الكتاب: كتاب الطهارة (ط.ق)
المؤلف: الشيخ الأنصاري
الجزء: ٢
الوفاة: ١٢٨١
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام للطباعة والنشر
ردمك:
ملاحظات: طبعة حجرية

المقصد الرابع في غسل الأموات وهو فرض بالضرورة
من الدين لكنه على الكفاية بلا خلاف بين أهل العلم كما عن المنتهى وكذا باقي احكامه من التكفين والصلاة عليه والدفن باجماع العلماء كما
عن التذكرة ومذهب أهل العلم كما عن المعتبر وبلا خلاف كما عن الغنية وهي الحجة بعد ظهور جملة من الأخبار الواردة في جملة من احكام
الميت دون ما يقال من انا نعلم أن مقصود الشارع وجود الفعل في الخارج لا عن مباشر معين فان ذلك لا يثبت الا سقوط الواجب بفعل
أي مباشر كان وهذا لا يوجب الوجوب الكفائي على جميع المباشرين لان غير الواجب قد يسقط به الواجب ولذا يسقط وجوب الاستقبال بالميت
بفعل صبي بل بهيمة أو ريح عاصف بل صرح جماعة بجواز تغسيل الصبي المميز للميت وحينئذ فيحتمل ان يكون أمور الميت واجبة على بعض مستحبة على
اخر ويسقط الواجب بفعلهم مع أنها مصادرة في مقابل من يقول بوجوبها على الولي عينا فان امتنع فعلى غيره كفاية كما اختاره في الحدائق
حيث قال إن الذي يظهر لي من الاخبار ان توجه الخطاب لجميع هذه الأحكام يعنى احكام الاختصار ونحوها انما هو إلى الولي كاخبار
الغسل والصلاة والدفن والتلقين كما ستقف عليها واخبار توجيه الميت إلى القبلة وان لم يصرح فيها بالولي الا ان الخطاب فيها لأهل
الميت دون كافة المسلمين فيمكن حمل اختلافها على ما دل عليه تلك الأخبار ولا اعرف للأصحاب مستندا فيما صار واليه من الواجب
الكفائي الا ما يظهر من دعوى الاتفاق حيث لم ينقل فيه خلاف ولم يناقش فيه مناقش إلى أن قال نعم لو أخل الولي بذلك ولم يكن هناك
حاكم شرع يجبره على القيام بذلك أو لم يكن ثمة ولى انتقل الحكم إلى المسلمين بالأدلة العامة كما يشير إليه اخبار العراة الذين وجدوا
ميتا قذفه البحر ولم يكن عندهم ما يكفنونه وانهم أمروا بالصلاة عليه وربما يقال إن الوجوب كفاية شامل للولي وغيره وإن كان الولي
أو من يأمره أولي بذلك فيكون هذه الأولوية أولوية استحباب وفضل كما يفهم من عبارة الشرايع في مسألة التغسيل وقوله إنه فرض
على الكفاية واولى الناس به أوليهم بميراثه وبه صرح في المنتهى حيث قال ويستحب ان يتولى تغسيله أولي الناس به انتهى ثم اخذ في رد القول
بالاستحباب بأنه فرع الدليل على الوجوب الكفائي أولا وانهم ذكروا في الصلاة انه لا يجوز التقدم بدون اذن الولي والظاهر أنه لا فرق
بين الصلاة وغيرها أقول إما ما ذكره من ظهور الاخبار في الوجوب عينا على الولي ففيه انا لم نعثر على خبر ظاهر في ذلك عدا ما ربما
يتراءى مما ورد في الغسل والصلاة من أنه يغسل الميت أولي الناس وانه يصلى على الجنازة أولي الناس بها ولا يخفى على المتأمل
في تلك الأخبار ان المراد بها ثبوت كون الولي أحق بذلك من غيره بمعنى انه حق له وحقيق به لا انه يجب على الولي ان يفعل ذلك أي في
مقام اثبات حق له لا في مقام اثبات تكليف عليه وليس في أراد المعنى؟؟ الأول مخالفة لظاهر الجملة الخبرية كما لا يخفى ويشهد لما ذكرنا قوله (ع) في ذيل الرواية
الثانية أو يأمر من يجب فان التعبير عن الاذن بلفظ الامر وعن المأمور بمن أحب قرينة عند الذوق السليم على أن المقام مقام اثبات
حق ومنصب للولي لا مقام الزامه بكلفة والا كان المناسب أن يقول أو يلتمس واحدا ويشهد له أيضا ما ورد في الزوج من أنه أحق
بزوجته من أبيها وأخيها وولدها فان التعبير بالأحق ظاهر بل صريح في أن المقام مقام اثبات الحق وأظهر من ذلك قوله (ع) في رواية
طلحة بن زيد إذا حضر الامام الجنازة فهو أحق الناس بالصلاة عليها وفى أخرى فهو أحق ان قدمه الولي والا فهو غاصب بمعنى ان
الولي إذا لم يقدم امام الأصل فهو غاصب لحقه والحاصل ان المتأمل في هذه الأخبار يتضح له ان مساقها ما ذكرنا واما ما نسبه
إلى ظاهر الشرائع فلم يعلم وجهه وان أي كلام منه يدل على ما ذكره فان أراد به التعبير بقوله واولى الناس به إلى آخره فهذا التعبير قد صدر منه
ومن غيره من المشهور هنا وفى باب الصلاة على الميت نعم ما نسبه إلى المنتهى تبعا للمحقق الأردبيلي ربما يشهد له تأييد الحكم فيه
بمرسلة الصدوق يغسل الميت أولي الناس به الا ان حمل كلامه على استحباب المباشرة ليس بذلك البعيد بل جزم به بعض المعاصرين
ونظير نسبة الاستحباب إلى الشرايع من جهة العبارة المذكورة نسبة ما اختاره في المسألة إلى ظاهر كلام الشهيد أو صريحه حيث قال
في الذكرى النظر الأول في الغاسل واولى الناس به أوليهم بميراثه وكذا باقي الاحكام لعموم أية أولي الأرحام ثم ذكر الآية والروايات
المقدم بعضها قال في الحدائق وربما اشعر هذا الكلام بعدم الوجوب على كافة المسلمين كما هو المشهور بل على الولي خاصة ويؤيده
قوله في الكتاب المذكور على اثر هذا الكلام فرع لو لم يكن ولى فالامام وليه مع حضوره ومع غيبته فالحاكم ومع عدمه فالمسلمون
ولو امتنع الولي ففي اجباره نظر من الشك في أن الأولوية نظر له أو للميت انتهى قال وهذا كالصريح في تعلق الوجوب بالولي خاصة
دون المسلمين المعبر عنه بالواجب الكفائي انتهى وليت شعري أي اشعار للكلام الأول باختصاص الوجوب بالولي سيما مع استدلاله
275

باية أولي الأرحام الظاهرة بل الصريحة فيما ذكرنا في مساق الاخبار من كونها في مقام اثبات الحق للولي لا الزام التكليف عليه وأي صراحة
أو ظهور في الفرع الذي ذكره الشهيد أخيرا فإنه لم يزد على أن الولاية تنقل إلى كافة المسلمين مع عدم الولي الخاص والعام بمعنى ان لمن يشاء منهم
ان يصلى ولهم ان يقتدوا بمن شاؤوا وهذا ترتيب في مراتب الولاية لا في مراتب التكليف كما لا يخفى نعم ما يحكى عن السيد المرتضى من جواز اخذ
الأجرة على تجهيز الميت لعله موافق لمختار صاحب الحدائق بناء على ما استدل له غير واحد بان الوجوب مختص بالولي فلو استنهض بموافقة
السيد لكان أولي الا ان يطلع على عدم ابتناء ما ذكره السيد على ما استدل به له وكيف كان فيبقى في المقام اشكال ذكره صاحب الحدائق
وغيره توضيحه ان الوجوب الكفائي على كافة المسلمين ينافي اعتبار اذن الولي فان الواجب الكفائي لا يناط صحته من بعض المكلفين بإذن
بعضهم الأخر بل كلهم فيه سواء فان لازم اعتبار الاذن في الصحة كون الوجوب على غير الولي مشروطا بإذن الولي لان شرط المكلف به إذا كان
خارجا عن قدرة المكلف راجع إلى شرط التكليف لما ثبت من أن الواجب بالنسبة إلى المقدمة الغير المقدورة مشروط لا مطلق فهو واجب مطلق
على الولي ومشروط في حق غيره باذنه فإن لم يأذن لغيره غير منجز عليه التكليف الكفائي فيكون الوجوب المطلق معينا في حقه لا غير نعم هو
مخير في المباشرة والاذن للغير وان اذن لغيره شاركه في الوجوب الكفائي الا ان الوجوب المطلق لا يتعداهما وبقى غيرهما على صفة عدم الوجوب
لفقد الشرط ويمكن دفعه بان شرط المكلف به هو أحد الامرين من اذن الولي وامتناعه من الاذن والفعل ولا ريب ان فقدهما الموجب
لفقد الوجوب لا يتحقق الا بامتثال الولي إذ لا واسطة بين عدم كل من الاذن والامتناع وبين الامتثال فلا يفقد الوجوب الا بعد امتثال
الولي فالفعل بالنسبة إلى غير الولي مع اذنه يتصف بالوجوب فعلا وكذا مع امتناعه عن الاذن والفعل وما مع عدم الامرين فلا وجوب من
جهة تحقق الامتثال وحينئذ فيصدق على كل مكلف انه واجب عليه بقول مطلقا الا ان الفعل بالنسبة إلى الولي غير مشروط وبالنسبة إلى غيره
مشروط بإذن الولي أو امتناعه من الاذن والفعل ولا يتصف الفعل في حق الغير بعدم الوجوب الا إذا تحقق الامتثال وهذا حال كل
واجب كفائي وتوهم انه قد يتحقق الاذن والامتناع مع عدم تحقق الامتثال كما إذا لم يتضيق وقت الفعل فان الولي لو امتنع حينئذ عن الاذن
والفعل لم ينجز الوجوب في حق الغير بمجرد ذلك مدفوع بان المراد بالاذن والامتناع المعتبرين على سبيل البدل في صحة فعل الغير هو
الاذن والامتناع عن الفعل المأمور به في تمام وقته لا الامتناع عنه في هذا الزمان الخاص وفوت كلا الامرين في تمام الوقت
لا يتحقق الا بامتثال الولي أو مأذونه فينحصر عدم الوجوب على الغير في صورة امتثال الولي أو مأذونه وهذا لا ينافي الوجوب الكفائي المطلق
نعم ليس له الاشتغال قبل الاذن وتضيق الوقت لعدم تأتى الفعل الصحيح منه لأن المفروض اشتراط الصحة في حقه بإذن الولي أو امتناعه من
الاذن والفعل في تمام الوقت وهذا لا ينفى ثبوت الوجوب عليه في هذا الزمان إذ ربما يتأخر زمان الواجب عن زمان الوجوب لترقب
بعض شروط الوجود أو الصحة فهذا الغير من أول موت الشخص يجب عليه لا على الفور ان يأتي بواجباته مقرونة بإذن الولي فيها أو امتناعه
عنها في تمام الوقت فتأمل ثم إنه ربما يقال بأنه لا ثمرة مهمة بين القول بتعين هذه الواجبات ابتداء على الولي وبين القول المشهور و
لعله لاتفاق القولين على الاستحقاق الكل للعقاب مع تركهم الواجب وفيه ما لا يخفى فان الثمرات بين تحقق الوجوب على غير الولي ابتداء وبين
عدم تعلقه عليه الا بعد فقد الولي أو امتناعه كثيرة واضحة منها جواز استيجار الولي غيره في هذه الأفعال ومنها انه على هذا القول
لا يتعلق الوجوب الا بعد العلم أو الظن بامتناع الولي أو فقده وعلى المشهور لا يسقط الوجوب يعنى وجوب الاشتغال الا بعد العلم أو الظن
بامتثال الولي أو مأذونه فلو شك على هذا القول في امتثال الولي فالأصل حمل امره على الصحة وهو الفعل وإن كان مقتضى
الاستصحاب عدم الفعل نعم لو شك في ثبوت الولي إذا خصصنا الولي بمن يمكن فقده فالظاهر اشتغال الذمة بذلك بناء على القول الآخر
أيضا وقد يتوهم نفى هذه الثمرة من جهة ان المشهور لما قالوا باشتراط صحة فعل غير الولي بإذن الولي أو امتناعه عن الفعل رأسا كان اللازم
من ذلك شك المكلف في تنجز الطلب الكفائي عليه لامكان عدم تحقق شرط الفعل بالنسبة إليه وهو اذن الولي أو امتناعه مع أن
الأصل عدم امتناع المسلم من فعل الواجب ومن الاذن فيه وفيه ان عدم امتناعه من الفعل والاذن بمعنى فعله لأحدهما لا يوجب
سقوط الواجب عن هذا الشخص لاحتمال ان يأذن الولي نفس هذا الشخص أو يأذن لغيره ولا يفعله ذلك المأذون ولا نفس الولي
مع أن الأصل عدم فعلهما وأصالة حمل أمر المسلم على فعل الواجبات انما هو في الواجبات العينية لا الكفائية والا لكان احتمال
فعل الغير للواجب الكفائي مسقطا عن الشخص نعم هذا الأصل حسن على مذهب القائل بتعينه على الولي كما تقدم فيقال ان الأصل
عدم اخلاله بما تعين عليه فعله أو الاستنابة فيه ثم إن ما ذكرنا من وجوب جميع احكام التجهيز على المسلمين كفاية انما هي
ثابتة لكل ميت مسلم باظهار الشهادتين عدا من جحد بعض الضروريات كالنواصب والخوارج والغلاة فإنهم في الحقيقة كفار وان
276

انتحلوا الاسلام ويغسل المخالف فإنه مسلم على المشهور حتى بالنسبة إلى احكام ما بعد موته مما يتعلق بالمباشرة والمواصلة فيشمله عموم
ما دل على وجوب تغسيل كل مسلم من الاجماع والنصوص مثل قوله (ع) اغسل كل الموتى الغريق وأكيل السبع الا من قتل بين الصفين و
قوله (ع) غسل الميت واجب ونحو ذلك مضافا إلى عموم أدلة وجوب الصلاة على كل مسلم بضميمة عدم القول بالفصل وما دل على وجوب
تجهيز الميت الذي قذفه البحر إلى الساحل ولا مخصص لها عدا ما يتخيل من الأخبار الواردة في بيان تعليل تغسيل الميت وان الوجه
فيه هو تنظيف الميت وجعله أقرب إلى رحمة الله وأليق بشفاعة الملائكة أو انه تطهير للميت عن الجنابة الحادثة له عند الموت وأياما كان
فلا يليق المخالف بشئ منهما وفيه ان ظاهر اخبار التعليل هو كون غسل المشروع عندنا كذلك وظاهر الأصحاب ان المخالف لا يجوز ان يغسل هذا
الغسل بل يغسل غسله أي أهل الخلاف اللهم الا ان يقال إن ظاهر اخبار التعليل كون أصل غسل الميت كذلك فيدل على أنه لا يجب غسل
غيره والا كان الجواب أخص من السؤال كما لا يخفى ويدفعه انصراف الغسل في اخبار التعليل سؤالا وجوابا
إلى الغسل المتعارف عند
الخاصة مضافا إلى أن ظاهرها رجوع الغلة إلى بيان المصلحة في ايجاب الغسل من حيث هو في أصل الشرع وهذه المصلحة مسلم
الانتفاء في غسل أهل الخلاف لكن لا ينافي ذلك ايجابه بحكم الاجماع على كلية تغسيل المسلم وإن كان وجوب غسل المخالف لا من
حيث إنه غسل بل من حيث كونها مداراة أو احتراما صوريا لأجل اظهار كلمتي الشهادة نعم لازم ذلك عدم جواز اثبات وجوب هذا
الغسل بعمومات وجوب الغسل الثابت من حيث هو غسل لكنا في غنية عنها بل التمسك بها لا يخلوا عن المناقشة لان أقوى تلك العمومات
والاطلاقات العام والاطلاق المتقدمان وكل منهما ممنوع الدلالة إما اطلاق الرواية الثانية فلانه في مقام بيان حكم الغسل بقول مهمل نظير
قوله الصلاة الفلانية من الآيات أو الجمعة أو نحوها واجبة واما عموم الرواية الأولى فهو وإن كان لغويا الا انه لا يبعد ان يكون
بشهادة تفصيل بعض افراده كالغريق وما بعده ثم استثناء الشهيد واردا في مقام تعميم الحكم لجميع أصناف الموتى المتغايرة من حيث
أسباب الموت فكأنه بمنزلة قولك اغسل كل من مات بأي سبب كان الا بالقتل بين يدي الإمام (ع) فهو بالنسبة إلى افراد الميت المتغايرة
بخصوصيات اخر غير سبب الموت كالمطلق كما تقول أحب كل لحم الا لحم البقرة وهذا غير بعيد بعد التأمل واما المناقشة في الاجماع و
انعقاده على الكلية لمخالفة جماعة في المسألة فهى في غير محلها فان من خالف في المسألة كالشيخين وسلار والقاضي والحلى و
نحوهم من جهة القول بكفرهم كما هو ظاهر بعض وصريح آخرين ثم لو سلمنا عدم ثبوت الاجماع على الكلية كفى في المسألة ما دل على أنه
يجب المعاملة مع المخالف معاملة المسلمين المؤمنين في الأمور المتعلقة بالمعاشرة التي من أهمها ان لا يعامل مع موتاهم معاملة
الكلاب وهذا واضح لمن لاحظ تلك الروايات ثم إن ايجاب هذه المعاملة إما من جهة المداراة معهم لدفع شرهم أو لجلب قلوبهم إلى
الايمان كما قال (ع) كونوا دعاة إلينا بغير ألسنتكم واما من جهة احترام موتاهم لتلبسهم بصورة المسلم واما تعبد من جهة الاجماع
وعلى اي تقدير فالواجب تغسيلهم على الوجه المقرر عندهم إذ به يحصل المداراة والاستمالة وبه يحصل احترامهم لان احترام كل
ملة انما هو بما يكون احتراما عندهم وتغسيلهم غسل أهل الحق ليس كذلك نعم هو احترام عندنا من جهة انه ايصال خير ونفع
أخروي إليهم لكنه غير مطلوب للشارع وكيف يطلب ايصال النفع الأخروي إلى من طلب لعنه والدعاء عليه بتضعيف العذاب حيا
وميتا وجعله من أفضل الأعمال ومما ذكرنا ظهر الوجه فيما حكاه المحقق الثاني في حاشية الشرايع عن ظاهر الأصحاب ان الواجب هو تغسيلهم
غسل أهل الخلاف وفى المدارك انه ربما كان مستندهم في ذلك قوله (ع) الزموهم بما الزموا بهم أنفسهم وكانه اخذه عن كلام
جده في الروض في باب توجيه المخالف إلى القبلة من أنه غير واجب الزاما له بمذهبه كما يغسل غسل المخالف ويقتصر في الصلاة عليه
على أربع تكبيرات وحكى الاقتصار على الأربع في الروض عن بعض الأصحاب معللا بالزامهم على مذهبهم لكن الرواية لا يخلوا عن قصور
كما صرح به بعض ويؤيدها ما ورد في الرواية الفارقة بين دم العذرة ودم الحيض من قوله (ع) ارضوا لهم بما رضي الله لهم من الضلال
واما ما ذكره ذلك المحقق وتبعه في لك؟ ان المغسل ان جهل غسلهم غسله غسلنا فلعل وجهه عمومات التغسيل خرج صورة القدرة على
غسلهم ويمكن القول به أيضا على تقدير الاستناد في حكمهم إلى ما ذكرنا من وجوب المعاملة معهم معاملة المسلم مداراة أو احتراما
لان تغسيلهم غسلنا وإن كان غير مناسب لحالهم إما عندهم من جهة الفساد واما عندنا فمن جهة الصحة والسداد الا انه خير من الترك
المستلزم لعدم المداراة ولهتك حرمة صورة الاسلام ثم لو غسل غسلنا فالظاهر ترتب الآثار عليه من الطهارة وسقوط الغسل بمسه
ولو غسل غسلهم فالظاهر أنه كذلك وفاقا لجامع المقاصد ولعله للامر به فكان كالبدل الصادر من شخص مجتهد أو مقلد بالنسبة إلى
غيره المخالف له في كيفية الغسل واما تغسيلهم لموتاهم فلعله كذلك وان لم يقع عليه أمر من الله فيكون تغسيلهم كصلاتهم الموجبة
277

للقبض المشروط في صحة الوقف فتأمل ثم إن معنى كراهة تغسيلهم مع وجوبه استحباب ترك التعرض له ووكوله إلى مخالف مثله كما
يستحب المسابقة إلى تغسيل المؤمن الصالح العالم ولا كراهة مع الانحصار بقى هنا شئ وهو ان ظاهر المحقق الثاني كما عرفت دعوى اتفاق
الأصحاب على أنه لا يجوز ان يغسل غسل أهل الحق اختيارا ومقتضى ذلك أن خلافهم في الحرمة وعدمها انما هو في تغسيله غسل أهل الخلاف
مع أن الظاهر من القول بالتحريم والاستدلال لهم بأنهم كفار هو حرمة التغسيل الصحيح دون الفاسد إذ يكفي في الفاسد الحرمة لتشريعة
كما أن المتبادر من تحريم صلاة الحائض تحريم الصحيحة لولا الحرمة فتأمل ثم إن المحكي عن كشف اللثام في المسألة تفصيل حاصله على ما
حكى أنه قال وبالجملة فجسد المخالف كالجماد لا حرمة له عندنا فان غسل كغسل الجمادات من غير إرادة اكرام له لم يكن به باس وعسى يكون مكروها
للتشبه بالمؤمن وكذا لو أريد اكرامه لرحم أو صدقة أو ان أريد اكرامه لكونه أهلا لخصوص نحلته أو لأنها لا يخرجها
عن الاسلام والناجين حقيقة فهو حرام وان أريد اكرامه لاقراره بالشهادتين احتمل الجواز انتهى واحتمل قبيل هذه العبارة حمل الجواز والمنع
في كلام المانعين والمجوزين على ما ذكره ليكون النزاع لفظيا أقول هذا التفصيل حسن لو قلنا إن غسل الميت من قبيل المعاملات
ولا يحتاج صحتها وترتب الآثار عليها على ثبوت أمر من الشارع ولا إلى قصد التقرب وحينئذ فلا حاجة لنا إلى اثبات عموم لأوامر الغسل
بل الغسل بنفسه موجب لترتب الآثار من طهارة بدن الميت ووصول النفع الأخروي إليه وحينئذ يكون ايصال خير إلى المخالف
يتصف تارة بالإباحة واخرى بالحرمة وثالثة بالكراهة لكنه لا يتصف بالوجوب لعدم وجوب ايصال النفع الأخروي إلى المخالف بل ولا استحبابه
ولو كان هناك تقية وجب تغسيله غسل أهل الخلاف ولا يصل من ذلك نفع إليه واما تنزيل كلماتهم على ذلك ففي غاية البعد
ويجب
عند الاحتضار وهو حضور الملائكة لتوفى النفس أو حضور الروح أو حضور إخوانه وأهله عنده توجيهه إلى القبلة وفاقا للمحكى عن المقنعة
وعن النهاية في باب القبلة والمراسم والوسيلة والمهذب والكافي والسرائر والمحقق والمص؟ هنا وفى المختلف والشهيدين والمحقق الثاني بل حكى
عن جماعة انه المشهور لمرسلة الفقيه المحكية عن العلل مسندة وعن ثواب الأعمال والدعائم عن أبي عبد الله (ع) عن أمير المؤمنين (ع) قال دخل النبي
صلى الله عليه وآله وسلم على رجل من ولد عبد المطلب وهو في السوق وقد وجه إلى غير القبلة فقال وجهوه إلى القبلة فإنكم إذا فعلتم ذلك
بها أقبلت عليه الملائكة واقبل الله عز وجل عليه بوجهه فلم يزل كذلك حتى يقبض وحسنة سليمان بن خالد بن هاشم عن أبي عبد الله عليه السلام
إذا مات لأحدكم ميت فسبحوه تجاه القبلة ورواية معوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الميت فقال استقبل بباطن قدميه القبلة
وربما يستدل باخبار ظاهرة في كيفية التوجيه لا في حكمه فالأولى الاقتصار على ما ذكرنا لكن الأولين قاصران دلالة لظهور الأول في الاستحباب
بقرينة التعليل كما صرح به في المعتبر ومنع اشعاره بالاستحباب خلاف الانصاف ممن له ذوق سليم وظهور الثاني فيه من جهة ان أصل التسبيحة
وهي تغطية الميت مستحبة مع أن ظاهرها ترتب الحكم لما بعد الموت وإرادة الاشراف على الموت من قوله مات ميت بعيد جدا لان المراد
من لفظ الميت هو المشرف على الموت لا من لفظ مات ومن هنا يكون قياسه على قوله في ذيل الرواية وإذا اغتسل يحفر له موضع تجاه لقبلة
قياسا مع الفارق مع أن هذا التجوز ليس بأولى من إرادة الاستحباب من الامر ودعوى انجبار قصور دلالتها كقصور سند الأولى بالشهرة
المستفيضة مدفوعة بعد تسليم انجبار قصور الدلالة بالشهرة بمنع تحقق الشهرة كيف وقد حكى القول بالاستحباب عن المفيد في الغرية
والسيد المرتضى والشيخ في ط؟ وف؟ ويه؟ في باب الاحتضار وابن سعيد في الجامع والمحقق في المعتبر وفع؟ والمص؟ في التذكرة واختاره من المتأخرين جماعة
كالمحقق الأردبيلي وصاحبي المدارك والكفاية وكاشف اللثام بل ظاهر المحكي عن المعتبر والتذكرة ان هذا القول هو المشهور حيث اقتصر في المعتبر
على نسبة القول الأول هنا إلى المفيد وسلار مشعرا بذهاب باقي أهل الفتوى إلى الاستحباب كما صرح بهذا في التذكرة وقال بعد ذكر
قول المفيد وسلار ان الباقين على الاستحباب بل عن ف؟ دعوى الاجماع لكن المحكي من عبارته ان دعوى الاجماع انما هي بالنسبة إلى كيفية الاستقبال
في مقابل الشافعي لا في أصل الاستحباب واما رواية معوية بن عمار فكما يحتمل ان يكون السؤال فيها عن الميت من حيث أصل الاستقبال
يحتمل ان يكون من حيث كيفيته بل هو الأهم نظرا إلى اشتهار مخالفة الجمهور في ذلك الزمان كما يظهر من رواية ذريح الآتية وربما يستدل
باستمرار سيرة المسلمين على الالتزام به في جميع الأعصار حتى أنهم يعدون فوته من الشنايع على الميت وأهله ويضعفه ان الناس كثيرا
ما يلتزمون ببعض المستحبات كما لا يخفى واما عد فوت ذلك من الشنايع فإن كان بالنسبة إلى الميت فهو لا يدل على المطلوب إذ لا تقصير له على
ذلك نعم يلومونه من جهة ان في فوت ذلك منه اشعار بسؤال؟ الخاتمة باعتقاد العوام كما لو مات من غير تلقين وإن كان بالنسبة إلى
أوليائه فهو من أجل اشعار ذلك بدنو الهمة في مقام وجوب الاهتمام في رعاية حال الميت لعدم تفويت هذه الفضيلة عليه في أشد
الحالات والمسألة محل اشكال وللتوقف كما عن عد؟ وير؟ مجال وعلى القول بالوجوب ففي وجوب ابقائه كذلك ما بعد الموت في أقل
278

زمان أو مطلقا أو ما لم ينقل عن محله أو سقوطه بالموت وجوه ظاهر المرسلة بل صريحها الأخير قيل وكذا ظاهر الحسنة بناء على أن
المراد بالميت المشرف على الموت وفيه تأمل ولا فرق في اطلاق الاخبار بين الصغير والكبير ولو تمكن المحتضر نفسه من التوجه فلا يبعد ان يجب عليه
كما صرح به بعض لأن الظاهر من الاخبار وجوب وجود التوجه في الخارج لا عن مباشر والمفروض قدرته على ذلك ولا يبعد حينئذ تقدمه في التكليف على غيره
ويتحقق التوجيه بان يلقى على ظهره ويجعل باطن قدميه إلى القبلة بحيث لو جلس كان مستقبلا بلا خلاف في ذلك كما عن الذخيرة وعن
المعتبر والتذكرة اجماع علمائنا وفى رواية ذريح لا تجعله معترضا كما يفعله الناس ويستحب أمور منها ما يتعلق بما قبل موته ومنها ما
يتعلق بما بعده فمن الأول التلقين بالشهادتين والاقرار بالأئمة ولو اجمالا فان من كان اخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة كما
في الخبر وفى رواية أبي بصير لقنوا موتاكم شهادة ان لا إله إلا الله والولاية وفى رواية الحضرمي والله لو أن عابد وثن وصف ما تصفون
عند خروج نفسه ما طعمت النار من جسده شيئا ابدا وفى رواية أبى خديجة ما من أحد يحضره الموت الا وكل به إبليس من شياطينه من يأمره
بالكفر ويشككه في دينه حتى يخرج نفسه فمن كان مؤمنا لم يقدر عليه فإذا حضرتم موتاكم فلقنوهم شهادة ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله
حتى يموتوا وفى مرسلة هشيم بن واقد ان ملك الموت يتصفح الناس في كل يوم خمس مرات عند مواقيت الصلاة فإن كان ممن يواظب عليها
عند مواقيتها لقنه شهادة ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ونحى عنه ملك الموت إبليس وتلقينه كلمات الفرج لحسنة زرارة بابن
هاشم إذا أدركت الرجل عند النزع فلقنه كلمات الفرج لا إله إلا الله الحليم الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم سبحان الله رب السماوات
السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين وفى مرسلة الصدوق على بعض النسخ كما
عن الفقه الرضوي قبل التحميد قوله وسلام على المرسلين وهو المحكي عن المفيد وجماعة وحكى انه سئل عنه المحقق فجوزه لأنه بلفظ القران
وفى رواية أبي بصير زيادة وما نحهن بعد قوله وما بينهن والأقوى ما اشتملت عليه الحسنة لأنها أصح وأصرح ويستحب أيضا تلقينه الاستغفار
والمروى أنه يقول الميت اللهم اغفر لي الكثير من معاصيك واقبل منى اليسير من طاعتك وفى رواية أخرى يقول يا من يقبل اليسير ويعفو
عن الكثير اقبل منى اليسير واعف عنى الكثير انك أنت الغفور الرحيم ومن هذين الخبرين بل وساير الأول؟ يستفاد ان المقصود من التلقين
متابعة المريض للملقن بلسانه نعم لو لم يقدر فبقلبه اخطار الضورة الكلمات أو عقد القلب بمضمونها ونقله إلى مصلاه ففي صحيحة ابن سنان
إذا عسر على الميت موته ونزعه قرب إلى مصلاه الذي كان يصلى فيه وفى حسنة زرارة ماذا اشتد عليه النزع فضعه في مصلاه الذي كان
يصلى فيه أو عليه وظاهرهما كغيرهما وأكثر العبارات وإن كان اختصاص الاستحباب بصورة اشتداد النزع الا ان تعليله في بعض الأخبار بأنه
يخفف عليه إن كان في اجله تأخير وإن كانت منيته قد حضرت فإنه يسهل عليه انشاء الله يدل على كونه مطلوبا مطلقا فتعميم المص؟ تبعا للمحقق في
كتبه أجود ونسبه الحدائق صاحب على ما حكى عنه إلى الأكثر واعترض عليهم باختصاص الاخبار ونسبته كاعتراضه لم يصادف المحل الا ان يقال بعدم
صراحة هذا التعليل بحيث يخصص ما سيأتي من أدلة كراهة مس المحتضر وان من مس فقد أعان عليه ثم إن ظاهر العبارة كاكثر الاخبار
ان المراد المكان الذي يصلى فيه ويظهر من الحسنة المتقدمة التخيير ولعل الترديد من الراوي والا فلفظ المصلى في الرواية لا يستعمل في
أكثر من معنى نعم يظهر من المحكي عن الوسيلة جمعه بينهما ولا باس به تسامحا ويستحب أيضا ان يقرء عند سورة الصافات بل سورة يس
بل مطلق القران كما عن الذكرى والمعتبر وعن الفقه الرضوي إذا حضر أحدكم الوفاة فاقرؤا عنده القران وذكر الله والصلاة على رسول
الله صلى الله عليه وآله وللمروى عن الكاظم (ع) قال لابنه القاسم قم يا بنى فاقرء عند رأس أخيك والصافات صفا حتى تستتمها وقرء فلما بلغ أهم أشد
خلقا أم من خلقنا قضى الفتى فلما سجى وخرجوا عليه اقبل عليه يعقوب بن جعفر فقال له كنا نعهد الميت إذ انزل به الموت يقرء عنده
يس فصرت تأمرنا بالصافات فقال يا بنى لم تقرأ عند مكروب من موت قط الا عجل الله راحته ويستفاد من حكاية يعقوب اشتهار قراءة
يس عند المحتضر ولا باس بالعمل به تسامحا بل لتقرير الإمام (ع) بل للنبوي المحكي عن كشف اللثام انه من قرء يس وهو في سكرات الموت
أو قرأت عنده جاء رضوان خازن الجنة بشربة من شراب الجنة يسقاه إياه وهو على فراشه فيشرب فيموت ريان ويبعث ريان ولا يحتاج
إلى حوض من حياض الأنبياء وعنه صلى الله عليه وآله أيما مسلم قرء عنده إذا نزل به ملك الموت سورة يس نزل بكل حرف منها عشرة املاك يقومون
بين يديه صفوفا يصلون عليه ويستغفرون له ويشهدون غسله ويتبعون جنازته ويصلون عليه ويشهدون دفنه واما ما يستحب
بعد موته فهى أمور منها التغميض بان يغمض عينه بعد موته قيل لئلا يقبح منظره قلت؟ لرواية أبى كهمس قال حضر إسماعيل الموت وأبو عبد
الله (ع) جالس عنده فلما حضره الموت شد لحيته وغمضه وغطاه بالملحفة والمراد بحضور الموت موته فعلا لا الاحتضار للنهي عن مس
الميت عند النزع ففي رواية زرارة انه ثقل ابن لجعفر (ع) وهو جالس في ناحيته فإذ أدنى منه انسان قال لا تمسه فإنه انما يزداد ضعفا
279

واضعف ما يكون في الحال ومن مسه في هذه الحال فكأنما أعان عليه فلما قضى الغلام أمر به فغمض عيناه وشد لحياه ثم إن ما اشتهر
بين الناس من غمس قطنة في الماء وعصرها في فم الميت لم أعثر عليه في الاخبار ولا على من ذكره أو شهد له بوجود رواية عدا ما حكاه
شارح الوسائل عن بعض معاصريه ولعله صاحب الحدائق انه لا باس به وان في بعض الروايات اشعارا به وحكى عن بعض انه حكى عن بعض
كتب الطب انه سبب لراحة الروح في الاخراج والانسلال لأن الماء بارد والروح نجار حار وكيف كان ففي الحكم برجحانه اشكال بل منع
لعدم الدليل بل ظاهر تعليل منع المس في رواية زرارة المتقدمة بكونه في غاية الضعف فيكون من مسه كمن أعان عليه المنع عن عصر الماء في فيه
لئلا يحبس نفسه فيكون ذلك إعانة عليه ومنها اطباق فمه قيل لئلا يقبح منظره أو يدخله الهوام قيل ولعله مستفاد من شد لحييه
ومد يديه وساقيه مع انقباضها بلا خلاف كما ظاهرا كما عن ظاهر جماعة وعن المعتبر انه لم ينقل عن أهل البيت في ذلك رواية ولعله ليكون
أطوع للغسل وأسهل للدرج في الكفن ومنها تغطيته ثبوت تأسيا بالصادق (ع) كما تقدم في رواية أبى كهمس والمشهور انه يستحب ان يكون عنده
مصباح ان مات ليلا ونسب إلى الشيخين واتباعهم والفاضلين والشهيدين والمحقق الثاني والمتأخرين قيل لم أجد فيه خلافا وعن مع؟
المقاصد نسبة إلى الأصحاب وربما استدل له بمرسلة عثمان بن عيسى قال لما قبض أبو جعفر (ع) أمر أبو عبد الله (ع) بالاسراج في البيت الذي كان
يسكنه حتى قبض أبو عبد الله (ع) فامر أبو الحسن (ع) بمثل ذلك في بيت أبى عبد الله (ع) حتى اخرج به إلى العراق ثم لا أدرى ما كان وهو مبنى على أن المراد
بالبيت مسكنه في مماته من البيت الذي مات فيه أو البيت الذي يدفن فيه ولذا تعارف واشتهر الاسراج عند قبور الاجلاء لكن الانصاف
ظهور الرواية في مسكنه حال الحياة وحينئذ فيبقى الحكم خاليا عن المستند وليس المقام مقام التسامح من جهة فتوى الفقيه لفرض العلم باستناد
فتواهم إلى هذه الرواية التي لا دلالة لها على المطلوب واحتمال وجود رواية أخرى غير كاف في التسامح لعدم صدق بلوغ الثواب بالنسبة
إلى تلك الرواية المحتملة وصدقه بالنسبة إلى فتاويهم لا يجدى بعد العلم بخطأهم في دعوى البلوغ بتلك الرواية
ومجرد احتمال الاستحباب
المجرد عن الرواية والفتوى لا يصلح للحكم بالاستحباب حتى يترتب عليه الثواب ويجوز فعله بقصد الاستحباب القطعي كما هو شأن ما يتسامح
فيه من المستحبات نعم لو فعله لاحتمال الاستحباب استحق عليه الثواب وتمام الكلام في الفرق بين قاعدة التسامح المستفاد من الاخبار وبين قاعدة
الاحتياط في جلب الثواب المستفاد من العقل لا يليق بالمقام نعم يمكن ان يستفاد استحباب الاسراج عنده من فحوى استحباب الاسراج في بيته
الذي كان يسكنه في حياته أو يقال إن الظاهر ولو بقرينة الغلبة موت الإمام (ع) في البيت الذي كان يسكنه فيدل على استحباب الاسراج فيه
كل ليلة فيدخل فيها ليلة الموت ويستحب أيضا ان يكون عنده من يقرء القران بلا خلاف ظاهر كما اعترف به بعض ويدل عليه المحكي عن
الفقه الرضوي المتقدم إذا حضر أحدكم الموت فاحضروا عنده القران بناء على أن حضور الموت يشمل حلوله ويستحب بالخصوص قراءة سورة يس
للنبوي المحكي عن الذكرى اقرؤا يس عند موتاكم بل للنبوي من دخل المقابر وقرء سورة يس خفف عنهم يومئذ وكان له بعدد من فيها حسنات بناء
على أن التخفيف لمطلق العذاب لا لخصوص عذاب القبر والا كان الاستحباب مختصا بما بعد الدفن وعن دعوات الراوندي انه ما قرء يس
عند ميت الا خفف الله عنه تلك الساعة وعن الدعوات أيضا استحباب ان يقرء عنده حال الاحتضار وبعد الموت أية الكرسي واية السخرة
وثلث آيات من اخر البقرة ثم سورة الأحزاب ويستحب التعجيل في تجهيز الميت للامر به والنهى عن تأخيره في عدة روايات محمولة على الاستحباب
للاجماع ولظاهر النبوي صلى الله عليه وآله كرامة الميت تعجيله الا في الميت المشتبه موته وهذا الاستثناء في الحقيقة منقطع لان المشتبه ملحق بالاحياء
لاستصحاب الحياة اجماعا حتى يستبرء بعلامات الموت كما في الروايات منها رواية إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) في الغريق أيغتسل
قال نعم وليستبرئ قلت كيف يستبرء قال يترك ثلاثة أيام قبل ان يدفن وكذلك أيضا صاحب الصاعقة فإنه ربما ظنوا انه مات ولم يمت
ويستفاد من التعليل في ذيله عموم وجوب الاستبراء لكل مشتبه الموت وفى موثقة عمار الغريق يحبس حتى يتغير ويعلم انه قد مات
ثم يغسل ويكفن قال وسئل عن المصعوق قال إذا صعق حبس يومين ثم يغسل ويكفن ورواية علي بن حمزة عن أبي الحسن (ع) ينبغي للغريق
والمصعوق ان يتربص به ثلثا لا يدفن الا ان يجيئ منه ريح يدل على موته وفى رواية هشام بن الحكم في الصعوق والغريق قال تنتظر
به ثلاثة أيام الا ان يتغير قبل ذلك ورواية عبد الخالق خمس ينتظر بهم الا ان يتغيروا الغريق والمصعوق والمهدوم والمبطون والمدخن
وفى مرسلة الفقيه ينتظر بهم ثلاثة أيام وعن الدعائم في الرجل يصيبه الصاعقة لا يدفن دون ثلاثة أيام الا ان يبين موته و
يستيقن والظاهر أن المراد بالتغير تغير ريحه أو صفته في بعض اجزائه بحيث يصير إلى صفة لا يكون عليها الحي كالعلامات التي ذكرها
الأطباء وعلى أي حال فالمعيار العلم بالموت فالتغيير مقدمة علمية كما هو ظاهر موثقة عمار بل رواية ابن أبي حمزة وكذا تربص ثلاثة أيام
كما يظهر من موثقة عمار ومن رواية عبد الخالق المغيى؟ فيها الانتظار بالتغير دون الأيام بل ورواية إسحاق بن عمار حيث علل
280

وجوب الانتظار ثلثا بقوله ربما ظنوا انه مات ولم يمت فدل على أنه يجب الانتظار ما دام الاحتمال بل المستفاد من المحكي عن المعتبر والتذكرة
الاجماع على أن حد التربص العلم فعن المعتبر يجب التربص مع الاشتباه حتى يظهر حاله وحده العلم وهو اجماع وعن التذكرة انه لا يجوز
التعجيل حتى يظهر علامات الموت ويتحقق العلم به بالاجماع نعم ظاهر بعض العبارات كظاهر روايتي هشام وعلي بن أبي حمزة ومرسلة الفقيه
ورواية الدعائم كفاية الانتظار ثلاثة أيام ولو لم يعلم بموته فلعل هذه المدة غاية تعبدية أو كاشفة في علم الشارع عن الموت وافقا
والثاني في غاية البعد والأول وان لم يكن بعيدا بل هو المتيقن من جهة كون هذه الروايات أخص مطلقا من الاخبار التي علق الحكم فيها بالعلم
بالموت الا ان الاظهر حمل ذكر الثلث على ما هو الغالب من حصول العلم بعد ذلك كما ينبئ عن ذلك تعليل وجوب الانتظار ثلثا في رواية اسحق
باحتمال خروج الحياة الدال على ارتفاع هذا الاحتمال بعد الثلاثة ويشهد له الاقتصار في ذيل موثقة عمار على يومين جعل الثلاثة امارة
أخرى في مقابل العلم مخالف للاحتياط اللازم في المقام فالظاهر أن المراد به ان يستكشف موته بملاحظة الامارات التي ذكروها للميت حتى
يعلم موته منها أو يصبر حتى ينكشف حاله ويظهر موته للحس وليس المراد جعل المدة حدا على حده ويكره طرح الحديد على بطنه وان يحضره
جنب أو حائض اجماعا كما عن المعتبر وللاخبار الكثيرة منها قوله (ع) في رواية يونس بن يعقوب لا تحضر الحائض الميت ولا الجنب عند التلقين
ولا باس ان يليا غسله وفى رواية ابن أبي حمزة قلت لأبي الحسن (ع) المرأة تقعد عند رأس المريض وهي حائض في حد الموت قال لا باس ان عرضه؟
فإذا خافوا عليه وقرب ذلك فلتنح عنه وعن قربه فان الملائكة تتأذى بذلك وفى غير واحد منها تتأذى الملائكة بحضورهما وعن الهداية
والمقنع التعبير بعدم الجواز كالمضمر المحكي عن الخصال لا يجوز للمرأة الحايض والجنب الحضور عند تلقين الميت لان الملائكة تتأذى بهما ولا
يجوز ادخالهما الميت في قبره وما تضمنه ذيل هذا الخبر مما لم يعرف عامل به لكن لا باس بالعمل به لكنه أقوى قرينة على إرادة الكراهة من عدم
الجواز ولا باس ان يليا غسله للأصل والاخبار وروى استحباب الوضوء للجنب إذا أراد تغسيل الميت ثم إن غاية الكراهة تحقق الموت قيل
لانصراف الملائكة وفى زوال الكراهة بانقطاع الدم وجه ضعيف وفى زوالها بالتيمم نظر للأصل والاطلاقات ومن أن التيمم يبيح
ما هو أقوى من ذلك مع عمومات البدلية وقد صرح بعض من رجح الثاني بأنه لا يشرع التيمم لمكان تضيق هذه الغاية بحيث لو
اغتسلت لم يدركه حيا وفيه تأمل ويكره أيضا ابقاء الميت وحده لخبر أبى خديجة لا تدعن ميتك وحده فان الشيطان يعبث به واولى
الناس بغسله بل بجميع احكامه أولاهم بميراثه بلا خلاف كما في الحدائق نصا وفتوى بل اجماعا على ما حكى عن ف؟ وظاهر المنتهى ومع؟
صد؟ لعموم قوله تعالى وأولوا الأرحام بعضهم أولي ببعض بناء على أن المراد الأولوية من كل جهة حتى الأمور المتعلقة بتجهيزه لا خصوص ارثه
ويشهد للتعميم المذكور حذف المتعلق المعتضد باستدلال الفحول بها في المقام كالفاضلين والشهيدين والمحقق الثاني ولا يقدح
فيه ما عن المحقق الأردبيلي من أن الآية لا دلالة فيها أصلا هذا كله مضافا إلى قوله (ع) في رواية غياث يغسل الميت أولي الناس
به ونحوها مرسلة الصدوق يصلى على الجنازة أولي الناس بها بزيادة قوله أو من يأمره ذلك فان المراد إن كان أولي الناس بإرثه
ثبت المطلوب وإن كان الأولى به من كل جهة كما يدل عليه حذف المتعلق فيستكشف من أولوية الوارث كونه أولي بالميت
في جميع الأمور إذ لا يمكن فرض كون غيره كذلك والا لكان ذلك الغير وارثا هذا مضافا إلى ما يستفاد من مجموع روايات قضاء الولي
عن الميت ومما ذكرنا يظهر؟ ما في المدارك من أنه لا يبعد ان يكون المراد بالأولى به أشد الناس به علاقة ان أراد العلاقة العرفية
وان أراد أشدية العلاقة في نظر الشارع فهو الأولى بالميراث لما يستفاد من الأخبار الكثيرة من أن الميراث للأقرب فليس المراد
من الأولى بالشخص الا الأولوية المرادة في قوله (ع) في صحيحة الكناسي ابنك أولي بك من ابن ابنك وابن ابنك أولي بك من أخيك إلى اخر
الرواية وفى قوله (ع) في تفسير العياشي للآية المتقدمة ان اقربهم رحما إلى الميت أولي به ثم إن ظاهر هذه الأدلة كون الأولوية على سبيل الوجوب خلافا لما يظهر من المحكي عن
ابن زهرة في باب الصلاة من أنه يستحب تقديم الأولى بالميت أو من يأمره بناء على اتحاد الحكم في الصلاة والغسل وقواه في كاشف للثام
واليه مال في الذخيرة تبعا للمحكى عن المحقق الأردبيلي بل ربما نسب إلى المنتهى من جهة عبارته المتقدمة حيث حمل مرسلة الصدوق
يغسل الميت أولي الناس به أو من يأمره على الاستحباب وكيف كان فلا ريب في ضعفه لابتنائه على منع دلالة الآية أو تضعيف سند
الرواية فيبقى عمومات وجوب التجهيز كفاية سليمة عن المخصص مضافا إلى اعتضادها بالسيرة المستمرة من عدم الالتزام باستيذان
الأولياء سيما من يتعسر استيذانه كالنساء والحاكم ولم يسمع الامر بإعادة غسل أو صلاة لفقد الاذن مضافا إلى لزوم الحرج
وقد عرفت دلالة الآية سيما مع تمسك الفحول به وضعف السند لو سلم منجبر بموافقة الكتاب وفتوى الأصحاب هذا كله مضافا
إلى ما ورد في الزوج من أنه أحق بزوجته حتى يضعها في قبرها بضميمة عدم القول بالفصل بين الزوج وغيره من الأولياء فان
281

المتبادر من الأحق هو المعين المختص بالشئ كما يستفاد ذلك من اطلاقات هذه اللفظة في باب احياء الموات واحراز الشركاء في المواريث و
غيرها ومن خصوص ما ورد من أنه إذا حضر الامام الجنازة فهو أحق بالصلاة عليها وفى رواية فان قدمه الولي والا فهو يعنى
الولي غاصب فإنهما صريحان في إرادة الحق اللازم ثم مقتضى الأولوية الوجوبية هو كون الفعل حقا له فلو تصرف فيه غيره كان باطلا
كما يشعر به لفظ الغاصب في الرواية المتقدمة ويلزمه بطلان الفعل إن كانت عبادة ويكفى في إباحة التصرف فيه ما يكفي في التصرف في سائر
الحقوق من الإذن الصريح والفحوى وشاهد الحال وإن كان ظاهر مرسلة الصدوق حصر الفعل في الولي أو مأذونه الا انه محمول على
الغالب ومما ذكرنا يعلم أنه لا يشترط الاذن الخاص بل لو اذن الولي اذنا عاما جاز لكل من يشمله ولو لم يفعل ولم يأذن اعراضا عن حقه
واسقاطا له تساوى جميع المكلفين ولا يجب هنا استيذان الحاكم ولو على القول بوجوب استيذانه مع امتناع الولي عن الفعل والاذن
كما سيأتي لان الاعراض عن الحق بمنزلة اباحته وبذله لغيره بخلاف الامتناع فإنه غير راض بفعل الغير وملتزم لحقه غير مسقط له فيحتمل
ان ينتقل إلى الحاكم ومما ذكرنا من كفاية فهم رضا الولي ولو من جهة شهادة القرائن يعلم الجواب عن مخالفة اعتبار الاذن للسيرة و
استلزامه الحرج ثم لافرق في ثبوت الولاية بين ان يكون الشخص قابلا للفعل أو غير قابل بالذات أو بالعرض فان انتفاء المباشرة لا يستلزم
انتفاء الولاية فلا يسقط حق الإناث في تجهيز الرجال الأجانب ولاحق العاجز عن التجهيز بل يجب استيذانهما في الفعل لعموم الآية المتقدمة
والروايات أكثرها وإن كانت مختصة بمن يمكنه المباشرة الا ان المرسلة المتقدمة كالصريحة في التعميم وان الفعل لابد ان يحصل إما
من الولي واما بأمره وكذا الموثقة الزوج أحق بزوجته حتى يضعها في قبرها بل هي أصرح وأنت إذا تأملت في سائر الروايات تجد ظاهرها
كصريح المرسلة مسوقا لبيان مجرد كون أمر الفعل بيد الولي من غير تعلق قصد بمباشرة الفعل هذا كله مع وحدة الولي ومع تعدد
الأولياء فبيان المرجح وحكم صورة عدمه يأتي في باب الصلاة مفصلا انشاء الله وكيف كان فلو امتنع الولي عن الفعل والاذن سقط وهل
يجب استيذان الحاكم حينئذ أم لا وجهان من ظاهر الموثقة والمرسلة في حصر المصلى في الولي أو مأذونه ومن أن المستفاد من سياق الأدلة
ان ليس لغير الولي مزاحمته ويشترط في صحة فعل غير الولي عدم مزاحمة الولي فإذا علم أنه لا يريد الفعل ولا يأذن لغيره فليس في فعله مزاحمة
له ولو أوصى الميت إلى شخص بتجهيزه فالمحكى عن المشهور عدم تقدمه على الولي بل نسبه في المختلف إلى علمائنا لعموم دليل ولايته لكون الفعل من
دون اذنه غير مشروع فإذا أوصى الميت به فان أراد به الفعل بدون اذنه فهى وصية غير مشروعة وان أراد الفعل لا بشرط فوجوبه على
الموصى إليه بناء على وجوب العمل بمثل هذه الوصايا مع قبولها مراعى باذان الولي فإن لم يأذن سقط الفعل عن
الوصي لأنه غير قادر على
الفعل المشروع هذا لو أوصى بالفعل واما لو أوصى بولايته لغير الولي وتفويض امره إليه فهو باطل رأسا لأنه تغيير لحكم الشارع كما
لو أوصى الشخص بولاية أولاده لغير جدهم بل البطلان هنا أوضح لان الأب له الولاية ما دام الحياة بخلاف الميت هنا فإنها ليس له ولاية
في تجهيزه بل الولاية يحدث للولي بعد موته ومما ذكرنا يظهر انه لا اثر لإجازة الولي في حياة الميت أو بعد مماته خلافا للمحكى عن الإسكافي
فقدم الوصي على الولي لعموم حرمة التبديل وفيه انه في الوصية المشروعة والفعل بدون اذن الولي غير مشروع ودعوى انصراف أدلة
الولاية إلى غير صورة الوصية غير مسموعة اللهم الا ان يستظهر من الاخبار ان هذه الولاية مراعاة لحق الميت بل هي الحكمة الأصلية
في تشريعها فلا يناسب اهمال حال الميت وطرح قوله ومخالفة ما أمر به والحاصل ان الاخبار بمعونة المقام منصرفة إلى غير صورة الوصية
ولعله لذا مال في مع؟ صد؟ في باب الصلاة إلى هذا لكنه محل نظر هذا بالنسبة إلى غير الحاكم واما بالنسبة إلى الحاكم فلا يبعد القول بتقديم الوصي وفاقا للمسالك
لان الحاكم ولايته حسبية فهى ثابتة عند عدم الولي ولكن اثبات ولاية الوصي لعمومات وجوب العمل بالوصية ولم يثبت توقف الفعل
إلى اذن الحاكم الا حيث فقد من يتعين عليه الفعل وحاصله الفرق بين ولاية غير الحاكم وولايته فان الأولى ذاتية أصلية فإذا دل دليل
على ولاية غيره ثبت المعارضة لكن أدلة الوصية لما كانت مختصة بالنص والاجماع بالوصية المشروعة كفت عمومات ولاية الأولياء
وحرمة مزاحمتهم في عدم مشروعية فعل الوصي فيكون تلك العمومات رافعة لموضوع عموم حرمة تبديل الوصية وهذا بخلاف ولاية
الحاكم فإنها موقوفة على عدم الولي فإذا دل عموم على ولاية الوصي لم يجر هنا عموم ولاية الحاكم لارتفاع موضوعها فأدلة ولاية الوصي
بالنسبة إلى ولاية الحاكم كأدلة ولاية الأولياء بالنسبة إلى أدلة ولاية الوصي فتأمل واما دعوى نيابة الحاكم عن الإمام (ع) فلا يجدى
بعد امكان منع ثبوت تقدم الإمام (ع) على الوصي بمعنى وجوب استيذانه (ع) والا فهو أولي بالمؤمنين من أنفسهم مع أن في عموم أدلة
النيابة بحيث يشمل المقام نظرا ولذا لا نقول بل لم يقل أحد بأولوية الحاكم من الولي الوارث بالصلاة مع الاتفاق على أن امام الأصل
(لزوج مشترك يقع على كل من الذكر والأنثى فيشمل الزوجة فهذا الحكم أيضا)؟ أولي بها والزوج أولي من كل أحد من الأقارب في كل احكام الميت اتفاقا على الظاهر من محكى جملة من العبائر كالمعتبر والمنتهى وحاشية
282

المدارك ومجمع الفائدة والحدائق لرواية إسحاق بن عمار الزوج أحق بامرأته حتى يضعها في قبرها ورواية أبي بصير المراة تموت من أحق
بالصلاة عليها قال زوجها قلت الزوج أحق بالأب والأخ قال نعم ويغسلها ولا يضر اختصاصها ببعض احكام الميت للاجماع
المركب وبعد ذلك كله فلا وجه لمناقشة صاحب المدارك في الحكم من جهة ضعف سند الرواية أو معارضتها بروايتي حفص وعبد الرحمن بن أبي
عبد الله الدالين على أن الأخ أحق بالصلاة من الزوج المحمولين على التقية على ما ذكره جماعة تبعا للشيخ ثم مقتضى اطلاق النص و
كلام الأصحاب كما في المدارك عدم الفرق في الزوجة بين الحرة والأمة ولا بين الدائمة المنقطعة بل المطلقة في العدة الرجعية لأنها زوجة
على ما في بعض الأخبار بخلاف البائنة لصيرورتها أجنبية بمقتضى البينونة فالزوج بالنسبة إليها خاطب من الخطاب كما في الروايات
يعنى أجنبي من الأجانب نعم يمكن ان يقال إن عموم تنزيل الرجعية منزلة الزوجة لا يشمل مثل هذا الحكم ولذا قال في المنتهى لو طلق امرأته
فإن كان رجعيا ففي جواز تغسيل الأخر له نظر ولا يجوز ان يغسل كل من الرجل والمراة الأجنبيين الا مثله بلا خلاف ظاهرا كما صرح
به في محكى الذكرى والروض والحدائق بل عن المعتبر ان عليه اجماع أهل العلم ويدل عليه كثير من الاخبار الآتية في المسائل الآتية انشاء الله و
يجوز لكل من الزوجين بالزوجية الدائمية أو المنقطعة وفى حكم الزوجة المطلقة الرجعية على اشكال تقدم عن المنتهى تغسيل الأخر
اختيارا وفاقا للمحكى عن الشيخ والإسكافي والجعفي والمرتضى وسلار والحلى والفاضلين والشهيدين والمحقق الثاني والمحقق الأردبيلي
ومن تأخر عنهم وعن المنتهى دعوى الوفاق على تغسيل المرأة زوجها اختيارا ونسبة العكس إلى أكثر أصحابنا وعن الخلاف انه يجوز عندنا
ان يغسل الرجل امرأته والمراة زوجها ويدل عليه مضافا إلى اطلاق أحقية الزوج بالزوجة حتى يضعها في قبرها مصححة ابن سنان
قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يصح ان تنظر إلى امرأته حين تموت أو يغسلها ان لم يكن عنده من يغسلها وعن المراة هل تنظر إلى
مثل ذلك من زوجها حين يموت قال لا باس انما يفعل ذلك أهل المراة كراهة ان ينظر زوجها إلى شئ يكرهونه والظاهر أن التقييد
في السؤال لأجل ان الغالب ان الرجل لا يباشر تغسيل المراة مع وجود النساء مع أن حلية النظر يكفي في ذلك فتأمل وصحيحة ابن مسلم
الرجل يغسل امرأته قال نعم انما يمنعها أهلها تعصبا وصحيحة منصور قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يخرج في السفر ومعه امرأته
يغسلها قال نعم وامه وأخته ونحوهما يلقى على عورتها خرقة وصحيحة الحلبي عن الرجل يغسل امرأته قال نعم من وراء الثياب لا ينظر إلى شعرها
ولا إلى شئ منها والمراة تغسل زوجها لأنه إذا مات كانت في عدة منه وإذا ماتت هي فقد انقضت عدتها خلافا للمحكى عن الشيخ
في التهذيبين وابن زهرة في الغنية وجماعة من الأصحاب فخصوا ذلك بحال الاضطرار بل الحاصل من نسبة الشهيد إلى كثير من الأصحاب
ان الزوجين كساير المحارم مع نسبة كاشف اللثام إلى الأكثر اختصاص جواز تغسيل المحارم بصورة الاضطرار ثبوت قول الشيخ لكثير
من الأصحاب فتأمل وكيف كان فمستند هذا القول رواية أبي بصير يغسل الزوج امرأته في السفر والمراة زوجها
في السفر إذا لم يكن معه
رجل ورواية أبى حمزة لا يغسل الرجل امرأته الا ان لا توجد امرأة وما دل على تغسيل أمير المؤمنين (ع) لفاطمة صلوات الله عليها وتعليلها
بأنها صديقة لا يغسلها الا صديق وان مريم لم يغسلها الا عيسى (ع) لذلك ويؤيدهما ما حكى عن البحار من أنه وجد بخط الشيخ
محمد بن علي الجعفي نقلا من خط الشهيد قده انه لما غسل علي (ع) فاطمة (ع) قال له ابن عباس أغسلت فاطمة فقال له إما سمعت قول النبي
هي زوجتك في الدنيا والآخرة قال الشهيد هذا التعليل يدل على انقطاع العلقة بالموت فلا يجوز للزوج التغسيل انتهى وكيف كان
فهى لا تقام ما قدمنا من الاخبار مع اشتهارها ومخالفتها لأبي حنيفة وموافقتها للأصول والعمومات وهل يشترط في الجواز
في الطرفين كونه من وراء الثياب كما عن نهاية الشيخ والمنتهى والبيان وجامع المقاصد والروضة وفى الروض انه المشهور في
الاخبار والفتاوى وعن المختلف نسبة إلى أكثر علمائنا أم لا يشترط مطلقا كما عن الإسكافي والجعفي وشرح الرسالة لعلم الهدى
والتهذيب والمعتبر ويه؟ الاحكام ومجمع الفائدة والمدارك والحدائق والرياض وفيه انه الأشهر لم يشترط في تغسيل الزوج للمراة دون
العكس كما عن الاستبصار وكشف اللثام والحدائق أقوال خيرها أوسطها لاستصحاب جواز النظر بناء على أن كون الستر بالثياب من
تعبديات الغسل بعيد ولاطلاق صحيحة ابن مسلم المتقدمة وظاهر صحيحة منصور المتقدمة حيث اكتفى فيها بالقاء الخرقة على
عورتها وأظهر منها صحيحة ابن سنان الدالة على جواز النظر بالاطلاق الشامل لحالة الغسل وصحيحة ابن مسلم عن امرأة توفت أيصلح
لزوجها ان ينظر إلى وجهها ورأسها قال نعم والاخبار المقيدة لذلك بكونه من وراء الثياب وإن كانت كثيرة الا ان ضم بعضها إلى
بعض وملاحظة التعليلات الواردة فيها يكشف عن كون ذلك على وجه الاستحباب فإنها بين مقيد بكونه من وراء الثوب أو فوق
الدرع ومرخص لادخال اليد تحت قميصها ومانع عن النظر إلى شعرها أو شئ منها ومقتصر في المنع على عورتها ومعلل لذلك بأنه
283

ليس منها في عدة وهي منها في عدة ومبدل لذلك بأنها أسوء منظر حين تموت بخلاف الرجل مضافا إلى ما حكى عن بعض من أنه ليس في الاخبار
ما يدل على وجوب كون تغسيل المرأة للرجل من وراء الثوب بل ظاهر بعضها بملاحظة التعليلين اختصاص الحكم بصورة موت
الزوجة نعم يمكن الاستدلال برواية زيد الشحام قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن امرأة ماتت وهي في موضع ليس معهم امرأة غيرها قال إن
لم يكن فيهم لها زوج ولا ذو رحم دفنوها بثيابها ولا يغسلونها وإن كان معهم زوجها أو ذو رحم لها فيغسلونها من غير أن ينظر إلى
عورتها قال وسألته عن رجل مات في السفر مع نساء ليس فيهن رجل قال إن لم يكن له فيهن امرأة فليدفن في ثيابه ولا يغسل وإن كان
له فيهن امرأة فليغسل في قميصه من غير أن تنظر إلى عورته ونحوها موثقة سماعة عن رجل مات وليس عنده الا نساء قال تغسله امرأة ذات محرم
منه وتصب النساء عليه الماء ولا يخلع ثوبه الحديث الا ان الأولى قاصرة سندا بابي جميلة والثانية دلالة بان الظاهر من المرأة ما عدا الزوجة
من المحارم مع قوة احتمال استناد المنع عن خلع ثوبه إلى حضور النساء ومما ذكرنا يظهر مستند القول الثالث مضافا إلى رواية زرارة عن
الرجل يموت وليس معه الا النساء قال يغسله امرأته لأنها منه في عدة وإذا ماتت هي لم يغسلها لأنه ليس معها في عدة بحمل المنع على كونها
مجردة كما فعله في الاستبصار ولا يخفى ضعفه ثم الظاهر أن المراد بالثياب المعهودة كما في الروض فلا يقدح انكشاف الوجه والكفين والقدمين
نعم قوله (ع) في رواية الحلبي المتقدمة ولا ينظر إلى شعرها ولا إلى شئ منها يدل على وجوب ستر جميع بدنه الا ان يجعل الشئ كناية عن
الزينة الباطنة وهل يطهر الثياب بعد تمام الغسل من غير عصر قولان صرح بأولهما في محكى الذكرى وجامع المقاصد والروضة والحدائق
نظرا إلى اطلاق الامر وخلو الاخبار عن التعرض فحاله حال الخرقة التي يستعملها الغاسل وعن الذكرى انه يجوز ان يجرى مجرى مالا
يمكن عصره وظاهر الروض الثاني وربما ينسب إلى المعتبر الا ان كلامه في مسألة تغسيل الميت في قميصه يختص بما إذا تنجس القميص بما يخرج
من الميت لا بملاقاة الميت نعم جعله في الروض مقتضى المذهب وهو الأجود فان عدم تعرض الاخبار له انما يدل على عدم تنجس الميت
به ما دام ملاصقا لبدنه وهذا لا يستلزم طهارته ويحتمل ضعيفا الحكم بعدم تنجسه أولا ببدن الميت لان أدلة تنجس الملاقى ليس
بأقوى من أدلة اعتبار العصر فتأمل ثم لا فرق في الزوجة بين الدائم والمنقطع وفى المطلقة الرجعية في العدة نظر تقدم
عن المنتهى إما البائن فهى أجنبية قطعا وصرح في الروض تبعا للذكرى وجامع المقاصد بأنه لا يقدح انقضاء العدة
في جواز التغسيل عندنا بل لو تزوجت جاز لها تغسيله وان بعد الفرض انتهى وذكر في حاشية منه على الروضة ان هذا الفرض
فيما إذا دفن الميت بغير غسل ثم نبش لإقامة الشهادة على شخصه واستشكل ذلك بعض بان الزوجة أجنبية بعد التزويج وآخر
بان اطلاق جواز تغسيل الزوجة ينصرف إلى الافراد المتعارفة ويمكن دفع الثاني بان هذه الانصرافات لتشكيكات ابتدائية
يرتفع بعد التأمل والا فلو بنى على عدم شمول الاطلاقات لكل فرد بعيد الفرض لم يبق قاعدة كلية لان أكثرها مستفادة من الاطلاقات
دون العمومات اللفظية اللغوية واما الأول فيمكن أيضا دفعه بان الموت ليس كالطلاق رافعا لعلقة الزوجية وانما هو مانع عن
ترتب الآثار المتوقفة على حياة الطرفين كيف ولو كان كذلك لم يبق فرق بين صورتي التزويج وعمده وهل يلحق بالزوجة المملوكة مطلقا
غير المتزوجة ولا المعتدة ولا المكاتبة ولا المبغضة كما عن عد؟ والبيان ومجمع البرهان بل عنه كما في غيره نفى الخلاف عن جواز تغسيل
السيد لها كما عن المعتبر ومع؟ صد؟ والروض أو يشترط كونها أم ولد أو لا يلحق مطلقا كما عن المدارك والحدائق أقوال يشهد
لأولها اطلاقات التغسيل أو أصالة البراءة بناء على جريانه فيما يشك في مدخليته في العبادة واستصحاب المحرمية وان انتقل الملك
إلى غيره أو العتق ولثانيها زوال المحرمية في غير أم الولد بانتقال الملك ويجوز في أم الولد لرواية إسحاق بن عمار الواردة في ايصاء علي بن
الحسين (ع) بان يغسله أم ولد له ولثالثها زوال المحرمية في أم الولد بالانعتاق أيضا وضعف الرواية المجوزة في أم الولد مع مخالفتها
لما ثبت ان الامام لا يغسله الا الامام الا ان يحمل على المعاونة فلا يبقى لها ظهور في المطلب الا ان المحكي عن الفقه الرضوي صريح في أنها
هي التي غسلت عورته عليه السلام والمسألة محل اشكال فللتوقف فيها كما عن المنتهى وير؟ والتذكرة مجال والاحتياط لا يترك
على حال ولا يغسل الخنثى المشكل الا محارمه لعدم امكان الوقوف على المماثل فيكون من مواضع الضرورة ولا خلاف في جواز
تغسيل المحارم للميت حينئذ وانما الخلاف في جواز تغسيلهم له اختيارا والأقوى المنع أيضا وفاقا للمشهور بل عن ظاهر الحبل المتين الاتفاق
عليه حيث قال واما تغسيل المحارم فقد قطعوا بكونه من وراء الثياب واشترطوا فقد المماثل انتهى وفى كلامهم كما عن الحدائق نسبة
إلى علمائنا لقوله (ع) لا يغسل رجل امرأة الا ان لا توجد امرأة ويؤيد صحيحة ابن سنان إذا مات الرجل مع النساء غسلته امرأته
أولاهن به ويلف على يديها خرقة فان المراد بأولاهن من كان محرما لان الأجنبية لا يتولى الغسل كما سيجيئ وتأخيرها عن المرأة
284

ظاهر في تأخرها عن المماثل للاجماع المركب بل الأولوية ويؤيد ذلك اشتمال أكثر الأسولة الواردة في الروايات على التقييد بصورة
فقد المماثل فكان الاشتراط كان مركوزا في أذهانهم نعم يحتمل ان يكون التقييد من جهة ان الغالب عدم مباشرة المحارم مع وجود المماثل
للمانع العرفي دون الشرعي خلافا للمحكى عن السرائر وهي والمدارك والذخيرة وكشف اللثام بل ظاهر كلام المص؟ في المختلف انه مذهب الأكثر حيث
قال فيما حكى عنه في المختلف انه يجوز للرجل ان يغسل امرأته وللمراة ان يغسل زوجها من وراء الثياب حال الاختيار وكذا كل ذي محرم ذهب
إليه أكثر علمائنا ولعله للأصل والاستصحاب والعمومات وخصوص صحيحة ابن حازم عن أبي عبد الله (ع) الرجل يخرج في السفر ومعه امرأة يغسلها
قال نعم وامه وأخته ونحو هذا يلقى على عورتها خرقة والأصل والعمومات مندفعة بما عرفت وظاهر تقييد السؤال في الصحيحة بالسفر الاختصاص
مع امكان تقييدها بصحيحة ابن سنان المتقدمة فلا محيص عن القول المشهور والمشهور انه يشترط كونه من وراء الثياب بل عن الحدائق انه المعروف في
كلامهم وربما ينسب إلى التذكرة نسبة إلى علمائنا لكن المحكي عن عبارته انه خص معقد الاجماع بصورة كون الغسل من وراء الثياب لا اشتراط
ذلك نعم هذا ظاهر ما تقدم عن الحبل المتين قال واما تغسيل المحارم فقد قطعوا بكونه من وراء الثياب للاخبار الكثيرة الظاهرة في
ذلك والأقوى عدم الوجوب وفاقا للمحكى عن ظاهر الغنية والكافي والاصباح والذكرى وصريح جماعة من المتأخرين كصاحبي المدارك والذخيرة
وكاشف اللثام وغيرهم بحمل الاخبار على الاستحباب أو على صورة وجود الأجنبي أو على أن الغرض محافظة العورة كما صرح به في الذكرى ويؤيده
ضم الزوجة إليها في بعضها كموثقتي البصري وسماعة والاقتصار على ستر عورتها في مقام البيان كما في صحيحة منصور المتقدمة ورواية
الشحام وإن كان معهم زوجها أو ذو رحم لها فيغسلها من غير أن ينظر إلى عورتها ورواية زيد بن علي (ع) فإن كان معه نساء ذوات محرم
يوزرنه ويصبن عليه الماء صبا ويمسسن جسده ولا يمسسن عورته فان الظاهر أن التوزير مع التجرد لا مع الثياب إلى غير ذلك مما يظهر
منه ذلك ويغسل الرجل بنت ثلث سنين مجردة وكذا المراة ابن ثلث سنين على المشهور فيهما بل عن المص؟ في التذكرة ويه؟ نسبة الحكمين إلى جميع
علمائنا فقال إن للنساء غسل الطفل مجردا عن ثيابه اجماعا اختيارا أو اضطرارا لكن اختلفوا في تقديره وكذا يغسل الرجل
الصبية عند جميع علمائنا وإن كان أجنبيا إذا كان بنت ثلث سنين مجردة وإن كانت أجنبية انتهى ونحوها العيارة المحكية
عن التذكرة الا انه لم يقيد البغت بثلث سنين ودل على الحكم الثاني مضافا إلى الاجماع المحقق والمنقول وعمومات وجوب الغسل
السليمة عن المعارض خصوص رواية الحارث بن المغيرة عن الصادق (ع) قلت له حدثني عن الصبى إلى كم تغسله النساء قال إلى ثلث سنين
وضعف السند لو كان منجبر بما عرفت ويكفى في الحكم الأول العمومات السليمة عن المخصص المعتضدة بالشهرة المحققة والاجماع المحكي خلافا
للمحكى عن المعتبر فمنع منه بناء على أن الأصل تحريم النظر خرج منه تغسيل المرأة للصبي وضعف مبناه واضح إذ لو فرض تسليم حرمة النظر
إلى العورة فغاية الامر كونها كالمحارم يجب غسلها من وراء الثياب كما اختاره في المحارم ودعوى حرمة النظر إلى ما عدا عورة الصبية
الغير المميزة مخالف لما ثبت في النص الصحيح من أنها لا تعطى رأسها عن الرجل حتى تحيض وادعى في الحدائق عدم الخلاف في جواز النظر
مضافا إلى السيرة القطعية وللمحكى عن الشيخ في يه؟ وط؟ والحلى فخصا هذا الحكم بصورة فقد المماثل وهو محجوج بالعمومات وتخصيصها
بعموم لا يغسل الرجل المرأة الا ان لا يوجد امرأة ضعيف لضعف الرواية مع منع صدق المرأة على الصبية لأنها مؤنث المرء
ولو سلم الصدق فلا شبهة في الانصراف ثم إن ظاهر اطلاق الأصحاب الحكم بجواز غسل الصبى والصبية مجردا عدم وجوب ستر
العورة كما استظهر ذلك منها؟؟ جامع المقاصد ويدل عليه مضافا إلى أصالة عدم وجوب ستر العورة لا نفسا
ولا لأجل الغسل
واطلاق معاقد اجماعاتهم المطلقة جواز التجريد اطلاق رواية الحارث وعمار المتقدمين مع اقتضاء المقام للبيان مع أن
السؤال عن الجواز عاريا كما هو المتعارف في غسل الصبيان واعلم أن التحديد الوارد في النص والفتوى انما هو للموت لا
الغسل فلو مات على الثلث فلا باس بالغسل في الرابعة لوضوح ان العمر انما هي مدة الحياة ولا يحسب ما بعد الموت منه ومنه يظهر
ما في مع؟ صد؟ حيث اعتبر وقوع الغسل قبل الرابعة وهو فاسد؟ كما اعترف به في الروض وضة؟ ولك؟ والذخيرة وئق؟ وتامر المراة المسلمة
مع فقد المسلم وذات الرحم القادرين على التغسيل الرجل الكافر بالغسل إما تعبدا واما لزوال النجاسة الطارية كما عن التذكرة
ثم تأمره بتغسيل الميت غسله وكذا الأجنبي يأمر الكافرة بالاغتسال كما عن الإسكافي والصدوقين والشيخين وسلار وابن حمزة
وابن سعيد بل هو المشهور كما صرح به جماعة وعن الذكرى انى لا اعلم في الحكم مخالفا سوى المحقق بل وعن التذكرة نسبة إلى علمائنا لروايتي عمار
الساباطي وزيد بن علي (ع) وهذا الحكم لا يخلوا من اشكال لمخالفته للقواعد وعدم الوثوق بالروايتين وعدم تعرض كثير للحكم الظاهر
في رجوعهم في المسألة إلى عمومات اعتبار اسلام المغسل ومن هنا توقف المحقق في المعتبر وحكم بالدفن بغير غسل وحكى ذلك
285

عن ظاهر الشهيدين والمحقق الثاني والمحقق الأردبيلي وصاحب المدارك ومحشيه وصاحب الحدائق لكن الأقوى في النفس الأول لحصول الظن
بصدق الروايتين واشتهارهما بين أرباب الحديث ولا يقدح مخالفتهما للقواعد من جهة اعتبار النية في الغسل بناء على اعتبارها
فيه ومن جهة نجاسة الكافر المتعدية إلى الميت وكيف كان فهو أحوط سيما إذا تمكن المسلم من أمر الكافر باغتساله في الماء الكثير أو الجاري
بحيث لا يلزم نجاسة الميت وعلى هذا فلو طرء التمكن من الغسل الاختياري فالأقوى عدم سقوطه وفاقا للشهيدين والمحقق الثاني وغيرهم
للعمومات وعدم كفاية مجرد وجوب الشئ عند الاضطرار لبدلية الا إذا فهم البدلية من دليله كما في التيمم ونحوه ثم إن المستفاد مما ذكره
المص؟ وغيره في هذا المقام هو ان اشتراط مماثلة الغاسل أو محرمية من الشروط المطلقة ولا يخص بحال الاختيار فلو لم يوجد أحدهما
سقط الغسل كما هو المشهور بل عن المدارك انه مقطوع به في كلامهم بل المحكي عن التذكرة بل عن المعتبر أيضا الاجماع عليه وكذا عن ف؟ في صورة موت المرأة وإذا
لوحظ ذلك مع ما يظهر من محكى المعتبر من عدم الفصل بين حكى الرجل والمرأة صار الاجماع على الحكمين للنصوص المستفيضة كصحيحة الحلبي عن المرأة
تموت في السفر وليس معها ذو محرم ولا نساء قال تدفن كما هي في ثيابها وعن الرجل يموت في السفر وليس معه ذو محرم ولا رجال قال يدفن كما
هو في ثيابه ونحوها في الاشتمال على حكم الرجل والمرأة مصححة الكناني وروايتا داود بن سرحان وزيد الشحام ومصححة البصري عن امرأة
ماتت مع رجال قال تلف وتدفن ولا تغسل ونحوها رواية سماعة ومصححة ابن أبي يعفور عن الرجل يموت في السفر مع النساء ليس فيهن
رجل كيف يضعن به قال يلفنه لفا في ثيابه ويدفنه ولا يغسلنه خلافا للمحكى عن الشيخين والحلبي في الكافي وابن زهرة في الغنية الا
ان الأخير جعله أحوط وزاد كالحلبي اعتبار تغميض العينين وتبعهم في المفاتيح فاوجبوا تغسيلها من وراء الثياب لقوله (ع) في رواية
أبى حمزة لا يغسل الرجل المرأة الا ان لا توجد المرأة ولرواية ابن سنان عن مولينا الصادق (ع) المرأة إذا ماتت مع الرجال فلم يجدوا امرأة
تغسلها غسلها بعض الرجال من وراء الثوب ويستحب ان يلف على يديه خرقة؟ ورواية جابر عن أبي جعفر (ع) في رجل مات ومعه نسوة
ليس معهن رجل قال يصببن عليه الماء من خلف الثوب ويلففنه في أثوابه من تحت الستر ويصلين عليه صفا والمرأة تموت مع الرجال ليس
فيهم امرأة قال يصبون الماء من خلف الثوب ويلففونها في أكفانها ويصلون ويدفنون ورواية أبي بصير عن الصادق (ع) إذا ماتت المرأة مع
قوم ليس فيهم محرم يصبون عليها الماء صبا ورجل مات مع نسوة ليس فيهن له محرم فقال أبو حنيفة يصبون عليه الماء صبا فقال عليه السلام
بل يحل لهن ان يمسسن منه ما كان يحل لهن ان ينظرن إليه وهو حي فإذا بلغن الموضع الذي لا يحل لهن النظر إليه ولا مسه وهو حي صببن
عليه الماء صبا ورواية زيد بن علي (ع) عن ابائه عن علي (ع) إذا مات الرجل في السفر مع النساء ليس فيهن امرأته ولا ذو محرم من نسائه
يوزرونه إلى الركبتين ويصببن عليه الماء صبا ولا ينظرن إلى عورته ولا يمسنه بأيديهن ويطهرنه وهذه الروايات ضعيفة سندا مع قصور
دلالة بعضها ومع ذلك فالكل قابل للحمل على الاستحباب كما عن الاستبصار وزيادات التهذيب وربما يستشكل في ذلك أيضا من جهة
النهى عن التغسيل والامر بدفن الميت كما هو في ثيابه لكن الاشكال في غير محله لعدم دلالة الأدلة السابقة على الحرمة نعم ينبغي
تقييده بما إذا لم يستلزم نظرا أو للنساء محرم ثم إن هنا اخبارا شاذة لم يعمل بها ظاهرا أحد من أصحابنا منها ما دل على وجوب
تيمم الميت كما عن أبي حنيفة وعن التذكرة وظاهر ف؟ الاتفاق على نفيه ومنها ما دل على وجوب تغسيل مواضع التيمم حتى باطن الكفين وهو
أيضا متروك لكن عن ط؟ ويه؟ والتهذيب جواز العمل به وينبغي تقييده بما إذا لم يستلزم المحرم ومنها ما دل على أنه يغسل منها مواضع الوضوء
ومنها انه يغسل كفاها والكل شاذ لا قايل به ظاهرا والأحوط الجمع بين الكل في العمل حيث لا يستلزم محرما ويجب إزالة النجاسة
العرضية عن بدنه بلا خلاف ظاهرا كما عن المنتهى ومجمع البرهان والذخيرة والحدائق وعن التذكرة ويه؟ والمفاتيح الاجماع عليه كما عن المعتبر
والذكرى بتوقف التطهير عليها وأولوية ازالتها من إزالة النجاسة الحكمية وصوت؟ ماء الغسل عن النجاسة ولخبر يونس الآتية ومقتضى
التعليل الأول والثالث الوجوب الشرطي ومقتضى الثاني النفسي ومقتضى الكل عدم وجوب تقديمها على الغسل الا ان ظاهر أكثر
الفتاوى ومعاقد الاجماعات هو الوجوب الابتداء بها لكن التأمل التام فيها يقتضى ان الوجوب في كلامهم راجع إلى أصل الفعل
لا إلى الابتداء به وذكر الابتداء من باب الفرد الغالب المتعارف ولكونه أسهل واسلم عن سراية النجاسة إلى المواضع الأخر من بدنه و
هذا نظير ما ذكروه في غسل الجنابة من وجوب إزالة النجاسة أولا ثم الاغتسال ثانيا كما عبر به في عد؟ بل عن الغنية ان المفروض على من
أراد غسل الجنابة البول ثم غسل باقي بدنه من نجاسة؟ عم؟ النية إلى اخر كلامه ثم صرح هو بانعقاد الاجماع على ذلك وفى الحدائق انه قد
صرح الأصحاب من غير خلاف يعرف بإزالة النجاسة أولا ثم الغسل ثانيا انتهى بل ظاهر الأخبار الواردة في غسل الجنابة أيضا وجوب
تقديم الإزالة ويؤيد ما ذكرنا بل يدل عليه ان المستدلين بالدليلين المذكورين قد عنونوا المسألة بما ظاهره وجوب
286

الابتداء مع ما عرفت من أن شيئا من الدليلين لا اشعار فيه بوجوب الابتداء ففي محكى والواجب امامه يعنى امام الغسل إزالة النجاسة
عن بدنه وفى محكى التذكرة يجب ان يبدأ بإزالة النجاسة من بدنه اجماعا وفى محكى الذكرى يجب إزالة النجاسة عن بدنه أولا وفى الروض يجب إزالة
النجاسة العرضية من بدنه أولا لتوقف التطهير عليها وأولوية ازالتها على الحكمية ولخبر يونس وكيف كان فلا يبقى للمتأمل شبهة
في أن مرادهم بهذه العبارات بيان أصل الوجوب لا وجوب التقديم وإن كان ظاهرها يوهم ذلك كما اعترف به في جامع المقاصد في باب
غسل الجنابة في شرح قول المص؟ في عد؟ يجب إزالة النجاسة أولا ثم الاغتسال ثانيا ومما ذكرنا يظهر فساد ما اعترضه في المدارك على جده قده
في الروض حيث يظهر منه ان وجوب الإزالة هنا نظير وجوبها في غسل الجنابة فيكفي طهارة كل جزء من البدن قبل غسله وتبعه في ذلك
بعض متأخري المتأخرين فاعترض على كاشف اللثام حيث صرح بذلك أيضا في شرح قول المص؟ ويجب ان يبدأ الغاسل بإزالة النجاسة
عن بدنه بل يظهر من كلامه ان هذا هو المراد من الفتاوى ومعاقد الاجماعات هذا كله مع خلو كثير من كلمات الأصحاب التي حكاها
كاشف اللثام عن بيان وجوب تقديم الإزالة بل في بعضها تقديم الإزالة من دون الوجوب وفى بعضها وجوب الإزالة من دون التقديم نعم
قد صرح في بعضها بالامرين مع أنه لا دليل على وجوب التقديم بعد ما عرفت المراد من معاقد الاجماعات كما لا يخفى على من تتبع الاخبار
نعم قد يظهر من بعضها الامر بغسل الفرج والظاهر أنه للاستحباب في كل غسل من أغساله الثلاثة كما يظهر من رواية الحلبي ومرسلة يونس ولو
سلم ظهور بعض الأخبار في ذلك كان سبيله سبيل الأخبار الواردة في غسل الجنابة الامرة بوجوب غسل النجاسة أولا ثم الغسل ثانيا
كما لا يخفى نعم في رواية العلا بن سبابة عن رجل قتل وقطع رأسه في معصية الله فإنه يغسل منه أولا الدم ثم يصب عليه الماء صبا الخبر
لكن الوجه في ذلك أن مقطوع الرأس لا يمكن الابتداء بتغسيله الا بعد غسل الدم من رأسه ورقبته وساير بدنه فالاستدلال بها على وجوب
التقديم ولو في صورة عدم توقف تغسيل عضو عليه غلط فاحش نعم هو من أدلة وجوب تقديم إزالة نجاسة كل عضو على غسلها بضم
الغين وهو كاف في ذلك بعد الاجماعات المتقدمة المحكية وما دل على انها كغسل الجنابة أو عينه بناء على المشهور من اشتراط طهارة
محل الغسل فيه كما تقدم في محله نعم قد يستشكل بان إزالة النجاسة هنا ممتنعة لملاقات ماء الإزالة لبدن الميت المفروض كونه نجس
العين قبل الغسل ولذا ربما يحتمل التزام كفاية مجرد مسح النجاسة عنه لئلا يمتزج عينها بماء الغسل سيما بناء على أن نجس العين لا
يتنجس بغيره لكن الاشكال يندفع بأنه بعد ما ثبت الاجماع بل الضرورة ثبوت حال طهارة للميت بعد الغسل بالضم وإن كان ملوثا
قبله بالنجاسة العرضية فيدور الامر حينئذ بين التزام عدم انفعال الميت بالنجاسة العرضية وبين التزام العفو عن ملاقاة ماء الإزالة
لنجس العين وبين كفاية الغسل بالضم لرفع العينية والعرضية لكن الأول ضعيف بما ثبت في محله من انفصال الأعيان النجسة بملاقات
نجاسة أخرى وتضعيف الثالث أيضا بان التزام العفو عن ملاقاة ماء الغسل بالضم للنجاسة العرضية ليس بأولى من التزام العفو عن ملاقاة
ماء الغسل بالفتح للنجاسة العينية فيرجع إلى أصالة عدم كفاية الغسل بالضم لإزالة العينية والعرضية فتعين الثاني وبما ذكرنا
ظهر ان المراد بوجوب الإزالة الوجوب الشرطي نظير وجوبها لغسل الجنابة لأجل الغسل واما وجوب الإزالة نفسا وان حدث
النجاسة بعد الغسل فهو أمر آخر سيجئ تعرض المص؟ له وكان هذا مراد من استدل في هذا المقام بان إزالة النجاسة العينية أولي من
الحكمية ومما ذكرنا يظهر ما في كلام كاشف اللثام في تقرير الاشكال الثاني ودفعه حيث قال في مقام تضعيف القول المشهور بعد أن
منع اعتبار طهارة المحل في غسل الجنابة قال وتزيد هنا ان بدن الميت نجس ينجس الماء لا يطهر الا بعد الغسل فالتقديم ممتنع الا ان تجوز
الطهارة من نجاسة دون أخرى ولم نعهد فالظاهر أن الفاضلين وكل من ذكر تقديم الإزالة أرادوا إزالة العين لئلا يمتزج بماء
الغسل وان لم يحصل التطهير انتهى وفيه ان ليس المقصود من طهارة المحل عن نجاسة دون أخرى الا زوال الأحكام الشرعية المترتبة
على النجاسة دون المترتبة على أخرى ولا استبعاد في ذلك أصلا واما ما استظهر من الفاضلين وغيرهما فان أراد انهم بنوا على عدم
تنجس الميت بالنجاسة العرضية كما هو أحد الوجوه التي ذكرنا انه لا بد من التزام أحدها فلا معنى لقوله حينئذ وان لم يحصل التطهير إلى آخره
وان أراد انهم بنوا على أن النجاسة العرضية لا يحصل التطهير منها بعد إزالة العين وانما تحصل مع حصول الطهارة من النجاسة
العينية الحاصلة بالغسل ففيه انه مناف لما اختاروه في باب غسل الجنابة المتحد مع هذا الغسل حكما من وجوب طهارة محل
الغسل بل يناقض لما استدلوا به هنا من وجوب صون ماء الغسل عن النجاسة إذ لا فرق في تأثر النجاسة العرضية بين بقاء عينها و
زوالها نعم ظاهر المص؟ هنا الالتزام بالمذهب المشهور في جميع كتبه حتى في نهايته مدعيا فيها الاجماع مع أنه اختار في غسل الجنابة من
ذلك الكتاب عدم اعتبار خلو المحل من النجاسة فلعل الخصوصية في هذا الغسل للاخبار أو الاجماع أو المراد منه صورة الغسل
287

بالماء القليل مع كون النجاسة في غير الجز والاخر من العضو فإنه مع هذين القيدين كما هو الغالب يعتبر طهارة المحل أيضا كما صرح به في محكى النهاية
ثم يشرع في تغسيله مقارنا للنية كما عن الخلاف والكافي والمهذب بل هو المشهور كما عن جماعة بل نسبه في جامع المقاصد تارة إلى المتأخرين
كافة عدا المحقق في المعتبر واخرى جعله مقتضى المذهب بل وعن المعتبر والذكرى ومع؟ صد؟ حكاية الاجماع عن ف؟ على اعتبارها وان ذكر
كاشف اللثام وغيره انا لم نجده في الخلاف ويدل عليه الأصل وعموم الكتاب والسنة الدال على اعتبار نية التقرب في كل عمل خرج ما خرج
ولكونه مثل غسل الجنابة كما في صحيحة ابن مسلم بل عينه كما في المستفيضة وفى الجميع نظر لمنع الأصل بعد اطلاق أدلة الغسل ومنع
دلالة العمومات على أصالة كون كل عمل عبادة يعتبر فيه التقرب كما قرر في موضعه والصحيحة ظاهرة في المشابهة في أصل العمل والنية على
تقدير اعتبارها خارجة عن الفعل ذهنا وخارجا مع أن المعتبر في غسل الجنابة انما هي نية المغتسل وهي هنا ممتنعة ونية المغسل
يحتاج إلى دليل ومنهما يظهر الجواب عن المستفيضة الا ان يقال إن أمر الشارع بتغسيل الميت غسل الجنابة يستفاد منه بقرينة كون الغرض
منه رفع الجنابة الحكمية أو الحقيقية عنه التي لا تحصل الا بعد اتيان هذا العمل على وجه العبادة انه أمر بتولى هذه العبادة عنه لا تولى
مجرد الفعل الصوري الذي لا يترتب عليه اثر فهو في الحقيقة نائب عن الميت في ايجاد هذه العبادة فوجوب النية قوى مع أنه أحوط كما أن
المحكي عن السيد في مصرياته وعن المص؟ في منتهاه من عدم وجوبها معللا كما قيل بأنه إزالة خبث ضعيف لان ازالته للخبث انما يترتب على
تحققه على وجه العبادة كما عرفت استفادته من أدلة وجوب تغسيله غسل الجنابة مع أنه لو كانت مجرد إزالة خبث لسقط التكليف
بمجرد بروز هذا الفعل الخاص إلى الوجود كيفما اتفق كما هو الحال في زوال الخبث والظاهر أن أحدا لا يلتزم بذلك وعلى المختار فهل تعتبر
في كل غسل من الأغسال الثلاثة نية مستقلة الأقوى نعم بناء على جعل النية الصورة المخطرة للأصل وعموم اعتبار النية في كل عمل
ولو كان جزء من واجب خرج ما خرج واما على جعلها عبارة من الداعي فالأقوى الاكتفاء بنية واحدة والأحوط نية الجميع في الابتداء
وتجديد النية لكل من الأخيرين عند الشروع فيه وأحوط منه الجمع في الأول بين نية الجميع ونية خصوصه فافهم ويترتب على كون هذا الغسل
عبادة جميع خواص العبادات مثل عدم اجتماعه مع الحرام فلا يجوز ايقاعه بالماء المغصوب بل ولا في المكان المغصوب بناء على القول
به في الطهارات ومثل عدم جواز وقوعه ممن لا شعور له أو لا تميز له كالطفل والمجنون إما المميز ففي صحته منه قولان والأحوط بل
الأقوى عدم الصحة ولو قلنا بشرعية عباداته وصحتها لعدم وجوبه عليه فصحته منه وسقوطه عمن يجب عليه يحتاج إلى الامر الا
ان يكفي بما ورد من محبوبية هذا الفعل وكثرة الثواب فيه وان من غسل مؤمنا كان له كذا وغير ذلك والتمسك بها لا يخلوا عن تأمل
ثم لا اشكال في أن المعتبر نية فاعل الغسل حقيقة والغسل عبارة عن اجراء المال على المحل فإذا اجتمع الصاب والمقلب فالمحكى عن المحقق
والشهيد الثاني وجماعة ممن تأخر عنهم اعتبار النية بالصاب معللين بأنه الغاسل حقيقة وحكوا عن الذكرى أنه قال لو اشترك جماعة في
غسله نووا ولو نوى الصاب وحده أجزء لأنه الغاسل حقيقة ولو نوى الأخر فالأقرب الأجزاء لان الصاب كالآلة انتهى وعن مع؟ صد؟
انه ليس بشئ أقول المقلب قد لا يصدر منه الا التقليب كما هو الظاهر من معناه وحينئذ فالظاهر عدم العبرة بنية لأنه كالآلة ولذا يجوز
ان يكون المقلب طفلا غير مميز بل بهيمة بل يكتفى بتقليب الريح ويحتمل ان يقال هنا بكفاية النية من المقلب لصدق الغاسل عليه إذا قصد
الغسل بتقليبه فيكون كما لو وقع الميت تحت ميزاب وشبهه وقلبه بقصد الغسل كما اختاره في الذكرى وليس ببعيد ويؤيده اطلاق
ما تقدم في تغسيل المحارم للميت من جواز صب الأجانب الا ان تحمل تلك الاطلاقات على الصورة الثانية أو الثالثة وقد يشترك
مع الصاب في الغسل وهذا أيضا على وجهين أحدهما ان يصب أحدهما الماء في موضع فيجريه الأخر إلى موضع اخر بيده وهذا وان
لم يكن مقلبا من هذه الجهة الا ان المقلب في العرف لا يخلوا عن هذا الفعل كما لا يخفى ولا ينبغي الخلاف والاشكال هنا في اشتراط النية
من كل منهما في عمله كما صرح به في مع؟ صد؟ معللا بامتناع ابتناء فعل أحدهما على نية الأخر والثاني ان يصب أحدهما الماء بحيث يعم جميع
العضو حيث لا يحتاج الا استعمال الأخر ويستعمل الأخر الماء أيضا في جميع المحل بحيث يكون وقوع الصب من الصاب كالانصباب من الميزاب
والظاهر جواز النية من كل منهما وتركها من كل منهما لان كل واحد منهما غاسل حقيقة فإذا لوحظ صدور الغسل من الصاب وقيامه
كان المقلب كاللاغي الا ان يريد الاهتمام في ايصال الماء وتنظيف الميت فيكون عمله مستحبا وإذا لوحظ صدور الفعل من المقلب
وقيامه به كان الصاب كالآلة والميزاب ويمكن حمل كلام الشهيد على هذا القسم الثالث بقرينة فرض الاشتراك في الغسل وعدم التعبير
عن غير النصاب بالمقلب وتعليله بان الصاب كالآلة فتأمل وكيف كان فلا اشكال في المسألة بحمد الله سبحانه
وليكن غسله
أولا بماء فيه شئ من السدر وكيفيته كغسل الجنابة الا انه يجب غسل العشر كما سيأتي في مسألة ترجيل الشعر وبه صرح كاشف الغطاء
288

وفى بعض الأخبار الامر باكثار الماء عند وفور شعر الميت ثم بماء فيه شئ من الكافور كذلك ثم بالماء القراح بفتح القاف أي الخالص من السدر
والكافور لا من كل شئ كذلك بلا خلاف في كونه كغسل الجنابة في الترتيب بين الأعضاء وفى وجوب تثليث الأغسال بل عن الغنية والخلاف
الاجماع عليه خلافا للمحكى عن سلار وربما استظهره جماعة من سكوت المختلف والذكرى والتنقيح وغيرها عليه وهو ضعيف كالاستناد
له إلى ما دل على أنه يكفي للميت الجنب غسل واحد إذ لا يخفى ان الوحدة في مقابل انضمام غسل الجنابة لا في مقابل تعدد الأغسال واضعف
من هذا القول ما نسب إلى ابن حمزة من سقوط الترتيب بين الأغسال حيث قال في محكى الوسيلة والواجب ستة أشياء تنجية الميت و
غسله مجردا عن ثيابه غير عورته وتغسيله ثلث مرات على ترتيب غسل الجنابة ثم عد من جملة المندوبات غسله أولا بماء السدر
وثانيا بماء جلال الكافور وثالثا بماء القراح انتهى واستصوب كاشف اللثام نسبة استحباب الخليط إلى ابن حمزة وكان غرضه ان ابن حمزة
قايل باستحباب الترتيب من جهة استحباب الخليط إذ لا يتصور ترتيب بدون الخليط لا انه قايل بوجوب الخليط مع استحباب الترتيب كما
فهمه المص؟ والشهيد قده وهو جيد وان خطاه بعض المعاصرين وكيف كان فالقول على فرض وجود القائل به ضعيف جدا مخالف
للاجماعات المستفيضة وإن كان يتراءى من اطلاق رواية الحلبي يغسل الميت ثلاث غسلات مرة بالسدر ومرة بالماء يطرح فيه
الكافور ومرة أخرى بالماء القراح ثم يكفن الحديث مع امكان دعوى ظهوره في الترتيب وعن ابن سعيد موافقة ابن حمزة في استحباب
الخليط ولعله لاطلاقات كونه كغسل الجنابة ولا ريب في ضعفه ويدل على ما ذكرنا مضافا إلى الاجماع المنقول عن ف؟ والغنية
المعتضد بالشهرة العظيمة بل أصالة الاحتياط على القول بلزومه في نحو المقام صحيحة ابن مسكان عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن
غسل الميت فقال اغسله بماء وسدر ثم اغسله على اثر ذلك بماء وكافور وذريرة إن كانت واغسله ثالثة بماء قراح طيب ثلث
غسلات لجسده كله قال نعم قلت يكون عليه ثوب إذا غسل قال إن استطعت ان يكون عليه قميص فاغسله من تحته وقال أحب لمن
يغسل الميت يلف على يده الخرقة حيث يغسله وظاهر الفتاوى بل الرواية كون الترتيب شرطا مطلقا في الكيفية غير ساقط كما يشهد
له جعله كغسل الجنابة فلا وجه لاحتمال الأجزاء لو أخل بالترتيب كما احتمله المص؟ في محكى التذكرة ويه؟ خصوصا لو أراد الأعم من الاخلال
عمدا ثم إن ظاهر العبارة كالمحكية عن ف؟ والمصباح والحمل والعقود والهداية والفقيه والمقنع وسيلة؟ والغنية والاصباح والإشارة؟
والكافي والمعتبر وفع؟ اعتبار كون السدر بحيث يصدق على الماء انه ماء السدر وبهذه العبارة ورد النص في غير واحد من اخبار الباب والظاهر
عدم تحققه بأقل المسمى وان اكتفى في الإضافة بأدنى ملابسة خلافا لصريح جماعة كالشهيدين في البيان وضة؟ والمحقق الثاني وظاهر
آخرين بل عن المدارك تبعا لشيخه في مجمع الفائدة ان المشهور على أنه يكفي في الخليط مسماه ولعله للصحيحة السابقة والا صح تقييدها بغيرها
مما دل على وجوب تغسيله بماء السدر ويشهد له ما دل على وجوب تغسيله بالسدر إذ لا شبهة في عدم تحقق هذا العنوان بأقل
مسمى الخليط ويمكن ان يكون مراد من اكتفى بالمسمى الاكتفاء بتحقق المسمى عند إضافة الماء إليه بحيث يكون منشأ لتحقق الإضافة
كما أنه يمكن ان يكون مراد من عبر بماء السدر هو المسمى بناء على كفاية الإضافة بأدنى ملابسة وكيف كان فالظاهر اتحاد المراد من العبارتين
عند الفقهاء إلى زمان كاشف اللثام فقابل بينهما ولذا لم يذكروا في مقابل المشهور الا القول بسبع ورقات وكيف كان فيعتبر ان لا يبلغ
في الكثرة بحيث يسلب اطلاق الماء وفاقا للمص؟ والشهيدين في غير الذكرى والمحقق الثاني وغيرهم وعن ئق؟ انه المشهور للأصل وتنزيله
منزلة غسل الجنابة وقوله (ع) في الصحيحة السابقة بماء وسدر ولا ينافيه قولهم (ع) في باقي الروايات يغسل بماء السدر إذ لو سلم
شموله للمضاف فاللازم تقييده بالصحيحة الدالة على اعتبار الاطلاق وكذا قولهم (على) يغسل بالسدر بل هو ظاهر في أنه يغسل بالماء
مصاحبا لشئ من السدر نعم في مرسلة يونس الامر بغسل رأسه برغوة السدر على وجه يظهر ان المراد الاجتزاء به في الغسل الواجب
الا ان الغسل بالرغوة لما لم ينفك عن صب الماء بعده لإزالة الرغوة أمكن الاجتزاء به في الكلام لظهور المطلب مع أن الرغوة لا يغسل
بها بل يمسح بها فالغسل بالرغوة هو الغسل بالماء المسبوق بمسح الرغوة وعلى فرض الظهور فلا يعارض ما ذكرنا من الأدلة ومنها يضعف
تقوية الجواز كما عن المدارك والذخيرة وئق؟ بل ربما يستظهر من عبارة المفيد وسلار حيث قدر الأول السدر برطل والثاني برطل
ونصف قال في الذكرى قال الفاضل يشترط كون السدر والكافور لا يخرجان الماء إلى الإضافة لأنه مطهر والمضاف غير مطهر وقدر
المفيد السدر برطل وابن البراج برطل ونصف واتفق الأصحاب على ترغيته وهما يوهمان الإضافة ويكون المطهر هو القراح والغرض
من الأولين التنظيف وحفظ البدن عن الهوام بالكافور لان رايحته تطردها انتهى وفيه ان الرطل أو مع النصف لا توجب إضافة
المقدار الكثير من الماء الذي يصرف في تغسيل الميت ثم إنه قد نسب إلى المفيد في المقنعة والقاضي في المهذب ايجاب الرطل أو الرطل
289

