الكتاب: العروة الوثقى
المؤلف: السيد اليزدي
الجزء: ٣
الوفاة: ١٣٣٧
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤٢٠
المطبعة:
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
ردمك:
ملاحظات: مع تعليقات عدة من الفقهاء العظام

العروة الوثقى
تأليف
آية الله العظمى السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي
المتوفى سنة 1337 ه‍.
مع تعليقات
عدة من الفقهاء العظام قدس سرهم
مؤسسة النشر الإسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
1

العروة الوثقى
(ج 3)
تأليف
آية الله العظمى السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي قدس سره
تعليق: عدة من الفقهاء العظام قدس سرهم
الموضوع: الفقه
تحقيق وطبع: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبوع: 1000 نسخة
الطبعة: الأولى
التاريخ: 1420 ه‍. ق
مؤسسة النشر الإسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
2

أصحاب العظام قدس سرهم:
1 - الجواهري: الشيخ علي ابن الشيخ باقر ابن الشيخ محمد حسن (م 1340 ه‍).
2 - الفيروزآبادي: السيد محمد ابن السيد محمد باقر الفيروزآبادي (م 1345 ه‍).
3 - النائيني: الميرزا حسين النائيني (م 1355 ه‍).
4 - الحائري: الشيخ عبد الكريم الحائري (م 1355 ه‍).
5 - آقا ضياء: الشيخ آقا ضياء الدين العراقي (م 1361 ه‍).
6 - الإصفهاني: السيد أبو الحسن الموسوي الإصفهاني (م 1365 ه‍).
7 - آل ياسين: الشيخ محمد رضا آل ياسين (م 1370 ه‍).
8 - كاشف الغطاء: الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء (م 1373 ه‍).
9 - البروجردي: السيد حسين البروجردي (م 1380 ه‍).
10 - الشيرازي: الميرزا السيد عبد الهادي الحسيني الشيرازي (م 1382 ه‍).
11 - الحكيم: السيد محسن الطباطبائي الحكيم (م 1390 ه‍).
12 - الخوانساري: السيد أحمد الخوانساري (م 1405 ه‍).
13 - الإمام الخميني: السيد روح الله الموسوي الخميني (م 1409 ه‍).
14 - الخوئي: السيد أبو القاسم الخوئي (م 1413 ه‍).
15 - الگلپايگاني: السيد محمد رضا الگلپايگاني (م 1414 ه‍).
3

فصل
في مبطلات الصلاة
وهي أمور:
أحدها: فقد بعض الشرائط في أثناء الصلاة كالستر وإباحة المكان
واللباس ونحو ذلك مما مر في المسائل المتقدمة.
الثاني: الحدث الأكبر أو الأصغر فإنه مبطل أينما وقع فيها،
ولو قبل الآخر بحرف، من غير فرق بين أن يكون عمدا أو سهوا (1) أو
اضطرارا عدا ما مر في حكم المسلوس والمبطون والمستحاضة،
نعم لو نسي السلام (2) ثم أحدث فالأقوى عدم البطلان (3) وإن كان
5

الأحوط الإعادة أيضا (1).
الثالث: التكفير (2) بمعنى وضع إحدى اليدين على الأخرى على
النحو الذي يصنعه غيرنا إن كان عمدا لغير ضرورة، فلا بأس به سهوا،
وإن كان الأحوط الإعادة معه أيضا، وكذا لا بأس به مع الضرورة (3)، بل
لو تركه حالها أشكلت الصحة وإن كانت أقوى (4)، والأحوط عدم وضع
6

إحدى اليدين على الأخرى بأي وجه كان في أي حالة من حالات
الصلاة وإن لم يكن متعارفا بينهم، لكن بشرط أن يكون بعنوان
الخضوع (1) والتأدب، وأما إذا كان لغرض آخر كالحك ونحوه فلا بأس
به مطلقا، حتى على الوضع المتعارف.
الرابع: تعمد الالتفات بتمام البدن إلى الخلف أو إلى اليمين أو اليسار،
بل وإلى ما بينهما على وجه يخرج عن الاستقبال (2)، وإن لم يصل إلى
حدهما، وإن لم يكن الالتفات حال القراءة أو الذكر، بل الأقوى ذلك في
الالتفات بالوجه إلى الخلف (3) مع فرض إمكانه ولو بميل البدن على
7

وجه لا يخرج عن الاستقبال (1)، وأما الالتفات بالوجه يمينا ويسارا مع
بقاء البدن مستقبلا فالأقوى كراهته (2) مع عدم كونه فاحشا وإن كان
8

الأحوط اجتنابه أيضا، خصوصا إذا كان طويلا، وسيما إذا كان مقارنا
لبعض أفعال الصلاة (1) خصوصا الأركان، سيما تكبيرة الإحرام، وأما إذا
كان فاحشا ففيه إشكال (2) فلا يترك الاحتياط حينئذ (3)، وكذا تبطل مع
الالتفات سهوا (4)، فيما كان عمده مبطلا إلا إذا لم يصل إلى حد اليمين
واليسار (5)، بل كان فيما بينهما، فإنه غير مبطل إذا كان سهوا، وإن كان
بكل البدن.
الخامس: تعمد الكلام بحرفين ولو مهملين (6) غير مفهمين للمعنى
9

أو بحرف واحد (1) بشرط كونه مفهما للمعنى (2) نحو (ق) فعل أمر من
وقى بشرط أن يكون عالما بمعناه وقاصدا له، بل أو غير قاصد أيضا
مع التفاته إلى معناه على الأحوط (3).
(مسألة 1): لو تكلم بحرفين حصل ثانيهما من إشباع حركة الأول
بطلت (4) بخلاف ما لو لم يصل الاشباع إلى حد حصول حرف آخر.
(مسألة 2): إذا تكلم بحرفين من غير تركيب كأن يقول: ب ب مثلا
ففي كونه مبطلا أولا وجهان، والأحوط (5) الأول.
10

(مسألة 3): إذا تكلم بحرف واحد غير مفهم للمعنى لكن وصله
بإحدى كلمات القراءة أو الأذكار أبطل من حيث إفساد تلك الكلمة إذا
خرجت تلك الكلمة عن حقيقتها.
(مسألة 4): لا تبطل بمد حرف المد واللين وإن زاد فيه (1) بمقدار
حرف آخر فإنه محسوب حرفا واحدا.
(مسألة 5): الظاهر عدم البطلان بحروف المعاني مثل (ل) حيث إنه
لمعنى التعليل أو التمليك أو نحوهما، وكذا مثل (و) حيث يفيد معنى
العطف أو القسم ومثل (ب) فإنه حرف الجر وله معان، وإن كان الأحوط
البطلان (2) مع قصد هذه المعاني، وفرق واضح بينها وبين حروف المباني.
11

(مسألة 6): لا تبطل بصوت التنحنح (1) ولا بصوت النفخ والأنين (2)
والتأوه ونحوها. نعم تبطل بحكاية أسماء هذه الأصوات مثل أح وپف
واوه.
(مسألة 7): إذا قال: آه من ذنوبي أو آه من نار جهنم لا تبطل الصلاة
قطعا إذا كان في ضمن دعاء (3) أو مناجاة، وأما إذا قال: آه (4) من غير
ذكر المتعلق فإن قدره فكذلك، وإلا فالأحوط (5) اجتنابه، وإن كان
الأقوى (6) عدم البطلان إذا كان في مقام الخوف من الله (7).
(مسألة 8): لا فرق في البطلان بالتكلم بين أن يكون هناك مخاطب
12

أم لا، وكذا لا فرق بين أن يكون مضطرا (1) في التكلم أو مختارا، نعم
التكلم سهوا ليس مبطلا، ولو كان بتخيل الفراغ من الصلاة.
(مسألة 9): لا بأس بالذكر والدعاء في جميع أحوال الصلاة بغير
المحرم وكذا بقراءة القرآن غير ما يوجب السجود (2)، وأما الدعاء
بالمحرم كالدعاء على مؤمن ظلما فلا يجوز، بل هو مبطل (3) للصلاة
وإن كان جاهلا بحرمته، نعم لا يبطل مع الجهل بالموضوع كما إذا
اعتقده كافرا فدعا عليه فبان أنه مسلم.
(مسألة 10): لا بأس بالذكر والدعاء بغير العربي أيضا (4)، وإن كان
الأحوط (5) العربية.
(مسألة 11): يعتبر في القرآن قصد القرآنية (6)، فلو قرأ ما هو مشترك
13

بين القرآن وغيره لا بقصد القرآنية ولم يكن دعاء أيضا أبطل بل الآية
المختصة بالقرآن أيضا إذا قصد بها غير القرآن أبطلت (1) وكذا لو لم يعلم
أنها قرآن (2).
(مسألة 12): إذا أتى بالذكر بقصد تنبيه الغير والدلالة على أمر من
الأمور فإن قصد به الذكر وقصد التنبيه برفع الصوت مثلا فلا إشكال في
الصحة، وإن قصد به التنبيه من دون قصد الذكر أصلا بأن استعمله في
التنبيه والدلالة لا إشكال في كونه مبطلا، وكذا إن قصد الأمرين معا (3)
على أن يكون له مدلولان واستعمله فيهما (4)، وأما إذا قصد الذكر وكان
داعيه على الإتيان بالذكر تنبيه الغير فالأقوى الصحة.
(مسألة 13): لا بأس بالدعاء مع مخاطبة الغير (5) بأن يقول: غفر
14

الله لك، فهو مثل قوله: اللهم اغفر لي أو لفلان.
(مسألة 14): لا بأس بتكرار الذكر أو القراءة عمدا أو من باب
الاحتياط، نعم إذا كان التكرار من باب الوسوسة فلا يجوز (1)، بل لا يبعد
بطلان الصلاة به (2).
(مسألة 15): لا يجوز ابتداء السلام للمصلي، وكذا سائر التحيات مثل
15

صبحك الله بالخير، أو مساك الله بالخير، أو في أمان الله، أو ادخلوها
بسلام، إذا قصد مجرد التحية، وأما إذا قصد الدعاء بالسلامة أو الاصباح
والإمساء بالخير ونحو ذلك فلا بأس به (1)، وكذا إذا قصد القرآنية (2) من
نحو قوله: سلام عليكم (3)، أو ادخلوها بسلام، وإن كان الغرض منه السلام
أو بيان المطلب بأن يكون من باب الداعي على الدعاء أو قراءة القرآن.
(مسألة 16): يجوز رد سلام التحية في أثناء الصلاة (4)، بل يجب وإن
16

لم يكن السلام أو الجواب بالصيغة القرآنية، ولو عصى ولم يرد الجواب
واشتغل بالصلاة قبل فوات وقت الرد لم تبطل على الأقوى (1).
(مسألة 17): يجب أن يكون الرد في أثناء الصلاة بمثل ما سلم (2)،
فلو قال: سلام عليكم يجب أن يقول في الجواب: سلام عليكم مثلا،
بل الأحوط (3) المماثلة في التعريف والتنكير والإفراد والجمع،
فلا يقول: سلام عليكم في جواب السلام عليكم، أو في جواب سلام
عليك مثلا وبالعكس وإن كان لا يخلو من منع (4)، نعم لو قصد القرآنية (5)
17

في الجواب فلا بأس بعدم المماثلة.
(مسألة 18): لو قال المسلم: عليكم السلام فالأحوط في الجواب أن
يقول: سلام عليكم، بقصد القرآنية أو بقصد الدعاء (1).
18

(مسألة 19): لو سلم بالملحون (1) وجب الجواب (2) صحيحا والأحوط
قصد الدعاء (3) أو القرآن.
(مسألة 20): لو كان المسلم صبيا مميزا أو نحوه أو امرأة أجنبية
أو رجلا أجنبيا على امرأة تصلي فلا يبعد بل الأقوى جواز الرد (4)
بعنوان رد التحية لكن الأحوط قصد القرآن أو الدعاء.
(مسألة 21): لو سلم على جماعة منهم المصلي فرد الجواب غيره
لم يجز له الرد نعم لو رده صبي مميز ففي كفايته إشكال (5) والأحوط
19

رد المصلي بقصد القرآن أو الدعاء.
(مسألة 22): إذا قال: سلام بدون عليكم وجب الجواب في الصلاة (1)
إما بمثله ويقدر عليكم وإما بقوله: سلام عليكم، والأحوط الجواب
كذلك بقصد القرآن أو الدعاء.
(مسألة 23): إذا سلم مرات عديدة يكفي في الجواب مرة (2) نعم
لو أجاب ثم سلم يجب جواب الثاني أيضا (3) وهكذا إلا إذا خرج
20

عن المتعارف فلا يجب الجواب حينئذ.
(مسألة 24): إذا كان المصلي بين جماعة فسلم واحد عليهم وشك
المصلي في أن المسلم قصده أيضا أم لا لا يجوز (1) الجواب، نعم
لا بأس به بقصد القرآن أو الدعاء (2).
(مسألة 25): يجب جواب السلام فورا (3)، فلو أخر عصيانا أو نسيانا
بحيث خرج عن صدق الجواب (4) لم يجب، وإن كان في الصلاة لم يجز،
وإن شك في الخروج عن الصدق وجب (5) لكن الأحوط حينئذ قصد
21

القرآن أو الدعاء.
(مسألة 26): يجب إسماع الرد (1) سواء كان في الصلاة أو لا، إلا إذا
سلم ومشى سريعا (2) أو كان المسلم أصم فيكفي الجواب على
المتعارف (3) بحيث لو لم يبعد أو لم يكن أصم كان يسمع.
(مسألة 27): لو كانت التحية بغير لفظ السلام (4) كقوله: صبحك الله
22

بالخير، أو مساك الله بالخير لم يجب الرد، وإن كان هو الأحوط (1)،
ولو كان في الصلاة فالأحوط الرد (2) بقصد الدعاء (3).
(مسألة 28): لو شك المصلي في أن المسلم سلم بأي صيغة فالأحوط (4)
23

أن يرد بقوله: سلام عليكم بقصد القرآن (1) أو الدعاء (2).
(مسألة 29): يكره السلام على المصلي.
(مسألة 30): رد السلام واجب كفائي، فلو كان المسلم عليهم جماعة
يكفي رد أحدهم، ولكن الظاهر عدم سقوط الاستحباب بالنسبة إلى
الباقين (3) بل الأحوط رد كل من قصد به، ولا يسقط برد من لم يكن
داخلا في تلك الجماعة أو لم يكن مقصودا، والظاهر عدم كفاية رد الصبي
المميز أيضا (4) والمشهور على أن الابتداء بالسلام أيضا من المستحبات
24

الكفائية (1)، فلو كان الداخلون جماعة يكفي سلام أحدهم، ولا يبعد بقاء
الاستحباب (2) بالنسبة إلى الباقين أيضا، وإن لم يكن مؤكدا.
(مسألة 31): يجوز سلام الأجنبي على الأجنبية (3) وبالعكس على
الأقوى إذا لم يكن هناك ريبة أو خوف فتنة (4)، حيث إن صوت المرأة
من حيث هو ليس عورة.
(مسألة 32): مقتضى بعض الأخبار عدم جواز الابتداء بالسلام
على الكافر إلا لضرورة، لكن يمكن الحمل على إرادة الكراهة (5)،
وإن سلم الذمي على مسلم فالأحوط (6) الرد بقوله: عليك أو بقوله:
25

سلام (1)، من دون عليك.
(مسألة 33): المستفاد من بعض الأخبار أنه يستحب أن يسلم الراكب
على الماشي وأصحاب الخيل على أصحاب البغال، وهم على أصحاب
الحمير، والقائم على الجالس، والجماعة القليلة على الكثيرة، والصغير
على الكبير، ومن المعلوم أن هذا مستحب في مستحب (2) وإلا فلو وقع
العكس لم يخرج عن الاستحباب أيضا.
(مسألة 34): إذا سلم سخرية أو مزاحا فالظاهر عدم وجوب رده.
(مسألة 35): إذا سلم على أحد شخصين ولم يعلم أنه أيهما أراد
لا يجب الرد على واحد منهما، وإن كان الأحوط في غير حال الصلاة
الرد من كل منهما.
(مسألة 36): إذا تقارن سلام شخصين كل على الآخر وجب على
كل منهما الجواب (3) ولا يكفي سلامه الأول (4) لأنه لم يقصد الرد بل
26

الابتداء بالسلام.
(مسألة 37): يجب جواب سلام قارئ التعزية والواعظ (1) ونحوهما
من أهل المنبر، ويكفي رد أحد المستمعين.
(مسألة 38): يستحب الرد بالأحسن في غير حال الصلاة بأن يقول
في جواب سلام عليكم: سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بل يحتمل
ذلك فيها أيضا، وإن كان الأحوط الرد بالمثل (2).
(مسألة 39): يستحب للعاطس ولمن سمع عطسة الغير وإن كان في
الصلاة أن يقول: الحمد لله، أو يقول: الحمد لله وصلى الله على محمد
وآله بعد أن يضع (3) أصبعه على أنفه، وكذا يستحب تسميت (4) العاطس
27

بأن يقول له: يرحمك الله، أو يرحمكم الله، وإن كان في الصلاة (1) وإن
كان الأحوط الترك (2) حينئذ ويستحب للعاطس كذلك أن يرد التسميت
بقوله: يغفر الله لكم (3).
السادس: تعمد القهقهة (4) ولو اضطرارا (5) وهي الضحك المشتمل
28

على الصوت (1) والمد والترجيع، بل مطلق الصوت على الأحوط (2)
ولا بأس بالتبسم ولا بالقهقهة سهوا (3) نعم الضحك المشتمل على
الصوت تقديرا كما لو امتلأ جوفه ضحكا واحمر وجهه لكن منع نفسه
من إظهار الصوت حكمه حكم القهقهة (4).
السابع: تعمد البكاء المشتمل على الصوت بل وغير المشتمل عليه
29

على الأحوط (1) لأمور الدنيا وأما البكاء للخوف من الله ولأمور الآخرة
فلا بأس به، بل هو من أفضل الأعمال (2)، والظاهر أن البكاء اضطرارا
أيضا مبطل نعم لا بأس به إذا كان سهوا (3) بل الأقوى عدم البأس به (4)
إذا كان لطلب أمر دنيوي من الله فيبكي تذللا له تعالى ليقضي حاجته.
الثامن: كل فعل ماح لصورة الصلاة قليلا كان أو كثيرا كالوثبة (5)
والرقص والتصفيق ونحو ذلك مما هو مناف (6) للصلاة، ولا فرق بين
العمد والسهو (7) وكذا السكوت الطويل الماحي، وأما الفعل القليل الغير
30

الماحي بل الكثير الغير الماحي فلا بأس به، مثل الإشارة باليد لبيان
مطلب، وقتل الحية والعقرب، وحمل الطفل وضمه وإرضاعه عند بكائه،
وعد الركعات بالحصى، وعد الاستغفار في الوتر بالسبحة ونحوها مما
هو مذكور في النصوص، وأما الفعل الكثير أو السكوت الطويل المفوت
للموالاة بمعنى المتابعة العرفية إذا لم يكن ماحيا للصورة فسهوه
لا يضر، والأحوط (1) الاجتناب عنه عمدا.
التاسع: الأكل والشرب الماحيان للصورة (2) فتبطل الصلاة بهما عمدا
كانا أو سهوا (3) والأحوط (4) الاجتناب عما كان منهما مفوتا للموالاة
العرفية عمدا، نعم لا بأس بابتلاع بقايا الطعام الباقية (5) في الفم أو بين
31

الأسنان، وكذا بابتلاع قليل من السكر (1) الذي يذوب وينزل شيئا
فشيئا، ويستثنى أيضا ما ورد في النص بالخصوص من جواز شرب
الماء لمن كان مشغولا بالدعاء في صلاة الوتر وكان عازما على الصوم
في ذلك اليوم، ويخشى مفاجأة الفجر وهو عطشان والماء أمامه
ومحتاج إلى خطوتين أو ثلاثة فإنه يجوز له التخطي والشرب حتى
يروى وإن طال زمانه إذا لم يفعل غير ذلك من منافيات الصلاة، حتى إذا
أراد العود إلى مكانه رجع القهقرى لئلا يستدبر القبلة، والأحوط
الاقتصار على الوتر المندوب (2)، وكذا على خصوص شرب الماء،
فلا يلحق به الأكل وغيره، نعم الأقوى عدم الاقتصار (3) على الوتر
ولا على حال الدعاء فيلحق به مطلق النافلة (4) وغير حال الدعاء وإن
كان الأحوط الاقتصار (5).
32

العاشر: تعمد قول: آمين (1) بعد تمام الفاتحة لغير ضرورة من غير فرق
بين الإجهار به والإسرار للإمام والمأموم والمنفرد ولا بأس به في غير
المقام المزبور بقصد الدعاء، كما لا بأس به مع السهو وفي حال الضرورة،
بل قد يجب معها ولو تركها أثم لكن تصح صلاته على الأقوى (2).
الحادي عشر: الشك في ركعات الثنائية والثلاثية والأوليين من
الرباعية على ما سيأتي.
الثاني عشر: زيادة جزء أو نقصانه عمدا إن لم يكن ركنا، ومطلقا إن
كان ركنا (3).
(مسألة 40): لو شك بعد السلام في أنه هل أحدث في أثناء الصلاة
أم لا بنى على العدم والصحة.
(مسألة 41): لو علم بأنه نام اختيارا وشك في أنه هل أتم الصلاة ثم
نام أو نام في أثنائها بنى على أنه أتم (4) ثم نام وأما إذا علم بأنه غلبه
33

النوم قهرا وشك في أنه كان في أثناء الصلاة أو بعدها وجب عليه
الإعادة (1) وكذا إذا رأى نفسه نائما في السجدة وشك في أنها السجدة
الأخيرة من الصلاة أو سجدة الشكر بعد إتمام الصلاة، ولا يجري قاعدة
الفراغ في المقام.
(مسألة 42): إذا كان في أثناء الصلاة في المسجد فرأى نجاسة فيه،
فإن كانت الإزالة موقوفة على قطع الصلاة أتمها (2) ثم أزال النجاسة وإن
34

أمكنت بدونه بأن لم يستلزم الاستدبار ولم يكن فعلا كثيرا موجبا
لمحو الصورة وجبت الإزالة ثم البناء على صلاته.
(مسألة 43): ربما يقال بجواز البكاء على سيد الشهداء أرواحنا فداه
في حال الصلاة وهو مشكل (1).
(مسألة 44): إذا أتى بفعل كثير أو بسكوت طويل وشك في بقاء
صورة الصلاة ومحوها معه فلا يبعد البناء على البقاء (2) لكن الأحوط
الإعادة بعد الإتمام.
35

فصل
في المكروهات في الصلاة
وهي أمور (1):
الأول: الالتفات بالوجه قليلا (2) بل وبالعين وبالقلب.
الثاني: العبث باللحية أو بغيرها كاليد ونحوها.
الثالث: القران بين السورتين على الأقوى (3) وإن كان الأحوط (4) الترك.
الرابع: عقص الشعر، وهو جمعه وجعله في وسط الرأس وشده
أو ليه، وإدخال أطرافه في أصوله، أو ظفره وليه على الرأس، أو ظفره
وجعله كالكبة في مقدم الرأس على الجبهة، والأحوط ترك الكل بل
يجب ترك الأخير في حال السجدة.
الخامس: نفخ موضع السجود (5).
36

السادس: البصاق.
السابع: فرقعة الأصابع أي نقضها.
الثامن: التمطي.
التاسع: التثاؤب.
العاشر: الأنين (1).
الحادي عشر: التأوه.
الثاني عشر (2): مدافعة البول والغائط بل والريح.
الثالث عشر: مدافعة النوم، ففي الصحيح: لا تقم إلى الصلاة متكاسلا
ولا متناعسا ولا متثاقلا.
الرابع عشر: الامتخاط.
الخامس عشر: الصفد في القيام، أي الإقران بين القدمين معا كأنهما
في قيد.
37

السادس عشر: وضع اليد على الخاصرة.
السابع عشر: تشبيك الأصابع.
الثامن عشر: تغميض البصر.
التاسع عشر: لبس الخف أو الجورب الضيق الذي يضغطه.
العشرون: حديث النفس.
الحادي والعشرون: قص الظفر والأخذ من الشعر والعض عليه.
الثاني والعشرون: النظر إلى نقش الخاتم والمصحف والكتاب وقراءته.
الثالث والعشرون: التورك، بمعنى وضع اليد على الورك معتمدا عليه
حال القيام.
الرابع والعشرون: الإنصات في أثناء القراءة أو الذكر ليسمع ما يقوله
القائل.
الخامس والعشرون: كل ما ينافي الخشوع المطلوب في الصلاة.
(مسألة 1): لا بد للمصلي من اجتناب موانع قبول الصلاة كالعجب
والدلال ومنع الزكاة والنشوز والإباق والحسد والكبر والغيبة وأكل
الحرام وشرب المسكر، بل جميع المعاصي لقوله تعالى: * (إنما يتقبل الله
من المتقين) *.
(مسألة 2): قد نطقت الأخبار بجواز جملة من الأفعال في الصلاة،
وأنها لا تبطل بها، لكن من المعلوم أن الأولى الاقتصار على صورة
الحاجة والضرورة ولو العرفية وهي عد الصلاة بالخاتم والحصى
بأخذها بيده، وتسوية الحصى في موضع السجود، ومسح التراب عن
الجبهة، ونفخ موضع السجود إذا لم يظهر منه حرفان، وضرب الحائط
أو الفخذ باليد لإعلام الغير، أو إيقاظ النائم، وصفق اليدين لإعلام الغير،
38

والايماء لذلك، ورمي الكلب وغيره بالحجر، ومناولة العصا للغير،
وحمل الصبي وإرضاعه، وحك الجسد، والتقدم بخطوة أو خطوتين،
وقتل الحية والعقرب والبرغوث والبقة والقملة ودفنها في الحصى،
وحك خرء الطير من الثوب، وقطع الثواليل، ومسح الدماميل، ومس
الفرج، ونزع السن المتحرك، ورفع القلنسوة ووضعها، ورفع اليدين
من الركوع أو السجود لحك الجسد، وإدارة السبحة، ورفع الطرف
إلى السماء، وحك النخامة من المسجد، وغسل الثوب أو البدن من القئ
والرعاف (1).
فصل
لا يجوز قطع صلاة الفريضة اختيارا (2) والأحوط عدم قطع النافلة (3)
أيضا، وإن كان الأقوى جوازه، ويجوز قطع الفريضة لحفظ مال (4)،
ولدفع ضرر مالي أو بدني كالقطع لأخذ العبد من الإباق، أو الغريم من
39

الفرار، أو الدابة من الشراد (1) ونحو ذلك، وقد يجب (2) كما إذا توقف
حفظ نفسه أو حفظ نفس محترمة أو حفظ مال يجب حفظه شرعا
عليه، وقد يستحب كما إذا توقف حفظ مال مستحب الحفظ عليه،
وكقطعها عند نسيان الأذان والإقامة إذا تذكر قبل الركوع، وقد يجوز (3)
كدفع الضرر المالي الذي لا يضره تلفه، ولا يبعد كراهته لدفع ضرر مالي
يسير (4) وعلى هذا فينقسم إلى الأقسام الخمسة.
(مسألة 1): الأحوط عدم قطع النافلة المنذورة (5) إذا لم تكن منذورة
40

بالخصوص، بأن نذر إتيان نافلة فشرع في صلاة بعنوان الوفاء لذلك
النذر، وأما إذا نذر نافلة مخصوصة فلا يجوز قطعها قطعا (1).
(مسألة 2): إذا كان في أثناء الصلاة فرأى نجاسة في المسجد أو
حدثت نجاسة فالظاهر عدم جواز قطع الصلاة لإزالتها (2)، لأن دليل
فورية الإزالة قاصر الشمول عن مثل المقام (3) هذا في سعة الوقت، وأما
41

في الضيق فلا إشكال (1) نعم لو كان الوقت موسعا وكان بحيث لولا
المبادرة إلى الإزالة فاتت القدرة عليها فالظاهر وجوب القطع (2).
(مسألة 3): إذا توقف أداء الدين المطالب به على قطعها فالظاهر
وجوبه في سعة الوقت، لا في الضيق، ويحتمل في الضيق وجوب
الإقدام على الأداء متشاغلا بالصلاة (3).
(مسألة 4): في موارد وجوب القطع إذا تركه واشتغل بها فالظاهر
الصحة، وإن كان آثما في ترك الواجب (4)، لكن الأحوط الإعادة
خصوصا في صورة توقف (5) دفع الضرر الواجب عليه.
42

(مسألة 5): يستحب (1) أن يقول حين إرادة القطع في موضع الرخصة
أو الوجوب: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.
فصل
في صلاة الآيات
وهي واجبة على الرجال والنساء والخناثى، وسببها أمور:
الأول والثاني: كسوف الشمس وخسوف القمر ولو بعضهما، وإن لم
يحصل منهما خوف.
الثالث: الزلزلة، وهي أيضا سبب لها مطلقا، وإن لم يحصل بها خوف
على الأقوى.
الرابع: كل مخوف سماوي أو أرضي (2) كالريح الأسود أو الأحمر
43

أو الأصفر والظلمة الشديدة والصاعقة والصيحة والهدة والنار التي تظهر
في السماء والخسف وغير ذلك من الآيات المخوفة عند غالب الناس
ولا عبرة (1) بغير المخوف من هذه المذكورات، ولا بخوف النادر،
ولا بانكساف أحد النيرين ببعض الكواكب الذي لا يظهر إلا للأوحدي
من الناس (2)، وكذا بانكساف بعض الكواكب ببعض إذا لم يكن مخوفا
للغالب من الناس (3)، وأما وقتها ففي الكسوفين هو من حين الأخذ إلى
تمام الانجلاء على الأقوى، فتجب المبادرة إليها، بمعنى عدم التأخير
إلى تمام الانجلاء، وتكون أداء في الوقت المذكور، والأحوط (4) عدم
التأخير عن الشروع (5) في الانجلاء، وعدم نية الأداء والقضاء على
44

فرض التأخير، وأما في الزلزلة وسائر الآيات المخوفة فلا وقت لها،
بل يجب المبادرة إلى الإتيان بها (1) بمجرد حصولها وإن عصى فبعده إلى
آخر العمر، وتكون أداء مهما أتى بها إلى آخره، وأما كيفيتها فهي
ركعتان في كل منهما خمس ركوعات، وسجدتان بعد الخامس من كل
منهما، فيكون المجموع عشر ركوعات، وسجدتان بعد الخامس،
وسجدتان بعد العاشر، وتفصيل ذلك بأن يكبر للإحرام مقارنا للنية، ثم
يقرأ الحمد وسورة، ثم يركع، ثم يرفع رأسه، ويقرأ الحمد وسورة، ثم
يركع وهكذا حتى يتم خمسا فيسجد بعد الخامس سجدتين، ثم يقوم
للركعة الثانية فيقرأ الحمد وسورة، ثم يركع، وهكذا إلى العاشر فيسجد
بعده سجدتين ثم يتشهد ويسلم، ولا فرق بين اتحاد السورة في الجميع
أو تغايرها، ويجوز تفريق سورة واحدة على الركوعات (2) فيقرأ في
القيام الأول من الركعة الأولى الفاتحة، ثم يقرأ بعدها آية من سورة (3)
45

أو أقل (1) أو أكثر، ثم يركع ويرفع رأسه ويقرأ بعضا آخر من تلك
السورة ويركع، ثم يرفع ويقرأ بعضا آخر (2)، وهكذا إلى الخامس حتى
يتم سورة ثم يركع، ثم يسجد بعده سجدتين، ثم يقوم إلى الركعة الثانية،
فيقرأ في القيام الأول الفاتحة وبعض السورة، ثم يركع ويقوم ويصنع كما
صنع في الركعة الأولى إلى العاشر فيسجد بعده سجدتين، ويتشهد
ويسلم فيكون في كل ركعة الفاتحة مرة، وسورة تامة مفرقة على
الركوعات الخمسة مرة، ويجب إتمام سورة في كل ركعة وإن زاد عليها
فلا بأس، والأحوط الأقوى وجوب القراءة عليه من حيث قطع (3) كما
أن الأحوط والأقوى عدم مشروعية الفاتحة (4) حينئذ إلا إذا أكمل
السورة فإنه لو أكملها وجب عليه في القيام بعد الركوع قراءة الفاتحة،
وهكذا كلما ركع عن تمام سورة وجبت الفاتحة في القيام بعده، بخلاف
ما إذا لم يركع عن تمام سورة، بل ركع عن بعضها (5)، فإنه يقرأ من حيث
46

قطع ولا يعيد الحمد كما عرفت، نعم لو ركع الركوع الخامس (1) عن
بعض سورة فسجد فالأقوى وجوب الحمد بعد القيام للركعة الثانية، ثم
القراءة من حيث قطع (2)، وفي صورة التفريق يجوز قراءة أزيد من سورة
في كل ركعة مع إعادة الفاتحة بعد إتمام السورة في القيام اللاحق.
(مسألة 1): لكيفية صلاة الآيات كما استفيد مما ذكرنا صور:
الأولى: أن يقرأ في كل قيام قبل كل ركوع بفاتحة الكتاب، وسورة
تامة في كل من الركعتين، فيكون كل من الفاتحة والسورة عشر مرات
ويسجد بعد الركوع الخامس والعاشر سجدتين.
الثانية: أن يفرق سورة واحدة على الركوعات الخمسة في كل من
الركعتين، فيكون الفاتحة مرتان: مرة في القيام الأول من الركعة الأولى،
ومرة في القيام الأول من الثانية، والسورة أيضا مرتان.
الثالثة: أن يأتي بالركعة الأولى كما في الصورة الأولى، وبالركعة
الثانية كما في الصورة الثانية.
الرابعة: عكس هذه الصورة.
47

الخامسة: أن يأتي في كل من الركعتين بأزيد من سورة فيجمع
بين إتمام السورة في بعض القيامات وتفريقها مع البعض، فيكون الفاتحة
في كل ركعة أزيد من مرة، حيث إنه إذا أتم السورة وجب في القيام
اللاحق قراءتها.
السادسة: أن يأتي بالركعة الأولى كما في الصورة الأولى، وبالثانية
كما في الخامسة.
السابعة: عكس ذلك.
الثامنة: أن يأتي بالركعة الأولى كما في الصورة الثانية، وبالثانية
كما في الخامسة.
التاسعة: عكس ذلك والأولى اختيار الصورة الأولى.
(مسألة 2): يعتبر في هذه الصلاة ما يعتبر في اليومية من الأجزاء
والشرائط والأذكار الواجبة والمندوبة.
(مسألة 3): يستحب في كل قيام ثان بعد القراءة قبل الركوع قنوت
فيكون في مجموع الركعتين خمس قنوتات، ويجوز الاجتزاء بقنوتين
أحدهما قبل الركوع الخامس (1) والثاني قبل العاشر، ويجوز الاقتصار
على الأخير منهما.
(مسألة 4): يستحب أن يكبر عند كل هوي للركوع وكل رفع منه (2).
48

(مسألة 5): يستحب أن يقول: سمع الله لمن حمده بعد الرفع من
الركوع الخامس والعاشر.
(مسألة 6): هذه الصلاة حيث إنها ركعتان (1) حكمها حكم الصلاة
الثنائية في البطلان إذا شك في أنه في الأولى أو الثانية، وإن اشتملت
على خمس ركوعات في كل ركعة، نعم إذا شك (2) في عدد الركوعات
كان حكمها حكم أجزاء اليومية في أنه يبني على الأقل إن لم يتجاوز
المحل وعلى الإتيان إن تجاوز ولا تبطل صلاته بالشك فيها، نعم لو شك
في أنه الخامس فيكون آخر الركعة الأولى أو السادس فيكون أول
الثانية بطلت الصلاة (3) من حيث رجوعه إلى الشك في الركعات (4).
49

(مسألة 7): الركوعات في هذه الصلاة أركان تبطل بزيادتها (1)
ونقصها عمدا وسهوا كاليومية.
(مسألة 8): إذا أدرك من وقت الكسوفين ركعة فقد أدرك الوقت (2)،
والصلاة أداء، بل وكذلك إذا لم يسع وقتهما إلا بقدر الركعة (3) بل وكذا إذا
قصر عن أداء الركعة (4) أيضا.
50

(مسألة 9): إذا علم بالكسوف أو الخسوف وأهمل حتى مضى الوقت
عصى ووجب القضاء، وكذا إذا علم ثم نسي وجب القضاء، وأما إذا
لم يعلم بهما حتى خرج الوقت الذي هو تمام الانجلاء فإن كان القرص
محترقا وجب القضاء، وإن لم يحترق كله لم يجب، وأما في سائر
الآيات فمع تعمد التأخير يجب الإتيان بها ما دام العمر، وكذا إذا علم
ونسي، وأما إذا لم يعلم بها حتى مضى الوقت أو حتى مضى الزمان
المتصل بالآية ففي الوجوب بعد العلم إشكال (1) لكن لا يترك الاحتياط
بالإتيان بها ما دام العمر فورا ففورا.
(مسألة 10): إذا علم بالآية وصلى ثم بعد خروج الوقت أو بعد زمان
الاتصال بالآية تبين له فساد صلاته وجب القضاء أو الإعادة.
(مسألة 11): إذا حصلت الآية في وقت الفريضة اليومية فمع سعة
وقتهما مخير بين تقديم أيهما شاء، وإن كان الأحوط (2) تقديم اليومية
51

وإن ضاق وقت إحداهما دون الأخرى قدمها (1)، وإن ضاق وقتهما معا
قدم اليومية (2).
(مسألة 12): لو شرع في اليومية ثم ظهر له ضيق وقت صلاة الآية
قطعها مع سعة وقتها، واشتغل بصلاة الآية (3)، ولو اشتغل بصلاة الآية
فظهر له في الأثناء ضيق وقت الإجزاء لليومية قطعها واشتغل بها وأتمها
ثم عاد إلى صلاة الآية من محل القطع (4) إذا لم يقع منه مناف غير الفصل
52

المزبور، بل الأقوى جواز قطع صلاة الآية والاشتغال باليومية إذا ضاق
وقت فضيلتها (1) فضلا عن الإجزاء، ثم العود إلى صلاة الآية من محل
القطع (2)، لكن الأحوط خلافه (3).
(مسألة 13): يستحب في هذه الصلاة أمور:
الأول والثاني والثالث: القنوت، والتكبير قبل الركوع وبعده، والسمعلة
على ما مر.
الرابع: إتيانها بالجماعة أداء كانت أو قضاء مع احتراق القرص
وعدمه، والقول بعدم جواز الجماعة مع عدم احتراق القرص ضعيف،
ويتحمل الإمام فيها (4) عن المأموم القراءة خاصة، كما في اليومية دون
غيرها من الأفعال والأقوال.
الخامس: التطويل فيها (5) خصوصا في كسوف الشمس.
السادس: إذا فرغ قبل تمام الانجلاء يجلس في مصلاه مشتغلا
بالدعاء والذكر إلى تمام الانجلاء أو يعيد الصلاة.
السابع: قراءة السور الطوال ك‍ يس والنور والروم والكهف ونحوها.
الثامن: إكمال السورة في كل قيام.
53

التاسع: أن يكون كل من القنوت والركوع والسجود بقدر القراءة
في التطويل تقريبا (1).
العاشر: الجهر بالقراءة فيها ليلا أو نهارا حتى في كسوف الشمس
على الأصح.
الحادي عشر: كونها تحت السماء.
الثاني عشر: كونها في المساجد بل في رحبها.
(مسألة 14): لا يبعد استحباب التطويل حتى للإمام وإن كان يستحب
له التخفيف في اليومية (2) مراعاة لأضعف المأمومين.
(مسألة 15): يجوز الدخول في الجماعة إذا أدرك الإمام قبل الركوع
الأول (3)، أو فيه من الركعة الأولى أو الثانية، وأما إذا أدركه بعد الركوع
الأول من الأولى أو بعد الركوع من الثانية فيشكل الدخول (4) لاختلال
54

النظم حينئذ بين صلاة الإمام والمأموم (1).
(مسألة 16): إذا حصل أحد موجبات سجود السهو في هذه الصلاة
فالظاهر وجوب الإتيان به (2) بعدها كما في اليومية.
(مسألة 17): يجري في هذه الصلاة قاعدة التجاوز عن المحل وعدم
التجاوز عند الشك في جزء أو شرط كما في اليومية.
(مسألة 18): يثبت الكسوف والخسوف وسائر الآيات بالعلم وشهادة
العدلين (3) وإخبار الرصدي إذا حصل الاطمينان بصدقه على إشكال في
الأخير (4) لكن لا يترك معه الاحتياط (5)، وكذا في وقتها ومقدار مكثها.
55

(مسألة 19): يختص وجوب الصلاة بمن في بلد الآية، فلا يجب على
غيره، نعم يقوى (1) إلحاق المتصل بذلك المكان مما يعد معه كالمكان
الواحد.
(مسألة 20): تجب هذه الصلاة على كل مكلف إلا الحائض والنفساء
فيسقط عنهما أداؤها (2)، والأحوط قضاؤها (3) بعد الطهر والطهارة.
(مسألة 21): إذا تعدد السبب دفعة أو تدريجا تعدد وجوب الصلاة (4).
(مسألة 22): مع تعدد ما عليه من سبب واحد لا يلزم التعيين، ومع
تعدد السبب نوعا كالكسوف والخسوف والزلزلة الأحوط التعيين (5)،
56

ولو إجمالا. نعم مع تعدد ما عدا هذه الثلاثة من سائر المخوفات لا يجب
التعيين وإن كان أحوط أيضا.
(مسألة 23): المناط في وجوب القضاء في الكسوفين في صورة
الجهل احتراق القرص بتمامه، فلو لم يحترق التمام ولكن ذهب ضوء
البقية باحتراق البعض (1) لم يجب القضاء مع الجهل، وإن كان أحوط (2)
خصوصا مع الصدق العرفي (3).
(مسألة 24): إذا أخبره جماعة (4) بحدوث الكسوف مثلا ولم يحصل
له العلم بقولهم ثم بعد مضي الوقت تبين صدقهم فالظاهر إلحاقه بالجهل،
فلا يجب القضاء مع عدم احتراق القرص، وكذا لو أخبره شاهدان لم
يعلم عدالتهما، ثم بعد مضي الوقت تبين عدالتهما، لكن الأحوط القضاء
57

في الصورتين (1).
فصل
في صلاة القضاء
يجب قضاء اليومية (2) الفائتة عمدا أو سهوا أو جهلا، أو لأجل النوم
المستوعب (3) للوقت أو للمرض ونحوه، وكذا إذا أتى بها باطلا لفقد
شرط أو جزء يوجب تركه البطلان بأن كان على وجه العمد (4) أو كان
من الأركان، ولا يجب على الصبي إذا لم يبلغ في أثناء الوقت، ولا على
المجنون في تمامه مطبقا كان أو أدواريا، ولا على المغمى عليه في
تمامه (5)، ولا على الكافر الأصلي إذا أسلم بعد خروج الوقت بالنسبة
إلى ما فات منه حال كفره، ولا على الحائض والنفساء مع استيعاب الوقت.
(مسألة 1): إذا بلغ الصبي أو أفاق المجنون أو المغمى عليه قبل
58

خروج الوقت وجب عليهم الأداء، وإن لم يدركوا إلا مقدار ركعة من
الوقت (1) ومع الترك يجب عليهم القضاء، وكذا الحائض والنفساء إذا زال
عذرهما قبل خروج الوقت، ولو بمقدار ركعة كما أنه إذا طرأ الجنون أو
الإغماء أو الحيض أو النفاس بعد مضي مقدار صلاة المختار (2) بحسب
حالهم من السفر والحضر والوضوء أو التيمم (3) ولم يأتوا بالصلاة وجب
عليهم القضاء كما تقدم في المواقيت (4).
(مسألة 2): إذا أسلم الكافر قبل خروج الوقت ولو بمقدار ركعة ولم
يصل وجب عليه قضاؤها.
(مسألة 3): لا فرق في سقوط القضاء عن المجنون والحائض
والنفساء بين أن يكون العذر قهريا أو حاصلا من فعلهم وباختيارهم،
59

بل وكذا في المغمى عليه، وإن كان الأحوط (1) القضاء عليه إذا كان من
فعله، خصوصا إذا كان على وجه المعصية، بل الأحوط (2) قضاء جميع
ما فاته مطلقا.
(مسألة 4): المرتد يجب عليه قضاء ما فات منه أيام ردته بعد عوده
إلى الإسلام، سواء كان عن ملة أو فطرة وتصح منه وإن كان عن فطرة
على الأصح.
(مسألة 5): يجب على المخالف (3) قضاء ما فات منه أو أتى به على
60

وجه يخالف مذهبه، بل وإن كان على وفق مذهبنا أيضا على الأحوط (1)
وأما إذا أتى به على وفق مذهبه فلا قضاء عليه، نعم إذا كان الوقت باقيا
فإنه يجب عليه الأداء (2) حينئذ ولو تركه وجب عليه القضاء، ولو
استبصر ثم خالف ثم استبصر فالأحوط القضاء (3) وإن أتى به بعد العود
إلى الخلاف على وفق مذهبه.
(مسألة 6): يجب القضاء على شارب المسكر سواء كان مع العلم
أو الجهل، ومع الاختيار على وجه العصيان أو للضرورة أو الإكراه.
61

(مسألة 7): فاقد الطهورين يجب عليه القضاء (1)، ويسقط عنه
الأداء (2) وإن كان الأحوط الجمع بينهما (3).
(مسألة 8): من وجب عليه الجمعة إذا تركها حتى مضى وقتها أتى
بالظهر إن بقي الوقت، وإن تركها أيضا وجب عليه قضاؤها لا قضاء
الجمعة.
(مسألة 9): يجب قضاء غير اليومية (4) سوى العيدين (5) حتى النافلة
المنذورة في وقت معين (6).
(مسألة 10): يجوز قضاء الفرائض في كل وقت من ليل أو نهار أو
سفر أو حضر، ويصلي في السفر ما فات في الحضر تماما. كما أنه
يصلي في الحضر ما فات في السفر قصرا (7).
(مسألة 11): إذا فاتت الصلاة في أماكن التخيير فالأحوط قضاؤها
62

قصرا (1) مطلقا سواء قضاها في السفر أو في الحضر في تلك الأماكن
أو غيرها، وإن كان لا يبعد جواز الإتمام (2) أيضا إذا قضاها في تلك
الأماكن، خصوصا إذا لم يخرج عنها بعد وأراد القضاء.
(مسألة 12): إذا فاتته الصلاة في السفر الذي يجب فيه الاحتياط
بالجمع بين القصر والتمام فالقضاء كذلك.
(مسألة 13): إذا فاتته الصلاة وكان في أول الوقت حاضرا وفي آخر
الوقت مسافرا أو بالعكس لا يبعد التخيير (3) في القضاء بين القصر
63

والتمام، والأحوط اختيار ما كان واجبا (1) في آخر الوقت وأحوط منه
الجمع (2) بين القصر والتمام.
(مسألة 14): يستحب قضاء النوافل الرواتب استحبابا مؤكدا (3)، بل لا
يبعد استحباب قضاء غير الرواتب من النوافل الموقتة دون غيرها،
والأولى قضاء غير الرواتب من الموقتات بعنوان احتمال المطلوبية (4)،
64

ولا يتأكد قضاء ما فات حال المرض، ومن عجز عن قضاء الرواتب
استحب له الصدقة عن كل ركعتين بمد، وإن لم يتمكن فعن كل أربع
ركعات بمد، وإن لم يتمكن فمد لصلاة الليل، ومد لصلاة النهار، وإن لم
يتمكن فلا يبعد مد لكل يوم وليلة (1)، ولا فرق في قضاء النوافل أيضا
بين الأوقات.
(مسألة 15): لا يعتبر الترتيب في قضاء الفوائت من غير اليومية
لا بالنسبة إليها ولا بعضها مع البعض الآخر، فلو كان عليه قضاء الآيات
وقضاء اليومية يجوز تقديم أيهما شاء تقدم في الفوائت أو تأخر، وكذا
لو كان عليه كسوف وخسوف يجوز تقديم كل منهما وإن تأخر في الفوات.
(مسألة 16): يجب الترتيب في الفوائت اليومية (2) بمعنى قضاء السابق
65

في الفوات على اللاحق وهكذا ولو جهل الترتيب وجب التكرار (1) إلا أن
يكون مستلزما للمشقة التي لا تتحمل من جهة كثرتها، فلو فاتته ظهر
ومغرب ولم يعرف السابق صلى ظهرا بين مغربين، أو مغربا بين ظهرين،
وكذا لو فاتته صبح وظهر أو مغرب وعشاء من يومين أو صبح وعشاء
أو صبح ومغرب ونحوهما مما يكونان مختلفين في عدد الركعات، وأما
إذا فاتته ظهر وعشاء (2) أو عصر وعشاء أو ظهر وعصر من يومين مما
66

يكونان متحدين في عدد الركعات فيكفي الإتيان بصلاتين (1) بنية
الأولى في الفوات والثانية فيه، وكذا لو كانت أكثر من صلاتين فيأتي
بعدد الفائتة بنية الأولى فالأولى.
(مسألة 17): لو فاتته الصلوات الخمس غير مرتبة ولم يعلم السابق
من اللاحق يحصل العلم بالترتيب، بأن يصلي خمسة أيام، ولو زادت
فريضة أخرى يصلي ستة أيام، وهكذا كلما زادت فريضة زاد يوما.
(مسألة 18): لو فاتته صلوات معلومة سفرا وحضرا ولم يعلم الترتيب
صلى بعددها من الأيام، لكن يكرر الرباعيات من كل يوم بالقصر والتمام.
(مسألة 19): إذا علم أن عليه صلاة واحدة لكن لا يعلم أنها ظهر أو
عصر يكفيه إتيان أربع ركعات بقصد ما في الذمة.
(مسألة 20): لو تيقن فوت إحدى الصلاتين من الظهر أو العصر لا على
التعيين واحتمل فوت كلتيهما بمعنى أن يكون المتيقن إحداهما لا على
التعيين ولكن يحتمل فوتهما معا، فالأحوط الإتيان بالصلاتين، ولا
يكفي الاقتصار على واحدة بقصد ما في الذمة، لأن المفروض احتمال
تعدده إلا أن ينوي ما اشتغلت به ذمته أولا (2) فإنه على هذا التقدير
67

يتيقن إتيان واحدة صحيحة، والمفروض أنه القدر المعلوم اللازم إتيانه.
(مسألة 21): لو علم أن عليه إحدى صلوات الخمس (1) يكفيه صبح
ومغرب وأربع ركعات بقصد ما في الذمة مردد بين الظهر والعصر
والعشاء، مخيرا فيها بين الجهر والإخفات، وإذا كان مسافرا يكفيه
مغرب وركعتان مرددة (2) بين الأربع وإن لم يعلم أنه كان مسافرا أو
حاضرا يأتي بركعتين مرددتين (3) بين الأربع وأربع ركعات مرددة بين
الثلاثة ومغرب.
(مسألة 22): إذا علم أن عليه اثنتين من الخمس مرددتين في الخمس
من يوم وجب عليه الإتيان بأربع صلوات (4) فيأتي بصبح (5) إن كان أول
68

يومه الصبح،، ثم أربع ركعات مرددة بين الظهر والعصر، ثم مغرب ثم
أربع ركعات مرددة بين العصر والعشاء، وإن كان أول يومه الظهر أتى
بأربع ركعات مرددة بين الظهر والعصر والعشاء ثم بالمغرب ثم بأربع
ركعات مرددة بين العصر والعشاء، وإن كان مسافرا يكفيه ثلاث
صلوات (1) ركعتان مرددتان بين الصبح والظهر والعصر ومغرب، ثم
ركعتان مرددتان بين الظهر والعصر والعشاء، وإن كان أول يومه الظهر
يكون الركعتان الأولتان مرددة بين الظهر والعصر والعشاء، والأخيرتان
مرددتان بين العصر والعشاء والصبح، وإن لم يعلم أنه كان مسافرا
أو حاضرا أتى بخمس صلوات (2) فيأتي في الفرض الأول بركعتين
مرددتين بين الصبح والظهر والعصر، ثم أربع ركعات مرددة بين الظهر
والعصر، ثم المغرب، ثم ركعتين مرددتين بين الظهر والعصر والعشاء، ثم
أربع ركعات مرددة بين العصر والعشاء (3) وإن كان أول يومه الظهر فيأتي
بركعتين مرددتين بين الظهر والعصر (4) وأربع ركعات مرددة بين الظهر
والعصر والعشاء (5) ثم المغرب، ثم ركعتين مرددتين بين العصر والعشاء
والصبح، ثم أربع ركعات مرددة بين العصر والعشاء.
69

(مسألة 23): إذا علم أن عليه ثلاثة من الخمس وجب عليه الإتيان
بالخمس على الترتيب وإن كان في السفر يكفيه أربع صلوات (1) ركعتان
مرددتان بين الصبح والظهر (2) وركعتان مرددتان بين الظهر والعصر، ثم
المغرب ثم ركعتان مرددتان بين العصر والعشاء، وإذا لم يعلم أنه كان
حاضرا أو مسافرا يصلي سبع صلوات (3) ركعتين مرددتين بين الصبح
والظهر والعصر (4) ثم الظهر والعصر تامين، ثم ركعتين مرددتين بين الظهر
والعصر، ثم المغرب، ثم ركعتين مرددتين بين العصر والعشاء، ثم العشاء
بتمامه، ويعلم مما ذكرنا حال ما إذا كان أول يومه الظهر بل وغيرها.
(مسألة 24): إذا علم أن عليه أربعة من الخمس وجب عليه الإتيان
بالخمس على الترتيب، وإن كان مسافرا فكذلك قصرا، وإن لم يدر أنه
كان مسافرا أو حاضرا أتى بثمان صلوات، مثل ما إذا علم أن عليه
خمسة ولم يدر أنه كان حاضرا أو مسافرا.
(مسألة 25): إذا علم أن عليه خمس صلوات مرتبة ولا يعلم أن أولها
أية صلاة من الخمس أتى بتسع صلوات على الترتيب (5)، وإن علم أن
70

عليه ستة كذلك أتى بعشرة (1) وإن علم أن عليه سبعة كذلك أتى بإحدى
عشر (2) صلوات وهكذا، ولا فرق بين أن يبدأ بأي من الخمس شاء إلا
أنه يجب عليه الترتيب على حسب الصلوات الخمس إلى آخر العدد،
والميزان أن يأتي بخمس (3)، ولا يحسب منها إلا واحدة فلو كان عليه
أيام أو شهر أو سنة ولا يدري أول ما فات إذا أتى بخمس ولم يحسب
أربعة منها يتيقن أنه بدأ بأول ما فات.
(مسألة 26): إذا علم فوت صلاة معينة كالصبح أو الظهر مثلا مرات
ولم يعلم عددها يجوز الاكتفاء بالقدر المعلوم على الأقوى، ولكن
الأحوط التكرار بمقدار يحصل منه العلم بالفراغ، خصوصا مع سبق
العلم بالمقدار وحصول النسيان بعده (4)، وكذا لو علم بفوت صلوات
71

مختلفة ولم يعلم مقدارها لكن يجب تحصيل الترتيب بالتكرار في القدر
المعلوم (1)، بل وكذا في صورة إرادة الاحتياط بتحصيل التفريغ القطعي.
(مسألة 27): لا يجب الفور في القضاء بل هو موسع ما دام العمر إذا لم
ينجر إلى المسامحة في أداء التكليف والتهاون به.
(مسألة 28): لا يجب تقديم الفائتة على الحاضرة فيجوز الاشتغال
بالحاضرة في سعة الوقت لمن عليه قضاء، وإن كان الأحوط تقديمها
عليها (2)، خصوصا في فائتة ذلك اليوم (3) بل إذا شرع في الحاضرة قبلها
استحب له العدول منها إليها إذا لم يتجاوز محل العدول (4).
72

(مسألة 29): إذا كانت عليه فوائت أيام وفاتت منه صلاة ذلك اليوم
أيضا ولم يتمكن من إتيان جميعها أو لم يكن بانيا على إتيانها
فالأحوط استحبابا أن يأتي بفائتة اليوم قبل الأدائية، ولكن لا يكتفي
بها (1) بل بعد الإتيان بالفوائت يعيدها (2) أيضا مرتبة عليها.
(مسألة 30): إذا احتمل اشتغال ذمته بفائتة أو فوائت يستحب له تحصيل
التفريغ بإتيانها احتياطا (3)، وكذا لو احتمل خللا فيها وإن علم بإتيانها.
(مسألة 31): يجوز لمن عليه القضاء الإتيان بالنوافل على الأقوى (4)،
كما يجوز الإتيان بها بعد دخول الوقت قبل إتيان الفريضة كما مر سابقا.
(مسألة 32): لا يجوز الاستنابة في قضاء الفوائت ما دام حيا وإن كان
عاجزا عن إتيانها أصلا.
(مسألة 33): يجوز إتيان القضاء جماعة سواء كان الإمام قاضيا
أيضا (5) أو مؤديا بل يستحب ذلك، ولا يجب اتحاد صلاة الإمام
والمأموم، بل يجوز اقتداء كل من الخمس بكل منها.
(مسألة 34): الأحوط (6) لذوي الأعذار تأخير القضاء إلى زمان رفع
73

العذر إلا إذا علم بعدم ارتفاعه إلى آخر العمر أو خاف مفاجأة الموت (1).
(مسألة 35): يستحب تمرين المميز من الأطفال على قضاء ما فات
منه من الصلاة، كما يستحب تمرينه على أدائها، سواء الفرائض والنوافل،
بل يستحب تمرينه على كل عبادة، والأقوى مشروعية عباداته (2).
(مسألة 36): يجب على الولي منع الأطفال عن كل ما فيه ضرر
عليهم (3) أو على غيرهم من الناس، وعن كل ما علم من الشرع
إرادة عدم وجوده في الخارج لما فيه من الفساد كالزنا واللواط
والغيبة، بل والغناء على الظاهر (4) وكذا عن أكل الأعيان
74

النجسة (1) وشربها مما فيه ضرر عليهم (2) وأما المتنجسة فلا يجب منعهم
عنها، بل حرمة مناولتها لهم غير معلومة (3) وأما لبس الحرير والذهب
ونحوهما مما يحرم على البالغين فالأقوى (4) عدم وجوب منع المميزين
منها فضلا عن غيرهم بل لا بأس بإلباسهم إياها (5)، وإن كان الأولى
تركه بل منعهم عن لبسها.
فصل
في صلاة الاستئجار
يجوز الاستيجار للصلاة بل ولسائر العبادات عن الأموات
إذا فاتت منهم وتفرغ ذمتهم (6) بفعل الأجير وكذا يجوز التبرع
75

عنهم (1)، ولا يجوز الاستئجار، ولا التبرع عن الأحياء في الواجبات وإن
كانوا عاجزين عن المباشرة إلا الحج إذا كان مستطيعا وكان عاجزا عن
المباشرة، نعم يجوز إتيان المستحبات وإهداء ثوابها للأحياء، كما يجوز
ذلك للأموات ويجوز النيابة عن الأحياء في بعض المستحبات (2).
(مسألة 1): لا يكفي (3) في تفريغ ذمة الميت إتيان العمل وإهداء
ثوابه، بل لا بد إما من النيابة عنه بجعل نفسه نازلا منزلته (4) أو بقصد
إتيان ما عليه له (5)، ولو لم ينزل نفسه منزلته، نظير أداء دين
76

الغير (1)، فالمتبرع بتفريغ ذمة الميت له أن ينزل نفسه منزلته، وله أن
يتبرع بأداء دينه من غير تنزيل، بل الأجير أيضا يتصور فيه الوجهان (2)،
فلا يلزم أن يجعل نفسه نائبا، بل يكفي (3) أن يقصد إتيان ما على الميت
وأداء دينه الذي لله.
(مسألة 2): يعتبر في صحة عمل الأجير والمتبرع قصد القربة (4)
وتحققه في المتبرع لا إشكال فيه، وأما بالنسبة إلى الأجير الذي من نيته
77

أخذ العوض فربما يستشكل فيه (1)، بل ربما يقال (2) من هذه الجهة أنه
لا يعتبر فيه قصد القربة بل يكفي الإتيان بصورة العمل عنه، لكن التحقيق (3)
78

أن أخذ الأجرة داع لداعي القربة، كما في صلاة الحاجة وصلاة الاستسقاء (1)،
حيث إن الحاجة ونزول المطر داعيان إلى الصلاة مع القربة، ويمكن أن
يقال (2): إنما يقصد القربة من جهة الوجوب عليه من باب الإجارة
79

ودعوى أن الأمر الإجاري ليس عباديا بل هو توصلي مدفوعة بأنه
تابع للعمل المستأجر عليه فهو مشترك (1) بين التوصلية والتعبدية.
(مسألة 3): يجب (2) على من عليه واجب من الصلاة أو الصيام أو
غيرهما من الواجبات أن يوصي به، خصوصا مثل الزكاة والخمس
والمظالم والكفارات (3) من الواجبات المالية، ويجب على الوصي إخراجها
من أصل التركة في الواجبات المالية ومنها الحج الواجب (4)، ولو بنذر
80

ونحوه، بل وجوب إخراج الصوم والصلاة من الواجبات البدنية أيضا
من الأصل لا يخلو عن قوة (1) لأنها دين الله ودين الله أحق أن يقضى.
81

(مسألة 4): إذا علم أن عليه شيئا من الواجبات المذكورة (1) وجب
إخراجها من تركته (2)، وإن لم يوص به (3) والظاهر أن إخباره بكونها
عليه يكفي في وجوب الإخراج من التركة (4).
(مسألة 5): إذا أوصى بالصلاة أو الصوم ونحوهما ولم يكن له تركة
لا يجب على الوصي أو الوارث إخراجه من ماله ولا المباشرة إلا ما
82

فات منه لعذر (1) من الصلاة والصوم حيث يجب على الولي وإن لم
يوص بهما، نعم الأحوط (2) مباشرة الولد ذكرا كان أو أنثى إذا أوصى
بمباشرته لهما، وإن لم يكن مما يجب على الولي، أو أوصى إلى غير
الولي بشرط أن لا يكون مستلزما للحرج من جهة كثرته، وأما غير
الولد ممن لا يجب عليه إطاعته فلا يجب عليه، كما لا يجب على الولد
أيضا استئجاره إذا لم يتمكن من المباشرة، أو كان أوصى بالاستئجار
عنه لا بمباشرته (3).
(مسألة 6): لو أوصى بما يجب عليه من باب الاحتياط وجب
إخراجه من الأصل (4) أيضا وأما لو أوصى بما يستحب عليه من باب
83

الاحتياط وجب العمل به، لكن يخرج من الثلث، وكذا لو أوصى
بالاستئجار عنه أزيد من عمره فإنه يجب العمل به والإخراج من الثلث،
لأنه يحتمل أن يكون ذلك من جهة احتماله الخلل في عمل الأجير،
وأما لو علم فراغ ذمته علما قطعيا فلا يجب (1) وإن أوصى به (2)، بل
جوازه أيضا محل إشكال (3).
84

(مسألة 7): إذا آجر نفسه لصلاة أو صوم أو حج فمات قبل الإتيان
به فإن اشترط المباشرة (1) بطلت الإجارة (2) بالنسبة إلى ما بقي عليه،
وتشتغل ذمته بمال الإجارة إن قبضه فيخرج من تركته، وإن لم يشترط
المباشرة وجب استئجاره من تركته إن كان له تركة، وإلا فلا يجب على
الورثة كما في سائر الديون إذا لم يكن له تركة، نعم يجوز تفريغ ذمته
من باب الزكاة أو نحوها أو تبرعا.
(مسألة 8): إذا كان عليه الصلاة أو الصوم الاستئجاري ومع ذلك كان
عليه فوائت من نفسه فإن وفت التركة بهما فهو (3) وإلا قدم
الاستئجاري، لأنه من قبيل دين الناس.
85

(مسألة 9): يشترط في الأجير أن يكون عارفا (1) بأجزاء الصلاة
وشرائطها ومنافياتها وأحكام الخلل (2) عن اجتهاد أو تقليد صحيح (3).
(مسألة 10): الأحوط اشتراط عدالة الأجير وإن كان الأقوى كفاية
الاطمينان بإتيانه على الوجه الصحيح (4) وإن لم يكن عادلا.
(مسألة 11): في كفاية استئجار غير البالغ ولو بإذن وليه إشكال، وإن
قلنا بكون عباداته شرعية، والعلم بإتيانه على الوجه الصحيح، وإن كان
لا يبعد (5) ذلك مع العلم المذكور، وكذا لو تبرع عنه مع العلم المذكور.
86

