الكتاب: مستمسك العروة
المؤلف: السيد محسن الحكيم
الجزء: ١٢
الوفاة: ١٣٩٠
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع: ١٤٠٤
المطبعة:
الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي - قم - إيران
ردمك:
ملاحظات:

ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى
قرآن الكريم
مستمسك
العروة الوثقى
تأليف
فقيه عصره آية الله العظمى
السيد محسن الطباطبائي الحكيم
قدس سره
الجزء الثاني عشر
1

منشورات مكتبة آية الله العظمى السيد المرعشي النجفي
قم - إيران 1404 هجري قمري
2

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الإجارة
وهي: تمليك عمل أو منفعة بعوض (1). ويمكن أن
3

يقال: إن حقيقتها للتسليط على عين للانتفاع بها بعوض (1).
وفيه فصول:
فصل
في أركانها، وهي ثلاثة:
الأول: الايجاب والقبول، ويكفي فيهما كل لفظ دال
على المعنى المذكور. وللصريح منه: آجرتك أو أكريت الدار
- مثلا - فيقول: قبلت أو استأجرت أو استكريت. ويجري
4

فيها المعاطاة كسائر العقود (1). ويجوز أن يكون الايجاب
بالقول والقبول بالفعل، ولا يصح أن يقول في الايجاب:
بعتك الدار - مثلا - وإن قصد الإجارة (2)، نعم لو قال:
بعتك منفعة للدار أو سكنى الدار - مثلا - بكذا لا يبعد
5

صحته إذا قصد الإجارة (1).
الثاني: المتعاقدان، ويشترط فيهما: البلوغ (2)، والعقل (3)
والاختيار (4)،

(* 1) الوسائل باب: 4 من أبواب المقدمات حديث: 2.
6

وعدم الحجر لفلس أو سفه أو رقية (1).
الثالث: العوضان، ويشترط فيهما أمور:
الأول: المعلومية، وهي في كل شئ بحسبه، بحيث
لا يكون هناك غرر (2)،

(* 1) راجع التذكرة مسألة: 2 من الركن الثالث من الفصل الثاني من كتاب الإجارة.
(* 2) مستدرك الوسائل باب: 3 من أبواب الإجارة حديث: 1 ويوجد ما يقرب منه في
الوسائل باب: 3 من أبواب الإجارة حديث: 3.
(* 3) الوسائل باب: 40 من أبواب آداب التجارة حديث: 3. كنز العمال الجزء: 2 صفحة
229 حديث، 4920، 4923. صحيح الترمذي الجزء: 5 صفحة 237. الموطأ الجزء: 2
صفحة: 75.
(* 4) الوسائل باب: 17 من أبواب المزارعة حديث: 2.
(* 5) الوسائل باب: 21 من أبواب الإجارة حديث: 5.
7

فلو أجره دارا أو حمارا من غير مشاهدة ولا وصف رافع
للجهالة بطل. وكذا لو جعل العوض شيئا مجهولا.
الثاني: أن يكونا مقدوري للتسليم (1)، فلا تصح
إجارة للعبد الآبق. وفي كفاية ضم للضميمة هنا - كما في البيع -
إشكال (2).

(* 1) الوسائل باب: 18 من أبواب المزارعة حديث: 5.
8

الثالث: أن يكونا مملوكين (1)، فلا تصح إجارة مال
للغير، ولا الإجارة بمال الغير إلا مع الإجازة من المالك.
الرابع: أن تكون العين المستأجرة مما يمكن الانتفاع
بها مع بقائها، فلا تصح إجارة الخبز للأكل مثلا، ولا
الحطب للاشعال، وهكذا.
الخامس: أن تكون المنفعة مباحة (2)، فلا تصح

(* 1) الوسائل باب: 11 من أبواب عقد البيع وشروطه حديث: 2.
9

إجارة المساكن لاحراز المحرمات، أو للدكاكين لبيعها، أو
للدواب لحملها، أو الجارية للغناء، أو لكتابة الكفر،
ونحو ذلك. وتحرم الأجرة عليها.
السادس: أن تكون العين مما يمكن استيفاء المنفعة
المقصودة بها (1)، فلا تصح إجارة أرض للزارعة إذا لم
يمكن إيصال الماء إليها، مع عدم إمكان الزارعة بماء السماء،
أو عدم كفايته.
السابع: أن يتمكن المستأجر من الانتفاع بالعين المستأجرة (2)
فلا تصح إجارة الحائض لكنس المسجد (3) مثلا.
(مسألة 1): لا تصح الإجارة إذا كان المؤجر أو
المستأجر مكرها عليها إلا مع الإجازة اللاحقة، بل الأحوط
عدم الاكتفاء بها، بل تجديد العقد إذا رضيا. نعم تصح مع
10

الاضطرار، كما إذا طلب منه ظالم مالا فاضطر إلى إجارة دار
سكناه لذلك، فإنها تصح حينئذ (1). كما أنه إذا اضطر إلى
بيعها صح.
(مسألة 2) لا تصح إجارة المفلس - بعد الحجر عليه -
داره أو عقاره. نعم تصح إجارته نفسه لعمل أو خدمة (2)
وأما السفيه: فهل هو كذلك - أي تصح إجارة نفسه للاكتساب
مع كونه محجورا عن إجارة داره مثلا - أو لا؟ وجهان:
من كونه من التصرف المالي وهو محجور (3)، ومن أنه
ليس تصرفا في ماله الموجود (4) بل هو تحصيل للمال، ولا
تعد منافعه من أمواله (5).
11

خصوصا إذا لم يكن كسوبا. ومن هنا يظهر للنظر فيما ذكره
بعضهم من حجر السفيهة من تزويج نفسها، بدعوى: أن
منفعة البضع مال (1)، فإنه أيضا محل إشكال.
12

(مسألة 3): لا يجوز للعبد أن يؤجر نفسه أو ماله
أو مال مولاه إلا بإذنه أو إجازته.
(مسألة 4): لا بد من تعيين العين المستأجرة، فلو
آجره أحد هذين العبدين أو إحدى هاتين الدارين لم يصح (1)

(* 1) هذا المضمون مروي بتعبيرات مختلفة وأقرب الكل إليه ما رواه في الوسائل في باب: 2 من
أحكام الحجر حديث: 5 إلا أنه نقله عن الخصال عن أبي الحسين الخادم بياع اللؤلؤ من دون توسط
ابن سنان لكن الموجود في الخصال الجزء 2 صفحة 89 روايته عن بياع اللؤلؤ عن عبد الله بن سنان.
فلاحظ.
13

ولا بد أيضا من تعيين نوع المنفعة إذا كانت للعين منافع
متعددة (1). نعم تصح إجارتها بجميع منافعها مع التعدد (2)
فيكون المستأجر مخيرا بينها.
(مسألة 5): معلومية المنفعة (3): إما بتقدير المدة،
كسكنى الدار شهرا، والخياطة يوما، أو منفعة ركوب للدابة
إلى زمان كذا. وإما بتقدير العمل (4) كخياطة الثوب المعلوم
طوله وعرضه ورقته وغلظته، فارسية أو رومية، من غير
تعرض للزمان. نعم يلزم تعيين الزمان للواقع فيه هذا للعمل
كأن يقول: إلى يوم الجمعة مثلا. وإن أطلق اقتضى التعجيل
على الوجه العرفي (5). وفي مثل استئجار الفحل للضراب
14

يعين بالمرة والمرتين (1). ولو قدر المدة والعمل على وجه
التطبيق (2)، فإن علم سعة الزمان له صح، وإن علم عدمها
بطل، وإن احتمل الأمران ففيه قولان.
15

(مسألة 6): إذا استأجر دابة للحمل عليها، لا بد
من تعيين ما يحمل عليها بحسب الجنس إن كان يختلف الأغراض
باختلافه، وبحسب الوزن ولو بالمشاهدة والتخمين إن ارتفع
به للغرر. وكذا بالنسبة إلى الركوب لا بد من مشاهدة للراكب
أو وصفه، كما لا بد من مشاهدة الدابة أو وصفها، حتى
الذكورية والأنوثية إن اختلفت الأغراض بحسبهما. والحاصل:
أنه يعتبر تعيين الحمل والمحمول عليه، والراكب والمركوب
عليه، من كل جهة يختلف غرض العقلاء باختلافها.
(مسألة 7) إذا استأجر الدابة لحرث جريب معلوم،
فلا بد من مشاهدة الأرض أو وصفها على وجه يرتفع الغرر.
(مسألة 8): إذا استأجر دابة للسفر مسافة، لا بد من
بيان زمان السير من ليل أو نهار (1)، إلا إذا كان هناك
عادة متبعة.
(مسألة 9): إذا كانت الأجرة مما يكال أو يوزن، لا بد
من تعيين كيلها أو وزنها، ولا تكفي المشاهدة (2). وإن
16

كانت مما يعد، لا بد من تعيين عددها. وتكفي المشاهدة فيما
يكون اعتباره بها.
(مسألة 10): ما كان معلوميته بتقدير المدة، لا بد
من تعيينها شهرا أو سنة أو نحو ذلك. ولو قال: آجرتك إلى
شهر أو شهرين، بطل. ولو قال: آجرتك كل شهر بدرهم
مثلا، ففي صحته مطلقا (1)، أو بطلانه مطلقا (2)، أو
صحته في شهر وبطلانه في الزيادة (3)، فإن سكن فأجرة
المثل بالنسبة إلى الزيادة، أو الفرق بين التعبير المذكور وبين
أن يقول: آجرتك شهرا بدرهم فإن زدت فبحسابه بالبطلان
في الأول والصحة في شهر في الثاني (4)، أقوال. أقواها
17

الثاني، وذلك لعدم تعيين المدة الموجب لجهالة الأجرة. بل
جهالة المنفعة أيضا، من غير فرق بين أن يعين المبدأ أو لا،
بل على فرض عدم تعيين المبدأ يلزم جهالة أخرى، إلا أن
يقال: إنه حينئذ ينصرف إلى المتصل بالعقد. هذا إذا كان
بعنوان الإجارة، وأما إذا كان بعنوان الجعالة فلا مانع منه (1)
لأنه يغتفر فيها مثل هذه الجهالة.
وكذا إذا كان (2) بعنوان الإباحة بالعوض (3).
18

(مسألة 11) إذا قال: إن خطت هذا الثوب فارسيا
- أي: بدرز - فلك درهم، وإن خطته روميا - أي: بدرزين -
فلك درهمان، فإن كان بعنوان الإجارة بطل، لما مر من
الجهالة (1)، وإن كان بعنوان الجعالة - كما هو ظاهر العبارة -

(* 1) تقدمت الإشارة إليها في صفحة: 7.
19

صح. وكذا الحال إذا قال: إن عملت العمل الفلاني في هذا
اليوم فلك درهمان وإن عملته في الغد فلك درهم. والقول
بالصحة إجارة في الفرضين ضعيف. وأضعف منه القول
بالفرق بينهما بالصحة في الثاني، دون الأول (1). وعلى
ما ذكرناه من البطلان: فعلى تقدير العمل يستحق أجرة المثل
وكذا في المسألة السابقة إذا سكن الدار شهرا أو أقل أو أكثر.
(مسألة 12): إذا استأجره أو دابته ليحمله أو يحمل
متاعه إلى مكان معين، في وقت معين، بأجرة معينة، كأن
استأجر منه دابة لايصاله إلى كربلاء قبل ليلة النصف من
شعبان، ولم يوصله، فإن كان ذلك لعدم سعة الوقف وعدم
20

إمكان الايصال، فالإجارة باطلة (1)، وإن كان الزمان واسعا
ومع هذا قصر ولم يوصله، فإن كان ذلك على وجه العنوانية (2)
21

والتقييد لم يستحق شيئا من الأجرة، لعدم العمل بمقتضى
الإجارة أصلا (1)، نظير: ما إذا استأجره ليصوم يوم الجمعة،
24

فاشتبه وصام يوم السبت. وإن كان ذلك على وجه الشرطية،
بأن يكون متعلق الإجارة الايصال إلى كربلاء، ولكن اشترط
عليه الايصال في ذلك الوقت، فالإجارة صحيحة والأجرة
المعينة لازمة، لكن له خيار الفسخ من جهة تخلف الشرط، ومعه
يرجع إلى أجرة المثل. ولو قال: وإن لم توصلني في وقت
كذا فالأجرة كذا، أقل مما عين أولا، فهذا أيضا قسمان (1).
قد يكون ذلك بحيث يكون كلتا الصورتين - من الايصال في
ذلك الوقت، وعدم الايصال فيه - موردا للإجارة (2)،
25

فيرجع إلى قوله: آجرتك بأجرة كذا، إن أوصلتك في الوقت
الفلاني، وبأجرة كذا إن لم أوصلك في ذلك الوقت. وهذا
باطل للجهالة، نظير ما ذكر في المسألة السابقة من البطلان إن
قال: إن عملت في هذا اليوم فلك درهمان... وقد يكون مورد
الإجارة هو الايصال في ذلك الوقت، ويشترط عليه أن ينقص
من الأجرة (1) كذا على فرض عدم الايصال. والظاهر
الصحة في هذه الصورة (2)، لعموم (المؤمنون عند
شروطهم) (* 1) وغيره، مضافا إلى صحيحة محمد الحلبي (3).

(* 1) الوسائل باب: 20 من أبواب المهور حديث: 4.
26

ولو قال: إن لم توصلني فلا أجرة لك، فإن كان على وجه
الشرطية، بأن يكون متعلق الإجارة هو الايصال الكذائي
فقط، واشترط عليه عدم الأجرة على تقدير المخالفة، صح (1)،
ويكون الشرط المذكور مؤكدا لمقتضى العقد. وإن كان على
وجه القيدية، بأن جعل كلتا الصورتين موردا للإجارة، إلا
أن في الصورة الثانية بلا أجرة، يكون باطلا. ولعل هذه
الصورة مراد المشهور (2)

(* 1) الوسائل باب: 13 من أبواب أحكام الإجارة: 2.
27

القائلين بالبطلان (1) دون الأولى، حيث قالوا: ولو شرط
سقوط الأجرة إن لم يوصله لم يجز.
(مسألة 13): إذا استأجر منه دابة لزيارة للنصف
من شعبان - مثلا - ولكن لم يشترط على المؤجر ذلك ولم يكن
على وجه العنوانية أيضا، واتفق أنه لم يوصله، لم يكن له
خيار الفسخ، وعليه تمام المسمى من الأجرة. وإن لم يوصله
إلى كربلاء أصلا سقط من المسمى بحساب ما بقي واستحق بمقدار
ما مضى. وللفرق بين هذه المسألة وما مر في المسألة السابقة:
أن الايصال هنا غرض وداع وفيما مر قيد أو شرط.
28

فصل
الإجارة من العقود اللازمة (1)، لا تنفسخ إلا بالتقابل
أو شرط الخيار لأحدهما أو كليهما إذا اختار الفسخ. نعم
الإجارة المعاطاتية جائزة (2)، يجوز لكل منهما للفسخ، ما لم
تلزم بتصرفهما، أو تصرف أحدهما فيما انتقل إليه.
(مسألة 1): يجوز بيع العين المستأجرة قبل تمام مدة
الإجارة، ولا تنفسخ الإجارة به (3)، فتنتقل إلى المشتري
مسلوبة المنفعة مدة الإجارة، نعم للمشتري مع جهله بالإجارة
خيار فسخ البيع (4) لأن نقص المنفعة عيب (5)، ولكن

(* 1) الوسائل باب: 7، 15 من أبواب الإجارة حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 24 من أبواب الإجارة.
29

ليس كسائر العيوب مما يكون المشتري معه مخيرا بين الرد
والأرش، فليس له أن لا يفسخ ويطالب بالأرش، فإن
العيب الموجب للأرش ما كان نقصا في الشئ في حد نفسه،
مثل العمى والعرج وكونه مقطوع اليد أو نحو ذلك، لا مثل
المقام الذي العين في حد نفسها لا عيب فيها. وأما لو علم
المشتري أنها مستأجرة ومع ذلك أقدم على الشراء، فليس له
الفسخ أيضا. نعم لو اعتقد كون مدة الإجارة كذا مقدارا،
فبان أنها أزيد، له الخيار أيضا (1).
ولو فسخ المستأجر
الإجارة رجعت المنفعة في بقية المدة إلى البائع، لا إلى المشتري (2).
30

نعم لو اعتقد البائع والمشتري بقاء مدة الإجارة، وأن العين
مسلوبة المنفعة إلى زمان كذا، وتبين أن المدة منقضية، فهل
منفعة تلك المدة للبائع، حيث أنه كأنه شرط كونها مسلوبة
المنفعة إلى زمان كذا (1)، أو للمشتري، لأنها تابعة للعين
ما لم تفرز بالنقل إلى الغير، أو بالاستثناء، والمفروض عدمها؟
وجهان. والأقوى: الثاني. نعم لو شرطا كونها مسلوبة المنفعة
إلى زمان كذا بعد اعتقاد بقاء المدة، كان لما ذكر وجه (2).
ثم بناء على ما هو الأقوى من رجوع المنفعة في الصورة السابقة
إلى المشتري، فهل للبائع الخيار أو لا؟. وجهان لا يخلوا أو لهما
31

من قوة (1)، خصوصا إذا أوجب ذلك له الغبن.
هذا إذا بيعت المستأجرة على غير المستأجر.
أما
لو بيعت عليه: ففي انفساخ الإجارة وجهان (2). أقواهما:
العدم (3). ويتفرع على ذلك أمور:
منها: اجتماع الثمن والأجرة عليه حينئذ.
ومنها: بقاء ملكه للمنفعة في مدة تلك الإجارة لو
فسخ البيع بأحد أسبابه، بخلاف ما لو قيل بانفساخ الإجارة.
ومنها: إرث الزوجة من المنفعة في تلك المدة (4)،
لو مات الزوح المستأجر بعد شرائه لتلك العين، وإن كانت
مما لا ترث الزوجة منه، بخلاف ما لو قيل بالانفساخ بمجرد
البيع (5).
32

ومنها: رجوع المشتري بالأجرة لو تلف العين بعد
قبضها وقبل انقضاء مدة الإجارة، فإن تعذر استيفاء المنفعة
يكشف عن بطلان الإجارة ويوجب الرجوع بالعوض، وإن
كان تلف العين عليه.
(مسألة 2): لو وقع البيع والإجارة في زمان واحد
- كما لو باع العين مالكها على شخص وآجرها وكيله على
شخص آخر، واتفق وقوعهما في زمان واحد - فهل يصحان
معا ويملكها المشتري مسلوبة المنفعة كما لو سبقت الإجارة،
أو يبطلان معا للتزاحم في ملكية المنفعة، أو يبطلان معا بالنسبة
إلى تمليك المنفعة فيصح البيع على أنها مسلوبة المنفعة تلك
المدة فتبق المنفعة على ملك البائع؟ وجوه. أقواها: الأول،
لعدم التزاحم، فإن البائع لا يملك المنفعة وإنما يملك العين (1)
وملكية العين توجب ملكية المنفعة للتبعية، وهي متأخرة
عن الإجارة.
(مسألة 3): لا تبطل الإجارة بموت المؤجر ولا
بموت المستأجر على الأقوى (2). نعم في إجارة العين
الموقوفة، إذا آجر البطن السابق تبطل بموته بعد الانتقال إلى
33

البطن اللاحق، لأن الملكية محدودة. ومثله ما لو كانت المنفعة
موصى بها للمؤجر ما دام حيا. بخلاف ما إذا كان المؤجر هو

(* 1) الوسائل باب: 25 من أبواب الإجارة حديث: 1.
34

المتولي للوقف وآجر لمصلحة البطون إلى مدة، فإنها لا تبطل
بموته، ولا بموت البطن الموجود حال الإجارة. وكذا تبطل
إذا آجر نفسه للعمل بنفسه (1) من خدمة أو غيرها، فإنه
إذا مات لا يبقى محل للإجارة. وكذا إذا مات المستأجر الذي
هو محل العمل من خدمة أو عمل آخر متعلق به بنفسه. ولو
جعل العمل في ذمته لا تبطل الإجارة بموته، بل يستوفى من
تركته. وكذا بالنسبة إلى المستأجر إذا لم يكن محلا للعمل،
بل كان مالكا له على المؤجر، كما إذا آجره للخدمة من غير
تقييد بكونها له، فإنه إذا مات تنتقل إلى وارثه، فهم يملكون
عليه ذلك العمل. وإذا آجر الدار واشترط على المستأجر
سكناه بنفسه لا تبطل بموته (2)، ويكون للمؤجر خيار الفسخ.
نعم إذا اعتبر سكناه على وجه القيدية تبطل بموته.
(مسألة 4): إذا آجر الولي أو الوصي الصبي المولى
عليه مدة تزيد على زمان بلوغه ورشده، بطلت في المتيقن
35

بلوغه فيه، بمعنى: أنها موقوفة على إجازته، وصحت واقعا
وظاهرا بالنسبة إلى المتيقن صغره، وظاهرا بالنسبة إلى المحتمل
فإذا بلغ له أن يفسخ على الأقوى، أي: لا يجيز، خلافا
لبعضهم (1) فحكم بلزومها عليه لوقوعها من أهلها في محلها،
في وقت لم يعلم لها مناف. وهو كما ترى. نعم لو اقتضت
المصلحة - الملازمة المراعاة - إجارته مدة زائدة على زمان
البلوغ، بحيث تكون إجارته أقل من تلك المدة خلاف مصلحته
تكون لازمة ليس له فسخها بعد بلوغه. وكذا الكلام في
إجارة أملاكه.
(مسألة 5): إذا آجرت امرأة نفسها للخدمة مدة
معينة، فتزوجت قبل انقضائها، لم تبطل الإجارة، وإن
كانت الخدمة لاستمتاع الزوج (2).

(* 1) الأنعام: 152.
36

(مسألة 6): إذا آجر عبده أو أمته للخدمة ثم أعتقه (1)
لا تبطل الإجارة بالعتق، وليس له الرجوع على مولاه بعوض
تلك الخدمة في بقية المدة (2)، لأنه كان مالكا لمنافعه أبدا
وقد استوفاها بالنسبة إلى تلك المدة. فدعوى: أنه فوت على
العبد ما كان له حال حريته، كما ترى. نعم يبقى الكلام في
نفقته في بقية إن لم يكن شرط كونها على المستأجر.
وفي المسألة وجوه:
أحدها: كونها على المولى (3) لأنه حيث استوفى
بالإجارة منافعه فكأنه باق على ملكه (4).
37

الثاني: أنه في كسبه إن أمكن له الاكتساب لنفسه في
غير زمان الخدمة (1) وإن لم يمكن فمن بيت المال (2) وإن
لم يكن فعلى المسلمين (3) كفاية (4).
الثالث: أنه إن لم يمكن اكتسابه في غير زمان الخدمة
ففي كسبه وإن كان منافيا للخدمة (5).
الرابع: أنه من كسبه ويتعلق مقدار ما يفوت منه من
الخدمة بذمته.
الخامس: أنه من بيت المال من الأول.
ولا يبعد قوة الوجه الأول.
38

(مسألة 7): إذا وجد المستأجر في العين المستأجرة
عيبا سابقا على العقد وكان جاهلا به، فإن كان مما تنقص به
المنفعة فلا إشكال في ثبوت الخيار له بين الفسخ والابقاء (1)
والظاهر عدم جواز مطالبته الأرش فله الفسخ أو الرضا بها
مجانا (2). نعم لو كان العيب مثل خراب بعض بيوت الدار

(* 1) راجع الوسائل باب: 16 من أبواب الخيار في كتاب البيع، وباب: 5 من كتاب
الشفعة، وباب: 7، 12 من كتاب احياء الموات.
39

فالظاهر تقسيط الأجرة (1)، لأنه يكون حينئذ من قبيل
تبعض الصفقة (2). ولو كان العيب مما لا تنقص معه المنفعة
كما إذا تبين كون الدابة مقطوعة الأذن أو الذنب، فربما
يستشكل في ثبوت الخيار معه (3). لكن الأقوى ثبوته إذا
كان مما يختلف به الرغبات وتتفاوت به الأجرة. وكذا له
40

الخيار إذا حدث فيها عيب بعد العقد وقبل القبض (1)، بل
بعد القبض أيضا، وإن كان استوفى بعض المنفعة ومضى
بعض المدة (2). هذا إذا كانت العين شخصية. وأما إذا
41

كانت كلية وكان الفرد المقبوض معيبا، فليس له فسخ العقد (1)
بل له مطالبة البدل. نعم لو تعذر البدل كان له الخيار في
أصل العقد (2).
(مسألة 8): إذا وجد المؤجر عيبا سابقا في الأجرة
ولم يكن عالما به كان له فسخ العقد، وله الرضا به. وهل له
مطالبة الأرش معه؟ لا يبعد ذلك، بل ربما يدعى عدم الخلاف
فيه (3). لكن هذا إذا لم تكن الأجرة منفعة عين، وإلا فلا
أرش فيه (4) مثل ما مر في المسألة السابقة من كون العين
المستأجرة معيبا (5). هذا إذا كانت الأجرة عينا شخصية.
42

وأما إذا كانت كلية، فله مطالبة البدل لا فسخ أصل العقد،
إلا مع تعذر البدل على حذو ما مر في المسألة السابقة.
(مسألة 9): إذا أفلس المستأجر بالأجرة، كان
للمؤجر الخيار بين الفسخ واسترداد العين، وبين الضرب مع
الغرماء (1)، نظير ما إذا أفلس المشتري بالثمن، حيث إن
للبايع الخيار إذا وجد عين ماله.
(مسألة 10): إذا تبين غبن المؤجر أو المستأجر فله
الخيار، إذا لم يكن عالما به حال العقد (2) إلا إذا اشترطا
سقوطه في ضمن العقد.
(مسألة 11): ليس في الإجارة خيار المجلس ولا
خيار الحيوان، بل ولا خيار التأخير على الوجه المذكور في

(* 1) الوسائل باب: 5 من أبواب أحكام الحجر.
(* 3) الوسائل باب: 13 من أبواب أحكام المضاربة: 1.
43

البيع (1)، ويجري فيها خيار الشرط حتى للأجنبي، وخيار
العيب، والغبن كما ذكرنا، بل يجري فيها سائر الخيارات
كخيار الاشتراط، وتبعض الصفقة، وتعذر التسليم، والتفليس
والتدليس، والشركة، وما يفسد ليومه، وخيار شرط رد
العوض، نظير شرط رد الثمن في البيع (2).
(مسألة 12): إذا آجر عبده أو داره مثلا ثم باعه
من المستأجر لم تبطل الإجارة، فيكون للمشتري منفعة العبد
مثلا، من جهة الإجارة قبل انقضاء مدتها، لا من جهة تبعية
للعين. ولو فسخت الإجارة رجعت إلى البايع (3). ولو مات
بعد القبض رجع المشتري المستأجر على البايع، بما يقابل بقية
المدة من الأجرة، وإن كان تلف العين عليه. والله العالم.
فصل
يملك المستأجر المنفعة في إجارة الأعيان، والعمل في
الإجارة على الأعمال بنفس العقد، من غير توقف على شئ
كما هو مقتضى سببية العقود. كما أن المؤجر يملك الأجرة
44

ملكية متزلزلة به كذلك. ولكن لا يستحق المؤجر مطالبة
الأجرة إلا بتسليم العين أو العمل (1)، كما لا يستحق المستأجر
مطالبتهما إلا بتسليم الأجرة، كما هو مقتضى المعاوضة. وتستقر
ملكية الأجرة باستيفاء المنفعة أو العمل أو ما بحكمه. فأصل
الملكية للطرفين موقوف على تمامية العقد، وجواز المطالبة
موقوف على التسليم، واستقرار ملكية الأجرة موقوف على
استيفاء المنفعة أو إتمام العمل أو ما بحكمهما. فلو حصل مانع
عن الاستيفاء أو عن العمل تنفسخ الإجارة، كما سيأتي تفصيله.
(مسألة 1): لو استأجر دارا - مثلا - وتسلمها،
ومضت مدة الإجارة استقرت الأجرة عليه، سواء سكنها أو
لم يسكنها باختياره (2). وكذا إذا استأجر دابة للركوب أو
لحمل المتاع إلى مكان كذا، ومضى زمان يمكن له ذلك،
وجب عليه الأجرة واستقرت وإن لم يركب أو لم يحمل،
بشرط أن يكون مقدرا بالزمان المتصل بالعقد. وأما إذا عينا
وقتا فبعد مضي ذلك الوقت. هذا إذا كانت الإجارة واقعة
45

