1 - المبسوط 8: 97.
2 - المهذب 2: 596.
3 - أدب القاضي 1: 352.
4 - المغني 9: 42.
5 - موارد السجن: 442.
6 - الاختيار " الهامش " 2: 92.
7 - المبسوط 8: 255.
8 - المدونة الكبرى 5: 182.
9 - المبسوط 9: 106 - انظر المغني 9: 255 - والانصاف 11: 293 - تحفة الفقهاء 3: 146 - بدائع الصنائع 7: 52 -
موارد السجن: 453.
10 - المبسوط 8: 214 و 219.
11 - المحلى 9: 373 - الخلاف 6: 290.
12 - مفتاح الكرامة 10: 86.
13 - رياض المسائل 15: 85.
14 - الفروق 4: 80.
43

وقد تعرض العلامة الحلي لهذه المسألة مع بيان شقوق فيها (1)
وهناك موارد أخرى للحبس مثل حبس الشهود إلى بعد صلاة العصر - على الخلاف في معنى الآية الكريمة
تحبسونها بعد الصلاة فيقسمان بالله. (2)
وحبس العبد الذي يخاف إباقه (3) وحبس العبد الآبق (4) حبس المولى الشريك، إذا أبي عن دفع حصة شريكه
مع الخلاف في حكمه. (5)
ولو أردنا البحث فيها لطال المقام. (6)

1 - قواعد الأحكام 2: 216 - تحرير الأحكام 2: 187 - موارد السجن: 470.
2 - المائدة: 106 - كنز العرفان 2: 99 - احكام القرآن 2: 216 - التفسير الكبير 12: 117.
3 - الكافي 6: 199 - وسائل الشيعة 16: 52.
4 - الخراج: 184 - الفروق 4: 79 - المدونة الكبرى 6: 176.
5 - السنن الكبرى 6: 68 - مصنف ابن أبي شيبة 6: 484 - شرائع الاسلام 3: 111 - نيل الأوطار 7: 151.
6 - انظر موارد السجن: 483.
44

الباب الثاني:
في الحقوق والأحكام
الفصل الأول: لو ثبت براءة المسجون
الفصل الثاني: حقه في حضور الشعائر الدينية
الفصل الثالث: حقه في لقائه بأقربائه
الفصل الرابع: حقه في الرفاهية
الفصل الخامس: حقه في الرخصة والإجازة
الفصل السادس: حقه في تعجيل المحاكمة
الفصل السابع: حقه في حضور زوجته معه
الفصل الثامن: هل يحبس لو كان مريضا
الفصل التاسع: نفقة المسجون
الفصل العاشر: حقه في إطلاق سراحه
45

باب الثاني: في الحقوق والأحكام
الأول: لو ثبت براءة المسجون فمن يضمن الخسارة؟
فالمسألة ذات صور: تارة يكون محبوسا بطلب من الخصم، وأخرى يكون الحبس من قبل القاضي بتهمة محرم
شخصي أو اجتماعي أو سياسي.
ثم تارة البحث في تدارك الخسارة المالية وأخرى في الضرر المعنوي، ورد الاعتبار، ثم تارة يكون الحبس من
طرف الجائر، وأخرى من طرف العادل. ثم قد يكون البراءة، لأجل خطأ الشهود، وأخرى للتعمد في الكذب و
ثالثة لخطأ الحاكم في الحكم، والكلام في ضمان الخسارة المالية متوقف على أن عمل الحر هل هو مال وله مالية أم
لا؟ يظهر من المحقق الحلي عدم المالية، وعن المحقق السبزواري بأنه مقطوع به، ولذا لا يرى الضمان بحبس الصانع
(1) على خلاف، والامام الخميني (2)
لكن يقول المرحوم الطبسي: " إن تم الإجماع والاتفاق، فليس لنا كلام والا فالمسألة مشكلة من حيث إن
الآخذ والحابس لشخص - زيد - الذي كان صانعا لما منعه من شغله وصنعته فقد فوت عليه الفائدة التي كان
يستفيدها لولا المنع فيكون هو المفوت لها عنه وحكم الشارع بنفي الضمان ضرر عليه، ولا ضرر ولا ضرار في
الاسلام. خصوصا إذا كان المحبوس والممنوع مما لا معيشة له سواه، وكان إعاشته وإعاشة عياله منحصرا
به. " (3)
ثم إن فقهائنا تعرضوا لحكم خطأ الحاكم وأنه من بيت المال، لا من الحاكم (4) وكذلك الكلام في خطأ الشهود. (5)
الثاني: حقة في حضور الشعائر الدينية.
والأصل فيه ما رواه الصدوق بسنده عن الصادق (عليه السلام): على الامام ان يخرج المحبسين في الدين يوم الجمعة إلى
الجمعة، ويوم العيد إلى العيد، فيرسل معهم، فإذا قضوا الصلاة والعيد ردهم إلى السجن (6) وفي نقل آخر: ان

1 - المختصر النافع 2: 256 - المكاسب المحرمة 6: 14 - حاشية المكاسب للسيد اليزدي: 55 - تقريرات النائيني: 40 -
حاشية الإيرواني: 72.
2 - كتاب البيع 1: 20 - مصباح الفقاهة 2: 36 - جامع المدارك 5: 799.
3 - ذخيرة الصالحين 5: 80.
4 - السرائر 2: 149 - الجامع للشرائع: 546 - قواعد الأحكام 2: 247 - تحرير الأحكام 2: 227.
5 - الوسيلة: 234 - شرائع الاسلام 4: 142 - قواعد الأحكام 2: 247 - الانصاف للمرداوي 10: 121 - المدونة
الكبرى 6: 283 - عيون الأزهار: 443.
6 - الفقيه 3: 20 - وسائل الشيعة 5: 36 و 18: 221.
46

عليا كان يخرج أهل السجون من أحبس في دين أو تهمة.
وفي نقل ثالث: كان يخرج الفساق إلى الجمعة (1) وأفتى به أبو الصلاح الحلبي، (2) وارتضاه العلامة الحلي (3) بل
يراه مناسبة للمذهب. (4)
ويرى البعض منا: عدم خصوصية للمسجون في الدين والتهمة، بل الظاهر عموم الحكم لكل مسجون مسلم (5)
وأما ابن إدريس فقد خالف أو توقف فيه. (6)
واما العامة: فقد منع بعضهم وجود هذا الحق للسجين. (7)
اما اقامتها في السجن فلا مانع، بل يقول البعض: قد جاءت الاخبار ودلت الآثار التي يجدها القارئ في كتب
التاريخ والآداب والسير، وفي مدونات الفقه الاسلامي، بأن العبادات الشرعية والآداب التهذيبية والتعاليم
القرآنية والقراءة والكتابة كانت مرعية ومحتمة في النافع والمخيس، وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يؤدب المسجونين
المكلفين بالنفعات - العصي - على تركهم الشعائر الدينية، ويعزر المهمل منهم أو المتهاون بأدائها، كما كان يلحظ
بروح الانصاف أحوال معيشتهم وإدارتهم وشؤونهم الأخرى ملاحظة دقيقة، ويشملهم برعايته. (8)
الثالث: في لقائه بأقربائه:
يلوح مما تفرد به القاضي نعمان المصري، برواية عن علي (عليه السلام): لا تحل بينه وبين من يأتيه بمطعم أو مشرب، أو
ملبس، أو مفرش، ولا تدع أحدا يدخل اليه ممن يلقنه اللدد. (9)
أنه لا يمنع من الاتصال بالمسجون، واللقاء معه.
ويستأنس من كلمات بعض المعاصرين جواز ذلك لغير من يرى الحاكم فيه التشديد عليه، لدخل هذا في تنبهه
وفي اصلاحه وتهذيبه. (10)

1 - الجعفريات: 44 - مستدرك الوسائل 6: 27 - جامع أحاديث الشيعة 6: 68.
2 - الكافي في الفقه: 448.
3 - المختلف 8: 410.
4 - منتهى المطلب 1: 345.
5 - ولاية الفقيه 2: 473.
6 - السرائر 2: 200.
7 - المبسوط 20: 90 - بدائع الصنائع 7: 174 - المحلي 5: 49.
8 - أحكام السجون: 134 - تاريخ السجن الاصلاحي للفكيكي، مجلة الاعتدال، السنة السادسة: العدد 1 - موارد
السجن: 466.
9 - دعائم الاسلام 2: 532.
10 - ولاية الفقيه 2: 446.
47

واما العامة: فقد صرح بعضهم: بعدم المنع من دخول اخوانه وأهله عليه. (1)
لكن قد يقال: لو كان اللقاء منافيا لمقتضى التضييق المأمور به على بعض المسجونين، كالملتوي عن أداء الدين، و
كالمرتدة، فلا حق له في اللقاء ولا يجب، بل لا يجوز مراعاة ذلك. (2)
الرابع: حقه في الرفاهية:
والأصل في ذلك ما في كتاب علي إلى قاضي الأهواز، " مر بإخراج أهل السجن في الليل إلى صحن السجن
ليتفرجوا. " (3)
وعن البعض: أن الامام كان يلحظ بروح الانصاف أحوال معيشة السجناء وإدارتهم وشؤونهم الأخرى
ملاحظة دقيقة. (4)
وعن بعض المعاصرين: على الأمام ان يراعي حاجات المحبوسين في معاشهم من الغداء والدواء والهواء
الصافي والألبسة الصيفية، ويستظهر البعض الآخر من المفكرين - منا - أنه يلزم أن يكون بناء السجن مريحا و
واقيا من الحر والبرد مما يتوفر معه راحة السجين (5)
واستظهر - هذا البعض - ذلك من حبس النبي (صلى الله عليه وآله) السجناء في الدور الاعتيادية التي يسكنها سائر الناس و
يتوفر فيها النور والسعة، فقد حبس الأسرى المقاتلين الذين حكمهم القتل في دور اعتيادية، إذ فرقهم على
بيوت الصحابة وأحيانا كان يحبسهم في دار واحدة كما حبسهم في دار امرأة من بني النجار (6)
ومن العامة: أشار إلى ذلك أبو يوسف (7) وبعض المعاصرين منهم. (8)
الخامس: حقة في الرخصة والإجازة.
ولم نعثر على نص في ذلك ولكن البعض استظهر ذلك من رواية الفقيه عن الصادق (عليه السلام) قال: على الامام ان يخرج
المحبسين في الدين يوم الجمعة إلى الجمعة ويوم العيد إلى العيد فيرسل معهم فإذا قضوا الصلاة والعيد ردهم إلى
السجن (9)
حيث قال: وربما يظهر منه الفسحة لهم يوم العيد لزيارة الأهل والأقارب (10) وقد يستشف من الشهيد الثاني

