الكتاب: مستمسك العروة
المؤلف: السيد محسن الحكيم
الجزء: ١٠
الوفاة: ١٣٩٠
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع: ١٤٠٤
المطبعة:
الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي - قم - إيران
ردمك:
ملاحظات:

ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى
قرآن كريم
مستمسك
العروة الوثقى
تأليف
فقيه عصره آية الله العظمى
السيد محسن الطباطبائي الحكيم
قدس سره
الجزء العاشر
1

الطبعة الثالثة
1391 هج - 1981 م
مطبعة الآداب في النجف الأشرف
2

(كتاب الحج)
فصل
من أركان الدين: الحج (1). وهو واجب على كل
من استجمع الشرائط الآتية، من الرجال والنساء والخناثى.
بالكتاب، والسنة، والاجماع من جميع المسلمين بل بالضرورة.

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب مقدمة العبادات حديث: 2.
(* 2) الشهادة بالرسالة غير موجودة في رواية المنتهى، نعم هي موجودة في رواية صحيح البخاري.
(* 3) هذه الفقرة غير موجودة في رواية المنتهى، ولا في رواية البخاري.
(* 4) الموجود في رواية البخاري: (الحج)، مع تقديمه على الصوم. وفي رواية المنتهى
زيادة: " من استطاع إليه سبيلا ". لاحظ المنتهى ج 2 كتاب الحج صفحة: 1، صحيح البخاري
ج: 1 الباب: 1.
3

ومنكره في سلك الكافرين (1)، وتاركه عمدا مستخفا به بمنزلتهم (2)،

(* 1) آل عمران: 97.
(* 2) الوسائل باب: 7 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
4

وتركه من من غير استخفاف من الكبائر (1).
ولا يجب في أصل
الشرع إلا مرة واحدة في تمام العمر (2)، وهو المسمى بحجة
الاسلام، أي: الحج الذي بني عليه الاسلام، مثل الصلاة
والصوم والخمس والزكاة. وما نقل عن الصدوق في العلل:
من وجوبه على أهل الجدة كل عام - على فرض ثبوته - (3)
شاذ، مخالف للاجماع والأخبار (4)، ولا بد من حمله على

(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب وجوب الحج ذيل الحديث: 3.
5

بعض المحامل - كالأخبار الواردة بهذا المضمون - (1) من
إرادة الاستحباب المؤكد، أو الوجوب على البدل (2)،

(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 3 من أبواب وجوب الحج حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 3 من أبواب وجوب الحج حديث: 3.
(* 4) آل عمران: 97.
(* 5) الوسائل باب: 2 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
(* 6) الوسائل باب: 2 من أبواب وجوب الحج حديث: 4.
(* 7) الوسائل باب: 2 من أبواب وجوب الحج حديث: 2.
6

بمعنى: أنه يجب عليه في عامه، وإذا تركه ففي العام الثاني،
وهكذا.
ويمكن حملها على الوجوب الكفائي، فإنه لا يبعد
وجوب الحج كفاية (1) على كل أحد في كل عام إذا كان
متمكنا، بحيث لا تبقى مكة خالية من الحجاج، لجملة من
الأخبار الدالة على أنه لا يجوز تعطيل الكعبة عن الحج (2)،
والأخبار الدالة على أن على الإمام - كما في بعضها - (3)، وعلى
الوالي - كما في آخر - (4) أن يجبر الناس على الحج والمقام في
مكة وزيارة الرسول (صلى الله عليه وآله) والمقام عنده، وأنه إن لم يكن

(* 1) الوسائل باب: 4 من أبواب وجوب الحج حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 5 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 5 من أبواب وجوب الحج حديث: 2.
7

لهم مال أنفق عليهم من بيت المال.
(مسألة 1): لا خلاف في أن وجوب الحج - بعد تحقق
الشرائط - فوري، بمعنى: أنه يجب المبادرة إليه في العام الأول
من الاستطاعة (1)، فلا يجوز تأخيره عنه، وإن تركه فيه ففي.

(* 1) آل عمران: 97.
(* 2) الوسائل باب: 6 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 6 من أبواب وجوب الحج حديث: 3.
(* 4) لاحظ الباب: 6 من أبواب وجوب الحج.
8

العام الثاني، وهكذا، ويدل عليه جملة من الأخبار. ولو
خالف وأخر - مع وجود الشرائط - بلا عذر يكون عاصيا.
بل لا يبعد كونه كبيرة، كما صرح به جماعة، (1)، ويمكن
استفادته من جملة من الأخبار (2).

(* 1) الوسائل باب: 46 من أبواب جهاد النفس حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 46 من أبواب جهاد النفس حديث: 33.
(* 3) الوسائل باب: 7 من أبواب وجوب الحج حديث: 5.
(* 4) يريد بها قوله تعالى: (ومن كفر فإن الله غني عن العالمين) بعد قوله: (ولله على
الناس حج البيت..) آل عمران: 97.
9

(مسألة 2): لو توقف إدراك الحج - بعد حصول
الاستطاعة - على مقدمات: من السفر وتهيئة أسبابه، وجب
المبادرة إلى إتيانها على وجه يدرك الحج في تلك السنة.
ولو تعددت الرفقة، وتمكن من المسير مع كل منهم، اختار
أوثقهم سلامة وإدراكا (1).
10

ولو وجدت واحدة ولم يعلم حصول أخرى، أو لم يعلم التمكن
من المسير والادراك للحج بالتأخير، فهل يجب الخروج مع
الأولى، أو يجوز التأخير إلى الأخرى بمجرد احتمال الادراك،
أو لا يجوز إلا مع الوثوق؟ أقوال، أقواها الأخير (1).
11

وعلى أي تقدير إذا لم يخرج مع الأولى، واتفق عدم التمكن
من المسير، أو عدم إدراك الحج بسبب التأخير استقر عليه
الحج (1)، وإن لم يكن آثما بالتأخير، لأنه كان متمكنا من
الخروج مع الأولى. إلا إذا تبين عدم إدراكه لو سار معهم أيضا.
12

فصل
في شرائط وجوب حجة الاسلام
وهي أمور:
أحدها: الكمال بالبلوغ والعقل، فلا يجب على الصبي
وإن كان مراهقا (1)، ولا على المجنون وإن كان أدواريا (2)،

(* 1) المعتبر، المقدمة الأولى من كتاب الحج صفحة: 337.
(* 2) الوسائل باب: 4 من أبواب مقدمة العبادات حديث: 11.
13

إذا لم يف دور إفاقته باتيان تمام الأعمال.
ولو حج الصبي لم
يجز عن حجة الاسلام، وإن قلنا بصحة عباداته وشرعيتها
كما هو الأقوى، وكان واجد الجميع الشرائط سوى البلوغ.
ففي خبر مسمع عن الصادق (عليه السلام): " لو أن غلاما حج عشر
حجج ثم احتلم كان عليه فريضة الاسلام " (* 1). وفي خبر
إسحاق بن عمار (1) عن أبي الحسن (عليه السلام): " عن ابن عشر
سنين يحج؟ قال (عليه السلام): عليه حجة الاسلام إذا احتلم. وكذا
الجارية عليها الحج إذا طمثت " (* 2).

(* 1) الوسائل باب 13 من أبواب وجوب الحج حديث 2.
(* 2) الوسائل باب: 12 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 36 من أبواب قصاص النفس حديث: 2.
(* 4) الوسائل باب: 12 من أبواب وجوب الحج حديث: 2.
14

(مسألة 1): يستحب للصبي المميز أن يحج (1) وإن
لم يكن مجزيا عن حجة الاسلام،
ولكن هل يتوقف ذلك على
إذن الولي أو لا؟ المشهور - بل قيل لا خلاف فيه (2) -
أنه مشروط بإذنه، لاستتباعه المال في بعض الأحوال للهدي
وللكفارة (3). ولأنه عبادة متلقاة من الشرع مخالف للأصل،
فيجب الاقتصار فيه على المتيقن. وفيه: أنه ليس تصرفا ماليا

(* 1) الوسائل باب: 13 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
15

وإن كان ربما يستتبع المال (1). وأن العمومات كافية في
صحته وشرعيته مطلقا، فالأقوى عدم الاشتراط في صحته،

(* 1) الوسائل باب: 78 من أبواب ما يكتسب به حديث: 2. ونحوه غيره من أحاديث
الباب المذكور.
16

وإن وجب الاستئذان في بعض الصور. وأما البالغ فلا يعتبر
في حجة المندوب إذن الأبوين (1)، إن لم يكن مستلزما للسفر
المشتمل على الخطر الموجب لأذيتهما. وأما في حجه الواجب
فلا إشكال.

(* 1) الوسائل باب: 10 من أبواب الصوم المحرم والمكروه ملحق حديث: 3.
17



(* 1) الوسائل باب: 10 من أبواب الصوم المحرم والمكروه ملحق حديث: 3.
(* 2) الوسائل باب: 10 من أبواب الصوم المحرم والمكروه حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 92 من أبواب أحكام الأولاد حديث: 4 وغيره.
18

(مسألة 2): يستحب للولي أن يحرم بالصبي غير المميز
بلا خلاف، لجملة من الأخبار (1). بل وكذا الصبية،
وإن استشكل فيها صاحب المستند (2).

(* 1) الوسائل باب: 17 من أبواب أقسام الحج حديث: 3.
(* 2) الوسائل باب: 17 من أبواب أقسام الحج حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 17 من أبواب أقسام الحج حديث: 2.
19

وكذا المجنون (1)، وإن كان لا يخلو عن إشكال، لعدم

(* 1) تقدم ذكرهما في أول الفصل. فلاحظ.
(* 2) الوسائل باب: 17 من أبواب أقسام الحج حديث: 7.
20

نص فيه بالخصوص، فيستحق الثواب عليه (1). والمراد
بالاحرام به (2) جعله محرما، لا أن يحرم عنه، فيلبسه ثوبي
الاحرام، ويقول: " اللهم إني أحرمت هذا الصبي.. " (3)،
ويأمره بالتلبية (4)، بمعنى: أن يلقنه إياها، وإن لم يكن

(* 1) الوسائل باب: 20 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 20 من أبواب وجوب الحج حديث: 2.
(* 3) تقدم ذكره في صدر المسألة.
(* 4) الوسائل باب: 17 من أبواب أقسام الحج حديث: 6.
(* 5) تقدم ذكره في صدر المسألة.
21

قابلا يلبي عنه، ويجنبه عن كل ما يجب على المحرم الاجتناب
عنه (1)، ويأمره بكل فعل من أفعال الحج يتمكن منه،
وينوب عنه في كل ما لا يتمكن (2)، ويطوف به، ويسعى
به بين الصفا والمروة، ويقف به في عرفات ومنى، ويأمره
بالرمي، وإن لم يقدر يرمي عنه، وهكذا يأمره بصلاة
الطواف، وإن لم يقدر يصلي عنه. ولا بد من أن يكون طاهرا،
ومتوضئا ولو بصورة الوضوء، وإن لم يمكن فيتوضأ هو
عنه (3)، ويحلق رأسه، وهكذا جميع الأعمال.

(* 1) الوسائل باب: 17 من أبواب أقسام الحج حديث: 5.
22

(مسألة 3): لا يلزم كون الولي محرما في الاحرام
بالصبي، بل يجوز له ذلك وإن كان محلا (1):
(مسألة 4): المشهور على أن المراد بالولي - في
الاحرام بالصبي غير المميز - الولي الشرعي، من الأب،
والجد، والوصي لأحدهما، والحاكم، وأمينه، أو وكيل أحد
المذكورين، لا مثل العم، والخال، ونحوهما، والأجنبي.
نعم ألحقوا بالمذكورين: الأم وإن لم تكن وليا شرعيا، للنص
الخاص فيها (2). قالوا: لأن الحكم على خلاف القاعدة،
فاللازم الاقتصار على المذكورين، فلا تترتب أحكام الاحرام
إذا كان المتصدي غيره. ولكن لا يبعد كون المراد الأعم منهم
وممن يتولى أمر الصبي ويتكفله وإن لم يكن وليا شرعيا (3)،

(* 1) تقدم ذكره في المسألة: 2 من هذا الفصل.
(* 2) كما في صحيح معاوية بن عمار المتقدم في المسألة: 2 من هذا الفصل.
23

لقوله (عليه السلام): " قدموا من كان معكم من الصبيان إلى الجحفة،
أو إلى بطن مر... " (1) فإنه يشمل غير الولي الشرعي أيضا.
وأما في المميز فاللازم إذن الولي الشرعي إن اعتبرنا في صحة
إحرامه الإذن.
(مسألة 5): النفقة الزائدة على نفقة الحضر على الولي
لا من مال الصبي (2).

(* 1) كما في صحيح معاوية بن عمار المتقدم في المسألة: 2 من هذا الفصل.
(* 2) كما في صحيح عبد الرحمان بن الحجاج المتقدم في المسألة: 2 من هذا الفصل.
(* 3) كما في صحيح زرارة المتقدم في المسألة: 2 من هذا الفصل.
(* 4) راجع المسألة: 2 من هذا الفصل.
24

إلا إذا كان حفظه موقوفا على السفر به (1)، أو يكون السفر
مصلحة له.
(مسألة 6): الهدي على الولي (2)،

(* 1) الوسائل باب: 17 من أبواب أقسام الحج حديث: 5. وقد تقدم ذكر الرواية في
المسألة: 2 من هذا الفصل.
(* 2) الوسائل باب: 17 من أبواب أقسام الحج حديث: 2.
25

وكذا كفارة الصيد إذا صاد الصبي (1). وأما الكفارات الأخر

(* 1) الوسائل باب: 17 من أبواب أقسام الحج حديث: 3. وتقدم ذكر الرواية في المسألة:
2 من هذا الفصل. فلاحظ.
(* 2) المراد هو الصحيح الذي تقدمت الإشارة إليه في صدر المسألة.
26

المختصة بالعمد، فهل هي أيضا على الولي، أو في مال الصبي (1)،
أو لا يجب الكفارة في غير الصيد (2)، لأن عمد الصبي خطأ،
والمفروض أن تلك الكفارات لا تثبت في صورة الخطأ؟ وجوه
لا يبعد قوة الأخير، إما لذلك، وإما لانصراف أدلتها عن
الصبي. لكن الأحوط تكفل الولي، بل لا يترك هذا الاحتياط،
بل هو الأقوى. لأن قوله (عليه السلام): " عمد الصبي خطأ " (* 1)
مختص بالديات (3).

(* 1) هذا هو مضمون ما رواه في الوسائل باب: 36 من أبواب قصاص النفس حديث: 2.
(* 2) لاحظ: سورة النساء: 91 - 92.
(* 3) الوسائل باب: 36 من أبواب قصاص النفس حديث: 2.
27

والانصراف ممنوع (1)، وإلا فيلزم الالتزام به في الصيد أيضا.
(مسألة 7): قد عرفت أنه لو حج الصبي عشر مرات
لم يجزه عن حجة الاسلام بل يجب عليه بعد البلوغ والاستطاعة،
28

لكن استثنى المشهور من ذلك: ما لو بلغ وأدرك المشعر، فإنه
حينئذ يجزي عن حجة الاسلام، بل ادعى بعضهم الاجماع
عليه (1). وكذا إذا حج المجنون ندبا، ثم كمل قبل المشعر (2).
واستدلوا على ذلك بوجوه:
أحدها: النصوص الواردة في العبد - على ما سيأتي -
بدعوى: عدم خصوصية للعبد في ذلك (3)،
29

بل المناط الشروع حال عدم الوجوب لعدم الكمال، ثم حصوله
قبل المشعر. وفيه: أنه قياس. مع أن لازمه الالتزام به فيمن حج
متسكعا ثم حصل له الاستطاعة قبل المشعر، ولا يقولون به (1).
الثاني: ما ورد من الأخبار، من أن من لم يحرم من
مكة أحرم من حيث أمكنه، فإنه يستفاد منها: أن الوقت
صالح لانشاء الاحرام، فيلزم أن يكون صالحا للانقلاب أو
القلب بالأولى. وفيه ما لا يخفى (2).

(* 1) الوسائل باب: 17 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 17 من أبواب وجوب الحج حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 17 من أبواب وجوب الحج حديث: 5.
30

الثالث: الأخبار الدالة على أن من أدرك المشعر فقد
أدرك الحج. وفيه: أن موردها من لم يحرم (1)، فلا يشمل
من أحرم سابقا لغير حجة الاسلام، فالقول بالاجزاء مشكل (2)
والأحوط الإعادة بعد ذلك إن كان مستطيعا، بل لا يخلو عن
قوة. وعلى القول بالاجزاء يجري فيه الفروع الآتية في مسألة
العبد، من أنه هل يجب تجديد النية لحجة الاسلام أو لا (3)؟
31

وأنه هل يشترط في الاجزاء استطاعة بعد البلوغ من البلد أو
من الميقات أو لا (1)؟ وأنه هل يجري في حج التمتع مع كون
العمرة بتمامها قبل البلوغ أو لا؟ إلى غير ذلك...
(مسألة 8): إذا مشى الصبي إلى الحج فبلغ قبل أن
يحرم من الميقات وكان مستطيعا لا إشكال في أن حجه حجة الاسلام.
(مسألة 9): إذا حج باعتقاد أنه غير بالغ ندبا فبان
بعد الحج أنه كان بالغا، فهل يجزي عن حجة الاسلام أو لا؟
وجهان، أوجههما الأول (2). وكذا إذا حج الرجل - باعتقاد
عدم الاستطاعة - بنية الندب ثم ظهر كونه مستطيعا حين الحج.
32

الثاني من الشروط: الحرية، فلا يجب على المملوك
وإن أذن له مولاه، وكان مستطيعا من حيث المال (1)،

(* 1) الوسائل باب: 15 من أبواب وجوب الحج حديث: 2.
34

بناء على ما هو الأقوى من القول بملكه (1)،

(* 1) الوسائل باب: 15 من أبواب وجوب الحج حديث: 4.
(* 2) الوسائل باب: 24 من أبواب العتق حديث: 4.
(* 3) الوسائل باب: 24 من أبواب العتق حديث: 1.
(* 4) الوسائل باب: 24 من أبواب العتق حديث: 6.
35



(* 1) الوسائل باب: 24 من أبواب العتق حديث: 7.
(* 2) الوسائل باب: 24 من أبواب العتق حديث: 5.
36



(* 1) الوسائل باب: 4 من أبواب من تجب الزكاة عليه حديث: 4.
(* 2) الوسائل باب: 10 من أبواب الهبات حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 78 من أبواب الوصايا حديث: 1.
37



(* 1) النحل: 75.
(* 2) الروم: 28.
(* 3) الوسائل باب: 19 من أبواب المكاتبة حديث: 4.
(* 4) الوسائل باب: 16 من أبواب موانع الإرث حديث: 2.
38



(* 1) النحل: 75.
(* 2) النحل: 75.
39



(* 1) راجع الوسائل باب: 23، 24 من أبواب موانع الإرث.
(* 2) الوسائل باب: 16 من أبواب موانع الإرث حديث: 2.
40



(* 1) الوسائل باب: 20 من أبواب المكاتبة حديث: 2. ويقرب منه - بتغيير مختصر -
ما في باب: 80 من أبواب الوصايا حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 39 من أبواب الوصايا حديث: 5.
41



(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب بيع الحيوان حديث: 1.
44

أو بذل له مولاه الزاد والراحلة (1). نعم لو حج بإذن مولاه
صح بلا إشكال،

(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب بيع الحيوان حديث: 3.
45

ولكن لا يجزيه عن حجة الاسلام (1). فلو أعتق بعد ذلك
أعاد، للنصوص، منها: خبر مسمع: " لو أن عبدا حج
عشر حجج ثم أعتق كانت عليه حجة الاسلام إذا استطاع
إلى ذلك سبيلا " (* 1). ومنها: " المملوك إذا حج - وهو
مملوك - أجزأه إذا مات قبل أن يعتق، فإن أعتق أعاد الحج " (2).
وما في خبر حكم بن حكيم: " أيما عبد حج به مواليه فقد
أدرك حجة الاسلام " (* 2) محمول على إدراك ثواب الحج (3):
أو على أنه يجزيه عنها ما دام مملوكا، لخبر أبان: " العبد إذا
حج فقد قضى حجة الاسلام حتى يعتق " (* 3)، فلا إشكال

(* 1) الوسائل باب: 16 من أبواب وجوب الحج حديث: 5.
(* 2) الوسائل باب: 16 من أبواب وجوب الحج حديث: 7.
(* 3) الوسائل باب: 16 من أبواب وجوب الحج حديث: 2.
(* 4) الوسائل الباب: 16 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
(* 5) الوسائل باب: 16 من أبواب وجوب الحج حديث: 4.
46

في المسألة. نعم لو حج بإذن مولاه، ثم انعتق قبل إدراك
المشعر، أجزأه عن حجة الاسلام. بالاجماع، والنصوص (1).
يبقى الكلام في أمور:
أحدها: هل يشترط في الاجزاء تجديد النية - للاحرام
بحجة الاسلام - بعد الانعتاق فهو من باب القلب، أو لا بل
هو انقلاب شرعي؟ قولان مقتضى إطلاق النصوص الثاني،
وهو الأقوى (2).

(* 1) الوسائل باب: 17 من أبواب وجوب الحج حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 17 من أبواب وجوب الحج حديث: 5.
(* 3) الوسائل باب: 17 من أبواب وجوب الحج حديث: 4.
(* 4) الوسائل باب: 17 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
47

فلو فرض أنه لم يعلم بانعتاقه حتى فرغ، أو علم ولم يعلم
الاجزاء حتى يجدد النية، كفاه وأجزأه (1).
49

الثاني: هل يشترط في الاجزاء كونه مستطيعا حين
الدخول في الاحرام، أو يكفي استطاعته من حين الانعتاق،
أو لا يشترط ذلك أصلا؟ أقوال، أقواها الأخير (1)،
50

لاطلاق النصوص. وانصراف ما دل على اعتبار الاستطاعة
عن المقام (1).
الثالث: هل الشرط في الاجزاء إدراك خصوص
المشعر (2) - سواء أدرك الوقوف بعرفات أيضا أو لا - أو
يكفي إدراك أحد الموقفين، فلو لم يدرك المشعر لكن أدرك

(* 1) المراد هو قوله تعالى: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا..)
آل عمران 97.
(* 2) لاحظ الوسائل باب 8 من أبواب الحج حديث: 4، 5، 7 وغيرها ويأتي ذكر الأحاديث
قريبا - إن شاء الله - في المسألة: 1 من مسائل اعتبار الاستطاعة في حجة الاسلام.
51

الوقوف بعرفات معتقا كفى؟ قولان، الأحوط الأول كما
أن الأحوط اعتبار إدراك الاختياري من المشعر، فلا يكفي
إدراك الاضطراري منه (1). بل الأحوط اعتبار إدراك كلا
الموقفين (2)، وإن كان يكفي الانعتاق قبل المشعر، لكن إذا
كان مسبوقا بادراك عرفات أيضا ولو مملوكا.
52

الرابع: هل الحكم مختص بحج الافراد والقران، أو
يجري في حج التمتع أيضا وإن كانت عمرته بتمامها حال المملوكية؟
الظاهر الثاني (1)، لاطلاق النصوص. خلافا لبعضهم، فقال
بالأول (2)، لأن إدراك المشعر معتقا إنما ينفع للحج لا للعمرة
الواقعة حال المملوكية. وفيه: ما مر من الاطلاق. ولا يقدح
ما ذكره ذلك البعض، لأنهما عمل واحد. هذا إذا لم ينعتق
إلا في الحج، وأما إذا انعتق في عمرة التمتع، وأدرك بعضها
معتقا فلا يرد الاشكال.
(مسألة 1): إذا أذن المولي لمملوكه في الاحرام فتلبس
به ليس له أن يرجع في إذنه (3)، لوجوب الاتمام على المملوك،
ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. نعم لو أذن له ثم رجع
53

قبل تلبسه به لم يجز له أن يحرم إذا علم برجوعه (1). وإذا
لم يعلم برجوعه فتلبس به، هل يصح احرامه ويجب إتمامه،
أو يصح ويكون للمولى حله، أو يبطل؟ وجوه، أوجهها
الأخير (2)، لأن الصحة مشروطة بالإذن، المفروض سقوطه
54

بالرجوع (1). ودعوى: أنه دخل دخولا مشروعا فوجب
إتمامه، فيكون رجوع المولى كرجوع الموكل قبل التصرف
ولم يعلم الوكيل. مدفوعة: بأنه لا تكفي المشروعية الظاهرية.
وقد ثبت الحكم في الوكيل بالدليل، ولا يجوز القياس عليه.
(مسألة 2): يجوز للمولى أن يبيع مملوكه المحرم بإذنه (2)
وليس للمشتري حل احرامه. نعم مع جهله بأنه محرم يجوز
له الفسخ، مع طول الزمان الموجب لفوات بعض منافعه.
(مسألة 3): إذا انعتق العبد قبل المشعر فهديه عليه،
وإن لم يتمكن فعليه أن يصوم (3).
55

وإن لم ينعتق كان مولاه بالخيار (1) بين أن يذبح عنه أو يأمره
بالصوم. للنصوص، والاجماعات.

(* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب الذبح حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 2 من أبواب الذبح حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 2 من أبواب الذبح حديث: 4.
56

(مسألة 4): إذا أتى المملوك المأذون في إحرامه بما
يوجب الكفارة، فهل هي على مولاه (1)، أو عليه ويتبع بها
بعد العتق (2)، أو ينتقل إلى الصوم فيما فيه الصوم مع العجز (3)،

(* 1) الوسائل باب: 56 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
57

أو في الصيد عليه وفي غيره على مولاه (1)؟ وجوه، أظهرها
كونها على مولاه. لصحيحة حريز، خصوصا إذا كان الاتيان
بالموجب بأمره أو بإذنه (2). نعم لو لم يكن مأذونا في الاحرام
بالخصوص، بل كان مأذونا مطلقا إحراما كان أو غيره، لم
يبعد كونها عليه، حملا لخبر عبد الرحمن بن أبي نجران - النافي

(* 1) الوسائل باب: 56 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3.
58



(* 1) ج 5 صفحة 383 حديث: 1334 طبع النجف الأشرف.
(* 2) ج 4 صفحة 304 حديث: 7 طبع إيران الحديثة.
(* 3) ج 2 صفحة 264 حديث: 1284 طبع النجف الأشرف.
(* 4) ج 2 صفحة 216 حديث 741 طبع النجف الأشرف.
(* 5) نص العبارة كما يلي: " المملوك كل ما أصاب الصيد... " لاحظ المعتبر صفحة 328.
59

لكون الكفارة في الصيد على مولاه - على هذه الصورة.
(مسألة 5): إذا أفسد المملوك المأذون حجه بالجماع
قبل المشعر فكالحر في وجوب الاتمام والقضاء (1). وأما البدنة
ففي كونها عليه، أو على مولاه، فالظاهر أن حالها حال سائر
الكفارات على ما مر (2). وقد مر أن الأقوى كونها على
المولى الآذن له في الاحرام. وهل يجب على المولي تمكينه من
60

القضاء، لأن الإذن في الشئ إذن في لوازمه، أولا، لأنه
من سوء اختياره؟ قولان، أقواهما الأول (1). سواء قلنا:
أن القضاء هو حجه، أو أنه عقوبة، وأن حجه هو الأول.
هذا إذا أفسد حجه ولم ينعتق، وأما إن أفسده بما ذكر ثم
انعتق، فإن انعتق قبل المشعر كان حاله حال الحر (2) في

(* 1) تقدم ذكر الرواية في المسألة: 4 من هذا الفصل.
61

وجوب الاتمام والقضاء والبدنة، وكونه مجزيا عن حجة الاسلام
إذا أتى بالقضاء (1)، على القولين: من كون الاتمام عقوبة
وأن حجه هو القضاء، أو كون القضاء عقوبة. بل على هذا
إن لم يأت بالقضاء أيضا أتى بحجة الاسلام، وإن كان عاصيا
في ترك القضاء. وإن انعتق بعد المشعر فكما ذكر، إلا أنه
لا يجزيه عن حجة الاسلام (2)، فيجب عليه بعد ذلك إن
استطاع. وإن كان مستطيعا فعلا، ففي وجوب تقديم حجة
الاسلام، أو القضاء وجهان (3)، مبنيان على أن القضاء
62

فوري أولا، فعلى الأول يقدم لسبق سببه. وعلى الثاني تقدم
حجة الاسلام لفوريتها دون القضاء.
63

(مسألة 6): لا فرق فيما ذكر - من عدم وجوب
الحج على المملوك، وعدم صحته إلا بإذن مولاه، وعدم
إجزائه عن حجة الاسلام إلا إذا انعتق قبل المشعر - بين القن،
والمدبر، والمكاتب، وأم الولد، والمبعض (1). إلا إذا هاياه
مولاه، وكانت نوبته كافية، مع عدم كون السفر خطريا (2)
فإنه يصح منه بلا إذن (3). لكن لا يجب، ولا يجزيه حينئذ
عن حجة الاسلام وإن كان مستطيعا، لأنه لم يخرج عن
كونه مملوكا. وإن كان يمكن دعوى الانصراف عن هذه
الصورة. فمن الغريب ما في الجواهر، من قوله: " ومن
الغريب: ما ظنه بعض الناس، من وجوب حجة الاسلام عليه
64

في هذا الحال، ضرورة منافاته للاجماع المحكي عن المسلمين،
الذي يشهد له التتبع على اشتراط الحرية، المعلوم عدمها في
المبعض... ". إذ لا غرابة فيه، بعد إمكان دعوى الانصراف (1).
مع أن في أوقات نوبته يجري عليه جميع آثار الحرية (2).
65

(مسألة 7): إذا أمر المولي مملوكه بالحج وجب عليه
طاعته (1)، وإن لم يكن مجزيا عن حجة الاسلام، كما إذا
آجره للنيابة عن غيره. فإنه لا فرق بين إجارته للخياطة أو
الكتابة، وبين إجارته للحج أو الصلاة أو الصوم.
الثالث: الاستطاعة من حيث المال، وصحة البدن
وقوته، وتخلية السرب وسلامته، وسعة الوقت وكفايته.
بالاجماع، والكتاب، والسنة (2).
66

(مسألة 1) لا خلاف ولا إشكال في عدم كفاية
القدرة العقلية في وجوب الحج، بل يشترط فيه الاستطاعة
الشرعية.
وهي - كما في جملة من الأخبار - (1): الزاد
والراحلة، فمع عدمهما لا يجب وإن كان قادرا عليه عقلا،
بالاكتساب ونحوه. وهل يكون اشتراط وجود الراحلة مختصا
بصورة الحاجة إليها - لعدم قدرته على المشي، أو كونه مشقة

(* 1) آل عمران: 97.
(* 2) الوسائل باب: 8 من أبواب وجوب الحج حديث: 7.
(* 3) الوسائل باب: 8 من أبواب وجوب الحج حديث: 4.
(* 4) الوسائل باب: 8 من أبواب وجوب الحج حديث: 5.
67

عليه، أو منافيا لشرفه - أو يشترط مطلقا ولو مع عدم الحاجة
إليه؟ مقتضى إطلاق الأخبار، والاجماعات المنقولة: الثاني.
وذهب جماعة من المتأخرين إلى الأول (1)،
68

لجملة من الأخبار المصرحة بالوجوب إن أطاق المشي بعضا أو
كلا (1)، بدعوى: أن مقتضى الجمع بينها وبين الأخبار

(* 1) الوسائل باب: 11 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 11 من أبواب وجوب الحج حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 10 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
(* 4) الوسائل الباب: 10 من أبواب وجوب الحج حديث: 5.
69

الأول حملها على صورة الحاجة (1). مع أنها منزلة على
الغالب (2)، بل انصرافها إليها. والأقوى هو القول الثاني،
لاعراض المشهور عن هذه الأخبار، مع كونها بمرأى منهم
ومسمع (3)، فاللازم طرحها، أو حملها على بعض المحامل،
كالحمل على الحج المندوب (4)، وإن كان بعيدا عن سياقها (5).
مع أنها مفسرة للاستطاعة في الآية الشريفة (6)، وحمل الآية
على القدر المشترك بين الوجوب والندب (7) بعيد (8). أو
حملها على من استقر عليه حجة الاسلام سابقا (9)، وهو
70

أيضا بعيد (1)، أو نحو ذلك (2). وكيف كان فالأقوى
ما ذكرنا، وإن كان لا ينبغي ترك الاحتياط بالعمل بالأخبار
المزبورة، خصوصا بالنسبة إلى من لا فرق عنده بين المشي
والركوب، أو يكون المشي أسهل لانصراف الأخبار الأول
عن هذه الصورة (3). بل لولا الاجماعات المنقولة والشهرة
لكان هذا القول في غاية القوة (4).
71

(مسألة 2): لا فرق في اشتراط وجود الراحلة بين
القريب والبعيد، حتى بالنسبة إلى أهل مكة (1)، لاطلاق
الأدلة. فما عن جماعة: من عدم اشتراطه بالنسبة إليهم لا
وجه له (2).

(* 1) ما دل من الكتاب العزيز على ذلك إنما هو قوله تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد
بكم العسر..) - البقرة: 185 - وقوله تعالى: (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج..)
المائدة: 7 - وقوله سبحانه: (ما جعل عليكم في الدين من حرج..) - الحج: 78.
وأما الروايات الواردة بهذا الشأن فهي كثيرة، تقدمت الإشارة إلى بعضها في التعليقة على
المسألة: 10 من فصل ماء البئر ج 1. ويأتي ذكر الباقي في هذا الجزء في الميقات الثالث من
فصل المواقيت.
72

(مسألة 3): لا يشترط وجودهما عينا عنده، بل يكفي
وجود ما يمكن صرفه في تحصيلهما من المال (1). من غير
فرق بين النقود والأملاك، من البساتين والدكاكين والخانات
ونحوها. ولا يشترط إمكان حمل الزاد معه، بل يكفي إمكان
73

تحصيله في المنازل بقدر الحاجة، ومع عدمه فيها يجب حمله
مع الامكان، من غير فرق بين علف الدابة وغيره (1).
ومع عدمه يسقط الوجوب.
(مسألة 4): المراد بالزاد هنا: المأكول، والمشروب
وسائر ما يحتاج إليه المسافر، من الأوعية التي يتوقف عليها
حمل المحتاج إليه، وجميع ضروريات ذلك السفر (2). بحسب

(* 1) تقدم ذكر النصوص المتضمنة لذلك في المسألة: 1 من هذا الفصل.
(* 2) يأتي ذكر ما تضمن ذلك - إن شاء الله تعالى - في المسألة: 15 من هذا الفصل.
74

حاله: قوة وضعفا، وزمانه: حرا وبردا، وشأنه: شرفا
وضعة. والمراد بالراحلة: مطلق ما يركب، ولو مثل سفينة
في طريق البحر. واللازم وجود ما يناسب حاله بحسب القوة
والضعف. بل الظاهر اعتباره من حيث الضعة والشرف،
كما وكيفا (1). فإذا كان من شأنه ركوب المحمل أو الكنيسة،

(* 1) الوسائل باب: 10 من أبواب وجوب الحج حديث: 7.
75

بحيث يعد ما دونهما نقصا عليه، يشترط في الوجوب القدرة
عليه، ولا يكفي ما دونه، وإن كانت الآية والأخبار مطلقة.
وذلك لحكومة قاعدة نفي العسر والحرج على الاطلاقات (1).

(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 9 من أبواب وجوب الحج حديث: 3.
(* 3) الوسائل باب:؟ من أبواب وجوب الحج حديث: 7.
76

نعم إذا لم يكن بحد الحرج وجب معه الحج. وعليه يحمل
ما في بعض الأخبار: من وجوبه ولو على حمار أجدع مقطوع
الذنب (1).
(مسألة 5): إذا لم يكن عنده الزاد ولكن كان كسوبا
يمكنه تحصيله بالكسب في الطريق لأكله وشربه وغيرهما من
بعض حوائجه، هل يجب عليه أو لا؟ الأقوى عدمه (2)،
وإن كان الأحوط.
77

(مسألة 6): إنما يعتبر الاستطاعة من مكانه لا من
بلده، فالعراقي إذا استطاع وهو في الشام وجب عليه، وإن
لم يكن عنده بقدر الاستطاعة من العراق (1). بل لو مشى
إلى ما قبل الميقات متسكعا، أو لحاجة أخرى من تجارة أو
غيرها، وكان له هناك ما يمكن أن يحج به وجب عليه. بل
لو أحرم متسكعا فاستطاع، وكان أمامه ميقات آخر، أمكن

(* 1) الوسائل باب: 22 من أبواب وجوب الحج حديث: 2.
78

أن يقال بالوجوب عليه، وإن كان لا يخلو عن إشكال (1).
(مسألة 7): إذا كان من شأنه ركوب المحمل أو
الكنيسة ولم يوجد سقط الوجوب. ولو وجد ولم يوجد شريك
للشق الآخر، فإن لم يتمكن من أجرة الشقين سقط أيضا،
وإن تمكن فالظاهر الوجوب، لصدق الاستطاعة. فلا وجه
لما عن العلامة: من التوقف فيه، لأن بذل المال له خسران
لا مقابل له (2).
79

نعم لو كان بذله مجحفا ومضرا بحاله لم يجب (1)، كما هو
الحال في شراء ماء الوضوء.
(مسألة 8): غلاء أسعار ما يحتاج إليه، أو أجرة
المركوب في تلك السنة لا يوجب السقوط (2)، ولا يجوز
التأخير عن تلك السنة مع تمكنه من القيمة. بل وكذا لو
توقف على الشراء بأزيد من ثمن المثل والقيمة المتعارفة. بل
وكذا لو توقف على بيع أملاكه بأقل من ثمن المثل، لعدم
وجود راغب في القيمة المتعارفة. فما عن الشيخ: من سقوط
الوجوب ضعيف (3).
80

نعم لو كان الضرر مجحفا بماله مضرا بحاله لم يجب (1)،
وإلا فمطلق الضرر لا يرفع الوجوب، بعد صدق الاستطاعة
وشمول الأدلة. فالمناط هو الاجحاف والوصول إلى حد الحرج
الرافع للتكليف.
(مسألة 9): لا يكفي في وجوب الحج وجود نفقة
الذهاب فقط، بل يشترط وجود نفقة العود إلى وطنه إن
أراده، وإن لم يكن له فيه أهل ولا مسكن مملوك ولو
81

بالإجارة (1). للحرج في التكليف بالإقامة في غير وطنه
المألوف له. نعم إذا لم يرد العود (2)، أو كان وحيدا لا تعلق
له بوطن، لم يعتبر وجود نفقة العود. لاطلاق الآية والأخبار
في كفاية وجود نفقة الذهاب. وإذا أراد السكنى في بلد آخر
غير وطنه لا بد من وجود النفقة إليه إذا لم يكن أبعد من وطنه،
وإلا فالظاهر كفاية مقدار العود إلى وطنه (3).
(مسألة 10): قد عرفت أنه لا يشترط وجود أعيان
82

ما يحتاج إليه في نفقة الحج من الزاد والراحلة، ولا وجود
أثمانها من النقود، بل يجب عليه بيع ما عنده من الأموال
لشرائها.
لكن يستثنى من ذلك ما يحتاج إليه في ضروريات
معاشه فلا تباع دار سكناه اللائقة بحاله (1)، ولا خادمه
المحتاج إليه، ولا ثياب تجمله اللائقة بحاله - فضلا عن ثياب
مهنته - ولا أثاث بيته من الفراش والأواني وغيرهما مما هو محل
حاجته بل ولا حلي المرأة مع حاجتها بالمقدار اللائق بها
بحسب حالها في زمانها ومكانها، ولا كتب العلم لأهله التي
لا بد له منها فيما يجب تحصيله (2). لأن الضرورة الدينية أعظم
من الدنيوية، ولا آلات الصنايع المحتاج إليها في معاشه، ولا
فرس ركوبه مع الحاجة إليه، ولا سلاحه، ولا سائر ما يحتاج
إليه. لاستلزام التكليف بصرفها في الحج العسر والحرج (3).
ولا يعتبر فيها الحاجة الفعلية. فلا وجه لما عن كشف اللثام:
من أن فرسه إن كان صالحا لركوبه في طريق الحج فهو من
83

الراحلة، وإلا فهو في مسيره إلى الحج لا يفتقر إليه بل يفتقر إلى
غيره، ولا دليل على عدم وجوب بيعه حينئذ (1). كما لا وجه
لما عن الدروس: من التوقف في استثناء ما يضطر إليه، من أمتعة
المنزل، والسلاح، وآلات الصنايع (2). فالأقوى استثناء
جميع ما يحتاج إليه في معاشه، مما يكون إيجاب بيعه مستلزما
للعسر والحرج. نعم لو زادت أعيان المذكورات عن مقدار
الحاجة وجب بيع الزائد في نفقة الحج (3). وكذا لو استغنى
عنها بعد الحاجة، كما في حلي المرأة إذا كبرت عنه ونحوه.
(مسألة 11): لو كان بيده دار موقوفة تكفيه لسكناه،
وكان عنده دار مملوكة، فالظاهر وجوب بيع المملوكة (4)
إذا كانت وافية لمصارف الحج، أو متممة لها. وكذا في
الكتب المحتاج إليها إذا كان عنده من الموقوفة مقدار كفايته،
84

فيجب بيع المملوكة منها. وكذا الحال في سائر المستثنيات إذا
ارتفعت حاجته فيها بغير المملوكة. لصدق الاستطاعة حينئذ
إذا لم يكن ذلك منافيا لشأنه، ولم يكن عليه حرج في ذلك.
نعم لو لم تكن موجودة، وأمكنه تحصيلها لم يجب عليه ذلك (1)،
فلا يجب بيع ما عنده وفي ملكه. والفرق: عدم صدق
الاستطاعة في هذه الصورة، بخلاف الصورة الأولى. إلا إذا
حصلت بلا سعي، منه أو حصلها مع عدم وجوبه، فإنه
بعد التحصيل يكون كالحاصل أولا.
(مسألة 12): لو لم تكن المستثنيات زائدة عن اللائق
بحاله بحسب عينها، لكن كانت زائدة بحسب القيمة، وأمكن
تبديلها بما يكون أقل قيمة مع كونه لايقا بحاله أيضا، فهل
يجب التبديل للصرف في نفقة الحج أو لتتميمها؟ قولان (2)،
من صدق الاستطاعة، ومن عدم زيادة العين عن مقدار الحاجة،
85

والأصل عدم وجوب التبديل. والأقوى الأول إذا لم يكن فيه
حرج أو نقص عليه (1)، وكانت الزيادة معتدا بها، كما إذا
كانت له دار تسوى مائة، وأمكن تبديلها بما يسوى خمسين،
مع كونه لايقا بحاله من غير عسر، فإنه يصدق الاستطاعة.
نعم لو كانت الزيادة قليلة جدا بحيث لا يعتنى بها، أمكن
دعوى عدم الوجوب (2)، وإن كان الأحوط التبديل أيضا.
(مسألة 13): إذا لم يكن عنده من الأعيان المستثنيات
لكن كان عنده ما يمكن شراؤها به من النقود أو نحوها، ففي
جواز شرائها وترك الحج إشكال. بل الأقوى عدم جوازه،
86

إلا أن يكون عدمها موجبا للحرج عليه، فالمدار في ذلك هو
الحرج وعدمه (1). وحينئذ فإن كانت موجودة عنده لا يجب
بيعها إلا مع عدم الحاجة، وإن لم تكن موجودة لا يجوز
شراؤها إلا مع لزوم الحرج في تركه. ولو كانت موجودة
وباعها بقصد التبديل بآخر لم يجب صرف ثمنها في الحج،
فحكم ثمنها حكمها. ولو باعها لا بقصد التبديل وجب - بعد
البيع - صرف ثمنها في الحج، إلا مع الضرورة إليها على حد
الحرج في عدمها (2).
(مسألة 14): إذا كان عنده مقدار ما يكفيه للحج،
87

ونازعته نفسه إلى النكاح، صرح جماعة (1) بوجوب الحج
وتقديمه على التزويج، بل قال بعضهم: وإن شق عليه ترك
التزويج (2). والأقوى - وفاقا لجماعة أخرى - عدم وجوبه،
مع كون ترك التزويج حرجا عليه، أو موجبا لحدوث مرض (3).
88

أو للوقوع في الزنى، ونحوه (1). نعم لو كانت عنده زوجة
واجبة النفقة ولم يكن له حاجة فيها، لا يجب أن يطلقها
ويصرف مقدار نفقتها في تتميم مصرف الحج، لعدم صدق
الاستطاعة عرفا (2).
(مسألة 15): إذا لم يكن عنده ما يحج به، ولكن
كان له دين على شخص بمقدار مؤنته أو بما تتم به مؤنته، فاللازم
اقتضاؤه وصرفه في الحج إذا كان الدين حالا، وكان المديون
باذلا، لصدق الاستطاعة حينئذ (3). وكذا إذا كان مماطلا
89



(* 1) الوسائل باب: 6 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 6 من أبواب وجوب الحج حديث: 3.
(* 3) الوسائل باب: 6 من أبواب وجوب الحج حديث: 9.
90

وأمكن إجباره بإعانة متسلط، أو كان منكرا وأمكن إثباته
عند الحاكم الشرعي وأخذه بلا كلفة وحرج. بل وكذا إذا
توقف استيفاؤه على الرجوع إلى حاكم الجور - بناء على ما هو
الأقوى من جواز الرجوع إليه مع توقف استيفاء الحق عليه -
لأنه حينئذ يكون واجبا بعد صدق الاستطاعة، لكونه مقدمة
للواجب المطلق. وكذا لو كان الدين مؤجلا، وكان المديون
باذلا قبل الأجل لو طالبه. ومنع صاحب الجواهر الوجوب
حينئذ، بدعوى: عدم صدق الاستطاعة. محل منع (1).
91

وأما لو كان المديون معسرا أو مماطلا لا يمكن إجباره، أو
منكرا للدين ولم يمكن إثباته، أو كان الترافع مستلزما للحرج
أو كان الدين مؤجلا مع عدم كون المديون باذلا فلا يجب (1).
بل الظاهر عدم الوجوب لو لم يكن واثقا ببذله مع المطالبة (2).
92

(مسألة 16): لا يجب الاقتراض للحج إذا لم يكن
له مال، وإن كان قادرا على وفائه بعد ذلك بسهولة، لأنه
تحصيل للاستطاعة (1)، وهو غير واجب. نعم لو كان له
مال غايب لا يمكن صرفه في الحج فعلا، أو مال حاضر
لا راغب في شرائه، أو دين مؤجل لا يكون المديون باذلا له
قبل الأجل، وأمكنه الاستقراض والصرف في الحج ثم وفاؤه
بعد ذلك فالظاهر وجوبه (2)، لصدق الاستطاعة حينئذ
93

