الكتاب: العروة الوثقى
المؤلف: السيد اليزدي
الجزء: ٢
الوفاة: ١٣٣٧
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤١٩
المطبعة:
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
ردمك:
ملاحظات: مع تعليقات عدة من الفقهاء العظام

العروة الوثقى
تأليف
آية الله العظمى السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي
المتوفى سنة 1337 ه‍.
مع تعليقات
عدة من الفقهاء العظام قدس سرهم
الجزء الثاني
مؤسسة النشر الإسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
1

العروة الوثقى
(ج 2)
تأليف
آية الله العظمى السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي قدس سره
تعليق:
عدة من الفقهاء العظام قدس سرهم الموضوع: الفقه
تحقيق وطبع: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبوع: 1000 نسخة
الطبعة: الأولى
التاريخ: 1419 ه‍.
مؤسسة النشر الإسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
2

بسم الله الرحمن الرحيم
فصل
في غسل مس الميت
يجب بمس ميت الإنسان بعد برده وقبل غسله دون ميت غير
الإنسان، أو هو قبل برده أو بعد غسله. والمناط برد تمام جسده، فلا
يوجب برد بعضه، ولو كان هو الممسوس. والمعتبر في الغسل تمام
الأغسال الثلاثة، فلو بقي من الغسل الثالث شئ لا يسقط الغسل بمسه
وإن كان الممسوس العضو المغسول (1) منه. ويكفي في سقوط الغسل (2)
إذا كانت الأغسال الثلاثة كلها بالماء القراح لفقد السدر والكافور. بل
الأقوى كفاية التيمم (3) أو كون الغاسل هو الكافر بأمر المسلم لفقد
3

المماثل، لكن الأحوط (1) عدم الاكتفاء بهما.
ولا فرق في الميت بين المسلم والكافر والكبير والصغير حتى
السقط إذا تم له أربعة أشهر، بل الأحوط الغسل بمسه ولو قبل تمام
أربعة أشهر أيضا، وإن كان الأقوى (2) عدمه.
(مسألة 1): في الماس والممسوس لا فرق بين أن يكون مما تحله
الحياة أو لا (3) كالعظم والظفر، وكذا لا فرق فيهما بين الباطن والظاهر.
نعم المس بالشعر لا يوجبه، وكذا مس الشعر (4).
4

(مسألة 2): مس القطعة المبانة من الميت أو الحي إذا اشتملت على
العظم يوجب الغسل دون المجرد عنه (1). وأما مس العظم المجرد ففي
إيجابه للغسل إشكال (2) والأحوط الغسل بمسه، خصوصا إذا لم يمض
عليه سنة. كما أن الأحوط (3) في السن المنفصل من الميت أيضا الغسل،
بخلاف المنفصل من الحي إذا لم يكن معه لحم معتد به، نعم اللحم
الجزئي لا اعتناء به (4).
(مسألة 3): إذا شك في تحقق المس وعدمه، أو شك في أن الممسوس
كان إنسانا أو غيره، أو كان ميتا أو حيا، أو كان قبل برده أو بعده، أو في
أنه كان شهيدا أم غيره (5) أو كان الممسوس بدنه أو لباسه، أو كان شعره
5

أو بدنه، لا يجب الغسل في شئ من هذه الصور (1).
نعم إذا علم المس وشك في أنه كان بعد الغسل أو قبله وجب
الغسل (2) وعلى هذا يشكل (3) مس العظام المجردة المعلوم كونها من
الإنسان في المقابر أو غيرها، نعم لو كانت المقبرة للمسلمين يمكن
الحمل على أنها مغسلة (4).
6

(مسألة 4): إذا كان هناك قطعتان يعلم إجمالا أن أحدهما من ميت
الإنسان فإن مسهما معا وجب عليه الغسل، وإن مس أحدهما ففي
وجوبه إشكال (1) والأحوط الغسل (2).
(مسألة 5): لا فرق بين كون المس اختياريا أو اضطراريا، في اليقظة
أو في النوم، كان الماس صغيرا أو مجنونا أو كبيرا عاقلا، فيجب على
الصغير الغسل بعد البلوغ، والأقوى صحته قبله أيضا إذا كان مميزا (3)
7

وعلى المجنون بعد الإفاقة.
(مسألة 6): في وجوب الغسل بمس القطعة المبانة من الحي لا فرق بين
أن يكون الماس نفسه أو غيره.
(مسألة 7): ذكر بعضهم أن في إيجاب مس القطعة المبانة من الحي
للغسل لا فرق بين أن يكون قبل بردها أو بعده، وهو أحوط (1).
(مسألة 8): في وجوب الغسل إذا خرج من المرأة طفل ميت بمجرد
مماسته لفرجها إشكال (2) وكذا في العكس، بأن تولد الطفل من المرأة
الميتة (3) فالأحوط غسلها في الأول وغسله بعد البلوغ في الثاني (4).
(مسألة 9): مس فضلات الميت من الوسخ والعرق والدم ونحوها
8

لا يوجب الغسل وإن كان أحوط (1).
(مسألة 10): الجماع مع الميتة بعد البرد يوجب الغسل ويتداخل مع
الجنابة (2).
(مسألة 11): مس المقتول بقصاص أو حد إذا اغتسل قبل القتل غسل
الميت لا يوجب الغسل (3).
(مسألة 12): مس سرة الطفل بعد قطعها لا يوجب الغسل.
(مسألة 13): إذا يبس عضو من أعضاء الحي وخرج منه الروح بالمرة
مسه ما دام متصلا ببدنه لا يوجب الغسل، وكذا إذا قطع عضو منه واتصل
ببدنه بجلدة مثلا (4) نعم بعد الانفصال إذا مسه وجب الغسل بشرط أن
يكون مشتملا على العظم.
(مسألة 14): مس الميت ينقض الوضوء (5) فيجب
9

الوضوء (1) مع غسله.
(مسألة 15): كيفية غسل المس مثل غسل الجنابة إلا أنه يفتقر إلى
الوضوء (2) أيضا.
(مسألة 16): يجب هذا الغسل لكل واجب (3) مشروط بالطهارة من
10

الحدث الأصغر، ويشترط فيما (1) يشترط فيه الطهارة.
(مسألة 17): يجوز للماس قبل الغسل دخول المساجد والمشاهد
والمكث فيها، وقراءة العزائم، ووطئها إن كان امرأة، فحال المس حال
الحدث الأصغر إلا في إيجاب الغسل للصلاة ونحوها (2).
(مسألة 18): الحدث الأصغر والأكبر في أثناء هذا الغسل لا يضر
بصحته (3).
11

نعم لو مس في أثنائه ميتا وجب استئنافه (1).
(مسألة 19): تكرار المس لا يوجب تكرر الغسل، ولو كان الميت
متعددا كسائر الأحداث.
(مسألة 20): لا فرق في إيجاب المس للغسل بين أن يكون مع
الرطوبة أو لا. نعم في إيجابه للنجاسة يشترط أن يكون مع الرطوبة
على الأقوى، وإن كان الأحوط الاجتناب إذا مس مع اليبوسة، خصوصا
في ميت الانسان (2). ولا فرق في النجاسة مع الرطوبة بين أن يكون بعد
البرد أو قبله.
وظهر من هذا أن مس الميت قد يوجب الغسل والغسل، كما إذا كان
بعد البرد وقبل الغسل مع الرطوبة، وقد لا يوجب شيئا كما إذا كان بعد
الغسل أو قبل البرد بلا رطوبة، وقد يوجب الغسل دون الغسل كما إذا
كان بعد البرد وقبل الغسل بلا رطوبة، وقد يكون بالعكس كما إذا كان
قبل البرد مع الرطوبة.
فصل
في أحكام الأموات
اعلم أن أهم الأمور وأوجب الواجبات التوبة من المعاصي،
وحقيقتها الندم، وهو من الأمور القلبية، ولا يكفي مجرد قوله:
12

" أستغفر الله "، بل لا حاجة إليه مع الندم القلبي وإن كان أحوط، ويعتبر
فيها العزم (1) على ترك العود إليها والمرتبة الكاملة منها ما ذكره
أمير المؤمنين (عليه السلام) (2).
(مسألة 1): يجب (3) عند ظهور أمارات الموت أداء حقوق الناس
الواجبة، ورد الودائع والأمانات التي عنده مع الإمكان (4) والوصية (5) بها
مع عدمه مع الاستحكام على وجه لا يعتريها الخلل بعد موته.
13

(مسألة 2): إذا كان عليه الواجبات التي لا تقبل النيابة حال الحياة
كالصلاة والصوم والحج ونحوها وجب (1) الوصية بها إذا كان له مال، بل
مطلقا (2) إذا احتمل وجود متبرع، وفيما على الولي كالصلاة والصوم التي
فاتته لعذر يجب (3) إعلامه أو الوصية باستئجارها أيضا.
(مسألة 3): يجوز له تمليك ماله بتمامه لغير الوارث، لكن لا يجوز له
تفويت شئ منه على الوارث بالإقرار كذبا، لأن المال بعد موته يكون
للوارث، فإذا أقر به لغيره كذبا فوت عليه ماله (4). نعم إذا كان له مال
مدفون في مكان لا يعلمه الوارث يحتمل (5) عدم وجوب إعلامه، لكنه
أيضا مشكل، وكذا إذا كان له دين (6) على شخص، والأحوط الإعلام،
وإذا عد عدم الإعلام تفويتا فواجب يقينا.
14

(مسألة 4): لا يجب عليه نصب قيم على أطفاله إلا إذا عد عدمه
تضييعا لهم أو لمالهم، وعلى تقدير النصب يجب أن يكون أمينا، وكذا
إذا عين على أداء حقوقه الواجبة شخصا يجب أن يكون أمينا، نعم لو
أوصى بثلثه في وجوه الخيرات الغير الواجبة لا يبعد عدم وجوب كون
الوصي عليها أمينا (1) لكنه أيضا لا يخلو عن إشكال، خصوصا إذا كانت
راجعة إلى الفقراء (2).
فصل
في آداب المريض وما يستحب عليه
وهي أمور (3):
15

الأول: الصبر والشكر لله تعالى.
الثاني: عدم الشكاية من مرضه إلى غير المؤمن، وحد الشكاية أن
يقول: ابتليت بما لم يبتل به أحد، أو أصابني ما لم يصب أحدا، وأما إذا
قال: سهرت البارحة أو كنت محموما فلا بأس به.
الثالث: أن يخفي مرضه إلى ثلاثة أيام.
الرابع: أن يجدد التوبة.
الخامس: أن يوصي بالخيرات للفقراء من أرحامه وغيرهم.
السادس: أن يعلم المؤمنين بمرضه بعد ثلاثة أيام.
السابع: الإذن لهم في عيادته.
الثامن: عدم التعجيل في شرب الدواء ومراجعة الطبيب إلا مع
اليأس من البرء بدونهما.
التاسع: أن يجتنب ما يحتمل الضرر.
العاشر: أن يتصدق هو وأقرباؤه بشئ، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " داووا
مرضاكم بالصدقة ".
الحادي عشر: أن يقر عند حضور المؤمنين بالتوحيد والنبوة
والإمامة والمعاد وسائر العقائد الحقة.
الثاني عشر: أن ينصب قيما أمينا على صغاره ويجعل عليه ناظرا.
الثالث عشر: أن يوصي بثلث ماله إن كان موسرا.
الرابع عشر: أن يهئ كفنه، ومن أهم الأمور إحكام أمر وصيته
وتوضيحه وإعلام الوصي والناظر بها.
الخامس عشر: حسن الظن بالله عند موته، بل قيل بوجوبه في
جميع الأحوال، ويستفاد من بعض الأخبار وجوبه حال النزع.
16

فصل
عيادة المريض
عيادة المريض من المستحبات المؤكدة، وفي بعض الأخبار أن
عيادته عيادة الله تعالى، فإنه حاضر عند المريض المؤمن. ولا تتأكد في
وجع العين والضرس والدمل، وكذا من اشتد مرضه أو طال، ولا فرق
بين أن تكون في الليل أو في النهار، بل يستحب في الصباح والمساء
ولا يشترط فيها الجلوس، بل ولا السؤال عن حاله.
ولها آداب:
أحدها: أن يجلس عنده، ولكن لا يطيل الجلوس إلا إذا كان
المريض طالبا.
الثاني: أن يضع العائد إحدى يديه على الأخرى أو على جبهته حال
الجلوس عند المريض.
الثالث: أن يضع يده على ذراع المريض عند الدعاء له أو مطلقا.
الرابع: أن يدعو له بالشفاء، والأولى أن يقول: " اللهم اشفه بشفائك،
وداوه بدوائك، وعافه من بلائك ".
الخامس: أن يستصحب هدية له من فاكهة أو نحوها مما يفرحه
ويريحه.
السادس: أن يقرأ عليه فاتحة الكتاب سبعين، أو أربعين مرة، أو
سبع مرات، أو مرة واحدة، فعن أبي عبد الله (عليه السلام): " لو قرأت الحمد على
ميت سبعين مرة ثم ردت فيه الروح ما كان عجبا ". وفي الحديث: " ما
قرئ الحمد على وجع سبعين مرة إلا سكن بإذن الله " وإن شئتم فجربوا
17

ولا تشكوا وقال الصادق (عليه السلام): " من نالته علة فليقرأ في جيبه الحمد
سبع مرات " وينبغي أن ينفض لباسه بعد قراءة الحمد عليه.
السابع: أن لا يأكل عنده ما يضره ويشتهيه.
الثامن: أن لا يفعل عنده ما يغيظه أو يضيق خلقه.
التاسع: أن يلتمس منه الدعاء فإنه ممن يستجاب دعاؤه، فعن
الصادق صلوات الله عليه: " ثلاثة يستجاب دعاؤهم: الحاج والغازي
والمريض ".
فصل
فيما يتعلق بالمحتضر مما هو وظيفة الغير
وهي أمور:
الأول: توجيهه إلى القبلة بوضعه على وجه لو جلس كان وجهه إلى
القبلة، ووجوبه لا يخلو عن قوة (1) بل لا يبعد وجوبه على المحتضر
نفسه أيضا، وإن لم يمكن بالكيفية المذكورة فبالممكن (2) منها، وإلا
فبتوجيهه جالسا أو مضطجعا (3) على الأيمن، أو على الأيسر مع تعذر
الجلوس. ولا فرق بين الرجل والامرأة والصغير والكبير بشرط أن
18

يكون مسلما، ويجب أن يكون ذلك بإذن وليه (1) مع الإمكان، وإلا
فالأحوط الاستئذان (2) من الحاكم الشرعي، والأحوط مراعاة
الاستقبال (3) بالكيفية المذكورة في جميع الحالات إلى ما بعد الفراغ من
الغسل، وبعده فالأولى وضعه بنحو ما يوضع حين الصلاة عليه إلى حال
الدفن بجعل رأسه إلى المغرب ورجله إلى المشرق (4).
الثاني: يستحب تلقينه (5) الشهادتين، والإقرار بالأئمة الاثني عشر،
وسائر الاعتقادات الحقة، على وجه يفهم، بل يستحب تكرارها إلى أن
يموت، ويناسب قراءة العديلة.
19

الثالث: تلقينه كلمات الفرج، وأيضا هذا الدعاء: " اللهم اغفر لي
الكثير من معاصيك، واقبل مني اليسير من طاعتك " وأيضا: " يا من يقبل
اليسير، ويعفو عن الكثير، اقبل مني اليسير، واعف عني الكثير، إنك أنت
العفو الغفور " وأيضا: " اللهم ارحمني فإنك رحيم ".
الرابع: نقله إلى مصلاه إذا عسر عليه النزع بشرط أن لا يوجب أذاه.
الخامس: قراءة سورة يس والصافات لتعجيل راحته، وكذا آية
الكرسي إلى " هم فيها خالدون " وآية السخرة وهي: " إن ربكم الله الذي
خلق السماوات والأرض " إلى آخر الآية، وثلاث آيات من آخر سورة
البقرة: " لله ما في السماوات والأرض " إلى آخر السورة، ويقرأ سورة
الأحزاب، بل مطلق قراءة القرآن.
فصل
في المستحبات بعد الموت
وهي أمور (1):
الأول: تغميض عينيه وتطبيق فمه.
الثاني: شد فكيه.
الثالث: مد يديه إلى جنبيه.
الرابع: مد رجليه.
الخامس: تغطيته بثوب.
السادس: الإسراج في المكان الذي مات فيه إن مات في الليل.
السابع: إعلام المؤمنين ليحضروا جنازته.
20

الثامن: التعجيل (1) في دفنه فلا ينتظرون الليل إن مات في النهار،
ولا النهار إن مات في الليل، إلا إذا شك في موته فينتظر حتى اليقين،
وإن كانت حاملا مع حياة ولدها فإلى أن يشق جنبها الأيسر لإخراجه
ثم خياطته.
فصل
في المكروهات
وهي أمور:
الأول: أن يمس في حال النزع (2) فإنه يوجب أذاه.
الثاني: تثقيل بطنه بحديد أو غيره.
الثالث: إبقاؤه وحده، فإن الشيطان يعبث في جوفه.
الرابع: حضور الجنب والحائض عنده حالة الاحتضار.
الخامس: التكلم زائدا عنده.
السادس: البكاء عنده.
السابع: أن يحضره عملة الموتى.
الثامن: أن يخلي عنده النساء وحدهن خوفا من صراخهن عنده.
فصل
لا يحرم كراهة الموت، نعم يستحب عند ظهور أماراته أن يحب
لقاء الله تعالى.
21

ويكره تمني الموت ولو كان في شدة وبلية، بل ينبغي أن يقول:
" اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا
لي ".
ويكره طول الأمل، وأن يحسب الموت بعيدا عنه، ويستحب ذكر
الموت كثيرا.
ويجوز الفرار من الوباء والطاعون، وما في بعض الأخبار من أن
الفرار من الطاعون كالفرار من الجهاد مختص بمن كان في ثغر من
الثغور لحفظه. نعم لو كان في المسجد ووقع الطاعون في أهله يكره
الفرار منه.
فصل
الأعمال الواجبة المتعلقة بتجهيز الميت من التغسيل والتكفين
والصلاة والدفن من الواجبات الكفائية، فهي واجبة على جميع
المكلفين، وتسقط بفعل البعض، فلو تركوا أجمع أثموا أجمع، ولو كان
مما يقبل صدوره عن جماعة كالصلاة إذا قام به جماعة في زمان واحد
اتصف فعل كل منهم بالوجوب. نعم يجب على غير الولي الاستئذان (1)
منه، ولا ينافي وجوبه (2) وجوبها على الكل، لأن الاستئذان منه شرط (3)
22

صحة الفعل، لا شرط وجوبه.
وإذا امتنع الولي من المباشرة والإذن يسقط اعتبار إذنه، نعم لو أمكن
للحاكم الشرعي إجباره له أن يجبره على أحد الأمرين، وإن لم يمكن
يستأذن من الحاكم (1) والأحوط (2) الاستئذان من المرتبة المتأخرة أيضا.
(مسألة 1): الإذن أعم من الصريح والفحوى وشاهد الحال القطعي.
(مسألة 2): إذا علم بمباشرة بعض المكلفين يسقط وجوب المبادرة،
ولا يسقط أصل الوجوب إلا بعد إتيان الفعل منه أو من غيره، فمع
الشروع في الفعل أيضا لا يسقط الوجوب، فلو شرع بعض المكلفين
بالصلاة يجوز لغيره الشروع فيها بنية الوجوب (3) نعم إذا أتم الأول
يسقط الوجوب عن الثاني فيتمها بنية الاستحباب.
(مسألة 3): الظن بمباشرة الغير لا يسقط وجوب المبادرة فضلا عن
الشك.
(مسألة 4): إذا علم صدور الفعل عن غيره سقط عنه التكليف ما لم
يعلم بطلانه وإن شك في الصحة، بل وإن ظن البطلان فيحمل فعله على
الصحة، سواء كان ذلك الغير عادلا أو فاسقا.
23

(مسألة 5): كل ما لم يكن من تجهيز الميت مشروطا بقصد القربة
كالتوجيه إلى القبلة والتكفين والدفن يكفي صدوره من كل من كان: من
البالغ العاقل أو الصبي أو المجنون، وكل ما يشترط فيه قصد القربة
كالتغسيل والصلاة يجب صدوره من البالغ العاقل، فلا يكفي صلاة
الصبي عليه إن قلنا بعدم صحة صلاته، بل وإن قلنا بصحتها (1) كما هو
الأقوى على الأحوط (2) نعم إذا علمنا بوقوعها منه صحيحة جامعة
لجميع الشرائط لا يبعد كفايتها (3) لكن مع ذلك لا يترك (4) الاحتياط.
فصل
في مراتب الأولياء
(مسألة 1): الزوج أولى بزوجته من جميع أقاربها، حرة كانت أو أمة،
دائمة أو منقطعة (5) وإن كان الأحوط في المنقطعة الاستئذان من المرتبة
اللاحقة أيضا، ثم بعد الزوج المالك (6) أولى بعبده أو أمته من كل أحد،
24

وإذا كان متعددا اشتركوا في الولاية، ثم بعد المالك طبقات الأرحام
بترتيب الإرث، فالطبقة الأولى وهم الأبوان والأولاد مقدمون على
الثانية وهم الإخوة والأجداد، والثانية مقدمون على الثالثة وهم الأعمام
والأخوال، ثم بعد الأرحام المولى (1) المعتق، ثم ضامن الجريرة، ثم
الحاكم الشرعي (2) ثم عدول المؤمنين (3).
(مسألة 2): في كل طبقة الذكور مقدمون (4) على الإناث، والبالغون
على غيرهم، ومن مت إلى الميت (5) بالأب والأم أولى ممن مت
بأحدهما، ومن انتسب إليه بالأب أولى ممن انتسب إليه بالأم، وفي
الطبقة الأولى الأب مقدم على الأم والأولاد، وهم مقدمون على
25

أولادهم، وفي الطبقة الثانية الجد مقدم (1) على الإخوة، وهم
مقدمون على أولادهم، وفي الطبقة الثالثة العم (2) مقدم على الخال، وهما
على أولادهما.
(مسألة 3): إذا لم يكن في طبقة ذكور فالولاية للإناث، وكذا إذا لم
يكونوا بالغين أو كانوا غائبين، لكن الأحوط (3) الاستئذان من الحاكم
أيضا في صورة كون الذكور غير بالغين أو غائبين.
(مسألة 4): إذا كان للميت أم وأولاد ذكور فالأم أولى (4) لكن
الأحوط (5) الاستئذان من الأولاد أيضا.
(مسألة 5): إذا لم يكن في بعض المراتب إلا الصبي أو المجنون
أو الغائب فالأحوط (6) الجمع بين إذن الحاكم والمرتبة المتأخرة،
26

لكن انتقال الولاية إلى المرتبة المتأخرة لا يخلو عن قوة (1) وإذا كان
للصبي ولي فالأحوط الاستئذان منه أيضا.
(مسألة 6): إذا كان أهل مرتبة واحدة متعددين يشتركون في الولاية
فلا بد من إذن الجميع، ويحتمل تقدم الأسن (2).
(مسألة 7): إذا أوصى الميت في تجهيزه إلى غير الولي ذكر بعضهم عدم
نفوذها إلا بإجازة الولي، لكن الأقوى (3) صحتها ووجوب العمل بها،
والأحوط (4) إذنهما معا، ولا يجب قبول الوصية (5) على ذلك الغير وإن
27

كان أحوط.
(مسألة 8): إذا رجع الولي عن إذنه في أثناء العمل لا يجوز للمأذون
الإتمام، وكذا إذا تبدل الولي بأن صار غير البالغ بالغا أو الغائب حاضرا
أو جن الولي أو مات فانتقلت الولاية إلى غيره.
(مسألة 9): إذا حضر الغائب أو بلغ الصبي أو أفاق المجنون بعد تمام
العمل من الغسل أو الصلاة مثلا ليس له الإلزام بالإعادة.
(مسألة 10): إذا ادعى شخص كونه وليا أو مأذونا من قبله أو وصيا
فالظاهر جواز الاكتفاء بقوله (1) ما لم يعارضه غيره، وإلا احتاج إلى
البينة، ومع عدمها لا بد من الاحتياط (2).
(مسألة 11): إذا أكره الولي أو غيره (3) شخصا على التغسيل أو الصلاة
28

على الميت فالظاهر صحة العمل (1) إذا حصل منه قصد القربة (2)، لأنه
أيضا مكلف كالمكره.
(مسألة 12): حاصل ترتيب (3) الأولياء أن الزوج مقدم على غيره، ثم
المالك، ثم الأب، ثم الأم (4) ثم الذكور من الأولاد البالغين، ثم الإناث
البالغات، ثم أولاد الأولاد، ثم الجد، ثم الجدة، ثم الأخ (5) ثم الأخت، ثم
أولادهما، ثم الأعمام، ثم الأخوال (6)، ثم أولادهما، ثم المولى المعتق،
29

ثم ضامن الجريرة، ثم الحاكم (1) ثم عدول المؤمنين.
فصل
في تغسيل الميت
يجب كفاية تغسيل كل مسلم، سواء كان اثني عشريا أو غيره (2)
لكن يجب أن يكون بطريق مذهب الاثني عشري (3).
ولا يجوز تغسيل الكافر (4) وتكفينه ودفنه بجميع أقسامه من
الكتابي، والمشرك، والحربي، والغالي، والناصبي، والخارجي (5) والمرتد
30

الفطري والملي إذا مات بلا توبة (1).
وأطفال المسلمين بحكمهم. وأطفال الكفار بحكمهم. وولد الزنا
من المسلم بحكمه (2) ومن الكافر بحكمه.
والمجنون إن وصف الإسلام بعد بلوغه مسلم، وإن وصف الكفر
كافر وإن اتصل جنونه بصغره فحكمه حكم الطفل في لحوقه بأبيه
أو أمه.
والطفل الأسير تابع (3) لآسره إن لم يكن معه أبوه أو أمه، بل
أو جده أو جدته.
31

ولقيط دار الاسلام بحكم المسلم (1) وكذا لقيط دار الكفر (2) إن كان
فيها مسلم يحتمل تولده منه.
ولا فرق في وجوب تغسيل المسلم بين الصغير والكبير حتى السقط
إذا تم له أربعة أشهر، ويجب تكفينه ودفنه على المتعارف، لكن لا يجب
الصلاة عليه، بل لا يستحب (3) أيضا.
وإذا كان للسقط أقل من أربعة أشهر لا يجب غسله (4) بل يلف (5) في
خرقة ويدفن.
فصل
يجب في الغسل نية القربة على نحو ما مر في الوضوء. والأقوى
كفاية نية واحدة (6) للأغسال الثلاثة، وإن كان الأحوط تجديدها (7)
32

عند كل غسل.
ولو اشترك اثنان يجب على كل منهما النية. ولو كان أحدهما معينا
والآخر مغسلا وجب على المغسل النية، وإن كان الأحوط نية المعين
أيضا.
ولا يلزم اتحاد المغسل فيجوز توزيع الثلاثة على ثلاثة، بل يجوز
في الغسل الواحد التوزيع مع مراعاة الترتيب، ويجب حينئذ النية على
كل منهم.
فصل
يجب المماثلة بين الغاسل والميت في الذكورية والأنوثية، فلا
يجوز تغسيل الرجل للمرأة ولا العكس، ولو كان من فوق اللباس ولم
يلزم لمس أو نظر (1) إلا في موارد:
أحدها: الطفل الذي لا يزيد سنه عن ثلاث سنين، فيجوز لكل منهما
تغسيل مخالفه ولو مع التجرد، ومع وجود المماثل، وإن كان الأحوط
الاقتصار على صورة فقد المماثل.
الثاني: الزوج والزوجة فيجوز لكل منهما تغسيل الآخر، ولو مع
33

وجود المماثل ومع التجرد، وإن كان الأحوط الاقتصار على صورة فقد
المماثل، وكونه من وراء الثياب. ويجوز لكل منهما النظر (1) إلى عورة
الآخر وإن كان يكره. ولا فرق في الزوجة بين الحرة والأمة، والدائمة
والمنقطعة (2) بل والمطلقة الرجعية (3) وإن كان الأحوط (4) ترك تغسيل
المطلقة مع وجود المماثل، خصوصا إذا كان بعد انقضاء العدة (5)
34

وخصوصا إذا تزوجت بغيره إن فرض بقاء الميت بلا تغسيل إلى ذلك
الوقت. وأما المطلقة بائنا فلا إشكال في عدم الجواز فيها.
الثالث: المحارم بنسب أو رضاع (1) لكن الأحوط بل الأقوى (2)
اعتبار فقد المماثل وكونه (3) من وراء الثياب.
الرابع: المولى والأمة فيجوز للمولى تغسيل أمته (4) إذا لم تكن
مزوجة، ولا في عدة الغير، ولا مبعضة ولا مكاتبة. وأما تغسيل الأمة
35

مولاها ففيه إشكال (1) وإن جوزه بعضهم (2) بشرط إذن الورثة، فالأحوط
تركه (3) بل الأحوط الترك (4) في تغسيل المولى أمته أيضا.
(مسألة 1): الخنثى المشكل إذا لم يكن عمرها أزيد من ثلاث سنين
فلا إشكال فيها، وإلا فإن كان لها محرم (5) أو أمة بناء على جواز
تغسيل الأمة مولاها فكذلك، وإلا فالأحوط (6) تغسيل كل من الرجل
36

والمرأة (1) إياها من وراء الثياب (2) وإن كان لا يبعد الرجوع إلى القرعة (3).
(مسألة 2): إذا كان ميت أو عضو من ميت مشتبها بين الذكر والأنثى
فيغسله كل من الرجل والمرأة (4) من وراء الثياب.
(مسألة 3): إذا انحصر المماثل في الكافر أو الكافرة من أهل الكتاب
أمر المسلم المرأة (5) الكتابية أو المسلمة الرجل الكتابي أن يغتسل أولا،
ويغسل الميت بعده، والآمر ينوي (6) النية، وإن أمكن أن لا يمس الماء
37

وبدن الميت تعين (1) كما أنه لو أمكن التغسيل في الكر أو الجاري
تعين (2) ولو وجد المماثل بعد ذلك أعاد (3) وإذا انحصر في المخالف
فكذلك، لكن لا يحتاج إلى اغتساله (4) قبل التغسيل، وهو مقدم على
الكتابي على تقدير وجوده.
(مسألة 4): إذا لم يكن مماثل حتى الكتابي والكتابية سقط الغسل، لكن
الأحوط (5) تغسيل غير المماثل من غير لمس ونظر من وراء الثياب، ثم
تنشيف بدنه قبل التكفين لاحتمال بقاء نجاسته.
(مسألة 5): يشترط في المغسل أن يكون مسلما بالغا عاقلا اثني
38

عشريا (1) فلا يجزي تغسيل الصبي - وإن كان مميزا (2) وقلنا بصحة
عباداته - على الأحوط (3) وإن كان لا يبعد كفايته (4) مع العلم بإتيانه على
الوجه الصحيح، ولا تغسيل الكافر إلا إذا كان كتابيا في الصورة
المتقدمة، ويشترط أن يكون عارفا (5) بمسائل الغسل، كما أنه يشترط
المماثلة إلا في الصور المتقدمة.
فصل
قد عرفت سابقا وجوب تغسيل كل مسلم، لكن يستثنى من ذلك
طائفتان:
إحداهما: الشهيد المقتول في المعركة عند الجهاد مع الإمام (عليه السلام)
أو نائبه الخاص، ويلحق به كل من قتل في حفظ بيضة الإسلام في حال
الغيبة من غير فرق بين الحر والعبد، والمقتول بالحديد أو غيره، عمدا أو
خطأ، رجلا كان أو امرأة أو صبيا أو مجنونا إذا كان الجهاد
39

واجبا عليهم (1) فلا يجب تغسيلهم، بل يدفنون كذلك بثيابهم إلا إذا
كانوا عراة فيكفنون ويدفنون.
ويشترط فيه أن يكون خروج روحه قبل إخراجه (2) من المعركة،
أو بعد إخراجه (3) مع بقاء الحرب وخروج روحه بعد الإخراج بلا فصل،
وأما إذا خرجت روحه بعد انقضاء الحرب (4) فيجب تغسيله (5) وتكفينه.
40

الثانية: من وجب قتله برجم أو قصاص، فإن الإمام (عليه السلام) أو نائبه
الخاص أو العام يأمره أن يغتسل (1) غسل الميت مرة بماء السدر (2)
ومرة بماء الكافور، ومرة بالماء القراح، ثم يكفن كتكفين الميت، إلا أنه
يلبس وصلتين (3) منه وهما الميزر والثوب قبل القتل واللفافة بعده،
ويحنط قبل القتل كحنوط الميت، ثم يقتل فيصلى عليه ويدفن
بلا تغسيل، ولا يلزم غسل الدم من كفنه، ولو أحدث قبل القتل لا يلزم
إعادة الغسل (4). ويلزم أن يكون موته بذلك السبب، فلو مات أو قتل
بسبب آخر يلزم تغسيله، ونية الغسل من الآمر (5) ولو نوى هو أيضا
41

صح (1) كما أنه لو اغتسل من غير أمر الإمام (عليه السلام) أو نائبه كفى، وإن كان
الأحوط إعادته.
(مسألة 6): سقوط الغسل عن الشهيد والمقتول بالرجم أو القصاص من
باب العزيمة لا الرخصة، وأما الكفن فإن كان الشهيد عاريا وجب
تكفينه، وإن كان عليه ثيابه فلا يبعد جواز تكفينه (2) فوق ثياب الشهادة،
ولا يجوز نزع ثيابه وتكفينه، ويستثنى من عدم جواز نزع ما عليه
أشياء يجوز نزعها (3) كالخف والنعل والحزام إذا كان من (4) الجلد
42

وأسلحة الحرب، واستثنى بعضهم الفرو، ولا يخلو عن إشكال (1)
خصوصا إذا أصابه دم واستثنى بعضهم مطلق الجلود، وبعضهم استثنى
الخاتم (2) وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): " ينزع من الشهيد الفرو والخف
والقلنسوة والعمامة والحزام والسراويل " والمشهور لم يعملوا بتمام
الخبر، والمسألة محل إشكال، والأحوط عدم نزع ما يصدق عليه
الثوب (3) من المذكورات.
(مسألة 7): إذا كان ثياب الشهيد للغير ولم يرض بإبقائها تنزع (4) وكذا
إذا كانت للميت لكن كانت مرهونة (5) عند الغير ولم يرض بإبقائها عليه.
(مسألة 8): إذا وجد في المعركة ميت لم يعلم أنه قتل شهيدا أم لا
فالأحوط (6) تغسيله وتكفينه خصوصا إذا لم يكن فيه جراحة (7) وإن
43

كان لا يبعد إجراء حكم الشهيد عليه (1).
(مسألة 9): من أطلق عليه الشهيد في الأخبار من المطعون والمبطون
والغريق والمهدوم عليه ومن ماتت عند الطلق والمدافع عن أهله وماله
لا يجري عليه حكم الشهيد، إذ المراد التنزيل في الثواب.
(مسألة 10): إذا اشتبه المسلم بالكافر فإن كان مع العلم الإجمالي
بوجود مسلم في البين وجب الاحتياط بالتغسيل (2) والتكفين وغيرهما
للجميع وإن لم يعلم ذلك لا يجب شئ من ذلك (3) وفي رواية " يميز بين
44

المسلم والكافر بصغر الآلة وكبرها " ولا بأس بالعمل بها (1) في غير
صورة العلم الإجمالي (2) والأحوط إجراء أحكام المسلم (3) مطلقا بعنوان
الاحتمال وبرجاء كونه مسلما.
(مسألة 11): مس الشهيد والمقتول بالقصاص بعد العمل بالكيفية
السابقة لا يوجب الغسل (4).
(مسألة 12): القطعة المبانة من الميت إن لم يكن فيها عظم لا يجب
غسلها ولا غيره بل تلف في خرقة (5) وتدفن، وإن كان فيها عظم وكان
غير الصدر تغسل (6) وتلف في خرقة وتدفن، وإن كان الأحوط تكفينها
بقدر ما بقي من محل القطعات الثلاث وكذا إن كان عظما مجردا (7) وأما
إذا كانت مشتملة على الصدر، وكذا الصدر وحده فتغسل وتكفن ويصلى
45

عليها وتدفن، وكذا بعض الصدر إذا كان مشتملا على القلب (1) بل وكذا
عظم الصدر وإن لم يكن معه لحم.
وفي الكفن يجوز الاقتصار على الثوب واللفافة إلا إذا كان بعض
محل الميزر أيضا موجودا، والأحوط القطعات الثلاثة مطلقا، ويجب
حنوطها أيضا (2).
(مسألة 13): إن بقي جميع عظام الميت بلا لحم وجب إجراء جميع
الأعمال (3).
(مسألة 14): إذا كانت القطعة مشتبهة بين الذكر والأنثى الأحوط أن
يغسلها كل من الرجل والمرأة (4).
فصل
في كيفية غسل الميت
يجب تغسيله ثلاثة أغسال: الأول بماء السدر. الثاني بماء الكافور
46

الثالث بالماء القراح. ويجب على هذا الترتيب، ولو خولف أعيد على
وجه يحصل الترتيب.
وكيفية كل من الأغسال المذكورة كما ذكر في الجنابة، فيجب أولا
غسل الرأس والرقبة، وبعده الطرف الأيمن، وبعده الأيسر، والعورة
تنصف أو تغسل مع كل من الطرفين (1) وكذا السرة. ولا يكفي
الارتماسي (2) على الأحوط في الأغسال الثلاثة مع التمكن من الترتيب،
نعم يجوز (3) في كل غسل رمس كل من الأعضاء الثلاثة مع مراعاة
الترتيب في الماء الكثير.
(مسألة 1): الأحوط (4) إزالة النجاسة عن جميع جسده قبل الشروع في
الغسل، وإن كان الأقوى كفاية إزالتها عن كل عضو قبل الشروع فيه.
(مسألة 2): يعتبر في كل من السدر والكافور أن لا يكون في طرف
الكثرة بمقدار يوجب إضافته وخروجه عن الإطلاق، وفي طرف القلة
يعتبر أن يكون بمقدار يصدق أنه مخلوط بالسدر أو الكافور، وفي الماء
القراح يعتبر صدق الخلوص منهما، وقدر بعضهم السدر برطل، والكافور
بنصف مثقال تقريبا، لكن المناط ما ذكرنا.
(مسألة 3): لا يجب مع غسل الميت الوضوء قبله أو بعده وإن كان
47

مستحبا، والأولى أن يكون قبله (1).
(مسألة 4): ليس لماء غسل الميت حد، بل المناط كونه بمقدار يفي
بالواجبات أو مع المستحبات، نعم في بعض الأخبار أن النبي (صلى الله عليه وآله)
أوصى إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يغسله بست قرب (2) والتأسي به (صلى الله عليه وآله)
حسن مستحسن.
(مسألة 5): إذا تعذر أحد الخليطين سقط اعتباره واكتفى بالماء القراح
بدله (3) ويأتي بالآخرين، وإن تعذر كلاهما سقطا، وغسل بالقراح ثلاثة
أغسال (4) ونوى بالأول (5) ما هو بدل السدر، وبالثاني ما هو بدل
الكافور.
(مسألة 6): إذا تعذر الماء يتيمم ثلاث تيممات (6) بدلا عن الأغسال
على الترتيب، والأحوط تيمم آخر (7) بقصد بدلية المجموع، وإن نوى
48

في التيمم الثالث (1) ما في الذمة من بدلية الجميع، أو خصوص الماء
القراح كفى في الاحتياط (2).
(مسألة 7): إذا لم يكن عنده من الماء إلا بمقدار غسل واحد،
فإن لم يكن عنده الخليطان أو كان كلاهما أو السدر فقط (3) صرف
ذلك الماء في الغسل الأول (4) ويأتي بالتيمم بدلا عن كل من
49

الآخرين (1) على الترتيب، ويحتمل التخيير (2) في الصورتين الأوليين في
صرفه في كل من الثلاثة في الأولى، وفي كل من الأول والثاني في
الثانية، وإن كان عنده الكافور فقط فيحتمل (3) أن يكون الحكم كذلك
ويحتمل أن يجب صرف ذلك الماء في الغسل الثاني (4) مع الكافور،
50

ويأتي بالتيمم بدل الأول والثالث، فييممه أولا، ثم يغسله بماء الكافور،
ثم ييممه بدل القراح.
(مسألة 8): إذا كان الميت مجروحا أو محروقا أو مجدورا أو نحو ذلك
مما يخاف معه تناثر جلده ييمم - كما في صورة فقد الماء - ثلاثة
تيممات (1).
(مسألة 9): إذا كان الميت محرما لا يجعل الكافور في ماء غسله في
الغسل الثاني إلا أن يكون موته بعد طواف الحج (2) أو العمرة (3) وكذلك
51

لا يحنط بالكافور، بل لا يقرب إليه طيب آخر.
(مسألة 10): إذا ارتفع العذر عن الغسل أو عن خلط الخليطين أو
أحدهما بعد التيمم أو بعد الغسل بالقراح قبل الدفن يجب الإعادة (1)
وكذا بعد الدفن إذا اتفق خروجه بعده على الأحوط.
(مسألة 11): يجب أن يكون التيمم بيد الحي (2) لا بيد الميت، وإن كان
الأحوط تيمم آخر بيد الميت (3) إن أمكن، والأقوى كفاية (4) ضربة
واحدة للوجه واليدين، وإن كان الأحوط التعدد (5).
(مسألة 12): الميت المغسل بالقراح لفقد الخليطين أو أحدهما
52

أو الميمم لفقد الماء أو نحوه من الأعذار لا يجب الغسل بمسه (1)
وإن كان أحوط (2).
فصل
في شرائط الغسل
وهي أمور:
الأول: نية القربة على ما مر في باب الوضوء.
الثاني: طهارة الماء.
الثالث: إزالة النجاسة (3) عن كل عضو قبل الشروع في غسله، بل
الأحوط إزالتها (4) عن جميع الأعضاء قبل الشروع في أصل الغسل كما
مر سابقا.
الرابع: إزالة الحواجب (5) والموانع عن وصول الماء إلى البشرة،
53

وتخليل الشعر، والفحص عن المانع إذا شك في وجوده (1).
الخامس: إباحة (2) الماء وظرفه (3) ومصبه (4) ومجرى غسالته (5)
ومحل الغسل والسدة والفضاء الذي فيه (6) جسد الميت، وإباحة السدر
والكافور، وإذا جهل بغصبية أحد المذكورات أو نسيها (7) وعلم بعد
الغسل لا يجب إعادته، بخلاف الشروط السابقة، فإن فقدها يوجب
54

الإعادة، وإن لم يكن عن علم وعمد.
(مسألة 1): يجوز تغسيل الميت من وراء الثياب، ولو كان المغسل
مماثلا، بل قيل: إنه أفضل (1). ولكن الظاهر - كما قيل - إن الأفضل
التجرد في غير العورة مع المماثلة (2).
(مسألة 2): يجزي غسل الميت عن الجنابة والحيض، بمعنى أنه
لو مات جنبا أو حائضا لا يحتاج إلى غسلهما، بل يجب غسل الميت
فقط، بل ولا رجحان في ذلك، وإن حكي عن العلامة رجحانه.
(مسألة 3): لا يشترط في غسل الميت أن يكون بعد برده وإن كان
أحوط.
(مسألة 4): النظر إلى عورة الميت حرام، لكن لا يوجب بطلان الغسل
إذا كان في حاله.
(مسألة 5): إذا دفن الميت بلا غسل جاز بل وجب نبشه (3) لتغسيله
55

أو تيممه. وكذا إذا ترك بعض الأغسال ولو سهوا أو تبين بطلانها
أو بطلان بعضها. وكذا إذا دفن بلا تكفين أو مع الكفن الغصبي. وأما إذا
لم يصل عليه أو تبين بطلانها فلا يجوز نبشه لأجلها بل يصلى على قبره.
(مسألة 6): لا يجوز (1) أخذ الأجرة على تغسيل الميت، بل لو كان
داعيه على التغسيل أخذ الأجرة على وجه ينافي قصد القربة بطل
الغسل أيضا، نعم لو كان داعيه هو القربة وكان الداعي على الغسل
بقصد القربة أخذ الأجرة (2) صح الغسل (3) لكن مع ذلك أخذ الأجرة
56

حرام (1) إلا إذا كان في قبال المقدمات الغير الواجبة (2) فإنه لا بأس به
حينئذ.
(مسألة 7): إذا كان السدر أو الكافور قليلا جدا بأن لم يكن بقدر
الكفاية فالأحوط خلط المقدار الميسور، وعدم سقوطه بالمعسور.
(مسألة 8): إذا تنجس بدن الميت بعد الغسل أو في أثنائه بخروج
نجاسة أو نجاسة خارجة لا يجب معه إعادة الغسل، بل وكذا لو خرج
منه بول أو مني، وإن كان الأحوط (3) في صورة كونهما في الأثناء
إعادته، خصوصا إذا كان في أثناء الغسل بالقراح، نعم يجب إزالة تلك
النجاسة عن جسده، ولو كان بعد وضعه في القبر (4) إذا أمكن بلا مشقة
ولا هتك.
(مسألة 9): اللوح أو السرير الذي يغسل الميت عليه لا يجب غسله (5)
بعد كل غسل من الأغسال الثلاثة، نعم الأحوط غسله لميت آخر (6) وإن
57

كان الأقوى طهارته بالتبع (1) وكذا الحال في الخرقة الموضوعة عليه
فإنها أيضا تطهر بالتبع والأحوط غسلها (2).
فصل
في آداب غسل الميت
وهي أمور (3):
الأول: أن يجعل على مكان عال من سرير أو دكة أو غيرها،
والأولى وضعه على ساجة، وهي السرير المتخذ من شجر مخصوص
في الهند، وبعده مطلق السرير، وبعده المكان العالي مثل الدكة، وينبغي
أن يكون مكان رأسه أعلى من مكان رجليه.
الثاني: أن يوضع مستقبل القبلة كحالة الاحتضار بل هو أحوط (4).
الثالث: أن ينزع قميصه من طرف رجليه، وإن استلزم فتقه بشرط
الإذن (5) من الوارث البالغ الرشيد، والأولى أن يجعل هذا ساترا لعورته.
58

الرابع: أن يكون تحت الظلال من سقف أو خيمة، والأولى الأول.
الخامس: أن يحفر حفيرة لغسالته.
السادس: أن يكون عاريا (1) مستور العورة.
السابع: ستر عورته وإن كان الغاسل والحاضرون ممن يجوز لهم
النظر إليها.
الثامن: تليين أصابعه برفق، بل وكذا جميع مفاصله (2) إن لم يتعسر
وإلا تركت بحالها.
التاسع: غسل يديه قبل التغسيل إلى نصف الذراع في كل غسل
ثلاث مرات، والأولى أن يكون في الأول بماء السدر، وفي الثاني بماء
الكافور، وفي الثالث بالقراح.
العاشر: غسل رأسه برغوة السدر أو الخطمي مع المحافظة على
عدم دخوله في أذنه أو أنفه.
الحادي عشر: غسل فرجيه (3) بالسدر أو الأشنان ثلاث مرات
قبل التغسيل، والأولى (4) أن يلف الغاسل على يده اليسرى خرقة ويغسل
فرجه.
الثاني عشر: مسح بطنه برفق في الغسلين الأولين إلا إذا كانت امرأة
59

حاملا مات ولدها في بطنها.
الثالث عشر: أن يبدأ في كل من الأغسال الثلاثة بالطرف الأيمن
من رأسه.
الرابع عشر: أن يقف الغاسل إلى جانبه الأيمن.
الخامس عشر: غسل الغاسل يديه إلى المرفقين بل إلى المنكبين
ثلاث مرات في كل من الأغسال الثلاثة.
السادس عشر: أن يمسح بدنه عند التغسيل بيده لزيادة الاستظهار
إلا أن يخاف سقوط شئ من أجزاء بدنه فيكتفي بصب الماء عليه.
السابع عشر: أن يكون ماء غسله ست قرب (1).
الثامن عشر: تنشيفه بعد الفراغ بثوب نظيف أو نحوه.
التاسع عشر: أن يوضأ قبل كل من الغسلين الأولين (2) وضوء
الصلاة، مضافا إلى غسل يديه إلى نصف الذراع.
العشرون: أن يغسل كل عضو من الأعضاء الثلاثة في كل غسل من
الأغسال الثلاثة ثلاث مرات.
الحادي والعشرون: إن كان الغاسل يباشر تكفينه فليغسل رجليه
إلى الركبتين.
الثاني والعشرون: أن يكون الغاسل مشغولا بذكر الله، والاستغفار
عند التغسيل، والأولى أن يقول مكررا: " رب عفوك عفوك " أو يقول:
60

" اللهم هذا بدن عبدك المؤمن، وقد أخرجت روحه من بدنه، وفرقت
بينهما فعفوك عفوك " خصوصا في وقت تقليبه.
الثالث والعشرون: أن لا يظهر عيبا في بدنه إذا رآه.
فصل
في مكروهات الغسل
الأول: إقعاده حال الغسل.
الثاني: جعل الغاسل إياه بين رجليه.
الثالث: حلق رأسه أو عانته.
الرابع: نتف شعر إبطيه.
الخامس: قص شاربه.
السادس: قص أظفاره، بل الأحوط تركه (1) وترك الثلاثة قبله.
السابع: ترجيل شعره.
الثامن: تخليل ظفره.
التاسع: غسله بالماء الحار بالنار أو مطلقا إلا مع الاضطرار.
العاشر: التخطي عليه حين التغسيل.
الحادي عشر: إرسال غسالته إلى بيت الخلاء بل إلى البالوعة، بل
يستحب أن يحفر لها بالخصوص حفيرة كما مر.
الثاني عشر: مسح بطنه إذا كانت حاملا.
(مسألة 1): إذا سقط من بدن الميت شئ من جلد أو شعر أو ظفر
أو سن يجعل معه في كفنه (2) ويدفن، بل يستفاد من بعض الأخبار
61

استحباب حفظ السن الساقط ليدفن معه، كالخبر الذي ورد أن سنا من
أسنان الباقر (عليه السلام) سقط فأخذه وقال: الحمد لله، ثم أعطاه للصادق (عليه السلام)
وقال: ادفنه معي في قبري.
(مسألة 2): إذا كان الميت غير مختون لا يجوز (1) أن يختن بعد موته.
(مسألة 3): لا يجوز تحنيط المحرم بالكافور، ولا جعله في ماء غسله
كما مر إلا أن يكون موته بعد الطواف (2) للحج أو العمرة.
فصل
في تكفين الميت
يجب تكفينه بالوجوب الكفائي رجلا كان أو امرأة أو خنثى
أو صغيرا بثلاث قطعات:
الأولى: المئزر، ويجب أن يكون من السرة إلى الركبة، والأفضل من
الصدر إلى القدم.
الثانية: القميص، ويجب أن يكون من المنكبين إلى نصف الساق (3)
62

والأفضل (1) إلى القدم (2).
الثالثة: الإزار (3) ويجب أن يغطي تمام البدن (4) والأحوط (5) أن
يكون في الطول بحيث يمكن أن يشد طرفاه، وفي العرض بحيث
يوضع أحد جانبيه على الآخر، والأحوط أن لا يحسب الزائد (6) على
القدر الواجب على الصغار (7) من الورثة، وإن أوصى به أن يحسب من
الثلث. وإن لم يتمكن من ثلاث قطعات يكتفى بالمقدور (8) وإن دار الأمر
63

بين واحدة من الثلاث تجعل إزارا، وإن لم يمكن فثوبا (1) وإن لم يمكن
إلا مقدار ستر العورة تعين (2) وإن دار بين القبل والدبر يقدم الأول.
(مسألة 1): لا يعتبر في التكفين قصد القربة وإن كان أحوط (3).
(مسألة 2): الأحوط (4) في كل من القطعات أن يكون وحده ساترا لما
تحته، فلا يكتفى بما يكون حاكيا له وإن حصل الستر بالمجموع نعم لا
يبعد كفاية ما يكون ساترا من جهة طليه بالنشاء ونحوه لا بنفسه، وإن
كان الأحوط كونه كذلك بنفسه.
(مسألة 3): لا يجوز التكفين بجلد الميتة ولا بالمغصوب ولو في حال
الاضطرار (5) ولو كفن بالمغصوب وجب نزعه (6) بعد الدفن أيضا.
(مسألة 4): لا يجوز اختيارا التكفين بالنجس حتى لو كانت النجاسة
بما عفي عنها في الصلاة على الأحوط (7) ولا بالحرير الخالص وإن كان
64

الميت طفلا أو امرأة، ولا بالمذهب (1) ولا بما لا يؤكل لحمه (2) جلدا كان
أو شعرا أو وبرا، والأحوط (3) أن لا يكون من جلد المأكول، وأما من
وبره وشعره فلا بأس، وإن كان الأحوط فيهما أيضا المنع، وأما في حال
الاضطرار فيجوز بالجميع (4).
(مسألة 5): إذا دار الأمر في حال الاضطرار (5) بين جلد المأكول (6)
أو أحد المذكورات يقدم الجلد على الجميع، وإذا دار بين النجس
والحرير أو بينه وبين أجزاء غير المأكول لا يبعد تقديم النجس (7)
65

وإن كان لا يخلو عن إشكال، وإذا دار بين الحرير وغير المأكول يقدم
الحرير (1) وإن كان لا يخلو عن إشكال في صورة الدوران بين الحرير
وجلد غير المأكول، وإذا دار بين جلد غير المأكول وسائر أجزائه يقدم
سائر الأجزاء.
(مسألة 6): يجوز التكفين بالحرير الغير الخالص بشرط أن يكون
الخليط أزيد من الإبريسم على الأحوط.
(مسألة 7): إذا تنجس الكفن بنجاسة خارجة أو بالخروج من الميت
وجب إزالتها، ولو بعد الوضع في القبر بغسل أو بقرض (2) إذا لم يفسد
الكفن، وإذا لم يمكن وجب تبديله مع الإمكان.
(مسألة 8): كفن الزوجة على زوجها ولو مع يسارها، من غير فرق بين
كونها كبيرة أو صغيرة أو مجنونة أو عاقلة، حرة أو أمة، مدخولة أو غير
مدخولة، دائمة أو منقطعة (3) مطيعة أو ناشزة، بل وكذا المطلقة
66

الرجعية (1) دون البائنة وكذا في الزوج لا فرق بين الصغير والكبير
والعاقل والمجنون، فيعطي الولي من مال المولى عليه.
(مسألة 9): يشترط في كون كفن الزوجة على الزوج أمور:
أحدها: يساره (2) بأن يكون له ما يفي به أو ببعضه زائدا عن
مستثنيات الدين، وإلا فهو أو البعض الباقي في مالها (3).
الثاني: عدم تقارن موتهما.
67

الثالث: عدم محجورية الزوج (1) قبل موتها بسبب الفلس.
الرابع: أن لا يتعلق به حق الغير (2) من رهن أو غيره.
الخامس: عدم تعيينها الكفن بالوصية (3).
68

(مسألة 10): كفن المحللة على سيدها لا المحلل له.
(مسألة 11): إذا مات الزوج بعد الزوجة وكان له ما يساوي كفن
أحدهما قدم عليها (1) حتى لو كان وضع عليها فينزع منها (2) إلا إذا كان
بعد الدفن.
(مسألة 12): إذا تبرع بكفنها متبرع سقط عن الزوج.
(مسألة 13): كفن غير الزوجة من أقارب الشخص ليس عليه، وإن كان
ممن يجب نفقته عليه، بل في مال الميت، وإن لم يكن له مال يدفن
عاريا (3).
69

(مسألة 14): لا يخرج الكفن عن ملك الزوج بتكفين المرأة، فلو أكلها
السبع أو ذهب بها السيل وبقي الكفن رجع إليه ولو كان بعد دفنها.
(مسألة 15): إذا كان الزوج معسرا كان كفنها في تركتها (1) فلو أيسر بعد
ذلك (2) ليس للورثة مطالبة قيمته.
(مسألة 16): إذا كفنها الزوج فسرقه سارق وجب عليه مرة أخرى، بل
وكذا إذا كان بعد الدفن على الأحوط.
(مسألة 17): ما عدا الكفن من مؤن تجهيز الزوجة ليس على الزوج
على الأقوى (3) وإن كان أحوط (4).
(مسألة 18): كفن المملوك على سيده، وكذا سائر مؤن تجهيزه إلا إذا
كانت مملوكة مزوجة فعلى زوجها (5) كما مر، ولا فرق بين أقسام
70

المملوك، وفي المبعض يبعض، وفي المشترك يشترك.
(مسألة 19): القدر الواجب من الكفن يؤخذ من أصل التركة في غير
الزوجة والمملوك مقدما على الديون والوصايا، وكذا القدر الواجب من
سائر المؤن من السدر والكافور وماء الغسل وقيمة الأرض، بل وما
يؤخذ من الدفن في الأرض المباحة، وأجرة الحمال والحفار ونحوها
في صورة الحاجة إلى المال، وأما الزائد عن القدر الواجب في جميع
ذلك فموقوف (1) على إجازة الكبار من الورثة في حصتهم، إلا مع وصية
الميت بالزائد مع خروجه من الثلث (2) أو وصيته بالثلث من دون تعيين
المصرف كلا أو بعضا، فيجوز صرفه في الزائد من القدر الواجب.
(مسألة 20): الأحوط الاقتصار (3) في القدر الواجب على ما هو
أقل قيمة، فلو أرادوا ما هو أغلى قيمة يحتاج الزائد إلى إمضاء
الكبار في حصتهم (4) وكذا في سائر المؤن، فلو كان هناك مكان
71

مباح لا يحتاج إلى بذل مال أو يحتاج إلى قليل لا يجوز اختيار
الأرض التي مصرفها أزيد إلا بإمضائهم، إلا أن يكون ما هو الأقل
قيمة أو مصرفا هتكا لحرمة الميت، فحينئذ لا يبعد خروجه من
أصل التركة (1). وكذا بالنسبة إلى مستحبات الكفن (2) فلو فرضنا
أن الاقتصار على أقل الواجب هتك لحرمة الميت يؤخذ المستحبات
أيضا من أصل التركة.
(مسألة 21): إذا كان تركة الميت متعلقا لحق الغير مثل حق الغرماء في
الفلس (3) وحق الرهانة وحق الجناية ففي تقديمه (4) أو تقديم الكفن
إشكال (5) فلا يترك مراعاة الاحتياط.
72

(مسألة 22): إذا لم يكن للميت تركة بمقدار الكفن فالظاهر عدم وجوبه
على المسلمين، لأن الواجب الكفائي هو التكفين، لا إعطاء الكفن، لكنه
أحوط (1) وإذا كان هناك من سهم سبيل الله من الزكاة فالأحوط (2) صرفه
فيه، والأولى بل الأحوط أن يعطى لورثته (3) حتى يكفنوه من مالهم
إذا كان تكفين الغير لميتهم صعبا عليهم.
(مسألة 23): تكفين المحرم كغيره فلا بأس بتغطية رأسه ووجهه،
فليس حالهما حال الطيب في حرمة تقريبه إلى الميت المحرم.
فصل
في مستحبات الكفن (4)
وهي أمور:
أحدها: العمامة للرجل، ويكفي فيها المسمى طولا وعرضا،
73

والأولى أن تكون بمقدار يدار على رأسه، ويجعل طرفاها تحت حنكه
على صدره، الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن من الصدر.
الثاني: المقنعة للامرأة بدل العمامة، ويكفي فيها أيضا المسمى.
الثالث: لفافة لثدييها يشدان بها إلى ظهرها.
الرابع: خرقة يعصب بها وسطه، رجلا كان أو امرأة.
الخامس: خرقة أخرى للفخذين تلف عليهما. والأولى أن يكون
طولها ثلاثة أذرع ونصف، وعرضها شبرا أو أزيد، تشد من الحقوين، ثم
تلف على فخذيه لفا شديدا على وجه لا يظهر منهما شئ إلى الركبتين،
ثم يخرج رأسها من تحت رجليه إلى جانب الأيمن.
السادس: لفافة أخرى فوق اللفافة الواجبة، والأولى كونها بردا
يمانيا، بل يستحب لفافة ثالثة أيضا خصوصا في الامرأة.
السابع: أن يجعل شئ من القطن أو نحوه بين رجليه (1) بحيث يستر
العورتين ويوضع عليه شئ من الحنوط (2) وإن خيف خروج شئ من
دبره يجعل فيه شئ من القطن، وكذا لو خيف خروج الدم من منخريه،
وكذا بالنسبة إلى قبل الامرأة وكذا ما أشبه ذلك.
74

فصل
في بقية المستحبات
وهي أيضا أمور،
الأول: إجادة الكفن، فإن الأموات يتباهون يوم القيامة بأكفانهم،
ويحشرون بها، وقد كفن موسى بن جعفر (عليهما السلام) بكفن قيمته ألفا دينار،
وكان تمام القرآن مكتوبا عليه.
الثاني: أن يكون من القطن.
الثالث: أن يكون أبيض، بل يكره المصبوغ ما عدا الحبرة، ففي
بعض الأخبار أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كفن في حبرة حمراء.
الرابع: أن يكون من خالص المال وطهوره، لا من المشتبهات.
الخامس: أن يكون من الثوب الذي أحرم فيه أو صلى فيه.
السادس: أن يلقى عليه شئ من الكافور والذريرة، وهي على
ما قيل حب يشبه حب الحنطة له ريح طيب إذا دق، وتسمى الآن قمحة،
ولعلها كانت تسمى بالذريرة سابقا، ولا يبعد استحباب التبرك بتربة قبر
الحسين (عليه السلام) ومسحه بالضريح المقدس، أو بضرائح سائر الأئمة (عليهم السلام)
بعد غسله بماء الفرات، أو بماء زمزم.
السابع: أن يجعل طرف الأيمن (1) من اللفافة على أيسر الميت،
والأيسر منها على أيمنه.
الثامن: أن يخاط الكفن بخيوطه إذا احتاج إلى الخياطة.
التاسع: أن يكون المباشر للتكفين على طهارة من الحدث وإن كان
75

هو الغاسل له فيستحب أن يغسل يديه إلى المرفقين بل المنكبين ثلاث
مرات، ويغسل رجليه إلى الركبتين، والأولى أن يغسل كل ما تنجس من
بدنه، وأن يغتسل غسل المس قبل التكفين.
العاشر: أن يكتب على حاشية جميع قطع الكفن من الواجب
والمستحب حتى العمامة اسمه واسم أبيه بأن يكتب: " فلان ابن فلان
يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله)،
وأن عليا والحسن والحسين وعليا ومحمدا وجعفرا وموسى وعليا
ومحمدا وعليا والحسن والحجة القائم أولياء الله وأوصياء رسول الله
وأئمتي، وأن البعث والثواب والعقاب حق.
الحادي عشر: أن يكتب على كفنه تمام القرآن ودعاء جوشن
الصغير والكبير، ويستحب كتابة الأخير في جام بكافور أو مسك ثم
غسله ورشه على الكفن، فعن أبي عبد الله الحسين صلوات الله عليه: " إن
أبي أوصاني بحفظ هذا الدعاء، وأن أكتبه على كفنه، وأن أعلمه أهل
بيتي " ويستحب أيضا أن يكتب عليه البيتان اللذان كتبهما
أمير المؤمنين (عليه السلام) على كفن سلمان وهما:
وفدت على الكريم بغير زاد * من الحسنات والقلب السليم
وحمل الزاد أقبح كل شئ * إذا كان الوفود على الكريم
ويناسب أيضا كتابة السند المعروف المسمى بسلسلة الذهب وهو:
حدثنا محمد بن موسى المتوكل، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه
عن يوسف بن عقيل، عن إسحاق بن راهويه قال: لما وافى أبو الحسن
الرضا (عليه السلام) نيشابور وأراد أن يرتحل إلى المأمون اجتمع عليه أصحاب
الحديث فقالوا: يا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) تدخل علينا ولا تحدثنا بحديث
76

فنستفيده منك؟ وقد كان قعد في العمارية، فأطلع رأسه فقال (عليه السلام):
" سمعت أبي موسى بن جعفر (عليه السلام) يقول: سمعت أبي جعفر بن
محمد (عليه السلام) يقول: سمعت أبي محمد بن علي (عليه السلام) يقول: سمعت أبي علي
ابن الحسين (عليه السلام) يقول: سمعت أبي الحسين بن علي (عليه السلام) يقول: سمعت
أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله)
يقول: سمعت جبرئيل يقول: سمعت الله عز وجل يقول: لا إله إلا الله
حصني، فمن دخل حصني أمن من عذابي " فلما مرت الراحلة نادى:
" أما بشروطها، وأنا من شروطها ".
وإن كتب السند الآخر أيضا فأحسن، وهو حدثنا أحمد بن الحسن
القطان قال حدثنا عبد الكريم بن محمد الحسيني قال حدثنا محمد بن
إبراهيم الرازي، قال حدثنا عبد الله بن يحيى الأهوازي قال حدثني
أبو الحسن علي بن عمرو، قال حدثنا الحسن بن محمد بن جمهور، قال
حدثني علي بن بلال، عن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) عن موسى بن
جعفر (عليه السلام)، عن جعفر بن محمد (عليه السلام)، عن محمد بن علي (عليه السلام)، عن علي
بن الحسين (عليه السلام)، عن الحسين بن علي (عليه السلام)، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)،
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن جبرئيل، عن ميكائيل، عن إسرافيل (عليهم السلام) عن
اللوح والقلم قال " يقول الله عز وجل: ولاية علي بن أبي طالب حصني،
فمن دخل حصني أمن من ناري ".
وإذا كتب على فص الخاتم العقيق الشهادتان وأسماء الأئمة والإقرار
بإمامتهم كان حسنا، بل يحسن كتابة كل ما يرجى منه النفع من غير أن
يقصد الورود.
والأولى أن يكتب الأدعية المذكورة بتربة قبر الحسين (عليه السلام)،
77