1 - المبسوط للسرخسي 20: 90 - بدائع الصنائع 7: 14 - رد المختار 4: 314.
2 - موارد السجن: 498.
3 - دعائم الاسلام 2: 532.
4 - احكام السجون: 134، 117، موارد السجن: 498.
5 - احكام السجون: 134، 117 - موارد السجن: 117.
6 - احكام السجون: 117 - موارد السجن: 499.
7 - الخراج: 150.
8 - فقه السنة 14: 84.
9 - الفقيه 3: 20.
10 - القضاء وا لشهادة للمحسني: 165.
48

أيضا ذلك حيث قال: ان سرق من الحبس أو من خارجه، لو اتفق خروجه لحاجة. (1)
وقد أشرنا إلى هذا الحق تفصيلا في مورد التغريب - من كتابنا النفي والتغريب - فراجع. (2)
السادس: حقة في تعجيل المحاكمة.
والأصل في ذلك ما ورد عن علي (عليه السلام) انه كان يعرض السجون في كل يوم جمعة، فمن كان عليه حد، اقامه، ومن لم
يكن عليه حد خلى سبيله. (3)
وقد تناول فقهاؤنا لهذا الحق في كتاب القضاء، فذكروا ذلك في جملة الآداب المستحبة، بل أول ما يستحب
للقاضي، إذا جلس للقضاء - النظر في حال المحبسين في حبس المعزول، كما عن الطوسي (4) والقاضي ابن البراج
(5). وابن حمزة (6)، والمحقق الحلي (7) والعلامة الحلي (8) والشيخ البهائي (9) والفيض الكاشاني (10) والسبزواري
(11) والسيد العاملي - مع اشكاله على الأردبيلي (12) وقد ترقى السيد الخوانساري واشكل على كونه من الآداب
المستحبة، إذ كيف يكون السؤال عن حاله وموجب حبسه مستحبا، فان المدين مع اظهار العسر يحبس حتى
يتبين حاله، ومع تبين اعساره لا مجوز لحبسه (13) وللآشتياني جواب عن هذا النمط من الاشكال. (14)
واما العامة: فالأكثرون أيضا على استحباب النظر في امر المحبوسين ولا يهمل امرهم (15) كما عن

1 - مسالك الأفهام 10: 285.
2 - النفي والتغريب: 277.
3 - دعائم الاسلام 2: 42، مستدرك الوسائل 18: 36.
4 - المبسوط 8: 91.
5 - المهذب 2: 595.
6 - الوسيلة: 209.
7 - المختصر النافع: 279 - وشرائع الاسلام 4: 73.
8 - قواعد الأحكام 2: 204 - تحرير الأحكام 2: 182 - تذكرة الفقهاء 2: 59 - تبصرة المتعلمين: 179.
9 - جامع عباسي: 355.
10 - مفاتيح الشرائع 3: 249.
11 - كفاية الأحكام: 262.
12 - مفتاح الكرامة 10: 70.
13 - جامع المدارك 6: 12.
14 - القضاء: 59.
15 - النفقات: 47.
49

ابن الجلاب (1) والفيروزآبادي (2)، وابن قدامة حيث قال: إذا جلس الحاكم في مجلسه، فأول ما ينظر فيه امر
المحبوسين (3) والمرداوي (4) والنووي (5) وأبي إسحاق الشيرازي (6) وابن النجار. (7)
السابع: حقة في حضور زوجته معه:
وردت رواية عن الصادق (عليه السلام) ظاهرها ثبوت الحق للمحبوس في حضور زوجته، ففي الجعفريات، عن
الصادق (عليه السلام)، عن علي (عليه السلام) ان امرأة استعدت عليا على زوجها، فامر علي (عليه السلام) بحبسه، وذلك لان الزوج لا ينفق
عليها إضرارا، فقال الزوج: احبسها معي، فقال علي (عليه السلام): لك ذلك، انطلقي معه لا عليك أحدا. (8)
ولم أجد من تعرض لهذا الفرع، الا بعض المعاصرين منا حيث قال: من الأمور المهمة التي ينبغي رعايتها ايجاد
شرائط اللقاء بين المسجون وزوجته وامكان الخلوة بينهما، فإن الحاجة الجنسية من أشد الحاجات، والفصل
الطويل بينهما يستعقب غالبا أمورا لا يرضى بها العقل والشرع وربما يوجب الفرقة وتلاشي الحياة العائلية (9)
وقد تعرض فقهاؤنا في باب القسم - من كتاب النكاح - لمسألة يفهم منها وجود هذا الحق للزوج، كما عن
الطوسي (10)
وقال العلامة الحلي: ولو حبس قبل القسمة، فاستدعى واحدة لزمه استدعاء الباقيات، فإن امتنعت واحدة
سقط حقها (11)
وأما من العامة: فقد أورد عبد الرزاق في مصنفة عن عمر بن عبد العزيز - في المحارب -: واجعلوا أهله قريبا
منه، (12) وابن قدامة في باب القسم (13) وابن عابدين نقلا عن كتاب النهر: وإذا احتاج الجماع دخلت عليه
زوجته أو أمته (14) والخطيب عن أبي حنيفة. (15)

1 - التفريع 19: 253.
2 - التنبيه: 583.
3 - المغني 9: 46.
4 - الانصاف 11: 218.
5 - المجموع 2: 140.
6 - المهذب 2: 298.
7 - شرح مختصر الخليل 7: 173 - ومنتهى الإرادات 2: 583 - وشرح منتهى الإدارات 3: 473 - أدب القاضي 1:
221 - فقه السنة 14: 83.
8 - الجعفريات: 108 - مستدرك الوسائل 13: 432.
9 - ولاية الفقيه 2: 470.
10 - المبسوط 4: 332.
11 - قواعد الأحكام 2: 47.
12 - المصنف 10: 118.
13 - المغني 7: 34.
14 - رد المحتار 4: 314.
15 - فتاوى غياثية: 167.
50

الثامن: هل يحبس لو كان مريضا؟
لقد أفتى بعض المعاصرين منا بعدم جواز حبس المديون إذ كان مريضا - لو أضر الحبس به -، أو كان أجيرا
للغير (1)
أما العامة: فالتفصيل في الأجير للغير بين أن لا يمكنه العمل في الحبس وغيره (2) وبعضهم فصل بين وجود من
يخدمه في الحبس وعدمه (3)
والظاهر أن فتاوى فقهائنا خاصة بمورد المديون - المريض أو الأجير - فيما لو أضره الحبس، دون سائر موارد
الحبس، من حبس الممسك على القتل، أو المرتد الملي، أو المرأة المرتدة، أو الآمر بالقتل. كما أن استدلالهم على
عدم جواز الحبس مستند إلى قاعدة الضرر والحرج، وفيه كلام، لأن في عدم حبسه أيضا ضرر على الغريم. (4)
التاسع: نفقة المسجون.
مقتضى كثير من النصوص هو أن نفقة المسجون من بيت المال ولكن موردها: السارق في الثالثة، فعن
الصادق (عليه السلام): ويقطع اليد والرجل ثم لا يقطع بعد، ولكن إن عاد حبس وأنفق عليه من بيت مال المسلمين. (5)
وفي روايات أخرى: ان نفقة المخلدين في السجن على بيت المال ولكن مع حصرهم بثلاثة: الممسك على الموت،
والمرتدة، والسارق، فعن الصادق (عليه السلام): من خلد في السجن رزق من بيت المال، ولا يخلد في السجن الا ثلاثة:
الذي يمسك على الموت، والمرأة ترتد الا ان تتوب، والسارق بعد قطع اليد والرجل. (6)
وفي روايات أخرى: ان بيت المال يتحمل نفقة كل المخلدين في الحبس، ولكن بالنسبة إلى اطعامهم فقط، فعن
علي (عليه السلام) كان يطعم من خلد في السجن من بيت مال المسلمين. (7)

1 - تحرير الوسيلة 2: 375 - العروة الوثقى 3: 56 - مهذب الاحكام 27: 90 - القضاء والشهادة: 257.
2 - شرح الجمل على حاشية المنهج 5: 346.
3 - الاختيار 2: 91 - فتاوى غياثية: 167.
4 - موارد السجن: 512.
5 - الكافي 7: 224 - التهذيب 10: 107 - وسائل الشيعة 18: 494.
6 - دعائم الاسلام 2: 539 - مستدرك الوسائل 17: 403.
7 - التهذيب 13: 178.
51

أما فقهاؤنا: فصلوا بين الفقير والغني مع الاختصاص بالسارق، كما عن الفاضل الهندي (1) و
الطباطبائي (2) والسيد اليزدي (3) والمامقاني (4) والامام الخميني (5) والطبسي. (6)
كما أطلق الآخرون منا، كالسيد الخوئي (7) كما فصل آخرون بين المكنة ونوعية الجريمة. (8)
واما من العامة: كالشيباني (9) وأبي يوسف في خصوص أهل الدعارة والفسق (10) والسمرقندي في المرأة
المحبوسة، ولكن نفقتها على الزوج (11) وأحمد بن يحيى، على أن يكون النفقة على المحبوس، ثم من بيت المال (12) و
المالكية، في خصوص المرتد، على أن يكون النفقة من ماله. (13) والنزوي من الأباظية - في المديون - ويكون
النفقة على الآمر بالحبس وهو الغريم (14)
العاشر: حقه في الخروج من السجن واطلاق سراحه.
1 - تارة يكون الحبس محدودا بزمان معين شرعا، كالمتهم بالقتل، أو المتهم بالسرقة على قول مالك، أو لأجل
معرفة حال المديون، والمحارب فيما لم يقتل ولم يجرح - على فرض تفسير النفي في الآية بالحبس - فهذا يطلق
سراحه بعد انقضاء المدة (15) 2 - وتارة يكون الحبس من باب التعزير - فللإمام العفو عنه متى شاء (16)
3 - وتارة يتوب المسجون ويصلح أمره، أو يرى الامام فيه صلاحا فيطلق سراحه وان كان الحبس مؤبدا، كما
صرح بذلك الشيخ المفيد (17)، والسيد المرتضى (18) والديلمي (19) وابن زهرة (20) والفاضل الهندي (21) و
المحقق النجفي (22)

1 - كشف اللثام 2: 249.
2 - رياض المسائل 16: 13.
3 - العروة الوثقى 3: 52.
4 - منهاج المتقين: 503.
5 - تحرير الوسيلة 2: 440.
6 - ذخيرة الصالحين 8: 55.
7 - منهاج الصالحين 1: 304.
8 - مستند الشيعة 9: 188 - للنراقي - والقضاء للكني: 212.
9 - النفقات: 67.
10 - الخراج: 149. 184 - التراتيب الا دارية 1: 300.
11 - تحفة الفقهاء 1: 158 - الانصاف للمرداوي 10: 249.
12 - عيون الأزهار: 469.
13 - الفقه على المذاهب الأربعة 5: 424.
14 - المصنف: 424.
15 - موارد السجن: 547.
16 - شرائع الاسلام 4: 147 - مسالك الأفهام 14: 326 - المبسوط 8: 66.
17 - المقنعة: 802.
18 - الانتصار: 63.
19 - المراسم: 259.
20 - الغنية: 433.
21 - كشف اللثام 2: 249.
22 - جواهر الكلام 41: 533 - مناهج المتقين: 502.
52

