الكتاب: كتاب المضاربة ، الأول
المؤلف: السيد الخوئي
الجزء:
الوفاة: ١٤١١
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق:
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤٠٨
المطبعة: العلمية - قم
الناشر: لطفي
ردمك:
ملاحظات: تقريراً لبحث آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي (وفاة ١٤١١) / منشورات مدرسة دار العلم

منشورات
مدرسة دار العلم
(11)
مباني
العروة الوثقى
تقريرا لبحث آية الله العظمى
السيد أبو القاسم الخوئي
دام ظله العالي
كتاب المضاربة
الجزء الثالث
محمد تقي الخوئي
1

هوية الكتاب
الكتاب: مباني العروة الوثقى (كتاب المضاربة)
تقريرا لبحث آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي
دام ظله
المؤلف: محمد تقي الخوئي
عدد الطبع: الطبعة الأولى
عام الطبع: 1408 ه‍ ق
عدد المطبوع: 3500
الناشر: لطفي
المطبعة: العلمية قم
2

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على
سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين
3

بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين
الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام الدين.
وبعد: فمن دواعي سروري واعتزازي أن ألتقي بالقارئ
الكريم مرة أخرى في محاولة أخرى لشرح جانب آخر من الجوانب
المهمة للفقه الاسلامي الشامل.
وإذا كانت الدراسة الأولى - كتاب النكاح - ذات أهمية كبيرة
بالنظر لاشتمالها على نظام تكون المجتمع وتنظيم نسب أفراده
وانتمائاتهم، فالدراسة الثانية - الكتاب الذي بين يديك - لا تقل أهمية
عنها لأنها المكمل الأساسي في نظام المجتمع السعيد.
فإن كلا من نظام ارتباط الأفراد بعضهم ببعض والنظام
الاقتصادي يعتبر مقوما أساسيا للمجتمع في حياته وكيانه بعد نظام
العبادات الذي يقوم بربط العبد بمولاه ويكون الطريق المفتوح بين
المخلوق وخالقه فإن المجتمع إذا كان لا يستقيم إلا بنظام يتحكم في
انتساب الأفراد وشخصيتهم، فهو لا يستقيم أيضا إلا بقواعد تتحكم
في معاملاتهم وإدارة شؤون أموالهم.
7

وعلى أي حال فالكتاب الذي بين يديك دراسة اقتصادية فقهية
مهمة تشتمل على كتاب المضاربة الذي يعتبر أحد الأركان الأساسية
لنظام الاقتصاد الاسلامي وما يعرف بالمصطلح الحديث بنظام
المصرف اللاربوي.
وهي تقرير للمحاضرات التي ألقاها سماحة آية الله العظمى الإمام
السيد الوالد - دام ظله - وقد حظي هذا الجزء - كسابقيه -
بفائق لطفه وعنايته - حفظه الله - حيث أولاه اهتماما خاصا
فطالعه بتمامه.
حفظ الله سيدنا - دام ظله - منارا للاسلام والمسلمين وأسئله
التوفيق لنشر ما بقي من المحاضرات التي كان لي شرف حضورها
وتدوينها والله ولي التوفيق.
النجف الأشرف 20 / ذ ق / 1406 ه‍ محمد تقي الخوئي
8

كتاب المضاربة
9

بسم الله الرحمن الرحيم
(كتاب المضاربة)
وتسمى قراضا عند أهل الحجاز. والأول من
الضرب، لضرب العامل في الأرض لتحصيل الربح،
والمفاعلة باعتبار كون المالك مسببا له والعامل مباشرا (1)
11

والثاني من القرض بمعنى: القطع لقطع المالك حصة من ماله
ودفعه إلى العامل ليتجر به. وعليه العامل مقارض بالبناء للمفعول
وعلى الأول مضارب بالبناء للفاعل. وكيف كان: عبارة
عن دفع (1) الانسان مالا إلى غيره ليتجر به على أن يكون
الربح بينهما، لا أن يكون تمام الربح للمالك، ولا أن
يكون تمامه للعامل، وتوضيح ذلك: أن من دفع مالا
إلى غيره للتجارة (تارة): على أن يكون الربح بينهما،
وهي مضاربة. (وتارة): على أن يكون تمامه للعامل،

(1) سورة البقرة آية 9.
12

وهذا داخل في عنوان القرض إن كان بقصده (1)
(وتارة): على أن يكون تمامه للمالك ويسمى عندهم
باسم البضاعة (وتارة): لا يشترطان شيئا وعلى هذا أيضا
يكون تمام الربح للمالك (2) فهو داخل في عنوان البضاعة
وعليهما يستحق العامل أجرة المثل لعمله (3) إلا أن يشترطا
عدمه، أو يكون العامل قاصدا للتبرع، ومع عدم الشرط
وعدم قصد التبرع أيضا له أن يطلب الأجرة، إلا أن
يكون الظاهر منهما في مثله عدم أخذ الأجرة وإلا فعمل
المسلم محترم ما لم يقصد التبرع.
13

ويشترط في المضاربة الايجاب والقبول (1) ويكفي فيهما
كل دال قولا أو فعلا (2) والايجاب القولي كأن يقول،
ضاربتك على كذا، وما يفيد هذا المعنى، فيقول: قبلت.
ويشترط فيها أيضا - بعد البلوغ والعقل والاختيار (3)
وعدم الحجر لفلس (4) أو جنون (5) - أمور: -
15

الأول: أن يكون رأس المال عينا (1) فلا تصح
بالمنفعة ولا بالدين، فلو كان له دين على أحد لم يجز أن
يجعله مضاربة إلا بعد قبضه. ولو أذن للعامل في قبضه،
ما لم يجدد العقد بعد القبض، نعم لو وكله على القبض
والايجاب من طرف المالك والقبول منه، بأن يكون موجبا قابلا، صح.
16



(1) الوسائل: ج 13 ب 5 من أبواب أحكام المضاربة ح 1
19

وكذا لو كان له على العامل دين لم يصح جعله
قراضا (1) إلا أن يوكله في تعيينه ثم ايقاع العقد عليه
بالايجاب والقبول بتولي الطرفين.
الثاني: أن يكون من الذهب أو الفضة المسكوكين
بسكة المعاملة بأن يكون درهما أو دينارا، فلا تصح بالفلوس
ولا بالعروض، بلا خلاف بينهم، وإن لم يكن عليه دليل
سوى دعوى الاجماع. نعم تأمل فيه بعضهم، وهو في
محله، لشمول العمومات، إلا أن يتحقق الاجماع، وليس
ببعيد (2) فلا يترك الاحتياط.
20

ولا بأس بكونه من المغشوش الذي يعامل به (1) مثل
الشاميات والقمري ونحوها.
21

نعم لو كان مغشوشا يجب كسره، بأن كان قلبا لم
يصح (1) وإن كان له قيمة، فهو مثل الفلوس. ولو
قال للعامل: بع هذه السلعة وخذ ثمنها قراضا لم
يصح (2).
22

إلا أن يوكله في تجديد العقد عليه بعد أن نض الثمن
الثالث: ان يكون معلوما قدرا ووصفا (1).
23

ولا تكفي المشاهدة وإن زال به معظم الغرر (1).
الرابع: أن يكون معينا (2) فلو أحضر مالين وقال:
قارضتك بأحدهما أو بأيهما شئت، لم ينعقد إلا أن يعين
ثم يوقعان العقد عليه.
24

نعم لا فرق بين أن يكون مشاعا أو مفروزا (1) بعد
العلم بمقداره ووصفه، فلو كان المال مشتركا بين شخصين
فقال أحدهما للعامل: قارضتك بحصتي في هذا المال صح
مع العلم بحصته من ثلث أو ربع. وكذا لو كان للمالك
ماءة دينار - مثلا - فقال: قارضتك بنصف هذا المال
صح.
الخامس: أن يكون الربح مشاعا بينهما (2) فلو جعل
لأحدهما مقدارا معينا والبقية للآخر، أو البقية مشتركة بينهما
لم يصح (3).
25

السادس: تعيين حصة كل منهما (1) من نصف أو ثلث
أو نحو ذلك، إلا أن يكون هناك متعارف ينصرف إليه
26

الاطلاق (1).
السابع: أن يكون الربح بين المالك والعامل، فلو شرطا
جزءا منه للأجنبي عنهما لم يصح (2) إلا أن يشترط عليه
عمل متعلق بالتجارة (3) نعم ذكروا أنه لو اشترط كون
جزء من الربح لغلام أحدهما صح، ولا بأس به خصوصا
على القول بأن العبد لا يملك لأنه يرجع إلى مولاه، وعلى
القول الآخر يشكل، إلا أنه لما كان مقتضى القاعدة صحة
27

الشرط حتى للأجنبي (1). والقدر المتيقن من عدم
الجواز ما إذا لم يكن غلاما لأحدهما، فالأقوى الصحة
مطلقا، بل لا يبعد القول به في الأجنبي أيضا وإن لم
يكن عاملا لعموم الأدلة (2).
الثامن: ذكر بعضهم أنه يشترط أن يكون رأس المال
بيد العامل فلو اشترط المالك أن يكون بيده لم يصح لكن
لا دليل عليه (3) فلا مانع أن يتصدى العامل للمعاملة مع
كون المال بيد المالك كما عن التذكرة.
التاسع: أن يكون الاسترباح بالتجارة، وأما إذا كان
بغيرها - كأن يدفع إليه ليصرفه في الزراعة مثلا ويكون
28

الربح بينهما يشكل صحته (1) إذ القدر المعلوم من الأدلة
هو التجارة. ولو فرض صحة غيرها للعمومات كما
لا يبعد (2) لا يكون داخلا في عنوان المضاربة.
العاشر: أن لا يكون رأس المال بمقدار يعجز العامل

(1) الوسائل: ج 13 ب 3 من أبواب أحكام المضاربة ح 1.
(2) الوسائل: ج 13 ب 1 من أبواب أحكام المضاربة ح 3.
29

عن التجارة به، مع اشتراط المباشرة من دون الاستعانة
بالغير. أو كان عاجزا حتى مع الاستعانة بالغير، وإلا
فلا يصح (1) لاشتراط كون العامل قادرا على العمل.
كما أن الأمر كذلك في الإجارة للعمل، فإنه إذا كان عاجزا
تكون باطلة وحينئذ فيكون تمام الربح للمالك وللعامل
أجرة عمله
30

مع جهله بالبطلان (1) ويكون ضامنا
32

لتلف المال (1) إلا مع علم المالك بالحال (2) وهل يضمن
33

حينئذ جميعه، لعدم التميز مع عدم الإذن في أخذه على
هذا الوجه، أو القدر الزائد لأن العجز إنما يكون بسببه
فيختص به، أو الأول إذا أخذ الجميع دفعة والثاني إذا
أخذ أولا بقدر مقدوره ثم أخذ الزائد ولم يمزجه مع ما
أخذه أو لا؟ أقوال: أقواها الأخير. (ودعوى): أنه بعد
أخذ الزائد يكون يده على الجميع، وهو عاجز عن المجموع
من حيث المجموع، ولا ترجيح الآن لأحد أجزاءه إذ
لو ترك الأول وأخذ الزيادة لا يكون عاجزا (1) (كما
ترى) إذ الأول وقع صحيحا والبطلان مستند إلى الثاني
وبسببه (2).
34

والمفروض عدم المزج (1) هذا ولكن ذكر بعضهم أن
مع العجز المعاملة صحيحة فالربح مشترك ومع ذلك يكون
العامل ضامنا مع جهل المالك. ولا وجه له لما ذكرنا مع
أنه إذا كانت المعاملة صحيحة لم يكن وجه للضمان. ثم إذا
تجدد العجز في الأثناء وجب عليه رد الزائد (2) وإلا ضمن.
36

(مسألة 1): لو كان له مال موجود في يد غيره
أمانة أو غيرها. فضاربه عليها صح (1) وإن كان في يده
غصبا أو غيره مما يكون اليد فيه يد ضمان فالأقوى أنه يرتفع
الضمان بذلك، لانقلاب اليد حينئذ فينقلب الحكم (2)
ودعوى: أن الضمان مغيى بالتأدية (3) ولم تحصل، كما
ترى (4) ولكن ذكر جماعة بقاء الضمان إلا إذا اشترى به
شيئا ودفعه إلى البائع، فإنه يرتفع الضمان به، لأنه قد قضى

(1) مستدرك الوسائل: باب 1 من كتاب الوديعة ح 12.
37

دينه بإذنه (1) وذكروا نحو ذلك في الرهن أيضا، وأن
العين إذا كانت في يد الغاصب فجعله رهنا عنده أنها تبقى
على الضمان، والأقوى ما ذكرنا في المقامين لما ذكرنا.
(مسألة 2): المضاربة جائزة من الطرفين يجوز لكل
منهما فسخها (2) سواء كان قبل الشروع في العمل أو بعده
38

قبل حصول الربح أو بعده (1) نض المال أو كان به
عروض، مطلقا كانت أو مع اشتراط الأجل وإن كان
قبل انقضائه (2) نعم لو اشترط فيها عدم الفسخ إلى زمان
39

كذا يمكن أن يقال بعدم جواز فسخها قبله، بل هو الأقوى
لوجوب الوفاء بالشرط ولكن عن المشهور بطلان الشرط المذكور
بل العقد أيضا، لأنه مناف لمقتضى العقد، وفيه منع، بل هو
مناف لاطلاقه (1). ودعوى: أن الشرط في العقود الغير اللازمة
40

غير لازم الوفاء. ممنوعة (1) نعم يجوز فسخ العقد فيسقط
الشرط وإلا فما دام العقد باقيا يجب الوفاة بالشرط فيه،
وهذا إنما يتم في غير الشرط الذي مفاده عدم الفسخ،
42

مثل المقام فإنه يوجب لزوم ذلك العقد (1) هذا ولو شرط
عدم فسخها في ضمن عقد لازم آخر فلا اشكال في صحة
44

الشرط (1) ولزومه، وهذا يؤيد ما ذكرنا من عدم
كون الشرط المذكور منافيا لمقتضى العقد، إذ لو كان
45

منافيا لزم عدم صحته في ضمن عقد آخر أيضا. ولو
شرط في عقد مضاربة عدم فسخ مضاربة أخرى سابقة
صح (1) ووجب الوفاء به، إلا أن يفسخ هذه المضاربة
فيسقط الوجوب، كما أنه لو اشترط في مضاربة أخرى في
مال آخر، أو أخذ بضاعة منه، أو قرض، أو خدمة
أو نحو ذلك، وجب الوفاء به ما دامت المضاربة باقية،
وأن فسخها سقط الوجوب، ولا بد أن يحمل ما اشتهر
من أن الشروط في ضمن العقود الجائزة غير لازمة الوفاء
على هذا المعنى وإلا فلا وجه لعدم لزومها مع بقاء العقد
على حاله، كما اختاره صاحب الجواهر (قده).
46

بدعوى: أنها تابعة للعقد لزوما وجوازا، بل مع
جوازه هي أولى بالجواز وأنها معه شبه الوعد. والمراد
من قوله تعالى (أوفوا بالعقود) اللازمة منها لظهور
الأمر فيها في الوجوب المطلق والمراد من قوله (ع): " المؤمنون عند شروطهم " بيان صحة أصل الشرط لا اللزوم
والجواز، إذ لا يخفى ما فيه (1).
(مسألة 3): إذا دفع إليه مالا وقال: اشتر به بستانا
مثلا أو قطيعا من الغنم، فإن كان المراد الاسترباح بهما
بزيادة القيمة صح مضاربة وإن كان المراد الانتفاع بنمائهما
47

بالاشتراك ففي صحته مضاربة وجهان: من أن الانتفاع
بالنماء ليس من التجارة فلا يصح، ومن أن حصوله يكون
بسبب الشراء فيكون بالتجارة. والأقوى البطلان مع
إرادة عنوان المضاربة إذ هي ما يكون الاسترباح فيه
بالمعاملات وزيادة القيمة لا مثل هذه الفوائد (1) نعم
لا بأس بضمها إلى زيادة القيمة (2) وإن لم يكن المراد
48

خصوص عنوان المضاربة فيمكن دعوى صحته للعمومات (1)
(مسألة 4): إذا اشترط المالك على العامل أن يكون
الخسارة عليهما كالربح، أو اشترط ضمانه لرأس المال،
49

ففي صحته وجهان: أقواهما الأول (1)، لأنه ليس شرطا
منافيا لمقتضى العقد - كما قد يتخيل - بل إنما هو مناف
لاطلاقه، إذ مقتضاه كون الخسارة على المالك وعدم
ضمان العامل إلا مع التعدي أو التفريط.
50



(1) الوسائل: ج 13 باب 4 من أبواب أحكام المضاربة ح 1.
51

(مسألة 5): إذا اشترط المالك على العامل أن لا يسافر
مطلقا أو إلى البلد الفلاني أو إلا إلى البلد الفلاني، أو لا يشتري
الجنس الفلاني، أو إلا الجنس الفلاني، أو لا يبيع من
زيد مثلا، أو إلا من زيد، أو لا يشتري من شخص، أو إلا من شخص
معين، أو نحو ذلك من الشروط، فلا
يجوز له المخالفة (1) وإلا ضمن المال لو تلف بعضا أو
كلا، وضمن الخسارة مع فرضها. ومقتضى القاعدة (2)
وإن كان كون تمام الربح للمالك على فرض إرادة
القيدية (3) إذا أجاز المعاملة، وثبوت خيار تخلف الشرط
على فرض كون المراد من الشرط الالتزام في الالتزام،
وكون تمام الربح له على تقدير الفسخ إلا أن الأقوى
52

اشتراكهما في الربح على ما قرر، لجملة من الأخبار الدالة على ذلك (1) ولا داعي إلى حملها على بعض

(1) الوسائل: ج 13 باب 1 من أبواب أحكام المضاربة ح 9.
(2) الوسائل: ج 13 باب 1 من أبواب أحكام المضاربة ح 5.
56

المحامل (1) ولا إلى الاقتصار على مواردها، لاستفادة
57

العموم من بعضها الآخر (1).
58

(مسألة 6): لا يجوز للعامل خلط رأس المال مع مال
آخر لنفسه أو غيره (1) إلا مع إذن المالك عموما كأن يقول:
اعمل به على حسب ما تراه مصلحة إن كان هناك مصلحة
أو خصوصا. فلو خلط بدون الإذن ضمن التلف إلا أن
المضاربة باقية والربح بين المالين على النسبة (2).
(مسألة 7): مع اطلاق العقد يجوز للعامل التصرف
على حسب ما يراه من حيث البايع والمشتري ونوع الجنس
59

المشتري، لكن لا يجوز له أن يسافر من دون إذن المالك (1)
إلا إذا كان هناك متعارف ينصرف إليه الاطلاق، وإن
خالف فسافر فعلى ما مر في المسألة المتقدمة (2).
(مسألة 8): مع اطلاق العقد وعدم الإذن في البيع
نسيئة لا يجوز له ذلك (3) إلا أن يكون متعارفا ينصرف
إليه الاطلاق، ولو خالف في غير مورد الانصراف، فإن
استوفى الثمن قبل اطلاع المالك فهو (4) وإن اطلع المالك
60

قبل الاستيفاء، فإن أمضى فهو (1) وإلا فالبيع باطل (2)
وله الرجوع على كل من العامل والمشتري مع عدم وجود
المال عنده أو عند مشتر آخر منه (3) فإن رجع على
المشتري بالمثل أو القيمة لا يرجع هو على العامل (4) إلا
أن يكون مغرورا من قبله وكانت القيمة أزيد من الثمن،
61

فإنه حينئذ يرجع بتلك الزيادة عليه (1) وإن رجع على
العامل يرجع هو على المشتري بما غرم (2) إلا أن يكون
مغرورا منه وكان الثمن أقل فإنه حينئذ يرجع بمقدار
الثمن.
(مسألة 9): في صورة اطلاق العقد لا يجوز له أن
يشتري بأزيد من قيمة المثل، كما أنه لا يجوز أن يبيع بأقل
من قيمة المثل (3) وإلا بطل. نعم إذا اقتضت المصلحة
أحد الأمرين لا بأس به (4).
(مسألة 10): لا يجب في صورة الاطلاق أن يبيع
62

بالنقد، بل يجوز أن يبيع الجنس بجنس آخر (1) وقيل
بعدم جواز البيع إلا بالنقد المتعارف، ولا وجه له إلا
إذا كان جنسا لا رغبة للناس فيه غالبا (2).
(مسألة 11): لا يجوز شراء المعيب، إلا إذا اقتضت
المصلحة (3) ولو اتفق فله الرد أو الأرش، على ما تقتضيه
المصلحة.
(مسألة 12): المشهور - على ما قيل - إن في صورة
الاطلاق يجب أن يشتري بعين المال فلا يجوز الشراء في
الذمة وبعبارة أخرى: يجب أن يكون الثمن شخصيا من
مال المالك لا كليا في الذمة، والظاهر أنه يلحق به الكلي
في المعين أيضا، وعلل ذلك: بأنه القدر المتيقن وأيضا
الشراء في الذمة قد يؤدي إلى وجوب دفع غيره - كما إذا
تلف رأس المال قبل الوفاء - ولعل المالك غير راض
بذلك. وأيضا إذا اشترى بكلي في الذمة لا يصدق على
الربح أنه ربح مال المضاربة ولا يخفى ما في هذه
63

العلل (1). والأقوى - كما هو المتعارف - جواز الشراء
في الذمة والدفع من رأس المال، ثم إنهم لم يتعرضوا لبيعه
ومقتضى ما ذكروه وجوب كون المبيع أيضا شخصيا
لا كليا ثم الدفع من الأجناس التي عنده والأقوى فيه أيضا
جواز كونه كليا وإن لم يكن في التعارف مثل الشراء.
ثم إن الشراء في الذمة يتصور على وجوه:
أحدها: أن يشتري العامل بقصد المالك في ذمته من
حيث المضاربة (2).
الثاني: أن يقصد كون الثمن في ذمته من حيث إنه
عامل ووكيل عن المالك ويرجع إلى الأول، وحكمهما
الصحة وكون الربح مشتركا بينهما على ما ذكرناه (3)
وإذا فرض تلف مال المضاربة قبل الوفاء كان في ذمة
64