والنصف الا انه صرح بعض بعدم ظهور عبارتهما في الوجوب وكيف كان فلم أجد في الروايات ما يدل على رجحانه فضلا عن وجوبه وإن كان أحوط
إذا لم يوجب إضافة الماء ونحوه في الضعف ايجاب سبع ورقات من السدر كما نسبه في الشرايع إلى القيل وان لم يظهر قائله ولا دليله عدا رواية تضمنت
الامر بالقاء سبع ورقات في الماء القراح الذي يغسل به الميت أخيرا ومنه يظهر عدم المدرك لاستحباب هذا المقدار في ماء السدر كما هو ظاهر التذكرة ومع صد؟
والأحوط بل الأقوى لزوم الزيادة عليها إذا لم يصدق على الماء الممزوج بها ماء السدر والواجب من الكافور هو القدر الواجب في السدر وحكى
عن المفيد التقدير بنصف مثقال وكذا ابن سعيد وينبغي القطع بحمل كلام الثاني على الاستحباب لما عرفت من قوله باستحباب الخليط
بل وكذا الأول على أن كلامه ليس نصا في الوجوب على ما قيل وكيف كان فالقول بالوجوب ضعيف ليس في الاخبار إليه إشارة الا في الموثق
المقدر له بنصف حبة بناء على أن المراد من الحبة المثقال وفيه منع وفى رواية أخرى القاء حبات وفى رواية تغسيل الأمير للنبي صلوات
الله عليهما وعلى آلهما ثلثة مثاقيل وحكى عن جماعة من القدماء انه يؤخذ من جلال الكافور بل عن صاحب المدارك في حاشية منه
على المدارك عن أكثر القدماء ان الكافور يجب من جلاله يعنى الخام الذي لم يطبخ ونقل عن الشيخ أبى على من الشيخ في شرحه على نهاية والده
حيث أوجب ان يكون من الجلال ان الكافور صمغ يقع من شجر وكلما كان حلالا وهي الكبار من قطعة لا حاجة له إلى النار ويقال له الخام وكلما
يقع من صغاره في التراب فيؤخذ ويطرح في قدر فيغلى فذلك لا يجزى في الحنوط انتهى ثم قال في الحاشية المذكور لعل منشأ ذلك ما يقال إن
مطبوخه يطبخ بلبن الخنزير ليشتد بياضه به أو بالطبخ وربما يحصل له العلم العادي بالنجاسة من حيث إن الطابخ من الكفار لكن
ظاهر الاخبار اجزاء المطبوخ ووجهه عدم حصول اليقين بالنجاسة ولذا ما فصل المتأخرون وربما حكم باستحباب الخام ولعل وجهه
الخروج عن الخلاف وشبهة النجاسة انتهى كلامه ثم المراد بالقراح هو الخالص عن السدر والكافور إما مطلقا أو على وجه يضاف عرفا إلى
أحدهما لا عن كل شئ فلا يقدح خلطه بما عداهما مع ابقاء الاطلاق وهل خلوصه عنهما رخصة كما يفهم عن الروضة ونبه عليه الامر بالقاء
سبع ورقات أو عزيمة كما هو ظاهر الفتاوى والنصوص سيما الامر بها بغسل الاناء عن السدر والكافور وإراقة بقية مائهما ولا ينافي
ذلك الخبر ان الأمران بالقاء سبع ورقات في القراح مع التقييد في أحدهما بالورقات الصحاح واشتمال الأخر على غرائب كما اعترف به غير
واحد وجهان ثم مقتضى ظاهر جعله كغسل الجنابة أو عينه جواز غمس الميت في الكثير فيسقط الترتيب حينئذ وفاقا للمحكى عن المص؟ وولده
والشهيدين والمحقق الثاني وبعض من تأخر عنهم وربما يضعف التشبيه بعدم ظهوره في العموم بحيث يشمل ذلك فيبقى الأصل سليما
ومعتضدا بظاهر الاخبار المفصلة لكيفيته ولذا استشكل في التذكرة ويه؟ والمدارك واحتمل العدم في مع؟ صد؟ بل قواه كاشف اللثام وتبعه شيخنا
المعاصر وفيه ان هذا انما يتطرق في صحيحة ابن مسلم الدالة على التشبيه دون المستفيضة الدالة على أن الميت جنب يغسل غسل
الجنابة وكذا الأخبار الدالة على أن المقصود تنظيف الميت فالقول باجتزاء الارتماس لا يخلوا من قوة وإن كان الأحوط خلافه ومحل
الخلاف اجتزاء الارتماس عن الترتيب بين الأعضاء لا جواز الترتيب على وجه الارتماس بان يغمس كل جانب في الماء أو يغمس الكل بقصد
غسل عضو واحد فإنه جائز اتفاقا كما أن الاجتزاء بالارتماس عن الترتيب بين الأغسال غير جائز اتفاقا والأحوط الصب في الأعضاء أيضا
خروجا عن خلاف من أوجب ذلك في غسل الجنابة ولم يكتف بالارتماس العضو في الماء وإن كان ضعيفا ثم إن وجوب تثليث الغسلات
بالخليطين والقراح مختص بحال التمكن من الماء والخليط وان فقد أحدهما فإن كان المفقود هو الماء بان لم يكف الموجود منه الا لغسل
واحد ففي وجوب استعماله قراحا أو وجوب خلطه بالسدر قولان اختار الأول في الذكرى لأنه أقوى في التطهير ويتضح ذلك لو جوزنا
كون ماء الخليطين مضافا والأقوى وجوب خلطه بالسدر وفاقا للمحقق والشهيد الثانيين وعدل إليه في البيان لان العجز
انما تحقق في الجزء الأخير من المركب المندرج في الوجود الخارجي وربما توهم التخيير من جهة ان نسبة العجز إلى الجزئين على السواء والامر لا
يتجدد بالنسبة إليهما تدريجا فلا مرجح لتعلقه بالأول وفيه ان المستفاد من أدلة عدم سقوط الميسور بالمعسور وجوب ايجاد الجزء المقدور
على النحو الذي وجب ايجاده حال انضمام غير المقدور إليه والغسل بالقراح انما وجب ايجاده متصفا بكونه بعد استعمال الخليطين فلو
اتى به عند العجز اتى به لا على صفته التي وجب ان يوجد عليها ودعوى ان الغسل بالسدر أيضا كان متصفا بكونه قبل استعمال اخويه فهو أيضا
بهذه الصفة معسور فيكشف ذلك عن أن تعذر الانضمام أوجب تعذر الصفتين والغسلان مع قطع النظر عن صفتيهما مشتركان في
كون كل واحد ميسورا على البدل فالواجب أحدهما على البدل مدفوعة بان صفة القبلية لا يقتضى لتعين محل الفعل وزمانه بخلاف
صفة البعدية فالجزء الأخير من المركب يتعذر الاتيان في محله بخلاف الجزء الأول وهذه ضابطة مطردة في كل فعلين بينهما ترتب
فان الواجب عند تعذر الجميع هو اختيار الأول ومما ذكرنا يظهر الوجه فيما اعترف به في الذكرى بعد اختيار تقديم القراح إذا لم يكف
290

الماء الا لغسله من أنه لو كفى غسلتين وجب تقديم السدر لوجوب البداة به ثم قال ويحتمل الكافور لعظم نفعه انتهى والصواب على ما اخترناه
خلط الماء الباقي بالكافور ثم الأقوى وجوب التيمم عما تعذر من الغسلات كما عن البيان ومع؟ صد؟ والروض وغيرها لعموم البدلية
ونفاه في الذكرى معللا بحصول مسمى الغسل وفيه نظر ولو انعكس الفرض في صل المسألة بان وجد الماء وفقد السدر والكافور غسل ثلاثا
بالقراح عند المص؟ بل الأكثر ظاهرا قيل لان المأمور به شيئان متمايزان وان امتزجا في الخارج كما هو مدلول
قوله (ع) في صحيحة ابن مسكان
اغسله بماء وسدر وليس الاعتماد في ايجاب الخليطين على ما دل على الامر بتغسيله بماء السدر حتى يرتفع الامر بارتفاع المضاف إليه
وبعد تسليمه لا نسلم فوات الكل بفوات الجزء بعد قيام الدليل على عدم سقوط الميسور بالمعسور انتهى وفيه ان المأمور به شئ واحد هو الغسل
ومتعلقه أيضا شئ واحد مركب من شيئين ممتزجين على ما هو مدلول قوله (ع) اغسله بماء وسدر وليس معناه اغسله بماء واغسله بسدر
وإن كان الأصل في العطف يقتضى ذلك الا ان العطف على هذا النحو بحرف الواو كثير كما لا يخفى ثم إذا سلم دلالة اغسله بماء وسدر على كون
المأمور به شيئين متمايزين لم يقدح التعبير عنه في بعض الأخبار الأخر بماء السدر لان التركيب العقلي الاعتباري المتزع من التركيب الخارجي
بمنزلة المركب الخارجي في عدم سقوط جزء الميسور يتعسر جزئه الأخر فان ماء السدر ليس من قبيل ماء الرمان كما هو واضح ثم لو سلم تغاير
عنواني الإضافة والعطف في المؤذى كان اللازم تحكيم ما دل على وجوب الغسل بماء السدر على ما دل على وجوب الغسل بماء وسدر لان
الأول كالتقييد للثاني فتأمل ثم لا وجه لما ذكر أخيرا بقوله وبعد تسليمه إلى اخره إذ لا دليل على وجوب المقدور من الشيئين المتمايزين
خارجا المأمور بهما على وجه الاجتماع الا أدلة عدم سقوط الميسور بالمعسور والا فهى لا يحتاج إلى الاستدلال بها في التكاليف المستقلة
كما انها لا يجرى في التركيبات العقلية الحاصلة بسبب الإضافة أو التوصيف كماء الرمان ونحوه فالتحقيق ان لا فرق في هذا المقام بين
التركيب الإضافي والعطفي والأول غير قادح من حيث كونه تركيبا عقليا كما أن الثاني لا ينفع لان التركيب الخارجي انما هو في متعلق
المأمور به أعني الغسل لا نفسه فالأولى التمسك بأدلة عدم سقوط الميسور بالمعسور حيث إنها جارية في المقام عرفا وإن كان المأمور
به شيئا واحدا وهو الغسل فان العبرة في مجارى تلك الأدلة موارد اجراء العرف إياها لا بمجرد التركيب الخارجي وربما يستدل في
المقام بما دل على كون المحرم كالمحل في الغسل وغيره الا انه لا يقربه كافورا إذ المتعذر عقلا كالمتعذر شرعا وفيه ان المتعذر شرعا
كالمتعذر عقلا دون العكس مع أن الحكم الثابت في مورد خاص لتعذر شرعي لا يسرى إلى التعذر العقلي كما لا يخفى ثم قضية أدلة
عدم سقوط الميسور بالمعسور كما عرفت سابقا هو وجوب اتيان الميسور على النحو الذي يؤتى به عند الانضمام ولازم ذلك وجوب
مراعاة الترتيب بين امتثال وجوب الغسل بالقراح الذي هو تكليف مستقل فيجب التمييز بالنية محافظة على الترتيب فلا وجه لما
اعترض على المحقق والشهيد الثانيين في ايجابهما التميز بين الغسلات بالنية الا ان يدعى ان الترتيب انما كان معتبرا مع وجود الخليطين
وتغاير الغسلات والمفروض انتفاء المغايرة بانتفاء الخليط وفيه تأمل وهل يحكم بترتيب اثار الغسل الاختياري على الغسل
الاضطراري أم لا فيجب بملاقات الميت الغسل للملاقات والغسل للمس وجهان بل قولان أقويهما الثاني وفاقا للشهيدين والمحقق
الثاني وجماعة للأصل وانصراف ما دل على ارتفاع الاحكام بعد الغسل إلى الغسل التام دون الناقص وإن كان مأمورا به عند
الاضطرار وقلنا بان الامر الاضطراري تقتضي الأجزاء عقلا كما حقق في الأصول الا ان الأجزاء لا يستلزم ترتب الآثار الوضعية المترتبة
على الفعل الاختياري فمعنى بدلية الاضطراري عنه ترتب بعض اثاره عليه مثل جواز الدفن فيما نحن فيه لحصول خفة في حدثه وخبثه
بعد هذا الغسل فهو بمنزلة مسح عين النجاسة للصلاة الذي أوجبه بعض عند تعذر ازالتها بالماء حيث يكفي في بدليته عن الغسل
والامر به جواز ايقاع الصلاة فيه قبل وجدان الماء ومما ذكرنا يظهر عدم الأجزاء ووجوب الإعادة إذا تمكن من الغسل التام خلافا
لما عن المدارك فاستظهر الأجزاء تبعا لشيخه المحقق الأردبيلي بناء على أن الامر بالبدل الاضطراري يقتضى الأجزاء عن الاختياري وهو
حسن لو ثبت كون الا؟ سقوط بنفس البدل عند الاضطرار كما في وضوء ذي الجبيرة والاقطع بل وضوء التقية دون ما إذا ثبت كون السقوط
بواسطة الاضطرار الا انه وجب البدل من باب الاكتفاء به ما دام تعذر الاختياري أو شك فيما ثبت فيرجع إلى أصالة عدم ترتب الأثر
من زوال الحدث والخبث الموجبين لتغسيله بالغسل الاختياري وكيف كان فالظاهر عدم الخلاف بين الفريقين في عدم وجوب
الإعادة لو تمكن من الغسل الاختياري بعد الدفن وعن الرياض دعوى الاجماع وفيه بعد تسليم حرمة النبش حتى لاستدراك
الغسل التام انه حسن إذا استلزم النبش المحرم على الاطلاق إما لو اتفق خروجه ففي سقوط تغسيله نظر من اطلاق كلامهم
في التقييد بقولهم قبل الدفن كما في كلام الشهيدين والمحقق الثاني وعدم انصراف العمومات إلى الميت المدفون ومن قضية
291

ما تقدم من موضع الأجزاء التي لا يفرق فيها بين ما قبل الدفن وما بعده إذا لم يزاحمه حرمة النبش ودعوى تنزيل الدفن منزلة انتهاء
وقت التكليف عرية عن البينة فوجوب الإعادة لا يخلوا عن قوة ولو خيف من تغسيله ولو على وجه الصب أو الغمس من غير دلك تناثر
جلده كالمحترق والمجدور تيمم بالتراب بلا خلاف ظاهر بين الأصحاب كما عن المدارك والذخيرة وعن التذكرة ان عليه اجماع العلماء وعن ف؟ انه إذا مات
انسان ولم يمكن غسله تيمم بالتراب كالحي عند جميع الفقهاء الا ما عن الأوزاعي ويدل عليه مضافا إلى عموم البدلية رواية زيد بن علي
عن ابائه صلوات الله عليهم ان قوما اتوا رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا يا رسول الله مات صاحب لنا وهو مجدور فقال يمموه وقد يناقش
في عمومات البدلية بأنها يدل عليه إذا كان المبدل المؤثر في رفع الحدث هو خصوص الماء دون الماء مع الخليط مع أن أدلة البدلية
ظاهرة في مقام رفع الحدث دون هذا الغسل المشروع لرفع خبث الميت وحدثه كما أنه قد يناقش في الرواية بضعفها ومعارضتها
بصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن (ع) في ثلثة نفر كانوا في سفر أولهم جنب والثاني ميت والثالث على غير وضوء وحضرت الصلاة
ومعهم ماء يكفي أحدهم من يأخذ الماء ويغتسل به وكيف يصنعون قال يغتسل الجنب ويدفن الميت وتيمم الذي عليه الوضوء لان
غسل الجنابة فريضة وغسل الميت سنة والتيمم للاخر جائز وضعف هذه المناقشات واضح للمتأمل إما ضعف المناقشة في
عمومات البدلية فلان قوله (ع) في صحيحة حماد هو بمنزلة الماء تدل على وجوب استعمال التراب حيث وجب استعمال الماء سواء كان
الواجب استعمال مطلق الماء أو استعمال ماء خاص كماء السدر والكافور والمضايقة في نسبة التطهير إلى الماء المصاحب للسدر
بدعوى اشتراك السدر معه في احداث الطهارة مخالف لما هو المركوز في أذهان المتشرعة من استقلال الماء في الطهورية ولما دل
على انحصار الطهور في الماء والتراب مثل قولهم (ع) هو أحد الطهورين وقولهم في بيان الطهور انما هو الماء والتراب ونحو ذلك
وحينئذ فيجب استعمال التراب بدل ماء السدر والكافور كما يجب بدل القراح مع أنه لو فرض فقد الخليطين فلا خلاف في وجوب استعمال
الماء القراح ولو في غسل واحد فمع تعذر الماء يجب بدله فيصير التيمم بدلا اضطراريا عن غسل اضطراري ويترتب عليه عدم
تطهير الميت به وعدم سقوط غسله عند التمكن من الماء والخليط نعم يمكن القول بسقوطه لو تمكن من الماء دون الخليط واما ضعف
المناقشة في سند الرواية فواضح بعد انجبارها من الشهرة المحققة واستفاضة حكاية الاتفاق واما المعارضة بصحيحة ابن
الحجاج فلان المروى في التهذيب هذه الرواية بطريق مرسل وسند الفقه وإن كان صحيحا الا ان الموجود فيه على ما حكى هو قوله (ع)
ويدفن الميت بتيمم وتيمم الذي عليه الوضوء فيخرج الرواية عن المعارضة إلى المعاضدة وكيف كان فلا اشكال في أصل المسألة
انما الاشكال والخلاف في وجوب تعدد التيمم بتعدد الأغسال كما عن التذكرة ومع صد؟ والروض وغيرها للاحتياط اللازم في المقام
وعموم كون التراب بمنزلة الماء أو يكفي تيمم واحد كما عن الذكرى للأصل وكون غسل الميت بمجموع غسلاته عملا واحدا بمنزلة غسل الجنابة
وظهور ما دل على كون الميت جنبا في أنه يكفي له ما يكفي الجنب من التيمم مع أن حكمة التعدد ظاهرة الاختصاص بصورة استعمال الماء
فهذا هو الأقوى وفاقا لجماعة من متأخري المتأخرين بل لظاهر النص وفتاوى الأصحاب كما شهد به في الذكرى وكشف اللثام والرياض
وإن كان الاحتياط لا ينبغي تركه والمعروف في كيفيته ان المباشر يضرب بيده فيمسح بها وجه الميت نظير المريض العاجز عن مسح يديه
على الأرض ولو بإعانة القادر وربما كان في هذا دلالة على خروج ضرب اليدين على الأرض عن مفهوم التيمم الا ان ظاهر المشهور عدة من أفعال التيمم فلعله يخص بمن يقدر على المسح بهما بحيث يسند إليه المسح فيكون قد تيمم بإعانة القادر دون من لا يقدر فتأمل
ويستحب في تغسيل الميت أمور منها وضعه على ساجة أو سرير بلا خلاف كما عن المنتهى بل مطلق ما يرفعه عن الأرض كما هو معقد
اجماع الغنية والظاهر أن ارتفاع المحل لئلا يعود ماء الغسل وكونه خشبا أو ساجة مستحبان حفظا لبدن الميت عن التلطخ؟ كما يظهر عن
جماعة منهم الشهيدان وفى رواية يونس إذا أردت غسل الميت فضعه على المغتسل مستقبل القبلة ويحتمل قويا ان يراد منه بيان
استحباب الاستقبال لا غير ويكون ذكر المغتسل لكونه الموضع المعد عادة للتغسيل كما يشهد به تسميته بالمغتسل فينحصر وجه الاستحباب
فيما ذكرنا من التعليل تبعا لجماعة ومنها ان يكون في حال الغسل مستقبل القبلة وفاقا للمحكى عن المحقق وأكثر الأصحاب بل عن
المشهور للامر به في عدة نصوص فظاهرها الوجوب كما عن ط؟ والمنتهى والدروس ولك؟ ومع؟ صد؟ وئق؟ ومجرد اشتمال الروايات على كثير من
المستحبات لا يوهن في الدلالة كما لا يوهنها حكاية الاجماع عن ف؟ والغنية والمعتبر على الاستحباب لأن الظاهر منها كونها في مقابل
من نفى رجحان الاستقبال على هذا الوجه نعم في الصحيح عن الميت كيف يوضع على المغتسل موجها وجهه نحو القبلة أو يوضع على
يمينه ووجهه نحو القبلة قال صلى الله عليه وآله يوضع كيف تيسر فإذا طهر وضع كما يوضع في قبره وظاهره عرفا التخيير فلا يصغى إلى ما قيل من
292

ان مدلول الرواية هو نفى وجوب المتعسر وهو كذلك قطعا ولا إلى ما قيل من أن المراد هو ايجاب ما تيسر من هيئتي الاستقبال الواردتين
في السؤال بالقول بالاستحباب لا يخلوا من قوة والاحتياط لا يترك ومنها ان يكون حال الغسل تحت الظلال للاتفاق المحكي عن التذكرة والمعتبر
ومع؟ صد؟ ولصحيحة علي بن جعفر (ع) عن الميت يغسل في الفضاء قال لا باس وان يستر أحب إلي وفى رواية طلحة بن زيد ويستحب ان يجعل
بين الميت وبين السماء ستر وعن المعتبر ان طلحة بن زيد وإن كان تبريا الا ان روايته منجبرة برواية علي بن جعفر واتفاق الأصحاب انتهى
وفى هذا الاعتذار دلالة على أنه لا يرى التسامح في أدلة السنن ومنها وقوف الغاسل على جانبه كما عن المقنعة وط؟ والمراسم والمنتهى
لقول الصادق (ع) ولا يجعله بين رجليه بل يقف على جانبه وصريح المحكي عن جماعة استحباب الوقوف على يمينه بل عن الغنية الاجماع عليه
ولعله لعموم رجحان التيامن والا فلم نعثر على نص فيه ولذا أنكره كاشف اللثام تبعا للمحقق وكأنهما لا يريان التسامح بمجرد فتوى المشهور
ومنها غمز بطنه وهو مستحبة في الغسلين الأولين أي قبلهما اجماعا على ما حكى عن ف؟ والغنية والمعتبر ومجمع البرهان لرواية الكاهلي
بل مرسلة يونس في الغسلة الثانية قيل ولعل الحكمة فيه ان لا يخرج منه من بعد الغسل لضعف الماسكة وعن الحلى انكار ذلك
ولا يستحب المسح في الثالثة اجماعا بل يكره لما فيه من النصوص لكثرة الخارج كما في الذكرى وهو كاف بعد الانضمام إلى فتوى جماعة بها بل
عن ف؟ الاجماع عليها وعن الفقه الرضوي ولا تمسح بطنه في الثالثة وعلى كل حال فلو خرج شئ غسل والمشهور لا يجب إعادة الغسل ولا
يجوز قياسه على الحدث الخارج من الحي في أثناء الغسل وان دلت الروايات على أنه كغسل الجنابة وسيأتي الكلام في ذلك والحكم لمذكور
ثابت في كل ميت الا الحامل التي مات ولدها في بطنها حذرا من الاجهاض وللنبوي صلى الله عليه وآله إذا توفت المرأة وأرادوا ان يغسلوها
فليبدؤا ببطنها ولتمسح مسحا رقيقا ان لم تكن حبلى وإن كانت حبلى فلا تحركها وفى ض؟ عن البيان لو اتفق الاجهاض بسببه لزم
الفاعل بستة عشر دية أمة واعترف بعض المعاصرين بعدم وجدان ذلك في نسخة البيان ومع ذلك فدليله غير واضح ومنها الذكر
لله تعالى حال الغسل ويتأكد الدعاء بما في رواية سعد الإسكاف عن مولانا الباقر (ع) أيما مؤمن غسل مؤمنا فقال إذا قلبه اللهم
ان هذا بدن عبدك المؤمن خرجت روحه منه وفرقت بينهما فعفوك عفوك الا غفر الله عز وجل له ذنوبه سنة الا الكبائر وفى مصححة إبراهيم بن عمرو عن الصادق (ع) ما من مؤمن غسل مؤمنا وهو يقول وهو يغسله يا رب عفوك عفوك الا عفى الله عنه ومنها صب الماء إلى حفيرة وليكن تجاه
القبلة لرواية سليمان بن خالد إذا غسل يحفر له موضع الغسل باتجاه القبلة وفى دلالتها على استحباب الاستقبال بالحفرة بل أصل
الحفر نظر بل الظاهر أنه في مقام بيان الاستقبال بالميت عند التغسيل الا ان الامر سهل وكيف كان فلا باس بارسال الماء في البالوعة
وهي موضع المعد لصب الماء ويكره ارساله في الكنيف وهو الموضع المعد لقضاء الحاجة لمكاتبة الصفار وفى الروض ان بالوعة
البول ملحقة بالكنيف ومنها تليين أصابعه برفق على المشهور بل عن المعتبر انه مذهب أهل البيت (على) لقوله (ع) في رواية الكاهلي ثم تلين
مفاصله فان امتنعت عليك فدعها وعن العماني المنع من ذلك لقوله (ع) إذا غسلتم ميتا فارفقوا به ولا تغمزوا له مفصلا وعن
الشيخ حمله على ما بعد الغسل ومنها غسل فرجه أي جنسه الشامل للقبل والدبر بماء ممزوج بالحرض بضمتين وهو الأشنان والسدر
امام الغسل الأول لقوله في الرواية المتقدمة فابدء بفرجه بماء السدر والحرض ويستحب أيضا غسل الفرجين بماء الكافور والحرض
قبل الغسل الثانية كما في ض؟ وعن مع؟ صد؟ لقوله في الرواية المتقدمة في بيان الغسل الثاني وابدء بفرجه بماء الكافور واصنع كما صنعت
أول مرة اغسله ثلاث غسلات بماء الكافور والحرض ومنه يعلم استحباب تثليث غسلات الفرج ومنها تكرار غسل كل عضو
من أعضائه ثلثا للرواية المتقدمة وعن الذكرى الاجماع على تثليث غسل أعضائه كلها من اليدين والفرجين والرأس والجنبين
ومنها ان يوضئ قبل الغسل وبعد إزالة النجاسة العرضية لصحيحة حريز الميت يبدأ بفرجه ثم يوضأ وضوء الصلاة ورواية
عبد الله بن عبيد يطرح عليه خرقة ثم يغسل فرجه ويوضأ وضوء الصلاة ونحوهما غيرهما وظاهرها الوجوب ولذا قال جماعة
مضافا إلى عموم قولهم (ع) في كل غسل وضوء ويضعف بان هذا كغسل الجنابة أو عينه فليس فيه وضوء والاخبار مع وهن دلالتها
لكثرة عطف المستحبات على الوضوء فلا يفيد أزيد من الرجحان محمولة على الاستحباب بقرينة خلو باقي الروايات السابقة عنه بل
دلالة بعضها على عدمه كرواية يعقوب بن يقطين قال سئلت العبد الصالح (ع) عن غسل الميت أفيه وضوء الصلاة قال غسل
الميت تبدأ بمرافقة فغسلها بالحرض ثم تغسل وجهه ورأسه بالسدر إلى آخره فان الاعراض عن ذكر الوضوء مع وقوع السؤال عنه كالصريح
في عدم وجوبه بل يظهر منه مضافا إلى خلو أكثر الأخبار المشتملة على المستحبات عنه وكونه كغسل الجنابة بل عينه عدم استحبابه
أيضا كما عن ظاهر الحدائق والسرائر والمراسم وعن ظ؟ قد روى أنه يتوضأ الميت قبل غسله فمن عمل به كان جائزا غير أن حمل الطائفة
على ترك العمل بذلك لان غسل الميت كغسل الجنابة ولا وضوء في غسل الجنابة والأقوى الاستحباب للاخبار وفتوى المشهور
293

والاحتياط ومنها ان ينشفه بعد الفراغ من غسله بثوب لروايات الحلبي ويونس وعمار ولئلا يسرع الفساد إلى الكفن بالبلل وعن المص؟
والمحقق الاجماع عليه وبقى من المستحبات أمور لم يذكره المص؟ هنا منها غسل يدي الميت ثلثا قبل الغسل اتفاقا كما عن جماعة بل قبل كل
واحد من الأغسال كما يظهر من مرسلة يونس ثم اغسل يده ثلث مرات كما يغتسل الانسان من الجنابة إلى أن قال في بيان الغسل بالكافور
وافعل به كما فعلت في المرة الأولى ابدأ بيديه ثم بفرجه إلى آخره ومنها غسل الغاسل يديه بعد كل غسل إلى المرفقين للمرسلة المتقدمة
ومنها غسل رأسه برغوة السدر فعن المعتبر اتفاق فقهاء أهل البيت (على) عليه وعلى غسل يديه بها الا ان ظاهر المرسلة الاقتصار على
الرأس ويظهر منها كون ذلك من الغسل الواجب فيكون فيه دلالة على جواز الغسل بمضاف الا ان في الاعتماد عليه في مقابل ظهور سائر الأخبار
في اعتبار اطلاق الماء اشكالا ومنها ان لا يقطع الماء في كل غسلة مستحبة أو واجبة حتى يتم غسل ذلك العضو نسبه في الحدائق
إلى الأصحاب وعن الذكرى حكايتها عن الإسكافي والجعفي والشيخ وعن المنتهى انه يستحب لمن يصب الماء ان لا يقطعه ومنها اغتسال الغاسل
قبل التغسيل حكى عن البحار نسبته إلى بعض الأصحاب وعن الفقه الرضوي توضأ إذا أدخلت الميت القبر واغتسل إذا غسلته ولا
تغتسل إذا حملته وفى الاستشهاد به ما لا يخفى ومنها ان يجعل في دبره شئ من القطن لئلا يخرج منه شئ لمرسلة يونس وعن ف؟
الاجماع عليه ومنها كثرة الماء لرواية الكاهلي ومنها الرفق بالميت للاخبار ومنها لف الغاسل على يديه خرقة ومنها فتق قميصه لينزع
من تحته قيل لأنه احفظ لا عالي الميت عن التلطخ بالثوب لو كان فيه نجاسة متيقنة أو محتملة وفى صحيحة ابن سنان ويخرق قميصه إذا غسل
وينزع من رجليه وظاهرها كون ذلك بعد التغسيل فيخالف العلة المذكورة وكيف كان فلا اشكال في استحباب فتق القميص إذا أريد
نزعه بلا خلاف ظاهر في ذلك وانما الخلاف في أن نزع الثوب وتغسيله مجردا مستور العورة مستحب كما عن صريح المعتبر وغيره بل عن المختلف وئق؟ انه المشهور
معللا في المعتبر كما عن التذكرة بان الثوب ينجس بما يخرج من الميت ولا يطهر بصب الماء فينجس الميت والغاسل أو المستحب تغسيله في قميصه كما
عن العماني مدعيا تواتر الاخبار على ذلك وظاهر المحكي عن الصدوق وصريح المدارك والحدائق وربما ينسب إلى ظاهر المختلف والذكرى لصحيحة ابن
مسكان وحسنة ابن خالد وان استطعت ان يكون عليه قميص تغسله من تحت القميص ومصححة ابن يقطين ولا تغسله الا في قميص وما
روى من تغسيل النبي صلى الله عليه وآله في قميصه أو انه مخير بينهما كما يظهر من عبارة مع؟ صد؟ وحكى عن ف؟ مع دعوى الاجماع عليه ولعله للجمع بين الاخبار
أقوال والمراد ان المراد بغسله في قميصه إن كان هو ترك القميص عليه بحيث يكون جميع بدنه مستورا به فلا دليل على استحبابه لان
الأخبار المذكورة محمولة على إرادة عدم التغسيل مجردا مكشوف العورة فلا ينافي تأدى وضعه ستر العورة بنزع القميص ووضع خرقة
على العورة كما في حسنة الحلبي إذا أردت غسل الميت فاجعل بينك وبينه ثوبا يستر عنك عورته إما قميصه أو غيره ونحوها الرضوي
مع أن صريح مرسلة يونس المعتضدة باجماع الخلاف استحباب كشف ما عدا العورة لأمرها بجمع القميص على العورة وان أريد به استحباب
ترك قميصه عليه لستر عورته بالنسبة إلى نزع القميص والستر بخرقة أخرى ولعله الظاهر من هذا القول حيث جعلوه في مقابل المشهور
القائلين باستحباب النزع والتجريد فلا ينافي هذا القول استحباب كون ما عدا العورة عاريا ففي استحبابه أيضا اشكال والأقوى
التخيير لحسنة الحلبي المعتضدة باجماع ف؟ لما عرفت من أن الأخبار الآمرة بغسله في قميصه مسوقة لبيان مرجوحية كونه مكشوف العورة
لا في مقابل الأعم منه وفى سترها بخرقة أخرى قال في ف؟ على ما حكى عنه يستحب غسله عريانا مستور العورة إما بقميصه أو ينزع
القميص ويترك على عورته خرقة وقال الشافعي يغسل في قميصه وقال أبو حنيفة ينزع قميصه ويترك على عورته خرقة دليلنا اجماع الفرقة و
عملهم انه مخير بين الامرين انتهى وربما يستظهر استحباب الغسل في القميص من الأخبار الواردة بتغسيل أحد الزوجين والمحارم من وراء
الثياب ويضعفه ان الظاهر عدم الخلاف في رجحان ذلك في تغسيل أحد الزوجين ولو فرض وجود الخلاف فينبغي القطع
بضعفه للاخبار الكثيرة المتقدمة ولذا ذهب كثير من الأصحاب إلى وجوبه هناك ثم إنه قد صرح المحقق والشهيد الثانيان وبعض من
تأخر عنهما بإذن الوارث في فتق القميص فلو لم يأذن أو كان غير أهل للاذن لم يجز وفيه اشكال من اطلاق الاذن من المالك الحقيقي
مع جريان السيرة على عدم الاستيذان وفى الضمان أيضا اشكال لاطلاق الإذن الشرعي فكان الوارث استحقه مفتوقا ويحتمل إباحة
الفتق مع الضمان جمعا بين أدلة الاستحباب والضمان ومنها ستر العورة بخرقة ونحوها مع امن اطلاع الغاسل وغيره عليه والا وجب
اجماعا على الظاهر المصرح به في محكى المعتبر والظاهر عدم استحباب ستر عورة الصبى الذي يجوز للنساء تغسيله مجردا لأن جواز نظر المرأة
يدل على جواز نظر الرجل كما عن المعتبر والتذكرة ومنها البدءة في غسل الرأس واللحية بالشق الأيمن نسبه في محكى المعتبر إلى فقهائنا وفى التذكرة
إلى علمائنا ويدل عليه رواية الكاهلي واعتذر في الأول عن ضعفها من جهة محمد بن سنان بعمل الأصحاب على مضمونها ويكره
294

في تغسيل الميت أمور منها اقعاده على المشهور بل نسبه في التذكرة إلى علمائنا وعن ف؟ الاجماع عليه واجماع العامة على استحبابه وعن الغنية
الاجماع على أنه لا يجوز ان يقعد الميت وظه؟ الحرمة كما عن ابن سعيد النص عليها ولعله لظاهر قوله (ع) وإياك ان تقعد وهو محمول على
الكراهة كما أن الامر باقعاده في رواية البقباق محمول على التقية كما عن جملة من الأصحاب تبعا للشيخ قدس الله اسرارهم ومنها قص أظفاره
وترجيل شعره أي تسريحه وجزه ونتفه على المشهور بل عن التذكرة والمعتبر الاجماع عليه وكذا عن ف؟ غير أنه ادعى الاجماع أولا على عدم الجواز كما عن
المنتهى نسبته إلى علمائنا وعن ط؟ والمقنعة التعبير بعدم الجواز الا ان الظاهر إرادة الجميع الكراهة نعم عن سيلة؟ والجامع التصريح بالتحريم و
قربه في ئق؟ ولعله لظاهر الأخبار المستفيضة منها مرسلة ابن أبي عمير لا يمس من الميت شعر ولا ظفر وان سقط منه شئ فاجعله في كفنه
ونحوها غيرها نعم وقع التعبير في غير واحد منها بالكراهة وهو لا ينافي التحريم والانصاف ان ليس للاخبار صارف عن التحريم الا اعراض
معظم الأصحاب عن ظاهرها فالاحتياط لا يترك البتة ثم لا فرق في اطلاق النصوص والفتاوى بين كون الأظفار طويلة أو قصيرة
ولا بين كون الوسخ تحتها وعدمه كما نص عليه في محكى المنتهى بل عن الشيخ الاجماع على عدم جواز تنظيفها عن الوسخ بالخلال وفى رواية
الكاهلي ولا تخلل أظفاره ومع ذلك فعن التذكرة انه ينبغي اخراج الوسخ من بين أظفاره بعودين وان شد عليه قطنا كان أولي
ودفعه في الذكرى باجماع الشيخ ورواية الكاهلي ولعل نظر المص؟ في التذكرة إلى مانعية الوسخ من جريان الماء ولا تنافى بين كراهة التنظيف
ووجوب دفع المانع فلعل المراد في الرواية وكلام الشيخ ما لم يبلغ حد المانعية وقال في ض؟ بعد حكاية اجماع الشيخ على تحريم
القص والترجيل وعلى تنظيف أظفاره من الوسخ بالخلال ان المشهور الكراهة في الأولين إما الوسخ تحت أظفاره فلا بد من اظهاره
انتهى وعلى كل حال فلو سقط شئ من ظفره وشعره بنفسه أو بمسقط فالمعروف انه يدفن معه كما عن المص؟
والشهيدين والمحقق الثاني وظاهر
المحكي عن المنتهى وهي انه قول علمائنا وعن ظاهر الذخيرة انه لا خلاف فيه وعن يه؟ للمص؟ الاجماع على انها تطرح في كفنه؟ وعن التذكرة لو سقط من
الميت شئ غسل وجعل معه في أكفانه باجماع العلماء ولان جميع اجزاء الميت في موضع واحد أولي انتهى وعن كاشف اللثام ان هذا
التعليل يعطى الاستحباب كما هو نص الجامع أقول والظاهر من التعليل أولوية كونها مع الميت لا أولوية أصل الدفن فإن كان
ما في الجامع كذلك فلا خلاف يظهر في وجوب أصل الدفن ويدل عليه مضافا إلى ما عن المنتهى وغيره من أنه جزء الميت فيدفن معه مرسلة
ابن أبي عمير السابقة ورواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الميت يكون عليه الشعر فيحلق عنه أو يقلم ظفره
فأجاب (ع) قال لا تمس منه شئ اغسله وادفنه وعن الأردبيلي التأمل؟ فيه لعدم صحة الخبر ولأنها ان يكن السؤال عن جواز حلق الشعر
وقلم الظفر فأجاب (ع) بالنهي عن مس شئ بل يغسل يعنى الميت ويدفن من غير تعرض لحلق شعره أو قلم ظفره وفيه نظر الا انه يبقى الاشكال
في أن المراد بالغسل المأمور به في الرواية هي الأغسال المعهودة بالمياه الثلاثة أو مطلق الغسل بالماء القراح تعبدا وإن كان مما
لم ينفعل بالموت ومن جملة المكروهات تغسيل الميت بالماء المسخن بالنار بلا خلاف وعن المنتهى نسبة إلى علمائنا للاخبار ومنها مصححة
ابن المغيرة عن الباقر (ع) والصادق (ع) لا يقرب الميت ماء حميما وظه؟ مطلق الحار الا انه يدعى انصرافه إلى ما حم بالنار وعن الصدوق انه
روى الا ان يكون شتاء باردا فتوقى الميت مما توقى منه نفسك وهو المستند لاستثناء جماعة صورة شدة البرد وظاهره مراعاة
جانب الميت الا ان المحكي عن الشيخ أنه قال لو خشى الغاسل من البرد انتفت الكراهة وحكى بعض المعاصرين عن بعض مشايخه تفسير
الرواية بما يوافقه يعنى توقى نفسك وتوقى الميت بل توقى نفسك ومنها الذحنة؟ بالعود وغيره عند الغسل على المشهور خلافا للجمهور
فاستحبوها وعن الباقر (ع) لا تقربوا موتاكم النار يعنى الدخنة وقول علي (ع) لا تجمروا الأكفان ولا موتاكم الطيب الا الكافور فان
الميت بمنزلة المحرم والنورد هنا حديثين يتضمنان واجبات الغسل وأكثر السنن المذكورة وكثيرا مما لم يذكر أحدهما ما في
مرسلة إبراهيم بن هاشم عن رجاله عن يونس عنهم (على) قال إذا أردت غسل الميت فضعه على المغتسل مستقبل القبلة فإن كان
عليه قميص فاخرج يده من القميص واجمع قميصه على عورته وارفعه من رجليه إلى فوق الركبة وان لم يكن عليه قميص فالق على عورته خرقة
واعمد إلى السدر فصيره في طشت وصب عليه الماء واضربه بيدك حتى ترتفع رغوته واعزل الرغوة في شئ وصب الأخر في الإجانة
التي فيها الماء ثم اغسل يده ثلاث مرات ثم اغسل فرجه ونقه ثم اغسل رأسه بالرغوة وبالغ في ذلك واجتهد ان لا يدخل الماء
منخريه ومسامعه ثم اضجعه على جانبه الأيسر وصب الماء من نصف رأسه إلى قدميه ثلاث مرات وادلك بدنه دلكا رقيقا وكذلك
ظهره وبطنه ثم اضجعه على جانبه الأيمن ثم افعل به مثل ذلك ثم صب ذلك الماء من الإجانة واغسل الإجانة بماء قراح واغسل يديك
إلى المرفقين ثم صب الماء في الآنية وألق فيه ثلاث حبات كافور وافعل به كما فعلت في المرة الأولى ابدأ بيديه ثم بفرجه وامسحه مسحا
295

رقيقا فان خرج منه شئ فانقه ثم اغسل رأسه ثم اضجعه على جانبه الأيسر واغسل جانبه الأيمن وظهره وبطنه ثم اضجعه على جنبه الأيمن و
اغسل جنبه الأيسر كما فعلت أول مرة ثم اغسل يديك إلى المرفقين والآنية وصب فيه الماء القراح واغسله بالماء القراح كما غسلت
في المرتين الأوليين ثم نشفه بثوب واعمد إلى قطن فذر عليه شيئا من حنوطه وضعه على فرجه قبله ودبره واحش القطن في دبره لئلا يخرج
منه شئ وخذ خرقة طويلة عرضها شبر فشد بها من حقويه وضم فخذيه ضما شديد أو لفها في فخذيه ثم اخرج رأسه من تحت رجليه إلى
الجانب الأيمن وغمزها إلى الموضع الذي لففت فيه الخرقة وتكون الخرقة طويلة تلف في فخذيه من حقويه إلى ركبتيه لفا شديدا والثاني
ما عن ابن محبوب عن محمد بن سنان عن عبد الله الكاهلي قال سئلت أبا عبد الله (ع) من غسل الميت فقال استقبل ببطن قدميه القبلة
حتى تكون وجهه مستقبل القبلة ثم تلين مفاصله فإذا امتنعت عليك قدعها ثم ابدء بفرجه بماء السدر والحرض فاغسله ثلث
غسلات وأكثر من الماء وامسح بطنه مسحا رقيقا ثم تحول إلى رأسه وابدء بشقه الأيمن ثم ثن بشقه الأيسر من رأسه ولحيته ووجهه
فاغسله برفق وإياك والعنف واغسله غسلا ناعما ثم اضجعه على شقه الأيسر ليبدو لك الأيمن فاغسله من قرنه إلى قدميه وامسح
يده؟ وظهره وبطنه ثلث غسلات ثم رده على جانبه الأيمن ليبدو لك الأيسر فاغسله لماء من قرنه إلى قدميه وامسح يدك على ظهره
وبطنه بثلث ثم رده على قفاه فابدء بفرجه بماء الكافور واصنع كما صنعت أول مرة اغسله ثلث غسلات بماء الكافور والحرض
وامسح يدك على بطنه مسحا رقيقا ثم تحول إلى رأسه واصنع كما صنعت أولا بلحيته من جانبيه كليهما ورأسه ووجهه بماء الكافور ثلث
غسلات ثم رده إلى جانبه الأيسر حتى يبدو لك الأيمن فاغسله من قرنه إلى قدمه ثلث غسلات وادخل يدك تحت منكبيه وذراعيه
ويكون الذراع والكف من جنبه ظاهرة كلما غسلت شيئا منه أدخلت يدك تحت منكبه وفى باطن ذراعيه ثم رده على ظهره ثم
اغسله بماء قراح كما صنعت أولا تبدأ بالفرج ثم تحول إلى الرأس واللحية والوجه حتى تصنع كما صنعت أولا بماء قراح ثم إذفره بالخرقة
ويكون تحته القطن فذفره به اذفارا قطنا كثيرا ثم تشد فخذيه على القطن بالخرقة شدا شديدا حتى لا يخاف ان يظهر شئ وإياك
ان تقعده أو تغمز بطنه وإياك ان تحشو في مسامعه شيئا فان خفت ان يظهر من منخريه شئ فلا عليك ان تصير ثم قطنا وان لم
تخف فلا تجعل فيه شيئا ولا تخلل أظفاره وكذلك غسل المراة الحديث والواجب من جميع ذلك ما تضمنه صحيحة سليمان بن خالد
قال سئلت أبا عبد الله (ع) كيف يغسل الميت قال بماء وسدر واغسل جسده كله واغسله أخرى بماء وكافور ثم اغسله أخرى
بماء قلت ثلث مرات قال نعم
فإذا فرغت من غسله وجب تكفينه كفاية بالاجماع بل الضرورة وفيه اجر جزيل والواجب ستره
في الكفن لا بذله وإن كان مستحبا مؤكدا ففي مصححة معوية بن طريف من كفن مؤمنا كان كمن ضمن كسوته إلى يوم القيمة ولا يعتبر فيه
نية التقرب وان توقف الثواب عليها وكذا التحنيط وفى الروض ان النية معتبرة فيهما لأنهما فعلان واجبان لكنه لو أخل بها لم
يبطل الفعل وهل يأثم بتركها؟ يحتمله لوجوب العمل ولا يتم الا بالنية لقوله (ع) لا عمل الا بنية وعدمه وهو الأقوى لان القصد
بروزهما في الوجود إلى أن قال ولكن لا يستبع؟ الثواب الا إذا أريد به التقرب انتهى ولا ريب ان ما قواه هو المتعين نعم ربما يقال
بحصول الثواب مع عدم النية لظواهر الأدلة ما لم ينو العدم وهو ضعيف واضعف منه ما ربما يحكى عن بعض من نسبته القول
بحصول الثواب مع نية العدم إلى الأردبيلي قده وما أبعد ما بنيه وبين ما اختاره بعض مشايخنا من توقف صحة التكفين
على النية فلو وقع من دونها وجب اعادته لأنه من التعبديات التي لا يعلم بحصول الغرض منها بمجرد الوجود الخارجي وكيف
كان فالواجب في الكفن ثلثة أثواب على المشهور بل عند الكل الا سلار فاكتفى بواحد ساتر للبدن ويرده مضافا إلى مسبوقيته
بالاجماع المحكي عن الخلاف والغنية وعرفته عن الذكرى والتنقيح الأخبار المستفيضة ففي رواية عبد الله بن سنان وليس فيها الا سهل بن
زياد عن أبي عبد الله (ع) قال الميت تكفن في ثلثة أثواب سوى العمامة والخرقة يشد بها وركيه لكيلا يبدو منها شئ والعمامة
والخرقة لابد منهما وليست من الكفن وفى موثقة سماعة قال سئلته عما يكفن به الميت قال ثلثة أثواب وفى رواية إسماعيل بن يونس
عن أحدهما (عل‍) قال الكفن فريضة للرجال ثلثة أثواب والعمامة والخرقة سنة وغير ذلك نعم في صحيحة زرارة المروية عن التهذيب قلت
لأبي جعفر (ع) العمامة للميت من الكفن قال لا انما الكفن المفروض ثلثة أثواب أو ثوب تام يوارى فيه جسده فما زاد فهو سنة إلى أن
يبلغ خمسة فما زاد مبتدع والعمامة سنة ولعلها مع الأصل مستند سلار وفيه مع مخالفتها لما عرفت انه تخيير في الواجب بين
الأقل والأكثر لا مع كون الأكثر مستحبا لأنه في مقام بيان ما عدا المستحبات ولا مع مغايرة بينهما بوجه كما في القصر والاتمام
فلذلك لابد إما من ارتكاب التأويل فيه يجعل أو تقسيما بالنسبة إلى حالتي الاختيار والاضطرار أو بجعل أو بمعنى
296

الواو فلا يخالف المشهور كما سيأتي واما من التزام زيادة همزة أو فقط ليوافق نسخة الكافي أو تمام كلمة العطف أو هو مع المعطوف
كما في الروض وعن كثير من نسخ الشيخ والجملة على الأولين مستأنفة يعنى ثوب من تلك الأثواب تام والمراد به اللفافة وكلمة تام
على الثالث خبر مبتدء محذوف أو بدل من ثلثة أثواب واما من حملها على التقية أو غير ذلك مما قيل وكيف كان هذه الرواية
لو لم تكن دليلا للمشهور فلا ينهض دليلا عليهم نعم لا اشكال في كفاية الواحد حال الاضطرار فإنه يبيح دفنه بغير كفن فببعضه أولي
وهذه الثلاثة أحدها ميزر بكسر الميم وسكون الهمزة وهو عندهم كما في الحدائق ما يستر ما بين السرة والركبة ويجوز كونه
إلى القدم بإذن الورثة أو الوصية النافذة واحتمل الاكتفاء بما يستر العورة لأنه شرع لسترها وهو ضعيف لوجوب حمل المطلق
على المتعارف وحكمة الحكم غير ملحوظة ويستحب ان يستر ما بين صدره وقدمه وكيف كان فهو متعين ولابد منه على المشهور بل عن ف؟ والغنية والمعتبر
والذكرى وقيح؟ الاجماع عليه لكن الظاهر أن معاقد الاجماعات في الثلاثة الأخيرة أصل التثليث في مقابل سلار لا خصوصيات الثلاثة
كما لا يخفى على من تأمل في عباراتهم ويؤيده ذكر القميص في معاقد الاجماعات مع أنهم يذكرون الخلاف فيه بل ربما يختار بعضهم عدم
وجوبه كالمحقق في المعتبر حيث قال الواجب منه يعنى الكفن ثلثة أثواب ميزر وقميص وازار هذا مذهب فقهائنا أجمع عدا سلار
ثم قال بعد ذلك اختلف الأصحاب في القميص فأوجبه الشيخان وعلم الهدى والوجه عندي ما ذكره ابن الجنيد من التخيير بين الأثواب الثلاثة
يدرج فيها الميت وبين قميص وثوبين انتهى ونحوه في دعوى الاجماع على الثلاثة ثم عنوان الخلاف في القميص الذكرى ولم يزد في قيح؟
على أن قال بعد قول الماتن والواجب فيه ميزر وقميص وازار إلى آخره اقتصر سلار على لفافة واحدة والاخبار والاجماع على خلافه انتهى
ولا يحضرني عبارتا ف؟ والغنية وكيف كان فيكفي في المسألة مضافا إلى نسبته إلى علمائنا في المنتهى بل اجماعي ف؟ والغنية قوله (ع)
يكفن المرأة في خمسة درع ومنطق وخمار ولفافتين فان المنطق هو ما يشد في الوسط فهو المئزر وإرادة لفافة الثديين بعيدة
جدا وعن الرضوي انه روى أنه يكفن الميت في ثلثة قميص ولفافة وازار وقريب منها الأخبار المشتملة على اعتبار الازار المنجبر قصور
سندها ودلالتها بما عرفت من نقل الاجماع بل عدم تحقق الخلاف إلى زمان صاحب المدارك وتلميذه الاسترآبادي وان نسب
الخلاف إلى الصدوق والإسكافي الا ان في النسبة ما سيأتي ففي صحيحة ابن سنان قال قلت لأبي عبد الله (ع) كيف اصنع بالكفن قال تؤخذ
خرقة فتشدها على مقعدته ورجليه قلت فالإزار قال إنها لا تعد شيئا انما تضع لتضم ما هناك لكيلا يخرج منها شئ وما يضع من
القطن أفضل منها ثم يخرق القميص إذا غسل وينزع من رجليه الحديث بناء على أن الراوي توهم كفاية الخرقة عن الازار فرده (ع) بان
الخرقة لا يعد شيئا من الكفن بل هو لحفظ الميت عن أن يخرج منه شئ وحاصله ان الازار لابد منه والإزار الميزر كما عن الصحاح
وغيره وإن كان المراد به في كلام أكثر الأصحاب اللفافة الشاملة كما هو المتعارف الان في عرف العرب وحكى أيضا عن بعض أهل اللغة
الا ان المتتبع في الاخبار المتفرقة هنا وفى آداب دخول الحمام وما ورد في الاستمتاع من الحايض إذا اتزرت بازار وفى كراهة الاتزار
فوق القميص وغير ذلك يتضح عنده ان المراد به منه الميزر مع أن الازار بالمعنى الأخر هو الثوب الشامل البدن ما عدا الرأس وهي
الملحفة ومنه يظهر الاستدلال برواية معوية بن وهب وفيها سهل وأمره سهل عن أبي عبد الله (ع) قال يكفن الميت في خمسة أثواب
لا يذر عليه وازار وخرقة يعصب بها وسطه وبرد يلف فيه وعمامة يعمم بها ويلقى فضلها على صدره وفى رواية الشيخ على وجهه بناء
على دلالة الاجماع والاخبار على عدم وجوب الخرقة والعمامة بل عدم عدهما من الكفن فبقى القميص والإزار واللفافة وعرفت ان
الازار هو الميزر ورواية يونس بن يعقوب عن أبي الحسن الأول (ع) قال سمعته يقول انى كفنت أبى في ثوبين شطويين كان يحرم
فيهما وفى قميص من قمصه وعمامة كانت لعلي بن الحسين (ع) فان الظاهر أحد ثوبي الاحرام هو الازار والمرادف للميزر الا ان التكفين
فيه لا يستلزم الاتزار به فهذه الرواية ونحوها غير مجدية في المقام ومن جميع ذلك يظهر ضعف ما عن الأردبيلي قده من التأمل
في مستند المشهور وتعدى عن ذلك صاحب المدارك فخالف المشهور وافرط تلميذه المحدث الاسترآبادي وبالغ في الطعن على المشهور في
ايجاب الميزر وتبعهم جماعة قال في المدارك ان المستفاد من الاخبار اعتبار القميص والثوبين الشاملين للجسد أو الأثواب الثلاثة
وبمضمونها افتى ابن الجنيد في كتابه فقال لا باس ان يكون الكفن ثلثة أثواب يدرج فيها ادراجا أو ثوبين وقميصا وقريب
منه عبارة الصدوق في الفقيه فإنه قال والكفن المفروض؟ ثلثة قميص وازار ولفافة سوى العمامة والخرقة فلا يعدان من
الكفن وذكر قبل ذلك أن المغسل للميت قبل ان يلبسه القميص بأخذ شيئا من القطن ويذر عليه ذريرة ويجعل شيئا من القطن
على قبله ويضم رجليه جميعا ويشد فخذيه إلى وركيه بالميزر شدا جيدا لئلا يخرج منه شئ ومقتضاه ان الميزر عبارة
297

عن الخرقة المشقوقة التي يشد بها الفخذان والمسألة قوية الاشكال ولا ريب ان الاقتصار على القميص واللفافين أو الأثواب الثلاثة
الشاملة للجسد مع العمامة والخرقة التي يشد بها الفخذان أولي انتهى أقول إما الأخبار الدالة على اعتبار ثلثة أثواب أو ثوبين ما
عدا القميص فلا يدل على اعتبار شمول ما عدا القميص إذ الثوب غير مأخوذ فيه الشمول للبدن ولذا كان القميص أحد الأثواب من غير
تجوز بل ظاهر صحيحة زرارة وصريح صحيحة معوية بن وهب المتقدمتين كون العمامة والخرقة من الأثواب الخمسة وليس هنا دليل اخر
على اعتبار شمول ما عدا اللفافة لا خصوصا عدا ما يتخيل من حسنة حمران ثم يكفن بقميص ولفافة وبرد يجمع فيه الكفن ولا عموما عدا
ما يتخيل من عمومات وجوب الكفن في الأثواب بدعوى ظهور لفظ الثواب أو التكفين فيه في الثوب الشامل ويضعف الأول ان اللف
لا يستلزم الشمول والثاني بمنع ظهور ما ذكر في الثوب الشامل كما عرفت ومنه يظهر ما في المحكي عن الذخيرة حيث قال إن غاية توجيه
القول المشهور ان في بعض الأخبار انه يلف به الازار ثم اللفافة فيكون المراد به الميزر لا ما يلتحف به فإنه فوق الثياب وفيه تكلف مع أنه
على تقدير التسليم لا يكفي لتخصيص الأخبار السابقة والمسألة محل اشكال انتهى وفيه مع ما تقدم سابقا في معنى الازار انه
أي عموم دل على اعتبار شمول الأثواب الثلاثة للبدن حتى يحتاج اخراج الازار إلى مخصص ومنه يظهر ما في استنهاض صاحب المدارك
لكلام ابن الجنيد حيث عبر مما عدا القميص بالثوب ان أراد من ذلك نسبة اعتبار شمول ما عدا القميص للبدن إليه إذ قد عرفت ان ذكر
الثوب لا يدل على الشمول والا فاستنهاضه لكلام المحقق في المعتبر أولي لأنه ذكر في مسألة القميص ان الوجه ما قاله ابن الجنيد من
كذا وكذا إلى اخر عبارة ابن الجنيد نعم ربما حكى بعض نسبة هذا القول إلى المعتبر بل والى ظاهر العماني والصدوقين والجعفي وعبائرهم
المحكية لا تدل عليه ثم إن هنا قولا ثالثا حكى عن بعض المعاصرين وهو التخيير بين الميزر والثوب الشامل وكانه للعمل بالمطلقات
أو للجمع بين المقيدات أو لطرح الكل والرجوع إلى البراءة وفى الجميع نظر والثاني من الأثواب قميص والمراد به الواصل إلى نصف الساق
لأنه المتعارف في ذلك الزمان ولا عبرة بغير المتعارف أو المتعارف في غير ذلك الزمان أو عند غيرهم نعم يجوز كونه اقصر بقليل
بحيث لا يخرج عن المتعارف وان صدق انه قميص قصير إذ لا يخرج عن المتعارف بمجرد القصور نعم كونه إلى القدم أو قريبا منه لا يجوز
الا بإذن الورثة أو الوصية النافذة وتعيين القميص هو المشهور بل عن ف؟ والغنية الاجماع عليه للأصل والأخبار الكثيرة وعن الإسكافي
التخيير بينه وبين ثوب شامل واستوجهه المحقق في المعتبر وقد تقدمت عبارتهما وتبعهما الشهيد الثاني وجمع ممن تأخر عنهم
لرواية محمد بن سهل عن أبيه قال سألت أبا الحسن (ع) عن الثياب التي يصلى فيها ويصوم أيكفن فيها قال أحب ذلك الكفن يعنى قميصا
قلت يدرج في ثلثة أثواب قال لا باس والقميص أحب إلي وأرسل الصدوق عن أبي الحسن (ع) في الرجل يموت أيكفن في ثلثة أثواب بغير قميص
قال لا باس والقميص أحب إلي والظاهر أن هذه الرواية السابقة أرسلها الصدوق منقولة بالمعنى وكيف كان ففي
التعويل على ظاهرها
في الخروج عن ظاهر الروايات اشكال فالأحوط بل الأقوى تعين القميص والثالث منها ازار وهو ثوب شامل للبدن وقيل لابد من
زيادة على ذلك بحيث يمكن شدها من قبل رأسه ورجليه والواجب فيها عرضا ان يشمل البدن كذلك ولو بالخياطة وفى الفرق بين الطول
والعرض نظر فالاكتفاء بالخياطة في الأول أيضا له وجه واعتباره مما لا خلاف فيه نصا وفتوى وان خلى بعض الأخبار عن ذكره لوضوح
اعتباره ثم إنه ذكر المحقق الثاني انه يراعي في جنس هذه الأثواب المتوسط باعتبار اللائق بحال الميت عرفا فلا يجب الاقتصار على أدون
المراتب وان ماكس الوارث أو كانوا صغارا حملا لاطلاق اللفظ على المتعارف واستحسنه في الروض لان العرف هو المحكم في أمثال
ذلك مما لم يرد فيه تقدير شرعي وتبعهما على ذلك غير واحد من متأخري المتأخرين ولعل مستنده ما يستفاد من أدلة استحقاق
الميت من ماله الكفن فان المتبادر منه هو الكفن اللايق بحاله الذي لا يوجب مهانته في انظار الناس كما يستحق المفلس من ماله اللباس
اللايق فلو لم يكن في الكفن اللايق الا مزية دنيوية واعتناء دنيوي بالميت كفى استحقاقه له من ماله كيف وقد ورد في كثير من الاخبار رجحان
إجادة الكفن وكونه ونية للميت وان الموتى يتباهون بأكفانهم والحاصل ان الكفن عرفا وشرعا احترام الميت واعتناء به في الدنيا
والآخرة فهو أولي بمراعاة الشارع كونه لايقا بحال الميت من اللباس الدنيوي المراعى فيه ذلك وبما ذكرنا يظهر ما عن المحكي عن
الأردبيلي من المناقشة في الحكم المذكور من حيث عدم الدليل على جواز ذلك مع نزاع الورثة أو كونهم صغارا ثم قال الا ان يستفاد
ذلك من جواز اخذ ما يصدق عليه الكفن ومن العرف انتهى وفيه ان أدلة جواز ما يصدق على؟؟ الكفن يوجب جواز مزاحمة الوارث إذ ليس للولي
أو غيره ممن يباشر أمور الميت الا تجهيزه الواجب وحيث يتحقق بغير ذلك الكفن فلا سلطان له على الوارث في الزايد مع أن ما ذكره
يوجب جواز التكفين بل مطلق التجهيز بما فوق اللايق وان لم يأذن الوارث فما ذكره أخيرا من الرجوع إلى العرف هو الأجود بالتقريب
298

الذي ذكرنا نعم لو اختار الولي التكفين بالأدون لم يكن اثما وكان الباقي للورثة لان أدلة وجوب التكفين لم يوجب التكفين الا
بمطلق ما يصدق عليه الكفن ولا ينافي ذلك ما ذكرنا من استحقاق الميت للكفن اللائق فتدبر ثم إنه هل يعتبر في كل ثوب من
الثلاثة ان لا يكون حاكيا كما في الروض تبعا لجامع صد؟ لأنه المتبادر من اطلاق الثوب أو يكفي ستره بالمجموع لحصول غرض
التكفين به أم لا يعتبر ذلك أيضا للأصل والاطلاق وجوه بل أقوال خيرها أوسطها لعدم الدليل على الأول والتبادر غير مسلم
بحيث يعتنى به في رفع اليد عن الاطلاق واما ما سيجيئ من اعتبار كون ما يكفن به مما يصلى فهى ضابطة لبيان جنس الكفن لا
وصفه ويندفع الثالث مضافا إلى شذوذه بل عدم القول به الا من بعض متأخري المتأخرين بما علم أن مقصود الشارع من
التكفين هو ستر البدن كما نبه عليه في ظاهر صحيحة زرارة أو ثوب يوارى فيه جسده كله وان قيل إن المراد بالموارات هنا إحاطة
الكفن بالجسد لكن إرادة الإحاطة لا ينافي ارادتها على وجه الستر تحقيقا لمعنى الموارات مضافا إلى ما عن علل الفضل من أنه
انما أمر بالتكفين ليلقى ربه طاهر الجسد ولئلا تبدو عورته لمن يحمله أو يدفنه ولئلا يظهر على الناس بعض حاله وقبح منظره
ولئلا يقسو القلب بالنظر إلى مثل ذلك للعاهة والفساد ولان يكون أطيب لا نفس الاحياء ولئلا يبغضه حميمه فيلغى ذكره ومودته
ولا يحفظ فيما خلفه واوصى به وأمره به وأحب ويعتبر في الأثواب كونه بغير الحرير المحض اجماعا على الظاهر المحكي عن جملة من العبائر
ويدل عليه مضافا إلى الكلية الآتية من اعتبار كون الكفن من جنس ما يصلى فيه الرجل خصوص مضمرة ابن راشد التي عدها في
الذكرى من المقبولات قال سئلته عن ثياب تعمل بالبصرة على عمل العصب اليماني من قز وقطن هل يصلح ان يكفن فيه الموتى قال إذا
كان القطن الكثر فلا باس ويؤيدها الأخبار الناهية عن التكفين بكسوة الكعبة مع التصريح فيها بجواز بيعها وهبتها ورجحان التبرك
بها فالظاهر أن النهى ليس الا لكونها من الحرير وظاهر النصوص وكثير من معاقد الاجماع بل صريح اجماع الذكرى كالاجماع الذي استظهره
كاشف اللثام هو عدم الفرق في هذا الحكم بين الرجل والمرأة فما احتمله المص؟ في المحكي عن يه؟ والمنتهى عن جواز تكفين المرأة به محل نظر
وإن كان يشهد له ما سيجئ من عموم تنزيل الميت منزلة المحرم منضما إلى ما دل على جواز احرام المرأة في الحرير وهذا أولي مما استند
إليه هو ره من استصحاب جواز لبسه لهن وكيف كان فظاهر المص؟ وجماعة حيث اقتصروا على المنع من الحرير عدم المنع من مطلق ما
لا يجوز الصلاة فيه كاجزاء ما لا يؤكل لحمه واستجوده بعض من حيث عدم الدليل على هذه الكلية وانما منع من الحرير لما تقدم
من النص والاجماع كما منع من المتنجس لأجلهما أيضا واما المغصوب فلا يختص تحريم التصرف فيه بالتكفين لكن في الغنية كما عن ير؟
والكا؟ لأبي الصلاح وسيلة؟ وفع؟ وعد؟ والشهيدين والمحقق الثاني هو اعتبار هذه الكلية بل استظهر من كلمات الثلث
الأخيرة كون المسألة من المسلمات ولذا قال المحقق الأردبيلي فيما حكى عنه واما اشتراطهم كون الكفن من جنس ما يصلى
فيه وكونه غير جلد فكان دليله الاجماع انتهى بل صرح بدعواه في الغنية وربما استدل عليه أيضا بأصالة الاشتغال بناء على
عدم اطلاق في أدلة التكفين ووجوب الرجوع في أمثال المقام عند فقد الاطلاق إلى الاحتياط والأقوى الاستدلال
عليه برواية محمد بن مسلم عن الصادق (ع) قال قال أمير المؤمنين (ع) لا تجمروا الأكفان ولا تمسوا
موتاكم الطيب الا الكافور فان الميت
بمنزلة المحرم ورواها في المحكي عن العلل عن أبيه عن سعد عن محمد بن عيسى عن القسم بن يحيى عن جده الحسن بن راشد عن الصادق (ع)
دلت على تنزيل الميت في كل الاحكام منزلة المحرم فإذا انضم إليه ما ورد في الاحرام من وجوب كون ما يحرم فيه من جنس ما
يصلى فيه كحسنة حريز بابن هاشم كل ثوب يصلى فيه فلا باس ان تحرم فيه دل على وجوب كون الكفن مما يجوز الصلاة فيه ودعوى
ان جعل الإمام (ع) هذا التنزيل علة لكراهة امساس الطيب وتجمير الأكفان دليل على كون التنزيل على جهة الاستحباب
بمعنى انه ينبغي ان ينزل الميت منزلة المحرم لا انه كذلك لزوما والا لحرم امساسه الطيب كما يحرم امساس من مات محرما الكافور
ممنوعة بعد فرض تسليم عدم حرمة وضع الطيب على الميت كما سيجيئ وهذا بخلاف التلبس بثوب الاحرام فإنه من أركان الاحرام
فتنزيل الميت منزلة المحرم يدل على وجوب كسوته إياه وجعل الميت منزلة المحرم لا يوجب حرمة الامساس وانما يوجب كراهته
من حيث إنه في صورة التعريض للطيب واما عدم امساس من مات محرما بالكافور فهو حكم شرعي وليس العلة فيه مراعاة كونه
محرما حال الحياة ولذا لا يراعى فيه سائر تروك الاحرام وكيف كان فلا يحيص عما عليه المشهور وادعى عليه الاجماع وهل يعتبر
مع ذلك أن لا يكون من الجلود كما صرح به جماعة منهم الشهيد في الذكرى بل يظهر من عبارة الأردبيلي المتقدمة بل ظاهر عبارة
الغنية كونها مظنة الاجماع والا أقوى ذلك لأدلة اعتبار كون الكفن ثوبا حيث إن المتبادر منه وضعا أو انصرافا ما
299

عد الجلود والظاهر جواز كونه من صوف ما يؤكل لحمه ووبره على المشهور خلافا للمحكى عن الإسكافي فمنعه في الوبر وربما يحكى عنه المنع عن الشعر
أيضا وعلى كل حال فلا دليل إليه مع صدق الثوب وعن الرياض الاجماع على جواز الصوف ويؤيده بعد الأصل والاطلاقات الرضوي والظاهر أنه
لا يعتبر كونه منسوخا لصدق الثوب على الملبود ويظهر ممن استند المنع عن الجلد إلى أن المتبادر من الثوب هو المنسوج كالمعتبر والمدارك
اعتبار النسج وفيه نظر واما اعتبار طهارة الأثواب فيدل عليه مضافا إلى الكلية المتقدمة الا ان يراد بها بتعين الجنس لا الوصف كما
تقدم في اعتبار الساترية والى الاجماع المحكي عن المعتبر والتذكرة والذكرى ما سيأتي من وجوب إزالة النجاسة عن الكفن مع الامكان هذا كله
مع الاختيار ومع الاضطرار فلا ريب في المنع في المغصوب واما غيره ففي الذكرى ان فيه وجوها ثلثة المنع لاطلاقه والجواز لئلا يدفن رعايا
مع وجوب ستره ولو بالحجر ووجوب ستر العورة حالة الصلاة ثم ينزع بعد وحينئذ فالجلد مقدم لعدم صريح النهى فيه ثم النجس لعروض المانع
ثم الحرير لجواز صلاتهن فيه اختيارا انتهى وعن مع؟ صد؟ استظهار الفرق بين النجس وغيره فأجاز الأول لعدم وجوب نزعه عن الميت لو
استوعب الكفن وتعذر غسله وقرضه ولأنه ايل إلى النجاسة عن قريب فأمره أخف ومنع في الثاني لاطلاق أدلة المنع كما عرفت في الحرير مع
الامر بنزع الجلود عن الشهيد ثم قال ولو اضطر إلى ستر عورته للصلاة ولم يوجد الا الممنوع منع أمكن الستر بأحد هذه الأشياء من
غير ترتب لعدم الدليل عليه مع احتمال وضعه في القبر على وجه لا ترى عورته ثم يصلى عليه انتهى وتوقف في البيان بين ما لو دار بين غير المأكول
والحرير والمتنجس وعن الرياض التفرقة بين ما منع عنه للدليل على جوازه وهو مبني على استناده في المنع عما لا يؤكل لحمه إلى أصالة
الاشتغال وتوقيفية التكفين وقد عرفت الدليل على العدم وفى الجميع نظر فالأظهر وجوب الستر بكل واحد من هذه عند الانحصار
لما استفيد من اخبار علة تكفين الميت ومن كون حرمته ميتا كحرمته حيا ومن أن أصل ستر بدن الميت مطلوب مضافا إلى اطلاق ثلثة
الأثواب في بيان الكفن الواجب وانصراف أدلة المنع عن المذكورات إلى حال الاختيار ولو قلنا بعدم الوجوب فالظاهر الجواز بإذن الوارث
وعدم الحرمة إذ مع قصد الاحتياط لا يعد ذلك إضاعة للمال ولا تشريعا هذا كله مع الانحصار في واحد واما مع وجود اثنين منها أو
ثلثة فالأقوى تقديم الثواب النجس على الحرير وغير المأكول لاطلاق دليل المنع فيهما وعدم شمول دليل اعتبار الطهارة لما نحن فيه
إما لكون العمدة نقل الاجماع المنفى في المقام واما لأنه وإن كان دليلا لفظيا مطلقا الا ان تقييد الثوب بالطاهر متأخر عن تقييده
بكونه غير حرير أو مما يجوز الصلاة لا بمعنى الترتيب في التقييد اللفظي ضرورة عدم الترتيب في ورود القيود على مطلق واحد بل بمعنى
ان الملحوظ في نظر الشارع اعتبار وصف طهارة الثوب بعد اعتبار كون ذاته مما يجوز فيه الصلاة بمعنى انه اعتبر كون هذا الجنس
الخاص من الثوب طاهرا في حال الاختيار والمفروض عدم التمكن في المقام من هذا الجنس الخاص الطاهر فيجوز هذا الجنس الخاص وان
لم يكن طاهرا وقد أوضحنا ذلك في لباس المصلي عند تحقيق معنى قول الشهيدان فوات الوصف أولي من فوات الموصوف فيما لو دار الامر بين
المتنجس وغيره وقد أشار إلى هذا المطلب هنا أيضا بقوله ثم النجس لعروض المانع وتفصيله ما ذكرنا لا ما يتوهم من أن هذا يعنى ترخيص
الممنوع عنه لوصفه عند دوران الامر بينه وبين الممنوع عنه لذاته أمر اعتباري لا يساعده دليل واما لو دار الامر بين الحرير وغير المأكول
ففيه اشكال ولا يبعد تقديم الثاني للرجال والأول للنساء ولو دار الامر بين جلد المأكول وبين ثوب الحرير فعن البيان تقديمه
على الحرير ولعله لاطلاق حرمة الحرير والا فالجلد لا يطلق عليه الثوب بخلاف غير الحرير فيجب تقديمه وحمل اشتراط عدم الحرير به في الثوب
على حال الاضطرار ومن هنا يعلم تقديم الثوب من غير المأكول على جلد المأكول لأنه لا يعد ثوبا الا ان يستفاد من كلمات الشارع
أهمية كونه مما يؤكل من كونه ثوبا وان اعتبار الثوبية لأجل الاقتصار في أوامر التكفين عليه لا لأجل المنع عن غيره ولعله لذا حكم
في ضه؟ بتقديم الجلد على الكل حيث قال إما مع العجزة فيجرى كل مباح لكن يقدم الجلد على الحرير وهو على غير المأكول من وبر وشعر و
جلد ثم النجس ويحتمل تقديمه على الحرير وما بعده وعلى غير المأكول خاصة والمنع من غير جلد المأكول مطلقا انتهى ويجب تحنيطه
قبل التكفين كما عن عد؟ وغيره لظاهر قولهما (عل‍) في مصححه إذا حففت الميت عمدت إلى كافور مسحوق فمسحت به اثار السجود ونحوها خبر يونس
وفى المحكي عن الدعائم إذا فرغ من تغسيله نشفه بثوب واجعل الكافور في موضع سجوده وجبهته وانفه ويديه وركبتيه ورجليه
ونحوها الرضوي إذا فرغت من غسله حنطه بثلاثة عشر درهما وثلث وقيل بعد التأزير بالميزر كما عن صريح المراسم والمنتهى ونهاية الاحكام
والسرائر وظاهر ط؟ ويه؟ والمقنعة وسيلة؟ بل قيل كلام المقنعة والمراسم والمنتهى يعطى التأخير عن التباس القميص أيضا وعن الصدوق انه بعد التكفين
حيث قال فإذا فرغ من تكفينه حنطه ولهو؟ المحكي عن عبارة الرضوي ومال إلى التخيير بعض المعاصرين تبعا لكاشف اللثام وهو ان
يمسح مساجده بالكافور على المعروف من مذهب الأصحاب كما في المدارك بل اجماعا كما عن ف؟ والغنية والمنتهى والتذكرة والروض
300

ويدل عليه ظاهر غير واحد من الاخبار الا ان الأولى التمسك بالاجماعات المستفيضة بل الاجماع المحقق نعم حكى كاشف اللثام عن ط؟
سم؟ استحبابه به قيل كأنه لاحظ اخر كلامه الموهم لذلك والا فأول كلامه ظاهر في الوجوب وتأمل فيه المحقق الأردبيلي قده والمراد بالمساجد
هي المساجد السبعة التي يجب السجود عليها وعن العماني والمفيد والقاضي والحلبي والمص في المنتهى الحاق طرف الأنف الذي يرغم به
ولعله لظاهر الامر بامساس المساجد مضافا إلى رواية الدعائم المتقدمة لكمها ضعيفة وموثقة عبد الرحمن بن أبي عبد الله عليه السلام
قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الحنوط فقال اجعله في مساجده مع ورودها في مقام البيان لكن الظاهر من المساجد في الموثقة
الواجب منها لان الارغام قد يتحقق وقد لا يتحقق الا ان الاحتياط مما لا يترك وعن الصدوق في الفقيه انه يجعل على بصره وانفه
وعلى مسامعه وفيه ويديه وركبتيه ومفاصله كلها وعلى اثر السجود منه ويشهد له الروايات المنضمة بعضها إلى بعض الا ان الأقوى
حمل ما لم يرد عنه النهى بالخصوص على الاستحباب لخلو الأخبار البيانية كالموثقة المتقدمة بل أكثر الاخبار عنها وفى مرسلة يونس
ثم اعمد إلى كافور مسحوق فضعه على جبهته موضع السجود وامسح بالكافور على جميع مفاصله من قرنه إلى قدمه وفى رأسه وفى عنقه
وفى منكبيه ومرافقه وفى كل مفصل من مفاصله من اليدين والرجلين وفى وسط راحتيه إلى أن قال ولا تجعل في منخريه و
لا في بصره ولا في مسامعه ولا على وجهه قطنا ولا كافورا ونحوه في النهى الرضوي بزيادة الفم وفى حسنة حمران ولا تقربوا اذنيه
شيئا من الكافور وفى رواية عثمان النواء ولا تمس مسامعه بكافور ومصححة البصري لا يجعل في مسامع الميت حنوطا و
عن ف؟ الاجماع على أنه لا يترك على انفه ولا اذنه ولا عينيه ولا فيه شئ من ذلك فالأقوى كراهة الموضع في المسامع والبصر والمنخرين
وحمل اخبار الرجحان على التقية كما قيل نعم لا باس بالقول باستحباب ما عدا هذه المواضع مما تضمنه الاخبار وهي الصدر وفاقا
للمشهور لروايتي زرارة والحلبي وفيهما ذكر المفاصل كلها والرأس واللحية كما في رواية يونس المتقدمة من دون ذكر اللحية كما أن
فيها ذكر العنق والمنكبين والمرافق ومنها باطن القدمين وموضع الشراك منهما كما في رواية الحسين بن مختار وظهر الكفين كما في
رواية سماعة ويجتزى في الكافور بأقله لاطلاق الاخبار الا انها بين مشتمل على موضع وبين صريح في وضعه عليه فالظاهر وجوب
وضعه عليه على وجه المسح حملا للمطلق على المقيد ثم إن التحديد بأقل المسمى هو المشهور بل عن صريح الرياض وظاهر المعتبر والمدارك والمفاتيح
انه لا خلاف في كفاية المسمى وان الاختلاف الآتي انما هو في أقل الفضل بل وربما وقع التصريح به في معاقد الاجماعات الا ان
الظاهر أنها مسوقة لدعوى الاجماع على أصل وجوب التحنيط والتعبير بالأقل أو المسمى أو بما تيسر من فتوى ناقل الاجماع لامن معقده
ودعوى عدم الخلاف في المسمى موهونة بما يظهر من الذكرى ومع؟ صد؟ والروض من وقوع الخلاف في تقدير الواجب وأوهن من ذلك
التمسك لذلك بالاطلاقات إذ لا يخفى على الناظر فيها ظهور كونها مسوقة لبيان حكم اخر واما التمسك بقوله (ع) في الموثقة ويجعل
شيئا من الحنوط على مسامعه ومساجده وشيئا على ظهر الكفين (ففيها مع اشتمالها على ذكر السامع ولا نقول به انها لا يدل الا على كفاية المسمى في كل من المسامع والمساجد وظهر الكفين صح)؟ لاعلى كفايته في المجموع فيحتمل ان يكون مقدار الحنوط معلوما عند
الشخص فأمره بوضع شئ منه على كذا وشئ على كذا وحاصل المعنى عدم وجوب المداقة في التسوية بين المواضع لا كفاية المسمى
لأجل الحنوط فالانصاف يقتضى الاعتراف بعدم العثور في كفاية المسمى على ما يطمئن به النفس بعد فرض القول بوجوب الاحتياط
في مثل المقام مما قطع فيه بالتكليف سيما مع مرسلة ابن أبي نجران عن أبي عبد الله (ع) أقل ما يجزى من الكافور للميت مثقال
وظاهر الصدوق في الفقيه العمل بمضمونها وظاهر الذكرى نسبته إلى الشيخين والإسكافي وفى رواية أخرى لابن أبي نجران مثقال و
نصف وهي أقوى سندا من الأولى الا ان القائل بها غير معلوم نعم عن الجعفي مثقال وثلث لكن العمل بها أحوط وأشد احتياطا
العمل بالأولى وإن كان القول المشهور لا يخلوا عن قوة لأصالة البراءة على المختار من جريانها في أمثال المقام وضعف الروايات فيحمل
على الاستحباب كما عن المعتبر ووجوب التحنيط ثابت لكل ميت الا المحرم فلا يجوز تحنيطه ولا وضع الكافور في ماء غسله بل يدفن
بغير كافور بلا خلاف كما عن المنتهى ومع؟ صد؟ بل اجماعا كما عن ف؟ والغنية لمصححة محمد بن مسلم يغطى وجهه ويصنع به ما يصنع بالمحل غير أنه
لا يقربه طيبا ولموثقة سماعة يغسل ويكفن في الثياب كلها ويغطى وجهه ويصنع به كما يصنع بالمحل غير أنه لا يمس الطيب ونحوهما
الروايات الحاكية لفعل مولانا الحسين (ع) بعبد الرحمن بن الحسن (ع)؟ حيث مات محرما في موضع يقال له الايواء ولولا الاجماع على
عدم جواز تغسيله بماء الكافور أمكن الخدشة فيه من حيث ظهور الاخبار في المنع عن التحنيط وفى تغسيله الغسل المعهود الذي
منه ادخال جزء قليل من الكافور في الماء الثاني ومقتضى عموم يصنع به كما يصنع بالمحل جواز تغطية وجهه كما صرح به في الروايتين
ورأسه كما في غيرهما خلافا للمحكى عن السيد والعماني فمنعا عن تخمير رأسه للنبوي المعلل بأنه يحشر يوم القيمة ملبيا وفى رواية
301

من مات محرما بعثه الله يوم القيمة ملبيا والنبوي ضعيف والتعليل كالرواية غير دال واضعف منهما التمسك ببقاء احكام الاحرام
له فالمذهب ما عليه المشهور ثم لافرق بين أنواع المحرم حتى من أفسد حجه حيث يجب عليه الاتمام ولو مات بعد طواف الزيارة ففي ثبوت الحكم
له نظر كما في الروض وغيره من حل الطيب له حال الحياة ومن اطلاق النص والأول لا يخلوا عن قوة وفاقا للمحكى عن المص؟ قده في يه؟ لقوة انصراف
الاطلاقات إلى غيره ما نحن فيه أو لظهور عدم جريان الحكمة في هذا المورد ويستحب في التحنيط والتكفين أمور منها ان يكون قدر كافور
الحنوط فقط أو منضما إلى كافور الغسل على ما عن السرائر من نسبته إلى بعض الأصحاب وإن كان ضعيفا مدفوعا بصريح بعض النصوص و
ظاهر الفتاوى ثلثة عشر درهما وثلثا وهو بالمثقال الشرعي تسعة وثلث وبالصيرفي سبعة كاملة هذا هو المشهور فتوى ورواية والأصل
فيه ما روى في عدة اخبار ان جبرئيل اتى النبي صلى الله عليه وآله بأوقية من كافور الجنة وهي أربعون درهما فقسمها النبي صلى الله عليه وآله أثلاثا بينه وبين على و
فاطمة صلوات الله عليهما وعلى الهما الطاهرين فظهر ضعف ما عن القاضي من التحديد بثلاثة عشر ونصف مضافا إلى مرفوعة ابن هاشم
السنة في الحنوط ثلثة عشر درهما وثلث أكثره ونحوها المروى عن العلل عن ابن سنان باسقاط لفظ أكثر ودون هذا المقدار في الفضل
أربعة دراهم كما في المقنعة والسرائر وف؟ مدعيا فيه الاجماع والمعتبر نافيا عنه الخلاف وعن بعض كتب الصدوق ونسخ المراسم وسائر كتب
الشيخ وسيلة؟ والاصباح أربعة مثاقيل لرواية الكاهلي الفضل من الكافور أربعة مثاقيل وعن بعض النسخ القصد من الكافور
وكيف كان فلا يعرف مستند لأربعة دراهم الا إذا فسرت المثاقيل بالدراهم كما عن السرائر والمنتهى وفيه اشكال لمخالفته للظاهر من غير
قرينة ولذا طالب ابن طاوس كما عن الذكرى والحلبي بمستند ذلك التفسير والامر سهل بعد القطع باستحباب الأربعة درهما كان أو مثقالا
ودون الأربعة درهم من الفضل كما عن المعتبر وجماعة مدعيا في الأول عدم الخلاف أو مثقال كما في المحكي عن الآخرين وقد عرفت
ان ظاهر جماعة وجوبه وهو الأحوط ومنها اغتسال الغاسل غسل المس قبل التكفين ان أراد هو التكفين أو الوضوء المجامع لغسل
المس للصلاة هذا هو المشهور بل عن الحدائق نسبته إلى الأصحاب والظاهر أنه لا نص في المسألة بالخصوص ولذا علله في محكى المعتبر بان
الاغتسال والوضوء على من مس ميتا واجب أو مستحب وكيف كان الامر به على الفور فيكون التعجيل أفضل انتهى ونحوه ما عن التذكرة
في خصوص الغسل وفى ظاهر هذا التعليل مالا يخفى نعم عن المنتهى تعليلة بقوله ليكون أبلغ أحواله من الطهارة المزيلة للعينية والحكمية
عند تكفين البالغ في الطهارة وهذا جيد ويكون ارجاعه إلى ما دل على تعليل وجوب غسل المس بأنه لأجل ملاقاته للمؤمنين
وقد ثبت ان حرمة المؤمن حيا كحرمته ميتا فاستحب ان لا يلاقى الميت الطاهر من الخبث والحدث الا طاهرا منهما ويمكن ارجاع ما
تقدم عن المعتبر والتذكرة إلى هذا ومحصله استحباب تعجيل؟ ما وجب عليه ليلا في الميت ويقلبه مع الطهارة لا مجرد الاستحباب لنفسي
الثابت في التطهر فلا يرد انه لا يصير بذلك من سنن التكفين ولا يعارضه حينئذ أدلة استحباب تعجيل التجهيز كما توهم لان المراد بالتعجيل
ما يقابل التواني والتأخير لأحذف بعض مستحبات التجهيز فكلما ثبت استحباب شئ في التجهيز فلا ينافيه أدلة التعجيل بل الامر
كذلك حتى لو كان الاستحباب من باب التسامح في أدلة السنن كما هو أقصى ما في هذه الباب هذا مع أن تقديم الاغتسال قد لا ينافي
التعجيل إذ قد يتفق التأخير لحاجة مترقبة فلا يزاحم لاستحباب الاغتسال فظهر بذلك ضعف ما طعن به جملة من متأخري المتأخرين
على أصحاب هذا القول أولا بعدم المدرك وثانيا بالمعارضة بأدلة تعجيل التجهيز نعم يظهر من بعض الأخبار رجحان تأخير الاغتسال
عن التكفين كصحيحة محمد بن مسلم قلت فالذي يغسله يغتسل قال نعم قلت يغسله ثم يلبسه أكفانه قبل ان يغتسل قال يغسله ثم
يغسل بدنه من العاتق ثم يلبسه أكفانه ثم يغتسل وصحيحة يعقوب بن يقطين ثم يغسل الذي غسله يده قبل ان يكفنه إلى المنكبين
ثلث مرات ثم إذا كفنه اغتسل وعن الحصاد؟ من غسل منكم ميتا فليغتسل بعدما يلبسه أكفانه ويؤيدها خلو باقي اخبار أذاب
التكفين عن الامر بالاغتسال قبله لكن الصحيحة الأولى في مقام بيان جواز التأخير تقرير الكلام السائل الا انه يغسل بدنه وكانه
أقل مراتب التطهير مع امكان حملها كالصحيحة الأخرى ورواية الخصال على ما إذا خيف على الميت كما في الذكرى وض؟ وعن مع؟ صد؟
لكن الأولى حملها على إرادة بيان أصل وجوب الاغتسال وانما خص بما بعد التكفين لغلبة وقوع ذلك وتعارفه
بين غسالة
الموتى حيث إنهم انما يغتسلون بعد تمام تكفين الميت أو لغلبة استلزام اغتسال الغاسل تأخيرا كثيرا في تجهيز الميت إذ لا يبعد ان
يقال إن استحباب الاغتسال قد يزاحمه استحباب التعجيل فان المسلم فيما سبق عدم منافاة أدلة التعجيل لأدلة استحباب الفعل بمعنى
ان نفس فعل مستحبات التجهيز وآدابه وان أدي إلى تأخير الدفن لا ينافي استحباب تعجيل التجهيز لأنه من جملة التجهيز بخلاف ما إذا
اتفق توقف بعض الأفعال المستحبة على فعل كثير ينافي التعجيل كما إذا توقف تحنيطه بالمقدار الكامل على تأخير كثير للذهاب
302

إلى محل بعيد لشراء الحنوط ونحو ذلك وكيف كان فقد تبين مما ذكر من مذهب المشهور ودليلهم استحباب التطهير لغير الغاسل أيضا إذا
باشر التكفين كما في ض؟ وان غسل الغاسل إلى المنكبين كما في صحيحة ابن يقطين أو إلى المرافق بزيادة غسل الرجلين إلى الركبتين كما في
رواية عمار في المرتبة الثالثة من الاستحباب عند المشهور وفى الأولى عند غيرهم تبعا لظاهر المقنعة والمحكى عن المقنع والمراسم والكافي ثم المصرح
به في كلمات كثير من الأولين كالشهيدين هو كون هذا الغسل والوضوء غسل المس ووضوئه فما ذكره في الذكرى في تعداد الأغسال المسنونة من
استحباب الغسل للتكفين مرويا عن محمد بن مسلم اخر غير هذا لكن الحكم باستحبابه ضعيف لان الرواية التي استند إليها في الذكرى ولمح
إليها ابن سعيد في محكى النزهة بقولة وفى رواية استحباب الغسل للتكفين هي قوله (ع) في صحيحة ابن مسلم الغسل في سبعة عشر موطنا إلى أن
قال وإذا غسلت ميتا أو كفنته أو مسسته بعد ما يبرد ولا يخفى ضعف دلالتها على المدعى سيما وان المحكي عن بعض نسخ التهذيب والوسائل؟
وكفنته بالواو مكان أو وظهر أيضا مما ذكر انه لا ينبغي الاشكال في جواز الاكتفاء بهذا الوضوء لأجل الصلاة لأن المفروض كونه نفس
الوضوء المجامع للغسل نعم لو كان وضوء اخر يفعل لأجل خفه الحدث فالظاهر عدم جواز الدخول معه قال في مع؟ صد؟ انهم قد صرحوا
بان الوضوء المستحب تقديمه على التكفين هو وضوء الصلاة فعلى اعتبار نية أحد الامرين من الرفع أو الاستباحة لابد من نيتهما
ليحصل الفضيلة المطلوبة وحينئذ فلا مجال للتردد في إباحة الصلاة ولا لفرض خلوه عن نية رفع الحدث الا ان ينزل على
استحباب الوضوء مطلقا وان الأفضل كونه وضوء الصلاة انتهى أقول قد تقدم احتمال ارادتهم صورة وضوء الصلاة
لتخفيف الحدث كما يقيدون الوضوء بذلك كثيرا فلا يحتاج إلى تأويل بإرادة الأفضل ومنها زيادة حبرة على الأثواب بكسر الحاء
وفتح الباء الموحدة ثوب يمنى وهذا الحكم مشهور بل عن المعتبر والتذكرة نسبته إلى علمائنا وفى مع؟ صد؟ إلى جميع علمائنا بل عن
صريح ف؟ والغنية الاجماع عليه وهي كافية في المقام وان لم يكتف بها جملة من الاعلام أولهم فيما اعلم صاحب المدارك فنفوا استحباب
الزائد وحكوه أيضا عن العماني وفى الحكاية نظر يأتي ومن الحلبي بل كاشف اللثام ان ظاهر الأكثر استحباب كون اللفافة المفروضة
حبرة وفيه نظر بعد ما عرفت هذا كله مضافا إلى رواية يونس بن يعقوب عن أبي الحسن الأول (ع) قال سمعته يقول انى كفنت أبى (ع)
في ثوبين شطويين كان يحرم فيهما وقميص من قمصه وعمامة كانت لعلي بن الحسين (ع) وبرد اشتريته بأربعين دينارا لو كان اليوم يساوى
أربعمائة دينار وفى صحيحة ابن سنان البرد لا يلف به ولكن يطرح عليه طرحا فإذا ادخل القبر وضع تحت خده وتحت جنبيه فان
البرد لو كان من الأثواب الثلاثة وجب لفه على الميت ويمكن الاستدلال أيضا بما تقدم من صحيحة زرارة انما الكفن المفروض
ثلثة ثم قال والزائد سنة إلى أن يبلغ خمسة فما زاد فهو مبتدع ثم قال والعمامة سنته بناء على أن المراد الخمسة هي الاقطاع التي
يلف بها الجسد وهي مع الخرقة خمسة وليست العمامة معدودا من الكفن كما هو صريح صدر الرواية وحسنة الحلبي الآتية الحاصرة للكفن
فيما يلف به الجسد فاندفع بذلك وجه الاستدلال بهذه الصحيحة لخلاف المشهور حيث إن ما زاد على الخمسة إذا كانت بدعة والمفروض
دخول العمامة والخرقة في الخمسة كما في صحيحة معوية بن وهب الآتية فيكون اللفافة الزائدة بدعة وحاصل الدفع ان الصحيحة ناظرة
إلى مضمون حسنة الحلبي الآتية من عد الخرقة من الأثواب دون العمامة لا إلى صحيحة معوية بن وهب الملحوظة فيها دخول العمامة
والخرقة في الأثواب ولا إلى ما رواه ابن سنان المخرجة لها عن الأثواب وان حكى في الذكرى عن الأكثر ان الخمسة في كلامهم غير الخرقة والعمامة
الا ان الظاهر أن الشيخ في يه؟ وط؟ فهم من الصحيحة ما ذكرنا حيث قال فيهما على ما حكى ان نهاية الكفن خمسة أثواب لفافتان إحديهما
حبرة وقميص وازار وخرقة وعلى كل حال فلا ينافي الأخبار المذكورة ما استفاض من أن رسول الله صلى الله عليه وآله كفن في ثلثة أثواب لجواز
ترك المستحب لبيان عدم وجوبه ويمكن ان يراد من الأثواب الثلاثة فيها ما عدا الميزر وترك ذكر الميزر لوضوحه كما في بعض النصوص
والفتاوى وعليه يبتنى الاستدلال بهذه الاخبار واستحباب الزيادة كما عن المعتبر والتذكرة وغيرهما حيث إن المذكور في هذه الروايات
كون أحد الثلاثة أو اثنين منها ميزرا ويحتمل حمل هذه الحكاية على التقية لما يظهر من محكى المعتبر والتذكرة من اتفاق العامة على انكار
ذلك لكن الاحتمال بعيد نعم يحتمل ذلك فيما ورد من اخبار الكفن مجردا عن هذه الزيادة مع اقتضاء المقام لبيان المستحب لو كان
مثل صحيحة معوية بن وهب يكفن الميت في خمسة أثواب قميص لا يزر عليه وازار وخرقة يعصب بها وسطه وبرد يلف به وعمامة يعمم بها
ويلقى فضلها على صدره ورواية ابن مسلم يكفن الرجل في ثلثة أثواب والمراة إذا كانت عظيمة في خمسة درع ومنطق وخمار و
لفافتان ونحوهما غيرهما وربهما يقال إن ظاهر بعض الأخبار كون الزيادة فتوى العامة في ذلك الزمان فيحمل روايتا يونس وابن
سنان المتقدمتان على ذلك فمن ذلك حسنة الحلبي بابن هاشم قال كتب أبى في وصيته ان أكفنه بثلاثة أثواب أحدها رداء حبرة كان
303