4 - وقد يكون مسجونا حدا، ولكن ثبت الجرم بالإقرار، لا بالبينة، فللأمام العفو عنه كما عن الطوسي (1) ولكن
مع الخلاف في نوع الجريمة، من شرب الفقاع والمسكر، أو الحق الخاص بحقوق الله، أو أن العفو خاص
بالمعصوم. (2)

1 - النهاية: 718.
2 - الغيبة: 425 - جواهر الكلام 41: 540 - شرائع الاسلام 4: 170 - مباني تكملة المنهاج 1: 176 - ذخيرة الصالحين
للطبسي 8: 38.
53

ملاحظات وأمور
الأول: فصل الرجال عن النساء
الثاني: فصل الأحداث عن الكبار والمسلمين عن غيرهم
الثالث: تشغيل المسجون
الرابع: تحريم التعذيب في السجن
الخامس: معنى التأديب في السجن وحدوده
السابع: المؤلفات حول السجن
54

ثم أن هناك أمور لابد من مراعاتها في السجن والسجناء:
الأمر الأول: فصل الرجال عن النساء.
فعن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يحبس النساء - من السبايا - في حظيرة بباب المسجد - (1) وعن الكتاني: في بحث سجن
النساء: جعلت بنت حاتم في حصيرة بباب المسجد، وكانت النساء تحتبس فيها (2).
ويمكن أن يستأنس له مما دل على حرمة الخلوة بالأجنبية (3)، وحرمة أو بطلان الصلاة في مكان خلوة لا يمكن
لثالث الدخول عليهما (4).
هذا وقد صرح البعض منا بوجوب مراعاة الفصل، وأن اختلاط الرجل بالمرأة في مكان خلوة، مما يوجب
الفساد قطعا (5)
ومن العامة: صرح بذلك السرخسي (6) وابن عابدين حيث قال: يجعل للنساء سجن على حده دفعا للفتنة (7)
كما يعرف من مذاق الشرع، والجو التشريعي، عدم الرضا بالاختلاط (8).
الأمر الثاني: فصل الاحداث عن الكبار والمسلمين عن غيرهم.
والأصل في ذلك ما ورد عن الصادق (عليه السلام): ويحبس في سجن المسلمين.
وفي نقل آخر: سجن المؤمنين - راجع بحث الإيذاء الجسمي - وقد أشار البعض منا إلى ذلك، فقال: فيجب ان
يفرد لكل صنف من هؤلاء، ومن أصناف المجرمين مكان خاص لئلا يؤدي الامر إلى الفساد، وبذلك يظهر
وجوب إفراد سجن الشباب السذج أيضا عن سجن من توغل في الانحراف الفكري والعقائد الفاسدة والمناهج
الباطلة المعدية، إذ المعاشرة المستمرة مؤثرة قطعا، فينقلب السجن المعد للاصلاح إلى محل الفساد والافساد. (9)
كما نص من العامة ابن عابدين على ضرورة تفريق الاحداث عن الكبار. (10)
ومن موارد حبس الاحداث - الأطفال - ما يلي:

1 - السيرة النبوية 4: 225.
2 - التراتيب الإدارية 1: 300.
3 - وسائل الشيعة 13: 280.
4 - توضيح المسائل للخميني: 144 - الخوئي: 152 - الگلپايگاني: 172.
5 - ولاية الفقيه 2: 455.
6 - المبسوط 20: 90.
7 - رد المحتار 4: 328 و 347.
8 - موارد السجن: 516.
9 - ولاية الفقيه 2: 455.
10 - الدر المختار 4: 347.
55

1 - حبس أطفال البغاة، كما عن العلامة (1) والعاملي (2) ومن العامة الفيروزآبادي (3) وابن قدامة (4)
2 - حبس احداث الكفار لو ادعى الانبات (5)
3 - الحبس للتأديب، كما عن السرخسي (6) والحموي (7) وابن عابدين (8)
الأمر الثالث: تشغيل المسجون:
وقد تعرض لهذا البحث بعض المفكرين منا (9)
ولم يرد بخصوصه نص، ولكن لا كلام في حسنه، كما يكفى فيه الاطلاقات الواردة في الحث على العمل وكراهة
الكسل وترك العمل (10) وقد استدلوا بما ورد من جواز استخدام المحبوس في الدين للغرماء (11)
الأمر الرابع: تحريم التعذيب في السجن لأخذ الاقرار، كما لا اعتبار بالاقرار حينئذ.
وبه وردت روايات كثيرة، منها: ما رواه الكليني عن الصادق (عليه السلام): ان أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: من أقر عند تجريد،
أو تخويف، أو حبس أو تهديد فلا حد عليه. (12) وبه روايات كثيرة من طرق العامة أيضا (13)
كما أن فتاوى فقهائنا هي مفاد هذه الروايات (14) وكذلك كلمات فقهاء العامة (15)
هذا ولكن هناك نصوص توهم جواز التعذيب في المتهم بالقتل (16) وفي كاتم الحقيقة - وان الاسرار التي يخفيها
تهم الدولة الاسلامية، كما في كنانة بن أبي الحقيق - رأس اليهود - حينما سأله النبي (صلى الله عليه وآله) عن كنز لآل أبي الحقيق، و

1 - القواعد 2: 211.
2 - مفتاح الكرامة 10: 106.
3 - التنبية: 229.
4 - ابن قدامة 86 115 - والام 4: 219 - والمجموع 19: 206 - حلية العلماء 7: 617 - الوجيز 2: 165.
5 - مختلف الشيعة 9: 331 - روضة المتقين 10: 353.
6 - المبسوط 20: 91.
7 - غمر عيون البصائر: 220.
8 - الدر المختار 4: 347 - احكام السجون: 101.
9 - احكام السجون: 114.
10 - وسائل الشيعة 12: 51.
11 - التهذيب 6: 300.
12 - الكافي 7: 261 - التهذيب 10: 148 - وسائل الشيعة 18: 498.
13 - مصنف عبد الرزاق 10: 192 - سنن أبي داود 4: 135 - المعجم الكبير 22: 170.
14 - النهاية: 718 - شرائع الاسلام 4: 176 - الجامع للشرائع: 552 - تحرير الأحكام 2: 230 - جواهر الكلام 41:
280 - تحرير الوسيلة 2: 44.
15 - الخراج: 175 - المحلى 11: 141 - تحفة الفقهاء 3: 277 - رد المحتار 4: 312 - فقه السنة 14: 83.
16 - دعائم الاسلام 2: 407.
56

أنكر فعذبه الزبير (1) لكن يرد عليه إشكالات منها ضعف السند (2)
كما يبدو من البعض جواز تعذيب كاتم الحقيقة فيما إذا علم بها اجمالا أو احتمله احتمالا قريبا، وكان كتمانها ضرر
على المسلمين فيتوسل بالتعزير والتعذيب العادل إلى بلوغ الحقيقة المنشودة. (3)
وعن الاخر: يمكن ان يقال إن حفظ نظام المسلمين وكيانهم وكذلك حفظ أموالهم وحقوقهم أمران مهمان عند
الشارع، وهما يتوقفان كثيرا على القبض على المتهمين وحبسهم بداعي الكشف والتحقيق. (4)
وقال أيضا: " اما إذا علم الحاكم أنه يوجد عند الشخص معلومات نافعة في حفظ النظام ودفع الفتنة، أو في
تقوية الاسلام، أو في احقاق حقوق المسلمين بحيث يحكم العقل والشرع بوجوب الاعلام عليه، وكان وجوبه
واضحا بينا له أيضا، وهو مع ذلك يكتم الشهادة عنادا، جاز حينئذ تعزير المتهم للكشف والاعلام فقط من
دون أن يترتب على اعترافه المجازاة، لما عرفت من جواز التعزير على ترك الواجب مطلقا، والمفروض أن
الاعلام واجب عليه. (5)
كما أجاز بعض العامة الضرب في المتهم بالقتل والسرقة. (6)
الأمر الخامس: معنى التأديب في السجن وحدوده.
وفيه مراتب ومصاديق: الأول: التضييق في المطعم والمشرب، ويعاقب به طوائف:
1 - من ظاهر زوجته ولم يراجع. (7)
2 - المديون الذي يلتوي في السجن. (8)
الثاني: التضييق في الملبس: وهو عقوبة المرأة المرتدة، فعن علي (عليه السلام): ولم تلبس الا من خشن الثياب بمقدار ما
يواري عورتها، ويدفع عنها ما يخاف منه (9)
الثالث: التقييد وشد اليدين والرجلين.
وهى عقوبة طوائف:

1 - مغازي الواقدي 2: 671.
2 - موارد السجن: 538.
3 - تعليق وتحقيق على أمهات القضاء بهامش القضاء للعراقي: 368.
4 - ولاية الفقيه 2: 585.
5 - ولاية الفقيه 2: 585.
6 - الأحكام السلطانية: 220 - فقه السنة 14: 83 - الفتاوى الكبرى 4: 228.
7 - تحرير الأحكام 2: 62 - وسائل الشيعة 15: 545.
8 - الكافي في الفقه: 448 - نزهة الناظر ليحيى بن سعيد: 121.
9 - دعائم الاسلام 2: 480.
57

1 - الام الزانية. (1)
2 - العامل الخائن كما في قصة ابن هرمة. (2)
3 - الداعر: (3) وفي السند نظر (4)
4 - الملتوي عن أداء الدين (5) واما العامة: ففي المطلوب بالدم (6)
الرابع: التضييق في المكان:
وهو عقوبة طوائف:
1 - الملتوي عن أداء الدين
2 - العامل الخائن كما في قصة ابن هرمة. (7)
الخامس: الضرب بالسياط
وهى عقوبة طوائف:
1 - الممسك على القتل، كما في عن الصادق (عليه السلام) ويضرب في كل سنة خمسين جلدة (8) وقد أفتى به: ابن البراج (9)
والسيد الخوئي. (10)
2 - العامل الخائن كما في ابن هرمة، فأخرجه من السجن فاضربه خمسة وثلاثين سوطا، فان رأيت به طاقة أو
استطاعة فاضربه بعد ثلاثين يوما خمسة وثلاثين سوطا. (11)
3 - السارق في الثالثة: كما في الحديث ضربه وخلده في السجن (12)
4 - الملتوي عن أداء الدين قاله الطوسي (13) وابن حمزة (14) ويحيى بن سعيد والعلامة وغيرهم (15)
5 - المرتدة (16)