أو يجعل في المداد شئ منها، أو بتربة سائر الأئمة، ويجوز أن يكتب
بالطين وبالماء، بل بالأصبع من غير مداد.
الثاني عشر: أن يهئ كفنه قبل موته وكذا السدر والكافور، ففي
الحديث من هيأ كفنه لم يكتب من الغافلين، وكلما نظر إليه كتبت له
حسنة.
الثالث عشر: أن يجعل الميت حال التكفين مستقبل القبلة مثل حال
الاحتضار أو بنحو حال الصلاة.
تتمة: إذا لم تكتب الأدعية المذكورة والقرآن على الكفن بل
على وصلة أخرى وجعلت على صدره أو فوق رأسه للأمن من التلويث
كان أحسن.
فصل
في مكروهات الكفن
وهي أمور:
أحدها: قطعه بالحديد.
الثاني: عمل الأكمام والزرور له إذا كان جديدا، ولو كفن في قميصه
الملبوس له حال حياته قطع أزراره ولا بأس بأكمامه.
الثالث: بل الخيوط التي يخاط بها بريقه.
الرابع: تبخيره بدخان الأشياء الطيبة الريح، بل تطييبه ولو بغير
البخور، نعم يستحب تطييبه بالكافور والذريرة كما مر.
الخامس: كونه أسود.
السادس: أن يكتب عليه بالسواد.
78

السابع: كونه من الكتان (1) ولو ممزوجا.
الثامن: كونه ممزوجا بالإبريسم، بل الأحوط تركه إلا أن يكون
خليطه أكثر.
التاسع: المماكسة في شرائه.
العاشر: جعل عمامته بلا حنك.
الحادي عشر: كونه وسخا غير نظيف.
الثاني عشر: كونه مخيطا، بل يستحب كون كل قطعة منه وصلة
واحدة بلا خياطة على ما ذكره بعض العلماء ولا بأس به.
فصل
في الحنوط
وهو مسح (2) الكافور على بدن الميت، يجب مسحه (3) على
المساجد السبعة وهي: الجبهة واليدان والركبتان وابهاما الرجلين،
ويستحب إضافة طرف الأنف إليها أيضا، بل هو الأحوط. والأحوط (4)
79

أن يكون المسح باليد، بل بالراحة، ولا يبعد استحباب مسح (1) إبطيه
ولبته ومغابنه ومفاصله وباطن قدميه وكفيه (2) بل كل موضع من بدنه فيه
رايحة كريهة. ويشترط أن يكون بعد الغسل أو التيمم، فلا يجوز قبله،
نعم يجوز قبل التكفين وبعده وفي أثنائه، والأولى أن يكون قبله.
ويشترط في الكافور أن يكون طاهرا مباحا (3) جديدا، فلا يجزي (4)
العتيق الذي زال ريحه، وأن يكون مسحوقا.
(مسألة 1): لا فرق في وجوب الحنوط بين الصغير والكبير والأنثى
والخنثى والذكر والحر والعبد، نعم لا يجوز تحنيط المحرم قبل إتيانه
بالطواف كما مر (5) ولا يلحق به التي في العدة (6) ولا المعتكف، وإن كان
80

يحرم عليهما استعمال الطيب حال الحياة.
(مسألة 2): لا يعتبر في التحنيط قصد القربة فيجوز أن يباشره الصبي
المميز (1) أيضا.
(مسألة 3): يكفي في مقدار كافور الحنوط المسمى، والأفضل أن
يكون ثلاثة عشر درهما وثلث تصير بحسب المثاقيل الصيرفية سبع
مثاقيل وحمصتين إلا خمس الحمصة (2) والأقوى أن هذا المقدار
لخصوص الحنوط لا له وللغسل وأقل الفضل مثقال شرعي (3) والأفضل
منه أربعة دراهم، والأفضل منه أربعة مثاقيل شرعية.
(مسألة 4): إذا لم يتمكن من الكافور سقط وجوب الحنوط، ولا يقوم
مقامه طيب آخر، نعم يجوز تطييبه بالذريرة، لكنها ليست من الحنوط.
وأما تطييبه بالمسك والعنبر والعود ونحوها ولو بمزجها بالكافور
فمكروه، بل الأحوط تركه (4).
81

(مسألة 5): يكره إدخال الكافور في عين الميت أو أنفه أو أذنه (1).
(مسألة 6): إذا زاد (2) الكافور يوضع على صدره.
(مسألة 7): يستحب سحق الكافور باليد لا بالهاون (3).
(مسألة 8): يكره وضع الكافور على النعش.
(مسألة 9): يستحب خلط الكافور بشئ من تربة قبر الحسين (عليه السلام)
لكن لا يمسح به المواضع المنافية للاحترام.
(مسألة 10): يكره اتباع النعش بالمجمرة وكذا في حال الغسل.
(مسألة 11): يبدأ في التحنيط بالجبهة (4) وفي سائر المساجد مخير.
(مسألة 12): إذا دار الأمر بين وضع الكافور في ماء الغسل أو يصرف
82

في التحنيط يقدم الأول (1) وإذا دار في الحنوط بين الجبهة وسائر
المواضع تقدم الجبهة (2).
فصل
في الجريدتين
من المستحبات الأكيدة عند الشيعة وضعهما مع الميت صغيرا (3)
أو كبيرا، ذكرا أو أنثى، محسنا أو مسيئا، كان ممن يخاف عليه من
عذاب القبر أو لا، ففي الخبر: " أن الجريدة تنفع المؤمن والكافر،
والمحسن والمسئ، وما دامت رطبة يرفع عن الميت عذاب القبر " وفي
آخر: " أن النبي (صلى الله عليه وآله) مر على قبر يعذب صاحبه فطلب جريدة فشقها
نصفين، فوضع أحدهما فوق رأسه، والآخر عند رجله، وقال: يخفف
عنه العذاب ما داما رطبين ". وفي بعض الأخبار: " إن آدم (عليه السلام) أوصى
بوضع جريدتين في كفنه لأنسه، وكان هذا معمولا بين الأنبياء، وترك
في زمان الجاهلية فأحياه النبي (صلى الله عليه وآله).
(مسألة 1): الأولى أن تكونا (4) من النخل، وإن لم يتيسر فمن السدر،
83

وإلا فمن الخلاف أو الرمان (1) وإلا فكل عود رطب.
(مسألة 2): الجريدة اليابسة لا تكفي.
(مسألة 3): الأولى أن تكون في الطول بمقدار ذراع (2) وإن كان يجزي
الأقل والأكثر (3) وفي الغلظ كلما كان أغلظ أحسن من حيث بطؤ يبسه.
(مسألة 4): الأولى في كيفية وضعهما أن يوضع إحداهما في جانبه
الأيمن من عند الترقوة إلى ما بلغت، ملصقة ببدنه، والأخرى في جانبه
الأيسر من عند الترقوة فوق القميص تحت اللفافة إلى ما بلغت. وفي
بعض الأخبار: " أن يوضع إحداهما تحت إبطه الأيمن والأخرى بين
ركبتيه، بحيث يكون نصفها يصل إلى الساق، ونصفها إلى الفخذ " وفي
بعض آخر: " يوضع كلتاهما في جنبه الأيمن ". والظاهر تحقق
الاستحباب بمطلق الوضع معه في قبره.
(مسألة 5): لو تركت الجريدة لنسيان ونحوه جعلت فوق قبره (4).
(مسألة 6): لو لم تكن إلا واحدة جعلت في جانبه الأيمن.
84

(مسألة 7): الأولى أن يكتب (1) عليهما اسم الميت، واسم أبيه، وأنه
يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأن الأئمة من بعده
أوصياؤه (عليهم السلام) ويذكر أسماءهم واحدا بعد واحد.
فصل
في التشييع
يستحب لأولياء (2) الميت إعلام المؤمنين بموت المؤمن ليحضروا
جنازته والصلاة عليه، والاستغفار له، ويستحب للمؤمنين المبادرة إلى
ذلك.
وفي الخبر: " أنه لو دعي إلى وليمة وإلى حضور جنازة قدم
حضورها " لأنه مذكر للآخرة كما أن الوليمة مذكرة للدنيا.
وليس للتشييع حد معين، والأولى أن يكون إلى الدفن، ودونه إلى
الصلاة عليه، والأخبار في فضله كثيرة، ففي بعضها: " أول تحفة للمؤمن
في قبره غفرانه وغفران من شيعه ".
وفي بعضها: " من شيع مؤمنا لكل قدم يكتب له مائة ألف حسنة،
ويمحى عنه مائة ألف سيئة ويرفع له مائة ألف درجة وإن صلى عليه
يشيعه حين موته مائة ألف ملك يستغفرون له، إلى أن يبعث ".
85

وفي آخر: " من مشى مع جنازة حتى صلى عليها له قيراط من
الأجر، وإن صبر إلى دفنه له قيراطان، والقيراط مقدار جبل أحد ".
وفي بعض الأخبار: " يؤجر بمقدار ما مشى معها ".
وأما آدابه فهي أمور:
أحدها: أن يقول إذا نظر إلى الجنازة: " إنا لله وإنا إليه راجعون، الله
أكبر، هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، اللهم زدنا إيمانا
وتسليما، الحمد لله الذي تعزز بالقدرة وقهر العباد بالموت ". وهذا لا
يختص بالمشيع بل يستحب لكل من نظر إلى الجنازة، كما أنه يستحب
له مطلقا أن يقول: الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم.
الثاني: أن يقول حين حمل الجنازة بسم الله وبالله وصلى الله على
محمد وآل محمد، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات.
الثالث: أن يمشي، بل يكره الركوب إلا لعذر، نعم لا يكره في
الرجوع.
الرابع: أن يحملوها على أكتافهم لا على الحيوان إلا لعذر كبعد
المسافة.
الخامس: أن يكون المشيع خاشعا متفكرا متصورا أنه هو المحمول
ويسأل الرجوع إلى الدنيا فأجيب.
السادس: أن يمشي خلف الجنازة أو طرفيها، ولا يمشي قدامها.
والأول أفضل من الثاني، والظاهر كراهة الثالث خصوصا في جنازة غير
المؤمن.
السابع: أن يلقى عليها ثوب غير مزين.
الثامن: أن يكون حاملوها أربعة.
86

التاسع: تربيع الشخص الواحد بمعنى حمله جوانبها الأربعة،
والأولى الابتداء بيمين الميت يضعه على عاتقه الأيمن، ثم مؤخرها
الأيمن على عاتقه الأيمن، ثم مؤخرها الأيسر على عاتقه الأيسر، ثم
ينتقل إلى المقدم الأيسر واضعا له على العاتق الأيسر يدور عليها.
العاشر: أن يكون صاحب المصيبة حافيا واضعا رداءه أو يغير زيه
على وجه آخر، بحيث يعلم أنه صاحب المصيبة.
ويكره أمور:
أحدها: الضحك واللعب واللهو.
الثاني: وضع الرداء من غير صاحب المصيبة.
الثالث: الكلام بغير الذكر والدعاء والاستغفار، حتى ورد المنع عن
السلام على المشيع.
الرابع: تشييع النساء الجنازة وإن كانت للنساء.
الخامس: الإسراع في المشي على وجه ينافي الرفق بالميت، سيما
إذا كان بالعدو، بل ينبغي الوسط في المشي.
السادس: ضرب اليد على الفخذ أو على الأخرى.
السابع: أن يقول المصاب أو غيره: ارفقوا به، أو: استغفروا له، أو:
ترحموا عليه، وكذا قول: قفوا به.
الثامن: إتباعها بالنار ولو مجمرة إلا في الليل، فلا يكره المصباح.
التاسع: القيام عند مرورها إن كان جالسا إلا إذا كان الميت كافرا،
لئلا يعلو على المسلم.
العاشر: قيل: ينبغي أن يمنع الكافر والمنافق والفاسق من التشييع.
87

فصل
في الصلاة على الميت
تجب الصلاة على كل مسلم من غير فرق بين العادل والفاسق
والشهيد وغيرهم، حتى المرتكب للكبائر، بل ولو قتل نفسه عمدا،
ولا يجوز على الكافر (1) بأقسامه حتى المرتد فطريا أو مليا مات
بلا توبة (2) ولا تجب على أطفال المسلمين إلا إذا بلغوا ست سنين،
نعم تستحب (3) على من كان عمره أقل من ست سنين، وإن كان مات
حين تولده، بشرط أن يتولد حيا، وإن تولد ميتا فلا تستحب أيضا.
ويلحق بالمسلم (4) في وجوب الصلاة عليه من وجد ميتا في بلاد
المسلمين، وكذا لقيط دار الاسلام، بل دار الكفر (5) إذا وجد فيها مسلم
يحتمل كونه منه.
(مسألة 1): يشترط في صحة الصلاة أن يكون المصلي مؤمنا، وأن
88

يكون مأذونا من الولي (1) على التفصيل الذي مر سابقا، فلا تصح من
غير إذنه (2) جماعة كانت أو فرادى.
(مسألة 2): الأقوى صحة صلاة الصبي المميز، لكن في إجزائها عن
المكلفين البالغين إشكال (3).
(مسألة 3): يشترط أن تكون بعد الغسل والتكفين، فلا تجزي قبلهما
ولو في أثناء التكفين، عمدا كان أو جهلا أو سهوا.
نعم لو تعذر الغسل والتيمم أو التكفين أو كلاهما لا تسقط الصلاة،
فإن كان مستور العورة فيصلى عليه، وإلا يوضع في القبر وتغطى عورته
بشئ من التراب أو غيره ويصلى عليه، ووضعه في القبر على نحو
89

وضعه خارجه للصلاة، ثم بعد الصلاة يوضع على كيفية الدفن.
(مسألة 4): إذا لم يمكن الدفن لا يسقط سائر الواجبات من الغسل
والتكفين والصلاة، والحاصل كل ما يتعذر يسقط، وكل ما يمكن يثبت،
فلو وجد في الفلاة ميت ولم يمكن غسله ولا تكفينه ولا دفنه يصلى
عليه ويخلى وإن أمكن دفنه يدفن.
(مسألة 5): يجوز أن يصلي على الميت أشخاص متعددون فرادى في
زمان واحد، وكذا يجوز تعدد الجماعة، وينوي كل منهم الوجوب (1) ما
لم يفرغ منها أحد، وإلا نوى بالبقية الاستحباب، ولكن لا يلزم قصد
الوجوب والاستحباب، بل يكفي قصد القربة (2) مطلقا.
(مسألة 6): قد مر سابقا أنه إذا وجد بعض الميت (3) فإن كان مشتملا
على الصدر أو كان الصدر وحده، بل أو كان بعض الصدر المشتمل على
القلب، أو كان عظم الصدر بلا لحم وجب الصلاة عليه (4) وإلا فلا، نعم
الأحوط الصلاة على العضو التام من الميت، وإن كان عظما كاليد
والرجل ونحوهما وإن كان الأقوى خلافه، وعلى هذا فإن وجد عضوا
تاما وصلى عليه ثم وجد آخر فالظاهر الاحتياط بالصلاة عليه أيضا إن
90

كان غير الصدر أو بعضه مع القلب، وإلا وجبت.
(مسألة 7): يجب (1) أن تكون الصلاة قبل الدفن.
(مسألة 8): إذا تعدد الأولياء في مرتبة واحدة وجب الاستئذان من
الجميع على الأحوط (2) ويجوز لكل منهم الصلاة من غير الاستئذان من
الآخرين (3) بل يجوز أن يقتدى بكل واحد منهم مع فرض أهليتهم جماعة.
(مسألة 9): إذا كان الولي امرأة يجوز لها المباشرة (4) من غير فرق بين
91

أن يكون الميت رجلا أو امرأة ويجوز لها (1) الإذن للغير كالرجل من
غير فرق.
(مسألة 10): إذا أوصى الميت بأن يصلي عليه شخص معين فالظاهر
وجوب إذن الولي له (2) والأحوط (3) له الاستئذان من الولي، ولا يسقط
اعتبار إذنه (4) بسبب الوصية وإن قلنا بنفوذها ووجوب العمل بها.
(مسألة 11): يستحب إتيان الصلاة جماعة، والأحوط بل الأظهر اعتبار
اجتماع شرائط الإمامة (5) فيه من البلوغ والعقل والإيمان والعدالة (6)
92

وكونه رجلا للرجال، وأن لا يكون ولد زنا، بل الأحوط (1) اجتماع
شرائط الجماعة أيضا من عدم الحائل، وعدم علو مكان الإمام، وعدم
كونه جالسا مع قيام المأمومين، وعدم البعد بين المأمومين والإمام،
وبعضهم مع بعض.
(مسألة 12): لا يتحمل الإمام في الصلاة على الميت شيئا عن
المأمومين.
(مسألة 13): يجوز في الجماعة أن يقصد الإمام وكل واحد من
المأمومين (2) الوجوب لعدم سقوطه ما لم يتم واحد منهم.
(مسألة 14): يجوز أن تؤم المرأة جماعة النساء، والأولى بل
الأحوط (3) أن تقوم في صفهن ولا تتقدم عليهن.
(مسألة 15): يجوز صلاة العراة على الميت فرادى وجماعة، ومع
الجماعة يقوم الإمام في الصف، كما في جماعة النساء فلا يتقدم
ولا يتبرز، ويجب عليهم ستر عورتهم ولو بأيديهم، وإذا لم يمكن
يصلون جلوسا (4).
(مسألة 16): في الجماعة من غير النساء والعراة الأولى أن يتقدم
الإمام، ويكون المأمومون خلفه، بل يكره وقوفهم إلى جنبه، ولو كان
المأموم واحدا.
93

(مسألة 17): إذا اقتدت المرأة بالرجل يستحب أن تقف خلفه، وإذا كان
هناك صفوف الرجال وقفت خلفهم، وإذا كانت حائضا بين النساء وقفت
في صف وحدها.
(مسألة 18): يجوز في صلاة الميت العدول من إمام إلى إمام (1) في
الأثناء، ويجوز قطعها أيضا اختيارا، كما يجوز العدول (2) من الجماعة
إلى الانفراد، لكن بشرط أن لا يكون بعيدا عن الجنازة بما يضر
ولا يكون بينه وبينها حائل، ولا يخرج عن المحاذاة لها.
(مسألة 19): إذا كبر قبل الإمام في التكبير الأول له أن ينفرد
وله أن يقطع (3) ويجدده مع الإمام، وإذا كبر قبله فيما عدا
الأول له أن ينوي الانفراد، وأن يصبر حتى يكبر الإمام فيقرأ معه
الدعاء، لكن الأحوط إعادة التكبير (4) بعد ما كبر الإمام، لأنه
94

لا يبعد (1) اشتراط تأخر المأموم عن الإمام في كل تكبيرة أو مقارنته معه
وبطلان الجماعة مع التقدم وإن لم تبطل الصلاة.
(مسألة 20): إذا حضر الشخص في أثناء صلاة الإمام، له أن يدخل في
الجماعة فيكبر بعد تكبير الإمام الثاني أو الثالث مثلا ويجعله أول
صلاته وأول تكبيراته، فيأتي بعده بالشهادتين. وهكذا على الترتيب بعد
كل تكبير من الإمام يكبر، ويأتي بوظيفته من الدعاء، وإذا فرغ الإمام
يأتي بالبقية فرادى وإن كان مخففا، وإن لم يمهلوه (2) أتى ببقية
التكبيرات ولاء من غير دعاء (3) ويجوز إتمامها خلف الجنازة إن أمكن
الاستقبال (4) وسائر الشرائط.
95

فصل
في كيفية صلاة الميت
وهي أن يأتي بخمس تكبيرات، يأتي بالشهادتين بعد الأولى (1)
والصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الثانية، والدعاء للمؤمنين والمؤمنات بعد
الثالثة. والدعاء للميت (2) بعد الرابعة، ثم يكبر الخامسة وينصرف،
فيجزي أن يقول بعد نية القربة وتعيين الميت ولو إجمالا: الله أكبر، أشهد
أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، الله أكبر، اللهم صل على محمد
وآل محمد، الله أكبر، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، الله أكبر، اللهم
اغفر لهذا الميت، الله أكبر.
والأولى أن يقول بعد التكبيرة الأولى: أشهد أن لا إله إلا الله وحده
لا شريك له، إلها واحدا أحدا صمدا فردا حيا قيوما دائما أبدا لم يتخذ
صاحبة ولا ولدا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين
الحق ليظهره على الدين كله، ولو كره المشركون.
وبعد الثانية: اللهم صل على محمد وآل محمد، وبارك على محمد
وآل محمد، وارحم محمدا وآل محمد، أفضل ما صليت وباركت
وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، وصل على
96

جميع الأنبياء والمرسلين.
وبعد الثالثة: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين
والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، تابع اللهم بيننا وبينهم بالخيرات،
إنك على كل شئ قدير.
وبعد الرابعة: اللهم إن هذا المسجى قدامنا عبدك وابن عبدك، وابن
أمتك، نزل بك، وأنت خير منزول به، اللهم إنك قبضت روحه إليك، وقد
احتاج إلى رحمتك، وأنت غني عن عذابه، اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا،
وأنت أعلم به منا، اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه، وإن كان مسيئا
فتجاوز عن سيئاته، واغفر لنا وله، اللهم احشره مع من يتولاه ويحبه،
وابعده ممن يتبرأ منه ويبغضه، اللهم ألحقه بنبيك وعرف بينه وبينه
وارحمنا إذا توفيتنا، يا إله العالمين، اللهم اكتبه عندك في أعلى عليين،
واخلف على عقبه في الغابرين، واجعله من رفقاء محمد وآله الطاهرين،
وارحمه وإيانا برحمتك يا أرحم الراحمين.
والأولى:
أن يقول بعد الفراغ من الصلاة: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي
الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
وإن كان الميت امرأة يقول بدل قوله " هذا المسجى... إلى آخره:
هذه المسجاة قدامنا أمتك، وابنة عبدك وابنة أمتك " وأتى بسائر
الضمائر مؤنثا.
وإن كان الميت مستضعفا يقول بعد التكبيرة الرابعة: " اللهم اغفر
للذين تابوا واتبعوا سبيلك، وقهم عذاب الجحيم، ربنا وأدخلهم جنات
عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت
العزيز الحكيم ".
97

وإن كان مجهول الحال يقول: " اللهم إن كان يحب الخير وأهله
فاغفر له وارحمه وتجاوز عنه ".
وإن كان طفلا يقول: " اللهم اجعله لأبويه ولنا سلفا وفرطا وأجرا ".
(مسألة 1): لا يجوز أقل من خمسة تكبيرات إلا للتقية، أو كون الميت
منافقا (1) وإن نقص سهوا بطلت، ووجب الإعادة إذا فاتت الموالاة وإلا
أتمها.
(مسألة 2): لا يلزم الاقتصار في الأدعية بين التكبيرات على المأثور،
بل يجوز كل دعاء (2) بشرط اشتمال (3) الأول على الشهادتين، والثاني
على الصلاة على محمد وآله، والثالث على الدعاء للمؤمنين والمؤمنات
بالغفران، وفي الرابع على الدعاء للميت، ويجوز قراءة آيات القرآن
والأدعية الأخر ما دامت صورة الصلاة محفوظة.
(مسألة 3): يجب العربية في الأدعية بالقدر الواجب، وفيما زاد عليه
يجوز الدعاء بالفارسية ونحوها.
(مسألة 4): ليس في صلاة الميت أذان ولا إقامة ولا قراءة الفاتحة ولا
الركوع والسجود والقنوت والتشهد والسلام ولا التكبيرات الافتتاحية
98

وأدعيتها، وإن أتى بشئ من ذلك بعنوان التشريع كان بدعة وحراما.
(مسألة 5): إذا لم يعلم أن الميت رجل أو امرأة يجوز أن يأتي
بالضمائر مذكرة بلحاظ الشخص والنعش والبدن (1) وأن يأتي بها مؤنثة
بلحاظ الجثة والجنازة، بل مع المعلومية أيضا يجوز ذلك، ولو أتى
بالضمائر على الخلاف جهلا أو نسيانا لا باللحاظين المذكورين
فالظاهر عدم بطلان الصلاة (2).
(مسألة 6): إذا شك في التكبيرات بين الأقل والأكثر بنى على الأقل (3)
نعم لو كان مشغولا بالدعاء بعد الثانية أو بعد الثالثة فشك في إتيان
99

الأولى في الأول أو الثانية في الثاني بنى على الإتيان، وإن كان
الاحتياط أولى (1).
(مسألة 7): يجوز أن يقرأ الأدعية في الكتاب خصوصا إذا لم يكن
حافظا لها.
فصل
في شرائط صلاة الميت
وهي أمور (2):
الأول: أن يوضع الميت مستلقيا.
الثاني: أن يكون رأسه إلى يمين المصلي ورجله إلى يساره.
الثالث: أن يكون المصلي خلفه محاذيا له، لا أن يكون في أحد
طرفيه إلا إذا طال صف المأمومين.
الرابع: أن يكون الميت حاضرا (3) فلا تصح على الغائب وإن كان
حاضرا في البلد.
الخامس: أن لا يكون بينهما حائل كستر أو جدار، ولا يضر كون
الميت في التابوت ونحوه.
100

السادس: أن لا يكون بينهما بعد مفرط على وجه لا يصدق الوقوف
عنده إلا في المأموم مع اتصال الصفوف.
السابع: أن لا يكون أحدهما أعلى من الآخر علوا مفرطا.
الثامن: استقبال المصلي القبلة.
التاسع: أن يكون قائما.
العاشر: تعيين الميت على وجه يرفع الإبهام، ولو بأن ينوي الميت
الحاضر أو ما عينه الإمام.
الحادي عشر: قصد القربة.
الثاني عشر: إباحة المكان (1).
الثالث عشر: الموالاة بين التكبيرات والأدعية على وجه لا تمحو
صورة الصلاة.
الرابع عشر: الاستقرار بمعنى عدم الاضطراب على وجه لا يصدق
معه القيام، بل الأحوط كونه بمعنى ما يعتبر في قيام الصلوات
الأخر.
الخامس عشر: أن تكون الصلاة بعد التغسيل والتكفين والحنوط
كما مر سابقا.
السادس عشر: أن يكون مستور العورة إن تعذر الكفن ولو بنحو
حجر أو لبنة.
101

السابع عشر: إذن الولي (1).
(مسألة 1): لا يعتبر في صلاة الميت الطهارة من الحدث والخبث
وإباحة اللباس (2) وستر العورة (3) وإن كان الأحوط اعتبار جميع شرائط
الصلاة حتى صفات الساتر من عدم كونه حريرا أو ذهبا أو من أجزاء
ما لا يؤكل لحمه، وكذا الأحوط مراعاة ترك الموانع (4) للصلاة كالتكلم
والضحك والالتفات عن القبلة.
(مسألة 2): إذا لم يتمكن من الصلاة قائما أصلا يجوز أن يصلي
جالسا (5) وإذا دار الأمر بين القيام بلا استقرار والجلوس مع
الاستقرار يقدم القيام، وإذا دار بين الصلاة ماشيا أو جالسا
يقدم الجلوس (6) إن خيف على الميت من الفساد مثلا، وإلا
فالأحوط الجمع.
(مسألة 3): إذا لم يمكن الاستقبال أصلا سقط. وإن اشتبه صلى إلى
102

أربع جهات (1) إلا إذا خيف عليه الفساد (2) فيتخير (3) وإن كان بعض
الجهات مظنونا صلى إليه، وإن كان الأحوط الأربع (4).
(مسألة 4): إذا كان الميت في مكان مغصوب والمصلي في مكان مباح
صحت الصلاة.
(مسألة 5): إذا صلى على ميتين بصلاة واحدة وكان مأذونا من ولي
أحدهما دون الآخر أجزأ بالنسبة إلى المأذون فيه دون الآخر (5).
(مسألة 6): إذا تبين بعد الصلاة أن الميت كان مكبوبا وجب الإعادة (6)
بعد جعله مستلقيا على قفاه.
(مسألة 7): إذا لم يصل على الميت حتى دفن يصلى على قبره، وكذا
إذا تبين بعد الدفن بطلان الصلاة من جهة من الجهات.
(مسألة 8): إذا صلي على القبر ثم خرج الميت من قبره بوجه من
103

الوجوه فالأحوط إعادة الصلاة عليه (1).
(مسألة 9): يجوز التيمم لصلاة الجنازة، وإن تمكن من الماء (2) وإن كان
الأحوط الاقتصار على صورة عدم التمكن من الوضوء أو الغسل
أو صورة خوف فوت الصلاة منه.
(مسألة 10): الأحوط ترك التكلم في أثناء الصلاة على الميت (3) وإن
كان لا يبعد عدم البطلان به.
(مسألة 11): مع وجود من يقدر على الصلاة قائما في
إجزاء صلاة العاجز عن القيام جالسا إشكال (4) بل صحتها أيضا
104

محل إشكال (1).
(مسألة 12): إذا صلى عليه العاجز عن القيام جالسا باعتقاد عدم
وجود من يتمكن من القيام، ثم تبين وجوده فالظاهر وجوب الإعادة،
بل وكذا إذا لم يكن موجودا من الأول لكن وجد بعد الفراغ من
الصلاة (2) وكذا إذا عجز القادر القائم في أثناء الصلاة فتممها جالسا،
فإنها لا تجزي عن القادر (3) فيجب عليه الإتيان بها قائما.
(مسألة 13): إذا شك في أن غيره صلى عليه أم لا بنى على عدمها، وإن
علم بها وشك في صحتها وعدمها حمل على الصحة وإن كان من صلى
عليه فاسقا. نعم لو علم بفسادها وجب الإعادة وإن كان المصلي معتقدا
للصحة وقاطعا بها.
(مسألة 14): إذا صلى أحد عليه معتقدا بصحتها بحسب تقليده أو
اجتهاده لا يجب على من يعتقد فسادها (4) بحسب تقليده أو اجتهاده،
105

نعم لو علم علما قطعيا (1) ببطلانها وجب عليه إتيانها، وإن كان المصلي
أيضا قاطعا بصحتها.
(مسألة 15): المصلوب بحكم الشرع لا يصلى عليه قبل الإنزال، بل
يصلى عليه بعد ثلاثة أيام بعد ما ينزل، وكذا إذا لم يكن بحكم الشرع،
لكن يجب إنزاله فورا والصلاة عليه، ولو لم يمكن إنزاله يصلى عليه
وهو مصلوب مع مراعاة الشرائط (2) بقدر الإمكان.
106

(مسألة 16): يجوز تكرار الصلاة على الميت سواء اتحد المصلي أو
تعدد، لكنه مكروه إلا إذا كان الميت من أهل العلم والشرف والتقوى.
(مسألة 17): يجب أن تكون الصلاة قبل الدفن، فلا يجوز التأخير إلى
ما بعده، نعم لو دفن قبل الصلاة عصيانا أو نسيانا أو لعذر آخر أو تبين
كونها فاسدة ولو لكونه حال الصلاة عليه مقلوبا (1) لا يجوز نبشه لأجل
الصلاة، بل يصلى على قبره مراعيا للشرائط من الاستقبال وغيره، وإن
كان بعد يوم وليلة، بل وأزيد أيضا، إلا أن يكون بعد ما تلاشى ولم
يصدق عليه الشخص الميت، فحينئذ يسقط الوجوب. وإذا برز بعد
الصلاة عليه بنبش أو غيره فالأحوط إعادة الصلاة عليه (2).
(مسألة 18): الميت المصلى عليه قبل الدفن يجوز الصلاة على قبره
أيضا (3) ما لم يمض أزيد من يوم وليلة، وإذا مضى أزيد من ذلك
فالأحوط الترك (4).
(مسألة 19): يجوز الصلاة على الميت في جميع الأوقات بلا كراهة
حتى في الأوقات التي يكره النافلة فيها عند المشهور، من غير فرق بين
107

أن تكون الصلاة على الميت واجبة أو مستحبة.
(مسألة 20): يستحب المبادرة إلى الصلاة على الميت وإن كان في
وقت فضيلة الفريضة (1) ولكن لا يبعد ترجيح تقديم وقت الفضيلة مع
ضيقه (2) كما أن الأولى تقديمها على النافلة وعلى قضاء الفريضة.
ويجب تقديمها على الفريضة فضلا عن النافلة في سعة الوقت إذا خيف
على الميت من الفساد. ويجب تأخيرها عن الفريضة مع ضيق وقتها
وعدم الخوف على الميت. وإذا خيف عليه مع ضيق وقت الفريضة تقدم
الفريضة ويصلى عليه بعد الدفن (3) وإذا خيف عليه من تأخير الدفن (4)
مع ضيق وقت الفريضة يقدم الدفن وتقضى الفريضة (5) وإن أمكن أن
يصلي الفريضة موميا صلى، ولكن لا يترك القضاء أيضا (6).
(مسألة 21): لا يجوز على الأحوط إتيان صلاة الميت في أثناء
108

الفريضة (1) وإن لم تكن ماحية لصورتها، كما إذا اقتصر على التكبيرات
وأقل الواجبات من الأدعية في حال القنوت مثلا.
(مسألة 22): إذا كان هناك ميتان يجوز أن يصلى على كل واحد منهما
منفردا، ويجوز التشريك بينهما في الصلاة، فيصلى صلاة واحدة عليهما
وإن كانا مختلفين في الوجوب والاستحباب، وبعد التكبير الرابع يأتي
بضمير التثنية، هذا إذا لم يخف عليهما أو على أحدهما من الفساد،
وإلا وجب التشريك أو تقديم من يخاف فساده.
(مسألة 23): إذا حضر في أثناء الصلاة على الميت ميت آخر يتخير
المصلي بين وجوه:
الأول: أن يتم الصلاة على الأول ثم يأتي بالصلاة على الثاني.
الثاني: قطع الصلاة (2) واستئنافها بنحو التشريك.
الثالث: التشريك في التكبيرات الباقية وإتيان الدعاء لكل منهما بما
يخصه، والإتيان ببقية الصلاة للثاني بعد تمام صلاة الأول، مثلا إذا حضر
قبل التكبير الثالث يكبر ويأتي بوظيفة صلاة الأول، وهي الدعاء
للمؤمنين والمؤمنات، وبالشهادتين لصلاة الميت الثاني، وبعد التكبير
109

الرابع يأتي بالدعاء للميت الأول، وبالصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) للميت
الثاني، وبعد الخامسة تتم صلاة الأول، ويأتي للثاني بوظيفة التكبير
الثالث، وهكذا يتم بقية صلاته. ويتخير في تقديم وظيفة الميت الأول
أو الثاني بعد كل تكبير مشترك، هذا مع عدم الخوف على واحد منهما.
وأما إذا خيف على الأول يتعين الوجه الأول، وإذا خيف على الثاني
يتعين الوجه الثاني، أو تقديم الصلاة على الثاني بعد القطع، وإذا خيف
عليهما معا يلاحظ قلة الزمان في القطع والتشريك بالنسبة إليهما إن
أمكن، وإلا فالأحوط عدم القطع.
فصل
في آداب الصلاة على الميت
وهي أمور (1):
الأول: أن يكون المصلي على طهارة من الوضوء أو الغسل أو
التيمم. وقد مر جواز التيمم مع وجدان الماء أيضا إن خاف فوت الصلاة
لو أراد الوضوء بل مطلقا (2).
الثاني: أن يقف الإمام والمنفرد عند وسط الرجل بل مطلق الذكر،
وعند صدر المرأة بل مطلق الأنثى، ويتخير في الخنثى. ولو شرك بين
الذكر والأنثى في الصلاة جعل وسط الرجل في قبال صدر المرأة ليدرك
110

الاستحباب بالنسبة إلى كل منهما.
الثالث: أن يكون المصلي حافيا، بل يكره الصلاة بالحذاء دون مثل
الخف والجورب.
الرابع: رفع اليدين عند التكبير الأول، بل عند الجميع على الأقوى.
الخامس: أن يقف قريبا من الجنازة بحيث لو هبت الريح وصل ثوبه
إليها.
السادس: أن يرفع الإمام صوته بالتكبيرات بل الأدعية أيضا، وأن
يسر المأموم.
السابع: اختيار المواضع المعتادة للصلاة التي هي مظان الاجتماع
وكثرة المصلين.
الثامن: أن لا توقع في المساجد، فإنه مكروه عدا مسجد الحرام.
التاسع: أن تكون بالجماعة وإن كان يكفي المنفرد ولو امرأة.
العاشر: أن يقف المأموم خلف الإمام وإن كان واحدا بخلاف اليومية
حيث يستحب وقوفه إن كان واحدا إلى جنبه (1).
الحادي عشر: الاجتهاد في الدعاء للميت والمؤمنين.
الثاني عشر: أن يقول قبل الصلاة: " الصلاة " ثلاث مرات.
الثالث عشر: أن تقف الحائض إذا كانت مع الجماعة في صف
وحدها.
الرابع عشر: رفع اليدين عند الدعاء على الميت بعد التكبير الرابع
على قول بعض العلماء، لكنه مشكل إن كان بقصد الخصوصية والورود.
111

(مسألة 1): إذا اجتمعت جنازات فالأولى الصلاة على كل واحد
منفردا، وإن أراد التشريك فهو على وجهين:
الأول: أن يوضع الجميع قدام المصلي مع المحاذاة، والأولى مع
اجتماع الرجل والمرأة جعل الرجل أقرب إلى المصلي، حرا كان
أو عبدا، كما أنه لو اجتمع الحر والعبد جعل الحر أقرب إليه، ولو اجتمع
الطفل مع المرأة جعل الطفل أقرب إليه إذا كان ابن ست سنين وكان
حرا، ولو كانوا متساوين في الصفات لا بأس بالترجيح بالفضيلة
ونحوها من الصفات الدينية، ومع التساوي فالقرعة (1) وكل هذا على
الأولوية لا الوجوب فيجوز بأي وجه اتفق.
الثاني: أن يجعل الجميع صفا واحدا (2) ويقوم المصلي وسط الصف
بأن يجعل رأس كل عند ألية الآخر شبه الدرج، ويراعي في الدعاء لهم
بعد التكبير الرابع تثنية الضمير أو جمعه وتذكيره وتأنيثه، ويجوز التذكير
في الجميع بلحاظ لفظ الميت، كما أنه يجوز التأنيث بلحاظ الجنازة.
فصل
في الدفن
يجب كفاية دفن الميت بمعنى مواراته في الأرض، بحيث يؤمن
112

على جسده من السباع ومن إيذاء ريحه للناس. ولا يجوز وضعه في
بناء أو في تابوت ولو من حجر بحيث يؤمن من الأمرين مع القدرة على
الدفن تحت الأرض، نعم مع عدم الإمكان لا بأس بهما (1). والأقوى
كفاية مجرد المواراة في الأرض إذا كان الأمن من الأمرين من جهة عدم
وجود السباع أو عدم وجود الإنسان هناك، لكن الأحوط كون الحفيرة
على الوجه المذكور (2) وإن كان الأمن حاصلا بدونه.
(مسألة 1): يجب كون الدفن مستقبل القبلة على جنبه الأيمن بحيث
يكون رأسه إلى المغرب (3) ورجله إلى المشرق، وكذا في الجسد بلا
رأس، بل في الرأس بلا جسد، بل في الصدر وحده، بل في كل جزء (4)
يمكن فيه ذلك.
(مسألة 2): إذا مات ميت في السفينة فإن أمكن التأخير ليدفن في
113

الأرض بلا عسر وجب ذلك، وإن لم يمكن لخوف فساده أو لمنع مانع
يغسل ويكفن ويحنط ويصلى عليه، ويوضع في خابية ويوكأ رأسها
ويلقى في البحر مستقبل القبلة على الأحوط، وإن كان الأقوى عدم
وجوب الاستقبال، أو يثقل الميت بحجر أو نحوه بوضعه في رجله
ويلقى في البحر كذلك، والأحوط مع الإمكان اختيار الوجه الأول (1)
وكذا إذا خيف على الميت من نبش العدو قبره وتمثيله.
(مسألة 3): إذا ماتت كافرة كتابية أو غير كتابية ومات في بطنها
ولد من مسلم بنكاح أو شبهة أو ملك يمين تدفن مستدبرة للقبلة (2) على
جانبها الأيسر، على وجه يكون الولد في بطنها مستقبلا، والأحوط
العمل بذلك في مطلق الجنين، ولو لم تلج الروح فيه (3) بل لا يخلو
عن قوة (4).
(مسألة 4): لا يعتبر في الدفن قصد القربة، بل يكفي دفن الصبي إذا
علم أنه أتى به بشرائطه، ولو علم أنه ما قصد القربة.
(مسألة 5): إذا خيف على الميت من إخراج السبع إياه وجب إحكام
القبر بما يوجب حفظه من القير والآجر ونحو ذلك، كما أن في السفينة
إذا أريد إلقاؤه في البحر لا بد (5) من اختيار مكان مأمون من بلع
114

حيوانات البحر إياه بمجرد الإلقاء.
(مسألة 6): مؤنة الإلقاء في البحر من الحجر أو الحديد الذي يثقل به
أو الخابية التي يوضع فيها تخرج من أصل التركة، وكذا في الآجر والقير
والساروج في موضع الحاجة إليها.
(مسألة 7): يشترط في الدفن أيضا إذن الولي كالصلاة وغيرها.
(مسألة 8): إذا اشتبهت القبلة يعمل بالظن (1) ومع عدمه أيضا يسقط
وجوب الاستقبال إن لم يمكن تحصيل العلم ولو بالتأخير على وجه
لا يضر بالميت ولا بالمباشرين.
(مسألة 9): الأحوط إجراء أحكام المسلم (2) على الطفل المتولد من
الزنا من الطرفين إذا كانا مسلمين، أو كان أحدهما مسلما، وأما إذا كان
الزنا من أحد الطرفين وكان الطرف الآخر مسلما فلا إشكال في جريان
أحكام المسلم عليه.
(مسألة 10): لا يجوز دفن المسلم في مقبرة الكفار (3) كما لا يجوز
العكس أيضا (4). نعم إذا اشتبه المسلم والكافر يجوز دفنهما (5) في مقبرة
115

المسلمين. وإذا دفن أحدهما في مقبرة الآخرين يجوز النبش (1) أما
الكافر فلعدم الحرمة له، وأما المسلم فلأن مقتضى احترامه عدم كونه
مع الكفار (2).
(مسألة 11): لا يجوز دفن المسلم في مثل المزبلة والبالوعة ونحوهما
مما هو هتك لحرمته.
(مسألة 12): لا يجوز الدفن في المكان المغصوب، وكذا في الأراضي
الموقوفة لغير الدفن، فلا يجوز الدفن في المساجد (3) والمدارس
ونحوهما، كما لا يجوز الدفن في قبر الغير قبل اندراسه وميته (4).
116

(مسألة 13): يجب دفن الأجزاء المبانة من الميت (1) حتى الشعر والسن
والظفر (2). وأما السن أو الظفر من الحي فلا يجب دفنهما وإن كان معهما
شئ يسير من اللحم، نعم يستحب دفنهما، بل يستحب حفظهما حتى
يدفنا معه كما يظهر من وصية مولانا الباقر للصادق صلوات الله عليهما
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): " أن النبي صلوات الله عليه وآله أمر بدفن
أربعة: الشعر والسن والظفر والدم " وعن عائشة، عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه أمر
بدفن سبعة أشياء: الأربعة المذكورة، والحيض والمشيمة والعلقة.
(مسألة 14): إذا مات شخص في البئر ولم يمكن إخراجه يجب (3) أن
يسد ويجعل قبرا له.
(مسألة 15): إذا مات الجنين في بطن الحامل وخيف عليها من بقائه
وجب التوصل إلى إخراجه بالأرفق فالأرفق ولو بتقطيعه قطعة قطعة،
ويجب أن يكون المباشر النساء أو زوجها، ومع عدمهما فالمحارم من
الرجال فإن تعذر فالأجانب حفظا لنفسها المحترمة. ولو ماتت الحامل
وكان الجنين حيا وجب إخراجه ولو بشق بطنها، فيشق جنبها الأيسر (4)
ويخرج الطفل، ثم يخاط وتدفن، ولا فرق في ذلك بين رجاء حياة
117

الطفل بعد الإخراج وعدمه (1). ولو خيف مع حياتهما على كل منهما
انتظر حتى يقضى.
فصل
في المستحبات قبل الدفن وحينه وبعده
وهي أمور (2):
الأول: أن يكون عمق القبر إلى الترقوة أو إلى قامة، ويحتمل كراهة
الأزيد.
الثاني: أن يجعل له لحد مما يلي القبلة في الأرض الصلبة، بأن
يحفر بقدر بدن الميت في الطول والعرض، وبمقدار ما يمكن جلوس
الميت فيه في العمق، ويشق في الأرض الرخوة وسط القبر شبه النهر
فيوضع فيه الميت ويسقف عليه.
الثالث: أن يدفن في المقبرة القريبة على ما ذكره بعض العلماء إلا
أن يكون في البعيدة مزية بأن كانت مقبرة للصلحاء، أو كان الزائرون
هناك أزيد.
الرابع: أن يوضع الجنازة دون القبر بذراعين أو ثلاثة أو أزيد من
ذلك، ثم ينقل قليلا ويوضع ثم ينقل قليلا ويوضع، ثم ينقل في الثالثة
مترسلا ليأخذ الميت أهبته، بل يكره أن يدخل في القبر دفعة، فإن للقبر
118

أهوالا عظيمة.
الخامس: إن كان الميت رجلا يوضع في الدفعة الأخيرة بحيث
يكون رأسه عندما يلي رجلي الميت في القبر، ثم يدخل في القبر طولا
من طرف رأسه، أي يدخل رأسه أولا، وإن كان امرأة توضع في طرف
القبلة، ثم تدخل عرضا.
السادس: أن يغطى القبر بثوب عند إدخال الامرأة.
السابع: أن يسل من نعشه سلا فيرسل إلى القبر برفق.
الثامن: الدعاء عند السل من النعش بأن يقول: " بسم الله وبالله وعلى
ملة رسول الله صلى الله عليه وآله، اللهم إلى رحمتك لا إلى عذابك، اللهم
افسح له في قبره ولقنه في حجته وثبته بالقول الثابت، وقنا وإياه عذاب
القبر " وعند معاينة القبر: " اللهم اجعله روضة من رياض الجنة، ولا
تجعله حفرة من حفر النار " وعند الوضع في القبر يقول: " اللهم عبدك
وابن عبدك وابن أمتك، نزل بك وأنت خير منزول به " وبعد الوضع فيه
يقول: " اللهم جاف الأرض عن جنبيه، وصاعد عمله ولقه منك رضوانا "
وعند وضعه في اللحد يقول: " بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم " ثم يقرأ فاتحة الكتاب وآية الكرسي والمعوذتين
وقل هو الله أحد، ويقول: " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " وما دام
مشتغلا بالتشريج يقول: " اللهم صل وحدته وآنس وحشته وآمن روعته
وأسكنه من رحمتك رحمة تغنيه بها عن رحمة من سواك، فإنما
رحمتك للظالمين " وعند الخروج من القبر يقول: " إنا لله وإنا إليه
راجعون، اللهم ارفع درجته في عليين، واخلف على عقبه في الغابرين،
وعندك نحتسبه يا رب العالمين " وعند إهالة التراب عليه يقول: " إنا لله
119

وإنا إليه راجعون، اللهم جاف الأرض عن جنبيه واصعد إليك بروحه
ولقه منك رضوانا وأسكن قبره من رحمتك ما تغنيه به عن رحمة من
سواك " وأيضا يقول: " إيمانا بك وتصديقا ببعثك، هذا ما وعدنا الله
ورسوله، اللهم زدنا إيمانا وتسليما ".
التاسع: أن تحل عقد الكفن بعد الوضع في القبر، ويبدأ من طرف
الرأس.
العاشر: أن يحسر عن وجهه، ويجعل خده على الأرض، ويعمل له
وسادة من تراب.
الحادي عشر: أن يسند ظهره بلبنة أو مدرة لئلا يستلقي على قفاه.
الثاني عشر: جعل مقدار لبنة من تربة الحسين (عليه السلام) تلقاء وجهه،
بحيث لا تصل إليها النجاسة بعد الانفجار.
الثالث عشر: تلقينه بعد الوضع في اللحد قبل الستر باللبن، بأن
يضرب بيده على منكبه الأيمن، ويضع يده اليسرى على منكبه الأيسر
بقوة، ويدني فمه إلى أذنه ويحركه تحريكا شديدا، ثم يقول: " يا فلان بن
فلان اسمع افهم - ثلاث مرات - الله ربك، ومحمد نبيك، والإسلام دينك،
والقرآن كتابك، وعلي إمامك، والحسن إمامك، إلى آخر الأئمة، أفهمت
يا فلان؟ " ويعيد عليه هذا التلقين ثلاث مرات، ثم يقول: " ثبتك الله
بالقول الثابت، هداك الله إلى صراط مستقيم، عرف الله بينك وبين
أوليائك في مستقر من رحمته، اللهم جاف الأرض عن جنبيه، واصعد
بروحه إليك، ولقه منك برهانا، اللهم عفوك عفوك " وأجمع كلمة في
التلقين أن يقول: " اسمع افهم يا فلان بن فلان " ثلاث مرات ذاكرا اسمه
واسم أبيه، ثم يقول: " هل أنت على العهد الذي فارقتنا عليه من شهادة
120

أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وآله عبده
ورسوله وسيد النبيين وخاتم المرسلين، وأن عليا أمير المؤمنين وسيد
الوصيين وإمام افترض الله طاعته على العالمين، وأن الحسن والحسين
وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر
وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي
والقائم الحجة المهدي صلوات الله عليهم أئمة المؤمنين وحجج الله على
الخلق أجمعين وأئمتك أئمة هدى بك أبرار، يا فلان بن فلان إذا أتاك
الملكان المقربان رسولين من عند الله تبارك وتعالى وسألاك عن ربك
وعن نبيك وعن دينك وعن كتابك وعن قبلتك وعن أئمتك فلا تخف
ولا تحزن وقل في جوابهما: الله ربي ومحمد (صلى الله عليه وآله) نبيي والإسلام ديني
والقرآن كتابي والكعبة قبلتي وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب إمامي
والحسن بن علي المجتبى إمامي والحسين بن علي الشهيد بكربلاء
إمامي وعلي زين العابدين إمامي ومحمد الباقر إمامي وجعفر الصادق
إمامي وموسى الكاظم إمامي وعلي الرضا إمامي ومحمد الجواد إمامي
وعلي الهادي إمامي والحسن العسكري إمامي والحجة المنتظر إمامي،
هؤلاء صلوات الله عليهم أجمعين أئمتي وسادتي وقادتي وشفعائي، بهم
أتولى ومن أعدائهم أتبرأ في الدنيا والآخرة، ثم اعلم يا فلان بن فلان
أن الله تبارك وتعالى نعم الرب وأن محمدا (صلى الله عليه وآله) نعم الرسول وأن علي
بن أبي طالب وأولاده المعصومين الأئمة الاثني عشر نعم الأئمة، وأن
ما جاء به محمد (صلى الله عليه وآله) حق وأن الموت حق وسؤال منكر ونكير في القبر
حق والبعث والنشور حق والصراط حق والميزان حق وتطائر الكتب
حق وأن الجنة حق والنار حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله
121

يبعث من في القبور ". ثم يقول: " أفهمت يا فلان " وفي الحديث: " أنه
يقول: فهمت " ثم يقول: " ثبتك الله بالقول الثابت، وهداك الله إلى صراط
مستقيم، عرف الله بينك وبين أوليائك في مستقر من رحمته " ثم يقول:
" اللهم جاف الأرض عن جنبيه، واصعد بروحه إليك، ولقه منك برهانا،
اللهم عفوك عفوك ".
والأولى أن يلقن بما ذكر من العربي وبلسان الميت أيضا إن كان
غير عربي.
الرابع عشر: أن يسد اللحد باللبن لحفظ الميت من وقوع التراب
عليه، والأولى الابتداء من طرف رأسه، وإن أحكمت اللبن بالطين كان
أحسن.
الخامس عشر: أن يخرج المباشر من طرف الرجلين فإنه باب القبر.
السادس عشر: أن يكون من يضعه في القبر على طهارة مكشوف
الرأس، نازعا عمامته ورداءه ونعليه، بل وخفيه إلا لضرورة.
السابع عشر: أن يهيل غير ذي رحم - ممن حضر - التراب عليه
بظهر الكف قائلا: إنا لله وإنا إليه راجعون على ما مر.
الثامن عشر: أن يكون المباشر لوضع الامرأة في القبر محارمها أو
زوجها، ومع عدمهم فأرحامها، وإلا فالأجانب، ولا يبعد أن يكون
الأولى بالنسبة إلى الرجل، الأجانب.
التاسع عشر: رفع القبر عن الأرض بمقدار أربع أصابع مضمومة أو
مفرجة.
العشرون: تربيع القبر بمعنى كونها ذا أربع زوايا قائمة، وتسطيحه.
ويكره تسنيمه بل تركه أحوط.
122

الحادي والعشرون: أن يجعل على القبر علامة.
الثاني والعشرون: أن يرش عليه الماء، والأولى أن يستقبل القبلة
ويبتدأ بالرش من عند الرأس إلى الرجل، ثم يدور به على القبر حتى
يرجع إلى الرأس، ثم يرش على الوسط ما يفضل من الماء، ولا يبعد
استحباب الرش إلى أربعين يوما أو أربعين شهرا.
الثالث والعشرون: أن يضع الحاضرون بعد الرش أصابعهم مفرجات
على القبر بحيث يبقى أثرها، والأولى أن يكون مستقبل القبلة، ومن
طرف رأس الميت، واستحباب الوضع المذكور آكد بالنسبة إلى من لم
يصل على الميت، وإذا كان الميت هاشميا فالأولى أن يكون الوضع
على وجه يكون أثر الأصابع أزيد بأن يزيد في غمز اليد، ويستحب أن
يقول حين الوضع: " بسم الله ختمتك من الشيطان أن يدخلك " وأيضا
يستحب أن يقرأ مستقبلا للقبلة سبع مرات " إنا أنزلناه " وأن يستغفر له
ويقول: " اللهم جاف الأرض عن جنبيه واصعد إليك روحه ولقه منك
رضوانا واسكن قبره من رحمتك ما تغنيه به عن رحمة من سواك " أو
يقول: " اللهم ارحم غربته وصل وحدته وآنس وحشته وآمن روعته
وأفض عليه من رحمتك وأسكن إليه من برد عفوك وسعة غفرانك
ورحمتك ما يستغني بها عن رحمة من سواك واحشره مع من كان
يتولاه " ولا تختص هذه الكيفية بهذه الحالة، بل يستحب عند زيارة كل
مؤمن قراءة " إنا أنزلناه " سبع مرات وطلب المغفرة وقراءة الدعاء
المذكور.
الرابع والعشرون: أن يلقنه الولي أو من يأذنه تلقينا آخر بعد تمام
الدفن ورجوع الحاضرين بصوت عال بنحو ما ذكر، فإن هذا التلقين
123

يوجب عدم سؤال النكيرين منه، فالتلقين يستحب في ثلاثة مواضع:
حال الاحتضار، وبعد الوضع في القبر، وبعد الدفن ورجوع الحاضرين،
وبعضهم ذكر استحبابه بعد التكفين أيضا. ويستحب الاستقبال حال
التلقين، وينبغي في التلقين بعد الدفن وضع الفم عند الرأس، وقبض القبر
بالكفين.
الخامس والعشرون: أن يكتب اسم الميت على القبر، أو على لوح
أو حجر، وينصب عند رأسه.
السادس والعشرون: أن يجعل في فمه فص عقيق مكتوب عليه:
" لا إله إلا الله ربي، محمد نبيي علي والحسن والحسين - إلى آخر
الأئمة - أئمتي ".
السابع والعشرون: أن يوضع على قبره شئ من الحصى على ما
ذكره بعضهم، والأولى كونها حمرا.
الثامن والعشرون: تعزية المصاب وتسليته قبل الدفن وبعده، والثاني
أفضل، والمرجع فيها العرف، ويكفي في ثوابها رؤية المصاب (1) إياه،
ولا حد لزمانها، ولو أدت إلى تجديد حزن قد نسي كان تركها أولى.
ويجوز الجلوس للتعزية، ولا حد له أيضا، وحده بعضهم بيومين
أو ثلاث وبعضهم على أن الأزيد من يوم مكروه، ولكن إن كان الجلوس
بقصد قراءة القرآن والدعاء لا يبعد رجحانه.
التاسع والعشرون: إرسال الطعام إلى أهل الميت ثلاثة أيام، ويكره
124

الأكل عندهم، وفي خبر " إنه عمل أهل الجاهلية ".
الثلاثون: شهادة أربعين أو خمسين من المؤمنين للميت بخير بأن
يقولوا: اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا، وأنت أعلم به منا.
الواحد والثلاثون: البكاء على المؤمن.
الثاني والثلاثون: أن يسلي صاحب المصيبة نفسه بتذكر موت
النبي (صلى الله عليه وآله) فإنه أعظم المصائب.
الثالث والثلاثون: الصبر على المصيبة والاحتساب والتأسي
بالأنبياء والأوصياء والصلحاء، خصوصا في موت الأولاد.
الرابع والثلاثون: قول إنا لله وإنا إليه راجعون كلما تذكر.
الخامس والثلاثون: زيارة قبور المؤمنين والسلام عليهم يقول:
" السلام عليكم يا أهل الديار "، وقراءة القرآن وطلب الرحمة والغفران
لهم، ويتأكد في يوم الاثنين والخميس خصوصا عصره وصبيحة السبت
للرجال والنساء بشرط عدم الجزع والصبر، ويستحب أن يقول:
" السلام على أهل الديار من المؤمنين رحم الله المتقدمين منكم
والمتأخرين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون " ويستحب للزائر أن يضع يده
على القبر وأن يكون مستقبلا وأن يقرأ " إنا أنزلناه " سبع مرات،
ويستحب أيضا قراءة الحمد والمعوذتين وآية الكرسي كل منها ثلاث
مرات. والأولى أن يكون جالسا مستقبل القبلة، ويجوز قائما، ويستحب
أيضا قراءة يس، ويستحب أيضا أن يقول: " بسم الله الرحمن الرحيم،
السلام على أهل لا إله إلا الله، من أهل لا إله إلا الله يا أهل لا إله إلا الله،
كيف وجدتم قول لا إله إلا الله من لا إله إلا الله يا لا إله إلا الله، بحق
لا إله إلا الله، اغفر لمن قال: لا إله إلا الله، واحشرنا في زمرة من قال:
125

لا إله إلا الله، محمد رسول الله علي ولي الله.
السادس والثلاثون: طلب الحاجة عند قبر الوالدين.
السابع والثلاثون: إحكام بناء القبر.
الثامن والثلاثون: دفن الأقارب متقاربا.
التاسع والثلاثون: التحميد والاسترجاع وسؤال الخلف عند موت
الولد.
الأربعون: صلاة الهدية ليلة الدفن، وهي على رواية ركعتان، يقرأ في
الأولى الحمد وآية الكرسي، وفي الثانية الحمد والقدر عشر مرات،
ويقول بعد الصلاة: اللهم صل على محمد وآل محمد، وابعث ثوابها إلى
قبر فلان، وفي رواية أخرى: في الركعة الأولى الحمد وقل هو الله أحد
مرتين، وفي الثانية الحمد والتكاثر عشر مرات. وإن أتى بالكيفيتين كان
أولى. وتكفي صلاة واحدة من شخص واحد، وإتيان أربعين أولى، لكن
لا بقصد الورود والخصوصية، كما أنه يجوز التعدد من شخص واحد
بقصد إهداء الثواب، والأحوط قراءة آية الكرسي إلى " هم فيها
خالدون " والظاهر أن وقته تمام الليل، وإن كان الأولى أوله بعد العشاء.
ولو أتى بغير الكيفية المذكورة سهوا أعاد، ولو كان بترك آية من " إنا
أنزلناه " أو آية من آية الكرسي. ولو نسي من أخذ الأجرة عليها فتركها
أو ترك شيئا منها وجب عليه ردها إلى صاحبها، وإن لم يعرفه تصدق
بها عن صاحبها، وإن علم برضاه أتى بالصلاة (1) في وقت آخر، وأهدى
ثوابها إلى الميت لا بقصد الورود.
126

(مسألة 1): إذا نقل الميت إلى مكان آخر كالعتبات أو أخر الدفن إلى
مدة فصلاة ليلة الدفن تؤخر إلى ليلة الدفن.
(مسألة 2): لا فرق في استحباب التعزية لأهل المصيبة بين الرجال
والنساء حتى الشابات منهن متحرزا عما تكون به الفتنة، ولا بأس
بتعزية أهل الذمة مع الاحتراز عن الدعاء لهم بالأجر إلا مع مصلحة
تقتضي ذلك.
(مسألة 3): تستحب الوصية بمال لطعام مأتمه بعد موته.
فصل
في مكروهات الدفن
وهي أيضا أمور:
الأول: دفن ميتين في قبر واحد، بل قيل بحرمته مطلقا وقيل
بحرمته مع كون أحدهما امرأة أجنبية والأقوى الجواز مطلقا مع
الكراهة، نعم الأحوط الترك إلا لضرورة، ومعها الأولى جعل حائل
بينهما. وكذا يكره حمل جنازة الرجل والمرأة على سرير واحد
والأحوط تركه أيضا.
الثاني: فرش القبر بالساج ونحوه من الآجر والحجر إلا إذا كانت
الأرض ندية، وأما فرش ظهر القبر بالآجر ونحوه فلا بأس به، كما أن
فرشه بمثل حصير وقطيفة لا بأس به، وإن قيل بكراهته أيضا.
الثالث: نزول الأب في قبر ولده خوفا عن جزعه وفوات أجره،
بل إذا خيف من ذلك في سائر الأرحام أيضا يكون مكروها، بل قد
يقال بكراهة نزول الأرحام مطلقا إلا الزوج في قبر زوجته والمحرم
127

في قبر محارمه.
الرابع: أن يهيل ذو الرحم على رحمه التراب، فإنه يورث قساوة القلب.
الخامس: سد القبر بتراب غير ترابه، وكذا تطيينه بغير ترابه، فإنه
ثقل على الميت.
السادس: تجصيصه أو تطيينه لغير ضرورة، وإمكان الإحكام
المندوب بدونه، والقدر المتيقن من الكراهة إنما هو بالنسبة إلى باطن
القبر لا ظاهره، وإن قيل بالإطلاق.
السابع: تجديد القبر بعد اندراسه إلا قبور الأنبياء والأوصياء
والصلحاء والعلماء.
الثامن: تسنيمه بل الأحوط تركه.
التاسع: البناء عليه عدا قبور من ذكر، والظاهر عدم كراهة الدفن
تحت البناء والسقف.
العاشر: اتخاذ المقبرة مسجدا إلا مقبرة الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) والعلماء.
الحادي عشر: المقام على القبور إلا الأنبياء والأئمة (عليهم السلام).
الثاني عشر: الجلوس على القبر.
الثالث عشر: البول والغائط (1) في المقابر.
الرابع عشر: الضحك في المقابر.
الخامس عشر: الدفن في الدور.
السادس عشر: تنجيس القبور وتكثيفها بما يوجب هتك حرمة
الميت (2).
128

السابع عشر: المشي على القبر من غير ضرورة.
الثامن عشر: الاتكاء على القبر.
التاسع عشر: إنزال الميت في القبر بغتة من غير أن توضع الجنازة
قريبا منه، ثم رفعها ووضعها دفعات كما مر.
العشرون: رفع القبر عن الأرض أزيد من أربع أصابع مفرجات.
الحادي والعشرون: نقل الميت من بلد موته إلى بلد آخر (1) إلا إلى
المشاهد المشرفة والأماكن المقدسة والمواضع المحترمة، كالنقل من
عرفات إلى مكة والنقل إلى النجف فإن الدفن فيه يدفع عذاب القبر
وسؤال الملكين، وإلى كربلاء والكاظمين وسائر قبور الأئمة (عليهم السلام)، بل
إلى مقابر العلماء والصلحاء، بل لا يبعد استحباب النقل من بعض
المشاهد إلى آخر لبعض المرجحات الشرعية.
والظاهر عدم الفرق في جواز النقل بين كونه قبل الدفن أو بعده،
ومن قال بحرمة الثاني مراده ما إذا استلزم النبش (2) وإلا فلو فرض
خروج الميت عن قبره بعد دفنه بسبب من سبع أو ظالم أو صبي أو نحو
ذلك، لا مانع من جواز نقله إلى المشاهد مثلا، ثم لا يبعد جواز النقل
129

إلى المشاهد المشرفة وإن استلزم فساد الميت (1) إذا لم يوجب أذية
المسلمين (2) فإن من تمسك بهم (3) فاز، ومن أتاهم فقد نجا، ومن لجأ
إليهم آمن ومن اعتصم بهم فقد اعتصم بالله تعالى، والمتوسل بهم غير
خائب صلوات الله عليهم أجمعين.
(مسألة 1): يجوز البكاء على الميت ولو كان مع الصوت، بل قد يكون
راجحا، كما إذا كان مسكنا للحزن وحرقة القلب بشرط (4) أن لا يكون
منافيا للرضا بقضاء الله تعالى، ولا فرق بين الرحم وغيره، بل قد مر
استحباب البكاء على المؤمن، بل يستفاد من بعض الأخبار جواز البكاء
على الأليف الضال. والخبر الذي ينقل من أن الميت يعذب ببكاء أهله
ضعيف مناف لقوله تعالى: " ولا تزر وازرة وزر أخرى ". وأما البكاء
130

المشتمل على الجزع وعدم الصبر فجائز ما لم يكن مقرونا بعدم الرضا
بقضاء الله، نعم يوجب حبط الأجر ولا يبعد كراهته.
(مسألة 2): يجوز النوح على الميت بالنظم والنثر ما لم يتضمن الكذب (1)
ولم يكن مشتملا على الويل والثبور (2) لكن يكره في الليل، ويجوز أخذ
الأجرة عليه إذا لم يكن بالباطل، لكن الأولى أن لا يشترط أولا.
(مسألة 3): لا يجوز اللطم (3) والخدش (4) وجز الشعر (5) بل والصراخ
الخارج عن حد الاعتدال على الأحوط (6) وكذا لا يجوز شق الثوب
على غير الأب والأخ (7) والأحوط تركه فيهما أيضا.
131

