الكتاب: كتاب الاجتهاد والتقليد
المؤلف: السيد الخوئي
الجزء:
الوفاة: ١٤١١
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق:
الطبعة: الثالثة
سنة الطبع: ذي الحجة ١٤١٠
المطبعة: صدر - قم
الناشر: دار أنصاريان للطباعة والنشر - قم
ردمك:
ملاحظات: تقريراً لبحث آية الله العظمى السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي (وفاة ١٤١١)

الاجتهاد والتقليد
من
التنقيح
في شرح العروة الوثقى
تقرير البحث آية الله العظمى
السيد أبو القاسم الخوئي
تأليف
الميرزا علي الغروي التبريزي
تعريف الكتاب 1

الكتاب: التنقيح في شرح العروة الوثقى
تقرير البحث آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي دام ظله.
المؤلف: العلامة الميرزا علي الغروي التبريزي
الناشر: دار الهادي للمطبوعات قم
الطبعة: الثالثة ذي حجة 1410 هجري
الكمية: 2000 نسخة
المطبعة: صدر قم
توزيع: دار الأنصاريان قم
تعريف الكتاب 2

بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد والمجد
تاريخ الاجتهاد
لقد كانت الأمم تترامى بهم أمواج الضلال فلا ينقذون من هوة
الهوان إلا ويقذفون إلى أعمق منها سادت فيهم الفوضى وطنبتت عليهم
العادات الخرافية وحكمتهم النواميس المخزية فمن دماء مهدورة وغارات
متتابعة وأخلاق وحشية ونظم مهتوكة وسبيل الأمن شائك وسير الانسانية
متقهقر يعبدون الحجارة ويشربون الرنق ويقتاتون القد، أذلة خاسئين، يخافون
أن يتخطفهم الناس.
فظهر بينهم الرسول الأقدس " محمد " صلى الله عليه وآله حاملا
مصباح الهداية هاتفا بما فيه حياة البشر عامة من الطقوس الراقية والتعاليم
الإلهية والنظم المقدسة فأبطل مسعى الالحاد وتفككت عرى الوثنية واندحرت
عادات الجاهلية وكان دستوره المتكفل للعز الخالد.
الكتاب المجيد
فإنه منبع المعارف والعلوم فاستعان به علماء العربية وفقهاء الشريعة
واتخذه الفرق الاسلامية للتدليل على ما ذهبوا إليه وركن إليه الفلاسفة و أساتذة
الطب في المهم من هذه المباحث.
وقد جمع الصحابة كتاب الله بتمامه في إضبارة خاصة أيام صاحب
الدعوة الإلهية بأمر منه صلوات الله عليه وآله (* 1) فإن تركه هذا القانون
الموحى به إليه في الجرائد والعظام كما عليه المزاعم معرض للتلف والزيادة

(* 1) مستدرك الحاكم ج 2 ص 611 ومسند الطيالسي ص 270 والمحبر
لابن حبيب ص 286 وتاريخ الشام ج 7 ص 210 وفتح الباري ج 9 ص 440.
مقدمة 3

والنقصان مع أنه متكفل لأنظمة حياة الأمم وسعادتها فرسول السماء المبعوث
للاصلاح لا يستسيغ ترك القرآن متفرقا بين الصبيان والنساء.
ولم يختلف اثنان في جمع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
لكتاب الله على حسب النزول (1) وقد رأى ابن النديم مصحفا بخط علي (ع)
عند أبي يعلى حمزة الحسيني يتوارثه بنو الحسن (2) كما ختم جماعة من
الصحابة القرآن عدة مرات على النبي صلى الله عليه وآله (3) ويحدث محمد بن كعب
القرظي أن علي بن أبي طالب وعثمان وابن مسعود ختموا القرآن ورسول الله
صلى الله عليه وآله حي (4).
وابن العربي المالكي الأندلسي لم يتأخر عما عليه صحيح الأحاديث من
جمع القرآن بتمامه أيام النبي صلى الله عليه وآله وبأمر منه فيقول كان تأليف القرآن
ينزل من عند الله تعالى فيبينه النبي لكتابه ويميزه لأصحابه ويرتبه على أبوابه
إلا براءة فإنه لم يذكر لهم شيئا ليتبين للخلق أن الله تعالى يفعل ما يشاء (5)
وحديث أنس بن مالك ينص على أن أربعة من الصحابة جمعوا القرآن
على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وهم معاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد
أحد عمومته واختلفت الرواية عنه في الرابع هل هو أو الدرداء أو أبي

(1) فتح الباري ج 9 ص 43 وإرشاد الساري ج 7 ص 459 وعمدة القاري
للعيني ج 9 ص 304.
(2) الفهرست لابن النديم ص 42.
(3) تفسير روح المعاني للآلوسي ج 1 ص 24.
(4) تفسير القرطبي ج 1 ص 58.
(5) أحكام القرآن ج 1 ص 366.
مقدمة 4

ابن كعب (1). ويستوضح الحاكم النيسابوري جمع القرآن على عهد الرسول صلى الله عليه وآله
من قول زيد بن ثابت: كنا عند رسول الله نؤلف القرآن من الرقاع (2)
ويؤكده مجاهرة ابن عمر في جمعه القرآن وقرائته كل ليلة غير أن النبي صلى الله عليه وآله أمره بقرائته في كل شهر (3).
السنة النبوية
وهي عبارة عن أوامر النبي صلى الله عليه وآله ونواهيه وأعماله بحضرة أصحابه
قاصدا تعبيد الجادة الموصلة إلى الرضوان وتقريره الأعمال التي تأتي بها الصحابة
بحضرته وهي كالكتاب المجيد في تلكم الأهمية الكبرى لأن صاحبها لا ينطق
عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، وأول من دون الحديث من الشيعة
أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وآله أهداه له العباس بن عبد المطلب فأعتقه
النبي صلى الله عليه وآله وسماه إبراهيم وأسلم قديما وهاجر إلى المدينة ولازم أمير المؤمنين
عليا عليه السلام وكان قيمه على بيت ماله بالكوفة إلى أن توفي أول
خلافته (4).
ورأي السيوطي في نسبته إلى الزهري (5) فايل لتقدم أبي رافع عليه

(1) صحيح البخاري باب فضائل القرآن وفتح الباري لابن حجر ج 9 ص
44 باب من جمع القرآن.
(2) مستدرك الحاكم ج 2 ص 611.
(3) إرشاد الساري ج 7 ص 459.
(4) تأسيس الشيعة ص 280 للصدر الكاظمي.
(5) التدريب ص 24 والأوائل له ص 112.
مقدمة 5

إلا أن يقصد به أول التابعين، على أن الزرقاني يذهب إلى أن الصحابة
والتابعين لم يكتبوا الحديث وإنما كانوا يؤدون الأحاديث لفظا ويأخذونها
حفظا إلا كتاب الصدقات ولما خاف عمر بن عبد العزيز اندراسها أمر
قاضيه على المدينة أبا بكر محمد بن عمرو بن حزم أن يجمع الأحاديث
فتوفي ابن عبد العزيز وقد جمع ابن حزم كتابا قبل أن يبعث به إليه (1)
وفي تخريج أبي نعيم الإصبهاني أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى الآفاق بجمع
حديث رسول الله صيانة له عن التلف (2).
لقد ظل الصحابة من بعد الرسول والتابعون من بعدهم يستقون مسائل
الشريعة من الأحاديث النبوية ولما تكثرت الفروع بسبب اختلاط المسلمين
بغيرهم ولم يكن من تلك الدراري اللامعة ما فيه النص عليها مال قسم من
العلماء إلى الرأي والاستحسان مستندين إلى أن الشريعة معقولة المعنى ولها
أصول محكمة فهمت من الكتاب والسنة فكانوا يبحثون عن علل الأحكام
وربط المسائل بعضها ببعض ولم يحجموا عن الفتوى برأيهم فيما لا يجدون
نصا فيه واشتهروا بأصحاب " الرأي والقياس " كما قيل لمقابليهم الواقفين
على النصوص فحسب " أهل الظاهر " وكان أكثر أهل العراق أهل قياس
وأكثر أهل الحجاز أهل حديث وعلى هذا كان سعيد بن المسيب يقول
لربيعة بن عبد الرحمن المتوفى سنة 136 ه‍ لما سأله عن علة الحكم: أعراقي
أنت؟! (3).
ولعل أول من غرس بذرة العمل بالقياس (عمر) فإنه يقول في كتابه

(1) حاشية الزرقاني على موطأ مالك ج 1 ص 10.
(2) تاريخ أصبهان ص 140.
(3) تاريخ التشريع الاسلامي ص 143 وفجر الاسلام ج 1 ص 290.
مقدمة 6

إلى أبي موسى الأشعري: اعرف الأشباه والأمثال وقس الأمور عند ذلك
بنظائرها واعمد إلى أقربها عند الله تعالى وأشبهها بالحق (1).
وممن أخذ بالقياس والاستحسان أبو حنيفة النعمان بن ثابت المتوفى
سنة 150 ه‍ تلقاه من أستاذه حماد بن سليمان المتوفى سنة 120 ه‍ تلميذ إبراهيم
ابن يزيد النخعي المتوفى سنة 96 ه‍ (2) وأعانه على تأسيسه تلميذاه أبو يوسف
القاضي المتوفى سنة 182 ومحمد بن الحسن الشيباني المتوفى سنة 189 (3).
وخامة القياس
ولم يزل أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق (ع) يعرف أبا حنيفة
وخامة القياس ورداءة عاقبته قال له يوما: أيهما أعظم عند الله تعالى قتل
النفس التي حرم الله قتلها أم الزناء؟ قال أبو حنيفة: القتل فقال الصادق
عليه السلام: فلماذا قبل الله تعالى في القتل شاهدين وفي الزنا أربعة شهود؟!
فوجم أبو حنيفة ولم يدر ما يقول.
ثم قال الصادق (ع) أيهما أعظم عند الله تعالى الصوم أم الصلاة؟
قال أبو حنيفة الصلاة فقال الصادق (ع) لماذا تقضي المرأة الصوم
أيام الحيض ولا تقضي الصلاة؟!
ثم قال: يا عبد الله اتق الله ولا تقس فإنا نقف غدا بين يدي الله
تعالى نحن وأنت فنقول قال الله عز وجل وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وتقول أنت
وأصحابك قسنا ورأينا فيفعل الله بنا وبكم ما يشاء إن أول من قاس إبليس

(1) صبح الأعشى ح 10 ص 194.
(2) حجة الله البالغة ج 1 ص 118.
(3) تاريخ الفلسفة الاسلامية لمصطفى عبد الرزاق ص 205.
مقدمة 7

إذا أمره الله بالسجود لآدم فقال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من
طين (1).
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: لو كان الدين بالرأي لكان أسفل
القدم أولى بالمسح من أعلاه (2) وعن النبي صلى الله عليه وآله تفترق أمتي على بضع
وسبعين فرقة أعظم فتنة على أمتي قوم يقيسون الأمور بآرائهم فيحلون
الحرام ويحرمون الحلال (3)
وقد أنكرت الشريعة المقدسة القياس ومنعته بتاتا وفيه يقول أبو عبد الله
جعفر بن محمد الصادق (ع) لأبان بن تغلب المتوفى سنة 141 ه‍ " السنة
إذا قيست محق الدين ".
والقصة في ذلك أنه سأل أبا عبد الله عن دية قطع إصبع من أصابع
المرأة فقال عليه السلام عشرة من الإبل قال أبان فإن قطع اثنين قال
أبو عبد الله عشرون من الإبل قال أبان فإن قطع ثلاثة قال أبو عبد الله:
ثلاثون من الإبل قال أبان فإن قطع أربعة قال أبو عبد الله: عشرون من الإبل.
فاستغرب أبان هذا الحكم وتعجب كثيرا لأنه عراقي وشايع عند أهل
العراق القياس وهو قاض بأن قطع الأربعة يوجب أربعين من الإبل فقال
يا سبحان الله إن هذا كان تبلغنا ونحن بالعراق فنقول ما جاء به إلا شيطان
فعندها رفع " إمام الأمة " بصيصا من القول الحق اهتدى به
" أبان " إلى الطريق اللاحب وقال له: مهلا يا أبان هذا حكم الله وحكم

(1) أعلام الموقعين ج 1 ص 222.
(2) المحلى لابن حزم ج 1 ص 61.
(3) جامع بيان العلم ج 2 ص 76.
مقدمة 8

رسوله أن المرأة تعاقل الرجل إلى ثلثي الدية فإذا بلغت رجعت إلى النصف
يا أبان إنك أخذتني بالقياس والسنة إذا قيست محق الدين (1).
ولم يتباعد عن هذا الحكم سعيد بن المسيب ومالك وجمهور أهل
المدينة (2) ففي الحديث أن ربيعة يسأل سعيد بن المسيب عن دية
إصبع المرأة فيقول له عشرة من الإبل قال كم في اثنتين قال عشرون من
الإبل قال كم في ثلاثة قال ثلاثون من الإبل قال كم في أربع قال عشرون
من الإبل. فقال ربيعة: حين عظم جرحها واشتدت مصيبتها نقص عقلها قال
سعيد: أعراقي أنت؟! قال ربيعة عالم متثبت أو جاهل متعلم قال يا ابن أخي
إنها السنة (2).
وأبو حنيفة مع ما يرى لنفسه المكانة العلمية لم يعدم الانتفاع من
الإمام الصادق (ع) والاقتباس من آثاره اللامعة (4) كما حظي من قبل
بأبيه أبي جعفر الباقر عليه السلام (5).
وكان مالك بن أنس إمام المالكية يكثر من اطراء أبي عبد الله جعفر
ابن محمد (ع) فيقول: كنت أختلف زمانا إلى جعفر بن محمد الصادق (ع)