المالك يؤدي من ماله الآخر (1).
الثالث: أن يقصد ذمة نفسه وكان قصده الشراء لنفسه
ولم يقصد الوفاء حين الشراء من مال المضاربة، ثم دفع
منه وعلى هذا الشراء صحيح (2) ويكون غاصبا في دفع
65

مال المضاربة من غير إذن المالك، إلا إذا كان مأذونا في
الاستقراض وقصد القرض.
الرابع: كذلك لكن مع قصد دفع الثمن من مال المضاربة
حين الشراء حتى يكون الربح له، فقصد نفسه حيلة منه
وعليه يمكن الحكم بصحة الشراء (1) وإن كان عاصيا في
التصرف في مال المضاربة من غير إذن المالك وضامنا له
بل ضامنا للبايع أيضا، حيث إن الوفاء بمال الغير غير
صحيح، ويحتمل القول ببطلان الشراء (2) لأن رضى البايع
66

مقيد بدفع الثمن والمفروض أن الدفع بمال الغير غير
صحيح، فهو بمنزلة السرقة (1)، كما ورد في بعض الأخبار
أن من استقرض ولم يكن قاصدا للأداء فهو سارق (2)
ويحتمل صحة الشراء وكون قصده لنفسه لغوا، بعد أن
كان بنائه الدفع من مال المضاربة، فإن البيع وإن كان
بقصد نفسه وكليا في ذمته، إلا أنه ينصب على هذا الذي
يدفعه فكان البيع وقع عليه (3) والأوفق بالقواعد الوجه
67

الأول، وبالاحتياط الثاني (1) وأضعف الوجوه الثالث
وإن لم يستبعده الآقا البهبهاني.
الخامس: أن يقصد الشراء في ذمته من غير التفات
إلى نفسه وغيره. وعليه أيضا يكون المبيع له (2) وإذا
دفعه من مال المضاربة يكون عاصيا ولو اختلف البائع
والعامل في أن الشراء كان لنفسه أو لغيره وهو المالك
المضارب، يقدم قول البائع لظاهر الحال (3) فيلزم بالثمن
من ماله وليس له ارجاع البائع إلى المالك المضارب.
(مسألة 13): يجب على العامل بعد تحقق عقد المضاربة
ما يعتاد بالنسبة إليه وإلى تلك التجارة في مثل ذلك المكان
68

والزمان من العمل وتولي ما يتولاه التاجر لنفسه من عرض
القماش والنشر والطي وقبض الثمن وايداعه في الصندوق
ونحو ذلك مما هو اللايق والمتعارف، ويجوز له استيجار
من يكون المتعارف استيجاره مثل الدلال والحمال والوزان
والكيال وغير ذلك ويعطي الأجرة من الوسط، ولو استأجر
فيما يتعارف مباشرته بنفسه فالأجرة من ماله (1) ولو تولى
بنفسه ما يعتاد الاستيجار له فالظاهر جواز أخذ الأجرة
إن لم يقصد التبرع، وربما يقال بعدم الجواز، وفيه:
أنه مناف لقاعدة احترام عمل المسلم المفروض عدم وجوبه
عليه (2).
69

(مسألة 14): قد مر أنه لا يجوز للعامل السفر من
دون إذن المالك، ومعه فنفقته في السفر من رأس المال (1)
إلا إذا اشترط المالك كونها على نفسه (2) وعن بعضهم
كونها على نفسه مطلقا، والظاهر أن مراده فيما إذا لم
يشترط كونها من الأصل. وربما يقال: له تفاوت ما
بين السفر والحضر. والأقوى ما ذكرنا (3) من جواز
أخذها من أصل المال بتمامها من مأكل ومشرب وملبس
ومسكن ونحو ذلك مما يصدق عليه النفقة ففي صحيح علي
ابن جعفر عن أخيه أبي الحسن (عليه السلام): (في
المضارب ما أنفق في سفره فهو من جميع المال، فإذا قدم
بلده فما أنفق فمن نصيبه) هذا وأما في الحضر فليس له
70

أن يأخذ من رأس المال شيئا (1) إلا إذا اشترط على
المالك ذلك.
(مسألة 15): المراد بالنفقة ما يحتاج إليه من مأكول
وملبوس ومركوب وآلات يحتاج إليها في سفره وأجرة
المسكن ونحو ذلك. وأما جوائزه وعطاياه وضيافاته
ومصانعاته فعلى نفسه (2) إلا إذا كانت التجارة موقوفة
عليه.
(مسألة 16): اللازم الاقتصار على القدر اللايق
فلو أسرف حسب عليه (3) نعم لو قتر على نفسه أو صار
ضيفا عند شخص لا يحسب له (4).
(مسألة 17): المراد من السفر العرفي لا الشرعي (5)
فيشمل السفر فرسخين أو ثلاثة. كما أنه إذا أقام في بلد
عشرة أيام أو أزيد كان نفقته من رأس المال لأنه في السفر
71

عرفا. نعم إذا أقام بعد تمام العمل لغرض آخر - مثل
التفرج، أو لتحصيل مال له، لو لغيره مما ليس متعلقا
بالتجارة - فنفقته في تلك المدة على نفسه (1) وإن كان
مقامه لما يتعلق بالتجارة ولأمر آخر بحيث يكون كل منهما
علة مستقلة لولا الآخر، فإن كان الأمر الآخر عارضا في البين
فالظاهر جواز أخذ تمام النفقة من مال التجارة (2) وإن
كانا في عرض واحد ففيه وجوه (3) ثالثها التوزيع وهو
الأحوط في الجملة (4) وأحوط منه كون التمام على نفسه
وإن كانت العلة مجموعهما بحيث يكون كل واحد جزء من
الداعي فالظاهر التوزيع (5).
72

(مسألة 18): استحقاق النفقة مختص بالسفر المأذون
فيه (1) فلو سافر من غير إذن، أو في غير الجهة المأذون
فيه أو مع التعدي عما أذن فيه، ليس له أن يأخذ من مال
التجارة.
73

(مسألة 19): لو تعدد أرباب المال - كأن يكون
عاملا لاثنين أو أزيد أو عاملا لنفسه وغيره - توزع
النفقة (1) وهل هو على نسبة المالين أو على نسبة العملين؟
قولان (2).
74

(مسألة 20): لا يشترط في استحقاق النفقة ظهور
ربح (1) بل ينفق من أصل المال وإن لم يحصل ربح أصلا
نعم لو حصل الربح بعد هذا تحسب من الربح، ويعطي
المالك تمام رأس ماله، ثم يقسم بينهما (2).
(مسألة 21): لو مرض في أثناء السفر، فإن كان
لم يمنعه من شغله فله أخذ النفقة (3) وإن منعه ليس
75

له (1) وعلى الأول لا يكون منها ما يحتاج إليه للبرء من
المرض (2).
76

(مسألة 22): لو حصل الفسخ أو الانفساخ في أثناء
السفر فنفقة الرجوع على نفسه (1) بخلاف ما إذا بقيت
ولم تنفسخ فإنها من مال المضاربة
(مسألة 23): قد عرفت الفرق بين المضاربة والقرض
والبضاعة، وأن في الأول الربح مشترك وفي الثاني للعامل
وفي الثالث للمالك، فإذا قال: خذ هذا المال مضاربة
والربح بتمامه لي، كان مضاربة فاسدة (2) إلا إذا علم أنه
77

قصد الابضاع (1) فيصير بضاعة، ولا يستحق العامل
أجرة (2) إلا مع الشرط أو القرائن الدالة على عدم التبرع (3)
ومع الشك فيه وفي إرادة الأجرة أيضا،
لقاعدة احترام عمل المسلم (4) وإذا قال: خذه قراضا
78

وتمام الربح لك، فكذلك مضاربة فاسدة (1) إلا إذا علم
أنه أراد القرض (2). ولو لم يذكر لفظ المضاربة بأن
قال: خذه واتجر به والربح بتمامه لي، كان بضاعة (3)
إلا مع العلم بإرادة المضاربة فتكون فاسدة (4). ولو
قال: خذه واتجر به والربح لك بتمامه، فهو قرض، إلا
مع العلم بإرادة المضاربة، ففاسدة، ومع الفساد في الصور
المذكورة يكون تمام الربح للمالك (5) وللعامل أجرة عمله (6)
79

إلا مع علمه بالفساد (1).
(مسألة 24): لو اختلف العامل والمالك في أنها
مضاربة فاسدة أو قرض أو مضاربة فاسدة أو بضاعة،
ولم يكن هناك ظهور لفظي ولا قرينة معينة، فمقتضى
القاعدة التحالف (2).
81

وقد يقال: بتقديم قول من يدعي الصحة. وهو مشكل
إذ مورد الحمل على الصحة (1) ما إذا علم أنهما أوقعا معاملة معينة
واختلفا في صحتها وفسادها لا مثل المقام الذي يكون الأمر
دائرا بين معاملتين على إحداهما صحيح وعلى الأخرى باطل
نظير ما إذا اختلفا في أنهما أوقعا البيع الصحيح أو الإجارة
الفاسدة مثلا، وفي مثل هذا مقتضى القاعدة التحالف.
وأصالة الصحة لا تثبت كونه بيعا مثلا لا إجارة، أو
بضاعة صحيحة مثلا لا مضاربة فاسدة.
84

(مسألة 25): إذا قال المالك للعامل: خذ هذا المال
قراضا والربح بيننا صح ولكل منهما النصف (1) وإذا قال:
85

ونصف الربح لك فكذلك (1) بل وكذا لو قال: ونصف
الربح لي، فإن الظاهر أن النصف الآخر للعامل ولكن
فرق بعضهم بين العبارتين، وحكم بالصحة في الأولى،
لأنه صرح فيها بكون النصف للعامل والنصف الآخر يبقى
له. على قاعدة التبعية، بخلاف العبارة الثانية، فإن كون
النصف للمالك لا ينافي كون الآخر له أيضا، على قاعدة
التبعية، فلا دلالة فيها على كون النصف الآخر للعامل
وأنت خبير بأن المفهوم من العبارة عرفا كون النصف
الآخر للعامل (2).
(مسألة 26): لا فرق بين أن يقول: خذ هذا المال
قراضا ولك نصف ربحه، أو قال: خذه قراضا ولك
ربح نصفه، في الصحة والاشتراك في الربح بالمناصفة،
وربما يقال: بالبطلان في الثاني، بدعوى: أن مقتضاه
86

كون ربح النصف الآخر بتمامه للمالك، وقد يربح النصف
فيختص به أحدهما أو يربح أكثر من النصف، فلا يكون
الحصة معلومة، وأيضا قد لا يعامل إلا في النصف. وفيه:
أن المراد ربح نصف ما عومل به وربح (1) فلا اشكال
(مسألة 27): يجوز اتحاد المالك وتعدد العامل (2)
مع اتحاد المال، أو تميز مال كل من العاملين، فلو قال:
ضاربتكما ولكما نصف الربح صح، وكانا فيه سواء.
ولو فضل أحدهما على الآخر صح أيضا وإن كانا في العمل
سواء. فإن غايته اشتراط حصة قليلة لصاحب العمل
الكثير وهذا لا بأس به ويكون العقد الواحد بمنزلة عقدين
مع اثنين، ويكون كما لو قارض أحدهما في نصف المال
بنصف وقارض الآخر في النصف الآخر بربع الربح،
ولا مانع منه، وكذا يجوز تعدد المالك واتحاد العامل بأن
87

كان المال مشتركا بين اثنين فقارضا واحدا (1) بعقد واحد
بالنصف مثلا متساويا بينهما أو بالاختلاف: بأن يكون في
حصة أحدهما بالنصف وفي حصة الآخر بالثلث أو الربع
مثلا. وكذا يجوز مع عدم اشتراك المال بأن يكون مال
كل منهما ممتازا وقارضا واحدا مع الإذن في الخلط مع
التساوي في حصة العامل بينهما أو الاختلاف: بأن يكون
في مال أحدهما بالنصف وفي مال الآخر بالثلث أو الربع.
(مسألة 28): إذا كان مال مشتركا بين اثنين فقارضا
واحدا، واشترطا له نصف الربح، وتفاضلا في النصف
الآخر: بأن جعل لأحدهما أزيد من الآخر مع تساويهما
في ذلك المال. أو تساويا فيه مع تفاوتهما فيه، فإن كان
من قصدهما كون ذلك النقص على العامل بالنسبة إلى صاحب
الزيادة: بأن يكون كأنه اشترط على العامل في العمل
بما له أقل مما شرطه الآخر له، كأن اشترط هو للعامل
ثلث ربح حصته، وشرط له صاحب النقيصة ثلثي ربح
حصته - مثلا - مع تساويهما في المال، فهو صحيح لجواز
اختلاف الشريكين في مقدار الربح المشترط للعامل (2)
88

وإن لم يكن النقص راجعا إلى العامل بل على الشريك
الآخر: بأن يكون المجعول للعامل بالنسبة إليهما سواء
لكن اختلفا في حصتهما، بأن لا يكون على حسب شركتهما
فقد يقال فيه بالبطلان، لاستلزامه زيادة لأحدهما على
الآخر مع تساوي المالين أو تساويهما مع التفاوت في المالين
بلا عمل من صاحب الزيادة، لأن المفروض كون العامل
غيرهما ولا يجوز ذلك في الشركة والأقوى الصحة (1)
89

لمنع عدم جواز الزيادة لأحد الشريكين بلا مقابلتها لعمل
منه، فإن الأقوى جواز ذلك الشرط ونمنع كونه خلاف
مقتضى الشركة، بل هو مخالف لمقتضى اطلاقها مع أنه
يمكن أن يدعي الفرق بين الشركة والمضاربة وإن كانت
متضمنة للشركة (1)
90

(مسألة 29): تبطل المضاربة بموت كل من العامل
والمالك، أما الأول: فلاختصاص الإذن به (1) وأما
الثاني: فلانتقال المال بموته إلى وارثه، فابقاؤها يحتاج
إلى عقد جديد بشرائطه (2) فإن كان المال نقدا صح،
وإن كان عروضا فلا (3) لما عرفت من عدم جواز المضاربة
على غير النقدين، وهل يجوز لوارث المالك إجازة العقد
بعد موته؟ قد يقال بعدم الجواز، لعدم علقة له بالمال
حال العقد بوجه من الوجوه ليكون واقعا على ماله أو
متعلق حقه.
وهذا بخلاف إجارة البطن السابق في الوقف
أزيد من حياته، فإن البطن اللاحق يجوز له الإجازة،
لأن له حقا بحسب جعل الواقف. وأما في المقام فليس
للوارث حق حال حياة المورث أصلا، وإنما ينتقل إليه
المال حال موته وبخلاف إجازة الوارث لما زاد من الثلث
في الوصية وفي المنجز حال المرض - على القول بالثلث
91

فيه - فإن له حقا فيما زاد، فلذا يصح إجازته ونظير المقام
إجارة الشخص ماله مدة مات في أثنائها - على القول
بالبطلان بموته - فإنه لا يجوز للوارث إجازتها، لكن يمكن
أن يقال: يكفي في صحة الإجارة كون المال في معرض
الانتقال إليه وإن لم يكن له علقة به حال العقد (1) فكونه
سيصير له كاف ومرجع إجازته حينئذ إلى ابقاء ما فعله
المورث (2) لا قبوله ولا تنفيذه فإن الإجازة أقسام قد
تكون قبولا لما فعله الغير، كما في إجازة بيع ماله فضولا
وقد تكون راجعا إلى اسقاط حق، كما في إجازة المرتهن
92

لبيع الراهن، وإجازة الوارث لما زاد عن الثلث، وقد
تكون ابقاءا لما فعله المالك كما في المقام.
(مسألة 30): لا يجوز للعامل أن يوكل وكيلا في عمله
أو يستأجر أجيرا إلا بإذن المالك (1) نعم لا بأس بالتوكيل
أو الاستيجار في بعض المقدمات على ما هو المتعارف (2)
وأما الايكال إلى الغير وكالة أو استيجارا في أصل التجارة
فلا يجوز من دون إذن المالك ومعه لا مانع منه، كما أنه
لا يجوز له أن يضارب غيره إلا بإذن المالك.
93

(مسألة 31): إذا أذن في مضاربة الغير، فإما أن
يكون بجعل العامل الثاني عاملا للمالك، أو بجعله شريكا
معه في العمل والحصة: وأما بجعله عاملا لنفسه. أما
الأول فلا مانع منه وتنفسخ مضاربة نفسه على الأقوى (1)
واحتمال بقائها مع ذلك لعدم المنافاة كما ترى. ويكون
الربح مشتركا بين المالك والعامل الثاني وليس للأول شئ (2)
94

إلا إذا كان بعد أن عمل عملا وحصل ربح، فيستحق حصته
من ذلك (1) وليس له أن يشترط على العامل الثاني شيئا
من الربح (2) بعد أن لم يكن له عمل بعد المضاربة الثانية
بل لو جعل الحصة للعامل في المضاربة الثانية أقل مما اشترط
95

له في الأولى، كأن يكون في الأولى بالنصف وجعله ثلثا
في الثانية لا يستحق تلك الزيادة، بل ترجع إلى المالك.
وربما يحتمل جواز اشتراط شئ من الربح، أو كون
الزيادة له. بدعوى أن هذا المقدار - وهو ايقاع عقد
مضاربة ثم جعلها للغير نوع من العمل، يكفي في جواز
جعل حصة من الربح له. وفيه: أنه وكالة لا مضاربة (1)
والثاني أيضا لا مانع منه (2) وتكون الحصة المجعولة له في
المضاربة الأولى مشتركة بينه وبين العامل الثاني، على
حسب قرارهما. وأما الثالث فلا يصح (3) من دون أن
يكون له عمل مع العامل الثاني، ومعه يرجع إلى التشريك.
(مسألة 32): إذا ضارب العامل غيره مع عدم الإذن
96

من المالك، فإن أجاز المالك ذلك كان الحكم كما في الإذن
السابق في الصور المتقدمة فيلحق كلا حكمه (1) وإن لم
يجز بطلت المضاربة الثانية، وحينئذ فإن كان العامل
الثاني الثاني عمل وحصل الربح فما قرر للمالك في المضاربة الأولى
فله، وأما ما قرر للعامل فهل هو أيضا له أو للعامل الأول
أو مشترك بين العاملين؟ وجوه وأقوال، أقواها الأول
لأن المفروض بطلان المضاربة الثانية فلا يستحق للعامل الثاني
شيئا، وأن العامل الأول لم يعمل حتى يستحق، فيكون
تمام الربح للمالك إذا أجاز تلك المعاملات الواقعة على ماله
ويستحق العامل الثاني أجرة عمله مع جهله بالبطلان (2)
97

على العامل الأول لأنه مغرور من قبله. وقيل: يستحق
على المالك (1) ولا وجه له مع فرض عدم الإذن منه له
في العمل. هذا إذا ضاربه على أن يكون عاملا للمالك،
وأما إذا ضاربه على أن يكون عاملا له، وقصد العامل
في عمله العامل الأول، فيمكن أن يقال: إن الربح للعامل
الأول، بل هو مختار المحقق في الشرايع، وذلك بدعوى
أن المضاربة الأولى باقية بعد فرض بطلان الثانية، والمفروض
أن العامل قصد العمل للعامل الأول، فيكون كأنه هو
العامل فيستحق الربح، وعليه أجرة عمل العامل إذا كان
جاهلا بالبطلان، وبطلان المعاملة لا يضر بالإذن الحاصل
منه للعامل له لكن هذا إنما يتم إذا لم يكن المباشرة معتبرة
في المضاربة الأولى (2) وأما مع اعتبارها فلا يتم ويتعين
98

كون تمام الربح للمالك (1) إذا أجاز المعاملات وإن لم تجز
المضاربة الثانية.
(مسألة 33): إذا شرط أحدهما على الآخر في ضمن
عقد المضاربة مالا أو عملا كأن اشترط المالك على العامل
أن يخيط له ثوبا أو يعطيه درهما أو نحو ذلك، أو بالعكس
فالظاهر صحته. وكذا إذا اشترط أحدهما على الآخر بيعا أو
قرضا أو قراضا أو بضاعة أو نحو ذلك. ودعوى: أن
العقد المتيقن ما إذا لم يكن من المالك لا رأس المال ومن
العامل إلا التجارة. مدفوعة: بأن ذلك من حيث متعلق
القدر فلا ينافي اشتراط مال أو عمل خارجي في ضمنه،
ويكفي في صحته عموم أدلة الشروط وعن الشيخ الطوسي
فيما إذا اشترط المالك على العامل بضاعة، بطلان الشرط
دون العقد في أحد قوليه، وبطلانهما في قوله الآخر قال:
لأن العامل في القراض لا يعمل عملا بغير جعل ولا قسط
من الربح، وإذا بطل الشرط بطل القراض، لأن قسط
99

العامل يكون مجهولا (1). ثم قال: " وإن قلنا أن القراض
صحيح والشرط جائز، لكنه لا يلزم الوفاء به، لأن
البضاعة لا يلزم القيام بها كان قويا " وحاصل كلامه في
وجه بطلانهما: إن الشرط المفروض مناف لمقتضى العقد
فيكون باطلا، وببطلانه يبطل العقد، لاستلزامه جهالة
حصة العامل من حيث إن للشرط قسطا من الربح وببطلانه
يسقط ذلك القسط، وهو غير معلوم المقدار وفيه: منع
كونه منافيا لمقتضى العقد، فإن مقتضاه ليس أزيد من أن
يكون عمله في مال القراض بجزء من الربح، والعمل
100

الخارجي ليس عملا في مال القراض (1) هذا مع أن ما ذكره
من لزوم جهالة حصة العامل بعد بطلان الشرط ممنوع،
إذ ليس الشرط مقابلا بالعوض في شئ من الموارد، وإنما
يوجب زيادة العوض فلا ينقص من بطلانه شئ من الحصة
حتى تصير مجهولا. وأما ما ذكره في قوله: " وإن قلنا.. "
فلعل غرضه أنه إذا لم يكن الوفاة بالشرط لازما يكون
وجوده كعدمه، فكأن لم يشترط، فلا يلزم الجهالة في
الحصة. وفيه: أنه على فرض ايجابه للجهالة لا يتفاوت
الحال بين لزوم العمل به وعدمه حيث إنه على التقديرين
زيد بعض العوض لأجله. هذا وقد يقرر في وجه بطلان
الشرط المذكور: إن هذا الشرط لا أثر له أصلا، لأنه
ليس بلازم الوفاء، حيث إنه في العقد الجائز ولا يلزم
من تخلفه أثر التسليط على الفسخ، حيث إنه يجوز فسخه
101

