الكتاب: مستمسك العروة
المؤلف: السيد محسن الحكيم
الجزء: ١١
الوفاة: ١٣٩٠
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع: ١٤٠٤
المطبعة:
الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي - قم - إيران
ردمك:
ملاحظات:

ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى
قرآن كريم
مستمسك
العروة الوثقى
تأليف
فقيه عصره آية الله العظمى
السيد محسن الطباطبائي الحكيم
قدس سره
الجزء الحادي عشر
1

منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
قم - 1404 ه‍
2

فصل في النيابة
لا إشكال في صحة النيابة عن الميت في الحج الواجب
والمندوب (1)، وعن الحي في المندوب مطلقا، وفي الواجب
في بعض الصور.
(مسألة 1): يشترط في النائب أمور:
أحدها: البلوغ على المشهور، فلا يصح نيابة الصبي

(* 1) الوسائل باب: 34 من أبواب نيابة الحج حديث: 1.
3

عندهم وإن كان مميزا (1). وهو الأحوط، لا لما قيل: من
عدم صحة عباداته لكونها تمرينية (2)،
4

لأن الأقوى كونها شرعية (1). ولا لعدم الوثوق به (2)
لعدم الرادع له من جهة عدم تكليفه (3)، لأنه أخص من

(* 1) تقدم التعرض له في صفحة: 13 من الجزء: 10 من هذه الطبعة.
5

المدعى. بل لأصالة عدم فراغ ذمة المنوب عنه، بعد دعوى
انصراف الأدلة (1). خصوصا مع اشتمال جملة من الأخبار
على لفظ الرجل (2). ولا فرق بين أن يكون حجة بالإجارة
أو بالتبرع بإذن الولي أو عدمه، وإن كان لا يبعد دعوى صحة
نيابته في الحج المندوب بإذن الولي (3)
الثاني: العقل، فلا تصح نيابة المجنون الذي لا يتحقق
منه القصد (4)، مطبقا كان جنونه، أو أدواريا في دور
جنونه. ولا بأس بنيابة السفيه (5).

(* 1) لاحظ الوسائل باب: 8 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1، 2، 5. وتأتي الإشارة
إليها في المسألة: 5 من هذا الفصل.
6

الثالث: الايمان (1)، لعدم صحة عمل غير المؤمن
وإن كان معتقدا بوجوبه وحصل منه نية القربة. ودعوى:
أن ذلك في العمل لنفسه دون غيره كما ترى (2).
الرابع: العدالة، أو الوثوق بصحة عمله (3). وهذا

(* 1) الوسائل باب: 22 من أبواب قضاء الصلوات حديث: 5.
7

الشرط إنما يعتبر في جواز الاستنابة لا في صحة عمله (1).
الخامس: معرفته بأفعال الحج وأحكامه (2) وإن كان
بارشاد معلم حال كل عمل.
السادس: عدم اشتغال ذمته بحج واجب عليه في ذلك
العام (3)، فلا تصح نيابة من وجب عليه حجة الاسلام، أو
النذر المضيق مع تمكنه من إتيانه. وأما مع عدم تمكنه - لعدم
المال - فلا بأس. فلو حج عن غيره مع تمكنه من الحج لنفسه
بطل على المشهور. لكن الأقوى أن هذا الشرط إنما هو لصحة
الاستنابة والإجارة، وإلا فالحج وإن لم يستحق الأجرة (4)

(* 1) راجع صفحة: 280 من الجزء: 10 من هذه الصفحة.
8

وتبرأ ذمة المنوب عنه على ما هو الأقوى: من عدم كون الأمر
بالشئ نهيا عن ضده. مع أن ذلك - على القول به، وايجابه
للبطلان - إنما يتم مع العلم والعمد، وأما مع الجهل والغفلة فلا
بل الظاهر صحة الإجارة أيضا على هذا التقدير، لأن البطلان
إنما هو من جهة عدم القدرة الشرعية على العمل المستأجر عليه
حيث أن المانع الشرعي كالمانع العقلي، ومع الجهل أو الغفلة
لا مانع، لأنه قادر شرعا (1).

(* 1) راجع صفحة: 361 من الجزء: 10 من هذه الطبعة.
9

(مسألة 2): لا يشترط في النائب الحرية، فتصح
نيابة المملوك بإذن مولاه (1)، ولا تصح استنابته بدونه (2)،
ولو حج بدون إذنه بطل (3).

(* 1) النحل: 16.
10

(مسألة 3): يشترط في المنوب عنه الاسلام، فلا
تصح النيابة عن الكافر (1). لا لعدم انتفاعه بالعمل عنه،
لمنعه وامكان دعوى انتفاعه بالتخفيف في عقابه (2)،

(* 1) التوبة: 113.
(* 2) النجم: 39.
11

بل لانصراف الأدلة (1)، فلو مات مستطيعا وكان الوارث
مسلما لا يجب عليه استئجاره عنه. ويشترط فيه أيضا كونه
ميتا، أو حيا عاجزا في الحج الواجب،
فلا تصح النيابة
عن الحي في الحج الواجب (2) إلا إذا كان عاجزا (3). وأما
في الحج الندبي فيجوز عن الحي والميت، تبرعا أو بالإجارة (4).
(مسألة 4): تجوز النيابة عن الصبي المميز والمجنون (5)،
12

بل يجب الاستئجار عن المجنون إذا استقر عليه حال إفاقته
ثم مات مجنونا.
(مسألة 5): لا تشترط المماثلة بين النائب والمنوب عنه
في الذكورة والأنوثة، فتصح نيابة المرأة عن الرجل (1)،

(* 1) تقدم التعرض له في صفحة: 13: من الجزء: 10 من هذه الطبعة.
13

كالعكس. نعم الأولى المماثلة (1).
(مسألة 6): لا بأس باستنابة الصرورة، رجلا كان
أو امرأة، عن رجل أو امرأة. وللقول بعدم جواز استنابة

(* 1) الوسائل باب: 8 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1.
(* 2) الوسائل: باب 8 من أبواب النيابة في الحج حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 8 من أبواب النيابة في الحج حديث: 5.
(* 4) الوسائل باب: 9 من أبواب النيابة في الحج حديث: 2.
(* 5) الوسائل باب: 8 من أبواب النيابة في الحج حديث: 8.
14

المرأة الصرورة مطلقا، أو مع كون المنوب عنه رجلا (1)
ضعيف. نعم يكره ذلك. خصوصا مع كون المنوب عنه رجلا (2)

(* 1) الوسائل باب: 8 من أبواب النيابة في الحج حديث: 4.
(* 2) الوسائل باب: 8 من أبواب النيابة في الحج حديث: 7.
(* 3) الوسائل باب: 9 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1.
(* 4) الوسائل باب: 9 من أبواب النيابة في الحج حديث: 3.
15

بل لا يبعد كراهة استئجار الصرورة ولو كان رجلا عن رجل (1).
(مسألة 7): يشترط في صحة النيابة قصد النيابة،
وتعيين المنوب عنه في النية (2) ولو بالاجمال.

(* 1) راجع المسألة: 72 صفحة: 192 من الجزء: 10 من هذه الطبعة.
(* 2) الوسائل باب: 28 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
16

ولا يشترط ذكر اسمه (1)، وإن كان يستحب ذلك في جميع
المواطن والمواقف (2).
(مسألة 8): كما تصح النيابة بالتبرع وبالإجارة كذا
تصح بالجعالة (3).
ولا تفرغ ذمة المنوب عنه إلا باتيان
النائب صحيحا، ولا تفرغ بمجرد الإجارة. وما دل من

(* 1) الوسائل باب: 16 من أبواب النيابة في الحج حديث: 5.
(* 2) الوسائل باب: 16 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1.
17

الأخبار على كون الأجير ضامنا وكفاية الإجارة في فراغها (1)
منزلة على أن الله تعالى يعطيه ثواب الحج إذا قصر النائب في
الاتيان، أو مطروحة، لعدم عمل العلماء بها بظاهرها (2).

(* 1) الوسائل باب: 15 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 23 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 23 من أبواب النيابة في الحج حديث: 3.
18

(مسألة 9): لا يجوز استئجار المعذور في ترك بعض
الأعمال (1)، بل لو تبرع المعذور يشكل الاكتفاء به.
(مسألة 10) إذا مات النائب قبل الاتيان بالمناسك

(* 1) من الفصل السابق صفحة: 371 من الجزء العاشر من هذه الطبعة.
(* 2) مسألة: 34 من فصل صلاة القضاء، الجزء: 7 صفحة: 100 من هذه الطبعة.
19

فإن كان قبل الاحرام لم يجز عن المنوب عنه (1)، لما مر
من كون الأصل عدم فراغ ذمته إلا بالاتيان، بعد حمل
الأخبار الدالة على ضمان الأجير على ما أشرنا إليه (2). وإن
مات بعد الاحرام ودخول الحرم أجزأ عنه (3)، لا لكون
الحكم كذلك في الحاج عن نفسه، لاختصاص ما دل عليه
به (4)، وكون فعل النائب فعل المنوب عنه لا يقتضي الالحاق.
20

بل لموثقة إسحاق بن عمار (1)، المؤيدة بمرسلتي حسين
بن عثمان، وحسين بن يحيى (2)، الدالة على أن النائب إذا
مات في الطريق أجزأ عن المنوب عنه المقيدة بمرسلة المقنعة:

(* 1) الوسائل باب: 15 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 15 من أبواب النيابة في الحج حديث: 3.
21

" من خرج حاجا فمات في الطريق، فإنه إن كان مات في
الحرم فقد سقطت عنه الحجة " (1)، الشاملة للحاج عن
غيره أيضا (2). ولا يعارضها موثقة عمار الدالة على أن
النائب إذا مات في الطريق عليه أن يوصي (3)،

(* 1) الوسائل باب: 15 من أبواب النيابة في الحج حديث: 4.
(* 2) الوسائل باب: 26 من أبواب وجوب الحج حديث: 4.
22

لأنها محمولة على ما إذا مات قبل الاحرام (1)، أو على
الاستحباب (2). مضافا إلى الاجماع على عدم كفاية مطلق
الموت في الطريق (3). وضعفها سندا - بل ودلالة - منجبر
بالشهرة، والاجماعات المنقولة، فلا ينبغي الاشكال في الاجزاء
في الصورة المزبورة. وأما إذا مات بعد الاحرام وقبل دخول
الحرم ففي الاجزاء قولان (4). ولا يبعد الاجزاء وإن لم
نقل به في الحاج عن نفسه لاطلاق الأخبار في المقام، والقدر

(* 1) الوسائل باب: 15 من أبواب النيابة في الحج حديث: 5.
23

المتيقن من التقييد هو اعتبار كونه بعد الاحرام. لكن الأقوى
عدمه (1)، فحاله حال الحاج عن نفسه في اعتبار الأمرين
في الاجزاء. والظاهر عدم الفرق بين حجة الاسلام وغيرها
من أقسام الحج (2)، وكون النيابة بالأجرة أو بالتبرع (3).
(مسألة 11): إذا مات الأجير بعد الاحرام ودخول
الحرم يستحق تمام الأجرة (4)
24

إذا كان أجيرا على تفريغ الذمة (1)، وبالنسبة إلى ما أتى به
من الأعمال إذا كان أجيرا على الاتيان بالحج، بمعنى الأعمال
المخصوصة (2). وإن مات قبل ذلك لا يستحق شيئا، سواء
مات قبل الشروع في المشي، أو بعده وقبل الاحرام، أو
25

بعده وقبل الدخول في الحرم، لأنه لم يأت بالعمل المستأجر
عليه - لا كلا ولا بعضا - بعد فرض عدم إجزائه (1). من
غير فرق بين أن يكون المستأجر عليه نفس الأعمال، أو مع
26

المقدمات من المشي ونحوه (1). نعم لو كان المشي داخلا في
الإجارة على وجه الجزئية - بأن يكون مطلوبا في الإجارة
نفسا - استحق مقدار ما يقابله من الأجرة. بخلاف ما إذا لم
يكن داخلا أصلا، أو كان داخلا فيها لا نفسا بل بوصف
المقدمية. فما ذهب إليه بعضهم من توزيع الأجرة عليه أيضا
مطلقا (2)
27

لا وجه له (1)
28



(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب مكان المصلي حديث: 1.
29

كما أنه لا وجه لما ذكره بعضهم: من التوزيع على ما أتى به
من الأعمال بعد الاحرام (1). إذ هو نظير ما إذا استؤجر
31

للصلاة، فأتى بركعة أو أزيد ثم أبطلت صلاته، فإنه لا إشكال في أنه
32

لا يستحق الأجرة على ما أتى به. ودعوى: أنه وإن كان
لا يستحق من المسمى بالنسبة، لكن يستحق أجرة المثل لما
أتى به (1)، حيث أن علمه محترم (2). مدفوعة بأنه لا وجه
له بعد عدم نفع للمستأجر فيه، والمفروض أنه لم يكن مغرورا
من قبله (3). وحينئذ فتنفسخ الإجارة إذا كانت للحج في
سنة معينة، ويجب عليه الاتيان به إذا كانت مطلقة، من غير
استحقاق لشئ على التقديرين.

(* 1) تقدم التعرض للحديث المذكور في صفحة: 144 من الجزء: 10 من هذه الطبعة.
(* 2) الوسائل باب: 7 من أبواب العيوب والتدليس في النكاح حديث: 1.
33

(مسألة 12): يجب في الإجارة تعيين نوع الحج،
من تمتع، أو قران، أو إفراد (1). ولا يجوز للمؤجر العدول
عما عين له (2) وإن كان إلى الأفضل - كالعدول من أحد
34

الأخيرين إلى الأول - إلا إذا رضي المستأجر بذلك (1)، فيما
إذا كان مخيرا بين النوعين أو الأنواع - كما في الحج المستحبي
والمنذور المطلق - أو كان ذا منزلين متساويين في مكة وخارجها.
وأما إذا كان ما عليه من نوع خاص فلا ينفع رضاه أيضا
بالعدول إلى غيره (2). وفي صورة جواز الرضا يكون رضاه
من باب إسقاط حق الشرط إن كان التعيين بعنوان الشرطية (3)،
ومن باب الرضا بالوفاء بغير الجنس إن كان بعنوان القيدية.
35

وعلى أي تقدير يستحق الأجرة المسماة وإن لم يأت بالعمل
المستأجر عليه على التقدير الثاني، لأن المستأجر إذا رضي بغير
النوع الذي عينه فقد وصل إليه ماله على المؤجر، كما في الوفاء
36

بغير الجنس في سائر الديون، فكأنه قد أتى بالعمل المستأجر
عليه. ولا فرق فيما ذكرنا بين العدول إلى الأفضل أو إلى
المفضول. هذا ويظهر من جماعة جواز العدول إلى الأفضل (1)
37

- كالعدول إلى التمتع - تعبدا من الشارع. لخبر أبي بصير (1)
عن أحدهما: في (رجل أعطى رجلا دراهم يحج بها مفردة (2)
أيجوز له أن يتمتع بالعمرة إلى الحج؟ قال (ع): نعم، إنما
خالف إلى الأفضل). والأقوى ما ذكرناه. والخبر منزل على
صورة العلم برضا المستأجر بذلك مع كونه مخيرا بين النوعين (3)

(* 1) الوسائل باب: 12 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 1.
38

جمعا بينه وبين خبر آخر (1): (في رجل أعطى رجلا
دراهم يحج بها حجة مفردة. قال (ع): ليس له أن يتمتع
بالعمرة إلى الحج، لا يخالف صاحب الدراهم ". وعلى
ما ذكرنا - مع عدم جواز العدول إلا مع العلم بالرضا - إذا
عدل بدون ذلك لا يستحق الأجرة في صورة التعيين على وجه
القيدية، وإن كان حجه صحيحا عن المنوب عنه ومفرغا لذمته
إذا لم يكن ما في ذمته متعينا فيما عين (2). وأما إذا كان على
وجه الشرطية فيستحق (3). إلا إذا فسخ المستأجر الإجارة
من جهة تخلف الشرط، إذ حينئذ لا يستحق المسمى (4)،
بل أجرة المثل.
(مسألة 13): لا يشترط في الإجارة تعيين الطريق

(* 1) الوسائل باب: 12 من أبواب النيابة في الحج حديث: 2.
39

وإن كان في الحج البلدي، لعدم تعلق الغرض بالطريق نوعا،
ولكن لو عين تعين ولا يجوز العدول عنه إلى غيره (1).
إلا إذا علم أنه لا غرض للمستأجر في خصوصيته وإنما ذكره
على المتعارف (2)، فهو راض بأي طريق كان، فحينئذ لو
عدل صح، واستحق تمام الأجرة. وكذا إذا أسقط بعد العقد
حق تعيينه، فالقول بجواز العدول مطلقا (3)، أو مع عدم
العلم بغرض في الخصوصية (4) ضعيف. كالاستدلال له بصحيحة
حريز: " عن رجل أعطى رجلا حجة يحج عنه من الكوفة فحج
عنه من البصرة. فقال: لا بأس، إذا قضى جميع المناسك فقد
تم حجه " (* 1). إذ هي محمولة على صورة العلم بعدم الغرض
كما هو الغالب (5). مع أنها إنما دلت على صحة الحج من حيث

(* 1) الوسائل باب: 11 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1.
40

هو، لا من حيث كونه عملا مستأجرا عليه كما هو المدعى (1).
وربما تحمل على محامل أخر (2). وكيف كان لا إشكال في
صحة حجه وبراءة ذمة المنوب عنه إذا لم يكن ما عليه مقيدا
41

بخصوصية الطريق المعين (1)، إنما الكلام في استحقاقه الأجرة
المسماة على تقدير العدول وعدمه. والأقوى أنه يستحق من
المسمى بالنسبة، ويسقط منه بمقدار المخالفة إذا كان الطريق
معتبرا في الإجارة على وجه الجزئية، ولا يستحق شيئا على
تقدير اعتباره على وجه القيدية. لعدم اتيانه بالعمل المستأجر
عليه حينئذ وإن برئت ذمة المنوب عنه بما أتى به، لأنه حينئذ متبرع
بعمله. ودعوى: أنه يعد في العرف أنه أتى ببعض ما استؤجر
عليه، فيستحق بالنسبة، وقصد التقييد بالخصوصية لا يخرجه عرفا
عن العمل ذي الاجزاء - كما ذهب إليه في الجواهر (2) لا وجه

(* 1) راجع صفحة: 361 من الجزء: 10 من هذه الطبعة.
42

لها. ويستحق تمام الأجرة إن كان اعتباره على وجه الشرطية
الفقهية (1)، بمعنى: الالتزام في الالتزام. نعم للمستأجر خيار
الفسخ لتخلف الشرط، فيرجع إلى أجرة المثل.
(مسألة 14): إذا آجر نفسه للحج عن شخص
مباشرة في سنة معينة، ثم آجر عن شخص آخر في تلك السنة
43

مباشرة أيضا، بطلت الإجارة الثانية (1)، لعدم القدرة على العمل
بها بعد وجوب العمل بالأولى. ومع عدم اشتراط المباشرة فيهما أو
في إحداهما صحتا معا. ودعوى: بطلان الثانية وإن لم يشترط فيها
المباشرة مع اعتبارها في الأولى - لأنه يعتبر في صحة الإجارة تمكن
الأجير من العمل بنفسه، فلا يجوز إجارة الأعمى على قراءة
القرآن، وكذا لا يجوز إجارة الحائض لكنس المسجد وإن لم
يشترط المباشرة - ممنوعة (2)، فالأقوى الصحة. هذا إذا آجر نفسه
ثانيا للحج بلا اشتراط المباشرة، وأما إذا آجر نفسه لتحصيله فلا إشكال
فيه (3). وكذا تصح الثانية مع اختلاف السنتين، أو مع توسعة
الإجارتين، أو توسعة إحداهما. بل وكذا مع إطلاقهما (4)،
44

أو اطلاق إحداهما (1) إذا لم يكن انصراف إلى التعجيل (2).
ولو اقترنت الإجارتان - كما إذا آجر نفسه من شخص،
45

وآجره وكيله من آخر في سنة واحدة، وكان وقوع الإجارتين
في وقت واحد - بطلتا معا مع اشتراط المباشرة فيهما (1).
ولو آجره فضوليان من شخصين - مع اقتران الإجارتين -
يجوز له إجازة إحداهما، كما في صورة عدم الاقتران (2).
ولو آجر نفسه من شخص، ثم علم أنه آجره فضولي من
46

شخص آخر سابقا على عقد نفسه، ليس له إجازة ذلك العقد
وإن قلنا بكون الإجازة كاشفة، بدعوى: أنها حينئذ تكشف
عن بطلان إجارة نفسه. لكون إجارته نفسه مانعا عن صحة
الإجازة حتى تكون كاشفة (1). وانصراف أدلة صحة الفضولي
عن مثل ذلك.
(مسألة 15): إذا آجر نفسه للحج في سنة معينة
لا يجوز له التأخير (2)، بل ولا التقديم (3)، إلا مع رضى
47

المستأجر. ولو أخر لا لعذر أثم، وتنفسخ الإجارة إن كان
التعين على وجه التقييد، ويكون للمستأجر خيار الفسخ لو
كان على وجه الشرطية. وإن أتى به مؤخرا لا يستحق الأجرة
على الأول، وإن برئت ذمة المنوب عنه به. ويستحق المسماة
على الثاني، إلا إذا فسخ المستأجر فيرجع إلى أجرة المثل.
وإذا أطلق الإجارة، وقلنا بوجوب التعجيل لا تبطل مع
الاهمال (1). وفي ثبوت الخيار للمستأجر حينئذ وعدمه وجهان
من أن الفورية ليست توقيتا، ومن كونها بمنزلة الاشتراط (2).
48

(مسألة 16): قد عرفت عدم صحة الإجارة الثانية
فيما إذا آجر نفسه من شخص في سنة معينة ثم آجر من آخر
في تلك السنة، فهل يمكن تصحيح الثانية بإجازة المستأجر
الأول أو لا؟ فيه تفصيل (1)، وهو: أنه إن كانت الأولى
49

واقعة على العمل في الذمة لا تصح الثانية بالإجارة، لأنه
51

لا دخل للمستأجر بها، إذا لم تقع على ماله حتى تصح له
إجازتها (1). وإن كانت واقعة على منفعة الأجير في تلك
السنة - بأن تكون منفعته من حيث الحج، أو جميع منافعه له -
جاز له إجازة الثانية، لوقوعها على ماله. وكذا الحال في نظائر
المقام. فلو آجر نفسه ليخيط لزيد في يوم معين، ثم آجر
نفسه ليخيط أو ليكتب لعمرو في ذلك اليوم، ليس لزيد
إجازة العقد الثاني. وأما إذا ملكه منفعته الخياطي (2)، فأجر
نفسه للخياطة أو للكتابة لعمرو (3)، جاز له إجازة هذا
العقد، لأنه تصرف في متعلق حقه، وإذا أجاز يكون مال
الإجارة له لا للمؤجر. نعم لو ملك منفعة خاصة - كخياطة
52

ثوب معين، أو الحج عن ميت معين على وجه التقييد - يكون
كالأول في عدم إمكان إجازته (1).
(مسألة 17): إذا صد الأجير أو أحصر كان حكمه
54

كالحاج عن نفسه فيما عليه من الأعمال (1). وتنفسخ الإجارة
مع كونها مقيدة بتلك السنة (2)، ويبقى الحج في ذمته مع
الاطلاق. وللمستأجر خيار التخلف إذا كان اعتبار تلك السنة
على وجه الشرط في ضمن العقد. ولا يجزئ عن المنوب عنه
وإن كان بعد الاحرام ودخول الحرم (3)، لأن ذلك كان في
خصوص الموت من جهة الأخبار، والقياس عليه لا وجه له
ولو ضمن المؤجر الحج في المستقبل - في صورة التقييد - لم
تجب إجابته. والقول بوجوبه (4) ضعيف. وظاهرهم
55

استحقاق الأجرة بالنسبة ما أتى به من الأعمال (1). وهو
مشكل، لأن المفروض عدم اتيانه للعمل المستأجر عليه، وعدم
فائدة فيما أتى به. فهو نظير الانفساخ في الأثناء لعذر غير
الصد والحصر، وكالانفساخ في أثناء سائر الأعمال المرتبطة
لعذر في اتمامها. وقاعدة احترام عمل المسلم لا تجري، لعدم
الاستناد إلى المستأجر، فلا يستحق أجرة المثل أيضا.
(مسألة 18): إذا أتى النائب بما يوجب الكفارة
فهو من ماله (2).
(مسألة 19): إطلاق الإجارة يقتضي التعجيل - بمعنى:
الحلول في مقابل الأجل - (3) لا بمعنى الفورية، إذ لا دليل
عليها. والقول بوجوب التعجيل إذا لم يشترط الأجل ضعيف
فحالها حال البيع، في أن إطلاقه يقتضي الحلول، بمعنى:
56

جواز المطالبة، ووجوب المبادرة معها (1).
(مسألة 20): إذا قصرت الأجرة لا يجب على المستأجر
إتمامها. كما أنها لو زادت ليس له استرداد الزائد (2). نعم
57

يستحب الاتمام كما قيل (1). بل قيل: يستحب على الأجير
أيضا رد الزائد (2). ولا دليل بالخصوص على شئ من
القولين. نعم يستدل على الأول: بأنه معاونة على البر والتقوى (3)
وعلى الثاني: بكونه موجبا للاخلاص في العبادة (4).
(مسألة 21): لو أفسد الأجير حجه بالجماع قبل
المشعر فكالحاج عن نفسه يجب عليه إتمامه، والحج من قابل،
وكفارة بدنة (5). وهل يستحق الأجرة على الأول أو لا؟
قولان، مبنيان على أن الواجب هو الأول وأن الثاني عقوبة،
أو هو الثاني وأن الأول عقوبة (6). قد يقال بالثاني، للتعبير
58

في الاخبار بالفساد، الظاهر في البطلان (1). وحمله على إرادة
النقصان وعدم الكمال مجاز لا داعي إليه. وحينئذ فتنفسخ
الإجارة إذا كانت معينة، ولا يستحق الأجرة، ويجب عليه
الاتيان في القابل بلا أجرة. ومع إطلاق الإجارة تبقى ذمته
مشغولة، ويستحق الأجرة على ما يأتي به في القابل (2).
والأقوى صحة الأول، وكون الثاني عقوبة (3). لبعض
59

الأخبار الصريحة في ذلك في الحاج عن نفسه (1)، ولا فرق
بينه وبين الأجير (2). ولخصوص خبرين في خصوص الأجير (3)

(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب كفارات الاستمتاع في الاحرام حديث: 9.
60

عن إسحاق بن عمار عن أحدهما (ع) قال: (1) " قلت: فإن
ابتلي بشئ يفسد عليه حجه حتى يصير عليه الحج من قابل،
أيجزئ عن الأول؟ قال: نعم. قلت: فإن الأجير ضامن
للحج؟ قال: نعم " (* 1). وفي الثاني، سأل الصادق (ع)
عن رجل حج عن رجل، فاجترح في حجه شيئا يلزم فيه
الحج من قابل أو كفارة. قال (ع): " هي للأول تامة،
وعلى هذا ما اجترح " (* 2). فالأقوى استحقاق الأجرة على
الأول، وإن ترك الاتيان من قابل، عصيانا أو لعذر (2).