يصلى فيه يوم الجمعة وثوب اخر وقميص فقلت لأبي تكتب هذا فقال مخافة ان يغلبك الناس فان قالوا كفنه بأربعة أو خمسة فلا تفعل قال
وعممته بعد بعمامة وليس تعد العمامة من الكفن انما يعد ما يلف به الجسد وبمضمونها غيرها وفيه يحتمل ان يكون المراد بالناس عوام الشيعة
الذين لايتفظنون لرجحان التقية وهذا وإن كان خلاف ظاهر الرواية الا ان ظهورها ليل؟ قوى من شهادة المحقق والمص؟ باتفاق العامة
على نفى استحباب الزائد ثم إن ظاهر المحكي عن الغنية زيادة لفاقة أخرى على الحبرة حيث قال والمستحب ان زاد على ذلك لفافتان إحديهما
حبرة وعمامة وخرقة يشد بها فخذاه إلى أن قال كل ذلك بدليل الاجماع المشار إليه انتهى وهو الذي صرح به في الفقيه أيضا حيث قال
والكفن المفروض ثلثة قميص وازار ولفافة سوى العمامة والخرقة فإنهما لا يعدان من الكفن ومن أحب ان يزيد زاد لفافتين حتى يبلغ العدد
خمسة فلا باس بل قال في الذكرى ان الخمسة في كلام الأكثر غير الخرقة والعمامة ومنه يظهر وهن ما قدمناه عن كاشف اللثام من أن ظاهر الأكثر
استحباب كون الحبرة اللفافة المفروضة وأوهن منه ما نسبه في المدارك إلى أبى الصلاح من ظهور كلامه في نفى استحباب الزائد على الثلث
حيث قال والأفضل ان يكون الملاف ثلثا إحديهن حبرة يمانية انتهى والظاهر أنه قده لم يلاحظ ما قبل هذه العبارة وما بعدها فان
المحكي عن أبي الصلاح في الذكرى أنه قال يكفنه في درع وميزر ولفافة ونمط ويعممه ثم قال والأفضل ان يكون الملاف ثلثا إحديهن حبرة
يمانية ويجزى واحدة انتهى وهو كما ترى ظاهر في أنه يستحب مضافا إلى زيادة الحبرة على اللفافة الواجبة زيادة لفافة أخرى وكيف
كان فمستند الأكثر إما حمل الخمسة في صحيحة زارة المتقدمة على ما عدا العمامة والخرقة بناء على خروجهما من الكفن كما صرح بخروج
الأولى في نفس تلك الصحيحة وبخروج الثانية في غيرها وحمل الأثواب الثلاثة التي كفن فيها رسول الله صلى الله عليه وآله على اللفايف الثلث فوق القميص
والميزر وينافيه الاستشهاد ببعضها على تثليث الكفن ودلالة الصحيحة على ما ذكر لا يخلوا من تأمل فلا يبقى في المقام الا اجماع الغنية
المعتضد بما في الحدائق من أن الظاهر أنه المشهور بين المتقدمين ولعله كاف في المقام بل يكفي بما دونه نظرا إلى قاعدة التسامح ولا ينافيها
حرمة إضاعة المال إذ بعد الحكم بالاستحباب وترتب الثواب على التكفين به ولو من جهة أدلة التسامح فيخرج عن موضوع الإضاعة
والا لكان حبرة في مقدمات الأغسال المسنونة إضاعة وهذا واضح ثم إنه لو لم يوجد الحبرة فالمصرح به في كلمات جماعة كالشهيدين
والمحقق الثاني اجزاء لفافة عنها وهو المحكي عن يه؟ وط؟ السرائر والاصباح والمهذب وليس في الاخبار ما يدل على ذلك لكن الظاهر من عبارة
المحقق الثاني في حاشية الشرايع في مسألة تعذر النمط ان اجزاء اللفافة عن النمط بل عن الحبرة متفق عليه بين الأصحاب وعن الحدائق
في مسألة النمط انهم صرحوا بأنه لو لم يجدها يعنى الحبرة جعل بدلها لفافة أخرى فكذلك النمط انتهى وحيث انفتح في المقام باب التسامح
السند باب الإضاعة فلا باس بمتابعتهم بل متابعة بعضهم في محتمل الثواب ثم إن ظاهر العبارة كالمحكى عن الاصباح والتلخيص وسيلة؟
وكتب المحقق قده ان استحباب زيادة الحبرة انما هو للرجل وفى الروض ان المشهور استحبابها للمراة لعدم ما يدل على التخصيص
كعدم نفى الاجبار انما يجدى لو وجد دليل عام للرجل والمراة والمفروض ان ما استدل به لاستحباب الحبرة من الاخبار لا يشمل
المراة الا ان يستدل عليه مضافا إلى ظهور الاتفاق من عبارة الذكرى حيث قال يستحب عندنا ان يزاد للرجل والمراة المعتضد بالشهرة
المدعاة في الروض رواية سهل كيف يكفن المرأة فقال كما يكفن الرجل غير أنها تشد على ثدييها خرقة ومنها ان يزاد المطلق الميت
خرقة لفخذيه يسمى الخامسة للأربعة وهي الأثواب الثلاثة مع العمامة على قول العماني ومن تبعه أو مع الحبرة على قول من لم يستحب ما
عدا الحبرة وكيف كان فلا خلاف في استحبابها والاخبار بها مستفيضة ويستحب ان يكون طولها ثلثة أذرع ونصفا وعرضها شبرا
ونصفا كما في رواية عمار أو شبرا كما في رواية يونس وطريق شد الفخذين؟ بها كما في رواية الكاهلي ان يذفر بها اذفارا قال في الذكرى
هكذا وجد في الرواية والمعروف انه يتقربها اتفارا من اتفرت الدابة اتفارا وكيف كان فعلى تقدير الاتفار فلابد ان يشد أحد
طرفيها في وسط الميت إما بان يشق رأسها أو يحمل فيها خيط ونحوه ثم يدخل الخرقة بين فخذيه ويضم به عورته ضما شديدا ويخرجها
من تحت الشدد الذي على وسطه ثم يلف حقويه وفخذيه بما بقى لفا شديدا فإذا انتهت فادخل طرفها تحت الجزء الذي انتهت عنده
ولو شد بها فخذيه على غير هذا الوجه أمكن الأجزاء كما في مصححة ابن وهب نقصت بها وسطه مضافا إلى ظاهر اطلاق الفتاوى ثم إن شد
الخرقة بعد أن يجعل في أليتيه؟ شئ من القطن للروايات بل وفى دبره إذا خاف خروج شئ منه كما في رواية يونس واحش القطن في
دبره لئلا يخرج منه شئ وفى رواية عمار وتدخل في مقعدته من القطن ما دخل وعن الحلى المنع من ذلك لأنه مناف لاحترام الميت
وفيه انه عين الاحترام بعد ورود رجحانه من النص والفتوى نعم لو لم يخش خروج شئ فالظاهر عدم الاستحباب لانصراف الروايات
والفتاوى على صورة خوف خروج شئ فالاستحباب مطلقا أيضا ضعيف وتزاد للمرأة لفافة أخرى لثدييها بلا خلاف ظاهر
304

لخبر سهيل المتقدم في أن المرأة يكفن كما يكفن الرجل غير أنها يشد على ثدييها خرقة تضم الثدي إلى الصدر
ويشدها في ظهرها ويضع
بها القطن أكثر مما يضع للرجل ويحشى القبل والدبر بالقطن والحنوط ثم يشد عليهما الخرقة شدا شديدا ومنها ان يعمم الرجل بعمامة
ولاحد لها طولا ولا عرضا الا العرف نعم يستحب ان يكون محنكا بها وفى رواية يونس يوحد وسط العمامة فيثنى على رأسه بالتدوير
ثم يلقى فضل الشق الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن ثم يمد على صدره وتزاد للمراة أيضا نمطا وهو بالتحريك ضرب من البسط له
حمل رقيق كما عن النهاية وعن المصباح انه ثوب من صوف ذو لون من الألوان ولا يكاد يقال للأبيض وهذا الحكم ذكره كثير من الأصحاب
كما في الذكرى وربما يستدل له بقوله (ع) في مرسلة يونس الكفن فريضة للرجال ثلثة أثواب والعمامة والخرقة سنة واما النساء ففريضتها
خمسة أثواب بناء على أن المراد من الخمسة الثلث المفروضة ولفافة الثديين ولفافة أخرى وجعلها فرضا لتأكد الاستحباب ورواية
عبد الرحمن يكفن الرجل في ثلثة أثواب والمرأة إذا كانت عظيمة في خمسة درع ومنطق وخمار ولفافتين بناء على إرادة اللفافة
الشاملة لا ما يعم لفافة الثديين وفى رواية ابن مسلم تكفن المرأة في خمسة أحدها الخمار بناء على أن الرابع هي اللفافة الرابعة
لكن لا يخفى ضعف دلالة الجميع ولو دلت فلا تدل على النمط ولو دلت فإنما تدل على اتحاده مع الحبرة للرجل كما عن الاقتصاد والسرائر
لا زيادتها على الحبرة حتى يكون لفايف المرأة ثلاثا كما عن القاضي ولا زيادة لفافتين اخريين على كفن الرجل إحديهما النمط حتى يكون
لفايفها أربعا كما عن ظاهر المقنعة ويه؟ وف؟ وط؟ والمراسم وكيف كان فكلام الأصحاب المحكية عنهم في الذكرى وكشف اللثام مختلفة جدا
والخطب سهل بعد ما عرفت من جواز العمل بمجرد فتوى فقيه ويه؟ وف؟ وط؟ والمراسم يكشف ظنا عن وجود رواية وكيف كان فلو لم يوجد
النمط جاز مقامها لفافة أخرى وكذلك الحبرة قال في حاشية الشرايع فإن لم يوجد جعل بدله لفافة كما يجعل بدل الحبرة لفافة أخرى عند
فقدها قاله الأصحاب انتهى ومنها ان يزاد المرأة قناعا عوض العمامة نسبه إلى الأصحاب في محكى الذكرى والمدارك وئق؟ لروايتي عبد الرحمن وابن
مسلم المتقدمتين ومنها نثر الذريرة على الكفن وتطيبه بها اتفاقا على الظاهر المحكي عن صريح المعتبر والتذكرة لقوله في موثقة سماعة
إذا كفنت الميت فذر على كل ثوب منه شيئا من ذريرة وكافور وقريب منها رواية عمار وغيرها فما عن المنتهى من أنه لا يستحب نثرها على
اللفافة الظاهرة لم يعلم وجهه وكذا يستحب نثرها على القطن الذي يوضع على الفرجين نسبه كاشف اللثام إلى الأصحاب ويدل عليه
رواية عمار كما قيل ثم إنه قد اختلف في تفسير الذريرة اختلافا فاحشا والمحكى عن المعتبر والتذكرة انها الطيب المسحوق والمراد به الطيب
الخاص المعروف بهذا الاسم الان وتبعهما على ذلك المحقق والشهيد الثانيان وغيرهما وهو الأقوى ومنها ان يجعل مع الميت
المؤمن جريدتان تثنية الجريدة وهي عود النخل بعد أن يجرد عن الخوص وقبله يسمى سعفا واستحبابه ثابت بالاجماع المحقق والأخبار المتواترة
لحكاية الاجماع والأصل فيه على ما في المقنعة ان الله تعالى لما هبط ادم إلى الأرض استوحش قال الله ان يؤنسه بشئ من أشجار
الجنة فأنزل الله إليه النخلة فكان يأنس بها في حياته فلما حضرته الوفاة قال لولده انى كنت انس بها في حياتي وارحو الانس بعد وفاتي
فإذا مت فخذوا منه جريدا وشقوه بنصفين وضعوهما في أكفاني ففعل ولده ذلك وفعله الأنبياء بعده ثم اندرس في الجاهلية
فأحياه النبي صلى الله عليه وآله وفعله فصارت سنته متبعة الخبر قال الشيخ سمعته مرسلا من الشيوخ ومذاكرة وفى رواية يحيى بن عبادة عن أبي
عبد الله (ع) انه مات رجل من الأنصار فشهده رسول الله صلى الله عليه وآله فقال خضروا صاحبكم فما أقل الخضرتين يوم القيمة وفيه إشارة
إلى قلة الشيعة لان التخضر مختص بهم وفى صحيحة زرارة قلت لأبي جعفر (ع) أرأيت الميت إذا مات لم يجعل معه الجريدة قال يتجافى عنه
العذاب والحساب ما دام العود رطبا وانما العذاب والحساب كله في يوم واحد في ساعة واحدة قدر ما يدخل القبر ويرجع القوم
وانما جعلت السعفتان لذلك فلا يصيبه عذاب وحساب بعد جفوفها إن شاء الله وفى رواية الحسن بن زياد الصيقل ان الجريدة تنفع المؤمن
والكافر ونحوها مكاتبة علي بن هلال المروية عن الفقيه ويستفاد من الصحيحة المذكورة وغيرها مضافا إلى اجماعي ف؟ والانتصار
اعتبار الرطوبة فيها بل المحكي عن المعين والمحيط وغيرهما ان اليابس لا يسمى جريدة مضافا إلى قوله (ع) في رواية محمد بن علي بن عيسى
لا يجوز اليابس فالأحوط أيضا اعتبار خرط الخوص عنهما لما في الروض من عدم تسميتها جريدة الا بعد الخرط وإن كان الظاهر أن ذكر جريدة
من جهة سهولة الوضع في الكفن وعدم الفائدة في الخوص ولذا عبر في الصحيحة المتقدمة بالسعفتين ثم إن الظاهر عموم الاستحباب للصغير
والكبير والتعليل بطرد العذاب لا ينافيه إذ لعله لحسن وضعهما يفيد في مستحق العذاب دفعه عنه وفى حق غيره راحة أخرى وقد
تقدم فعل الأنبياء ذلك من لدن ادم إلى الخاتم صلوات الله وسلامه عليه وعلى اله وعليهم أجمعين فصارت سنة متبعة
مضافا إلى اطلاق الاخبار ومعاقد الاجماع ومما ذكر علم أنه يعتبر فيهما ان يكونا من النخل بلا خلاف ظاهرا كما عن ئق الا ان
305

المحكي عن ف؟ انه يستحب ان يوضع مع الميت جريدتان خضراوان من النخل أو من غيرها من الأشجار وخالف مع الفقهاء ثم ادعى اجماع الفرقة
ونحوه عن السرائر ولعل مرادهما بيان استحباب مطلق الجريدة في مقابل العامة لاعدم الترتيب بين النخل وغيره نعم ربما فهم منه انه لا ترتيب بين
غير النخل كما عن الجعفي والصدوق وفى دلالته على هذا أيضا نظر وإن كان يشهد لهذا القول مكاتبة علي بن بلال إلى أبى الحسن الثالث
في الرجل يموت في بلاد ليس فيها نخل فهل يجوز مكان الجريدة شئ اخر غير النخل فإنه روى عن ابائك صلوات الله عليهم انه يتجافى عنه العذاب
ما دامت الجريدتان رطبين وانها تنفع المؤمن والكافر فكتب (ع) يجوز من شجر اخر رطب وعن الرضوي إذا لم تقدر على جريدة من نخل فلا يابس بان
يكون من غيره بعدان يكون رطبا الا ان المشهور منهم الشيخ في محكى يه؟ على تقديم السدر على غيره ولعله لمضمرة سهل قلت فإن لم تقدر على
الجريدة قال فمن عود السدر قال فإن لم يقدر على عود السدر فقال عود الخلاف والأولى الجمع بينهما بحمل المضمرة على كون السدر أفضل لا
انه متعين بحيث لا يؤدي الوظيفة بغيره وعن المفيد وسلار وابن سعيد عكس المضمرة وتقديم الخلاف على السدر ولم يعلم مستندهم وعن
الكليني انه روى القمي يجعل بدلها أي الجريدة عود الزمان ثم إن المشهور في طولها كما عن جماعة بل عن الانتصار والغنية الاجماع عليه كون
كل واحدة بقدر عظم الذراع ولعله لما عن الرضوي من أنه روى أن الجريدتين كل واحدة بقدر عظم ذراع ولعله أشار إلى رواية
يونس عنهم (عل‍) ويجعل له قطعتان من جريد النخل رطبا قدر ذراع تجعل له واحدة بين ركبتيه نصف مما يلي الساق ونصف مما يلي الفخذ
ويجعل الأخرى تحت إبطه الأيمن ونحوها رواية يحيى بن عبادة انه يؤخذ جريدة رطبة قدر ذراع فوضع وأشار بيده من عند ترقوته
إلى يديه يلف مع ثيابه بناء على أن الذراع حقيقة في عظمها كما عن كاشف اللثام أو ارادته منه مجازا وفى حسنة جميل بن هاشم ثم إن
الجريدة قدر شبر توضع عند الترقوة إلى ما بلغت مما يلي الجلد الأيمن والاخرى إلى الأيسر عند الترقوة إلى ما بلغت فوق القميص ولم نر
قائلا بالخصوص وان نفى عنه الباس الصدوق وبعض من تبعه ويمكن حمله على عظم الذراع لأنه شبر تقريبا وعن العماني انها قدر
أربع أصابع مما فوقها ولم نعثر له على رواية وعن كاشف اللثام انه يمكن فهمه ذلك من رواية يحيى بن عبادة توضع من أصل اليدين
إلى الترقوة وفيه تأمل وفى الذكرى ان الكل جائز لثبوت أصل الشرعية وعدم القاطع على قدر معين وهو حسن لو تكافؤ الاخبار
والا فالأقوى هو المشهور والعمل برواية يونس وابن عبادة أحوط وهل تشق الجريدتان أو تكونان صحيحتين قال في الذكرى الخبر يدل
على الأول والعلة يدل على الثاني ولعل مراده بالخبر ما تقدم عن المقنعة في أصل شروعيتهما ومثله مرسل الصدوق مر رسول الله صلى الله عليه وآله
بقبر يعذب صاحبه فدعى بجريدة فشقها نصفين فجعل واحدة عند رأسه والاخرى عند رجليه فقيل له لم وضعتهما قال إنه يخفف
عنه العذاب ما كانتا خضراوين ومراده بالعلة تجافى العذاب ما دام رطبين لان الرطوبة أبقى مع عدم الشق ولذا استحب الأصحاب كما في
ض؟ وعن لك؟ لفها في قطن محافظة على الرطوبة لكن ظاهر هذا كعبارة الذكرى ربما يفيد استحباب ترك الشق مضافا إلى ظهور الجريدة في الاخبار
وكلام الأصحاب في غير المشقوقة واما محلها فالمشهور كما عن جماعة انه يجعل إحديهما من جانبه الأيمن ملصقة بجلده والاخرى من الجانب الأيسر كذلك
الا انها بين الدرع والإزار وعن الغنية الاجماع عليه ويشهد له حسنة جميل بن هاشم ثم إن الجريدة قدر شبر توضع من عند الترقوة
إلى ما بلغت مما يلي الجلد الأيمن والاخرى في الأيسر عند الترقوة إلى ما بلغت من فوق القميص ولا يقدح اشتمالها على ما لا يقول به المشهور
من تحديد الجريدة بالشبر إما لأنهما مطلبان مستقلان يؤخذ بأحدهما ويطرح الأخر لمعارض أقوى واما لما تقدم من أن الشبر قدر
عظم الذراع تقريبا وعن الصدوقين في الرسالة والفقيه انه يحمل اليسرى عند وركه ما بين القميص والإزار واليمنى مثل المشهور للرضوي
واجعل معه جريدتين إحديهما عند ترقوته يلصق بجلده والاخرى عند وركه وليس فيه تعين الأيمن والأيسر الا ان يستفاد من الترتيب
وعن الجعفي العمل بمضمون رواية يونس المتقدمة سابقا في مقدار الجريدة وعن جماعة تبعا عن المعتبر التخيير ولعله لضعف الروايات حتى رواية
جميل بالاضمار واطلاق رواية الفضيل بن يسار توضع للميت جريدتان واحدة في الأيمن والاخرى في الأيسر بناء على أن السكوت
في مقام البيان يقتضى عدم ثبوت كيفية خاصة الا ان حسنة جميل أظهر في المستحبات بالكيفية الخاصة ولا يقدح الاضمار من جميل
فان اضماره خير من اظهار غيره مع أنها معتضدة في الجملة برواية يحيى بن عبادة المتقدمة المروية عن معاني الأخبار بطريق صحيح كما قيل
وعن الاقتصاد والمصباح ومختصره ان إحديهما على الجلد عند حقوه الأيمن والاخرى على الأيسر بين القميص والإزار ولم يعرف له
دليل هذا كله مع عدم التقية واما معها فتوضع حيث يمكن ولو في القبر نسبه في محكى ئق؟ إلى الأصحاب لمرفوعة سهل قال قيل له صلى الله عليه وآله
جعلت فداك ربما يحضرني من أخافه فلا يمكن وضع الجريدتين على ما رويناه قال أدخلهما حيث يمكن ورواها الشيخ بزيادة قوله
فان وضعت في القبر أجزأه وفى رواية ابان عن الجريدة يوضع في القبر قال لا باس وظاهرها جواز ذلك اختيارا لكنه
306

مخالف للاخبار الكثيرة الامرة بوضعه في الكفن ولذا حمله الصدوق في الفقيه على حال التقية أو عدم وجدانها الا بعد الميت في قبره ولو ترك
وضعها في القبر لتقية أو نسيان أو غيرهما جاز وضعهما على القبر النبوي؟ المتقدم في شق الجريدتين ويستحب أيضا كتبه اسمه أي اسم الميت
وعن سلار والصدوق في الهداية اسم أبيه وانه يشهد الشهادتين والاقرار بالنبي والأئمة صلوات الله عليه وعليهم على اللفافة
والمراد بها الأعم من الحبرة والإزار والقميص والإزار وهو الميزر كما أنه أراد منه في محكى الدروس حيث جمع بين الحبرة واللفافة والإزار ويمكن
ان يراد به اللفافة الواجبة بناء على أن المراد باللفافة الحبرة فيوافق مامن التذكرة من أنه يستحب ان يكتب على الحبرة والقميص واللفافة وعن
جماعة الأكفان بقول مطلق وصرح جماعة منهم الشيخ والقاضي والشهيد على ما حكى عنهم دخول العمامة وعلى
الجريدتين والأصل في
ذلك قبل الشهرة والاجماع المحكي عن ف؟ والعينة رواية كهمس ان الصادق (ع) كتب على حاشية كفن إسماعيل ابنه وفى بعض الروايات على ازاره
إسماعيل يشهد ان لا إله إلا الله وأضاف الأصحاب كما حكى جماعة كتبه الشهادة بالرسالة وولاية الأئمة قال في محكى ف؟ الكتابة بالشهادتين
والاقرار بالنبي والأئمة صلوات الله عليه وعليهم ووضع التربة في حال الدفن انفراد محض لا يوافقنا عليه أحد من الفقهاء دليلنا
اجماع الفرقة وعملهم عليه انتهى وقال في الغنية على ما حكى عنه ويستحب ان يكتب على الجريدتين وعلى القميص والإزار ما يستحب ان
يلقنه الميت من الاقرار بالشهادتين وبالأئمة والبعث والعقاب والثواب بدليل الاجماع المشار إليه انتهى هذا كله مع أصالة
الجواز بل الرجحان من جهة عمومات الاستشفاع والاستدفاع والتبرك وبها يندفع توهم التشريع ولا يعارضها عمومات مرجوحية
الاستخفاف لمنع تحققه مع القصد المذكور ودعوى انها في معرض التلويث بما يخرج من بدن الميت أو مخارجه ممنوعة سيما مع وقوع
الكتابة في مواضع من الكفن مأمونة عن ذلك هذا مضافا إلى ما حكى في ذلك من الآثار مثل ما دوى ان أمير المؤمنين (ع) كتب على
كفن سلمان وفدت على الكريم بغير زاد من الحسنات والقلب السليم وحمل الزاد أقبح كل شئ إذا كان الوفود على الكريم
وما حكى عن جنة الأمان بسنده إلى سيد الساجدين عن أبيه عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم أجمعين في فضل دعاء الجوشن
الكبير قال نزل هذا الدعاء على النبي صلى الله عليه وآله في بعض غزواته وعليه جوشن ثقيل المه ثقله فقال جبرئيل يا محمد صلى الله عليه وآله ربك يقرئك السلام ويقول
اخلع هذا الجوشن واقرء هذا الدعاء فإنه أمان لك ولامتك وساق الكلام إلى أن قال ومن كتبه على كفنه استحيى الله ان يعذبه بالنار
وساق الحديث إلى أن قال وقال الحسين (ع) أوصاني أبى بحفظ هذا الدعاء وان اكتبه على كفنه وان اعلمه أهلي وحثهم عليه الخبر قال في البحار
ورواه في البلد بهذه الأمين السند أيضا وزاد فيه انه من كتبه في جام بكافور أو مسك ثم غسله ورشه على كفنه انزل الله في قلبه الف
نور وامنه هول منكر ونكير ورفع عنه عذاب القبر ويدخل كل يوم سبعون الف ملك إلى قبره يبشرونه بالجنة وتوسع عليه قبره
مد بصره الحديث وعن البحار أيضا عن البلد الأمين عن النبي صلى الله عليه وآله من جعل هذا الدعاء في كفنه شهد له عند الله انه وفى بعهده ويكفى
منكرا ونكيرا وتحفه الملائكة عن يمينه وشماله بالولدان والحور ويجعل في أعلا عليين ويبنى له بيت في الجنة وهو هذا الدعاء
وعن البحار أيضا عن فلاح السائل وكان جدي ورام بن أبي فراس قده وكان ممن يقتدى بفعله أوصى ان يجعل في فمه بعد وفاته فص
عقيق عليه أسماء أئمته (على) فنقشت انا فصا عليه الله ربى ومحمد نبيي وعلى وسميت الأئمة (على) أئمتي ووسيلتي وأوصيت ان يجعل في فمي
بعد الموت ليكون جواب الملكين عند المسألة في القبر سهلا إن شاء الله انتهى ويؤيد ما ذكرنا ما عن الشيخ في كتاب الغنية عن أبي الحسن القمي
انه دخل على الشيخ أبى جعفر محمد بن عثمان العمرى فوجده وبين يديه ساجة ونقاش ينقش عليها آيات من القران وأسماء الأئمة (على)
على حواشيها فقلت يا سيدي ما هذه الساجة فقال لقبري يكون فيه أوضع عليها أو قال أسند إليها ومن جميع هذا مضافا إلى اشتهار
ذلك بين الشيعة يعلم عدم وجه ظاهر في تردد أول الشهيدين وثاني المحققين في ذلك حيث حكى عن الأول في الذكرى أنه قال ولم يذكر
الأصحاب استحباب كتبة شئ غير ما ذكر فيمكن ان يقال بجوازه قضية الأصل والمنع لأنه تصرف لم يعلم إباحة الشرع له انتهى وعن الثاني
في مع؟ صد؟ أنه قال ولم يذكر الأصحاب استحباب كتبة شئ غير ما ذكر ولم ينقل شئ بعينه به يدل على الزيادة واعراض الأصحاب عن الزيادة
يشعر بعدم تجويزه مع أن هذا الباب لا مجال للرأي فيه فيمكن المنع وفى الذكرى احتمل الامرين انتهى وليكن الكتابة بالتربة الحسينية
على مشرفها آلاف سلام وتحية ويستحب الجمع بين وظيفتي الكتابة وجعل التربة بالقبر بلا خلاف ظاهر ويؤيده ما عن الاحتجاج
عن الحميري انه كتبت إليه أسئله عن طين القبر يوضع مع الميت في قبره هل يجوز ذلك أم لا فأجاب وقرات التوقيع ونسخة يوضع مع
الميت في قبره ويخلط بحنوطه انشاء الله وروى لنا عن الصادق (ع) انه كتب على ازار إسماعيل ابنه إسماعيل يشهد ان لا إله إلا الله فهل يجوز
ان يكتب ذلك بطين القبر أو غيره فكتب يجوز والحمد لله والمتبادر من الكتابة المؤثرة ولذا صرح جماعة على ما حكى عنهم باشتراط
307

بل التربة بالماء ومع عدمها فبطين وماء بل وظاهره التأخير بينه وبين طين القبر كما عن غير واحد ومع عدمه فبالأصبع ذكره جماعة
بل نسبه في الروض كما عن مع؟ صد؟ إلى الأصحاب ولم نعثر له على مستند ولعله لتحصيل صورة الكتابة وعليه فالأحسن الكتابة بالماء الخالص
كما صرح به في الرياض تبعا لكاشف اللثام وسحق الكافور باليد كما عن الشيخين ولم نعثر له على مستند كما اعترف به جماعة وربما
علل بحفظه عن الضياع وعن ظاهر انه يكره سحقه بحجر ونحوه وجعل فاضله أي ما يفضل من الكافور بعد امساس المواضع الواجبة
والمستحبة على صدره على المشهور بل عن ف؟ الاجماع عليه وفى المحكي عن الفقه الرضوي وتلقى ما بقى على صدره وليس في غيره من الاخبار الا
وضع شئ من الكافور على الصدر فلا يحسن؟ الاستدلال بها فيما نحن فيه كما وقع من بعض وكذا التعليل بكونه مسجدا في سجدة الشكر
وخياطة الكفن بخيوطه نسبه في محكى الذكرى ومع؟ صد؟ إلى الشيخ والأصحاب والمشهور كراهة بل الخيوط بالريق بل عن المعتبر رأيت الأصحاب يجتنبونه
ولا باس بمتابعتهم لإزالة الاحتمال ووقوفا على الأولى وهو موضع الوفاق انتهى وربما يستأنس له بكونه من فضلات غير المأكول
فلا ينبغي مصاحبة الكفن له وفيه ما ترى والتكفين بالقطن على المشهور لرواية أبى خديجة الكتان كان لبني إسرائيل يكفنون به والقطن
لامة محمد صلى الله عليه وآله وأفضله الأبيض في غير الحبرة للنبوي ليس من لباسكم أحسن من البياض فالبسوه وكفنوا به موتاكم وعنه صلى الله عليه وآله البسوا البياض فإنه
أطيب وأطهر وكفنوا به موتاكم ويكره الكتان بفتح الكاف لرواية يعقوب بن يزيد لا يكفن الميت في كتان وظاهرها عدم الجواز الا ان المشهور
على الكراهة بل عن التذكرة نسبته إلى علمائنا بل هو صريح الاجماع المحكي عن الغنية حيث قال أفضل الأكفان الثياب البيض من القطن أو الكتان
لكن ظاهره أفضلية الكتان الأبيض على غيره وهو خلاف المشهور وظاهر اتفاق التذكرة انما هو القدر على المشترك بين الكراهة والحرمة كما قد يدعى
الاتفاق على الاستحباب مع وجود القول بالوجوب كما لا يخفى على من له انس بكلامهم فالعمل برواية يعقوب بن يزيد المعتضدة بظاهر رواية
أبى خديجة المتقدمة والرضوي لا يكفنه في كتان ولا ثوب إبريسم لا يخلوا عن قوة مضافا إلى الاحتياط اللازم في أمثال المقام بناء على
لزومه فيه وعدم ثبوت اطلاق في أدلة التكفين وان يجعل الأكمام المبتداة للقميص على المعروف بين الأصحاب وعن جماعة نسبة الحكم
إليهم مشعرة بالاجماع لمرسلة محمد بن سنان قلت له الرجل يكون له القميص أيكفن فيه قال اقطع ازراره قلت وكمه قال لا انما ذاك إذا
قطع له وهو جديد لم يقطع له كما فاما إذا كان ثوبا لبيسا فلا تقطع منه الا الأزرار وعن المهذب؟ انه لا يجوز وهو ضعيف ان أراد
الحرمة لضعف السند ويستفاد من ذيل الرواية وجه التقييد بالمبتدئة في كلام المص؟ وغيره بل الظاهر أنه مما لا خلاف فيه كما عن التذكرة والمنتهى
وظاهر كشف اللثام ثم إن ظاهر الرواية كروايات اخر وجوب قطع الأزرار ففي مصححة ابن بزيع سئلت أبا الحسن (ع) ان يأمر لي بقميص أعده
لكفنه فبعث به إلي فقلت كيف اصنع قال انزع ازراره وفى صحيحة ابن سنان ثم الكفن قميص غير وزور ولا مكفوف وفى صحيحة ابن وهب
يكفن الميت في خمسة أثواب قميص لا يزر عليه ولا يعارضها اطلاق ما دل على استحباب تكفين الميت في ثوب كان يصلى ويحرم فيه وما
دل على تكفين فاطمة بنت أسد رضوان الله عليها بقميص النبي صلى الله عليه وآله لأنها مسوقة لبيان أصل التكفين فالقول بوجوب قطع الأزرار
متجه لو لم يكن اجماع على عدمه ويكره أيضا الكتبة على الكفن بالسواد وعن بعضهم التعبير بلا يجوز ومستند الكراهة غير واضح فضلا
عن التحريم وعلله كاشف اللثام تبعا لجامع المقاصد بكراهة التكفين بالسواد واستحبابه بالبياض وفيه ما لا يخفى وذكر جماعة
منهم الثانيان تبعا للمحكى عن المفيد وغيره كراهة الكتبة بغير السواد أيضا من الاصباغ ولا باس بجميع ذلك من باب التسامح ويكره
جعل الكافور في سمعه وبصره خلافا للمحكى عن الصدوق فاستحبه للرواية المعارضة بروايات وقد تقدم الكل ويكره أيضا
تجمير الأكفان بالجمرة وهي ما يدخن به الثياب باجماع علمائنا كما عن المعتبر ولما تقدم من قول أمير المؤمنين (ع) لا تجمروا الأكفان
ولا تمسوا موتاكم بالطيب الا الكافور فان الميت بمنزلة المحرم ويكره أيضا قطع الكفن بالحديد كما عن الشيخين وقال في التهذيب انه سمعناه
مذاكرة من الشيوخ وعليه كان عملهم قال في محكى المعتبر بعد حكاية ذلك عن الشيخ قلت ويستحب متابعتهم تخلصا من الوقوع في
المكروه وهو حسن وكفن المراة الواجب على زوجها اجماعا محققا في الجملة ومحكيا عن ف؟ والمفاتيح ويه؟ الاحكام وض؟ وإن كانت
موسرة كما عن المعتبر والذكرى نسبته إلى فتوى الأصحاب ويدل عليه رواية السكوني عن جعفر عن أبيه (عل‍) ان أمير المؤمنين (ع) قال على الزوج كفن
المرأة إذا ماتت وفى مرسلة الفقيه قال (ع) كفن المراة على زوجها وربما جعله جماعة تبعا لصاحب المدارك من تتمة صحيح ابن سنان
عن أبي عبد الله (ع) قال ثمن الكفن من جميع المال وقال (ع) كفن المرأة على زوجها والأظهر ما عن الذخيرة وئق؟ من كونه رواية مرسلة مستقلة
ويؤيده خلوا الصحيحة في الكافي والتهذيب عن هذه التتمة وكيف كان فيكفي الروايتان وان كانتا ضعيفتين لانجبارهما بما عرفت
المعتضد باطلاق بعض معاقد الاجماع لأن الظاهر أنهما مستند الأصحاب قديما وحديثا فوجب ذلك انجبار صدورهما
308

فهما في قوة الخبر الصحيح ومن هنا يصح التمسك باطلاقهما من دون فرق بين الصغيرة والكبيرة المدخول بها وغيرها الدائمة والمتمتع
بها والمطيعة والناشرة لشمول الحكم لجميع أقسام الزوجة ولا يقدح عدم وجوب الانفاق في بعضها الان الحكم ليس منوطا بوجوب
الانفاق وان علل ما في محكى المعتبر وغيره فإنما ذكروا ذلك ردا على من أنكر الحكم من العامة كأبي حنيفة ومالك واحمد والشافعي في
أحد قوليه تمسكا بانقطاع العلقة وزوال ما يوجب الانفاق لما عن الذكرى من أن التعليل بالانفاق ينفى وجوب الكفن في الناشزة
واطلاق الخبر يشمله وكذا المتمتع بها ضعيف ان أراد كون ذلك منشأ للتوقف فان العبرة باطلاق الخبر دون اختصاص التعليل
واضعف منه ما عن مع؟ صد؟ حيث إنه بعد تعليل أصل الحكم بما يرجع إلى وجوب الانفاق قال وظاهر ذلك يقتضى قصر الحكم على
الزوجة الدائمة المتمكنة فلا يجب للمتمتع بها ولا للناشزة ثم نقل ما تقدم عن الذكرى واستظهر منه التوقف ثم قال أقول عدم تعلق
وجوب الانفاق لها بالزوج حال الحياة لعدم صلاحية الزوجية في المتمتع بها كذلك ولثبوت المانع منه في الناشز وهو النشوز
يقضى عدم تعلق الحكم بوجوب الكفن بعد الموت بطريق أولي لان الزوجية تزول حينئذ أو تضعف ولهذا يحل له أختها والخامسة فيقيد
بذلك اطلاق الخبر مع ضعفه ولعل عدم الوجوب أظهر انتهى ويعلم ما فيه مما ذكرنا واضعف عن الكل دعوى انصراف المراة إلى
غير المتمتع بها والناشزة فإنها ممنوعة جدا في كثير من افراد الأولى وجميع افراد الثانية كما لا يخفى ويلحق
بالزوجة المطلقة رجعية
لعموم المنزلة الواردة في بعض الأخبار ولافرق أيضا بين الحرة والأمة ولا فرق أيضا بين افراد الزوج الكبير والصغير والعاقل والمجنون والمخاطب حينئذ الولي والحق
بالكفن جماعة من الأصحاب كالشيخ والحلى والمص؟ في يه؟ والشهيدين والمحقق الثاني والفاضل المقداد وغيرهم مؤنة التجهيز بل قيل لا
أجد خلافا فيه ولعله لفحوى وجوب الكفن عليه أو لما مر من التعليل وفيه اشكال ولاجله توقف جماعة من متأخري المتأخرين
تبعا للمحقق الأردبيلي ولو كان الزوج معسرا لا يملك حتى بملاحظة ما انتقل منها إليه ما يفضل عما استثنى للمعسر فظاهر الأصحاب
كما عن المدارك والذخيرة وغيرهما عدم وجوبه عليه بل يكفن حينئذ من تركتها لعموم ما دل على اخراج الكفن من صلب التركة خرج منه ما دل
عليه الروايتان المتقدمتان المخصصتان بمن يجب في حقه البذل كما يدل عليه لفظة على وهو الزوج الموسر لما دل على أن المعسر لا
يطالب بشئ الا ان يقال الظاهر سوق الروايات في مقام بيان استقرار ذلك في ذمته كما في قولك عليه دين ولذا لم يفرق في الزوج
بين الصبى والمجنون وغيرهما وقد احتمل في محكى المدارك والذخيرة شمول الحكم للزوج المعسر لاطلاق النص واحتمل بعض المعاصرين بناء
على عدم خطاب الزوج المعسر به دفنها بلا كفن لان أدلة ثبوت الكفن في المال لا تشمل الزوجة والمفروض عدم خطاب الزوج
أيضا والتحقيق فيما ذكره في المدارك والذخيرة انه ان أريد من ذلك صيرورة الكفن مزاحما لما يجب على المعسر بذله من نفقة واجبي النفقة ويجب له
بقاءه من داره وثيابه ونحو ذلك فلا دليل عليه بل ما دل على استثنائها في وجوب وفاء الدين يدل على استثنائها في وجوب
كفن المرأة لأنه أيضا دين من الديون ولذا يقدم كفن الزوج عليه إذا مات بعدها كما سيجيئ وجهه وفى بعض الروايات الواردة
في مستثنيات الدين كصحيحة الحلبي أو حسنته لاتباع الدار في الدين ولا الخادم وذلك لأنه بل للرجل من ظل يسكنه وخادم
دلالة على أن ضروريات معاش الرجل لا يزاحمها شئ نعم لو جعل التكفين من باب الانفاق وتحمل المؤنة أمكن القول بالمزاحمة
لكنه ممنوع وقد عرفت ضعف تعليل أصل الحكم بوجوب الانفاق ولذا لا يستقر في ذمة الزوج بعد تكفينها من مالها ودفنها
مع أن نفقة الزوجة تبقى في الذمة وان أريد بذلك استقراره عليه وعدم سقوطه عنه بالاعسار بحيث لو اتفق غنائه قبل التكفين
بكفن اخر بل قبل الدفن وإن كان بعد التكفين بما لها عاد الوجوب عليه وعادت كفنها إلى ورثتها وكذا لو اتفق موته معسرا
قبل تكفينها وجب اخراج الكفن من تركته فهو حسن نعم لو صار غنيا بعد دفنها لم يكن لورثتها مطالبة لان الواجب كسوتها بالكفن
لا بذل المال واما ما ذكره بعض المعاصرين من احتمال دفنها بلا كفن وإن كانت موسرة لما تقدم من خروج الزوجة عن عموم
ما دل على اخذ الكفن من التركة وعدم وجوبه على الزوج المعسر فهو ضعيف جدا إما على القول بعدم استقراره في ذمته المعسر فالضعف
واضح لان عموم وجوب الكفن في التركة بالنسبة إلى زوجة المعسر باق بحاله واما على تقدير القول باستقراره عليه مع عدم خطابه
به لأجل الاعسار كسائر الديون فللقطع بان المراد من أدلة وجوب اخذ الكفن من التركة بيان مأخذ الكفن بالذات وانما
دل النص والاجماع على تحمل الزوج إياه عن زوجته فحيث لا تحمل وجنب في مالها على ما هو مقتضى الأصل ولافرق بين عدم
مال للزوج أو وجود مال تعلق به حق الديان أو بعضهم بحجر أو رهن أو غيرهما وقد نبه على المرهون في مع؟ صد؟ وض؟ ولو ماتا
معا فالظاهر سقوط كفنها عنه وفاقا للذكرى وجماعة ممن تأخر عنه كالمقداد والشهيد والمحقق الثانيين لعدم انصراف النص
309

والفتوى ولو مات الزوج بعدها لم يسقط عن ماله كفنها ولو لم يخلف الا مقدار كفن واحد كفن به وفاقا للجماعة المتقدمة لتقدم كفنه
على سائر الحقوق وسبق تعلق حقها به مدفوع بعدم تعلق حقها بالعين بل لو تعلق حقها بها أيضا كان كفنه مقدما على الحقوق المتعلقة
بالعين أيضا كما سيجيئ ولافرق ظاهرا بين ما لو مات بعد وضع الكفن عليها أو قبله ولابين دفنها وعدمه لما ستعرف ولو مات بعد وضعه
عليها فالأقوى أيضا وجوب نزعه لعدم القطع بخروجه بذلك عن ملك الزوج واحتمل في ص؟ اختصاصها قال إما بعد الدفن فلا اشكال
في الاختصاص أقول وفيه اشكال إذا اتفق اخراجه وتلبسه بعدم القطع بالخروج عن ملك الزوج كما سيأتي ولو لم يخلف شيئا وخلفت
المرأة كفنا ففي اختصاصها أو اختصاصه وجهان مبنيان على أن الكفن المذكور انتقل إلى الزوج الا انه وجب عليه تكفينها به أولم ينتقل إليه
لأنه معسر فلا ينتقل الكفن عنها لان الكفن مقدم على الإرث ويلزم ظاهرا انها لو خافت زائدا على الكفن فلا ينتقل إلى الزوج ولا
إلى غيره شئ مما يقابل الكفن لان الإرث بعد الكفن حيث وجب في مالها الا ان المذكور في حاشية الارشاد للمحقق الثاني انه لو كان
الزوج معسرا فالكفن في مالها وفى احتسابه عليه من حصة ارثها وجهان أقويهما الاحتساب انتهى ويمكن الفرق بين ما لو يخلف سوى
الكفن فلا ينتقل وبين ما لو خلفت غيره فينتقل الكل فتأمل ثم إن مقتضى الأصل بقاء الكفن على ملك الزوج حتى لو اعرض عنه بمجرد بذله
للزوجة وحينئذ فلو وجد الكفن ويئس عن الميت بان اكله السبع فالظاهر بقاء الكفن على ذلك الزوج ولا دليل على انتقاله إلى ورثة الزوجة
ولا على كونه في حكم مال الميت الذي لا ينتقل إلى الورثة كأرش الجناية على الميت بعد الموت ولا على كونه كالمباحات لما عرفت من أن
الزوجة انما استحقت الكسوة بالكفن نظير كسوتها في حال حيوتها بناء على القول بأنها امتاع لا تمليك ولافرق في ذلك بين
ما قبل وضعه عليها وبين ما بعده حتى بعد الدفن إذا فرض اخراجها ثم الباس منها مع بقاء الكفن ومنه يظهر وجه النظر فيما ذكره في الروض
تبعا لجامع صد؟ حيث ترددا فيما لو وجد الكفن ويئس عن الميت فاحتملا كونه لورثتها لاستحقاقها له وعودها إلى الزوج لعدم
القطع بخروجه عن ملكه وتردد في الروض فيما تقدم من فرض موت الزوج بعد الزوجة ولم يخلف الا كفنا واحدا من أنه لو كان موت
الزوج بعد وضع الكفن على الزوجة أمكن اختصاصها به إما بعد الدفن فلا اشكال في الاختصاص ثم إنه لا خلاف ظاهرا في عدم
وجوب كفن سائر واجبي النفقة على الشخص للأصل وعدم الدليل بل يظهر من الروض انه من المسلمات حيث نقض الاستدلال على
وجوب كفن المرأة بوجوب انفاقها بغيرها ممن يجب الانفاق عليه وقد استظهر عدم الخلاف أيضا بعض المعاصرين نعم كفن المملوك على
موليه اجماعا كما في الذكرى وض؟ وغيرهما ولافرق بين أقسامه نعم لو تحرر عن المكاتب وجب عليه وعلى المولى بالنسبة ولو لم تحصل من
جزء الرقية ما تستر العورة ولم يحصل لجزء الحرية شئ يتم به ذلك أمكن سقوطه عن المولى لعدم الفائدة ولو كان مال المولى مما
يمنع التصرف فيه لرهن ونحوه فكما تقدم في مال الزوج واعلم أنه لا خلاف بين المسلمين الا من شذ من الجمهور في أنه يقدم الكفن الواجب
على الديون والوصايا والإرث من الأصل دون المندوب وإن كان ثياب التجمل مقدمة على الدين في الحي للفرق بان الحي يحتاج
إلى التجمل والميت إلى براءة الذمة أحوج ولافرق بين تعلق الندبية بموجود مستقل كالقطع المندوبة أم تعلقت بخصوصيته من
خصوصيات الكفن الواجب كإجادة الكفن وكون الازار الواجب برد أو نحوهما والتأمل في القسم الثاني بناء على أن المندوب أحد افراد
القدر المشترك الواجب فللولي المخاطب بالمباشرة اختياره مدفوع بان الكلام ليس في اختيار الولي بل الكلام في المتعلق بالتركة فإذا
فرض ان المتعلق بها هو القدر المشترك فلا تسلط للولي على مزاحمة الوارث بعد بذل الوارث القدر المشترك والمستند في أصل
المسألة قبل الاجماع المحقق والمستفيض النبوي فيمن رقصت به راحلته كفنوه في ثوبه ولم يسئل عن ثلثه وفى صحيحة ابن سنان الكفن
من جميع المال ورواية السكوني عن أبي عبد الله (ع) أول شئ يبدأ به من المال الكفن ثم الدين ثم الميراث وفى مصححة زرارة قال
سألته عن رجل مات وعليه دين وخلف قدر ثمن كفنه قال يجعل ما ترك في ثمن كفنه الا ان يتجر عليه انسان فيكفنه ويقضى دينه بما ترك
واطلاق الاخبار وكلام الأصحاب كما اعترف به في مع؟ صد؟ وض؟ والمدارك والذخيرة والرياض يقضى بوجوب تقدم الكفن على حق المرتهن وهو كذلك وفاقا
للمحكى عن البيان لأنه مقتضى رواية السكوني وصحيحة زرارة المتقدمتين الحاكمتين على مقتضى أدلة تعلق حق المرتهن والغرماء
لان حقهم انما يتعلق بالشئ إذا وجب ايفاء ديونهم ونمنع هنا وجوب الايفاء بأدلة تقدم الكفن على الدين خلافا للذكرى فقال
والمرتهن مقدم بخلاف غرماء المفلس انتهى وفيه ما عرفت وتردد في ذلك وفى تقدمه على حق المجني عليه المحقق والشهيد الثانيان
مما ذكر من اطلاق النص والفتوى ومن اقتضاء الرهن والجناية الاختصاص ثم احتملا الفرق بين الجناية والرهن بان الدين في الرهن
يتعلق بالقيمة ولا يستقل الاخذ بالأخذ بخلاف الجناية واحتمل اولهما الفرق بين الجناية عمدا وخطأ ثم قال والمسألة موضع
310

تردد وان كنت لا استبعد تقديم الكفن في المرتهن انتهى أقول الظاهر أنه لا ينبغي الاشكال في تقديم الكفن على الرهن لأنه
مقتضى تقدمه على جميع الديون في النص والفتوى ويشكل في الجناية خطأ واما الجناية عمدا فالأقوى تقديمها على الكفن لان
الخيار للمجني عليه بل الأقوى تقديم الجناية مطلقا وفاقا للمحكى عن البيان لأصالة بقاء الحق ومنع الصرف خرج عنهما في الرهن للنص
بتأخر الدين عن الكفن وفى صدقه على المجني عليه أو انصرافه إليه نظر هذا كله لو تقدم الرهن والجناية ولو تأخرا عن الموت فقطع
في الروض تبعا لجامع صد؟ بتقديم الكفن ولعله لسبق استحقاق الميت له وفى محكى البيان ولو جنى بعد الموت تعارض سبق تعلق
الكفن بعينه ولحوق تعلق الجناية وهو أقوى يلحق بالكفن في جميع ما ذكر سائر مؤن التجهيز التي يتوقف عليها كعوض الأعيان المصروفة
في التجهيز كالماء والخليطين وعوض المدفن وكأجرة الغاسل والحفار والحمال إذا لم يقدر عليها الا من يأخذ الأجرة عصيانا أو استحقاقا
وعن ف؟ الاجماع على أن الكفن مؤنة الميت من أصل التركة ولولا الاجماع لأمكن الخدشة في اخراج مقدمات الافعال كالحفر والحمل
والغسل ونحوها فان المتيقن خروج الأعيان المصروفة في التجهيز كالماء والخليطين والكفن واجرة المدفن واشكل من ذلك ما
لو توقف مباشرة الفعل على بذل مال لظالم يمنع من الغسل والدفن في الأرض المباحة ونحو ذلك ثم يقدم بعد الكفن ومؤنة التجهيز
الدين ومنه الزكاة والخمس والكفارات وفى دخول رد المظالم المتعلقة بالذمة وجهان بل قولان من كونهما كسائر الديون
أموالا متعلقة بالذمة ومن عدم شمول أدلة تقديم الدين لها مضافا إلى استمرار السيرة بعدم الاجتناب عما انتقل من الظلمة
بأخذ الأموال قهرا إلى أولادهم بعد وفاتهم والمعاملة معها معاملة باقي أموالهم وفيه نظر ثم يقدم بعد الدين الوصية
المشتغلة؟ المتبرع بها ومنه الوصية بقضاء الصلاة والصيام عنه ولو علم اشتغال ذمته بها لعدم تعلقها بالمال لولا الوصية بل الأصل
وجوبها على الولي ان قلنا بتحمله جميع ما فات وان اقتصرنا في تحمله على ما فات لمرض أولم تكن هناك ولى فالأصل عدم وجوبها
على أحد وعدم وجوب الاستنابة فيها على ما سيجيئ في باب الوصية انشاء الله والباقي عن جميع ذلك من التركة ميراث وعن مع؟ صد؟ لو
ضاقت التركة عن تمام الكفن فالممكن ولو أمكن ثوبان فاللفافة لابد منهما ويبقى كل من الآخرين محتملا الميز ولسبقه والقميص لأنه
ميزر وزيادة انتهى ولعل تقديم القميص أولي ولو قصر عما يوارى فيه عظى رأسه وجعل على رجليه حشيش ونحوه كما عن المعتبر و
الذكرى ومع؟ صد؟ حاكين فعل النبي صلى الله عليه وآله ذلك ببعض أصحابه ويؤيده انه استر للميت وأنسب باحترامه ولو كثرت الموتى وقلت الأكفان
فعن المعتبر انه قيل يجعل الرجلين والثلاثة في الثوب الواحد لخبر انس ولا باس به انتهى وحكا في الذكرى عن بعض طرق العامة إلى جابر
ونفى الباس في المعتبر لمراعاة أصالة الجواز عند الضرورة ويستحب للمسلمين بذل الكفن للميت لو فقد الكفن ففي رواية سعيد بن
طريف من كفن مؤمنا فكأنما ضمن كسوته إلى يوم القيمة وليس واجبا بلا خلاف كما عن المدارك والذخيرة ومحكى يه؟ بل في الرياض وشرح
الوسائل كما عن اللوامع الاجماع على عدم الوجوب ويدل عليه قبل ذلك أصالة البراءة كما لا يجب كسوة الحي الا إذا توقف عليه بقاء
حياته ومنه يظهر ان قوله (ع) في الروايات الآتية حرمة بدن الميت ميتا كحرمته حيا إلى اخر ما سيأتي لا يدل على وجوب بذل الكفن
كما لا يجب بذل الكسوة للحي ولا بذل ماء طهارته فدلالته حينئذ على عدم الوجوب أوضح واما اطلاقات وجوب التكفين فهى وإن كان
يتراءى من اطلاق الوجوب فيها وجوب تحصيل مقدماته التي من جملتها بذل الكفن وكذلك اطلاق وجوب تغسيل الميت يدل
على وجوب تحصيل الماء ولو بالشراء كما أن الامر بغسل الثوب والبدن وغسل مواضع الوضوء والغسل يقتضى ذلك الا ان الانصاف
يقتضى الاعتراف بعدم الظفر على دليل مطلق يدل على ايجاب تكفين الميت بحيث يفهم وجوب تحصيل الكفن له وربما يستدل
له بعض مشايخنا باطلاق مثل الكفن فريضة للرجال ثلثة أثواب الحديث وفيه مالا يخفى من كونه مسوقا لبيان مقدار الواجب من
دون تعرض لمحل الوجوب بل ربما يخطر بالبال ان يقال على تقدير تسليم وجود الاطلاقات ان الظاهر بعد ملاحظة أدلة وجوب
الكفن في المال وثبوت كفن المرأة على زوجها ان تلك الاطلاقات لا تفيد الا انه يجب على الناس كفاية ستر الميت في كفنه
الواجب في ماله أو على الزوج لا وجوب ستره في كفن مطلق والا لكان وجوب بذل الكفن الذي هو من مقدمات التكفين واجبا على
الناس كفاية وعلى الزوج لا وجوب ستره في كفن عينا (فوجوبه عينا صح)؟ على بعض الناس كاشف عن عدم وجوبه كفاية على جميعهم وهو كاشف عن أن
المراد من تلك الاطلاقات ستره من كفن مبذول له من ماله أو من زوجه أو من متبرع ومما ذكرنا يعلم عدم وجوب تكفينه من الزكاة
ونحوها لعدم الدليل فان الزكاة ليست مختصة به بل مقتضى ظاهر اطلاق أدلة مصارفها من الفقراء والمساكين عدم جواز صرفها
فيه من جهة ان الظاهر منهم الاحياء بل هو صريح ايجاب حكمة الزكاة نعم لا باس بصرفه فيه من جهة سبيل الله بناء على أن المراد به كل خبر
311

لكنه يختص بالزكاة فلا يجرى في الخمس هذا كله لولا ما رواه ابن محبوب عن الفضل بن يونس الكاتب عن أبي الحسن (ع) قلت له ما ترى في رجل من
أصحابنا يموت ولم يترك ما يكفن به اشترى له كفنه من الزكاة فقال اعط عياله من الزكاة قدر ما تجهزونه فيكونون هم الذين يجهزونه
قلت فإن لم يكن له ولد ولا أحد يقوم بأمره فأجهزه انا من الزكاة قال إن أبى (ع) كان يقول حرمة بدن الميت ميتا كحرمته حيا فوار بدنه
وعورته وجهزه وكفنه وحنطه واحتسب بذلك من الزكاة وشيع جنازته قلت فان أتجر عليه بعض اخوان يكفن اخرا يكفن بواحد ويقضى
دينه بالآخر قال لا ليس هذا ميراثا تركه انما هذا شئ صار إليه بعد وفاته فليكفنوه بالذي أتجر عليه ويكون الأخر لهم يصلحون به شأنهم
وليس في السند عدا الفضل الموثق عن النجاشي وان حكى عن الشيخ انه كان واقفيا مع أن ابن محبوب ممن أجمع على تصحيح ما يصح عنه هذا كله
مضافا إلى منع اختصاص الزكاة بالفقراء والمساكين ولذا يؤدى دين الغارم من الزكاة وإن كان ميتا بل جوازه يوجب الجواز فيما نحن فيه
بطريق أولي كما عن المدارك وان ذكر فيه ان فيه ما فيه لكن فيه ما فيه بعد ما علمنا من حكم الشارع بتقديم الكفن على الدين ان ستره أهم
في نظر الشارع من ابراء ذمته وكيف كان فيكفي في المسألة ما ذكرنا من الرواية الا ان في استفادة الوجوب منها كما في الذكرى وض؟ و
عن المنتهى ومع؟ صد؟ ومجمع الفائدة والذخيرة نظر الا ان ظاهر كلام السائل السؤال عن الرجحان وجعل حرمة بدنه ميتا كحرمته حيا مع أنه
لا يجب اكساء الحي العاري من الزكاة بل يتخير بينه وبين صرفها في مصرف اخر فيوجب سوق الامر بالموارات والتكفين والتحنيط من الزكاة
مساق امره (ع) بتشيع جنازته وكانه لذلك كله احتمل كاشف اللثام استحباب ذلك نعم لو كان هناك بيت مال والمراد به كما عن مع؟ صد؟
الأموال التي تستفاد من خراج الأرضين المفتوح عنوة وسهم سبيل الله من الزكاة وجب ذلك لان بيت المال معد لمصالح المسلمين
وهذا من أهمها إذا لم يزاحمه ما هو أهم أو مساو ثم إن ما تضمنه الرواية من اعطاء عياله ليجهزوه محمول على الاستحباب إذ لم يقل أحد بوجوبه
كما في الروض ولعل الحكمة فيه ما ذكر في الرواية في قوله ليكونوا هم الذين يجهزونه حتى لا يدخل عليهم شئ بتكفين الأجنبي ويقال له
بالفارسية كفن غريب وكذا يحمل على الاستحباب ما تضمنه من أنه لو أتجر عليه أحد بكفن كفن بالكفن المتجر عليه وترك الكفن المبذول لعياله
يصلحون به شأنهم والا فيمكن استرداده منهم وجعله في دين الميت أو صرفه من مصرف اخر من مصارف الزكاة الا أن تكون اعطائهم على وجه
التملك لهم إذا كانوا على صفة الاستحقاق لكنه يخالف قوله (ع) انما هو شئ صار له بعد وفاته ويحتمل ان يحكم بمقتضى الرواية على صيرورة
الكفن ملكا للميت بمجرد اعطائه للصرف فيه لكن ينتقل منه إلى وارثه لاعلى وجه الإرث بل حكم شرعي وكيف
كان فلا دلالة في الرواية
على ما استشهد له به في الذكرى من أنه لو خلف كفنا فتبرع عليه باخر كفن بالمتبرع عليه وترك الأخر للورثة لا يقضى منه الدين لأنه شئ
صار إليه بعد وفاته فلا يعد تركه وكيف كان فالمتعين في الفرض المذكور صرف ما خلفه في ديونه كما صرح به في صحيحة زرارة المتقدمة
في صدر المسألة لو خرج منه أي من الميت نجاسة فإن كان قبل التغسيل وجب ازالتها مطلقا قبل الشروع في أصل الغسل اوفى
غسل العضو المتنجس على الخلاف المتقدم وكذا لو خرجت منه في أثناء الأغسال أو الغسلات وإن كانت نجاسة حدثية؟ فالمشهور وجوب
غسلها أيضا خاصة وعدم وجوب استيناف الغسل لاستصحاب الصحة وأصالة عدم الافساد واطلاق الأدلة وخصوص مرسلة
يونس المتقدمة الامرة بمسح بطنه في كل من الغسلتين الأوليين وانه لو خرج شئ فانقه ثم اغسل رأسه إلى اخره لكنها مختصة بما إذا
خرجت بين الأغسال لكن الظاهر عدم القائل بالفرق بين الأغسال والغسلات نعم لو قيل إن الرافع للحدث هو الغسل بالقراح والأولين
للتنظيف ولذا احتمل جوازهما بالمضاف كما تقدم سقط الاستدلال رأسا لكنه خلاف التحقيق هذا كله مضافا إلى ما تقدم من أن
الأقوى عدم استيناف الغسل إذا حدث في أثنائه بما يوجب الوضوء فان هذا الغسل كغسل الجنابة أو عينه ولو سلم وجوب
الاستيناف في غسل الجنابة لما ذكر ثمة من رواية عرض المجالس فلا ريب انه مختص بالحدث الصادر من الحي ويمنع تأثير الصادر من
الميت بالنسبة إلى وضوئه فضلا عن غسله ومن هنا اتضح فساد التمسك لوجوب الاستقبال كما عن العماني بما دل على أن هذا
الغسل غسل الجنابة أو مثله فان كونه كذلك يقتضى انتقاضه بحدث يفرض وقوعه في أثنائه ونحن نمنع كون الصادر من الميت حدثا
يوجب طهارة صغرى أو كبرى ودعوى ان رواية عرض المجالس قد دلت على كون نفس البول والريح والمنى موجبات الاستيناف
الغسل لاعلى ان المحدث كذلك حتى يمنع كون هذه من الميت احداثا مدفوعة بان المسلم هو ان هذه الأمور الصادرة من الحي موجبة
لأحكامها على أن يكون لحيوة الشخص مدخلية في ذلك فان المذكور في الرواية فان أحدث حدثا من ريح أو بول أو منى فأعد غسل
رأسك ومن هنا يعلم عدم وجوب الاستيناف ولو كان الخارج هو المنى وقد يدفع عموم ذلك التشبيه بان المراد المماثلة في كيفية الفعل
وفيه ان الأخبار المستفيضة دالة على أن الميت جنب لابد من تغسيله ليرتفع جنابته فبعد تسليم كون الخارج من الميت حدثا
312

لا مجال لمنع كونه موجبا لإعادة الغسل بعد فرض ان الجنابة لا يرتفع الا بغسل لم يتخلل في أثنائه حدث واضعف من عموم التشبيه المتقدم
التمسك بمفهوم القيد في مرفوعة سهل المرسلة إذا غسل الميت ثم أحدث بعد الغسل فإنه يغسل الحدث ولا يعيد الغسل ونحوها رواية
روح عن أبي عبد الله (ع) وإن كان خروج النجاسة بعد تمام الغسل قبل التكفين فالظاهر أنه لا خلاف في وجوب ازالتها ونسبه كاشف اللثام
إلى ظاهر الاخبار والفتاوى ويومى إليه ظاهر المحكي عن عبارة المعتبر ويدل عليه مضافا إلى نقل عدم الخلاف المعتضد بالشهرة والى فحوى ما سيجيئ
من وجوب تطهير الكفن والى تعليل تغسيله في الاخبار بقولهم (على) لتلاقيه الملائكة وهو طاهر ولأنه إذا مات كان الغالب عليه النجاسة والأفة
والأذى فأحب ان يكون طاهرا إذا باشر أهل الطهارة والأخبار المستفيضة كمرفوعة سهل المتقدمة ورواية روح عن أبي عبد الله صلى الله عليه وآله
قال إن بدا شئ من الميت بعد غسله فاغسل الذي بدا ولا تعد الغسل وفى رواية الحسين بن مختار يغسل ذلك ولا يعاد عليه الغسل ومن هذه الأخبار
مضافا إلى الأصل يعلم عدم وجوب إعادة الغسل ولو كان الخارج منيا خلافا لما عن العماني من وجوب الإعادة بمطلق الحدث وهو
شاذ لم نجد له مستندا ولو كان بعد التكفين وأصابت الكفن فإن كان قبل وضعه في القبر غسلت من جسده لاطلاق ما مر من الأدلة
جمعا وكذا يجب إزالة النجاسة من كفنه بلا خلاف ظاهرا الا من المحكي عن سيلة؟ حيث جعل من المستحب قرض الكفن لو اصابه نجاسة على (تقدير صح)؟
عدم احتماله لاستحباب خصوص القرض دون أصل الإزالة وهو شاذ بل ظاهر الأردبيلي الاجماع على خلافه حيث قال إما إزالة النجاسة
عن البدن والكفن لو فرضت نجاسته قبل الدفن والقرض لو خرجت بعده فكأنه لوجوب إزالة النجاسة بالاجماع ونحوه انتهى ويدل عليه
أيضا ما يستفاد من الاخبار الآتية الامرة بقرض الكفن والأخبار المتقدمة الامرة بغسل النجاسة الخارجة عن الميت وازالتها الشاملة للثوب
والبدن هذا مضافا إلى ما تقدم من الاجماعات على عدم جواز التكفين في مطلق مالا يجوز الصلاة فيه وما تقدم من أن الميت بمنزلة المحرم
بناء على وجوب إزالة المحرم النجاسة عن ثوبه وكيف كان فلا خلاف في وجوب أصل الإزالة انما الخلاف في أنه يغسل مطلقا مع الامكان
ولو وضع في القبر كما عن ظاهر البيان وصريح مع؟ صد؟ وحاشية الشرايع ويمكن حمل كلام كل من اطلق على الغالب من تعذر الغسل أو تعسره بعد
الوضع في القبر أو يقرض مطلقا كما عن ظاهر الشيخ وابن حمزة وابن البراج الظاهر الروايتين الآتيتين أو الفصل بين ما لو أصابت الكفن بعد
وضعه في القبر فإنها قرضت وبين ما لو اصابته بعده يغسل كما عن ظاهر الصدوقين وأكثر الأصحاب منهم الحلى والمحقق والمص؟ للرضوي
ولان إزالة النجاسة عن الكفن واجب اتفاقا وقرضه اتلاف للمال من غير داع إليه ولا دليل عليه قبل الوضع في اللحد عدا اطلاق مرسلة
ابن أبي عمير إذا خرج من الميت شئ بعد ما يكفن فأصاب الكفن يقرض منه ورواية الكاهلي عن أبي عبد الله (ع) إذا خرج من منخر الميت الدم
أو الشئ بعد الغسل فأصاب العمامة أو الكفن قرض بالمقراض لكنهما محمولان على صورة تعذر الغسل بقرينة خلوهما من الامر بغسل البدن
مع اقتضاء المقام لبيانه فلا يصلحان لتخصيص أدلة اتلاف المال ولا لمعارضة الأخبار المتقدمة الامرة بغسل النجاسة وازالتها بقول
مطلق ومنه يظهر فساد ما في الذخيرة من دعوى امكان تخصيص أدلة اتلاف المال بهاتين الروايتين أو تخصيص الأخبار المتقدمة
بما إذا لم يصب النجاسة الكفن أو الجمع بينها وبين هذين الخبرين بالتخيير ومما ذكرنا يعلم أن التحقيق هو القول بوجوب الإزالة لأدلة
وجوبها من غير تعيين للغسل والقرض واما اخبار تعيين الغسل المتقدمة فهو على تقدير شمولها لغسل الكفن محمولة على الغالب
مع امكان ازالتها بالقرض مع أن التعبير فيها بالغسل فيما بالغسل نحن فيه لأجل شمولها للإزالة عن البدن واما اخبار القرض
فقد عرفت انها ظاهرة في أنفسها وبملاحظة عدم التعرض فيها للإزالة عن البدن على صورة عدم تيسر الغسل هذا مع عدم كون القرض
تضييفا؟ للمال والا حرم وان سقط به وجوب الإزالة هذا مع امكان الامرين ولو تعذر القرض تعين الغسل بلا اشكال ولو تعذر
الغسل تعين لقرض وإن كان اتلافا للمال لان الاتلاف الواجب لا يسمى تضييعا ولو تعذر الغسل واستلزم القرض افساد الكفن
فالمحكى عن الذكرى وض؟ وحاشية الشرايع انه يترك الكفن بحاله ولعله لان الواجب وهي الإزالة غير ممكنة وجوب التبديل يحتاج إلى دليل و
ليس عداما ربما يستفاد من أدلة وجوب الإزالة من عدم صلاحية الكفن المتنجس لكونه كفنا سواء كان نجسا ابتداء أو تنجس بعد التكفين
به وحينئذ فيجب على الولي الابدال لكن يمكن ان يقال إن تنجس الكفن بعد التكفين به لا يوجب عدم صلاحيته لبقائه كفنا كالنجاسة الابتدائية
المخرجة عن صلاحية التكفين به غاية الأمر انه يجب تطهير الميت ثوبه وبدنه عند الامكان وحيث ما فرض عدم الامكان فليسقط الوجوب
ويجب ان يطرح معه في الكفن كل ما سقط من شعره وجسمه وظفره وجلده بلا خلاف كما عن ظاهر الذخيرة بل اجماعا كما عن نهاية الاحكام وظاهر
التذكرة الا ان المحكي عن الجامع النص على الاستحباب وقد تقدم ذلك مع الاخبار الظاهرة في وجوب غسله في مسألة كراهة تسريح شعر
الميت وقص أظفاره وتأمل فيه المحقق الأردبيلي على ما حكى عنه حيث قال إما وجوب طرح ما سقط منه معه في الكفن فقيل للاجماع
313

المذكور في التذكرة واما وجوب غسله الذي كان ذلك على أصله الذي سقط منه فكأنه للاستصحاب وفيه تأمل انتهى أقول إما وجوب
أصل غسله فقد تقدم في موثقة عبد الرحمن بن أبي عبد الله فلا حاجة إلى الاستصحاب واما وجوب تغسيله الأغسال الثلاثة فلعله لانصراف
الغسل في الموثقة إلى الأغسال المعهودة واما التأمل في الاستصحاب فلعله من جهة ان وجوب تغسيل الأجزاء انما كان عند الاتصال كما لو
انفصل مثل ذلك عن بدن الجنب وفيه نظر الا ان المسألة لا يخلوا من اشكال فالاحتياط مما لا ينبغي ان يترك والشهيد إذا مات في المعركة
يصلى عليه من غير غسل ولاكفن باجماعنا كما عن ف؟ والغنية والذكرى والمدارك كشف اللثام بل باجماع أهل العلم خلا سعيد بن المسيب والحر؟ كما
عن المعتبر والتذكرة لحسنة أبان بن تغلب بابن هاشم عن أبي عبد الله (ع) الذي يقتل في سبيل الله يدفن بثيابه ولا يغسل الا ان يدركه المسلمون
وبه رمق ثم يموت فإنه يغسل ويحتنط ويكفن ان رسول الله صلى الله عليه وآله كفن حمزة في ثيابه ولم يغسله ولكن صلى عليه ومضمرة أبى خالد اغسل كل
الموتى الغريق وأكيل السبع وكل شئ الا ما قتل بين الصفين ومصححة زرارة وإسماعيل بن جابر عن أبي جعفر قلت له كيف رأيت الشهيد
يدفن بثيابه قال نعم ثيابه بدمائه ولا يحنط ولا يغسل ويدفن كما هو وعن الفقه الرضوي وإن كان الميت قتيل المعركة في طاعة الله
عز اسمه لم يغسل ودفن في ثيابه إلى غير ذلك من الاخبار لكن الجميع عدا الرضوي خال من التقييد بالموت في المعركة وليس فيهما أيضا ما يدل
على اختصاص الحكم بما يستشهد بين يدي الامام بل هي معنونة إما بالشهيد واما بمن يقتل في سبيل الله واما بمن قتل بين الصفين مع أن
المحكي في كلام جماعة عن المشهور ان المراد هو المقتول في المعركة بين يدي النبي صلى الله عليه وآله أو الإمام (ع) بل ظاهر المحكي عن الذخيرة انه ظاهر الأصحاب والأقوى
ان المراد به كل من قتل في جهاد حق وفاقا للمحكى عن الغنية والكافي والمحقق والمص؟ في محتمل التذكرة والشهيدين والمحقق الثاني وصاحبي المدارك
والذخيرة وجمع من متأخري المتأخرين ويؤيده استبعاد كثرة وقوع السؤال من الروايات لفرض لا يحتاجون إليه ابدا نعم الأقوى اعتبار
الموت في المعركة والمراد بها المحل المتلبس بالعراك ويتفرع عليه كما في كشف اللثام وغيره انه لو انقضى الحرب وبه رمق أو نقل وبه رمق
غسل وعن المنتهى لو جرح بالمعركة ثم مات قبل ان ينقضى الحرب وتنقل عنها فهو شهيد انتهى ودل عليه مضافا إلى ظاهر معاقد الاجماعات
ان ذلك هو الظاهر من مضمرة أبى خالد المتقدمة وضعفها منجبر بما عرفت من الشهرة بل حكاية الاتفاق على هذا التقييد صريحا عن الذخيرة
واستظهار الاجماع عن مجمع البرهان ولافرق في ذلك بين ان يدركه المسلمون وبه رمق أم لا على ما استظهره في محكى مع؟ صد؟ من
اطلاق الأصحاب واجماع التذكرة أقول ومثله الاجماع المحكي عن المعتبر والذكرى وغيرهما واما قوله (ع) في حسنة ابان وغيرها الا ان يدركه
المسلمون وبه رمق فلا دلالة فيها على كفاية عثور مسلم عليه حيا في التغسيل وان لم ينقض الحرب ولم ينقل من المعركة فلعل المراد هو
الادراك الكامل إما بادراكهم إياه حيا بعد تقضى الحرب واما بنقلهم إياه من المعركة إلى معسكرهم ثم إن ظاهر النص وكلام الأصحاب
كما عن جماعة انه لافرق في هذا الحكم بين الصغير والكبير والرجل والمرأة والحر والعبد ولا بين من دعا صلاحه إليه فقتله وغيره ولا
بين من قتل بالجرح أو بغيره من الأسباب وعن ظاهر كشف اللثام الاتفاق في خصوص الصغير والمجنون وعن المعتبر نسبة الخلاف في الصغير
إلى أبي حنيفة ورده بالاطلاق ويؤيده ما روى من أنه كان في قتلى بدر واحد بعض الصغار وقضية رضيع
مولانا سيد الشهداء
معروفة ولم ينقل تيممه روحي له الفداء وهو حسن الا ان الظاهر من حسنة ابان وصحيحته المقتول في سبيل الله فيخص بمن كان الجهاد
راجحا في حقه أو جوهد به كما إذا توقف دفع العدو على الاستعانة بالأطفال والمجانين ثم الظاهر أنه لا خلاف في وجوب تغسيل المقتول
ظلما بغير الجهاد كما لو قتل دون نفسه أو ماله أو عرضه وان ورد ان من قتل دون مظلمة فهو الشهيد ولا الأموات التي ورد انهم
بمنزلة الشهيد وعن المعتبر والتذكرة وغيرهما دعوى الاجماع على ذلك ويدل عليه مضافا إلى مضمرة أبى خالد المتقدمة الأدلة القطعية الدالة
على وجوب تغسيل كل مسلم مع أن اطلاق الشهيد على هؤلاء مجاز من باب التنزيل لكثرة الثواب وسهولة الحساب ويؤيد الحكم رواية
العلا بن سبابه عن رجل قتل وقطع رأسه في معصية الله أيغسل أم يفعل به ما يفعل بالشهيد فقال إذا قتل في معصية الله يغسل أولا منه الدم
ثم يصب عليه الماء صبا الحديث ولا فرق في سقوط الغسل عن الشهيد بين الجنب وغيره وكذا الحائض والنفساء لعدم وجوب الغسل على الميت
ولا يجب تغسيله غسلها على الحي سيما على المختار من كون وجوب الغسل مطلقا غيريا؟ خلافا للمحكى عن السيد في شرح الرسالة والإسكافي
فأوجبا غسل الجنابة لما ورد من أن الميت الجنب يغسل غسلين ولما روى من تغسيل الملائكة حنظلة بن الراهب حيث اتفق خروجه
إلى الجهاد جنبا والظاهر أنه لم يعلم به المؤمنون حتى قال النبي صلى الله عليه وآله ما شأن حنظلة رأيت الملائكة يغسلونه فقيل له جامع فسمع الصيحة فخرج
إلى الجهاد ولو وجد في المعركة ميت وعليه اثر القتل فلا خلاف ظاهرا في سقوط تغسيله ولعله لمراعاة الظاهر فلا يجرى أصالة عدم القتل
فيرجع إلى أصل البراءة بناء على أن الاشتباه في مصدق العنوان المخرج من العام يوجب عدم جواز التمسك منه بالعموم ولو لم يوجد فيه
314

اثر القتل فلا خلاف ظاهرا في سقوط تغسيله ولعله لمراعاة الظاهر فلا يجرى أصالة عدم القتل فيرجع إلى أصل البراءة بناء على أن
الاشتباه في مصداق العنوان المخرج من العام يوجب عدم جواز التمسك فيه بالعموم ولو لم يوجد فيه اثر القتل ففيه قولان للشيخ والإسكافي
وعن الحدائق الظاهر أن الأول هو المشهور وبه صرح المحقق والمص؟ ولعله لأصالة البراءة بناء على ما عرفت ويرد عليه أصالة عدم تحقق
الشهادة بناء على انها مانعة من وجوب التغسيل كما هو الظاهر لا ان الموت حتف الانف شرط في الوجوب
وكما لا يغسل الشهيد كذلك لا
يكفن إذا كان عليه ثياب بل يدفن بثيابه اجماعا محققا ومستفيضا نعم حكى عن المفيد والإسكافي ايجاب نزع السراويل وعن الأول تقيده
بما إذا لم يصبها الدم والروايات حجة عليهما لصدق الثواب عليه كما صرح به جماعة ويجب ان ينزع ما ليس بثوب كالأسلحة وان اصابه الدم
إذ لم يؤمر بابقائه فهو تضييع مال والمشهور ان الفرو والجلود كالخفين ينزع؟ عنه لعدم كونها من الثياب وهو حسن وللقدماء هنا أقوال
لم نعثر لشئ منها على مستند يعتمد عليه ووجوب دفنه بثيابه عيني لظاهر الامر فلا يتخير بينه وبين الكفن ويظهر من الروض انه متفق عليه ثم إنه
لو لم يبق على الشهيد ثيابه فالمحكى عن جملة من الأصحاب وجوب تكفينه لعموم أدلة التكفين خرج منه من له ثياب ولصحيحة أبان بن تغلب
الدالة على أن النبي صلى الله عليه وآله كفن حمزة لأنه جرد لكنها معارضة بصحيحة زرارة وإسماعيل المتقدمة وفيها انه صلى الله عليه وآله دفن حمزة في ثيابه ونحوها
حسنة ابان المتقدمة فالعمدة العمومات والمشهور بين أصحابنا كما عن المختلف والذكرى ان صدر الميت كالميت في جميع احكامه يغسل ويحنط ويكفن
ويصلى عليه ويدفن بل عن ظاهر مجمع الفائدة وئق؟ الاتفاق عليه وعن ف؟ والتذكرة ويه؟ الاتفاق على وجوب الصلاة والظاهر أنه مستلزم
لسائر الاحكام إما بالأولوية أو لعدم القول بالفصل ويدل على الحكم مضافا إلى ما ذكروا لي القاعدة المعول بها في المقام ككثير
من المقامات من عدم سقوط المعسور بالميسور المرفوعة المحكية عن جامع البزنطي المقتول إذا قطع بعض أعضائه يصلى على العضو الذي فيه
القلب وقريب منها مرسلة الصدوق بناء على أن المتبادر من العضو الذي فيه القلب وهو المستقر له هو الصدر ولكن الانصاف
ظهورها في اعتبار فعلية وجود القلب في العضو وربما يستدل أيضا برواية الفضيل بن عثمان الأعور عن الصادق (ع) عن أبيه (ع) في الرجل
يقتل فيوجد رأسه وصدره ويداه في قبيلة والباقي منه في قبيلة فقال ديته على من وجد في قبيله؟ صدره ويداه والصلاة عليه بناء
على أنه لا اعتبار بوجود اليدين وانما ذكره الامام لأنه مورد السؤال فيكون الرواية حينئذ باعتبار اطلاقها قرينة على أنه لا اعتبار
بوجود القلب فعلا وانما العبرة بمستقره اللهم الا ان يقال إن الاطلاق محمول على الغالب من وجود القلب فعلا في القطعة المشتملة
على الصدر واليدين ثم لو سلمنا اطلاق الرواية منعنا كون ذكر اليدين لمجرد اشتمال السؤال عليه فلعل له مدخلية وحينئذ فلا
تعارض بين الرواية والمرفوعة حتى تكون الرواية قرينة للمرفوعة بل يحكم بجعل الحكم منوطا بالصدر مع وجود القلب فيه فعلا
أو به منضما إلى اليدين ومن ذلك يظهر انه قد أجاد المحقق في المعتبر حيث جعل الاحكام منوطة بالعضو الذي فيه القلب أو بالصدر
مع اليدين أو بمجموع عظام الميت عملا بظاهر الرفوعة ونحوها ورواية الفضيل وروايتي علي بن جعفر والقلانسي فيمن اكله السبع
أو الطير فتبقى عظامه بلا لحم ولكن الأجود من ذلك اعتبار وجود القلب فعلا في الصدر واليدين لما عرفت من أنه الغالب المنصرف
إليه الاطلاق نعم لو بقى منه ما يصدق معه انسان مقطوع الرأس والرجلين فلا اعتبار بوجود القلب فعلا كما لا اعتبار به مع وجود
مجموع عظام الميت فالحاصل ان المستفاد من الاخبار هو الصدر مع القلب أو ما يصدق معه انه انسان ولو بقيد كونه مقطوع
الأطراف أو يصدق انها عظام انسان والحكم في الأخيرين موافق للمشهور فإن كان مرادهم الفرد الغالب من وجود القلب في الصدر فليس
فيه مخالفة لما ذكرنا وان أراد؟ الحكم للصدر ولو خلى عن القلب فالحكم بوجوبه لا يخلوا من اشكال لعدم الدليل الا ان
يتمسك بما ذكرنا من القاعدة المنجبرة من حيث ضعف مدركها سندا ودلالة بالشهرة وحكاية الاتفاق ولعل بذلك كله ينجبر
دلالة المرفوعة ويكمن؟ في سندها وجوها؟ في جامع البزنطي وكون الرواية من ابن عيسى الذي كان يخرج من قم من يروى عن الضعفاء
ويعتمد المراسيل مع اعتضادها بالاخبار الموجبة للصلاة على النصف الذي فيه القلب ولخصوص مرسلة الصدوق المتقدمة
ومع ذلك فهو أحوط وأحوط منه ما عن الإسكافي من اجراء الاحكام على كل عضو تمام كما في مرسلة محمد بن خالد ان وجد له
عضو من أعضائه تام صلى على ذلك العضو وان لم يوجد له عضو تام لم يصل عليه ودفن ونحوها ما عن جامع البزنطي عن ابن المغيرة
انه بلغني عن أبي جعفر (ع) انه يصلى على كل عضو رجلا كان أو يدا والرأس فما زاد فإذا نقص عن يد أو رجل أو رأس فلا صلاة عليه
لكنهما لا تقاومان الأخبار الكثيرة النافية لوجوب الغسل فيما ليس فيه القلب وفى الرأس بالخصوص كما في مرسلة الصدوق
فيحملان على الاستحباب وهل يجب التخيط في الصدر أو المشتمل عليه كما عن الشيخ وسلار بل المشهور الأقوى نعم مع وجود موضع التحنيط
315

لعموم القاعدة المتقدمة المنجبرة بالشهرة وعدم الخلاف المقدمين وان لم يوجد فلا يجب وفاقا للشهيدين والمحقق الثاني وجماعة للأصل
لوضوح عدم جريان القاعدة المتقدمة هنا والمرفوعة لا تثبت الا وجوب الصلاة التي لا يستلزم بحكم الأولوية والاجماع الا وجوب التغسيل
والتكفين واما اطلاق الفتاوى بكونه كالميت فلا يقضى أزيد من وجوب تحنيطه في موضع الحنوط فيختص بما إذا وجد محل الحنوط بل
تحنطه في غير مواضع الحنوط حكم مخالف لحكم الميت ومنه يظهر عدم وجوب تكفينه في ثلث قطع هذا حكم الصدر أو المشتمل عليه واما
غيره فالقطعة ذات العظم والسقط لأربعة أشهر حكمها كذلك كالصدر الا في وجوب الصلاة إما الحكم في الأول فهو المشهور كما عن جماعة بل
عن ف؟ والغنية دعوى الاجماع والاخبار عليه وعن المنتهى دعوى عدم الخلاف فيه ونسبه في مع؟ صد؟ إلى الأصحاب ولعل ذلك يكفي في انجبار القاعدة
المتقدمة المستفادة من مثل قوله (ص) إذا أمرتكم بشئ فاتوا منه ما استطعتم قيل خرج من ذلك الصلاة وبقى الباقي أقول لا
يحتاج إلى الاخراج لان الصلاة على العضو ليس بعضا من الصلاة على الكل كما في الغسل ويؤيد ذلك ما ورد في علة تغسيل الميت
من أن الغرض تنظيف الميت لتماس الملائكة ويماسونه فان الظاهر من ذلك مطلوبية التغسيل بالقدر الممكن أو القدر الباقي بل يمكن
الاستدلال عليه بمرسلة أيوب بن نوح إذا قطع من الرجل فهى ميتة فإذا مسه انسان بكل ما كان فيه عظم فقد وجب على من مسه الغسل
وان لم يكن فيه عظم فلا غسل عليه من وجهين أحدهما ان ثبوت غسل المس يستلزم ثبوت التغسيل كما استظهر الملازمة في الذكرى ويظهر
من ض؟ ونسبه في الحدائق إلى ظاهر الاخبار والأصحاب وثانيهما ان جعله ميتا يقتضى اجراء جميع احكام ميته الانسان عليه وليس المراد خصوص
النجاسة قطعا بقرنية تفريع وجوب غسل المس عليه ولا خصوص وجوب غسل المس لعدم التخصيص وتفريعه عليه لا يدل على اختصاص
التنزيل به لو لم يدل على كونه أعم كما لا يخفى على المتأمل نعم في التفريع اشكال اخر غير قادح في الاستدلال وهو ان التفصيل في الممسوس
بين ذي العظم وغيره ليس من احكام الميت فكيف يتفرع عليه ويمكن دفعه بان مس الميت لعله بجملته انما يوجب الغسل باعتبار كون
الممسوس ذا عظم فتأمل ثم إن مقتضى المرسلة ثبوت الحكم في العضو المقطوع من الحي أيضا وفاقا للمحكى عن المشهور بل عن ف؟ دعوى الاجماع
عليه الا ان المحكي عن ف؟ لا يدل على ذلك فإنه قال من مس ميتا بعد برده بالموت وقبل تطهيره بالغسل وجب عليه الغسل وكذا ان مس
قطعة من ميت أو قطعة قطعت من حي وكان فيها عظم وجب فيه الغسل وخالف جميع الفقهاء في ذلك ثم ادعى الاجماع وكيف كان فهو حسن
مع ثبوت دلالة المرسلة على المطلب بأحد الوجهين المتقدمين لكن الشأن في ثبوتها على وجه يسكن إليه النفس ودعوى جبر قصورها
بالشهرة مدفوعة بان الأصحاب لم يستدلوا بها حتى يكشف ذلك عن فهمهم المطلب منه فالمسألة محل اشكال ولذا توقف فيه في مع؟
صد؟ بل قوى في المعتبر عدم وجوب التغسيل وتبعه جماعة معللا بأنه من جملة لا يجب تغسيله ومنعه في الذكرى تبعا للمحكى عن التذكرة بان الجملة
لم يحصل فيها الموت بخلاف القطعة وفيه انه لا دليل على أن حصول الموت في الجزء يوجب تغسيله وهو عين المدعى ومعنى قول المحقق
انه من جملة لا تغسل ان وجوب غسل الجزء تابع لثبوت التغسيل في الكل فان ثبت ثبت التغسيل في الكل لاجزاء إما تبعا للامر بالكل و
إما من جهة قاعدة ان الميسور لا يسقط بالمعسور وأما إذا لم يكن الكل محلا للتغسيل فاثبات الحكم للجزء يحتاج إلى دليل مستقل
ثم إن مقتضى العبارة وجوب التكفين وان غير بعضهم باللف لكن الظاهر التكفين المعهود بلا خلاف ظاهر أو يعتبر ان يكون بالقطع
الثلث لأنه المعهود ويحتمل ان يقيد ذلك بما لو كان محلها باقيا وكذا يجب التحنيط لو بقى بعض مواضعه بل ظاهرها وجوب مراعاة
جميع شرائط الغسل حتى الترتيب لو كان الموجود أكثر من عضو واحد ولو اشتبه اليمين واليسار احتمل وجوب غسل أحدهما مرتين
تحصيلا للترتيب ويحتمل سقوطه هنا وحتى مماثلة الغاسل أو محرميته مع احتمال سقوطه بناء على عدم حرمة النظر إلى العضو المبان
وعلى تقدير الاعتبار فيشكل الحكم مع عدم العلم بذكوريته ولا أنوثيته ولو جعلنا جواز التغسيل تابعا لحل النظر
أمكن جواز
تغسيله لكل من الرجل والمرأة من جهة أصالة إباحة النظر من غير فرق بين وجود المحارم وعدمها إما لو جعلنا المماثلة والمحرمية
شرطا كما هو الظاهر من الاخبار وفتاوى الأصحاب وإن كان ظاهر بعضها يوهم خلاف ذلك تعين غسل المحارم له مع وجودها ومع عدمهم
فيحتمل سقوط الغسل لأصالة عدم تحقق المماثلة ووجوبه على الرجال والنساء لأن اطلاق أدلة اعتبار المماثلة منصرف إلى
المغسول المعلوم حاله والأحوط تغسيل الرجل له تارة وتغسيل المرأة له أخرى وإن كان لا يجب ذلك عليهما لأنهما بالنسبة إليه
كواجدي المنى في الثوب المشترك وكذا الكلام في الخنثى المشكل واما الحكم في الثاني وهو السقط إذا كان له أربعة أشهر فيدل على وجوب
تغسيله مضافا إلى الاجماع المحكي عن ف؟ المعتضد بما عن المعتبر من نسبته إلى علمائنا وعن المنتهى نسبة إلى أكثر أهل العلم وعن الذكرى
ومع؟ صد؟ وض؟ من نسبته إلى الأصحاب رواية زرارة السقط إذا تم له أربعة أشهر اغتسل ومرفوعة أحمد بن محمد إذا تم السقط
316

أربعة أشهر غسل وقال إذا تم؟ أشهر فهو تام ولا يعارضها بالمفهوم موثقة سماعة قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن السقط
إذا استوت خلقته يجب الغسل واللحد والكفن قال نعم إذا استوت لتحقق الاستواء في الأربعة كما يدل عليه كثير من الاخبار التي ذكر
بعضها في الحدائق ولو منع عن التلازم فلا أقل من المقارنة في الأغلب وهي كافية في انصراف اطلاق الموثقة الا انه يمكن العكس بحمل
اخبار الأربعة على الغالب من حصول الاستواء باكمالها وما يتوهم من دلالة ذيل مرفوعة أحمد بن محمد وغيرها مما دل على أن التمام
لستة أشهر على عدم التلازم المذكور ومع ذلك قد صرح في المرفوعة بوجوب التغسيل للأربعة فيعلم ان المدار عليها لا على الاستواء
فهو مندفع بان المراد بالتمام في المرفوعة ونحوها هو تمام الانسان من حيث الاستعداد واستحكام الحياة بحيث يكون قابلا لان
يعيش لا استواء الخلقة ويشهد له الاستشهاد في هذه الأخبار بان مولانا الحسين صلوات الله وسلامه عليه ولد كستة أشهر وأوضح
من هذا فساد ما قيل من أن الجواب في رواية الكليني غير مشتملة على قوله عليه السلام إذا استوت وذلك لان ما ذكره الشيخ رواية أخرى
مستندة إلى سماعة عن أبي عبد الله (ع) وما رواه الكليني مستندة إلى أبى الحسن (ع) ويكفى في التقييد اشتمال إحدى الروايتين عليه
واكتفاء الأخر بوقوعه مأخوذا في السؤال فالأولى بعد منع التلازم المذكور المقتضى لضعف دلالة المفهوم فلا يقوى على تقييد
المنطوق ويدل على وجوب تكفينه ودفنه موثقة سماعة المنجبرة بقبول الأصحاب لها كما عن المعتبر وض؟ وان عبر بعضهم باللف في خرقة كالمحقق
في الشرايع ويحتمل حمل التكفين في النص والفتوى عليه وهو ضعيف ومنه يظهر وجوب الدفن واما التحنيط ففيه اشكال وان حكى
عن جماعة ايجابه كالمص؟ لعدم الدليل عليه الا ان يثبت حلول الحياة فيه بحيث يصدق عليه الميت فيدخل في العمومات والاحتياط
لا يترك ثم هل يلحق بالقطعة ذات العظم المجرد (فيه قولان والأقوى العدم لعدم الدليل وفاقا للمحكي عن ظاهر جماعة ويؤيده ما دل على أن علته؟ الغسل التنظيف إذ لا ريب ان تنظيف العظم المجرد صح) يحصل بغسله لا بتغسيله خلافا للمحكى عن الإسكافي والشهيد والمحقق الثاني
في حاشية الشرائع ويمكن الاستدلال لهم بالقاعدة المتقدمة بعد ما ثبت بروايتي علي بن جعفر والقلانسي وجوب اجراء احكام
الميت على من اكله السبع أو الطير فتبقى عظامه بلا لحم لان وجوب تغسيل العظام المجرد مع الامكان يستلزم وجوب تغسيل بعضها
مع تعذر تغسيل الجميع ويردان الروايتين محمولتان على الغالب من حضور شئ من اللحم في العظام وان صرح فيهما بأنه يبقى العظام
من غير لحم الا انه مبالغة تنزيلا لليسير منزلة المعدوم مع أن القاعدة غير منجبرة في المقام واما القطعة الخالية عن العظم سواء
انبينت؟ من حي أو كانت من ميت فإنها لا تغسل بل تلف في خرقة وتدفن إما عدم وجوب التغسيل فقد حكى عليه الاجماع عن ف؟
والغنية وعن الحدائق الاتفاق عليه وعلى عدم التكفين المعهود والصلاة ويدل عليه مضافا إلى أصالة البراءة وأصالة عدم الصحة
وترتب الآثار لفقد الجابر هنا لقاعدة عدم سقوط الميسور بالمعسور عدم وجوب الغسل بمسه في مرسلة أيوب ابن نوح فتأمل واما
اللف في خرقة فظاهر المص؟ كالمحقق في فع؟ ولا دليل عليه عدا ما في الرياض من وجوب مراعاة القاعدة المتقدمة جزح؟ وجوب التكفين
بالقطع الثلث في قطعة واحدة وبقى الباقي وهو حسن ولو وجد الجابر في المقام للقاعدة وقلنا بان المراد باللف في خرقة التكفين
في قطعة واحدة بحيث يراعى في ذلك جميع شروط الكفن إما لو كان المراد لفه بخرقة من غير تقييد بشرائط الكفن فلاوجه لاجزاء
تلك القاعدة وكذا السقط لأقل من أربعة أشهر لا يجب غسله اجماعا ظاهرا كما عن الغنية وف؟ ونسبه في محكى المعتبر والتذكرة إلى جميع
العلماء لعموم رواية زرارة ومرفوعة أحمد بن محمد المتقدمة بل رواية سماعة وفى مكاتبة محمد بن الفضيل السقط يدفن بدمه في
موضعه ويظهر من هذه المكاتبة وجوب الدفن كما هو المعروف من غير خلاف ظاهرا كما استظهره في مجمع الفائدة وهو ظاهر معقد اجماع
المعتبر والتذكرة ثم إن المحكي عن المعتبر الاستدلال على عدم وجوب الغسل بان المعنى الموجب للغسل وهو الموت مفقود هنا وكانه مبنى
على ما يظهر من النبوي المحكي انه إذا بقى أربعة أشهر ينفخ فيه الروح ويشير إليه بعض الروايات في دية الجنين الا ان المحكي عن الأطباء
ولوج الروح قبل ذلك حتى أنه حكى عنهم امكانه لتمام شهرين فان المحكي عن كتاب الكفاية في النجوم اتفاق الطبيعيين على أن مدة تمام
خلقة الجنين بنصف مدة حركته ومدة حركته ثلث مدة ولادته فإذا كان مدة ولادته ستة أشهر كان حركته في
شهرين وعن بعضهم
ان جميع النساء يعرفن انه إذا اتى على النطفة ثلثة أشهر حارت متحركة ومما ذكر يظهر ان مدة تمام خلقة الجنين أيضا لا يتوقف على
الأربعة بل قد يتحقق في شهر وحيث إن العمدة في الاستدلال هو النص فلا يشكل الامر بما ذكره الأطباء ويؤمر من وجب قتله في
حد أو قصاص بالاغتسال غسل الميت والتحنيط والتكفين ثم يقتل ولا يغسل بعد موته بذلك السبب على المشهور بل عن ف؟ الاجماع
عليه وعن المعتبر والذكرى لا أعرف لأصحابنا فيه مخالفا وعن مجمع الفائدة كأنه اجماعي وعن الحدائق اتفاق الأصحاب عليه قديما
وحديثا وقريب منه ما عن الذخيرة والأصل فيه رواية مسمع عن أبي عبد الله (ع) المرجوم والمرجومة يغتسلان ويحنطان
317

ويلبسان الكفن قبل ذلك ثم يرجمان ويصلى عليهما والمقتص منه بمنزلة ذلك يغتسل ويحنط ويلبس الكفن ثم يقاد منه ويصلى عليه و
نحوه ما أرسله الصدوق عن أمير المؤمنين (ع) وما عن الفقه الرضوي وظاهر الرواية كون ذلك في حقهما على وجه العزيمة وفاقا لظاهر الأكثر
وصريح المص؟ هنا والمحكى عن الشيخ وسلار والحلى وعن الشهيد في الذكرى احتمال كونه للرخصة وتبعه في الروض وكشف اللثام وقواه في الحدائق
وهو ضعيف وظاهر المتن عموم الحكم لكل من وجب قتله وفاقا للمحكى عن الشرائع والجامع والذكرى وفى الروض نسبه إلى الأصحاب وعن الحدائق
انه ظاهر الأصحاب مع اختصاص النص بالمرجوم والمقتص منه وفاقا لبعض بل عن الكشف ان الأكثر اقتصروا عليهما بل عن المفيد وسلار
الاقتصار على الأخير والأجود التوسط تبعا للنص ثم ظاهر النص كالمحكى عن ظاهر الأصحاب وصريح جماعة ان هذا الغسل هو غسل الأموات
المشتمل على الأغسال الثلاثة وعن المص؟ في عد؟ والمحقق والشهيد الثانيين في شرحي عد؟ والارشاد احتمال الاكتفاء بالغسل الواحد
لاطلاق النص وعدم إفادة الامر للتكرار وهو كما ترى وظاهر النص كالفتاوى بل صريح جملة منها عدم الحاجة إلى إعادة الغسل فيكون
بدن الشخص بعد الموت طاهرا ولا ينجس بالموت لان هذا حكم من يجب غسله لامن لا يجب كالشهيد لاختصاص أدلة نجاسة الميت قبل
الغسل بمن يشرع تغسيله لأنه الظاهر من القبيلة وكذا أدلة غسل المس نعم عن الحلى وجوب الغسل بمسه وهو ضعيف كالتردد المحكي
عن صاحبي الذخيرة والحدائق ولو مات بغير ذلك السبب فإن لم يكن سببا اخر فلا اشكال في وجوب تجهيزه بل وكذا إن كان سببا آخر وفاقا
للمحكى عن الذكرى ومع؟ صد؟ وض؟ وئق؟ الا انه لا يبعد الاجتزاء في بعض الفروض فتأمل والظاهر أنه لا يقدح تخلل الحدث في أثنائه للاطلاق
وان وردانه كغسل الجنابة والأقرب عدم تداخله مع سائر الأغسال الواجبة للأصل مع عدم الدليل وليس في الرواية دلالة
على امره بالاغتسال الا انه لما وجب عليه فيؤمر به من باب الأمر بالمعروف وفى الروض تبعا لجامع صد؟ ان الامر به هو الإمام (ع) أو
نايبه وفى تعينه نظر لخلو ظاهر النص والفتوى عنه
ولما فرغ من الأسباب الخمسة للغسل شرع في السبب السادس وهو مس الميت
وذكره هنا لأنه كالتيمم لاحكام الأموات فقال من مس ميتا من الناس بعد برده بالموت وقبل تطهيره بالغسل المتقدم أو المتأخر
أو مس قطعة من ذات عظم أبنيت منه أو من حي وجب عليه الغسل إما الوجوب بمس جملة الميت فهو المشهور بل المعروف عن عدا السيد
قده وهو المحكي عن القديمين والصدوقين والشيخين والحلى والحلبي نعم عن الوسيلة والمراسم التوقف فيه لكن الموجود في الأول التصريح
بالوجوب حيث قال في بيان أقسام نواقض الطهارة ورابعها ما يوجب كليهما يعنى الوضوء والغسل وهو ثلثة الحيض والنفاس ومس الميت
من الناس أو قطعة الميت من حي أو ميت فيها عظم بعد البرد بالموت وقبل التطهير بالغسل ولعل توهم الحاكي مما في سيلة؟ من أن الغسل
المختلف فيه ثلثة غسل المس وغسل قضاء الكسوف لتاركه عامدا مع احتراق القرص وغسل من سعى إلى مصلوب بعد ثلاثة أيام واما
عبارة المراسم فلم نظفر عليها ولعله نظير ذلك ولذا حكى في المناهل عن صاحبه موافقة المشهور الا ان المحكي عن ف؟ انه حكى الخلاف عن السيد و
غيره وكيف كان فهذا القول شاذ بل على خلافه الاجماع عن ف؟ وغيره مضافا إلى الروايات المستفيضة بل المتواترة معنى ففي صحيحة
ابن مسلم المروية في التهذيب عن أحدهما (عل‍) للرجل يغمض الميت أعليه غسل قال إذا مسه بحرارته فلا ولكن إذا مسه بعد ما برد فليغتسل قلت
فالذي يغسل الميت يغتسل قال نعم ونحوها صحيحة العلا بن رزين المروية عن الكافي وفى صحيحة عاصم بن حميد إذا مسست جسده حين
يبرد فاغتسل وفى مكاتبة الصفار إذا أصاب يدك جسد الميت قبل ان يغسل فقد وجب عليك الغسل وفى صحيحة ابن مسلم من غسل ميتا
وكفنه اغتسل غسل الجنابة وفى رواية الحسن في عبد قال كتبت إلى الصادق (ع) هل اغتسل أمير المؤمنين (ع) حين غسل رسول الله صلى الله عليه وآله فأجاب
النبي صلى الله عليه وآله طاهر مطهر ولكن فعل أمير المؤمنين (ع) وجرت به السنة والمروى عن العيون والعلل عن الفضل بن شاذان قال انما أمر من
يغسل الميت بالغسل لعلة الطهارة مما اصابه من نضح الميت لان الميت إذا خرج منه الروح بقى أكثر افته فلذلك يطهر منه ويطهر وفى
رواية عبد الله القزويني قال سئلت أبا جعفر (ع) محمد بن علي عن غسل الميت لأي علة تغتسل الغاسل قال يغسل الميت لأنه جنب و
لتلاقيه الملائكة وهو طاهر وكذلك الغاسل لتلاقيه المؤمنون إلى غير ذلك مما لم نذكر أكثرها وحمل جميع ما فيها من الأوامر صيغة ومادة
ولفظ الوجوب على الاستحباب مما يوجب اضمحلال الشريعة إذ قلما يتفق ورود مثلها أو دونها في الواجبات الأخر فلا ينبغي الاشكال
في المسألة وارجاع ما يوهم المنافاة من الاخبار المعبر فيها بلفظ السنة أو بغيره مما يوهم الاستحباب إليها كما لا ينبغي الاشكال في عدم
وجوبه قبل البرد للأصل والأخبار المستفيضة بل المتواترة أيضا التي ذكر بعضها ولا ينافيه الحكم بنجاسته حينئذ إذ لا تلازم بين وجوب الغسل
بالفتح والغسل بالضم كما لا اشكال أيضا في عدم الوجوب بعد تغسيله ورواية عمار عن الصادق (ع) قوله كل من مس شيئا فعليه الغسل وإن كان
الميت غسل شاذ أو محمولة على الاستحباب كما عن التهذيبين جمعا بينها وبين قوله (ع) في صحيحة ابن مسلم مس الميت عند موته
318