(مسألة 12): لا يجوز استئجار ذوي الأعذار (1) خصوصا من كان
صلاته بالإيماء أو كان عاجزا عن القيام ويأتي بالصلاة جالسا ونحوه،
وإن كان ما فات من الميت أيضا كان كذلك، ولو استأجر القادر فصار
عاجزا وجب عليه التأخير (2) إلى زمان رفع العذر وإن ضاق الوقت
انفسخت الإجارة (3).
87

(مسألة 13): لو تبرع العاجز عن القيام مثلا عن الميت ففي سقوطه
عنه إشكال (1).
(مسألة 14): لو حصل للأجير سهو أو شك يعمل بأحكامه على وفق
تقليده أو اجتهاده ولا يجب عليه إعادة الصلاة (2).
(مسألة 15): يجب على الأجير أن يأتي بالصلاة على مقتضى تكليف
الميت (3) اجتهادا أو تقليدا، ولا يكفي الإتيان بها على مقتضى تكليف
88

نفسه (1) فلو كان يجب عليه تكبير الركوع أو التسبيحات الأربع ثلاثا
89

أو جلسة الاستراحة اجتهادا أو تقليدا وكان في مذهب الأجير عدم
وجوبها يجب عليه الإتيان بها (1)، وأما لو انعكس فالأحوط الإتيان بها
أيضا (2) لعدم الصحة عند الأجير على فرض الترك، ويحتمل الصحة (3)
إذا رضي المستأجر (4) بتركها، ولا ينافي ذلك البطلان في مذهب
الأجير (5) إذا كانت المسألة اجتهادية ظنية لعدم العلم بالبطلان، فيمكن
قصد القربة الاحتمالية، نعم لو علم علما وجدانيا بالبطلان لم يكف لعدم
إمكان قصد القربة (6) حينئذ، ومع ذلك لا يترك الاحتياط.
90

(مسألة 16): يجوز استئجار كل من الرجل والمرأة للآخر، وفي الجهر
والإخفات يراعى حال المباشر، فالرجل يجهر في الجهرية وإن كان
نائبا عن المرأة، والمرأة مخيرة (1) وإن كانت نائبة عن الرجل.
(مسألة 17): يجوز مع عدم اشتراط الانفراد الإتيان بالصلاة
الاستئجارية جماعة إماما كان الأجير أو مأموما، لكن يشكل
الاقتداء (2) بمن يصلي الاستئجاري إلا إذا علم (3) اشتغال ذمة من ينوب
عنه بتلك الصلاة، وذلك لغلبة كون الصلوات الاستئجارية احتياطية (4).
(مسألة 18): يجب على القاضي عن الميت أيضا مراعاة الترتيب (5)
91

في فوائته مع العلم به (1)، ومع الجهل يجب اشتراط التكرار المحصل
له (2)، خصوصا إذا علم أن الميت كان عالما بالترتيب.
(مسألة 19): إذا استؤجر لفوائت الميت جماعة يجب أن يعين الوقت (3)
92

لكل منهم ليحصل الترتيب الواجب (1)، وأن يعين لكل منهم أن يبدأ في
دوره‍ [- ا] بالصلاة الفلانية مثل الظهر، وأن يتمم اليوم والليلة في دوره‍ [- ا]،
وأنه إن لم يتمم اليوم والليلة بل مضى وقته وهو في الأثناء أن لا
يحسب ما أتى به (2)، وإلا لاختل الترتيب، مثلا إذا صلى الظهر والعصر
فمضى وقته أو ترك البقية مع بقاء الوقت ففي اليوم الآخر يبدأ بالظهر،
ولا يحسب ما أتى به من الصلاتين.
(مسألة 20): لا تفرغ ذمة الميت بمجرد الاستئجار بل يتوقف
على الإتيان بالعمل صحيحا، فلو علم عدم إتيان الأجير أو أنه أتى به
باطلا وجب الاستئجار ثانيا، ويقبل قول الأجير بالإتيان به صحيحا،
بل الظاهر جواز الاكتفاء ما لم يعلم عدمه (3) حملا لفعله على
93

الصحة (1) إذا انقضى وقته (2) وأما إذا مات قبل انقضاء المدة فيشكل
الحال، والأحوط (3) تجديد استئجار مقدار ما يحتمل بقاؤه من العمل.
(مسألة 21): لا يجوز للأجير أن يستأجر غيره للعمل إلا مع إذن
المستأجر أو كون الإجارة واقعة على تحصيل العمل أعم من المباشرة
والتسبيب، وحينئذ فلا يجوز (4) أن يستأجر بأقل من الأجرة المجعولة
94

له إلا أن يكون آتيا ببعض العمل ولو قليلا.
(مسألة 22): إذا تبرع متبرع عن الميت قبل عمل الأجير ففرغت ذمة
الميت انفسخت الإجارة (1) فيرجع المؤجر (2) بالأجرة أو ببقيتها إن أتى
ببعض العمل، نعم لو تبرع متبرع عن الأجير ملك الأجرة (3).
(مسألة 23): إذا تبين بطلان الإجارة بعد العمل استحق الأجير (4) أجرة
95

المثل بعمله، وكذا إذا فسخت الإجارة من جهة الغبن لأحد الطرفين.
(مسألة 24): إذا آجر نفسه لصلاة أربع ركعات من الزوال من يوم
معين إلى الغروب فأخر حتى بقي من الوقت مقدار أربع ركعات ولم
يصل صلاة عصر ذلك اليوم ففي وجوب صرف الوقت في صلاة نفسه (1)
أو الصلاة الاستئجارية إشكال (2) من أهمية صلاة الوقت ومن كون صلاة
الغير من قبيل حق الناس المقدم على حق الله.
(مسألة 25): إذا انقضى الوقت المضروب للصلاة الاستئجارية
ولم يأت بها أو بقي منها بقية، لا يجوز له أن يأتي بها بعد الوقت
إلا بإذن جديد من المستأجر.
(مسألة 26): يجب تعيين الميت المنوب عنه، ويكفي الإجمالي
96

فلا يجب ذكر اسمه عند العمل، بل يكفي من قصده المستأجر
أو صاحب المال أو نحو ذلك.
(مسألة 27): إذا لم يعين كيفية العمل من حيث الإتيان بالمستحبات
يجب الإتيان على الوجه المتعارف.
(مسألة 28): إذا نسي بعض المستحبات التي اشترطت (1) عليه
أو بعض الواجبات مما عدا الأركان فالظاهر نقصان الأجرة بالنسبة (2)
97

إلا إذا كان المقصود تفريع الذمة على الوجه الصحيح (1).
(مسألة 29): لو آجر نفسه لصلاة شهر مثلا فشك (2) في أن المستأجر
عليه صلاة السفر أو الحضر ولم يمكن الاستعلام من المؤجر أيضا
فالظاهر وجوب الاحتياط بالجمع، وكذا لو آجر نفسه لصلاة وشك أنها
الصبح أو الظهر مثلا وجب الإتيان بهما.
(مسألة 30): إذا علم أنه كان على الميت فوائت ولم يعلم أنه أتى بها
قبل موته أم لا، فالأحوط (3) الاستئجار عنه.
98

فصل
في قضاء الولي
يجب على ولي الميت رجلا كان الميت أو امرأة على الأصح (1) حرا
كان أو عبدا أن يقضي عنه ما فاته من الصلاة (2) لعذر (3) من مرض
99

أو سفر (1) أو حيض فيما يجب فيه القضاء (2) ولم يتمكن من قضائه (3)
100

وإن كان الأحوط قضاء جميع ما عليه (1)، وكذا في الصوم لمرض
تمكن من قضائه وأهمل، بل وكذا لو فاته من غير المرض
من سفر ونحوه وإن لم يتمكن من قضائه (2) والمراد به الولد
101

الأكبر (1)، فلا يجب على البنت وإن لم يكن هناك ولد ذكر، ولا على غير
الأكبر من الذكور، ولا على غير الولد من الأب والأخ والعم والخال
ونحوهم من الأقارب، وإن كان الأحوط مع فقد الولد الأكبر قضاء
المذكورين (2) على ترتيب الطبقات وأحوط منه (3) قضاء الأكبر فالأكبر
من الذكور، ثم الإناث في كل طبقة حتى الزوجين والمعتق وضامن
الجريرة.
(مسألة 1): إنما يجب على الولي قضاء ما فات عن الأبوين (4) من
صلاة نفسهما، فلا يجب عليه ما وجب عليهما بالاستئجار، أو على
الأب من صلاة أبويه من جهة كونه وليا.
(مسألة 2): لا يجب على ولد الولد القضاء عن الميت إذا كان هو
102

الأكبر حال الموت وإن كان أحوط، خصوصا إذا لم يكن للميت ولد (1).
(مسألة 3): إذا مات أكبر الذكور بعد أحد أبويه لا يجب على غيره (2)
من إخوته الأكبر فالأكبر.
(مسألة 4): لا يعتبر في الولي أن يكون بالغا عاقلا عند الموت،
فيجب على الطفل إذا بلغ، وعلى المجنون إذا عقل، وإذا مات غير البالغ
قبل البلوغ أو المجنون قبل الإفاقة لا يجب على الأكبر بعدهما (3).
(مسألة 5): إذا كان أحد الأولاد أكبر بالسن والآخر بالبلوغ فالولي
هو الأول (4).
(مسألة 6): لا يعتبر في الولي كونه وارثا، فيجب على الممنوع من
الإرث (5) بالقتل أو الرق أو الكفر.
103

(مسألة 7): إذا كان الأكبر خنثى مشكلا فالولي غيره من الذكور (1)
وإن كان أصغر، ولو انحصر في الخنثى لم يجب عليه (2).
(مسألة 8): لو اشتبه الأكبر بين الاثنين أو الأزيد لم يجب على واحد
منهم وإن كان الأحوط التوزيع أو القرعة.
(مسألة 9): لو تساوى الولدان في السن قسط القضاء عليهما (3)
ويكلف بالكسر [أي ما لا يكون قابلا للقسمة والتقسيط كصلاة واحدة،
وصوم يوم واحد] كل منهما على الكفاية فلهما أن يوقعاه دفعة، ويحكم
بصحة كل منهما وإن كان متحدا في ذمة الميت ولو كان صوما من
104

قضاء شهر رمضان لا يجوز لهما الإفطار بعد الزوال (1)، والأحوط
الكفارة على كل منهما (2) مع الإفطار بعده، بناء على وجوبها في القضاء
عن الغير أيضا كما في قضاء نفسه.
(مسألة 10): إذا أوصى الميت بالاستئجار عنه سقط عن الولي بشرط
الإتيان من الأجير صحيحا (3).
(مسألة 11): يجوز للولي أن يستأجر ما عليه من القضاء عن الميت.
(مسألة 12): إذا تبرع بالقضاء عن الميت متبرع سقط عن الولي.
(مسألة 13): يجب على الولي مراعاة الترتيب في قضاء الصلاة (4)،
105

وإن جهله وجب عليه الاحتياط بالتكرار (1).
(مسألة 14): المناط في الجهر والإخفات على حال الولي المباشر
لا الميت (2) فيجهر في الجهرية وإن كان القضاء عن الأم.
106

(مسألة 15): في أحكام الشك والسهو يراعي الولي تكليف نفسه
اجتهادا أو تقليدا لا تكليف الميت، بخلاف أجزاء الصلاة وشرائطها،
فإنه يراعي تكليف الميت (1) وكذا في أصل وجوب القضاء (2) فلو كان
107

مقتضى تقليد الميت أو اجتهاده وجوب القضاء عليه يجب على الولي
الإتيان به (1) وإن كان مقتضى مذهبه عدم الوجوب، وإن كان مقتضى
مذهب الميت عدم الوجوب لا يجب عليه وإن كان واجبا بمقتضى
مذهبه (2) إلا إذا علم علما وجدانيا قطعيا ببطلان مذهب الميت، فيراعي
حينئذ تكليف نفسه (3).
(مسألة 16): إذا علم الولي أن على الميت فوائت ولكن لا يدري أنها
فاتت لعذر (4) من مرض أو نحوه أو لا لعذر لا يجب عليه القضاء (5)
وكذا إذا شك في أصل الفوت وعدمه (6).
(مسألة 17): المدار في الأكبرية على التولد لا على انعقاد النطفة،
فلو كان أحد الولدين أسبق انعقادا والآخر أسبق تولدا فالولي هو
108

الثاني، ففي التوأمين الأكبر أولهما تولدا.
(مسألة 18): الظاهر عدم اختصاص ما يجب على الولي بالفوائت
اليومية، فلو وجب عليه صلاة بالنذر الموقت وفاتت منه لعذر وجب (1)
على الولي قضاؤها.
(مسألة 19): الظاهر أنه يكفي (2) في الوجوب على الولي إخبار الميت
بأن عليه قضاء ما فات لعذر.
(مسألة 20): إذا مات في أثناء الوقت بعد مضي مقدار الصلاة بحسب
حاله قبل أن يصلي وجب على الولي قضاؤها (3).
(مسألة 21): لو لم يكن ولي (4) أو كان ومات قبل أن يقضي عن الميت
109

وجب الاستئجار (1) من تركته (2) وكذا لو تبين بطلان ما أتى به.
(مسألة 22): لا يمنع من الوجوب على الولي اشتغال ذمته بفوائت
نفسه، ويتخير في تقديم أيهما شاء.
(مسألة 23): لا يجب عليه الفور في القضاء عن الميت وإن كان أولى
وأحوط (3).
(مسألة 24): إذا مات الولي بعد الميت قبل أن يتمكن من القضاء ففي
الانتقال إلى الأكبر بعده إشكال (4).
110

(مسألة 25): إذا استأجر الولي غيره لما عليه من صلاة الميت
فالظاهر (1) أن الأجير يقصد النيابة عن الميت لا عنه (2).
فصل
في الجماعة
وهي من المستحبات الأكيدة في جميع الفرائض، خصوصا اليومية
منها وخصوصا في الأدائية، ولا سيما في الصبح والعشاءين وخصوصا
لجيران المسجد أو من يسمع النداء، وقد ورد في فضلها وذم تاركها من
ضروب التأكيدات ما كان يلحقها بالواجبات، ففي الصحيح: الصلاة في
جماعة تفضل على صلاة الفذ أي الفرد بأربع وعشرين درجة، وفي
رواية زرارة قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما يروي الناس أن الصلاة في
جماعة أفضل من صلاة الرجل وحده بخمس وعشرين، فقال (عليه السلام):
صدقوا فقلت: الرجلان يكونان جماعة؟ قال (عليه السلام): نعم، ويقوم الرجل عن
يمين الإمام. وفي رواية محمد بن عمارة قال: أرسلت إلى الرضا (عليه السلام)
111

أسأله عن الرجل يصلي المكتوبة وحده في مسجد الكوفة أفضل أو
صلاته مع جماعة؟ فقال (عليه السلام): الصلاة في جماعة أفضل. مع أنه ورد أن
الصلاة في مسجد الكوفة تعدل ألف صلاة، وفي بعض الأخبار ألفين، بل
في خبر قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) أتاني جبرئيل مع سبعين ألف ملك بعد
صلاة الظهر، فقال: يا محمد، إن ربك يقرئك السلام، وأهدى إليك
هديتين، قلت: ما تلك الهديتان؟ قال: الوتر ثلاث ركعات، والصلاة
الخمس في جماعة، قلت: يا جبرئيل ما لأمتي في الجماعة؟ قال: يا
محمد: إذا كانا اثنين كتب الله لكل واحد بكل ركعة مائة وخمسين
صلاة، وإذا كانوا ثلاثة كتب الله لكل واحد بكل ركعة ستمائة صلاة، وإذا
كانوا أربعة كتب الله لكل واحد ألفا ومائتي صلاة، وإذا كانوا خمسة كتب
الله لكل واحد بكل ركعة ألفين وأربعمائة صلاة، وإذا كانوا ستة كتب الله
لكل واحد منهم بكل ركعة أربعة آلاف وثمانمائة صلاة، وإذا كانوا سبعة
كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة تسعة آلاف وستمائة صلاة، وإذا
كانوا ثمانية كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة تسعة عشر ألفا ومائتي
صلاة، وإذا كانوا تسعة كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة ستة وثلاثين
ألفا وأربعمائة صلاة، وإذا كانوا عشرة كتب الله لكل واحد منهم بكل
ركعة سبعين ألفا وألفين وثمانمائة صلاة، فإن زادوا على العشرة فلو
صارت السماوات كلها قرطاسا والبحار مدادا والأشجار أقلاما
والثقلان مع الملائكة كتابا لم يقدروا أن يكتبوا ثواب ركعة، يا محمد!
تكبيرة يدركها المؤمن مع الإمام خير من ستين ألف حجة وعمرة، وخير
من الدنيا وما فيها بسبعين ألف مرة، وركعة يصليها المؤمن مع الإمام
خير من مائة ألف دينار يتصدق بها على المساكين، وسجدة يسجدها
112

المؤمن مع الإمام في جماعة خير من عتق مائة رقبة. وعن الصادق (عليه السلام)
الصلاة خلف العالم بألف ركعة، وخلف القرشي بمائة. ولا يخفي أنه إذا
تعدد جهات الفضل تضاعف الأجر، فإذا كانت في مسجد السوق الذي
تكون الصلاة فيه باثنتي عشرة صلاة يتضاعف بمقداره، وإذا كانت في
مسجد القبيلة الذي تكون الصلاة فيه بخمسة وعشرين فكذلك، وإذا
كانت في المسجد الجامع الذي تكون الصلاة فيه بمائة يتضاعف بقدره،
وكذا إذا كانت في مسجد الكوفة الذي بألف أو كانت عند علي (عليه السلام) الذي
فيه بمائتي ألف، وإذا كانت خلف العالم أو السيد فأفضل، وإن كانت
خلف العالم السيد فأفضل وكلما كان الإمام أوثق وأورع وأفضل
فأفضل وإذا كان المأمومون ذوو فضل فتكون أفضل، وكلما كان
المأمومون أكثر كان الأجر أزيد، ولا يجوز تركها رغبة عنها أو
استخفافا بها، ففي الخبر: لا صلاة لمن لا يصلي في المسجد إلا من
علة، ولا غيبة لمن صلى في بيته ورغب عن جماعتنا، ومن رغب عن
جماعة المسلمين وجب على المسلمين غيبته، وسقطت بينهم عدالته،
ووجب هجرانه، وإذا دفع إلى إمام المسلمين أنذره وحذره، فإن حضر
جماعة المسلمين وإلا أحرق عليه بيته. وفي آخر: أن أمير المؤمنين (عليه السلام)
بلغه أن قوما لا يحضرون الصلاة في المسجد فخطب فقال: إن قوما لا
يحضرون الصلاة معنا في مساجدنا فلا يؤاكلونا ولا يشاربونا ولا
يشاورونا ولا يناكحونا، أو يحضروا معنا صلاة جماعة، وإني لأوشك
بنار تشعل في دورهم فأحرقها عليهم أو ينتهون، قال: فامتنع المسلمون
من مؤاكلتهم ومشاربتهم ومناكحتهم حتى حضروا لجماعة المسلمين.
إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة، فمقتضى الإيمان عدم الترك من غير
113

عذر سيما مع الاستمرار عليه، فإنه كما ورد لا يمنع الشيطان من شئ
من العبادات منعها، ويعرض عليهم الشبهات من جهة العدالة ونحوها
حيث لا يمكنهم إنكارها، لأن فضلها من ضروريات الدين.
(مسألة 1): تجب الجماعة في الجمعة وتشترط في صحتها، وكذا
العيدين مع اجتماع شرائط الوجوب، وكذا إذا ضاق الوقت عن تعلم
القراءة لمن لا يحسنها مع قدرته على التعلم (1)، وأما إذا كان عاجزا عنه
أصلا فلا يجب عليه حضور الجماعة وإن كان أحوط (2)، وقد تجب
بالنذر (3) والعهد واليمين، ولكن لو خالف صحت الصلاة (4) وإن كان
متعمدا (5) ووجبت حينئذ عليه الكفارة (6)، والظاهر وجوبها أيضا إذا كان
ترك الوسواس موقوفا عليها (7) وكذا إذا ضاق الوقت عن إدراك الركعة
114

بأن كان هناك إمام في حال الركوع بل وكذا إذا كان بطيئا في القراءة في
ضيق الوقت، بل لا يبعد وجوبها بأمر أحد الوالدين (1).
(مسألة 2): لا تشرع الجماعة في شئ من النوافل الأصلية وإن
وجبت بالعارض بنذر أو نحوه (2) حتى صلاة الغدير على الأقوى (3)
115

إلا في صلاة الاستسقاء، نعم لا بأس بها فيما صار نفلا بالعارض،
كصلاة العيدين (1) مع عدم اجتماع شرائط الوجوب، والصلاة المعادة
جماعة، والفريضة المتبرع بها (2) عن الغير، والمأتي بها من جهة
الاحتياط الاستحبابي (3).
(مسألة 3): يجوز الاقتداء في كل من الصلوات اليومية بمن يصلي
الأخرى أيا منها كانت، وإن اختلفا في الجهر والإخفات، والأداء والقضاء
والقصر والتمام، بل والوجوب والندب، فيجوز اقتداء مصلي الصبح أو
المغرب أو العشاء بمصلي الظهر أو العصر، وكذا العكس ويجوز اقتداء
المؤدي بالقاضي والعكس، والمسافر بالحاضر والعكس، والمعيد صلاته
بمن لم يصل والعكس والذي يعيد صلاته احتياطا استحبابيا أو وجوبيا
بمن يصلي وجوبا، نعم يشكل اقتداء من يصلي وجوبا بمن يعيد احتياطا (4)
116

ولو كان وجوبيا، بل يشكل اقتداء المحتاط بالمحتاط (1) إلا إذا كان
احتياطهما من جهة واحدة (2).
(مسألة 4): يجوز الاقتداء في اليومية أيا منها كانت أداء أو قضاء
بصلاة الطواف كما يجوز العكس (3).
117

(مسألة 5): لا يجوز الاقتداء في اليومية بصلاة الاحتياط في
الشكوك (1)، والأحوط ترك العكس أيضا (2) وإن كان لا يبعد الجواز (3)
بل الأحوط ترك الاقتداء فيها ولو بمثلها (4) من صلاة الاحتياط، حتى إذا
كان جهة الاحتياط متحدة، وإن كان لا يبعد الجواز في خصوص صورة
الاتحاد، كما إذا كان الشك الموجب للاحتياط مشتركا بين الإمام
118

والمأموم (1).
(مسألة 6): لا يجوز اقتداء مصلي اليومية أو الطواف بمصلي الآيات
أو العيدين أو صلاة الأموات، وكذا لا يجوز العكس، كما أنه لا يجوز
اقتداء كل من الثلاثة بالآخر.
(مسألة 7): الأحوط (2) عدم اقتداء مصلي العيدين بمصلي الاستسقاء
وكذا العكس وإن اتفقا في النظم.
(مسألة 8): أقل عدد تنعقد به الجماعة في غير الجمعة والعيدين
اثنان، أحدهما الإمام، سواء كان المأموم رجلا أو امرأة، بل وصبيا
مميزا على الأقوى، وأما في الجمعة والعيدين فلا تنعقد إلا بخمسة
أحدهم الإمام.
(مسألة 9): لا يشترط في انعقاد الجماعة في غير الجمعة والعيدين (3)
119

نية الإمام الجماعة والإمامة، فلو لم ينوها مع اقتداء غيره به تحققت
الجماعة، سواء كان الإمام ملتفتا لاقتداء الغير به أم لا، نعم حصول
الثواب في حقه موقوف على نية الإمامة (1) وأما المأموم فلا بد له من نية
الائتمام (2)، فلو لم ينوه لم تتحقق الجماعة في حقه. وإن تابعه في
الأقوال والأفعال، وحينئذ فإن أتى بجميع ما يجب على المنفرد صحت
صلاته (3)، وإلا فلا، وكذا يجب وحدة الإمام، فلو نوى الاقتداء باثنين
ولو كانا متقارنين في الأقوال والأفعال لم تصح جماعة، وتصح
فرادى (4) إن أتى بما يجب على المنفرد ولم يقصد التشريع (5)، ويجب
120

عليه تعيين الإمام بالاسم أو الوصف (1) أو الإشارة الذهنية أو الخارجية،
فيكفي التعيين الاجمالي كنية الاقتداء بهذا الحاضر، أو بمن يجهر في
صلاته مثلا من الأئمة الموجودين أو نحو ذلك (2)، ولو نوى الاقتداء
بأحد هذين أو أحد هذه الجماعة لم تصح جماعة، وإن كان من قصده
تعيين أحدهما بعد ذلك في الأثناء أو بعد الفراغ.
(مسألة 10): لا يجوز الاقتداء بالمأموم فيشترط أن لا يكون إمامه
مأموما لغيره.
(مسألة 11): لو شك في أنه نوى الائتمام أم لا بنى على العدم،
وأتم منفردا، وإن علم أنه قام بنية الدخول (3) في الجماعة، نعم
لو ظهر عليه (4) أحوال الائتمام كالإنصات (5) ونحوه فالأقوى عدم
121

الالتفات (1) ولحوق أحكام الجماعة، وإن كان الأحوط (2) الإتمام
منفردا، وأما إذا كان ناويا للجماعة ورأي نفسه مقتديا وشك في أنه من
أول الصلاة نوى الانفراد أو الجماعة فالأمر أسهل (3).
(مسألة 12): إذا نوى الاقتداء بشخص على أنه زيد فبان أنه عمرو
122

فإن لم يكن عمرو عادلا بطلت جماعته (1) وصلاته (2) أيضا إذا ترك
القراءة (3) أو أتى بما يخالف صلاة المنفرد، وإلا صحت على الأقوى (4)،
وإن التفت في الأثناء ولم يقع منه ما ينافي (5) صلاة المنفرد أتم منفردا،
123

وإن كان عمرو أيضا عادلا ففي المسألة صورتان (1): إحداهما أن يكون
قصده الاقتداء بزيد وتخيل أن الحاضر هو زيد، وفي هذه الصورة تبطل
جماعته وصلاته (2) أيضا إن خالفت صلاة المنفرد (3) الثانية أن يكون
قصده الاقتداء بهذا الحاضر، ولكن تخيل أنه زيد فبان أنه عمرو، وفي
هذه الصورة الأقوى صحة جماعته (4) وصلاته، فالمناط ما قصده لا ما
تخيله من باب الاشتباه في التطبيق.
(مسألة 13): إذا صلى اثنان وبعد الفراغ علم أن نية كل منهما الإمامة
124

للآخر صحت صلاتهما (1)، أما لو علم أن نية كل منهما الائتمام بالآخر
استأنف (2) كل منهما الصلاة إذا كانت مخالفة لصلاة المنفرد (3)، ولو شكا
فيما أضمراه فالأحوط الاستئناف، وإن كان الأقوى الصحة (4) إذا كان
الشك بعد الفراغ أو قبله مع نية الانفراد (5) بعد الشك.
125

(مسألة 14): الأقوى (1) والأحوط عدم نقل نيته من إمام إلى إمام آخر
اختيارا، وإن كان الآخر أفضل وأرجح نعم لو عرض للإمام ما يمنعه من
إتمام صلاته من موت أو جنون أو إغماء أو صدور حدث (2)، بل ولو
لتذكر حدث سابق جاز للمأمومين تقديم إمام آخر (3) وإتمام الصلاة
معه، بل الأقوى ذلك (4) لو عرض له ما يمنعه من إتمامها مختارا، كما لو
صار فرضه الجلوس حيث لا يجوز البقاء على الاقتداء به لما يأتي من
عدم جواز ائتمام القائم بالقاعد.
(مسألة 15): لا يجوز للمنفرد العدول إلى الائتمام في الأثناء (5).
126

(مسألة 16): يجوز العدول من الائتمام إلى الانفراد ولو اختيارا في
جميع أحوال الصلاة على الأقوى (1)، وإن كان ذلك من نيته في أول
الصلاة (2) لكن الأحوط (3) عدم العدول إلا لضرورة ولو دنيوية خصوصا
في الصورة الثانية (4).
127

(مسألة 17): إذا نوى الانفراد بعد قراءة الإمام قبل الدخول في الركوع
لا يجب عليه القراءة، بل لو كان في أثناء القراءة يكفيه بعد نية الانفراد
قراءة ما بقي منها، وإن كان الأحوط استئنافها (1) خصوصا إذا كان
في الأثناء (2).
(مسألة 18): إذا أدرك الإمام راكعا يجوز له الائتمام والركوع معه،
ثم العدول (3) إلى الانفراد (4) اختيارا، وإن كان الأحوط (5) ترك العدول
128

حينئذ، خصوصا إذا كان ذلك من نيته أولا (1).
(مسألة 19): إذا نوى الانفراد بعد قراءة الإمام وأتم صلاته فنوى
الاقتداء به في صلاة أخرى قبل أن يركع الإمام في تلك الركعة أو حال
كونه في الركوع من تلك الركعة جاز، ولكنه خلاف الاحتياط (2).
(مسألة 20): لو نوى الانفراد في الأثناء لا يجوز (3) له العود إلى
الائتمام، نعم لو تردد في الانفراد وعدمه ثم عزم على عدم الانفراد
صح (4) بل لا يبعد جواز العود (5) إذا كان بعد نية الانفراد بلا فصل، وإن
كان الأحوط (6) عدم العود مطلقا.
129

(مسألة 21): لو شك في أنه عدل إلى الانفراد أم لا بنى على عدمه.
(مسألة 22): لا يعتبر في صحة الجماعة قصد القربة (1) من حيث
الجماعة، بل يكفي قصد القربة في أصل الصلاة، فلو كان قصد الإمام
من الجماعة الجاه (2) أو مطلب آخر دنيوي ولكن كان قاصدا للقربة في
أصل الصلاة صح (3)، وكذا إذا كان قصد المأموم من الجماعة سهولة
الأمر عليه أو الفرار من الوسوسة أو الشك أو من تعب تعلم القراءة
أو نحو ذلك من الأغراض الدنيوية صحت صلاته مع كونه قاصدا للقربة
فيها نعم لا يترتب ثواب الجماعة إلا بقصد القربة فيها.
130

(مسألة 23): إذا نوى الاقتداء بمن يصلي صلاة لا يجوز الاقتداء فيها
سهوا أو جهلا، كما إذا كانت نافلة أو صلاة الآيات مثلا، فإن تذكر قبل
الإتيان بما ينافي صلاة المنفرد عدل إلى الانفراد (1) وصحت، وكذا تصح
إذا تذكر بعد الفراغ ولم تخالف (2) صلاة المنفرد وإلا بطلت (3).
(مسألة 24): إذا لم يدرك الإمام إلا في الركوع أو أدركه في أول
الركعة أو أثنائها أو قبل الركوع فلم يدخل في الصلاة إلى أن ركع جاز
له الدخول معه، وتحسب له ركعة، وهو منتهى ما تدرك به الركعة في
ابتداء الجماعة (4) على الأقوى، بشرط أن يصل إلى حد الركوع قبل رفع
131

الإمام رأسه، وإن كان بعد فراغه من الذكر على الأقوى فلا يدركها إذا
أدركه بعد رفع رأسه، بل وكذا لو وصل المأموم إلى الركوع بعد شروع
الإمام في رفع الرأس، وإن لم يخرج بعد عن حده (1) على الأحوط (2)،
وبالجملة إدراك الركعة في ابتداء الجماعة يتوقف على إدراك ركوع
الإمام قبل الشروع في رفع رأسه، وأما في الركعات الأخر فلا يضر عدم
إدراك الركوع مع الإمام بأن ركع بعد رفع رأسه (3)، بل بعد دخوله في
132

السجود أيضا، هذا إذا دخل في الجماعة بعد ركوع الإمام، وأما إذا دخل
فيها من أول الركعة أو أثنائها واتفق أنه تأخر عن الإمام (1) في الركوع
فالظاهر صحة صلاته وجماعته (2)، فما هو المشهور من أنه لا بد من
إدراك ركوع الإمام في الركعة الأولى للمأموم في ابتداء الجماعة وإلا لم
تحسب له ركعة مختص بما إذا دخل في الجماعة في حال ركوع الإمام
أو قبله بعد تمام القراءة لا فيما إذا دخل فيها من أول الركعة أو أثنائها،
133

وإن صرح بعضهم بالتعميم، ولكن الأحوط الإتمام حينئذ والإعادة (1).
(مسألة 25): لو ركع بتخيل إدراك الإمام راكعا ولم يدرك بطلت
صلاته (2) بل وكذا لو شك في إدراكه وعدمه (3)، والأحوط في صورة
134

الشك الإتمام والإعادة (1) أو العدول إلى النافلة (2) والإتمام ثم اللحوق
في الركعة الأخرى.
(مسألة 26): الأحوط (3) عدم الدخول إلا مع الاطمينان بإدراك ركوع
الإمام وإن كان الأقوى جوازه (4) مع الاحتمال، وحينئذ فإن أدرك
صحت وإلا بطلت (5).
(مسألة 27): لو نوى وكبر فرفع الإمام رأسه قبل أن يركع أو قبل أن
135

يصل إلى حد الركوع لزمه الانفراد (1)، أو انتظار الإمام (2) قائما إلى
الركعة الأخرى، فيجعلها الأولى له إلا إذا أبطأ الإمام بحيث يلزم الخروج
عن صدق الاقتداء ولو علم قبل أن يكبر للإحرام عدم إدراك ركوع
الإمام لا يبعد جواز دخوله وانتظاره (3) إلى قيام الإمام للركعة الثانية مع
عدم فصل يوجب فوات صدق القدوة، وإن كان الأحوط عدمه (4).
(مسألة 28): إذا أدرك الإمام وهو في التشهد الأخير يجوز له الدخول
معه (5) بأن ينوي ويكبر ثم يجلس معه ويتشهد (6)، فإذا سلم الإمام يقوم
136

فيصلي من غير استئناف (1) للنية والتكبير، ويحصل له بذلك فضل
الجماعة، وإن لم يحصل له ركعة.
(مسألة 29): إذا أدرك الإمام في السجدة الأولى أو الثانية من الركعة
الأخيرة وأراد إدراك فضل الجماعة نوى (2) وكبر وسجد معه (3) السجدة
أو السجدتين وتشهد، ثم يقوم بعد تسليم الإمام (4) ويستأنف الصلاة (5)
ولا يكتفي بتلك النية والتكبير (6)، ولكن الأحوط (7) إتمام الأولى
137

بالتكبير الأول، ثم الاستئناف بالإعادة.
(مسألة 30): إذا حضر المأموم الجماعة فرأى الإمام راكعا وخاف أن
يرفع الإمام رأسه إن التحق بالصف نوى وكبر في موضعه وركع، ثم
مشى في ركوعه أو بعده (1) أو في سجوده أو بعده، أو بين السجدتين أو
بعدهما، أو حال القيام للثانية إلى الصف، سواء كان لطلب المكان
الأفضل أو للفرار عن كراهة الوقوف في صف وحده أو لغير ذلك،
وسواء كان المشي إلى الأمام أو الخلف أو أحد الجانبين بشرط أن
لا يستلزم الانحراف عن القبلة، وأن لا يكون هناك مانع آخر من حائل
أو علو أو نحو ذلك، نعم لا يضر (2) البعد الذي لا يغتفر حال الاختيار
على الأقوى، إذا صدق معه القدوة، وإن كان الأحوط اعتبار عدمه (3)
أيضا، والأقوى عدم وجوب جر الرجلين حال المشي (4)، بل له المشي
متخطيا على وجه لا تنمحي صورة الصلاة، والأحوط (5) ترك الاشتغال
138

بالقراءة والذكر الواجب حال المشي أو غيره مما يعتبر فيه الطمأنينة
حاله، ولا فرق في ذلك بين المسجد وغيره.
فصل
يشترط في الجماعة مضافا إلى ما مر في المسائل المتقدمة أمور:
أحدها: أن لا يكون بين الإمام والمأموم حائل يمنع عن
مشاهدته (1)، وكذا بين بعض المأمومين مع الآخر ممن يكون واسطة في
اتصاله بالإمام، كمن في صفه من طرف الإمام أو قدامه إذا لم
يكن في صفه من يتصل بالإمام، فلو كان حائل ولو في بعض
أحوال الصلاة (2) من قيام أو قعود أو ركوع أو سجود (3) بطلت
139

الجماعة (1)، من غير فرق في الحائل بين كونه جدارا أو غيره ولو
شخص إنسان لم يكن مأموما (2)، نعم إنما يعتبر ذلك إذا كان المأموم
رجلا، أما المرأة فلا بأس بالحائل بينها وبين الإمام أو غيره من
المأمومين (3) مع كون الإمام رجلا، بشرط أن تتمكن من المتابعة بأن
تكون عالمة بأحوال الإمام من القيام والركوع والسجود ونحوها، مع أن
الأحوط فيها أيضا عدم الحائل هذا، وأما إذا كان الإمام امرأة أيضا
فالحكم كما في الرجل (4).
الثاني: أن لا يكون موقف الإمام أعلى من موقف المأمومين علوا
معتدا به دفعيا كالأبنية ونحوها، لا انحداريا على الأصح من غير فرق
بين المأموم الأعمى والبصير والرجل والمرأة ولا بأس بغير المعتد به
140

مما هو دون الشبر (1) ولا بالعلو الانحداري حيث يكون العلو فيه
تدريجيا على وجه لا ينافي صدق انبساط الأرض، وأما إذا كان مثل
الجبل فالأحوط ملاحظة قدر الشبر (2) فيه، ولا بأس بعلو المأموم على
الإمام ولو بكثير (3).
الثالث: أن لا يتباعد المأموم عن الإمام بما يكون كثيرا في العادة
إلا إذا كان في صف متصل بعضه ببعض، حتى ينتهي إلى القريب، أو كان
في صف ليس بينه وبين الصف المتقدم البعد المزبور، وهكذا حتى ينتهي
141

إلى القريب، والأحوط احتياطا لا يترك (1) أن لا يكون بين موقف الإمام
ومسجد المأموم أو بين موقف السابق ومسجد اللاحق أزيد من مقدار
الخطوة التي تملأ الفرج، وأحوط من ذلك (2) مراعاة الخطوة المتعارفة
والأفضل بل الأحوط أيضا أن لا يكون بين الموقفين أزيد من مقدار
جسد الإنسان إذا سجد، بأن يكون مسجد اللاحق وراء موقف السابق
بلا فصل.
الرابع: أن لا يتقدم المأموم على الإمام في الموقف، فلو تقدم في
الابتداء أو الأثناء بطلت صلاته (3) إن بقي على نية الائتمام (4) والأحوط
142

تأخره عنه (1) وإن كان الأقوى جواز المساواة (2) ولا بأس بعد تقدم
الإمام في الموقف أو المساواة معه بزيادة المأموم على الإمام في
ركوعه وسجوده لطول قامته ونحوه، وإن كان الأحوط (3) مراعاة عدم
التقدم في جميع الأحوال حتى في الركوع والسجود والجلوس والمدار
على الصدق العرفي.
(مسألة 1): لا بأس بالحائل القصير الذي لا يمنع من المشاهدة (4)
في أحوال الصلاة وإن كان مانعا منها حال السجود كمقدار الشبر بل أزيد
أيضا، نعم إذا كان مانعا حال الجلوس فيه إشكال لا يترك معه الاحتياط.
(مسألة 2): إذا كان الحائل مما يتحقق معه المشاهدة حال الركوع
143

لثقب في وسطه مثلا أو حال القيام لثقب في أعلاه، أو حال الهوي إلى
السجود لثقب في أسفله فالأحوط والأقوى فيه عدم الجواز، بل وكذا لو
كان في الجميع لصدق الحائل معه أيضا.
(مسألة 3): إذا كان الحائل زجاجا يحكي من ورائه فالأقوى عدم
جوازه (1) للصدق.
(مسألة 4): لا بأس بالظلمة والغبار ونحوهما، ولا تعد من الحائل
وكذا النهر والطريق إذا لم يكن فيهما بعد ممنوع في الجماعة.
(مسألة 5): الشباك (2) لا يعد من الحائل، وإن كان الأحوط (3)
الاجتناب معه خصوصا مع ضيق الثقب، بل المنع في هذه الصورة
لا يخلو عن قوة (4) لصدق الحائل معه.
(مسألة 6): لا يقدح حيلولة المأمومين بعضهم لبعض، وإن كان أهل
144

الصف المتقدم الحائل لم يدخلوا في الصلاة إذا كانوا متهيئين (1) لها.
(مسألة 7): لا يقدح عدم مشاهدة بعض أهل الصف الأول أو أكثره
للإمام إذا كان ذلك من جهة استطالة الصف، ولا أطولية الصف (2) الثاني
مثلا من الأول.
(مسألة 8): لو كان الإمام في محراب داخل في جدار ونحوه
لا يصح اقتداء من على اليمين أو اليسار ممن يحول الحائط بينه وبين
الإمام، ويصح اقتداء من يكون مقابلا للباب لعدم الحائل بالنسبة إليه،
بل وكذا من على جانبيه (3) ممن لا يرى الإمام، لكن مع اتصال الصف
145

على الأقوى، وإن كان الأحوط العدم (1) وكذا الحال إذا زادت الصفوف
إلى باب المسجد فاقتدى من في خارج المسجد مقابلا للباب ووقف
الصف من جانبيه، فإن الأقوى صحة صلاة الجميع وإن كان الأحوط
العدم بالنسبة إلى الجانبين.
(مسألة 9): لا يصح اقتداء من بين الأسطوانات مع وجود الحائل
بينه وبين من تقدمه إلا إذا كان متصلا (2) بمن لم تحل الأسطوانة بينهم
كما أنه يصح إذا لم يتصل بمن لا حائل له لكن لم يكن بينه وبين من
تقدمه حائل مانع.
(مسألة 10): لو تجدد الحائل في الأثناء فالأقوى بطلان الجماعة
ويصير منفردا (3).
(مسألة 11): لو دخل في الصلاة مع وجود الحائل جاهلا به لعمى أو
نحوه لم تصح جماعة، فإن التفت قبل أن يعمل (4) ما ينافي صلاة المنفرد
أتم منفردا وإلا بطلت (5).
146

(مسألة 12): لا بأس بالحائل الغير المستقر كمرور شخص من إنسان
أو حيوان أو غير ذلك، نعم إذا اتصلت المارة لا يجوز، وإن كانوا غير
مستقرين لاستقرار المنع حينئذ.
(مسألة 13): لو شك في حدوث الحائل في الأثناء بنى على عدمه،
وكذا لو شك (1) قبل الدخول في الصلاة في حدوثه بعد سبق عدمه، وأما
لو شك في وجوده وعدمه مع عدم سبق العدم فالظاهر عدم جواز
الدخول (2) إلا مع الاطمينان بعدمه.
(مسألة 14): إذا كان الحائل مما لا يمنع عن المشاهدة حال القيام،
ولكن يمنع عنها حال الركوع أو حال الجلوس، والمفروض زواله
حال الركوع أو الجلوس هل يجوز معه الدخول في الصلاة؟ فيه
147

وجهان (1) والأحوط (2) كونه مانعا من الأول، وكذا العكس (3) لصدق
وجود الحائل بينه وبين الإمام (4).
(مسألة 15): إذا تمت صلاة الصف المتقدم وكانوا جالسين في مكانهم
أشكل بالنسبة إلى الصف المتأخر، لكونهم حينئذ حائلين غير مصلين،
نعم إذا قاموا بعد الإتمام بلا فصل ودخلوا مع الإمام في صلاة أخرى
لا يبعد (5) بقاء قدوة المتأخرين.
148

(مسألة 16): الثوب الرقيق الذي يرى الشبح من ورائه حائل
لا يجوز (1) مع الاقتداء.
(مسألة 17): إذا كان أهل الصفوف اللاحقة غير الصف الأول متفرقين،
بأن كان بين بعضهم مع البعض فصل أزيد من الخطوة التي تملأ الفرج
فإن لم يكن قدامهم من ليس بينهم وبينه البعد المانع ولم يكن إلى
جانبهم أيضا متصلا بهم من ليس بينه وبين من تقدمه البعد المانع لم
يصح اقتداؤهم، وإلا صح، وأما الصف الأول فلا بد فيه من عدم الفصل
بين أهله، فمعه لا يصح اقتداء من بعد عن الإمام أو عن المأموم من
طرف الإمام بالبعد المانع.
(مسألة 18): لو تجدد البعد في أثناء الصلاة بطلت الجماعة وصار
منفردا (2)، وإن لم يلتفت وبقي على نية الاقتداء، فإن أتى بما ينافي صلاة
المنفرد من زيادة ركوع (3) مثلا للمتابعة أو نحو ذلك بطلت صلاته
وإلا صحت.
(مسألة 19): إذا انتهت صلاة الصف المتقدم من جهة كونهم مقصرين
أو عدلوا إلى الانفراد فالأقوى بطلان اقتداء المتأخر للبعد إلا إذا عاد
149

المتقدم إلى الجماعة بلا فصل (1) كما أن الأمر كذلك من جهة الحيلولة
أيضا على ما مر (2).
(مسألة 20): الفصل لعدم دخول الصف المتقدم في الصلاة لا يضر بعد
كونهم متهيئين (3) للجماعة، فيجوز لأهل الصف المتأخر الإحرام قبل
إحرام المتقدم (4)، وإن كان الأحوط خلافه، كما أن الأمر كذلك من حيث
الحيلولة على ما سبق.
(مسألة 21): إذا علم بطلان صلاة الصف المتقدم تبطل جماعة
المتأخر من جهة الفصل أو الحيلولة، وإن كانوا غير ملتفتين للبطلان،
نعم مع الجهل بحالهم تحمل على الصحة، ولا يضر كما لا يضر (5)
فصلهم إذا كانت صلاتهم صحيحة بحسب تقليدهم (6) وإن كانت باطلة
150

بحسب تقليد الصف المتأخر (1).
(مسألة 22): لا يضر الفصل بالصبي المميز ما لم يعلم بطلان صلاته (2).
(مسألة 23): إذا شك في حدوث البعد في الأثناء بنى على عدمه، وإن
شك في تحققه من الأول وجب إحراز عدمه (3) إلا أن يكون مسبوقا
151

بالقرب (1)، كما إذا كان قريبا من الإمام الذي يريد أن يأتم به فشك
في أنه تقدم عن مكانه أم لا (2).
(مسألة 24): إذا تقدم المأموم على الإمام في أثناء الصلاة سهوا
أو جهلا أو اضطرارا صار منفردا (3)، ولا يجوز (4) له تجديد الاقتداء، نعم
لو عاد بلا فصل (5) لا يبعد بقاء قدوته (6).
(مسألة 25): يجوز (7) على الأقوى (8) الجماعة بالاستدارة حول
الكعبة، والأحوط عدم تقدم المأموم على الإمام بحسب الدائرة،
152

وأحوط منه عدم أقربيته مع ذلك إلى الكعبة وأحوط (1) من ذلك تقدم
الإمام بحسب الدائرة وأقربيته مع ذلك إلى الكعبة.
فصل
في أحكام الجماعة
(مسألة 1): الأحوط (2) ترك المأموم القراءة في الركعتين الأوليين
من الإخفاتية إذا كان فيهما مع الإمام، وإن كان الأقوى الجواز مع
الكراهة (3) ويستحب مع الترك أن يشتغل بالتسبيح والتحميد والصلاة
على محمد وآله، وأما في الأولتين من الجهرية، فإن سمع صوت
الإمام ولو همهمته وجب عليه (4) ترك القراءة، بل الأحوط والأولى
153

الإنصات (1) وإن كان الأقوى جواز الاشتغال بالذكر (2) ونحوه، وأما إذا
لم يسمع حتى الهمهمة جاز له القراءة، بل الاستحباب قوي، لكن
الأحوط القراءة بقصد القربة المطلقة لا بنية الجزئية، وإن كان الأقوى
الجواز بقصد الجزئية أيضا وأما في الأخيرتين من الإخفاتية أو الجهرية
فهو كالمنفرد (3) في وجوب القراءة أو التسبيحات مخيرا بينهما (4)، سواء
قرأ الإمام فيهما أو أتى بالتسبيحات سمع قراءته أو لم يسمع (5).
(مسألة 2): لا فرق في عدم السماع بين أن يكون من جهة البعد أو
من جهة كون المأموم أصم، أو من جهة كثرة الأصوات أو نحو ذلك.
(مسألة 3): إذا سمع بعض قراءة الإمام فالأحوط الترك مطلقا (6).
(مسألة 4): إذا قرأ بتخيل أن المسموع غير صوت الإمام ثم تبين أنه
صوته لا تبطل صلاته (7) وكذا إذا قرأ سهوا في الجهرية.
154

(مسألة 5): إذا شك في السماع وعدمه أو أن المسموع صوت الإمام
أو غيره فالأحوط الترك (1)، وإن كان الأقوى الجواز (2).
(مسألة 6): لا يجب على المأموم الطمأنينة حال قراءة الإمام، وإن
كان الأحوط ذلك (3)، وكذا لا يجب المبادرة (4) إلى القيام حال قراءته،
فيجوز أن يطيل سجوده (5) ويقوم بعد أن يقرأ الإمام في الركعة الثانية
بعض الحمد.
155

(مسألة 7): لا يجوز (1) أن يتقدم المأموم على الإمام في الأفعال،
بل يجب متابعته بمعنى مقارنته (2) أو تأخره عنه (3) تأخرا غير فاحش،
ولا يجوز التأخر الفاحش.
(مسألة 8): وجوب المتابعة تعبدي (4) وليس شرطا في الصحة (5)،
156

فلو تقدم أو تأخر فاحشا عمدا أثم (1)، ولكن صلاته صحيحة (2)، وإن
كان الأحوط الإتمام والإعادة (3) خصوصا إذا كان التخلف (4) في
ركنين (5) بل في ركن، نعم لو تقدم أو تأخر (6) على وجه تذهب به هيئة
الجماعة بطلت جماعته.
(مسألة 9): إذا رفع رأسه من الركوع أو السجود قبل الإمام سهوا
أو لزعم رفع الإمام رأسه وجب عليه العود (7) والمتابعة، ولا يضر زيادة
الركن (8) حينئذ، لأنها مغتفرة في الجماعة في نحو ذلك، وإن لم يعد
(أ) كذا، والصواب الفرضين.
157

أثم (1) وصحت صلاته (2)، لكن الأحوط (3) إعادتها بعد الإتمام بل لا يترك
الاحتياط إذا رفع رأسه قبل الذكر الواجب ولم يتابع مع الفرصة لها (4)
ولو ترك المتابعة حينئذ سهوا أو لزعم عدم الفرصة لا يجب الإعادة،
وإن كان الرفع قبل الذكر هذا، ولو رفع رأسه عامدا لم يجز له المتابعة (5)،
وإن تابع عمدا بطلت صلاته (6) للزيادة العمدية، ولو تابع سهوا فكذلك
158

إذا كان ركوعا أو في كل من السجدتين، وأما في السجدة الواحدة فلا.
(مسألة 10): لو رفع رأسه من الركوع قبل الإمام سهوا ثم عاد إليه
للمتابعة فرفع الإمام رأسه قبل وصوله إلى حد الركوع فالظاهر بطلان
الصلاة (1) لزيادة الركن من غير أن يكون للمتابعة واغتفار مثله غير
معلوم (2) وأما في السجدة الواحدة إذا عاد إليها ورفع الإمام رأسه قبله فلا
بطلان، لعدم كونه زيادة ركن ولا عمدية، لكن الأحوط الإعادة بعد الإتمام.
(مسألة 11): لو رفع رأسه من السجود فرأى الإمام في السجدة فتخيل
أنها الأولى فعاد إليها بقصد المتابعة فبان كونها الثانية حسبت ثانية (3)
وإن تخيل أنها الثانية فسجد أخرى بقصد الثانية فبان أنها الأولى
حسبت متابعة (4) والأحوط إعادة الصلاة (5) في الصورتين بعد الإتمام.
159

(مسألة 12): إذا ركع أو سجد قبل الإمام عمدا لا يجوز له المتابعة (1)
لاستلزامه الزيادة العمدية، وأما إذا كانت سهوا وجبت المتابعة (2) بالعود
إلى القيام أو الجلوس ثم الركوع أو السجود معه (3)، والأحوط الإتيان
بالذكر (4) في كل من الركوعين أو السجودين بأن يأتي بالذكر (5) ثم
160

يتابع (1)، وبعد المتابعة أيضا يأتي به، ولو ترك المتابعة عمدا أو سهوا لا
تبطل صلاته (2) وإن أثم في صورة العمد (3)، نعم لو كان ركوعه قبل
الإمام في حال قراءته فالأحوط البطلان مع ترك المتابعة (4) كما أنه
الأقوى (5) إذا كان ركوعه قبل الإمام عمدا في حال قراءته لكن البطلان
حينئذ إنما هو من جهة ترك القراءة وترك بدلها وهو قراءة الإمام كما أنه
لو رفع رأسه عامدا قبل الإمام وقبل الذكر الواجب بطلت صلاته من
جهة ترك الذكر.
161

(مسألة 13): لا يجب تأخر المأموم أو مقارنته مع الإمام في
الأقوال (1)، فلا تجب فيها المتابعة، سواء الواجب منها والمندوب،
والمسموع منها من الإمام وغير المسموع، وإن كان الأحوط (2) التأخر
خصوصا مع السماع (3) وخصوصا في التسليم (4)، وعلى أي حال لو
تعمد فسلم قبل الإمام لم تبطل صلاته (5)، ولو كان سهوا لا يجب إعادته
بعد تسليم الإمام، هذا كله في غير تكبيرة الإحرام، وأما فيها فلا يجوز
التقدم على الإمام، بل الأحوط (6) تأخره عنه بمعنى أن لا يشرع فيها
162

إلا بعد فراغ الإمام منها وإن كان في وجوبه تأمل (1).
(مسألة 14): لو أحرم قبل الإمام سهوا أو بزعم أنه كبر كان منفردا،
فإن أراد الجماعة عدل إلى النافلة وأتمها أو قطعها (2).
(مسألة 15): يجوز للمأموم أن يأتي بذكر الركوع والسجود أزيد (3)
من الإمام، وكذا إذا ترك بعض الأذكار المستحبة يجوز له الإتيان بها
مثل تكبير الركوع والسجود وبحول الله وقوته ونحو ذلك.
(مسألة 16): إذا ترك الإمام جلسة الاستراحة لعدم كونها واجبة عنده
لا يجوز للمأموم (4) الذي يقلد من يوجبها أو يقول بالاحتياط الوجوبي
163

أن يتركها، وكذا إذا اقتصر في التسبيحات على مرة مع كون المأموم
مقلدا لمن يوجب الثلاث وهكذا (1).
(مسألة 17): إذا ركع المأموم ثم رأى الإمام يقنت في ركعة لا قنوت
فيها يجب عليه العود (2) إلى القيام، لكن يترك القنوت (3) وكذا لو رآه
جالسا يتشهد في غير محله وجب عليه الجلوس معه، لكن لا يتشهد
معه. وهكذا في نظائر ذلك.
(مسألة 18): لا يتحمل الإمام عن المأموم شيئا من أفعال الصلاة غير
القراءة في الأولتين إذا ائتم به فيهما، وأما في الأخيرتين فلا يتحمل عنه،
بل يجب عليه بنفسه أن يقرأ الحمد (4) أو يأتي بالتسبيحات، وإن قرأ
164

الإمام فيهما وسمع قراءته، وإذا لم يدرك الأولتين مع الإمام وجب عليه
القراءة فيهما لأنهما أولتا صلاته، وإن لم يمهله الإمام لإتمامها اقتصر
على الحمد وترك السورة (1) وركع معه، وأما إذا أعجله عن الحمد أيضا
فالأحوط (2) إتمامها واللحوق به (3) في السجود أو قصد الانفراد (4)
ويجوز له قطع الحمد (5) والركوع معه لكن في هذه لا يترك الاحتياط
بإعادة الصلاة (6).
(مسألة 19): إذا أدرك الإمام في الركعة الثانية تحمل عنه القراءة فيها،
165

ووجب عليه القراءة في ثالثة الإمام الثانية له ويتابعه (1) في القنوت
في الأولى منه، وفي التشهد، والأحوط التجافي فيه كما أن الأحوط
التسبيح عوض التشهد (2) وإن كان الأقوى جواز التشهد (3)، بل استحبابه
أيضا، وإذا أمهله الإمام في الثانية له للفاتحة والسورة والقنوت أتى بها،
وإن لم يمهله ترك القنوت وإن لم يمهله للسورة تركها، وإن لم يمهله
لإتمام الفاتحة أيضا فالحال كالمسألة المتقدمة (4) من أنه يتمها (5)
ويلحق الإمام (6) في السجدة أو ينوي الانفراد (7) أو يقطعها (8) ويركع مع
الإمام ويتم الصلاة ويعيدها (9).
166

(مسألة 20): المراد بعدم إمهال الإمام المجوز لترك السورة ركوعه
قبل شروع المأموم فيها، أو قبل إتمامها، وإن أمكنه إتمامها (1) قبل رفع
رأسه من الركوع فيجوز تركها بمجرد دخوله في الركوع ولا يجب
الصبر إلى أواخره، وإن كان الأحوط (2) قراءتها ما لم يخف فوت
اللحوق (3) في الركوع، فمع الاطمينان بعدم رفع رأسه قبل إتمامها
لا يتركها (4) ولا يقطعها.
(مسألة 21): إذا اعتقد المأموم إمهال الإمام له في قراءته فقرأها ولم
يدرك ركوعه لا تبطل صلاته (5)، بل الظاهر عدم البطلان إذا تعمد ذلك (6)
167

بل إذا تعمد الإتيان بالقنوت مع علمه بعدم درك ركوع الإمام فالظاهر
عدم البطلان.
(مسألة 22): يجب الإخفات في القراءة خلف الإمام وإن كان الصلاة
جهرية، سواء كان في القراءة الاستحبابية (1) كما في الأولتين مع عدم
سماع صوت الإمام، أو الوجوبية كما إذا كان مسبوقا بركعة أو ركعتين،
ولو جهر جاهلا (2) أو ناسيا لم تبطل صلاته (3)، نعم لا يبعد استحباب
الجهر بالبسملة (4) كما في سائر موارد وجوب الإخفات.
168

(مسألة 23): المأموم المسبوق بركعة يجب عليه التشهد في الثانية منه
الثالثة للإمام، فيتخلف عن الإمام ويتشهد (1) ثم يلحقه (2) في القيام أو في
الركوع (3) إذا لم يمهله للتسبيحات، فيأتي بها ويكتفي بالمرة، ويلحقه
في الركوع أو السجود (4) وكذا يجب عليه التخلف عنه في كل فعل
وجب عليه دون الإمام من ركوع أو سجود أو نحوهما فيفعله، ثم يلحقه
إلا ما عرفت (5) من القراءة في الأوليين.
169

(مسألة 24): إذا أدرك المأموم الإمام في الأخيرتين فدخل في الصلاة
معه قبل ركوعه وجب عليه قراءة الفاتحة والسورة إذا أمهله لهما وإلا
كفته الفاتحة على ما مر، ولو علم أنه لو دخل معه لم يمهله لإتمام
الفاتحة أيضا فالأحوط عدم الإحرام إلا بعد ركوعه (1) فيحرم حينئذ،
ويركع معه وليس عليه الفاتحة حينئذ.
(مسألة 25): إذا حضر المأموم الجماعة ولم يدر أن الإمام في الأوليين
أو الأخيرتين قرأ الحمد والسورة بقصد القربة (2)، فإن تبين كونه في
الأخيرتين وقعت في محلها، وإن تبين كونه في الأوليين لا يضره ذلك.
(مسألة 26): إذا تخيل أن الإمام في الأوليين فترك القراءة ثم تبين أنه
في الأخيرتين فإن كان التبين قبل الركوع قرأ ولو الحمد فقط (3)
ولحقه (4)، وإن كان بعده صحت صلاته (5)، وإذا تخيل أنه في إحدى
الأخيرتين فقرأ ثم تبين كونه في الأوليين فلا بأس، ولو تبين في أثنائها
لا يجب (6) إتمامها.
170

(مسألة 27): إذا كان مشتغلا بالنافلة فأقيمت الجماعة وخاف من
إتمامها عدم إدراك الجماعة ولو كان بفوت الركعة الأولى منها جاز له
قطعها، بل استحب ذلك (1) ولو قبل إحرام الإمام للصلاة (2)، ولو كان
مشتغلا بالفريضة منفردا وخاف من إتمامها فوت الجماعة استحب له
العدول بها إلى النافلة وإتمامها ركعتين إذا لم يتجاوز محل العدول، بأن
دخل في ركوع الثالثة، بل الأحوط (3) عدم العدول إذا قام للثالثة، وإن لم
يدخل في ركوعها، ولو خاف من إتمامها ركعتين فوت الجماعة (4) ولو
الركعة الأولى منها جاز له القطع بعد العدول إلى النافلة على الأقوى (5)،
وإن كان الأحوط عدم قطعها (6) بل إتمامها ركعتين، وإن استلزم ذلك
171

عدم إدراك الجماعة في ركعة أو ركعتين، بل لو علم عدم إدراكها أصلا
إذا عدل إلى النافلة وأتمها فالأولى والأحوط عدم العدول وإتمام
الفريضة (1)، ثم إعادتها جماعة إن أراد وأمكن.
(مسألة 28): الظاهر عدم الفرق في جواز العدول من الفريضة إلى
النافلة لإدراك الجماعة بين كون الفريضة التي اشتغل بها ثنائية أو
غيرها، ولكن قيل بالاختصاص (2) بغير الثنائية.
(مسألة 29): لو قام المأموم مع الإمام إلى الركعة الثانية أو الثالثة مثلا
فذكر أنه ترك من الركعة السابقة سجدة أو سجدتين أو تشهدا أو نحو
ذلك وجب عليه العود للتدارك وحينئذ فإن لم يخرج عن صدق الاقتداء
وهيئة الجماعة عرفا (3) فيبقى على نية الاقتداء (4) وإلا فينوي
172

الانفراد (1).
(مسألة 30): يجوز للمأموم الإتيان بالتكبيرات الست الافتتاحية قبل
تحريم الإمام (2) ثم الإتيان بتكبيرة الإحرام بعد إحرامه، وإن كان الإمام
تاركا لها (3).
(مسألة 31): يجوز اقتداء أحد المجتهدين أو المقلدين أو المختلفين
بالآخر مع اختلافهما في المسائل الظنية المتعلقة بالصلاة، إذا لم يستعملا
محل الخلاف واتحدا في العمل، مثلا إذا كان رأي أحدهما اجتهادا
أو تقليدا وجوب السورة، ورأي الآخر عدم وجوبها يجوز اقتداء الأول
بالثاني إذا قرأها، وإن لم يوجبها وكذا إذا كان أحدهما يرى وجوب
تكبير الركوع أو جلسة الاستراحة أو ثلاث مرات في التسبيحات في
الركعتين الأخيرتين يجوز له الاقتداء بالآخر الذي لا يرى وجوبها،
لكن يأتي بها بعنوان الندب، بل وكذا يجوز مع المخالفة في العمل (4)
173

أيضا في ما عدا ما يتعلق بالقراءة في الركعتين الأوليين التي
يتحملها الإمام عن المأموم، فيعمل كل على وفق رأيه، نعم لا يجوز
اقتداء من يعلم وجوب شئ بمن لا يعتقد وجوبه مع فرض كونه تاركا
174

له (1)، لأن المأموم حينئذ عالم ببطلان (2) صلاة الإمام، فلا يجوز له
الاقتداء به، بخلاف المسائل الظنية (3) حيث إن معتقد كل منهما حكم
شرعي ظاهري في حقه (4)، فليس لواحد منهما الحكم ببطلان صلاة
الآخر، بل كلاهما في عرض واحد في كونه حكما شرعيا، وأما
فيما يتعلق بالقراءة في مورد تحمل الإمام عن المأموم وضمانه له
175