(* 1) الوسائل باب: 15 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 15 من أبواب النيابة في الحج حديث: 2.
61

ولا فرق بين كون الإجارة مطلقة أو معينة. وهل الواجب
إتيان الثاني بالعنوان الذي أتى به الأول - فيجب فيه قصد
النيابة عن المنوب عنه وبذلك العنوان - أو هو واجب عليه
تعبدا، ويكون لنفسه؟ وجهان، لا يبعد الظهور في الأول (1)
ولا ينافي كونه عقوبة، فإنه يكون الإعادة عقوبة. ولكن
الأظهر الثاني (2). والأحوط أن يأتي به بقصد ما في الذمة.
ثم لا يخفى عدم تمامية ما ذكره ذلك القائل، من عدم استحقاق
62

الأجرة - في صورة كون الإجارة معينة - ولو على ما يأتي به
في القابل، لانفساخها، وكون وجوب الثاني تعبدا، لكونه خارجا
عن متعلق الإجارة وإن كان مبرئا لذمة المنوب عنه (1).
وذلك: لأن الإجارة وإن كانت منفسخة بالنسبة إلى الأول،
ولكنها باقية بالنسبة إلى الثاني تعبدا، لكونه عوضا شرعيا
تعبديا عما وقع عليه العقد (2)، فلا وجه لعدم استحقاق
الأجرة على الثاني. وقد يقال: بعدم كفاية الحج الثاني أيضا في
تفريغ ذمة المنوب عنه، بل لا بد للمستأجر أن يستأجر مرة أخرى
في صورة التعيين، وللأجير أن يحج ثالثا في صورة الاطلاق.
لأن الحج الأول فاسد، والثاني إنما وجب للافساد عقوبة،
فيجب ثالث، إذا التداخل خلاف الأصل (3). وفيه: إن
63

هذا إنما يتم إذا لم يكن الحج في القابل بالعنوان الأول، والظاهر
من الأخبار - على القول بعدم صحة الأول - وجوب إعادة الأول
وبذلك العنوان، فيكفي في التفريغ (1)، ولا يكون من باب
التداخل، فليس الافساد عنوانا مستقلا. نعم إنما يلزم ذلك
إذا قلنا: إن الافساد موجب لحج مستقل لا على نحو الأول،
وهو خلاف ظاهر الأخبار. وقد يقال في صورة التعيين:
إن الحج الأول إذا كان فاسدا وانفسخت الإجارة يكون لنفسه
فقضاؤه في العام القابل أيضا يكون لنفسه، ولا يكون مبرئا
لذمة المنوب عنه، فيجب على المستأجر استيجار حج آخر (2).
64



(* 1) وهذا هو الذي قربه المصنف ردا على صاحب الجواهر. منه قدس سره.
65

أيضا: ما عرفت من أن الثاني واجب بعنوان إعادة الأول.
وكون الأول - بعد انفساخ الإجارة بالنسبة إليه - لنفسه،
لا يقتضي كون الثاني له وإن كان بدلا عنه، لأنه بدل عنه بالعنوان
المنوي لا بما صار إليه بعد الفسخ. هذا والظاهر عدم الفرق
- في الأحكام المذكورة - بين كون الحج الأول المستأجر عليه
واجبا أو مندوبا (1). بل الظاهر جريان حكم وجوب الاتمام
والإعادة في النيابة تبرعا أيضا، وإن كان لا يستحق الأجرة أصلا.
(مسألة 22): يملك الأجير الأجرة بمجرد العقد (2)،
لكن لا يجب تسليمها إلا بعد العمل (3)، إذا لم يشترط
التعجيل، ولم تكن قرينة على إرادته، من انصراف أو غيره.
ولا فرق في عدم وجوب التسليم بين أن تكون عينا أو دينا.
لكن إذا كانت عينا ونمت كان النماء للأجير (4). وعلى
ما ذكر - من عدم وجوب التسليم قبل العمل - إذا كان المستأجر
66

وصيا أو وكيلا، وسلمها قبله كان ضامنا لها، على تقدير
عدم العمل من المؤجر، أو كان عمله باطلا (1). ولا يجوز
لها اشتراط التعجيل من دون إذن الموكل (2) أو الوارث (3).
ولو لم يقدر الأجير على العمل مع عدم تسليم الأجرة (4) كان
له الفسخ (5). وكذا للمستأجر. لكن لما كان المتعارف
تسليمها أو نصفها قبل المشي، يستحق الأجير المطالبة في
67

صورة الاطلاق، ويجوز للوكيل والوصي دفعها من غير ضمان (1).
(مسألة 23): إطلاق الإجارة يقتضي المباشرة (2)،
فلا يجوز للأجير أن يستأجر غيره، إلا مع الإذن صريحا أو
ظاهرا. والرواية الدالة على الجواز (3) محمولة على صورة

(* 1) الوسائل باب: 14 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1.
68

العلم بالرضا من المستأجر (1).
(مسألة 24): لا يجوز استيجار من ضاق وقته عن
إتمام الحج تمتعا - وكانت وظيفته العدول إلى حج الافراد -
عمن عليه حج التمتع (2). ولو استأجر مع سعة الوقت فنوى
التمتع، ثم اتفق ضيق الوقت، فهل يجوز له العدول ويجزي
عن المنوب عنه أو لا؟ وجهان. من إطلاق أخبار العدول.
ومن انصرافها إلى الحاج عن نفسه (3). والأقوى عدمه.
69

وعلى تقديره فالأقوى عدم إجزائه عن الميت (1)، وعدم
استحقاق الأجرة عليه، لأنه غير ما على الميت. ولأنه غير
العمل المستأجر عليه (2).
(مسألة 25): يجوز التبرع عن الميت في الحج الواجب
أي واجب كان (3)،
70

والمندوب (1). بل يجوز التبرع عنه بالمندوب وإن كان ذمته
مشغولة بالواجب، ولو قبل الاستئجار عنه للواجب (2).
وكذا يجوز الاستيجار عنه في المندوب كذلك. وأما الحي فلا
يجوز التبرع عنه في الواجب (3). إلا إذا كان معذورا في
المباشرة - لمرض، أو هرم - فإنه يجوز التبرع عنه، ويسقط
عنه وجب الاستنابة على الأقوى (4)، كما مر سابقا. وأما

(* 1) الوسائل باب: 31 من أبواب وجوب الحج حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 25 من أبواب النيابة في الحج.
71

الحج المندوب فيجوز التبرع عنه (1). كما يجوز له أن يستأجر
له حتى إذا كان عليه حج واجب لا يتمكن من أدائه فعلا.
وأما إن تمكن منه فالاستيجار للمندوب قبل أدائه مشكل (2)،

(* 1) الوسائل باب: 25 من أبواب النيابة في الحج حديث: 4.
72

بل التبرع عنه حينئذ أيضا لا يخلو عن إشكال في الحج الواجب (1).
(مسألة 26): لا يجوز أن ينوب واحد عن اثنين أو
أزيد في عام واحد، وإن كان الأقوى فيه الصحة (2). إلا
إذا كان وجوبه عليهما على نحو الشركة، كما إذا نذر كل منهما
أن يشترك مع الآخر في تحصيل الحج (3). وأما في الحج
73

المندوب فيجوز حج واحد عن جماعة بعنوان النيابة (1) - كما
يجوز بعنوان إهداء الثواب (2) - لجملة من الأخبار (3) الظاهرة
في جواز النيابة أيضا، فلا داعي لحملها على خصوص
إهداء الثواب.
(مسألة 27): يجوز أن ينوب جماعة عن الميت أو

(* 1) الوسائل باب: 28 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 28 من أبواب النيابة في الحج حديث: 3.
(* 3) الوسائل باب: 29 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1.
(* 4) الوسائل باب: 29 من أبواب النيابة في الحج حديث: 2.
74

الحي في عام واحد في الحج المندوب، تبرعا أو بالإجارة.
بل يجوز ذلك في الواجب أيضا، كما إذا كان على الميت - أو
الحي الذي لا يتمكن من المباشرة لعذر - حجان مختلفان نوعا
- كحجة الاسلام والنذر - أو متحدان من حيث النوع
- كحجتين للنذر - فيجوز أن يستأجر أجيرين لهما في عام
واحد (1). وكذا يجوز إذا كان أحدهما واجبا والآخر مستحبا
بل يجوز أن يستأجر أجيرين لحج واجب واحد - كحجة
الاسلام في عام واحد احتياطا - لاحتمال بطلان حج أحدهما.
بل وكذا مع العلم بصحة الحج بكل منهما وكلاهما آت بالحج
الواجب، وإن كان احرام أحدهما قبل احرام الآخر، فهو
مثل: ما إذا صلى جماعة على الميت في وقت واحد. ولا يضر
سبق أحدهما بوجوب الآخر، فإن الذمة مشغولة ما لم يتم
العمل، فيصح قصد الوجوب من كل منهما ولو كان أحدهما
أسبق شروعا (2).
75

فصل في الوصية بالحج
(مسألة 1): إذا أوصى بالحج، فإن علم أنه واجب
أخرج من أصل التركة وإن كان بعنوان الوصية، فلا يقال:
مقتضى كونه بعنوانها خروجه من الثلث (1). نعم لو صرح
76

باخراجه من الثلث أخرج منه، فإن وفى به، وإلا يكون
الزائد من الأصل. ولا فرق - في الخروج من الأصل - بين
حجة الاسلام، والحج النذري، والافسادي. لأنه - بأقسامه -
واجب مالي (1)، وإجماعهم قائم على خروج كل واجب
مالي من الأصل. مع أن في بعض الأخبار: أن الحج بمنزلة
الدين، ومن المعلوم خروجه من الأصل. بل الأقوى خروج
كل واجب من الأصل وإن كان بدنيا، كما مر سابقا (2).
وإن علم أنه ندبي فلا إشكال في خروجه من الثلث (3).
وإن لم يعلم أحد الأمرين، ففي خروجه من الأصل أو الثلث
77

وجهان. يظهر من سيد الرياض (قده) خروجه من الأصل (1)
حيث أنه وجه كلام الصدوق (قده) - الظاهر في كون جميع
الوصايا من الأصل -: بأن مراده ما إذا لم يعلم كون الموصى
به واجبا أو لا، فإن مقتضى عمومات وجوب العمل بالوصية
خروجها من الأصل، خرج عنها صورة العلم بكونها ندبيا

(* 1) الوسائل باب: 11 من أبواب الوصايا حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 10، 11، 12 من أبواب الوصايا.
(* 3) فقه الرضا باب الوصية صفحة: 20.
(* 4) الوسائل باب: 11 من أبواب الوصايا حديث: 19.
78

وحمل الخبر الدال بظاهره على ما عن الصدوق أيضا على ذلك.
لكنه مشكل، فإن العمومات مخصصة بما دل على أن الوصية
بأزيد من الثلث ترد إليه، إلا مع إجازة الورثة. هذا مع أن
الشبهة مصداقية، والتمسك بالعمومات فيها محل إشكال.
وأما الخبر المشار إليه - وهو قوله (ع): " الرجل أحق بماله
ما دام فيه الروح، إن أوصى به كله فهو جائز " - (* 1) فهو
موهون باعراض العلماء عن العمل بظاهره (1). ويمكن أن
يكون المراد بماله هو الثلث الذي أمره بيده (2). نعم يمكن

(* 1) المقصود هو خبر عمار المتقدم في صدر التعليقة.
(* 2) الوسائل باب: 11 من أبواب الوصايا حديث: 12.
(* 3) الوسائل باب: 11 من أبواب الوصايا ملحق حديث: 12.
80

أن يقال - في مثل هذه الأزمنة، بالنسبة إلى هذه الأمكنة
البعيدة عن مكة -: الظاهر من قول الموصي: " حجوا عني "
هو حجة الاسلام الواجبة، لعدم تعارف الحج المستحبي في
هذه الأزمنة والأمكنة، فيحمل على أنه واجب من جهة هذا
الظهور والانصراف (1). كما أنه إذا قال: " أدوا كذا
مقدارا خمسا أو زكاة " ينصرف إلى الواجب عليه.
فتحصل: أن - في صورة الشك في كون الموصى به
واجبا حتى يخرج من أصل التركة، أو لا حتى يكون من
الثلث - مقتضى الأصل الخروج من الثلث، لأن الخروج من
الأصل موقوف على كونه واجبا، وهو غير معلوم، بل الأصل
عدمه. إلا إذا كان هناك انصراف، كما في مثل الوصية بالخمس
أو الزكاة أو الحج ونحوها. نعم لو كانت الحالة السابقة فيه
هو الوجوب - كما إذا علم وجوب الحج عليه سابقا ولم يعلم
أنه أتى به أو لا - فالظاهر جريان الاستصحاب والاخراج من
الأصل. ودعوى: أن ذلك موقوف على ثبوت الوجوب عليه
وهو فرع شكه، لا شك الوصي أو الوارث، ولا يعلم أنه كان
شاكا حين موته أو عالما بأحد الأمرين. مدفوعة: بمنع
81

اعتبار شكه، بل يكفي شك الوصي أو الوارث أيضا (1).
ولا فرق في ذلك بين ما إذا أوصى أو لم يوص، فإن مقتضى
أصالة بقاء اشتغال ذمته بذلك الواجب عدم انتقال ما يقابله
من التركة إلى الوارث (2). ولكنه يشكل على ذلك الأمر في
كثير من الموارد، لحصول العلم - غالبا - بأن الميت كان
مشغول الذمة بدين، أو خمس، أو زكاة، أو حج، أو نحو
ذلك. إلا أن يدفع بالحمل على الصحة، فإن ظاهر حال المسلم
الاتيان بما وجب عليه (3).

(* 1) راجع صفحة: 272 من الجزء العاشر من هذه الطبعة.
82

لكنه مشكل في الواجبات الموسعة (1)، بل في غيرها أيضا،
في غير الموقتة (2). فالأحوط - في هذه الصورة - الاخراج
من الأصل.
(مسألة 2): يكفي الميقاتية (3)، سواء كان الحج
الموصى به واجبا أو مندوبا. ويخرج الأول من الأصل،
والثاني من الثلث. إلا إذا أوصى بالبلدية، وحينئذ فالزائد
عن أجرة الميقاتية - في الأول - من الثلث. كما أن تمام الأجرة
- في الثاني - منه.
(مسألة 3): إذا لم يعين الأجرة، فاللازم الاقتصار

(* 1) الوسائل باب: 60 من أبواب المواقيت حديث: 1.
(* 2) راجع صفحة: 258 من الجزء العاشر من هذه الطبعة.
83

على أجرة المثل (1)، للانصراف إليها. ولكن إذا كان هناك من
يرضى بالأقل منها استئجاره، إذ الانصراف إلى أجرة
المثل إنما هو نفي الأزيد فقط (2). وهل يجب الفحص عنه
84

لو احتمل وجوده؟ الأحوط ذلك (1)، توفيرا على الورثة
خصوصا مع الظن بوجوده. وإن كان في وجوبه إشكال،
خصوصا مع الظن بالعدم (2). ولو وجد من يريد أن يتبرع
فالظاهر جواز الاكتفاء به، بمعنى: عدم وجوب المبادرة
إلى الاستئجار - بل هو المتعين - توفيرا على الورثة، فإن أتى
به صحيحا كفى، وإلا وجب الاستئجار. ولو لم يوجد من
يرضى بأجرة المثل فالظاهر وجوب دفع الأزيد إذا كان الحج
واجبا، بل وإن كان مندوبا أيضا مع وفاء الثلث (3). ولا
يجب الصبر إلى العام القابل ولو مع العلم بوجود من يرضى
بأجرة المثل أو أقل - بل لا يجوز - لوجوب المبادرة إلى تفريغ
ذمة الميت في الواجب، والعمل بمقتضى الوصية في المندوب (4)
85

وإن عين الموصي مقدارا للأجرة تعين وخرج من الأصل في
الواجب إن لم يزد على أجرة المثل، وإلا فالزيادة من الثلث.
كما أن في المندوب كله من الثلث.
(مسألة 4): هل اللازم في تعيين أجرة المثل
الاقتصار على أقل الناس أجرة، أو يلاحظ من يناسب شأن
الميت في شرفه وضعته؟ لا يبعد الثاني، والأحوط الأظهر
الأول (1). ومثل هذا الكلام يجري أيضا في الكفن الخارج
من الأصل أيضا.
(مسألة 5): لو أوصى بالحج وعين المرة أو التكرار
بعدد معين تعين (2)، وإن لم يعين كفى حج واحد (3).
إلا أن يعلم أنه أراد التكرار. وعليه يحمل ما ورد في الأخبار:
86

من أنه يحج عنه ما دام له مال - كما في خبرين - (1) أو ما بقي

(* 1) الوسائل باب: 4 من أبواب النيابة في الحج ملحق حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 4 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1.
87

من ثلثه شئ - كما في ثالث - (1) بعد حمل الأولين على الأخير
من إرادة الثلث من لفظ المال (2). فما عن الشيخ وجماعة،
من وجوب التكرار ما دام الثلث باقيا ضعيف (3). مع أنه
يمكن (4) أن يكون المراد من الاخبار: أنه يجب الحج ما دام
يمكن الاتيان به ببقاء شئ من الثلث بعد العمل بوصايا أخر
وعلى فرض ظهورها في إرادة التكرار - ولو مع عدم العلم

(* 1) الوسائل باب: 4 من أبواب النيابة في الحج حديث: 2.
88

بإرادته - لا بد من طرحها، لاعراض المشهور عنها (1).
فلا ينبغي الاشكال في كفاية حج واحد مع عدم العلم بإرادة
التكرار. نعم لو أوصى باخراج الثلث ولم يذكر إلا الحج.
يمكن أن يقال بوجوب صرف تمامه في الحج (2)، وكذا لو
لم يذكر إلا المظالم، أو إلا الزكاة، أو إلا الخمس. ولو
أوصى أن يحج عنه مكررا كفى مرتان، لصدق التكرار معه (3).
(مسألة 6): لو أوصى بصرف مقدار معين في الحج
89

سنين معينة، وعين لكل سنة مقدارا معينا، واتفق عدم كفاية
ذلك المقدار لكل سنة، صرف نصيب سنتين في سنة، أو
ثلاث سنين في سنتين مثلا، وهكذا..... (1). لا لقاعدة
الميسور (2)، لعدم جريانها في غير مجعولات الشارع (3).

(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 3 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1.
90

بل لأن الظاهر من حال الموصي إرادة صرف ذلك المقدار في
الحج، وكون تعيين مقدار كل سنة بتخيل كفايته (1). ويدل
عليه أيضا: خبر علي بن محمد الحضيني (2)، وخبر إبراهيم
ابن مهزيار، ففي الأول: تجعل حجتين في حجة، وفي
الثاني: تجعل ثلاث حجج في حجتين، وكلاهما من باب المثال
كما لا يخفى (3). هذا ولو فضل من السنين فضلة لا تفي

(* 1) لاحظ الوسائل باب: 3 من أبواب النيابة في الحج.
(* 2) لاحظ الوسائل باب: 3 من أبواب النيابة في الحج.
91

بحجة (1)، فهل ترجع ميراثا، أو في وجوه البر، أو تزاد على
أجرة بعض السنين؟ (2) وجوه (3). ولو كان الموصى به

(* 1) لاحظ الوسائل باب: 3 من أبواب النيابة في الحج.
92

الحج من البلد، ودار الأمر بين جعل أجرة سنين - مثلا -
لسنة، وبين الاستئجار بذلك المقدار من الميقات لكل سنة،
ففي تعيين الأول أو الثاني، وجهان (1) ولا يبعد التخيير،
بل أولوية الثاني (2). إلا أن مقتضى إطلاق الخبرين الأول (3).
هذا كله إذا لم يعلم من الموصي إرادة الحج بذلك المقدار على

(* 1) يأتي ذكرها في أواخر المسألة التاسعة من هذا الفصل.
(* 2) الوسائل باب: 2 من أبواب النيابة في الحج حديث: 3.
93

وجه التقييد، وإلا فتبطل الوصية، إذا لم يرج إمكان ذلك
بالتأخير، أو كانت الوصية مقيدة بسنين معينة (1).
(مسألة 7): إذا أوصى بالحج وعين الأجرة في مقدار
فإن كان الحج واجبا، ولم يزد ذلك المقدار عن أجرة المثل،
أو زاد وخرجت الزيادة من الثلث (2) تعين. وإن زاد ولم
تخرج الزيادة من الثلث بطلت الوصية، ويرجع إلى أجرة
المثل (3). وإن كان الحج مندوبا فكذلك تعين - أيضا - مع
وفاء الثلث بذلك المقدار، وإلا فبقدر وفاء الثلث، مع عدم
كون التعيين على وجه التقييد. وإن لم يف الثلث بالحج، أو
كان التعيين على وجه التقييد بطلت الوصية، وسقط وجوب
الحج (4).
94

(مسألة 8): إذا أوصى بالحج وعين أجيرا معينا تعين
استئجاره بأجرة المثل. وإن لم يقبل إلا بالأزيد، فإن خرجت
الزيادة من الثلث تعين أيضا، وإلا بطلت الوصية واستؤجر
غيره بأجرة المثل في الواجب مطلقا. وكذا في المندوب إذا
وفى به الثلث، ولم يكن على وجه التقييد. وكذا إذا لم يقبل أصلا (1).
(مسألة 9): إذا عين للحج أجرة لا يرغب فيها أحد
وكان الحج مستحبا بطلت الوصية إذا لم يرج وجود راغب
فيها. وحينئذ فهل ترجع ميراثا، أو تصرف في وجوه البر،
أو يفصل بين ما إذا كان كذلك من الأول فترجع ميراثا أو
كان الراغب موجودا ثم طرأ التعذر؟ وجوه (2). والأقوى
هو الصرف في وجوه البر. لا لقاعدة الميسور، بدعوى: أن
95

الفصل إذا تعذر يبقى الجنس - لأنها قاعدة شرعية، وإنما
تجري في الأحكام الشرعية المجعولة للشارع، ولا مسرح لها
في مجعولات الناس، كما أشرنا إليه سابقا (1). مع أن الجنس
لا يعد ميسورا للنوع (2)، فمحلها المركبات الخارجية إذا تعذر
96

بعض أجزائها ولو كانت ارتباطية - (1) بل لأن الظاهر من
حال الموصي - في أمثال المقام - إرادة عمل ينفعه، وإنما عين
عملا خاصا لكونه أنفع في نظره من غيره، فيكون تعيينه لمثل
الحج على وجه تعدد المطلوب وإن لم يكن متذكرا لذلك حين
الوصية. نعم لو علم في مقام كونه على وجه التقييد في عالم
اللب أيضا يكون الحكم فيه الرجوع إلى الورثة. ولا فرق في
الصورتين بين كون التعذر طارئا أو من الأول. ويؤيد ما ذكرنا:
ما ورد من الأخبار في نظائر المقام (2).