1 - وسائل الشيعة 18: 412.
2 - دعائم الاسلام 2: 532.
3 - مسند زيد: 265.
4 - موارد السجن: 543.
5 - القضاء للكني: 212.
6 - الخراج: 150.
7 - دعائم الاسلام 2: 532.
8 - التهذيب 10: 221.
9 - المهذب 2: 468.
10 - مباني تكملة المنهاج 2: 11.
11 - دعائم الاسلام 2: 532.
12 - الجعفريات: 141 - الدار قطني 3: 108.
13 - المبسوط 4: 232.
14 - الوسيلة: 372.
15 - موارد السجن: 545.
16 - شرائع الاسلام 4: 183 - نزهة الناضر: 119.
58

6 - القاتل الفار: ثم للوالي حبسه وأدبه. (1) وهذا هو حد التأديب والتعذيب في السجن والحبس، على
الاختلاف والكلام في بعضها سندا ودلالة. (2)
السادس: أول بناء للسجن:
ورد في النصوص: أن عليا (عليه السلام) هو الذي بنى سجنا وسماه نافعا وبنى آخر وسماه مخيسا. (3)
فعن السيوطي: أول من بنى السجن في الاسلام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وكان الخلفاء قبله يحبسون في الابار (4)
وعن ابن الهمام أيضا: وهو أول سجن بنى في الاسلام - (5) وصرح رضوان الشافعي بذلك (6)
السابع: المؤلفات حول السجن: قد كتب ونشر حول السجن كتب ومؤلفات كثيرة،
منها: 1 - حبس المحارب للعياشي، 2 - أحكام السجون للوائلي، 3 - السجن والسجين للمحمدي والباقري،
4 - السجن للأردستاني، 5 - حقوق السجناء لتاج زمان، 6 - تاريخ السجن الاصلاحي للفكيكي، 7 - حقوق
الانسان في السجون لغنام محمد، 8 - احكام المحبوسين، 9 - موارد السجن، 10 - أحكام السجن ومعاملة
السجناء في الإسلام، لأبي غدة.

1 - الكافي 7: 286.
2 - موارد السجن: 546.
3 - مسند زيد: 266 - الغارات 1: 134 - النهاية لابن الأثير 2: 92 - لسان العرب 6: 72.
4 - وسائل الشيعة إلى مسامرة الأوائل 54 و 43 - أقضية رسول الله: 10 - التراتيب الإدارية 1: 297.
5 - شرح فتح القدير 5: 471 - مصنف عب الرزاق 5: 147 - نظم الحكم بمصر في عهد الفاطميين: 289.
6 - الجنايات المتحدة في القانون والشريعة: 68 - انظر المحلى 8: 373 و 9: 382 - نيل الأوطار 8: 305 - فقه السنة
14: 81.
59

القسم الثاني:
في النفي والتغريب
معنى النفي
معنى التغريب
حكم النفي والتغريب
التغريب حد أم تعزير
هل يجوز التغريب تعزيرا
هل كان التغريب قبل الإسلام
موارد التغريب
60

معنى النفي:
هو الطرد والدفع، والابعاد والتنحي ومنه: النفي إلى بلدة، يعني دفعه إليها. (1) وقيل: أصله الاهلاك بالاعدام. (2)
معنى التغريب:
هو الابعاد عن الوطن، والارسال إلى الغربة، واغترب - تغرب - يعني ذهب إلى بلاد الغربة. (3)
والتغريب: تعبير آخر عن النفي من بلد الجناية، وابعاده. (4)
حكم النفي والتغريب:
وهو مشروع بالأدلة الأربعة:
أما الكتاب، فلقوله تعالى، أو ينفوا من الأرض: (5)
أما السنة: فللروايات المستفيضة أو المتواترة (6) فقد غرب النبي (صلى الله عليه وآله)، وغرب علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ففي الحديث
عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا نفى أحدا من أهل الاسلام نفاه إلى أقرب بلدة من أهل الشرك إلى
الاسلام، فنظر في ذلك فكانت الديلم أقرب أهل الشرك إلى الاسلام. (7)
أما الاجماع: فقد انعقد الاجماع على أن التغريب عقوبة لبعض الجرائم، كالمحارب والزاني غير المحصن، والوالد
يقتل ابنه، وفي القيادة. (8)
أما العقل: فهو يحكم بلزوم الحفاظ على سلامة أمن المجتمع بكل طريقة ممكنة، ومنها النفي والطرد.
التغريب حد أم تعزير:
إذا قلنا: ان الملا ك في التعزير هو العقوبة التي لا تقدير لها شرعا (9) كما هو المشهور (10) فهو حد، إذ قد ورد

1 - معجم مقاييس اللغة 5: 456 - مجمع البحرين 1: 418 - النهاية 5: 101 - لسان العرب 15: 337 - القاموس المحيط
4: 399 - صحاح اللغة 6: 2513.
2 - مجمع البيان 3: 187.
3 - مجمع البحرين 1: 131.
4 - النهاية 4: 349 - لسان العرب 1: 638 - الوافي 22: 828.
5 - المائدة: 33.
6 - كتاب النفي والتغريب: 25.
7 - التهذيب 10: 36 - وسائل الشيعة 18: 540 - الجامع الصحيح 4: 44.
8 - النفي والتغريب: 47 و 91 و 135 و 164 و 367.
9 - رياض المسائل 15: 433 - مسالك الأفهام 14: 457.
10 - مهذب الأحكام 27: 271.
61

التحديد به عقوبة لبعض الجرائم، كو طئ البهيمة، وقتل الوالد ولده، والمحارب. (1)
وأما لو قلنا: بان هذا التعريف انما هو بحسب الغالب، وذلك لورود تعزيرات خاصة بكميات معينة في الشرع. (2)
فيحتمل كونه تعزيرا، ان لم يدل دليل على أنه حد - فيجوز للفقيه اسقاطه والعفو عنه، كما في كل تعزير.
هل يجوز التغريب تعزيرا؟
صرح بعض فقهائنا بان وقوع التغريب عقوبة لبعض الجرائم انما هو تعزير يراه الحاكم مصلحة - كما في وطئ
البهيمة (3) وكما فيما له جانب اجتماعي كالاحتكار. (4) والبعض يرى أن التغريب كله من باب التعزير (5)
كما يرى بعض أتباع مدرسة الخلفاء: ان النفي والابعاد يكون من مصاديق التعزير، فيجوز للحاكم التعزير به. (6)
هل كان التغريب قبل الاسلام؟
يرى البعض بالنظر إلى بعض الروايات (7) أن التغريب كان امرا متداولا وشائعا قبل الاسلام، - خصوصا بالنسبة
إلى الرجل الزاني -، فأقره الاسلام بقوله: " فأمسكوهن في البيوت " (8) ولكن بعد ذلك نسخ هذا الحكم بآية الجلد
(9)

1 - النفي والتغريب: 83.
2 - مهذب الاحكام 27: 271.
3 - جواهر الكلام 41: 639.
4 - موازين قضائي از نظر امام خميني 1: 171.
5 - دراسات في ولاية الفقيه 2: 326.
6 - الفقه على المذاهب الأربعة 5: 400 - التاج الجامع للأصول 3: 32 - معالم القربة: 285.
7 - وسائل الشيعة 8: 351.
8 - سورة النساء: 15.
9 - البيان في تفسير القرآن: 329.
62

موارد التغريب
الفصل الأول: في الدم
الفصل الثاني: في الفحشاء
الفصل الثالث: فيما يرتبط بالدولة
الفصل الرابع: فيما يرتبط بأمن المجتمع
63

موارد التغريب:
من خلال تتبع النصوص والفتاوى يعرف أن التغريب عقوبة لجرائم، وفي موارد قد تبلغ العشرين: في أربعة
عناوين عريضة:
الفصل الأول: النفي في الدم (1)
ويشمل: نفي قاتل الولد، ونفي قاتل عبده، ونفي قاتل العبد، ونفي الممثل بالميت (2)
الأول: في قتل الولد، فهو رأي يحيى بن سعيد (3) والشيخ الطبسي (4) ويميل اليه المجلسي شيخ الاسلام (5) والخوئي
والخوانساري (6) لكنه من باب التعزير يراه الحاكم، والدليل لهذه الفتوى، هو رواية جابر عن الباقر (عليه السلام): في الرجل
يقتل ابنه أو عبده. قال: لا يقتل به، ولكن يضرب ضربا شديدا، وينفى عن مسقط رأسه (7) ومسقط الرأس
عنوان مشير إلى موطنه الفعلي. (8) هذا ولم يحدد في النص مدة النفي، فلو كان النفي من باب التعزير فأمره من حيث
المدة موكول إلى الحاكم. (9)
الثاني: نفي قاتل عبده
فقد أورد الطوسي عن الإمام الباقر (عليه السلام): انه ينفى عن مسقط رأسه (10)
كما وردت في كتب العامة أيضا روايات: ان النبي (صلى الله عليه وآله) نفاه سنة (11) ولكنها ضعيفة السند - على مبناهم -.
وممن أفتى بالنفي من فقهائنا هو يحيى بن سعيد الحلي والعلامة المجلسي (12)
الثالث: النفي قاتل العبد - وان لم يكن المقتول عبده -. وبه روايات من العامة (13) وقد نفى بعض الخلفاء قاتل
العبد سنة (14) ولكن مع ذلك لم أر من الفريقين من أفتى بالنفي فيه، نعم، قالوا فيه بالتعزير. ومن المذاهب الأخرى
من أفتى فيه بالحبس. (15)

1 - الثاني: في الفحشاء. الثالث: فيما يرتبط بأمن المجتمع وسلامته. الرابع: فيما يرتبط بالدولة الاسلامية وسيأتي البحث
عنه.
2 - النفي والتغريب: 12.
3 - الجامع للشرائع: 576.
4 - ذخيرة الصالحين 8: 172.
5 - ملاذ الأخيار 16: 500.
6 - جامع المدار ك 7: 233 - مباني تكملة المنهاج 2: 72.
7 - تهذيب الأحكام 10: 236.
8 - النفي والتغريب: 52.
9 - جواهر الكلام 41: 639.
10 - تهذيب الأحكام 10: 236.
11 - مصنف ابن أبي شيبة 9: 304 - السنن الكبرى 8: 36.
12 - الجامع للشرائع: 576 - ملاذ الأخيار 16: 50.
13 - مصنف ابن أبي شيبة 9: 407.
14 - كنز العمال 15: 119.
15 - المدونة الكبرى 6: 403 - المحلى 1: 347.
64