فمشكل (1) لأن الضامن حينئذ لم يخرج عن عهدة الضمان بحسب معتقد
المضمون عنه، مثلا إذا كان معتقد الإمام عدم وجوب السورة
والمفروض أنه تركها فيشكل جواز اقتداء من يعتقد وجوبها به، وكذا إذا
كان قراءة الإمام صحيحة عنده وباطلة بحسب معتقد المأموم من جهة
ترك إدغام لازم أو مد لازم أو نحو ذلك، نعم يمكن أن يقال بالصحة إذا
تداركها المأموم بنفسه (2)، كأن قرأ السورة في الفرض الأول، أو قرأ
موضع غلط الإمام صحيحا، بل يحتمل أن يقال (3): إن القراءة في عهدة
الإمام، ويكفي خروجه عنها باعتقاده لكنه مشكل (4) فلا يترك الاحتياط
بترك الاقتداء (5).
176

(مسألة 32): إذا علم المأموم بطلان صلاة الإمام (1) من جهة من
الجهات ككونه على غير وضوء أو تاركا لركن أو نحو ذلك لا يجوز له
الاقتداء به، وإن كان الإمام معتقدا صحتها من جهة الجهل أو السهو
أو نحو ذلك.
(مسألة 33): إذا رأى المأموم في ثوب الإمام أو بدنه نجاسة غير
معفوة عنها لا يعلم بها الإمام لا يجب عليه إعلامه، وحينئذ فإن علم أنه
كان سابقا عالما بها ثم نسيها لا يجوز له الاقتداء به (2)، لأن صلاته
حينئذ باطلة واقعا، ولذا يجب عليه الإعادة أو القضاء إذا تذكر بعد ذلك،
وإن علم كونه جاهلا بها يجوز الاقتداء، لأنها حينئذ صحيحة، ولذا
لا يجب عليه الإعادة أو القضاء إذا علم بعد الفراغ، بل لا يبعد جوازه (3)
إذا لم يعلم المأموم أن الإمام جاهل أو ناس، وإن كان الأحوط (4) الترك
177

في هذه الصورة هذا، ولو رأى شيئا هو نجس في اعتقاد المأموم [بالظن
الاجتهادي] (1) وليس بنجس عند الإمام أو شك في أنه نجس عند الإمام
أم لا بأن كان من المسائل الخلافية فالظاهر جواز الاقتداء مطلقا (2) سواء
كان الإمام جاهلا (3) أو ناسيا (4) أو عالما (5).
(مسألة 34): إذا تبين بعد الصلاة (6) كون الإمام فاسقا أو كافرا أو غير
متطهر أو تاركا لركن مع عدم ترك المأموم له أو ناسيا لنجاسة (7)

* لم يرد في الأصل
178

غير معفوة عنها في بدنه أو ثوبه انكشف بطلان الجماعة (1) لكن
صلاة المأموم صحيحة إذا لم يزد ركنا (2) أو نحوه مما يخل بصلاة
179

المنفرد (1) للمتابعة وإذا تبين ذلك في الأثناء نوى الانفراد ووجب
عليه (2) القراءة مع بقاء محلها وكذا لو تبين كونه امرأة ونحوها (3) ممن
لا يجوز إمامته للرجال خاصة أو مطلقا كالمجنون وغير البالغ إن قلنا
بعدم صحة إمامته، لكن الأحوط (4) إعادة الصلاة في هذا الفرض بل في
الفرض الأول وهو كونه فاسقا أو كافرا الخ.
(مسألة 35): إذا نسي الإمام شيئا من واجبات الصلاة ولم يعلم به
180

المأموم صحت صلاته (1) حتى لو كان المنسي ركنا (2) إذا لم يشاركه
في نسيان ما تبطل به الصلاة، وأما إذا علم به المأموم نبهه عليه
ليتدارك إن بقي محله، وإن لم يمكن أو لم يتنبه أو ترك تنبيهه (3)
حيث إنه غير واجب عليه وجب عليه نية الانفراد إن كان المنسي
ركنا أو قراءة (4) في مورد تحمل الإمام مع بقاء محلها بأن كان قبل
الركوع، وإن لم يكن ركنا ولا قراءة أو كانت قراءة وكان التفات
المأموم بعد فوت محل تداركها كما بعد الدخول في الركوع فالأقوى
جواز بقائه على الائتمام، وإن كان الأحوط الانفراد أو الإعادة
181

بعد الإتمام (1).
(مسألة 36): إذا تبين للإمام بطلان صلاته من جهة كونه محدثا
أو تاركا لشرط أو جزء ركن أو غير ذلك فإن كان بعد الفراغ لا يجب
عليه إعلام المأمومين، وإن كان في الأثناء فالظاهر وجوبه (2).
(مسألة 37): لا يجوز الاقتداء بإمام يرى نفسه مجتهدا وليس بمجتهد
مع كونه عاملا برأيه (3)، وكذا لا يجوز الاقتداء بمقلد لمن ليس أهلا
182

للتقليد إذا كانا مقصرين في ذلك، بل مطلقا على الأحوط إلا إذا علم أن
صلاته موافقة للواقع (1) من حيث إنه يأتي بكل ما هو محتمل الوجوب
من الأجزاء والشرائط، ويترك كل ما هو محتمل المانعية، لكنه فرض
بعيد لكثرة ما يتعلق بالصلاة من المقدمات والشرائط والكيفيات، وإن
كان آتيا بجميع أفعالها وأجزائها، ويشكل حمل فعله على الصحة مع
ما علم منه من بطلان اجتهاده أو تقليده (2).
183

(مسألة 38): إذا دخل الإمام في الصلاة معتقدا دخول الوقت والمأموم
معتقد عدمه أو شاك فيه لا يجوز له الائتمام في الصلاة، نعم إذا علم
بالدخول في أثناء صلاة الإمام جاز له (1) الائتمام به، نعم لو دخل الإمام
نسيانا من غير مراعاة للوقت أو عمل بظن غير معتبر لا يجوز الائتمام
به (2) وإن علم المأموم بالدخول في الأثناء لبطلان صلاة الإمام حينئذ
واقعا، ولا ينفعه دخول الوقت في الأثناء في هذه الصورة، لأنه مختص
بما إذا كان عالما أو ظانا بالظن المعتبر.
فصل
في شرائط إمام الجماعة
يشترط فيه أمور: البلوغ (3)، والعقل (4)، والإيمان (5)، والعدالة، وأن
184

لا يكون ابن زنا (1)، والذكورة إذا كان المأمومون أو بعضهم رجالا (2) وأن
لا يكون قاعدا للقائمين، ولا مضطجعا للقاعدين (3)، ولا من لا يحسن
القراءة (4) بعدم إخراج الحرف من مخرجه أو إبداله بآخر أو حذفه أو
نحو ذلك حتى اللحن في الإعراب، وإن كان لعدم استطاعته غير ذلك (5).
(مسألة 1): لا بأس بإمامة القاعد للقاعدين (6)، والمضطجع لمثله (7)
والجالس للمضطجع.
185

(مسألة 2): لا بأس بإمامة المتيمم للمتوضئ وذي الجبيرة لغيره (1)،
ومستصحب النجاسة من جهة العذر لغيره، بل الظاهر جواز إمامة
المسلوس والمبطون لغيرهما فضلا عن مثلهما، وكذا إمامة المستحاضة
للطاهرة.
(مسألة 3): لا بأس بالاقتداء بمن لا يحسن (2) القراءة في غير المحل
الذي يتحملها الإمام عن المأموم، كالركعتين الأخيرتين على الأقوى،
وكذا لا بأس بالائتمام بمن لا يحسن ما عدا القراءة من الأذكار الواجبة
والمستحبة التي لا يتحملها الإمام عن المأموم إذا كان ذلك لعدم
استطاعته غير ذلك.
(مسألة 4): لا يجوز إمامة من لا يحسن القراءة لمثله إذا اختلفا في
المحل الذي لم يحسناه (3)، وأما إذا اتحدا في المحل فلا يبعد الجواز،
وإن كان الأحوط (4) العدم بل لا يترك الاحتياط مع وجود الإمام المحسن (5)
186

وكذا لا يبعد جواز إمامة غير المحسن لمثله (1) مع اختلاف المحل
أيضا إذا نوى الانفراد (2) عند محل الاختلاف فيقرأ لنفسه بقية القراءة،
لكن الأحوط العدم، بل لا يترك مع وجود المحسن في هذه الصورة
أيضا (3).
(مسألة 5): يجوز الاقتداء بمن لا يتمكن من كمال الإفصاح
بالحروف أو كمال التأدية، إذا كان متمكنا من القدر الواجب فيها، وإن
كان المأموم أفصح منه.
(مسألة 6): لا يجب على غير المحسن الائتمام بمن هو محسن وإن
كان هو الأحوط (4)، نعم يجب (5) ذلك على القادر على التعلم إذا ضاق
الوقت عنه كما مر سابقا (6).
(مسألة 7): لا يجوز إمامة الأخرس لغيره (7) وإن كان ممن لا يحسن،
187

نعم يجوز إمامته لمثله (1) وإن كان الأحوط (2) الترك خصوصا مع وجود
غيره، بل لا يترك الاحتياط في هذه الصورة (3).
(مسألة 8): يجوز إمامة المرأة لمثلها (4)، ولا يجوز للرجل ولا للخنثى.
(مسألة 9): يجوز إمامة الخنثى للأنثى (5) دون الرجل، بل ودون الخنثى.
(مسألة 10): يجوز إمامة غير البالغ لغير البالغ (6).
(مسألة 11): الأحوط (7) عدم إمامة الأجذم والأبرص، والمحدود
188

بالحد الشرعي بعد التوبة، والأعرابي إلا لأمثالهم، بل مطلقا، وإن كان
الأقوى الجواز في الجميع (1) مطلقا.
(مسألة 12): العدالة ملكة (2) الاجتناب عن الكبائر (3) وعن الإصرار
على الصغائر (4)، وعن منافيات المروة الدالة على عدم مبالاة مرتكبها
بالدين، ويكفي حسن الظاهر الكاشف ظنا (5) عن تلك الملكة.
(مسألة 13): المعصية الكبيرة هي كل معصية ورد النص بكونها كبيرة،
كجملة من المعاصي المذكورة في محلها، أو ورد التوعيد بالنار عليه
189

في الكتاب أو السنة صريحا أو ضمنا، أو ورد في الكتاب أو السنة كونه
أعظم من إحدى الكبائر المنصوصة أو الموعود عليها بالنار (1)، أو كان
عظيما في أنفس أهل الشرع (2).
(مسألة 14): إذا شهد عدلان بعدالة شخص كفى في ثبوتها (3) إذا لم
يكن معارضا بشهادة عدلين آخرين، بل وشهادة عدل واحد (4) بعدمها.
(مسألة 15): إذا أخبر جماعة غير معلومين بالعدالة بعدالته وحصل
الاطمينان كفى، بل يكفي الاطمينان (5) إذا حصل من شهادة عدل واحد (6)،
190

وكذا إذا حصل من اقتداء عدلين به (1)، أو من اقتداء جماعة مجهولين به،
والحاصل أنه يكفي الوثوق والاطمينان للشخص من أي وجه حصل، بشرط
كونه من أهل الفهم والخبرة والبصيرة والمعرفة بالمسائل (2)، لا من الجهال،
ولا ممن يحصل له الاطمينان والوثوق بأدنى شئ كغالب الناس.
(مسألة 16): الأحوط أن لا يتصدى للإمامة من يعرف نفسه بعدم
العدالة وإن كان الأقوى جوازه (3).
(مسألة 17): الإمام الراتب في المسجد أولى بالإمامة من غيره، وإن
كان غيره أفضل منه، لكن الأولى له تقديم الأفضل، وكذا صاحب المنزل
أولى من غيره المأذون في الصلاة، وإلا فلا يجوز بدون إذنه والأولى
أيضا تقديم الأفضل، وكذا الهاشمي أولى من غيره المساوي له في الصفات.
(مسألة 18): إذا تشاح الأئمة (4) رغبة في ثواب الإمامة لا لغرض
191

دنيوي رجح من قدمه المأمومون جميعهم (1) تقديما ناشيا عن ترجيح
شرعي، لا لأغراض دنيوية، وإن اختلفوا فأراد كل منهم تقديم شخص
فالأولى ترجيح الفقيه الجامع للشرائط (2)، خصوصا إذا انضم إليه شدة
التقوى والورع، فإن لم يكن أو تعدد فالأولى تقديم الأجود قراءة، ثم
الأفقه في أحكام الصلاة، ومع التساوي فيها فالأفقه في سائر الأحكام
غير ما للصلاة، ثم الأسن في الإسلام، ثم من كان أرجح في سائر
الجهات الشرعية، والظاهر أن الحال كذلك إذا كان هناك أئمة متعددون (3)،
فالأولى للمأموم اختيار الأرجح بالترتيب المذكور لكن إذا تعدد
المرجح في بعض كان أولى ممن له ترجيح من جهة واحدة، والمرجحات
الشرعية مضافا إلى ما ذكر كثيرة لا بد من ملاحظتها في تحصيل الأولى،
وربما يوجب ذلك خلاف الترتيب المذكور، مع أنه يحتمل (4) اختصاص
الترتيب المذكور بصورة التشاح بين الأئمة أو بين المأمومين لا مطلقا،
فالأولى للمأموم مع تعدد الجماعة ملاحظة جميع الجهات في تلك
الجماعة، من حيث الإمام، ومن حيث أهل الجماعة: من حيث تقواهم
وفضلهم وكثرتهم وغير ذلك، ثم اختيار الأرجح فالأرجح.
192

(مسألة 91): الترجيحات المذكورة إنما هي من باب الأفضلية
والاستحباب، لا على وجه اللزوم والإيجاب، حتى في أولوية الإمام
الراتب (1) الذي هو صاحب المسجد، فلا يحرم مزاحمة الغير له (2) وإن
كان مفضولا من سائر الجهات أيضا إذا كان المسجد (3) وقفا لا ملكا
له (4) ولا لمن لم يأذن لغيره في الإمامة.
(مسألة 20): يكره (5) إمامة الأجذم والأبرص والأغلف المعذور في
ترك الختان والمحدود بحد شرعي بعد توبته (6) ومن يكره المأمومون
إمامته، والمتيمم للمتطهر والحائك والحجام والدباغ إلا لأمثالهم (7) بل
الأولى عدم إمامة كل ناقص (8) للكامل، وكل كامل للأكمل.
193

فصل
في مستحبات الجماعة ومكروهاتها (1)
أما المستحبات فأمور:
أحدها (2): أن يقف المأموم عن يمين الإمام (3) إن كان رجلا واحدا،
وخلفه إن كانوا أكثر، ولو كان المأموم امرأة واحدة وقفت خلف الإمام
على الجانب الأيمن (4) بحيث يكون سجودها محاذيا لركبة الإمام
أو قدمه ولو كن أزيد وقفن خلفه، ولو كان رجلا واحدا وامرأة واحدة
أو أكثر وقف الرجل عن يمين الإمام والامرأة خلفه، ولو كانوا رجالا
ونساء اصطفوا خلفه، واصطفت النساء خلفهم (5)، بل الأحوط (6) مراعاة
194

المذكورات هذا إذا كان الإمام رجلا، وأما في جماعة النساء فالأولى
وقوفهن صفا واحدا أو أزيد من غير أن تبرز إمامهن (1) من بينهن.
الثاني: أن يقف الإمام في وسط الصف.
الثالث: أن يكون في الصف الأول أهل الفضل ممن له مزية في العلم
والكمال والعقل والورع والتقوى، وأن يكون يمينه لأفضلهم في الصف
الأول فإنه أفضل الصفوف.
الرابع: الوقوف في القرب من الإمام.
الخامس: الوقوف في ميامن الصفوف فإنها أفضل من مياسرها، هذا
في غير صلاة الجنازة (2) وأما فيها فأفضل الصفوف آخرها.
السادس: إقامة الصفوف واعتدالها، وسد الفرج الواقعة فيها،
والمحاذاة بين المناكب.
السابع: تقارب الصفوف بعضها من بعض بأن لا يكون (3) ما بينها
أزيد من مقدار مسقط جسد الانسان إذا سجد.
الثامن: أن يصلي الإمام بصلاة أضعف من خلفه، بأن لا يطيل (4) في
أفعال الصلاة من القنوت والركوع والسجود إلا إذا علم حب التطويل من
جميع المأمومين.
195

التاسع: أن يشتغل المأموم المسبوق (1) بتمجيد الله تعالى بالتسبيح
والتهليل والتحميد والثناء إذا أكمل القراءة قبل ركوع الإمام، ويبقى
آية (2) من قراءته ليركع بها.
العاشر: أن لا يقوم الإمام من مقامه بعد التسليم، بل يبقى على هيئة
المصلي حتى يتم من خلفه صلاته من المسبوقين أو الحاضرين لو كان
الإمام مسافرا، بل هو الأحوط، ويستحب له أن يستنيب من يتم بهم
الصلاة عند مفارقته لهم، ويكره استنابة المسبوق بركعة أو أزيد، بل
الأولى عدم استنابة من لم يشهد الإقامة.
الحادي عشر: أن يسمع الإمام من خلفه القراءة الجهرية والأذكار ما
لم يبلغ العلو المفرط.
الثاني عشر: أن يطيل ركوعه إذا أحس بدخول شخص ضعف ما كان
يركع انتظارا للداخلين، ثم يرفع رأسه، وإن أحس بداخل.
الثالث عشر: أن يقول المأموم عند فراغ الإمام من الفاتحة: الحمد لله
رب العالمين.
الرابع عشر: قيام المأمومين عند قول المؤذن قد قامت الصلاة.
(وأما المكروهات) فأمور أيضا:
أحدها: وقوف المأموم وحده في صف وحده مع وجود موضع في
الصفوف، ومع امتلائها فليقف آخر الصفوف أو حذاء الإمام.
الثاني: التنفل بعد قول المؤذن قد قامت الصلاة، بل عند الشروع في
الإقامة.
196

الثالث: أن يخص الإمام نفسه بالدعاء إذا اخترع الدعاء من عند
نفسه (1)، وأما إذا قرأ بعض الأدعية المأثورة فلا.
الرابع: التكلم بعد قول المؤذن: قد قامت الصلاة، بل يكره في غير
الجماعة أيضا كما مر، إلا أن الكراهة فيها أشد إلا أن يكون المأمومون
اجتمعوا من شتى وليس لهم إمام فلا بأس أن يقول بعضهم لبعض: تقدم
يا فلان.
الخامس: إسماع المأموم الإمام ما يقوله بعضا أو كلا.
السادس: ائتمام الحاضر بالمسافر والعكس مع اختلاف صلاتهما (2)
قصرا وتماما وأما مع عدم الاختلاف كالائتمام في الصبح والمغرب فلا
كراهة، وكذا في غيرهما أيضا مع عدم الاختلاف، كما لو ائتم القاضي
بالمؤدي أو العكس، وكما في مواطن التخيير إذا اختار المسافر التمام،
ولا يلحق نقصان الفرضين بغير القصر والتمام بهما في الكراهة، كما إذا
ائتم الصبح بالظهر أو المغرب بالعشاء أو بالعكس.
(مسألة 1): يجوز لكل من الإمام والمأموم عند انتهاء صلاته قبل
الآخر بأن كان مقصرا والآخر متما، أو كان المأموم مسبوقا، أن لا يسلم
وينتظر الآخر حتى يتم صلاته ويصل إلى التسليم فيسلم معه، خصوصا
للمأموم إذا اشتغل بالذكر والحمد ونحوهما إلى أن يصل الإمام،
والأحوط (3) الاقتصار على صورة لا تفوت الموالاة، وأما مع
197

فواتها (1) ففيه إشكال (2) من غير فرق بين كون المنتظر هو الإمام أو المأموم.
(مسألة 2): إذا شك المأموم بعد السجدة الثانية من الإمام أنه سجد
معه السجدتين أو واحدة يجب عليه الإتيان بأخرى إذا لم يتجاوز
المحل (3).
(مسألة 3): إذا اقتدي المغرب بعشاء الإمام وشك في حال القيام أنه
الرابعة أو الثالثة ينتظر حتى يأتي الإمام بالركوع والسجدتين حتى يتبين
له الحال، فإن كان في الثالثة أتى بالبقية (4) وصحت الصلاة، وإن كان في
الرابعة يجلس ويتشهد ويسلم ثم يسجد سجدتي السهو لكل واحد من
الزيادات (5) من قوله: " بحول الله " وللقيام وللتسبيحات إن أتى بها أو ببعضها.
198

(مسألة 4): إذا رأى من عادل كبيرة (1) لا يجوز الصلاة خلفه إلا أن
يتوب مع فرض بقاء الملكة فيه، فيخرج عن العدالة بالمعصية، ويعود
إليها بمجرد التوبة.
(مسألة 5): إذا رأى الإمام يصلي ولم يعلم أنها من اليومية أو من
النوافل لا يصح الاقتداء به (2)، وكذا إذا احتمل أنها من الفرائض التي
لا يصح اقتداء اليومية بها، وإن علم أنها من اليومية لكن لم يدر أنها أية
صلاة من الخمس أو أنها أداء أو قضاء أو أنها قصر أو تمام لا بأس
بالاقتداء، ولا يجب إحراز ذلك قبل الدخول، كما لا يجب إحراز أنه في
أي ركعة كما مر.
(مسألة 6): القدر المتيقن من اغتفار زيادة الركوع للمتابعة سهوا
زيادته مرة واحدة في كل ركعة وأما إذا زاد في ركعة واحدة أزيد من
مرة كأن رفع رأسه قبل الإمام سهوا ثم عاد للمتابعة ثم رفع أيضا سهوا
ثم عاد فيشكل الاغتفار فلا يترك الاحتياط حينئذ بإعادة الصلاة بعد
الإتمام، وكذا في زيادة السجدة القدر المتيقن اغتفار زيادة سجدتين (3)
199

في ركعة، وأما إذا زاد أربع فمشكل.
(مسألة 7): إذا كان الإمام يصلي أداء أو قضاء يقينيا والمأموم
منحصر بمن يصلي احتياطيا يشكل إجراء حكم الجماعة (1) من اغتفار
200

زيادة الركن (1) [ورجوع الشاك منهما إلى الآخر ونحوه] (2) لعدم إحراز
كونها صلاة، نعم لو كان الإمام أو المأموم أو كلاهما يصلي باستصحاب

لم يرد في نسخة الأصل.
201

الطهارة لا بأس بجريان حكم الجماعة (1) لأنه وإن كان لم يحرز كونها
صلاة واقعية لاحتمال كون الاستصحاب مخالفا للواقع إلا أنه حكم
شرعي ظاهري، بخلاف الاحتياط فإنه إرشادي (2) وليس حكما
ظاهريا (3)، وكذا لو شك أحدهما في الإتيان بركن بعد تجاوز المحل
فإنه حينئذ وإن لم يحرز بحسب الواقع كونها صلاة لكن مفاد قاعدة
التجاوز (4) أيضا حكم شرعي فهي في ظاهر الشرع صلاة.
(مسألة 8): إذا فرغ الإمام من الصلاة والمأموم في التشهد، أو في
السلام الأول لا يلزم عليه نية الانفراد، بل هو باق على الاقتداء عرفا (5).
(مسألة 9): يجوز للمأموم المسبوق بركعة أن يقوم بعد السجدة
الثانية من رابعة الإمام التي هي ثالثته وينفرد (6)، ولكن يستحب له أن
202

يتابعه في التشهد متجافيا (1) إلى أن يسلم ثم يقوم إلى الرابعة.
(مسألة 10): لا يجب على المأموم الإصغاء إلى قراءة الإمام في
الركعتين الأوليين من الجهرية إذا سمع صوته، لكنه أحوط (2).
(مسألة 11): إذا عرف الإمام بالعدالة ثم شك في حدوث فسقه جاز له
الاقتداء به عملا بالاستصحاب، وكذا لو رأى منه شيئا وشك في أنه
موجب للفسق أم لا (3).
(مسألة 12): يجوز للمأموم مع ضيق الصف أن يتقدم إلى الصف
السابق، أو يتأخر إلى اللاحق (4) إذا رأى خللا فيهما، لكن على وجه
203

لا ينحرف عن القبلة فيمشي القهقرى (1).
(مسألة 13): يستحب انتظار الجماعة إماما أو مأموما وهو أفضل من
الصلاة في أول الوقت منفردا (2)، وكذا يستحب اختيار الجماعة مع
التخفيف على الصلاة فرادى مع الإطالة.
(مسألة 14): يستحب الجماعة في السفينة الواحدة وفي السفن
المتعددة (3) للرجال والنساء، ولكن تكره الجماعة في بطون الأودية.
(مسألة 15): يستحب اختيار الإمامة على الاقتداء، فللإمام إذا أحسن
بقيامه وقراءته وركوعه وسجوده مثل أجر من صلى مقتديا به (4)،
ولا ينقص من أجرهم شئ.
(مسألة 16): لا بأس بالاقتداء بالعبد إذا كان عارفا بالصلاة وأحكامها.
(مسألة 17): الأحوط ترك القراءة في الأوليين من الإخفاتية (5)
204

وإن كان الأقوى الجواز مع الكراهة كما مر.
(مسألة 18): يكره تمكين الصبيان من الصف الأول على ما ذكره
المشهور وإن كانوا مميزين (1).
(مسألة 19): إذا صلى منفردا أو جماعة واحتمل فيها خللا في الواقع
وإن كان صحيحة في ظاهر الشرع يجوز بل يستحب أن يعيدها منفردا
أو جماعة (2)، وأما إذا لم يحتمل فيها خللا فإن صلى منفردا ثم وجد من
يصلي تلك الصلاة جماعة يستحب له أن يعيدها جماعة إماما كان أو
مأموما، بل لا يبعد جواز إعادتها جماعة إذا وجد من يصلي غير تلك
الصلاة (3)، كما إذا صلى الظهر فوجد من يصلي العصر جماعة، لكن القدر
المتيقن الصورة الأولى (4)، وأما إذا صلى جماعة إماما أو مأموما فيشكل
205

استحباب إعادتها (1)، وكذا يشكل (2) إذا صلى اثنان منفردا ثم أرادا
الجماعة فاقتدى أحدهما بالآخر من غير أن يكون هناك من لم يصل.
(مسألة 20): إذا ظهر بعد إعادة الصلاة جماعة أن الصلاة الأولى كانت
باطلة يجتزئ بالمعادة.
(مسألة 21): في المعادة إذا أراد نية الوجه ينوي الندب (3) لا الوجوب
على الأقوى (4).
206

فصل
في الخلل الواقع في الصلاة
أي الإخلال بشئ مما يعتبر فيها وجودا أو عدما.
(مسألة 1): الخلل إما أن يكون عن عمد أو عن جهل أو سهو أو
اضطرار أو إكراه أو بالشك (1)، ثم إما أن يكون بزيادة أو نقيصة، والزيادة
إما بركن أو غيره، ولو بجزء مستحب كالقنوت في غير الركعة الثانية
أو فيها في غير محلها أو بركعة، والنقيصة إما بشرط ركني كالطهارة من
الحدث والقبلة أو بشرط غير ركني، أو بجزء ركني أو غير ركني،
أو بكيفية كالجهر والإخفات والترتيب والموالاة، أو بركعة.
(مسألة 2): الخلل العمدي موجب لبطلان الصلاة بأقسامه من
الزيادة (2)، والنقيصة حتى بالإخلال بحرف من القراءة أو الأذكار
207

أو بحركة أو بالموالاة بين حروف كلمة أو كلمات آية، أو بين بعض
الأفعال مع بعض، وكذا إذا فاتت الموالاة سهوا أو اضطرارا لسعال
أو غيره (1) ولم يتدارك بالتكرار متعمدا.
(مسألة 3): إذا حصل الإخلال بزيادة أو نقصان جهلا بالحكم فإن
كان بترك شرط ركني كالإخلال بالطهارة الحدثية أو بالقبلة بأن صلى
مستدبرا أو إلى اليمين أو اليسار (2) أو بالوقت بأن صلى قبل دخوله،
أو بنقصان ركعة، أو ركوع أو غيرهما من الأجزاء الركنية، أو بزيادة ركن
بطلت الصلاة وإن كان الإخلال بسائر (بترك سائر) الشروط أو الأجزاء
زيادة أو نقصا فالأحوط (3) الإلحاق بالعمد في البطلان لكن الأقوى
إجراء حكم السهو عليه (4).
208

(مسألة 4): لا فرق في البطلان بالزيادة العمدية بين أن يكون في
209

ابتداء النية أو في الأثناء ولا بين الفعل (1) والقول، ولا بين الموافق
لأجزاء الصلاة والمخالف لها (2) ولا بين قصد الوجوب بها والندب (3) نعم
لا بأس بما يأتي به من القراءة والذكر في الأثناء لا بعنوان أنه منها ما لم
يحصل به المحو (4) للصورة، وكذا لا بأس بإتيان غير المبطلات
من الأفعال الخارجية المباحة كحك الجسد ونحوه إذا لم يكن ماحيا
210

للصورة (1).
(مسألة 5): إذا أخل بالطهارة الحدثية ساهيا بأن ترك الوضوء أو
الغسل أو التيمم بطلت صلاته وإن تذكر في الأثناء، وكذا لو تبين بطلان
أحد هذه من جهة ترك جزء أو شرط.
(مسألة 6): إذا صلى قبل دخول الوقت ساهيا بطلت، وكذا لو صلى
إلى اليمين أو اليسار أو مستدبرا فيجب عليه الإعادة أو القضاء (2).
(مسألة 7): إذا أخل بالطهارة الخبثية في البدن أو اللباس ساهيا (3)
بطلت، وكذا إن كان جاهلا بالحكم (4) أو كان جاهلا بالموضوع
وعلم في الأثناء (5) مع سعة الوقت وإن علم بعد الفراغ صحت. وقد مر
211

التفصيل سابقا.
(مسألة 8): إذا أخل بستر العورة سهوا فالأقوى عدم البطلان وإن
كان هو الأحوط، وكذا لو أخل بشرائط الساتر عدا الطهارة من
المأكولية (1) وعدم كونه حريرا أو ذهبا ونحو ذلك.
(مسألة 9): إذا أخل بشرائط المكان سهوا فالأقوى عدم البطلان (2)،
وإن كان أحوط (3) فيما عدا الإباحة، بل فيها أيضا إذا كان هو الغاصب (4).
212

(مسألة 10): إذا سجد على ما لا يصح السجود عليه سهوا إما
لنجاسته أو كونه من المأكول أو الملبوس لم تبطل الصلاة (1)، وإن كان
هو الأحوط (2) وقد مرت هذه المسائل في مطاوي الفصول السابقة.
(مسألة 11): إذا زاد ركعة (3) أو ركوعا أو سجدتين من ركعة أو تكبيرة
الإحرام سهوا بطلت الصلاة (4)، نعم يستثنى من ذلك زيادة الركوع
213

أو السجدتين في الجماعة، وأما إذا زاد (1) ما عدا هذه من الأجزاء غير
الأركان كسجدة واحدة أو تشهد أو نحو ذلك مما ليس بركن فلا تبطل،
بل عليه سجدتا السهو (2) وأما زيادة القيام الركني فلا تتحقق إلا بزيادة
الركوع أو بزيادة تكبيرة الإحرام، كما أنه لا تتصور زيادة النية، بناء
على أنها الداعي، بل على القول بالإخطار لا تضر زيادتها.
(مسألة 12): يستثنى من بطلان الصلاة بزيادة الركعة ما إذا نسي
المسافر سفره، أو نسي أن حكمه القصر، فإنه لا يجب القضاء إذا تذكر
في الوقت كما سيأتي إن شاء الله (3).
(مسألة 13): لا فرق في بطلان الصلاة بزيادة ركعة بين أن يكون قد
تشهد في الرابعة ثم قام إلى الخامسة أو جلس بمقدارها كذلك أو لا،
وإن كان الأحوط في هاتين الصورتين إتمام الصلاة لو تذكر قبل الفراغ
214

ثم إعادتها (1).
(مسألة 14): إذا سها عن الركوع حتى دخل في السجدة الثانية (2)
بطلت صلاته، وإن تذكر قبل الدخول فيها رجع وأتى به وصحت
صلاته، ويسجد سجدتي السهو لكل زيادة (3) ولكن الأحوط (4) مع ذلك
إعادة الصلاة لو كان التذكر بعد الدخول في السجدة الأولى.
215

(مسألة 15): لو نسي السجدتين ولم يتذكر إلا بعد الدخول في الركوع
من الركعة التالية بطلت صلاته، ولو تذكر قبل ذلك رجع وأتى بهما
وأعاد ما فعله سابقا مما هو مرتب عليهما بعدهما، وكذا تبطل الصلاة لو
نسيهما من الركعة الأخيرة حتى سلم وأتى بما يبطل الصلاة عمدا
وسهوا، كالحدث والاستدبار، وإن تذكر بعد السلام قبل الإتيان بالمبطل
فالأقوى أيضا البطلان (1) لكن الأحوط (2) التدارك ثم الإتيان بما هو
216

مرتب عليهما، ثم إعادة الصلاة، وإن تذكر قبل السلام أتى بهما وبما
بعدهما من التشهد والتسليم وصحت صلاته، وعليه سجدتا السهو (1)
لزيادة التشهد أو بعضه، وللتسليم المستحب.
(مسألة 16): لو نسي النية أو تكبيرة الإحرام بطلت صلاته (2)، سواء
تذكر في الأثناء أو بعد الفراغ فيجب الاستئناف، وكذا لو نسي القيام
حال تكبيرة الإحرام، وكذا لو نسي القيام المتصل بالركوع بأن ركع
لا عن قيام.
(مسألة 17): لو نسي الركعة الأخيرة فذكرها بعد التشهد قبل التسليم
217

قام وأتى بها، ولو ذكرها بعد التسليم الواجب قبل فعل ما يبطل الصلاة
عمدا وسهوا قام وأتم (1) ولو ذكرها بعده استأنف الصلاة من رأس من
غير فرق بين الرباعية وغيرها، وكذا لو نسي أزيد من ركعة.
218

(مسألة 18): لو نسي ما عدا الأركان من أجزاء الصلاة لم تبطل صلاته (1)،
وحينئذ فإن لم يبق محل التدارك وجب عليه سجدتا السهو (2) للنقيصة،
وفي نسيان السجدة الواحدة والتشهد يجب قضاؤهما (3) أيضا بعد الصلاة
قبل سجدتي السهو (4)، وإن بقي محل التدارك وجب العود للتدارك (5)، ثم
الإتيان بما هو مرتب عليه مما فعله سابقا، وسجدتا السهو لكل زيادة (6)
219

وفوت محل التدارك إما بالدخول في ركن بعده على وجه لو تدارك
المنسي لزم زيادة الركن (1). وإما بكون محله في فعل خاص جاز محل
ذلك الفعل كالذكر في الركوع والسجود إذا نسيه وتذكر بعد رفع الرأس
منهما، وإما بالتذكر بعد السلام الواجب (2) فلو نسي القراءة أو الذكر
أو بعضهما أو الترتيب فيهما أو إعرابهما أو القيام فيهما أو الطمأنينة فيه،
وذكر بعد الدخول في الركوع فات محل التدارك فيتم الصلاة، ويسجد
سجدتي السهو للنقصان إذا كان المنسي من الأجزاء، لا لمثل الترتيب
220

والطمأنينة مما ليس بجزء، وإن تذكر قبل الدخول في الركوع رجع
وتدارك وأتى بما بعده وسجد سجدتي السهو لزيادة ما أتى به من
الأجزاء، نعم في نسيان القيام حال القراءة (1) أو الذكر ونسيان الطمأنينة
فيه لا يبعد فوت محلهما قبل الدخول في الركوع أيضا، لاحتمال كون
القيام واجبا (2) حال القراءة لا شرطا فيها، وكذا كون الطمأنينة واجبة
221

حال القيام لا شرطا فيه (1) وكذا الحال في الطمأنينة حال التشهد وسائر
الأذكار فالأحوط العود (2) والإتيان بقصد الاحتياط والقربة، لا بقصد
الجزئية ولو نسي الذكر في الركوع أو السجود أو الطمأنينة حاله وذكر
بعد رفع الرأس منهما فات محلهما، ولو تذكر قبل الرفع أو قبل الخروج
عن مسمى الركوع وجب الإتيان بالذكر، ولو كان المنسي الطمأنينة
حال الذكر فالأحوط إعادته بقصد الاحتياط والقربة، وكذا لو نسي وضع
أحد المساجد (3) حال السجود، ولو نسي الانتصاب من الركوع وتذكر
بعد الدخول في السجدة الثانية فات محله (4) وأما لو تذكر قبله
222

فلا يبعد (1) وجوب العود إليه، لعدم استلزامه إلا زيادة سجدة واحدة،
وليست بركن، كما أنه كذلك لو نسي الانتصاب من السجدة الأولى
وتذكر بعد الدخول في الثانية (2) لكن الأحوط (3) مع ذلك إعادة الصلاة،
ولو نسي الطمأنينة حال أحد الانتصابين احتمل فوت المحل (4) وإن
223

لم يدخل في السجدة كما مر نظيره، ولو نسي السجدة الواحدة أو التشهد
وذكر بعد الدخول في الركوع أو بعد السلام فات محلهما (1) ولو ذكر قبل
224

ذلك تداركهما، ولو نسي الطمأنينة في التشهد فالحال كما مر من أن
الأحوط الإعادة بقصد القربة والاحتياط (1)، والأحوط مع ذلك إعادة
الصلاة (2) أيضا، لاحتمال (3) كون التشهد زيادة عمدية حينئذ خصوصا
إذا تذكر نسيان الطمأنينة فيه بعد القيام (4).
225

(مسألة 19): لو كان المنسي الجهر أو الإخفات (1) لم يجب التدارك
بإعادة القراءة، أو الذكر على الأقوى، وإن كان أحوط (2) إذا لم يدخل
226

في الركوع.
فصل
في الشك
وهو إما في أصل الصلاة وأنه هل أتى بها أم لا، وإما في شرائطها،
وإما في أجزائها، وإما في ركعاتها.
(مسألة 1): إذا شك في أنه هل صلى أم لا، فإن كان بعد مضي
الوقت لم يلتفت وبنى على أنه صلى، سواء كان الشك في صلاة واحدة،
أو في الصلاتين، وإن كان في الوقت وجب الإتيان بها، كأن شك في أنه
صلى صلاة الصبح أم لا، أو هل صلى الظهرين أم لا، أو هل صلى العصر
بعد العلم بأنه صلى الظهر أم لا، ولو علم أنه صلى العصر ولم يدر أنه
227

صلى الظهر أم لا فيحتمل جواز البناء (1) على أنه صلاها، لكن الأحوط
الإتيان بها، بل لا يخلو عن قوة، بل وكذلك لو لم يبق إلا مقدار
الاختصاص بالعصر وعلم أنه أتى بها وشك في أنه أتى بالظهر أيضا
أم لا، فإن الأحوط (2) الإتيان بها وإن كان احتمال البناء على الإتيان بها
وإجراء حكم الشك بعد مضي الوقت هنا أقوى (3) من السابق نعم لو بقي
228

من الوقت مقدار الاختصاص بالعصر وعلم بعدم الإتيان بها أو شك فيه
وكان شاكا في الإتيان بالظهر وجب الإتيان بالعصر ويجري حكم الشك
بعد الوقت بالنسبة إلى الظهر (1)، لكن الأحوط قضاء (2) الظهر أيضا.
229

(مسألة 2): إذا شك في فعل الصلاة وقد بقي من الوقت مقدار ركعة
فهل ينزل منزلة تمام الوقت أو لا، وجهان أقواهما الأول (1) أما لو بقي
أقل من ذلك فالأقوى (2) كونه بمنزلة الخروج.
(مسألة 3): لو ظن (3) فعل الصلاة فالظاهر أن حكمه حكم الشك في
التفصيل بين كونه في الوقت أو في خارجه، وكذا لو ظن عدم فعلها.
(مسألة 4): إذا شك في بقاء الوقت وعدمه يلحقه حكم البقاء (4).
(مسألة 5): لو شك في أثناء صلاة العصر في أنه صلى الظهر أم لا،
فإن كان في الوقت المختص بالعصر بنى على الإتيان بها (5)، وإن كان
230

في الوقت المشترك عدل إلى الظهر بعد البناء على عدم الإتيان بها (1).
(مسألة 6): إذا علم أنه صلى إحدى الصلاتين من الظهر أو العصر
ولم يدر المعين منها يجزيه الإتيان بأربع ركعات بقصد ما في الذمة،
سواء كان في الوقت أو في خارجه نعم لو كان في وقت الاختصاص
بالعصر يجوز له البناء (2) على أن ما أتى به هو الظهر، فينوي فيما (3)
يأتي به العصر ولو علم أنه صلى إحدى العشاءين ولم يدر المعين منهما
231

وجب الإتيان بهما سواء كان في الوقت أو في خارجه، وهنا أيضا
لو كان في وقت الاختصاص بالعشاء بنى على أن ما أتى به هو
المغرب، وأن الباقي هو العشاء (1).
(مسألة 7): إذا شك في الصلاة في أثناء الوقت ونسي الإتيان بها
وجب عليه القضاء إذا تذكر خارج الوقت، وكذا إذا شك واعتقد أنه
خارج الوقت، ثم تبين أن شكه كان في أثناء الوقت وأما إذا شك واعتقد
أنه في الوقت فترك الإتيان بها عمدا أو سهوا ثم تبين أن شكه كان
خارج الوقت فليس عليه القضاء.
(مسألة 8): حكم كثير الشك في الإتيان بالصلاة وعدمه حكم
غيره (2) فيجري فيه التفصيل بين كونه في الوقت وخارجه، وأما
232

الوسواسي فالظاهر أنه يبني على الإتيان وإن كان في الوقت.
(مسألة 9): إذا شك في بعض شرائط الصلاة فإما أن يكون قبل
الشروع فيها أو في أثنائها، أو بعد الفراغ منها، فإن كان قبل الشروع
233

فلا بد من إحراز ذلك الشرط ولو بالاستصحاب ونحوه من الأصول (1)
وكذا إذا كان في الأثناء (2) وإن كان بعد الفراغ منها حكم بصحتها،
وإن كان يجب إحرازه للصلاة الأخرى وقد مر التفصيل في مطاوي
الأبحاث السابقة.
(مسألة 10): إذا شك في شئ من أفعال الصلاة فإما أن يكون قبل
الدخول في الغير المرتب عليه، وإما أن يكون بعده، فإن كان قبله وجب
الإتيان، كما إذا شك في الركوع وهو قائم، أو شك في السجدتين أو
السجدة الواحدة ولم يدخل في القيام أو التشهد، وهكذا لو شك في
تكبيرة الإحرام ولم يدخل فيما بعدها، أو شك في الحمد ولم يدخل في
السورة، أو فيها ولم يدخل في الركوع أو القنوت، وإن كان بعده لم
يلتفت وبنى على أنه أتى به، من غير فرق بين الأولتين والأخيرتين
على الأصح، والمراد بالغير مطلق الغير (3) المترتب على الأول كالسورة
بالنسبة إلى الفاتحة، فلا يلتفت إلى الشك فيها وهو آخذ في السورة،
234

بل ولا إلى أول (1) الفاتحة أو السورة وهو في آخرهما، بل ولا إلى الآية
وهو في الآية المتأخرة، بل ولا إلى أول الآية وهو في آخرها ولا فرق
بين أن يكون ذلك الغير جزء واجبا أو مستحبا (2) كالقنوت بالنسبة إلى
الشك في السورة والاستعاذة بالنسبة إلى تكبيرة الإحرام، والاستغفار
بالنسبة إلى التسبيحات الأربعة (3)، فلو شك في شئ من المذكورات بعد
الدخول في أحد المذكورات لم يلتفت، كما أنه لا فرق (4) في المشكوك
فيه أيضا بين الواجب والمستحب، والظاهر عدم الفرق بين أن يكون
ذلك الغير من الأجزاء أو مقدماتها (5) فلو شك في الركوع أو الانتصاب
منه بعد الهوي للسجود لم يلتفت (6) نعم لو شك في السجود وهو آخذ
235

في القيام وجب عليه العود، وفي إلحاق التشهد به في ذلك وجه (1)
إلا أن الأقوى خلافه (2) فلو شك فيه بعد الأخذ في القيام لم يلتفت،
والفارق النص الدال على العود في السجود، فيقتصر على مورده ويعمل
بالقاعدة في غيره.
(مسألة 11): الأقوى جريان الحكم المذكور في غير صلاة
المختار، فمن كان فرضه الجلوس مثلا وقد شك في أنه هل
سجد أم لا وهو في حال الجلوس الذي هو بدل (3) عن القيام
236

لم يلتفت (1) وكذا إذا شك في التشهد، نعم لو لم يعلم أنه الجلوس الذي
هو بدل عن القيام أو جلوس للسجدة أو للتشهد وجب التدارك (2) لعدم
إحراز الدخول في الغير حينئذ.
(مسألة 12): لو شك في صحة ما أتى به وفساده لا في أصل
الإتيان فإن كان بعد الدخول في الغير فلا إشكال في عدم الالتفات
وإن كان قبله فالأقوى (3) عدم الالتفات أيضا، وإن كان الأحوط
237

الإتمام (1) والاستئناف (2) إن كان من الأفعال (3)، والتدارك إن كان من
القراءة أو الأذكار ما عدا تكبيرة الإحرام (4).
(مسألة 13): إذا شك في فعل قبل دخوله في الغير فأتى به ثم تبين
238

بعد ذلك أنه كان آتيا به، فإن كان ركنا بطلت الصلاة، وإلا فلا، نعم يجب
عليه (1) سجدتا السهو للزيادة (2) وإذا شك بعد الدخول في الغير فلم
يلتفت ثم تبين عدم الإتيان به فإن كان محل تدارك المنسي باقيا بأن لم
يدخل في ركن بعده تداركه، وإلا فإن كان ركنا بطلت الصلاة، وإلا فلا،
ويجب عليه سجدتا السهو للنقيصة (3).
(مسألة 14): إذا شك في التسليم فإن كان بعد الدخول في صلاة
أخرى أو في التعقيب (4) أو بعد الإتيان بالمنافيات لم يلتفت (5) وإن كان
239

قبل ذلك أتى به (1).
(مسألة 15): إذا شك المأموم في أنه كبر للإحرام أم لا فإن كان بهيئة
المصلى جماعة من الإنصات ووضع اليدين على الفخذين ونحو ذلك لم
يلتفت على الأقوى (2) وإن كان الأحوط (3) الإتمام والإعادة.
240

(مسألة 16): إذا شك وهو في فعل في أنه هل شك في بعض الأفعال
المتقدمة أم لا لم يلتفت (1) وكذا لو شك في أنه هل سها أم لا وقد جاز
محل ذلك الشئ الذي شك في أنه سها عنه أو لا، نعم لو شك في السهو
وعدمه وهو في محل يتلافى فيه المشكوك فيه أتى به على الأصح (2).
241

فصل
في الشك في الركعات
(مسألة 1): الشكوك الموجبة لبطلان الصلاة ثمانية:
أحدها: الشك في الصلاة الثنائية كالصبح وصلاة السفر.
الثاني: الشك في الثلاثية كالمغرب.
الثالث: الشك بين الواحدة والأزيد.
الرابع: الشك بين الاثنتين والأزيد قبل إكمال السجدتين.
الخامس: الشك بين الاثنتين والخمس أو الأزيد وإن كان بعد
الإكمال (1).
السادس: الشك بين الثلاث والست أو الأزيد (2).
السابع: الشك بين الأربع والست أو الأزيد (3).
الثامن: الشك بين الركعات بحيث لم يدر كم صلى.
(مسألة 2): الشكوك الصحيحة تسعة في الرباعية (4):
242

أحدها: الشك بين الاثنتين والثلاث بعد إكمال السجدتين (1)، فإنه
يبني على الثلاث ويأتي بالرابعة ويتم صلاته ثم يحتاط بركعة من قيام،
أو ركعتين من جلوس، والأحوط (2) اختيار الركعة من قيام وأحوط منه
الجمع بينهما بتقديم الركعة من قيام، وأحوط من ذلك استئناف الصلاة
مع ذلك، ويتحقق إكمال السجدتين بإتمام الذكر الواجب من السجدة
الثانية على الأقوى (3) وإن كان الأحوط (4) إذا كان قبل رفع الرأس البناء
243

ثم الإعادة، وكذا في كل مورد يعتبر إكمال السجدتين.
الثاني: الشك بين الثلاث (1) والأربع في أي موضع كان، وحكمه
كالأول إلا أن الأحوط هنا اختيار الركعتين من جلوس، ومع الجمع
تقديمهما على الركعة من قيام.
الثالث: الشك بين الاثنتين والأربع بعد الإكمال، فإنه يبني على
الأربع ويتم صلاته ثم يحتاط بركعتين من قيام.
الرابع: الشك بين الاثنتين والثلاث والأربع بعد الإكمال، فإنه يبني
على الأربع ويتم صلاته ثم يحتاط بركعتين من قيام، وركعتين من
جلوس، والأحوط (2) تأخير الركعتين من جلوس.
244

الخامس: الشك بين الأربع والخمس بعد إكمال السجدتين فيبني
على الأربع ويتشهد ويسلم ثم يسجد سجدتا السهو.
السادس: الشك بين الأربع والخمس حال القيام، فإنه يهدم (1)
ويجلس ويرجع (2) شكه إلى ما بين الثلاث والأربع فيتم صلاته ثم
245

يحتاط بركعتين من جلوس أو ركعة من قيام (1).
السابع: الشك بين الثلاث والخمس حال القيام، فإنه يهدم القيام ويرجع
شكه إلى ما بين الاثنتين والأربع، فيبني على الأربع ويعمل عمله (2).
الثامن: الشك بين الثلاث والأربع والخمس حال القيام، فيهدم القيام
ويرجع شكه إلى الشك بين الاثنتين والثلاث والأربع فيتم صلاته ويعمل
عمله.
التاسع: الشك بين الخمس والست حال القيام (3)، فإنه يهدم القيام
فيرجع شكه إلى ما بين الأربع والخمس، فيتم ويسجد سجدتي السهو
مرتين (4) إن لم يشتغل بالقراءة أو التسبيحات وإلا فثلاث مرات، وإن
246

قال: بحول الله فأربع مرات (1)، مرة للشك بين الأربع والخمس، وثلاث
مرات لكل من الزيادات من قوله: بحول الله، والقيام، والقراءة أو
التسبيحات، والأحوط (2) في الأربعة المتأخرة بعد البناء وعمل الشك
إعادة الصلاة أيضا، كما أن الأحوط في الشك بين الاثنتين والأربع
والخمس والشك بين الثلاث والأربع والخمس العمل بموجب الشكين
ثم الاستئناف (3).
(مسألة 3): الشك في الركعات ما عدا هذه الصور التسعة موجب
للبطلان (4) كما عرفت لكن الأحوط (5) فيما إذا كان الطرف الأقل
247

صحيحا (1) والأكثر باطلا كالثلاث والخمس، والأربع (2) والست ونحو
ذلك البناء على الأقل (3) والإتمام، ثم الإعادة، وفي مثل الشك بين الثلاث
والأربع والست يجوز (4) البناء على الأكثر الصحيح وهو الأربع، والإتمام،
وعمل الشك بين الثلاث والأربع ثم الإعادة أو البناء على الأقل (5)
248

وهو الثلاث ثم الإتمام ثم الإعادة (1).
(مسألة 4): لا يجوز العمل بحكم الشك من البطلان أو البناء بمجرد
حدوثه، بل لا بد من التروي (2) والتأمل حتى يحصل له ترجيح أحد
الطرفين، أو يستقر الشك، بل الأحوط (3) في الشكوك الغير الصحيحة
التروي إلى أن تنمحي صورة الصلاة، أو يحصل اليأس من العلم
أو الظن، وإن كان الأقوى (4) جواز الإبطال بعد استقرار الشك.
(مسألة 5): المراد بالشك في الركعات تساوي الطرفين لا ما يشتمل
الظن فإنه في الركعات بحكم اليقين سواء في الركعتين الأولتين (5)
والأخيرتين.
249

(مسألة 6): في الشكوك المعتبر فيها إكمال السجدتين كالشك بين
الاثنتين والثلاث، والشك بين الاثنتين والأربع، والشك بين الاثنتين
والثلاث والأربع إذا شك مع ذلك في إتيان السجدتين أو إحداهما وعدمه
إن كان ذلك حال الجلوس قبل الدخول في القيام أو التشهد بطلت
الصلاة، لأنه محكوم بعدم الإتيان بهما أو بأحدهما فيكون قبل الإكمال،
وإن كان بعد الدخول في القيام أو التشهد لم تبطل (1)، لأنه محكوم
بالإتيان شرعا، فيكون بعد الإكمال، ولا فرق بين مقارنة حدوث
الشكين أو تقدم أحدهما على الآخر والأحوط (2) الإتمام والإعادة
خصوصا مع المقارنة أو تقدم الشك في الركعة.
(مسألة 7): في الشك بين الثلاث والأربع والشك بين الثلاث والأربع
والخمس إذا علم حال القيام أنه ترك سجدة أو سجدتين من الركعة
السابقة بطلت الصلاة (3) لأنه يجب عليه هدم القيام لتدارك السجدة
المنسية فيرجع شكه إلى ما قبل الإكمال، ولا فرق بين أن يكون تذكره
للنسيان قبل البناء على الأربع أو بعده.
250

(مسألة 8): إذا شك بين الثلاث والأربع مثلا فبنى على الأربع، ثم
بعد ذلك انقلب شكه إلى الظن بالثلاث بنى عليه ولو ظن الثلاث ثم
انقلب شكا عمل بمقتضى الشك، ولو انقلب شكه إلى شك آخر عمل
بالأخير، فلو شك وهو قائم بين الثلاث والأربع فبنى على الأربع، فلما
رفع رأسه من السجود شك بين الاثنتين والأربع عمل عمل الشك
الثاني، وكذا العكس (1) فإنه يعمل بالأخير.
(مسألة 9): لو تردد في أن الحاصل له ظن أو شك كما يتفق كثيرا
لبعض الناس كان ذلك شكا (2) وكذا لو حصل له حالة في أثناء الصلاة
251

وبعد أن دخل في فعل آخر لم يدر أنه كان شكا أو ظنا بنى على أنه
كان شكا (1) إن كان فعلا شاكا وبنى على أنه كان ظنا إن كان فعلا ظانا،
مثلا لو علم أنه تردد بين الاثنتين والثلاث وبنى على الثلاث ولم يدر
أنه حصل له الظن بالثلاث فبنى عليه، أو بنى عليه من باب الشك، يبني
على الحالة الفعلية (2)، وإن علم بعد الفراغ من الصلاة أنه طرأ له حالة تردد
بين الاثنتين والثلاث وأنه بنى على الثلاث وشك في أنه حصل له الظن
به أو كان من باب البناء في الشك فالظاهر عدم وجوب صلاة الاحتياط (3)
252

عليه وإن كان أحوط (1).
(مسألة 10): لو شك في أن شكه السابق كان موجبا للبطلان أو للبناء
بنى على الثاني (2) مثلا لو علم أنه شك سابقا بين الاثنتين والثلاث وبعد
أن دخل في فعل آخر أو ركعة أخرى شك في أنه كان قبل إكمال
السجدتين حتى يكون باطلا أو بعده حتى يكون صحيحا بنى على
أنه (3) كان بعد الإكمال، وكذا إذا كان ذلك بعد الفراغ من الصلاة.
253

(مسألة 11): لو شك بعد الفراغ من الصلاة أن شكه هل كان موجبا
للركعة بأن كان بين الثلاث والأربع مثلا، أو موجبا للركعتين بأن كان
بين الاثنتين والأربع فالأحوط (1) الإتيان بهما ثم إعادة الصلاة (2).
(مسألة 12): لو علم بعد الفراغ من الصلاة أنه طرأ له الشك في
الأثناء لكن لم يدر كيفيته من رأس فإن انحصر في الوجوه الصحيحة
أتى بموجب الجميع وهو ركعتان (3) وركعتان من
جلوس (4) وسجود السهو، ثم الإعادة (5)، وإن لم ينحصر في الصحيح
بل احتمل بعض الوجوه الباطلة استأنف الصلاة (6) لأنه لم يدر
254

كم صلى (1).
(مسألة 13): إذا علم في أثناء الصلاة أنه طرأ له حالة تردد بين
الاثنتين والثلاث (2) مثلا وشك في أنه هل حصل له الظن بالاثنتين
فبنى على الاثنتين أو لم يحصل له الظن فبنى على الثلاث يرجع
إلى حالته (3) الفعلية، فإن دخل في الركعة الأخرى يكون فعلا
شاكا بين الثلاث والأربع (4) وإن لم يدخل فيها يكون شاكا بين
الاثنتين والثلاث.
255

(مسألة 14): إذا عرض له أحد الشكوك ولم يعلم حكمه من جهة
الجهل بالمسألة أو نسيانها فإن ترجح له أحد الاحتمالين عمل عليه (1)
وإن لم يترجح أخذ بأحد الاحتمالين (2) مخيرا، ثم بعد الفراغ رجع إلى
المجتهد فإن كان موافقا فهو، وإلا أعاد الصلاة، والأحوط (3) الإعادة في
صورة الموافقة أيضا.
(مسألة 15): لو انقلب شكه بعد الفراغ من الصلاة إلى شك آخر (4)
256

فالأقوى عدم وجوب شئ عليه (1) لأن الشك الأول قد زال،
258

والشك الثاني بعد الصلاة، فلا يلتفت إليه (1) سواء كان ذلك قبل
الشروع في صلاة الاحتياط أو في أثنائها أو بعد الفراغ منها، لكن
الأحوط (2) عمل الشك الثاني ثم إعادة الصلاة (3) لكن هذا إذا لم ينقلب
إلى ما يعلم معه بالنقيصة، كما إذا شك بين الاثنتين والأربع ثم بعد
الصلاة انقلب إلى الثلاث والأربع أو شك بين الاثنتين والثلاث
259

والأربع (1) مثلا ثم انقلب (2) إلى الثلاث والأربع أو عكس الصورتين،
وأما إذا شك بين الاثنتين والأربع مثلا ثم بعد الصلاة انقلب إلى الاثنتين
والثلاث فاللازم أن يعمل عمل الشك المنقلب إليه، الحاصل بعد الصلاة،
لتبين كونه في الصلاة، وكون السلام في غير محله، ففي الصورة
المفروضة يبني على الثلاث ويتم ويحتاط (3) بركعة من قيام أو ركعتين
من جلوس ويسجد سجدتي السهو للسلام في غير محله، والأحوط (4)
مع ذلك إعادة الصلاة.
(مسألة 16): إذا شك بين الثلاث والأربع أو بين الاثنتين والأربع،
260

ثم بعد الفراغ انقلب شكه إلى الثلاث والخمس والاثنتين والخمس
وجب عليه الإعادة للعلم الاجمالي (1) إما بالنقصان، أو بالزيادة.
(مسألة 17): إذا شك بين الاثنتين والثلاث فبنى على الثلاث ثم شك
بين الثلاث البنائي والأربع فهل يجري عليه حكم الشكين، أو حكم
الشك بين الاثنتين والثلاث والأربع وجهان أقواهما الثاني (2).
261

(مسألة 18): إذا شك بين الاثنتين والثلاث والأربع ثم ظن (1) عدم
الأربع يجري عليه حكم الشك (2) بين الاثنتين والثلاث، ولو ظن عدم
الاثنتين يجري عليه حكم الشك بين الثلاث والأربع، ولو ظن عدم
الثلاث يجري عليه حكم الشك بين الاثنتين والأربع.
(مسألة 19): إذا شك بين الاثنتين والثلاث فبنى على الثلاث وأتى
بالرابعة فتيقن عدم الثلاث، وشك بين الواحدة والاثنتين بالنسبة إلى
ما سبق يرجع شكه بالنسبة إلى حاله الفعلي بين الاثنتين والثلاث
فيجري حكمه (3).
(مسألة 20): إذا عرض أحد الشكوك الصحيحة للمصلي جالسا
262

من جهة العجز عن القيام فهل الحكم كما في الصلاة قائما فيتخير (1)
- في موضع التخيير بين ركعة قائما وركعتين جالسا - بين ركعة جالسا،
بدلا عن الركعة قائما، أو ركعتين جالسا من حيث إنه أحد الفردين
المخير بينهما، أو يتعين (2) هنا اختيار الركعتين جالسا، أو يتعين تتميم ما
نقص ففي الفرض المذكور يتعين ركعة جالسا، وفي الشك بين الاثنتين
والأربع يتعين ركعتان جالسا وفي الشك بين الاثنتين والثلاث والأربع
يتعين ركعة جالسا وركعتان جالسا وجوه أقواها الأول (3) ففي الشك
263

بين الاثنتين والثلاث يتخير بين ركعة جالسا أو ركعتين جالسا، وكذا
في الشك بين الثلاث والأربع، وفي الشك بين الاثنتين والأربع يتعين
ركعتان جالسا بدلا عن ركعتين قائما، وفي الشك بين الاثنتين والثلاث
والأربع يتعين ركعتان جالسا بدلا عن ركعتين قائما، وركعتان أيضا
جالسا من حيث كونهما أحد الفردين وكذا الحال لو صلى قائما ثم
حصل العجز عن القيام في صلاة الاحتياط وأما لو صلى جالسا ثم
تمكن من القيام حال صلاة الاحتياط فيعمل كما كان يعمل في الصلاة
قائما والأحوط في جميع الصور المذكورة إعادة الصلاة بعد العمل
المذكور.
(مسألة 21): لا يجوز (1) في الشكوك الصحيحة قطع الصلاة
واستئنافها، بل يجب العمل على التفصيل المذكور والإتيان بصلاة
الاحتياط، كما لا يجوز ترك صلاة الاحتياط بعد إتمام الصلاة، والاكتفاء
بالاستئناف، بل لو استأنف قبل الإتيان بالمنافي في الأثناء بطلت (2)
264

الصلاتان، نعم لو أتى بالمنافي في الأثناء صحت الصلاة المستأنفة وإن
كان آثما في الإبطال، ولو استأنف بعد التمام قبل أن يأتي بصلاة
الاحتياط لم يكف، وإن أتى بالمنافي (1) أيضا وحينئذ فعليه الإتيان
265

بصلاة الاحتياط أيضا ولو بعد حين (1).
(مسألة 22): في الشكوك الباطلة إذا غفل عن شكه وأتم الصلاة ثم
تبين له الموافقة للواقع ففي الصحة وجهان (2).
266

(مسألة 23): إذا شك بين الواحدة والاثنتين مثلا وهو في حال القيام
أو الركوع أو في السجدة الأولى مثلا وعلم أنه إذا انتقل إلى الحالة
الأخرى من ركوع أو سجود أو رفع الرأس من السجدة يتبين له الحال
فالظاهر الصحة (1) وجواز البقاء (2) على الاشتغال إلى أن يتبين الحال.
(مسألة 24): قد مر سابقا أنه إذا عرض له الشك يجب عليه التروي (3)
حتى يستقر أو يحصل له ترجيح أحد الطرفين، لكن الظاهر أنه إذا كان
في السجدة مثلا وعلم أنه إذا رفع رأسه لا يفوت عنه الأمارات الدالة
على أحد الطرفين جاز له التأخير (4) إلى رفع الرأس، بل وكذا إذا كان
في السجدة الأولى مثلا يجوز له التأخير إلى رفع الرأس من السجدة
267

الثانية، وإن كان الشك بين الواحدة والاثنتين ونحوه من الشكوك
الباطلة (1) نعم لو كان بحيث لو أخر التروي يفوت عنه الأمارات يشكل
جوازه (2) خصوصا في الشكوك الباطلة.
(مسألة 25): لو كان المسافر في أحد مواطن التخيير فنوى بصلاته
القصر وشك في الركعات بطلت وليس له العدول إلى التمام (3) والبناء
على الأكثر مثلا إذا كان بعد إتمام السجدتين وشك بين الاثنين والثلاث
لا يجوز له العدول إلى التمام والبناء على الثلاث على الأقوى (4)،
268

نعم لو عدل إلى التمام ثم شك صح البناء.
(مسألة 26): لو شك أحد الشكوك الصحيحة فبنى على ما هو وظيفته
وأتم الصلاة ثم مات قبل الإتيان بصلاة الاحتياط فالظاهر وجوب
قضاء أصل الصلاة عنه (1) لكن الأحوط قضاء صلاة الاحتياط أولا (2)
269