(* 1) الوسائل باب: 61 من أبواب الوصايا حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 77 من أبواب الوصايا حديث: 1.
(* 3) راجع الوسائل باب: 22 من أبواب مقدمات الطواف.
97

بل يدل عليه خبر علي بن سويد (*) عن الصادق (ع) (1)

* - هكذا في نسخ المتن المطبوعة. ولكن الموجود في الفقيه والتهذيب: (ابن مزيد). وفي
الكافي: (ابن فرقد). وهناك نسخ أخرى ليس فيها ابن سويد.
98

قال: قلت مات رجل فأوصى بتركته أن أحج بها عنه،
فنظرت في ذلك فلم تكف للحج، فسألت من عندنا من الفقهاء
فقالوا: تصدق بها. فقال (ع): ما صنعت؟ قلت: تصدقت
بها. فقال (ع): ضمنت. إلا أن لا تكون تبلغ أن يحج بها
من مكة، فإن كانت تبلغ أن يحج بها من مكة فأنت ضامن "
ويظهر مما ذكرنا حال سائر الموارد التي تبطل الوصية لجهة

(* 1) الوسائل باب: 37 من أبواب الوصايا حديث: 2، الفقيه الجزء: 4 صفحة: 154
طبعة النجف الأشرف.
99

من الجهات، هذا في غير ما إذا أوصى بالثلث وعين له مصارف
وتعذر بعضها، وأما فيه فالأمر أوضح، لأنه بتعيينه الثلث
لنفسه أخرجه عن ملك الوارث بذلك فلا يعود إليه (1).
(مسألة 10): إذا صالحه على داره مثلا وشرط عليه
أن يحج عنه بعد موته صح ولزم، وخرج من أصل التركة
وإن كان الحج ندبيا، ولا يلحقه حكم الوصية. ويظهر من
المحقق القمي (قدس سره) في نظير المقام إجراء حكم الوصية
عليه، بدعوى: أنه بهذا الشرط ملك عليه الحج، وهو عمل
له أجرة (2)، فيسحب مقدار أجرة المثل لهذا العمل، فإن
كانت زائدة عن الثلث توقف على إمضاء الورثة. وفيه: أنه
لم يملك عليه الحج مطلقا في ذمته ثم أوصى أن يجعله عنه (3)
100

بل إنما ملك بالشرط الحج عنه، وهذا ليس مالا تملكه الورثة (1)،
101

فليس تمليكا ووصية، وإنما هو تمليك على نحو خاص لا ينتقل
إلى الورثة. وكذا الحال إذا ملكه داره بمائة تومان - مثلا -
بشرط أن يصرفها في الحج عنه أو عن غيره (1)، أو ملكه
102

إياها بشرط أن يبيعها ويصرف ثمنها في الحج أو نحوه (1).
فجميع ذلك صحيح لازم من الأصل (2) وإن كان العمل
المشروط عليه ندبيا. نعم له الخيار عند تخلف الشرط. وهذا
ينتقل إلى الوارث (3)، بمعنى: أن حق الشرط ينتقل إلى
الوارث، فلو لم يعمل المشروط عليه بما شرط عليه يجوز
للوارث أن يفسخ المعاملة.
103

(مسألة 11): لو أوصى بأن يحج عنه ماشيا أو حافيا
صح، واعتبر خروجه من الثلث إن كان ندبيا، وخروج
الزائد عن أجرة الميقاتية منه (1) إن كان واجبا. ولو نذر في
حال حياته أن يحج ماشيا أو حافيا، ولم يأت به حتى مات وأوصى
به أو لم يوص، وجب الاستئجار عنه من أصل التركة كذلك (2).
نعم لو كان نذره مقيدا بالمشي ببدنه أمكن أن يقال: بعدم
وجوب الاستئجار عنه، لأن المنذور هو مشيه ببدنه، فيسقط
بموته (3)، لأن مشي الأجير ليس ببدنه ففرق بين كون
المباشرة قيدا في المأمور به أو موردا (4).
104

(مسألة 12): إذا أوصى بحجتين أو أزيد، وقال:
105

إنها واجبة عليه، صدق، وتخرج من أصل التركة (1). نعم
لو كان إقراره بالوجوب عليه في مرض الموت، وكان متهما
في إقراره، فالظاهر أنه كالاقرار بالدين فيه (2)، في خروجه
من الثلث إذا كان متهما، على ما هو الأقوى (3).
(مسألة 13): لو مات الوصي بعد ما قبض من التركة
أجرة الاستئجار، وشك في أنه استأجر الحج قبل موته أولا فإن
مضت مدة يمكن الاستئجار فيها فالظاهر حمل أمره على الصحة
مع كون الوجوب فوريا منه (4)، ومع كونه موسعا إشكال (5).
106

وإن لم تمض مدة يمكن الاستئجار فيها وجب الاستئجار من
بقية التركة إذا كان الحج واجبا، ومن بقية الثلث إذا كان
مندوبا. وفي ضمانه لما قبض وعدمه - لاحتمال تلفه عنده بلا
ضمان - وجهان (1). نعم لو كان المال المقبوض موجودا
أخذ حتى في الصورة الأولى (2)، وإن احتمل أن يكون
استأجر من مال نفسه إذا كان مما يحتاج إلى بيعه وصرفه في
الأجرة، وتملك ذلك المال بدلا عما جعله أجرة، لأصالة
بقاء ذلك المال على ملك الميت.
107

(مسألة 14): إذا قبض الوصي الأجرة وتلف في
يده بلا تقصير لم يكن ضامنا (1)، ووجب الاستئجار من
بقية التركة أو بقية الثلث (2)، وإن اقتسمت على الورثة
استرجع منهم (3). وإن شك في كون التلف عن تقصير أولا
فالظاهر عدم الضمان أيضا (4). وكذا الحال إن استأجر ومات
الأجير ولم يكن له تركة، أو لم يمكن الأخذ من ورثته.
(مسألة 15): إذا أوصى بما عنده من المال للحج
ندبا، ولم يعلم أنه يخرج من الثلث أولا (5)، لم يجز صرف
جميعه (6). نعم لو ادعى أن عند الورثة ضعف هذا، أو
أنه أوصى سابقا بذلك والورثة أجازوا وصيته، ففي سماع
108

دعواه وعدمه وجهان (1).
(مسألة 16): من المعلوم أن الطواف مستحب مستقلا
من غير أن يكون في ضمن الحج (2)، ويجوز النيابة فيه عن
الميت، وكذا عن الحي (3)

(* 1) لاحظ باب: 4 من أبواب الطواف.
(* 2) لاحظ باب: 21 من أبواب النيابة في الحج.
(* 3) الوسائل باب: 21 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1.
109

إذا كان غائبا عن مكة (1)، أو حاضرا وكان معذورا في
الطواف بنفسه (2).

(* 1) الوسائل باب: 18 من أبواب النيابة في الحج حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 18 من أبواب النيابة في الحج.
(* 3) الوسائل باب: 49 من أبواب الطواف حديث: 1.
(* 4) الوسائل باب: 49 من أبواب الطواف حديث: 3.
(* 5) الوسائل باب: 49 من أبواب الطواف حديث: 5.
(* 6) الوسائل باب: 49 من أبواب الطواف حديث: 6.
110



(* 1) الوسائل باب: 21 من أبواب أقسام الحج حديث: 2.
(* 2) رواه في الوسائل - عن الكافي - باب: 59 من أبواب الطواف حديث: 1. وفيه
أيضا - عن الفقيه - باب: 84 من أبواب الطواف حديث: 13. ولكنه يختلف عن نسخة الفقيه. كما
أن متن الرواية المذكورة هنا لا يوافق متن الرواية بالطريقين. وإن كان أقرب إلى نسخة الفقيه منه
إلى الوسائل. لاحظ الكافي جزء 4 صفحة 451 طبع إيران الحديثة، الفقيه جزء 2 صفحة 245 طبع
النجف الأشرف.
111

وأما مع كونه حاضرا وغير معذور فلا تصح النيابة عنه (1).

(* 1) الوسائل باب: 18 من أبواب النيابة في الحج حديث: 3.
(* 2) الوسائل باب: 51 من أبواب الطواف حديث: 1.
113

وأما سائر أفعال الحج فاستحبابها مستقلا غير معلوم (1)،
حتى مثل السعي بين الصفا والمروة (2).
(مسألة 17): لو كان عند شخص وديعة، ومات
صاحبها (3) وكان عليه حجة الاسلام، وعلم أو ظن أن
الورثة لا يؤدون عنه إن ردها إليهم (4)، جاز - بل وجب

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب السعي حديث: 15.
(* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب السعي حديث: 14.
114

عليه - أن يحج بها عنه (1)، وإن زادت عن أجرة الحج رد
الزيادة إليهم. لصحيحة بريد: (عن رجل استودعني مالا
فهلك، وليس لوارثه شئ، ولم يحج حجة الاسلام. قال (ع)
حج عنه، وما فضل فاعطهم) (2). وهي وإن كانت مطلقة
إلا أن الأصحاب قيدوها بما إذا علم أو ظن بعدم تأديتهم لو
دفعها إليهم (3).

(* 1) الوسائل باب: 13 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1.
115

ومقتضى إطلاقها عدم الحاجة إلى الاستئذان من الحاكم الشرعي (1)
116

ودعوى: أن ذلك للإذن من الإمام (ع) (1) كما ترى، لأن
الظاهر من كلام الإمام (ع) بيان الحكم الشرعي، ففي مورد
الصحيحة لا حاجة إلى الإذن من الحاكم. والظاهر عدم
الاختصاص بما إذا لم يكن للورثة شئ (2). وكذا عدم
الاختصاص بحج الودعي بنفسه (3)، لانفهام الأعم من ذلك
منها.
وهل يلحق بحجة الاسلام غيرها من أقسام الحج الواجب
أو غير الحج من سائر ما يجب عليه مثل: الخمس، والزكاة،
والمظالم، والكفارات، والدين، أو لا؟. وكذا هل يلحق
117

بالوديعة غيرها مثل: العارية، والعين المستأجرة، والمغصوبة
والدين في ذمته، أو لا؟ وجهان. قد يقال بالثاني، لأن
الحكم على خلاف القاعدة (1) إذا قلنا أن التركة مع الدين
تنتقل إلى الوارث، وإن كانوا مكلفين بأداء الدين ومحجورين
عن التصرف قبله (2). بل وكذا على القول ببقائها معه على
118

حكم مال الميت، لأن أمر الوفاء إليهم، فلعلهم أرادوا الوفاء
119

من غير هذا المال (1)، أو أرادوا أن يباشروا العمل الذي
على الميت بأنفسهم. والأقوى مع العلم بأن الورثة لا يؤدون
- بل مع الظن القوي أيضا - جواز الصرف فيما عليه. لا لما
ذكره في المستند: من أن وفاء ما على الميت - من الدين أو

(* 1) الوسائل باب: 40 من أبواب الوصايا حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 31 من أبواب الوصايا حديث: 1.
120

نحوه - واجب كفائي على كل من قدر على ذلك (1)، وأولوية
الورثة بالتركة إنما هي ما دامت موجودة (2)، وأما إذا بادر
أحد إلى صرف المال فيما عليه لا يبقى مال حتى تكون الورثة
أولى به. إذ هذه الدعوى فاسدة جدا. بل لامكان فهم المثال
من الصحيحة (3).
121

أو دعوى تنقيح المناط (1). أو أن المال إذا كان بحكم مال
الميت فيجب صرفه عليه (2)، ولا يجوز دفعه إلى من لا يصرفه
عليه (3)، بل وكذا على القول بالانتقال إلى الورثة، حيث
أنه يجب صرفه في دينه، فمن باب الحسبة (4) يجب على من
عنده صرفه عليه، ويضمن لو دفعه إلى الوارث، لتفويته على
الميت. نعم يجب الاستئذان من الحاكم، لأنه لوي من لا ولي له (5)
ويكفي الإذن الاجمالي، فلا يحتاج إلى إثبات وجوب ذلك

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 64 من أبواب الوصايا حديث: 1.
122

الواجب عليه، كما قد يتخيل (1). نعم لو لم يعلم، ولم
يظن (2) عدم تأدية الوارث يجب الدفع إليه (3). بل لو كان
الوارث منكرا أو ممتنعا، وأمكن اثبات ذلك عند الحاكم، أو
أمكن اجباره عليه، لم يجز لمن عنده أن يصرفه بنفسه (4).
(مسألة 18): يجوز للنائب - بعد الفراغ عن الأعمال
123

للمندوب عنه - أن يطوف عن نفسه وعن غيره (1). وكذا
يجوز له أن يأتي بالعمرة المفردة عن نفسه وعن غيره.
(مسألة 19): يجوز لمن أعطاه رجل مالا لاستئجار
الحج أن يحج بنفسه، ما لم يعلم أنه أراد الاستئجار من الغير (2).

(* 1) الوسائل باب: 21 من أبواب النيابة في الحج.
(* 2) الوسائل باب: 21 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 21 من أبواب النيابة في الحج حديث: 2.
124

والأحوط عدم مباشرته (1)، إلا مع العلم بأن مراد المعطي
حصول الحج في الخارج. وإذا عين شخصا تعين، إلا إذا
علم عدم أهليته، وأن المعطي مشتبه في تعيينه (2). أو أن
ذكره من باب أحد الأفراد (3).
125

فصل في الحج المندوب
(مسألة 1): يستحب لفاقد الشرائط - من البلوغ،
والاستطاعة، وغيرهما - أن يحج مهما، أمكن (1). بل وكذا
من أتى بوظيفته من الحج الواجب. ويستحب تكرار الحج (2).
بل يستحب تكراره في كل سنة (3)، بل يكره تركه خمس

(* 1) الوسائل باب: 45 من أبواب وجوب الحج حديث: 6، 7، 12، 33.
(* 2) مستدرك الوسائل باب: 29 من أبواب وجوب الحج حديث: 5. ولكن ذلك في شأن
الحسين (ع)، وأما الحسن (ع) فالوارد في حقه في جملة من النصوص، أنه حج عشرين حجة.
راجع الوسائل باب: 45 من أبواب وجوب الحج حديث: 31. ونحوه غيره.
(* 3) الوسائل باب: 10 من أبواب أحكام الدواب حديث: 9.
(* 4) الوسائل باب: 46 من أبواب وجوب الحج حديث: 6.
126

سنين متوالية (1). وفي بعض الأخبار: " من حج ثلاث
حجات لم يصبه فقر أبدا " (2).
(مسألة 2): يستحب نية العود إلى الحج عند الخروج
من مكة وفي الخبر: إنها توجب الزيادة في العمر (3).
ويكره نية عدم العود. وفيه: أنها توجب النقص في العمر (4).

(* 1) الوسائل باب: 49 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 49 من أبواب وجوب الحج حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 45 من أبواب وجوب الحج حديث: 22.
(* 4) الوسائل باب: 57 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
127

(مسألة 3): يستحب التبرع بالحج عن الأقارب
وغيرهم أحياء وأمواتا (1)، وكذا عن المعصومين (ع)
أحياء وأمواتا (2).

(* 1) الوسائل باب: 57 من أبواب وجوب الحج حديث: 5.
(* 2) الوسائل باب: 57 من أبواب وجوب الحج حديث: 6.
(* 3) الوسائل باب: 57 من أبواب وجوب الحج حديث: 3.
(* 4) الوسائل باب: 25 من أبواب النيابة في الحج حديث: 5.
(* 5) الوسائل باب: 25 من أبواب النيابة في الحج حديث: 6.
(* 6) الوسائل باب: 25 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1.
128

وكذا يستحب الطواف عن الغير (1)، وعن المعصومين (ع)
أمواتا وأحياء (2)، مع عدم حضورهم في مكة، أو
كونهم معذورين.
(مسألة 4): يستحب لمن ليس له زاد وراحلة أن
يستقرض ويحج إذا كان واثقا بالوفاء بعد ذلك (3).
(مسألة 5): يستحب إحجاج من لا استطاعة له (4).
(مسألة 6): يجوز إعطاء الزكاة لمن لا يستطيع الحج

(* 1) الوسائل باب: 18 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 39 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 50 من أبواب وجوب الحج حديث: 7.
(* 4) الوسائل باب: 39 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
129

ليحج بها (1).
(مسألة 7): الحج أفضل من الصدقة بنفقته (2).
(مسألة 8): يستحب كثرة الانفاق في الحج، وفي
بعض الأخبار: إن الله يبغض الاسراف، إلا بالحج والعمرة (3).
(مسألة 9): يجوز الحج بالمال المشتبه (4) - كجوائز
الظلمة - مع عدم العلم بحرمتها (5).

(* 1) الوسائل باب: 42 من أبواب وجوب الحج حديث: 7.
(* 2) الوسائل باب: 55 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 52 من أبواب وجوب الحج حديث: 10.
130

(مسألة 10): لا يجوز الحج بالمال الحرام. لكن
لا يبطل الحج إذا كان لباس إحرامه، وطوافه، وثمن هديه
من حلال (1).
(مسألة 11): يشترط في الحج الندبي: إذن الزوج
والمولى، بل والأبوين في بعض الصور (2). ويشترط أيضا:
أن لا يكون عليه حج واجب مضيق. لكن لو عصى وحج صح (3).
(مسألة 12): يجوز إهداء ثواب الحج إلى الغير بعد
الفراغ عنه. كما يجوز أن يكون ذلك من نيته قبل الشروع فيه.
(مسألة 13): يستحب لمن لا مال له يحج به أن
يأتي به ولو بإجارة نفسه عن غيره. وفي بعض الأخبار:
أن للأجير من الثواب تسعا وللمنوب عنه واحد (4).

(* 1) الوسائل باب: 52 من أبواب وجوب الحج حديث: 5.
(* 2) راجع صفحة: 190 من الجزء العاشر من هذه الطبعة.
131

فصل في أقسام العمرة
(مسألة 1): تنقسم العمرة - كالحج - إلى واجب
أصلي، وعرضي، ومندوب. فتجب بأصل الشرع على كل
مكلف - بالشرائط المعتبرة في الحج - (1) في العمر مرة.

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب النيابة في الحج حديث: 3.
(* 3) آل عمران: 97.
(* 4) الوسائل باب: 1 من أبواب العمرة حديث: 7.
132

بالكتاب، والسنة (1)، والاجماع (2). ففي صحيحة زرارة:
" العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحج، فإن الله تعالى يقول:
وأتموا الحج والعمرة لله... " (3). وفي صحيحة الفضيل:

(* 1) البقرة: 196.
(* 2) البقرة: 158.
(* 3) الوسائل باب: 1 من أبواب العمرة حديث: 2.
133

" في قول الله تعالى: (وأتموا الحج والعمرة...). قال علي (ع):
هما مفروضان " (1). ووجوبها - بعد تحقق الشرائط - فوري
كالحج (2). ولا يشترط في وجوبها استطاعة الحج، بل
تكفي استطاعتها في وجوبها، وإن لم تتحقق استطاعة الحج (3)
كما أن العكس كذلك، فلو استطاع للحج دونها وجب دونها.
والقول باعتبار الاستطاعتين في وجوب كل منهما، وأنهما

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب العمرة حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب العمرة حديث: 7. وقد تقدم ذكر الرواية في أول الفصل.
134

مرتبطان (1) ضعيف. كالقول باستقلال الحج في الوجوب
دون العمرة (2).

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب العمرة حديث: 7. وقد تقدم ذكر الرواية في أول الفصل.
135

(مسألة 2): تجزي العمرة المتمتع بها عن العمرة
المفردة. بالاجماع (1)، والأخبار (2).
وهل تجب على من
وظيفته حج التمتع إذا استطاع لها ولم يكن مستطيعا للحج؟

(* 1) الوسائل باب: 5 من أبواب العمرة حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 5 من أبواب العمرة: حديث 2.
(* 3) الوسائل باب: 5 من أبواب العمرة حديث: 3.
(* 4) الوسائل باب: 5 من أبواب العمرة حديث: 4.
(* 5) الوسائل باب 5 من أبواب العمرة حديث: 6.
136

المشهور عدمه، بل أرسله بعضهم إرسال المسلمات (1). وهو
الأقوى. وعلى هذا فلا تجب على الأجير بعد فراغه عن عمل
النيابة وإن كان مستطيعا لها وهو في مكة. وكذا لا تجب على
من تمكن منها ولم يتمكن من الحج لمانع. ولكن الأحوط
الاتيان بها.
137



(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب أقسام الحج حديث: 2.
138

(مسألة 3): قد تجب العمرة بالنذر، والحلف،
والعهد، والشرط في ضمن العقد، والإجارة، والافساد (1).

(* 1) تقدم ذكر الروايات المشار إليها في صدر المسألة: فلاحظ.
(* 2) تقدم ذكر الروايات المشار إليها في صدر المسألة: فلاحظ.
(* 3) تقدم ذكر الروايات المشار إليها في صدر المسألة: فلاحظ.
(* 4) تقدم ذكر الروايات المشار إليها في صدر المسألة: فلاحظ.
(* 5) تقدم ذكر الروايات المشار إليها في صدر المسألة: فلاحظ.
140

ويجب أيضا لدخول مكة (1)، بمعنى: حرمته بدونها (2)،

(* 1) الوسائل باب: 50 من أبواب الاحرام حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 50 من أبواب الاحرام حديث: 1.
141

فإنه لا يجوز دخولها إلا محرما، إلا بالنسبة إلى من يتكرر
دخوله وخروجه، كالحطاب، والحشاش (1). وما عدا
ما ذكر مندوب.

(* 1) الوسائل باب: 51 من أبواب الاحرام حديث: 2.
142

ويستحب تكرارها كالحج. واختلفوا في مقدار الفصل بين
العمرتين، فقيل: يعتبر شهر (1). وقيل: عشرة أيام (2).
والأقوى عدم اعتبار الفصل، فيجوز إتيانها كل يوم (3).
وتفصيل المطلب موكول إلى محله.

(* 1) الوسائل باب: 6 من أبواب العمرة حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 6 من أبواب العمرة حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 6 من أبواب العمرة حديث: 4.
144



(* 1) الوسائل باب: 6 من أبواب العمرة حديث: 9.
(* 2) الوسائل باب: 6 من أبواب العمرة حديث: 3.
(* 3) الوسائل باب: 6 من أبواب العمرة حديث: 10.
(* 4) الوسائل باب: 6 من أبواب العمرة حديث: 6.
(* 5) الوسائل باب: 6 من أبواب العمرة حديث: 7.
(* 6) الوسائل باب: 6 من أبواب العمرة حديث: 8.
145

فصل في أقسام الحج
وهي: ثلاثة - بالاجماع (1)، والأخبار -، تمتع،
وقران، وإفراد (2).

(* 1) الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الحج حديث: 8.
(* 2) الوسائل باب: 12 من أبواب كفارات الاستمتاع.
(* 3) الوسائل باب: 1 من أبواب أقسام الحج حديث: 1.
147

والأول فرض من كان بعيدا عن مكة (1). والآخران فرض

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب أقسام الحج حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الحج حديث: 14.
148

من كان حاضرا، أي: غير بعيد (1).
وحد البعد - الموجب

(* 1) البقرة: 196.
(* 2) الوسائل باب: 3 من أبواب أقسام الحج حديث: 1.
(* 3) لم نعثر على الرواية في مظانها.
(* 4) الوسائل باب: 3 من أبواب أقسام الحج حديث: 2.
149

للأول - ثمانية وأربعون ميلا من كل جانب (1)، على المشهور (2)
الأقوى لصحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع): " قلت له:
قول الله عز وجل في كتابه: (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري
المسجد الحرام...) فقال (ع): يعني: أهل مكة ليس
عليهم متعة. كل من كان أهله دون ثمانية وأربعين ميلا
ذات عرق وعسفان - كما يدور حول مكة فهو ممن دخل في

(* 1) الوسائل باب: 6 من أبواب أقسام الحج حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 6 من أبواب أقسام الحج حديث: 6.
150

هذه الآية، وكل من كان أهله وراء ذلك فعليه المتعة " (1).
وخبره (2) عنه (ع): " سألته عن قول الله عز وجل:
(ذلك...). قال: لأهل مكة ليس لهم متعة، ولا عليهم
عمرة قلت: فما حد ذلك؟ قال: ثمانية وأربعون ميلا من
جميع نواحي مكة، دون عسفان وذات عرق " (3). ويستفاد
أيضا من جملة من أخبار أخر (4).

(* 1) الوسائل باب: 6 من أبواب أقسام الحج حديث: 3.
(* 2) الوسائل باب: 6 من أبواب أقسام الحج حديث: 7. ولكن متن الرواية هنا يختلف
يسيرا عن الموجود في الوسائل، وكذلك الأصل. راجع التهذيب جزء: 5 صفحة 33، 492
طبع النجف الأشرف.
(* 3) تقدم ذكر الروايتين في أوائل الفصل تقريبا. فلاحظ.
151



(* 1) تقدم ذكر الروايتين في أوائل الفصل تقريبا. فلاحظ.
(* 2) صفحة: 78 طبعة النجف الأشرف وصفحة: 313 طبعة ليدن.
(* 3) الوسائل باب: 6 من أبواب أقسام الحج حديث: 4.
(* 4) الوسائل باب: 6 من أبواب أقسام الحج حديث: 5.
(* 5) صفحة: 80 طبعة النجف الأشرف وصفحة: 317 طبعة ليدن.
152



(* 1) صفحة: 76 طبعة النجف الأشرف وصفحة: 311 طبعة ليدن.
(* 2) الوسائل باب: 6 من أبواب أقسام الحج حديث: 12.
153



(* 1) الوسائل باب: 6 من أبواب أقسام الحج حديث: 10.
154

والقول: بأن حده اثنا عشر ميلا من كل جانب - كما عليه
جماعة (1) - ضعيف لا دليل عليه إلا الأصل، فإن مقتضى
جملة من الأخبار: وجوب التمتع على كل أحد، والقدر
المتيقن الخارج منها من كان دون الحد المذكور (2).
155

وهو مقطوع بما مر (1). أو دعوى: أن الحاضر مقابل
للمسافر، والسفر أربعة فراسخ (2). وهو كما ترى. أو دعوى:
أن الحاضر - المعلق عليه وجوب غير التمتع - أمر عرفي،
والعرف لا يساعد على أزيد من اثني عشر ميلا. وهذا - أيضا -
كما ترى (3). كما أن دعوى: أن المراد من ثمانية وأربعين
156

التوزيع على الجهات الأربع، فيكون من كل جهة اثنا عشر
ميلا (1). منافية لظاهر تلك الأخبار (2). وأما صحيحة
حريز - الدالة على أن حد البعد ثمانية عشر ميلا - فلا عامل
بها. كما لا عامل بصحيحتي حماد بن عثمان والحلبي، الدالتين
على أن الحاضر من كان دون المواقيت إلى مكة (3). وهل
يعتبر الحد المذكور من مكة أو من المسجد؟ وجهان (4)،
157

أقربهما الأول. ومن كان على نفس الحد فالظاهر أن وظيفته
التمتع (1) لتعليق حكم الافراد والقران على ما دون الحد (2)

(* 1) الوسائل باب: 6 من أبواب أقسام الحج حديث: 3، 7 وقد تقدم الإشارة إلى
الروايتين في أوائل الفصل.
(* 2) المراد: هو صحيح زرارة آنف الذكر.
158

ولو شك في كون منزله في الحد أو خارجه وجب عليه الفحص (1)
ومع عدم تمكنه يراعي الاحتياط. وإن كان لا يبعد القول
بأنه يجري عليه حكم الخارج، فيجب عليه التمتع، لأن غيره
معلق على عنوان الحاضر، وهو مشكوك (2). فيكون كما لو
شك في أن المسافة ثمانية فراسخ أو لا، فإنه يصلي تماما، لأن
القصر معلق على السفر، وهو مشكوك.
159

ثم ما ذكر إنما هو بالنسبة إلى حجة الاسلام، حيث
لا يجزئ للبعيد إلا التمتع، ولا للحاضر إلا الافراد أو القران (1).
وأما بالنسبة إلى الحج الندبي فيجوز لكل من البعيد والحاضر
كل من الأقسام الثلاثة (2) بلا إشكال. وإن كان الأفضل
اختيار التمتع (3). وكذا بالنسبة إلى الواجب غير حجة
161

الاسلام، كالحج النذري وغيره (1).