(مسألة 4): في جز المرأة شعرها في المصيبة كفارة شهر رمضان، وفي
نتفه كفارة اليمين، وكذا في خدشها وجهها (1).
(مسألة 5): في شق الرجل ثوبه في موت زوجته أو ولده كفارة
اليمين (2) وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة (3).
(مسألة 6): يحرم نبش قبر المؤمن وإن كان طفلا أو مجنونا، إلا مع
العلم باندراسه وصيرورته ترابا، ولا يكفي الظن به، وإن بقي عظما (4)
فإن كان صلبا ففي جواز نبشه إشكال (5) وأما مع كونه مجرد صورة
بحيث يصير ترابا بأدنى حركة فالظاهر جوازه (6). نعم لا يجوز (7) نبش
132

قبور الشهداء والعلماء والصلحاء وأولاد الأئمة (عليهم السلام) ولو بعد الاندراس
وإن طالت المدة، سيما المتخذ منها مزارا أو مستجارا. والظاهر توقف
صدق النبش على بروز جسد الميت (1) فلو أخرج بعض تراب القبر
وحفر من دون أن يظهر جسده لا يكون من النبش المحرم، والأولى
الإناطة بالعرف وهتك الحرمة (2) وكذا لا يصدق النبش إذا كان الميت في
سرداب وفتح بابه لوضع ميت آخر (3) خصوصا إذا لم يظهر جسد
الميت، وكذا إذا كان الميت موضوعا على وجه الأرض وبني عليه بناء،
لعدم إمكان الدفن أو باعتقاد جوازه أو عصيانا، فإن إخراجه لا يكون
من النبش، وكذا إذا كان في تابوت من صخرة أو نحوها.
(مسألة 7): يستثنى من حرمة النبش موارد:
الأول: إذا دفن في المكان المغصوب عدوانا أو جهلا أو نسيانا، فإنه
يجب نبشه (4) مع عدم رضا المالك ببقائه، وكذا إذا كان كفنه مغصوبا،
أو دفن معه مال مغصوب، بل أو ماله المنتقل بعد موته إلى الوارث
133

فيجوز نبشه (1) لإخراجه.
نعم لو أوصى بدفن دعاء أو قرآن أو خاتم معه لا يجوز نبشه
لأخذه (2) بل لو ظهر بوجه من الوجوه لا يجوز أخذه، كما لا يجوز عدم
العمل بوصيته من الأول (3).
الثاني: إذا كان مدفونا بلا غسل أو بلا كفن، أو تبين بطلان غسله،
أو كون كفنه على غير الوجه الشرعي، كما إذا كان من جلد الميتة
أو غير المأكول أو حريرا فيجوز نبشه لتدارك ذلك (4) ما لم يكن موجبا
لهتكه (5). وأما إذا دفن بالتيمم (6) لفقد الماء فوجد الماء بعد دفنه أو كفن
134

بالحرير لتعذر غيره ففي جواز نبشه إشكال (1). وأما إذا دفن بلا صلاة
أو تبين بطلانها فلا يجوز النبش لأجلها، بل يصلى على قبره، ومثل
ترك الغسل في جواز النبش (2) ما لو وضع في القبر على غير القبلة ولو
جهلا أو نسيانا.
الثالث: إذا توقف اثبات حق من الحقوق على رؤية جسده (3).
الرابع: لدفن بعض أجزائه المبانة منه معه (4) لكن الأولى دفنه معه
على وجه لا يظهر جسده (5).
الخامس: إذا دفن في مقبرة لا يناسبه، كما إذا دفن في مقبرة الكفار
أو دفن معه كافر أو دفن في مزبلة أو بالوعة أو نحو ذلك من الأمكنة
135

الموجبة لهتك حرمته.
السادس: لنقله إلى المشاهد المشرفة والأماكن المعظمة على
الأقوى (1) وإن لم يوص بذلك، وإن كان الأحوط الترك مع عدم الوصية (2).
السابع: إذا كان موضوعا في تابوت (3) ودفن كذلك، فإنه لا يصدق
عليه النبش (4) حيث لا يظهر جسده، والأولى مع إرادة النقل إلى
136

المشاهد (1) اختيار هذه الكيفية فإنه خال عن الإشكال أو أقل إشكالا.
الثامن: إذا دفن بغير إذن الولي (2).
التاسع: إذا أوصى (3) بدفنه في مكان معين وخولف عصيانا أو جهلا
أو نسيانا.
العاشر: إذا دعت ضرورة إلى النبش أو عارضه أمر راجح أهم.
الحادي عشر: إذا خيف عليه من سبع أو سيل أو عدو.
الثاني عشر: إذا أوصى بنبشه ونقله بعد مدة إلى الأماكن المشرفة (4)
137

بل يمكن أن يقال بجوازه في كل مورد يكون هناك رجحان شرعي (1)
من جهة من الجهات، ولم يكن موجبا لهتك حرمته أو لأذية الناس،
وذلك لعدم وجود دليل واضح على حرمة النبش إلا الإجماع (2) وهو
أمر لبي (3) والقدر المتيقن منه غير هذه الموارد، لكن مع ذلك لا يخلو
عن إشكال.
(مسألة 8): يجوز تخريب آثار القبور (4) التي علم اندراس ميتها ما عدا
138

ما ذكر من قبور العلماء والصلحاء وأولاد الأئمة (عليهم السلام)، سيما إذا كانت
في المقبرة الموقوفة للمسلمين مع حاجتهم، وكذا في الأراضي
المباحة (1) ولكن الأحوط عدم التخريب مع عدم الحاجة خصوصا في
المباحة غير الموقوفة.
(مسألة 9): إذا لم يعلم أنه قبر مؤمن أو كافر فالأحوط عدم نبشه (2) مع
عدم العلم باندراسه، أو كونه في مقبرة الكفار.
(مسألة 10): إذا دفن الميت في ملك الغير بغير رضاه لا يجب عليه
الرضا ببقائه ولو كان بالعوض وإن كان الدفن بغير العدوان من جهل
أو نسيان، فله أن يطالب النبش أو يباشره (3) وكذا إذا دفن مال للغير مع
الميت، لكن الأولى بل الأحوط قبول العوض أو الإعراض (4).
(مسألة 11): إذا أذن في دفن ميت في ملكه لا يجوز له أن يرجع في
إذنه بعد الدفن (5) سواء كان مع العوض أو بدونه، لأنه المقدم على ذلك،
139

فيشمله دليل حرمة النبش، وهذا بخلاف ما إذا أذن في الصلاة في داره،
فإنه يجوز له الرجوع في أثناء الصلاة (1) ويجب على المصلي قطعها في
سعة الوقت، فإن حرمة القطع إنما هي بالنسبة إلى المصلي فقط، بخلاف
حرمة النبش، فإنه لا فرق فيه بين المباشر وغيره، نعم له الرجوع عن
إذنه بعد الوضع في القبر قبل أن يسد بالتراب، هذا إذا لم يكن الإذن في
عقد لازم، وإلا ليس له الرجوع مطلقا.
(مسألة 12): إذا خرج الميت - المدفون في ملك الغير بإذنه - بنبش
نابش أو سيل أو سبع أو نحو ذلك لا يجب عليه الرضا والإذن بدفنه ثانيا
في ذلك المكان، بل له الرجوع عن إذنه إلا إذا كان لازما عليه بعقد
لازم.
(مسألة 13): إذا دفن في مكان مباح فخرج بأحد المذكورات لا يجب
دفنه ثانيا في ذلك المكان، بل يجوز أن يدفن في مكان آخر، والأحوط
الاستئذان من الولي في الدفن الثاني أيضا (2) نعم إذا كان عظما مجردا
140

أو نحو ذلك لا يبعد عدم اعتبار إذنه وإن كان أحوط مع إمكانه (1).
(مسألة 14): يكره إخفاء موت إنسان من أولاده وأقربائه إلا إذا كانت
هناك جهة رجحان فيه.
(مسألة 15): من الأمكنة التي يستحب الدفن فيها ويجوز النقل إليها
الحرم ومكة أرجح من سائر مواضعه. وفي بعض الأخبار أن الدفن في
الحرم يوجب الأمن من الفزع الأكبر، وفي بعضها استحباب نقل الميت
من عرفات إلى مكة المعظمة.
(مسألة 16): ينبغي للمؤمن إعداد قبر لنفسه، سواء كان في حال
المرض أو الصحة، ويرجح أن يدخل قبره ويقرأ القرآن فيه.
(مسألة 17): يستحب بذل الأرض لدفن المؤمن، كما يستحب بذل
الكفن له، وإن كان غنيا، ففي الخبر: " من كفن مؤمنا كان كمن ضمن
كسوته إلى يوم القيامة ".
(مسألة 18): يستحب المباشرة لحفر قبر المؤمن، ففي الخبر: " من حفر
لمؤمن قبرا كان كمن بوأه بيتا موافقا إلى يوم القيامة ".
(مسألة 19): يستحب مباشرة غسل الميت، ففي الخبر: " كان فيما
ناجى الله به موسى (عليه السلام) ربه قال: يا رب ما لمن غسل الموتى؟ فقال:
أغسله من ذنوبه كما ولدته أمه ".
(مسألة 20): يستحب للإنسان إعداد الكفن، وجعله في بيته، وتكرار
141

النظر إليه، ففي الحديث قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إذا أعد الرجل كفنه كان
مأجورا كلما نظر إليه " وفي خبر آخر: " لم يكتب من الغافلين، وكان
مأجورا كلما نظر إليه ".
فصل
في الأغسال المندوبة
وهي كثيرة، وعد بعضهم سبعا وأربعين، وبعضهم أنهاها إلى
خمسين، وبعضهم إلى أزيد من ستين، وبعضهم إلى سبع وثمانين،
وبعضهم إلى مائة.
وهي أقسام: زمانية، ومكانية، وفعلية: إما للفعل الذي يريد أن يفعل،
أو للفعل الذي فعله.
والمكانية أيضا في الحقيقة فعلية، لأنها إما للدخول في مكان،
أو للكون فيه.
أما الزمانية فأغسال:
أحدها: غسل الجمعة (1) ورجحانه من الضروريات، وكذا تأكد
استحبابه معلوم من الشرع، والأخبار في الحث عليه كثيرة، وفي بعضها:
" أنه يكون طهارة له من الجمعة إلى الجمعة " وفي آخر: " غسل يوم
الجمعة طهور وكفارة لما بينهما من الذنوب من الجمعة إلى الجمعة ".
وفي جملة منها التعبير بالوجوب، ففي الخبر: " إنه واجب على كل
ذكر أو أنثى من حر أو عبد " وفي آخر عن غسل يوم الجمعة، فقال (عليه السلام):
142

" واجب على كل ذكر وأنثى من حر أو عبد " وفي ثالث: " الغسل واجب
يوم الجمعة " وفي رابع قال الراوي: كيف صار غسل الجمعة واجبا؟
فقال (عليه السلام): " إن الله أتم صلاة الفريضة بصلاة النافلة - إلى أن قال -
وأتم وضوء النافلة (1) بغسل يوم الجمعة " وفي خامس: " لا يتركه
إلا فاسق " وفي سادس: عمن نسيه حتى صلى قال (عليه السلام): " إن كان
في وقت فعليه أن يغتسل ويعيد الصلاة وإن مضى الوقت فقد جازت
صلاته " إلى غير ذلك. ولذا ذهب جماعة إلى وجوبه، منهم الكليني
والصدوق وشيخنا البهائي على ما نقل عنهم، لكن الأقوى استحبابه،
والوجوب في الأخبار منزل على تأكد الاستحباب، وفيها قرائن كثيرة
على إرادة هذا المعنى، فلا ينبغي الإشكال في عدم وجوبه، وإن كان
الأحوط عدم تركه.
(مسألة 1): وقت غسل الجمعة من طلوع الفجر الثاني إلى الزوال،
وبعده إلى آخر يوم السبت قضاء (2) لكن الأولى والأحوط فيما بعد
الزوال إلى الغروب من يوم الجمعة أن ينوي القربة من غير تعرض للأداء
143

والقضاء، كما أن الأولى (1) مع تركه إلى الغروب أن يأتي به بعنوان
القضاء في نهار السبت، لا في ليله، وآخر وقت قضائه غروب يوم
السبت، واحتمل بعضهم جواز قضائه إلى آخر الأسبوع (2) لكنه مشكل،
نعم لا بأس به لا بقصد الورود بل برجاء المطلوبية، لعدم الدليل عليه إلا
الرضوي الغير المعلوم كونه منه (عليه السلام).
(مسألة 2): يجوز تقديم غسل الجمعة يوم الخميس، بل ليلة الجمعة إذا
خاف إعواز الماء يومها (3) أما تقديمه ليلة الخميس فمشكل، نعم لا بأس
به مع عدم قصد الورود، لكن احتمل (4) بعضهم جواز تقديمه حتى من
أول الأسبوع أيضا، ولا دليل عليه وإذا قدمه يوم الخميس ثم تمكن منه
يوم الجمعة يستحب إعادته (5) وإن تركه يستحب قضاؤه يوم السبت،
144

وأما إذا لم يتمكن من أدائه يوم الجمعة فلا يستحب قضاؤه (1) وإذا دار
الأمر بين التقديم والقضاء فالأولى اختيار الأول.
(مسألة 3): يستحب أن يقول حين الاغتسال: " أشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل على محمد
وآل محمد، واجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين ".
(مسألة 4): لا فرق في استحباب غسل الجمعة بين الرجل والامرأة
والحاضر والمسافر، والحر والعبد، ومن يصلي الجمعة ومن يصلي الظهر،
بل الأقوى استحبابه للصبي المميز، نعم يشترط في العبد إذن المولى إذا
كان منافيا لحقه، بل الأحوط مطلقا، وبالنسبة إلى الرجال آكد، بلى في
بعض الأخبار رخصة تركه للنساء.
(مسألة 5): يستفاد من بعض الأخبار كراهة تركه، بل في بعضها الأمر
باستغفار التارك، وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال (عليه السلام) في مقام التوبيخ
لشخص: " والله لأنت أعجز من تارك الغسل يوم الجمعة، فإنه لا تزال
في طهر إلى الجمعة الأخرى ".
(مسألة 6): إذا كان خوف فوت الغسل يوم الجمعة لا لإعواز الماء
بل لأمر آخر كعدم التمكن من استعماله، أو لفقد عوض الماء
مع وجوده، فلا يبعد جواز تقديمه أيضا (2) يوم الخميس، وإن كان
145

الأولى (1) عدم قصد الخصوصية والورود بل الإتيان به برجاء المطلوبية.
(مسألة 7): إذا شرع في الغسل يوم الخميس من جهة خوف إعواز
الماء يوم الجمعة فتبين في الأثناء وجوده وتمكنه منه يومها بطل غسله،
ولا يجوز إتمامه بهذا العنوان، والعدول منه إلى غسل آخر مستحب،
إلا إذا كان من الأول قاصدا للأمرين.
(مسألة 8): الأولى إتيانه قريبا من الزوال، وإن كان يجزي من طلوع
الفجر إليه كما مر.
(مسألة 9): ذكر بعض العلماء أن في القضاء كلما كان أقرب إلى وقت
الأداء كان أفضل، فإتيانه في صبيحة السبت أولى من إتيانه عند الزوال
منه أو بعده، وكذا في التقديم، فعصر يوم الخميس أولى من صبحه،
وهكذا، ولا يخلو عن وجه وإن لم يكن واضحا. وأما أفضليته ما بعد
الزوال من يوم الجمعة من يوم السبت فلا إشكال فيه، وإن قلنا بكونه
قضاء كما هو الأقوى (2).
(مسألة 10): إذا نذر غسل الجمعة وجب عليه (3) ومع تركه عمدا تجب
الكفارة، والأحوط قضاؤه (4) يوم السبت، وكذا إذا تركه سهوا أو لعدم
146

التمكن منه، فإن الأحوط قضاؤه، وأما الكفارة فلا تجب إلا مع التعمد.
(مسألة 11): إذا اغتسل بتخيل يوم الخميس بعنوان التقديم، أو بتخيل
يوم السبت بعنوان القضاء فتبين كونه يوم الجمعة فلا يبعد الصحة
خصوصا إذا قصد الأمر الواقعي (1) وكان الاشتباه في التطبيق، وكذا إذا
اغتسل بقصد يوم الجمعة فتبين كونه يوم الخميس مع خوف الإعواز (2)
أو يوم السبت. وأما لو قصد غسلا آخر غير غسل الجمعة أو قصد
الجمعة فتبين كونه مأمورا لغسل آخر ففي الصحة إشكال (3) إلا إذا قصد
الأمر الفعلي الواقعي وكان الاشتباه في التطبيق (4).
(مسألة 12): غسل الجمعة لا ينقض بشئ من الحدث الأصغر
والأكبر (5) إذ المقصود إيجاده يوم الجمعة وقد حصل.
147

(مسألة 13): الأقوى صحة غسل الجمعة من الجنب والحائض (1) بل
لا يبعد إجزاؤه عن غسل الجنابة، بل عن غسل الحيض إذا كان بعد
انقطاع الدم (2).
(مسألة 14): إذا لم يقدر على الغسل لفقد الماء أو غيره يصح التيمم
ويجزي (3) نعم لو تمكن من الغسل قبل خروج الوقت فالأحوط
148

الاغتسال لإدراك المستحب (1).
الثاني: من الأغسال الزمانية: أغسال ليالي شهر رمضان. يستحب
الغسل في ليالي الإفراد من شهر رمضان، وتمام ليالي العشر الأخيرة،
ويستحب في ليلة الثالث والعشرين غسل آخر في آخر الليل، وأيضا
يستحب الغسل في اليوم الأول منه (2) فعلى هذا الأغسال المستحبة فيه
اثنان وعشرون. وقيل باستحباب الغسل في جميع لياليه حتى ليالي
الأزواج، وعليه يصير اثنان وثلاثون، ولكن لا دليل عليه، لكن الإتيان
لاحتمال المطلوبية في ليالي الأزواج من العشرين الأوليين لا بأس به.
والآكد منها: ليالي القدر (3) وليلة النصف، وليلة سبعة عشر، والخمس
وعشرين، والسبع وعشرين، والتسع وعشرين منه.
(مسألة 15): يستحب أن يكون الغسل في الليلة الأولى واليوم الأول
من شهر رمضان في الماء الجاري، كما أنه يستحب أن يصب على
رأسه قبل الغسل أو بعده ثلاثين كفا من الماء ليأمن من حكة البدن
ولكن لا دخل لهذا العمل بالغسل، بل هو مستحب مستقل.
(مسألة 16): وقت غسل الليالي تمام الليل، وإن كان الأولى إتيانها
أول الليل، بل الأولى إتيانها (4) قبل الغروب أو مقارنا له ليكون على غسل
149

من أول الليل إلى آخره، نعم لا يبعد في ليال العشر الأخيرة رجحان
إتيانها بين المغرب والعشاء لما نقل من فعل النبي (صلى الله عليه وآله) وقد مر أن الغسل
الثاني في الليلة الثالثة والعشرين في آخره.
(مسألة 17): إذا ترك الغسل الأول في الليلة الثالثة والعشرين في أول
الليل لا يبعد كفاية الغسل الثاني عنه (1) وإن كان الأولى إتيانهما آخر
الليل برجاء المطلوبية، خصوصا مع الفصل بينهما، ويجوز إتيان غسل
واحد بعنوان التداخل وقصد الأمرين.
(مسألة 18): لا تنقض هذه الأغسال أيضا بالحدث الأصغر والأكبر
كما في غسل الجمعة (2).
الثالث: غسل يومي العيدين: الفطر والأضحى. وهو من السنن
المؤكدة، حتى أنه ورد في بعض الأخبار " أنه لو نسي غسل يوم العيد
حتى صلى إن كان في وقت فعليه أن يغتسل ويعيد الصلاة، وإن مضى
الوقت فقد جازت صلاته ". وفي خبر آخر عن غسل الأضحى،
فقال (عليه السلام): " واجب إلا بمنى ". وهو منزل على تأكد الاستحباب، لصراحة
جملة من الأخبار في عدم وجوبه.
ووقته: بعد الفجر إلى الزوال، ويحتمل إلى الغروب (3) والأولى عدم
150

نية الورود إذا أتى به بعد الزوال، كما أن الأولى إتيانه قبل صلاة العيد
لتكون مع الغسل.
ويستحب في غسل عيد الفطر أن يكون في نهر ومع عدمه أن يباشر
بنفسه الاستقاء بتخشع، وأن يغتسل تحت الظلال أو تحت حائط، ويبالغ
في التستر، وأن يقول عند إرادته: " اللهم إيمانا بك، وتصديقا بكتابك،
واتباع سنة نبيك " ثم يقول: " بسم الله " ويغتسل، ويقول بعد الغسل:
" اللهم اجعله كفارة لذنوبي وطهورا لديني، اللهم أذهب عني الدنس ".
والأولى إعمال هذه الآداب في غسل يوم الأضحى أيضا، لكن
لا بقصد الورود لاختصاص النص بالفطر.
وكذا يستحب الغسل في ليلة الفطر، ووقته من أولها إلى الفجر،
والأولى إتيانه أول الليل، وفي بعض الأخبار: " إذا غربت الشمس
فاغتسل " والأولى إتيانه ليلة الأضحى أيضا، لا بقصد الورود
لاختصاص النص بليلة الفطر.
الرابع: غسل يوم التروية، وهو الثامن من ذي الحجة، ووقته تمام
اليوم.
الخامس: غسل يوم عرفة، وهو أيضا ممتد إلى الغروب والأولى
عند الزوال منه، ولا فرق فيه بين من كان في عرفات أو سائر البلدان.
السادس: غسل أيام من رجب، وهي أوله ووسطه وآخره، ويوم
السابع والعشرين منه، وهو يوم المبعث، ووقتها من الفجر إلى الغروب،
وعن الكفعمي والمجلسي استحبابه في ليلة المبعث أيضا، ولا بأس به
لا بقصد الورود.
151

السابع: غسل يوم الغدير (1) والأولى إتيانه قبل الزوال منه.
الثامن: يوم المباهلة، وهو الرابع والعشرون من ذي الحجة على
الأقوى، وإن قيل: إنه يوم الحادي والعشرين، وقيل: هو يوم الخامس
والعشرين، وقيل: إنه السابع والعشرين منه، ولا بأس بالغسل في هذه
الأيام لا بقصد الورود.
التاسع (2): يوم النصف من شعبان.
العاشر: يوم المولود (3) وهو السابع عشر من ربيع الأول.
الحادي عشر: يوم النيروز.
الثاني عشر: يوم التاسع من ربيع الأول.
الثالث عشر: يوم دحو الأرض، وهو الخامس والعشرين من
ذي القعدة.
الرابع عشر: كل ليلة من ليالي الجمعة على ما قيل، بل في كل زمان
شريف على ما قاله بعضهم، ولا بأس بهما لا بقصد الورود.
(مسألة 19): لا قضاء للأغسال الزمانية إذا جاز وقتها، كما لا تتقدم
على زمانها مع خوف عدم التمكن منها في وقتها إلا غسل الجمعة
كما مر، لكن عن المفيد استحباب قضاء غسل يوم عرفة في الأضحى،
وعن الشهيد استحباب قضائها أجمع، وكذا تقديمها مع خوف عدم
152

التمكن منها في وقتها، ووجه الأمرين غير واضح (1) لكن لا بأس بهما
لا بقصد الورود.
(مسألة 20): ربما قيل بكون الغسل مستحبا نفسيا فيشرع الإتيان به
في كل زمان من غير نظر إلى سبب أو غاية، ووجهه (2) غير واضح،
ولا بأس به لا بقصد الورود.
فصل
في الأغسال المكانية
أي الذي يستحب عند إرادة الدخول في مكان، وهي الغسل لدخول
حرم مكة، وللدخول فيها ولدخول مسجدها وكعبتها. ولدخول حرم
المدينة، وللدخول فيها، ولدخول مسجد النبي (صلى الله عليه وآله)، وكذا للدخول في
سائر المشاهد (3) المشرفة للأئمة (عليهم السلام).
ووقتها قبل الدخول عند إرادته، ولا يبعد استحبابها (4) بعد الدخول
للكون فيها إذا لم يغتسل قبله، كما لا يبعد كفاية غسل واحد (5) في أول
اليوم، أو أول الليل للدخول إلى آخره، بل لا يبعد عدم الحاجة إلى
التكرار مع التكرر، كما أنه لا يبعد جواز التداخل أيضا فيما لو أراد
153

دخول الحرم ومكة والمسجد والكعبة في ذلك اليوم، فيغتسل غسلا
واحدا للجميع، وكذا بالنسبة إلى المدينة وحرمها ومسجدها.
(مسألة 1): حكي عن بعض العلماء استحباب الغسل عند إرادة الدخول
في كل مكان شريف، ووجهه غير واضح، ولا بأس به لا بقصد الورود.
فصل
في الأغسال الفعلية (1)
وقد مر أنها قسمان:
القسم الأول: ما يكون مستحبا لأجل الفعل الذي يريد أن يفعله،
وهي أغسال:
أحدها: للإحرام وعن بعض العلماء وجوبه.
الثاني: للطواف سواء كان طواف الحج أو العمرة أو طواف النساء،
بل للطواف المستحب أيضا.
الثالث: للوقوف بعرفات.
الرابع: للوقوف بالمشعر.
الخامس: للذبح والنحر.
السادس: للحلق، وعن بعضهم استحبابه لرمي الجمار أيضا.
السابع: لزيارة أحد المعصومين (عليهم السلام) من قريب أو بعيد.
الثامن: لرؤية أحد الأئمة (عليهم السلام) في المنام كما نقل عن موسى بن
جعفر (عليهما السلام) أنه إذا أراد ذلك يغتسل ثلاث ليال ويناجيهم فيراهم
في المنام.
154

التاسع: لصلاة الحاجة، بل لطلب الحاجة مطلقا.
العاشر: لصلاة الاستخارة، بل للاستخارة مطلقا، ولو من غير صلاة.
الحادي عشر: لعمل الاستفتاح المعروف بعمل أم داود.
الثاني عشر: لأخذ تربة قبر الحسين (عليه السلام).
الثالث عشر: لإرادة السفر خصوصا لزيارة الحسين (عليه السلام).
الرابع عشر: لصلاة الاستسقاء، بل له مطلقا.
الخامس عشر: للتوبة من الكفر الأصلي أو الارتدادي، بل من
الفسق، بل من الصغيرة أيضا على وجه.
السادس عشر: للتظلم والاشتكاء إلى الله تعالى من ظلم ظالم، ففي
الحديث عن الصادق (عليه السلام) ما مضمونه: إذا ظلمك أحد فلا تدع عليه، فإن
المظلوم قد يصير ظالما بالدعاء على من ظلمه، لكن اغتسل وصل
ركعتين تحت السماء، ثم قل: " اللهم إن فلان بن فلان ظلمني وليس لي
أحد أصول به عليه غيرك، فاستوف لي ظلامتي الساعة الساعة بالاسم
الذي إذا سألك به المضطر أجبته فكشفت ما به من ضر، ومكنت له في
الأرض، وجعلته خليفتك على خلقك فأسألك أن تصلي على محمد
وآل محمد، وأن تستوفي ظلامتي، الساعة الساعة " فسترى ما تحب.
السابع عشر: للأمن من الخوف من ظالم، فيغتسل ويصلي ركعتين،
ويحسر عن ركبتيه، ويجعلهما قريبا من مصلاه، ويقول مائة مرة:
" يا حي، يا قيوم، يا حي لا إله إلا أنت، برحمتك أستغيث، فصل على
محمد وآل محمد، وأغثني الساعة الساعة " ثم يقول: " أسألك أن
تصلي على محمد وآل محمد وأن تلطف بي وأن تغلب لي، وأن
تمكر لي، وأن تخدع لي، وأن تكفيني مؤنة فلان بن فلان بلا مؤنة "
155

وهذا دعاء النبي (صلى الله عليه وآله) يوم أحد.
الثامن عشر: لدفع النازلة يصوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس
عشر، وعند الزوال من الأخير يغتسل.
التاسع عشر: للمباهلة مع من يدعي باطلا.
العشرون: لتحصيل النشاط للعبادة أو لخصوص صلاة الليل، فعن
فلاح السائل أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يغتسل في الليالي الباردة لأجل
تحصيل النشاط لصلاة الليل.
الحادي والعشرون: لصلاة الشكر.
الثاني والعشرون: لتغسيل الميت ولتكفينه.
الثالث والعشرون: للحجامة على ما قيل، ولكن قيل: إنه لا دليل
عليه، ولعله مصحف الجمعة.
الرابع والعشرون: لإرادة العود إلى الجماع، لما نقل عن الرسالة
الذهبية أن الجماع بعد الجماع بدون الفصل بالغسل يوجب جنون الولد،
لكن يحتمل أن يكون المراد غسل الجنابة (1)، بل هو الظاهر.
الخامس والعشرون: الغسل لكل عمل يتقرب به إلى الله، كما حكي
عن ابن الجنيد، ووجهه غير معلوم، وإن كان الإتيان به لا بقصد الورود
لا بأس به.
القسم الثاني: ما يكون مستحبا لأجل الفعل الذي فعله، وهي أيضا
أغسال:
أحدها: غسل التوبة على ما ذكره بعضهم من أنه من جهة المعاصي
156

التي ارتكبها، أو بناء على أنه بعد الندم الذي هو حقيقة التوبة، لكن
الظاهر أنه من القسم الأول كما ذكر هناك، وهذا هو الظاهر من الأخبار
ومن كلمات العلماء، ويمكن أن يقال إنه ذو جهتين، فمن حيث إنه بعد
المعاصي وبعد الندم يكون من القسم الثاني، ومن حيث إن تمام التوبة
بالاستغفار يكون من القسم الأول، وخبر مسعدة بن زياد في خصوص
استماع الغناء في الكنيف، وقول الإمام (عليه السلام) له في آخر الخبر: " قم
فاغتسل فصل ما بدا لك " يمكن توجيهه بكل من الوجهين، والأظهر أنه
لسرعة قبول التوبة أو لكمالها.
الثاني: الغسل لقتل الوزغ، ويحتمل أن يكون للشكر على توفيقه
لقتله، حيث إنه حيوان خبيث، والأخبار في ذمه من الطرفين كثيرة، ففي
النبوي (صلى الله عليه وآله): " اقتلوا الوزغ ولو في جوف الكعبة " وفي آخر: " من قتله
فكأنما قتل شيطانا " ويحتمل أن يكون لأجل حدوث قذارة من
المباشرة لقتله.
الثالث: غسل المولود، وعن الصدوق وابن حمزة وجوبه، لكنه
ضعيف، ووقته من حين الولادة حينا عرفيا، فالتأخير إلى يومين
بل ثلاثة لا يضر، وقد يقال ببقائه إلى سبعة أيام، وربما قيل: ببقائه إلى
آخر العمر. والأولى الإتيان به على تقدير التأخير عن الحين العرفي
بعنوان الرجاء واحتمال المطلوبية.
الرابع: الغسل لرؤية المصلوب، وقد ذكروا أن استحبابه مشروط
بأمرين:
أحدهما: أن يمشي لينظر إليه متعمدا، فلو اتفق نظره أو كان مجبورا
لا يستحب.
157

الثاني: أن يكون بعد ثلاثة أيام إذا كان مصلوبا بحق لا قبلها،
بخلاف ما إذا كان مصلوبا بظلم، فإنه يستحب معه مطلقا ولو كان في
اليومين الأولين. لكن الدليل على الشرط الثاني غير معلوم إلا دعوى
الانصراف وهي محل منع، نعم الشرط الأول ظاهر الخبر، وهو: " من
قصد إلى مصلوب فنظر إليه وجب عليه الغسل عقوبة " والظاهر من الخبر
إن مشى إليه لغرض صحيح كأداء الشهادة أو تحملها لا يثبت في حقه
الغسل.
الخامس: غسل من فرط في صلاة الكسوفين مع احتراق القرص،
أي تركها عمدا، فإنه يستحب أن يغتسل ويقضيها، وبعضهم حكم
بوجوبه، والأقوى عدم الوجوب (1) وإن كان الأحوط عدم تركه،
والظاهر أنه مستحب نفسي بعد التفريط المذكور، ولكن يحتمل أن
يكون لأجل القضاء، كما هو مذهب جماعة، فالأولى الإتيان به بقصد
القربة، بلا ملاحظة سبب أو غاية، وإذا لم يكن الترك عن تفريط أو لم
يكن القرص محترقا لا يكون مستحبا وإن قيل باستحبابه مع التعمد
مطلقا، وقيل باستحبابه مع احتراق القرص مطلقا.
السادس: غسل المرأة إذا تطيبت لغير زوجها، ففي الخبر: " أيما
امرأة تطيبت لغير زوجها لم تقبل منها صلاة حتى تغتسل من طيبها
كغسلها من جنابتها " واحتمال كون المراد: غسل الطيب من بدنها كما
عن صاحب الحدائق بعيد ولا داعي إليه.
158

السابع: غسل من شرب مسكرا فنام، ففي الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله)
ما مضمونه: " ما من أحد نام على سكر إلا وصار عروسا للشيطان إلى
الفجر، فعليه أن يغتسل غسل الجنابة ".
الثامن: غسل من مس ميتا بعد غسله.
(مسألة 1): حكي عن المفيد استحباب الغسل لمن صب عليه ماء
مظنون النجاسة، ولا وجه له.
وربما يعد من الأغسال المسنونة غسل المجنون إذا أفاق، ودليله
غير معلوم، وربما يقال إنه من جهة احتمال جنابته حال جنونه، لكن
على هذا يكون من غسل الجنابة الاحتياطية، فلا وجه لعدها منها، كما
لا وجه لعد إعادة الغسل لذوي الأعذار المغتسلين حال العذر غسلا
ناقصا مثل الجبيرة، وكذا عد غسل من رأى الجنابة في الثوب المشترك
احتياطا فإن هذه ليست من الأغسال المسنونة.
(مسألة 2): وقت الأغسال المكانية كما مر سابقا قبل الدخول فيها
أو بعده لإرادة البقاء على وجه، ويكفي الغسل في أول اليوم ليومه، وفي
أول الليل لليلته، بل لا يخلو كفاية (1) غسل الليل للنهار وبالعكس من
قوة، وإن كان دون الأول في الفضل، وكذا القسم الأول من الأغسال
الفعلية وقتها قبل الفعل على الوجه المذكور، وأما القسم الثاني منها
فوقتها بعد تحقق الفعل إلى آخر العمر، وإن كان الظاهر اعتبار اتيانها
فورا ففورا.
(مسألة 3): ينتقض الأغسال الفعلية من القسم الأول، والمكانية
159

بالحدث الأصغر من أي سبب كان، حتى من النوم على الأقوى،
ويحتمل عدم انتقاضها بها مع استحباب إعادتها كما عليه بعضهم، لكن
الظاهر ما ذكرنا.
(مسألة 4): الأغسال المستحبة لا تكفي عن الوضوء (1) فلو كان محدثا
يجب أن يتوضأ للصلاة ونحوها قبلها أو بعدها، والأفضل قبلها، ويجوز
إتيانه في أثنائها إذا جئ بها ترتيبيا.
(مسألة 5): إذا كان عليه أغسال متعددة زمانية أو مكانية أو فعلية
أو مختلفة يكفي غسل واحد عن الجميع إذا نواها جميعا، بل لا يبعد (2)
كون التداخل قهريا، لكن يشترط (3) في الكفاية القهرية أن يكون
160

ما قصده معلوم المطلوبية، لا ما كان يؤتى به بعنوان احتمال المطلوبية،
لعدم معلومية كونه غسلا صحيحا، حتى يكون مجزيا عما هو معلوم
المطلوبية.
(مسألة 6): نقل عن جماعة كالمفيد والمحقق والعلامة والشهيد
والمجلسي استحباب الغسل نفسا، ولو لم يكن هناك غاية مستحبة
أو مكان أو زمان، ونظرهم في ذلك إلى مثل قوله: " إن الله يحب
التوابين ويحب المتطهرين " وقوله: " إن استطعت أن تكون بالليل
والنهار على طهارة فافعل " وقوله: " أي وضوء أطهر من الغسل "
" وأي وضوء أنقى من الغسل " ومثل ما ورد من استحباب الغسل
بماء الفرات من دون ذكر سبب أو غاية إلى غير ذلك، لكن إثبات
المطلب بمثلها مشكل (1).
(مسألة 7): يقوم التيمم مقام الغسل (2) في جميع ما ذكر عند عدم
التمكن منه.
161

فصل
في التيمم
ويسوغه العجز (1) عن استعمال الماء، وهو يتحقق بأمور:
أحدها: عدم وجدان الماء بقدر الكفاية للغسل أو الوضوء في سفر
كان أو حضر، ووجدان المقدار الغير الكافي كعدمه، ويجب الفحص عنه
إلى اليأس إذا كان في الحضر، وفي البرية يكفي الطلب غلوة سهم في
الحزنة ولو لأجل الأشجار، وغلوة سهمين في السهلة في الجوانب
الأربع (2) بشرط احتمال وجود الماء في الجميع، ومع العلم بعدمه في
بعضها يسقط فيه، ومع العلم بعدمه في الجميع يسقط في الجميع، كما أنه
لو علم وجوده فوق المقدار (3) وجب طلبه مع بقاء الوقت (4)، وليس الظن
به كالعلم في وجوب الأزيد، وإن كان أحوط خصوصا إذا كان بحد
الاطمئنان، بل لا يترك في هذه الصورة (5) فيطلب إلى أن يزول ظنه،
162

ولا عبرة بالاحتمال في الأزيد.
(مسألة 1): إذا شهد عدلان بعدم الماء في جميع الجوانب أو بعضها
سقط وجوب الطلب فيها أو فيه، وإن كان الأحوط عدم الاكتفاء (1) وفي
الاكتفاء بالعدل الواحد إشكال (2) فلا يترك الاحتياط بالطلب.
(مسألة 2): الظاهر وجوب الطلب في الأزيد من المقدارين (3)
إذا شهد عدلان بوجوده في الأزيد (4) ولا يترك الاحتياط في شهادة
عدل واحد به (5).
(مسألة 3): الظاهر كفاية الاستنابة في الطلب (6)، وعدم وجوب
163

المباشرة، بل لا يبعد كفاية نائب واحد عن جماعة، ولا يلزم كونه عادلا
بعد كونه أمينا موثقا.
(مسألة 4): إذا احتمل وجود الماء في رحله أو في منزله أو في القافلة
وجب الفحص (1) حتى يتيقن العدم، أو يحصل اليأس منه، فكفاية
المقدارين خاص بالبرية.
(مسألة 5): إذا طلب قبل دخول وقت الصلاة ولم يجد ففي كفايته بعد
دخول الوقت مع احتمال العثور عليه (2) لو أعاده إشكال (3) فلا يترك
164

الاحتياط بالإعادة (1) وأما مع انتقاله عن ذلك المكان فلا إشكال في
وجوبه مع الاحتمال المذكور.
(مسألة 6): إذا طلب بعد دخول الوقت لصلاة فلم يجد يكفي لغيرها
من الصلوات فلا يجب الإعادة عند كل صلاة، إن لم يحتمل العثور (2)
مع الإعادة، وإلا فالأحوط الإعادة (3).
(مسألة 7): المناط في السهم والرمي (4) والقوس والهواء والرامي هو
المتعارف المعتدل الوسط في القوة والضعف.
(مسألة 8): يسقط وجوب الطلب في ضيق الوقت (5).
165

(مسألة 9): إذا ترك الطلب حتى ضاق الوقت عصى، لكن الأقوى
صحة صلاته حينئذ، وإن علم أنه لو طلب لعثر، لكن الأحوط القضاء
خصوصا في الفرض المذكور.
(مسألة 10): إذا ترك الطلب في سعة الوقت وصلى بطلت صلاته وإن
تبين عدم وجود الماء، نعم لو حصل منه قصد القربة (1) مع تبين عدم
الماء (2) فالأقوى صحتها (3).
(مسألة 11): إذا طلب الماء بمقتضى وظيفته فلم يجد فتيمم وصلى ثم
تبين وجوده في محل الطلب من الغلوة أو الغلوتين أو الرحل أو القافلة
صحت صلاته (4) ولا يجب القضاء أو الإعادة (5).
(مسألة 12): إذا اعتقد ضيق الوقت عن الطلب فتركه وتيمم وصلى
ثم تبين سعة الوقت لا يبعد صحة صلاته (6) وإن كان الأحوط الإعادة
166

أو القضاء (1) بل لا يترك الاحتياط بالإعادة (2) وأما إذا ترك الطلب
167

باعتقاد عدم الماء فتبين وجوده، وأنه لو طلب لعثر فالظاهر وجوب
الإعادة أو القضاء.
(مسألة 13): لا يجوز إراقة الماء (1) الكافي للوضوء أو الغسل بعد
دخول الوقت إذا علم بعدم وجدان ماء آخر (2) ولو كان على وضوء
لا يجوز له إبطاله (3) إذا علم بعدم وجود الماء، بل الأحوط عدم
الإراقة (4) وعدم الإبطال قبل الوقت أيضا (5) مع العلم بعدم وجدانه بعد
168

الوقت، ولو عصى فأراق أو أبطل يصح تيممه وصلاته، وإن كان
الأحوط القضاء.
(مسألة 14): يسقط وجوب الطلب إذا خاف على نفسه أو ماله (1) من
لص أو سبع أو نحو ذلك كالتأخر عن القافلة، وكذا إذا كان فيه حرج
ومشقة لا تتحمل.
(مسألة 15): إذا كانت الأرض في بعض الجوانب حزنة وفي بعضها
سهلة يلحق كلا حكمه من الغلوة والغلوتين (2).
الثاني: عدم الوصلة إلى الماء الموجود لعجز من كبر أو خوف من
سبع أو لص، أو لكونه في بئر مع عدم ما يستقى به من الدلو والحبل،
وعدم إمكان إخراجه بوجه آخر، ولو بإدخال ثوب (3) وإخراجه بعد
جذبه الماء وعصره.
(مسألة 16): إذا توقف تحصيل الماء على شراء الدلو أو الحبل أو
نحوهما أو استئجارهما أو على شراء الماء أو اقتراضه وجب ولو
بأضعاف العوض ما لم يضر بحاله، وأما إذا كان مضرا بحاله فلا، كما أنه
لو أمكنه اقتراض نفس الماء أو عوضه مع العلم أو الظن بعدم إمكان
الوفاء لم يجب ذلك (4).
169

(مسألة 17): لو أمكنه حفر البئر بلا حرج وجب (1) كما أنه لو وهبه
غيره بلا منة (2) ولا ذلة وجب القبول.
الثالث: الخوف من استعماله على نفسه، أو عضو من أعضائه بتلف
أو عيب أو حدوث مرض أو شدته أو طول مدته أو بطؤ برئه
أو صعوبة علاجه أو نحو ذلك مما يعسر تحمله عادة، بل لو خاف من
الشين الذي يكون تحمله شاقا (3) تيمم، والمراد به ما يعلو البشرة من
الخشونة المشوهة للخلقة، أو الموجبة لتشقق الجلد، وخروج الدم،
ويكفي الظن بالمذكورات، أو الاحتمال (4) الموجب للخوف، سواء
حصل له من نفسه أو قول طبيب أو غيره، وإن كان فاسقا أو كافرا،
ولا يكفي الاحتمال المجرد عن الخوف، كما أنه لا يكفي الضرر اليسير
الذي لا يعتني به العقلاء، وإذا أمكن علاج المذكورات بتسخين الماء
وجب ولم ينتقل إلى التيمم.
170

(مسألة 18): إذا تحمل الضرر وتوضأ أو اغتسل فإن كان الضرر في
المقدمات من تحصيل الماء ونحوه وجب الوضوء أو الغسل وصح، وإن
كان في استعمال الماء في أحدهما بطل (1) وأما إذا لم يكن استعمال
الماء مضرا بل كان موجبا للحرج والمشقة كتحمل ألم البرد أو الشين
مثلا فلا يبعد الصحة (2) وإن كان يجوز معه التيمم، لأن نفي الحرج من
باب الرخصة لا العزيمة (3) ولكن الأحوط ترك الاستعمال (4) وعدم
الاكتفاء به على فرضه فيتيمم أيضا.
(مسألة 19): إذا تيمم باعتقاد الضرر أو خوفه فتبين عدمه صح
تيممه (5) وصلاته (6). نعم لو تبين قبل الدخول في الصلاة وجب الوضوء
171

أو الغسل. وإذا توضأ أو اغتسل باعتقاد عدم الضرر ثم تبين وجوده
صح، لكن الأحوط مراعاة الاحتياط في الصورتين (1). وأما إذا توضأ أو
اغتسل مع اعتقاد الضرر أو خوفه لم يصح، وإن تبين عدمه (2) كما أنه إذا
تيمم مع اعتقاد عدم الضرر لم يصح وإن تبين وجوده (3).
(مسألة 20): إذا أجنب عمدا مع العلم بكون استعمال الماء مضرا
172

وجب التيمم وصح عمله، لكن لما ذكر بعض العلماء وجوب الغسل في
الصورة المفروضة وإن كان مضرا (1) فالأولى الجمع بينه وبين التيمم (2)
بل الأولى مع ذلك إعادة الغسل والصلاة بعد زوال العذر.
173

(مسألة 21): لا يجوز للمتطهر بعد دخول الوقت إبطال وضوئه
بالحدث الأصغر إذا لم يتمكن من الوضوء بعده (1) كما مر، لكن يجوز له
الجماع مع عدم إمكان الغسل (2) والفارق وجود النص في الجماع، ومع
ذلك الأحوط تركه أيضا.
الرابع: الحرج في تحصيل الماء أو في استعماله (3) وإن لم يكن ضرر
أو خوفه.
الخامس: الخوف من استعمال الماء (4) على نفسه أو أولاده وعياله
أو بعض متعلقيه أو صديقه فعلا أو بعد ذلك من التلف بالعطش
أو حدوث مرض (5) بل أو حرج أو مشقة لا تتحمل، ولا يعتبر العلم
174

بذلك، بل ولا الظن، بل يكفي احتمال (1) يوجب الخوف حتى إذا كان
موهوما (2) فإنه قد يحصل الخوف مع الوهم إذا كان المطلب عظيما،
فيتيمم حينئذ وكذا إذا خاف على دوابه أو على نفس محترمة، وإن
لم تكن مرتبطة به (3).
175

وأما الخوف على غير المحترم كالحربي والمرتد الفطري ومن
وجب قتله في الشرع فلا يسوغ التيمم، كما أن غير المحترم الذي
لا يجب قتله بل يجوز كالكلب العقور والخنزير والذئب ونحوها
لا يوجبه، وإن كان الظاهر جوازه (1).
ففي بعض صور خوف العطش يجب حفظ الماء وعدم استعماله
كخوف تلف النفس أو الغير ممن يجب حفظه، وكخوف حدوث
مرض (2) ونحوه، وفي بعضها يجوز حفظه ولا يجب مثل تلف النفس
المحترمة التي لا يجب حفظها (3) وإن كان لا يجوز قتلها (4) أيضا،
176

وفي بعضها يحرم حفظه، بل يجب استعماله في الوضوء أو الغسل، كما
في النفوس التي يجب إتلافها، ففي الصورة الثالثة لا يجوز التيمم، وفي
الثانية يجوز (1) ويجوز الوضوء أو الغسل أيضا، وفي الأولى يجب
ولا يجوز الوضوء أو الغسل.
(مسألة 22): إذا كان معه ماء طاهر يكفي لطهارته وماء نجس بقدر
حاجته إلى شربه لا يكفي في عدم الانتقال إلى التيمم، لأن وجود الماء
النجس حيث إنه يحرم شربه كالعدم فيجب التيمم وحفظ الماء الطاهر
لشربه.
نعم لو كان الخوف على دابته لا على نفسه يجب عليه الوضوء
أو الغسل وصرف الماء النجس في حفظ دابته، بل وكذا إذا خاف
على طفل من العطش (2) فإنه لا دليل على حرمة إشرابه الماء
177

المتنجس (1) وأما لو فرض شرب الطفل بنفسه فالأمر أسهل، فيستعمل
الماء الطاهر في الوضوء مثلا، ويحفظ الماء النجس ليشربه الطفل،
بل يمكن أن يقال: إذا خاف على رفيقه أيضا يجوز التوضي (2) وإبقاء
الماء النجس لشربه فإنه لا دليل على وجوب رفع اضطرار الغير من
شرب النجس، نعم لو كان رفيقه عطشانا فعلا لا يجوز إعطاؤه (3) الماء
النجس ليشرب مع وجود الماء الطاهر، كما أنه لو باشر الشرب بنفسه
لا يجب منعه (4).
السادس: إذا عارض استعمال الماء في الوضوء أو الغسل واجب
أهم (5) كما إذا كان بدنه أو ثوبه نجسا ولم يكن عنده من الماء إلا بقدر
178

أحد الأمرين من رفع الحدث أو الخبث، ففي هذه الصورة يجب
استعماله في رفع الخبث (1) ويتيمم، لأن الوضوء له بدل (2) وهو التيمم،
بخلاف رفع الخبث، مع أنه منصوص في بعض صوره، والأولى (3)
أن يرفع الخبث أولا، ثم يتيمم ليتحقق كونه فاقدا للماء حال التيمم.
وإذا توضأ أو اغتسل حينئذ بطل (4) لأنه مأمور بالتيمم ولا أمر بالوضوء
أو الغسل، نعم لو لم يكن عنده ما يتيمم به أيضا يتعين صرفه في رفع
الحدث، لأن الأمر يدور بين الصلاة مع نجاسة البدن أو الثوب أو مع
179

الحدث وفقد الطهورين، فمراعاة رفع الحدث أهم، مع أن الأقوى بطلان
صلاة فاقد الطهورين (1) فلا ينفعه رفع الخبث حينئذ.
(مسألة 23): إذا كان معه ما يكفيه لوضوئه أو غسل بعض مواضع
النجس من بدنه أو ثوبه بحيث لو تيمم أيضا يلزم الصلاة مع النجاسة،
ففي تقديم رفع الخبث حينئذ على رفع الحدث إشكال (2) بل لا يبعد تقديم
الثاني (3). نعم لو كان بدنه وثوبه كلاهما نجسان وكان معه من الماء ما
يكفي لأحد الأمور من الوضوء أو تطهير البدن أو الثوب ربما يقال (4)
180

بتقديم تطهير البدن والتيمم والصلاة مع نجاسة الثوب أو عريانا على
اختلاف القولين، ولا يخلو ما ذكره من وجه (1).
(مسألة 24): إذا دار أمره بين ترك الصلاة في الوقت أو شرب الماء
النجس كما إذا كان معه ما يكفي لوضوئه من الماء الطاهر وكان معه ماء
نجس بمقدار حاجته لشربه، ومع ذلك لم يكن معه ما يتيمم به بحيث
لو شرب الماء الطاهر بقي فاقد الطهورين ففي تقديم أيهما إشكال (2).
181

(مسألة 25): إذا كان معه ما يمكن تحصيل أحد الأمرين من ماء
الوضوء أو الساتر لا يبعد ترجيح الساتر (1) والانتقال إلى التيمم، لكن
لا يخلو عن إشكال (2) والأولى صرفه في تحصيل الساتر أولا ليتحقق
كونه فاقد الماء ثم يتيمم، وإذا دار الأمر بين تحصيل الماء أو القبلة ففي
تقديم أيهما إشكال (3).
السابع: ضيق الوقت عن استعمال الماء بحيث لزم من الوضوء
أو الغسل خروج وقت الصلاة، ولو كان لوقوع جزء منها خارج
182

الوقت (1) وربما يقال: إن المناط عدم إدراك ركعة منها في الوقت، فلو
دار الأمر بين التيمم وإدراك تمام الوقت أو الوضوء وإدراك ركعة أو أزيد
قدم الثاني، لأن من أدرك ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت، لكن
الأقوى ما ذكرنا (2) والقاعدة مختصة بما إذا لم يبق من الوقت فعلا إلا
مقدار ركعة، فلا تشمل ما إذا بقي بمقدار تمام الصلاة ويؤخرها إلى أن
يبقى مقدار ركعة، فالمسألة من باب الدوران بين مراعاة الوقت ومراعاة
الطهارة المائية، والأول أهم، ومن المعلوم أن الوقت معتبر في تمام أجزاء
الصلاة، فمع استلزام الطهارة المائية خروج جزء من أجزائها خارج
الوقت لا يجوز تحصيلها، بل ينتقل إلى التيمم، لكن الأحوط القضاء مع
ذلك خصوصا إذا استلزم وقوع جزء من الركعة خارج الوقت.
183

(مسألة 26): إذا كان واجدا للماء وأخر الصلاة عمدا إلى أن ضاق
الوقت عصى، ولكن يجب عليه التيمم والصلاة، ولا يلزم القضاء وإن
كان الأحوط احتياطا شديدا.
(مسألة 27): إذا شك في ضيق الوقت وسعته بنى على البقاء وتوضأ
أو اغتسل (1) وأما إذا علم ضيقه (2) وشك في كفايته لتحصيل الطهارة
والصلاة وعدمها وخاف الفوت إذا حصلها فلا يبعد الانتقال إلى
التيمم (3). والفرق بين الصورتين (4) أن في الأولى يحتمل سعة الوقت،
184

وفي الثانية (1) يعلم ضيقه، فيصدق خوف الفوت فيها دون الأولى.
والحاصل أن المجوز للانتقال إلى التيمم خوف الفوت (2) الصادق في
الصورة الثانية دون الأولى.
(مسألة 28): إذا لم يكن عنده الماء وضاق الوقت عن تحصيله مع
قدرته عليه بحيث استلزم خروج الوقت ولو في بعض أجزاء الصلاة
انتقل أيضا إلى التيمم، وهذه الصورة أقل إشكالا من الصورة السابقة،
وهي ضيقه عن استعماله مع وجوده لصدق عدم الوجدان في هذه
الصورة، بخلاف السابقة (3) بل يمكن أن يقال: بعدم الإشكال أصلا
185

فلا حاجة إلى الاحتياط بالقضاء هنا (1).
(مسألة 29): من كانت وظيفته التيمم من جهة ضيق الوقت عن
استعمال الماء إذا خالف وتوضأ أو اغتسل بطل (2) لأنه ليس مأمورا
بالوضوء لأجل تلك الصلاة، هذا إذا قصد الوضوء لأجل تلك الصلاة،
وأما إذا توضأ بقصد غاية أخرى من غاياته أو بقصد الكون على الطهارة
صح على ما هو الأقوى من أن الأمر بالشئ (3) لا يقتضي النهي عن
ضده. ولو كان جاهلا بالضيق وأن وظيفته التيمم فتوضأ فالظاهر أنه
كذلك فيصح إن كان قاصدا لإحدى الغايات الأخر، ويبطل إن قصد
الأمر المتوجه إليه من قبل تلك الصلاة (4).
186

(مسألة 30): التيمم لأجل الضيق مع وجدان الماء لا يبيح إلا الصلاة التي
ضاق وقتها فلا ينفع لصلاة أخرى غير تلك الصلاة، ولو صار فاقدا للماء
حينها بل لو فقد الماء في أثناء الصلاة الأولى أيضا لا تكفي لصلاة أخرى (1)
بل لا بد من تجديد التيمم لها، وإن كان يحتمل الكفاية في هذه الصورة (2).
(مسألة 31): لا يستباح بالتيمم (3) لأجل الضيق غير تلك الصلاة
187

من الغايات الأخر حتى في حال الصلاة (1) فلا يجوز له مس كتابة
القرآن ولو في حال الصلاة (2) وكذا لا يجوز له قراءة العزائم إن كان بدلا
عن الغسل، فصحته واستباحته مقصورة على خصوص تلك الصلاة (3).
(مسألة 32): يشترط في الانتقال إلى التيمم ضيق الوقت عن واجبات
الصلاة فقط، فلو كان كافيا لها دون المستحبات وجب الوضوء
والاقتصار عليها، بل لو لم يكف لقراءة السورة تركها وتوضأ، لسقوط
وجوبها في ضيق الوقت (4).
188

(مسألة 33): في جواز التيمم لضيق الوقت عن المستحبات الموقتة
إشكال (1) فلو ضاق وقت صلاة الليل مع وجود الماء والتمكن من
استعماله يشكل الانتقال إلى التيمم (2).
(مسألة 34): إذا توضأ باعتقاد سعة الوقت فبان ضيقه فقد مر أنه إن
كان وضوؤه بقصد الأمر المتوجه إليه من قبل تلك الصلاة بطل (3) لعدم
الأمر به، وإذا أتى به بقصد غاية أخرى أو الكون على الطهارة صح، وكذا
إذا قصد المجموع من الغايات التي يكون مأمورا بالوضوء فعلا لأجلها،
وأما لو تيمم باعتقاد الضيق فبان سعته بعد الصلاة فالظاهر وجوب
إعادتها (4) وإن تبين قبل الشروع فيها وكان الوقت واسعا توضأ وجوبا،
189

وإن لم يكن واسعا فعلا بعد ما كان واسعا أولا وجب إعادة التيمم (1).
الثامن: عدم إمكان استعمال الماء لمانع شرعي، كما إذا كان الماء في
آنية الذهب أو الفضة (2) وكان ظرفه منحصرا فيها بحيث لا يمكن تفريغه
في ظرف آخر، أو كان في إناء مغصوب كذلك فإنه ينتقل إلى التيمم (3)
وكذا إذا كان محرم الاستعمال من جهة أخرى.
(مسألة 35): إذا كان جنبا ولم يكن عنده ماء وكان موجودا في
المسجد فإن أمكنه أخذ الماء بالمرور وجب ولم ينتقل إلى التيمم، وإن
لم يكن له آنية لأخذ الماء أو كان عنده ولكن لم يمكن أخذ الماء إلا
بالمكث، فإن أمكنه الاغتسال فيه بالمرور وجب ذلك، وإن لم يمكن
ذلك أيضا، أو كان الماء في أحد المسجدين أعني المسجد الحرام
190

أو مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) فالظاهر وجوب التيمم لأجل الدخول في المسجد،
وأخذ الماء أو الاغتسال فيه (1) وهذا التيمم إنما يبيح خصوص هذا
الفعل، أي الدخول والأخذ أو الدخول والاغتسال، ولا يرد الاشكال بأنه
يلزم من صحته بطلانه، حيث إنه يلزم منه كونه واجدا للماء فيبطل
كما لا يخفى (2).
(مسألة 36): لا يجوز التيمم مع التمكن من استعمال الماء إلا في
موضعين:
أحدهما: لصلاة الجنازة فيجوز مع التمكن من الوضوء أو الغسل
على المشهور مطلقا (3) لكن القدر المتيقن صورة خوف فوت الصلاة منه
191

لو أراد أن يتوضأ أو يغتسل، نعم لما كان الحكم استحبابيا يجوز أن
يتيمم مع عدم خوف الفوت أيضا، لكن برجاء المطلوبية لا بقصد الورود
والمشروعية.
الثاني: للنوم فإنه يجوز أن يتيمم مع إمكان الوضوء أو الغسل على
المشهور أيضا مطلقا (1) وخص بعضهم بخصوص الوضوء، ولكن القدر
المتيقن من هذا أيضا صورة خاصة، وهي ما إذا آوى إلى فراشه فتذكر
أنه ليس على وضوء فيتيمم من دثاره، لا أن يتيمم قبل دخوله في
فراشه متعمدا مع إمكان الوضوء، نعم هنا أيضا لا بأس به لا بعنوان
الورود، بل برجاء المطلوبية، حيث إن الحكم استحبابي.
وذكر بعضهم موضعا ثالثا وهو ما لو احتلم في أحد المسجدين،
فإنه يجب أن يتيمم للخروج وإن أمكنه الغسل، لكنه مشكل، بل المدار
على أقلية زمان التيمم، أو زمان الغسل أو زمان الخروج (2) حيث إن
الكون في المسجدين جنبا حرام، فلا بد من اختيار ما هو أقل زمانا من
الأمور الثلاثة، فإذا كان زمان التيمم أقل من زمان الغسل يدخل تحت
ما ذكرنا في مسوغات التيمم من أن من موارده ما إذا كان هناك مانع
شرعي من استعمال الماء، فإن زيادة الكون في المسجدين جنبا مانع
شرعي من استعمال الماء.
(مسألة 37): إذا كان عنده مقدار من الماء لا يكفيه لوضوئه أو غسله
192

وأمكن تتميمه بخلط شئ من الماء المضاف الذي لا يخرجه عن
الإطلاق، لا يبعد وجوبه (1) وبعد الخلط يجب الوضوء أو الغسل، وإن
قلنا بعدم وجوب الخلط، لصدق وجدان الماء حينئذ.
فصل
في بيان ما يصح التيمم به
يجوز التيمم على مطلق وجه الأرض على الأقوى (2) سواء كان
ترابا أو رملا أو حجرا أو مدرا أو غير ذلك، وإن كان حجر الجص
والنورة قبل الإحراق، وأما بعده فلا يجوز على الأقوى (3) كما أن
الأقوى عدم الجواز بالطين المطبوخ (4) كالخزف والآجر، وإن كان
193

مسحوقا مثل التراب، ولا يجوز على المعادن كالملح والزرنيخ والذهب
والفضة والعقيق ونحوها مما خرج عن اسم الأرض، ومع فقد ما ذكر
من وجه الأرض يتيمم بغبار الثوب أو اللبد أو عرف الدابة ونحوها
مما فيه غبار (1) إن لم يمكن جمعه ترابا بالنفض وإلا وجب ودخل
في القسم الأول، والأحوط اختيار ما غباره أكثر، ومع فقد الغبار
يتيمم بالطين إن لم يمكن تجفيفه، وإلا وجب ودخل في القسم الأول،
فلما يتيمم به مراتب ثلاث: الأولى: الأرض مطلقا غير المعادن،
الثانية: الغبار، الثالثة: الطين (2) ومع فقد الجميع يكون فاقد الطهورين،
والأقوى فيه سقوط الأداء ووجوب القضاء (3) وإن كان الأحوط
194

الأداء أيضا (1) وإذا وجد فاقد الطهورين ثلجا أو جمدا، قال بعض
العلماء بوجوب مسحه على أعضاء الوضوء أو الغسل وإن لم يجر، ومع
عدم إمكانه حكم بوجوب التيمم بهما، ومراعاة هذا القول أحوط (2)
فالأقوى لفاقد الطهورين كفاية القضاء، والأحوط ضم الأداء أيضا،
وأحوط من ذلك مع وجود الثلج المسح به أيضا، هذا كله إذا لم يمكن
إذابة الثلج أو مسحه على وجه يجري (3) وإلا تعين الوضوء أو الغسل
ولا يجوز معه التيمم أيضا.
(مسألة 1): وإن كان الأقوى كما عرفت جواز التيمم بمطلق وجه
الأرض، إلا أن الأحوط (4) مع وجود التراب عدم التعدي عنه، من غير
فرق فيه بين أقسامه من الأبيض والأسود والأصفر والأحمر، كما
195

لا فرق في الحجر والمدر أيضا بين أقسامهما، ومع فقد التراب الأحوط
الرمل ثم المدر (1) ثم الحجر.
(مسألة 2): لا يجوز في حال الاختيار التيمم على الجص المطبوخ
والآجر والخزف والرماد، وإن كان من الأرض (2) لكن في حال الضرورة
بمعنى عدم وجدان التراب والمدر والحجر الأحوط الجمع بين التيمم
بأحد المذكورات ما عدا رماد الحطب ونحوه وبالمرتبة المتأخرة من
الغبار أو الطين، ومع عدم الغبار والطين الأحوط التيمم بأحد
المذكورات والصلاة ثم إعادتها أو قضاؤها.
(مسألة 3): يجوز التيمم حال الاختيار على الحائط المبني بالطين أو
اللبن أو الآجر إذا طلي بالطين (3).
196

(مسألة 4): يجوز التيمم بطين الرأس وإن لم يسحق، وكذا بحجر
الرحى وحجر النار وحجر السن (1) ونحو ذلك، لعدم كونها من المعادن
الخارجة عن صدق الأرض، وكذا يجوز التيمم بطين الأرمني (2).
(مسألة 5): يجوز التيمم على الأرض السبخة إذا صدق كونها أرضا
بأن لم يكن علاها الملح.
(مسألة 6): إذا تيمم بالطين فلصق بيده يجب إزالته أولا (3) ثم
197

المسح بها، وفي جواز إزالته بالغسل إشكال (1).
(مسألة 7): لا يجوز التيمم على التراب الممزوج بغيره من التبن
أو الرماد أو نحو ذلك، وكذا على الطين الممزوج بالتبن، فيشترط فيما
يتيمم به عدم كونه مخلوطا بما لا يجوز التيمم به إلا إذا كان ذلك الغير
مستهلكا.
(مسألة 8): إذا لم يكن عنده إلا الثلج أو الجمد وأمكن إذابته وجب
كما مر، كما أنه إذا لم يكن إلا الطين وأمكنه تجفيفه وجب.
(مسألة 9): إذا لم يكن عنده ما يتيمم به وجب تحصيله ولو بالشراء
أو نحوه.
(مسألة 10): إذا كان وظيفته التيمم بالغبار يقدم ما غباره أزيد (2) كما مر.
(مسألة 11): يجوز التيمم اختيارا على الأرض الندية والتراب الندي (3)
وإن كان الأحوط مع وجود اليابسة تقديمها.
198

(مسألة 12): إذا تيمم بما يعتقد جواز التيمم به فبان خلافه بطل، وإن
صلى به بطلت، ووجبت الإعادة أو القضاء، وكذا لو اعتقد أنه من
المرتبة المتقدمة فبان أنه من المتأخرة مع كون المتقدمة وظيفته.
(مسألة 13): المناط في الطين الذي من المرتبة الثالثة كونه على وجه
يلصق باليد (1) ولذا عبر بعضهم عنه بالوحل، فمع عدم لصوقه يكون من
المرتبة الأولى (2) ظاهرا وإن كان الأحوط تقديم اليابس والندي عليه (3).
فصل
يشترط فيما يتيمم به أن يكون طاهرا، فلو كان نجسا بطل (4) وإن
كان جاهلا بنجاسته أو ناسيا، وإن لم يكن عنده من المرتبة المتقدمة إلا
النجس ينتقل إلى اللاحقة، وإن لم يكن من اللاحقة أيضا إلا النجس كان
فاقد الطهورين، ويلحقه حكمه.
ويشترط أيضا عدم خلطه بما لا يجوز التيمم به كما مر.
ويشترط أيضا إباحته وإباحة مكانه والفضاء الذي يتيمم فيه (5)
199