على عين معينة شخصية في وقت معين. وأما إن وقعت على
كلي وعين في فرد وتسلمه، فالأقوى أنه كذلك (1) مع تعيين
الوقت وانقضائه. نعم مع عدم تعيين الوقت فالظاهر عدم
استقرار الأجرة المسماة (2)، وبقاء الإجارة، وإن كان ضامنا
لأجرة المثل لتلك المدة، من جهة تفويته المنفعة على المؤجر.
(مسألة 2): إذا بذل المؤجر العين المستأجرة للمستأجر
ولم يتسلم حتى انقضت المدة، استقرت عليه الأجرة (3).
46

وكذا إذا استأجره ليخيط له ثوبا معينا - مثلا - في وقت
معين، وامتنع من دفع الثوب إليه حتى مضى ذلك الوقت،
فإنه يجب عليه دفع الأجرة (1)، سواء اشتغل في ذلك الوقت
- مع امتناع المستأجر من دفع الثوب إليه - بشغل آخر لنفسه
أو لغيره، أو جلس فارغا (2).
(مسألة 3): إذا استأجره لقلع ضرسه ومضت المدة
التي يمكن إيقاع ذلك فيها (3)، وكان المؤجر باذلا نفسه،
استقرت الأجرة (4)، سواء كان المؤجر حرا أو عبدا بإذن
مولاه. واحتمال الفرق بينهما بالاستقرار في الثاني دون الأول
لأن منافع الحر لا تضمن إلا بالاستيفاء، لا وجه له، لأن
47

منافعه بعد العقد عليها صارت مالا للمستحق، فإذا بذلها ولم
يقبل كان تلفها منه (1) مع أنا لا نسلم أن منافعه لا تضمن.
48

إلا بالاستيفاء، بل تضمن بالتفويت أيضا إذا صدق ذلك (1)،
كما إذا حبسه وكان كسوبا، فإنه يصدق في العرف: أنه فوت
عليه كذا مقدار. هذا ولو استأجره لقلع ضرسه فزال الألم بعد
العقد لم تثبت الأجرة، لانفساخ الإجارة حينئذ (2).
(مسألة 4): إذا تلفت العين المستأجرة قبل قبض
49

المستأجر، بطلت الإجارة (1). وكذا إذا تلفت عقيب قبضها
بلا فصل. وأما إذا تلفت بعد استيفاء منفعتها في بعض المدة،
فتبطل بالنسبة إلى بقية المدة، فيرجع من الأجرة بما قابل
المتخلف من المدة، إن نصفا فنصف، وإن ثلثا فثلث، مع
تساوي الأجزاء بحسب الأوقات، ومع التفاوت تلاحظ النسبة.
(مسألة 5): إذا حصل الفسخ في أثناء المدة بأحد
50

أسبابه، تثبت الأجرة المسماة بالنسبة إلى ما مضى، ويرجع
منها بالنسبة إلى ما بقي - كما ذكرنا في البطلان - على المشهور (1)
ويحتمل قريبا أن يرجع تمام المسمى، ويكون للمؤجر أجرة
المثل بالنسبة إلى ما مضى، لأن المفروض أنه يفسخ العقد الواقع
أولا، ومقتضى الفسخ عود كل عوض إلى مالكه، بل يحتمل
51

أن يكون الأمر كذلك في صورة البطلان أيضا، لكنه بعيد (1).
(مسألة 6): إذا تلف بعض العين المستأجرة، تبطل
بنسبة، ويجئ خيار تبعيض الصفقة.
(مسألة 7): ظاهر كلمات للعلماء: أن الأجرة من
حين العقد مملوكة للمؤجر بتمامها، وبالتلف - قبل القبض أو
بعده أو في أثناء المدة - ترجع إلى المستأجر كلا أو بعضا من
حين البطلان، كما هو الحال عندهم في تلف المبيع قبل القبض
لا أن يكون كاشفا عن عدم ملكيتها من الأول. وهو مشكل
لأن مع التلف ينكشف عدم كون المؤجر مالكا للمنفعة إلى
52

تمام المدة، فلم ينتقل ما يقابل المتخلف من الأول إليه. وفرق
واضح بين تلف المبيع قبل القبض، وتلف العين هنا، لأن
المبيع حين بيعه كان مالا موجودا قوبل بالعوض، وأما المنفعة
في المقام فلم تكن موجودة حين العقد، ولا في علم الله، إلا
بمقدار بقاء العين. وعلى هذا فإذا تصرف في الأجرة، يكون
تصرفه بالنسبة إلى ما يقابل المتخلف فضوليا. ومن هذا يظهر:
أن وجه البطلان في صورة التلف كلا أو بعضا انكشاف عدم
الملكية للمعوض.
(مسألة 8): إذا آجر دابة كلية ودفع فردا منها
فتلف، لا تنفسخ الإجارة، بل ينفسخ الوفاء (1)، فعليه أن
يدفع فردا آخر.
(مسألة 9): إذا آجره دارا فانهدمت، فإن خرجت
عن الانتفاع بالمرة بطلت، فإن كان قبل القبض أو بعده قبل
أن يسكن فيها أصلا رجعت الأجرة بتمامها، وإلا فبالنسبة،
ويتحمل تمامها في هذه الصورة أيضا، ويضمن أجرة المثل
بالنسبة إلى ما مضى. لكنه بعيد (2). وإن أمكن الانتفاع بها
53

مع ذلك، كان للمستأجر بين الابقاء والفسخ (1).
وإذا فسخ كان حكم الأجرة ما ذكرنا. ويقوى هنا رجوع تمام
المسمى مطلقا، ودفع أجرة المثل بالنسبة إلى ما مضى، لأن
هذا مقتضى فسخ العقد كما مر سابقا. وإن انهدم بعض بيوتها
بقيت الإجارة بالنسبة إلى البقية (2)، وكان للمستأجر خيار
تبعض الصفقة. ولو بادر المؤجر إلى تعميرها، بحيث لم يفت
الانتفاع أصلا، ليس للمستأجر الفسخ حينئذ على الأقوى، خلافا للثانيين (3).

(* 1) الوسائل باب: 12 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 35 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 1، 2.
(* 3) الوسائل باب: 15 من أبواب نيابة الحج.
54

(مسألة 10): إذا امتنع المؤجر من تسليم العين
المستأجرة يجبر عليه، وإن لم يمكن إجباره كان للمستأجر فسخ
الإجارة والرجوع بالأجرة (1)، وله الابقاء ومطالبة عوض
المنفعة الفائتة. وكذا إن أخذها منه بعد التسليم، بلا فصل
أو في أثناء المدة (2). ومع الفسخ في الأثناء يرجع بما يقابل
55

التخلف من الأجرة. ويحتمل قويا رجوع تمام الأجرة ودفع
أجرة المثل لما مضى (1) - كما مر نظيره سابقا - لأن مقتضى
فسخ العقد عود تمام كل من العوضين إلى مالكهما الأول.
لكن هذا الاحتمال خلاف فتوى المشهور.
(مسألة 11): إذا منعه ظالم عن الانتفاع بالعين قبل
القبض تخير بين الفسخ (2) والرجوع بالأجرة (3)، وبين
الرجوع على الظالم بعوض ما فات. ويحتمل قويا تعين الثاني (4)
وإن كان منع الظالم أو غصبه بعد القبض يتعين الوجه الثاني (5)
56

فليس له الفسخ حينئذ، سواء كان بعد القبض في ابتداء المدة
أم في أثنائها. ثم لو أعاد الظالم العين المستأجرة في أثناء المدة
إلى المستأجر فالخيار باق (1)، لكن ليس له الفسخ إلا في
الجميع. وربما يحتمل جواز الفسخ بالنسبة إلى ما مضى من
المدة في يد الغاصب (2)، والرجوع بقسطه من المسمى واستيفاء
باقي المنفعة. وهو ضعيف، للزوم التبعيض في العقد، وإن
كان يشكل الفرق بينه وبين ما ذكر من مذهب المشهور من
ابقاء العقد فيما مضى وفسخه فيما بقي، إذ اشكال تبعيض العقد
مشترك بينهما.
(مسألة 12): لو حدث للمستأجر عذر في الاستيفاء
- كما لو استأجر دابة لتحمله إلى بلد، فمرض المستأجر ولم
يقدر - فالظاهر البطلان،
57

إن اشترط المباشرة (1) على وجه القيدية (2). وكذا لو حصل
له عذر آخر. ويحتمل عدم البطلان (3). نعم لو كان هناك
عذر عام بطلت قطعا (4)، لعدم قابلية العين للاستيفاء حينئذ (5).
(مسألة 13): التلف السماوي للعين المستأجرة أو لمحل
العمل موجب للبطلان، ومنه إتلاف الحيوانات. وإتلاف
58

المستأجر بمنزلة القبض (1)، وإتلاف المؤجر موجب للتخيير
بين ضمانه والفسخ (2). وإتلاف الأجنبي موجب لضمانه (3).
والعذر العام بمنزلة التلف. وأما العذر الخاص بالمستأجر - كما
إذا استأجر دابة لركوبه بنفسه فمرض ولم يقدر على المسافرة
أو رجلا لقلع سنه فزال ألمه، أو نحو ذلك - ففيه اشكال.
ولا يبعد أن يقال: إنه يوجب البطلان إذا كان بحيث لو كان
قبل العقد لم يصح معه العقد (4).
(مسألة 14): إذا آجرت الزوجة نفسها بدون إذن
الزوج فيما ينافي حق الاستمتاع وقفت على إجازة الزوج،
بخلاف ما إذا لم يكن منافيا، فإنها صحيحة. وإذا اتفق إرادة
الزوج للاستمتاع كشف عن فسادها.
59

(مسألة 15): قد ذكر سابقا: إن كلا من المؤجر
والمستأجر يملك ما انتقل إليه بالإجارة بنفس العقد، ولكن
لا يجب تسليم أحدهما إلا بتسليم الآخر. وتسليم المنفعة بتسليم
العين. وتسليم الأجرة باقباضها إلا إذا كانت منفعة أيضا،
فبتسليم العين التي تستوفى منها. ولا يجب على واحد منهما
الابتداء بالتسليم. ولو تعاسرا أجبرهما الحاكم. ولو كان أحدهما
باذلا دون الآخر ولم يمكن جبره كان للأول الحبس. إلى أن
يسلم الآخر. هذا كله إذا لم يشترط في العقد تأجيل التسليم في
أحدهما، وإلا كان هو المتبع.
هذا وأما تسليم العمل: فإن كان مثل الصلاة والصوم
والحج والزيارة ونحوها فبإتمامه، فقبله لا يستحق المؤجر المطالبة
وبعده لا يجوز للمستأجر المماطلة، إلا أن يكون هناك شرط أو
عادة في تقديم الأجرة، فيتبع، وإلا فلا يستحق حتى لو لم
يمكن له العمل إلا بعد أخذ الأجرة، كما في الحج الاستئجاري
إذا كان المؤجر معسرا. وكذا في مثل بناء جدار داره أو
حفر بئر في داره أو نحو ذلك (1)، فإن إتمام العمل تسليم،
ولا يحتاج إلى شئ آخر. وأما في مثل الثوب الذي أعطاه
60

ليخيطه، أو الكتاب الذي يكتبه، أو نحو ذلك مما كان العمل
في شئ بيد المؤجر: فهل يكفي إتمامه في التسليم، فبمجرد
الاتمام يستحق المطالبة، أو لا إلا بعد تسليم مورد العمل، فقبل
أن يسلم الثوب - مثلا - لا يستحق مطالبة الأجرة؟ قولان،
أقواهما: الأول (1)، لأن المستأجر عليه نفس العمل، والمفروض
61

أنه قد حصل، لا الصفة الحادثة في الثوب - مثلا - وهي
المخيطة (1)، حتى يقال: إنها في الثوب وتسليمها بتسليمه.
وعلى ما ذكرنا: فلو تلف الثوب - مثلا - بعد تمام الخياطة
في يد المؤجر بلا ضمان يستحق أجرة العمل، بخلافه على القول
الآخر (2). ولو تلف مع ضمانه أو أتلفه، وجب عليه قيمته
63

مع وصف المخيطية لا قيمته قبلها، وله الأجرة المسماة.
بخلافه على القول الآخر، فإنه لا يستحق الأجرة وعليه قيمته
غير مخيط. وأما احتمال عدم استحقاقه الأجرة مع ضمانه
القيمة مع الوصف. فبعيد، وإن كان له وجه (1). وكذا
يتفرع على ما ذكر: أنه لا يجوز حبس العين بعد إتمام العمل
إلى أن يستوفي الأجرة (2)، فإنها بيده أمانة، إذ ليست هي
ولا الصفة التي فيها موردا للمعاوضة، فلو حبسها ضمن،
بخلافه على القول الآخر.
64

(مسألة 16): إذا تبين بطلان الإجارة رجعت
الأجرة إلى المستأجر، واستحق المؤجر أجرة المثل بمقدار
ما استوفاه المستأجر من المنفعة (1)، أو فاتت تحت يده (2)
إذا كان جاهلا بالبطلان، خصوصا مع علم المستأجر (3).
وأما إذا كان عالما فيشكل ضمان المستأجر، خصوصا إذا كان
جاهلا، لأنه بتسليمه العين إليه قد هتك حرمة ماله، خصوصا
إذا كان البطلان من جهة جعل الأجرة ما لا يتمول شرعا أو
عرفا، أو إذا كان أجرة بلا عوض. ودعوى: أن إقدامه وإذنه
في الاستيفاء إنما هو بعنوان الإجارة، والمفروض عدم تحققها،
فإذنه مقيد بما لم يتحقق. مدفوعة: بأنه إن كان المراد
كونه مقيدا بالتحقق شرعا فممنوع، إذ مع فرض العلم بعدم

(* 1) الوسائل باب: 152 من أبواب أحكام العشرة حديث: 12 وباب: 3 من أبواب
مكان المصلي حديث: 1، 3.
(* 2) تقدمت الإشارة إلى مستند القاعدة من النصوص في صفحة: 39.
(* 3) الوسائل باب: 17 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 1.
65

الصحة شرعا لا يعقل قصد تحققه إلا على وجه التشريع المعلوم
عدمه (1). وإن كان المراد تقيده بتحققها الانشائي فهو
حاصل. ومن هنا يظهر حال الأجرة أيضا، فإنها لو تلفت
في يد المؤجر يضمن عوضها، إلا إذا كان المستأجر عالما
ببطلان الإجارة ومع ذلك دفعها إليه. نعم إذا كانت موجودة
له أن يستردها. هذا وكذا في الإجارة على الأعمال، إذا
كانت باطلة يستحق العامل أجرة المثل لعمله، دون المسماة إذا
كان جاهلا بالبطلان. وأما إذا كان عالما فيكون هو المتبرع
بعمله، سواء كان بأمر من المستأجر، أو لا، فيجب عليه رد
الأجرة المسماة أو عوضها، ولا يستحق أجرة المثل. وإذا كان
المستأجر أيضا عالما فليس له مطالبة الأجرة مع تلفها، ولو
مع عدم العمل من المؤجر.
(مسألة 17): يجوز إجارة المشاع، كما يجوز بيعه
وصلحه وهبته، ولكن لا يجوز تسليمه إلا بإذن الشريك إذا
كان مشتركا. نعم إذا كان المستأجر جاهلا بكونه مشتركا كان
له خيار الفسخ للشركة، وذلك كما إذا آجره داره فتبين أن
66

نصفها للغير، ولم يجز ذلك الغير، فإن له خيار الشركة، بل
وخيار التبعض. ولو آجره نصف الدار مشاعا، وكان المستأجر
معتقدا أن تمام الدار له فيكون شريكا معه في منفعتها، فتبين
أن النصف الآخر مال الغير فالشركة مع ذلك الغير، ففي
ثبوت الخيار له حينئذ وجهان (1). لا يبعد ذلك إذا كان في
الشركة مع ذلك الغير منقصة له.
(مسألة 18): لا بأس باستئجار اثنين دارا على
الإشاعة، ثم يقتسمان مساكنهما بالتراضي أو بالقرعة (2).
67

وكذا يجوز استئجار اثنين دابة للركوب على التناوب، ثم
يتفقان على قرار بينهما بالتعيين، بفرسخ فرسخ، أو غير ذلك
وإذا اختلفا في المبتدئ يرجعان إلى القرعة. وكذا يجوز
استئجار اثنين دابة - مثلا - لا على وجه الإشاعة. بل نوبا
معينة بالمدة أو بالفراسخ. وكذا يجوز إجارة اثنين نفسهما على
عمل معين على وجه الشركة، كحمل شئ معين لا يمكن
إلا بالمتعدد.
(مسألة 19): لا يشترط اتصال مدة الإجارة بالعقد
على الأقوى، فيجوز أن يؤجره داره شهرا متأخرا عن العقد
بشهر أو سنة، سواء كانت مستأجرة في ذلك الشهر الفاصل
أم لا. ودعوى البطلان (1) من جهة عدم القدرة على التسليم
كما ترى، إذ التسليم لازم في زمان الاستحقاق لا قبله. هذا
ولو آجره داره شهرا وأطلق، انصرف الاتصال بالعقد.
نعم لو لم يكن انصراف بطل (2).
68

فصل
العين المستأجرة في يد المستأجر أمانة، فلا يضمن
تلفها أو تعيبها إلا بالتعدي أو التفريط (1).
ولو شرط المؤجر

(* 1) الوسائل باب: 17 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 6، 3، 1.
(* 2) الوسائل باب: 32 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 4 من أبواب أحكام الوديعة.
(* 4) الوسائل باب: 4 من أبواب أحكام الوديعة حديث: 4.
(* 5) الوسائل باب: 1 من أبواب أحكام العارية حديث: 6.
69

عليه ضمانها بدونهما فالمشهور (1) عدم الصحة (2). لكن

(* 1) الوسائل باب: 29 من أبواب أحكام الإجارة.
(* 2) الوسائل باب: 32 من أبواب أحكام الإجارة.
(* 3) الوسائل باب: 5 من أبواب أحكام الرهن.
(* 4) الوسائل باب: 1 من أبواب أحكام العارية.
(* 5) الوسائل باب: 30 من أبواب أحكام الإجارة.
(* 6) مستدرك الوسائل باب: 1 من أبواب أحكام الغصب حديث: 4، وباب: 12 من
أبواب الوديعة حديث: 12 وكنز العمال الجزء: 5 حديث: 5197.
(* 7) لقوله تعالى: (ما على المحسنين من سبيل) التوبة: 91.
70



(* 1) الوسائل باب: 20 من أبواب المهور حديث: 4.
71

الأقوى صحته. وأولى بالصحة إذا اشترط عليه أداء مقدار
72

مخصوص من ماله على تقدير التلف أو التعيب (1)، لا بعنوان
الضمان (2). والظاهر عدم الفرق في عدم الضمان مع عدم
الأمرين - بين أن يكون التلف في أثناء المدة أو بعدها إذا لم
يحصل منه منع للمؤجر عن عين ماله إذا طلبها، بل خلى بينه وبينها
ولم يتصرف بعد ذلك فيها. ثم هذا إذا كانت الإجارة صحيحة.
وأما إذا كانت باطلة ففي ضمانها وجهان. أقواهما: العدم (3)
73

خصوصا إذا كان المؤجر عالما بالبطلان حين الاقباض،
دون المستأجر.
(مسألة 1): العين التي للمستأجر بيد المؤجر الذي
آجر نفس لعمل فيها - كالثوب آجر نفسه ليخيطه - أمانة،
فلا يضمن تلفها أو نقصها إلا بالتعدي أو التفريط (1)، أو

(* 1) راجع الوسائل باب: 4 من أبواب أحكام الوديعة.
74

اشتراط ضمانها على حذو ما مر في العين المستأجرة (1).
ولو تلفت أو أتلفها المؤجر أو الأجنبي، قبل العمل أو في الأثناء
بطلت الإجارة، ورجعت الأجرة بتمامها أو بعضها إلى المستأجر
بل لو أتلفها مالكها المستأجر كذلك أيضا (2). نعم لو كانت
الإجارة واقعة على منفعة المؤجر. بأن يملك منفعة الخياطي
في يوم كذا، يكون إتلافه لمتعلق العمل بمنزلة استيفائه، لأنه
باتلافه إياه فوت على نفسه المنفعة. ففرق بين أن يكون
العمل في ذمته، أو أن يكون منفعة الكذائية للمستأجر، ففي

(* 1) الوسائل باب: 30 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 5.
75

الصورة الأولى التلف قبل العمل موجب للبطلان، ورجوع
الأجرة إلى المستأجر وإن كان هو المتلف. وفي الصورة الثانية
إتلافه بمنزلة الاستيفاء، وحيث أنه مالك لمنفعة المؤجر وقد
فوتها على نفسه فالأجرة ثابتة عليه.
(مسألة 2): المدار في الضمان على قيمة يوم الأداء في
القيميات (1)، لا يوم التلف، ولا أعلى القيم على الأقوى.

(* 1) الوسائل باب: 17 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 1.
76



(* 1) الوسائل باب: 18 من أبواب كتاب العتق حديث: 3، 4.
77

(مسألة 3): إذا أتلف الثوب بعد الخياطة ضمن
قيمته مخيطا (1)، واستحق الأجرة المسماة. وكذا لو حمل
متاعا إلى مكان معين ثم تلف مضمونا أو أتلفه، فإنه يضمن
قيمته في ذلك المكان، لا أن يكون المالك مخيرا بين تضمينه
غير مخيط بلا أجرة، أو مخيطا مع الأجرة (2). وكذا لا
أن يكون في المتاع مخيرا بين قيمته غير محمول في مكانه
الأول بلا أجرة، أو في ذلك المكان مع الأجرة، كما قد يقال.
(مسألة 4): إذا أفسد الأجير للخياطة أو القصارة
أو التفصيل للثوب ضمن. وكذا الحجام إذا جنى في حجامته (3)
أو الختان في ختانه. وكذا الكحال أو البيطار. وكل من
آجر نفسه لعمل في مال المستأجر إذا أفسده يكون ضامنا إذا
تجاوز عن الحد المأذون فيه، وإن كان بغير قصده، لعموم
" من أتلف... " وللصحيح (4) عن أبي عبد الله (ع):

(* 1) الوسائل باب: 29 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 19.
78

" في الرجل يعطى الثوب ليصبغه، فقال، (ع): كل عامل
أعطيته أجرا على أن يصلح فأفسد فهو ضامن ". بل ظاهر
المشهور ضمانه وإن لم يتجاوز عن الحد المأذون فيه (1)، ولكنه
مشكل (2). فلو مات الولد بسبب الختان، مع كون الختان
حاذقا، من غير أن يتعدى عن محل القطع، بأن كان أصل
الختان مضرا به، في ضمانه اشكال.
(مسألة 5): الطبيب المباشر للعلاج إذا أفسد ضامن (3)

(* 1) الوسائل باب: 24 من أبواب موجبات الضمان حديث: 1.
79

وإن كان حاذقا. وأما إذا لم يكن مباشرا بل كان آمرا، ففي
ضمانه إشكال (1)، إلا أن يكون سببا وكان أقوى من المباشر
وأشكل منه إذا كان واصفا للدواء، من دون أن يكون آمرا
كأن يقول: إن دواءك كذا وكذا. بل الأقوى فيه عدم الضمان
وإن قال: الدواء الفلاني نافع للمرض الفلاني، فلا ينبغي
الاشكال في عدم ضمانه، فلا وجه لما عن بعضهم من التأمل
فيه. وكذا لو قال: لو كنت مريضا بمثل هذا المرض لشربت
الدواء الفلاني.
(مسألة 6): إذا تبرأ الطبيب من الضمان، وقبل
المريض أو وليه، ولم يقصر في الاجتهاد والاحتياط برأ
80

على الأقوى (1).
(مسألة 7): إذا عثر الحمال فسقط ما كان على رأسه
أو ظهره - مثلا - ضمن (2)، لقاعدة الاتلاف.

(* 1) الوسائل باب: 10 من أبواب موجبات الضمان حديث: 1، وباب: 30 من أبواب
أحكام الإجارة حديث: 11.
81

(مسألة 8): إذا قال للخياط مثلا: إن كان هذا
يكفيني قميصا فاقطعه، فلم يكف، ضمن في وجه (1).
ومثله لو قال: هل يكفي قميصا؟ فقال: نعم. فقال: اقطعه
فلم يكفه (2). وربما يفرق بينهما فيحكم بالضمان في الأول
دون الثاني (3)، بدعوى عدم الإذن في الأول دون الثاني.
وفيه: أن في الأول أيضا الإذن حاصل (4). وربما يقال
بعدم الضمان فيهما، للإذن فيهما. وفيه: أنه مقيد بالكفاية، إلا
أن يقال أنه مقيد باعتقاد الكفاية، وهو حاصل (5). والأولى
الفرق بين الموارد والأشخاص بحسب صدق الغرور وعدمه، أو
82

تقيد الإذن وعدمه، والأحوط مراعاة الاحتياط.
(مسألة 9): إذا آجر عبده لعمل فأفسد، ففي كون
الضمان عليه (1)، أو على العبد يتبع به بعد عتقه (2)، أو في
كسبه إذا كان من غير تفريط وفي ذمته يتبع به بعد العتق إذا
كان بتفريط (3)، أو في كسبه مطلقا (4)، وجوه وأقوال.

(* 1) الوسائل باب: 11 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 2، وباب: 12 من أبواب
موجبات الضمان حديث: 1.
83

أقواها: الأخير، للنص الصحيح (1). هذا في غير الجناية
على نفس أو طرف، وإلا فيتعلق برقبته، وللمولى فداؤه
بأقل الأمرين من الأرش والقيمة.
(مسألة 10): إذا آجر دابة لحمل متاع، فعثرت،
وتلف أو نقص، لا ضمان على صاحبها، إلا إذا كان هو
السبب بنخس أو ضرب.
(مسألة 11): إذا استأجر سفينة أو دابة لحمل متاع
فنقص أو سرق، لم يضمن صاحبها. نعم لو اشترط عليه
الضمان صح، لعموم دليل الشرط، وللنص (2).
(مسألة 12): إذا حمل الدابة المستأجرة أزيد من
المشترط أو المقدار المتعارف مع الاطلاق، ضمن تلفها أو
عوارها (3). والظاهر أجرة المثل لا المسمى مع عدم

(* 1) الوسائل باب: 11 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 3.
(* 2) لم نعثر على نص وارد في هذا الموضوع خاصة في مضان النصوص من كتب الحديث
والفقه، ولعل المراد به ما ورد في نظائره من موارد التعدي عن مقتضى الشرط أو الاطلاق، فراجع
الوسائل باب: 16 و 17 و 32 من أبواب أحكام الإجارة.
84

التلف، لأن العقد لم يقع على هذا المقدار من الحمل. نعم
لو لم يكن ذلك على وجه التقييد، ثبت عليه المسماة وأجرة
المثل بالنسبة إلى الزيادة (1).
(مسألة 13): إذا اكترى دابة، فسار عليها زيادة
عن المشترط، ضمن. والظاهر ثبوت الأجرة المسماة بالنسبة
إلى المقدار المشترط، وأجرة المثل بالنسبة إلى الزائد.
(مسألة 14): يجوز لمن استأجر دابة للركوب أو
الحمل أن يضربها إذا وقفت على المتعارف، أو يكبحها باللجام
أو نحو ذلك على المتعارف، إلا مع منع المالك من ذلك (2)،
أو كونه معها وكان المتعارف سوقه هو. ولو تعدى عن
85

المتعارف أو مع منعه ضمن نقصها أو تلفها. أما في صورة
الجواز ففي ضمانه مع عدم التعدي اشكال. بل الأقوى: العدم،
لأنه مأذون فيه (1).
(مسألة 15): إذا استؤجر لحفظ متاع، فسرق، لم
يضمن (2)، إلا مع التقصير في الحفظ ولو لغلبة النوم عليه (3)
أو مع اشتراط الضمان. وهل يستحق الأجرة مع السرقة؟
الظاهر: لا (4)، لعدم حصول العمل المستأجر عليه، إلا أن
يكون متعلق الإجارة الجلوس عنده، وكان الغرض هو الحفظ
لا أن يكون هو المستأجر عليه.