(* 1) الوسائل باب: 4 من أبواب أقسام الحج حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 4 من أبواب أقسام الحج حديث: 18.
(* 3) الوسائل باب: 4 من أبواب أقسام الحج حديث: 4.
(* 4) الوسائل باب: 4 من أبواب أقسام الحج حديث: 7.
(* 5) الوسائل باب: 4 من أبواب أقسام الحج حديث: 8.
162

(مسألة 1): من كان له وطنان، أحدهما في الحد،
والآخر في خارجه لزمه فرض أغلبهما (1). لصحيحة زرارة (2)
عن أبي جعفر (ع): " من أقام بمكة سنتين فهو من أهل
مكة ولا متعة له. فقلت لأبي جعفر (ع): أرأيت إن كان
له أهل بالعراق وأهل بمكة. فقال (ع): فلينظر أيهما
الغالب " (3). فإن تساويا فإن كان مستطيعا من كل منهما
تخير بين الوظيفتين (4)،

(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج حديث: 1.
163

وإن كان الأفضل اختيار التمتع (1). وإن كان مستطيعا من
أحدهما دون الآخر لزمه فرض وطن الاستطاعة (2).
(مسألة 2): من كان من أهل مكة وخرج إلى بعض
الأمصار ثم رجع إليها، فالمشهور جواز حج التمتع له وكونه
مخيرا بين الوظيفتين (3). واستدلوا بصحيحة عبد الرحمن
164

ابن الحجاج عن أبي عبد الله (ع): " عن رجل من أهل
مكة يخرج إلى بعض الأمصار، ثم يرجع إلى مكة فيمر ببعض
المواقيت، أله أن يتمتع؟ قال (ع): ما أزعم أن ذلك ليس
له لو فعل. وكان الاهلال أحب إلي " (1). ونحوها صحيحة
أخرى عنه وعن عبد الرحمن بن أعين عن أبي الحسن (ع) (2)
وعن ابن أبي عقيل: عدم جواز ذلك، وأنه يتعين عليه

(* 1) الوسائل باب: 7 من أبواب أقسام الحج حديث: 2.
165

فرض المكي إذا كان الحج واجبا عليه، وتبعه جماعة (1).
لما دل من الأخبار على أنه لا متعة لأهل مكة. وحملوا الخبرين
على الحج الندبي، بقرينة ذيل الخبر الثاني (2). ولا يبعد قوة

(* 1) الوسائل باب: 7 من أبواب أقسام الحج حديث: 1.
166

هذا القول. مع أنه أحوط، لأن الأمر دائر بين التخيير
والتعيين، ومقتضى الاشتغال هو الثاني. خصوصا إذا كان
167

مستطيعا حال كونه في مكة فخرج قبل الاتيان بالحج (1).
بل يمكن أن يقال: إن محل كلامهم صورة حصول الاستطاعة
بعد الخروج عنها. وأما إذا كان مستطيعا فيها قبل خروجه
منها فيتعين عليه فرض أهلها (2).
(مسألة 3): الآفاقي إذا صار مقيما في مكة، فإن
كان ذلك بعد استطاعته ووجوب التمتع عليه فلا إشكال في
بقاء حكمه (3)، سواء كانت إقامته بقصد التوطن أو المجاورة
ولو بأزيد من سنتين. وأما إذا لم يكن مستطيعا ثم استطاع
168

بعد إقامته في مكة فلا اشكال في انقلاب فرضه إلى فرض
المكي في الجملة. كما لا إشكال في عدم الانقلاب بمجرد
الإقامة (1). وإنما الكلام في الحد الذي به يتحقق الانقلاب،
فالأقوى ما هو المشهور، من أنه بعد الدخول في السنة الثالثة (2).
لصحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع): " من أقام بمكة سنتين
فهو من أهل مكة ولا متعة له.... " (3)، وصحيحة عمر
ابن يزيد عن الصادق (ع): " المجاور بمكة يتمتع بالعمرة
إلى الحج إلى سنتين، فإذا جاور سنتين كان قاطنا وليس له
أن يتمتع " (4). وقيل: بأنه بعد الدخول في الثانية (5)،

(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج حديث: 2.
169

لجملة من الأخبار وهو ضعيف، لضعفها باعراض المشهور عنها (1)

(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج حديث: 8.
(* 2) الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج حديث: 9.
(* 3) الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج حديث: 3.
(* 4) الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج حديث: 7.
170

مع أن القول الأول موافق للأصل (1). وأما القول بأنه بعد
تمام ثلاث سنين (2)،
171

فلا دليل عليه إلا الأصل، المقطوع بما ذكر (1). مع أن
للقول به غير محقق، لاحتمال إرجاعه إلى القول المشهور،
بإرادة الدخول في السنة الثالثة (2). وأما الأخبار الدالة على
أنه بعد ستة أشهر، أو بعد خمسة أشهر (3)،
172

فلا عامل بها (1). مع احتمال صدورها تقية (2)، وإمكان
حملها على محامل أخر (3). والظاهر من الصحيحين: اختصاص

(* 1) الوسائل باب: 8 من أبواب أقسام الحج حديث: 3.
(* 2) الوسائل باب: 8 من أبواب أقسام الحج حديث: 4.
(* 3) الوسائل باب: 8 من أبواب أقسام الحج حديث: 5.
173

الحكم بما إذا كانت الإقامة بقصد المجاورة، فلو كانت بقصد
التوطن فينقلب بعد قصده من الأول (1). فما يظهر من بعضهم

(* 1) راجع الوسائل باب: 6 من أبواب أقسام الحج حديث: 1، 6 وغيرهما من
أحاديث الباب. وقد تقدم بعض ذلك في أوائل الفصل. فراجع.
(* 2) راجع الوسائل باب: 6 من أبواب أقسام الحج حديث: 1، 6 وغيرهما من
أحاديث الباب. وقد تقدم بعض ذلك في أوائل الفصل. فراجع.
(* 3) الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج حديث: 2. وقد تقدم ذكر الرواية في المسألة
الثالثة من هذا الفصل.
(* 4) الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج حديث: 8. وقد تقدم ذكر الرواية في المسألة
الثالثة من هذا الفصل.
174

من كونها أعم (1) لا وجه له. ومن الغريب ما عن آخر،
من الاختصاص بما إذا كانت بقصد التوطن (2). ثم الظاهر
أن في صورة الانقلاب يلحقه حكم المكي بالنسبة إلى الاستطاعة
أيضا، فيكفي في وجوب الحج الاستطاعة من مكة، ولا
يشترط فيه حصول الاستطاعة من بلده (3). فلا وجه لما
175

يظهر من صاحب الجواهر، من اعتبار استطاعة النائي في
وجوبه. لعموم أدلتها. وأن الانقلاب إنما أوجب تغير نوع
الحج، وأما الشرط فعلى ما عليه، فيعتبر بالنسبة إلى التمتع (1).
176

هذا ولو حصلت الاستطاعة بعد الإقامة في مكة لكن قبل
مضي السنتين، فالظاهر أنه كما لو حصلت في بلده، فيجب
عليه التمتع ولو بقيت إلى السنة الثالثة أو أزيد. فالمدار على
حصولها بعد الانقلاب (1).
وأما المكي إذا خرج إلى سائر الأمصار مقيما بها، فلا
يلحقه حكمها في تعين التمتع عليه (2). لعدم الدليل، وبطلان
القياس. إلا إذا كانت الإقامة فيها بقصد التوطن، وحصلت
الاستطاعة بعده، فإنه يتعين عليه التمتع بمقتضى القاعدة ولو
في السنة الأولى (3). وأما إذا كانت بقصد المجاورة، أو
كانت الاستطاعة حاصلة في مكة فلا (4). نعم الظاهر دخوله
حينئذ في المسألة السابقة، فعلى القول بالتخيير فيها - كما عن
177

المشهور - يتخير، وعلى قول ابن أبي عقيل يتعين عليه وظيفة
المكي (1).
(مسألة 4): المقيم في مكة إذا وجب عليه التمتع
- كما إذا كانت استطاعته في بلده، أو استطاع في مكة قبل
انقلاب فرضه - فالواجب عليه الخروج إلى الميقات لاجرام
عمرة التمتع (2). واختلفوا في تعيين ميقاته على أقوال:
أحدها: أنه مهل أرضه (3). ذهب إليه جماعة (4)،
بل ربما يسند إلى المشهور - كما في الحدائق - لخبر سماعة عن
أبي الحسن (ع): " سألته عن المجاور، أله أن يتمتع بالعمرة
إلى الحج؟ قال (ع): نعم، يخرج إلى مهل أرضه، فليلب
إن شاء " (* 1). المعتضد بجملة من الأخبار الواردة في الجاهل
والناسي الدالة على ذلك (* 2)، بدعوى: عدم خصوصية للجهل

(* 1) الوسائل باب: 8 من أبواب أقسام الحج حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت.
178

والنسيان، وأن ذلك لكونه مقتضى حكم التمتع (1). وبالأخبار
الواردة في توقيت المواقيت وتخصيص كل قطر بواحد منها
أو من مر عليها (* 1)، بعد دعوى: أن الرجوع إلى الميقات
غير المرور عليه (2).
ثانيها: أنه أحد المواقيت المخصوصة مخيرا بينها.
وإليه ذهب جماعة أخرى (3). لجملة أخرى من الأخبار (4)

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت.
(* 2) الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج حديث: 9.
179

مؤيدة بأخبار المواقيت، بدعوى: عدم استفادة خصوصية
كل بقطر معين (1).
ثالثها: أنه أدنى الحل. نقل عن الحلبي، وتبعه بعض
متأخري المتأخرين (2). لجملة ثالثة من الأخبار (3).

(* 1) الوسائل باب: 10 من أبواب أقسام الحج حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 4 من أبواب أقسام الحج حديث: 20.
180

والأحوط الأول (1)، وإن كان الأقوى الثاني، لعدم فهم
الخصوصية من خبر سماعة (2)،

(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج حديث: 3.
(* 2) الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج حديث: 7.
(* 3) الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الحج حديث: 1.
181

وأخبار الجاهل والناسي (1)، وأن ذكر المهل من باب أحد
الأفراد. ومنع خصوصية للمرور في الأخبار العامة الدالة على
المواقيت. وأما أخبار القول الثالث - فمع ندرة العامل بها (2) -
مقيدة بأخبار المواقيت (3). أو محمولة على صورة التعذر (4)
183

ثم الظاهر أن ما ذكرنا حكم كل من كان في مكة وأراد الاتيان
بالتمتع ولن مستحبا (1).
هذا كله مع إمكان الرجوع إلى المواقيت،
وأما إذا
تعذر فيكفي الرجوع إلى أدنى الحل (2). بل الأحوط الرجوع
إلى ما يتمكن من خارج الحرم مما هو دون الميقات. وإن لم

(* 1) الوسائل باب: 22 من أبواب المواقيت حديث: 1، 2.
184

يتمكن من الخروج إلى أدنى الحل أحرم من موضعه. والأحوط
الخروج إلى ما يتمكن.
فصل
صورة حج التمتع على الاجمال: أن يحرم - في أشهر
الحج - من الميقات، بالعمرة المتمتع بها إلى الحج، ثم يدخل
مكة، فيطوف فيها بالبيت سبعا، ويصلي ركعتين في المقام،
ثم يسعى لها بين الصفا والمروة سبعا، ثم يطوف للنساء احتياطا
- وإن كان الأصح عدم وجوبه (1) -، ويقصر. ثم ينشئ
إحراما للحج من مكة في وقت يعلم أنه يدرك الوقوف بعرفة
- والأفضل ايقاعه يوم التروية - يم يمضي إلى عرفات فيقف
185

بها من الزوال إلى الغروب، ثم يفيض ويمضي منها إلى المشعر
فيبيت فيه، ويقف به بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس،
ثم يمضي إلى منى فيرمي جمرة العقبة، ثم ينحر أو يذبح
هديه، ويأكل منه (1)، ثم يحلق أو يقصر، فيحل من كل
شئ، إلا النساء والطيب. والأحوط اجتناب الصيد أيضا (2)
وإن كان الأقوى عدم حرمته عليه من حيث الاحرام. ثم
هو مخير بين أن يأتي إلى مكة ليومه، فيطوف طواف الحج، ويصلي

(* 1) الوسائل باب: 82 من أبواب الطواف حديث: 6.
(* 2) الوسائل باب: 82 من أبواب الطواف حديث: 7.
(* 3) الوسائل باب: 13 من أبواب الحلق حديث: 1 لكنه إنما يدل على حرمة الصيد بعد
طواف النساء بعد أن يستثني بعد الحلق خصوص الطيب والنساء، فيمكن أن يدعى أن ذلك قرينة على
إرادة الحرمة من حيث الحرم لا الاحرام بلا حاجة إلى العمومات الأخرى. ولعل المقصود رواية
أخرى له لم نعثر عليها.
186

ركعتيه، فتحل له النساء. ثم يعود إلى منى لرمي الجمار،
فيبيت بها ليالي التشريق - وهي الحادي عشر، والثاني عشر،
والثالث عشر - ويرمي في أيامها الجمار الثلاث. وأن لا يأتي
إلى مكة ليومه، بل يقيم بمنى حتى يرمي جماره الثلاث يوم
الحادي عشر - ومثله يوم الثاني عشر - ثم ينفر بعد الزوال
إذا كان قد اتقى النساء والصيد. وإن أقام إلى النفر الثاني
- وهو الثالث عشر - ولو قبل الزوال - لكن بعد الرمي - جاز
أيضا. ثم عاد إلى مكة للطوافين والسعي، ولا إثم عليه في
شئ من ذلك، على الأصح (1). كما أن الأصح الاجتزاء

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب زيارة البيت حديث: 10.
(* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب زيارة البيت حديث: 9.
(* 3) الوسائل باب: 1 من أبواب زيارة البيت حديث: 5.
187

بالطواف والسعي تمام ذي الحجة (1). والأفضل الأحوط هو
اختيار الأول، بأن يمضي إلى مكة يوم النحر، بل لا ينبغي
التأخير لغده - فضلا عن أيام التشريق - إلا لعذر.
ويشترط في حج التمتع أمور:
أحدها: النية - بمعنى: قصد الاتيان بهذا النوع من

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب زيارة البيت حديث: 6.
(* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب زيارة البيت حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 1 من أبواب زيارة البيت حديث: 3.
188

الحج - حين الشروع في إحرام العمرة (1)، فلو لم ينوه،
أو نوى غيره، أو تردد في نيته بينه وبين غيره لم يصح.

(* 1) البقرة: 197.
189

نعم في جملة من الأخبار: أنه لو أتى بعمرة مفردة في أشهر الحج
جاز أن يتمتع بها (1).
بل يستحب ذلك إذا بقي في مكة إلى

(* 1) الوسائل باب: 22 من أبواب الاحرام حديث: 4.
(* 2) الوسائل باب: 22 من أبواب الاحرام حديث: 1.
190

هلال ذي الحجة (1)، ويتأكد إذا بقي إلى يوم التروية (2)،
بل عن القاضي وجوبه حينئذ. ولكن الظاهر تحقق الاجماع
على خلافه (3). ففي موثق سماعة عن الصادق (ع): " من

(* 1) الوسائل باب: 7 من أبواب العمرة حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 7 من أبواب العمرة حديث: 3.
191

حج معتمرا في شوال ومن نيته أن يعتمر، ورجع إلى بلاده
فلا بأس بذلك. وإن هو أقام إلى الحج فهو متمتع، لأن أشهر
الحج: شوال، وذو القعدة، وذي الحجة. فمن اعتمر فيهن
فأقام إلى الحج فهي متعة، ومن رجع إلى بلاده ولم يقم إلى
الحج فهي عمرة. وإن اعتمر في شهر رمضان أو قبله فأقام
إلى الحج فليس بمتمتع، وإنما هو مجاور أفرد العمرة، فإن
هو أحب أن يتمتع في أشهر الحج بالعمرة إلى الحج، فليخرج
منها حتى يجاوز ذات عرق أو يتجاوز عسفان، فيدخل متمتعا
بعمرته إلى الحج. فإن هو أحب أن يفرد الحج فليخرج إلى
الجعرانة فيلبي منها " (1). وفي صحيحة عمر بن يزيد عن

(* 1) الوسائل باب: 7 من أبواب العمرة حديث: 13.
192

أبي عبد الله (ع): " من اعتمر عمرة مفردة فله أن يخرج
إلى أهله. إلا أن يدركه خروج الناس يوم التروية " (1).
وفي قوية عنه (ع): " من دخل مكة معتمرا مفردا للحج
فيقضي عمرته كان له ذلك. وإن أقام إلى أن يدركه الحج
كانت عمرته متعة. قال (ع): وليس تكون متعة إلا في أشهر
الحج " (2). وفي صحيحة عنه (ع): " من دخل مكة
بعمرة فأقام إلى هلال ذي الحجة، فليس له أن يخرج حتى
يحج من الناس " (3). وفي مرسل موسى بن القاسم: " من
اعتمر في أشهر الحج فليتمتع " (* 1) إلى غير ذلك من الأخبار (4)

(* 1) لم نعثر عليه في الوسائل والمستدرك.
(* 2) الوسائل باب: 7 من أبواب العمرة حديث: 9.
(* 3) الوسائل باب: 7 من أبواب العمرة حديث: 5.
(* 4) الوسائل باب: 7 من أبواب العمرة حديث: 6.
193

وقد عمل بها جماعة، بل في الجواهر: لا أجد فيه خلافا.
أو مقتضاها صحة التمتع مع عدم قصده حين اتيان العمرة،
بل الظاهر من بعضها: أنه يصير تمتعا قهرا من غير حاجة
إلى نية التمتع بها بعدها (1)، بل يمكن أن يستفاد منها:

(* 1) الوسائل باب: 7 من أبواب العمرة حديث: 4.
(* 2) الوسائل باب: 7 من أبواب العمرة حديث: 7.
(* 3) الوسائل باب: 7 من أبواب العمرة حديث: 11.
(* 4) الوسائل باب: 7 من أبواب العمرة حديث: 2. وقد تقدم ذكر الرواية قريبا فلاحظ.
194

أن التمتع هو الحج عقيب عمرة وقعت في أشهر الحج، بأي
نحو أتى بها. ولا بأس بالعمل بها (1). لكن القدر المتيقن
منها هو الحج الندبي (2)، ففيما إذا وجب عليه التمتع فأتى
بعمرة مفردة ثم أراد أن يجعلها عمرة التمتع، يشكل الاجتزاء
بذلك عما وجب عليه، سواء كان حجة الاسلام، أو غيرها
مما وجب بالنذر أو الاستيجار.
الثاني: أن يكون مجموع عمرته وحجه في أشهر الحج
فلو أتى بعمرته - أو بعضها - في غيرها لم يجز له أن يتمتع بها (3).
وأشهر الحج: شوال، وذو القعدة، وذو الحجة بتمامه
195

على الأصح (1). لظاهر الآية (2)، وجملة من الأخبار،
كصحيحة معاوية بن عمار (3)، وموثقة سماعة (4)، وخبر
زرارة (5). فالقول بأنها الشهران الأولان مع العشر الأول

(* 1) البقرة: 197.
(* 2) الوسائل باب: 11 من أبواب أقسام الحج حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 7 من أبواب العمرة حديث: 13. وقد تقدم ذلك قريبا فلاحظ
(* 4) الوسائل باب: 11 من أبواب أقسام الحج حديث: 5.
196

من ذي الحجة - كما عن بعض (1) - أو مع ثمانية أيام - كما
عن آخر (2) - أو مع تسعة أيام وليلة يوم النحر إلى طلوع
فجره - كما عن ثالث (3) - أو إلى طلوع شمسه - كما عن
رابع (4) - ضعيف (5). على أن الظاهر أن النزاع لفظي (6)،
فإنه لا إشكال في جواز إتيان بعض الأعمال إلى آخر ذي الحجة

(* 1) الوسائل باب: 11 من أبواب أقسام الحج حديث: 8.
197

فيمكن أن يكون مرادهم: أن هذه الأوقات هي آخر الأوقات
التي يمكن بها إدراك الحج (1).
(مسألة 1): إذا أتى بالعمرة قبل أشهر الحج قاصدا
بها التمتع فقد عرفت عدم صحتها تمتعا. لكن هل تصح
مفردة، أو تبطل من الأصل؟ قولان. اختار الثاني في
المدارك، أن ما نواه لم يقع، والمفردة لم ينوها (2). وبعض
اختار الأول، لخبر الأحول عن أبي عبد الله (ع): " في
رجل فرض الحج في غير أشهر الحج. قال: يجعلها عمرة " (* 1).

(* 1) الوسائل باب: 11 من أبواب أقسام الحج حديث: 7.
198

وقد يستشعر ذلك من خبر سعيد الأعرج (1): " قال أبو
عبد الله (ع): من تمتع في أشهر الحج ثم أقام بمكة حتى
يحضر الحج من قابل فعليه شاة. وإن تمتع في غير أشهر الحج
ثم جاوز حتى يحضر الحج فليس عليه دم، إنما هي حجة
مفردة. إنما الأضحى على أهل الأمصار " (* 1). ومقتضى
القاعدة وإن كان هو ما ذكره صاحب المدارك، لكن لا بأس
بما ذكره ذلك البعض، للخبرين.
الثالث: أن يكون الحج والعمرة في سنة واحدة، كما
هو مشهور، المدعى عليه الاجماع (2). لأنه المتبادر من

(* 1) الوسائل باب: 10 من أبواب أقسام الحج حديث: 1.
199

الأخبار المبنية لكيفية حج التمتع (1) (* 1). ولقاعدة توقيفية
العبادات (2). وللأخبار الدالة على دخول العمرة في الحج
وارتباطها به (3)، (* 2) والدالة على عدم جواز الخروج
من مكة بعد العمرة قبل الاتيان بالحج (4). (* 3) بل وما دل
من الأخبار على ذهاب المتعة بزوال يوم التروية، أو يوم
عرفة (* 4) ونحوها (5). ولا ينافيها خبر سعيد الأعرج المتقدم،

(* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الحج.
(* 2) الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الحج.
(* 3) الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الحج.
(* 4) الوسائل باب: 21 من أبواب أقسام الحج.
200

بدعوى: أن المراد من القابل فيه: العام المقابل (1)، فيدل
على جواز إيقاع العمرة في سنة والحج في أخرى، لمنع ذلك
بل المراد منه الشهر القابل (2). على أنه لمعارضة الأدلة السابقة
غير قابل. وعلى هذا فلو أتى بالعمرة في عام وأخر الحج
إلى العام الآخر لم يصح تمتعا. سواء أقام في مكة إلى العام
القابل، أو رجع إلى أهله ثم عاد إليها. وسواء أحل من
إحرام عمرته، أو بقي عليه إلى السنة الأخرى. ولا وجه لما
عن الدروس من احتمال الصحة في هذه الصورة (3). ثم
المراد من كونهما في سنة واحدة: أن يكونا معا في أشهر الحج
من سنة واحدة، لا أن لا يكون بينهما أزيد من اثني عشر
201

شهرا. وحينئذ فلا يصح - أيضا - لو أتى بعمرة التمتع في
أواخر ذي الحجة من العام القابل.
الرابع: أن يكون إحرام حجه من بطن مكة، مع
الاختيار (1). للاجماع، والأخبار (2)

(* 1) سيأتي ذكر الرواية من المصنف (قده) قريبا.
(* 2) الوسائل باب: 52 من أبواب الاحرام حديث: 1.
202

وما في خبر إسحاق (1) عن أبي الحسن (ع)، من قوله (ع):
" كان أبي مجاورا هاهنا، فخرج يتلقى بعض هؤلاء، فلما
رجع فبلغ ذات عرق أحرم من ذات عرق بالحج، ودخل
وهو محرم بالحج " حيث أنه ربما يستفاد منه جواز الاحرام
بالحج من غير مكة، محمول على محامل (2)، أحسنها: أن

(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج حديث: 3.
(* 2) الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج حديث: 7.
(* 3) الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الحج حديث: 8.
203

المراد بالحج عمرته، حيث أنها أول أعماله (1). نعم يكفي
أي موضع منها كان ولو في سككها. للاجماع، وخبر عمرو
ابن حريث عن الصادق (ع): " من أين أهل بالحج؟ فقال:
إن شئت من رحلك، وإن شئت من المسجد، وإن شئت من
الطريق " (* 1). وأفضل مواضعها المسجد (2)، وأفضل
مواضعه المقام، أو الحجر (3).