ثم قضاء أصل الصلاة، بل لا يترك هذا الاحتياط (1) نعم إذا مات قبل
قضاء الأجزاء المنسية التي يجب قضاؤها كالتشهد والسجدة الواحدة
فالظاهر كفاية قضائها وعدم وجوب قضاء أصل الصلاة (2) وإن كان
أحوط (3) وكذا إذا مات قبل الإتيان بسجدة السهو الواجبة عليه فإنه
يجب قضاؤها (4) دون أصل الصلاة.
فصل
في كيفية صلاة الاحتياط
وجملة من أحكامها مضافا إلى ما تقدم في المسائل السابقة.
(مسألة 1): يعتبر في صلاة الاحتياط جميع ما يعتبر في سائر
270

الصلوات من الشرائط، وبعد إحرازها ينوي ويكبر للإحرام ويقرأ فاتحة
الكتاب، ويركع ويسجد سجدتين ويتشهد ويسلم، وإن كانت ركعتين
فيتشهد ويسلم بعد الركعة الثانية، وليس فيها أذان ولا إقامة ولا سورة
ولا قنوت، ويجب فيها الإخفات (1) في القراءة وإن كانت الصلاة جهرية
حتى في البسملة على الأحوط (2) وإن كان الأقوى جواز الجهر بها (3)
بل استحبابه.
(مسألة 2): حيث إن هذه الصلاة مرددة بين كونها نافلة أو جزء
أو بمنزلة الجزء فيراعى فيها جهة الاستقلال والجزئية، فبملاحظة جهة
الاستقلال يعتبر فيها النية وتكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة (4) دون
التسبيحات الأربعة، وبلحاظ جهة الجزئية يجب المبادرة إليها بعد الفراغ
من الصلاة، وعدم الإتيان بالمنافيات بينها وبين الصلاة، ولو أتى ببعض
المنافيات فالأحوط إتيانها ثم إعادة الصلاة (5) ولو تكلم سهوا فالأحوط
271

الإتيان بسجدتي السهو، والأحوط ترك الاقتداء (1) فيها ولو بصلاة
احتياط، خصوصا مع اختلاف سبب احتياط الإمام والمأموم، وإن كان
لا يبعد جواز الاقتداء مع اتحاد (2) السبب وكون المأموم مقتديا بذلك
الإمام في أصل الصلاة.
(مسألة 3): إذا أتى بالمنافي قبل صلاة الاحتياط ثم تبين له تمامية
الصلاة لا يجب إعادتها.
(مسألة 4): إذا تبين قبل صلاة الاحتياط تمامية الصلاة لا يجب
الإتيان بالاحتياط.
(مسألة 5): إذا تبين بعد الإتيان بصلاة الاحتياط تمامية الصلاة
تحسب صلاة الاحتياط نافلة، وإن تبين التمامية في أثناء صلاة
272

الاحتياط جاز قطعها (1) ويجوز إتمامها نافلة، وإن كانت ركعة واحدة
ضم إليها ركعة أخرى (2).
(مسألة 6): إذا تبين بعد إتمام الصلاة قبل الاحتياط أو بعدها أو في
أثنائها زيادة الركعة كما إذا شك بين [الثلاث] الأربع والخمس (3) فبنى
على الأربع ثم تبين كونها خمسا يجب إعادتها إذا كان ذلك قبل الشروع
في الاحتياط أو في أثنائها بل أو بعدها أيضا.
(مسألة 7): إذا تبين بعد صلاة الاحتياط نقصان الصلاة فالظاهر عدم
وجوب إعادتها وكون صلاة الاحتياط جابرة، مثلا إذا شك بين الثلاث
والأربع فبنى على الأربع ثم بعد صلاة الاحتياط تبين كونها ثلاثا صحت
وكانت الركعة عن قيام أو الركعتان من جلوس عوضا عن الركعة الناقصة.
(مسألة 8): لو تبين بعد صلاة الاحتياط نقص الصلاة أزيد مما كان
محتملا، كما إذا شك بين الثلاث والأربع فبنى على الأربع وصلى صلاة
الاحتياط فتبين كونها ركعتين، وأن الناقص ركعتان فالظاهر عدم كفاية
صلاة الاحتياط، بل يجب عليه إعادة الصلاة (4) وكذا لو تبينت الزيادة
(أ) في الأصل لم تكن كلمة " الثلاث " فلا مورد لهذه التعليقة.
273

عما كان محتملا (1)، كما إذا شك بين الاثنتين والأربع فبنى على الأربع
وأتى بركعتين للاحتياط فتبين كون صلاته ثلاث ركعات، والحاصل
274

= في البين منافيا على الأقوى. (النائيني).
* بل لا بأس بإتمام صلاته بإتمام نقصها متصلا بها لعدم صلاحية ما أتى به
للمانعية مع عدم صدور قاطع آخر منه وهكذا الأمر في الفرع الآتي بضم
سجدتي السهو لسلامه في المقامين كما لا يخفى وجه الجميع. (آقا ضياء).
* الإعادة أحوط ويحتمل الإتيان بالناقص ولو بإضافة ركعة إلى صلاة
الاحتياط. (الجواهري).
* بعد تتميم النقص متصلا على الأحوط إن كان التبين قبل فعل المنافي وكذا
في الفرع الآتي. (الإمام الخميني).
* بل الأحوط تتميم الصلاة قبل تخلل المنافي ثم الإعادة. (الخوانساري).
* لا يبعد جريان حكم من تذكر النقص كما في المسألة الآتية. (الحكيم).
* مع تخلل المنافي ومع عدمه يتم الناقص ثم يعيد الصلاة بعده احتياطا وكذا
فيما بعده. (آل ياسين).
* بعد تتميم أصل الصلاة إن كان التبين قبل الإتيان بالمنافي. (البروجردي).
* مع إتيان ركعة متصلة أو ركعتين على الأحوط. (الحائري).
* إذا كان المأتي به ركعة واحدة وانكشف بعد الإتيان بها قبل الإتيان بالمنافي
النقص بركعتين فالظاهر جواز ضم ركعة أخرى إليها بلا حاجة إلى إعادة
الصلاة نعم لا بد من سجدتي السهو مرتين لزيادة السلام كذلك. (الخوئي).
* بعد تتميم الصلاة بركعتين على الأحوط. (الشيرازي).
* بعد تتميم الصلاة بالمتصلة إن كان التبين قبل المنافي على الأحوط وكذا لو
تبينت الزيادة. (الگلپايگاني).
أن صلاة الاحتياط إنما تكون جابرة للنقص الذي كان أحد طرفي شكه،
وأما إذا تبين كون الواقع بخلاف كل من طرفي شكه فلا تكون جابرة.
(مسألة 9): إذا تبين قبل الشروع في صلاة الاحتياط نقصان صلاته
لا تكفي صلاة الاحتياط، بل اللازم حينئذ إتمام ما نقص، وسجدتا
السهو (1) للسلام في غير محله إذا لم يأت بالمنافي، وإلا فاللازم إعادة
الصلاة فحكمه حكم من نقص من صلاته ركعة أو ركعتين على ما مر
سابقا.
(مسألة 10): إذا تبين نقصان الصلاة في أثناء صلاة الاحتياط فإما أن
يكون ما بيده من صلاة الاحتياط موافقا لما نقص من الصلاة في الكم
والكيف كما في الشك بين الثلاث والأربع إذا اشتغل بركعة قائما وتذكر
في أثنائها كون صلاته ثلاثا، وإما أن يكون مخالفا له في الكم والكيف.
كما إذا اشتغل في الفرض المذكور بركعتين جالسا فتذكر كونها ثلاثا،
وإما أن يكون موافقا له في الكيف دون الكم، كما في الشك بين الاثنتين
والثلاث والأربع إذا تذكر كون صلاته ثلاثا في أثناء الاشتغال بركعتين
قائما، وإما أن يكون بالعكس، كما إذا اشتغل في الشك المفروض بركعتين
جالسا بناء على جواز تقديمهما وتذكر كون صلاته ركعتين فيحتمل
إلغاء صلاة الاحتياط في جميع الصور (2)، والرجوع إلى حكم تذكر نقص
275

الركعة، ويحتمل الاكتفاء بإتمام صلاة الاحتياط في جميعها، ويحتمل
وجوب إعادة الصلاة في الجميع، ويحتمل التفصيل بين الصور المذكورة (1)
276

والمسألة محل إشكال (1) فالأحوط الجمع بين المذكورات بإتمام ما نقص،
ثم الإتيان بصلاة الاحتياط (2)، ثم إعادة الصلاة نعم إذا تذكر النقص بين
صلاتي الاحتياط في صورة تعددها مع فرض كون ما أتى به موافقا لما
نقص في الكم والكيف لا يبعد الاكتفاء به (3)، كما إذا شك بين الاثنتين
277

والثلاث والأربع وبعد الإتيان بركعتين قائما تبين كون صلاته ركعتين.
(مسألة 11): لو شك في إتيان صلاة الاحتياط بعد العلم بوجوبها
عليه، فإن كان بعد الوقت لا يلتفت إليه ويبني على الإتيان، وإن كان
جالسا في مكان الصلاة ولم يأت بالمنافي ولم يدخل في فعل
آخر (1) بنى على عدم الإتيان (2)، وإن دخل في فعل آخر أو أتى
بالمنافي أو حصل الفصل الطويل مع بقاء الوقت فللبناء على
الإتيان بها وجه (3) والأحوط البناء على العدم (4)، والإتيان بها ثم
278

إعادة الصلاة (1).
(مسألة 12): لو زاد فيها ركعة أو ركنا ولو سهوا بطلت ووجب عليه
إعادتها (2) ثم إعادة الصلاة (3).
(مسألة 13): لو شك في فعل من أفعالها فإن كان في محله أتى به،
وإن دخل في فعل مرتب بعده بنى على أنه أتى به كأصل الصلاة.
(مسألة 14): لو شك في أنه هل شك شكا يوجب صلاة الاحتياط
أم لا بنى على عدمه (4).
279

(مسألة 15): لو شك في عدد ركعاتها فهل يبني على الأكثر (1) إلا أن
يكون مبطلا فيبني على الأقل، أو يبني على الأقل مطلقا وجهان (2)
والأحوط البناء على أحد الوجهين (3) ثم إعادتها ثم إعادة أصل الصلاة.
280

(مسألة 16): لو زاد فيها فعلا من غير الأركان أو نقص فهل عليه
سجدتا السهو أو لا؟ وجهان (1) والأحوط الإتيان (2) بهما.
(مسألة 17): لو شك في شرط أو جزء منها بعد السلام لم يلتفت.
(مسألة 18): إذا نسيها وشرع في نافلة أو قضاء فريضة
أو نحو ذلك فتذكر في أثنائها قطعها (3) وأتى
281

بها (1) ثم أعاد الصلاة على الأحوط وأما إذا شرع في صلاة فريضة مرتبة
على الصلاة التي شك فيها كما إذا شرع في العصر فتذكر أن عليه صلاة
الاحتياط للظهر فإن جاز عن محل العدول قطعها (2) كما إذا دخل في
ركوع الثانية مع كون احتياطه ركعة، أو ركوع الثالثة مع كونها ركعتين،
وإن لم يجز عن محل العدول فيحتمل العدول إليها (3) لكن الأحوط
القطع (4) والإتيان بها ثم إعادة الصلاة.
282

(مسألة 19): إذا نسي سجدة واحدة أو تشهدا فيها قضاهما بعدها
على الأحوط (1).
فصل
في حكم قضاء الأجزاء المنسية
(مسألة 1): قد عرفت سابقا أنه إذا ترك سجدة واحدة
ولم يتذكر إلا بعد الوصول إلى حد الركوع يجب قضاؤها
بعد الصلاة، بل وكذا إذا نسي السجدة الواحدة من
الركعة الأخيرة (2) ولم يتذكر إلا بعد السلام على الأقوى (3)
283

وكذا إذا نسي التشهد (1) أو أبعاضها ولم يتذكر إلا بعد الدخول في
الركوع، بل أو التشهد الأخير ولم يتذكر إلا بعد السلام على الأقوى (2)
284

ويجب مضافا إلى القضاء سجدتا السهو أيضا لنسيان كل من السجدة
والتشهد (1).
(مسألة 2): يشترط فيهما جميع ما يشترط في سجود الصلاة
وتشهدها من الطهارة والاستقبال وستر العورة ونحوها، وكذا الذكر
والشهادتان والصلاة على محمد وآل محمد، ولو نسي بعض أجزاء
التشهد وجب قضاؤه فقط (2) نعم لو نسي الصلاة على آل محمد
فالأحوط إعادة الصلاة على محمد بأن يقول: اللهم صل على محمد
وآل محمد، ولا يقتصر على قوله: وآل محمد، وإن كان هو المنسي فقط
ويجب فيهما نية البدلية (3) عن المنسي، ولا يجوز الفصل (4) بينهما وبين
285

الصلاة بالمنافي، كالأجزاء في الصلاة (1)، أما الدعاء والذكر والفعل القليل
ونحو ذلك مما كان جايزا في أثناء الصلاة فالأقوى جوازه (2) والأحوط
تركه (3)، ويجب المبادرة إليها بعد السلام (4)، ولا يجوز تأخيرهما (5) عن
التعقيب ونحوه.
(مسألة 3): لو فصل بينهما وبين الصلاة بالمنافي عمدا وسهوا
كالحدث والاستدبار فالأحوط (6) استئناف الصلاة بعد إتيانهما، وإن كان
الأقوى (7) جواز الاكتفاء بإتيانهما، وكذا لو تخلل ما ينافي عمدا لا سهوا
إذا كان عمدا، أما إذا وقع سهوا فلا بأس.
(مسألة 4): لو أتى بما يوجب سجود السهو قبل الإتيان بهما أو في
أثنائهما فالأحوط فعله بعدهما (8).
286

(مسألة 5): إذا نسي الذكر أو غيره مما يجب ما عدا وضع الجبهة (1)
في سجود الصلاة لا يجب قضاؤه (2).
(مسألة 6): إذا نسي بعض أجزاء التشهد القضائي وأمكن تداركه
فعله، وأما إذا لم يمكن كما إذا تذكره بعد تخلل المنافي عمدا وسهوا
فالأحوط (3) إعادته ثم إعادة الصلاة، وإن كان الأقوى كفاية إعادته.
(مسألة 7): لو تعدد (4) نسيان السجدة أو التشهد أتى بهما واحدة بعد
واحدة، ولا يشترط التعيين على الأقوى، وإن كان الأحوط ملاحظة
الترتيب معه (5).
287

(مسألة 8): لو كان عليه قضاء سجدة وقضاء تشهد فالأحوط تقديم
السابق منهما (1) في الفوات على اللاحق ولو قدم أحدهما بتخيل أنه
السابق فظهر كونه لاحقا فالأحوط الإعادة على ما يحصل معه الترتيب
ولا يجب إعادة الصلاة معه، وإن كان أحوط.
(مسألة 9): لو كان عليه قضاؤهما وشك في السابق واللاحق احتاط
بالتكرار (2) فيأتي بما قدمه مؤخرا أيضا، ولا يجب معه إعادة الصلاة،
وإن كان أحوط، وكذا الحال (3) لو علم نسيان أحدهما ولم يعلم المعين
منهما.
(مسألة 10): إذا شك في أنه نسي أحدهما أم لا لم يلتفت ولا شئ
288

عليه، أما إذا علم أنه نسي أحدهما وشك في أنه هل تذكر قبل الدخول
في الركوع أو قبل السلام وتداركه أم لا فالأحوط القضاء (1).
(مسألة 11): لو كان عليه صلاة الاحتياط وقضاء السجدة أو التشهد
فالأحوط تقديم الاحتياط (2) وإن كان فوتهما مقدما على موجبه لكن
الأقوى التخيير، وأما مع سجود السهو فالأقوى تأخيره عن قضائهما،
كما يجب تأخيره (3) عن الاحتياط أيضا.
289

(مسألة 12): إذا سها عن الذكر أو بعض ما يعتبر فيها ما عدا وضع
الجبهة (1) في سجدة القضاء فالظاهر عدم وجوب إعادتها، وإن كان
أحوط (2).
(مسألة 13): لا يجب الإتيان بالسلام في التشهد القضائي، وإن كان
الأحوط (3) في نسيان التشهد الأخير إتيانه بقصد القربة، من غير نية
الأداء والقضاء مع الإتيان بالسلام بعده، كما أن الأحوط (4) في نسيان
السجدة من الركعة الأخيرة أيضا الإتيان بها بقصد القربة مع الإتيان
بالتشهد والتسليم، لاحتمال كون السلام في غير محله (5) ووجوب
تداركهما بعنوان الجزئية للصلاة، وحينئذ فالأحوط سجود السهو أيضا
في الصورتين لأجل السلام في غير محله.
290

(مسألة 14): لا فرق في وجوب قضاء السجدة وكفايته عن إعادة
الصلاة بين كونها من الركعتين الأولتين والأخيرتين لكن الأحوط إذا
كانت من الأولتين (1) إعادة الصلاة أيضا، كما أن في نسيان سائر الأجزاء
الواجبة منهما أيضا الأحوط استحبابا بعد إتمام الصلاة إعادتها، وإن لم
يكن ذلك الجزء من الأركان، لاحتمال (2) اختصاص اغتفار السهو عن ما
عدا الأركان بالركعتين الأخيرتين كما هو مذهب بعض العلماء، وإن كان
الأقوى كما عرفت عدم الفرق.
(مسألة 15): لو اعتقد نسيان السجدة أو التشهد مع فوت محل
تداركهما ثم بعد الفراغ (3) من الصلاة انقلب اعتقاده شكا فالظاهر عدم
وجوب القضاء (4).
(مسألة 16): لو كان عليه قضاء أحدهما وشك في إتيانه
وعدمه وجب عليه الإتيان به ما دام في وقت الصلاة (5)،
291

بل الأحوط (1) استحبابا ذلك بعد خروج الوقت أيضا.
(مسألة 17): لو شك في أن الفائت منه سجدة واحدة أو سجدتان من
ركعتين بنى على الاتحاد.
(مسألة 18): لو شك في أن الفائت منه سجدة أو غيرها من الأجزاء
الواجبة التي لا يجب قضاؤها وليست ركنا أيضا لم يجب عليه القضاء،
بل يكفيه سجود السهو (2).
(مسألة 19): لو نسي قضاء السجدة أو التشهد وتذكر
بعد الدخول في نافلة جاز له قطعها (3) والإتيان به،
292

بل هو الأحوط (1)، بل وكذا لو دخل في فريضة (2).
(مسألة 20): لو كان عليه قضاء أحدهما في صلاة الظهر وضاق العصر
فإن أدرك منها ركعة وجب تقديمهما (3) وإلا وجب تقديم العصر، ويقضي
293

الجزء بعدها، ولا يجب عليه إعادة الصلاة، وإن كان أحوط (1) وكذا
الحال لو كان عليه صلاة الاحتياط للظهر وضاق وقت العصر، لكن مع
تقديم العصر يحتاط بإعادة الظهر أيضا (2) بعد الإتيان باحتياطها.
فصل
في موجبات سجود السهو وكيفيته وأحكامه
(مسألة 1): يجب سجود (3) السهو لأمور:
الأول: الكلام سهوا بغير قرآن ودعاء وذكر، ويتحقق بحرفين أو بحر ف
294

واحد مفهم (1) في أي لغة كان، ولو تكلم جاهلا بكونه كلاما بل بتخيل
أنه قرآن أو ذكر أو دعاء لم يوجب (2) سجدة السهو لأنه ليس بسهو،
ولو تكلم عامدا بزعم أنه خارج عن الصلاة يكون موجبا، لأنه باعتبار
السهو عن كونه في الصلاة يعد سهوا، وأما سبق اللسان فلا يعد سهوا (3)
وأما الحرف الخارج من التنحنح والتأوه والأنين (4) الذي عمده لا يضر (5)
295

فسهوه أيضا لا يوجب السجود.
الثاني: السلام (1) في غير موقعه ساهيا، سواء كان بقصد الخروج،
كما إذا سلم بتخيل تمامية صلاته أو لا بقصده، والمدار على إحدى
الصيغتين الأخيرتين، وأما السلام عليك أيها النبي الخ فلا يوجب شيئا،
من حيث إنه سلام، نعم يوجبه (2) من حيث إنه زيادة سهوية (3) كما أن
بعض إحدى الصيغتين كذلك وإن كان يمكن دعوى إيجاب لفظ السلام
للصدق (4) بل قيل (5) إن حرفين منه موجب، لكنه مشكل إلا من حيث
الزيادة (6).
296

الثالث: نسيان السجدة الواحدة (1) إذا فات محل تداركها، كما إذا لم
يتذكر إلا بعد الركوع أو بعد السلام (2) وأما نسيان الذكر فيها أو بعض
واجباتها الأخر ما عدا وضع الجبهة (3) فلا يوجب إلا من حيث وجوبه
لكل نقيصة.
الرابع: نسيان التشهد (4) مع فوت محل تداركه، والظاهر أن نسيان
بعض أجزائه أيضا كذلك (5) كما أنه موجب للقضاء أيضا كما مر.
الخامس: الشك بين الأربع والخمس بعد إكمال السجدتين كما مر
سابقا.
السادس: للقيام في موضع القعود (6) أو العكس بل لكل
297

زيادة (1) ونقيصة (2) لم يذكرها في محل التدارك، وأما النقيصة مع التدارك
فلا توجب، والزيادة أعم من أن تكون من الأجزاء الواجبة أو المستحبة،
كما إذا قنت في الركعة الأولى مثلا أو في غير محله من الثانية، ومثل
قوله: بحول الله في غير محله لا مثل التكبير أو التسبيح إلا إذا صدق
عليه الزيادة، كما إذا كبر بقصد تكبير الركوع في غير محله، فإن الظاهر
صدق الزيادة عليه، كما أن قوله: سمع الله لمن حمده كذلك، والحاصل أن
298

المدار على صدق الزيادة، وأما نقيصة المستحبات فلا توجب، حتى
مثل القنوت، وإن كان الأحوط عدم الترك في مثله إذا كان من عادته
الإتيان به دائما، والأحوط عدم تركه (1) في الشك في الزيادة أو النقيصة.
(مسألة 2): يجب تكرره بتكرر الموجب، سواء كان من نوع واحد،
أو أنواع، والكلام الواحد موجب واحد وإن طال، نعم إن تذكر ثم عاد
تكرر، والصيغ الثلاث للسلام موجب واحد، وإن كان الأحوط التعدد (2)
ونقصان التسبيحات الأربع موجب واحد، بل وكذلك زيادتها، وإن أتى
بها ثلاث مرات.
(مسألة 3): إذا سها عن سجدة واحدة من الركعة الأولى مثلا وقام
وقرأ الحمد والسورة وقنت وكبر للركوع فتذكر قبل أن يدخل في
الركوع وجب العود للتدارك، وعليه سجود السهو ست مرات (3): مرة
299

لقوله: بحول الله، ومرة للقيام، ومرة للحمد، ومرة للسورة (1)، ومرة
للقنوت، ومرة لتكبير الركوع، وهكذا يتكرر خمس مرات (2) لو ترك
التشهد وقام وأتى بالتسبيحات، والاستغفار بعدها، وكبر للركوع فتذكر.
(مسألة 4): لا يجب فيه تعيين السبب ولو مع التعدد، كما أنه لا
يجب الترتيب فيه بترتيب أسبابه على الأقوى، أما بينه وبين الأجزاء
المنسية والركعات الاحتياطية فهو مؤخر عنها كما مر (3).
(مسألة 5): لو سجد للكلام فبان أن الموجب غيره فإن كان على وجه
التقييد وجبت الإعادة (4) وإن كان من باب الاشتباه في التطبيق أجزء.
(مسألة 6): يجب الإتيان به فورا (5) فإن أخر عمدا عصى ولم يسقط،
300

بل وجبت المبادرة (1) إليه وهكذا، ولو نسيه أتي به إذا تذكر وإن مضت
أيام، ولا يجب إعادة الصلاة، بل لو تركه أصلا لم تبطل على الأقوى.
(مسألة 7): كيفيته أن ينوي ويضع جبهته على الأرض أو غيرها مما
يصح السجود عليه ويقول: بسم الله وبالله وصلى الله على محمد وآله (2)،
أو يقول: بسم الله وبالله اللهم صل على محمد وآل محمد، أو يقول: بسم
الله وبالله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته (3)، ثم يرفع رأسه
ويسجد مرة أخرى، ويقول ما ذكر، ويتشهد ويسلم (4)، ويكفي في
تسليمه السلام عليكم، وأما التشهد فمخير بين التشهد المتعارف،
والتشهد الخفيف (5)، وهو قوله: " أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا
301

رسول الله، اللهم صل على محمد وآل محمد " والأحوط الاقتصار على
الخفيف (1) كما أن في تشهد الصلاة أيضا مخير بين القسمين، لكن
الأحوط هناك (2) التشهد المتعارف كما مر سابقا ولا يجب التكبير
للسجود، وإن كان أحوط (3)، كما أن الأحوط مراعاة جميع ما يعتبر في
سجود الصلاة (4) فيه من الطهارة من الحدث والخبث والستر والاستقبال
302

وغيرها من الشرائط والموانع التي للصلاة كالكلام والضحك في الأثناء
وغيرهما، فضلا عما يجب في خصوص السجود من الطمأنينة ووضع
سائر المساجد ووضع الجبهة على ما يصح السجود عليه والانتصاب
مطمئنا بينهما، وإن كان في وجوب ما عدا ما يتوقف عليه اسم السجود
وتعدده نظر (1).
(مسألة 8): لو شك في تحقق موجبه وعدمه لم يجب عليه، نعم لو
شك في الزيادة أو النقيصة فالأحوط (2) إتيانه كما مر.
303

(مسألة 9): لو شك في إتيانه بعد العلم بوجوبه وجب وإن طالت
المدة نعم لا يبعد البناء (1) على إتيانه بعد خروج وقت الصلاة وإن كان
الأحوط (2) عدم تركه خارج الوقت أيضا.
(مسألة 10): لو اعتقد وجود الموجب ثم بعد السلام شك فيه لم يجب
عليه.
(مسألة 11): لو علم بوجود الموجب وشك في الأقل والأكثر بنى
على الأقل.
(مسألة 12): لو علم نسيان جزء وشك بعد السلام في أنه هل تذكر
قبل فوت محله وتداركه أم لا، فالأحوط إتيانه (3).
(مسألة 13): إذا شك في فعل من أفعاله فإن كان في محله أتى به،
304

وإن تجاوز لم يلتفت (1).
(مسألة 14): إذا شك في أنه سجد سجدتين أو واحدة بنى على
الأقل (2)، إلا إذا دخل في التشهد، وكذا إذا شك في أنه سجد سجدتين
أو ثلاث سجدات، وأما إن علم بأنه زاد سجدة وجب عليه الإعادة (3)
كما أنه إذا علم نقص واحدة أعاد (4)، ولو نسي ذكر السجود وتذكر بعد
305

الرفع لا يبعد عدم وجوب الإعادة وإن كان أحوط (1).
فصل
في الشكوك التي لا اعتبار بها ولا يلتفت إليها
وهي في مواضع:
الأول: الشك بعد تجاوز المحل وقد مر تفصيله.
الثاني: الشك بعد الوقت سواء كان في الشروط أو الأفعال أو
الركعات أو في أصل الإتيان، وقد مر الكلام فيه أيضا.
الثالث: الشك بعد السلام الواجب وهو إحدى الصيغتين الأخيرتين،
سواء كان في الشرائط أو الأفعال أو الركعات في الرباعية أو غيرها،
بشرط أن يكون أحد طرفي الشك الصحة، فلو شك في أنه صلى ثلاثا
أو أربعا أو خمسا بنى على أنه صلى أربعا، وأما لو شك بين الاثنتين
والخمس، أو الثلاث والخمس بطلت (2)، لأنها إما ناقصة ركعة أو زائدة (3)،
نعم لو شك في المغرب بين الثلاث والخمس، أو في الصبح بين الاثنتين
والخمس يبني على الثلاث في الأولى، والاثنتين في الثانية، ولو شك
بعد السلام في الرباعية بين الاثنتين والثلاث بنى على الثلاث، ولا
يسقط عنه صلاة الاحتياط لأنه بعد في الأثناء، حيث إن السلام وقع في
306

غير محله فلا يتوهم (1) أنه يبني على الثلاث ويأتي بالرابعة من غير أن
يأتي بصلاة الاحتياط، لأنه مقتضى عدم الاعتبار بالشك بعد السلام.
الرابع: شك كثير الشك وإن لم يصل إلى حد الوسواس، سواء كان في
الركعات أو الأفعال أو الشرائط فيبني على وقوع ما شك فيه وإن كان
في محله إلا إذا كان مفسدا فيبني على عدم وقوعه، فلو شك بين الثلاث
والأربع يبني على الأربع، ولو شك بين الأربع والخمس يبني على
الأربع أيضا، وإن شك أنه ركع أم لا يبني على أنه ركع وإن شك أنه
ركع ركوعين أم واحدا بنى على عدم الزيادة (2)، ولو شك أنه صلى ركعة
أو ركعتين بنى على الركعتين ولو شك في الصبح أنه صلى ركعتين أو
ثلاثا بنى على أنه صلى ركعتين، وهكذا، ولو كان كثرة شكه في فعل
خاص يختص الحكم به، فلو شك اتفاقا في غير ذلك الفعل يعمل عمل
الشك، وكذا لو كان كثير الشك بين الواحدة والاثنتين لم يلتفت في هذا
الشك، ويبني على الاثنتين، وإذا اتفق أنه شك بين الاثنتين والثلاث أو
بين الثلاث والأربع وجب عليه عمل الشك من البناء والإتيان بصلاة
الاحتياط، ولو كان كثير الشك بعد تجاوز المحل مما لا حكم له دون
غيره. فلو اتفق أنه شك في المحل وجب عليه الاعتناء، ولو كان كثرة
شكه في صلاة خاصة أو الصلاة في مكان خاص (3) ونحو ذلك اختص
الحكم به، ولا يتعدى إلى غيره.
307

(مسألة 1): المرجع في كثرة الشك العرف، ولا يبعد تحققه إذا شك
في صلاة واحدة ثلاث مرات (1)، أو في كل من الصلوات الثلاث مرة
واحدة (2)، ويعتبر في صدقها أن لا يكون ذلك من جهة عروض عارض (3)
من خوف أو غضب أو هم أو نحو ذلك مما يوجب اغتشاش الحواس.
(مسألة 2): لو شك في أنه حصل له حالة كثرة الشك أم لا بنى
على عدمه (4) كما أنه لو كان كثير الشك وشك في زوال هذه الحالة
308

بنى على بقائها (1).
(مسألة 3): إذا لم يلتفت إلى شكه وظهر بعد ذلك خلاف ما بنى عليه
وأن مع الشك في الفعل الذي بنى على وقوعه لم يكن واقعا، أو أن
ما بنى على عدم وقوعه كان واقعا يعمل بمقتضى ما ظهر، فإن كان
تاركا لركن بطلت صلاته (2)، وإن كان تاركا لغير ركن مع فوت محل
تداركه وجب عليه القضاء (3) فيما فيه القضاء، وسجدتا السهو فيما فيه
ذلك وإن بنى على عدم الزيادة فبان أنه زاد يعمل بمقتضاه من البطلان
أو غيره من سجود السهو.
(مسألة 4): لا يجوز له الاعتناء بشكه، فلو شك في أنه ركع أو لا
لا يجوز له أن يركع، وإلا بطلت الصلاة (4)، نعم في الشك في القراءة
أو الذكر إذا اعتنى بشكه وأتى بالمشكوك فيه بقصد القربة لا بأس به (5)
309

ما لم يكن إلى حد الوسواس.
(مسألة 4): إذا شك في أن كثرة شكه مختص بالمورد المعين الفلاني
أو مطلقا اقتصر على ذلك المورد.
(مسألة 6): لا يجب على كثير الشك وغيره ضبط الصلاة بالحصى
أو السبحة أو الخاتم أو نحو ذلك، وإن كان أحوط (1) فيمن كثر شكه.
الخامس: الشك البدوي الزائل بعد التروي (2) سواء تبدل باليقين بأحد
الطرفين أو بالظن المعتبر أو بشك آخر.
السادس: شك كل من الإمام والمأموم مع حفظ الآخر (3)، فإنه يرجع
الشاك منهما إلى الحافظ، لكن في خصوص الركعات لا في الأفعال (4)
310

حتى في عدد السجدتين، ولا يشترط في البناء على حفظ الآخر
حصول الظن للشاك فيرجع وإن كان باقيا على شكه على الأقوى
ولا فرق في المأموم بين كونه رجلا أو امرأة عادلا أو فاسقا واحدا
أو متعددا والظان منهما أيضا يرجع إلى المتيقن (1) والشاك لا يرجع
311

إلى الظان (1) إذا لم يحصل له الظن.
(مسألة 7): إذا كان الإمام شاكا والمأمومون مختلفين في الاعتقاد،
لم يرجع إليهم إلا إذا حصل له الظن من الرجوع إلى إحدى الفرقتين.
(مسألة 8): إذا كان الإمام شاكا والمأمومون مختلفين بأن يكون بعضهم
شاكا وبعضهم متيقنا رجع الإمام إلى المتيقن منهم، ورجع الشاك (2) منهم
312

إلى الإمام لكن الأحوط (1) إعادتهم الصلاة إذا لم يحصل لهم الظن وإن
حصل للإمام.
(مسألة 9): إذا كان كل من الإمام والمأمومين شاكا فإن كان شكهم
متحدا كما إذا شك الجميع بين الثلاث والأربع عمل كل منهم عمل ذلك
الشك، وإن اختلف شكه مع شكهم فإن لم يكن بين الشكين قدر مشترك
كما إذا شك الإمام بين الاثنتين والثلاث والمأمومون بين الأربع
والخمس يعمل كل منهما على شاكلته، وإن كان بينهما قدر مشترك (2)
كما إذا شك أحدهما بين الاثنتين والثلاث والآخر بين الثلاث والأربع
313

يحتمل رجوعهما (1) إلى ذلك القدر المشترك، لأن كلا منهما ناف للطرف
الآخر من شك الآخر، لكن الأحوط إعادة الصلاة (2) بعد إتمامها، وإذا
اختلف شك الإمام مع المأمومين وكان المأمومون أيضا مختلفين في
الشك، لكن كان بين شك الإمام وبعض المأمومين قدر مشترك يحتمل
رجوعهما إلى ذلك القدر المشترك، ثم رجوع البعض الآخر إلى الإمام (3)
314

لكن الأحوط مع ذلك إعادة الصلاة أيضا بل الأحوط في جميع صور
أصل المسألة إعادة الصلاة إلا إذا حصل الظن من رجوع أحدهما
إلى الآخر.
السابع: الشك في ركعات النافلة (1) سواء كانت ركعة كصلاة الوتر (2)
أو ركعتين كسائر النوافل، أو رباعية كصلاة الأعرابي فيتخير (3) عند
الشك بين البناء على الأقل أو الأكثر، إلا أن يكون الأكثر مفسدا فيبني
على الأقل، والأفضل (4) البناء على الأقل مطلقا، ولو عرض وصف النفل
للفريضة (5) كالمعادة والإعادة للاحتياط الاستحبابي والتبرع بالقضاء
315

عن الغير لم يلحقها حكم النفل (1)، ولو عرض وصف الوجوب للنافلة لم
يلحقها حكم الفريضة (2)، بل المدار على الأصل وأما الشك في أفعال
النافلة فحكمه حكم الشك في أفعال الفريضة فإن كان في المحل أتى
به، وإن كان بعد الدخول في الغير لم يلتفت، ونقصان الركن مبطل لها (3)
كالفريضة بخلاف زيادته (4) فإنها لا توجب البطلان على الأقوى (5)
وعلى هذا فلو نسي فعلا من أفعالها تداركه (6) وإن دخل في ركن بعده،
سواء كان المنسي ركنا أو غيره.
(مسألة 10): لا يجب قضاء السجدة المنسية والتشهد المنسي في
النافلة (7) كما لا يجب سجود السهو لموجباته فيها.
316

(مسألة 11): إذا شك في النافلة بين الاثنتين والثلاث فبنى على
الاثنتين ثم تبين كونها ثلاثا بطلت (1) واستحب إعادتها، بل تجب (2)
إذا كانت واجبة بالعرض.
(مسألة 12): إذا شك في أصل فعلها بنى على العدم إلا إذا كانت موقتة
وخرج وقتها (3).
(مسألة 13): الظاهر أن الظن في ركعات النافلة حكمه حكم الشك (4)
في التخيير بين البناء على الأقل أو الأكثر، وإن كان الأحوط (5) العمل
317

بالظن ما لم يكن موجبا للبطلان.
(مسألة 14): النوافل التي لها كيفية خاصة أو سورة مخصوصة أو
دعاء مخصوص كصلاة الغفيلة وصلاة ليلة الدفن وصلاة ليلة عيد الفطر
إذا اشتغل بها ونسي تلك الكيفية فإن أمكن الرجوع والتدارك رجع
وتدارك وإن استلزم زيادة الركن (1)، لما عرفت من اغتفارها في النوافل،
وإن لم يمكن أعادها لأن الصلاة وإن صحت (2) إلا أنها لا تكون تلك
الصلاة المخصوصة، وإن نسي بعض التسبيحات في صلاة جعفر قضاه
متى تذكر (3).
(مسألة 15): ما ذكر من أحكام السهو والشك والظن يجري في جميع
الصلوات الواجبة (4) أداء وقضاء من الآيات والجمعة والعيدين وصلاة
الطواف، فيجب فيها سجدة السهو لموجباتها وقضاء السجدة المنسية
والتشهد المنسي، وتبطل بنقصان الركن وزيادته لا بغير الركن، والشك
في ركعاتها موجب للبطلان لأنها ثنائية.
(مسألة 16): قد عرفت سابقا أن الظن المتعلق بالركعات في حكم
318

اليقين من غير فرق بين الركعتين الأولتين (1) والأخيرتين ومن غير فرق
بين أن يكون موجبا للصحة أو البطلان (2) كما إذا ظن الخمس في الشك
بين الأربع والخمس أو الثلاث والخمس، وأما الظن المتعلق بالأفعال
ففي كونه كالشك أو كاليقين إشكال (3) فاللازم مراعاة الاحتياط، وتظهر
الثمرة فيما إذا ظن بالإتيان وهو في المحل أو ظن بعدم الإتيان بعد
الدخول في الغير، وأما الظن بعدم الإتيان وهو في المحل أو الظن بالإتيان
بعد الدخول في الغير فلا يتفاوت الحال في كونه كالشك أو كاليقين،
إذ على التقديرين يجب الإتيان به في الأول، ويجب المضي في الثاني،
وحينئذ فنقول: إن كان المشكوك قراءة أو ذكرا أو دعاء يتحقق
319

الاحتياط باتيانه بقصد القربة، وإن كان من الأفعال فالاحتياط فيه أن
يعمل بالظن ثم يعيد الصلاة (1)، مثلا إذا شك في أنه سجد سجدة واحدة
أو اثنتين وهو جالس لم يدخل في التشهد أو القيام وظن الاثنتين يبني
على ذلك ويتم الصلاة ثم يحتاط بإعادتها، وكذا إذا دخل في القيام
أو التشهد وظن أنها واحدة يرجع ويأتي بأخرى ويتم الصلاة ثم يعيدها،
وهكذا في سائر الأفعال، وله أن لا يعمل (2) بالظن، بل يجري عليه حكم
الشك، ويتم الصلاة ثم يعيدها، وأما الظن المتعلق بالشروط وتحققها
فلا يكون معتبرا إلا في القبلة والوقت في الجملة، نعم لا يبعد اعتبار
شهادة العدلين فيها، وكذا في الأفعال والركعات وإن كانت الكلية لا
تخلو عن إشكال (3).
320

(مسألة 17): إذا حدث الشك بين الثلاث والأربع قبل السجدتين
أو بينهما أو في السجدة الثانية يجوز له تأخير التروي (1) إلى وقت العمل
بالشك وهو ما بعد الرفع من السجدة الثانية.
(مسألة 18): يجب تعلم ما يعم به البلوى (2) من أحكام الشك والسهو،
بل قد يقال ببطلان صلاة من لا يعرفها، لكن الظاهر عدم الوجوب إذا
كان مطمئنا بعدم عروضها له، كما أن بطلان الصلاة إنما يكون إذا كان
متزلزلا بحيث لا يمكنه قصد القربة، أو اتفق له الشك أو السهو ولم يعمل
بمقتضى ما ورد من حكمه، وأما لو بنى على أحد المحتملين أو
المحتملات من حكمه وطابق الواقع مع فرض حصول قصد القربة منه
صح (3)، مثلا إذا شك في فعل شئ وهو في محله ولم يعلم حكمه لكن
بنى على عدم الإتيان فأتى به أو بعد التجاوز وبنى على الإتيان ومضى
صح عمله إذا كان بانيا (4) على أن يسأل بعد الفراغ عن حكمه، والإعادة
321

إذا خالف، كما أن من كان عارفا بحكمه ونسي في الأثناء أو اتفق له
شك أو سهو نادر الوقوع يجوز له (1) أن يبني على أحد المحتملات في
نظره بانيا على السؤال والإعادة مع المخالفة لفتوى مجتهده.
ختام: فيه مسائل متفرقة
الأولى: إذا شك في أن ما بيده ظهر أو عصر فإن كان قد صلى الظهر
بطل ما بيده (2) وإن كان لم يصلها أو شك في أنه صلاها أو لا عدل به
إليها (3).
322

الثانية: إذا شك في أن ما بيده مغرب أو عشاء فمع علمه بإتيان
المغرب بطل (1) ومع علمه بعدم الإتيان بها أو الشك فيه عدل بنيته إليها
إن لم يدخل في ركوع الرابعة، وإلا بطل أيضا.
الثالثة: إذا علم بعد الصلاة أو في أثنائها أنه ترك سجدتين من
ركعتين سواء كانتا من الأولتين أو الأخيرتين (2) صحت، وعليه
323

قضاؤهما (1) وسجدتا السهو مرتين (2) وكذا إن لم يدر أنهما من أي
الركعات (3) بعد العلم بأنهما من ركعتين.
324

الرابعة: إذا كان في الركعة الرابعة مثلا وشك في أن شكه السابق بين
الاثنتين والثلاث كان قبل إكمال السجدتين أو بعدهما بنى على الثاني (1)
كما أنه كذلك إذا شك بعد الصلاة.
الخامسة: إذا شك في أن الركعة التي بيده آخر الظهر أو أنه أتمها
وهذه أول العصر جعلها آخر الظهر (2).
325

السادسة: إذا شك في العشاء بين الثلاث والأربع وتذكر أنه سها عن
المغرب بطلت (1) صلاته وإن كان الأحوط (2) إتمامها عشاء، والإتيان
326

بالاحتياط ثم إعادتها بعد الإتيان بالمغرب.
السابعة: إذا تذكر في أثناء العصر أنه ترك من الظهر ركعة قطعها وأتم
الظهر (1) ثم أعاد الصلاتين (2) ويحتمل العدول إلى الظهر (3) بجعل ما بيده
327

رابعة لها إذا لم يدخل في ركوع الثانية ثم إعادة الصلاتين (1)، وكذا إذا
تذكر في أثناء العشاء أنه ترك من المغرب ركعة.
الثامنة: إذا صلى صلاتين ثم علم نقصان ركعة أو ركعتين من
إحداهما من غير تعيين فإن كان قبل الإتيان بالمنافي ضم إلى الثانية ما
يحتمل من النقص (2) ثم أعاد الأولى (3) فقط بعد الإتيان بسجدتي السهو
328

لأجل السلام (1) احتياطا، وإن كان بعد الإتيان بالمنافي فإن اختلفتا في
العدد أعادهما، وإلا أتى بصلاة واحدة بقصد ما في الذمة.
التاسعة: إذا شك بين الاثنتين والثلاث أو غيره من الشكوك
الصحيحة ثم شك في أن الركعة التي بيده آخر صلاته أو أولى
صلاة الاحتياط جعلها آخر صلاته (2) وأتم ثم أعاد الصلاة (3)
330

احتياطا (1) بعد الإتيان بصلاة الاحتياط.
العاشرة: إذا شك في أن الركعة التي بيده رابعة المغرب أو أنه سلم
على الثلاث وهذه أولى العشاء فإن كان بعد الركوع بطلت ووجب عليه
إعادة المغرب (2) وإن كان قبله يجعلها من المغرب ويجلس ويتشهد
331

ويسلم ثم يسجد سجدتي السهو لكل زيادة (1) من قوله بحول الله وللقيام
وللتسبيحات احتياطا، وإن كان في وجوبها إشكال (2) من حيث عدم
علمه بحصول الزيادة في المغرب.
الحادية عشر: إذا شك وهو جالس بعد السجدتين بين الاثنتين
والثلاث وعلم بعدم إتيان التشهد في هذه الصلاة فلا إشكال في أنه
يجب عليه أن يبني على الثلاث لكن هل عليه أن يتشهد أم لا؟ وجهان
لا يبعد عدم الوجوب (3) بل وجوب قضائه بعد الفراغ إما لأنه مقتضى
332

البناء على الثلاث (1) وإما لأنه لا يعلم بقاء محل التشهد (2) من حيث
إن محله الركعة الثانية وكونه فيها مشكوك، بل محكوم بالعدم، وأما
لو شك وهو قائم بين الثلاث والأربع مع علمه بعدم الإتيان بالتشهد
في الثانية فحكمه المضي والقضاء بعد السلام (3)، لأن الشك بعد
333

تجاوز محله (1).
الثانية عشر: إذا شك في أنه بعد الركوع من الثالثة أو قبل الركوع من
الرابعة بنى على الثاني (2) لأنه شاك بين الثلاث والأربع، ويجب عليه
334

الركوع لأنه شاك فيه مع بقاء محله، وأيضا هو مقتضى البناء على
الأربع في هذه الصورة، وأما لو انعكس بأن كان شاكا في أنه قبل
الركوع من الثالثة، أو بعده من الرابعة فيحتمل وجوب (1) البناء على
335

الأربع بعد الركوع فلا يركع بل يسجد ويتم، وذلك لأن مقتضى البناء
على الأكثر البناء عليه من حيث إنه أحد طرفي شكه، وطرف الشك
الأربع بعد الركوع لكن لا يبعد بطلان صلاته (1) لأنه شاك في الركوع من
هذه الركعة ومحله باق، فيجب عليه أن يركع، ومعه يعلم إجمالا أنه إما
زاد ركوعا أو نقص ركعة (2)، فلا يمكن إتمام الصلاة (3) مع البناء على
336

الأربع، والإتيان بالركوع مع هذا العلم الإجمالي.
الثالثة عشر: إذا كان قائما وهو في الركعة الثانية من الصلاة وعلم أنه
أتى في هذه الصلاة بركوعين ولا يدري أنه أتى بكليهما في الركعة الأولى
حتى تكون الصلاة باطلة أو أتى فيها بواحد وأتى بالآخر في هذه الركعة
فالظاهر بطلان الصلاة (1) لأنه شاك في ركوع هذه الركعة، ومحله باق (2)
فيجب عليه أن يركع (3) مع أنه إذا ركع يعلم بزيادة ركوع في صلاته،
337

ولا يجوز له أن لا يركع مع بقاء محله فلا يمكنه تصحيح الصلاة (1).
الرابعة عشر: إذا علم بعد الفراغ من الصلاة أنه ترك سجدتين
ولكن لم يدر أنهما من ركعة واحدة أو ركعتين وجب عليه الإعادة (2)
338

ولكن الأحوط (1) قضاء السجدة مرتين، وكذا سجود السهو مرتين أولا
ثم الإعادة، وكذا يجب الإعادة إذا كان ذلك في أثناء الصلاة (2) والأحوط
339

إتمام الصلاة وقضاء كل منهما وسجود السهو مرتين ثم الإعادة.
الخامسة عشر: إن علم بعد ما دخل في السجدة الثانية
مثلا أنه إما ترك القراءة أو الركوع أو أنه إما ترك سجدة من
الركعة السابقة أو ركوع هذه الركعة وجب عليه (1) الإعادة لكن
340

الأحوط (1) هنا أيضا إتمام الصلاة وسجدتا السهو في الفرض الأول
341

وقضاء السجدة (1) مع سجدتي السهو في الفرض الثاني، ثم الإعادة (2)،
ولو كان ذلك بعد الفراغ من الصلاة فكذلك.
السادسة عشر: لو علم قبل أن يدخل في الركوع أنه إما ترك
سجدتين من الركعة السابقة أو ترك القراءة وجب عليه العود (3)
لتداركهما والإتمام ثم الإعادة ويحتمل الاكتفاء بالاتيان بالقراءة
والإتمام من غير لزوم الإعادة إذا كان ذلك بعد الإتيان بالقنوت (4)،
342

بدعوى أن وجوب القراءة عليه معلوم، لأنه إما تركها أو ترك السجدتين،
فعلى التقديرين يجب الإتيان بها (1) ويكون الشك بالنسبة إلى السجدتين
بعد الدخول في الغير الذي هو القنوت (2) وكذا الحال لو علم بعد القيام (3)
344

إلى الثالثة أنه إما ترك السجدتين أو ترك سجدة واحدة أو التشهد،
وأما لو كان قبل القيام فيتعين الإتيان بهما مع الاحتياط بالإعادة (1).
السابعة عشر: إذا علم بعد القيام إلى الثالثة أنه ترك التشهد وشك
في أنه ترك السجدة أيضا أم لا، يحتمل أن يقال يكفي الإتيان
345

بالتشهد (1) لأن الشك بالنسبة إلى السجدة بعد الدخول في الغير الذي هو
القيام فلا اعتناء به، والأحوط الإعادة بعد الإتمام (2) سواء أتى بهما
346

أو بالتشهد فقط.
الثامنة عشر: إذا علم إجمالا أنه أتى بأحد الأمرين من السجدة
والتشهد من غير تعيين وشك في الآخر فإن كان بعد الدخول في
القيام لم يعتن بشكه، وإن كان قبله يجب عليه الإتيان بهما (1) لأنه
شاك في كل منهما مع بقاء المحل ولا يجب الإعادة بعد الإتمام (2)
347

وإن كان أحوط (1).
التاسعة عشر: إذا علم أنه إما ترك السجدة من الركعة السابقة
أو التشهد من هذه الركعة فإن كان جالسا ولم يدخل في القيام أتى
بالتشهد وأتم الصلاة وليس عليه شئ، وإن كان حال النهوض إلى
القيام (2) أو بعد الدخول فيه مضي وأتم الصلاة (3) وأتى بقضاء كل منهما
مع سجدتي السهو، والأحوط إعادة الصلاة أيضا ويحتمل وجوب
العود (4) لتدارك التشهد والإتمام وقضاء السجدة فقط مع سجود السهو،
348

وعليه أيضا الأحوط الإعادة أيضا (1).
العشرون: إذا علم أنه ترك سجدة (2) إما مع الركعة السابقة أو من هذه
الركعة، فإن كان قبل الدخول في التشهد أو قبل النهوض إلى القيام (3)
أو في أثناء النهوض قبل الدخول فيه وجب عليه العود إليها لبقاء المحل
ولا شئ عليه، لأنه بالنسبة إلى الركعة السابقة شك بعد تجاوز المحل،
وإن كان بعد الدخول في التشهد أو في القيام مضى وأتم الصلاة (4) وأتى
بقضاء السجدة وسجدتي السهو، ويحتمل وجوب العود (5) لتدارك
349

السجدة من هذه الركعة والإتمام وقضاء السجدة مع سجود السهو،
والأحوط على التقديرين إعادة الصلاة أيضا (1).
الحادية والعشرون: إذا علم أنه إما ترك جزءا مستحبيا (2) كالقنوت
مثلا أو جزءا واجبا (3) سواء كان ركنا أو غيره من الأجزاء التي لها
قضاء كالسجدة والتشهد أو من الأجزاء التي يجب سجود السهو
لأجل نقصانها صحت صلاته ولا شئ عليه (4) وكذا لو علم أنه إما
ترك الجهر أو الإخفات في موضعهما أو بعض الأفعال الواجبة المذكورة
لعدم الأثر لترك الجهر والإخفات فيكون الشك بالنسبة إلى الطرف
350

الآخر بحكم الشك البدوي.
الثانية والعشرون: لا إشكال في بطلان الفريضة إذا علم إجمالا أنه إما
زاد فيها ركنا أو نقص ركنا وأما في النافلة فلا تكون باطلة، لأن زيادة
الركن فيها مغتفرة والنقصان مشكوك (1)، نعم لو علم أنه إما نقص فيها (2)
ركوعا أو سجدتين بطلت (3) ولو علم إجمالا أنه إما نقص فيها (4) ركوعا
مثلا أو سجدة واحدة أو ركوعا أو تشهدا أو نحو ذلك مما ليس بركن
لم يحكم بإعادتها، لأن نقصان ما عدا الركن فيها لا أثر له (5) من بطلان
أو قضاء أو سجود سهو فيكون احتمال نقص الركن كالشك البدوي.
الثالثة والعشرون: إذا تذكر وهو في السجدة أو بعدها من الركعة الثانية
مثلا أنه ترك سجدة من الركعة الأولى وترك أيضا ركوع هذه الركعة
جعل السجدة التي أتى بها للركعة الأولى، وقام وقرأ وقنت وأتم صلاته،
وكذا لو علم أنه ترك سجدتين من الأولى وهو في السجدة الثانية من
الثانية فيجعلهما للأولى (6) ويقوم إلى الركعة الثانية، وإن تذكر بين
351

السجدتين سجد أخرى بقصد الركعة الأولى (1) ويتم، وهكذا بالنسبة إلى
سائر الركعات إذا تذكر بعد الدخول في السجدة من الركعة التالية أنه
ترك السجدة من السابقة وركوع هذه الركعة، ولكن الأحوط في جميع
هذه الصور إعادة الصلاة بعد الإتمام (2).
الرابعة والعشرون: إذا صلى الظهر والعصر وعلم بعد السلام نقصان
352

إحدى الصلاتين ركعة (1) فإن كان بعد الإتيان بالمنافي عمدا وسهوا أتى
بصلاة واحدة بقصد ما في الذمة، وإن كان قبل ذلك قام فأضاف إلى
353

الثانية ركعة (1) ثم سجد للسهو عن السلام في غير المحل ثم أعاد الأولى
بل الأحوط (2) أن لا ينوي الأولى، بل يصلي أربع ركعات بقصد ما في
الذمة لاحتمال كون الثانية على فرض كونها تامة محسوبة ظهرا (3).
الخامسة والعشرون: إذا صلى المغرب والعشاء ثم علم بعد السلام من
العشاء أنه نقص من إحدى الصلاتين ركعة فإن كان بعد الإتيان بالمنافي
عمدا وسهوا وجب عليه إعادتهما، وإن كان قبل ذلك قام فأضاف إلى
العشاء ركعة ثم يسجد سجدتي السهو ثم يعيد المغرب (4).
السادسة والعشرون: إذا صلى الظهرين وقبل أن يسلم للعصر علم
إجمالا أنه إما ترك ركعة من الظهر والتي بيده رابعة العصر أو أن ظهره
تامة وهذه الركعة ثالثة العصر فبالنسبة إلى الظهر شك بعد الفراغ، ومقتضى
القاعدة البناء على كونها تامة، وبالنسبة إلى العصر شك بين الثلاث
والأربع، ومقتضى البناء على الأكثر (5) الحكم بأن ما بيده رابعتها والإتيان
354

بصلاة الاحتياط بعد إتمامها إلا أنه لا يمكن إعمال القاعدتين معا (1)
355

لأن الظهر إن كانت تامة فلا يكون ما بيده رابعة، وإن كان ما بيده رابعة
فلا يكون الظهر تامة (1)، فيجب إعادة الصلاتين (2) لعدم الترجيح في إعمال
356

إحدى القاعدتين، نعم الأحوط (1) الإتيان بركعة أخرى للعصر ثم إعادة
الصلاتين (2) لاحتمال كون قاعدة الفراغ من باب الأمارات (3) وكذا الحال
357

في العشاءين (1) إذا علم أنه إما صلى المغرب ركعتين وما بيده رابعة
العشاء أو صلاها ثلاث ركعات، وما بيده ثالثة العشاء.
السابعة والعشرون: لو علم أنه صلى الظهرين ثمان ركعات ولكن لم
يدر أنه صلى كلا منهما أربع ركعات أو نقص من إحداهما ركعة وزاد
في الأخرى، بنى على أنه صلى كلا منهما أربع ركعات عملا بقاعدة
عدم اعتبار الشك بعد السلام، وكذا إذا علم أنه صلى العشاءين سبع
ركعات، وشك بعد السلام في أنه صلى المغرب ثلاثة والعشاء أربعة
أو نقص من إحداهما وزاد في الأخرى فيبني على صحتهما.
الثامنة والعشرون: إذا علم أنه صلى الظهرين ثمان ركعات وقبل
السلام من العصر شك في أنه هل صلى الظهر أربع ركعات فالتي
بيده رابعة العصر أو أنه نقص من الظهر ركعة فسلم على الثلاث وهذه
التي بيده خامسة العصر فبالنسبة إلى الظهر شك بعد السلام، وبالنسبة
إلى العصر شك بين الأربع والخمس، فيحكم بصحة الصلاتين إذ لا مانع
من إجراء القاعدتين، فبالنسبة إلى الظهر يجري قاعدة الفراغ والشك
بعد السلام، فيبني على أنه سلم على أربع، وبالنسبة إلى العصر
358

يجري (1) حكم الشك بين الأربع والخمس، فيبني على الأربع إذا كان
بعد إكمال السجدتين فيتشهد ويسلم ثم يسجد سجدتي السهو، وكذا
الحال في العشاءين إذا علم قبل السلام من العشاء أنه صلى سبع
ركعات وشك في أنه سلم من المغرب على ثلاث فالتي بيده رابعة
العشاء، أو سلم على الاثنتين فالتي بيده خامسة العشاء فإنه يحكم
بصحة الصلاتين وإجراء القاعدتين.
التاسعة والعشرون: لو انعكس الفرض السابق بأن شك - بعد العلم بأنه
صلى الظهرين ثمان ركعات قبل السلام من العصر - في أنه صلى الظهر
أربع فالتي بيده رابعة العصر أو صلاها خمسا فالتي بيده ثالثة العصر
فبالنسبة إلى الظهر شك بعد السلام وبالنسبة إلى العصر شك بين الثلاث
والأربع، ولا وجه (2) لإعمال قاعدة الشك بين الثلاث والأربع في العصر،
359

لأنه إن صلى الظهر أربعا (1) فعصره أيضا أربعة فلا محل لصلاة
الاحتياط (2)، وإن صلى الظهر خمسا فلا وجه للبناء على الأربع في
العصر وصلاة الاحتياط (3) فمقتضى القاعدة إعادة الصلاتين (4) نعم
360

لو عدل (1) بالعصر إلى الظهر وأتى بركعة أخرى وأتمها يحصل له العلم
361

بتحقق ظهر صحيحة مرددة بين الأولى إن كان في الواقع سلم فيها على
الأربع، وبين الثانية المعدول بها إليها إن كان سلم فيها على الخمس وكذا
الحال في العشاءين (1) إذا شك بعد العلم بأنه صلى سبع ركعات قبل
السلام من العشاء في أنه سلم المغرب على الثلاث حتى يكون ما بيده
رابعة العشاء، أو على الأربع حتى يكون ما بيده ثالثتها، وهنا أيضا
إذا عدل (2) إلى المغرب وأتمها يحصل له العلم بتحقق مغرب صحيحة (3)
362

إما الأولى أو الثانية المعدول إليها، وكونه شاكا بين الثلاث والأربع، مع
أن الشك في المغرب مبطل لا يضر بالعدول، لأن في هذه الصورة
يحصل العلم بصحتها مرددة بين هذه والأولى (1)، فلا يكتفي بهذه فقط
حتى يقال: إن الشك في ركعاتها يضر بصحتها.
الثلاثون: إذا علم أنه صلى الظهرين تسع ركعات ولا يدري أنه
زاد ركعة في الظهر أو في العصر، فإن كان بعد السلام من العصر وجب
عليه إتيان صلاة أربع ركعات يقصد ما في الذمة، وإن كان قبل السلام
فبالنسبة إلى الظهر يكون من الشك بعد السلام، وبالنسبة إلى العصر من
الشك بين الأربع والخمس (2) ولا يمكن إعمال الحكمين (3) لكن لو كان
363

بعد إكمال (1) السجدتين عدل إلى الظهر (2)، وأتم الصلاة وسجد للسهو (3)
364

يحصل له اليقين بظهر صحيحة، إما الأولى أو الثانية.
الحادية والثلاثون: إذا علم أنه صلى العشاءين ثمان ركعات ولا
يدري أنه زاد الركعة الزائدة في المغرب أو في العشاء وجب إعادتهما (1)
سواء كان الشك بعد السلام من العشاء أو قبله (2).
الثانية والثلاثون: لو أتى بالمغرب ثم نسي الإتيان بها بأن اعتقد عدم
الإتيان أو شك فيه فأتى بها ثانيا وتذكر قبل السلام أنه كان آتيا بها
365

ولكن علم بزيادة ركعة (1) إما في الأولى أو الثانية له أن يتم الثانية
ويكتفي بها (2) لحصول العلم بالإتيان بها إما أولا أو ثانيا، ولا يضره
كونه شاكا في الثانية بين الثلاث والأربع مع أن الشك في ركعات
المغرب موجب للبطلان لما عرفت سابقا (3) من أن ذلك إذا لم يكن
366

هناك طرف آخر يحصل معه اليقين بالإتيان صحيحا، وكذا الحال إذا
أتى بالصبح ثم نسي وأتى بها ثانيا وعلم بالزيادة إما في الأولى أو الثانية.
الثالثة والثلاثون: إذا شك في الركوع وهو قائم وجب عليه الإتيان به،
فلو نسي حتى دخل في السجود فهل يجري عليه حكم الشك بعد
تجاوز المحل أم لا، الظاهر عدم الجريان لأن الشك السابق باق (1)، وكان
قبل تجاوز المحل وهكذا لو شك في السجود قبل أن يدخل في التشهد
ثم دخل فيه نسيانا وهكذا.
الرابعة والثلاثون: لو علم نسيان شئ قبل فوات محل المنسي
ووجب عليه التدارك فنسي حتى دخل في ركن بعده (2) ثم انقلب علمه
367

بالنسيان شكا يمكن إجراء قاعدة الشك بعد تجاوز المحل (1)، والحكم
بالصحة (2) إن كان ذلك الشئ ركنا والحكم بعدم وجوب القضاء
368

وسجدتي السهو فيما يجب فيه ذلك، لكن الأحوط (1) مع الإتمام إعادة
الصلاة إذا كان ركنا والقضاء وسجدتا السهو في مثل السجدة والتشهد
وسجدتا السهو فيما يجب في تركه السجود.
الخامسة والثلاثون: إذا اعتقد نقصان السجدة أو التشهد مما له يجب
قضاؤه أو ترك ما يوجب سجود السهو في أثناء الصلاة ثم تبدل اعتقاده
بالشك في الأثناء أو بعد الصلاة قبل الإتيان به سقط وجوبه (2)، وكذا إذا
اعتقد بعد السلام نقصان ركعة أو غيرها ثم زال اعتقاده.
السادسة والثلاثون: إذا تيقن بعد السلام قبل إتيان المنافي عمدا أو
سهوا نقصان الصلاة وشك في أن الناقص ركعة أو ركعتان فالظاهر أنه
يجري عليه حكم الشك بين الاثنتين والثلاث (3) فيبني على الأكثر
ويأتي بالقدر المتيقن نقصانه وهو ركعة أخرى، ويأتي بصلاة احتياطه،
369

وكذا إذا تيقن نقصان ركعة وبعد الشروع فيها شك في ركعة أخرى،
وعلى هذا فإن كان مثل ذلك في صلاة المغرب والصبح يحكم ببطلانهما
ويحتمل (1) جريان حكم الشك بعد السلام بالنسبة إلى الركعة المشكوكة
فيأتي بركعة واحدة من دون الإتيان بصلاة الاحتياط وعليه فلا تبطل (2)
الصبح والمغرب أيضا بمثل ذلك ويكون كمن علم نقصان ركعة فقط.
السابعة والثلاثون: لو تيقن بعد السلام قبل إتيان المنافي نقصان ركعة
370