ولو مع عدم التخلف. وفيه أولا: ما عرفت سابقا من
لزوم العمل بالشرط في ضمن العقود الجائزة ما دامت باقية
ولم تفسخ وإن كان له أن يفسخ حتى يسقط وجوب العمل
به وثانيا: لا نسلم أن تخلفه لا يؤثر في التسلط على الفسخ
إذ الفسخ الذي يأتي من قبل كون العقد جايزا إنما يكون
بالنسبة إلى الاستمرار بخلاف الفسخ الآتي من تخلف الشرط
فإنه يوجب فسخ المعاملة من الأصل (1) فإذا فرضنا أن
الفسخ بعد حصول الربح، فإن كان من القسم الأول
اقتضى حصوله من حينه، فالعامل يستحق ذلك الربح
بمقدار حصته، وإن كان من القسم الثاني يكون تمام
الربح للمالك، ويستحق العامل أجرة المثل لعمله وهي
قد تكون أزيد من الربح (2) وقد تكون أقل فيتفاوت
الحال بالفسخ وعدمه إذا كان لأجل تخلف الشرط.
102

(مسألة 34): يملك العامل حصته من الربح بمجرد
ظهوره من غير توقف على الانضاض أو القسمة لا نقلا
ولا كشفا، على المشهور، بل الظاهر الاجماع عليه لأنه
مقتضى اشتراط كون الربح بينهما (1) ولأنه مملوك وليس
103

للمالك، فيكون للعامل. للصحيح (1): " رجل دفع إلى
رجل ألف درهم للمضاربة، فاشترى أباه وهو لا يعلم.
قال: يقوم فإن زاد درهما واحدا انعتق، واستسعى في
مال الرجل " إذ لو لم يكن مالكا لحصته لم ينعتق أبوه.
نعم عن الفخر عن والده: أن في المسألة أربعة أقوال،
ولكن لم يذكر القائل ولعله من العامة (أحدها) ما ذكرنا
(الثاني): إنه يملك بالانضاض، لأنه قبله ليس موجودا
خارجيا بل هو مقدر موهوم (الثالث): إنه يملك بالقسمة
لأنه لو ملك قبله لاختص بربحه ولم يكن وقاية لرأس المال
(الرابع): إن القسمة كاشفة عن الملك سابقا لأنها توجب
استقراره. والأقوى ما ذكرنا، لما ذكرنا. ودعوى:
104

إنه ليس موجود كما ترى (1) وكون القيمة أمرا وهميا
ممنوع. مع أنا نقول: إنه يصير شريكا في العين الموجودة
بالنسبة، ولذا يصح له مطالبة القسمة، مع أن المملوك
لا يلزم أن يكون موجودا خارجيا. فإن الدين مملوك مع
أنه ليس في الخارج ومن الغريب (2) اصرار صاحب
الجواهر على الاشكال في ملكيته. بدعوى: أنه حقيقة
ما زاد على عين الأصل، وقيمة الشئ أمر وهمي لا وجود
له لا ذمة ولا خارجا، فلا يصدق عليه الربح نعم لا بأس
أن يقال: إنه بالظهور ملك أن يملك، بمعنى أن له
الانضاض فيملك. وأغرب منه أنه قال: " بل لعل الوجه
في خبر عتق الأب ذلك أيضا، بناءا على الاكتفاء بمثل
ذلك في العتق المبني على السراية " إذ لا يخفى ما فيه (3)

(1) الوسائل: ج 13 باب 8 من أبواب المضاربة ح 1.
105

مع أن لازم ما ذكره كون العين بتمامها ملكا للمالك حتى
مقدار الربح مع أنه ادعي الاتفاق على عدم كون مقدار
حصة العامل من الربح للمالك فلا ينبغي التأمل في أن
الأقوى ما هو المشهور. نعم أن حصل خسران أو تلف
بعد ظهور الربح خرج عن ملكية العامل (1) لا أن يكون
كاشفا عن عدم ملكيته من الأول، وعلى ما ذكرنا يترتب
عليه جميع آثار الملكية من جواز المطالبة بالقسمة وإن كانت
موقوفة على رضى المالك، ومن صحة تصرفاته فيه من البيع
والصلح ونحوهما، ومن الإرث، وتعلق الخمس والزكاة
وحصول الاستطاعة للحج، وتعلق حق الغرماء به، ووجوب
صرفه في الدين مع المطالبة إلى غير ذلك.
(مسألة 35): الربح وقاية لرأس المال، فملكية
العامل له بالظهور متزلزلة فلو عرض بعد ذلك خسران أو
تلف يجبر به إلى أن تستقر ملكيته (2) والاستقرار يحصل
106

بعد الانضاض والفسخ والقسمة (1) فبعدها إذا تلف شئ
لا يحسب من الربح (2) بل تلف كل على صاحبه،
107

ولا يكفي في الاستقرار قسمة الربح فقط مع عدم الفسخ (1)
بل ولا قسمة الكل كذلك (2) ولا بالفسخ مع عدم
القسمة (3) فلو حصل خسران أو تلف أو ربح كان كما
سبق، فيكون الربح مشتركا والتلف والخسران عليهما،
ويتم رأس المال بالربح، نعم لو حصل الفسخ ولم يحصل
الانضاض ولو بالنسبة إلى البعض وحصلت القسمة فهل
تستقر الملكية أم لا؟ إن قلنا بوجوب الانضاض على
108

العامل فالظاهر عدم الاستقرار (1)، وإن قلنا بعدم
وجوبه ففيه وجهان أقواهما الاستقرار (2). والحاصل:
أن اللازم أولا دفع مقدار رأس المال للمالك، ثم يقسم
ما زاد عنه بينهما على حسب حصتهما، فكل خسارة وتلف
قبل تمام المضاربة يجبر بالربح، وتماميتها بما ذكرنا من
الفسخ والقسمة.
(مسألة 36): إذا ظهر الربح ونض تمامه أو بعض
منه، فطلب أحدهما قسمته، فإن رضي الآخر فلا مانع
منها وإن لم يرض المالك لم يجبر عليها لاحتمال الخسران بعد
ذلك والحاجة إلى جبره به (3).
109

قيل: وإن لم يرض العامل فكذلك أيضا، لأنه لو
حصل الخسران وجب عليه رد ما أخذه، ولعله لا يقدر
عليه لفواته في يده، وهو ضرر عليه وفيه: أن هذا لا يعد
ضررا (1)، فالأقوى أنه يجبر إذا طلب المالك. وكيف
كان: إذا اقتسماه ثم حصل الخسران، فإن حصل بعده
ربح يجبره فهو، وإلا رد العامل أقل الأمرين من مقدار
الخسران وما أخذ من الربح لأن الأقل إن كان هو الخسران
فليس عليه إلا جبره، والزايد له، وإن كان هو الربح
110

فليس عليه إلا مقدار ما أخذ (1) ويظهر من الشهيد أن
قسمة الربح موجبة لاستقراره وعدم جبره للخسارة الحاصلة
بعدها، لكن قسمة مقداره ليست قسمة له من حيث إنه
مشاع في جميع المال، فأخذ مقدار منه ليس أخذا له فقط
حيث قال على ما نقل عنه: " إن المردود أقل الأمرين مما
أخذه العامل من رأس المال لا من الربح، فلو كان رأس
المال ماءة والربح عشرين فاقتسما العشرين، فالعشرون
التي هي الربح مشاعة في الجميع، نسبتها إلى رأس المال
نسبة السدس، فالمأخوذ سدس الجميع فيكون خمسة أسداسها
من رأس المال وسدسها من الربح، فإذا اقتسماها استقر
ملك العامل على نصيبه من الربح، وهو نصف سدس
العشرين، وذلك درهم وثلثان، يبقى معه ثمانية وثلث من
رأس المال، فإذا خسر المال الباقي رد أقل الأمرين مما
خسر ومن ثمانية وثلث ".
وفيه: مضافا إلى أنه خلاف ما هو المعلوم من وجوب
جبر الخسران الحاصل بعد ذلك بالربح السابق إن لم يلحقه
ربح وأن عليه غرامة ما أخذه منه، أنظار أخر.
منها: أن المأخوذ إذا كان من رأس المال فوجوب رده
111

لا يتوقف على حصول الخسران بعد ذلك.
ومنها: أنه ليس مأذونا في أخذ رأس المال، فلا وجه
للقسمة المفروضة.
ومنها: أن المفروض أنهما اقتسما المقدار من الربح
بعنوان أنه ربح لا بعنوان كونه منه ومن رأس المال.
ودعوى: أنه لا يتعين لكونه من الربح بمجرد قصدهما
مع فرض إشاعته في تمام المال مدفوعة: بأن المال بعد
حصول الربح يصير مشتركا بين المالك والعامل، فمقدار
رأس المال مع صحة من الربح للمالك ومقدار حصة الربح
المشروط للعامل له، فلا وجه لعدم التعين بعد تعيينهما مقدار
مالهما في هذا المال، فقسمة الربح في الحقيقة قسمة لجميع
المال، ولا مانع منها.
(مسألة 37): إذا باع العامل حصته من الربح بعد
ظهوره صح مع تحقق الشرائط من معلومية المقدار وغيره
وإذا حصل خسران بعد هذا لا يبطل البيع (1)، بل يكون
بمنزلة التلف، فيجب عليه جبره بدفع أقل الأمرين من
قيمة ما باعه ومقدار الخسران.
112

(مسألة 38): لا اشكال في أن الخسارة الواردة على
مال المضاربة تجبر بالربح (1)، سواء كان سابقا عليها أو
لاحقا، ما دامت المضاربة باقية ولم يتم عملها. نعم قد عرفت
ما عن الشهيد من عدم جبران الخسارة اللاحقة بالربح
السابق إذا اقتسماه وأن مقدار الربح من المقسوم تستقر
ملكيته، وأما التلف فإما أن يكون بعد الدوران في التجارة
أو بعد الشروع فيها، أو قبله، ثم إما أن يكون التالف
البعض أو الكل، وأيضا إما أن يكون بآفة من الله سماوية
أو أرضية، أو بإتلاف المالك أو العامل أو الأجنبي على
وجه الضمان. فإن كان بعد الدوران في التجارة فالظاهر
جبره بالربح (2) ولو كان لاحقا مطلقا سواءا كان التالف
البعض أو الكل (3)، كان التلف بآفة أو باتلاف ضامن
من العامل أو الأجنبي ودعوى: أن مع الضمان كأنه
114

لم يتلف، لأنه في ذمة الضامن كما ترى (1). نعم لو أخذ
العوض يكون من جملة المال (2) بل الأقوى ذلك إذا
كان بعد الشروع في التجارة وإن كان التالف الكل (3)
كما إذا اشترى في الذمة وتلف المال قبل دفعه إلى البايع
فأداه المالك، أو باع العامل المبيع وربح فأدى. كما أن
الأقوى في تلف البعض الجبر وإن كان قبل الشروع أيضا (4)
كما إذا سرق في أثناء السفر قبل أن يشرع في التجارة أو
في البلد أيضا قبل أن يسافر، وأما تلف الكل قبل الشروع
في التجارة فالظاهر أنه موجب لانفساخ العقد، إذ لا يبقى
معه مال للتجارة حتى يجبر أو لا يجبر، نعم إذا أتلفه
أجنبي وأدى عوضه تكون المضاربة باقية، وكذا إذا
أتلفه العامل.
115

(مسألة 39): العامل أمين (1) فلا يضمن إلا بالخيانة (2)
كما لو أكل بعض مال المضاربة أو اشترى شيئا لنفسه فأدى
الثمن من ذلك، أو وطأ الجارية المشتراة أو نحو ذلك
- أو التفريط بترك الحفظ أو التعدي، بأن خالف ما أمره
به أو نهاه عنه كما لو سافر مع نهيه عنه أو عدم إذنه في
السفر أو اشترى ما نهي عن شرائه، أو ترك شراء ما أمره
به، فإنه يصير بذلك ضامنا للمال لو تلف ولو بآفة سماوية
وإن بقيت المضاربة، كما مر. والظاهر ضمانه للخسارة
الحاصلة بعد ذلك أيضا (3) وإذا رجع عن تعديه أو خيانته
116

فهل يبقى الضمان أو لا؟ وجهان: مقتضى الاستصحاب
بقاءه، كما ذكروا في باب الوديعة أنه لو أخرجها الودعي
عن الحرز بقي الضمان وإن ردها بعد ذلك إليه. ولكن
لا يخلو عن اشكال، لأن المفروض بقاء الإذن وارتفاع
سبب الضمان (1) ولو اقتضت المصلحة بيع الجنس في زمان
ولم يبع ضمن الوضيعة إن حصلت بعد ذلك (2) وهل
يضمن بنية الخيانة مع عدم فعلها وجهان (3) من عدم
كون مجرد النية خيانة، ومن صيرورة يده حال النية بمنزلة
117

يد الغاصب، ويمكن الفرق بين العزم عليها فعلا وبين
العزم على أن يخون بعد ذلك (1).
(مسألة 40): لا يجوز للمالك أن يشتري من العامل
شيئا من مال المضاربة لأنه ماله (2). نعم إذا ظهر الربح
يجوز له أن يشتري حصة العامل منه مع معلومية قدرها (3)
ولا يبطل بيعه بحصول الخسارة بعد ذلك، فإنه بمنزلة
التلف (4) ويجب على العامل رد قيمتها لجبر الخسارة (5)
كما لو باعها من غير المالك. وأما العامل فيجوز أن يشتري
من المالك قبل ظهور الربح (6)، بل وبعده، لكن يبطل
118

الشراء بمقدار حصته من المبيع، لأنه ماله. نعم لو
اشترى منه قبل ظهور الربح بأزيد من قيمته بحيث يكون
الربح حاصلا بهذا الشراء يمكن الاشكال فيه، حيث إن
بعض الثمن حينئذ يرجع إليه من جهة كونه ربحا فيلزم من
نقله إلى البايع عدم نقله من حيث عوده إلى نفسه.
ويمكن دفعه: بأن كونه ربحا متأخر عن صيرورته
للبايع، فيصير أولا للبايع الذي هو المالك من جهة كونه
ثمنا، وبعد أن تمت المعاملة وصار ملكا للبايع وصدق
كونه ربحا يرجع إلى المشتري الذي هو العامل على حسب
قرار المضاربة، فملكية البايع متقدمة طبعا. وهذا مثل
ما إذا باع العامل مال المضاربة الذي هو مال المالك من
أجنبي بأزيد من قيمته، فإن المبيع ينتقل من المالك والثمن
يكون مشتركا بينه وبين العامل، ولا بأس به فإنه من الأول
يصير ملكا للمالك ثم يصير بمقدار حصة العامل منه له
بمقتضى قرار المضاربة. لكن هذا على ما هو المشهور (1)
119

من أن مقتضى المعاوضة دخول المعوض في ملك من خرج
عنه العوض وأنه لا يعقل غيره. وأما على ما هو الأقوى
من عدم المانع من كون المعوض لشخص والعوض داخل
في ملك غيره، وأنه لا ينافي حقيقة المعاوضة، فيمكن أن
يقال: من الأول يدخل الربح في ملك العامل بمقتضى
قرار المضاربة، فلا يكون هذه الصورة مثالا للمقام
ونظيرا له.
(مسألة 41): يجوز للعامل الأخذ بالشفعة من المالك
في مال المضاربة (1)
120

ولا يجوز العكس (1). مثلا إذا كانت دار مشتركة بين
العامل والأجنبي، فاشترى العامل حصة الأجنبي بمال
المضاربة، يجوز له إذا كان قبل ظهور الربح أن يأخذها
بالشفعة (2) لأن الشراء قبل حصول الربح يكون للمالك
فللعامل أن يأخذ تلك الحصة بالشفعة منه وأما إذا كانت
الدار مشتركة بين المالك والأجنبي فاشترى العامل حصة
الأجنبي ليس للمالك الأخذ بالشفعة، لأن الشراء له
فليس له أن يأخذ بالشفعة ما هو له.
121

(مسألة 42): لا اشكال في عدم جواز وطئ العامل
للجارية التي اشتراها بمال المضاربة بدون إذن المالك،
سواء كان قبل ظهور الربح أو بعده، لأنها مال الغير أو
مشتركة بينه وبين الغير الذي هو المالك فإن فعل كان زانيا
يحد - مع عدم الشبهة - كاملا إن كان قبل حصول الربح (1)
وبقدر نصيب المالك إن كان بعده (2). كما لا اشكال في
جواز وطئها إذا أذن له المالك بعد الشراء وكان قبل حصول
الربح (3) بل يجوز بعده على الأقوى (4)

(1) الوسائل: ج 14 باب 41 من أبواب نكاح العبيد والإماء ح 1
122

من جواز تحليل أحد الشريكين صاحبه ووطئ الجارية
المشتركة بينهما. وهل يجوز له وطئها بالإذن السابق في حال
ايقاع عقد المضاربة، أو بعده قبل الشراء، أم لا؟
المشهور على عدم الجواز، لأن التحليل إما تمليك أو عقد
وكلاهما لا يصلحان قبل الشراء (1) والأقوى - كما عن
الشيخ في النهاية - الجواز، لمنع كونه أحد الأمرين، بل
هو إباحة (2)، ولا مانع من انشائها قبل الشراء إذا
123

لم يرجع عن إذنه بعد ذلك كما إذا قال: اشتر بمالي طعاما
ثم كل منه (1) هذا مضافا إلى خبر الكاهلي (2) عن
أبي الحسن (ع): (قلت: رجل

(1) الوسائل: ج 13 باب 11 من أبواب المضاربة ح 1.
124

سألني أن أسألك أن رجلا أعطاه مالا مضاربة يشتري
ما يرى من شئ، وقال له: اشتر جارية تكون معك،
والجارية إنما هي لصاحب المال، إن كان فيها وضيعة فعليه
وإن كان ربح فله، فللمضارب أن يطأها؟ قال: (ع)
نعم ". ولا يضر ظهورها في كون الشراء من غير مال
المضاربة من حيث جعل ربحها للمالك، لأن الظاهر عدم
الفرق بين المضاربة وغيرها في تأثير الإذن السابق وعدمه.
125



(1) سورة المعارج الآية 13.
(2) سورة عبس الآية 34 - 36.
126

وأما وطئ المالك لتلك الجارية فلا بأس به قبل حصول
الربح (1)، بل مع الشك فيه، لأصالة عدمه. وأما
بعده فيتوقف على إذن العامل، فيجوز معه على الأقوى
من جواز إذن أحد الشريكين صاحبه.
(مسألة 43): لو كان المالك في المضاربة امرأة
فاشترى العامل زوجها، فإن كان بإذنها فلا اشكال في
صحته (2)، وبطلان نكاحها (3) ولا ضمان عليه (4) وإن
استلزم ذلك الضرر عليها بسقوط المهر ونفقتها (5).
127

وإلا ففي المسألة أقوال: البطلان مطلقا، للاستلزام المذكور
فيكون خلاف مصلحتها. والصحة كذلك، لأنه من
أعمال المضاربة المأذون فيها في ضمن العقد، كما إذا اشترى
غير زوجها. والصحة إذا أجازت بعد ذلك. وهذا هو
الأقوى، إذ لا فرق بين الإذن السابق والإجازة اللاحقة (1)
فلا وجه للقول الأول. مع أن قائله غير معلوم. ولعله
من يقول بعدم صحة الفضولي إلا فيما ورد دليل خاص.
مع أن الاستلزام المذكور ممنوع، لأنها لا تستحق النفقة
إلا تدريجا، فليست هي مالا لها فوته عليها، وإلا لزم
غرامتها على من قتل الزوج. وأما المهر فإن كان ذلك
128

بعد الدخول فلا سقوط، وإن كان قبله فيمكن أن يدعى
عدم سقوطه أيضا بمطلق المبطل، وإنما يسقط بالطلاق
فقط (1) مع أن المهر كان لسيدها (2) لا لها. وكذا
لا وجه للقول الثاني بعد أن كان الشراء المذكور على خلاف
مصلحتها، لا من حيث استلزام الضرر المذكور (3) بل
لأنها تريد زوجها لأغراض أخر، والإذن الذي تضمنه
العقد منصرف عن مثل هذا. ومما ذكرنا ظهر حال ما إذا
اشترى العامل زوجة المالك، فإنه صحيح مع الإذن السابق
أو الإجازة اللاحقة، ولا يكفيه الإذن الضمني في العقد
للانصراف.
(مسألة 44): إذا اشترى العامل من ينعتق على المالك
فإما أن يكون بإذنه، أو لا. فعلى الأول ولم يكن فيه ربح
129

صح وانعتق عليه (1)، وبطلت المضاربة بالنسبة إليه،
لأنه خلاف وضعها وخارج عن عنوانها، حيث إنها مبنية
على طلب الربح المفروض عدمه، بل كونه خسارة محضة
فيكون صحة الشراء من حيث الإذن من المالك، لا من
حيث المضاربة. وحينئذ فإن بقي من مالها غيره بقيت
بالنسبة إليه (2) وإلا بطلت من الأصل (3) وللعامل أجرة
عمله إذا لم يقصد التبرع (4) وإن كان فيه ربح فلا اشكال
في صحته، لكن في كونه قراضا فيملك العامل بمقدار
حصته من العبد (5) أو يستحق عوضه على المالك للسراية (6)
أو بطلانه مضاربة واستحقاق العامل أجرة المثل لعمله (7)
كما إذا لم يكن ربح، أقوال، لا يبعد ترجيح الأخير،
130