(* 1) الوسائل باب: 29 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 3.
86

(مسألة 16): صاحب الحمام لا يضمن الثياب (1)،
إلا إذا أودع وفرط أو تعدى، وحينئذ يشكل صحة اشتراط
الضمان أيضا، لأنه أمين محض (2)، فإنه إنما أخذ الأجرة
على الحمام ولم يأخذ على الثياب (3). نعم لو استؤجر مع ذلك

(* 1) الوسائل باب: 28 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 3.
(* 2) الوسائل باب: 28 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 28 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 1.
87

للحفظ أيضا، ضمن مع التعدي أو التفريط، ومع اشتراط
الضمان أيضا، لأنه حينئذ يأخذ الأجرة على الثياب أيضا،
فلا يكون أمينا محضا (1).
فصل
يكفي في صحة الإجارة كون المؤجر مالكا للمنفعة،
أو وكيلا عن المالك لها، أو وليا عليه، وإن كانت العين للغير
كما إذا كانت مملوكة بالوصية أو بالصلح أو بالإجارة، فيجوز
للمستأجر أن يؤجرها من المؤجر أو من غيره، لكن في جواز
تسليمه العين إلى المستأجر الثاني بدون إذن المؤجر إشكال (2)
88

فلو استأجر دابة للركوب أو لحمل المتاع مدة معينة، فأجرها

(* 1) الوسائل باب: 20، 21، 22 من أبواب أحكام الإجارة وسيأتي التعرض لها في المسألة الآتية.
(* 2) الوسائل باب: 16 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 29 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 18.
(* 4) الوسائل باب: 29 من أبواب أحكام الإجارة ملحق حديث: 18.
89

في تلك المدة أو في بعضها من آخر يجوز، ولكن لا يسلمها
إليه، بل يكون هو معها وإن ركبها ذلك الآخر أو حملها
متاعه، فجواز الإجارة لا يلازم تسليم العين بيده (1)، فإن
سلمها بدون إذن المالك ضمن. هذا إذا كانت الإجارة الأولى
مطلقة. وأما إذا كانت مقيدة، كأن استأجر الدابة لركوبه
نفسه، فلا يجوز إجارتها من آخر (2). كما أنه إذا اشترط
المؤجر عدم إجارتها من غيره، أو اشترط استيفاء المنفعة
بنفسه لنفسه، كذلك أيضا أي: لا يجوز إجارتها من الغير.
نعم لو اشترط استيفاء المنفعة بنفسه، ولم يشترط كونها لنفسه
جاز أيضا إجارتها من الغير، بشرط أن يكون هو المباشر
للاستيفاء لذلك الغير. ثم لو خالف وآجر في هذه الصور:
ففي الصورة الأولى - وهي ما إذا استأجر الدابة لركوبه نفسه -
بطلت، لعدم كونه مالكا إلا ركوبه نفسه، فيكون المستأجر
الثاني ضامنا لأجرة المثل للمالك إن استوفى المنفعة (3)، وفي
90

الصورة الثانية والثالثة في بطلان الإجارة وعدمه، وجهان،
مبنيان على أن التصرف المخالف للشرط باطل لكونه مفوتا
لحق الشرط (1)، أو لا، بل حرام وموجب للخيار. وكذا
91

في الصورة الرابعة (1) إذا لم يستوف هو، بل سلمها إلى
ذلك الغير.
(مسألة 1): يجوز للمستأجر مع عدم اشتراط المباشرة
وما بمعناها أن يؤجر العين المستأجرة بأقل مما استأجر،
وبالمساوي له مطلقا (2) أي شئ كانت، بل بأكثر منه أيضا
إذا أحدث فيها حدثا (3)، أو كانت الأجرة من غير جنس
الأجرة السابقة (4)،
بل مع عدم الشرطين أيضا فيما عدا
البيت والدار والدكان والأجير (5).
92

وأما فيها: فاشكال (1)، فلا يترك الاحتياط بترك إجارتها

(* 1) الوسائل باب: 20 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 20 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 20 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 4.
(* 4) الوسائل باب: 20 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 5.
(* 5) الوسائل باب: 22 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 3.
93

بالأكثر. بل الأحوط إلحاق الرحى (1) والسفينة (2) بها أيضا
في ذلك. والأقوى جواز ذلك مع عدم الشرطين في الأرض
على كراهة (3)،

(* 1) الوسائل باب: 20 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 22 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 21 من أبواب أحكام الأجرة حديث: 1.
(* 4) الوسائل باب: 21 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 2.
(* 5) الوسائل باب: 21 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 6،
94

وإن كان الأحوط الترك فيها أيضا (1). بل الأحوط الترك
في مطلق الأعيان إلا مع إحداث حدث فيها (2). هذا وكذا
لا يجوز أن يؤجر بعض أحد الأربعة المذكورة بأزيد من
الأجرة (3)، كما إذا استأجر دارا بعشرة دنانير وسكن بعضها
وآجر البعض الآخر بأزيد من العشرة، فإنه لا يجوز بدون

(* 1) الوسائل باب: 21 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 3.
(* 2) الوسائل باب: 21 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 6.
95

إحداث حدث. وأما لو آجر بأقل من العشرة فلا اشكال.
والأقوى الجواز بالعشرة أيضا (1) وإن كان الأحوط تركه.
(مسألة 2): إذا تقبل عملا من غير اشتراط المباشرة
ولا مع الانصراف إليها، يجوز أن يوكله إلى عبده أو صانعه
أو أجنبي، ولكن الأحوط عدم تسليم متعلق العمل كالثوب
ونحوه إلى غيره من دون إذن المالك، وإلا ضمن (2). وجواز
الايكال لا يستلزم جواز الدفع كما مر نظيره في العين المستأجرة

(* 1) الوسائل باب: 20 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 3.
(* 2) راجع أول المسألة.
96

فيجوز له استئجار غيره لذلك العمل بمساوي الأجرة التي
قررها في إجارته أو أكثر. وفي جواز استئجار الغير بأقل
من الأجرة إشكال، إلا أن يحدث حدثا أو يأتي ببعض،
فلو آجر نفسه لخياطة ثوب بدرهم يشكل استئجار غيره لها
بأقل منه، إلا أن يفصله أو يخيط شيئا منه ولو قليلا. بل
يكفي أن يشتري الخيط أو الإبرة في جواز الأقل (1). وكذا
لو آجر نفسه لعمل صلاة سنة أو صوم شهر بعشرة دراهم
مثلا في صورة عدم اعتبار المباشرة، يشكل استئجار غيره
بتسعة مثلا، إلا أن يأتي بصلاة واحدة أو صوم يوم واحد مثلا.

(* 1) الوسائل باب: 23 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 6.
(* 2) الوسائل باب: 23 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 1.
97

(مسألة 3): إذا استؤجر لعمل في ذمته لا بشرط
المباشرة يجوز تبرع الغير عنه (1)، وتفرغ ذمته بذلك،
ويستحق الأجرة المسماة. نعم لو أتى بذلك العمل المعين غيره
لا بقصد التبرع عنه، لا يستحق الأجرة المسماة (2)، وتنفسخ
الإجارة حينئذ، لفوات المحل، نظير ما مر سابقا من الإجارة
على قلع السن فزال ألمه، أو لخياطة ثوب فسرق أو حرق.
(مسألة 4): الأجير الخاص - وهو من آجر نفسه
على وجه يكون جميع منافعه للمستأجر في مدة معينة، أو
على وجه تكون منفعته الخاصة كالخياطة مثلا له (3)، أو آجر
نفسه لعمل مباشرة مدة معينة أو كان اعتبار المباشرة أو كونها
في تلك المدة أو كليهما على وجه الشرطية لا القيدية - (4)
98

لا يجوز له أن يعمل في تلك المدة لنفسه أو لغيره بالإجارة أو
الجعالة أو التبرع، عملا ينافي حق المستأجر، إلا مع إذنه (1)
ومثل تعيين المدة تعيين أول زمان العمل، بحيث لا يتوانى فيه
إلى الفراغ. نعم لا بأس بغير المنافي، كما إذا عمل البناء لنفسه
أو لغيره في الليل (2)، فإنه لا مانع منه إذا لم يكن موجبا
لضعفه في النهار. ومثل إجراء عقد أو إيقاع أو تعليم أو تعلم
في أثناء الخياطة ونحوها، لانصراف المنافع عن مثلها (3).
هذا ولو خالف وأتى بعمل مناف لحق المستأجر، فإن
كانت الإجارة على الوجه الأول بأن يكون جميع منافعه
للمستأجر، وعمل لنفسه في تمام المدة أو بعضها، فللمستأجر
أن يفسخ ويسترجع تمام الأجرة المسماة (4)

(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 1.
99

أو بعضها (1) أو يبقيها ويطالب عوض الفائت من المنفعة
بعضا أو كلا. وكذا إن عمل للغير تبرعا. ولا يجوز له على
فرض عدم الفسخ مطالبة الغير المتبرع له بالعوض (2)، سواء
كان جاهلا بالحال أم عالما، لأن المؤجر هو الذي أتلف المنفعة
عليه دون ذلك الغير وإن كان ذلك الغير آمرا له بالعمل، إلا
إذا فرض على وجه يتحقق معه صدق الغرور (3)، وإلا
100

فالمفروض أن المباشر للاتلاف هو المؤجر. وإن كان عمل
للغير بعنوان الإجارة أو الجعالة فللمستأجر أن يجيز ذلك (1)
ويكون له الأجرة المسماة في تلك الإجارة أو الجعالة (2)، كما
أن له الفسخ والرجوع إلى الأجرة المسماة، وله الابقاء ومطالبة
عوض المقدار الذي فات (3)، فيتخير بين الأمور الثلاثة.
101

وإن كانت الإجارة على الوجه الثاني - وهو كون منفعة
الخاصة للمستأجر - فحاله كالوجه الأول، إلا إذا كان العمل
للغير على وجه الإجارة أو الجعالة، ولم يكن من نوع العمل
المستأجر عليه، كأن تكون الإجارة واقعة على منفعة الخياطي
فأجر نفسه للغير للكتابة، أو عمل الكتابة بعنوان الجعالة، فإنه
ليس للمستأجر إجازة ذلك، لأن المفروض أنه مالك لمنفعة
الخياطي، فليس له إجازة العقد الواقع على الكتابة (1)،
102

فيكون مخيرا بين الأمرين من الفسخ واسترجاع الأجرة المسماة
والابقاء ومطالبة عوض الفائت (1).
وإن كانت على الوجه الثالث فكالثاني، أو أنه لا فرق فيه
في عدم صحة الإجازة بين ما إذا كانت الإجارة أو الجعالة واقعة
على نوع العمل المستأجر عليه، أو على غيره (2)، إذ ليست
منفعة الخياطة - مثلا - مملوكة للمستأجر حتى يمكنه إجازة
العقد الواقع عليها (3)، بل يملك عمل الخياطة في ذمة المؤجر.
وإن كانت على الوجه الرابع - وهو كون اعتبار
المباشرة أو المدة المعينة على وجه الشرطية لا القيدية - ففيه
وجهان: يمكن أن يقال: بصحة العمل للغير. بعنوان الإجارة
103

أو الجعالة، من غير حاجة إلى الإجازة، وإن لم يكن جائزا
من حيث كونه مخالفة للشرط الواجب العمل، غاية ما يكون
أن للمستأجر خيار تخلف الشرط. ويمكن أن يقال: بالحاجة
إلى الإجازة، لأن الإجارة أو الجعالة منافية لحق الشرط (1)
فتكون باطلة بدون الإجازة (2).
104

(مسألة 5): إذا آجر نفسه لعمل من غير اعتبار
المباشرة ولو مع تعيين المدة، أو من غير تعيين المدة ولو مع
اعتبار المباشرة، جاز عمله للغير ولو على وجه الإجارة قبل
الاتيان بالمستأجر عليه، لعدم منافاته له من حيث إمكان تحصيله
لا بالمباشرة أو بعد العمل للغير، لأن المفروض عدم تعيين
المباشرة أو عدم تعيين المدة. ودعوى: أن إطلاق العقد من
حيث الزمان يقتضي وجوب التعجيل، ممنوعة (1). مع أن
لنا أن نفرض الكلام فيما لو كانت قرينة على عدم إرادة التعجيل.
(مسألة 6): لو استأجر دابة لحمل متاع معين شخصي
أو كلي على وجه التقييد، فحملها غير ذلك المتاع، أو استعملها
في الركوب، لزمه الأجرة المسماة وأجرة المثل لحمل المتاع الآخر
أو للركوب. وكذا لو استأجر عبدا للخياطة فاستعمله في الكتابة.
بل وكذا لو استأجر حرا لعمل معين، في زمان معين، وحمله على
غير ذلك العمل، مع تعمده، وغفلة ذلك الحر واعتقاده أنه
العمل المستأجر عليه (2). ودعوى: أن ليس للدابة في زمان
105

واحد منفعتان متضادتان، وكذا ليس للعبد في زمان واحد
إلا إحدى المنفعتين من الكتابة أو الخياطة، فكيف يستحق
أجرتين؟!. مدفوعة: بأن المستأجر بتفويته على نفسه، واستعماله
في غير ما يستحق كأنه حصل له منفعة أخرى (1).
106



(* 1) الوسائل باب: 17 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 1.
110

(مسألة 7): لو آجر نفسه للخياطة - مثلا - في زمان
معين، فاشتغل بالكتابة للمستأجر مع علمه بأنه غير العمل
المستأجر عليه، لم يستحق شيئا. أما الأجرة المسماة: فلتفويتها
على نفسه بترك الخياطة، وأما أجرة المثل للكتابة - مثلا -:
فلعدم كونها مستأجرا عليها، فيكون كالمتبرع بها. بل يمكن
أن يقال بعدم استحقاقه لها ولو كان مشتبها غير متعمد (1)،
خصوصا مع جهل المستأجر بالحال.
(مسألة 8): لو أجر دابته لحمل متاع زيد من مكان
إلى آخر فاشتبه وحملها متاع عمرو، لم يستحق الأجرة على زيد
ولا على عمرو.
(مسألة 9): لو آجر دابته من زيد - مثلا - فشردت

(* 1) قد ذكرنا في مبحث المزارعة ما له نفع في المقام فراجع. (منه قدس سره)
112

قبل التسليم إليه أو بعده في أثناء المدة. بطلت الإجارة (1).
وكذا لو آجر عبده فأبق. ولو غصبهما غاصب، فإن كان
قبل التسليم فكذلك. وإن كان بعده يرجع المستأجر على الغاصب
بعوض المقدار الفائت من المنفعة (2). ويحتمل التخيير (3)
بين الرجوع على الغاصب وبين الفسخ في الصورة الأولى (4)
وهو ما إذا كان الغصب قبل التسليم.
(مسألة 10): إذا آجر سفينته لحمل الخل مثلا من
بلد إلى بلد، فحملها المستأجر خمرا، لم يستحق المؤجر إلا
الأجرة المسماة، ولا يستحق أجرة المثل لحمل الخمر، لأن
أخذ الأجرة عليه حرام، فليست هذه المسألة مثل مسألة إجارة
العبد للخياطة، فاستعمله المستأجر في الكتابة (5).
لا يقال: فعلى هذا إذا غصب السفينة وحملها خمرا،
كان اللازم عدم استحقاق المالك أجرة المثل، لأن أجرة حمل
الخمر حرام. لأنا نقول: إنما يستحق المالك أجرة المثل للمنافع
113

المحللة الفائتة في هذه المدة. وفي المسألة المفروضة لم يفوت على
المؤجر منفعة، لأنه أعطاه الأجرة المسماة لحمل الخل بالفرض.
(مسألة 11): لو استأجر دابة معينة من زيد للركوب
إلى مكان، فاشتبه وركب دابة أخرى له، لزمه الأجرة المسماة
للأولى، وأجرة المثل للثانية، كما إذا اشتبه فركب دابة عمرو
فإنه يلزمه أجرة المثل لدابة عمرو والمسماة لدابة زيد، حيث
فوت منفعتها على نفسه.
(مسألة 12): لو آجر نفسه لصوم يوم معين عن
زيد مثلا، ثم آجر نفسه لصوم ذلك اليوم عن عمرو، لم
تصح الإجارة الثانية (1). ولو فسخ الأولى بخيار أو إقالة
قبل ذلك اليوم لم ينفع في صحتها، بل ولو أجازها ثانيا، بل
لا بد له من تجديد العقد، لأن الإجازة كاشفة (2)، ولا يمكن
114

الكشف هنا لوجود المانع حين الإجارة، فيكون نظير من
باع شيئا ثم ملك (1)، بل أشكل.
فصل
لا يجوز إجارة الأرض لزرع الحنطة أو الشعير، بما
يحصل منها من الحنطة أو الشعير، لا لما قيل: من عدم كون
مال الإجارة موجودا حينئذ، لا في الخارج ولا في الذمة،
ومن هنا يظهر عدم جواز إجارتها بما يحصل منها ولو من
115

غير الحنطة والشعير، بل عدم جوازها بما يحصل من أرض
أخرى أيضا. لمنع ذلك (1)، فإنهما في نظر العرف واعتباره
بمنزلة الموجود كنفس المنفعة، وهذا المقدار كاف في الصحة
نظير بيع الثمار سنتين، أو مع ضم الضميمة، فإنها لا يجعل
غير الموجود موجودا، مع أن البيع وقع على المجموع. بل
للأخبار الخاصة (2). وأما إذا آجرها بالحنطة أو الشعير في الذمة

(* 1) الوسائل باب: 16 من أبواب المزارعة حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 16 من أبواب المزارعة حديث: 11.
(* 3) الوسائل باب: 15 من أبواب المزارعة حديث: 5.
116

لكن بشرط الأداء منها، ففي جوازه إشكال والأحوط العدم (1)
لما يظهر من بعض الأخبار، وإن كان يمكن حمله على الصورة
الأولى. ولو آجرها بالحنطة أو الشعير من غير اشتراط كونهما
منها فالأقوى جوازه (2)، نعم لا يبعد كراهته. وأما إجارتها

(* 1) الوسائل باب: 16 من أبواب المزارعة حديث: 3.
(* 2) الوسائل باب: 21 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 3.
117

بغير الحنطة والشعير من الحبوب، فلا إشكال فيه (1)،
خصوصا إذا كان في الذمة، مع اشتراط كونه منها أولا.
(مسألة 1): لا بأس بإجارة حصة من أرض معينة
مشاعة، كما لا بأس بإجارة حصة منها على وجه الكلي في المعين
مع مشاهدتها على وجه يرتفع به الغرر. وأما إجارتها على وجه
الكلي في الذمة فمحل إشكال، بل قد يقال: بعدم جوازها
لعدم ارتفاع الغرر بالوصف، ولذا لا يصح السلم فيها. وفيه:
أنه يمكن وصفها على وجه يرتفع، فلا مانع منها إذا كان كذلك.
(مسألة 2): يجوز استئجار الأرض لتعمل مسجدا،
118

لأنه منفعة محللة (1). وهل يثبت لها آثار المسجد من حرمة
التلويث ودخول الجنب والحائض ونحو ذلك.؟ قولان.
أقواهما: العدم (2). نعم إذا كان قصده عنوان المسجدية
لا مجرد الصلاة فيه (3)، وكانت المدة طويلة كمائة سنة أو أزيد
لا يبعد ذلك، لصدق المسجد عليه حينئذ.
119

(مسألة 3): يجوز استئجار الدراهم والدنانير للزينة (1)
أو لحفظ الاعتبار، أو غير ذلك من الفوائد التي لا تنافي
بقاء العين.
(مسألة 4): يجوز استئجار الشجر لفائدة الاستظلال
ونحوه (2) كربط الدابة به، أو نشر الثياب عليه.
(مسألة 5): يجوز استئجار البستان لفائدة التنزه،
لأنه منفعة محللة عقلائية.
(مسألة 6): يجوز الاستئجار لحيازة المباحات (3)
120

كالاحتطاب والاحتشاش والاستقاء. فلو استأجر من يحمل
الماء له من الشط - مثلا - ملك ذلك الماء بمجرد حيازة السقاء
فلو أتلفه متلف قبل الايصال إلى المستأجر ضمن قيمته له.
وكذا في حيازة الحطب والحشيش. نعم لو قصد المؤجر كون
المحوز لنفسه، فيحتمل القول بكونه له (1)، ويكون ضامنا
للمستأجر عوض ما فوته عليه من المنفعة، خصوصا (2) إذا
كان المؤجر آجر نفسه على وجه يكون تمام منافعه في اليوم
الفلاني للمستأجر، أو يكون منفعته من حيث الحيازة له،
وذلك لاعتبار النية في التملك بالحيازة والمفروض أنه لم يقصد
كونه للمستأجر بل قصد نفسه. ويحتمل القول بكونه للمستأجر
لأن المفروض أن منفعته من طرف الحيازة له، فيكون نية كونه
لنفسه لغوا والمسألة مبنية على أن الحيازة (3)
121



(* 1) الوسائل باب: 38 من أبواب الصيد حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب كتاب احياء الموات حديث: 5، 6.
(* 3) الوسائل باب: 8 من أبواب أحكام المساجد حديث: 2، 6.
125



(* 1) الوسائل باب: 10 من أبواب اللقطة.
126

من الأسباب القهرية لتملك الحائز (1) ولو قصد الغير، ولازمه
عدم صحة الاستئجار لها. أو يعتبر فيها نية التملك، ودائرة
مدارها، ولازمه صحة الإجارة، وكون المحوز لنفسه إذا
قصد نفسه وإن كان أجيرا للغير، وأيضا لازمه عدم حصول
الملكية له إذا قصد كونه للغير، من دون أن يكون أجيرا له
أو وكيلا عنه، وبقاؤه على الإباحة إلا إذا قصد بعد ذلك كونه له
بناء على عدم جريان التبرع في حيازة المباحات والسبق إلى
المشتركات، وإن كان لا يبعد جريانه. أو أنها من الأسباب
القهرية لمن له تلك المنفعة، فإن لم يكن أجيرا يكون له، وإن
127

قصد الغير فضولا فيملك بمجرد قصد الحيازة، وإن كان
أجيرا للغير يكون لذلك الغير قهرا، وإن قصد نفسه أو قصد
غير ذلك الغير (1). والظاهر عدم كونها من الأسباب القهرية
مطلقا، فالوجه الأول غير صحيح، ويبقى الاشكال في ترجيح
أحد الأخيرين، ولا بد من التأمل (2).
(مسألة 7): يجوز استئجار المرأة للارضاع (3)، بل
للرضاع بمعنى:
128

الانتفاع بلبنها (1) وإن لم يكن منها فعل مدة معينة. ولا بد
من مشاهدة الصبي الذي استؤجرت لارضاعه، لاختلاف
الصبيان. ويكفي وصفه على وجه يرتفع الغرر. وكذا لا بد
من تعيين المرضعة شخصا أو وصفا على وجه يرتفع الغرر.
نعم لو استؤجرت على وجه يستحق منافعها أجمع التي منها
الرضاع، لا يعتبر حينئذ مشاهدة الصبي أو وصفه (2). وإن
اختلفت الأغراض بالنسبة إلى مكان الارضاع - لاختلافه من
حيث السهولة والصعوبة والوثاقة وعدمها - لا بد من تعيينه أيضا.

(* 1) الطلاق: 6.
129

(مسألة 8): إذا كانت الامرأة المستأجرة مزوجة،
لا يعتبر في صحة استئجارها إذنه (1)، ما لم يناف ذلك لحق
استمتاعه، لأن اللبن ليس له (2)، فيجوز لها الارضاع من
غير رضاه. ولذا يجوز لها أخذ الأجرة من الزوج على إرضاعها
لولده (3)، سواء كان منها أو من غيرها. نعم لو نافى ذلك
حقه لم يجز إلا بإذنه، ولو كان غائبا فأجرت نفسها للارضاع
فحضر في أثناء المدة وكان على وجه ينافي حقه، انفسخت
130

الإجارة بالنسبة إلى بقية المدة.
(مسألة 9): لو كانت الامرأة خلية فأجرت نفسها
للارضاع أو غيره من الأعمال، ثم تزوجت، قدم حق
المستأجر على حق الزوج في صورة المعارضة، حتى أنه إذا
كان وطؤه لها مضرا بالولد منع منه (1).
(مسألة 10): يجوز للمولى إجبار أمته على الارضاع (2)
إجارة وتبرعا، قنة كانت أو مدبرة أو أم ولد. وأما المكاتبة
المطلقة: فلا يجوز له إجبارها (3). بل وكذا المشروطة. كما
لا يجوز في المبعضة (4). ولا فرق بين كونها ذات ولد يحتاج
إلى اللبن أولا، لامكان إرضاعه من لبن غيرها.
(مسألة 11): لا فرق في المرتضع بين أن يكون معينا
أو كليا، ولا في المستأجر بين تعيين مباشرتها للارضاع أو
جعله في ذمتها، فلو مات الصبي في صورة التعيين أو الامرأة
في صورة تعيين المباشرة انفسخت الإجارة. بخلاف ما لو كان الولد
كليا أو جعل في ذمتها، فإنه لا تبطل بموته أو موتها إلا مع
تعذر الغير من صبي أو مرضعة.
131

(مسألة 12): يجوز استئجار الشاة للبنها (1)،
والأشجار للانتفاع بأثمارها (2)، والآبار للاستقاء (3)، ونحو
ذلك. ولا يضر كون الانتفاع فيها باتلاف الأعيان، لأن
المناط في المنفعة هو العرف، وعندهم يعد اللبن منفعة للشاة،
والثمر منفعة للشجر، وهكذا. ولذا قلنا بصحة استئجار
المرأة للرضاع، وإن لم يكن منها فعل (4)، بأن انتفع بلبنها،
في حال نومها، أو بوضع الولد في حجرها وجعل ثديها في

(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب البيع وشروطه حديث: 4.
(* 2) الوسائل باب: 9 من أبواب عقد البيع وشروطه حديث: 1.
132

فم الولد من دون مباشرتها لذلك. فما عن بعض العلماء من
إشكال الإجارة في المذكورات، لأن الانتفاع فيها باتلاف
الأعيان، وهو خلاف وضع الإجارة، لا وجه له (1).
133

(مسألة 13): لا يجوز الإجارة لاتيان الواجبات
العينية (1)، كالصلوات الخمس، والكفائية كتغسيل الأموات
وتكفينهم والصلاة عليهم، وكتعليم القدر الواجب من أصول
الدين وفروعه، والقدر الواجب من تعليم القرآن، كالحمد
وسورة منه، وكالقضاء والفتوى، ونحو ذلك. ولا يجوز
الإجارة على الأذان (2). نعم لا بأس بارتزاق القاضي، والمفتي
والمؤذن من بيت المال. ويجوز الإجارة لتعليم الفقه والحديث
والعلوم الأدبية وتعليم القرآن (3)، ما عدا المقدار الواجب،
ونحو ذلك.
134

(مسألة 14): يجوز الإجارة لكنس المسجد والمشهد
وفرشها، وإشعال السراج، ونحو ذلك (1).
(مسألة 15): يجوز الإجارة لحفظ المتاع أو الدار أو
البستان مدة معينة عن السرقة والاتلاف، واشتراط الضمان لو
حصلت السرقة أو الاتلاف ولو من غير تقصير (2)، فلا بأس
بما هو المتداول من اشتراط الضمان على الناطور إذا ضاع مال

(* 1) لعل المقصود به ما في الوسائل باب: 28 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 3.
135

لكن لا بد من تعيين العمل والمدة والأجرة على شرائط الإجارة.
(مسألة 16): لا يجوز استئجار اثنين للصلاة عن ميت
واحد في وقت واحد (1)، لمنافاته للترتيب المعتبر في القضاء
بخلاف الصوم فإنه لا يعتبر فيه الترتيب. وكذا لا يجوز استئجار
شخص واحد لنيابة الحج الواجب عن اثنين، ويجوز ذلك في
الحج المندوب (2). وكذا في الزيارات (3) كما يجوز النيابة

(* 1) الوسائل باب: 28 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 28 من أبواب النيابة في الحج حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 30 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1.
136

عن المتعدد تبرعا في الحج والزيارات (1). ويجوز الاتيان بها
لا بعنوان النيابة بل بقصد إهداء الثواب لواحد أو متعدد (2)
(مسألة 17): لا يجوز الإجارة للنيابة عن الحي في
الصلاة ولو في الصلوات المستحبة (3). نعم يجوز ذلك في
الزيارات والحج والمندوب. وإتيان صلاة الزيارة ليس بعنوان

(* 1) الوسائل باب: 29 من أبواب النيابة في الحج حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 29 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 12 من أبواب قضاء الصلاة حديث: 1.
(* 4) الوسائل باب: 12 من أبواب قضاء الصلاة حديث: 9.
137

النيابة بل من باب سببية الزيارة، لاستحباب الصلاة بعدها
ركعتين (1).