ثم شك في أنه أتى بها أم لا ففي وجوب الإتيان بها (1) لأصالة عدمه
أو جريان حكم الشك في الركعات عليه وجهان والأوجه الثاني (2) وأما
371

احتمال جريان حكم الشك بعد السلام عليه فلا وجه له، لأن الشك بعد
السلام لا يعتنى به إذا تعلق بما في الصلاة وبما قبل السلام، وهذا متعلق
بما وجب بعد السلام (1).
الثامنة والثلاثون: إذا علم أن ما بيده رابعة ويأتي به بهذا العنوان لكن
لا يدري أنها رابعة واقعية أو رابعة بنائية وأنه شك سابقا بين الاثنتين
والثلاث فبنى على الثلاث فتكون هذه رابعة بعد البناء على الثلاث، فهل
يجب عليه صلاة الاحتياط لأنه وإن كان عالما بأنها رابعة في الظاهر
إلا أنه شاك من حيث الواقع فعلا بين الثلاث والأربع، أو لا يجب
لأصالة عدم شك سابق، والمفروض أنه عالم بأنها رابعته فعلا؟ وجهان،
والأوجه الأول (2).
التاسعة والثلاثون: إذا تيقن بعد القيام إلى الركعة التالية أنه ترك سجدة
أو سجدتين أو تشهدا ثم شك في أنه هل رجع وتدارك ثم قام أو هذا
372

القيام هو القيام الأول، فالظاهر وجوب العود (1) إلى التدارك لأصالة عدم
الإتيان بها بعد تحقق الوجوب، واحتمال جريان حكم الشك بعد تجاوز
المحل - لأن المفروض أنه فعلا شاك وتجاوز عن محل الشك - لا وجه
له، لأن الشك إنما حدث بعد تعلق الوجوب (2)، مع كونه في المحل
بالنسبة إلى النسيان، ولم يتحقق التجاوز بالنسبة إلى هذا الواجب.
الأربعون: إذا شك بين الثلاث والأربع مثلا فبنى على الأربع ثم أتى
بركعة أخرى سهوا فهل تبطل صلاته من جهة زيادة الركعة، أم يجري
373

عليه حكم الشك بين الأربع والخمس؟ وجهان، والأوجه الأول (1).
الحادية والأربعون: إذا شك في ركن بعد تجاوز المحل ثم
أتى به نسيانا فهل تبطل صلاته من جهة الزيادة الظاهرية
أو لا من جهة عدم العلم بها بحسب الواقع؟ وجهان (2) والأحوط
374

الإتمام والإعادة (1).
الثانية والأربعون: إذا كان في التشهد فذكر أنه نسي
الركوع ومع ذلك شك في السجدتين أيضا ففي بطلان
الصلاة من حيث إنه بمقتضى قاعدة التجاوز محكوم
بأنه أتى بالسجدتين فلا محل لتدارك الركوع، أو عدمه (2)،
375

إما لعدم شمول قاعدة التجاوز (1) في مورد يلزم من إجرائها بطلان
الصلاة، وإما لعدم إحراز الدخول في ركن آخر ومجرد الحكم
بالمضي لا يثبت الإتيان وجهان، والأوجه الثاني (2) ويحتمل
376

الفرق (1) بين سبق تذكر النسيان (2) وبين سبق الشك في السجدتين (3)،
والأحوط (4) العود إلى التدارك، ثم الإتيان بالسجدتين وإتمام الصلاة ثم
الإعادة (5)، بل لا يترك هذا الاحتياط (6).
الثالثة والأربعون: إذا شك بين الثلاث والأربع مثلا (7) وعلم أنه على
377

فرض الثلاث ترك ركنا (1) أو ما يوجب القضاء أو ما يوجب سجود
السهو لا إشكال (2) في البناء على الأربع وعدم وجوب شئ عليه (3)
378

وهو واضح، وكذا إذا علم (1) أنه على فرض الأربع ترك ما يوجب
القضاء أو ما يوجب سجود السهو لعدم إحراز ذلك بمجرد التعبد بالبناء
على الأربع، وأما إذا علم أنه على فرض الأربع ترك ركنا أو غيره مما
يوجب بطلان الصلاة فالأقوى بطلان صلاته (2) لا لاستلزام البناء على
الأربع ذلك، لأنه لا يثبت ذلك بل للعلم الاجمالي (3) بنقصان الركعة
379

أو ترك الركن مثلا فلا يمكن البناء على الأربع حينئذ.
الرابعة والأربعون: إذا تذكر بعد القيام أنه ترك سجدة من الركعة التي
قام عنها فإن أتى بالجلوس بين السجدتين ثم نسي السجدة الثانية
يجوز له الانحناء إلى السجود من غير جلوس، وإن لم يجلس أصلا (1)
وجب عليه الجلوس ثم السجود، وإن جلس بقصد الاستراحة
والجلوس بعد السجدتين ففي كفايته عن الجلوس بينهما وعدمها
وجهان، الأوجه الأول (2) ولا يضر نية الخلاف، لكن الأحوط الثاني
فيجلس ثم يسجد.
الخامسة والأربعون: إذا علم بعد القيام أو الدخول في التشهد نسيان
إحدى السجدتين وشك في الأخرى فهل يجب عليه إتيانهما لأنه إذا
رجع إلى تدارك المعلوم يعود محل المشكوك (3) أيضا، أو يجري بالنسبة
380

إلى المشكوك حكم الشك بعد تجاوز المحل؟ وجهان أوجههما الأول (1)
والأحوط إعادة الصلاة (2) أيضا.
السادسة والأربعون: إذا شك بين الثلاث والأربع مثلا وبعد السلام
قبل الشروع في صلاة الاحتياط علم أنها كانت أربعا ثم عاد شكه
فهل يجب عليه صلاة الاحتياط لعود الموجب وهو الشك، أو لا لسقوط
التكليف عنه حين العلم والشك بعده شك بعد الفراغ (3)؟ وجهان (4)
381

والأحوط (1) الأول.
السابعة والأربعون: إذا دخل في السجود (2) من الركعة الثانية فشك
في ركوع هذه الركعة وفي السجدتين من الأولى ففي البناء على إتيانها
من حيث إنه شك بعد تجاوز المحل أو الحكم بالبطلان لأوله
إلى الشك بين الواحدة والاثنين وجهان، الأوجه الأول (3) وعلى هذا
فلو فرض الشك بين الاثنتين والثلاث بعد إكمال السجدتين مع الشك
في ركوع الركعة التي بيده وفي السجدتين من السابقة لا يرجع إلى
الشك بين الواحدة والاثنتين حتى تبطل الصلاة، بل هو من الشك بين
الاثنتين والثلاث بعد الإكمال، نعم لو علم بتركهما مع الشك المذكور
يرجع إلى الشك بين الواحدة والاثنتين، لأنه عالم حينئذ باحتساب
ركعتيه بركعة.
382

الثامنة والأربعون: لا يجري حكم كثير الشك في صورة العلم
الإجمالي، فلو علم ترك أحد الشيئين إجمالا من غير تعيين يجب عليه
مراعاته وإن كان شاكا بالنسبة إلى كل منهما، كما لو علم حال القيام أنه
إما ترك التشهد أو السجدة أو علم إجمالا أنه إما ترك الركوع أو
القراءة (1) وهكذا، أو علم بعد الدخول في الركوع أنه إما ترك سجدة
واحدة أو تشهدا فيعمل في كل واحد من هذه الفروض حكم العلم
الاجمالي المتعلق به كما في غير كثير الشك (2).
التاسعة والأربعون: لو اعتقد أنه قرأ السورة مثلا وشك في قراءة
الحمد فبنى على أنه قرأه لتجاوز محله، ثم بعد الدخول في القنوت
تذكر أنه لم يقرأ السورة فالظاهر وجوب قراءة الحمد أيضا، لأن شكه
الفعلي وإن كان بعد تجاوز المحل (3) بالنسبة إلى الحمد إلا أنه هو الشك
383

الأول الذي كان في الواقع قبل تجاوز المحل، وحكمه الاعتناء به
والعود إلى الإتيان بما شك فيه.
الخمسون: إذا علم أنه إما ترك سجدة أو زاد ركوعا فالأحوط (1)
قضاء السجدة وسجدتا السهو ثم إعادة الصلاة، ولكن لا يبعد جواز
الاكتفاء بالقضاء وسجدتا السهو (2) عملا بأصالة عدم الإتيان بالسجدة
384

وعدم زيادة الركوع.
الحادية والخمسون: لو علم أنه إما ترك سجدة من الأولى أو زاد
سجدة في الثانية وجب عليه قضاء السجدة (1) والإتيان بسجدتي السهو
مرة واحدة (2) بقصد ما في الذمة من كونهما للنقيصة أو للزيادة.
الثانية والخمسون: لو علم أنه إما ترك سجدة أو تشهدا وجب
الإتيان (3) بقضائهما وسجدتا السهو مرة.
الثالثة والخمسون: إذا شك في أنه صلى المغرب والعشاء أم لا قبل
أن ينتصف (4) الليل والمفروض أنه عالم بأنه لم يصل في ذلك اليوم
385

إلا ثلاث صلوات من دون العلم بتعيينها فيحتمل أن يكون الصلاتان
الباقيتان المغرب والعشاء، ويحتمل أن يكون آتيا بهما ونسي اثنتين من
صلوات النهار وجب عليه الإتيان بالمغرب والعشاء فقط، لأن الشك
بالنسبة إلى صلوات النهار بعد الوقت، وبالنسبة إليهما في وقتهما، ولو
علم أنه لم يصل في ذلك اليوم إلا صلاتين أضاف إلى المغرب والعشاء
قضاء ثنائية ورباعية، وكذا إن علم أنه لم يصل إلا صلاة واحدة (1).
386

الرابعة والخمسون: إذا صلى الظهر والعصر ثم علم إجمالا أنه شك في
إحداهما بين الاثنتين والثلاث وبنى على الثلاث ولا يدري أن الشك
المذكور في أيهما كان يحتاط (1) بإتيان صلاة الاحتياط (2) وإعادة صلاة
واحدة بقصد ما في الذمة (3).
387

الخامسة والخمسون: إذا علم إجمالا أنه إما زاد قراءة أو نقصها
يكفيه سجدتا السهو مرة (1) وكذا إذا علم أنه إما زاد التسبيحات الأربع
أو نقصها.
[السادسة والخمسون (2): إذا شك بين الاثنتين والثلاث فبنى على
الثلاث ثم شك بين الثلاث البنائية والأربع بمعنى أنه شك في الإتيان
بالرابعة أم لا فهل يعمل عمل الشكين أو عمل الشك بين الاثنتين
والثلاث والأربع وجهان أقواهما الثاني (3).
السابعة والخمسون: لو علم أنه زاد سجدتين ولم يدر أنهما من ركعة
أو ركعتين فالأحوط قضاؤهما (4) وسجدتا السهو مرتين ثم إعادة الصلاة
388

والأقوى كفاية الإعادة.] (1)
الثامنة والخمسون: إذا شك في أنه هل ترك الجزء الفلاني عمدا أم لا
فمع بقاء محل الشك لا إشكال في وجوب الإتيان به، وأما مع تجاوزه
فهل تجري قاعدة الشك بعد التجاوز أم لا لانصراف أخبارها عن هذه
الصورة خصوصا بملاحظة قوله: كان حين العمل أذكر؟ وجهان (2)
والأحوط الإتيان (3) ثم الإعادة (4).

* هذه المسألة وما قبلها لم تردا في النسخ المطبوعة المتوفرة لدينا، أثبتناهما
من الأصل المخطوط بخط المؤلف (قدس سره).
389

التاسعة والخمسون: إذا توضأ وصلى ثم علم أنه إما ترك جزء من
وضوئه، أو ركنا في صلاته فالأحوط إعادة الوضوء ثم الصلاة، ولكن
لا يبعد جريان قاعدة الشك بعد الفراغ في الوضوء لأنها لا تجري في
الصلاة حتى يحصل التعارض، وذلك للعلم ببطلان الصلاة على كل حال.
الستون: لو كان مشغولا بالتشهد أو بعد الفراغ منه وشك في أنه
صلى ركعتين وأن التشهد في محله، أو ثلاث ركعات وأنه في غير
محله؟ يجري حكم الشك بين الاثنتين والثلاث (1)، وليس عليه سجدتا
السهو لزيادة التشهد لأنها غير معلومة (2) وإن كان الأحوط الإتيان
بهما (3) أيضا بعد صلاة الاحتياط.
الحادية والستون: لو شك في شئ وقد دخل في غيره الذي وقع في
غير محله كما لو شك في السجدة من الركعة الأولى أو الثالثة ودخل في
التشهد أو شك في السجدة من الركعة الثانية وقد قام قبل أن يتشهد
فالظاهر البناء على الإتيان (4) وأن الغير أعم من الذي وقع في محله أو كان
390

زيادة في غير المحل (1) ولكن الأحوط مع ذلك إعادة الصلاة (2) أيضا.
الثانية والستون: لو بقي من الوقت أربع ركعات للعصر وعليه صلاة
الاحتياط من جهة الشك في الظهر فلا إشكال (3) في مزاحمتها للعصر
391

ما دام يبقى لها من الوقت ركعة، بل وكذا لو كان عليه قضاء السجدة (1)
أو التشهد، وأما لو كان عليه سجدتا السهو فهل يكون كذلك أو لا؟
وجهان (2) من أنهما من متعلقات الظهر، ومن أن وجوبهما استقلالي
وليستا جزءا أو شرطا لصحة الظهر، ومراعاة الوقت للعصر أهم فتقدم
العصر (3) ثم يؤتى بهما بعدها ويحتمل التخيير (4).
الثالثة والستون: لو قرأ في الصلاة شيئا بتخيل أنه ذكر أو دعاء
أو قرآن ثم تبين أنه كلام الآدمي فالأحوط (5) سجدتا السهو لكن
392

الظاهر عدم وجوبهما لأنهما إنما تجبان عند السهو، وليس المذكور من
باب السهو، كما أن الظاهر عدم وجوبهما في سبق اللسان (1) إلى شئ،
وكذا إذا قرأ شيئا غلطا من جهة الإعراب أو المادة ومخارج الحروف.
الرابعة والستون: لا يجب سجود السهو في ما لو عكس الترتيب
الواجب سهوا، كما إذا قدم السورة على الحمد وتذكر في الركوع، فإنه لم
يزد شيئا ولم ينقص (2)، وإن كان الأحوط الإتيان معه (3) لاحتمال
كونه (4) من باب نقص السورة، بل مرة أخرى لاحتمال (5) كون السورة
المتقدمة على الحمد من الزيادة.
393

الخامسة والستون: إذا وجب عليه قضاء السجدة المنسية أو التشهد
المنسي ثم أبطل صلاته أو انكشف بطلانها سقط وجوبه، لأنه إنما يجب
في الصلاة الصحيحة، وأما لو أوجد ما يوجب سجود السهو ثم أبطل
صلاته فالأحوط إتيانه (1) وإن كان الأقوى سقوط وجوبه أيضا، وكذا إذا
انكشف بطلان صلاته، وعلى هذا فإذا صلى ثم أعادها احتياطا وجوبا
أو ندبا وعلم بعد ذلك وجود سبب سجدتي السهو في كل منهما يكفيه
إتيانهما مرة واحدة، وكذا إذا كان عليه فائتة مرددة بين صلاتين أو ثلاث
مثلا فاحتاط بإتيان صلاتين أو ثلاثة صلوات ثم علم تحقق سبب
السجود في كل منها فإنه يكفيه الإتيان به مرة بقصد الفائتة الواقعية، وإن
كان الأحوط التكرار (2) بعدد الصلوات.
السادسة والستون: إذا شك في أنه هل سجد سجدة واحدة أو اثنتين
أو ثلاث فإن لم يتجاوز محلها بنى على واحدة وأتى بأخرى، وإن
تجاوز بنى على الاثنتين ولا شئ عليه عملا بأصالة عدم الزيادة، وأما
إن علم أنه إما سجد واحدة أو ثلاثا وجب عليه أخرى (3) ما لم يدخل
394

في الركوع وإلا قضاها بعد الصلاة وسجد للسهو.
السابعة والستون (1): إذا ترك جزء من أجزاء الصلاة من جهة الجهل
بوجوبه أعاد الصلاة على الأحوط (2) وإن لم يكن من الأركان، نعم

(أ) ونحن راعينا الطبع الأول واستدركنا المسألتين اللتين لم تردا في الطبعات
اللاحقة، فانتهى المسائل إلى ما نبه به المحشي قدس سره.
395

لو كان الترك مع الجهل بوجوبه مستندا إلى النسيان بأن كان بانيا على
الإتيان به باعتقاد استحبابه فنسي وتركه فالظاهر عدم البطلان، وعدم
وجوب الإعادة إذا لم يكن من الأركان.
فصل
في صلاة العيدين
الفطر والأضحى، وهي كانت واجبة في زمان حضور الإمام (عليه السلام) مع
اجتماع شرائط وجوب الجمعة، وفي زمان الغيبة مستحبة جماعة (1)
وفرادى، ولا يشترط فيها شرائط الجمعة وإن كانت بالجماعة فلا يعتبر
فيها العدد من الخمسة أو السبعة، ولا بعد فرسخ بين الجماعتين ونحو
ذلك، ووقتها من طلوع الشمس إلى الزوال، ولا قضاء لها لو فاتت،
ويستحب تأخيرها إلى أن ترتفع الشمس، وفي عيد الفطر يستحب
تأخيرها أزيد بمقدار الإفطار وإخراج الفطرة، وهي ركعتان يقرأ في
الأولى منهما الحمد وسورة، ويكبر خمس تكبيرات عقيب كل تكبيرة
قنوت، ثم يكبر للركوع ويركع ويسجد، ثم يقوم للثانية وفيها بعد الحمد
وسورة يكبر أربع تكبيرات، ويقنت بعد كل منها، ثم يكبر للركوع ويتم
الصلاة، فمجموع التكبيرات فيها اثنتا عشرة: سبع تكبيرات في الأولى،
وهي تكبيرة الاحرام، وخمس للقنوت، وواحدة للركوع، وفي الثانية
خمس تكبيرات أربعة للقنوت، وواحدة للركوع، والأظهر (2) وجوب
القنوتات وتكبيراتها، ويجوز في القنوتات كل ما جرى على اللسان من
396

ذكر ودعاء كما في سائر الصلوات، وإن كان الأفضل الدعاء المأثور،
والأولى أن يقول (1) في كل منها: " اللهم أهل الكبرياء والعظمة، وأهل
الجود والجبروت، وأهل العفو والرحمة، وأهل التقوى والمغفرة، أسألك
بحق هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا، ولمحمد (صلى الله عليه وآله) ذخرا وشرفا
وكرامة ومزيدا أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تدخلني في كل
خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد، وأن تخرجني من كل سوء
أخرجت منه محمدا وآل محمد، صلواتك عليه وعليهم، اللهم إني
أسألك خير ما سألك به عبادك الصالحون، وأعوذ بك مما استعاذ منه
عبادك المخلصون "، ويأتي بخطبتين بعد الصلاة مثل ما يؤتى بهما في
صلاة الجمعة، ومحلهما هنا بعد الصلاة بخلاف الجمعة، فإنهما قبلها،
ولا يجوز إتيانهما هنا قبل الصلاة، ويجوز تركهما في زمان الغيبة، وإن
كانت الصلاة بجماعة ولا يجب الحضور عندهما ولا الإصغاء إليهما،
وينبغي أن يذكر في خطبة عيد الفطر ما يتعلق بزكاة الفطرة من الشروط
والقدر والوقت لإخراجها، وفي خطبة الأضحى ما يتعلق بالأضحية.
(مسألة 1): لا يشترط في هذه الصلاة سورة مخصوصة، بل يجزي
كل سورة، نعم الأفضل أن يقرأ في الركعة الأولى سورة الشمس، وفي
الثانية سورة الغاشية، أو يقرأ في الأولى سورة سبح اسم، وفي الثانية
سورة الشمس.
(مسألة 2): يستحب فيها أمور:
أحدها: الجهر بالقراءة للإمام والمنفرد.
397

الثاني: رفع اليدين حال التكبيرات.
الثالث: الإصحار بها إلا في مكة فإنه يستحب الإتيان بها في مسجد
الحرام.
الرابع: أن يسجد على الأرض دون غيرها مما يصح السجود عليه.
الخامس: أن يخرج إليها راجلا حافيا مع السكينة والوقار.
السادس: الغسل قبلها.
السابع: أن يكون لابسا عمامة بيضاء.
الثامن: أن يشمر ثوبه إلى ساقه.
التاسع: أن يفطر في الفطر قبل الصلاة بالتمر وأن يأكل من لحم
الأضحية في الأضحى بعدها.
العاشر: التكبيرات عقيب أربع (1) صلوات في عيد الفطر، أولها
المغرب من ليلة العيد، ورابعها صلاة العيد، وعقيب عشر صلوات في
الأضحى إن لم يكن بمنى، أولها ظهر يوم العيد، وعاشرها صبح اليوم
الثاني عشر، وإن كان بمنى فعقيب خمس عشر صلاة، أولها ظهر يوم
العيد، وآخرها صبح اليوم الثالث عشر، وكيفية التكبير في الفطر أن
يقول: " الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله
أكبر على ما هدانا " وفي الأضحى يزيد على ذلك: الله أكبر على ما
رزقنا من بهيمة الأنعام، والحمد لله على ما أبلانا.
(مسألة 3): يكره فيها أمور:
الأول: الخروج مع السلاح إلا في حال الخوف.
398

الثاني: النافلة قبل صلاة العيد وبعدها إلى الزوال إلا في مدينة الرسول
فإنه يستحب صلاة ركعتين في مسجدها قبل الخروج إلى الصلاة.
الثالث: أن ينقل المنبر إلى الصحراء بل يستحب أن يعمل هناك منبر
من الطين.
الرابع: أن يصلى تحت السقف.
(مسألة 4): الأولى بل الأحوط ترك النساء لهذه الصلاة إلا العجائز.
(مسألة 5): لا يتحمل الإمام في هذه الصلاة ما عدا القراءة من
الأذكار والتكبيرات والقنوتات كما في سائر الصلوات.
(مسألة 6): إذا شك في التكبيرات والقنوتات بنى على الأقل (1) ولو
تبين بعد ذلك أنه كان آتيا بها لا تبطل صلاته.
(مسألة 7): إذا أدرك مع الإمام بعض التكبيرات يتابعه فيه، ويأتي
بالبقية بعد ذلك، ويلحقه في الركوع، ويكفيه أن يقول بعد كل تكبير:
سبحان الله والحمد لله، وإذا لم يمهله فالأحوط الانفراد وإن كان
يحتمل (2) كفاية الإتيان بالتكبيرات ولاءا وإن لم يمهله أيضا أن يترك
399

ويتابعه في الركوع، كما يحتمل (1) أن يجوز لحوقه إذا أدركه وهو راكع،
لكنه مشكل لعدم الدليل على تحمل الإمام لما عدا القراءة.
(مسألة 8): لو سها عن القراءة أو التكبيرات أو القنوتات كلا أو بعضا
لم تبطل صلاته (2)، نعم لو سها عن الركوع أو السجدتين أو تكبيرة
الإحرام بطلت.
(مسألة 9): إذا أتى بموجب سجود السهو فالأحوط (3) إتيانه، وإن
كان عدم وجوبه (4) في صورة استحباب الصلاة كما في زمان الغيبة لا
يخلو عن قوة (5) وكذا الحال في قضاء التشهد المنسي أو السجدة المنسية.
(مسألة 10): ليس في هذه الصلاة أذان ولا إقامة، نعم يستحب أن
يقول المؤذن: " الصلاة " ثلاثا.
400

(مسألة 11): إذا اتفق العيد والجمعة فمن حضر العيد وكان نائيا عن
البلد (1) كان بالخيار بين العود إلى أهله والبقاء لحضور الجمعة.
فصل
في صلاة ليلة الدفن
وهي ركعتان، يقرأ في الأولى بعد الحمد آية الكرسي إلى * (هم فيها
خالدون) * (2) وفي الثانية بعد الحمد سورة القدر عشر مرات، ويقول بعد
السلام: " اللهم صل على محمد وآل محمد، وابعث ثوابها إلى قبر فلان "
ويسمي الميت. ففي مرسلة الكفعمي وموجز ابن فهد قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
" لا يأتي على الميت أشد من أول ليلة فارحموا موتاكم بالصدقة فإن لم
تجدوا فليصل أحدكم يقرأ في الأولى الحمد وآية الكرسي، وفي الثانية
الحمد والقدر عشرا، فإذا سلم قال: اللهم صل على محمد وآل محمد،
وابعث ثوابها إلى قبر فلان، فإنه تعالى يبعث من ساعته ألف ملك إلى
قبره مع كل ملك ثوب وحلة " ومقتضى هذه الرواية أن الصلاة بعد عدم
وجدان ما يتصدق به، فالأولى الجمع بين الأمرين مع الإمكان وظاهرها
أيضا كفاية صلاة واحدة، فينبغي أن لا يقصد الخصوصية في إتيان
أربعين بل يؤتى بقصد الرجاء أو بقصد إهداء الثواب.
(مسألة 1): لا بأس بالاستئجار لهذه الصلاة (3) وإعطاء الأجرة، وإن
401

كان الأولى (1) للمستأجر الإعطاء بقصد التبرع أو الصدقة (2) وللمؤجر
الإتيان تبرعا وبقصد الاحسان إلى الميت.
(مسألة 2): لا بأس بإتيان شخص واحد أزيد من واحدة (3) بقصد
إهداء الثواب إذا كان متبرعا، أو إذا أذن له المستأجر، وأما إذا أعطي
دراهم للأربعين فاللازم استئجار أربعين إلا إذا أذن المستأجر، ولا يلزم
مع إعطاء الأجرة إجراء صيغة الإجارة، بل يكفي إعطاؤها بقصد أن يصلى.
(مسألة 3): إذا صلى ونسي آية الكرسي في الركعة الأولى أو القدر
في الثانية أو قرأ القدر أقل من العشرة نسيانا فصلاته صحيحة (4) لكن
لا يجزي عن هذه الصلاة فإن كان أجيرا وجب عليه الإعادة.
(مسألة 4): إذا أخذ الأجرة ليصلي ثم نسي فتركها في تلك الليلة
يجب عليه ردها إلى المعطي أو الاستئذان منه لأن يصلي في ما بعد ذلك
بقصد إهداء الثواب ولو لم يتمكن من ذلك فإن علم برضاه بأن يصلي
هدية أو يعمل عملا آخر أتى بها (5) وإلا تصدق بها عن صاحب المال.
(مسألة 5): إذا لم يدفن الميت إلا بعد مدة كما إذا نقل إلى أحد
402

المشاهد فالظاهر أن الصلاة تؤخر إلى ليلة الدفن (1) وإن كان الأولى أن
يؤتى بها في أول ليلة بعد الموت (2).
(مسألة 6): عن الكفعمي أنه بعد أن ذكر في كيفية هذه الصلاة ما ذكر
قال: وفي رواية أخرى بعد الحمد التوحيد مرتين في الأولى، وفي الثانية
بعد الحمد ألهيكم التكاثر عشرا، ثم الدعاء المذكور، وعلى هذا فلو
جمع بين الصلاتين بأن يأتي اثنتين بالكيفيتين كان أولى.
(مسألة 7): الظاهر جواز الإتيان بهذه الصلاة في أي وقت كان من
الليل، لكن الأولى التعجيل بها بعد العشاءين، والأقوى جواز الإتيان بها
بينهما بل قبلهما أيضا بناء على المختار من جواز التطوع لمن عليه
فريضة (3)، هذا إذا لم يجب عليه بالنذر أو الإجارة أو نحوهما وإلا فلا
إشكال (4).
فصل
في صلاة جعفر (عليه السلام)
وتسمى صلاة التسبيح وصلاة الحبوة، وهي من المستحبات الأكيدة،
ومشهورة بين العامة والخاصة، والأخبار متواترة فيها، فعن أبي بصير
403

عن الصادق (عليه السلام) أنه قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لجعفر: ألا أمنحك؟ ألا
أعطيك؟ ألا أحبوك؟ فقال له جعفر: بلى يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: فظن
الناس أنه يعطيه ذهبا وفضة، فتشرف الناس لذلك، فقال له: إني أعطيك
شيئا إن أنت صنعته كل يوم كان خيرا لك من الدنيا وما فيها، فإن صنعته
بين يومين غفر لك ما بينهما، أو كل جمعة أو كل شهر أو كل سنة غفر
لك ما بينهما. وفي خبر آخر قال: ألا أمنحك؟ ألا أعطيك؟ ألا أحبوك؟
ألا أعلمك صلاة إذا أنت صليتها لو كنت فررت من الزحف وكان عليك
مثل رمل عالج وزبد البحر ذنوبا غفرت لك؟ قال: بلى يا رسول الله
والظاهر أنه حباه إياها يوم قدومه من سفره، وقد بشر ذلك اليوم بفتح
خيبر فقال (صلى الله عليه وآله): والله ما أدري بأيهما أنا أشد سرورا؟ بقدوم جعفر أو
بفتح خيبر؟ فلم يلبث أن جاء جعفر فوثب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فالتزمه وقبل
ما بين عينيه، ثم قال: ألا أمنحك الخ. وهي أربع ركعات بتسليمتين، يقرأ
في كل منها الحمد وسورة، ثم يقول (1): سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا
الله والله أكبر خمسة عشر مرة وكذا يقول في الركوع عشر مرات، وبعد
رفع الرأس منه عشر مرات، وفي السجدة الأولى عشر مرات، وبعد
الرفع منها عشر مرات، كذا في السجدة الثانية عشر مرات، وبعد الرفع
منها عشر مرات، ففي كل ركعة خمسة وسبعون مرة ومجموعها
ثلاثمائة تسبيحة.
(مسألة 1): يجوز إتيان هذه الصلاة في كل من اليوم والليلة،
ولا فرق بين الحضر والسفر، وأفضل أوقاته يوم الجمعة حين ارتفاع
404

الشمس ويتأكد إتيانها في ليلة النصف من شعبان.
(مسألة 2): لا يتعين فيها سورة مخصوصة، لكن الأفضل أن يقرأ في
الركعة الأولى إذا زلزلت، وفي الثانية والعاديات، وفي الثالثة إذا جاء
نصر الله، وفي الرابعة قل هو الله أحد.
(مسألة 3): يجوز تأخير التسبيحات إلى ما بعد الصلاة إذا كان
مستعجلا، كما يجوز التفريق بين الصلاتين إذا كان له حاجة ضرورية
بأن يأتي بركعتين ثم بعد قضاء تلك الحاجة يأتي بركعتين أخريين.
(مسألة 4): يجوز احتساب هذه الصلاة من نوافل الليل أو النهار أداء
وقضاء فعن الصادق (عليه السلام) " صل صلاة جعفر أي وقت شئت من ليل أو نهار
وإن شئت حسبتها من نوافل الليل وإن شئت حسبتها من نوافل النهار
حسب لك من نوافلك وتحسب لك صلاة جعفر " والمراد من الاحتساب
تداخلهما فينوي بالصلاة كونها نافلة وصلاة جعفر، ويحتمل أنه ينوي
صلاة جعفر ويجتزئ بها عن النافلة، ويحتمل أنه ينوي النافلة (1) ويأتي
بها بكيفية صلاة جعفر فيثاب ثوابها أيضا وهل يجوز إتيان الفريضة
بهذه الكيفية أو لا؟ قولان، لا يبعد الجواز على الاحتمال الأخير دون
الأولين (2) ودعوى أنه تغيير لهيئة الفريضة والعبادات توقيفية مدفوعة
بمنع ذلك بعد جواز كل ذكر ودعاء في الفريضة (3)، ومع ذلك الأحوط الترك.
(مسألة 4): يستحب القنوت فيها في الركعة الثانية من كل من
405

الصلاتين للعمومات وخصوص بعض النصوص.
(مسألة 6): لو سها عن بعض التسبيحات أو كلها في محل فتذكر في
المحل الآخر يأتي به (1) مضافا إلى وظيفته، وإن لم يتذكر إلا بعد الصلاة
قضاه بعدها (2).
(مسألة 7): الأحوط (3) عدم الاكتفاء بالتسبيحات عن ذكر الركوع
والسجود بل يأتي به أيضا قبلها أو بعدها (4).
(مسألة 8): يستحب أن يقول في السجدة الثانية من الركعة الرابعة
بعد التسبيحات: " يا من لبس العز والوقار، يا من تعطف بالمجد وتكرم
به، يا من لا ينبغي التسبيح إلا له يا من أحصى كل شئ علمه، يا ذا
النعمة والطول يا ذا المن والفضل يا ذا القدرة والكرم أسألك بمعاقد العز
من عرشك وبمنتهى الرحمة من كتابك وباسمك الأعظم الأعلى،
وبكلماتك التامات أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تفعل بي كذا
وكذا " ويذكر حاجاته.
فصل
في صلاة الغفيلة
وهي ركعتان بين المغرب والعشاء يقرأ في الأولى بعد الحمد:
406

" وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات
أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه
من الغم وكذلك ننجي المؤمنين " وفي الثانية بعد الحمد " وعنده مفاتح
الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا
يعلمها، ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب
مبين " ثم يرفع يديه ويقول: " اللهم إني أسألك بمفاتح الغيب التي لا
يعلمها إلا أنت أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تفعل بي كذا وكذا "
ويذكر حاجاته، ثم يقول: " اللهم أنت ولي نعمتي والقادر على طلبتي
تعلم حاجتي، وأسألك بحق محمد وآله عليه وعليهم السلام لما قضيتها
لي " ويسأل حاجاته، والظاهر أنها غير نافلة المغرب (1)، ولا يجب
جعلها منها بناء على المختار من جواز النافلة لمن عليه فريضة.
فصل
في صلاة أول الشهر
يستحب في اليوم الأول من كل شهر أن يصلي ركعتين، يقرأ في
الأولى بعد الحمد قل هو الله ثلاثين مرة وفي الثانية بعد الحمد إنا أنزلناه
ثلاثين مرة ثم يتصدق بما تيسر فيشتري سلامة تمام الشهر بهذا،
ويستحب أن يقرأ بعد الصلاة هذه الآيات: بسم الله الرحمن الرحيم وما
من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل
في كتاب مبين، " بسم الله الرحمن الرحيم وإن يمسسك الله بضر فلا
كاشف له إلا هو، وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من
407

عباده وهو الغفور الرحيم (1)، بسم الله الرحمن الرحيم، سيجعل الله بعد
عسر يسرا ما شاء الله لا قوة إلا بالله حسبنا الله ونعم الوكيل، وأفوض
أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من
الظالمين رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير رب لا تذرني فردا وأنت
خير الوارثين " ويجوز الإتيان بها في تمام اليوم وليس لها وقت معين.
فصل
في صلاة الوصية
وهي ركعتان بين العشاءين يقرأ في الأولى الحمد وإذا زلزلت
الأرض ثلاث عشر مرة وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد خمس عشر
مرة فعن الصادق (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: أوصيكم بركعتين بين
العشاءين (2) - إلى أن قال -: فإن فعل ذلك كل شهر كان من المؤمنين،
فإن فعل في كل سنة كان من المحسنين، فإن فعل ذلك في كل جمعة
كان من المخلصين، فإن فعل ذلك في كل ليلة زاحمني في الجنة ولم
يحص ثوابه إلا الله تعالى.
فصل
في صلاة يوم الغدير
وهو الثامن عشر من ذي الحجة وهي ركعتان يقرأ في كل ركعة
408

سورة الحمد وعشر مرات قل هو الله أحد، وعشر مرات آية الكرسي،
وعشر مرات إنا أنزلناه، ففي خبر علي بن الحسين العبدي عن
الصادق (عليه السلام): من صلى فيه - أي في يوم الغدير - ركعتين يغتسل عند
زوال الشمس من قبل أن تزول مقدار نصف ساعة يسأل الله عز وجل
يقرأ في كل ركعة سورة الحمد مرة وعشر مرات قل هو الله أحد، وعشر
مرات آية الكرسي، وعشر مرات إنا أنزلناه عدلت عند الله عز وجل مائة
ألف حجة ومائة ألف عمرة وما سأل الله عز وجل حاجة من حوائج
الدنيا وحوائج الآخرة إلا قضيت له كائنة ما كانت الحاجة، وإن فاتتك
الركعتان قضيتها بعد ذلك، وذكر بعض العلماء أنه يخرج إلى خارج
المصر، وأنه يؤتى بها جماعة، وأنه يخطب الإمام خطبة مقصورة على
حمد الله والثناء والصلاة على محمد وآله، والتنبيه على عظم حرمة هذا
اليوم، لكن لا دليل على ما ذكره، وقد مر الإشكال في إتيانها جماعة في
باب صلاة الجماعة (1).
فصل
في صلاة قضاء الحاجات وكشف المهمات
وقد وردت بكيفيات، منها ما قيل: إنه مجرب مرارا وهو ما رواه
زياد القندي عن عبد الرحيم القصير عن أبي عبد الله (عليه السلام): إذا نزل بك أمر
فافزع إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصل ركعتين تهديهما إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قلت
ما أصنع؟ قال: تغتسل وتصلي ركعتين تستفتح بهما افتتاح الفريضة،
وتشهد تشهد الفريضة، فإذا فرغت من التشهد وسلمت قلت: اللهم أنت
409

السلام ومنك السلام، وإليك يرجع السلام، اللهم صل على محمد وآل
محمد، وبلغ روح محمد مني السلام، وبلغ أرواح الأئمة الصالحين
سلامي، واردد علي منهم السلام، والسلام عليهم ورحمة الله وبركاته،
اللهم إن هاتين الركعتين هدية مني إلى رسول الله فأثبني عليهما ما أملت
ورجوت فيك وفي رسولك يا ولي المؤمنين، ثم تخر ساجدا وتقول:
يا حي يا قيوم يا حيا لا يموت يا حي لا إله إلا أنت، يا ذا الجلال
والإكرام، يا أرحم الراحمين، أربعين مرة، ثم ضع خدك الأيمن فتقولها
أربعين مرة ثم ضع خدك الأيسر فتقولها أربعين مرة، ثم ترفع رأسك
وتمد يدك فتقول أربعين مرة، ثم ترد يدك إلى رقبتك وتلوذ بسبابتك،
وتقول ذلك أربعين مرة، ثم خذ لحيتك بيدك اليسرى وابك أو تباك وقل:
يا محمد يا رسول الله، أشكو إلى الله وإليك حاجتي، وإلى أهل بيتك
الراشدين حاجتي، وبكم أتوجه إلى الله في حاجتي ثم تسجد وتقول: يا
الله يا الله حتى ينقطع نفسك، صل على محمد وآل محمد، وافعل بي كذا
وكذا، قال أبو عبد الله (عليه السلام): فأنا الضامن على الله عز وجل أن لا يبرح
حتى تقضى حاجته.
فصل
الصلوات المستحبة كثيرة وهي أقسام:
منها: نوافل الفرائض اليومية، ومجموعها ثلاث وعشرون ركعة بناء
على احتساب ركعتي الوتيرة بواحدة.
ومنها: نافلة الليل إحدى عشر ركعة.
ومنها: الصلوات المستحبة في أوقات مخصوصة كنوافل شهر
رمضان، ونوافل شهر رجب وشهر شعبان ونحوها، وكصلاة الغدير
410

والغفيلة والوصية وأمثالها.
ومنها: الصلوات التي لها أسباب كصلاة الزيارة، وتحية المسجد،
وصلاة الشكر ونحوها.
ومنها: الصلوات المستحبة لغايات مخصوصة كصلاة الاستسقاء
وصلاة طلب قضاء الحاجة، وصلاة كشف المهمات، وصلاة طلب
الرزق، وصلاة طلب الذكاء وجودة الذهن ونحوها.
ومنها: الصلوات المخصوصة بدون سبب وغاية ووقت، كصلاة
جعفر، وصلاة رسول الله وصلاة أمير المؤمنين، وصلاة فاطمة وصلاة
سائر الأئمة (عليهم السلام).
ومنها: النوافل المبتدئة فإن كل وقت وزمان يسع صلاة ركعتين
يستحب إتيانها، وبعض المذكورات بل أغلبها لها كيفيات مخصوصة
مذكورة في محلها.
فصل
جميع الصلوات المندوبة يجوز إتيانها جالسا اختيارا، وكذا ماشيا
وراكبا، وفي المحمل والسفينة، لكن إتيانها قائما أفضل حتى الوتيرة (1)
وإن كان الأحوط الجلوس فيها (2) وفي جواز إتيانها نائما مستلقيا
أو مضطجعا في حال الاختيار إشكال (3).
411

(مسألة 1): يجوز في النوافل إتيان ركعة قائما وركعة جالسا، بل
يجوز إتيان بعض الركعة جالسا وبعضها قائما.
(مسألة 2): يستحب إذا أتى بالنافلة جالسا أن يحسب كل ركعتين
بركعة مثلا إذا جلس في نافلة الصبح يأتي بأربع ركعات بتسليمتين
وهكذا.
(مسألة 3): إذا صلى جالسا وأبقى من السورة آية أو آيتين فقام
وأتمها وركع عن قيام يحسب له صلاة القائم، ولا يحتاج حينئذ إلى
احتساب ركعتين بركعة.
(مسألة 4): لا فرق في الجلوس بين كيفياته فهو مخير بين أنواعها
حتى مد الرجلين، نعم الأولى أن يجلس متربعا ويثني رجليه حال
الركوع وهو أن ينصب فخذيه وساقيه من غير إقعاء (1) إذ هو مكروه
وهو أن يعتمد بصدور قدميه على الأرض ويجلس على عقبيه، وكذا
يكره الجلوس بمثل إقعاء الكلب.
(مسألة 5): إذا نذر النافلة مطلقا يجوز له الجلوس فيها (2) وإذا نذرها
جالسا فالظاهر انعقاد نذره (3) وكون القيام أفضل لا يوجب فوات
412

الرجحان في الصلاة جالسا، غايته أنها أقل ثوابا، لكنه لا يخلو عن
إشكال (1).
(مسألة 6): النوافل كلها ركعتان لا يجوز الزيادة عليهما ولا النقيصة
إلا في صلاة الأعرابي، والوتر.
(مسألة 7): تختص النوافل بأحكام:
منها: جواز الجلوس والمشي فيها اختيارا (2) كما مر.
ومنها: عدم وجوب السورة فيها إلا بعض الصلوات المخصوصة
بكيفيات مخصوصة.
ومنها: جواز الاكتفاء ببعض السورة فيها.
ومنها: جواز قراءة أزيد من سورة من غير إشكال.
ومنها: جواز قراءة العزائم فيها.
ومنها: جواز العدول فيها من سورة إلى أخرى مطلقا (3).
ومنها: عدم بطلانها بزيادة الركن سهوا.
ومنها: عدم بطلانها بالشك بين الركعات، بل يتخير بين البناء على
الأقل أو على الأكثر.
ومنها: أنه لا يجب لها (4) سجود السهو ولا قضاء السجدة والتشهد
413

المنسيين ولا صلاة الاحتياط.
ومنها: لا إشكال في جواز إتيانها في جوف الكعبة أو سطحها.
ومنها: أنه لا يشرع فيها الجماعة إلا في صلاة الاستسقاء وعلى
قول في صلاة الغدير.
ومنها: جواز قطعها اختيارا.
ومنها: أن إتيانها في البيت أفضل من إتيانها في المسجد إلا ما
يختص به على ما هو المشهور، وإن كان في إطلاقه إشكال.
فصل
في صلاة المسافر
لا إشكال في وجوب القصر على المسافر مع اجتماع الشرائط
الآتية بإسقاط الركعتين الأخيرتين من الرباعيات، وأما الصبح والمغرب
فلا قصر فيهما، وأما شروط القصر فأمور:
الأول: المسافة (1) وهي ثمانية فراسخ امتدادية ذهابا أو إيابا أو
ملفقة من الذهاب والإياب إذا كان الذهاب أربعة (2) أو أزيد بل مطلقا (3)
414

على الأقوى (1) وإن كان الذهاب فرسخا والإياب سبعة، وإن كان
الأحوط في صورة كون الذهاب أقل من أربعة مع كون المجموع ثمانية
الجمع والأقوى عدم اعتبار كون الذهاب والإياب في يوم واحد أو ليلة
واحدة أو في الملفق منهما مع اتصال إيابه بذهابه وعدم قطعه بمبيت
ليلة فصاعدا في الأثناء، بل إذا كان من قصده الذهاب والإياب ولو بعد
تسعة أيام يجب عليه القصر، فالثمانية الملفقة كالممتدة في إيجاب
القصر إلا إذا كان قاصدا للإقامة عشرة أيام في المقصد أو غيره،
أو حصل أحد القواطع الأخر، فكما أنه إذا بات في أثناء الممتدة ليلة
415

أو ليالي لا يضر في سفره فكذا في الملفقة فيقصر ويفطر، ولكن مع ذلك
الجمع بين القصر والتمام والصوم وقضائه في صورة عدم الرجوع ليومه
أو ليلته أحوط (1) ولو كان من قصده الذهاب والإياب ولكن كان مترددا
في الإقامة (2) في الأثناء عشرة أيام وعدمها لم يقصر (3)، كما أن الأمر
في الامتدادية أيضا كذلك.
(مسألة 1): الفرسخ ثلاثة أميال، والميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد
الذي طوله أربعة وعشرون إصبعا، كل إصبع عرض سبع شعيرات، كل
شعيرة عرض سبع شعرات من أوسط شعر البرذون.
(مسألة 2): لو نقصت المسافة عن ثمانية فراسخ ولو يسيرا لا يجوز
القصر، فهي مبنية على التحقيق لا المسامحة العرفية، نعم لا يضر
اختلاف الأذرع المتوسطة (4) في الجملة كما هو الحال في جميع
التحديدات الشرعية (5).
416

(مسألة 3): لو شك في كون مقصده مسافة شرعية أو لا بقي على
التمام على الأقوى، بل وكذا لو ظن كونها مسافة.
(مسألة 4): تثبت المسافة بالعلم الحاصل من الاختبار وبالشياع
المفيد للعلم (1)، وبالبينة الشرعية، وفي ثبوتها بالعدل الواحد إشكال (2)
فلا يترك الاحتياط بالجمع (3).
(مسألة 5): الأقوى (4) عند الشك وجوب الاختبار أو السؤال
417

لتحصيل البينة أو الشياع المفيد للعلم إلا إذا كان مستلزما للحرج.
(مسألة 6): إذا تعارض البينتان (1) فالأقوى سقوطهما ووجوب (2)
التمام وإن كان الأحوط الجمع.
(مسألة 7): إذا شك في مقدار المسافة شرعا وجب عليه الاحتياط
بالجمع إلا إذا كان مجتهدا (3) وكان ذلك بعد الفحص (4) عن حكمه فإن
الأصل هو التمام.
(مسألة 8): إذا كان شاكا في المسافة ومع ذلك قصر لم يجز بل وجب
عليه الإعادة تماما، نعم لو ظهر بعد ذلك كونه مسافة أجزأ إذا حصل منه
قصد القربة مع الشك المفروض، ومع ذلك الأحوط الإعادة أيضا.
418

(مسألة 9): لو اعتقد كونه مسافة فقصر ثم ظهر عدمها وجبت
الإعادة، وكذا لو اعتقد عدم كونه مسافة فأتم ثم ظهر كونه مسافة فإنه
يجب عليه الإعادة (1).
(مسألة 10): لو شك في كونه مسافة (2) أو اعتقد العدم ثم بان في أثناء
السير كونه مسافة يقصر، وإن لم يكن الباقي مسافة.
(مسألة 11): إذا قصد الصبي مسافة ثم بلغ في الأثناء وجب عليه
القصر وإن لم يكن الباقي مسافة، وكذا يقصر إذا أراد التطوع بالصلاة مع
عدم بلوغه، والمجنون الذي يحصل منه القصد إذا قصد مسافة ثم أفاق
في الأثناء يقصر، وأما إذا كان بحيث لا يحصل منه القصد فالمدار
بلوغ (3) المسافة من حين إفاقته.
(مسألة 12): لو تردد في أقل من أربعة فراسخ ذاهبا وجائيا مرات
حتى بلغ المجموع ثمانية لم يقصر ففي التلفيق لا بد أن يكون المجموع
من ذهاب واحد وإياب واحد ثمانية (4).
(مسألة 13): لو كان للبلد طريقان والأبعد منهما مسافة، فإن سلك
419

الأبعد قصر، وإن سلك الأقرب لم يقصر، إلا إذا كان أربعة أو أقل (1)
وأراد الرجوع من الأبعد.
(مسألة 14): في المسافة المستديرة (2) الذهاب فيها الوصول إلى المقصد (3)
420

والإياب منه إلى البلد، وعلى المختار يكفي كون المجموع مسافة
مطلقا (1)، وإن لم يكن إلى المقصد أربعة، وعلى القول الآخر (2) يعتبر أن
يكون من مبدأ السير (3) إليه أربعة مع كون المجموع بقدر المسافة.
421

(مسألة 15): مبدأ حساب المسافة سور البلد (1) أو آخر البيوت فيما
لا سور فيه في البلدان الصغار والمتوسطات، وآخر المحلة (2) في البلدان
422

الكبار الخارقة للعادة والأحوط (1) مع عدم بلوغ المسافة من آخر البلد
الجمع وإن كانت مسافة إذا لوحظ آخر المحلة.
الشرط الثاني: قصد قطع المسافة من حين الخروج، فلو قصد أقل
منها وبعد الوصول إلى المقصد قصد مقدارا آخر يكون مع الأول مسافة
لم يقصر، نعم لو كان ذلك المقدار مع ضم العود مسافة (2) قصر من ذلك
الوقت بشرط أن يكون عازما على العود، وكذا لا يقصر من لا يدري
أي مقدار يقطع كما لو طلب عبدا آبقا أو بعيرا شاردا أو قصد الصيد ولم
يدر أنه يقطع مسافة أو لا، نعم يقصر في العود إذا كان مسافة بل في
الذهاب (3) إذا كان مع العود بقدر المسافة وإن لم يكن أربعة (4) كأن يقصد
423

في الأثناء أن يذهب ثلاثة فراسخ، والمفروض أن العود يكون خمسة
أو أزيد (1) وكذا لا يقصر لو خرج ينتظر رفقة إن تيسروا سافر معهم وإلا
فلا، أو علق سفره على حصول مطلب في الأثناء قبل بلوغ الأربعة إن
حصل يسافر وإلا فلا، نعم لو اطمأن (2) بتيسر الرفقة أو حصول المطلب
424

بحيث يتحقق معه العزم على المسافة قصر بخروجه عن محل الترخص.
(مسألة 16): مع قصد المسافة لا يعتبر اتصال السير، فيقصر وإن كان
من قصده أن يقطع الثمانية في أيام وإن كان ذلك اختيارا لا لضرورة من
عدو أو برد أو انتظار رفيق أو نحو ذلك، نعم لو كان بحيث لا يصدق
عليه اسم السفر لم يقصر (1)، كما إذا قطع في كل يوم شيئا يسيرا جدا
للتنزه أو نحوه، والأحوط (2) في هذه الصورة أيضا الجمع.
(مسألة 17): لا يعتبر في قصد المسافة أن يكون مستقلا، بل يكفي
ولو كان من جهة التبعية للغير لوجوب الطاعة (3) كالزوجة والعبد، أو
قهرا (4) كالأسير والمكره ونحوهما، أو اختيارا كالخادم ونحوه بشرط
العلم بكون قصد المتبوع مسافة، فلو لم يعلم بذلك بقي على التمام،
425

ويجب الاستخبار مع الإمكان (1) نعم في وجوب الإخبار على المتبوع
إشكال، وإن كان الظاهر عدم الوجوب.
(مسألة 18): إذا علم التابع بمفارقة المتبوع قبل بلوغ المسافة ولو
ملفقة بقي على التمام بل لو ظن ذلك فكذلك (2)، نعم لو شك في ذلك
فالظاهر القصر (3) خصوصا لو ظن العدم، لكن الأحوط في صورة الظن
426

بالمفارقة والشك فيها الجمع.
(مسألة 19): إذا كان التابع عازما على المفارقة مهما أمكنه أو معلقا
لها على حصول أمر كالعتق أو الطلاق ونحوهما فمع العلم بعدم الإمكان
وعدم حصول المعلق عليه يقصر، وأما مع ظنه فالأحوط الجمع، وإن
كان الظاهر التمام (1)، بل وكذا مع الاحتمال إلا إذا كان بعيدا (2) غايته
بحيث لا ينافي صدق قصد المسافة، ومع ذلك أيضا لا يترك الاحتياط (3).
427

(مسألة 20): إذا اعتقد التابع أن متبوعه لم يقصد المسافة أو شك في
ذلك وفي الأثناء علم أنه قاصد لها فالظاهر وجوب القصر عليه (1) وإن
428

لم يكن الباقي مسافة، لأنه إذا قصد ما قصده متبوعه فقد قصد المسافة
واقعا، فهو كما لو قصد بلدا معينا (1) واعتقد عدم بلوغه مسافة فبان في
الأثناء أنه مسافة، ومع ذلك فالأحوط الجمع (2).
(مسألة 21): لا إشكال في وجوب القصر إذا كان مكرها على السفر
أو مجبورا عليه، وأما إذا ركب على الدابة أو ألقي في السفينة من دون
اختياره بأن لم يكن له حركة سيرية (3) ففي وجوب القصر ولو مع العلم
429

بالإيصال إلى المسافة إشكال (1) وإن كان لا يخلو عن قوة (2).
الثالث: استمرار قصد المسافة فلو عدل عنه قبل بلوغ الأربعة أو
تردد أتم، وكذا إذا كان بعد بلوغ الأربعة، لكن كان عازما على عدم
العود، أو كان مترددا في أصل العود وعدمه أو كان عازما على العود
لكن بعد نية الإقامة هناك عشرة أيام، وأما إذا كان عازما على العود من
غير نية الإقامة (3) عشرة أيام فيبقى على القصر، وإن لم يرجع ليومه (4)
بل وإن بقي مترددا إلى ثلاثين يوما نعم بعد الثلاثين مترددا يتم.
(مسألة 22): يكفي في استمرار القصد بقاء قصد النوع وإن عدل عن
الشخص (5) كما لو قصد السفر إلى مكان مخصوص فعدل عنه إلى آخر
يبلغ ما مضى وما بقي إليه مسافة، فإنه يقصر حينئذ على الأصح كما أنه
يقصر لو كان من أول سفره قاصدا للنوع دون الشخص فلو قصد أحد
430

المكانين المشتركين في بعض الطريق ولم يعين من الأول أحدهما بل
أوكل التعيين إلى ما بعد الوصول إلى آخر الحد المشترك كفى في
وجوب القصر.
(مسألة 23): لو تردد في الأثناء ثم عاد إلى الجزم فإما أن يكون قبل
قطع شئ من الطريق أو بعده، ففي الصورة الأولى يبقى على القصر إذا
كان ما بقي مسافة ولو ملفقة (1)، وكذا إن لم يكن مسافة في وجه (2) لكنه
مشكل (3) فلا يترك الاحتياط بالجمع، وأما في الصورة الثانية فإن كان
431

ما بقي مسافة ولو ملفقة يقصر أيضا، وإلا فيبقى على التمام (1) نعم لو
كان ما قطعه حال الجزم أولا مع ما بقي بعد العود إلى الجزم بعد إسقاط
ما تخلل بينهما (2) مما قطعه حال التردد مسافة ففي العود إلى التقصير
وجه (3) لكنه مشكل، فلا يترك الاحتياط بالجمع (4).
(مسألة 24): ما صلاه قصرا قبل العدول عن قصده لا يجب إعادته (5)
في الوقت فضلا عن قضائه خارجه.
الرابع: أن لا يكون من قصده في أول السير أو في أثنائه إقامة
عشرة أيام قبل بلوغ الثمانية، وأن لا يكون من قصده المرور على وطنه
كذلك وإلا أتم لأن الإقامة قاطعة لحكم السفر (6) والوصول إلى الوطن
432

قاطع لنفسه، فلو كان من قصده ذلك من حين الشروع أو بعده لم يكن
قاصدا للمسافة، وكذا يتم لو كان مترددا (1) في نية الإقامة أو المرور
على الوطن قبل بلوغ الثمانية، نعم لو لم يكن ذلك من قصده ولا مترددا
فيه إلا أنه يحتمل (2) عروض مقتض لذلك في الأثناء لم يناف عزمه
على المسافة (3) فيقصر، نظير ما إذا كان عازما على المسافة إلا أنه
433

لو عرض في الأثناء مانع من لص أو عدو أو مرض أو نحو ذلك يرجع،
ويحتمل عروض ذلك فإنه لا يضر بعزمه وقصده.
(مسألة 25): لو كان حين الشروع في السفر أو في أثنائه قاصدا
للإقامة أو المرور على الوطن قبل بلوغ الثمانية لكن عدل بعد ذلك عن
قصده أو كان مترددا في ذلك وعدل عن ترديده إلى الجزم بعدم الأمرين
فإن كان ما بقي بعد العدول مسافة في نفسه أو مع التلفيق بضم الإياب
قصر، وإلا فلا، فلو كان ما بقي بعد العدول إلى المقصد أربع فراسخ،
وكان عازما على العود ولو لغير يومه قصر في الذهاب والمقصد
والإياب، بل وكذا لو كان أقل (1) من أربعة بل ولو كان فرسخا فكذلك
على الأقوى (2) من وجوب القصر في كل تلفيق من الذهاب والإياب
وعدم اعتبار (3) كون الذهاب أربعة أو أزيد كما مر (4).
434

(مسألة 26): لو لم يكن من نيته في أول السفر الإقامة أو المرور على
الوطن وقطع مقدارا من المسافة ثم بدا له ذلك قبل بلوغ الثمانية ثم
عدل عما بدا له وعزم على عدم الأمرين فهل يضم ما مضى إلى ما بقي
إذا لم يكن ما بقي بعد العدول عما بدا له مسافة فيقصر إذا كان
المجموع (1) مسافة ولو بعد إسقاط ما تخلل بين العزم الأول والعزم
الثاني إذا كان قطع بين العزمين شيئا إشكال (2) خصوصا في صورة
التخلل (3) فلا يترك الاحتياط بالجمع (4) نظير ما مر في الشرط الثالث.
435

الخامس: من الشروط أن لا يكون السفر حراما وإلا لم يقصر، سواء
كان نفسه حراما (1) كالفرار من الزحف، وإباق العبد، وسفر الزوجة بدون
إذن الزوج (2) في غير الواجب، وسفر الولد مع نهي الوالدين (3) في غير
الواجب، وكما إذا كان السفر مضرا لبدنه (4) وكما إذا نذر عدم السفر
مع رجحان تركه ونحو ذلك أو كان غايته أمرا محرما، كما إذا سافر
لقتل نفس محترمة أو للسرقة أو للزنا أو لإعانة ظالم (5) أو لأخذ مال
الناس ظلما ونحو ذلك، وأما إذا لم يكن لأجل المعصية لكن تتفق في
أثنائه مثل الغيبة وشرب الخمر والزنا ونحو ذلك مما ليس غاية للسفر
436

فلا يوجب التمام، بل يجب معه القصر والإفطار.
(مسألة 27): إذا كان السفر مستلزما لترك واجب كما إذا كان مديونا
وسافر مع مطالبة الديان وإمكان الأداء في الحضر دون السفر ونحو ذلك
فهل يوجب التمام أم لا؟ الأقوى التفصيل بين ما إذا كان لأجل التوصل
إلى ترك الواجب أو لم يكن كذلك ففي الأول يجب التمام (1) دون الثاني،
لكن الأحوط الجمع في الثاني.
(مسألة 28): إذا كان السفر مباحا لكن ركب دابة غصبية (2)
أو كان المشي في أرض مغصوبة فالأقوى فيه القصر (3)، وإن كان
437

الأحوط الجمع (1).
(مسألة 29): التابع للجائر إذا كان مجبورا أو مكرها على ذلك أو كان
قصده دفع مظلمة أو نحوها من الأغراض الصحيحة المباحة أو
الراجحة قصر، وأما إذا لم يكن كذلك بأن كان مختارا وكانت تبعيته
إعانة للجائر في جوره (2) وجب عليه التمام، وإن كان سفر الجائر طاعة
فإن التابع حينئذ يتم مع أن المتبوع يقصر.
(مسألة 30): التابع للجائر المعد نفسه لامتثال أوامره لو أمره بالسفر
فسافر امتثالا لأمره فإن عد سفره إعانة للظالم في ظلمه كان حراما،
ووجب عليه التمام وإن كان من حيث هو مع قطع النظر عن كونه إعانة
مباحا والأحوط الجمع (3) وأما إذا لم يعد إعانة (4) على الظلم فالواجب
عليه القصر (5).
438

(مسألة 31): إذا سافر للصيد فإن كان لقوته وقوت عياله قصر بل وكذا
لو كان للتجارة (1)، وإن كان الأحوط (2) فيه الجمع وإن كان لهوا كما
يستعمله أبناء الدنيا وجب عليه التمام، ولا فرق بين صيد البر والبحر
كما لا فرق بعد فرض كونه سفرا بين كونه دائرا حول البلد وبين التباعد
عنه وبين استمراره ثلاثة أيام وعدمه على الأصح.
(مسألة 32): الراجع من سفر المعصية إن كان بعد التوبة (3) يقصر وإن
كان مع عدم التوبة فلا يبعد وجوب التمام عليه (4) لكون العود جزء من
439

سفر المعصية (1)، لكن الأحوط الجمع (2) حينئذ.
(مسألة 33): إباحة السفر كما أنها شرط في الابتداء شرط في الاستدامة
أيضا، فلو كان ابتداء سفره مباحا فقصد المعصية في الأثناء انقطع
ترخصه (3) ووجب عليه الإتمام وإن كان قد قطع مسافات (4)، ولو لم
يقطع بقدر المسافة صح ما صلاه قصرا (5) فهو كما لو عدل عن السفر (6)
وقد صلى قبل عدوله قصرا حيث ذكرنا سابقا أنه لا يجب إعادتها (7)
440

وأما لو كان ابتداء سفره معصية فعدل في الأثناء إلى الطاعة فإن كان
الباقي مسافة فلا إشكال في القصر (1) وإن كانت ملفقة من الذهاب
والإياب بل وإن لم يكن الذهاب أربعة (2) على الأقوى (3) وأما إذا لم
يكن مسافة ولو ملفقة فالأحوط الجمع (4) بين القصر والتمام، وإن كان
441

الأقوى القصر (1) بعد كون مجموع ما نواه (2) بقدر المسافة ولو ملفقة، فإن
المدار على حال العصيان والطاعة فما دام عاصيا يتم وما دام مطيعا
442

يقصر من غير نظر إلى كون البقية مسافة أو لا.
(مسألة 34): لو كانت غاية السفر ملفقة من الطاعة والمعصية فمع
استقلال داعي المعصية لا إشكال في وجوب التمام (1)، سواء كان داعي
الطاعة أيضا مستقلا أو تبعا، وأما إذا كان داعي الطاعة مستقلا وداعي
المعصية تبعا (2) أو كان بالاشتراك ففي المسألة وجوه (3) والأحوط
الجمع (4) وإن كان لا يبعد وجوب التمام (5) خصوصا في صورة الاشتراك
بحيث لولا اجتماعهما لا يسافر.
(مسألة 35): إذا شك في كون السفر معصية أو لا مع كون الشبهة
موضوعية فالأصل الإباحة (6) إلا إذا كانت الحالة السابقة هي الحرمة،
443

أو كان هناك أصل موضوعي كما إذا كانت الحلية مشروطة بأمر وجودي
كإذن المولى وكان مسبوقا بالعدم أو كان الشك في الإباحة والعدم من
جهة الشك في حرمة الغاية وعدمها وكان الأصل فيها الحرمة (1).
(مسألة 36): هل المدار في الحلية والحرمة على الواقع أو الاعتقاد
أو الظاهر من جهة الأصول إشكال (2)، فلو اعتقد كون السفر حراما
بتخيل أن الغاية محرمة فبان خلافه كما إذا سافر لقتل شخص بتخيل
أنه محقون الدم فبان كونه مهدور الدم فهل يجب عليه إعادة ما صلاه
تماما أو لا، ولو لم يصل وصارت قضاء فهل يقضيها قصرا أو تماما؟
وجهان والأحوط الجمع (3) وإن كان لا يبعد كون المدار على الواقع (4)
444