المورد الرابع: نفي قاتل الذمي
وبه رواية من طرق العامة، عن النبي (صلى الله عليه وآله) انه ينفى من أرضه إلى غيرها. (1)
وان عمر بن عبد العزيز نفى قاتل الذمي إلى ارض خثعم (2) ولكن مع ذلك لم يفتوا بالنفي، نعم، قالوا فيه بالتعزير،
ولعله لضعف المستند (3) اما للإرسال وحذف الواسطة بين عمرو بن شعيب وبين النبي (صلى الله عليه وآله) واما لوجود الخلاف
في عمرو بن شعيب نفسه لأنه ليس بحجه عند بعضهم. (4)
المورد الخامس: نفي الممثل بالميت.
وقد وردت به رواية عن الامام أبي جعفر الثاني (عليه السلام) أنه قال: إنما سئل الرضا (عليه السلام) عن نباش نبش قبر امرأة وفجر
بها وأخذ أكفانها فأمر بقطعه للسرقة ونفيه لتمثيله بالميت. (5)
ولكن لم نعثر على من أفتى فيه بذلك رغم التتبع، بل ولم يتعرض لهذه المسألة الا المجلسي والفيض الكاشاني، و
المنتظري. (6)
الفصل الثاني: النفي في الفحشاء
وفيه ثمانية موارد:
الأول: نفي واطئ البهيمة، وردت بذلك رواية موثقة، نقلها الكليني والطوسي (7) والرواية عن سماعة قال: سألت
أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يأتي بهيمة أو شاة أو ناقة أو بقرة؟ فقال: عليه ان يجلد حدا غير الحد ثم ينفى من بلاده
إلى غيرها.
وقد أفتى بمضمونها جمع من فقهائنا، كالمحقق النجفي، والسيد الخوئي والشيخ الطبسي (8) هذا ولم يتعرض أصحابنا
للنفي كعقوبة لهذه الجريمة على ما قاله المجلسي. (9)
وأما من السنة: فقد نقل النووي عن بعض منهم أنه يجلد ويغرب. (10)

1 - مصنف عبد الرزاق 10: 92.
2 - السنن الكبرى 8: 101.
3 - النفي والتغريب: 76.
4 - تهذيب التهذيب 8: 43 - سير أعلام النبلاء 5: 165.
5 - إثبات الوصية: 187 - مستدر ك الوسائل 18: 190.
6 - مرآة العقول 23: 420 - الوافي 15: 493 - دراسات في ولاية الفقيه 2: 532.
7 - الكافي 7: 204 - التهذيب 10: 60.
8 - جواهر الكلام 41: 639 - مباني تكملة المنهاج 1: 345 - ذخيرة الصالحين 8: 62.
9 - مرآة العقول 23: 312 - ملاذ الأخيار 16: 120.
10 - المجموع 20: 29 - النفي والتغريب 81: 89.
65

المورد الثاني: نفي القواد: وهو الذي يجمع بين الذكر والأنثى حراما (1) وقد ورد بذلك رواية عن الصادق (عليه السلام)، عن
عبد الله بن سنان قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أخبرني عن القواد ما حده؟ قال: لا حد على القواد أليس انما يعطى
الاجر على أن يقود؟ قلت جعلت فداك! انما يجمع بين الذكر والأنثى حراما؟ قال: ذاك المؤلف بين الذكر والأنثى
حراما؟ فقلت: هو ذاك جعلت فداك قال: يضرب ثلاثة أرباع حد الزاني - خمسة وسبعين سوطا - وينفى من
المصر الذي هو فيه، (2) وقد أفتى بمضمونها الكثير منا، بل هو المشهور عندنا، وممن قال به: الشيخ المفيد، و
الطوسي، وأبو الصلاح الحلبي (3)
ومن المعاصرين: الخوانساري، والخميني، والطبسي (4) والسبزواري وأستاذنا الفاضل اللنكراني. (5)
ومن السنة: فلم نعثر على رأي صريح لهم - عدا ما عن المقدسي والبهوتي والحراني (6)
ثم يقع الكلام في 1 - أمور: ان التغريب هل يختص بالرجل القوادة فلا نفي على القواد - كما هو رأي الطوسي وابن
البراج وابن حمزة والفاضل الآبي (7) وقد ادعى عليه عدم الخلاف، أو الاتفاق (8) أو انه يشمل المرأة أيضا، كما
عليه سلار، ويظهر من الأردبيلي والخوانساري. (9)
2 - كما يقع الكلام في مدة النفي: فإنه لم يرد من الشرع تحديد المدة (10) ولكنه لا يكون إلى سنة، (11) بل هو موكول
إلى نظر الامام لأنه منصوب للمصلحة (12).
وقد أفتى بذلك الخميني (13) وارتضاه استاذنا اللنكراني (14)

1 - مجمع البحرين 3: 132.
2 - الكافي 7: 266 - التهذيب 10: 64.
3 - المقنعة: 791 - النهاية: 710 - الكافي في الفقه: 410.
4 - جامع المدارك 7: 91 - تحرير الوسيلة 4: 425 - ذخيرة الصالحين 8: 247.
5 - مهذب الاحكام 27: 391 - تفصيل الشريعة (كتاب الحدود): 277 - انظر: المراسم العلوية: 257 - والمهذب 2:
534 - والوسيلة: 414 - وغنية النزوع: 427 - اصباح الشيعة: 519 - كشف الرموز 2: 563 - شرائع الاسلام 4: 162
- الجامع للشرائع: 557 - قواعد الأحكام 2: 258 - تحرير الأحكام 2: 224.
6 - الفروع 6: 115 - كشاف القناع 6: 127 - الفتاوى الكبرى 4: 299.
7 - النهاية: 710 - المهذب 2: 534 - الوسيلة: 414 - كشف الرموز: 2: 563.
8 - رياض المسائل 16: 6 - جواهر الكلام 41: 401 - ذخيرة الصالحين 8: 47.
9 - المراسم: 257 - مجمع الفائدة 13: 126 - جامع المدارك 7: 91.
10 - النفي والتغريب: 114.
11 - السرائر 3: 471.
12 - النهاية ونكتها 3: 314.
13 - تحرير الوسيلة 2: 425.
14 - تفصيل الشريعة: 278.
66

3 - كما يقع الكلام في أن نفي القواد انما يكون في المرة الأولى، كما هو رأي كثير من فقهائنا قديما وحديثا، أو انه
في المرة الثانية، كما هو رأي جمع آخر.
فمن الذين أفتوا بالأول: الشيخ الطوسي، وابن البراج، وابن إدريس، والفاضل الابي، وفخر المحققين، ويحيى بن
سعيد، والعلامة الحلي في بعض كتبه، وابن فهد الحلي، والشيخ الطبسي والسيد الخوانساري (1).
ومن الذين يرون القول الثاني: الشيخ المفيد، وأبو الصلاح الحلبي، وسلار، وابن حمزة، والصهرشتي، و
الطباطبائي، والمحقق النجفي، والسيد الخميني، والشيخ اللنكراني، (2)
4 - التحديد المكاني: ومما يقع أو ينبغي البحث فيه هو التحديد المكاني، وانه هل يكون تغريبه إلى دون المسافة أو
أكثر أو صدق السفر؟ ولم يرد فيه نص بالخصوص الا ما ورد عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا نفي
أحدا من أهل الاسلام نفاه إلى أقرب بلدة من أهل الشرك إلى الاسلام، فنظر في ذلك فكانت الديلم أقرب أهل
الشرك (3) وقد حدد الطوسي التغريب بما يراه الامام، لأنه ليس بمحدود شرعا (4)
المؤنة: كما أن المؤنة في التغريب عليه، واما لو لم يكن له فمن بيت المال (5)
المورد الثالث: ما تبناه بعض العامة من تغريب اللائط، كما هو رأي سعيد بن مسيب، على ما قيل وعطاء، و
الحسن، وقتادة، والنخعي والثوري، والأوزاعي وأبو طالب والشافعي. (6)
وهو مردود عندنا، بل يجب عليه القتل وهو متفق عليه بين الامامية (7)
المورد الرابع: نفي الزاني غير المحصن:
وهذا مما لا خلاف فيه بين الامامية، وبه روايات تزيد على العشرة، منها: ما عن الباقر (عليه السلام) في البكر و
البكرة إذا زنيا جلد مائة ونفي سنة في غير مصرهما (8) وقد ورد عن العامة أيضا بهذا العدد من الروايات، وانه
جلد مائة وتغريب عام (9) ونكتفي من آراء الخاصة بكلام ابن أبي عقيل حيث قال: إذا كانا بكرين، جلدا مائة و
نفيا سنة (10) وهذا هو رأي جمهور السنة أيضا، بل كاد ان يكون اجماعا (11) ولا أقل انه رأي المالكية والشافعية و

1 - انظر النفي والتغريب: 122.
2 - النفي والتغريب: 122.
3 - التهذيب 10: 37.
4 - المبسوط 8: 1.
5 - المهذب البارع 5: 64.
6 - نيل الأوطار 7: 116 - الفقه على المذاهب الأربعة 5: 141.
7 - جواهر الكلام 41: 381.
8 - الكافي 7: 177.
9 - البخاري 8: 30.
10 - مختلف الشيعة 9: 150.
11 - الدرر البهية: 321.
67

الحنابلة (1).
ثم إن هنا مطالب وأبحاث:
1 - ان التغريب واجب عندنا وليس مستحبا موكولا إلى اختيار الإمام (2) ولكن عن بعض العامة انه يترك إلى
الامام، فان رأى فيه فائدة غرب. (3)
2 - ان التغريب عند الإمامية حد بالاتفاق (4) وهو رأي جمهور السنة أيضا (5) ولكن عند الأحناف: انه تعزير
موكول امره إلى الامام (6)
3 - ان المشهور عندنا في مدة النفي هو سنة، بلا زيادة ونقيصة (7) بل لم يكن فيه خلاف (8)
4 - ان المراد بالسنة التي هي مدة التغريب هو السنة الهلالية لا الشمسية (9) حيث إن أكثر الأحكام الشرعية
تترتب على الأشهر القمرية (10).
وقد صرح بذلك من المعاصرين الگلپايگاني، فقال: المراد من السنة والعام هو الهلالي منها دون الشمسي، فأن
الاحكام الواردة من الشرع في الشهور والسنة محمولة على القمرية (11)
ومن العامة: تعرض الرملي إلى ذلك (12)
5 - كما أنه يدور البحث في ابتداء العام هل هو من أول السفر كما يظهر من الروايات ومال اليه بعض المعاصرين
منا (13) ووافقنا الرملي فيه أو انه من حين وصوله إلى بلد التغريب - كما هو الظاهر من روايات أخرى - ويبدو
من الشافعية؟ (14)
6 - ولو عاد المغرب باختياره، وقبل انقضاء المدة، فقد يقال بالبناء على ما سبق - كما عليه العلامة الحلي و
الشهيد الثاني والگلپايگاني (15) وهو رأي الحنابلة والمالكية (16)