(* 1) الوسائل باب: 21 من أبواب المواقيت حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 52 من أبواب الاحرام حديث: 1. وقد تقدم ذكر الرواية قريبا.
204

وقد يقال: أو تحت الميزاب (1).
ولو تعذر الاحرام من
مكة أحرم ما يتمكن (2).
ولو أحرم من غيرها اختيارا متعمدا
بطل إحرامه، ولو لم يتداركه بطل حجه. ولا يكفيه العود
إليها بدون التجديد، بل يجب أن يجدده، لأن إحرامه من
غيرها كالعدم. ولو أحرم من غيرها - جهلا، أو نسيانا -
وجب العود إليها والتجديد مع الامكان، ومع عدمه جدده
في مكانه (3).

(* 1) الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت حديث: 8.
205

الخامس: ربما: يقال: إنه يشترط فيه أن يكون مجموع
عمرته وحجه من واحد، وعن واحد (1). فلو استؤجر اثنان
206

لحج التمتع عن ميت أحدهما لعمرته والآخر لحجه لم يجزئ
عنه. وكذا لو حج شخص، وجعل عمرته عن شخص،
وحجه عن آخر لم يصح. ولكنه محل تأمل، بل ربما يظهر
من خبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) صحة الثاني (1)،
حيث قال: " سألته عن رجل يحج عن أبيه، أيتمتع؟ قال:
207

نعم المتعة له، والحج عن أبيه " (* 1).
(مسألة 2): المشهور أنه لا يجوز الخروج من مكة
بعد الاحلال من عمرة التمتع قبل أن يأتي بالحج (1)، وأنه
إذا أراد ذلك، عليه أن يحرم بالحج فيخرج محرما به. وإن
خرج محلا ورجع بعد شهر فعليه أن يحرم بالعمرة. وذلك لجملة

(* 1) الوسائل باب: 27 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الحج حديث: 1.
208

من الأخبار الناهية عن الخروج، والدالة على أنه مرتهن
ومحتبس بالحج (1)، والدالة على أنه لو أراد الخروج خرج
ملبيا بالحج، والدالة على أنه لو خرج محلا، فإن رجع في
شهرة دخل محلا، وإن رجع في غيره شهره دخل محرما.
والأقوى عدم حرمة الخروج وجوازه محلا. حملا للأخبار

(* 1) الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الحج حديث: 6.
(* 2) الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الحج حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الحج حديث: 7.
(* 4) الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الحج حديث: 11.
209

على الكراهة - كما عن ابن إدريس رحمه الله وجماعة أخرى (1) -
بقرينة التعبير ب‍: (لا أحب) في بعض تلك الأخبار (2).
وقوله (ع) في مرسلة الصدوق (قده) (3): " إذا أراد
المتمتع الخروج من مكة إلى بعض المواضع فليس له ذلك، لأنه
مرتبط بالحج حتى يقتضيه. إلا أن يعلم أنه لا يفوته الحج ".

(* 1) الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الحج حديث: 3.
(* 2) الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الحج حديث: 5.
(* 3) الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الحج حديث: 10.
210

ونحوه الرضوي (* 1)، بل وقوله (ع) في مرسل أبان (1):
" ولا يتجاوز إلا على قدر ما لا تفوته عرفة ". إذ هو وإن
كان بعد قوله: " فيخرج محرما ". إلا أنه يمكن أن يستفاد
منه: أن المدار فوت الحج وعدمه (2). بل يمكن أن يقال:

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 18 من أبواب أقسام الحج حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الحج حديث: 9.
211

أن المنساق من جميع الأخبار المانعة أن ذلك للتحفظ عن عدم
إدراك الحج وفوته (1)، لكون الخروج في معرض ذلك.
وعلى هذا فيمكن دعوى عدم الكراهة أيضا مع علمه بعدم
فوات الحج منه (2). نعم لا يجوز الخروج لا بنية العود، أو
مع العلم بفوات الحج منه إذا خرج. ثم الظاهر أن الأمر
بالاحرام - إذا كان رجوعه بعد شهر - إنما هو من جهة أن
لكل شهر عمرة (3)، لا أن يكون ذلك تعبدا، أو لفساد
عمرته السابقة، أو لأجل وجوب الاحرام على من دخل
مكة. بل هو صريح خبر إسحاق بن عمار قال: " سألت أبا
212

الحسن (ع) عن المتمتع يجئ فيقضي متعته، ثم تبدو له حاجة
فيخرج إلى المدينة، أو إلى ذات عرق، أو إلى بعض المنازل
قال (ع): يرجع إلى مكة بعمرة إن كان في غير الشهر الذي
تمتع فيه، لأن لكل شهر عمرة، وهو مرتهن بالحج.... " (* 1)
وحينئذ فيكون الحكم بالاحرام - إذا رجع بعد شهر - على
وجه الاستحباب لا الوجوب، لأن العمرة - التي هي وظيفة
كل شهر - ليست واجبة. لكن في جملة من الأخبار كون
المدار على الدخول في شهر الخروج أو بعده (1)، كصحيحتي
حماد وحفص بن البختري (2)، ومرسلة الصدوق والرضوي

(* 1) الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الحج حديث: 8.
(* 2) الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الحج حديث: 2. وقد تقدم ذلك قريبا في أوائل
المسألة فلاحظ.
213

وظاهرها الوجوب (1). إلا أن تحمل على الغالب، من كون
الخروج بعد العمرة بلا فصل (2). لكنه بعيد (3)، فلا يترك
الاحتياط بالاحرام إذا كان الدخول في غير شهر الخروج.

(* 1) الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الحج حديث: 4.
(* 2) الوسائل باب: 51 من أبواب الاحرام حديث: 4.
214

بل القدر المتيقن من جواز الدخول محلا صورة كونه قبل
مضي شهر من حين الاهلال، أي الشروع في إحرام العمرة
والاحلال منها، ومن حين الخروج. إذ الاحتمالات في الشهر
ثلاثة: ثلاثون يوما من حين الاهلال، وثلاثون من حين
الاحلال - بمقتضى خبر إسحاق بن عمار - وثلاثون من حين
الخروج، بمقتضى هذه الأخبار. بل من حيث احتمال كون
المراد من الشهر - في الأخبار هنا - والأخبار الدالة على أن لكل
شهر عمرة - الأشهر الاثني عشر المعروفة، لا بمعنى ثلاثين
يوما (1). ولازم ذلك: أنه إذا كانت عمرته في آخر شهر
من هذه الشهور، فخرج ودخل في شهر آخر، أن يكون عليه
عمرة. والأولى مراعاة الاحتياط من هذه الجهة أيضا.
وظهر مما ذكرنا أن الاحتمالات ستة: كون المدار على
الاهلال، أو الاحلال، أو الخروج. وعلى التقادير فالشهر
إما بمعنى ثلاثين يوما، أو أحد الأشهر المعروفة. وعلى أي

(* 1) راجع صفحة: 145 من هذا الجزء.
216

حال، إذا ترك الاحرام مع الدخول في شهر آخر - ولو قلنا
بحرمته - لا يكون موجبا لبطلان عمرته السابقة (1)، فيصح
حجه بعدها. ثم إن عدم جواز الخروج - على القول به -
إنما هو في غير حال الضرورة، بل مطلق الحاجة. وأما مع
الضرورة أو الحاجة، مع كون الاحرام بالحج غير ممكن أو
حرجا عليه، فلا اشكال فيه (2). وأيضا الظاهر اختصاص

(* 1) تقدم ذكره في أول المسألة.
217

المنع - على القول به - بالخروج إلى المواضع البعيدة، فلا بأس
بالخروج إلى فرسخ أو فرسخين (1). بل يمكن أن يقال:
باختصاصه بالخروج إلى خارج الحرم. وإن كان الأحوط
خلافه.
ثم الظاهر أنه لا فرق - في المسألة - بين الحج الواجب

(* 1) الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الحج حديث: 3.
218

والمستحب (1)، فلو نوى التمتع مستحبا ثم أتى بعمرته يكون
مرتهنا بالحج، ويكون حاله في الخروج محرما أو محلا والدخول
كذلك كالحج الواجب. ثم إن سقوط وجوب الاحرام عمن
خرج محلا ودخل قبل شهر مختص بما إذا أتى بعمرة بقصد
التمتع (2)، وأما من لم يكن سبق منه عمرة فيلحقه حكم من
دخل مكة في حرمة دخوله بغير الاحرام، إلا مثل الحطاب
والحشاش ونحوهما. وأيضا سقوطه إذا كان بعد العمرة قبل
شهر إنما هو على وجه الرخصة - بناء على ما هو الأقوى من
عدم اشتراط فصل شهر بين العمرتين (3) - فيجوز الدخول
باحرام قبل الشهر أيضا. ثم إذا دخل باحرام، فهل عمرة
التمتع هي العمرة الأولى أو الأخيرة؟ مقتضى حسنة حماد: أنها
الأخيرة، المتصلة بالحج (4). وعليه لا يجب فيها طواف

(* 1) الوسائل باب: 18 من أبواب صلاة المسافر حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الحج حديث: 8 وقد تقدم ذلك في أوائل المسألة.
219

النساء. وهل يجب حينئذ في الأولى أو لا؟ وجهان أقواهما
نعم (1). والأحوط الاتيان بطواف مردد بين كونه للأولى
أو الثانية. ثم الظاهر أنه لا إشكال في جواز الخروج في أثناء
عمرة التمتع، قبل الاحلال منها (2).
(مسألة 3): لا يجوز لمن وظيفته التمتع أن يعدل إلى
غيره من القسمين الآخرين اختيارا. نعم إن ضاق وقته عن
إتمام العمرة وإدراك الحج جاز له نقل النية إلى الافراد، وأن
يأتي بالعمرة بعد الحج. بلا خلاف ولا إشكال (3). وإنما
220

الكلام في حد الضيق المسوغ لذلك، واختلفوا فيه على أقوال:
أحدها: خوف فوات الاختياري من وقوف عرفة (1).
الثاني: فوات الركن من الوقوف الاختياري، وهو المسمى
منه (2) الثالث: فوات الاضطراري منه (3). الرابع:
زوال يوم التروية (4). الخامس: غروبه (5). السادس:
زوال يوم عرفة (6). السابع: التخيير - بعد زوال يوم

(* 1) يأتي ذكر الرواية في أواخر المسألة.
221

التروية - بين العدول والاتمام، إذا لم يخف الفوت (1). والمنشأ
اختلاف الأخبار، فإنها مختلفة أشد الاختلاف.
والأقوى أحد القولين الأولين. لجملة مستفيضة من
تلك الأخبار، فإنها يستفاد منها - على اختلاف ألسنتها -:
أن المناط في الاتمام عدم خوف فوت الوقت بعرفة.
منها: قوله (ع) في رواية يعقوب بن شعيب الميثمي (2)

(* 1) يأتي ذكر الرواية في أواخر المسألة.
(* 2) الوسائل باب: 20 من أبواب أقسام الحج حديث: 5.
222



* - حكي عن المنتقى: أنه محمد بن سرور، وهو ابن جزك، والغلط وقع من الناسخين. ومحمد
ابن جزك ثقة. (منه قدس سره).
(* 1) الوسائل باب: 20 من أبواب أقسام الحج حديث: 16.
(* 2) الوسائل باب: 21 من أبواب أقسام الحج حديث: 6.
(* 3) كما في الكافي الجزء 4 صفحة 447 طبع إيران الحديثة وكذلك الوسائل. وفي التهذيب الجزء 5
صفحة 391 طبع النجف الأشرف، والاستبصار الجزء 2 صفحه 311 طبع النجف الأشرف والفقيه
الجزء 2 صفحة 242 طبع النجف الأشرف: (ليلة عرفة).
(* 4) الوسائل باب: 84 من أبواب الطواف حديث: 4.
223

لا بأس للمتمتع - إن لم يحرم من ليلة التروية - متى ما تيسر
له، ما لم يخف فوات الموقفين ". وفي نسخة: " لا بأس
للمتمتع أن يحرم ليلة عرفة.... ". وأما الأخبار المحددة
بزوال يوم التروية (1).

* - تأتي هذه الرواية في المسألة الآتية (منه قدس سره).
(* 1) الوسائل باب: 21 من أبواب أقسام الحج حديث: 14.
(* 2) الوسائل باب: 20 من أبواب أقسام الحج حديث: 3.
224

أو بغروبه (1)،

(* 1) الوسائل باب: 21 من أبواب أقسام الحج حديث: 15.
(* 2) الوسائل باب: 21 من أبواب أقسام الحج حديث: 9.
(* 3) الوسائل باب: 21 من أبواب أقسام الحج حديث: 11.
(* 4) الوسائل باب: 20 من أبواب أقسام الحج حديث: 10.
(* 5) الوسائل باب: 20 من أبواب أقسام الحج حديث: 11.
(* 6) الوسائل باب: 21 من أبواب أقسام الحج حديث: 12.
225

أو بليلة عرفة (1)، أو سحرها (2). فمحمولة على صورة
عدم إمكان الادراك إلا قبل هذه الأوقات، فإنه مختلف
باختلاف الأوقات، والأحوال، والأشخاص (3). ويمكن

(* 1) الوسائل باب: 20 من أبواب أقسام الحج حديث: 9.
(* 2) الوسائل باب: 21 من أبواب أقسام الحج حديث: 8.
226

حملها على التقية إذا لم يخرجوا مع الناس يوم التروية (1)،
ويمكن كون الاختلاف لأجل التقية، كما في أخبار الأوقات
للصلوات. وربما تحمل على تفاوت مراتب أفراد المتعة في
الفضل بعد التخصيص بالحج المندوب (2)، فإن أفضل أنواع

(* 1) الوسائل باب: 21 من أبواب أقسام الحج حديث: 14. وقد سبق ذكر الرواية قريبا.
227

التمتع أن تكون عمرته قبل ذي الحجة (1)، ثم ما تكون عمرته
قبل يوم التروية، ثم ما يكون قبل يوم عرفة. مع أنا لو أغمضنا
عن الاخبار - من جهة شدة اختلافها وتعارضها - (2) نقول:

(* 1) الوسائل باب: 20 من أبواب أقسام الحج حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 21 من أبواب أقسام الحج حديث: 14. وقد سبق ذكره قريبا فلاحظ.
228

مقتضى القاعدة هو ما ذكرنا، لأن المفروض أن الواجب عليه
هو التمتع، فما دام ممكنا لا يجوز العدول عنه. والقدر المسلم
من جواز العدول صورة عدم إمكان إدراج الحج، واللازم
إدراك الاختياري من الوقوف، فإن كفاية الاضطراري منه
229

خلاف الأصل (1).
يبقى الكلام في ترجيح أحد القولين الأولين. ولا يبعد
رجحان أولهما (2)، بناء على كون الواجب استيعاب تمام
ما بين الزوال والغروب بالوقوف، وإن كان الركن هو المسمى
ولكن مع ذلك لا يخلو عن إشكال، فإنه من جملة الأخبار
مرفوع سهل، عن أبي عبد الله (ع): " في متمتع دخل يوم
عرفة. قال: متعة تامة إلى أن يقطع الناس تلبيتهم " (3).
حيث أن قطع التلبية بزوال يوم عرفة. وصحيحة جميل:
" المتمتع له المتعة إلى زوال الشمس من يوم عرفة، وله الحج
إلى زوال الشمس من يوم النحر " (4). ومقتضاهما كفاية

(* 1) الوسائل باب: 20 من أبواب أقسام الحج حديث: 7.
(* 2) الوسائل باب: 20 من أبواب أقسام الحج حديث: 15.
230

إدراك مسمى الوقوف الاختياري، فإن من البعيد إتمام العمرة
قبل الزوال من عرفة، وإدراك الناس في أول الزوال بعرفات.
وأيضا يصدق إدراك الموقف إذا أدركهم قبل الغروب. إلا
أن يمنع الصدق، فإن المنساق منه إدراك تمام الواجب (1).
ويجاب عن المرفوعة والصحيحة بالشذوذ، كما ادعي (2).
وقد يؤيد القول الثالث - وهو كفاية إدراك الاضطراري من
عرفة - بالأخبار الدالة على أن من يأتي بعد إفاضة الناس من
عرفات، وأدركها ليلة النحر تم حجه (3). وفيه: أن موردها

(* 1) الوسائل باب: 20 من أبواب أقسام الحج حديث: 16.
(* 2) الوسائل باب: 21 من أبواب أقسام الحج حديث: 6.
231

غير ما نحن فيه - وهو عدم الادراك من حيث هو - وفيما نحن
فيه يمكن الادراك، والمانع كونه في أثناء العمرة، فلا يقاس
بها (1). نعم لو أتم عمرته في سعة الوقت ثم اتفق أنه لم
يدرك الاختياري من الوقوف كفاه الاضطراري ودخل في
مورد تلك الأخبار. بل لا يبعد دخول من اعتقد سعة الوقت
فأتم عمرته ثم بأن كون الوقت مضيقا في تلك الأخبار (2).

(* 1) الوسائل باب: 21 من أبواب أقسام الحج حديث: 7.
232

ثم إن الظاهر عموم حكم المقام بالنسبة إلى الحج المندوب وشمول
الأخبار له (1)، فلو نوى التمتع ندبا، وضاق وقته عن اتمام
العمرة وإدراك الحج، جاز له العدول إلى الافراد. وفي وجوب
العمرة بعده إشكال، والأقوى عدم وجوبها (2). ولو علم
من وظيفته التمتع ضيق الوقت عن إتمام العمرة وإدراك الحج
قبل أن يدخل في العمرة، هل يجوز له العدول من الأول إلى
الافراد؟ فيه إشكال، وإن كان غير بعيد (3). ولو دخل
233

في العمرة بنية التمتع في سعة الوقت وأخر الطواف والسعي متعمدا
إلى ضيق الوقت، ففي جواز العدول وكفايته إشكال (1).
والأحوط العدول وعدم الاكتفاء إذا كان الحج واجبا عليه.
234

(مسألة 4): اختلفوا في الحائض والنفساء - إذا ضاق
وقتهما عن الطهر وإتمام العمرة وإدراك الحج - على أقوال:
أحدها: أن عليهما العدول إلى الافراد والاتمام، ثم الاتيان
بعمرة بعد الحج (1). لجملة من الأخبار (2).
الثاني: ما عن جماعة، من أن عليهما ترك الطواف،
والاتيان بالسعي، ثم الاحلال، وإدراك الحج، وقضاء طواف

(* 1) الوسائل باب: 21 من أبواب أقسام الحج حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 21 من أبواب أقسام الحج حديث: 13.
(* 3) الوسائل باب: 21 من أبواب أقسام الحج حديث: 14 وقد سبق ذكر الرواية في المسألة
السابقة.
235

العمرة بعده (1). فيكون عليهما الطواف ثلاث مرات، مرة
لقضاء طواف العمرة، ومرة الحج، ومرة للنساء. ويدل على
ما ذكروه أيضا جملة من الأخبار (2).

(* 1) الوسائل باب: 84 من أبواب الطواف حديث: 1.
236

الثالث: ما عن الإسكافي وبعض متأخري المتأخرين (1)
من التخيير بين الأمرين. للجمع بين الطائفتين بذلك.
الرابع: التفصيل بين ما إذا كانت حائضا قبل الاحرام
فتعدل، أو كانت طاهرا حال الشروع فيه ثم طرأ الحيض في

(* 1) الوسائل باب: 84 من أبواب الطواف حديث: 6.
(* 2) الوسائل باب: 84 من أبواب الطواف حديث: 3.
(* 3) الوسائل باب: 84 من أبواب الطواف حديث: 10.
(* 4) الوسائل باب: 84 من أبواب الطواف حديث: 8.
237

الأثناء فتترك الطواف وتتم العمرة وتقضي بعد الحج. اختاره
بعض (1)، بدعوى: أنه مقتضى الجمع بين الطائفتين،
بشهادة خبر أبي بصير: " سمعت أبا عبد الله (ع) يقول - في
المرأة المتمتعة إذا أحرمت وهي طاهر، ثم حاضت قبل أن
تقضي متعتها - سعت ولم تطف حتى تطهر، ثم تقضي طوافها
وقد قضت عمرتها. وإن أحرمت وهي حائض لم تسع ولم
تطف حتى تطهر " (2). وفي الرضوي: " إذا حاضت المرأة
من قبل أن تحرم.... - إلى قوله (ع) -: وإن طهرت بعد
الزوال يوم التروية فقد بطلت متعتها، فتجعلها حجة مفردة.
وإن حاضت بعد ما أحرمت سعت بين الصفا والمروة وفرغت
من المناسك كلها. إلا الطواف بالبيت، فإذا طهرت قضت
الطواف بالبيت، وهي متمتعة بالعمرة إلى الحج، وعليها

(* 1) كما في الكافي الجزء: 4 صفحة 448 طبع إيران الحديثة.
(* 2) الموجود في الكافي: رواية ذلك عن مثنى الحناط، عن أبي بصير. لاحظ الكافي
الجزء: 4 صفحة 448 طبع إيران الحديثة وفي التهذيب والاستبصار: رواه عن ابن أبي عمير عن أبي
بصير، بحذف. مثنى الحناط. لاحظ التهذيب الجزء: 5 صفحة 395 طبع النجف الأشرف،
والاستبصار الجزء: 2 صفحة 315 طبع النجف الأشرف.
(* 3) الوسائل باب: 84 من أبواب الطواف حديث: 5.
238

طواف الحج، وطواف العمرة، وطواف النساء " (1).
وقيل في توجيه الفرق بين الصورتين: أن في الصورة الأولى
لم تدرك شيئا من أفعال العمرة طاهرا، فعليها العدول إلى
الافراد، بخلاف الصورة الثانية، فإنها أدركت بعض أفعالها
طاهرا، فتبني عليها، وتقضي الطواف بعد الحج (2).
وعن المجلسي (قده) (3) في وجه الفرق ما محصله: أن في
الصورة الأولى لا تقدر على نية العمرة، لأنها تعلم أنها لا تطهر

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 57 من أبواب الطواف حديث: 3، وباب: 17 من أبواب
أقسام الحج حديث: 2. لكنه في الموضعين اقتصر على صدر الحديث إلى قوله: " فتجعلها حجة
مفردة ". وأما الذيل فهو مذكور في الحدائق الجزء: 14 صفحة: 345. كما أن الصدر مذكور في
صفحة: 339 منه.
239

للطواف وادراك الحج بخلاف الصورة الثانية، فإنها حيث
كانت طاهرة وقعت منها النية والدخول فيها.
الخامس: ما نقل عن بعض، من أنها تستنيب للطواف
ثم تتم العمرة وتأتي بالحج (1). لكن لم يعرف قائله (2).
والأقوى من هذه الأقوال هو القول الأول. للفرقة الأولى
من الأخبار، التي هي أرجح من الفرقة الثانية، لشهرة العمل
بها دونها (3). وأما القول الثالث - وهو التخيير - فإن كان
240

المراد منه الواقعي، (1) بدعوى: كونه مقتضى الجمع بين
الطائفتين. ففيه: أنهما يعدان من المتعارضين (2)، والعرف
لا يفهم التخيير منهما، والجمع الدلالي فرع فهم العرف من
ملاحظة الخبرين ذلك. وإن كان المراد التخيير الظاهري
العملي (3)، فهو فرع مكافئة الفرقتين، والمفروض أن الفرقة
الأولى أرجح، من حيث شهرة العمل بها (4). وأما التفصيل

(* 1) الوسائل باب: 21 من أبواب أقسام الحج. ملحق حديث: 13. وقد تقدم ذلك في
المسألة الرابعة من الفصل.
241

المذكور فموهون بعدم العمل (1). مع أن بعض أخبار القول
الأول ظاهر في صورة كون الحيض بعد الدخول في الاحرام (2)

(* 1) الوسائل باب: 21 من أبواب أقسام الحج حديث: 2. وقد تقدم ذلك في المسألة: 4
من الفصل.
(* 2) الوسائل باب: 21 من أبواب أقسام الحج حديث: 14. وقد سبق ذكر الرواية في
المسألة: 3 من الفصل.
(* 3) الوسائل باب: 84 من أبواب الطواف حديث: 1. وقد تقدم ذلك في المسألة: 4 من
الفصل.
(* 4) الوسائل باب: 84 من أبواب الطواف حديث: 3، 6، 10. وقد تقدم ذلك في المسألة: 4 من الفصل.
242

نعم لو فرض كونها حائضا حال الاحرام، وعلمت بأنها
لا تطهر لادراك الحج، يمكن أن يقال: يتعين عليها العدول
إلى الافراد من الأول (1)، لعدم فائدة في الدخول في العمرة
ثم العدول إلى الحج. وأما القول الخامس فلا وجه له (2)،
ولا له قائل معلوم.
(مسألة 5): إذا حدث الحيض وهي في أثناء طواف
عمرة التمتع، فإن كان قبل تمام أربعة أشواط بطل طوافها على
الأقوى (3). وحينئذ فإن كان الوقت موسعا أتمت عمرتها
243



(* 1) الوسائل باب: 85 من أبواب الطواف حديث: 3.
(* 2) الوسائل باب: 85 من أبواب الطواف حديث: 4.
(* 3) الوسائل باب: 86 من أبواب الطواف حديث: 1.
(* 4) الوسائل باب: 86 من أبواب الطواف حديث: 2.
(* 5) الوسائل باب: 86 من أبواب الطواف ملحق حديث: 2.
244

بعد الطهر، وإلا فلتعدل إلى حج الافراد، وتأتي بعمرة
مفردة بعده (1). وإن كان بعد تمام أربعة أشواط فتقطع
الطواف (2)، وبعد الطهر تأتي بالثلاثة الأخرى، وتسعى،
وتقصر مع سعة الوقت (3).