(* 1) الوسائل باب: 12 من أبواب قضاء الصلاة حديث: 16.
(* 2) الوسائل باب: 25 من أبواب النيابة في الحج حديث: 9.
138

ويحتمل جواز قصد النيابة فيها لأنها تابعة للزيارة (1).
والأحوط إتيانها بقصد ما في الواقع.
(مسألة 18): إذا عمل للغير لا بأمره ولا إذنه، لا
يستحق عليه العوض (2) وإن كان بتخيل أنه مأجور عليه
فبان خلافه.
(مسألة 19): إذا أمر باتيان عمل فعمل المأمور ذلك
فإن كان بقصد التبرع لا يستحق عليه أجرة وإن كان من قصد
الآمر إعطاء الأجرة (3)، وإن قصد الأجرة وكان ذلك العمل
مما له أجرة استحق وإن كان من قصد الآمر إتيانه تبرعا (4)،
سواء كان العامل ممن شأنه أخذ الأجرة ومعدا نفسه لذلك أو لا
بل وكذلك إن لم يقصد التبرع ولا أخذ الأجرة، فإن عمل
المسلم محترم. ولو تنازعا بعد ذلك في أنه قصد التبرع أو لا،
139

قدم قول العامل، لأصالة عدم قصد التبرع بعد كون عمل
المسلم محترما، بل اقتضاء احترام عمل المسلم ذلك وإن أغمضنا
140



(* 1) الوسائل باب: 152 من أبواب أحكام العشرة حديث: 12.
141

عن جريان أصالة عدم التبرع (1). ولا فرق في ذلك بين
142

أن يكون العامل ممن شأنه وشغله أخذ الأجرة وغيره، إلا أن
يكون هناك انصراف أو قرينة على كونه بقصد التبرع، أو
على اشتراطه.
(مسألة 20): كل ما يمكن الانتفاع به منفعة محللة
مقصودة للعقلاء مع بقاء عينه يجوز إجارته. وكذا كل عمل
محلل مقصود للعقلاء - عدا ما استثني - يجوز الإجارة عليه،
ولو كان تعلق القصد والغرض به نادرا لكن في صورة تحقق
ذلك النادر (1). بل الأمر في باب المعاوضات الواقعة على
الأعيان أيضا كذلك. فمثل حبة الحنطة لا يجوز بيعها، لكن
إذا حصل مورد يكون متعلقا لغرض العقلاء ويبذلون المال في
قبالها يجوز بيعها.
(مسألة 21): في الاستئجار للحج المستحبي أو الزيارة
لا يشترط أن يكون الاتيان بها بقصد النيابة، بل يجوز أن
يستأجره لاتيانها بقصد إهداء الثواب إلى المستأجر أو إلى ميته (2)
ويجوز أن يكون لا بعنوان النيابة ولا إهداء الثواب، بل يكون
المقصود ايجادها في الخارج من حيث أنها من الأعمال الراجحة
فيأتي بها لنفسه أو لمن يريد نيابة أو إهداء.
143

(مسألة 22): في كون ما يتوقف عليه استيفاء المنفعة
- كالمداد الكتابة، والإبرة والخيط للخياطة مثلا - على المؤجر
أو المستأجر قولان (1). والأقوى وجوب التعيين، إلا إذا
كان هناك عادة ينصرف إليها الاطلاق، وإن كان القول بكونه
مع عدم التعيين وعدم العادة على المستأجر لا يخلو عن وجه
144

أيضا، لأن اللازم على المؤجر ليس إلا العمل (1).
145

(مسألة 23): يجوز الجمع بين الإجارة والبيع - مثلا -
بعقد واحد (1)، كأن يقول: بعتك داري وآجرتك حماري
146

بكذا. وحينئذ يوزع العوض عليهما بالنسبة، ويلحق كلا
منهما حكمه. فلو قال: آجرتك هذه الدار وبعتك هذا الدينار
بعشرة دنانير، فلا بد من قبض العوضين بالنسبة إلى البيع في
المجلس، وإذا كان في مقابل الدينار - بعد ملاحظة النسبة -
أزيد من دينار أو أقل منه بطل بالنسبة إليه، للزوم الربا (1).
ولو قال: أجرتك هذه الدار وصالحتك على هذا الدينار بعشرة
دنانير مثلا، فإن قلنا بجريان حكم الصرف من وجوب القبض
في المجلس (2)،
وحكم الربا في الصلح، (3) فالحال كالبيع
وإلا فيصح بالنسبة إلى المصالحة أيضا.

(* 1) التذكرة: المسألة الثانية من الركن الثالث من الفصل الثاني من الإجارة.
147



(* 1) الوسائل باب: 5 من أبواب الصلح حديث: 1.
(* 2) البقرة: 276.
(* 3) البقرة: 275.
(* 4) البقرة: 275.
(* 5) البقرة: 278.
148

(مسألة 24): يجوز استئجار من يقوم بكل ما يأمره
من حوائجه (1)، فيكون له جميع منافعه. والأقوى أن
نفقته على نفسه لا على المستأجر (2)، إلا مع الشرط، أو
الانصراف من جهة العادة.

(* 1) الوسائل باب: 10 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 1.
149

وعلى الأول (1): لا بد من تعيينها كما وكيفا (2)، إلا أن
يكون متعارفا. وعلى الثاني: على ما هو المعتاد المتعارف.
ولو أنفق من نفسه أو أنفقه متبرع يستحق مطالبة عوضها على
الأول (3)، بل وكذا على الثاني، لأن الانصراف بمنزلة الشرط.
(مسألة 25): يجوز أن يستعمل الأجير مع عدم تعيين
الأجرة (4) وعدم إجراء صيغة الإجارة، فيرجع إلى أجرة
المثل. لكنه مكروه (5). ولا يكون حينئذ من الإجارة
المعاطاتية، كما قد يتخيل، لأنه يعتبر في المعاملة المعاطاتية
150

اشتمالها على جميع شرائط تلك المعاملة عدا الصيغة، والمفروض
عدم تعيين الأجرة في المقام، بل عدم قصد الانشاء منهما (1)
ولا فعل من المستأجر (2). بل يكون من باب العمل بالضمان (3)،

(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 3 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 2.
151

نظير الإباحة بالضمان كما إذا أذن في أكل طعامه بضمان العوض
ونظير التمليك بالضمان كما في القرض، على الأقوى من عدم
كونه معاوضة. فهذه الأمور عناوين مستقلة غير المعاوضة (1)
والدليل عليها السيرة، بل الأخبار أيضا (2). وأما الكراهة
فللأخبار أيضا (3).
(مسألة 26): لو استأجر أرضا مدة معينة، فغرس
فيها أو زرع ما لا يدرك في تلك المدة، فبعد انقضائها للمالك
أن يأمره بقلعها. بل وكذا لو استأجر لخصوص الغرس أو
لخصوص الزرع. وليس له الابقاء ولو مع الأجرة (4)، ولا
152

مطالبة الأرش مع القلع، لأن التقصير من قبله (1). نعم لو
استأجرها مدة يبلغ الزرع، فاتفق التأخير لتغير الهواء أو غيره
154

أمكن أن يقال: بوجوب الصبر على المالك مع الأجرة،
للزوم الضرر (1)، إلا أن يكون موجبا لتضرر المالك (2).
155

فصل في التنازع
(مسألة 1): إذا تنازعا في أصل الإجارة قدم قول
منكرها مع اليمين (1)، فإن كان هو المالك استحق أجرة
المثل دون ما يقوله المدعي.
156

ولو زاد عنها لم يستحق تلك الزيادة (1)، ووجب على المدعي
المتصرف إيصالها إليه (2). وإن كان المنكر هو المتصرف فكذلك لم
160

لم يستحق المالك إلا أجرة المثل، ولكن لو زادت عما يدعيه
من المسمى لم يستحق الزيادة، لاعترافه بعدم استحقاقها،
ويجب على المتصرف إيصالها إليه. هذا إذا كان النزاع بعد
استيفاء المنفعة. وإن كان قبله رجع كل مال إلى صاحبه.
(مسألة 2): لو اتفقا على أنه أذن للمتصرف في استيفاء
المنفعة، ولكن المالك يدعي: أنه على وجه الإجارة بكذا أو
الإذن بالضمان، والمتصرف يدعي: أنه على وجه العارية،
ففي تقديم أيهما وجهان، بل قولان (1)، من أصالة البراءة
161

بعد فرض كون التصرف جائزا، ومن أصالة احترام مال
المسلم الذي لا يحل إلا بالإباحة والأصل عدمها، فتثبت أجرة
المثل بعد التحالف. ولا يبعد ترجيح الثاني. وجواز التصرف
أعم من الإباحة.
162



(* 1) الوسائل باب: 7 من أبواب أحكام الوديعة حديث: 1.
163

(مسألة 3): إذا تنازعا في قدر المستأجر عليه قدم
قول مدعي الأقل (1).
166

(مسألة 4): إذا تنازعا في رد العين المستأجرة قدم
قول المالك (1).
(مسألة 5): إذا ادعى الصائغ أو الملاح أو المكاري
تلف المتاع من غير تعد ولا تفريط، وأنكر المالك التلف، أو ادعى
التفريط أو التعدي، قدم قولهم مع اليمين على الأقوى (2).

(* 1) الوسائل باب: 29 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 16.
(* 2) الوسائل باب: 29 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 17.
(* 3) الوسائل باب: 29 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 11
167

(مسألة 6): يكره تضمين الأجير في مورد ضمانه (1)

(* 1) الوسائل باب: 29 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 29 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 5.
(* 3) الوسائل باب: 29 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 4.
168

من قيام البينة على إتلافه، أو تفريطه في الحفظ، أو تعديه
أو نكوله عن اليمين، أو نحو ذلك.
(مسألة 7): إذا تنازعا في مقدار الأجرة قدم قول
المستأجر (1).
(مسألة 8): إذا تنازعا في أنه آجره بغلا أو حمارا
أو آجره هذا الحمار مثلا أو ذاك، فالمرجع التحالف (2).

(* 1) الوسائل باب: 30 من أبواب أحكام الإجارة حديث: 12.
169

وكذا لو اختلفا في الأجرة أنها عشرة دراهم أو دينار (1).
(مسألة 9): إذا اختلفا في أنة شرط أحدهما على
الآخر شرطا أو لا، فالقول قول منكره (2).
171

(مسألة 10): إذا اختلفا في المدة أنها شهر أو شهران
مثلا، فالقول قول منكر الأزيد (1).
(مسألة 11): إذا اختلفا في الصحة والفساد، قدم
قول من يدعي الصحة (2).
172

(مسألة 12): إذا حمل المؤجر متاعه إلى بلد، فقال
المستأجر استأجرتك على أن تحمله إلى البلد الفلاني غير ذلك
173

البلد، وتنازعا، قدم قول المستأجر (1) فلا يستحق المؤجر
أجرة حمله. وإن طلب منه الرد إلى المكان الأول (2)
174

وجب عليه (1)، وليس له رده إليه إذا لم يرض، ويضمن له

(* 1) لم نعثر على النص بهذا اللفظ. نعم عثرنا على قوله (ع) " لأن الغصب كله مردود "
فراجع الوسائل باب: 1 من كتاب الغصب حديث: 3، وباب: 1 من كتاب الأنفال حديث: 4
(* 2) مستدرك الوسائل باب: 1 من أبواب الغصب حديث: 4.
175

أن تلف أو عاب، لعدم كونه أمينا حينئذ في ظاهر الشرع (1).
(مسألة 13): إذا خاط ثوبه قباء، وادعى المستأجر
أنه أمره بأن يخيطه قميصا، فالأقوى تقديم قول المستأجر (2)
176

لأصالة عدم الإذن في خياطته قباء. وعلى هذا فيضمن له
عوض النقص الحاصل من ذلك (1). ولا يجوز له نقصه إذا كان
الخيط للمستأجر (2). وإن كان له كان له (3).
177

ويضمن النقص الحاصل من ذلك (1). ولا يجب عليه قبول
179

عوضه لو طلبه المستأجر (1)، كما ليس عليه قبول عوض
الثوب لو طلبه المؤجر.
هذا ولو تنازعا في هذه المسألة والمسألة
المتقدمة قبل الحمل وقبل الخياطة فالمرجع التحالف (2)
180



(* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب كيفية القضاء حديث: 1.
181



(* 1) الوسائل باب: 11 من أبواب صفات القاضي حديث: 1.
182



(* 1) الوسائل باب: 11 من أبواب صفات القاضي حديث: 1.
186



(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب كيفية القضاء حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 9 من أبواب كيفية القضاء حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 10 من أبواب كيفية القضاء حديث: 1.
187



(* 1) الوسائل باب: 10 من أبواب كيفية القضاء حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 6 من أبواب كتاب الأيمان حديث: 1.
188



(* 1) البقرة: 194.
189

(مسألة 14): كل من يقدم قوله في الموارد المذكورة
عليه اليمين للآخر.
خاتمة
فيها مسائل:
(الأولى): خراج الأرض المستأجرة في الأراضي
الخراجية على مالكها (1).
ولو شرط كونه على المستأجر
190

صح على الأقوى. ولا يضر كونه مجهولا من حيث القلة
والكثرة (1)، لاغتفار مثل هذه الجهالة عرفا،

(* 1) الوسائل باب: 16 من أبواب المزارعة حديث: 10.
191

ولاطلاق بعض الأخبار (1).

(* 1) الوسائل باب: 17 من أبواب المزارعة حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 17 من أبواب المزارعة ملحق حديث: 1.
192

(الثانية): لا بأس بأخذ الأجرة على قراءة تعزية
سيد الشهداء وسائر الأئمة صلوات الله عليهم (1)، ولكن

(* 1) الوسائل باب: 10 من أبواب المزارعة حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 17 من أبواب المزارعة حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 17 باب من أبواب المزارعة حديث: 3.
(* 4) الوسائل باب: 17 من أبواب المزارعة حديث: 4.
193

لو أخذها على مقدماتها من المشي إلى المكان الذي يقرأ فيه
كان أولى (1).
(الثالثة): يجوز استئجار الصبي المميز من وليه
الاجباري أو غيره - كالحاكم الشرعي - لقراءة القرآن أو التعزية
والزيارات (2). بل الظاهر جوازه لنيابة الصلاة عن الأموات
بناء على الأقوى من شرعية عباداته (3).
194

(الرابعة): إذا بقي في الأرض المستأجرة للزراعة
بعد انقضاء المدة أصول الزرع فنبتت، فإن لم يعرض المستأجر
عنها كانت له (1)،
195



(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب مكان المصلي حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 3 من أبواب الأنفال حديث: 6.
196

وإن أعرض عنها وقصد صاحب الأرض تملكها كانت له (1).
197



(* 1) الوسائل باب: 11 من أبواب اللقطة حديث: 1.
198



(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب احياء الموات حديث: 5، 6.
(* 2) الوسائل باب: 13 من أبواب اللقطة حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 13 من أبواب اللقطة حديث: 3.
(* 4) الوسائل باب: 13 من أبواب اللقطة حديث: 1.
199

ولو بادر آخر إلى تملكها ملك (1)،

(* 1) لعل المنظور في مستند التحليل في هذين الموردين هو السيرة وإلا فلم نعثر على خبر يدل
على الحلية في الثاني، نعم في بعض الأخبار تدل عليه بالفحوى فراجع الوسائل باب: 12 من اللقطة.
وأما الأول فالأخبار الواردة فيه أدل على المنع إلا أن تأول فراجع الوسائل باب: باب: 36 من أبواب
ما يكتسب به من كتاب النجارة.
201

وإن لم يجز له الدخول في الأرض إلا بإذن مالكها (1).
(الخامسة): إذا استأجر القصاب لذبح الحيوان فذبحه
على غير الوجه الشرعي بحيث صار حراما، ضمن قيمته (2).
بل الظاهر ذلك إذا أمره بالذبح تبرعا. وكذا في نظائر المسألة.

(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب الأنفال حديث: 6.
202

(السادسة): إذا آجر نفسه للصلاة عن زيد، فاشتبه
وأتى بها عن عمرو، فإن كان من قصده النيابة عمن وقع العقد
عليه (1). وتخيل أنه عمرو فالظاهر الصحة عن زيد،
واستحقاقه الأجرة. وإن كان ناويا بالنيابة عن عمرو على وجه
التقييد لم تفرغ ذمة زيد، ولم يستحق الأجرة، وتفرغ ذمة
عمرو إن كانت مشغولة، ولا يستحق الأجرة من تركته، لأنه
بمنزلة المتبرع (2). وكذا الحال في كل عمل مفتقر إلى النية.
(السابعة): يجوز أن يؤجر داره - مثلا - إلى سنة
بأجرة معينة، ويوكل المستأجر في تجديد الإجارة عند انقضاء
المدة، وله عزله بعد ذلك. وإن جدد قبل أن يبلغه خبر العزل
203

لزم عقده. ويجوز أن يشترط في ضمن العقد أن يكون وكيلا
عنه في التجديد بعد الانقضاء. وفي هذه الصورة ليس له عزله (1).
(الثامنة): لا يجوز للمشتري ببيع الخيار بشرط رد
الثمن للبائع أن يؤجر المبيع أزيد من مدة الخيار للبائع (2)،
ولا في مدة الخيار من دون اشتراط الخيار، حتى إذا فسخ
204

البائع يمكنه أن يفسخ الإجارة، وذلك لأن اشتراط الخيار من
البائع في قوة إبقاء المبيع على حاله حتى يمكنه الفسخ (1)،
205

فلا يجوز تصرف ينافي ذلك.
(التاسعة): إذا استؤجر لخياطة ثوب معين لا بقيد
المباشرة، فخاطه شخص آخر تبرعا عنه استحق الأجرة
المسماة (1). وإن خاطه تبرعا عن المالك لم يستحق المستأجر
شيئا (2)، وبطلت الإجارة. وكذا إن لم يقصد التبرع عن
أحدهما ولا يستحق على المالك أجرة، لأنه لم يكن مأذونا
من قبله (3)، وإن كان قاصدا لها، أو معتقدا أن المالك
أمره بذلك.
(العاشرة): إذا آجره ليوصل مكتوبه إلى بلد كذا
إلى زيد مثلا، في مدة معينة، فحصل مانع في أثناء الطريق
أو بعد الوصول إلى البلد، فإن كان المستأجر عليه الايصال،
وكان طي الطريق مقدمة، لم يستحق شيئا. وإن كان المستأجر عليه
206

مجموع السير والايصال، استحق بالنسبة. وكذا الحال في كل ما هو
من هذا القبيل. فالإجارة مثل الجعالة، قد يكون على العمل
المركب من أجزاء، وقد تكون على نتيجة ذلك العمل، فمع
عدم حصول تمام العمل في الصورة الأولى: يستحق الأجرة
بمقدار ما أتى به، وفي الثانية: لا يستحق شيئا (1). ومثل
الصورة ما إذا جعلت الأجرة في مقابلة مجموع العمل من حيث
المجموع (2)، كما إذا استأجر للصلاة أو الصوم فحصل مانع
في الأثناء عن إتمامها.
(الحادية عشرة): إذا كان للأجير على العمل خيار
207

الفسخ، فإن فسخ قبل الشروع فيه فلا إشكال، وإن كان
بعده استحق أجرة المثل (1)، وإن كان في أثنائه استحق
بمقدار ما أتى به من المسمى أو المثل على الوجهين المتقدمين
إلا إذا كان المستأجر عليه المجموع من حيث المجموع، فلا
يستحق شيئا (2). وإن كان العمل مما يجب إتمامه بعد الشروع
فيه - كما في الصلاة بناء على حرمة قطعها، والحج بناء على
208

وجوب إتمامه - فهل هو كما إذا فسخ بعد العمل أو لا؟ وجهان
أوجههما: الأول (1). هذا إذا كان الخيار فوريا كما في خيار
الغبن إن ظهر كونه مغبونا في أثناء العمل، وقلنا إن الاتمام
مناف للفورية، وإلا فله أن لا يفسخ إلا بعد الاتمام. وكذا
209

الحال إذا كان الخيار للمستأجر (1)، إلا أنه إذا كان المستأجر
عليه المجموع من حيث المجموع، وكان في أثناء العمل.
يمكن أن يقال: إن الأجير يستحق بمقدار ما عمل من أجرة
210

المثل لاحترام عمل المسلم (1)، خصوصا إذا لم يكن الخيار
من باب الشرط (2).
(الثانية عشرة): كما يجوز اشتراط كون نفقة الدابة
المستأجرة والعبد والأجير المستأجرين للخدامة أو غيرها على
المستأجر، إذا كانت معينة بحسب العادة، أو عيناها على وجه
يرتفع الغرر، كذلك يجوز اشتراط كون نفقه المستأجر على
211

الأجير أو المؤجر، بشرط التعيين أو التعين الرافعين للغرر.
فما هو المتعارف من إجارة الدابة للحج واشتراط كون تمام
النفقة ومصارف الطريق ونحوهما على المؤجر. لا مانع منه،
إذا عينوها على وجه رافع للغرر (1).
(الثالثة عشرة): إذا آجر داره أو دابته من زيد
إجارة صحيحة بلا خيار له، ثم آجرها من عمرو كانت الثانية
فضولية موقوفة على إجازة زيد، فإن أجاز صحت له ويملك
هو الأجرة فيطلبها من عمرو (2)، ولا يصح له إجازتها على
212

أن تكون الأجرة للمؤجر، وإن فسخ الإجارة الأولى بعدها
لأنه لم يكن مالكا للمنفعة حين العقد الثاني (1).
213

وملكيته لها حال الفسخ لا تنفع أو إذا جدد الصيغة. وإلا
فهو من قبيل من باع شيئا ثم ملك (1) ولو زادت مدة الثانية
216

عن الأولى لا يبعد لزومها على المؤجر في تلك الزيادة، وأن
يكون لزيد امضاؤها بالنسبة إلى مقدار مدة الأولى.
(الرابعة عشرة): إذا استأجر عينا ثم تملكها قبل
انقضاء مدة الإجارة، بقيت الإجارة على حالها، فلو باعها
والحال هذه لم يملكها المشتري إلا مسلوبة المنفعة في تلك
المدة (1)، فالمنفعة تكون له ولا تتبع العين. نعم للمشتري
خيار الفسخ إذا لم يكن عالما بالحال. وكذا الحال إذا تملك
المنفعة بغير الإجارة في مدة ثم تملك العين، كما إذا تملكها
بالوصية أو بالصلح أو نحو ذلك، فهي تابعة للعين إذا لم تكن
217

مفروزة. ومجرد كونها لمالك العين لا ينفع في الانتقال إلى
المشتري، نعم لا يبعد تبعيتها للعين إذا كان قاصدا لذلك حين
البيع (1).
(الخامسة عشرة): إذا استأجر أرضا للزراعة مثلا،
فحصلت آفة سماوية أو أرضية توجب نقص الحاصل لم تبطل (2)
ولا يوجب ذلك نقصا في مال الإجارة (3)، ولا خيارا
للمستأجر (4). نعم لو شرط على المؤجر ابراءه من ذلك
بمقدار ما نقص، بحسب تعيين أهل الخبرة، ثلثا أو ربعا أو
219

نحو ذلك، أو أن يهبه ذلك المقدار إذا كان مال الإجارة عينا
شخصية، فالظاهر الصحة (1). بل الظاهر صحة اشتراط
البراءة على التقدير المذكور بنحو شرط النتيجة (2). ولا
220

يضر التعليق، لمنع كونه مضرا في الشروط (1). نعم لو شرط
براءته على التقدير المذكور حين العقد، بأن يكون ظهور
النقص كاشفا عن البراءة من الأول. فالظاهر عدم صحته،
لا وله إلى الجهل بمقدار مال الإجارة حين العقد (2).
(السادسة عشرة): يجوز إجارة الأرض مدة معلومة
بتعميرها وأعمال عمل فيها، من كري الأنهار، وتنقية الآبار
وغرس الأشجار، ونحو ذلك. وعليه يحمل قوله (ع): " لا بأس
بقبالة الأرض من أهلها بعشرين سنة أو أقل أو أكثر، فيعمرها
221

ويؤدي ما خرج عليها " (1) ونحو غيره.

(* 1) الوسائل باب: 11 من أبواب المزارعة حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 93 من أبواب ما يكتسب به حديث: 3.
(* 3) الوسائل باب: 11 من أبواب المزارعة حديث: 1.
222

(السابعة عشرة): لا بأس بأخذ الأجرة على الطبابة
وإن كانت من الواجبات الكفائية، لأنها كسائر الصنائع واجبة
بالعرض (1) لانتظام معائش العباد. بل يجوز وإن وجبت عينا
لعدم من يقوم بها غيره. ويجوز اشتراط كون الدواء عليه
223

مع التعيين الرافع للغرر (1). ويجوز - أيضا - مقاطعته على
المعالجة (2) إلى مدة أو مطلقا (3)، بل يجوز المقاطعة عليها
بقيد البرء، أو بشرطه إذا كان مظنونا (4)، بل مطلقا (5).
وما قيل من عدم جواز ذلك، لأن البرء بيد الله فليس اختياريا
224

له، وأن اللازم مع إرادة ذلك أن يكون بعنوان الجعالة لا
الإجارة (1)،
225

فيه: أنه يكفي كون مقدماته العادية اختيارية (1).
226

ولا يضر التخلف في بعض الأوقات (1)، كيف وإلا لم يصح
بعنوان الجعالة أيضا (2).
(الثامنة عشرة): إذا استؤجر لختم القرآن لا يجب أن
يقرأه مرتبا (3).
227

بالشروع من الفاتحة والختم بسورة الناس، بل يجوز أن يقرأ
سورة فسورة على خلاف الترتيب، بل يجوز عدم رعاية
الترتيب في آيات السورة أيضا. ولهذا إذا علم بعد الاتمام أنه
قرأ الآية الكذائية غلطا أو نسي قراءتها يكفيه قراءتها فقط (1)
نعم لو اشترط عليه الترتيب وجب مراعاته. ولو علم اجمالا
بعد الاتمام أنه قرأ بعض الآيات غلطا، من حيث الاعراب،
أو من حيث عدم أداء الحرف من مخرجه، أو من حيث
المادة، فلا يبعد كفايته وعدم وجوب الإعادة، لأن اللازم
القراءة على المتعارف والمعتاد، ومن المعلوم وقوع ذلك من
القارئين غالبا إلا من شذ منهم. نعم لو اشترط المستأجر عدم
الغلط أصلا، لزم عليه الإعادة مع العلم به في الجملة. وكذا
الكلام في الاستئجار لبعض الزيارات المأثورة أو غيرها (2).
228

وكذا في الاستئجار لكتابة كتاب أو قرآن أو دعاء أو نحوها
لا يضر في استحقاق الأجرة إسقاط كلمة أو حرف أو
كتابتهما غلطا.
(التاسعة عشرة): لا يجوز في الاستئجار للحج البلدي
أن يستأجر شخصا من بلد الميت إلى النجف، وشخصا آخر
من النجف إلى مكة أو إلى الميقات، وشخصا آخر منها إلى
مكة، إذ اللازم أن يكون قصد المؤجر من البلد الحج
والمفروض أن مقصده النجف مثلا (1)، وهكذا، فما أتى
229

به من السير ليس مقدمة للحج. وهو نظير أن يستأجر شخصا
لعمرة التمتع وشخصا آخر للحج، ومعلوم أنه مشكل، بل
اللازم على القائل بكفايته أن يقول بكفاية استئجار شخص
للركعة الأولى من الصلاة وشخص آخر للثانية، وهكذا، يتمم.
230

(العشرون): إذا استؤجر للصلاة عن الميت فصلى
ونقص من صلاته بعض الواجبات غير الركنية سهوا، فإن لم
يكن زائدا على القدر المتعارف الذي قد يتفق أمكن أن يقال
لا ينقص من أجرته شئ (1)، وإن كان الناقص من الواجبات
والمستحبات المتعارفة أزيد من المقدار المتعارف، ينقص من
الأجرة بمقداره (2)،
231

إلا أن يكون المستأجر عليه الصلاة الصحيحة المبرئة للذمة (1)
ونظير ذلك إذا استؤجر للحج فمات بعد الاحرام ودخول
الحرم، حيث إن ذمة الميت تبرأ بذلك (2)، فإن كان المستأجر
عليه ما يبرئ الذمة استحق تمام الأجرة، وإلا فتوزع ويسترد
ما يقابل به بقية الأعمال.