عرفا. إلا إذا لم يكن واثقا بوصول الغائب أو حصول الدين
بعد ذلك، فحينئذ لا يجب الاستقراض، لعدم صدق الاستطاعة
في هذه الصورة.
(مسألة 17): إذا كان عنده ما يكفيه للحج، وكان
عليه دين، ففي كونه مانعا عن وجوب الحج مطلقا - سواء
كان حالا مطالبا به أولا، أو كونه مؤجلا - أو عدم كونه
مانعا إلا مع الحلول والمطالبة، أو كونه مانعا إلا مع التأجيل أو

(* 1) نقل بالمعنى لما رواه في الوسائل باب: 8 من أبواب وجوب الحج حديث: 4، 5، 7.
94

الحلول مع عدم المطالبة، أو كونه مانعا إلا مع التأجيل وسعة
الأجل للحج والعود أقوال (1). والأقوى كونه مانعا، إلا

(* 1) الوسائل باب: 6 من أبواب وجوب الحج حديث: 3، 9 وهو منقول بالمعنى.
(* 2) الوسائل باب: 6 من أبواب وجوب الحج حديث: 8. وهو منقول بالمعنى.
(* 3) الوسائل باب: 6 من أبواب وجوب الحج حديث: 11. وهو منقول بالمعنى.
95

مع التأجيل والوثوق بالتمكن من أداء الدين إذا صرف ما عنده
في الحج. وذلك لعدم صدق الاستطاعة في غير هذه الصورة (1)،
96

وهي المناط في الوجوب، لا مجرد كونه مالكا للمال (1).
وجواز التصرف فيه بأي وجه أراد، وعدم المطالبة في صورة
الحلول أو الرضا بالتأخير لا ينفع في صدق الاستطاعة. نعم
لا يبعد الصدق إذ كان واثقا بالتمكن من الأداء، مع فعلية
الرضا بالتأخير من الداين. والأخبار الدالة على جواز الحج
لمن عليه دين (2) لا تنفع في الوجوب، وفي كونه حجة الاسلام

(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب وجوب الحج حديث: 1، 3.
(* 2) الوسائل باب: 50 من أبواب وجوب الحج حديث: 10.
(* 3) الوسائل باب: 50 من أبواب وجوب الحج ملحق حديث: 10.
97

وأما صحيح معاوية بن عمار عن الصادق (عليه السلام): " عن رجل
عليه دين، أعليه أن يحج؟ قال: نعم، إن حجة الاسلام
واجبة على من أطاق المشي من المسلمين " (* 1)، وخبر
عبد الرحمن عنه (عليه السلام): أنه قال: الحج واجب على الرجل
وإن كان عليه دين " (* 2). فمحمولان على الصورة التي ذكرنا (1).
أو على من استقر عليه الحج سابقا. وإن كان لا يخلو من
إشكال، كما سيظهر (2) فالأولى الحمل الأول (3). وأما
ما يظهر من صاحب المستند (4): من أن كلا من أداء الدين
والحج واجب، فاللازم - بعد عدم الترجيح - التخيير بينهما
في صورة الحلول مع المطالبة، أو التأجيل مع عدم سعة الأجل
للذهاب والعود، وتقديم الحج في صورة الحلول مع الرضا
بالتأخير، أو التأجيل مع سعة الأجل للحج والعود ولو مع

(* 1) الوسائل باب: 11 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 50 من أبواب وجوب الحج حديث: 4.
98

عدم الوثوق بالتمكن من أداء الدين بعد ذلك، حيث لا يجب
المبادرة إلى الأداء فيهما، فيبقى وجوب الحج بلا مزاحم.
ففيه: أنه لا وجه للتخيير في الصورتين الأوليين، ولا لتعيين
تقديم الحج في الأخيرتين، بعد كون الوجوب - تخييرا أو
تعيينا - مشروطا بالاستطاعة، الغير الصادقة في المقام. خصوصا
مع المطالبة وعدم الرضا بالتأخير (1). مع أن التخيير فرع
كون الواجبين مطلقين وفي عرض واحد، والمفروض أن
وجوب أداء الدين مطلق، بخلاف وجوب الحج فإنه مشروط
بالاستطاعة الشرعية. نعم لو استقر عليه وجوب الحج سابقا
فالظاهر التخيير، لأنهما حينئذ في عرض واحد. وإن كان
يحتمل تقديم الدين إذا كان حالا مع المطالبة أو مع عدم الرضا
بالتأخير لأهمية حق الناس من حق الله. لكنه ممنوع، ولذا
لو فرض كونهما عليه بعد الموت يوزع المال عليهما ولا يقدم
دين الناس (2) ويحتمل تقديم الأسبق منهما في الوجوب.
99



(* 1) لاحظ المسألة: 3 من فصل صلاة الاستيجار من الجزء: 7 من هذا الشرح.
(* 2) لم نعثر على النص المذكور في مظانه، والمروي في الوسائل باب: 78 من أبواب جهاد النفس
حديث: 1 قريب من ذلك. وقريب منه - أيضا - ما في نهج البلاغة.
100

لكنه أيضا لا وجه له، كما لا يخفى (1).
(مسألة 18): لا فرق - في كون الدين مانعا من وجوب
الحج - بين أن يكون سابقا على حصول المال بقدر الاستطاعة
أولا (2)، كما إذا استطاع للحج، ثم عرض عليه دين، بأن
أتلف مال الغير - مثلا - على وجه الضمان من دون تعمد (3)،
قبل خروج الرفقة، أو بعده قبل أن يخرج هو، أو بعد
خروجه قبل الشروع في الأعمال. فحاله حال تلف المال من
دون دين، فإنه يكشف عن عدم كونه مستطيعا.
(مسألة 19): إذا كان عليه خمس أو زكاة، وكان
عنده مقدار ما يكفيه الحج لولاهما، فحالهما حال الدين مع
المطالبة، لأن المستحقين لهما مطالبون، فيجب صرفه فيهما ولا
يكون مستطيعا. وإن كان الحج مستقرا عليه سابقا تجئ
الوجوه المذكورة، من التخيير، أو تقديم حق الناس، أو
تقديم الأسبق. هذا إذا كان الخمس أو الزكاة في ذمته، وأما
101

إذا كانا في عين ماله فلا إشكال في تقديمهما على الحج، سواء
كان مستقرا عليه أو لا (1). كما أنهما يقدمان على ديوان الناس
أيضا (2). ولو حصلت الاستطاعة والدين والخمس والزكاة
معا فكما لو سبق الدين (3).
(مسألة 20): إذا كان عليه دين مؤجل بأجل طويل
جدا - كما بعد خمسين سنة - فالظاهر عدم منعه عن الاستطاعة (4)
وكذا إذا كان الديان مسامحا في أصله، كما في مهور نساء أهل
الهند، فإنهم يجعلون المهر ما لا يقدر الزوج على أدائه - كمائة
ألف روبية، أو خمسين ألف - لاظهار الجلالة، وليسوا مقيدين
بالاعطاء والأخذ، فمثل ذلك لا يمنع من الاستطاعة ووجوب
102

الحج. وكالدين ممن بناؤه على الابراء، إذا لم يتمكن المديون
من الأداء، أو واعده بالابراء بعد ذلك (1).
(مسألة 21): إذا شك في مقدار ماله وأنه وصل إلى
حد الاستطاعة أولا، هل يجب عليه الفحص أو لا؟ وجهان،
أحوطهما ذلك (2). وكذا إذا علم مقداره وشك في مقدار
مصرف الحج، وأنه يكفيه أولا.
103

(مسألة 22): لو كان بيده مقدار نفقة الذهاب
والإياب، وكان له مال غايب لو كان باقيا يكفيه في رواج
أمره بعد العود، لكن لا يعلم بقائه أو عدم بقائه، فالظاهر
وجوب الحج بهذا الذي بيده، استصحابا لبقاء الغائب (1).
فهو كما لو شك في أن أمواله الحاضرة تبقى إلى ما بعد العود أولا
فلا يعد من الأصل المثبت (2).

(* 1) الوسائل باب: 7 من أبواب زكاة الذهب والفضة حديث: 1.
104

(مسألة 23): إذا حصل عنده مقدار ما يكفيه للحج،
يجوز له - قبل أن يتمكن من المسير - أن يتصرف فيه بما
يخرجه عن الاستطاعة، وأما بعد التمكن منه فلا يجوز، وإن
كان قبل خروج الرفقة (1). ولو تصرف بما يخرجه عنها بقيت
105



(* 1) آل عمران: 97.
106

ذمته مشغولة به. والظاهر صحة التصرف - مثل الهبة، والعتق -
وإن كان فعل حراما، لأن النهي متعلق بأمر خارج (1).
نعم لو كان قصده في ذلك التصرف الفرار من الحج لا لغرض
شرعي، أمكن أن يقال بعدم الصحة (2). والظاهر أن المناط
في عدم جواز التصرف المخرج هو التمكن في تلك السنة، فلو
109

لم يتمكن فيها، ولكن يتمكن في السنة الأخرى لم يمنع عن
جواز التصرف (1)، فلا يجب إبقاء المال إلى العام القابل إذا
كان له مانع في هذه السنة، فليس حاله حال من يكون بلده
بعيدا عن مكة بمسافة سنتين.
(مسألة 24): إذا كان له مال غايب بقدر الاستطاعة
- وحده أو منضما إلى ماله الحاضر - وتمكن من التصرف
في ذلك المال الغايب، يكون مستطيعا ويجب عليه الحج. وإن
لم يكن متمكنا من التصرف فيه - ولو بتوكيل من يبيعه هناك -
فلا يكون مستطيعا إلا بعد التمكن منه أو الوصول في يده (2).
وعلى هذا فلو تلف في الصورة الأولى بقي وجوب الحج
مستقرا عليه، إن كان التمكن في حال تحقق سائر الشرائط (3)

(* 1) تقدمت الإشارة إلى مصادرها في المسألة: 17 من هذا الفصل.
110

ولو تلف في الصورة الثانية لم يستقر. وكذا إذا مات مورثه
وهو في بلد آخر، وتمكن من التصرف في حصته أو لم يتمكن،
فإنه على الأول يكون مستطيعا، بخلافه على الثاني.
(مسألة 25): إذا وصل ماله إلى حد الاستطاعة،
لكنه كان جاهلا به، أو كان غافلا عن وجوب الحج عليه
ثم تذكر بعد أن تلف ذلك المال (1)، فالظاهر استقرار
وجوب الحج عليه إذا كان واجدا لسائر الشرائط حين وجوده
والجهل والغفلة لا يمنعان عن الاستطاعة (2) غاية الأمر: أنه
معذور في ترك ما وجب عليه. وحينئذ فإذا مات - قبل التلف
أو بعده - وجب الاستيجار عنه إن كانت له تركة بمقداره،
وكذا إذا نقل ذلك المال إلى غيره - بهبة أو صلح - ثم علم

(* 1) الوسائل باب: 6 من أبواب وجوب الحج حديث: 1، 3 وغيرهما من أحاديث الباب.
111

بعد ذلك أنه كان بقدر الاستطاعة. فلا وجه لما ذكره المحقق
القمي في أجوبة مسائله: من عدم الوجوب، لأنه لجهله لم
يصر موردا، وبعد النقل والتذكر ليس عنده ما يكفيه، فلم
يستقر عليه. لأن عدم التمكن - من جهة الجهل والغفلة -
لا ينافي الوجوب الواقعي، والقدرة التي هي شرط في التكاليف
القدرة من حيث هي، وهي موجودة، والعلم شرط في التنجز
لا في أصل التكليف.
(مسألة 26): إذا اعتقد أنه غير مستطيع فحج ندبا،
فإن قصد امتثال الأمر المتعلق به فعلا، وتخيل أنه الأمر الندبي
أجزأ عن حجة الاسلام، لأنه حينئذ من باب الاشتباه في
التطبيق (1). وإن قصد الأمر الندبي على وجه التقييد لم يجز
عنها، وإن كان حجه صحيحا (2)، وكذا الحال إذا علم
باستطاعته ثم غفل عن ذلك (3). وأما لو علم بذلك وتخيل
112

عدم فوريتها فقصد الأمر الندبي فلا يجزي، لأنه يرجع
إلى التقييد.
(مسألة 27): هل تكفي في الاستطاعة الملكية المتزلزلة
للزاد والراحلة وغيرهما - كما إذا صالحه شخص ما يكفيه للحج
بشرط الخيار له إلى مدة معينة، أو باعه محاباة كذلك -؟
وجهان، أقواهما العدم، لأنها في معرض الزوال (1)، إلا
إذا كان واثقا بأنه لا يفسخ. وكذا لو وهبه وأقبضه إذا لم
113

يكن رحما، فإنه ما دامت العين موجودة له الرجوع. ويمكن
أن يقال بالوجوب هنا (1)، حيث أن له التصرف في الموهوب،
فتلزم الهبة.
(مسألة 28): يشترط في وجوب الحج - بعد حصول
الزاد والراحلة - بقاء المال إلى تمام الأعمال (2)، فلو تلف
بعد ذلك (3) - ولو في أثناء الطريق - كشف عن عدم
الاستطاعة. وكذا لو حصل عليه دين قهرا، كما إذا أتلف
مال غيره خطأ. وأما لو أتلفه عمدا فالظاهر كونه كاتلاف الزاد
والراحلة عمدا في عدم زوال استقرار الحج (4).
114

(مسألة 29): إذا تلف - بعد تمام الأعمال - مؤنة
عوده إلى وطنه، أو تلف ما به الكفاية من ماله في وطنه -
بناء على اعتبار الرجوع إلى كفاية في الاستطاعة - فهل يكفيه
عن حجة الاسلام أو لا؟ وجهان، لا يبعد الاجزاء (1).
115

ويقربه: ما ورد من أن من مات بعد الاحرام ودخول الحرم
أجزأه عن حجة الاسلام (1). بل يمكن أن يقال بذلك إذا
تلف في أثناء الحج أيضا (2).
(مسألة 30): الظاهر عدم اعتبار الملكية في الزاد
والراحلة، فلو حصلا بالإباحة الملازمة كفى في الوجوب،
لصدق الاستطاعة (3).

(* 1) لاحظ الوسائل باب: 8 من أبواب وجوب الحج حديث: 4، 5، 7.
(* 2) الوسائل باب: 6 من أبواب وجوب الحج حديث: 3.
(* 3) الوسائل باب: 6 من أبواب وجوب الحج حديث: 1. والفقرة الأولى منقولة بالمعنى
فلاحظ.
116

ويؤيده الأخبار الواردة في البذل (1). فلو شرط أحد المتعاملين
على الآخر - في ضمن عقد لازم - أن يكون له التصرف في
ماله بما يعادل مائة ليرة مثلا، وجب عليه الحج، ويكون
كما لو كان مالكا له.
(مسألة 31): لو أوصى له بما يكفيه للحج فالظاهر
وجوب الحج عليه بعد موت الموصي. خصوصا إذا لم يعتبر
القبول في ملكية الموصى له (2)، وقلنا بملكيته ما لم يرد، فإنه
ليس له الرد حينئذ.
(مسألة 32): إذا نذر - قبل حصول الاستطاعة -
أن يزور الحسين (عليه السلام) في كل عرفة، ثم حصلت لم يجب عليه
الحج (3). بل وكذا لو نذر:
117



* - ذكر ذلك في حاشية له على رسالته العملية في الحج، منه قدس سره.
118

إن جاء مسافره أن يعطي الفقير كذا مقدارا، فحصل له ما يكفيه
لأحدهما، بعد حصول المعلق عليه، بل وكذا إذا نذر - قبل
حصول الاستطاعة - أن يصرف مقدار مائة ليرة مثلا في
الزيارة أو التعزية أو نحو ذلك، فإن هذا كله مانع عن تعلق
وجوب الحج به. وكذا إذا كان عليه واجب مطلق فوري
قبل حصول الاستطاعة، ولم يمكن الجمع بينه وبين الحج،
ثم حصلت الاستطاعة، وإن لم يكن ذلك الواجب أهم من
الحج، لأن العذر الشرعي كالعقلي في المنع من الوجوب (1).
وأما لو حصلت الاستطاعة أولا ثم حصل واجب فوري آخر
120

لا يمكن الجمع بينه وبين الحج، يكون من باب المزاحمة،
فيقدم الأهم منهما (1)، فلو كان مثل انقاذ الغريق قدم على
الحج. وحينئذ فإن بقيت الاستطاعة إلى العام القابل وجب
الحج فيه، وإلا فلا. إلا أن يكون الحج قد استقر عليه سابقا.

(* 1) الوسائل باب: 6 من أبواب وجوب الحج حديث: 3.
121

فإنه يجب عليه ولو متسكعا.
(مسألة 33): النذر المعلق على أمر قسمان (1): تارة:
يكون التعليق على وجه الشرطية، كما إذا قال: " إن جاء
مسافري فله علي أن أزور الحسين (عليه السلام) في عرفة "، وتارة:
يكون على نحو الواجب المعلق، كأن يقول: " لله علي أن
أزور الحسين (عليه السلام) في عرفة عند مجئ مسافري ". فعلى الأول
122

يجب الحج إذا حصلت الاستطاعة قبل مجئ مسافره. وعلى
الثاني لا يجب، فيكون حكمه حكم النذر المنجز، في أنه لو
حصلت الاستطاعة وكان العمل بالنذر منافيا لها لم يجب الحج،
سواء حصل المعلق عليه قبلها أو بعدها. وكذا لو حصلا معا
لا يجب الحج، من دون فرق بين الصورتين. والسر في ذلك:
أن وجوب الحج مشروط والنذر مطلق، فوجوبه يمنع من
تحقق الاستطاعة (1).
(مسألة 34): إذا لم يكن له زاد وراحلة، ولكن
123

قيل له: " حج وعلى نفقتك ونفقة عيالك " وجب عليه. وكذا
لو قال: " حج بهذا المال " وكان كافيا له - ذهابا وإيابا -
ولعياله، فتحصل الاستطاعة ببذل النفقة كما تحصل بملكها (1).

(* 1) الوسائل باب: 8 من أبواب وجوب الحج حديث: 2.
(* 2) لم نعثر على هذا الحديث في كتاب الوسائل ومستدركه، والجواهر والحدائق وكشف
اللثام والمدارك. نعم في التذكرة في المسألة الثانية من المبحث الرابع في المؤنة (جزء: 1 صفحة: 302
الطبعة الأولى) قال: " ولأن الباقر والصادق عليهما السلام سئلا عمن عرض عليه ما يحج به
فاستحيى من ذلك أهو ممن يستطيع إلى ذلك سبيلا؟ قال: نعم ".
124



(* 1) الوسائل باب: 10 من أبواب وجوب الحج حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 10 من أبواب وجوب الحج حديث: 5.
(* 3) الوسائل باب: 10 من أبواب وجوب الحج حديث: 3.
125

من غير فرق بين أن يبيحها له أو يملكها إياه، ولا بين أن
يبذل عينها أو ثمنها، ولا بين أن يكون البذل واجبا عليه
- بنذر، أو يمين أو نحوهما - أولا، ولا بين كون الباذل

(* 1) الوسائل باب: 8 من أبواب وجوب الحج حديث: 3. وفي الرواية: " أن يكون له
ما يحج به ".
(* 2) الوسائل باب: 8 من أبواب وجوب الحج حديث: 7.
(* 3) الوسائل باب: 6 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
(* 4) نقل بالمعنى لما رواه في الوسائل باب: 6 من أبواب وجوب الحج حديث: 3، 9.
126

موثوقا به أولا على الأقوى. والقول بالاختصاص بصورة
التمليك ضعيف (1). كالقول بالاختصاص بما إذا وجب
عليه (2)،
127

أو بأحد الأمرين: من التمليك أو الوجوب (1)
128

وكذا القول بالاختصاص بما إذا كان موثوقا به (1).
129

كل ذلك لصدق الاستطاعة، وإطلاق المستفيضة من الأخبار (1).
ولو كان له بعض النفقة فبذل له البقية وجب أيضا (2). ولو
131

بذل له نفقة الذهاب فقط ولم يكن عنده نفقة العود لم يجب (1)،
وكذا لو لم يبذل نفقة عياله (2). إلا إذا كان عنده ما يكفيهم
إلى أن يعود، أو كان لا يتمكن من نفقتهم مع ترك الحج أيضا.

(* 1) راجع أول المسألة.
132

(مسألة 35): لا يمنع الدين من الوجوب في الاستطاعة
البذلية. نعم لو كان حالا، وكان الديان مطالبا، مع فرض
تمكنه من أدائه لو لم يحج ولو تدريجا، ففي كونه مانعا أو لا
وجهان (1).
133

(مسألة 36): لا يشترط الرجوع إلى كفاية في
الاستطاعة البذلية (1).
134

(مسألة 37): إذا وهبه ما يكفيه للحج لأن يحج وجب
عليه القبول على الأقوى (1)، بل وكذا لو وهبه وخيره بين
أن يحج به أولا (2) وأما لو وهبه ولم يذكر الحج لا تعيينا
135

ولا تخييرا، فالظاهر عدم وجوب القبول، كما عن المشهور (1).
(مسألة 38): لو وقف شخص لمن يحج - أو أوصى
أو نذر كذلك - فبذل المتولي - أو الوصي أو الناذر - له وجب
عليه، لصدق الاستطاعة (2)، بل إطلاق الأخبار. وكذا لو
أوصى له بما يكفيه للحج بشرط أن يحج، فإنه يجب عليه
بعد موت الموصي (3).
136

(مسألة 39): لو أعطاه ما يكفيه للحج خمسا أو زكاة،
وشرط عليه أن يحج به فالظاهر الصحة (1)،
137

ووجوب الحج عليه إذا كان فقيرا، أو كانت الزكاة من سهم
سبيل الله (1).
(مسألة 40): الحج البذلي مجز عن حجة الاسلام،
138

فلا يجب عليه إذا استطاع مالا بعد ذلك على الأقوى (1).
(مسألة 41): يجوز للباذل الرجوع عن بذله قبل
الدخول في الاحرام (2). وفي جواز رجوعه عنه بعده وجهان (3).