وبعد غسله والقبلة ليس بها باس وصحيحة ابن سنان لا باس بان تمسه بعد الغسل والقبلة ونحوها روايته الأخرى أو على محامل اخر مثل
حمل التغسيل فيها على إزالة النجاسة أو على إرادة عدم سقوط غسل المس السابق أو على تغسيله ببعض الغسلات وهل يلحق المتيمم بالمغتسل
كما عن كاشف الغطاء أو لا كما عن عد؟ والمنتهى ومع؟ صد؟ وض؟ والمدارك وكشف اللثام وغيرها قولان يشهد لأولهما عموم البدلية وللثاني اطلاق
الاخبار واستصحاب عدم السقوط لمنع بدلية التيمم الا فيما يكون المؤثر هو الماء فقط لا الماء مع السدر والكافور والأول لا يخلوا عن قوة
لان الاطلاقات كالاستصحاب محكوم عليها بأدلة البدلية وقد يتوهم ان الاستصحاب معارض باستصحاب سقوطه فيما لو تيمم قبل البرد
وفيه مالا يخفى ومنع جريان البدلية فيما يكون لغير الماء مدخل في التطهير لو سلم فإنما يسلم مع انحصار المدرك بعموم جعل التراب
كالماء أما مع فرض دلالة الأدلة على أن التراب طهور فالظاهر قيام تيمم الميت مقام تغسيله المفيد لرفع جنابته وتنظيفه الموجب لسقوط
الغسل بمسه مع أن المنع المذكور لا يجرى في المتيمم عن غسله بالقراح خاصة أو في المحرم المتيمم عن الكافور والقراح فيجيئ فيها عموم
البدلية والتيمم في غيرهما بعدم الفصل فتأمل بل التيمم عند فقد الماء والخليطين الا ان ادعى الحاقه أيضا بالمتيمم كما صرح به بعضهم و
ان استقرب بعض اخر منهم عدمه لكن الانصاف ان أدلة البدلية انما تدل على أن حكم المتيمم في حكم المرتفع وانه في حكم المغتسل من هذه
الجهة ولم يعلم أن وجوب الغسل بالمس تابع لبقاء حكم الحدث فلعله تابع لبقاء الخبث الذي لا يزول بالتيمم لعدم بدليته عن الماء في
زوال الخبث وكيف كان فلو قلنا بعدم الوجوب فأولى به لو اختل بعض شرائط الغسل اضطرارا أو فقد السدر والكافور لان مثل
ذلك غسل شرعي في حق مثله الا ان يدعى انصراف الغسل في الاخبار إلى الغسل الاختياري التام ولا دليل على قيام الاضطراري
مقام الاختياري في جميع الأحكام فالأقوى عدم السقوط وفاقا للروض كما عن مع؟ صد؟ واولى بعدم السقوط ما إذا غسله كافر عند
فقد المسلم المماثل أو كان الميت مخالفا غسله المؤمن غسل أهل الخلاف بل ولو غسل غسل أهل الحق لأنه غير صحيح مع القدرة
على غسل أهل الخلاف ومع العجز عنه فيدخل في الأغسال الاضطرارية التي قلنا بعدم اسقاطها لغسل المس فتأمل واما من لا يجب تغسيله
بعد الموت كالشهيد ومن قدم غسله بناء على أنه غسل ميت قدم عليه كما هو الظاهر من الرواية فلا يجب الغسل بمسهما لأن الظاهر من جعل
وجوب الغسل معينى؟ بما قبل التغسيل هو ثبوته في محل يجب التغسيل مضافا إلى ما يظهر من تعليل غسل المس بما يدل على أنه لنجاسة الميت
وهو الظاهر أيضا من مكاتبة الحسن بن عبد المتقدمة في قضية الأمير والنبي صلى الله عليه وآله في أن من لا ينجس بالموت لا يحتاج غاسله إلى الغسل الا
ان أمير المؤمنين (ع) فعل ذلك وجرت السنة بغسل كل مغسل للميت ويمكن ان يستدل بها أيضا على خلاف المطلب بناء على دلالة الرواية
على أن الأمير (ع) فعله (العبدا صح)؟ لا لنجاسة النبي صلى الله عليه وآله وجرت السنة بفعله كذلك وان لم يكن الميت نجسا الا ان الأول أظهر والمسألة لا يخلوا من الاشكال
ثم إن ظاهر الاخبار والفتاوى كون الوجوب معينى؟ بكمال غسله فلو كمل غسل الرأس فقط ففي سقوط الغسل كما عن المص؟ قده في غير هذا
الكتاب والشهيد وجماعة أو عدمه كما عن المدارك والذخيرة ومحتمل الذكرى ومع؟ صد؟ وظاهر ض؟ قولان أقويهما الثاني للأصل والاطلاقات ومنع
دوران وجوب الغسل مدار النجاسة لعدم الدليل على التلازم بل منع زوال النجاسة عن العضو قبل كمال الغسل ولا منافاة فيه
للقواعد الفقهية نعم أصل التوقف كما في الروض وعن ئق؟ من أن طهارة المحل من الخبث يحصل بمجرد انفصال الغسالة ولا يتوقف على
تطهير جزء اخر وتوضيح عدم المنافاة ان ما ذكر انما يكفي فيما إذا علق الشارع الزوال على الغسل بالفتح الذي يحصل من دون توقف
على غسل جزء اخر دون ما إذا علقه على الغسل بالضم الذي لا يحصل الا بغسل تمام الأجزاء فالطهارة في كل مقام يتوقف على حصول
ما جعل مطهرا وهذا غاية المراعاة للقواعد الفقهية نعم أصل توقف زوال الخبث على تحقق أمر زائد على الغسل بالفتح بل على مطلق
إصابة الماء للمحل مناف ظاهرا لما ثبت في نظايره من حصول الطهارة بمجرد إصابة الماء أو مع انفصاله لكن التأمل يعطى ان ذلك انما هو في
تطهير المتنجس لأنجس العين فالحاصل ان طهارة الميت بالغسل بالضم حكم خاص لموضوع خاص لا تطير له من حيث الحكم ولامن
حيث الموضوع فافهم ثم لافرق في ظاهر الاخبار والفتاوى بين الميت المسلم والكافر كما حكى التصريح به عن المص؟ والشهيد والمحقق الثاني
وعن المص؟ في المنتهى وير التوقف في الكافر ولعله نظير ما ذكرنا في الشهيد من أن الظاهر من جعل الغسل غاية لوجوب غسل المس اختصاص
الحكم بمن يؤثر فيه التغسيل دون من لا يؤثر إما بدونه كالشهيد أو بقاء نجاسته معه كالكافر ويضعفه بان مستند الغسل ليس
منحصرا فيما يدل على بيان الغاية فان منها العمومات المتعلقة للحكم على الميت ومنها ما تقدم من تعليل وجوب الغسل بنجاسة
الميت وهي موجود في الكافر زيادة على نجاسة كفره على الأقوى من قبول المتنجس والنجس النجاسة العينية والعرضية مع أن صحيحة معوية بن
عمار قلت له فالبهائم والطير إذا مسها عليه غسل قال لا ليس هذا كالانسان ظاهرة في ثبوته لمطلق الانسان
المقابل للبهائم
319

وصحيحة ابن مسلم عن الرجل يمس الميتة أعليه غسل قال لا انما ذلك من الانسان ومثلها صحيحة الحلبي ونحوهما ما عن علل الفضل بن شاذان
عن مولانا الرضا (ع) انما لم يجب الغسل على من مس شيئا من الأموات غير الانسان كالطيور والبهائم والسباع وغير ذلك لأن هذه الأشياء
كلها ملبسة ريشا وصوفا وشعرا ووبرا وهذا كله لا يموت وانما يماس منه الشئ الذي له؟ أو هو ذكى من الحي والميت الخبر ثم إنه يظهر هذا
التعليل اعتبار كون الجزء الممسوس من الميت مما تحله الحياة لا كظفره وشعره وعظمه وفاقا للروض ويؤيده ما تقدم من رواية عاصم بن حميد
ومكاتبة الصفار حيث علق الغسل فيها على مس الجسد بعد برده فان الظاهر من لفظ الجسد سيما بعد اتصافه بالبرودة مقابل مطلق ما عداه ومنه
شعر لحيته سيما إذا طالت لا مقابل ثياب الميت والخدشة في علية ما ذكره الإمام (ع) وان ذلك من باب اظهار بعض الحكم الخفية التي
لا تنطبق بظاهرها على ظاهر ما في أيدينا من القواعد ولذا لا يحكم بوجوب الغسل إذا مس نفس جسد البهائم دون اشعارها وأوبارها
مدفوعة بعد التسليم منع علية العلبة بمجرد عدم فهمنا للارتباط الواقعي بينها وبين المعلول مع أن تخلف الحكمة عن الحكم غير رضا
فان الظاهر من هذا التعليل عدم وجوب الغسل لمس ما لا تحله الحياة من الانسان سواء جعلناها علة حقيقية أم لا وعدم كون العلة علة
حقيقية لا ينافي اعتبار ظهور العلة في حكم الحرمة الا ترى انا نستدل بقوله (ع) في تعليل مشروعية التيمم لفاقد الماء ان رب الماء
رب الصعيد على تسوية حكم استعمال الماء واستعمال الصعيد عند عدمه في جميع الآثار مع انا لانفهم الارتباط بين وحدة ربهما وبين قيام
أحدهما مقام الأخر فالأقوى اعتبار حلول الحياة في الممسوس لكن عن الذكرى بعد استقراب وجوب الغسل بمس العظم المجرد المنفصل قال
واما السن والضرس فالأولى القطع بعدم وجوب الغسل بمسهما لأنهما في حكم الشعر والظفر هذا مع الانفصال واما مع الاتصال
فيمكن المساواة لعدم نجاستهما بالموت والوجوب لأنهما من جملة يجب الغسل بمسهما انتهى ولا يخفى ان عدم نجاستهما بالموت لا
يعارض الاطلاقات الدالة على وجوب الغسل بمس الميت الصادق بمسهما فلا يعد ذلك وجها لعدم الوجوب الا على ما استظهرناه سابقا
من اخبار تعليل غسل الميت من اعتبار كون الممسوس مما لا يبقى طاهرا بعد الموت فالعمدة في عدم الوجوب رواية العلل المتقدمة
الحسنة كالصحيح كما يظهر من طريق الصدوق إلى الفضل قده هذا ومع ذلك فالاحتياط يقضى بالعمل بالاطلاقات هذا حكم
الممسوس واما الماس فالظاهر وجوب الغسل بالمس بكل مالا تحله الحياة الا إذا لم يصدق بمسه انه مس ميتا كما لا يبعد ذلك في المس
بطرف الشعر الطويل بل مطلق الشعر لكن الظاهر من ض؟ اعتبار الحياة في الماس والممسوس قال واعلم أن كل ما حكم في مسه بوجوب الغسل
مشروط بمس ما تحله الحياة من اللامس لما تحله الحياة من الملموس فلو انتفى أحد الامرين لم يجب الغسل ثم قال هذا في غير
العظم المجرد كالشعر والظفر لمساواته العظم في ذلك ولافرق في الاشكال بين كون العظم والظفر من اللامس أو الملموس انتهى
وقوله قد تقدم الاشكال هو إشارة إلى ما يأتي من كلامه في مسألة العظم المجرد المنفصل ولا يخفى انه لا يظهر منه وجه
للاشكال في طرف اللامس فانتظر واما وجه قوة الاشكال في السن فلعله لما عن الشيخ ابن سينا من كون الأسنان مما تحله
الحياة وكيف كان فلترجع إلى ما ذكره المص؟ قده من الحكم وهو وجوب الغسل بمس القطعة وتفصيله ان القطعة المنفصلة إن كانت
ذات عظم فالمعروف ممن عدا المحقق قده في المعتبر وجوب الغسل بمسه وحكى صريحا عن الفقيه ويه؟ وف؟ والسرائر وسيلة؟ والجامع و
الشرايع وفع؟ وكتب المص؟ والشهيدين والمحقق الثاني وغيرهم بل عن ف؟ الاجماع عليه في المبانة من الحي والميت ومخالفة جميع الفقهاء في ذلك ويدل
عليه بعد الاجماع المؤيد بموافقة المشهور ومخالفة الجمهور مرسلة أيوب بن نوح عن أبي عبد الله (ع) إذا قطع من الميت قطعة فهى ميتة فإذا
مسه انسان فكلما كان فيه عظم فقد وجب على كل من مسه الغسل وان لم يكن فيه عظم فلا غسل عليه وعن الرضوي وإذا مسست شيئا
من جسد أكيل السبع فعليك الغسل إن كان فيما مسسته عظم وما لم يكن فيه عظم فلا غسل عليك في مسه وضعف السند بالارسال
مجبور بما عرفت فقدح المحقق فيها في المعتبر غير قادح مع أنه ممن يعمل بالاخبار عند عمل الأصحاب بها وان لم يصح سنده مع أنه لا مجال
للتأمل في المنفصل من الميت إذ لو اثر اتصال اجزاء الميت في الحكم لاثر في الحكم بنجاسة الميت لان الاخبار انما دلت على نجاسة الميتة
وهي لاتصدق على جزء منها وفى الحكم بوجوب تغسيله لو لم نجد الميت تام الأجزاء نعم لا ينبغي الاشكال في المبانة من الحي لولا الدليل
الخارجي من حيث عدم الدليل على جريان الاحكام عليها حتى نجاستها ووجوب تغسيلها والاغتسال بمسها إذ لا يصدق عليها عنوان
الميت ولا جزء الميت ودعوى ان بخروج الروح عنه يصدق الموت عليه ممنوعة فان الموت عدم الحياة ممن من شانه ان يكون حيا ولا يتصف
العضو بالحياة الا تبعا للكل فالحياة في الحقيقة من صفات الانسان فانقطاع تعلق روح الكل عن بعض اجزائه وانحصار محله في باقيها
لا يوجب عند التحقيق صدق الموت على ذلك الجزء الا مجازا لعدم التحرك والنمو والحس كما يشهد به صدقه حال اتصال العضو المفروض
320

ولو سلم الصدق لكن لاشك ان الميت في الاخبار هو الانسان الذي خرج عنه الروح وثبوت الحكم لبعض اجزاء الميت قد عرفت انه لأجل
انفهامه من أدلة الميت كما يفهم النجاسة بل ناقش في ذلك أيضا صاحب المدارك كما سيأتي في باب النجاسات فالعمدة في الحكم عموم المرسلة بل
ظهورها في الحي مع انجبارها بالاجماع المتقدم عن ف؟ المصرح فيه بالتعميم بل قد عرفت انها العمدة أيضا في وجوب تغسيل هذه القطعة
في باب غسل الميت لا حصول صفة الموت في نفسها فراجع ثم إن المشهور كما يظهر من بعض عدم وجوب الغسل بمس العظم المجرد المنفصل بل
مقتضى ما تقدم في اعتبار حياة الملموس قوة السقوط بمس العظم المجرد المتصل الا ان المحكي عن الذكرى أنه قال وهل يجب الغسل بمس بمجرد
متصلا أو منفصلا الأقرب نعم لدوران الحكم معه وجودا وعدما ويمكن الالتفات إلى طهارته فلا يفيده غيره ونحن نمنع طهارته
لأنه يحس بالاتصال نعم لو أوضح العظم في حال الحياة وظهر ثم مات فمسه فالاشكال أقوى لأنه لا يحكم بنجاسة هذا العظم حينئذ ولو غلبنا
جانب الحكم توجه وجوب الغسل وهو أقرب إما على هذا فظاهر واما على النجاسة العينية فيمكن القول بنجاسته تبعا ويطهر بالغسل
انتهى ثم قال إما السن والضرس إلى اخر ما نقلنا في مسألة اعتبار حياة الممسوس وفيه مالا يخفى من منع الدوران فلعل العلة
في وجوب الغسل المركب من اللحم والعظم عند الانفصال ونجاسة الملموس عينا حال الاتصال ودعوى نجاسة العظم عينا بالاتصال
كما ترى وتنجسه بالملاقات لا يجدي فلا يتفاوت الحال بين ما لو أوضح حال الحياة وظهر وبين الموضح بعد الموت أو قبله من دون تطهير
قال في الروض بعد رد الدوران بما ذكرنا نعم هو يعنى العظم على تقدير اتصاله تابع للميت كما معه شعره وظفره إما حال الانفصال فلا
فالحاقه حينئذ بباقي الأجزاء التي لا تحلها الحياة أوجه وإن كان وجوب الغسل بمسه أحوط وهذا في غير السن والضرس إما فيهما فالوجوب
أضعف لأنهما في حكم الشعر والظفر هذا مع الانفصال واما مع الاتصال فيمكن المساواة والوجوب لأنه جزء من جملة يجب الغسل بمسها
انتهى ويظهر ما فيه مما ذكرنا في اعتبار حلول الحياة في الممسوس ومما ذكرنا يظهر الحكم في السن المنفصل من الميت واولى منه المنفصل من
الحي ويبقى على ما في الذكرى مطالبة الفرق بينه وبين العظم المجرد حيث ادعى القطع فيه لعدم الوجوب مع الانفصال دون العظم المنفصل
ولو خلت القطعة المبانة من عظم أو كان الميت من غير الناس مما له نفس سائلة غسل اللامس يده خاصة مع رطوبة أحد الملاقيين؟
بناء على ما سيجيئ من كون نجاسة الميت كغيرها ومطلقا بناء على الأقوال الأخر وسيأتي في مباحث النجاسات انشاء الله ثم إن المعروف وجوب
هذا الغسل لغيره وعدم وجوبه لنفسه بل استظهر بعض مشايخنا تبعا للمحكى عن ئق؟ عدم الخلاف فيه وتوقف فيه في المدارك و
مال إلى كونه واجبا لنفسه كغسل الجمعة والاحرام عند موجبهما قال الا ان يثبت كون المس ناقضا للوضوء فيتجه وجوبه لاحد الأمور
المتقدمة الا انه غير واضح انتهى ويرده مضافا إلى أصالة البراءة وأصالة الاحتياط في المقام والى المحكي عن الرضوي في باب غسل
المس وان نسيت الغسل وذكرته بعد ما صليت فاغتسل واعد صلاتك وان المستفاد من سببية المس للغسل بمعونة؟ ما تقدم مما
ورد في علة غسل المس كون المس محدثا لنجاسة معنوية في بدن الماس يجب ازالتها للعبادة المشروطة بالطهارة ويؤيد ذلك
حسنة شهاب بن هاشم قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الجنب يغسل الميت ومن غسل الميت يأتي أهله قال هما سواء لا باس بذلك
إذا كان جنبا غسل يديه وتوضأ وغسل الميت وان غسل الميت ثم اتى أهله توضأ ثم اتى أهله ويجزيه غسل واحد لهما
فان الظاهر أن وضوء كل من الماس والجنب لتخفيف الحدث هذا كله مضافا إلى مفهوم قوله (ع) إذا دخل الوقت وجب الصلاة والطهور
دل على عدم وجوب الطهور بأصل الشرع قيل قبل دخول وقت الصلاة فكل طهور يجب شرعا فالأصل ان يكون وجوبه لها وهو مما استدل
به صاحب المدارك على عدم وجوب الوضوء لنفسه مع أن المنساق من الامر بالاغتسال كالأمر بالغسل كونه لغيره واما كونه ناقضا
للوضوء فلما تقدم في باب الوضوء
ويستحب الغسل للجمعة على المشهور المحكي صريحا عن المشايخ الثلاثة واتباعهم والحلى وابن سعيد
وجمهور المتأخرين بل عن ف؟ الاجماع على أنه سنة مؤكدة وليس بواجب ولم يحك الوجوب الاعن الحسن البصري وعن الغنية عده في الأغسال
المسنونة التي ادعى الاجماع عليها وعن شرح القاضي قال السيد ان غسل الجمعة من السنن المؤكد عندنا ثم نقل الوجوب عن بعض
العامة ويدل عليه مضافا إلى ما تقدم من الاجماعات المعتضدة بالشهرة المطابقة لمقتضى البراءة صحيحة ابن يقطين قال سئلت
أبا الحسن (ع) عن الغسل في الجمعة والأضحى والفطر فقال سنة وليس بفريضة ورواية علي بن أبي حمزة قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن غسل
العبدين أو أجب هو قال سنة قلت فالجمعة قال سنة فان الظاهر من لفظ السنة في الروايتين مقابل الواجب إما في الثانية فبقرينة
المقابلة واما في الأولى فبقرينة ضم العيدين فان الغسل فيهما لا يجب اتفاقا كما نقله غير واحد وخبر الحسين بن خالد قال سئلت
أبا الحسن الأول (ع) كيف صار غسل الجمعة واجبا قال إن الله تبارك وتعالى أتم الصلاة الفريضة بصلاة النافلة وأتم صوم
321

الفريضة بصوم النافلة وأتم وضوء الفريضة بغسل الجمعة ما كان فيه من سهو أو تقصير أو نسيان وما عن الميمون في الحسن كالصحيح إلى
الفضل بن شاذان عن مولانا الرضا (ع) أنه قال بعد ذكر غسل الجمعة والعيدين وكثير من الأغسال المسنونة ان هذه الأغسال سنة
وغسل الجنابة فريضة وغسل الحيض مثله ومرسلة يونس المجمع على تصحيح ما يصح عنه ان الغسل في سبعة عشر موطنا منها الفرض ثلثة
قلت جعلت فداك ما الفرض منها قال غسل الجنابة وغسل من مس ميتا وغسل الاحرام ورواية أبى البختري عن جعفر عن أبيه عن جده صلوات
الله عليهم عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لعلي (ع) يا علي على الناس في كل سبعة أيام الغسل فاغتسل
في كل جمعة ولو انك تشترى الماء بقوت يومك و
تطويه فإنه ليس من التطوع أعظم منه إلى غير ذلك من الاخبار الظاهرة في عدم الوجوب وليس بإزائها ما يخالفها عدا ما ورد في عدة اخبار
من وصفه بالوجوب كما في كلام الصدوقين وظاهر عنوان الكافي وهو غير صريح بل ولا ظاهر في مقابلة المندوب ورواية سهل بن اليسع قال سئلت
أبا الحسن (ع) عن رجل يدع غسل الجمعة ناسيا قال إن كان ناسيا فقد تمت صلاته وإن كان متعمدا فالغسل أحب إلي وان هو فعل ذلك
فليستغفر الله ولا يعود وفى رواية أبي بصير إن كان ناسيا فقد تم صلاته وإن كان متعمدا فليستغفر الله ولا يعد وموثقة عمار قال
سئلت الصادق (ع) عن الرجل متى يغسل يوم الجمعة قال إن كان في وقت فعليه ان يغتسل ويعيد الصلاة وان مضى الوقت فقد جازت
صلاته والمرسل المحكي عن كتاب العروس قال أبو عبد الله (ع) لا يترك غسل يوم الجمعة الا فاسق ومن فاته غسل الجمعة فليقضه يوم السبت
إلى غير ذلك مما يتراءى منه الوجوب ولا يخفى على الخبير الفارف عدم معارضتها لما تقدم فضلا عن مقاومتها لها وعلى تقديرها فالمرجع
إلى الأصل فمن العجيب ما عن بعض متأخري المتأخرين من الميل إلى هذا القول والله العالم ثم إن ظاهر الاخبار ثبوت الغسل في يوم الجمعة وعن
محكى الحلبي في إشارة السبق اثبات غسل اخر لليلتها ولم نعثر له على مستند ولا موافق نعم عن الإسكافي ثبوته لكل زمان شريف ووقت
هذا الغسل من طلوع فجر يوم الجمعة إلى زوال الشمس فلا يجوز تقديمه على الفجر في غير ما استثنى بلا خلاف ظاهرا بل عن ف؟ والتذكرة وغيرهما
الاجماع عليه ويدل على ذلك مضافا إلى مقتضى توقيفية العبادة قوله (ع) إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزأك غسلك ذلك للجنابة و
للجمعة وعرفة وخبر بكير الوارد في أغسال شهر رمضان قلت فان نام بعد الغسل قال هو مثل غسل الجمعة إذا اغتسلت بعد الفجر أجزأك
واما امتداده إلى الزوال فهو مما لا خلاف فيه بل اجماعا كما عن الذكرى وعن المعتبر ان التحديد بما قبل الزوال عليه اجماع الناس ونسبه في
التذكرة إلى علمائنا وفى مجمع البرهان إلى الأصحاب ويدل عليه قوله (ع) في صحيحة زرارة وليكن فراغك من الغسل قبل الزوال وفى دلالته
على الوجوب الشرطي نظر بل حمله على الاستحباب أقرب وفى موثقة ابن بكير عن أبي عبد الله (ع) عن رجل فاته الغسل يوم الجمعة في أول النهار
قال تغتسل ما بينه وبين الليل فان فاته اغتسل يوم السبت وظاهره عدم بقاء وقته إلى الليل الا انه لا يدل على التحديد بالزوال وفى
رواية سماعة عن أبي عبد الله (ع) في الرجل لا يغتسل يوم الجمعة في أول النهار قال يقضيه في اخر النهار فان فاته فليقضه من يوم السبت و
قريب منه المرسلة الآتية في قضاء الغسل وقد يؤيد مذهب الشيخ بقول الرضا (ع) في الصحيح كان أبى (ع) يغتسل للجمعة عند الرواح بناء على أن
المراد الرواح إلى الجمعة فيكون في المداومة إشارة إلى أن وقته ذلك وان مضى قليل من الزوال وفيه انه يحتمل مداومة الإمام (ع)
على الرواح قبل الزوال ومن العجيب ما عن البحار من حمل الرواح على مقابل الغدو؟ فيؤيد القول بامتداد وقته إلى اخر النهار ولولا ما تقدم
من الاجماعات كان المحكي عن الشيخ في صلاة ف؟ من امتداد وقته إلى أن يصلى الجمعة مدعيا عليه الاجماع قويا لو كان المراد امتداده إلى
وقت فوتها لا مجرد فعلها إذ ربما لا يفعلها الشخص بل ولاغيره في ذلك المكان ولا امتداده إلى أول وقتها لأنه الزوال ويمكن ان
يكون هذا مراد الشيخ بقرينة تصريحه في طهارة ف؟ بأنه يجوز غسل الجمعة من طلوع الفجر إلى قبل الزوال وادعى على ذلك الاجماع كما مال إليه
في مجمع الفائدة والذخيرة وشرح الدروس استنادا إلى اطلاق الاخبار وعن المدارك انه لولا الاجماع المنقول وعدم وجود القائل لكان القول به متعينا
أقول مضافا إلى ما عرفت من ظهور الاخبار بل قاعدة توقيفية العبادة بناء على عدم جريان الاستصحاب في مثل المقام من الأوامر الموسعة
بناء على أن الزمان قيد للواجب لا ظرف للوجوب إذ الوجوب وهو الحكم الانشائي أمر حاصل في أول الوقت متعلق بفعل مقيد بوقوعه في
جملة من الزمان قصيرة كانت أو طويلة وتمام الكلام في الأصول الا ان يمنع جريان قاعدة التوقيف بعد الاتفاق على استحبابه بعد الزوال
أيضا فلا يبقى ثمرة إلا في نية الأداء والقضاء وهي لا تقدح في التوقيفية وان اتفقت مخالفتها للواقع فضلا عن صورة الشك نعم تثمر فيما
لو لم يشرع القضاء كما لو قدمه يوم الخميس ثم تمكن من الماء يوم الجمعة بعد الزوال فإنه يسقط على القول بالقضاء دون الأداء وكيف كان
فقد استثنى من عدم جواز تقديمه على طلوع الفجر في ظاهر الأصحاب كما عن كشف اللثام وبلا خلاف بينهم كما عن الحدائق ما لو خاف فوته
لعدم الماء أو قلته ويدل عليه الصحيح عن الحسين بن خالد عن الحسن بن موسى بن جعفر (ع) عن امه وأم أحمد بن موسى (ع) قالتا كنا مع أبي الحسن
322

موسى بن جعفر (ع) في البادية ونحن نريد بغداد فقال لنا يوم الخميس اغتسلا اليوم لغد يوم الجمعة فان الماء غدا بها قليل فاغتسلنا يوم
الخميس ليوم الجمعة وفى الصحيح عن محمد بن الحسين عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (ع) أنه قال لأصحابه انكم لتأتون غدا منزلا ليس فيه ماء
فاغتسلوا اليوم لغد فاغتسلنا يوم الخميس ليوم الجمعة وعن الفقه الرضوي وان كنت مسافرا وتخوف عدم الماء يوم الجمعة فاغتسل
يوم الخميس وظاهرهما كالمحكى عن ظاهر الفقيه والمهذب والجامع والشرايع والمص؟ في أكثر كتبه والذكرى وجماعة من متأخري المتأخرين كأصحاب البحار
والمشارق والذخيرة والحدائق اختصاص الرخصة بصورة اعواز الماء والمحكى عن ظاهر يه؟ وط؟ والسرائر والتذكرة والدروس والبيان والنفلية وض؟ ولك؟
وكشف اللثام اعتبار مطلق الفوت ولو بسبب اخر قيل ويحتمله كلام الأولين تنزيلا لمورد فتاويهم منزلة المثال وكانه لتنقيح المناط
القطعي وفيه اشكال فالأقوى الاقتصار في مخالفة الأصل على المتيقن نعم لو جعل استناد الجماعة أو بعضهم فيما ذكره على وصول خبر غير هذين
الخبرين كان المقام حقيقا بالتسامح لتحقق معنى بلوغ الثواب عن الحجة المنصرف إليه اطلاق البلوغ في أدلة التسامح وهل يعتبر الياس؟ كما هو
ظاهر الرواية الثانية والمحكى عن ف؟ والتلخيص أم يكفي الخوف كما عن ظاهر المشهور والرضوي المذكور بل عن المصابيح انه كاد يكون اجماعا الأقوى الثاني
لظاهر الرواية الأولى وصريح الرضوي المؤيد بشهادة التتبع بكفاية الخوف في الضرورات وعن المص؟ في المنتهى ويه؟ اعتبار غلبة الظن بعدم الماء
مرة والاكتفاء بالخوف أخرى وكيف كان فالمعتبر هو خوف عوز الماء أو الياس منه لوقت الأداء فلا عبرة بالمتمكن من القضاء كما هو ظاهر الروايتين
وعن المصابيح الاجماع على جواز التقديم لو تمكن يوم السبت والمحكى عن الأكثر عدم العبرة بالتمكن بعد الزوال بل هو ظاهر كل من عبر بخوف الفوت
لأن الظاهر منه فوت الأداء كما صرح به في محكى البيان وروض الجنان وعن الذكرى والموجز تقديم التعجيل على القضاء لو تعارضا نعم عن
ظاهر الفقيه ويه؟ والمهذب والجامع وغيرها اشتراط التقديم بخوف الفوت يوم الجمعة الظاهر في تمام اليوم لكن المتبادر من هذا في الفتاوى
والروايات الوقت المعهود المتعارف المضروب وللغسل من يوم الجمعة لا مطلقة واما أفضلية التعجيل على القضاء فلعله الظاهر الامر في الروايتين
مضافا إلى ادراك زمان الجمعة ظاهرا واستحباب المسارعة إلى فعل الخير وان في التأخير آفات كما يشهد به الصحيح إذا زالت الشمس
فصل فإنك لا تدري ما يكون وترجيح قضاء صلاة الليل على تعجيلها انما ثبت بالدليل مع أن المقدم أداء فعل قبل وقته والأداء
أفضل من القضاء فتأمل وكيف كان مما عن المنتهى من احتمال استحباب التأخير والقضاء يوم السبت كما في صلاة الليل للشاب ضعيف
ثم لا اشكال في جواز التقديم على يوم الخميس ولو في ليلته بل عن المصابيح الاجماع عليه واما ليلة الجمعة فالمحكى عن ظاهر المعظم انها كذلك
ولعله للاقتصار في الروايتين على يوم الخميس وفيه نظر لكن المحكي عن ف؟ ان من اغتسل قبل الفجر يوم الجمعة لم يجزه عن غسل الجمعة
الا إذا كان آيسا من وجود الماء فيجوز تقديمه ولو من أول الخميس ثم ادعى ذلك الاجماع وظاهره الحاق ليلة الجمعة باليوم ولعله
المنساق من العلة في الروايتين فلا يخلوا عن قوة ولو لأجل استصحاب بقاء الامر بناء على الإغماض عما ذكرنا في الموقات؟ الا ان يقال على تقدير
تسليم جريان الاستصحاب فيها ان الامر في الروايتين المتقدمتين انما تعلق بالاغتسال يوم الخميس فلا معنى لاستصحابه بعده و
بهذا يفرق بين ما نحن فيه وبين مسألة امتداد وقت الأداء إلى اخر نهار الجمعة كما تقدم حيث إن الامر هناك انما تعلق بالغسل من
دون تقييد بزمان خاص من الجمعة فيحكم بثبوته في مجموع النهار إما باطلاقات بعض الأوامر كما تقدم واما بالاغماض والرجوع
إلى الاستصحاب ثم إنه لو تمكن من الماء قبل زوال الجمعة فالمحكى عن جماعة استحباب الإعادة كما عن جماعة منهم المص؟ في المنتهى والشهيد
في الذكرى معللين بسقوط حكم البدل عند التمكن من المبدل وابدله شارح الدروس باطلاق الأوامر قال وان سلمنا ان ظاهر الروايتين
بدلية هذا الغسل المتقدم لغسل الجمعة مطلقا لكن تخصيص الأخبار الكثيرة بمثل هاتين الروايتين مشكل انتهى وقد يناقش
في الوجه الأول بان البدل قد وقع صحيحا فلا يجمع بينه وبين المبدل كما لو قدم صلاة الليل أو الوقوف بالمشعر وفى الثاني بعد
تسليم عدم انصراف الاطلاقات إلى من لم يغتسل ان اخبار التقديم دالة على أن ما يؤتى غسل الجمعة الذي اراده الشارع من
المتمكن فهى حاكمة على الاطلاق كما في كل واجب قدم ويمكن الذب عن الأولى بان عدم التمكن من المبدل شرط في صحة البدل واقعا
فانكشاف التمكن منه يكشف عن عدم صحة البدل واقعا نعم سوغ الدخول فيه ظاهرا بمجرد خوف العجز عن المبدل صونا للفعل عن الفوات
ومنه يظهر الجواب عن المناقشة في الاطلاقات إذ بعد تبين عدم تحقق الشرط الواقعي للبدل فلا مخرج له عن العمومات هذا و
لكن الانصاف ان الظاهر من الروايتين ان ما يفعله الخائف هو الغسل الذي يفعله المتمكن في يوم الجمعة فلو صح سندهما
واستغنينا عن الجابر لم يكن مناص عن العمل بهما في الحكم بالبدلية الواقعية الا انهما لضعفهما لا يقومان على اثبات حكم
زائد على أصل استحباب الفعل والجابر لهما من الشهرة وعدم ظهور الخلاف أيضا لم يجبر الزائد على ذلك ثم لا خلاف ظاهرا في
323

مشروعية قضاء غسل الجمعة وعن المصابيح انه أجمع علمائنا على ذلك ويدل عليه مضافا إلى ما ربما يستفاد من الحديث القدسي عبدي يقضى
ما لم افترض عليه من استحباب قضاء كل تطوع الأخبار المستفيضة مثل موثقة ابن بكير في رجل فاته الغسل يوم الجمعة قال يغتسل ما بينه وبين
الليل فان فاته اغتسل يوم السبت ورواية سماعة في الرجل لا يغتسل يوم الجمعة أول النهار قال يقضيه في اخر النهار فإن لم يجد فليقضه
يوم السبت والمرسل المحكي عن الهداية ان نسيت الغسل أو فاتك لعلة فاغتسل بعد العصر أو يوم السبت ومرسلة حريز لابد من
الغسل يوم الجمعة في السفر والحضر فمن نسى فليعد من الغد وعن الرضوي وان نسيت الغسل ثم ذكرت وقت العصر أو من الغد فاغتسل
وما تقدم من كتاب العروس ومن فاته غسل يوم الجمعة فيلقضه يوم السبت ومع هذا كله فلا يظهر وجه للمناقشة في هذا الحكم من صاحب
المدارك مستندا إلى موثقة دريح؟ هل يقضى غسل الجمعة قال لامع احتمالها لوجوه من المحامل وعدم مكافئتها لما مر ثم إن مقتضى اطلاق
رواية سماعة عدم الفرق في مشروعية قضائه بعد الزوال بين ترك الأداء لغدر؟ وبين تعمده كما حكى عن ظاهر ط؟ والمهذب والسرائر والجامع
والشرائع وكثير من كبت المص؟ قده والدروس والبيان والنفلية والمعالم والسرائر ولك؟ وصريح الذكرى وض؟ وشرح الدروس والذخيرة والكفاية و
حكى عنها اسناده إلى المشهور وعن البحار اسناده إلى الأكثر بل لا يبعد الاستدلال بما تضمن الفوت من الاخبار
لصدقه بعد ما ترك متعمدا
خلافا لظاهر المحكي عن الصدوقين فعبرا بمثل المرسلة المتقدمة عن الهداية وعن الموجز انه يقضى لو ترك ضرورة إلى اخر السبت وعن السرائر ولو تركه
تهاونا ففي استحباب قضائه يوم السبت اشكال وظاهره اختصاص الاشكال بالقضاء يوم السبت واما القضاء يوم الجمعة فلا اشكال
في مشروعيته مطلقا والظاهر من المحكي عن يه؟ الشيخ حيث قال وان زالت الشمس ولم تكن قد اغتسل قضاه بعد الزوال وان لم يمكنه قضاه يوم
السبت موافقة الصدوقين في خصوص قضاء يوم السبت وهو الذي استشكله في السرائر ولعل هذا التفصيل لرواية سماعة المتقدمة فلا
يبقى مستند للمشهور عدا موثقة ابن بكير بناء على عموم الفوت ولا يقيد رواية سماعة لامكان ورود التقييد فيها للتنبيه على المبالغة في أنه
لا ينبغي ترك الغسل يوم الجمعة حتى كان فواته لا يتصور الا من عدم الوجدان وهذا الاحتمال أيضا جار في مرسلة الهداية وفتوى الصدوقين
كما صرح به بعض المحققين تبعا لشارح الدروس ثم إن مقتضى أكثر الأخبار المتقدمة مشروعية القضاء بعد الزوال ويوم السبت خلافا للمحكى
عن ظاهر المهذب حيث قال متى زالت الشمس ولم يكن اغتسل قضاه يوم السبت وهو ظاهر الشرايع والتلخيص والنفلية وشرحها وفى الأخير ان
هذا هو الموجود في النصوص فلذا اقتصر المص؟ عليه انتهى ولا يخفى انه ليس في النصوص ما يوهم الاختصاص عدا مرسلة حرير والرواية
المتقدمة عن كتاب العروس من فاته غسل يوم الجمعة قضاه يوم السبت ولا يبعد ان يكون المراد عن غسل يوم الجمعة فيها مطلق الغسل
الواقع فيه ولو قضاء ويحتمل ذلك في عبارة الشرايع والمحكى عن النفلية والتلخيص وأن يكون مراد شارح النفلية الاختصاص بيوم السبت
في مقابلة ليلته لا في مقابل عصر الجمعة فهو حينئذ حسن لما عرفت من خلو الاخبار عن ذكر ليلة السبت واحتمال ارادتها من يوم
السبت تغليبا بعيد والأولوية ممنوعة سيما مع احتمال اعتبار المماثلة بين القضاء والأداء والتمسك بالاستصحاب مع تقيد الامر
في الروايات بيوم الجمعة أو بيوم السبت فاسد وربما يتخيل ان التمسك بالاستصحاب مبنى على إرادة المفهوم من القيود وهو ضعيف
الا ان يستصحب الوجوب الثابت من الاجماع القابل للاستمرار إلى ما بعد النهار واضعف منه دعوى انه لا يعمل بهذا التقييد لقوة
وروده مورد الغالب من أن قضاء الغسل لا يفعل الا بالنهار وفيه ان هذا لا يوجب عدم اختصاص المراد من الكلام مورد القيد
غاية الأمران لا يدل على اختصاص الحكم به فالاقتصار على نهاري الجمعة والسبت أقوى من حيث الاستدلال لامن باب التسامح وفاقا للمحكى
عن يه؟ وط؟ والسرائر والجامع والمعتبر والمنتهى والتذكرة والذكرى وخلافا للمحكى عن عد؟ وس؟ والبيان ولم لابن قطان والموجز وفوائد الشرائع
ولك؟ وض؟ والمدارك فان المحكي عن جميعها التصريح بأنه يقضى من الزوال يوم الجمعة إلى اخر نهار السبت بل عن البحار نسبة إلى ظاهر الأكثر
وعن مجمع الفائدة نسبته إلى الأصحاب حيث قال والظاهر دخول ليلة السبت أيضا كما قاله الأصحاب واستشكل في المسألة أصحاب الذخيرة
والبحار والحدائق وشارح الدروس وكاشف اللثام تبعا للمص؟ في نهاية الاحكام وعلى كل حال فالظاهر أنه لم يقل أحد بمشروعيته بعد
انقضائها والسبت كما اعترف به في محكى البحار نعم في المحكي عن الرضوي انه يقضى يوم السبت أو بعده من أيام الجمعة وهو شاذ وعن
المصابيح انه احتمله بعض مشايخنا المعاصرين تسامحا في أدلة السنن قال وليس بجيد لان ظاهر الأدلة ينفى ذلك وأدلة التسامح
لا يجرى مع ظهور المنع فإنه مخصوص بما يؤمن معه الضرر مع رجاء النفع؟ انتهى ولعل المراد ظهور الأدلة في المنع من حيث الاقتصار في مقام
البيان على السبت والا فمجرد عدم ذكره في الاخبار لا يدل على المنع الا من جهة التشريع المنتفى في مقام التسامح من جهة حكم العقل
واخبار التسامح بل يمكن ان يدعى ان ظهور عدم المشروعية المستفاد من الاقتصاد في مقام البيان بل من التصريح به في الاخبار
324

المعتبرة الظنية أيضا لا يمنع عن التسامح لعموم أدلته إذ ليس في ذلك الا احتياط غير مناف لاعتبار تلك الأخبار فتأمل والله العالم بحقايق
احكامه
ويستحب الغسل أيضا أول ليلة من شهر رمضان بالاجماع كما في ض؟ وعن الغنية وعن المعتبر انه مذهب الأصحاب ودل عليه الأخبار المستفيضة
منها ما عن الاقبال عن بعض كتب القميين عن الصادق (ع) قال من اغتسل أول ليلة من شهر رمضان في نهر جار ويصب على رأسه
ثلثين كفا من الماء طهر إلى شهر رمضان من قابل ومن ذلك الكتاب الكتاب أيضا ما عن المص؟ (ع) من أحب ان لا يكون به الحكة فيغتسل أول ليلة من
شهر رمضان (فلا يكون به الحكة إلى شهر رمضان صح)؟ القابل ويستحب أيضا في يومه لما في رواية السكوني من اغتسل أول يوم من السنة في ماء جار وصب على رأسه ثلثين
غرفة كان دواء السنة وان أول كل سنة أول يوم من شهر رمضان وعن البحار رواية الحديث إلى دواء السنة وجعل قوله إن أول كل
سنة من كلام السيد في الاقبال لكن هذا المعنى موجود في كثير من الروايات ففي صحيحة هشام بن سالم المروية في اخر باب الصوم من
من التهذيب عن الصادق (ع) إذا سلمت شهر رمضان سلمت السنة وقال رأس السنة شهر رمضان وعن الكافي باسناده إلى الصادق (ع) في تفسير
عدة الشهور شهر الله وهو شهر رمضان ونحوها ما عن الفقيه قال السيد في الاقبال على ما حكى ان الروايات وإن كانت مختلفة
في أن أول السنة المحرم أو شهر رمضان لكن رأيت عمل من أدركته من علماء أصحابنا المعشرين؟ وكثيرا من تصانيف علمائهم الماضين
ان أول السنة شهر رمضان وعن المصباح الشيخ ان المشهور من روايات أصحابنا ان شهر رمضان أول السنة وقال في محكى البحار في جلد
السماء والعالم ان المشهور بين العرب ان أول سنتهم المحرم وهذه الأمور تختلف بالاعتبارات فيمكن ان يكون
أول السنة الشرعية شهر
رمضان ولذا قيد الشيخ به في المصباحين وأول السنة العرفية المحرم وأول السنة التقديرية ليلة القدر وأول سنة جواز الأكل
والشرب شهر شوال كما روى الصدوق باسناده إلى الفضل بن شاذان وعلة صلاة العيد انه أول يوم من السنة يحل
فيه الأكل والشرب لان أول شهور السنة عند أهل الحق شهر رمضان وقال في علة اختصاص شهر رمضان بالصوم وفيه ليلة
القدر التي هو خير من الف شهر وفيه يفرق كل أمر حكيم وهو رأس السنة ويقدر فيها ما يكون في السنة من خير أو شر ومضرة ومنفعة
ورزق وأجل ولذلك سميت ليلة القدر انتهى ثم إن الظاهر خروج ثلثين غرفة من الغسل فاحتمال دخولها ضعيف ويستحب أيضا
ليلة نصفه كما عن المشايخ الثلاثة واتباعهم بل عن الغنية ومحكى سيلة؟ الاجماع عليه ويدل عليه المرسل المحكي عن المقنعة والاقبال
عن الصادق (ع) لكن عن المعتبر بعد حكايته عن الثلاثة انه لشرف تلك الليلة فاقترانها بالغسل حسن؟ وفيه إشارة إلى استحباب الغسل لكل
زمان شريف ويستحب أيضا ليلة سبع عشر وليلة تسع عشر وليلة إحدى وعشرين وليلة ثلث وعشرين اجماعا كما في ض؟ وعن المعتبر
نسبته إلى الأصحاب ويدل عليه صحيحة ابن مسلم المروية عن الشيخ الغسل في سبعة عشر موطنا ليلة سبع عشرة من شهر رمضان وهي
ليلة التقى الجمعان وليلة تسع عشر وفيها يكتب الوفد وفد السنة وليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي أصيب فيها أوصياء الأنبياء
وفيها رفع عيسى بن مريم وقبض موسى على نبينا وعليه السلام وليلة ثلث وعشرين يرجى فيها ليلة القدر ويخص ليلة الثلث وعشرين
بغسل اخر آخر الليل لما عن يزيد بن معوية قال رايته يعنى أبا عبد الله (ع) كما صرح به في محكى كتاب الاقبال اغتسل في ليلة ثلث و
عشرين من شهر رمضان مرة في أول الليل ومرة في اخره الخبر ولو اغتسل في وسط الليل فالظاهر عدم سقوط غسل الأخر ثم إن هذه
الأغسال هي آكد الأغسال في شهر رمضان وقد ورد استحبابه في العشر الأخر في كل ليلة لمرسلة ابن أبي عمير المحكية عن كتاب الاقبال
عن الصادق (ع) كان رسول الله صلى الله عليه وآله يغتسل في شهر رمضان في العشر الأخر في كل ليلة وعن كتاب الأعمال أغسال؟ لأحمد بن عباس عن أمير المؤمنين (ع)
قال لما كان أول ليلة من شهر رمضان قام رسول الله صلى الله عليه وآله فحمد الله وأثنى عليه حتى إذا كان أول ليلة منه بين العشر قام وشد الميزر وبرز
من بيته واعتكف وأحيى الليل كله وكان يغتسل كل ليلة منه بين العشائين والخبر والظاهر أن الضمير في منه راجع إلى العشر الأواخر
وإن كان الأنسب تأنيث الضمير ولأجل ذلك ربما يرجع إلى شهر رمضان فيدل الرواية على استحباب الغسل في كل ليلة منه وفى
زاد المعاد انه وردت الرواية باستحباب الغسل في كل ليلة ولعله فهم ذلك من تلك الرواية ويحتمل عثوره على أخرى ويستحب أيضا
في ليالي الافراد كما عن المصباحين والاقبال وفلاح السائل والنزهة وكتب الشهيد عدا الذكرى والمهذب البارع؟ والموجز وكشف
الالتباس وغاية المرام ومع؟ صد؟ وضة؟ وجامع البهائي ولعل المستند فيه ما عن كتاب الاقبال في اعمال الليلة الثالثة من شهر
رمضان قال ويستحب فيها الغسل على حسب الرواية التي تضمنت ان كل ليلة مفردة من جميع الشهر يستحب فيها الغسل انتهى وقد
ورد استحباب غسل ليلة أربع وعشرين وخمس وعشرين وسبع وعشرين وتسع وعشرين وعن فلاح السائل ان الشيخ بن أبي
قرة ذكرها وذكر فيها روايات فالأغسال المروية في شهر رمضان اثنان وعشرون غسلا مع غسل اليوم الأول ويستحب
325

أيضا ليلة الفطر كما عن الشيخين واتباعهما بل عن الغنية الاجماع عليه ويدل عليه ما عن العلل والكافي والاقبال من قوله (ع) في رواية
الحسن بن راشد إذا غربت الشمس فاغتسل ويستحب أيضا في يوم العيدين وهو اجماعنا كما في الروض وعن المعتبر والغنية والتذكرة والمدارك
وغيرها والاخبار مستفيضة ولا قائل بوجوبه كما اعترف به بعض نعم روى الصدوق في الفقيه عن القاسم بن الوليد قال سئلته عن غسل
الأضحى فقال واجب الا بمنى ولكنه محمول على تأكد الاستحباب وانما اختلف في اخر وقت هذا الغسل بعد اتفاقهم ظاهرا على أن أول
وقته طلوع الفجر فالمحكى عن ظاهر الأكثر امتداده إلى الليل كما صرح به في ض؟ كما عن النهاية والذكرى والموجز والمدارك والمشارق والمصابيح
عملا باطلاق الاخبار ومعاقد الاجماع وعن الحلى انه إلى الخروج إلى الصلاة واختاره في محكى المنتهى فقال الأقرب انه يتضيق عند
الصلاة لان المقصود منه التنظيف للاجتماع والصلاة وإن كان اللفظ الوارد الا على امتداد وقته بل نسبه في الذكرى إلى ظاهر الأصحاب
حيث قال أولا ان الظاهر امتداد غسل العيدين بامتداد اليوم عملا بالاطلاق ويتخرج من تعليل الجمعة انه إلى الصلاة أو إلى الزوال
الذي هو وقت صلاة العيد وهو ظاهر الأصحاب انتهى والمراد بالتعليل الذي أشار إليه وصرح به في عبارة المنتهى ما عن الصدوق في العيون
والعلل بسنده إلى محمد بن سنان عن مولانا الرضا (ع) قال علة غسل العيد والجمعة وغير ذلك لما فيه من تعظيم العبد ربه استقباله
الكريم الجليل وطلب المغفرة وليكون لهم يوم عيد معروف يجمعون فيه لذكر الله فجعل الغسل تعظيما لذلك اليوم وتفضلا له على
سائر الأيام وزيادة في النوافل والعبادة وليكون طهارة من الجمعة ويؤيده موثقة عمار الساباطي في رجل ينسى ان يغتسل
يوم العيد حتى صلى قال إن كان في وقت فعليه ان يغتسل ويعيد الصلاة وان مضى الوقت جازت صلاته بل ربما يظهر منه ان
الغسل للصلاة وعن الرضوي إذا طلع الفجر يوم العيد فاغتسل وهو أوقات الغسل إلى وقت الزوال ولا ريب ان هذا التعليل من باب
ابداء الحكمة فلا يلزم من عدمها عدم الاستحباب ولذا لا ينفى استحبابه عمن لا يصلى العيد واما التأييد بالموثقة فهو محل نظر واما
الرضوي فهو يدل على الامتداد إلى الزوال إلى الخروج إلى الصلاة لكن الانصاف عدم ثبوت اطلاق في الاخبار ومعاقد الاجماع أيضا
فالاقتصار على المتيقن أولي الا ان العمل بأصالة بقاء الطلب بعد الزوال أقوى لو قلنا بجريان الاستصحاب في الموقتات ويستحب
أيضا ليلة نصف رجب عما عن أكثر كتب الشيخ وابن زهرة وابن حمزة والحلبي والحلى والمحقق والمص؟ الشهيدين وغيرهم بل هو المشهور كما
في ض؟ وعن الذكرى لكن في الأول كما عن جماعة انه لا نص فيه وعن المعتبر بعد حكايته عن الشيخ انه ربما كان لشرف الوقت والغسل
مستحب مطلقا فلا باس بمبالغته انتهى قال في محكى المشارق لا يخفى ان استحباب الغسل مطلقا محل تأمل ورأيت أيضا بخط بعض
الفضلاء ما صورته في كتاب الاقبال عن النبي صلى الله عليه وآله في محكى المصابيح أنه قال من أدرك شهر وجب فاغتسل في أوله وأوسطه واخره خرج
من ذنوبه كيوم ولدته امه وفى محكى المصابيح أيضا عن كتاب الاقبال لكن استظهر إرادة اليوم الأول من الرواية وفيه تأمل لكن
الانصاف ان مثل هذه الشهرة يكشف كشفا قطعيا عن اطلاعهم على رواية ويستحب أيضا ليلة النصف من شعبان كما عن المشايخ
الثلاثة والفاضلين والشهيدين وغيرهم بل عن الغنية الاجماع عليه ويدل عليه رواية أبي بصير صوموا شعبان واغتسلوا ليلة النصف
منه ذلك تخفيف من ربكم ولا يقدح اشتمالها على أحمد بن هلال وعن الشيخ في المصباح اسناد إلى سالم مولى حذيفة قال قال
رسول الله صلى الله عليه وآله من تطهر ليلة النصف من شعبان فاحسن الطهر وساق الحديث إلى أن قال قضى الله له ثلث حوايج وان سئل يراني رآني
ويستحب أيضا يوم المبعث على المشهور كما عن المحقق والشهيدين بل عن الغنية الاجماع عليه واعترف جماعة بعدم الظفر على رواية وربما
يستأنس له بما عن المنتهى انه صلى الله عليه وآله قال في جمعة من الجمع هذا يوم جعله الله عيدا للمسلمين فاغتسلوا علل الاغتسال بأنه عيد وعن ف؟ الاجماع
على استحباب الغسل في الجمعة والأعياد ولا يخفى ان هذا يوم عيد وهذا الاستيناس لا يخلوا من نظر ولاعن تأييد لفتوى المشهور في مثل هذا
المقام ويؤيده ما يأتي عن أحمد بن إسحاق في غسل التاسع من ربيع الأول ويستحب أيضا يوم الغدير وهو الثامن عشر من ذي الحجة من
السنة العاشرة من الهجرة قيل وكان بحساب المنجمين يوم التاسع عشر لحكمهم بالهلال ليلة الثلثين من ذي القعدة لكنه لم ير بمكة ليلة
الثلثين واستحباب هذا الغسل ثابت اجماعا كما في ض؟ وعن التهذيب والغنية لرواية العبدي عن الصادق (ع) من صلى فيه ركعتين يغتسل عند زوال
الشمس من قبل ان تزول مقدار نصف ساعة ثم بين كيفية الصلاة إلى أن قال ما سأل الله حاجة من حوائج الدنيا والآخرة الا قضيت
له كائنة ما كانت وأنكر الصدوق في الفقيه هذا الحديث تبعا لانكار شيخه ابن الوليد لان فيه محمد بن موسى الهمداني وكان غير ثقة و
كلما لم يصححه شيخنا ولم يحكم بصحته فهو عندنا متروك غير صحيح وهذا يدل على تركهما الخبر الضعيف حتى في السنن والحديث طويل وعن
كتاب الاقبال بسنده عن الصادق (ع) في حديث ذكر فيه فضل يوم الغدير قال فإذا كان صبيحة ذلك اليوم وجب الغسل في صدر نهاره وظاهر
326

الرواية الأولى تحديد الغسل بما قبل الزوال وظاهر الثانية كونه في صدر النهار وظاهر الفتاوى ومعاقد الاجماع امتداده بامتداد
اليوم الا ان المحكي عن الإسكافي امتداده من طلوع الفجر إلى وقت صلاة العيد لكن الانصاف كما عرفت مما تقدم عدم اطلاق في الفتاوى
ومعاقد الاجماع بل سياقها في الإضافة لمجرد ظرفية اليوم الغسل ولو كان الظرف جزء منه نعم عدم التعرض في الفتاوى لبيان وقت
له كما تعرضوا لوقت غسل يوم الجمعة ربما يظهر منه عدم التوقيت بجزء معين بل ظاهر الأولى اختصاص الغسل بمريد الصلاة ويستحب
أيضا يوم المباهلة وهو الرابع والعشرون من ذي الحجة على المشهور كما في ض؟ وعن الذكرى والذخيرة والكشف وغيرها وعن الاقبال نسبته
إلى أصح الروايات وحكى فيه قولا بأنه الواحد والعشرون ولم يحك قولا بالخامس والعشرين الا ان جماعة حكوه عن المحقق في المعتبر (وقولا؟ بأنه السابع والعشرون صح)؟
ويدل على القول الأول ما عن مصباح الشيخ عن محمد بن صدقة العسري عن أبي إبراهيم (ع) قال يوم المباهلة وهو الرابع والعشرون
تصلى في ذلك اليوم ما أردت ثم قال وأنت على غسل والحمد لله رب العالمين ومنه يظهر المستند في استحباب غسل هذا اليوم
كما هو مشهور بين الأصحاب وظاهر سيلة؟ عدم الخلاف في ثبوت غسل يوم المباهلة وعن الغنية الاجماع على استحباب غسل المباهلة
مضافا إلى موثقة سماعة غسل المباهلة واجب والمراد بالوجوب الاستحباب المؤكد والمراد بالمباهلة فيها وفى معقد اجماع
الغنية يومها كما فهمه الأصحاب على ما اعترف به في محكى الحدائق لا لايقاع المباهلة اليوم المشهور لكن عن الحدائق ان في بعض
الحواشي المنسوبة إلى المولى محمد تقي المجلسي مكتوبا على الحديث المشار إليه ما صورته ليس المراد بالمباهلة اليوم المشهور حيث باهل
النبي صلى الله عليه وآله مع نصارى نجران؟ بل المراد به الاغتسال لايقاع المباهلة مع الخصوم في كل حين كما في الاستخارة
وقد وردت بذلك رواية صحيحة في الكافي وكان ذلك مشتهرا بين القدماء كما لا يخفى انتهى ثم استظهر في الحدائق ما حكاه عن
المجلسي ولعل مراده بما في الكافي رواية أبى مسروق المروية عن أصول الكافي عن الصادق (ع) قال قلت انا نتكلم مع الناس فنحتج عليهم بقول الله
عز وجل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولى الامر منكم فيقولون نزلت في أمر السرايا فنحتج عليهم بقول الله تعالى قل لا أسئلكم عليه
اجرا الا المودة في القربى فيقولون نزلت في مودة قربى المسلمين ونحتج عليهم بقوله تعالى انما وليكم الآية
فيقولون نزلت في المؤمنين
فلم ادع شيئا مما حضر في ذكره من هذا وأشباهه الا ذكرته قال فإذا كان ذلك فادعهم إلى المباهلة قلت كيف اصنع قال أصلح
نفسك ثلثا وأظنه قال وضم واغتسل وابرز أنت وهو إلى الجيان فشبك أصابعك اليمنى في أصابعهم ثم ألصقه وابدء بنفسك
وقل اللهم رب السماوات والأرضين عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم إن كان أبو مسروق جحد حقا أو ادعى باطلا فأنزل عليه
حسبانا من السماء أو عذابا أليما ثم رد الدعاء عليه وقل إن كان فلان جحد حقا أو ادعى باطلا فأنزل عليه حسبانا من السماء أو
عذابا ثم قال فإنك لا تلبث الا ان ترى ذلك فوالله ما وجدت خلقا يجيبني إلى ذلك الخبر ثم إن قول الراوي وأظنه قال وصم يعنى
أظنه (قال أظنه صح) قال أصلح نفسك وصم ثلثا لا أظنه أنه قال وصم واغتسل إلى اخر الرواية ومن هذه الرواية يستفاد استحباب الغسل لايقاع
المباهلة بعد ثبوت مشروعيتها بهذه الرواية وحكاية الشهرة عن المجلسي ويستحب أيضا يوم عرفة على المشهور كما عن المعتبر وغيره بل
المجمع عليه كما عن الغنية والمدارك ويدل عليه الأخبار المستفيضة وفى بعضها ان غسل عرفة واجب ولا يخص بالواقف في عرفات لاطلاق
النص والفتوى وخصوص رواية عبد الرحمن بن سبابة عن الصادق (ع) قال سئلته عن غسل عرفة في الأمصار فقال اغتسل أينما كنت وظاهر
أكثر الروايات ان وقته مجموع اليوم لكن المحكي عن علي بابويه قال واغتسل يوم عرفة قبل زوال الشمس ولعله لخبر ابن سنان
وايغسل (واغسل ظ) من الجنابة ويوم الجمعة ويوم الفطر ويوم الأضحى ويوم عرفة عند زوال الشمس وبمضمونها عبر في ض؟ وعن الذكرى وغيرها
الاقتصار على ذكرها الظاهر في القول بها ولعلها محمولة على الأفضلية أو على أن المقيد لجميع ما عدا الجنابة فيكون بيانا لاخر
وقته مع أن المروى في الصحيح عن معوية بن عمار عن الصادق (ع) قال إذا انتهيت إلى عرفات فاضرب خباك بغمره؟ فإذا زالت الشمس فاغتسل ونحوها
رواية عمر بن يزيد وموردهما وإن كان غسل الوقوف الا ان الظاهر كما قيل دخول غسل اليوم فيه فيكون غسل اليوم بعد الزوال
جايزا الا ان الأحوط ايقاعه عند الزوال ثم إنه قد يقي؟ من الأغسال الزمانية ما لم يذكره المص؟ لعدم اقتضاء المقام استقصاء
الأغسال منها غسل يوم التروية كما عن الهداية والمنتهى والذكرى والنقلية وشرحها والموجز وشرحه وغيرهم ويدل عليه صحيحة ابن
مسلم الغسل في سبعة عشر موطنا وعد منها يوم التروية وفى مصحة زرارة عن الصادق (ع) قال إذا كان يوم التروية فاغتسل الحدث
والظاهر امتداد وقته بامتداد اليوم إذ لم أجد في النص والفتوى ما يوجب التقييد ومنها غسل يوم المولود كما عن سيلة؟ وفلاح
السائل والدروس والبيان والموجز وشرحه والأنثى عشرية وجملة من كتب المتأخرين وعن كشف الالتباس اسناده إلى الرواية ولعل
327

المراد لها موثقة سماعة وغسل المولود واجب ويقوى فيها إرادة الولد دون اليوم نعم هو من جملة الأعياد فيستحب فيه الغسل لما تقدم
عن ف؟ من دعوى الاجماع على استحبابه في الأعياد ويوم المولود هو السابع عشر من ربيع الأول على المشهور وفيه رواية بالثاني عشر وحكى
عن الكليني اختياره وعن بعض المتأخرين تقويته ومنها الغسل يوم دحو الأرض كما عن الذكرى والبيان والدروس وجامع البهائي واثنى عشريته
بل عن الأول نسبته إلى الأصحاب وعن الفوائد للشهيد الثاني والحديقة نسبته إلى المشهور ولكن لم يعثر له على خبر ومنها غسل ليلة الأضحى
فعن الوسائل عقد باب لغسل ليلتي العيدين وذكر فيه انه روى أنه يغتسل قبل الغروب إذا علم أنها ليلة العيد والظاهر أن المراد به عيد
الفطر ومنها غسل ليلة الجمعة حكى عن كشف اللثام نسبته إلى الحلبي في إشارة السبق ومنها غسل يوم النيروز كما عن المصباح والجامع
وهو على المشهور بين المتأخرين كما قيل والمستند فيه رواية لمعلى بن خنيس فإذا كان يوم النيروز فاغتسل والبس أنظف ثيابك وتطيب
بأطيب طيبك ونحوها رواية أخرى لمعلى محكية عن المهذب البارع مشتملة على بيان أمور عظيمة مثل اخذ العهد لأمير المؤمنين (ع) في
غدير خم في هذا اليوم ويوم أرسله النبي صلى الله عليه وآله إلى وادى الجن ويوم فيه ظفر باهل النهروان وقتل ذا لندية؟ ويوم يظهر فيه القائم عجل
الله فرجه ويظفره بالدجال فيصلبه على كناسة الكفوفة وما من يوم نيروز الا ونحن نتوقع فيه الفرج لأنه من أيامنا حفظه الفرص وضيعتموه
إلى اخر الرواية وانه وقع فيه احياء القوم الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت وهم ثلاثون ألفا فصب عليهم الماء في هذا
اليوم فعاشوا فصار صب الماء في يوم النيروز سنة ماضية لا يعرف سببها الا الراسخون في العلم وانه أول يوم من سنة الفرس
وفى رواية أخرى للمعلى انه عليه السلام قال لي أتعرف لي هذا اليوم قال قلت لا ولكنه يوم يعظمه العجم فقال (ع) أفيده لك حتى تعلمه قال يوم
النيروز هو اليوم الذي اخذ الله ميثاق العباد به ان يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ويدينوا برسله وحجته وأوليائه ويوم طلعت فيه
الشمس وهبت الرياح اللواقح وخلقت فيه زهرة الأرض الخبر ولا يعارضها ما عن كتاب المناقب قال حكى ان المنصور تقدم إلى موسى بن
جعفر (ع) الجلوس للتهنية في يوم نيروز وقبض ما يحمل إليه فقال انى فتشت الاخبار عن جدي رسول الله صلى الله عليه وآله فلم أجد لهذا العيد اثرا وانه
سنة الفرس ومحاها الاسلام ومعاذ الله ان يحنى ما محاه الاسلام فقال المنصور انما يفعل هذا سياسة للجند فسألتك بالله
العظيم الا جلست فجلس (ع) لان رواية المعلى أشهر بين الأصحاب واحتمال حملها على التقية كما يظهر من قوله (ع) في رواية المعلى انه يوم
من أيامنا حفظه الفرس وضيعتموه أو على أن المراد من يوم النيروز يوم اخر؟ فان الأقوال في تعيين النيروز مختلفة والمشهور المعروف
الان هو يوم انتقال الشمس إلى الحمل وعن المجلسيين في الحديقة وزاد المعاد انه المشهور وعن المهذب البارع انه الأعرف بين
الناس والأظهر في الاستعمال وهو الظاهر أيضا من المص؟ في سلم عد؟ ومن الشهيد في الدروس وصرح به في ضة؟ وعن ط؟ انه لو جعل الاجل إلى النيروز
والمهرجان جاز لأنه معروف إذا كان من سنة بعينها وإذا أسلم إلى نيروز الخليفة ببغداد وبلاد العراق جاز لأنه معروف عند العامة
إذا ذكرت السنة بعينها وظاهره ان المراد بالنيروز مقابل المهرجان الذي هو انتقال الشمس إلى الميزان وعن الحلى انه حكى عن بعض المحاسبين؟
وعلماء الهيئة انه هو اليوم العاشر من آيار وقال إنه حقق ذلك في كتابه نعم حكى عن بعض احتمال ان يكون آيار تصحيف ازار فيوافق
المشهور لان انتقال الشمس إلى الحمل في عاشر ازار وقيل إنه تاسع شباط حكى عن المهذب نسبته إلى صاحب كتاب الأنوار وقيل إنه
يوم تزول الشمس في أول الجدي وعن المهذب انه المشهور بين فقهاء العجم بخلاف أول الحمل فإنهم لا يعرفونه وينكرون على من اعتقده وقيل
هو السابع عشر من كانون الأول بعد نزول الشمس في الجدي بيومين وهو صوم اليهود وقيل هو أول يوم من فروردين ماه وهو أول
شهور الفرس وكان ذلك اليوم هو أول سنتهم كما اختاره المجلسي في محكى البحار والعلامة رضي الدين القزويني صاحب لسان الخواص في
محكى الرسالة النيروزية وقواه بعض السادة المحققين قال للقطع بان يوم النيروز هو أول يوم من سنة الفرس ومنها الغسل
للتاسع من ربيع الأول حكاه المجلسي في زاد المعاد من فعل أحمد بن إسحاق القمي معللا بأنه يوم عيد لكن المحكي عن المشهور بين علمائنا وعلماء
الجمهور ان سبب هذا العيد اتفق في السادس والعشرين من شهر ذي الحجة وقيل السابع والعشرين وكيف كان فلم يسند أحمد بن إسحاق
الغسل الا إلى كونه عيدا من الأعياد ولعل هذا المقدار يكفي للاستحباب بناء على احتمال ان يكون فتواه عن رواية عامة لجميع الأعياد هذا
ما يستحب لأجل الزمان واما ما يستحب للفعل فقد ذكر المص؟ قده عدة منها وهي غسل الاحرام ولا خلاف كما عن المقنعة والغنية
والوسيلة والمنتهى بل عن حج الخلاف والتذكرة الاجماع عليه وعن حج التحرير انه ليس بواجب اجماعا وعن ابن المنذر أجمع أهل العلم
ان الاحرام جايز بغير اغتسال وهذه هي الحجة في عدم الوجوب بعد الأصل مضافا إلى ما عن الصدوق في العيون بسنده الحسن إلى الفضل
عن مولانا الرضا (ع) فيما كتب للمأمون من شرائع الدين قال غسل الجمعة سنة وغسل العيدين وغسل دخول مكة والمدينة وغسل
328

الزيارة وغسل الاحرام وغسل أول ليلة من شهر رمضان إلى أن قال وهذه الأغسال سنة وغسل الجنابة فريضة وغسل الحيض مثله
وبما ذكرنا كله ينصرف الأخبار المستفيضة الامرة بالغسل للاحرام نعم في بعضها ما يأبى عن هذا الحمل مثل مرسلة يونس عن بعض رجاله عن أبي
عبد الله (ع) قال الغسل في سبعة عشر موطنا منها الفرض ثلثة قلت جعلت فداك وما الفرض منها قال غسل الجنابة وغسل من مس ميتا
والغسل للاحرام والباقي سنة لكن اللازم حمل الفرض في المرسلة والواجب في الرضوي على ما تأكد ثبوته في الشريعة ولو بطريق الاستحباب
وإن كان هذا الحمل بعيدا ولعل بظاهرها اخذ القديمان حيث حكى عنهما القول بالوجوب وعن الصدوق انه اطلق وجوب غسل الاحرام
وعرفة والكعبة والمباهلة والاستسقاء والمولود ولعله أراد الاستحباب المؤكد ونحوه ما عن ظاهر المقنع حيث قال إذا اغتسل الرجل
بالمدينة ولبس ثوبين ثم نام قبل ان يحرم فعليه إعادة الغسل وروى ليس عليه إعادة الغسل وما عن ظاهر المقنعة حيث قال فاما إذا نام
بعد الغسل قبل عقد الاحرام فإنه يجب إعادة الغسل انتهى بل يظهر من محكى الناصريات ان عليه أكثر أصحابنا حيث قال الصحيح ان غسل
الاحرام سنة لكنها مؤكدة غاية التأكيد فلذا اشتبه الامر على أكثر أصحابنا واعتقدوا ان غسل الاحرام واجب لقوة ما ورد في
تأكده انتهى بل قيل إن عباراتهم في الحج يعطى ذلك ومنها غسل الطواف على المشهور بل عن ف؟ عليه الاجماع ويدل عليه الأخبار المستفيضة
مثل ما تقدم في حسنة ابن شاذان وعن صحيحة معوية بن عمار في تعداد الأغسال ويوم تزور البيت ونحوها صحيحة ابن مسلم وعن الفقه
الرضوي وغسل زيارة البيت (وغسل الزيارات صح) بل في موثقة سماعة وغسل الزيارة واجب الامن علة وغسل دخول مكة واجب وغسل دخول الحرم واجب و
في رواية علي بن حمزة عن الكاظم (ع) ان اغتسلت بمكة ثم نمت قبل ان تطوف فأعد غسلك إلى غير ذلك واطلاق الرواية الأخيرة يشمل
كل طواف وان لم يسم زيارة لكن الظاهر منه كما اعترف به في محكى المصابيح الاختصاص بطواف العمرة وطواف الزيارة ومنها غسل زيارة
النبي والأئمة صلوات الله عليه وعليهم أجمعين على المشهور بل عن المصابيح وكشف اللثام والرياض نسبته إلى قطع الأصحاب وعن الحدائق
نسبته إليهم بل عن الغنية الاجماع عليه وعن سيلة؟ عده في قسم المندوب بلا خلاف وربما يستدل عليه ببعض ما تقدم من اخبار غسل
الزيارة لكن الظاهر منها كما اعترف به في محكى المشارق زيارة البيت أي الطواف بقرينة المقام والأحسن منه الاستدلال عليه مضافا
إلى الرضوي المتقدم في غسل الطواف بما في رواية العلا ابن سبابة عن الصادق (ع) في تفسير قوله تعالى خذوا زينتكم عند كل مسجد قال الغسل
عند لقاء كل امام الحديث وظاهرها استحباب الغسل للدخول عليهم احياء وأمواتا وان سلم اختصاصها بلقاء الحي فلا يبعد الحاق
غيره لعموم قولهم (على) حرمة المؤمن ميتا كحرمته حيا بل هم احياء عند ربهم يرزقون ويؤيد العموم الرواية المشهورة الواردة في الزيارة
الجامعة لكنها مختصة بزيارة خاصة نعم الأخبار الواردة في استحباب الغسل لزيارة النبي صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين وأبى عبد الله وأبى
الحسن الرضا صلوات الله عليهم أجمعين كثيرة وما عن كامل الزيارة من رواية محمد بن عيسى عمن ذكره عن
أبي الحسن (ع) قال إذا أردت
زيارة موسى بن جعفر (ع) ومحمد بن علي (ع) فاغتسل وتنظف والبس ثوبيك الطاهرين وعن الكتاب المذكور في كيفية زيارة أبى
الحسن وأبى محمد العسكريين قال واروى عن بعضهم (ع) أنه قال إذا أردت زيارة قبر أبى الحسن وأبى محمد عليهما السلام تقول بعد الغسل
ان وصلت إلى قبرهما والا أومأت بالسلم من عند الباب الذي على الشارع الحديث وعن الكتاب المذكور قال روى سليمان بن
عيسى عن أبيه قال قلت لأبي عبد الله (ع) كيف أزورك إذا لم أقدر على ذلك قال قال لي يا عيسى إذا لم تقدر على المجيئ فإذا كان في يوم
جمعة فاغتسل أو توضأ واصعد إلى سطحك وصل ركعتين وتوجه نحوي فإنه من زارني في حياتي فقد زارني في مماتي ومن
زارني في مماتي فقد زارني في حياتي وعن مصباح الشيخ روى عن الصادق (ع) قال من أراد ان يزور قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وقبر أمير المؤمنين
وفاطمة وقبر الحسن والحسين وقبور الحجج صلوات الله عليهم فليغتسل يوم الجمعة وليلبس ثوبين نظيفتين وليخرج إلى فلات من
الأرض ثم يصلى أربع ركعات يقرء فيها ما تيسر من القران فإذا تشهد وسلم فليقم مستقبل القبلة وليقل الحديث ومنها غسل
قضاء صلاة الكسوف أو الخسوف المتارك عمدا مع استيعاب الاحتراق للقرص على المشهور سيما بين المتأخرين بل عن الغنية الاجماع عليه
في باب الأغسال وفى باب صلاة الكسوف ويدل عليه الاخبار مثل ما عن الخصال في الحسن بابن هاشم عن محمد بن مسلم عن أبي
جعفر (ع) قال الغسل في سبعة عشر موطنا وعددها إلى أن قال وغسل الكسوف إذا احترق القرص كله فاستيقظت ولم تصل فاغتسل
وليقض الصلاة ورواه في الفقيه مرسلا وفى التهذيب عن محمد بن مسلم وغسل الكسوف إذا احترق القرص كله فاغتسل و
مرسلة حريز إذا انكسف القمر فاستيقظ الرجل ولم يصل فليغتسل من غد وليقض الصلاة وان لم يستيقظ ولم يعلم بانكساف
القمر فليس الا القضاء بغير غسل هكذا رواه في باب الأغسال وفى باب الصلاة مكان قوله فلم يصل ليكسل ان يصلى وعن
329

الفقه الرضوي وإذا احترق الغسل كله فاغتسل وإذا انكسف الشمس والقمر ولم تعلم به فعليك ان تصليها إذا علمت فان تركتها متعمدا
حتى يصبح فاغتسل وصل وان لم يحترق القرص فاقضها ولا تغتسل وظاهر هذه الأخبار كما ترى الوجوب ولذا قال به جماعة على ما حكى
عن صلاة المقنعة والمراسم والمهذب ومصباح الشيخ وجملة المبسوط والخلاف والاقتصاد والكافي والوسيلة وشرح الجمل للقاضي و
الصدوقين نصا في بعضها وظهورا في الباقي ومال إليه في محكى المنتهى والمدارك بل عن الشيخ في الخلاف الاجماع على أن من ترك صلاة
الكسوف مع احتراق القرص فعليه الغسل والقضاء انتهى وعن شرح الجمل للقاضي واما لزوم القضاء فالدليل عليه الاجماع وطريق براءة
الذمة وكذلك القول في الغسل الا ان المحكي عن أكثر هؤلاء بل ما عدا الصدوقين والحلبي التصريح بالاستحباب في باب الطهارة ولذا ادعى
في محكى المصباح تحقق الاجماع على الاستحباب والمسألة مشكلة وإن كان المشهور لا يخلوا عن قوة ثم إن المشهور اختصاص الغسل بالقضاء
فلا يستحب للأداء لعدم الدليل وعن المختلف استحبابه للأداء أيضا وتبعه السيد في المدارك والقاسانيان في المفاتيح وشرحه ولعله لاطلاق
قوله (ع) في صحيحة ابن مسلم في تعداد الأغسال وغسل الكسوف إذا احترق القرص كله فاغتسل وفيه ان ظاهره وجوب الغسل بسبب الاحتراق و
لا لأجل الصلاة وليس كذلك اجماعا كما ادعاه بعض وحينئذ فالامر بالاغتسال يحتمل ان يكون لخصوص القضاء كما يحتمل ان يكون لمطلق
الصلاة وليس هذا من حذف المتعلق المفيد للعموم بل هره؟ من قبيل المجمل كما لا يخفى مع أنه قد ادعى في محكى الحدائق ان الشيخ اختص
هذه الرواية من رواية الخصال المروية في الفقيه مرسلا الصريحة في الاختصاص بالقضاء والمشهور أيضا اشتراط الغسل للقضاء
بشرطين أحدهما تعمد الترك والاخر استيعاب الاحتراق بل عن السرائر نفى الخلاف في عدم الغسل فرضا ونفلا مع انتفاء أحد
الشرطين خلافا للمحكى عن المرتضى في المصباح فلم يعتبر الثاني وللمحكى عن المقنع والذكرى فلم يعتبر الأول والمشهور أيضا عدم الفرق بين الكسوفين
بل عن ظاهر جماعة انه متفق عليه ومنها غسل المولود على المشهور بل عن الغنية الاجماع عليه وفى موثقة سماعة وغسل المولود واجب
والمراد به مطلق الثبوت وبظاهره اخذ ابن حمزة فقال بالوجوب وحكى عن ظاهر الصدوق أيضا لكنه شاذ كما في المعتبر ومتروك كما عن
في؟ وظاهر الرواية المطابق لمقتضى الاستحباب عدم سقوط هذا الغسل بتأخيره عن أول أزمنة ما بعد الولادة كما صرح به في محكى
شرح النفلية والحديقة وحكى عن بعض التحديد باليوم واليومين ونفى عنه البعد في المصابيح ولا ينبغي الاشكال في كون هذا الفعل
غسلا بالضم لاضلا؟ بالفتح ولاوجه لاحتماله بعد ظهور النص والفتوى في كونه بالضم وحينئذ فيعتبر فيه النية والترتيب لأنه المعهود في هذه
العبادة بل ربما يقال إن الأصل اعتبار نية القربة في كل فعل الا ما علم كونه من التوصليات فاحتمال عدم وجوب الترتيب كما عن لك؟ أو
الميل إليه للأصل من غير معارض كما عن كشف اللثام ضعيف وفى الاكتفاء بالارتماس عن الترتيب وجه قوى وتنظر فيه في المصابيح
لعدم العموم في دليل الارتماس ويشترط فيه تقديم إزالة الخبث كما في غيره من الاغتسال لكن المحكي عن المقنعة والمهذب انه إذا وضعته؟
أخذته القابلة ومسحت عنه الدم وغسلته ومنها غسل السعي إلى رؤية المصلوب بعد ثلثة من حين صلبه على المشهور بل عن الغنية الاجماع
عليه ومستنده ما عن الصدوق في الفقيه والهداية انه روى أنه من قصد إلى رؤية مصلوب فنظر إليه وجب عليه الغسل عقوبة وبظاهره
اخذ الحلبي فأوجبه معللا بأنه شرط في تكفير الذنب وصحة التوبة فيلزم العزم عليه وهو شاذ والمستند ضعيف قاصر عن إفادة
الوجوب والعليل عليل ومقتضى النص اختصاص الحكم بالنظر المحرم إذ لا عقوبة في غيره فيخرج الكافر المصلوب كما صرح به الحلبيون
فيما حكى عنهم والنظر إلى المسلم لغرض شرعي كالشهادة على عينه كما عن كشف اللثام والمصابيح وكذا النظر في الثلاثة إذا كان صلبه
بحق لعدم المعصية في النظر فيها لان الصلب شرع لتفضيح المصلوب ولو كان المصلوب غير مستحق للصلب فمقتضى اطلاق الرواية ثبوت
الغسل ولو قبل الثلاثة لحرمة السعي لرؤيته بل يجب انزاله عن الخشبة مع التمكن مطلقا وعن الصيمري تقييده بالمصلوب حقا وعن
الكركي انه لا يعتد بهذا التقييد ولعل وجه التقييد لتقييد النظر في كلام الأصحاب بما بعد الثلاثة فيفهم من ذلك الاختصاص بالمصلوب
حقا إذ لافرق في حرمة النظر إلى المصلوب ظلما بين الثلاثة وما بعدها والأولى متابعة النص مع أن الغالب في زمان صدوره عدم الصلب
بحق ولو من جهة عدم كونه بإذن السلطان العادل وكيف كان فلا يكفي في ثبوت الغسل السعي المجرد عن النظر لصريح الغير كفتوى
جماعة ممن تقدم وتأخر ولا النظر من دون السعي له وان قصده وفاقا للمحكى عن الأكثر وخلافا لظاهر بعض الكتب كالاشراق و
المعالم والموجز والمحرز ولو سعى في الثلاثة لنظر بعدها فمقتضى الخبر ثبوته وظاهر كلمات الأصحاب وإن كان وقوع السعي بعد
الثلاثة الا انها محمولة على الغالب من اتحاد زمان السعي والرؤية فالظاهر إناطة الحكم بالنظر بعد الثلاثة فتدبر ومنها الغسل
للتوبة عن فسق أو كفن على المشهور بل عن المنتهى انه مذهب علمائنا أجمع ويدل عليه ما أرسله الصدوق والشيخ وأسنده الكليني في كتاب
330

الزي والتجمل عن الصادق (ع) حيث قال له رجل بابي أنت وأمي انى ادخل كنفا لي ولى جيران وعندهم جوار تتغنين ويضربن بالعود فربما أطلت
الجلوس استماعا فقال لا تفعل فقال الرجل والله ما آتيتهن برجلي وانما هو سماع أسمعه بإذني فقال بعد إما سمعت الله عز وجل
يقول إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا فقال بلى والله ولكني لم اسمع هذه الآية من عربي ولا عجمي لاجرم انى لا أعود
انشاء الله واستغفر الله فقال قم واغتسل وصل ما بدالك فإنك كنت مقيما على أمر عظيم ما كان أسوء حالك لومت على ذلك احمد الله
واسئله التوبة من كل ما يكره فإنه لا يكره الا القبيح والقبيح دعه لأهله فان لكل أهلا وظاهر الرواية وان اختص بالفسق الا انه يكفي
في التعميم للكفر الاجماع المتقدم عن صريح المنتهى واطلاق غيره مضافا إلى امكان استفادته من تعليله (ع) بقوله فإنك كنت مقيما على أمر عظيم
ولعله مراد المص؟ قده في المنتهى حيث استدل على التعميم للكفر بالأولوية مضافا إلى المحكي من أن النبي صلى الله عليه وآله أمر قيس بن عاصم بالاغتسال لما
(لسلم العلم)؟ وليس للجنابة لعدم الاختصاص به مضافا إلى الحديث القدسي في أدعية الستر يا محمد ومن كان كافرا فأراد الايمان فليطهر لي ثوبه
وبدنه وفى ثبوت الغسل للتوبة عن الصغيرة الغير المصر عليها نظر من اطلاق جماعة في فتاويهم وبعض معاقد الاتفاق ثبوت الغسل
للتوبة وعن الحدائق نسبته إلى الأكثر ومن اختصاص الرواية بالكبيرة مضافا إلى التعليل والظاهر أن هذا الغسل مؤخر عن التوبة الحقيقية
وهي الندامة بالقلب لأنها فورية الا انه مقدم على اذهاب قبول التوبة من الصلاة والاستغفار كما يستفاد من الرواية ومنها الغسل
لصلاة الحاجة والاستخارة على المشهور بل عن الغنية الاجماع عليه وظاهر المعتبر والتذكرة وض؟ كونه متفقا عليه والمراد بصلاة الحاجة
والاستخارة كما صرح به في محكى مع؟ صد؟ والمدارك وكشف اللثام هي الصلاة الخاصة التي وردت للحاجة والاستخارة مقيدة بالغسل
لا مطلق صلاة يصليها الرجل لهما مثل ما عن الكافي بسنده عن عبد الرحيم القصير قال دخلت على أبى عبد الله (ع) فقلت جعلت فداك
انى اخترعت دعاء فقال دعني من اختراعك إذا نزل بك أمر فافزع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله قلت كيف صنع قال
تغتسل وتصلى ركعتين تستفتح بهما افتتاح الفريضة وتشهد تشهد الفريضة فإذا فرغت من التشهد وسلمت قلت وذكر الدعاء والسجود
بعده ثم قال فانا الضامن على أن لا تبرح حتى يقضى حاجته ونحوها روايات كثيرة في الكتب الثلاثة وربما يستفاد منها كما في محكى
الحدائق عدم احتصاص الغسل بصلوات مخصوصة ولا يخلوا عن اشكال نعم في محكى الفقه الرضوي في تعداد الأغسال وغسل طلب الحوائج
وغسل الاستخارة كما أن في موثقة سماعة وغسل الاستخارة مستحب وليس فيها ذكر الصلاة فضلا عن صلاة خاصة ولذا
نفى البعد كاشف اللثام فيما حكى عنه القول باستحبابه لهما مطلقا وهو حسن ان لم يدعى الانصراف في هذا المطلق ومنها غسل دخول
الحرم وعن الغنية الاجماع عليه لموثقة سماعة ويستحب ان لا تدخلنه الا بغسل وفى خبر ابن مسلم وحين تدخل الحرم بمكة ثم نمت قبل
ان تطوف فأعد غسلك لكن لا يبعد منه إرادة غسل الطواف ولم يذكره جماعة منهم الصدوق ومنها غسل دخول مكة لصحيحة ابن
سنان وعد فيها غسل دخول مكة وفى خبر الحلبي ان الله عز وجل يقول في كتابه وطهرا بيتي الآية فينبغي للبعيد ان لا يدخل مكة الا وهو طاهر قد غسل عرقه والأذى
ولكن يظهر عن ف؟ الاجماع على العدم ومنها دخول الكعبة وعن الغنية وف؟ الاجماع عليه لقوله (ع) في رواية سماعة وغسل دخول البيت
واجب ومنها غسل دخول المدينة لقوله (ع) في رواية ابن مسلم الغسل في سبعة عشر موطنا وعد منها إذا دخلت الحرمين ومنها غسل
دخول مسجد النبي صلى الله عليه وآله وعن الغنية الاجماع عليه لقوله (ع) في رواية ابن مسلم وإذا أردت ودخول مسجد الرسول صلى الله عليه وآله ثم إنه قد بقى
هنا أغسال لم يذكرها المص؟ قده منها غسل قتل الوزغة كما عن الاشراف والجامع والدروس والموجز وغاية
المرام بل عن ظاهر المحكي عن البحار
ان عليه الأصحاب وان قدح فيه في محكى المصابيح بان كثيرا من الأصحاب لم يتعرضوا له وعن الفقيه والهداية نسبته إلى الرواية وعلله
في الأخير بأنه يخرج من الذنوب فيغتسل منها وحكاه في الفقيه عن بعض مشائخه والمستند في ذلك مضافا إلى مرسلة الفقيه والهداية
ما عن بصائر الدرجات وروضة الكافي وكتاب الجرايح والحرايج للراوندي عن عبد الله بن طلحة قال سئلته عن الوزغ فقال رجس وهو
مسخ كله فإذا قتلته فاغتسل وفى تلك الرواية قال (ع) ان أبى (ع) كان قاعدا ومعه رجل يحدثه فإذا بوزغ يولول لسانه فقال للرجل
أتدري ما يقول هذا الوزغ قال لاعلم لي بما يقول قال يقول والله لئن ذكرتم عثمان بشتمة لأشتمن عليا (ع) وقال (ع) ليس يموت
من بنى أمية ميت الا مسخ وزغا قال وان عبد الملك بن مروان لما نزل به الموت مسخ وزغا فذهب من بين يدي من كان عنده وكان
عنده ولده فلما ان فقدوه عظم ذلك عليهم فلم يدروا كيف يصنعون ثم اجتمع أمرهم على أن يأخذوا جزعا فيصنعوه كهيئة
الرجل ففعلوا ذلك والبسوا الجذع درع حديد ثم لفوه في الأكفان ولم يطلع عليه أحد من الناس الا انا وولده الخبر قال في المصابيح
على ما حكى اتفق أهل الطب والآثار على أن الوزغ من الحشرات المؤذية ذوات الحمة وزعموا انها تالف الحيات كما تالف الخنافس
331

والعقارب قالوا ومن طبع سام أبرص انه متى تمكن من الملح تمرغ فيه فيصير ذلك مادة لتولد البرص والظاهر أن السام أبرص والوزغ ولورك؟
كلها جنس واحد وقال في حياة الحيوان سام أبرص بتشديد الميم قال أهل اللغة هو كبار الوزغ انتهى ومنها الغسل لصلاة الاستسقاء
كما عن المشايخ الثلاثة والصدوقين والحلبي وابنى البراج وزهرة وعن الأخير الاجماع عليه ويدل عليه موثقة سماعة وغسل الاستسقاء
واجب والمراد به الاستحباب لاتفاق الأصحاب كما عن المصابيح مع أن الرواية لا تنهض للوجوب ويمكن ادخاله في غسل صلاة الحاجة ومنها الغسل
لصلاة الشكر حكى عن القاضي والحلبي وابن زهرة مدعيا عليه الاجماع في الغنية ولم أعثر له على رواية يحكيها أحد وفيها الغسل
لصلاة الظلامة حكى عن مكارم الأخلاق انه روى عن الصادق (ع) انه إذا طلبت بمظلمة فلا تدع على صاحبك فان الرجل يكون مظلوما
ولا يزال يدعو حتى يكون ظالما ولكن إذا اظلمت فاغتسل وصل ركعتين في موضع لا يحجبك عن السماء ثم قل اللهم ان فلان بن فلان
ظلمني وليس لي أحد أحول به غيرك فاستوف ظلامتي الساعة الساعة بالاسم الذي سئلك به المضطر فأجبته فكشفت ما به من ضر
ومكنت له في الأرض وجعلته خليفتك على خلقك فأسئلك ان تصلى على محمد وآل محمد وان تستوفى ظلامتي الساعة الساعة فإنك لا تلبث
حتى ترى ما تحب ومنها الغسل لصلاة الخوف من الظالم حكى عن المكارم قال اغتسل وصل ركعتين واكشفه عن ركبتيك واجعلهما
مما يلي المصلى وقل مأة مرة يا حي يا قيوم يا حي يا قيوم يا حي لا إله إلا أنت برحمتك استغيث فصل على محمد وآل محمد وأغثني الساعة
الساعة فإذا فرغت من ذلك فقل أسئلك ان تصلى على محمد وآل محمد وان تلطف بي وان تقلب لي وان تمكر لي وان تخدع لي
وان تكيد لي وان تكفيني مؤنة فلان بلا مؤنة فان هذا كان دعاء النبي صلى الله عليه وآله يوم أحد انتهى الغسل لرمي
الجمار كما عن المفيد في العزية؟ والمقنعة لكن المحكي عن كشف اللثام ان الشيخ في ف؟ ادعى الاجماع على عدم الاستحباب ويؤيده حسنة الحلبي
قال سئلت الصادق (ع) عن الغسل إذا رمى الجمار فقال ربما فعلت واما من السنة فلا ولكن من الحر والعرق ونحوها رواية محمد الحلبي
واما قول الباقر (ع) لا ترمى الجمار الا وأنت على طهر وقول الصادق (ع) والطهر أحب إلي فالظاهر منهما الوضوء ومنها الغسل للوقوف بعرفة
كما عن المقنع والمقنعة وط؟ وف؟ مدعيا عليه الوفاق والمراسم المهذب والوسيلة والغنية والإشارة والسرائر والجامع والمنتهى والدروس كل
ذلك في كتاب الحج ويدل عليه رواية معوية بن عمار المتقدمة في غسل يوم عرفة وقوله إذا زالت الشمس يوم عرفة قطع البلية؟
واغتسل والظاهر منه إرادة غسل الوقوف لا اليوم ومنها غسل الوقوف بمشعر كما عن ف؟ مدعيا عليه الاجماع وحكاه في الدروس عن
الصدوق وقد يستدل عليه برواية معوية عمار عن الصادق (ع) أصبح على طهر بعد ما تصلى الفجر فقف ان شئت قريبا من الجبل وان شئت
حيث تبيت وفيه انه ظاهر في الوضوء الا ان يقال أي وضو أطهر من الغسل وقد يؤيد الحكم بأولوية الوقوف بالمشعر بالغسل من الوقوف
بعرفة لأنه الركن الأعظم ومنها الغسل للنحر والذبح والحلق لحسنة زرارة إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزأك غسلك ذلك للجنابة
والجمعة وعرفة والنحر والحلق والذبح والزيارة ومنها الغسل لكل فعل تتقرب به إلى الله وكل مكان أو زمان شريف وإذا
ظهرت الآثار في السماء حكاه في الذكرى عن ابن الجنيد وقد يظهر من المحقق والمص؟ والشهيد الثاني موافقته في الزمان حيث عللوا بشرف
الوقت جملة من الأغسال والمحكى عن ابن الجنيد على اطلاقه لم يقم عليه دليل الا ان يثبت رجحان نفس الكون على الغسل وقد تقدم
التأمل في مدرك هذا العموم ومنها الغسل ان مس ميتا بعد تغسيله كما عن جامع البهائي والمفاتيح وشرحه والحديقة بتعا للشيخ
في الاستبصار حيث حمل موثقة عمار الساباطي كل من مس ميتا فعليه الغسل وإن كان الميت قد غسل على الاستحباب ويشهد له قوله (ع)
فيمن ادخل الميت هل عليه غسل لا انما يمس الثياب كما لا يخفى ومنها الغسل لمن أراد تغسيل الميت حكاه في المصابيح عن ظاهر النزهة
والذكرى وحكى عن كشف اللثام أيضا وقد تقدم في مستحبات غسل الميت قال في النزهة على ما حكى عنه وروى أنه إذا أراد ان يغسل
الميت استحب له ان يغتسل قبل تغسيله وكذلك إذا أراد تكفينه انتهى قيل لم نجد في الاخبار على هذه الرواية فإن كان مراده رواية
ابن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال الغسل في سبعة عشره موطنا إلى أن قال وإذا اغتسلت؟ ميتا أو كفنته أو مسسته بعد ما يبرد ففي دلالته
نظر مع أن الموجود في بعض النسخ وكفنته بالواو مكان أو وحينئذ فلا يدل الاعلى الغسل الواجب لمن غسل ميتا ومنها الغسل
لمن أراد اخذ التربة على مشرفها آلاف سلام وتحية فعن مصباح السيد قده روى في اخذ التربة انك إذا أردت اخذها
فقم في اخر الليل واغتسل والبس أطهر ثيابك وتطيب بسعد وادخل وقف عند الرأس وصل أربع ركعات ونحوها ما عن البحار
عن المزار الكبير عن جابر الجعفي عن الباقر (ع) إذا أردت ان تأخذ من التربة فتعمد لها اخر الليل واغتسل لها بماء القراح و
تطيب بسعد الرواية ومنها الغسل عند إرادة السفر حكى عن ابن طاووس في أمان الاخطار انه روى أن الانسان يستحب له
332