(* 1) الوسائل باب: 15 أبواب النيابة حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 26 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
232

إلى هنا انتهى ما أردنا تعليقه على كتاب الإجارة من كتاب
العروة الوثقى، في جواز المشهد المقدس الحيدري على مشرفه أفضل
الصلاة والسلام، يوم الثلاثاء، في اليوم الثالث والعشرين من شهر
جمادي الثانية، سنة الألف والثلاثمائة واثنتين وسبعين هجرية، على
مهاجرها أفضل الصلاة وأكمل التحية، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت
وإليه أنيب.
233

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب المضاربة
وتسمى قراضا عند أهل الحجاز (1).
والأول من
الضرب، لضرب العامل في الأرض لتحصيل الربح،
والمفاعلة باعتبار كون المالك سببا له والعامل مباشرا (2).
234

والثاني من القرض، بمعنى: القطع (1). لقطع المالك حصة
من ماله ودفعه إلى العامل ليتجر به (2). وعليه العامل مقارض
بالبناء للمفعول (3) وعلى الأول مضارب بالبناء للفاعل.
236

وكيف كان عبارة عن دفع الانسان (1) مالا إلى غيره ليتجر
به على أن يكون الربح بينهما،
لا أن يكون تمام الربح للمالك،
ولا أن يكون تمامه للعامل. وتوضيح ذلك (2): أن من دفع
مالا إلى غيره للتجارة (تارة): على أن يكون الربح بينهما،
وهي مضاربة (وتارة): على أن يكون تمامه للعامل، وهذا
داخل في عنوان القرض إن كان بقصده (3)
(وتارة): على
أن يكون تمامه للمالك، ويسمى عندهم باسم البضاعة (وتارة):
لا يشترطان شيئا، وعلى هذا أيضا يكون تمام الربح للمالك،
237

فهو داخل في عنوان البضاعة. وعليهما يستحق العامل أجرة
المثل لعمله (1) إلا أن يشترطا عدمه، أو يكون العامل قاصدا
للتبرع. ومع عدم الشرط وعدم قصد التبرع أيضا له أن يطلب

(* 1) يشير إلى رواية محمد بن قيس * المروية بطريق فيها الصحيح والحسن والموثق. منه
قدس سره.
* - الوسائل باب: 4 من أبواب كتاب المضاربة حديث: 1.
238

الأجرة، إلا أن يكون الظاهر منهما في مثله عدم أخذ الأجرة
وإلا فعمل المسلم محترم (1) ما لم يقصد التبرع.
239

ويشترط في المضاربة الايجاب والقبول (1).
240

ويكفي فيهما كل دال، قولا، أو فعلا (1). والايجاب القولي
كأن يقول: ضاربتك على كذا، وما يفيد هذا المعنى. فيقول:
قبلت.
ويشترط فيها أيضا - بعد البلوغ، والعقل، والاختيار (2)
وعدم الحجر لفلس أو جنون (3) - أمور:
241

الأول: أن يكون رأس المال عينا (1)، فلا تصح
بالمنفعة، ولا بالدين، فلو كان له دين على أحد لم يجز أن
يجعله مضاربة إلا بعد قبضه. ولو أذن للعامل في قبضه، ما لم
يجدد العقد بعد القبض. نعم لو وكله على القبض والايجاب
من طرف المالك والقبو منه، بأن يكون موجبا قابلا، صح.
242



(* 1) المائدة: 1.
243

وكذا لو كان له على العامل دين لم يصح جعله قراضا (1).
إلا أن يوكله في تعيينه ثم إيقاع العقد عليه بالايجاب والقبول
بتولي الطرفين.
الثاني: أن يكون من الذهب أو الفضة المسكوكين
بسكة المعاملة، بأن يكون درهما أو دينارا، فلا تصح
بالفلوس ولا بالعروض، بلا خلاف بينهم، وإن لم يكن عليه
دليل سوى دعوى الاجماع (2). نعم تأمل فيه بعضهم (3). وهو
في محله، لشمول العمومات، إلا أن يتحقق الاجماع، وليس

(* 1) المائدة: 1.
(* 2) الوسائل باب: 5 من كتاب المضاربة حديث: 1.
244

ببعيد، فلا يترك الاحتياط. ولا بأس بكونه من المغشوش
الذي يعامل به (1)، مثل الشاميات والقمري ونحوها. نعم
لو كان مغشوشا يجب كسره (2)

(* 1) الوسائل باب: 10 من أبواب الصرف حديث: 5.
245

- بأن كان قلبا - لم يصح (1) وإن كان له قيمة، فهو مثل
الفلوس. ولو قال للعامل: بع هذه السلعة وخذ ثمنها قراضا
لم يصح (2)، إلا أن يوكله في تجديد العقد عليه بعد أن
نض ثمنه.
الثالث: أن يكون معلوما قدرا ووصفا (3)،

(* 1) الوسائل باب: 10 من أبواب الصرف حديث: 2.
(* 2) روي ذلك بنحوين: أحدهما: ما دل على النهي من الغرر بقول مطلق، ورواه في التذكرة
في المسألة: 2 من الركن الثالث من الفصل الثاني من كتاب الإجارة. ويمكن استفادته مما رواه
في الوسائل باب: 10 من أبواب عقد البيع وشروطه حديث: 2. وباب: 12 منها حديث: 13
والآخر: ما دل على النهي عن بيع الغرر، وقد تقدمت الإشارة في صفحة: 7 من هذا الجزء إلى
روايته في الوسائل وكنز العمال وصحيح الترمذي والموطأ. فراجع كما رواه في مستدرك الوسائل
باب: 31 من أبواب آداب التجارة حديث: 1
246

ولا تكفي المشاهدة (1) وإن زال به معظم الغرر.
247

الرابع: أن يكون معينا (1)، فلو أحضر مالين وقال:
قارضتك بأحدهما، أو بأيهما شئت، لم ينعقد إلا أن يعين ثم
يوقعان العقد عليه. نعم لا فرق بين أن يكون مشاعا أو
مفروزا (2) بعد العلم بمقداره ووصفه (3)، فلو كان المال
مشتركا بين شخصين، فقال أحدهما للعامل: قارضتك بحصتي
في هذا المال، صح مع العلم بصحته من ثلث أو ربع. وكذا
لو كان للمالك مائة دينار مثلا، فقال: قارضتك بنصف هذا
المال، صح.
الخامس: أن يكون الربح مشاعا بينهما، فلو جعل
لأحدهما مقدارا معينا والبقية للآخر، أو البقية مشتركة بينهما
لم يصح (4).
248

السادس: تعيين حصة كل منهما (1) من نصف أو ثلث
249

أو نحو ذلك، إلا أن يكون هناك متعارف ينصرف إليه (1)
الاطلاق.
السابع: أن يكون الربح بين المالك والعامل، فلو شرطا
جزء منه لأجنبي عنهما، لم يصح (2). إلا أن يشترط عليه
عمل متعلق بالتجارة (3). نعم ذكروا أنه لو اشترط كون
جزء من الربح لغلام أحدهما صح، ولا بأس به خصوصا على
القول بأن العبد لا يملك، لأنه يرجع إلى مولاه، وعلى القول
الآخر يشكل. إلا أنه لما كان مقتضى القاعدة صحة الشرط
حتى للأجنبي (4)، والقدر المتيقن من عدم الجواز ما إذا لم
يكن غلاما لأحدهما، فالأقوى الصحة مطلقا. بل لا يبعد
250

القول به في الأجنبي أيضا وإن لم يكن عاملا، لعموم الأدلة.
الثامن: ذكر بعضهم أنه يشترط أن يكون رأس المال
بيد العامل (1)، فلو اشترط المالك أن يكون بيده لم يصح.
لكن لا دليل عليه (2)، فلا مانع أن يتصدى العامل للمعاملة
251

مع كون المال بيد المالك، كما عن التذكرة (1).
التاسع: أن يكون الاسترباح بالتجارة، وأما إذا كان
بغيرها - كأن يدفع إليه ليصرفه في الزراعة، مثلا ويكون
الربح بينهما - يشكل صحته (2). إذ القدر المعلوم من الأدلة
252

هو التجارة. ولو فرض صحة غيرها للعمومات - كما لا يبعد (1)
لا يكون داخلا في عنوان المضاربة.
العاشر: أن لا يكون رأس المال بمقدار يعجز العامل
عن التجارة به، مع اشتراط المباشرة من دون الاستعانة بالغير
أو كان عاجزا حتى مع الاستعانة بالغير، وإلا فلا يصح (3)،
لاشتراط كون العامل قادرا على العمل. كما أن الأمر كذلك
في الإجارة للعمل، فإنه إذا كان عاجزا تكون باطلة (3)
253

وحينئذ فيكون تمام الربح للمالك (1) وللعامل أجرة عمله مع
جهله بالبطلان (2)،
254

ويكون ضامنا لتلف المال (1)، إلا مع علم المالك بالحال.
وهل يضمن حينئذ جميعه (2)، لعدم التميز مع عدم الإذن
في أخذه على هذا الوجه، أو القدر الزائد، لأن العجز إنما
يكون بسببه، فيختص به، أو الأول إذا أخذ الجميع دفعة

(* 1) الوسائل باب: 1 من كتاب العارية حديث: 6.
255

والثاني إذا أخذ أولا بقدر مقدوره ثم أخذ الزائد ولم يمزجه
مع ما أخذه أولا (1)؟ أقواها الأخير. (ودعوى) (2):
أنه بعد أخذ الزايد يكون يده على الجميع، وهو عاجز عن
المجموع من حيث المجموع، ولا ترجيح الآن لأحد أجزائه
إذ لو ترك الأول وأخذ الزيادة لا يكون عاجزا (كما ترى)
إذ الأول وقع صحيحا، والبطلان مستند إلى الثاني وبسببه (3)،
256

والمفروض عدم المزج. هذا ولكن ذكر بعضهم (1) أن مع العجز
المعاملة صحيحة، فالربح مشترك، ومع ذلك يكون العامل
ضامنا مع جهل المالك. ولا وجه له، لما ذكرنا مع أنه إذا
كانت المعاملة صحيحة لم يكن وجه للضمان (2). ثم إذا تجدد
العجز في الأثناء وجب عليه رد الزائد (3)،
257

وإلا ضمن (1).
(مسألة 1): لو كان له مال موجود في يد غيره،
أمانة أو غيرها، فضاربه عليها صح (2)، وإن كان في يده
غصبا (3)، أو غيره مما يكون اليد فيه يد ضمان فالأقوى أنه
يرتفع الضمان بذلك (4)، لانقلاب اليد حينئذ فينقلب الحكم.
258

ودعوى: أن الضمان مغيى بالتأدية، ولم تحصل (1) كما ترى (2)

(* 1) كنز العمال الجزء: 5 صفحة: 257، مستدرك الوسائل باب: 1 من كتاب الوديعة
حديث: 12 وباب: 1 من كتاب الغصب حديث: 4.
259

ولكن ذكر جماعة بقاء الضمان (1) إلا إذا اشترى به شيئا
ودفعه إلى البائع، فإنه يرتفع الضمان (2) به، لأنه قد قضى
دينه بإذنه (3)، وذكروا نحو ذلك في الرهن أيضا، وأن
260

العين إذا كانت في يد الغاصب فجعله رهنا عنده أنها تبقى
على الضمان والأقوى ما ذكرنا في المقامين، لما ذكرنا (1).
(مسألة 2): المضاربة جايزة من الطرفين (2) يجوز
لكن منهما فسخها، سواء كان قبل الشروع في العمل أو بعده
قبل حصول الربح أو بعده، نض المال أو كان به عروض،
مطلقا كانت أو مع اشتراط الأجل (3) وإن كان قبل انقضائه.
نعم لو اشترط فيها عدم الفسخ إلى زمان ذكا يمكن أن يقال
بعدم جواز فسخها قبله، بل هو الأقوى، لوجوب الوفاء
بالشرط. ولكن عن المشهور بطلان الشرط المذكور (4)،
261

بل العقد أيضا (1)، لأنه مناف لمقتضى العقد. وفيه: منع،
263

بل هو مناف لاطلاقه (1). ودعوى: أن الشرط في العقود
الغير اللازمة غير لازم الوفاء (2)،
264



(* 1) الوسائل باب: 6 من أبواب الخيار حديث: 1، 2، 5.
266



(* 1) المائدة: 1.
267

ممنوعة (1). نعم يجوز فسخ العقد، فيسقط الشرط (2)، وإلا
فما دام العقد باقيا يجب الوفاء بالشرط فيه (3)، وهذا إنما يتم
في غير الشرط الذي مفاده عدم الفسخ. مثل المقام، فإنه
يوجب لزوم ذلك العقد (4). هذا ولو شرط عدم فسخها
269

في ضمن عقد لازم آخر فلا إشكال في صحة الشرط (1)
ولزومه. وهذا يؤيد ما ذكرنا من عدم كون الشرط المذكور
منافيا لمقتضى العقد (2)، إذ لو كان منافيا لزم عدم صحته
في ضمن عقد آخر أيضا (3).
270

ولو شرط في عقد مضاربة عدم فسخ مضاربة أخرى (1)
سابقة صح، ووجب الوفاء به (2)، إلا أن يفسخ هذه
المضاربة، فيسقط الوجوب. كما أنه لو اشترط في مضاربة
مضاربة أخرى في مال آخر، أو أخذ بضاعة منه، أو قرض
أو خدمة، أو نحو ذلك، وجب الوفاء به (3) ما دامت
المضاربة باقية، وإن فسخها سقط الوجوب. ولا بد أن يحمل ما
اشتهر من أن الشروط في ضمن العقود الجايزة غير لازمة الوفاء (4)

(* 1) المائدة: 1.
(* 2) الوسائل باب: 6 من أبواب الخيار حديث: 1، 2، 5.
271

على هذا المعنى، وإلا فلا وجه لعدم لزومها مع بقاء العقد على
حاله، كما اختاره صاحب الجواهر (1)، بدعوى: أنها تابعة
للعقد لزوما وجوازا، بل مع جوازه هي أولى بالجواز، وأنها
معه شبه الوعد. والمراد من قوله تعالى: (أوفوا بالعقود)
اللازمة منها، لظهور الأمر فيها في الوجوب المطلق (2).
والمراد من قوله (ع): المؤمنون عند شروطهم بيان صحة
أصل الشرط: لا اللزوم والجواز. إذ لا يخفى ما فيه.
(مسألة 3): إذا دفع إليه مالا وقال: اشتر به بستانا
مثلا، أو قطيعا من الغنم، فإن كان المراد الاسترباح بهما بزيادة
القيمة صح مضاربة، وإن كان المراد الانتفاع بنمائهما بالاشتراك
ففي صحته مضاربة وجهان، من أن الانتفاع بالنماء ليس من
التجارة، فلا يصح، ومن أن حصوله يكون بسبب الشراء،

(* 1) الوسائل باب: 20 من أبواب المهور حديث: 4، مستدرك الوسائل باب: 5 من
أبواب الخيار: 7.
272

فيكون بالتجارة والأقوى البطلان (1) مع إرادة عنوان المضاربة
إذ هي ما يكون الاسترباح فيه بالمعاملات وزيادة القيمة،
لا مثل هذه الفوائد، نعم لا بأس بضمها إلى زيادة القيمة (2).
273

وإن لم يكن المراد خصوص عنوان المضاربة فيمكن دعوى
صحته للعمومات (1).
274

(مسألة 4): إذا اشترط المالك على العامل أن يكون
الخسارة عليهما كالربح، أو اشترط ضمانه لرأس المال، ففي
صحته وجهان (1) أقواهما الأول، لأنه ليس شرطا منافيا
لمقتضى العقد - كما قد يتخيل - بل إنما هو مناف لاطلاقه،
إذ مقتضاه كون الخسارة على المالك وعدم ضمان العامل إلا
مع التعدي، أو التفريط.
(مسألة 5): إذا اشترط المالك على العامل أن لا يسافر
مطلقا أو إلى البلد الفلاني أو إلا إلى البلد الفلاني، أو لا يشتري
الجنس الفلاني، أو إلا الجنس الفلاني، أو لا يبيع من زيد
مثلا، أو إلا من زيد، أو لا يشتري من شخص، أو إلا من
275



(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب المضاربة حديث: 5.
(* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب المضاربة حديث: 4.
(* 3) الوسائل باب: 1 من أبواب المضاربة حديث: 3.
276



(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب المضاربة حديث: 6.
(* 2) الوسائل باب: 4 من أبواب المضاربة حديث: 1.
(* 3) هكذا روي في كتب أصحابنا وقد أمر سيدنا المؤلف - قدس سره - بالفحص عن سند الحديث
ومتنه في كتب الجمهور، لأنه من رواياتهم وقد ظهر أنه مروي في صحيح الترمذي في (ج 5 صفحة
285) هكذا: (حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عثمان بن عمر وأبو عامر العقدي عن ابن أبي ذئب عن مخلد
ابن خفاف عن عروة عن عائشة: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قضى أن الخراج بالضمان) ونحوه في (الجزء 5 صفحة
286) بسند آخر ورواه في سنن أبي داود (الجزء 2 صفحة 255) هكذا: (حدثنا إبراهيم بن مروان
حدثنا أبي حدثنا مسلم بن خالد الزنجي حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة (رض) إن رجلا ابتاع.
علاما فأقام عنده ما شاء الله أن يقيم ثم وجد به عيبا فخاصمه إلى النبي صلى الله عليه وآله فرده عليه فقال الرجل:
يا رسول الله قد استغل غلامي فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الخراج بالضمان) ومورد الأخير الضمان العقدي
الراجع إلى التملك بالثمن لا الضمان الشرعي المتقوم بكون الشئ في عهدة الضامن وعليه دركه، كضمان
اليد وقد حكي عن أكثر فقهائهم تخصيص القاعدة بالضمان العقدي، وتعميمها إلى الضمان الشرعي
مختص بالحنفية. لكن المحكي عنهم أنهم استدلوا عليها بوجه اعتباري لا بالحديث. فراجع...
277

شخص معين، أو نحو ذلك من الشروط، فلا يجوز له المخالفة (1)،

(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب الأنفال وما يختص بالإمام من كتاب الخمس حديث: 6.
278

وإلا ضمن المال لو تلف (1) بعضا أو كلا، وضمن الخسارة
مع فرضها. ومقتضى القاعدة وإن كان كون تمام الربح للمالك
على فرض إرادة القيدية (2)،

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب كتاب المضاربة حديث: 1.
279

إذا أجاز المعاملة (1)، وثبوت خيار تخلف الشرط على فرض
كون المراد من الشرط الالتزام في الالتزام (2)، وكون تمام
الربح له على تقدير الفسخ، إلا أن الأقوى اشتراكهما في
الربح (3) على ما قرر، لجملة من الأخبار الدالة على ذلك (4)

(* 1) راجع صفحة: 279.
(* 2) الوسائل باب: 1 من كتاب المضاربة حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 1 من كتاب المضاربة حديث: 6.
(* 4) الوسائل باب: 1 من كتاب المضاربة حديث: 10.
(* 5) الوسائل باب: 1 من كتاب المضاربة حديث: 11.
(* 6) راجع صفحة: 276.
281

ولا داعي إلى حملها على بعض المحامل (1)،

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب المضاربة حديث: 3.
(* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب المضاربة حديث: 7.
(* 3) الوسائل باب: 1 من أبواب المضاربة حديث: 9.
(* 4) الوسائل باب: 1 من أبواب المضاربة حديث: 5.
282

ولا إلى الاقتصار على مواردها (1)، لاستفادة العموم من
بعضها الآخر (2).
(مسألة 6): لا يجوز للعامل خلط رأس المال مع
مال آخر (3) لنفسه أو غيره، إلا مع إذن المالك، عموما،
283

كأن يقول: أعمل به على حسب ما تراه مصلحة، إن كان
هناك مصلحة، أو خصوصا، فلو خلط بدون الإذن ضمن
التلف (1). إلا أن المضاربة باقية (2) والربح بين المالين
على النسبة.
(مسألة 7): مع إطلاق العقد يجوز للعامل التصرف
على حسب ما يراه (3)، من حيث البايع، والمشتري، ونوع
الجنس المشترى. لكن لا يجوز له أن يسافر من دون إذن
المالك (4)، إلا إذا كان هناك متعارف ينصرف إليه الاطلاق
284

وإن خالف فسافر فعلى ما مر في المسألة المتقدمة (1).
(مسألة 8): مع إطلاق العقد وعدم الإذن في البيع
نسيئة لا يجوز له ذلك (2)، إلا أن يكون متعارفا ينصرف
إليه الاطلاق. ولو خالف في غير مورد الانصراف، فإن
استوفى الثمن قبل اطلاع المالك فهو (3)، وإن اطلع المالك
قبل الاستيفاء فإن أمضى فهو (4)، وإلا فالبيع باطل (5)،
285

وله الرجوع على كل من العامل والمشتري (1) مع عدم وجود
286

المال عنده أو عند مشتر آخر منه (1)، فإن رجع على المشتري
بالمثل أو القيمة لا يرجع (2) هو على العامل، إلا أن يكون
مغرورا من قبله (3) وكانت القيمة أزيد من الثمن، فإنه حينئذ
يرجع بتلك الزيادة عليه (4).
287

وإن رجع (1) على العامل يرجع هو على المشتري بما غرم،
إلا أن يكون مغرورا منه وكان الثمن أقل، فإنه (2) حينئذ
يرجع (3) بمقدار الثمن (4).
(مسألة 9): في صورة إطلاق العقد لا يجوز له أن
يشتري بأزيد من قيمة المثل (5). كما أنه لا يجوز أن يبيع بأقل
من قيمة المثل، وإلا بطل. نعم إذا اقتضت المصلحة أحد
الأمرين لا بأس به (6).
288

(مسألة 10): لا يجب في صورة الاطلاق أن يبيع
بالنقد، بل يجوز أن يبيع الجنس بجنس آخر (1). وقيل بعدم
جواز البيع إلا بالنقد المتعارف (2). ولا وجه له إلا إذا كان
جنسا لا رغبة للناس فيه غالبا (3).
(مسألة 11): لا يجوز شراء المعيب، إلا إذا اقتضت
المصلحة، ولو اتفق فله الرد أو الأرش، على ما تقتضيه المصلحة.
(مسألة 12): المشهور - على ما قيل - أن في صورة
الاطلاق يجب أن يشتري بعين المال، فلا يجوز الشراء في
الذمة (4). وبعبارة أخرى: يجب أن يكون الثمن شخصيا
من مال المالك، لا كليا في الذمة. والظاهر أنه يلحق به (5)
الكلي في المعين أيضا. وعلل ذلك: بأنه القدر المتيقن. وأيضا
الشراء في الذمة قد يؤدي إلى وجوب دفع غيره (6) - كما إذا
289

تلف رأس المال قبل الوفاء - ولعل المالك غير راض بذلك.
وأيضا إذا اشترى بكلي في الذمة لا يصدق على الربح أنه ربح
مال المضاربة. ولا يخفى ما في هذه العلل (1). والأقوى - كما
هو المتعارف - جواز الشراء في الذمة (2) والدفع من رأس
المال. ثم إنهم لم يتعرضوا لبيعه، ومقتضى ما ذكروه وجوب
كون المبيع أيضا شخصيا، لا كليا. ثم الدفع من الأجناس
التي عنده. والأقوى فيه أيضا جواز كونه كليا. وإن لم يكن
في المتعارف مثل الشراء.
ثم إن الشراء في الذمة يتصور على وجوه.
أحدها: أن يشتري العامل بقصد المالك وفي ذمته من
290

حيث المضاربة (1).
الثاني: أن يقصد كون الثمن في ذمته من حيث أنه
عامل ووكيل عن المالك. ويرجع إلى الأول. وحكمها الصحة
وكون الربح مشتركا بينهما على ما ذكرنا. وإذا فرض تلف
مال المضاربة قبل الوفاء كان في ذمة المالك يؤدى من ماله الآخر (2)
291

الثالث: أن يقصد ذمة نفسه وكان قصده الشراء لنفسه
ولم يقصد الوفاء حين الشراء من مال المضاربة، ثم دفع منه
وعلى هذا الشراء صحيح، ويكون غاصبا في دفع مال المضاربة
من غير إذن المالك، إلا إذا كان مأذونا في الاستقراض وقصد
القرض (1).
الرابع: كذلك لكن مع قصد فع الثمن من مال
المضاربة حين الشراء، حتى يكون الربح له، فقصد نفسه
حيلة منه، وعليه يمكن الحكم بصحة الشراء وإن كان عاصيا
292

في التصرف في مال المضاربة من غير إذن المالك، وضامنا له
بل ضامنا للبايع أيضا، حيث أن الوفاء بمال الغير غير صحيح
ويحتمل القول ببطلان الشراء (1) لأن رضى البايع مقيد بدفع
الثمن (2) والمفروض أن الدفع بمال الغير غير صحيح، فهو
بمنزلة السرقة، كما ورد في بعض الأخبار: أن من استقرض
ولم يكن قاصدا للأداء فهو سارق. ويحتمل صحة الشراء
وكون قصده لنفسه لغوا بعد أن كان بنائه الدفع من مال
293

المضاربة، فإن البيع وإن كان بقصد نفسه وكليا في ذمته، إلا
أنه ينصب على هذا الذي يدفعه (1) فكأن البيع وقع عليه.
والأوفق بالقواعد الوجه الأول، وبالاحتياط الثاني. واضعف
الوجوه الثالث، وإن لم يستبعده الآقا البهبهاني.
الخامس: أن يقصد الشراء في ذمته من غير التفات إلى
نفسه وغيره. وعليه أيضا يكون المبيع له (2)، وإذا دفعه من
مال المضاربة يكون عاصيا. ولو اختلف البايع والعامل في أن
الشراء كان لنفسه أو لغيره وهو المالك المضارب، يقدم قول
البايع، لظاهر الحال (3)، فيلزم بالثمن من ماله، وليس له
إرجاع البايع إلى المالك المضارب.
294

(مسألة 13): يجب على العامل بعد تحقق عقد المضاربة
ما يعتاد بالنسبة إليه وإلى تلك التجارة، في مثل ذلك المكان
والزمان، من العمل، وتولي ما يتولاه التاجر لنفسه، من عرض
القماش، والنشر والطي، وقبض الثمن، وايداعه في الصندوق
ونحو ذلك مما هو اللايق والمتعارف ويجوز له استيجار من
يكون المتعارف استيجاره، مثل الدلال، والحمال، الوزان،
والكيال، وغير ذلك، ويعطي الأجرة من الوسط. ولو استأجر
فيما يتعارف مباشرته بنفسه فالأجرة من ماله (1)، ولو تولى
بنفسه ما يعتاد الاستيجار له فالظاهر جواز أخذ الأجرة (2)
إن لم يقصد التبرع. وربما يقال بعدم الجواز (3). وفيه أنه:
295

مناف لقاعدة احترام عمل المسلم (1) المفروض عدم وجوبه عليه.
(مسألة 14): قد مر أنه لا يجوز للعامل السفر من
دون إذن المالك. ومعه فنفقته في السفر من رأس المال (2)،
296

إلا إذا اشترط المالك كونها على نفسه. وعن بعضهم (1)
كونها على نفسه مطلقا، والظاهر أن مرده فيما إذا لم يشترط
كونها من الأصل. وربما يقال: له تفاوت ما بين السفر
والحضر (2). والأقوى ما ذكرنا من جواز أخذها من أصل
المال بتمامها، من مأكل، ومشرب، وملبس، ومسكن، ونحو
ذلك مما يصدق عليه النفقة. ففي صحيح علي بن جعفر عن
أخيه أبي الحسن عليه السلام (3): في المضارب ما أنفق في
سفره فهو من جميع المال، فإذا قدم بلده فما أنفق فمن نصيبه
هذا وأما في الحضر فليس له أن يأخذ من رأس المال شيئا (4)
إلا إذا اشترط على المالك ذلك.
(مسألة 15): المراد بالنفقة ما يحتاج إليه من مأكول
وملبوس ومركوب وآلات يحتاج إليها في سفره وأجرة المسكن

(* 1) ذكر الأحاديث المذكورة في الوسائل باب: 6 من كتاب المضاربة.
297

ونحو ذلك (1)، وأما جوائزه وعطاياه وضيافاته ومصانعاته
فعلى نفسه (2) إلا إذا كانت التجارة موقوفة عليها.
(مسألة 16): اللازم الاقتصار على القدر اللايق،
فلو أسرف حسب عليه (3). نعم لو قتر على نفسه، أو صار
ضيفا عند شخص، لا يحسب له (4).
(مسألة 17): المراد من السفر العرفي (5)، لا الشرعي
فيشمل السفر فرسخين أو ثلاثة. كما أنه إذا أقام في بلد عشرة
أيام أو أزيد كان نفقته من رأس المال، لأنه في السفر عرفا.
نعم إذا أقام بعد تمام العمل لغرض آخر - مثل التفرج، أو
لتحصيل مال له، أو لغيره مما ليس متعلقا بالتجارة - فنفقته
298

في تلك المدة على نفسه (1). وإن كان مقامه لما يتعلق بالتجارة
ولأمر آخر، بحيث يكون كل منهما علة مستقلة لولا الآخر
فإن كان الأمر الآخر عارضا في البين فالظاهر جواز أخذ تمام
النفقة من مال التجارة (2)، وإن كانا في عرض واحد ففيه
وجوه، ثالثها للتوزيع (3). وهو الأحوط في الجملة (4)
وأحوط منه كون التمام على نفسه وإن كانت العلة مجموعهما،
بحيث يكون كل واحد جزء من الداعي فالظاهر التوزيع (5).
(مسألة 18): استحقاق النفقة مختص بالسفر المأذون
فيه (6) فلو سافر من غير إذن، أو في غير الجهة المأذون فيه
299