(* 1) الوسائل باب: 10 من أبواب وجوب الحج حديث: 6.
(* 2) الوسائل باب: 21 من أبواب وجوب الحج حديث: 5.
139



(* 1) هذا الحديث وإن وجد في بعض الكتب الفقهية إلا أنه لم نعثر عليه بعد الفحص في كتب
الحديث للعام والخاصة وبعد الاستعانة ببعض الفهارس المعدة لضبط السنة النبوية.
(* 2) الوسائل باب: 7 من أبواب العيوب والتدليس في النكاح حديث: 1.
144

ولو وهبه للحج فقبل فالظاهر جريان حكم الهبة عليه، في
جواز الرجوع قبل الاقباض وعدمه بعده، إذا كانت لذي
رحم، أو بعد تصرف الموهوب له (1).
(مسألة 42): إذا رجع الباذل في أثناء الطريق، ففي
وجوب نفقة العود عليه أولا وجهان (2).
(مسألة 43): إذا بذل لأحد اثنين أو ثلاثة فالظاهر
الوجوب عليهم كفاية (3)، فلو ترك الجميع استقر عليهم
145

الحج. فيجب على الكل، لصدق الاستطاعة بالنسبة إلى الكل.
نظير: ما إذا وجد المتيممون ماء يكفي لواحد منهم، فإن
تيمم الجميع يبطل (1).
146

(مسألة 44): الظاهر أن ثمن الهدي على الباذل (1).
وأما الكفارات فإن أتى بموجبها عمدا اختيارا فعليه، وإن
أتى بها اضطرارا، أو مع الجهل أو النسيان فيما لا فرق فيه
بين العمد وغيره، ففي كونه عليه أو على الباذل وجهان (2).
(مسألة 45): إنما يجب بالبذل الحج الذي هو وظيفته
على تقدير الاستطاعة، فلو بذل للآفاقي بحج القران أو الافراد
أو لعمرة مفردة لا يجب عليه، وكذا لو بذل للمكي لحج
147

التمتع لا يجب عليه. ولو بذل لمن حج حجة الاسلام لم يجب
عليه ثانيا (1). ولو بذل لمن استقر عليه حجة الاسلام وصار
معسرا وجب عليه (2). ولو كان عليه حجة النذر أو نحوه
ولم يتمكن فبذل له باذل وجب عليه (3)، وإن قلنا بعدم
الوجوب لو وهبه لا للحج. لشمول الأخبار من حيث التعليل
فيها: بأنه بالبذل صار مستطيعا. ولصدق الاستطاعة عرفا.
(مسألة 46): إذا قال له: " بذلت لك هذا المال
مخيرا بين أن تحج به أو تزور الحسين (عليه السلام) " وجب عليه الحج (4).
148

(مسألة 47): لو بذل له مالا ليحج بقدر ما يكفيه،
فسرق في أثناء الطريق سقط الوجوب (1).
(مسألة 48): لو رجع عن بذله في الأثناء، وكان
في ذلك المكان يتمكن من أن يأتي ببقية الأعمال من مال نفسه
أو حدث له مال بقدر كفايته، وجب عليه الاتمام (2)،
وأجزأه عن حجة الاسلام.
(مسألة 49): لا فرق في الباذل بين أن يكون واحدا
أو متعددا (3)، فلو قالا له: " حج وعلينا نفقتك " وجب عليه.
(مسألة 50): لو عين له مقدارا ليحج به، واعتقد
149

كفايته فبان عدمها، وجب عليه الاتمام في الصورة التي لا يجوز
له الرجوع. إلا إذا كان ذلك مقيدا بتقدير كفايته (1).
(مسألة 51): إذا قال: " اقترض وحج وعلي
دينك " ففي وجوب ذلك عليه نظر، لعدم صدق الاستطاعة عرفا (2)
150

نعم لو قال: " اقترض لي وحج به " وجب مع وجود
المقرض كذلك.
(مسألة 52) لو بذل له مالا ليحج به فتبين بعد
الحج أنه كان مغصوبا، ففي كفايته للمبذول له عن حجة
الاسلام وعدمها وجهان، أقواهما العدم (1). أما لو قال:
" حج وعلي نفقتك "، ثم بذل له مالا فبان كونه مغصوبا،
151

فالظاهر صحة الحج وإجراؤه عن حجة الاسلام، لأنه استطاع
بالبذل. وقرار الضمان على الباذل في الصورتين، عالما كان
بكونه مال الغير أو جاهلا (1).
(مسألة 53): لو آجر نفسه للخدمة في طريق الحج
بأجرة يصير بها مستطيعا وجب عليه الحج. ولا ينافيه وجوب
قطع الطريق عليه للغير، لأن الواجب عليه - في حج نفسه -
أفعال الحج، وقطع الطريق مقدمة توصلية، بأي وجه أتى
بها كفى ولو على وجه الحرام، أو لا بنية الحج (2).
152



(* 1) الوسائل باب: 22 من أبواب وجوب الحج حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 22 من أبواب وجوب الحج حديث: 4.
(* 3) الوسائل باب: 22 من أبواب وجوب الحج حديث: 5.
153



(* 1) المائدة: 7.
154

وكذا لو كان مستطيعا قبل الإجارة جاز له إجارة نفسه
للخدمة في الطريق. بل لو آجر نفسه لنفس المشي معه، بحيث
يكون العمل المستأجر عليه نفس المشي صح أيضا، ولا يضر
بحجه. نعم لو آجر نفسه لحج بلدي لم يجز له أن يؤجر نفسه
لنفس المشي، كإجارته لزيارة بلدية أيضا. أما لو آجر للخدمة
في الطريق فلا بأس وإن كان مشيه للمستأجر الأول. فالممنوع
وقوع الإجارة على نفس ما وجب عليه أصلا أو بالإجارة.
(مسألة 54): إذا استؤجر - أي: طلب منه إجارة
نفسه للخدمة بما يصير به مستطيعا - لا يجب عليه القبول، ولا
155

يستقر الحج عليه، فالوجوب عليه مقيد بالقبول ووقوع
الإجارة. وقد يقال بوجوبه (1) إذا لم يكن حرجا عليه،
لصدق الاستطاعة. ولأنه مالك لمنافعه فيكون مستطيعا قبل
الإجارة، كما إذا كان مالكا لمنفعة عبده أو دابته، وكانت
كافية في استطاعته. وهو كما ترى، إذ نمنع صدق الاستطاعة
بذلك (2). لكن لا ينبغي ترك الاحتياط في بعض صوره،
كما إذا كان من عادته إجارة نفسه للأسفار.
(مسألة 55): يجوز لغير المستطيع أن يؤجر نفسه
156

للنيابة عن الغير. وإن حصلت الاستطاعة بمال الإجارة قدم
الحج النيابي (1)، فإن بقيت الاستطاعة إلى العام القابل وجب
عليه لنفسه، وإلا فلا.
(مسألة 56): إذا حج لنفسه، أو عن غيره تبرعا
أو بالإجارة، مع عدم كونه مستطيعا لا يكفيه عن حجة
157

الاسلام، فيجب عليه الحج إذا استطاع بعد ذلك (1). وما
في بعض الأخبار: من إجزائه عنها، محمول على الاجزاء

(* 1) الوسائل باب: 21 من أبواب وجوب الحج حديث: 1. والموجود فيه: (آدم)
بدل: (مرازم). وكذلك في التهذيب ج: 5 صفحة: 8، صفحة 411، والاستبصار ج: 2
صفحة: 144.
(* 2) الوسائل باب: 21 من أبواب وجوب الحج حديث: 5.
(* 3) الوسائل باب: 21 من أبواب وجوب الحج حديث: 2.
(* 4) الوسائل باب: 21 من أبواب وجوب الحج حديث: 4.
(* 5) الوسائل باب: 21 من أبواب وجوب الحج حديث 6.
158

ما دام فقيرا، كما صرح به في بعضها الآخر (1). فالمستفاد
منها: أن حجة الاسلام مستحبة على غير المستطيع، وواجبة
على المستطيع (2)، ويتحقق الأول بأي وجه أتى به ولو عن
الغير تبرعا أو بالإجارة، ولا يتحقق الثاني إلا مع حصول
شرائط الوجوب.
(مسألة 57): يشترط في الاستطاعة - مضافا إلى
159

مؤنة الذهاب والإياب - وجود ما يمون به عياله حتى يرجع،
فمع عدمه لا يكون مستطيعا (1). والمراد بهم: من يلزمه
نفقته لزوما عرفيا وإن لم يكن ممن يجب عليه نفقته شرعا على
الأقوى (2)، فإذا كان له أخ صغير، أو كبير فقير لا يقدر

(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
160

على التكسب، وهو ملتزم بالانفاق عليه، أو كان متكفلا
لانفاق يتيم في حجره ولو أجنبي يعد عيال له، فالمدار على
العيال العرفي.
(مسألة 58): الأقوى وفاقا - لأكثر القدماء - اعتبار
الرجوع إلى كفاية، من تجارة، أو زراعة، أو صناعة، أو
منفعة ملك له، من بستان، أو دكان، أو نحو ذلك (1)،

(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب وجوب الحج ملحق حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 9 من أبواب وجوب الحج حديث: 4.
161



(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب وجوب الحج حديث: 5.
(* 2) تقدمت الإشارة إلى الأدلة المذكورة اجمالا في صفحة: 72.
162

بحيث لا يحتاج إلى التكفف، ولا يقع في الشدة والحرج،
ويكفي كونه قادرا على التكسب اللائق به، أو التجارة باعتباره
ووجاهته، وإن لم يكن له رأس مال يتجر به. نعم قد مر
عدم اعتبار ذلك في الاستطاعة البذلية (1). ولا يبعد عدم
اعتباره - أيضا - فيمن يمضي أمره بالوجوه اللائقة به، كطلبة
العلم من السادة وغيرهم، فإذا حصل لهم مقدار مؤنة الذهاب
والإياب، ومؤنة عيالهم إلى حال الرجوع وجب عليهم. بل
وكذا الفقير الذي عادته وشغله أخذ الوجوه ولا يقدر على
التكسب، إذا حصل له مقدار مؤنة الذهاب والإياب له ولعياله (2).
163

وكذا كل من لا يتفاوت حاله قبل الحج وبعده (1)، إذا
صرف ما حصل له من مقدار مؤنة الذهاب والإياب، من
دون حرج عليه.
(مسألة 59): لا يجوز للولد أن يأخذ من مال والده
ويحج به (2). كما لا يجب على الوالد أن يبذل له. وكذا
لا يجب على الولد بذل المال لوالده ليحج به. وكذا لا يجوز
للوالد الأخذ من مال ولده للحج. والقول بجواز ذلك أو

(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب الأنفال حديث: 6.
(* 2) الوسائل باب: 78 من أبواب ما يكتسب به حديث: 6.
164

وجوبه - كما عن الشيخ (1) - ضعيف، وإن كان يدل عليه
صحيح سعيد بن يسار قال: " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الرجل
يحج من مال ابنه وهو صغير؟ قال: نعم، يحج منه حجة
الاسلام. قلت: وينفق منه؟ قال: نعم. ثم قال: إن مال

(* 1) الوسائل باب: 78 من أبواب ما يكتسب به حديث: 8.
(* 2) الوسائل باب: 78 من أبواب ما يكتسب به حديث: 2.
165

الولد لوالده. إن رجلا اختصم هو ووالده إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)
فقضى أن المال والولد للوالد " (* 1) (1). وذلك لاعراض الأصحاب
عنه (2). مع إمكان حمله على الاقتراض من ماله، مع استطاعته
من مال نفسه. أو على ما إذا كان فقيرا، وكانت نفقته على
ولده، ولم يكن نفقة السفر إلى الحج أزيد من نفقته في الحضر
إذ الظاهر الوجوب حينئذ (3).

(* 1) الوسائل باب: 36 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 78 من أبواب ما يكتسب به حديث: 1.
166



(* 1) تقدم ذكر الروايات المذكورة في صدر المسألة.
(* 2) تقدم ذكر الروايات المذكورة في صدر المسألة.
(* 3) تقدم ذكر الروايات المذكورة في صدر المسألة.
(* 4) الوسائل باب: 78 من أبواب ما يكتسب به حديث: 3.
(* 5) تقدم ذكر الروايتين في المسألة قريبا.
(* 6) الوسائل باب: 78 من أبواب ما يكتسب به حديث: 9.
(* 7) الوسائل باب: 78 من أبواب ما يكتسب به حديث: 10.
167

(مسألة 60): إذا حصلت الاستطاعة لا يجب أن يحج
من ماله، فلو حج في نفقة غيره لنفسه أجزأه (1)، وكذا
لو حج متسكعا. بل لو حج من مال الغير غصبا صح وأجزأه.
نعم إذا كان ثوب إحرامه وطوافه وسعيه من المغصوب لم
يصح. وكذا إذا كان ثمن هديه غصبا (2).
(مسألة 61): يشترط في وجوب الحج الاستطاعة
البدنية، فلو كان مريضا لا يقدر على الركوب، أو كان حرجا
عليه - ولو على المحمل أو الكنيسة - لم يجب (3). وكذا لو
168

تمكن من الركوب على المحمل لكن لم يكن عنده مؤنته (1).
وكذا لو احتاج إلى خادم ولم يكن عنده مؤنته.
(مسألة 62): ويشترط أيضا: الاستطاعة الزمانية (2)،
فلو كان الوقت ضيقا لا يمكنه الوصول إلى الحج، أو أمكن
لكن بمشقة شديدة لم يجب (3). وحينئذ فإن بقيت الاستطاعة
إلى العام القابل وجب، وإلا فلا.

(* 1) لعل المقصود بها حديث: 2 و 7 من باب 24 من أبواب وجوب الحج من الوسائل.
169

(مسألة 63): ويشترط أيضا: الاستطاعة السربية (1)،
بأن لا يكون في الطريق مانع لا يمكن معه الوصول إلى الميقات
أو إلى تمام الأعمال، وإلا لم يجب. وكذا لو كان غير مأمون (2)
بأن يخاف على نفسه، أو بدنه أو عرضه، أو ماله - وكان
الطريق منحصرا فيه، أو كان جميع الطرق كذلك. ولو كان
هناك طريقان، أحدهما أقرب لكنه غير مأمون، وجب الذهاب

(* 1) آل عمران: 97.
(* 2) الوسائل باب: 8 من أبواب وجوب الحج الحديث 4. 5 7
170

من الأبعد المأمون. ولو كان جميع الطرق مخوفا إلا أنه
يمكنه الوصول إلى الحج بالدوران في البلاد - مثل ما إذا كان
من أهل العراق، ولا يمكنه إلا أن يمشي إلى كرمان، ومنه
إلى خراسان، ومنه إلى بخارا، ومنه إلى الهند، ومنه إلى
بوشهر، ومنه إلى جدة مثلا، ومنه إلى المدينة، ومنها إلى
مكة - فهل يجب أو لا؟ وجهان، أقواهما عدم الوجوب (1)،
لأنه يصدق عليه أنه لا يكون مخلى السرب.
(مسألة 64): إذا استلزم الذهاب إلى الحج تلف مال
171

له في بلده معتد به لم يجب (1). وكذا إذا كان هناك مانع
شرعي (2)، من استلزامه ترك واجب فوري سابق على
حصول الاستطاعة، أو لاحق مع كونه أهم من الحج (3)،
كانقاذ غريق أو حريق. وكذا إذا توقف على ارتكاب محرم،
كما إذا توقف على ركوب دابة غصبية، أو المشي في
الأرض المغصوبة.
172

(مسألة 65): قد علم مما مر أنه يشترط في وجوب
الحج - مضافا إلى البلوغ، والعقل، والحرية - الاستطاعة
المالية، والبدنية، والزمانية، والسربية، وعدم استلزامه
الضرر (1)، أو ترك واجب، أو فعل حرام (2)، ومع فقد
أحد هذه لا يجب. فبقي الكلام في أمرين:
173

أحدهما إذا اعتقد تحقق جميع هذه مع فقد بعضها
واقعا، أو اعتقد فقد بعضها وكان متحققا، فنقول: إذا
اعتقد كونه بالغا أو حرا - مع تحقق سائر الشرائط - فحج،
ثم بان أنه كان صغيرا أو عبدا، فالظاهر - بل المقطوع -
عدم إجزاءه عن حجة الاسلام (1). وإن اعتقد كونه غير
بالغ أو عبدا - مع تحقق سائر الشرائط - وأتى به، أجزأه
عن حجة الاسلام، كما مر سابقا (2). وإن تركه مع بقاء
الشرائط إلى ذي الحجة فالظاهر استقرار وجوب الحج عليه (3)،
174

فإن فقد بعض الشرائط بعد ذلك - كما إذا تلف ماله - وجب
عليه الحج ولو متسكعا. وإن اعتقد كونه مستطيعا مالا وأن
ما عنده يكفيه فبان الخلاف بعد الحج، ففي إجزائه عن
حجة الاسلام وعدمه وجهان، من فقد الشرط واقعا. ومن
أن القدر المسلم من عدم (1) إجزاء حج غير المستطيع عن
حجة الاسلام غير هذه الصورة (2). وإن اعتقد عدم كفاية
ما عنده من المال وكان في الواقع كافيا وترك الحج، فالظاهر
الاستقرار عليه. وإن اعتقد عدم الضرر أو عدم الحرج فحج
فبان الخلاف، فالظاهر كفايته (3). وإن اعتقد المانع - من
176

العدو، أو الضرر، أو الحرج - فترك الحج، فبأن الخلاف،
فهل يستقر عليه الحج أولا؟ وجهان. والأقوى عدمه، لأن
المناط في الضرر الخوف، وهو حاصل (1). إلا إذا كان

(* 1) لعل المراد به حديث: 2 من باب: 24 من أبواب وجوب الحج من الوسائل. أو يراد
به صدر الحديث: 3 من باب: 6 من أبواب وجوب الحج من الوسائل.
177

اعتقاده على خلاف روية العقلاء وبدون الفحص والتفتيش.
وإن اعتقد عدم مانع شرعي فحج، فالظاهر الاجزاء إذا بان
الخلاف (1). وإن اعتقد وجوده فترك فبان الخلاف، فالظاهر
الاستقرار (2).
178

ثانيهما: إذا ترك الحج مع تحقق الشرائط متعمدا، أو
حج مع فقد بعضها كذلك. أما الأول فلا إشكال في استقرار
الحج عليه مع بقائها إلى ذي الحجة (1).
وأما الثاني فإن حج
مع عدم البلوغ، أو مع عدم الحرية فلا اشكال في عدم
إجزائه. إلا إذا بلغ أو انعتق قبل أحد الموقفين، على اشكال
في البلوغ قد مر (2). وإن حج مع عدم الاستطاعة المالية
فالظاهر مسلمية عدم الاجزاء (3). ولا دليل عليه إلا الاجماع،
وإلا فالظاهر أن حجة الاسلام هو الحج الأول (4)، وإذا
أتى به كفى ولو كان ندبا، كما إذا أتى الصبي صلاة الظهر
179

مستحبا - بناء على شرعية عباداته - فبلغ في أثناء الوقت، فإن

(* 1) الوسائل باب: 4 من أبواب مقدمة العبادات حديث: 11.
180

الأقوى عدم وجوب إعادتها. ودعوى: أن المستحب لا يجزي
عن الواجب ممنوعة، بعد اتحاد ماهية الواجب والمستحب.
نعم لو ثبت تعدد ماهية حج المتسكع والمستطيع ثم ما ذكر،
لا لعدم إجزاء المستحب عن الواجب، بل لتعدد الماهية. وإن
حج مع عدم أمن الطريق، أو مع عدم صحة البدن مع كونه
حرجا عليه، أو مع ضيق الوقت كذلك، فالمشهور بينهم
عدم إجزائه عن الواجب (1). وعن الدروس: الاجزاء.
181

إلا إذا كان إلى حد الاضرار بالنفس، وقارن بعض المناسك
فيحتمل عدم الاجزاء، ففرق بين حج المتسكع وحج هؤلاء.
وعلل الاجزاء: بأن ذلك من باب تحصيل الشرط، فإنه
لا يجب، لكن إذا حصله وجب. وفيه: أن مجرد البناء على
ذلك لا يكفي في حصول الشرط (1). مع أن غاية الأمر
182

حصول المقدمة، التي هو المشي إلى مكة ومنى وعرفات. ومن
المعلوم أن مجرد هذا لا يوجب حصول الشرط، الذي هو
عدم الضرر أو عدم الحرج (1). نعم لو كان الحرج أو الضرر
في المشي إلى الميقات فقط، ولم يكونا حين الشروع في الأعمال
تم ما ذكره (2)، ولا قائل بعدم الاجزاء في هذه الصورة.
هذا ومع ذلك فالأقوى ما ذكره في الدروس. لا لما ذكره،
183

بل لأن الضرر والحرج إذا لم يصلا إلى حد الحرمة إنما يرفعان
الوجوب والالزام لا أصل الطلب (1)، فإذا تحملهما وأتى
بالمأمور به كفى.
184

(مسألة 66): إذا حج مع استلزامه لترك واجب أو
185

ارتكاب محرم لم يجزه عن حجة الاسلام، وإن اجتمع سائر
الشرائط. لا لأن الأمر بالشئ نهي عن ضده، لمنعه أولا،
ومنع بطلان العمل بهذا النهي ثانيا. لأن النهي متعلق بأمر
خارج (1). بل لأن الأمر مشروط بعدم المانع، ووجوب
ذلك الواجب مانع (2). وكذا النهي المتعلق بذلك المحرم مانع
186

ومعه لا أمر بالحج. نعم لو كان الحج مستقرا عليه، وتوقف
الاتيان به على ترك واجب أو فعل حرام دخل في تلك المسألة (1)،
وأمكن أن يقال بالاجزاء، لما ذكر: من منع اقتضاء الأمر
بشئ للنهي عن ضده، ومنع كون النهي المتعلق بأمر خارج
موجبا للبطلان.
(مسألة 67): إذا كان في الطريق عدو لا يندفع إلا
بالمال، فهل يجب بذله ويجب الحج أو لا؟ أقوال (2)،
ثالثها: الفرق بين المضر بحاله وعدمه، فيجب في الثاني دون الأول.
187

(مسألة 68): لو توقف الحج على قتال العدو لم
188

يجب، حتى مع ظن الغلبة عليه والسلامة. وقد يقال بالوجوب
في هذه الصورة (1).
(مسألة 69): لو انحصر الطريق في البحر وجب ركوبه (2).
إلا مع خوف الغرق أو المرض خوفا عقلائيا (3)، أو استلزامه
الاخلال بصلاته (4)، أو إيجابه لأكل النجس أو شربه.
ولو حج مع هذا صح حجه، لأن ذلك في المقدمة، وهي
المشي إلى الميقات، كما إذا ركب دابة غصبية إلى الميقات.
189

(مسألة 70): إذا استقر عليه الحج، وكان عليه
خمس أو زكاة أو غيرهما من الحقوق الواجبة وجب عليه
أداؤها، ولا يجوز له المشي إلى الحج قبلها. ولو تركها عصى،
وأما حجه فصحيح إذا كانت الحقوق في ذمته لا في عين ماله.
وكذا إذا كانت في عين ماله ولكن كان ما يصرفه في مؤنته من
المال الذي لا يكون فيه خمس أو زكاة أو غيرهما، أو كان مما
تعلق به الحقوق ولكن كان ثوب إحرامه، وطوافه، وسعيه،
وثمن هديه المال الذي ليس فيه حق. بل وكذا إذا كانا
مما تعلق به الحق من الخمس والزكاة، إلا أنه بقي عنده
مقدار ما فيه منهما. بناء على ما هو الأقوى، من كونهما في
190

العين على نحو الكلي في المعين، لا على وجه الإشاعة (1).
(مسألة 71): يجب على المستطيع الحج مباشرة، فلا
يكفيه حج غيره عنه - تبرعا أو بالإجارة - إذا كان متمكنا
من المباشرة بنفسه.
(مسألة 72): إذا استقر الحج عليه، ولم يتمكن من
من المباشرة - لمرض لم يرج زواله، أو حصر كذلك، أو
هرم بحيث لا يقدر، أو كان حرجا عليه - فالمشهور وجوب
الاستنابة عليه، بل ربما يقال بعدم الخلاف فيه (2). وهو
الأقوى، وإن كان ربما يقال بعدم الوجوب. وذلك لظهور
191

جملة من الأخبار (1)

(* 1) الوسائل باب: 24 من أبواب وجوب الحج حديث: 6.
(* 2) الوسائل باب: 24 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 24 من أبواب وجوب الحج حديث: 5.
(* 4) الوسائل باب: 24 من أبواب وجوب الحج حديث: 8.
(* 5) الوسائل باب: 24 من أبواب وجوب الحج حديث: 2.
(* 6) الوسائل باب: 24 من أبواب وجوب الحج حديث: 7.
192



(* 1) الوسائل باب: 24 من أبواب وجوب الحج حديث: 3.
193



(* 1) لاحظ الخلاف جزء: 1 صفحة: 156 المسألة: 6 من كتاب الحج.
(* 2) لاحظ الخلاف جزء: 1 صفحة: 156 المسألة: 6 من كتاب الحج.
(* 3) تقدم قريبا في أول المسألة.
(* 4) تقدم قريبا في أول المسألة.
194

في الوجوب. وأما إن كان موسرا من حيث المال، ولم يتمكن
من المباشرة مع عدم استقراره عليه، ففي وجوب الاستنابة
وعدمه قولان، لا يخلو أولهما من قوة (1). لاطلاق الأخبار

(* 1) راجع الوسائل باب: 8 من أبواب وجوب الحج حديث: 4، 5، 7.
(* 2) تقدم ذكر ذلك في التعليقة السابقة.
195

المشار إليها. وهي وإن كانت مطلقة من حيث رجاء الزوال
وعدمه، لكن المنساق من بعضها ذلك (1). مضافا إلى ظهور
الاجماع على عدم الوجوب، مع رجاء الزوال (2).