إذا لم نقل بحرمة التجري، وعلى الاعتقاد (1) إن قلنا بها (2)، وكذا لو كان
مقتضى الأصل العملي الحرمة وكان الواقع خلافه أو العكس فهل المناط
ما هو في الواقع أو مقتضى الأصل بعد كشف الخلاف؟ وجهان (3)،
والأحوط (4) الجمع وإن كان لا يبعد كون المناط هو الظاهر الذي اقتضاه
الأصل إباحة (5) أو حرمة.
(مسألة 37): إذا كانت الغاية المحرمة في أثناء الطريق لكن كان السفر
إليه مستلزما لقطع مقدار آخر (6) من المسافة فالظاهر أن المجموع يعد
445

من سفر المعصية (1) بخلاف ما إذا لم يستلزم.
(مسألة 38): السفر بقصد مجرد التنزه ليس بحرام ولا يوجب التمام.
(مسألة 39): إذا نذر (2) أن يتم الصلاة في يوم معين أو يصوم يوما
معينا وجب عليه الإقامة (3)، ولو سافر وجب عليه القصر على ما مر من
أن السفر المستلزم لترك واجب لا يوجب التمام إلا إذا كان (4) بقصد
446

التوصل (1) إلى ترك الواجب، والأحوط الجمع (2).
(مسألة 40): إذا كان سفره مباحا لكن يقصد الغاية المحرمة في حواشي
الجادة فيخرج عنها لمحرم ويرجع إلى الجادة، فإن كان السفر لهذا الغرض
كان محرما موجبا للتمام، وإن لم يكن لذلك وإنما يعرض له قصد ذلك
في الأثناء فما دام خارجا عن الجادة يتم (3) وما دام عليها يقصر (4)
447

كما أنه إذا كان السفر لغاية محرمة وفي أثنائه يخرج عن الجادة
ويقطع المسافة أو أقل (1) لغرض آخر صحيح يقصر ما دام خارجا (2)
448

والأحوط (1) الجمع في الصورتين.
(مسألة 41): إذا قصد مكانا لغاية محرمة فبعد الوصول إلى
المقصد قبل حصول الغرض يتم، وأما بعده فحاله حال العود عن
سفر المعصية (2) في أنه لو تاب يقصر، ولو لم يتب يمكن القول
بوجوب التمام (3) لعد المجموع سفرا واحدا، والأحوط الجمع (4) هنا
وإن قلنا بوجوب القصر في العود بدعوى عدم عده مسافرا قبل
449

أن يشرع في العود (1).
(مسألة 42): إذا كان السفر لغاية لكن عرض في أثناء الطريق قطع
مقدار من المسافة (2) لغرض محرم منضما إلى الغرض الأول فالظاهر
وجوب التمام في ذلك المقدار (3) من المسافة لكون الغاية في ذلك
المقدار ملفقة من الطاعة والمعصية، والأحوط الجمع خصوصا إذا
لم يكن الباقي مسافة (4).
450

(مسألة 43): إذا كان السفر في الابتداء معصية فقصد الصوم ثم عدل
في الأثناء إلى الطاعة فإن كان العدول قبل الزوال وجب الإفطار (1) وإن
كان بعده ففي صحة الصوم ووجوب إتمامه إذا كان في شهر رمضان
مثلا وجهان (2) والأحوط (3) الإتمام والقضاء ولو انعكس بأن كان طاعة
في الابتداء وعدل إلى المعصية في الأثناء فإن لم يأت بالمفطر وكان
قبل الزوال صح صومه (4) والأحوط (5) قضاؤه أيضا، وإن كان بعد الإتيان
451

بالمفطر أو بعد الزوال بطل والأحوط (1) إمساك بقية النهار تأدبا إن كان
من شهر رمضان.
(مسألة 44): يجوز في سفر المعصية الإتيان بالصوم الندبي (2) ولا
يسقط عنه الجمعة ولا نوافل النهار والوتيرة فيجري عليه حكم الحاضر.
السادس: من الشرائط أن لا يكون ممن بيته معه كأهل البوادي من
العرب والعجم الذين لا مسكن لهم معينا (3)، بل يدورون في البراري
وينزلون في محل العشب والكلاء ومواضع القطر واجتماع الماء لعدم
صدق المسافر عليهم، نعم لو سافروا لمقصد آخر من حج أو زيارة
أو نحوهما قصروا (4) ولو سافر أحدهم لاختيار منزل أو لطلب محل
452

القطر أو العشب وكان مسافة ففي وجوب القصر أو التمام عليه إشكال (1)
فلا يترك الاحتياط بالجمع (2).
السابع: أن لا يكون ممن اتخذ السفر عملا وشغلا له كالمكاري
والجمال والملاح (3) والساعي والراعي ونحوهم، فإن هؤلاء يتمون
الصلاة والصوم في سفرهم الذي هو عمل لهم وإن استعملوه لأنفسهم
كحمل المكاري متاعه أو أهله من مكان إلى مكان آخر، ولا فرق بين
من كان عنده بعض الدواب يكريها إلى الأماكن القريبة (4) من بلاده
فكراها إلى غير ذلك من البلدان البعيدة وغيره، وكذا لا فرق بين من جد
453

في سفره بأن جعل المنزلين منزلا واحدا، وبين من لم يكن كذلك،
والمدار على صدق اتخاذ السفر عملا له عرفا، ولو كان في سفرة
واحدة (1) لطولها وتكرر ذلك منه من مكان غير بلده إلى مكان آخر
فلا يعتبر تحقق الكثرة بتعدد (2) السفر ثلاث مرات أو مرتين، فمع الصدق
في أثناء السفر (3) الواحد أيضا يلحق الحكم وهو وجوب الإتمام، نعم
إذا لم يتحقق الصدق إلا بالتعدد يعتبر ذلك.
(مسألة 45): إذا سافر المكاري ونحوه ممن شغله السفر سفرا ليس
من عمله كما إذا سافر للحج أو الزيارة يقصر (4)، نعم لو حج أو زار
لكن من حيث إنه عمله كما إذا كرى دابته للحج أو الزيارة وحج أو زار
بالتبع أتم.
(مسألة 46): الظاهر وجوب القصر على الحملدارية (5) الذين يستعملون
454

السفر في خصوص أشهر الحج، بخلاف من كان متخذا ذلك عملا له في
تمام السنة كالذين يكرون دوابهم من الأمكنة البعيدة ذهابا وإيابا على
وجه يستغرق ذلك تمام السنة أو معظمها فإنه يتم حينئذ (1).
(مسألة 47): من كان شغله المكاراة في الصيف دون الشتاء أو
بالعكس الظاهر وجوب التمام عليه (2) ولكن الأحوط الجمع.
(مسألة 48): من كان التردد إلى ما دون المسافة عملا له كالحطاب
ونحوه قصر إذا سافر ولو للاحتطاب إلا إذا كان يصدق عليه المسافر
عرفا (3) وإن لم يكن بحد المسافة الشرعية (4) فإنه يمكن (5) أن يقال
455

بوجوب التمام (1) عليه إذا سافر بحد المسافة خصوصا فيما هو شغله
من الاحتطاب مثلا.
(مسألة 49): يعتبر في استمرار من شغله السفر على التمام أن لا يقيم
في بلده أو غيره عشرة أيام (2)، وإلا انقطع حكم عملية السفر وعاد إلى
القصر في السفرة الأولى خاصة دون الثانية (3) فضلا عن الثالثة، وإن كان
الأحوط (4) الجمع فيهما، ولا فرق في الحكم المزبور بين المكاري
والملاح والساعي (5) وغيرهم ممن عمله السفر أما إذا أقام أقل من
456

عشرة أيام بقي على التمام، وإن كان الأحوط مع إقامة الخمسة الجمع (1)
ولا فرق في الإقامة في بلده عشرة بين أن تكون منوية أو لا، بل وكذا
في غير بلده (2) أيضا، فمجرد البقاء عشرة يوجب العود إلى القصر،
ولكن الأحوط (3) مع الإقامة في غير بلده بلا نية، الجمع في السفر
457

الأول (1) بين القصر والتمام.
(مسألة 50): إذا لم يكن شغله وعمله السفر لكن عرض له عارض
فسافر أسفارا عديدة لا يلحقه حكم وجوب التمام، سواء كان كل سفرة
بعد سابقها اتفاقيا، أو كان من الأول قاصدا لأسفار عديدة، فلو كان له
طعام أو شئ آخر في بعض مزارعه أو بعض القرى وأراد أن يجلبه إلى
البلد فسافر ثلاث مرات أو أزيد بدوابه أو بدواب الغير لا يجب عليه
التمام، وكذا إذا أراد أن ينتقل من مكان إلى مكان فاحتاج إلى أسفار
متعددة في حمل أثقاله وأحماله.
(مسألة 51): لا يعتبر فيمن شغله السفر اتحاد كيفيات وخصوصيات
أسفاره من حيث الطول والقصر، ومن حيث الحمولة، ومن حيث نوع
الشغل، فلو كان يسافر إلى الأمكنة القريبة فسافر إلى البعيدة، أو كانت
دوابه الحمير فبدل بالبغال أو الجمال أو كان مكاريا (2) فسار ملاحا أو
بالعكس يلحقه الحكم، وإن أعرض عن أحد النوعين إلى الآخر أو لفق
من النوعين، نعم لو كان شغله المكاراة فاتفق أنه ركب السفينة للزيارة
أو بالعكس قصر (3)، لأنه سفر في غير عمله. بخلاف ما ذكرنا أولا، فإنه
458

مشتغل بعمل السفر، غاية الأمر أنه تبدل خصوصية الشغل إلى
خصوصية أخرى. فالمناط هو الاشتغال بالسفر وإن اختلف نوعه.
(مسألة 52): السائح في الأرض الذي لم يتخذ وطنا منها يتم،
والأحوط الجمع.
(مسألة 53): الراعي الذي ليس له مكان مخصوص يتم (1).
(مسألة 54): التاجر الذي يدور في تجارته يتم.
(مسألة 55): من سافر معرضا عن وطنه لكنه لم يتخذ وطنا غيره
يقصر (2).
(مسألة 56): من كان في أرض واسعة قد اتخذها مقرا إلا أنه كل سنة
459

مثلا في مكان منها، يقصر إذا سافر (1) عن مقر سنته.
(مسألة 57): إذا شك في أنه أقام في منزله أو بلد آخر عشرة أيام
أو أقل بقي على التمام.
الثامن: الوصول إلى حد الترخص، وهو المكان الذي يتوارى عنه
جدران بيوت البلد (2) ويخفى عنه أذانه، ويكفي تحقق أحدهما مع عدم
العلم بعدم تحقق الآخر، وأما مع العلم بعدم تحققه فالأحوط
اجتماعهما (3)، بل الأحوط (4) مراعاة اجتماعهما مطلقا، فلو تحقق
460

أحدهما دون الآخر إما يجمع بين القصر والتمام، وإما يؤخر الصلاة إلى
أن يتحقق الآخر، وفي العود (1) عن السفر أيضا ينقطع حكم القصر إذا
وصل إلى حد الترخص من وطنه أو محل إقامته (2) وإن كان الأحوط (3)
تأخير الصلاة إلى الدخول في منزله، أو الجمع بين القصر والتمام إذا
صلى قبله بعد الوصول إلى الحد.
(مسألة 58): المناط في خفاء الجدران خفاء جدران البيوت (4)
لا خفاء الأعلام والقباب والمنارات، بل ولا خفاء سور البلد إذا كان له
سور، ويكفي خفاء صورها وأشكالها وإن لم يخف (5) أشباحها.
461

(مسألة 59): إذا كان البلد في مكان مرتفع بحيث يرى من بعيد يقدر
كونه في الموضع المستوي، كما أنه إذا كان في موضع منخفض يخفى
بيسير من السير أو كان هناك حائل يمنع عن رؤيته كذلك يقدر في
الموضع المستوي، وكذا إذا كانت البيوت على خلاف المعتاد من حيث
العلو والانخفاض فإنها ترد إليه لكن الأحوط (1) خفاؤها مطلقا، وكذا إذا
كانت على مكان مرتفع فإن الأحوط خفاؤها مطلقا.
(مسألة 60): إذا لم يكن هناك بيوت ولا جدران يعتبر التقدير (2) نعم
في بيوت الأعراب ونحوهم ممن لا جدران لبيوتهم يكفي (3) خفاؤها
ولا يحتاج إلى تقدير الجدران.
(مسألة 61): الظاهر في خفاء الأذان كفاية عدم تميز فصوله (4) وإن
كان الأحوط (5) اعتبار خفاء مطلق الصوت حتى المتردد بين كونه أذانا
462

أو غيره فضلا عن المتميز (1) كونه أذانا مع عدم تميز فصوله.
(مسألة 62): الظاهر عدم اعتبار (2) كون الأذان في آخر البلد في ناحية
المسافر في البلاد الصغيرة والمتوسطة، بل المدار (3) أذانها وإن كان في
وسط البلد على مأذنة مرتفعة، نعم في البلاد الكبيرة (4) يعتبر كونه في
أواخر البلد (5) من ناحية المسافر.
463

(مسألة 63): يعتبر كون الأذان على مرتفع معتاد في أذان ذلك البلد
ولو منارة غير خارجة عن المتعارف في العلو.
(مسألة 64): المدار في عين الرائي وأذن السامع على المتوسط في
الرؤية والسماع في الهواء الخالي عن الغبار والريح ونحوهما من الموانع
عن الرؤية أو السماع فغير المتوسط يرجع إليه، كما أن الصوت الخارق
في العلو يرد إلى المعتاد المتوسط.
(مسألة 65): الأقوى عدم اختصاص اعتبار حد الترخص بالوطن (1)
فيجري في محل الإقامة (2) أيضا بل وفي المكان الذي بقي فيه ثلاثين
464

يوما مترددا، وكما لا فرق في الوطن بين ابتداء السفر والعود عنه في
اعتبار حد الترخص، كذلك في محل الإقامة (1)، فلو وصل في سفره إلى
حد الترخص من مكان عزم على الإقامة فيه ينقطع حكم السفر (2)،
ويجب عليه أن يتم، وإن كان الأحوط (3) التأخير إلى الوصول إلى المنزل
كما في الوطن، نعم لا يعتبر حد الترخص في غير الثلاثة كما إذا ذهب
لطلب الغريم أو الآبق بدون قصد المسافة، ثم في الأثناء قصدها (4) فإنه
يكفي فيه الضرب في الأرض.
(مسألة 66): إذا شك في البلوغ إلى حد الترخص بنى على عدمه (5)
465

فيبقى على التمام في الذهاب وعلى القصر في الإياب (1).
(مسألة 67): إذا كان في السفينة أو العربة فشرع في الصلاة قبل حد
الترخص بنية التمام ثم في الأثناء وصل إليه، فإن كان قبل الدخول في
قيام الركعة الثالثة أتمها قصرا (2) وصحت، بل وكذا إذا دخل (3) فيه قبل
الدخول في الركوع، وإن كان بعده فيحتمل وجوب الإتمام (4) لأن الصلاة
على ما افتتحت لكنه مشكل فلا يترك الاحتياط بالإعادة قصرا (5)
466

أيضا، وإذا شرع في الصلاة في حال العود قبل الوصول إلى الحد بنية
القصر ثم في الأثناء وصل إليه أتمها تماما وصحت، والأحوط في
وجه (1) إتمامها قصرا ثم إعادتها تماما.
(مسألة 68): إذا اعتقد الوصول إلى الحد فصلى قصرا ثم بان أنه لم
يصل إليه وجبت الإعادة أو القضاء تماما (2)، وكذا في العود إذا صلى
467

تماما باعتقاد الوصول فبان عدمه وجبت الإعادة أو القضاء قصرا (1)
وفي عكس الصورتين بأن اعتقد عدم الوصول فبان الخلاف ينعكس
الحكم فيجب الإعادة قصرا في الأولى وتماما في الثانية.
(مسألة 69): إذا سافر من وطنه وجاز عن حد الترخص ثم في أثناء
الطريق وصل إلى ما دونه إما لاعوجاج الطريق أو لأمر آخر كما
إذا رجع لقضاء حاجة أو نحو ذلك فما دام هناك يجب عليه التمام (2)
وإذا جاز عنه بعد ذلك وجب عليه القصر إذا كان الباقي مسافة (3)، وأما
468

إذا سافر من محل الإقامة وجاز عن الحد ثم وصل إلى ما دونه أو رجع
في الأثناء لقضاء حاجة (1) بقي على التقصير، وإذا صلى في الصورة
الأولى بعد الخروج عن حد الترخص قصرا ثم وصل إلى ما دونه
فإن كان بعد بلوغ المسافة فلا إشكال في صحة صلاته، وأما إن كان
قبل ذلك فالأحوط (2) وجوب الإعادة، وإن كان يحتمل الإجزاء (3)
469

إلحاقا له بما لو صلى ثم بدا له في السفر قبل بلوغ المسافة.
(مسألة 70): في المسافة الدورية حول البلد (1) دون حد الترخص في
تمام الدور أو بعضه (2) مما لم يكن الباقي قبله أو بعده مسافة يتم
الصلاة (3).
470

فصل
في قواطع السفر موضوعا أو حكما
وهي أمور:
أحدها: الوطن (1) فإن المرور عليه قاطع للسفر وموجب للتمام ما دام
فيه أو في ما دون حد الترخص منه، ويحتاج في العود إلى القصر بعده
إلى قصد مسافة جديدة ولو ملفقة مع التجاوز عن حد الترخص، والمراد
به المكان الذي اتخذه مسكنا (2) ومقرا له دائما (3) بلدا كان أو قرية
471

أو غيرهما، سواء كان مسكنا لأبيه وأمه ومسقط رأسه أو غيره مما
استجده، ولا يعتبر فيه بعد الاتخاذ المزبور حصول ملك له فيه، نعم
يعتبر فيه الإقامة فيه (1) بمقدار يصدق عليه عرفا أنه وطنه، والظاهر أن
الصدق المذكور (2) يختلف بحسب الأشخاص والخصوصيات، فربما
يصدق بالإقامة فيه بعد القصد المزبور شهرا أو أقل، فلا يشترط الإقامة
ستة أشهر (3) وإن كان أحوط (4) فقبله يجمع بين القصر والتمام إذا لم ينو
إقامة عشرة أيام.
(مسألة 1): إذا أعرض عن وطنه الأصلي أو المستجد وتوطن في
غيره فإن لم يكن له فيه ملك أصلا أو كان ولم يكن قابلا للسكنى كما
472

إذا كان له فيه نخلة أو نحوها أو كان قابلا له ولكن لم يسكن فيه ستة
أشهر بقصد التوطن الأبدي يزول عنه حكم الوطنية، فلا يوجب المرور
عليه قطع حكم السفر، وأما إذا كان له فيه ملك قد سكن فيه بعد اتخاذه
وطنا له دائما ستة أشهر فالمشهور (1) على أنه بحكم الوطن العرفي وإن
أعرض عنه (2) إلى غيره، ويسمونه بالوطن الشرعي ويوجبون عليه
التمام إذا مر عليه ما دام بقاء ملكه فيه، لكن الأقوى عدم جريان حكم
الوطن عليه بعد الإعراض، فالوطن الشرعي غير ثابت، وإن كان
الأحوط الجمع بين إجراء حكم الوطن وغيره عليه فيجمع فيه بين
القصر والتمام إذا مر عليه ولم ينو إقامة عشرة أيام، بل الأحوط الجمع
إذا كان له نخلة أو نحوها مما هو غير قابل للسكنى وبقي فيه بقصد
التوطن ستة أشهر، بل وكذا إذا لم يكن سكناه بقصد التوطن بل بقصد
التجارة مثلا (3).
(مسألة 2): قد عرفت عدم ثبوت الوطن الشرعي وأنه منحصر في
العرفي فنقول: يمكن تعدد الوطن العرفي بأن يكون له منزلان في بلدين
أو قريتين من قصده السكنى فيهما أبدا في كل منهما مقدارا من السنة،
473

بأن يكون له زوجتان، مثلا كل واحدة في بلدة يكون عند كل واحدة
ستة أشهر (1) أو بالاختلاف، بل يمكن (2) الثلاثة أيضا، بل لا يبعد
الأزيد (3) أيضا.
(مسألة 3): لا يبعد أن يكون الولد تابعا لأبويه أو أحدهما في
الوطن ما لم يعرض بعد بلوغه عن مقرهما (4) وإن لم يلتفت بعد بلوغه
إلى التوطن فيه أبدا فيعد وطنهما وطنا له أيضا إلا إذا قصد الإعراض (5)
عنه سواء كان وطنا أصليا لهما ومحلا لتولده أو وطنا مستجدا لهما،
كما إذا أعرضا عن وطنهما الأصلي واتخذا مكانا آخر وطنا لهما وهو
474

معهما قبل بلوغه ثم صار بالغا (1) وأما إذا أتيا بلدة أو قرية وتوطنا فيها
وهو معهما مع كونه بالغا (2) فلا يصدق وطنا له إلا مع قصده بنفسه (3).
(مسألة 4): يزول حكم الوطنية بالإعراض والخروج، وإن لم يتخذ
بعد وطنا آخر، فيمكن أن يكون بلا وطن مدة مديدة.
(مسألة 5): لا يشترط في الوطن إباحة المكان الذي فيه، فلو غصب
دارا في بلد وأراد السكنى فيها أبدا يكون وطنا له، وكذا إذا كان بقاؤه
في بلد حراما عليه من جهة (4) كونه قاصدا لارتكاب حرام أو كان
منهيا عنه من أحد والديه أو نحو ذلك.
(مسألة 6): إذا تردد بعد العزم على التوطن أبدا فإن كان قبل أن
يصدق عليه الوطن عرفا بأن لم يبق في ذلك المكان بمقدار الصدق
475

فلا إشكال في زوال الحكم وإن لم يتحقق الخروج والإعراض، بل وكذا
إن كان بعد الصدق في الوطن المستجد (1) وأما في الوطن الأصلي إذا
تردد في البقاء فيه وعدمه ففي زوال حكمه قبل الخروج والإعراض
إشكال (2) لاحتمال صدق الوطنية (3) ما لم يعزم على العدم (4)، فالأحوط
476

الجمع بين الحكمين.
(مسألة 7): ظاهر كلمات العلماء رضوان الله عليهم اعتبار قصد التوطن
أبدا في صدق الوطن العرفي (1)، فلا يكفي العزم على السكنى إلى مدة
مديدة كثلاثين سنة أو أزيد، لكنه مشكل (2) فلا يبعد الصدق العرفي (3)
477

بمثل ذلك والأحوط (1) في مثله إجراء الحكمين بمراعاة الاحتياط.
الثاني: من قواطع السفر العزم على إقامة عشرة أيام متواليات (2) في
مكان واحد من بلد أو قرية أو مثل بيوت الأعراب أو فلاة من الأرض
أو العلم بذلك وإن كان لا عن اختيار (3) ولا يكفي الظن بالبقاء فضلا عن
الشك والليالي المتوسطة داخلة بخلاف الليلة الأولى (4) والأخيرة،
فيكفي عشرة أيام وتسع ليال، ويكفي تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخر
على الأصح، فلو نوى المقام عند الزوال من اليوم الأول إلى الزوال من
اليوم الحادي عشر كفى، ويجب عليه الإتمام، وإن كان الأحوط الجمع،
ويشترط وحدة محل الإقامة، فلو قصد الإقامة في أمكنة متعددة عشرة
478

أيام لم ينقطع حكم السفر، كأن عزم على الإقامة في النجف والكوفة
أو في الكاظمين وبغداد، أو عزم على الإقامة في رستاق من قرية إلى
قرية من غير عزم على الإقامة في واحدة منها عشرة أيام، ولا يضر
بوحدة المحل فصل مثل الشط بعد كون المجموع بلدا واحدا كجانبي
الحلة وبغداد ونحوهما، ولو كان البلد خارجا عن المتعارف في الكبر
فاللازم قصد الإقامة في المحلة منه إذا كانت المحلات منفصلة،
بخلاف ما إذا كانت متصلة إلا إذا كان كبيرا جدا (1) بحيث لا يصدق
وحدة المحل، وكان كنية الإقامة في رستاق مشتمل على القرى مثل
قسطنطنية (2) ونحوها.
(مسألة 8): لا يعتبر في نية الإقامة (3) قصد عدم الخروج عن خطة
سور البلد على الأصح، بل لو قصد حال نيتها الخروج إلى بعض
479

بساتينها ومزارعها ونحوها من حدودها مما لا ينافي صدق اسم الإقامة
في البلد عرفا جرى عليه حكم المقيم حتى إذا كان من نيته الخروج (1)
عن حد الترخص، بل إلى ما دون الأربعة إذا كان قاصدا للعود عن
قريب بحيث لا يخرج عن صدق الإقامة في ذلك المكان عرفا، كما إذا
كان من نيته الخروج نهارا والرجوع قبل الليل (2).
480

(مسألة 9): إذا كان محل الإقامة برية قفراء لا يجب التضييق في
دائرة المقام، كما لا يجوز التوسيع كثيرا بحيث يخرج عن صدق وحدة
المحل، فالمدار على صدق الوحدة عرفا، وبعد ذلك لا ينافي الخروج (1)
عن ذلك المحل إلى أطرافه بقصد العود إليه، وإن كان إلى الخارج عن
حد الترخص بل إلى ما دون الأربعة كما ذكرنا في البلد (2)، فجواز نية
الخروج (3) إلى ما دون الأربعة لا يوجب جواز توسيع محل الإقامة
481

كثيرا، فلا يجوز جعل محلها مجموع ما دون الأربعة بل يؤخذ على
المتعارف وإن كان يجوز التردد إلى ما دون الأربعة على وجه لا يضر
بصدق الإقامة فيه.
(مسألة 10): إذا علق الإقامة على أمر مشكوك الحصول لا يكفي، بل
وكذا لو كان مظنون الحصول فإنه ينافي العزم على البقاء المعتبر فيها
نعم لو كان عازما على البقاء لكن احتمل (1) حدوث المانع لا يضر.
(مسألة 11): المجبور على الإقامة عشرا والمكره عليها يجب عليه
التمام، وإن كان من نيته الخروج على فرض رفع الجبر والإكراه، لكن
بشرط أن يكون عالما بعدم (2) ارتفاعهما وبقائه عشرة أيام كذلك.
(مسألة 12): لا تصح نية الإقامة في بيوت الأعراب ونحوها ما لم
يطمئن بعدم الرحيل (3) عشرة أيام إلا إذا عزم على المكث بعد رحلتهم
482

إلى تمام العشرة.
(مسألة 13): الزوجة والعبد إذا قصدا المقام بمقدار ما قصده الزوج
والسيد والمفروض أنهما قصدا العشرة لا يبعد (1) كفايته في تحقق
الإقامة بالنسبة إليهما وإن لم يعلما حين القصد أن مقصد الزوج والسيد
هو العشرة، نعم قبل العلم بذلك عليهما التقصير ويجب عليهما التمام (2)
483

بعد الاطلاع وإن لم يبق إلا يومين أو ثلاثة فالظاهر وجوب الإعادة
أو القضاء عليهما بالنسبة إلى ما مضى مما صليا قصرا، وكذا الحال
إذا قصد المقام بمقدار ما قصده رفقاؤه وكان مقصدهم العشرة فالقصد
الإجمالي كاف (1) في تحقق الإقامة، لكن الأحوط (2) الجمع في
الصورتين بل لا يترك الاحتياط.
(مسألة 14): إذا قصد المقام إلى آخر الشهر مثلا وكان عشرة كفى وإن
لم يكن عالما به حين القصد (3) بل وإن كان عالما بالخلاف، لكن
الأحوط (4) في هذه المسألة أيضا الجمع بين القصر والتمام بعد العلم
484

بالحال لاحتمال اعتبار العلم (1) حين القصد.
(مسألة 15): إذا عزم على إقامة العشرة ثم عدل من قصده فإن كان
صلى مع العزم المذكور رباعية بتمام بقي على التمام ما دام في ذلك
المكان، وإن لم يصل أصلا أو صلى مثل الصبح والمغرب أو شرع في
الرباعية لكن لم يتمها، وإن دخل في ركوع الركعة الثالثة (2) رجع إلى
القصر، وكذا لو أتى بغير الفريضة الرباعية مما لا يجوز فعله للمسافر
كالنوافل والصوم ونحوهما، فإنه يرجع إلى القصر مع العدول، نعم الأولى
الاحتياط (3) مع الصوم إذا كان العدول عن قصده بعد الزوال وكذا لو كان
العدول في أثناء الرباعية بعد الدخول في ركوع الركعة الثالثة، بل بعد
القيام إليها وإن لم يركع بعد.
(مسألة 16): إذا صلى رباعية بتمام بعد العزم على الإقامة لكن
مع الغفلة عن إقامته ثم عدل فالظاهر كفايته في البقاء على التمام،
وكذا لو صلاها تماما لشرف البقعة (4) كمواطن التخيير ولو مع
485

الغفلة (1) عن الإقامة وإن كان الأحوط (2) الجمع بعد العدول حينئذ، وكذا
في الصورة الأولى.
(مسألة 17): لا يشترط في تحقق الإقامة كونه مكلفا بالصلاة فلو
نوى الإقامة وهو غير بالغ ثم بلغ في أثناء العشرة وجب عليه التمام في
بقية الأيام، وإذا أراد التطوع بالصلاة قبل البلوغ يصلي تماما، وكذا إذا
نواها وهو مجنون إذا كان ممن يتحقق منه القصد أو نواها حال الإفاقة
ثم جن ثم أفاق وكذا إذا كانت حائضا حال النية فإنها تصلي ما بقي بعد
الطهر من العشرة تماما، بل إذا كانت حائضا تمام العشرة يجب عليها
التمام ما لم تنشئ سفرا (3).
486

(مسألة 18): إذا فاتته الرباعية بعد العزم على الإقامة ثم عدل عنها بعد
الوقت فإن كانت مما يجب قضاؤها وأتى بالقضاء تماما ثم عدل
فالظاهر كفايته في البقاء على التمام (1) وأما إن عدل قبل إتيان قضائها
أيضا فالظاهر العود إلى القصر وعدم كفاية استقرار القضاء عليه تماما،
وإن كان الأحوط الجمع (2) حينئذ ما دام لم يخرج، وإن كانت مما لا
يجب قضاؤه كما إذا فاتت لأجل الحيض أو النفاس ثم عدلت عن النية
قبل إتيان صلاة تامة رجعت إلى القصر فلا يكفي مضي وقت الصلاة في
البقاء على التمام.
(مسألة 19): العدول عن الإقامة قبل الصلاة تماما قاطع لها من حينه،
وليس كاشفا عن عدم تحققها من الأول، فلو فاتته حال العزم عليها
صلاة أو صلوات أيام ثم عدل قبل أن يصلي صلاة واحدة بتمام يجب
عليه قضاؤها تماما، وكذا إذا صام يوما أو أياما حال العزم عليها ثم
عدل قبل أن يصلي صلاة واحدة بتمام فصيامه صحيح، نعم لا يجوز له
الصوم بعد العدول (3) لأن المفروض انقطاع الإقامة بعده (4).
487

(مسألة 20): لا فرق في العدول عن قصد الإقامة بين أن يعزم على
عدمها أو يتردد فيها في أنه لو كان بعد الصلاة تماما بقي على التمام (1)،
ولو كان قبله رجع إلى القصر.
(مسألة 21): إذا عزم على الإقامة فنوى الصوم ثم عدل بعد الزوال
قبل الصلاة تماما رجع إلى القصر (2) في صلاته، لكن صوم ذلك اليوم
صحيح (3) لما عرفت من أن العدول قاطع من حينه لا كاشف، فهو كمن
صام ثم سافر (4) بعد الزوال.
488

(مسألة 22): إذا تمت العشرة لا يحتاج في البقاء على التمام إلى إقامة
جديدة، بل إذا تحققت بإتيان رباعية تامة كذلك، فما دام لم ينشئ سفرا
جديدا يبقى على التمام (1).
(مسألة 23): كما أن الإقامة موجبة للصلاة تماما ولوجوب أو جواز
الصوم كذلك موجبة لاستحباب النوافل الساقطة حال السفر ولوجوب
الجمعة ونحو ذلك من أحكام الحاضر.
(مسألة 24): إذا تحققت الإقامة (2) وتمت العشرة (3) أولا وبدا للمقيم
الخروج إلى ما دون المسافة ولو ملفقة فللمسألة صور:
الأولى (4): أن يكون عازما على العود إلى محل الإقامة واستئناف
489

إقامة عشرة أخرى، وحكمه وجوب التمام في الذهاب والمقصد
والإياب ومحل الإقامة الأولى وكذا إذا كان عازما على الإقامة في غير
محل الإقامة الأولى مع عدم كون ما بينهما مسافة.
الثانية (1): أن يكون عازما على عدم العود إلى محل الإقامة، وحكمه
490

وجوب القصر إذا كان (1) ما بقي من محل إقامته إلى مقصده مسافة،
أو كان مجموع ما بقي مع العود إلى بلده أو بلد آخر مسافة (2)، ولو كان
ما بقي أقل من أربعة (3) على الأقوى من كفاية التلفيق (4) ولو كان
491

الذهاب أقل (1) من أربعة.
الثالثة (2): أن يكون عازما على العود إلى محل الإقامة من دون قصد
إقامة مستأنفة (3)، لكن من حيث إنه منزل من منازله في سفره الجديد،
وحكمه وجوب القصر أيضا في الذهاب (4) والمقصد ومحل الإقامة.
492

الرابعة: أن يكون عازما على العود إليه من حيث إنه محل إقامته،
بأن لا يكون حين الخروج معرضا عنه، بل أراد قضاء حاجة في
خارجه والعود إليه ثم إنشاء السفر منه ولو بعد يومين أو يوم بل أو أقل
والأقوى في هذه الصورة البقاء على التمام (1) في الذهاب والمقصد
والإياب ومحل الإقامة ما لم ينشئ سفرا، وإن كان الأحوط (2) الجمع
في الجميع خصوصا في الإياب ومحل الإقامة.
الخامسة: أن يكون عازما على العود إلى محل الإقامة لكن مع
التردد في الإقامة بعد العود وعدمها، وحكمه أيضا وجوب التمام
والأحوط الجمع كالصورة الرابعة.
السادسة: أن يكون عازما على العود مع الذهول عن الإقامة وعدمها (3)،
493

وحكمه أيضا وجوب التمام (1) والأحوط الجمع كالسابقة (2).
السابعة: أن يكون مترددا في العود وعدمه أو ذاهلا عنه (3) ولا يترك
الاحتياط بالجمع فيه (4) في الذهاب والمقصد والإياب ومحل الإقامة
494

إذا عاد إليه إلى أن يعزم على الإقامة أو ينشئ السفر، ولا فرق في الصور
التي قلنا فيها بوجوب التمام بين أن يرجع إلى محل الإقامة في يومه
أو ليلته أو بعد أيام (1) هذا كله إذا بدا له الخروج إلى ما دون المسافة بعد
العشرة أو في أثنائها بعد تحقق الإقامة (2) وأما إذا كان من عزمه الخروج
في حال نية الإقامة فقد مر أنه إن كان من قصده الخروج والعود عما
قريب وفي ذلك اليوم من غير أن يبيت خارجا عن محل الإقامة فلا
يضر (3) بقصد إقامته ويتحقق معه، فيكون حاله بعد ذلك حال من بدا له،
495

وأما إن كان من قصده الخروج (1) إلى ما دون المسافة في ابتداء نيته مع
البيتوتة هناك ليلة أو أزيد فيشكل معه تحقق الإقامة (2): والأحوط
الجمع (3) من الأول إلى الآخر إلا إذا نوي الإقامة بدون القصد المذكور
جديدا أو يخرج مسافرا.
(مسألة 25): إذا بدا للمقيم السفر ثم بدا له العود إلى محل الإقامة
والبقاء عشرة أيام فإن كان ذلك بعد بلوغ أربعة فراسخ قصر في الذهاب
والمقصد والعود، وإن كان قبله فيقصر حال الخروج بعد التجاوز عن حد
الترخص إلى حال العزم على العود، ويتم عند العزم عليه، ولا يجب
عليه قضاء ما صلى (4) قصرا، وأما إذا بدا له العود بدون إقامة جديدة بقي
496

على القصر حتى في محل الإقامة (1) لأن المفروض الإعراض عنه، وكذا
لو ردته الريح أو رجع لقضاء حاجة كما مر سابقا.
(مسألة 26): (2) لو دخل في الصلاة بنية القصر ثم بدا له الإقامة في
أثنائها أتمها وأجزأت (3)، ولو نوى الإقامة ودخل في الصلاة بنية
التمام فبدا له السفر فإن كان قبل الدخول في الركعة الثالثة أتمها
قصرا واجتزأ بها، وإن كان بعده بطلت ورجع إلى القصر (4) ما دام
497

لم يخرج (1) وإن كان الأحوط (2) إتمامها تماما وإعادتها قصرا، والجمع
بين القصر والإتمام ما لم يسافر كما مر.
(مسألة 27): لا فرق في إيجاب الإقامة لقطع حكم السفر وإتمام
الصلاة بين أن يكون محللة أو محرمة، كما إذا قصد الإقامة لغاية
محرمة من قتل مؤمن أو سرقة ماله أو نحو ذلك، كما إذا نهاه عنها والده
أو سيده أو لم يرض بها زوجها.
(مسألة 28): إذا كان عليه صوم واجب معين غير رمضان كالنذر
أو الاستئجار أو نحوهما وجب عليه الإقامة (3) مع الإمكان.
498

(مسألة 29): إذا بقي من الوقت أربع ركعات وعليه الظهران ففي جواز
الإقامة إذا كان مسافرا وعدمه من حيث استلزامه تفويت الظهر (1)
وصيرورتها قضاء إشكال (2) فالأحوط (3) عدم نية الإقامة مع عدم
الضرورة نعم لو كان حاضرا وكان الحال كذلك لا يجب عليه السفر (4)
لإدراك الصلاتين في الوقت.
(مسألة 30): إذا نوى الإقامة ثم عدل عنها وشك في أن عدوله كان
بعد الصلاة تماما حتى يبقى على التمام أم لا، بنى على عدمها فيرجع
إلى القصر (5).
(مسألة 31): إذا علم بعد نية الإقامة بصلاة أربع ركعات والعدول عن
499

الإقامة ولكن شك في المتقدم منهما مع الجهل بتاريخهما (1) رجع إلى
القصر (2) مع البناء على صحة الصلاة (3) لأن الشرط في البقاء على التمام
500

وقوع الصلاة تماما حال العزم على الإقامة وهو مشكوك.
(مسألة 32): إذا صلى تماما ثم عدل (1) ولكن تبين بطلان صلاته رجع إلى
القصر وكان كمن لم يصل، نعم إذا صلى بنية التمام وبعد السلام شك في
أنه سلم على الأربع أو على الاثنتين أو الثلاث بنى على أنه سلم على
الأربع، ويكفيه (2) في البقاء على حكم التمام إذا عدل عن الإقامة بعدها.
(مسألة 33): إذا نوى الإقامة ثم عدل عنها بعد خروج وقت الصلاة
وشك في أنه هل صلى في الوقت حال العزم على الإقامة أم لا بنى
على أنه صلى، لكن في كفايته في البقاء على حكم التمام إشكال، وإن
كان لا يخلو من قوة (3) خصوصا إذا بنينا على أن قاعدة الشك بعد الفراغ
أو بعد الوقت إنما هي من باب الأمارات (4) لا الأصول العملية.
(مسألة 34): إذا عدل عن الإقامة بعد الإتيان بالسلام الواجب وقبل
الإتيان بالسلام الأخير الذي هو مستحب فالظاهر كفايته في البقاء على
حكم التمام وفي تحقق الإقامة، وكذا لو كان عدوله قبل الإتيان
بسجدتي السهو إذا كانتا عليه بل وكذا لو كان قبل الإتيان بقضاء
501

الأجزاء المنسية كالسجدة والتشهد المنسيين، بل وكذا لو كان قبل
الإتيان بصلاة الاحتياط (1) أو في أثنائها إذا شك في الركعات، وإن كان
الأحوط فيه (2) الجمع بل وفي الأجزاء المنسية (3).
(مسألة 35): إذا اعتقد أن رفقاءه قصدوا الإقامة فقصدها ثم تبين أنهم
لم يقصدوا فهل يبقى على التمام أو لا؟ فيه صورتان (4):
502

إحداهما: أن يكون قصده مقيدا بقصدهم.
الثانية: أن يكون اعتقاده داعيا له إلى القصد من غير أن يكون مقيدا
بقصدهم.
ففي الأولى يرجع إلى التقصير (1) وفي الثانية يبقى على التمام (2)،
والأحوط الجمع في الصورتين.
الثالث: من القواطع التردد في البقاء وعدمه ثلاثين يوما إذا كان بعد
بلوغ المسافة، وأما إذا كان قبل بلوغها فحكمه التمام حين التردد
لرجوعه إلى التردد في المسافرة وعدمها (3)، ففي الصورة الأولى إذا بقي
503

في مكان مترددا في البقاء والذهاب أو في البقاء والعود إلى محله
يقصر إلى ثلاثين يوما ثم بعده يتم ما دام في ذلك المكان ويكون بمنزلة
من نوى الإقامة عشرة أيام، سواء أقام فيه قليلا أو كثيرا، حتى إذا كان
بمقدار صلاة واحدة.
(مسألة 36): يلحق بالتردد ما إذا عزم على الخروج غدا أو بعد غد ثم
لم يخرج، وهكذا إلى أن مضى ثلاثون يوما حتى إذا عزم على الإقامة
تسعة أيام مثلا ثم بعدها عزم على إقامة تسعة أخرى، وهكذا فيقصر (1)
إلى ثلاثين يوما ثم يتم ولو لم يبق إلا مقدار صلاة واحدة.
(مسألة 37): في إلحاق الشهر الهلالي إذا كان ناقصا بثلاثين يوما إذا
كان تردده في أول الشهر وجه لا يخلو عن قوة (2) وإن كان الأحوط (3)
504

عدم الاكتفاء به.
(مسألة 38): يكفي في الثلاثين التلفيق (1) إذا كان تردده في أثناء اليوم
كما مر في إقامة العشرة، وإن كان الأحوط عدم الاكتفاء ومراعاة الاحتياط.
(مسألة 39): لا فرق في مكان التردد بين أن يكون بلدا أو قرية
أو مفازة.
(مسألة 40): يشترط اتحاد مكان التردد، فلو كان بعض الثلاثين
في مكان وبعضه في مكان آخر لم يقطع حكم السفر وكذا لو كان
مشتغلا بالسير وهو متردد فإنه يبقى على القصر إذا قطع المسافة
ولا يضر بوحدة المكان (2) إذا خرج عن محل تردده إلى مكان آخر
ولو ما دون المسافة (3) بقصد العود إليه عما قريب إذا كان بحيث
يصدق عرفا أنه كان مترددا في ذلك المكان ثلاثين يوما كما إذا
كان مترددا في النجف وخرج منه إلى الكوفة لزيارة مسلم أو لصلاة
ركعتين في مسجد الكوفة والعود إليه في ذلك اليوم أو في ليلته (4)
505

بل أو بعد ذلك اليوم (1).
(مسألة 41): حكم المتردد بعد الثلاثين كحكم المقيم (2) في مسألة
الخروج إلى ما دون المسافة مع قصد العود إليه في أنه يتم ذهابا (3) وفي
المقصد والإياب ومحل التردد إذا كان قاصدا للعود إليه من حيث إنه
محل تردده، وفي القصر بالخروج إذا أعرض عنه وكان العود إليه من
حيث كونه منزلا له في سفره الجديد وغير ذلك من الصور التي
ذكرناها (4).
(مسألة 42): إذا تردد في مكان تسعة وعشرين يوما أو أقل ثم سار
إلى مكان آخر وتردد فيه كذلك وهكذا بقي على القصر ما دام كذلك إلا
506

إذا نوى الإقامة في مكان أو بقي مترددا ثلاثين يوما في مكان واحد.
(مسألة 43): المتردد ثلاثين إذا أنشأ سفرا بقدر المسافة لا يقصر
إلا بعد الخروج عن حد الترخص (1) كالمقيم كما عرفت (2) سابقا.
فصل
في أحكام صلاة المسافر
مضافا إلى ما مر في طي المسائل السابقة، قد عرفت أنه يسقط
بعد تحقق الشرائط المذكورة من الرباعيات ركعتان كما أنه تسقط
النوافل النهارية أي نافلة الظهرين بل ونافلة العشاء وهي الوتيرة
أيضا على الأقوى (3) وكذا يسقط الصوم الواجب عزيمة بل
507

المستحب (1) أيضا إلا في بعض المواضع المستثناة فيجب عليه القصر
في الرباعيات فيما عدا الأماكن الأربعة ولا يجوز له الإتيان بالنوافل
النهارية بل ولا الوتيرة (2) إلا بعنوان الرجاء واحتمال المطلوبية لمكان
الخلاف في سقوطها وعدمه، ولا تسقط نافلة الصبح والمغرب ولا صلاة
الليل كما لا إشكال في أنه يجوز الإتيان بغير الرواتب من الصلوات
المستحبة.
(مسألة 1): إذا دخل عليه الوقت وهو حاضر ثم سافر قبل الإتيان
بالظهرين يجوز له الإتيان بنافلتهما سفرا (3) وإن كان يصليهما قصرا،
508

وإن تركها في الوقت يجوز له قضاؤها.
(مسألة 2): لا يبعد (1) جواز الإتيان بنافلة الظهر في حال السفر إذا
دخل عليه الوقت وهو مسافر وترك الإتيان بالظهر حتى يدخل المنزل
من الوطن أو محل الإقامة، وكذا إذا صلى الظهر في السفر ركعتين وترك
العصر إلى أن يدخل المنزل لا يبعد جواز الإتيان بنافلتها في حال
السفر، وكذا لا يبعد جواز الإتيان بالوتيرة في حال السفر إذا صلى
العشاء أربعا في الحضر ثم سافر فإنه إذا تمت الفريضة صلحت نافلتها (2).
509

(مسألة 3): لو صلى المسافر بعد تحقق شرائط القصر تماما فإما أن
يكون عالما بالحكم والموضوع أو جاهلا بهما أو بأحدهما أو ناسيا،
فإن كان عالما بالحكم والموضوع عامدا في غير الأماكن الأربعة بطلت
صلاته ووجب عليه الإعادة في الوقت والقضاء في خارجه (1) وإن كان
جاهلا بأصل الحكم (2) وأن حكم المسافر التقصير لم يجب عليه الإعادة
فضلا عن القضاء، وأما إن كان عالما بأصل الحكم (3) وجاهلا ببعض
الخصوصيات مثل أن السفر إلى أربعة فراسخ مع قصد الرجوع يوجب
القصر أو أن المسافة ثمانية، أو أن كثير السفر إذا أقام في بلده أو غيره
عشرة أيام يقصر في السفر الأول، أو أن العاصي بسفره إذا رجع إلى
الطاعة يقصر ونحو ذلك وأتم وجب عليه الإعادة في الوقت (4) والقضاء
510

في خارجه (1) وكذا إذا كان عالما بالحكم جاهلا بالموضوع (2) كما إذا
تخيل عدم كون مقصده مسافة مع كونه مسافة فإنه لو أتم وجب عليه
الإعادة أو القضاء (3)، وأما إذا كان ناسيا لسفره (4) أو أن حكم السفر
القصر (5) فأتم فإن تذكر في الوقت وجب عليه الإعادة، وإن لم يعد
وجب عليه القضاء في خارج الوقت، وإن تذكر بعد خروج الوقت
لا يجب عليه القضاء، وأما إذا لم يكن ناسيا للسفر ولا لحكمه ومع ذلك
أتم صلاته (6) ناسيا وجب عليه الإعادة والقضاء.
(مسألة 4): حكم الصوم (7) فيما ذكر حكم الصلاة فيبطل مع العلم
511

والعمد، ويصح مع الجهل بأصل الحكم دون الجهل بالخصوصيات (1)
ودون الجهل بالموضوع (2).
(مسألة 5): إذا قصر من وظيفته التمام بطلت صلاته في جميع
الموارد إلا في المقيم المقصر (3) للجهل بأن حكمه التمام.
512

(مسألة 6): إذا كان جاهلا بأصل الحكم ولكن لم يصل في الوقت
وجب عليه القصر في القضاء بعد العلم به (1) وإن كان لو أتم في الوقت
كان صحيحا فصحة التمام منه ليس لأجل أنه تكليفه بل من باب
الاغتفار فلا ينافي ما ذكرنا قوله: اقض ما فات كما فات، ففي الحقيقة
الفائت منه هو القصر لا التمام، وكذا الكلام في الناسي للسفر أو لحكمه
فإنه لو لم يصل أصلا عصيانا أو لعذر وجب عليه القضاء قصرا.
(مسألة 7): إذا تذكر الناسي للسفر أو لحكمه في أثناء الصلاة فإن
كان قبل الدخول في ركوع الركعة الثالثة أتم الصلاة قصرا واجتزأ بها
ولا يضر كونه ناويا من الأول للتمام (2)، لأنه من باب الداعي والاشتباه
في المصداق (3) لا التقييد فيكفي قصد الصلاة والقربة بها وإن تذكر بعد
ذلك بطلت ووجب عليه الإعادة مع سعة الوقت (4) ولو بإدراك ركعة من
الوقت بل وكذا لو تذكر بعد الصلاة تماما وقد بقي من الوقت مقدار ركعة
513

فإنه يجب عليه إعادتها قصرا، وكذا الحال في الجاهل بأن مقصده
مسافة إذا شرع في الصلاة بنية التمام ثم علم بذلك أو الجاهل بخصوصيات
الحكم إذا نوى التمام ثم علم في الأثناء أن حكمه القصر، بل الظاهر أن
حكم من كان وظيفته التمام إذا شرع في الصلاة بنية القصر جهلا ثم تذكر
في الأثناء العدول إلى التمام ولا يضره أنه نوى من الأول ركعتين مع
أن الواجب عليه أربع ركعات لما ذكر من كفاية قصد الصلاة متقربا وإن
تخيل أن الواجب هو القصر لأنه من باب الاشتباه في التطبيق والمصداق
لا التقييد فالمقيم الجاهل بأن وظيفته التمام إذا قصد القصر ثم علم في
الأثناء يعدل إلى التمام ويجتزئ به لكن الأحوط (1) الإتمام والإعادة بل
الأحوط في الفرض الأول أيضا الإعادة قصرا بعد الإتمام قصرا.
(مسألة 8): لو قصر المسافر اتفاقا لا عن قصد فالظاهر صحة
صلاته (2)، وإن كان الأحوط الإعادة (3)، بل وكذا لو كان جاهلا بأن
وظيفته القصر فنوى التمام لكنه قصر سهوا، والاحتياط بالإعادة (4)
في هذه الصورة آكد وأشد.
514

(مسألة 9): إذا دخل عليه الوقت وهو حاضر متمكن من الصلاة ولم
يصل ثم سافر وجب عليه القصر، ولو دخل عليه الوقت وهو مسافر فلم
يصل حتى دخل المنزل من الوطن أو محل الإقامة أو حد الترخص
منهما أتم (1)، فالمدار على حال الأداء لا حال الوجوب والتعلق، لكن
الأحوط (2) في المقامين الجمع.
(مسألة 10): إذا فاتت (3) منه الصلاة وكان في أول الوقت حاضرا وفي
آخره مسافرا أو بالعكس فالأقوى (4) أنه مخير بين القضاء قصرا
أو تماما، لأنه فاتت منه الصلاة في مجموع الوقت والمفروض أنه كان
515

مكلفا في بعضه بالقصر وفي بعضه بالتمام ولكن الأحوط (1) مراعاة
حال الفوت وهو آخر الوقت (2) وأحوط منه (3) الجمع بين القصر والتمام.
(مسألة 11): الأقوى (4) كون المسافر مخيرا بين القصر والتمام
في الأماكن الأربعة: وهي مسجد الحرام ومسجد النبي (صلى الله عليه وآله) ومسجد
الكوفة والحائر الحسيني (عليه السلام) بل التمام هو الأفضل وإن كان الأحوط
هو القصر وما ذكرنا هو القدر المتيقن وإلا فلا يبعد كون المدار
على البلدان الأربعة (5)، وهي مكة والمدينة والكوفة وكربلاء (6) لكن
516

لا ينبغي ترك الاحتياط (1) خصوصا في الأخيرتين (2)، ولا يلحق بها
سائر المشاهد، والأحوط (3) في المساجد الثلاثة الاقتصار على الأصلي
منها دون الزيادات الحادثة في بعضها، نعم لا فرق فيها بين السطوح
والصحن والمواضع المنخفضة منها كما أن الأحوط (4) في الحائر (5)
الاقتصار على ما حول الضريح (6) المبارك.
(مسألة 12): إذا كان بعض بدن المصلي داخلا في أماكن التخيير
وبعضه خارجا لا يجوز له التمام، نعم لا بأس بالوقوف منتهى أحدها (7)
517

إذا كان يتأخر حال الركوع والسجود بحيث يكون تمام بدنه داخلا حالهما.
(مسألة 13): لا يلحق الصوم بالصلاة في التخيير المزبور (1) فلا يصح
له الصوم فيها إلا إذا نوى الإقامة أو بقي مترددا ثلاثين يوما.
(مسألة 14): التخيير في هذه الأماكن استمراري فيجوز له التمام مع
شروعه في الصلاة بقصد القصر وبالعكس ما لم يتجاوز محل العدول،
بل لا بأس بأن ينوي الصلاة من غير تعيين أحد الأمرين من الأول بل
لو نوى القصر فأتم غفلة أو بالعكس فالظاهر الصحة (2).
(مسألة 15): يستحب أن يقول عقيب كل صلاة مقصورة ثلاثين مرة
" سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر " وهذا وإن كان يستحب
من حيث التعقيب عقيب كل فريضة حتى غير المقصورة إلا أنه يتأكد
عقيب المقصورات بل الأولى تكرارها مرتين مرة من باب التعقيب ومرة
من حيث بدليتها عن الركعتين الساقطتين.
تم كتاب الصلاة ويليه كتاب الصوم
518

كتاب الصوم
519

كتاب الصوم
وهو الإمساك (1) عما يأتي من المفطرات بقصد القربة، وينقسم إلى
الواجب والمندوب والحرام والمكروه بمعنى قلة الثواب، والواجب منه
ثمانية: صوم شهر رمضان، وصوم القضاء، وصوم الكفارة على كثرتها،
وصوم بدل الهدي في الحج، وصوم النذر (2) والعهد واليمين، وصوم
الإجارة ونحوها كالمشروط في ضمن العقد، وصوم الثالث من أيام
الاعتكاف، وصوم الولد الأكبر عن أحد أبويه (3)، ووجوبه في شهر
رمضان من ضروريات الدين، ومنكره مرتد يجب قتله ومن أفطر فيه
لا مستحلا عالما عامدا يعزر بخمسة وعشرين سوطا (4) فإن عاد عزر
521

ثانيا، فإن عاد قتل على الأقوى وإن كان الأحوط قتله في الرابعة (1)
وإنما يقتل في الثالثة أو الرابعة إذا عزر في كل من المرتين أو الثلاث
وإذا ادعى شبهة محتملة في حقه درئ عنه الحد.
فصل
في النية
يجب في الصوم القصد إليه (2) مع القربة والإخلاص كسائر العبادات (3)
522

ولا يجب الإخطار، بل يكفي الداعي ويعتبر فيما عدا شهر رمضان حتى
الواجب المعين أيضا القصد إلى نوعه (1) من الكفارة أو القضاء أو النذر
مطلقا كان أو مقيدا بزمان معين (2)، من غير فرق بين الصوم الواجب
والمندوب ففي المندوب أيضا يعتبر تعيين نوعه (3) من كونه صوم أيام
523

البيض مثلا، أو غيرها من الأيام المخصوصة، فلا يجزي القصد إلى
الصوم مع القربة (1) من دون تعيين النوع من غير فرق بين ما إذا كان
524

ما في ذمته متحدا أو متعددا، ففي صورة الاتحاد أيضا يعتبر تعيين
النوع، ويكفي التعيين الإجمالي كأن يكون ما في ذمته واحدا، فيقصد ما
في ذمته وإن لم يعلم أنه من أي نوع، وإن كان يمكنه الاستعلام أيضا،
بل فيما إذا كان ما في ذمته متعددا أيضا يكفي التعيين الإجمالي، كأن
ينوي ما اشتغلت ذمته به أولا أو ثانيا أو نحو ذلك، وأما في شهر
رمضان فيكفي قصد الصوم (1) وإن لم ينو كونه من رمضان، بل لو نوى
فيه غيره جاهلا أو ناسيا له (2) أجزأ عنه، نعم إذا كان عالما به وقصد
غيره لم يجزه (3)، كما لا يجزي لما قصده أيضا (4) بل إذا قصد غيره
عالما به مع تخيل صحة الغير فيه ثم علم بعدم الصحة وجدد نيته قبل
الزوال لم يجزه أيضا (5) بل الأحوط عدم الإجزاء (6) إذا كان جاهلا بعدم
525

صحة غيره فيه وإن لم يقصد الغير أيضا، بل قصد الصوم في الغد (1) مثلا
فيعتبر في مثله (2) تعيين كونه من رمضان كما أن الأحوط في المتوخي
أي المحبوس الذي اشتبه عليه شهر رمضان وعمل بالظن أيضا ذلك،
أي اعتبار قصد كونه من رمضان، بل وجوب ذلك لا يخلو عن قوة (3).
(مسألة 1): لا يشترط التعرض للأداء والقضاء (4) ولا الوجوب
526

والندب ولا سائر الأوصاف الشخصية، بل لو نوى شيئا منها في محل
الآخر صح إلا إذا كان منافيا للتعيين، مثلا إذا تعلق به الأمر الأدائي
فتخيل كونه قضائيا فإن قصد الأمر الفعلي المتعلق به واشتبه في التطبيق
فقصده قضاء صح (1)، وأما إذا لم يقصد الأمر الفعلي بل قصد الأمر
القضائي بطل (2)، لأنه مناف للتعيين (3) حينئذ، وكذا يبطل إذا كان مغيرا
527

للنوع كما إذا قصد الأمر الفعلي لكن بقيد كونه قضائيا مثلا أو بقيد كونه
وجوبيا مثلا (1) فبان كونه أدائيا أو كونه ندبيا، فإنه حينئذ مغير للنوع
ويرجع إلى عدم قصد الأمر الخاص (2).
(مسألة 2): إذا قصد صوم اليوم الأول من شهر رمضان فبان أنه اليوم
الثاني مثلا أو العكس صح وكذا (3) لو قصد اليوم الأول من صوم الكفارة
أو غيرها فبان الثاني مثلا أو العكس، وكذا إذا قصد قضاء رمضان السنة
الحالية فبان أنه قضاء رمضان السنة السابقة وبالعكس (4).
(مسألة 3): لا يجب العلم بالمفطرات على التفصيل فلو نوى الإمساك
عن أمور يعلم دخول جميع المفطرات فيها كفى (5).
(مسألة 4): لو نوى الإمساك عن جميع المفطرات ولكن تخيل أن
528

المفطر الفلاني ليس بمفطر فإن ارتكبه في ذلك اليوم بطل صومه، وكذا
إن لم يرتكبه ولكنه لاحظ في نيته الإمساك عما عداه (1) وأما إن لم
يلاحظ ذلك صح صومه (2) في الأقوى.
529

(مسألة 5): النائب عن الغير لا يكفيه قصد الصوم بدون نية النيابة (1)
وإن كان متحدا، نعم لو علم باشتغال ذمته بصوم ولا يعلم أنه له أو نيابة
عن الغير يكفيه أن يقصد ما في الذمة (2).
(مسألة 6): لا يصلح شهر رمضان لصوم غيره (3) واجبا كان ذلك
الغير أو ندبا سواء كان مكلفا بصومه أو لا، كالمسافر ونحوه، فلو نوى
صوم غيره لم يقع عن ذلك الغير سواء كان عالما بأنه رمضان أو جاهلا،
وسواء كان عالما بعدم وقوع غيره فيه أو جاهلا ولا يجزي عن رمضان
أيضا (4)، إذا كان مكلفا به مع العلم والعمد، نعم يجزي عنه مع الجهل
أو النسيان كما مر، ولو نوى في شهر رمضان قضاء رمضان الماضي لم
يصح قضاء ولم يجز (5) عن رمضان أيضا مع العلم والعمد.
530

(مسألة 7): إذا نذر صوم يوم بعينه لا تجزيه نية الصوم (1) بدون
تعيين أنه للنذر (2) ولو إجمالا كما مر، ولو نوى غيره فإن كان مع الغفلة
عن النذر صح (3) وإن كان مع العلم والعمد ففي صحته إشكال (4).
(مسألة 8): لو كان عليه قضاء رمضان السنة التي هو فيها، وقضاء رمضان
السنة الماضية لا يجب عليه (5) تعيين أنه من أي منهما، بل يكفيه نية الصوم قضاء (6)
531

وكذا إذا كان عليه نذران (1) كل واحد يوم أو أزيد وكذا إذا كان عليه
كفارتان (2) غير مختلفتين في الآثار.
(مسألة 9): إذا نذر صوم يوم خميس معين ونذر صوم يوم معين من
شهر معين فاتفق في ذلك الخميس المعين يكفيه صومه، ويسقط
النذران (3) فإن قصدهما أثيب عليهما (4) وإن قصد أحدهما (5) أثيب عليه،
532

وسقط عنه الآخر (1).
(مسألة 10): إذا نذر صوم يوم معين فاتفق ذلك اليوم في أيام البيض
مثلا فإن قصد وفاء النذر وصوم أيام البيض أثيب عليهما، وإن قصد
النذر فقط أثيب عليه فقط وسقط الآخر، ولا يجوز أن يقصد أيام
البيض (2) دون وفاء النذر.
(مسألة 11): إذا تعدد في يوم واحد جهات من الوجوب أو جهات من
الاستحباب أو من الأمرين فقصد الجميع أثيب على الجميع، وإن قصد
البعض دون البعض أثيب على المنوي، وسقط الأمر (3) بالنسبة إلى البقية.
(مسألة 12): آخر وقت النية (4) في الواجب المعين رمضان كان
533

أو غيره عند طلوع الفجر الصادق، ويجوز التقديم في أي جزء (1) من
أجزاء ليلة اليوم الذي يريد صومه، ومع النسيان أو الجهل بكونه رمضان
أو المعين الآخر يجوز متى تذكر (2) إلى ما قبل الزوال إذا لم يأت بمفطر،
وأجزأه عن ذلك اليوم (3) ولا يجزيه إذا تذكر بعد الزوال (4) وأما في
الواجب الغير المعين فيمتد وقتها اختيارا من أول الليل إلى الزوال (5)
دون ما بعده على الأصح (6) ولا فرق في ذلك بين سبق التردد أو العزم
على العدم، وأما في المندوب فيمتد إلى أن يبقى من الغروب زمان
يمكن تجديدها (7) فيه على الأقوى.
(مسألة 13): لو نوى الصوم ليلا ثم نوى الإفطار ثم بدا له الصوم قبل
الزوال فنوى وصام قبل أن يأتي بمفطر صح على الأقوى (8) إلا أن يفسد
534

صومه برياء ونحوه، فإنه لا يجزيه لو أراد التجديد قبل الزوال على
الأحوط (1).
(مسألة 14): إذا نوى الصوم ليلا لا يضره الإتيان بالمفطر بعده قبل
الفجر مع بقاء العزم على الصوم.
(مسألة 15): يجوز (2) في شهر رمضان أن ينوى لكل يوم نية على
حدة، والأولى أن ينوي صوم الشهر جملة، ويجدد النية لكل يوم،
ويقوى الاجتزاء (3) بنية واحدة للشهر كله، لكن لا يترك الاحتياط (4)
بتجديدها لكل يوم، وأما في غير شهر رمضان (5) من الصوم المعين
535