إذا أراد السفر ان يغتسل ويقول عند غسله بسم الله وبالله ولا حول ولا قوة الا بالله الدعاء وعن التهذيب عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع)
إذا أردت الخروج إلى أبى عبد الله (ع) فصم قبل ان تخرج ثلاثة أيام يوم الأربعاء ويوم الخميس ويوم الجمعة فإذا أمسيت ليلة الجمعة فصل صلاة
الليل ثم قم فانظر في نواحي السماء فاغتسل تلك الليلة قبل المغرب ثم تنام على طهر ثم إذا أردت المشي إليه فاغتسل ولا تطيب ولا تدهن ولا
تكتحل حتى تأتى القبر الخبر ومنها الغسل لمن أراد رؤية أحد من الأئمة في المنام فعن المفيد في كتاب الاختصاص عن أبي المعزا عن الكاظم عليه السلام
من كانت له إلى الله حاجة وأراد ان يرانا ويعرف موضعه فليغتسل ثلاث ليال يناحى؟ بنا فإنه يرانا ويغفر له بنا ومنها الغسل لعمل
الاستفتاح وحكى عن الصدوق والشيخ رواية بطرق متعددة عن المص؟ (ع) فإذا كان اليوم الخامس عشر فاغتسل عند الزوال وعن رواية
أخرى قريبا من الزوال ومنها الغسل عند الإفاقة من الجنون حكى عن كاشف اللثام ان المص؟ قده في يه؟ استقربه قال لما قيل من زال عقله
انزل فإذا افاق اغتسل احتياطا وليس ناقضا لأصالة الطهارة والناقض غير معلوم ولان النوم لما كان مظنة الحدث شرعت
له الطهارة بعده انتهى وتبعه البهائي في محكى جامعة لكن المحكي عن المنتهى رده بان الاستحباب حكم شرعي بتوقف على دليل شرعي ولم يقم ولم
يحك فيه الاستحباب الاعن الحنابلة ومنها غسل من مات جنبا لما سيجيئ في باب الغسل بورود بعض الروايات ومنها الغسل عند زوال
العذر الذي رخص في اشتماله على نقص قال في محكى كشف اللثام خروجا عن خلاف من أوجبه وحكاه عن الشهيد في البيان والنفلية ومنها
الغسل لواجدي المنى في الثوب المشترك كما عن كشف اللثام هذا تمام ما عثرنا عليه من الأغسال وقد عرفت ضعف المستند في أكثرها فلا
وجه للقول لها الا تسامحا أو بناء على ما ذكره جماعة من استحباب الغسل مطلقا لنفسه فان الظاهر من المص؟ والمحقق والشهيد في
بعض المواضع استحباب الغسل مطلقا من دون سبب خاص أو غاية قال في محكى المعتبر في قضاء غسل الجمعة ان الرواية ضعيفة لكنها تنجبر؟
بان الغسل طهور فيكون حسنا وفى غسل التوبة ان العمدة فيه فتوى الأصحاب مضافا إلى أن الغسل خير وفى غسل ليلة النصف من شعبان
ان الرواية ضعيفة والمعول على الاستحباب المطلق وفى غسل رجب ان الشيخ ذكرها فلا باس بالمتابعة فيه وعن المنتهى في تعليل غسل التوبة
ان الغسل طاعة في نفسه فيكون مستحبا عقيب ليطهر اثره بالعمل الصالح وعن الذكرى تعليله بان الغسل خير كما في المعتبر انتهى وهو الظاهر من المحكي
عن المفيد في الاشراف حيث قال فيمن اجتمع عليه عشرون غسلا فرض وسنة ومستحب كرجل احتلم أو أجنب إلى أن قال ونذر صلاة
ركعتين بغسل والظاهر أن مراده بالغسل الذي فرض ايجابه هو الغسل المطلق دون أحد الأغسال المعهودة من ذوات الأسباب بقرينة جعله
مقابلا لها وكيف كان فربما يتمسك في ذلك بمثل قوله تعالى ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين وقوله (ع) الطهر على الطهر عشر حسنات
وقوله (ع) أي وضوء أطهر من الغسل أو انقى منه ما ورد من استحباب الغسل بماء الفرات بقول مطلق والكل لا يخلوا عن نظر ويمكن الاستناد
في ذلك إلى الاحتياط المستحسن عقلا وشرعا الذي يكفي فيه مجرد احتمال الاستحباب فضلا عن استظهار ذلك من فتوى جماعة من
الأساطين المتقدم ذكرهم وقد اعترف بعض من أنكر هذا الحكم باستحباب الغسل للشك في تحقق السبب أو احتمال الخلل في الغسل الأول
وعن النفلية وشرحها والحديقة وجامع البهائي استحباب الغسل بعد زوال العذر المجوز للغسل الاضطراري كالجبيرة معللين ذلك
بالخروج عن خلاف من أوجب اعادته ولا يخفى ان مرجعه إلى الاحتياط وعن كشف اللثام استحباب الغسل عند الشك في الحدث كواجدي
المنى في الثوب المشترك ولا مستند في ذلك الا الاحتياط الاستحبابي وهو جار في ما نحن فيه والفرق مشكل إذ ليس الاحتياط مختصا
بما إذا كان الفعل المحتاط فيه واجبا وإن كان ظاهر الاحتياط يوهم كونه في الشبهة الوجوبية ومما ذكرنا يظهر النقض والحل فيما
يقال إن العبادة لابد فيها من نية التقرب ومجرد احتمال التقرب لا يكفي فيها فلا يصح الغسل الا مع العلم بالتقرب والمسألة لا يخلوا
عن اشكال ثم الأغسال المندوبة كما عرفت منها ما للزمان كغسل الجمعة والعيدين واغسال ليالي شهر رمضان ومنها ما للمكان
كالغسل لدخول مكة ومدينة ونحوهما ومنها ما للفعل إما بان يكون الفعل سببا له كقتل الوزنح؟ والسعي إلى رؤية المصلوب و
نحوهما واما ان يكون غاية له ويرجع إليه ما للمكان لان المراد دخول المكان كما صرح به كاشف اللثام وغيره وبتقرير اخر الغسل
إما ان يستحب في زمان خاص بلا سبب واما ان يستحب بسبب خاص بلا زمان واما ان يستحب لغاية خاصة من
دون سبب ولا زمان
إما الأول فوقته نفس الزمان الذي أمر بايقاعه فيه كأول يوم الجمعة إلى الزوال لغسل الجمعة وتمام الليل لأغسال ليالي شهر رمضان
بلا خلاف ظاهر بين الأصحاب لان ذلك هو الظاهر من أدلة تلك الأغسال مثل رواية بكير عن الصادق (ع) في أي الليالي اغتسل في شهر
رمضان قال في ليلة تسع وعشرة وليلة إحدى وعشرين وليلة ثلث وعشرين والغسل في أول الليل قلت فان نام بعد الغسل
قال هو مثل غسل الجمعة إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزأك ونحوها رواية الحميري إلى غير ذلك نعم روى الكليني في الحسن كالصحيح
333

والصدوق في الصحيح عن أبي جعفر (ع) أنه قال الغسل في شهر رمضان عند وجوب الشمس قبيله ثم تصلى وتفطر وعن السيد في كتاب الاقبال انه روى أنه يغتسل
قبل الغروب إذا علم أنها ليلة العبد وظاهر الكليني والصدوق العمل به وهو الظاهر من العلامة المجلسي أيضا وحملها شارح الدروس على الأفضل وقد يتكلف
في تطبيقها على ما ذكره الأصحاب بالمحامل البعيدة مثل ان المراد بالليل سقوط القرص أوان الوقت مجموع الليل وجزء مما تقدمه وتخصيصه بالليل
في الاخبار وكلام الأصحاب بالمحامل البعيد تغليب للأكثر وتنزيل الجزء المتصل بالليل منزلة جزئه أوان الغسل المتقدم غسل غائي غايته
ادراك الزمان أو الأعمال الواقعة فيه فيكون هذا غسلا اخر يسقط الغسل الزماني أو غير ذلك وكله تكلف إما الأول فلتصريحه (ع)
باستحبابه قبل سقوط القرص واما الثاني فتكلفه واضح واما الثالث فلان الظاهر من الرواية بيان الغسل المعهود والأقوى في النظر العمل
على هذه الرواية وجعل تقديم الغسل للتهيؤ والدخول في الليل والصلاة مغتسلا فيكون لتوقير الليل وما يقع فيه من الأعمال نظير
الوضوء للتهيؤ أو يكون رخصة حذرا عن فواته بعد الافطار لأجل الكسالة أو غير ذلك وعلى أي حال فالظاهر أنه لا يشرع في الأغسال
الزمانية التقديم لخوف الاعواز ولا القضاء الا مع النص كما في غسل الجمعة وعن الذكرى جوازهما في غير غسل الجمعة قال في الذكرى كل غسل
زماني؟ فهو ظرفه ولمكان أو فعل فعله الا غسل التوبة والمصلوب وفى التقديم لخايف الاعواز والقضاء ان فاته نظر ولعلهما أقرب وقد
نبه عليه في غسل الاحرام وفى رواية ابن بكير وذكر المفيد قضاء غسل عرفة انتهى وفى دلالة رواية تقديمه غسل الاحرام لخوف الاعواز
نظر لأنه لم يرخص فيها الا الغسل في المدينة للاحرام من ذي الحليفة وهو على ستة أميال تقريبا على ما قيل ولا يكون ذلك تقديما
بناء على ما سيأتي من اجزاء الغسل في أول النهار للفعل في اخره وكذا العكس فتأمل وعلى تقديره فهو نص يخص بمورده فلا يقاس عليه
سيما مع أن الغسل لفعل الاحرام فلا يشبه الأغسال الزمانية واما رواية البكير المتقدمة فالظاهر من التشبيه فيها بغسل الجمعة
كونه مثله في عدم الإعادة بعد الحدث لافى مشروعية القضاء والتقديم واما ما حكاه عن المفيد من قضاء غسل عرفة فلعله
لقوله (ع) إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزأك غسلك للجنابة والجمعة وعرفة والنحر والذبح والحلق الخبر فان غسل عرفة لا يرجع على
وجه الأداء مع غسل النحر لكن الانصاف ان المراد من تعداد هذه الأغسال مجرد فرض اجتماع بعضها مع بعض فلا يدل على تحقق فرض
اجتماع الجميع ثم إنه لا اشكال في عدم ثبوت اعادتها إذا تعقبها الحدث ولو كان أكبر لحصول الامتثال فيسقط نعم لو ثبت ان المقصود
منها ادراك جميع الوقت طاهرا بنى استحباب الإعادة وعدمه على انتقاض هذه الأغسال بالحدث الا ان هذا البناء مهدوم برواية بكير
المتقدمة في أغسال شهر رمضان قلت فان نام بعد الغسل قال هو مثل غسل الجمعة إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزأك وفى رواية
الحميري قلت فان نام بعد الغسل قال أليس هو مثل غسل الجمعة إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر كفاك وفى صحيحة ابن مسلم يغتسل في
ثلث ليال في شهر رمضان تسع عشرة وفى إحدى وعشرين وفى ثلث وعشرين قال والغسل في أول الليل يجزى إلى اخره واما ما كان بسبب
الفعل فلا اشكال في عدم توقيته وعدم الضيق الا ان نقول بكون الامر للفور العرفي كما لا اشكال في عدم مشروعية الإعادة بعد
الحدث واما ما كان لأجل الفعل فلا اشكال في تقديمه على الفعل انما الاشكال في المقدار المجوز من التقديم والحق الرجوع في
ذلك العرف وقد قطع بعض المعاصرين بعدم الاجتزاء بالفصل الطويل كاليومين والثلث لظهور الأدلة لكلام الأصحاب في عدمه
بل ربما يستفاد منها اتصال؟ عرفي بين الغسل والفعل أقول فعل الغسل لأجل فعل لا يعتبر فيه لغة ولا عرفا الاتصال العرفي
بينهما بل المفهوم عرفا هو اعتبار بقاء الأثر المقصود من الغسل إلى وقت الفعل نظير قول الامر تنظف لفعل كذا الا ان هذا المقدار غير
مجد الابعد فهم ما هو المقصود من الغسل وهل هو بعد حدوثه بالغسل يرتفع بمجرد الفصل الطويل أو الحدث مطلقا أو بالنوم أو
بالحدث الأكبر فنقول ان الأصل وان اقتضى بقاء الأثر المقصود ايقاع الغسل متلبسا به الا ان الظاهر تخلل الفصل الطويل لقوله (ع)
في صحيحة جميل المروية في الفقيه غسل يومك يجزيك لليلتك وغسل ليلك يجزيك ليومك فان الظاهر التحديد بذلك وهي اجزاء الغسل
لأكثر من يوم وليلة بل المشهور كما صرح به جماعة التحديد بيوم الغسل وليله لقوله (ع) في صحيحة عمر بن يزيد المروية في الكافي قال غسل يومك
ليومك وغسل ليلك لليلك وفى رواية أبي بصير قال سأله رجل وانا حاضر فقال له اغتسل بعض أصحابنا فعرضت له حاجة حتى امسى
قال يعيد الغسل نهارا ليومه ذلك وليلا لليلته ورواية عثمان بن يزيد قال من اغتسل بعد طلوع الفجر كفاه غسله إلى الليل في
كل موضع يجب فيه الغسل ومن اغتسل ليلا كفاه غسله إلى طلوع الفجر وهو صريح في التحديد بيوم الغسل وليله والجمع بين صحيحة
جميل وبين ما بعده إما بالحمل على مراتب الأجزاء في الفضل واما بجعل اللام في الصحيحة بمعنى إلى ثم قلنا بالتحديد بيوم الغسل أو ليله
فلو وقع في أثناء أحدهما فهل العبرة بمقدار ما وقع فيه من اليوم أو الليل أو يلفق الوقت منه ومن الأخر فيتم من الأخر أو ينقضى
334

بانقضائه وجوه فلو وقع في نصف نهار قصير مثلا فيتم من الليل بمقدار الساعات الماضية من النهار وان لم يبلغ إلى نصف الليل على الأول
ويمتد إلى نصف الليل على الثاني وينقضى بانقضاء النهار على الثالث والأخيران جاريان مع التحديد بيوم وليلة والظاهر من الروايات هو
الثالث وربما يستظهر منها الأول وفيه نظر نعم ربما يقطع بجواز الفعل عند طلوع الفجر بالغسل قبله بزمان يسير وفى موثقة سماعة
من اغتسل قبل طلوع الفجر وقد استحم قبل ذلك ثم أحرم من يومه اجزاه غسله ونحوها رواية إسحاق بن عمار الآتية لكنهما سيما رواية اسحق
تدل على أن جواز ايقاعه في وسط أحدهما ثم الاحرام أو الزيارة في اخر الأخير ولا يقوله لا قائل بالتحديد بيوم الغسل أو ليله الا
ان يستظهر من الرواية الغسل قبل طلوع الفجر بيسير والاحرام قبل اخر النهار واما تحلل الحدث فالظاهر وجوب اعادته إذا كان الحدث نوما لصحيحة ابن
الحجاج قال سئلت أبا إبراهيم (ع) عن الرجل يغتسل لدخول مكة ثم ينام فيوضئ قبل ان يدخل أيجز به أو يعيد قال لا يجز به انما دخل بوضوء و
صحيحة نصر بن سويد عن أبي الحسن (ع) عن الرجل يغتسل للاحرام ثم ينام قبل ان يحرم قال عليه إعادة الغسل وغير ذلك مما ورد في باب الاحرام
والطواف ولا يقدح اختصاصها بغسل الاحرام لما عن المصابيح من أن الأصحاب لم يفرقوا بينه وبين غيره وربما يعارضها ما تقدم
من صحيحة جميل من اجزاء غسل النهار لليله والعكس بل وغيرها مما تقدم في تخلل الفصل ودعوى سوقها في مقام عدم قدح الفصل بالزمان
لافى مقام عدم قدح ما يقع في الليل والنهار من الحدث حسنة لولا أن الغالب حصول النوم في الليل بل في النهار أيضا ومن ثم ذهب الحلى
فيما حكى عنه إلى عدم الإعادة لكنه ضعيف إذ على تقدير تسليم الاطلاق في الأخبار المتقدمة فاللازم حمل المطلق على المقيد الا ان المروى
في الفقيه في الصحيح عن العيص بن القاسم عن الرجل يغتسل للاحرام بالمدينة ويلبس ثوبين ثم ينام قبل ان يحرم قال ليس عليه غسل وحملها
في التهذيب على أنه ليس عليه غسل فريضة فلا ينفى الغسل على طريق الاستحباب لكنه بعيد ويمكن حمله على من قدم الغسل للأعوان بناء
على القول به نعم الأوجه الجمع بالحمل على الاستحباب لولا أظهرية اخبار الإعادة في اللزوم مضافا إلى المستفاد من ذيل صحيحة عبد الرحمن من
عدم بقاء الغسل هذا تمام الكلام في حدثية النوم وإن كان الحدث غير النوم فالمشهور في كلام الأصحاب كما في الحدائق الاكتفاء بالغسل الأول
وحكى فيه وفى المدارك عن الشهيدين الإعادة وهو ظاهر الموجز وشرحه ولعله لفحوى لزوم الإعادة بالنوم وفيه انه حسن لو علمنا أن قدح
النوم من حيث الحدثية فيقال ان غيره أقوى في الحدثية فان حكمة كون النوم حدثا كونه مظانا لغيره من الاحداث على ما يفهم من الروايات
لكنه غير معلوم فالأولى الاستدلال عليه برواية اسحق المروية عن التهذيب قال سئلته عن غسل الزيارة يغتسل بالنهار ويزور بالليل
بغسل واحد قال يجزيه ان لم يحدث فان أحدث ما يوجب وضوء فليعد غسله ونحوها ما رواه في الحدائق عن الكافي الا ان السؤال فيها ان
الرجل يغتسل بالليل ويزور بالليل بغسل واحد الا ان الموجود عندي في نسخة الكافي قوله (ع) انه يجزى ما لم يحدث وضوء فان أحدث فعليه إعادة
الغسل بالليل ولعل هذا اضبط ولذا تصدى المحشى القزويني لتوجيه الرواية فجعل الباء في بالليل للسببية أي يستحب بالليل في كلام
السائل بل جعله كذلك في كلام الإمام (ع) وفيه نظر وكيف كان فرواية التهذيب كافية ولا يعارضها الا ما تقدم من اخبار اليوم والليلة
ويدفع بوجوب تقييدها بها بغسل
النظر السادس فيما يتبع الطهارة التي تقدم ان المراد بها في مصطلح الفقهاء ما عدا
شاذ منهم إحدى الطهارات الثلث وان استعمالها في إزالة النجاسة مجاز فيكون ذكر النجاسات وبيان وجوب ازالتها في الموارد المخصوصة
من التوابع وقد تقدم ان التحقيق ان الطهارة قد يطلق اسم مصدر فيكون المراد منه عند الفقهاء إحدى الطهارات وقد يطلق
على صفة حقيقية أو اعتبارية في المكلف وهي الحالة الحاصلة عقيب؟ إحدى تلك الثلث ويقابلها بهذا المعنى الحدث وقد يطلق على صفة حقيقية صح) أو اعتبارية في الأجسام ويقابلها بهذا المعنى النجاسة فهى النظافة والخلو عن النجاسة والنجاسة لغة القذارة
وشرعا قذارة خاصة في نظر الشارع مجهولة الكنه اقتضت ايجاب هجرها في أمور مخصوصة فكل جسم خلى عن تلك القذارة في
نظر الشارع فهو طاهر نظيف ويظهر من المحكي عن الشهيد في قواعده ان النجاسة حكم الشارع بوجوب الاجتناب استقذارا واستنفارا
أو ظاهر هذا الكلام ان النجاسة عين الحكم بوجوب الاجتناب وليس كذلك قطعا لأن النجاسة مما يتصف به الأجسام فلا دخل له في
الاحكام فالظاهر أن مراده انها صفة انتزاعية من حكم الشارع بوجوب الاجتناب للاستقذار أو الاستنفار وفيه ان المستفاد من الكتاب
والسنة ان النجاسة صفة متأصلة يتفرع عليها تلك الأحكام وهي القذارة التي ذكرناها الا انها صفة منتزعة من احكام تكليفية
نظير الأحكام الوضعية المنتزعة منها كالشرطية والسببية والمانعية ثم دعوى ان حكم الشارع بنجاسة الخمر لأجل التوصل إلى
الفرار عنها ولتزيد نفرة الطباع عنها ليست بأولى من دعوى ان حكمه بوجوب التنفر عنها لأجل قذارة خاصة فيها الا أن تكون
دعوى الشهيد قده فيما ذكره مستندة إلى ما يظهر من أدلة تحريم الخمر من أن العلة فيه هو تخمير العقل لكنك خبير بأنه لا ينافي كون
التخمير مستندا إلى تلك القذارة كما يومى إليه قوله (ع) في صفة الخمر ما يبل الميل منه ينجس حبا من الماء وكيف كان فالمراد بالمصدر
335

في قوله النجاسات عشرة الأعيان النجسة مبالغة في نجاسة عينها كما في قوله تعالى انما المشركون نجس
الأول والثاني مسمى البول والغايط
عرفا من الحيوان ذي النفس السائلة والمراد بها على ما نسب إلى أهل اللغة والأصحاب الدم الذي يجتمع في العروق ويخرج عند قطعها بقوة و
دفق لا كدم السمك غير المأكول لحمه اجماعا محققا في الجملة ومستفيضا كالاخبار ففي حسنة ابن سنان بابن هاشم اغسل ثوبك من أبوال
ما لا يؤكل لحمه ومفهوم حسنة زرارة لا تغسل ثوبك من بول شئ مما يؤكل لحمه والنبوي المحكي عن قرب الإسناد لا باس ببول ما يؤكل لحمه و
موثقة عمار كل ما اكل لحمه فلا باس بما يخرج منه دلت على المطلوب بمفهوم الوصف الوارد في مقام بيان الضابط والمعيار كالقيد المأخوذ
في الحدود إلى غير ذلك مما يأتي بعضها في بول الدواب والخشاف هذا كله مضافا إلى المستفيضة الواردة في البول والعذرة كما سيجيئ
بناء على عدم اختصاص العذرة بغايط الانسان وربما يخدش في دلالة ايجاب الغسل على النجاسة وفيه بعد اتفاق العلماء على استفادة
النجاسة من أمثال ذلك أن وجوب الغسل مطلقا لا يكون الا لأجل النجاسة إذ احتمال كونه لأجل وجوب التجنب عن اجزاء غير المأكول مدفوع
باطلاق وجوب الغسل حتى لو جف الثوب أو مسح مسحا يزيل اثره ولم يبق منها اثر وقد قام الضرورة والاجماع على أنه لا يشترط في ثوب
المصلى بعد الإباحة أزيد من الطهارة وعدم كونه مما لا يؤكل أو ملاصقا له مع أن في كثير من اخبار خصوص البول والعذرة ما
يدل على نجاستهما بقول مطلق ثم إنه لافرق في اطلاق النصوص ومعاقد الاجماع فيما لا يؤكل بين ان يكون تحريمه بالأصالة
كالأسد وبالعارض كالموطوء والجلال وعن التذكرة نفى ف؟ في الحاقهما بغير المأكول وعن ظاهر الذخيرة والدلائل وصريح المفاتيح الاجماع عليه وفى
الغنية الاجماع على الحاق خصوص الجلال وتبعه جماعة في خصوص الدجاج من الطير وربما يتوهم التعارض بين ما دل على نجاسة
بول ما لا يؤكل الشامل لبول الجلال والموطوء وما دل على طهارة ما يؤكل بالذات كالإبل والغنم والبقر ونحو ذلك من العنوانات الواردة
في النصوص بالخصوص وفيه مالا يخفى وكيف كان فلا اشكال في التعميم المذكور وانما الاشكال في عموم الحكم لغير المأكول من الطير واختصاصه
بغيرها فالمشهور على الأول بل ربما يدعى دخوله في اطلاق دعوى المعتبر وهي اجماع علماء الاسلام على نجاسة البول والغايط مما لا يؤكل لحمه
فتأمل وعن الغنية نجاسة بول ما لا يؤكل لحمه وخرئه بلا خلاف ودعوى كونه ظاهرا في غير رجيع الطير كما عن كشف اللثام في غير محله وعن الجامعية
في شرح الألفية انه أجمع الكل على نجاسة البول والغايط من كل حيوان محرم اكله انسانا كان أو طيرا أو غيرهما من الحيوانات وعن الحلى في السرائر في
باب البئر قد اتفقتا؟ على نجاسة ذرق غير المأكول من سائر الطيور وقد رويت رواية شاذة لا يعول عليها ان ذرق الطائر طاهر سواء
كان مأكول اللحم أو غير مأكوله والمعول عند محققي أصحابنا والمحصلين منهم خلاف هذه الرواية لأنه هو الذي يقتضيه اخبارهم المجمع عليها
وعن التذكرة دعوى الاجماع على نجاسة البول والغايط قال وقول الشيخ بطهارة ذرق ما لا يؤكل لحمه من الطيور لرواية أبي بصير ضعيف لأنه
لم يعمل بها أحد وعن ف؟ ان بول ما لا يؤكل لحمه وخرئه نجس بلا خلاف وعن العماني والجعفي وظاهر الفقيه القول بالطهارة ووافقهم الشيخ
في ط؟ في غير الخفاش وتبعهم المص؟ في المنتهى وعن المدارك والذخيرة والبحار القول بطهارة الذرق مع التردد في البول وعن شارح الدروس وكاشفي
اللثام والاسرار والفخرية وشرحها وشرح الفقيه للمجلسي وحديقته والمفاتيح والحدائق موافقة الأولين للأصل واختصاص العذرة
في الاخبار وضعا أو انصرافا بعذرة الانسان أو مطلق البهيمة ودعوى ترادف العذرة والخرء كما في المعتبر ممنوعة كعموم صحيحة ابن سنان
المتقدمة واخوتها للطير لعدم البول للطير أو لندرة اصابته للثوب بناء على وجوده له كما يظر من توحيد المفضل المروى عن الصادق (ع)
ورواية أبي بصير الآتية مع ضعف دلالة ما عدا الصحيحة لمنع العموم في المفهوم في مثل المقام الذي لا يبعد كون الكلام فيه مسوقا لبيان
ضابط الطهارة فقط فلم يبق الا الاجماع وهو غير متحقق والمنقول منه في عبارتي المعتبر وهي لا يشمل الطير قطعا لان رجيع الطير معنون
في كلامهما بعد ذلك فلاحظ الكتابين يتضح لك ما ذكرنا واماما عن شرح الألفية فلوهنه في المقام لوجود المخالف ولم يدع الاجماع
المصطلح حتى يقال إنه لا يقدح فيه مخالفة معلوم النسب وفرق بين بين؟ دعوى الاجماع المصطلح المتضمنة للاخبار بقول الامام أو
رضائه ليصير بمنزلة الاخبار عن السنة نظير اخبار الرواة ولا يناقضه وجود المخالف واحدا أو أكثر وبين دعوى اتفاق العلماء الذي يعلم أن
المراد منه اتفاق أهل الفتوى وان علمنا بان مثل هذا الاتفاق كاشف لمدعيه عن قول الإمام (ع) أو رضاه الا انه لم يخبر عنه بهذا
الكلام فلا يكون اخبارا عن السنة ويناقضه وجود المخالف ففيه الوهن من الوجهين ومنه يظهر ما في دعوى الحلى من الاتفاق مضافا
إلى أن الظاهر من ذيل كلامه انه انما استنبط هذا الاتفاق من دلالة الاخبار ومعلوم انه ليس في الاخبار الا بعض الاطلاقات
القابلة لدعوى الاختصاص وضعا أو انصرافا بغير محل النزاع فتأمل ونحوهما في الوهن عبارة التذكرة ويكفى في وهنه تصريح المحقق في
المعتبر بعد ايراد رواية أبي بصير بان هذه الرواية حسنة لكن العامل بها قليل بل يكفي في وهنه ميله في المنتهى إلى العمل بهذه
336

الرواية ولعل المراد بما في التذكرة بيان وهن الرواية بأنه لم يعمل أحد بظاهرها بناء على ما عن المختلف من الاجماع على نجاسة بول الخفاش
والحاصل ان دعوى الزايد عن الشهرة في المسألة لا تخلو ا عن شايبة الجزاف كمنع عموم صحيحة ابن سنان المتقدمة فهى عموم معتضد بالشهرة لكن
بإزائها عموم اخر معتضد بالأصل وهي رواية أبي بصير بل صحيحته كل شئ تطير لا باس بخرئه وبوله
ومصححة علي بن جعفر (ع) عن أخيه (ع) عن الرجل
يرى في ثوبه خرء الطير هل يحكه وهو في الصلاة قال لا باس والنسبة بينهما وبين صحيحة ابن سنان عموم من وجه الا ان رجحان الثاني ممالا
يخفى لأن الظاهر الصحيحة بيان كون نفس الطيران عنوانا أخص من حرمة اللحم ولو سلم التعارض فترجيح أحدهما بالشهرة محل نظر بل منع
لان شهرة الفتوى لا يمكن ان يصير قرينة لترجيح أحد العامين وارتكاب التخصيص في الأخر فلا بد من الحكم باجمال العامين بالنسبة إلى
محل التعارض فيجب الرجوع إلى الأصل ان لم يوجد هنا عموم يدل على نجاسة البول والخرء بقول مطلق والا فيجب الرجوع إليه ولا يتوهم
ان مثل هذا العام بعد تخصيصه بما دل على طهارة بول المأكول يصير كصحيحة ابن سنان معارضا مع رواية أبي بصير بالعموم من وجه
لكن الاشكال في ثبوت هذا العام لما عرفت من قوة انصراف مطلقات البول والعذرة إلى غير محل الكلام فالمسألة لا يخلوا عن
الاشكال الا ان العمل على المشهور لموثقة عمار الآتية خرء الخطاف لا باس به وهو مما يؤكل حيث علل الطهارة بأكل اللحم لا بالطيران وضعفه
إن كان منجبرا بما عرفت واما بول الخشاف فالمتعين فيه مذهب المشهور بل عن المختلف دعوى الاجماع عليه فتأمل وراجع كلامه إذ الظاهر أنه أراد
اتفاق الخصم دون المعنى المصطلح ويدل عليه رواية داود الرقي قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن بول الخشاشيف يصل ثوبي فاطلب و
لا أجده قال اغسل ثوبك ورواها في محكى السرائر عن كتاب محمد بن علي بن محبوب الذي هو أحد الكتب المعتبرة ولا يعارضها رواية غياث التبري
لا باس بدم البراغيث والبق وبول الخشاشيف ونحوها المروى عن أمير المؤمنين (ع) لوهنهما بالشهرة والاجماع المحكي وشهادة
الشيخ بأنها رواية شاذة يجوز ان يكون وردت للتقية وقد عرفت امكان تنزيل عبارة التذكرة المتقدمة عليه فلعله اطلع على
اختصاص كلام القائلين بطهارة خرء الطير مطلقا بما عدا الخشاف واما خرئه فالظاهر عدم القائل بالفرق بينه وبين البول كما
عن الناصريات وض؟ والمدارك والذخيرة عدم الفرق بين الأرواث والأبوال واما بول الخطاف وخرئه فالأقوى طهارتهما بناء على حلية
اكله وان كره كما هو المشهور سيما بين المتأخرين بل نسب إلى عامتهم ولو فرض القول بحرمته أمكن القول بطهارة ما يخرج منه لما رواه
في المختلف عن كتاب عمار عنه عن أبي عبد الله (ع) قال خرء الخطاف لا باس به هو مما يؤكل وانما كره اكله لأنه استجار بك واوى إلى منزلك
فكل طير يستجير بك فاجره بناء على إرادة الحرمة من لفظ الكراهة ويكون المراد ان حرمة اكله من جهة الاستجارة لا بالذات حتى يوجب
نجاسة الخرء فلا يوجب نجاسته خرئه لكن الانصاف ان هذه الرواية من أدلة حلية الخطاف فتدل على أن كراهة اكله لا يوجب
نجاسة الخرء ثم إن المحكي عن ابن الجنيد طهارة بول الصبى لما دل على أنه لا يغسل منه الثوب وهو نادر ومستنده قاصر وعن
السيدين دعوى الاجماع على نجاسة بول الصبى بالخصوص وخرج بقيد ذي النفس ما لا نفس له فان المشهور شهرة محققة عدم نجاسة
بوله وخرئه بل لم نعثر على قائل بالنجاسة ولا حاك لهذا القول بل عن الحدائق نفى ف؟ عنه صريحا الا ان المحقق قد تردد فيه
أولا وأفتى ثانيا بالطهارة ولعل منشأ التردد عدم مخصص صريح للعمومات المتقدمة وما ذكره وجها للطهارة من أن
ميته؟ ومنيه ولعابه طاهر فاشتبهت فضلاته عصارة النبات ضعيف جدا كدعوى عدم شمول العمومات له أو انصراف الاطلاقات
إليه فالعمدة الاجماع لو ثبت واضعف من هذا كله الحكم بنجاسة ذرق الدجاجة مع ما عرفت من العمومات المعتضدة بالشهرة
وعدم الخلاف الاعن الشيخ والمفيد وقد رجع الأول في كتاب الخلاف وخرج بغير المأكول ماحل اكله فان بوله وخرئه طاهران
بالاتفاق كما في المعتبر والمنتهى نعم وقع الخلاف فيما يكره اكله أعني الخيل والبغال والحمير فان المحكي عن جماعة كما يظهر من المنتهى منهم الإسكافي
والشيخ في يه؟ النجاسة وتبعهما جماعة من متأخري المتأخرين كالأردبيلي وصاحبي المعالم والمدارك وغيرهم لمضمرة سماعة
قال سئلته عن بول الكلب والسنور والحمار والفرس فقال كأبوال الانسان دلت على نجاسة بول البغل بالاجماع المركب
والأولوية وموثقة عبد الرحمن بابان قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن رجل يمسه بعض أبوال البهائم أيغسله أم لا قال يغسل
بول الفرس والحمار والبغل واما الشاة وكل ما يؤكل لحمه فلا باس ببوله وفى صحيحة الحلبي قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن أبوال
الخيل والبغال فقال اغسل ما أصابك منه وفى حسنة ابن مسلم اغسله فإن لم يعلم مكانه فاغسل الثوب كله وان شككت
فانفحه ورواية علي بن جعفر المروى عن كتابه عن أخيه قال سئلته عن الثوب يوضع في مربط الدابة على بولها أو روثها
كيف يصنع قال إن علق به شئ فلتغسله وإن كان جافا فلا باس وما ورد في أن الماء الذي يبول فيه الدواب ان تغير
337

بها فلا يجوز التوضي به بل في رواية أبي بصير قال سئلته عن كرمن ماء مررت به وانا في سفر قد بال فيه حمار أو بغل أو انسان قال لا تتوضأ
منه ولا تشرب بناء على حملها على صورة التغير أو حمل الكر على ما يقرب منه ويصل إليه تقريبا لا تحقيقا ورواية زرارة عن أحدهما (عل‍)
في أبوال الدواب تصيب الثوب فكرهته فقلت أليس لحومهما حلالا فقال بلى ولكن ليس مما جعله الله للاكل وبهذا يجمع بين الأخبار المذكورة
وبين ما تقدم من الاخبار في طهارة بول كلما يؤكل بحمل تلك الأخبار على ما جعله الشارع للاكل دون ما جعله للركوب
والزينة ويؤيد هذا الحمل جعل ما يؤكل لحمه قسيما للدواب الثلث في موثقة عبد الرحمن ومع هذا كله فالأقوى الطهارة وفاقا
للمشهور بل ربما يدعى عموم اطلاق اجماعي المعتبر والمنتهى لما نحن فيه وفيه نظر نطهر؟ لمن نظر في الكتابين للاخبار الكثيرة الصارفة لما عدا
الأول من الأخبار المذكورة عن ظاهرها إلى الاستحباب كرواية أبى الأغر؟ النحاس انى أعالج الدواب فربما خرجت الليل وقد بالت وراثت؟
فيضرب أحد برجله فينضح على ثيابي فارى اثره فيه فقال ليس عليك شئ ورواية المعلى بن خنيس وعبد الله بن أبي يعفور وكنا في جنازة
وقدامنا حمار فجائت الريح ببوله حتى صكت وجوهنا وثيابنا فدخلنا على أبى عبد الله (ع) فأخبرناه فقال ليس عليكم باس ولان
الصلاة في جلودها صحيحة باتفاق من لم يحرم اكلها فكذا في بولها وروثها للموثقة لزرارة في باب لباس المصلي المقسمة للحيوانات
إلى محرم الاكل وغيره والتصريح بجواز الصلاة في بول القسم الثاني وروثه وكل شئ منه هذا كله مضافا إلى الأخبار المستفيضة
الدالة على طهارة أرواثها بناء على نفى القول بالفرق كما عن المنتفى والذخيرة وكشف اللثام وغيرها ولو فرض تساقط ما ذكرنا من
اخبار الطرفين بالمعارضة فيجب الرجوع إلى عمومات طهارة ما يخرج مما يؤكل لحمه الشامل لمكروه الاكل وما ذكرنا من رواية زرارة
شاهدا على أن المراد بما يوكل ما جعل للاكل ففيه مع عدم جريانه في موثقة زرارة الواردة في لباس المصلي كما لا يخفى ومع قوة احتمال
ان يكون وجها لكراهة ما يخرج من هذه الدواب كما يشعر به لفظ فكرهه معارض برواية عمار المتقدمة في الخطاف (حيث يظهر منها ان مجرد عدم حرمة الاكل كاف في طهارة ما يخرج منه وإن كان مما لم يخلق للاكل كما هو الحال في الخطاف صح) ومما ذكرنا يظهر
الجواب عن الموثقة الأولى وان لم تقبل الحمل على الاستحباب بل لا يبعد أيضا حملها على الاستحباب بان يقال إن المراد استحباب المعاملة
معها كأبوال الانسان في الاحتراز لا انها كأبوال الانسان عند الشارع ومما يؤيد الاستحباب ما ورد من التفصيل بين أبوالها
وأرواثها مما يشعر بكون الحكم استحبابيا لا الزاميا مثل رواية عبد الاعلى بن أعين قال سئلت الصادق (ع) عن أبوال الخيل والبغال
فقال اغسل ثوبك منها قلت فأرواثها قال فهى أكثر من ذلك وفى رواية أبى مريم إما أبوالها فاغسل ما أصابك واما أرواثها
فهى أكثر من ذلك فان الظاهر عند التأمل ان قوله فهى أكثر علة لرفع تأكد الاستحباب لا لرفع الايجاب يعنى ان الأرواث أكثر من أن
يلتزم الانسان بالاجتناب عنها لامن ان يلزم الشارع به كما يتوهم أحيانا وكيف كان فالظاهر أنه لا ينبغي الاشكال في طهارة
الأرواث للاخبار القرينة من التواتر واما الأبوال فالأقوى كونها كذلك الا ان الاحتياط لا ينبغي ان يترك
والثالث
المنى من كل حيوان ذي نفس سائلة بالاجماع المحقق والمستفيض وهو المعتمد في اطلاق الحكم دون
اطلاقات الاخبار لانصرافها إلى منى الانسان وليس كذلك اطلاق معاقد الاجماع للقطع بإرادة المطلق عنها مع أن المحكي عن
التذكرة وكشف اللثام التصريح بالعموم ولولا الاجماع لاشكل تعميم الحكم لمطلق غير المأكول فضلا عن مطلق الحيوان وإن كان مأكول اللحم سيما
مع عموم قوله (ع) في موثقة عمار وكل ما اكل لحمه فلا باس بما يخرج منه وقوله (ع) في موثقة زرارة الواردة في لباس المصلي وكل شئ
منه مما أحل الله اكله فالصلاة في شعره ووبره وبوله وروثه وكل شئ منه جايز ومما ذكرنا يعلم الوجه في الحكم بطهارة المنى
من غير ذي النفس لفقد عموم في الأدلة اللفظية وعدم ثبوت الاجماع الا في مني ذي النفس بل الظاهر عدم الخلاف في طهارة غيره وان
اشعر بعض العباير كعبارة المنتهى بوجود الخلاف فيه نعم ربما يقوى التردد فيه قوة التردد فيما تقدم في بول غير ذي النفس وخرئه من جهة
عدم مخصص صريح للعمومات بناء على أن المنى أشد من البول كما في الرواية فكل حيوان نجس البول نجس المنى وكل ما ليس نجس المنى ليس
بنجس البول الا ان المسهل للخطب هو عدم العثور على الخلاف في المسئلتين من الأصحاب بل ظاهر الأردبيلي ان مسألة المنى مظنة الاجماع
وكذا ظاهر الرياض والاحتياط مما لا يترك في المقامين فقد تردد المحقق في الشرايع والمعتبر والمص؟ في المنتهى وان رجح كالمحقق الطهارة أخيرا
ثم المعروف من مذهب الأصحاب طهارة سائر الرطوبات الخارجة عن المخرجين عدا البول والغائط والمنى والدم حتى المذي وهو كما عن المعتبر
ما يخرج عقيب الملاعبة والملامسة وعن المنتهى ماء لزج يخرج عقيب الشهوة على طرف الذكر ويدل على طهارته الأخبار المستفيضة وفى
بعضها انه لا ينقض الوضوء ولا يغسل منه الثوب انما هو بمنزلة النخامة؟ والمخاط الا ان في رواية ابن أبي العلا عن المذي يصيب الثوب قال إن
عرفت مكانه فاغسله وان لم تعرف مكانه فاغسل الثوب كله لكنه مع معارضتها بالاخبار الكثيرة معارضة بروايته الأخرى انه
338

لا باس به قال فلما رددنا عليه قال تنضحه بالماء والامر بالنضح وارد في غيرها أيضا وكيف كان فقول الإسكافي بنجاسة ما يخرج منه عن شهوة
شاذ كما صرح به في المختلف حيث قال إن اجماع الامامية على طهارته وخلاف ابن الجنيد لا تعيد به لما ذكره الشيخ في فهرسته من أن أصحابنا
تركوا خلافه لأنه كان يقول بالقياس انتهى ثم الظاهر من تفصيل ابن الجنيد ان المذي قد يخرج لاعن شهوة وظاهر ما تقدم عن المعتبر والمنتهى
خروجه عقيب الشهوة وهو الظاهر من مرسلة ابن رباط قال واما المذي الذي يخرج من الشهوة والودي من البول والوذي من الارواء ولا
شئ فيه والامر سهل بعد طهارته مطلقا ونحوه الودي وهو بسكون الدال المهملة ماء أبيض يخرج عقيب البول
والرابع الميتة
من الحيوان ذي النفس السائلة انسانا كان أو غيره إما الآدمي فتدل على نجاسته مضافا إلى دعوى الاتفاق عليه بالخصوص في المعتبر والمنتهى كما
عن ف؟ وغيره صحيحة الحلبي عن الرجل يصيب ثوبه جسد الميت قال يغسل ما أصاب الثوب منه وصحيحة إبراهيم بن ميمون قال سئلت أبا عبد الله (ع)
عن الرجل يقع ثوبه على جسد الميت قال إن كان غسل فلا يغسل ما أصاب ثوبك منه وإن كان لم يغسل فاغسل
ما أصابك ثوبك منه يعنى
بعد البرد والمروى من الاحتجاج عن مولانا القائم عجل الله فرجه ما كتب إليه الحميري انه روى لنا عن العالم (ع) انه سئل عن امام قوم صلى بهم
بعض صلاة وحدثت عليه حادثه فكيف يعمل من خلفه قال يؤخر بعضهم ويقدم بعضهم وتيم صلاتهم ويغتسل من مسه فكتب عجل الله فرجه
ليس على من نحاه الا غسل اليد وعنه أيضا انه كتب إليه انه روى عن العالم (ع) ان من مس ميتا بحرارته غسل يده ومن مسه ببرد فعليه الغسل و
هذه الميت في هذه الحالة لا يكون الا بحرارته فالعمل في ذلك على ما هو ولعله ينحيه بثيابه ولا يمسه فكيف يجب عليه الغسل التوقيع
إذا مسه على هذه الحالة لم يكن عليه الا غسل يده ويؤيدها ما ورد في وقوع الانسان في البئر وما تقدم من الأخبار الواردة
في غسل الميت الدالة على أن المغسل يغسل يديه أولا ثم يكفن الميت فتأمل وظاهر الروايتين وجوب غسل ما لاقي الثوب مع رطوبة
متعدية من الميت إليه فلا يجب غسل ما لاقاه مع يبوستها للأصل السليم عما يدل على التعدي من دون رطوبة في أحد المتلاقيين عدا
ما تخيله؟ في المدارك من اطلاق هاتين الروايتين اللتين عرفت ظهورهما في اكتساب الثوب رطوبة من جسد الميت مع أنه لو سلم الاطلاق
فيهما كالثالث فهو مقيد بما هو مركوز في أذهان المتشرعة من اعتبار الرطوبة في التأثير فظهر ضعف ما عن المنتهى من وجوب غسل ما لاقاه يابسا
مضافا إلى عموم قوله (ع) كل يابس ذكى بل عن الحلى اختيار عدم السراية مع الرطوبة أيضا وقال فيما حكى عنه لأن هذه نجاسات حكميات و
ليست عينيات قال ولا خلاف بين الأمة كافة ان المساجد يجب ان يجتنب النجاسات العينية واجمعنا بغير خلاف ان من غسل ميتا له
ان يدخل المسجد ويجلس فيه فلو كان نجس العين لما جاز ذلك ولأن الماء المستعمل في الطهارة الكبرى طاهر بغير خلاف ومن جملة الأغسال
غسل من مس ميتا ولو كان ما لاقي الميت نجسا لما كان الماء الذي يغتسل به طاهرا انتهى وأجاب المحقق عن الأول بمنع جواز دخول
من مس ميتا المسجد كما يمنع من على جسده نجاسة وعن الثاني بالتزام نجاسة الماء إذا لم يغسل يده قبل الاغتسال أقول ويرد الحلى مضافا
إلى الاجماعات المستفيضة على النجاسة التي من حكمها التعدي مع الرطوبة إلى ما لاقاه بوسائط بل ادعى في المعتبر اطباق الامامية على نجاسته
نجاسة عينية كغيرها من الميتات بل الحلى بنفسه حكى عنه دعوى عدم الخلاف بين المحصلين في نجاسة اللبن في ضرع الميتة لأنه مائع لاقي
الميت الا ان يقال إن ظاهر كلامه هنا الاختصاص بالآدمي ان الامر بغسل الملاقى مما يفهم منه النجاسة في عرف المتشرعة فضلا عمن لاحظ
الأخبار الكثيرة المكينة عن النجاسة بوجوب غسل الملاقى مع أنه لو لم نحكم بنجاسة حقيقية لزم جواز استصحابه في الصلاة
وجواز التطهر لو كان ماء وحينئذ فيجب غسل الثوب الملاقى له ويجوز استعمال الماء الملاقى له فيلزم ان يكون ملاقاته مؤثرة في الثوب منعا
وغسلا غير مؤثر في الماء القليل وهو باطل كما في المعتبر فتأمل وما أبعد ما بين هذا القول وما عن المص؟ من نجاسة الميت نجاسة عينية
ولو مع اليبوسة وهو المحكي عن البيان وفوائد القواعد بل عن التذكرة ويه؟ الاحكام انه ظاهر الأصحاب وعن كشف الالتباس انه المشهور ثم إن المحكي
عن جماعة نسبته القول بنجاسة الحكمية إلى السيد مع أن عبارته المحكية في شرح الرسالة ان الميت من الناس نجس العين ومطهره الغسل
انتهى ولو كان منشأ هذه النسبة هو حكمه بعدم وجوب غسل المس ففيه مالا يخفى وكيف كان فهل يخص نجاسته بما بعد البرد كما هو ظاهر
أول المحققين وصريح ثانيهما كأول الشهيدين وحكى عن ابن سعيد والمص؟ في يه؟ وكاشف الالتباس والميسى؟ والذخيرة أم نجس بمجرد الموت
كما ظاهر المص؟ قده في عد؟ ومحكى التذكرة والشهيد الثاني وكاشف اللثام وصاحب الرياض وحكى عن ط؟ والمدارك والكفاية بل نسبه في الرياض إلى ظاهر الأصحاب
وقريب منه في مفتاح الكرامة وفيه نظر لان الأصحاب ليس في كلامهم ما يظهر منه الاطلاق عدا اطلاق فتاويهم أو معاقد اجماعهم
إما الفتاوى فهى مختلفة كما عرفت واما معاقد الاجماع فلا ينفع اطلاقها بعد ذهاب مدعيها إلى العدم فان منهم المحقق والمص؟
والشهيد وقد عرفت ان ظاهرهما كالمحكى عن يه؟ المص؟ التقييد نعم يمكن التمسك باطلاق روايتي الحلبي والاحتجاج المتقدمتين و
339

اطلاق الرضوي المتقدم وما في ذيل رواية ابن ميمون من التفسير بقوله يعنى بعد البرد ولا يصلح التقييد الاطلاق ولا يوهن فيه ما في الذكرى من عدم
الجزم بالموت مع الحرارة ولا ما ربما يقال من أنه لم ينقطع عنه تعلق الروح بالكلية لضعف الأول بان المفروض تحقق موته لغة وعرفا ولذا لم
يقل أحدكما في الروض بعدم جواز دفنه قبل البرد والثاني بان الحكم منوط بالموت لا انقطاع تعلق الروح بالكلية واما ميتة غير الآدمي فهى
أيضا نجسة باجماع علمائنا على الظاهر المصرح به في محكى كثير من العبائر كظاهر الطبريات وصريح الغنية والمعتبر والمنتهى والتذكرة والذكرى وكشف الالتباس
وض؟ وكشف اللثام والدلائل والأصل في ذلك الكتاب والسنة قال الله تبارك وتعالى الا أن تكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه
رجس بناء على عود الضمير إلى؟ كل واحد من المذكورات وفى النبوي الميتة نجسة ولو دبغت وموثقة عمار عن أبي عبد الله (ع) قال سئل عن الخنفساء ط؟؟
والذباب والجراد والنملة وما أشبه ذلك يموت في البئر والزيت والسمن وشبهه قال كلما ليس له دم فلا باس وصحيحة ابن مسكان كل شئ ء يقع في البئر ليس له دم مثل
العقرب والخنافس وأشباه ذلك فلا باس وظاهرهما سيما الثانية تنويع الميتة على قسمين مختلفين في الحكم لا مجرد بيان ضابطة كلية في طرف
المنطوق فقط نظير قوله كل مسكر حرام فهما مسوقان سياق قوله (ع) في موثقة غياث لا يفسد الماء الا ما كان له نفس سائلة هذا مضافا إلى
الاخبار المتفرقة في مسائل الماء المتغير والبئر والماء القليل وغير ذلك ففي رواية القماط عن الرجل يمر بالماء النقيع فيه الميتة والجيفة
فقال أبو عبد الله (ع) إذا كان الماء قد تغير ريحه أو طعمه فلا تشرب منه ولا تتوضأ ونحوها ما ورد في نجاسة الماء المتغير بالجيفة وفى رواية
يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن العقرب تخرج من الماء ميتة قال استسق منها عشر دلاء قلت فغيرها من الجيف قال
الجيف كلها سواء الا جيفة قد أجيفت فإن كان جيفة قد أجيفت فاستق منها مأة دلو فان غلب عليها الريح بعد مائة دلو فانزحها كلها
دلت على وجوب نزح الكل لكل جيفة تغير بها ماء البئر إلى غير ذلك مما تقف عليها في مسألة البئر ومثل ما ورد من طهارة عشرة أشياء
من الميتة فان ظاهره نجاسة ما عداها من الأجزاء ومثل ما ورد من المستفيضة في القطع المبانة من الحي معللا بأنها ميتة إلى غير
ذلك وظاهر هذه الأخبار كمعاقد الاجماع شمول الحكم للميتة من الحيوان المائي بل عن التذكرة ان ميتة ذي النفس من المائي نجسة عندنا
فما يحكى عن الشيخ من الحكم بطهارتها ضعيف واضعف منه ما عن المدارك من التأمل في أصل المسألة وحكاية الطهارة عن الصدوق
نظرا إلى ذكره رواية ظاهرة في الخلاف وضمانه في أول كتابه صحة جميع ما يورده وانه حجة بينه وبين ربه وأنت تعلم أن التتبع في
روايات الفقيه يشهد برجوعه عما التزم به في أول كتابه كما حكى عن المجلسي في شرح الفقيه وعن بعض دعوى عدم الشك في ذلك مع امكان
حمل الميتة في الرواية على ميتة ما لا نفس له فقد جرت عادة الاعراب بوضع السمن والزيت في جلود بعض هذه الحيوانات نعم عن المقنع
انه لا باس ان يتوضأ بالماء إذا كان في ذق الميتة لكنه لو لم يأول كالرواية شاذ جدا يكفي في ضعفه استفاضة دعوى الاجماع بل
تواترها كالاخبار بل دعوى ضرورة المذهب كما عن شرح المفاتيح على بطلان قول ابن الجنيد بطهارة جلد الميتة بالدبغ لظاهر بعض الأخبار
المصروفة عن ظاهرها وفرارا عن الطرح المرغوب عنه ومنه يظهر ما عن المحدث الكاشاني من ميله إلى ذلك المذهب معللا بان
عدم جواز الانتفاع كما في الاخبار لا يدل على النجاسة مع ورود بعض الأخبار بجوازه في الجملة ثم لا اشكال ولا خلاف في أن في حكم
الميتة اجزائها سواء أبينت؟ من حي أو ميت إما المنفصلة عنها بعد الموت عدا المستثنيات الآتية فهو واضح إذ دعوى اعتبار
الانضمام في نجاستها مما يقطع العوام بفسادها فضلا عن الخبير بالفتاوى والنصوص فلا يعلم وجه لتردد صاحب المدارك لولا
الاجماع وفهم حصر الدليل في الاستصحاب مع أنه مع أنه حكم بنجاسة اجزاء الكلب المنفصلة بنفس أدلة نجاسة الكلب واما الأجزاء المبانة
من الحي فالظاهر أيضا عدم الخلاف في كونها ميتة أو بحكم الميتة كما استظهره في الحدائق وحكى عن المعالم وفى شرح المفاتيح انه اتفاق
الفقهاء وان الظاهر كونه اجماعا وان عليه عمل الشيعة في الاعصار سواء كان من الآدمي أم من غيره وفى المدارك انه مقطوع به بين
الأصحاب وعن الذخيرة ان المسألة كأنها اجماعية قال ولولا الاجماع لم نقل بها لضعف الأدلة وتبع في ذلك شيخه في المدارك وعن
التذكرة ان كل ما أبين من الحي مما تحله؟ الحياة فهو ميت فإن كان من ادمى فهو نجس عندنا خلافا للشافعي انتهى ويدل عليه في غير الآدمي
الأخبار الواردة في باب الصيد ان ما قطعت الحبالة فهو ميت وما ورد في باب الأطعمة في أليات الغنم المبانة منها في حال الحياة
وانها ميتة لا يجوز الاستصباح بها وفى بعضها تعليل منع الاستصباح بأنه يصيب اليد والثوب وهو حرام والظاهر الإشارة بذلك
إلى نجاستها هذا مضافا إلى مفهوم التعليل في قوله إن الصوف ليس فيه روح وفى الآدمي مرسلة أيوب بن نوح إذا قطع من الرجل
قطعة فهى ميتة فإذا مسها انسان فكلما كان فيه عظم فقد وجب على من مسه الغسل فإن لم يكن فيه عظم فلا غسل عليها لشمولها
للمبانة من الحي والميت بل لا يبعد دعوى اختصاصه بالمبانة من الحي كما اعترف به بعض فمن العجب بعد ذلك تأمل صاحب المدارك والذخيرة
340

نعم الإغماض عن الأخبار المذكورة والاستناد في هذا الحكم إلى تحقق الموت في العضو المبان ضعيف جدا لان الموت والحياة من
صفات نفس الحيوان فلا يتصف بهما اجزاءه الا تبعا ولافرق في اطلاق المرسلة بين ما خرج عنه الروح بالقطع وبين ما خرج عنه قبله
ودعوى انصراف الاطلاق إلى الأول ممنوعة الا ان ما خرج عنه الروح لا دليل على نجاسته مع كونه جزء من الانسان وقد عرفت انه لا
يصدق عليه الميتة لان الموت لا يتصف به حقيقة الا الحيوان واما جعل الشارع الأجزاء المبانة من الحي بمنزلة الميتة فلا دليل على
التنزيل قبل الإبانة مضافا إلى رواية علي بن جعفر الآتية الشاملة لصورة موت الثالول أو يعم الجرح أو بعضها متصلا بالبدن مع أنه
نقل الاجماع على طهارتها حال الاتصال شارح الوسائل ونفى الريب في بطلان القول بنجاستها عن المعالم وفى شرح المفاتيح دعوى
الضرورة على عدم التزام الناس بقطعها فظهر مما ذكرنا ضعف التردد في الأجزاء الكبيرة التي تعرض لها الموت حال الاتصال كما عن
شارح الدروس نعم إذا كان اتصالها ضعيفا بحيث يعد منفصلا عرفا فلا يبعد الحكم بنجاستها ثم إن الظاهر من الرواية بحكم التبادر
اختصاص الحكم بما يعد جزء من بشرة الانسان فما يعد عرفا كالخارج الأجنبي مثل القشور فحكمها حكم الشعر والظفر لا يحكم بنجاستها
بعد الانفصال تمسكا بأصالة طهارتها الثابتة قبل القطع واما الأجزاء الصغار من اللحم كالثألول ونحوه فمقتضى الرواية الحكم
بنجاستها ودعوى انصراف القطعة إلى غير الأجزاء الصغار ناشئة عن الخلط بين التشكيك الابتدائي كانصراف الماء إلى الصافي وبين
التشكيك المستقر كانصراف الدرهم والدينار إلى الرايج ولذا تمسك بعض كالمص؟ في المنتهى على عدم نجاستها بلزوم الحرج لولاه فإنه
اعترف بعموم أدلة النجاسة وقيام المقتضى لها لولا دليل العفو وقد يضاف إلى ذلك التمسك برواية علي بن جعفر
عن أخيه عليه السلام
قال سئلته عن الرجل يكون به الثالول والجراح هل يصلح له ان يقطع الثالول وهو في صلاته أو ينتف بعض لحمه من ذلك الجرح و
يطرحه قال إن لم يتخوف ان يسيل الدم (فلا باس وان تخوف ان يسيل الدم صح) فلا يفعلها لكن في دلالتها نظر من حيث إن قطع الثالول أو نتف اللحم لا يستلزم حمله
اناما في الصلاة ولامسه برطوبة حتى يجب على تقدير النجاسة تقييد الإمام (ع) له بصورة عدم لزوم حمل الجزء أو مسه بالرطوبة
فالحكم بنفي الباس مبنى على رفع توهم كونه فعلا كثيرا منافيا كما يشهد به سياق الاسؤلة؟ التي ذكر هذا السؤال في جملتها لكن الانصاف
بقرينة اشتراط عدم خوف سيلان الدم الذي لادخل له بالفعل الكثير يقضى ان الإمام (ع) في مقام الترخيص الفعلي من جميع الجهات
فكان ينبغي تقييده على تقدير نجاسة المقطوع بصورة عدم الحمل أو المس برطوبة مع غلبة عدم انفكاك القطع عن أحدهما فالاستدلال
به حسن كما عن يه؟ الاحكام والمعالم مع عدم وجدان قائل بالنجاسة عدا ما عن كاشف اللثام من الميل إلى القول بالنجاسة لكنه ضعيف
مخالف للمشهور بين المتأخرين المصرح به في المنتهى وعن الفائدة والمعالم وشرحي الدروس والمفاتيح والموجز في خصوص الثبور والثالول
وكشف الالتباس والذخيرة والبحار على ما حكى عن أكثرهم بل في الحدائق الظاهر أنه لا خلاف فيه منهم يعني في طهارة الثبور والثالول
ونحوهما والمسألة محل اشكال والاحتياط لا ينبغي ان يترك في غير ما يعد من قبيل القشور شيئا زائدا على البدن أجنبيا عنها كقشور
الرجل والشفة والجرح واللحم الزائد في الجروح ونحو ذلك ثم إن الظاهر عدم الخلاف في طهارة المسك ففي المنتهى وعن التذكرة الاجماع عليه ويدل
عليه سيرة المسلمين في استعمالها بل روى أن النبي صلى الله عليه وآله كان يحبه والظاهر أن هذا المسك المتعارف هو بعض أقسامه والا فلا اشكال
في نجاسة الباقي فقد ذكر في التحفة ان للمسك اقساما أربعة أحدها المسك التركي وهو دم يقذفه الظبي بطريق الحيض أو البواسير
فينجمد على الاحجار الثاني الهندي ولونه أخضر دم ذبح الظبي المعجون مع روثه وكبده ولونه أشقر وهذان مما لا اشكال في نجاستهما
الثالث دم يجتمع في سرة الظبي بعد صيده يحصل من شق موضع الفارة وتغميز أطراف السرة حتى يجتمع الدم فيجمد ولونه اسود
وهو طاهر مع تذكية الظبي نجس لامعها الرابع مسك الفارة وهو دم يجتمع في أطراف سرته ثم يعرض للموضع حكة تسقط بسببها الدم
مع جلدة هي وعاء له وهذا وإن كان مقتضى القاعدة نجاسته لأنه دم ذي نفس الا ان الاجماع دل على خروجه عن هذا العموم
إما لخروج موضوعه بدعوى استحالة الدم أو بدعوى التخصيص في العموم وكيف كان فلا اشكال في طهارة هذا الذي يتعاطاه المسلمون
وإن كان خاليا عن الفارة واما فأرته وهي الجلدة ففي التذكرة والذكرى والموجز اطلاق القول بطهارتها وفى المنتهى كما عن كشف الالتباس
تقييده بما إذا انفصل من الحي أو اخذ من المذكى وصرح في المنتهى بأنها ان أخذت من ميتة فالأقرب نجاستها والمحصل من اطلاق
كلامه في المسك وتقييده في فأرته ان طهارة المسك لا ينافي نجاسة فأرته كما صرح به في يه؟ حيث قال على ما حكى المسك طاهر و
ان قلنا بنجاسة فأرته المأخوذة من الميتة كالإنفحة ولم يتنجس بنجاسة الظرف للخرج وفيه ان الخرج يندفع بالأخذ من المسلم نعم لو
ادعى انجماد الدم قبل زمان الحكم بنجاسة الفارة تعارض أصالة عدم الملاقاة حين الرطوبة مع أصالة بقاء الجفاف حين
341

الملاقاة لكن الانجماد عادة لا يحصل حين الموت فالقول بنجاسة المسك المعلوم كونه في الفارة المأخوذة من الميتة لا يخلوا عن قوة
والرواية الواردة بجواز استصحابه في الصلاة مع عدم دلالته على الطهارة الواقعية بل يكفي الحكم بطهارتها اخذها من مسلم
معارضة برواية أخرى علق الجواز فيها بقوله إذا كان ذكيا اللهم الا ان يقال إن كون الجلدة جزء تحله الحياة من الظبي غير معلوم
ولهذا لا يحكم بنجاسته المنفصل فلعله شئ كالبيض للدجاج ومجرد كونه جلدا لا يستلزم كونه محلا للروح فيتجه حينئذ الحكم بطهارته و
عدم الفرق بين المنفصل من الحي والميتة لكن يمكن الفرق بان انفصاله من الحي علامة استقلاله وخروجه عن جزئية البدن بخلاف اخذه
منه ميتة فإنه جزء مقطوع منه وسيأتي في حكم مالا تحله الحياة قوله (ع) في حسنة الحلبي الآتية وكل شئ ء ينفصل من الشاة والدابة فهو ذكى
نعم قد تكون الفارة في الظبية الميتة مشرفة على الانفصال بحيث لم يحتج في انفصاله إلى قوة دافعة ليست للميت فهى كالمنفصلة عن الحي
فالفرق المذكور مبنى على الغالب وبهذا يندفع ما اورده كاشف اللثام على المص؟ من أن الفرق بين انفصالها عنه حيا واخذها
منه بعد الموت من غير تذكية غريب لم اعرف له وجها ولعل ما ذكرنا في توجيه كلام مته؟ أولي مما قيل فيه من أن النصوص والاخبار
منصرفة إلى المأخوذة من الحي وكيف كان فيهون الخطب تعاطيها بأيدي المسلمين وأسواقهم والا فلا دليل على الخروج عن عموم نجاسة جميع
اجزاء الميتة الا ما لا تحله الحياة كالصوف والشعر والوبر والظفر والعظم فان الظاهر عدم الخلاف في طهارتها كما عن كاشف اللثام
وشرح المفاتيح والحدائق وغيرها الا ان المحكي عن الشيخ تقييد الأربعة الأولى بما إذا أخذت جزا لا قلعا وهو ضعيف أو محمول
على عدم جواز الانتفاع بالمقلوع قبل الغسل واقتصار المص؟ على الخمسة من باب المثال للكلية المستثنات فيدخل فيها القرن والسن
والريش والحافر وأشباه ذلك وقد أشير إلى الكلية المذكورة بل صرح بها في صحيحة الحلبي لا باس بالصلاة فيما كان من صوف الميتة ان الصوف
ليس له روح ورواية قتيبة بن محمد المروية عن مكارم الأخلاق عن أبي عبد الله (ع) وفيها قلت له انا نلبس الطيالسة البربرية و
صوفها ميت قال ليس في الصوف روح الا ترى انه يجز ويباع وهو حي وفى رواية أخرى يعلل طهارة الإنفحة من الميت بأنه ليس لها
عرق ولا دم ولا عظم والمقصود انه لا يعد من أعضاء الميت التي تحلها الحياة المشتملة على العرق والدم أو العظم لان ما تحله
الحياة يعنى الحس لا تخلو ا عن شئ من الثلاثة ويمكن ان يراد انها ليست بعضا للحيوان لعدم سراية دمه أو عروقه فيه ولا عظم فيه ليكون
من أعضاء الحيوان فهى شئ مستقل مخلوق فيه ولهذا قال (ع) بعد ذلك انها بمنزلة بيضة خرجت من دجاجة ميتة فحاصل التعليل ان
كل شئ لا يعد من أعضاء الحيوان بل هو شئ مستقل فيه يكون طاهرا وفى حسنة حريز أنه قال المص؟ (ع) لزرارة ومحمد بن مسلم اللبن واللبا
والبيضة والشعر والصوف والقرن والناب والحافر وكل شئ ينفصل من الشاة والدابة فهو ذكى وان أخذته منه بعد أن يموت فاغسله
وصل فيه وظاهر الامر بالغسل فيها نجاسة موضع الاتصال بالميتة وربما يتوهم من ظاهرها وجوب الغسل وان لم يتصل بالميتة
كما لو اخذ جزا ويضعف بان غسل الشئ للصلاة فيه ليس الا لنجاسته وقد دلت النصوص على طهارة مالا تحله الحياة بالذات فالغسل
لا يكون الا للنجاسة العرضية الحاصلة بالملاقات الذي لا يكون بالجز واضعف من هذا ما عن الشيخ في يه؟ من عدم طهارة ما يؤخذ قلعا
حيث حكى عن بعض انه نقل عنه تعليل ذلك بان أصولها المتصلة باللحم من جملة اجزائه وانما يستكمل استحالتها إلى أحد المذكورات
بعد تجاوزها عنه وربما يرد قوله باطلاق الأخبار المتقدمة وفيه ان هذا المعنى لا ترده والأخبار الدالة على طهارة الأشياء
المعهودة من حيث عدم الروح فيها لأنها لا تنافي نجاستها باتصال جزء من الميتة بها الا ان يتمسك بسكوتها مع اقتضاء المقام
لبيان كيفية الاخذ فافهم والأقوى رده بمنع كون أصول الشعر الداخلة في اللحم جزء من اللحم بل هو شئ لا تحله الحياة من الفضلات
المستعدة للشعرية ودعوى انه وان لم يكن لحما الا انه ينقلع معه جزء لطيف من اللحم لا ينفك عنه الا بالجز ممنوعة فانا لا نحس في أصل
الشعر المقلوع الا جزء لطيفا أبيض لا يشبه اللحم في شئ ولا سبيل إلى الحكم بنجاسته حتى مع الشك في حلول الحياة فيه فضلا عن صورة
القطع والظن بعدمه ثم استقرب المص؟ قده في المنتهى نجاسة البيض من الدجاجة الجلالة ومما لا يؤكل لحمه مما له نفس سائلة ونحوه المحكي
عن نهايته وعن؟ المعالم لا نرى له وجها ولا نعرف له موافقا وعلى اي تقدير فالظاهر اتفاق الأصحاب كما عن المدارك والحدائق على
اعتبار اكتساء القشر الاعلى في طهارة البيض وان اختلفوا بين من عبر بالجلد الفوقاني عبر بالقشر الاعلى ومن عبر بالصلابة
ومن عبر بالجلد الغليظ تبعا لرواية غياث بن إبراهيم التي هي مستند الحكم عن الصادق (ع) قال إذا اكنست الجلد الغليظ فلا باس بها والظاهر أن
مراد الجميع واحد وهو الجلد الذي لأجلد فوقه والظاهر أنه يعتبر غلظته لا صلابته ثم إنه لا خلاف ظاهرا كما عن الكفاية في طهارة الإنفحة
من الميتة بكسر الهمزة ولشديد الحاء كما عن القاموس أو بتخفيفها كما في المجمع أو بالتخفيف والتشديد كما عن المغرب وعن المصباح
342

ان التشديد أكثر وهذا الحكم نسبه في المنتهى إلى علمائنا وعن الغنية وكشف اللثام وشرحي الارشاد والمفاتيح الاجماع عليه وفى المدارك
كما عن غيره انه مما قطع به الأصحاب والاخبار به مع ذلك مستفيضة وانما وقع الخلاف بين العلماء تبعا لأهل اللغة في معنى الإنفحة فعن
الجوهري حاكيا عن أبي زيد انها كرش الجدي والحمل ما لم يأكل فإذا اكل فهى كرش وعن القاموس بأنها شئ يستخرج من بطن الجدي الرضيع أصفر
يعصر في صوفة مبتلة فيغلظ كالجبن فإذا اكل الجدي فهى كرش وتفسير الجوهري الإنفحة بالكرش سهو انتهى وعن المغرب ما يقرب من التفسير
المذكور وعن الفيومي انه حكى عن بعض انه لا يكون الإنفحة الا لكل ذي كرش وهو شئ يستخرج من بطنه أصفر يعصر في خرقة مبتلة يغلظ
كالجبن ولا يسمى أنفحة الا وهو رضيع فإذا رعى قيل استكرش أي صارت أنفحته كرشا والتفسير الأول محكى عن السرائر والتنقيح ومع؟ صد؟
وضة؟ وكشف اللثام وشرح المفاتيح والدلائل وقد يستظهر من الذكر وحيث جعل الأولى غسل ظاهرها لملاقات الميتة والثاني ظاهر
المص؟ قده في عد؟ كما عن كشف (الالتباس وحكي عن كاشف صح) اللثام ان تفسيره باللبن هو المعروف ويؤيده قوله (ع) في الرواية المتقدمة انها أي الإنفحة تخرج من بين فرث و
دم وفيه إشارة إلى قوله تعالى نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين وظاهر الرواية بيان أصل الإنفحة
حيث كانت في بطن المرضعة لبنا بين الفرث والدم بناء على ظاهر ابن عباس ان العلف المستقر في جوف الحيوان يصير أعلاه دما وأسفله ثفلا
وما بينهما لبنا فجرى الدم إلى العروق واللبن إلى الضرع ويبقى الثفل ويؤيده أيضا ما في بعض الأخبار من السؤال عن الجبن يجعل فيه أنفحة
الميتة فان الظاهر أن الجبن انما يصنع من الشئ الذي في جوف السخلة مثل اللبن والظاهر أن الكرش محلها
وكيف كان فالمستفاد من محكى القاموس والمصباح بل المغرب ان الإنفحة هي التي تصير كرشا بعد الرعى ولا يظهر مخالفة ذلك لما عن
الصحاح والجمهرة فتشخص الفرق بين القولين حتى أنه نسب في القاموس تفسير الجوهري إلى السهو لا يخلوا عن اشكال الا ان يقال إن ظاهر كلام
الجوهري ان للسخلة كرشا قبل الرعى وهو محل لبنه الذي يشربه يسمى أنفحة وبعد الرعى لاتصدق عليه وتخطئتهم في ذلك من جهة ان
الأكرش للسخلة الابعد الرعى فيصير الشئ الأصفر بعد الرعى مستحيلا إلى الكرش فإن كانت الإنفحة هي اللبن المستحيل فلا اشكال في طهارته
ذاتا لكونه مما لا تحله الحياة وعرضا لان الحكم بطهارته مع كونه مائعا يستلزم الحكم بعدم تأثيرها بملاقات الميتة وإن كانت هي
الكرش فلا اشكال أيضا في طهارة ذاته وإن كان مما تحله الحياة كما في ضة؟ وفى وجوب غسل ظاهرها لملاقاتها للميتة كالصوف المقلوع
وجه قوى واعلم أن ظاهر الروايات اختصاص الإنفحة بما كان من مأكول اللحم ولذا تردد صاحب المعالم فيما كان من غيره الا ان ما ورد
من التعليل في بعض الأخبار المتقدمة بعلة انه ليس لهادم ولا عرق ولا عظم وانها بمنزلة البيضة ربما يفيد العموم واما اللبن فالأقوى
أيضا طهارته وفاقا للمحكى عن الكليني والصدوق والشيخين والقاضي وابن زهرة وابن حمزة والشهيدين في الدروس ولك؟ وجماعة من المتأخرين
منهم أصحاب المدارك والكفاية وكشف اللثام والمشارق والرياض والحدائق والمفاتيح والمستند والجواهر وغيرهم وهو المشهور بين الأصحاب كما
في اللمعة وعن البيان كما عن أطعمة لك؟ انه مذهب أكثر المتقدمين وجمع من متأخري المتأخرين وعن الدروس ندرة القائل بخلافه وعن ف؟
والغنية الاجماع عليه ويدل عليه صحيحة زرارة المروية عن الفقيه والتهذيب قال سئلته عن الإنفحة تخرج من بطن الجدي الميت قال لا باس
قلت اللبن يكون في ضرع الشاة وقد ماتت قال لا باس قلت والصوف والشعر وعظام الفيل والبيض يخرج من الدجاجة قال كل هذا لا
باس ورواية الحسين زرارة قال كنت مع أبي عند الصادق (ع) وأبى يسئله عن السن من الميتة واللبن من الميتة والبيضة من الميتة وانفحة الميت
قال كل هذا ذكى ونحوهما مرسلة الفقيه المسندة في الخصال إلى ابن أبي عمير المرفوعة منه إلى الصادق (ع) وربما يستدل بحسنة حريز المتقدمة
وفيه نظر خلافا للمحكى عن سلار والحلى والمحقق والمص؟ في كثير من كتبه وأبى العباس والفاضل المقداد في أطعمة التنقيح والصيمري والمحقق
الكركي في مع؟ صد؟ بل فيه وفى المنتهى انه المشهور وعن أطعمة غاية المرام انه مذهب المتأخرين بل عن الحلى انه لا خلاف فيه بين المحصلين وان
اعترضه كاشف الرموز بان الشيخين مخالفان والمرتضى واتباعه لم يتعرضوا للمسألة فلا اعرف من بقى معه من المحصلين ولهم على
ذلك مضافا إلى القاعدة المجمع عليها رواية وهب بن وهب أن عليا (ع) سئل عن شاة ماتت فحلب منها لبن فقال (ع) ذلك الحرام محضا و
الرواية وإن كانت ضعيفة السند بمن هو من اكذب البرية موافقة لمذهب العامة كما عن الشيخ الا انها منجبرة بالقاعدة كما أن روايات
الطهارة وإن كانت صحيحة الا انها مخالفة للقاعدة وطرح الأخبار الصحيحة المخالفة لأصول المذهب غير عزيز؟ الا ان تعضد بفتوى
الأصحاب كما في الإنفحة أو بشهرة عظيمة توجب شذوذ المخالف وما نحن فيه ليس كذلك وعلى القول بالطهارة ينبغي الاقتصار على لبن المأكول
لأنه المنصوص من الحكم المخالف ولازم كلام المص؟ في المنتهى ويه؟ من تقييد البيضة بما كان من المأكول ثبوت هذا التقييد هنا بطريق
أولي وكذا لازم صاحب المعالم حيث تردد في أنفحة غير المأكول فالاحتياط مما لا ينبغي تركه وإن كان رواية الحسين بن زرارة
343

المتقدمة مطلقة الا ان دعوى الانصراف غير بعيدة من جهة ان الظاهر كون السؤال من جهة الشرب فلا يعم غير المأكول ثم إن الجنين في بطن
الحيوان حل بذكاة امه إن كان طاهرا حلالا والا فهو محرم نجس كما صرح به في الذكرى وكشف الغطاء وفى شرح المفاتيح دعوى اتفاق
الفقهاء عليه وفى اللوامع نفى الخلاف فيه وكانه لعموم ما دل على نجاسته الأجزاء المنفصلة من الحي والميتة مما تحله الحياة فان الظاهر
حلول حياة الام فيه وعدم استقلاله ما لم تلجه الروح فهو كباقي ما في الأحشاء ويؤيد ما ذكرنا قوله (ع) زكاة الجنين زكاة امه فإنه
دال على أن مطلق الجنين وان لم يلجه الروح محتاج إلى التذكية الا ان تذكيته يحصل بتذكية امه وتوهم اختصاصه بما حل فيه الروح
مدفوع بالاجماع على شموله لما لم تحل فيه مع تمام خلقته بل خص الرواية جماعة بالثاني وكيف كان فالرواية صريحة في عدم زكاة الجنين
من الميتة فهو منها نجس وكلما كان نجسا ذاتا من الميتة فهو نجس العين إذا انفصل من الحي فتأمل ومن بعض ما ذكرنا يظهر الوجه في
نجاسة ما يخرج مع الولد من لحم أو شبهه ثم إنه لا اشكال فيما ذكره المص؟ من الاستثناء من طهارة ما ينفصل من الميتة بقوله الامن
نجس العين كالكلب والخنزير والكافر بل لا حاجة إلى ذكره لان الكلام فيما ينجس بالموت لا ما كان نجسا حال الحياة أيضا بل قد يخل ذكره
بناء على أن سائر اجزاء الكلب وأخويه تنجس بالموت مضافا إلى نجاسته العينية بناء على عروض النجاسة العينية لنجس العين كالمتنجس
ولا ينجس به مالا تحله الحياة بل يكون على نجاستها الأولية فافهم
والخامس من النجاسات في الدم المسفوح من الحيوان
ذي النفس السائلة باجماع علمائنا كما في المعتبر والمنتهى مع استثناء ابن الجنيد في الأول في نجاسة ما دون الدرهم لكنه خلاف
من حيث مقدار الدم فلا يقدح فيما نحن فيه بل في المنتهى كما عن الغنية وظاهر التذكرة وكشف اللثام اتفاق المسلمين عليه ويدل عليه قبل الاجماع
الكتاب الا ان يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس بناء على أن ارجاع الضمير إلى ما تكون ميتة أو دما أو لحم خنزير
والسنة ففي النبوي يغسل الثوب من المنى والدم والبول وفى موثقة عمار كل شئ من الطير يتوضأ بما يشرب منه الا ان ترى في منقاره
دما فان رأيت في منقاره دما فلا تشرب ولا تتوضأ إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في الدماء الخاصة على وجه يعلم كون نجاستها
مفروغا عنها كدم الرعاف والدماء والثلاثة ودم القروح والجروح ودم حكة الجلد ودم الأسنان ونحو ذلك وربما يستدل في
المقام باطلاقات أجوبة مسوقة لبيان حكم اخر نظير ما ورد جوابا عن السؤال عن حكم الدم إذا وجده بعد الصلاة أو وقع في
ماء قليل أو بئر أو كر وغير ذلك من أشباه ذلك ثم إن كلام المص؟ هنا وفى المنتهى وان اختص كمعقد اجماع الغنية والمنتهى وكشف اللثام
بالمسفوح وهو لغة كما في الحدائق ما انصب من العرق بل ربما اشعر بنفي الحكم من غيره استدلال المص؟ في المنتهى كالحلي في محكى السرائر
على طهارة دم السمك بأنه ليس بمسفوح واستدلال مع؟ صد؟ وكاشف اللثام على طهارة المتخلف في الذبيحة
بذلك كالمص؟ في المنتهى
والمختلف وقد اعترف بايهام هذه العبائر ذلك في محكى البحار والحدائق على طهارة المتخلف في الذبيحة بل ربما دل ظاهر الآية المتقدمة
على حل ما عدا المسفوح الملازم لطهارته الا انه لا ينبغي الاشكال في نجاسة مطلق الدم عدا المتخلف في الذبيحة المأكولة وما ليس
له نفس سائلة كما هو معقد اتفاق المعتبر والتذكرة واستظهره جماعة كأصحاب لم؟ والبحار وئق؟ وشارح المفاتيح وغيرهم ومدلول النبوي
والموثقة وغيرها من الاخبار في الموارد الخاصة والظاهر أن مراد المص؟ وغيره من المسفوح ما يكون من شانه ذلك ليخرج دم ما لا نفس
له والدم المتخلف في الذبيحة إذ ليس من شأنهما ان يسفحا بخلاف غيرهما ومما ذكرنا يظهران الأصل في دم الحيوان النجاسة الا ما خرج
بالدليل والخارج قسمان أحدهما المتخلف في الذبيحة بعد خروج ما تعارف خروجه من مثلها بلا خلاف كما عن الذخيرة والبحار وكشف
اللثام وغيرهما وعن المختلف ان المتخلف في عروق الحيوان المأكول اللحم سايغ وهو طاهر لا يجب غسل اللحم منه اجماعا ويدل عليه مع ذلك
ظاهر الآية المتقدمة واما المتخلف في ذبيحة غير المأكول اللحم فمقتضى الأصل المتقدم نجاسته وعن الذخيرة والبحار وشرح الدروس وشرح المفاتيح
ان الظاهر اتفاق الأصحاب عليه وهو ظاهر المحكي عن المعالم أيضا حيث إنه بعد أن ذكر عن بعض معاصريه التردد في المسألة قال ومنشأ
التردد من اطلاق الأصحاب الحكم بنجاسة الدم مدعين الاتفاق عليه ومن ظاهر قوله تعالى أو دما مسفوحا فإنه يقتضى حل غير المسفوح و
هو يدل على طهارته ويضعف الثاني ان ظاهرهم الاطباق على نجاسة الدم سوى الدم المتخلف في الذبيحة وقد قلنا إن المتبادر
من الذبيحة المأكول انتهى ثم اخذ في رد دلالة الآية بما حاصله ان دم غير المأكول حرام قطعا فلا يشمله الحل في الآية قطعا
نعم ظاهر كاشف اللثام التردد بل الميل إلى الطهارة بعد ملاحظة حكمه في مسألة العلقة بعدم عموم في أدلة نجاسة الدم حيث إنه
بعد شرح قول المص؟ في عد؟ والمتخلف في اللحم مما لا يقذفه المذبوح طاهر قال ولافرق في المذبوح بين المأكول وغيره كما يقتضيه
الاطلاق ويحتمل الاختصاص بالمأكول لعموم الاخبار بنجاسة الدم والاجماع انما ثبت على طهارة المتخلف في المأكول للاجماع
344

على اكل لحمه الذي لا ينفك عنه انتهى وقد يؤيد الطهارة باطلاق ما دل على طهارة الحيوان بالتذكية الشامل لجميع اجزائه حتى الدم
مضافا إلى الحرج في الاجتناب عنه إذا أريد اخذ جلده أو غير ذلك وفى الكل نظر فالأقرب النجاسة وهل المتخلف في الجزء الغير المأكول
من الذبيحة المأكولة كدم الطحال طاهر أم لا ظاهر الاتفاقات المتقدمة طهارته وظاهر استدلالهم بالآية لا عدم شمول الحكم له لأنه غير
حلال كنفس العضو الا ان الاظهر في كلماتهم طهارته لكونه غير مسفوح وربما ينسب إلى المحقق والشهيد الثانيين نجاسته لما ذكرنا من أن
الدم المتخلف في الذبيحة طاهر حلال إذا كان جزء من مأكول انتهى وفيه ان الظاهر أن الظرف في كلامهما قيد للحلية لا لها وللطهارة ونحوه
ما ينسب إلى العلامة الطباطبائي في منظومته من الحكم بطهارة المتخلف في ذبيحة الحيوان الغير المأكول حيث قال والدم في المأكول بعد قذف
ما يقذف طهر قد أحل في الدماء والأقرب التطهير فيما يحرم من المذكى وعليه المعظم إذ يحتمل ان يراد بالموصول العضو المحرم من المذكى المأكول
ويحتمل ان يراد بالموصول الحيوان الا ان المراد بالطهر وجوب تطهيره وإزالة الدم عنه فيكون قولا بالنجاسة كما هو قول المعظم وقد
يؤيد ما ذكرنا من عموم نجاسة الدم بنجاسة العلقة واستدل عليه في محكى ف؟ أولا باجماع الفرقة على نجاسته وثانيا بان ما دل على
نجاسة الدم يدل على نجاستها وفى محكى المعتبر ان العلقة التي يستحيل إليها نطفة الآدمي نجسة ثم قال إنه دم حيوان ذي نفس فيكون نجسة
انتهى وهو المحكي عن ط؟ والسرائر والجامع والمص؟ في التذكرة والقواعد والمحقق الثاني في شرحه وعن القاضي في المهذب انه الذي يقتضيه المذهب
ولا اشكال في ذلك لما ذكروه من أنه دم ذي نفس مضافا إلى اجماع ف؟ واما العلقة التي توجد في البيضة فالحقها المحقق في
المعتبر والمص؟ قده في التذكرة وعد؟ وابن سعيد في الجامع لما ذكر من كونه دم حيوان وفيه اشكال لان تكونه في الحيوان لا يستلزم كونه جزء
منه والمتبادر من معاقد الاجماع هو ما كان جزء من الحيوان كاللحم والعظم ونحوهما لا ما يكون في شئ خارج كالأجنبي من الحيوان وهي الفرق
بين ما في البيضة وبين العلقة التي تستحيل إليها النطفة والتحقيق انه ان علم كون علقة البيضة دما واعتمدنا في نجاسة الدم على
اطلاق الدم في الاخبار لا مناص عن القول بنجاسته لان انصراف اطلاقات الدم إلى ما يكون جزء بالفعل من حيوان ليس مما يعتنى به كما
لو فرضنا ان بعض رطوبات الحيوان استحال دما بعد خروجه منه الا ان يمنع كونه دما كما حكاه كاشف اللثام عن بعض ولعله صاحب المعالم
وإن كان المعتمد في ذلك اطلاق الاجماعات المنقولة فال‍ مسألة في غاية الاشكال من انصراف الاطلاق فيها إلى دم الحيوان وهو ما كان
عند تلبسه بكونه دما جزاء من حيوان لا ما صار كذلك بعد خروجه عن الجزئية ومن أن غير واحد من نقلة الاتفاق كالمحقق والمص؟ حكم بنجاسته
لكونه دما فيكشف ذلك عن عموم معاقد اجماعهم لمثل ذلك مع أنه لم يعتبر في معقد اجماع المعتبر إضافة الدم إلى الحيوان بل قال الدم كله
نجس عدا دم ما لا نفس له سائلة والمسألة لا تصفو عن الاشكال بل ربما استشكل جماعة كالمحقق الأردبيلي وصاحب لم؟ وكاشف اللثام
وصاحب الحدائق في العلقة التي يستحيل إليها النطفة تبعا للشهيد في الذكرى حيث إنه بعد ذكر استدلال المعتبر على نجاسة العلقة
بقوله لا نهادم حيوان لها نفس وكذا علقة المضغة قال وفى الدليل منع وتكونها في الحيوان لا يدل على انها منه انتهى ولا يخفى ضعف
المنع واضعف منه ما حكاه كاشف اللثام عن بعض من منع كونها دما نعم تردد هو في ذلك لو لم يتم الاجماع من جهة الأصل ومنع عموم
نجاسة الدم وقد عرفت أيضا كفاية بعض الأخبار واطلاقات الاجماعات المحكية في عموم نجاسة الدم الا ما خرج وهو نوعان أحدهما
ما تقدم من الدم المتخلف في الذبيحة المأكولة والثاني دم ما لا نفس له فإنه لا اشكال في طهارته ولا خلاف بل عن السيد والشيخ
وابن زهرة وابن إدريس والمحقق والمص؟ والشهيدين وغيرهم الاجماع عليه وكفى بها حجة مضافا إلى رواية السكوني لا باس بدم ما لم يذك
نعم عن ط؟ والجمل والمراسم وسيلة؟ ما يوهم خلاف ذلك ولا عبرة بالوهم ولا بالموهوم بقى الاشكال في الدم الغير المضاف إلى الحيوان
كالدم المخلوق أية لموسى بن عمران والمتكون لمصيبة سيد شباب أهل الجنان والظاهر عدم نجاستها وان قلنا باطلاقات الدم عن
الاخبار لانصرافها إلى ما كان من اجزاء الحيوان وفضلاته ولو في الأصل كعلقة البيضة وأوضح من ذلك ما يعصر من الأشجار
شبيه الدم ولاغيره باطلاق الدم عليه من العوام وضعفة الادراكات كما لا يخفى ولو اشتبه الفرد المحكوم بطهارته من الدم بالمحكوم
بنجاسته كالدم المرئي في بدن الانسان أو ثوبه المردد بين دم البراغيث ودم الجلد فالأقوى الحكم بطهارته وفاقا للمحكى عن يه؟ والذكرى
والدروس والموجز وشرحه والمدارك وكشف الغطاء والحدائق بل في الأخير انه لا خلاف في ذلك بين الأصحاب لأصالة الطهارة المتفق
عليها في مثل المقام من الشبهة الموضوعية لكن المصرح به في شرح المفاتيح نسبة وجوب الاجتناب إلى الشيخ وغيره بل يظهر منه ميله ولا
اعرف له وجها عدا الموثقة الآتية وما يتوهم لهم من اطلاق أدلة نجاسة الدم ووجوب الاقتصار على ما علم خروجه من ذلك فق؟
ان عمومات النجاسة كما انها تشتمل كل قسم من الدم الا ما خرج بالدليل كذلك يشمل الدم المشتبه وفيه مالا يخفى فان شمول العمومات
345

لجميع افراد الدم انما هو من باب أصالة الحقيقة إذ لو أريد من العام ما عدا هذا الفرد أوجب البيان وقبح عليه تركه وتأخيره وليس كذلك الفرد
المشتبه المردد بين كونه مصداقا للنوع المقطوع دخوله وبين كونه مصداقا للنوع المقطوع بخروجه فان الحكم بكونه خارجا أو داخلا
لا يزيد ولا ينقص في مراد المتكلم بالعام فلا يجرى أصالة الحقيقة ولا تأخير بيان فإذا رجعنا في حكم هذا المشكوك إلى الأصول الشرعية فليس
في العام المفروض ظهور لفظي يحكم به على الأصول فإذا قال المتكلم أكرم العلماء ونصيب قرينة على إرادة خصوص العدول وخروج الفساق فشك
في عدالة أحد منهم فليس في العام المذكور ما يزيل ذلك الشك حتى يغنى من الرجوع إلى الأصول إذ لا يلزم من كونه فاسقا مخالفة لظاهر
اللفظ كما لا يلزم موافقة له من كونه عادلا نعم لو قلنا إن الخارج هو معلوم الفسق دون الفاسق الواقعي كان ذلك خارجا عن الفرض إذ
لاتردد هنا بين كون المشتبه من افراد الداخل أو الخارج لأنه ليس من افراد الخارج قطعا فلا اشكال في دخوله وكذا لو كان هذا أصل
موضوعي يندرج الموضوع بواسطته تحت العنوان الداخل والخارج كما لو قلنا بأصالة العدالة أو الفسق فإنه لا اشكال في الدخول
على الأول والخروج على الثاني ودعوى ان ما نحن فيه من هذا القبيل لان الخارج من اطلاقات الدم دم ما لا نفس له والأصل فيما لم يعلم
كونه مما لا نفس له ان لا يكون منه وهكذا الكلام في كل عنوان وجودي خرج عن مطلق أو عام ولذا يقال إنه لو شك في كون الدم نما يعفى
عن قليله أو مما لا يعفى كالدماء الثلاثة فالأصل عدم كون المشكوك منها توهم فاسد لان الجاري في مسألة الدم المشتبه بالدماء
الثلاثة أصالة عدم ملاقاة الثوب لدم الحيض لا أصالة عدم كون هذا الدم دم حيض لأنه غير مسبوق بالحالة السابقة وحينئذ فاجزاء
أصالة عدم ملاقاة الثوب لدم ما لا نفس له لا يوجب وجوب الاجتناب عنه بل الموجب له ملاقاته لغير ما لا نفس له والأصل عدمه و؟
من الدعوى المذكورة دعوى ان الظاهر أن الحكم بطهارة دم ما لا نفس له رخصة خرج من عموم المنع فلابد من الاقتصار فيه على المتيقن كما أنه
إذا استفيد كون عنوان الخاص من قبيل المانع عن حكم العام وكون عنوان العام مقتضيا له كمالا يبعد ذلك في مثل أكرم العلماء
بعد نصب القرينة على اخراج الفاسق فلا بد من الاقتصار على ما إذا تيقن المانع وتمام ذلك يعلم مما قدمنا لك منه جزءا وافيا وتوضيحه
في الأصول وقد يستدل على أصالة النجاسة باطلاق قوله (ع) في الموثقة المتقدمة وان رأيت في منقاره دما فلا تشرب منه دل على أن
مجرد رؤية الدم يكفي في الاجتناب خرج منه ما لو علم كونه دم ما لا نفس له نظير الحكم بالحيضية على من رأت الدم مع عدم علمها بكونها
استحاضة وبالجنابة على من رأى بللا مشتبها قبل الاستبراء وفيه بعد ظهور سوقهما في مقام بيان تقييد الحكم بعدم رؤية الدم
المفروغ عن نجاسته كما يقال مثل ذلك في البول والغايط وغيرهما انها ظاهر في الدماء النجسة بقرينة كون السؤال عن سؤر لصقر
والبازي ونحوهما من سباع الطيور التي تأكل الميتة وثانيا بان الرواية معارضة بذيلها المزيد عليها في الاستبصار والمروى في
الفقيه حيث قال وسئل عن ماء شربت منه الدجاجة قال إن كان في منقاره قذر لم يتوضأ ولم يشرب وان لم يعلم أن في منقاره قذرا فيتوضأ
منه واشرب والنسبة عموم من وجه ومع التساقط يرجع إلى عموم كل شئ نظيف حتى يعلم أنه قذر المعتضد بالاجماع المحقق على هذا الأصل
الأصيل ولو اشتبه الدم المعفو بغيره فقد عرفت ان الأقوى العفو بمعنى ان الثوب الموجود فيه هذا الدم يصلى فيه لأصالة عدم تنجسه
بدم الحيض وأخويه وكذلك لو وقع في البئر فنقول الأصل عدم وقوع دم الحيض فيها ولا يعارض بأصالة عدم ملاقاة دم غير
الحيض أو عدم وقوعه إذ لا يخفى انه لا يترتب على عدم وقوع دم غير الحيض أو عدم ملاقاته حكم شرعي
والذي يترتب عليه حكم هو
وقوع دم غير الحيض لاعدم وقوعه وربما يستدل على ذلك بان الدماء الغير المعفو عنها محصورة وغيرها غير محصورة فيلحق المشكوك
بالثاني ولم اعرف حاصله ويمكن ارجاعه إلى ما ذكرنا وحاصله ان الشارع لم يترتب على الدماء الأخر حكما شرعيا باعتبار عنواناتها
الخاصة الوجودية الملحوظة كل واحد منها مستقلا وانما حكم عليها من حيث كونها دما واما العنوانات المحصورة فإنما يترتب
الحكم عليها باعتبار عنواناتها فإذ انشك في ثبوت بعضها فالأصل عدم تحققها فيترتب عليها احكام نفس المطلق دون احكام
العنوانات الخاصة فتأمل وافهم
والسادس والسابع الكلب والخنزير هما نجسا العين بالاجماع المحقق والمستفيض
والأصل في ذلك قبل الاجماع الكتاب والسنة قال الله تعالى الا أن تكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس وفى مقابلة
لحم الخنزير بالميتة دلالة على أن نجاسته ليست لأجل عدم وقوع التذكية عليه واما السنة فحد الاستفاضة أو التواتر ففي رواية
البقباق انه رجس نجس لا تتوضأ بفضله واصب ذلك الماء واغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء وفى رواية معوية بن شريح عن المص؟ (ع)
انه سئل عن سؤر الكلب يشرب منه أو يتوضأ قال لا قال أليس هو بسبع قال لا والله انه نجس وفى رواية أبى سهل عن أبي عبد الله (ع)
قال سئلته عن لحم الكلب قال هو مسخ فقلت أهو حرام قال هو نجس أعيدها عليه ثلث مرات في كل ذلك يقول هو نجس إلى غير ذلك
346

من الاخبار وفى رواية علي بن جعفر عن أخيه قال سئلته من خنزير يشرب من اناء كيف يصنع به قال يغسل سبع مرات ورواية سلمان
الإسكاف قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن شعر الخنزير يحرز قال لا باس به لكن يغسل يده إذا أراد ان يصلى ولافرق في اطلاق الكلب بين
كلب الصيد وغيره والمحكى عن الصدوق ان من أصاب ثوبه كلب جاف ولم يكن كلب صيد فعليه ان يرشه بالماء وإن كان رطبا فعليه
ان يغلسه وإن كان كلب صيد فإن كان جافا فليس عليه شئ وإن كان رطبا فعليه ان يرشه بالماء وهو ضعيف مردود باطلاق الاخبار
وخصوص حسنة ابن مسلم بابن هاشم قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الكلب السلوقي قال إذا مسسته فاغسل يدك ثم إن اطلاق الحكم في
الاخبار بنجاسة الكلب ووجوب غسل ما لاقاهما يشمل اجزائهما وان لم تحلها الحياة كما يظهر من رواية الإسكاف المتقدمة المعتضدة
بغيرها وعن السيد المرتضى قده طهارة شعرهما بل وسائر مالا تحله الحياة منها ناسبا ذلك إلى مذهب أصحابنا مستدلا عليه بالاجماع
قال بعد ذلك وليس لاحد أن يقول إن الشعر والصوف من جملة الكلب والخنزير وهما نجسان وذلك أنه لا يكون من جملة الحي الا ما تحله
الحياة وما لا تحله الحياة ليس من جملته وإن كان متصلا به انتهى وما ذكر من الاجماع موهون بتفرده به وان سبقه إليه جده الناصر
على ما يظهر من المحكي عنه وما ذكر من الدليل واضح الضعف ولولا دلالة الأدلة على طهارة مالا تحله الحياة من الميتة وفهم استناد
النجاسة فيها إلى الموت لم يحكم بطهارة مالا تحله الحياة منها ويتلو هذا القول في الضعف تعميم العنوانين للمجرى منها كما عن الحلى واستقربه
به في المنتهى لصدق الاسم لاشتراك اللفظ مع أن المحكي عن تحريره وتذكرته ونهايته التصريح بكون الصدق مجازا وظاهر المحكي عن البيان
التردد متمسكا بصدق الاسم وهو ممنوع وعلى فرض تسليمه فانصراف الاطلاق إلى البرى مانع عن العموم ويؤيد الطهارة بل يدل
عليها صحيحة ابن الحجاج المروية في الكافي في اخر كتاب الأطعمة في باب لبس الخز قال سال أبا عبد الله (ع) رجل وانا عنده عن جلود الخز فقال
ليس بها باس فقال الرجل جعلت فداك انها في بلادي وانما هي كلاب تخرج من الماء فقال أبو عبد الله (ع) إذا خرجت من الماء تعيش
خارجة من الماء فقال الرجل لا قال لا باس وفى التعليل إشارة إلى طهارة الخنزير البحري أيضا ثم إن المتولد من الحيوانين ان تبع أحدهما
في الاسم فلا اشكال في نجاسته وكذل لو باينهما كما في الذكرى وض؟ وعن المحقق الثاني واطلاقهما يشمل ما لو فرض صدق اسم حيوان طاهر
عليه وهو مشكل كما عن المنتهى ويه؟ ولم؟ والمدارك بل الاشكال في غيره أيضا من حيث عدم الدليل على النجاسة ومجرد كونه جزء منهما في زمان لا
يسوغ استصحاب نجاسته لانتفاء الموضوع والا كان اللازم الاكتفاء بتولده من أحدهما سيما الام الا ان يدعى تحقق الاستصحاب
من جهة بقاء الموضوع عرفا فان الجنين في بطن أحد الحيوانين قبل صيرورته حيوانا اخر نجس لما تقدم في الميتة فيستصحب نجاسته
بعد ولوج الروح فيه ومنه يظهر وجه كفاية نجاسته الام لا الأب لان النطفة تستحيل بخلاف الجنين الذي تلج فيه الروح فان ولوح الروح
لا يوجب ارتفاع الموضوع عرفا كما أن خروجه لا يوجب ذلك ولذا لا يحتاج في نجاسة الكلب بعد موته إلى أدلة نجاسة الميتة ولا
يستثنى منها مالا تحله الحياة الا ان يمنع نجاسة الجنين قبل انفصاله عن الام فأصالة الطهارة سليمة مضافا إلى امكان التمسك
باطلاقات طهارة الحيوان الذي يتبعه في الاسم الا ان يدعى انصرافها إلى غير ذلك ولعله انصراف ابتدائي لا يقدح مع أن الأصل
كاف ولعله لذا كان ظاهر الأصحاب كما في شرح المفاتيح تبعية الولد للطاهر منهما وحينئذ فينبغي ذلك أيضا في المتولد من نجسين لو باينهما
حتى لو كانا كلبين أو خنزيرين ولذا اختار كاشف اللثام طهارة المتولد من كلبين أو خنزيرين إذا كان هرة مثلا أو حيوانا غير
معروف الا ان يدعى القطع بعدم خروجه عن أحدهما وان المباينة لهما صورية وحينئذ فلا يقدح عدم صدق الاسم لان الاحكام انما
تدور مدار الأسماء لكشفها عن حقايق المسميات لا لان للتسمية بمجردها دخلا في الحكم أو يقال إنه وإن كانت حقيقة ثالثة الا ان
النجاسة انما جاء من تنقيح المناط إذ لا يفرقون أهل الشرع في النجاسة وهي القذارة الذاتية بين المتولد من كلبين وبين المتولد
من كلب وخنزير كما سيجيئ في ولد الكافرين من أن كل حيوان حكم الشارع بنجاستها عينا يفهم منه أهل الشرع سراية النجاسة
إلى ولدهما وان لم يصدق عليه عنوان أحدهما فافهم وتأمل جيدا وعلى كل تقدير فالأقوى حرمة لحمه إن كان النجس خنزيرا وإن كان
الطاهر من أبويه محللا لفحوى النص الدال على تحريم الجدي الراضع من لبن خنزير حتى كبر وشب واشتد عظمه وتحريم نسله من الغنم
التي استفحله فيها بل لا يبعد تعدى الحكم إلى ما لو كان كلبا وان لم نقل بجريان أصل الحكم في الكلب الا انه لا ينافي ثبوت الأولوية
فان الحكم بحرمة الغنم المتكون نطفته من جدي رضع من الخنزير يوجب الحكم بحرمة غنم نطفته من الكلب أو سكن في رحم الكلب بطريق
أولي مضافا إلى ما ورد في حرمة نسل الموطوء ذكرا كان أم أنثى ولذا احتمل كاشف الغطاء في هذا المقام الاجماع على حرمة كل ما
يتفرع عن الحرام بقى الكلام فيما ذكره شيخنا في الروضة تبعا للشيخ على في حاشية الشرائع من أصالة حرمة اللحم عند الشك
347