لا لكونه خلاف وضع المضاربة، للفرق بينه وبين صورة
عدم الربح (1) بل لأنه فرع ملكية العامل المفروض
عدمها (2). ودعوى: أنه لا بد أن يقال: إنه يملكه
آنا ما ثم ينعتق، أو تقدر ملكيته حفظا لحقيقة البيع، على
القولين في تلك المسألة، وأي منهما كان يكفي في ملكية الربح.
مدفوعة: بمعارضتها بالانعتاق الذي هو أيضا متفرع على
ملكية المالك، فإن لها أثرين في عرض واحد - ملكية
العامل للربح، والانعتاق - ومقتضى بناء العتق على التغليب
تقديم الثاني، وعليه فلم يحصل للعامل ملكية نفس العبد
ولم يفوت المالك عليه أيضا، بل فعل ما يمنع عن ملكيته
مع أنه يمكن أن يقال: إن التفويت من الشارع لا منه.
لكن الانصاف أن المسألة مشكلة، بناءا على لزوم تقدم
ملكية المالك وصيرورته للعامل بعده، إذ تقدم الانعتاق
131

على ملكية العامل عند المعارضة في محل المنع (1).
132

نعم لو قلنا: إن العامل يملك الربح أولا بلا توسط
ملكية المالك بالجعل الأولى حين العقد، وعدم منافاته
لحقيقة المعاوضة، لكون العوض من مال المالك والمعوض
مشتركا بينه وبين العامل - كما هو الأقوى - (1) لا يبقى
اشكال، فيمكن أن يقال بصحته مضاربة، وملكية العامل
حصته من نفس العبد على القول بعدم السراية، وملكيته
عوضها إن قلنا بها - وعلى الثاني - أي إذا كان من غير
إذن المالك - فإن أجاز فكما في صورة الإذن (2)، وإن
لم يجز بطل الشراء. ودعوى: البطلان ولو مع الإجازة
لأنه تصرف منهي عنه، كما ترى، إذ النهي ليس عن
المعاملة بما هي، بل لأمر خارج (3) فلا مانع من صحتها
مع الإجازة. ولا فرق في البطلان مع عدمها بين كون
133

العامل عالما بأنه ممن ينعتق على المالك حين الشراء أو جاهلا
والقول بالصحة مع الجهل، لأن بناء معاملات العامل على
الظاهر، فهو كما إذا اشترى المعيب جهلا بالحال ضعيف
والفرق بين المقامين واضح (1).
134

ثم لا فرق في البطلان بين كون الشراء بعين مال
المضاربة، أو في الذمة بقصد الأداء منه وإن لم يذكره لفظا.
نعم لو تنازع هو والبايع في كونه لنفسه أو للمضاربة
قدم قول البايع، ويلزم العامل به ظاهرا (1) وإن وجب
عليه التخلص منه (2) ولو لم يذكر المالك لفظا ولا قصدا
كان له ظاهرا وواقعا (3).
(مسألة 45): إذا اشترى العامل أباه أو غيره ممن
135

ينعتق عليه، فإن كان قبل ظهور الربح ولا ربح فيه
أيضا (1) صح الشراء وكان من مال القراض (2)، وإن
كان بعد ظهوره أو كان فيه ربح، فمقتضى القاعدة وإن
كان بطلانه (3) لكونه خلاف وضع المضاربة، فإنها موضوعة
136

- كما مر - للاسترباح بالتقليب في التجارة، والشراء
المفروض من حيث استلزامه للانعتاق ليس كذلك، إلا أن
المشهور، بل ادعي عليه الاجماع صحته، وهو الأقوى في
صورة الجهل بكونه ممن ينعتق عليه، فينعتق مقدار حصته
من الربح منه، ويسري في البقية، وعليه عوضها للمالك
137

مع يساره، ويستسعى العبد فيه مع اعساره (1) لصحيحة
ابن أبي عمير عن محمد بن قيس عن الصادق (ع): " في رجل
دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة، فاشترى أباه وهو
لا يعلم قال (ع): يقوم، فإن زاد درهما واحدا انعتق
واستسعى في مال الرجل " (1) وهي مختصة بصورة الجهل
المنزل عليها اطلاق كلمات العلماء أيضا.

(1) الوسائل ج 13 باب 8 من أبواب المضاربة ح 1.
138

واختصاصها بشراء الأب لا يضر، بعد كون المناط كونه
ممن ينعتق عليه (1). كما أن اختصاصها بما إذا كان فيه
ربح لا يضر أيضا، بعد عدم الفرق بينه وبين الربح
السابق (2) واطلاقها من حيث اليسار والاعسار في الاستسعاء
أيضا منزل على الثاني، جمعا بين الأدلة (3) هذا ولو لم
يكن ربح سابق ولا كان فيه أيضا، لكن تجدد بعد ذلك
قبل أن يباع، فالظاهر أن حكمه أيضا الانعتاق والسراية
بمقتضى القاعدة (4) مع إمكان دعوى شمول اطلاق
139

الصحيحة أيضا للربح المتجدد فيه. فيلحق به الربح الحاصل
من غيره، لعدم الفرق (1).
140

(مسألة 46): قد عرفت أن المضاربة من العقود
الجائزة، وأنه يجوز لكل منهما الفسخ (1) إذا لم يشترط
لزومها (2) في ضمن عقد لازم، ثم قد يحصل الفسخ
141

من أحدهما، وقد يحصل البطلان والانفساخ لموت أو جنون
أو تلف مال التجارة بتمامها أو لعدم إمكان التجارة لمانع
أو نحو ذلك، فلا بد من التكلم في حكمها من حيث
استحقاق العامل للأجرة وعدمه، ومن حيث وجوب
الانضاض عليه وعدمه إذا كان بالمال عروض، ومن حيث
وجوب الجباية عليه وعدمه إذا كان به ديون على الناس
ومن حيث وجوب الرد إلى المالك وعدمه، وكون الأجرة
عليه أولا،
فنقول: إما أن يكون الفسخ من المالك أو
العامل، وأيضا إما أن يكون قبل الشروع في التجارة أو
في مقدماتها أو بعده، قبل ظهور الربح أو بعده، في
الأثناء أو بعد تمام التجارة، بعد انضاض الجميع أو البعض
أو قبله، قبل القسمة أو بعدها، وبيان أحكامها في طي
مسائل.
الأولى: إذا كان الفسخ أو الانفساخ ولم يشرع في العمل
ولا في مقدماته فلا اشكال ولا شئ له ولا عليه (1) وإن
كان بعد تمام العمل والانضاض فكذلك، إذ مع حصول
142

الربح يقتسمانه، ومع عدمه لا شئ للعامل ولا عليه أن
حصلت خسارة، إلا أن يشترط المالك كونها بينهما على
الأقوى من صحة هذا الشرط (1)، أو يشترط العامل على
المالك شيئا إن لم يحصل ربح (2). وربما يظهر من اطلاق
بعضهم ثبوت أجرة المثل مع عدم الربح. ولا وجه له
أصلا، لأن بناء المضاربة على عدم استحقاق العامل لشئ
سوى الربح على فرض حصوله (3)، كما في الجعالة.
الثانية: إذا كان الفسخ من العامل في الأثناء قبل حصول
الربح فلا أجرة له لما مضى من عمله. واحتمال استحقاقه
143

لقاعدة الاحترام، لا وجه له أصلا (1)، وإن كان من
المالك، أو حصل الانفساخ القهري، ففيه قولان (1)،
أقواهما العدم أيضا بعد كونه هو المقدم على المعاملة الجائزة
التي مقتضاها عدم استحقاق شئ إلا الربح، ولا ينفعه
بعد ذلك كون اقدامه من حيث البناء على الاستمرار.
144

الثالثة: لو كان الفسخ من العامل بعد السفر بإذن المالك
وصرف جملة من رأس المال في نفقته، فهل للمالك
تضمينه مطلقا أو إذا كان لا لعذر منه؟ وجهان أقواهما
العدم (1) لما ذكر من جواز المعاملة وجواز الفسخ في كل
وقت فالمالك هو المقدم على ضرر نفسه.
145

الرابعة: لو حصل الفسخ أو الانفساخ قبل حصول
الربح وبالمال عروض لا يجوز للعامل التصرف فيه بدون
إذن المالك (1) ببيع ونحوه وإن احتمل تحقق الربح بهذا
البيع، بل وإن وجد زبون يمكن أن يزيد في الثمن فيحصل
الربح (2) نعم لو كان هناك زبون بأن على الشراء بأزيد
146

من قيمته لا يبعد جواز اجبار المالك على بيعه منه، لأنه
في قوة وجود الربح فعلا. ولكنه مشكل مع ذلك، لأن
المناط كون الشئ في حد نفسه زائد القيمة (1) والمفروض
عدمه وهل يجب عليه البيع والانضاض إذا طلبه المالك
أولا؟ قولان أقواهما عدمه (2) ودعوى: أن مقتضى
قوله (ع) " على اليد ما أخذت حتى تؤدي " (1) وجوب
رد المال إلى المالك كما كان، كما ترى (3).

(1) مستدرك الوسائل باب 1 من كتاب الوديعة ح 12
147

الخامسة: إذا حصل الفسخ أو الانفساخ بعد حصول
الربح قبل تمام العمل أو بعده، وبالمال عروض، فإن
رضيا بالقسمة كذلك فلا اشكال (1)، وإن طلب العامل
بيعها فالظاهر عدم وجوب إجابته (2) وإن احتمل ربح
فيه، خصوصا إذا كان هو الفاسخ. وإن طلبه المالك ففي
وجوب إجابته وعدمه وجوه، ثالثها التفصيل بين صورة
كون مقدار رأس المال نقدا فلا يجب وبين عدمه فيجب
لأن اللازم تسليم مقدار رأس المال كما كان، عملا بقوله
(عليه السلام): " على اليد... ". والأقوى عدم
الوجوب مطلقا (3)، وإن كان استقرار ملكية العامل
للربح موقوفا على الانضاض ولعله يحصل الخسارة بالبيع،
148

إذ لا منافاة (1) فنقول: لا يجب عليه الانضاض بعد
الفسخ لعدم الدليل عليه، لكن لو حصلت الخسارة بعده
قبل القسمة، أو بعدها يجب جبرها (2) بالربح، حتى أنه لو أخذه يسترد منه.
السادسة: لو كان في المال ديون على الناس فهل يجب
على العامل أخذها وجبايتها بعد الفسخ أو الانفساخ أم لا؟
149

وجهان، أقواهما العدم (1) من غير فرق بين أن يكون
الفسخ من العامل أو المالك.
السابعة: إذا مات المالك أو العامل قام وارثه مقامه
فيما مر من الأحكام (2).
150

الثامنة: لا يجب على العامل بعد حصول الفسخ أو
الانفساخ أزيد من التخلية بين المالك وماله، فلا يجب
عليه الايصال إليه. نعم لو أرسله إلى بلد آخر غير بلد
151

المالك ولو كان بإذنه يمكن دعوى وجوب الرد إلى بلده (1)
لكنه مع ذلك مشكل. وقوله (ع): " على اليد ما
أخذت... " أيضا لا يدل على أزيد من التخلية،
وإذا احتاج الرد إليه إلى الأجرة فالأجرة على المالك (2)
كما في سائر الأموال. نعم لو سافر به بدون إذن المالك
إلى بلد آخر وحصل الفسخ فيه، يكون حاله حال الغاصب
152

في وجوب الرد والأجرة (1) وإن كان ذلك منه للجهل
بالحكم الشرعي من عدم جواز السفر بدون إذنه.
(مسألة 47): قد عرفت أن الربح وقاية لرأس
المال من غير فرق بين أن يكون سابقا على التلف أو الخسران
أو لاحقا، فالخسارة تجبر بالربح اللاحق وبالعكس (2)
ولا يلزم أن يكون الربح حاصلا من مجموع رأس المال،
وكذا لا يلزم أن تكون الخسارة واردة على المجموع،
فلو أتجر بجميع رأس المال فخسر ثم أتجر ببعض الباقي
فربح، يجبر ذلك الخسران بهذا الربح، وكذا إذا أتجر
بالبعض فخسر ثم أتجر بالبعض الآخر أو بجميع الباقي
فربح، ولا يلزم في الربح أو الخسران أن يكون مع بقاء
المضاربة حال حصولها، فالربح مطلقا جابر للخسارة
والتلف مطلقا (3) ما دام لم يتم عمل المضاربة. ثم إنه
153

يجوز للمالك أن يسترد بعض مال المضاربة في الأثناء (1)،
154

ولكن تبطل بالنسبة إليه، وتبقى بالنسبة إلى البقية (1)
وتكون رأس المال، وحينئذ فإذا فرضنا أنه أخذ بعد ما
حصل الخسران أو التلف بالنسبة إلى رأس المال مقدارا
من البقية، ثم أتجر العامل بالبقية أو ببعضها، فحصل
ربح يكون ذلك الربح جابرا للخسران أو التلف السابق
بتمامه (2). مثلا إذا كان رأس المال مائة فتلف منها عشرة
أو خسر عشرة وبقي تسعون، ثم أخذ المالك من التسعين
عشرة وبقيت ثمانون، فرأس المال تسعون، وإذا أتجر
بالثمانين فصار تسعين فهذه العشرة الحاصلة ربحا تجبر تلك
العشرة، ولا يبقى للعامل شئ. وكذا إذا أخذ المالك
155

بعد ما حصل الربح مقدارا من المال (1)، سواء كان
بعنوان استرداد بعض رأس المال، أو هو مع الربح،
أو من غير قصد إلى أحد الوجهين، ثم أتجر العامل بالباقي
أو ببعضه، فحصل خسران أو تلف، يجبر بالربح السابق
بتمامه، حتى المقدار الشايع منه في الذي أخذه المالك ولا
يختص الجبر بما عداه، حتى يكون مقدار حصة العامل
منه باقيا له. مثلا إذا كان رأس المال مائة فربح عشرة ثم
أخذ المالك عشرة ثم أتجر العامل بالبقية فخسر عشرة أو
تلف منه عشرة، يجب جبره بالربح السابق حتى المقدار
الشايع منه في العشرة المأخوذة، فلا يبقى للعامل من
الربح السابق شئ. وعلى ما ذكرنا فلا وجه لما ذكره
المحقق وتبعه غيره من أن الربح اللاحق لا يجبر مقدار
الخسران الذي ورد على العشرة المأخوذة، لبطلان
المضاربة بالنسبة إليها، فمقدار الخسران الشايع فيها لا ينجبر
بهذا الربح، فرأس المال الباقي بعد خسران العشرة في
156

المثال المذكور لا يكون تسعين، بل أقل منه بمقدار حصة
خسارة العشرة المأخوذة، وهو واحد وتسع، فيكون
رأس المال الباقي تسعين إلا واحد وتسع، وهي تسعة
وثمانون إلا تسع، وكذا لا وجه لما ذكره بعضهم في
الفرض الثاني أن مقدار الربح الشايع في العشرة التي
أخذها المالك لا يجبر الخسران اللاحق، وأن حصة العامل
منه يبقى له ويجب على المالك رده إليه (1) فاللازم في
157

المثال المفروض عدم بقاء ربح للعامل بعد حصول الخسران
المذكور، بل قل عرفت سابقا أنه لو حصل ربح واقتسماه
في الأثناء وأخذ كل حصته منه ثم حصل خسران، إنه
يسترد من العامل مقدار ما أخذ، بل ولو كان الخسران
بعد الفسخ (1) قبل القسمة، بل أو بعدها إذا اقتسما
العروض وقلنا بوجوب الانضاض على العامل (2) وأنه
من تتمات المضاربة.
(مسألة 48): إذا كانت المضاربة فاسدة، فإما أن
يكون مع جهلهما بالفساد أو مع علمهما، أو علم أحدهما دون
الآخر. فعلى كل التقادير الربح بتمامه للمالك، لإذنه في
التجارات (3) وإن كانت مضاربته باطلة. نعم لو كان
158

الإذن مقيدا بالمضاربة توقف ذلك على إجازته (1)، وإلا
فالمعاملات الواقعة باطلة (2). وعلى عدم التقيد أو الإجازة
يستحق العامل مع جهلهما لأجرة عمله (3). وهل يضمن
عوض ما أنفقه في السفر على نفسه، لتبين عدم استحقاقه
النفقة، أولا، لأن المالك سلطه على الانفاق مجانا؟
وجهان، أقواهما الأول (4) ولا يضمن التلف والنقص (5)
159

وكذا الحال إذا كان المالك عالما دون العامل (1) فإنه
يستحق الأجرة، ولا يضمن التلف والنقص وإن كانا
عالمين أو كان العامل عالما دون المالك، فلا أجرة له،
لاقدامه على العمل مع علمه بعدم صحة المعاملة (2) وربما
يحتمل في صورة علمهما أنه يستحق حصته من الربح من
باب الجعالة. وفيه: أن المفروض عدم قصدها (3) كما
أنه ربما يحتمل استحقاقه أجرة المثل إذا اعتقد أنه يستحقها
161

مع الفساد، وله وجه (1) وإن كان الأقوى خلافه. هذا
كله إذا حصل ربح ولو قليلا، وأما مع عدم حصوله
فاستحقاق العامل الأجرة ولو مع الجهل مشكل (2)،
لاقدامه على عدم العوض لعمله مع عدم حصول الربح.
162

وعلى هذا ففي صورة حصوله أيضا يستحق أقل الأمرين
من مقدار الربح وأجرة المثل (1) لكن الأقوى خلافه،
لأن رضاه بذلك كان مقيدا بالمضاربة (2) ومراعاة
الاحتياط في هذا وبعض الصور المتقدمة أولى.
163

(مسألة 49): إذا ادعى على أحد أنه أعطاه كذا
مقدارا مضاربة وأنكر ولم يكن للمدعي بينة، فالقول قول
المنكر مع اليمين (1).
(مسألة 50): إذا تنازع المالك والعامل في مقدار
رأس المال الذي أعطاه للعامل قدم قول العامل بيمينه مع
عدم البينة (2)، من غير فرق بين كون المال موجودا أو
تالفا مع ضمان العامل، لأصالة عدم اعطائه أزيد مما يقوله
وأصالة براءة ذمته إذا كان تالفا بالأزيد. هذا إذا لم يرجع
نزاعهما إلى النزاع في مقدار نصيب العامل من الربح، كما
164

إذا كان نزاعهما بعد حصول الربح وعلم أن الذي بيده هو
مال المضاربة، إذ حينئذ النزاع في قلة رأس المال وكثرته
يرجع إلى النزاع في مقدار نصيب العامل من هذا المال
الموجود، إذ على تقدير قلة رأس المال يصير مقدار الربح
منه أكثر، فيكون نصيب العامل أزيد، وعلى تقدير
كثرته بالعكس، ومقتضى الأصل كون جميع هذا المال
للمالك إلا بمقدار ما أقر به للعامل (1) وعلى هذا أيضا
لا فرق بين كون المال باقيا أو تالفا بضمان العامل، إذ
بعد الحكم بكونه للمالك إلا كذا مقدارا منه، فإذا تلف
مع ضمانه لا بد أن يغرم المقدار الذي للمالك.
(مسألة 51): لو ادعى المالك على العامل أنه خان
أو فرط في الحفظ فتلف أو شرط عليه أن لا يشتري الجنس
165

الفلاني، أو لا يبيع من زيد أو نحو ذلك، فالقول قول
العامل في عدم الخيانة والتفريط، وعدم شرط المالك
عليه الشرط الكذائي (1) والمفروض أن مع عدم الشرط
يكون مختارا في الشراء وفي البيع من أي شخص أراد.
نعم لو فعل العامل ما لا يجوز له إلا بإذن من المالك - كما
لو سافر أو باع بالنسيئة وادعى الإذن من المالك فالقول
166

قول المالك في عدم الإذن (1).
والحاصل: أن العامل لو ادعى الإذن فيما لا يجوز إلا
بالإذن قدم فيه قول المالك المنكر، ولو ادعى المالك المنع
فيما يجوز إلا مع المنع قدم قول العامل النكر له.
168

(مسألة 52): لو ادعى العامل التلف وأنكر المالك
قدم قول العامل لأنه أمين (1) سواء كان بأمر ظاهر أو
169



(1) الوسائل: ج 12 باب 29 من أبواب أحكام الإجارة ح 2
(2) الوسائل: ج 12 باب 29 من أبواب أحكام الإجارة ح 5
(3) الوسائل: ج 12 باب 29 من أبواب أحكام الإجارة ح 6
170



(1) الوسائل: ج 12 باب 30 من أبواب أحكام الإجارة ح 1
(2) الوسائل: ج 12 باب 30 من أبواب أحكام الإجارة ح 2
(3) الوسائل: ج 12 باب 29 من أبواب أحكام الإجارة ح 9
(4) الوسائل: ج 12 باب 29 من أبواب أحكام الإجارة ح 14
171



(1) الوسائل: ج 12 باب 29 من أبواب أحكام الإجارة ح 4
(2) الوسائل: ج 12 باب 29 من أبواب أحكام الإجارة ح 12
(3) الوسائل: ج 12 باب 30 من أبواب أحكام الإجارة ح 6
(4) الوسائل: ج 12 باب 30 من أبواب أحكام الإجارة ح 7
172



(1) الوسائل. ج 12 باب 30 من أبواب أحكام الإجارة ح 3
173



(1) الوسائل: ج 12 باب 30 من أبواب أحكام الإجارة ح 11
174



(1) الوسائل: ج 12 باب 30 من أبواب أحكام الإجارة ح 16
(2) الوسائل: ج 12 باب 30 من أبواب أحكام الإجارة ح 17
175

خفي، وكذا لو ادعى الخسارة، أو ادعي عدم الربح (1)
أو ادعى حصول المطالبات في النسيئة مع فرض كونه
176

مأذونا في البيع بالدين ولا فرق في سماع قوله بين أن يكون
الدعوى قبل فسخ المضاربة أو بعده (1). نعم لو ادعى
بعد الفسخ التلف بعده ففي سماع قوله لبقاء أمانته، وعدمه
لخروجه بعده عن كونه أمينا، وجهان (2) ولو أقر
بحصول الربح ثم بعد ذلك ادعى التلف أو الخسارة، وقال
إني اشتبهت في حصوله، لم يسمع منه، لأنه رجوع عن
اقراره الأول (3) ولكن لو قال: ربحت ثم تلف، أو
177