(1) التهذيب للشيخ الطوسي ج 2 ص 441 طبعة إيران والمحاسن للبرقي ج 1 ص 214 ورواه مالك في موطأ ج 3 ص 65.
(2) نيل الأوطار ج 7 ص 56.
(3) السنن الكبرى للبيهقي ج 8 ص 96.
(4) تهذيب التهذيب ج 2 ص 103 واسعاف المبطأ برجال الموطأ ص 176
للسيوطي.
مقدمة 9

فما رأيته إلا صائما أو مصليا أو قارئا للقرآن وما رأيته إلا على طهارة (1)
ولا يتكلم فيما لا يعينه وهو من العلماء الزهاد الذين يخشون الله ويتقونه حق
تقاته (2) ومن هنا كان يرجع إليه في مشكلات الشريعة (3) وانكار الذهبي
رواية مالك عنه (4) محكوم بشهادة الأعلام.
عصر الأمويين
لقد بقي علماء الحديث ردحا من الزمن بين حفظه أولا وتدوينه ثانيا
حتى أيام الحكم الأموي الذي يصفه أحمد أمين بقوله: لم يكن الحكم الأموي
حكما اسلاميا يسوى فيه بين الناس ويكافئ فيه المحسن عربيا كان أم مولى
ولم يكن الحكام خدمة للرعية على السواد وإنما كان الحكم عربيا والحكام
خدمة للعرب على حساب غيرهم وكان تسود العرب فيه النزعة الجاهلية
لا النزعة الاسلامية (5).
ويقول جرجي زيدان: يعد انتقال الدولة الاسلامية إلى بني أمية انقلابا
عظيما في تاريخ الأمة الاسلامية لأنها كانت في زمن الخلفاء الراشدين خلافة
دينية فصارت في أيامهم ملكا عضوضا وكانت شورية فصارت إرثية ويعتقد

(1) شرح الزرقاني على موطأ مالك ج 1 ص 232 وتهذيب التهذيب
ج 2 ص 103.
(2) شرح الزرقاني على الموطأ ج 1 ص 232.
(3) تاريخ القضاء في الاسلام ص 62.
(4) ميزان الاعتدال ج 1 ص 192 طبعة مصر.
مقدمة 10

المسلمون عدم أحقية معاوية للخلافة لأنه طليق لا تحل له ولم يعتنق الاسلام
إلا كرها (1).
لم يهتم الخلفاء في عهد الدولة الأموية بشئ من شؤون التشريع إلا
قليلا كعمر بن عبد العزيز فالتشريع لم يرق تحت حمايتهم ورعايتهم كالذي
كان في عهد الدولة العباسية ولم يبذل الأمويون محاولة في صبغ تشريعهم
صبغة رسمية فلا ترى في الدولة الأموية مثل أبي يوسف في الدولة العباسية
يحميه الخلفاء ويؤيدونه في التشريع ويوثقون الصلة بينه وبينهم وبينه وبين
قضاة الأمصار ولا ترى من المشرعين من اتصل بالأمويين إلا قليلا كالزهري (2)
وفي العصر الأموي كان المرجع في الفتيا أهل المدينة ولم يقطع الخلفاء
أمرا دونهم كما أن فقهاء هذا العصر لم يخلفوا آثارا في الفقه مكتوبة فإنها
ظهرت في العصر العباسي (3)
العصر العباسي الأول
لما جاء عصر العباسي الأول سنة 132 وقد اكتسح حكومة الأمويين
شجع الخلفاء الحركة العلمية ومدوا أربابها بسلطانهم فانتعشت العلوم الدينية
في ظلهم وترجمت الكتب من اللغات الأجنبية إلى العربية وكانت حركة
النهوض أسرع إلى العلوم الشرعية من غيرها لأنهم فرضوا أحقيتهم بالأمر
من غيرهم لانتسابهم إلى البيت الأموي وأنهم سيشيدون على أطلال الحكومة
الموسومة بالزندقة عند أهل الصلاح نظاما منطقيا على سنة الرسول الأعظم

(1) آداب اللغة العربية ج 1 ص 192.
(2) فجر الاسلام ج 1 ص 299.
(3) آداب اللغة العربية ج 1 ص 208.
مقدمة 11

صلى الله عليه وآله وأحكام الدين الإلهي (1).
لما انتظم أمر الدولة العباسية ظهر الجدل والخلاف واتسع المجال للعقول
خاف المنصور الدوانيقي من جراء ذلك تشتيت أمر الشريعة ودخول الفوضى
في الأحكام فأمر أنس بن مالك أن يكتب له كتابا يتجنب فيه رخص
ابن عباس وشدائد ابن عمر فكتب (الموطأ) وأراد المنصور أن يحمل الناس
على العمل به كما حمل عثمان الناس على العمل بالمصحف وفتر مالك من
عزمه بدعوى أن الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله على هدى فتبطأ المنصور عن
امضاء فكرته (2) وتحكى هذه القصة عن الرشيد معه وأنه أراد تعليق الموطأ
على الكعبة فلم يوافقه مالك (3).
وكل منهما يجهل ما عند " الصادق (ع) " من فقه الشريعة المستقى من
اللوح المحفوظ وفنون المعارف وتأويل القرآن المجيد وأسرار الطبايع وجوامع
التاريخ سجلت اعترافهما بذلك.
في هذا العصر تمكن استنباط الأحكام واستقرت أصوله وسمى أهله
بالفقهاء ويرتئي الموفق أحمد المكي الحنفي أن أبا حنيفة أول من دون الفقه
ورتب أبوابه (4).
لكن شافعية الرازي لم تهضم هذه الدعوى فأخذ يناقشه الحساب بأنه
إن أراد من التدوين التصنيف فلم يثبت له شئ وإنما أصحابه الذين صنفوا
وإن أراد التفريع فقد سبقه إليه الصحابة والتابعون (5).

(1) تاريخ الفلسفة الاسلامية ص 203.
(2) تاريخ القضاء في الاسلام ص 39
(3) طبقات المالكية ص 30
(4) مناقب أبي حنيفة ج 1 ص 136 طبعة حيدر آباد.
(5) مناقب الشافعي ص 440.
مقدمة 12

العصر العباسي الثاني
في العصر العباسي الثاني سنة 332 ه‍ ظهر المجتهدون من فقهاء الاسلام
وكونوا له مذاهب نسبة إليهم غير أنها لم تستمر تجاه المذاهب الأربعة
التي أوقفت الاجتهاد عند حدها كما قصر التقليد على أربابها واندرس أثر
المقلدين لسواهم وسد الناس باب الاجتهاد (1) بالرغم من عدم خضوع
جملة من محققي علماء السنة لذلك مدعين فتح باب الاجتهاد (2) وادعى
بعضهم أن من الجرأة على الله عز وجل وعلى رسوله وشريعته حصر فضل
الله تعالى على بعض خلقه وقصر فهم أحكام الشريعة على طائفة خاصة (3)
ويذهب محمد فريد وجدي إلى أن باب الاجتهاد والاستنباط من
الكتاب والسنة مفتوح إلى يوم القيامة ولكن قصور أفهام جملة من البارزين
اضطرهم إلى ستر هذا القصور بدعوى الانسداد (4).
حصر المذاهب في الأربعة
اختلف في الأسباب التي أوجبت حصر المذاهب في الأربعة فالذي
عليه ياقوت الحموي أن القادر العباسي المتخلف سنة 381 ه‍ أمر أربعة من
علماء الاسلام أن يصنف كل واحد منهم مختصرا على مذهبه فصنف الماوردي
الشافعي الاقناع وصنف أبو الحسين القدوري مختصرا على مذهب أبي حنيفة
وصنف أبو محمد عبد الوهاب بن محمد بن نصر المالكي مختصرا ولم يعرف

(1) تاريخ الاسلام السياسي ج 3 ص 338.
(2) تحفة المحتاج ج 4 ص 376.
(3) حصول المأمول من علم الأصول ص 186.
(4) دائرة المعارف مادة جهد.
مقدمة 13

من صنف له على مذهب أحمد بن حنبل ولما عرضت على القادر قبلها
وأمضى العمل عليها (1).
ويحدث ملا عبد الله المعروف بالأفندي تلميذ المجلسي في رياض العلماء
اتفاق رؤساء الأمة في زمن علم الهدى الشريف المرتضى المتوفى سنة 436 ه‍
على تقليل الآراء في الأحكام الشرعية لئلا يوجب كثرة الخلاف قلة الوثوق
بالشريعة المقدسة فتلحق بالأناجيل المبتدعة ولحصر ذلك عينوا مبلغا من
المال فكل طائفة تدفعه يقرر مذهبها رسميا فاستطاع أرباب المذاهب الأربعة
أن يدفعوا ذلك المقدار من المال لوفور عدتهم وعددهم وتأخر غيرهم ولم
يوافق الشيعة الإمامية على هذا وعجز الشريف المرتضى عن اقناعهم فتقررت
المذاهب الأربعة عند الدولة رسميا ودرس غيرها (2).
وهذه الحكاية لا تتباعد عما حكاه الحموي لأن الشريف المرتضى عاصر
القادر بالله في كثير من السنين فيمكن أن ترتأي الدولة مالا خطيرا لقطع
المعاذير وتقليل الآراء كما أن من المحتمل أن القادر بالله غرس هذه البذرة
وتم نتاجها وتحكمت أصولها في زمن الملك " بيبرس " الذي يحدث المقريزي
عنه بقوله:
لما كانت سلطنة الملك الظاهر " بيبرس البندقداري " ولى بمصر
القاهرة أربعة قضاة شافعي ومالكي وحنفي وحنبلي واستمر ذلك في سنة
665 ه‍ حتى لم يبق من مجموع أمصار الاسلام مذهب يعرف من مذاهب
أهل الاسلام سوى هذه المذاهب الأربعة وعقيدة الأشعري أبي الحسن علي
ابن إسماعيل وعملت لأهل المدارس والربط في سائر ممالك الاسلام وعودي
من تذهب بغيرها وأنكر عليه ولم يول قاض ولا قبلت شهادة أحد ولا

(1) معجم الأدباء ج 15 ص 54 الطبعة الثانية.
مقدمة 14

قدم للخطابة والإمامة والتدريس ما لم يكن مقلدا لأحد هذه المذاهب وأفتى
فقهاء الاسلام طول هذه المدة بوجوب اتباع هذه المذاهب وتحريم ما عداها
والعمل على هذا إلى اليوم (1) هذه لمعة مختصرة من نشوء اجتهاد المسلمين
في الفقه وارتقائه.
الاجتهاد عند الإمامية
إن أصحابنا الإمامية قد أذعنوا لقانون الخلافة الإلهية الكبرى التي
لم يزل صاحب الدعوة (ص) طيلة حياته يجاهر بالتنويه بها وأوقف
أصحابه في مواطن عديدة على أسماء من يلي أمر الأمة من بعده من أبنائه
الأقدسين بعد سيد الأوصياء أمير المؤمنين (ع) وأوضح ما منحهم الباري
عز وجل به من العلم بأسرار الطبايع وحوادث الكون من خير وشر
وكان الأصحاب يتحفظون بما تحملوه عن أئمتهم عليهم السلام من
الأحاديث في فقه الشريعة وآثارها حتى أن أبان بن تغلب وهو راو واحد
حدث عن أبي عبد الله عليه السلام بثلاثين ألف حديث (2) وتضافر النقل
إن أربعة آلاف رجل من المشتهرين بالعلم جمعوا من أجوبة مسائله أربعمائة
كتاب عرفت بالأصول الأربعمائة (3) كلهم من أهل العراق والحجاز والشام
وخراسان (4).
وهذا غير ما دون عن السجاد والباقر والأئمة بعد الصادق عليه السلام

(1) الخطط المقريزية ج 4 ص 141.
(2) الوجيزة للبهائي.
(3) المعتبر للمحقق ص 5.
(4) مقدمة الذكرى للشهيد الأول.
مقدمة 15