(* 1) تقدم ذكر ذلك كله في التعليقة السابقة.
(* 2) تقدم ذكر ذلك كله في التعليقة السابقة.
(* 3) تقدم ذكر ذلك كله في التعليقة السابقة.
(* 4) تقدم ذكر ذلك كله في التعليقة السابقة.
196



(* 1) تقدم ذكر الروايات في أول المسألة. فلاحظ.
(* 2) تقدم ذكر الروايات في أول المسألة. فلاحظ.
197



(* 1) كما في صحيح الحلبي وخبر علي بن أبي حمزة.
198

والظاهر فورية الوجوب، كما في صورة المباشرة (1). ومع
بقاء العذر إلى أن مات يجزيه حج النائب، فلا يجب القضاء
عنه وإن كان مستقرا عليه.
وإن اتفق ارتفاع العذر بعد ذلك،
فالمشهور أنه يجب عليه مباشرة وإن كان بعد إتيان النائب،
بل ربما يدعى عدم الخلاف فيه (2). لكن الأقوى عدم
الوجوب، لأن ظاهر الأخبار: أن حج النائب هو الذي كان
واجبا على المنوب عنه (3)، فإذا أتى به فقد حصل ما كان
واجبا عليه، ولا دليل على وجوبه مرة أخرى. بل لو قلنا
باستحباب الاستنابة، فالظاهر كفاية فعل النائب (4) بعد
200

كون الظاهر الاستنابة فيما كان عليه (1). ومعه لا وجه لدعوى:
أن المستحب لا يجزي عن الواجب. إذ ذلك فيما إذا لم يكن
المستحب نفس ما كان واجبا، والمفروض في المقام أنه هو.
بل يمكن أن يقال (2): إذا ارتفع العذر في أثناء عمل النائب
- بأن كان الارتفاع بعد احرام النائب - إنه يجب عليه الاتمام،
ويكفي عن المنوب عنه. بل يحتمل ذلك وإن كان في أثناء
201

الطريق، قبل الدخول في الاحرام. ودعوى: أن جواز النيابة
ما دامي كما ترى، بعد كون الاستنابة بأمر الشارع (1)،
وكون الإجارة لازمة لا دليل على انفساخها (2). خصوصا
إذا لم يمكن إبلاغ النائب المؤجر ذلك. ولا فرق فيما ذكرنا
من وجوب الاستنابة بين من عرضه العذر - من المرض وغيره -
وبين من كان معذورا خلقة، والقول بعدم الوجوب في الثاني
وإن قلنا بوجوبه في الأول ضعيف (3).
وهل يختص الحكم

(* 1) الوسائل باب: 24 من أبواب وجوب الحج حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 24 من أبواب وجوب الحج حديث: 5.
202

بحجة الاسلام، أو يجري في الحج النذري والافسادي أيضا (1)؟
قولان. والقدر المتيقن هو الأول، بعد كون الحكم على
خلاف القاعدة.
وإن لم يتمكن المعذور من الاستنابة - ولو
لعدم وجود النائب، أو وجوده مع عدم رضاه إلا بأزيد من
أجرة المثل، ولم يتمكن من الزيادة، أو كانت مجحفة - سقط
الوجوب (2).
203

وحينئذ فيجب القضاء عنه بعد موته إن كان مستقرا عليه (1)،
ولا يجب مع عدم الاستقرار (2)
ولو ترك الاستنابة مع الامكان
عصى بناء على الوجوب، ووجب القضاء عنه مع الاستقرار.
وهل يجب مع عدم الاستقرار أيضا أو لا؟ وجهان، أقواهما
نعم (3)، لأنه استقر عليه بعد التمكن من الاستنابة.
ولو استناب - مع كون العذر مرجو الزوال - لم يجز عن حجة
الاسلام (4)، فيجب عليه بعد زوال العذر. ولو استناب
مع رجاء الزوال، وحصل اليأس بعد عمل النائب فالظاهر
الكفاية. وعن صاحب المدارك: عدمها ووجوب الإعادة،
204

لعدم الوجوب مع عدم اليأس، فلا يجزي عن الواجب (1).
وهو كما ترى. والظاهر كفاية حج المتبرع عنه في صورة
وجوب الاستنابة (2).
وهل يكفي الاستنابة من الميقات،
كما هو الأقوى في القضاء عنه بعد موته؟ (3)، وجهان،
205

لا يبعد الجواز (1) حتى إذا أمكن ذلك في مكة، مع كون
الواجب عليه هو التمتع. ولكن الأحوط خلافه، لأن القدر
المتيقن من الأخبار الاستنابة من مكانه. كما أن الأحوط عدم
الكفاية في التبرع عنه لذلك أيضا.
(مسألة 73): إذا مات من استقر عليه الحج في
الطريق، فإن مات بعد الاحرام ودخول الحرم أجزأه عن
حجة الاسلام، فلا يجب القضاء عنه (2). وإن مات قبل
206

ذلك وجب القضاء عنه وإن كان موته بعد الاحرام، على
المشهور الأقوى (1). خلافا لما عن الشيخ وابن إدريس فقالا
بالاجزاء حينئذ أيضا. ولا دليل لهما على ذلك إلا اشعار بعض
الأخبار، كصحيحة بريد العجلي، حيث قال فيها - بعد
الحكم بالاجزاء إذا مات في الحرم - " وإن كان مات - وهو
صرورة قبل أن يحرم - جعل جمله وزاده ونفقته في حجة
الاسلام ". فإن مفهومه الاجزاء إذا كان بعد أن يحرم. لكنه
معارض بمفهوم صدرها (2)،

(* 1) الوسائل باب: 26 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 26 من أبواب وجوب الحج حديث: 2.
207

وبصحيح ضريس، وصحيح زرارة (1)، ومرسل المقنعة (2)،
مع أنه يمكن أن يكون المراد من قوله: " قبل أن يحرم "

(* 1) الوسائل باب: 26 من أبواب وجوب الحج حديث: 3.
(* 2) الوسائل باب: 26 من أبواب وجوب الحج حديث: 4.
208

قبل أن يدخل في الحرم (1)، كما يقال: " أنجد " أي:
دخل في نجد، و " أيمن " أي: دخل اليمن، فلا ينبغي
الاشكال في عدم كفاية الدخول في الاحرام، كما لا يكفي
الدخول في الحرم بدون الاحرام، كما إذا نسيه في الميقات
ودخل الحرم ثم مات. لأن المنساق من اعتبار الدخول في
الحرم كونه بعد الاحرام (2). ولا يعتبر دخول مكة، وإن
كان الظاهر من بعض الأخبار ذلك (3)، لاطلاق البقية في
كفاية دخول الحرم. والظاهر عدم الفرق بين كون الموت
حال الاحرام أو بعد الاحلال، كما إذا مات بين الاحرامين.
وقد يقال بعدم الفرق أيضا بين كون الموت في الحل أو الحرم،
بعد كونه بعد الاحرام ودخول الحرم (4). وهو مشكل،
209

لظهور الأخبار في الموت في الحرم (1). والظاهر عدم الفرق
بين حج التمتع والقران والافراد (2). كما أن الظاهر أنه لو
مات في أثناء عمرة التمتع أجزأه عن حجة أيضا (3). بل
لا يبعد الاجزاء - إذا مات في أثناء حج القران أو الافراد -
عن عمرتهما وبالعكس (4). لكنه مشكل، لأن الحج والعمرة
فيهما عملان مستقلان (5)، بخلاف حج التمتع فإن العمرة
فيه داخلة في الحج، فهما عمل واحد. ثم الظاهر اختصاص
حكم الاجزاء بحجة الاسلام، فلا يجري الحكم في حج النذر
210

والافساد إذا مات في الأثناء (1). بل لا يجري في العمرة
المفردة أيضا، وإن احتمله بعضهم (2). وهل يجري الحكم
المذكور فيمن مات مع عدم استقرار الحج عليه، فيجزيه عن
حجة الاسلام إذا مات بعد الاحرام ودخول الحرم، ويجب
القضاء عنه إذا مات قبل ذلك؟ وجهان، بل قولان (3)،
من إطلاق الأخبار في التفصيل المذكور. ومن أنه لا وجه
لوجوب القضاء عمن لم يستقر عليه بعد كشف موته عن عدم
الاستطاعة الزمانية. ولذا لا يجب إذا مات في البلد قبل الذهاب،
أو إذا فقد بعض الشرائط الأخر مع كونه موسرا. ومن هنا
ربما يجعل الأمر بالقضاء فيها قرينة على اختصاصها بمن
استقر عليه. وربما يحتمل اختصاصها بمن لم يستقر عليه،
وحمل الأمر بالقضاء على الندب. وكلاهما مناف لاطلاقهما.
مع أنه على الثاني يلزم بقاء الحكم فيمن استقر عليه بلا دليل،
مع أنه مسلم بينهم. والأظهر الحكم بالاطلاق، إما بالتزام
وجوب القضاء في خصوص هذا المورد من الموت في الطريق
- كما عليه جماعة - وإن لم يجب إذا مات مع فقد سائر الشرائط،
أو الموت وهو في البلد. وإما بحمل الأمر بالقضاء على القدر
211

المشترك، واستفادة الوجوب فيمن استقر عليه من الخارج (1)،
وهذا هو الأظهر (2). فالأقوى جريان الحكم المذكور فيمن
لم يستقر عليه أيضا، فيحكم بالاجزاء إذا مات بعد الأمرين،
واستحباب القضاء عنه إذا مات قبل ذلك.
(مسألة 74): الكافر يجب عليه الحج إذا استطاع،
212

لأنه مكلف بالفروع (1)، لشمول الخطابات له أيضا. ولكن
لا يصح منه ما دام كافرا (2) كسائر العبادات، وإن كان
معتقدا لوجوبه، وآتيا به على وجه مع قصد القربة، لأن
الاسلام شرط في الصحة. ولو مات لا يقضى عنه، لعدم
كونه أهلا للاكرام والابراء (3). ولو أسلم مع بقاء استطاعته
وجب عليه. وكذا لو استطاع بعد إسلامه. ولو زالت
استطاعته ثم أسلم لم يجب عليه على الأقوى (4)، لأن الاسلام
يجب ما قبله. كقضاء الصلاة والصيام، حيث أنه واجب عليه
213

حال كفره كالأداء، وإذا أسلم سقط عنه. ودعوى: أنه
لا يعقل الوجوب عليه (1)، إذ لا يصح منه إذا أتى به وهو
كافر، ويسقط عنه إذا أسلم. مدفوعة: بأنه يمكن أن يكون

(* 1) تقدم الكلام فيه في صفحة: 50 من الجزء السابع من هذا الشرح.
214

الأمر به حال كفره أمرا تهكميا ليعاقب لا حقيقيا (1). لكنه
مشكل بعد عدم إمكان إتيانه به، لا كافرا ولا مسلما. والأظهر
أن يقال: إنه حال استطاعته مأمور بالاتيان به مستطيعا وإن
تركه فمتسكعا، وهو ممكن في حقه، لامكان إسلامه وإتيانه
مع الاستطاعة ولا معها إن ترك. فحال الاستطاعة مأمور به
في ذلك الحال، ومأمور - على فرض تركه حالها - بفعله
بعدها. وكذا يدفع الاشكال في قضاء الفوائت، فيقال: إنه
215

في الوقت مكلف بالأداء، ومع تركه بالقضاء. وهو مقدور
له، بأن يسلم فيأتي بها أداء، ومع تركها قضاء. فتوجه
الأمر بالقضاء إليه إنما هو في حال الأداء على نحو الأمر المعلق (1).
فحاصل الاشكال: إنه إذا لم يصح الاتيان به حال الكفر،
ولا يجب عليه إذا أسلم، فكيف يكون مكلفا بالقضاء ويعاقب
على تركه؟ وحاصل الجواب: أنه يكون مكلفا بالقضاء في
وقت الأداء على نحو الوجوب المعلق، ومع تركه الاسلام
216

في الوقت فوت على نفسه الأداء والقضاء، فيستحق العقاب
عليه. وبعبارة أخرى: كان يمكنه الاتيان بالقضاء بالاسلام
في الوقت إذا ترك الأداء. وحينئذ فإذا ترك الاسلام ومات
كافرا يعاقب على مخالفة الأمر بالقضاء، وإذا أسلم يغفر له،
وإن خالف أيضا واستحق العقاب.
(مسألة 75): لو أحرم الكافر ثم أسلم في الأثناء لم
217

يكفه ووجب عليه الإعادة من الميقات، ولو لم يتمكن من
العود إلى الميقات أحرم من موضعه (1). ولا يكفيه إدراك
أحد الوقوفين مسلما (2)، لأن إحرامه باطل.
(مسألة 76): المرتد يجب عليه الحج، سواء كانت
استطاعته حال إسلامه السابق أو حال ارتداده، ولا يصح منه
فإن مات قبل أن يتوب يعاقب على تركه، ولا يقضى عنه
على الأقوى (3)، لعدم أهليته للاكرام وتفريغ ذمته كالكافر

(* 1) لاحظ الوسائل باب: 28، 29 من أبواب وجوب الحج.
(* 2) لاحظ الوسائل باب: 28، 29 من أبواب وجوب الحج.
219

الأصلي. وإن تاب وجب عليه وصح منه وإن كان فطريا،
على الأقوى من قبول توبته (1)، سواء بقيت استطاعته أو
زالت قبل توبته. فلا تجري فيه قاعدة جب الاسلام، لأنها
مختصة بالكافر الأصلي بحكم التبادر (2). ولو أحرم في حال
ردته ثم تاب وجب عليه الإعادة كالكافر الأصلي. ولو حج
في حال إحرامه ثم ارتد لم يجب عليه الإعادة على الأقوى (3).
ففي خبر زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): " من كان مؤمنا فحج
ثم أصابته فتنة ثم تاب، يحسب له كل عمل صالح عمله، ولا
يبطل منه شئ " (* 1).

(* 1) الوسائل باب: 30 من أبواب مقدمة العبادات حديث: 1.
(* 2) التوبة: 115.
220

وآية الحبط مختصة بمن مات على كفره (1)، بقرينة الآية
الأخرى، وهي قوله تعالى: (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت
وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم..) (* 1). وهذه الآية
دليل على قبول توبة المرتد الفطري (2). فما ذكره بعضهم،
من عدم قبولها منه لا وجه له.
(مسألة 77): لو أحرم مسلما ثم ارتد ثم تاب لم

(* 1) البقرة: 217.
(* 2) النساء: 136.
(* 3) الزمر: 65.
221

يبطل إحرامه على الأصح (1)، - كما هو كذلك لو ارتد في
أثناء الغسل ثم تاب. وكذا لو ارتد في أثناء الأذان أو الإقامة
أو الوضوء، ثم تاب قبل فوات الموالاة. بل وكذا لو ارتد
في أثناء الصلاة ثم تاب قبل أن يأتي بشئ أو يفوت الموالاة،
222

على الأقوى من عدم كون الهيئة الاتصالية جزءا فيها (1).
نعم لو ارتد في أثناء الصوم بطل، وإن تاب بلا فصل.
(مسألة 78): إذا حج المخالف ثم استبصر لا يجب
عليه الإعادة (2).

(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 1.
223

بشرط أن يكون صحيحا في مذهبه، وإن لم يكن صحيحا في مذهبنا (1)

(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 31 من أبواب مقدمة العبادات حديث: 5.
(* 3) الوسائل الباب: 21 من أبواب وجوب الحج حديث: 5. وأورد ذيله في باب 23 من
أبواب وجوب الحج حديث: 5.
(* 4) الوسائل باب: 31 من أبواب مقدمة العبادات حديث: 3.
224

من غير فرق بين الفرق. لاطلاق الأخبار. وما دل على
225

الإعادة من الأخبار محمول على الاستحباب (1)، بقرينة بعضها
الآخر، من حيث التعبير بقوله (عليه السلام): " يقضي أحب إلي "،
وقوله (عليه السلام): " والحج أحب إلي ".
(مسألة 79): لا يشترط إذن الزوج للزوجة في الحج
إذا كانت مستطيعة (2)،

(* 1) الوسائل باب: 23 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 23 من أبواب وجوب الحج حديث: 2.
226

ولا يجوز له منعها منه (1). وكذا في الحج الواجب بالنذر
ونحوه إذا كان مضيقا (2).

(* 1) الوسائل باب: 59 من أبواب وجوب الحج حديث: 4.
(* 2) الوسائل باب: 59 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 59 من أبواب وجوب الحج حديث: 3.
(* 4) الوسائل باب: 59 من أبواب وجوب الحج حديث: 7.
227

وأما في الحج المندوب فيشترط إذنه (1)، وكذا في الواجب

(* 1) الوسائل باب: 59 من أبواب وجوب الحج ملحق حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 6 من أبواب وجوب النفقات حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 79 من أبواب مقدمات النكاح حديث: 1.
(* 4) الوسائل باب: 79 من أبواب مقدمات النكاح حديث: 2.
(* 5) الوسائل باب: 79 من أبواب مقدمات النكاح حديث: 5.
228

الموسع قبل تضيقه على الأقوى (1). بل في حجة الاسلام
يجوز له منعها من الخروج مع أول الرفقة، مع وجود الرفقة
الأخرى قبل تضيق الوقت. والمطلقة الرجعية كالزوجة في
229

اشتراط إذن الزوج ما دامت في العدة (1). بخلاف البائنة (2)،
لانقطاع عصمتها منه. وكذا المعتدة للوفاة، فيجوز لها الحج،
واجبا كان أو مندوبا (3). والظاهر أن المنقطعة كالدائمة في
اشتراط الإذن (4). ولا فرق في اشتراط الإذن بين أن يكون

(* 1) الوسائل باب: 60 من أبواب وجوب الحج حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 60 من أبواب وجوب الحج حديث: 3.
(* 3) الطلاق: 1.
(* 4) الوسائل باب: 60 من أبواب وجوب الحج حديث: 4.
(* 5) الوسائل باب: 61 من أبواب وجوب الحج حديث: 2.
230

ممنوعا من الاستمتاع بها - لمرض، أو سفر - أو لا (1).
(مسألة 80): لا يشترط وجود المحرم في حج المرأة (2)
إذا كانت مأمونة على نفسها وبضعها، كما دلت عليه جملة
من الأخبار (3).

(* 1) تقدم ذلك قريبا في المسألة. فلاحظ.
(* 2) الوسائل باب: 58 من أبواب وجوب الحج حديث: 3.
(* 3) الوسائل باب: 58 من أبواب وجوب الحج حديث: 2.
231

ولا فرق بين كونها ذات بعل أو لا (1).
ومع عدم أمنها
يجب عليها استصحاب المحرم (2) ولو بالأجرة، مع تمكنها
منها، ومع عدمه لا تكون مستطيعة (3). وهل يجب عليها
التزويج تحصيلا للمحرم.؟ وجهان (4). ولو كانت ذات

(* 1) التوبة: 71.
(* 2) الوسائل باب: 58 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 58 من أبواب وجوب الحج حديث: 4.
232

زوج، وادعي عدم الأمن عليها وأنكرت (1)، قدم قولها،
مع عدم البينة، أو القرائن الشاهدة. والظاهر عدم استحقاقه
اليمين عليها. إلا أن ترجع الدعوى إلى ثبوت حق الاستمتاع
له عليها، بدعوى: أن حجها حينئذ مفوت لحقه، مع عدم
وجوبه عليها، فحينئذ عليها اليمين على نفي الخوف. وهل
233

للزوج - مع هذه الحالة - منعها عن الحج باطنا إذا أمكنه
234

ذلك؟ وجهان في صورة عدم تحليفها (1). وأما معه فالظاهر
سقوط حقه (2). ولو حجت بلا محرم مع عدم الأمن،
235

صح حجها إن حصل الأمن قبل الشروع في الاحرام (1)،
وإلا ففي الصحة إشكال، وإن كان الأقوى الصحة (2).
(مسألة 81): إذا استقر عليه الحج - بأن استكملت
الشرائط، وأهمل حتى زالت أو زال بعضها - صار دينا عليه
ووجب الاتيان به بأي وجه تمكن. وإن مات فيجب أن
يقضي عنه إن كانت له تركة، ويصح التبرع عنه. واختلفوا
فيما به يتحقق الاستقرار على أقوال، فالمشهور: مضي زمان
يمكن فيه الاتيان بجميع أفعاله، مستجمعا للشرائط (3)، وهو
إلى اليوم الثاني عشر من ذي الحجة. وقيل: باعتبار مضي
زمان يمكن فيه الاتيان بالأركان جامعا للشرائط (4)، فيكفي
بقاؤها إلى مضي جزء من يوم النحر يمكن فيه الطوافان والسعي.
236

وربما يقال: باعتبار بقائها إلى عود الرفقة (1). وقد يحتمل
كفاية بقائها إلى زمان يمكن فيه الاحرام ودخول الحرم (2)
وقد يقال بكفاية وجودها حين خروج الرفقة، فلو أهمل
استقر عليه، وإن فقدت بعد ذلك، لأنه كان مأمورا بالخروج
معهم (3). والأقوى اعتبار بقائها إلى زمان يمكن فيه العود
إلى وطنه، بالنسبة إلى الاستطاعة المالية، والبدنية، والسربية
وأما بالنسبة إلى مثل العقل فيكفي بقاؤه إلى آخر الأعمال.
وذلك لأن فقد بعض هذه الشرائط يكشف عن عدم الوجوب
عليه واقعا، وأن وجوب الخروج مع الرفقة كان ظاهريا (4).
237

ولذا لو علم من الأول أن الشرائط لا تبقى إلى الآخر لم يجب
عليه. نعم لو فرض تحقق الموت بعد تمام الأعمال كفى بقاء
تلك الشرائط إلى آخر الأعمال، لعدم الحاجة حينئذ إلى نفقة
العود، والرجوع إلى كفاية، وتخلية السرب، ونحوها. ولو
علم من الأول بأنه يموت بعد ذلك، فإن كان قبل تمام الأعمال
لم يجب عليه المشي، وإن كان بعده وجب عليه. هذا إذا لم
يكن فقد الشرائط مستندا إلى ترك المشي، وإلا استقر عليه،
كما إذا علم أنه لو مشى إلى الحج لم يمت أو لم يقتل أو لم
يسرق ماله مثلا، فإنه حينئذ يستقر عليه الوجوب، لأنه
بمنزلة تفويت الشرط على نفسه. وأما لو شك في أن الفقد
مستند إلى ترك المشي أو لا، فالظاهر عدم الاستقرار، للشك
239