ومكان المتيمم (1) فيبطل (2) مع غصبية أحد هذه مع العلم والعمد، نعم
لا يبطل مع الجهل أو النسيان (3).
(مسألة 1): إذا كان التراب أو نحوه في آنية الذهب أو الفضة فتيمم به
مع العلم والعمد بطل (4) لأن التيمم بالضرب على التراب فيهما يعد
200

استعمالا لهما عرفا (1).
(مسألة 2): إذا كان عنده ترابان مثلا أحدهما نجس يتيمم بهما (2) كما
أنه إذا اشتبه التراب بغيره يتيمم بهما، وأما إذا اشتبه المباح بالمغصوب
اجتنب عنهما، ومع الانحصار انتقل إلى المرتبة اللاحقة، ومع فقدها
يكون فاقد الطهورين (3) كما إذا انحصر في المغصوب المعين.
(مسألة 3): إذا كان عنده ماء وتراب وعلم بغصبية أحدهما لا يجوز
الوضوء ولا التيمم (4) ومع الانحصار يكون فاقد الطهورين، وأما لو علم
نجاسة أحدهما أو كون أحدهما مضافا يجب عليه مع الانحصار الجمع
بين الوضوء والتيمم (5) وصحت صلاته.
201

(مسألة 4): التراب المشكوك كونه نجسا يجوز التيمم به إلا مع كون
حالته السابقة النجاسة.
(مسألة 5): لا يجوز التيمم بما يشك في كونه ترابا أو غيره (1) مما
لا يتيمم به كما مر، فينتقل إلى المرتبة اللاحقة (2) إن كانت، وإلا
202

فالأحوط الجمع بين التيمم به والصلاة ثم القضاء خارج الوقت أيضا.
(مسألة 6): المحبوس في مكان مغصوب يجوز أن يتيمم فيه على
إشكال (1) لأن هذا المقدار لا يعد تصرفا زائدا، بل لو توضأ بالماء الذي
203

فيه وكان مما لا قيمة له يمكن أن يقال بجوازه (1) والإشكال فيه أشد (2)
والأحوط (3) الجمع فيه بين الوضوء والتيمم والصلاة ثم إعادتها
أو قضاءها بعد ذلك.
204

(مسألة 7): إذا لم يكن عنده من التراب أو غيره مما يتيمم به ما يكفي
لكفيه [معا] يكرر الضرب حتى يتحقق الضرب بتمام الكفين عليه إن
لم يمكن يكتفي بما يمكن ويأتي بالمرتبة المتأخرة (1) أيضا إن كانت
ويصلي، وإن لم تكن فيكتفي به ويحتاط بالإعادة أو القضاء أيضا.
(مسألة 8): يستحب أن يكون على ما يتيمم به غبار يعلق باليد (2) ويستحب
أيضا نفضها بعد الضرب.
(مسألة 9): يستحب أن يكون ما يتيمم به من ربى الأرض وعواليها
لبعدها عن النجاسة.
(مسألة 10): يكره التيمم بالأرض السبخة إذا لم يكن يعلوها الملح،
وإلا فلا يجوز، وكذا يكره بالرمل (3) وكذا بمهابط الأرض، وكذا بتراب
يوطأ، وبتراب الطريق.
فصل
في كيفية التيمم
ويجب فيه أمور (4):
الأول: ضرب باطن اليدين معا دفعة على الأرض فلا يكفي
205

الوضع (1) بدون الضرب، ولا الضرب بإحداهما، ولا بهما على التعاقب (2)
ولا الضرب بظاهرهما حال الاختيار، نعم حال الاضطرار يكفي الوضع،
ومع تعذر ضرب إحداهما يضعها ويضرب بالأخرى، ومع تعذر
الباطن (3) فيهما أو في إحداهما ينتقل إلى الظاهر فيهما أو في إحداهما،
ونجاسة الباطن لا تعد عذرا، فلا ينتقل معها إلى الظاهر (4).
الثاني: مسح الجبهة بتمامها والجبينين بهما من قصاص الشعر إلى
طرف الأنف الأعلى، وإلى الحاجبين، والأحوط مسحهما (5) أيضا،
ويعتبر كون المسح بمجموع الكفين (6) على المجموع، فلا يكفي المسح
206

ببعض كل من اليدين (1) ولا مسح بعض الجبهة والجبينين، نعم يجزي
التوزيع فلا يجب المسح بكل من اليدين على تمام أجزاء الممسوح.
الثالث: مسح تمام ظاهر الكف اليمنى بباطن اليسرى (2) ثم مسح
تمام ظاهر اليسرى بباطن اليمنى من الزند إلى أطراف الأصابع، ويجب
من باب المقدمة إدخال شئ من الأطراف، وليس ما بين الأصابع
من الظاهر فلا يجب مسحها، إذ المراد به ما يماسه ظاهر بشرة الماسح،
بل الظاهر عدم اعتبار التعميق والتدقيق فيه. بل المناط صدق مسح
التمام عرفا.
وأما شرائطه فهي أيضا أمور:
الأول: النية مقارنة لضرب اليدين على الوجه الذي مر في الوضوء،
ولا يعتبر فيها قصد رفع الحدث (3) بل ولا الاستباحة.
الثاني: المباشرة حال الاختيار.
207

الثالث: الموالاة وإن كان بدلا عن الغسل، والمناط فيها عدم الفصل
المخل بهيئته عرفا بحيث تمحو صورته (1).
الرابع: الترتيب على الوجه المذكور.
الخامس: الابتداء بالأعلى (2) ومنه إلى الأسفل في الجبهة واليدين.
السادس: عدم الحائل (3) بين الماسح والممسوح.
السابع: طهارة الماسح والممسوح حال الاختيار (4).
(مسألة 1): إذا بقي من الممسوح ما لم يمسح عليه ولو كان جزءا
يسيرا بطل، عمدا كان أو سهوا أو جهلا، لكن قد مر أنه لا يلزم المداقة
والتعميق.
(مسألة 2): إذا كان في محل المسح لحم زائد يجب مسحه أيضا، وإذا
كانت يد زائدة فالحكم فيها كما مر في الوضوء.
(مسألة 3): إذا كان على محل المسح شعر يكفي المسح عليه (5) وإن
208

كان في الجبهة بأن يكون منبته فيها، وأما إذا كان واقعا عليها من الرأس
فيجب رفعه (1) لأنه من الحائل.
(مسألة 4): إذا كان على الماسح أو الممسوح جبيرة يكفي المسح بها
أو عليها (2).
(مسألة 5): إذا خالف الترتيب بطل وإن كان لجهل أو نسيان.
(مسألة 6): يجوز الاستنابة حال عدم إمكان المباشرة، فيضرب النائب
بيد المنوب عنه، ويمسح بها وجهه ويديه، وإن لم يمكن الضرب بيده (3)
فيضرب بيده نفسه.
(مسألة 7): إذا كان باطن اليدين نجسا وجب تطهيره إن أمكن (4) وإلا
سقط اعتبار طهارته، ولا ينتقل إلى الظاهر (5) إلا إذا كانت نجاسته
209

مسرية (1) إلى ما يتيمم به ولم يمكن تجفيفه.
(مسألة 8): الأقطع بإحدى اليدين يكتفي (2) بضرب الأخرى ومسح
الجبهة بها، ثم مسح ظهرها بالأرض، والأحوط الاستنابة (3) لليد
المقطوعة فيضرب بيده الموجودة مع يد واحدة للنائب (4) ويمسح بهما
جبهته، ويمسح النائب ظهر يده الموجودة والأحوط مسح ظهرها على
الأرض أيضا، وأما أقطع اليدين فيمسح بجبهته على الأرض، والأحوط
مع الإمكان (5) الجمع بينه وبين ضرب ذراعيه والمسح بهما وعليهما.
210

(مسألة 9): إذا كان على الباطن نجاسة لها جرم يعد حائلا ولم يمكن
إزالتها فالأحوط الجمع بين الضرب به والمسح به، والضرب بالظاهر
والمسح به.
(مسألة 10): الخاتم حائل فيجب نزعه حال التيمم.
(مسألة 11): لا يجب تعيين المبدل منه مع اتحاد ما عليه (1) وأما مع
التعدد كالحائض والنفساء فيجب تعيينه (2) ولو بالإجمال.
(مسألة 12): مع اتحاد الغاية لا يجب تعيينها (3) ومع التعدد يجوز قصد
211

الجميع، ويجوز قصد ما في الذمة (1) كما يجوز قصد واحدة منها فيجزي
عن الجميع.
(مسألة 13): إذا قصد غاية فتبين عدمها بطل، وإن تبين غيرها صح له
إذا كان الاشتباه في التطبيق، وبطل إن كان على وجه التقييد (2).
(مسألة 14): إذا اعتقد كونه محدثا بالأصغر فقصد البدلية عن الوضوء
فتبين أنه محدث بالأكبر، فإن كان على وجه التقييد بطل (3) وإن أتى به
من باب الاشتباه في التطبيق أو قصد ما في الذمة صح، وكذا إذا اعتقد
كونه جنبا فبان عدمه وأنه ماس للميت مثلا.
(مسألة 15): في مسح الجبهة واليدين يجب إمرار الماسح (4) على
الممسوح فلا يكفي جر الممسوح تحت الماسح، نعم لا تضر الحركة
اليسيرة في الممسوح إذا صدق كونه ممسوحا.
(مسألة 16): إذا رفع يده في أثناء المسح ثم وضعها بلا فصل وأتم
فالظاهر كفايته، وإن كان الأحوط (5) الإعادة.
212

(مسألة 17): إذا لم يعلم أنه محدث بالأصغر أو الأكبر [وعلم
بأحدهما إجمالا] يكفيه تيمم واحد (1) بقصد ما في الذمة.
(مسألة 18): المشهور على أنه يكفي فيما هو بدل عن الوضوء ضربة
واحدة للوجه واليدين، ويجب التعدد فيما هو بدل عن الغسل، والأقوى
كفاية الواحدة فيما هو بدل الغسل أيضا، وإن كان الأحوط ما ذكروه (2)
وأحوط منه التعدد في بدل الوضوء أيضا، والأولى أن يضرب بيديه (3)
ويمسح بهما جبهته ويديه، ثم يضرب مرة أخرى ويمسح بها يديه،
وربما يقال: غاية الاحتياط أن يضرب مع ذلك مرة أخرى (4) يده اليسرى
ويمسح بها ظهر اليمنى، ثم يضرب اليمنى ويمسح بها ظهر اليسرى.
213

(مسألة 19): إذا شك في بعض أجزاء التيمم بعد الفراغ منه لم يعتن
به (1) وبنى على الصحة، وكذا إذا شك في شرط من شروطه. وإذا شك
في أثنائه قبل الفراغ في جزء أو شرط فإن كان بعد تجاوز (2) محله بنى
على الصحة، وإن كان قبله أتى به وما بعده، من غير فرق بين ما هو بدل
عن الوضوء أو الغسل، لكن الأحوط الاعتناء به مطلقا (3) وإن جاز
محله، أو كان بعد الفراغ ما لم يقم عن مكانه، أو لم ينتقل إلى حالة
أخرى (4) على ما مر في الوضوء خصوصا فيما هو بدل عنه.
214

(مسألة 20): إذا علم بعد الفراغ ترك جزء يكفيه العود إليه والإتيان به
وبما بعده مع عدم فوت الموالاة ومع فوتها وجب الاستئناف، وإن تذكر
بعد الصلاة وجب إعادتها أو قضاؤها، وكذا إذا ترك شرطا مطلقا ما عدا
الإباحة في الماء أو التراب (1) فلا تجب إلا مع العلم والعمد كما مر.
فصل
في أحكام التيمم
(مسألة 1): لا يجوز التيمم للصلاة (2) قبل دخول وقتها، وإن كان
بعنوان التهيؤ، نعم لو تيمم بقصد غاية أخرى واجبة أو مندوبة يجوز
الصلاة به بعد دخول وقتها كأن يتيمم لصلاة القضاء (3) أو للنافلة
215

إذا كان وظيفته التيمم.
(مسألة 2): إذا تيمم بعد دخول وقت فريضة أو نافلة يجوز إتيان
الصلوات التي لم يدخل وقتها بعد دخوله ما لم يحدث أو يجد ماء،
فلو تيمم لصلاة الصبح يجوز أن يصلي به الظهر (1) وكذا إذا تيمم لغاية
أخرى غير الصلاة.
(مسألة 3): الأقوى جواز التيمم في سعة (2) الوقت، وإن احتمل ارتفاع
العذر في آخره، بل أو ظن به (3) نعم مع العلم بالارتفاع يجب الصبر (4)
216

لكن التأخير إلى آخر الوقت مع احتمال الرفع أحوط، وإن كان
موهوما، نعم مع العلم بعدمه وبقاء العذر لا إشكال في جواز التقديم،
فتحصل أنه إما عالم ببقاء العذر إلى آخر الوقت، أو عالم بارتفاعه
قبل الآخر، أو محتمل للأمرين، فيجوز المبادرة مع العلم بالبقاء ويجب
التأخير مع العلم بالارتفاع ومع الاحتمال الأقوى جواز (1) المبادرة
خصوصا مع الظن بالبقاء، والأحوط التأخير خصوصا مع الظن
بالارتفاع (2).
(مسألة 4): إذا تيمم لصلاة سابقة وصلى ولم ينتقض تيممه حتى دخل
وقت صلاة أخرى يجوز الإتيان بها في أول وقتها، وإن احتمل زوال
العذر في آخر الوقت على المختار (3) بل وعلى القول بوجوب التأخير
في الصلاة الأولى عند بعضهم، لكن الأحوط التأخير (4) في الصلاة
217

الثانية أيضا، وإن لم يكن مثل الاحتياط السابق، بل أمره أسهل، نعم
لو علم بزوال العذر يجب التأخير (1) كما في الصلاة السابقة.
(مسألة 5): المراد بآخر الوقت الذي يجب التأخير إليه أو يكون
أحوط. الآخر العرفي، فلا يجب المداقة فيه ولا الصبر إلى زمان (2)
لا يبقى الوقت إلا بقدر الواجبات، فيجوز التيمم والإتيان بالصلاة
مشتملة على المستحبات أيضا، بل لا ينافي إتيان بعض المقدمات
القريبة بعد الإتيان بالتيمم قبل الشروع في الصلاة بمعنى إبقاء الوقت
بهذا المقدار.
(مسألة 6): يجوز التيمم لصلاة القضاء والإتيان بها معه (3) ولا يجب
218

التأخير إلى زوال العذر، نعم مع العلم بزواله عما قريب يشكل الإتيان (1)
بها قبله، وكذا يجوز (2) للنوافل الموقتة حتى في سعة وقتها بشرط عدم
العلم (3) بزوال العذر إلى آخره.
(مسألة 7): إذا اعتقد عدم سعة الوقت فتيمم وصلى ثم بان السعة فعلى
المختار (4) صحت صلاته، ويحتاط بالإعادة، وعلى القول بوجوب
219

التأخير تجب الإعادة (1).
(مسألة 8): لا يجب إعادة الصلوات التي صلاها بالتيمم الصحيح بعد
زوال العذر، لا في الوقت ولا في خارجه (2) مطلقا، نعم الأحوط
استحبابا إعادتها في موارد:
أحدها: من تعمد الجنابة مع كونه خائفا من استعمال الماء، فإنه
يتيمم ويصلي، لكن الأحوط إعادتها بعد زوال العذر ولو في خارج
الوقت.
الثاني: من تيمم لصلاة الجمعة عند خوف فوتها لأجل الزحام
ومنعه (3).
220

الثالث: من ترك طلب الماء عمدا إلى آخر الوقت وتيمم وصلى
ثم تبين وجود الماء في محل الطلب.
الرابع: من أراق الماء الموجود عنده مع العلم أو الظن بعدم وجوده
بعد ذلك، وكذا لو كان على طهارة فأجنب (1) مع العلم أو الظن بعدم
وجود الماء.
الخامس: من أخر الصلاة متعمدا إلى أن ضاق وقته فتيمم لأجل
الضيق.
(مسألة 9): إذا تيمم لغاية من الغايات كان بحكم الطاهر ما دام باقيا لم
ينتقض وبقي عذره، فله أن يأتي بجميع ما يشترط (2) فيه الطهارة، إلا إذا
كان المسوغ للتيمم مختصا بتلك الغاية، كالتيمم لضيق الوقت، فقد مر
أنه لا يجوز له مس كتابة (3) القرآن، ولا قراءة العزائم، ولا الدخول في
221

المساجد، وكالتيمم لصلاة الميت، أو للنوم مع وجود الماء.
(مسألة 10): جميع غايات الوضوء والغسل غايات للتيمم أيضا،
فيجب لما يجب لأجله الوضوء أو الغسل، ويندب (1) لما يندب له
أحدهما، فيصح بدلا عن الأغسال المندوبة (2) والوضوءات المستحبة
حتى وضوء الحائض (3) والوضوء (4) التجديدي مع وجود شرط صحته
من فقد الماء ونحوه، نعم لا يكون بدلا عن الوضوء التهيوئي (5) كما مر،
222

كما أن كونه بدلا عن الوضوء للكون على الطهارة محل إشكال (1) نعم
إتيانه برجاء المطلوبية لا مانع منه، لكن يشكل (2) الاكتفاء به لما يشترط
فيه الطهارة أو يستحب إتيانه مع الطهارة.
(مسألة 11): التيمم الذي هو بدل عن غسل الجنابة حاله كحاله في
الإغناء عن الوضوء، كما أن ما هو بدل عن سائر الأغسال يحتاج إلى
الوضوء (3) أو التيمم بدله مثلها، فلو تمكن من الوضوء توضأ (4) مع التيمم
بدلها، وإن لم يتمكن تيمم (5) تيممين: أحدهما بدلا عن الغسل، والآخر
عن الوضوء.
(مسألة 12): ينتقض التيمم بما ينتقض به (6) الوضوء والغسل من
223

الأحداث، كما أنه ينتقض بوجدان الماء أو زوال العذر، ولا يجب عليه
إعادة ما صلاه كما مر، وإن زال العذر في الوقت، والأحوط الإعادة
حينئذ (1) بل والقضاء أيضا في الصور الخمسة المتقدمة.
(مسألة 13): إذا وجد الماء (2) أو زال عذره قبل الصلاة لا يصح أن
يصلي به، وإن فقد الماء أو تجدد العذر فيجب أن يتيمم ثانيا، نعم إذا
لم يسع زمان الوجدان أو زوال العذر للوضوء أو الغسل بأن فقد أو زال
العذر بفصل غير كاف لهما لا يبعد عدم بطلانه، وعدم وجوب تجديده،
لكن الأحوط (3) التجديد مطلقا، وكذا إذا كان وجدان الماء أو زوال
العذر في ضيق الوقت، فإنه لا يحتاج إلى الإعادة حينئذ للصلاة التي
ضاق وقتها.
(مسألة 14): إذا وجد الماء في أثناء الصلاة فإن كان قبل الركوع من
الركعة الأولى بطل تيممه وصلاته (4) وإن كان بعده لم يبطل (5) ويتم
224

الصلاة، لكن الأحوط مع سعة الوقت الإتمام والإعادة مع الوضوء،
ولا فرق في التفصيل المذكور بين الفريضة والنافلة على الأقوى، وإن
كان الاحتياط بالإعادة في الفريضة آكد من النافلة.
(مسألة 15): لا يلحق بالصلاة غيرها إذا وجد الماء في أثنائها، بل
تبطل مطلقا، وإن كان قبل الجزء الأخير منها، فلو وجد في أثناء الطواف
ولو في الشوط الأخير بطل (1) وكذا لو وجد في أثناء صلاة الميت
بمقدار غسله بعد أن يمم لفقد الماء فيجب الغسل وإعادة الصلاة، بل
وكذا لو وجد قبل تمام الدفن (2).
(مسألة 16): إذا كان واجدا للماء وتيمم لعذر آخر من استعماله
فزال عذره في أثناء الصلاة هل يلحق بوجدان الماء في التفصيل
المذكور؟ إشكال (3) فلا يترك الاحتياط بالإتمام والإعادة إذا كان بعد
225

الركوع (1) من الركعة الأولى، نعم لو كان زوال العذر في أثناء الصلاة في
ضيق الوقت أتمها، وكذا لو لم يف زمان زوال العذر للوضوء بأن تجدد
العذر بلا فصل فإن الظاهر عدم بطلانه، وإن كان الأحوط الإعادة.
(مسألة 17): إذا وجد الماء في أثناء الصلاة بعد الركوع ثم فقد في
أثنائها أيضا أو بعد الفراغ منها بلا فصل هل يكفي ذلك التيمم لصلاة
أخرى أو لا؟ فيه تفصيل، فإما أن يكون زمان الوجدان وافيا للوضوء
أو الغسل على تقدير عدم كونه في الصلاة أو لا، فعلى الثاني الظاهر
عدم بطلان ذلك التيمم بالنسبة إلى الصلاة الأخرى أيضا (2) وأما على
الأول فالأحوط (3) عدم الاكتفاء به بل تجديده لها، لأن القدر المعلوم من
226

عدم بطلان التيمم إذا كان الوجدان بعد الركوع إنما هو بالنسبة إلى
الصلاة التي [هو] مشغول بها لا مطلقا.
(مسألة 18): في جواز مس كتابة القرآن وقراءة العزائم حال الاشتغال
بالصلاة التي وجد الماء فيها بعد الركوع إشكال لما مر (1) من أن القدر
المتيقن من بقاء وصحة التيمم إنما هو بالنسبة إلى تلك الصلاة. نعم لو قلنا
بصحته إلى تمام الصلاة مطلقا - كما قاله بعضهم (2) - جاز المس وقراءة
227

العزائم ما دام في تلك الصلاة، ومما ذكرنا ظهر الإشكال في جواز
العدول (1) من تلك الصلاة إلى الفائتة التي هي مترتبة عليها، لاحتمال
عدم بقاء التيمم بالنسبة إليها.
(مسألة 19): إذا كان وجدان الماء في أثناء الصلاة بعد الحكم الشرعي
بالركوع كما لو كان في السجود وشك في أنه ركع أم لا، حيث إنه
محكوم بأنه ركع، فهل هو كالوجدان بعد الركوع الوجداني أم لا؟
إشكال (2) فالاحتياط (3) بالإتمام والإعادة لا يترك.
(مسألة 20): الحكم بالصحة في صورة الوجدان بعد الركوع ليس
منوطا بحرمة قطع الصلاة، فمع جواز القطع أيضا كذلك ما لم يقطع،
228

بل يمكن أن يقال في صورة وجوب القطع أيضا إذا عصى ولم يقطع:
الصحة باقية (1) بناء على الأقوى من عدم بطلان الصلاة مع وجوب
القطع إذا تركه وأتم الصلاة.
(مسألة 21): المجنب المتيمم بدل الغسل إذا وجد ماء بقدر كفاية
الوضوء فقط لا يبطل تيممه، وأما الحائض ونحوها ممن تيمم تيممين
إذا وجد بقدر الوضوء بطل (2) تيممه الذي هو بدل عنه، وإذا وجد
ما يكفي للغسل ولم يمكن صرفه في الوضوء بطل تيممه الذي هو بدل
عن (3) الغسل، وبقي تيممه الذي هو بدل عن الوضوء وإذا وجد ما يكفي
لأحدهما وأمكن صرفه في كل منهما بطل (4) كلا التيممين، ويحتمل
عدم بطلان ما هو بدل (5) عن الوضوء من حيث إنه حينئذ يتعين صرف
229

ذلك الماء في الغسل، فليس مأمورا بالوضوء، لكن الأقوى بطلانهما (1).
(مسألة 22): إذا وجد جماعة متيممون ماء مباحا لا يكفي إلا لأحدهم
بطل تيممهم أجمع (2) إذا كان في سعة الوقت، وإن كان في ضيقه بقي
تيمم واحد منهم فضلا عن جميعهم. (كاشف الغطاء).
230

تيمم الجميع، وكذا إذا كان الماء المفروض للغير وأذن للكل في
استعماله. وأما إن أذن للبعض دون الآخرين بطل تيمم ذلك البعض فقط،
كما أنه إذا كان الماء المباح كافيا للبعض دون البعض الآخر لكونه جنبا
ولم يكن بقدر الغسل لم يبطل تيمم ذلك البعض.
(مسألة 23): المحدث بالأكبر غير الجنابة إذا وجد ماء لا يكفي
إلا لواحد من الوضوء أو الغسل قدم الغسل وتيمم (1) بدلا عن الوضوء،
وإن لم يكف إلا للوضوء فقط توضأ (2) وتيمم بدل الغسل.
(مسألة 24): لا يبطل التيمم الذي هو بدل عن الغسل من جنابة
أو غيرها بالحدث الأصغر (3) فما دام عذره عن الغسل باقيا تيممه
231

بمنزلته، فإن كان عنده ماء بقدر الوضوء توضأ (1) وإلا تيمم بدلا عنه (2)
وإذا ارتفع عذره عن الغسل اغتسل، فإن كان عن جنابة لا حاجة معه
إلى الوضوء، وإلا توضأ أيضا (3) هذا ولكن الأحوط (4) إعادة التيمم
أيضا، فإن كان عنده الماء بقدر الوضوء تيمم بدلا عن الغسل وتوضأ،
وإن لم يكن تيمم مرتين: مرة عن الغسل، ومرة عن الوضوء، هذا إن كان
غير غسل الجنابة، وإلا يكفيه مع عدم الماء للوضوء تيمم واحد بقصد ما
في الذمة (5).
232

(مسألة 25): حكم التداخل الذي مر سابقا في الأغسال يجري في
التيمم (1) أيضا، فلو كان هناك أسباب عديدة للغسل يكفي تيمم واحد
عن الجميع، وحينئذ فإن كان من جملتها الجنابة لم يحتج إلى الوضوء
أو التيمم بدلا عنه، وإلا وجب (2) الوضوء أو تيمم آخر بدلا عنه.
(مسألة 26): إذا تيمم بدلا عن أغسال عديدة فتبين عدم بعضها صح (3)
بالنسبة إلى الباقي، وأما لو قصد معينا وتبين أن الواقع غيره فصحته
مبنية على أن يكون من باب الاشتباه في التطبيق لا التقييد كما مر
نظائره مرارا (4).
(مسألة 27): إذا اجتمع جنب وميت ومحدث بالأصغر وكان هناك ماء
233

لا يكفي إلا لأحدهم، فإن كان مملوكا لأحدهم تعين صرفه (1) لنفسه،
وكذا إن كان للغير وأذن لواحد منهم، وأما إن كان مباحا أو كان للغير
وأذن للكل فيتعين للجنب فيغتسل وييمم الميت، ويتيمم المحدث (2)
بالأصغر أيضا.
(مسألة 28): إذا نذر نافلة مطلقة أو مؤقتة في زمان معين ولم يتمكن
من الوضوء في ذلك الزمان تيمم بدلا عنه وصلى، وأما إذا نذر مطلقا
لا مقيدا بزمان معين فالظاهر وجوب الصبر (3) إلى زمان إمكان الوضوء.
234

(مسألة 29): لا يجوز الاستئجار لصلاة الميت ممن وظيفته التيمم مع
وجود من يقدر على الوضوء (1) بل لو استأجر من كان قادرا ثم عجز
عنه يشكل جواز إتيان العمل (2) المستأجر عليه مع التيمم، فعليه التأخير
إلى التمكن مع سعة الوقت بل مع ضيقه أيضا يشكل كفايته، فلا يترك
مراعاة الاحتياط.
(مسألة 30): المجنب المتيمم إذا وجد الماء في المسجد وتوقف غسله
على دخوله والمكث فيه لا يبطل تيممه (3) بالنسبة إلى حرمة المكث،
وإن بطل (4) بالنسبة إلى الغايات الأخر، فلا يجوز له قراءة العزائم، ولا
مس كتابة القرآن، كما أنه لو كان جنبا وكان الماء منحصرا فيما في
المسجد ولم يمكن أخذه إلا بالمكث وجب أن يتيمم (5) للدخول والأخذ
كما مر سابقا (6) ولا يستباح له بهذا التيمم إلا المكث، فلا يجوز له المس
وقراءة العزائم (7).
235

(مسألة 31): قد مر سابقا أنه لو كان عنده ما يكفيه من الماء لأحد
الأمرين من رفع الخبث عن ثوبه أو بدنه ورفع الحدث، قدم رفع الخبث،
ويتيمم للحدث، لكن هذا إذا لم يمكن صرف الماء في الوضوء أو الغسل
وجمع الغسالة في إناء نظيف لرفع الخبث وإلا تعين ذلك، وكذا الحال (1)
في مسألة اجتماع الجنب والميت والمحدث بالأصغر، بل في سائر
الدورانات.
(مسألة 32): إذا علم قبل الوقت أنه لو أخر التيمم إلى ما بعد دخوله
لا يتمكن من تحصيل ما يتيمم به فالأحوط أن يتيمم قبل الوقت (2) لغاية
أخرى غير الصلاة في الوقت، ويبقي تيممه إلى ما بعد الدخول فيصلي
به، كما أن الأمر كذلك بالنسبة إلى الوضوء (3) إذا أمكنه قبل الوقت وعلم
بعدم تمكنه بعده فيتوضأ على الأحوط (4) لغاية أخرى، أو للكون
على الطهارة.
(مسألة 33): يجب التيمم لمس (5) كتابة القرآن إن وجب، كما أنه
236

يستحب (1) إذا كان مستحبا، ولكن لا يشرع إذا كان مباحا (2) نعم له
أن يتيمم لغاية أخرى ثم يمسح المسح المباح.
(مسألة 34): إذا وصل شعر الرأس إلى الجبهة فإن كان زائدا على
المتعارف وجب في التيمم رفعه ومسح البشرة، وإن كان على المتعارف
لا يبعد كفاية مسح ظاهره (3) عن البشرة والأحوط مسح كليهما (4).
(مسألة 35): إذا شك في وجود حاجب في بعض مواضع التيمم حاله
حال الوضوء والغسل في وجوب الفحص حتى يحصل اليقين أو الظن
بالعدم (5).
(مسألة 36): في الموارد التي يجب عليه التيمم بدلا عن الغسل وعن
237

الوضوء كالحائض والنفساء وماس الميت الأحوط تيمم ثالث بقصد (1)
الاستباحة من غير نظر إلى بدليته عن الوضوء أو الغسل، بأن يكون بدلا
عنهما لاحتمال كون المطلوب تيمما واحدا (2) من باب التداخل،
ولو عين أحدهما في التيمم الأول وقصد بالثاني ما في الذمة أغنى
عن الثالث.
(مسألة 37): إذا كان بعض أعضائه منقوشا باسم الجلالة أو غيره من
أسمائه تعالى أو آية من القرآن فالأحوط محوه (3) حذرا من وجوده
على بدنه في حال الجنابة أو غيرها من الأحداث، لمناط حرمة المس
على المحدث، وإن لم يمكن محوه أو قلنا بعدم وجوبه (4) فيحرم إمرار
اليد عليه حال الوضوء أو الغسل، بل يجب إجراء الماء عليه من غير
مس أو الغسل ارتماسا أو لف خرقة بيده والمس بها، وإذا فرض عدم
إمكان الوضوء أو الغسل إلا بمسه فيدور الأمر بين سقوط حرمة المس
أو سقوط وجوب المائية والانتقال إلى التيمم، والظاهر (5) سقوط حرمة
238

المس (1) بل ينبغي القطع به إذا كان في محل التيمم، لأن الأمر حينئذ
دائر بين ترك الصلاة وارتكاب المس، ومن المعلوم أهمية وجوب
الصلاة فيتوضأ، أو يغتسل في الفرض الأول، وإن استلزم المس، لكن
الأحوط مع ذلك الجبيرة أيضا بوضع شئ عليه والمسح عليه باليد
المبللة، وأحوط من ذلك أن يجمع بين ما ذكر والاستنابة أيضا: بأن
239

يستنيب متطهرا يباشر غسل هذا الموضع، بل وأن يتيمم مع ذلك (1)
أيضا إن لم يكن في مواضع التيمم، وإذا كان ممن وظيفته التيمم
وكان في بعض مواضعه وأراد الاحتياط جمع بين مسحه بنفسه (2)
والجبيرة والاستنابة، لكن الأقوى كما عرفت كفاية مسحه وسقوط
حرمة المس حينئذ.
* * *
240

كتاب الصلاة
241

كتاب الصلاة
مقدمة
في فضل الصلوات اليومية وأنها أفضل الأعمال الدينية
إعلم أن الصلاة أحب الأعمال إلى الله تعالى، وهي آخر وصايا
الأنبياء (عليهم السلام) وهي عمود الدين، إذا قبلت قبل ما سواها، وإن ردت رد
ما سواها، وهي أول ما ينظر فيه من عمل ابن آدم، فإن صحت نظر في
عمله، وإن لم تصح لم ينظر في بقية عمله، ومثلها كمثل النهر الجاري،
فكما أن من اغتسل فيه كل يوم خمس مرات لم يبق في بدنه شئ من
الدرن كذلك كلما صلى صلاة كفر ما بينهما من الذنوب، وليس ما بين
المسلم وبين أن يكفر إلا أن يترك الصلاة، وإذا كان يوم القيامة
يدعى بالعبد، فأول شئ يسأل عنه الصلاة، فإذا جاء بها تامة وإلا ذخ
في النار.
وفي الصحيح قال مولانا الصادق (عليه السلام): ما أعلم شيئا بعد المعرفة
242

أفضل من هذه الصلاة، ألا ترى إلى العبد الصالح عيسى ابن مريم (عليه السلام)
قال: وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا.
وروى الشيخ في حديث عنه (عليه السلام) قال: وصلاة فريضة تعدل عند الله
ألف حجة وألف عمرة مبرورات متقبلات.
وقد استفاضت الروايات في الحث على المحافظة عليها في أوائل
الأوقات، وأن من استخف بها كان في حكم التارك لها.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ليس مني من استخف بصلاته، وقال: لا ينال
شفاعتي من استخف بصلاته، وقال: لا تضيعوا صلاتكم، فإن من ضيع
صلاته حشر مع قارون وهامان، وكان حقا على الله أن يدخله النار
مع المنافقين.
وورد: بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالس في المسجد إذ دخل رجل فقام
فصلى، فلم يتم ركوعه ولا سجوده، فقال (عليه السلام): نقر كنقر الغراب، لئن
مات هذا وهكذا صلاته ليموتن على غير ديني.
وعن أبي بصير قال: دخلت على أم حميدة أعزيها بأبي عبد الله (عليه السلام)،
فبكت وبكيت لبكائها، ثم قالت: يا أبا محمد لو رأيت أبا عبد الله عند
الموت لرأيت عجبا، فتح عينيه ثم قال: اجمعوا كل من بيني وبينه قرابة،
قالت: فما تركنا أحدا إلا جمعناه، فنظر إليهم ثم قال: إن شفاعتنا لا تنال
مستخفا بالصلاة.
وبالجملة ما ورد من النصوص في فضلها أكثر من أن يحصى، ولله
در صاحب الدرة حيث قال:
تنهى عن المنكر والفحشاء * أقصر فهذا منتهى الثناء
243

فصل
في أعداد الفرائض ونوافلها
الصلوات الواجبة ستة: اليومية، ومنها الجمعة (1) والآيات، والطواف
الواجب، والملتزم بنذر (2) أو عهد أو يمين أو إجارة، وصلاة الوالدين (3)
على الولد الأكبر، وصلاة الأموات.
أما اليومية فخمس فرائض: الظهر أربع ركعات، والعصر كذلك،
والمغرب ثلاث ركعات، والعشاء أربع ركعات، والصبح ركعتان. وتسقط
في السفر (4) من الرباعيات ركعتان، كما أن صلاة الجمعة أيضا ركعتان.
وأما النوافل فهي كثيرة، آكدها الرواتب اليومية، وهي في غير يوم
الجمعة أربع وثلاثون ركعة (5): ثمان ركعات قبل الظهر، وثمان ركعات
قبل العصر، وأربع ركعات بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء من جلوس
تعدان بركعة، ويجوز فيهما القيام (6) بل هو الأفضل، وإن كان الجلوس
244

أحوط (1) وتسمى بالوتيرة، وركعتان قبل صلاة الفجر، وإحدى عشر
ركعة: صلاة الليل، وهي ثمان ركعات، والشفع ركعتان، والوتر ركعة
واحدة، وأما في يوم الجمعة فيزاد على الست عشر أربع ركعات، فعدد
الفرائض سبعة عشر ركعة، وعدد النوافل ضعفها بعد عد الوتيرة بركعة،
وعدد مجموع الفرائض والنوافل إحدى وخمسون، هذا ويسقط في
السفر (2) نوافل الظهرين والوتيرة على الأقوى (3).
245

(مسألة 1): يجب الإتيان بالنوافل ركعتين ركعتين إلا الوتر، فإنها ركعة.
ويستحب في جميعها القنوت حتى الشفع على الأقوى في الركعة
الثانية (1) وكذا يستحب في مفردة الوتر.
(مسألة 2): الأقوى (2) استحباب الغفيلة، وهي ركعتان بين المغرب
والعشاء (3) ولكنها ليست من الرواتب (4) يقرأ فيها في الركعة الأولى بعد
246

الحمد: " وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في
الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له
ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين " وفي الثانية بعد الحمد: " وعنده
مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من
ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا
في كتاب مبين " ويستحب أيضا بين المغرب والعشاء صلاة الوصية (1)
وهي أيضا ركعتان، يقرأ في أولاهما بعد الحمد ثلاثة عشر مرة سورة إذا
زلزلت الأرض زلزالها، وفي الثانية بعد الحمد سورة التوحيد خمسة
عشر مرة.
(مسألة 3): الظاهر أن صلاة الوسطى التي يتأكد المحافظة عليها هي
الظهر، فلو نذر أن يأتي بالصلاة الوسطى في المسجد أو في أول الوقت
مثلا أتى بالظهر.
(مسألة 4): النوافل المرتبة وغيرها يجوز إتيانها جالسا ولو حال
الاختيار، والأولى (2) حينئذ عد كل ركعتين بركعة فيأتي بنافلة الظهر
247

مثلا ست عشر ركعة، وهكذا في نافلة العصر، وعلى هذا يأتي بالوتر
مرتين كل مرة ركعة.
فصل
في أوقات اليومية ونوافلها
وقت الظهرين ما بين الزوال والمغرب (1) ويختص الظهر بأوله (2)
بمقدار أدائها بحسب حاله، ويختص العصر بآخره كذلك. وما بين
المغرب ونصف الليل وقت للمغرب والعشاء، ويختص المغرب بأوله
248

بمقدار أدائه، والعشاء بآخره كذلك (1) هذا للمختار.
وأما المضطر لنوم أو نسيان أو حيض أو نحو ذلك (2) من أحوال
الاضطرار فيمتد وقتهما إلى طلوع الفجر (3) ويختص العشاء من آخره (4)
بمقدار أدائها دون المغرب من أوله، أي ما بعد نصف الليل، والأقوى
أن العامد في التأخير إلى نصف الليل أيضا كذلك، أي يمتد وقته (5)
إلى الفجر وإن كان آثما بالتأخير، لكن الأحوط أن لا ينوي (6) الأداء
249

والقضاء، بل الأولى (1) ذلك في المضطر أيضا.
وما بين طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس وقت الصبح.
ووقت الجمعة من الزوال إلى أن يصير الظل مثل الشاخص (2) فإن
أخرها عن ذلك مضى وقته، ووجب عليه الإتيان بالظهر.
ووقت فضيلة الظهر من الزوال (3) إلى بلوغ الظل الحادث بعد
250

الانعدام، أو بعد الانتهاء مثل الشاخص.
ووقت فضيلة العصر من المثل إلى المثلين على المشهور (1) ولكن
لا يبعد أن يكون من الزوال إليهما (2).
ووقت فضيلة المغرب من المغرب إلى ذهاب الشفق، أي الحمرة
المغربية.
ووقت فضيلة العشاء من ذهاب الشفق إلى ثلث الليل، فيكون لها
وقتا إجزاء قبل ذهاب الشفق، وبعد الثلث إلى النصف.
ووقت فضيلة الصبح من طلوع الفجر إلى حدوث الحمرة في
المشرق (3).
(مسألة 1): يعرف الزوال بحدوث ظل الشاخص المنصوب معتدلا في
أرض مسطحة بعد انعدامه، كما في البلدان التي تمر الشمس على سمت
251

الرأس كمكة في بعض الأوقات، أو زيادته بعد انتهاء نقصانه كما في
غالب البلدان ومكة في غالب الأوقات، ويعرف أيضا بميل الشمس
إلى الحاجب الأيمن لمن واجه نقطة الجنوب، لكن هذا التحديد تقريبي
كما لا يخفى. ويعرف أيضا بالدائرة الهندية، وهي أضبط وأمتن.
ويعرف المغرب بذهاب الحمرة المشرقية (1) عن سمت الرأس (2)
والأحوط زوالها من تمام ربع الفلك من طرف المشرق.
ويعرف نصف الليل بالنجوم (3) الطالعة أول الغروب إذا مالت عن
252

دائرة نصف النهار إلى طرف المغرب، وعلى هذا فيكون المناط نصف
ما بين غروب الشمس وطلوعها، لكنه لا يخلو عن إشكال (1) لاحتمال
أن يكون نصف (2) ما بين الغروب وطلوع الفجر، كما عليه جماعة (3).
والأحوط (4) مراعاة الاحتياط هنا وفي صلاة الليل التي [أول] وقتها
بعد نصف الليل.
ويعرف طلوع الفجر (5) باعتراض البياض الحادث في الأفق
المتصاعد في السماء الذي يشابه ذنب السرحان، ويسمى بالفجر
الكاذب، وانتشاره على الأفق (6) وصيرورته كالقبطية البيضاء وكنهر
سوري بحيث كلما زدته نظرا أصدقك بزيادة حسنه، وبعبارة
[أخرى] انتشار البياض على الأفق بعد كونه متصاعدا في السماء.
(مسألة 2): المراد باختصاص أول الوقت بالظهر وآخره بالعصر وهكذا
253

في المغرب والعشاء عدم صحة الشريكة (1) في ذلك الوقت، مع عدم أداء
صاحبته، فلا مانع من إتيان غير الشريكة فيه، كما إذا أتى بقضاء الصبح
أو غيره من الفوائت في أول الزوال، أو في آخر الوقت. وكذا لا مانع من
إتيان الشريكة إذا أدى صاحبة الوقت (2) فلو صلى الظهر قبل الزوال بظن
دخول الوقت فدخل الوقت في أثنائها ولو قبل السلام حيث إن صلاته
صحيحة لا مانع من إتيان العصر (3) أول الزوال، وكذا إذا قدم العصر على
الظهر سهوا وبقي من الوقت مقدار أربع ركعات لا مانع من إتيان الظهر
في ذلك الوقت، ولا تكون قضاء (4)، وإن كان الأحوط عدم التعرض (5)
254

للأداء والقضاء بل عدم التعرض لكون ما يأتي به ظهرا أو عصرا،
لاحتمال احتساب العصر المقدم ظهرا (1) وكون هذه الصلاة عصرا (2).
255

(مسألة 3): يجب تأخير العصر عن الظهر والعشاء عن المغرب،
فلو قدم إحداهما على سابقتها عمدا بطلت، سواء كان في الوقت
المختص (1) أو المشترك ولو قدم سهوا فالمشهور (2) على أنه إن كان
في الوقت المختص بطلت، وإن كان في الوقت المشترك فإن كان
التذكر بعد الفراغ صحت، وإن كان في الأثناء عدل بنيته إلى السابقة
إذا بقي محل العدول، وإلا كما إذا دخل في ركوع الركعة الرابعة من
256

العشاء بطلت (1) وإن كان الأحوط الإتمام (2) والإعادة بعد الإتيان بالمغرب.
وعندي فيما ذكروه إشكال بل الأظهر في العصر المقدم على الظهر
[سهوا] صحتها واحتسابها ظهرا (3) إن كان التذكر بعد الفراغ لقوله
(عليه السلام): " إنما هي أربع مكان أربع " في النص الصحيح (4) لكن الأحوط
الإتيان بصلاة أربع ركعات (5) بقصد ما في الذمة من دون تعيين أنها ظهر
257

أو عصر، وإن كان في الأثناء عدل من غير فرق في الصورتين بين كونه
في الوقت المشترك أو المختص (1) وكذا في العشاء إن كان بعد الفراغ
صحت، وإن كان في الأثناء عدل إن بقي محل العدول (2) على ما ذكروه،
لكن من غير فرق بين الوقت المختص والمشترك (3) أيضا.
وعلى ما ذكرنا يظهر فائدة (4) الاختصاص فيما إذا مضى من أول الوقت
258

مقدار أربع ركعات فحاضت المرأة فإن اللازم حينئذ قضاء خصوص
الظهر، وكذا إذا طهرت من الحيض، ولم يبق من الوقت إلا مقدار أربع
ركعات، فإن اللازم حينئذ إتيان العصر فقط. وكذا إذا بلغ الصبي ولم يبق
إلا مقدار أربع ركعات، فإن الواجب عليه خصوص العصر فقط.
وأما إذا فرضنا عدم زيادة الوقت المشترك عن أربع ركعات فلا يختص
بأحدهما (1)، بل يمكن أن يقال بالتخيير بينهما (2) كما إذا أفاق المجنون
259

الأدواري في الوقت المشترك مقدار أربع ركعات، أو بلغ الصبي في الوقت
المشترك ثم جن أو مات بعد مضي مقدار أربع ركعات ونحو ذلك.
(مسألة 4): إذا بقي [مقدار] خمس ركعات إلى الغروب قدم الظهر،
وإذا بقي أربع ركعات أو أقل قدم العصر. وفي السفر إذا بقي ثلاث
ركعات
قدم الظهر، وإذا بقي ركعتان قدم العصر. وإذا بقي إلى نصف الليل خمس
ركعات قدم المغرب، وإذا بقي (1) أربع أو أقل قدم العشاء وفي السفر إذا
بقي أربع ركعات قدم المغرب، وإذا بقي أقل قدم العشاء (2) ويجب
المبادرة إلى المغرب بعد تقديم العشاء إذا بقي بعدها ركعة أو أزيد،
والظاهر أنها (3) حينئذ أداء، وإن كان الأحوط عدم نية الأداء والقضاء.
(مسألة 5): لا يجوز العدول من السابقة [إلى اللاحقة]، ويجوز
العكس، فلو دخل في الصلاة بنية الظهر ثم تبين له في الأثناء أنه
صلاها لا يجوز له (4) العدول إلى العصر بل يقطع ويشرع في العصر،
بخلاف ما إذا تخيل أنه صلى الظهر فدخل في العصر ثم تذكر أنه ما
صلى الظهر فإنه يعدل إليها (5).
260

(مسألة 6): إذا كان مسافرا وقد بقي من الوقت أربع ركعات فدخل في
الظهر بنية القصر ثم بدا له في الإقامة فنوى الإقامة (1) بطلت صلاته،
ولا يجوز له (2) العدول إلى العصر، فيقطعها ويصلي العصر، وإذا كان في
الفرض ناويا للإقامة فشرع في الصلاة بنية العصر لوجوب تقديمها
حينئذ ثم بدا له فعزم على عدم الإقامة فالظاهر أنه يعدل بها إلى الظهر
قصرا (3).
(مسألة 7): يستحب التفريق بين الصلاتين المشتركتين في الوقت
كالظهرين والعشاءين، ويكفي مسماه (4) وفي الاكتفاء به بمجرد فعل
261

النافلة وجه (1) وإن كان لا يخلو عن إشكال (2).
(مسألة 8): قد عرفت أن للعشاء وقت فضيلة، وهو من ذهاب الشفق
إلى ثلث الليل، ووقتا إجزاء من الطرفين، وذكروا أن العصر أيضا كذلك،
فله وقت فضيلة وهو من المثل إلى المثلين، ووقتا إجزاء من الطرفين،
لكن عرفت نفي البعد (3) في كون ابتداء وقت فضيلته هو الزوال (4) نعم
الأحوط (5) في إدراك الفضيلة الصبر إلى المثل.
(مسألة 9): يستحب التعجيل في الصلاة في وقت الفضيلة، وفي وقت
الإجزاء، بل كلما هو أقرب إلى الأول يكون أفضل، إلا إذا كان هناك
معارض كانتظار الجماعة أو نحوه.
(مسألة 10): يستحب الغلس بصلاة الصبح أي الإتيان بها قبل الإسفار
في حال الظلمة.
(مسألة 11): كل صلاة أدرك من وقتها في آخره مقدار ركعة فهو أداء،
ويجب الإتيان به، فإن من أدرك ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت (6)
262

لكن لا يجوز التعمد في التأخير إلى ذلك.
فصل
في أوقات الرواتب
(مسألة 1): وقت نافلة الظهر من الزوال إلى الذراع، والعصر إلى
الذراعين، أي سبعي الشاخص، وأربعة أسباعه بل إلى آخر وقت إجزاء
الفريضتين على الأقوى (1) وإن كان الأولى بعد الذراع تقديم الظهر، وبعد
الذراعين تقديم العصر، والإتيان بالنافلتين بعد الفريضتين، فالحدان
الأولان للأفضلية، ومع ذلك الأحوط بعد الذراع (2) والذراعين عدم
التعرض لنية الأداء والقضاء في النافلتين.
263

(مسألة 2): المشهور عدم جواز (1) تقديم نافلتي الظهر والعصر في غير
يوم الجمعة على الزوال، وإن علم بعدم التمكن من إتيانهما بعده، لكن
الأقوى جوازه (2) فيهما خصوصا في الصورة المذكورة.
(مسألة 3): نافلة يوم الجمعة عشرون ركعة، والأولى تفريقها بأن
يأتي (3) ستا عند انبساط الشمس، وستا عند ارتفاعها، وستا قبل الزوال،
وركعتين عنده.
(مسألة 4): وقت نافلة المغرب من حين الفراغ من الفريضة إلى زوال
الحمرة (4) المغربية.
264

(مسألة 5): وقت نافلة العشاء وهي الوتيرة يمتد بامتداد (1) وقتها،
والأولى كونها عقيبها من غير فصل معتد به، وإذا أراد فعل بعض
الصلوات الموظفة في بعض الليالي بعد العشاء جعل الوتيرة خاتمتها.
(مسألة 6): وقت نافلة الصبح بين الفجر الأول (2) وطلوع الحمرة
المشرقية، ويجوز دسها (3) في صلاة الليل قبل الفجر، ولو عند النصف
بل ولو قبله (4) إذا قدم صلاة الليل عليه، إلا أن الأفضل إعادتها في
وقتها (5).
(مسألة 7): إذا صلى نافلة الفجر في وقتها أو قبله ونام بعدها يستحب
إعادتها.
(مسألة 8): وقت نافلة الليل ما بين نصفه والفجر الثاني، والأفضل
265

إتيانها في وقت السحر وهو الثلث الأخير (1) من الليل، وأفضله القريب
من الفجر (2).
(مسألة 9): يجوز للمسافر والشاب الذي يصعب عليه (3) فعل نافلة
الليل في وقتها تقديمها على النصف، وكذا كل ذي عذر كالشيخ وخائف
البرد أو الاحتلام والمريض، وينبغي لهم نية التعجيل لا الأداء.
(مسألة 10): إذا دار الأمر بين تقديم صلاة الليل على وقتها أو قضائها
فالأرجح القضاء.
(مسألة 11): إذا قدمها ثم انتبه في وقتها ليس عليه الإعادة.
(مسألة 12): إذا طلع الفجر وقد صلى من صلاة الليل أربع ركعات أو
أزيد أتمها مخففة (4) وإن لم يتلبس بها قدم ركعتي الفجر (5) ثم فريضته
وقضاها، ولو اشتغل بها أتم ما في يده (6) ثم أتى بركعتي الفجر وفريضته
وقضى البقية بعد ذلك.
(مسألة 13): قد مر أن الأفضل في كل صلاة تعجيلها، فنقول: يستثنى
من ذلك موارد:
266

الأول: الظهر والعصر لمن أراد الإتيان بنافلتهما (1) وكذا الفجر إذا
لم يقدم نافلتها قبل دخول الوقت.
الثاني: مطلق الحاضرة لمن عليه فائتة وأراد إتيانها.
الثالث: في المتيمم مع احتمال زوال العذر (2) أو رجائه وأما في غيره
من الأعذار فالأقوى وجوب التأخير وعدم جواز البدار (3).
267

الرابع: لمدافعة الأخبثين ونحوهما فيؤخر لدفعهما.
الخامس: إذا لم يكن له إقبال فيؤخر إلى حصوله.
السادس: لانتظار الجماعة إذا لم يفض (1) إلى الإفراط في التأخير،
وكذا لتحصيل (2) كمال آخر كحضور المسجد أو كثرة المقتدين
أو نحو ذلك.
السابع: تأخير الفجر عند مزاحمة صلاة الليل إذا صلى منها أربع
ركعات.
الثامن: المسافر المستعجل (3).
التاسع: المربية للصبي تؤخر الظهرين (4) لتجعلهما مع العشاءين
بغسل واحد لثوبها.
العاشر: المستحاضة الكبرى تؤخر الظهر والمغرب إلى آخر وقت
فضيلتهما (5)، لتجمع بين الأولى والعصر، وبين الثانية والعشاء بغسل
واحد.
الحادي عشر: العشاء تؤخر إلى وقت فضيلتها، وهو بعد ذهاب
268

الشفق، بل الأولى تأخير العصر إلى المثل (1) وإن كان ابتداء وقت
فضيلتها من الزوال (2).
الثاني عشر: المغرب والعشاء لمن أفاض من عرفات إلى المشعر،
فإنه يؤخرهما ولو إلى ربع الليل بل ولو إلى ثلثه.
الثالث عشر: من خشي الحر يؤخر الظهر إلى المثل ليبرد بها.
الرابع عشر: صلاة المغرب في حق من تتوق نفسه إلى الإفطار
أو ينتظره أحد.
(مسألة 14): يستحب التعجيل في قضاء الفرائض وتقديمها على
الحواضر (3) وكذا يستحب التعجيل في قضاء النوافل إذا فاتت في
أوقاتها الموظفة، والأفضل قضاء الليلية في الليل، والنهارية في النهار.
(مسألة 15): يجب تأخير الصلاة عن أول وقتها لذوي الأعذار (4)
269

مع رجاء أو احتمال زوالها في آخر الوقت، ما عدا التيمم كما مر هنا (1)
وفي بابه، وكذا يجب التأخير (2) لتحصيل المقدمات الغير الحاصلة من
الطهارة والستر وغيرهما، وكذا لتعلم (3) أجزاء الصلاة وشرائطها، بل وكذا
لتعلم أحكام الطوارئ من الشك والسهو ونحوهما مع غلبة الاتفاق (4)
270

بل قد يقال مطلقا، لكن لا وجه له (1) وإذا دخل في الصلاة مع عدم
تعلمها بطلت (2) إذا كان متزلزلا وإن لم يتفق، وأما مع عدم التزلزل
بحيث تحقق منه قصد الصلاة (3) وقصد امتثال أمر الله فالأقوى الصحة،
نعم إذا اتفق شك أو سهو لا يعلم حكمه بطلت صلاته (4) لكن له أن
271

يبني (1) على أحد الوجهين أو الوجوه بقصد السؤال بعد الفراغ، والإعادة
إذا خالف الواقع (2) وأيضا يجب التأخير إذا زاحمها واجب مضيق كإزالة
النجاسة من المسجد، أو أداء الدين المطالب به مع القدرة على أدائه،
أو حفظ النفس المحترمة أو نحو ذلك، وإذا خالف واشتغل بالصلاة
عصى في ترك ذلك الواجب، لكن صلاته صحيحة على الأقوى، وإن
كان الأحوط الإعادة.
(مسألة 16): يجوز الإتيان بالنافلة ولو المبتدئة في وقت الفريضة ما لم
تتضيق، ولمن عليه فائتة (3) على الأقوى، والأحوط الترك بمعنى تقديم
الفريضة وقضائها.
(مسألة 17): إذا نذر النافلة لا مانع (4) من إتيانها في وقت الفريضة،
272

ولو على القول بالمنع (1) هذا إذا أطلق (2) في نذره، وأما لو قيده بوقت الفريضة
فإشكال (3) بناء على المنع، وإن كان يمكن (4) الصحة، لأن المانع إنما هو
وصف النفل، وبالنذر يخرج عن هذا الوصف، ويرتفع المانع. ولا يرد
273

أن متعلق النذر لا بد أن يكون راجحا، وعلى القول بالمنع لا رجحان
فيه، فلا ينعقد نذره، وذلك لأن الصلاة من حيث هي راجحة
ومرجوحيتها مقيدة بقيد يرتفع بنفس النذر، ولا يعتبر في متعلق (1) النذر
الرجحان قبله ومع قطع النظر (2) عنه حتى يقال: بعدم تحققه في المقام.
(مسألة 18): النافلة تنقسم إلى مرتبة وغيرها والأولى هي النوافل
اليومية التي مر بيان أوقاتها، والثانية إما ذات السبب كصلاة الزيارة
والاستخارة والصلوات المستحبة في الأيام والليالي المخصوصة. وإما
غير ذات السبب وتسمى بالمبتدأة، لا إشكال في عدم كراهة المرتبة في
274

أوقاتها وإن كان بعد صلاة العصر أو الصبح (1) وكذا لا إشكال في عدم
كراهة قضائها في وقت من الأوقات (2) وكذا في الصلوات ذوات
الأسباب (3) وأما النوافل المبتدأة التي لم يرد فيها نص بالخصوص، وإنما
يستحب الإتيان بها لأن الصلاة خير موضوع، وقربان كل تقي، ومعراج
المؤمن، فذكر جماعة (4) أنه يكره الشروع فيها في خمسة أوقات:
أحدها: بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس.
الثاني: بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس.
الثالث: عند طلوع الشمس حتى تنبسط.
الرابع: عند قيام الشمس حتى تزول.
الخامس: عند غروب الشمس، أي قبيل الغروب، وأما إذا شرع فيها
قبل ذلك فدخل أحد هذه الأوقات وهو فيها فلا يكره إتمامها، وعندي
في ثبوت الكراهة في المذكورات إشكال (5).
275

فصل
في أحكام الأوقات
(مسألة 1): لا يجوز الصلاة قبل دخول الوقت، فلو صلى بطل (1) وإن
كان جزء منه قبل الوقت، ويجب العلم بدخوله حين الشروع فيها،
ولا يكفي الظن لغير ذوي الأعذار (2) نعم يجوز الاعتماد على شهادة
العدلين على الأقوى، وكذا على أذان العارف العدل (3) وأما كفاية شهادة
276

العدل الواحد فمحل إشكال (1) وإذا صلى مع عدم اليقين بدخوله
ولا شهادة العدلين أو أذان العدل (2) بطلت، إلا إذا تبين بعد ذلك كونها
بتمامها في الوقت مع فرض حصول (3) قصد القربة منه.
(مسألة 2): إذا كان غافلا عن وجوب تحصيل اليقين أو ما بحكمه
فصلى ثم تبين وقوعها في الوقت بتمامها صحت، كما أنه لو تبين
وقوعها قبل الوقت بتمامها بطلت، وكذا لو لم يتبين الحال (4) وأما
لو تبين دخول الوقت في أثنائها ففي الصحة إشكال (5) فلا يترك
277

الاحتياط بالإعادة (1).
(مسألة 3): إذا تيقن دخول الوقت فصلى أو عمل بالظن المعتبر كشهادة
العدلين وأذان العدل (2) العارف فإن تبين وقوع الصلاة بتمامها قبل الوقت
بطلت (3) ووجب الإعادة، وإن تبين دخول الوقت في أثنائها ولو قبل
السلام صحت، وأما إذا عمل بالظن الغير المعتبر فلا تصح (4) وإن دخل
الوقت في أثنائها، وكذا إذا كان غافلا على الأحوط كما مر (5) ولا فرق
في الصحة في الصورة الأولى بين أن يتبين دخول الوقت في الأثناء،
بعد الفراغ أو في الأثناء، لكن بشرط أن يكون الوقت داخلا حين
التبين، وأما إذا تبين أن الوقت سيدخل قبل تمام الصلاة فلا ينفع شيئا.
(مسألة 4): إذا لم يتمكن من تحصيل العلم أو ما بحكمه لمانع في
السماء من غيم أو غبار أو لمانع في نفسه (6) من عمى أو حبس أو نحو
ذلك فلا يبعد كفاية الظن (7) لكن الأحوط التأخير حتى يحصل اليقين،
278

بل لا يترك هذا الاحتياط (1).
(مسألة 5): إذا اعتقد دخول الوقت فشرع وفي أثناء الصلاة تبدل يقينه
بالشك، لا يكفي في الحكم بالصحة (2) إلا إذا كان حين الشك عالما
بدخول الوقت، إذ لا أقل من أنه يدخل تحت المسألة المتقدمة من
الصحة مع دخول الوقت في الأثناء.
(مسألة 6): إذا شك بعد الدخول في الصلاة في أنه راعى الوقت وأحرز
دخوله أم لا، فإن كان حين شكه عالما بالدخول لا يبعد الحكم بالصحة (3)
279

وإلا وجبت الإعادة (1) بعد الإحراز.
(مسألة 7): إذا شك بعد الفراغ من الصلاة في أنها وقعت في الوقت
أو لا، فإن علم عدم الالتفات إلى الوقت حين الشروع وجبت
الإعادة (2) وإن علم أنه كان ملتفتا ومراعيا له ومع ذلك شك في أنه
كان داخلا أم لا بنى على الصحة (3). وكذا إن كان شاكا في أنه
280

كان ملتفتا أم لا، هذا كله إذا كان عالما بالدخول حين الشك (1) وإلا
لا يحكم بالصحة (2) مطلقا، ولا تجري قاعدة الفراغ (3)، لأنه لا يجوز
281

له (1) حين الشك الشروع في الصلاة، فكيف يحكم بصحة ما مضى مع
هذه الحالة؟
(مسألة 8): يجب الترتيب بين الظهرين بتقديم الظهر (2) وبين العشاءين
بتقديم المغرب، فلو عكس عمدا بطل (3) وكذا لو كان جاهلا (4) بالحكم،
وأما لو شرع في الثانية قبل الأولى غافلا أو معتقدا لإتيانها عدل بعد
282

التذكر إن كان محل العدول باقيا، وإن كان في الوقت المختص بالأولى
على الأقوى كما مر (1) لكن الأحوط الإعادة (2) في هذه الصورة، وإن
تذكر بعد الفراغ صح (3) وبنى على أنها الأولى (4) في متساوي العدد
283

كالظهرين تماما أو قصرا، وإن كان في الوقت المختص (1) على الأقوى،
وقد مر أن الأحوط (2) أن يأتي بأربع ركعات أو ركعتين بقصد ما في
الذمة، وأما في غير المتساوي كما إذا أتى بالعشاء قبل المغرب وتذكر
بعد الفراغ فيحكم بالصحة، ويأتي بالأولى، وإن وقع الثانية في الوقت
المختص بالأولى، لكن الأحوط في هذه الصورة الإعادة (3).
284

(مسألة 9): إذا ترك المغرب ودخل في العشاء غفلة أو نسيانا أو معتقدا
لإتيانها فتذكر في الأثناء عدل، إلا إذا دخل في ركوع الركعة الرابعة،
فإن الأحوط (1) حينئذ إتمامها عشاء، ثم إعادتها بعد الإتيان بالمغرب.
285

(مسألة 10): يجوز العدول في قضاء الفوائت أيضا من اللاحقة إلى
السابقة، بشرط أن يكون فوت المعدول عنه معلوما، وأما إذا كان
احتياطيا فلا يكفي (1) العدول في البراءة من السابقة، وإن كانت
احتياطية أيضا، لاحتمال اشتغال الذمة واقعا بالسابقة (2) دون اللاحقة،
فلم يتحقق العدول من صلاة إلى أخرى. وكذا الكلام في العدول من
حاضرة إلى سابقتها، فإن اللازم أن لا يكون الإتيان باللاحقة من باب
الاحتياط وإلا لم يحصل اليقين بالبراءة من السابقة بالعدول لما مر.
(مسألة 11): لا يجوز (3) العدول من السابقة إلى اللاحقة في الحواضر
ولا في الفوائت، ولا يجوز من الفائتة إلى الحاضرة، وكذا من النافلة إلى
الفريضة، ولا من الفريضة إلى النافلة إلا في مسألة إدراك الجماعة (4)
286

وكذا من فريضة إلى أخرى إذا لم يكن بينهما ترتيب، ويجوز من
الحاضرة إلى الفائتة، بل يستحب في سعة وقت الحاضرة (1).
(مسألة 12): إذا اعتقد في أثناء العصر أنه ترك الظهر فعدل إليها
ثم تبين أنه كان آتيا بها فالظاهر جواز العدول (2) منها إلى العصر ثانيا،
287

لكن لا يخلو عن إشكال (1) فالأحوط (2) بعد الإتمام الإعادة أيضا.
(مسألة 13): المراد بالعدول أن ينوي كون ما بيده هي الصلاة السابقة
بالنسبة إلى ما مضى منها وما سيأتي.
(مسألة 14): إذا مضى من أول الوقت مقدار أداء الصلاة بحسب حاله
في ذلك الوقت من السفر والحضر والتيمم والوضوء والمرض والصحة
ونحو ذلك، ثم حصل أحد الأعذار المانعة من التكليف بالصلاة كالجنون
والحيض والإغماء وجب عليه القضاء، وإلا لم يجب (3) وإن علم
288