فقد جمع أصحابهم فيما تحملوه من أحاديثهم ما يزيد على الأصول الأربعمائة
بكثير (1) ولم تزل تلكم الأحاديث محتفظا بها في موسوعات هامة كالأصول
الأربعة:
" الأول من الأصول ": الكافي، لمحمد بن يعقوب الكليني المتوفى
ببغداد سنة 329 ه‍ الفه في حياة السفراء عن الإمام المنتظر عجل الله فرجه
ويحكي ملا خليل القزويني في شرح الكافي أنه عرض على " ولي العصر "
عليه السلام فاستحسنه وفي نص الشهيد الأول محمد بن مكي المستشهد سنة
786 ه‍ زيادة أحاديثه على الصحاح الستة فقد أحصيت أحاديثه إلى ستة
عشر ألف ومائة وتسعة وتسعين حديثا مع أن أحاديث البخاري بحذف المكرر
أربعة آلاف ومثله صحيح مسلم بحذف المكرر وأحاديث الموطأ وسنن الترمذي
والنسائي لا تبلغ عدد صحيح مسلم.
على أن الشيخ الكليني كما يقول عنه الوحيد البهبهاني المتوفى سنة
1208 ه‍ عانى في جمعه المشاق بمسافرته إلى البلدان والأقطار واجتماعه بشيوخ
الإجازات وقرب عصره من أرباب الأصول الأربعمائة والكتب المعول عليها
ومضى له على تأليفه عشرون سنة (2).
" الثاني من الأصول ": من لا يحضره الفقيه، لأبي جعفر محمد بن
علي بن الحسين بن موسى بن بابويه المتوفى بالري سنة 381 ه‍
" الثالث والرابع من الأصول ": التهذيب والاستبصار، لأبي جعفر
محمد بن الحسن بن علي الطوسي المتوفى والمدفون بداره في النجف الأشرف
سنة 460 ه‍
وقد جمع هذه الأصول الأربعة مع زيادة بعض الشرح عليها من

(1) نهاية الدراية للسيد الصدر ص 213 والدراية ص 40.
(2) نهاية الدراية ص 220 للسيد الصدر.
مقدمة 16

بعض الأخبار ملا محسن الكاشي المعروف بالفيض المتوفى في كاشان سنة
1091 ه‍ في كتاب أسماه " الوافي " كما جمع تلك الأصول الأربعة مع
الزيادة عليها من كتب أخرى محمد بن الحسن الحر العاملي المتوفى بمشهد
أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام سنة 104 ه‍ في كتاب أسماه
الوسائل واستدرك عليه ما فاته محمد الحسين النوري المتوفى في النجف الأشرف
سنة 1320 ه‍ في كتاب أسماه المستدرك.
وأما المجلسي الثاني محمد باقر بن المجلسي الأول محمد تقي المتوفى
بأصفهان سنة 1110 ه‍ فقد توفرت لديه جوامع الأخبار مع ما كتبه علماء
السنة في الحديث والفقه والرجال والسيرة والفلسفة بمساعدة الملوك الصفوية
فأودعها في دائرة المعارف المحمدية المسماة ب‍ (البحار) في ست وعشرين
مجلدا وهذه الكتب التي ألمعنا إليها كلها مطبوعة ومنتشرة في الآفاق.
أول من فتح باب الاستنباط
لقد استمر الحال بحفظ الحديث وتدوينه منذ عصر المعصومين عليهم
السلام إلى أن وقعت الغيبة الكبرى بوفاة أبي الحسن علي بن محمد السمري
في النصف من شعبان سنة 329 ه‍ في بغداد وفي هذا العصر دونت فروع
الفقه الجعفري وأول من فتح باب استنباط الفروع من أدلتها وهذبها الشيخ
الجليل محمد بن أحمد بن الجنيد أبو علي الكاتب الإسكافي (1) المعاصر لأبي

(1) في أجازه السيد حسن الصدر للشيخ آغا بزرك الطهراني: توفي ابن الجنيد
سنة 381 ه‍ وفي قصص العلماء ص 325 كان من مشائخ المفيد ومعاصر العماني والمعز
البويهي وله أجوبة مسائل المعز البويهي وذكر ملا عبد الله التوني في الوافية أنه رجع
مقدمة 17

جعفر محمد بن يعقوب الكليني والشيخ الصدوق علي بن بابويه المتوفى سنة
329 والمدفون " بقم ".
الاجتهاد في القرون السابقة
فابن الجنيد هو الذي كتب الفروع الفقهية وعقد لها الأبواب في كتابه
(تهذيب الشيعة) وكتاب (الأحمدي) في الفقه المحمدي ونبه على أصول
المسائل وبين ما يقتضيه مذهب الإمامية بعد أن ذكر أصول جميع المسائل
فإن كانت المسألة ظاهرة اقتنع فيها بمجرد ذكر الفتوى وإن كانت مشكلة
أومأ إلى تعليلها ووجه دليلها وإن اختلفت أقوال العلماء فيها ذكرها: عليلها
والصحيح منها والأصح والأقوى والظاهر والأظهر.
واقتفى أثره الحسن بن علي بن أبي عقيل المعروف بالعماني الحذاء (1)
كان وجها من وجوه الإمامية وشيخ فقهائهم والمتكلم المناظر في الفقه
والمحقق في العلوم الشرعية عاصر الشيخ محمد بن يعقوب الكليني والصدوق
علي بن بابويه (2) وكان الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان يكثر الثناء
عليه (3) ويقول أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي هو من فضلاء الإمامية
المتكلمين (4) واستجازه بالكتابة أبو القاسم جعفر بن محمد بن جعفر بن

(1) في رياض العلماء: العماني بضم العين المهملة وتشديد الميم بعدها ألف
وفي آخره نون نسبة إلى عمان ناحية معروفة يسكنها الخوارج واقعة بين اليمن
وفارس وكرمان وعمان بالقرب من (صحار) والحذاء بالحاء المهملة وتشديد
الذال المعجمة ثم الألف الممدودة نسبة إلى عمل الحذاء وبيعه.
(2) تأسيس الشيعة ص 302 والفوائد المدنية ص 30.
(3) رجال النجاشي ص 36 طبعة الهند.
(4)؟؟
مقدمة 18

موسى بن قولويه صاحب كامل الزيارة المتوفى سنة 369 ه‍ والمدفون في
رواق مشهد الإمام موسى بن جعفر (1) فكتب إليه ابن عقيل بإجازة كتابه
(المتمسك بحبل آل الرسول) وبساير كتبه (2).
وتابعهما (3) في استخراج المسائل الفقيه شيخ الطائفة والمناضل عن
مذهبهم مع مهارة في الجدل وبصيرة في مناظرة أهل كل عقيدة مع الجلالة
والعظمة (4) وحسن البيان والصبر مع الخصم (5) المخاطب من صاحب العصر عجل
الله فرجه بالأخ الولي المخلص في ودنا الشيخ المفيد (6) وهو محمد بن محمد
ابن النعمان العكبري المتوفى ببغداد سنة 413 ه‍ المدفون في داره سنين ثم
نقل إلى مشهد الإمام موسى بن جعفر عليه السلام (7).
وكان كتابه " المقنعة " مدار الدراسة بين العلماء. يحدث الشيخ نجيب
الدين يحيى بن سعيد الحلي عن السيد محي الدين ابن الزهرة أنه قرأ المجلد
الأول من المقنعة للشيخ المفيد ومعظم المجلد الثاني في سنة 584 ه‍ ولم يبلغ
عشرين سنة على عمه الشريف الطاهر أبي المكارم حمزة بن زهرة الحسيني
وقد نيف على السبعين وأخبره أنه قرأه بتمامه ولم يبلغ العشرين سنة
على الشيخ المكين أبي منصور محمد بن الحسن بن منصور النقاش الموصلي
وهو طاعن في السن وأخبره أنه قرأه على الشريف النقيب أبي الوفاء المحمدي

(1) قصص العلماء ص 324 للتنكابني.
(2) روضات الجنات ص 168 الطبع الأول.
(3) الفوائد المدنية ص 30.
(4) مرآة الجنان لليافعي الحنبلي ج 3 ص 28.
(5) الامتاع والمؤانسة لأبي حيان التوحيدي ج 1 ص 141.
(6) نسختي التوقيع من الحجة (ع) إليه.
مقدمة 19

الموصلي في أول عمره والنقيب طاعن في السن وأخبره أنه قرأه في أول
عمره على المؤلف رضي الله عنه (1).
وبمثل هذه القراءة صدرت من نجم الدين ابن نما عن والده عن محمد
ابن جعفر المشهدي عن الشيخ المكين أبي منصور محمد بن الحسن بن منصور
النقاش الموصلي عن النقيب المحمدي الموصلي عن الشيخ المفيد (2).
وعلى هذا الضوء ألف علم الهدى الشريف المرتضى المتوفى سنة 436 ه‍
الناصريات والانتصار في الفقه المقارن وألف الشيخ أبو جعفر محمد بن
الحسن الطوسي المتوفى سنة 460 ه‍ " المبسوط " وكان حافلا بالفروع الفقهية
وناظر أهل السنة في كتابه " الخلاف " مع بسط في الأدلة وكتابه " النهاية "
محل أنظار العلماء في التدريس كالشرايع للمحقق الحلي في العصر الحاضر
وبهذه المناسبة كان لها شروح متعددة (3).
و ألف محمد بن أحمد بن إدريس الحلي المتوفى سنة 598 السرائر
والمحقق نجم الدين جعفر بن يحيى الحلي المتوفى سنة 676 ه‍ الشرايع ومختصر
النافع والمعتبر في الفقه المقارن والعلامة الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي
المتوفى سنة 726 ه‍ القواعد والتحرير والإرشاد والتذكرة والمنتهى كلاهما
في الفقه المقارن والشهيد الأول محمد بن مكي بن محمد العاملي المتوفى قتلا
سنة 786 ه‍ الذكرى والقواعد وغيرها والشهيد الثاني علي بن أحمد العاملي
المتوفى قتلا سنة 966 ه‍ المسالك وروض الجنان وغيرها.
واقتفى العلماء من أصحابنا الإمامية هذا الأثر من تدوين مسائل الفقه
حسبما أدى إليه اجتهادهم مع تحقيق عميق ومهارة في استنباط الفروع مائلين

(1) إجازة صاحب المعالم البحار ج 26 ص 107.
(2) مستدرك الوسائل ج 3 ص 369.
مقدمة 20

عن جادة القياس المكدسة بأشواك الخطأ والتضليل مستضيئين في ذلك بأحاديث
أئمتهم الذين لا ينطقون عن الهوى وإنما هو تعليم من (عزيز عليم) بما
أودعه فيهم من القوة القدسية النورية التي بها تمكنوا من استعلام ما يحدث
في الكائنات وهي المعبر عنها بروح القدس في بعض الأخبار.
الجامعة الكبرى للشيعة
كانت مدينة النجف الأشرف الجامعة الوحيدة بين البلدان لدرس
الفنون والمعارف الإلهية منذ هبط إليها الشيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن
الطوسي بعد أن لاقى ببغداد من الحنابلة غصصا وكابد ما لا يغض الطرف
عنه يوم هجموا على داره بالكرخ سنة 448 وأحرقوا كتبه وآثاره ونهبوا
داره (1) وجرى لهم مع شيخه المفيد محمد بن محمد بن النعمان ما هو أفضع
وأشنع حتى أخرجه عميد الجيوش إلى خارج بغداد في سنة 393 وسنة
398 غير أن شفاعة علي بن مزيد أرجعته إلى مقره ببغداد (2) كما نهبوا
دار الشريف المرتضى في سنة 422 وقتلوا جماعة من الشيعة (3).
في سنة 448 ه‍ حل الشيخ الطوسي هذه البقعة المغمورة بالفيوضات
الإلهية ببركات باب مدينة علم الرسول فانضوى إليه أهل الفضيلة ممن قطنها
قبلها للاقتباس من آثاره والاستضائة من معارفه التي حباه المهيمن سبحانه
بها وتزاحمت العلماء على الانتهال من بحره المتموج بأسرار أهل البيت (ع)
وكانت حلقات مجالس الدراسة ورواية الحديث في أيامه وثيقة الأطرف
وأصبحت " النجف " مركزا للزعامة العلمية وجامعة كبرى لنشر الفقه

(1) كامل ابن الأثير ج 9 ص 61 وص 71 وص 222.
(2) كامل ابن الأثير ج 9 ص 69 وص 71 والمنتظم ج 7 ص 238.
مقدمة 21

والأصول والحديث والتفسير والفلسفة العالية والرجال والأدب ولم تكن
الدراسة فيها على نهج ترتيب الصفوف والتدرج من صف لآخر يتلقى
التلميذ دروسه من أستاذه على حسب المنهج المقرر له لا يتخطاه.
وإنما هناك حلقات تضم الفاضل والأفضل وغيرهما يلقى عليهم الأستاذ
نتيجة بحثه عن أدلة الأحكام وتضارب الأقوال فيوفق بين الجميع بثاقب
فكره والملكة المرتكزة فيه ويجزم بما ينتج عنده فيفيضه على الطلاب وبهذا
تتجلى مقدرة الأستاذ العلمية كما يعرف مبلغ التلميذ من الفضيلة وحتى إذا
تمكنت فيه ملكة استنباط الفروع من أصولها يمنحه الأستاذ الشهادة بالاجتهاد
فيؤب إلى بلاده حاملا من تلك الجامعة الكبرى " النجف الأشرف " ما هو
أعز عنده من كل نفيس للتبشير والدعوة إلى دين التوحيد دين السلام
والأمن دين التضامن والعطف دين الإخاء والحرية وبن يسترشد الضال ويتفقه
الجاهل ويقام الأمت والأود ويكون هو الفرد الأكمل لقوله تعالى: فلولا
نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا
إليهم لعلهم يحذرون) (1).
ولقد تخرج من هذه الجامعة مئات العلماء الأعلام الذين حازوا بفضل
جدهم وسعيهم أقصى مراتب الاجتهاد وآثارهم في الفقه والأصول والعقائد
والتفسير والفلسفة والرجال كلها موجودة احتفظت بها رجال العلم والأدب
وقد سدت فراغا كبيرا في المكتبة العربية.
والفضل في نشرها وتسهيل الوصول إليها يعود إلى الأمة الفارسية
المركزة على التشيع الصحيح فإنها التي أخرجت من المطابع آلافا منها في
مختلف الفنون ولولا هذه الأمة الساهرة لما فيه حياة المذهب لأنهار التشيع
من أصله لا زالت مكلوأة بنظرات رحيمة من (حجة العصر) عجل الله فرجه
ولما أجاب شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي داعي السماء في سنة
مقدمة 22