فلا بد من نيته لكل يوم (1) إذا كان عليه أيام كشهر أو أقل أو أكثر.
(مسألة 16): يوم الشك في أنه من شعبان أو رمضان يبنى على أنه
من شعبان، فلا يجب صومه، وإن صام ينويه ندبا أو قضاء أو غيرهما،
ولو بان بعد ذلك أنه من رمضان أجزأ عنه ووجب عليه تجديد (2) النية
إن بان في أثناء النهار ولو كان بعد الزوال، ولو صامه بنية أنه من
رمضان لم يصح (3) وإن صادف الواقع.
(مسألة 17): صوم يوم الشك يتصور على وجوه:
الأول: أن يصوم على أنه من شعبان، وهذا لا إشكال فيه سواء نواه
ندبا أو بنية ما عليه من القضاء أو النذر أو نحو ذلك، ولو انكشف بعد
ذلك أنه كان من رمضان أجزأ عنه وحسب كذلك.
الثاني: أن يصومه بنية أنه من رمضان، والأقوى بطلانه (4) وإن
صادف الواقع.
الثالث: أن يصومه على أنه إن كان من شعبان كان ندبا أو قضاء
مثلا، وإن كان من رمضان كان واجبا، والأقوى بطلانه أيضا (5).
536

الرابع: أن يصومه بنية القربة المطلقة بقصد ما في الذمة (1) وكان في
ذهنه أنه إما من رمضان أو غيره، بأن يكون الترديد في المنوي لا في
نيته فالأقوى صحته (2) وإن كان الأحوط خلافه.
(مسألة 18): لو أصبح يوم الشك بنية الإفطار ثم بان له أنه من الشهر
فإن تناول المفطر وجب عليه القضاء، وأمسك بقية النهار وجوبا
تأدبا (3)، وكذا لو لم يتناوله (4) ولكن كان بعد الزوال، وإن كان قبل الزوال
537

ولم يتناول المفطر جدد النية وأجزأ عنه (1).
(مسألة 19): لو صام يوم الشك بنية أنه من شعبان ندبا أو قضاء
أو نحوهما ثم تناول المفطر نسيانا وتبين بعده أنه من رمضان أجزأ عنه
أيضا، ولا يضره تناول المفطر نسيانا، كما لو لم يتبين وكما لو تناول
المفطر نسيانا بعد التبين.
(مسألة 20): لو صام بنية شعبان ثم أفسد صومه برياء ونحوه لم يجزه
من رمضان، وإن تبين له كونه منه قبل الزوال (2).
(مسألة 21): إذا صام يوم الشك بنية شعبان ثم نوى الإفطار وتبين
كونه من رمضان قبل الزوال قبل أن يفطر فنوى صح صومه (3)، وأما إن
نوى الإفطار (4) في يوم من شهر رمضان عصيانا ثم تاب فجدد النية قبل
الزوال لم ينعقد صومه (5)، وكذا لو صام يوم الشك (6) بقصد واجب معين
538

ثم نوى الإفطار عصيانا ثم تاب فجدد النية بعد تبين كونه من رمضان
قبل الزوال (1).
(مسألة 22): لو نوى القطع أو القاطع (2) في الصوم الواجب المعين بطل
صومه (3)، سواء نواهما من حينه أو فيما يأتي (4)، وكذا لو تردد (5)، نعم
لو كان تردده من جهة الشك في بطلان صومه وعدمه لعروض عارض
لم يبطل (6) وإن استمر ذلك إلى أن يسأل، ولا فرق في البطلان بنية القطع
539

أو القاطع أو التردد بين أن يرجع إلى نية الصوم قبل الزوال أم لا، وأما
في غير الواجب المعين فيصح (1) لو رجع قبل الزوال.
(مسألة 23): لا يجب معرفة كون الصوم هو ترك المفطرات مع النية
أو كف النفس عنها معها.
(مسألة 24): لا يجوز العدول (2) من صوم إلى صوم واجبين كانا
أو مستحبين أو مختلفين، وتجديد نية رمضان إذا صام يوم الشك بنية
شعبان ليس من باب العدول، بل من جهة أن وقتها موسع لغير العالم به
إلى الزوال (3).
540

فصل
فيما يجب الإمساك عنه في الصوم من المفطرات وهي أمور:
الأول والثاني: الأكل والشرب من غير فرق في المأكول والمشروب
بين المعتاد كالخبز والماء ونحوهما وغيره كالتراب والحصى وعصارة
الأشجار ونحوها، ولا بين الكثير والقليل كعشر حبة الحنطة أو عشر
قطرة من الماء أو غيرها من المائعات، حتى أنه لو بل الخياط الخيط
بريقه أو غيره ثم رده إلى الفم وابتلع ما عليه من الرطوبة بطل صومه إلا
إذا استهلك (1) ما كان عليه من الرطوبة بريقه على وجه لا يصدق عليه
الرطوبة الخارجية (2)، وكذا لو استاك وأخرج المسواك من فمه وكان
عليه رطوبة ثم رده إلى الفم فإنه لو ابتلع ما عليه بطل صومه إلا مع
الاستهلاك على الوجه المذكور، وكذا يبطل بابتلاع ما يخرج من بقايا
541

الطعام من بين أسنانه.
(مسألة 1): لا يجب التخليل بعد الأكل لمن يريد الصوم وإن احتمل
أن تركه يؤدي إلى دخول البقايا بين الأسنان في حلقه، ولا يبطل صومه
لو دخل بعد ذلك سهوا، نعم لو علم أن تركه يؤدي إلى ذلك وجب عليه
وبطل صومه على فرض الدخول (1).
(مسألة 2): لا بأس ببلع البصاق وإن كان كثيرا مجتمعا، بل وإن كان
اجتماعه بفعل ما يوجبه كتذكر الحامض مثلا، لكن الأحوط الترك في
صورة الاجتماع خصوصا مع تعمد السبب.
(مسألة 3): لا بأس بابتلاع ما يخرج من الصدر من الخلط وما ينزل
من الرأس ما لم يصل إلى فضاء الفم، بل الأقوى جواز الجر من الرأس
إلى الحلق (2)، وإن كان الأحوط تركه، وأما ما وصل منهما إلى فضاء الفم
فلا يترك الاحتياط فيه بترك الابتلاع (3).
(مسألة 4): المدار صدق الأكل والشرب وإن كان بالنحو الغير
المتعارف، فلا يضر مجرد الوصول إلى الجوف إذا لم يصدق الأكل
542

أو الشرب (1)، كما إذا صب دواء في جرحه، أو شيئا في أذنه أو إحليله
فوصل إلى جوفه (2) نعم إذا وصل من طريق أنفه فالظاهر أنه موجب
للبطلان إن كان متعمدا لصدق الأكل والشرب حينئذ.
(مسألة 5): لا يبطل الصوم بإنفاذ الرمح أو السكين أو نحوهما
بحيث يصل إلى الجوف وإن كان متعمدا.
الثالث: الجماع وإن لم ينزل للذكر والأنثى، قبلا أو دبرا، صغيرا كان
أو كبيرا، حيا أو ميتا، واطئا أو موطوءا، وكذا لو كان الموطوء بهيمة (3)
بل وكذا لو كانت هي الواطئة (4)، ويتحقق بإدخال الحشفة أو مقدارها (5)
من مقطوعها فلا يبطل بأقل من ذلك (6)، بل لو دخل بجملته ملتويا ولم
يكن بمقدار الحشفة لم يبطل (7) وإن كان لو انتشر كان بمقدارها.
543

(مسألة 6): لا فرق في البطلان بالجماع بين صورة قصد الإنزال به
وعدمه.
(مسألة 7): لا يبطل الصوم بالإيلاج في غير أحد الفرجين بلا إنزال
إلا إذا كان قاصدا له فإنه يبطل (1) وإن لم ينزل (2) من حيث إنه نوى
المفطر (3).
(مسألة 8): لا يضر إدخال الإصبع ونحوه لا بقصد (4) الإنزال.
544

(مسألة 9): لا يبطل الصوم بالجماع إذا كان نائما أو كان مكرها
بحيث خرج عن اختياره (1) كما لا يضر إذا كان سهوا.
(مسألة 10): لو قصد التفخيذ مثلا فدخل في أحد الفرجين لم يبطل
ولو قصد الإدخال في أحدهما فلم يتحقق كان مبطلا (2) من حيث إنه
نوى المفطر (3).
(مسألة 11): إذا دخل الرجل بالخنثى قبلا لم يبطل صومه ولا
صومها (4) وكذا لو دخل الخنثى بالأنثى ولو دبرا، أما لو وطئ الخنثى (5)
دبرا بطل صومهما ولو دخل الرجل بالخنثى (6) ودخلت الخنثى بالأنثى
545

بطل صوم الخنثى دونهما، ولو وطئت كل من الخنثيين الأخرى لم يبطل
صومهما.
(مسألة 12): إذا جامع نسيانا أو من غير اختيار ثم تذكر أو ارتفع
الجبر وجب الإخراج فورا فإن تراخى بطل صومه.
(مسألة 13): إذا شك في الدخول (1) أو شك في بلوغ مقدار الحشفة (2)
لم يبطل صومه (3).
الرابع: من المفطرات الاستمناء، أي إنزال المني متعمدا بملامسة
أو قبلة أو تفخيذ أو نظر أو تصوير صورة الواقعة أو تخيل صورة امرأة
أو نحو ذلك من الأفعال التي يقصد بها حصوله، فإنه مبطل للصوم
بجميع أفراده، وأما لو لم يكن قاصدا (4) للإنزال وسبقه المني من دون
546

إيجاد شئ مما يقتضيه لم يكن عليه شئ.
(مسألة 14): إذا علم من نفسه أنه لو نام في نهار رمضان يحتلم
فالأحوط تركه (1)، وإن كان الظاهر جوازه (2) خصوصا إذا كان الترك
موجبا للحرج.
(مسألة 15): يجوز للمحتلم في النهار الاستبراء (3) بالبول أو الخرطات،
وإن علم بخروج بقايا المني في المجرى ولا يجب عليه التحفظ بعد
الإنزال من خروج المني إن استيقظ قبله خصوصا مع الإضرار أو الحرج (4).
(مسألة 16): إذا احتلم في النهار وأراد الاغتسال فالأحوط تقديم
الاستبراء (5) إذا علم إنه لو تركه (6) خرجت البقايا (7) بعد الغسل فتحدث
547

جنابة جديدة.
(مسألة 17): لو قصد الإنزال بإتيان شئ مما ذكر ولكن لم ينزل بطل
صومه (1) من باب ايجاد نية المفطر (2).
(مسألة 18): إذا أوجد بعض هذه الأفعال لا بنية الإنزال لكن كان من
عادته الإنزال بذلك الفعل بطل صومه أيضا إذا أنزل، وأما إذا أوجد
بعض هذه ولم يكن قاصدا للإنزال ولا كان من عادته (3) فاتفق أنه
أنزل (4) فالأقوى عدم البطلان (5) وإن كان الأحوط (6) القضاء خصوصا
548

في مثل الملاعبة والملامسة والتقبيل.
الخامس: تعمد الكذب (1) على الله تعالى أو رسوله أو الأئمة صلوات
الله عليهم (2) سواء كان متعلقا بأمور الدين أو الدنيا (3)، وسواء كان
بنحو الإخبار أو بنحو الفتوى (4) بالعربي أو بغيره من اللغات، من غير
549

فرق (1) بين أن يكون بالقول أو الكتابة أو الإشارة أو الكناية أو غيرها
مما يصدق عليه الكذب عليهم ومن غير فرق بين أن يكون الكذب
مجعولا له أو جعله غيره وهو أخبر به مسندا إليه لا على وجه نقل
القول، وأما لو كان على وجه الحكاية ونقل القول فلا يكون مبطلا.
(مسألة 19): الأقوى (2) إلحاق باقي الأنبياء والأوصياء بنبينا (صلى الله عليه وآله)،
فيكون الكذب عليهم أيضا موجبا للبطلان بل الأحوط إلحاق فاطمة
الزهراء سلام الله عليها بهم أيضا.
(مسألة 20): إذا تكلم بالخبر غير موجه خطابه إلى أحد، أو موجها
إلى من لا يفهم معناه فالظاهر عدم البطلان (3) وإن كان الأحوط (4) القضاء.
550

(مسألة 21): إذا سأله سائل هل قال النبي (صلى الله عليه وآله) كذا فأشار نعم في مقام
لا، أم لا في مقام نعم بطل صومه.
(مسألة 22): إذا أخبر صادقا عن الله أو عن النبي (صلى الله عليه وآله) مثلا ثم قال:
كذبت، بطل صومه (1) وكذا إذا أخبر بالليل كاذبا ثم قال في النهار:
ما أخبرت به البارحة صدق.
(مسألة 23): إذا أخبر كاذبا ثم رجع عنه بلا فصل لم يرتفع عنه الأثر،
فيكون صومه باطلا، بل وكذا إذا تاب بعد ذلك فإنه لا تنفعه توبته في
رفع البطلان.
(مسألة 24): لا فرق في البطلان بين أن يكون الخبر المكذوب
مكتوبا في كتاب من كتب الأخبار أو لا، فمع العلم بكذبه لا يجوز
الإخبار به (2)، وإن أسنده إلى ذلك الكتاب إلا أن يكون ذكره له على
وجه الحكاية دون الإخبار، بل لا يجوز (3) الإخبار به على سبيل الجزم
551

مع الظن بكذبه، بل وكذا مع احتمال كذبه (1) إلا على سبيل النقل
والحكاية فالأحوط لناقل الأخبار (2) في شهر رمضان مع عدم العلم بصدق
الخبر أن يسنده إلى الكتاب، أو إلى قول الراوي على سبيل الحكاية.
(مسألة 25): الكذب على الفقهاء والمجتهدين والرواة وإن كان حراما
لا يوجب بطلان الصوم إلا إذا رجع إلى الكذب على الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم).
(مسألة 26): إذا اضطر إلى الكذب على الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) في مقام التقية
من ظالم لا يبطل صومه به (3) كما أنه لا يبطل مع السهو أو الجهل المركب.
552

(مسألة 27): إذا قصد الكذب فبان صدقا دخل في عنوان قصد المفطر
بشرط العلم بكونه مفطرا (1).
(مسألة 28): إذا قصد الصدق فبان كذبا لم يضر كما أشير إليه.
(مسألة 29): إذا أخبر بالكذب هزلا بأن لم يقصد المعنى أصلا (2)
لم يبطل صومه.
السادس: إيصال الغبار الغليظ (3) إلى حلقه، بل وغير
553

الغليظ (1) على الأحوط (2)، سواء كان من الحلال كغبار الدقيق، أو الحرام
كغبار التراب ونحوه، وسواء كان بإثارته بنفسه بكنس أو نحوه، أو
بإثارة غيره، بل أو بإثارة الهواء (3) مع التمكين منه وعدم تحفظه،
والأقوى (4) إلحاق البخار الغليظ ودخان التنباك (5) ونحوه، ولا بأس بما
يدخل في الحلق غفلة أو نسيانا أو قهرا أو مع ترك التحفظ بظن عدم
554

الوصول (1) ونحو ذلك.
السابع: الارتماس في الماء (2) ويكفي فيه رمس الرأس فيه، وإن كان
سائر البدن خارجا عنه من غير فرق بين أن يكون رمسه دفعة أو
تدريجا على وجه يكون تمامه تحت الماء زمانا، وأما لو غمسه على
التعاقب لا على هذا الوجه فلا بأس به وإن استغرقه، والمراد بالرأس
ما فوق الرقبة بتمامه، فلا يكفي غمس خصوص المنافذ في البطلان،
وإن كان هو الأحوط، وخروج الشعر لا ينافي صدق الغمس.
(مسألة 30): لا بأس برمس الرأس أو تمام البدن في غير الماء من
555

سائر المايعات، بل ولا رمسه في الماء المضاف (1) وإن كان الأحوط (2)
الاجتناب خصوصا في الماء المضاف.
(مسألة 31): لو لطخ رأسه بما يمنع من وصول الماء إليه ثم رمسه في
الماء فالأحوط بل الأقوى (3) بطلان صومه، نعم لو أدخل رأسه في إناء
كالشيشة ونحوها ورمس الإناء في الماء فالظاهر عدم البطلان.
(مسألة 32): لو ارتمس في الماء بتمام بدنه إلى منافذ رأسه وكان ما
فوق المنافذ من رأسه خارجا عن الماء كلا أو بعضا لم يبطل صومه
على الأقوى، وإن كان الأحوط البطلان برمس خصوص المنافذ كما مر.
(مسألة 33): لا بأس بإفاضة الماء على رأسه، وإن اشتمل على
جميعه ما لم يصدق الرمس في الماء، نعم لو أدخل رأسه أو تمام بدنه
في النهر المنصب من عال إلى السافل ولو على وجه التسنيم فالظاهر
البطلان لصدق الرمس، وكذا في الميزاب (4) إذا كان كبيرا وكان الماء
556

كثيرا كالنهر مثلا.
(مسألة 34): في ذي الرأسين إذا تميز الأصلي منهما فالمدار عليه،
ومع عدم التميز (1) يجب عليه الاجتناب عن رمس كل منهما، لكن
لا يحكم ببطلان (2) الصوم إلا برمسهما (3) ولو متعاقبا.
(مسألة 35): إذا كان مايعان يعلم بكون أحدهما ماء يجب الاجتناب
557

عنهما، ولكن الحكم بالبطلان يتوقف على الرمس فيهما (1).
(مسألة 36): لا يبطل الصوم بالارتماس سهوا أو قهرا أو السقوط في
الماء من غير اختيار.
(مسألة 37): إذا ألقى نفسه من شاهق في الماء بتخيل عدم الرمس (2)
فحصل لم يبطل صومه (3).
(مسألة 38): إذا كان مايع لا يعلم أنه ماء أو غيره أو ماء مضاف (4)
لم يجب الاجتناب عنه (5).
(مسألة 39): إذا ارتمس نسيانا أو قهرا (6) ثم تذكر أو ارتفع القهر
558

وجب عليه المبادرة إلى الخروج وإلا بطل صومه (1).
(مسألة 40): إذا كان مكرها في الارتماس لم يصح صومه، بخلاف
ما إذا كان مقهورا.
(مسألة 41): إذا ارتمس لإنقاذ غريق بطل صومه وإن كان واجبا
عليه.
(مسألة 42): إذا كان جنبا وتوقف غسله على الارتماس انتقل إلى
التيمم إذا كان الصوم واجبا معينا وإن كان مستحبا أو كان واجبا
موسعا (2) وجب عليه الغسل وبطل صومه (3).
(مسألة 43): إذا ارتمس بقصد الاغتسال في الصوم الواجب (4) المعين
بطل صومه وغسله (5) إذا كان متعمدا، وإن كان ناسيا لصومه صحا معا،
559

وأما إذا كان الصوم مستحبا أو واجبا موسعا بطل صومه (1) وصح
غسله (2).
(مسألة 44): إذا أبطل صومه بالارتماس العمدي فإن لم يكن من شهر
رمضان ولا من الواجب المعين غير رمضان يصح له الغسل حال المكث
في الماء أو حال الخروج (3)، وإن كان من شهر رمضان يشكل صحته
حال المكث (4) لوجوب الإمساك عن المفطرات فيه بعد البطلان أيضا،
560

بل يشكل صحته حال الخروج أيضا (1) لمكان النهي السابق، كالخروج
من الدار الغصبية إذا دخلها عامدا، ومن هنا يشكل صحة (2) الغسل في
الصوم الواجب المعين أيضا سواء كان في حال المكث أو حال الخروج (3).
561

(مسألة 45): لو ارتمس الصائم في الماء المغصوب فإن كان ناسيا
للصوم وللغصب صح صومه وغسله (1) وإن كان عالما بهما بطلا معا،
وكذا إن كان متذكرا للصوم (2) ناسيا للغصب وإن كان عالما بالغصب
ناسيا للصوم صح الصوم دون الغسل.
(مسألة 46): لا فرق في بطلان الصوم بالارتماس بين أن يكون عالما
بكونه مفطرا أو جاهلا.
(مسألة 47): لا يبطل الصوم بالارتماس في الوحل ولا بالارتماس
في الثلج.
(مسألة 48): إذا شك في تحقق الارتماس بنى على عدمه (3).
562

الثامن: البقاء على الجنابة (1) عمدا إلى الفجر الصادق في صوم شهر
رمضان أو قضائه، دون غيرهما (2) من الصيام الواجبة (3) والمندوبة
على الأقوى وإن كان الأحوط تركه (4) في غيرهما أيضا خصوصا في
الصيام الواجب (5) موسعا كان أو مضيقا، وأما الإصباح جنبا من غير
تعمد فلا يوجب البطلان إلا في قضاء شهر رمضان (6) على الأقوى (7)،
563

وإن كان الأحوط إلحاق (1) مطلق الواجب الغير المعين به في ذلك،
وأما الواجب المعين رمضانا كان أو غيره فلا يبطل بذلك، كما لا يبطل
مطلق الصوم واجبا كان أو مندوبا معينا أو غيره بالاحتلام (2) في
النهار، ولا فرق في بطلان الصوم بالإصباح جنبا عمدا بين أن تكون
الجنابة بالجماع في الليل أو الاحتلام، ولا بين أن يبقى كذلك متيقظا
أو نائما بعد العلم بالجنابة مع العزم على ترك الغسل، ومن البقاء
على الجنابة عمدا الإجناب قبل الفجر متعمدا في زمان لا يسع الغسل
ولا التيمم، وأما لو وسع التيمم خاصة فتيمم صح صومه (3) وإن كان
564

عاصيا (1) في الإجناب، وكما يبطل الصوم بالبقاء على الجنابة متعمدا
كذا يبطل بالبقاء على حدث الحيض والنفاس إلى طلوع الفجر، فإذا
طهرت منهما قبل الفجر وجب عليها الاغتسال أو التيمم (2) ومع تركهما
عمدا يبطل صومها (3)، والظاهر اختصاص البطلان (4) بصوم رمضان وإن
كان الأحوط إلحاق قضائه به (5)، بل إلحاق مطلق الواجب بل المندوب (6)
565

أيضا، وأما لو طهرت قبل الفجر في زمان لا يسع الغسل ولا التيمم أو لم
تعلم بطهرها في الليل حتى دخل النهار فصومها صحيح (1) واجبا كان أو
ندبا على الأقوى.
(مسألة 49): يشترط في صحة صوم المستحاضة (2) على الأحوط (3)
الأغسال النهارية التي للصلاة، دون ما لا يكون لها، فلو استحاضت
قبل الإتيان بصلاة الصبح أو الظهرين بما يوجب الغسل كالمتوسطة (4)
أو الكثيرة فتركت الغسل بطل صومها، وأما لو استحاضت بعد الإتيان
566

بصلاة الفجر أو بعد الإتيان بالظهرين فتركت الغسل إلى الغروب لم
يبطل (1) صومها، ولا يشترط فيها الإتيان بأغسال الليلة المستقبلة وإن
كان أحوط، وكذا لا يعتبر فيها (2) الإتيان بغسل الليلة الماضية بمعنى
أنها لو تركت الغسل الذي للعشاءين لم يبطل صومها لأجل ذلك، نعم
يجب عليها الغسل حينئذ (3) لصلاة الفجر، فلو تركته بطل صومها من
هذه الجهة، وكذا لا يعتبر فيها ما عدا الغسل من الأعمال، وإن كان
الأحوط اعتبار جميع ما يجب عليها من الأغسال والوضوءات وتغيير
الخرقة والقطنة، ولا يجب تقديم غسل المتوسطة والكثيرة على الفجر
567

وإن كان هو الأحوط (1).
(مسألة 50): الأقوى بطلان صوم شهر رمضان بنسيان غسل الجنابة
ليلا قبل الفجر حتى مضى عليه يوم أو أيام (2) والأحوط (3) إلحاق غير
شهر رمضان من النذر المعين ونحوه به، وإن كان الأقوى (4) عدمه كما
أن الأقوى عدم إلحاق غسل الحيض والنفاس لو نسيتهما بالجنابة
في ذلك، وإن كان أحوط (5).
568

(مسألة 51): إذا كان المجنب ممن لا يتمكن من الغسل لفقد الماء
أو لغيره من أسباب التيمم وجب عليه التيمم (1) فإن تركه بطل صومه،
وكذا لو كان متمكنا من الغسل وتركه (2) حتى ضاق الوقت (3).
(مسألة 52): لا يجب على من تيمم بدلا عن الغسل أن يبقى مستيقظا
حتى يطلع الفجر، فيجوز له النوم (4) بعد التيمم قبل الفجر على الأقوى،
وإن كان الأحوط (5) البقاء مستيقظا لاحتمال بطلان تيممه بالنوم كما
على القول (6) بأن التيمم بدلا عن الغسل يبطل بالحدث الأصغر (7).
(مسألة 53): لا يجب على من أجنب في النهار بالاحتلام أو نحوه
من الأعذار أن يبادر إلى الغسل فورا، وإن كان هو الأحوط.
(مسألة 54): لو تيقظ بعد الفجر من نومه فرأى نفسه محتلما لم يبطل
569

صومه، سواء علم سبقه على الفجر أو علم تأخره أو بقي على الشك،
لأنه لو كان سابقا كان من البقاء على الجنابة غير متعمد، ولو كان بعد
الفجر كان من الاحتلام في النهار، نعم إذا علم سبقه على الفجر لم يصح
منه صوم قضاء رمضان (1) مع كونه موسعا، وأما مع ضيق وقته
فالأحوط الإتيان به وبعوضه (2).
(مسألة 55): من كان جنبا في شهر رمضان في الليل لا يجوز له
أن ينام قبل الاغتسال إذا علم أنه لا يستيقظ قبل الفجر للاغتسال،
ولو نام واستمر إلى الفجر لحقه حكم البقاء متعمدا فيجب عليه القضاء
والكفارة، وأما إن احتمل (3) الاستيقاظ جاز له النوم وإن كان من
النوم الثاني أو الثالث أو الأزيد، فلا يكون نومه حراما (4)، وإن كان
570

الأحوط (1) ترك النوم الثاني فما زاد، وإن اتفق استمراره إلى الفجر، غاية
الأمر وجوب القضاء أو مع الكفارة في بعض الصور كما سيتبين.
(مسألة 56): نوم الجنب في شهر رمضان في الليل مع احتمال
الاستيقاظ أو العلم به (2) إذا اتفق استمراره إلى طلوع الفجر على
أقسام: فإنه إما أن يكون مع العزم على ترك الغسل، وإما أن يكون
مع التردد في الغسل وعدمه، وإما أن يكون مع الذهول والغفلة عن
571

الغسل (1)، وإما أن يكون مع البناء على الاغتسال حين الاستيقاظ مع
اتفاق الاستمرار، فإن كان مع العزم على ترك الغسل أو مع التردد فيه
لحقه حكم تعمد البقاء جنبا، بل الأحوط ذلك (2) إن كان مع الغفلة
والذهول أيضا وإن كان الأقوى لحوقه بالقسم الأخير (3)، وإن كان مع
البناء على الاغتسال أو مع الذهول على ما قوينا، فإن كان في النومة
الأولى بعد العلم بالجنابة فلا شئ عليه (4) وصح صومه، وإن كان في
النومة الثانية بأن نام بعد العلم بالجنابة ثم انتبه ونام ثانيا مع احتمال
الانتباه فاتفق الاستمرار وجب عليه القضاء (5) فقط دون الكفارة (6) على
الأقوى وإن كان في النومة الثالثة فكذلك على الأقوى (7) وإن كان
572

الأحوط (1) ما هو المشهور من وجوب الكفارة أيضا في هذه الصورة،
بل الأحوط وجوبها (2) في النومة الثانية أيضا، بل وكذا في النومة الأولى
أيضا إذا لم يكن معتاد الانتباه (3) ولا يعد النوم الذي احتلم فيه (4) من
النوم الأول، بل المعتبر فيه النوم بعد تحقق الجنابة، فلو استيقظ المحتلم
من نومه ثم نام كان من النوم الأول لا الثاني.
(مسألة 57): الأحوط (5) إلحاق غير شهر رمضان من الصوم المعين
به (6) في حكم استمرار النوم الأول أو الثاني والثالث حتى في الكفارة
573

في الثاني والثالث إذا كان الصوم مما له كفارة كالنذر ونحوه.
(مسألة 58): إذا استمر النوم الرابع أو الخامس فالظاهر أن حكمه
حكم النوم الثالث.
(مسألة 59): الجنابة المستصحبة كالمعلومة في الأحكام المذكورة.
(مسألة 60): ألحق بعضهم الحائض والنفساء بالجنب في حكم
النومات، والأقوى عدم الإلحاق (1) وكون المناط فيهما صدق التواني في
الاغتسال، فمعه يبطل وإن كان في النوم الأول، ومع عدمه لا يبطل وإن
كان في النوم الثاني أو الثالث.
(مسألة 61): إذا شك في عدد النومات بنى على الأقل.
(مسألة 62): إذا نسي غسل الجنابة ومضى عليه أيام وشك في عددها
يجوز له الاقتصار في القضاء على القدر المتيقن وإن كان الأحوط
تحصيل اليقين بالفراغ.
(مسألة 63): يجوز قصد الوجوب (2) في الغسل وإن أتي به في أول
الليل لكن الأولى (3) مع الإتيان به قبل آخر الوقت أن لا يقصد الوجوب
بل يأتي به بقصد القربة.
(مسألة 64): فاقد الطهورين يسقط عنه اشتراط رفع الحدث
574

للصوم (1) فيصح صومه (2) مع الجنابة، أو مع حدث الحيض أو النفاس.
(مسألة 65): لا يشترط في صحة الصوم الغسل لمس الميت كما
لا يضر مسه في أثناء النهار.
(مسألة 66): لا يجوز إجناب (3) نفسه في شهر رمضان
إذا ضاق الوقت عن الاغتسال أو التيمم، بل إذا لم يسع
للاغتسال ولكن وسع للتيمم (4) ولو ظن سعة الوقت فتبين
575

ضيقه (1) فإن كان بعد الفحص صح صومه، وإن كان مع ترك الفحص
فعليه القضاء على الأحوط (2).
التاسع: من المفطرات الحقنة بالمائع (3) ولو مع الاضطرار إليها لرفع
المرض، ولا بأس بالجامد (4) وإن كان الأحوط اجتنابه أيضا.
(مسألة 67): إذا احتقن بالمائع لكن لم يصعد إلى الجوف بل كان بمجرد
الدخول في الدبر، فلا يبعد (5) عدم كونه مفطرا وإن كان الأحوط تركه (6).
(مسألة 68): الظاهر جواز الاحتقان بما يشك في كونه جامدا أو مائعا
576

وإن كان الأحوط تركه (1).
العاشر: تعمد القئ وإن كان للضرورة من رفع مرض أو نحوه، ولا
بأس بما كان سهوا أو من غير اختيار، والمدار على الصدق العرفي،
فخروج مثل النواة أو الدود لا يعد منه.
(مسألة 69): لو خرج بالتجشؤ شئ ثم نزل من غير اختيار لم يكن
مبطلا، ولو وصل إلى فضاء الفم فبلعه اختيارا بطل صومه وعليه القضاء
والكفارة (2) بل تجب كفارة الجمع (3) إذا كان حراما من جهة خباثته
أو غيرها.
(مسألة 70): لو ابتلع في الليل ما يجب عليه (4) قيؤه في النهار فسد
صومه (5) إن كان الإخراج منحصرا في القئ، وإن لم يكن منحصرا فيه
577

لم يبطل إلا إذا اختار القئ مع إمكان الإخراج (1) بغيره، ويشترط أن
يكون مما يصدق القئ على إخراجه، وأما لو كان مثل درة أو بندقة
أو درهم أو نحوها مما لا يصدق معه القئ لم يكن مبطلا.
(مسألة 71): إذا أكل في الليل ما يعلم أنه يوجب القئ في النهار من
غير اختيار فالأحوط القضاء (2).
(مسألة 72): إذا ظهر أثر القئ وأمكنه الحبس والمنع وجب (3) إذا لم
يكن حرج وضرر.
(مسألة 73): إذا دخل الذباب في حلقه وجب إخراجه (4) مع إمكانه
578

ولا يكون من القئ، ولو توقف إخراجه على القئ سقط وجوبه وصح
صومه.
(مسألة 74): يجوز للصائم التجشؤ اختيارا وإن احتمل (1) خروج
شئ من الطعام معه، وأما إذا علم بذلك فلا يجوز (2).
(مسألة 75): إذا ابتلع شيئا سهوا فتذكر قبل أن يصل إلى الحلق وجب
إخراجه وصح صومه، وأما إن تذكر بعد الوصول إليه (3) فلا يجب (4)
بل لا يجوز إذا صدق عليه القئ، وإن شك في ذلك فالظاهر وجوب
579

إخراجه أيضا مع إمكانه عملا بأصالة عدم الدخول (1) في الحلق.
(مسألة 76): إذا كان الصائم بالواجب المعين مشتغلا بالصلاة الواجبة
فدخل في حلقه ذباب أو بق أو نحوهما أو شئ من بقايا الطعام الذي
بين أسنانه وتوقف إخراجه على إبطال الصلاة بالتكلم بأخ أو بغير ذلك،
فإن أمكن التحفظ والإمساك إلى الفراغ من الصلاة وجب (2) وإن لم
يمكن ذلك ودار الأمر بين إبطال الصوم (3) بالبلع أو الصلاة بالإخراج
فإن لم يصل إلى الحد (4) من الحلق كمخرج الخاء وكان مما يحرم بلعه
في حد نفسه كالذباب ونحوه وجب قطع الصلاة (5) بإخراجه، ولو في
ضيق وقت الصلاة (6) وإن كان مما يحل بلعه في ذاته كبقايا الطعام ففي
580

سعة الوقت للصلاة ولو بإدراك ركعة منه يجب القطع والإخراج، وفي
الضيق يجب البلع وإبطال الصوم (1) تقديما لجانب الصلاة لأهميتها (2)
وإن وصل إلى الحد (3) فمع كونه مما يحرم بلعه وجب إخراجه بقطع
الصلاة وإبطالها على إشكال (4) وإن كان مثل بقايا الطعام لم يجب (5)
وصحت صلاته وصح صومه (6) على التقديرين (7) لعدم عد إخراج مثله
قيئا في العرف.
581

(مسألة 77): قيل يجوز للصائم أن يدخل إصبعه في حلقه (1) ويخرجه
عمدا وهو مشكل (2) مع الوصول إلى الحد فالأحوط الترك (3).
(مسألة 78): لا بأس بالتجشؤ القهري وإن وصل معه الطعام إلى فضاء
الفم ورجع بل لا بأس بتعمد التجشؤ ما لم يعلم أنه يخرج معه شئ من
الطعام (4) وإن خرج بعد ذلك وجب إلقاؤه ولو سبقه الرجوع إلى الحلق
لم يبطل صومه وإن كان الأحوط القضاء.
فصل
المفطرات المذكورة ما عدا البقاء على الجنابة الذي مر الكلام فيه
تفصيلا إنما توجب بطلان الصوم إذا وقعت على وجه العمد والاختيار،
582

أما مع السهو وعدم القصد فلا توجبه من غير فرق بين أقسام الصوم من
الواجب المعين والموسع والمندوب، ولا فرق في البطلان مع العمد بين
الجاهل بقسميه (1) والعالم، ولا بين المكره وغيره، فلو أكره على الإفطار
فأفطر مباشرة فرارا عن الضرر المترتب على تركه بطل صومه على
الأقوى، نعم لو وجر في حلقه من غير مباشرة منه لم يبطل (2).
(مسألة 1): إذا أكل ناسيا فظن فساد صومه فأفطر عامدا بطل صومه
وكذا لو أكل بتخيل أن صومه مندوب يجوز إبطاله فذكر أنه واجب.
(مسألة 2): إذا أفطر تقية من ظالم بطل صومه (3).
583

(مسألة 3): إذا كانت اللقمة في فمه وأراد بلعها لنسيان الصوم فتذكر
وجب إخراجها، وإن بلعها مع إمكان إلقائها بطل صومه، بل يجب
الكفارة أيضا، وكذا لو كان مشغولا بالأكل فتبين طلوع الفجر.
(مسألة 4): إذا دخل الذباب أو البق أو الدخان الغليظ أو الغبار في
حلقه من غير اختياره (1) لم يبطل صومه، وإن أمكن إخراجه وجب ولو
وصل إلى مخرج الخاء (2).
584

(مسألة 5): إذا غلب على الصائم العطش بحيث خاف من الهلاك
يجوز له (1) أن يشرب الماء مقتصرا على مقدار الضرورة، ولكن يفسد
صومه بذلك، ويجب عليه الإمساك بقية النهار إذا كان في شهر رمضان،
وأما في غيره من الواجب الموسع والمعين فلا يجب الإمساك، وإن كان
أحوط في الواجب المعين.
(مسألة 6): لا يجوز (2) للصائم أن يذهب إلى المكان الذي يعلم
اضطراره فيه إلى الإفطار بإكراه أو إيجار في حلقه أو نحو ذلك، ويبطل
صومه لو ذهب وصار مضطرا، ولو كان بنحو الإيجار (3) بل لا يبعد
بطلانه (4) بمجرد القصد إلى ذلك فإنه كالقصد للإفطار (5).
585

(مسألة 7): إذا نسي فجامع لم يبطل صومه، وإن تذكر في الأثناء
وجب المبادرة إلى الإخراج، وإلا وجب عليه القضاء والكفارة.
فصل
لا بأس للصائم بمص الخاتم أو الحصى، ولا بمضغ الطعام للصبي،
ولا بزق الطائر، ولا بذوق المرق ونحو ذلك مما لا يتعدى إلى الحلق،
ولا يبطل صومه إذا اتفق التعدي إذا كان من غير قصد ولا علم بأنه
يتعدى قهرا أو نسيانا أما مع العلم بذلك من الأول فيدخل في الإفطار
العمدي، وكذا لا بأس بمضغ العلك (1) ولا ببلع ريقه بعده وإن وجد له
طعما فيه ما لم يكن ذلك بتفتت أجزاء (2) منه بل كان لأجل المجاورة،
وكذا لا بأس بجلوسه في الماء ما لم يرتمس رجلا كان أو امرأة (3) وإن
كان يكره لها ذلك، ولا ببل الثوب ووضعه على الجسد ولا بالسواك
اليابس بل بالرطب أيضا، لكن إذا أخرج المسواك من فمه لا يرده
وعليه رطوبة وإلا كانت كالرطوبة الخارجية لا يجوز بلعها إلا بعد
الاستهلاك (4) في الريق، وكذا لا بأس بمص لسان الصبي أو الزوجة إذا
لم يكن عليه رطوبة (5)، ولا بتقبيلها أو ضمها أو نحو ذلك.
586

(مسألة 1): إذا امتزج بريقه دم واستهلك فيه يجوز بلعه (1) على
الأقوى، وكذا غير الدم من المحرمات والمحللات، والظاهر عدم جواز (2)
تعمد المزج والاستهلاك للبلع، سواء كان مثل الدم ونحوه من المحرمات
أو الماء ونحوه من المحللات، فما ذكرنا من الجواز إنما هو إذا كان ذلك
على وجه الاتفاق.
فصل
يكره للصائم أمور (3):
أحدها: مباشرة النساء لمسا وتقبيلا وملاعبة خصوصا لمن تتحرك
شهوته بذلك، بشرط أن لا يقصد الإنزال، ولا كان من عادته (4) وإلا
حرم (5) إذا كان في الصوم الواجب المعين (6).
587

الثاني: الاكتحال بما فيه صبر أو مسك أو نحوهما مما يصل طعمه
أو رائحته إلى الحلق، وكذا ذر مثل ذلك في العين.
الثالث: دخول الحمام إذا خشي منه الضعف.
الرابع: إخراج الدم المضعف بحجامة أو غيرها، وإذا علم بأدائه إلى
الإغماء المبطل للصوم حرم، بل لا يبعد كراهة كل فعل يورث الضعف
أو هيجان المرة.
الخامس: السعوط مع عدم العلم بوصوله إلى الحلق، وإلا فلا يجوز
على الأقوى.
السادس: شم الرياحين (1) خصوصا النرجس، والمراد بها كل نبت
طيب الريح.
السابع: بل الثوب على الجسد.
الثامن: جلوس المرأة في الماء، بل الأحوط (2) لها تركه.
التاسع: الحقنة بالجامد.
العاشر: قلع الضرس بل مطلق إدماء الفم.
الحادي عشر: السواك (3) بالعود الرطب.
الثاني عشر: المضمضة عبثا، وكذا إدخال شئ (4) آخر في الفم
588

لا لغرض صحيح.
الثالث عشر: إنشاد الشعر (1) ولا يبعد اختصاصه بغير المراثي،
أو المشتمل على المطالب الحقة (2) من دون إغراق، أو مدح الأئمة (عليهم السلام)
وإن كان يظهر من بعض الأخبار التعميم.
الرابع عشر: الجدال والمراء وأذى الخادم والمسارعة إلى الحلف
ونحو ذلك من المحرمات والمكروهات في غير حال الصوم فإنه يشتد
حرمتها أو كراهتها حاله.
فصل
المفطرات المذكورة كما أنها موجبة للقضاء كذلك توجب الكفارة (3)
إذا كانت مع العمد والاختيار من غير كره ولا إجبار، من غير فرق بين
الجميع حتى الارتماس (4) والكذب على الله وعلى رسوله، بل والحقنة
589

والقئ على الأقوى (1) نعم الأقوى (2) عدم وجوبها في النوم الثاني من
الجنب بعد الانتباه، بل والثالث، وإن كان الأحوط فيها أيضا (3) ذلك،
خصوصا الثالث (4) ولا فرق في وجوبها أيضا بين العالم والجاهل
المقصر والقاصر على الأحوط (5) وإن كان الأقوى عدم وجوبها على
590

الجاهل (1) خصوصا القاصر والمقصر (2) الغير الملتفت (3) حين الإفطار،
نعم إذا كان جاهلا بكون الشئ مفطرا مع علمه بحرمته كما إذا لم يعلم
أن الكذب على الله ورسوله من المفطرات فارتكبه حال الصوم فالظاهر
591

لحوقه (1) بالعالم في وجوب الكفارة (2).
(مسألة 1): تجب الكفارة في أربعة أقسام من الصوم:
الأول: صوم شهر رمضان وكفارته مخيرة بين العتق وصيام شهرين
متتابعين وإطعام ستين مسكينا على الأقوى، وإن كان الأحوط الترتيب
فيختار العتق مع الإمكان ومع العجز عنه فالصيام، ومع العجز عنه
فالإطعام، ويجب الجمع (3) بين الخصال إن كان الإفطار على محرم
كأكل المغصوب وشرب الخمر والجماع المحرم ونحو ذلك.
الثاني: صوم قضاء شهر رمضان إذا أفطر بعد الزوال، وكفارته (4)
إطعام عشرة مساكين لكل مسكين مد، فإن لم يتمكن فصوم ثلاثة
592

أيام (1)، والأحوط إطعام ستين مسكينا (2).
الثالث: صوم النذر المعين وكفارته كفارة إفطار شهر رمضان (3).
الرابع: صوم الإعتكاف وكفارته مثل كفارة شهر رمضان مخيرة بين
الخصال، ولكن الأحوط الترتيب المذكور (4) هذا، وكفارة الاعتكاف
مختصة بالجماع فلا تعم سائر المفطرات، والظاهر أنها لأجل الاعتكاف
لا للصوم (5) ولذا تجب في الجماع ليلا أيضا، وأما ما عدا ذلك من أقسام
الصوم فلا كفارة في إفطاره واجبا كان كالنذر المطلق والكفارة، أو
مندوبا فإنه لا كفارة فيها، وإن أفطر بعد الزوال.
(مسألة 2): تتكرر الكفارة بتكرر الموجب في يومين وأزيد من
صوم له كفارة، ولا تتكرر بتكرره في يوم واحد في غير الجماع (6) وإن
تخلل التكفير بين الموجبين أو اختلف جنس الموجب على الأقوى،
593

وإن كان الأحوط التكرار مع أحد الأمرين، بل الأحوط التكرار مطلقا،
وأما الجماع فالأحوط بل الأقوى (1) تكريرها بتكرره.
(مسألة 3): لا فرق في الإفطار بالمحرم الموجب لكفارة الجمع (2)
بين أن يكون الحرمة أصلية كالزنا وشرب الخمر، أو عارضية كالوطئ
حال الحيض أو تناول ما يضره (3).
(مسألة 4): من الإفطار بالمحرم الكذب (4) على الله وعلى رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)،
594

بل ابتلاع النخامة إذا قلنا بحرمتها من حيث دخولها في الخبائث (1)
لكنه مشكل.
(مسألة 5): إذا تعذر بعض الخصال في كفارة الجمع وجب عليه (2)
الباقي.
(مسألة 6): إذا جامع في يوم واحد مرات وجب عليه (3) كفارات
بعددها وإن كان على الوجه المحرم تعدد كفارة الجمع بعددها (4).
(مسألة 7): الظاهر أن الأكل في مجلس واحد يعد إفطارا واحدا وإن
تعددت اللقم فلو قلنا بالتكرار مع التكرر في يوم واحد لا تتكرر
بتعددها، وكذا الشرب إذا كان جرعة فجرعة.
(مسألة 8): في الجماع الواحد إذا أدخل وأخرج مرات لا تتكرر
الكفارة وإن كان أحوط.
(مسألة 9): إذا أفطر بغير الجماع ثم جامع بعد ذلك يكفيه التكفير
595

مرة (1) وكذا إذا أفطر أولا بالحلال ثم أفطر بالحرام تكفيه كفارة الجمع (2).
596

(مسألة 10): لو علم أنه أتي بما يوجب فساد الصوم وتردد بين
ما يوجب القضاء فقط أو يوجب الكفارة أيضا لم تجب عليه (1)، وإذا علم
أنه أفطر أياما ولم يدر عددها يجوز له الاقتصار على القدر المعلوم (2)،
وإذا شك في أنه أفطر بالمحلل أو المحرم كفاه إحدى الخصال (3)، وإذا
شك في أن اليوم الذي أفطره كان من شهر رمضان أو كان من قضائه
وقد أفطر قبل الزوال لم تجب عليه الكفارة، وإن كان قد أفطر بعد الزوال
كفاه إطعام ستين مسكينا، بل له الاكتفاء (4) بعشرة مساكين.
(مسألة 11): إذا أفطر متعمدا ثم سافر بعد الزوال لم تسقط عنه
597

الكفارة بلا إشكال وكذا إذا سافر قبل الزوال (1) للفرار عنها، بل وكذا لو
بدا له السفر (2) لا بقصد الفرار على الأقوى (3) وكذا لو سافر فأفطر قبل
الوصول إلى حد الترخص وأما لو أفطر متعمدا ثم عرض له عارض قهري
من حيض أو نفاس أو مرض أو جنون أو نحو ذلك من الأعذار ففي
السقوط وعدمه وجهان بل قولان أحوطهما الثاني (4) وأقواهما الأول (5).
(مسألة 12): لو أفطر يوم الشك في آخر الشهر ثم تبين أنه من شوال
598

فالأقوى سقوط الكفارة وإن كان الأحوط عدمه، وكذا لو اعتقد أنه من
رمضان ثم أفطر متعمدا فبان أنه من شوال أو اعتقد في يوم الشك في
أول الشهر أنه من رمضان فبان أنه من شعبان.
(مسألة 13): قد مر أن من أفطر في شهر رمضان عالما عامدا (1) إن
كان مستحلا فهو مرتد (2) بل وكذا إن لم يفطر ولكن كان مستحلا له، وإن
لم يكن مستحلا عزر بخمسة وعشرين (3) سوطا فإن عاد بعد التعزير
عزر ثانيا فإن عاد كذلك قتل في الثالثة والأحوط قتله (4) في الرابعة.
(مسألة 14): إذا جامع زوجته في شهر رمضان وهما صائمان مكرها
لها كان عليه كفارتان وتعزيران خمسون سوطا فيتحمل عنها الكفارة
والتعزيز وأما إذا طاوعته في الابتداء فعلى كل منهما كفارته وتعزيره
وإن أكرهها في الابتداء ثم طاوعته في الأثناء فكذلك على الأقوى (5)
599

وإن كان الأحوط (1) كفارة منها وكفارتين منه ولا فرق في الزوجة بين
الدائمة والمنقطعة.
(مسألة 15): لو جامع زوجته الصائمة وهو صائم في النوم لا يتحمل
عنها الكفارة ولا التعزير كما أنه ليس عليها شئ ولا يبطل صومها
بذلك وكذا لا يتحمل عنها إذا أكرهها على غير الجماع من المفطرات
حتى مقدمات الجماع وإن أوجبت إنزالها.
(مسألة 16): إذا أكرهت الزوجة زوجها لا تتحمل عنه شيئا.
(مسألة 17): لا تلحق بالزوجة الأمة (2) إذا أكرهها (3) على الجماع
600

وهما صائمان فليس عليه إلا كفارته وتعزيره وكذا لا تلحق بها الأجنبية
إذا أكرهها عليه على الأقوى وإن كان الأحوط (1) التحمل عنها خصوصا
إذا تخيل أنها زوجته فأكرهها عليه.
(مسألة 18): إذا كان الزوج مفطرا بسبب كونه مسافرا أو مريضا أو
نحو ذلك وكانت زوجته صائمة لا يجوز له إكراهها على الجماع وإن
فعل لا يتحمل (2) عنها الكفارة ولا التعزير وهل يجوز له مقاربتها وهي
نائمة إشكال (3).
(مسألة 19): من عجز عن الخصال الثلاث في كفارة مثل شهر رمضان
تخير (4) بين أن يصوم ثمانية عشر يوما أو يتصدق (5) بما يطيق ولو عجز
601

أتى بالممكن منهما (1) وإن لم يقدر على شئ منهما استغفر الله ولو مرة
بدلا عن الكفارة وإن تمكن بعد ذلك منها أتى بها (2).
(مسألة 20): يجوز التبرع بالكفارة عن الميت صوما كانت أو غيره
وفي جواز التبرع بها عن الحي إشكال (3) والأحوط العدم خصوصا
في الصوم.
(مسألة 21): من عليه الكفارة إذا لم يؤدها حتى مضت عليه سنين
لم تتكرر.
(مسألة 22): الظاهر أن وجوب الكفارة موسع فلا تجب المبادرة إليها
نعم لا يجوز التأخير إلى حد التهاون.
(مسألة 23): إذا أفطر الصائم بعد المغرب على حرام من زنا أو شرب
الخمر أو نحو ذلك لم يبطل صومه وإن كان في أثناء النهار قاصدا لذلك.
(مسألة 24): مصرف كفارة الإطعام الفقراء إما بإشباعهم وإما
بالتسليم إليهم كل واحد مدا والأحوط مدان من حنطة (4) أو شعير
602

أو أرز (1) أو خبز (2) أو نحو ذلك (3) ولا يكفي (4) في كفارة واحدة إشباع
شخص واحد مرتين أو أزيد أو إعطاؤه مدين أو أزيد بل لا بد من ستين
نفسا نعم إذا كان للفقير عيال متعددون ولو كانوا أطفالا صغارا يجوز
إعطاؤه بعدد الجميع لكل واحد مدا (5).
(مسألة 25): يجوز السفر في شهر رمضان لا لعذر وحاجة بل ولو
كان للفرار من الصوم لكنه مكروه (6).
(مسألة 26): المد ربع الصاع وهو ستمائة مثقال وأربعة عشر مثقالا
وربع مثقال وعلى هذا فالمد مائة وخمسون مثقالا وثلاثة مثاقيل
ونصف مثقال وربع ربع المثقال وإذا أعطى ثلاثة أرباع الوقية من حقة
النجف فقد زاد أزيد من واحد وعشرين مثقالا إذ ثلاثة أرباع الوقية مائة
وخمسة وسبعون مثقالا.
603

فصل
يجب القضاء دون الكفارة في موارد:
أحدها: ما مر من النوم الثاني (1) بل الثالث وإن كان الأحوط فيهما (2)
الكفارة أيضا خصوصا الثالث (3).
الثاني: إذا أبطل صومه (4) بالإخلال بالنية مع عدم الإتيان بشئ من
المفطرات أو بالرياء أو بنية القطع أو القاطع (5) كذلك.
الثالث: إذا نسي غسل الجنابة ومضى عليه يوم أو أيام كما مر.
الرابع: من فعل المفطر قبل مراعاة الفجر ثم ظهر سبق طلوعه وأنه
كان في النهار سواء كان قادرا على المراعاة أو عاجزا (6) عنها لعمى
604

أو حبس أو نحو ذلك أو كان غير عارف بالفجر وكذا مع المراعاة (1)
وعدم اعتقاد بقاء الليل بأن شك في الطلوع أو ظن (2) فأكل ثم تبين سبقه
بل الأحوط القضاء حتى مع اعتقاد (3) بقاء الليل ولا فرق في بطلان
الصوم بذلك بين صوم رمضان وغيره من الصوم الواجب والمندوب بل
الأقوى فيها ذلك (4) حتى مع المراعاة (5) واعتقاد بقاء الليل.
605

الخامس: الأكل تعويلا على من أخبر (1) ببقاء الليل وعدم طلوع
الفجر مع كونه طالعا.
السادس: الأكل إذا أخبره مخبر (2) بطلوع الفجر لزعمه سخرية
المخبر أو لعدم العلم بصدقه (3).
السابع: الإفطار تقليدا لمن أخبر بدخول الليل وإن كان جائزا له
لعمى أو نحوه وكذا إذا أخبره عدل بل عدلان (4) بل الأقوى وجوب
الكفارة أيضا إذا لم يجز له التقليد (5).
الثامن: الإفطار لظلمة قطع (6) بحصول الليل منها فبان خطأه ولم
606

يكن في السماء علة وكذا لو شك أو ظن بذلك منها بل المتجه في
الأخيرين الكفارة أيضا لعدم جواز الإفطار حينئذ ولو كان جاهلا بعدم
جواز الإفطار فالأقوى عدم الكفارة وإن كان الأحوط (1) إعطاؤها نعم لو
كانت في السماء علة فظن دخول الليل فأفطر ثم بان له الخطأ لم يكن
عليه قضاء فضلا عن الكفارة ومحصل المطلب أن من فعل المفطر
بتخيل عدم طلوع الفجر أو بتخيل دخول الليل بطل صومه (2) في جميع
الصور إلا في صورة ظن (3) دخول الليل مع وجود علة في السماء (4) من
غيم أو غبار (5) أو بخار (6) أو نحو ذلك من غير فرق بين شهر رمضان
607

وغيره من الصوم الواجب والمندوب وفي الصور التي ليس معذورا
شرعا في الإفطار كما إذا قامت البينة على أن الفجر قد طلع (1) ومع ذلك
أتى بالمفطر (2) أو شك في دخول الليل أو ظن ظنا غير معتبر ومع ذلك
أفطر تجب الكفارة أيضا فيما فيه الكفارة (3).
(مسألة 1): إذا أكل أو شرب مثلا مع الشك في طلوع الفجر
ولم يتبين أحد الأمرين لم يكن عليه شئ نعم لو شهد عدلان بالطلوع
ومع ذلك تناول المفطر وجب عليه القضاء بل الكفارة أيضا وإن لم
يتبين له ذلك بعد ذلك ولو شهد عدل واحد بذلك فكذلك على
الأحوط (4).
(مسألة 2): يجوز له فعل المفطر ولو قبل الفحص ما لم يعلم طلوع
الفجر ولم يشهد به البينة ولا يجوز له ذلك إذا شك في الغروب عملا
بالاستصحاب في الطرفين ولو شهد عدل واحد بالطلوع أو الغروب
608

فالأحوط (1) ترك المفطر عملا بالاحتياط للإشكال في حجية خبر
العدل الواحد (2) وعدم حجيته إلا أن الاحتياط في الغروب إلزامي وفي
الطلوع استحبابي (3) نظرا للاستصحاب.
التاسع: إدخال الماء في الفم للتبرد بمضمضة أو غيرها فسبقه ودخل
الجوف فإنه يقضي ولا كفارة عليه وكذا لو أدخله عبثا فسبقه (4) وأما لو
نسي فابتلعه فلا قضاء عليه أيضا وإن كان أحوط ولا يلحق بالماء (5)
غيره على الأقوى وإن كان عبثا كما لا يلحق بالإدخال في الفم
الإدخال في الأنف للاستنشاق أو غيره وإن كان أحوط في الأمرين.
(مسألة 3): لو تمضمض لوضوء الصلاة فسبقه الماء لم يجب عليه
القضاء سواء كانت الصلاة فريضة أو نافلة على الأقوى (6) بل لمطلق
609

الطهارة وإن كانت لغيرها من الغايات من غير فرق بين الوضوء والغسل
وإن كان الأحوط القضاء (1) فيما عدا ما كان لصلاة الفريضة (2) خصوصا
فيما كان لغير الصلاة من الغايات (3).
(مسألة 4): يكره المبالغة في المضمضة مطلقا وينبغي له أن لا يبلع
ريقه حتى يبزق ثلاث مرات.
(مسألة 5): لا يجوز التمضمض مع العلم (4) بأنه يسبقه الماء إلى
الحلق أو ينسى فيبلعه (5).
العاشر: سبق المني بالملاعبة أو بالملامسة إذا لم يكن ذلك من قصده
ولا عادته على الأحوط (6) وإن كان الأقوى (7) عدم وجوب القضاء أيضا.
610

فصل
في الزمان الذي يصح فيه الصوم
وهو النهار من غير العيدين (1) ومبدؤه طلوع الفجر الثاني ووقت
الإفطار ذهاب الحمرة من المشرق (2) ويجب الإمساك من باب المقدمة
في جزء من الليل في كل من الطرفين ليحصل العلم بإمساك تمام النهار
ويستحب تأخير الإفطار حتى يصلي العشاءين لتكتب صلاته صلاة
الصائم إلا أن يكون هناك من ينتظره للإفطار أو تنازعه نفسه على وجه
يسلبه الخضوع والإقبال ولو كان لأجل القهوة والتتن والترياك فإن الأفضل
حينئذ الإفطار ثم الصلاة مع المحافظة على وقت الفضيلة بقدر الامكان.
(مسألة 1): لا يشرع الصوم في الليل ولا صوم مجموع الليل والنهار
بل ولا إدخال جزء من الليل فيه إلا بقصد المقدمية.
فصل
في شرائط صحة الصوم
وهي أمور:
الأول: الإسلام والإيمان (3) فلا يصح من غير المؤمن ولو في جزء
611

من النهار فلو أسلم الكافر في أثناء النهار (1) ولو قبل الزوال لم يصح
صومه (2) وكذا لو ارتد ثم عاد إلى الإسلام بالتوبة وإن كان الصوم معينا
وجدد النية قبل الزوال على الأقوى (3).
الثاني: العقل فلا يصح من المجنون ولو أدوارا وإن كان
جنونه في جزء من النهار ولا من السكران (4) ولا من المغمى
612

عليه (1) ولو في بعض النهار (2) وإن سبقت منه النية على الأصح (3).
الثالث: عدم الإصباح جنبا أو على حدث الحيض والنفاس بعد
النقاء من الدم على التفصيل المتقدم (4).
الرابع: الخلو من الحيض والنفاس في مجموع النهار فلا يصح من
الحائض والنفساء إذا فاجأهما الدم ولو قبل الغروب بلحظة أو انقطع
عنهما بعد الفجر بلحظة ويصح من المستحاضة إذا أتت بما عليها من
613

الأغسال النهارية (1).
الخامس: أن لا يكون مسافرا سفرا يوجب قصر الصلاة مع العلم
بالحكم في الصوم الواجب إلا في ثلاثة مواضع:
أحدها: صوم ثلاثة أيام بدل هدي التمتع.
الثاني: صوم بدل البدنة ممن أفاض من عرفات قبل الغروب عامدا
وهو ثمانية عشر يوما.
الثالث: صوم النذر المشترط فيه سفرا خاصة أو سفرا وحضرا دون
النذر المطلق بل الأقوى عدم جواز الصوم المندوب في السفر (2) أيضا
إلا ثلاثة أيام للحاجة في المدينة والأفضل (3) إتيانها في الأربعاء
والخميس والجمعة وأما المسافر الجاهل بالحكم لو صام فيصح صومه
614

ويجزيه على حسبما عرفته في جاهل حكم الصلاة إذ الإفطار كالقصر
والصيام كالتمام في الصلاة لكن يشترط أن يبقى على جهله إلى آخر
النهار وأما لو علم بالحكم في الأثناء فلا يصح صومه وأما الناسي فلا
يلحق بالجاهل في الصحة وكذا يصح الصوم من المسافر إذا سافر بعد
الزوال (1) كما أنه يصح صومه إذا لم يقصر في صلاته كناوي الإقامة
عشرة أيام والمتردد ثلاثين يوما وكثير السفر (2) والعاصي (3) بسفره
وغيرهم ممن تقدم تفصيلا في كتاب الصلاة.
السادس: عدم المرض أو الرمد الذي يضره الصوم لإيجابه شدته أو
طول برئه أو شدة ألمه أو نحو ذلك سواء حصل اليقين بذلك أو الظن بل
أو الاحتمال (4) الموجب للخوف بل لو خاف الصحيح (5) من حدوث
615

المرض لم يصح منه (1) وكذا إذا خاف من الضرر في نفسه أو غيره
أو عرضه أو عرض غيره أو في مال يجب حفظه وكان وجوبه أهم (2)
في نظر الشارع من وجوب الصوم وكذا إذا زاحمه (3) واجب آخر أهم
منه، ولا يكفي الضعف وإن كان مفرطا ما دام يتحمل عادة، نعم لو كان
مما لا يتحمل عادة جاز الإفطار. ولو صام بزعم عدم الضرر فبان
الخلاف بعد الفراغ من الصوم ففي الصحة إشكال (4) فلا يترك الاحتياط
616

بالقضاء وإذا حكم الطبيب بأن الصوم مضر وعلم المكلف من نفسه عدم
الضرر يصح صومه (1) وإذا حكم بعدم ضرره وعلم المكلف أو ظن كونه
مضرا وجب عليه تركه ولا يصح منه (2).
(مسألة 1): يصح الصوم من النائم ولو في تمام النهار إذا سبقت منه
النية في الليل وأما إذا لم تسبق منه النية فإن استمر نومه إلى الزوال (3)
بطل صومه ووجب عليه القضاء إذا كان واجبا وإن استيقظ قبله نوى
وصح (4) كما أنه لو كان مندوبا واستيقظ قبل الغروب يصح إذا نوى.
(مسألة 2): يصح الصوم وسائر العبادات من الصبي المميز على
الأقوى من شرعية عباداته ويستحب تمرينه عليها بل التشديد عليه
لسبع (5) من غير فرق بين الذكر والأنثى في ذلك كله.
617

(مسألة 3): يشترط في صحة الصوم المندوب مضافا إلى ما ذكر أن
لا يكون عليه صوم واجب (1) من قضاء أو نذر (2) أو كفارة أو نحوها مع
التمكن من أدائه (3) وأما مع عدم التمكن منه كما إذا كان مسافرا وقلنا
بجواز الصوم المندوب في السفر أو كان في المدينة وأراد صيام ثلاثة
أيام للحاجة فالأقوى صحته (4) وكذا إذا نسي (5) الواجب وأتى
بالمندوب فإن الأقوى صحته (6) إذا تذكر بعد الفراغ وأما إذا تذكر في
618

الأثناء قطع ويجوز تجديد النية حينئذ للواجب مع بقاء محلها كما إذا
كان قبل الزوال ولو نذر التطوع على الإطلاق صح (1) وإن كان عليه
واجب فيجوز أن يأتي (2) بالمنذور قبله بعدما صار واجبا وكذا لو نذر
أياما معينة يمكن إتيان الواجب قبلها وأما لو نذر أياما معينة لا يمكن
إتيان الواجب قبلها ففي صحته إشكال (3) من أنه بعد النذر يصير واجبا
ومن أن التطوع قبل الفريضة غير جائز فلا يصح نذره ولا يبعد أن يقال
أنه لا يجوز بوصف التطوع (4) وبالنذر يخرج عن الوصف (5) ويكفي في
619