فانا لم نجد لهذا الأصل مستندا عدا أصالة عدم وقوع التذكية على الحيوان المشكوك في صحة تذكيته أو أصالة حرمة اللحم الثابتة
حال الحياة أو ما ذكره شارح؟ وحكى أيضا عن بعض محشيها ونقله عن تمهيد القواعد ومحصله ان المحللات محصورة والمحرم غير محصور
فإذا لم يدخل في المحصورات حكم بحرمته وفى الكل نظر إما في الأول فلان الأقوى أصالة وقوع التذكية على كل حيوان عدا ما خرج بالدليل
كما قرر في محله واما في الثاني فلان حرمة الاكل حال الحياة لعدم التذكية فهى حرمة عرضية ويرتفع بالتذكية قطعا والمقصود اثبات
الحرمة الذاتية واما الثالث فلا يظهر له وقع عدا ان كثرة المحرمات وغلبتها على المحلل يمنع عن التمسك بأصالة الحل؟ توقيفية
ولذا كان بنائهم على السؤال عن المحللات وفيه مالا يخفى فان أصالة الحل الثابتة بالكتاب في قوله تعالى قل لا أجد (فيما اوحى إلى محرما وقوله خلق لكم ما في الأرض جميعا
وبالسنة في الثانية بأنه ليس الحرام الا ما حرم الله وبتمسك الإمام (ع) من باب التعليم بقوله تعالى قل لا أجد صح) في اباحه بعض لأشياء
مضافا إلى قولهم (على) كل شئ مطلقا حتى يرد فيه نهى وغير ذلك مما هو معتضد بأصالة الحل المتفق عليها على الظاهر المستفاد من تتبع الموارد
في باب الأطعمة والأشربة لا يندفع بمثل هذا الاستقراء الضعيف الغير الثابت أصله فضلا عن اعتباره واما سؤال أصحاب الأئمة عن
المحللات فلعدم جواز العمل بالأصول قبل التفحص كما لا يخفى
والثامن في الكافر بجميع أقسامه بالاجماع المحقق في الجملة والمحكى عن
السيدين والشيخ والحلي والمحقق والمصنف والشهيد في (ض) وغيرهم والأصل فيه قبل ذلك الكتاب قوله تعالى انما المشركون نجس بناء على
شمول المشرك للذمي لشيوع اطلاقه عليه كما صرح به شارح (ضة) مستشهدا بما حكاه عن النووي في التحرير من أن المشرك يطلق على كل
كافر من عابد صنم ويهودي ونصراني ومجوسي وزنديق وغيرهم ويؤيده نسبة الاشراك إلى اليهود والنصارى في قوله تعالى وقالت
اليهود عزيز ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله إلى أن قال تعالى الله عما يشركون واما المجوس فقد قالوا بإلهية يزدان والنور
والظلمة والنجس بفتح الجيم إما مصدر فيكون الحمل كما في زيد عدل واما صفة مرادفة للنجس بالكسر كما عن الجوهري والمطرزي والفيروز آبادي
والنووي والأزهري والهروي ويكون افراد الخبر مع كونه وصفا على تأويل انهم نوع أو صنف نجس والتأمل في ثبوت الحقيقة الشرعية
في النجس في غير محله إما لما ذكرنا في أول باب النجاسات من أن النجاسة الشرعية هي القذارة الموجودة في الأشياء في نظر الشارع فلم
ينقل عن معناها اللغوي واما لدعوى ثبوت الحقيقة الشرعية واما لوجود القرينة على إرادة المعنى الشرعي وهي حرمة قربهم؟ من المسجد
الحرام إذ لا يجب تجنب المساجد عن غير النجس الشرعي اجماعا هذا ولكن الانصاف ان الظاهر من المشركين خصوص المعهودين عند الخطاب الممنوعين
عن دخول المسجد الحرام فلا يعم كل مشرك فرض الا من جهة تعلق الحكم على الوصف أو من جهة دعوى عدم القول بالفصل فالأولى التمسك
بعد الاجماع بالأخبار المستفيضة مثل موثقة الأعرج أو حسنته عن (الصادق) (ع) في سؤر اليهودي والنصراني أيؤكل أو يشرب قال لا ورواية
ابن مسلم عن رجل صافح مجوسيا قال بدو؟ بغسل؟؟ يوضأ ورواية أبي بصير في مصافحة اليهودي والنصراني قال من وراء الثياب فان
صافحك بيده فاغسل يدك ورواية علي بن جعفر عن أخيه (ع) قال سئلته عن النصراني أيغتسل مع المسلم في الحمام قال إذا علم أنه نصراني
اغتسل بغير ماء الحمام الا ان تغتسل وحده على الحوض فيغسله ويغتسل إلى غير ذلك من الاخبار وبإزائها اخبار اخر أظهر دلالة
على الطهارة منها رواية إسماعيل بن جابر قال قلت لأبي عبد الله (ع) ما تقول في طعام أهل الكتاب فقال لا تأكلوا ثم سكت هنيئة
ثم قال لا تأكله ولا تتركه تقول انه حرام ولكن تتركه تنزها عنه ان في آنيتهم الخمر ولحم الخنزير ومصححة ابن مسلم لا تأكلوا في آنيتهم إذا كانوا
يأكلون فيها الميتة والدم ولحم الخنزير ورواية زكريا ابن إبراهيم قال كنت نصرانيا وأسلمت فقلت لأبي عبد الله (ع) ان أهل بيتي على دين
النصرانية فأكون معهم في بيت واحد واكل من آنيتهم فقال يأكلون لحم الخنزير قلت لا قال لا باس وفى روايته الأخرى بعد قوله قلت
لا ولكنهم يشربون الخمر قال كل معهم واشرب ورواية إبراهيم ابن أبي محمود قال قلت للرضا (ع) الجارية النصرانية تخدمك وأنت تعلم أنها
نصرانية لا تتوضأ ولا تغتسل من جنابة قال لا باس تغسل يديها وهذه الرواية ظاهرة في الطهارة قولا وتقريرا كما لا يخفى
وأوضح منها من حيث التقرير صحيحة ابن سنان انى أعير الذمي ثوبا وانا اعلم أنه يشرب الخمر ويأكل لحم
الخنزير ثم يرده على فاغسله قبل ان
اصلى فيه فقال أبو عبد الله (ع) صل فيه ولا تغسله من أجل ذلك فإنك أعرته إياه وهو طاهر ولم تستيقن انه نجسه فلا باس ان تصلى
فيه حتى تستيقن انه نجسه ومصححة ابن خنيس لا باس بالصلاة في الثياب التي يعملها النصارى والمجوس واليهود ورواية أبى جميلة عن
ثوب المجوسي ألبسه وأصلي فيه قال نعم قلت يشربون الخمر قال نعم انا نشرى الثياب السارية ونلبسها ولا نغسلها ومصححة ابن أبي محمود
عن مولانا أبى الحسن الرضا (ع) الخياط والقصار يكون يهوديا أو نصرانيا وأنت تعلم أنه يبول ولا يتوضأ ما تقول في عمله قال لا
باس ومصححة العيس عن أبي عبد الله (ع) في مواكلة اليهودي والنصراني فقال لا باس إذا كان من طعامك وسئلته عن مواكلة المجوس فقال
إذا توضأ فلا باس وموثقة عمار عن الرجل هل يتوضأ من كوز أو اناء غيره إذا شرب منه على أنه يهودي قال نعم قلت فمن ذلك الماء الذي
348

تشرب منه قال نعم ورواية علي بن جعفر المذكورة في ذيل روايته الأخيرة التي ذكرناها في أدلة النجاسة عن اليهودي والنصراني يدخل
يده في الماء أيتوضأ منه للصلاة قال لا الا ان يضطر إليه وحمل الاضطرار على التقية كما عن الشيخ بعيد وهذا الروايات كما ترى
ظاهرة الدلالة على الطهارة قابلة لجعلها قرينة على حمل الاخبار الأولة على الكراهة من جهة عدم خلوهم غالبا عن النجاسات
العرضية لمواظبتهم على اكل الميتة ولحم الخنزير وشرب الخمر وعدم التوقي عن النجاسات الا ان المانع عن هذا الحمل أمران أحدهما موافقة
هذه الأخبار لمذهب العامة الذين جعل الرشد في خلافهم وامر العباد بالرجوع إليهم عند التحير للاخذ بخلاف ما يفتون لان فيه
الرشد لا لان في استفتائهم مداراة كما قيل شاوروهن وخالفوهن وقرب احتمال ورودها تقية في البيان اوفى العمل فان
مذهب الجمهور كما في المنتهى وغيره على طهارتهم ويشهد به بعض الروايات مثل الرواية الثانية لزكريا ابن إبراهيم حيث ذكر الراوي
انهم لا يأكلون لحم الخنزير لكنهم يشربون الخمر في جواب استفصال الإمام (ع) عن خصوص اكل لحم الخنزير فإنه لولا التقية لم يكن وجه
للفرق بين الخنزير والخمر وأوضح من ذلك رواية الكاهلي قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن قوم مسلمين يأكلون فحضرهم رجل مجوسي
أيدعونه إلى الطعام فقال إما انا فلا أو اكل المجوسي وأكره ان أحرم عليكم شيئا تصنعونه في بلادكم فان الظاهر من الرواية ان
مواكلة اليهودي محرمة من الله سبحانه لكني لا أحرمه عليكم من جهة شيوع ذلك في بلادكم فإنه لولا التقية لم يكن في ذلك علة
لكراهة التحريم ولو لم يكن الحكم من الله التحريم لم يكن وجه لتعليل كراهة التحريم بشيوع الارتكاب في تلك البلاد ومما يرشد إليه أيضا
رواية إسماعيل ابن جابر المذكورة في أول روايات الطهارة الثاني موافقة اخبار النجاسة للاجماعات المستفيضة أترى ان
هؤلاء لم يطلعوا على هذه الروايات وهل وصلت إلينا الا؟ بوساطتهم بل يمكن دعوى الاجماع المحقق فان الخلاف لم يحك في المسألة
الاعن الإسكافي حيث قال في أحد كلاميه التجنب من سؤر من يستحل المحرمات من ملى أو ذمي أحب إليه إذا كان الماء قليلا وفى
الآخران التجنب مما صنعه أهل الكتاب من ذبايحهم وفى آنيتهم ومما صنع في أواني مستحلى الميتة ومواكلتهم ما لم تيقن طهارة
آنيتهم وأيديهم أحوط انتهى وعلى تقدير ظهور المخالفة من هذين الكلامين فقد ذكر في ترجمة الإسكافي ان الأصحاب تركوا
خلافه لأجل قوله بالقياس وان فتاويه غالبا على طبق العامة مع أن المجمعين هنا بالخصوص لم يعتنوا بمخالفته وعدم عثورهم
بعيد ولم يظهر من عداه مخالفة في المسألة عدا ما ربما يحكى عن العماني القائل بطهارة سؤر الذمي الناشية عن قوله بعدم انفعال
الماء القليل والمفيد في الرسالة الغرية حيث صرح بالكراهة مع قوة احتمال إرادة الحرمة أو العدول عنها ولو بقرينة عدم تعرض اتباعه
لنقل مذهبه ودعوى الاجماع على خلافة والشيخ في يه؟ حيث ذكر فيها انه يكره للانسان ان يدعو أحدا من الكفار إلى طعامه فيأكل معه فان
دعاه فليأمره بغسل يده ثم يأكل معه ان شاء مع أن المحكي عنه فيما قبل هذا الكلام بأسطر قليلة انه لا يجوز مواكلة الكفار على اختلاف
مللهم ولا استعمال أوانيهم الا بعد غسلها بالماء وكل طعام تولاه بعض الكفار بأيديهم وباشروه بنفوسهم لم يجز اكله لانهم أنجاس
ينجسون الطعام بمباشرتهم إياه انتهى وعنه في أول الكتاب انه لا يجوز استعمال اسائر؟ من خالف الاسلام من سائر أصناف الكفار و
حكى عنه نظيره في باب التطهير من النجاسات وقد حمل الحلى كلامه الأول على أنه ذكر ما يراد الا اعتقادا كما هو دابه في ايراد مضمون
بعض الأخبار وهذا الكلام مع كثرته من الحلى في أمثال ما ذكر من فتاوى الشيخ سيما في يه؟ لا محصل له ظاهرا الا ان الشيخ ذكر
هذه الفتوى بعنوان الحكاية والرواية لمضمون بعض الأخبار ولقد أجاد المحقق في نكت النهاية حيث حمل هذا الحكم على حال الضرورة
أو المواكلة في اليابس ووجه الامر بغسل اليد بزوال الاستقذار النفساني الذي يحصل من ملاقاة النجاسات العينية ثم ذكر رواية
العيص المتقدمة الامرة بتوضأ المجوسي وحمل التوضي على غسل اليد انتهى فالانصاف ان مخالفة ما عدا الإسكافي غير واضحة كما صرح به
بعض وكم من اجماع سبقه ولحقه فلا ينبغي التأمل في القول بالنجاسة ثم إنه لافرق على الظاهر في النجاسة بين اجزاء الكافر التي تحلها الحياة
والتي لا تحلها والظاهر أن الخلاف المتقدم من السيد قده في الكلب والخنزير جار هنا لجريان دليله فيه حرفا بحرف ولذا عنون المص؟
في المختلف قول السيد بطهارة مالا تحله الحياة من نجس العين وعن صاحب لم؟ الاستشكال هنا في الحكم نظرا إلى عدم ما يدل على تعلق
الحكم على المسمى كما في الكلب والخنزير حتى يعم جميع اجزائه لان دلالة الكتاب على نجاستهم ضعيفة وليس في السنة ما يدل على ذلك
واعترض عليه في الحدائق أو لابان الاخبار يدل على نجاسة اليهود والنصارى وهو عبارة عن مجموع (اجزاء الشخص المنسوب إليهم والشخص عبارة عن مجموع صح) الأجزاء كالكلب والخنزير وثانيا
بمرسلة الوشا عن الصادق (ع) انه كره سؤر ولد الزنا والناصب واليهودي والنصراني والمشرك وكل من خالف الاسلام وثالثا انا قد
أوضحنا دلالة الآيتين على نجاستهم أقول لا يخفى ان كلام صاحب المعالم على فرض عدم دلالة الآيات كما هو المتضح عنده و
349

كلامه في الاخبار ولا يخفى ان مرسلة الوشاء على فرض دلالتها لا تدل الاعلى نجاسة سؤرهم ولا ريب في ظهور السؤر فيما باشره جسم حيوان
لا كشعره بل ولا كظهره المجرد بل ظاهره عرفا كما تقدم في باب السار؟ بقية الشراب فلا دلالة فيها على نجاسة مثل الشعر أصلا واما الأخبار الدالة
على نجاسة اليهود والنصارى فليس فيها الا الاجتناب عن مساورتهم ومخالطتهم ومؤاكلتهم فما ذكره في مقابل صاحب لم؟ لم يصب
موقعه فالأولى التمسك في ذلك باطلاق معاقد الاجماعات المستفيضة بل المتواترة في نجاسة الكفار ثم إن المحكي عن جماعة كالشيخ
في ط؟ والمص؟ في التذكرة والشهيد في الذكرى وصاحب الموجز وشارحه الحكم بنجاسة أولاد الكفار وعن الكفاية انه المشهور وعن الذخيرة استظهار
نفى الخلاف من كلام المص؟ في التذكرة وعن لم؟ استظهاره من كلام جماعة حيث ذكروا الحكم جازمين به من غير تعرض لدليله كما هو الشأن
في المسائل التي لا مجال للاحتمال فيها وتبعه في شرح المفاتيح حيث قال إن الطفل الذي يولد من الكافر ولم يبلغ أو بلغ مجنونا نجس عند
الأصحاب لكن العلامة قال في يه؟ ان الأقرب في أولاد الكفار التبعية لهم انتهى وهذا يدل على عدم الاجماع عنده فإن لم يكن اجماع يشكل
الحكم بذلك انتهى أقول قد عرفت في المتولد من الكلب والخنزير ان الأقوى نجاسة المتولد من نجسين إما للاستصحاب بناء على بقاء الموضوع
عرفا كما يحكم بنجاسة مالا تحله الحياة من الكافر بعد موته واما لأجل تنقيح المناط عند أهل الشرع حيث إنهم يتعدون من نجاسة الأبوين
ذاتا إلى المتولد منهما فهو شئ مركوز في أذهانهم وان لم نعلم وجهه تفصيلا فكم لهم من هذا القبيل كما لا يخفى على المتتبع لأحوالهم بل
هذا الوجه هي العمدة والا فيمكن منع الاستصحاب بمنع جزئية الجنين في بطن امه للام عند صيرورته مضغة فلا دليل على نجاسته في ذلك
الوقت ضرورة عدم صحة استصحاب نجاسته حال كونها علقة لأنها من حيث كونها دما واما تعبير المص؟ في يه؟ بلفظ الأقرب فهو في مقابل
الاحتمال المخالف لا القول المخالف وهو لا ينافي تحقق اتفاق أهل الفتوى عليه لان الفروع المبنية على القواعد لا تخلو ا عن تطرق
الاحتمال وإن كان الحكم فيها متفقا عليه بين أهل الفتوى نعم لا يكون هذا اجماعا ويؤيد ما ذكرنا رواية عبد الله بن سنان المحكية
عن الفقيه قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن أولاد المشركين يموتون قبل الحنث قال كفار والله أعلم بما كانوا عاملين يدخلون مداخل
ابائهم وما روى أن أولاد المشركين يلحقون بابائهم لكن في دلالته على النجاسة نظر وكيف كان فالظاهر أن من بلغ مجنونا حاله حال
الطفل واما من بلغ وكفر ثم جن فإنه لا ينبغي الاشكال في نجاسته لصدق الكافر عليه ويشكل لو فرضنا زوال تلك الصفة الراسخة
في قلبه عنه بالمرة الا ان يتمسك بالاستصحاب وفيه مالا يخفى ولو أسلم ولد الكافر ثم جن فلاشك في طهارته بقى الكلام في المسبى
واللقيط إما المسبى فإذا كان منفردا عن أبويه ففي شرح المفاتيح ان ظاهر الأصحاب تبعيته للسابي في الطهارة وحكى فيه كما في اللوامع عن بعض
الأصحاب ان الطهارة لا خلاف فيها بينهم وان اختلفوا في تبعيته للسابي في الاسلام لكن المحكي في شرح ضة؟ وظاهر كلام المص؟ في التلخيص بقاء
تبعية الأبوين في جميع الأحكام وهو الذي تردد فيه أول الشهيد في ظاهر عبارة الذكرى مع اشعارها بوجود الخلاف في المسألة ومال إليه
ثانيهما في لك؟ تمسكا باستصحاب النجاسة الثانية له قبل السبى السليمة عن المزاحم حيث لم يعدوا التبعية من المطهرات عدا ما ربما يستدل
به على الطهارة من الأصل المندفع بورود الاستصحاب ومن لزوم الحرج المردود بأنه غير قابل لاثبات الطهارة إذا لم يكن عليه دليل آخر
كما لو استأجر طفل الذمي مدة مديدة وكما لو كان ولد الكافر عنده من غير سبى والأولى التمسك بالسيرة القطعية المستمرة على
المعاملة مع السبايا معاملة المسلمين من حيث الطهارة وعدم الالتزام بالتحرر عنهم فالقول بطهارتهم هو المعتمد سيما مع
ما عرفت من عدم دليل معتمد على نجاستهم قبل السبى لولا الاجماع عدا ما ذكرنا من الوجهين اللذين يمكن الخدشة في اولهما ويشكل
التمسك بثانيهما لو انفرد عن الجابر والنجاسة الثابتة بالاجماع لم يعلم ثبوتها لنفس الطفل أو الطفل المصاحب للأبوين فلعل لوصف
المصاحبة مدخلا في الموضوع الذي يعتبر القطع ببقائه في جريان الاستصحاب ولا يتوهم جريان مثل ذلك في ساير موارد الاستصحاب
ولأن النجاسة من الأمور التي إذا تحققت لا يرتفع الا بالمزيل فلابد من اثباته لاندفاع الأول بان ذلك من خصايص المستصحب الثابت
بالاجماع فان الموضوع فيه مشتبه غالبا الا ان يرجع في تشخيصه إلى العرف أو كلمات المجمعين وأما إذا ثبت المستصحب بالأدلة اللفظية
فالموضوع فيه معلوم غالبا واندفاع الثاني بان النجاسة انما يحتاج إلى المزيل في ارتفاعها عن محلها واما ارتفاعها بارتفاع
المحل فلا يحتاج الا إلى رافع للمحل أو انقضاء استعداد وجوده واما انهم لم يعدوا التبعية من المطهرات فإنهم لم يذكروا في مطهرات
الكافر غير الاسلام فمندفع بأنهم لم يذكروا في عنوان المطهرات اسلام الوالدين أيضا ولا يقدح ذلك مع تعرضهم للمسألة في
موضعه هذا كله إذا سباه منفردا ولو سباه مع أبويه فالمحكى عن الشيخ وابن الجنيد والقاضي والشهيد في بعض
فوائده الحكم بنجاسته
وفى شرح ضة؟ وكانه لا خلاف فيه عندنا واستدل لهم باستصحاب التبعية إلى أن يثبت المزيل والملكية ليست مزيلة كما لو زوج
350

المسلم جسده الكافر من أمته الكافرة فان ولدهما يتبع الأبوين دون المالك وبعموم النبوي كل مولود يولد على الفطرة وانما أبواه يهودانه
وينصرانه ويمجسانه فما لم ينقطع عنه تبعية الأبوين لم ينتف عنه التهويد والتنصير والتمجيس كذا قيل وفى دلالة النبوي نظر ظاهر خصوصا
ان المروى في بعض الكتب على ما رأينا حتى يكون أبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه وهذا أظهر في الدلالة على أن الولد طاهر ما لم يضله
أبواه ولو سبى مع أحد أبويه فالمحكى عن الجماعة المتقدم إليهم الإشارة انه يتبعه دون السابي وتبعهم المص؟ فيما حكى عنه ولعله لاستصحاب
التبعية المتقدم وعن جماعة من العامة تبعية السابي لان مدلول النبوي ان الأبوين يهودانه لا أحدهما وهو مفهوم ضعيف كما عن التذكرة
والمنتهى والمسألة محل الاشكال والقول بالنجاسة أقوى بناء على الاستصحاب المتقدم هذا كله من حيث الطهارة واما تبعيته للسابي
في أصل الاسلام حتى يترتب عليه احكام المسلمين من وجوب تجهيزه لو مات ونحو ذلك فالمحكى عن الشيخ وابن الجنيد وابن البراج والمص؟
في لقطة عد؟ والشهيد في الدروس القول بالتبعية لان هذا الطفل لا حكم له بنفسه وقد خرج من تبعية الأبوين بانقطاعه عنهما واخراجه عن دارهما
ومصيره إلى دار الاسلام تبعا للسابي المسلم فكان تابعا له في دينه ولقوله صلى الله عليه وآله كل مولود يولد على الفطرة وانما أبواه يهودانه وفى الدلالة
والسند ما لا يخفى خلافا للمحكى عن المص؟ في بعض كتبه وولده في الايضاح والحلى والمحقق الثاني فحكموا بتبعيته في الطهارة خاصة و
هو الأقوى واما الكلام في اللقيط فالمحكى عن الشيخ الحكم باسلام لقيط دار الاسلام إذا كان فيها مسلم صالح لتولده منه سواء
بينت؟ في الاسلام ولم يقربها الكفار أم كانت دار حرب غلب عليها المسلمون فاخذوها صلحا أو قهرا أو كانت دار الاسلام فغلب عليها
أهل الحرب وكذا لقيط دار الحرب إذا استوطنها مسلم ولو أسيرا كل ذلك لقوله صلى الله عليه وآله في النبوي في الاسلام يعلو ولا يعلى عليه وأما إذا دخله التجار
فذكر فيه وجهين الاسلام لغلبة جانبه والعدم لان الدار دار كفر والتحقيق في ذلك كله الحكم بالطهارة لأنها الأصل واما احكام
الاسلام فكلما كان الاسلام شرطا فلا يحكم وكلما كان الكفر مانعا فيحكم به
المشهور طهارة المخالف لأهل الحق
عدا الفرق الآتية منهم للأصل وأدلة طهارة المسلمين من النص والاجماع بعد ملاحظة ما دل على اسلامهم في الظاهر بناء على
تحديد الاسلام المقابل للايمان الذي هو مناط الطهارة دون المرادف له بما عليه الناس من الشهادتين والتزام الصلاة
والصيام والحج والزكاة وغير ذلك كما لا يخفى على المتتبع باب الفرق بين الايمان والاسلام من أصول الكافي هذا مضافا إلى السيرة
القطعية المستمرة من زمن حدوث هذا المذهب إلى يومنا هذا من الأئمة صلوات الله عليهم وأصحابهم ومن جميع المؤمنين من المباشرة
لهم ومساورتهم والاكل من ذبايحهم وأطعمتهم ومزاوجتهم فربما كان أهل بيت واحد بعضهم مؤمن وبعضهم مخالف ومن لاحظ زمان
الأئمة وقلة المؤمنين في ذلك الزمان يقطع بعدم امكان التحرز فضلا عن تعسره ولا ينقض ذلك باستمرار السيرة في مدة زمان دولة
بنى أمية على المعاشرة وترك التحرز عن النصاب لشيوع النصب والسب في ذلك الزمان فانا نمنع شيوع النصب الحقيقي وانما كان الناس
يظهرون البراءة من أمير المؤمنين عليه السلام تقية مع أن الحكم بنجاسة الناصب لعله لم يكن في ذلك اليوم ظاهرا للناس فان الاحكام
انما انتشرت بين الناس تدريجا ولا اشكال في أصل المسألة انما الاشكال والحيرة في أن السيد قده مع قرب عهده بذلك الزمان
وابتلائه بذلك في تلك البلدان كيف أوجب على نفسه وعلى الناس التحرز عنهم في المساورة الا أن يقول بالعفو عن نجاستهم كما عفى
عن قليل الدم عند الشيخ وعن سائر ما يتعلق بالمعاشرة من احكام الكافر كحرمة الذبيحة وحرمة المناكحة ونحو ذلك وبه يجمع بين
ما دل على كفرهم المستلزم لترتب تلك الأحكام بناء على ملازمتها وله بين الاجماع العملي بل تواتر السنة الفعلية على معاملتهم معاملة
المسلمين ولا ينافي ما ورد في الاخبار من جعلهم مسلمين لان المراد به ما يوجب العفو عن احكام الكفر ودعوى ان المعاشرة وعدم
الاجتناب انما كان لأجل التقية وعدم التمكن من الالتزام بمجانبتهم والمعاشرة بترك عبادتهم وحضور جماعتهم فضلا عن
مجانبتهم في المساورة بترك عبادتهم ذبايحهم وأطعمتهم مدفوعة مع مخالفتها للأصل بان السيرة المدعاة انما هي على المعاملة
معهم معاملة الطاهر لا مجرد المساورة الا ان يلتزم بما احتمله صاحب الحدائق في المقام بل ربما مال إليه ان تسويغ المباشرة
للتقية والاذن فيها يوجب عدم وجوب ترتب الأثر على تلك النجاسة وفيه مالا يخفى أو يقال إن الخلطة لما صارت على وجه يوجب
نجاسة الأشياء على وجه يوجب إزالة النجاسة عنها بالمرة إذاعة السر وإضاعة التقية ونحوه التبعيض بمقدار التمكن سيما لجهلة؟ الشيعة
والتبعيض في الإزالة غير مجد فلذا ارتفع وجوب الإزالة وعفى عنهم عفو الدم في الصلاة لاعفو الدم الغير المستبين في الماء
وفيه ان هذا بعينه موجود بالنسبة إلينا في هذا الزمان من جهة الحرج وان لم يكن من جهة التقية بل من جهة التقية أيضا كما لا يخفى
فالمقصود الأصلي عدم وجوب غسل ما لاقاهم ولا غرض يتعلق باثبات صفة الطهارة لهم بقى الكلام في سائر احكام الاسلام التي
351

لا يتعلق بالمباشرة كالتجهيز ولا مضايقة عن القول بعدم وجوبه كما عن المفيد والقاضي مع حكمهما بطهارتهم واستدل الشيخ في التهذيب للمفيد
بان المخالف لأهل الحق كافر فيجب ان يكون حكمه حكم الكفار الاما خرج بالدليل واستدل عليه الحلى بعد اختياره له بقوله تعالى ولا
تصل على أحد منهم مات ابدا يعني الكفار والمخالف لأهل الحق كافر بلا خلاف وفى المعتبر في مسألة الزكاة في بيان أوصاف مستحقي الزكاة
بعد دعوى اجماع أهل العلم على عدم اعطاء الكافر قال ولا يعطى غير الامامي وان اتصف بالاسلام ثم استدل على ذلك بان الايمان
تصديق النبي صلى الله عليه وآله في كل ما جاء به والكفر جحود ذلك فمن ليس بمؤمن فهو كافر وليس للكافر زكاة بما بيناه ولان مخالف الحق محاد لله و
رسوله فلا يجوز موادته والزكاة معونة وارفاق فلا يصرف إلى محاد انتهى وأوضح من ذلك ما عن المنتهى من الاستدلال على هذا الحكم بان
الإمامة من أركان الدين وقد علم ثبوتها من الدين ضرورة والجاحد لها لا يكون مصدقا للرسول في جميع ما جاء به فيكون كافرا
انتهى وعن شرحه على فص الياقوت للشيخ الجليل ابن نوبخت من متقدمي أصحابنا عند قول الماتن دافعوا النص كفرة عند جمهور أصحابنا
ومن أصحابنا من يفسقهم إلى آخره قال في شرح ذلك إما دافعوا النص على أمير المؤمنين (ع) بالإمامة فقد ذهب أكثر أصحابنا على تكفيرهم لان
النص معلوم بالتواتر من دين محمد صلى الله عليه وآله فيكون ضروريا أي معلوما من دينه ضرورة فجاحده يكون كافرا كمن يجحد وجوب الصلاة
وصوم شهر رمضان انتهى والحاصل ان ثبوت صفة الكفر لهم مما لا اشكال فيه ظاهرا كما عرفت من الأصحاب ويدل عليه اخبار متواترة
تذكر بعضها تيمنا وتشريفا للكتاب ففي رواية أبى حمزة قال سمعت أبا جعفر (ع) يقول إن عليا باب فتحه الله من دخله كان مؤمنا ومن
خرج منه كان كافرا ورواية أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله طاعة علي (ع) ذل ومعصيته كفر بالله قيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله
كيف كان طاعة علي (ع) ذلا ومعصيته كفرا قال علي (ع) يحملكم على الحق فان أطعتموه ذللتم وان عصيتموه كفرتم بالله عز وجل وفى رواية إبراهيم
ابن أبي بكر قال سمعت أبا الحسن موسى (ع) يقول إن عليا (ع) باب من أبواب الهدى فمن دخل في باب علي (ع) كان مؤمنا ومن خرج منه كان
كافرا ومن لم يدخل فيه ولم يخرج منه كان في طبقة الذين لله فيهم المشية ورواية الفضل بن يسار قال سمعت أبا جعفر (ع) يقول إن
الله نصب عليا (ع) علما لله بين خلقه فمن عرفه كان مؤمنا ومن أنكره كان كافرا ومن جهله كان ضالا ومن نصب معه شيئا كان مشركا
ومن جاء بولايته دخل الجنة ومن جاء بعداوته دخل النار وفى رواية إبراهيم بن بكر عن أبي إبراهيم (ع)؟ ان عليا (ع) باب من أبواب الجنة
فمن دخل بابه كان مؤمنا ومن خرج من بابه كان كافرا ومن لم يدخل فيه ولم يخرج كان في الطبقة الذين لله فيهم المشية وعن الكافي
بسنده إلى الباقر (ع) قال إن الله نصب عليا (ع) بينه وبين خلقه فمن عرفه كان مؤمنا ومن أنكره كان كافرا ومن جهله كان ضالا
وعن الصادق (ع) من عرفنا كان مؤمنا ومن أنكرنا كان كافرا وعن كمال الدين عن الصادق (ع) الامام علم بين الله عز وجل وبين خلقه من
عرفه كان مؤمنا ومن أنكره كان كافرا وعن المحاسن بسنده إلى النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لحذيفة يا حذيفة ان حجة الله بعدي عليك علي بن
أبي طالب الكفر به كفر بالله والشرك به شرك بالله والشك فيه شك في الله والالحاد فيه الحاد في الله والانكار له انكار الله والايمان
به ايمان بالله لأنه أخو رسول الله صلى الله عليه وآله ووصيه وامام أمته ومولاهم وهو حبل الله المتين وعروته الوثقى لا انفصام لها الحديث
إلى غير ذلك مما لا يطيق مثلي الإحاطة بعشر معشاره؟ بل ولا بقطرة من بحاره الا ان المستفاد من مجموع الاخبار وكلمات الأخيار ان
المراد بهذا الكفر المقابل للايمان الذي هو أخص من الاسلام وترتب النجاسة الظاهرية على الكفر بهذا المعنى مما لم يدل عليه دليل
فان عمدة دليل نجاسة الكفار إما الأخبار الدالة على نجاسة الفرق بالخصوص كاليهود والنصارى وغيرهم واما الاجماعات المحكية على
نجاسة كل كافر إما الاخبار فلا تجدى في المقام كما لا يخفى بل وكذا الاجماع نظرا إلى تصريح نقلة الاجماع بإرادة الكافر في مقابلة المسلم
وقد ثبت من الأخبار الكثيرة الواردة في حل الجلود والذبايح إذا كان في سوق المسلمين أو في ارض الاسلام أو كان الذابح دان
بكلمة الاسلام ونحو ذلك صدق المسلم عليهم أو اطلاقه عليهم لكونهم بمنزلة المسلم في الطهارة ونحوها من الأحكام المتعلقة
بمعاشرتهم وقد عقد ثقة الاسلام في الكافي بابا لذكر الأخبار الدالة على تغاير الاسلام والايمان ولا يبعد دعوى تواترها المعنوي؟
منها رواية ابن أبي عمير عن الحكم بن أيمن عن القسم الصيرفي عن أبي عبد الله (ع) قال الاسلام يحقن به الدم ويؤدى به الأمانة ويستحل
به الفروج والثواب على الايمان وبمضمونها حسنة فضيل ابن يسار وصحيحي أبى الصباح الكناني وحمران بن أعين ورواية
سفيان السمط عن أبي عبد الله (ع) قال الاسلام هو الظاهر الذي عليه الناس شهادة ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله
صلى الله عليه وآله؟ وأقام الصلاة وايتاء الزكاة وحج البيت وصيام شهر رمضان فهذا الاسلام والايمان معرفة هذا الامر مع هذا فان أقر بها ولم
يعرف هذا الامر كان مسلما ضالا ورواية ابن محبوب عن جميل بن صالح عن سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام ان الايمان يشارك
352

الاسلام والاسلام لا يشارك الايمان قلت فصفهما لي قال إن الاسلام شهادة ان لا إله إلا الله والتصديق برسول الله صلى الله عليه وآله به حقنت
الدماء وعليه جرت المناكح والمواريث وعلى ظاهره جماعة الناس والايمان الهدى وما يثبت في القلوب من صفة الايمان وما ظهر من العمل
به وصحيحة حمران بن أعين عن أبي جعفر (ع) فيها ان الايمان ما استقر في القلب وأفضى به إلى الله تعالى وصدقه العمل بطاعة الله والتسليم لامره والاسلام
ما ظهر من قول أو فعل وهو الذي عليه جماعة الناس من الفرق كلها وفى رواية زرارة عن أبي جعفر (ع)
المروية عن باب ارتداد الصحابة و
فيها قوله (ع) واما من لم يصنع ذلك ودخل فيما دخل فيه الناس على غير علم ولا عداوة لأمير المؤمنين (ع) فان ذلك لا يكفره ولا يخرجه عن الاسلام
إلى الكفر إلى غير ذلك من الاخبار فالحاصل ان المستفاد مما يدل على أن المخالفين منتحلوا الاسلام لعدم اخذ الولاية في مفهومه كالنبوة
ولم يبق في المقام الا ما ذكره في الحدائق من دعوى كونهم نصابا وقد أجمع على نجاسة الناصب أو دعوى كون الولاية من ضروريات الدين
كالصلاة والزكاة والصوم والحج فمستحل تركها كافر كإخوانه التي هي أهمها في نظر شارع الاسلام كما صرح به أبو جعفر (ع) في رواية الفضيل يعنى
الاسلام على خمسة إلى أن قال ولم يناد شئ كما نودي بالولاية ويرد على الأولى بعد تسليم كونهم نصابا والاغماض عن الخدشة فيما يجيئ
من الروايات الدالة على ذلك وسيجيئ ان الصدوق نسب ذلك إلى توهم الجهال ان العمدة في دليل نجاسة الناصب إما روايات نجاسة
الناصب الآتية وستعرف اختصاصه بالناصب لأهل البيت عليهم السلام واما الاجماع المفقود هنا واما انكاره للضروري والمسلم ان عداوة أمير المؤمنين
عليه السلام أو أحد الأئمة (على) مخالف لضروري الدين واما ولايتهم فدعوى ضروريتها ترجع إلى الدعوى الثانية من دعوى صاحب ئق؟
ويرد عليهما امكان منع ان الولاية من ضروريات الدين مطلقا إذ لا يستفاد ذلك من تلك الأخبار الدالة على أنه بنى الاسلام على خمس و
لا يلزم من أهميتها في نظر الشارع صيرورتها ضرورية فربما يتحقق في الأهم من دواعي الاستتار وموانع الانتشار ما لا يتحقق في
غيره نعم لا نضايق من كونها عند بعض من الضروريات كمن ثبت عنده ذلك بالتواتر أو بالشياع ولا ينبغي الاشكال في كفره ولعله
المراد بدافعي النص في عبارة؟ فص الياقوت وشرحه المتقدمين مع انا لو سلمنا كونها ضرورية مطلقا لكن الأخبار المتقدمة المذكورة
الدالة على أن جماعة الناس بظاهر الاسلام ويحل مناكحهم وموارثهم مخصص لعموم ما دل على كفر منكر الضروري وان قلنا إن الوجه في
كفره هو استلزامه لتكذيب النبي صلى الله عليه وآله على أحد القولين في وجه كفر منكر الضروري إذ لا يبعد الحكم بطهارة بعض من كذب النبي صلى الله عليه وآله إذا لم
يظهر منه ذلك بان يدعى ان النبي صلى الله عليه وآله لم يجئ به لأنه صلى الله عليه وآله كاذب فيما جاء به وان استلزم انكاره لذلك باطنا على هذا القول ومما يرفع
هذا الاستبعاد ان الظاهر من كثير من الأخبار المتقدمة وغيرها مما ورد في تغائر الاسلام والايمان ان مجرد اظهار الشهادتين و
فعل الصلاة وأخواتها كاف في الاسلام بل في شرح المفاتيح ان من بديهيات المذهب ان النبي صلى الله عليه وآله كان يساور المنافقين وما كان
يجتنب منهم الا ان يقال إن هذه المعاملة مع المنافقين المبطنين للكفر المظهرين للاسلام كان مختصا بصدر الاسلام ومن هنا
يضعف ما في المعتبر من الاستدلال على طهارة العامة بعدم اجتناب النبي صلى الله عليه وآله لفلان وفلان وفلانة وفلانة فان هذا لو تم لدل
على عدم نجاسة النواصب فلا محيص عن حملها على مصلحة اقتضت عدم ايجاب التحرز عنهم وعن أمثالهم من المنافقين وكيف كان فما
ذكرنا من جواز الحكم بطهارة منكر الضروري وان رجع انكاره إلى كذب النبي صلى الله عليه وآله ما لم يصرح بالتكذيب وان سلمنا انه خلاف القاعدة
المسلمة من كفر منكر الضروري وعدم كفاية مجرد انكار مجيئ رسول الله صلى الله عليه وآله إذا لم يحتمل في حقه الشبهة الا انه استبعاد فيه بعد ورود
الدليل على اسلام هؤلاء المنكرين لهذا الضروري الخاص وما ذكرنا من كفاية اظهار الشهادتين في احكام الاسلام مؤيد لرفع
الاستبعاد وان خصصناه ببدو الاسلام وزمان اقتضاء المصلحة لتكثير سواد المسلمين والغلبة بهم على أهل الحرب وكيف كان فالحكم بنجاسة
المخالف مطلقا كما عن السيد وجماعة أو ما عدا المستضعف منهم كما عن الحلى ضعيف ولا يتوهم من الحكم بطهارتهم الحكم بثبوت مزية لهم
من حيث الرتبة على ساير الكفار كما توهمه بعض فطعن على المتأخرين بما طعن وانما نحكم بذلك كما ذكره كاشف اللثام استهزاء بهم
ودفعا للحرج عن المؤمنين والظاهر أن سائر فرق الشيعة غير الاثني عشرية في حكمهم وان ورد فيهم عموما اوفى خصوص بعضهم ما
يدل على كفرهم أو نصبهم ففي رواية عبد الله بن المغيرة المحكية عن الروضة قال قلت لأبي الحسن (ع) انى ابتليت برجلين أحدهما ناصب
والاخرى زيدي ولا بد من معاشرتهما فمن أعاشر فقال (ع) همان سيان من كذب باية من آيات الله تعالى فقد نبذ الاسلام وراء
ظهره وهو المكذب لجميع القران والأنبياء والمرسلين ثم قال هذا نصب لك وهذا الزيدي نصب لنا ورواية محمد بن مطهر الواردة
في الواقفة وفيها قوله (ع) انا إلى الله منهم برئ فلا تولهم ولا تعد مرضاهم ولا تشهد جنائزهم ولاتصل على أحد منهم مات ابدا
سواء من جحد إماما من الله تعالى أو زاد إماما ليست إمامته من الله وجحد أو قال ثالث ثلثة ان الجاحد أمر اخرنا جاحد أمر
353

أولنا والزائد فينا كالناقص الجاحد لامرنا وفى رواية ابن أبي يعفور ثلثة لا يكلمهم الله يوم القيمة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم من ادعى
امامة من الله ليست له ومن جحد إماما إمامته من الله ومن زعم أن لهما في الاسلام نصيبا ويدل عليه عموم ما دل على أن الناصب هو
الذي ينصب للاثني عشرية لانهم كذلك فان سائر فرق الشيعة كالمخالفين ينصبون للاثني عشرية وقد ورد اخبار كثيرة في خصوص الزيدية
انهم النصاب وفى بعض الأخبار عطف الواقفة عليهم لكنك خبير بان ظاهر تلك الأخبار كون هذه الفرق بمنزلة المخالفين ولا ينفهم؟
القول بولاية أمير المؤمنين (ع) فاطلاق الكفر عليهم باعتبار إرادة ما يقابل الايمان لا ما يقابل الاسلام الذي لا خلاف في نجاسته
وان أظهر الاسلام وانتحله إذا جحد ما يعلم ثبوته من الدين ضرورة كالنواصب ومنهم الخوارج وكالغلاة بلا خلاف في نجاسة خصوص
الفريقين كما عن ظاهر جماعة بل في الكلية المذكورة وهي نجاسة كل منكر لضروري الدين بناء على عدم الخلاف في كفره كما هو الظاهر قال في
شرح المفاتيح ان كل من أنكر ضروري الدين يكون خارجا عنه عند الفقهاء إذا لم يحتمل فيها الشبهة الا ان يكون قريب العهد بالاسلام
أو ساكنا في بلاد الكفار معيشا فيها بحيث أمكن في شانه عروض الشبهة انتهى وربما يتأمل في تحقق الاجماع على نجاسة كل كافر
بناء على انصراف معاقد الاجماع إلى غير المرتد فيقوى لذلك طهارته وهو ضعيف جدا ثم إن هنا كلاما في أن انكار الضروري
سبب مستقل في النجاسة كما نسبه في مفتاح الكرامة إلى ظاهر الأصحاب وحكى النسبة عن أستاذه وتبعه في النسبة شيخنا المعاصر في شرحه على
الشرائع أو من جهة رجوعه إلى انكار صدق النبي صلى الله عليه وآله كما يظهر من عبارة الأردبيلي المحكية عنه حيث قال الضروري الذي يكفر منكره الذي
ثبت عنده يقينا كونه من الدين ولو بالبرهان ولو لم يكن مجمعا عليه إذ الظاهر أن دليل كفره هو انكار الشريعة وانكار صدق النبي صلى الله عليه وآله
في ذلك مع ثبوته يقينا عنده وليس كل من أنكر مجمعا عليه يكفر بل المدار على حصول العلم والانكار وعدمه
الا انه لما كان حصوله في الضروري غالبا جعلوا ذلك مناطا وحكموا به فالجمع عليه ما لم يكن ضروريا لم يؤثر وصرح به التفتازاني
في شرح الشرح مع أنه ظاهر انتهى وكان مراده ما ذكره التفتازاني في مسألة مثل المجمع عليه قال إنه لاخفاء في أنه لا يتصور من
مسلم القول بان انكار ما علم كونه من الدين بالضرورة لا يوجب الكفرية انتهى ثم حكى عن بعض العامة وهو صاحب المنتهى أنه قال
إما القطعي فكفر به بعض وانكره بعض والظاهر أن نحو العبادات الخمس والتوحيد مما لا يختلف في حكمها قال وهو صريح في أن الخلاف
في كفر منكر الاجماع انما هو في غير الضروريات انتهى كلام التفتازاني وحكى نحو ما ذكره المحقق الأردبيلي عن ظاهر الذخيرة وهو ظاهر
شارح ضة؟ ومحشيها جمال الملة والدين الخونساري بل صرح اولهما في كشف اللثام بأنه يعتبر في منكر الضروري علمه بضروريته
وقال المحشى المذكور قده في وجه عدم التكفير مع الانكار لشبهة قال وذلك لان الحكم بكفر منكر الضروري كالصلاة انما هو باعتبار
ان من نشأ بين المسلمين وعاشرهم يعلم بديهة وجوب الصلاة في شرعنا واخبار نبينا صلى الله عليه وآله فانكاره لا يحتمل ان يكون باعتبار انكار
اخبار النبي صلى الله عليه وآله به بل ليس منشأه الا عدم الايمان والتصديق بالنبي صلى الله عليه وآله وإن كان يظهر الايمان ويحكم بحسب الظاهر أن النبي صلى الله عليه وآله لم يحكم بوجوبه
فان ذلك منه لتقية ونحوها وليس منشأ الانكار الا ذلك وانما يتمشى ذلك مع عدم الشبهة إذ من كان قريب العهد والصحبة
بالاسلام أو المسلمين ونشأ في بلاد الكفر فلا اطلاع منه على عقايد المسلمين فربما خفى عليه بعض ضروريات المسلمين واخبار
النبي صلى الله عليه وآله فلو أنكره لم يعلم من انكاره انكار النبي صلى الله عليه وآله فتفطن انتهى وقد صرح بذلك أيضا المحقق القمي قده في القوانين أقول واللازم
على هذا ان لا يكفر من أنكر بعض الضروريات لجهل مركب نشأ من تقصيره في طلب الحق والاقتصار على تقليد أسلافه في أن ما هم عليه مما
جاء به النبي صلى الله عليه وآله عموما أو خصوصا مع أن كثيرا من الخوارج والنواصب المتأخرين من أسلافهم على هذا الوجه نريهم يتقربون إلى الله والى
رسوله صلى الله عليه وآله بالبرائة من أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه وعلى أولاده الطاهرين مع أن الأصحاب يتمسكون في كفر الفرقتين
بأنهم منكرون للضروري وكذلك كل ضروري صار انكاره دينا لطائفة وعلى هذا فلابد ان يكون الكفر مختصا بالطبقة الأولى
من منكريه العالمين بأنه مما جاء به النبي صلى الله عليه وآله دون المتأخر الذي نشأ على هذا الاعتقاد من أول عمره وإن كان متفطنا عالما بان
جماعة من الناس بل أكثرهم على خلاف هذا بل وان صار تفطنه هذا موجبا لشكه في صحة دينه فان الشاك في الضروري انما يكفر
على هذا القول إذا علم الشاك بأنه مما جاء به النبي صلى الله عليه وآله حتى يرجع شكه إلى الشك في صدق النبي والمفروض ان الرجل شاك في أن النبي صلى الله عليه وآله
جاء به أم لا ودعوى ان كل فرد من افراد الخوارج والنواصب علموا بان من دين النبي صلى الله عليه وآله مودة ذي القربى ويكذبونه في دعوى انه من
الله خلاف المحسوس نعم لو قلنا بما نسبوه إلى ظاهر الأصحاب من أن منكر الضروري كافر لامن حيث إنه مكذب للنبي صلى الله عليه وآله لم يرد عليه ما
ذكرنا إذ انكار الضروري يصير سببا مقابلا للاقرار بالرسالة والتصديق بما جاء به نعم يرد على هذا أيضا انه لاوجه حينئذ لما اشتهر
354

من اخراج صورة الشبهة فان انكار أصول الدين كالإلهية والرسالة لافرق في تكفير منكرها بين ما كان للجحد مع العلم أو لشبهة هذا
مع أن الأخبار الدالة على بيان الاسلام وتحديده خال عن اعتبار التصديق بخصوص الضروريات من حيث إنها صارت ضرورية
وان ورد ان الاسلام بنى على خمس الا ان المراد ذوات هذه الخمس لامن حيث صيرورتها ضروريات حتى يكون كل ما صارت كذلك يكون مبنى
للاسلام والذي يمكن ان يقال في توضيح المرام في هذا المحال انه لاشك في أن الاسلام عرفا وشرعا عبارة عن التدين بهذا الدين
الخاص الذي يراد منه مجموع حدود شرعية منجزة على العباد كما قال الله تعالى ان الدين عند الله الاسلام فمن خرج عن ذلك ولم يتدين
به كان كافرا غير مسلم سواء لم يتدين به أصلا أو تدين ببعضه دون بعضه أي بعض كان ففي صحيحة أبى الصباح الكناني قال قلت لأبي جعفر (ع)
ان عندنا قوما يقولون إذا شهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله فهو مؤمن قال فلم يضربون الحدود ويقطع وما خلق الله
عز وجل خلقا أكرم على الله عز وجل من المؤمنين وان الملائكة خدام المؤمنين وان جوائز الله للمؤمنين وان الجنة للمؤمنين وان
الحور العين للمؤمنين ثم قال (ع) فما بال من جحد الفرائض كان كافرا الحديث فهذه الرواية واضحة الدلالة على أن التشرع بالفرائض مأخوذ
في الايمان المرادف للاسلام كما هو ظاهر السؤال والجواب كما لا يخفى وفى مكاتبة عبد الرحيم الصحيحة وفيها ولا يخرجه إلى الكفر الا الجحود
والاستحلال بان يقول للحلال هذا حرام وللحرام هذا حلال ودان بذلك فعندها يكون خارجا من الاسلام والايمان داخلا في
الكفر وفى صحيحة عبد الله بن سنان قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يرتكب الكبيرة من الكبائر فيموت هل يخرجه ذلك عن الاسلام
وان عذاب كان عذابه كعذاب المشركين أم له مدة وانقطاع فقال من ارتكب كبيرة من الكبائر فزعم أنها حلال أخرجه ذلك عن الاسلام
وعذب أشد العذاب وإن كان معترفا انه أذنب ومات عليه أخرجه من الايمان ولم يخرجه من الاسلام وكان عذابه أهون من عذاب
الأول إلى آخره ونحوها رواية مسعدة بن صدقة المروية في الكافي في باب الكبائر والظاهر أن المراد الايمان الكامل في الجملة وصحيحة يزيد
العجلي عن أبي جعفر (ع) قال سئلته عن أدنى ما يكون به العبد مشركا قال من قال للنواة حصاة وللحصاة انها نواة ثم دان به وفى رواية سليم بن
قيس الهلالي عن أمير المؤمنين (ع) التي في سندها حماد بن عيسى وفيها أدنى ما يكون به العبد كافرا من زعم أن شيئا نهى الله عنه ان الله أمر به
ونصبه دينا يتولى عليه ويعبد الذي امره وانما يعبد الشيطان إلى آخره إلى غير ذلك من الأخبار الدالة على كفر منكر شئ من الدين ومثل
قوله (ع) من شرب النبيذ على أنه حلال خلد في النار ومن شربه على أنه حرام عذب في النار ومثل ما دل على وجوب قتل من أفطر شهر
رمضان وشارب الخمر بل وتارك الصلاة إذا نفوا الاثم عن أنفسهم نعم ورد في الاخبار ما يدل على استثناء الجاهل مثل ما ورد في باب
حد شارب الخمر من أن الأمير (ع) دفع الحد عن شرب الخمر معتذرا باني لم اعرف حرمته وما ورد في ذلك الباب عن محمد بن مسلم قال سئلت
أبا جعفر (ع) عن رجل دعوناه إلى جملة ما يحق له من جملة الاسلام فاقربه ثم شرب الخمر وزنى واكل الربا ولم يبين له شئ من الحلال والحرام
أقيم عليه الحد إذا جهله قال الا ان تقوم عليه بينة انه كان أقر بحرمتها ودعوى عدم المنافاة بين الكفر وعدم إقامة الحد عليه للجهل
بعيدة جدا واما ما دل من النصوص والفتاوى على كفاية الشهادتين في الاسلام فالظاهر أن المراد به حدوث الاسلام ممن ينكرهما من
غير منتحلي الاسلام إذ يكفي منه الشهادة بالوحدانية والشهادة بالرسالة المستلزمة للالتزام بجميع ما جاء به النبي وتصديقه
في ذلك اجمالا فان المراد من الشهادة بالرسالة الشهادة على أنه صلى الله عليه وآله رسول ومبلغ من الله بالنسبة إلى ما جاء به من الشريعة فلا ينافي
كون ما ذكرنا من عدم التدين ببعض الشريعة أو التدين بخلافه موجبا للخروج عن الاسلام وكيف كان فلا اشكال في أن عدم التدين
بالشريعة كلا أو بعضا مخرج عن الدين والاسلام ثم إن عدم التدين قد يرجع إلى عدم الانقياد لله بان يعلم مجيئ النبي صلى الله عليه وآله به ويعلم صدقه
في ذلك الا انه لا يتدين بذلك عصيانا بحيث لو أوجب الله عليه ذلك من غير واسطة لأبي عنه وامتنع نظير كفر إبليس لعنه الله وقد يرجع
إلى انكار صدق النبي صلى الله عليه وآله كمن أنكر شيئا من الدين مع علمه ان النبي صلى الله عليه وآله جاء به ولا اشكال في كفر هذين القسمين الا ان تكفيرنا له متوقف على
علمنا بعلمه المذكور سواء نشأ علمنا من الخارج أو من جهة اقراره أو من جهة كون المنكر بالفتح ضروريا لا يخفى على مثل هذا الشخص الذي
نشأ بين المسلمين بل لو ادعى الجهل بمجيئ النبي صلى الله عليه وآله به لم يقبل بل يحمل دعواه على خوف التشيع أو التكفير فعلمنا من ذلك بضرورية المنكر بالفتح
لادخل له في كفر المنكر وانما له دخل في تكفيرنا إياه حيث إنه لا سبيل لنا غالبا إلى العلم بعلم المنكر الامن جهة كون المنكر مما لا يخفى
على مثل المنكر ممن نشاء بين المسلمين وقد لا يرجع انكاره إلى شئ من العنوانين كمن أنكر شيئا من الدين بدعوى عدم مجيئ النبي صلى الله عليه وآله به أو
مجيئه بخلافه بحيث يعلم أو يحتمل ان ذلك ليس لأجل ليس لأجل تكذيب النبي صلى الله عليه وآله كما عرفت من أن كثيرا من الخوارج والنواصب والمتدينين ببعض ما هو
مخالف لضروري الدين من هذا القبيل قطعا أو ظنا أو احتمالا بل ربما يعدون المخالف لهم خارجا عن الدين فيقربون إلى الله ببغضه
355

وعداوته فالملازم على عن استند في كفر منكر الضروري إلى رجوع انكاره إلى تكذيب النبي صلى الله عليه وآله ان لا يحكم بكفرهم من غير تفرقة بين كون هذا الانكار
ناشيا عن قصورهم أو عن تقصيرهم غاية الأمر مؤاخذة المقصر على ترك التدين بما أنكره لو كان انكاره متعلقا بالعقايد كالمعاد ونحوه و
الا فالعمليات لا عقاب فيها الا على ترك العمل فالمنكر لحرمة الخمر لا دليل على عقابه الاعلى نفس شرب الخمر لو شربها الاعلى ترك التدين بحرمتها لعدم
قصد الشارع إلى التدين تفصيلا بالأحكام العملية أولا وبالذات وكيف كان فالمؤاخذة على ترك التدين لا يستلزم الكفر لأنه متوقف
على التكذيب المنفى في المقام لكن الانصاف ان هذا القول مخالف لظاهر كلمات الفقهاء في حكمهم بكفر منكر الضروري على الاطلاق بل مقابلته
لانكار الرسالة وفى حكمهم بكفر الخوارج والنواصب معللين بانكارهم للضروري مع ما هو المشاهد من كثير من هذه الفرق الخبيثة وانهم
يتقربون إلى الله بذلك ولا يحتمل في حقهم رجوع انكارهم لحق أمير المؤمنين والأئمة صلوات الله عليهم إلى انكار النبي صلى الله عليه وآله وتكذيبه صلى الله عليه وآله مضافا
إلى مخالفته لاطلاقات الأخبار المتقدمة في حصول الكفر باستحلال الحرام وتحريم الحلال سيما قوله (ع) في صحيحة الكناني المتقدمة فما بال
من جحد الفرائض كان كافرا في رد من زعم كفاية الشهادتين في الاسلام وخصوص ما ورد في قتل كثير من مستحلى المحرمات كالخمر
وترك الصلاة والافطار ونحو ذلك مع ما عرفت من أن عدم التدين ببعض الدين يوجب الخروج عن الدين فان مستحل ترك الصلاة
يعد خارجا عن الدين فهو غير متدين بالاسلام وان ما ورد من أن الاسلام شهادة ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله محمول
بقرينة ما سبق في الروايات على كونه هو الاسلام لمن أراد الدخول فيه والانتحال له في مقابل سائر الملل نعم
هذا الوجه الأخير انما يدل
على كفر المقصر في ترك التدين بالضروري دون القاصر لعدم تكليفه بالتدين بما جهله لكن لا حاجة إلى هذا الوجه في اثبات المطلب
بل يشكل تماميته فإنه لو تم لاختص بما كان من الضروريات من قبيل العقايد كالمعاد ونحوه دون ما كان من قبيل الاحكام العملية كوجوب
الصلاة وحرمة الخمر إذ لا دليل على وجوب التدين بمثل ذلك تفصيلا بحيث يعاقب على ترك التدين به كما يعاقب على ترك العمل بل الثابت
هو الثاني لان الواجب فيه أولا وبالذات العمل كما عرفت سابقا نعم يجب التدين به اجمالا في ضمن الاقرار بما جاء به النبي صلى الله عليه وآله إذ لا اشكال في
وجوب الاقرار المذكور لعدم تمامية الاقرار بالرسالة بدونه لكنه لادخل له في وجوب التدين بالأحكام العملية ضرورية كانت أو نظرية
وكيف كان ففي الاطلاقات المتقدمة من النصوص والفتاوى كفاية فيكون حال القاصر المنكر للضروري حال القاصر المنكر للنبوة فان
الظاهر أنه لا اشكال في كفره ونجاسته وان فرضناه قاصرا إذ لا منافاة بين الكفر والنجاسة وبين عدم المؤاخذة والحاصل ان المنكر للضروري
الذي لا يرجع انكاره إلى انكار النبي صلى الله عليه وآله إما ان يكون قاصرا واما ان يكون مقصرا وعلى التقديرين فاما ان يكون الضروري الذي أنكره
اعتقادا من العقايد كالمعاد واما ان يكون فعلا كسب النبي صلى الله عليه وآله والقاء المصحف في بعض الأمكنة وإن كان الفاعل
يعتقد وذلك حراما في الشريعة إذ ليس المأخوذ في الدين التدين بحكمه بل التدين بترك عمله فهذه أقسام ستة ظاهر اطلاق النصوص
والفتاوى خصوصا اجماعهم على كفر الخوارج والنواصب مستدلين بانكارهم للضروري حيث إن عموم كلامهم للقاصر والمقصر من هذه
الفرقة الحبيشة؟ ليس بأولى من عمومه للقسمين؟ من اليهود والنصارى الحكم بكفر جميعهم ويؤيدها ما ذكرنا من أن التارك للتدين ببعض الدين
خارج عن الدين والسيرة المستمرة من الأصحاب في تكفير الحكماء المنكرين لبعض الضروريات مع العلم أو الظن بأنه لم يكذب النبي صلى الله عليه وآله في ذلك
لا أقل من الاحتمال الا ان الانصاف ان في شمول الأخبار المطلقة المتقدمة الدالة على حصول الكفر بالاستحلال للقاصر نظرا ظاهرا
ومنع وجود القاصر في الكفار كلام اخر واما نجاسة الخوارج والنواصب فنمنع كونها لمجرد الانكار للضروري فلعله لعنوانهما الخاص بل لا يستفاد
من الاخبار الا ذلك كما في اليهود والنصارى فيكون ولاية الأمير والأئمة صلوات الله عليهم بمعنى محبتهم كالرسالة في كفر منكرها من
غير فرق بين القاصر المقصر ولو سلم ما ذكر من الاطلاق فإنما هو في العقايد الضرورية المطلوبة من المكلفين التدين بالاعتقاد
بها دون الاحكام العملية الضرورية التي لا يطلب فيها الا العمل فالأقوى التفصيل بين القاصر وغيره في الاحكام العملية الضرورية
دون العقايد تمسكا في عدم كفر منكر الحكم العملي الضروري لعدم الدليل على سببيته للكفر مع فرض عدم التكليف بالتدين بذلك
الحكم ولا بالعمل بمقتضاه لأنه المفروض ويبعد ان لا يحرم على الشخص شرب الخمر ويكفر بترك التدين بحرمته وصريح الأخبار المتقدمة في
استحلال الفرائض في غير القاصر وقد تقدم ما ورد في درء الحد عمن لم يعلم بحرمة المحرمات ودعوى عدم الملازمة بين عدم الحد وعدم الكفر
كما ترى بل ظاهر أدلة دفع الحد انه لا يحكم بارتداده لا انه مرتد لا يقتل ومنه يظهر ان من استثنى صورة المشتبهة عن وجوب الحد على شارب
الخمر ونحوه ممن اعترف بعدم اعتقاده للحكم الضروري ظاهره استثناء ذلك عن الحكم بالارتداد فلا نقول بكونه مرتدا لا يحد واما الحكم
بكفر منكر العقايد الضرورية فلعله الأقوى للاطلاقات المتقدمة وخصوص ما ورد في كل من العقائد من الحكم بكفر منكرها كما
356

لا يخفى على المتتبع لأدلة تلك العقائد مضافا إلى ما ذكر من اجماعهم على كفر الخوارج والنواصب مستدلين بانكارهم للضروري هذا حال
العقائد الضرورية واما النظرية فلا اشكال في عدم كفر منكرها إذ لم يرد دليل على كفره بالخصوص واما ما ورد الدليل على كفر
منكره بالخصوص كبعض العقايد التي ليست ضرورية فهل يحكم بكفر منكرها على الاطلاق كما هو ظاهر اطلاق ذلك الدليل أو يخص ذلك بغير
القاصر فيه اشكال والأقوى الأول إذا كان الدليل مما يصلح الركون إليه في الخروج عن أصالة الاسلام وعموماته فتأمل والمسألة
من المشكلات نسئل الله الفرج ثم لو قلنا بالأول تبعا للجماعة المتقدم إليهم الإشارة من المتأخرين فلا اشكال في وجوب استثناء
صورة الانكار للشبهة الحاصلة عن القصور بل عن التقصير أيضا لعدم رجوع الانكار معها إلى التكذيب قطعا غاية الأمر مؤاخذة المقصر على
ترك التدين بما قصر فيه واما لو قلنا بالثاني وهو كون الانكار للضرورة قولا أو فعلا سببا مستقلا فهل يستثنى صورة الشبهة
وجهان مما تقدم من اطلاق كلماتهم من كفر منكر الضروري وخصوص الخوارج والنواصب وكذا النصوص المتقدمة ومن أن القاصر غير
مكلف بالتدين بذلك المجهول فالتدين بالنسبة إليه ما عدا ذلك وعلى كل تقدير فالظاهر أنه لا اشكال في نجاسة الناصب مطلقا
كما هو المعروف بل المجمع عليه في الحدائق كما عن كتاب الأنوار للسيد الفاضل المحدث الجزايري وعن مع؟ صد؟ انه لاكلام فيه وفى شرح
المفاتيح الظاهر أنها غير خلافية ويدل عليه مضافا إلى ما ورد في عدم جواز مناكحة الناصب معللا بأنه كافر والمراد به مقابل الاسلام
لا الايمان ان الاسلام موجب لجواز المناكحة وفى باب النكاح الناصب لأهل بيتي حربا أو غال في الدين مارق منه ورواية زرارة
المتقدمة في تغاير الاسلام والايمان ما تقدم بعضه في مسألة الغسالة من أن الله تعالى لم يخلق خلقا شرا من الناصب ان الناصب أهون
على الله من الكلب وعن العلل في الموثق ان الله لم يخلق خلقا أنجس من الكلب وان الناصب لنا أهل البيت أنجس وفى بعضها ان الناصب شر
من اليهود والنصارى والخدشة في دلالتها بان النجاسة القابلة للزيادة والنقيصة هي الباطنية دون الظاهرية مندفعة بمنع ذلك
وبأنها مسوقة في بيان حال الغسالة المنفصلة عن أبدانهم ومجرد النجاسة الباطنية لا يوجب الاجتناب عنها الا ان ينتقض باشتمال
أكثر تلك الأخبار على ولد الزنا والجنب من حيث هو جنب كما هو ظاهر المقام لا باعتبار نجاسة بدنه وكيف كان فلا مجال للكلام في نجاستهم
بعد الأخبار المستفيضة والاتفاقات المنقولة فلا اشكال في المسألة انما الاشكال في معنى الناصب فالذي يظهر من بعض الأخبار
ان النصب لا يختص ببغض أهل البيت بل هو مطلق من قدم الجبت؟ والطاغوت واختاره في الحدائق وذكر فيها روايتين أحدهما قول الصادق (ع)
لمعلى بن خنيس ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت لأنك لا تجد أحدا يقول انى أبغض محمدا وآل محمد صلى الله عليه وآله ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم
انكم تتولونا وتتبرؤون من أعدائنا والثانية ما رواه عن مستطرقات السرائر عن محمد بن علي بن عيسى قال كتبت إليه يعنى الهادي (ع)
أسئله عن الناصب هل احتاج في امتحانه إلى أكثر من تقديمه الجبت؟ والطاغوت واعتقاده بإمامتهما فرجع الجواب من كان على هذا فهو الناصب
أقول ويؤيده بل يدل عليه ما تقدم في حكم غير الاثني عشرية من فرق الشيعة من رواية ابن المغيرة وفيها ان الناصب نصب لك و
الزيدي نصب لنا وفيه انه بعد ما دل الدليل على طهارة منكر الولاية من حيث الانكار فلا ينفع اطلاق الناصب عليه إذ الدليل على نجاسته
إما الاجماع واما مثل اخبار السابقة واختصاص كل منهما بالقسم الأول واضح هذا مع أن صدق هذا العنوان على القسم الثاني ممنوع
جدا قال الصدوق في باب النكاح من الفقيه ان الجهال يتوهمون ان كل مخالف ناصب وليس كذلك انتهى وفى المعتبر وهي في باب الأسئار انهم
الذين يقدحون في علي عليه السلام وعن التذكرة المص؟ انه الذي يتظاهر بعداوة أهل البيت وعن السعيد المحدث المتقدم انه من نصب العداوة
لأهل البيت وتظاهر بغضهم ونسب ذلك أكثر الأصحاب وعن القاموس ان النواصب هم المستدينون ببغض علي (ع) لانهم نصبوا؟ للذي
عادوه وعن الصحاح النصب العداوة وعن شرح المقداد ان الناصب يطلق على خمسة أوجه الأول القادح في علي (ع) الثاني من ينسب
إلى أحدهم ما يسقط العدالة الثالث من ينكر فضلهم لو سمعها الرابع من يعتقد فضيلة غير علي (ع) الخامس من أنكر النص على علي (ع)
بعد سماعه ودخوله إليه بوجه يصدقه ولا يخفى ان الظاهر من الاخبار هو من يبغض أهل البيت (على) ولما كان المنشأ في ذلك غالبا بغض
سيدهم أمير المؤمنين عليه السلام اقتصر في المعتبر وهي على ذلك وكذا صاحب القاموس وينطبق عليه ما حكاه السيد المحدث عن أكثر الأصحاب
وكيف كان فلا يخفى ضعف تعميم الناصب للمخالف والذي يسهل الخطب انه قد اعترف في الحدائق وقال إنه لا خلاف منا في أن
الناصب هو العدو لأهل البيت (على) والنصب لغة العداوة وشرعا بل لغة أيضا على ما يفهم من القاموس هو العداوة لأهل البيت (على)
وانما الخلاف في أن هؤلاء المخالفين هل يدخلون تحت هذا العنوان أم لا فنحن ندعى دخولهم وهم يمنعون والدليل على ما ذكرنا هو
الأخبار المذكورة انتهى بكلامه وأنت إذا تأملت عمدة ما ذكره من الاخبار وجدته غير دال على أن الناصب للشيعة ناصب لنا
357

أهل البيت (على) وبالجملة فالظاهر أن العامة منهم ناصب ومنهم مستضعف ومنهم الواسطة بينهما والمحكوم بنجاسته بالاخبار والاجماع هو
الأول دون الثانيين بل ربما يستشكل الحكم في الأول بان الظاهر من الاخبار والتواريخ ان كثيرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله والكانيئن؟ في زمن الأمير (ع)
وأصحاب الجمل وصفين بل كافة أهل الشام بل وكثير من أهل الحرمين كانوا في أشد العداوة لأهل البيت (على) فقد روى أن أهل الشام شر من أهل
الروم وان أهل مكة يكفرون بالله جهرة وأهل المدينة أخبث منهم سبعين ضعفا مع أنه لم ينقل الاحتراز عنهم والحاصل ان المخالطة معهم كان
كمخالطة أصحاب الأئمة صلوات الله عليهم مع العامة وتوهم تقييد الناصب تدين ببغضهم دون من يبغضهم مطلقا خلاف ما يظهر من
الأخبار الكثيرة وان توهمه ظاهر تفسيري المعتبر والمنتهى والمحكى عن القاموس نعم يمكن دفع ما ذكر بمنع كون جميع من ذكر مبغضا واقعيا؟؟
بل كثير منهم سيما في دولة بنى أمية كان يظهر البغض لهم تقية وتحقق السيرة على معاملة المبغضين واقعا معاملة المسلمين في عدم غسل
ما لاقاهم تقية ممنوع بل قصة سيد الشهداء (ع) مع معوية معروفة في قوله صلى الله عليه وآله؟ لو قتلناكم ما دفناكم ولا صلينا عليكم هذا مضافا إلى أن
الحكم بنجاسة الناصب يمكن ان يكون قد انتشر في زمان الصادقين (ع) إذ كثير من الاحكام كان مخفيا قبل زمانهما كما يظهر من الاخبار وكلمات
بعض الأخيار والكلام في الخوارج يظهر مما ذكرنا في الناصب فإنهم أشد النواصب مضافا إلى اطلاق المشرك عليهم في بعض الأخبار كما قوله
عليه السلام في خارجي دخل عليه انه مشرك والله وقوله (ع) في الزيارة الجامعة ومن حاربكم مشرك مع أن نجاستهم اجماعية على الظاهر المصرح
به في الروض كما عن غيره وعن مع؟ صد؟ انه لاكلام فيها مضافا إلى النبوي انهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرامي وبالجملة
فلا شئ أوضح وأشهر من كفر يزيد لعنه الله واما الغلات فلا اشكال في كفرهم بناء على تفسيرهم بمن يعتقد ربوبية أمير المؤمنين (ع)
أو أحد الأئمة (على) لا ما اصطلح عليه بعض من تجاوز الحد الذي هم عليه صلوات الله عليهم ومن هذا القبيل ما يطعن القميون في الرجل
كثيرا ويرمونه بالغلو ولذا حكى الصدوق عن شيخه ابن الوليد قده ان أول درجة في الغلو نفى السهو عن النبي صلى الله عليه وآله ثم إن ظاهر جماعة ان
كفر الغالي لأجل انكاره للضروري وفى كشف الغطاء عدهم من الكافرين بالذات لا لانكارهم بعض الضروريات ويمكن ان يقال إنهم
ان نفوا وجود صانع غير من زعموا فهم كافرون بالله كالدهرية القائلين بتأثير الدهر وكالقائلين بإلهية فرعون
ونمرود وان
زعموا ان الرب تعالى اتحد بمن يزعمون على نحو الحلول فهم منكرون للضروري والأظهر في مذهبهم الثاني واما المجسمة فالمحكى عن
ط؟ والسرائر كما في المنتهى والدروس اطلاق القول بنجاستهم ويدل عليه قول مولينا الرضا (ع) من قال بالتشبيه والجبر فهو كافر بناء على أن المشبهة
كما عن فوايد العقايد وشرحها هم الذين قالوا إن الله تعالى في جهة الفوق يمكن ان يرى كما ترى الأجسام والظاهر من الرواية إرادة التجسم
بالحقيقة ولذا خص الحكم في لك؟ والبيان بالمجسمة حقيقة أعني من ادعى انه جسم كالأجسام وقضية طهارة المجسمة بالتسمية أعني
من ادعى انه جسم لا كالأجسام إذ لا يلزم عليه القول بحدوثه تعالى ولذا حكى عن السيد في الشافي أنه قال فاما ما رمى؟ به هشام بن الحكم
من القول بالتجسم فالظاهر من الحكاية القول بأنه جسم لا كالأجسام ولا خلاف في أن هذا القول ليس بتشبيه ولا ناقض لأصل ولا معترض
على فرع وانه غلط في عبارة ترجع في اثباتها ونفيها إلى اللغة وأكثر أصحابنا يقولون إنه اورد ذلك على سبيل المعارضة للمعتزلة؟
فقال لهم إذا قلتم انه شئ لا كالأشياء فقولوا إنه جسم لا كالأجسام انتهى بل ربما يمنع من كفر المجسمة بالحقيقة ولو استلزم دعويهم لحدوثه
تعالى الا انهم حيث لم يعترفوا بالملازمة بل ربما ينكرون اللازم فلا يصدق عليهم انهم أنكروا الضروري ولعله لذا اقتصر المحقق على حكاية
القول بالنجاسة فيهم وفى المجبرة عن الشيخ على وجه يظهر منه عدم اختياره له وهو المحكي عن صريح الذكرى وظاهر التذكرة بل صريحها الا ان المحكي
عن حاشية مع؟ صد؟ والدلائل انه لاكلام في نجاستهم يعنى المجسمة وعن شرح المفاتيح الظاهر أنه لا خلاف فيه ولعله لان أصل الجسمية
مطلقا مخالف للضرورة الا ان يقال إن ضرورية بطلانها لما يعتقده العوام من وجوب وجود لوازمها في الله تعالى والمفروض ان المجسمة
ينكرونها واما المجبرة فعن ط؟ نجاستهم ويدل عليه الرواية السابقة عن مولينا الرضا (ع) وقوله (ع) القائل بالجبر كافر والقائل بالتعويض
مشرك وقول الصادق (ع) ان الناس في القدر على ثلثة أوجه رجل يزعم أن الله تعالى أجبر الناس على المعاصي فهذا قد ظلم في حكمه فهو كافر و
رجل يزعم أن الامر مفوض إليهم فهذا قد اوهن الله في سلطانه فهو كافر وللرواية المتقدمة في الغالي ولاستلزامه ابطال النبوات
والتكاليف كما نص عليه كاشف اللثام في مقام تقوية قول الشيخ وذكر ان تنجيس المجبرة الولي من تنجيس المجسمة والمشبهة بل أكثر الكفار
وربما يستدل بكفرهم بقوله تعالى سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولاحرمنا من دونه من شئ كذلك
كذب الذين من قبلنا وفى الدلالة نظر والأقوى طهارتهم لان مرجع جميع ما ذكروه إلى منع حكم العقل بالتحسين والتقبيح وكثيرا
مما لا يقبحونه على الله يعترفون بعدم وقوعه منه فلا ينكرون الا الضروريات العقلية ولا يلتزمون بترتب شئ من الضروريات
358

الشرعية عليها الا ان اللازم من مذهبهم ان الله كلف العباد وأجبرهم على الافعال وتفضيله في محله ولذا حكى عن المنتهى والذكرى ومع؟ صد؟
تضعيف القول بالنجاسة وهو الظاهر من المعتبر كما مر في المجسمة قيل بل لم أجد موافقا صريحا للشيخ ويؤيد القول بطهارتهم مضافا إلى الأصول و
عمومات طهارة المسلم ما لم ينكر للضروري ان أكثر المخالفين من المجبرة بل قيل إن غيرهم قد انقرض في بعض الأزمنة لما قيل من ميل السلاطين
إلى هذا المذهب واعراضهم عن غيره كما فصل القول في ذلك السيد الكاظميني في شرح الوافية في الأدلة العقلية وأظهر من ذلك القول
بطهارة المفوضة فان ابطال مذهبهم اخفى في النظر من ابطال مذهب المجبرة وعن شرح المفاتيح ان ظاهر الفقهاء طهارتهم الا انه عد في كشف
الغطاء من انكار الضروري القول بالجبر والتفويض وان الافعال بأسرها مخلوقة لله تعالى وبالجملة فالمدار في كفر منتحلي الاسلام على انكار ما
علم ضرورة وبدونه لا يحكم بكفرهم الا إذا علمنا أن الشخص ممن لو بذل الجهد وجد الحق لكونه من العلماء الذين ربما يكون الشئ ضروريا
عندهم وإن كان نظريا عند العوام وليس المقام من قبيل العمليات التي تقدم ان المكلف به فيها ليس الا العمل دون التدين والاعتقاد
فلاحظ ما ذكرنا في كفر منكر الضروري من خروجه عن دين الاسلام بالتقصير إذ القاصر يكون ما اعتقده دينا بالنسبة إليه كما تقدم تفضيل
ذلك المشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم طهارة ولد الزنا واسلامه لأصالة الطهارة وأصالة الاسلام لحديث
الفطرة لما دل على ثبوته لمن أظهره وتدين به خلافا للمحكى عن الصدوق والسيد والحلى من القول بكفره ونجاسته وعن المختلف نسبته إلى جماعة
ويظهر من المعتبر ان بعضا منهم ادعى الاجماع على ذلك وعن الحلى نفى الخلاف في ذلك واستدل له بمرسلة الوشاء عمن ذكره عن الصادق (ع)
انه كره سؤر ولد الزنا واليهودي والنصراني والمشرك وكل ما خالف الاسلام وكان أشد ذلك عنده سؤر الناصب ورواية ابن أبي يعفور
لا تغتسل من البئر التي يجمع فيها غسالة الحمام فان فيها غسالة ولد الزنا وهولا يطهر إلى سبعة اباء وفى أخرى تعطيل النهى بأنه يجتمع فيها
ما يغتسل به الجنب وولد الزنا والناصب لنا أهل البيت ومرفوعة سليمان الديلي إلى الصادق (ع) وفيها ان ولد الزنا يقول يا رب فما ذنبي فما
كان لي في امرى صنع فيناديه مناد ويقول له أنت شر الثلاثة أذنب والداك فنشأت عليهما وأنت رجس ولن يدخل الجنة الا طاهر ويؤكده
ما ورد من أن نوحا على نبينا وعليه السلام لم يحمل في السفينة ولد الزنا وكان حمل الكلب والخنزير وما ورد من أن محب علي (ع) علامة
طيب الولادة وبغضه علامة خبثها وما ورد من أن ديته كدية اليهودي ثمانمائة درهم وموثقة زرارة عن الباقر (ع) لاخير في ولد الزنا
وبشره ولافى شعره ولافى لحمه ولافى دمه ولا شئ في منه وحسنة ابن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال ابن اليهودية والنصرانية والمجوسية أحب إلي من ولد
الزنا إلى غير ذلك مما رود في مذمته وانه لن يدخل الجنة إلى غير ذلك والجميع لا يخلوا عن نظر إما المرسلة
فلان الظاهر منها الكراهة
بالمعنى الأعم وليس عطف الأنجاس على ولد الزنا قرينة على نجاسته فلعل سؤره وقريب من اسارهم في القذارة المعنوية ومنه يظهر ضعف
دلالة اخبار الغسالة سيما رواية ابن أبي يعفور المشتملة على قوله (ع) فإنه لا يطهر إلى سبعة اباء فإنه ظاهر في إرادة القذارة المعنوية
لأن النجاسة الظاهرية غير متعدية عنه اجماعا مع النهى عن استعمال سؤره لا يدل على نجاسته واما الرجس في المرفوعة
فالظاهر أنه لا يراد به الا القذارة المعنوية ومما ذكر يظهر حال المؤيدات فالانصاف انه لا يظهر من مجموع الروايات الا خباثته المعنوية
وانه شر الثلاثة لا نجاسته الظاهرية التي بينها وبين الخباثة المعنوية عموم من وجه ثم إن الأخبار المذكورة لا دلالة فيها على الكفر
الأبناء على نفى الواسطة بين الكفر والاسلام مضافا إلى عموم طهارة كل مسلم وقد منع صاحب الحدائق عن المقدمة الأولى فاختار
انه نجس وله حالة غير حالتي الايمان والكفر والمحكى عن عبارة الصدوق أيضا عدم جواز التوضي بسؤره فلم يبق مع الحلى رواية تدل على
كفره ولا فتوى يوافقه الأعلم الهدى فكيف ينفى الخلاف ثم إن الاخبار في مجازات ولد الزنا مختلفة والذي يحصل من الجمع بين مجموعها
انه لا يدخل الجنة ولا يعذب في النار ان لم يعمل عملا موجبا له
والتاسع المسكرات المايعة بالأصالة وان انجمدت
بالعرض على المشهور بل عن السيد والشيخ وابن زهرة وابن سعيد الاجماع وعن المعتبر ان الأنبذة المسكرة عندنا في التنجيس كالخمر وعن التحرير
ان على ذلك عمل الأصحاب والاخبار في الخمر لا يبعد تواترها وقد قيل إنها تبلغ عشرين واما في النبيذ فمستفيضة منها ما ورد
من أن ما يبل الميل منه ينجس حبا من ماء ورواية زكريا ابن ادم عن أبي الحسن (ع) عن قطرة خمر أو نبيذ مسكر قطرت في قدر فيه لحم كثير
ومرق كثير قال يهراق المرق أو يطعمه أهل الذمة أو الكلب واللحم اغسله ومرسلة يونس عن أبي عبد الله (ع) إذا جاء ثوبك خمر أو نبيذ
مسكر فاغسله ان عرفت موضعه وان لم تعرف موضعه فاغسله كله وبمضمونها رواية زرارة الآتية عن أبي عبد الله (ع) وموثقة عمار
الامر بغسل الاناء عن النبيذ سبع مرات هذا مضافا إلى اطلاق الخمر عليه في كثير من الاخبار وسيجيئ بعضها واما في ساير المسكرات
بناء على عدم تسليم شمول اطلاق النبيذ في الأخبار المتقدمة لها من جهة الانصراف إلى المأخوذ من التمر فمنها موثقة عمار ولاتصل
359

في ثوب قد اصابه خمر ولا مسكر حتى تغسله ورواية عمر بن حنظلة قال قلت لأبي عبد الله (ع) ما تقول في قدح من المسكر يصب عليه الماء حتى
تذهب عاديته ويذهب سكره فقال لا والله ولا قطرة تقطر منه في وجب الا أهريق ذلك الماء ومنها الأخبار الدالة على أن الخمر من خمسة أشياء
من الكرم والزبيب والعسل والشعير والتمر ويسمى الأول عصيرا والثاني نقيعا والثالث بتعا والرابع مزرا والخامس نبيذا وفى بعض الأخبار بدل
الكرم الحنطة ولم يذكر فيه اسم المأخوذ منها وفى رواية ابن عباس انها من تسع وفى رواية عطاء بن يسار كل مسكر حرام وكل مسكر خمر وعن القمي
في تفسير قوله تعالى انما الخمر إلى آخره كل مسكر من الشراب إذا أخمر فهو خمر فان الظاهر من الحمل إما الصدق الحقيقي كما استظهره صاحب الحدائق من كلام الشارع
بل من كلام أهل اللغة كالقاموس والمصباح المنير ومجمع البحرين أو ثبوت احكام الحقيقة وربما يجعل من هذا القبيل ما دل على أن الله عز وجل
لم يحرم الخمر لاسمها ولكن لعاقتها؟ فما كان عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر وفيه ان الظاهر من السياق الالحاق في التحريم دون النجاسة وكيف كان
ففيما ذكرنا من الاجماعات والاخبار غنية الا ان ههنا اخبارا كثيرة تبلغ اثنى عشر كلها مخالفة لما ذكر في طهارة الخمر وغيرها من المسكرات
ولذا ذهب الصدوق ووالده في الرسالة ويظهر من رواية خيران الخادم وجود الخلاف في المسألة بين القدماء من أصحاب الحديث
فذهب جماعة على ما في الروض إلى ذلك وهو ظاهر المقدس الأردبيلي أو صريحه وتبعه أصحاب المدارك والذخيرة والمشارق وهو ضعيف
والاخبار محمولة على التقية من امراء الوقت والوزراء وجهال بنى أمية وبنى عباس كما عن حبل المتين واشتهار النجاسة بين علمائهم لا يدفع
التقية من الأئمة (على) في اظهارها كما لا يخفى وفى شرح المفاتيح ان الأصحاب حملوا اخبار طهارة الخمر والمسكر على التقية وكانه من فتوى ربيعة
الرأي الموجود في زمن الصادق (ع) وهو من شيوخ مالك ويكفى في الحكومة بين اخبار الطرفين رواية علي بن مهزيار قال قرأت في كتاب عبد الله
ابن محمد إلى أبى الحسن (ع) جعلت فداك روى عن زرارة عن أبي جعفر (ع) وأبى عبد الله (ع) في الخمر يصيب الثوب انهما قالا لا باس بان يصلى فيه انما
حرم شربها وروى عن زرارة عن أبي عبد الله (ع) أنه قال إذا أصابك ثوبك خمر أو نبيذ يعنى المسكر فاغسله ان عرفت موضعه وان لم تعرف موضعه
فاغسله وان صليت فيه فأعد صلاتك فاعلمني ما اخذ به فوقع (ع) بخطه خذ بقول أبى عبد الله (ع) رواية خيران الخادم قال كتبت إلى
الرجل (ع) أسئله عن الثوب يصيبه الخمر ولحم الخنزير أيصلي فيه أم لا فان أصحابنا قد اختلفوا فيه فكتب (ع) لا تصل فيه فإنه رجس الحديث
وكيف كان فاخبار الطهارة لا تعارض اخبار النجاسة وتوهم حملها على الاستحباب مدفوع باباء كثير منها لذلك كما لا يخفى وابعد منها
حملها على التقية مع ما عرفت من شرح المفاتيح ان الأصحاب على العكس ولقد أجاد في الذكرى حيث ذكر ان القائل بالطهارة تمسك باخبار
لا تعارض القطعي فمن العجب شك المحقق في المقام نعم ربما يتمسك في نجاسة الخمر بقوله تعالى انما الخمر والميسر والانصاف والأزلام رجس من
عمل الشيطان فاجتنبوه وفى دلالتها نظر حيث إن الظاهر من الخمر في الآية بقرينة عطف الميسر عليها وجعلها من عمل الشيطان هو شربها
فيصير الرجس شربها لا عينها فتعين حمل الرجس على الحرام ثم إن قضية تقييد المسكر بالمايع بالأصالة نجاسة ما انجمد منه وبالعرض والظاهر أنه
اجماعي ويكفى في دليله الاستصحاب وكذا مقتضاه طهارة الجامد بالأصالة كما هو المعروف بل عن الدلائل دعوى الاجماع عليه و
عن الذخيرة ان الحكم بنجاسة المسكرات مخصوص عند الأصحاب بالمايع منها بالأصالة وعن المدارك انه مقطوع به بين الأصحاب وفى الحدائق
اتفاق كلهم عليه وعن شرح الدروس عدم ظهور الخلاف في ذلك ويدل عليه الأصل بعد اختصاص ما تقدم من أدلة نجاستها من الاجماع والاخبار
بالمايع كما لا يخفى علي بن راجعها وتوهم شمول الاخبار للمايع بالعرض مدفوع بان الظاهر انصراف اطلاقها إلى المائع بالذات فبقى
المايع بالعرض على أصالة الطهارة واستصحابها مضافا إلى عدم القول بالفرق بين قسمي الجامد بالذات ثم اعلم أن المحكي عن المص؟ في المختلف
انه لفق قياسا غلطا الطهارة الخمر تشحيذا للأذهان حاصله ان المسكر لا يجب ازالته للصلاة بالاجماع لوقوع الخلاف فيه وكل نجس
تجب ازالته اجماعا ينتج ان المسكر ليس بنجس وأجاب عنه بما حاصله ان الاجماع في المقدمة الأولى جزء للمحمول بمعنى ان المنفى هو الوجوب
الاجماعي وفى الثانية جهة للقضية وقيد للربط فلم يتحد الأوسط وأورد عليه في المشارق ان هذا لا يحسم مادة الشبهة لان جهة
القضية يمكن ان يجعل جزءا من المحمول ويصدق معه القضية أيضا وكما يصدق كل نجس يجب ازالته اجماعا يصدق كل نجس ضروري أو قطعي
وجوب ازالته والمفروض ان الصغرى كل مسكر ليس قطعي الوجوب فتكرر الأوسط وأجاب هو بما حاصله ان الجهة التي يمكن ان يجعل جزء
للمحمول مع صدق القضية وصدق جهتها هي إحدى الجهات الثلث أعني الضرورة والامكان والامتناع لا جهات الادراك من العلم والظرر؟
ومتعلقاتها من البداهة والاكتساب مثلا كل أربعة زوج بالضرورة إذا جعلنا الضرورة فيه جزء للمحمول وقلنا كل أربعة ضروري
الزوجية فحينئذ ان أريد ان كل أربعة يحكم العقل عليها بالزوجية ضرورة إذا تصور بعنوان مفهوم الأربعة الكلى أي إذا أدرك العقل هذه
القضية يعنى كل أربعة زوج يحكم حكما بديهيا بها حيث يسرى إلى الافراد فصدقها مسلم وان أريد ان كل أربعة بأي وجه تصورت
360

يحكم عليها العقل بالزوجية بديهة فممنوع والسند ظاهر فان الدراهم الأربعة التي في كيس زيد إذا لم يعلم أنها أربعة وتصورناها بعنوان انها في
كيس زيد لم يحكم عليها بالبديهة انها زوج ولا يحكم عليها بها في ضمن الحكم بان كل أربعة زوج والسر في ذلك أن ملاحظة الشئ بالعنوانات
المختلفة قد يكون لها اثر في تعلق علمنا بأحواله وصفاته أقول والظاهر أن جعل الاجماع في المقدمة الثانية جزء من المحمول لما كان ظاهر
الفساد لم يتعرض لها العلامة في الجواب فالحاصل ان الاجماع في المقدمة الأولى جزء للمحمول قطعا ولا يمكن ان يكون جهة والا لزم الكذب
وحينئذ فان جعلنا الاجماع في الثانية جهة صرفه لم يتكرر الأوسط وان جعلناه جزء من المحمول فان أريد بالنجس في الكبرى النجس الواقعي لم تصدق
لاحتمال ان يكون ليس نجسا عند بعض المجمعين فليس وجوب ازالته اجماعا وان أريد النجس المجمع على نجاسته فحاصل النتيجة ان المسكر لا يكون
نجسا مجمعا على نجاسته ولا ينفع فافهم والمشهور كما عن جماعة مستفيضا ان في حكم المسكر عصير العنب إذا غلى واشتد وعن المختلف نسبته إلى
أكثر أصحابنا كالمفيد والشيخ والسيد وأبى الصلاح وسلار وابن إدريس بل عن كنز العرفان دعوى الاجماع عليه وعن أطعمة التنقيح الاتفاق
على أن عصير العنب إذا غلى حكمه حكم المسكر وهو كذلك إذ القائل بالطهارة من القائلين بنجاسة المسكر غير معلوم كما يظهر من المختلف ولذا قال
في المقاصد العلية ان تحقق القولين في المسألة غير معلوم ومع ذلك فقد اختار الطهارة في شرح عد؟ المنسوب إليه تبعا للعماني ولشهيد
في الدروس بل الذكرى حيث قال فيها ان في حكم المسكرات العصير إذا غلا واشتد عند ابن حمزة وفى المعتبر يحرم مع الغليان حتى يذهب ثلثاه ولا
ينجس الا مع الاشتداد كأنه ترى الشدة المطربة إذ الثخانة؟ مما صلة بمجرد الغليان وتوقف الفاضل في نهايته ولم نقف لغيرهم على قول
بالنجاسة ولا دليل على نجاسة غير المسكر انتهى وتبعهم في ذلك المحقق الأردبيلي وتلميذاه وكاشف اللثام وأصحاب الذخيرة والمفاتيح
والحدائق والرياض والأرجح في النظر النجاسة لموثقة معوية بن عمار قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الرجل من أهل المعرفة يأتيني؟؟
ويقول قد طبخ على الثلث وانا اعلم أنه يشربه على النصف فاشربه بقوله وهو يشربه على النصف فقال خمس؟ لا تشربه الحديث فان حمل
الخمر عليه إما حقيقة كما نقل عن جماعة من الخاصة والعامة بل عن المهذب البارع ان اسم الخمر حقيقة في عصير العنب اجماعا واما للمشابهة
الموجبة لثبوت الاحكام الظاهرة ومنها النجاسة والخدشة في الرواية بخلو الرواية على ما في الكافي عن ذكر قوله خمر مع أنه اضبط
من الشيخ مردودة بان الظاهر عدم الزيادة حتى من الشيخ الذي يكثر منه الخلل كما قيل ويؤيد وجود لفظ الخمر في الرواية تعبير والد
الصدوق بمضمونها في رسالته إلى ولده التي هي كالروايات المنقولة بالمعنى حيث قال يا بنى اعلم أن أصل الخمر من الكرم إذا اصابته
النار أو غلا من غير أن تمسه فيصير أعلاه أسفله فهو خمر فلا يحل شربه حتى يذهب ثلثاه انتهى والمقصود من الاستشهاد به فتواه بكونه
خمرا والا فالصدوق ووالده على طهارة الخمر واضعف مما ذكر دعوى إرادة التشبيه في مجرد الحرمة فإنه خلاف الظاهر مع أنه لا يبعد أن تكون
الحرمة لأجل النجاسة إذ ليس فيه اسكار فليس عاقبته عاقبة الخمر حتى تحرم لامن حيث النجاسة فتأمل ويؤيده غير واحد مما دل على أنه
لاخير في العصير إذا غلا حتى يذهب ثلثاه وما عن العيون بسنده إلى ابن مسلم وفيه حكاية منازعة إبليس لعنه الله مع نوح على نبينا وآله
وعليه السلام في شجرة العنب حتى اعطى الشيطان الثلثين وجعل لنفسه الثلث قال (ع) فما كان فوق الثلث من طبخها فلإبليس وهو خطه؟ (وما كان من الثلث فما دونه فهو لنوج هو خطه صح)
وذلك الحلال الطيب فيشرب إلى آخره فان الظاهر من الطيب مقابل الخبيث فيدل على أن الزايد عن الثلث حرام
خبيث والخباثة المغايرة للحرمة
ليست الا النجاسة الظاهرية فتأمل ومنها بعض الأخبار الأخر الحاكية لقصة نوح على نبينا وآله وعليه السلام وإبليس لعنه الله وفى ذيلها قوله ومن
هنا طاب الطلاء على الثلث إلى آخره والطلاء عصير العنب ولكن في دلالتهما على المطلوب بل تأييدهما له نظر سيما الأولى نعم في الاخبار الحاكية
لقصتي آدم ونوح على نبينا وآله وعليهما سلم مع إبليس لعنه الله الواردة في أصل تحريم الخمر والدالة على أن تلك الواقعة منشأ تحريم الخمر دلالة
واضحة على أن عصير العنب إذا غلا بالنار اونش؟ بنفسه فحكمه حكم الخمر الا ان يذهب ثلثاه أو يصير خلا بل عرفت انه لا يبعد ان يدعى
ان حرمته من حيث النجاسة وليس كالخمر في كون تحريمه لأجل الاسكار كما يستفاد من الاخبار بقى الكلام في اعتبار الاشتداد زائدا على
الغليان والمراد منه كما هو ظاهر جماعة استداد نفس العصير أعني شحونته وقوامه كما هو الظاهر من محكى المعتبر والتذكرة حيث عنونا صورة
الغليان قبل الاشتداد وظاهر الشهيد في الذكرى والمحكى عن المحقق الثاني اعتبار مسمى الثخونة الحاصلة بمجرد الغليان ولو لم يحس بها
وعن فخر الدين في حاشية الكتاب ان المراد بالاشتداد عند الجمهور الشدة المطربة وعندنا ان يصير أسفله أعلاه بالغليان انتهى
والمراد به القلب (المفسر به الغليان صح) وفى رواية حماد بن عثمن ويمكن ان يكون مراد المص؟ والمحقق من الاشتداد هذا أيضا ويكون مرادهما مما بعد الغليان
وقبل الاشتداد هو ما إذا غلا ضعيفا ولم يحصل القلب والا فيبعد عدم اطلاع الفخر على ما ذكره والده وشيخه ولعله لذا ذكر في حاشية
المدارك ان تفسير الاشتداد بالثخونة غير ظاهر من الأصحاب ومراده الثخونة المحسوسة التي يحصل بعد زمان طويل مسماها الحاصلة بمجرد القلب
361