أو مع التعدي عما أذن فيه، ليس له أن يأخذ من مال التجارة.
(مسألة 19): لو تعدد أرباب المال - كأن يكون
عاملا لاثنين أو أزيد، أو عاملا لنفسه وغيره - توزع النفقة (1)
وهل هو على نسبة المالين، أو على نسبة للعملين؟ قولان (2).
(مسألة 20): لا يشترط في استحقاق النفقة ظهور
300

ربح بل ينفق من أصل المال (1) وإن لم يحصل ربح أصلا.
نعم لو حصل الربح بعد هذا تحسب من الربح، ويعطى المالك
تمام رأس ماله، ثم يقسم بينهما.
(مسألة 21): لو مرض في أثناء السفر، فإن كان لم
يمنعه من شغله فله أخذ النفقة (2)، وإن منعه ليس له (3)،
وعلى الأول لا يكون منها ما يحتاج إليه للبرء من المرض (4).
301



(* 1) البقرة: 233.
(* 2) النساء: 19.
(* 3) الطلاق: 7.
(* 4) الطلاق: 6.
302



(* 1) الطلاق: 65.
(* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب النفقات حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 1 من أبواب النفقات حديث: 12.
303



(* 1) الوسائل باب: 13 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 13 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 4.
304

(مسألة 22): لو حصل الفسخ أو الانفساخ في أثناء
السفر فنفقة الرجوع على نفسه (1)، بخلاف ما إذا بقيت ولم
تنفسخ، فإنها من مال المضاربة.
(مسألة 23): قد عرفت الفرق بين المضاربة والقرض
والبضاعة، وأن في الأول الربح مشترك، وفي الثاني للعامل،
وفي الثالث للمالك، فإذا قال: خذ هذا المال مضاربة والربح
بتمامه لي، كان مضاربة فاسدة (2)، إلا إذا علم أنه قصد
305

الابضاع، فيصير بضاعة، ولا يستحق العامل أجرة (1)،
306

إلا مع الشرط أو القرائن الدالة على عدم التبرع، ومع الشك
فيه وفي إرادة الأجرة يستحق الأجرة أيضا، لقاعدة احترام
عمل المسلم. وإذا قال خذه قراضا وتمام الربح لك، فكذلك
مضاربة فاسدة (1). إلا إذا علم أنه أراد القرض. ولو لم
يذكر لفظ المضاربة، بأن قال: خذه واتجر به والربح بتمامه
لي، كان بضاعة (2)،
307

إلا مع العلم بإرادة المضاربة، فتكون فاسدة (1). ولو قال: خذه
واتجر به والربح لك بتمامه، فهو قرض (2)، إلا مع العلم بإرادة

(* 1) الوسائل باب: 4 من كتاب المضاربة.
308

المضاربة، ففاسد. ومع الفساد في الصور المذكورة يكون تمام
الربح للمالك (1)، وللعامل أجرة عمله (2)، إلا مع علمه بالفساد (3)
(مسألة 24): لو اختلف العامل والمالك في أنها
مضاربة فاسدة أو قرض، أو مضاربة فاسدة أو بضاعة، ولم
يكن هناك ظهور لفظي (4) ولا قرينة معينة،

(* 1) تقدم التعرض لسند الحديث ومتنه في المسألة الرابعة.
309

فمقتضى القاعدة التحالف (1).
310

وقد يقال: بتقديم قول من يدعي الصحة (1). وهو مشكل،
إذ مورد الحمل على الصحة (2) ما إذا علم أنهما أوقعا معاملة
معينة واختلفا في صحتها وفسادها، لا مثل المقام، الذي يكون
الأمر دائرا بين معاملتين على إحداهما صحيح وعلى الأخرى
باطل، نظير ما إذا اختلفا في أنهما أوقعا البيع الصحيح أو
الإجارة الفاسدة مثلا. وفي مثل هذا مقتضى القاعدة التحالف (3)
وأصالة الصحة لا تثبت كونه بيعا مثلا لا إجارة، أو بضاعة
صحيحة مثلا لا مضاربة فاسدة.
(مسألة 25): إذا قال المالك للعامل: خذ هذا المال
قراضا والربح بيننا صح (4). ولكل منهما النصف، وإذا قال:
ونصف الربح لك، فكذلك (5)، بل وكذا لو قال: ونصف
الربح لي، فإن الظاهر أن النصف الآخر للعامل. ولكن فرق
بعضهم (6) بين العبارتين، وحكم بالصحة في الأولى، لأنه
311

صرح فيها بكون النصف للعامل والنصف الآخر يبقى له،
على قاعدة التبعية، بخلاف العبارة الثانية، فإن كون النصف
للمالك لا ينافي كون الآخر له أيضا، على قاعدة التبعية، فلا
دلالة فيها على كون النصف الآخر للعامل. وأنت خبير بأن
المفهوم من العبارة عرفا كون النصف الآخر للعامل (1).
(مسألة 26): لا فرق (2) بين أن يقول: خذ هذا
المال قراضا ولك نصف ربحه، أو قال: خذه قراضا ولك
ربح نصفه، في الصحة والاشتراك في الربح بالمناصفة. وربما
يقال: بالبطلان في الثاني (3)، بدعوى: أن مقتضاه كون ربح
النصف الآخر بتمامه للمالك، وقد يربح النصف فيختص به
أحدهما، أو يربح أكثر من النصف، فلا يكون الحصة معلومة
وأيضا قد لا يعامل إلا في النصف. وفيه: أن المراد ربح
نصف ما عومل به وربح، فلا إشكال.
312

(مسألة 27): يجوز اتحاد المالك وتعدد العامل (1)،
313

مع اتحاد المال، أو تميز مال كل من العاملين، فلو قال:
ضاربتكما ولكما نصف الربح، صح، وكانا فيه سواء. ولو
فضل أحدهما على الآخر صح أيضا (1) وإن كان في العمل
سواء، فإن غايته اشتراط حصته قليلة لصاحب العمل الكثير
وهذا لا بأس به (2) ويكون العقد الواحد بمنزلة عقدين مع
اثنين، ويكون كما لو قارض أحدهما في نصف المال بنصف
وقارض الآخر في النصف الآخر بربع الربح، ولا مانع منه (3)
وكذا يجوز تعدد المالك واتحاد العامل: بأن كان المال مشتركا
بين اثنين، فقارضا واحدا بعقد واحد بالنصف مثلا متساويا
بينهما، أو بالاختلاف: بأن يكون في حصة أحدهما بالنصف
وفي حصة الآخر بالثلث أو الربع مثلا. وكذا يجوز مع عدم
اشتراك المال: بأن يكون مال كل منهما ممتازا، وقارضا
واحدا مع الإذن في الخلط، مع التساوي في حصة العامل
بينهما، أو الاختلاف: بأن يكون في مال أحدهما بالنصف
وفي مال الآخر بالثلث أو الربع.
(مسألة 28): إذا كان مال مشتركا بين اثنين،
فقارضا واحدا، واشترطا له نصف الربح، وتفاضلا في
314

النصف الآخر: بأن جعل لأحدهما أزيد من الآخر مع تساويهما
في ذلك المال، أو تساويا فيه مع تفاوتهما فيه، فإن كان من
قصدهما كون ذلك للنقص على العامل بالنسبة إلى صاحب
الزيادة: بأن يكون كأنه اشترط على العامل في العمل بماله
أقل مما شرطه الآخر له، كأن اشترط هو للعامل ثلث ربح
حصته، وشرط له صاحب النقيصة ثلثي ربح حصته مثلا مع
تساويهما في المال، فهو صحيح لجواز اختلاف الشريكين في
مقدار الربح المشترط للعامل (1). وإن لم يكن النقص راجعا
إلى العامل، بل على الشريك الآخر: بأن يكون المجعول للعامل
بالنسبة إليهما سواء، لكن اختلفا في حصتهما، بأن لا يكون
على حسب شركتهما، فقد يقال فيه بالبطلان (2)، لاستلزامه
زيادة لأحدهما على الآخر مع تساوي المالين أو تساويهما مع
التفاوت في المالين، بلا عمل من صاحب الزيادة، لأن المفروض
كون العامل غيرهما، ولا يجوز ذلك في الشركة والأقوى الصحة (3)
315



(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب المضاربة حديث: 5 وقد تقدم في صفحة: 276.
316

لمنع عدم جواز الزيادة لأحد الشريكين بلا مقابلتها لعمل
منه (1)، فإن الأقوى جواز ذلك بالشرط، ونمنع كونه
خلاف مقتضى الشركة، بل هو خلاف مقتضى إطلاقها.

(* 1) سيأتي في كتاب الشركة بيان وجه الفرق بين جعل حصة من الربح للعامل وجعل التفاضل
وأن التحقيق عدم جواز اشتراط التفاضل في عقد الشركة ولا في المقام. (منه قدس سره).
317

مع أنه يمكن أن يدعى الفرق بين الشركة والمضاربة (1) وإن
كانت متضمنة للشركة.
(مسألة 29): تبطل المضاربة بموت كل من العامل
والمالك (2)، أما الأول: فلاختصاص الإذن به (3)، وأما
318

الثاني: فلانتقال المال بموته إلى وارثه، فابقاؤها يحتاج إلى عقد
جديد (1) بشرائطه، فإن كان المال نقدا صح (2)، وإن
كان عروضا فلا، لما عرفت من عدم جواز المضاربة على غير
النقدين. وهل يجوز لوارث المالك إجازة العقد بعد موته،
قد يقال بعدم الجواز (3)، لعدم علقة له بالمال حال العقد
بوجه من الوجوه (4)، ليكون واقعا على ماله أو متعلق حقه.
وهذا بخلاف إجارة البطن السابق في الوقف أزيد من مدة
حياته، فإن البطن اللاحق يجوز له الإجازة، لأن له حقا
بحسب جعل الواقف. وأما في المقام فليس للوارث حق حال
حياة المورث أصلا، وإنما ينتقل إليه المال حال موته. وبخلاف
إجازة الوارث لما زاد من الثلث في الوصية، وفي المنجز حال
319

المرض - على القول بالثلث فيه - فإن له حقا فيما زاد، فلذا
يصح إجازته، ونظير المقام إجارة الشخص ماله مدة مات في
أثنائها، على القول بالبطلان بموته، فإنه لا يجوز للوارث
إجازتها. لكن يمكن أن يقال: يكفي في صحة الإجازة
كون المال في معرض الانتقال إليه وإن لم يكن له علقة به
حال العقد، فكونه سيصير له كاف ومرجع إجازته حينئذ
إلى ابقاء ما فعله المورث، لا قبوله، ولا تنفيذه، فإن الإجازة
أقسام، قد تكون قبولا لما فعله الغير، كما في إجازة بيع ماله
فضولا، وقد تكون راجعا إلى اسقاط حق، كما في إجازة
المرتهن لبيع الراهن، وإجازة الوارث لما زاد عن الثلث.
وقد تكون ابقاء لما فعله المالك (1)، كما في المقام.
320

(مسألة 30): لا يجوز للعامل أن يوكل وكيلا في
عمله، أو يستأجر أجيرا إلا بإذن المالك. نعم لا بأس بالتوكيل
321

أو الاستيجار في بعض المقدمات، على ما هو المتعارف (1).
وأما الايكال إلى الغير وكالة أو استيجارا في أصل التجارة،
فلا يجوز من دون إذن المالك، ومعه لا مانع منه. كما أنه
لا يجوز له أن يضارب غيره إلا بإذن المالك.
(مسألة 31): إذا أذن في مضاربة الغير فإما أن يكون
يجعل العامل الثاني عاملا للمالك، أو يجعله شريكا معه في العمل
والحصة، وإما يجعله عاملا لنفسه. أما الأول فلا مانع منه
وتنفسخ مضاربة نفسه على الأقوى (2). واحتمال بقائها مع
ذلك (3)، لعدم المنافاة، كما ترى. ويكون الربح مشتركا بين
322

المالك والعامل الثاني، وليس للأول شئ (1)، إلا إذا كان
بعد أن عمل عملا وحصل ربح، فيستحق حصته (2) من ذلك
وليس له أن يشترط على العامل الثاني شيئا من الربح (3) بعد
أن لم يكن له عمل بعد المضاربة الثانية. بل لو جعل الحصة
للعامل في المضاربة الثانية أقل مما اشترط له في الأولى، كأن
يكون في الأولى بالنصف، وجعله ثلثا في الثانية لا يستحق
تلك الزيادة (4)، بل ترجع إلى المالك. وربما يحتمل جواز
اشتراط شئ من الربح، أو كون الزيادة له (5)، بدعوى
أن هذا المقدار - وهو ايقاع عقد المضاربة ثم جعلها للغير -
323

نوع من العمل، يكفي في جواز جعل حصة من الربح له.
وفيه: أنه وكالة، لا مضاربة (1). والثاني أيضا لا مانع
منه، وتكون الحصة المجعولة له في المضاربة الأولى مشتركة
بينه وبين العامل الثاني، على حسب قرارهما. وأما الثالث فلا
324

يصح من دون أن يكون له عمل مع العامل الثاني (1)، ومعه
يرجع إلى التشريك.
(مسألة 32): إذا ضارب العامل غيره مع عدم الإذن
من المالك، فإن أجاز المالك ذلك كان الحكم كما في الإذن
السابق في الصور المتقدمة، فيلحق كلا حكمه (2)، وإن لم
يجز بطلت المضاربة الثانية (3). وحينئذ فإن كان العامل الثاني
عمل وحصل الربح (4) فما قرر للمالك في المضاربة الأولى فله (5)
وأما ما قرر للعامل فهل هو أيضا له (6) أو للعامل الأول،
أو مشترك بين العاملين؟ وجوه وأقوال (7)، أقواها الأول،
325

لأن المفروض بطلان المضاربة الثانية، فلا يستحق العامل الثاني
شيئا، وأن العامل الأول لم يعمل حتى يستحق، فيكون تمام
الربح للمالك إذا أجاز تلك المعاملات الواقعة على ماله. ويستحق
العامل الثاني أجرة عمله مع جهله بالبطلان (1) على العامل الأول
326

لأنه مغرور من قبله. وقيل: يستحق على المالك (1). ولا
وجه له مع فرض عدم الإذن منه له في العمل هذا إذا ضاربه
على أن يكون عاملا للمالك (2)، وأما إذا ضاربه على أن يكون
عاملا له، وقصد العامل في عمله العامل الأول، فيمكن أن
يقال: إن الربح للعامل الأول، بل هو مختار المحقق في الشرايع (3)
327

وذلك بدعوى: أن المضاربة الأولى باقية بعد فرض بطلان
الثانية، والمفروض أن العامل قصد العمل للعامل الأول، فيكون
كأنه هو العامل فيستحق الربح، وعليه أجرة عمل العامل،
إذا كان جاهلا بالبطلان، وبطلان المعاملة لا يضر بالإذن
الحاصل منه للعمل له (1). لكن هذا إنما يتم إذا لم يكن المباشرة
328

معتبرة في المضاربة الأولى (1)، وأما مع اعتبارها فلا يتم،
ويتعين كون تمام الربح للمالك إذا أجاز المعاملات وإن لم تجز
المضاربة الثانية.
(مسألة 33): إذا شرط أحدهما على الآخر في ضمن
عقد المضاربة مالا أو عملا، كأن اشترط المالك على العامل أن
329

يخيط له ثوبا، أو يعطيه درهما أو نحو ذلك، أو بالعكس،
فالظاهر صحته (1)، وكذا إذا اشترط أحدهما على الآخر بيعا
أو قرضا أو قراضا أو بضاعة أو نحو ذلك. ودعوى: أن
القدر المتيقن ما إذا لم يكن من المالك إلا رأس المال ومن
العامل إلا التجارة. مدفوعة: بأن ذلك من حيث متعلق العقد
فلا ينافي اشتراط مال أو عمل خارجي في ضمنه. ويكفي في
صحته عموم أدلة الشروط (2). وعن الشيخ الطوسي فيما إذا
330

اشترط المالك على العامل بضاعة بطلان الشرط دون العقد في
أحد قوليه، وبطلانهما في قوله الآخر (1)، قال: لأن العامل
في القراض لا يعمل عملا بغير جعل ولا قسط من الربح،
وإذا بطل الشرط بطل القراض، لأن قسط العامل يكون
مجهولا (2) ثم قال: وإن قلنا: إن القراض صحيح والشرط
331

جايز، لكنه لا يلزم الوفاء به، لأن البضاعة لا يلزم القيام بها
كان قويا " وحاصل كلامه في وجه بطلانهما: أن الشرط
المفروض مناف لمقتضى العقد، فيكون باطلا، وببطلانه يبطل
العقد، لاستلزامه جهالة حصة العامل من حيث أن للشرط
قسطا من الربح، وببطلانه يسقط ذلك القسط، وهو غير
معلوم المقدار. وفيه: منع كونه منافيا لمقتضى العقد (1)،
فإن مقتضاه ليس أزيد من أن يكون عمله في مال القراض
بجزء من الربح، والعمل الخارجي ليس عملا في مال القراض.
هذا مع أن ما ذكره من لزوم جهالة حصة العامل بعد بطلان
الشرط ممنوع، إذ ليس الشرط مقابلا بالعوض في شئ من
الموارد (2)، وإنما يوجب زيادة العوض، فلا ينقص من
بطلانه شئ من الحصة حتى تصير مجهولة. وأما ما ذكره في
332

قوله: " وإن قلنا... " فلعل غرضه أنه إذا لم يكن
الوفاء بالشرط لازما يكون وجوده كعدمه (1)، فكأنه لم
يشترط، فلا يلزم الجهالة في الحصة. وفيه: أنه على فرض
ايجابه للجهالة لا يتفاوت الحال بين لزوم العمل به وعدمه (2)
حيث أنه على التقديرين زيد بعض العوض لأجله. هذا وقد
يقرر (3) في وجه بطلان الشرط المذكور: أن هذا الشرط
لا أثر له أصلا، لأنه ليس بلازم الوفاء، حيث أنه في العقد
الجائز، ولا يلزم من تخلفه أثر التسلط على الفسخ، حيث أنه
يجوز فسخه ولو مع عدم التخلف. وفيه أولا: ما عرفت
333

سابقا من لزوم العمل بالشرط في ضمن العقود الجائزة ما دامت
باقية ولم تفسخ، وإن كان له أن يفسخ حتى يسقط وجوب
العمل به. وثانيا: لا نسلم أن تخلفه لا يؤثر في التسلط على
الفسخ، إذ الفسخ الذي يأتي من قبل كون العقد جايزا إنما
يكون بالنسبة إلى الاستمرار بخلاف الفسخ الآتي من تخلف
الشرط، فإنه يوجب فسخ المعاملة من الأصل، فإذا فرضنا
أن الفسخ بعد حصول الربح، فإن كان من القسم الأول
اقتضى حصوله من حينه، فالعامل يستحق ذلك الربح بمقدار
حصته، وإن كان من القسم الثاني يكون تمام الربح للمالك (1)
ويستحق العامل أجرة المثل لعمله، وهي قد تكون أزيد من
الربح، وقد تكون أقل فيتفاوت الحال بالفسخ وعدمه إذا
كان لأجل تخلف الشرط
334

(مسألة 34): يملك العامل حصته من الربح بمجرد
ظهوره من غير توقف على الانضاض أو القسمة، لا نقلا،
ولا كشفا، على المشهور، بل الظاهر الاجماع عليه (1)، لأنه
مقتضى اشتراط كون الربح بينهما (2)، ولأنه مملوك وليس
للمالك، فيكون للعامل. وللصحيح (3): رجل دفع إلى
رجل ألف درهم مضاربة، فاشترى أباه وهو لا يعلم. قال:
يقوم فإن زاد درهما واحدا انعتق، واستسعى في مال الرجل

(* 1) باب: 8 من كتاب المضاربة.
335

إذ لو يكن مالكا لحصته لم ينعتق أبوه (1). نعم عن الفخر
عن والده: أن في المسألة أربعة أقوال (2)، ولكن لم يذكر القائل
ولعلها من العامة (أحدها): ما ذكرنا (الثاني): أنه يملك
بالانضاض، لأنه قبله ليس موجودا خارجيا (3)، بل هو
مقدر موهوم. (الثالث): أنه يملك بالقسمة، لأنه لو ملك
336

قبله لاختص بربحه (1)، ولم يكن وقاية لرأس المال. (الرابع):
أن القسمة كاشفة عن الملك سابقا، لأنها توجب استقراره.
والأقوى ما ذكرنا، لما ذكرنا. ودعوى: أنه ليس موجودا كما ترى (2)
وكون القيمة أمرا وهميا ممنوع (3). مع أنا نقول: إنه يصير
شريكا في العين الموجودة بالنسبة (4)، ولذا يصح له مطالبة
القسمة مع أن المملوك لا يلزم أن يكون موجودا خارجيا،
فإن الدين مملوك مع أنه ليس في الخارج (5). ومن الغريب
إصرار صاحب الجواهر على الاشكال في ملكيته، بدعوى:
أنه حقيقة ما زاد على عين الأصل، وقيمة الشئ أمر وهمي
337

لا وجود له لا ذمة ولا خارجا، فلا يصدق عليه الربح. نعم
لا بأس أن يقال: إنه بالظهور ملك أن يملك، بمعنى أن له
الانضاض، فيملك. وأغرب منه أنه قال: " بل لعل الوجه
في خبر عتق الأب ذلك أيضا، بناء على الاكتفاء بمثل ذلك
في العتق المبني على السراية ". إذ لا يخفى ما فيه (1)، مع أن
لازم ما ذكره كون العين بتمامها ملكا للمالك حتى مقدار الربح
مع أنه ادعى الاتفاق على عدم كون مقدار حصة العامل من
الربح للمالك (2) فلا ينبغي التأمل في أن الأقوى ما هو المشهور (3)
نعم إن حصل خسران أو تلف بعد ظهور الربح خرج عن
338

ملكية العامل، لا أن يكون كاشفا عن عدم ملكيته من الأول (1)
وعلى ما ذكرنا يترتب عليه جميع آثار الملكية، من جواز
المطالبة بالقسمة وإن كانت موقوفة على رضى المالك، ومن
صحة تصرفاته فيه من البيع والصلح ونحوهما. ومن الإرث،
وتعلق الخمس والزكاة، وحصول الاستطاعة للحج، وتعلق
حق الغرماء به، ووجوب صرفه في الدين مع المطالبة...
إلى غير ذلك.
(مسألة 35): الربح وقاية لرأس المال (2)، فملكية
339

العامل له بالظهور متزلزلة، فلو عرض بعد ذلك خسران أو
تلف يجبر به إلى أن تستقر ملكيته، والاستقرار يحصل بعد
الانضاض والفسخ والقسمة (1)، فبعدها إذا تلف شئ
لا يحسب من الربح، بل تلف كل على صاحبه، ولا يكفي
في الاستقرار قسمة الربح فقط مع عدم الفسخ (2). بل ولا

(* 1) الوسائل باب: 3 من كتاب المضاربة حديث: 5.
340

قسمة الكل كذلك (1)، ولا بالفسخ مع عدم القسمة (2)،
فلو حصل خسران أو تلف أو ربح كان كما سبق، فيكون
الربح مشتركا والتلف والخسران عليهما، ويتم رأس المال
بالربح. نعم لو حصل الفسخ ولم يحصل الانضاض ولو بالنسبة
341

إلى البعض وحصلت القسمة فهل تستقر الملكية أم لا (1)؟
إن قلنا بوجوب الانضاض على العامل فالظاهر عدم الاستقرار
وإن قلنا بعدم وجوبه ففيه وجهان أقواهما الاستقرار. والحاصل:
أن اللازم أولا دفع مقدار رأس المال للمالك، ثم يقسم ما زاد
عنه بينهما على حسب حصتهما، فكل خسارة وتلف قبل تمام
المضاربة يجبر بالربح، وتماميتها بما ذكرنا من الفسخ والقسمة.
(مسألة 36): إذا ظهر الربح ونض تمامه أو بعض
منه، فطلب أحدهما قسمته، فإن رضي الآخر فلا مانع منها
وإن لم يرض المالك لم يجبر عليها (2)، لاحتمال الخسران
342

بعد ذلك والحاجة إلى جبره به. قيل: وإن لم يرض العامل
فكذلك أيضا (1)، لأنه لو حصل الخسران وجب عليه رد
ما أخذه، ولعله لا يقدر بعد ذلك عليه لفواته في يده، وهو
ضرر عليه. وفيه: أن هذا لا يعد ضررا (2). فالأقوى:
أنه يجبر إذا طلب المالك. وكيف كان إذا اقتسماه ثم حصل
الخسران، فإن حصل بعده ربح يجبره فهو، وإلا رد العامل

(* 1) الوسائل باب: 19 من أبواب من يصح منه الصوم حديث: 1.
343

أقل الأمرين من مقدار الخسران وما أخذ من الربح، لأن
الأقل إن كان هو الخسران فليس عليه إلا جبره، والزايد
له وإن كان هو الربح فليس عليه إلا مقدار ما أخذ. ويظهر
من الشهيد أن قسمة الربح موجبة لاستقراره وعدم جبره
للخسارة الحاصلة بعدها، لكن قسمة مقداره ليست قسمة له
من حيث أنه مشاع في جميع المال، فأخذ مقدار منه ليس
أخذا له فقط حيث قال على ما نقل عنه (1): " إن المردود
أقل الأمرين مما أخذه العامل من رأس المال لا من الربح، فلو
كان رأس المال مأة والربح عشرين، فاقتسما العشرين، فالعشرون
التي هي الربح مشاعة في الجميع، نسبتها إلى رأس المال نسبة
السدس فالمأخوذ سدس الجميع، فيكون خمسة أسداسها من
رأس المال وسدسها من الربح، فإذا اقتسماها استقر ملك
العامل على نصيبه من الربح، وهو نصف سدس العشرين،
وذلك درهم وثلثان يبقى معه ثمانية وثلث من رأس المال،
فإذا خسر المال الباقي رد أقل الأمرين مما خسر ومن ثمانية
وثلث ". وفيه (2): - مضافا إلى أنه خلاف ما هو المعلوم
من وجوب جبر الخسران الحاصل بعد ذلك بالربح السابق
إن لم يلحقه ربح وأن؟؟؟ غرامة ما أخذه منه - أنظار أخر.
344

منها: أن المأخوذ إذا كان من رأس المال فوجوب رده لا يتوقف
على حصول الخسران بعد ذلك. ومنها: أنه ليس مأذونا في
أخذ رأس المال، فلا وجه للقسمة المفروضة. ومنها: أن
المفروض أنهما اقتسما المقدار من الربح بعنوان أنه ربح لا بعنوان
كونه منه ومن رأس المال (1). ودعوى: أنه لا يتعين لكونه
من الربح بمجرد قصدهما مع فرض إشاعته في تمام المال (2)
مدفوعة: بأن المال بعد حصول الربح يصير مشتركا بين
المالك والعامل، فمقدار رأس المال مع حصة من الربح للمالك
ومقدار حصة الربح المشروط للعامل له، فلا وجه لعدم التعين
بعد تعيينهما مقدار ما لهما في هذا المال (3) فقسمة الربح في
345

الحقيقة قسمة لجميع المال، ولا مانع منها.
(مسألة 37): إذا باع العامل حصته من الربح بعد
ظهوره صح مع تحقق الشرايط من معلومية المقدار وغيره،
وإذا حصل خسران بعد هذا لا يبطل البيع، بل يكون بمنزلة
التلف (1)، فيجب عليه جبره بدفع أقل الأمرين من مقدار
قيمة ما باعه (2) ومقدار الخسران.
(مسألة 38): لا إشكال في أن الخسارة الواردة على
مال المضاربة تجبر بالربح، سواء كان سابقا عليها أو لاحقا،
ما دامت المضاربة باقيه ولم يتم عملها. نعم قد عرفت ما عن
الشهيد (3) من عدم جبران الخسارة اللاحقة بالربح السابق
إذا اقتسماه، وأن مقدار الربح من المقسوم تستقر ملكيته.
وأما التلف فإما أن يكون بعد الدوران في التجارة (4)، أو
بعد الشروع فيها (5)، أو قبله، ثم إما أن يكون التألف
البعض أو الكل، وأيضا إما أن يكون بآفة من الله سماوية أو
أرضية، أو باتلاف المالك أو العامل أو الأجنبي على وجه
346