(* 1) الوسائل باب: 85 من أبواب الطواف حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب، 85 من أبواب الطواف حديث: 2.
245

ومع ضيقة تأتي بالسعي وتقصر (1)، ثم تحرم للحج وتأتي
بأفعاله، ثم تقضي بقية طوافها - قبل طواف الحج أو بعده -
ثم تأتي ببقية أعمال الحج، وحجها صحيح تمتعا. وكذا الحال
إذا حدث الحيض بعد الطواف وقبل صلاته (2).

(* 1) الوسائل باب: 21 من أبواب أقسام الحج حديث: 14. وقد سبق ذكر الرواية في
المسألة: 3 من الفصل.
246

فصل في المواقيت
وهي المواضع المعينة للاحرام، أطلقت عليها مجازا،
أو حقيقة متشرعة (1).

(* 1) الوسائل باب: 88 من أبواب الطواف حديث: 2.
247

والمذكور منها في جملة من الأخبار خمسة (1)، وفي بعضها
ستة (2).

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 3.
(* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 1.
248

ولكن المستفاد من مجموع الأخبار: أن المواضع التي يجوز
الاحرام منها عشرة (1):
أحدها: ذو الحليفة، وهي ميقات أهل المدينة ومن يمر
على طريقهم (2). وهل هو مكان فيه مسجد الشجرة، أو نفس
المسجد (3)؟ قولان وفي جملة من الأخبار: أنه هو الشجرة (4)،

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 7.
249

وفي بعضها أنه مسجد الشجرة (1). وعلى أي حال فالأحوط
الاقتصار على المسجد، إذ مع كونه هو المسجد فواضح،
ومع كونه مكانا فيه المسجد فاللازم حمل المطلق على المقيد (2)

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 9.
(* 2) الوسائل باب: 7 من أبواب المواقيت حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 6 من أبواب المواقيت حديث: 3.
(* 4) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 11. وقد جاء ذلك في المصدر بلا سند
إلا أن عطفه على ما سبق لرفاعة من رواية لعله يقتضي اسناد الرواية المذكورة إليه أيضا.
(* 5) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 13.
250

لكن مع ذلك الأقوى جواز الاحرام من خارج المسجد - ولو
اختيارا - وإن قلنا أن ذا الحليفة هو المسجد. وذلك لأن
مع الاحرام من جوانب المسجد. يصدق الاحرام منه عرفا،
إذ فرق بين الأمر بالاحرام من المسجد أو بالاحرام فيه (1).
هذا مع إمكان دعوى: أن المسجد حد للاحرام فيشمل جانبيه
مع محاذاته (2). وإن شئت فقل: المحاذاة كافية ولو مع القرب
من الميقات

(* 1) الوسائل باب: 7 من أبواب المواقيت حديث: 1. ويأتي ذكر الرواية في الميقات
التاسع، وهو المحاذاة.
251

(مسألة 1): الأقوى عدم جواز التأخير إلى الجحفة
- وهي ميقات أهل الشام - اختيارا (1). نعم يجوز
مع الضرورة، لمرض، أو ضعف، أو غيرهما من الموانع. لكن

(* 1) الوسائل باب: 8 من أبواب المواقيت حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 6 من أبواب المواقيت حديث: 4.
253



(* 1) الوسائل باب: 6 من أبواب المواقيت حديث: 5.
(* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 5.
(* 3) الوسائل باب: 6 من أبواب المواقيت حديث: 1.
(* 4) الوسائل باب: 6 من أبواب المواقيت حديث: 3.
254

خصها بعضهم بخصوص المرض والضعف (1)، لوجودهما في
الأخبار (2)، فلا يلحق بهما غيرهما من الضرورات. والظاهر
إرادة المثال (3) فالأقوى جوازه مع مطلق الضرورة.
(مسألة 2): يجوز لأهل المدينة ومن أتاها العدول
إلى ميقات آخر كالجحفة أو العقيق، فعدم جواز التأخير إلى
الجحفة إنما هو إذا مشى من طريق ذي الحليفة (4). بل
255

الظاهر أنه لو أتى إلى ذي الحليفة ثم أراد الرجوع منه والمشي
من طريق آخر جاز. بل يجوز أن يعدل عنه من غير رجوع (1)
فإن الذي لا يجوز هو التجاوز عن الميقات محلا، وإذا عدل
إلى طريق آخر لا يكون مجاوزا وإن كان ذلك وهو في ذي
الحليفة. وما في خبر إبراهيم بن عبد الحميد، من المنع عن
العدول إذا أتى المدينة - مع ضعفه (2) - منزل على الكراهة.
(مسألة 3): الحائض تحرم خارج المسجد على
المختار (3). ويدل عليه - مضافا إلى ما مر - مرسلة يونس
في كيفية إحرامها: " ولا تدخل المسجد، وتهل بالحج
256

بغير صلاة " (1). وأما على القول بالاختصاص بالمسجد،
فمع عدم إمكان صبرها إلى أن تطهر (2) تدخل المسجد وتحرم
في حال الاجتياز إن أمكن، وإن لم يمكن - لزحم أو غيره -
أحرمت خارج المسجد، وجددت في الجحفة أو محاذاتها (3).

(* 1) الوسائل باب: 48 من أبواب الاحرام حديث: 2.
257

(مسألة 4): إذا كان جنبا ولم يكن عنده ماء جاز
له أن يحرم خارج المسجد (1). والأحوط أن يتيمم للدخول
والاحرام. ويتعين ذلك على القول بتعيين المسجد (2). وكذا
الحائض إذا لم يكن لها ماء بعد نقائها (3).
الثاني: العقيق (4)،
258

وهو ميقات أهل نجد، والعراق (1)،

(* 1) الوسائل باب: 6 من أبواب المواقيت حديث: 3.
(* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 7.
(* 4) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 10.
(* 5) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 2.
(* 6) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 5.
(* 7) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 6.
259

ومن يمر عليه من غيرهم (1).
وأوله: المسلخ، وأوسطه:
غمرة، وآخره: ذات عرق (2). والمشهور جواز الاحرام

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 9.
(* 2) الوسائل باب: 2 من أبواب المواقيت حديث: 7.
(* 3) الوسائل باب: 2 من أبواب المواقيت حديث: 9.
(* 4) الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الحج حديث: 8.
(* 5) الوسائل باب: 2 من أبواب المواقيت حديث: 5.
260



(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 6.
(* 2) الوسائل باب: 2 من أبواب المواقيت حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 2 من أبواب المواقيت حديث: 1.
261



(* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب المواقيت حديث: 10.
(* 2) مستدرك الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 2.
262



(* 1) مستدرك الوسائل باب: 10 من أبواب المواقيت حديث: 1.
263

من جميع مواضعه اختيارا، وأن الأفضل الاحرام من المسلخ
ثم من غمرة. والأحوط عدم التأخير إلى ذات عرق إلا لمرض
أو تقية، فإنه ميقات العامة. لكن الأقوى ما هو المشهور.
ويجوز - في حال التقية - الاحرام من أوله - قبل ذات عرق -
سرا (1)، من غير نزع ما عليه من الثياب إلى ذات عرق،
ثم إظهاره ولبس ثوبي الاحرام هناك (2). بل هو الأحوط.
وإن أمكن تجرده وليس الثوبين سرا، ثم نزعهما ولبس ثيابه
إلى ذات عرق، ثم التجرد وليس الثوبين فهو أولى (3).

(* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب المواقيت حديث: 10. وقد تقدم ذلك قريبا. فلاحظ.
264

الثالث: الجحفة (1)، وهي لأهل الشام، ومصر،
والمغرب (2)،

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 3.
(* 4) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 5.
(* 5) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 7.
(* 6) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 10.
265

ومن يمر عليها من غيرهم، إذا لم يحرم من الميقات السابق عليها (1).
الرابع: يلملم (2)،

(* 1) الوسائل باب: 15 من أبواب المواقيت حديث: 1.
(* 2) دل على ذلك الآيات والأخبار، أما الآيات فهي على سبيل الإشارة كالآتي: البقرة:
185، المائدة: 6، الحج: 78 وأما الأخبار فهي: الوسائل باب: 8 من أبواب الماء المطلق
حديث: 11، باب: 39 من أبواب الوضوء حديث: 5.
(* 3) مستدرك الوسائل باب: 9 من أبواب المواقيت حديث: 1.
266

وهو لأهل اليمن (1).
الخامس: قرن المنازل (2)، وهو لأهل الطائف (3).
267

السادس: مكة، وهي لحج التمتع (1).

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 3.
(* 4) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 6.
(* 5) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 7.
(* 6) الوسائل باب: 21 من أبواب المواقيت حديث: 2.
268

السابع: دويرة الأهل - أي: المنزل - وهي لمن كان
منزله دون الميقات إلى مكة (1)

(* 1) الوسائل باب: 17 من أبواب المواقيت حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 17 من أبواب المواقيت حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 17 من أبواب المواقيت حديث: 4.
(* 4) الوسائل باب: 17 من أبواب المواقيت حديث: 3.
269

بل لأهل مكة - أيضا - على المشهور الأقوى (1) - وإن
استشكل فيه بعضهم - فإنهم يحرمون لحج القران والافراد

(* 1) الوسائل باب: 17 من أبواب المواقيت حديث: 6.
(* 2) سنن البيهقي الجزء: 5 الصفحة: 29 باب: من كان أهله دون الميقات.
270

من مكة. بل وكذا المجاور الذي انتقل فرضه إلى فرض أهل
مكة (1). وإن كان الأحوط إحرامه من الجعرانة - وهي أحد
مواضع أدنى الحل - للصحيحين الواردين فيه (2)، المقتضي
إطلاقهما عدم الفرق بين من أنتقل فرضه أو لم ينتقل. وإن
كان القدر المتيقن الثاني، فلا يشمل ما نحن فيه (3). لكن الأحوط
ما ذكرنا، عملا باطلاقهما. والظاهر أن الاحرام من المنزل

(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج حديث: 6.
(* 2) الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج حديث: 5.
271

للمذكورين من باب الرخصة (1)، وإلا فيجوز لهم الاحرام
من أحد المواقيت بل لعله أفضل، لبعد المسافة، وطول زمان الاحرام.
الثامن: فخ (2)، وهو ميقات الصبيان، في غير حج
التمتع عند جماعة (3)، بمعنى: جواز تأخير إحرامهم إلى
هذا المكان، لا أنه يتعين ذلك. ولكن الأحوط ما عن آخرين
272



(* 1) الوسائل باب: 18 من أبواب المواقيت حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 18 من أبواب المواقيت حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 17 من أبواب المواقيت حديث: 3.
(* 4) الوسائل باب: 17 من أبواب المواقيت حديث: 7.
273

من وجوب كون إحرامهم من الميقات، لكن لا يجردون
إلا في فخ. ثم إن جواز التأخير - على القول الأول - إنما هو
إذا مروا على طريق المدينة، وأما إذا سلكوا طريقا لا يصل
إلى فخ فاللازم إحرامهم من ميقات البالغين (1).
التاسع: محاذاة أحد المواقيت الخمسة (2)، وهي ميقات
من لم يمر على أحدهما. والدليل عليه صحيحتا ابن سنان (3).
274

ولا يضر اختصاصهما بمحاذاة مسجد الشجرة (1)،

(* 1) الوسائل باب: 7 من أبواب المواقيت حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 7 من أبواب المواقيت حديث: 3.
(* 3) الوسائل باب: 8 من أبواب المواقيت حديث: 1. وقد تقدم ذلك في المسألة: 1 من الفصل.
(* 4) الوسائل باب: 7 من أبواب المواقيت حديث: 2.
(* 5) لاحظ الكافي الجزء 4 الصفحة 321 طبع إيران الحديثة، الفقيه الجزء 2 الصفحة 200
طبع النجف الأشرف.
(* 6) الوسائل باب: 7 من أبواب المواقيت ملحق حديث: 1. ولا يخفى عليك: أن بعض
نسخ التهذيب موافق لما في الكافي والفقيه. لاحظ: التهذيب الجزء 5 الصفحة 57 طبع النجف الأشرف.
275

بعد فهم المثالية منهما (1)، وعدم القول بالفصل (2).
ومقتضاهما محاذاة أبعد الميقاتين إلى مكة إذا كان في طريق
يحاذي اثنين (3)، فلا وجه للقول بكفاية أقربهما إلى مكة (4).
276

وتتحقق المحاذاة بأن يصل - في طريقه إلى مكة - إلى موضع
يكون بينه وبين مكة باب (1)، وهي بين ذلك الميقات ومكة
بالخط المستقيم. وبوجه آخر: أن يكون الخط من موقفه إلى
الميقات أقصر الخطوط في ذلك الطريق (2). ثم إن المدار
277

على صدق المحاذاة عرفا، فلا يكفي إذا كان بعيدا عنه (1).
فيعتبر فيها المسامتة (2)، كما لا يخفى. واللازم حصول العلم
بالمحاذاة إن أمكن (3)،
278

وإلا فالظن الحاصل من قول أهل الخبرة (1). ومع عدمه
أيضا فاللازم الذهاب إلى الميقات، أو الاحرام من أول موضع
احتماله واستمرار النية والتلبية إلى آخر مواضعه. ولا يضر
احتمال كون الاحرام قبل الميقات حينئذ (2) - مع أنه لا يجوز -
279

لأنه لا بأس به إذا كان بعنوان الاحتياط ولا يجوز إجراء
أصالة عدم الوصول إلى المحاذاة، أو أصالة عدم وجوب
الاحرام، لأنهما لا يثبتان كون ما بعد ذلك محاذيا، والمفروض
لزوم كون إنشاء الاحرام من المحاذاة (1). ويجوز لمثل هذا
الشخص أن ينذر الاحرام قبل الميقات، فيحرم في أول موضع
الاحتمال أو قبله، على ما سيأتي، من جواز ذلك مع النذر.
والأحوط في صورة الظن أيضا عدم الاكتفاء به وإعمال أحد
هذه الأمور، وإن كان الأقوى الاكتفاء (2). بل الأحوط
عدم الاكتفاء بالمحاذاة مع إمكان الذهاب إلى الميقات (3).
لكن الأقوى ما ذكرنا من جوازه مطلقا.
ثم إن أحرم في
موضع الظن بالمحاذاة ولم يتبين الخلاف فلا إشكال (4). وإن
280

تبين بعد ذلك كونه قبل المحاذاة ولم يتجاوزه أعاد الاحرام (1)
وإن تبين كونه قبله وقد تجاوز، أو تبين كونه بعده. فإن
أمكن العود والتجديد تعين (2)، وإلا فيكفي في الصورة
الثانية، ويجدد في الأولى في مكانه (3). والأولى التجديد
مطلقا (4).
ولا فرق - في جواز الاحرام في المحاذاة - بين البر والبحر (5).
281

ثم إن الظاهر أنه لا يتصور طريق لا يمر على ميقات، ولا
يكون محاذيا لواحد منها (1)، إذ المواقيت محيطة بالحرم من
الجوانب (2)، فلا بد من محاذاة واحد منها. ولو فرض
283

امكان ذلك فاللازم الاحرام من أدنى الحل (1). وعن بعضهم
أنه يحرم من موضع يكون بينه وبين مكة بقدر ما بينها وبين
أقرب المواقيت إليها - وهو مرحلتان - لأنه لا يجوز لأحد
قطعه إلا محرما. وفيه: أنه لا دليل عليه. لكن الأحوط
الاحرام منه، وتجديده في أدنى الحل.
العاشر: أدنى الحل، وهو ميقات العمرة المفردة بعد
حج القران أو الافراد (2)،

(* 1) الوسائل باب: 22 من أبواب المواقيت حديث: 241.
284

بل لكل عمرة مفردة (1). والأفضل أن يكون من الحديبية،

(* 1) الوسائل باب: 21 من أبواب أقسام الحج حديث: 2.
285

أو الجعرانة، أو التنعيم، فإنها منصوصة (1). وهي من حدود
الحرم (2)

(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج حديث: 6، 5.
286

على اختلاف بينها في القرب والبعد. فإن الحديبية - بالتخفيف
أو التشديد - (1) - بشر بقرب مكة، على طريق جدة، دون

(* 1) الوسائل باب: 87 من أبواب تروك الاحرام حديث: 45.
287

مرحلة، ثم أطلق على الموضع. ويقال: نصفه في الحل ونصفه
في الحرم. والجعرانة - بكسر الجيم والعين وتشديد الراء،
أو بكسر الجيم وسكون العين وتخفيف الراء - (1) موضع
288

بين مكة والطائف، على سبعة أميال. والتنعيم: موضع
قريب من مكة (1)، وهو أقرب أطراف الحل إلى مكة.
ويقال: بينه وبين مكة أربعة أميال، ويعرف بمسجد عائشة
كذا في مجمع البحرين. وأما المواقيت الخمسة فعن العلامة
(رحمه الله) في المنتهى: أن أبعدها من مكة ذو الحليفة،
فإنها على عشر مراحل من مكة، ويليه في البعد الجحفة،
والمواقيت الثلاثة الباقية على مسافة واحدة، بينها وبين مكة
ليلتان قاصدتان. وقيل: إن الجحفة على ثلاث مراحل من مكة.
(مسألة 5): كل من حج أو اعتمر على طريق
289

فميقاته ميقات أهل ذلك الطريق وإن كان مهل أرضه غيره
- كما أشرنا إليه سابقا (1) - فلا يتعين أن يحرم من مهل أرضه
بالاجماع، والنصوص. منها: صحيحة صفوان: " إن
رسول الله صلى الله عليه وآله وقت المواقيت لأهلها، ومن أتى عليها
من غير أهلها " (* 1).
(مسألة 6): قد علم مما مر أن ميقات حج التمتع
مكة. واجبا كان أو مستحبا، من الآفاقي أو من أهل مكة
وميقات عمرته: أحد المواقيت الخمسة، أو محاذاتها (2)،

(* 1) الوسائل باب: 15 من أبواب المواقيت حديث: 1.
290

كذلك أيضا. وميقات حج القران والافراد: أحد تلك المواقيت
مطلقا أيضا (1)، إلا إذا كان منزله دون الميقات أو مكة
فميقاته منزله (2). ويجوز من أحد تلك المواقيت أيضا، بل
هو الأفضل. وميقات عمرتها: أدنى الحل إذا كان في مكة (3)
ويجوز من أحد المواقيت أيضا (4). وإذا لم يكن في مكة
فيتعين أحدها (5) وكذا الحكم في العمرة المفردة (6)،
291

مستحبة كانت أو واجبة. وإن نذر الاحرام من ميقات معين
تعين (1). والمجاور بمكة بعد السنتين حاله حال أهلها (2)،
وقبل ذلك حاله حال النائي. فإذا أراد حج الافراد أو القران
292



(* 1) الوسائل باب: 22 من أبواب المواقيت حديث: 1، 2.
293

يكون ميقاته أحد الخمسة أو محاذاتها (1)، وإذا أراد العمرة
المفردة جاز إحرامها من أدنى الحل.
294

فصل في أحكام المواقيت
(مسألة 1): لا يجوز الاحرام قبل المواقيت (1)،
ولا ينعقد (2)، ولا يكفي المرور عليها محرما، بل لا بد من
إنشائه جديدا. ففي خبر ميسرة (3: " دخلت على أبي

(* 1) الوسائل باب: 11 من أبواب المواقيت حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 9 من أبواب المواقيت حديث: 3.
295

عبد الله (ع) وأنا متغير اللون، فقال (ع): من أين أحرمت
بالحج؟ فقلت: من موضع كذا وكذا. فقال (ع): رب
طالب خير يزل قدمه. ثم قال: أيسرك إن صليت الظهر في
السفر أربعا؟ قلت: لا. قال: فهو والله ذاك ": نعم يستثنى
من ذلك موضعان:
أحدهما: إذا نذر الاحرام قبل الميقات (1)، فإنه
يجوز ويصح. للنصوص. منها خبر أبي بصير (2) عن أبي

(* 1) الوسائل باب: 11 من أبواب المواقيت حديث: 5.
(* 2) الوسائل باب: 13 من أبواب المواقيت حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 13 من أبواب المواقيت حديث: 2.
296



(* 1) الوسائل باب: 13 من أبواب المواقيت حديث: 3.
(* 2) المصرح به في بعض نسخ التهذيب: (الحلبي) لاحظ التهذيب الجزء: 5 الصفحة 53
طبع النجف الأشرف.
(* 3) لاحظ الاستبصار الجزء: 2 الصفحة: 163 طبع النجف الأشرف.
297

عبد الله (ع): " لو أن عبدا أنعم الله تعالى عليه نعمة، أو
ابتلاه ببلية فعافاه من تلك البلية، فجعل على نفسه أن يحرم
من خراسان كان عليه أن يتم ". ولا يضر عدم رجحان ذلك
- بل مرجوحيته - قبل النذر، مع أن اللازم كون متعلق
النذر راجحا (1). وذلك لاستكشاف رجحانه بشرط النذر
من الأخبار (2)، واللازم رجحانه حين العمل (3) ولو كان
298

ذلك للنذر. ونظيره: مسألة الصوم في السفر المرجوح أو المحرم
من حيث هو، مع صحته ورجحانه بالنذر. ولا بد من دليل
يدل على كونه راجحا بشرط النذر، فلا يرد أن لازم ذلك
صحة نذر كل مكروه أو محرم. وفي المقامين المذكورين
الكاشف هو الأخبار. فالقول بعدم الانعقاد - كما عن جماعة (1)،
299

لما ذكر - لا وجه له. لوجود النصوص، وإمكان تطبيقها
على القاعدة. وفي الحاق العهد واليمين بالنذر وعدمه وجوه،
ثالثها: (1) الحاق العهد دون اليمين (2). ولا يبعد الأول،
300

لامكان الاستفادة من الأخبار. والأحوط الثاني (1)، لكون
الحكم على خلاف القاعدة. هذا ولا يلزم التجديد في الميقات (2)،
301

ولا المرور عليها. وإن كان الأحوط التجديد، خروجا عن
شبهة الخلاف. والظاهر اعتبار تعيين المكان (1)، فلا يصح
نذر الاحرام قبل الميقات مطلقا، فيكون مخيرا بين الأمكنة
لأنه القدر المتيقن، بعد عدم الاطلاق في الأخبار. نعم لا يبعد
الترديد بين المكانين (2)، بأن يقول: " لله علي أن أحرم
إما من الكوفة أو من البصرة "، وإن كان الأحوط خلافه.
ولا فرق بين كون الاحرام للحج الواجب، أو المندوب،
أو للعمرة المفردة (3). نعم لو كان للحج أو عمرة التمتع
يشترط أن يكون في أشهر الحج (4)، لاعتبار كون الاحرام
لهما فيها، والنصوص إنما جوزت قبل الوقت المكاني فقط.
302

ثم لو نذر وخالف نذره فلم يحرم من ذلك المكان - نسيانا أو
عمدا - لم يبطل إحرامه إذا أحرم من الميقات (1). نعم عليه
الكفارة إذا خالفه متعمدا.
ثانيهما: إذا أراد إدراك عمرة رجب وخشي تقضيه إن
أخر الاحرام إلى الميقات، فإنه يجوز له الاحرام قبل الميقات (2)
وتحسب له عمرة رجب، وإن أتى ببقية الأعمال في شعبان.
لصحيحة إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع): " عن رجل
يجئ معتمرا ينوي عمرة رجب، فيدخل عليه الهلال قبل
أن يبلغ العقيق، أيحرم قبل الوقت ويجعلها لرجب، أو يؤخر
الاحرام إلى العقيق ويجعلها لشعبان؟ قال: يحرم قبل الوقت
لرجب. فإن لرجب فضلا " (3)، وصحيحة معاوية بن عمار: سمعت

(* 1) الوسائل باب: 12 من أبواب المواقيت حديث: 2.
303

أبا عبد الله (ع) يقول: ليس ينبغي أن يحرم دون الوقت الذي
وقت رسول الله صلى الله عليه وآله. إلا أن يخاف فوت الشهر في العمرة " (1)
ومقتضى إطلاق الثانية جواز ذلك لادراك عمرة غير رجب
أيضا، حيث أن لكل شهر عمرة. لكن الأصحاب خصصوا
ذلك برجب (2). فهو الأحوط، حيث إن الحكم على خلاف
القاعدة. والأولى والأحوط - مع ذلك - التجديد في الميقات (3)
كما أن الأحوط التأخير إلى آخر الوقت. وإن كان الظاهر جواز
الاحرام قبل الضيق إذا علم عدم الادراك إذا أخر إلى الميقات (4).

(* 1) الوسائل باب: 12 من أبواب المواقيت حديث: 1.
304

بل هو الأولى، حيث أنه يقع باقي أعمالها أيضا في رجب.
والظاهر عدم الفرق بين العمرة المندوبة والواجبة بالأصل (1)
أو بالنذر ونحوه.
(مسألة 2): كما لا يجوز تقديم الاحرام على الميقات
كذلك لا يجوز التأخير عنها (2)، فلا يجوز لمن أراد الحج

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 2. وباب: 16 منه حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 15 من أبواب المواقيت حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 6 من أبواب المواقيت حديث: 3 وباب: 16 منه حديث: 2.
305

أو العمرة أو دخول مكة أن يجاوز الميقات اختيارا إلا محرما
بل الأحوط عد المجاوزة عن محاذاة الميقات إلا محرما
وإن كان أمامه ميقات آخر (1). فلو لم يحرم منها وجب
العود إليها مع الامكان. إلا إذا كان أمامه ميقات آخر، فإنه
يجزيه الاحرام منها (2)،

(* 1) الوسائل باب: 7 من أبواب المواقيت حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 7 من أبواب المواقيت حديث: 3.
306



(* 1) الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت حديث: 7.
(* 3) الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت حديث: 9.
(* 4) الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت حديث: 4.
(* 5) الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت ملحق حديث: 4.
307

وإن أثم بترك الاحرام من الميقات الأول (1). والأحوط
العود إليها مع الامكان مطلقا، وإن كان أمامه ميقات آخر.