460 ه‍ بعد أن أقام في النجف اثني عشر سنة قام ولده أبو علي الحسن
ابن محمد مكانه فانعكف عليه العلماء للاقتباس من معارفه فاستجازه ذووا
الفضل في رواية الحديث واستشهدوه على ما تحلوا به من ملكة الاجتهاد
الصحيح وأماليه المطبوع مع أمالي أبيه يصور الحقيقة بأجلى مظاهرها.
الاجتهاد المعاصر
واستمرت الهجرة إلى " النجف " من ذلك العهد إلى العصر الحاضر
وإن تحلت بأعلام الإمامية " الحلة والحاير وسامراء " في فترات من الزمن
لكن حلقات الدراسة في هذه (الجامعة) متواصلة ولا يتحمل المقام وصف
الثقافة في تلكم العصور متسلسلا إلى أيام السيد بحر العلوم فالشيخ الأكبر
كاشف الغطاء إلى مجدد المذهب في كتابه الحاوي لما حرر من مسائل الشريعة
مع تحقيق عميق " صاحب الجواهر " فأذعن أولوا النهي بفضله وتسابقوا
إلى اختزان جواهره والاقتباس من آرائه الثاقبة.
وحيث إن المولى تعالت أياديه لم يخل الأرض من مصلح مجاهر بالدعوة
الإلهية يزيح الأوهام ويدعوا إلى سبيل ربه بالحكمة ويرشد إلى الطريقة المثلى
غمر الفيض الربوبي شخصية شيخنا " الأنصاري " ومنحته المشيئة القدسية
مواهب ميزته على من تقدمه من الأعلام فكان مرموقا في الفضائل جمعاء.
لذلك اتخذ رواد المعارف كتابيه " الرسائل " في أصول الفقه و " المتاجر "
في الفقه الجعفري أساس التعليم والدراسة العالية وأكثر المحققون من تلامذته
وغيرهم من التعليق عليهما والتنبيه على ما فيهما من دقايق العلم.
وكان للدراسة فيهما أيام شيخ المحققين المولى محمد كاظم الخراساني
نور الله ضريحه سوق رابح فلقد هبط هذه المدينة (النجف) في أيامه
الجم الغفير من العلماء للاستضاءة من آرائه وتحقيقاته وقام من بعده أساتذة
الفن من الأعلام المحققين يفيضون على الطلاب ما انتهلوه من بحر علم آل
مقدمة 23

حتى انتهى الدور إلى فخر المحققين وعمدة الفقهاء المبرزين " السيد
أبو القاسم الخوئي " المميز من المولى الجليل تعالت نعماؤه بالذكاء المتوقد وإصابة
الرأي ولا أغالي إذا قلت: باحث أرباب المعقول ففاقهم ودارس الأصوليين
فأذعنوا له وجرى مع المفسرين فحاز قصب السبق وناظر المتكلمين ففلجهم
وكتابه في مقدمة التفسير " البيان " حافل بما لم تصل إليه أفكار النابهين
ولم يسبقه المتقدمون في كثير مما كشف الغطاء عنه.
فلقد غاص بحر الشريعة واستخرج لئالئه الناصعة ولمس الحقايق الراهنة
وأماط الستار عن كثير مما أشكل على الفحول والأكابر وأوضح السبيل إلى
تفاريع المسائل وأنار المنهج إلى درس كليات الفنون فلذلك كان مقصد
المهاجرين من العلماء لدرس أصول الشريعة وفقهها.
ومحاضراته في حل " فروع العروة الوثقى " تشهد له بفقاهة عالية
واستنباط دقيق.
وقد أحكم أسرار فصولها ونظم دراريها ببيان سهل وعبارة أنيقة.
العلم الفرد والمجتهد الأوحد حجة الله الواضحة وبينته اللامعة المحقق
" الميرزا علي الغروي التبريزي " لا زال مغمورا باللطف الربوبي فجدير بمتنجع
الحقائق المسابقة إلى الاحتفاظ بتقريراته لدرس الأستاذ الأكبر " السيد الخوئي "
المسماة " بالتنقيح " ولا بدع ممن منحه المولى سبحانه ذكاء وقادا وفطنة
مصيبة وحافظة قوية ألحقته بالحفاظ المعدودين فكان موئل رواد العلم بين
من يستوضح منه ما لم تصل إليه فاكرته وبين من ينسخ ما جمعه من ثمرات
بحوث أساتذته فإلى الباري عز وجل أبتهل بإدامة عنايته بهذه الشخصية
اللامعة ليرتوي طلاب المعارف من غير آرائه ويستضئ رواد الحقايق بثاقب
أفكاره، مد الله تبارك وتعالى في أيامه الزاهية وأفاض عليه لطفه الذي يلحقه بالعلماء
المحققين " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ".
مقدمة 24

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين واللعنة الدائمة على
أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين
وبعد قدم لي العلامة المحقق حجة الاسلام غرة عيني الأعز الشيخ الميرزا على الغروي
التبريزي دامت تأييداته هذا الجزء من كتابه (التنقيح في شرح العروة الوثقى)
في مسائل تتعلق بالاجتهاد والتقليد والاحتياط من تقرير أبحاثنا وقد أجاد كعادته
في استيعاب ما ألقيته من محاضرات في الفقه الاسلامي على طلاب الحوزة العلمية
والإحاطة بتفاصيلها ورقائقها فاسبغ عليها حلة زاهية من أسلوبه الرصين وبيانه
المتين فجمع خير بين دفتر الضبط وحلاوة البيان بأني أبارك له هذه المواهب
وأقدر فيه هذه القابليات يسرني أن بلغ من العلم هذا المبلغ الذي صار يغيط
عليه ومن نعم الله والآلة أن تصبح الحوزة العلمية متعطشة لجهوده في نشر
العلم جعله الله قدوة العلماء العاملين وأخذ بيده إلى ما فيه المزيد من الرقي
وقد استجازني طبع هذا الجزء وسائر أجزاء كتابه فأجزت له بذلك
داعيا له بدوام التوفيق واطراد التأييد والتسديد إنه نعم الوهاب
في 22 شهر جمادى الثانية أبو القاسم الموسوي الخوئي
(1385).
9

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأولين والآخرين
محمد، وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم إلى يوم الدين.
وبعد فقد سبق أن وعدنا رواد العلم الشريف المعاودة إلى تحرير مسائل الاجتهاد
والتقليد من كتاب " العروة الوثقى " للإمام الفقيه السيد محمد كاظم الطباطبائي
طاب رمسه.
وبعد أن فرغنا من تنسيقها واعدادها - منذ عهد غير بعيد - عزمنا على
طبعها إجابة للطلب المتواصل من جم غفير من رجال العلم وحملة الفقه دامت -
تأييداتهم - غير أن الاهتمام والانصراف إلى نشر كتابنا " التنقيح " أجزاء متتالية
حال دون ذلك.
ولما أن تكرر الطلب من شتى الجهات الذي ظل يحفزنا على اخراجها آونة
بعد أخرى بادرنا إلى نشرها قبل اصدار الجزء الرابع متكلين في ذلك على الله
سبحانه ومستمدين من تأييداته، إنه نعم الوهاب.
المؤلف
10

الاجتهاد والتقليد
11

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد خير خلقه
وآله الطاهرين.
وبعد فيقول المعترف بذنبه المفتقر إلى رحمة ربه محمد كاظم
الطباطبائي: هذه جملة مسائل مما تعم به البلوى وعليها الفتوى،
جمعت شتاتها وأحصيت متفرقاتها عسى أن ينتفع بها إخواننا المؤمنون
وتكون ذخرا ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، والله ولي التوفيق.
(مسألة 1) يجب على كل مكلف (1).
12



(1) راجع ب 4 من أبواب صفات القاضي وما يجوز أن يقضى به من الوسائل.
(2) النحل: 16، 43، الأنبياء: 21، 7.
(3) هذه مضمون ما رواه الشيخ في أماليه قال: حدثنا محمد بن محمد يعني
المفيد قال أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد قال حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر
الحميري عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن زياد قال سمعت جعفر بن
محمد (ع) وقد سئل عن قوله تعالى " فلله الحجة البالغة " فقال: إن الله تعالى
يقول للعبد يوم القيامة: عبدي كنت عالما؟ فإن قال: نعم قال له: أفلا عملت
بما علمت؟ وإن قال: كنت جاهلا قال: أفلا تعلمت حتى تعمل فيخصمه
فتلك الحجة البالغة. راجع تفسير برهان ج 1 ص 560 من الطبع الحديث وكذا في
البحار ج 2 ص 29 و 180 من الطبعة الثانية عن أمالي المفيد.
16

في عباداته، ومعاملاته (1)
أن يكون مجتهدا أو مقلدا أو محتاطا (2)
17



(1) يونس 10: 36.
(2) الحجرات 49: 12.
23



(* 1) التوبة 9: 122.
(* 2) تقدم في ص 16.
31



(* 1) نعم ذهب عبد الله بن الحسن العنبري إلى أن كل مجتهد مصيب في العقليات
كما في الفروع. كذا في المستصفى ج 2 ص 358 وكتاب الأحكام في أصول
الأحكام للآمدي ج 4 ص 239.
36



(* 1) ففي كتاب الأحكام في أصول الأحكام لابن حزم الأندلسي الظاهري
ج 5 ص 70: ذهبت طائفة إلى أن كل مجتهد مصيب وأن كل مفت محق في
فتياه على تضاده.
وفي الأحكام في أصول الأحكام للآمدي ج 4 ص 246: المسألة الظنية
من الفقهيات إما أن يكون فيها نص أو لا يكون فإن لم يكن فيها نص فقد اختلفوا
فيها فقال قول: كل مجتهد فيها مصيب وإن حكم الله فيها لا يكون واحدا بل هو
تابع لظن المجتهد فحكم الله في حق كل مجتهد ما أدى إليه اجتهاده وغلب على ظنه
هو قول القاضي أبي بكر وأبي الهذيل والجبائي وابنه. وقال آخرون: المصيب
فيها واحد ومن عداه مخطئ، لأن الحكم في كل واقعة لا يكون إلا معينا لأن
الطالب يستدعي مطلوبا وذلك المطلوب هو الأشبه عند الله في نفس الأمر
وفي فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت المطبوع بهامش المستصفى للغزالي
ج 2 ص 380: كل مجتهد في المسألة الاجتهادية أي فيما يسوغ فيه الاجتهاد
مصيب عند القاضي أبي بكر والشيخ الأشعري كما قال أهل العراق وقال أهل
خراسان لم يثبت عن الأشعري ونسب إلى الإمام حجة الاسلام الغزالي قدس سره
والمزني من كبار أصحاب الشافعي رضي الله عنه وغيرهما. ولا يذهب عليك ما في
هذا القول من الإشارة إلى ضعف هذه النسبة فلا تغفل.
وهؤلاء ظنوا أن لا حكم لله تعالى في تلك الواقعات إلا أنه إذا وصل رأى
المجتهد إلى أمر فهو الحكم عند الله تعالى.. إلى أن قال وبعض منهم قالوا الحكم
من الأزل هو ما أدى إليه رأي المجتهد وعليه الجبائي من المعتزلة ونسبته إلى جميع
المعتزلة لم تصح كيف والحسن أو القبح عندهم وفي مرتبة الذات فما فيه حسن واقعي
هو الواجب لا يمكن أن يكون محرما وما فيه القبح الواقعي فهو محرم لا غير ولا
ينقلب الحسن والقبح الذاتيان وإذا كان كل مجتهد مصيبا فالحق عندهم متعدد فعلى
كل من أدى اجتهاده إلى حكم فهو الحكم وإذا أدى رأى آخر إلى آخر فهو
الحكم عليه..
37



(* 1) لعله " قده " ينظر بذلك إلى الأخبار الآمرة بالتوقف أو الاحتياط
أو غيرها مما يدلنا بالدلالة الالتزامية على أن الأحكام الواقعية مشتركة بين العالمين
والجاهلين وإلا فلم ترد على ذلك رواية واحدة فيما عثرنا عليه فضلا عن أن
تكون متواترة.
39



(* 1) وهو صحيحة زرارة عن أبي جعفر ع قال: لا تعاد الصلاة إلا من
خمسة: الطهور والوقت، والقبلة، والركوع، والسجود. المروية في ب 3 من أبواب
الوضوء و 1 من أبواب أفعال الصلاة وغيرهما من الأبواب المتعددة من الوسائل.
48