بحدوث العذر قبله، وكان له هذا المقدار وجبت المبادرة إلى الصلاة،
وعلى ما ذكرنا فإن كان تمام المقدمات حاصلة في أول الوقت يكفي
مضي مقدار أربع ركعات للظهر وثمانية لها مع العصر، وفي السفر يكفي
مضي مقدار ركعتين للظهر، وأربعة للظهرين، وهكذا بالنسبة إلى المغرب
والعشاء، وإن لم تكن المقدمات أو بعضها حاصلة لا بد من مضي مقدار
الصلاة وتحصيل تلك المقدمات. وذهب بعضهم إلى (1) كفاية مضي مقدار
الطهارة والصلاة في الوجوب، وإن لم يكن سائر المقدمات حاصلة.
والأقوى الأول (2) وإن كان هذا القول أحوط (3).
(مسألة 15): إذا ارتفع العذر المانع من التكليف في آخر الوقت فإن
289

وسع للصلاتين (1) وجبتا، وإن وسع لصلاة واحدة أتى بها، وإن لم يبق إلا
مقدار ركعة وجبت الثانية فقط، وإن زاد على الثانية بمقدار ركعة وجبتا
معا، كما إذا بقي إلى الغروب في الحضر مقدار خمس ركعات، وفي
السفر مقدار ثلاث ركعات، أو إلى نصف الليل مقدار خمس ركعات في
الحضر، وأربع ركعات في السفر.
ومنتهى الركعة بتمام (2) الذكر الواجب من السجدة الثانية، وإذا كان
ذات الوقت واحدة كما في الفجر يكفي بقاء مقدار ركعة.
(مسألة 16): إذا ارتفع العذر في أثناء الوقت المشترك بمقدار صلاة
واحدة ثم حدث ثانيا كما في الإغماء والجنون الأدواري فهل يجب
الإتيان (3) بالأولى أو الثانية أو يتخير؟ وجوه (4).
290

(مسألة 17): إذا بلغ الصبي في أثناء الوقت وجب عليه الصلاة إذا
أدرك مقدار ركعة (1) أو أزيد، ولو صلى قبل البلوغ ثم بلغ في أثناء
الوقت فالأقوى كفايتها وعدم وجوب إعادتها وإن كان أحوط (2).
وكذا الحال لو بلغ في أثناء الصلاة (3).
291

(مسألة 18): يجب في ضيق الوقت الاقتصار على أقل الواجب إذا
استلزم الإتيان بالمستحبات وقوع بعض الصلاة خارج الوقت، فلو أتى
بالمستحبات مع العلم بذلك يشكل صحة صلاته بل تبطل على الأقوى (1).
(مسألة 19): إذا أدرك من الوقت ركعة أو أزيد يجب ترك المستحبات
محافظة على الوقت بقدر الإمكان، نعم في المقدار الذي لا بد من وقوعه
خارج الوقت لا بأس بإتيان المستحبات.
(مسألة 20): إذا شك في أثناء العصر في أنه أتى بالظهر أم لا بنى على
عدم الإتيان (2) وعدل إليها إن كان في الوقت المشترك، ولا تجري قاعدة
292

التجاوز، نعم لو كان في الوقت المختص بالعصر يمكن البناء على
الإتيان (1) باعتبار كونه من الشك بعد الوقت.
فصل
في القبلة
وهي المكان الذي وقع فيه البيت - شرفه الله تعالى - من تخوم
الأرض إلى عنان السماء للناس كافة: القريب والبعيد لا خصوص البنية،
ولا يدخل فيه شئ من حجر إسماعيل، وإن وجب إدخاله في الطواف،
ويجب استقبال عينها لا المسجد أو الحرم ولو للبعيد (2).
293

ولا يعتبر اتصال (1) الخط من موقف كل مصل بها، بل المحاذاة
294

العرفية (1) كافية، غاية الأمر أن المحاذاة تتسع مع البعد، وكلما ازداد بعدا
ازدادت سعة المحاذاة، كما يعلم ذلك بملاحظة الأجرام البعيدة كالأنجم
ونحوها، فلا يقدح زيادة عرض الصف المستطيل عن الكعبة في صدق
محاذاتها، كما نشاهد ذلك بالنسبة إلى الأجرام البعيدة، والقول بأن القبلة
للبعيد سمت الكعبة وجهتها راجع (2) في الحقيقة إلى ما ذكرنا، وإن كان
295

مرادهم الجهة العرفية المسامحية فلا وجه له (1).
ويعتبر العلم بالمحاذاة مع الإمكان، ومع عدمه يرجع إلى العلامات
والأمارات المفيدة للظن.
وفي كفاية شهادة العدلين (2) مع إمكان تحصيل العلم إشكال، ومع
296

عدمه لا بأس بالتعويل عليها (1) إن لم يكن اجتهاده على خلافها،
297

وإلا فالأحوط تكرار الصلاة (1). ومع عدم إمكان تحصيل الظن يصلي
إلى أربع جهات (2) إن وسع الوقت وإلا فيتخير بينها (3).
(مسألة 1): الأمارات المحصلة للظن التي يجب الرجوع إليها عند عدم
إمكان العلم (4) كما هو الغالب بالنسبة إلى البعيد كثيرة:
298

منها: الجدي الذي هو المنصوص في الجملة بجعله في أواسط
العراق مثل الكوفة والنجف وبغداد ونحوها خلف المنكب الأيمن،
والأحوط أن يكون ذلك في غاية ارتفاعه أو انخفاضه، والمنكب ما بين
الكتف والعنق (1). والأولى وضعه خلف الأذن (2) وفي البصرة وغيرها
من البلاد الشرقية في الأذن اليمنى (3) وفي موصل ونحوها من البلاد
الغربية بين الكتفين، وفي الشام خلف الكتف الأيسر، وفي عدن بين
العينين، وفي صنعاء على الأذن اليمنى، وفي الحبشة والنوبة صفحة
الخد الأيسر.
ومنها: سهيل وهو عكس الجدي.
ومنها: الشمس لأهل العراق (4) إذا زالت عن الأنف إلى الحاجب
299

الأيمن عند مواجهتهم نقطة الجنوب.
300

ومنها: جعل المغرب على اليمين والمشرق (1) على الشمال لأهل
العراق أيضا في موضع يوضع الجدي بين الكتفين كموصل.
ومنها: الثريا والعيوق لأهل المغرب يضعون الأول عند طلوعه على
الأيمن، والثاني على الأيسر.
ومنها: محراب صلى فيه معصوم. فإن علم أنه صلى فيه من غير
تيامن ولا تياسر كان مفيدا للعلم، وإلا فيفيد الظن.
ومنها: قبر المعصوم، فإذا علم عدم تغيره وأن ظاهره مطابق لوضع
الجسد أفاد العلم وإلا فيفيد الظن.
ومنها: قبلة بلد المسلمين في صلاتهم وقبورهم ومحاريبهم إذا
لم يعلم بناؤها على الغلط، إلى غير ذلك كقواعد الهيئة (2) وقول
أهل خبرتها.
(مسألة 2): عند عدم إمكان تحصيل العلم بالقبلة يجب الاجتهاد في
تحصيل الظن (3) ولا يجوز الاكتفاء بالظن الضعيف مع إمكان القوي، كما
لا يجوز الاكتفاء به مع إمكان الأقوى. ولا فرق بين أسباب حصول
الظن، فالمدار على الأقوى فالأقوى، سواء حصل من الأمارات
301

المذكورة أو من غيرها، ولو من قول فاسق، بل ولو كافر فلو أخبر عدل
ولم يحصل الظن بقوله وأخبر فاسق أو كافر بخلافه وحصل منه الظن
من جهة كونه من أهل الخبرة يعمل به (1).
(مسألة 3): لا فرق في وجوب الاجتهاد بين الأعمى والبصير (2) غاية
الأمر أن اجتهاد الأعمى هو الرجوع إلى الغير (3) في بيان الأمارات أو
في تعيين القبلة.
(مسألة 4): لا يعتبر إخبار (4) صاحب المنزل إذا لم يفد الظن، ولا يكتفى
بالظن الحاصل من قوله إذا أمكن تحصيل الأقوى.
(مسألة 5): إذا كان اجتهاده مخالفا لقبلة بلد المسلمين في محاريبهم
(1) بل لا يبعد جواز الرجوع إلى أهل الخبرة ولو لم يحصل منه الظن، بل تقدم قوله
على الظن المطلق لا يخلو من وجه. (الإمام الخميني).
* إذا كان خبر العدل حسيا فلا يبعد تقدمه على الظن، والاحتياط لا ينبغي
تركه. (الخوئي).
(2) فإن تمكن من تشخيص الجهة بأمارة معتبرة كالجدي ونحوه مباشرة أو
بالاستعلام من البينة أو خبر العدل وجب العمل عليها، وإلا رجع إلى
الأمارات الظنية المطلقة ومنها خبر الثقة أو مطلق خبر الغير إن أفاد الظن وإلا
فلا. (كاشف الغطاء).
(3) هذا بحسب الغالب وإلا فيمكن اجتهاده بغيره أيضا. (الخوئي).
(4) الأقوى اعتبار خبره في تعيين قبلة بيته إن كان من أهل القبلة أو مطلقا إن أفاد
الظن وتعذر العلم أو ما هو بمنزلته. (كاشف الغطاء).
302

ومذابحهم وقبورهم فالأحوط تكرار الصلاة (1) إلا إذا علم بكونها مبنية
على الغلط.
(مسألة 6): إذا حصر القبلة في جهتين بأن علم أنها لا تخرج عن
إحداهما وجب عليه تكرير الصلاة، إلا إذا كانت إحداهما مظنونا،
والأخرى موهوما، فيكتفي بالأولى، وإذا حصر فيهما ظنا فكذلك يكرر
فيهما، لكن الأحوط إجراء (2) حكم المتحير في التكرار إلى أربع جهات.
(مسألة 7): إذا اجتهد لصلاة وحصل له الظن لا يجب تجديد (3)
303

الاجتهاد لصلاة أخرى ما دام الظن باقيا.
(مسألة 8): إذا ظن بعد الاجتهاد أنها في جهة فصلى الظهر مثلا إليها،
ثم تبدل ظنه إلى جهة أخرى وجب عليه إتيان العصر إلى الجهة الثانية،
وهل يجب إعادة الظهر أم لا؟ الأقوى وجوبها (1) إذا كان مقتضى ظنه
الثاني وقوع الأولى مستدبرا، أو إلى اليمين أو اليسار، وإذا كان مقتضاه
وقوعها ما بين اليمين واليسار لا تجب الإعادة.
(مسألة 9): إذا انقلب ظنه في أثناء الصلاة إلى جهة أخرى انقلب
إلى ما ظنه، إلا إذا كان الأول إلى الاستدبار أو اليمين واليسار
بمقتضى ظنه الثاني فيعيد (2).
304

(مسألة 10): يجوز لأحد (1) المجتهدين المختلفين في الاجتهاد الاقتداء
بالآخر إذا كان اختلافهما يسيرا، بحيث لا يضر بهيئة الجماعة، ولا
يكون بحد الاستدبار أو اليمين واليسار (2).
(مسألة 11): إذا لم يقدر على الاجتهاد أو لم يحصل له الظن بكونها في
جهة وكانت الجهات متساوية صلى إلى أربع جهات (3) إن وسع الوقت
(1) فيه إشكال لعدم صحة صلاة الإمام لدى المأموم واقعا، وهذا هو الشرط
في صحة صلاته لا الصحة الواقعية ولا الاعتقادية لدى الإمام، إذ الأخير
ظاهر لعدم دليل واف به بعد احتياج المأموم في قصد ربط صلاته بصلاة
غيره اعتقاده بأنه صلاة، وكذلك الأول بقرينة رواية إمامة اليهودي من
خراسان إلى بغداد بعد حمله على صحتها جماعة كما هو المرتكز في ذهن
السائل لا مجرد صحة صلاته ولو منفردا ولو من جهة عدم خلل في وظيفة
انفراده من جهة كون ترك عمده سهويا غير مضر، كيف وهو ينافي ترك
استفصاله عن صورة طرو منافيات أخرى من تكرار ركوع أو سجدتين
للمتابعة وغيره مع بعد عدم ابتلاء السائل في طول هذه المدة بمثل هذه
الطوارئ كما لا يخفى. (آقا ضياء).
(2) ولا خارجا عن الجهة العرفية على الأحوط. (الحائري).
(3) على الأحوط. (الإصفهاني، الحكيم).
* على الأحوط وإن كان التخيير لا يخلو عن قوة كما مر. (آل ياسين).
* على الأحوط كما مر آنفا. (الخوئي).
* على الأحوط، كما أن الأحوط القضاء أيضا مع ضيق الوقت عن تمام
الجهات. (الگلپايگاني).
305

وإلا فبقدر ما وسع (1) ويشترط أن يكون التكرار على وجه يحصل معه
اليقين بالاستقبال في إحداها، أو على وجه (2) لا يبلغ الانحراف إلى حد
اليمين واليسار، والأولى أن يكون على خطوط متقابلات (3).
(مسألة 12): لو كان عليه صلاتان فالأحوط أن تكون (4) الثانية
306

إلى جهات الأولى.
(مسألة 13): من كان وظيفته تكرار الصلاة إلى أربع جهات أو أقل،
وكان عليه صلاتان يجوز له أن يتمم جهات الأولى ثم يشرع في الثانية،
ويجوز أن يأتي بالثانية في كل جهة صلى إليها الأولى إلى أن تتم.
والأحوط (1) اختيار الأول. ولا يجوز أن يصلي الثانية إلى غير (2) الجهة
التي صلى إليها الأولى. نعم إذا اختار الوجه الأول لا يجب أن يأتي
بالثانية على ترتيب الأولى.
(مسألة 14): من عليه صلاتان كالظهر والعصر مثلا مع كون وظيفته
التكرار إلى أربع جهات إذا لم يكن له من الوقت مقدار ثمان صلوات بل
كان مقدار خمسة أو ستة أو سبعة فهل يجب إتمام جهات الأولى
وصرف بقية الوقت في الثانية، أو يجب إتمام جهات الثانية وإيراد
النقص على الأولى؟ الأظهر (3) الوجه الأول، ويحتمل وجه ثالث (4) وهو
التخيير، وإن لم يكن له إلا مقدار أربعة أو ثلاثة فقد يقال بتعين الإتيان
بجهات الثانية، ويكون الأولى قضاء، لكن الأظهر وجوب الإتيان
307

بالصلاتين، وإيراد النقص (1) على الثانية. كما في الفرض الأول، وكذا
الحال في العشاءين، و [لكن] في الظهرين يمكن الاحتياط بأن يأتي
بما يتمكن [من] الصلوات بقصد ما في الذمة (2) فعلا، بخلاف
العشاءين لاختلافهما في عدد الركعات.
(مسألة 15): من وظيفته التكرار إلى الجهات إذا علم أو ظن بعد الصلاة
إلى جهة أنها القبلة لا يجب عليه الإعادة، ولا إتيان البقية. ولو علم
أو ظن بعد الصلاة إلى جهتين أو ثلاث أن كلها إلى غير القبلة فإن كان
فيها ما هو ما بين اليمين واليسار كفى (3)، وإلا وجبت الإعادة (4).
308

(مسألة 16): الظاهر جريان حكم العمل بالظن مع عدم إمكان العلم،
والتكرار (1) إلى الجهات مع عدم إمكان الظن في سائر الصلوات غير
اليومية، بل غيرها مما يمكن فيه التكرار، كصلاة الآيات، وصلاة
الأموات، وقضاء الأجزاء المنسية، وسجدتي (2) السهو، وإن قيل (3) في
صلاة الأموات بكفاية الواحدة عند عدم الظن مخيرا بين الجهات،
أو التعيين بالقرعة، وأما فيما لا يمكن فيه التكرار كحال الاحتضار
والدفن والذبح والنحر (4) فمع عدم الظن يتخير، والأحوط القرعة.
(مسألة 17): إذا صلى من دون الفحص عن القبلة إلى جهة، غفلة
أو مسامحة (5) يجب إعادتها إلا إذا تبين كونها القبلة مع حصول قصد
309

القربة منه.
فصل
فيما يستقبل له
يجب الاستقبال في مواضع:
أحدها: الصلوات اليومية (1) أداء وقضاء، وتوابعها من صلاة
الاحتياط للشكوك، وقضاء الأجزاء المنسية، بل وسجدتي السهو (2)
وكذا فيما لو صارت مستحبة بالعارض كالمعادة جماعة أو احتياطا (3)
وكذا في سائر الصلوات الواجبة كالآيات، بل وكذا في صلاة الأموات،
ويشترط في صلاة النافلة في حال الاستقرار (4) لا في حال المشي (5)
310

أو الركوب، ولا يجب فيها الاستقرار والاستقبال وإن صارت واجبة
بالعرض كالنذر ونحوه (1).
[مسألة 1]: وكيفية الاستقبال في الصلاة قائما أن يكون وجهه
ومقاديم بدنه إلى القبلة حتى أصابع رجليه على الأحوط (2) والمدار
على الصدق العرفي. وفي الصلاة جالسا أن يكون رأس ركبتيه إليها (3)
مع وجهه وصدره وبطنه، وإن جلس على قدميه لا بد أن يكون وضعهما
على وجه يعد مقابلا لها (4). وإن صلى مضطجعا يجب أن يكون كهيئة
المدفون (5) وإن صلى مستلقيا فكهيئة المحتضر.
311

الثاني: في حال الاحتضار وقد مر كيفيته.
الثالث: حال الصلاة على الميت يجب أن يجعل على وجه يكون
رأسه إلى المغرب (1) ورجلاه إلى المشرق.
الرابع: وضعه حال الدفن على كيفية مرت.
الخامس: الذبح والنحر بأن يكون المذبح والمنحر ومقاديم بدن
الحيوان إلى القبلة، والأحوط (2) كون الذابح أيضا مستقبلا، وإن كان
الأقوى عدم وجوبه.
(مسألة 2): يحرم الاستقبال حال التخلي بالبول أو الغائط، والأحوط (3)
تركه حال الاستبراء والاستنجاء كما مر.
(مسألة 3): يستحب الاستقبال في مواضع: حال الدعاء، وحال قراءة
312

القرآن، وحال الذكر، وحال التعقيب، وحال المرافعة عند الحاكم، وحال
سجدة الشكر وسجدة التلاوة، بل حال الجلوس مطلقا.
(مسألة 4): يكره الاستقبال حال الجماع، وحال لبس السراويل، بل
كل حالة ينافي التعظيم.
فصل
في أحكام الخلل في القبلة
(مسألة 1): لو أخل بالاستقبال عالما عامدا بطلت صلاته مطلقا، وإن
أخل بها جاهلا (1) أو ناسيا أو غافلا أو مخطئا في اعتقاده أو في ضيق
الوقت فإن كان منحرفا عنها إلى ما بين اليمين واليسار صحت صلاته (2)
ولو كان في الأثناء مضى ما تقدم واستقام في الباقي، من غير فرق بين
بقاء الوقت وعدمه، لكن الأحوط الإعادة (3) في غير المخطئ في
اجتهاده مطلقا. وإن كان منحرفا إلى اليمين واليسار أو إلى الاستدبار
313

فإن كان مجتهدا مخطئا أعاد في الوقت دون خارجه، وإن كان الأحوط
الإعادة مطلقا (1) سيما في صورة الاستدبار (2) بل لا ينبغي أن يترك في
هذه الصورة (3) وكذا إن كان في الأثناء (4). وإن كان جاهلا أو ناسيا
أو غافلا فالظاهر وجوب الإعادة في الوقت وخارجه (5).
314

(مسألة 2): إذا ذبح أو نحر إلى غير القبلة عالما عامدا (1) حرم المذبوح
315

والمنحور، وإن كان ناسيا أو جاهلا (1) أو لم يعرف جهة القبلة لا يكون
حراما، وكذا لو تعذر استقباله كأن يكون عاصيا أو واقعا في بئر أو
نحوه مما لا يمكن استقباله فإنه يذبحه وإن كان إلى غير القبلة.
(مسألة 3): لو ترك استقبال الميت وجب نبشه ما لم يتلاش ولم يوجب
هتك حرمته، سواء كان عن عمد أو جهل أو نسيان كما مر سابقا.
فصل
في الستر والساتر
اعلم أن الستر قسمان: ستر يلزم في نفسه، وستر مخصوص بحالة
الصلاة.
أما الأول: فهو أنه يجب ستر العورتين: القبل والدبر، من كل
مكلف من الرجل والمرأة عن كل أحد من ذكر أو أنثى (2) ولو كان
مماثلا، محرما أو غير محرم، ويحرم على كل منهما أيضا النظر إلى
عورة الآخر. ولا يستثنى من الحكمين إلا الزوج والزوجة (3) والسيد
316

والأمة إذا لم تكن مزوجة (1) ولا محللة (2) بل يجب الستر عن الطفل
المميز خصوصا المراهق، كما أنه يحرم النظر إلى عورة المراهق، بل
الأحوط تركه إلى عورة المميز، ويجب ستر المرأة تمام بدنها عمن عدا
الزوج (3) والمحارم إلا الوجه والكفين مع عدم التلذذ والريبة، وأما معهما
فيجب الستر، ويحرم النظر حتى بالنسبة إلى المحارم، وبالنسبة إلى
الوجه والكفين، والأحوط سترها عن المحارم من السرة إلى الركبة
مطلقا، كما أن الأحوط ستر الوجه والكفين (4) عن غير المحارم مطلقا.
(مسألة 1): الظاهر وجوب ستر الشعر الموصول (5) بالشعر، سواء كان
317

من الرجل أو المرأة. وحرمة النظر إليه، وأما القرامل من غير الشعر وكذا
الحلي ففي وجوب سترهما وحرمة النظر إليهما مع مستورية البشرة
إشكال (1) وإن كان أحوط (2).
(مسألة 2): الظاهر حرمة النظر (3) إلى ما يحرم النظر إليه في المرآة
والماء الصافي مع عدم التلذذ، وأما معه فلا إشكال (4) في حرمته.
(مسألة 3): لا يشترط في الستر الواجب في نفسه ساتر مخصوص
ولا كيفية خاصة بل المناط مجرد الستر ولو كان باليد وطلي الطين (5)
ونحوهما.
وأما الثاني: أي الستر حال الصلاة فله كيفية خاصة، ويشترط فيه
ساتر خاص ويجب مطلقا، سواء كان هناك ناظر محترم أو غيره أم لا،
318

ويتفاوت بالنسبة إلى الرجل والمرأة، أما الرجل فيجب عليه ستر
العورتين، أي القبل من القضيب والبيضتين، وحلقة الدبر لا غير، وإن
كان الأحوط ستر العجان، أي ما بين حلقة الدبر إلى أصل القضيب،
وأحوط من ذلك ستر ما بين السرة والركبة، والواجب ستر لون البشرة،
والأحوط ستر الشبح (1) الذي يرى من خلف الثوب من غير تميز للونه،
وأما الحجم أي الشكل فلا يجب ستره.
وأما المرأة فيجب عليها ستر جميع بدنها حتى الرأس والشعر إلا
الوجه المقدار الذي يغسل (2) في الوضوء، وإلا اليدين إلى الزندين،
والقدمين إلى الساقين ظاهرهما وباطنهما (3) ويجب ستر شئ من
أطراف هذه المستثنيات من باب المقدمة.
(مسألة 4): لا يجب على المرأة حال الصلاة ستر ما في باطن الفم من
الأسنان واللسان، ولا ما على الوجه من الزينة كالكحل والحمرة
والسواد والحلي، ولا الشعر الموصول (4) بشعرها والقرامل وغير ذلك،
وإن قلنا بوجوب سترها عن الناظر.
319

(مسألة 5): إذا كان هناك ناظر ينظر بريبة إلى وجهها أو كفيها أو قدميها
يجب عليها سترها لكن لا من حيث الصلاة، فإن أتمت ولم تسترها
لم تبطل الصلاة، وكذا بالنسبة إلى حليها، وما على وجهها من الزينة،
وكذا بالنسبة إلى الشعر الموصول والقرامل في صورة حرمة النظر إليها.
(مسألة 6): يجب على المرأة ستر رقبتها حال الصلاة، وكذا ما تحت
ذقنها حتى المقدار الذي يرى منه عند اختمارها على الأحوط (1).
(مسألة 7): الأمة كالحرة في جميع ما ذكر من المستثنى والمستثنى منه
ولكن لا يجب عليها ستر رأسها ولا شعرها ولا عنقها، من غير فرق بين
أقسامها من القنة والمدبرة والمكاتبة والمستولدة (2) وإن كانت مبعضة
فكالحرة مطلقا.
ولو أعتقت في أثناء الصلاة وعلمت به ولم يتخلل بين عتقها وستر
رأسها زمان صحت صلاتها، بل وإن تخلل زمان (3) إذا بادرت إلى ستر
320

رأسها للباقي من صلاتها بلا فعل مناف (1) وأما إذا تركت ستره حينئذ
بطلت، وكذا إذا لم تتمكن من الستر إلا بفعل المنافي، ولكن الأحوط
الإتمام (2) ثم الإعادة. نعم لو لم تعلم بالعتق حتى فرغت صحت صلاتها
على الأقوى (3) بل وكذا لو علمت لكن لم يكن عندها ساتر (4) أو كان
321

الوقت ضيقا. و [أما] إذا علمت عتقها لكن كانت جاهلة بالحكم وهو
وجوب الستر فالأحوط إعادتها (1).
(مسألة 8): الصبية الغير البالغة حكمها حكم الأمة في عدم وجوب
ستر رأسها ورقبتها، بناء على المختار من صحة صلاتها وشرعيتها،
وإذا بلغت في أثناء الصلاة فحالها حال الأمة المعتقة في الأثناء (2)
في وجوب المبادرة إلى الستر، والبطلان مع عدمها إذا كانت عالمة
بالبلوغ (3).
322

(مسألة 9): لا فرق في وجوب الستر وشرطيته بين أنواع الصلوات
الواجبة والمستحبة، ويجب أيضا في توابع الصلاة من قضاء الأجزاء (1)
المنسية، بل سجدتي السهو على الأحوط (2). نعم لا يجب في صلاة
الجنازة وإن كان هو الأحوط فيها أيضا. وكذا لا يجب في سجدة التلاوة
وسجدة الشكر.
(مسألة 10): يشترط ستر العورة في الطواف (3) أيضا.
(مسألة 11): إذا بدت العورة كلا أو بعضا لريح أو غفلة لم تبطل
الصلاة (4) لكن إن علم به في أثناء الصلاة وجبت المبادرة إلى سترها (5)
وصحت أيضا (6) وإن كان الأحوط (7) الإعادة بعد الإتمام،
323

خصوصا (1) إذا احتاج سترها إلى زمان معتد به.
(مسألة 12): إذا نسي ستر العورة ابتداء أو بعد التكشف في الأثناء
فالأقوى صحة الصلاة (2) وإن كان الأحوط الإعادة، وكذا لو تركه من
أول الصلاة أو في الأثناء غفلة، والجاهل بالحكم كالعامد على الأحوط (3).
(مسألة 13): يجب الستر من جميع الجوانب بحيث لو كان هناك ناظر
لم يرها، إلا من جهة التحت (4) فلا يجب، نعم إذا كان واقفا على طرف
سطح (5) أو على شباك بحيث ترى عورته لو كان هناك ناظر فالأقوى
والأحوط وجوب الستر من تحت أيضا، بخلاف ما إذا كان واقفا على
طرف بئر. والفرق من حيث (6) عدم تعارف وجود الناظر في البئر
324

فيصدق الستر عرفا (1) وأما الواقف على طرف السطح لا يصدق عليه
الستر إذا كان بحيث يرى، فلو لم يستر من جهة التحت بطلت صلاته (2)
وإن لم يكن هناك ناظر، فالمدار على الصدق العرفي ومقتضاه ما ذكرنا.
(مسألة 14): هل يجب الستر عن نفسه بمعنى أن يكون بحيث لا يرى
نفسه أيضا أم المدار على الغير؟ قولان: الأحوط الأول (3) وإن كان
الثاني لا يخلو عن قوة (4) فلو صلى في ثوب واسع الجيب بحيث يرى
عورة نفسه عند الركوع لم تبطل على ما ذكرنا (5) والأحوط البطلان. هذا
إذا لم يكن بحيث قد يراها غيره أيضا، وإلا فلا إشكال في البطلان.
(مسألة 15): هل اللازم أن يكون ساتريته في جميع الأحوال حاصلا
من أول الصلاة إلى آخرها، أو يكفي الستر بالنسبة إلى كل حالة عند
تحققها مثلا إذا كان ثوبه مما يستر حال القيام لا حال الركوع فهل تبطل
الصلاة فيه، وإن كان في حال الركوع يجعله على وجه يكون ساترا
أو يتستر عنده بساتر آخر أو لا تبطل؟ وجهان أقواهما الثاني،
325

وأحوطهما الأول، وعلى ما ذكرنا فلو كان ثوبه مخرقا بحيث تنكشف
عورته في بعض الأحوال لم يضر إذا سد ذلك الخرق عند تلك الحالة
بجمعه أو بنحو آخر ولو بيده (1) على إشكال في الستر بها (2).
(مسألة 16): الستر الواجب في نفسه من حيث حرمة النظر يحصل
بكل ما يمنع عن النظر، ولو كان بيده أو يد زوجته أو أمته، كما أنه
يكفي ستر الدبر بالأليتين، وأما الستر الصلاتي فلا يكفي فيه ذلك ولو
حال الاضطرار، بل لا يجزي الستر بالطلي بالطين أيضا حال
الاختيار (3) نعم يجزي حال الاضطرار على الأقوى (4) وإن كان الأحوط
خلافه (5) وأما الستر بالورق والحشيش فالأقوى جوازه حتى حال
326

الاختيار، لكن الأحوط الاقتصار على حال الاضطرار (1) وكذا يجزي
مثل القطن والصوف الغير المنسوجين، وإن كان الأولى المنسوج منهما
أو من غيرهما مما يكون من الألبسة المتعارفة.
فصل
في شرائط لباس المصلي
وهي أمور:
الأول: الطهارة في جميع لباسه، عدا ما لا تتم فيه الصلاة منفردا، بل
وكذا في محموله (2) على ما عرفت تفصيله في باب الطهارة.
الثاني: الإباحة (3) وهي أيضا شرط في جميع لباسه (4) من غير فرق
327

بين الساتر وغيره، بل وكذا في محموله (1) فلو صلى في المغصوب
ولو كان خيطا منه عالما بالحرمة عامدا بطلت (2) وإن كان جاهلا (3)
بكونه مفسدا، بل الأحوط البطلان (4) مع الجهل بالحرمة أيضا، وإن كان
الحكم بالصحة لا يخلو عن قوة (5) وأما مع النسيان والجهل بالغصبية
328

فصحيحة (1) والظاهر عدم الفرق بين كون المصلي الناسي هو الغاصب
أو غيره (2) لكن الأحوط الإعادة (3) بالنسبة إلى الغاصب، خصوصا إذا
كان بحيث لا يبالي (4) على فرض تذكره أيضا.
(مسألة 1): لا فرق في الغصب بين أن يكون من جهة كون عينه للغير
أو كون منفعته له، بل وكذا لو تعلق به حق الغير بأن يكون مرهونا.
(مسألة 2): إذا صبغ ثوب مباح بصبغ مغصوب فالظاهر أنه لا يجري
عليه حكم المغصوب، لأن الصبغ يعد تالفا، فلا يكون اللون لمالكه (5)
329

لكن لا يخلو عن إشكال (1) أيضا. نعم لو كان الصبغ أيضا مباحا لكن
أجبر شخصا على عمله ولم يعط أجرته لا إشكال فيه (2) بل وكذا
لو أجبر على خياطة ثوب أو استأجر ولم يعط أجرته إذا كان الخيط له
أيضا (3) وأما إذا كان للغير فمشكل (4) وإن كان يمكن أن يقال: إنه يعد
تالفا فيستحق مالكه قيمته، خصوصا إذا لم يمكن رده بفتقه، لكن
الأحوط ترك (5) الصلاة فيه قبل إرضاء مالك الخيط، خصوصا إذا أمكن
رده بالفتق صحيحا، بل لا يترك في هذه الصورة (6).
330

(مسألة 3): إذا غسل الثوب الوسخ أو النجس بماء مغصوب فلا إشكال
في جواز الصلاة فيه بعد الجفاف، غاية الأمر أن ذمته تشتغل بعوض
الماء، وأما مع رطوبته فالظاهر أنه كذلك (1) أيضا، وإن كان الأولى (2)
تركها حتى يجف.
(مسألة 4): إذا أذن المالك للغاصب أو لغيره في الصلاة فيه مع بقاء
الغصبية صحت، خصوصا بالنسبة إلى غير الغاصب، وإن أطلق الإذن
ففي جوازه بالنسبة إلى الغاصب إشكال (3) لانصراف الإذن إلى غيره، نعم
مع الظهور في العموم لا إشكال.
(مسألة 5): المحمول المغصوب إذا تحرك بحركات الصلاة يوجب
البطلان (4) وإن كان شيئا يسيرا.
331

(مسألة 6): إذا اضطر إلى لبس المغصوب لحفظ نفسه أو لحفظ
المغصوب (1) عن التلف صحت الصلاة فيه.
(مسألة 7): إذا جهل أو نسي الغصبية وعلم أو تذكر في أثناء الصلاة فإن
أمكن نزعه فورا (2) وكان له ساتر غيره صحت الصلاة، وإلا ففي سعة
الوقت ولو بإدراك ركعة يقطع الصلاة (3) وإلا فيشتغل بها في حال النزع.
332

(مسألة 8): إذا استقرض ثوبا وكان من نيته عدم أداء عوضه (1) أو كان
من نيته الأداء من الحرام فعن بعض العلماء أنه يكون من المغصوب (2)
بل عن بعضهم أنه لو لم ينو الأداء أصلا لا من الحلال ولا من الحرام
أيضا كذلك، ولا يبعد ما ذكراه (3) ولا يختص بالقرض ولا بالثوب، بل
لو اشترى أو استأجر أو نحو ذلك وكان من نيته عدم أداء العوض
أيضا كذلك.
(مسألة 9): إذا اشترى ثوبا بعين مال تعلق به الخمس أو الزكاة مع عدم
أدائهما من مال آخر حكمه حكم المغصوب (4).
333

الثالث: أن لا يكون من أجزاء الميتة، سواء كان حيوانه محلل اللحم
أو محرمه، بل لا فرق بين أن يكون مما ميتته نجسة أو لا، كميتة السمك
ونحوه مما ليس له نفس سائلة على الأحوط (1) وكذا لا فرق بين أن
يكون مدبوغا أو لا. والمأخوذ من يد المسلم (2) وما عليه أثر استعماله
بحكم المذكى، بل وكذا المطروح في أرضهم وسوقهم وكان عليه أثر
الاستعمال (3) وإن كان الأحوط (4) اجتنابه، كما أن الأحوط اجتناب
334

ما في يد المسلم المستحل للميتة بالدبغ، ويستثنى من الميتة صوفها
وشعرها ووبرها وغير ذلك مما مر في بحث النجاسات.
(مسألة 10): اللحم أو الشحم أو الجلد المأخوذ من يد الكافر أو
المطروح في بلاد الكفار أو المأخوذ من يد مجهول الحال في غير سوق
المسلمين أو المطروح في أرض المسلمين إذا لم يكن عليه أثر
الاستعمال محكوم بعدم (1) التذكية، ولا يجوز الصلاة فيه، بل وكذا
المأخوذ من يد المسلم إذا علم أنه أخذه من يد الكافر مع عدم مبالاته
بكونه من ميتة أو مذكى (2).
(مسألة 11): استصحاب جزء من أجزاء الميتة في الصلاة موجب
لبطلانها وإن لم يكن ملبوسا (3).
335

(مسألة 12): إذا صلى في الميتة جهلا (1) لم تجب الإعادة، نعم مع
الالتفات والشك لا تجوز ولا تجزي (2) وأما إذا صلى فيها نسيانا
336

فإن كانت ميتة ذي النفس أعاد (1) في الوقت وخارجه (2) وإن كان من
ميتة ما لا نفس له فلا تجب الإعادة (3).
(مسألة 13): المشكوك في كونه من جلد الحيوان (4) أو غيره لا مانع
من الصلاة فيه.
الرابع: أن لا يكون من أجزاء ما لا يؤكل لحمه، وإن كان مذكى أو
حيا جلدا كان أو غيره فلا يجوز الصلاة في جلد غير المأكول ولا شعره
وصوفه وريشه ووبره، ولا في شئ من فضلاته (5) سواء كان ملبوسا (6)
أو مخلوطا به أو محمولا (7) حتى شعرة (8) واقعة على لباسه، بل حتى
337

عرقه وريقه وإن كان طاهرا ما دام رطبا، بل ويابسا إذا كان له عين،
ولا فرق في الحيوان بين كونه ذا نفس أو لا (1) كالسمك الحرام أكله (2).
(مسألة 14): لا بأس بالشمع والعسل والحرير الممتزج ودم البق
والقمل والبرغوث ونحوها من فضلات أمثال هذه الحيوانات مما
لا لحم لها، وكذا الصدف (3) لعدم معلومية كونه جزء من الحيوان، وعلى
تقديره لم يعلم كونه ذا لحم، وأما اللؤلؤ فلا إشكال فيه أصلا، لعدم كونه
جزء من الحيوان.
(مسألة 15): لا بأس بفضلات الإنسان ولو لغيره كعرقه ووسخه وشعره
وريقه ولبنه، فعلى هذا لا مانع من الشعر الموصول بالشعر سواء كان من
الرجل أو المرأة، نعم لو اتخذ لباس من شعر الإنسان، فيه إشكال سواء
كان ساترا أو غيره، بل المنع فيه قوي (4) خصوصا الساتر.
338

(مسألة 16): لا فرق في المنع بين أن يكون ملبوسا أو جزءا منه
أو واقعا عليه (1) أو كان في جيبه (2) بل ولو في حقة هي في جيبه (3).
(مسألة 17): يستثنى مما لا يؤكل الخز الخالص الغير المغشوش بوبر
الأرانب والثعالب، وكذا السنجاب (4). وأما السمور والقاقم والفنك
339

والحواصل فلا يجوز الصلاة في أجزائها على الأقوى (1).
(مسألة 18): الأقوى جواز (2) الصلاة في المشكوك في كونه من غير
المأكول أو منه، فعلى هذا لا بأس بالصلاة في الماهوت، وأما إذا شك
في كون شئ من أجزاء الحيوان أو من غير الحيوان فلا إشكال فيه (3).
(مسألة 19): إذا صلي في غير المأكول جاهلا أو ناسيا (4) فالأقوى
340

صحة صلاته.
(مسألة 20): الظاهر عدم الفرق بين ما يحرم أكله بالأصالة أو بالعرض
كالموطوء والجلال، وإن كان لا يخلو عن إشكال.
الخامس: أن لا يكون من الذهب للرجال، ولا يجوز لبسه لهم في
غير الصلاة أيضا، ولا فرق بين أن يكون خالصا أو ممزوجا (1) بل
الأقوى اجتناب الملحم به، والمذهب بالتمويه والطلي إذا صدق عليه
لبس الذهب (2) ولا فرق بين ما تتم فيه الصلاة وما لا تتم، كالخاتم والزر (3)
341

ونحوهما، نعم لا بأس بالمحمول منه مسكوكا أو غيره، كما لا بأس
بشد الأسنان به (1) بل الأقوى أنه لا بأس بالصلاة فيما جاز فعله فيه من
السلاح كالسيف والخنجر ونحوهما (2) وإن أطلق عليهما اسم اللبس،
لكن الأحوط اجتنابه.
وأما النساء فلا إشكال في جواز لبسهن وصلاتهن فيه. وأما الصبي
المميز فلا يحرم عليه (3) لبسه، ولكن الأحوط له (4) عدم الصلاة فيه.
(مسألة 21): لا بأس بالمشكوك كونه ذهبا في الصلاة وغيرها.
(مسألة 22): إذا صلى في الذهب جاهلا أو ناسيا فالظاهر صحتها (5).
342

(مسألة 23): لا بأس بكون قاب الساعة من الذهب، إذ لا يصدق عليه
الآنية، ولا بأس باستصحابها أيضا في الصلاة إذا كان في جيبه، حيث
إنه يعد من المحمول، نعم إذا كان زنجير الساعة من الذهب وعلقه على
رقبته أو وضعه في جيبه، لكن علق رأس الزنجير يحرم، لأنه تزيين
بالذهب (1) ولا تصح الصلاة فيه (2) أيضا.
(مسألة 24): لا فرق في حرمة لبس الذهب بين أن يكون ظاهرا مرئيا
أو لم يكن ظاهرا.
(مسألة 25): لا بأس بافتراش الذهب ويشكل التدثر به (3).
السادس: أن لا يكون حريرا محضا للرجال، سواء كان ساترا
للعورة أو كان الساتر غيره، وسواء كان مما تتم فيه الصلاة أو لا على
الأقوى كالتكة والقلنسوة ونحوهما (4). بل يحرم لبسه في غير حال
343

الصلاة أيضا إلا مع الضرورة لبرد أو مرض، وفي حال الحرب، وحينئذ
تجوز الصلاة فيه أيضا (1) وإن كان الأحوط (2) أن يجعل ساتره من غير
الحرير. ولا بأس به للنساء، بل تجوز صلاتهن فيه (3) أيضا على
الأقوى، بل وكذا الخنثى المشكل (4). وكذا لا بأس بالممتزج بغيره من
344

قطن أو غيره مما يخرجه عن صدق الخلوص والمحوضة وكذا لا بأس
بالكف به (1) وإن زاد على أربع أصابع، وإن كان الأحوط ترك ما زاد
عليها، ولا بأس بالمحمول منه أيضا، وإن كان مما تتم فيه الصلاة.
(مسألة 26): لا بأس بغير الملبوس من الحرير كالافتراش والركوب
عليه والتدثر به ونحو ذلك (2) في حال الصلاة وغيرها، ولا بزر الثياب
وأعلامها والسفائف والقياطين الموضوعة عليها وإن تعددت وكثرت.
(مسألة 27): لا يجوز جعل البطانة من الحرير للقميص وغيره وإن كان
345

إلى نصفه. وكذا لا يجوز لبس (1) الثوب الذي أحد نصفيه حرير. وكذا
إذا كان طرف العمامة منه إذا كان زائدا على مقدار الكف (2) بل على
أربعة أصابع على الأحوط.
(مسألة 28): لا بأس بما يرقع به الثوب من الحرير إذا لم يزد
على مقدار (3) الكف، وكذا الثوب المنسوج طرائق بعضها حرير وبعضها
غير حرير إذا لم يزد عرض الطرائق من الحرير على مقدار الكف، وكذا
لا بأس بالثوب الملفق من قطع بعضها حرير وبعضها غيره بالشرط
المذكور.
(مسألة 29): لا بأس بثوب جعل الإبريسم بين ظهارته وبطانته عوض
القطن ونحوه. وأما إذا جعل وصلة (4) من الحرير بينهما فلا يجوز لبسه
ولا الصلاة فيه.
(مسألة 30): لا بأس بعصابة (5) الجروح والقروح وخرق الجبيرة
346

وحفيظة المسلوس والمبطون إذا كانت من الحرير.
(مسألة 31): يجوز لبس الحرير لمن كان قملا على خلاف العادة
لدفعه، والظاهر جواز الصلاة فيه (1) حينئذ.
(مسألة 32): إذا صلى في الحرير جهلا أو نسيانا فالأقوى عدم
وجوب (2) الإعادة وإن كان أحوط (3).
(مسألة 33): يشترط في الخليط أن يكون مما تصح فيه الصلاة،
كالقطن والصوف مما يؤكل لحمه، فلو كان من صوف أو وبر ما لا يؤكل
لحمه لم يكف في صحة الصلاة، وإن كان كافيا في رفع الحرمة،
ويشترط أن يكون بمقدار يخرجه عن صدق المحوضة، فإذا كان يسيرا
مستهلكا بحيث يصدق عليه الحرير المحض لم يجز لبسه ولا الصلاة
فيه، ولا يبعد (4) كفاية العشر في الإخراج عن الصدق.
347

(مسألة 34): الثوب الممتزج إذا ذهب جميع ما فيه من غير الإبريسم
من القطن أو الصوف لكثرة الاستعمال وبقي الإبريسم محضا لا يجوز
لبسه بعد ذلك.
(مسألة 35): إذا شك في ثوب أن خليطه من صوف ما يؤكل لحمه
أو مما لا يؤكل فالأقوى (1) جواز الصلاة فيه، وإن كان الأحوط
الاجتناب عنه.
(مسألة 36): إذا شك في ثوب أنه حرير محض أو مخلوط جاز لبسه
والصلاة فيه على الأقوى.
(مسألة 37): الثوب من الإبريسم المفتول بالذهب لا يجوز لبسه
ولا الصلاة فيه.
(مسألة 38): إذا انحصر ثوبه في الحرير فإن كان مضطرا (2) إلى لبسه
لبرد أو غيره فلا بأس بالصلاة فيه (3) وإلا لزم نزعه، وإن لم يكن له ساتر
غيره فيصلي حينئذ عاريا. وكذا إذا انحصر في الميتة أو المغصوب
أو الذهب. وكذا إذا انحصر في غير المأكول (4). وأما إذا انحصر في
348

النجس فالأقوى جواز الصلاة فيه، وإن لم يكن مضطرا (1) إلى لبسه،
والأحوط تكرار الصلاة، بل وكذا في صورة الانحصار في غير
المأكول (2) فيصلي فيه ثم يصلي عاريا.
(مسألة 39): إذا اضطر إلى لبس أحد الممنوعات من النجس وغير
المأكول والحرير والذهب والميتة والمغصوب قدم النجس (3) على
349

الجميع، ثم غير المأكول (1) ثم الذهب والحرير (2) ويتخير بينهما، ثم
الميتة (3) فيتأخر المغصوب عن الجميع.
(مسألة 40): لا بأس بلبس الصبي الحرير فلا يحرم (4) على الولي إلباسه
إياه، وتصح صلاته فيه (5) بناء على المختار من كون عباداته شرعية.
(مسألة 41): يجب تحصيل الساتر للصلاة ولو بإجارة أو شراء ولو كان
بأزيد (6) من عوض المثل ما لم يجحف بماله ولم يضر بحاله، ويجب
350

قبول الهبة أو العارية ما لم يكن فيه حرج، بل يجب الاستعارة
والاستيهاب كذلك.
(مسألة 42): يحرم لبس لباس الشهرة بأن يلبس خلاف زيه (1) من
حيث جنس اللباس، أو من حيث لونه، أو من حيث وضعه وتفصيله
وخياطته كأن يلبس العالم لباس الجندي أو بالعكس مثلا، وكذا يحرم
على الأحوط لبس الرجال ما (2) يختص بالنساء وبالعكس (3) والأحوط
351

ترك الصلاة فيهما وإن كان الأقوى عدم البطلان (1).
(مسألة 43): إذا لم يجد (2) المصلي ساترا حتى ورق الأشجار
والحشيش فإن وجد الطين (3) أو الوحل أو الماء (4) الكدر أو حفرة يلج
فيها ويتستر بها أو نحو ذلك مما يحصل به ستر العورة صلى صلاة
المختار قائما مع الركوع (5) والسجود، وإن لم يجد ما يستر به العورة
أصلا فإن أمن من الناظر بأن لم يكن هناك ناظر أصلا أو كان وكان
أعمى أو في ظلمة أو علم بعدم نظره أصلا، أو كان ممن لا يحرم نظره
352

إليه كزوجته أو أمته فالأحوط (1) تكرار الصلاة بأن يصلي صلاة المختار
تارة، وموميا للركوع والسجود أخرى قائما، وإن لم يأمن من الناظر
المحترم صلى جالسا، وينحني للركوع والسجود (2) بمقدار لا تبدو
عورته، وإن لم يمكن فيومي برأسه، وإلا فبعينيه، ويجعل الانحناء
أو الإيماء للسجود أزيد من الركوع (3) ويرفع ما يسجد عليه ويضع (4)
353

جبهته عليه، وفي صورة القيام يجعل يده على قبله على الأحوط.
(مسألة 44): إذا وجد ساترا لإحدى عورتيه ففي وجوب تقديم القبل
أو الدبر أو التخيير (1) بينهما وجوه أوجهها الوسط (2).
(مسألة 45): يجوز للعراة الصلاة متفرقين، ويجوز بل يستحب لهم
الجماعة وإن استلزمت للصلاة جلوسا وأمكنهم الصلاة مع الانفراد
قياما (3) فيجلسون ويجلس الإمام وسط الصف ويتقدمهم بركبتيه
354

ويومون للركوع والسجود (1) إلا إذا كانوا في ظلمة آمنين من نظر بعضهم
إلى بعض، فيصلون قائمين صلاة المختار (2) تارة، ومع الإيماء أخرى (3)
على الأحوط.
(مسألة 46): الأحوط بل الأقوى تأخير الصلاة عن أول الوقت إذا لم
يكن عنده ساتر واحتمل وجوده في آخر الوقت (4).
355

(مسألة 47): إذا كان عنده ثوبان يعلم أن أحدهما حرير أو ذهب
أو مغصوب، والآخر مما تصح فيه الصلاة لا تجوز الصلاة في واحد
منهما بل يصلي عاريا (1) وإن علم أن أحدهما من غير المأكول والآخر
من المأكول أو أن أحدهما نجس والآخر طاهر صلى صلاتين، وإذا
ضاق الوقت ولم يكن إلا مقدار صلاة واحدة يصلي عاريا في الصورة
الأولى (2) ويتخير بينهما في الثانية (3).
(مسألة 48): المصلي مستلقيا أو مضطجعا لا بأس بكون فراشه
أو لحافه (4) نجسا أو حريرا أو من غير المأكول (5) إذا كان له ساتر
غيرهما، وإن كان يتستر بهما أو باللحاف فقط فالأحوط (6) كونهما
مما تصح فيه الصلاة.
356

(مسألة 49): إذا لبس ثوبا طويلا جدا وكان طرفه الواقع على الأرض
الغير المتحرك بحركات الصلاة نجسا أو حريرا أو مغصوبا أو مما
لا يؤكل فالظاهر عدم صحة الصلاة ما دام يصدق أنه لابس ثوبا (1)
كذائيا، نعم لو كان بحيث لا يصدق لبسه بل يقال: لبس هذا الطرف منه،
كما إذا كان طوله عشرين ذراعا، ولبس بمقدار ذراعين منه أو ثلاثة
وكان الطرف الآخر مما لا تجوز الصلاة فيه فلا بأس به.
(مسألة 50): الأقوى جواز الصلاة فيما يستر ظهر القدم ولا يغطي
الساق، كالجورب (2) ونحوه.
357

فصل
فيما يكره من اللباس حال الصلاة
وهي أمور (1):
أحدها: الثوب الأسود (2) حتى للنساء، عدا الخف والعمامة والكساء،
ومنه العباء والمشبع منه أشد كراهة، وكذا المصبوغ بالزعفران
أو العصفر، بل الأولى اجتناب مطلق المصبوغ.
الثاني: الساتر الواحد الرقيق.
الثالث: الصلاة في السروال وحده، وإن لم يكن رقيقا، كما أنه يكره
للنساء الصلاة في ثوب واحد وإن لم يكن رقيقا.
الرابع: الاتزار فوق القميص.
الخامس: التوشح، وتتأكد كراهته للإمام وهو إدخال الثوب تحت
اليد اليمنى، وإلقاؤه على المنكب الأيسر، بل أو الأيمن.
السادس: في العمامة المجردة عن السدل وعن التحنك، أي التلحي،
ويكفي في حصوله ميل المسدول إلى جهة الذقن، ولا يعتبر إدارته تحت
الذقن وغرزه في الطرف الآخر، وإن كان هذا أيضا أحد الكيفيات له.
358

السابع: اشتمال الصماء، بأن يجعل الرداء على كتفه، وإدارة طرفه
تحت إبطه وإلقاؤه على الكتف.
الثامن: التحزم (1) للرجل.
التاسع: النقاب للمرأة إذا لم يمنع من القراءة وإلا أبطل.
العاشر: اللثام للرجل إذا لم يمنع من القراءة.
الحادي عشر: الخاتم الذي عليه صورة.
الثاني عشر: استصحاب الحديد البارز.
الثالث عشر: لبس النساء الخلخال الذي له صوت.
الرابع عشر: القباء المشدود بالزرور (2) الكثيرة أو بالحزام.
الخامس عشر: الصلاة محلول الأزرار.
السادس عشر: لباس الشهرة إذا لم يصل إلى حد الحرمة، أو قلنا
بعدم حرمته.
السابع عشر: ثوب من لا يتوقى من النجاسة خصوصا شارب
الخمر، وكذا المتهم بالغصب.
الثامن عشر: ثوب ذو تماثيل.
التاسع عشر: الثوب الممتزج بالإبريسم.
العشرون: ألبسة الكفار وأعداء الدين.
359

الحادي والعشرون: الثوب الوسخ.
الثاني والعشرون: السنجاب (1).
الثالث والعشرون: ما يستر ظهر القدم من غير أن يغطي الساق.
الرابع والعشرون: الثوب الذي يوجب التكبر.
الخامس والعشرون: لبس الشائب ما يلبسه الشبان.
السادس والعشرون: الجلد المأخوذ ممن يستحل الميتة بالدباغ.
السابع والعشرون: الصلاة في النعل من جلد الحمار.
الثامن والعشرون: الثوب الضيق الملاصق بالجلد.
التاسع والعشرون: الصلاة مع الخضاب قبل أن يغسل.
الثلاثون: استصحاب الدرهم الذي عليه الصورة.
الواحد والثلاثون: إدخال اليد تحت الثوب إذا لاصقت البدن.
الثاني والثلاثون: الصلاة مع نجاسة ما لا تتم فيه الصلاة كالخاتم
والتكة والقلنسوة ونحوها.
الثالث والثلاثون: الصلاة في ثوب لاصق وبر الأرانب أو جلده مع
احتمال لصوق الوبر به.
فصل
فيما يستحب من اللباس
وهي أيضا أمور:
أحدها: العمامة مع التحنك.
الثاني: الرداء خصوصا للإمام، بل يكره له تركه.
360

الثالث: تعدد الثياب، بل يكره في الثوب الواحد للمرأة كما مر.
الرابع: لبس السراويل.
الخامس: أن يكون اللباس من القطن أو الكتان.
السادس: أن يكون أبيض.
السابع: لبس الخاتم من العقيق.
الثامن: لبس النعل العربية.
التاسع: ستر القدمين للمرأة.
العاشر: ستر الرأس في الأمة (1) والصبية، وأما غيرهما من الإناث
فيجب كما مر.
الحادي عشر: لبس أنظف ثيابه.
الثاني عشر: استعمال الطيب، ففي الخبر ما مضمونه: الصلاة مع
الطيب تعادل سبعين صلاة.
الثالث عشر: ستر ما بين السرة والركبة.
الرابع عشر: لبس المرأة قلادتها.
فصل
في مكان المصلي
والمراد به ما استقر عليه (2) ولو بوسائط (3) وما شغله من الفضاء
361

في قيامه وقعوده وركوعه وسجوده ونحوها، ويشترط فيه أمور:
أحدها: إباحته، فالصلاة في المكان المغصوب باطلة (1) سواء تعلق
الغصب بعينه أو بمنافعه، كما إذا كان مستأجرا وصلى فيه شخص من
غير إذن المستأجر وإن كان مأذونا من قبل المالك أو تعلق به حق كحق
الرهن (2)، وحق غرماء الميت (3) وحق الميت إذا أوصى بثلثه ولم يفرز
بعد ولم يخرج منه، وحق السبق (4) كمن سبق إلى مكان من المسجد
أو غيره فغصبه منه غاصب على الأقوى (5) ونحو ذلك، وإنما تبطل
362

الصلاة إذا كان عالما عامدا، وأما إذا كان غافلا أو جاهلا (1) أو ناسيا
فلا تبطل (2). نعم لا يعتبر العلم بالفساد، فلو كان جاهلا بالفساد مع علمه
363

بالحرمة والغصبية كفى في البطلان، ولا فرق بين النافلة والفريضة
في ذلك على الأصح.
(مسألة 1): إذا كان المكان مباحا ولكن فرش عليه فرش مغصوب
فصلى على ذلك الفرش بطلت صلاته، وكذا العكس.
(مسألة 2): إذا صلى على سقف مباح وكان ما تحته من الأرض
مغصوبا فإن كان السقف معتمدا على تلك الأرض تبطل الصلاة عليه (1)
364

وإلا فلا. لكن إذا كان الفضاء الواقع فيه السقف مغصوبا أو كان الفضاء
الفوقاني الذي يقع فيه بدن المصلي مغصوبا بطلت في الصورتين (1).
(مسألة 3): إذا كان المكان مباحا وكان عليه سقف مغصوب فإن كان
التصرف في ذلك المكان يعد تصرفا في السقف بطلت الصلاة (2) فيه
365

وإلا فلا، فلو صلى في قبة سقفها أو جدرانها مغصوب وكان بحيث
لا يمكنه الصلاة فيها إن لم يكن سقف أو جدار أو كان عسرا وحرجا كما
في شدة الحر أو شدة البرد بطلت الصلاة (1) وإن لم يعد تصرفا فيه فلا.
ومما ذكرنا ظهر حال الصلاة تحت الخيمة المغصوبة فإنها تبطل إذا عدت
تصرفا في الخيمة، بل تبطل على هذا إذا كانت أطنابها أو مساميرها
غصبا كما هو الغالب، إذ في الغالب يعد تصرفا (2) فيها وإلا فلا.
(مسألة 4): تبطل الصلاة على الدابة المغصوبة (3)، بل وكذا إذا كان
366

رحلها أو سرجها أو وطاؤها غصبا، بل ولو كان المغصوب نعلها (1).
(مسألة 5): قد يقال ببطلان الصلاة على الأرض التي تحتها تراب
مغصوب ولو بفصل عشرين ذراعا، وعدم بطلانها إذا كان شئ آخر
مدفونا فيها. والفرق بين الصورتين مشكل، وكذا الحكم بالبطلان لعدم
صدق التصرف في ذلك التراب أو الشئ المدفون، نعم لو توقف
الاستقرار والوقوف في ذلك المكان على ذلك التراب أو غيره يصدق
التصرف ويوجب البطلان (2).
(مسألة 6): إذا صلى في سفينة مغصوبة بطلت، وقد يقال بالبطلان (3)
إذا كان لوح منها غصبا، وهو مشكل على إطلاقه، بل يختص البطلان
بما إذا توقف الانتفاع بالسفينة على ذلك اللوح (4).
367

(مسألة 7): ربما يقال ببطلان الصلاة على دابة خيط جرحها بخيط
مغصوب (1)، وهذا أيضا مشكل لأن الخيط يعد تالفا (2)، ويشتغل ذمة
368

الغاصب بالعوض إلا إذا أمكن (1) رد الخيط إلى مالكه مع بقاء ماليته.
(مسألة 8): المحبوس في المكان المغصوب يصلي فيه قائما (2) مع
الركوع والسجود (3) إذا لم يستلزم تصرفا زائدا على الكون فيه على
الوجه المتعارف، كما هو الغالب، وأما إذا استلزم تصرفا زائدا فيترك
ذلك الزائد ويصلي بما أمكن من غير استلزام، وأما المضطر إلى الصلاة
في المكان المغصوب فلا إشكال في صحة صلاته (4).
(مسألة 9): إذا اعتقد الغصبية وصلى فتبين الخلاف فإن لم يحصل منه
قصد القربة بطلت، وإلا صحت (5). وأما إذا اعتقد الإباحة فتبين الغصبية
369

فهي صحيحة من غير إشكال (1).
(مسألة 10): الأقوى صحة صلاة الجاهل بالحكم الشرعي وهي
الحرمة (2) وإن كان الأحوط البطلان (3) خصوصا في الجاهل المقصر (4).
370

(مسألة 11): الأرض المغصوبة المجهول مالكها لا يجوز التصرف فيها
ولو بالصلاة، ويرجع أمرها إلى الحاكم الشرعي، وكذا إذا غصب آلات
وأدوات من الآجر ونحوه وعمر بها دارا أو غيرها ثم جهل المالك، فإنه
لا يجوز التصرف، ويجب الرجوع إلى الحاكم الشرعي (1).
(مسألة 12): الدار المشتركة لا يجوز لواحد من الشركاء التصرف فيها
إلا بإذن الباقين.
(مسألة 13): إذا اشترى دارا من المال الغير المزكى أو الغير المخمس
يكون بالنسبة إلى مقدار الزكاة أو الخمس فضوليا (2) فإن أمضاه الحاكم
371

ولاية على الطائفتين من الفقراء والسادات يكون لهم (1) فيجب عليه أن
يشتري هذا المقدار من الحاكم، وإذا لم يمض بطل، وتكون باقية على
ملك المالك الأول.
(مسألة 14): من مات وعليه من حقوق الناس كالمظالم أو الزكاة
أو الخمس لا يجوز لورثته التصرف في تركته ولو بالصلاة في داره قبل
أداء ما عليه من الحقوق (2).
(مسألة 15): إذا مات وعليه دين مستغرق للتركة لا يجوز للورثة
ولا لغيرهم التصرف في تركته قبل أداء الدين (3)، بل وكذا في الدين
372

الغير المستغرق (1) إلا إذا علم رضا الديان (2) بأن كان الدين قليلا
والتركة كثيرة، والورثة بانين على أداء الدين غير متسامحين،
وإلا فيشكل حتى الصلاة في داره (3) ولا فرق في ذلك بين الورثة
373

وغيرهم (1) وكذا إذا لم يكن عليه دين ولكن كان بعض الورثة قصيرا (2)
أو غائبا أو نحو ذلك.
(مسألة 16): لا يجوز التصرف حتى الصلاة في ملك الغير إلا بإذنه
الصريح (3) أو الفحوى أو شاهد الحال.
والأول كأن يقول: أذنت لك بالتصرف في داري بالصلاة فقط، أو
بالصلاة وغيرها، والظاهر عدم اشتراط حصول العلم برضاه، بل يكفي
الظن الحاصل بالقول (4) المزبور، لأن ظواهر الألفاظ معتبرة عند العقلاء.
374

والثاني كأن يأذن في التصرف بالقيام والقعود والنوم والأكل من
ماله، ففي الصلاة بالأولى يكون راضيا (1)، وهذا أيضا يكفي فيه الظن
على الظاهر، لأنه مستند إلى ظاهر اللفظ إذا استفيد منه (2) عرفا وإلا
فلا بد من العلم بالرضا، بل الأحوط اعتبار العلم مطلقا.
والثالث كأن يكون هناك قرائن وشواهد تدل على رضاه،
كالمضائف المفتوحة الأبواب والحمامات والخانات ونحو ذلك، ولا بد
في هذا القسم من حصول القطع (3) بالرضا لعدم استناد الإذن في هذا
375

القسم إلى اللفظ، ولا دليل على حجية الظن (1) الغير الحاصل منه.
(مسألة 17): يجوز الصلاة في الأراضي المتسعة اتساعا عظيما (2)،
376

بحيث يتعذر أو يتعسر على الناس اجتنابها، وإن لم يكن إذن من ملاكها،
بل وإن كان فيهم الصغار والمجانين (1)، بل لا يبعد ذلك وإن علم كراهة
الملاك (2) وإن كان الأحوط التجنب (3) حينئذ مع الإمكان.
(مسألة 18): يجوز الصلاة في بيوت من تضمنت الآية جواز الأكل فيها
بلا إذن (4) مع عدم العلم بالكراهة، كالأب والأم والأخ والعم والخال
والعمة والخالة، ومن ملك الشخص مفتاح بيته، والصديق، وأما مع العلم
بالكراهة فلا يجوز بل يشكل (5) مع ظنها أيضا.
377

(مسألة 19): يجب على الغاصب الخروج من المكان المغصوب، وإن
اشتغل بالصلاة في سعة الوقت يجب قطعها، وإن كان في ضيق الوقت
يجب الاشتغال بها (1) حال الخروج مع الإيماء (2) للركوع والسجود،
ولكن يجب عليه قضاؤها (3) أيضا، إذا لم يكن الخروج عن توبة وندم،
378

بل الأحوط القضاء وإن كان عن ندم وبقصد التفريغ للمالك (1).
(مسألة 20): إدا دخل في المكان المغصوب جهلا أو نسيانا أو بتخيل
الإذن ثم التفت وبان الخلاف فإن كان في سعة الوقت لا يجوز له
التشاغل بالصلاة، وإن كان مشتغلا بها وجب القطع والخروج، وإن كان
في ضيق الوقت اشتغل بها حال الخروج سالكا أقرب الطرق، مراعيا
للاستقبال بقدر الإمكان (2) ولا يجب قضاؤها وإن كان أحوط، لكن هذا
إذا لم يعلم برضا المالك بالبقاء بمقدار الصلاة، وإلا فيصلي ثم يخرج،
وكذا الحال إذا كان مأذونا من المالك في الدخول، ثم ارتفع الإذن
379

برجوعه عن إذنه أو بموته والانتقال إلى غيره.
(مسألة 21): إذا أذن المالك بالصلاة خصوصا أو عموما ثم رجع عن
إذنه قبل الشروع فيها وجب الخروج في سعة الوقت (1) وفي الضيق
يصلي حال الخروج على ما مر، وإن كان ذلك بعد الشروع فيها فقد يقال
بوجوب إتمامها مستقرا، وعدم الالتفات إلى نهيه وإن كان في سعة
الوقت إلا إذا كان موجبا لضرر عظيم على المالك، لكنه مشكل (2) بل
الأقوى وجوب القطع في السعة والتشاغل بها خارجا (3) في الضيق
خصوصا في فرض الضرر على المالك.
(مسألة 22): إذا أذن المالك في الصلاة [و] لكن هناك قرائن تدل
على عدم رضاه وأن إذنه من باب الخوف أو غيره لا يجوز أن يصلي،
كما أن العكس بالعكس.
(مسألة 23): إذا دار الأمر بين الصلاة حال الخروج من المكان الغصبي
بتمامها في الوقت أو الصلاة بعد الخروج وإدراك ركعة أو أزيد فالظاهر
وجوب الصلاة في حال الخروج (4) لأن مراعاة الوقت أولى من مراعاة
الاستقرار والاستقبال والركوع والسجود الاختياريين.
380