وانجذاب بعض الرطوبة الا ان الظاهر من الشهيدين في الذكرى وض؟ إرادة المحقق في المعتبر الثخونة العرفية المحسوسة
(الغير الحاصلة بمجرد الغليان سيما فيما غلا بنفسه وعليه فالعمدة في مدرك النجاسة لما كانت هي الموثقة المتقدمة المختصة بما بعد الثخونة المحسوسة صح) وفتوى المشهور المتيقن منها هذا
الفرد كان الاقتصار في مخالفة الأصل عليها أولي وإن كان الاطلاق لا يخلوا عن قوة نظرا إلى اطلاق المحكي في المختلف عن الأكثر مع ما عرفت من
حاشية المدارك من عدم ظهور تفسير الاشتداد بالثخونة من الأصحاب ومن حاشية الارشاد من أنه عندنا صيرورة أسفله أعلاه ثم إن المحكي
عن ابن حمزة تخصيص النجاسة بما إذا غلا بنفسه فلو غلا بالنار حرم ولم ينجس ولم نقف له على مأخذ ولعله لصدق الخمر عليه لاختماره حينئذ ولما
يظهر من بعض الأخبار من عدم جواز ترك نبيذ التمر ونقيع الزبيب حتى ينش ثم إنه لا يلحق بالعنب الزبيب بل الأقوى طهارته بل عن الذخيرة انى
لا أعلم قائلا بنجاسته وفى الحدائق الظاهر أنه لا خلاف في طهارته وفى شرح الوسائل لبعض معاصري صاحب الحدائق ان الاجماع منعقد
على عدم نجاسة عصير غير العنب لكن في المقاصد العلية جعل الطهارة أصح القولين وكيف كان فيكفي في طهارته الأصل لعدم الدليل
على النجاسة والحرمة ولا يرد عليه ما ذكره العلامة الطباطبائي من استصحاب حكمه الثابت له حال العنبية لتغير الموضوع إما بناء على
عدم صدق العصير على المستخرج من الزبيب فواضح واما بناء على تسليم الصدق فلان المعتصر من العنب مغاير للماء المطلق الممزوج بالاجزاء
اللطيفة من الزبيب وان سلمنا صدق العصير على كل منهما لكنه لا ينفع مع تغاير عصير العنب لعصير الزبيب وبالجملة فالامر واضح وربما يجاب
عن هذا الاستصحاب بان المستصحب تعليقي وهي حرمة ماء العنب لو غلى وهو ليس بحجة وفيه ان هذا ليس من الاستصحاب التعليقي بل هو استصحاب
حكم شرعي تنجيزي وهي سببية غليانه للحرمة واستلزامه لها فالمستصحب هو الاستلزام المنجز؟ لا ثبوت اللازم المعلق وتمام الكلام
في محله واضعف من ذلك دعوى معارضة استصحاب النجاسة لاستصحاب الطهارة قبل الغليان مع ترجيح الثاني بالمرجحات ولا يخفى
ان الاستصحاب الأول وارد على الثاني كما لا يخفى هذا كله على تقدير القول بالحرمة والا فلا اشكال في الطهارة على القول بالحلية
على ما هو المشهور كما عن جماعة وعن الرياض كادت تكون اجماعا لا لصحيحة أبي بصير انه (ع) كان يعجبه الزبيبة إذ لم يعلم كيفية طبخه فلعله
كان على وجه لا ينافي دعوى الخصم ولا لذهاب ثلثيه بل أزيد بالشمس كما استدل به الشهيدان في الدروس والمدارك وغيرهما لان المحرم
له هو غليانه فلا يجديه ذهاب الثلثين قبل حصول التحريم ودعوى حصول الغليان والقلب بالشمس غير ثابتة مطلقا أو في الجملة فان منها
ما يحط بالظل مع أن صدق العصير على ما في حبات العنب محل كلام مع ما سيأتي من قوة حرمة العصير إذا نش؟ وعلى بنفسه بل للأصل السالم
عن الوارد عدا ما عرفت فساده من استصحاب حكم العنب وعموم ما دل على حرمة كل عصير غلا حتى يذهب ثلثاه وخصوص كثير من الاخبار مثل
رواية علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سئلته عن الزبيب هل يصلح ان يطبخ حتى يخرج طبخه ثم يؤخذ ذلك فيطبخ حتى يذهب ثلثاه ويبقى
الثلث ثم يرفع ويشرب منه السنة قال لا باس وموثقة عمار الساباطي قال سئل أبو عبد الله (ع) عن الزبيب كيف طبخه حتى يشرب حلالا
قال تأخذ ربعا عن زبيب فتنقيه ثم تطرح عليه اثنى عشر رطلا من الماء ثم تنقعه ليلة فإذا كان من الغد نزعت سلافته ثم تصب عليه الماء
قدر ما يغمره ثم تغليه في النار غليه ثم تنزع ماءه فتصبه في الماء الأول ثم تطرحه في اناء واحد جميعا ثم توقد تحته النار حتى يذهب الثلثان
ويبقى الثلث وتحته النار ثم تأخذ رطلا من عسل فتغليه بالنار غليه وتنزع رغوته ثم تطرحه على المطبوخ ثم تضربه حتى يختلط به واطرح
فيه ان شئت زعفرانا وطيبه ان شئت بزنجبيل قليل هذا قال فإذا أردت ان تعمه أثلاثا لتطبخه لشئ واحد حتى تعلم كم هو ثم اطرح عليه
الأول في الاناء الذي تغليه فيه مقدارا وحده حيث يبلغ الماء ثم اطرح الثلث الأخر وحده حيث بلغ الماء ثم يطرح الأخر ثم حده ثم
توقد تحته بنار لينه حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه الخبر وفى رواية أخرى لعمار في وصف المطبوخ حتى يشرب حلالا قال عليه السلام
تأخذ ربعا من زبيب وتنقيه وتصب عليه اثنى عشر رطلا من الماء ثم انقعه ليلة فإذا كان أيام الصيف وخشيت ان ينش فاجعله في تنور
مسجود حتى لا ينش ثم تنزع منه الماء كله إذا احتجت ثم تصب عليه من الماء بقدر ما يغمره ثم تغليه حتى يذهب حلاوته ثم تنزع مائه الأخر
فتصبه على الماء الأول ثم تكيله فتنظر كم الماء ثم تكيل ثلثه وتطرحه في الاناء الذي تريدان تغليه فيه وتقدره وتجعل قدره قصبة
أو عودا فتحدها على قدر منتهى الماء ثم تصب الثلث الأخر الثلث حتى تذهب الماء الباقي ثم تغليه بالنار ولا تزال تغليه حتى يذهب الثلثان
ويبقى الثلث ورواية إسماعيل بن الفضل الهاشمي قريب منها ورواية زيد الترسي عن الصادق (ع) في الزبيب يدق ويلقى في القدر ويصب عليه
الماء فقال حرام حتى تذهب ثلثاه قلت الزبيب كما هو يلقى في القدر قال هو كذلك سواء إذا أدت الحلاوة إلى الماء فقد فسد كلما غلا بنفسه أو
بالنار فقد حرم حتى يذهب ثلثاه ويؤيده ما تقدم من اخبار منازعة إبليس لعنه الله مع آدم ونوح على نبينا وآله وعليهما السلام والجواب
إما عن اخبار العصير فيتوقف دلالتها على شمول العصير وضعا وانصرافا لمحل الكلام وهو ممنوع ولقد بالغ في الحدائق في انكار ذلك مدعيا
ان الشرع والعرف واللغة على خلافه وان ما يؤخذ من الزبيب يسمى نقيعا ومن التمر نبيذا مستظهرا ذلك من المصباح والنهاية والقاموس
362

والمجمع في مادة عصر ونبذ ومما ورد من أن الخمر من خمسة العصير من الكرم والنقيع من الزبيب والنبيذ من التمر إلى آخره وما ذكره واتعب قلمه في
أثنائه شكر الله سعيه وان لم يكن ظاهر النايل؟ الذي نشاهد في العرف صحة إضافة العصير إلى كل من العنب والزبيب والتمر والمأخوذ من مادة
العصر لغة ليس الا ان يكون في الشئ اجرام مائية من دون فرق بين تكونها فيه كما في العنب والرمان ونحوهما أو لشوبه لها من الخارج
كالجامدات المنقعة في الماء مع أن اختصاصها بالأول لغة لا يقدح في مطلب المستدل وان عصير الرطب داخل قطعا فإذا ثبت حرمته بعموم
الاخبار ثبت حرمة عصير الزبيب والاجماع المركب وكيف كان فدعوى الاختصاص شرعا أو لغة بعصير العنب مشكلة لكن دعوى المعهودية في لفظ
العصير في الاخبار مما لا ينكر ضرورة عدم إرادة العموم منها والالزم التخصيص المستهجن فلو لم ندع ظهور العهد في خصوص المعتصر من العنب
فلا ظهور في المعتصر من مطلق ثمرة الكرم والنخل واما عن رواية علي بن جعفر (ع) فبعدم دلالتها على التحريم قولا ولا تقريرا واما عن الموثقتين
فبعدم دلالتهما على التحريم الا بالتقرير مع احتمال ان يكون السؤال عن كيفية طبخ الزبيب حتى يبقى على الحلية ولا يصير خمرا بواسطة اختماره
بالاجزاء المائية الكائنة فيه وكان هذا المقدار من الطبخ كان شايعا لخاصية نضج الأشربة بل حكى ان مياه الثمار الحلوة جميعا بعد
غليانها وذهاب ثلثيها يعتريها الاسكار بسبب تطاول الأزمان بعد ذهاب الثلثين ويؤيد ذلك ما في بعض الروايات من طبخ العصير
الثلث مع العسل حتى يذهب ثلثاه ويؤيده أيضا قوله في رواية الهاشمي المتقدمة وهو شراب طيب لا يتغير إذا بقى اثه؟ واما رواية زيد
فضعيفة جدا واما اخبار نزاع إبليس مع آدم ونوح على نبينا وآله وعليهما السلام فظاهرها تحريم الخمر أو مع العصير كما يظهر من قوله
عليه السلام في بعضها فإذا أخذت عصيرا فاطبخه حتى تذهب ثلثاه وفى بعضها الأخر قوله فمن هنا طاب الطلا على الثلث والطلا على ما
في الصحاح عصير العنب وكيف كان ففي الخروج بتلك الأخبار عما عليه المشهور مشكل ثم ربما حكى عن المصابيح للسيد العلامة دعوى شهرة
القدماء بل الشهرة المطلقة نظرا إلى رواية قدماء أصحابنا لرواة الاخبار التحريم والأخبار المتقدمة ونحوها في خصوص نقيع الزبيب بناء
على أن مذاهبهم يعلم من رواياتهم الظاهرة الدلالة التي أوردوها في كتبهم من غير معارض ظاهر ونظرا إلى اطلاق جملة من فتاوى فقهائنا
المتأخرين عن الشيخ بحرمة العصير بناء على ثبوته لمحل الكلام ولا يخفى ما في جميع ذلك من التكلف المدفوع بان فقهائنا اعرف بمذاهب القدماء
مع أنهم لم ينقل القول بالحرمة عن أحد منهم في الكتب الموضوعة لنقل الخلاف نعم حكاه الشهيد عن بعض مشايخه قال وهو قول بعض
قدمائنا فالقول بالطهارة لا يخلوا عن قوة الا ان الاحتياط الشديد في الاجتناب لظهور الموثقتين في المطلب سيما مع أن الظاهر منهما وجوب
المداقة في اذهاب الثلثين وتحديد مقدار العصير بقصبة أو عود فان ذلك لا يقتضى ان يكون اذهاب الثلثين لمجرد الامن عن الفساد سيما
مع صراحة رواية زيد الترسي المذكورة وضعف كتابه بما ذكره الصدوق وشيخه ابن الوليد معارض بما ذكره ابن الغضايري الطاعن
في كثير من الثقات من تخليط الصدوق في ذلك وان الكتاب المذكور رواه ابن أبي عمير وعن الشيخ أيضا انه روى عنه ابن أبي عمير هذا مضافا
إلى أن في رواية العلل في نزاع إبليس حيث قال هذه الشجرة لي قال نوح كذبت قال فما لي منها قال نوح لك الثلثان فمن هنا طاب الطلا
على الثلث إلى آخره دلالة على وجوب تثليث ثمرة الكرم مطلقا عند الغليان من غير فرق بين رطبه ويابسه الا ان يدعى ذهاب ثلثيه بالشمس
وفيه ما عرفت بل يستفاد من الأخبار المذكورة في الكافي وغيره في هذا الباب ان اعتبار ذهاب الثلثين في عصير العنب والزبيب كان
أمرا مركوزا في أذهان الرواة أيضا واما عصير التمر فالمعروف أيضا طهارته بل عن حواشي القواعد كأنه للشهيد الثاني الاتفاق على
عدم جريان الحكم في عصير غير العنب والزبيب وفى مقاصد العلية انه لا يلحق به أي بالعصير العنبي عصير التمر وغيره اجماعا ولا الزبيب
على أصح القولين وتبعه في دعوى الاجماع والد البهائي في شرح الألفية وبعض شراح الوسائل كما عرفت في مسألة الزبيب وادعى
عليه الاجماع صريحا في الحدائق فهذه خمسة اجماعات مع أن النجاسة ساقطة بناء على الحلية كما هو المعروف
وفى الحدائق انه كاد
يكون اجماعا بل هو اجماع كما في الرياض انه حكى عن بعض الفضلاء عدم الخلاف فيه أصلا لكن قال في الشرائع ان التمر إذا غلا ولم يبلغ
حد الاسكار ففي تحريمه تردد والأشبه بقائه على التحليل حتى يبلغ انتهى لأصالة الإباحة وعموماته الثابتة بالكتاب والسنة وخصوص
رواية محمد بن جعفر عن أبيه (ع) قال قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله قوم من اليمن فسئلوه عن معالم دينهم فأجابهم فخرج القوم بأجمعهم فلما ساروا
مرحلة قال بعضهم لبعض نسينا ان نسئل رسول الله صلى الله عليه وآله عما هو أهم إلينا فنزل القوم وبعثوا وفدا لهم فاتى الوفد رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله
ان القوم قد بعثوا بنا إليك يسئلونك عن النبيذ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وما النبيذ صفوه لي فقالوا يؤخذ من التمر فينبذ في اناء ثم يصب
الماء عليه حتى يمتلى ثم يوقد تحته ينطبخ فإذا انطبخ أخرجوه وألقوه في اناء اخر ثم صبوا عليه ماء اخر ثم يمرس؟ ثم صفوه بثوب
ثم يلقى في اناء ثم يصب عليه من عكر ما كان قبله ثم هدر فغلى ثم يسكن على عكره فقال رسول الله صلى الله عليه وآله يا هذا قد
363

أكثرت أفيسكر قال نعم قال أفكل مسكر حرام إلى اخر الرواية وفيها ان القوم رجعوا بأنفسهم قالوا يا رسول الله صلى الله عليه وآله فأجابهم بما أجاب
الوفد وفيه دلالة صريحة على عدم الحرمة ما لم يسكر والظاهر أن الاسكار انما كان يحصل فيما وضعوه بعد القاء العكر فيه وهدره إلى
غليانه ونشيشه؟ ونحوها رواية الفضيل بن يسار عن مولانا أبى جعفر (ع) قال سئلت عن النبيذ فقال حرم الله الخمر بعينها وحرم النبي صلى الله عليه وآله
من الأشربة كل مسكر لم يفرق بين ان يغلى النبيذ بالنار ولم يذهب ثلثاه وبين ان لا يغلى ورواية مولى حريز عن الصادق (ع) فقلت
له انى اصنع الأشربة من العسل وغيره وانى يكلفوني في صنعتها فاصنعها لهم قال أصنعها لهم وادفعها إليهم وهي حلال قبل ان تصير
مسكرا إلى غير ذلك من الأخبار الدالة على أن مناط التحريم هو الاسكار دون الغليان ودعوى حصول السكر أو مباديه ولو من شرب
كثيره بمجرد الغليان ولو في بعض الأمزجة أو بعض الأهوية والأمكنة ممنوعة ومجرد احتماله لا يوجب الحكم بالتحريم ولا يجب التفحص والتجربة
أيضا مع أنه لو كان لأتفق لبعض ولو اتفق لنقل وشاع بل لو كان لاخبر به الحذاق نعم الظاهر أن طول مكث نقيع التمر وكذا الزبيب قبل
اذهاب معظم اجزائه المائية باذهاب الثلثين يوجب الاختمار الموجب للاسكار وقد يستعمد اختماره بوضع بعض الأجسام فيه كالعكرة
وثفل التمر ونحوهما وقد يختمر بنفسه لتلوث انائه ببقية النقيع السابق المختمر وحينئذ فلا اشكال في التحريم لأجل الاسكار ولكن لا
توجب التحريم قبل حصوله كما صرح به (ع) في رواية مولى حريز المتقدمة حيث قال وهي حلال قبل ان تصير مسكرا ومما ذكرنا يظهر ضعف
التمسك للحرمة بموثقة عمار بن موسى انه سئل عن النفوح العتيق كيف يصنع حتى يحل قال خذ التمر فاغله حتى يذهب ثلثا ماء التمر وموثقته
الأخرى قال سئلته عن النفوح قال يطبخ التمر حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه ثم يتمشطن والنفوح طيب مايع ينقعون التمر والسكر والقرنفل
والتفاح والزعفران وأشباه ذلك في قارورة مخصوصة فيها قدر مخصوص من الماء ويصبرون أياما حتى ينش ويتخمر فان الظاهر أن
الامر باغلائه حتى يذهب ثلثاه لأجل ان لا يصير نجسا إذا نش واختمر مع الأدوية الممزوجة معه لما سيجيئ من أن ماء التمر والزبيب إذا
نش واختمر صار مسكر الا للنجاسة الحاصلة بالغليان فكيف يعمل بالموثقة في ذلك مع مخالفتها للشهرة المحققة والاجماعين المحكيين
المعتضدين بعدم ظهور الخلاف في النجاسة الاعن شاذ من متأخري المتأخرين واضعف من ذلك الاستدلال بما روى أن الصادق (ع)
كان عند نسائه فشم رايحة النفوح فقال ما هذا فقالوا نجعل فيه الضياح فأمر به فأهريق في البالوعة إلى آخره والضياح قبل اللبن الخاثر
وعن القاموس ان الضياح ككتان عطر أو عسل وعن بعض انه الخمر الممزوج بالماء وحينئذ فلا يدل الرواية على نجاسة أصل النفوح أو
يقال إن هذا النفوح كان مما لم يذهب ثلثا ماء تمره فاختمر فصار نجسا والحاصل ان اذهاب ثلثي العصير العنبي انما يجب أصالة لما دل
من الاخبار والاجماع على حرمته قبله ودعوى شمول العصير لما نحن فيه أضعف من دعوى شموله لنقيع الزبيب التي قد عرفت ضعفها واما
اذهاب ثلثي ماء التمر المستفاد من هاتين الموثقتين فلا يبعدان يكون علاجا لعدم افسادها عند النشيش والاختمار لأجل طول
المكث ولما يمتزج كما يستفاد ذلك من مستفيض الاخبار منها رواية أيوب ابن راشد قال سمعت أبا البلاد يسئل الصادق (ع)
عن النبيذ قال لا باس به فقال إنه يوضع العكر قال بئس الشراب ولكن انبذوه عذوة واشربوه بالعشى فقلت جعت فداك هذا يفسد
بطوننا فقال أبو عبد الله (ع) أفسد لبطنك ان تشرب مالا يحل لك الخبر والعكر هو درد من الزيت يوجب غليان النبيذ ونشيشه كما
يستفاد من غير واحد من الاخبار ومنها رواية إبراهيم بن أبي البلاد انه دخل علي بن جعفر (ع) وجلست وشكى إلى معدته إلى أن قال ما سقيت
ماء فقال (ع) أسقيه من نبيذي فجائت نبيذ مريس في قدح من خضر فشربته فوجدته أحلى من العسل قلت له هذا الذي أفسد معدتك
فقال هذا تمر من صدقة النبي صلى الله عليه وآله يؤخذ غدوة فيصب عليه الماء وتمرسه الجارية واشربه على اثر الطعام السائر نهاري فإذا كان الليل
أخرجته فسقته أهل الدار فقلت له ان أهل الكوفة لا يرضون بهذا قال فما نبيذهم قلت يؤخذ التمر فيبقى وتلقى عليه القعوة قال و
ما القعوة قلت الدازى قال وما الدازى قلت يؤتى من البصرة فيلقى في هذا النبيذ حتى يعلى وفيسكن أو يسكر قال ذلك حرام وغير
ذلك فما ورد في نبيذ التمر ومثلها في نقيع الزبيب منها رواية حنان بن سدير قال سمعت رجلا يسئل أبا عبد الله (ع) ما تقول في
النبيذ فان أبا مريم يشربه ويزعم انك أمرت بشربه فقال صدق أبو مريم سئلني عن النبيذ فقلت له انه حلال ولم يسألني عن المسكر إلى أن
قال فقلت جعلت فداك هذا النبيذ الذي أذنت لأبي مريم في شربه أي شئ هو فقال إما أبى صلوات الله عليه فإنه كان يأمر الخادم فيجيئ
بقدح ويجعل فيه زبيبا ويغسله غسلا نقيا ثم يجعله في اناء فتصب عليه ثلثه مثله أو أربعة ماء ثم يجعله بالليل ويشربه بالنهار ويجعله
بالغداة ويشربه بالعشى وكان يأمر الخادم بغسل الاناء في كل ثلاثة أيام كيلا يغتم أفإن كنتم تريدون النبيذ فهذا هو النبيذ ومنها
رواية علي بن أسباط أنه قال رجل لأبي عبد الله (ع) ان بي أرياح البواسير وليس يوافقني الا شرب النبيذ فقال مالك وما حرم الله ورسوله صلى الله عليه وآله
364

نقوله ثلثا عليك بهذا المريس الذي عمرس بالعشى ويشرب بالغداة ويمرس بالغداوة وتشربه بالعشى فقال له هذا ينفح البطن قال فأدلك على ما هو
أنفع لك من هذا عليك بالدعاء فإنه شفاء من كل داء وقد ورد في موثقة عمار في وصف مطبوخ الزبيب انه ان خشيت ان ينش نقيع الزبيب
فاجعله في تنور مسجود إلى غير ذلك فما ربما تقف عليه مما يدل على أن نقيع الزبيب والتمر إذا حصل فيهما النشيش لطول المكث أو بالعلاج يحرم
إذا غلى في النار واذهب ثلثاه وقد صرح به جماعة من الأصحاب من نهاية الشيخ لا باس بشرب النبيذ غير المسكر وهو ان ينقع التمر أو الزبيب ثم
يشرب قبل ان يتغير ونحوه ما عن الوسيلة والمهذب وفى الدروس ولا يحرم المعتصر من الزبيب ما لم يحصل به نشيش فيحل طبخ الزبيب على الأصح
ونحوه ما عن السرائر ثم إن الحرمة المستفادة من النصوص والفتاوى في ذلك ليس لأجل نفس النشيش والغليان حتى يقاس عليه ما إذا
غلى بالنار بل لحصول الاسكار أو لدخوله تحت الفقاع ولو لم يسكر ولم يدخل تحت اسم الفقاع لم يحرم أيضا وإن كان بعض الأخبار مطلقا
الا ان التقييد يعلم من بعضها الأخر ومما ورد من أن المدار على الاسكار مثل روايتي الفضيل ومولى حريز المتقدمتين في أول
المسألة وغيرهما مما يقف عليه من راجع باب الأشربة من الكافي وكيف كان فالقول بالتحريم ضعيف جدا لعدم الدليل عليه عدا الموثقات
الثلث المتقدمة الدالة على النجاسة المخالفة للاجماع والشهرة الا ان الاحتياط مما لا ينبغي تركه واما عصير الحصرم فالظاهر أنه لا اشكال
ولا خلاف في طهارته وحليته للأصل وما عرفت من حصر المحرم من الأشربة في المسكر ورواية مولى حريز المتقدمة الدالة على
حلية الأشربة المصنوعة ما لم يسكر إلى غير ذلك وحكى في الحدائق عن بعض محدثي البحرين الالتزام بالاحتياط فيه لاحتمال شمول
العصير في الاخبار له وفيه ما قدمناه ذكره من أن الواجب حمل العصير على الصنف المعهود في ذلك الزمان لاعلى العموم وخروج ما خرج
بالدليل ونحن نعلم أن المتعارف في ذلك الزمان هو عصير العنب دون الحصرم مع أن عدم العلم بالتعارف كاف واما اخبار نزاع إبليس
فالظاهر منها أيضا العنب ثم ظاهر رواية العلل جريان الحكم في ثمرة الكرم قبل العنبية وبعد الزبيبية الا انه ليس فيها ذلك الظهور المغنى به
فضلا عن أن يقاوم الاجماع المستفاد حدسا من العلماء والسيرة القطعية مضافا إلى ما عن مستطرقات السرائر عن كتاب مسائل الرجال
عن أبي الحسن (ع) ان محمد بن عيسى كتب إليه عندنا طبخ نجعل فيه الحصرم وربما يجعل فيه العصير من العنب وانما هو لحم طبخ وقد روى عنهم عليهم السلام
في العصير انه إذا جعل على النار لم يشرب حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه قال الذي يجعل العنب من العصير بتلك المنزلة وقد اجتنبوا اكله
إلى أن يستأذن مولانا في ذلك فكتب لا باس فان الظاهر من الرواية انهم انما كانوا يجعلون في ذلك الطبخ الحصرم ولم يتوهم وجوب تثليثه
ولاتعرض له الإمام (ع) في مقام البيان وانما تعرض السائل للعصير الذي يجعل في ذلك أحيانا وكيف كان فلا ارى المسألة محلا
للاشكال وان ذكر كاشف الغطاء ان الأحوط جرى حكم العنبي في الزبيبي والحصرمي والتمري والبسري ثم إن الظاهر عدم الفرق فيما يحرم
بالغلي من الأعصرة بين ان يغلى منفردا أو ممزوجا مع شئ اخر لاطلاق الأدلة الا مع استهلاكه على وجه لا ينسب الغلى إليه عرفا إما لو صدق
انه يغلى ولو في ضمن غيره بحيث صار كالسكنجبين وكالعصير على الفرني فالظاهر جريان الحكم وبالجملة فالحكم يدور على صدق غلى العصير ولو في
ضمن غيره لاعلى صدق العصير على المغلى وقوله (ع) في رواية زيد المتقدمة في الزبيب المغلى في الماء إذا أدت الحلاوة إلى الماء فقد فسد
محمول على ما ذكرنا دون مجرد تغير الطعم في الجملة فافهم ويؤيد ما ذكرنا ما تقدم في مسألة الحصرم من رواية السرائر ولو وقع شئ
من العصير بعد غليانه وقبل ذهاب ثلثه في مايع نجسه الا ان يكون عصيرا اخر وإن كان مثلثا أو كان العصير المنصب مما لا يستهلك في
ذلك المايع فحينئذ بثلث ذلك العصير أو المايع على اشكال في الأول وسيأتي ذلك في تطهير ذهاب الثلثين ثم إن الحكم بالحرمة في موردها محمول
على نفس المايع المكون في العنب أو الحادث في الزبيب أو التمر لا عليه بوصف كونه معصورا ومخرجا منهما وان اوهم الاخبار خلاف ذلك
فان التعبير عن الموضوع فيها بالعصير من باب التعبير بالغالب والا فلا بد ان لا يحكم بالحرمة إذا استخرج ماء العنب لا بالعصر بل بالغليان
وهو واضح الفساد وعلى ما ذكرنا فلو غلى ماء العنب في حبه من دون ان يخرج حرم ودعوى انه لا يتحقق معه القلب المفسر بالغليان في
رواية حماد بن عثمان وفى كلمات الأصحاب بصيرورة أعلاه أسفله مدفوعة بان الظاهر تحققه في حب العنب بحسب حاله إذ الظاهر أنه يكفي في
ذلك مجرد حركته وفى موثقة ذريح إذا نش العصير أو غلا حرم نعم ربما يستفاد من مفهوم قوله (ع) في رواية زيد المتقدمة في القاء الزبيب
في القدر كما هو إذا أدت الحلاوة إلى الماء فقد فسد فان ضمير فسد وان قلنا برجوعه إلى الماء مع اقتضاء المقام للبيان يدل
على العدم الا ان الرواية ضعيفة وعلى ما ذكرنا فتحرم حبات العنب بل تنجس إذا غلت بالشمس قبل ان تصير
زبيبا فما عن المحقق الأردبيلي من
التأمل في تحريم ذلك مع اعترافه بأنهم صرحوا به محل نظر قال في شرح الارشاد على ما حكى عنه وظاهر النصوص اشتراط كونه معصورا
فلو غلى ماء العنب في حبه لم يصدق عليه انه عصير غلى ففي تحريمه تأمل ولكن صرحوا به فتأمل والأصل والعمومات وحصر المحرمات دليل
365

الحل حتى يعلم الناقل انتهى وقد عرفت ان التعبير في الاخبار محمول على الغالب ثم إن الظاهر أن الحكم المذكور مختص بالعصير المعبر عنه في الاخبار
تارة بالعصير واخرى بالطلاء فلو صار العصير خلا لم يحرم بالغليان لعدم تحقق الاسم إما لو صار دبسا فالظاهر بقاء الحكم معلقا على
ذهاب الثلثين والأقوى نجاسة عرق الجنب من الحرام وفاقا للمحكى عن الصدوقين والإسكافي والشيخين في المقنعة والخلاف والنهاية
والقاضي وابن زهرة والظاهر أنه المشهور بين القدماء وعليه جماعة من متأخري المتأخرين مثل أستاذ الكل في شرح المفاتيح وصهره في الرياض
وتلميذه كاشف الغطاء بل عن ف؟ دعوى الاجماع عليه والاخبار ونسبه في الغنية والمراسم إلى أصحابنا وجعله في الأمالي من دين الإمامية
وبذلك كله ينجبر ضعف الروايات عن أبي الحسن الهادي إحديهما في الذكرى عن إدريس بن زياد الكفرثوثي انه كان يقول بالوقف
فدخل سر من رأى عهد أبى الحسن (ع) وأراد ان يسئله عن الثوب الذي يعرق فيه الجنب أيصلي فيه فبينما هو نائم في طاق باب لانتظاره حركه الإمام عليه السلام
وقال مبتدأ إن كان من حلال فصل فيه وإن كان من حرام فلا تصل فيه وعن البحار انه وجد نحوها عن بعض المؤلفات القديمة
مسندة إلى الكاظم (ع) وعن المناقب لابن شهرآشوب ان علي بن مهزيار كان أراد ان يسئل أبا الحسن (ع) عن ذلك وهو شاك في إمامته (ع)
قال فوردت العسكر فرأيت السلطان قد خرج إلى الصيد في يوم من الربيع الا انه صائف والناس عليهم ثياب الصيف وعلى أبى الحسن (ع)
لبابيد وعلى فرسه تحفاف لبود وقد عقد ذبنا؟ لفرسه والناس يتعجبون منه ويقولون الا ترى إلى هذا المدني وما فعل بنفسه فقلت في
نفسي لو كان إماما ما فعل هذا فلما خرج الناس إلى الصحراء لم يلبثوا إذ ارتفعت سحابة عظيمة هطلت فلم يبق أحد الا ابتل وغرق
بالمطر فعاد (ع) وهو سالم من جميع ذلك فقلت في نفسي يوشك ان يكون هو الامام ثم قلت أريد ان أسئله عن الجنب إذا عرق في
الثوب فقلت في نفسي ان كشف عن وجهه فهو الامام فلما قرب منى كشف عن وجهه وقال (ع) إن كان الجنب عرق في الثوب وجنابته من
حرام لا يجوز الصلاة فيه وإن كانت جنابته من حلال فلا باس به فلم يبق في نفسي بعد شبهة في إمامته الخبر ونحوها الرضوي و
يؤيدها ما ورد من النهى عن الاغتسال بغسالة الحمام وقول أبى الحسن (ع) في رد من زعم أن فيه شفاء العين كذبوا انه يغتسل فيه
عن الجنب من الحرام الزنا والناصب وهو شرهما وكل من خلق ثم يكون فيه شفاء العين وفى رواية أخرى تعليل النهى؟ بأنه يغتسل
فيه عن الزنا وولد الزنا والناصب وهذه وان لم تدل على النجاسة الا انها لا تخلو ا عن تأييد وان شئت فتمسك بهما بناء على أن الظاهر
من التعليل بيان حكم نجاسة الغسالة ولا يقدح عدم نجاسة بعض من ذكر فيها مثل ولد الزنا فان الخبر لا يسقط عن الاعتبار باشتماله على
ما يخالف بظاهره الدليل الظني بل القطعي وكيف كان فالانصاف يقتضى حصول الظن القوى البالغ حد سكون النفس من نفس اشتهار
الحكم بين القدماء مع كونه مما لا يمكن ان يستند فيه إلى شئ سوى ورود الرواية بالخصوص فلا اشكال في انجبار الروايات المتقدمة بمثل هذه
الشهرة المعتضدة بالاتفاقات المحكية مضافا إلى أن المحكي عن المبسوط إضافة الرواية إلى أصحابنا الظاهرة في اشتهارها بينهم خلافا
للمحكى عن المفيد في رسالته إلى ولده وسلار مع ما تقدم عنه من نسبة القول بالنجاسة إلى أصحابنا فلعله أراد الشهرة القريبة
من الاتفاق وتبعهما الحلى والمحقق والشهيدان وعامة المتأخرين على ما حكى بل عن الحلى الاجماع على الطهارة والظاهر أنه استنبط
الاجماع من قاعدة الطهارة وعمومات طهارة عرق الجنب ولا يخفى ضعفه واضعف منه ما عن شرح الموجز من أن القول بالنجاسة
للشيخ وهو متروك ولا مستند لهم سوى الأصل والعمومات واطلاق طهارة عرق الجنب المندفعة بما عرفت ثم إنه لافرق كما عن المنتهى
بين كون الجنب رجلا أو امرأة ولافرق في الوطي بين ان يكون وطى امرأته أو لواط أو وطى بهيمة أو وطى ميتة وإن كانت زوجته
وسواء كان مع الجماع انزال أم لا والاستمناء باليد كالزنا قال إما الوطي في الحيض والصوم فالأقرب الطهارة وفى المظاهرة اشكال
انتهى ولعل وجه الحكم بالطهارة في الوطي في الصوم والحيض ان المتبادر من الجنابة من الحرام كون الحرمة من جهة الفاعل أو القابل
لامن جهة نفس الفعل واما الاستمناء فهو نكاح اليد كما في الرواية والفرق بين الزوجة الحائض والميتة مما لا يخفى خلافا لكاشف
اللثام قسوى؟ بين الكل في النجاسة ومما ذكرنا يظهر وجه الاشكال في المظاهرة من حيث إن التحريم مستند إليها حيث جعلها كظهر الام
أو إلى نفس الفعل لعارض عرضها كالحيض ويظهر مما ذكرنا حكم الوطي الممنوع منه لمرض أو حلف ولافرق في العرق بين الحادث
حال الفعل والموجود بعده واما السابق الباقي إلى حال الفعل فهو ط؟ والمناط في التحريم هو التحريم الواقعي مع عدم تحقق الحلية
الظاهرية فلو انتفى الأول كالواطئ امرأة باعتقاد انها أجنبية أو تحقق الثاني كالواطئ للشبهة فالحكم الطهارة وعن المنتهى انه لو وطى
الصغير أجنبية وألحقنا به حكم الجنابة ففي نجاسة عرقه اشكال ثم إن المحكي عن المعالم انه حكى عن الإسكافي أنه قال في مختصره بعد الحكم بنجاسة
عرق الجنب من الحرام وكذا عندي الاحتياط من عرق جنابة الاحتلام ثم اعترف في المعالم بعدم الوقوف له على موافق ولا على دليل وهو
366

كذلك الا ان يقال إن تلك الجنابة لا يصدق عليها انها من حلال وكونها من حرام أيضا وإن كان غير معلوم فيلحق بالنسبة وربما يوجه بان الجنابة
من حرام لأنه من فعل الشيطان وإن كان الشخص غير مكلف فحسن الاحتياط لأجل ذلك وهو يعيد وكيف كان فيرده الأصل وعمومات طهارة عرق
الجنب واما عرق الحائض والنفساء فالمحكى عن جماعة منهم المحقق في المعتبر الاجماع على طهارته والأقوى نجاسة عرق الإبل الجلالة وفاقا للمحكى
عن الشيخين والقاضي والمص؟ في المنتهى ومال إليه المحقق الأردبيلي وتلميذه في المدارك وتلميذه في الذخيرة وجزم به في الرياض مصرحا بشهرته
بين القدماء وعن الغنية والمراسم نسبته إلى الأصحاب وان اختار الطهارة في الأخير وتبعه في ذلك الحلى والمحقق والمص؟ في كثير من كتبه وعامة المتأخرين
عدا قليل منهم كما مر للأصل والعمومات المندفعة بصحيحة هشام بن سالم لا تأكل من لحوم الجلالة وان أصابك شئ من عرقها فاغسله وحسنة ابن
البختري لا تشرب من البان الجلالة وان أصابك من عرقها فاغسله ثم إن ظاهر الصحيحة الأولى كالحسنة عدم اختصاص الحكم بالإبل خلافا
للمحكى عن الأكثر فخصوه بها وهو الأقوى اقتصارا في مخالفة القواعد على مورد العمل من الرواية المخالفة لها وإن كانت صحيحة والعاشر من
النجاسات
الفقاع كرمان ولا خلاف ظاهرا في نجاسته وعن الانتصار وف؟ والغنية الاجماع عليه وكذا نقل عن المص؟ قده وجماعة من
المتأخرين والظاهر أنهم أرادوا الاجماع من كل من قال بنجاسة الخمر لا مطلقا ويدل عليه مضافا إلى استفاضة الاخبار بكونها خمر المستلزم
لثبوت احكامها له إما لثبوت الموضوع واما لعموم المنزلة أو اختصاصه بالأحكام الشايعة التي من أظهرها النجاسة بعد التحريم ورواية
أبى جميلة عن يونس قال اخبرني هشام بن الحكم انه سئل الصادق (ع) عن الفقاع فقال لا تقربه فإنه خمر مجهول فإذا أصاب ثوبك فاغسله و
ضعف سندها مجبور بما عرفت والمراد من الفقاع على ما عن مجمع البحرين والمدنيات انه ما يتخذ من ماء الشعير وعن السيد في الانتصار
والرازيات انه كان يعمل منه ومن القمح وعن الشهيد كان قديما يتخذ من الشعير غالبا ويضع حتى يحصل له نشيش وكانه الان يتخذ من
الزبيب وعلى كل حال فالمعتبر الصدق العرفي الا ان المحكي عن الإسكافي أنه قال إنه حرام لنشيشه وغليانه ويظهر منه اعتبار النشيش
وهو كما قيل رفع صوت الماء وغيره إذا غلا وهو ظاهر الشهيد الثاني في ض؟ حيث قال إن الأصل في الفقاع ان يتخذ من ماء الشعير كما ذكره
في الانتصار لكن لما ورد النهى معلقا على التسمية ثبت له ذلك سواء عمل منه أم من غيره إذا حصل فيه خاصته وهو النشيش ونحوه في
ضة؟ وعن السيد المرتضى انه نقل عن أبي هاشم الواسطي ان الفقاع نبيذ الشعير فإذا نش فهو خمر وفى كشف الغطاء انه يعتبر فيه ان يوضع
في محل حتى يحدث فيه فوران ونشيش وفى حاشية المدارك ان الحرمة والنجاسة يدوران مع الاسم والغليان دون الاسكار و
في شرح المفاتيح ان نجاسته وان لم يكن مسكرا هو المعروف من أصحابنا لتعليق الحكم على الاسم واطلاق الخمر عليه منوطا بالغليان و
جزم به في الحدائق مستدلا بمصححة ابن أبي عمير قال كان يعمل لأبي الحسن (ع) الفقاع في منزله قال ابن أبي عمير ولم يعمل فقاع يغلى ونحوها رواية
أخرى وفى مصححة ابن يقطين في شرب الفقاع الذي يعمل في السوق لا يدرى كيف يعمل ولأمتي عمل أيحل لي ان اشتريه قال لا أحبه فان
ظاهر قوله ولأمتي عمل ان الحرام منه ما يبقى حتى يحصل له فوران وعلى أي حال فظاهر النصوص ومعاقد الاجماع عدم اعتبار الاسكار
فيه وقد نسبه في ئق؟ إلى ظاهر الأصحاب وتقدم في شرح المفاتيح ان نجاسته وان لم يكن مسكرا هو المعروف ويؤيده عد الفقاع في كلامهم
نجسا على حده غير المسكرات وعن الغنية كل شراب مسكر نجس والفقاع نجس بالاجماع وعد في الوسيلة من النجاسة الخمر وكل شراب
مسكر والفقاع بل المصرح به في مجمع البحرين وكشف الغطاء كونه مما لا يسكر قال في الأول هو شئ يتخذ من ماء الشعير وليس بمسكر لكن ورد
النهى عنه وفى الثاني انه شراب مخصوص غير مسكر متخذ من الشعير غالبا وفى تحفة الطب انه من الأنبذة ولا يسكر ولكن الانصاف ان ظاهر
الأخبار الدالة على انها خمرا وبمنزلتها اعتبار الاسكار فيه سيما بملاحظة ما دل على أن الله لم يحرم الخمر لاسمها وانما حرمها؟؟
فما كان عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر الا ان يلتزم بأنه يحصل منه فتور وان لم يبلغ حد السكر قال في كشف الغطاء وليس ماء الشعير الذي
يتعاطاه الأطباء للدواء منه لأن الظاهر أنه يحصل منه فتور لا يبلغ حد السكر وليس ذلك في ماء الشعير بقى الكلام في أن الظاهر من بعض ما
تقدم اختصاص الفقاع في البيان من ماء الشعير دائما أو غالبا وعليه لاوجه لتعميم الفقاع في الأدلة لما عداه ودعوى وضعها للقدر
المشترك بين الكل ممنوع الا ان يقال بعدم الاختصاص وضعا ولا انصرافا الأقوى طهارة عين المسوخات ولعابها وفاقا للمشهور
بل المجمع عليه كما ستعرف للأصل والعمومات الدالة على طهارة سؤر كل حيوان من السباع والوحش ما عدا الكلب كما في رواية البقباق
المتقدمة في باب السؤر خرج عنه الخنزير وخصوص ما دل على طهارة سؤر السباع الذي بعضها من المسوخ وما دل على (طهارة ميتة ما لا نفس له ومنه الزنبور والعنكبوت والجراد والوزغ والعقرب وما دل على جواز التمشط بالعاج وهو من المسوخ؟ وما دل على صح) استعمال
وبر؟ الأرانب وما دل على طهارة سؤر مطلق الطير ومنه الطاووس والوطواط وما دل على طهارة العقرب والوزغ والفأرة
التي عدت من المسوخ هذا كله مضافا إلى السيرة القطعية في بعضها خلافا للمحكى عن ط؟ فقال لا يجوز بيع الأعيان النجسة كالكلب
367

والخنزير وجميع المسوخ انتهى والظاهر عطف الجميع على المثال لا للمثل وعنه في كتاب الأطعمة من ف؟ ان المسوخ كلها نجسة وعن الايضاح
في كتاب الصيد نسبة القول بالتنجيس إلى المفيد والشيخ في ف؟ وابن حمزة وسلار وعن غاية المرام ان أكثر
المتقدمين على منع بيع المسوخ
بناء على نجاستها وأكثر المتأخرين على الجواز وربما احتمل استفادة القول بالنجاسة من بعض هؤلاء من جهة قوله بنجاسة لعاب المسوخ فان
المحكي عن ابن حمزة وسلار في سيلة؟ والمراسم وعن الاصباح نجاسة اللعاب كما احتمل في كلام الشيخ إرادة النجاسة اللغوية بمعنى الخباثة
الموجبة لثبوت بعض احكام النجاسة ويشهد له مضافا إلى ما عنه في ف؟ من جواز التمشط بالعاج واخذ المداهن منه مدعيا عليه الاجماع ما عنه
في الاقتصار ان غير الطير على صربين نجس العين ونجس الحكم فنجس العين هو الكلب والخنزير فإنه نجس العين نجس السؤر نجس اللعاب وما
عداه على ضربين مأكول وغير مأكول فما ليس بمأكول كالسباع وغيرها من المسوخات مباح السؤر ونجس الحكم انتهى وكيف كان فما
تقدم من الأدلة كاف في طهارة عينها وسؤرها ولعابها ومما ذكرنا من الأدلة يظهر الوجه في طهارة الثعلب والأرنب والقارة
والوزغة مضافا إلى ما دل على جواز تذكية الأولين والروايات الخاصة في الأخيرين خلافا للمحكى عن الشيخ في موضع من ط؟ فجعل الامر معه
كالكلب والخنزير في وجوب إراقة ما باشرته من المياه وغسل ما مسته بيبوسة وعن الوسيلة الكلب والخنزير والثعلب والأرنب والفأرة
والوزغة وجسد الذمي والكافر والناصب يجب غسل ما مس هذه رطبا ورشه يابسا وللمحكى عن المقنعة فجعل الأخيرين كالكلب والخنزير
في غسل ما مساه برطوبة ورش ما مساه بيبوسة ونحوه ما عن المراسم وللمحكى عن الحلبيين في نجاسة الأولين وعن الغنية الاجماع عليه وللمحكى
عن القاضي فالحق الوزغة والمستند في الكل لو صحت الحكايات عدة من الروايات ففي المرسل سألته عن الرجل يمس الثعلب والأرنب
أو شيئا من السباع حيا أو ميتا قال لا يضره ولكن يغسل يده وفى المصحح عن الفارة الرطبة قد وقعت في الماء يمشى على الثياب أيصلي
فيها قال اغسل ما رأيت من اثرها وما لم تره فانضحه بالماء والخبر المروى من قرب الإسناد عن الفارة والعقرب وأشباه ذلك يقع
في الماء قال يسكب منه ثلث مرات وقليله وكثيره بمنزلة واحدة ثم يشرب وتتوضأ منه غير الوزغ فإنه لا ينتفع بما يقع ونحوه
ما عن الرضوي ولا يخفى ان ذلك كله معارض بالعمومات والخصوصات في طهارة الأربعة المذكورة واضعف من الكل القول
بنجاسة لبن الجارية كما عن الإسكافي للعلوي الضعيف المعلل بعلة ضعيفة مشعرة بالاستحباب وهي ان لبنها تخرج من مثانة
أمها واضعف من الكل نجاسة ذرق الدجاج وقد تقدم في البول والغايط وافرط من الكل في الضعف احتمال نجاسة الحديد
أو تخيل حسن؟ الاحتياط كما حكى عن بعض المتورعين انه كان يجتنب اكل الجزء المقطوع من البطيخ بالحديد نعم لا باس بالحكم باستحباب
غسل اليد أو مسه لخباثة باطنية فيه المعبر عنها في الاخبار بالنجاسة لموثقة عمار في الرجل إذا قص أظفاره بالحديد أو
اخذه من شعره وحلق قفاه فان عليه ان يمسحه بالماء قبل ان يصلى قلت فان صلى ولم يتمسح ذلك بالماء قال تمسح بالماء ويعيد الصلاة
لان الحديد نجس وقريب منها موثقته الأخرى وفى رواية أبي بصير عن الصادق (ع) عن أمير المؤمنين (ع) لا يجوز الصلاة في شئ من الحديد
فإنه نجس ممسوخ وهي على ظاهرها مخالفة للسيرة الكاشفة عن كون الطهارة من الضروريات عند العوام والخواص ويجب بالوجوب
الشرطي أو التكليفي إزالة النجاسة مع الامكان عن الثوب والبدن المتنجسين للصلاة بالاجماع المحقق في الجملة وبالسنة والكتاب
المتواترة ولو كانت النجاسة ملاصقة لها مع عدم تأثرها لم تجب الإزالة الا إذا منعنا عن حمل النجاسة كما سيأتي وذكر الثوب من باب
المثال فان الواجب إزالة النجاسة عن كل ما يصلى فيه لما يستفاد من النص والفتوى من عدم جواز الصلاة في النجس ففي مكاتبة خيران
الخادم المتقدمة في مسألة الخمر في الثوب الذي اصابه خمر قوله (ع) لا تصل فيه فإنه رجس دل بمقتضى التعليل على عدم جواز الصلاة
في كل رجس وقوله (ع) في رواية أبي بصير المتقدمة في طهارة الحديد (لا تصل في شئ من الحديد صح) فإنه نجس ممسوخ فإنه وإن كان النهى للتنزيه والمراد بالنجاسة
الخباثة الا انه يستفاد منه ثبوت حرمة الصلاة في النجس الحقيقي وقوله (ع) في رواية وهب بن وهب السيف بمنزلة الرداء تصلى فيه ما لم
تر فيه دما بناء على عدم دخول السيف فيما لا يتم الصلاة فيه وأوضح منها الاخبار الآتية فيما لا يتم الصلاة فيه فان الظاهر كون ذلك
كالاستثناء من كلية المنع عن الصلاة في النجس مع أنهم عدوا من ذلك الخاتم والدملج والخلخال والسيف والسكين والحاصل ان الظاهر
من النص والفتاوى ان المناط في بطلان الصلاة صدق الصلاة في النجس الا ما ثبت استثنائه كما سيأتي في مسألة مالا تتم الصلاة
فيه وحينئذ فلو قلنا بجواز حمل النجس فلابد في معرفة ما يصلى فيه وتميزه عن المحمول من الرجوع إلى العرف فتريهم يفرقون بين الخاتم والثوب
الملفوف الكائن مع المصلى فلو حمل عمامة تحت إبطه لم يصدق انه صلى فيها والظاهر أن العصابة المشدودة على الأعضاء مما يصلى فيه
دون المحمول نعم يزول الحاجة إلى التميز بين المحمول وما يصلى فيه إذا قلنا بالعفو عن قذارة كل مالا تتم الصلاة فيه سواء كان من
368

الملابس أم من غيرها لان ما تتم به الصلاة داخل في الثياب قطعا وغيره معفو عنه بالفرض كما تزول الحاجة أيضا إذا قلنا بالمنع عن المحمول
كما عن ط؟ والاصباح والسرائر والجواهر والجامع وجملة من كتب المص؟ قده والموجز وظاهر البيان حيث حكموا بفساد الصلاة بحمل قارورة مشدودة
الرأس فيها نجاسة ولم يظهر لهم مستند عدا ما ربما يظهر من المروى عن قرب الإسناد عن علي بن جعفر (ع) عن أخيه (ع) قال سألته عن الرجل تمر المكان
فيه العذرة فتهب الريح فتسفى فتصيب ثوبه ورأسه أيصلي فيه قبل ان يغسله قال نعم يفضيه؟ ويصلى إلى آخره فإنها ظاهرة في وجوب النفض ونحوه ما
ورد في فارة المسك إذا كان مع المصلى قال لا باس إذا كان ذكيا إما بناء على أن المراد النظافة عن النجاسة العرضية فيثبت المطلق واما بناء
على إرادة الذكوة في مقابله المأخوذة من ميت بناء على نجاسة الفارة إذا أخذت من ميتة فيدل على عدم جواز استصحاب الميتة ويلزمه بعدم
القول بالفصل المنع عن استصحاب غيرها من النجاسات الا ان يلتزم بالفرق بناء على أن المنع عن الميتة ليس لنجاسته ولذا منع عنها من؟؟
بالدباغ كالإسكافي وحكى في المقاصد العلية عن بعض المنع من الصلاة في جلد السمك الميتة مع طهارته وان رده بعدم الدليل و
منه يظهر سقوط الاستدلال على المدعى بالرواية عن الرجل يصلى ومعه دبة من جلد حمار ميت قال لا يصلح ان تصلى وكيف كان فالمسألة
محل اشكال لعدم نهوض ما ذكر لاتمام المطلب ولذا افتى المحقق فيما حكى عن المعتبر بالجواز وتبعه جماعة منهم المحقق الثاني الا ان الانضاف؟
ان عدم الجواز لا يخلوا عن قوة لصدق الصلاة في الشئ إذا كان محمولا فان الظاهر من لفظة في وإن كان هو التلبس بالشئ واستعماله الا
ان التتبع في استعماله في الاخبار يشهد بان المراد الأعم منه ومن المصاحبة ويشهد له ما تقدم من رواية الصلاة في السيف وموثقة
ابن بكير في باب اللباس قوله فالصلاة في بوله وروثه وقوله (ع) لا تصل في منديل غيرك وصل في منديلك وهذا يؤيد أصل المطلب
فان النهى وإن كان محمولا على التنزيه الا ان الظاهر منه ملاحظة احتمال النجاسة فيدل على المنع لو علم نجاسته وأوضح منه ما دل على جواز
الصلاة في خرقة الحناء إذا كانت طاهرة ويجب إزالة النجاسة أيضا للطواف الواجب والمندوب لأنها صلاة لا لان
الطايف في المسجد وعن المساجد بلا خلاف على الظاهر المصرح به في محكى ف؟ والسرائر ونهج الحق والمفاتيح وعن الذخيرة عن الشهيد ان الظاهر
كونه اجماعيا وعن اللوامع حكاية الاجماع عن العاملي والظاهر أنه أراد به الشهيد والأصل فيه قوله تعالى انما المشركون نجس فلا تقربوا
المسجد الحرام فرع حرمة دخولهم المسجد على نجاستهم وقد مر في نجاسة الكافران المراد بها هنا ولو بالقرينة النجاسة الشرعية فدلت
على المنع من ادخال كل نجس وفى النبوي جنبوا مساجدكم النجاسة بناء على أن الظاهر إرادة هذا المعنى دون مسجد الجبهة ودون موضعها
من الأرض تسمية للصلاة باسم أشرف اجزائها وفى صحيحة الثمالي عن أبي جعفر (ع) اوحى الله إلى نبيه ان طهر مسجدك واخرج منه من يرقد
بالليل ومر بسد الأبواب هذا كله مع ما علم من الشرع من وجوب تعظيم المساجد كما يستفاد من احكام المساجد وآداب دخولها
ومنه يعلم وجوب ازالتها من الضرايح المقدسة والمصاحف مع ما علم من زيادة احترام المصاحف على المساجد وكذا المشاهد بناء
على ما يظهر من الاخبار من أن كل مسجد كان مكانا اصابه دم نبي أو وصى صلوات الله وسلامه على جميع الأنبياء والأوصياء فأحب الله
ان يذكر فيه فاحترامه يستلزم احترام مدفن النبي والوصي صلوات الله وسلامه عليهما بطريق أولي نعم لو قلنا بان وجوب الإزالة
عن المسجد ليس للاحترام بل لحكمة الامن عن تنجس المصلين فإنه موضع أعد للصلاة لم يتعد إلى غيره واحتيج في اثبات الحكم في المشاهد
والمصاحف إلى دليل اخر ولم نعثر عليه عدا ما ربما يظهر من الشهيد الثاني من وجوب تعظيمهما واحترامهما وفيه ان المسلم حرمة الإهانة
والاستخفاف واما التعظيم فمراتبه مختلفة غير محصورة ولا دليل على وجوب الاعلى بناء على تسهيل الامر على العباد والا فاللازم عقلا
وشرعا هو الاحترام وفوق ما يتصور الا انا نقول كمالا يحرم ترك بعض الاحترامات فلم يصل من الشرع ما يدل على وجوب هذا الاحترام
ولذا لم يفت المشهور بحرمة دخول الجنب في المشاهد وحرمة مس جلد المصحف ولكن الانصاف ان المركوز في أذهان المسلمين من فقدان احترامهما
يقتضى وجوب الإزالة فتأمل هذا في غير خط المصحف واما فيه فلا اشكال في وجوب الإزالة بفحوى حرمة مس المحدث له ثم إنه هل يختص المنع
في المساجد وما الحق بها بالتعدية أم يعم غيرها ظاهر الآية والرواية هو الثاني وفى اللوامع عن الكفاية انه المشهور بل هو ظاهر منعقد نفى
الخلاف في السرائر بل صريحه حيث قال لا خلاف بين الأمة كافة في أن المساجد يجب ان تنزه ويجتنب النجاسات العينية وقد اجمعنا
بلا خلاف في ذلك بيننا على أن من غسل ميتا له ان يدخل المسجد ويجلس فيه فضلا عن دخوله ومروره فلو كان نجس العين لم يجز له
ذلك انتهى وقرره في المعتبر على الاجماع الأول ومنع الاجماع الثاني قال فانا نمنع الاستيطان كما نمنع من على جسده نجاسته ويقبح
اثبات الدعوى بالمجازفات هذا مضافا إلى السيرة المستمرة في إزالة النجاسات الغير المتعدية عن المسجد مثل العذدات؟ اليابسة للأصل وعدم
دلالة الآية على المدعى بعد قوة احتمال ورودها مورد الغالب من أن تجويز الدخول لهم كما كانوا عليه قبل نزول الآية يستلزم
369

سراية النجاسة إلى المسجد قطعا واما النبوي فالمراد بالنجاسة فيه إما المصدر يعنى جنبوا مساجدكم عن أن ينجس واما الاسم وعليه فهو ظاهر
في النجاسات العينية وكيف كان فلا يدل على تحريم ادخال المتنجس مطلقا الا بالاجماع المركب ويمكن منعه بناء على تخصيص المنع بعين النجاسة
الملاصقة له أو لفرشه وان لم يتعد إليه بناء على أنه هتك لحرمته وقد نقل عن العلامة الطباطبائي الميل إلى الحرمة هنا ولو لم يتعد
فجعل المدار على أحد الامرين التعدي أو هتك الحرمة مع أنه ضعيف لا حجية فيه الا بمعونة الاتفاقات المحكية الموهونة بمصير كثير من المتأخرين
إلى الخلاف كالاجماع المحكي عن ف؟ بل دعوى الاجماع المتقدمة من الحلى على جواز ان يجلس من غسل ميتا في المسجد وان أنكرها المحقق بعد تسليم
الاجماع على تحريم ادخال النجاسة مطلقا بناء منه على تنافى الاجماعين كما زعمه الحلى أيضا ونحن لا نسلم التنافي فنأخذ برواية الحلى ونطرح
درايته شكر الله سعيه هذا مضافا إلى ما دل من الروايات على جواز دخول الحائض المسجد ففي صحيحة
زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر قال قلنا
له الحائض والجنب يدخلان المسجد أم لا قال الحائض والجنب لا يدخلان المسجد الا مجتازين وفى أخرى لا باس ان يمرا في سائر المساجد ودعوى
إرادة بيان الجواز في مقام توهم المنع عن الدخول من حيث حدثي الجنابة والحيض فلا ينافي المنع من حيث النجاسة مسموعة لو لم يكن الحيثية الأخرى
غالبة المصاحبة مع تلك الحيثية ومن المعلوم ان بدن الحائض لا ينفك عن النجاسة الا نادرا بل وكذا الجنب بناء على أن المتعارف عدم إزالة
النجاسة عن الحشفة الا عند إرادة الاغتسال كما يظهر من الأخبار الواردة في بيان كيفيته فترك الاستفصال يفيد العموم من هذه الحيثية
بلا شبهة ويؤيده بل يدل عليه ما ورد في صحيحة معوية بن عمار في المستحاضة وفيها وإذا لم يثقب الدم الكرسف توضأت ودخلت المسجد و
صلت كل صلاة بوضوء لكن لا يبعد ان يراد بالمسجد هنا مصلى المرادة في بيتها كما يلوح من صدر الرواية وغيرها من الروايات الأخر الواردة
في أن المراة إذا طمثت في الصلاة تقوم عن مسجدها فلاحظ وفى عدة اخبار ان المستحاضة تطوف بالبيت بعد العمل بما يجب عليها ففي موثقة
عبد الرحمن بابان وكل شئ استحلت به للصلاة فلتأتها زوجها ولتطف بالبيت وظاهره الطواف المندوب هذا كله مضافا إلى ما
علم من السيرة على عدم منع أصحاب القروح والجروح ومن به الدم القليل عن الجمعة والجماعات وعدم منع الباس عن المرور في المساجد لأجل
الأغراض الأخر كالمرافعة كما في زمان أمير المؤمنين (ع) ومذاكرة العلم كما في زمان الصادق (ع) بالنسية إلى المسجد الأعظم بالكوفة إلى غير ذلك من
الأغراض وعدم تحريم تمكين الصبيان مع أن الانصاف يقتضى القطع بنجاستهم ثم إن الظاهر أن المسجد يصدق على ارضه وفضائه وسطحه و
جدرانه ظاهرها وباطنها وإن كان ظاهر تحريم ادخال النجاسة عدم تحريم تلويث ظواهر جدرانها من الخارج الا ان معاقد الاجماعات
يشملها ويلحق به فرشه كالبواري وكذا الآنية المخصوصة وحكى عن ظاهر المدارك الاتفاق عليه قيل ويشعر به عبارة مجمع البرهان ولعله لأنه المتبادر
من تجنب المساجد من النجاسة كما أن تجنيب الانسان نفسه عنها يشمل تجنيب ثيابه وما يلازمه غالبا أو دائما ثم إن الظاهر أن وجوب
إزالة النجاسة عن المسجد على الفور بلا خلاف ظاهرا وعن المدارك والذخيرة نسبته إلى الأصحاب لا لأجل الامر بل لقرينة المقام حيث إن الحكمة
فيه إما الاحترام واما من جهة كونه أعد للصلاة فانا نقطع بان المراد من النبوي ليس هو مجرد تجنيب المسجد عن النجاسة في زمان من
الأزمنة المستقبلة مع أن المستفاد من الاجماع على حرمة تنجيس المسجد تنجيسها بمنع احداث النجاسة فيها هو تحريم ابقائها بناء على ما هو الظاهر
في المقام من أن المناط هو وجود النجاسة فيها من دون فرق بين الوجود الأولى والثانوي ثم إن الظاهر أنه لا اشكال في كونه كفائيا بالنسبة
إلى من استجمع شرائط هذا التكليف ويظهر مما عن الذكرى وجوبه على من ادخله ولعل المراد ان فعل الغير مسقط لابدل ولعله لاستصحاب الحرمة
بالنسبة إليه فكما يحرم عليه الاحداث يحرم عليه الابقاء بناء على ما عرفت من أن مناط الحرمة هو الوجود المشترك بين الحدوث والبقاء ولكن هذا
لا ينافي الوجوب الكفائي بالنسبة إلى من عداه فكما انه يعاقب على الوجود الأول يعاقب على الوجود الثاني فلو ترك الكل عوقبوا أجمع هذا
على ترك الواجب العيني ومن عداه على ترك الكفائي ولو فعله هذا سقط عن الباقي لامن باب الاتيان بالواجب الكفائي وكذلك العكس لو
فعل الباقون سقط عنه من باب السقوط لا البدلية ووجوبه الكفائي ثابت على تقدير ترك من عين عليه نظير وجوب انفاق الولد الفقير
عينا على والده وكفاية على سائر الناس ولكن التحقيق عدم امكان ذلك بالنسبة إلى العنوان الواحد المستفاد وجوبه من دليل واحد
فان المفروض ان الإزالة الواجبة على من ادخل النجاسة واجبة بنفس أدلة وجوب التجنب الشامل لجميع المكلفين ثم إنه لو اشتغل التارك
للإزالة بعبادة بنى صحتها وفسادها على النزاع المشهور في مسألة الضد ويظهر من بعض مشائخنا عدم ابتناء الصحة عليه لان الفساد
على تقدير حرمة الضد فرع وجود الدليل على فورية وجوب الإزالة حتى فيما إذا اشتغلت ذمته بواجب موسع وهو ممنوع فان الدليل
إن كان هو الاجماع فلم يثبت وإن كان دليلا لفظيا فهو معارض بما دل على عموم وجوب ذلك الموسع ومع فقد المرجح يثبت التخيير و
لازمه الصحة نعم لو ارتكب مباحا يكون عليه حراما وفيه مالا يخفى فان منع الاجماع على الفورية في مقام اشتغال الذمة بواجب موسع
370

إن كان من جهة مجرد اشتغال الذمة فلا تعارض بينهما لان دليل الواجب الموسع كدليل إباحة الشئ انما يفيد جواز فعله من حيث هو
فلا ينافيه عروض الحرمة من جهة منافاته لواجب مضيق ولذا لا يعارض بأدلة فورية الواجبات على القول باقتضاء الامر بالشئ النهى
عن الضد الخاص بأدلة إباحة المباحات وإن كان المنع من جهة خصوصية أخرى غير اشتغال الذمة فهو منع للفورية كما يشهد به اطلاقات
كلمات المجمعين ونقله الاجماع ومما ذكرنا يظهر فساد التعارض بين ما دل على فورية الوجوب وما دل على عموم الوجوب لجميع أزمنة الواجب
الموسع كفساد اخذه بينه وبين أدلة إباحة الضد في غير العبادات مع أن التعارض لا يجدي في المقام بعد استفادة الفورية من مساق
الوجوب لان الغاء الفورية يكون كالغاء القيد دون المقيد والغاء أصل الوجوب خلاف الاجماع هذا مع أن ما ذكره من التخيير المقتضى للصحة
فاسد لان المدار في العموم من وجه على التوقف في مادة الاجتماع والرجوع إلى الأصول والأصل هنا فساد الواجب الموسع للشك في تعلق
الامر به واما الإزالة فهى مباحة قطعا لعدم فورية الضد الموسع مع أن صحتها لا يتوقف على اباحتها مع أنه لو سلمنا التخيير فهولا
يقتضى الصحة لان الفرض التخيير بين البناء على فورية وجوب الإزالة حتى يحكم بالفساد وبين البناء على وجوب الواجب الموسع وعدم فورية
الإزالة حتى يحكم بالصحة فلابد من اختيار المجتهد أو المقلد لأحدهما وليس هذا من باب التخيير بين فعل الإزالة وفعل الصلاة حتى
يصح الصلاة وعفى في الثوب والبدن عن دم القروح والجروح اللازمة وهي التي لم تبرء كما عن المحقق الثاني أو المستمرة الجروح بحيث لا
ينقطع أصلا أو ينقطع زمانا لاتسع لأداء الفريضة مع ازالتها كما فسره في الروض واعتبار الاستمرار بهذا المعنى كأنه مذهب الأكثر
كما في في مفتاح الكرامة قال إن الظاهر من كلام الأكثر ان المدار على المشقة والحرج وكلامهم يعطى لزوم الاستمرار على وجه لا يتيسر الصلاة
بدون الدم فيكون حالهما حال صاحب السلس والمبطون والمستحاضة ودائم النجاسة انتهى وما استظهره من عبائر الأكثر هو الظاهر
منها في أول النظر ففي المقنعة اعتبار سيلان الدم وعن المراسم دم القروح إذا شق ازالته ولم يقف سيلانه وعن السرائر اعتبار المشقة وعن
سيلة؟ وكشف الالتباس القروح الدامية والجروح اللازمة وعن ف؟ والغنية اعتبار اللزوم في المقروح والجروح والمراد باللزوم
كما عن التذكرة لزوم الدم وفسر به في الروض عبارة المص؟ وفى الشرايع والدروس والبيان والذكرى اعتبار عدم الرقي والرقى هو انقطاع الدم وسكونه
كما عن لك؟ والمدارك ولعل هذا كله للاقتصار في مخالفة الأصل على المتيقن من النص والفتوى ولذا زاد المص؟ في يه؟ على ما حكى اعتبار
الضرورة في العفو وأوجب ابدال الثوب مع الامكان محتجا بزوال المشقة وكانه لمضمرة سماعة قال سئلته عن الرجل به القرح والجرح
لا يستطيع ان يربط ولا يغسل دمه قال يصلى ولا يغسل ثوبه كل يوم الامرة فإنه لا يستطيع ان يغسل ثوبه كل ساعة وعن مستطرفات
السرائر عن البزنطي عن العلا عن محمد بن مسلم قال قال إن صاحب القرحة التي لا يستطيع ربطها ولاحبس دمها يصلى ولا يغسل ثوبه في
اليوم أكثر من مرة دلت الموثقة بمقتضى تعليلها والمضمرة بمفهوم قيدها على أن الوجه في عدم وجوب غسل الثوب أزيد من المرة هو عدم
تيسره فدل على وجوب الإزالة إذا تيسرت بغير الغسل كالابدال وعلى وجوب الإزالة إذا كان له زمان فتور الدم لو كان له فترة كما في الذكرى
وكشف اللثام وعن المعتبر وكشف الالتباس خلافا للمحكى عن الشيخ في يه؟ والمحقق والشهيد الثانيين وجماعة بل نسبه بعض إلى الأكثر
تارة والى المشهور أخرى فلم يعتبروا في ظاهر كلامهم استمرار الجريان ولا ابدال الثوب ولا مراعاة الفترات لكثير من الروايات المطلقة مثل
رواية أبي بصير قال دخلت على أبى جعفر (ع) وهو يصلى فقال لي قائدي ان في ثوبه دما فلما فرغ قلت له اخبرني قائدي ان بثوبك دما
فقال لي ان بي دماميل ولست اغسل ثوبي حتى ترقى إلى آخره فان الظاهر بل المقطوع تمكن الإمام (ع) من إزالة الدم عن الثوب ومن ابداله والمتعارف
من الدماميل مالها فترة أحيانا بل في كثير من الزمان وفى رواية سماعة إذا كان بالرجل جرح سايل فأصاب ثوبه من دمه فلا يغسله حتى
يبرئ وينقطع الدم والمراد بالسيلان ليس استمرار الجريان بمعنى عدم الفترة بل المراد ما لم ينقطع عنه الدم بل يسيل أحيانا في مقابل
ما اندمل أو أشرف على الاندمال فاطلاق المشتق انما هو باعتبار الملكة دون الحال أو باعتبار كون التلبس بالمبدأ كثريا؟ وصحيحة
ليث المرادي قال قلت لأبي عبد الله (ع) الرجل يكون به الدماميل والقروح فجلده وثيابه مملوة دما وقيحا وثيابه بمنزلة جلده فقال يصلى
في ثيابه ولا يغسلها ولا شئ عليه وموثقة عبد الرحمن قال قلت لأبي عبد الله (ع) الفرح؟ يكون في مكانه لا يقدر على ربطه فيسيل منه الدم والقيح
فيصيب ثوبي فقال ولا يضرك ان لا تغسله وصحيحة محمد بن مسلم عن الرجل يخرج منه القروح فلا تزال تدمى كيف يصلى قال يصلى وإن كانت
الدماء تسيل والمراد بقوله لا تزال تكرر الخروج دفعة بعد دفعة لا استمرار الجريان واتصال الدم وهو نظير قولهم لا يزال فلان يتردد
إلى بيت فلان أو يقول هذا القول ويشهد له قوله (ع) وان؟ كانت الدماء تسيل فان الظاهر كونه من بعض الافراد الخفية للمسألة لا
كونه نفس المسألة فالمعنى يجوز لهذا الشخص الذي به جروح لا تزال تدمى الصلاة في جميع الأحوال حتى قال سيلان الدم فافهم وفى رواية
371

الجعفي قال رأيت أبا جعفر (ع) يصلى والدم يسيل من ساقه والظاهران ما كان بالامام (ع) كان من الجروح المتعارفة دون مالا يزال يسيل منه
الدم وموثقة عمار عن الدماميل تكون بالرجل فتفجر وهو في الصلاة قال تمسحه وتمسح يده بالحايط أو بالأرض ولا يقطع الصلاة لم يستفصل (ع)
بين الكثير والقليل مع أنه حكم في غير واحد من الاخبار بانقطاع الصلاة بالرعاف إذا لم يقدر على ازالته في الصلاة وكيف كان فظاهر
هذه الروايات كون الامر في هذا الدم أسهل مما تقدم عن المحقق والمص؟ والشهيد وغيرهم ثم لا يبعد حمل كلمات أكثر من تقدم النقل عنه على
ما حملنا عليه الاخبار فيكون المراد بالقروح والجروح اللازمة في محكى ف؟ والغنية الذي هو معقد الاجماع هي التي لم تبرء كما تقدم عن
المحقق الثاني تفسير اللزوم به في كلام المص؟ هنا وان اعترضه في ض؟ بان هذا ليس مذهبا للمص؟ الا ان هذا الاعتراض غير وارد كما اعترف
به ولده في المعالم منتصرا للمحقق الثاني بان الظاهر من هذا الوصف إرادة كون الجرح باقيا غير مندمل ومجرد كون العلامة قده لم يصرح
بهذا القول في غير هذا الكتاب لا يسوغ حمل اللفظ على خلاف ظاهره سيما مع ما هو معلوم من حال العلامة قده من عدم الالتزام
بالقول الواحد في الكتاب الواحد فضلا عن الكتب المختلفة انتهى وكذا يمكن حمل الدامية في كلام من اعتبرها على معنى السائلة الذي
تقدم في تفسير رواية سماعة المتقدمة من كون اطلاق المشتق باعتبار كون التلبس بالمبدء اكثريا؟ أو باعتبار التلبس بالملكة فيكون
مقابلا لما خرج عنه هذا الوصف بان جف رطوباته وأشرف على الاندمال وبهذا الوجه يظهران ما مر عن التذكرة من أن المراد باللزوم
لزوم الدم بمعنى عدم انقطاعه رأسا لا استمرار الجريان واتصاله حتى تنافى ما استظهرناه في تفسير اللازمة تبعا
للمحقق الثاني و
صاحب المعالم ويؤيد إرادة هذين المعنيين من الملازمة والدامية جمع المص؟ قده في القواعد بينها وبين التقييد بمشقة الإزالة
فان المراد بها لو كان ما لم ينقطع سيلانه لم يحتج إلى اعتبار مشقة الإزالة لان المشقة حاصلة جزما ومما ذكرنا تقدر على حمل سائر
الأوصاف المذكورة في كلمات من تقدم كعدم الرقي وعدم وقوف السيلان ونحو ذلك على عدم البرء وبقاء المادة الموجبة لسيلان
الدم أحيانا لاعدم حصول الفترة في جريان الدم نعم كلمات كثير منهم بظاهرها أو صريحها يأبى عن هذا المعنى الذي اعتبره جماعة
على ما تقدم النقل عنهم وألغاه ظاهر صحيحة ابن مسلم ورواية الجعفي المتقدمتين بناء على ما ذكرنا في تقريب دلالتهما فقد تبين بما ذكرنا
عدم اعتبار استمرار الجريان وعدم حصول الفترة في العفو واطلاق الاخبار بل ظهورها في عدمه واما مشقة الإزالة فهل هي معتبرة
شخصا في العفو حتى يكون مدار أو علة أو الاعتبار في العفو بنوعها حتى يكون حكمة نظير العفو عن قليل الدم قولان الظاهر هو الأول
وهو ظاهر كل من استدل على العفو بلزوم المشقة كما عن المقنعة والتهذيب وفقه القران للراوندي وابنى إدريس وزهرة والفاضلين وهو
الأقوى لأنه المنصرف للاطلاقات بحكم الغلبة بل هو المنوط به الحكم في تعليل موثقة سماعة المتقدمة ولا ينافي عدم التزام المشهور بمورد
التعليل من حيث عدم ايجابهم لغسل الثوب في اليوم مرة لأنه لو سلم الاجماع على عدم وجوبه ولو على سبيل التخيير مع الابدال الا انه
يمكن حمل قوله لا يغسل في اليوم الامرة على نفى مطلوبية أزيد من مرة معللا بعدم التيسر وكيف كان فالتعليل دليل على أن رفع
احكام النجاسة لأجل الحرج الشخصي لا النوعي الا ان يقال إن التعليل انما هو لحكم الشخص السائل حيث فرض تعذر غسل الدم وربطه
فلا يدل على أن الحكم مطلقا منوط بالمشقة وكيف كان فإذا حصل الحرج في الإزالة بالكلية فلا يجب ولو مع تيسر التخفيف وإزالة
البعض ولا ابدال الثوب خلافا للمحكى عن يه؟ فاستشكل في وجوب إزالة البعض وللمحكى عنها وعن المنتهى فأوجب الابدال معللا بانتفاء (المشقة صح)
ونفى الترخيص لانتفاء المعلول عند انتفاء علته وجعل شارح ضة؟ الابدال لازما لكل من اعتبر المشقة وفيه نظر فان من الجايز ان
يكون مشقة الإزالة عن البدن كافية في الرخصة ورفع الحكم عن الثوب فان المستند هي الاخبار وهي منصرفة إلى الغالب وهي صورة
مشقة الإزالة عن البدن وصورة التمكن من ابدال الثوب بل يمكن حمل كلام كل من اعتبر المشقة على مشقة الإزالة رأسا فيكون ذلك
مسوغا لوجوده في الثوب وان تيسر ابداله فيكون الثوب والبدن هنا بمنزلة شئ واحد فمرجع وجوب الإزالة عن الثوب فقط بمنزلة تخفيف
النجاسة ويؤيد ما سيجيئ من الاجماع على عدم وجوب عصب الجرح وتقليل الدم وكيف كان فابدال الثوب وان تيسر خلاف ظاهر الاخبار من حيث
السكوت عن ابدال الثوب مع أن الغالب تيسره للغالب هذا ويزيده وضوحا عدم التفصيل في الموثقة الأخيرة بين التمكن من إزالة البعض
ومن الابدال ومن ابقاء الثوب الملوث إذا كان عليه ساير آخر وعدم التمكن من ذلك صريح بعضها مثل روايتي أبي بصير والجعفي الحاكيين
لفعل الإمام (ع) بل هو خلاف ظاهر الأصحاب حيث إنهم وان اختلفوا في ضابط ما يعفى عنه من حيث اعتبار دوام السيلان وعدمه الا انهم
جعلوا هذا الدم في موضع العفو كالعدم حتى جعله في سيلة؟ والحمل وط؟ نظير دم البراغيث فقال في الأول ومحكى الثانيين إما مالا
يجب إزالة قليله ولا كثيره فهو دم البراغيث والبق والسمك والجراح اللازمة والقروح الدامية انتهى ومن هنا اعترض في المعالم على ما
372

ذكره في المنتهى بما حاصله ان اللازم عدم ثبوت خصوصية لهذا الدم من مطلق الدم فان ايجاب إزالة البعض مع عدم المشقة يقضى بوجوب
التحفظ مع كثره التعدي وذلك ثابت في مطلق الدم بل في مطلق النجاسات مع أن ظاهر جماعة من الأصحاب ان الخصوصية هنا ثابتة عند الكل
وان اختلفوا في مقدارها قال وذكر الفاضل الشيخ على في بعض مصنفاته ان الشيخ نقل الاجماع على عدم وجوب عصب الجرح وتقليل الدم
بل يصلى كيف كان وان سال وتفاحش إلى أن يبرء وهذا بخلاف المستحاضة والسلس والمبطون إذ يجب عليهم الاحتياط وتقليل النجاسة
بحسب الامكان ثم إن الظاهر من الاخبار بحكم التبادر هو اختصاص العفو بغير ما تعدى منه في غير محل الضرورة كما عن المنتهى واستحسنه في محكى
المعالم وفصل في الحدائق بين ما تعدى إليه بنفسه وبين ما عداه المكلف بان وضع يده الطاهرة على دم الجرح وهو حسن وإن كان
الاقتصار على غير المتعدى أحسن وإن كان ظاهر الموثقة الأخيرة هو العفو مطلقا فتأمل ثم إن الظاهر أنه لو لاقي هذا الدم نجاسة أخرى
فلا عفو كما صرح به بعض وعن شرح المفاتيح انه متفق عليه ووجهه ظاهر نعم الظاهر ثبوت العفو عن الفضلات الطاهرة المتنجسة به إذا
كانت في محله كالقيح والعرق ونحوهما مما لا ينفك عن الجرح غالبا واما ما ينفك عنه ففيه اشكال والمرجع في الجروح والقروح إلى
العرف والظاهر أن الكي من قبيل الجروح والظاهر أن دم مجروح الغير بمنزلة النجاسة الأخرى ويستحب لصاحب القروح ان يغسل ثوبه في كل
يوم مرة للموثقة والمضمرة المذكورتين ومال في الحدائق إلى وجوبه وجعل الأقرب في يه؟ عدمه والظاهر أنه المشهور وبحكم غسل الثوب ابداله
وعفى أيضا عما دون سعة الدرهم البغلي باسكان الغين وتخفيف اللام أو بالفتح والتشديد من الدم المسفوح الكائن على الثوب
اجماعا مستفيضا كالاخبار والبدن كالثوب عند الأصحاب كافة على الظاهر وإن كانت الاخبار مختصة بالثوب عدا رواية مثنى بن عبد
السلام عن الصادق (ع) قلت انى حككت جلدي فخرج منه دم قال إن اجتمع قدر الحمصة فاغسله والا فلا وربما حمل على إرادة المقدار واعترض
بان هذا المقدار ربما يصبغ اضعاف الدرهم وربما احتمل كون الخمصة بالخاء المعجمة والمراد به أخمص الراحة وفيه مالا يخفى من حيث الخلل
في العربية نعم يمكن حملها على ظاهرها فان خروج مقدار الحمصة من البدن أولا ملازم لانتشاره بنفسه في البدن بقدر سعة الدرهم
كما هو شأن الدم الخارج من البدن غالبا حيث إنه مجتمع أو لا سيما إذا خرج مستديرة ثم ينتشر بنفسه وكيف كان فالظاهر أنه لا اشكال
في الحاق البدن بالثوب وان أبيت الا عن أن مقتضى العمومات وجوب إزالة الدم بقول مطلق عن البدن منعنا وجود مثل هذا العموم
فان بعض اخبار الرعاف ونحوها وان دل على ذلك الا ان المتبادر منها ما يبلغ الدرهم لان الرعاف في الصلاة يوجب تلويث
أكثر من ذلك من البدن غالبا فالعمدة في الحاق البدن بالثوب تارة والثوب بالبدن أخرى إلى غير ذلك من التعديات عن ظواهر النصوص
هو الاجماع المستفاد من ارسالهم المسألة ارسال المسلمات المفروغ عنها لامن مشاهدة فتاوى كل واحد منهم حتى يستبعد
الاطلاع عليها ومن هنا يمكن تحصيل الاجماع في رؤوس المسائل التي نعلم بعدم تعرض الفقهاء لها عادة من فتوى جماعة قليلة فضلا
عن فتوى المشهور ثم سعة الدرهم هل هي نهاية للرخصة أو للمنع توقف فيه الفاضلان في النافع والتذكرة والمحكى عن السيد في الانتصار
وسلار هو الأول والأظهر هو الثاني وهو المحكي عن الصدوقين والشيخين والفاضلين والشهيدين وبه صرح في سيلة؟ وحكاه
شارح ضة؟ عن علم الهدى في صريح الجمل وظاهر الانتصار وعن فخر الاسلام في حاشية الكتاب والظاهر أنه المشهور كما اعترف به الشارح
المذكور كما عن المسالك وكشف الالتباس بل قيل إن المحكي عن ظاهر السرائر أو صريحها وعن الخلاف وكشف الحق الاتفاق عليه وربما
يناقش في دلالة عبارة الأخيرين في معقد الاجماع كعبارتي الحلبي وابن سعيد في إشارة السبق والجامع على هذا القول وفيه نظر
والمتبع هو الدليل وهو عموم ما دل على وجوب إزالة النجاسة للصلاة وخصوص ما دل على وجوب إزالة الدم خرج المتيقن وبقى المشكوك
وخصوص مصححة ابن أبي يعفور قلت للص؟ (ع) ما تقول في دم البراغيث قال ليس به باس قلت إنه يكثر ويتفاحش قال وان كثر وتفاحش
قلت فالرجل يكون في ثوبه نقط الدم لا يعلم ثم يعلم فينسى ان يغسله فيصلى ثم يذكر بعد ما صلى أيعيد صلاته (قال يغسله ولا يعيد صلاته صح) الا ان يكون
مقدار الدرهم مجتمعا فيغسله ويعيد الصلاة إلى آخره ولا اشكال في الرواية كما في الذكرى من جهة الامر يغسل ما دون الدرهم مع عدم
وجوبه اجماعا لان الامر محمول على الارشاد لئلا يلاقيه شئ فينجس به ومرسلة جميل عن بعض أصحابنا عن الباقر والصادق (ع) لا باس
بان يصلى الرجل في الثوب وفيه الدم متفرقا شبيه النضح وإن كان رآه صاحبه قبل ذلك فلا باس به ما لم يكن مجتمعا قدر الدرهم ولا
يقدح الارسال لان المرسل جميل ولا ابن حديد لان الراوي عنه ابن عيسى الذي كان يخرج من قم من يروى عن الضعفاء ويعتمد
المراسيل فكيف يروى بنفسه عن الضعيف الا ان يكون عنده قرينة على صدقه مثل كون الرواية معلوم الانتساب إلى من يروى عنه هذا
الضعيف ورواية الجعفي عن الباقر (ع) في الدم يكون في الثوب قال إن كان أقل من الدرهم فلا يعيد الصلاة وإن كان أكثر من الدرهم
373

وكان قدراه ولم يغسله حتى صلى فليعد صلاة الخبر ويؤيدها الرضوي وما دل على تحديد المقدار بالدينار الذي هو قريب من الدرهم
كما عن الوسائل ويشهد للقول الأخر حسنة ابن مسلم المروية في الفقيه عن الباقر (ع) قال قلت له يكون الدم في الثوب على وانا في الصلاة
قال إن رايته وعليك ثوب غيره فاطرحه وصل في غيره وان لم يكن عليك ثوب غيره فامض في صلاتك ولا إعادة عليك ما لم يزد على مقدار
الدرهم وما كان أقل من ذلك فليس بشئ رايته أولم تره وإن كان أكثر من مقدار الدرهم فضيعت غسله وصليت فيه صلوات كثيرة فأعد ما
صليت فيه وربما يؤيد بذيل رواية الجعفي المتقدمة وفيه ان الظاهر في أمثال المقام ان الحد للحكم والمعيار فيه هو المذكور في الشرطية
الأولى فلابد من ادخال ما هو خارج عن الشرطيتين في موضوع الشرطية الثانية دخولا موضوعيا ان أمكن والا فالحاقه بها في الحكم
بان يقال إن الاقتصار على هذا الفرد من جهة كونه غالب الافراد كما في المقام حيث إن الغالب ولو بحسب اعتقاد الناظر في سعة الدم إما القطع
بكونه أقل من الدرهم واما القطع بكونه أكثر وان اتفاق كون الدم مقدار الدرهم فحسب بعيد جدا بل الغالب إما الزيادة واما النقصان
انتهى نعم هذه العلة غير متحققة في مقدار الدم بالنسبة إلى الواقع هذا مع أن الادخال الموضوعي في نظاير المقام شائع بان يراد من الأكثر
من الدرهم الدرهم فالأكثر منه نظير قوله تعالى فان كن نساء فوق اثنتين وما ورد في تحديد انقطاع كثرة سفر المكارى ونحوه
بان يقوم في بلده أكثر من عشرة أيام مع أن الحد العشرة وما ورد في تحديد الفصل بين الرجل والمراة في الصلاة بأكثر من عشرة
أذرع ونحو ذلك ومما ذكرنا عن توجيه عدم التعرض لأصل الدرهم يظهر الجواب عن رواية ابن مسلم فان الظاهر من المشار إليه في قوله
وما كان أقل من ذلك هو نفس الدرهم لا ما زاد عليه فهذه الرواية نظير رواية الجعفي وعلى أي تقدير فلا يعارض ما ذكرنا من الصحيحة
والمرسلة كالصحيحة لكونها أظهر دلالة وأشهر اعتبار أو أوفق برواية الدينار وعلى فرض التكافؤ فلابد من الرجوع إلى العمومات المانعة
عن الصلاة في النجاسة وخصوص الدم وربما يعكس الامر فيدعى ان المراد بالدرهم في الصحيحة والمرسلة هو ما زاد منه تسامحا لغلبة
عدم معرفة مقدار الدرهم الا بالزيادة عليه والا فليس المراد المساوى له حقيقة بل وربما يستظهر ذلك من فتاوى كثير ممن تقدم
على الفاضلين حيث إنه لم يعنون الخلاف في المسألة قبل الفاضلين واستشهد على ذلك بما حكاه عبارة الانتصار
والخلاف
وكشف الحق والجامع حيث إن الظاهر من صدر هذه العبائر هو ما نسب إليهم الا ان كلامهم في الأثناء مشعر بإرادة الزائد قال ويؤيد
ذلك أنه لم يعنون هذا الخلاف وقبل الفاضلين انتهى وفى كلا الاستظهارين نظر إما ما استظهره من الفتاوى فمخالفة لظواهر
أكثرها كما يظهر بالتأمل في عبائرهم وارجاع ما يوهم خلاف ظواهرها إلى النص من كلامهم ولذا لم ينسب أحد ممن عنون هذا الخلاف
القول الأول إلى غير سلار حتى صرح شارح ضة؟ بأنه لم يظهر الخلاف قبل الفاضلين الامن سلار وعلم الهدى على ما قيل مع
تصريحه بخلاف ذلك في الجمل واما ما استظهره من الصحيحة والمرسلة ففيه مالا يخفى ثم الظاهر أن المراد بالدرهم ليس هذا الدرهم المتعارف
الذي وزنه ستة دوانيق قطعا لان الأصحاب بين من قيده بالوافي الذي وزنه درهم وثلث درهم من الدرهم المتعارف كالمحكى
عن الفقيه والهداية والمقنعة والانتصار وف؟ والغنية بل قيل إنه معقد الاجماع في الثلاثة الأخيرة وبين من قيده بالبغلي كالفاضلين
ومن تأخر عنهما وعن كشف الحق انه مذهب الإمامية والبغلي على ما في الذكرى باسكان العين منسوب إلى رأس البغل ضربه الثاني في
ولايته بسكة كسروية وزنه ثمانية دوانيق والبغلية تسمى قبل الاسلام بالكسروية فحدث لها هذا الاسم في الاسلام والوزن
بحاله وجرت في المعاملة مع الطبرية وهي أربعة دوانيق فلما كان زمان عبد الملك جمع منها واخذ الدرهم منها واستقر أمر الأسلم
على ستة دوانيق وهذه التسمية ذكرها ابن دريد وقيل منسوب إلى بغل قرية بالجامعين كان يوجد فيها دراهم سعتها من أخمص
الراحة لتقدم الدراهم على الاسلام قلنا لا ريب في تقدمها وانما التسمية حادثة فالرجوع إلى المنقول أولي انتهى وعن الحلى ان
البغلي منسوب إلى مدينة قديمة يقال لها بغل من بابل بينها وبينها قريب من فرسخ متصلة ببلدة الجامعين تجد فيها الحفرة والغسالون؟
والبناشون دراهم واسعة شاهدت درهما من تلك الدراهم وهذا الدرهم أوسع من الدينار المضروب بمدينة الاسلام المعتاد
يقرب سعته من سعة أخمص الراحة قال وقال بعض من عاصرته ممن له اطلاع باخبار الناس والأنساب ان المدينة والدراهم منسوبة
إلى ابن أبي البغل رجل من كبار أهل الكوفة اتخذ هذا الموضع قديما وضرب هذا الدراهم الواسع فنسب إليه الدرهم البغلي وهذا
غير صحيح لان الدراهم البغلية كانت في زمن الرسول صلى الله عليه وآله وقبل الكوفة انتهى والظاهر أن المخالفة بينه وبين المحكي عن ابن دريد في وجه
التسمية كما أن المحكي عن المهذب من أن البغلي بفتح الغين وتشديد اللام هو الذي سمعناه من الشيوخ ره قال بعد نقل ما في
الذكرى واتباع المشهور بين الفقهاء أولي من اتباع المنقول عن ابن دريد انتهى راجع إلى مثل ذلك أيضا ثم الظاهر أن البغلي والوافي
374

واحد ولذا جمع منهما في الذكرى وعن أكثر كتب المتأخرين وهي قضية الجمع بين الاجماع المتقدم المحكي عن الانتصار وف؟ والغنية وبين نسبة
البغلي إلى مذهب الإمامية فلا يبعد حينئذ دعوى الاتفاق على أن المراد بالبغلي والوافي درهم واحد كان وزنه ثمانية دوانيق وحينئذ
فما في المدارك من الاشكال في ذلك من جهة ان الواجب حمل الخطابات الواردة عن الأئمة صلوات الله عليهم على المتعارف في زمانهم
وان البغلي ترك في زمان عبد الملك وهو مقدم على زمان الصادق (ع) والمسألة قوية الاشكال محل نظر لان غير واحد من الروايات
من مولينا الباقر (ع) والظاهر عدم هجر اطلاق الدرهم على البغلي في زمانه (ع) فان مولد الصادق (ع) كما قيل قبل وفات عبد الملك بثلث
سنين وربما يدفع هذا الاشكال كما عن شيخنا البهائي ره بان الواجب حمل كلامهم على ما يوافق زمان النبي صلى الله عليه وآله لان احكامهم متلقاة
عنه وهي عندهم مثبتة في صحيفة باملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وخط علي صلوات الله عليها والهما الطاهرين وفيه نظر ظاهر لان ذلك لا
ينافي جواز التعبير بل وجوبه باصطلاح أهل زمانهم ثم إن ما ذكرنا من مغايرة هذا الدرهم لدراهم الاسلام انما ينفع مع معروفية
سعته والا فمجرد العلم بوزنه لا ينفع وليس هنا ما يعلم منه ذلك الا ما عرفت من الحلى من شهادته بأنه بمقدار أخمص الراحة وعن ابن أبي
عقيل تحديد مقدار خمص؟ الدم بالدينار وعن الإسكافي تحديد الدرهم بعقد الابهام الاعلى من غير تعرض لكونه البغلي أو غير
وفى المعتبران الكل متقارب ولا ريب ان كلام العماني لتحديد الدرهم والإسكافي لم يتعرض لخصوص البغلي نعم نسب في المعتبر تقدير
الحلى إلى الأشهر وتبعه في ذلك شارح ضة؟ وفى الروض جزم بقبول شهادة الحلى واعترضه ولده في المعالم بان الشهادة يعتبر فيها
التعدد أقول ولعله من باب حصول الاطمينان بل القطع بقوله لامن باب الشهادة والأحوط بل الأقوى الرجوع فيه إلى الأقل لأنه المتيقن
في تخصيص عمومات إزالة مطلق النجاسة وخصوص الدم وربما يمنع من ذلك بان العمومات مخصصة قطعا بالدرهم فصار الدرهم
من حيث المقدار نوعين أحدهما يجب ازالته والاخر لا يجب فلابد في المشتبه منهما من الرجوع إلى الأصل وهو استصحاب بقاء الثوب على
صحة الصلاة وفيه نظر ظاهر لأنه قاسه على الشبهة المصداقية كما لو شك في كون الدم مما يعفى عنه أو من غيره كالحيض وهو باطل ثم إنه
لا خلاف في عدم العفو عن الزائد عن المقدار المذكور إذا كان مجتمعا وفى المتفرق الزائد عن ذلك المقدار على تقدير الاجتماع خلاف
والحق جماعة دم نجس العين بدم الحيض وأخويه وعلل بتضاعف النجاسة بملاقاته لنجس العين وهو مبنى على ثبوت تضاعف النجاسة
أو المتنجس للتنجس وبسط المقال في ذلك أن يقال إن تضاعف النجاسة على أربعة وجوه تنجس المتنجس وتنجس نجس العين ونجاسة نجس العين
كموت الكافر ونجاسة المتنجس كصيرورة ماء العنب المتنجس خمرا وحكمها ان الحكم الشرعي إن كان مترتبا على نفس عنوان النجس أو المتنجس
فلا ينبغي الاشكال في وجوب ترتيب حكم العنوانين فإذا قال الشارع الكافر حكمه كذا والميتة حكمه كذا فالكافر الميت يجتمع فيه الحكمان
الا ان يكونا متماثلين يتداخلان أو يكون أحدهما قابلا للدخول تحت الأخر كما إذا اورد الدليل على وجوب غسل ما اصابه
البول مرتين وما اصابه الدم مرة فيكفي المرتان وقد يشكل التداخل فإذا قال الشارع يجب نزح الثلثين مثلا للكافر وأربعين
للميتة وفرضنا اطلاق كل منهما بحيث يشمل مادة الاجتماع وإن كان الحكم الشرعي مترتبا على النجاسة فإن كان مترتبا على مطلق
النجاسة فلا اشكال في اتحاد الحكم فإذا قال الشارع يجب غسل كل نجس مرتين كفى المرتان ولو لاقي الثوب الف فرد من النجاسة إذ
النجس لا يقبل الاتصاف بالنجاسة لامتناع تحصيل الحاصل وإن كان الحكم الشرعي مترتبا على نجاسة خاصة كما إذا ثبت بالدليل
ان نجاسة الخنزير حكمها كذا ونجاسة الدم معفو عنها ولم يثبت ان نجاسة البول كذلك أو ثبت خلافه فالظاهر تضاعف النجاسة سواء
جعلنا النجاسة صفة منتزعة عن الأحكام الشرعية التي حكم بها الشارع على العنوانات النجسة أو الأجسام الملاقية لها أم
جعلناها صفة أصلية يتفرع عليها تلك الأحكام إذ لا استحالة في قيام نجاستين في جسم واحد إذا كانتا متغايرتين بان
كشف عن ذلك تغاير احكامهما سيما الواردة في النجاسات الواقعة في البئر
وعفى أيضا عن مطلق نجاسة ما لا يتم الصلاة فيه
منفردا كالتكة والجورب قيل هو نعل مخصوص معرب والقلنسوة بضم السين وشبهها والأصل في ذلك قيل الاجماع المستفيض
بل المحقق في الجملة قوله (ع) في رواية ابن سنان كلما كان على الانسان أو معه مما يجوز الصلاة فيه فلا باس ان يصلى فيه وإن كان
فيه قذر مثل القلنسوة والتكة والكمرة والنعل والخفين وما أشبه ذلك واقتصر بعضهم على خمسة بابدال الكمرة في الرواية
بالجورب ولعل مراده التمثيل والا فلفظتا مثل وما أشبه ذلك في الرواية حجة عليه والمراد بعدم جواز الصلاة فيه عدمه من جهة
صغره لامن جهة رقته ولامن جهة اشتمالها على فرج كثيرة لا تستر الفرجين فيدخل في الموضوع الخاتم والسوار والدملج و
عن ابن إدريس عد السيف والسكين ولعل مراده كما في كشف اللثام السير والنجاد لأنفسهما أو غلافهما بقرينة انه خص الحكم
375

بالملابس الا ان يلتزم بإرادة ما يعم السيف من الملابس بان يراد منها كلما يصدق الصلاة فيه وقد ورد في بعض الروايات انه يصلى
في السيف ما لم ير فيه دم وربما يعد العمامة من ذلك كما عن الصدوق وحمل على الصغيرة التي لا تستر وربما قيل إن العمامة بهيئتها
لا تستر وفيه نظر ويرده أيضا صحيحة العيص بن القسم عن الرجل يصلى في ثوب المراة وإزارها وتعتم بخمارها قال نعم إذا كانت مأمونة
دلت على عدم جواز الصلاة في العمامة مع العلم بنجاستها ثم إن الظاهر من الروايات المشتملة على عنوان الصلاة فيما لا يتم الصلاة
هو اختصاص العفو بالملابس وفاقا للمحكى عن صريح السرائر وظاهر الأكثر منهم المص؟ والشهيد في التذكرة والمنتهى والبيان بل ظاهر كل من عبر بقوله يجوز
الصلاة فيما لا يتم الصلاة فيه منفردا فان ظاهر الصلاة في الشئ التلبس به حال الصلاة فلا يدخل مثل الدرهم والعصابة المحمولة
في الجيب وفى العصابة المشدودة على الجرح أو على العين وجهان خلافا للمحكى عن المص؟ في المختلف والشهيدين في الذكرى والدروس ولك؟ والمحقق الثاني
في مع؟ صد؟ وأصحاب المدارك والذخيرة والدلائل وظاهر التنقيح فعموا الحكم بغيرها ولعله لقوله صلى الله عليه وآله في الرواية المتقدمة كلما كان على الانسان
أو معه وفيه ان ذيله وهو قوله فلا باس ان يصلى فيه ظاهر في الاختصاص بالملابس اذلا يقال إنه صلى في الدراهم خلافا للمحكى في
مفتاح الكرامة عن كل من لم يخص الحكم بالملابس ويعتبر أيضا كونها في محالها لأنه المتبادر من اطلاق النص ومعاقد الاجماع وعلى
ما ذكرنا فلو شد تكته على وسطه أو حملها على عاتقه لم يجز الصلاة وكذا لو اخذ القلنسوة بيده بناء على المنع من حمل النجاسة في
الصلاة الا ان يقال إن العفو عن الملابس التي لا تتم الصلاة فيها مستلزم للعفو عن المحمول الذي لا تتم الصلاة فيه بطريق
أولي لان التلبس بالنجاسة أقوى من الحمل مع أن الظاهر أن الكمرة في الرواية وهو كيس يدخل فيه الذكر خوفا من سراية النجاسة عند الاحتلام
ليس في حال الصلاة ملبوسا ولافى محله الا ان يقال إن التلبس بالنسبة إليه شده في الوسط ليجعل فيه الذكر عند مخافة الاحتلام
فتأمل ثم إن قول المص؟ قده في مقام التعميم وان تنجس بغير الدم كالمستدرك إذ لا مجال لتوهم اختصاص الحكم بالدم فهو لمجرد التوضيح ثم لما ذكر
ما يعفى عن ازالته شرع في كيفية الإزالة فيما يجب ازالته وينبغي ان يعلم أولا انه لا اشكال في أنه يعتبر في التطهير إزالة عين النجاسة
واثرها الكاشف عن وجود العين لا العرض الباقي منها على المحل وإن كان ذلك أيضا جوهرا في الحقيقة لاستحالة انتقال العرض الا
ان هذا لا يصدق عليه عرفا أحد عنوانات النجاسات ولو صدق فلا ريب في انصراف الاطلاقات إلى العنوانات العرفية فلون الدم
الباقي في الثوب بعد المبالغة في غسله بحيث لا يخرج منه الأجزاء الدموية الا بمعالجات غير متعارفة لا يصدق عليه أو لا ينصرف
إليه عنوان الدم فلا يحكم بنجاسته نعم ما دام يحكم عليه عرفا بوجود الدم فيه وان احتاج اخراجه إلى عصر شديد أو فرك بليغ فيحكم
بنجاسته وكثيرا ما يحصل الشك في بعض المواضع وبما ذكرنا يحصل الجمع بين ما ادعى إليه الاجماع من عدم وجوب إزالة العرض من
اللون والرايحة كما عن المعتبر وبين ما عن المص؟ في المنتهى والنهاية من الجرند؟ بوجوب إزالة اللون مع
الامكان وعن النهاية وجوب إزالة
الطعم لسهولتها وعنها أيضا لو بقيت الرايحة واللون وعسر ازالتها ففي الطهارة اشكال وفى محكى جامع المقاصد ان المراد بالعسر
العسر عادة فلو كانت بحيث تزول بمبالغة كثيرة لم تجب ثم قال وهل تتعين نحو الأشنان والصابون أم يتحقق العسر بمجرد الغسل
بالماء إذا لم تزل كل محتمل والأصل يقتضى الثاني والاحتياط يقتضى الأول انتهى والمراد بالعسر ما كان ناشيا عن المبالغة في الغسل
على الوجه المتعارف دون تعسر الوصول إلى السبب المتعارف للإزالة فإنه داخل في تعسر الإزالة ولا مدخلية له في التطهير ثم بعد
زوال العين عرفا لو عولج المحل فاستخرج منه لون تلون الماء به ففي نجاسة هذا الماء اشكال من أنه تغير بعين النجاسة ومن أن
العين غير موجودة بحكم العرف فكان بمنزلة التغيير الحاصل من المجاورة دون الملاقاة وعلى الأول فالظاهر تنجس الثوب ثانيا
بهذا الماء المتلون المستخرج منه ولامانع من التزامه لان الأجزاء اللطيفة لم يحكم بنجاستها من جهة إناطة حكم النجاسة بالموجود
العرفي للأعيان الا الوجود الواقعي المفهوم بالنسبة؟ الحكمية والبراهين الآنية باستكشاف وجود الجوهر من وجود عرضه الذي يستحيل
انتقاله عنه ثم إلى غيره والمسألة محل تأمل الأكثر على وجوب تعدد الغسل عن البول في الثوب والبدن وعن المعتبر دعوى الاتفاق
ويدل عليه الاخبار في الثوب والبدن ففي صحيحة ابن مسلم قال سألته عن البول يصيب الثوب قال اغسله مرتين ونحوها صحيحة ابن أبي
يعفور ورواية أبى اسحق النحوي قال سئلته عن البول يصيب الجسد قال صب عليه الماء مرتين فإنما هو ماء وسألته عن الثوب
يصيبه البول قال اغسله (مرتين ونحوها في المتن ما عن الحلى في مستطرفات السرائر نقلا عن جامع البزنطي وفي صحيحة ابن مسلم عن الثوب يصيبه البول قال اغسله صح) في المركن مرتين وان غسلته في ماء جار فمرة واحدة ولكن في اخبار الاستنجاء من البول ما يظهر منه
الاكتفاء بالمرة ولو تم هذا الظهور أمكن التفصيل بين الاستنجاء وغيره لان اخبار التعدد ظاهرة في الإصابة من الخارج والمسألة
محل اشكال وقد مر بعض الكلام في الاستنجاء فراجع ثم الأقوى اعتبار ورود الماء على المحل فلو عكس انفعل الماء ولم يفد المحل
376