(* 1) وذكر في وجه ذلك ما حاصله: أن مورد النفي والاثبات في
الصحيحة إنما هو الإعادة. كما ترى فهي إنما تدل على نفي وجوب الإعادة عمن
هو مأمور بالإعادة امتنانا وهو الناسي لا غيره لعدم امكان تكليفه بالواقع نفسه،
فناسي السورة مثلا لا يكلف باتيانها ولا يمكن أن يوجه عليه الأمر بقراءتها
لفرض نسيانها وإنما يكلف بالإعادة فيقال له: أعد صلاتك أو لا تعدها. ففي
هذه الموارد ينفي وجوب الإعادة عن الناسي في الصلاة للحديث.
وأما الجاهل القاصر فهو قد أخل بما أخل به وتركه متعمدا لاجتهاده أو
فتوى مقلده. ومن الواضح أن تارك السورة متعمدا - لجهله بوجوبها إنما يكلف
باتيان الواقع نفسه. لا أنه يكلف بإعادته فيقال له إقرء السورة، لما هو الصحيح
المقرر عندنا من أن الأحكام الواقعية مشتركة بين العالمين والجاهلين ولا يقال له
أعد صلاتك. ومع كونه مكلفا بالاتيان بنفس الواجب والواقع لا يكلف بالإعادة
لينفي عنه وجوبها إذ لا يختص الحديث بالناسي فحسب، ولا يمكن التمسك به في
الجاهل القاصر هذا.
وما أفاده " قده " لا يمكننا المساعدة عليه وذلك لأن كون الجاهل مكلفا
بنفس الواقع وإن كان صحيحا كما أفيد إلا أن ذلك إنما هو فيما أمكن التدارك في
حقه، لا فيما لم يتمكن من تداركه مثلا إذا ترك السورة في صلاته لعدم وجوبها
عنده فدخل في الركوع وقامت الحجة وقتئذ على وجوب السورة في الصلاة لم
يكلف باتيان الواقع نفسه لعدم تمكنه من التدارك لأنه قد دخل الركن ومضى
محل السورة. بل لا بد من ايجاب الإعادة عليه فيقال له: أعد أو لا تعد ولا يكلف
بقرائة السورة بوجه. وعلى هذا لا مانع من شمول الحديث للجاهل كالناسي لأنه
أيضا مكلف بالإعادة لدى العقل، والشارع قد لغى وجوبها للامتنان.
والمتحصل أنه لو أخل بشئ من أجزاء الصلاة أو شرائطها استنادا إلى حجة
معتبرة عنده ثم عدل عن اجتهاده وبنى على اعتبار ما تركه في الصلاة لم تجب إعادتها
فالحديث يشمل الجاهل القاصر أيضا إلا في موارد دل النص على وجوبها كما إذا
كبر قائما وكانت وظيفته الجلوس أو العكس لما في موثقة عمار قال: سألت
أبا عبد الله (ع) عن رجل وجبت عليه صلاة من قعود فنسي حتى قام وافتتح
الصلاة وهو قائم ثم ذكر. قال: يقعد ويفتتح الصلاة وهو قاعد، ولا يعتد
بافتتاحه الصلاة وهو قائم وكذلك إن وجبت عليه الصلاة من قيام فنسي حتى
افتتح الصلاة وهو قاعد فعليه أن يقطع صلاته ويقوم فيفتتح الصلاة وهو قائم
ولا يقتدي (ولا يعتدي) بافتتاحه وهو قاعد، المروية في ب 13 من أبواب القيام
من الوسائل.
49

حرجيا والمتحصل أن الاستدلال بالقاعدة على عدم وجوب الإعادة أو القضاء في
مطلق موارد انكشاف الخلاف غير وجيه.
و " منها ": دعوى الاجماع على أن العمل المأتي به على طبق الحجة الشرعية
لا تجب إعادته ولا قضائه إذا قامت حجة أخرى على خلافها. نعم لا اجماع على
الاجزاء في الأحكام الوضعية عند بقاء موضوعها إلى ظرف الحجة المتأخرة كما إذا
ذبح حيوانا بغير الحديد - لجوازه على رأي مقلده - ثم عدل إلى فتوى من لا يرى
جوازه - والذبيحة بحالها - أو أنه اشترى دارا بالمعاطاة ولا يرى المجتهد الثاني انعقاد
البيع بها لاشتراطه الصيغة في صحته إلى غير ذلك من الموارد.
والجواب عن ذلك أن الاجماع المدعى لو كان محصلا لم نكن نعتمد عليه
لما يأتي بيانه فما ظنك بما إذا كان اجماعا منقولا بالخبر الواحد و " سره " أن تحصيل
الاجماع في المسألة دونه خرط القتاد، إذ كيف يمكن استكشاف قوله - ع - في
المقام ولم يتعرض أكثر الأصحاب للمسألة ولم يعنونوها في كلماتهم؟!
هذا على أنا لو سلمنا اتفاقهم أيضا لم يمكننا الاعتماد عليه لأنا نعلم أو نظن
ولا أقل من أنا نحتمل استنادهم في ذلك إلى بعض الوجوه المستدل بها في المقام ومعه
لا يكون الاجماع تعبديا كاشفا عن قوله - ع -
و " منها ": السيرة المتشرعية بدعوى أنها جرت على عدم لزوم الإعادة أو
القضاء في موارد العدول والتبدل في الاجتهاد حيث لا نستعهد أحدا يعيد أو يقضي
ما أتى به من العبادات طيلة حياته إذا عدل عن رأيه أو عن فتوى مقلده وحيث لم
يردع عنها في الشريعة المقدسة فلا مناص من الالتزام بالاجزاء وعدم وجوب
الإعادة أو القضاء عند قيام حجة على الخلاف.
وفيه: أن موارد قيام الحجة على الخلاف وبطلان الأعمال الصادرة على طبق
الحجة الأولية - كما إذا كانت فاقدة لركن من الأركان - من القلة بمكان وليست
61



(* 1) التوبة 9: 122.
(* 2) راجع ب 11 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
66

(مسألة 2) الأقوى جواز العمل بالاحتياط (1) مجتهدا كان أو لا.
67

لكن يجب أن يكون عارفا بكيفية الاحتياط بالاجتهاد أو
التقليد (1).
71

(مسألة 3) قد يكون الاحتياط في الفعل كما إذا احتمل كون
الفعل واجبا وكان قاطعا بعدم حرمته (1) وقد يكون في الترك، كما
إذا احتمل حرمة فعل وكان قاطعا بعدم وجوبه (2) وقد يكون في
الجمع بين أمرين مع التكرار، كما إذا لم يعلم أن وظيفته القصر
أو التمام (3).
72

(مسألة 4) الأقوى جواز الاحتياط ولو كان مستلزما للتكرار (1)
وأمكن الاجتهاد أو التقليد.
73

(مسألة 5) في مسألة جواز الاحتياط يلزم أن يكون مجتهدا
أو مقلدا (1) لأن المسألة خلافية.
75

(مسألة 6) في الضروريات لا حاجة إلى التقليد كوجوب
الصلاة والصوم ونحوهما، وكذا في اليقينيات إذا حصل له اليقين،
وفي غيرهما يجب التقليد إن لم يكن مجتهدا إذا لم يمكن الاحتياط،
وإن أمكن تخير بينه وبين التقليد.
76

(مسألة 7) عمل العامي بلا تقليد ولا احتياط باطل (1).
(مسألة 8) التقليد هو الالتزام. (2)
77



(* 1) كذا في مجمع البحرين في مادة (قلد).
78



(* 1) المروية في ب 7 من أبواب آداب القاضي من الوسائل.
(* 2) راجع ب 4 من أبواب صفات القاضي و 7 من أبواب آداب القاضي
من الوسائل.
(* 3) راجع ب 13 من أبواب بقية كفارات الاحرام من الوسائل.
79



(* 1) المروية في ب 10 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
81



(* 1) التوبة 9: 122.
85



(* 1) المروية في ب 11 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
(* 2) كأمره - ع - لأبان بن تغلب حيث قال: اجلس في مسجد المدينة
وافت الناس... راجع النجاشي ص 7.
(* 3) الأنبياء 21: 7.
88



(* 1) المائدة 5: 104.
(* 2) البقرة 2: 170.
90



(* 1) أحمد بن إسحاق عن أبي الحسن ع قال: سألته وقلت: من أعامل؟
وعمن آخذ؟ وقول من أقبل؟ فقال: العمري ثقتي فما أدى إليك عني فعني يؤدي
وما قال لك عني فعني يقول. فاسمع له وأطع فإنه الثقة المأمون. قال: وسألت
أبا محمد عن مثل ذلك فقال: العمري وابنه ثقتان فما أديا إليك عني فعني يؤديان
وما قالا لك فعني يقولان فاسمع لهما وأطعهما فإنهما الثقتان المأمونان.
عبد العزيز ابن المهتدي والحسن بن علي بن يقطين جميعا عن الرضا ع
قال: قلت لا أكاد أصل إليك أسألك عن كل ما احتاج إليه من معالم ديني
أفيونس بن عبد الرحمان ثقة آخذ منه ما احتاج إليه من معالم ديني؟ فقال: نعم.
عبد العزيز بن المهتدي قال: قلت للرضا ع إن شقتي بعيد فلست أصل
إليك في كل وقت فأخذ معالم ديني عن يونس مولى آل يقطين؟ قال: نعم.
علي بن المسيب الهمداني قال: قلت للرضا ع شقتي بعيدة ولست
أصل إليك في كل وقت فممن آخذ معالم ديني؟ قال: من زكريا بن آدم القمي
المأمون على الدين والدنيا.
إسحاق بن يعقوب قال: سألت محمد بن عثمان العمري أن يوصل لي كتابا
قد سألت فيه عن مسائل أشكلت على فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان - ع
أما ما سألت عنه أرشدك الله وثبتك.. إلى أن قال: وأما الحوادث الواقعة
فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا. المرويات في ب 11 من أبواب صفات القاضي
من الوسائل.
92



(* 1) المرويتان في ب 11 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
(* 2) المروية في رجال النجاشي ص 7 8.
(* 3) المرويتان في ب 11 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
93

بالعمل بقول مجتهد معين (1) وإن لم يعمل بعد، بل ولو لم يأخذ
فتواه، فإذا أخذ رسالته والتزم بما فيها كفى في تحقق التقليد.
94

(مسألة 9) الأقوى جواز البقاء على تقليد الميت، ولا يجوز تقليد
الميت ابتداء (1).
95



(* 1) المروية في ب 11 من أبواب صفات القاضي من الوسائل
97



(* 1) راجع الوافي باب متى نزل القرآن وفيم نزل من أبواب القرآن وفضائله
ومرآة الأنوار ص 5 من الطبعة الحديثة.
105

(مسألة 10) إذا عدل عن الميت إلى الحي لا يجوز له العدول
إلى الميت (1).
117

(مسألة 11) لا يجوز العدول عن الحي إلى الحي إلا إذا كان
الثاني أعلم (1).
118

(مسألة 12) يجب تقليد الأعلم مع الامكان (1) على الأحوط.
134



(* 1) المروية في ب 9 من أبواب صفات القاضي من المسائل.
(* 2) المروية في ب 5 من أبواب المواقيت من المسائل.
143



(* 1) نهج البلاغة ص 30 ج 4 من طبعة لبنان: بيروت
(* 2) البحار ج 2 ص 110 من الطبع الحديث.
(* 3) عيون المعجزات ص 109 من طبعة النجف وعنه في البحار ج 12 ص 124
من طبع الكمباني.
145

ويجب الفحص عنه. (1)
163

(مسألة 13) إذا كان هناك مجتهدان متساويان في الفضيلة
يتخير بينهما (1).
166

إلا إذا كان أحدهما أورع فيختار الأورع (1).
172



(* 1) وهي رواية داود بن الحصين المروية في ب 9 من أبواب صفات
القاضي من الوسائل.
173

(مسألة 14) إذا لم يكن للأعلم فتوى في مسألة من المسائل
يجوز في تلك المسألة الأخذ من غير الأعلم وإن أمكن الاحتياط (1)
178

(مسألة 15) إذا قلد مجتهدا كان يجوز البقاء على تقليد الميت
فمات ذلك المجتهد لا يجوز البقاء على تقليده في هذه المسألة (1) بل
يجب الرجوع إلى الحي الأعلم في جواز البقاء وعدمه.
179

(مسألة 16) عمل الجاهل المقصر الملتفت باطل (1) وإن كان
مطابقا للواقع.
195



(* 1) وهو موثقة عمار المروية في ب 13 من أبواب القيام من الوسائل.
202

وأما الجاهل القاصر أو المقصر الذي كان غافلا حين العمل وحصل منه
قصد القربة، فإن كان مطابقا لفتوى المجتهد الذي قلده بعد ذلك كان
صحيحا (1) والأحوط مع ذلك مطابقته لفتوى المجتهد الذي كان يجب
عليه تقليده حين العمل.
(مسألة 17) المراد من الأعلم (2) من يكون أعرف بالقواعد
والمدارك للمسألة وأكثر اطلاعا لنظائرها وللأخبار، وأجود فهما
للأخبار، والحاصل أن يكون أجود استنباطا والمرجع في تعيينه أهل
الخبرة والاستنباط.
203

(مسألة 18) الأحوط عدم تقليد المفضول (1) حتى في المسألة
التي توافق فتواه فتوى الأفضل.
205