ثم حصلت الخسارة، قبل منه (1).
(مسألة 53): إذا اختلفا في مقدار حصة العامل وأنه
نصف الربح مثلا أو ثلثه قدم قول المالك (2).
(مسألة 54): إذا ادعى المالك أني ضاربتك على كذا
مقدار وأعطيتك، فأنكر أصل المضاربة، أو أنكر تسليم
178

المال إليه، فأقام المالك بينة على ذلك، فادعى العامل تلفه
لم يسمع منه، وأخذ بإقراره المستفاد من إنكاره الأصل (1)
نعم لو أجاب المالك بأني لست مشغول الذمة لك بشئ،
ثم بعد الاثبات ادعى التلف، قبل منه، لعدم المنافاة بين
179

الانكار من الأول وبين دعوى التلف (1).
(مسألة 55): إذا اختلفا في صحة المضاربة الواقعة
بينهما وبطلانها قدم قول مدعي الصحة (2).
(مسألة 56): إذا ادعى أحدهما الفسخ في الأثناء
وأنكر الآخر، قدم قول المنكر (3) وكل من يقدم قوله
180

في المسائل المذكورة لا بد له من اليمين (1).
(مسألة 57): إذا ادعى العامل الرد وأنكره المالك
قدم قول المالك (2).
(مسألة 58): لو ادعى العامل في جنس اشتراه أنه
اشتراه لنفسه، وادعى المالك أنه اشتراه للمضاربة، قدم
قول العامل. وكذا لو ادعى أنه اشتراه للمضاربة، وادعى
المالك أنه اشتراه لنفسه، لأنه أعرف بنيته (3)، ولأنه
181

أمين فيقبل قوله. والظاهر أن الأمر كذلك لو علم أنه
أدى الثمن من مال المضاربة (1)، بأن ادعى أنه اشتراه
في الذمة لنفسه ثم أدى الثمن من مال المضاربة، ولو كان
عاصيا في ذلك.
(مسألة 59): لو ادعى المالك أنه أعطاه المال مضاربة
وادعى القابض أنه أعطاه قرضا، يتحالفان (2)، فإن
182

حلفا أو نكلا للقابض أكثر الأمرين من أجرة المثل والحصة
من الربح (1) إلا إذا كانت الأجرة زائدة عن تمام الربح
فليس له أخذها، لاعترافه بعدم استحقاق أزيد من الربح.
(مسألة 60): إذا حصل تلف أو خسران، فادعى
المالك أنه أقرضه، وادعى العامل أنه ضاربه، قدم قول
المالك مع اليمين (2).
183

(مسألة 61): لو ادعى المالك الابضاع والعامل
المضاربة يتحالفان (1) ومع الحلف أو النكول منهما يستحق
العامل أقل الأمرين من الأجرة والحصة من الربح (2) ولو
لم يحصل ربح فادعى المالك المضاربة لدفع الأجرة، وادعى

(1) الوسائل ج 13 باب 7 من أبواب أحكام الوديعة ح 1
184

العامل الابضاع استحق العامل بعد التحالف أجرة المثل
لعمله (1).
185

(مسألة 62): إذا علم مقدار رأس المال ومقدار
حصة العامل واختلفا في مقدار الربح الحاصل، فالقول
قول العامل (1)، كما أنهما لو اختلفا في حصوله وعدمه
كان القول قوله: ولو علم مقدار المال الموجود فعلا بيد
العامل، واختلفا في مقدار نصيب العامل منه، فإن كان
من جهة الاختلاف في الحصة أنها نصف أو ثلث فالقول
قول المالك قطعا (2)، وإن كان من جهة الاختلاف في
مقدار رأس المال فالقول قوله أيضا، لأن المفروض أن
تمام هذا الموجود من مال المضاربة أصلا وربحا، ومقتضى
الأصل كونه بتمامه للمالك، إلا ما علم جعله للعامل، وأصالة
عدم دفع أزيد من مقدار كذا إلى العامل لا تثبت كون
البقية ربحا (3) مع أنها معارضة بأصالة عدم حصول الربح
أزيد من مقدار كذا فيبقى كون الربح تابعا للأصل إلا
ما خرج.
186

(مسائل: الأولى): إذا كان عنده مال المضاربة فمات
فإن علم بعينه فلا اشكال (1) وإلا فإن علم بوجوده في
التركة الموجودة من غير تعيين فكذلك ويكون المالك
شريكا مع الورثة بالنسبة (2)
187



(1) الوسائل: ج 13 باب 13 من أبواب أحكام المضاربة ح 1.
188

ويقدم على الغرماء إن كان الميت مديونا لوجود عين ماله
في التركة، وإن علم بعدم وجوده في تركته ولا في يده
ولم يعلم أنه تلف بتفريط أو بغيره أورد على المالك،
فالظاهر عدم ضمانه، وكون جميع تركته للورثة، وإن كان
لا يخلو عن اشكال بمقتضى بعض الوجوه الآتية (1) وأما
إذا علم ببقائه في يده إلى ما بعد الموت ولم يعلم أنه موجود
في تركته الموجودة أولا - بأن كان مدفونا في مكان غير
معلوم أو عند شخص آخر أمانة أو نحو ذلك - أو علم بعدم
وجوده في تركته مع العلم ببقائه في يده - بحيث لو كان
حيا أمكنه الايصال إلى المالك - أو شك في بقاءه في يده
وعدمه أيضا، ففي ضمانه في هذه الصور الثلاث وعدمه
خلاف واشكال على اختلاف مراتبه، وكلمات العلماء في
المقام وأمثاله - كالرهن والوديعة ونحوهما - مختلفة.
والأقوى الضمان في الصورتين الأوليين (2) لعموم قوله (ع)
190

" على اليد ما أخذت حتى تؤدي "، حيث إن الأظهر
شموله للأمانات أيضا ودعوى: خروجها لأن المفروض
عدم الضمان فيها مدفوعة: بأن غاية ما يكون خروج
191

بعض الصور منها (1)، كما إذا تلفت بلا تفريط أو ادعى
تلفها كذلك إذا حلف (2). وأما صورة التفريط والاتلاف
ودعوى الرد في غير الوديعة (3) ودعوى التلف والنكول
194

عن الحلف (1) فهي باقية تحت العموم. ودعوى: أن
الضمان في صورة التفريط والتعدي من جهة الخروج عن
كونها أمانة، أو من جهة الدليل الخارجي كما ترى لا داعي
إليها. ويمكن أن يتمسك بعموم ما دل على وجوب رد
الأمانة (2) بدعوى: أن الرد أعم من رد العين ورد
البدل (3)، واختصاصه بالأول ممنوع ألا ترى أنه يفهم

(1) سورة النساء آية 58.
(2) سورة البقرة آية 283.
195

من قوله (ع): " المغصوب مردود " (1) وجوب
عوضه عند تلفه (1) هذا مضافا إلى خبر السكوني عن
علي (ع) أنه كان يقول: " من يموت وعنده مال مضاربة
قال: إن سماه بعينه قبل موته فقال هذا لفلان فهو له،
وإن مات ولم يذكر فهو أسوة الغرماء " (2).
وأما الصورة الثالثة فالضمان فيها لا يخلو عن قوة (3)
لأن الأصل بقاء يده عليه إلى ما بعد الموت (4) واشتغال

(1) الوسائل: ج 17 باب 1 من أبواب كتاب الغصب ح 3.
(2) الوسائل: ج 13 باب 13 من أبواب أحكام المضاربة ح 1.
196

ذمته بالرد عند المطالبة (1) وإذا لم يمكنه ذلك لموته يؤخذ
من تركته بقيمته. ودعوى: أن الأصل المذكور معارض
بأصالة براءة ذمته من العوض، والمرجع بعد التعارض
قاعدة اليد المقتضية لملكيته. مدفوعة. بأن الأصل الأول
حاكم على الثاني (2). هذا مع أنه يمكن الخدشة في قاعدة
اليد بأنها مقتضية للملكية إذا كانت مختصة، وفي المقام
كانت مشتركة (3)
197

والأصل بقاءها على الاشتراك بل في بعض الصور يمكن
أن يقال: أن يده يد المالك من حيث كونه عاملا له، كما
إذا لم يكن له شئ أصلا فأخذ رأس المال وسافر للتجارة
ولم يكن في يده سوى مال المضاربة، فإذا مات يكون
ما في يده يمنزلة ما في يد المالك (1) وإن احتمل أن يكون
قد تلف جميع ما عنده من ذلك المال، وأنه استفاد لنفسه
ما هو الموجود في يده. وفي بعض الصور يده مشتركة
بينه وبين المالك كما إذا سافر وعنده من مال المضاربة
198

مقدار ومن ماله أيضا مقدار (1) نعم في بعض الصور
لا يعد يده مشتركة أيضا، فالتمسك بقاعدة اليد بقول
مطلق مشكل، ثم إن جميع ما ذكر إنما هو إذا لم يكن بترك
التعيين عند ظهور أمارات الموت مفرطا، وإلا فلا اشكال
في ضمانه (2).
(الثانية): ذكروا من شروط المضاربة التنجيز، وأنه
لو علقها على أمر متوقع بطلت، وكذا لو علقها على أمر
حاصل إذا لم يعلم بحصوله (3)
199



(1) سورة الأنبياء آية 22.
200

نعم لو علق التصرف على أمر صح وإن كان متوقع الحصول
ولا دليل لهم على ذلك إلا دعوى الاجماع على أن أثر العقد
لا بد أن يكون حاصلا من حين صدوره وهو إن صح
إنما يتم في التعليق على المتوقع، حيث إن الأثر متأخر،
وأما التعليق على ما هو حاصل فلا يستلزم التأخير، بل في
المتوقع أيضا إذا أخذ على نحو الكشف - بأن يكون المعلق
عليه وجوده الاستقبالي - لا يكون الأثر متأخرا. نعم لو
قام الاجماع على اعتبار العلم بتحقق الأثر حين العقد تم في
صورة الجهل. لكنه غير معلوم. ثم على فرض البطلان
لا مانع من جواز التصرف ونفوذه من جهة الإذن (1)
202

لكن يستحق حينئذ أجرة المثل لعمله (1)، إلا أن يكون
الإذن مقيدا بالصحة، فلا يجوز التصرف أيضا.
(الثالثة): قد مر اشتراط عدم الحجر بالفلس في
المالك (2)، وأما العامل فلا يشترط فيه ذلك، لعدم
منافاته لحق الغرماء (3) نعم بعد حصول الربح منع من
التصرف إلا بإذن من الغرماء، بناءا على تعلق الحجر
203

بالمال الجديد (1).
(الرابعة): تبطل المضاربة بعروض الموت (2) - كما
مر - أو الجنون أو الاغماء (3) - كما في سائر العقود
الجائزة - وظاهرهم عدم الفرق بين كون الجنون مطبقا
أو أدواريا وكذا الاغماء بين قصر مدته وطولها، فإن كان
اجماعا وإلا فيمكن أن يقال بعدم البطلان (4) في الأدواري
والاغماء القصير المدة، فغاية الأمر عدم نفوذ التصرف
204

حال حصولهما، وأما بعد الإفاقة فيجوز من دون حاجة
إلى تجديد العقد، سواء كانا في المالك أو العامل. وكذا
تبطل بعروض السفه لأحدهما (1) أو الحجر للفلس في
المالك أو العامل أيضا إذا كان بعد حصول الربح (2) إلا
مع إجازة الغرماء.
(الخامسة): إذا ضارب المالك في مرض الموت صح
وملك العامل الحصة وإن كانت أزيد من أجرة المثل، على
الأقوى من كون منجزات المريض من الأصل بل وكذلك
على القول بأنها من الثلث، لأنه ليس مفوتا لشئ على
الوارث (3) إذ الربح أمر معدوم وليس مالا موجودا
للمالك، وإنما حصل بسعي العامل.
205

(السادسة): إذا تبين كون رأس المال لغير المضارب
- سواء كان غاصبا أو جاهلا بكونه ليس له - فإن تلف
في يد العامل أو حصل خسران (1) فلمالكه الرجوع على
كل منهما (2)، فإن رجع على المضارب لم يرجع على
206

العامل (1)، وإن رجع على العامل رجع إذا كان جاهلا
على المضارب وإن كان جاهلا أيضا لأنه مغرور من
قبله (2). وإن حصل ربح
207

كان للمالك إذا أجاز المعاملات الواقعة على ماله (1)، وللعامل
أجرة المثل على المضارب مع جهله (2). والظاهر عدم
استحقاقه الأجرة عليه مع عدم حصول الربح، لأنه أقدم
على عدم شئ له مع عدم حصوله (3). كما أنه لا يرجع
عليه إذا كان عالما بأنه ليس له، لكونه متبرعا بعمله
حينئذ (4).
(السابعة): يجوز اشتراط المضاربة في ضمن عقد
208

لازم، فيجب على المشروط عليه ايقاع عقدها مع الشارط
ولكن لكل منهما فسخه بعده (1). والظاهر أنه يجوز
209

اشتراط عمل المضاربة على العامل، بأن يشترط عليه (1)
أن يتجر بمقدار كذا من ماله إلى زمان كذا على أن يكون
الربح بينهما، نظير شرط كونه وكيلا في كذا في عقد
لازم، وحينئذ لا يجوز للمشروط عليه فسخها (2)، كما
في الوكالة.
(الثامنة): يجوز ايقاع المضاربة بعنوان الجعالة (3)
210

كأن يقول: إذا اتجرت بهذا المال وحصل ربح فلك
نصفه، فيكون جعالة تفيد فائدة المضاربة ولا يلزم أن
يكون جامعا لشروط المضاربة (1)، فيجوز مع كون
رأس المال من غير النقدين أو دينا أو مجهولا جهالة
لا توجب الغرر. وكذا في المضاربة المشروطة في ضمن
عقد بنحو شرط النتيجة (2) فيجوز مع كون رأس المال
من غير النقدين.
211

(التاسعة): يجوز للأب والجد الاتجار بمال المولى
عليه بنحو المضاربة بايقاع عقدها، بل مع عدمه أيضا (1)
بأن يكون بمجرد الإذن منهما (2) وكذا يجوز لهما المضاربة
بماله مع الغير (3) على أن يكون الربح مشتركا بينه وبين
العامل. وكذا يجوز ذلك للوصي في مال الصغير مع ملاحظة
الغبطة والمصلحة والأمن من الهلاك.
(العاشرة): يجوز للأب والجد الايصاء بالمضاربة
بمال المولى عليه (4)
212

بايقاع الوصي عقدها لنفسه أو لغيره مع تعيين الحصة من
الربح أو ايكاله إليه، وكذا يجوز لهما الايصاء بالمضاربة
في حصة القصير من تركتهما بأحد الوجهين (1). كما أنه
يجوز ذلك لكل منهما بالنسبة إلى الثلث المعزول لنفسه (2)
بأن يتجر الوصي به أو يدفعه إلى غيره مضاربة ويصرف
حصة الميت في المصارف المعينة للثلث. بل وكذا يجوز
الايصاء منهما بالنسبة إلى حصة الكبار أيضا (3) ولا يضر
كونه ضررا عليهم من حيث تعطيل مالهم إلى مدة، لأنه
منجبر (4) بكون الاختيار لهم في فسخ المضاربة وأجازتها
كما أن الحال كذلك بالنسبة إلى ما بعد البلوغ في القصير،
214

فإن له أن يفسخ أو يجيز (1) وكذا يجوز لهما الايصاء
بالاتجار بمال القصير على نحو المضاربة (2)، بأن يكون
هو الموصى به، لا ايقاع عقد المضاربة، لكن إلى زمان
البلوغ أو أقل، وأما إذا جعل المدة أزيد فيحتاج إلى الإجازة
بالنسبة إلى الزائد (3).
ودعوى: عدم صحة هذا النحو من الايصاء، لأن
الصغير لا مال له حينه وإنما ينتقل إليه بعد الموت، ولا
دليل على صحة الوصية العقدية في غير التمليك، فلا يصح
أن يكون ايجاب المضاربة على نحو ايجاب التمليك بعد الموت
مدفوعة: بالمنع (4)
215

مع أن الظاهر من خبر خالد بن بكر الطويل (1) في قضية
ابن أبي ليلى، وموثق محمد بن مسلم (1) المذكورين في باب

(1) الوسائل: ج 13 باب 9 من أبواب أحكام الوصايا ح 2.
216



(1) الوسائل: ج 13 باب 9 من أبواب أحكام الوصايا ح 1.
217

الوصية وأما بالنسبة إلى الكبار من الورثة فلا يجوز بهذا
النحو (1) لوجوب العمل بالوصية - وهو الاتجار - فيكون
ضررا عليهم (2) من حيث تعطيل حقهم من الإرث وإن
كان لهم حصتهم من الربح، خصوصا إذا جعل حصتهم
أقل من المتعارف.
(الحادية عشرة): إذا تلف المال في يد العامل بعد
موت المالك من غير تقصير فالظاهر عدم ضمانه (3)،
218

وكذا إذا تلف بعد انفساخها بوجه آخر (1).
(الثانية عشرة): إذا كان رأس المال مشتركا بين
اثنين فضاربا واحدا ثم فسخ أحد الشريكين، هل تبقى
بالنسبة إلى حصة الآخر أو تنفسخ من الأصل؟ وجهان:
أقربهما الانفساخ (2) نعم لو كان مال منهما متميزا
219

وكان العقد واحدا لا يبعد بقاء العقد بالنسبة إلى الآخر (1).
(الثالثة عشرة): إذا أخذ العامل مال المضاربة وترك
التجارة به إلى سنة مثلا، فإن تلف ضمن (2)، ولا
يستحق المالك عليه غير أصل المال (3)، وإن كان آثما في
تعطيل مال الغير.
(الرابعة عشرة): إذا اشترط العامل على المالك عدم
كون الربح جابرا للخسران مطلقا فكل ربح حصل يكون
بينهما، وإن حصل خسران بعده أو قبله، أو اشترط أن
لا يكون الربح اللاحق جابرا للخسران السابق أو بالعكس
فالظاهر الصحة. وربما يستشكل بأنه خلاف وضع
المضاربة وهو كما ترى (4).
220

(الخامسة عشرة): لو خالف العامل المالك فيما عينه
جهلا أو نسيانا أو اشتباها - كما لو قال: لا تشتر الجنس
الفلاني أو من الشخص الفلاني، فاشتراه جهلا - فالشراء
فضولي (1) موقوف على إجازة المالك.

(1) الوسائل: ج 13 باب 1 من أبواب أحكام المضاربة.
221

وكذا لو عمل بما ينصرف اطلاقه إلى غيره، فإنه
بمنزلة النهي عنه. ولعل منه ما ذكرنا سابقا من شراء من
ينعتق على المالك (1) مع جهله بكونه كذلك. وكذا الحال
إذا كان مخطئا في طريقة التجارة، بأن اشترى ما لا مصلحة
في شراءه عند أرباب المعاملة في ذلك الوقت، بحيث لو
عرض على التجار حكموا بخطائه.
(السادسة عشرة): إذا تعدد العامل - كأن ضارب
اثنين بماءة مثلا بنصف الربح بينهما متساويا أو متفاضلا
- فإما أن يميز حصة كل منهما من رأس المال (2) كأن
222

يقول: على أن يكون لكل منه نصفه، وأما لا يميز (1)
فعلى الأول الظاهر عدم اشتراكهما في الربح والخسران
والجبر (2) إلا مع الشرط (3)، لأنه بمنزلة تعدد العقد.
وعلى الثاني يشتركان فيها وإن اقتسما بينهما فأخذ كل منهما
مقدارا منه (4).
223

إلا أن يشترطا عدم الاشتراك فيها (1) فلو عمل أحدهما
224

وربح وعمل الآخر ولم يربح أو خسر يشتركان في ذلك
الربح ويجبر به خسران الآخر. بل لو عمل أحدهما وربح
ولم يشرع الآخر بعد في العمل، فانفسخت المضاربة،
يكون الآخر شريكا (1) وإن لم يصدر منه عمل، لأنه
مقتضى الاشتراك في المعاملة، ولا يعد هذا من شركة الأعمال
كما قد يقال، فهو نظير ما إذا آجرا نفسهما لعمل بالشركة
فهو داخل في عنوان المضاربة لا الشركة، كما أن النظير
داخل في عنوان الإجارة.
(السابعة عشرة): إذا أذن المالك للعامل في البيع والشراء
نسيئة، فاشترى نسيئة وباع كذلك، فهلك المال، فالدين
في ذمة المالك (2). وللديان إذا علم بالحال أو تبين له بعد
ذلك الرجوع على كل منهما (3)
225

فإن رجع على العامل وأخذ منه رجع هو على المالك (1)
ودعوى: أنه مع العلم من الأول ليس له الرجوع على
العامل، لعلمه بعدم اشتغال ذمته. مدفوعة: بأن مقتضى
المعاملة ذلك (2)، خصوصا في المضاربة (3)، وسيما إذا
علم أنه عامل يشتري للغير ولكن لم يعرف ذلك الغير أنه
من هو ومن أي بلد. ولو لم يتبين للديان أن الشراء للغير
يتعين له الرجوع على العامل في الظاهر (4) ويرجع هو
على المالك.
(الثامنة عشرة): يكره المضاربة مع الذمي خصوصا
إذا كان هو العامل، لقوله (ع): " لا ينبغي للرجل
226

المسلم أن يشارك الذمي، ولا يبضعه بضاعة، ولا يودعه
وديعة، ولا يصافيه المودة " (1). وقوله (ع): " إن
أمير المؤمنين (ع) كره مشاركة اليهودي والنصراني
والمجوسي، إلا أن تكون تجارة لا يغيب عنها المسلم " (2)
ويمكن أن يستفاد من هذا الخبر (3) كراهة مضاربة من
لا يؤمن منه في معاملاته من الاحتراز عن الحرام.
(التاسعة عشرة): الظاهر صحة المضاربة على ماءة
دينار كليا، فلا يشترط كون مال المضاربة عينا شخصية

(1) الوسائل ج 13 باب 2 من أبواب أحكام الشركة ح 1.
(2) الوسائل ج 13 باب 2 من أبواب أحكام الشركة ح 2.
227

فيجوز ايقاعهما العقد على كلي ثم تعيينه في فرد. والقول
بالمنع لأن القدر المتيقن العين الخارجي من النقدين ضعيف (1)
وأضعف منه احتمال المنع حتى في الكلي في المعين (2)،
إذ يكفي في الصحة العمومات.
(متمم العشرين): لو ضاربه على ألف مثلا فدفع
إليه نصفه فعامل به، ثم دفع إليه النصف الآخر، فالظاهر
جبران خسارة أحدهما بربح الآخر، لأنه مضاربة واحدة (3)
وأما لو ضاربه على خمسمائة فدفعها إليه وعامل بها، وفي
أثناء التجارة زاده ودفع خمسمائة أخرى، فالظاهر عدم جبر
228

خسارة إحداهما بربح الأخرى (1) لأنهما في قوة مضاربتين
نعم بعد المزج والتجارة بالمجموع يكونان واحدة.
229

كتاب الشركة
231

كتاب الشركة
فصل في أحكام الشركة
وهي عبارة عن كون الشئ الواحد لاثنين أو أزيد
ملكا أو حقا (1).
وهي (إما واقعية قهرية) كما في المال أو الحق الموروث.