الثاني: من شروط المكان كونه قارا، فلا يجوز الصلاة على
الدابة أو الأرجوحة أو في السفينة ونحوها مما يفوت معه استقرار
المصلي، نعم مع الاضطرار ولو لضيق الوقت (1) عن الخروج من
السفينة مثلا لا مانع، ويجب عليه حينئذ مراعاة الاستقبال والاستقرار
بقدر الإمكان فيدور حيثما دارت الدابة أو السفينة، وإن أمكنه
الاستقرار في حال القراءة والأذكار والسكوت خلالها حين الاضطراب
وجب ذلك مع عدم الفصل الطويل الماحي للصورة، وإلا فهو
مشكل (2).
(مسألة 24): يجوز في حال الاختيار الصلاة في السفينة أو على الدابة
الواقفتين، مع إمكان مراعاة جميع الشروط من الاستقرار والاستقبال
ونحوهما، بل الأقوى جوازها مع كونهما سائرتين إذا أمكن مراعاة
الشروط، ولو بأن يسكت حين الاضطراب عن القراءة والذكر مع الشرط
المتقدم ويدور إلى القبلة إذا انحرفتا عنها، ولا تضر الحركة التبعية
381

بتحركهما، وإن كان الأحوط (1) القصر على حال الضيق والاضطرار.
(مسألة 25): لا تجوز الصلاة على صبرة الحنطة وبيدر التبن وكومة
الرمل مع عدم الاستقرار، وكذا ما كان مثلها.
الثالث: أن لا يكون معرضا لعدم إمكان الإتمام والتزلزل في البقاء
إلى آخر الصلاة، كالصلاة في الزحام المعرض لابطال صلاته، وكذا في
معرض الريح أو المطر الشديد أو نحوها، فمع عدم الاطمئنان بإمكان
الإتمام لا يجوز الشروع فيها على الأحوط (2) نعم لا يضر مجرد احتمال
عروض المبطل.
الرابع: أن لا يكون مما يحرم البقاء فيه (3) كما بين الصفين من القتال،
382

أو تحت السقف أو الحائط المنهدم، أو في المسبعة، أو نحو ذلك مما هو
محل للخطر (1) على النفس.
الخامس: أن لا يكون مما يحرم الوقوف والقيام والقعود عليه، كما
إذا كتب عليه القرآن، وكذا على قبر المعصوم (عليه السلام) أو غيره ممن يكون
الوقوف عليه هتكا لحرمته (2).
السادس: أن (3) يكون مما يمكن أداء الأفعال فيه بحسب حال
المصلي، فلا يجوز الصلاة في بيت سقفه نازل بحيث لا يقدر فيه على
الانتصاب، أو بيت يكون ضيقا لا يمكن فيه الركوع والسجود على
الوجه المعتبر، نعم في الضيق والاضطرار يجوز، ويجب مراعاتها
بقدر الإمكان، ولو دار الأمر بين مكانين في أحدهما قادر على القيام
لكن لا يقدر على الركوع والسجود إلا موميا، وفي الآخر لا يقدر عليه
ويقدر عليهما جالسا فالأحوط الجمع بتكرار (4) الصلاة، وفي الضيق
لا يبعد التخيير (5).
383

السابع: أن لا يكون مقدما على قبر معصوم، ولا مساويا له مع عدم
الحائل المانع الرافع لسوء الأدب على الأحوط (1) ولا يكفي في الحائل
384

الشبابيك والصندوق الشريف وثوبه.
الثامن: أن لا يكون نجسا نجاسة متعدية (1) إلى الثوب أو البدن (2)
وأما إذا لم تكن متعدية فلا مانع إلا مكان الجبهة، فإنه يجب طهارته،
وإن لم تكن نجاسته متعدية، لكن الأحوط طهارة ما عدا مكان الجبهة
أيضا مطلقا، خصوصا إن كانت عليه عين النجاسة.
التاسع: أن لا يكون محل السجدة أعلى أو أسفل من موضع القدم
بأزيد من أربع أصابع مضمومات على ما سيجئ في باب السجدة.
العاشر: أن لا يصلي الرجل والمرأة (3) في مكان واحد، بحيث تكون
المرأة مقدمة على الرجل أو مساوية له، إلا مع الحائل أو البعد عشرة أذرع (4)
385

بذراع اليد على الأحوط (1) وإن كان الأقوى كراهته (2) إلا مع أحد
الأمرين، والمدار على الصلاة الصحيحة (3) لولا المحاذاة أو التقدم دون
الفاسدة لفقد شرط أو وجود مانع، والأولى في الحائل (4) كونه مانعا عن
المشاهدة، وإن كان لا يبعد كفايته مطلقا (5) كما أن الكراهة أو الحرمة
مختصة بمن شرع (6) في الصلاة لاحقا إذا كانا مختلفين في الشروع،
ومع تقارنهما تعمهما، وترتفع أيضا بتأخر المرأة مكانا بمجرد الصدق،
386

وإن كان الأولى تأخرها عنه (1) في جميع حالات الصلاة بأن يكون
مسجدها وراء موقفه، كما أن الظاهر ارتفاعها أيضا بكون أحدهما في
موضع عال على وجه لا يصدق معه التقدم أو المحاذاة، وإن لم يبلغ
عشرة أذرع.
(مسألة 26): لا فرق في الحكم المذكور كراهة أو حرمة بين المحارم
وغيرهم، والزوج والزوجة وغيرهما، وكونهما بالغين أو غير بالغين (2)
أو مختلفين (3) بناء على المختار من صحة عبادات الصبي والصبية.
(مسألة 27): الظاهر عدم الفرق أيضا بين النافلة والفريضة.
(مسألة 28): الحكم المذكور مختص بحال الاختيار (4) ففي الضيق
والاضطرار لا مانع ولا كراهة (5) نعم إذا كان الوقت واسعا يؤخر أحدهما
صلاته والأولى تأخير المرأة صلاتها.
387

(مسألة 29): إذا كان الرجل يصلي وبحذائه أو قدامه امرأة من غير أن
تكون مشغولة بالصلاة لا كراهة ولا إشكال، وكذا العكس، فالاحتياط
أو الكراهة مختص بصورة اشتغالهما بالصلاة.
(مسألة 30): الأحوط (1) ترك الفريضة على سطح الكعبة وفي جوفها (2)
اختيارا، ولا بأس بالنافلة، بل يستحب أن يصلي فيها قبال كل ركن
ركعتين، وكذا لا بأس بالفريضة في حال الضرورة، وإذا صلى على
سطحها فاللازم أن يكون قباله في جميع حالاته شئ من فضائها،
ويصلي قائما (3) والقول بأنه يصلي مستلقيا متوجها إلى البيت المعمور
أو يصلي مضطجعا ضعيف.
فصل
في مسجد الجبهة من مكان المصلي
يشترط فيه مضافا إلى طهارته (4) أن يكون من الأرض أو ما أنبتته
388

غير المأكول والملبوس، نعم يجوز على القرطاس (1) أيضا، فلا يصح
على ما خرج عن اسم الأرض كالمعادن مثل الذهب والفضة والعقيق
والفيروزج (2) والقير والزفت ونحوها، وكذا ما خرج عن اسم النبات
كالرماد والفحم (3) ونحوهما، ولا على المأكول والملبوس كالخبز
والقطن والكتان ونحوهما، ويجوز السجود على جميع الأحجار إذا لم
تكن من المعادن (4).
(مسألة 1): لا يجوز السجود في حال الاختيار على الخزف والآجر (5)
389

والنورة والجص المطبوخين، وقبل الطبخ لا بأس به.
(مسألة 2): لا يجوز السجود على البلور والزجاجة.
(مسألة 3): يجوز على الطين الأرمني (1) والمختوم.
(مسألة 4): في جواز السجدة على العقاقير والأدوية مثل لسان الثور
وعنب الثعلب والخبة وأصل السوس وأصل الهندباء إشكال (2) بل المنع
لا يخلو عن قوة (3) نعم لا بأس بما لا يؤكل منها شائعا ولو في حال
المرض، وإن كان يؤكل نادرا عند المخمصة أو مثلها.
390

(مسألة 5): لا بأس بالسجدة على مأكولات الحيوانات كالتبن والعلف.
(مسألة 6): لا يجوز السجدة على ورق الشاي ولا على (1) القهوة،
وفي جوازها على الترياك إشكال (2).
(مسألة 7): لا يجوز على الجوز واللوز، نعم يجوز على قشرهما (3)
بعد الانفصال، وكذا نوى المشمش والبندق والفستق.
(مسألة 8): يجوز على نخالة الحنطة (4) والشعير
391

وقشر الأرز (1).
(مسألة 9): لا بأس بالسجدة على نوى التمر (2) وكذا على ورق
الأشجار وقشورها، وكذا سعف النخل.
(مسألة 10): لا بأس بالسجدة (3) على ورق العنب بعد اليبس، وقبله
مشكل (4).
(مسألة 11): الذي يؤكل في بعض الأوقات دون بعض لا يجوز السجود
عليه مطلقا (5) وكذا إذا كان مأكولا في بعض البلدان دون بعض (6).
392

(مسألة 12): يجوز السجود على الأوراد الغير المأكولة (1).
(مسألة 13): لا يجوز السجود على الثمرة قبل أوان أكلها (2).
(مسألة 14): يجوز السجود على الثمار الغير المأكولة أصلا كالحنظل
ونحوه.
(مسألة 15): لا بأس بالسجود (3) على التنباك.
(مسألة 16): لا يجوز (4) على النبات الذي ينبت على وجه الماء.
(مسألة 17): يجوز السجود (5) على القبقاب والنعل المتخذ من الخشب
مما ليس من الملابس المتعارفة، وإن كان لا يخلو عن إشكال، وكذا
الثوب المتخذ من الخوص.
(مسألة 18): الأحوط ترك السجود على القنب (6).
(مسألة 19): لا يجوز السجود على القطن (7) لكن يجوز على خشبه
وورقه.
(مسألة 20): لا بأس بالسجود على قراب السيف والخنجر إذا كانا من
393

الخشب وإن كانا ملبوسين، لعدم كونهما من الملابس المتعارفة.
(مسألة 21): يجوز السجود على قشر البطيخ والرقي والرمان
بعد الانفصال على إشكال (1) ولا يجوز على قشر الخيار والتفاح
ونحوهما.
(مسألة 22): يجوز السجود على القرطاس وإن كان متخذا من القطن
أو الصوف أو الإبريسم (2) والحرير وكان فيه شئ من النورة، سواء كان
أبيض أو مصبوغا بلون أحمر أو أصفر أو أزرق أو مكتوبا عليه إن
لم يكن مما له جرم حائل مما لا يجوز السجود عليه، كالمداد المتخذ
من الدخان ونحوه، وكذا لا بأس بالسجود على المراوح المصبوغة من
غير جرم حائل.
(مسألة 23): إذا لم يكن عنده ما يصح السجود عليه من الأرض
394

أو نباتها أو القرطاس أو كان ولم يتمكن من السجود عليه لحر أو برد
أو تقية أو غيرها سجد على ثوبه القطن أو الكتان (1) وإن لم يكن سجد
على المعادن (2) أو ظهر كفه، والأحوط (3) تقديم الأول.
395

(مسألة 24): يشترط أن يكون ما يسجد عليه مما يمكن تمكين الجبهة
عليه، فلا يصح على الوحل والطين أو التراب الذي لا تتمكن الجبهة
عليه، ومع إمكان التمكين لا بأس بالسجود على الطين، ولكن إن لصق
بجبهته يجب إزالته للسجدة الثانية (1) وكذا إذا سجد على التراب ولصق
بجبهته يجب إزالته لها، ولو لم يجد إلا الطين الذي لا يمكن الاعتماد
عليه سجد عليه بالوضع (2) من غير اعتماد.
(مسألة 25): إذا كان في الأرض ذات الطين بحيث يتلطخ به بدنه
وثيابه في حال الجلوس للسجود والتشهد جاز له الصلاة موميا للسجود،
ولا يجب الجلوس للتشهد، لكن الأحوط (3) مع عدم الحرج الجلوس لهما
396

وإن تلطخ بدنه وثيابه، ومع الحرج أيضا إذا تحمله صحت صلاته (1).
(مسألة 26): السجود على الأرض أفضل من النبات والقرطاس،
ولا يبعد كون التراب أفضل من الحجر، وأفضل من الجميع التربة
الحسينية فإنها تخرق الحجب السبع، وتستنير إلى الأرضين السبع.
(مسألة 27): إذا اشتغل بالصلاة وفي أثنائها فقد ما يصح السجود عليه
قطعها في سعة (2) الوقت، وفي الضيق (3) يسجد على ثوبه القطن
أو الكتان (4) أو المعادن أو ظهر الكف (5) على الترتيب.
(مسألة 28): إذا سجد على ما لا يجوز باعتقاد أنه مما يجوز، فإن
كان بعد رفع الرأس مضى ولا شئ عليه (6) وإن كان قبله جر جبهته
397

إن أمكن (1) وإلا قطع الصلاة في السعة، وفي الضيق أتم على ما تقدم (2)
إن أمكن، وإلا اكتفى به.
فصل
في الأمكنة المكروهة (3)
وهي مواضع:
أحدها: الحمام وإن كان نظيفا حتى المسلخ منه عند بعضهم، ولا
بأس بالصلاة على سطحه.
الثاني: المزبلة.
الثالث: المكان المتخذ للكنيف ولو سطحا متخذا لذلك.
الرابع: المكان الكسيف الذي يتنفر منه الطبع.
الخامس: المكان الذي يذبح فيه الحيوانات أو ينحر.
السادس: بيت المسكر (4).
السابع: المطبخ وبيت النار (5).
398

الثامن: دور المجوس إلا إذا رشها ثم صلى فيها بعد الجفاف.
التاسع: الأرض السبخة.
العاشر: كل أرض (1) نزل فيها عذاب أو خسف.
الحادي عشر: أعطان الإبل وإن كنست ورشت.
الثاني عشر: مرابط الخيل والبغال والحمير والبقر ومرابض الغنم (2).
الثالث عشر: على الثلج والجمد (3).
الرابع عشر: قرى النمل وأوديتها وإن لم يكن فيها نمل ظاهر حال
الصلاة.
الخامس عشر: مجاري المياه وإن لم يتوقع جريانها فيها فعلا، نعم
لا بأس بالصلاة على ساباط تحته نهر أو ساقية، ولا في محل الماء الواقف.
السادس عشر: الطرق وإن كانت في البلاد ما لم تضر بالمارة وإلا
حرمت وبطلت (4).
السابع عشر: في مكان يكون مقابلا لنار مضرمة أو سراج.
الثامن عشر: في مكان يكون مقابله تمثال ذي الروح من غير فرق
399

بين المجسم وغيره ولو كان ناقصا نقصا لا يخرجه عن صدق الصورة
والتمثال وتزول الكراهة بالتغطية.
التاسع عشر: بيت فيه تمثال (1) وإن لم يكن مقابلا له.
العشرون: مكان قبلته حائط ينز من بالوعة يبال فيها أو كنيف
وترتفع بستره. وكذا إذا كان قدامه عذرة.
الحادي والعشرون: إذا كان قدامه مصحف أو كتاب مفتوح أو نقش
شاغل، بل كل شئ شاغل.
الثاني والعشرون: إذا كان قدامه إنسان مواجه له.
الثالث والعشرون: إذا كان مقابله باب مفتوح (2).
الرابع والعشرون: المقابر.
الخامس والعشرون: على القبر.
السادس والعشرون: إذا كان القبر في قبلته (3) وترتفع بالحائل.
السابع والعشرون: بين القبرين من غير حائل، ويكفي حائل واحد
من أحد الطرفين، وإذا كان بين قبور أربعة يكفي حائلان أحدهما في
جهة اليمين أو اليسار والآخر في جهة الخلف أو الأمام، وترتفع أيضا
ببعد عشرة أذرع من كل جهة فيها القبر.
الثامن والعشرون: بيت فيه كلب غير كلب الصيد.
400

التاسع والعشرون: بيت فيه جنب.
الثلاثون: إذا كان قدامه حديد من أسلحة أو غيرها.
الواحد والثلاثون: إذا كان قدامه ورد عند بعضهم.
الثاني والثلاثون: إذا كان قدامه بيدر حنطة أو شعير.
(مسألة 1): لا بأس بالصلاة في البيع والكنايس وإن لم ترش، وإن كان
من غير إذن من أهلها كسائر مساجد المسلمين.
(مسألة 2): لا بأس بالصلاة خلف قبور الأئمة (عليهم السلام) ولا على يمينها
وشمالها، وإن كان الأولى الصلاة عند جهة الرأس على وجه لا يساوي
الإمام (عليه السلام).
(مسألة 3): يستحب أن يجعل المصلي بين يديه سترة إذا لم يكن قدامه
حائط أو صف للحيلولة بينه وبين من يمر بين يديه، إذا كان في معرض
المرور، وإن علم بعدم المرور فعلا، وكذا إذا كان هناك شخص حاضر،
ويكفي فيها عود أو حبل أو كومة تراب، بل يكفي الخط ولا يشترط
فيها الحلية والطهارة. وهي نوع تعظيم وتوقير للصلاة، وفيها إشارة إلى
الانقطاع عن الخلق، والتوجه إلى الخالق.
(مسألة 4): يستحب الصلاة في المساجد، وأفضلها المسجد الحرام،
فالصلاة فيه تعدل ألف ألف صلاة، ثم مسجد النبي (صلى الله عليه وآله)، والصلاة فيه
تعدل عشرة آلاف، ومسجد الكوفة، وفيه تعدل ألف صلاة، والمسجد
الأقصى، وفيه تعدل ألف صلاة أيضا، ثم مسجد الجامع، وفيه تعدل مائة،
ومسجد القبيلة، وفيه تعدل خمسا وعشرين، ومسجد السوق وفيه تعدل
اثني عشر.
ويستحب أن يجعل في بيته مسجدا، أي مكانا معدا للصلاة فيه،
401

وإن لا يجري عليه أحكام المسجد.
والأفضل للنساء الصلاة في بيوتهن، وأفضل البيوت بيت المخدع،
أي بيت الخزانة في البيت.
(مسألة 5): يستحب الصلاة في مشاهد الأئمة (عليهم السلام) وهي البيوت التي
أمر الله تعالى أن ترفع ويذكر فيها اسمه، بل هي أفضل من المساجد بل
قد ورد في الخبر " أن الصلاة عند علي (عليه السلام) بمائتي ألف صلاة " وكذا
يستحب في روضات الأنبياء، ومقام الأولياء والصلحاء والعلماء والعباد
بل الأحياء منهم أيضا.
(مسألة 6): يستحب تفريق الصلاة في أماكن متعددة، لتشهد له يوم
القيامة، ففي الخبر: " سأل الراوي أبا عبد الله (عليه السلام) يصلي الرجل نوافله في
موضع أو يفرقها؟ قال (عليه السلام): لا بل هاهنا وهاهنا، فإنها تشهد له يوم
القيامة " وعنه (عليه السلام): " صلوا من المساجد في بقاع مختلفة، فإن كل بقعة
تشهد للمصلي عليها يوم القيامة ".
(مسألة 7): يكره لجار المسجد أن يصلي في غيره لغير علة كالمطر،
قال النبي (صلى الله عليه وآله): " لا صلاة لجار المسجد إلا في مسجده ".
ويستحب ترك مؤاكلة من لا يحضر المسجد، وترك مشاربته
ومشاورته ومناكحته ومجاورته.
(مسألة 8): يستحب الصلاة في المسجد الذي لا يصلى فيه ويكره
تعطيله، فعن أبي عبد الله (عليه السلام): " ثلاثة يشكون إلى الله عز وجل: مسجد
خراب لا يصلي فيه أهله، وعالم بين جهال، ومصحف معلق قد وقع
عليه الغبار لا يقرأ فيه ".
(مسألة 9): يستحب كثرة التردد إلى المساجد فعن النبي (صلى الله عليه وآله): " من
402

مشى إلى مسجد من مساجد الله فله بكل خطوة خطاها حتى يرجع إلى
منزله عشر حسنات، ومحي عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات ".
(مسألة 10): يستحب بناء المسجد وفيه أجر عظيم، قال رسول الله (1) (صلى الله عليه وآله):
" من بنى مسجدا في الدنيا أعطاه الله بكل شبر منه مسيرة أربعين ألف
عام مدينة من ذهب وفضة ولؤلؤ وزبرجد " وعن الصادق (عليه السلام): " من بنى
مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة ".
(مسألة 11): الأحوط إجراء صيغة الوقف بقصد القربة في صيرورته
مسجدا، بأن يقول: وقفته قربة إلى الله [تعالى]، لكن الأقوى (2) كفاية
البناء بقصد كونه مسجدا مع صلاة شخص واحد (3) فيه بإذن الباني،
فيجري عليه حينئذ حكم المسجدية وإن لم تجر الصيغة.
(مسألة 12): الظاهر أنه يجوز أن يجعل الأرض فقط مسجدا دون
البناء والسطح، وكذا يجوز أن يجعل السطح فقط مسجدا، أو يجعل
بعض الغرفات أو القباب أو نحو ذلك خارجا، فالحكم تابع لجعل
الواقف والباني في التعميم والتخصيص، كما أنه كذلك بالنسبة إلى عموم
المسلمين أو طائفة دون أخرى على الأقوى (4).
403

(مسألة 13): يستحب تعمير المسجد إذا أشرف على الخراب، وإذا
لم ينفع يجوز تخريبه وتجديد بنائه، بل الأقوى جواز تخريبه مع
استحكامه لإرادة توسيعه من جهة حاجة الناس (1).
فصل
في بعض أحكام المسجد
الأول: يحرم زخرفته (2)، أي تزيينه بالذهب بل الأحوط ترك
404

نقشه بالصور (1).
الثاني: لا يجوز بيعه ولا بيع آلاته وإن صار خرابا ولم يبق آثار
مسجديته، ولا إدخاله في الملك ولا في الطريق، فلا يخرج عن
المسجدية أبدا (2) ويبقى الأحكام من حرمة تنجيسه ووجوب
احترامه (3) وتصرف آلاته في تعميره، وإن لم يكن معمرا تصرف في
مسجد آخر، وإن لم يمكن الانتفاع بها أصلا يجوز بيعها (4) وصرف
القيمة في تعميره أو تعمير (5) مسجد آخر.
الثالث: يحرم تنجيسه، وإذا تنجس يجب إزالتها فورا، وإن كان في
وقت الصلاة مع سعته، نعم مع ضيقه تقدم الصلاة، ولو صلى مع السعة
أثم، لكن الأقوى صحة صلاته، ولو علم بالنجاسة أو تنجس في أثناء
الصلاة لا يجب القطع للإزالة (6) وإن كان في سعة الوقت، بل يشكل
405

جوازه (1) ولا بأس بإدخال (2) النجاسة الغير المتعدية إلا إذا كان موجبا
للهتك، كالكثير من العذرة اليابسة مثلا، وإذا لم يتمكن من الإزالة بأن
احتاجت إلى معين ولم يكن سقط وجوبها، والأحوط إعلام الغير (3) إذا
لم يتمكن، وإذا كان جنبا وتوقفت الإزالة على المكث فيه فالظاهر عدم
وجوب المبادرة إليها بل يؤخرها (4) إلى ما بعد الغسل، ويحتمل وجوب
التيمم (5) والمبادرة إلى الإزالة (6).
406

(مسألة 1): يجوز أن يتخذ الكنيف (1) ونحوه من الأمكنة التي عليها
البول والعذرة ونحوهما مسجدا، بأن يطم ويلقى عليها التراب النظيف،
ولا تضر نجاسة الباطن في هذه الصورة، وإن كان لا يجوز تنجيسه (2)
في سائر المقامات، لكن الأحوط إزالة النجاسة (3) أولا، أو جعل
المسجد خصوص المقدار الطاهر من الظاهر.
الرابع: لا يجوز إخراج الحصى (4) منه، وإن فعل رده إلى ذلك
المسجد أو مسجد آخر (5) نعم لا بأس بإخراج التراب الزائد المجتمع
بالكنس أو نحوه.
الخامس: لا يجوز دفن الميت في المسجد (6) إذا لم يكن مأمونا
407

من التلويث، بل مطلقا على الأحوط.
السادس: يستحب سبق الناس في الدخول إلى المساجد والتأخر
عنهم في الخروج منها.
السابع: يستحب الإسراج فيه وكنسه، والابتداء في دخوله بالرجل
اليمنى، وفي الخروج باليسرى، وأن يتعاهد نعله تحفظا عن تنجيسه،
وأن يستقبل القبلة ويدعو (1) ويحمد الله، ويصلي على النبي (صلى الله عليه وآله)، وأن
يكون على طهارة.
الثامن: يستحب صلاة التحية بعد الدخول، وهي ركعتان، ويجزي
عنها الصلوات الواجبة أو المستحبة.
التاسع: يستحب التطيب ولبس الثياب الفاخرة عند التوجه إلى
المسجد.
العاشر: يستحب جعل المطهرة على باب المسجد.
الحادي عشر: يكره تعلية جدران المساجد، ورفع المنارة عن
السطح، ونقشها بالصور غير ذوات الأرواح، وأن يجعل لجدرانها شرفا،
وأن يجعل لها محاريب داخلة.
الثاني عشر: يكره استطراق المساجد إلا أن يصلى فيها ركعتين،
وكذا إلقاء النخامة والنخاعة والنوم إلا لضرورة، ورفع الصوت إلا
في الأذان ونحوه، وإنشاد الضالة، وخذف الحصى (2) وقراءة الأشعار غير
408

المواعظ ونحوها، والبيع والشراء والتكلم في أمور الدنيا، وقتل القمل،
وإقامة الحدود، واتخاذها محلا للقضاء والمرافعة، وسل السيف وتعليقه
في القبلة، ودخول من أكل البصل والثوم ونحوهما مما له رائحة تؤذي
الناس، وتمكين الأطفال (1) والمجانين من الدخول فيها، وعمل الصنائع،
وكشف العورة (2) والسرة والفخذ والركبة، وإخراج الريح.
(مسألة 2): صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد.
(مسألة 3): الأفضل للرجال إتيان النوافل في المنازل (3) والفرائض في
المساجد.
فصل
في الأذان والإقامة
لا إشكال في تأكد رجحانهما (4) في الفرائض اليومية أداء وقضاء،
409

جماعة وفرادى، حضرا وسفرا للرجال والنساء.
وذهب بعض العلماء إلى وجوبهما. وخصه بعضهم بصلاة المغرب
والصبح. وبعضهم بصلاة الجماعة وجعلهما شرطا في صحتها. وبعضهم
جعلهما شرطا في حصول ثواب الجماعة.
والأقوى استحباب الأذان (1) مطلقا والأحوط عدم ترك الإقامة
للرجال (2) في غير موارد السقوط، وغير حال الاستعجال والسفر وضيق
410

الوقت، وهما مختصان بالفرائض اليومية، وأما في سائر الصلوات
الواجبة فيقال: الصلاة ثلاث مرات (1).
نعم يستحب الأذان في الأذن اليمنى من المولود، والإقامة في
أذنه اليسرى يوم تولده، أو قبل أن تسقط سرته.
وكذا يستحب الأذان في الفلوات (2) عند الوحشة من الغول وسحرة
الجن.
وكذا يستحب الأذان في أذن من ترك اللحم أربعين يوما.
وكذا كل من ساء خلقه. والأولى أن يكون في أذنه اليمنى.
وكذا الدابة إذا ساء خلقها.
ثم إن الأذان قسمان: أذان الإعلام (3) وأذان الصلاة.
ويشترط في أذان الصلاة كالإقامة قصد القربة، بخلاف أذان
411

الإعلام، فإنه لا يعتبر فيه (1) ويعتبر أن يكون أول الوقت، وأما أذان
الصلاة فمتصل بها وإن كان في آخر الوقت.
وفصول الأذان ثمانية عشر: الله أكبر، أربع مرات وأشهد أن لا إله إلا
الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، وحي على الصلاة، وحي على الفلاح،
وحي على خير العمل، والله أكبر، ولا إله إلا الله، كل واحد مرتان.
وفصول الإقامة سبعة عشر: الله أكبر، في أولها مرتان، ويزيد بعد
حي على خير العمل: قد قامت الصلاة مرتين، وينقص من لا إله إلا الله
في آخرها مرة.
ويستحب الصلاة على محمد وآله عند ذكر اسمه.
وأما الشهادة لعلي (عليه السلام) بالولاية وإمرة المؤمنين فليست جزءا
منهما (2).
ولا بأس بالتكرير في حي على (3) الصلاة أو حي على
412

الفلاح (1) للمبالغة في اجتماع الناس، ولكن الزائد ليس جزءا من الأذان.
ويجوز للمرأة الاجتزاء عن الأذان بالتكبير والشهادتين، بل
بالشهادتين، وعن الإقامة بالتكبير (2) وشهادة أن لا إله إلا الله، وأن
محمدا عبده ورسوله.
ويجوز للمسافر والمستعجل (3) الإتيان بواحد من كل فصل منهما،
كما يجوز ترك الأذان والاكتفاء بالإقامة، بل الاكتفاء بالأذان فقط (4).
ويكره الترجيع على نحو لا يكون (5) غناء، وإلا فيحرم. وتكرار
الشهادتين جهرا (6) بعد قولهما سرا أو جهرا، بل لا يبعد كراهة مطلق
413

تكرار واحد من الفصول إلا للإعلام.
(مسألة 1): يسقط الأذان في موارد (1).
أحدها: أذان عصر يوم الجمعة إذا جمعت مع الجمعة أو الظهر (2).
وأما مع التفريق فلا يسقط.
الثاني: أذان عصر يوم عرفة إذا جمعت مع الظهر لا مع التفريق.
الثالث: أذان العشاء في ليلة المزدلفة (3) مع الجمع أيضا لامع التفريق.
الرابع: العصر والعشاء للمستحاضة التي تجمعهما مع الظهر والمغرب.
414

الخامس: المسلوس ونحوه في بعض الأحوال التي يجمع بين
الصلاتين (1) كما إذا أراد أن يجمع بين الصلاتين بوضوء واحد.
ويتحقق التفريق بطول الزمان بين الصلاتين، لا بمجرد قراءة تسبيح
الزهراء أو التعقيب، والفصل القليل، بل لا يحصل بمجرد فعل النافلة (2)
مع عدم طول الفصل.
والأقوى أن السقوط في الموارد المذكورة رخصة لا عزيمة (3) وإن
415

كان الأحوط الترك خصوصا في الثلاثة الأولى (1).
(مسألة 2): لا يتأكد الأذان (2) لمن أراد إتيان فوائت في دور واحد، لما
عدا الصلاة الأولى، فله أن يؤذن للأولى منها، ويأتي بالبواقي بالإقامة
وحدها لكل صلاة.
(مسألة 3): يسقط الأذان والإقامة في موارد:
416

أحدها: الداخل في الجماعة التي أذنوا لها وأقاموا (1) وإن لم
يسمعهما ولم يكن حاضرا حينهما أو كان مسبوقا، بل مشروعية الإتيان
بهما في هذه الصورة لا تخلو عن إشكال (2).
الثاني: الداخل في المسجد للصلاة منفردا أو جماعة وقد أقيمت
الجماعة حال اشتغالهم ولم يدخل معهم أو بعد فراغهم مع عدم تفرق
الصفوف (3) فإنهما يسقطان لكن على وجه الرخصة لا (4) العزيمة على
417

الأقوى، سواء صلى جماعة إماما أو مأموما أو منفردا.
ويشترط في السقوط أمور (1).
أحدها: كون صلاته وصلاة (2) الجماعة كلاهما أدائية، فمع كون
إحداهما أو كليهما قضائية عن النفس أو عن الغير على وجه التبرع
أو الإجارة لا يجري الحكم (3).
الثاني: اشتراكهما في الوقت، فلو كانت السابقة عصرا وهو يريد أن
يصلي المغرب لا يسقطان.
الثالث: اتحادهما في المكان عرفا، فمع كون إحداهما داخل
المسجد والأخرى على سطحه يشكل السقوط، وكذا مع البعد كثيرا (4).
418

الرابع: أن تكون صلاة الجماعة السابقة مع الأذان والإقامة، فلو
كانوا تاركين لا يسقطان عن الداخلين، وإن كان تركهم من جهة اكتفائهم
بالسماع من الغير (1).
الخامس: أن تكون صلاتهم صحيحة، فلو كان الإمام فاسقا مع علم
المأمومين لا يجري الحكم (2) وكذا لو كان البطلان من جهة أخرى.
السادس: أن يكون في المسجد، فجريان الحكم في الأمكنة
الأخرى محل إشكال (3) وحيث إن الأقوى كون السقوط على وجه
الرخصة فكل مورد شك في شمول الحكم له الأحوط أن يأتي بهما (4)
419

كما لو شك في صدق التفرق (1) وعدمه، أو صدق اتحاد المكان وعدمه،
أو كون صلاة الجماعة أدائية أو لا، أو أنهم أذنوا وأقاموا لصلاتهم أم لا.
نعم لو شك في صحة صلاتهم حمل على الصحة.
الثالث: من موارد سقوطهما إذا سمع الشخص أذان غيره أو إقامته
فإنه يسقط عنه سقوطا على وجه (2) الرخصة، بمعنى أنه يجوز له أن
يكتفي بما سمع إماما كان الآتي بهما أو مأموما أو منفردا، وكذا في
السامع، لكن بشرط أن لا يكون ناقصا، وأن يسمع تمام الفصول، ومع
فرض النقصان يحوز له أن يتم (3) ما نقصه القائل، ويكتفي به، وكذا إذا
لم يسمع التمام يجوز له أن يأتي بالبقية، ويكتفي به (4) لكن بشرط
420

مراعاة الترتيب، ولو سمع أحدهما لم يجز للآخر، والظاهر أنه لو سمع
الإقامة فقط فأتى بالأذان لا يكتفي بسماع الإقامة لفوات الترتيب
حينئذ بين الأذان والإقامة.
الرابع: إذا حكى أذان الغير أو إقامته فإن له أن يكتفي بحكايتهما (1).
(مسألة 4): يستحب حكاية الأذان عند سماعه، سواء كان أذان الإعلام
أو أذان الإعظام، أي أذان الصلاة جماعة أو فرادى. مكروها كان
أو مستحبا، نعم لا يستحب (2) حكاية الأذان المحرم.
والمراد بالحكاية أن يقول مثل ما قال المؤذن عند السماع من غير
فصل معتد به.
وكذا يستحب حكاية الإقامة (3) أيضا، لكن ينبغي إذا قال المقيم: قد
قامت الصلاة، أن يقول هو: " اللهم أقمها وأدمها واجعلني من خير
صالحي أهلها " والأولى تبديل (4) الحيعلات بالحولقة، بأن يقول:
لا حول ولا قوة إلا بالله.
(مسألة 5): يجوز حكاية الأذان، وهو في الصلاة (5) لكن الأقوى حينئذ
421

تبديل الحيعلات بالحولقة.
(مسألة 6): يعتبر في السقوط بالسماع عدم الفصل الطويل بينه وبين
الصلاة.
(مسألة 7): الظاهر عدم الفرق بين السماع والاستماع.
(مسألة 8): القدر المتيقن من الأذان الأذان المتعلق بالصلاة (1) فلو سمع
الأذان الذي يقال في أذن المولود أو وراء المسافر (2) عند خروجه إلى
السفر لا يجزيه.
(مسألة 9): الظاهر عدم الفرق بين أذان الرجل والمرأة (3) إلا إذا كان
سماعه على الوجه المحرم أو كان أذان المرأة على الوجه المحرم (4).
422

(مسألة 10): قد يقال: " يشترط في السقوط بالسماع أن يكون السامع
من الأول قاصدا للصلاة، فلو لم يكن قاصدا وبعد السماع بنى على
الصلاة لم يكف في السقوط " وله وجه (1).
فصل
يشترط في الأذان والإقامة أمور:
الأول: النية ابتداء واستدامة على نحو سائر العبادات: فلو أذن أو
أقام لا بقصد القربة لم يصح. وكذا لو تركها في الأثناء. نعم لو رجع إليها
وأعاد ما أتى به من الفصول لا مع القربة معها صح (2) ولا يجب
الاستئناف، هذا في أذان الصلاة. وأما أذان الإعلام فلا يعتبر فيه القربة
كما مر (3).
ويعتبر أيضا تعيين الصلاة (4) التي يأتي بهما لها مع الاشتراك، فلو لم
يعين لم يكف، كما أنه لو قصد بهما صلاة لا يكفي لأخرى (5) بل يعتبر
423

الإعادة والاستئناف.
الثاني: العقل والإيمان (1).
وأما البلوغ فالأقوى عدم اعتباره (2) خصوصا في الأذان،
وخصوصا في الإعلامي، فيجزي أذان المميز وإقامته إذا سمعه (3)
أو حكاه، أو فيما لو أتى بهما للجماعة. وأما إجزاؤهما لصلاة نفسه فلا
إشكال فيه.
وأما الذكورية فتعتبر في أذان الإعلام والأذان والإقامة
لجماعة الرجال غير المحارم، ويجزيان لجماعة النساء
والمحارم على إشكال في الأخير. والأحوط عدم (4) الاعتداد.
نعم الظاهر إجزاء سماع أذانهن بشرط عدم الحرمة كما مر (5)
424

وكذا إقامتهن (1).
الثالث: الترتيب بينهما بتقديم الأذان على الإقامة، وكذا بين فصول
كل منهما، فلو قدم الإقامة عمدا أو جهلا أو سهوا أعادها بعد الأذان (2)
وكذا لو خالف الترتيب فيما بين فصولهما، فإنه يرجع إلى موضع
المخالفة، ويأتي على الترتيب إلى الآخر. وإذا حصل الفصل الطويل
المخل بالموالاة يعيد من الأول من غير فرق أيضا بين العمد وغيره.
الرابع: الموالاة بين الفصول من كل منهما على وجه تكون صورتهما
محفوظة بحسب عرف المتشرعة. وكذا بين الأذان والإقامة، وبينهما
وبين الصلاة، فالفصل الطويل المخل بحسب عرف المتشرعة بينهما
أو بينهما وبين الصلاة مبطل.
الخامس: الإتيان بهما على الوجه الصحيح بالعربية، فلا يجزي
ترجمتهما، ولا مع تبديل حرف بحرف.
السادس: دخول الوقت، فلو أتى بهما قبله، ولولا عن عمد لم يجتز
بهما، وإن دخل الوقت في الأثناء (3).
425

نعم لا يبعد جواز تقديم الأذان قبل الفجر للإعلام (1) وإن كان
الأحوط (2) إعادته بعده.
السابع: الطهارة من الحدث (3) في الإقامة على الأحوط، بل
لا يخلو (4) عن قوة بخلاف الأذان.
(مسألة 1): إذا شك في الإتيان بالأذان بعد الدخول في الإقامة
لم يعتن (5) به. وكذا لو شك في فصل من أحدهما بعد الدخول في الفصل
اللاحق (6) ولو شك قبل التجاوز أتى بما شك فيه.
فصل
يستحب فيهما أمور (7):
الأول: الاستقبال.
الثاني: القيام (8).
426

الثالث: الطهارة في الأذان. وأما الإقامة فقد عرفت أن الأحوط بل
لا يخلو عن قوة اعتبارها فيها (1) بل الأحوط اعتبار الاستقبال والقيام
أيضا فيها (2) وإن كان الأقوى الاستحباب.
الرابع: عدم التكلم في أثنائهما، بل يكره بعد " قد قامت الصلاة "
للمقيم بل لغيره أيضا في صلاة الجماعة، إلا في تقديم إمام، بل مطلق ما
يتعلق بالصلاة، كتسوية صف ونحوه، بل يستحب له إعادتها حينئذ.
الخامس: الاستقرار في الإقامة.
السادس: الجزم في أواخر فصولهما مع التأني في الأذان والحدر
في الإقامة على وجه لا ينافي قاعدة الوقف (3).
السابع: الإفصاح بالألف والهاء من لفظ الجلالة (4) في آخر كل فصل
هو فيه.
الثامن: وضع الإصبعين في الأذنين في الأذان.
427

التاسع: مد الصوت في الأذان ورفعه، ويستحب الرفع في الإقامة
أيضا، إلا أنه دون الأذان.
العاشر: الفصل بين الأذان والإقامة بصلاة ركعتين (1) أو خطوة أو
قعدة أو سجدة أو ذكر أو دعاء أو سكوت، بل أو تكلم، لكن في غير
الغداة (2) بل لا يبعد كراهته فيها.
(مسألة 1): لو اختار السجدة يستحب أن يقول في سجوده: " رب
سجدت لك خاضعا خاشعا " أو يقول: " لا إله إلا أنت سجدت لك
خاضعا خاشعا ". ولو اختار القعدة يستحب أن يقول: " اللهم اجعل قلبي
بارا ورزقي دارا وعملي سارا واجعل لي عند قبر نبيك قرارا ومستقرا ".
ولو اختار الخطوة أن يقول: " بالله أستفتح وبمحمد صلى الله عليه وآله
أستنجح وأتوجه، اللهم صل على محمد وآل محمد واجعلني بهم وجيها
في الدنيا والآخرة ومن المقربين ".
428

(مسألة 2): يستحب لمن سمع المؤذن يقول: " أشهد أن لا إله إلا الله،
وأشهد أن محمدا رسول الله " أن يقول: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن
محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أكتفي بها عن كل من أبى
وجحد، وأعين بها من أقر وشهد.
(مسألة 3): يستحب في المنصوب للأذان أن يكون عدلا رفيع
الصوت، مبصرا بصيرا بمعرفة الأوقات، وأن يكون على مرتفع منارة
أو غيرها.
(مسألة 4): من ترك الأذان أو الإقامة أو كليهما عمدا حتى أحرم
للصلاة لم يجز له قطعها لتداركهما (1) نعم إذا كان عن نسيان جاز له
القطع ما لم يركع منفردا كان أو غيره، حال الذكر (2) لا ما إذا عزم على
الترك (3) زمانا معتدا به ثم أراد الرجوع، بل وكذا لو بقي على التردد (4)
كذلك. وكذا لا يرجع لو نسي أحدهما (5) أو نسي بعض فصولهما بل
429

أو شرائطهما على الأحوط.
(مسألة 5): يجوز للمصلي فيما إذا جاز له ترك الإقامة تعمد الاكتفاء
بأحدهما (1) لكن لو بنى على ترك الأذان فأقام ثم بدا له فعله أعادها
بعده.
(مسألة 6): لو نام في خلال أحدهما أو جن أو أغمي عليه أو سكر ثم
أفاق جاز له البناء ما لم تفت الموالاة، مراعيا لشرطية الطهارة في
الإقامة (2) لكن الأحوط الإعادة فيها (3) مطلقا، خصوصا في النوم. وكذا
لو ارتد عن ملة (4) ثم تاب.
(مسألة 7): لو أذن منفردا وأقام ثم بدا له الإمامة (5) يستحب له إعادتهما.
430

(مسألة 8): لو أحدث في أثناء الإقامة أعادها بعد الطهارة (1) بخلاف
الأذان. نعم يستحب فيه أيضا الإعادة بعد الطهارة.
(مسألة 9): لا يجوز أخذ الأجرة على أذان الصلاة، ولو أتى به بقصدها
بطل (2). وأما أذان الإعلام فقد يقال (3) بجواز أخذها عليه. لكنه مشكل.
نعم لا بأس بالارتزاق من بيت المال.
(مسألة 10): قد يقال: " إن اللحن في أذان الإعلام لا يضر " وهو ممنوع.
فصل
ينبغي للمصلي بعد إحراز شرائط صحة الصلاة ورفع موانعها السعي
في تحصيل شرائط قبولها ورفع موانعه، فإن الصحة والإجزاء غير
القبول، فقد يكون العمل صحيحا ولا يعد فاعله تاركا، بحيث يستحق
431

العقاب على الترك، لكن لا يكون مقبولا للمولى.
وعمدة شرائط القبول إقبال القلب على العمل، فإنه روحه، وهو
بمنزلة الجسد، فإن كان حاصلا في جميعه فتمامه مقبول، وإلا فبمقداره،
فقد يكون نصفه مقبولا، وقد يكون ثلثه مقبولا، وقد يكون ربعه، وهكذا.
ومعنى الإقبال أن يحضر قلبه ويتفهم ما يقول، ويتذكر عظمة الله تعالى،
وأنه ليس كسائر من يخاطب ويتكلم معه، بحيث يحصل في قلبه هيبة
منه، وبملاحظة أنه مقصر في أداء حقه يحصل له حالة حياء، وحالة
بين الخوف والرجاء بملاحظة تقصيره مع ملاحظة سعة رحمته تعالى.
وللإقبال وحضور القلب مراتب ودرجات، وأعلاها ما كان لأمير
المؤمنين صلوات الله عليه، حيث كان يخرج السهم من بدنه حين الصلاة
ولا يحس به. وينبغي له أن يكون مع الخضوع والخشوع والوقار
والسكينة، وأن يصلي صلاة مودع، وأن يجدد التوبة والإنابة والاستغفار،
وأن يكون صادقا في أقواله، كقوله: " إياك نعبد وإياك نستعين " وفي
سائر مقالاته، وأن يلتفت أنه لمن يناجي وممن يسأل ولمن يسأل.
وينبغي أيضا أن يبذل جهده في الحذر عن مكائد الشيطان وحبائله
ومصائده التي منها إدخال العجب في نفس العابد، وهو من موانع قبول
العمل. ومن موانع القبول أيضا حبس الزكاة وسائر الحقوق الواجبة.
ومنها الحسد والكبر والغيبة. ومنها أكل الحرام وشرب المسكر. ومنها
النشوز والإباق، بل مقتضى قوله تعالى: " إنما يتقبل الله من المتقين " عدم
قبول الصلاة وغيرها من كل عاص وفاسق.
وينبغي أيضا أن يجتنب ما يوجب قلة الثواب والأجر على الصلاة،
كأن يقوم إليها كسلا ثقيلا في سكرة النوم أو الغفلة، أو كان لاهيا فيها،
432

أو مستعجلا، أو مدافعا للبول أو الغائط أو الريح، أو طامحا ببصره إلى
السماء، بل ينبغي أن يخشع ببصره شبه المغمض للعين. بل ينبغي أن
يجتنب كل ما ينافي الخشوع، وكل ما ينافي الصلاة في العرف والعادة،
وكل ما يشعر بالتكبر أو الغفلة، وينبغي أيضا أن يستعمل ما يوجب
زيادة الأجر وارتفاع الدرجة كاستعمال الطيب ولبس أنظف الثياب،
والخاتم من عقيق، والتمشط، والاستياك ونحو ذلك.
فصل
واجبات الصلاة أحد عشر: النية، والقيام، وتكبيرة الإحرام، والركوع،
والسجود، والقراءة، والذكر، والتشهد، والسلام، والترتيب، والموالاة.
والخمسة الأولى أركان (1) بمعنى أن زيادتها ونقيصتها عمدا وسهوا
موجبة للبطلان (2) لكن لا يتصور الزيادة في النية بناء على الداعي،
وبناء على الإخطار غير قادحة. والبقية واجبات غير ركنية، فزيادتها
ونقصها عمدا موجب للبطلان لا سهوا (3).
فصل
في النية
وهي القصد إلى الفعل بعنوان الامتثال والقربة. ويكفي فيها الداعي
433

القلبي، ولا يعتبر فيها الإخطار بالبال ولا التلفظ، فحال الصلاة وسائر
العبادات حال سائر الأعمال والأفعال الاختيارية، كالأكل والشرب والقيام
والقعود ونحوها من حيث النية، نعم تزيد عليها باعتبار القربة فيها بأن
يكون الداعي والمحرك هو الامتثال والقربة، ولغايات الامتثال درجات:
أحدها: وهو أعلاها (1) أن يقصد امتثال أمر الله لأنه تعالى أهل
للعبادة والطاعة، وهذا ما أشار إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) (2) بقوله: " إلهي
434

ما عبدتك خوفا من نارك، ولا طمعا في جنتك، بل وجدتك أهلا
للعبادة فعبدتك ".
الثاني: أن يقصد شكر نعمه التي لا تحصى.
الثالث: أن يقصد به تحصيل رضاه، والفرار من سخطه.
الرابع: أن يقصد به حصول القرب إليه.
الخامس: أن يقصد به الثواب (1) ورفع العقاب بأن يكون الداعي إلى
امتثال أمره رجاء ثوابه وتخليصه من النار، وأما إذا كان قصده ذلك على
وجه المعاوضة من دون أن يكون برجاء إثابته (2) تعالى فيشكل صحته،
435

وما ورد من صلاة الاستسقاء وصلاة الحاجة إنما يصح إذا كان على
الوجه الأول.
(مسألة 1): يجب تعيين العمل إذا كان ما عليه فعلا متعددا (1) ولكن
436

يكفي التعيين الاجمالي، كأن ينوي ما وجب عليه أولا من الصلاتين
مثلا، أو ينوي ما اشتغلت ذمته به أولا أو ثانيا، ولا يجب مع الاتحاد (1).
(مسألة 2): لا يجب قصد الأداء (2) والقضاء ولا القصر والتمام،
ولا الوجوب والندب إلا مع توقف التعيين على قصد أحدهما، بل
لو قصد أحد الأمرين (3) في مقام الآخر صح إذا كان على وجه
437

الاشتباه (1) في التطبيق، كأن قصد امتثال الأمرين المتعلق به فعلا،
وتخيل أنه أمر أدائي (2) فبان قضائيا، أو بالعكس، أو تخيل أنه وجوبي
فبان ندبيا أو بالعكس، وكذا القصر والتمام (3). وأما إذا كان على وجه
التقييد (4) فلا يكون صحيحا، كما إذا قصد امتثال الأمر الأدائي ليس إلا،
438

أو الأمر الوجوبي ليس إلا فبان الخلاف فإنه باطل (1).
(مسألة 3): إذا كان في أحد أماكن التخيير فنوى القصر يجوز له (2) أن
يعدل إلى التمام وبالعكس ما لم يتجاوز محل العدول، بل لو نوى
أحدهما وأتم على الآخر من غير التفات إلى العدول فالظاهر الصحة (3)
ولا يجب التعيين حين الشروع أيضا، نعم لو نوى القصر فشك بين
الاثنين والثلاث بعد إكمال السجدتين يشكل العدول (4) إلى التمام والبناء
على الثلاث، وإن كان لا يخلو (5) من وجه، بل قد يقال بتعينه والأحوط
439

العدول (1) والإتمام مع صلاة الاحتياط والإعادة.
(مسألة 4): لا يجب في ابتداء العمل حين النية تصور الصلاة تفصيلا،
بل يكفي الإجمال. نعم يجب نية المجموع من الأفعال جملة أو الأجزاء
على وجه يرجع إليها، ولا يجوز تفريق النية على الأجزاء على وجه لا
يرجع إلى قصد الجملة، كأن يقصد كلا منها على وجه الاستقلال من
غير لحاظ الجزئية (2).
(مسألة 5): لا ينافي نية الوجوب اشتمال الصلاة على الأجزاء
المندوبة (3) ولا يجب ملاحظتها في ابتداء الصلاة، ولا تجديد النية على
وجه الندب حين الإتيان (4) بها.
(مسألة 6): الأحوط ترك التلفظ بالنية في الصلاة، خصوصا في صلاة
الاحتياط (5) للشكوك،
440

وإن كان الأقوى معه الصحة (1).
(مسألة 7): من لا يعرف الصلاة يجب عليه أن يأخذ من يلقنه فيأتي
بها جزء فجزء، ويجب عليه أن ينويها أولا على الإجمال.
(مسألة 8): يشترط في نية الصلاة بل مطلق العبادات الخلوص عن
الرياء، فلو نوى بها الرياء بطلت، بل هو من المعاصي الكبيرة، لأنه
شرك بالله تعالى، ثم إن دخول الرياء في العمل على وجوه (2):
أحدها: أن يأتي بالعمل لمجرد إرائة الناس من دون أن يقصد به
امتثال أمر الله تعالى، وهذا باطل بلا إشكال، لأنه فاقد لقصد القربة أيضا.
441

الثاني: أن يكون داعيه ومحركه على العمل القربة وامتثال الأمر
والرياء معا، وهذا أيضا باطل، سواء كانا مستقلين أو كان أحدهما
تبعا (1) والآخر مستقلا، أو كانا معا ومنضما محركا وداعيا.
الثالث: أن يقصد ببعض الأجزاء الواجبة الرياء، وهذا أيضا باطل
وإن كان محل التدارك باقيا (2). نعم في مثل الأعمال التي لا يرتبط
بعضها ببعض أو لا ينافيها الزيادة في الأثناء كقراءة القرآن والأذان
والإقامة إذا أتى ببعض الآيات أو الفصول من الأذان اختص البطلان به،
فلو تدارك بالإعادة صح (3).
الرابع: أن يقصد ببعض الأجزاء المستحبة الرياء، كالقنوت في
الصلاة، وهذا أيضا باطل على الأقوى (4).
442

الخامس: أن يكون أصل العمل لله، لكن أتى به في مكان وقصد
بإتيانه في ذلك المكان الرياء كما إذا أتى به في المسجد أو بعض
المشاهد رياء، وهذا أيضا باطل على الأقوى (1) وكذا إذا كان وقوفه في
الصف الأول من الجماعة، أو في الطرف الأيمن رياء.
السادس: أن يكون الرياء من حيث الزمان كالصلاة في أول الوقت
رياء، وهذا أيضا باطل على الأقوى.
السابع: أن يكون الرياء من حيث أوصاف العمل كالإتيان بالصلاة
جماعة أو القراءة بالتأني أو بالخشوع (2) أو نحو ذلك، وهذا أيضا
443

باطل على الأقوى.
الثامن: أن يكون في مقدمات العمل، كما إذا كان الرياء في مشيه إلى
المسجد لا في إتيانه في المسجد، والظاهر عدم البطلان في هذه الصورة.
التاسع: أن يكون في بعض الأعمال الخارجة عن الصلاة، كالتحنك
حال الصلاة. وهذا لا يكون مبطلا إلا إذا رجع إلى الرياء في الصلاة
متحنكا.
العاشر: أن يكون العمل خالصا لله، لكن كان بحيث يعجبه أن
يراه الناس، والظاهر عدم بطلانه أيضا (1) كما أن الخطور القلبي
لا يضر، خصوصا إذا كان بحيث يتأذى بهذا الخطور، وكذا لا يضر
الرياء بترك الأضداد (2).
444

(مسألة 9): الرياء المتأخر لا يوجب البطلان، بأن كان حين العمل
قاصدا للخلوص، ثم بعد تمامه بدا له في ذكره، أو عمل عملا يدل على
أنه فعل كذا.
(مسألة 10): العجب المتأخر (1) لا يكون مبطلا، بخلاف المقارن، فإنه
مبطل على الأحوط، وإن كان الأقوى خلافه.
(مسألة 11): غير الرياء من الضمائم إما حرام أو مباح أو راجح، فإن
كان حراما وكان متحدا مع العمل أو مع جزء منه بطل (2) كالرياء،
445

وإن كان خارجا عن العمل مقارنا له لم يكن مبطلا، وإن كان مباحا
أو راجحا (1) فإن كان تبعا وكان داعي القربة مستقلا، فلا إشكال في
الصحة (2) وإن كان مستقلا وكان داعي القربة تبعا بطل، وكذا إذا كانا معا
446

منضمين محركا وداعيا على العمل، وإن كانا مستقلين فالأقوى
الصحة (1) وإن كان الأحوط الإعادة.
(مسألة 12): إذا أتى ببعض أجزاء الصلاة بقصد الصلاة وغيرها (2)
كأن قصد بركوعه تعظيم الغير والركوع الصلاتي، أو بسلامه سلام التحية
وسلام الصلاة بطل إن كان من الأجزاء (3) الواجبة، قليلا كان
أم كثيرا، أمكن تداركه (4) أم لا، وكذا في الأجزاء المستحبة غير القرآن
والذكر على الأحوط (5) وأما إذا قصد غير الصلاة محضا فلا يكون
447

مبطلا (1) إلا إذا كان مما لا يجوز فعله في الصلاة أو كان كثيرا.
(مسألة 13): إذا رفع صوته بالذكر أو القراءة لإعلام الغير لم يبطل (2)
إلا إذا كان (3) قصد الجزئية تبعا وكان من الأذكار الواجبة، ولو قال: الله
448

أكبر مثلا بقصد الذكر المطلق لإعلام الغير لم يبطل (1) مثل سائر
الأذكار (2) التي يؤتى بها لا بقصد الجزئية.
(مسألة 14): وقت النية ابتداء الصلاة وهو حال تكبيرة الإحرام، وأمره
سهل بناء على الداعي، وعلى الإخطار، اللازم اتصال آخر النية المخطرة
بأول التكبير، وهو أيضا سهل.
(مسألة 15): يجب استدامة النية إلى آخر الصلاة بمعنى عدم حصول
الغفلة بالمرة، بحيث يزول الداعي على وجه لو قيل له: ما تفعل؟ يبقى
متحيرا، وأما مع بقاء الداعي في خزانة الخيال فلا تضر الغفلة، ولا يلزم
الاستحضار الفعلي.
(مسألة 16): لو نوى في أثناء الصلاة قطعها فعلا أو بعد ذلك
أو نوى القاطع والمنافي فعلا (3) أو بعد ذلك فإن أتم مع
449

ذلك بطل (1).
وكذا لو أتى ببعض الأجزاء بعنوان (2) الجزئية ثم عاد إلى النية
الأولى. وأما لو عاد إلى النية الأولى قبل أن يأتي بشئ (3) لم يبطل، وإن
كان الأحوط الإتمام والإعادة.
ولو نوى القطع أو القاطع وأتى ببعض الأجزاء لا بعنوان الجزئية
ثم عاد إلى النية الأولى فالبطلان موقوف على كونه فعلا كثيرا (4) فإن
450

كان قليلا لم يبطل (1) خصوصا إذا كان ذكرا (2) أو قرآنا وإن كان
الأحوط الإتمام والإعادة أيضا.
(مسألة 17): لو قام لصلاة ونواها في قلبه فسبق لسانه أو خياله
خطورا إلى غيرها صحت على ما قام إليها، ولا يضر (3) سبق اللسان ولا
الخطور الخيالي (4).
(مسألة 18): لو دخل في فريضة فأتمها بزعم أنها نافلة غفلة
أو بالعكس صحت على ما افتتحت عليه.
(مسألة 19): لو شك فيما في يده أنه عينها ظهرا (5) أو عصرا مثلا
قيل: بنى على التي (6) قام إليها، وهو مشكل (7) فالأحوط الإتمام
451

والإعادة (1).
نعم لو رأى نفسه في صلاة معينة وشك في أنه من الأول نواها
أو نوى غيرها بنى على أنه نواها (2) وإن لم يكن مما قام إليه (3) لأنه
يرجع إلى الشك بعد تجاوز المحل (4).
453

(مسألة 20): لا يجوز العدول (1) من صلاة إلى أخرى إلا في موارد
خاصة:
أحدها: في الصلاتين المرتبتين كالظهرين والعشاءين إذا دخل في
الثانية قبل الأولى عدل إليها بعد التذكر في الأثناء. إذا لم يتجاوز محل
العدول، وأما إذا تجاوز كما إذا دخل في ركوع الرابعة من العشاء فتذكر
ترك المغرب، فإنه لا يجوز العدول لعدم بقاء محله فيتمها عشاء (2)
ثم يصلي المغرب، ويعيد العشاء أيضا احتياطا (3). وأما إذا دخل في
454

قيام الرابعة ولم يركع بعد فالظاهر بقاء محل العدول فيهدم القيام ويتمها
بنية المغرب.
الثاني: إذا كان عليه صلاتان أو أزيد قضاء فشرع في اللاحقة قبل
السابقة يعدل إليها (1) مع عدم تجاوز محل العدول، كما إذا دخل في
الظهر أو العصر فتذكر ترك الصبح القضائي السابق على الظهر والعصر،
وأما إذا تجاوز أتم ما بيده على الأحوط (2) ويأتي بالسابقة ويعيد
اللاحقة كما مر (3) في الأدائيتين. وكذا لو دخل في العصر فذكر ترك
الظهر السابقة فإنه يعدل.
الثالث: إذا دخل في الحاضرة فذكر أن عليه قضاء فإنه يجوز له أن
يعدل إلى القضاء إذا لم يتجاوز محل العدول، والعدول في هذه الصورة
455

على وجه الجواز (1) بل الاستحباب (2) بخلاف الصورتين الأولتين فإنه
على وجه الوجوب (3).
الرابع: العدول من الفريضة (4) إلى النافلة يوم الجمعة لمن نسي قراءة
الجمعة وقرأ سورة أخرى من التوحيد أو غيرها وبلغ النصف أو تجاوز (5).
وأما إذا لم يبلغ النصف (6) فله أن يعدل عن تلك السورة، ولو كانت هي
456

التوحيد إلى سورة الجمعة فيقطعها ويستأنف سورة الجمعة.
الخامس: العدول من الفريضة إلى النافلة لإدراك الجماعة إذا دخل
فيها وأقيمت الجماعة وخاف السبق (1) بشرط عدم تجاوز محل العدول
بأن دخل في ركوع الركعة الثالثة.
السادس: العدول من الجماعة إلى الانفراد (2) لعذر أو مطلقا كما هو
الأقوى (3).
السابع: العدول من إمام إلى إمام إذا عرض للأول عارض (4).
الثامن: العدول من القصر إلى التمام إذا قصد في الأثناء إقامة
عشرة أيام.
التاسع: العدول من التمام (5) إلى القصر إذا بدا له في الإقامة
457

بعد ما قصدها (1).
العاشر: العدول من القصر (2) إلى التمام أو بالعكس في مواطن
التخيير.
(مسألة 21): لا يجوز العدول (3) من الفائتة إلى الحاضرة، فلو دخل في
فائتة ثم ذكر في أثنائها حاضرة ضاق وقتها أبطلها واستأنف، ولا يجوز
العدول على الأقوى.
(مسألة 22): لا يجوز العدول من النفل إلى الفرض، ولا من النفل (4)
إلى النفل حتى فيما كان منه كالفرائض في التوقيت والسبق (5) واللحوق.
(مسألة 23): إذا عدل في موضع لا يجوز العدول بطلتا (6) كما لو نوى
458

بالظهر العصر وأتمها على نية العصر.
(مسألة 24): لو دخل في الظهر بتخيل عدم إتيانها فبان في الأثناء أنه
قد فعلها لم يصح (1) له العدول إلى العصر.
(مسألة 25): لو عدل بزعم تحقق موضع العدول فبان الخلاف بعد الفراغ
أو في الأثناء لا يبعد صحتها على النية الأولى، كما إذا عدل بالعصر إلى
الظهر ثم بان أنه صلاها فإنها تصح عصرا، لكن الأحوط (2) الإعادة.
459

(مسألة 26): لا بأس بترامي العدول (1) كما لو عدل في الفوائت
إلى سابقة فذكر سابقة عليها فإنه يعدل منها إليها وهكذا.
(مسألة 27): لا يجوز العدول بعد الفراغ إلا في الظهرين (2) إذا أتى بنية
العصر بتخيل أنه صلى الظهر فبان أنه لم يصلها، حيث إن مقتضى رواية
صحيحة أنه يجعلها ظهرا وقد مر سابقا (3).
460

(مسألة 28): يكفي في العدول مجرد النية من غير حاجة (1) إلى ما ذكر
في ابتداء النية.
(مسألة 29): إذا شرع في السفر وكان في السفينة أو الكاري مثلا
فشرع في الصلاة بنية التمام (2) قبل الوصول إلى حد الترخص فوصل
في الأثناء إلى حد الترخص فإن لم يدخل في ركوع الثالثة فالظاهر
أنه يعدل إلى القصر، وإن دخل في ركوع الثالثة فالأحوط الإتمام
والإعادة قصرا (3). وإن كان في السفر ودخل في الصلاة بنية القصر
فوصل إلى حد الترخص يعدل إلى التمام.
(مسألة 30): إذا دخل في الصلاة بقصد ما في الذمة فعلا وتخيل أنها
الظهر مثلا ثم تبين أن ما في ذمته هي العصر أو بالعكس فالظاهر
الصحة (4) لأن الاشتباه إنما هو في التطبيق.
461

(مسألة 31): إذا تخيل أنه أتى بركعتين من نافلة الليل مثلا فقصد
الركعتين الثانيتين أو نحو ذلك فبان أنه لم يصل الأولتين صحت
وحسبت له الأولتان. وكذا في نوافل الظهرين. وكذا إذا تبين بطلان
الأولتين. وليس هذا من باب العدول، بل من جهة أنه لا يعتبر قصد
كونهما أولتين أو ثانيتين فتحسب على ما هو الواقع، نظير ركعات
الصلاة حيث إنه لو تخيل أن ما بيده من الركعة ثانية مثلا فبان أنها
الأولى أو العكس أو نحو ذلك لا يضر، ويحسب على ما هو الواقع.
فصل
في تكبيرة الإحرام (1)
وتسمى تكبيرة الافتتاح أيضا، وهي أول الأجزاء (2) الواجبة للصلاة،
بناء على كون النية شرطا، وبها يحرم على المصلي المنافيات، وما لم
يتمها يجوز له قطعها، وتركها عمدا وسهوا مبطل، كما أن زيادتها أيضا
كذلك (3) فلو كبر بقصد الافتتاح وأتى بها على الوجه الصحيح ثم كبر
بهذا القصد ثانيا بطلت واحتاج إلى ثالثة، فإن أبطلها بزيادة رابعة احتاج
إلى خامسة، وهكذا تبطل بالشفع (4) وتصح بالوتر، ولو كان في أثناء
462

صلاة فنسي وكبر لصلاة أخرى فالأحوط إتمام الأولى وإعادتها (1).
وصورتها: " الله أكبر " من غير تغيير ولا تبديل، ولا يجزي مرادفها
ولا ترجمتها بالعجمية أو غيرها، والأحوط عدم وصلها بما (2) سبقها من
463