(مسألة 19) لا يجوز تقليد غير المجتهد (1) وإن كان من أهل
العلم، كما أنه يجب (2) على غير المجتهد التقليد وإن كان من أهل العلم.
207

(مسألة 20) يعرف اجتهاد المجتهد بالعلم الوجداني (1) كما إذا
كان المقلد من أهل الخبرة وعلم باجتهاد شخص وكذا يعرف بشهادة
عدلين (2) من أهل الخبرة.
208



(* 1) المروية في ب 4 من أبواب ما يكتسب به من الوسائل.
(* 2) المروية في ب 61 من أبواب الأطعمة المباحة من الوسائل.
(* 3) ج 1 ص 384 - 385.
209

إذا لم تكن معارضة (1) بشهادة آخرين من أهل الخبرة ينفيان
عنه الاجتهاد، وكذا يعرف بالشياع المفيد للعلم، وكذا الأعلمية
تعرف بالعلم، أو البينة غير المعارضة، أو الشياع المفيد للعلم.
212

(مسألة 21) إذا كان مجتهدان لا يمكن تحصيل العلم بأعلمية
أحدهما ولا البينة (1) فإن حصل الظن بأعلمية أحدهما تعين تقليده
بل لو كان في أحدهما احتمال الأعلمية يقدم كما إذا علم أنهما إما متساويان
أو هذا المعين أعلم، ولا يحتمل أعلمية الآخر فالأحوط تقديم من
يحتمل أعلميته.
213

(مسألة 22) يشترط في المجتهد أمور: البلوغ (1).
214



(* 1) محمد بن مسلم عن أبي عبد الله - ع - قال: عمد الصبي وخطأه واحد
المروية في ب 11 من أبواب العاقلة من الوسائل.
(* 2) المروية في ب 4 من أبواب العبادات من الوسائل بتغيير يسير وبمضمونها
روايات كثيرة في أبواب مختلفة.
(* 3) إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه أن عليا - ع - كان يقول: عمد
الصبيان خطأ يحمل على العاقلة. المروية في ب 11 من أبواب العاقلة من الوسائل.
215

والعقل (1)
217

الايمان (1)

(* 1) المروية في ب 11 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
(* 2) المروية في ب 1 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
218



(* 1) المرويتان في ب 11 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
(* 2) المرويتان في ب 11 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
219

والعدالة (1).

(* 1) المروية في ب 10 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
221

والرجولية (1).

(* 1) إن أبا خديجة سالم بن مكرم الجمال ممن وثقه النجاشي، وضعفه الشيخ
ولكنه وثقه في موضع آخر، على ما نقله العلامة (قده) وقد وقع في أسانيد كامل
الزيارات أيضا. وتضعيف الشيخ (قده) غير مضر بوثاقته، لأن تضعيفه هذا إن كان
مقارنا لتوثيقه - زمانا - كما لو فرضنا أنه وثقه وضعفه في وقت واحد فلا يمكن
أن يشمل دليل الحجية شيئا من تضعيفه وتوثيقه لتعارضهما، ودليل الاعتبار لا يشمل
المتعارضين. إذا يبقى توثيق النجاشي وابن قولويه في كامل الزيارات سليما عن المعارض
وإذا فرضنا أن تضعيفه كان صادرا قبل توثيقه أيضا لم يكن موردا للاعتبار، لأن
توثيقه بعد التضعيف عدول عن تضعيفه السابق لا محالة لعدم احتمال أن الرجل عند
الشيخ (قده) ثقة وضعيف، لوضوح أن الثابت عنده أحدهما فالتوثيق المتأخر منه
عدول عن تضعيفه. كما أن تضعيفه لو كان صادرا بعد توثيقه لكان ذلك عدولا عن
توثيقه السابق ومعارضا لتوثيق النجاشي وغيره.
وحيث لم يعلم تاريخهما وأن المتأخر أيهما اندرج ذلك في الشبهات المصداقية
للتضعيف، لعدم ثبوت تضعيف الشيخ وعدوله عن توثيقه، كما لم يثبت عدوله
عن تضعيفه فلا يعتمد معه على شئ من قولي الشيخ فيرجع إلى توثيق النجاشي
وغيره من دون معارض في البين.
ثم إن في طريق الصدوق إلى أحمد بن عائذ الراوي عن أبي خديجة حسن بن علي الوشاء وهو ممن وقع في أسانيد كامل الزيارات ومقتضى ما بنى عليه سيدنا الأستاذ
- أدام الله اظلاله - من أن الرجال الواقعين في أسانيده موثقون بتوثيق ابن قولويه
هو الحكم بصحة الرواية وتوصيفها بها وإنما عبرنا عنها بالحسنة نظرا إلى عدم توثيق حسن بن
علي الوشاء في كتب الرجال وإنما ذكروا أنه خير ومن وجوه هذه الطائفة فلا تذهل.
224



(* 1) المتقدمة في ص 218
225

والحرية - على قول - (1)

(* 1) في ص 218.
226

وكونه مجتهدا مطلقا فلا يجوز تقليد المتجزي (1)

(* 1) التوبة 9: 122
227



(* 1) الأنبياء 21: 7.
229



(* 1) النحل 16: 43.
(* 2) المتقدمة في ص 221.
230



(* 1) في ص 221.
(* 2) في ص 218.
231



(* 1) في ص 218.
232



(* 1) الكافي ج 7 ص 412.
(* 2) الفقيه ج 3 ص 2.
(* 3) التهذيب ج 6 ص 219.
233

والحياة (1) فلا يجوز تقليد الميت ابتداء. نعم يجوز البقاء كما مر
وأن يكون أعلم (2) فلا يجوز - على الأحوط - تقليد المفضول مع
التمكن من الأفضل، وأن لا يكون متولدا من الزنا (3) وأن لا يكون
235

مقبلا على الدنيا (1) وطالبا لها مكبا عليها مجدا في تحصيلها ففي الخبر:
من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا لهواه مطيعا لأمر
مولاه فللعوام أن يقلدوه.

(* 1) في ص 221.
236



(* 1) فضل بن عياض عن أبي عبد الله - ع - قال: قلت له: من الورع من الناس؟
قال: الذي يتورع عن محارم الله.. وفي مرفوعة أبي شعيب عن أبي عبد الله - ع -
قال: أورع الناس من وقف عند الشبهة.. المرويتان في ب 12 من أبواب صفات
القاضي من الوسائل.
237

(مسألة 23) العدالة عبارة عن ملكة اتيان الواجبات وترك المحرمات (1).
252



(* 1) النور: 24: 4 والحشر: 59: 19
253



(* 1) النساء 4: 3
(* 2) النساء 4: 129
255



(* 1) الأعراف: 7: 201
258



(* 1) الطلاق: 65: 2
(* 2) أبو علي بن راشد قال: قلت لأبي جعفر - ع -: إن مواليك قد
اختلفوا فأصلي خلفهم جميعا فقال: لا تصل إلا خلف من تثق بدينه. وفي رواية
الشيخ زاد: وأمانته. المروية في ب 10 من أبواب صلاة الجماعة من الوسائل.
يزيد بن حماد عن أبي الحسن - ع - قال: قلت له: أصلي خلف من لا أعرف؟
فقال: لا تصل إلا خلف من تثق بدينه الحديث. المروية في ب 12 من أبواب
صلاة الجماعة من الوسائل. وغيرهما من الروايات.
260



(* 1) يونس بن عبد الرحمان عن بعض رجاله عن أبي عبد الله - ع - قال:
سألته عن البينة إذا أقيمت على الحق أيحل للقاضي أن يقضي بقول البينة؟ فقال:
خمسة أشياء يجب على الناس الأخذ فيها بظاهر الحكم: الولايات، والمناكح والذبائح
والشهادات، والأنساب، فإذا كان ظاهر الرجل ظاهرا مأمونا جازت شهادته ولا
يسأل عن باطنه. المروية في ب 41 من أبواب الشهادات من الوسائل.
عبد الله بن المغيرة قال: قلت للرضا - ع -: رجل طلق امرأته، وأشهد
شاهدين ناصبيين قال: كل من ولد على الفطرة، وعرف بالصلاح في نفسه
جازت شهادته. نفس المصدر المذكور.
عمار بن مروان عن أبي عبد الله - ع - في الرجل يشهد لابنه، والابن لأبيه
والرجل لامرأته فقال: لا بأس بذلك إذا كان خيرا الحديث. نفس المصدر.
أبو بصير عن أبي عبد الله - ع - قال: لا بأس بشهادة الضيف إذا كان
عفيفا صائنا الحديث. نفس المصدر.
إسماعيل بن أبي زياد السكوني عن جعفر عن أبيه - ع - أن شهادة الأخ
لأخيه تجوز إذا كان مرضيا ومعه شاهد آخر نفس المصدر.
عبد الله بن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد الله - ع - بم تعرف عدالة الرجل
بين المسلمين حتى تقبل شهادته لهم وعليهم فقال: أن تعرفوه بالستر والعفاف وكف
البطن والفرج واليد.. الحديث. راجع نفس المصدر. إلى غير ذلك من الأخبار.
262



(* 1) هكذا عبروا عنها في كلماتهم إلا أن الأمر ليس كذلك لأنها قد رويت
بطريقي الصدوق والشيخ " قدهما " وكلا الطريقين ضعيف. أما طريق الصدوق " قده "
فلأن فيه أحمد بن محمد بن يحيى العطار وقد مر غير مرة عدم ثبوت وثاقته. وأما طريق
الشيخ " قده " فلأن فيه محمد بن موسى الهمداني وهو إن كان ممن وقع في أسانيد
كامل الزيارات ومقتضى ذلك وثاقته إلا أنه معارض بتضعيفه، وهذا لا لأنه مستثنى
من كتاب نوادر الحكمة، لأنه مستند إلى توهم أن الرجل قد وضع أصلي زيد
النرسي والزراد وهذا خطأ لأن أصلهما مما رواه عنهما ابن أبي عمير وقد عثروا على
طريق معتبر إليهما من دون أن ينتهي إلى الرجل على ما نبه عليه السيد الطباطبائي
والسيد الصدر كما لا يخفى على من راجع ترجمة زيد الزراد. بل لما ذكره ابن الوليد
من أن الرجل كان يضع الحديث. فإنه مما لا يمكن حمله على وضعه خصوص أصلي
الزيدين. لاطلاقه إذا لا يمكن الاعتماد على روايات الرجل بوجه.
263



(* 1) المروية في ب 41 من أبواب الشهادات من الوسائل.
264



(* 1) في ص 264
271



(* 1) وقد قدمنا أنها ضعيفة السند وغير صالحة للاستدلال بها على شئ.
(* 2) النساء 4: 31.
273



(* 1) في ص 264.
279

وتعرف بحسن الظاهر الكاشف عنها علما أو ظنا (1).
280



(* 1) المرويات في ب 1 من أبواب الشهادات من الوسائل.
(* 2) المرويات في ب 1 من أبواب الشهادات من الوسائل.
(* 3) المرويات في ب 1 من أبواب الشهادات من الوسائل.
281



(* 1) المرويات في ب 41 من أبواب الشهادات من الوسائل.
(* 2) المرويات في ب 41 من أبواب الشهادات من الوسائل.
(* 3) نعم احتمل الوحيد (قده) في التعليقة أنه جعفر بن محمد بن قولويه
لأن قولويه اسمه مسرور، فإن النجاشي ذكر في ترجمة علي بن محمد بن جعفر بن
موسى بن مسرور أنه روى عنه أخوه جعفر بن محمد بن قولويه.
ولكن هذا الاحتمال بعيد جدا، فإن علي بن محمد بن جعفر بن موسى بن
مسرور لم يسمع منه، على ما ذكره النجاشي، وجعفر بن محمد بن قولويه لم يرو
عن علي بن محمد بن جعفر بن موسى بن مسرور، وإنما روى كتابه عن أخيه علي
كما روى عن أخيه في كامل الزيارات كثيرا، وليس في كلام النجاشي أن
جعفر بن محمد بن قولويه روى عن أخيه علي بن محمد بن جعفر بن موسى بن مسرور
وعليه لم يثبت أن قولويه اسمه مسرور، بل الثابت خلافه.
(* 4) المرويات في ب 41 من أبواب الشهادات من الوسائل.
282



(* 1) المروية في ب 152 من أبواب كتاب العشرة من الوسائل.
(* 2) المروية في ب 41 من أبواب الشهادات من الوسائل.
(* 3) المروية في ب 41 من أبواب الشهادات من الوسائل.
283



(* 1) في ص 281.
(* 2) المروية في ب 10 من أبواب صلاة الجماعة من الوسائل.
286

وتثبت بشهادة العدلين (1).

(* 1) المروية في ب 10 من أبواب صلاة الجماعة من الوسائل.
287

وبالشياع المفيد للعلم (1).
(مسألة 24) إذا عرض للمجتهد ما يوجب فقده للشرائط
يجب (1) على المقلد العدول إلى غيره.
289

(مسألة 25) إذا قلد من لم يكن جامعا، ومضى عليه برهة من
الزمان كان كمن لم يقلد أصلا (1) فحاله حال الجاهل القاصر (2)
أو المقصر (3).