(* 1) الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت حديث: 6.
308

وأما إذا لم يرد النسك، ولا دخول مكة - بأن كان له شغل
خارج مكة ولو كان في الحرم - فلا يجب الاحرام. نعم في
بعض الأخبار (1): وجوب الاحرام من الميقات إذا أراد
دخول الحرم وإن لم يرد دخول مكة. لكن قد يدعى الاجماع على
عدم وجوبه (2). وإن كان يمكن استظهاره من بعض الكلمات (3).

(* 1) الوسائل باب: 50 من أبواب الاحرام حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 50 من أبواب الاحرام حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 50 من أبواب الاحرام.
309

(مسألة 3): لو أخر الاحرام من الميقات عالما عامدا ولم
يتمكن من العود إليها - لضيق الوقت أو لعذر آخر - ولم يكن أمامه
ميقات آخر، بطل إحرامه (1)، وحجه (2)، على المشهور (3) الأقوى،
ووجب عليه قضاؤه إذا كان مستطيعا (4) وأما إذا لم يكن مستطيعا
فلا يجب، وأن أثم بترك الاحرام بالمرور على الميقات (5).
310

خصوصا إذا لم يدخل مكة. والقول بوجوبه عليه ولو لم يكن
مستطيعا (1)، بدعوى: وجوب ذلك عليه إذا قصد مكة، فمع تركه
يجب قضاؤه. لا دليل عليه. خصوصا إذا لم يدخل مكة (2).

(* 1) قال في التذكرة: " ولو تجاوز الميقات ورجع ولم يدخل الحرم فلا قضاء عليه. بلا
خلاف نعلمه، سواء أراد النسك أو لم يرده " منه قدس سره.
311

وذلك لأن الواجب عليه إنما كان الاحرام لشرف البقعة - كصلاة
التحية في دخول المسجد - فلا قضاء مع تركه. مع أن وجوب
الاحرام لذلك لا يوجب وجوب الحج عليه (1)، وأيضا إذا
بدا له ولم يدخل مكة كشف عن عدم الوجوب من الأول (2).
وذهب بعضهم إلى أنه لو تعذر عليه العود إلى الميقات أحرم
من مكانه (3)، كما في الناسي والجاهل. نظير ما إذا ترك
التوضي إلى أن ضاق الوقت، فإنه يتيمم وتصح صلاته،
وإن أثم بترك الوضوء متعمدا. وفيه: أن البدلية في المقام لم
تثبت، بخلاف مسألة التيمم، والمفروض أنه ترك ما وجب
عليه متعمدا.
312

(مسألة 4): لو كان قاصدا من الميقات للعمرة المفردة
وترك الاحرام لها متعمدا، ويجوز له أن يحرم من أدنى الحل
وإن كان متمكنا من العود إلى الميقات (1). فأدنى الحل له
مثل كون الميقات أمامه، وإن كان الأحوط - مع ذلك -

(* 1) الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت حديث: 7. وقد تقدم ذلك في المسألة: 2 من
هذا الفصل.
313

العود إلى الميقات. ولو لم يتمكن من العود، ولا الاحرام
من أدنى الحل بطلت عمرته.
(مسألة 5): لو كان مريضا لم يتمكن من النزع
ولبس الثوبين يجزيه النية والتلبية (1)، فإذا زال عندها نزع
314



(* 1) الوسائل باب: 16 من أبواب المواقيت حديث: 3.
315

ولبسهما، ولا يجب حينئذ عليه العود إلى الميقات. نعم لو

(* 1) الوسائل باب: 15 من أبواب المواقيت حديث: 1. وقد تقدم في المسألة: 2
من هذا الفصل.
316

كان له عذر عن أصل إنشاء الاحرام - لمرض أو إغماء - ثم
زال وجب عليه العود إلى الميقات إذا تمكن، وإلا كان حكمه
حكم الناسي في الاحرام من مكانه إذا لم يتمكن إلا منه. وإن
تمكن العود في الجملة وجب. وذهب بعضهم إلى أنه إذا
كان مغمى عليه ينوب عنه غيره (1). لمرسل جميل عن
أحدهما (ع): " في مريض أغمي عليه، فلم يفق حتى أتى
الموقف (2). قال (ع): يحرم عنه رجل ". والظاهر أن
المراد أنه يحرمه رجل، ويجنبه عن محرمات الاحرام، لا أنه
ينوب عنه في الاحرام (3). ومقتضى هذا القول عدم وجوب

(* 1) في بعض نسخ الكافي: (الوقت) لاحظ الكافي الجزء 4 الصفحة 325 طبع إيران الحديثة.
(* 2) الوسائل باب: 20 من أبواب المواقيت حديث: 1. طبع إيران الحديثة.
(* 3) الوسائل باب: 20 من أبواب المواقيت حديث: 4. طبع إيران الحديثة، باب: 55
من أبواب الاحرام حديث: 2. من الطبعة المذكورة، إلا أنه في الثاني جاء في الأصل: (الموقف)
وكتب (الوقت) بعنوان: نسخة. وفي التهذيب - أيضا -: (الموقف) لاحظ التهذيب الجزء 5
الصفحة 60 طبع النجف الأشرف.
317

العود إلى الميقات بعد إفاقته وإن كان ممكنا. ولكن العمل به
مشكل، لارسال الخبر، وعدم الجابر (1). فالأقوى العود
مع الامكان، وعدم الاكتفاء به مع عدمه.
(مسألة 6): إذا ترك الاحرام من الميقات - ناسيا،
أو جاهلا بالحكم، أو الموضوع - (2) وجب العود إليه مع الامكان (3)

(* 1) الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت حديث: 4.
318



(* 1) الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت حديث: 7.
(* 2) الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت حديث: 3.
(* 3) الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت حديث: 5.
(* 4) الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت حديث: 8.
319

ومع عدمه فإلى ما أمكن (1). إلا إذا كان أمامه ميقات آخر.

(* 1) الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت حديث: 10.
(* 2) الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت حديث: 4.
(* 3) الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت حديث: 2.
320

وكذا إذا جاوزها محلا - لعدم كونه قاصدا للنسك، ولا
لدخول مكة ثم بدا له ذلك - فإنه يرجع إلى الميقات مع التمكن (1)
وإلى ما أمكن مع عدمه (2).
321

(مسألة 7): من كان مقيما في مكة وأراد حج التمتع
وجب عليه الاحرام لعمرته من الميقات إذا تمكن، وإلا
فحاله حال الناسي (1).
(مسألة 8): لو نسي المتمتع الاحرام للحج بمكة ثم
ذكر وجب عليه العود مع الامكان (2)، وإلا ففي مكانه،
ولو كان في عرفات - بل المشعر - وصح حجه (3). وكذا

(* 1) الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت حديث: 8.
322



(* 1) الوسائل باب: 56 من أبواب جهاد النفس.
323

لو كان جاهلا بالحكم (1). ولو أحرم له من غير مكة مع
العلم والعمد لم يصح وإن دخل مكة باحرامه، بل وجب
عليه الاستئناف مع الامكان، وإلا بطل حجه (2). نعم لو
أحرم من غيرها نسيانا، ولم يتمكن من العود إليها صح
احرامه من مكانه (3).
(مسألة 9): لو نسي الاحرام ولم يذكر حتى أتى
بجميع الأعمال - من الحج أو العمرة - فالأقوى صحة عمله (4).

(* 1) الوسائل باب: 20 من أبواب المواقيت حديث: 1.
324



(* 1) الوسائل باب: 5 من أبواب مقدمات العبادات حديث: 10.
325

وكذا لو تركه جهلا حتى أتى بالجميع (1).
فصل في مقدمات الاحرام
(مسألة 1): يستحب قبل الشروع في الاحرام أمور:
أحدها: توفير شعر الرأس (2) - بل واللحية - (3)

(* 1) الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت حديث: 8.
(* 2) الوسائل باب: 2 من أبواب الاحرام حديث: 6.
326

لاحرام الحج مطلقا (1) - لا خصوص التمتع (2)، كما يظهر
من بعضهم لاطلاق الأخبار - (3)

(* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب الاحرام حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 2 من أبواب الاحرام ملحق حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 2 من أبواب الاحرام ملحق حديث: 2.
(* 4) الوسائل باب: 2 من أبواب الاحرام حديث: 4.
(* 5) الوسائل باب: 2 من أبواب الاحرام حديث: 5.
327

من - أول ذي القعدة، بمعنى: عدم إزالة شعرهما (1). لجملة
من الأخبار. وهي وإن كانت ظاهرة في الوجوب (2)، إلا
أنها محمولة على الاستحباب، لجملة أخرى من الأخبار ظاهرة فيه (3)

(* 1) الوسائل باب: 4 من أبواب الاحرام حديث: 6.
(* 2) الوسائل باب: 2 من أبواب الاحرام حديث: 3.
(* 3) الوسائل باب: 4 من أبواب المواقيت حديث: 3.
(* 4) الوسائل باب: 4 من أبواب الاحرام حديث: 5.
328

فالقول بالوجوب - كما هو ظاهر جماعة (1) - ضعيف، وإن
كان لا ينبغي ترك الاحتياط. كما لا ينبغي ترك الاحتياط باهراق
دم لو أزال شعر رأسه بالحلق، حيث يظهر من بعضهم
وجوبه أيضا، لخبر (2) محمول على الاستحباب. أو على
ما إذا كان في حال الاحرام.
ويستحب التوفير للعمرة شهرا.
329



(* 1) الوسائل باب: 5 من أبواب الاحرام حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 5 من أبواب الاحرام ملحق حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 5 من أبواب الاحرام ملحق حديث: 1.
330

الثاني: قص الأظفار، والأخذ من الشارب، وإزالة
شعر الإبط والعانة (1) بالطلي، أو الحلق، أو النتف (2).

(* 1) الوسائل باب: 6 من أبواب الاحرام حديث: 3.
(* 2) الوسائل باب: 6 من أبواب الاحرام حديث: 4.
(* 3) الوسائل باب: 6 من أبواب الاحرام حديث: 5.
331

والأفضل الأول، ثم الثاني (1). ولو كان مطليا قبله يستحب
له الإعادة وإن لم يمض خمسة عشر يوما (2).

(* 1) الوسائل باب: 85 من أبواب آداب الحمام حديث: 4.
(* 2) الوسائل باب: 32 من أبواب آداب الحمام حديث: 4.
(* 3) الوسائل باب: 7 من أبواب الاحرام حديث: 3.
332

ويستحب - أيضا - إزالة الأوساخ من الجسد (1)، لفحوى -
ما دل على المذكورات. وكذا يستحب الاستياك (2).

(* 1) الوسائل باب: 7 من أبواب الاحرام حديث: 5.
(* 2) الوسائل باب: 7 من أبواب الاحرام حديث: 6.
(* 3) الوسائل باب: 6 من أبواب الاحرام حديث: 4.
333

الثالث: الغسل للاحرام (1) في الميقات (2)، ومع
العذر عنه التيمم (3).

(* 1) لاحظ الوسائل باب: 1 من أبواب الجنابة، وباب: 1 من أبواب الأغسال المسنونة
وباب: 6، 7، 8، 9، 10، 11، 12، 13، 14 من أبواب الاحرام.
334

ويجوز تقديمه على الميقات مع خوف إعواز الماء (1)، بل
الأقوى جوازه مع عدم الخوف أيضا (2)

(* 1) الوسائل باب: 8 من أبواب الاحرام حديث: 1، 4.
(* 2) الوسائل باب: 8 من أبواب الاحرام حديث: 5.
(* 3) الوسائل باب: 8 من أبواب الاحرام حديث: 3.
335



(* 1) الوسائل باب: 7 من أبواب الاحرام حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 7 من أبواب الاحرام حديث: 3. قال: " سألت أبا عبد الله (ع)
عن التهيؤ للاحرام، فقال: أطل بالمدينة، فإنه طهور، وتجهز بكل ما تريد، وإن شئت استمتعت
بقميصك حتى تأتي الشجرة فتفيض عليك من الماء وتلبس ثوبيك إن شاء الله ". فربما يستظهر
من الحديث لزوم تأخير الغسل إلى مسجد الشجرة.
336

والأحوط الإعادة في الميقات (1). ويكفي الغسل من أول
النهار إلى الليل، ومن أول الليل إلى النهار (2). بل الأقوى
كفاية غسل اليوم إلى آخر الليل وبالعكس (3).
وإذا أحدث
بعدها قبل الاحرام يستحب إعادته خصوصا في النوم (4).

(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب الاحرام حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 9 من أبواب الاحرام حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 9 من أبواب الاحرام حديث: 5.
337



(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب الاحرام حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 10 من أبواب الاحرام حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 10 من أبواب الاحرام حديث: 3.
338



(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب زيارة البيت حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 3 من أبواب زيارة البيت حديث: 3.
(* 3) الوسائل باب: 6 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 1.
339

كما أن الأولى إعادته إذا أكل أو لبس ما لا يجوز أكله أو
لبسه للمحرم (1)،

(* 1) الوسائل باب: 13 من أبواب الاحرام حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 13 من أبواب الاحرام حديث: 2.
340

بل وكذا لو تطيب (1). بل الأولى ذلك في جميع تروك
الاحرام (2)، فلو أتى بواحد منها بعدها قبل الاحرام الأولى
إعادته.
ولو أحرم بغير غسل أتى به (3)،

(* 1) الوسائل باب: 11 من أبواب الاحرام حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 11 من أبواب الاحرام حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 12 من أبواب الاحرام حديث: 2.
341

وأعاد صورة الاحرام (1)،

(* 1) الوسائل باب: 20 من أبواب الاحرام حديث: 1.
342

سواء تركه عالما عامدا أو جاهلا أو ناسيا (1). ولكن
إحرامه الأول صحيح باق على حاله (2)، فلو أتى بما يوجب
الكفارة بعده وقبل الإعادة وجبت عليه (3).
ويستحب أن
يقول عند الغسل أو بعده: " بسم الله، وبالله. اللهم اجعله
لي نورا، وطهورا، وحرزا، وأمنا من كل خوف، وشفاء
من كل داء وسقم. اللهم طهرني وطهر قلبي، واشرح لي

(* 1) المراد: هو صحيح الحسين بن سعيد عن أخيه الحسن، المتقدم قريبا راجع الوسائل
باب: 20 من أبواب الاحرام حديث: 1.
345

صدري، وأجر على لساني محبتك ومدحتك والثناء عليك،
فإنه لا قوة إلا بك، وقد علمت أن قوام ديني التسليم لك،
والاتباع لسنة نبيك صلوات عليه وآله " (1).

(* 1) الفقيه الجزء: 2 الصفحة: 312 طبع النجف الأشرف.
346

الرابع: أن يكون الاحرام عقيب صلاة فريضة أو
نافلة (1). قيل بوجوب ذلك (2)، لجملة من الأخبار
الظاهرة فيه (3)،

(* 1) الوسائل باب: 18 من أبواب الاحرام حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 18 من أبواب الاحرام حديث: 5.
(* 3) الوسائل باب: 16 من أبواب الاحرام حديث: 1.
(* 4) الوسائل باب: 18 من أبواب الاحرام حديث: 4.
347

المحمولة على الندب، للاختلاف الواقع بينها (1)، واشتمالها
على خصوصيات غير واجبة (2).

(* 1) الوسائل باب: 19 من أبواب الاحرام حديث: 3.
(* 2) الوسائل باب: 19 من أبواب الاحرام حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 19 من أبواب الاحرام حديث: 2.
(* 4) الوسائل باب: 19 من أبواب الاحرام حديث: 4.
348

والأولى أن يكون بعد صلاة الظهر (1)، في غير احرام حج

(* 1) الوسائل باب: 15 من أبواب الاحرام حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 15 من أبواب الاحرام حديث: 5.
(* 3) الوسائل باب: 15 من أبواب الاحرام حديث: 6.
(* 4) الوسائل باب: 15 من أبواب الاحرام حديث: 7.
349

التمتع، فإن الأفضل فيه أن يصلي الظهر بمنى (1).

(* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب احرام الحج حديث: 3.
(* 2) الوسائل باب: 2 من أبواب احرام الحج حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 4 من أبواب احرام الحج حديث: 5.
350

وإن لم يكن في وقت الظهر فبعد صلاة فريضة أخرى حاضرة (1)

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب احرام الحج حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 4 من أبواب احرام الحج حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 4 من أبواب احرام الحج حديث: 3.
(* 4) الوسائل باب: 18 من أبواب احرام الحج حديث: 1.
351

وإن لم يكن فمقضية (1)، وإلا فعقيب صلاة النافلة.
الخامس: صلاة ست ركعات (2)، أو أربع ركعات (3)
أو ركعتين (4) للاحرام. والأولى الاتيان بها مقدما على
الفريضة (5). ويجوز إتيانها في أي وقت كان بلا كراهة،

(* 1) الوسائل باب: 18 من أبواب الاحرام حديث: 4. وقد تقدم ذلك في الأمر الرابع.
(* 2) الوسائل باب: 52 من أبواب الاحرام حديث: 2.
(* 3) لم نعثر على هذه الرواية في الأبواب المناسبة من الوسائل، كأبواب الطهارة، والصلاة،
والحج. كما لم نجدها في الكتب الفقهية، أمثال: الجواهر، والمستند، والحدائق.
(* 4) الوسائل باب: 19 من أبواب الاحرام حديث: 3. وقد تقدم ذلك في الأمر الرابع.
(* 5) الوسائل باب: 18 من أبواب الاحرام حديث: 5، وباب: 16 من أبواب الاحرام
حديث: 1. وقد تقدم ذكرهما في الأمر الرابع.
352

حتى في الأوقات المكروهة، وفي وقت الفريضة، حتى على
353

القول بعدم جواز النافلة لمن عليه فريضة. لخصوص الأخبار
الواردة في المقام (1).

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 13 من أبواب الاحرام حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 19 من أبواب الاحرام حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 19 من أبواب الاحرام حديث: 2.
355

والأولى أن يقرأ في الركعة الأولى بعد الحمد التوحيد (1)،
وفي الثانية الجحد، لا العكس كما قيل (2).
(مسألة): يكره للمرأة - إذا أرادت الاحرام - أن

(* 1) الوسائل باب: 15 من أبواب القراءة في الصلاة حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 15 من أبواب القراءة في الصلاة حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 15 من أبواب القراءة في الصلاة حديث: 2.
356

تستعمل الحناء إذا كان يبقى أثره إلى ما بعده (1)، مع قصد
الزينة (2)، بل لا معه أيضا إذا كان يحصل به الزينة وإن لم
تقصدها. بل قيل بحرمته (3). فالأحوط تركه، وإن كان
الأقوى عدمها (4). والرواية مختصة بالمرأة. لكنه ألحقوا
بها الرجل أيضا، لقاعدة الاشتراك، ولا بأس به. وأما
استعماله مع عدم إرادة الاحرام فلا بأس به وإن بقي أثره (5)
ولا بأس بعدم إزالته وإن كانت ممكنة.

(* 1) الوسائل باب: 23 من أبواب تروك الاحرام حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 23 من أبواب تروك الاحرام حديث: 1.
357

بسم الله الرحمن الرحيم
فصل في كيفية الاحرام
وواجباته ثلاثة:
358

الأول: النية (1)، بمعنى القصد إليه، فلو أحرم من
غير قصد أصلا بطل، سواء كان عن عمد، أو سهو، أو
جهل. ويبطل نسكه أيضا إذا كان الترك عمدا (2)، وأما
مع السهو والجهل فلا يبطل. ويجب عليه تجديده من الميقات
إذا أمكن، وإلا فمن حيث أمكن، على التفصيل الذي مر
سابقا في ترك أصل الاحرام.
(مسألة 1): يعتبر فيها القربة والخلوص، كما في
سائر العبادات، فمع فقدهما أو أحدهما يبطل احرامه.
(مسألة 2): يجب أن تكون مقارنة للشروع فيه،
360

فلا يكفي حصولها في الأثناء، فلو تركها وجب تجديده (1).
ولا وجه لما قيل (2): من أن الاحرام تروك وهي لا تفتقر
إلى النية، والقدر المسلم من الاجماع على اعتبارها إنما هو في
الجملة ولو قبل التحلل. إذ نمنع - أولا - كونه تروكا (3)
فإن التلبية، ولبس الثوبين من الأفعال. وثانيا: اعتبارها فيه

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 2 من أبواب وجوب الصوم حديث: 1.
361

على حد اعتباره في سائر العبادات، في كون اللازم تحققها
حين الشرع فيها (1).
(مسألة 3): يعتبر في النية كون الاحرام لحج
أو عمرة، وأن الحج تمتع أو قران أو إفراد، وأنه لنفسه أو
نيابة عن غيره، وأنه حجة الاسلام أو الحج النذري أو الندبي (2)
فلو نوى الاحرام من غير تعيين وأوكله إلى ما بعد ذلك بطل
363

فما عن بعضهم من صحته، وأن له صرفه إلى أيهما شاء من
حج أو عمرة (1) لا وجه له، إذ الظاهر أنه جزء من النسك
فتجب نيته كما في أجزاء سائر العبادات. وليس مثل الوضوء
والغسل بالنسبة إلى الصلاة (2). نعم الأقوى كفاية التعيين
364

الاجمالي، حتى بأن ينوي الاحرام لما سيعينه من حج أو عمرة
فإنه نوع تعيين (1). وفرق بينه وبين ما لو نوى مرددا مع

(* 1) سنن البيهقي الجزء: 5 الصفحة: 6 باب:
أنه صلى الله عليه وآله لم يعين الحج وينتظر القضاء.
365

إيكال التعيين إلى ما بعد.
(مسألة 4): لا يعتبر فيها نية الوجوب من وجوب أو
ندب (1)، إلا إذا توقف التعيين عليها. وكذا لا يعتبر فيها
التلفظ (2). بل ولا الاخطار بالبال، فيكفي الداعي (3).
(مسألة 5): لا يعتبر في الاحرام استمرار العزم على
ترك محرماته (4)،

(* 1) الوسائل باب: 17 من أبواب الاحرام حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 17 من أبواب الاحرام حديث: 2.
366

بل المعتبر العزم على تركها مستمرا (1)، فلو لم يعزم من الأول
على استمرار الترك بطل. وأما لو عزم على ذلك ولم يستمر
عزمه - بأن نوى بعد تحقق الاحرام عدمه، أو إتيان شئ
منها - لم يبطل، فلا يعتبر فيه استدامة النية كما في الصوم.
والفرق: أن التروك في الصوم معتبرة في صحته (2)، بخلاف
الاحرام فإنها فيه واجبات تكليفية.
(مسألة 6): لو نسي ما عينه من حج أو عمرة وجب
عليه التجديد (3)،
367

سواء تعين عليه أحدهما أولا. وقيل: إنه للمتعين منهما (1)،
368

ومع عدم التعيين يكون لما يصح منهما (1). ومع صحتهما
- كما في أشهر الحج - الأولى جعله للعمرة المتمتع بها (2).
وهو مشكل، إذ لا وجه له (3).
369

(مسألة 7): لا تكفي نية واحدة للحج والعمرة (1)،
بل لا بد لكل منهما من نيته مستقلا، إذ لكل منهما يحتاج إلى
إحرام مستقل، فلو نوى كذلك وجب عليه تجديدها. والقول
370

بصرفه إلى المتعين منهما إذا تعين عليه أحدهما والتخيير بينهما
إذا لم يتعين، وصح منه كل منهما، كما في أشهر الحج (1).
لا وجه له. كالقول: بأنه لو كان في أشهر الحج بطل ولزم
371

التجديد، وإن كان في غيرها صح عمرة مفردة (1).
(مسألة 8): لو نوى كاحرام فلان، فإن علم أنه
لماذا أحرم صح (2). وإن لم يعلم، فقيل: بالبطلان لعدم
التعيين، وقيل: بالصحة لما عن علي (ع) (3). والأقوى

(* 1) الوسائل باب: 17 من أبواب الاحرام حديث: 3.
(* 2) الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الحج حديث: 4.
(* 3) الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الحج حديث: 14.
372



(* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الحج ملحق الحديث: 14، حديث: 25.
(* 2) الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الحج حديث: 32.
373

الصحة، لأنه نوع تعيين. نعم لو لم يحرم فلان، أو بقي
على الاشتباه فالظاهر البطلان (1). وقد يقال: إنه في صورة
الاشتباه يتمتع (2) ولا وجه له. إلا إذا كان في مقام يصح
له العدول إلى التمتع.
(مسألة 9): لو وجب عليه نوع من الحج أو العمرة
فنوى غيره بطل (3).
374

(مسألة 10): لو نوى نوعا ونطق بغيره كان المدار
على ما نوى دون ما نطق (1).
(مسألة 11): لو كان في أثناء نوع وشك في أنه
نواه أو نوى غيره بنى على أنه نواه (2).
(مسألة 12): يستفاد من جملة من الأخبار استحباب
التلفظ بالنية (3)،

(* 1) الوسائل باب: 22 من أبواب الاحرام حديث: 8.
(* 2) الوسائل باب: 17 من أبواب احرام حديث: 1.
375



(* 1) الوسائل باب: 17 من أبواب الاحرام حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 16 من أبواب الاحرام حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 21 من أبواب الاحرام حديث: 7.
(* 4) الوسائل باب: 21 من أبواب الاحرام حديث: 4.
376

والظاهر تحققه بأي لفظ كان (1). والأولى أن يكون بما في
صحيحة ابن عمار (2)، وهو أن يقول: " اللهم إني أريد
ما أمرت به من التمتع بالعمرة إلى الحج، على كتابك وسنة
نبيك صلى الله عليه وآله، فيسر ذلك لي، وتقبله مني، وأعني عليه.
فإن عرض شئ يحبسني فحلني حيث حبستني لقدرك الذي
قدرت علي. اللهم إن لم تكن حجة فعمرة، أحرم لك
شعري، وبشري، ولحمي، ودمي، وعظامي، ومخي،
وعصبي من النساء والطيب، أبتغي بذلك وجهك والدار الآخرة ".