(1) الفرقان: 2.
233

(وأما واقعية اختيارية) من غير استناد إلى عقد، كما
إذا أحيى شخصان أرضا مواتا بالاشتراك، أو حفرا بئرا
أو اغترفا ماءا، أو اقتلعا شجرا.
(وأما ظاهرية قهرية) (1)، كما إذا امتزج مالهما من
234

(دون اختيارهما - ولو بفعل أجنبي - بحيث لا يتميز أحدهما
من الآخر، سواء كانا من جنس واحد، كمزج حنطة
بحنطة، أو جنسين كمزج دقيق الحنطة بدقيق الشعير،
أو دهن اللوز بدهن الجوز، أو الخل بالدبس
(وأما ظاهرية اختيارية) كما إذا مزجا باختيارهما لا بقصد
الشركة فإن مال كل منهما في الواقع ممتاز عن الآخر،
ولذا لو فرض تمييزهما اختص كل منهما بماله وأما الاختلاط
235

مع التميز فلا يوجب الشركة ولو ظاهرا (1)، إذ مع
الاشتباه مرجعه الصلح القهري (2) أو القرعة.
236

(وإما واقعية) مستندة إلى عقد غير عقد الشركة،
كما إذا ملكا شيئا واحدا بالشراء أو الصلح أو الهبة أو نحوها.
(وأما واقعية) منشأة بتشريك أحدهما الآخر في ماله
كما إذا اشترى شيئا فطلب منه شخص أن يشركه ويسمى
عندهم بالتشريك. وهو صحيح لجملة من الأخبار (1).
(وأما واقعية) منشأة بتشريك كل منهما الآخر في ماله (2)

(1) الوسائل: ج 13 باب 1 من أبواب أحكام الشركة ح 51.
237

ويسمى هذا بالشركة العقدية ومعدود من العقود، ثم
إن الشركة قد تكون في عين وقد تكون في منفعة وقد
تكون في حق،
وبحسب الكيفية إما بنحو الإشاعة وإما
بنحو الكلي في المعين (1) وقد تكون على وجه يكون كل
238

من الشريكين أو الشركاء مستقلا في التصرف، كما في
شركة الفقراء في الزكاة (1).

(1) الوسائل: ج 6 باب 2 من أبواب المستحقين للزكاة ح 4.
239



(1) التوبة: 6.
240

والسادة في الخمس (1). والموقوف عليهم في الأوقاف
العامة (2)

(1) سورة الأنفال آية 41.
241

ونحوها (1).
(مسألة 1): لا تصح الشركة العقدية إلا في الأموال (2)
بل الأعيان فلا تصح في الديون (3)، فلو كان لكل منهما
242

دين على شخص فأوقعا العقد على كون كل منهما بينهما لم
يصح وكذا لا تصح في المنافع (1)،
243

بأن يكون لكل منهما دار - مثلا - وأوقعا العقد على أن
يكون منفعة كل منهما بينهما بالنصف مثلا. ولو أرادا
ذلك صالح أحدهما الآخر نصف منفعة داره بنصف منفعة
دار الآخر (1) أو صالح نصف منفعة داره بدينار - مثلا -
وصالحه الآخر نصف منفعة داره بذلك الدينار
وكذا
لا تصح شركة الأعمال (2) وتسمى شركة الأبدان أيضا
وهي أن يوقعا العقد على أن يكون أجرة عمل كل منهما
مشتركا بينهما، سواء اتفق عملهما كالخياطة مثلا، أو كان
عمل أحدهما الخياطة والآخر النساجة، وسواء كان ذلك
244

في عمل معين أو في كل ما يعمل كل منهما. ولو أراد
الاشتراك في ذلك صالح أحدهما الآخر نصف منفعته المعينة
أو منافعه إلى مدة كذا بنصف منفعة أو منافع الآخر،
أو صالحه نصف منفعته بعوض معين وصالحه الآخر أيضا
نصف منفعته بذلك العوض. ولا تصح أيضا شركة
الوجوه (1)، وهي أن يشترك اثنان وجيهان لا مال لهما
بعقد الشركة على أن يبتاع كل منهما في ذمته إلى أجل،
ويكون ما يبتاعه بينهما، فيبيعانه ويؤديان الثمن ويكون
245

ما حصل من الربح بينهما. وإذا أرادا ذلك على الوجه
الصحيح وكل كل منهما الآخر في الشراء، فاشترى لهما في
ذمتهما. وشركة المفاوضة أيضا باطلة (1) وهي أن يشترك
اثنان أو أزيد على أن يكون كل ما يحصل لأحدهما من ربح
تجارة أو زراعة أو كسب آخر أو إرث أو وصية أو نحو
ذلك مشتركا بينهما، وكذا كل غرامة ترد على أحدهما
تكون عليهما. فانحصرت الشركة العقدية الصحيحة بالشركة
في الأعيان المملوكة فعلا (2) وتسمى شركة العنان.
(مسألة 2): لو استأجر اثنين لعمل واحد بأجرة
معلومة صح (3).
246

وكانت الأجرة مقسمة عليهما بنسبة عملهما. ولا يضر
الجهل بمقدار حصة كل منهما حين العقد، لكفاية معلومية
المجموع. ولا يكون من شركة الأعمال التي تكون باطلة
بل من شركة الأموال، فهو كما لو استأجر كلا منهما لعمل
وأعطاهما شيئا واحدا بإزاء أجرتهما ولو اشتبه مقدار
عمل كل منهما فإن احتمل التساوي حمل عليه، لأصالة عدم
زيادة عمل أحدهما على الآخر (1) وإن علم زيادة أحدهما
على الآخر.
250

فيحتمل القرعة في المقدار الزائد (1) ويحتمل الصلح القهري.
(مسألة 3): لو اقتلعا شجرة أو اغترفا ماء بآنية
واحدة أو نصبا معا شبكة للصيد أو أحييا أرضا معا، فإن
ملك كل منهما نصف منفعته بنصف منفعة الآخر اشتركا فيه
بالتساوي، وإلا فلكل منهما بنسبة عمله ولو بحسب القوة
والضعف. ولو اشتبه الحال فكالمسألة السابقة (2) وربما
يحتمل التساوي مطلقا (3)، لصدق اتحاد فعلهما في السببية.
251

واندراجهما في قوله " من حاز ملك " (1) وهو كما ترى.
(مسألة 4): يشترط - على ما هو ظاهر كلماتهم -
في الشركة العقدية، مضافا إلى الايجاب والقبول، والبلوغ
والعقل، والاختيار، وعدم الحجر لفلس أو سفه، امتزاج
المالين (2) سابقا على العقد أو لاحقا، بحيث لا يتميز
253

أحدهما من الآخر، من النقود كانا أو من العروض.
بل اشترط جماعة اتحادهما في الجنس والوصف. والأظهر
255

عدم اعتباره (1)، بل يكفي الامتزاج على وجه لا يتميز
أحدهما من الآخر، كما لو امتزج دقيق الحنطة بدقيق الشعير
ونحوه، أو امتزج نوع من الحنطة بنوع آخر. بل لا يبعد
كفاية امتزاج الحنطة بالشعير وذلك للعمومات العامة،
كقوله تعالى " أوفوا بالعقود " " 1 ".
وقوله (ع): " المؤمنون عند شروطهم " " 2 " وغيرهما
بل لولا ظهور الاجماع على اعتبار الامتزاج أمكن منعه
مطلقا، عملا بالعمومات. ودعوى عدم كفايتها لاثبات
ذلك، كما ترى. لكن الأحوط مع ذلك أن يبيع كل منهما
حصة مما هو له بحصة مما للآخر، أو يهبها كل منهما للآخر
أو نحو ذلك، في غير صورة الامتزاج الذي هو المتيقن.
هذا ويكفي في الايجاب والقبول كل ما دل على الشركة
من قول أو فعل.
(مسألة 5): يتساوى الشريكان في الربح والخسران

(1) سورة المائدة، آية 1.
(2) الوسائل: ج 15 باب 20 من أبواب المهور، ح 4.
256

مع تساوي المالين، ومع زيادة فبنسبة الزيادة ربحا أو
خسرانا (1) سواء كان العمل من أحدهما أو منهما، مع
التساوي فيه أو الاختلاف أو من متبرع أو من أجير هذا
مع الاطلاق، ولو شرطا في العقد زيادة لأحدهما، فإن
كان للعامل منهما أو لمن عمله أزيد، فلا اشكال ولا خلاف
عندهم في صحته (2) أما لو شرطا لغير العامل منهما أو لغير
من عمله أزيد ففي صحة الشرط والعقد، وبطلانهما، وفي
صحة العقد وبطلان الشرط - فيكون كصورة الاطلاق -
257

أقوال، أقواها الأول (1) وكذا لو شرطا كون الخسارة
على أحدهما أزيد (2) وذلك لعموم " المؤمنون عند شروطهم "
ودعوى: أنه مخالف لمقتضى العقد، كما ترى. نعم هو
مخالف لمقتضى اطلاقه (3) والقول بأن جعل الزيادة لأحدهما
من غير أن يكون له عمل يكون في مقابلتها ليس تجارة،
258



(1) الوسائل: ج 13 باب 1 من أبواب أحكام الشركة، ح 8.
260

بل هو أكل بالباطل، كما ترى باطل (1). ودعوى:
أن العمل بالشرط غير لازم لأنه في عقد جايز. مدفوعة
أولا: بأنه مشترك الورود إذ لازمه عدم وجوب الوفاء
261

به في صورة العمل أو زيادته (1). وثانيا: بأن غاية
الأمر جواز فسخ العقد فيسقط وجوب الوفاء بالشرط (2)
والمفروض في صورة عدم الفسخ، فما لم يفسخ يجب الوفاء
به، وليس معنى الفسخ حل العقد من الأول، بل من
حينه (3)، فيجب الوفاء بمقتضاه مع الشرط إلى ذلك
الحين، هذا ولو شرط تمام الربح لأحدهما بطل العقد،
لأنه خلاف مقتضاه (4). نعم لو شرطا كون تمام الخسارة
262

على أحدهما، فالظاهر صحته (1) لعدم كونه منافيا.
(مسألة 6): إذا اشترطا في ضمن العقد كون العمل
من أحدهما أو منهما مع استقلال كل منهما أو مع انضمامهما
263

فهو المتبع، ولا يجوز التعدي، وإن أطلقا لم يجز لواحد
منهما التصرف إلا بإذن الآخر. ومع الإذن بعد العقد أو
الاشتراط فيه، فإن كان مقيدا بنوع خاص من التجارة لم
يجز التعدي عنه، وكذا مع تعيين كيفية خاصة (1) وإن
كان مطلقا فاللازم الاقتصار على المتعارف (2) من حيث
النوع والكيفية. ويكون حال المأذون حال العامل في
المضاربة، فلا يجوز البيع بالنسيئة، بل ولا الشراء بها،
ولا يجوز السفر بالمال، وإن تعدى عما عين له أو عن
المتعارف ضمن الخسارة والتلف (3)، ولكن يبقى الإذن بعد
264

التعدي (1) أيضا، إذ لا ينافي الضمان بقاءه، والأحوط
مع اطلاق الإذن ملاحظة المصلحة، وإن كان لا يبعد كفاية
عدم المفسدة (2).
265

(مسألة 7): العامل أمين، فلا يضمن التلف ما لم
يفرط أو يلف أو يتعدى (1).
(مسألة 8): عقد الشركة من العقود الجائزة (2)،
266

فيجوز لكل من الشريكين فسخه، لا بمعنى أن يكون
الفسخ موجبا للانفساخ من الأول أو من حينه بحيث تبطل
الشركة، إذ هي باقية ما لم تحصل القسمة، بل بمعنى جواز
رجوع كل منهما عن الإذن في التصرف الذي بمنزلة عزل
الوكيل عن الوكالة، أو بمعنى مطالبة القسمة. وإذا رجع
أحدهما عن إذنه دون الآخر - فيما لو كان كل منهما مأذونا -
لم يجز التصرف للآخر، ويبقى الجواز بالنسبة إلى الأول
وإذا رجع كل منهما عن إذنه لم يجز لواحد منهما. وبمطالبة
القسمة يجب القبول على الآخر، وإذا أوقعا الشركة على
وجه يكون لأحدهما زيادة في الربح أو نقصان في الخسارة
يمكن الفسخ (1)،
267

بمعنى ابطال هذا القرار، بحيث لو حصل بعده ربح أو
خسران كان بنسبة المالين على ما هو مقتضى اطلاق الشركة.
(مسألة 9): لو ذكر في عقد الشركة أجلا لا يلزم
فيجوز لكل منهما الرجوع قبل انقضائه (1). إلا أن يكون
مشروطا في عقد لازم فيكون لازما (2).
(مسألة 10): لو ادعى أحدهما على الآخر الخيانة
أو التفريط في الحفظ فأنكر، عليه الحلف مع عدم البينة (3).
268

(مسألة 11): إذا ادعى العامل التلف، قبل قوله
مع اليمين لأنه أمين (1).
(مسألة 12): تبطل الشركة بالموت (2). والجنون (3)
269

والاغماء (1)، والحجر بالفلس أو السفه (2) بمعنى:
أنه لا يجوز للآخر التصرف، وأما أصل الشركة فهي باقية (3)
نعم يبطل أيضا ما قرراه من زيادة أحدهما في النماء بالنسبة
إلى ماله أو نقصان الخسارة كذلك (4)
وإذا تبين بطلان
الشركة فالمعاملات الواقعة قبله محكومة بالصحة، ويكون
الربح على نسبة المالين، لكفاية الإذن المفروض
270

حصوله (1)، نعم لو كان مقيدا بالصحة، تكون كلها
271

فضوليا بالنسبة إلى من يكون إذنه مقيدا (1).
272

ولكل منهما أجرة مثل عمله (1) بالنسبة إلى حصة الآخر
إذا كان العمل منهما وإن كان من أحدهما فله أجرة مثل عمله.
273

(مسألة 13): إذا اشترى أحدهما متاعا وادعى أنه
اشتراه لنفسه وادعى الآخر أنه اشتراه بالشركة، فمع عدم
البينة القول قوله مع اليمين، لأنه أعرف بنيته (1). كما
أنه كذلك لو ادعى أنه اشتراه بالشركة وقال الآخر أنه
اشتراه لنفسه، فإنه يقدم قوله أيضا، لأنه أعرف، ولأنه
أمين (2).
274

كتاب المزارعة
277

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب المزارعة
وهي المعاملة على الأرض بالزراعة بحصة من حاصلها
وتسمى مخابرة أيضا، ولعلها من الخبرة بمعنى النصيب،
كما يظهر من مجمع البحرين. ولا اشكال في مشروعيتها،
بل يمكن دعوى استحبابها، لما دل على استحباب الزراعة
بدعوى كونها أعم من المباشرة والتسبب (1)، ففي خبر
الواسطي قال: " سألت جعفر بن محمد (ع) عن الفلاحين؟
قال: هم الزارعون كنوز الله في أرضه، وما في الأعمال
شئ أحب إلى الله من الزراعة، وما بعث الله نبيا إلا
زارعا إلا إدريس (ع) فإنه كان خياطا " " 1 " وفي آخر
عن أبي عبد الله (ع): " الزارعون كنوز الأنام
يزرعون طيبا أخرجه الله وهم يوم القيامة أحسن الناس
مقاما وأقربهم منزلة يدعون المباركين " " 2 " وفي خبر

(1) الوسائل: ج 12 باب 10 من أبواب مقدمات التجارة. ح 3.
(2) الوسائل: ج 13 باب 3 من أبواب كتاب المزارعة والمساقاة، ح 7.
279

عنه (ع) قال: " سأل النبي صلى الله عليه وآله أي الأعمال خير؟
قال: زرع يزرعه صاحبه وأصلحه وادعى حقه يوم حصاده
قال: فأي الأعمال بعد الزرع؟ قال: رجل في غنم له
قد تبع بها مواضع القطر يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة. قال:
فأي المال بعد الغنم خير؟ قال: البقر يغدو بخير ويروح
بخير. قال: فأي المال بعد البقر خير؟ قال: الراسيات
في الوحل المطعمات في المحل: نعم المال النخل، من باعها
فإنما ثمنه بمنزلة رماد على رأس شاهق اشتدت به الريح
في يوم عاصف، إلا أن يخلف مكانها. قيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله فأي
المال بعد النخل خير؟ فسكت فقام إليه رجل فقال له: فأين
الإبل؟ قال: فيها الشقاء والعناء وبعد الدار، تغدو مدبرة وتروح
مدبرة، لا يأتي خيرها إلا من جانبها الأشأم أما أنها لا تعدم
280

الأشقياء الفجرة " " 1 " وعنه (ع) " الكيمياء الأكبر
الزراعة " " 2 " وعنه (ع): " إن الله جعل أرزاق أنبيائه
في الزرع والضرع كيلا يكرهوا شيئا من قطر السماء " " 3 "
وعنه (ع): " أنه سأله رجل فقال له: جعلت فداك
أسمع قوما يقولون: إن المزارعة مكروهة، فقال: ازرعوا
فلا والله ما عمل الناس عملا أحل ولا أطيب منه " " 4 ". (1)

(1) الوسائل: ج 8 باب 48 من أبواب أحكام الدواب، ح 1.
(2) الكافي: ج 5 ص 261.
(3) الوسائل: ج 13 باب 3 من أبواب المزارعة والمساقاة، ح 2.
(4) الوسائل: ج 13 باب 3 من أبواب المزارعة والمساقاة، ح 1.
281

ويستفاد من هذا الخبر ما ذكرنا من أن الزراعة أعم من
المباشرة والتسبيب (1) وأما ما رواه الصدوق مرفوعا عن
النبي صلى الله عليه وآله: " أنه نهى عن المخابرة. قال: وهي
المزارعة بالنصف أو الثلث أو الربع " " 1 " فلا بد من حمله
على بعض المحامل، لعدم مقاومته لما ذكر (2) وفي مجمع
البحرين: " وما روي من أنه صلى الله عليه وآله نهى عن المخابرة
كان ذلك حين تنازعوا، فنهاهم عنها ".

(1) معاني الأخبار: الجزء 2 الباب 133 الصفحة 80.
282

ويشترط فيها أمور: - أحدها - الايجاب والقبول (1) ويكفي فيهما كل
لفظ دال (2)، سواء كان حقيقة أو مجازا مع القرينة،
283



(1) الوسائل: ج 13 باب 9 من أبواب أحكام المزارعة والمساقاة
ح 2.
284

ك‍ " زارعتك أو سلمت إليك الأرض على أن تزرع على
كذا ". ولا يعتبر فيهما العربية (1) ولا الماضوية (2)
فيكفي بالفارسي وغيره، والأمر كقوله: " ازرع هذه
الأرض على كذا " أو المستقبل أو الجملة الاسمية مع قصد
الانشاء بها.
وكذا لا يعتبر تقديم الايجاب على القبول، ويصح
الايجاب من كل من المالك والزارع (3). بل يكفي القبول
285

الفعلي بعد الايجاب القولي على الأقوى (1). وتجري فيها
المعاطاة، وإن كانت لا تلزم إلا بالشروع في العمل (2).
286

- الثاني - البلوغ، والعقل، والاختيار، وعدم الحجر
لسفه أو فلس، ومالكية التصرف (1) في كل من المالك
والزارع. نعم لا يقدح حينئذ فلس الزارع إذا لم يكن منه
مال لأنه ليس تصرفا ماليا (2).
- الثالث - أن يكون النماء مشتركا بينهما، فلو جعل
الكل لأحدهما لم يصح مزارعة (3).