الدعاء أو لفظ النية، وإن كان الأقوى جوازه (1) ويحذف الهمزة من الله
حينئذ كما أن الأقوى جواز وصلها بما بعدها من الاستعاذة أو البسملة
أو غيرهما، ويجب حينئذ (2) إعراب راء أكبر، لكن الأحوط عدم الوصل،
ويجب إخراج حروفها من مخارجها والموالاة بينها وبين الكلمتين.
(مسألة 1): لو قال: الله تعالى أكبر لم يصح، ولو قال: الله أكبر من أن
يوصف أو من كل شئ، فالأحوط الإتمام والإعادة (3) وإن كان الأقوى
الصحة إذا لم يكن بقصد التشريع.
(مسألة 2): لو قال: الله أكبار، بإشباع فتحة الباء حتى تولد الألف
بطل (4) كما أنه لو شدد راء أكبر بطل أيضا.
464

(مسألة 3): الأحوط تفخيم اللام (1) من الله، والراء (2) من أكبر، ولكن
الأقوى الصحة مع تركه أيضا.
(مسألة 4): يجب فيها القيام والاستقرار (3) فلو ترك أحدهما بطل عمدا
كان أو سهوا (4).
(مسألة 5): يعتبر في صدق التلفظ بها بل وبغيرها من الأذكار والأدعية
والقرآن أن يكون بحيث يسمع نفسه تحقيقا (5) أو تقديرا، فلو تكلم
465

بدون ذلك لم يصح (1).
(مسألة 6): من لم يعرفها يجب عليه أن يتعلم. ولا يجوز له الدخول
في الصلاة قبل التعلم (2) إلا إذا ضاق الوقت فيأتي بها ملحونة، وإن
لم يقدر فترجمتها من غير العربية (3) ولا يلزم أن يكون بلغته، وإن كان
أحوط (4) ولا تجزي عن الترجمة غيرها من الأذكار والأدعية، وإن
كانت بالعربية، وإن أمكن له النطق بها بتلقين الغير حرفا فحرفا (5) قدم
على الملحون والترجمة.
(مسألة 7): الأخرس يأتي بها على قدر الإمكان، وإن عجز عن النطق
أصلا أخطرها بقلبه وأشار إليها مع تحريك لسانه إن أمكنه (6).
466

(مسألة 8): حكم التكبيرات المندوبة فيما ذكر حكم تكبيرة الإحرام (1)
حتى في إشارة الأخرس.
(مسألة 9): إذا ترك التعلم في سعة الوقت حتى ضاق أثم وصحت
صلاته على الأقوى، والأحوط القضاء بعد التعلم.
(مسألة 10): يستحب الإتيان بست تكبيرات مضافا إلى تكبيرة
الإحرام، فيكون المجموع سبعة، وتسمى بالتكبيرات الافتتاحية،
ويجوز الاقتصار على الخمس وعلى الثلاث ولا يبعد التخيير في تعيين
تكبيرة الإحرام في أيتها شاء (2) بل نية الإحرام بالجميع أيضا (3) لكن
الأحوط اختيار الأخيرة (4) ولا يكفي قصد الافتتاح بأحدها المبهم
467

من غير تعيين (1) والظاهر عدم اختصاص استحبابها في اليومية بل
تستحب في جميع الصلوات الواجبة والمندوبة.
وربما يقال بالاختصاص بسبعة مواضع وهي كل صلاة واجبة،
وأول ركعة من صلاة الليل، ومفردة الوتر، وأول ركعة من نافلة الظهر،
وأول ركعة من نافلة المغرب، وأول ركعة من صلاة الإحرام والوتيرة.
ولعل القائل أراد تأكدها في هذه المواضع.
(مسألة 11): لما كان في مسألة تعيين تكبيرة الإحرام - إذا أتى بالسبع
أو الخمس أو الثلاث - احتمالات بل أقوال: تعيين الأول، وتعيين
الأخير، والتخيير، والجميع، فالأقوى لمن أراد إحراز جميع الاحتمالات
ومراعاة الاحتياط من جميع الجهات أن يأتي بها بقصد (2) أنه إن كان
468

الحكم هو التخيير فالافتتاح هو كذا، ويعين في قلبه ما شاء، وإلا فهو ما
عند الله من الأول أو الأخير أو الجميع.
(مسألة 12): يجوز الإتيان بالسبع ولاء من غير فصل بالدعاء، لكن
الأفضل أن يأتي بالثلاث ثم يقول: " اللهم أنت الملك الحق لا إله
إلا أنت، سبحانك إني ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي إنه لا يغفر الذنوب
إلا أنت ". ثم يأتي باثنتين ويقول: " لبيك وسعديك والخير في يديك،
والشر ليس إليك، والمهدي من هديت، لا ملجأ منك إلا إليك، سبحانك
وحنانيك، تباركت وتعاليت سبحانك رب البيت ". ثم يأتي باثنتين
ويقول: " وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض، عالم الغيب
والشهادة، حنيفا مسلما وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي
ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من
المسلمين " ثم يشرع في الاستعاذة وسورة الحمد.
ويستحب أيضا أن يقول (1) قبل التكبيرات: " اللهم إليك توجهت،
ومرضاتك ابتغيت وبك آمنت، وعليك توكلت، صل على محمد
وآل محمد، وافتح قلبي لذكرك، وثبتني على دينك، ولا تزغ قلبي بعد إذ
469

هديتني، وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ".
ويستحب أيضا أن يقول بعد الإقامة قبل تكبيرة الإحرام: " اللهم
رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، بلغ محمدا صلى الله عليه وآله
الدرجة والوسيلة والفضل والفضيلة، بالله أستفتح، وبالله أستنجح
وبمحمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أتوجه، اللهم صل على محمد وآل محمد،
واجعلني بهم عندك وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين " وأن يقول
بعد تكبيرة الاحرام: " يا محسن قد أتاك المسئ، وقد أمرت المحسن
أن يتجاوز عن المسئ أنت المحسن وأنا المسئ، بحق محمد وآل
محمد، صل على محمد وآل محمد، وتجاوز عن قبيح ما تعلم مني ".
(مسألة 13): يستحب للإمام أن يجهر بتكبيرة الإحرام على (1) وجه
يسمع من خلفه دون الست، فإنه يستحب الإخفات بها.
(مسألة 14): يستحب رفع (2) اليدين بالتكبير إلى الأذنين، أو إلى حيال
الوجه (3) أو إلى النحر مبتدئا بابتدائه (4) ومنتهيا بانتهائه، فإذا انتهى التكبير
والرفع أرسلهما. ولا فرق بين الواجب منه والمستحب في ذلك، والأولى
أن لا يتجاوز بهما الأذنين. نعم ينبغي ضم أصابعهما حتى الابهام والخنصر
والاستقبال بباطنهما القبلة. ويجوز التكبير من غير رفع اليدين بل (5)
470

لا يبعد جواز العكس (1).
(مسألة 15): ما ذكر من الكيفية في رفع اليدين إنما هو على الأفضلية،
وإلا فيكفي مطلق الرفع، بل لا يبعد جواز رفع إحدى اليدين دون
الأخرى (2).
(مسألة 16): إذا شك في تكبيرة الإحرام فإن كان قبل الدخول
فيما بعدها بنى على العدم (3) وإن كان بعد الدخول فيما بعدها من
دعاء التوجه أو الاستعاذة أو القراءة بنى على الإتيان (4) وإن شك بعد
إتمامها أنه أتى بها صحيحة أو لا بنى على العدم (5) لكن الأحوط
471

إبطالها (1) بأحد المنافيات، ثم استئنافها، وإن شك في الصحة بعد
الدخول فيما بعدها بنى على الصحة وإذا كبر ثم شك (2) في كونه تكبيرة
الإحرام أو تكبيرة الركوع بنى على أنه للإحرام.
472

فصل
في القيام
وهو أقسام: إما ركن وهو القيام حال تكبيرة الإحرام والقيام المتصل
بالركوع بمعنى أن يكون الركوع عن قيام، فلو كبر للإحرام جالسا أو
في حال النهوض بطل، ولو كان سهوا، وكذا لو ركع لا عن قيام بأن قرأ
جالسا ثم ركع أو جلس بعد القراءة أو في أثنائها وركع بأن نهض
متقوسا إلى هيئة الركوع القيامي، وكذا لو جلس ثم قام متقوسا من غير
أن ينتصب ثم يركع (1) ولو كان ذلك كله سهوا. وواجب غير ركن وهو
القيام حال القراءة وبعد الركوع. ومستحب وهو القيام حال القنوت،
وحال تكبير الركوع. وقد يكون مباحا وهو القيام بعد القراءة أو التسبيح
أو القنوت أو في أثنائها مقدارا من غير أن يشتغل بشئ وذلك في غير
المتصل بالركوع وغير الطويل الماحي للصورة.
(مسألة 1): يجب القيام حال تكبيرة الإحرام من أولها إلى آخرها،
بل يجب من باب المقدمة قبلها وبعدها، فلو كان جالسا وقام للدخول
في الصلاة وكان حرف واحد من تكبيرة الإحرام حال النهوض قبل
تحقق القيام بطل، كما أنه لو كبر المأموم وكان الراء من أكبر حال الهوي
للركوع كان باطلا، بل يجب أن يستقر قائما ثم يكبر ويكون مستقرا
473

بعد التكبير (1) ثم يركع.
(مسألة 2): هل القيام حال القراءة وحال التسبيحات الأربع شرط
فيهما أو واجب حالهما وجهان، الأحوط الأول والأظهر الثاني (2) فلو قرأ
جالسا نسيانا ثم تذكر بعدها أو في أثنائها صحت قراءته وفات محل
القيام (3) ولا يجب استئناف القراءة، لكن الأحوط (4) الاستئناف قائما.
(مسألة 3): المراد من كون القيام مستحبا حال القنوت أنه يجوز تركه
بتركه، لا أنه يجوز الإتيان بالقنوت جالسا عمدا، لكن نقل عن بعض
474

العلماء جواز إتيانه جالسا، وأن القيام مستحب فيه لا شرط، وعلى
ما ذكرنا فلو أتى به جالسا عمدا لم يأت بوظيفة القنوت بل تبطل
صلاته للزيادة (1).
(مسألة 4): لو نسي القيام حال القراءة وتذكر بعد الوصول إلى حد
الركوع صحت صلاته (2) ولو تذكر قبله فالأحوط الاستئناف على
ما مر (3).
(مسألة 5): لو نسي القراءة أو بعضها وتذكر بعد الركوع صحت صلاته
475

إن ركع عن قيام، فليس المراد من كون القيام المتصل بالركوع ركنا
أن يكون بعد تمام القراءة.
(مسألة 6): إذا زاد القيام كما لو قام في محل (1) القعود سهوا لا تبطل
صلاته، وكذا إذا زاد القيام حال القراءة بأن زاد القراءة سهوا، وأما زيادة
القيام الركني فغير متصورة من دون زيادة ركن آخر، فإن القيام حال
تكبيرة الإحرام لا يزاد إلا بزيادتها، وكذا القيام المتصل بالركوع لا يزاد
إلا بزيادته. وإلا فلو نسي القراءة أو بعضها فهوى للركوع وتذكر قبل أن
يصل (2) إلى حد الركوع رجع وأتى بما نسي، ثم ركع وصحت صلاته،
ولا يكون القيام السابق على الهوي الأول متصلا بالركوع، حتى يلزم
زيادته إذ لم يتحقق الركوع بعده فلم يكن متصلا به، وكذا إذا انحنى
للركوع فتذكر قبل أن يصل إلى حده أنه أتى به، فإنه يجلس للسجدة،
ولا يكون قيامه قبل الانحناء متصلا بالركوع ليلزم الزيادة.
(مسألة 7): إذا شك في القيام حال التكبير بعد الدخول فيما بعده،
أو في القيام المتصل بالركوع بعد الوصول إلى حده (3) أو في القيام
بعد الركوع بعد الهوي إلى السجود ولو قبل الدخول فيه (4) لم يعتن به
476

وبنى على الإتيان.
(مسألة 8): يعتبر في القيام الانتصاب (1) والاستقرار (2) والاستقلال (3)
حال الاختيار، فلو انحنى قليلا أو مال إلى أحد الجانبين بطل،
وكذا إذا لم يكن مستقرا أو كان مستندا على شئ من إنسان
أو جدار أو خشبة أو نحوها (4) نعم لا بأس بشئ منها حال الاضطرار
وكذا يعتبر فيه عدم التفريج بين الرجلين فاحشا بحيث يخرج عن
صدق القيام (5) وأما إذا كان بغير الفاحش فلا بأس والأحوط (6) الوقوف
477

على القدمين دون الأصابع وأصل القدمين، وإن كان الأقوى كفايتهما
أيضا (1) بل لا يبعد إجزاء الوقوف على الواحدة (2).
(مسألة 9): الأحوط انتصاب العنق أيضا، وإن كان الأقوى جواز
الإطراق.
(مسألة 10): إذا ترك الانتصاب (3) أو الاستقرار أو الاستقلال ناسيا
صحت صلاته، وإن كان ذلك في القيام الركني لكن الأحوط فيه الإعادة (4).
478

(مسألة 11): لا يجب تسوية الرجلين في الاعتماد، فيجوز أن يكون
الاعتماد على إحداهما ولو على القول بوجوب الوقوف عليهما.
(مسألة 12): لا فرق في حال الاضطرار بين الاعتماد على الحائط
أو الإنسان أو الخشبة، ولا يعتبر في سناد الأقطع أن يكون خشبته
المعدة لمشيه، بل يجوز له الاعتماد على غيرها من المذكورات.
(مسألة 13): يجب شراء (1) ما يعتمد عليه عند الاضطرار أو استئجاره
مع التوقف عليهما.
(مسألة 14): القيام الاضطراري بأقسامه: من كونه مع الانحناء،
أو الميل إلى أحد الجانبين، أو مع الاعتماد، أو مع عدم الاستقرار، أو مع
التفريج الفاحش بين الرجلين مقدم على الجلوس (2). ولو دار الأمر بين
التفريج الفاحش والاعتماد أو بينه وبين ترك الاستقرار قدما عليه (3)
479

أو بينه وبين الانحناء، أو الميل إلى أحد الجانبين قدم ما هو أقرب إلى
القيام (1). ولو دار الأمر بين ترك الانتصاب وترك الاستقلال قدم ترك
الاستقلال (2) فيقوم منتصبا معتمدا، وكذا لو دار بين ترك الانتصاب
وترك الاستقرار قدم ترك الاستقرار (3) ولو دار بين ترك الاستقلال وترك
الاستقرار قدم الأول (4) فمراعاة الانتصاب أولى من مراعاة الاستقلال
والاستقرار، ومراعاة الاستقرار أولى من مراعاة الاستقلال.
(مسألة 15): إذا لم يقدر (5). على القيام كلا ولا بعضا مطلقا حتى ما كان
480

منه بصورة الركوع (1) صلى من جلوس، وكان الانتصاب جالسا بدلا
عن القيام، فيجري فيه حينئذ جميع ما ذكر فيه حتى الاعتماد وغيره،
ومع تعذره صلى مضطجعا على الجانب (2) الأيمن كهيئة المدفون، فإن
تعذر فعلى الأيسر (3) عكس الأول، فإن تعذر صلى مستلقيا كالمحتضر،
ويجب الانحناء للركوع (4) والسجود بما أمكن، ومع عدم إمكانه يومئ
برأسه (5)، ومع تعذره فبالعينين (6) بتغميضهما، وليجعل إيماء (7) سجوده
481

أخفض منه لركوعه، ويزيد في غمض (1) العين للسجود على غمضها
للركوع، والأحوط وضع ما يصح السجود عليه على الجبهة (2) والإيماء
بالمساجد الأخر (3) أيضا، وليس بعد المراتب المزبورة حد موظف
فيصلي كيفما قدر، وليتحر الأقرب إلى صلاة المختار، وإلا فالأقرب إلى
صلاة المضطر على الأحوط.
(مسألة 16): إذا تمكن من القيام لكن لم يتمكن من الركوع قائما
482

جلس وركع جالسا، وإن لم يتمكن من الركوع والسجود صلى قائما
وأومأ للركوع والسجود وانحنى لهما (1) بقدر الإمكان وإن تمكن من
الجلوس جلس لإيماء السجود (2) والأحوط وضع (3) ما يصح السجود
483

عليه على جبهته إن أمكن.
(مسألة 17): لو دار أمره بين الصلاة قائما مؤميا أو جالسا مع الركوع
والسجود فالأحوط تكرار الصلاة (1) وفي الضيق يتخير بين الأمرين (2).
484

(مسألة 18): لو دار أمره بين الصلاة قائما ماشيا أو جالسا فالأحوط
التكرار أيضا (1).
(مسألة 19): لو كان وظيفته الصلاة جالسا وأمكنه القيام حال الركوع
وجب ذلك.
(مسألة 20): إذا قدر على القيام في بعض الركعات دون الجميع
وجب أن يقوم (2) إلى أن يتجدد العجز وكذا إذا تمكن منه في بعض
الركعة لا في تمامها، نعم لو علم من حاله أنه لو قام أول الصلاة
لم يدرك من الصلاة قائما إلا ركعة أو بعضها، وإذا جلس أولا
يقدر على الركعتين قائما أو أزيد مثلا لا يبعد وجوب تقديم
485

الجلوس (1) لكن لا يترك الاحتياط (2) حينئذ بتكرار الصلاة كما أن
الأحوط في صورة دوران الأمر بين إدراك أول الركعة قائما والعجز
حال الركوع أو العكس أيضا تكرار الصلاة (3).
(مسألة 21): إذا عجز عن القيام ودار أمره بين الصلاة ماشيا أو راكبا
قدم المشي (4) على الركوب.
486

(مسألة 22): إذا ظن التمكن من القيام في آخر الوقت وجب التأخير (1)
بل وكذا مع الاحتمال.
(مسألة 23): إذا تمكن من القيام لكن خاف حدوث مرض أو بطؤ برئه
جاز له الجلوس (2) وكذا إذا خاف من الجلوس جاز له الاضطجاع، وكذا
إذا خاف من لص أو عدو أو سبع أو نحو ذلك.
(مسألة 24): إذا دار الأمر بين مراعاة الاستقبال أو القيام فالظاهر
وجوب مراعاة الأول (3).
487

(مسألة 25): لو تجدد العجز في أثناء الصلاة عن القيام انتقل إلى
الجلوس (1) ولو عجز عنه انتقل إلى الاضطجاع، ولو عجز عنه انتقل إلى
الاستلقاء، ويترك القراءة (2) أو الذكر في حال الانتقال إلى أن يستقر.
488

(مسألة 26): لو تجددت القدرة على القيام في الأثناء انتقل إليه (1) وكذا
لو تجدد للمضطجع القدرة على الجلوس، أو للمستلقي القدرة على
الاضطجاع، ويترك القراءة أو الذكر في حال الانتقال.
(مسألة 27): إذا تجددت القدرة بعد القراءة قبل الركوع قام للركوع،
وليس عليه (2) إعادة القراءة، وكذا لو تجددت في أثناء القراءة لا يجب
استئنافها، ولو تجددت بعد الركوع فإن كان بعد تمام الذكر انتصب
للارتفاع منه (3)، وإن كان قبل إتمامه ارتفع منحنيا (4) إلى حد الركوع
489

القيامي ولا يجوز له الانتصاب (1) ثم الركوع ولو تجددت بعد رفع
الرأس من الركوع لا يجب عليه القيام للسجود، لكون انتصابه الجلوسي
بدلا عن الانتصاب القيامي، ويجزي عنه، لكن الأحوط (2) القيام
للسجود عنه.
(مسألة 28): لو ركع قائما ثم عجز عن القيام فإن كان بعد تمام الذكر
جلس منتصبا (3) ثم سجد، وإن كان قبل الذكر هوى متقوسا (4) إلى حد
الركوع الجلوسي ثم أتى بالذكر.
(مسألة 29): يجب الاستقرار حال القراءة والتسبيحات، وحال ذكر
الركوع والسجود، بل في جميع أفعال الصلاة وأذكارها، بل في حال
القنوت (5) والأذكار المستحبة (6) كتكبيرة الركوع والسجود، نعم لو كبر
490

بقصد الذكر المطلق في حال عدم الاستقرار لا بأس به، وكذا لو سبح أو
هلل، فلو كبر بقصد تكبير الركوع في حال الهوي له أو للسجود كذلك،
أو في حال النهوض يشكل صحته (1) فالأولى لمن يكبر كذلك أن يقصد
الذكر المطلق، نعم محل قوله: بحول الله وقوته حال النهوض للقيام.
(مسألة 30): من لا يقدر على السجود يرفع موضع (2) سجوده إن
أمكنه، وإلا وضع ما يصح السجود عليه (3) على جبهته، كما مر (4).
(مسألة 31): من يصلي جالسا يتخير بين أنحاء الجلوس، نعم
491

يستحب (1) له أن يجلس جلوس القرفصاء، وهو أن يرفع فخذيه
وساقيه، وإذا أراد أن يركع ثنى رجليه، وأما بين السجدتين وحال
التشهد فيستحب أن يتورك.
(مسألة 32): يستحب في حال القيام أمور:
أحدها: إسدال المنكبين.
الثاني: إرسال اليدين.
الثالث: وضع الكفين على الفخذين قبال الركبتين اليمنى على
الأيمن، واليسرى على الأيسر.
الرابع: ضم جميع أصابع الكفين.
الخامس: أن يكون نظره إلى موضع سجوده.
السادس: أن ينصب فقار ظهره ونحره.
السابع: أن يصف قدميه مستقبلا بهما متحاذيتين، بحيث لا يزيد
إحداهما على الأخرى، ولا تنقص عنها.
الثامن: التفرقة بينهما بثلاث أصابع مفرجات أو أزيد إلى الشبر.
التاسع: التسوية بينهما في الاعتماد.
العاشر: أن يكون مع الخضوع والخشوع كقيام العبد الذليل بين يدي
المولى الجليل.
فصل
في القراءة
يجب في صلاة الصبح والركعتين الأولتين من سائر الفرائض قراءة
492

سورة الحمد وسورة كاملة (1) غيرها بعدها إلا في المرض
والاستعجال (2) فيجوز الاقتصار على الحمد. وإلا في ضيق الوقت
أو الخوف ونحوهما من أفراد الضرورة، فيجب الاقتصار عليها وترك
السورة (3) ولا يجوز تقديمها عليه، فلو قدمها عمدا بطلت الصلاة للزيادة
العمدية إن قرأها ثانيا (4) وعكس الترتيب الواجب إن لم يقرأها،
493

ولو قدمها سهوا وتذكر قبل الركوع أعادها بعد الحمد (1) أو أعاد غيرها،
ولا يجب عليه إعادة الحمد (2) إذا كان قد قرأها.
(مسألة 1): القراءة ليست ركنا، فلو تركها وتذكر بعد الدخول في
الركوع صحت الصلاة، وسجد سجدتي السهو مرتين (3) مرة للحمد، ومرة
للسورة، وكذا إن ترك إحداهما وتذكر بعد الدخول في الركوع صحت
494

الصلاة وسجد سجدتي السهو، ولو تركهما أو إحداهما وتذكر في القنوت
أو بعده قبل الوصول إلى حد الركوع رجع وتدارك، وكذا لو ترك الحمد
وتذكر بعد الدخول في السورة رجع وأتى بها ثم بالسورة.
(مسألة 2): لا يجوز قراءة ما يفوت الوقت بقراءته من السور الطوال،
فإن قرأه عامدا بطلت صلاته (1) وإن لم يتمه إذا كان من نيته الإتمام
495

حين الشروع، وأما إذا كان ساهيا فإن تذكر بعد الفراغ أتم الصلاة
وصحت، وإن لم يكن قد أدرك ركعة من الوقت أيضا (1) ولا يحتاج إلى
إعادة سورة أخرى، وإن تذكر في الأثناء عدل إلى غيرها إن كان في
سعة الوقت (2) وإلا تركها وركع وصحت الصلاة (3).
(مسألة 3): لا يجوز قراءة إحدى سور العزائم في الفريضة (4) فلو قرأها
496

عمدا استأنف الصلاة (1) وإن لم يكن قرأ إلا البعض ولو البسملة أو شيئا
منها (2) إذا كان من نيته حين الشروع الإتمام أو القراءة إلى ما بعد آية
497

السجدة، وأما لو قرأها ساهيا فإن تذكر قبل بلوغ آية السجدة وجب
عليه العدول (1) إلى سورة أخرى، وإن كان قد تجاوز النصف، وإن تذكر
بعد قراءة آية السجدة أو بعد الإتمام فإن كان قبل الركوع (2) فالأحوط
498

إتمامها إن كان في أثنائها وقراءة سورة (1) غيرها بنية القربة المطلقة
بعد الإيماء إلى السجدة (2) أو الإتيان (3) بها وهو في الفريضة (4) ثم
إتمامها وإعادتها من رأس (5) وإن كان بعد الدخول في الركوع ولم يكن
سجد للتلاوة فكذلك أومأ إليها أو سجد وهو في الصلاة، ثم أتمها
وأعادها، وإن كان سجد لها نسيانا أيضا فالظاهر صحة صلاته ولا شئ
499

عليه (1) وكذا لو تذكر قبل الركوع مع فرض الإتيان بسجود التلاوة أيضا
نسيانا فإنه ليس عليه إعادة الصلاة حينئذ.
(مسألة 4): لو لم يقرأ سورة العزيمة لكن قرأ آيتها في أثناء الصلاة
عمدا بطلت صلاته (2) ولو قرأها نسيانا (3) أو استمعها (4) من غيره
أو سمعها (5) فالحكم كما مر من أن الأحوط الإيماء إلى السجدة (6)
500

أو السجدة (1) وهو في الصلاة وإتمامها وإعادتها (2).
(مسألة 5): لا يجب في النوافل قراءة السورة وإن وجبت (3) بالنذر
أو نحوه فيجوز الاقتصار على الحمد أو مع قراءة بعض السورة، نعم
النوافل التي تستحب بالسور المعينة يعتبر في كونها تلك النافلة قراءة
تلك السورة، لكن في الغالب (4) يكون تعيين السور من باب المستحب
على وجه تعدد المطلوب لا التقييد.
(مسألة 6): يجوز قراءة العزائم في النوافل وإن وجبت (5) بالعارض
فيسجد بعد قراءة (6) آيتها وهو في الصلاة ثم يتمها.
501

(مسألة 7): سور العزائم أربع: ألم السجدة، وحم السجدة، والنجم،
وإقرأ باسم.
(مسألة 8): البسملة جزء من كل سورة، فيجب قراءتها عدا سورة براءة.
(مسألة 9): الأقوى اتحاد سورة الفيل ولإيلاف، وكذا والضحى وألم
نشرح، فلا يجزي في الصلاة إلا جمعهما مرتبتين مع البسملة بينهما.
(مسألة 10): الأقوى جواز قراءة سورتين أو أزيد في ركعة مع الكراهة
في الفريضة، والأحوط تركه (1) وأما في النافلة فلا كراهة.
(مسألة 11): الأقوى (2) عدم وجوب تعيين السورة قبل الشروع فيها،
502

وإن كان هو الأحوط (1) نعم لو عين البسملة لسورة لم تكف لغيرها (2)
فلو عدل عنها وجب إعادة البسملة.
(مسألة 12): إذا عين البسملة لسورة ثم نسيها فلم يدر ما عين وجب
إعادة البسملة لأي سورة أراد ولو علم أنه عينها لإحدى السورتين
من الجحد والتوحيد ولم يدر أنه لأيتهما، أعاد البسملة (3) وقرأ
503

إحداهما (1) ولا يجوز قراءة غيرهما (2).
(مسألة 13): إذا بسمل من غير تعيين سورة فله أن يقرأ ما شاء (3)
ولو شك في أنه عينها لسورة معينة أو لا فكذلك، لكن الأحوط (4)
504

في هذه الصورة إعادتها، بل الأحوط إعادتها مطلقا لما مر من
الاحتياط (1) في التعيين.
(مسألة 14): لو كان بانيا من أول الصلاة أو أول الركعة أن يقرأ سورة
معينة فنسي وقرأ غيرها كفى (2) ولم يجب إعادة السورة، وكذا لو كانت
عادته سورة معينة فقرأ غيرها.
(مسألة 15): إذا شك في أثناء سورة أنه هل عين البسملة لها أو لغيرها
وقرأها نسيانا بنى على أنه لم (3) يعين غيرها.
(مسألة 16): يجوز العدول من سورة إلى أخرى اختيارا ما لم يبلغ
النصف (4) إلا من الجحد والتوحيد، فلا يجوز العدول منهما إلى غيرهما (5)
505

بل من إحداهما إلى الأخرى (1) بمجرد الشروع فيهما ولو بالبسملة، نعم
يجوز العدول منهما إلى الجمعة والمنافقين في خصوص يوم الجمعة
حيث إنه يستحب في الظهر أو الجمعة (2) منه أن يقرأ في الركعة الأولى
الجمعة، وفي الثانية المنافقين، فإذا نسي وقرأ غيرهما حتى الجحد
والتوحيد يجوز العدول إليهما ما لم يبلغ النصف (3) وأما إذا شرع في
الجحد أو التوحيد عمدا فلا يجوز العدول (4) إليهما أيضا على الأحوط.
506

(مسألة 17): الأحوط عدم العدول من الجمعة والمنافقين إلى غيرهما
في يوم الجمعة، وإن لم يبلغ النصف.
(مسألة 18): يجوز العدول من سورة إلى أخرى في النوافل مطلقا وإن
بلغ النصف (1).
(مسألة 19): يجوز مع الضرورة العدول بعد بلوغ النصف حتى
في الجحد والتوحيد، كما إذا نسي بعض السورة أو خاف فوت
الوقت بإتمامها أو كان هناك مانع آخر، ومن ذلك ما لو نذر أن
يقرأ (2) سورة معينة في صلاته فنسي وقرأ غيرها، فإن الظاهر
جواز (3) العدول وإن كان بعد بلوغ النصف (4) أو كان ما شرع فيه
507

الجحد (1) أو التوحيد.
(مسألة 20): يجب على الرجال الجهر بالقراءة في الصبح والركعتين
الأولتين من المغرب والعشاء ويجب الإخفات في الظهر والعصر في غير
يوم الجمعة، وأما فيه فيستحب الجهر في صلاة الجمعة (2) بل في الظهر
أيضا على الأقوى (3).
(مسألة 21): يستحب الجهر بالبسملة في الظهرين للحمد والسورة.
(مسألة 22): إذا جهر في موضع الإخفات أو أخفت في موضع الجهر
عمدا بطلت الصلاة، وإن كان ناسيا أو جاهلا ولو بالحكم صحت، سواء
كان الجاهل بالحكم متنبها للسؤال (4) ولم يسأل أم لا، لكن الشرط
508

حصول قصد القربة (1) منه، وإن كان الأحوط في هذه الصورة (2) الإعادة.
(مسألة 23): إذا تذكر الناسي أو الجاهل قبل الركوع لا يجب عليه
إعادة القراءة، بل وكذا لو تذكر في أثناء القراءة، حتى لو قرأ آية لا يجب
إعادتها، لكن الأحوط الإعادة خصوصا إذا كان في الأثناء.
(مسألة 24): لا فرق في معذورية الجاهل بالحكم في الجهر والإخفات
بين أن يكون جاهلا بوجوبهما أو جاهلا بمحلهما، بأن علم إجمالا أنه
يجب في بعض الصلوات الجهر، وفي بعضها الإخفات إلا أنه اشتبه
عليه أن الصبح مثلا جهرية، والظهر إخفاتية، بل تخيل العكس، أو كان
جاهلا بمعنى الجهر والإخفات فالأقوى معذوريته (3) في الصورتين، كما
أن الأقوى (4) معذوريته إذا كان جاهلا بأن المأموم يجب عليه (5)
الإخفات عند وجوب القراءة عليه، وإن كانت الصلاة جهرية فجهر، لكن
509

الأحوط (1) فيه وفي الصورتين الأولتين الإعادة.
(مسألة 25): لا يجب الجهر على النساء (2) في الصلوات الجهرية،
بل يتخيرن بينه وبين الإخفات مع عدم سماع الأجنبي (3) وأما معه
فالأحوط إخفاتهن، وأما في الإخفاتية فيجب (4) عليهن الإخفات
كالرجال، ويعذرن فيما يعذرون فيه.
(مسألة 26): مناط الجهر والإخفات ظهور جوهر الصوت (5) وعدمه
فيتحقق الإخفات بعدم ظهور جوهره (6) وإن سمعه من بجانبه قريبا
أو بعيدا (7).
510

(مسألة 27): المناط في صدق القراءة قرآنا كان أو ذكرا أو دعاء ما مر
في تكبيرة الإحرام من أن يكون بحيث يسمعه نفسه تحقيقا أو تقديرا
بأن كان أصم أو كان هناك مانع من سماعه، ولا يكفي سماع الغير الذي
هو أقرب إليه من سمعه (1).
(مسألة 28): لا يجوز من الجهر ما كان مفرطا خارجا عن المعتاد
كالصياح، فإن فعل فالظاهر البطلان (2).
(مسألة 29): من لا يكون حافظا للحمد والسورة يجوز أن يقرأ في
المصحف، بل يجوز ذلك للقادر الحافظ أيضا على الأقوى (3) كما يجوز
له اتباع من يلقنه آية فآية، لكن الأحوط (4) اعتبار عدم القدرة على
الحفظ وعلى الإئتمام.
511

(مسألة 30): إذا كان في لسانه آفة لا يمكنه التلفظ يقرأ في نفسه ولو
توهما (1) والأحوط (2) تحريك لسانه بما يتوهمه.
(مسألة 31): الأخرس يحرك (3) لسانه ويشير بيده إلى ألفاظ القراءة
بقدرها.
(مسألة 32): من لا يحسن القراءة يجب عليه التعلم وإن (4) كان متمكنا
من الإئتمام (5) وكذا يجب تعلم سائر أجزاء الصلاة، فإن ضاق الوقت مع
كونه قادرا على التعلم فالأحوط الائتمام إن تمكن منه (6).
512

(مسألة 33): من لا يقدر إلا على الملحون أو تبديل بعض الحروف
ولا يستطيع أن يتعلم أجزأه ذلك (1) ولا يجب عليه الائتمام، وإن كان
أحوط (2) وكذا الأخرس لا يجب عليه الائتمام.
(مسألة 34): القادر على التعلم إذا ضاق وقته (3) قرأ من الفاتحة
ما تعلم (4) وقرأ من سائر القرآن عوض البقية (5) والأحوط مع ذلك تكرار
ما يعلمه (6) بقدر البقية، وإذا لم يعلم منها شيئا قرأ من سائر القرآن
513

بعدد آيات الفاتحة بمقدار حروفها (1) وإن لم يعلم شيئا من القرآن سبح
وكبر (2) وذكر بقدرها (3) والأحوط الإتيان بالتسبيحات الأربعة بقدرها
514

ويجب تعلم السورة أيضا، ولكن الظاهر عدم وجوب البدل لها في ضيق
الوقت وإن كان أحوط (1).
(مسألة 35): لا يجوز أخذ (2) الأجرة على تعليم الحمد والسورة، بل
وكذا على تعليم سائر الأجزاء الواجبة من الصلاة، والظاهر جواز أخذها
على تعليم المستحبات.
(مسألة 36): يجب الترتيب بين آيات الحمد والسورة وبين كلماتها
وحروفها، وكذا الموالاة، فلو أخل بشئ من ذلك عمدا بطلت صلاته (3).
(مسألة 37): لو أخل بشئ من الكلمات أو الحروف أو بدل
حرفا (4) بحرف حتى الضاد بالظاء أو العكس بطلت وكذا
لو أخل بحركة بناء أو إعراب أو مد واجب (5) أو تشديد
515

أو سكون (1) لازم، وكذا لو أخرج حرفا من غير مخرجه بحيث يخرج
عن صدق ذلك الحرف في عرف العرب.
(مسألة 38): يجب (2) حذف همزة الوصل في الدرج، مثل همزة الله
والرحمن والرحيم واهدنا ونحو ذلك فلو أثبتها بطلت وكذا يجب إثبات
همزة القطع كهمزة أنعمت، فلو حذفها حين الوصل بطلت.
(مسألة 39): الأحوط ترك الوقف بالحركة (3) والوصل بالسكون (4).
(مسألة 40): يجب أن يعلم حركة آخر الكلمة إذا أراد أن يقرأها
516

بالوصل بما بعدها، مثلا إذا أراد أن لا يقف على العالمين ويصلها بقوله:
" الرحمن الرحيم " يجب (1) أن يعلم أن النون مفتوح، وهكذا، نعم إذا كان
يقف على كل آية لا يجب عليه أن يعلم حركة آخر الكلمة.
(مسألة 41): لا يجب أن يعرف مخارج الحروف على طبق ما ذكره
علماء التجويد، بل يكفي إخراجها منها، وإن لم يلتفت إليها، بل لا يلزم
إخراج الحرف من تلك المخارج، بل المدار صدق التلفظ بذلك الحرف،
وإن خرج من غير المخرج الذي عينوه، مثلا إذا نطق بالضاد أو الظاء
على القاعدة لكن لا بما ذكروه (2) من وجوب جعل طرف اللسان من
الجانب الأيمن أو الأيسر على الأضراس العليا صح، فالمناط الصدق
في عرف العرب، وهكذا في سائر الحروف، فما ذكره علماء التجويد
مبني على الغالب.
(مسألة 42): المد الواجب هو فيما إذا كان بعد أحد حروف المد - وهي
الواو المضموم ما قبلها، والياء المكسور ما قبلها، والألف المفتوح
ما قبلها وبعدها - همزة مثل جاء (3) وسوء وجيئ، أو كان بعد أحدها
517

سكون لازم خصوصا إذا كان مدغما في حرف آخر مثل الضالين.
(مسألة 43): إذا مد في مقام وجوبه أو في غيره أزيد من المتعارف
لا يبطل إلا إذا خرجت الكلمة عن كونها تلك الكلمة.
(مسألة 44): يكفي في المد مقدار ألفين (1) وأكمله إلى أربع ألفات،
ولا يضر الزائد ما لم يخرج الكلمة عن الصدق.
(مسألة 45): إذا حصل فصل بين حروف كلمة واحدة اختيارا
أو اضطرارا بحيث خرجت عن الصدق بطلت، ومع العمد أبطلت (2).
(مسألة 46): إذا أعرب آخر الكلمة بقصد الوصل بما بعده فانقطع نفسه
فحصل الوقف بالحركة فالأحوط (3) إعادتها، وإن لم يكن الفصل كثيرا
اكتفى بها.
(مسألة 47): إذا انقطع نفسه في مثل الصراط المستقيم بعد الوصل
بالألف واللام وحذف الألف هل يجب إعادة الألف واللام بأن يقول:
المستقيم، أو يكفي قوله: مستقيم، الأحوط الأول (4) وأحوط منه (5) إعادة
518

الصراط أيضا، وكذا إذا صار مدخول الألف واللام غلطا كأن صار
مستقيم غلطا، فإذا أراد أن يعيده فالأحوط أن يعيد الألف واللام أيضا
بأن يقول: المستقيم ولا يكتفي بقوله: مستقيم، وكذا إذا لم يصح المضاف
إليه فالأحوط إعادة المضاف (1) فإذا لم يصح لفظ المغضوب فالأحوط
أن يعيد لفظ الغير أيضا.
(مسألة 48): الإدغام في مثل مد ورد مما اجتمع في كلمة واحدة مثلان
واجب. سواء كانا متحركين كالمذكورين أو ساكنين كمصدرهما.
(مسألة 49): الأحوط الإدغام (2) إذا كان بعد النون الساكنة أو التنوين
أحد حروف " يرملون " مع الغنة فيما عدا اللام والراء ولا معها فيهما،
لكن الأقوى عدم وجوبه.
(مسألة 50): الأحوط القراءة (3) بإحدى القراءات السبعة وإن كان
519

الأقوى عدم وجوبها، بل يكفي القراءة على النهج العربي (1) وإن كانت
مخالفة لهم (2) في حركة بنية أو إعراب.
(مسألة 51): يجب إدغام اللام من الألف واللام في أربعة عشر حرفا،
وهي التاء والثاء والدال والذال والراء والزاء والسين والشين والصاد
والضاد والطاء والظاء واللام والنون، وإظهارها في بقية الحروف فتقول
في الله والرحمن والرحيم والصراط والضالين مثلا بالإدغام، وفي الحمد
والعالمين والمستقيم ونحوها بالإظهار.
(مسألة 52): الأحوط الإدغام في مثل " اذهب بكتابي، ويدرككم " مما
اجتمع المثلان في كلمتين مع كون الأول ساكنا (3) لكن الأقوى عدم وجوبه.
520

(مسألة 53): لا يجب ما ذكره علماء التجويد من المحسنات كالإمالة
والإشباع والتفخيم والترقيق ونحو ذلك، بل والإدغام غير ما ذكرنا، وإن
كان متابعتهم أحسن (1).
(مسألة 54): ينبغي مراعاة ما ذكروه من إظهار التنوين والنون الساكنة
إذا كان بعدهما أحد حروف الحلق، وقلبهما فيما إذا كان بعدهما حرف
الباء وإدغامهما إذا كان بعدهما أحد حروف يرملون، وإخفائهما إذا كان
بعدهما بقية الحروف، لكن لا يجب شئ من ذلك حتى الإدغام في
يرملون كما مر (2).
(مسألة 55): ينبغي أن يميز (3) بين الكلمات ولا يقرأ بحيث يتولد بين
الكلمتين كلمة مهملة، كما إذا قرأ الحمد لله بحيث يتولد لفظ دلل،
521

أو تولد من لله رب لفظ هرب، وهكذا في مالك يوم الدين تولد كيو،
هكذا في بقية الكلمات، وهذا ما يقولون: إن في الحمد سبع كلمات
مهملات، وهي دلل، وهرب، وكيو وكنع، وكنس، وتع، وبع (1).
(مسألة 56): إذا لم يقف على أحد في قل هو الله أحد ووصله بالله
الصمد يجوز أن يقول أحد الله الصمد، بحذف التنوين من أحد (2) وأن
يقول: أحدن الله الصمد، بأن يكسر نون التنوين، وعليه ينبغي أن يرقق
اللام من الله، وأما على الأول فينبغي تفخيمه كما هو القاعدة الكلية من
تفخيمه إذا كان قبله مفتوحا أو مضموما، وترقيقه إذا كان مكسورا.
(مسألة 57): يجوز (3) قراءة مالك وملك يوم الدين، ويجوز في الصراط
522

بالصاد والسين (1) بأن يقول: السراط المستقيم، وسراط الذين.
(مسألة 58): يجوز (2) في كفوا أحد أربعة وجوه: كفؤا بضم الفاء
وبالهمزة، وكفؤا بسكون الفاء وبالهمزة، وكفوا بضم الفاء وبالواو، وكفوا
بسكون الفاء وبالواو، وإن كان الأحوط (3) ترك الأخيرة.
(مسألة 59): إذا لم يدر إعراب (4) كلمة أو بناءها أو بعض حروفها أنه
الصاد مثلا أو السين أو نحو ذلك يجب عليه أن يتعلم. ولا يجوز له أن
يكررها بالوجهين لأن الغلط من الوجهين ملحق (5) بكلام الآدميين.
(مسألة 60): إذا اعتقد كون الكلمة على الوجه الكذائي من حيث
الإعراب أو البناء أو مخرج الحرف فصلى مدة على تلك الكيفية،
523

ثم تبين له كونه غلطا فالأحوط الإعادة أو القضاء (1) وإن كان الأقوى
عدم الوجوب.
فصل
في الركعة الثالثة من المغرب والأخيرتين من الظهرين والعشاء،
يتخير بين قراءة الحمد أو التسبيحات الأربعة وهي سبحان الله والحمد
لله ولا إله إلا الله والله أكبر، والأقوى إجزاء المرة والأحوط الثلاث (2)
والأولى إضافة الاستغفار إليها، ولو بأن يقول: " اللهم اغفر لي " ومن
لا يستطيع يأتي بالممكن (3) منها، وإلا أتى بالذكر المطلق (4) وإن كان
قادرا على قراءة الحمد تعينت حينئذ.
(مسألة 1): إذا نسي الحمد في الركعتين الأولتين فالأحوط اختيار
قراءته في الأخيرتين، لكن الأقوى بقاء التخيير بينه وبين التسبيحات.
(مسألة 2): الأقوى كون التسبيحات أفضل (5) من قراءة الحمد في
524

الأخيرتين، سواء كان منفردا أو إماما (1) أو مأموما.
(مسألة 3): يجوز أن يقرأ في إحدى الأخيرتين الحمد، وفي الأخرى
التسبيحات، فلا يلزم اتحادهما في ذلك.
(مسألة 4): يجب فيهما الإخفات (2) سواء قرأ الحمد أو التسبيحات،
نعم إذا قرأ الحمد يستحب (3) الجهر بالبسملة على الأقوى، وإن كان
الاخفات فيها أيضا أحوط (4).
(مسألة 5): إذا أجهر عمدا بطلت (5) صلاته، وأما إذا أجهر جهلا
525

أو نسيانا صحت (1) ولا يجب الإعادة، وإن تذكر قبل الركوع.
(مسألة 6): إذا كان عازما من أول الصلاة على قراءة الحمد يجوز له أن
يعدل عنه إلى التسبيحات، وكذا العكس، بل يجوز (2) العدول في أثناء
أحدهما إلى الآخر، وإن كان الأحوط عدمه (3).
(مسألة 7): لو قصد الحمد فسبق لسانه إلى التسبيحات
فالأحوط عدم الاجتزاء (4) به، وكذا العكس، نعم لو فعل ذلك
526

غافلا (1) من غير قصد إلى أحدهما فالأقوى الاجتزاء به، وإن كان من
عادته (2) خلافه.
(مسألة 8): إذا قرأ الحمد بتخيل أنه في إحدى الأولتين فذكر أنه في
إحدى الأخيرتين فالظاهر الاجتزاء (3) به، ولا يلزم الإعادة أو قراءة
التسبيحات وإن كان قبل الركوع، كما أن الظاهر أن العكس كذلك، فإذا
قرأ الحمد بتخيل أنه في إحدى الأخيرتين ثم تبين أنه في إحدى
527

الأولتين لا يجب عليه الإعادة نعم لو قرأ التسبيحات ثم تذكر قبل
الركوع أنه في إحدى الأولتين يجب عليه قراءة الحمد وسجود السهو (1)
بعد الصلاة لزيادة التسبيحات.
(مسألة 9): لو نسي القراءة والتسبيحات وتذكر بعد الوصول إلى حد
الركوع صحت صلاته، وعليه سجدتا السهو للنقيصة (2) ولو تذكر قبل
ذلك وجب الرجوع.
(مسألة 10): لو شك في قراءتهما بعد الهوي للركوع لم يعتن وإن كان
528

قبل الوصول (1) إلى حده وكذا لو دخل (2) في الاستغفار.
(مسألة 11): لا بأس بزيادة التسبيحات على الثلاث إذا لم يكن بقصد
الورود، بل كان بقصد الذكر المطلق.
(مسألة 12): إذا أتى بالتسبيحات ثلاث مرات فالأحوط أن يقصد
القربة (3) ولا يقصد (4) الوجوب والندب، حيث إنه يحتمل أن يكون
529

الأولى واجبة (1) والأخيرتين على وجه الاستحباب، ويحتمل أن يكون
المجموع من حيث المجموع واجبا، فيكون من باب التخيير بين الإتيان
بالواحدة والثلاث، ويحتمل أن يكون الواجب أيا منها (2) شاء مخيرا بين
الثلاث، فحيث إن الوجوه متعددة فالأحوط (3) الاقتصار على قصد
القربة، نعم لو اقتصر على المرة له أن يقصد الوجوب (4).
فصل
في مستحبات القراءة
وهي أمور: " الأول ": الاستعاذة قبل الشروع في القراءة في الركعة
الأولى، بأن يقول: " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " أو يقول: " أعوذ بالله
السميع العليم من الشيطان الرجيم " وينبغي أن يكون بالإخفات (5).
530

" الثاني ": الجهر بالبسملة في الإخفاتية، وكذا في الركعتين الأخيرتين (1)
إن قرأ الحمد، بل وكذا في القراءة خلف الإمام (2) حتى في الجهرية، وأما
في الجهرية فيجب الإجهار بها على الإمام والمنفرد. " الثالث ":
الترتيل (3) أي التأني في القراءة وتبيين الحروف على وجه يتمكن
السامع من عدها. " الرابع ": تحسين الصوت بلا غناء. " الخامس ": الوقف
على فواصل الآيات. " السادس ": ملاحظة معاني ما يقرأ والاتعاظ بها.
" السابع ": أن يسأل الله عند آية النعمة أو النقمة ما يناسب كلا منهما.
" الثامن ": السكتة بين الحمد والسورة، وكذا بعد الفراغ منها بينها وبين
531

القنوت أو تكبير الركوع. " التاسع ": أن يقول بعد قراءة سورة التوحيد
" كذلك الله ربي " مرة أو مرتين أو ثلاثا، أو " كذلك الله ربنا " ثلاثا وأن
يقول بعد فراغ الإمام من الحمد إذا كان مأموما " الحمد لله رب العالمين "
بل وكذا بعد فراغ نفسه إن كان منفردا. " العاشر ": قراءة بعض السور
المخصوصة في بعض الصلوات، كقراءة عم يتساءلون (1) وهل أتى،
وهل أتاك، ولا أقسم وأشباهها في صلاة الصبح، وقراءة سبح اسم،
والشمس ونحوهما في الظهر والعشاء، وقراءة إذا جاء نصر الله، وألهيكم
التكاثر في العصر والمغرب، وقراءة سورة الجمعة في الركعة الأولى
والمنافقين في الثانية، في الظهر والعصر من يوم الجمعة، وكذا في صبح
يوم الجمعة أو يقرأ فيها في الأولى الجمعة، والتوحيد في الثانية، وكذا
في العشاء في ليلة الجمعة (2) يقرأ في الأولى الجمعة، وفي الثانية
المنافقين (3) وفي مغربها (4) الجمعة في الأولى، والتوحيد في الثانية،
ويستحب في كل صلاة قراءة إنا أنزلناه في الأولى، والتوحيد في الثانية،
بل لو عدل عن غيرهما إليهما لما فيهما من الفضل أعطي أجر السورة
532

التي عدل عنها، مضافا إلى أجرهما، بل ورد أنه لا تزكوا صلاة إلا بهما،
ويستحب في صلاة الصبح من الاثنين والخميس سورة هل أتى في
الأولى، وهل أتاك في الثانية.
(مسألة 1): يكره ترك سورة التوحيد في جميع الفرائض الخمسة (1).
(مسألة 2): يكره قراءة التوحيد بنفس واحد، وكذا قراءة الحمد
والسورة (2) بنفس واحد.
(مسألة 3): يكره أن يقرأ سورة واحدة في الركعتين إلا سورة التوحيد.
(مسألة 4): يجوز تكرار الآية في الفريضة وغيرها، والبكاء، ففي الخبر
كان علي بن الحسين (عليهما السلام) إذا قرأ مالك يوم الدين يكررها حتى يكاد
أن يموت، وفي آخر عن موسى بن جعفر (عليهما السلام) عن الرجل يصلي له أن
يقرأ في الفريضة فتمر الآية فيها التخويف فيبكي ويردد الآية؟ قال (عليه السلام):
يردد القرآن ما شاء وإن جاءه البكاء فلا بأس.
(مسألة 5): يستحب إعادة الجمعة (3) أو الظهر في يوم الجمعة إذا
صلاهما فقرأ غير الجمعة والمنافقين، أو نقل النية إلى النفل إذا كان
في الأثناء وإتمام ركعتين ثم استيناف الفرض بالسورتين.
533

(مسألة 6): يجوز قراءة المعوذتين في الصلاة، وهما من القرآن (1).
(مسألة 7): الحمد سبع آيات، والتوحيد أربع آيات (2).
(مسألة 8): الأقوى جواز قصد إنشاء الخطاب (3) بقوله: " إياك نعبد
وإياك نستعين " إذا قصد القرآنية أيضا بأن يكون قاصدا للخطاب
بالقرآن، بل وكذا في سائر الآيات، فيجوز إنشاء الحمد بقوله: " الحمد لله
رب العالمين " وإنشاء المدح في " الرحمن الرحيم " وإنشاء طلب الهداية
في " اهدنا الصراط المستقيم " ولا ينافي قصد القرآنية مع ذلك.
(مسألة 9): قد مر أنه يجب كون القراءة وسائر الأذكار حال الاستقرار،
فلو أراد حال القراءة التقدم أو التأخر قليلا أو الحركة إلى أحد الجانبين
أو أن ينحني لأخذ شئ من الأرض أو نحو ذلك يجب أن يسكت حال
الحركة، وبعد الاستقرار يشرع في قراءته، لكن مثل تحريك اليد
أو أصابع الرجلين لا يضر، وإن كان الأولى بل الأحوط تركه أيضا.
(مسألة 10): إذا سمع اسم النبي (صلى الله عليه وآله) في أثناء القراءة يجوز بل
يستحب أن يصلي عليه (4) ولا ينافي الموالاة (5) كما في سائر مواضع
534

الصلاة، كما أنه إذا سلم عليه من يجب رد سلامه يجب ولا ينافي.
(مسألة 11): إذا تحرك حال القراءة قهرا بحيث خرج عن الاستقرار
فالأحوط إعادة ما قرأه (1) في تلك الحالة.
(مسألة 12): إذا شك في صحة قراءة آية أو كلمة يجب إعادتها إذا
لم يتجاوز (2) ويجوز بقصد الاحتياط مع التجاوز، ولا بأس بتكرارها مع
تكرر الشك ما لم يكن عن وسوسة، ومعه يشكل الصحة إذا أعاد (3).
(مسألة 13): في ضيق الوقت يجب الاقتصار (4) على المرة في
التسبيحات الأربعة.
(مسألة 14): يجوز في إياك نعبد وإياك نستعين القراءة في إشباع كسر
الهمزة بلا إشباعه.
(مسألة 15): إذا شك في حركة كلمة أو مخرج حروفها لا يجوز
أن يقرأ بالوجهين (5) مع فرض العلم ببطلان أحدهما بل مع الشك أيضا
كما مر (6) لكن لو اختار أحد الوجهين مع البناء على إعادة الصلاة
535

لو كان باطلا لا بأس به (1).
(مسألة 16): الأحوط فيما يجب قراءته جهرا أن يحافظ (2) على
الإجهار في جميع الكلمات حتى أواخر الآيات. بل جميع حروفها، وإن
كان لا يبعد (3) اغتفار الإخفات في الكلمة الأخيرة من الآية فضلا عن
حرف آخرها.
536

فصل
في الركوع
يجب في كل ركعة من الفرائض والنوافل ركوع واحد إلا في صلاة
الآيات ففي كل من ركعتيها خمس ركوعات كما سيأتي، وهو ركن
تبطل الصلاة بتركه عمدا كان أو سهوا، وكذا بزيادته في الفريضة إلا في
صلاة الجماعة (1) فلا تضر بقصد المتابعة وواجباته أمور: " أحدها ":
الانحناء على الوجه المتعارف بمقدار تصل يداه إلى ركبتيه وصولا لو
أراد (2) وضع شئ منهما عليهما لوضعه، ويكفي وصول مجموع أطراف
الأصابع (3) التي منها (4) الإبهام على الوجه المذكور، والأحوط الانحناء
بمقدار إمكان وصول الراحة إليها، فلا يكفي مسمى الانحناء ولا
الانحناء على الغير الوجه المتعارف بأن ينحني على أحد جانبيه
أو يخفض كفيه ويرفع ركبتيه ونحو ذلك. وغير المستوي الخلقة
كطويل اليدين أو قصيرهما يرجع إلى المستوي (5) ولا بأس باختلاف
537

أفراد المستوين خلقة، فلكل حكم نفسه بالنسبة إلى يديه وركبتيه (1).
" الثاني ": الذكر والأحوط اختيار (2) التسبيح من أفراده مخيرا بين
الثلاث من الصغرى، وهي سبحان الله، وبين التسبيحة الكبرى، وهي
سبحان ربي العظيم (3) وبحمده، وإن كان الأقوى كفاية مطلق الذكر من
التسبيح أو التحميد أو التهليل أو التكبير، بل وغيرها بشرط أن يكون
بقدر الثلاث (4) الصغريات. فيجزي أن يقول: " الحمد لله " ثلاثا، أو الله
أكبر كذلك، أو نحو ذلك. " الثالث ": الطمأنينة فيه (5) بمقدار الذكر
538

الواجب، بل الأحوط ذلك في الذكر المندوب أيضا إذا جاء به بقصد
الخصوصية فلو تركها عمدا بطلت صلاته (1) بخلاف السهو على الأصح
وإن كان الأحوط الاستيناف (2) إذا تركها فيه أصلا ولو سهوا، بل وكذلك
إذا تركها في الذكر الواجب. " الرابع ": رفع الرأس منه حتى ينتصب
قائما، فلو سجد قبل ذلك عامدا بطلت (3) الصلاة. " الخامس ": الطمأنينة
حال القيام بعد الرفع فتركها عمدا مبطل للصلاة.
(مسألة 1): لا يجب وضع اليدين (4) على الركبتين حال الركوع،
بل يكفي الانحناء بمقدار إمكان الوضع كما مر.
(مسألة 2): إذا لم يتمكن من الانحناء على الوجه المذكور
ولو بالاعتماد على شئ أتى بالقدر الممكن (5) ولا ينتقل إلى الجلوس،
539

وإن تمكن (1) من الركوع منه، وإن لم يتمكن من الانحناء أصلا وتمكن
منه جالسا أتى به جالسا (2) والأحوط صلاة أخرى بالإيماء (3) قائما،
وإن لم يتمكن منه جالسا أيضا أومأ له وهو قائم برأسه إن أمكن، وإلا
فبالعينين تغميضا له، وفتحا للرفع منه، وإن لم يتمكن من ذلك أيضا نواه
بقلبه وأتى بالذكر الواجب (4).
(مسألة 3): إذا دار الأمر بين الركوع جالسا مع الانحناء في الجملة
وقائما مؤميا لا يبعد تقديم الثاني (5) والأحوط تكرار الصلاة (6).
(مسألة 4): لو أتى بالركوع جالسا ورفع رأسه منه ثم حصل
له التمكن (7) من القيام لا يجب، بل لا يجوز له إعادته قائما، بل لا يجب
540

عليه القيام للسجود خصوصا إذا كان بعد السمعلة، وإن كان أحوط (1)
وكذا لا يجب إعادته بعد إتمامه بالانحناء الغير التام، وأما لو حصل له
التمكن في أثناء الركوع جالسا فإن كان بعد تمام الذكر الواجب
يجتزئ، به (2) لكن يجب عليه الانتصاب للقيام بعد الرفع وإن حصل قبل
الشروع فيه أو قبل تمام الذكر يجب عليه أن يقوم منحنيا (3) إلى حد
الركوع القيامي، ثم إتمام الذكر (4) والقيام بعده، والأحوط مع ذلك إعادة
الصلاة (5) وإن حصل في أثناء الركوع بالانحناء الغير التام أو في أثناء
الركوع الإيمائي فالأحوط الانحناء إلى حد الركوع (6) وإعادة الصلاة.
541

(مسألة 5): زيادة الركوع الجلوسي والإيمائي مبطلة (1) ولو سهوا
كنقيصته.
(مسألة 6): إذا كان كالراكع خلقة أو لعارض فإن تمكن من الانتصاب
ولو بالاعتماد على شئ وجب عليه ذلك لتحصيل القيام الواجب حال
القراءة وللركوع وإلا فللركوع فقط فيقوم وينحني، وإن لم يتمكن من
ذلك لكن تمكن من الانتصاب في الجملة فكذلك، وإن لم يتمكن أصلا،
فإن تمكن من الانحناء أزيد من المقدار الحاصل بحيث لا يخرج عن
حد الركوع وجب (2) وإن لم يتمكن من الزيادة أو كان على أقصى
مراتب الركوع بحيث لو انحنى أزيد خرج عن حده فالأحوط (3)
542

له الإيماء بالرأس وإن لم يمكن فبالعينين له تغميضا. وللرفع منه فتحا،
وإلا فينوي به قلبا ويأتي بالذكر (1).
(مسألة 7): يعتبر في الانحناء أن يكون بقصد الركوع ولو إجمالا
بالبقاء على نيته في أول الصلاة بأن لا ينوي الخلاف، فلو انحنى بقصد
وضع شئ على الأرض أو رفعه أو قتل عقرب أو حية أو نحو ذلك
لا يكفي في جعله (2) ركوعا، بل لا بد من القيام، ثم الانحناء للركوع،
ولا يلزم منه زيادة الركن.
(مسألة 8): إذا نسي الركوع فهوى إلى السجود وتذكر قبل وضع جبهته
543

على الأرض رجع إلى القيام ثم ركع، ولا يكفي أن يقوم منحنيا إلى حد
الركوع من دون أن ينتصب، وكذا لو تذكر بعد الدخول في السجود (1)
أو بعد رفع الرأس من السجدة الأولى قبل الدخول في الثانية على
الأقوى (2) وإن كان الأحوط (3) في هذه الصورة إعادة الصلاة أيضا بعد
إتمامها، وإتيان سجدتي السهو لزيادة السجدة.
(مسألة 9): لو انحنى بقصد الركوع فنسي في الأثناء وهوى إلى السجود
فإن كان النسيان قبل الوصول إلى حد الركوع انتصب قائما ثم ركع،
ولا يكفي الانتصاب إلى الحد الذي عرض له النسيان ثم الركوع وإن
كان بعد الوصول إلى حده، فإن لم يخرج عن حده وجب عليه البقاء (4)
مطمئنا، والإتيان بالذكر، وإن خرج عن حده فالأحوط (5) إعادة الصلاة
544

بعد إتمامها بأحد الوجهين من العود إلى القيام (1) ثم الهوي للركوع
أو القيام بقصد الرفع (2) منه، ثم الهوي للسجود، وذلك لاحتمال كون
الفرض من باب نسيان الركوع (3) فيتعين الأول، ويحتمل كونه من
باب (4) نسيان الذكر والطمأنينة في الركوع بعد تحققه، وعليه فيتعين
545

الثاني (1) فالأحوط أن يتمها بأحد الوجهين (2) ثم يعيدها.
(مسألة 10): ذكر بعض العلماء أنه يكفي في ركوع المرأة الانحناء
بمقدار يمكن معه إيصال يديها إلى فخذيها فوق ركبتيها، بل قيل
باستحباب ذلك (3) والأحوط (4) كونها كالرجل في المقدار الواجب من
الانحناء، نعم الأولى لها عدم الزيادة في الانحناء لئلا ترتفع عجيزتها.
(مسألة 11): يكفي في ذكر الركوع التسبيحة الكبرى مرة واحدة
كما مر، وأما الصغرى إذا اختارها فالأقوى (5) وجوب تكرارها ثلاثا
546

بل الأحوط (1) والأفضل في الكبرى أيضا التكرار ثلاثا، كما أن
الأحوط في مطلق الذكر غير التسبيحة أيضا الثلاث، وإن كان كل واحد
منه بقدر الثلاث من الصغرى، ويجوز الزيادة على الثلاث ولو بقصد
الخصوصية والجزئية (2) والأولى أن يختم على وتر كالثلاث والخمس
والسبع وهكذا، وقد سمع من الصادق صلوات الله عليه ستون تسبيحة
في ركوعه وسجوده.
(مسألة 12): إذا أتى بالذكر أزيد من مرة لا يجب تعيين الواجب منه (3)
بل الأحوط عدمه خصوصا إذا عينه (4) في غير الأول لاحتمال كون
الواجب هو الأول (5) مطلقا، بل احتمال كون الواجب هو المجموع
فيكون من باب التخيير بين المرة والثلاث والخمس مثلا.
(مسألة 13): يجوز في حال الضرورة وضيق الوقت الاقتصار (6)
547

على الصغرى مرة واحدة، فيجزي سبحان الله مرة.
(مسألة 14): لا يجوز الشروع في الذكر قبل الوصول إلى حد الركوع،
وكذا بعد الوصول وقبل الاطمينان والاستقرار، ولا النهوض قبل تمامه
والاتمام حال الحركة للنهوض، فلو أتى به كذلك بطل، وإن كان بحرف
واحد منه، ويجب إعادته إن كان سهوا ولم يخرج عن حد الركوع (1)
وبطلت الصلاة مع العمد وإن أتى به ثانيا (2) مع الاستقرار إلا إذا (3) لم
يكن ما أتى به حال عدم الاستقرار بقصد الجزئية بل بقصد الذكر المطلق.
(مسألة 15): لو لم يتمكن من الطمأنينة لمرض أو غيره سقطت (4) لكن
يجب عليه إكمال الذكر الواجب قبل الخروج عن مسمى الركوع وإذا
548

لم يتمكن من البقاء في حد الركوع إلى تمام الذكر يجوز له (1) الشروع
قبل الوصول أو الإتمام حال (2) النهوض.
(مسألة 16): لو ترك الطمأنينة في الركوع أصلا بأن لم يبق في حده بل
رفع رأسه بمجرد الوصول سهوا فالأحوط (3) إعادة الصلاة لاحتمال
توقف صدق الركوع على الطمأنينة في الجملة، لكن الأقوى الصحة.
(مسألة 17): يجوز الجمع بين التسبيحة الكبرى والصغرى وكذا بينهما
وبين غيرهما من الأذكار.
(مسألة 18): إذا شرع في التسبيح بقصد الصغرى يجوز له أن يعدل
549

في الأثناء إلى الكبرى، مثلا إذا قال: سبحان بقصد أن يقول: سبحان الله
فعدل وذكر بعده ربي العظيم جاز وكذا العكس، وكذا إذا قال: سبحان الله
بقصد الصغرى، ثم ضم إليه والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وبالعكس.
(مسألة 19): يشترط في ذكر الركوع العربية والموالاة وأداء الحروف
من مخارجها الطبيعية وعدم المخالفة في الحركات الإعرابية والبنائية.
(مسألة 20): يجوز في لفظة ربي العظيم أن يقرأ بإشباع كسر (1) الباء
من ربي وعدم إشباعه.
(مسألة 21): إذا تحرك في حال الذكر الواجب بسبب قهري بحيث
خرج عن الاستقرار وجب إعادته (2) بخلاف (3) الذكر المندوب.
(مسألة 22): لا بأس بالحركة اليسيرة التي لا تنافي صدق الاستقرار،
وكذا بحركة أصابع اليد أو الرجل بعد كون البدن مستقرا.
(مسألة 23): إذا وصل في الانحناء إلى أول حد الركوع فاستقر وأتى
بالذكر أو لم يأت به ثم انحنى أزيد بحيث وصل إلى آخر الحد لا بأس
به، وكذا العكس، ولا يعد من زيادة الركوع، بخلاف ما إذا وصل إلى
550