في تحقق الوجوب وعدمه واقعا (1). هذا بالنسبة إلى استقرار
الحج لو تركه، وأما لو كان واجدا للشرائط حين المسير
فسار، ثم زال بعض الشرائط في الأثناء فأتم الحج على ذلك
الحال. كفى حجه عن حجة الاسلام، إذا لم يكن المفقود
مثل العقل، بل كان هو الاستطاعة البدنية، أو المالية، أو
السربية ونحوها على الأقوى (2).
(مسألة 82): إذا استقر عليه العمرة فقط، أو
240

الحج فقط - كما فيمن وظيفته حج الافراد والقران - (1) ثم
زالت استطاعته، فكما مر، يجب عليه أيضا بأي وجه تمكن
وإن مات يقضي عنه (2).
241

(مسألة 83): تقضي حجة الاسلام (1) من أصل
التركة إذا لم يوص بها (2)،

(* 1) الوسائل باب: 28 من أبواب وجوب الحج حديث: 5.
(* 2) الوسائل باب: 28 من أبواب وجوب الحج حديث: 3.
(* 3) الوسائل باب: 28 من أبواب وجوب الحج حديث: 4.
(* 4) الوسائل باب: 13 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1
(* 5) آل عمران: 97.
242

سواء كانت حج التمتع. أو القران، أو الافراد (1). وكذا
إذا كان عليه عمرتهما (2). وإن أوصى بها من غير تعيين كونها
من الأصل أو الثلث فكذلك أيضا (3).
وأما إن أوصى

(* 1) الوسائل باب: 25 من أبواب وجوب الحج حديث: 4.
(* 2) الوسائل باب: 25 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 25 ومن أبواب وجوب الحج حديث: 2.
(* 4) تقدم ذلك قريبا في نفس المسألة.
243

باخراجها من الثلث وجب إخراجها منه، وتقدم على الوصايا
المستحبة وإن كانت متأخرة عنها في الذكر (1). وإن لم يف
244



(* 1) الوسائل باب: 30 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 30 من أبواب وجوب الحج حديث: 2.
245

الثلث بها أخذت البقية من الأصل (1). والأقوى أن حج
النذر - أيضا - كذلك، بمعنى: أنه يخرج من الأصل (2)،
كما سيأتي الإشارة إليه.
ولو كان عليه دين أو خمس أو زكاة

(* 1) البقرة: 182.
246

وقصرت التركة، فإن كان المال المتعلق به الخمس أو الزكاة
موجودا قدم، لتعلقهما بالعين، فلا يجوز صرفه في غيرهما (1).
وإن كانا في الذمة فالأقوى أن التركة توزع على الجميع بالنسبة،
كما في غرماء المفلس (2). وقد يقال: بتقديم الحج على غيره
وإن كان دين الناس (3)، لخبر معاوية بن عمار الدال على
تقديمه على الزكاة. ونحوه خبر آخر. لكنهما موهونان باعراض

(* 1) الوسائل باب: 21 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 42 من أبواب أحكام الوصايا حديث: 1.
247

الأصحاب. مع أنهما في خصوص الزكاة. وربما يحتمل تقديم
دين الناس لأهميته (1). والأقوى ما ذكر من التحصيص (2)
وحينئذ فإن وفت حصة الحج به فهو (3)، وإلا فإن لم تف
إلا ببعض الأفعال (4) - كالطواف فقط،
248

أو هو مع السعي - فالظاهر سقوطه (1)، وصرف
حصته في الدين أو الخمس أو الزكاة ومع وجود الجميع
توزع عليها (2). وإن وفت بالحج فقط أو العمرة فقط،
ففي مثل حج القران والافراد تصرف فيهما مخيرا بينهما،
والأحوط تقديم الحج (3). وفي حج التمتع الأقوى السقوط
249

وصرفها في الدين وغيره. وربما يحتمل فيه أيضا التخيير،
أو ترجيح الحج لأهميته (1)، أو العمرة لتقدمها. لكن لا وجه
لها بعد كونهما في التمتع عملا واحدا (2). وقاعدة الميسور
لا جابر لها في المقام.
(مسألة 84): لا يجوز للورثة التصرف في التركة قبل
استئجار الحج إذا كان مصرفه مستغرقا لها (3).
250



(* 1) الوسائل باب: 28 من أبواب الوصايا حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 28 من أبواب الوصايا حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 40 من أبواب الوصايا حديث: 1.
251

بل مطلقا على الأحوط (1). إلا إذا كانت واسعة جدا فلهم
التصرف في بعضها حينئذ، مع البناء على اخراج الحج من
بعضها الآخر كما في الدين، فحاله حال الدين.
252



(* 1) الوسائل باب: 29 من أبواب الوصايا حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 29 من أبواب الوصايا حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 91 من أبواب الوصايا حديث: 1.
253

(مسألة 85): إذا أقر بعض الورثة بوجوب الحج
على المورث وأنكره الآخرون لم يجب عليه إلا دفع ما يخص
حصته بعد التوزيع (1)، وإن لم يف ذلك بالحج لا يجب عليه
تتميمه من حصته. كما إذا أقر بدين وأنكره غيره من الورثة
فإنه لا يجب عليه دفع الأزيد. فمسألة الاقرار بالحج أو الدين
مع إنكار الآخرين نظير مسألة الاقرار بالنسب، حيث أنه
إذا أقر أحد الأخوين بأخ آخر وأنكره الآخر لا يجب عليه
إلا دفع الزائد عن حصته، فيكفي دفع ثلث ما في يده،

(* 1) تقدم في أوائل مسألة: 83 من هذا الفصل.
(* 2) آل عمران: 97.
(* 3) الوسائل باب: 26 من أبواب الوصايا حديث: 3.
254



(* 1) الوسائل باب 26 من أبواب الوصايا حديث: 5.
255

ولا ينزل إقراره على الإشاعة على خلاف القاعدة للنص (1).
(مسألة 86): إذا كان على الميت الحج، ولم تكن
تركته وافية به، ولم يكن دين فالظاهر كونها للورثة (2)،
ولا يجب صرفها في وجوه البر عن الميت. لكن الأحوط
التصدق عنه، للخبر عن الصادق (عليه السلام) (3): " عن رجل
مات، وأوصى بتركته أن أحج بها، فنظرت في ذلك فلم
يكفه للحج، فسألت من عندنا من الفقهاء فقالوا: تصدق
بها. فقال (عليه السلام): ما صنعت بها؟ قلت: تصدقت بها.
فقال (عليه السلام) ضمنت. إلا أن لا يكون يبلغ ما يحج به من مكة
فإن كان لا يبلغ ما يحج به من مكة فليس عليك ضمان.. ".

(* 1) الوسائل باب: 26 من أبواب الوصايا حديث: 6.
256

نعم لو احتمل كفايتها للحج بعد ذلك، أو وجود متبرع يدفع
التتمة لمصرف الحج وجب إبقاؤها (1).
(مسألة 87): إذا تبرع متبرع بالحج عن الميت رجعت
أجرة الاستئجار إلى الورثة (2)، سواء عينها الميت أو لا.
والأحوط صرفها في وجوه البر، أو التصدق عنه. خصوصا
فيما إذا عينها الميت (3)، للخبر المتقدم (4).
(مسألة 88): هل الواجب الاستئجار عن الميت من

(* 1) ذكر صدره في الوسائل باب: 37 من أبواب والوصايا حديث: 2 وذيله في باب:
87 من أبواب الوصايا حديث: 1. وسيأتي - إن شاء الله تعالى - التعرض للرواية بنصها الكامل
في المسألة: 9 من فصل الوصية بالحج.
(* 2) الوسائل باب: 31 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
257

الميقات أو البلد؟ المشهور: وجوبه من أقرب المواقيت إلى
مكة إن أمكن، وإلا فمن الأقرب إليه فالأقرب (1).
258

وذهب جماعة إلى وجوبه من البلد مع سعة المال، وإلا فمن
الأقرب إليه فالأقرب (1) وربما يحتمل قول ثالث، وهو
الوجوب من البلد مع سعة المال، وإلا فمن الميقات وإن أمكن
من الأقرب إلى البلد فالأقرب (2).
259

والأقوى هو القول الأول (1)، وإن كان الأحوط القول الثاني.

(* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب النيابة في الحج حديث: 4.
(* 2) الوسائل باب: 11 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 2 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1.
260



(* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب النيابة في الحج حديث: 5.
(* 2) الوسائل باب: 2 من أبواب النيابة في الحج ملحق حديث: 5.
(* 3) الوسائل باب: 2 من أبواب النيابة في الحج حديث: 7.
(* 4) الوسائل باب: 2 من أبواب النيابة في الحج حديث: 6.
(* 5) الوسائل باب: 2 من أبواب النيابة في الحج حديث: 3.
261



(* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب النيابة في الحج حديث: 2.
(* 2) تقدم ذكر الرواية في صدر التعليقة. فلاحظ.
(* 3) كما في الجواهر نقلا عن المدارك في المسألة: 2 من مسائل شرائط وجوب الحج وفي
المدارك نسب الرواية إلى الشيخ (قده)، ولكنا لم نعثر على ذلك لا في كتابيه في الحديث:
التهذيب والاستبصار، ولا في كتبه الفهية، كالمبسوط ونحوه. نعم في التهذيب جاءت العبارة
المذكورة في ذيل رواية له عن الحلبي، وعقبها بقوله: " روى ذلك موسى بن القاسم ". ولعل
هذا هو منشأ اشتباه المدارك في اسناد الرواية إلى الحلبي ناسبا لها إلى الشيخ، وعليه اعتمد صاحب
الجواهر (قده) كما عرفت.
262



(* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب النيابة في الحج حديث: 9.
263

لكن لا يحسب الزائد عن أجرة الميقاتية على الصغار من الورثة (1)
ولو أوصى بالاستئجار من البلد وجب، ويحسب الزائد عن
أجرة الميقاتية من الثلث (2). ولو أوصى ولم يعين شيئا كفت
الميقاتية، إلا إذا كان هناك انصراف إلى البلدية (3). أو كانت
قرينة على إرادتها، كما إذا عين مقدارا يناسب البلدية (4).
(مسألة 89): لو لم يمكن الاستيجار إلا من البلد
وجب، وكان جميع المصرف من الأصل (5).
264

(مسألة 90): إذا أوصى بالبلدية، أو قلنا بوجوبها
مطلقا، فخولف واستؤجر من الميقات، أو تبرع عنه متبرع
منه، برئت ذمته، وسقط الوجوب من البلد (1). وكذا لو
لم يسع المال إلا من الميقات (2).
(مسألة 91): الظاهر أن المراد من البلد هو البلد
الذي مات فيه (3)، كما يشعر به خبر زكريا بن آدم (رحمهما
الله): " سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن رجل مات وأوصى بحجة،
265

أيجزيه أن يحج عنه من غير البلد الذي مات فيه؟ فقال (عليه السلام):
ما كان دون الميقات فلا بأس به " (* 1). مع أنه آخر
مكان كان مكلفا فيه بالحج. وربما يقال إنه بلد الاستيطان،
لأنه المنساق من النص والفتوى (1). وهو كما ترى (2).

(* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب النيابة في الحج حديث: 4.
(* 2) الوسائل باب: 2 من أبواب النيابة في الحج حديث: 3.
(* 3) الوسائل باب: 2 من أبواب النيابة في الحج حديث: 2.
266

وقد يحتمل البلد الذي صار مستطيعا فيه (1). ويحتمل التخيير
بين البلدان التي كان فيها بعد الاستطاعة. والأقوى ما ذكرنا،
وفاقا لسيد المدارك (قده)، ونسبه إلى ابن إدريس (رحمه الله)
أيضا. وإن كان الاحتمال الأخير - وهو التخيير - قويا جدا (2).

(* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب النيابة في الحج حديث: 9.
267

(مسألة 92): لو عين بلدة غير بلده - كما لو قال:
" استأجروا من النجف أو من كربلاء " - تعين (1).
(مسألة 93): على المختار من كفاية الميقاتية لا يلزم
أن يكون من الميقات أو الأقرب إليه فالأقرب، بل يكفي
كل بلد دون الميقات (2). لكن الأجرة الزائدة على الميقات
- مع إمكان الاستيجار منه - لا يخرج من الأصل (3)، ولا
من الثلث إذا لم يوص بالاستئجار من ذلك البلد (4). إلا
إذا أوصى باخراج الثلث (5)
268

من دون أن يعين مصرفه (1)، ومن دون أن يزاحم واجبا
ماليا عليه (2).
(مسألة 94): إذا لم يمكن الاستئجار من الميقات
وأمكن من البلد وجب، وإن كان عليه دين الناس أو الخمس
أو الزكاة (3)، فيزاحم الدين إن لم تف التركة بهما، بمعني
أنها توزع عليهما بالنسبة.
(مسألة 95): إذا لم تف التركة بالاستئجار من
269

الميقات لكن أمكن الاستئجار من الميقات الاضطراري - كمكة
أو أدنى الحل - وجب (1) نعم لو دار الأمر بين الاستئجار
من البلد أو الميقات الاضطراري قدم الاستئجار من البلد ويخرج
من أصل التركة، لأنه لا اضطرار للميت مع سعة ماله (2).
(مسألة 96): بناء على المختار من كفاية الميقاتية
لا فرق بين الاستئجار عنه وهو حي أو ميت، فيجوز لمن هو
معذور - بعذر لا يرجى زواله - أن يجهز رجلا من الميقات -،
كما ذكرنا سابقا أيضا (3). فلا يلزم أن يستأجر من بلده على
الأقوى، وإن كان الأحوط ذلك.
(مسألة 97): الظاهر وجوب المبادرة إلى الاستئجار
في سنة الموت (4). خصوصا إذا كان الفوت عن تقصير من

(* 1) آل عمران: 97.
270

الميت (1) وحينئذ فلو لم يمكن إلا من البلد وجب وخرج من
الأصل (2) ولا يجوز التأخير إلى السنة الأخرى ولو مع العلم بامكان
الاستئجار من الميقات توفيرا على الورثة. كما أنه لو لم يمكن
من الميقات إلا بأزيد من الأجرة المتعارف في سنة الموت وجب
ولا يجوز التأخير إلى السنة الأخرى توفيرا عليهم.
(مسألة 98): إذا أهمل الوصي أو الوارث الاستئجار
فتلفت التركة، أو نقصت قيمتها فلم تف بالاستئجار ضمن (3)
كما أنه لو كان على الميت دين، وكانت التركة وافية وتلفت
بالاهمال ضمن.
(مسألة 99): على القول بوجوب البلدية وكون
المراد بالبلد الوطن، إذا كان له وطنان الظاهر وجوب اختيار
الأقرب إلى مكة (4). إلا مع رضى الورثة بالاستئجار من
الأبعد. نعم مع عدم تفاوت الأجرة الحكم التخيير.

(* 1) راجع الوسائل باب: 36 من أبواب الوصايا.
271

(مسألة 100): بناء على البلدية الظاهر عدم الفرق
بين أقسام الحج الواجب، فلا اختصاص بحجة الاسلام (1).
فلو كان عليه حج نذري لم يقيد بالبلد ولا بالميقات يجب
الاستئجار من البلد (2). بل وكذا لو أوصى بالحج ندبا،
اللازم الاستئجار من البلد إذا خرج من الثلث (3).
(مسألة 101): إذا اختلف تقليد الميت والوارث في
اعتبار البلدية أو الميقاتية فالمدار على تقليد الميت (4). وإذا
العبارة. وحينئذ يكون قرينة على المراد من عبارة المشهور المتقدمة في صدر
272

علم أن الميت لم يكن مقلدا في هذه المسألة، فهل المدار على
تقليد الوارث، أو الوصي، أو العمل على طبق فتوى المجتهد
الذي كان يجب عليه تقليده إن كان متعينا والتخيير مع تعدد
المجتهدين ومساواتهم؟ وجوه (1). وعلى الأول فمع اختلاف
273

الورثة في التقليد يعمل كل على تقليده (1)، فمن يعتقد البلدية
يؤخذ من حصته - بمقدارها بالنسبة - فيستأجر مع الوفاء
بالبلدية بالأقرب فالأقرب إلى البلد. ويحتمل الرجوع إلى الحاكم
لرفع النزاع، فيحكم بمقتضى مذهبه. نظير: ما إذا اختلف
الولد الأكبر مع الورثة في الحبوة. وإذا اختلف تقليد الميت
والوارث في أصل وجوب الحج عليه وعدمه - بأن يكون
274

الميت مقلدا لمن يقول بعدم اشتراط الرجوع إلى كفاية فكان
يجب عليه الحج، والوارث مقلدا لمن يشترط ذلك فلم يكن
واجبا عليه، أو بالعكس - فالمدار على تقليد الميت (1).
(مسألة 102): الأحوط - في صورة تعدد من يمكن
استئجاره استئجار من أقلهم أجرة مع إحراز صحة عمله مع
عدم رضى الورثة أو وجود قاصر فيهم، سواء قلنا بالبلدية
أو الميقاتية. وإن كان لا يبعد جواز استئجار المناسب لحال الميت
275

من حيث الفضل والأوثقية مع عدم قبوله إلا بالأزيد وخروجه
من الأصل (1). كما لا يبعد عدم وجوب المبالغة في الفحص
عن أقلهم أجرة (2)، وإن كانت أحوط.
(مسألة 103): قد عرفت أن الأقوى كفاية الميقاتية
لكن الأحوط الاستئجار من البلد بالنسبة إلى الكبار من الورثة،
بمعنى: عدم احتساب الزائد عن أجرة الميقاتية على القصر
إن كان فيهم قاصر (3).
(مسألة 104): إذا علم أنه كان مقلدا ولكن لم يعلم
فتوى مجتهده في هذه المسألة، فهل يجب الاحتياط، أو المدار
على تقليد الوصي أو الوارث؟ وجهان أيضا (4).
276

(مسألة 105): إذا علم باستطاعة الميت مالا ولم يعلم
تحقق سائر الشرائط في حقه، فلا يجب القضاء عنه، لعدم
العلم بوجوب الحج عليه، لاحتمال فقد بعض الشرائط (1)،
(مسألة 106): إذا علم استقرار الحج عليه ولم يعلم
أنه أتى به أم لا فالظاهر وجوب القضاء عنه (2)، لأصالة
277

بقائه في ذمته. ويحتمل عدم وجوبه عملا بظاهر حال المسلم
وأنه لا يترك ما وجب عليه فورا. وكذا الكلام إذا علم أنه
تعلق به خمس، أو زكاة، أو قضاء صلوات، أو صيام، ولم
يعلم أنه أداها أو لا (1)
(مسألة 107): لا يكفي الاستئجار في براءة ذمة
الميت والوارث بل يتوقف على الأداء (2). ولو علم أن الأجير
278

لم يؤد وجب الاستئجار ثانيا، ويخرج من الأصل إن لم يمكن
استرداد الأجرة من الأجير.
(مسألة 108): إذا استأجر الوصي أو الوارث من
البلد غفلة عن كفاية الميقاتية ضمن ما زاد عن أجرة الميقاتية
للورثة أو لبقيتهم (1).
(مسألة 109): إذا لم يكن للميت تركة وكان عليه
الحج لم يجب على الورثة شئ (2)، وإن كان يستحب على
وليه. بل قد يقال بوجوبه، للأمر به في بعض الأخبار (3).

(* 1) الوسائل باب: 28 من أبواب وجوب الحج حديث: 4.
(* 2) الوسائل باب: 28 من أبواب وجوب الحج حديث: 3.
(* 3) الوسائل باب: 25 من أبواب وجوب الحج حديث: 4.
279

(مسألة 110): من استقر عليه الحج وتمكن من
أدائه ليس له أن يحج عن غيره تبرعا أو بإجارة، وكذا ليس
له أن يحج تطوعا (1). ولو خالف فالمشهور البطلان، بل
ادعي بعضهم: عدم الخلاف فيه (2) وبعضهم: الاجماع عليه (3).
ولكن عن سيد المدارك: التردد في البطلان (4). ومقتضى

(* 1) تقدم في أول المسألة: 73 من هذا الفصل.
(* 2) الوسائل باب: 5 من أبواب مقدمة العبادات حديث: 10.
280

القاعدة: الصحة، وإن كان عاصيا في ترك ما وجب عليه،
كما في مسألة الصلاة مع فورية وجوب إزالة النجاسة عن المسجد
إذ لا وجه للبطلان إلا دعوى: أن الأمر بالشئ نهي عن
ضده (1). وهي محل منع. وعلى تقديره لا يقتضي البطلان،
لأنه نهي تبعي (2). ودعوى: أنه يكفي في عدم الصحة عدم
الأمر (3). مدفوعة: بكفاية المحبوبية في حد نفسه في الصحة (4)،
281

كما في مسألة ترك الأهم والاتيان بغير الأهم من الواجبين
المتزاحمين. أو دعوى: أن الزمان مختص بحجته عن نفسه،
فلا يقبل لغيره (1). وهي - أيضا - مدفوعة بالمنع، إذ مجرد
الفورية لا يوجب الاختصاص، فليس المقام من قبيل شهر
رمضان حيث أنه غير قابل لصوم آخر. وربما يتمسك للبطلان
في المقام بخبر سعد بن أبي خلف عن أبي الحسن موسى (عليه السلام):
" عن الرجل الصرورة يحج عن الميت؟ قال (عليه السلام): نعم،
282

إذا لم يجد الصرورة ما يحج به عن نفسه. فإن كان له ما يحج
به عن نفسه فليس يجزي عنه حتى يحج من ماله، وهي تجزي
عن الميت إن كان للصرورة مال وإن لم يكن له مال " (1).
وقريب منه: صحيح سعيد الأعرج عن أبي عبد الله (عليه السلام) (2).
وهما - كما ترى - بالدلالة على الصحة أولى (3)،

(* 1) الوسائل باب: 5 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 5 من أبواب النيابة في الحج حديث: 3.
283



(* 1) آل عمران: 97.
284



(* 1) تقدم في الصفحة الأولى من الكتاب الإشارة إلى مصدره.
(* 2) راجع أول مسألة 72 من هذا الفصل.
285

فإن غاية ما يدلان عليه: أنه لا يجوز له ترك حج نفسه وإتيانه
عن غيره، وأما عدم الصحة فلا. نعم يستفاد منهما عدم
إجزائه عن نفسه، فتردد صاحب المدارك في محله. بل لا يبعد
الفتوى بالصحة، لكن لا يترك الاحتياط. هذا كله لو تمكن
من حج نفسه، وأما إذا لم يتمكن فلا إشكال في الجواز
والصحة عن غيره (1).
بل لا ينبغي الاشكال في الصحة إذا
كان لا يعلم بوجوب الحج عليه (2)، لعدم علمه باستطاعته مالا.
286

أو لا يعلم بفورية وجوب الحج عن نفسه، فحج عن غيره
أو تطوعا (1). ثم على فرض صحة الحج عن الغير - ولو مع
التمكن والعلم بوجوب الفورية - لو أجر نفسه لذلك، فهل
الإجارة أيضا صحيحة، أو باطلة مع كون حجه صحيحا عن
الغير؟ الظاهر بطلانها. وذلك لعدم قدرته شرعا على العمل
المستأجر عليه (2)، لأن المفروض وجوبه عن نفسه فورا.
وكونه صحيحا على تقدير المخالفة لا ينفع في صحة الإجارة.
287