(1) الوسائل: ج 13 باب 8 من أبواب أحكام المزارعة
والمساقاة، ح 3.
287



(1) الوسائل: ج 13 باب 8 من أبواب أحكام المزارعة
والمساقاة، ح 7.
288

- الرابع - أن يكون مشاعا بينهما، فلو شرطا
اختصاص أحدهما بنوع - كالذي حصل أولا - والآخر
بنوع آخر، أو شرطا أن يكون ما حصل من هذه القطعة
من الأرض لأحدهما، وما حصل من القطعة الأخرى
للآخر، لم يصح (1).
289

- الخامس -: تعيين الحصة بمثل النصف أو الثلث أو
الربع أو نحو ذلك، فلو قال: ازرع هذه الأرض على
أن يكون لك أو لي شئ من حاصلها بطل (1).
- السادس -: تعيين المدة بالأشهر والسنين (2)، فلو
290

أطلق بطل، نعم لو عين المزروع، أو (1) مبدأ الشروع
في الزرع لا يبعد صحته (2) إذا لم يستلزم غررا. بل مع
291

عدم تعيين ابتداء الشروع أيضا إذا كانت الأرض مما لا
يزرع في السنة إلا مرة، لكن مع تعيين السنة (1) لعدم
الغرر فيه. ولا دليل على اعتبار التعيين تعبدا، والقدر
المسلم من الاجماع على تعيينها غير هذه الصورة (2).
وفي صورة تعيين المدة لا بد وأن تكون بمقدار يبلغ فيه
الزرع (3) فلا تكفي المدة القليلة التي تقصر عن ادراك النماء.
292

- السابع -: أن تكون الأرض قابلة للزرع ولو بالعلاج
فلو كانت سبخة لا يمكن الانتفاع بها، أو كان يستولي
عليها الماء قبل أوان ادراك الحاصل أو نحو ذلك، أو لم
يكن هناك ماء للزراعة ولم يمكن تحصيله ولو بمثل حفر
بئر أو نحو ذلك ولم يمكن الاكتفاء بالغيث، بطل (1).
- الثامن -: تعيين المزروع من الحنطة والشعير وغيرهما (2)
مع اختلاف الأغراض فيه، فمع عدمه يبطل، إلا أن
يكون هناك انصراف يوجب التعيين، أو كان مرادهما
التعميم (3) وحينئذ فيتخير الزارع بين أنواعه.
293

- التاسع -: تعيين الأرض (1)

(1) الوسائل: ج 13 باب 8 من أبواب أحكام المزارعة والمساقاة، ح 7.
294

ومقدارها (1) فلو لم يعينها بأنها هذه القطعة أو تلك
296

القطعة، أو من هذه المزرعة أو تلك، أو لم يعين مقدارها
بطل مع اختلافها، بحيث يلزم الغرر (1). نعم مع عدم
لزومه لا يبعد الصحة، كأن يقول: " مقدار جريب من
هذه القطعة من الأرض التي لا اختلاف بين أجزائها، أو
أي مقدار شئت منها " (2) ولا يعتبر كونها شخصية فلو
عين كليا موصوفا على وجه يرتفع الغرر فالظاهر صحته (3)
وحينئذ يتخير المالك في تعينه.
- العاشر -: تعيين كون البذر على أي منهما (4)،
وكذا سائر المصارف واللوازم إذا لم يكن هناك انصراف
مغن عنه ولو بسبب التعارف.
297



(1) الوسائل: ج 13 باب 10 من أبواب أحكام المزارعة
والمساقاة، ح 2.
298



(1) الوسائل: ج 13 باب 15 من أبواب أحكام المزارعة
والمساقاة، ح 2.
299

(مسألة 1): لا يشترط في المزارعة كون الأرض
ملكا للمزارع، بل يكفي كونه مسلطا عليها بوجه من
الوجوه كأن يكون مالكا لمنفعتها بالإجارة أو الوصية أو
الوقف عليه أو مسلطا عليها بالتولية كمتولي الوقف العام
أو الخاص والوصي أو كان له حق اختصاص بها بمثل
التحجير والسبق ونحو ذلك، أو كان مالكا للانتفاع بها،

(1) الوسائل: ج 13 باب 12 من أبواب أحكام المزارعة
والمساقاة، ح 1.
(2) الوسائل: ج 13 باب 10 من أبواب أحكام المزارعة
المساقاة، ح 1.
300

كما إذا أخذها بعنوان المزارعة فزارع غيره أو شارك غيره
بل يجوز أن يستعير الأرض للمزارعة (1) نعم لو لم يكن
له فيها حق أصلا لم يصح مزارعتها، فلا يجوز المزارعة
في الأرض الموات مع عدم تحجير أو سبق أو نحو ذلك،
فإن المزارع والعامل فيها سواء، نعم يصح الشركة في
زراعتها مع اشتراك البذر أو بإجارة أحدهما نفسه للآخر
في مقابل البذر أو نحو ذلك. لكنه ليس حينئذ من المزارعة
المصطلحة. ولعل هذا مراد الشهيد في المسالك من عدم
جواز المزارعة في الأراضي الخراجية التي هي للمسلمين
قاطبة إلا مع الاشتراك في البذر أو بعنوان آخر، فمراده
هو فيما إذا لم يكن للمزارع جهة اختصاص (2)، وإلا فلا
اشكال في جوازها بعد الإجارة من السلطان كما يدل عليه
جملة من الأخبار.
301

(مسألة 2): إذا أذن لشخص في زرع أرضه على
أن يكون الحاصل بينهما بالنصف أو الثلث أو نحوهما
فالظاهر صحته وإن لم يكن من المزارعة المصطلحة (1).
302

بل لا يبعد كونه منها أيضا (1). وكذا لو أذن لكل من
303

يتصدى للزرع وإن لم يعين شخصا. وكذا لو قال:
" كل من زرع أرضي هذه أو مقدارا من المزرعة الفلانية
فلي نصف حاصله أو ثلثه " - مثلا - فأقدم واحد على
ذلك، فيكون نظير الجعالة (1)، فهو كما لو قال: " كل
من بات في خاني أو داري فعليه في كل ليلة درهم " أو
" كل من دخل حمامي فعليه في كل مرة ورقة " (2) فإن
الظاهر صحته للعمومات، إذ هو نوع من المعاملات العقلائية
ولا نسلم انحصارها في المعهودات، ولا حاجة إلى الدليل
304

الخاص لمشروعيتها، بل كل معاملة عقلائية صحيحة إلا
ما خرج بالدليل الخاص، كما هو مقتضى العمومات (1).
(مسألة 3): المزارعة من العقود اللازمة (2) لا تبطل

(1) سورة النساء آية 34.
(2) الوسائل: باب 1 من أبواب الخيار.
(3) سورة المائدة آية 2.
305



(1) سورة البقرة آية 277.
306

إلا بالتقايل (1) أو الفسخ بخيار الشرط أو بخيار الاشتراط (2)
307

أي: تخلف بعض الشروط المشترطة على أحدهما وتبطل
أيضا بخروج الأرض عن قابلية الانتفاع (1) لفقد الماء أو
استيلائه أو نحو ذلك. ولا تبطل بموت أحدهما (2) فيقوم
308

وارث الميت منها مقامه.
نعم تبطل بموت العامل مع اشتراط مباشرته للعمل (1)
سواء كان قبل خروج الزرع أو بعده. وأما المزارعة
المعاطاتية فلا تلزم إلا بعد التصرف (2) وأما الإذنية فيجوز
309

فيها الرجوع دائما (1)، لكن إذا كان بعد الزرع وكان
البذر من العامل يمكن دعوى لزوم ابقاءه إلى حصول
310

الحاصل، لأن الإذن في الشئ إذن في لوازمه. وفائدة
الرجوع أخذ أجرة الأرض منه حينئذ ويكون الحاصل
كله للعامل (1).

(1) الوسائل: ج 17 باب 15 من أبواب احياء الموات. ح 1.
311

(مسألة 4): إذا استعار أرضا للمزارعة (1) ثم أجرى
312

عقدها لزمت، لكن للمعير الرجوع في إعارته (1). فيستحق
أجرة المثل لأرضه على المستعير، كما إذا استعارها للإجارة (2)
فآجرها، بناءا على ما هو الأقوى من جواز كون العوض
لغير مالك المعوض.
313

(مسألة 5): إذا شرط أحدهما على الآخر شيئا في
ذمته أو في الخارج - من ذهب أو فضة أو غيرهما - مضافا
إلى حصته من الحاصل صح (1) وليس قراره مشروطا بسلامة
الحاصل (2)، بل الأقوى صحة استثناء مقدار معين من
الحاصل لأحدهما (3) مع العلم ببقاء مقدار آخر ليكون
316

مشاعا بينهما، فلا يعتبر إشاعة جميع الحاصل بينهما على
الأقوى. كما يجوز استثناء مقدار البذر لمن كان منه (1)

(1) الوسائل: ج 13 باب 10 من أبواب أحكام المزارعة
والمساقاة، ح 2.
317



(1) الوسائل: ج 13 باب 10 من أبواب أحكام المزارعة
والمساقاة، ح 1.
318

أو استثناء مقدار خراج السلطان (1) أو ما يصرف في
تعمير الأرض (2) ثم القسمة. وهل يكون قراره في هذه
الصورة مشروطا بالسلامة كاستثناء الأرطال في بيع الثمار
أولا؟ وجهان (3).
319

(مسألة 6): إذا شرط مدة معينة يبلغ الحاصل فيها
غالبا فمضت والزرع باق لم يبلغ، فالظاهر أن للمالك الأمر
بإزالته بلا أرش أو ابقاءه ومطالبة الأجرة إن رضي العامل
باعطائها، ولا يجب عليه الابقاء بلا أجرة، كما لا يجب
عليه الأرش مع إرادة الإزالة، لعدم حق للزارع بعد
المدة، والناس مسلطون على أموالهم (1) ولا فرق بين أن يكون
320

ذلك بتفريط الزارع أو من قبل الله (1) كتأخير المياه أو
تغير الهواء. وقيل بتخييره بين القلع مع الأرش والبقاء
مع الأجرة وفيه: ما عرفت (2)، خصوصا إذا كان
بتفريط الزارع. مع أنه لا وجه لالزامه العامل بالأجرة
بلا رضاه. نعم لو شرط الزارع على المالك ابقاءه إلى البلوغ
- بلا أجرة أو معها - إن مضت المدة قبله لا يبعد صحته (3)
ووجوب الابقاء عليه.
323

(مسألة 7): لو ترك الزارع الزرع بعد العقد وتسليم
الأرض إليه حتى انقضت المدة، ففي ضمانه أجرة المثل
للأرض - كما أنه يستقر عليه المسمى في الإجارة - أو عدم
ضمانه أصلا غاية الأمر كونه آثما بترك تحصيل الحاصل
أو التفصيل بين ما إذا تركه اختيارا فيضمن أو معذورا
فلا، أو ضمانه ما يعادل الحصة المسماة من الثلث أو النصف
أو غيرهما بحسب التخمين في تلك السنة، أو ضمانه بمقدار
تلك الحصة من منفعة الأرض من نصف أو ثلث ومن
قيمة عمل الزارع، أو الفرق بين ما إذا اطلع المالك على
تركه للزرع فلم يفسخ المعاملة لتدارك استيفاء منفعة أرضه
324

فلا يضمن وبين صورة عدم اطلاعه إلى أن فات وقت
الزرع فيضمن، وجوه وبعضها أقوال (1) فظاهر بل
صريح جماعة الأول بل قال بعضهم يضمن النقص الحاصل
بسبب ترك الزرع إذا حصل نقص واستظهر بعضهم الثاني
وربما يستقرب الثالث، ويمكن القول بالرابع والأوجه
الخامس، وأضعفها السادس - ثم هذا كله إذا لم يكن
325

الترك بسبب عذر عام، وإلا فيكشف عن بطلان المعاملة (1)
ولو انعكس المطلب، بأن امتنع المالك من تسليم الأرض
بعد العقد، فللعامل الفسخ (2)، ومع عدمه ففي ضمان
المالك ما يعادل حصته من منفعة الأرض، أو ما يعادل
حصته من الحاصل بحسب التخمين، أو التفصيل بين
صورة العذر وعدمه، أو عدم الضمان حتى لو قلنا به في
327

الفرض الأول، بدعوى الفرق بينهما، وجوه (1).
(المسألة 8): إذا غصب الأرض بعد عقد المزارعة
غاصب ولم يمكن الاسترداد منه، فإن كان ذلك قبل تسليم
الأرض إلى العامل تخير بين الفسخ وعدمه (2)، وإن
كان بعده لم يكن له الفسخ (3)، وهل يضمن الغاصب
328

تمام منفعة الأرض في تلك المدة للمالك فقط، أو يضمن له
بمقدار حصته - من النصف أو الثلث - من منفعة الأرض
ويضمن له أيضا قيمة حصته من عمل العامل، حيث فوته
عليه، ويضمن للعامل أيضا مقدار حصته من منفعة الأرض؟
وجهان (1)، ويحتمل ضمانه لكل منهما ما يعادل حصته من
الحاصل بحسب التخمين.
(مسألة 9): إذا عين المالك نوعا من الزرع - من
حنطة أو شعير أو غيرهما - تعين ولم يجز للزارع التعدي عنه (2)
329

ولو تعدى إلى غيره ذهب بعضهم إلى أنه إن كان ما زرع
أضر مما عينه المالك كان المالك مخيرا بين الفسخ وأخذ
أجرة المثل للأرض، والامضاء وأخذ الحصة من المزروع
مع أرش النقص الحاصل من الأضر، وإن كان أقل ضررا
لزم وأخذ الحصة منه. وقال بعضهم: يتعين أخذ أجرة
المثل للأرض مطلقا، لأن ما زرع غير ما وقع عليه العقد
فلا يجوز أخذ الحصة منه مطلقا، والأقوى (1) أنه إن
علم أن المقصود مطلق الزرع.
330

وإن الغرض من التعيين ملاحظة مصلحة الأرض وترك
ما يوجب ضررا فيها يمكن أن يقال أن الأمر كما ذكر من
التخيير بين الأمرين في صورة كون المزروع أضر وتعيين
الشركة في صورة كونه أقل ضررا. لكن التحقيق مع
ذلك خلافه، وإن كان التعيين لغرض متعلق بالنوع الخاص
لا لأجل قلة الضرر وكثرته، فإما أن يكون التعيين على
وجه التقييد والعنوانية، أو يكون على وجه تعدد المطلوب
والشرطية (1)، فعلى الأول إذا خالف ما عين فبالنسبة
332

إليه يكون كما لو ترك الزرع أصلا حتى انقضت المدة،
فيجري فيه الوجوه الستة المتقدمة في تلك المسألة (1)،
وأما بالنسبة إلى الزرع الموجود فإن كان البذر من المالك
فهو له، ويستحق العامل أجرة عمله (2) على اشكال في
صورة علمه بالتعيين وتعمده الخلاف لاقدامه حينئذ على
هتك حرمة عمله، وإن كان البذر للعامل كان الزرع له
333

ويستحق المالك عليه أجرة الأرض مضافا (1) إلى ما استحقه
من بعض الوجوه المتقدمة، ولا يضر استلزامه الضمان
للمالك من قبل أرضه مرتين على ما بيناه في محله، لأنه من
جهتين، وقد ذكرنا نظير ذلك في الإجارة أيضا.
334

وعلى الثاني يكون المالك مخيرا (1) بين أن يفسخ المعاملة
لتخلف الشرط، فيأخذ أجرة المثل للأرض (2) وحال
الزرع الموجود حينئذ ما ذكرنا من كونه لمن له البذر،
وبين أن لا يفسخ ويأخذ حصته من الزرع الموجود باسقاط
حق شرطه، وبين أن لا يفسخ ولكن لا يسقط حق شرطه
أيضا (3) بل يغرم العامل على بعض الوجوه الستة المتقدمة
ويكون حال الزرع الموجود كما مر من كونه لمالك البذر.
(مسألة 10): لو زارع على أرض لا ماء لها فعلا
لكن أمكن تحصيله بعلاج - من حفر ساقية أو بئر أو نحو
ذلك - فإن كان الزارع عالما بالحال صح ولزم (4) وإن
كان جاهلا كان له خيار الفسخ (5) وكذا لو كان الماء
335

مستوليا عليها وأمكن قطعه عنها. وأما لو لم يمكن التحصيل
في الصورة الأولى أو القطع في الثانية كان باطلا (1) سواء
كان الزارع عالما أو جاهلا (2) وكذا لو انقطع في الأثناء
ولم يمكن تحصيله أو استولى عليها ولم يمكن قطعه. وربما
يقال بالصحة مع علمه بالحال (3) ولا وجه له (4) وإن
336

أمكن الانتفاع بها بغير الزرع لاختصاص المزارعة بالانتفاع
بالزرع (1). نعم لو استأجر أرضا للزراعة مع علمه بعدم
الماء وعدم امكان تحصيله أمكن الصحة لعدم اختصاص
الإجارة بالانتفاع بالزرع، إلا أن يكون على وجه التقييد (2)
فيكون باطلا أيضا.
(مسألة 11): لا فرق في صحة المزارعة بين أن يكون
البذر من المالك أو العامل أو منهما (3)

(1) الوسائل: ج 13 باب 12 من أبواب أحكام المزارعة
والمساقاة، ح 1،
337



(1) الوسائل: ج 12 باب 13 من أبواب أحكام المزارعة
والمساقاة، ح 1.
338



(1) الوسائل: ج 13 باب 10 من أبواب أحكام المزارعة
والمساقاة، ح 1.
(2) الوسائل: ج 13 باب 10 من أبواب أحكام المزارعة
والمساقاة، ح 2.
339

ولا بد من تعيين ذلك (1) إلا أن يكون هناك معتاد ينصرف
إليه الاطلاق (2) وكذا لا فرق بين أن يكون الأرض
340

مختصة بالمزارع أو مشتركة بينه وبين العامل، وكذا
لا يلزم أن يكون تمام العمل على العامل، فيجوز كونه
عليهما. وكذا الحال في سائر المصارف. وبالجملة: هنا
أمور أربعة: الأرض والبذر والعمل والعوامل، فيصح
أن يكون من أحدهما أحد هذه ومن الآخر البقية، ويجوز
أن يكون من كل منهما اثنان منها، بل يجوز أن يكون
من أحدهما بعض أحدها ومن الآخر البقية، كما يجوز
الاشتراك في الكل فهي على حسب ما يشترطان. ولا يلزم
على من عليه البذر دفع عينه فيجوز له دفع قيمته، وكذا
بالنسبة إلى العوامل، كما لا يلزم مباشرة العامل بنفسه
فيجوز له أخذ الأجير على العمل إلا مع الشرط.
(مسألة 12): الأقوى جواز عقد المزارعة بين أزيد
من اثنين (1) بأن تكون الأرض من واحد والبذر من آخر
341

والعمل من ثالث والعوامل من رابع. بل يجوز أن يكون
بين أزيد من ذلك، كأن يكون بعض البذر من واحد
وبعضه الآخر من آخر، وهكذا بالنسبة إلى العمل والعوامل.
لصدق المزارعة وشمول الاطلاقات، بل يكفي العمومات
العامة (1). فلا وجه لما في المسالك من تقوية عدم الصحة (2)
بدعوى أنها على خلاف الأصل، فتتوقف على التوقيف
من الشارع، ولم يثبت عنه ذلك. ودعوى: أن العقد
لا بد أن يكون بين طرفين موجب وقابل، فلا يجوز تركبه
من ثلاثة أو أزيد على وجه تكون أركانا له. مدفوعة:
بالمنع، فإنه أول الدعوى.
(مسألة 13): يجوز للعامل أن يشارك غيره في مزارعته (3)
343

أو يزارعه في حصته (1)
344

من غير فرق بين أن يكون البذر منه أو من المالك (1)
ولا يشترط فيه إذنه نعم لا يجوز تسليم الأرض إلى ذلك
الغير إلا بإذنه (2) وإلا كان ضامنا، كما هو كذلك في
الإجارة أيضا. والظاهر جواز نقل مزارعته إلى الغير (3)
بحيث يكون كأنه هو الطرف للمالك بصلح ونحوه بعوض
345

ولو من خارج أو بلا عوض، كما يجوز نقل حصته إلى
الغير (1) سواء كان ذلك قبل ظهور الحاصل أو بعده،
كل ذلك لأن عقد المزارعة من العقود اللازمة الموجبة لنقل
منفعة الأرض نصفا أو ثلثا أو نحوهما إلى العامل (2) فله
نقلها إلى الغير بمقتضى قاعدة السلطنة، ولا فرق فيما ذكرنا
بين أن يكون المالك شرط عليه مباشرة العمل بنفسه أولا
إذ لا منافاة بين صحة المذكورات وبين مباشرته للعمل، إذ
لا يلزم في صحة المزارعة مباشرة العمل فيصح أن يشارك أو
يزارع غيره ويكون هو المباشر دون ذلك الغير.
346

(مسألة 14): إذا تبين بطلان العقد، فإما أن يكون
قبل الشروع في العمل، أو بعده وقبل الزرع بمعنى نثر
الحب في الأرض أو بعده وقبل حصول الحاصل، أو بعده
فإن كان قبل الشروع فلا بحث ولا اشكال (1) وإن كان
بعده وقبل الزرع بمعنى الاتيان بالمقدمات من حفر النهر
وكري الأرض وشراء الآلات ونحو ذلك، فكذلك (2)
347

نعم لو حصل وصف في الأرض يقابل بالعوض من جهة
كريها أو حفر النهر لها أو إزالة الموانع عنها كان للعامل
قيمة ذلك الوصف (1) وإن لم يكن كذلك وكان العمل
348

لغوا فلا شئ له (1) كما أن الآلات لمن أعطى ثمنها،
وإن كان بعد الزرع كان الزرع لصاحب البذر (2) فإن
كان للمالك كان الزرع له وعليه للعامل أجرة عمله وعوامله
وإن كان للعامل كان له، وعليه أجرة الأرض للمالك،
وإن كان منهما كان لهما على النسبة نصفا أو ثلثا ولكل منهما على الآخر
أجرة مثل ما يخصه من تلك النسبة وإن كان من ثالث (3)
فالزرع له وعليه للمالك أجرة الأرض وللعامل أجرة عمله
وعوامله. ولا يجب على المالك ابقاء الزرع إلى بلوغ
الحاصل (4) إن كان التبين قبله، بل له أن يأمر بقلعه وله
أن يبقي بالأجرة إذا رضي صاحبه، وإلا فليس له الزامه
بدفع الأجرة. هذا كله مع الجهل بالبطلان، وأما مع العلم
فليس للعالم منهما الرجوع على الآخر بعوض أرضه أو عمله
لأنه هو الهاتك لأنه لحرمة ماله أو عمله فكأنه متبرع به (5)
وإن كان الآخر أيضا عالما بالبطلان.
349

ولو كان العامل بعد ما تسلم الأرض تركها في يده بلا زرع
فكذلك يضمن أجرتها للمالك مع بطلان المعاملة لفوات
منفعتها تحت يده (1) إلا في صورة علم المالك بالبطلان
لما مر (2).
(مسألة 15): الظاهر (3) من مقتضى وضع المزارعة
ملكية العامل لمنفعة الأرض بمقدار الحصة المقررة له،
وملكية المالك للعمل على العامل بمقدار حصته واشتراك البذر
بينهما على النسبة، سواء كان منهما أو من أحدهما أو من ثالث،
فإذا خرج الزرع صار مشتركا بينهما على النسبة، لا أن يكون
لصاحب البذر إلى حين ظهور الحاصل، فيصير الحاصل
مشتركا من ذلك الحين، كما ربما يستفاد من بعض الكلمات
أو كونه لصاحب البذر إلى حين بلوغ الحاصل وادراكه
فيصير مشتركا في ذلك الوقت، كما يستفاد من بعض آخر
نعم الظاهر جواز ايقاع العقد على أحد هذين الوجهين مع
التصريح والاشتراط به من حين العقد، ويترتب على هذه
الوجوه ثمرات: - (منها): كون التبن أيضا مشتركا
350