الضمان. فإن كان بعد الدوران في التجارة فالظاهر جبره بالربح (1)
ولو كان لاحقا مطلقا، سواء كان التالف البعض أو الكل (2)
كان التلف بآفة أو باتلاف ضامن من العامل أو الأجنبي.
ودعوى: (3) أن مع الضمان كأنه لم يتلف، لأنه في ذمة
347

الضامن كما ترى. نعم لو أخذ العوض يكون من جملة المال (1)
بل الأقوى ذلك إذا كان بعد الشروع في التجارة (2) وإن كان
التالف الكل، كما إذا اشترى في الذمة وتلف المال قبل دفعه
348

إلى البايع فأداه المالك، أو باع العامل المبيع (1) وربح فأدى.
كما أن الأقوى في تلف البعض الجبر (2) وإن كان قبل الشروع
أيضا كما إذا سرق في أثناء السفر قبل أن يشرع في التجارة أو
في البلد أيضا قبل أن يسافر. وأما تلف الكل قبل الشروع
في التجارة فالظاهر أنه موجب لانفساخ العقد (3)، إذ لا يبقى
معه مال التجارة حتى يجبر أو لا يجبر. نعم إذا أتلفه أجنبي
وأدى عوضه تكون المضاربة باقية. وكذا إذا أتلفه العامل.
(مسألة 39): العامل أمين (4)
349

فلا يضمن إلا بالخيانة (1) - كما لو أكل بعض مال المضاربة
أو اشترى شيئا لنفسه فأدى الثمن من ذلك، أو وطئ الجارية
المشتراة أو نحو ذلك - أو التفريط بترك الحفظ، أو التعدي،
بأن خالف ما أمره به أو نهاه عنه، كما لو سافر مع نهيه عنه
أو عدم إذنه في السفر، أو اشترى ما نهى عن شرائه، أو
ترك شراء ما أمره به، فإنه يصير بذلك ضامنا للمال لو تلف

(* 1) راجع الوسائل باب: 4 من كتاب الوديعة.
(* 2) الوسائل باب 3 من كتاب المضاربة حديث: 3.
350

ولو بآفة سماوية، وإن بقيت المضاربة، كما مر. والظاهر
ضمانه للخسارة الحاصلة بعد ذلك أيضا (1). وإذا رجع عن
تعديه أو خيانته فهل يبقى الضمان أو لا؟ وجهان. مقتضى
الاستصحاب بقاؤه، كما ذكروا في باب الوديعة أنه لو أخرجها
الودعي عن الحرز بقي الضمان وإن ردها بعد ذلك إليه. ولكن
لا يخلو عن إشكال، لأن المفروض بقاء الإذن (2)، وارتفاع
351

سبب الضمان. ولو اقتضت المصلحة بيع الجنس في زمان ولم
يبع ضمان الوضيعة إن حصلت بعد ذلك (1). وهل يضمن
بنية الخيانة مع عدم فعلها؟ وجهان، من عدم كون مجرد
النية خيانة، ومن صيرورة يده حال النية بمنزلة يد الغاصب (2)
ويمكن الفرق بين العزم عليها فعلا وبين العزم على أن يخون
بعد ذلك (3).
(مسألة 40): لا يجوز للمالك أن يشتري من العامل
شيئا من مال المضاربة (4)، لأنه ماله. نعم إذا ظهر الربح
يجوز له أن يشتري حصة العامل منه مع معلومية قدرها. ولا
يبطل بيعه بحصول الخسارة بعد ذلك، فإنه بمنزلة التلف (5)
ويجب على العامل رد قيمتها لجبر الخسارة، كما لو باعها من
غير المالك. وأما العامل فيجوز أن يشتري من المالك قبل
352

ظهور الربح. بل وبعده، لكن يبطل الشراء بمقدار حصته
من المبيع (1) لأنه ماله. نعم لو اشترى منه قبل ظهور
الربح بأزيد من قيمته بحيث يكون الربح حاصلا بهذا الشراء
يمكن الاشكال فيه، حيث أن بعض الثمن حينئذ يرجع إليه
من جهة كونه ربحا، فيلزم من نقله إلى البايع عدم نقله من
حيث عوده إلى نفسه. ويمكن دفعه: بأن كونه ربحا متأخر
عن صيرورته للبايع، فيصير أولا للبايع الذي هو المالك من
جهة كونه ثمنا، وبعد أن تمت المعاملة وصار ملكا للبايع
وصدق كونه ربحا يرجع إلى المشتري الذي هو العامل على
حسب قرار المضاربة، فملكية البايع متقدمة طبعا (2). وهذا
مثل ما إذا باع العامل مال المضاربة الذي هو مال المالك من
أجنبي بأزيد من قيمته، فإن المبيع ينتقل من المالك والثمن
يكون مشتركا بينه وبين العامل، ولا بأس به فإنه من الأول
يصير ملكا للمالك ثم يصير بمقدار حصة العامل منه له بمقتضى
قرار المضاربة. لكن هذا على ما هو المشهور من أن مقتضى
المعاوضة دخول المعوض في ملك من خرج عنه العوض وأنه
لا يعقل غيره. وأما على ما هو الأقوى من عدم المانع من كون
353

المعوض لشخص والعوض داخل في ملك غيره، وأنه لا ينافي
حقيقة المعاوضة (1)، فيمكن أن يقال: من الأول يدخل الربح
354

في ملك العامل بمقتضى قرار المضاربة، فلا يكون هذه الصورة
مثالا للمقام ونظيرا له (1).
(مسألة 41): يجوز للعامل الأخذ بالشفعة من المالك
في مال المضاربة (2) ولا يجوز للعكس (3). مثلا إذا كانت دار
مشتركة بين العامل والأجنبي، فاشترى العامل حصة الأجنبي
بمال المضاربة، يجوز له إذا كان قبل ظهور الربح أن يأخذها
بالشفعة، لأن الشراء قبل حصول الربح يكون للمالك، فللعامل
أن يأخذ تلك الحصة بالشفعة منه. وأما إذا كانت الدار مشتركة
بين المالك والأجنبي، فاشترى العامل حصة الأجنبي، ليس
للمالك الأخذ بالشفعة، لأن الشراء له فليس له أن يأخذ بالشفعة
ما هو له.
355

(مسألة 42): لا إشكال في عدم جواز وطئ العامل
للجارية التي اشتراها بمال المضاربة بدون إذن المالك، سواء
كان قبل ظهور الربح أو بعده، لأنها مال الغير أو مشتركة
بينه وبين الغير الذي هو المالك. فإن فعل كان زانيا، يحد مع عدم
الشبهة كاملا إن كان قبل حصول الربح، وبقدر نصيب
المالك إن كان بعده. كما لا إشكال في جواز وطئها إذا أذن له
المالك بعد الشراء (1)، وكان قبل حصول الربح، بل يجوز
بعده على الأقوى (2) من جواز تحليل أحد الشريكين صاحبه
وطئ الجارية المشتركة بينهما. وهل يجوز له وطؤها بالإذن السابق
في حال إيقاع عقد المضاربة، أو بعده قبل الشراء، أم لا؟
المشهور على عدم الجواز، لأن التحليل إما تمليك أو عقد (3)
وكلاهما لا يصلحان قبل الشراء (4). والأقوى - كما عن

(* 1) الوسائل باب: 41 من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث: 1.
356

الشيخ في النهاية - الجواز، لمنع كونه أحد الأمرين، بل هو
إباحة (1)، ولا مانع من إنشائها قبل الشراء إذا لم يرجع عن
إذنه بعد ذلك، كما إذا قال: اشتر بمالي طعاما ثم كل منه (2)
هذا مضافا إلى خبر الكاهلي (3) عن أبي الحسن (ع) قلت:
رجل سألني أن أسألك أن رجلا أعطاه مالا مضاربة يشتري
357

ما يرى من شئ وقال له: اشتر جارية تكون معك، والجارية
إنما هي لصاحب المال، إن كان فيها وضيعة فعليه، وإن كان
ربح فله، فللمضارب أن يطأها؟ قال (ع): نعم. ولا يضر

(* 1) الوسائل باب: 11 من أبواب كتاب المضاربة.
358

ظهورها في كون الشراء من غير مال المضاربة (1) من حيث
جعل ربحها للمالك، لأن الظاهر عدم الفرق بين المضاربة وغيرها
في تأثير الإذن السابق وعدمه. وأما وطئ المالك لتلك الجارية
فلا بأس به (2) قبل حصول الربح، بل مع الشك فيه، لأصالة
عدمه. وأما بعده فيتوقف على إذن العامل، فيجوز معه على
الأقوى (3) من جواز إذن أحد الشريكين صاحبه.
(مسألة 43): لو كان المالك في المضاربة امرأة فاشترى
العامل زوجها، فإن كان بإذنها فلا إشكال في صحته، وبطلان
359

نكاحها (1)، ولا ضمان عليه (2)، وإن استلزم ذلك الضرر
عليها بسقوط مهرها ونفقتها. وإلا ففي المسألة أقوال (3):
البطلان مطلقا، للاستلزام المذكور، فيكون خلاف مصلحتها.
والصحة كذلك، لأنه من أعمال المضاربة المأذون فيها في ضمن
العقد، كما إذا اشترى غير زوجها. والصحة إذا أجازت بعد
ذلك. وهذا هو الأقوى، إذ لا فرق بين الإذن السابق
والإجازة اللاحقة، فلا وجه للقول الأول (4). مع أن قائله
غير معلوم (5). ولعله من يقول بعدم صحة الفضولي إلا فيما
ورد دليل خاص. مع أن الاستلزام المذكور ممنوع، لأنها
لا يستحق النفقة إلا تدريجا، فليست هي مالا لها فوته عليها
وإلا لزم غرامتها على من قتل الزوج. وأما المهر فإن كان
360

ذلك بعد الدخول فلا سقوط، وإن كان قبله فيمكن أن
يدعى عدم سقوطه أيضا بمطلق المبطل (1)، وإنما يسقط
بالطلاق فقط مع أن المهر كان لسيدها (2) لا لها. وكذا
361

لا وجه للقول الثاني (1) بعد أن كان الشراء المذكور على
خلاف مصلحتها، لا من حيث استلزام الضرر المذكور (2)
بل لأنها تريد زوجها لأغراض أخر، والإذن الذي تضمنه
العقد منصرف عن مثل هذا (3). ومما ذكرنا ظهر حال ما إذا
اشترى العامل زوجة المالك، فإنه صحيح مع الإذن السابق
أو الإجازة اللاحقة، ولا يكفيه الإذن الضمني في العقد،
للانصراف.
(مسألة 44): إذا اشترى العامل من ينعتق على المالك
فإما أن يكون بإذنه، أو لا. فعلى الأول ولم يكن فيه ربح صح
وانعتق عليه (4)، وبطلت المضاربة بالنسبة إليه (5)، لأنه
خلاف وضعها وخارج عن عنوانها، حيث أنها مبنية على
طلب الربح المفروض عدمه، بل كونه خسارة محضة، فيكون
362

صحة الشراء من حيث الإذن من المالك، لا من حيث المضاربة
وحينئذ فإن بقي من مالها غيره بقيت بالنسبة إليه (1)، وإلا
بطلت من الأصل. وللعامل أجرة عمله (2) إذا لم يقصد التبرع.
363

وإن كان فيه ربح فلا إشكال في صحته (1)، لكن في كونه
قراضا - فيملك العامل بمقدار حصته من العبد (2)، أو
يستحق عوضه على المالك للسراية (3) - أو بطلانه مضاربة
واستحقاق العامل أجرة المثل لعمله (4) - كما إذا لم يكن ربح -
أقوال - لا يبعد ترجيح الأخير، لا لكونه خلاف وضع
المضاربة (5)، للفرق بينه وبين صورة عدم الربح (6)، بل
لأنه فرع ملكية المالك المفروض عدمها (7). ودعوى: أنه
لا بد أن يقال: إنه يملكه آنا ما ثم ينعتق، أو تقدر ملكيته،
حفظا لحقيقة البيع، على القولين في تلك المسألة (8) وأي منهما
364

كان يكفي في ملكية الربح. مدفوعة (1) بمعارضتها بالانعتاق الذي
هو أيضا متفرع على ملكية المالك، فإن لها أثرين في عرض
واحد، ملكية العامل للربح، والانعتاق، ومقتضى بناء العتق
على التغليب تقديم الثاني، وعليه فلم يحصل للعامل ملكية نفس
العبد (2)، ولم يفوت المالك عليه أيضا شيئا (3)، بل فعل
ما يمنع عن ملكيته. مع أنه يمكن أن يقال: إن التفويت من
الشارع (4) لا منه. لكن الانصاف أن المسألة مشكلة، بناء
على لزوم تقدم ملكية المالك وصيرورته للعامل بعده، إذ تقدم
الانعتاق على ملكية العامل عند المعاوضة في محل المنع (5). نعم
365

لو قلنا: إن العامل يملك الربح أو لا بلا توسط ملكية المالك
بالجعل الأولي حين العقد، وعدم منافاته لحقيقة المعاوضة، لكون
العوض من مال المالك والمعوض مشتركا بينه وبين العامل - كما
هو الأقوى (1) - لا يبقى إشكال، فيمكن أن يقال (2) بصحته
مضاربة، وملكية العامل حصته من نفس العبد على القول
366

بعدم السراية (1)، وملكية عوضها إن قلنا بها. وعلى الثاني
- أي إذا كان من غير إذن المالك - فإن أجاز فكما في صورة
الإذن، وإن لم يجز بطل الشراء. ودعوى: البطلان ولو مع
الإجازة (2)، لأنه تصرف منهي عنه، كما ترى، إذ النهي
ليس عن المعاملة بما هي، بل لأمر خارج (3)، فلا مانع من
صحتها مع الإجازة. ولا فرق في البطلان مع عدمها بين
كون العامل عالما بأنه ممن ينعتق على المالك حين الشراء أو
367

جاهلا، والقول بالصحة مع الجهل (1)، لأن بناء معاملات
العامل على الظاهر، فهو كما إذا اشترى المعيب جهلا بالحال (2)
ضعيف، والفرق بين المقامين واضح (3). ثم لا فرق في
البطلان بين كون الشراء بعين مال المضاربة، أو في الذمة
بقصد الأداء منه (4) وإن لم يذكره لفظا. نعم لو تنازع هو
والبايع في كونه لنفسه أو للمضاربة قدم قول البايع، ويلزم
العامل به ظاهرا، وإن وجب عليه التخلص منه (5)، ولو لم
368

يذكر المالك لفظا ولا قصدا كان له ظاهرا وواقعا (1).
(مسألة 45): إذا اشترى العامل أباه أو غيره ممن
ينعتق عليه، فإن كان قبل ظهور الربح ولا ربح فيه أيضا (2)
صح الشراء (3) وكان من مال القراض، وإن كان بعد
369

ظهوره أو كان فيه ربح، فمقتضى القاعدة وإن كان بطلانه (1)
لكونه خلاف وضع المضاربة، فإنها موضوعة - كما مر -
للاسترباح بالتقليب في التجارة، والشراء المفروض من حيث
استلزامه للانعتاق ليس كذلك - إلا أن المشهور - بل ادعي
عليه الاجماع (2) صحته، وهو الأقوى في صورة الجهل
بكونه ممن ينعتق عليه، فينعتق مقدار صحته من الربح منه،
ويسري في البقية، وعليه عوضها للمالك مع يساره، ويستسعى
العبد فيه مع إعساره (3).
370

لصحيحة ابن أبي عمير (1) عن محمد بن قيس عن الصادق (ع)
" في رجل دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة، فاشترى أباه
وهو لا يعلم قال (ع): يقوم، فإن زاد درهما واحدا انعتق
واستسعى في مال الرجل ". وهي مختصة بصورة الجهل (2)
المنزل عليها إطلاق كلمات العلماء أيضا (3). واختصاصها
بشراء الأب لا يضر، بعد كون المناط كونه ممن ينعتق عليه (4)
كما أن اختصاصها بما إذا كان فيه ربح لا يضر أيضا، بعد
عدم الفرق بينه وبين الربح السابق (5) وإطلاقها من حيث
اليسار والاعسار في الاستسعاء أيضا منزل على الثاني، جمعا
371

بين الأدلة (1). هذا ولو لم يكن ربح سابق (2) ولا كان
فيه أيضا، لكن تجدد بعد ذلك قبل أن يباع، فالظاهر أن
حكمه أيضا الانعتاق والسراية، بمقتضى القاعدة (3). مع
إمكان دعوى شمول إطلاق الصحيحة أيضا للربح المتجدد فيه (4)
فيلحق به الربح الحاصل من غيره (5)، لعدم الفرق.
372

(مسألة 46): قد عرفت أن المضاربة من العقود
الجائزة (1) وأنه يجوز لكل منهما الفسخ إذا لم يشترط لزومها
في ضمن عقد لازم، بل أو في ضمن عقدها أيضا. ثم قد
يحصل الفسخ من أحدهما، وقد يحصل البطلان والانفساخ
لموت أو جنون، أو تلف مال التجارة بتمامها، أو لعدم إمكان
التجارة لمانع أو نحو ذلك، فلا بد من التكلم في حكمها من
حيث استحقاق العامل للأجرة وعدمه، ومن حيث وجوب
الانضاض عليه وعدمه إذا كان بالمال عروض، ومن حيث
وجوب الجباية عليه وعدمه إذا كان به ديون على الناس،
ومن حيث وجوب الرد إلى المالك وعدمه، وكون الأجرة
عليه أولا، فنقول: إما أن يكون الفسخ من المالك، أو
العامل، وأيضا إما أن يكون قبل الشروع في التجارة أو في
مقدماتها أو بعده، قبل الظهور الربح أو بعده، في الأثناء أو
بعد تمام التجارة، بعد إنضاض الجميع أو البعض أو قبله،
373

قبل القسمة أو بعدها، وبيان أحكامها في طي مسائل:
الأولى: إذا كان الفسخ أو الانفساخ ولم يشرع في
العمل ولا في مقدماته فلا إشكال ولا شئ له ولا عليه (1)
وإن كان بعد تمام العمل والانضاض فكذلك (2)، إذ مع
حصول الربح يقتسمانه (3)، ومع عدمه لا شئ للعامل ولا
عليه إن حصلت خسارة، إلا أن يشترط المالك كونها بينهما
على الأقوى من صحة هذا الشرط (4)، أو يشترط العامل
على المالك شيئا إن لم يحصل ربح (5). وربما يظهر من
إطلاق بعضهم ثبوت أجرة المثل مع عدم الربح (6). ولا

(* 1) مستدرك الوسائل كتاب التجارة باب: 5 من أبواب الخيار حديث: 7، غوالي الآلي
عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " المؤمنون عند شروطهم " الجزء: 1 صفحة: 473.
374

وجه له أصلا، لأن بناء المضاربة على عدم استحقاق العامل
لشئ سوى الربح على فرض حصوله، كما في الجعالة (1).
الثانية: إذا كان الفسخ من العامل في الأثناء قبل
حصول الربح فلا أجرة له (2) لما مضى من عمله. واحتمال
استحقاقه، لقاعدة الاحترام، لا وجه له أصلا (3). وإن كان
من المالك، أو حصل الانفساخ القهري، ففيه قولان (4)،
أقواهما العدم أيضا بعد كونه هو المقدم على المعاملة الجائزة
التي مقتضاها عدم استحقاق شئ إلا الربح، ولا ينفعه بعد
375



(* 1) حكاه عنه في الكرامية الجزء: 7 صفحة: 506 وتكرر النقل عنه في مواضع من
كلامه في هذه المباحث، وصرح في بعضها أنه شرح للارشاد الجزء: 7 صفحة 515 والمعروف
أن الكتاب المذكور لم يخرج منه غير كتاب الطهارة والصلاة وهو المطبوع، وهو الظاهر من كتاب
؟؟؟ إلى تصانيف الشيعة الجزء: 11 الصفحة: 275.
376

ذلك كون إقدامه من حيث البناء على الاستمرار (1).
الثالثة: لو كان الفسخ من العامل بعد السفر بإذن المالك
وصرف جملة من رأس المال في نفقته، فهل للمالك تضمينه
مطلقا أو إذا كان (2) لا لعذر منه؟ وجهان، أقواهما العدم
لما ذكر من جواز المعاملة وجواز الفسخ في كل وقت (3)
فالمالك هو المقدم على ضرر نفسه (4).
الرابعة: لو حصل الفسخ أو الانفساخ قبل حصول
الربح وبالمال عروض لا يجوز للعامل التصرف فيه بدون إذن
المالك (5) ببيع ونحوه وإن احتمل تحقق الربح بهذا البيع،
377

بل وإن وجد زبون يمكن أن يزيد في الثمن فيحصل الربح.
نعم لو كان هناك زبون بان على الشراء بأزيد من قيمته لا يبعد
جواز إجبار المالك على بيعه منه (1)، لأنه في قوة وجود الربح
فعلا. ولكنه مشكل (2) مع ذلك، لأن المناط كون الشئ
في حد نفسه زايد القيمة، والمفروض عدمه. وهل يجب عليه
البيع والانضاض إذا طلبه المالك أو لا؟ قولان، أقواهما عدمه (3)
ودعوى (4): إن مقتضى قوله (ع): " على اليد ما أخذت
حتى تؤدي " (* 1) وجوب رد المال إلى المالك كما كان، كما ترى (5).

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 1 من كتاب الوديعة حديث: 12، كنز العمال الجزء: 5
صفحة: 257.
378

الخامسة: إذا حصل الفسخ أو الانفساخ بعد حصول
الربح قبل تمام العمل أو بعده، وبالمال عروض، فإن رضيا
بالقسمة كذلك فلا إشكال، وإن طلب العامل بيعها فالظاهر
عدم وجوب إجابته (1) وإن احتمل ربح فيه، خصوصا إذا
كان هو الفاسخ. وإن طلبه المالك ففي وجوب إجابته وعدمه
وجوه، ثالثها التفصيل بين صورة كون مقدار رأس المال
379

نقدا فلا يجب، وبين عدمه فيحب (1)، لأن اللازم تسليم
مقدار رأس المال كما كان، عملا بقوله (ع): " على اليد... "
والأقوى عدم الوجوب مطلقا، وإن كان استقرار مليكة العامل
للربح موقوفا على الانضاض ولعله يحصل الخسارة بالبيع،
إذ لا منافاة، فنقول: لا يجب عليه الانضاض بعد الفسخ لعدم
الدليل عليه، لكن لو حصلت الخسارة بعده قبل القسمة، بل
أو بعدها يجب جبرها بالربح، حتى أنه لو أخذه يسترد منه.
السادسة: لو كان في المال ديون على الناس فهل يجب
380

على العامل أخذها وجبايتها بعد الفسخ أو الانفساخ أم لا؟
وجهان (1) أقواهما العدم، من غير فرق بين أن يكون الفسخ
من العامل أو المالك.
السابعة: إذا مات المالك أو العامل قام وارثه مقامه
381

فيما مر من الأحكام (1).
الثامنة: لا يجب على العامل بعد حصول الفسخ أو
الانفساخ أزيد من التخلية بين المالك وماله، فلا يجب عليه
الايصال إليه (2). نعم لو أرسله إلى بلد آخر غير بلد المالك
382

ولو كان بإذنه يمكن دعوى وجوب الرد إلى بلده. لكنه مع
ذلك مشكل (1). وقوله (ع): على اليد ما أخذت... " (* 1)
أيضا (2) لا يدل على أزيد من التخلية (3). وإذا احتاج الرد

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 1 من كتاب الوديعة حديث: 12، وباب: 1 من كتاب
الغصب حديث: 4.
(* 2) النساء: 58.
383

إليه إلى الأجرة فالأجرة على المالك (1)، كما في ساير الأموال.
نعم لو سافر به بدون إذن المالك إلى بلد آخر، وحصل
الفسخ فيه، يكون حاله حال الغاصب في وجوب الرد
والأجرة (2). وإن كان ذلك منه للجهل بالحكم الشرعي (3)
من عدم جواز السفر بدون إذنه.
(مسألة 47): قد عرفت أن الربح وقاية لرأس المال
من غير فرق بين أن يكون سابقا على التلف أو الخسران أو
لاحقا (4)، فالخسارة السابقة تجبر بالربح اللاحق وبالعكس.
384

ثم لا يلزم أن يكون الربح حاصلا من مجموع رأس المال،
وكذا لا يلزم أن تكون الخسارة واردة على المجموع، فلو
أتجر بجميع رأس المال فخسر ثم أتجر ببعض الباقي فربح، يجبر
ذلك الخسران بهذا الربح، وكذا إذا أتجر بالبعض فخسر ثم
أتجر بالبعض الآخر أو بجميع الباقي فربح. ولا يلزم في الربح
أو الخسران أن يكون مع بقاء المضاربة حال حصولها، فالربح
مطلقا جابر للخسارة والتلف مطلقا ما دام لم يتم عمل المضاربة (1)
ثم إنه يجوز للمالك أن يسترد بعض مال المضاربة في الأثناء،
ولكن تبطل بالنسبة إليه، وتبقى بالنسبة إلى البقية (2)، وتكون
رأس المال، وحينئذ فإذا فرضنا أنه أخذ بعد ما حصل الخسران
أو التلف بالنسبة إلى رأس المال مقدارا من البقية، ثم أتجر
العامل بالبقية أو ببعضها، فحصل ربح يكون ذلك الربح جابرا
للخسران أو التلف السابق بتمامه. مثلا إذا كان رأس المال
مائة، فتلف منها عشرة أو خسر عشرة وبقي تسعون، ثم أخذ
المالك من التسعين عشرة وبقيت ثمانون، فرأس المال تسعون،
وإذا أتجر بالثمانين فصار تسعين، فهذه العشرة الحاصلة ربحا
385

تجبر تلك العشرة، ولا يبقى للعامل شئ. وكذا إذا أخذ المالك
بعد ما حصل الربح مقدارا من المال - سواء كان بعنوان استرداد
بعض رأس المال، أو هو مع الربح، أو من غير قصد إلى أحد
الوجهين - ثم أتجر العامل بالباقي أو ببعضه، فحصل خسران
أو تلف، يجبر بالربح السابق بتمامه، حتى المقدار الشايع منه في
الذي أخذه المالك، ولا يختص الجبر بما عداه، حتى يكون مقدار
حصة العامل منه باقيا له. مثلا إذا كان رأس المال مائة فربح عشرة
ثم أخذ المالك عشرة، ثم أتجر العامل بالبقية فخسر عشرة أو تلف
منه عشرة، يجب جبره بالربح السابق حتى المقدار الشايع منه
في العشرة المأخوذة، فلا يبقى للعامل من الربح السابق شئ.
وعلى ما ذكرنا فلا وجه لما ذكره المحقق (1) وتبعه غيره من أن
الربح اللاحق لا يجبر مقدار الخسران الذي ورد على العشرة
386

المأخوذة، لبطلان المضاربة بالنسبة إليها، فمقدار الخسران الشايع
فيها لا ينجبر بهذا الربح، فرأس المال الباقي (1) بعد خسران
العشرة في المثال المذكور لا يكون تسعين، بل أقل منه بمقدار
387

حصة خسارة العشرة المأخوذة، وهو واحد وتسع، فيكون
رأس المال الباقي تسعين إلا واحد وتسع، وهي تسعة وثمانون
388

إلا تسع. وكذا لا وجه لما ذكره بعضهم (1) في الفرض الثاني
أن مقدار الربح الشايع في العشرة التي أخذها المالك لا يجبر
الخسران اللاحق، وإن حصة العامل منه يبقى له ويجب على
المالك رده إليه، فاللازم في المثال المفروض عدم بقاء ربح
للعامل بعد حصول الخسران المذكور، بل قد عرفت سابقا
389

أنه لو حصل ربح واقتسماه في الأثناء وأخذ كل حصته منه،
ثم حصل خسران: أنه يسترد من العامل مقدار ما أخذ، بل
ولو كان الخسران بعد الفسخ (1) قبل القسمة، بل أو بعدها
إذا اقتسما العروض وقلنا بوجوب الانضاض على العامل وأنه
من تتمات المضاربة.
(مسألة 48): إذا كانت المضاربة فاسدة فإما أن يكون
مع جهلهما بالفساد، أو مع علمهما أو علم أحدهما دون الآخر
فعلى كل التقادير الربح بتمامه للمالك، لإذنه في التجارات (2)
وإن كانت مضاربته باطلة. نعم لو كان الإذن مقيدا بالمضاربة (3)
توقف ذلك على إجازته، وإلا (4) فالمعاملات الواقعة باطلة (5)
وعلى عدم التقيد أو الإجازة يستحق العامل مع جهلهما لأجرة
عمله (6). وهل يضمن عوض ما أنفقه في السفر على نفسه،
390