خصوصا على القول بأن الأمر بالشئ نهي عن ضده، لأن
الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه (1)، وإن كانت الحرمة
تبعية. فإن قلت: ما الفرق بين المقام وبين المخالفة للشرط في
ضمن العقد (2)، مع قولكم بالصحة هناك؟ كما إذا باعه
عبدا وشرط عليه أن يعتقه فباعه، حيث تقولون بصحة البيع
ويكون للبائع خيار تخلف الشرط (3).
288

قلت: الفرق أن في ذلك المقام المعاملة - على تقدير صحتها -
مفوتة لوجوب العمل بالشرط (1)، فلا يكون العتق واجبا
بعد البيع (2) لعدم كونه مملوكا له بخلاف المقام حيث أنا لو
قلنا بصحة الإجارة لا يسقط وجوب الحج عن نفسه فورا،
فيلزم اجتماع أمرين متنافيين فعلا، فلا يمكن أن تكون
الإجارة صحيحة وإن قلنا أن النهي التبعي لا يوجب البطلان.
290

فالبطلان من جهة عدم القدرة على العمل (1) لا لأجل النهي
عن الإجارة. نعم لو لم يكن متمكنا من الحج عن نفسه يجوز
له أن يؤجر نفسه للحج عن غيره (2). وإن تمكن بعد الإجارة
291

عن الحج عن نفسه لا تبطل إجارته (1). بل لا يبعد صحتها
لو لم يعلم باستطاعته (2)، أو لم يعلم بفورية الحج عن نفسه (3)
فأجر نفسه للنيابة ولم يتذكر إلى أن فات محل استدراك الحج
عن نفسه، كما بعد الفراغ، أو في أثناء الأعمال.
ثم لا إشكال في أن حجه عن الغير لا يكفيه عن نفسه
بل إما باطل - كما عن المشهور - أو صحيح عمن نوى عنه،
كما قويناه. وكذا لو حج تطوعا لا يجزيه عن حجة الاسلام
في الصورة المفروضة، بل إما باطل، أو صحيح ويبقى عليه
حجة الاسلام. فما عن الشيخ: من أنه يقع عن حجة الاسلام (4)
لا وجه له. إذ الانقلاب القهري لا دليل عليه. ودعوى: أن
حقيقة الحج واحدة، والمفروض اتيانه بقصد القربة، فهو
منطبق على ما عليه من حجة الاسلام. مدفوعة: بأن وحدة
الحقيقة لا تجدي بعد كون المطلوب هو الاتيان بقصد ما عليه (5).
292

وليس المقام من باب التداخل بالاجماع، كيف وإلا لزم
كفاية الحج عن الغير أيضا عن حجة الاسلام؟ (1) بل لا بد
من تعدد الامتثال مع تعدد الأمر وجوبا وندبا، أو مع تعدد
الواجبين. وكذا ليس المراد من حجة الاسلام الحج الأول
- بأي عنوان كان - (2) كما في صلاة التحية (3)، وصوم
الاعتكاف. فلا وجه لما قاله الشيخ (قده) أصلا. نعم لو
نوى الأمر المتوجه إليه فعلا، وتخيل أنه أمر ندبي غفلة عن
كونه مستطيعا، أمكن القول بكفايته عن حجة الاسلام.
لكنه خارج عما قاله الشيخ. ثم إذا كان الواجب عليه حجا
293

نذريا أو غيره، وكان وجوبه فوريا، فحاله ما ذكرنا في حجة
الاسلام (1) من عدم جواز حج غيره، وأنه لو حج صح
أولا، وغير ذلك من التفاصيل المذكورة بحسب القاعدة.
فصل
في الحج الواجب بالنذر والعهد واليمين
ويشترط في انعقادها: البلوغ، والعقل، والقصد.
294

والاختيار. فلا تنعقد من الصبي وإن بلغ عشرا وقلنا بصحة
عباداته وشرعيتها، لرفع قلم الوجوب عنه (1). وكذا لا تصح

(* 1) المعتبر: المقدمة الأولى من كتاب الحج صفحة: 337 وقد تقدم في أول فصل شرائط
وجوب حجة الاسلام.
295

من المجنون، والغافل، والساهي، والسكران، والمكره.
والأقوى صحتها من الكافر. وفاقا للمشهور في اليمين (1)
خلافا لبعض (2)، وخلافا للمشهور في النذر (3)، وفاقا
لبعض. وذكروا في وجه الفرق: عدم اعتبار قصد القربة في
اليمين واعتباره في النذر (4)،
ولا تتحقق القربة في الكافر.

(* 1) الوسائل باب 56 من أبواب جهاد النفس حديث: 1، 3.
(* 2) الوسائل باب: 12 من أبواب اليمين حديث: 12.
296

وفيه أولا: أن القربة لا تعتبر في النذر، بل هو مكروه (1)،
297

وإنما تعتبر في متعلقة، حيث أن اللازم كونه راجحا شرعا (1).

(* 1) الوسائل باب: 6 من أبواب النذر حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب النذر حديث: 2.
298

وثانيا: أن متعلق اليمين أيضا قد يكون من العبادات (1).
وثالثا: أنه يمكن قصد القربة من الكافر أيضا (2). ودعوى
عدم إمكان إتيانه للعبادات لاشتراطها بالاسلام مدفوعة:
بامكان إسلامه ثم إتيانه، فهو مقدور لمقدورية مقدمته. فيجب
عليه حال كفره كسائر الواجبات، ويعاقب على مخالفته،
وترتب عليها وجوب الكفارة، فيعاقب على تركها أيضا.
وإن أسلم صح إن أتى به، ويجب عليه الكفارة لو خالف.

(* 1) الوسائل باب: 17 من أبواب النذر حديث: 11
(* 2) الوسائل باب: 17 من أبواب النذر حديث: 8.
299

ولا يجري فيه قاعدة جب الاسلام، لانصرافها عن المقام (1).
نعم لو خالف وهو كافر، وتعلق به الكفارة فأسلم، لا يبعد
دعوى سقوطها عنه كما قيل (2).
(مسألة 1): ذهب جماعة (3) إلى أنه يشترط في

(* 1) تقدم التعرض إليه في صفحة: 50 من الجزء السابع من هذا الشرح.
(* 2) تقدم التعرض إليه في صفحة: 50 من الجزء السابع من هذا الشرح.
300

انعقاد اليمين من المملوك إذن المولى، وفي انعقاده من الزوجة
إذن الزوج، وفي انعقاده من الولد إذن الوالد. لقوله (عليه السلام):
" لا يمين لولد مع والده، ولا للزوجة مع زوجها، ولا
للمملوك مع مولاه " (1)، فلو حلف أحد هؤلاء بدون الإذن
لم ينعقد. وظاهرهم اعتبار الإذن السابق، فلا تكفي الإجازة
بعده (2). مع أنه من الايقاعات وادعى الاتفاق على عدم
جريان الفضولية فيها (3). وإن كان يمكن دعوى: أن القدر
المتيقن من الاتفاق ما إذا وقع الايقاع على مال الغير - مثل:
الطلاق، والعتق، ونحوهما - لا مثل المقام مما كان في مال نفسه

(* 1) الوسائل باب: 10 من أبواب اليمين حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 10 من أبواب اليمين حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 10 من أبواب اليمين حديث: 3.
301

غاية الأمر اعتبار رضا الغير فيه (1) ولا فرق فيه بين الرضا
السابق واللاحق. خصوصا إذا قلنا: إن الفضولي على القاعدة.
وذهب جماعة إلى أنه لا يشترط الإذن في الانعقاد، لكن
للمذكورين حل يمين الجماعة إذا لم يكن مسبوقا بنهي أو
إذن (2)، بدعوى: أن المنساق من الخبر المذكور ونحوه:
أنه ليس للجماعة المذكورة يمين مع معارضة المولى أو الأب
أو الزوج (3). ولازمه: جواز حلهم له، وعدم وجوب
302

العمل به مع عدم رضاهم به. وعلى هذا فمع النهي السابق
لا ينعقد ومع الإذن يلزم، ومع عدمهما ينعقد، ولهم حله.
ولا يبعد قوة هذا القول. مع أن المقدر - كما يمكن أن يكون
هو الوجود - يمكن أن يكون هو المنع والمعارضة، أي:
لا يمين مع منع المولي مثلا (1). فمع عدم الظهور في الثاني
لا أقل من الاجمال، والقدر المتيقن هو عدم الصحة مع المعارضة
والنهي، بعد كون مقتضي العمومات الصحة واللزوم. ثم إن
جواز الحل - أو التوقف على الإذن - ليس في اليمين بما هو
يمين مطلقا - كما هو ظاهر كلماتهم - بل إنما هو فيما كان المتعلق
منافيا لحق المولى أو الزوج، وكان مما يجب فيه طاعة الوالد
إذا أمر أو نهى. وأما ما لم يكن كذلك فلا (2)، كما إذا
حلف المملوك أن يحج إذا أعتقه المولى أو حلفت الزوج أن
303

تحج إذا مات زوجها أو طلقها، أو حلفا أن يصليا صلاة
الليل مع عدم كونها منافية لحق المولى أو حق الاستمتاع من
الزوجة، أو حلف الولد أن يقرأ كل يوم جزءا من القرآن،
أو نحو ذلك مما لا يجب طاعتهم فيها للمذكورين، فلا مانع
من انعقاده. وهذا هو المنساق من الأخبار، فلو حلف الولد
أن يحج إذا استصحبه الوالد إلى مكة - مثلا - لا مانع من
انعقاده، وهكذا بالنسبة إلى المملوك والزوجة. فالمراد من
الأخبار: أنه ليس لهم أن يوجبوا على أنفسهم باليمين ما يكون
منافيا لحق المذكورين. ولذا استثنى بعضهم الحلف على فعل

(* 1) الوسائل باب: 11 من أبواب اليمين.
304

الواجب أو ترك القبيح وحكم بالانعقاد فيهما (1)، ولو كان
المراد اليمين بما هو يمين لم يكن وجه لهذا الاستثناء (2).
305

هذا كله في اليمين، وأما النذر فالمشهور بينهم أنه
كاليمين في المملوك والزوجة، وألحق بعضهم بهما الولد أيضا (1).
وهو مشكل، لعدم الدليل عليه - خصوصا في الولد - إلا
القياس على اليمين، بدعوى: تنقيح المناط. وهو ممنوع. أو
بدعوى: أن المراد من اليمين في الأخبار ما يشمل النذر،
لاطلاقه عليه في جملة من الأخبار، منها: خبران في كلام
الإمام (عليه السلام) (2). ومنها: أخبار في كلام الراوي (3)

(* 1) الوسائل باب: 17 من أبواب النذر حديث: 4.
(* 2) الوسائل باب: 8 من أبواب النذر حديث: 4.
(* 3) الوسائل باب: 17 من أبواب النذر حديث: 11.
306

وتقرير الإمام (عليه السلام) له. وهو - أيضا - كما ترى (1). فالأقوى
في الولد عدم الالحاق (2). نعم في الزوجة والمملوك لا يبعد
الالحاق باليمين (3) لخبر قرب الإسناد عن جعفر (عليه السلام)

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب النذر حديث: 4.
307

عن أبيه (عليه السلام): " إن عليا (عليه السلام) كان يقول: ليس على المملوك
نذر إلا بإذن مولاه " (1)، وصحيح ابن سنان عن الصادق
(عليه السلام) (2): " ليس للمرأة مع زوجها أمر في عتق،
ولا صدقة، ولا تدبير، ولا هبة، ولا نذر في مالها إلا بإذن

(* 1) الوسائل باب: 42 من أبواب مقدمات الطلاق حديث: 2.
(* 2) النحل: 75.
(* 3) الوسائل باب: 15 من أبواب النذر حديث: 2.
(* 4) الوسائل باب: 1 من أبواب النذر ملحق حديث: 1.
308

زوجها. إلا في حج، أو زكاة، أو بر والديها، أو صلة
قرابتها " (1). وضعف الأول (2) منجبر بالشهرة (3).
واشتمال الثاني على ما لا نقول به لا يضر. ثم هل الزوجة تشمل
المنقطعة أو لا؟ وجهان (4). وهل الولد يشمل ولد الولد

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب النذر حديث: 1.
309

أو لا؟ كذلك وجهان (1). والأمة المزوجة عليها الاستئذان
من الزوج والمولى، بناء على اعتبار الإذن (2).
وإذا أذن
المولي للمملوك أن يحلف أو ينذر الحج لا يجب عليه إعطاء
ما زاد عن نفقته الواجبة عليه من مصارف الحج (3). وهل
عليه تخلية سبيله لتحصيلها أو لا؟ وجهان (4). ثم على القول
بأن لهم الحل، هل يجوز مع حلف الجماعة التماس المذكورين
310

في حل حلفهم أم لا؟ وجهان (1).
311

(مسألة 2): إذا كان الوالد كافرا ففي شمول الحكم
له وجهان، أوجههما العدم للانصراف، ونفي السبيل (1).
(مسألة 3): هل المملوك المبعض حكمه حكم القن
أو لا؟ وجهان، لا يبعد الشمول (2). ويحتمل عدم توقف
حلفه على الإذن في نوبته في صورة المهاياة (3). خصوصا
إذا كان وقوع المتعلق في نوبته.

(* 1) النساء: 141.
312

(مسألة 4): الظاهر عدم الفرق في الولد بين الذكر
والأنثى (1)، وكذا في المملوك والمالك (2). لكن لا تلحق
الأم بالأب (3).

(* 1) النساء 11.
313

(مسألة 5): إذا نذر أو حلف المملوك بإذن المالك،
ثم انتقل إلى غيره - بالإرث أو البيع أو نحوه - بقي على لزومه (1).
(مسألة 6): لو نذرت المرأة أو حلفت حال عدم
الزوجية ثم تزوجت، وجب عليها العمل به (2) وإن كان
منافيا للاستمتاع بها، وليس للزوج منعها من ذلك الفعل،
314

كالحج ونحوه بل وكذا لو نذرت أنها لو تزوجت بزيد - مثلا -
صامت كل خميس، وكان المفروض أن زيدا أيضا حلف أن
يواقعها كل خميس إذا تزوجها، فإن حلفها أو نذرها مقدم
على حلفه وإن كان متأخرا في الايقاع لأن حلفه لا يؤثر شيئا
في تكليفها (1). بخلاف نذرها، فإنه يوجب الصوم عليها،
لأنه متعلق بعمل نفسها، فوجوبه عليها يمنع من العمل
بحلف الرجل.

(* 1) لاحظ الوسائل باب 10 من أبواب اليمين حديث: 1، 2، 3.
315

(مسألة 7): إذا نذر الحج من مكان معين - كبلده،
أو بلد آخر معين - فحج من غير ذلك المكان لم تبرء ذمته
ووجب عليه ثانيا. نعم لو عينه في سنة، فحج في تلك السنة
من غير ذلك المكان وجب عليه الكفارة، لعدم إمكان التدارك
ولو نذر أن يحج من غير تقييد بمكان، ثم نذر نذرا آخر أن
يكون ذلك الحج من مكان كذا، وخالف فحج من غير ذلك
المكان، برئ من النذر الأول، ووجب عليه الكفارة لخلف
النذر الثاني. كما أنه لو نذر أن يحج حجة الاسلام من بلد
كذا فخالف، فإنه يجزيه عن حجة الاسلام، ووجب عليه
الكفارة لخلف النذر (1).
317

(مسألة 8): إذا نذر أن يحج ولم يقيده بزمان،
فالظاهر جواز التأخير إلى ظن الموت أو الفوت (1)، فلا
يجب عليه المبادرة، إلا إذا كان هناك انصراف، فلو مات قبل
الاتيان به - في صورة جواز التأخير - لا يكون عاصيا. والقول
318

بعصيانه - مع تمكنه في بعض تلك الأزمنة وإن جاز التأخير -
لا وجه له (1).
وإذا قيده بسنة معينة لم يجز التأخير مع فرض
تمكنه في تلك السنة، فلو أخر عصى (2)، وعليه القضاء
والكفارة (3)، وإذا مات وجب قضاؤه عنه. كما أن في
319

صورة الاطلاق إذا مات - بعد تمكنه منه، قبل إتيانه -
وجب القضاء عنه. والقول بعدم وجوبه (1)، بدعوى: أن
القضاء بفرض جديد، ضعيف لما يأتي. وهل الواجب القضاء
320

من أصل التركة، أو من الثلث؟ قولان، فذهب جماعة إلى
القول بأنه من الأصل (1)، لأن الحج واجب مالي، وإجماعهم
قائم على أن الواجبات المالية تخرج من الأصل. وربما يورد
عليه يمنع كونه واجبا ماليا، وإنما هو أفعال مخصوصة بدنية
وإن كان قد يحتاج إلى بذل المال في مقدماته، كما أن الصلاة
أيضا قد تحتاج إلى بذل المال في تحصيل الماء والساتر والمكان
ونحو ذلك (2). وفيه: أن الحج في الغالب محتاج إلى بذل
المال (3)، بخلاف الصلاة وسائر العبادات البدنية، فإن كان
هناك إجماع أو غيره على أن الواجبات المالية من الأصل يشمل
الحج قطعا. وأجاب صاحب الجواهر - رحمه الله - بأن المناط
321

في الخروج من الأصل كون الواجب دينا، والحج كذلك،
322

فليس تكليفا صرفا - كما في الصلاة والصوم - بل للأمر به
جهة وضعية (1). فوجوبه على نحو الدينية، بخلاف سائر
العبادات البدنية، فلذا يخرج من الأصل، كما يشير إليه بعض

(* 1) آل عمران: 97.
323

الأخبار الناطقة بأنه دين، أو بمنزلة الدين (1). قلت:
التحقيق أن جميع الواجبات الإلهية ديون الله تعالى، سواء
كانت مالا، أو عملا ماليا، أو عملا غير مالي. فالصلاة
والصوم أيضا ديون لله، ولهما جهة وضع، فذمة المكلف
مشغولة بهما (2). ولذا يجب قضاؤهما، فإن القاضي يفرغ
ذمة نفسه أو ذمة الميت. وليس القضاء من باب التوبة، أو
من باب الكفارة، بل هو إتيان لما كانت الذمة مشغولة به.
ولا فرق بين كون الاشتغال بالمال أو بالعمل، بل مثل قوله:
" لله علي أن أعطي زيدا درهما " دين إلهي لا خلقي (3).

(* 1) الوسائل باب: 29 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب 25 من أبواب وجوب الحج حديث: 4.
(* 3) الوسائل باب: 29 من أبواب وجوب الحج حديث: 2.
324

فلا يكون الناذر مديونا لزيد، بل هو مديون لله بدفع الدراهم
لزيد، ولا فرق بينه وبين أن يقول: " لله علي أن أحج
أو أن أصلي ركعتين "، فالكل دين الله، ودين الله أحق
أن يقضى، كما في بعض الأخبار. ولازم هذا كون الجميع
من الأصل. نعم إذا كان الوجوب على وجه لا يقبل بقاء
شغل الذمة به بعد فوته لا يجب قضاؤه، لا بالنسبة إلى نفس
من وجب عليه، ولا بعد موته. سواء كان مالا أو عملا،
مثل: وجوب إعطاء الطعام لمن يموت من الجوع عام المجاعة
فإنه لو لم يعطه حتى مات لا يجب عليه ولا على وارثه القضاء
لأن الواجب إنما هو حفظ النفس المحترمة، وهذا لا يقبل البقاء
بعد فوته. وكما في نفقة الأرحام فإنه لو ترك الانفاق عليهم
- مع تمكنه - لا يصير دينا عليه، لأن الواجب سد الخلة،
وإذا فات لا يتدارك. فتحصل: أن مقتضي القاعدة في الحج
النذري إذا تمكن وترك حتى مات وجوب قضائه من الأصل
لأنه دين إلهي. إلا أن يقال: بانصراف الدين عن مثل هذه
الواجبات. وهو محل منع، بل دين الله أحق أن يقضى (1).

(* 1) آل عمران: 97.
(* 2) تقدم التعرض لها في الجزء: 7 من هذا الشرح صفحة: 117.
325

وأما الجماعة القائلون بوجوب قضائه من الثلث (1)، فاستدلوا
بصحيحة ضريس وصحيحة ابن أبي يعفور الدالتين على أن
من نذر الاحجاج ومات قبله يخرج من ثلثه (2). وإذا كان
نذر الاحجاج كذلك - مع كونه ماليا قطعا - فنذر الحج بنفسه
أولى بعدم الخروج من الأصل. وفيه: أن الأصحاب لم

(* 1) الوسائل باب: 29 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 29 من أبواب وجوب الحج حديث: 3.
326

يعملوا بهذين الخبرين في موردهما (1)، فكيف يعمل بهما
في غيره؟ وأما الجواب عنهما بالحمل على صورة كون النذر
في حال المرض (2)، بناء على خروج المنجزات من الثلث.
فلا وجه له بعد كون الأقوى خروجها من الأصل. وربما
يجاب عنهما بالحمل على صورة عدم إجراء الصيغة، أو على
صورة عدم التمكن من الوفاء حتى مات. وفيهما ما لا يخفى (3).
خصوصا الأول.
(مسألة 9): إذا نذر الحج مطلقا أو مقيدا بسنة معينة،
327

ولم يتمكن من الاتيان به حتى مات لم يجب القضاء عنه (1)،
لعدم وجوب الأداء عليه حتى يجب القضاء عنه، فيكشف
ذلك عن عدم انعقاد نذره (2).
328

(مسألة 10): إذا نذر الحج معلقا على أمر - كشفاء
مريضه، أو مجئ مسافره - فمات قبل حصول المعلق عليه،
هل يجب القضاء عنه أم لا؟ المسألة مبنية على أن التعليق من
باب الشرط، أو من قبيل الوجوب المعلق (1). فعلى الأول
لا يجب، لعدم الوجوب عليه بعد فرض موته قبل حصول
الشرط وإن كان متمكنا من حيث المال وسائر الشرائط.
وعلى الثاني يمكن أن يقال بالوجوب لكشف حصول الشرط
عن كونه واجبا عليه من الأول. إلا أن يكون نذره منصرفا
إلى بقاء حياته حين حصول الشرط.
(مسألة 11): إذا نذر الحج - وهو متمكن منه -
فاستقر عليه، ثم صار معضوبا - لمرض أو نحوه - أو مصدودا
- بعدو أو نحوه - فالظاهر وجوب استنابته حال حياته، لما
329

مر من الأخبار سابقا في وجوبها (1). ودعوى: اختصاصها
بحجة الاسلام ممنوعة كما مر سابقا. وإذا مات وجب القضاء
عنه. وإذا صار معضوبا أو مصدودا قبل تمكنه واستقرار
الحج عليه، أو نذر وهو معضوب أو مصدود حال النذر مع
فرض تمكنه من حيث المال، ففي وجوب الاستنابة وعدمه
حال حياته ووجوب القضاء عنه بعد موته قولان (2)، أقواهما
330

العدم، وإن قلنا بالوجوب بالنسبة إلى حجة الاسلام. إلا
أن يكون قصده من قوله: " لله علي أن أحج " الاستنابة (1).
(مسألة 12): لو نذر أن يحج رجلا في سنة معينة،
فخالف - مع تمكنه - وجب عليه القضاء والكفارة (2).
وإن مات قبل إتيانهما يقضيان من أصل التركة، لأنهما واجبان
ماليان بلا إشكال (3). والصحيحتان المشار إليهما سابقا -
الدالتان على الخروج من الثلث - معرض عنهما - كما قيل -
أو محمولتان على بعض المحامل. وكذا إذا نذر الاحجاج من
غير تقييد بسنة معينة مطلقا، أو معلقا على شرط وقد حصل
وتمكن منه وترك حتى مات، فإنه يقضي عنه من أصل التركة.
331

وأما لو نذر الاحجاج بأحد الوجوه ولم يتمكن منه حتى
مات، ففي وجوب قضائه وعدمه وجهان، أوجههما ذلك.
لأنه واجب مالي أوجبه على نفسه فصار دينا، غاية الأمر أنه
ما لم يتمكن معذور. والفرق بينه وبين نذر الحج بنفسه: أنه
لا يعد دينا مع عدم التمكن منه واعتبار المباشرة، بخلاف
الاحجاج فإنه كنذر بذل المال، كما إذا قال: " لله علي أن
أعطي الفقراء مائة درهم " ومات قبل تمكنه. ودعوى:
كشف عدم التمكن عن عدم الانعقاد ممنوعة (1). ففرق بين
إيجاب مال على نفسه، أو إيجاب عمل مباشري وإن استلزم
صرف المال، فإنه لا يعد دينا عليه، بخلاف الأول (2).
(مسألة 13): لو نذر الاحجاج معلقا على شرط
- كمجئ المسافر، أو شفاء المريض - فمات قبل حصول
الشرط، مع فرض حصوله بعد ذلك وتمكنه منه قبله،
فالظاهر وجوب القضاء عنه.
إلا أن يكون مراده التعليق على
ذلك الشرط مع كونه حيا حينه. ويدل على ما ذكرنا خبر
مسمع بن عبد الملك: فيمن كان له جارية حبلى، فنذر إن
هي ولدت غلاما أن يحجه أو يحج عنه، حيث قال الصادق (عليه السلام)
- بعد ما سئل عن هذا -: " إن رجلا نذر في ابن له إن هو
332

أدرك أن يحجه أو يحج عنه، فمات الأب وأدرك الغلام بعد،
فأتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسأله عن ذلك، فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله)
أن يحج عنه مما ترك أبوه " (1). وقد عمل به جماعة (2).