أقصى الحد ثم نزل أزيد ثم رجع فإنه يوجب زيادته (1) فما دام في حده
يعد ركوعا واحدا، وإن تبدلت الدرجات منه.
(مسألة 24): إذا شك في لفظ العظيم مثلا أنه بالضاد أو بالظاء يجب
عليه ترك الكبرى والإتيان بالصغرى ثلاثا أو غيرها من الأذكار، ولا
يجوز له أن يقرأ بالوجهين (2)، وإذا شك في أن العظيم بالكسر أو بالفتح
يتعين عليه أن يقف عليه، ولا يبعد عليه جواز قراءته وصلا بالوجهين
لإمكان أن يجعل العظيم مفعولا لأعني مقدرا.
(مسألة 25): يشترط في تحقق الركوع الجلوسي أن ينحني بحيث (3)
يساوي وجهه ركبتيه، والأفضل الزيادة على ذلك بحيث يساوي
مسجده، ولا يجب فيه على الأصح الانتصاب على الركبتين شبه القائم
ثم الانحناء وإن كان هو الأحوط.
(مسألة 26): مستحبات الركوع أمور: " أحدها ": التكبير له وهو
قائم منتصب، والأحوط عدم تركه (4) كما أن الأحوط عدم قصد
551

الخصوصية (1) إذا كبر في حال الهوي، أو مع عدم الاستقرار. " الثاني ":
رفع اليدين (2) حال التكبير على نحو ما مر في تكبيرة الإحرام.
" الثالث ": وضع الكفين (3) على الركبتين مفرجات الأصابع ممكنا لهما
من عينيهما واضعا اليمنى على اليمنى، واليسرى على اليسرى.
" الرابع ": رد الركبتين إلى الخلف. " الخامس ": تسوية الظهر بحيث
لو صب عليه قطرة من الماء استقر في مكانه لم يزل. " السادس ":
مد العنق موازيا للظهر. " السابع ": أن يكون نظره بين قدميه (4).
" الثامن ": التجنيح بالمرفقين. " التاسع ": وضع اليد اليمنى على الركبة
قبل اليسرى. " العاشر ": أن تضع المرأة يديها على فخذيها فوق الركبتين.
" الحادي عشر ": تكرار التسبيح ثلاثا أو خمسا أو سبعا، بل أزيد.
552

" الثاني عشر ": أن يختم الذكر على وتر. " الثالث عشر ": أن يقول قبل
قوله: سبحان ربي العظيم وبحمده. اللهم لك ركعت، ولك أسلمت، وبك
آمنت، وعليك توكلت، وأنت ربي، خشع لك سمعي وبصري وشعري
وبشري ولحمي ودمي ومخي وعصبي وعظامي وما أقلت قدماي، غير
مستنكف ولا مستكبر ولا مستحسر. " الرابع عشر ": أن يقول بعد
الانتصاب: سمع الله لمن حمده بل يستحب أن يضم إليه قوله: " الحمد لله
رب العالمين أهل الجبروت والكبرياء والعظمة، الحمد لله رب العالمين "
إماما كان أو مأموما أو منفردا. " الخامس عشر ": رفع اليدين للانتصاب
منه، وهذا غير رفع اليدين حال التكبير للسجود. " السادس عشر ":
أن يصلي (1) على النبي وآله بعد الذكر أو قبله.
(مسألة 27): يكره في الركوع أمور: " أحدها ": أن يطأطئ رأسه
بحيث لا يساوي ظهره أو يرفعه إلى فوق كذلك. " الثاني ": أن يضم يديه
إلى جنبيه. " الثالث ": أن يضع إحدى الكفين على الأخرى ويدخلهما
بين ركبتيه، بل الأحوط اجتنابه (2). " الرابع ": قراءة القرآن (3) فيه.
" الخامس ": أن يجعل يديه تحت ثيابه ملاصقا لجسده (4).
(مسألة 28): لا فرق بين الفريضة والنافلة في واجبات الركوع
553

ومستحباته ومكروهاته وكون نقصانه موجبا للبطلان (1) نعم الأقوى
عدم بطلان النافلة (2) بزيادته سهوا.
فصل
في السجود
وحقيقته وضع الجبهة على الأرض بقصد التعظيم، وهو أقسام:
السجود للصلاة، ومنه قضاء السجدة المنسية، وللسهو وللتلاوة وللشكر
وللتذلل والتعظيم. أما سجود الصلاة فيجب في كل ركعة من الفريضة
والنافلة سجدتان، وهما معا من الأركان، فتبطل بالإخلال بهما معا،
وكذا بزيادتهما معا في الفريضة عمدا كان أو سهوا أو جهلا، كما أنها
تبطل بالإخلال بإحداهما عمدا، وكذا بزيادتها، ولا تبطل على الأقوى
بنقصان واحدة ولا بزيادتها سهوا، وواجباته أمور: " أحدها ": وضع
المساجد السبعة على الأرض، وهي الجبهة والكفان (3) والركبتان
والإبهامان من الرجلين، والركنية تدور مدار وضع الجبهة، فتحصل
الزيادة والنقيصة به دون سائر المساجد، فلو وضع الجبهة دون سائرها
تحصل الزيادة، كما أنه لو وضع سائرها ولم يضعها يصدق تركه.
554

" الثاني ": الذكر، والأقوى كفاية مطلقه وإن كان الأحوط اختيار (1)
التسبيح على نحو ما مر في الركوع إلا أن في التسبيحة الكبرى يبدل (2)
العظيم بالأعلى. " الثالث ": الطمأنينة (3) فيه بمقدار الذكر الواجب بل
المستحب (4) أيضا إذا أتى به بقصد الخصوصية، فلو شرع في الذكر قبل
الوضع أو الاستقرار عمدا بطل وأبطل (5) وإن كان سهوا وجب التدارك (6)
إن تذكر قبل رفع الرأس، وكذا لو أتى به حال الرفع أو بعده، ولو كان
بحرف واحد منه، فإنه مبطل إن كان عمدا، ولا يمكن التدارك إن كان
555

سهوا إلا إذا ترك الاستقرار وتذكر (1) قبل رفع الرأس. " الرابع ": رفع
الرأس منه. " الخامس ": الجلوس بعده مطمئنا ثم الانحناء للسجدة الثانية.
" السادس ": كون المساجد السبعة في محالها إلى تمام الذكر، فلو رفع
بعضها بطل وأبطل (2) إن كان عمدا، ويجب تداركه (3) إن كان سهوا، نعم
لا مانع من رفع ما عدا الجبهة في غير حال الذكر (4) ثم وضعه عمدا كان
أو سهوا، من غير فرق بين كونه لغرض كحك الجسد ونحوه أو بدونه.
" السابع ": مساواة موضع الجبهة (5) للموقف بمعنى عدم علوه أو انخفاضه
أزيد من مقدار لبنة موضوعة على أكبر سطوحها، أو أربع أصابع
مضمومات، ولا بأس بالمقدار المذكور، ولا فرق في ذلك بين الانحدار
556

والتسنيم، نعم الانحدار اليسير لا اعتبار به (1) فلا يضر معه الزيادة على
المقدار المذكور، والأقوى عدم اعتبار ذلك في باقي المساجد لا بعضها
مع بعض، ولا بالنسبة إلى الجبهة فلا يقدح ارتفاع مكانها أو انخفاضه ما
لم يخرج به السجود عن مسماه. " الثامن ": وضع الجبهة على ما يصح
السجود عليه من الأرض وما نبت منها غير المأكول والملبوس على
ما مر في بحث المكان. " التاسع ": طهارة محل وضع الجبهة. " العاشر ":
المحافظة على العربية والترتيب والموالاة في الذكر.
(مسألة 1): الجبهة ما بين قصاص شعر الرأس وطرف الأنف الأعلى
والحاجبين طولا، وما بين الجبينين عرضا، ولا يجب فيها الاستيعاب،
بل يكفي صدق السجود على مسماها، ويتحقق المسمى بمقدار
الدرهم (2) قطعا، والأحوط عدم (3) الأنقص، ولا يعتبر (4) كون المقدار
المذكور مجتمعا بل يكفي وإن كان متفرقا مع الصدق (5) فيجوز السجود
557

على السبحة الغير المطبوخة (1) إذا كان مجموع ما وقعت عليه الجبهة
بقدر الدرهم.
(مسألة 2): يشترط مباشرة الجبهة لما يصح السجود عليه، فلو كان
هناك مانع أو حائل عليه أو عليها وجب رفعه حتى مثل الوسخ الذي
على التربة إذا كان مستوعبا لها (2) بحيث لم يبق مقدار الدرهم منها ولو
متفرقا خاليا عنه، وكذا بالنسبة إلى شعر المرأة الواقع على جبهتها
فيجب رفعه بالمقدار الواجب، بل الأحوط إزالة الطين (3) اللاصق
بالجبهة في السجدة الأولى، وكذا إذا لصقت التربة بالجبهة، فإن الأحوط
رفعها (4) بل الأقوى وجوب رفعها إذا توقف صدق السجود (5) على
558

الأرض أو نحوها عليه، وأما إذا لصق بها تراب يسير لا ينافي الصدق
فلا بأس به، وأما سائر المساجد فلا يشترط فيها المباشرة للأرض (1).
(مسألة 3): يشترط في الكفين وضع باطنهما مع الاختيار، ومع
الضرورة يجزي الظاهر، كما أنه مع عدم إمكانه لكونه مقطوع الكف
أو لغير ذلك ينتقل إلى الأقرب من الكف، فالأقرب (2) من الذراع والعضد.
(مسألة 4): لا يجب استيعاب باطن الكفين (3) أو ظاهرهما بل يكفي
559

المسمى ولو بالأصابع (1) فقط أو بعضها (2) نعم لا يجزي وضع رؤوس
الأصابع مع الاختيار، كما لا يجزي لو ضم أصابعه (3) وسجد عليها
مع الاختيار.
(مسألة 5): في الركبتين أيضا يجزي وضع المسمى منهما، ولا يجب
الاستيعاب، ويعتبر ظاهرهما دون الباطن (4) والركبة مجمع عظمي الساق
560

والفخذ فهي بمنزلة المرفق من اليد.
(مسألة 6): الأحوط في الإبهامين وضع الطرف (1) من كل منهما دون
الظاهر أو الباطن (2) منهما، ومن قطع إبهامه يضع ما بقي منه، وإن لم يبق
منه شئ أو كان قصيرا يضع سائر أصابعه (3) ولو قطعت جميعها يسجد
على ما بقي من قدميه، والأولى والأحوط (4) ملاحظة محل الابهام.
(مسألة 7): الأحوط (5) الاعتماد على الأعضاء السبعة بمعنى إلقاء ثقل
البدن عليها، وإن كان الأقوى عدم وجوب أزيد من المقدار الذي يتحقق
معه صدق السجود، ولا يجب مساواتها في إلقاء الثقل، ولا عدم مشاركة
غيرها معها من سائر الأعضاء كالذراع وباقي أصابع الرجلين.
561

(مسألة 8): الأحوط (1) كون السجود على الهيئة المعهودة، وإن كان
الأقوى كفاية وضع المساجد السبعة بأي هيئة كان (2) ما دام يصدق
السجود، كما إذا ألصق صدره وبطنه بالأرض، بل ومد رجله (3) أيضا،
بل ولو انكب على وجهه (4) لاصقا بالأرض. مع وضع المساجد بشرط
الصدق المذكور، لكن قد يقال بعدم الصدق وأنه من النوم (5) على وجهه.
(مسألة 9): لو وضع (6) جبهته على موضع مرتفع أزيد من المقدار
المغتفر كأربع أصابع مضمومات فإن كان الارتفاع بمقدار لا يصدق معه
562

السجود عرفا جاز رفعها ووضعها (1) ثانيا، كما يجوز جرها (2) وإن كان
بمقدار يصدق معه السجدة عرفا فالأحوط (3) الجر لصدق زيادة (4)
السجدة مع الرفع، ولو لم يمكن الجر فالأحوط الإتمام (5) والإعادة.
(مسألة 10): لو وضع جبهته على ما لا يصح السجود عليه يجب عليه
الجر (6) ولا يجوز رفعها لاستلزامه زيادة السجدة، ولا يلزم من الجر
563

ذلك، ومن هنا يجوز له ذلك مع الوضع على ما يصح أيضا لطلب
الأفضل أو الأسهل ونحو ذلك، وإذا لم يمكن إلا الرفع فإن كان الالتفات
إليه قبل تمام الذكر فالأحوط الإتمام ثم الإعادة (1) وإن كان بعد تمامه
فالاكتفاء به قوي (2) كما لو التفت بعد رفع الرأس، وإن كان الأحوط
الإعادة أيضا (3).
(مسألة 11): من كان بجبهته دمل أو غيره فإن لم يستوعبها وأمكن
سجوده على الموضع السليم سجد عليه، وإلا حفر حفيرة ليقع السليم
منها على الأرض، وإن استوعبها أو لم يمكن بحفر الحفيرة أيضا سجد
564

على أحد الجبينين من غير ترتيب (1) وإن كان الأولى والأحوط تقديم
الأيمن (2) على الأيسر، وإن تعذر سجد على ذقنه فإن تعذر اقتصر على
الانحناء الممكن (3).
565

(مسألة 12): إذا عجز عن الانحناء للسجود انحنى بالقدر الممكن مع
رفع المسجد (1) إلى جبهته ووضع سائر المساجد في محالها، وإن لم
يتمكن من الانحناء (2) أصلا أومى برأسه، وإن لم يتمكن فبالعينين،
والأحوط له (3) رفع المسجد مع ذلك إذا تمكن من وضع الجبهة عليه (4)
وكذا الأحوط وضع ما يتمكن (5) من سائر المساجد في محالها، وإن
566

لم يتمكن من الجلوس أومأ برأسه، وإلا فبالعينين، وإن لم يتمكن من
جميع ذلك ينوي بقلبه جالسا أو قائما إن لم يتمكن من الجلوس،
والأحوط الإشارة باليد ونحوها مع ذلك.
(مسألة 13): إذا حرك إبهامه في حال الذكر (1) عمدا أعاد الصلاة
احتياطا (2) وإن كان سهوا أعاد الذكر (3) إن لم يرفع رأسه، وكذا لو حرك
سائر المساجد، وأما لو حرك أصابع يده مع وضع الكف بتمامها فالظاهر
567

عدم البأس به (1) لكفاية اطمينان بقية الكف، نعم لو سجد على خصوص
الأصابع (2) كان تحريكها كتحريك إبهام الرجل.
(مسألة 14): إذا ارتفعت الجبهة قهرا من الأرض قبل الإتيان بالذكر
فإن أمكن حفظها (3) عن الوقوع ثانيا حسبت سجدة فيجلس، ويأتي
بالأخرى إن كانت الأولى، ويكتفي بها إن (4) كانت الثانية، وإن عادت
568

إلى الأرض قهرا فالمجموع (1) سجدة واحدة فيأتي بالذكر (2) وإن كان
بعد الاتيان به اكتفى به (3).
(مسألة 15): لا بأس بالسجود على غير الأرض ونحوها مثل الفراش
في حال التقية، ولا يجب التفصي عنها (4) بالذهاب إلى مكان آخر، نعم
لو كان في ذلك المكان مندوحة بأن يصلي على البارية أو نحوها
569

مما يصح السجود عليه وجب اختيارها (1).
(مسألة 16): إذا نسي السجدتين أو إحداهما وتذكر قبل الدخول في
الركوع وجب العود إليها، وإن كان بعد الركوع مضى إن كان المنسي
واحدة، وقضاها بعد السلام (2) وتبطل الصلاة إن كان اثنتين، وإن كان في
الركعة الأخيرة يرجع ما لم يسلم (3) وإن تذكر بعد السلام بطلت الصلاة (4)
570

إن كان المنسي اثنتين وإن كان واحدة قضاها (1).
(مسألة 17): لا يجوز الصلاة على ما لا تستقر (2) المساجد عليه
كالقطن المندوف والمخدة من الريش والكومة من التراب الناعم
وكدائس الحنطة ونحوها.
(مسألة 18): إذا دار أمر العاجز عن الانحناء التام للسجدة بين وضع
اليدين على الأرض وبين رفع ما يصح السجود عليه ووضعه على
571

الجبهة (1) فالظاهر تقديم الثاني (2) فيرفع يديه أو إحداهما عن الأرض
ليضع ما يصح السجود عليه على جبهته (3) ويحتمل التخيير (4).
572

فصل
في مستحبات السجود: وهي أمور: " الأول ": التكبير (1) حال
الانتصاب من الركوع قائما أو قاعدا (2). " الثاني ": رفع اليدين حال
التكبير. " الثالث ": السبق باليدين إلى الأرض عند الهوي إلى السجود.
" الرابع ": استيعاب الجبهة (3) على ما يصح السجود عليه بل استيعاب (4)
جميع المساجد. " الخامس ": الارغام (5) بالأنف على ما يصح السجود
عليه. " السادس ": بسط اليدين مضمومتي الأصابع حتى الابهام حذاء
الأذنين متوجها بهما إلى القبلة. " السابع ": شغل النظر إلى طرف الأنف
حال السجود. " الثامن ": الدعاء قبل الشروع في الذكر بأن يقول: اللهم
لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، وعليك توكلت، وأنت ربي،
سجد وجهي للذي خلقه، وشق سمعه وبصره، والحمد لله رب العالمين،
تبارك الله أحسن الخالقين. " التاسع ": تكرار الذكر. " العاشر ": الختم على
الوتر. " الحادي عشر ": اختيار (6) التسبيح من الذكر والكبرى من
573

التسبيح وتثليثها أو تخميسها أو تسبيعها. " الثاني عشر ": أن يسجد على
الأرض بل التراب دون مثل الحجر والخشب. " الثالث عشر ": مساواة
موضع الجبهة مع الموقف بل مساواة جميع المساجد. " الرابع عشر ":
الدعاء في السجود أو الأخير بما يريد من حاجات الدنيا والآخرة،
وخصوص طلب الرزق الحلال بأن يقول: يا خير المسؤولين، ويا خير
المعطين، ارزقني وارزق عيالي من فضلك فإنك ذو الفضل العظيم.
" الخامس عشر ": التورك في الجلوس بين السجدتين وبعدهما، وهو أن
يجلس على فخذه الأيسر جاعلا ظهر القدم اليمنى في بطن اليسرى.
" السادس عشر ": أن يقول في الجلوس بين السجدتين: أستغفر الله ربي
وأتوب إليه. " السابع عشر ": التكبير بعد الرفع من السجدة الأولى بعد
الجلوس مطمئنا، والتكبير للسجدة الثانية وهو قاعد. " الثامن عشر ":
التكبير بعد الرفع من الثانية كذلك. " التاسع عشر ": رفع اليدين حال
التكبيرات. " العشرون ": وضع اليدين على الفخذين حال الجلوس
اليمنى على اليمنى، واليسرى على اليسرى. " الحادي والعشرون ":
التجافي حال السجود بمعنى رفع البطن عن الأرض. " الثاني
والعشرون ": التجنح بمعنى تجافي الأعضاء حال السجود بأن يرفع
مرفقيه عن الأرض مفرجا بين عضديه وجنبيه، ومبعدا يديه عن بدنه
جاعلا يديه كالجناحين. " الثالث والعشرون ": أن يصلي على النبي وآله
في السجدتين. " الرابع والعشرون ": أن يقوم سابقا برفع ركبتيه قبل يديه.
" الخامس والعشرون ": أن يقول بين السجدتين: اللهم اغفر لي وارحمني
وأجرني وادفع عني فإني لما أنزلت إلي من خير فقير تبارك الله رب
العالمين. " السادس والعشرون ": أن يقول عند النهوض للقيام:
574

" بحول الله وقوته أقوم وأقعد " أو يقول: اللهم بحولك وقوتك أقوم
وأقعد. " السابع والعشرون ": أن لا يعجن بيديه عند إرادة النهوض، أي لا
يقبضهما بل يبسطهما على الأرض معتمدا عليهما للنهوض. " الثامن
والعشرون ": وضع الركبتين قبل اليدين للمرأة عكس الرجل عند الهوي
للسجود، وكذا يستحب عدم تجافيها حاله بل تفترش ذراعيها وتلصق
بطنها بالأرض، وتضم أعضاءها وكذا عدم رفع عجيزتها حال النهوض
للقيام، بل تنهض وتنتصب عدلا. " التاسع والعشرون ": إطالة السجود
والإكثار فيه من التسبيح والذكر. " الثلاثون ": مباشرة الأرض بالكفين.
" الواحد والثلاثون ": زيادة تمكين الجبهة وسائر المساجد في السجود.
(مسألة 1): يكره الإقعاء (1) في الجلوس بين السجدتين بل بعدهما
أيضا، وهو أن يعتمد بصدور قدميه على الأرض ويجلس على عقبيه
كما فسره به الفقهاء، بل بالمعنى الآخر المنسوب إلى اللغويين أيضا وهو
أن يجلس على أليتيه (2) وينصب ساقيه ويتساند إلى ظهره كإقعاء
الكلب.
(مسألة 2): يكره نفخ موضع السجود إذا لم يتولد حرفان وإلا فلا يجوز
575

بل مبطل للصلاة، وكذا يكره عدم رفع اليدين من الأرض بين السجدتين.
(مسألة 3): يكره قراءة القرآن في السجود كما كان يكره في الركوع.
(مسألة 4): الأحوط عدم ترك جلسة الاستراحة (1) وهي الجلوس بعد
السجدة الثانية في الركعة الأولى، والثالثة مما لا تشهد فيه، بل وجوبها
لا يخلو عن قوة (2).
(مسألة 5): لو نسيها رجع إليها ما لم يدخل (3) في الركوع.
576

فصل
في سائر أقسام السجود
(مسألة 1): يجب السجود للسهو كما سيأتي مفصلا في أحكام الخلل.
(مسألة 2): يجب السجود على من قرأ إحدى آياته الأربع في السور
الأربع، وهي ألم تنزيل عند قوله: " ولا يستكبرون " وحم فصلت عند
قوله: " تعبدون " والنجم والعلق وهي سورة إقرأ باسم عند ختمهما، وكذا
يجب على المستمع لها بل السامع على الأظهر (1) ويستحب في أحد
عشر موضعا في الأعراف (2) عند قوله: " وله يسجدون " وفي الرعد عند
قوله: " وظلالهم بالغدو والآصال " وفي النحل عند قوله: " ويفعلون
ما يؤمرون " وفي بني إسرائيل عند قوله: " ويزيدهم خشوعا " وفي مريم
577

عند قوله: " وخروا سجدا وبكيا " وفي سورة الحج في موضعين عند
قوله: " يفعل ما يشاء " وعند قوله: " افعلوا الخير " وفي الفرقان عند قوله:
" وزادهم نفورا " وفي النمل عند قوله: " رب العرش العظيم " وفي ص
عند قوله: " وخر راكعا وأناب " وفي الانشقاق عند قوله: " وإذا قرأ " بل
الأحوط الأولى السجود عند كل آية فيها أمر بالسجود.
(مسألة 3): يختص الوجوب والاستحباب بالقارئ والمستمع
والسامع (1) للآيات، فلا يجب على من كتبها أو تصورها أو شاهدها
مكتوبة أو أخطرها بالبال.
(مسألة 4): السبب مجموع الآية فلا يجب (2) بقراءة بعضها ولو لفظ (3)
السجدة منها.
(مسألة 5): وجوب السجدة فوري فلا يجوز التأخير، نعم لو نسيها أتى
بها إذا تذكر بل وكذلك لو تركها عصيانا (4).
(مسألة 6): لو قرأ بعض الآية وسمع بعضها الآخر فالأحوط الإتيان
بالسجدة.
(مسألة 7): إذا قرأها غلطا أو سمعها ممن قرأها غلطا فالأحوط
السجدة أيضا.
578

(مسألة 8): يتكرر السجود مع تكرر القراءة (1) أو السماع أو الاختلاف (2)
بل وإن كان في زمان واحد بأن قرأها جماعة (3) أو قرأها شخص حين
قراءته على الأحوط (4).
(مسألة 9): لا فرق في وجوبها بين السماع من المكلف أو غيره
كالصغير والمجنون إذا كان قصدهما (5) قراءة القرآن.
(مسألة 10): لو سمعها (6) في أثناء الصلاة
579

أو قرأها (1) أومأ للسجود (2) وسجد بعد الصلاة (3) وأعادها (4).
580

(مسألة 11): إذا سمعها أو قرأها حال السجود يجب رفع الرأس منه
ثم الوضع ولا يكفي البقاء (1) بقصده، بل ولا الجر إلى مكان آخر.
(مسألة 12): الظاهر عدم وجوب نيته حال الجلوس أو القيام ليكون
الهوي إليه بنيته، بل يكفي نيته قبل وضع الجبهة بل مقارنا له (2).
(مسألة 13): الظاهر أنه يعتبر في وجوب السجدة كون القراءة بقصد
القرآنية، فلو تكلم شخص بالآية لا بقصد القرآنية لا يجب السجود (3)
بسماعه، وكذا لو سمعها ممن قرأها حال النوم أو سمعها من صبي غير
مميز (4) بل وكذا لو سمعها من صندوق حبس الصوت، وإن كان الأحوط
581

السجود في الجميع (1).
(مسألة 14): يعتبر في السماع تمييز الحروف والكلمات، فمع سماع
الهمهمة لا يجب السجود وإن كان أحوط (2).
(مسألة 15): لا يجب السجود لقراءة ترجمتها أو سماعها وإن كان
المقصود ترجمة الآية.
(مسألة 16): يعتبر (3) في هذا السجود بعد تحقق مسماه مضافا إلى النية
إباحة المكان، وعدم علو المسجد بما يزيد على أربعة أصابع (4)
582

والأحوط وضع سائر المساجد (1) ووضع الجبهة على ما يصح (2)
السجود عليه، ولا يعتبر فيه الطهارة من الحدث ولا من الخبث، فتسجد
الحائض وجوبا عند سببه، وندبا عند سبب الندب، وكذا الجنب، وكذا
لا يعتبر فيه الاستقبال ولا طهارة موضع الجبهة، ولا ستر العورة فضلا
عن صفات الساتر من الطهارة وعدم كونه حريرا أو ذهبا أو جلد ميتة،
نعم يعتبر أن لا يكون لباسه مغصوبا إذا كان السجود يعد تصرفا فيه (3).
(مسألة 17): ليس في هذا السجود تشهد ولا تسليم ولا تكبير افتتاح،
نعم يستحب التكبير للرفع منه بل الأحوط عدم تركه.
583

(مسألة 18): يكفي فيه مجرد السجود، فلا يجب فيه الذكر وإن كان
يستحب (1) ويكفي في وظيفة الاستحباب كل ما كان، ولكن الأولى أن
يقول: " سجدت لك يا رب تعبدا ورقا، لا مستكبرا عن عبادتك ولا
مستنكفا ولا مستعظما، بل أنا عبد ذليل خائف مستجير " أو يقول: " لا
إله إلا الله حقا حقا، لا إله إلا الله إيمانا وتصديقا، لا إله إلا الله عبودية
ورقا، سجدت لك يا رب تعبدا ورقا، لا مستنكفا ولا مستكبرا، بل أنا
عبد ذليل ضعيف خائف مستجير " أو يقول: " إلهي آمنا بما كفروا،
وعرفنا منك ما أنكروا، وأجبناك إلى ما دعوا، إلهي فالعفو العفو "
أو يقول ما قاله النبي (صلى الله عليه وآله) في سجود سورة العلق وهو: أعوذ برضاك
من سخطك، وبمعافاتك عن عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء
عليك، أنت كما أثنيت على نفسك.
(مسألة 19): إذا سمع القراءة مكررا وشك بين الأقل والأكثر يجوز له
الاكتفاء في التكرار بالأقل، نعم لو علم العدد وشك في الإتيان بين
الأقل والأكثر وجب الاحتياط بالبناء على الأقل أيضا.
(مسألة 20): في صورة وجوب التكرار يكفي في صدق التعدد رفع
الجبهة عن الأرض، ثم الوضع للسجدة الأخرى، ولا يعتبر الجلوس ثم
الوضع، بل ولا يعتبر رفع سائر المساجد، وإن كان أحوط.
(مسألة 21): يستحب السجود للشكر لتجدد نعمة أو دفع نقمة
أو تذكرهما مما كان سابقا، أو للتوفيق لأداء فريضة أو نافلة أو فعل
خير ولو مثل الصلح بين اثنين، فقد روي (2) عن بعض الأئمة (عليهم السلام) أنه
584

كان إذا صالح بين اثنين أتى بسجدة الشكر، ويكفي في هذا السجود
مجرد وضع الجبهة مع النية نعم يعتبر فيه إباحة المكان (1) ولا يشترط
فيه الذكر وإن كان يستحب أن يقول: " شكرا لله " أو شكرا شكرا وعفوا
عفوا مائة مرة، أو ثلاث مرات، ويكفي مرة واحدة أيضا، ويجوز
الاقتصار على سجدة واحدة، ويستحب مرتان، ويتحقق التعدد بالفصل
بينهما بتعفير الخدين أو الجبينين أو الجميع مقدما للأيمن منها على
الأيسر، ثم وضع الجبهة ثانيا، ويستحب فيه افتراش الذراعين، وإلصاق
الجؤجؤ والصدر والبطن بالأرض ويستحب أيضا أن يمسح موضع
سجوده بيده، ثم إمرارها على وجهه ومقاديم بدنه، ويستحب أن يقرأ
في سجوده ما ورد في حسنة عبد الله بن جندب عن موسى بن
جعفر (عليهما السلام) ما أقول في سجدة الشكر فقد اختلف أصحابنا فيه؟
فقال (عليه السلام): قل وأنت ساجد " اللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك وأنبياءك
ورسلك وجميع خلقك أنك أنت الله ربي، والإسلام ديني، ومحمدا نبيي،
وعليا والحسن والحسين إلى آخرهم أئمتي، بهم أتولى، ومن أعدائهم
أتبرأ، اللهم إني أنشدك دم المظلوم - ثلاثا - اللهم إني أنشدك بإيوائك (2)
585

على نفسك لأعدائك لتهلكنهم بأيدينا وأيدي المؤمنين، اللهم إني
أنشدك بإيوائك على نفسك لأوليائك لتظفرنهم بعدوك وعدوهم أن
تصلي على محمد وعلى المستحفظين من آل محمد - ثلاثا - اللهم إني
أسألك اليسر بعد العسر " ثلاثا ثم ضع خدك الأيمن على الأرض
وتقول: " يا كهفي حين تعييني المذاهب، وتضيق علي الأرض بما
رحبت، يا بارئ خلقي رحمة بي وقد كنت عن خلقي غنيا، صل على
محمد وعلى المستحفظين من آل محمد " ثم ضع خدك الأيسر وتقول:
" يا مذل كل جبار، ويا معز كل ذليل، قد وعزتك بلغ مجهودي " ثلاثا ثم
تقول: " يا حنان يا منان يا كاشف الكرب العظام " ثم تعود للسجود
فتقول مائة مرة: " شكرا شكرا " ثم تسأل حاجتك إن شاء الله، والأحوط
وضع الجبهة (1) في هذه السجدة أيضا على ما يصح السجود عليه،
ووضع سائر المساجد على الأرض، ولا بأس بالتكبير قبلها وبعدها
لا بقصد الخصوصية والورود.
(مسألة 22): إذا وجد سبب سجود الشكر وكان له مانع من السجود
على الأرض فليوم برأسه، ويضع خده على كفه فعن الصادق (عليه السلام) إذا
ذكر أحدكم نعمة الله عز وجل فليضع خده على التراب شكرا لله، وإن
كان راكبا فلينزل فليضع خده على التراب، وإن لم يكن يقدر على
النزول للشهرة فليضع خده على قربوسه، فإن لم يقدر فليضع خده على
كفه ثم ليحمد الله على ما أنعم عليه، ويظهر من هذا الخبر تحقق السجود
586

بوضع الخد فقط من دون الجبهة.
(مسألة 23): يستحب السجود بقصد التذلل والتعظيم لله تعالى بل من
حيث هو راجح وعبادة، بل من أعظم العبادات وآكدها، بل ما عبد الله
بمثله، وما من عمل أشد على إبليس من أن يرى ابن آدم ساجدا، لأنه
أمر بالسجود فعصى، وهذا أمر به فأطاع ونجا، وأقرب ما يكون العبد
إلى الله وهو ساجد، وإنه سنة الأوابين ويستحب إطالته فقد سجد آدم
ثلاثة أيام بلياليها، وسجد علي بن الحسين (عليهما السلام) على حجارة خشنة
حتى أحصي عليه ألف مرة: لا إله إلا الله حقا حقا، لا إله إلا الله تعبدا
ورقا، لا إله إلا الله إيمانا وتصديقا، وكان الصادق (عليه السلام) يسجد السجدة
حتى يقال: إنه راقد، وكان موسى بن جعفر (عليهما السلام) يسجد كل يوم بعد
طلوع الشمس إلى وقت الزوال.
(مسألة 24): يحرم السجود لغير الله تعالى، فإنه غاية الخضوع فيختص
بمن هو في غاية الكبرياء والعظمة، وسجدة الملائكة لم تكن لآدم بل
كان قبلة لهم، كما أن سجدة يعقوب وولده لم تكن ليوسف بل لله تعالى
شكرا حيث رأوا ما أعطاه الله من الملك فما يفعله سواد الشيعة من
صورة السجدة عند قبر أمير المؤمنين وغيره من الأئمة (عليهم السلام) مشكل إلا
أن يقصدوا به سجدة الشكر لتوفيق الله تعالى لهم لإدراك الزيارة، نعم
لا يبعد جواز تقبيل العتبة الشريفة.
فصل
في التشهد
وهو واجب في الثنائية مرة بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة من
587

الركعة الثانية، وفي الثلاثية والرباعية مرتين: الأولى كما ذكر، والثانية
بعد رفع الرأس من السجدة الثانية في الركعة الأخيرة، وهو واجب غير
ركن، فلو تركه عمدا بطلت الصلاة، وسهوا أتى به ما لم يركع، وقضاه
بعد الصلاة إن تذكر بعد الدخول (1) في الركوع مع سجدتي السهو (2)
وواجباته سبعة: " الأول ": الشهادتان. " الثاني ": الصلاة على محمد
وآل محمد فيقول: " أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن
محمدا عبده ورسوله، اللهم صل على محمد وآل محمد " ويجزي على
الأقوى أن يقول (3): " أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله،
588

اللهم صل على محمد وآل محمد ". " الثالث ": الجلوس بمقدار الذكر
المذكور. " الرابع ": الطمأنينة فيه. " الخامس ": الترتيب بتقديم الشهادة
الأولى على الثانية، وهما على الصلاة على محمد وآل محمد كما ذكر.
" السادس ": الموالاة بين الفقرات والكلمات والحروف، بحيث لا يخرج
عن الصدق. " السابع ": المحافظة على تأديتها على الوجه الصحيح
العربي في الحركات والسكنات وأداء الحروف والكلمات.
(مسألة 1): لا بد من ذكر الشهادتين والصلاة بألفاظها المتعارفة،
فلا يجزي غيرها، وإن أفاد معناها، مثل ما إذا قال بدل أشهد: أعلم
أو أقر أو أعترف، وهكذا في غيره.
(مسألة 2): يجزي الجلوس فيه بأي كيفية كان ولو إقعاء (1) وإن كان
الأحوط تركه (2).
(مسألة 3): من لا يعلم الذكر يجب عليه التعلم وقبله يتبع غيره
فيلقنه ولو عجز ولم يكن من يلقنه أو كان الوقت ضيقا (3) أتى
589

بما يقدر (1) ويترجم الباقي (2) وإن لم يعلم شيئا يأتي بترجمة الكل
وإن لم يعلم يأتي بسائر الأذكار بقدره (3) والأولى التحميد إن كان
يحسنه وإلا فالأحوط (4) الجلوس قدره مع الإخطار بالبال إن أمكن.
(مسألة 4): يستحب في التشهد أمور: " الأول ": أن يجلس الرجل
متوركا على نحو ما مر في الجلوس بين السجدتين. " الثاني ": أن يقول
قبل الشروع في الذكر الحمد لله، أو يقول: بسم الله وبالله والحمد لله وخير
الأسماء لله، أو الأسماء الحسنى كلها لله. " الثالث ": أن يجعل يديه على
فخذيه منضمة الأصابع. " الرابع ": أن يكون نظره إلى حجره.
" الخامس ": أن يقول بعد قوله: وأشهد أن محمدا عبده ورسوله: أرسله
بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة، وأشهد أن ربي نعم الرب وأن
محمدا نعم الرسول، ثم يقول: اللهم صل الخ. " السادس ": أن يقول بعد
590

الصلاة: وتقبل شفاعته وارفع درجته في التشهد الأول، بل في الثاني
أيضا، وإن كان الأولى (1) عدم قصد الخصوصية في الثاني. " السابع ": أن
يقول في التشهد الأول والثاني ما في موثقة أبي بصير، وهي قوله (عليه السلام):
إذا جلست في الركعة الثانية فقل: " بسم الله وبالله، والحمد لله وخير
الأسماء لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن
محمدا (2) عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة،
أشهد أنك نعم الرب، وأن محمدا نعم الرسول، اللهم صل على محمد
وآل محمد، وتقبل شفاعته في أمته وارفع درجته " ثم تحمد الله مرتين
أو ثلاثا ثم تقوم فإذا جلست في الرابعة قلت: " بسم الله وبالله والحمد لله
وخير الأسماء لله أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن
محمدا عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة،
أشهد أنك نعم الرب، وأن محمدا نعم الرسول، التحيات لله، والصلوات
الطاهرات الطيبات الزاكيات الغاديات الرائحات السابغات الناعمات ما
طاب وزكى وطهر وخلص وصفى فلله أشهد أن لا إله إلا الله وحده
لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا
591

ونذيرا بين يدي الساعة، أشهد أن ربي نعم الرب، وأن محمدا نعم
الرسول، وأشهد أن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في
القبور، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، الحمد
لله رب العالمين، اللهم صل على محمد وآل محمد، وبارك على محمد
وآل محمد، وسلم على محمد وآل محمد، وترحم على محمد وآل محمد،
كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد
مجيد، اللهم صل على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا الذين
سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف
رحيم، اللهم صل على محمد وآل محمد، وامنن علي بالجنة وعافني من
النار، اللهم صل على محمد وآل محمد واغفر للمؤمنين والمؤمنات، ولا
تزد الظالمين إلا تبارا " ثم قل: " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله
وبركاته، السلام على أنبياء الله ورسله، السلام على جبرئيل وميكائيل
والملائكة المقربين، السلام على محمد بن عبد الله خاتم النبيين، لا نبي
بعده، والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، ثم تسلم. " الثامن ": أن
يسبح سبعا بعد التشهد الأول بأن يقول: " سبحان الله سبحان الله " سبعا
ثم يقوم. " التاسع ": أن يقول: بحول الله وقوته الخ حين القيام (1) عن
التشهد الأول. " العاشر ": أن تضم المرأة فخذيها حال الجلوس للتشهد.
(مسألة 5): يكره الإقعاء (2) حال التشهد على نحو ما مر في الجلوس
592

بين السجدتين، بل الأحوط تركه كما عرفت (1).
فصل
في التسليم
وهو واجب على الأقوى، وجزء من الصلاة فيجب فيه جميع
ما يشترط فيها من الاستقبال وستر العورة والطهارة وغيرها، ومخرج
منها ومحلل للمنافيات المحرمة بتكبيرة الإحرام،
وليس ركنا فتركه عمدا مبطل لا سهوا (2) فلو سها (3) عنه وتذكر بعد
593

إتيان شئ من المنافيات عمدا وسهوا أو بعد فوات (1) الموالاة
لا يجب تداركه (2) نعم عليه سجدتا السهو للنقصان (3) بتركه، وإن
تذكر قبل ذلك أتى به ولا شئ عليه إلا إذا تكلم فيجب عليه
594

سجدتا (1) السهو، ويجب فيه الجلوس، وكونه مطمئنا وله صيغتان، هما:
السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، و: السلام عليكم ورحمة الله
وبركاته والواجب إحداهما (2) فإن قدم الصيغة الأولى كانت الثانية
مستحبة (3) بمعنى كونها جزء (4) مستحبيا لا خارجا، وإن قدم الثانية
اقتصر عليها، وأما السلام عليك أيها النبي فليس من صيغ السلام، بل هو
من توابع التشهد، وليس واجبا، بل هو مستحب، وإن كان الأحوط عدم
تركه لوجود القائل بوجوبه، ويكفي في الصيغة الثانية السلام عليكم
بحذف قوله: " ورحمة الله وبركاته " وإن كان الأحوط ذكره (5) بل
595

الأحوط الجمع بين الصيغتين بالترتيب المذكور، ويجب فيه المحافظة
على أداء الحروف والكلمات على النهج الصحيح مع العربية والموالاة،
والأقوى عدم كفاية قوله: سلام عليكم بحذف الألف واللام.
(مسألة 1): لو أحدث أو أتى ببعض المنافيات الأخر قبل السلام بطلت
الصلاة، نعم لو كان ذلك بعد نسيانه (1) بأن اعتقد خروجه من الصلاة
لم تبطل (2) والفرق أن مع الأول يصدق الحدث في الأثناء، ومع
الثاني لا يصدق، لأن المفروض (3) أنه ترك نسيانا جزء غير ركني،
596

فيكون (1) الحدث خارج الصلاة.
(مسألة 2): لا يشترط فيه (2) نية الخروج من الصلاة بل هو مخرج
قهرا، وإن قصد عدم الخروج، لكن الأحوط عدم قصد عدم الخروج، بل
لو قصد ذلك فالأحوط إعادة الصلاة.
(مسألة 3): يجب تعلم السلام على نحو ما مر في التشهد وقبله يجب
متابعة الملقن إن كان، وإلا اكتفى بالترجمة (3) وإن عجز فبالقلب ينويه
مع الإشارة باليد على الأحوط. والأخرس يخطر ألفاظه بالبال، ويشير
597

إليها باليد أو غيرها.
(مسألة 4): يستحب التورك في الجلوس حاله على نحو ما مر، ووضع
اليدين على الفخذين، ويكره الإقعاء.
(مسألة 5): الأحوط أن لا يقصد بالتسليم التحية حقيقة (1) بأن يقصد
السلام على الإمام أو المأمومين أو الملكين، نعم لا بأس بإخطار ذلك
بالبال، فالمنفرد يخطر بباله الملكين الكاتبين حين السلام الثاني، والإمام
يخطرهما مع المأمومين، والمأموم يخطرهم مع الإمام، وفي السلام
598

علينا وعلى عباد الله الصالحين يخطر بباله الأنبياء والأئمة والحفظة.
(مسألة 6): يستحب للمنفرد (1) والإمام الإيماء بالتسليم الأخير إلى
يمينه بمؤخر عينه أو بأنفه أو غيرهما على وجه لا ينافي الاستقبال،
وأما المأموم فإن لم يكن على يساره أحد فكذلك، وإن كان على يساره
بعض المأمومين فيأتي بتسليمة أخرى موميا إلى يساره، ويحتمل
استحباب تسليم آخر للمأموم بقصد الإمام فيكون ثلاث مرات.
(مسألة 7): قد مر سابقا في الأوقات أنه إذا شرع في الصلاة قبل
الوقت ودخل عليه وهو في الصلاة صحت صلاته، وإن كان قبل السلام
أو في أثنائه (2) فإذا أتى بالسلام الأول ودخل عليه الوقت في أثنائه
تصح صلاته، وأما إذا دخل بعده قبل السلام الثاني أو في أثنائه (3) ففيه
إشكال. وإن كان يمكن القول بالصحة لأنه وإن كان يكفي الأول في
الخروج عن الصلاة، لكن على فرض الاتيان بالصيغتين يكون الثاني
أيضا جزء فيصدق (4) دخول الوقت في الأثناء فالأحوط إعادة
الصلاة (5) مع ذلك.
599

فصل
في الترتيب
يجب الإتيان بأفعال الصلاة على حسب ما عرفت من الترتيب، بأن
يقدم تكبيرة الإحرام على القراءة، والقراءة على الركوع، وهكذا، فلو
خالفه عمدا بطل ما أتى به مقدما، وأبطل (1) من جهة لزوم الزيادة (2)
سواء كان ذلك في الأفعال أو الأقوال (3) وفي الأركان أو غيرها، وإن
كان سهوا فإن كان في الأركان بأن قدم ركنا على ركن، كما إذا قدم
السجدتين على الركوع فكذلك، وإن قدم ركنا على غير الركن كما إذا
قدم الركوع على القراءة أو قدم غير الركن على الركن كما إذا قدم التشهد
على السجدتين، أو قدم غير الأركان بعضها على بعض كما إذا قدم
السورة مثلا على الحمد فلا تبطل الصلاة إذا كان ذلك سهوا، وحينئذ فإن
أمكن التدارك بالعود بأن لم يستلزم زيادة ركن وجب وإلا فلا، نعم
600

يجب عليه سجدتان (1) لكل زيادة أو نقيصة تلزم من ذلك.
(مسألة): إذا خالف الترتيب في الركعات سهوا كأن أتى بالركعة الثالثة
في محل الثانية بأن تخيل بعد الركعة الأولى أن ما قام إليه ثالثة فأتى
بالتسبيحات الأربعة وركع وسجد وقام إلى الثالثة وتخيل أنها ثانية
فأتى بالقراءة والقنوت لم تبطل صلاته، بل يكون ما قصده ثالثة ثانية
وما قصده ثانية ثالثة قهرا، وكذا لو سجد الأولى بقصد الثانية والثانية
بقصد الأولى.
فصل
في الموالاة (2)
قد عرفت سابقا وجوب الموالاة في كل من القراءة والتكبير
601

والتسبيح والأذكار بالنسبة إلى الآيات والكلمات والحروف، وأنه لو
تركها عمدا على وجه يوجب محو الاسم بطلت الصلاة (1) بخلاف ما إذا
كان سهوا، فإنه لا تبطل الصلاة، وإن بطلت تلك الآية أو الكلمة فيجب
إعادتها، نعم إذا أوجب فوات الموالاة فيها محو اسم الصلاة بطلت، وكذا
إذا كان ذلك في تكبيرة الإحرام، فإن فوات الموالاة فيها سهوا بمنزلة
604

نسيانها، وكذا في السلام فإنه بمنزلة عدم الإتيان به (1) فإذا تذكر ذلك
ومع ذلك أتى بالمنافي بطلت صلاته (2) بخلاف (3) ما إذا أتى به قبل
التذكر (4) فإنه كالإتيان به (5) بعد نسيانه (6) وكما يجب الموالاة في
المذكورات تجب في أفعال الصلاة بمعنى عدم الفصل بينها على وجه
يوجب محو صورة الصلاة، سواء كان عمدا أو سهوا (7) مع حصول
المحو المذكور، بخلاف ما إذا لم يحصل المحو المذكور فإنه لا يوجب
البطلان (8).
605

(مسألة 1): تطويل الركوع أو السجود أو إكثار الأذكار أو قراءة السور
الطوال لا تعد من المحو فلا إشكال فيها.
(مسألة 2): الأحوط (1) مراعاة الموالاة العرفية بمعنى متابعة الأفعال بلا
فصل، وإن لم يمح معه صورة الصلاة، وإن كان الأقوى عدم وجوبها (2)
وكذا في القراءة (3) والأذكار.
(مسألة 3): لو نذر الموالاة بالمعنى المذكور فالظاهر انعقاد (4) نذره
لرجحانها ولو من باب الاحتياط (5) فلو خالف عمدا عصى، لكن الأظهر
عدم بطلان صلاته (6).
606

فصل
في القنوت
وهو مستحب: في جميع الفرائض (1) اليومية ونوافلها، بل جميع
النوافل حتى صلاة الشفع على الأقوى (2) ويتأكد في الجهرية من
الفرائض، خصوصا في الصبح والوتر (3) والجمعة (4) بل الأحوط عدم
تركه في الجهرية، بل في مطلق الفرائض والقول بوجوبه في الفرائض
أو في خصوص الجهرية منها ضعيف، وهو في كل صلاة مرة قبل
الركوع من الركعة الثانية وقبل الركوع في صلاة الوتر إلا في صلاة
العيدين، ففيها في الركعة الأولى خمس مرات، وفي الثانية أربع مرات
وإلا في صلاة الآيات ففيها مرتان (5): مرة قبل الركوع الخامس (6) ومرة
607

قبل الركوع العاشر، بل لا يبعد استحباب خمس قنوتات فيها (1) في كل
زوج من الركوعات، وإلا في الجمعة ففيها قنوتان في الركعة الأولى قبل
الركوع (2) وفي الثانية بعده، ولا يشترط فيه رفع اليدين (3) ولا ذكر
608

مخصوص، بل يجوز ما يجري على لسانه من الذكر والدعاء والمناجاة
وطلب الحاجات، وأقله سبحان الله خمس مرات، أو ثلاث مرات،
أو بسم الله الرحمن الرحيم ثلاث مرات أو الحمد لله ثلاث مرات، بل
يجزي سبحان الله أو سائر ما ذكر مرة واحدة، كما يجزي الاقتصار على
الصلاة على النبي وآله (صلى الله عليه وآله)، ومثل قوله: " اللهم اغفر لي " ونحو ذلك،
والأولى أن يكون جامعا للثناء على الله تعالى، والصلاة على محمد
وآله، وطلب المغفرة له وللمؤمنين والمؤمنات.
(مسألة 1): يجوز قراءة القرآن في القنوت خصوصا الآيات المشتملة
على الدعاء كقوله تعالى: " ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من
609

لدنك رحمة إنك أنت الوهاب " ونحو ذلك.
(مسألة 2): يجوز قراءة الأشعار المشتملة على الدعاء والمناجاة
مثل قوله:
إلهي عبدك العاصي أتاكا * مقرا بالذنوب وقد دعاكا
ونحوه.
(مسألة 3): يجوز الدعاء فيه بالفارسية (1) ونحوها من اللغات غير
العربية، وإن كان لا يتحقق (2) وظيفة القنوت إلا بالعربي، وكذا في سائر
أحوال الصلاة وأذكارها، نعم الأذكار المخصوصة لا يجوز إتيانها
بغير العربي.
(مسألة 4): الأولى أن يقرأ الأدعية الواردة عن الأئمة صلوات الله
عليهم، والأفضل كلمات الفرج وهي: " لا إله إلا الله (3) الحليم الكريم،
لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السماوات السبع، ورب
الأرضين السبع، وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم، والحمد لله
610

رب العالمين " ويجوز أن يزيد (1) بعد قوله: وما بينهن وما فوقهن
وما تحتهن، كما يجوز أن يزيد بعد قوله: العرش العظيم: وسلام على
المرسلين (2) والأحسن أن يقول بعد كلمات الفرج: اللهم اغفر لنا
وارحمنا وعافنا واعف عنا إنك على كل شئ قدير.
(مسألة 5): الأولى ختم القنوت بالصلاة على محمد وآله، بل الابتداء
بها أيضا أو الابتداء في طلب المغفرة أو قضاء الحوائج بها، فقد روي أن
الله سبحانه يستجيب الدعاء للنبي (صلى الله عليه وآله) بالصلاة، وبعيد من رحمته أن
يستجيب الأول والآخر ولا يستجيب الوسط، فينبغي أن يكون طلب
المغفرة والحاجات بين الدعاءين للصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله).
(مسألة 6): من القنوت الجامع الموجب لقضاء الحوائج على ما ذكره
بعض العلماء أن يقول: سبحان من دانت له السماوات والأرض
بالعبودية، سبحان من تفرد بالوحدانية، اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم، اللهم اغفر لي ولجميع المؤمنين والمؤمنات
واقض حوائجي وحوائجهم بحق حبيبك محمد وآله الطاهرين،
611

صلى الله عليه وآله أجمعين.
(مسألة 7): يجوز في القنوت الدعاء الملحون (1) مادة أو إعرابا (2) إذا
لم يكن لحنه فاحشا ولا (3) مغيرا للمعنى، لكن الأحوط الترك (4).
(مسألة 8): يجوز في القنوت الدعاء على العدو بغير ظلم وتسميته كما
يجوز الدعاء لشخص خاص مع ذكر اسمه.
(مسألة 9): لا يجوز الدعاء لطلب الحرام (5).
(مسألة 10): يستحب إطالة القنوت خصوصا في صلاة الوتر، فعن
رسول الله (صلى الله عليه وآله): أطولكم قنوتا في دار الدنيا أطولكم راحة يوم القيامة
في الموقف، وفي بعض الروايات قال (صلى الله عليه وآله): أطولكم قنوتا في الوتر في
دار الدنيا الخ، ويظهر من بعض الأخبار أن إطالة الدعاء في الصلاة
أفضل من إطالة القراءة.
(مسألة 11): يستحب التكبير (6) قبل القنوت، ورفع اليدين حال التكبير
612

ووضعهما، ثم رفعهما حيال الوجه وبسطهما، جاعلا باطنهما نحو
السماء، وظاهرهما نحو الأرض، وأن يكونا (1) منضمتين مضمومتي
الأصابع إلا الإبهامين وأن يكون نظره إلى كفيه، ويكره أن يجاوز بهما
الرأس وكذا يكره أن يمر بهما على وجهه (2) وصدره (3) عند الوضع.
(مسألة 12): يستحب الجهر بالقنوت سواء كانت الصلاة جهرية أو
إخفائية (4) وسواء كان إماما أو منفردا، بل أو مأموما إذا لم يسمع الإمام
صوته (5).
(مسألة 13): إذا نذر القنوت في كل صلاة أو صلاة خاصة وجب (6)
لكن لا تبطل الصلاة بتركه سهوا، بل ولا بتركه عمدا أيضا على
الأقوى (7).
(مسألة 14): لو نسي القنوت فإن تذكر قبل الوصول إلى حد الركوع
قام وأتى به، وإن تذكر بعد الدخول في الركوع قضاه بعد الرفع منه بل
613

وكذا لو تذكر بعد الهوي للسجود قبل وضع الجبهة، وإن كان الأحوط
ترك العود إليه (1) وإن تذكر بعد الدخول في السجود أو بعد الصلاة قضاه
بعد الصلاة، وإن طالت المدة، والأولى الإتيان به إذا كان بعد الصلاة
جالسا مستقبلا، وإن تركه عمدا في محله أو بعد الركوع فلا قضاء.
(مسألة 15): الأقوى اشتراط (2) القيام في القنوت مع التمكن منه إلا إذا
كانت الصلاة من جلوس أو كانت نافلة، حيث يجوز الجلوس في
أثنائها كما يجوز في ابتدائها اختيارا.
(مسألة 16): صلاة المرأة كالرجل في الواجبات والمستحبات إلا في
أمور قد مر كثير منها في تضاعيف ما قدمنا من المسائل، وجملتها أنه
يستحب لها الزينة حال الصلاة بالحلي والخضاب، والإخفات في
الأقوال، والجمع بين قدميها حال القيام، وضم ثدييها إلى صدرها بيديها
حاله أيضا، ووضع يديها على فخذيها حال الركوع، وأن لا ترد ركبتيها
حاله إلى وراء، وأن تبدأ بالقعود للسجود، وأن تجلس معتدلة، ثم
تسجد، وأن تجتمع وتضم أعضاءها حال السجود، وأن تلتصق بالأرض
بلا تجاف وتفترش ذراعيها، وأن تنسل انسلالا إذا أرادت القيام، أي
تنهض بتأن وتدريج عدلا لئلا تبدو عجيزتها، وأن تجلس على أليتيها
إذا جلست رافعة ركبتيها ضامة لهما.
614

(مسألة 17): صلاة الصبي كالرجل والصبية كالمرأة.
(مسألة 18): قد مر في المسائل المتقدمة متفرقة حكم النظر واليدين
حال الصلاة، ولا بأس بإعادته جملة، فشغل النظر حال القيام أن يكون
على موضع السجود، وحال الركوع بين القدمين، وحال السجود إلى
طرف الأنف، وحال الجلوس إلى حجره، وأما اليدان فيرسلهما حال
القيام، ويضعهما على الفخذين، وحال الركوع على الركبتين مفرجة
الأصابع، وحال السجود على الأرض مبسوطتين مستقبلا بأصابعهما،
منضمة حذاء الأذنين، وحال الجلوس على الفخذين، وحال القنوت
تلقاء وجهه.
فصل
في التعقيب
وهو الاشتغال عقيب الصلاة بالدعاء أو الذكر أو التلاوة أو غيرها
من الأفعال الحسنة (1)، مثل التفكر في عظمة الله ونحوه، ومثل البكاء
لخشية الله أو للرغبة إليه وغير ذلك. وهو من السنن الأكيدة ومنافعه في
الدين والدنيا كثيرة، وفي رواية: من عقب في صلاته فهو في صلاة، وفي
خبر: التعقيب أبلغ في طلب الرزق من الضرب في البلاد، والظاهر
استحبابه بعد النوافل أيضا، وإن كان بعد الفرائض آكد، ويعتبر أن يكون
متصلا بالفراغ منها، غير مشتغل بفعل آخر ينافي صدقه الذي يختلف
بحسب المقامات من السفر والحضر والاضطرار والاختيار، ففي السفر
يمكن صدقه حال الركوب أو المشي أيضا، كحال الاضطرار، والمدار
615

على بقاء الصدق والهيئة في نظر المتشرعة، والقدر المتيقن في الحضر
الجلوس مشتغلا بما ذكر من الدعاء ونحوه، والظاهر عدم صدقه على
الجلوس بلا دعاء أو الدعاء بلا جلوس إلا في مثل ما مر، والأولى فيه
الاستقبال والطهارة، والكون في المصلى، ولا يعتبر فيه كون الأذكار
والدعاء بالعربية، وإن كان هو الأفضل، كما أن الأفضل الأذكار والأدعية
المأثورة المذكورة في كتب العلماء، ونذكر جملة منها تيمنا: " أحدها ":
أن يكبر ثلاثا بعد التسليم، رافعا يديه على هيئة غيره من التكبيرات.
" الثاني " تسبيح الزهراء صلوات الله عليها، وهو أفضلها على ما ذكره
جملة من العلماء، ففي الخبر ما عبد الله بشئ من التحميد أفضل من
تسبيح فاطمة ولو كان شئ أفضل منه لنحله رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة
وفي رواية: تسبيح فاطمة الزهراء الذكر الكثير الذي قال الله تعالى:
اذكروا الله ذكرا كثيرا، وفي أخرى عن الصادق (عليه السلام): تسبيح فاطمة كل
يوم في دبر كل صلاة أحب إلي من صلاة ألف ركعة في كل يوم، والظاهر
استحبابه في غير التعقيب أيضا، بل في نفسه، نعم هو مؤكد فيه، وعند
إرادة النوم لدفع الرؤيا السيئة، كما أن الظاهر عدم اختصاصه بالفرائض،
بل هو مستحب عقيب كل صلاة، وكيفيته: الله أكبر أربع وثلاثون مرة، ثم
الحمد لله ثلاث وثلاثون، ثم سبحان الله كذلك، فمجموعها مائة، ويجوز
تقديم التسبيح على التحميد وإن كان الأولى الأول.
(مسألة 19): يستحب أن تكون السبحة بطين قبر الحسين صلوات الله
عليه، وفي الخبر أنها تسبح إذا كانت بيد الرجل من غير أن يسبح،
ويكتب له ذلك التسبيح وإن كان غافلا.
(مسألة 20): إذا شك في عدد التكبيرات أو التسبيحات أو التحميدات
616

بنى على الأقل إن لم يتجاوز المحل، وإلا بنى على الإتيان به، وإن زاد
على الأعداد بنى عليها، ورفع اليد عن الزائد (1). " الثالث ": لا إله إلا الله
وحده وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وغلب الأحزاب
وحده، فله الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، بيده
الخير، وهو على كل شئ قدير. " الرابع ": اللهم اهدني من عندك، وأفض
علي من فضلك وانشر علي من رحمتك، وأنزل علي من بركاتك.
" الخامس ": سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، مائة مرة
أو أربعين أو ثلاثين. " السادس ": اللهم صل على محمد وآل محمد،
وأجرني من النار، وارزقني الجنة، وزوجني من الحور العين. " السابع ":
أعوذ بوجهك الكريم، وعزتك التي لا ترام، وقدرتك التي لا يمتنع منها
شئ من شر الدنيا والآخرة، ومن شر الأوجاع كلها ولا حول ولا قوة
إلا بالله العلي العظيم. " الثامن " قراءة الحمد وآية الكرسي، وآية شهد الله
أنه لا إله الخ، وآية الملك. " التاسع ": اللهم إني أسألك من كل خير
أحاط به علمك، وأعوذ بك من كل شر أحاط به علمك، اللهم إني
أسألك عافيتك في أموري كلها، وأعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب
الآخرة. " العاشر ": أعيذ نفسي وما رزقني ربي بالله الواحد الأحد الصمد،
الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، وأعيذ نفسي وما رزقني
617

ربي برب الفلق، من شر ما خلق إلى آخر السورة، وأعيذ نفسي وما
رزقني ربي برب الناس ملك الناس إلى آخر السورة. " الحادي عشر ":
أن يقرأ قل هو الله أحد اثني عشر مرة، ثم يبسط يديه ويرفعهما إلى
السماء. ويقول: اللهم إني أسألك باسمك المكنون المخزون الطهر الطاهر
المبارك، وأسألك باسمك العظيم، وسلطانك القديم أن تصلي على محمد
وآل محمد، يا واهب العطايا يا مطلق الأسارى، يا فكاك الرقاب من
النار، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تعتق رقبتي من
النار، وتخرجني من الدنيا آمنا، وتدخلني الجنة سالما، وأن تجعل
دعائي أوله فلاحا، وأوسطه نجاحا، وآخره صلاحا، إنك أنت علام
الغيوب. " الثاني عشر ": الشهادتان والإقرار بالأئمة (عليهم السلام). " الثالث عشر ":
قبل أن يثني رجليه يقول ثلاث مرات: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو
الحي القيوم، ذو الجلال والإكرام وأتوب إليه. " الرابع عشر ": دعاء الحفظ
من النسيان وهو سبحان من لا يعتدي على أهل مملكته، سبحان من لا
يأخذ أهل الأرض بألوان العذاب، سبحان الرؤوف الرحيم، اللهم اجعل
لي في قلبي نورا وبصرا وفهما وعلما إنك على كل شئ قدير.
(مسألة 21): يستحب في صلاة الصبح أن يجلس بعدها في مصلاه إلى
طلوع الشمس مشتغلا بذكر الله.
(مسألة 22): الدعاء بعد الفريضة أفضل من الصلاة تنفلا، وكذا الدعاء
بعد الفريضة أفضل من الدعاء بعد النافلة.
(مسألة 23): يستحب سجود الشكر بعد كل صلاة فريضة كانت
أو نافلة، وقد مر كيفيته سابقا.
618

فصل
يستحب الصلاة (1) على النبي صلى الله عليه وآله حيث ما ذكر
أو ذكر عنده، ولو كان في الصلاة، وفي أثناء القراءة بل الأحوط عدم
تركها لفتوى جماعة من العلماء بوجوبها، ولا فرق بين أن يكون ذكره
باسمه العلمي كمحمد وأحمد أو بالكنية واللقب كأبي القاسم
والمصطفى والرسول والنبي، أو بالضمير، وفي الخبر الصحيح: وصل
على النبي (صلى الله عليه وآله) كلما ذكرته أو ذكره ذاكر عندك في الأذان أو غيره، وفي
رواية: من ذكرت عنده ونسي أن يصلي علي خطا الله به طريق الجنة.
(مسألة 1): إذا ذكر اسمه صلى الله عليه وآله مكررا يستحب (2)
تكرارها، وعلى القول بالوجوب يجب، نعم ذكر بعض القائلين
بالوجوب يكفي مرة إلا إذا ذكر بعدها فيجب إعادتها، وبعضهم على أنه
يجب في كل مجلس مرة.
(مسألة 2): إذا كان في أثناء التشهد فسمع اسمه لا يكتفي بالصلاة التي
تجب للتشهد (3) نعم ذكره في ضمن قوله: اللهم صل على محمد
وآل محمد لا يوجب تكرارها وإلا لزم التسلسل.
(مسألة 3): الأحوط عدم الفصل الطويل بين ذكره والصلاة عليه بناء
على الوجوب، وكذا بناء على الاستحباب في إدراك فضلها، وامتثال
الأمر الندبي، فلو ذكره أو سمعه في أثناء القراءة في الصلاة لا يؤخر
619

إلى آخرها إلا إذا كان في أواخرها.
(مسألة 4): لا يعتبر كيفية خاصة في الصلاة، بل يكفي في الصلاة عليه
كل ما يدل عليها، مثل صلى الله عليه، والأولى ضم الآل إليه (1).
(مسألة 5): إذا كتب اسمه (صلى الله عليه وآله) يستحب أن يكتب الصلاة عليه.
(مسألة 6): إذا تذكره بقلبه فالأولى أن يصلي عليه لاحتمال شمول
قوله (عليه السلام): كلما ذكرته الخ، لكن الظاهر إرادة الذكر اللساني دون القلبي.
(مسألة 7): يستحب عند ذكر سائر الأنبياء والأئمة أيضا ذلك، نعم إذا
أراد أن يصلي على الأنبياء أولا يصلي على النبي وآله صلى الله عليه
وآله ثم عليهم إلا في ذكر إبراهيم (2) (عليه السلام): ففي الخبر عن معاوية بن عمار
قال: ذكرت عند أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) بعض الأنبياء فصليت عليه،
فقال (عليه السلام): إذا ذكر أحد من الأنبياء فابدأ بالصلاة على محمد وآله ثم عليه.
620