لتبين عدم استحقاقه النفقة، أولا، لأن المالك سلطه على
الانفاق مجانا؟ وجهان أقواهما الأول (1). ولا يضمن التلف
والنقص. وكذا الحال إذا كان المالك عالما دون العامل، فإنه
يستحق الأجرة، ولا يضمن التلف والنقص. وإن كانا عالمين
أو كان العامل عالما دون المالك، فلا أجرة له، لاقدامه على
العمل مع علمه بعدم صحة المعاملة (2)، وربما يحتمل في
391

صورة علمهما أنه يستحق حصته من الربح من باب الجعالة (1)
وفيه: أن المفروض عدم قصدها (2)، كما أنه ربما يحتمل
392

استحقاقه أجرة المثل إذا اعتقد أنه يستحقها مع الفساد. وله
وجه (1)، وإن كان الأقوى خلافه. هذا كله إذا حصل ربح
ولو قليلا، وأما مع عدم حصوله فاستحقاق العامل الأجرة
ولو مع الجهل مشكل، لاقدامه على عدم العوض لعمله مع
عدم حصول الربح. وعلى هذا ففي صورة حصوله أيضا
يستحق أقل الأمرين من مقدار الربح وأجرة المثل. لكن
الأقوى خلافه (2)، لأن رضاه بذلك كان مقيدا بالمضاربة (3)
ومراعاة الاحتياط في هذا وبعض الصور المتقدمة أولى.
393

(مسألة 49): إذا ادعى على أحد أنه أعطاه كذا
مقدارا مضاربة وأنكر ولم يكن للمدعي بينة فالقول قول المنكر
مع اليمين (1).
(مسألة 50): إذا تنازع المالك والعامل في مقدار
رأس المال الذي أعطاه للعامل قدم قول العامل بيمينه مع عدم
البينة (2)، من غير فرق بين كون المال موجودا أو تالفا مع
ضمان العامل (3) لأصالة عدم إعطائه أزيد مما يقوله، وأصالة
براءة ذمته إذا كان تالفا بالأزيد. هذا إذا لم يرجع نزاعهما
394

إلى النزاع في مقدار نصيب العامل من الربح، كما إذا كان
نزاعهما بعد حصول الربح وعلم أن الذي بيده هو مال المضاربة
إذ حينئذ النزاع في قلة رأس المال وكثرته يرجع إلى النزاع
في مقدار نصيب العامل من هذا المال الموجود، إذ على تقدير
قلة رأس المال يصير مقدار الربح منه أكثر، فيكون نصيب
العامل أزيد، وعلى تقدير كثرته بالعكس، ومقتضى الأصل
كون جميع هذا المال للمالك إلا بمقدار ما أقر به للعامل (1).
وعلى هذا أيضا لا فرق بين كون المال باقيا أو تالفا بضمان
العامل، إذ بعد الحكم بكونه للمالك إلا كذا مقدار منه فإذا
تلف مع ضمانه لا بد أن يغرم المقدار الذي للمالك.
(مسألة 51): لو ادعى المالك على العامل أنه خان
أو فرط في الحفظ فتلف أو شرط عليه أن لا يشتري الجنس
الفلاني، أو لا يبيع من زيد أو نحو ذلك، فالقول قول العامل
في عدم الخيانة والتفريط، وعدم شرط المالك عليه الشرط
الكذائي، والمفروض أن مع عدم الشرط يكون مختارا في الشراء
395

وفي البيع من أي شخص أراد. نعم لو فعل العامل ما لا يجوز
له إلا بإذن من المالك - كما لو سافر أو باع بالنسيئة وادعى
الإذن من المالك - فالقول قول المالك في عدم الإذن. والحاصل:
أن العامل لو ادعى الإذن فيما لا يجوز إلا بالإذن قدم فيه قول
المالك المنكر، ولو ادعى المالك المنع فيما يجوز إلا مع المنع (1)
قدم قول العامل المنكر له.
(مسألة 52): لو ادعى العامل التلف وأنكر المالك قدم
قول العامل (2)، لأنه أمين (3)، سواء كان بأمر ظاهر أو
396

خفي (1). وكذا لو ادعى الخسارة، أو ادعى عدم الربح،
أو ادعى عدم حصول المطالبات في النسيئة مع فرض كونه
مأذونا في البيع بالدين. ولا فرق في سماع قوله بين أن يكون
الدعوى قبل فسخ المضاربة أو بعده. نعم لو ادعى بعد الفسخ
التلف بعده ففي سماع قوله لبقاء حكم أمانته (2)، وعدمه

(* 1) راجع صفحة: 350.
(* 2) الوسائل باب: 3 من أبواب كتاب المضاربة حديث: 3.
397

لخروجه بعده عن كونه أمينا، وجهان. ولو أقر بحصول
الربح ثم بعد ذلك ادعى التلف (1) أو الخسارة، وقال: إني
اشتبهت في حصوله، لم يسمع منه (2)، لأنه رجوع عن إقراره
الأول. ولكن لو قال: ربحت ثم تلف، أو ثم حصلت
الخسارة، قبل منه.
398

(مسألة 53): إذا اختلفا في مقدار حصة العامل وأنه
نصف الربح مثلا أو ثلثه قدم قول المالك (1).

(* 1) الوسائل باب: 29 من أبواب كتاب الإجارة حديث: 16، وقريب منه حديث:
11، 17 من نفس الباب.
400

(مسألة 54): إذا ادعى المالك أني ضاربتك على كذا
مقدار وأعطيتك، فأنكر أصل المضاربة، أو أنكر تسليم المال
إليه، فأقام المالك بينة على ذلك، فادعى العامل تلفه لم يسمع
منه (1) وأخذ باقراره المستفاد من إنكاره الأصل.
402

نعم لو أجاب المالك بأني لست مشغول الذمة لك بشئ، ثم
404

بعد الاثبات (1) ادعى التلف، قبل منه، لعدم المنافاة بين
الانكار من الأول وبين دعوى التلف.
(مسألة 55): إذا اختلفا في صحة المضاربة الواقعة
بينهما وبطلانها قدم قول مدعي الصحة (2).
(مسألة 56): إذا ادعى أحدهما الفسخ في الأثناء
وأنكر الآخر قدم قول المنكر. وكل من يقدم قوله في المسائل
المذكورة لا بد له من اليمين (3).
(مسألة 57): إذا ادعى العامل الرد وأنكره المالك
قدم قول المالك (4).
(مسألة 58): لو ادعى العامل في جنس اشتراه أنه
اشتراه لنفسه، وادعى المالك أنه اشتراه للمضاربة، قدم قول
العامل. وكذا لو ادعى أنه اشتراه للمضاربة، وادعى المالك
405

أنه اشتراه لنفسه، لأنه أعرف بنيته (1)، ولأنه أمين، فيقبل
قوله. والظاهر أن الأمر كذلك لو علم أنه أدى الثمن من مال
المضاربة (2)، بأن ادعى. أنه اشتراه في الذمة لنفسه ثم أدى
406

الثمن من مال المضاربة، ولو كان عاصيا في ذلك.
(مسألة 59): لو ادعى المالك أنه أعطاه المال مضاربة
وادعى القابض أنه أعطاه قرضا، يتحالفان (1)،
407

فإن حلفا أو نكلا للقابض أكثر الأمرين من أجرة المثل والحصة
408

من الربح (1) إلا إذا كانت الأجرة زائدة عن تمام الربح
فليس له أخذها، لاعترافه بعدم استحقاق أزيد من الربح.
409

(مسألة 60): إذا حصل تلف أو خسران، فادعى المالك
أنه أقرضه وادعى العامل أنه ضاربه، قدم قول المالك مع
اليمين (1).

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 1 من أبواب كتاب الوديعة حديث: 12.
410



(* 1) الوسائل باب 7 من كتاب الوديعة حديث: 1.
411

(مسألة 61): لو ادعى المالك الابضاع والعامل الضاربة
يتحالفان (1) ومع الحلف أو النكول منهما يستحق العامل أقل
413

الأمرين من الأجرة والحصة من الربح (1)، ولو لم يحصل ربح
414



(* 1) كذا في الحاشية المذكورة، وهي حاشية المرحوم النائيني (قده). والظاهر أن حق العبارة
(يقر العامل للمالك...). ولعله من خطأ النسخة المطبوعة (الناشر).
415

فادعى المالك المضاربة لدفع الأجرة (1)، وادعى العامل
الابضاع استحق العامل بعد التحالف (2) أجرة المثل لعمله.
(مسألة 62): إذا علم مقدار رأس المال ومقدار
حصة العامل، واختلفا في مقدار الربح الحاصل، فالقول قول
العامل (3). كما أنهما لو اختلفا في حصوله وعدمه كان القول
قوله (4). ولو علم مقدار المال الموجود فعلا بيد العامل،
واختلفا في مقدار نصيب العامل منه، فإن كان من جهة
416

الاختلاف في الحصة أنها نصف أو ثلث فالقول قول المالك (1)
قطعا، وإن كان من جهة الاختلاف في مقدار رأس المال
فالقول قوله أيضا، لأن المفروض أن تمام هذا الموجود من مال
المضاربة أصلا وربحا، ومقتضى الأصل كونه بتمامه للمالك (2)
إلا ما علم جعله للعامل. وأصالة عدم دفع أزيد من مقدار
كذا إلى العامل لا تثبت كون البقية ربحا (3). مع أنها معارضة
بأصالة عدم حصول الربح أزيد من مقدار كذا (4)، فيبقى
كون الربح تابعا للأصل إلا ما خرج.
(مسائل: الأولى): إذا كان عنده مال المضاربة فمات
فإن علم بعينه فلا إشكال (5)، وإلا فإن علم بوجوده في التركة
الموجودة من غير تعيين فكذلك، ويكون المالك شريكا مع
الورثة بالنسبة (6)، ويقدم على الغرماء إن كان الميت مديونا،
417



(* 1) الوسائل باب: 13 من كتاب المضاربة حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 12 من كتاب الصلح حديث: 1.
418

لوجود عين ماله في التركة. وإن علم بعدم وجوده في
تركته ولا في يده، ولم يعلم أنه تلف بتفريط أو بغيره أو رده
419

على المالك، فالظاهر عدم ضمانة (1) وكون جميع تركته
للورثة، وإن كان لا يخلو عن إشكال بمقتضى بعض الوجوه
الآتية (2). وأما إذا علم ببقائه في يده إلى ما بعد الموت ولم
يعلم أنه موجود في تركته الموجودة أولا - بأن كان مدفونا
في مكان غير معلوم أو عند شخص آخر أمانة أو نحو ذلك -
أو علم بعدم وجوده في تركته مع العلم ببقائه في يده (3) - بحيث
لو كان حيا أمكنه الايصال إلى المالك - أو شك في بقائه في
يده وعدمه أيضا، ففي ضمانه في هذه الصور الثلاث وعدمه
خلاف وإشكال على اختلاف مراتبه، وكلمات العلماء في المقام
وأمثاله - كالرهن والوديعة ونحوهما - مختلفة (4). والأقوى
الضمان في الصورتين الأوليين. لعموم قوله (ع): " على اليد
ما أخذت حتى تؤدى " (* 1) حيث أن الأظهر شموله للأمانات
أيضا. ودعوى: خروجها لأن المفروض عدم الضمان فيها.

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 1 من كتاب الغصب حديث: 4.
420

مدفوعة: بأن غاية ما يكون خروج بعض الصور منها (1)،
421

كما إذا تلفت بلا تفريط أو ادعى تلفها كذلك (1) إذا حلف
وأما صورة التفريط والاتلاف ودعوى الرد في غير الوديعة (2)
ودعوى التلف والنكول عن الحلف (3) فهي باقية تحت العموم (4)
422

ودعوى: أن الضمان في صورة التفريط والتعدي من جهة
الخروج عن كونها أمانة (1)، أو من جهة الدليل الخارجي
كما ترى لا داعي إليها. ويمكن أن يتمسك بعموم ما دل على
وجوب رد الأمانة (2) بدعوى: أن الرد أعم من رد العين

(* 1) الوسائل باب: 5 من كتاب الوديعة حديث: 1.
(* 2) راجع الوسائل باب: 1 من كتاب المضاربة.
(* 3) النساء: 58.
423

ورد البدل (1)، واختصاصه بالأول ممنوع ألا ترى أنه يفهم
من قوله (ع): " المغصوب مردود " (* 1) وجوب عوضه عند
تلفه (2) هذا مضافا إلى خبر السكوني عن علي (ع) أنه كان
يقول: " من يموت وعنده مال مضاربة قال: إن سماه بعينه
قبل موته فقال هذا لفلان فهو له، وإن مات ولم يذكر فهو
أسوة الغرماء " (* 2) (3). وأما الصورة الثالثة: فالضمان

(* 1) الوسائل باب: 1 من كتاب الغصب حديث: 3.
(* 2) الوسائل باب: 13 من كتاب المضاربة حديث: 1.
424

فيها أيضا لا يخلو عن قوة، لأن الأصل بقاء يده عليه إلى
ما بعد الموت (1) واشتغال ذمته بالرد عند المطالبة (2)، وإذا
لم يمكنه ذلك لموته يؤخذ من تركته بقيمته. ودعوى: أن
425

الأصل المذكور معارض بأصالة براءة ذمته من العوض،
والمرجع بعد التعارض قاعدة اليد المقتضية لملكيته. مدفوعة:
بأن الأصل الأول حاكم على الثاني (1). هذا مع أنه يمكن
الخدشة في قاعدة اليد: بأنها مقتضية للملكية (2) إذا كانت
مختصة (3)، وفي المقام كانت مشتركة، والأصل بقاؤها
426

على الاشتراك (1). بل في بعض الصور يمكن أن يقال:
إن يده يد المالك من حيث كونه عاملا له، كما إذا لم يكن له
شئ أصلا فأخذ رأس المال وسافر للتجارة ولم يكن في يده
سوى مال المضاربة، فإذا مات يكون ما في يده بمنزلة ما في
يد المالك، وإن احتمل أن يكون قد تلف جميع ما عنده من
ذلك المال (2) وأنه استفاد لنفسه ما هو الموجود في يده. وفي
بعض الصور يده مشتركة بينه وبين المالك كما إذا سافر وعنده
من مال المضاربة مقدار ومن ماله أيضا مقدار. نعم في بعض
الصور لا يعد يده مشتركة أيضا (3)، فالتمسك باليد بقول
427

مطلق مشكل (1). ثم إن جميع ما ذكر إنما هو إذا لم يكن
بترك التعيين عند ظهور أمارات الموت مفرطا، وإلا فلا اشكال
في ضمانه (2).
(الثانية): ذكروا من شروط المضاربة التنجيز (3)،
وأنه لو علقها على أمر متوقع بطلت، وكذا لو علقها على أمر
428

حاصل إذا لم يعلم بحصوله (1). نعم لو علق التصرف على
أمر صح (2) وإن كان متوقع الحصول. ولا دليل لهم على
ذلك (3) إلا دعوى الاجماع على أن أثر العقد لا بد أن يكون
حاصلا من حين صدوره (4).
429

وهو إن صح (1) إنما يتم في التعليق على المتوقع، حيث أن
الأثر متأخر، وأما التعليق على ما هو حاصل (2) فلا يستلزم
التأخير، بل في المتوقع أيضا إذا أخذ على نحو الكشف (3)
بأن يكون المعلق عليه وجوده الاستقبالي - لا يكون الأثر
متأخرا (4). نعم لو قام الاجماع على اعتبار العلم بتحقق الأثر
حين العقد تم في صورة الجهل (5). لكنه غير معلوم (6).
430



(* 1) الأنبياء: 22.
433

ثم على فرض البطلان لا مانع من جواز التصرف ونفوذه من
جهة الإذن (1). لكن يستحق حينئذ أجرة المثل لعلمه، إلا
434

أن يكون الإذن مقيدا بالصحة (1)، فلا يجوز التصرف أيضا.
الثالثة: قد مر اشتراط عدم الحجر بالفلس في المالك،
وأما العامل فلا يشترط فيه ذلك (2)، لعدم منافاته لحق الغرماء
نعم بعد حصول الربح منع من التصرف إلا بالإذن من الغرماء
بناء على تعلق الحجر بالمال الجديد (3).
الرابعة: تبطل المضاربة بعروض الموت - كما مر - أو
الجنون أو الاغماء - كما مر في ساير العقود الجايزة -
435

وظاهرهم عدم الفرق بين كون الجنون مطبقا أو أدواريا (1)
وكذا في الاغماء بين قصر مدته وطولها، فإن كان إجماعا وإلا
فيمكن أن يقال بعدم البطلان في الأدواري والاغماء القصير
المدة، فغاية الأمر عدم نفوذ التصرف حال حصولها، وأما
بعد الإفاقة فيجوز من دون حاجة إلى تجديد العقد، سواء
436

كانا في المالك أو العامل. وكذا تبطل بعروض السفه لأحدهما (1)
أو الحجر للفلس في المالك أو العامل أيضا (2) إذا كان بعد
حصول الربح (3)، إلا مع إجازة الغرماء.
الخامسة: إذا ضارب المالك في مرض الموت صح
وملك العامل الحصة (4) وإن كانت أزيد من أجرة المثل، على
الأقوى من كون منجزات المريض من الأصل. بل وكذلك
على القول بأنها من الثلث (5)، لأنه ليس مفوتا لشئ على
الوارث، إذ الربح أمر معدوم وليس مالا موجودا للمالك،
وإنما حصل بسعي العامل (6).
437

السادسة: إذا تبين كون رأس المال لغير المضارب
سواء كان غاصبا أو جاهلا بكونه ليس له - فإن تلف في
يد العامل أو حصل خسران (1) فلمالكه الرجوع على كل
منهما (2)، فإن رجع على المضارب لم يرجع على العامل (3)
وإن رجع على العامل رجع إذا كان جاهلا على المضارب وإن
438

كان جاهلا أيضا، لأنه مغرور من قبله (1). وإن حصل
ربح كان للمالك إذا أجاز المعاملات الواقعة على ماله (2)،
وللعامل أجرة المثل على الضارب (3) مع جهله (4). والظاهر
عدم استحقاقه الأجرة عليه مع عدم حصول الربح، لأنه
أقدم على عدم شئ له مع عدم حصوله (5). كما أنه لا يرجع
عليه إذا كان عالما بأنه ليس له (6)، لكونه متبرعا بعمله (7) حينئذ.

(* 1) تقدم التعرض له في الجزء العاشر صفحة: 144 من هذه الطبيعة.
441

السابعة: يجوز اشتراط المضاربة في ضمن عقد لازم،
فيجب على المشروط عليه إيقاع عقدها (1) مع الشارط (2)
ولكن لكل منهما فسخه بعده. والظاهر أنه يجوز اشتراط عمل
المضاربة على العامل، بأن يشترط عليه أن يتجر بمقدار كذا
من ماله إلى زمان كذا على أن يكون الربح بينهما، نظير شرط
كونه وكيلا في كذا (3) في عقد لازم، وحينئذ لا يجوز
للمشروط عليه فسخها، كما في الوكالة.
442

الثامنة: يجوز إيقاع المضاربة بعنوان الجعالة (1)، كأن
يقول: إذا اتجرت بهذا المال وحصل ربح فلك نصفه، فيكون
جعالة تفيد فائدة المضاربة. ولا يلزم أن يكون جامعا لشروط
الضاربة (2)، فيجوز مع كون رأس المال من غير النقدين
أو دينا أو مجهولا جهالة لا توجب الغرر (3). وكذا في
المضاربة المشروطة في ضمن عقد بنحو شرط النتيجة (4)،
فيجوز مع كون رأس المال من غير النقدين.
445

التاسعة: يجوز للأب والجد الاتجار بمال المولى عليه
بنحو المضاربة بايقاع عقدها (1). بل مع عدمه أيضا (2)،
بأن يكون بمجرد الإذن منهما (3). وكذا يجوز لهما المضاربة
بماله مع الغير (4) على أن يكون الربح مشتركا بينه وبين
العامل. وكذا يجوز ذلك للوصي في مال الصغير مع ملاحظة
الغبطة والمصلحة والأمن من هلاك المال (5).
العاشرة: يجوز للأب والجد الايصاء بالمضاربة بمال
المولى عليه بايقاع الوصي عقدها (6) لنفسه أو لغيره مع تعيين

(* 1) الأنعام: 152.
446

الحصة من الربح، أو إيكاله إليه. وكذا يجوز لهما الايصاء
بالمضاربة (1) في حصة القصير من تركتهما بأحد الوجهين. كما
أنه يجوز ذلك لكل منهما بالنسبة إلى الثلث المعزول لنفسه (2)
بأن يتجر الوصي به أو يدفعه إلى غيره مضاربة ويصرف حصة
الميت في المصارف المعينة للثلث. بل وكذا يجوز الايصاء منهما
بالنسبة إلى حصة الكبار أيضا (3).

(* 1) في صفحة: 452.
447

ولا يضر كونه ضررا عليهم من حيث تعطيل مالهم إلى مدة (1)
لأنه منجبر بكون الاختيار لهم في فسخ المضاربة وإجازتها (2).
449

كما أن الحال كذلك بالنسبة إلى ما بعد البلوغ في القصير (1)،
فإن له أن يفسخ أو يجيز. وكذا يجوز لهما الايصاء بالاتجار
بمال القصير على نحو المضاربة، بأن يكون هو الموصى به (2)
لا إيقاع عقد المضاربة، لكن إلى زمان البلوغ أو أقل. وأما
إذا جعل المدة أزيد فيحتاج إلى الإجازة بالنسبة إلى الزائد (3)
450

ودعوى: عدم صحة هذا النحو من الايصاء، لأن الصغير لا مال
له حينه (1) وإنما ينتقل إليه بعد الموت، ولا دليل على صحة
الوصية العقدية في غير التمليك، فلا يصح أن يكون إيجاب
المضاربة على نحو إيجاب التمليك بعد الموت. مدفوعة بالمنع (2).
451

مع أنه الظاهر من خبر خالد بن بكر الطويل في قضية ابن
أبي ليلى (1) وموثق محمد بن مسلم (2) المذكورين في باب
الوصية. وأما بالنسبة إلى الكبار من الورثة فلا يجوز بهذا النحو

(* 1) الوسائل باب: 92 من أبواب كتاب الوصايا حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 92 من كتاب الوصايا حديث: 1.
452

لوجوب العمل بالوصية - وهو الاتجار - فيكون ضررا عليهم (1)
من حيث تعطيل حقهم من الإرث وإن كان لهم حصتهم من

(* 1) البقرة: 82.
453

الربح، خصوصا إذا جعل حصتهم أقل من المتعارف (1).
الحادية عشرة: إذا تلف المال في يد العامل بعد موت
المالك من غير تقصير فالظاهر عدم ضمانه (2)، وكذا إذا
تلف بعد انفساخها بوجه آخر (3).
الثانية عشرة: إذا كان رأس المال مشتركا بين اثنين
فضاربا واحدا ثم فسخ أحد الشريكين (4) هل تبقى بالنسبة
454

إلى حصة الآخر أو تنفسخ من الأصل؟ وجهان أقربهما
الانفساخ (1). نعم لو كان مال كل منهما متميزا وكان العقد
واحدا لا يبعد بقاء العقد بالنسبة إلى الآخر.
الثالثة عشرة: إذا أخذ العامل مال المضاربة وترك
التجارة به إلى سنة مثلا، فإن تلف ضمن (2)، ولا يستحق
المالك عليه غير أصل المال (3)، وإن كان آثما في تعطيل
مال الغير.
الرابعة عشرة: إذا اشترط العامل على المالك عدم كون
الربح جابرا للخسران مطلقا فكل ربح حصل يكون بينهما،
وإن حصل خسران بعده أو قبله، أو اشترط أن لا يكون
الربح اللاحق جابرا للخسران السابق أو بالعكس، فالظاهر
الصحة. وربما يستشكل بأنه خلاف وضع المضاربة. وهو
كما ترى (4).

(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب كتاب المضاربة حديث: 5.
455

الخامسة عشرة: لو خالف العامل المالك فيما عينه جهلا
أو نسيانا أو اشتباها - كما لو قال: لا تشتر الجنس الفلاني،
أو من الشخص الفلاني مثلا، فاشتراه جهلا - فالشراء فضولي
موقوف على إجازة المالك (1). وكذا لو عمل بما ينصرف
إطلاقه إلى غيره، فإنه بمنزلة النهي عنه (2). ولعل منه
ما ذكرنا سابقا من شراء من ينعتق على المالك مع جهله بكونه
كذلك. وكذا الحال إذا كان مخطئا في طريقة التجارة (3)،
بأن اشترى ما لا مصلحة في شرائه عند أرباب المعاملة في ذلك
الوقت، بحيث لو عرض على التجار حكموا بخطائه.
السادسة عشرة: إذا تعدد العامل (4) - كأن ضارب
اثنين بمأة مثلا بنصف الربح بينهما متساويا أو متفاضلا - فإما
أن يميز حصة كل منهما (5) من رأس المال، كأن يقول:
456

على أن يكون لكل منه نصفه، وإما لا يميز، فعلى الأول
الظاهر عدم اشتراكهما في الربح والخسران والجبر، إلا مع
الشرط (1)، لأنه بمنزلة تعدد العقد. وعلى الثاني يشتركان
فيها (2) وإن اقتسما بينهما فأخذ كل منهما مقدارا منه، إلا أن
يشترطا عدم الاشتراك فيها، فلو عمل أحدهما وربح وعمل
الآخر ولم يرجح أو خسر يشتركان في ذلك الربح ويجبر به
خسران الآخر. بل لو عمل أحدهما وربح ولم يشرع الآخر
بعد في العمل، فانفسخت المضاربة، يكون الآخر شريكا (3)
وإن لم يصدر منه عمل، لأنه مقتضى الاشتراك في المعاملة.
ولا يعد هذا من شركة الأعمال، كما قد يقال (4)، فهو نظير
ما إذا آجرا نفسهما لعمل بالشركة، فهو داخل في عنوان
المضاربة (5) لا الشركة، كما أن النظير داخل في عنوان الإجارة.
السابعة عشرة: إذا أذن المالك للعامل في البيع والشراء
نسيئة، فاشترى نسيئة وباع كذلك، فهلك المال، فالدين في
457

ذمة المالك. وللديان إذا علم بالحال أو تبين له بعد ذلك الرجوع
على كل منهما، فإن رجع على العامل وأخذ منه رجع هو على
المالك (1). ودعوى: أنه العلم من الأول ليس له الرجوع
على العامل (2)، لعلمه بعدم اشتغال ذمته. مدفوعة: بأن مقتضى
458

المعاملة ذلك، خصوصا في المضاربة (1)، وسيما إذا علم أنه
عامل يشتري للغير ولكن لم يعرف ذلك الغير (2) أنه من هو
ومن أي بلد. ولو لم يتبين للديان أن الشراء للغير يتعين له
الرجوع على العامل في الظاهر ويرجع هو على المالك.
الثامنة عشرة: يكره المضاربة مع الذمي، خصوصا
إذا كان هو العامل. لقوله (ع): " لا ينبغي للرجل المسلم أن
يشارك الذمي، ولا يبضعه بضاعة، ولا يودعه وديعة،
ولا يصافيه المودة " (3). وقوله (ع): " إن أمير المؤمنين (ع)
كره مشاركة اليهودي والنصراني ولا مجوسي، إلا أن تكون
تجارة حاضرة لا يغيب عنها المسلم " (4). ويمكن أن يستفاد

(* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب كتاب الشركة حديث: 1.
460

من هذا الخبر كراهة مضاربة من لا يؤمن منه في معاملاته من
الاحتراز عن الحرام.
التاسعة عشرة: الظاهر صحة المضاربة على مأة دينار
مثلا كليا (1) فلا يشترط كون مال المضاربة عينا شخصية،
فيجوز إيقاعهما العقد على كلي ثم تعيينه في فرد. والقول بالمنع
لأن القدر المتيقن العين الخارجي من النقدين. ضعيف (2).
وأضعف منه احتمال المنع حتى في الكلي في المعين، إذ يكفي
في الصحة العمومات (3).
متمم العشرين: لو ضاربه على ألف مثلا فدفع
إليه نصفه فعامل به، ثم دفع إليه النصف الآخر، فالظاهر
جبران خسارة أحدهما بربح الآخر، لأنه مضاربة واحدة.
وأما لو ضاربه على خمسمائة فدفعها إليه وعامل بها، وفي أثناء
التجارة زاده ودفع خمسمائة أخرى، فالظاهر عدم جبر خسارة

(* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب كتاب الشركة حديث: 2.
461

إحداهما بربح الأخرى، لأنهما في قوة مضاربتين. نعم بعد
المزج والتجارة بالمجموع يكونان واحدة (1).
462