(* 1) الوسائل باب: 16 من أبواب النذر حديث: 1.
333

وعلى ما ذكرنا لا يكون مخالفا للقاعدة (1) كما تخيله سيد الرياض
334

وقرره عليه صاحب الجواهر، وقال: إن الحكم فيه تعبدي
على خلاف القاعدة.
(مسألة 14): إذا كان مستطيعا ونذر أن يحج حجة
الاسلام انعقد على الأقوى (1).
335



(* 1) آل عمران: 97.
336

وكفاه حج واحد (1). وإذا ترك حتى مات وجب القضاء
عنه والكفارة من تركته (2). وإذا قيده بسنة معينة فأخر
عنها وجب عليه الكفارة. وإذا نذره في حال عدم الاستطاعة
انعقد أيضا، ووجب عليه تحصيل الاستطاعة مقدمة (3).
إلا أن يكون مراده الحج بعد الاستطاعة (4).
(مسألة 15): لا يعتبر في الحج النذري الاستطاعة
الشرعية، بل يجب مع القدرة العقلية (5).
337

خلافا للدروس، ولا وجه له، إذ حاله حال سائر الواجبات
التي تكفيها القدرة عقلا (1).
(مسألة 16): إذا نذر حجا غير حجة الاسلام في
عامه وهو مستطيع لم ينعقد (2). إلا إذا نوى ذلك على تقدير
زوالها فزالت. ويحتمل الصحة مع الاطلاق أيضا إذا زالت،
حملا لنذره على الصحة (3).
(مسألة 17): إذا نذر حجا في حال عدم الاستطاعة
الشرعية ثم حصلت له، فإن كان موسعا أو مقيدا بسنة متأخرة
338

قدم حجة الاسلام لفوريتها، وإن كان مضيقا - بأن قيده
بسنة معينة وحصل فيها الاستطاعة، أو قيده بالفورية - قدمه (1)
وحينئذ فإن بقيت الاستطاعة إلى العام القابل وجبت، وإلا
فلا، لأن المانع الشرعي كالعقلي. ويحتمل وجوب تقديم النذر
ولو مع كونه موسعا (2)، لأنه دين عليه، بناء على أن الدين -
ولو كان موسعا - يمنع عن تحقق الاستطاعة. خصوصا مع
ظن عدم تمكنه من الوفاء بالنذر إن صرف استطاعته في
حجة الاسلام.
(مسألة 18): إذا كان نذره في حال عدم الاستطاعة
فوريا ثم استطاع وأهمل عن وفاء النذر في عامه، وجب
الاتيان به في العام للقابل مقدما على حجة الاسلام وإن بقيت
الاستطاعة إليه، لوجوبه عليه فورا ففورا، فلا يجب عليه
339

حجة الاسلام إلا بعد الفراغ عنه (1). لكن عن الدروس
أنه قال - بعد الحكم بأن استطاعة النذر شرعية لا عقلية -:
" فلو نذر ثم استطاع صرف ذلك إلى النذر، فإن أهمل
واستمرت الاستطاعة إلى العام القابل وجب حجة الاسلام
أيضا -. ولا وجه له. نعم لو قيد نذره بسنة معينة، وحصل
فيها الاستطاعة فلم يف به وبقيت استطاعته إلى العام المتأخر
أمكن أن يقال بوجوب حجة الاسلام أيضا، لأن حجه
النذري صار قضاء موسعا (2). ففرق بين الاهمال مع الفورية
والاهمال مع التوقيت، بناء على تقديم حجة الاسلام مع كون
النذر موسعا (3).
(مسألة 19): إذا نذر الحج وأطلق من غير تقييد
بحجة الاسلام ولا بغيره، وكان مستطيعا أو استطاع بعد ذلك
فهل يتداخلان فيكفي حج واحد عنهما، أو يجب التعدد،
أو يكفي نية الحج النذري عن حجة الاسلام دون العكس؟
أقوال (4)،
340

أقواها الثاني، لأصالة تعدد المسبب بتعدد السبب (1). والقول
بأن الأصل هو التداخل (2) ضعيف. واستدل للثالث بصحيحتي
341

رفاعة ومحمد بن مسلم، " عن رجل نذر أن يمشي إلى بيت
الله الحرام فمشى، هل يجزيه عن حجة الاسلام؟ قال (عليه السلام):
نعم " (1). وفيه أن ظاهرهما كفاية الحج النذري عن حجة
الاسلام مع عدم الاستطاعة (2)، وهو غير معمول به. ويمكن
حملها على أنه نذر المشي لا الحج، ثم أراد أن يحج (3)،

(* 1) في عبارة التهذيب: " عنه ذلك ".
(* 2) الوسائل باب: 27 من أبواب وجوب الحج حديث: 3. ونص الرواية في المتن موافق
لما في التهذيب جزء: 5 صفحة: 407 طبع النجف الأشرف، وفي الوسائل جمع بين ذلك وبين
ما في الكافي جزء: 4 صفحة: 277 طبع إيران الحديثة.
(* 3) الوسائل باب: 27 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
342

فسئل (عليه السلام) عن أنه هل يجزيه هذا الحج الذي أتى به عقيب
هذا المشي أم لا؟ فأجاب (عليه السلام) بالكفاية. نعم لو نذر أن
يحج مطلقا - أي حج كان - كفاه عن نذره حجة الاسلام،
بل الحج النيابي وغيره أيضا، لأن مقصوده حينئذ حصول
الحج منه في الخارج بأي وجه كان (1).
343

(مسألة 20): إذا نذر الحج - حال عدم استطاعته -
معلقا على شفاء ولده مثلا، فاستطاع قبل حصول المعلق عليه
فالظاهر تقديم حجة الاسلام (1). ويحتمل تقديم المنذور إذا
فرض حصول المعلق عليه قبل خروج الرفقة مع كونه فوريا (2)،
بل هو المتعين إن كان نذره من قبيل الواجب المعلق (3).
344

(مسألة 21): إذا كان عليه حجة الاسلام والحج
النذري، ولم يمكنه الاتيان بهما إما لظن الموت (1). أو لعدم
التمكن إلا من أحدهما (2)، ففي وجوب تقديم الأسبق سببا (3)،
أو التخيير، أو تقديم حجة الاسلام - لأهميتها - وجوه،
أوجهها الوسط (4)، وأحوطها الأخير.
345

وكذا إذا مات وعليه حجتان ولم تف تركته إلا لأحدهما (1).
وأما إن وفت التركة فاللازم استئجارهما ولو في عام واحد (2).
(مسألة 22): من عليه الحج الواجب بالنذر الموسع
يجوز له الاتيان بالحج المندوب قبله (3).
346

(مسألة 23): إذا نذر أن يحج أو يحج انعقد ووجب
عليه أحدهما على وجه التخيير، وإذا تركهما حتى مات يجب
القضاء عنه مخيرا. وإذا طرأ العجز من أحدهما معينا تعين
الآخر. ولو تركه أيضا حتى مات يجب القضاء عنه مخيرا
أيضا، لأن الواجب كان على وجه التخيير، فالفائت هو
هو الواجب المخير، ولا عبرة بالتعيين العرضي (1)، فهو
كما لو كان عليه كفارة الافطار في شهر رمضان، وكان عاجزا
عن بعض الخصال ثم مات، فإنه يجب الاخراج من تركته
مخيرا وإن تعين عليه - في حال حياته - في إحداها فلا يتعين
في ذلك المتعين. نعم لو كان حال النذر غير متمكن إلا من
أحدهما معينا، ولم يتمكن من الآخر إلى أن مات، أمكن أن
يقال باختصاص القضاء بالذي كان متمكنا منه، بدعوى:
أن النذر لم ينعقد بالنسبة إلى ما لم يتمكن منه (2)، بناء على
أن عدم التمكن يوجب عدم الانعقاد (3). لكن الظاهر أن
347

مسألة الخصال ليست كذلك، فيكون الاخراج من تركته على
وجه التخيير وإن لم يكن في حياته متمكنا إلا من البعض أصلا
وربما يحتمل - في الصورة المفروضة ونظائرها - عدم انعقاد
النذر بالنسبة إلى الفرد الممكن أيضا، بدعوى: أن متعلق النذر
هو أحد الأمرين على وجه التخيير، ومع تعذر أحدهما لا يكون
وجوب الآخر تخييريا (1). بل عن الدروس اختياره في مسألة
ما لو نذر إن رزق ولدا أن يحجه أو يحج عنه، إذا مات الولد
قبل تمكن الأب من أحد الأمرين (2). وفيه: أن مقصود
348

الناذر إتيان أحد الأمرين من دون اشتراط كونه على وجه
التخيير، فليس النذر مقيدا بكونه واجبا تخييريا حتى يشترط
في انعقاده التمكن منهما.
(مسألة 24): إذا نذر أن يحج أو يزور الحسين (عليه السلام)
من بلده ثم مات قبل الوفاء بنذره وجب القضاء من تركته (1).
349

ولو اختلف أجرتهما يجب الاقتصار على أقلهما أجرة (1)،
إلا إذا تبرع الوارث بالزائد، فلا يجوز للوصي اختيار الأزيد
أجرة وإن جعل الميت أمر التعيين إليه (2). ولو أوصى
باختيار الأزيد أجرة خرج الزائد من الثلث (3).
(مسألة 25): إذا علم أن على الميت حجا ولم يعلم
أنه حجة الاسلام أو حج النذر وجب قضاؤه عنه من غير
تعيين (4)، وليس عليه كفارة (5). ولو تردد ما عليه بين
350

الواجب بالنذر أو بالحلف وجبت الكفارة أيضا. وحيث أنها
مرددة بين كفارة النذر وكفارة اليمين (1) فلا بد من الاحتياط
ويكفي حينئذ اطعام ستين مسكينا، لأن فيه طعام عشرة أيضا
الذي يكفي في كفارة الحلف.
(مسألة 26): إذا نذر المشي في حجه الواجب عليه
أو المستحب انعقد (2) مطلقا حتى في مورد يكون الركوب
أفضل (3)،

(* 1) الوسائل باب: 34 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 34 من أبواب وجوب الحج حديث: 10 ويأتي التعرض لها في المسألة الآتية.
(* 3) الوسائل باب 34 من أبواب وجوب الحج حديث: 4.
351

لأن المشي - في حد نفسه - أفضل من الركوب (1) بمقتضى
جملة من الأخبار (* 1) وإن كان الركوب قد يكون أرجح
لبعض الجهات، فإن أرجحيته لا توجب زوال الرجحان عن
المشي في حد نفسه. وكذا ينعقد لو نذر الحج ماشيا - مطلقا - (2)
ولو مع الاغماض عن رجحان المشي، لكفاية رجحان أصل
الحج في الانعقاد، إذ لا يلزم أن يكون المتعلق راجحا بجميع
قيوده وأوصافه. فما عن بعضهم: من عدم الانعقاد في مورد
يكون الركوب أفضل (3) لا وجه له. وأضعف منه: دعوى

(* 1) راجع الوسائل باب: 32 من أبواب وجوب الحج.
(* 2) الوسائل باب: 34 من أبواب وجوب الحج حديث: 8.
352

الانعقاد في أصل الحج لا في صفة المشي فيجب مطلقا (1).
لأن المفروض نذر المقيد، فلا معنى لبقائه مع عدم صحة قيده (2).
(مسألة 27): لو نذر الحج راكبا انعقد ووجب (3)،
ولا يجوز حينئذ المشي وإن كان أفضل، لما مر من كفاية
رجحان المقيد دون قيده. نعم لو نذر الركوب في حجه في
مورد يكون المشي أفضل لم ينعقد، لأن المتعلق حينئذ الركوب (4)
353

لا الحج راكبا. وكذا ينعقد لو نذر أن يمشي بعض الطريق
من فرسخ في كل يوم أو فرسخين، وكذا ينعقد لو نذر
الحج حافيا. وما في صحيحة الحذاء (1)، من أمر النبي (صلى الله عليه وآله)
بركوب أخت عقبة بن عامر مع كونها ناذرة أن تمشي إلى
بيت الله حافية، قضية في واقعة (2)، يمكن أن يكون لمانع
من صحة نذرها، من إيجابه كشفها، أو تضررها، أو غير ذلك.

(* 1) الوسائل باب: 34 من أبواب وجوب الحج حديث: 4.
354



(* 1) الوسائل باب: 34 من أبواب وجوب الحج حديث: 10.
355

(مسألة 28): يشترط في انعقاد النذر ماشيا أو حافيا
تمكن الناذر وعدم تضرره بهما، فلو كان عاجزا أو كان مضرا
ببدنة لم ينعقد (1). نعم لا مانع منه إذا كان حرجا لا يبلغ
حد الضرر، لأن رفع الحرج من باب الرخصة لا العزيمة (2).
356

هذا إذا كان حرجيا حين النذر، وكان عالما به (1). وأما
إذا عرض الحرج بعد ذلك فالظاهر كونه مسقطا للوجوب (2).
(مسألة 29): في كون مبدأ وجوب المشي أو الحفاء:
بلد النذر أو الناذر، أو أقرب البلدين إلى الميقات، أو مبدأ
الشروع في السفر (3)،
357

أو أفعال الحج (1) أقوال. والأقوى أنه تابع للتعيين أو
الانصراف، ومع عدمهما فأول أفعال الحج إذا قال: " لله
علي أن أحج ماشيا "، ومن حين الشروع في السفر إذا قال:
" لله علي أن أمشي إلى بيت الله " أو نحو ذلك. كما أن الأقوى
358

أن منتهاه - مع عدم التعيين - رمي الجمار، لجملة من الأخبار (1)
لا طواف النساء كما عن المشهور (2)، ولا الإفاضة من
عرفات، كما في بعض الأخبار (3).

(* 1) الوسائل باب: 35 من أبواب وجوب الحج حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 35 من أبواب وجوب الحج حديث: 3.
(* 3) الوسائل باب: 35 من أبواب وجوب الحج حديث: 5.
(* 4) الوسائل باب: 35 من أبواب وجوب الحج حديث: 6.
359

(مسألة 30): لا يجوز لمن نذر الحج ماشيا أو المشي
في حجه أن يركب البحر لمنافاته لنذره، وإن اضطر إليه
لعروض المانع من سائر الطرق سقط نذره. كما أنه لو كان
منحصرا فيه من الأول لم ينعقد. ولو كان في طريقه نهر أو
شط لا يمكن العبور إلا بالمركب فالمشهور أنه يقوم فيه، لخبر
السكوني (1). والأقوى عدم وجوبه، لضعف الخبر عن
إثبات الوجوب (2).

(* 1) الوسائل باب: 37 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
360

والتمسك بقاعدة الميسور لا وجه له (1). وعلى فرضه فالميسور
هو التحرك لا القيام (2).
(مسألة 31): إذا نذر المشي فخالف نذره فحج
راكبا، فإن كان المنذور الحج ماشيا من غير تقييد بسنة معينة
وجب عليه الإعادة، ولا كفارة (3)، إلا إذا تركها أيضا (4).
وإن كان المنذور الحج ماشيا في سنة معينة فخالف وأتى به
راكبا وجب عليه القضاء والكفارة (5). وإذا كان المنذور
361

المشي في حج معين وجبت الكفارة دون القضاء (1)، لفوات
محل النذر. والحج صحيح في جميع الصور (2). خصوصا
الأخيرة، لأن النذر لا يوجب شرطية المشي في أصل الحج (3)
وعدم الصحة من حيث النذر لا يوجب عدمها من حيث
363

الأصل، فيكفي في صحته الاتيان به بقصد القربة. وقد
يتخيل البطلان، من حيث أن المنوي - وهو الحج النذري -
لم يقع، وغيره لم يقصد (1). وفيه: أن الحج في حد نفسه
مطلوب، وقد قصده في ضمن قصد النذر، وهو كاف (2).
ألا ترى: أنه لو صام أياما بقصد الكفارة ثم ترك التتابع لا يبطل
الصيام في الأيام السابقة أصلا (3)، وإنما تبطل من حيث
364

كونها صيام كفارة؟ وكذا إذا بطلت صلاته لم تبطل قراءته
وأذكاره التي أتى بها من حيث كونها قرآنا أو ذكرا. وقد
يستدل للبطلان - إذا ركب في حال الاتيان بالأفعال -: بأن
الأمر باتيانها ماشيا موجب للنهي عن إتيانها راكبا. وفيه:
منع كون الأمر بالشئ نهيا عن ضده (1). ومنع استلزامه
البطلان على القول به. مع أنه لا يتم فيما لو نذر الحج ماشيا
365

مطلقا، من غير تقييد بسنة معينة ولا بالفورية، لبقاء محل الإعادة.
(مسألة 32): لو ركب بعضا ومشى بعضا فهو كما
لو ركب الكل، لعدم الاتيان بالمنذور، فيجب عليه القضاء
أو الإعادة ماشيا (1). والقول بالإعادة والمشي في موضع
الركوب، ضعيف لا وجه له.

(* 1) الوسائل باب: 21 من أبواب النذر حديث: 2.
366

(مسألة 33): لو عجز عن المشي بعد انعقاد نذره
- لتمكنه منه، أو رجائه - سقط (1). وهل يبقى حينئذ
وجوب الحج راكبا أولا، بل يسقط أيضا؟ فيه أقوال:
أحدها: وجوبه راكبا مع سياق بدنة (2).
الثاني: وجوبه بلا سياق (3).

(* 1) الوسائل باب: 34 من أبواب وجوب الحج حديث: 3
(* 2) الوسائل باب: 34 من أبواب وجوب الحج حديث: 2.
367

الثالث: سقوطه إذا كان الحج مقيدا بسنة معينة. أو
كان مطلقا مع اليأس عن التمكن بعد ذلك، وتوقع المكنة مع
الاطلاق وعدم اليأس (1).
الرابع: وجوب الركوب مع تعيين السنة، أو اليأس
في صورة الاطلاق، وتوقع المكنة مع عدم اليأس (2).

(* 1) الوسائل باب: 34 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 34 من أبواب وجوب الحج حديث: 9.
368

الخامس: وجوب الركوب إذا كان بعد الدخول في
الاحرام، وإذا كان قبله فالسقوط مع التعيين، وتوقع المكنة
مع الاطلاق (1). ومقتضى القاعدة وإن كان هو القول
الثالث (2). إلا أن الأقوى - بملاحظة جملة من الأخبار -
هو القول الثاني، بعد حمل ما في بعضها: من الأمر بسياق
الهدي، على الاستحباب، بقرينة السكوت عنه في بعضها
الآخر مع كونه في مقام البيان (3).

(* 1) تقدم ذكرهما في القول الثاني من الأقوال المتقدمة في المسألة.
(* 2) الوسائل باب: 34 من أبواب وجوب الحج حديث: 10.
369

مضافا إلى خبر عنبسة (1)، الدال على عدم وجوبه صريحا
فيه. من غير فرق في ذلك بين أن يكون العجز قبل الشروع
في الذهاب أو بعده (2)، وقبل الدخول في الاحرام أو بعده (3).

(* 1) الوسائل باب: 34 من أبواب وجوب الحج حديث: 6.
(* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب وجوب النفقات ملحق حديث: 4.
370

ومن غير فرق أيضا بين كون النذر مطلقا أو مقيدا بسنة (1)،
مع توقع المكنة وعدمه. وإن كان الأحوط في صورة الاطلاق
- مع عدم اليأس من المكنة، وكونه قبل الشروع في الذهاب -
الإعادة إذا حصلت المكنة بعد ذلك، لاحتمال انصراف
الأخبار عن هذه الصورة (2). والأحوط إعمال قاعدة الميسور
أيضا بالمشي بمقدار المكنة. بل لا يخلو عن قوة. للقاعدة،
مضافا إلى الخبر: " عن رجل نذر أن يمشي إلى بيت الله

(* 1) الوسائل باب: 34 من أبواب وجوب الحج حديث: 2، 9.
371

حافيا. قال. (عليه السلام): فليمش، فإذا تعب فليركب " (1).
ويستفاد منه كفاية الحرج والتعب في جواز الركوب وإن لم
يصل إلى حد العجز (2) وفي مرسل حريز: " إذا حلف
الرجل أن لا يركب، أو نذر أن لا يركب، فإذا بلغ مجهوده
ركب " (* 1).
(مسألة 34): إذا نذر الحج ماشيا فعرض مانع آخر
غير العجز عن المشي - من مرض، أو خوف، أو عدو
أو نحو ذلك - (3) فهل حكمه حكم العجز فيما ذكر، أولا
لكون الحكم على خلاف القاعدة؟ وجهان. ولا يبعد التفصيل
بين المرض ومثل العدو، باختيار الأول في الأول والثاني في
الثاني. وإن كان الأحوط الالحاق مطلقا.

(* 1) الوسائل باب: 34 من أبواب وجوب الحج حديث: 12. (* 2) تقدم ذكر الأول في المسألة: 26، 33 من هذا الفصل. وتقدم ذكر الثاني في المسألة:
27 من هذا الفصل. لكن الأول غير مطابق لما جاء في المتن، وإنما يطابقه الخبر الثاني كما يطابقه خبر
رفاعة وحفص المروي في الوسائل باب: 8 من أبواب النذر والعهد حديث: 2.
372