1 - الفقه الاسلامي وأدلته 6: 39.
2 - المبسوط 8: 3 - المهذب البارع 5: 64.
3 - الفقه على المذاهب الأربعة 5: 64.
4 - الخلاف 2: 439 - مسالك الأفهام إلى آيات الاحكام للكاظمي 4: 211.
5 - روائع البيان 2: 29.
6 - المبسوط للسرخسي 9: 45 - بدائع الصنائع 7: 39.
7 - المقنعة: 777.
8 - ذخيرة الصالحين 8: 41.
9 - الروضة البهية 9: 109.
10 - بيست وپنج رسالة " فارسي " للمجلسي: 402.
11 - الدر المنضود 1: 321.
12 - نهاية المحتاج 7: 428.
13 - حدود الشريعة 4: 428.
14 - أسنى المطالب 4: 129 - مغنى المحتاج 4: 148.
15 - تحرير الأحكام 2: 223 - الروضة البهية 9: 111 - الدر المنضود 1: 322.
16 - التشريع الجنائي الاسلامي 2: 382 - الاقناع 4: 252.
68

وقد يقال: بأن المدة الماضية لا تحتسب له، بل لا بد من مضي سنة من الطرد (1)
7 - واما النفي والتغريب لو كان مريضا، فانا وان لم نجد نصا بالخصوص ولا كلاما للفقهاء في ذلك، ولكن
يستشف من بعض الكلمات: الفرق بين المرض الذي لا يرجى زواله فلا ينتظر، وبين المرض الذي يرجى زواله
فينتظر كما عن الطوسي (2)
8 - كما أن التغريب قد يتوقف ويعلق فيما إذا رأي الحاكم انه يمكن إثارة الفتن بسبب هذا النفي، فيتوقف عند التنفيذ
إلى زوال المانع، ولكنه لا يسقط (3)
9 - حد التغريب والمسافة:
وهو موكول - عندنا - إلى ما يراه الحاكم كما عن الطوسي (4) أو إلى أدنى بلد من بلاد الاسلام إلى الشرك كما عن
يحيى بن سعيد (5) أو إلى مسافة قصر الصلاة كما عن العلامة الحلي (6) أو بحسب ما يصدق عليه الغربة كما عن
السبزواري (7) أو إلى خمسين فرسخا كما في بعض النصوص. (8)
ورأي جمهور السنة في ذلك هو مسافة يقصر الصلاة فيها كما عن الحصني الشافعي (9)
وعن بعضهم: بمقدار ما يصدق عليه اسم النفي كما عن المرداوي وابن قدامة (10)
10 - كما يقع البحث في جواز التغريب إلى بلاد الشر ك، على ما في رواية بكير، عن علي (عليه السلام): جواز
نفيه إلى بلاد الشرك الحدودية المجاورة لبلاد الاسلام (11)، أو انه لا يجوز التغريب إلى بلاد الكفر لان ذلك من
مصاديق التعرب بعد الهجرة. (12)
11 - يقع الكلام أيضا في حبسه في المنفى كما عن الأندلسي (13) وهو رأي الشافعية ومالك (14) أو يترك مطلق
العنان كما عن العلامة الحلي (15) مع رصده ومراقبته كما عن الشربيني. (16)

1 - كشف اللثام 2: 224 - قواعد الأحكام 2: 255.
2 - المبسوط 5: 203 - الخلاف 2: 442.
3 - الدر المنضود 1: 323.
4 - المبسوط 8: 3.
5 - الجامع للشرائع: 550.
6 - تحرير الأحكام 2: 23.
7 - مهذب الاحكام 27: 336.
8 - الفقه الرضوي: 275.
9 - كفاية الأخيار 2: 110 - أسنى المطالب 4: 130.
10 - الانصاف: 72 - المغني 9: 44.
11 - وسائل الشيعة 18: 394.
12 - الدر المنضود 1: 319.
13 - المنتقى 1: 319.
14 - التشريع الجنائي 2: 383 - المدونة الكبرى 6: 236.
15 - تحرير الأحكام 2: 223.
16 - المغني المحتاج للشربيني 4: 248.
69

12 - ثم إن تعيين البلد بيد المغرب فيكون اليه الخيرة كما عن العلامة الحلي والفاضل الهندي والگلپايگاني (1)
أو انه بيد الحاكم، وان لم يكن فيه دليل بالخصوص كما عن الخميني والسبزواري وشيخنا الأستاذ اللنكراني (2)
وهو رأي بعض السنة كالبهوتي (3)
13 - كما يقع البحث في التغريب لو كان الطريق غير آمن ويخشى عليه من التلف فينتظر ولكن لو كان الطريق
مخيفة ولم يبلغ ذلك الحد لم ينتظر، كما عن العلامة الحلي والفاضل الهندي (4)
وعن الرملي من السنة: ان التغريب انما يكون فيما لو كان الطريق آمنا. (5)
14 - كما يقع البحث في جواز انتقاله من بلد التغريب إلى بلد آخر - غير بلده - فعن البعض منا: ان اختيار النفي
فقط بيد الحاكم دون اختيار بلد آخر كما عن الگلپايگاني (6) وقد يقال: بالجواز نظرا إلى عدم خصوصية في المنفى
ما لم يحتم عليه الحاكم الإقامة في مصر معين، وعن بعض العامة: انه ملزم بالإقامة فيما غرب اليه ليكون له
كالحبس كما عن الرملي (7) وعن بعض آخر: انه يجوز له الانتقال، إذ لم يدل على المنع دليل كما عن الشربيني (8)
15 - ثم يقع الكلام والبحث في أن التغريب هل هو من بلد الجريمة - كالزنا -، أو من بلد الجلد واجراء الحكم،
أو من بلد المجرم؟ الروايات مختلفة في ذلك، وقد اختار الأول: الفاضل الهندي، والطباطبائي، والخميني، و
المرحوم الطبسي - الشيخ الوالد - (9)
وقد اختار الثاني: الشيخ الطوسي، وابن البراج ومن العامة: ابن أبي ليلى (10)
واختار الثالث: ابن أبي حمزة، والعلامة الحلي (11)
وقد يقال بمراعاة جميع العناوين، ونفيه من بلد الجلد والزنا وموطنه، وهو رأي بعض أعاظم عصرنا (12)
16 - ثم يقع الكلام في تغريب المرأة، فالمشهور عندنا عدمه، بدليل الاجماع كما عن الطوسي (13) وأدلة أخرى تبلغ

1 - قواعد الأحكام 2: 255 - كشف اللثام 2: 224 - الدر المنضود 1: 222.
2 - تحرير الوسيلة 2: 418 - مهذب الاحكام 27: 336 - تفصيل الشريعة: 138.
3 - شرح منتهى الإرادات 3: 344.
4 - قواعد الأحكام 2: 255 - كشف اللثام 2: 224.
5 - نهاية المحتاج 7: 428.
6 - الدر المنضود 1: 322.
7 - نهاية المحتاج 7: 427.
8 - مغني المحتاج 4: 148.
9 - كشف اللثام 2: 219 - رياض المسائل 15: 484 - تحرير الوسيلة 2: 218 - ذخيرة الصالحين 8: 41.
10 - المبسوط للطوسي 8: 3 - المهذب 2: 528 - المبسوط للسرخسي 9: 45.
11 - الوسيلة: 411 - تحرير الأحكام 2: 223.
12 - الدر المنضود 1: 317.
13 - المبسوط 8: 1 و ج 5: 203.
70

عشرة، بعضها واهية (1)
ويظهر من بعض آخر منا: تغريب المرأة - ومن القائلين به: العماني، والشهيد الثاني، والمحقق الأردبيلي، والسيد
الخوانساري، والخوئي (2) لوجود نصوص في ذلك، منها: ما عن الباقر (عليه السلام): وقضى - أي علي (عليه السلام) - في البكر و
البكرة إذا زنيا جلد مائة ونفي سنة في غير مصر هن، وهما اللذان قد أملكا ولم يدخلا بها (3)
واما عند السنة فالامر عندهم مختلف فيه. فعن جمع منهم انه لا نفي عليها، وهو رأي مالك، والماوردي، وأبي
إسحاق الشيرازي، والأوزاعي. (4)
وعن الشافعي، وابن حزم، والسرخسي، وآخرين: أنها تغرب (5)
وعن طائفة ثالثة منهم: التفصيل بين وجود محرم لها فتغرب، والا فلا. (6)
17 - ثم يقع الكلام في أنه هل يغرب لو زنى وهو في السجن وهل يصدق عليه انه غير محصن، كما في رواية
الحارث بن المغيرة، عن الصادق (عليه السلام): سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل له امرأة بالعراق فأصاب فجورا وهو
بالحجاز؟ فقال يضرب حد الزاني مأة جلدة ولا يرجم قلت: فإن كان معها في بلدة واحدة وهو محبوس في
سجن لا يقدر ان يخرج إليها ولا تدخل هي عليه، أرأيت ان زنى في السجن؟ قال: هو بمنزلة الغائب عن أهله يجلد
مائة جلدة (7)
أم يسقط التغريب عنه لعدم امكانه سيما لو كان الحبس دائما؟ أم يغرب بعد انقضاء مدة الحبس، استصحابا لحكم
الحبس؟ أم يغرب من بلد الحبس إلى بلد آخر ويحبس فيه عملا بمقتضى اطلاق وجوب التغريب (8)
18 - ثم يقع الكلام في أن المغرب لو ارتكب ما عقوبته التغريب كالزنا، فهل يغرب من البلد إلى بلد آخر؟ كما عن
العلامة الحلي، والگلپايگاني (9) وهو رأي ابن قدامة والشربيني من السنة. (10)
ثم هل ان مدد التغريب تتداخل فيما بينها أم انه يجب اكمال السنة الأولى أولا، ثم يبدأ في احتساب سنة أخرى لزناه

1 - النفي والتغريب: 241.
2 - مختلف الشيعة 9: 152 - مسالك الأفهام 14: 370 - مجمع الفائدة 13: 76 - جامع المدارك 7: 90 - مباني تكملة
المنهاج 1: 201.
3 - الكافي 7: 177 - الاستبصار 4: 202.
4 - المدونة الكبرى 6: 236 - الأحكام السلطانية: 223 - المهذب 2: 271 - الانصاف 1: 174 - سبل السلام 4: 5.
5 - ارشاد الساري 10: 26 - المحلى 11: 186 - المبسوط 9: 44.
6 - الفروع للمقدسي 6: 69.
7 - الكافي 7: 178.
8 - النفي والتغريب: 263.
9 - تحرير الأحكام 2: 223 - الدر المنضود 1: 322.
10 - المغني 8: 169 - مغني المحتاج 4: 148.
71