رجحان متعلق النذر رجحانه ولو بالنذر (1) وبعبارة أخرى المانع هو
وصف الندب وبالنذر يرتفع المانع.
(مسألة 4): الظاهر جواز التطوع بالصوم إذا كان ما عليه من الصوم
الواجب استئجاريا وإن كان الأحوط تقديم الواجب.
فصل
في شرائط وجوب الصوم
وهي أمور:
الأول والثاني: البلوغ والعقل فلا يجب على الصبي والمجنون إلا
أن يكملا قبل طلوع الفجر دون ما إذا كملا بعده فإنه لا يجب
عليهما (2) وإن لم يأتيا بالمفطر (3) بل وإن نوى الصبي الصوم ندبا (4)
620

لكن الأحوط (1) مع عدم إتيان المفطر الإتمام (2) والقضاء (3) إذا كان
الصوم واجبا معينا ولا فرق في الجنون بين الإطباقي والأدواري إذا
كان يحصل في النهار ولو في جزء منه (4) وأما لو كان دور جنونه في
الليل بحيث يفيق قبل الفجر فيجب عليه.
الثالث: عدم الإغماء فلا يجب معه الصوم ولو حصل في جزء
من النهار (5) نعم لو كان نوى الصوم (6) قبل الاغماء فالأحوط
621

إتمامه (1).
الرابع: عدم المرض الذي يتضرر معه الصائم ولو برئ بعد الزوال ولم
يفطر لم يجب عليه النية والإتمام وأما لو برئ قبله ولم يتناول مفطرا
فالأحوط أن ينوي ويصوم (2) وإن كان الأقوى عدم وجوبه (3).
الخامس: الخلو من الحيض والنفاس فلا يجب معهما وإن كان
حصولهما في جزء من النهار.
السادس: الحضر فلا يجب على المسافر الذي يجب عليه قصر
الصلاة بخلاف من كان وظيفته التمام كالمقيم عشرا أو المتردد ثلاثين
يوما والمكاري ونحوه والعاصي بسفره فإنه يجب عليه التمام إذ المدار
في تقصير الصوم على تقصير الصلاة فكل سفر يوجب قصر الصلاة
622

يوجب قصر الصوم وبالعكس (1).
(مسألة 1): إذا كان حاضرا فخرج إلى السفر فإن كان قبل الزوال
وجب عليه الإفطار (2) وإن كان بعده وجب عليه البقاء (3) على صومه
وإذا كان مسافرا وحضر بلده أو بلدا يعزم على الإقامة فيه عشرة أيام
فإن كان قبل الزوال ولم يتناول المفطر وجب عليه الصوم وإن كان بعده
أو تناول فلا وإن استحب له الإمساك بقية النهار والظاهر (4) أن المناط
كون الشروع في السفر قبل الزوال أو بعده لا الخروج عن حد الترخص
وكذا في الرجوع المناط دخول البلد لكن لا يترك الاحتياط (5) بالجمع
إذا كان الشروع قبل الزوال والخروج عن حد الترخص بعده وكذا
في العود إذا كان الوصول إلى حد الترخص قبل الزوال والدخول في
المنزل بعده.
623

(مسألة 2): قد عرفت التلازم بين إتمام الصلاة والصوم وقصرها
والإفطار لكن يستثنى من ذلك موارد (1):
أحدها: الأماكن الأربعة فإن المسافر يتخير فيها بين القصر والتمام
في الصلاة وفي الصوم يتعين الإفطار.
الثاني: ما مر من الخارج إلى السفر بعد الزوال فإنه يتعين عليه البقاء
على الصوم مع أنه يقصر في الصلاة.
الثالث: ما مر من الراجع من سفره فإنه إن رجع بعد الزوال يجب
عليه الإتمام مع أنه يتعين عليه الإفطار.
(مسألة 3): إذا خرج إلى السفر في شهر رمضان لا يجوز له الإفطار
إلا بعد الوصول إلى حد الترخص وقد مر سابقا وجوب الكفارة عليه (2)
إن أفطر قبله.
(مسألة 4): يجوز السفر اختيارا في شهر رمضان بل ولو كان للفرار
من الصوم كما مر وأما غيره من الواجب المعين فالأقوى عدم جوازه (3)
624

إلا مع الضرورة كما أنه لو كان مسافرا وجب عليه الإقامة (1) لإتيانه
مع الإمكان.
(مسألة 5): الظاهر كراهة السفر في شهر رمضان قبل أن يمضي
ثلاثة وعشرون يوما إلا في حج أو عمرة (2) أو مال يخاف تلفه أو أخ
يخاف هلاكه.
(مسألة 6): يكره للمسافر في شهر رمضان بل كل من يجوز له
الإفطار التملي من الطعام والشراب وكذا يكره له الجماع في النهار بل
الأحوط تركه وإن كان الأقوى جوازه.
فصل
وردت الرخصة في إفطار شهر رمضان لأشخاص بل قد يجب:
الأول والثاني: الشيخ والشيخة إذا تعذر عليهما الصوم أو كان
حرجا ومشقة فيجوز لهما الإفطار لكن يجب عليهما في صورة المشقة
625

بل في صورة التعذر (1) أيضا التكفير بدل كل يوم بمد من طعام،
والأحوط مدان والأفضل كونهما من حنطة والأقوى (2) وجوب القضاء
عليهما لو تمكنا بعد ذلك.
الثالث: من به داء العطش فإنه يفطر سواء كان بحيث لا يقدر (3) على
الصبر أو كان فيه مشقة ويجب عليه التصدق بمد والأحوط مدان من
غير فرق بين ما إذا كان مرجو الزوال أم لا، والأحوط بل الأقوى (4)
626

وجوب القضاء عليه إذا تمكن بعد ذلك كما أن الأحوط أن يقتصر على
مقدار الضرورة (1).
الرابع: الحامل المقرب التي يضرها الصوم (2) أو يضر حملها فتفطر
وتتصدق (3) من مالها بالمد أو المدين وتقضي بعد ذلك.
الخامس: المرضعة القليلة اللبن إذا أضر بها الصوم أو أضر بالولد
ولا فرق بين أن يكون الولد لها أو متبرعة برضاعه أو مستأجرة ويجب
عليها التصدق بالمد أو المدين أيضا من مالها والقضاء بعد ذلك
والأحوط بل الأقوى (4) الاقتصار على صورة عدم وجود من يقوم
مقامها في الرضاع تبرعا أو بأجرة من أبيه أو منها أو من متبرع.
627

فصل
في طرق ثبوت هلال رمضان وشوال للصوم والإفطار وهي أمور:
الأول: رؤية المكلف نفسه.
الثاني: التواتر.
الثالث: الشياع المفيد للعلم وفي حكمه كل ما يفيد العلم ولو بمعاونة
القرائن فمن حصل له العلم بأحد الوجوه المذكورة وجب عليه العمل به
وإن لم يوافقه أحد بل وإن شهد ورد الحاكم شهادته.
الرابع: مضي ثلاثين يوما من هلال شعبان أو ثلاثين يوما من هلال
رمضان فإنه يجب الصوم معه في الأول والإفطار في الثاني.
الخامس: البينة (1) الشرعية وهي خبر عدلين سواء شهدا عند الحاكم
وقبل شهادتهما أو لم يشهدا عنده أو شهدا ورد شهادتهما فكل من
شهد عنده عدلان عنده يجوز بل يجب عليه ترتيب الأثر من الصوم
أو الإفطار ولا فرق بين أن تكون البينة من البلد أو من خارجه (2)
628

وبين وجود العلة في السماء وعدمها (1) نعم يشترط توافقهما في
الأوصاف (2) فلو اختلفا فيها لا اعتبار بها (3) نعم لو أطلقا أو وصف
أحدهما وأطلق الآخر كفى ولا يعتبر اتحادهما في زمان الرؤية مع
توافقهما على الرؤية في الليل ولا يثبت بشهادة النساء ولا بعدل واحد
ولو مع ضم اليمين.
السادس: حكم الحاكم (4) الذي لم يعلم خطأه ولا خطأ مستنده (5)
كما إذا استند إلى الشياع الظني ولا يثبت بقول المنجمين ولا بغيبوبة
الشفق (6) في الليلة الأخرى ولا برؤيته يوم الثلاثين قبل
629

الزوال (1) فلا يحكم (2) بكون ذلك اليوم أول الشهر ولا بغير ذلك مما يفيد
الظن ولو كان قويا إلا للأسير والمحبوس (3).
(مسألة 1): لا يثبت بشهادة العدلين إذا لم يشهدا بالرؤية بل شهدا
شهادة علمية.
(مسألة 2): إذا لم يثبت الهلال (4) وترك الصوم ثم شهد عدلان برؤيته
يجب قضاء ذلك اليوم وكذا إذا قامت البينة على هلال شوال ليلة التاسع
والعشرين من هلال رمضان (5) أو رآه في تلك الليلة بنفسه (6).
630

(مسألة 3): لا يختص اعتبار حكم الحاكم بمقلديه بل هو نافذ
بالنسبة إلى الحاكم الآخر أيضا إذا لم يثبت عنده خلافه.
(مسألة 4): إذا ثبت رؤيته في بلد آخر ولم يثبت في بلده فإن كانا
متقاربين كفى وإلا فلا (1) إلا إذا علم توافق أفقهما (2) وإن كانا متباعدين.
(مسألة 5): لا يجوز الاعتماد على البريد البرقي المسمى بالتلغراف
في الإخبار عن الرؤية إلا إذا حصل منه العلم بأن كان البلدان متقاربين
وتحقق حكم الحاكم أو شهادة العدلين برؤيته هناك.
(مسألة 6): في يوم الشك في أنه من رمضان أو شوال يجب أن
يصوم وفي يوم الشك في أنه من شعبان أو رمضان يجوز الإفطار
ويجوز أن يصوم لكن لا بقصد (3) أنه من رمضان كما مر سابقا تفصيل
الكلام فيه (4) ولو تبين في الصورة الأولى كونه من شوال وجب الإفطار
سواء كان قبل الزوال أو بعده ولو تبين في الصورة الثانية كونه من
رمضان وجب الإمساك وكان صحيحا إذا لم يفطر ونوى قبل الزوال (5)
631

ويجب قضاؤه إذا كان بعد الزوال (1).
(مسألة 7): لو غمت الشهور ولم ير الهلال في جملة منها أو في
تمامها حسب كل شهر ثلاثين ما لم يعلم النقصان عادة.
(مسألة 8): الأسير والمحبوس إذا لم يتمكنا من تحصيل العلم
بالشهر عملا بالظن ومع عدمه تخيرا (2) في كل سنة بين الشهور (3)
فيعينان شهرا له ويجب (4) مراعاة المطابقة بين الشهرين في سنتين بأن
يكون بينهما أحد عشر شهرا ولو بان بعد ذلك أن ما ظنه أو اختاره لم
يكن رمضان فإن تبين سبقه (5) كفاه لأنه حينئذ يكون ما أتى به قضاء
وإن تبين لحوقه وقد مضى قضاه وإن لم يمض أتى به ويجوز له (6)
632

في صورة عدم حصول الظن أن لا يصوم (1) حتى يتيقن (2) أنه كان
سابقا (3) فيأتي به قضاء والأحوط (4) إجراء أحكام شهر رمضان على
ما ظنه من الكفارة والمتابعة والفطرة وصلاة العيد وحرمة صومه ما دام
الاشتباه باقيا وإن بان الخلاف عمل بمقتضاه.
(مسألة 9): إذا اشتبه شهر رمضان بين شهرين أو ثلاثة أشهر
مثلا فالأحوط (5) صوم الجميع وإن كان لا يبعد إجراء حكم
633

الأسير (1) والمحبوس وأما إن اشتبه الشهر المنذور صومه بين شهرين
أو ثلاثة فالظاهر (2) وجوب الاحتياط ما لم يستلزم الحرج ومعه يعمل
بالظن (3) ومع عدمه يتخير (4).
(مسألة 10): إذا فرض كون المكلف في المكان الذي نهاره ستة أشهر
وليله ستة أشهر أو نهاره ثلاثة وليله ستة (5) أو نحو ذلك فلا يبعد كون
634

المدار في صومه وصلاته على البلدان المتعارفة (1) المتوسطة مخيرا بين
أفراد المتوسط وأما احتمال سقوط تكليفهما عنه فبعيد كاحتمال (2)
سقوط الصوم وكون الواجب صلاة يوم واحد وليلة واحدة ويحتمل (3)
كون المدار بلده الذي كان متوطنا فيه سابقا إن كان له بلد سابق.
فصل
في أحكام القضاء
يجب قضاء الصوم ممن فاته بشروط وهي: البلوغ، والعقل،
والإسلام، فلا يجب على البالغ ما فاته أيام صباه نعم يجب قضاء اليوم
635

الذي بلغ فيه قبل طلوع فجره أو بلغ مقارنا لطلوعه إذا فاته صومه وأما
لو بلغ بعد الطلوع في أثناء النهار فلا يجب قضاؤه (1) وإن كان أحوط (2)
ولو شك في كون البلوغ قبل الفجر أو بعده فمع الجهل بتاريخهما لم
يجب القضاء وكذا مع الجهل بتاريخ البلوغ وأما مع الجهل بتاريخ الطلوع
بأن علم أنه بلغ قبل ساعة مثلا ولم يعلم أنه كان قد طلع الفجر أم لا
فالأحوط القضاء ولكن في وجوبه إشكال (3) وكذا لا يجب على المجنون
ما فات منه أيام جنونه من غير فرق بين ما كان من الله أو من فعله (4)
636

على وجه الحرمة أو على وجه الجواز وكذا لا يجب على المغمى عليه
سواء نوى الصوم قبل الإغماء أم لا وكذا لا يجب على من أسلم عن
كفر إلا إذا أسلم قبل الفجر ولم يصم ذلك اليوم فإنه يجب عليه قضاؤه
ولو أسلم في أثناء النهار لم يجب عليه صومه (1) وإن لم يأت بالمفطر
ولا عليه قضاؤه من غير فرق بين ما لو أسلم قبل الزوال أو بعده وإن
كان الأحوط القضاء (2) إذا كان قبل الزوال (3).
(مسألة 1): يجب على المرتد قضاء ما فاته أيام ردته سواء كان عن
ملة أو فطرة.
637

(مسألة 2): يجب (1) القضاء على من فاته لسكر من غير فرق بين
ما كان للتداوي أو على وجه الحرام.
(مسألة 3): يجب على الحائض والنفساء قضاء ما فاتهما حال الحيض
والنفاس وأما المستحاضة فيجب عليها الأداء وإذا فات منها فالقضاء.
(مسألة 4): المخالف إذا استبصر يجب عليه قضاء ما فاته وأما ما
أتى به على وفق مذهبه (2) فلا قضاء عليه.
(مسألة 5): يجب القضاء على من فاته الصوم للنوم بأن كان نائما
قبل الفجر إلى الغروب (3) من غير سبق نية وكذا من فاته للغفلة كذلك.
(مسألة 6): إذا علم أنه فاته أيام من شهر رمضان ودار بين الأقل
والأكثر يجوز له الاكتفاء بالأقل (4) ولكن الأحوط قضاء الأكثر
638

خصوصا إذا كان الفوت لمانع (1) من مرض أو سفر أو نحو ذلك وكان
شكه في زمان زواله كأن يشك في أنه حضر من سفره بعد أربعة أيام أو
بعد خمسة أيام مثلا من شهر رمضان.
(مسألة 7): لا يجب الفور في قضاء ولا التتابع نعم يستحب التتابع
فيه وإن كان أكثر من ستة لا التفريق فيه مطلقا أو في الزائد على الستة.
(مسألة 8): لا يجب تعيين الأيام (2) فلو كان عليه أيام فصام بعددها
كفى وإن لم يعين الأول والثاني وهكذا بل لا يجب الترتيب أيضا فلو
نوى الوسط أو الأخير تعين (3) ويترتب عليه أثره.
(مسألة 9): لو كان عليه قضاء من رمضانين فصاعدا يجوز قضاء
اللاحق قبل السابق بل إذا تضيق اللاحق بأن صار قريبا من رمضان
آخر كان الأحوط (4) تقديم اللاحق ولو أطلق في نيته انصرف إلى
السابق (5) وكذا في الأيام (6).
639

(مسألة 10): لا ترتيب بين صوم القضاء وغيره من أقسام الصوم
الواجب كالكفارة والنذر ونحوهما نعم لا يجوز التطوع بشئ لمن عليه
صوم واجب (1) كما مر.
(مسألة 11): إذا اعتقد أن عليه قضاء فنواه ثم تبين بعد الفراغ فراغ
ذمته لم يقع لغيره وأما لو ظهر له في الأثناء فإن كان بعد الزوال لا يجوز
العدول إلى غيره وإن كان قبله فالأقوى جواز تجديد النية لغيره (2) وإن
كان الأحوط (3) عدمه.
(مسألة 12): إذا فاته شهر رمضان أو بعضه بمرض أو حيض أو نفاس
ومات فيه لم يجب القضاء عنه ولكن يستحب (4) النيابة عنه في أدائه
والأولى (5) أن يكون بقصد إهداء الثواب.
(مسألة 13): إذا فاته شهر رمضان أو بعضه لعذر واستمر إلى رمضان
آخر فإن كان العذر هو المرض سقط قضاؤه على الأصح وكفر عن كل
640

يوم بمد والأحوط مدان ولا يجزي القضاء عن التكفير نعم الأحوط
الجمع بينهما (1) وإن كان العذر غير المرض كالسفر ونحوه فالأقوى
وجوب القضاء وإن كان الأحوط الجمع بينه وبين المد (2) وكذا إن كان
سبب الفوت هو المرض وكان العذر في التأخير غيره مستمرا من حين
برئه إلى رمضان آخر أو العكس فإنه يجب القضاء أيضا في هاتين
الصورتين على الأقوى والأحوط الجمع خصوصا في الثانية (3).
(مسألة 14): إذا فاته شهر رمضان أو بعضه لا لعذر بل كان متعمدا في
الترك ولم يأت بالقضاء إلى رمضان آخر وجب عليه (4) الجمع بين
641

الكفارة (1) والقضاء بعد الشهر وكذا إن فاته لعذر ولم يستمر ذلك العذر بل
ارتفع في أثناء السنة ولم يأت به إلى رمضان آخر متعمدا وعازما على
الترك أو متسامحا واتفق العذر عند الضيق فإنه يجب حينئذ أيضا الجمع
وأما إن كان عازما على القضاء بعد ارتفاع العذر فاتفق العذر عند الضيق
فلا يبعد كفاية القضاء (2) لكن لا يترك الاحتياط بالجمع (3) أيضا ولا
فرق فيما ذكر بين كون العذر هو المرض أو غيره (4) فتحصل مما ذكر
في هذه المسألة وسابقتها أن تأخير القضاء إلى رمضان آخر إما يوجب
الكفارة فقط وهي الصورة الأولى المذكورة في المسألة السابقة وإما
يوجب القضاء فقط وهي بقية الصور المذكورة فيها وإما يوجب الجمع
بينهما وهي الصور المذكورة في هذه المسألة نعم الأحوط الجمع في
الصور المذكورة في السابقة أيضا كما عرفت (5).
642

(مسألة 15): إذا استمر المرض إلى ثلاث سنين يعني الرمضان الثالث
وجبت كفارة للأولى وكفارة أخرى للثانية ويجب عليه القضاء للثالثة (1)
إذا استمر إلى آخرها ثم برئ وإذا استمر إلى أربع سنين وجبت للثالثة
أيضا ويقضي للرابعة إذا استمر إلى آخرها أي الرمضان الرابع وأما إذا
أخر قضاء السنة الأولى إلى سنين عديدة فلا تتكرر الكفارة (2) بتكررها
بل تكفيه كفارة واحدة إلى سنين.
(مسألة 16): يجوز إعطاء كفارة أيام عديدة من رمضان واحد أو أزيد
لفقير واحد فلا يجب إعطاء كل فقير مدا واحدا ليوم واحد.
(مسألة 17): لا تجب كفارة العبد على سيده من غير فرق بين كفارة
التأخير وكفارة الإفطار ففي الأولى إن كان له مال وأذن (3) له السيد
أعطى من ماله وإلا استغفر بدلا عنها وفي كفارة الإفطار يجب عليه
اختيار صوم شهرين مع عدم المال والإذن من السيد وإن عجز فصوم
ثمانية (4) عشر يوما وإن عجز فالاستغفار (5).
(مسألة 18): الأحوط (6) عدم تأخير القضاء إلى رمضان آخر مع
643

التمكن عمدا وإن كان لا دليل على حرمته (1).
(مسألة 19): يجب على ولي الميت قضاء ما فاته من الصوم لعذر (2)
من مرض أو سفر أو نحوهما لا ما تركه عمدا (3) أو أتى به وكان باطلا
من جهة التقصير في أخذ المسائل (4) وإن كان الأحوط (5) قضاء جميع ما
عليه وإن كان من جهة الترك عمدا نعم يشترط في وجوب قضاء ما
فات بالمرض أن يكون قد تمكن في حال حياته من القضاء وأهمل
وإلا فلا يجب لسقوط القضاء حينئذ كما عرفت سابقا ولا فرق في
644

الميت بين الأب والأم (1) على الأقوى (2) وكذا لا فرق بين ما إذا ترك
الميت ما يمكن التصدق به عنه وعدمه وإن كان الأحوط في الأول
الصدقة (3) عنه برضا الوارث مع القضاء والمراد بالولي هو الولد الأكبر (4)
وإن كان طفلا أو مجنونا حين الموت بل وإن كان حملا.
(مسألة 20): لو لم يكن للميت ولد لم يجب القضاء على أحد من
الورثة وإن كان الأحوط قضاء أكبر الذكور (5) من الأقارب عنه.
(مسألة 21): لو تعدد الولي اشتركا (6) وإن تحمل أحدهما كفى عن
الآخر كما أنه لو تبرع أجنبي سقط عن الولي.
(مسألة 22): يجوز للولي أن يستأجر من يصوم عن الميت وأن يأتي
645

به مباشرة وإذا استأجر ولم يأت به المؤجر (1) أو أتى به باطلا لم يسقط
عن الولي.
(مسألة 23): إذا شك الولي في اشتغال ذمة الميت وعدمه لم يجب
عليه شئ ولو علم به إجمالا وتردد بين الأقل والأكثر جاز له الاقتصار
على الأقل.
(مسألة 24): إذا أوصى الميت باستئجار ما عليه من الصوم أو الصلاة
سقط عن الولي بشرط أداء الأجير صحيحا (2) وإلا وجب عليه.
(مسألة 25): إنما يجب على الولي قضاء ما علم اشتغال ذمة الميت به
أو شهدت به البينة أو أقر به (3) عند موته وأما لو علم أنه كان عليه
القضاء وشك في إتيانه حال حياته أو بقاء شغل ذمته فالظاهر عدم
الوجوب (4) عليه باستصحاب بقائه نعم لو شك هو في حال حياته
646

وأجرى الاستصحاب أو قاعدة الشغل ولم يأت به حتى مات فالظاهر
وجوبه على الولي (1).
(مسألة 26): في اختصاص ما وجب على الولي بقضاء شهر رمضان
أو عمومه لكل صوم واجب قولان مقتضى إطلاق بعض الأخبار الثاني
وهو الأحوط (2).
(مسألة 27): لا يجوز للصائم قضاء شهر رمضان إذا كان عن نفسه
الإفطار بعد الزوال بل تجب عليه الكفارة به وهي كما مر إطعام عشرة
مساكين لكل مسكين مد ومع العجز عنه صيام ثلاثة أيام وأما إذا كان
عن غيره بإجارة أو تبرع فالأقوى جوازه (3) وإن كان الأحوط الترك (4)
647

كما أن الأقوى الجواز في سائر أقسام الصوم الواجب الموسع وإن كان
الأحوط الترك فيها أيضا (1) وأما الإفطار قبل الزوال فلا مانع منه حتى
في قضاء شهر رمضان عن نفسه إلا مع التعين بالنذر أو الإجارة أو
نحوهما أو التضيق بمجئ رمضان آخر إن قلنا بعدم جواز التأخير إليه
كما هو المشهور (2).
فصل
في صوم الكفارة
وهو أقسام:
منها: ما يجب فيه الصوم مع غيره وهي كفارة قتل العمد وكفارة من
أفطر على محرم في شهر رمضان (3) فإنه تجب فيهما الخصال الثلاث (4).
ومنها: ما يجب فيه الصوم بعد العجز عن غيره وهي كفارة الظهار
وكفارة قتل الخطأ فإن وجوب الصوم فيهما بعد العجز عن العتق وكفارة
الإفطار في قضاء رمضان فإن الصوم فيها بعد العجز عن الإطعام كما
648

عرفت وكفارة اليمين وهي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين
أو كسوتهم وبعد العجز عنها فصيام ثلاثة أيام وكفارة صيد النعامة
وكفارة صيد البقر الوحشي وكفارة صيد الغزال فإن في الأول تجب بدنة
ومع العجز عنها صيام ثمانية عشر (1) يوما وفي الثاني يجب ذبح بقرة
649

ومع العجز عنها صوم تسعة أيام (1) وفي الثالث يجب فيه شاة ومع العجز
650

عنها (1) صوم ثلاثة أيام (2) وكفارة الإفاضة من عرفات قبل الغروب
عمدا وهي بدنة وبعد العجز عنها صيام ثمانية عشر يوما (3) وكفارة
خدش المرأة (4) وجهها في المصاب حتى أدمته ونتفها رأسها فيه وكفارة
شق الرجل ثوبه (5) على زوجته أو ولده فإنهما ككفارة اليمين (6).
ومنها: ما يجب فيه الصوم مخيرا بينه وبين غيره وهي كفارة الإفطار
في شهر رمضان وكفارة الاعتكاف (7) وكفارة النذر (8) والعهد وكفارة جز
651

المرأة (1) شعرها في المصاب فإن كل هذه مخيرة بين الخصال الثلاث
على الأقوى وكفارة حلق الرأس في الإحرام وهي دم شاة أو صيام
ثلاثة أيام أو التصدق على ستة مساكين (2) لكل واحد مدان.
ومنها: ما يجب فيه الصوم مرتبا على غيره مخيرا بينه وبين غيره
وهي كفارة الواطئ أمته المحرمة بإذنه (3) فإنها بدنة أو بقرة (4) ومع العجز
فشاة أو صيام ثلاثة أيام (5).
(مسألة 1): يجب التتابع (6) في صوم شهرين من كفارة الجمع
652

أو كفارة التخيير (1) ويكفي في حصول التتابع فيهما صوم الشهر الأول
ويوم من الشهر الثاني وكذا يجب (2) التتابع في الثمانية عشر بدل
الشهرين (3) بل هو الأحوط (4) في صيام سائر الكفارات وإن كان في
وجوبه فيها تأمل وإشكال (5).
(مسألة 2): إذا نذر صوم شهر أو أقل أو أزيد لم يجب التتابع (6) إلا
مع الانصراف (7) أو اشتراط التتابع فيه.
(مسألة 3): إذا فاته النذر المعين أو المشروط فيه التتابع فالأحوط (8)
653

في قضائه التتابع أيضا.
(مسألة 4): من وجب عليه الصوم اللازم فيه التتابع لا يجوز أن
يشرع فيه في زمان يعلم أنه لا يسلم له بتخلل العيد (1) أو تخلل يوم
يجب فيه صوم آخر من نذر أو إجارة أو شهر رمضان فمن وجب عليه
شهران متتابعان لا يجوز له أن يبتدئ بشعبان بل يجب أن يصوم قبله
يوما أو أزيد من رجب وكذا لا يجوز أن يقتصر على شوال مع يوم من
ذي القعدة أو على ذي الحجة مع يوم من المحرم لنقصان الشهرين
بالعيدين نعم لو لم يعلم من حين الشروع عدم السلامة فاتفق فلا بأس
على الأصح (2) وإن كان الأحوط (3) عدم الإجزاء ويستثنى مما ذكرنا من
عدم الجواز مورد واحد وهو صوم ثلاثة أيام بدل هدي التمتع إذا شرع
654

فيه يوم التروية فإنه يصح وإن تخلل بينها العيد فيأتي بالثالث بعد العيد
بلا فصل (1) أو بعد أيام التشريق بلا فصل لمن كان بمنى وأما لو شرع
فيه يوم عرفة أو صام يوم السابع والتروية وتركه في عرفة لم يصح
ووجب الاستئناف كسائر موارد وجوب التتابع.
(مسألة 5): كل صوم يشترط فيه التتابع إذا أفطر في أثنائه لا لعذر
اختيارا يجب استئنافه وكذا إذا شرع فيه في زمان يتخلل فيه صوم
واجب آخر من نذر ونحوه وأما ما لم يشترط فيه التتابع وإن وجب فيه
بنذر أو نحوه فلا يجب استئنافه وإن أثم بالإفطار كما إذا نذر التتابع في
قضاء رمضان فإنه لو خالف وأتى به متفرقا صح وإن عصى من جهة
خلف النذر.
(مسألة 6): إذا أفطر (2) في أثناء ما يشترط فيه التتابع لعذر من الأعذار
كالمرض والحيض والنفاس والسفر الاضطراري دون الاختياري (3)
655

لم يجب استئنافه بل يبني على ما مضى ومن العذر ما إذا نسي النية
حتى فات وقتها بأن تذكر بعد الزوال ومنه أيضا ما إذا نسي فنوى
صوما آخر ولم يتذكر إلا بعد الزوال ومنه أيضا ما إذا نذر قبل تعلق
الكفارة صوم كل خميس (1) فإن تخلله في أثناء التتابع لا يضر به (2)
ولا يجب عليه الانتقال إلى غير الصوم من الخصال في صوم الشهرين
لأجل هذا التعذر نعم لو كان قد نذر صوم الدهر قبل تعلق الكفارة
اتجه الانتقال (3) إلى سائر الخصال.
(مسألة 7): كل من وجب عليه شهران متتابعان من كفارة معينة
أو مخيرة إذا صام شهرا ويوما متتابعا يجوز له التفريق في البقية ولو
اختيارا لا لعذر وكذا لو كان من نذر أو عهد لم يشترط فيه تتابع الأيام (4)
جميعها ولم يكن المنساق منه ذلك وألحق المشهور بالشهرين الشهر
المنذور فيه التتابع فقالوا إذا تابع في خمسة عشر يوما منه يجوز له
التفريق في البقية اختيارا وهو مشكل (5) فلا يترك الاحتياط فيه بالاستئناف
656

مع تخلل الإفطار عمدا وإن بقي منه يوم كما لا إشكال في عدم جواز
التفريق اختيارا مع تجاوز النصف في سائر أقسام الصوم المتتابع.
(مسألة 8): إذا بطل التتابع في الأثناء لا يكشف عن بطلان الأيام
السابقة فهي صحيحة (1) وإن لم تكن امتثالا للأمر الوجوبي ولا الندبي (2)
لكونها محبوبة (3) في حد نفسها من حيث إنها صوم وكذلك الحال في
الصلاة إذا بطلت في الأثناء فإن الأذكار والقراءة صحيحة في حد نفسها
من حيث محبوبيتها لذاتها.
فصل
أقسام الصوم أربعة: واجب، وندب، ومكروه كراهة عبادة، ومحظور.
657

والواجب (1) أقسام: صوم شهر رمضان، وصوم الكفارة، وصوم القضاء،
وصوم بدل الهدي في حج التمتع، وصوم النذر (2) والعهد واليمين،
والملتزم بشرط أو إجارة، وصوم اليوم الثالث (3) من أيام الاعتكاف.
أما الواجب فقد مر جملة منه.
وأما المندوب منه فأقسام:
منها: ما لا يختص بسبب مخصوص ولا زمان معين كصوم أيام
السنة عدا ما استثني من العيدين وأيام التشريق لمن كان بمنى فقد
وردت الأخبار الكثيرة في فضله من حيث هو ومحبوبيته وفوائده
ويكفي فيه ما ورد في الحديث القدسي: الصوم لي وأنا أجازي به وما
ورد من أن الصوم جنة من النار وأن نوم الصائم عبادة وصمته تسبيح
وعمله متقبل ودعاؤه مستجاب ونعم ما قال بعض العلماء من أنه لو لم
يكن في الصوم إلا الارتقاء عن حضيض حظوظ النفس البهيمية إلى
ذروة التشبه بالملائكة الروحانية لكفى به فضلا ومنقبة وشرفا.
ومنها: ما يختص بسبب مخصوص وهي كثيرة مذكورة في كتب
الأدعية.
ومنها: ما يختص بوقت معين وهو في مواضع:
منها: وهو آكدها صوم ثلاثة أيام من كل شهر فقد ورد أنه يعادل
صوم الدهر ويذهب بوحر الصدر وأفضل كيفياته ما عن المشهور ويدل
658

عليه جملة من الأخبار هو أن يصوم أول خميس من الشهر وآخر
خميس منه وأول أربعاء في العشر الثاني ومن تركه يستحب له قضاؤه
ومع العجز عن صومه لكبر ونحوه يستحب أن يتصدق عن كل يوم بمد
من طعام أو بدرهم.
ومنها: صوم أيام البيض من كل شهر وهي الثالث عشر والرابع عشر
والخامس عشر على الأصح المشهور وعن العماني أنها الثلاثة المتقدمة.
ومنها: صوم يوم مولد النبي (صلى الله عليه وآله) وهو السابع عشر من ربيع الأول
على الأصح وعن الكليني أنه الثاني عشر منه.
ومنها: صوم يوم الغدير وهو الثامن عشر من ذي الحجة.
ومنها: صوم يوم مبعث النبي (صلى الله عليه وآله) وهو السابع والعشرون من رجب.
ومنها: يوم دحو الأرض من تحت الكعبة وهو اليوم الخامس
والعشرون من ذي القعدة.
ومنها: يوم عرفة لمن لا يضعفه الصوم عن الدعاء.
ومنها: يوم المباهلة (1) وهو الرابع والعشرون من ذي الحجة.
ومنها: كل خميس وجمعة معا أو الجمعة فقط.
ومنها: أول ذي الحجة بل كل يوم من التسع فيه.
ومنها: يوم النيروز.
ومنها: صوم رجب وشعبان كلا أو بعضا ولو يوما من كل منهما.
ومنها: أول يوم من المحرم وثالثه وسابعه (2).
659

ومنها: التاسع والعشرون من ذي القعدة.
ومنها: صوم ستة أيام (1) بعد عيد الفطر بثلاثة أيام أحدها العيد.
ومنها: يوم النصف (2) من جمادى الأولى.
(مسألة 1): لا يجب إتمام صوم التطوع بالشروع فيه بل يجوز له
الإفطار إلى الغروب وإن كان يكره بعد الزوال.
(مسألة 2): يستحب للصائم تطوعا قطع الصوم إذا دعاه أخوه
المؤمن إلى الطعام بل قيل بكراهته حينئذ.
وأما المكروه منه: بمعنى قلة الثواب (3) ففي مواضع أيضا:
منها: صوم عاشوراء.
ومنها: صوم عرفة لمن خاف أن يضعفه عن الدعاء الذي هو أفضل
من الصوم وكذا مع الشك (4) في هلال ذي الحجة خوفا من أن يكون
يوم العيد.
ومنها: صوم الضيف بدون إذن مضيفه (5) والأحوط تركه مع نهيه
660

بل الأحوط (1) تركه مع عدم إذنه أيضا.
ومنها: صوم الولد بدون إذن والده بل الأحوط تركه خصوصا مع
النهي (2) بل يحرم إذا كان إيذاء له من حيث شفقته عليه والظاهر جريان
الحكم في ولد الولد بالنسبة إلى الجد والأولى مراعاة إذن الوالدة ومع
كونه إيذاء لها يحرم كما في الوالد.
وأما المحظور منه: ففي مواضع (3) أيضا:
أحدها: صوم العيدين الفطر والأضحى وإن كان عن كفارة القتل في
أشهر الحرم (4) والقول بجوازه للقاتل شاذ والرواية الدالة عليه ضعيفة
سندا ودلالة (5).
661

الثاني: صوم أيام التشريق وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث
عشر من ذي الحجة لمن كان بمنى ولا فرق على الأقوى بين الناسك
وغيره (1).
الثالث: صوم يوم الشك في أنه من شعبان أو رمضان بنية أنه من
رمضان وأما بنية أنه من شعبان فلا مانع منه كما مر.
الرابع: صوم وفاء نذر المعصية بأن ينذر الصوم إذا تمكن من الحرام
الفلاني أو إذا ترك الواجب الفلاني ويقصد بذلك الشكر على تيسره وأما
إذا كان بقصد الزجر عنه فلا بأس به نعم يلحق بالأول في الحرمة ما إذا
نذر الصوم زجرا عن طاعة صدرت منه أو عن معصية تركها.
الخامس: صوم الصمت بأن ينوي في صومه السكوت عن الكلام في
تمام النهار أو بعضه بجعله في نيته من قيود صومه وأما إذا لم يجعله
قيدا وإن صمت فلا بأس به بل وإن كان في حال النية بانيا على ذلك إذا
لم يجعل الكلام جزء من المفطرات وتركه قيدا في صومه.
السادس: صوم الوصال وهو صوم يوم وليلة إلى السحر أو صوم
يومين بلا إفطار في البين وأما لو أخر الإفطار إلى السحر أو إلى الليلة
الثانية مع عدم قصد جعل تركه جزءا من الصوم فلا بأس به وإن كان
الأحوط عدم التأخير إلى السحر مطلقا.
662

السابع: صوم الزوجة (1) مع المزاحمة لحق الزوج والأحوط تركه (2)
بلا إذن منه بل لا يترك الاحتياط مع نهيه عنه وإن لم يكن مزاحما لحقه.
الثامن: صوم المملوك مع المزاحمة لحق المولى والأحوط (3) تركه
من دون إذنه بل لا يترك الاحتياط مع نهيه.
التاسع: صوم الولد مع كونه موجبا لتألم الوالدين وأذيتهما (4).
العاشر: صوم المريض ومن كان يضره الصوم.
الحادي عشر: صوم المسافر إلا في الصور المستثناة على ما مر.
الثاني عشر: صوم الدهر حتى العيدين على ما في الخبر وإن كان
يمكن أن يكون من حيث اشتماله عليهما لا لكونه صوم الدهر من
حيث هو.
(مسألة 3): يستحب الإمساك تأدبا في شهر رمضان وإن لم يكن
صوما في مواضع:
أحدها: المسافر إذا ورد أهله أو محل الإقامة بعد الزوال مطلقا أو
قبله وقد أفطر وأما إذا ورد قبله ولم يفطر فقد مر أنه يجب عليه الصوم.
الثاني: المريض إذا برئ في أثناء النهار وقد أفطر وكذا لو لم يفطر
إذا كان بعد الزوال بل قبله (5) أيضا على ما مر من عدم صحة صومه وإن
663

كان الأحوط (1) تجديد النية والإتمام ثم القضاء.
الثالث: الحائض والنفساء إذا طهرتا في أثناء النهار.
الرابع: الكافر إذا أسلم في أثناء النهار أتى بالمفطر أم لا (2).
الخامس: الصبي إذا بلغ في أثناء النهار (3).
السادس: المجنون والمغمى عليه (4) إذا أفاقا في أثنائه.
تم كتاب الصوم
664

كتاب الاعتكاف
665

كتاب الاعتكاف
وهو اللبث في المسجد بقصد العبادة بل لا يبعد كفاية قصد
التعبد بنفس اللبث وإن لم يضم إليه قصد عبادة أخرى خارجة عنه
لكن الأحوط الأول (1) ويصح في كل وقت يصح فيه الصوم
وأفضل أوقاته شهر رمضان وأفضله العشر الأواخر منه وينقسم
إلى واجب ومندوب والواجب منه ما وجب بنذر (2) أو عهد أو يمين
أو شرط في ضمن عقد أو إجارة أو نحو ذلك وإلا ففي أصل
الشرع مستحب ويجوز الإتيان به عن نفسه وعن غيره
الميت وفي جوازه نيابة عن الحي قولان لا يبعد ذلك (3) بل
667

هو الأقوى (1) ولا يضر اشتراط الصوم فيه فإنه تبعي فهو كالصلاة
في الطواف الذي يجوز فيه النيابة عن الحي.
ويشترط في صحته أمور:
الأول: الإيمان (2) فلا يصح من غيره.
الثاني: العقل فلا يصح من المجنون ولو أدوارا في دوره ولا من
السكران وغيره (3) من فاقدي العقل.
الثالث: نية القربة كما في غيره من العبادات والتعيين (4) إذا تعدد
ولو إجمالا ولا يعتبر فيه قصد الوجه كما في غيره من العبادات وإن أراد
أن ينوي الوجه ففي الواجب منه ينوي الوجوب (5) وفي المندوب الندب
668

ولا يقدح في ذلك كون اليوم الثالث الذي هو جزء منه واجبا لأنه من
أحكامه (1) فهو نظير النافلة إذا قلنا بوجوبها بعد الشروع فيها ولكن
الأولى (2) ملاحظة ذلك حين الشروع فيه بل تجديد نية الوجوب في
اليوم الثالث ووقت النية (3) قبل الفجر وفي كفاية النية في أول الليل كما
في صوم شهر رمضان إشكال (4) نعم لو كان الشروع فيه في أول الليل أو
في أثنائه نوى في ذلك الوقت ولو نوى الوجوب في المندوب أو الندب
في الواجب اشتباها لم يضر إلا إذا كان على وجه التقييد (5) لا الاشتباه
في التطبيق.
الرابع: الصوم فلا يصح بدونه وعلى هذا فلا يصح وقوعه من المسافر (6)
669

في غير المواضع التي يجوز له الصوم فيها ولا من الحائض والنفساء (1)
ولا في العيدين بل لو دخل فيه قبل العيد بيومين لم يصح وإن كان غافلا
حين الدخول نعم لو نوى (2) اعتكاف زمان يكون اليوم الرابع أو الخامس
منه العيد فإن كان على وجه التقييد بالتتابع لم يصح وإن كان على وجه
الإطلاق لا يبعد صحته (3) فيكون العيد فاصلا بين أيام الاعتكاف (4).
670

الخامس: أن لا يكون أقل من ثلاثة أيام فلو نواه كذلك بطل وأما
الأزيد فلا بأس به وإن كان الزائد يوما (1) أو بعضه (2) أو ليلة أو بعضها
ولا حد لأكثره نعم لو اعتكف خمسة أيام وجب السادس بل ذكر
بعضهم (3) أنه كلما زاد يومين وجب الثالث (4) فلو اعتكف ثمانية أيام
وجب اليوم التاسع وهكذا وفيه تأمل (5) واليوم من طلوع الفجر إلى
غروب الحمرة المشرقية (6) فلا يشترط إدخال الليلة الأولى ولا الرابعة
وإن جاز ذلك كما عرفت ويدخل فيه الليلتان المتوسطان وفي كفاية
الثلاثة التلفيقية إشكال (7).
671

السادس: أن يكون في المسجد الجامع (1) فلا يكفي في غير المسجد
ولا في مسجد القبيلة والسوق ولو تعدد الجامع تخير بينها ولكن
الأحوط مع الإمكان كونه في أحد المساجد الأربعة مسجد الحرام
ومسجد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومسجد الكوفة ومسجد البصرة.
السابع: إذن السيد بالنسبة إلى مملوكه سواء كان قنا أو مدبرا أو أم
ولد أو مكاتبا لم يتحرر منه شئ ولم يكن اعتكافه اكتسابا وأما إذا كان
اكتسابا فلا مانع منه كما أنه إذا كان مبعضا فيجوز منه في نوبته إذا
هاياه مولاه من دون إذن بل مع المنع منه (2) أيضا وكذا يعتبر إذن
المستأجر (3) بالنسبة إلى أجيره الخاص (4) وإذن الزوج بالنسبة إلى
672

الزوجة إذا كان منافيا لحقه (1) وإذن الوالد أو الوالدة بالنسبة إلى ولدهما
إذا كان مستلزما لإيذائهما (2) وأما مع عدم المنافاة (3) وعدم الإيذاء فلا
يعتبر إذنهم (4) وإن كان أحوط (5) خصوصا بالنسبة إلى الزوج (6) والوالد.
673

الثامن: استدامة اللبث في المسجد فلو خرج عمدا اختيارا لغير
الأسباب المبيحة بطل من غير فرق بين العالم بالحكم والجاهل به وأما
لو خرج ناسيا (1) أو مكرها (2) فلا يبطل (3) وكذا لو خرج لضرورة عقلا
أو شرعا أو عادة كقضاء الحاجة من بول أو غائط أو للاغتسال من
الجنابة أو الاستحاضة ونحو ذلك ولا يجب الاغتسال في المسجد (4)
674

وإن أمكن من دون تلويث وإن كان أحوط (1) والمدار على صدق اللبث
فلا ينافيه خروج (2) بعض أجزاء بدنه من يده أو رأسه أو نحوهما.
(مسألة 1): لو ارتد المعتكف في أثناء اعتكافه بطل وإن تاب بعد
ذلك إذا كان ذلك في أثناء النهار بل مطلقا على الأحوط (3).
675

(مسألة 2): لا يجوز العدول بالنية من اعتكاف إلى غيره وإن اتحدا
في الوجوب والندب ولا عن نيابة ميت إلى آخر أو إلى حي أو عن نيابة
غيره إلى نفسه أو العكس.
(مسألة 3): الظاهر عدم جواز النيابة عن أكثر من واحد في اعتكاف
واحد (1) نعم يجوز ذلك بعنوان إهداء الثواب فيصح إهداؤه إلى متعددين
أحياء أو أمواتا أو مختلفين.
(مسألة 4): لا يعتبر في صوم الاعتكاف أن يكون لأجله بل يعتبر
فيه أن يكون صائما أي صوم كان فيجوز الاعتكاف مع كون الصوم
استئجاريا (2) أو واجبا من جهة النذر ونحوه بل لو نذر الاعتكاف يجوز
له بعد ذلك أن يؤجر نفسه للصوم (3) ويعتكف في ذلك الصوم ولا يضره
وجوب الصوم عليه بعد نذر الاعتكاف فإن الذي يجب لأجله هو
676

الصوم الأعم من كونه له أو بعنوان آخر بل لا بأس بالاعتكاف المنذور
مطلقا في الصوم المندوب (1) الذي يجوز له قطعه فإن لم يقطعه تم
اعتكافه وإن قطعه انقطع (2) ووجب عليه الاستئناف.
(مسألة 5): يجوز قطع الاعتكاف المندوب في اليومين الأولين ومع
تمامهما يجب الثالث وأما المنذور فإن كان معينا فلا يجوز قطعه مطلقا
وإلا فكالمندوب.
(مسألة 6): لو نذر الاعتكاف في أيام معينة وكان عليه صوم منذور
أو واجب لأجل الإجارة يجوز له أن يصوم (3) في تلك الأيام وفاء عن
النذر أو الإجارة نعم لو نذر الاعتكاف في أيام مع قصد كون الصوم له
ولأجله لم يجز عن النذر (4) أو الإجارة.
(مسألة 7): لو نذر اعتكاف يوم أو يومين فإن قيد بعدم الزيادة بطل
نذره (5) وإن لم يقيده صح ووجب ضم يوم أو يومين.
677

(مسألة 8): لو نذر اعتكاف ثلاثة أيام معينة أو أزيد فاتفق كون
الثالث (1) عيدا بطل من أصله ولا يجب عليه قضاؤه لعدم انعقاد نذره
لكنه أحوط.
(مسألة 9): لو نذر اعتكاف يوم قدوم زيد بطل (2) إلا أن
678

يعلم (1) يوم قدومه قبل الفجر ولو نذر اعتكاف ثاني يوم قدومه صح
ووجب عليه ضم يومين آخرين.
(مسألة 10): لو نذر اعتكاف ثلاثة أيام من دون الليلتين المتوسطتين
لم ينعقد.
(مسألة 11): لو نذر اعتكاف ثلاثة أيام أو أزيد لم يجب إدخال الليلة
الأولى فيه بخلاف ما إذا نذر اعتكاف شهر (2) فإن الليلة الأولى جزء
من الشهر.
(مسألة 12): لو نذر اعتكاف شهر يجزيه ما بين الهلالين (3) وإن كان
679

ناقصا (1) ولو كان مراده مقدار شهر وجب ثلاثون يوما.
(مسألة 13): لو نذر اعتكاف شهر وجب التتابع (2) وأما لو نذر مقدار
الشهر جاز له التفريق ثلاثة ثلاثة إلى أن يكمل ثلاثون بل لا يبعد جواز
التفريق يوما فيوما (3) ويضم (4) إلى كل واحد يومين آخرين بل الأمر
كذلك في كل مورد لم يكن المنساق منه هو التتابع.
(مسألة 14): لو نذر الاعتكاف شهرا أو زمانا على وجه التتابع سواء
شرطه لفظا أو كان المنساق منه ذلك فأخل بيوم أو أزيد بطل وإن كان
ما مضى ثلاثة فصاعدا واستأنف آخر مع مراعاة التتابع فيه وإن كان
معينا وقد أخل بيوم أو أزيد وجب قضاؤه (5) والأحوط (6) التتابع فيه
680

أيضا وإن بقي شئ من ذلك الزمان المعين بعد الإبطال بالإخلال
فالأحوط ابتداء القضاء منه (1).
(مسألة 15): لو نذر اعتكاف أربعة أيام فأخل بالرابع ولم يشترط
التتابع ولا كان منساقا من نذره وجب قضاء ذلك اليوم (2) وضم يومين
آخرين والأولى (3) جعل المقضي أول الثلاثة وإن كان مختارا في جعله
أيا منها شاء.
(مسألة 16): لو نذر اعتكاف خمسة أيام وجب أن يضم إليها سادسا
سواء تابع أو فرق بين الثلاثتين.
(مسألة 17): لو نذر زمانا معينا شهرا أو غيره وتركه نسيانا
أو عصيانا أو اضطرارا وجب قضاؤه (4) ولو غمت الشهور فلم يتعين
عنده ذلك المعين عمل بالظن (5) ومع عدمه يتخير بين موارد
681

الاحتمال (1).
(مسألة 18): يعتبر في الاعتكاف الواحد وحدة المسجد فلا يجوز أن
يجعله في مسجدين سواء كانا متصلين أو منفصلين نعم لو كانا متصلين
على وجه يعد مسجدا واحدا فلا مانع (2).
(مسألة 19): لو اعتكف في مسجد ثم اتفق مانع من إتمامه فيه من
682

خوف أو هدم أو نحو ذلك بطل ووجب استئنافه أو قضاؤه إن كان
واجبا في مسجد آخر أو ذلك المسجد إذا ارتفع عنه المانع وليس له
البناء سواء كان في مسجد آخر أو في ذلك المسجد (1) بعد رفع المانع.
(مسألة 20): سطح المسجد وسردابه ومحرابه منه ما لم يعلم خروجها
وكذا مضافاته (2) إذا جعلت جزء منه كما لو وسع فيه.
(مسألة 21): إذا عين موضعا خاصا من المسجد محلا لاعتكافه لم
يتعين (3) وكان قصده لغوا (4).
(مسألة 22): قبر مسلم وهاني ليس جزءا من مسجد الكوفة على الظاهر.
(مسألة 23): إذا شك في موضع من المسجد أنه جزء منه أو من
مرافقه لم يجر عليه حكم المسجد.
(مسألة 24): لا بد من ثبوت كونه مسجدا وجامعا بالعلم الوجداني أو
الشياع المفيد للعلم أو البينة الشرعية وفي كفاية خبر العدل الواحد
إشكال (5) والظاهر كفاية حكم الحاكم الشرعي (6).
683

(مسألة 25): لو اعتكف في مكان باعتقاد المسجدية أو الجامعية فبان
الخلاف تبين البطلان.
(مسألة 26): لا فرق في وجوب كون الاعتكاف في المسجد
الجامع (1) بين الرجل والمرأة فليس لها الاعتكاف في المكان الذي
أعدته للصلاة في بيتها بل ولا في مسجد القبيلة (2) ونحوها.
684

(مسألة 27): الأقوى صحة اعتكاف الصبي المميز فلا يشترط فيه
البلوغ.
(مسألة 28): لو اعتكف العبد بدون إذن المولى بطل ولو أعتق في
أثنائه لم يجب عليه إتمامه ولو شرع فيه بإذن المولي ثم أعتق في
الأثناء فإن كان في اليوم الأول أو الثاني لم يجب عليه الإتمام إلا أن
يكون من الاعتكاف الواجب (1) وإن كان بعد تمام اليومين وجب عليه
الثالث وإن كان بعد تمام الخمسة وجب السادس.
(مسألة 29): إذا أذن المولى لعبده في الاعتكاف جاز له الرجوع عن
إذنه ما لم يمض يومان وليس له الرجوع (2) بعدهما لوجوب إتمامه (3)
حينئذ وكذا لا يجوز (4) له الرجوع إذا كان الاعتكاف واجبا بعد
الشروع (5) فيه من العبد.
(مسألة 30): يجوز للمعتكف الخروج (6) من المسجد لإقامة الشهادة
685

أو لحضور الجماعة (1) أو لتشييع الجنازة (2) وإن لم يتعين عليه هذه
الأمور وكذا في سائر الضرورات العرفية أو الشرعية الواجبة أو
الراجحة (3) سواء كانت متعلقة بأمور الدنيا أو الآخرة مما يرجع مصلحته
إلى نفسه أو غيره، ولا يجوز الخروج اختيارا بدون أمثال هذه المذكورات.
(مسألة 31): لو أجنب في المسجد ولم يمكن الاغتسال فيه (4)
وجب عليه الخروج ولو لم يخرج بطل اعتكافه (5) لحرمة
686

لبثه (1) فيه.
(مسألة 32): إذا غصب مكانا من المسجد سبق إليه غيره
بأن أزاله وجلس فيه فالأقوى بطلان اعتكافه (2) وكذا
687

إذا جلس (1) على فراش مغصوب بل الأحوط (2) الاجتناب عن الجلوس
688

على أرض المسجد المفروش بتراب مغصوب أو آجر مغصوب على
وجه لا يمكن إزالته وإن توقف على الخروج خرج على الأحوط (1)
وأما إذا كان لابسا لثوب مغصوب أو حاملا له فالظاهر عدم البطلان (2).
(مسألة 33): إذا جلس على المغصوب ناسيا (3) أو جاهلا (4) أو
مكرها (5) أو مضطرا لم يبطل اعتكافه.
(مسألة 34): إذا وجب عليه الخروج لأداء دين واجب الأداء عليه أو
لإتيان واجب آخر متوقف على الخروج ولم يخرج أثم ولكن لا يبطل
689

اعتكافه على الأقوى.
(مسألة 35): إذا خرج عن المسجد لضرورة فالأحوط مراعاة أقرب
الطرق ويجب عدم المكث إلا بمقدار الحاجة والضرورة ويجب أيضا أن
لا يجلس تحت الظلال مع الإمكان بل الأحوط أن لا يمشي تحته (1)
أيضا بل الأحوط عدم الجلوس مطلقا إلا مع الضرورة.
(مسألة 36): لو خرج لضرورة وطال خروجه بحيث انمحت صورة
الاعتكاف بطل.
(مسألة 37): لا فرق في اللبث في المسجد بين أنواع الكون من القيام
والجلوس والنوم والمشي ونحو ذلك فاللازم الكون فيه بأي نحو كان.
(مسألة 38): إذا طلقت المرأة المعتكفة في أثناء اعتكافها طلاقا
رجعيا وجب عليها الخروج إلى منزلها للاعتداد وبطل اعتكافها
ويجب استئنافه إن كان واجبا موسعا بعد الخروج من العدة وأما إذا
كان واجبا معينا (2) فلا يبعد التخيير (3) بين إتمامه ثم الخروج وإبطاله
690

والخروج (1) فورا لتزاحم الواجبين (2) ولا أهمية معلومة في البين وأما
إذا طلقت بائنا فلا إشكال لعدم وجوب كونها في منزلها في أيام العدة.
(مسألة 39): قد عرفت أن الاعتكاف إما واجب معين أو واجب
موسع وإما مندوب فالأول يجب بمجرد الشروع بل قبله ولا يجوز
الرجوع عنه وأما الأخيران فالأقوى فيهما جواز الرجوع قبل إكمال
اليومين وأما بعده فيجب اليوم الثالث لكن الأحوط فيهما أيضا وجوب
691

الإتمام بالشروع خصوصا الأول منهما (1).
(مسألة 40): يجوز له أن يشترط حين النية الرجوع متى شاء حتى
في اليوم الثالث سواء علق الرجوع على عروض عارض أولا (2)، بل
يشترط الرجوع متى شاء حتى بلا سبب عارض، ولا يجوز له اشتراط
جواز المنافيات كالجماع ونحوه مع بقاء الاعتكاف على حاله ويعتبر
أن يكون الشرط المذكور حال النية فلا اعتبار بالشرط قبلها أو بعد
الشروع فيه وإن كان قبل الدخول في اليوم الثالث ولو شرط حين النية
ثم بعد ذلك أسقط حكم شرطه فالظاهر عدم سقوطه وإن كان
الأحوط (3) ترتيب آثار السقوط من الإتمام بعد إكمال اليومين.
(مسألة 41): كما يجوز اشتراط الرجوع في الاعتكاف حين عقد نيته
كذلك يجوز اشتراطه في نذره (4) كأن يقول لله علي أن أعتكف بشرط
أن يكون لي الرجوع عند عروض كذا أو مطلقا وحينئذ فيجوز له
692

الرجوع (1) وإن لم يشترط حين الشروع (2) في الاعتكاف (3) فيكفي
الاشتراط (4) حال النذر في جواز الرجوع لكن الأحوط (5) ذكر الشرط
حال الشروع أيضا ولا فرق في كون النذر اعتكاف أيام معينة أو غير
معينة متتابعة أو غير متتابعة فيجوز (6) الرجوع في الجميع مع الشرط
المذكور في النذر ولا يجب القضاء بعد الرجوع مع التعين ولا
الاستئناف مع الإطلاق.
(مسألة 42): لا يصح أن يشترط في اعتكاف أن يكون له الرجوع في
اعتكاف آخر له غير الذي ذكر الشرط فيه وكذا لا يصح أن يشترط في
اعتكافه جواز فسخ اعتكاف شخص آخر من ولده أو عبده أو أجنبي.
(مسألة 43): لا يجوز التعليق (7) في الاعتكاف فلو علقه بطل إلا
إذا علقه على شرط معلوم الحصول حين النية فإنه في الحقيقة لا يكون
من التعليق.
693

فصل
في أحكام الاعتكاف
يحرم على المعتكف أمور:
أحدها: مباشرة النساء بالجماع في القبل أو الدبر وباللمس
والتقبيل (1) بشهوة ولا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة فيحرم على
المعتكفة أيضا الجماع واللمس والتقبيل بشهوة والأقوى عدم حرمة
النظر بشهوة إلى من يجوز النظر إليه وإن كان الأحوط اجتنابه أيضا.
الثاني: الاستمناء على الأحوط وإن كان على الوجه الحلال كالنظر
إلى حليلته الموجب له.
الثالث: شم الطيب مع التلذذ (2) وكذا الريحان وأما مع عدم التلذذ كما
إذا كان فاقدا لحاسة الشم مثلا فلا بأس به (3).
الرابع: البيع والشراء بل مطلق التجارة مع عدم الضرورة (4) على
694

الأحوط (1) ولا بأس بالاشتغال بالأمور الدنيوية من المباحات حتى
الخياطة والنساجة ونحوهما وإن كان الأحوط الترك إلا مع الاضطرار
إليها بل لا بأس بالبيع والشراء إذا مست الحاجة إليهما (2) للأكل والشرب
مع تعذر التوكيل أو النقل بغير البيع.
الخامس: المماراة أي المجادلة على أمر دنيوي أو ديني بقصد الغلبة
وإظهار الفضيلة وأما بقصد إظهار الحق ورد الخصم عن الخطأ فلا بأس
به بل هو من أفضل الطاعات فالمدار على القصد والنية فلكل امرء ما
نوى من خير أو شر والأقوى عدم وجوب اجتناب ما يحرم على المحرم
من الصيد وإزالة الشعر ولبس المخيط ونحو ذلك وإن كان أحوط (3).
(مسألة 1): لا فرق في حرمة المذكورات (4) على المعتكف بين الليل
والنهار نعم المحرمات من حيث الصوم كالأكل والشرب والارتماس
ونحوها مختصة بالنهار.
(مسألة 2): يجوز للمعتكف الخوض في المباح والنظر في معاشه مع
الحاجة وعدمها.
(مسألة 3): كلما يفسد الصوم يفسد الاعتكاف إذا وقع في النهار من
حيث اشتراط الصوم فيه فبطلانه يوجب بطلانه وكذا يفسده الجماع (5)
695

سواء كان في الليل أو النهار وكذا اللمس والتقبيل (1) بشهوة بل الأحوط
بطلانه بسائر ما ذكر من المحرمات من البيع والشراء وشم الطيب
وغيرها مما ذكر بل لا يخلو عن قوة (2) وإن كان لا يخلو عن إشكال
أيضا وعلى هذا فلو أتمه (3) واستأنفه أو قضاه بعد ذلك إذا صدر منه
أحد المذكورات في الاعتكاف الواجب كان أحسن وأولى (4).
(مسألة 4): إذا صدر منه أحد المحرمات المذكورة سهوا فالظاهر
عدم بطلان اعتكافه إلا الجماع (5) فإنه لو جامع سهوا أيضا فالأحوط
696

في الواجب الاستئناف أو القضاء مع إتمام ما هو مشتغل به وفي
المستحب الإتمام.
(مسألة 5): إذا فسد الاعتكاف بأحد المفسدات فإن كان واجبا معينا
وجب قضاؤه (1) وإن كان واجبا غير معين وجب استئنافه إلا إذا كان
مشروطا فيه أو في نذره (2) الرجوع فإنه لا يجب قضاؤه أو استئنافه (3)
وكذا يجب قضاؤه إذا كان مندوبا وكان الإفساد بعد اليومين وأما إذا كان
قبلهما فلا شئ عليه بل في مشروعية قضائه حينئذ إشكال (4).
(مسألة 6): لا يجب الفور في القضاء وإن كان أحوط.
(مسألة 7): إذا مات في أثناء الاعتكاف الواجب بنذر أو نحوه لم
يجب على وليه القضاء وإن كان أحوط نعم لو كان المنذور الصوم
معتكفا وجب على الولي قضاؤه (5) لأن الواجب حينئذ عليه هو الصوم
697

ويكون الاعتكاف واجبا من باب المقدمة بخلاف ما لو نذر الاعتكاف
فإن الصوم ليس واجبا فيه وإنما هو شرط في صحته والمفروض أن
الواجب على الولي قضاء الصلاة والصوم عن الميت (1) لا جميع ما فاته
من العبادات.
(مسألة 8): إذا باع أو اشترى في حال الاعتكاف لم يبطل بيعه
وشراؤه وإن قلنا ببطلان اعتكافه.
(مسألة 9): إذا أفسد الاعتكاف الواجب بالجماع ولو ليلا وجبت
الكفارة وفي وجوبها في سائر المحرمات إشكال والأقوى عدمه وإن
كان الأحوط ثبوتها بل الأحوط (2) ذلك حتى في المندوب منه قبل تمام
اليومين وكفارته ككفارة شهر رمضان على الأقوى (3) وإن كان الأحوط
كونها مرتبة ككفارة الظهار.
(مسألة 10): إذا كان الاعتكاف واجبا وكان في شهر رمضان وأفسده
بالجماع في النهار فعليه كفارتان إحداهما للاعتكاف والثانية للإفطار
698

في نهار رمضان وكذا إذا كان في صوم قضاء شهر رمضان وأفطر
بالجماع بعد الزوال فإنه يجب عليه كفارة الاعتكاف وكفارة قضاء شهر
رمضان (1) وإذا نذر الاعتكاف في شهر رمضان وأفسده بالجماع في
النهار وجب عليه ثلاث كفارات إحداها للاعتكاف والثانية لخلف
النذر (2) والثالثة للإفطار في شهر رمضان وإذا جامع امرأته المعتكفة وهو
معتكف في نهار رمضان فالأحوط أربع كفارات وإن كان لا يبعد كفاية
الثلاث إحداها لاعتكافه واثنتان للإفطار في شهر رمضان إحداهما عن
نفسه والأخرى تحملا عن امرأته ولا دليل على تحمل كفارة الاعتكاف
عنها ولذا لو أكرهها على الجماع في الليل لم تجب عليه إلا كفارته ولا
يتحمل عنها هذا ولو كانت مطاوعة فعلى كل منهما كفارتان إن كان في
النهار وكفارة واحدة إن كان في الليل.
تم كتاب الاعتكاف
699