(* 1) الوسائل باب: 17 من أبواب الاحرام حديث: 5.
(* 2) الوسائل باب: 17 من أبواب الاحرام حديث: 6.
377

(مسألة 13): يستحب أن يشترط - عند إحرامه -
على الله أن يحله إذا عرض مانع من إتمام نسكه من حج أو
عمرة، وأن يتمم إحرامه عمرة إذا كان للحج ولم يمكنه
الاتيان، كما يظهر من جملة من الأخبار (1). واختلفوا في

(* 1) كما في الفقيه الجزء 2 الصفحة 206 طبع النجف الأشرف. وفي الكافي والتهذيب:
" فإن عرض لي شئ ". الكافي الجزء 4 الصفحة 331 طبع إيران الحديثة، التهذيب الجزء 5 الصفحة
77 طبع النجف الأشرف.
(* 2) الوسائل باب: 16 من أبواب الاحرام حديث: 1. وأما ما أسنده إلى معاوية بن عمار
في المتن فلم نعثر له على رواية كذلك. نعم إلى قوله: " وأعني عليه " موافق لصحيح ابن سنان المتقدم
ذكره قريبا. فلاحظ.
(* 3) الوسائل باب: 16 من أبواب الاحرام حديث: 2. وقد تقدم ذكره قريبا.
(* 4) الوسائل باب: 16 من أبواب الاحرام حديث: 2، 1. وقد تقدم ذكر رواية ابن سنان
في المسألة المتقدمة ورواية معاوية في التعليقة السابقة.
378

فائدة هذا الاشتراط، فقيل: إنها سقوط الهدي (1).

(* 1) الوسائل باب: 23 من أبواب الاحرام حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 23 من أبواب الاحرام حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 23 من أبواب الاحرام حديث: 3.
(* 4) الوسائل باب: 24 من أبواب الاحرام حديث: 3.
379

وقيل: إنها تعجيل التحلل، وعدم انتظار بلوغ الهدي محله (1).

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب الاحصار حديث: 4.
(* 2) المراد بها: قوله تعالى (ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله) - البقرة: 196 -.
380



(* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب الاحصار والصد حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب الاحصار والصد حديث: 3.
(* 3) الوسائل باب: 6 من أبواب الاحصار والصد حديث: 2.
381



(* 1) الوسائل باب: 4 من أبواب الاحصار والصد حديث: 1.
(* 2) المراد بالصحيحين: هما صحيح ذريح المحاربي، وصحيح محمد بن أبي نصر، المتقدمين
قريبا لاحظ الوسائل باب: 24 من أبواب الاحرام حديث: 3، باب: 1 من أبواب الاحصار
والصد حديث: 4.
382

وقيل: سقوط الحج من قابل (1).

(* 1) هذا بعض ما جاء في صحيح ذريح المحاربي، المتقدم ذكره قريبا.
(* 2): البقرة: 196.
(* 3) الوسائل باب: 27 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 2.
383

وقيل: إن فائدته إدراك الثواب (1)، فهو مستحب تعبدي
وهذا هو الأظهر. ويدل عليه قوله (ع) في بعض الأخبار (2):

(* 1) الوسائل باب: 25 من أبواب الاحرام حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 25 من أبواب الاحرام حديث: 2.
384



(* 1) الوسائل باب: 23 من أبواب الاحرام حديث: 4.
(* 2) المراد بالآية: قوله تعالى: (ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله) - البقرة: 196 -.
385

" هو حل حيث حبسه، اشتراط أو لم يشترط ".
والظاهر
عدم كفاية النية في حصول الاشتراط. بل لا بد من التلفظ (1).
لكن يكفي كلما أفاد هذا المعنى، فلا يعتبر فيه لفظ مخصوص (2)
وإن كان الأولى التعيين مما في الأخبار.
الثاني: من واجبات الاحرام: التلبيات الأربع (3).

(* 1) الوسائل باب: 24 من أبواب الاحرام حديث: 3. وقد تقدم ذلك في صفحة: 379.
386

والقول بوجوب الخمس (1)، أو الست (2) ضعيف. بل
ادعى جماعة الاجماع على عدم وجوب الأزيد من الأربع.
واختلفوا في صورتها على أقوال:
أحدها: أن يقول: " لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك
لك لبيك " (3).

(* 1) يأتي ذلك في الأمر الرابع من واجبات الاحرام.
387

الثاني: أن يقول - بعد العبارة المذكورة -: " إن
الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك " (1)
الثالث: أن يقول: " لبيك اللهم لبيك، لبيك إن
الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، لبيك " (2).

(* 1) الوسائل باب: 40 من أبواب الاحرام حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 36 من أبواب الاحرام حديث: 6.
(* 3) الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الحج حديث: 29.
388

الرابع: كالثالث، إلا أنه يقول: " إن الحمد والنعمة
والملك لك لا شريك لك، لبيك " (1) بتقديم لفظ: والملك
على لفظ: لك. والأقوى هو القول الأول - كما هو صريح (2)
صحيحة معاوية بن عمار (* 1) - والزوائد مستحبة. والأولى
التكرار، بالاتيان بكل من الصور المذكورة. بل يستحب

(* 1) الوسائل باب: 40 من أبواب الاحرام حديث: 2. وقد تقدم ذكر الرواية في الصورة
الأولى من صور التلبية.
(* 2) الوسائل باب: 40 من أبواب الاحرام حديث: 4.
389

أن يقول - كما في صحيحة معاوية بن عمار -: " لبيك اللهم لبيك،
لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك
لك، لبيك ذا المعارج لبيك، لبيك داعيا إلى دار السلام،
لبيك غفار الذنوب لبيك، لبيك أهل التلبية لبيك، لبيك ذا
الجلال والاكرام، لبيك مرهوبا ومرغوبا إليك لبيك، لبيك
تبدأ والمعاد إليك، لبيك كشاف الكروب العظام لبيك، لبيك
عبدك ابن عبديك لبيك، لبيك يا كريم لبيك ".

(* 1) الوسائل باب: 40 من أبواب الاحرام حديث: 5.
390

(مسألة 14): اللازم الاتيان بها على الوجه الصحيح
بمراعاة أداء الكلمات على قواعد العربية (1). فلا يجزئ
الملحون مع التمكن من الصحيح، بالتلقين، أو التصحيح.
ومع عدم تمكنه فالأحوط الجمع بينه وبين الاستنابة (2).

(* 1) الوسائل باب: 37 من أبواب الاحرام حديث: 3.
(* 2) الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الحج حديث: 15.
(* 3) الوسائل باب: 40 من أبواب الاحرام حديث: 2. وقد تقدم ذلك في الصورة الأولى
من صور التلبية.
(* 4) الوسائل باب: 39 من أبواب الاحرام حديث: 2.
391

وكذا لا تجزئ الترجمة مع التمكن (1)، ومع عدمه فالأحوط
الجمع بينهما وبين الاستنابة (2). والأخرس يشير إليها بإصبعه
مع تحريك لسانه (3). والأولى أن يجمع بينها وبين الاستنابة

(* 1) الوسائل باب: 39 من أبواب الاحرام حديث: 1.
392

ويلبى عن الصبي غير المميز، وعن المغمى عليه (1). وفي
قوله: " إن الحمد... " يصح أن يقرأ بكسر الهمزة،
وفتحها (2). والأولى الأول. و (لبيك) مصدر منصوب
بفعل مقدر (3)، أي: ألب لك البابا بعد إلباب. أو لبا

(* 1) الوسائل باب: 17 من أبواب أقسام الحج حديث: 5.
393

بعد لب، أي: إقامة بعد إقامة، من لب بالمكان - أو
ألب - أي: أنام. والأولى كونه من لب (2). وعلى
هذا، فأصله (لبين لك)، فحذف اللام، وأضيف إلى
الكاف، فحذف النون. وحاصل معناه: إجابتين لك (3).
وربما يحتمل أن يكون من (لب)، بمعنى: واجه (4)،
يقال، " داري تلب دارك "، أي: تواجهها. فمعناه:
مواجهتي وقصدي لك. وأما احتمال كونه من (لب الشئ)
أي: خالصه، فيكون بمعنى إخلاصي لك فبعيد (5). كما
394

أن القول بأنه كلمة مفردة، نظير: (على) و (لدى)،
فأضيفت إلى الكاف، فقلبت ألفه ياء (1). لا وجه له (2)
لأن (على) و (لدى) - إذا أضيفا إلى الظاهر - يقال فيهما
بالألف، كعلى زيد، ولدى زيد. وليس لبى كذلك، فإنه
يقال فيه: " لبي زيد " بالياء.
(مسألة 15): لا ينعقد إحرام حج التمتع وإحرام
عمرته، ولا إحرام حج الافراد، ولا إحرام حج العمرة
395

المفردة إلا بالتلبية (1). وأما في حج القران فيتخير بين

(* 1) الوسائل باب: 14 من أبواب الاحرام حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 14 من أبواب الاحرام حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 14 من أبواب الاحرام حديث: 13.
(* 4) الوسائل باب: 14 من أبواب الاحرام حديث: 8.
396

التلبية وبين الاشعار أو التقليد (1). والاشعار مختص بالبدن

(* 1) الوسائل باب: 14 من أبواب الاحرام حديث: 14.
(* 2) الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج حديث: 20.
(* 3) الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج حديث: 11.
(* 4) الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج حديث: 21.
397

والتقليد مشترك بينها وبين غيرها من أنواع الهدي (1).
والأولى في البدن الجمع بين الاشعار والتقليد (2). فينعقد

(* 1) الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج حديث: 9.
(* 2) الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج حديث: 4.
(* 3) الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج حديث: 22.
398

إحرام حج القران بأحد هذه الثلاثة، ولكن الأحوط - مع
اختيار الاشعار والتقليد - ضم التلبية أيضا (1).
نعم الظاهر وجوب التلبية على القارن (2)،
399



(* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الحج حديث: 29.
(* 2) الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج حديث: 4.
(* 4) الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج حديث: 22.
(* 5) الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج حديث: 13.
(* 6) الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج حديث: 2.
400



(* 1) الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج حديث: 11.
(* 2) الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج حديث: 10.
401

وإن لم يتوقف انعقاد احرامه عليها، فهي واجبة عليه في
نفسها. ويستحب الجمع بين التلبية وأحد الأمرين، وبأيهما
بدأ كان واجبا وكان الآخر مستحبا.
ثم إن الاشعار عبارة عن شق السنام الأيمن (1)، بأن
يقوم الرجل من الجانب الأيسر من الهدي، ويشق سنامه من
الجانب الأيمن، ويلطخ صفحته بدمه (2). والتقليد: أن
يعلق في رقبة الهدي نعلا خلقا قد صلى فيه (3).

(* 1) الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج حديث: 2، 4. وقد تقدم الأول في التعليقة
السابقة، والثاني قبل ذلك قريبا.
(* 2) الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج حديث: 6.
(* 3) الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج حديث: 22.
(* 4) الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج حديث: 11.
402

(مسألة 16): لا تجب مقارنة التلبية لنية الاحرام،
وإن كان أحوط. فيجوز أن يؤخرها عن النية ولبس الثوبين
على الأقوى (1).

(* 1) الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج حديث: 9.
(* 2) الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج حديث: 19.
(* 3) الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج حديث: 7.
403

(مسألة 17): لا تحرم عليه محرمات الاحرام قبل
التلبية وإن دخل فيه بالنية ولبس الثوبين، فلو فعل شيئا من
المحرمات لا يكون آثما، وليس عليه كفارة (1). وكذا في
القارن إذا لم يأت بها، ولا بالاشعار أو التقليد (2). بل
يجوز له أن يبطل الاحرام ما لم يأت بها في غير القارن، أو
لم يأت بها ولا بأحد الأمرين فيه (3).
405

والحاصل: أن الشروع في الاحرام وإن كان يتحقق بالنية
ولبس الثوبين (1)، إلا أنه لا تحرم عليه المحرمات، ولا يلزم
406

البقاء عليه إلا بها، أو بأحد الأمرين. فالتلبية وأخواها
بمنزلة تكبيرة الاحرام في الصلاة (1).
(مسألة 18): إذا نسي التلبية وجب عليه العود إلى
الميقات لتداركها (2). وإن لم يتمكن أتى بها في مكان
التذكر. والظاهر عدم وجوب الكفارة عليه إذا كان آتيا بما
يوجبها، لما عرفت من عدم انعقاد الاحرام إلا بها.
407

(مسألة 19): الواجب من التلبية مرة واحدة (1).
نعم يستحب الاكثار بها وتكريرها ما استطاع (2). خصوصا
في دبر كل صلاة فريضة أو نافلة، وعند صعود شرف أو
هبوط واد، وعند المنام (3)، وعند اليقظة، وعند الركوب

(* 1) الوسائل باب: 40 من أبواب الاحرام حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 40 من أبواب الاحرام حديث: 3.
408

وعند النزول، وعند ملاقاة راكب، وفي الأسحار. وفي
بعض الأخبار (1): " من لبى في إحرامه سبعين مرة إيمانا
واحتسابا، أشهد الله ألف ألف ملك براءة من النار وبراءة
من النفاق ". ويستحب الجهر بها - خصوصا في المواضع
المذكورة - للرجال (2)،

(* 1) الوسائل باب: 41 من أبواب الاحرام حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 40 من أبواب احرام حديث: 2. وقد تقدم ذلك قريبا.
(* 3) الوسائل باب: 37 من أبواب الاحرام ملحق حديث: 1.
409

دون النساء (1). ففي المرسل (2): " إن التلبية شعار المحرم
فارفع صوتك بالتلبية ". وفي المرفوعة (3): " لما أحرم
رسول الله صلى الله عليه وآله أتاه جبرائيل، فقال: مر أصحابك بالعج

(* 1) الوسائل باب: 38 من أبواب الاحرام حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 38 من أبواب الاحرام حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 38 من أبواب الاحرام حديث: 4.
(* 4) الوسائل باب: 37 من أبواب الاحرام حديث: 3.
410

والثج. فالعج: رفع الصوت بالتلبية. والثج: نحر البدن ".
(مسألة 20): ذكر جماعة أن الأفضل لمن حج على
طريق المدينة تأخير التلبية إلى البيداء مطلقا - كما قاله بعضهم - (1)
أو في خصوص الراكب، كما قيل (2). ولمن حج على طريق
آخر تأخيرها إلى أن يمشي قليلا (3). ولمن حج من مكة
تأخيرها إلى الرقطاء (4) - كما قيل - أو إلى أن يشرف على
الأبطح (5). لكن الظاهر - بعد عدم الاشكال في عدم

(* 1) الوسائل باب: 37 من أبواب الاحرام ملحق حديث: 1. وقد تقدم ذلك قريبا فلاحظ.
(* 2) الوسائل باب: 46 من أبواب الاحرام حديث: 4.
411

وجوب مقارنتها للنية ولبس الثوبين - استحباب التعجيل بها
مطلقا، وكون أفضلية التأخير بالنسبة إلى الجهر بها (1).

(* 1) الوسائل باب: 34 من أبواب الاحرام حديث: 3.
(* 2) الوسائل باب: 34 من أبواب الاحرام حديث: 4.
(* 3) الوسائل باب: 34 من أبواب الاحرام حديث: 5.
(* 4) الوسائل باب: 34 من أبواب الاحرام حديث: 6.
(* 5) الوسائل باب: 34 من أبواب الاحرام حديث: 7.
412



(* 1) الوسائل باب: 35 من أبواب الاحرام حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 35 من أبواب الاحرام حديث: 3.
(* 3) الوسائل باب: 46 من أبواب الاحرام حديث: 1.
(* 4) الوسائل باب: 34 من أبواب الاحرام حديث: 1.
(* 5) الوسائل باب: 46 من أبواب الاحرام حديث: 2.
(* 6) الوسائل باب: 46 من أبواب الاحرام حديث: 3.
413



(* 1) الوسائل باب: 36 من أبواب الاحرام حديث: 5.
(* 2) الوسائل باب: 34 من أبواب الاحرام حديث: 8.
(* 3) الوسائل باب: 35 من أبواب الاحرام حديث: 4.
414



(* 1) الوسائل باب: 40 من أبواب الاحرام حديث: 3.
(* 2) تقدم ذلك قريبا. قريبا.
(* 3) الوسائل باب: 35 من أبواب الاحرام حديث: 2.
415

فالأفضل أن يأتي بها حين النية ولبس الثوبين سرا، ويؤخر
الجهر بها إلى المواضع المذكورة. والبيداء: أرض مخصوصة
بين مكة والمدينة، على ميل من ذي الحليفة نحو مكة (1).

(* 1) الوسائل باب: 34 من أبواب الاحرام حديث: 1 وباب: 46 من أبواب الاحرام
حديث: 2. وقد تقدم ذكر الروايتين قريبا. فلاحظ.
416

والأبطح مسيل وادي مكة (1)، وهو مسيل واسع فيه دقائق
الحصى، أوله عند منقطع الشعب بين وادي منى، وآخره
متصل بالمقبرة التي تسمى بالعلى عند أهل مكة. والرقطاء:
موضع دون الردم، يسمى مدعى (2). ومدعى الأقوام:
مجتمع قبائلهم. والردم: حاجز يمنع السيل عن البيت (3)،
ويعبر عنه بالمدعى (4).
(مسألة 21): المعتمر عمرة التمتع يقطع التلبية عند
مشاهدة بيوت مكة (5) في الزمن القديم. وحدها - لمن جاء

(* 1) الكهف: 95.
417



(* 1) الوسائل باب: 43 من أبواب الاحرام حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 43 من أبواب الاحرام حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 43 من أبواب الاحرام حديث: 4.
(* 4) الوسائل باب: 43 من أبواب الاحرام حديث: 7.
(* 5) الوسائل باب: 43 من أبواب الاحرام حديث: 9.
418

على طريق المدينة -: عقبة المدنيين، وهو مكان معروف.
والمعتمر عمرة مفردة عند دخول الحرم إذا جاء من خارج
الحرم (1)، وعند مشاهدة الكعبة إن كان قد خرج من

(* 1) الوسائل باب: 45 من أبواب الاحرام حديث: 8.
419



(* 1) الوسائل باب 45 من أبواب الاحرام حديث: 4.
(* 2) الوسائل باب: 45 من أبواب الاحرام حديث: 1.
(* 3) الوسائل باب: 45 من أبواب الاحرام حديث: 2.
(* 4) الوسائل باب: 45 من أبواب الاحرام حديث: 6.
(* 5) الوسائل باب: 45 من أبواب الاحرام حديث: 3.
(* 6) الوسائل باب: 45 من أبواب الاحرام حديث: 11.
(* 7) الوسائل باب: 45 من أبواب الاحرام حديث: 12.
420

مكة لاحرامها. والحاج - بأي نوع من الحج يقطعها عند
الزوال من يوم عرفة (1). وظاهرهم: أن القطع في الموارد
المذكورة على سبيل الوجوب (2)، وهو الأحوط. وقد يقال
بكونه مستحبا.

(* 1) الوسائل باب: 44 من أبواب الاحرام حديث: 1.
(* 2) الوسائل باب: 44 من أبواب الاحرام حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 44 من أبواب الاحرام حديث: 5.
422

(مسألة 22): الظاهر أنه لا يلزم - في تكرار التلبية -
أن يكون بالصورة المعتبرة في انعقاد الاحرام - بل ولا بإحدى
الصور المذكورة في الأخبار - بل يكفي أن يقول: " لبيك
اللهم لبيك " (1). بل لا يعبد كفاية تكرار لفظ: (لبيك).
(مسألة 23): إذا شك بعد الاتيان بالتلبية أنه أتى
بها صحيحة أم لا بنى على الصحة (2).
(مسألة 24): إذا أتى بالنية ولبس الثوبين وشك في
أنه أتى بالتلبية أيضا حتى يجب عليه ترك المحرمات أولا،
يبني على عدم الاتيان بها (3). فيجوز له فعلها ولا كفارة عليه.
(مسألة 25): إذا أتى بموجب الكفارة (4) وشك

(* 1) الوسائل باب: 40 من أبواب الاحرام حديث: 2. وقد تقدم ذلك في المسألة: 13
من هذا الفصل.
423

في أنه كان بعد التلبية حتى تجب عليه أو قبلها، فإن كانا
مجهولي التاريخ أو كان تاريخ التلبية مجهولا لم تجب عليه الكفارة (1)
وإن كان تاريخ إتيان الموجب مجهولا، فيحتمل أن يقال
بوجوبها، لأصالة التأخر (2). لكن الأقوى عدمه، لأن
الأصل لا يثبت كونه بعد التلبية.
الثالث من واجبات الاحرام: لبس الثوبين (3)
424



(* 1) الوسائل باب: 15 من أبواب الاحرام حديث: 6.
(* 2) الوسائل باب: 48 من أبواب الاحرام حديث: 2.
(* 3) الوسائل باب: 48 من أبواب الاحرام حديث: 3.
425

بعد التجرد عما يجب على المحرم اجتنابه (1): يتزر بأحدهما،
ويرتدي بالآخر. والأقوى عدم كون لبسهما شرطا في
تحقق الاحرام (2)،

(* 1) الوسائل باب: 45 من أبواب تروك الاحرام حديث: 2.
426

بل كونه واجبا تعبديا. والظاهر عدم اعتبار كيفية مخصوصا
في لبسهما، فيجوز الاتزار بأحدهما كيف شاء، والارتداء
بالآخر، أو التوشح به، أو غير ذلك من الهيئات (1).

(* 1) الوسائل باب: 45 من أبواب تروك الاحرام حديث: 3.
(* 2) الوسائل باب: 45 من أبواب تروك الاحرام حديث: 4.
(* 3) الوسائل باب: 45 من أبواب تروك الاحرام حديث: 5.
(* 4) الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج حديث: 20.
427

لكن الأحوط لبسهما على الطريق المألوف. ولذا الأحوط عدم
عقد الإزار في عنقه (1).

(* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الحج حديث: 15.
(* 2) الوسائل باب: 44 من أبواب تروك الاحرام حديث: 7.
(* 3) الوسائل باب: 53 من أبواب تروك الاحرام حديث: 1.
428

بل عدم عقده مطلقا ولو بعضه ببعض، وعدم غرزه بإبرة
ونحوها (1). وكذا في الرداء الأحوط عدم عقده (2). لكن
الأقوى جواز ذلك كله في كل منهما (3)، ما لم يخرج عن

(* 1) الوسائل باب: 53 من أبواب تروك الاحرام حديث: 5.
(* 2) الوسائل باب: 53 من أبواب تروك الاحرام حديث: 3.
429

كونه رداء أو إزارا. ويكفي فيهما المسمى (1). وإن كان
الأولى - بل الأحوط أيضا - كون الإزار مما يستر السرة والركبة
والرداء مما يستر المنكبين (2). والأحوط عدم الاكتفاء بثوب
طويل يتزر ببعضه ويرتدي بالباقي (3)، إلا في حال الضرورة
والأحوط كون اللبس قبل النية والتلبية (4)،
430

فلو قدمهما عليه أعادهما بعده (1). والأحوط ملاحظة النية
في اللبس (2). وأما التجرد فلا يعتبر فيه النية (3)، وإن
كان الأحوط والأولى اعتبارها فيه أيضا.
(مسألة 26): لو أحرم في قميص (4) عالما عامدا
أعاد. لا لشرطية لبس الثوبين (5)، لمنعها - كما عرفت -
بل لأنه مناف للنية، حيث أنه يعتبر فيها العزم على ترك
المحرمات التي منها لبس المخيط (6). وعلى هذا فلو لبسهما
فوق القميص أو تحته كان الأمر كذلك أيضا، لأنه مثله في

(* 1) الوسائل باب: 45 من أبواب تروك الاحرام حديث: 2 وقد تقدم في المسألة السابقة.
431

المنافاة للنية. إلا أن يمنع كون الاحرام هو العزم على ترك
المحرمات (1)، بل هو البناء على تحريمها على نفسه (2)،
فلا تجب الإعادة حينئذ. هذا ولو أحرم في القميص جاهلا
بل أو ناسيا أيضا - نزعه وصح إحرامه (3)، أما إذا لبسه

(* 1) الوسائل باب: 45 من أبواب تروك الاحرام حديث: 4. وقد تقدم ذلك في المسألة السابقة.
432

بعد الاحرام فاللازم شقه وإخراجه من تحت. والفرق بين
الصورتين من حيث النزع والشق تعبد، لا لكون الاحرام
باطلا في الصورة الأولى، كما قد قيل (1).
(مسألة 27): لا يجب استدامة لبس الثوبين، بل
يجوز تبديلهما ونزعهما لإزالة الوسخ أو للتطهير (2). بل الظاهر
جواز التجرد منهما (3)، مع الأمن من الناظر. أو كون
العورة مستورة بشئ آخر.
(مسألة 28): لا بأس بالزيادة على الثوبين - في ابتداء
الاحرام وفي الأثناء - للاتقاء عن البرد والحر (4).

(* 1) الوسائل باب: 48 من أبواب الاحرام حديث: 2.
(* 2) الوسائل باب: 30 من أبواب الاحرام حديث: 1.
433

بل ولو اختيارا (1).
(قد تم كتاب الحج بعون الله. وصلى الله عليه محمد وآله الطاهرين)

(* 1) الوسائل باب: 30 من أبواب الاحرام حديث: 2.
434