الآخر (1)
19 - ثم يقع الكلام في نفقة المغرب، وهل هي على نفسه، لان التغريب حصل نتيجة لفعله؟ وحينئذ: فإن كان
فقيرا فعلى بيت المال، ان كان، والا فعلى المسلمين (2) أم نقول بان النفقة على بيت المال ابتداء لأنه معد لمصالح
المسلمين، والتغريب من جملتها؟ (3)
20 - ثم يقع الكلام في تغريب من كان عائلا بمن تجب نفقته عليه من الأولاد والوالدين و.... فقد يقال: بعدم
التعارض بين الواجبين، وذلك لان النفقة المستقبلة غير واجبة عليه، وبعد التغريب يسقط عنه نفقتهم، ولو أمكنه
العمل في المنفى يجب ان يمكن من العمل، لان التغريب يحصل من دون الاضرار بأهله. (4)
وقد يقال: ان لم يتمكن من أداء مؤنتهم فإنه يؤخر نفيه إلى رفع المانع كما عن السيد الگلپايگاني (5)
21 - ثم يقع الكلام في مراعاة الأمور الترفيهية وسلامة المنفى، إذ طالما لم يقصد بالتغريب القضاء على حياته - الا
المحارب على الخلاف بين الفقهاء - فلا بد وان لا يعرض للتشديد والمضايقات. وعليه فلا بد من توفير
الاحتياجات الأولية (6) فلا يغرب إلى أماكن خالية من هذه الأمور، بل من السكن، ولا إلى المناطق الحارة أو
الباردة جدا كما عن شيخنا الأستاذ اللنكراني (7)، بل ولا إلى بلد أشيع بها مرض، كالطاعون، وكما عن الرملي (8)
22 - هل يسمح له بالتجارة والكسب في المنفى كما هو مقتضى الاطلاق ولم يقم دليل خاص على المنع وهو رأي
الماوردي والروياني والشربيني من السنة ولم نجد فتوى من فقهاء الأمامية في هذا المورد (9)
أو انه لا يمكن من حمل مال زائد على نفقته، يتجر به كما عن الرملي (10)
23 - هل يعطى له الرخصة والإجازة للعودة إلى بلده والاتصال بذويه وأقاربه؟ فإنه لم يرد فيه نص بالخصوص
غير ما رواه الهندي عن الباوردي، عن النبي (صلى الله عليه وآله): يا أنة أخرج من المدينة إلى حمراء الأسد فليكن بها منزلك، و
لا تدخلن المدينة الا ان يكن للناس عيد فتشهده (11) وهى ضعيفة السند وغامضة الدلالة.

1 - النفي والتغريب: 67.
2 - قواعد الأحكام 2: 254 - كشف اللثام 2: 219 - الدر المنضود 1: 324 - المنتقى للأندلسي 1: 137 - ذيل نهاية
المحتاج 7: 428.
3 - النفي والتغريب: 270.
4 - النفي والتغريب: 274 - ذيل نهاية المحتاج 7: 428.
5 - الدر المنضود 1: 324.
6 - النفي والتغريب: 275.
7 - تفصيل الشريعة: 145.
8 - نهاية المحتاج 7: 428 - كشف القناع 6: 93.
9 - النفي والتغريب: 275.
10 - مغني المحتاج 4: 148.
11 - كنز العمال 5: 324 - النفي والتغريب: 279.
72

فقد يقال: ان كان التغريب حدا - بعنوان الحد - ومحدودا بمدة فمقتضى اطلاق دليله هو لزوم كونه مغربا في تمام
المدة، فالرخصة تنافيه.
واما لو لم يكن محدودا بمدة، أو كان محدودا بالتوبة، فالاطلاق يقتضي نفيه مدة، فيجوز ترخيصه بعده.
اما لو كان من باب التعزير: كما في وطئ البهيمة، وقاتل الولد، والقواد، وقاتل العبد، وقاتل الذمي، فان رأى
الحاكم مصلحة في ترخيصه - على القول بسعة ولايته - فيرخص نعم، ورد مرسلا في مورد المخنث وانه يرخص
في الأعياد ليشهد الصلاة.
وقد يظهر من بعض فقهائنا انه لا يجوز الرجوع إلى بلده بعد ان يقيم مدة في المنفى بحيث يقيم مدة في بلده ومدة في
المنفى كما هو رأي الگلپايگاني. (1)
24 - لو ادعى المغرب انتهاء المدة فقد يقال: بأن مقتضى الاستصحاب بقاءه وعدم انتهاء المدة، وقد يقال: بأن هذا
في حقوق الله. وهو مبني على المسامحة فيصدق قوله كما عن الشربيني والرملي ولم نجد هذا في كتبنا (2)
هذا ولم يرو فقهاؤنا شيئا فيه، ولعله لعدم الاحتياج اليه بعد فرض أن الحاكم يثبته في ديوانه أو يثبت زمان
التغريب، وعن بعض العامة: يحلف لو كان متهما كما عن الرملي (3) أو يحلف استحبابا وان لم يكن متهما كما عن
الشربيني (4)، هذا ولم نعرف وجه الاستحباب ودليله.
25 - ثم لو انتهت مدة التغريب فهل يحق للمغرب الرجوع من دون تنسيق مع الحاكم ولا استئذانه؟ فقد يقال:
بعدم الحاجة إلى ذلك طالما قد اتى بالواجب، فلا مبرر لتأخير الافراج والمكث إلى الاستئذان. ولم يتعرض أحد
من فقهائنا لهذه المسألة، ولكن بعض الشافعية تعرض لهذا الامر وقال: بعدم جواز الرجوع من دون الاستئذان، و
انه يعزر لو رجع (5)
26 - هل يحلق رأس المغرب - في الزنا - زيادة على التغريب؟ فنقول: اما من حيث الفتوى فقد اختلفت
الكلمات، فمنهم من يقول بالجز، كالصدوق، وابن أبي عقيل، وابن الجنيد، والطوسي، والحلبي، وابن زهرة، و
الطبري، والخوئي، والخميني، والطبسي. (6)
وعن آخرين: اختصاص الجز بالناصية، كالمفيد، وسلار، وابن حمزة. (7) وقد خلت كلمات العامة عن التعرض

1 - الدر المنضود 1: 322.
2 - النفي والتغريب: 286.
3 - مغني المحتاج 4: 148.
4 - نهاية المحتاج 7: 428.
5 - أسنى المطالب 4: 130.
6 - النفي والتغريب: 289.
7 - المقنعة: 775 - المراسم: 253 - الوسيلة: 411.
73

لهذه المسألة. اما من حيث الدليل فقد وردت روايات في الجز، منها: ما عن الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام): يجلد الحد
ويحلق رأسه (1) ورواية أخرى عن الصادق (عليه السلام): يضرب مائة ويجز شعره (2)
27 - كما أن حلق رأس المغرب - في الزنا - يختص بالرجل دون المرأة، إذ لا دليل على ذلك في غيره. (3)
المورد الخامس: نفي المخنث - على ما قيل - ومعنى المخنث: هو الذي يتشبه بالنساء كما عن العسقلاني و
القسطلاني (4) أو هو الذي يلين في قوله وينكسر في مشيه (5) أو هو الذي يوطأ في دبره (6)
اما النفي فلم يثبت عندنا ذلك، بل يرجم (7) وقد صرح بذل أبو الصلاح الحلبي (8) وان تردد العلامة في ذلك. لكن
وردت روايات من طرقنا بان النبي (صلى الله عليه وآله) غرب هيت ومانع إلى العرايا (9)، وهى اسم حصن بالمدينة (10)
كما وردت روايات بطردهم من المسجد (11) أو طردهم من البيوت (12) كما وردت روايات بلعنهم (13)
هذا ولكن السنة: يرون نفيه من البلد، كما عن الشافعية (14) بل هو متفق بينهم (15) كما عنونوا له بابا ونقلوا
روايات نسبوها إلى النبي (صلى الله عليه وآله) الكريم (16)
المورد السادس: نفي من وقع عليه التشبيب كما ورد من غير طرقنا - ومعناه: ذكره المحاسن واظهار شدة الحب
بالشعر (17).
المورد السابع: ورد أيضا نفي من شرب الخمر في شهر رمضان (18)
المورد الثامن: نفي من يرتزق بضرب الدفوف والغناء كما ورد في بعض الكتب وقاله بعضهم. (19)

1 - تهذيب الأحكام 10: 36.
2 - تهذيب الأحكام 10: 36.
3 - ذخيرة الصالحين للطبسي، 8: 41 - النفي والتغريب: 293.
4 - ارشاد الساري 10: 26 - فتح الباري 9: 336.
5 - مرآة العقول 20: 348 - لسان العرب 2: 145.
6 - مجمع البحرين 2: 252.
7 - الكافي 7: 267.
8 - الكافي في الفقه: 409.
9 - الكافي 7: 268.
10 - مرآة العقول 20: 351.
11 - علل الشرائع: 602.
12 - الجعفريات: 127.
13 - مستدر ك الوسائل 14: 349.
14 - الام 6: 146.
15 - الفقه على المذاهب الأربعة 5: 135 - الأحكام السلطانية: 279.
16 - فتح الباري 12: 134 - 10: 274 - كنز العمال 5: 324.
17 - الاختارات العلمية 4: 604.
18 - مصنف عبد الرزاق 7: 382.
19 - سنن ابن ماجة 2: 871 - كنز العمال 15: 222 - النفي والتغريب: 332 - وصرح بذلك القرشي في معالم القربة:
107.
74

هذا ولكن لم يرد من طرقنا ما يؤيد هذا المعنى ولا أفتى فقهاؤنا بالنفي في هذه الموارد.
الفصل الثالث: ما يرتبط بالدولة الاسلامية:
ويندرج تحته موارد:
1 - نفي الجاسوس المسلم، فقد قيل بالنفي فيه كما نسب ذلك إلى الأوزاعي وسحنون (1) اما عندنا: فلم يكن فيه
النفي (2)
2 - نفي من إستهزأ بالنبي (صلى الله عليه وآله): أو أذاع اسرار الدولة: وقد غرب رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحكم بن أبي العاص إلى الطائف
(3) وطرد النبي (صلى الله عليه وآله) يهود بنى قينقاع من المدينة (4)، وكذلك طرد يهود بني النضير من المدينة أيضا (5)
3 - تغريب النواصب والحاقدين، من العاصمة (6) كما طرد النبي (صلى الله عليه وآله) الحكم بن أبي العاص من المدينة (7) وطرد
أمير المؤمنين (عليه السلام) قبيلة باهلة من الكوفة لأنهم أبوا ان يخرجوا معه إلى صفين فطردهم إلى الديلم (8) كما أن
المهدي (عليهما السلام) يطرد النواصب من الكوفة إلى ارض السواد (9)
4 - ومما قيل فيه بالنفي: هو المحتال ومن يقوم بالتزوير في مستندات الدولة وغيرها، فقد ورد عن بعض الخلفاء
انه غربه (10)، وحاول ابن قدامة تبرير موقف الخليفة وفعله (11) هذا ولم يرد عندنا الا التعزير والعقوبة (12)
5 - كما ورد عن بعض خلفاء بنى أمية - عمر بن عبد العزيز - انه غرب رجلا كان يرى تقديم معاوية
أمير المؤمنين علي (عليه السلام) - ويقول بأنه أولى منه. (13)
الفصل الرابع ما يرتبط بأمن المجتمع وسلامته:
وفيه موارد:

1 - معالم السنن 2: 274 - أقضية رسول الله (عليه السلام): 80.
2 - النفي والتغريب: 338.
3 - بحار الأنوار 18: 59 - مختصر تاريخ دمشق 24: 192.
4 - مسند أحمد 1: 149.
5 - مجمع البيان 9: 256.
6 - النفي والتغريب: 334.
7 - شرح نهج البلاغة 6: 149.
8 - وقعة صفين: 116 - الغارات 1: 19.
9 - الكافي 8: 227 - معجم أحاديث الإمام المهدي 3: 308 (نجم الدين الطبسي بالاشتراك).
10 - الفروع للمقدسي 6: 112.
11 - المغني 8: 325.
12 - النفي والتغريب: 355.
13 - مجموعة ورام: 301.
75

الأول: نفي السارق، وقد وردت نصوص بذلك، وان عليا (عليه السلام) نفي السارق من الكوفة إلى بلد آخر (1)، ولكن لم
نعثر على فتوى لفقهائنا في ذلك. اما عن العامة: فقد ورد ذلك عن التبصرة (2)
الثاني: المحتكر: فقال فيه بعض العامة بالنفي كما عن العيني والعسقلاني (3)
الثالث: نفي الأشرار، تأديبا لهم ومنعا لشرهم، كما عن بعض العامة، ولم أجد من أفتى به منا ولكن لا بأس به إذا
رآه الحاكم. (4)
الرابع: نفي المحارب: وهو المورد المهم في المقام، والمحارب هو الذي يجرد السلاح ويكون من أهل الريبة (5).
وقد صرح القرآن الكريم بتغريبه كأحد العقوبات له بقوله تعالى: " انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله و
يسعون في الأرض فسادا... أو ينفوا من الأرض " (6)
وقد وردت روايات كثيرة بشأن تعريف المحارب وحكمه، منها: ما رواه جميل بن دراج، قال: سألت أبا عبد
الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: " إنما جزاء الذين... " قلت: أي شئ عليهم من هذه الحدود التي سمى الله
عز وجل؟ قال: ذلك إلى الامام، ان شاء قطع، وان شاء صلب، وان شاء نفى، وان شاء قتل.
قلت: النفي إلى أين؟ قال: ينفى من مصر إلى مصر، وقال: ان عليا (عليه السلام) نفى رجلين من الكوفة إلى البصرة (7)
ثم إنه يقع الكلام في أمور:
1 - مدة نفي المحارب: والروايات في المقام مطلقة، لكن في رواية المدائني عن الرضا (عليه السلام): ان التقدير بنسبة ما ارتكبه
من الجناية قال: سئل عن قول الله عز وجل: انما جزاء الذين... " فما الذي إذا فعله استوجب واحدة من هذه
الأربع؟ قال: إذا حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا فقتل، قتل به وان قتل واخذ المال، قتل وصلب،
وان اخذ المال ولم يقتل، قطعت يده ورجله من خلاف، وان شهر

1 - دعائم الاسلام 2: 471 - الكافي 7: 230.
2 - الانصاف للمرداوي 10: 286.
3 - عمدة القاري 24: 14 - فتح الباري 12: 134.
4 - غاية المأمول شرح التاج الجامع للأصول 3: 32.
5 - النهاية للطوسي: 720 - موارد السجن: 354.
6 - سورة المائدة: 33.
7 - الكافي 7: 245.
76

السيف فحارب الله ورسوله، وسعى في الأرض فسادا ولم يقتل ولم يأخذ المال ينفى من الأرض... (1)
ورواية المدائني عن الصادق (عليه السلام): ان الملاك هو التوبة (2) وان الإفراج عنه لمدة سنة انما هو لأجل انه سيتوب
خلالها (3) وقد اختلفت الآراء والفتاوى في هذا المقام: فعن المفيد ان النفي أبديا أو يتوب (4)، وكذلك الشهيد
الأول وابن فهد الحلي (5) وهو رأي جمهور العامة (6)
وعن يحيى بن سعيد انه ينفى من بلاد الاسلام سنة، وهو المتبادر من الشهيد الثاني أيضا (7)
2 - المقصود بالنفي هو ان لا يدع يستقر في بلد، بل دائما يطارد ويمنع من كل بلد يقصده كما عن ابن فهد الحلي وابن إدريس
(8) أو انه ينفى من بلاد الاسلام سنة كما عن يحيى بن سعيد من فقهائنا والكاساني من المذاهب الأخرى (9)
3 - ثم إن نفي المرأة المحاربة أيضا مورد للبحث، كما في العناوين الماضية، فالظاهر من الشيخ الطوسي والعلامة الحلي
والفاضل الهندي هو التغريب (10)
ويظهر من بعض آخرين: الاختصا بالرجل، وهو قول ابن إدريس وابن الجنيد (11) ورأي مالك وبعض
الأحناف أيضا (12)
5 - هل يشترط في تغريب المحارب البلوغ؟ وقد اشترطه ابن الجنيد، وارتضاه الشهيد الأول (13) ولم يتعرض له
الكثير من الأصحاب.
6 - هل يسمح للمنفي المحارب اللجوء إلى البلاد الكافرة؟ ففي بعض روايات أهل البيت (عليهما السلام) انه يضرب عنقه، إذا

1 - الكافي 7: 246.
2 - التهذيب 10: 131.
3 - النفي والتغريب: 396.
4 - المقنعة: 804.
5 - غاية المراد: 4: 279 - المهذب البارع 5: 320.
6 - المغني 8: 295 - الانصاف 10: 299 - الفقه على المذاهب الأربعة 5: 411.
7 - الجامع للشرائع: 242 - مسالك الأفهام 15: 8 - موارد السجن: 358.
8 - المهذب البارع 5: 32 - السرائر 3: 505 - النفي والتغريب: 423.
9 - الجامع للشرائع: 242 - بدائع الصنائع للكاساني 7: 95.
10 - الخلاف 2: 483 - مختلف الشيعة: 9: 258 - كشف اللثام 2: 251 - النفي والتغريب: 423.
11 - السرائر 3: 510 - مختلف الشيعة 9: 259.
12 - المدونة الكبرى 6: 302 - حاشية ابن عابدين 4: 117.
13 - غاية المراد 4: 280.
77

أراد الدخول إليها. (1) أو قوتل أهلها ان توجه إلى ارض الشرك - وأعطوه اللجوء - (2)
وعن أبي بصير: انه ينفى من ارض الاسلام كلها حتى يلحق بأرض الشرك (3)
هذا وقد أفتى فقهاؤنا بالمنع من دخوله بلد الشرك، وان أعطوه اللجوء قوتلوا كما عن الشيخ الطوسي (4)
ولكن أشكل في ذلك بعض آخر منا (5) وقالوا: بأنه يوكل امره إلى نظر الامام، حسب ما يراه من المصلحة (6)
7 - إذا تاب المحارب قبل الظفر به سقط عنه النفي بلا خلاف للآية الكريمة " الا الذين تابوا من قبل ان تقدروا
عليهم " (7) وقد تعرض فقهاؤنا لهذا الفرع، وانه لا خلاف فيه كما عن ابن إدريس (8)
8 - هل ينفى المحارب إذا كان مريضا؟ نظرا إلى عدم السماح له بالاستقرار على وجه الأرض حتى يموت، لابد من
ملاحقته وعدم الأذن له في الاستقرار وان كان مريضا (9) ولكن عن بعض الظاهرية - من العامة - انه يترك مدة
مرضه كما عن ابن حزم (10)
9 - كما أن المنفي المحارب يحاصر اقتصاديا وتقطع العلاقات الاجتماعية معه، على ما ورد في رواية المدائني، عن
الإمام الرضا (عليه السلام): ثم يكتب إلى أهل ذلك المصر ان ينادى عليه بأنه منفي فلا تواكلوه ولا تشاربوه و
لا تناكحوه. (11)
وفي رواية أخرى: فلا تجالسوه ولا تبايعوه (12) وهو رأي كثير من فقهائنا كما عن ابن فهد والمحقق الحلي و
العلامة الحلي والسيد الخوئي والشيخ الوالد (13)
10 - ثم إن نفي المحارب هل هو مقتضى التخيير من الامام أم الترتيب؟ فعن جمع من فقهائنا: القول بالتخيير بين
النفي والقتل والصلب والقطع، بل هو الرأي المشهور عندنا (14) وعليه رأي المتأخرين (15)

1 - تفسير العياشي 1: 317.
2 - نور الثقلين 1: 622.
3 - نوادر أحمد بن محمد: 147.
4 - الخلاف 2: 479.
5 - جواهر الكلام 41: 594.
6 - النفي والتغريب: 414.
7 - المائدة: 33.
8 - السرائر 3: 509.
9 - النفي والتغريب: 418.
10 - المحلي 11: 182.
11 - تفسير العياشي 1: 317.
12 - الكافي 76 246.
13 - المهذب 2: 553 - شرائع الاسلام 4: 182 - قواعد الأحكام 2: 272 - مباني تكملة المنهاج 1: 324 - ذخيرة
الصالحين للطبسي 8: 60.
14 - النفي والتغريب: 432.
15 - مسالك الأفهام 15: 7 - الروضة البهية 9: 299.
78

وعن آخرين: القول بالترتيب، وهو رأي جمع من فقهائنا، كالشيخ الطوسي وأبي الصلاح وابن زهرة (1) ورأي
الشافعي وأبي حنيفة وجماعة من الأحناف أيضا هو الترتيب (2) كما أن المالكية والظاهرية ذهبت إلى التخيير (3)
11 - ان النفي لا يثبت للطليع - وهو الذي يرقب للمحارب من يمر بالطريق فيعلمه (4) ولا ينفى الردء، وهو
المعين من غير مباشرة، بل يحبس (5) وعن بعض العامة: انه ينفى (6)
وهناك موارد من الجرائم يرى بعض المذاهب الأخرى فيها عقوبة النفي كمن يعنت بالغوامض ولكنا نكتفي بهذا
المقدار رعاية للاختصار. (7)
فرغت من تدوينه وتنظيمه، والساعة تشير إلى الثانية وخمسة وأربعين دقيقة بعد منتصف الليل من يوم
الجمعة، المصادف لذكرى شهادة الامام الهادي (عليه السلام)
نجم الدين الطبسي - قم المقدسة
3 / رجب / 1422
30 / 6 / 1380.

1 - غاية المراد 4: 273 - كشف اللثام 2: 251.
2 - الانصاف 10: 292 - شرح الأزهار: 37.
3 - بداية المجتهد 2: 456 - المحلي 11: 300.
4 - معجم مقاييس اللغة 2: 507.
5 - تحرير الأحكام 2: 233.
6 - الفقه على المذاهب الأربعة 5: 412 - النفي والتغريب: 435.
7 - أقضية رسول الله (عليه السلام): 10 - النفي والتغريب: 438 - كنز العمال 2: 336.
79