بينهما على النسبة على الأول، دون الأخيرين (1) فإنه لصاحب
البذر. (ومنها): في مسألة الزكاة (2)، (ومنها): في
351

مسألة الانفساخ أو الفسخ في الأثناء قبل ظهور الحاصل (1)
(ومنها): في مسألة مشاركة الزارع مع غيره (2)
ومزارعته معه (3)، ومنها في مسألة ترك الزرع إلى
352

انقضت المدة (1) إلى غير ذلك.
(مسألة 16): إذا حصل ما يوجب الانفساخ في الأثناء
قبل ظهور الثمر أو بلوغه كما إذا انقطع الماء عنه ولم يمكن
تحصيله، أو استولى عليه ولم يمكن قطعه أو حصل مانع
353

آخر عام، فالظاهر لحوق حكم تبين البطلان من الأول (1)
لأنه يكشف عن عدم قابليتها للزرع فالصحة كانت ظاهرية
فيكون الزرع الموجود لصاحب البذر (2) ويحتمل بعيدا
كون الانفساخ من حينه فيلحقه حكم الفسخ في الأثناء على
ما يأتي فيكون مشتركا بينهما على النسبة (3).
(مسألة 17): إذا كان العقد واجدا لجميع الشرائط
وحصل الفسخ في الأثناء إما بالتقايل أو بخيار الشرط لأحدهما أو
بخيار الاشتراط بسبب تخلف ما شرط على أحدهما، فعلى ما ذكرنا
من مقتضى المزارعة - وهو الوجه الأول من الوجوه
المتقدمة - فالزرع الموجود مشترك بينهما على النسبة (4)
354

وليس لصاحب الأرض على العامل أجرة أرضه (1) ولا
للعامل أجرة عمله بالنسبة إلى ما مضى، لأن المفروض صحة
المعاملة وبقاؤها إلى حين الفسخ. وأما بالنسبة إلى الآتي
فلهما التراضي على البقاء إلى البلوغ بلا أجرة أو معها،
ولهما التراضي على القطع قصيلا، وليس للمزارع الابقاء
356

إلى البلوغ بدون رضى المالك (1) ولو بدفع أجرة الأرض
ولا مطالبة الأرش إذا أمره المالك بالقلع (2) وللمالك مطالبة
القسمة وابقاء حصته في أرضه إلى حين البلوغ وأمر الزارع
بقطع حصته قصيلا (3).
هذا وأما على الوجهين الآخرين فالزرع الموجود لصاحب
البذر (4) والظاهر عدم ثبوت شئ عليه من أجرة الأرض
أو العمل (5)، لأن المفروض صحة المعاملة إلى هذا الحين
وإن لم يحصل للمالك أو العامل شئ من الحاصل، فهو كما
357

لو بقي الزرع إلى الآخر ولم يحصل حاصل من جهة آفة
سماوية أو أرضية (1). ويحتمل ثبوت الأجرة عليه إذا
كان هو الفاسخ (2).
(فذلكة): قد تبين مما ذكرنا في طي المسائل المذكورة
أن ههنا صورا: -
الأولى: وقوع العقد صحيحا جامعا للشرائط والعمل على
طبقه إلى الآخر، حصل الحاصل أم لم يحصل لآفة سماوية
أو أرضية (3).
358

الثانية: وقوعه صحيحا مع ترك الزارع للعمل إلى أن انقضت
المدة (1)، سواء زرع غير ما وقع عليه العقد أو لم يزرع أصلا.
الثالثة: تركه العمل في الأثناء بعد أن زرع اختيارا
أو لعذر خاص به (2).
359

الرابعة: تبين البطلان من الأول (1).
الخامسة: حصول الانفساخ في الأثناء، لقطع الماء أو
نحوه من الأعذار العامة (2).
السادسة: حصول الفسخ بالتقايل أو بالخيار في
الأثناء (3). وقد ظهر حكم الجميع في طي المسائل المذكورة
كما لا يخفى.
(مسألة 18): إذا تبين بعد عقد المزارعة أن الأرض
كانت مغصوبة فمالكها مخير بين الإجازة فتكون الحصة له
سواء كان بعد المدة أو قبلها في الأثناء أو قبل الشروع في
الزرع بشرط أن لا يكون هناك قيد أو شرط لم يكن
معه محل للإجازة (4)، وبين الرد، وحينئذ فإن كان
360

قبل الشروع في الزرع فلا اشكال (1)، وإن كان بعد التمام فله
أجرة المثل لذلك الزرع (2) وهو لصاحب البذر. وكذا
361

إذا كان في الأثناء (1) ويكون بالنسبة إلى بقية المدة الأمر
364

بيده، فأما يأمر بالإزالة، وأما يرضى بأخذ الأجرة،
بشرط رضا صاحب البذر. ثم المغرور من المزارع والزارع يرجع
فيما خسره على غاره (1) مع عدم الغرور فلا رجوع.
365

وإذا تبين كون البذر مغصوبا، فالزرع لصاحبه (1)
وليس عليه أجرة الأرض ولا أجرة العمل (2)، نعم إذا
كان التبين في الأثناء كان لمالك الأرض الأمر بالإزالة (3)

(1) الوسائل: ج 14 باب 7 من أبواب العيوب والتدليس، ح 1.
366

هذا إذا لم يكن محل للإجازة - كما إذا وقعت المعاملة على
البذر الكلي لا المشخص في الخارج أو نحو ذلك - أو كان
ولم يجز، ولو كان له محل وأجاز يكون هو الطرف
للمزارعة (1) يأخذ الحصة التي كانت للغاصب، وإذا تبين
367

كون العامل عبدا غير مأذون فالأمر إلى مولاه (1). وإذا
تبين كون العوامل أو ساير المصارف مغصوبة فالمزارعة
صحيحة (2)، ولصاحبها أجرة المثل أو قيمة الأعيان التالفة (3)
وفي بعض الصور (4) يحتمل جريان الفضولية وامكان
الإجازة كما لا يخفى.
368

(مسألة 19): خراج الأرض على صاحبها (1)،
وكذا مال الإجارة إذا كانت مستأجرة (2) وكذا ما يصرف
في اثبات اليد عند أخذها من السلطان (3): وما يؤخذ
لتركها في يده (4) ولو شرط كونها على العامل - بعضا
أو كلا - صح (5)، وإن كانت ربما تزاد وربما تنقص
على الأقوى فلا يضر مثل هذه الجهالة، للأخبار (6).
370



(1) الوسائل: ج 13 باب 17 من أبواب المزارعة والمساقاة، ح 1.
(2) الوسائل: ج 13 باب 17 من أبواب المزارعة والمساقاة، ح 1.
(3) الوسائل: ج 13 باب 10 من أبواب المزارعة والمساقاة، ح 2.
371

وأما سائر المؤن - كشق الأنهار، وحفر الآبار، وآلات
السقي، واصلاح النهر وتنقيته، ونصب الأبواب مع
الحاجة إليها والدولاب، ونحو ذلك مما يتكرر كل سنة أو
لا يتكرر - فلا بد من تعيين كونها على المالك أو العامل (1)
إلا إذا كان هناك عادة ينصرف الاطلاق إليها (2). وأما
372

ما يأخذه المأمورون من الزارع ظلما من غير الخراج فليس
على المالك (1). وإن كان أخذهم ذلك من جهة الأرض.
(مسألة 20): يجوز لكل من المالك والزارع أن يخرص
على الآخر (2) بعد ادراك الحاصل بمقدار (3) منه، بشرط
القبول والرضا من الآخر (4) لجملة من الأخبار (5) هنا

(1) الوسائل: ج 13 باب 10 من أبواب بيع الثمار، ح 1.
ولمزيد من الروايات راجع الوسائل: ج 13 باب 14 من أبواب
المزارعة والمساقاة.
373

وفي الثمار. فلا يختص ذلك بالمزارعة والمساقاة (1). بل
مقتضى الأخبار جوازه في كل زرع مشترك أو ثمر مشترك (2)
والأقوى لزومه بعد القبول (3) وإن تبين بعد ذلك زيادته
أو نقيصته لبعض تلك الأخبار. مضافا إلى العمومات العامة
خلافا لجماعة
والظاهر أنه معاملة مستقلة (4) وليست بيعا (5)
374

ولا صلحا معاوضيا (1)، فلا يجري فيها إشكال اتحاد
العوض والمعوض (2)، ولا اشكال النهي عن المحاقلة
والمزابنة (3)، ولا اشكال الربا (4) ولو بناءا على ما هو
الأقوى من عدم اختصاص حرمته بالبيع وجريانه في مطلق
المعاوضات مع أن حاصل الزرع والشجر قبل الحصاد
والجذاذ ليس من المكيل والموزون (5). ومع الاغماض
عن ذلك كله يكفي في صحتها الأخبار الخاصة. فهو نوع
من المعاملة عقلائية ثبت بالنصوص، ولتسم بالتقبل.
375

وحصر المعاملات في المعهودات ممنوع (1)، نعم يمكن
أن يقال: إنها في المعنى راجعة إلى الصلح الغير المعاوضي
فكأنهما يتسالمان على أن يكون حصة أحدهما من المال
المشترك كذا مقدارا والبقية للآخر، شبه القسمة أو نوع
منها. وعلى ذلك يصح ايقاعها بعنوان الصلح على الوجه
المذكور مع قطع النظر عن الأخبار أيضا، على الأقوى
من اغتفار هذا المقدار من الجهالة فيه إذا ارتفع الغرر
بالخرص المفروض، وعلى هذا لا يكون من التقبيل والتقبل.
ثم
إن المعاملة المذكورة لا تحتاج إلى صيغة مخصوصة، بل
يكفي كل لفظ دال على التقبل بل الأقوى عدم الحاجة
إلى الصيغة أصلا، فيكفي فيها مجرد التراضي (2)، كما
هو ظاهر الأخبار. والظاهر اشتراط كون الخرص بعد
بلوغ الحاصل وادراكه (3) فلا يجوز قبل ذلك، والقدر
376

المتيقن من الأخبار كون المقدار المخروص عليه من حاصل
ذلك الزرع (1) فلا يصح الخرص وجعل المقدار في الذمة
من جنس ذلك الحاصل. نعم لو أوقع المعاملة بعنوان
الصلح على الوجه الذي ذكرنا لا مانع من ذلك فيه (2)
لكنه كما عرفت خارج عن هذه المعاملة. ثم إن المشهور
بينهم أن قرار هذه المعاملة مشروط بسلامة الحاصل، فلو
377

تلف بآفة سماوية أو أرضية كان عليهما. ولعله لأن تعيين الحصة
في المقدار المعين ليس من باب الكلي في المعين، بل هي
باقية على إشاعتها (1) غاية الأمر تعيينها في مقدار معين.
378

مع احتمال أن يكون ذلك من الشرط الضمني بينهما.
والظاهر أن المراد من الآفة الأرضية ما كان من غير الانسان
ولا يبعد (1) لحوق اتلاف متلف من الانسان أيضا به،
وهل يجوز خرص ثالث حصة أحدهما أو كليهما في مقدار؟
وجهان أقواهما العدم (2).
(مسألة 21): بناءا على ما ذكرنا من الاشتراك أول
الأمر في الزرع يجب على كل منهما الزكاة (3) إذا كان
نصيب كل منهما بحد النصاب وعلى من بلغ نصيبه إن بلغ
نصيب أحدهما. وكذا إن اشترطا الاشتراك حين ظهور
379

الثمرة، لأن تعلق الزكاة بعد صدق الاسم، وبمجرد
الظهور لا يصدق. وإن اشترطا الاشتراك بعد صدق الاسم
وحين الحصاد والتصفية فهي على صاحب البذر فيهما لأن
المفروض أن الزرع والحاصل له إلى ذلك الوقت، فتتعلق
الزكاة في ملكه.
(مسألة 22): إذا بقي في الأرض أصل الزرع بعد
انقضاء المدة والقسمة فنبت بعد ذلك في العام الآتي، فإن
كان البذر لهما فهو لهما (1)، وإن كان لأحدهما فله (2)
إلا مع الاعراض وحينئذ فهو لمن سبق (3) ويحتمل أن
يكون لهما مع عدم الاعراض مطلقا، لأن المفروض شركتهما
في الزرع وأصله (4) وإن كان البذر لأحدهما أو لثالث
380

وهو الأقوى. وكذا إذا بقي في الأرض بعض الحب
فنبت، فإنه مشترك بينهما (1)، مع عدم الاعراض (2)
نعم لو كان الباقي حب مختص بأحدهما أختص به (3) ثم
لا يستحق صاحب الأرض أجرة لذلك الزرع النابت على
الزارع في صورة الاشتراك أو الاختصاص به، وإن انتفع
بها، إذا لم يكن ذلك من فعله ولا من معاملة واقعة
بينهما (4).
381

(مسألة 23): لو اختلفا في المدة وأنها سنة أو سنتان
- مثلا - فالقول قول منكر الزيادة (1)، وكذا لو قال
أحدهما أنها ستة أشهر والآخر قال إنها ثمانية أشهر، نعم
لو ادعى المالك مدة قليلة لا تكفي لبلوغ الحاصل ولو
نادرا ففي تقديم قوله اشكال (2). ولو اختلفا في الحصة
قلة وكثرة فالقول قول صاحب البذر المدعي للقلة (3).
هذا إذا كان نزاعهما في زيادة المدة أو الحصة وعدمها،
وأما لو اختلفا في تشخيص ما وقع عليه العقد وأنه وقع
على كذا أو كذا فالظاهر التحالف (4) وإن كان خلاف
اطلاق كلماتهم، فإن حلفا أو نكلا فالمرجع أصالة عدم الزيادة.
382

(مسألة 24): لو اختلفا في اشتراط كون البذر أو
العمل أو العوامل على أيهما فالمرجع التحالف (1) ومع
حلفهما أو نكولهما تنفسخ المعاملة (2)
(مسألة 25): لو اختلفا في الإعارة والمزارعة فادعى
383

الزارع أن المالك أعطاه الأرض عارية والمالك ادعى المزارعة
فالمرجع التحالف أيضا، ومع حلفهما أو نكولهما تثبت أجرة
المثل للأرض. فإن كان بعد البلوغ فلا اشكال (1) وإن
384

كان في الأثناء فالظاهر جواز الرجوع للمالك (1)، وفي
وجوب ابقاء الزرع إلى البلوغ عليه مع الأجرة إذا أراد
386

الزارع وعدمه وجواز أمره بالإزالة وجهان (1) وإن كان
387

النزاع قبل نثر الحب فالظاهر الانفساخ بعد حلفهما أو
نكولهما (1).
388

(مسألة 26): لو ادعى المالك الغصب والزارع ادعى
المزارعة فالقول قول المالك (1) مع يمينه على نفي المزارعة (2).
(مسألة 27): في الموارد التي للمالك قلع زرع الزارع
هل يجوز له ذلك بعد تعلق الزكاة وقبل البلوغ؟ قد يقال
بعدم الجواز إلا أن يضمن حصتها للفقراء لأنه ضرر عليهم
389

والأقوى الجواز، وحق الفقراء يتعلق بذلك الموجود (1)
وإن لم يكن بالغا.
(مسألة 28): يستفاد من جملة من الأخبار (2) أنه
يجوز لمن بيده الأرض الخراجية أن يسلمها إلى غيره ليزرع
لنفسه ويؤدي خراجها عنه ولا بأس به.
مسائل متفرقة:
الأولى: إذا قصر العامل في تربية الزرع فقل الحاصل
فالظاهر ضمانه التفاوت (3) بحسب تخمين أهل الخبرة، كما

(1) الوسائل: ج 13 باب 10 من أبواب أحكام المزارعة والمساقاة،
ح 2.
390

صرح به المحقق القمي (قده) في أجوبة مسائله.
الثانية: إذا ادعى المالك على العامل عدم العمل بما اشترط في
ضمان عقد المزارعة من بعض الشروط، أو ادعى عليه تقصيره
في العمل على وجه يضر بالزرع، وأنكر الزارع عدم العمل
بالشرط أو التقصير فيه، فالقول قوله، لأنه مؤتمن في
391

عمله (1) وكذا لو ادعى عليه التقصير في حفظ الحاصل
بعد ظهوره وأنكر (2)
الثالثة: لو ادعى أحدهما على الآخر شرطا متعلقا بالزرع
وأنكر أصل الاشتراط، فالقول قول المنكر (3).
الرابعة: لو ادعى أحدهما على الآخر الغبن في المعاملة
فعليه اثباته (4) وبعده له الفسخ (5).
392

الخامسة: إذا زارع المتولي للوقف الأرض الموقوفة
بملاحظة مصلحة البطون إلى مدة لزم ولا تبطل بالموت (1)
وأما إذا زارع البطن المتقدم من الموقوف عليه الأرض
الموقوفة ثم مات في الأثناء قبل انقضاء المدة، فالظاهر
بطلانها من ذلك الحين، لانتقال الأرض إلى البطن اللاحق (2)
كما أن الأمر كذلك في إجارته لها (3). لكن استشكل فيه
المحقق القمي (قده) بأن عقد المزارعة لازمة لا تنفسخ
إلا بالتقايل أو ببعض الوجوه التي ذكروها. ولم يذكروا
في تعدادها هذه الصورة مع أنهم ذكروا في الإجارة بطلانها
إذا آجر البطن المتقدم ثم مات في أثناء المدة ثم استشعر عدم
الفرق بينهما بحسب القاعدة، فالتجأ إلى أن الإجارة أيضا
لا تبطل بموت البطن السابق في أثناء المدة وإن كان البطن
اللاحق يتلقى الملك من الواقف لا من السابق، وأن ملكية
السابق كانت إلى حين موته، بدعوى: أنه إذا آجر مدة
لا تزيد على عمره الطبيعي ومقتضى الاستصحاب بقاءه
393

بمقداره، فكما أنها في الظاهر محكومة بالصحة كذلك عند
الشارع وفي الواقع فبموت السابق ينتقل ما قرره من الأجرة
إلى اللاحق، لا الأرض بمنفعتها... إلى آخر ما ذكره
من النقض والابرام، وفيه ما لا يخفي (1). ولا ينبغي
الاشكال في البطلان بموته في المقامين.
394

السادسة: يجوز مزارعة الكافر، مزارعا كان أو
زارعا (1).
السابعة: في جملة من الأخبار (2) النهي عن جعل

(1) الوسائل: ج 13 باب 12 من أبواب أحكام المزارعة والمساقاة
ح 1.
(2) الوسائل: ج 13 باب 8 من أبواب أحكام المزارعة والمساقاة،
ح 5.
395

ثلث للبذر وثلث للبقر وثلث لصاحب الأرض، وأنه
لا ينبغي أن يسمى بذرا ولا بقرا، فإنما يحرم الكلام،
والظاهر كراهته (1) وعن ابن الجنيد وابن البراج حرمته (2)
فالأحوط الترك.
الثامنة: بعد تحقق المزارعة على الوجه الشرعي،
يجوز لأحدهما بعد ظهور الحاصل أن يصالح عن حصته (3)
بمقدار معين من جنسه أو غيره بعد التخمين بحسب المتعارف
بل لا بأس به قبل ظهوره أيضا (4). كما أن الظاهر جواز

(1) الوسائل: ج 13 باب 8 من أبواب أحكام المزارعة والمساقاة،
ح 6.
396

مصالحة أحدهما مع الآخر عن حصته في هذه القطعة من
الأرض بحصة الآخر في الأخرى (1)، بل الظاهر جواز
تقسيمهما يجعل إحدى القطعتين لأحدهما والأخرى للآخر
إذ القدر المسلم لزوم جعل الحصة مشاعة من أول الأمر وفي
أصل العقد (2).
التاسعة: لا يجب في المزارعة على أرض امكان زرعها
من أول الأمر، وفي السنة الأولى، بل يجوز المزارعة على
397

أرض بائرة لا يمكن زرعها إلا بعد اصلاحها وتعميرها
سنة أو أزيد (1) وعلى هذا إذا كانت أرض موقوفة (2)
- وقفا عاما أو خاصا - وصارت بائرة يجوز للمتولي أن
يسلمها إلى شخص بعنوان المزارعة إلى عشر سنين أو أقل
أو أزيد - حسب ما تقتضيه المصلحة - على أن يعمرها
ويزرعها إلى سنتين - مثلا - لنفسه ثم يكون الحاصل
مشتركا بالإشاعة بحصة معينة.
العاشرة: يستحب للزارع - كما في الأخبار - الدعاء
398

عند نثر الحب، بأن يقول: " اللهم قد بذرنا وأنت الزارع
واجعله حبا متراكما (1)، وفي بعض الأخبار: " إذا
أردت أن تزرع زرعا فخذ قبضة من البذر واستقبل القبلة
وقل: أفرأيتم ما تحرثون، أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون
ثلاث مرات ثم تقول: بل الله الزارع، ثلاث مرات،
ثم قل: اللهم اجعله حبا مباركا وارزقنا فيه السلامة، ثم
انثر القبضة التي في يدك في القراح " (2). وفي خبر آخر (3)
" لما هبط آدم (ع): إلى الأرض احتاج إلى الطعام والشراب
فشكى ذلك إلى جبرئيل فقال له جبرئيل: يا آدم كن حراثا
فقال (ع): فعلمني دعاءا، قال: قل: اللهم اكفني
مؤنة الدنيا وكل هول دون الجنة وألبسني العافية حتى
تهنئني المعيشة ".

(1) الوسائل: ج 13 باب 5 من أبواب المزارعة والمساقاة. ح 2.
(2) الوسائل: ج 13 باب 5 من أبواب أحكام المزارعة والمساقاة ح 3.
(3) الوسائل: ج 13 باب 5 من أبواب أحكام المزارعة والمساقاة ح 1.
399