(* 1) في ص 237.
290

(مسألة 26) إذا قلد من يحرم البقاء على تقليد الميت فمات،
وقلد من يجوز البقاء، له أن يبقى على تقليد الأول في جميع المسائل
إلا مسألة حرمة البقاء (1).
291

(مسألة 27) يجب على المكلف العلم بأجزاء العبادات وشرائطها
وموانعها ومقدماتها (1) ولو لم يعلمها لكن علم اجمالا أن عمله واجد
لجميع الأجزاء والشرائط وفاقد للموانع صح وإن لم يعلمها تفصيلا
292



(* 1) لاحظ الرواية الواردة في تفسير قوله عز من قائل: قل فلله الحجة
البالغة. حيث ورد فيها: إن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة: عبدي أكنت
عالما؟ فإن قال: نعم، قال الله: أفلا عملت بما علمت؟ وإن قال: كنت جاهلا
قال له: أفلا تعلمت حتى تعمل؟ فيخصم فتلك الحجة البالغة. المروية في البحار
ج 2 ص 29 وص 180 من الطبع الحديث. وفي تفسير البرهان في ج 1 ص 560
بأدنى اختلاف في اللفظ فإنها ظاهرة في أن التعلم إنما يجب من باب الطريقة إلى العمل.
296



(* 1) المروية في ب 16 من أبواب كتاب الايمان من الوسائل وقد بينا ما يرجع
إلى الاستدلال بها في الجزء الثالث ص 344 فليراجع.
297

(مسألة 28) يجب تعلم مسائل الشك والسهو (1).
298

بالمقدار الذي هو محل الابتلاء غالبا (1) نعم لو اطمأن من نفسه أنه
لا يبتلى بالشك والسهو صح عمله (2) وإن لم يحصل العلم بأحكامهما.
300

(مسألة 29) كما يجب التقليد في الواجبات والمحرمات يجب (1) في
المستحبات، والمكروهات، والمباحات، بل يجب تعلم حكم كل فعل
يصدر منه سواء كان من العبادات، أو المعاملات، أو العاديات.
303

(مسألة 30) إذا علم أن الفعل الفلاني ليس حراما، ولم يعلم أنه
واجب أو مباح أو مستحب أو مكروه يجوز (1) له أن يأتي به لاحتمال
كونه مطلوبا وبرجاء الثواب، وإذا علم أنه ليس بواجب، ولم يعلم
أنه حرام أو مكروه أو مباح له أن يتركه لاحتمال كونه مبغوضا.
304

(مسألة 31) إذا تبدل رأي المجتهد لا يجوز للمقلد البقاء على
رأيه الأول (1).
(مسألة 32) إذا عدل المجتهد عن الفتوى إلى التوقف والتردد يجب
على المقلد الاحتياط أو العدول إلى الأعلم بعد ذلك المجتهد (2).
(مسألة 33) إذا كان هناك مجتهدان متساويان في العلم كان
للمقلد تقليد أيهما شاء (3) ويجوز التبعيض في المسائل (4).
305

وإذا كان أحدهما أرجح من الآخر في العدالة أو الورع (1)
أو نحو ذلك فالأولى بل الأحوط اختياره.
(مسألة 34) إذا قلد من يقول بحرمة العدول حتى إلى الأعلم ثم
وجد أعلم من ذلك المجتهد فالأحوط العدول إلى ذلك الأعلم، وإن
قال الأول بعدم جوازه (2).
307

(مسألة 35) إذا قلد شخصا بتخيل أنه زيد فبان عمرا فإن
كانا متساويين في الفضيلة، ولم يكن على وجه التقييد صح وإلا
فمشكل (1).
308

(مسألة 36) فتوى المجتهد تعلم بأحد أمور: " الأول ": أن يسمع
منه شفاها (1).
314

" الثاني ": أن يخبر بها عدلان (1).
" الثالث ": إخبار عدل واحد بل يكفي إخبار شخص موثق (2)

(* 1) التوبة: 9: 122.
(* 2) النحل: 16: 43 والأنبياء: 21: 7.
315

يوجب قوله الاطمئنان (1) وإن لم يكن عادلا.
" الرابع ": الوجدان في رسالته (2) ولا بد أن تكون مأمونة
من الغلط.
(مسألة 37) إذا قلد من ليس له أهلية الفتوى، ثم التفت وجب
عليه العدول (3) وحال الأعمال السابقة حال عمل الجاهل غير
316

المقلد (1) وكذا إذا قلد غير الأعلم وجب على الأحوط (2) العدول
إلى الأعلم، وإذا قلد الأعلم ثم صار بعد ذلك غيره أعلم وجب العدول
إلى الثاني على الأحوط.
317

(مسألة 38) إن كان الأعلم منحصرا في شخصين، ولم يمكن
التعيين فإن أمكن الاحتياط بين القولين فهو الأحوط، وإلا كان
مخيرا بينهما (1).
318

(مسألة 39) إذا شك في موت المجتهد، أو في تبدل رأيه، أو
عروض ما يوجب عدم جواز تقليده، يجوز له البقاء (1) إلى أن
يتبين الحال (2).
(مسألة 40) إذا علم أنه كان في عباداته بلا تقليد مدة من الزمان
ولم يعلم مقداره (3) فإن علم بكيفيتها وموافقتها للواقع، أو لفتوى
المجتهد الذي يكون مكلفا بالرجوع إليه فهو.
319



(* 1) في ص 43.
321



(* 1) المروية في ب 23 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة من الوسائل.
327



(* 1) المروية في ب 42 من أبواب الوضوء من الوسائل.
(2) المروية في ب 42 من أبواب الوضوء من الوسائل.
(* 3) المروية في ب 27 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة من الوسائل.
328

وإلا فيقضي المقدار الذي يعلم معه بالبراءة على الأحوط، وإن كان
لا يبعد جواز الاكتفاء بالقدر المتيقن (1).
330

(مسألة 41) إذا علم أن أعماله السابقة كانت مع التقليد، لكن
لا يعلم أنها كانت عن تقليد صحيح (1) أم لا بنى على الصحة.
339



(* 1) المروية في ب 42 من أبواب الوضوء من الوسائل.
344

(مسألة 42) إذا قلد مجتهدا، ثم شك في أنه جامع للشرائط،
أم لا، وجب عليه الفحص (1).
345



(* 1) راجع ب 11 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
346

(مسألة 43) من ليس أهلا للفتوى يحرم عليه الافتاء (1).

(* 1) يونس 10: 59.
(* 2) لاحظ الباب 4 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
(* 3) عن أحمد عن أبيه رفعه عن أبي عبد الله ع قال: القضاة أربعة:
ثلاثة في النار وواحد في الجنة: رجل قضى بجور وهو يعلم فهو في النار، ورجل
قضى بجور وهو لا يعلم فهو في النار، ورجل قضى بالحق وهو لا يعلم فهو في النار
ورجل قضى بالحق وهو يعلم فهو في الجنة. المروية في ب 4 من أبواب صفات
القاضي من الوسائل.
349

وكذا من ليس أهلا للقضاء يحرم عليه القضاء (2) بين الناس

(* 1) المروية في ب 3 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
351



(* 1) المروية في ب 3 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
352



(* 1) المروية في ب 1 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
ثم إنا قد أسبقنا شطرا مما يرجع إلى وثاقة أبي خديجة سالم بن مكرم الجمال في ذيل
ص 224 وذكرنا أن الشيخ قد ضعفه في فهرسته، ووثقه في موضع آخر على
ما نقله عنه العلامة (قده) إلا أن شيئا من تضعيفه وتوثيقه غير قابل للاعتماد عليه
وذلك لأن المتأخر منهما عدول عن المتقدم عليه، وحيث إنا لا نعلم أن الصادر متأخرا
أيهما فيكون كل من قولي الشيخ شبهة مصداقية للتضعيف والتوثيق، وبذلك يسقطان
عن الاعتبار، ويبقى توثيق النجاشي وابن قولويه للرجل سليما عن المعارض.
وهذا الذي ذكرناه وإن كان صحيحا في نفسه إلا أنه إنما يتم فيما إذا لم يصدر
المتأخر منهما حال غفلته عما ذكره أولا فإن مع التوجه والالتفات إليه لم يعقل صدور
ضده أو نقيضه إلا عدولا عما ذكره أولا. وأما مع احتمال كونه غافلا عما ذكره
أولا فلا يمكننا الحكم بأن المتأخر عدول عن سابقه لمكان غفلته، كما لا يمكننا رفع
هذا الاحتمال بأصالة عدم الغفلة المتسالم عليها عند العقلاء، وذلك، لأن التشبث
بأصالة عدم الغفلة إنما يصح فيما إذا شككنا في أن كلا من تضعيفه وتوثيقه هل
صدر عنه مع الغفلة أو الالتفات؟ وبها نبني على أنه ضعفه مع الالتفات إليه:
ووثقه كذلك وأما إنه عندما أخذ بتضعيفه مثلا مع الالتفات لم يكن غافلا عن
الأمر المتقدم عليه فهو مما لا يمكن اثباته بأصالة عدم الغفلة عند العقلاء.
ومن هنا تصدى سيدنا الأستاذ دام الله اظلاله لاثبات وثاقة الرجل
ودفع ما قد يتوهم من معارضة توثيق النجاشي وابن قولويه بتضعيف الشيخ له في
فهرسته بطريق آخر وأفاد في الأمر الثالث من الأمور التي تعرض لها في ترجمة الرجل
من رجاله ما إليك نصه:
والصحيح أن يقال: إن تضعيف الشيخ لا يمكن الأخذ به في نفسه في المقام
فشهادة النجاشي وابن قولويه، وعلي بن الحسن بلا معارض بيان ذلك: إن
سالم بن أبي سلمة المتقدم قد عرفت قول النجاشي فيه: إن حديثه ليس بالنفي وإن
ابن الغضائري ضعفه. وقد ذكر النجاشي إن له كتابا أخبر بها عدة من أصحابنا بالسند
المتقدم في ترجمته، ومع ذلك لم يتعرض له الشيخ حتى في رجاله، مع أن موضوعه
أعم مما في الفهرست، أفهل يمكن أن العدة المخبرين للنجاشي بكتاب سالم بن أبي سلمة
لم يخبر والشيخ فلم يعلم الشيخ لا بنفسه ليذكره في رجاله، ولا بكتابه ليذكره في فهرسته؟
فينحصر سر عدم تعرضه له تخيله أنه هو سالم بن مكرم، فإنه اعتقد أن مكرما كنيته
أبو سلمة على ما صرح به في عبارته المتقدمة، وقد تعرض له في الفهرست والرجال،
وعليه فيكون تضعيفه لسالم بن مكرم مبنيا على أنه متحد مع سالم ابن أبي سلمة الذي
مر كلام النجاشي وابن الغضائري فيه، وحيث أنه قدس سره أخطأ في ذلك فإن
سالم بن أبي سلمة رجل آخر غير سالم بن مكرم فالتضعيف لا يكون راجعا إلى
سالم بن مكرم الذي ليس هو بابن أبي سلمة بل هو نفسه مكنى بأبي سلمة على
زعمه فتوثيق النجاشي وابن قولويه، ومدح ابن فضال تبقى بلا معارض...
353



(* 1) المروية في ب 2 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
354



(* 1) النساء 4: 58.
(* 2) المائدة 5: 8.
(* 3) المائدة: 47، 45، 44.
(* 4) المائدة: 47، 45، 44.
(* 5) المائدة: 47، 45، 44.
355



(* 1) المروية في ب 4 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
(* 2) المروية في ب 11 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
(* 3) في ص 353
(* 4) المروية في ب 1 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
356



(* 1) المروية في ب 11 من أبواب صفات القاصي من الوسائل
(* 2) المروية في ب 11 من أبواب صفات القاصي من الوسائل
357

وحكمه ليس بنافذ (1) ولا يجوز الترافع إليه (2) ولا الشهادة
عنده (3)

(* 1) راجع ب 1 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
359

والمال الذي يؤخذ بحكمه حرام (1) وإن كان الآخذ محقا.
360



(* 1) المروية في ب 1 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
361

إلا إذا انحصر استنقاذ حقه بالترافع عنده (1).

(* 1) المروية في باب من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
363

(مسألة 44) يجب في المفتي (1) والقاضي (2) العدالة

(* 1) المروية في ب 3 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
364

وتثبت العدالة (1) بشهادة عدلين، وبالمعاشرة المفيدة للعلم بالملكة،
أو الاطمئنان بها، وبالشياع المفيد للعلم
(مسألة 45) إذا مضت مدة من بلوغه وشك بعد ذلك في أن أعماله
كانت عن تقليد صحيح أم لا، يجوز له البناء على الصحة في أعماله السابقة (2)

(* 1) المروية في ب 11 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
(* 2) المروية في ب 1 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
365

وفي اللاحقة يجب عليه التصحيح فعلا (1)
366

(مسألة 46) يجب على العامي أن يقلد الأعلم في مسألة وجوب
تقليد الأعلم أو عدم وجوبه (1) ولا يجوز أن يقلد غير الأعلم إذا أفتى
بعدم وجوب تقليد الأعلم. بل لو أفتى الأعلم بعدم وجوب تقليد
الأعلم يشكل جواز الاعتماد عليه (1) فالقدر المتيقن للعامي تقليد الأعلم
في الفرعيات.
367

(مسألة 47) إذا كان مجتهدان أحدهما أعلم في أحكام العبادات
والآخر أعلم في المعاملات فالأحوط تبعيض التقليد (1) وكذا إذا
كان أحدهما أعلم في بعض العبادات - مثلا - والآخر في البعض الآخر
369

(مسألة 48) إذا نقل شخص فتوى المجتهد خطأ يجب عليه
إعلام من تعلم منه (1) وكذا إذا أخطأ المجتهد في بيان فتواه يجب عليه
الاعلام.
370



(* 1) المروية في ب 7 من أبواب آداب القاضي من الوسائل.
(* 2) المروية في ب 13 من أبواب بقية كفارات الاحرام من الوسائل.
(* 3) المروية في ب 4 من أبواب صفات القاضي و ب 7 من أبواب آداب
القاضي من الوسائل.
372



(* 1) البقرة 2: 159.
(* 2) التوبة 9: 122.
374

(مسألة 49) إذا اتفق في أثناء الصلاة مسألة لا يعلم حكمها (1)
يجوز له أن يبنى على أحد الطرفين بقصد أن يسأل عن الحكم بعد
الصلاة، وأنه إذا كان ما أتى به على خلاف الواقع يعيد صلاته، فلو
فعل ذلك، وكان ما فعله مطابقا للواقع، لا يجب عليه الإعادة.
375

(مسألة 50) يجب على العامي في زمان الفحص عن المجتهد، أو
عن الأعلم أن يحتاط في أعماله (1)
378

(مسألة 51) المأذون، والوكيل عن المجتهد في التصرف في
الأوقاف، أو في أموال القصر، ينعزل بموت المجتهد (1) بخلاف
المنصوب من قبله كما إذا نصبه متوليا للوقف أو قيما على القصر فإنه
لا تبطل توليته وقيمومته على الأظهر (2)

(* 1) المروية في ب 11 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
379



(* 1) المروية في ب 1 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
380

(مسألة 52) إذا بقي على تقليد الميت من دون أن يقلد الحي في
هذه المسألة كان كمن عمل من غير تقليد (1)
(مسألة 53) إذا قلد من يكتفي بالمرة - مثلا - في التسبيحات
الأربع، واكتفى بها أو قلد من يكتفي في التيمم بضربة واحدة ثم مات ذلك
المجتهد فقلد من يقول بوجوب التعدد لا يجب عليه إعادة الأعمال السابقة (2)
381

(مسألة 55) إذا كان البائع مقلدا لمن يقول بصحة المعاطاة - مثلا -
أو العقد بالفارسي، والمشتري مقلدا لمن يقول بالبطلان، لا يصح البيع
بالنسبة إلى البائع أيضا (1) لأنه متقوم بطرفين فاللازم أن يكون صحيحا
من الطرفين وكذا في كل عقد كان مذهب أحد الطرفين بطلانه،
ومذهب الآخر صحته.
385

(مسألة 56) في المرافعات اختيار تعيين الحاكم بيد المدعي (1)
387

إلا إذا كان مختار المدعى عليه أعلم (1) بل مع وجود الأعلم وامكان
الترافع إليه الأحوط الرجوع إليه مطلقا.
(مسألة 57) حكم الحاكم الجامع للشرائط لا يجوز نقضه (2) ولو
لمجتهد آخر.

(* 1) راجع البرهان: تفسير سورة الإسراء الآية 90.
(* 2) المروية في ب 11 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
388



(* 1) النساء 4: 58.
(* 2) المروية في ب 1 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
(* 3) المروية في ب 11 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
389

إلا إذا تبين خطاؤه (1)
390



(* 1) المروية في ب 2 من أبواب كيفية الحكم من الوسائل.
391



(* 1) فليراجع ب 9 و 10 من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى
و ب 46 من كتاب الأيمان و ب 83 من أبواب ما يكتسب به من الوسائل.
(* 2) المروية في ب 46 من الأيمان و 10 من أبواب كيفية الحكم وأحكام
الدعوى من الوسائل.
(* 3) المروية في ب 10 من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى من الوسائل
(* 4) المروية في ب 9 من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى من الوسائل.
392



(* 1) المروية في ب 83 من أبواب ما يكتسب به من الوسائل.
(* 2) المروية في ب 83 من أبواب ما يكتسب به من الوسائل.
393

(مسألة 58) إذا نقل ناقل فتوى المجتهد لغيره (1) ثم تبدل رأي
المجتهد في تلك المسألة لا يجب على الناقل اعلام من سمع منه الفتوى
الأولى وإن كان أحوط، بخلاف ما إذا تبين له خطاؤه في النقل فإنه
يجب عليه الاعلام.
394



(* 1) البقرة 2: 222.
(* 2) راجع ب 16 من أبواب العدد من الوسائل.
395

(مسألة 59) إذا تعارض الناقلان في نقل الفتوى تساقطا (1)
وكذا البينتان، وإذا تعارض النقل مع السماع من المجتهد شفاها قدم
السماع، وكذا إذا تعارض ما في الرسالة مع السماع، وفي تعارض النقل
مع ما في الرسالة قدم ما في الرسالة مع الأمن من الغلط.
397

(مسألة 60) إذا عرضت مسألة لا يعلم حكمها (1) ولم يكن
الأعلم حاضرا فإن أمكن تأخير الواقعة إلى السؤال، وجب ذلك
وإلا فإن أمكن الاحتياط تعين، وإن لم يمكن يجوز الرجوع إلى مجتهد
آخر الأعلم فالأعلم، وإن لم يكن هناك مجتهد آخر ولا رسالته يجوز العمل
بقول المشهور بين العلماء إذا كان هناك من يقدر على تعيين قول
المشهور، وإذا عمل بقول المشهور ثم تبين له بعد ذلك مخالفته لفتوى
مجتهده فعليه الإعادة أو القضاء، وإذا لم يقدر على تعيين قول المشهور
يرجع إلى أوثق الأموات، وإن لم يمكن ذلك أيضا، يعمل بظنه وإن لم يكن
له ظن بأحد الطرفين، يبني على أحدهما، وعلى التقادير بعد الاطلاع
على فتوى المجتهد إن كان عمله مخالفا لفتواه فعليه الإعادة أو القضاء.
401

(مسألة 61) إذا قلد مجتهدا ثم مات، فقلد غيره ثم مات فقلد
من يقول بوجوب البقاء على تقليد الميت أو جوازه فهل يبقى على
تقليد المجتهد الأول أو الثاني؟ الأظهر الثاني والأحوط مراعاة
الاحتياط (1).
403

(مسألة 62) يكفي في تحقق التقليد أخذ الرسالة والالتزام (1)
بالعمل بما فيها، وإن لم يعلم ما فيها ولم يعمل، فلو مات مجتهده يجوز
له البقاء (2) وإن كان الأحوط مع عدم العلم (3) بل مع عدم العمل
ولو كان بعد العلم عدم البقاء، والعدول إلى الحي.
407

بل الأحوط استحبابا على وجه عدم البقاء مطلقا (1) ولو كان بعد
العلم والعمل.
(مسألة 63) في احتياطات الأعلم إذا لم يكن له فتوى يتخير
المقلد (2) بين العمل بها وبين الرجوع إلى غيره الأعلم فالأعلم (3)
(مسألة 64) الاحتياط المذكور في الرسالة إما استحبابي، وهو
ما إذا كان مسبوقا أو ملحوقا بالفتوى، وإما وجوبي، وهو ما لم يكن
معه فتوى، ويسمى بالاحتياط المطلق، وفيه يتخير المقلد بين العمل
به، والرجوع إلى مجتهد آخر (4)
408

وأما القسم الأول فلا يجب العمل به، ولا يجوز الرجوع إلى الغير (1)
بل يتخير بين العمل بمقتضى الفتوى، وبين العمل به.
(مسألة 65) في صورة تساوي المجتهدين يتخير بين تقليد أيهما
شاء، كما يجوز له التبعيض حتى في أحكام العمل الواحد (2) حتى
أنه لو كان - مثلا - فتوى أحدهما وجوب جلسة الاستراحة،
واستحباب التثليث في التسبيحات الأربع، وفتوى الآخر بالعكس
يجوز أن يقلد الأول في استحباب التثليث، والثاني في استحباب الجلسة
409

(مسألة 66) لا يخفى أن تشخيص موارد الاحتياط عسر على
العامي، إذ لا بد فيه من الاطلاع التام (1) ومع ذلك قد يتعارض
الاحتياطان فلا بد من الترجيح، وقد لا يلتفت إلى إشكال المسألة
حتى يحتاط، وقد يكون الاحتياط في ترك الاحتياط - مثلا - الأحوط
ترك الوضوء بالماء المستعمل في رفع الحدث الأكبر، لكن إذا فرض
انحصار الماء فيه الأحوط التوضؤ به بل يجب ذلك بناء على كون
احتياط الترك استحبابيا، والأحوط الجمع بين التوضؤ به والتيمم.
وأيضا الأحوط التثليث في التسبيحات الأربع، لكن إذا كان في
ضيق الوقت، ويلزم من التثليث وقوع بعض الصلاة خارج الوقت،
فالأحوط ترك هذا الاحتياط، أو يلزم تركه، وكذا التيمم بالجص
خلاف الاحتياط لكن إذا لم يكن معه إلا هذا فالأحوط التيمم به،
وإذا كان عنده الطين - مثلا - فالأحوط الجمع، وهكذا.
(مسألة 67) محل التقليد ومورده (2) هو الأحكام الفرعية
العملية فلا يجري في أصول الدين.
410



(* 1) الزخرف 43: 23.
411



(* 1) التوبة 9: 122.
413

وفي مسائل أصول الفقه، ولا في مبادئ الاستنباط من النحو
والصرف ونحوهما، ولا في الموضوعات المستنبطة العرفية أو اللغوية
ولا في الموضوعات الصرفة، فلو شك المقلد في مائع أنه خمر أو خل
- مثلا - وقال المجتهد أنه خمر، لا يجوز له تقليده. نعم من حيث أنه
مخبر عادل يقبل قوله، كما في أخبار العامي العادل، وهكذا. وأما
الموضوعات المستنبطة الشرعية كالصلاة والصوم ونحوهما فيجري
التقليد فيها كالأحكام العملية.
414

(مسألة 68) لا يعتبر الأعلمية في ما أمره راجع إلى المجتهد إلا في التقليد (1)
417

وأما الولاية على الأيتام والمجانين والأوقاف التي لا متولي لها والوصايا
التي لا وصي لها ونحو ذلك فلا يعتبر فيها الأعلمية. نعم الأحوط في
القاضي أن يكون أعلم من في ذلك البلد أو في غيره مما لا حرج في
الترافع إليه.
418



(* 1) المروية في ب 11 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
(* 4) المروية في ب 11 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
(* 2) رواه عن تحف العقول في الوافي المجلد الثاني ص 30 م 9 والمستدرك
ج 3 ب 11 من أبواب صفات القاضي.
(* 3) رواه عن الراوندي في نوادره في المستدرك ج 3 ب 11 من أبواب
صفات القاضي.
419



(* 1) المروية في ب 11 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
(* 2) المروية في ب 1 و 11 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
420



(* 1) المروية ب 16 من أبواب عقد البيع وشروطه من الوسائل.
421



(* 1) المروية في ب 1 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
(* 2) في ص 232 - 233.
427



(* 1) المروية في ب 9 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
428



(* 1) المروية في ب 9 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
429



(* 1) المروية في ب 9 من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
(* 2) قدمنا مصدره في ص 145.
430



(* 1) راجع ب 4 من أبواب آداب القاضي من الوسائل.
(* 2) قدمنا مصدره في ص 145.
431

(مسألة 69) إذا تبدل رأي المجتهد هل يجب عليه إعلام المقلدين
أم لا؟ فيه تفصيل (1) فإن كانت الفتوى السابقة موافقة للاحتياط،
فالظاهر عدم الوجوب، وإن كانت مخالفة فالأحوط الاعلام، بل
لا يخلو عن قوة.
(مسألة 70) لا يجوز للمقلد اجراء أصالة البراءة أو الطهارة
أو الاستصحاب في الشبهات الحكمية (2) وأما الشبهات الموضوعية
433

فيجوز (1) بعد أن قلد مجتهده في حجيتها. مثلا إذا شك في أن عرق
الجنب من الحرام نجس أم لا؟ ليس له اجراء أصل الطهارة، لكن في
أن هذا الماء أو غيره لاقته النجاسة أم لا؟ يجوز له اجراؤها بعد أن قلد
المجتهد في جواز الاجراء.
(مسألة 71) المجتهد غير العادل، أو مجهول الحال، لا يجوز
تقليده (2) وإن كان موثوقا به في فتواه ولكن فتاواه معتبرة لعمل
نفسه (3) وكذا لا ينفذ حكمه (4) ولا تصرفاته في الأمور العامة.
ولا ولاية له في الأوقاف والوصايا وأموال القصر والغيب.
(مسألة 72) الظن بكون فتوى المجتهد كذا لا يكفي (5) في
جواز العمل إلا إذا كان حاصلا من ظاهر لفظه شفاها أو لفظ الناقل
أو من ألفاظه في رسالته، والحاصل أن الظن ليس حجة إلا إذا كان
حاصلا من ظواهر الألفاظ منه أو من الناقل (6).
434