طهارة للأصل ولعموم ما دل على انفعال القليل وان كل نجس منجس وعدم جواز التطهير بالنجس خرج من القاعدتين الأخيرتين الماء الوارد
على النجاسة وبقى المورود مضافا إلى انصراف الغسل إلى هذا النحو إذا كان الماء قليلا فتأمل مضافا إلى ظهور أدلة الصب في تعيين الورود
وحملها على إرادة مطلق الملاقاة وذكر الصب من باب الغلبة يحتاج إلى قرينة وبذلك يقيد اطلاقات ظهور الغسل لو فرض
عدم انصرافها إلى صورة الورود ثم لافرق فيما ذكر بين الاناء وغيره فان استقرار الماء في الاناء بعد صبه منه لا ينافي اعتبار الورود
بل هو نظير الماء المستقر في الثوب قبل العصر فالعبرة بالورود في أول الأمر كما نبه عليه في الذكرى أخيرا بعد استثنائه الاناء ونحوه
من عموم اشتراط الورود؟ ومن هنا يظهر انه لا ينافي ما ذكرنا صحيحة ابن مسلم الواردة في غسل الثوب في المركن فإنه لا دلالة فيه على
جواز جعل الماء في المركن أولا ثم نقل الثوب فيه بل المتبادر جعل الثوب في المركن وصب الماء عليه ولا يقدح استقرار الغسالة قبل العصر
كما ذكرنا ولذا عدل في الذكرى عن الاستشهاد بها لتقوية عدم الفرق بين الورودين إلى رواية ابن محبوب وفيها السؤال عن الجص توقد
عليه الغدرة وعظام الموتى فيجصص به المسجد فقال إن الماء والنار قد طهراه فان الغالب في تعجين الحص ان يجعل الماء أولا في الاناء
ثم يجعل فيه الجص ولا يخفى وهن دلالة الرواية ثم إن الأقوى الحاق ساير النجاسات بالبول في لزوم التعدد إذا غسلت بالقليل
للأصل وفقد الاطلاقات عدا مثل قوله إذا أصابك النجاسة الفلانية فاغسله وقوله اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل وشبهها
والظاهر ورودها في بيان وجوب أصل الغسل وعدم جواز الصلاة قبله مضافا إلى فحوى قوله في رواية أبى العلا المتقدمة وصحيحة
البزنطي فإنما هو ماء فان المراد من ذلك وإن كان بيان عدم وجوب الدلك الا انه يظهر منه ان الاكتفاء بالصب لرقة البول فغيره يحتاج
مضافا إلى الصب مرتين إلى الدلك ليزول العين ولا ينافي ذلك ما ورد من أنه لاحد للاستنجاء الا النقاء مع عدم القائل بالتعدد
فيه لجواز اختصاصه بهذا الحكم كما اختص مائه بالعفو هذا كله فيما إذا غسل بالقليل وسيأتي حكم الغسل بالكثير والجاري ولابد
من العصر في غسل الثوب ونحوه مما ينفذ فيه ماء الغسالة على المشهور كما عن جماعة بلا خلاف نعرف كما عن الحدائق بل عند علمائنا
كما عن المعتبر مستدلا فيه كما عن المنتهى بدخول العصر في مفهومه فان انتفى فهو صب ويؤيده مضافا إلى تبادره من غسل الثوب أو من الامر
بغسل الثوب بجعل تعارف العصر بعد غسل الثياب قرينة على إرادة العصر وان لم نقل بدخوله فيه وضعا أو انصرافا سيما مع أن
المركوز في الأذهان كون النجاسة نوعا من الوسخ في نظر الشارع نافذا في الأجسام بحسب قابليتها من حيث الصلابة وعدمها ما
تقدم في الاخبار من التعبير في تطهير البدن بالصب وفى تطهير الثوب بالغسل مضافا إلى حسنة الحلبي بابن هاشم في بول الصبى قال (ع)
تصب عليه الماء فإن كان قد اكل فاغسله غسلا وقوله في موثقة أبى الفضل إذا أصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله وان مسحه
جافا فأصب عليه الماء ثم لو فرضنا عدم العلم بدخول العصر في مفهوم الغسل كفانا الشك في ذلك لما تقدم من الأصل وفقد الاطلاق
وعلله أيضا في المنتهى كما في ض؟ وعن مع؟ صد؟ بان اجزاء النجاسة لا تزول الا به ولأن الماء القليل تنجس بها فلو بقى في المحل لم يطهر وزاد
في محكى يه؟ على الوجه الأخير الاستناد إلى قوله (ع) في رواية ابن أبي العلا في بول الصبى يصيب
الثوب قال تصب عليه الماء قليلا ثم
تعصره وكانه حمل الصبى في الرواية على من اكل وفيه نظر كما في دعوى عدم زوال اجزاء النجاسة الا بالعصر كيف وبول الصبى
لابد من أن يزول اجزائه مع عدم وجوب العصر فيه اتفاقا وبعض المايعات المتنجسة ارق منه فالعمدة في الاستدلال بعد الشهرة والاتفاق
المحكي هو الوجه الأول والثالث وعليهما فاللازم فيما يحتاج إلى تعدد الغسل عصرتان كما هو المحكي عن صريح السرائر والمعتبر وهو لازم
المنتهى حيث ذكر الوجه الأول بل لازم كل من لم يتعرض للعصر كالمحكى عن كثير من كتب الشيخ والانتصار والناصريات لظهور اكتفائهم عنه
بالغسل والا فيبعد عدم قولهم بوجوب العصر مع ما سمعت من دعوى المعتبر الاتفاق على وجوبه وكيف كان فوجه لزوم تعدد
العصر على الوجه الأول واضح واما على الثاني فلان بقاء الغسالة المتنجسة بعد الغسلة الأولى يوجب انفعال الماء الثاني فيخرج
عن قابلية التطهير فان القدر الثابت من الاجماع ولزوم الحرج هو ان الماء الثاني لا ينفعل بملاقات نفس المحل واما عدم انفعاله
بملاقات الغسالة الباقية في المحل فلم يقم عليه دليل يخرجه من عموم أدلة انفعال القليل هذا مضافا إلى أن حكمة تعدد الغسل لعلها
حصول خفة النجاسة بالغسلة الأولى لتزول بالمرة في الثانية وما دام ماء الغسل في المحل لا يعلم حصول الخفة بل ربما يظن عدم
حصولها نعم تظهر الثمرة بين الوجهين فيما إذا غسل في المرة الثانية بالكثير أو الجاري فان العصر يسقط رأسا على الوجه الثالث
ولذا قيد في ض؟ تبعا للمص؟ والشهيد والمحقق الثاني وصاحب الموجز وشارحه بل يحكى عن بعض من عاصرناه نفى الخلاف منه الا
ان المصرح به في البحار وجود القائل بالتعدد في غير القليل ولعله لازم من ادخل العصر في مفهوم الغسل وحيث عرفت انه يكفي
377

الشك في ذلك فاللازم الحكم بوجوب العصر في الجاري لولا قوله (ع) في مرسلة الكاهلي كل شئ يراه ماء المطر فقد طهر ويثبت الحكم
في الجاري بضميمة عدم القول بالفرق بين المطر والجاري بل يمكن اجراء الحكم في الكثير أيضا لأجل عدم الفرق ظاهرا مضافا إلى قوله (ع)
في بعض الروايات مشيرا إلى غدير الماء ان هذا لا يصيب شيئا الا طهره مضافا إلى ما ورد ان ماء الحمام بمنزلة الجاري فالأقوى عدم
وجوب العصر في الكثير والجاري وفاقا للأكثر على الظاهر ومن جميع ذلك يظهر قوة الاكتفاء بالغسلة الواحدة في الجاري والكثير في البول
وغيره مضافا في البول ما تقدم من صحيحة ابن مسلم وان غسلته في ماء جار فمرة واحدة ونحوها الرضوي ويمكن الاستدلال بها على
ثبوت الحكم في غير البول بضميمة عدم القول بالفصل ومما ذكرنا في دليل العصر يعلم وجوب الدق والتغميز فيما يعسر عصره كالفراش
الغلينا؟ والمحشو بالصوف ونحو ذلك وربما يظهر من بعض الروايات كفاية صب الماء عليها حتى ينفذ إلى جانبها الأخر ولابد من تقييده
بكونه مع الغمز أو الدق
والحكم بوجوب العصر ثابت في إزالة كل بول نجس بل كل نجاسة إلا في بول الرضيع فلا يجب العصر فيه بالاخلاف
ظاهر الحسنة الحلبي المتقدمة عن بول الصبى قال يصب عليه الماء وإن كان قد اكل فاغسله غسلا والغلام والجارية في ذلك شرع
سواء وظاهر جريان الحكم في الصبية كما عن ولد الصدوق الا ان يرجع الذيل إلى الجملة الأخيرة أعني قوله إن كان قد اكل إلى آخره ثم إن المتحصل
مما ذكرنا هو انه يعتبر في التطهير مداخلة الماء المطلق لاجزاء المتنجس على وجه الغلبة ثم خروج الغسالة عنها أو اتصالها بماء عاصم و
يتفرغ على هذا انه لا يطهر المايعات المنجمدة بعد التنجيس كالشمع والقير والشحم لعدم مداخلة الماء لباطنها فلا يطهر الا ظاهرها
وقد يشك في المداخلة على وجه الغلبة كما في الصابون أو يحتمل قويا كون الواصل إلى الباطن بسبب المحاورة اجزاء مائية لطيفة
يشك في صدق الماء أو انصرافه إليها فضلا عن تحقق غلبتها على الأجزاء الباطنة فان الحكم بتحقق الغسل هنا مشكل ولم يقم على كفاية
مجرد ملاقاة الماء في التطهير دليل نعم يمكن ان يقال إن مثل قوله (ع) في مرسلة الكاهلي المتقدمة كل شئ يراه ماء المطر فقد طهر
وقوله (ع) في الخبر المتقدم أيضا مشيرا إلى غدير الماء انه لا يصيب شيئا الا طهره يدلان على كفاية مجرد الملاقاة في الكثير والجاري فيكفي في
القليل الاجماع على عدم الفرق بينها من جهة لابدية صدق الغسل وإن كان بينها فرق من جهة وجوب اخراج الغسالة في القليل و
عدم وجوبه في غيره الا ان الظاهر قوله تراه ماء المطر أو قوله يصيب شيئا لا يشمل مثل نفوذ الرطوبة نعم لو كان الواصل هو الماء
تمت الدعوى فالحاصل اعتبار دخول الأجزاء المائية واما الغلبة فهى حاصلة في كل جزء بحسب حاله من الصغر والحاصل ان الروايتين
المتقدمتين تدلان على طهارة كل متنجس بالكر والمطر وفى حكمه الجاري ويلحق بهما الغسل بالقليل للاجماع على عدم الفرق
بينهما من هذه الجهة وانما منع جماعة طهارة ما ذكر بالقليل من جهة عدم خروج الغسالة مع أنه يمكن ان يستفاد من الاخبار مثل رواية
السكوني عن أبي عبد الله (ع) ان أمير المؤمنين (ع) سئل عن قدر طبخ فإذا فيه فارة قال تهراق المرق ويغسل اللحم ويؤكل ونحوها زكريا ابن
آدم في قدر قطر فيه قطرة نبيذ هذا كله مضافا إلى ما ذكره بعض بل اكتفى به في الاستدلال به على هذا المطلب ردا على صاحب الذخيرة
حيث أنكر عموم الدليل على طهارة كل شئ بالماء ردا على صاحب المدارك المستدل باطلاق أدلة الغسل من أن تطهير كل متنجس إذا غسل على
الوجه المعتبر قاعدة كلية استفيدت من استقراء الموارد الخاصة والا لاحتجنا إلى الدليل في كل جزئي وبالجملة فالظاهر أنه لا اشكال
في تطهير الأمور المذكورة إذا علم وصول الماء إلى الأجزاء الباطنة انما الاشكال فيها من جهة التقييد الثاني من
التقييدين
اللذين اعتبرناهما في حصول الطهارة وهو خروج الغسالة أو اتصالها بالعاصم وفقد الامرين في الغسل بالقليل واضح ولذا
ذكر جماعة منهم الشهيدان والمحقق الثاني بل نسب في محكى المعالم إلى المعروف بين المتأخرين انه لا يطهر بالقليل مالا يخرج منه
الماء خلافا للمحكى عن صريح المنتهى ويه؟ ومجمع الفائدة والمدارك فجوز واغسل هذه الأشياء بالقليل تمسكا بلزوم الحرج واطلاق أدلة
الغسل وان المتخلف في هذه ليس بأكثر من المتخلف في الحشايا بعد الدق والتغميز وفى الكل مالا يخفى لان العسر والحرج لا يوجبان
رفع نجاسة المتنجس إذا لم يحصل تطهيره على الوجه المعتبر ولذا لا يحكم بطهارة المايعات بالقليل وان تضرر الشخص بنجاستها و
سيجيئ عدم طهارة ما يفسده التعفير بدون التراب وغير ذلك نعم يصلحان لتأسيس الحكم إذا دل عليه دليل واما الاطلاقات
فهى ساكتة عن حال الغسالة حتى لو قلنا بعدم اعتبار اخراج الماء في غسل الأمور المذكورة فيمكن تقييد ظاهر أدلة سببيته الغسل
للطهارة بما بعد اخراج الماء المتنجس بالغسل جمعا بينها وبين ما دل على انفعال الماء القليل بالملاقاة ولذا لا يحكم بطهارة
الغسالة باطلاق غسل الثوب واما قياسه على المختلف في الحشايا فهو فاسد من أصله مع ظهور الفرق بان الباقي في الحشايا
قليل من الغسالة والباقي في هذه الأمور مجموع الماء الملاقى للباطن نعم ربما يقال إن اللازم من ذلك وجوب تخفيفها بالشمس بعد
378

الغسل لتزول الغسالة المتنجسة بالملاقات وفيه أيضا نظر لاحتمال دخول احراج ماء الغسالة في مفهوم الغسل أو كون مطلقات الغسل
منصرفا إلى ذلك وكيف كان ففي غسل هذه الأمور بالقليل اشكال بل ربما يشكل غسلها بالكثير وإن كان الظاهر من الذخيرة كما
في لم؟ عدم الخلاف في جواز غسلها بالكثير من حيث إن الماء النافذ في أعماق الجسم لا يتصل بالكثير على وجه يصدق اتحاده معه عرفا حتى
يصدق على المجموع عنوان الكر أو الجاري الا ان يقال إن الاجماع منعقد على عدم انفعال المتصل بالكثير والجاري مطلقا الا ان
يدعى ضعف الاتصال بحيث يلحق عرفا بالانقطاع ولهذا لو فرضنا ان نجاسة عينية وقعت في الكثير وكان بعض جوانبه خارجا عن
الماء فنفذ الماء من الكثير إلى ذلك الجانب فتقاطر على جسم فلا يلزم بقاء ذلك الجسم على الطهارة الا ان يقال إن غاية الأمر الشك في الاتحاد
فيرجع إلى أصالة عدم انفعال تلك الأجزاء فيطهر الباطن نعم يحصل الاشكال فيما لو انتفع الشئ بالماء ووقع في الكثير وفرضنا عدم
نفوذ الكثير إلى أعماقه من جهة وجود اجزاء الماء المتنجس فيه فحينئذ لا يكفي مجرد اتصال تلك الأجزاء باجزاء الكثير إما على اعتبار الامتزاج فظاهر
واما على مطلق الاتصال فلعدم تحقق الاتحاد عرفا فالأحوط بل الأقوى لزوم تجفيف الجسم النجس أولا ثم وضعه في الكثير وأحوط من ذلك
تجفيفه بالشمس ثانيا وأحوط من ذلك وضعه في الكثير ثانيا وأحوط من الكل تجفيفه ثانيا ثم إنه يشكل العمل بالروايتين المتقدمتين
من حيث شمول اطلاقها أو ظهوره في كفاية غسل اللحم المتنجس بالماء القليل لما ذكرنا من عدم انفصال الغسالة عنه الا ان يدعى قابلية اللحم
المطبوخ للعصر أو يراد غسله في الكثير أو يحمل على عدم نفوذ النجاسة في أعماقه والا فالعمل بهما في مقابل قاعدة انفعال الماء القليل
مشكل وان ذكره الشيخ في يه؟ والمص؟ في المنتهى والمختلف كما حكى عنهم الا ان الأول يورد ما في متون الاخبار وبناء الثاني على تطهير أمثاله بالماء
القليل كما تقدم وعن القاضي الفرق بين وقوع قليل الخمر في القدر وكثيره فيطهر اللحم بالغسل في الأول دون الثاني ومما ذكرنا يظهر عدم
طهارة الأرض الرخوة بالقاء الماء القليل عليه كما عن جماعة منهم المحقق والمص؟ والشهيد إذ لا يخرج منها الماء المغسول به والخارج منه
هو المقدار الزائد الذي يصب بعد تحقق أقل الغسل كما لا يخفى خلافا للمحكى عن الشيخ والحلى فطهراها بالقاء الذنوب من الماء لرواية أبي هريرة
في اعرابي دخل المسجد فبال فيه فامر رسول الله صلى الله عليه وآله بالقاء ذنوب من ماء وفى رواية تعلموا ويسروا ولا تعسروا وحملت الرواية على كرية
الذنوب أو كون الأرض حجرا وخرج غسالته إلى خارج المسجد أو أراد صلى الله عليه وآله رطوبة الأرض لتجففها الشمس وكل ذلك بعيد مع أن الرواية
مشهورة كما عن البيان والموجز ومقبولة كما عن الذكرى لكن الانصاف ان مخالفتها لقاعدة نجاسة الغسالة اوهنها مضافا إلى اشتهار حال
راويها نعم روى الشيخ في الموثق عن عمار عن أبي عبد الله (ع) انه سئل عن الموضع القذر يكون في البيت أو غيره فلا تصيبه الشمس ولكنه قد
يبس الموضع القذر قال لا يصلى فيه واعلم موضعه حتى تغسله الحديث وظاهرها جواز غسلها بالماء القليل والسند لا يخلوا عن قوة
لوجود بنى فضال فيها الذين ورد فيهم خذوا ما رووا واوذروا ماراو والمسلم من قاعدة نجاسة الغسالة ما إذا جذبت الأرض
جميع الغسالة أو أكثرها والا فلا يخلوا جسم من أن يجذب من الغسالة شيئا على حسب استعداده فإذا كان في الأرض صلابة بحيث ينفصل عنه
أكثر الغسالة فلا ينبغي الاشكال في طهارتها بالقليل نعم يحكم بنجاسة الموضع الذي ينتقل إليه الغسالة وفاقا لظاهر المحكي عن المحقق حيث
عد من جملة ما يطهر الأرض ان يغسل بماء يغمرها ثم يجرى إلى موضع اخر فيكون ما انتهى إليه الماء نجسا انتهى وربما يستظهر من عبارة
ف؟ عدم الخلاف بيننا في ذلك حيث لم ينسب الخلاف إلى بعض أهل الخلاف ثم لو أريد ان لا يتنجس بالغسالة موضع اخر من الأرض
فليحفر وسط الأرض حفيرة ينزل إليها الماء ثم يطمها بالتراب الطاهر ومما ذكرنا يظهر حال التنور إذا تنجس ومن جملة مالا يطهر بالغسالة
الفضة والرصاص إذا تنجسا في حال الميعان فان المحكي عن العلامة الطباطبائي انه لا يطهر بالغسل الا ظاهرهما ويجب غسله حينا
بعد حين إذا حك بعض ظاهره وخرج الباطن حذرا عن المس بالرطوبة وتكتفي المربية للصبي بغسل ثوبها الواحد في كل يوم مرة المستند
في ذلك ما رواه أبو حفص عن الصادق (ع) في امرأة ليس لها الا قميص واحد ولها مولود فيبول عليه قال يغسل قميصه في اليوم مرة والعمل
بمضمونها مشهور بين المتأخرين وبه ينجبر ضعف الرواية لو كان الا ان اللازم من ذلك وجوب الاقتصار على المتيقن من مادة اجتماع
الجابر والمنجبر وعدم كفاية وجود أحدهما فضلا عن مورد فقدهما وحينئذ فلا يلحق المربى بالمربية وفاقا لظاهر المنتهى ويه؟ ولا الصبية بالصبى
وفاقا للمحكى عن المعتبر والسرائر بل عن الشيخ والأكثر حيث اقتصروا على ذكر الصبى وخلافا للمحكى عن الشهيدين وأكثر المتأخرين ولا الغايط
بالبول وفاقا للمحكى عن ظاهر المعتبر خلافا للمص؟ هنا وفى التحرير ولا البدن بالثوب وظاهر الرواية عدم الفرق بين تولد المولود منها
أو من غيرها ولذا عنون المسألة في كلماتهم بالمربية وان المتعين هو الغسل فلا يكفي الصب وان اكتفى به في بول الصبى الذي لم يطعم
وفاقا للمحكى عن ظاهر يه؟ الا ان الظاهر أن المراد بالغسل هنا ما يعم الصب كما في قوله اغسل ثوبك من بول كل ما لا يؤكل فان الصبى لم
379

يخرج من هذا العموم قطعا وظاهر الرواية أيضا التخيير في زمان ايقاع الغسل حتى في غير وقت الصلاة وان اقتضت العادة طرو النجاسة إذا تقدمت
على الصلاة واما دعوى ظهور الرواية في وجوب الغسل فهو لا يكون الابعد دخول الوقت فلا دليل على الأجزاء قبله فمدفوعة بان المقام مقام
بيان علاج هذه النجاسة ولو في زمان عدم وجوب الصلاة فظاهره ان الغسل مرة في كل يوم بدل عن غسله في كل مرة عرضت النجاسة لها
نعم ذكر جماعة ان الأولى تأخير الغسل إلى اخر النهار لتدرك الصلوات الأربع مع الطهارة ولا ريب في الأولوية والظاهر أن الليل داخل في اليوم
ولو أخل بغسل الثوب فالظاهر فساد كل صلاة وقعت بعد الاخلال بالواجب ولو صلى مع نجاسة ثوبه أو بدنه عامدا أعاد في الوقت وخارجه؟
بلا خلاف بين من يشترط الطهارة الخبثية في الصلاة والجاهل بالاشتراط كالعامد اتفاقا نعم لصاحب المدارك وشيخه كلام في كون
الجاهل تفصيلا مكلفا بالواقع ومؤاخذا على مخالفته ويرد عموم أدلة التكاليف مع عدم ثبوت كون الجهل التفصيلي عذرا عقليا
أو شرعيا ويؤيده الاجماع على تكليف الكفار بالفروع مع أنه لا يعرف يسيرا من الفروع الا يسير منهم ويؤيده أيضا بعض الأخبار الدالة
على مؤاخذة الجاهل المقصر بما جهل كما في رواية استماع الغناء في بيت الخلاء وغيرها واما الناسي فالمشهور انه يعيد في الوقت وحكى
عليه الاجماع وبها اخبار كثيرة لا يعارضها خصوص رواية ابن محبوب ولا عموم قوله (ع) لا يعاد الصلاة الامن خمسة واما الأخبار الواردة
في ناسي الاستنجاء فإنما تنفع المقام لو ثبت عدم الفصل في المسألة ولا يخلوا عن تأمل واما الجاهل بالنجاسة فعلم بها بعد
الصلاة ففيها أقوال ثالثها الإعادة في الوقت خاصة ورابعها الإعادة مع عدم التقصير في ترك النظر مع الالتفات واحتمال
وجود النجاسة ويظهر من محكى جماعة الاجماع على عدم سقوط القضاء هنا والمحكى عن بعضهم ظاهر في وجود المخالف والأقوى ما اختاره
المص؟ قده من أنه لا يعيد مطلقا لعموم لا تعاد إلى آخره وخصوص بعض الأخبار ومعارضها أضعف منها وان اعتضدت بالاجماع المحكي عن الغنية
ولو سلم التساقط فلا محيص عن الرجوع إلى العموم المذكور ومستند القول الرابع رواية الصيقل عن أبي عبد الله (ع) قلت له رجل اصابته
جنابة بالليل فاغتسل وصلى فلما أصبح نظر فإذا في ثوبه جنابة قال الحمد لله الذي لم يدع شيئا الا وقد جعل له حدا إن كان حين قام (نظر فلم ير شيئا فلا إعادة عليه وإن كان حين قام صح)
لم ينظر فعلية الإعادة ويؤيدها تعليل الإعادة في بعض روايات الناسي بأنه عقوبة لنسيانه كي يهتم بالشئ إذا رآه في ثوبه ورواية وجوب
الإعادة على من غسل ثوبه الجارية فلم تبالغ في غسله حيث قال له (ع) إما لو كنت أنت الذي غسلت لم يكن عليك إعادة بناء على أن المراد
نفى الإعادة لو رآه يابسا بعد ما كان باشر غسله ورواية محمد بن مسلم ان رأيت المنى قبل أو بعد ما تدخل في الصلاة فعليك إعادة
الصلاة وان أنت نظرت في ثوبك فلم تصبه ثم صليت فيه ثم رأيت بعد فلا إعادة عليك وكذلك البول الا ان ما هو صريح من هذه
الروايات غير نقية السند وما هو نقى السند غير صريحة بل ولا ظاهرة ومع ذلك فهى معارضة بما يظهر من صحيحة زرارة الطويلة من عدم
وجوب الفحص إذا شك في إصابة النجاسة وانحصار ثمرة النظر والفحص بذهاب الشك العارض للانسان الموجب لعدم حضور القلب في العبادة
من جهة تشويش البال فلو كان له ثمرة في الإعادة وعدمها عند انكشاف الحال كان التنبيه عليه مناسبا بل كان الأولى الامر بالنظر
ارشادا لئلا يقع في كلفة الإعادة كما أمر بالاستبراء لئلا يقع في إعادة الوضوء والغسل وغسل الثوب عن البلل المشتبه الخارج بعد البول
أو المنى وأيضا فتعليل عدم الإعادة في الصحيحة المذكور بقوله لأنك كنت على يقين من طهارتك فشككت إلى اخر ما ذكره ظاهر في انحصار
علة عدم الإعادة بايقاع العمل على ظن التكليف الظاهري من غير مدخلية للفحص والنظر في ذلك والحاصل ان الظهور المستفاد من الروايات
المتقدمة مع ضعفها ومعارضتها بما عرفت لا ينهض لتقييد اطلاقات الاخبار هذا كله إذا لم يعلم الجاهل بالنجاسة الابعد الفراغ ولو
علم بها في الأثناء فان امكنه الإزالة أو الاستبدال من دون الاشتغال بشئ من اجزاء الصلاة أو حصول مبطل أزال أو استبدل ولو تعذر
الاستبدال والإزالة الا بالمبطل أبطل ولو نجس الثوب وليس له غيره صلى عاريا على المشهور بل عن الشيخ دعوى الاجماع عليه في ف؟ لاطلاق
النهى عن الصلاة في النجس والاخبار منها مضمرة سماعة قال سئلته عن رجل يكون في فلاة من الأرض وليس عليه الا ثوب واحد و
أجنب فيه وليس عنده ماء كيف يصنع قال تيمم ويصلى عريانا قاعدا يومى ايماء ونحوه مضمر اخر الا ان فيه
يصلى قائما يومى ايماء ويمكن
الجواب عن اطلاق النهى عن الصلاة في النجس بمعارضته باطلاق أدلة اعتبار الستر والمنع عن الصلاة عاريا مع أن فقد الساتر أسوء
من فقد صفته وعن الاخبار بمعارضتها بأقوى منها سندا وعددا منها رواية علي بن جعفر المروية في التهذيب والفقيه وقرب الإسناد
عن أخيه (ع) عن رجل عريان وحضرت الصلاة وأصاب ثوبا بعضه دم أو كله دم يصلى فيه أو يصلى عريانا قال إن وجد ماء غسله وان
لم يجد ماء صلى فيه ولم يصل عريانا والتفصي عن الكل بان أدلة الستر قد قيدت بالساتر الطاهر والمفروض انه غير متمكن منه
فيسقط ولا معنى لمراعاة المطلق بعد العجز عن القيد الا إذا اختصت الشرطية والتقييد بحال الاختيار وهو ممنوع في المقام
380

لاطلاق أدلة اعتبار طهارة الساتر وغيره من لباس المصلي ومنه يظهر ضعف ما ذكر من قوله إن فوات الساتر أسوء من فقد صفته
مع أن وجود اطلاق في أدلة الستر بحيث ينفع في المقام ممنوع والاجماع على اعتباره كبعض الاخبار مخصص بما إذا تمكن من الطاهر و
إما أدلة الركوع والسجود فهى محنصة؟ بالمستور دون العاري فالركوع الحقيقي واجب مشروط بعدم العراء فيرجع الامر بالآخرة إلى تعارض
أدلة الستر وطهارة اللباس مع أنه قد لا يلزم خلل في الركوع كما لو دار الامر بين ستر رأس المرأة بالنجس وبين صلاتها مكشوفة الرأس نعم
يمكن ان يقال إن الستر غير مفقود في صلاة العاري إذا صلى مجتمعا جالسا فقد ستر عورته الا انه يفوته الركوع والسجود ولذا قيل إن أدلة
وجوب الايماء على العاري دليل على وجوب الستر لان الشارع أهمل الركوع والسجود لاعتبار الستر فتأمل واما عن الاخبار فبترجيح الأخبار السابقة
بالشهرة والاجماع المنقول مضافا إلى امكان حملها على ما إذا لم يتمكن من نزع الثوب لبرد أو نحو ذلك كما يشهد به رواية الحلبي عن أبي عبد الله (ع)
قال سئلته عن الرجل يجنب في الثوب أو يصيبه بول وليس معه ثوب غيره قال يصلى فيه إذا اضطر إليه فان الظاهر أن المراد بالاضطرار الاضطرار
العادي من جهة برد ونحوه فيكون قيدا للحكم لا الاضطرار الشرعي من جهة فقد الساتر ليكون تحقيقا لمورد السؤال وهو قوله ليس معه
غيره والتحقيق ان الاجماع منعقد على اعتبار الساتر الا ان يمنع عنه مانع عقلي أو شرعي والطهارة ليست شرطا في الساتر من حيث
كونه ساترا حتى يكون الشرط راجعا إلى شئ واحد وهو الستر بشئ طاهر وانما هو شرط في مطلق اللباس من حيث كونه ملبوسا أو مصاحبا
أو محمولا لا لنقص فيها من حيث الستر أصلا واللازم من ذلك تعارض أدلة الستر وطهارة اللباس وعمومات الركوع والسجود قد عرفت
حالها فاللازم ملاحظة الاخبار وحملها على التخيير كما ذهب إليه جماعة منهم المص؟ والمحقق والشهيد الثاني في لك؟ بعيد لأنه طرح لظاهرهما
الا ان يريدوا التخيير الظاهري من جهة التعارض لا الواقعي بواسطة الحمل وهو بعيد فيتعين الترجيح والمرجح الداخلي مع اخبار الصلاة
في الثوب النجس والخارجي مع الاخبار الأخر وما ذكر من شهادة رواية الحلبي بحمل الاخبار الأولة على صورة الاضطرار يأبى عنه رواية
علي بن جعفر المتقدمة كما لا يخفى فالمسألة محل اشكال ولكن قول المشهور لا يخلوا عن قوة
وتطهر الشمس ما تجففه بنفسها أو بمعونة الهواء (بحيث يسند التجفيف إليها والا فلا يخلوا الهواء صح)
عن الإعانة غالبا من البول وشبهه من النجاسات التي تزول عنها بالجفاف لعدم جرم لها وعن المقنعة وف؟ والمراسم الاقتصار على البول و
عن المنتهى اختصاص الحكم به لأنه المنصوص بناء على ضعف رواية عمار الآتية والمشهور التعميم كما عن المهذب وغيره بل عن التنقيح انه لا خلاف في أن الشمس
إذا جففت مالا صورة له من النجاسات في الأرض والبواري والحصر وكل ثابت يجوز الصلاة عليها انما الخلاف في طهارتها فابن
الجنيد والراوندي على نفيها انتهى ومعقده يشمل الأبنية والنبات ويدل عليه عموم رواية أبى بكر الحضرمي كلما أشرقت عليه الشمس فقد
طهر وخصوص موثقة عمار سئل عن أبي عبد الله (ع) قال سئل عن الموضع القذر يكون في البيت أو غيره فلا تصيبه الشمس ولكنه قد يلبس
الموضع القذر قال لا يصلى عليه واعلم موضعه حتى تغسله وعن الشمس هل تطهر الأرض قال إذا كان الموضع قذرا من البول أو غير ذلك
فاصابته الشمس ثم يبس الموضع فالصلاة على الموضع جائزة وان اصابته الشمس ولم ييبس الموضع القذر وكان رطبا فلا يجوز الصلاة
عليه حتى ييبس وإن كان رجلك رطبة أو جبهتك رطبة أو غير ذلك (الموضع القذر منك ما يصب فلا تصل على ذلك الموضع القذر حتى ييبس وإن كان غير الشمس اصابه حتى ييبس فإنه لا يجوز ذلك صح) الحديث وضعفها لو كان منجبرا بما عرفت مع أن الظاهر اخذ الرواية من
كتب بنى فضال الذين قال العسكري في حقهم خذوا ما رووا وذروا ما رأوا نعم استثنى الشيخ الخمر من النجاسات ووجهه واضح لان جرمها
يبقى بعد الجفاف ثم إن مقتضى عموم رواية الخضرمي المتقدمة المعتضدة بنفي الخلاف المتقدم عن التنقيح المعتضد بالشهرة المحكية عموم الحكم
للأرض والحصر والبواري وما لا ينقل وعن ف؟ دعوى الاجماع على الثلاثة الأول وعن الدلايل ان المتأخرين عمموا الحكم لما لا
ينقل ومنه يظهر ضعف تخصيص الحكم بالحصر والبواري مع التنصيص على أن غيرهما لا يطهر كما عن المهذب وما عن المعتبر من التردد
فيما عدا الأرض مما لا ينقل وما عن ط؟ والجامع والمنتهى من الحاق كل ما عمل من نبات الأرض غير القطن والكتان بالحصر ونحوهما ما عن
المنتهى وما عن محكى فخر الاسلام من عموم الحكم للنباتات وان انفصلت كالخشب والآلات المتخذة من النبات لعدم الدليل على ذلك
عدا رواية الحضرمي وهي ضعيفة سندا ودلالة بلزوم تخصيص الأكثر فيها فلا يعمل بها الا مع الجابر المفقود في الأمور المذكورة ومن
الغريب في أنظارنا ما عن النزهة من قصر التطهير على الأرض والبواري قال واما الحصر فلم اقف على خبر الا من طريق العموم وهو ما
رواه أبو بكر الحضرمي مع أن المحكي عن الصحاح والديوان والمغرب ان الحصير هي البارية الا ان عطف
البواري على الحصر في كلام كثير
من الأصحاب يشعر بمغايرة ما بينهما ومقتضى اطلاق النص والفتوى بطهارة الأرض عمومها لذات الرمل؟ والحصى فلو اخذ منها جزء
وتنجس كما في حجر الاستنجاء فهل يطهر بالشمس بعد القائه على الأرض كما عن ط؟ والمنتهى أم لا كما قيل لانقلابه منقولا قولان أحوطهما
الثاني وإن كان الأول لا يخلوا عن قوة ثم إن المشهور هي إفادة الشمس للطهارة وهو صريح اجماع ف؟ والسرائر وكشف الحق وهو
381

الذي دل عليه رواية الحضرمي المتقدمة وصحيحة زرارة قال سئلت أبا جعفر (ع) عن البول يكون على السطح أو على المكان الذي يصلى فيه فقال
إذا جففته الشمس فصل عليه فهو طاهر ويؤيده حكاية الاجماع مستفيضا على اعتبار طهارة موضع السجدة والمفروض جواز السجود
على ما جففته الشمس باتفاق الخصم خلافا للمحكى عن الإسكافي والراوندي والبهائي والمحدث الكاشاني وظاهر يه؟ وسيلة؟ حيث اقتصرا
على جواز السجود ولعله للأصل وذيل رواية عمار المتقدمة بناء على ما عن أكثر نسخ التهذيب وإن كان عين الشمس اصابه ورواية ابن بزيع عن
السطح والأرض يصيبه البول وما أشبهه هل تطهره الشمس من غير ماء قال كيف تطهر من غير ماء ورد الأصل بما مر ورواية عمار بأنها
لم يثبت على هذا الوجه مع أن تذكير الضمير في اصابه يدل على لفظ الغير نعم يمكن ان يقال إن سؤال عمار عن تطهير الشمس وعدوله (ع)
إلى الجواب بجواز الصلاة على الموضع دون ان يقرره على التطهير يدل على عدم التطهير لكن هذه دلالة ضعيفة معارضة ببعض ظهورات
اخر في الرواية واما رواية ابن بزيع فيمكن حمله على احتياج تطهير الأرض إلى الماء لتصير رطبا فتجففه الشمس وهذا الحمل وان بعد لكنه
أولي من حمل الطاهر في الروايات على ما هو بمنزلته في حكم خاص وهو جواز السجود فالأقوى الطهارة وربما يتمسك بأصالة طهارة
الملاقى وانها لو عورضت بأصالة بقاء النجاسة في الملاقى بالفتح تعين الرجوع إلى قاعدة الطهارة وفيه مالا يخفى فان استصحاب
النجاسة وارد على استصحاب طهارة الملاقى كما قرر في محله ثم إنه متى حكم بطهارة الشئ حكم بطهارة باطنه مع اتصال النجاسة واتحاد
الاسم كما صرح به في ض؟ فلا يطهر الباطن مع التعدد كما عن التذكرة والمهذب ومع؟ صد؟ ولك؟
وتطهر النار ما احالته دخانا أو رمادا
على المشهور بل عن السرائر ومع؟ صد؟ الاجماع على طهارة كل من الدخان والرماد المستحيلين من النجاسة وهو ظاهر التذكرة حيث قال دخان
الأعيان النجسة طاهر عندنا (وهو أحد وجهي الشافعي وما احالته النار عندنا وبه قال أبو حنيفة وعن ف؟ الاجماع على طهارة رماد الأعيان النجسة وعن المنتهى
دخان الأعيان النجسة طاهر عندنا صح) لخروجه عن المسمى ونحوه أطعمة؟ الشرايع من غير ذكر الدليل وفى كشف اللثام ان الناس مجمعون على عدم التوقي من
رماد النجاسات وأدخنتها ونحوه عن المعتبر والذكرى في خصوص الأدخنة والمنتهى في خصوص الرماد ويدل على الطهارة خروج الدخان والرماد
عن مسمى العين النجسة فلا تشمله أدلة نجاستها فيرجع في طهارته إلى الأصل لو لم نقل بالرجوع إلى أدلة طهارة الرماد بناء على عدم انصراف
اطلاقها إلى ما نحن فيه والتمسك باستصحاب النجاسة غير ممكن لارتفاع الموضوع وقد يستدل زيادة على ذلك بصحيحة ابن محبوب عن الحص
يوقد عليه بالعذرة وعظام الموتى ما يجصص به المسجد أيسجد عليه فكتب إليه بخطه ان الماء والنار طهراه بناء على أن الغالب ان الجص
يلاقى دخان لعذرة والعظام ورمادهما فلولا طهارتهما لم يجز تجصيص المسجد به بالجص الملاقى نعم يبقى الكلام في التعليل بان الماء والنار
طهراه وعدم استقامته بظاهره مع امكان حمله على بعض المحامل لا يقدح المطلوب اللهم الا ان يقال إن تعليله بذلك يدل على أن العلة
ليس طهارة الرماد والدخان بل ظاهر الرواية ان الجص ينجس بالعذرة والعظام لكن النار والماء طهراه الا ان يحمل التطهير على إزالة النفرة
الحاصلة من ملاقاة العذرة والعظام والا فالجص في نفسه لا ينفعل بدخان العذرة ورمادها لطهارتهما ويحتمل إرادة التطير الحقيقي
بناء على ملاقاة الجص للرطوبة الحاصلة من العذرة والعظام عند اشتعالهما بالنار فإنه الغالب في العظام وقد يتفق في العذرة أيضا
وكيف كان فالرواية صريحة في جواز تجصيص المسجد بذلك الجص مع عدم خلوه عن الدخان والرماد ونحوها المروى عن قرب الإسناد عن الجص
يطبخ بالعذرة أيصلح ان يجصص به المسجد قال لا باس ومما ذكر ظهر ضعف التردد في طهارة الرماد كما عن المعتبر أو مع الدخان كما يحتمله عبارة
الشرائع في الأطعمة ومما ذكر أيضا ظهران الاستحالة موجبة للطهارة ولو بغير النار ولا خصوصية للنار وبعض الأخبار الغير المعمول
بها كالتعليل في الرواية المتقدمة ومثل ما ورد في الدم الواقع في القدر الذي يغلى من أن النار تأكل الدم وما ورد من طهارة العجين
النجس بالتخمير معللا بان النار اكلت ما فيه ونحو ذلك مما لا يعمل بظاهره واما أولوية النار في الإزالة من الماء ففيه مالا يخفى ومما لا يخفى ومما ذكرنا
يشكل الامر في استحالة المتنجسات بناء على جواز التمسك فيها باستصحاب النجاسة اللهم الا ان يقال بعد اطلاق الاجماع حيث إن نجاستها
ليست لصورها النوعية بل لأنها أجسام ملاقية للنجاسة فالموضوع وهو الجسم باق بحاله فيمكن استصحاب نجاسته اللهم الا ان يقال بعد
اطلاق الاجماع المتقدم عن التذكرة على طهارة مطلق ما احالته النار الشامل للمتنجس خصوصا مع تصريحه فيما بعد بان العجين النجس إذا استحال
بالنار يصير طاهرا وما عن الوحيد البهبهاني من أن المستفاد منهم الاجماع على الحاق المتنجس بالنجس وبعد أولوية زوال النجاسة عن المتنجس
بالاستحالة من زوالها عن النجاسات العينية حتى أن صاحب المعالم حكى عنه التوقف في فحم نجس العين ونفى البعد عن طهارة فحم الحطب
المتنجس انه لا دليل على أن الموضوع في نجاسة الملاقى للنجس هو الجسم الا الاجماع ولم يعلم الاجماع على ثبوت الحكم لذلك الجسم المشترك
ان لم ندع الاجماع على كون النجاسة في المتنجسات كالنجاسات تابعة لبقاء الحقيقة النوعية كما عرفت ظهوره من معقد اتفاق التذكرة وشرح
الوحيد البهبهاني ودعوى ان الاجماع المدعى انما هو على رفع النجاسة بالاستحالة فلا ينافي اجماعهم المتقدم على كون نجاسة الملاقى
382

من جهة كونه جسما فيلزم على المختار من عدم حجية الاجماع المنقول البناء على الأول حتى يثبت الرافع للنجاسة مدفوعة أولا بان استدلال
غير واحد منهم على الطهارة بخروج المستحيل عن المسمى ظاهر في أن كلامهم ليس في الرفع بل في الارتفاع وثانيا ان الاجماع على نجاسة الملاقى
من حيث كونه جسما غير متحقق ولم يعلم تحقق الاجماع على تبعية نجاسة المتنجس للقدر المشترك غاية الأمر انه ظاهر معاقد الاجماعات المنقولة
فحينئذ يحتمل ان يكون موضوع النجاسة هي الصورة النوعية والحقيقة العرفية الزايلة بالاستحالة فحينئذ يشك في بقاء الموضوع بعد الاستحالة
من جهة الشك في تعيين الموضوع فلا يجرى الاستصحاب لان من شرطه القطع ببقاء الموضوع وليس هنا مقام ابقاء الموضوع بالاستصحاب
ثم استصحاب الحكم لأن الشك في موضوعية الباقي لافى بقاء الموضوع فيرجع إلى قاعدة الطهارة المستفادة من قولهم كل شئ نظيف
حتى يعلم أنه قذر هذا كله مع ما تقدم من صحيحة ابن محبوب الدالة على نفى الباس عن الجص الملاقى غالبا لرماد عظام الموتى ودخانها
على ما هو المتعارف في طبخ الجص من جمع الوقود عليه ثم احراقه بل لا ينفك عادة من امتزاج الرماد والدخان مع أن العظام متنجسة لا نجسة
غالبا مع أن العذرة غالبا لا يخلوا عن التراب الملصق به ولو شك في الاستحالة فالأقوى استصحاب النجاسة لأصالة بقاء الحقيقة النوعية و
منه يظهر قوة نجاسة الفحم وفاقا للمحكى عن صريح لك؟ خلافا للمحكى عن مع؟ صد؟ والدلائل وأكثر المتأخرين الا ان يدعى العلم بالاستحالة
فيقوى ما ذكروه وربما يستدل على استحالة الفم بصيرورته حراما وفيه ان الحرمة لو سلمت فلعلها محمولة على هذا الصنف كما لا يدل تحريم
العصير بعد الغليان على صيرورتها حقيقة أخرى نعم يمكن التمسك برواية ابن محبوب المتقدمة بناء على أن العظام بل العذرة تصير فحما لا رمادا
بل يمكن دعوى غلبة ذلك ولا بصيرورة الطين اجرا اوخزا؟ وفاقا للشهيد الثاني خلافا للمحكى عن ف؟ ويه؟ المص؟ والبيان ولم؟ وموضع من
المنتهى وظاهر التذكرة ثم إن المحكي عن المنتهى ان البخار المتصاعد من ماء نجس إذا اجتمعت منه نداوة على جسم صقيل وتقاطر فإنه نجس الا ان يعلم بتكونه
من الهواء كالقطرات الموجودة على طرف اناء في أسفله جمد نجس ونحوه عن المدنيات ان غلب على الظن تصاعد الأجزاء المائية وهو جيد
لعدم استحالة الماء المتصاعد ويشكل مع تغاير الحقيقة عرفا كما في العرق والجلاب المتخذين من الماء النجس والورد أو غيره إما المتخذ من
الماء القراح فالظاهر نجاسته لعدم ارتفاع الحقيقة ولا تنافي بين طهارة البخار وان اشتمل على تلك الأجزاء المائية ونجاسة تلك الأجزاء
عند اجتماعها وصدق الماء عليها عرفا
وتطهر الأرض باطن النعل والقدم كما في الروض وهو ما تستر الأرض حالة الاعتماد عليها
بلا خلاف يعتد به بل عن مع؟ صد؟ الاجماع على ذلك مع إضافة باطن الخف وما يتنعل عادة كالقبقاب ونحوه والأصل في ذلك صحيحة زرارة
قال قلت لأبي جعفر (ع) رجل وطئ على عذرة فساحت؟ رجله فيها أينقض ذلك وضوئه وهل يجب عليه غسلها فقال لا يغسلها الا ان يقذرها؟
ولكنه يمسحها حتى يذهب اثرها ويصلى وصحيحة أخرى لزرارة عن أبي جعفر (ع) جرت السنة في اثر الغائط بثلاثة أحجار ان يمسح العجان ولا
يغسله ويجوز ان يمسح رجليه ولا يغسلهما وما عن مستطرقات السرائر عن جامع البزنطي عن المفضل بن عمر عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله (ع)
قال قلت له ان طريقي إلى المسجد في زقاق يبال فيه فربما مررت وليس على حذاء فيلصق برجلي من نداوته فقال أليس تمشى بعد ذلك في
ارض يابسة قلت بلى قال فلا باس ان الأرض يطهر بعضها بعضا قلت فأطئ على الروث الرطب قال لا باس انا والله ربما وطئت عليه ثم اصلى
ولا اغسله ورواية المعلى بن خنيس قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الخنزير يخرج من الماء فيمر على الطريق فيسيل منه الماء أمر عليه
حافيا قال أليس ورائه شئ جاف قلت بلى قال فلا باس ان الأرض يطهر بعضه بعضا ورواية حفص بن أبي عيسى قال قلت لأبي عبد الله (ع)
انى وطئت عذرة نجفي ومسحته حتى لم أر فيه شيئا ما تقول في الصلاة فيه قال لا باس ونفى الباس وان احتمل ان يكون من جهة كون
الخف مما لا يتم به الصلاة الا ان الظاهر السؤال عن طهارة الخف وان الإمام (ع) قرره على الطهارة كما لا يخفى مضافا إلى النبوي المنجبر
بما تقدم إذا وطئ أحدكم الأذى نجفه فان التراب له طهور ويدل عليه اطلاق رواية الأحول في الرجل يطأ على الموضع الذي ليس
بنظيف ثم يطأ بعده مكانا نظيفا فقال لا باس إذا كان خمسة عشر ذراعا أو نحو ذلك فان الوطئ يعم ما كان بالقدم وبالنعل والخف
ومنه يظهر عموم الحكم لكل ما يتنعل ولو كان من خشب وفى الحاق خشبة الأقطع نظر قال في الروض الشك في تسميتها نعلا بالنسبة
إليه وفيه ان الشك في الصدق لا يوجب التردد في الالحاق بل الأصل عدم اللحوق وبقاء النجاسة حتى يثبت صدق موضوع النعل أو يدل
دليل على لحوقها به حكما فالأولى في وجهي النظر اطلاق الوطئ في الرواية وقوة احتمال انصرافه إلى غير ذلك وهو الأقوى واما
أسفل العكاز وكعب الرمح فالظاهر عدم لحوقهما الا ان يستفاد ذلك من عموم العلة في الأخبار المستفيضة المتقدم بعضها من أن الأرض
يطهر بعضها فان الظاهر أن الأرض المنتقل إليها تزيل اثر النجاسة الحادث من الأرض المنتقل عنها وفيه اشكال ثم إن ظاهر
رواية الحلبي والمعلى هو اعتبار يبوسة الأرض فيقيد به الاطلاقات وفاقا للمحكى عن مع؟ صد؟ والموجز ولك؟ الا ان يدعى ان ذكر
383

اليبوسة فيها من باب ان الرطوبة غالبا يزول بالمسح بأرض يابسة دون الرطبة فليس لها مدخلية في العلة ولكنه
مشكل وقد يجاب بقصور
الروايتين سندا وفيه ان الثانية صحيحة أو حسنة بابن هاشم والأولى منقول عن نوادر البزنطي وهو حسن لا يروى الاعن ثقة ومن أصحاب
الاجماع فالأولى نسبة القصور إلى الدلالة ومنه يعلم ضعف ما عن مجمع البرهان من أنه لم يظهر وجه لاعتبار الجفاف الا تخيل نجاسة الأرض وهو
غير ضائر كرطوبة النجاسة إذ الضار سبق النجاسة لا الحاصل بنفس التطهير كما في غسالة الماء القليل وفيه ان وجه اعتبار الجفاف ما عرفت
من الروايتين المعتبرتين لا هذا الوجه الضعيف وهل يعتبر طهارة الأرض كما عن الإسكافي والجماعة المتقدم إليهم الإشارة أو لا كما نسبه
في ضة؟ إلى ظاهر النص والفتوى واختاره المص؟ ومال إليه في ض؟ قولان من اطلاق النص والفتوى ومن انصراف الاطلاق إلى الظاهر مضافا إلى اشعار
التعليل بان الأرض يطهر بعضها بعضا بناء على أن المستفاد عرفا من كون الشئ مطهرا اعتبار طهارته في نفسه وكيف كان فلا فرق بين النجاسة
الرطبة واليابسة كما عن المعتبر والمنتهى والتذكرة ومع؟ صد؟ والمهذب وشرح الموجز وض؟ وضة؟ لاطلاق الاخبار ولافرق أيضا بين ذهاب الأثر
بالمشي أو بالمسح وفاقا للمحكى عن المنتهى والدروس والمهذب وحاشية الشرايع ولك؟ لورود الرواية بكليهما ولا يجزى جعل بعض الأجزاء الأرضية آلة للمسح
بان يأخذ بيده حجرا وقبضة من تراب أو رمل فيمسح بها المتنجس لانصراف مسح الرجل إلى مسحها بالأرض ولابين ان يكون الأرض ترابا أو
حجرا أو رملا كما صرح به الثانيان ثم إن ظاهر الفتاوى اختصاص الطهارة بباطن القدم ونحوه والمراد به على ما في ض؟ وكشف اللثام ما
تستره الأرض حال الاعتماد عليها وصرحا بعدم طهارة الحافات وهو على اطلاقه مشكل فان ظاهر قول زرارة في الصحيحة المتقدمة
فساحت رجله فيها تلوث بعض الحافة أيضا ولا أقل من الاطلاق فالحاق الحافة القريبة من الباطن لا يخلوا عن قوة وفاقا لكاشف الغطاء ثم
النجاسة إن كانت مما لا عين لها كالبول والماء النجس اليابسين فقيل بكفاية مجرد المماسة وفاقا للمحكى عن منظومة العلامة الطباطبائي
وكشف الغطاء وبعض اتباعهما فان أريد من المماسة المسح فهو حسن والا فالأقوى اعتبار المسح على الأرض أو المشي وعدم كفاية المماسة
الا ان يتمسك بعموم التعليل المتقدم الدال على كون الأرض مطهرة بقول مطلق وفيه انه لا يظهر من الرواية كيفية التطهير بالأرض
هل هو بالمسح أو بالمشي أو بمجرد المسر نظير ما قدمنا في قوله الماء يطهر واجماله من حيث كيفية التطهير واما إن كانت النجاسة ذات عين
فلا اشكال في اعتبار زوال العين وهل يعتبر زوال الأثر كما عن مع؟ صد؟ والمنظومة أو لا كما عن كشف الغطاء قولان والتحقيق انه ان
أريد بالأثر مطلق ما يدل على النجاسة فلا اشكال في عدم اعتبار زوالها لعدم اعتباره في التطهير بالماء فكيف في التطهير بالأرض
المبتنى على التسهيل والرخصة فقد لا يزول الريح واللون ولو بعد المبالغة في غسله فكيف بالمسح والمشي مع أن رواية مشى نحو من
خمسة عشر ذراعا ظاهرة في عدم اعتبار المشي الكثير وان أريد به الأجزاء الصغار فلا اشكال في اعتبارها نعم الأجزاء الصغار العالقة
بالمحل التي لا تزول غالبا الا بالماء كما فسرت بها الأثر في مسألة الاستبخار؟ لا يعتبر زوالها واما الرطوبة المحضة القليلة الباقية
فالظاهر أنها غير قادحة ويمكن الفرق بين ما إذا كانت من نجاسة مائية أو من نجاسة جرمية كالغايط مثلا فإنه في الأول يعد نفس النجاسة
بخلاف الثاني ومما ذكرنا يظهر ان المراد بقوله (ع) في صحيحة زرارة يمسحها حتى يذهب اثرها هو ما يعد من نفس النجاسة لا مجرد الأثر وقد
يقال بعدم اعتبار زوال الأجزاء الصغار لتعسر ذلك ولاحتياجه إلى مشى كثير مع أن ظاهر الرواية كفاية خمسة عشر ذراعا مع أنه كثيرا ما يدخل
النجاسة في شقاق الرجل فلا يزول بالمرة ولو بالمشي الكثير أو المبالغة في المسح وفيه نظر ان أراد مطلق الأجزاء الصغار واعلم أنهم قد
عدوا من المطهرات أمورا أخر لابد من التنبيه عليها ولعلى اهمال المص؟ لها من جهة انها ليست في الحقيقة رافعة للنجاسة كما ستعرف بل المطهر
حقيقة هو الماء والشمس والأرض وعد النار منها بناء على ما يستفاد من بعض الروايات الضعيفة الدلالة كما تقدمت وهذا وجه؟ جعلها
من المطهرات الحقيقية والا فهى على التحقيق رافعة لموضوع النجاسة بإحالته إلى موضوع طاهر من تلك الأمور المستحال إليها
الاستحالة من المطهرات وعن التسهيل في بعض حواشيه على القواعد ان الاستحالة عند الفقهاء عبارة عن تغيير الأجزاء وانقلابها
من حال إلى حال وعند الأصوليين عبارة عن تبدل الصورة النوعية والأول انسب بالمعنى اللغوي والثاني بالعرفي وكيف
كان فالذي ينبغي ان يراد هنا من الاستحالة استحالة الموضوع وتبدلها إلى مغايره عرفا سواء كان تبدلها بتبدل ذاتياتها
أو بعض خصوصياتها العرضية فلو فرضنا ان النجاسة حمل في كلام الش؟ على الماء المتلبس بالتغير أو المتصف بكونه في الكوز وزالت
الصفة زالت النجاسة لان المحمول تابع للموضوع فبزواله يزول وثبوته في موضوع اخر يحتاج إلى دليل وبعبارة أخرى ان قوله
الماء المتغير أي المتلبس بالتغيير نجس لا يدل على نجاسة غير المتغير سواء كان غير متغير من أول الأمر أو كان متغيرا وزال تغيره والتمسك
بالاستصحاب غير معقول لان بقاء الحكم في غير موضوعه غير معقول ولو فرض القول بانتقال الاعراض كان دعوى الانتقال مخالفة
384

للاستصحاب لا موافقة له ومما ذكر ظاهر ان كون استحالة الموضوع موجبة لزوال النجاسة مما لا ينبغي الخلاف فيه وان الخلاف الواقع
بين الفقهاء من الخاصة والعامة في بعض الموارد راجع إلى ادعاء استحالة الموضوع وانكارها لا إلى كون استحالة الموضوع منشأ للحكم
بطهارة المستحالة إليه ويشهد بما ذكرنا صريح عبارتي المعتبر والمنتهى حيث استدلا على عدم طهارة الأعيان النجسة بالاستحالة وعدم
طهارة الخنزير إذا صار ملحا بوقوعه في المملحة في مقابل أبي حنيفة الذي لم ينسبوا الخلاف الا إليه بان النجاسة قائمة بالاجزاء فلا يرد
بتغير الصفات فان صريح هذا الكلام هو منع ارتفاع موضوع النجاسة بالاستحالة فلم يتعلق الاستحالة بالموضوع فالمراد بالاستحالة
التي أنكر المحقق والعلامة كونها مطهرة هي مجرد تبدل الشئ الخارجي من حال إلى حال أو من صورة نوعية إلى أخرى لا استحالة موضوع النجاسة
ومحلها ومن هنا اتفق الكل على ما في شرح الروضة على طهارة العلقة بصيرورته حيوانا والماء النجس بصيرورته بولا لحيوان مأكول
اللحم أو لبنا له والماء النجس نباتا فان الظاهر تسليم استحالة الموضوع في ذلك كله ولو باستكشاف ذلك من الأدلة الدالة على طهارة
الأمور المذكورة المستحال إليها ومن هنا فرق الفاضلان بين صيرورة الخنزير ملحا في المملحة والعذرة ترابا فحكما بنجاسة الأول لعدم
ثبوت رافع للنجاسة القائمة بذات الخنزير وبطهارة الثاني بقوله جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا فحينئذ ينحصر الكلام في موارد الخلاف
في استحالة الموضوع وعدمها ولا ريب ان الاشكال فيه من جهة الاشكال في تعيين الموضوع والمحل للنجاسة والا فبعد تشخيص الموضوع
ان علم بزواله فلا معنى لبقاء الحكم كما عرفت كمالا اشكال فيما لو علم بقائه ولو شك في بقائه رجع إلى أصالة البقاء إذا عرفت هذا
فنقول مراد المحقق والعلامة من الاستدلال المتقدم على عدم طهارة الخنزير بصيرورته ملحا ان النجاسة كالطهارة من الصفات
القائمة بجسم الخنزير كغيره من الأعيان النجسة وليستا كالمطلوبية والمبغوضية القائمتين بالفعل الفلاني بحيث يكون محلها نفس
النوع نعم غاية الأمران يكون لخصوصية الخنزيرية مدخلية في قيام الصفة المذكورة بموضوعها المزبور والا فليس جزءا للموضوع
لأن المفروض ان الموضوع هو الجسم الملموس الخارجي والخصوصية المذكورة ليست جزءا لها ومجرد المدخلية أعم من أن يكون في الحدوث
فقط أو فيه وفى البقاء فمقتضى الاستصحاب بقاء النجاسة بعد زوال تلك الخصوصية كما اعترف في مع؟ صد؟ في رد ما ذكره فخر المحققين في ابتناء
المسألة على استغناء الباقي عن المؤثر نعم لو كانت النجاسة والطهارة بأنفسهما من الأحكام الشرعية كان تعلقها بالأنواع على وجه
تكون الصورة النوعية جزءا من الموضوع لكن الظاهر المتبادر عرفا كونها من قبيل الصفات القائمة بالجسم لكن ثبوتها موقوف على بيان
الشارع والحكم الشرعي انما يترتب عليها ومن هنا يعلم أن ثبوت النجاسة العينية للنجاسات والنجاسة العرضية للجسم المتنجس على نسق واحد
ومحلها الجسم الا ان الصورة النوعية الخاصة لها مدخلية في الأولى دون الثانية نعم لو كانت النجاسة من قبيل الحكم الشرعي أمكن
الفرق بان الموضوع في الأول هو خصوص النوع وفى الثاني القدر المشترك بين نوعي المستحيل والمستحال إليه واما دعوى مدخلية الصورة
النوعية في الموضوع على ما هو المحقق من تركب الجسم من الهيولي والصورة وابطال الجوهر الفرد والجزء الذي لا يتجزى فهى مدفوعة بان
العرف لا يفهمون محل النجاسة الا الجسم الخارجي المركب من الأجزاء الخارجية ويعتقدون خروج الصورة عن الجسم الخارجي وكونها من الطوارى
كما هو لازم مذهب جمهور المتكلمين في الجسم ولا يستصحبون نجاسة الكلب والخنزير بعد الموت حتى فيما لا روح فيه من اجزائهما وكذا طهارة
الحيوانات الطاهرة بعد الموت لو لم يدل الدليل على نجاسة الميتة واماما ذكر سابقا من موارد الاتفاق على الطهارة فاما لأجل
فهم العرف ارتفاع الموضوع واما من جهة ملاحظة نفس الموضوع كما في صيرورة العلقة انسانا واما لاستكشاف ذلك من أدلة
طهارة المستحال إليه فان الشارع إذا قال بول الانسان نجس وبول الشاة طاهر فشرب شاة بول انسان فصار بولا لها فيكشف
حكم الشارح؟ بطهارة بول الشاة على الاطلاق من أن بول الانسان نجس ما لم يصر بول شاة كما أن بول الشاة طاهر ما لم يصر بول
انسان فافهم ثم إن المص؟ في المنتهى بعد ما اختار عدم طهارة الخنزير وشبهه بالاستحالة رجح طهارة الأعيان النجسة باستحالتها ترابا
واستدل عليه بان الحكم معلق على الاسم يزول بزواله ولقوله صلى الله عليه وآله جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا والدليل الأول منه مناقض
لما اختاره أولا من عدم طهارة الخنزير بالاستحالة ملحا الا ان يكون اعتماده على الدليل الثاني وذكر الأول لكونه معولا عليه
عند غيره فيصير مؤبدا ولذا اقتصر المحقق في المعتبر في ترجيح الطهارة على الرواية
وكيف كان فيما ذكره يحتاج إلى التأمل التام نظير ما ذكره الشهيد في حاشيته على القواعد من أن الاستحالة إذا فسرت بتغير الصورة
النوعية فهى لم تحصل في الكلب الصائر ملحا في المملحة بخلاف ما إذا فسرت بتغير الحالة
ومنها الانقلاب فإذا انقلب الخمر بنفسها خلا
فلا خلاف نصا وفتوى؟ ولا اشكال في طهارتها وكذا لو طرح فيها شئ فصار خلا نسب الأول في المنتهى إلى علماء الاسلام والثاني
385

إلى علمائنا ويدل عليه اطلاق المستفيضة كموثقة عبيد بن زرارة في الرجل إذا باع عصيرا فحبسه السلطان حتى صار خمرا فجعله صاحبه خلا
فقال إذا تحول عن اسم الخمر لا باس به ومصححة جميل يكون لي على الرجل دراهم يعطى بها الخمر قال خذها وافسدها قال واجعلها خلا وفى المصحح
عن عبد العزيز ابن المهدى قال كتبت إلى الرضا (ع) جعلت فداك العصير يصير خمرا فيصيب عليه الخل وشئ يغيره حتى يصير خلا قال لا باس وعن
مستطرفات السرائر عن جامع البزنطي عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) انه سئل عن الخمر يعالج بالملح وغيره ليحول خلا قال لا باس بمعالجتها نعم
هنا اخبار اخر دالة على النهى عما عولج مثل رواية أبي بصير عن الخمر يجعل فيها الخل فقال لا الا ما جاء من قبل نفسه وما عن العيون
عن علي (ع) كلوا من الخمر ما انفسد ولا تأكلوا ما أفسدتموه أنتم وفى الخبر عن الخمر يجعل خلا قال لا باس إذا لم يجعل فيها ما يقلبها بناء
على أن يقلبها بالقاف من القلب إلى ما يقلبها خلا ولا بد من حمل الكل على الكراهة لعدم مقاومتها لما ذكر من الاخبار المعتضدة بالاتفاق
المنقول ومقتضى اطلاق النص والفتوى عدم الفرق في العلاج بين القاء مايع فيه أو جامد باق في الخمر بعد التخليل أو مستهلك فيها
قبله أو معه وإن كان مقتضى القاعدة عدم جواز العلاج بالقاء جامد يبقى فيه بعد التخليل لتنجسه بالخمر وعدم ثبوت طهارته باستحالة
الخمر لكن ظاهر الشهيد الثاني طهارة الأجسام الموضوعة في الخمر واستظهر أيضا الفاضل القمي في أجوبة مسائله مضافا إلى الرواية المتقدمة
في عصير العنب المحكية في الحدائق عن مستطرفات السرائر عن كتاب مسائل الرجال عن أبي الحسن (ع) في القدر الذي فيه اللحم فيجعل فيه العصير
لكن ظاهر المحكي عن ابن إدريس تقييد المطروح بما إذا استهلك خلا وكانه المراد بما عن الكفاية وشرح المقدس من أنه ربما قيل باشتراط
ذهاب عين المعالج ويظهر من شارح الروضة التردد أيضا تبعا للمقدس الأردبيلي والمحقق السبزواري وكيف كان فلو لاقي الخمر نجاسة
خارجية فالمحكى عن جماعة عدم طهارته بالانقلاب وهو مبنى على ما يظهر من المنتهى وصرح به في كشف اللثام وكشف الغطاء وغيرهم
من قبول النجاسة للمضاعفة ويمكن منعه للأصل واختصاص أدلة التنجس إلى ما هو ط؟ بالذات لكن الأقوى ثبوته ولو تنجس العصير
بملاقاة الخمر وبالعكس فلا يبعد طهارتهما بالتخليل الا ان يقال بأنه لا مانع من قيام التنجس بجسم الخمر من حيث هو جسم والنجاسة بالنوع
من حيث هو نوع لكن لو تم هذا للزم مثله في الخل الملقى في الخمر حيث إنه في أول الملاقاة وقبل الاستهلاك منفعل إما لو لم يصر
خمرا فالأقوى عدمه لان تخليل العصير يرفع نجاسته العصيرية لا الأثر الحاصل من ملاقاة الخمر الا ان يقال إن العصير بعد الغليان
اطلق عليه الخمر في بعض الأخبار والاطلاق إما حقيقة واما للمشابهة في الاحكام ومن جملة الاحكام ان المتنجس بالخمر إذا صار خمرا
يط؟ بالتخليل وفيه تأمل ويط؟ الاناء بتبعية الخمر وان نقص الخمر عنه بعد كونه مملوا منها ولا يجب ثقب الاناء لاخراج الخل منه كما نسب إلى بعض
من لا تحصيل له وبالجملة طهارة الاناء مما يفهم من طهارة الخمر بالتخليل والأوجب التنبيه عليه مع عموم البلوى ولو تنجس ماء العنب باناء
الخمر ثم صار خمرا فالظاهر طهارته بالتخليل لاطلاق أدلته بل الغالب في آنية الخمر كونها مما يكرر فيها وضع الخمر وقد ذكرنا من أن النجس
بالشئ إذا استحال إلى نفس ذلك الشئ انقلبت نجاسته العرضية ذاتية والأصل في ذلك أن النجاسة لا تتضاعف مع التماثل فالمتنجس
بالبول لا يقبل التنجس ثانيا بالبول ولا يبقى تنجسه العرضي إذا استحال بولا كما أن البول لا يقبل التنجس بالبول ومنها طهر العصير بزوال
ثلثيه اجماعا نصا وفتوى وكذا بالشمس والهواء وبطول البقاء والمركب لاطلاق النص والفتوى بكون ذهاب الثلثين غاية التحريم من دون
تقييد نعم قد يوجد في قليل من الفتاوى وكثير من النصوص التقييد باذهاب النار لكنهما يحتملان الحمل على الغالب المتعارف من إرادة
تطهير العصير النجس في زمان قليل بان يكون العصير إذا تنجس بالغلي فيكون تطهيره باستمرار الغلى إلى أن يذهب الثلثان لكن الانصاف
ان الاطلاقات منصرفة إلى الغالب وهو الذهاب بالنار فالتحقيق سقوط التمسك بالمطلقات والمقيدات فبقى أصالتي بقاء التحريم
والنجاسة إلى أن يحصل اليقين بالرافع ولافرق في التثليث بين اعتباره بالكيل وبين اعتباره بالوزن لصدقه معهما الا ان الوزن
منصوص ففي رواية عقبة بن خالد في الرجل يأخذ عشرة أرطال فيجعل معه عشرين رطلا من ماء فيغلى إلى أن يبقى عشرة أرطال قال لا
باس والكيل وإن كان أيضا منصوصا في روايتي عمار المتقدمتين في عصير الزبيب الا انه قد عرفت قصور دلالتهما عن إفادة كون التثليث
لأجل زوال التحريم واحتمال كونه لأجل بعض الخواص فتأمل فالأحوط الاقتصار على الوزن لان المتبادر من إضافة الثلث إلى السلوزونات؟
الثلث من حيث الوزن الا ان يعارضه غلبة اعتبار العصير عند الطبخ بالكيل أو المساحة الراجعة إليه وتعصر الوزن غالبا وأضاف بعض
المعاصرين في شرحه إلى الامرين المساحة وجعل الامرين أحوط منها ولم يظهر فرق بين الكيل والمساحة لان الكيل يرجع إلى المساحة
ولا يعقل التفاوت بينهما اللهم الا ان يقال بان بناء العرف في المساحة على المسامحة ولذا جعل الكيل أحوط منها ولو تعارض الوزن
والكيل فالأحوط تقديم الوزن بل هو الأقوى لقوله (ع) ما زاد على الثلث فهو حرام ثم إنه كما يط؟ العصير بذهاب الثلثين يطهر الاناء
386

وإن كانت اجزاء العصير الغير المثلث عالقة بأطرافه الفوقانية لان ذلك من اللوازم العادية لنقص العصير فيطهر الأجزاء العالقة بالاناء
من العصير الغير الثلث تبعا للمثلث ويطهر أيضا الآلات التي يزاولها العامل وإن كانت العصير الغير المثلث عالقا بها وكذا ثياب العامل
إذا لاقي شيئا من العصير قبل التثليث كل ذلك ما فهمه من الاطلاقات وترك الإمام (ع) لاستدراكها عند الحكم بطهارة نفس العصير مع عموم
البلوى وعدم تعرض السائلين للسؤال الكاشف عن فهم ذلك من الاطلاقات ومن ذلك يعلم أن الضابط في التبعية الأمور التي يلاقى العصير
غالبا عند التثليث ولو باشر العامل قدورا متعددة من العصير فهل يطهر ثيابه بمجرد تثليث بعضها أو يتوقف طهارة كل جزء على ثليث
أصله الذي انفصل هذا الجزء منه الأقوى الثاني مع أنه أحوط واعلم أنه ذكر شارح الروضة انه إذا تنجست الآلة به أي بالعصير ثم أخرجت
ومسح ما عليها من العصير ثم أدخلت فيه بعد أن ذهب ثلثاه لم تطهر وانما تطهر إذا بقى ما عليها حتى يذهب ثلثاه بالهواء أو غيره أو يدخل
في العصير ويبقى قدرا يعلم بذهاب ثلثي ما عليه وان أزيل ما عليها أدخلت فيه قبل ان يزول ثلثاه وكذا يطهر المزاول مثل ما طهر به الآلة
بان يذهب ثلثا ما عليه بنفسه أو بالوضع في العصير الذي يغلى أو يضع ما نجس منه بعد إزالة ما عليه في
العصير قبل ذهاب ثلثيه وبالجملة
فذهاب الثلثين انما يطهر العصير وظرفه ما لا بد منه حين الفعل عادة كما أن تخليل الخمر يفيد طهارة ظرفها ويدخل في الظرف كلما يصيبه؟
فهو أيضا مطهر لكن بذهاب ثلثي ما عليه واما ان يزيل ما عليه ثم يوضع في العصير فالظاهر أنه باق على نجاسته وينجس العصير سواء كان الوضع
قبل ذهاب الثلثين أو بعده فهذا هو الفرق بين الآلات وغيرها وبالجملة فذهاب الثلثين مطهر للعصير ولمحله ويزيد الآلة والمزاول
انهما يطهران بذهاب الثلثين وإن كان تنجسا بجزء اخر من العصير قد أزيل عنهما ولم يذهبا ثلثاه انتهى أقول ما ذكره من الخصوصية للألات
والمزاول ليس مختصا بهما بل يجرى في كل جامد أصاب العصير قبل ذهاب الثلثين ثم انفصل عنه وما ذكر من أن ما يصيب العصير إذا أزيل
ما عليه توضع في العصير (فهو منجس فينجس العصير صح) ولو كان الوضع قبل ذهاب ثلثيه ممنوع لأنه كالأجسام المطروحة في العصير إذ لافرق فيها في ظاهر كلماتهم بين ما
لو طرح فيه شئ وابقى على حاله إلى ما بعد الذهاب أو اخرج شئ منها بالمغرفة وشبهها لاختبار مقدار طبخه ثم القى في العصير ولو بعد حين
بحيث نعلم أن هذا العصير العالق بذلك الشئ لم يذهب ثلثاه فالأقوى طهارة ما لاقي العصير أولا ثم اخرج منه ثم ادخل فيه ثانيا وان
علق به اجزاء العصير التي يعلم بعدم ذهاب ثلثيها بعد الوضع ثانيا إما العصير فلإستهلاكه في ذلك العصير ولا يتنجس العصير قبل الغليان
به لما عرفت من عدم تنجس العين بملاقاة مثله الا ان يمنع من الاستهلاك لما مر في مسألة امتزاج الماء المطلق بالمضاف في غير مختلف
الصفات المتلون الطعم والرائحة وفى مسألة وقوع شئ من الماء الرافع للحدث الأكبر في ماء حيث إن التحقيق هو اختلاط الجزئين لا استهلاك
أحدهما في الأخر وحينئذ فالعصير الواقع في ذلك الجزء باق على عدم تثليثه فينجس العصير المثلث لكن كلام الفاضل انما هو فيما علق به العصير بعد
إزالة العصيرية عنه ولا يخفى انه من قبيل الجسم المطروح قبل ذهاب الثلثين الذي قد عرفت ذهاب المشهور إلى طهارته ودل عليه الرواية
المتقدمة في ماء اللحم الملقى فيه العصير ودعوى اختصاص الرواية وكلامهم بما إذا لم يخرج المطروح في العصير ولم ينفصل عنه بعد الطرح والا
فهو كنجاسة خارجة مع سخافتها مدفوعة بما مر سابقا من عدم تنجس العين بما لاقاه أو لاقي مثله الا ان يقال بعدم التنافي بين عدم انفعال
العصير حين النجاسة أعني قبل ذهاب الثلثين وبين بقاء النجس الواقع على حاله المانع عن طهارة العصير بذهاب الثلثين لان طهارته
يوجب انفعاله بهذا المتنجس فالعمدة هو الشهرة وحكاية الاتفاق ورواية السرائر المتقدمة بعد انضمام القطع بعدم الفرق بين ما
لو انفصل الجسم المطروح فيه زمانا ثم القى فيه وبين ما أبقى على حاله إلى اذهاب الثلثين والحاصل ان ما يقع في العصير إما طاهر واما
نجس فإن كان طاهرا فلا يقدح تنجسه بالعصير وإن كان جامدا على المشهور وقد تقدم ان المحقق القمي في أجوبة مسائله نسبه إلى ظاهر
الأصحاب بل استظهر الاجماع من عبارة الشهيد الثاني ويدل عليه الرواية المتقدمة المحكية عن السرائر في العصير الموضوع في ماء اللحم
المعتضدة بعدم التعرض لذلك في روايات العصير مع عموم البلوى ووجود بعض الأجسام غالبا في العصير وظاهر كلمات الأصحاب المتعرضين
لهذه المسألة عدم الفرق بين اخراج ذلك الجسم ثم ادخاله وبين ابقائه إلى ذهاب الثلثين ولابين علوق اجزاء العصيرية حين الوضع ثانيا
وبين ازالتها عنه وربما يظهر مما تقدم من شارح الروضة بقائه في الصورة الثانية على التنجس وتنجيس العصيرية إذا لم يكن من
الآلات وانه يعتبر في إعادة اجزاء العصير العالقة بالشئ ء ان يذهب ثلثا نفس تلك الأجزاء وانه لا يكفي ذهاب ثلثي أصل العصير في طهارة
تلك الأجزاء وإن كانت عالقة بالآلات وقد عرفت ان ظاهر كلامهم عدم الفرق وان العصير لا ينفعل بملاقاة ذلك الشئ ولا بملاقات
اجزاء العصير العالقة بذلك الشئ وإن كانت لم يثلث بعد الوضع ثانيا فكل مخالف لظاهر كلامهم من جهة بقاء الجسم الجامد الموضوع
فيه ثانيا على النجاسة إذا لم يكن من الآلات ومن جهة بقاء الأجزاء العالقة إذا لم يتثلث هي وان ثلث أصل العصير وإن كانت عالقة بالآلات
387

هذا كله لو اخرج على النجاسة ومن نفس هذا العصير ولو اخرج الجسم العالق به اجزاء من عصير ووضع في اخر فإن كانت طاهرة استهلك في
العصير الذي فيه فالظاهر اعتبار ذهاب المجموع وان علم عدم ذهاب ثلثي تلك الأجزاء العالقة لأنها كقطرة من الماء الطاهر استهلك حال
الغليان وإن كانت نجسة ففي طهارتها وطهارة محلها بذهاب ثلثي المجموع اشكال
ومنها الاسلام يطهر به بدن الكافر وعرقه الكائن عليه
الحادث حال الكفر وساير الرطوبات الكائنة على بدنه المتنجسة به دون المايعات النجسة أو المتنجسة به بغير اشكال في الحكم المذكور ولا
في تحقق الاسلام في الكافر الأصلي أو المرتد الملي وانما الاشكال والخلاف في تحققه للفطري والأقوى ان توبته أيضا يوجب طهارته وزوال
نجاسته وفاقا للمحكى عن ظاهر التحرير والذكرى وصريح المهذب والروضة وجماعة من متأخري المتأخرين كالعلامة الطباطبائي والمحقق القمي
وظاهر الفاضل في شرح الروضة لأن النجاسة كانت معلقة على موضوع الكفر ولا يصدق الكافر عليه بعد التوبة واستصحاب كفره المتيقن
قبل التوبة مدفوع بان الشك إن كان في الصدق العرفي فالاستصحاب لا يجرى فيه كما حقق في محله وإن كان في المعنى الشرعي فالمستفاد
من الاخبار ان الكفر من الأمور الباطنة وانما جعل بعض الأقوال والافعال دليلا عليه كما أن الاسلام كذلك والمفروض ان المرتد بعد التوبة
لا خلل في اعتقاده ولافى أفعاله ولافى أقواله وليس الكلام في كون التوبة رافعة للكفر وانما الكلام في أن صفة الندامة على ما مضى ينافي
ويضاد صفة الكفر أم لا فان المستفاد من الاخبار ان المنكر للوحدانية أو الرسالة أو الضروري من الضروريات أو المستخف بما علم احترامه
ضرورة كافر والمفروض ان النادم على أحد المذكورات أو على فعل الاستخفاف لا يصدق عليه المنكر ولا المستخف بل هو مقر ومعترف ومحترم
لما استخف به فلا يصدق على التائب انه كافر (نعم كان كافرا صح) ومجرد حدوث الكفر له في زمان لا يوجب بقاء احكام الكافر الاما علمنا أن حدوثه كاف في
ترتب الحكم وبقائه كهدر دمه وانتقال ماله إلى الوارث وبينونة زوجته فان هذه احكام ليست معلقة على الكافر بل على من كفر ولهذا
تبين الزوجة الغير المدخولة بمجرد ارتدادها وإن كانت توبته مقبولة بالاجماع وانها تصير مسلمة مؤمنة فإذا لم يصح التمسك بالاستصحاب
تعين التمسك بأصالة الطهارة ودعوى الاجماع من كاشف اللثام في باب الميراث على عدم قبول توبته وكذا حكايته للاجماع عن ف؟ في باب
الحدود فالمراد به نفى التوبة في مقابل قبولها من المرتد الملي والمرتد الفطري بمعنى انهما يستتابان ويقبل الحاكم منهما التوبة ويكون الواقع
منهما كغير الواقع في عدم ترتب اثر عليه حيث إن التائب من الذنب كمن لم يذنب بخلاف الفطري فان توبته غير مقبولة عند الحاكم ولذا
ان الشهيد في الذكرى مع ظهور كلامه في دعوى الاتفاق على عدم قبول توبته تردد في قبول الاسلام منه بل نسبه إليه شارح الروضة
ومن ذلك يعلم الجواب عما دل من الاخبار على عدم قبول توبته مثل قوله (ع) من رغب عن الاسلام وكفر بما انزل على محمد صلى الله عليه وآله
فلا توبة له وقد وجب عليه وبانت منه امرأته ويقسم ما ترك على ولده هذا مع أن عدم قبول التوبة لا ينافي الاسلام ودعوى المنافاة
من جهة ان عدم القبول مستلزم للخلود في النار وهو ينافي الاسلام مدفوع بأنه لا اجماع على خلود الكافر في النار مطلقا حتى مثل
هذا بعد التوبة هذا مضافا إلى معارضتها مع عمومات قبول التوبة حيث إن ظاهرها القبول فيما يتعلق بأمر الآخرة من العقاب فيدل بظاهرها
على أن المرتد يقبل توبته ولا يخلد في النار بعد التوبة بل يدخل الجنة فيكون مسلما للاجماع على خلود الكافر في النار فكما يمكن تقييد
هذه بغير المرتد الفطري كذلك يمكن تقييد مثل الرواية والأخبار المستفيضة بعدم قبول التوبة في دفع ما يحكم عليه بحدث الكفر من
مفارقة المال والزوجة والحياة بعد التعارض يجب الرجوع إلى الأصل هذا مضافا إلى قول الباقر (ع) المروى في باب إعادة الحج من
كان مؤمنا فحج وعمل في ايمانه خيرا ثم اصابته فتنة فكفر ثم تاب وامن قال يحسب له كل عمل صالح عمله في ايمانه ولا يبطل منه شئ هذا كله مع أن
لنا ان نكفى بالأصل ونستدل على طهارته بما دل على طهارة المسلمين والسند في دعوى اسلامه أمران الأول ما ورد في بيان الاسلام
وانه الاقرار بالشهادتين والاقرار بما جاء النبي صلى الله عليه وآله غاية الأمر تقييد ذلك بواسطة ما ورد من أنه إذا وقع الاستخفاف
وقع الكفر وان من جحد الفرائض كافرا بغير المستخف وغير الجاحد ولا شك ان الشخص يصدق عليه بعد التوبة
جميع ما ذكر وانه غير مستخف ولا جاحد ودعوى كون الاستخفاف والجحود علة محدثة الكفر ممنوعة بان كفر الاستخفاف ككفر الجحود عبارة
عن نفس صفة الاستخفاف لا انه شئ حاصل بسبب الاستخفاف ويقبل البقاء بعد انتفاء الاستخفاف الثاني انه لاشك في كونه مكلفا
بالاسلام وهو يدل على كونه ممكنا في حقه ومجزيا عنه ودعوى ان التكليف لا ينافيه الامتناع بالاختيار مدفوعة مضافا إلى ما تقرر
في موضعه من منافاة الامتناع للتكليف وإن كان عن الاختيار إذا خرج عن الاختيار بان الكلام في ظاهر أدلة التكليف حيث إن الظاهر
منها امكان المكلف به وعدم امتناعه فيمكن ان يعارض بها أدلة عدم قبول التوبة ولا أقل من ذلك لكنها نص بالنسبة إلى أدلة عدم
القبول لعدم امكان اخراج المرتد عن أدلة التكليف وان ادعى امكان ذلك بعض المعاصرين لكنه كما ترى وعدم امكان حمل التكاليف
388

بالنسبة إليهم على التكليف الصوري للتسجيل عليهم واثبات العقاب لأنه استعمال اللفظ في أكثر من معنى مع أن التكليف على هذا الوجه مع علم
المكلف بالحال قبيح جدا أيضا ودعوى ان ذلك يوجب تحقق الاسلام منه بالنسبة إلى صحة الصلاة وكذا طهارته بالنسبة إلى نفسه دون
الاسلام المطلق الموجب للطهارة المطلقة بعيد جدا مخالف لظاهر ما دل على اشتراط الصلاة والصوم بالاسلام المطلقة والطهارة المطلقة
ومنها الغيبة والمراد بها غيبة الحيوان المتلبس بالنجاسة زمانا يحتمل زوالها عنه فيه وفى عدها من المطهرات مالا يخفى من المسامحة
توضيح الكلام فيه ان المحكي عن جماعة كالشيخ والحلى والعلامة والشهيدين وصاحب الموجز وكاشف الالتباس وصاحب المدارك والمعالم
بل عن المشهور كما عن مجمع البرهان وغيره ان الهرة إذا اكلت ميتة ثم شربت من ماء قليل لم ينجس ذلك الماء غابت أولم تغب وعن ظاهر
الخلاف دعوى الاجماع ويدل عليه مضافا إلى الاجماع المحكي المعتضد بالشهرة وقيام السيرة ولزوم الحرج لو بنى على الاجتناب اطلاق
ما دل على نفى الباس عن سؤر الهرة مع عدم انفكاكها عن ملاقاة الميت؟؟ فان تلك المطلقات وإن كانت مسوقة لبيان
حكم الهرة من حيث ذاتها كما ينادى به تعليل الحكم في بعض الأخبار بقولهم ان الهرة من السباع وقوله (ع) انى لاستحيى من ربى ان ادع
طعاما من أجل ان الهرة اكلت منه ونحو ذلك الا ان حيثية النجاسة العرضية الحاصلة له من ملاقاة الميتة لما كانت غالبة
المقارنة له كان في اطلاق الحكم دلالة على عدم مزاحمة هذه الحيثية لحكم الذات والأوجب التنبيه عليه لكن الانصاف ان فهم
هذا من تلك الاطلاقات على وجه يعتد به مشكل كالاستناد إلى الاجماع المحكي من ف؟ لان الشيخ انما استدل على مطلبه باجماع
الفرقة على طهارة سؤر الهرة من غير تفصيل ولا يخفى ان مساق هذا الاجماع مساق اخبار طهارة سؤر الهرة واما قيام السيرة و
لزوم الحرج فإنما ينشئان من وجوب الاجتناب عن سؤرها مع عدم احتمال زوال النجاسة بولوغها في ماء كثير كما هو المحكي عن العلامة
في النهاية بل قيل إنه ظاهر التذكرة والمعتبر والذكرى حيث استندوا التعميم لصورتي غيبة الحيوان وعدمها إلى الشيخ في المبسوط
وفيه نظر نعم يمكن الاستدلال على ذلك بظاهر موثقة عمار كل شئ من الطير يتوضأ مما يشرب منه الا ان ترى في منقاره دما فان رأيت
في منقاره دما فلا تتوضأ ولا تشرب وزاد في الاستبصار كما حكى عنه انه سئل عن ماء شربت منه دجاجة قال إن كان في منقارها قذر
لم يتوضأ ولم يشرب وان لم يعلم أن في منقارها قذرا فتوضأ منه واشرب دلت على اختصاص وجوب الاجتناب بصورة وجود عين الدم والقذر
في المنقار الا ان يقال بكون ذلك كناية عن مطلق النجاسة فتكون مسوقة لبيان اعتبار العلم بالنجاسة الحالية في الحيوانات وعدم اعتبار
العلم بالنجاسة سابقا المتيقنة في مثل البازي ونحوه من سباع الطيور وما أبعد ما بين القول المشهور وما حكى عن ابن فهد واختاره
بعض مشايخنا من اعتبار العلم بزوال النجاسة المتيقنة سابقا من دون فرق بين بدنه وثيابه وفرشه وآنيته وهو ظاهر الأردبيلي
في مجمع البرهان حيث قال النجاسة المحققة في غاية الاشكال والعلم بالنجاسة لا يزول الا بمثله ويرده السيرة القطعية واطلاق
الموثقة بل الأخبار المتقدمة التي هي أخص من أدلة الاستصحاب ويؤيده الأخبار الدالة على طهارة المايع إذا خرج منه الفارة حية
مع أنها لا تنفك عن نجاسة موضع بعرها ومخرج منيها مع أن هذا القول لا يكاد يعرف لاحد من الأصحاب عدا ما حكى عن الموجز
لابن فهد مع أن المحكي عن مهذبه موافقة المشهور بل صرح في الموجز بقوله ونحكم بطهارة حيوان نجس إذا غاب زمانا يمكن طهره مطلقا
ويمكن زوال العين في الحيوان وان لم يغب وما علم المالك المتحرز نجاسته ثم شوهد مستعملا ومثله الهرة إذا اكلت فارة ولم تغب
ما لم يتلوث انتهى واما استشكال الأردبيلي فهو لا ينافي اتفاق الفقهاء لأنه كثيرا ما يستشكل في الاتفاق هذا كله في غير الانسان
واما فيه فالظاهر أنه لا خلاف ولا اشكال في أنه لا يحكم عليه بارتفاع النجاسة المحققة في بدنه وثيابه بمجرد زوال العين مع عدم
طرو الطهارة وانما الكلام في أنه هل يكفي مجرد الاحتمال أو يعتبر مطلق الظن بالزوال أو الظن الخاص الحاصل من شهادة حاله أو مقاله
بذلك وجوه بل أقوال أوسطها الأخير لظهور الاجماع بل حكى صريحا عن بعض شراح المنظومة وظاهر المحكي عن تمهيد القواعد انه متفق
عليه بين الأصحاب وعنه أيضا انهم يعنى الأصحاب عللوا ذلك بالعمل بظاهر حال المسلم لأنه يتنزه عن النجاسة هذا مضافا إلى السيرة القطعية
ولزوم الحرج وما دل على وجوب تصديق المسلم وعدم اتهامه فان ظاهرها وإن كان هو الاخبار المقالي الا ان التأمل الصادق
يشهد بأنه لا يفرق بين تكذيبه أو اتهامه فما يظهر من حاله أو معتقد له ويخبر به ويؤيد المطلوب أيضا بل يدل عليه ما دل على كراهة
سؤر الحائض والجنب المتهمين وعدم كراهة سؤر غير المتهمة وفى المحكية عن السرائر المسؤول فيها عن سؤر الحائض انه لا باس ان يتوضأ
به إذا كانت تغسل يديها وفى رواية أخرى إذا كانت مأمونة فلا باس فان الظاهر من حال المسلم انه لا يباشر مع النجاسة الماء المعد
في البيت للشرب والتطهير فمباشرتها للماء المذكورة في قوة اخبارها بتطهير يدها ومما ذكرنا من الأدلة يعلم اعتبار كون
389

ذلك المسلم عالما بتنجس بدنه أو ثوبه وفاقا للشهيدين في الذكرى والمقاصد العلية بل يستفاد من تعليل الأصحاب المتقدمة حكايته عن
الشهيد عدم الخلاف فيه بينهم كما اعترف بذلك في التمهيد وكيف كان فوجه الاعتبار ظاهر مما ذكرنا إذ لا اجماع ولا سيرة مع الجهل ولا
يعقل معه اخبار المسلم وشهادته حالا أو مقالا بالتطهير بل غاية الأمر شهادته بالطهارة وهي وإن كانت قوليه لا تقبل منه مع العلم
بجهله أو غفلته عن التنجس وابتناء شهادته على الأصل أو اعتقاد عدم العروض والأدلة المذكورة أيضا لا تفي بصورة الجهل ولو شك في
العلم فالأصل عدمه كما أنه لو شك في الغفلة فالأصل عدمها ويظهر ضعف القول باعتبار العلم إما مطلقا كما هو المحكي عن ظاهر السيد
في منظومته والشيخ في كشف الغطاء واللوامع أو في البلد خاصة دون الثوب كما عن الموجز والمراد بالعلم بالنجاسة لا مجرد العلم
بالسبب مع اعتقاد عدم التنجس لشبهة ناشئة عن قصور أو تقصير واما اشتراط أهلية الإزالة المفسرة فيما حكى عن المقاصد العلية
بكونه مميزا معتقدا للنجاسة فمستدرك بعد اعتبار العلم بالتنجس وشهادة حاله بالإزالة واما اشتراط التكليف كما عن الذكرى
وإن كان مطابقا للأصل وغيره منفى بأكثر الأدلة المتقدمة الا ان السيرة ولزوم الجرح كافيان في الحكم نعم يشكل الامر في غير
المميز هل يلحق بالحيوانات أو بالانسان أو لا يلحق بأحدهما بل يحكم عليه بمقتضى الأصل ولا يبعد جعله من توابع الانسان مثل فرشه
وأوانيه وكيف كان فالقول الأول في أصل المسألة وهو الاكتفاء بمجرد احتمال الزوال ضعيف لا دليل عليه وان حكى الاجماع عليه
عن بعض شراح المنظومة المصرح باختيار هذا القول مستمسكا بالسرة القطعية والاجماع ممنوع جدا بل الظاهر من التعليل المقدم
عن التمهيد هو الاتفاق على اختصاص الحكم بمورد التعليل وليس من الظاهر من حاله أو مقاله إزالة تلك النجاسة ولا ريب ان من تنجس
يده ثم غاب عنا ثم رأيناه ولم يظهر احتمال أو عمل يظهر منه انه أزال تلك النجاسة بان يشتغل بالصلاة أو بالوضوء أو بأكل أو
شرب أو تناول مايع بتلك اليد النجسة لا يلزم من الحكم ببقاء النجاسة الحكم بعدم تنزه هذا الشخص عن النجاسة لان تنزه المسلم عن
النجاسة من حيث هو مسلم انما هو فيما يعتبر فيه الطهارة لا مطلقا كما لا يخفى ومما ذكرنا يظهر ان التلبس بفعل يشترط الطهارة في
كماله لا ينفع واضعف مما ذكر القول الثاني وهو الاكتفاء بظن الإزالة ان أريد به مطلق الظن دون الحاصل من
قوله وفعله ووجه
ضعفه ان الظن المطلق لم يثبت حجيته فهو كالشك فالفرق بينهما غير وجيه واعلم أن مرادنا بالظن الخاص الحاصل من شهادة حال
المسلم هو الظن النوعي فلا يعتبر الظن في خصوص كل واقعة كما هو ظاهر بعض الأدلة المتقدمة وصريح روايات كراهة سور الحائض والجنب
المتهمين
ومنها انتقال النجاسة إلى البواطن ذكره ابن فهد في موجزه وفرع عليه ما ذكره بقوله فدمع المكتحل بالنجس وبصاق التمثيل
أعني شارب الخمر طاهران انتهى وفى العبارة ما لا يخفى عن التسامح وذكره غيره ان البواطن تطهر بزوال عين النجاسة عنها وهو لا يخلوا
عن قصور توضيح الحال في البواطن ان الكلام يقع تارة في حكم النجاسة الكائنة في البواطن واخرى في تأثر البواطن بها وثالثة في
تأثر ما يحدث فيها من الرطوبات ورابعة في تأثر ما يدخل من الخارج إليها والكلام في كل تارة يقع في النجاسة الحادثة في البواطن واخرى في
النجاسة الداخلة إليها من الخارج فنقول إما النجاسة الكائنة في البواطن فإن كانت عينية حادثة فيها كالدم الحادث في الفم وجوف
الانف فالظاهر أنه لا حكم لها فيجوز معها الصلاة ودخول المساجد وان منعنا عن حمل النجاسة في الصلاة وادخالها في المسجد مطلقا
ويدل عليه بعد ظهور الاجماع اطلاق ما دل على أنه لا يجب غسل ما عدا ظاهر الانف وإن كانت عينا خارجية دخلت فيه أو متنجسا
مطلقا فالظاهر ثبوت حكم النجاسة إذا كان في مثل الفم والأنف ونحوهما مما يمكن تطهيره دون مثل الجوف والدماغ ونحوهما فلو اكل
نجسا أو متنجسا فبقيت اجزائه في الفم لم تجز له الصلاة ودخول المساجد على القول بالمنع عن الصلاة مع النجاسة وادخالها في المسجد
لعموم أدلة المنع عنهما على القول بها خرج ما كان منها في مثل الجوف بالاجماع والسيرة وبعض الأخبار قال في الموجز ولو وضع في جيبه درهما
نجسا اخرج للصلاة وتبعه شارحه باينا له على منع حمل النجاسة في الصلاة واما حكم تأثر البواطن وما يحدث فيها فالظاهر أنه لا اشكال
في عدم تنجس البواطن وما يحدث فيها من الرطوبات بالنجاسة المتكونة فيها أو الداخلة من الخارج إليها ويدل عليه مضافا إلى ظهور
عدم الخلاف كما يظهر من شارح الروضة ظهور انصراف دليل تأثر ملاقي النجس إلى غير البواطن لو كان اطلاقا لفظيا كيف وليس الدليل
الا الاجماع المفقود في المقام بل لا يبعد دعواه على العكس كما يظهر من الوحيد في شرح المفاتيح حيث قال إنه لا اجماع على تنجس البواطن لو لم
نقل بالاجماع على العدم لكن الانصاف ان منع شمول معاقد اجماعهم على تأثر الملاقى لمثل الفم ومقدم الانف ونحوهما مكابرة فالأولى
التمسك بعد ظهور عدم الخلاف وبما في الصحيح عن صفوان عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله (ع) في رجل يشرب الخمر فبصق فأصاب
ثوبي عن بصاقه قال لا باس به لكن الرواية وعدم ظهور الخلاف غايتهما عدم ثبوت حكم النجاسة بعد زوال العين فلعله مطهر كما
390

صرح به الشهيدان حيث ذكرا ان البواطن تطهر بزوال العين وكيف كان فقد ظهر مما ذكرنا ان مراد ابن فهد مما تقدم عن موجزه
من جعل انتقال النجاسة إلى البواطن من المطهرات زوال تأثيرها بالنسبة إلى البواطن بعد انتقالها إليها لا صيرورتها طاهرة بمجرد
الانتقال إلى البواطن وان لم تؤثر في نفس البواطن وعلى أي حال فلا يخلوا عبارة الموجز عن مسامحة ونحوها عبارة من قال إن البواطن
يطهر بزوال عين النجاسة بناء على ما ذكرنا انها لا تتأثر بالنجاسة حتى يحتاج إلى التطهير الا ان يقال بالتأثر عملا بقاعدة الملاقاة
غاية الأمر دلالة الدليل على عدم ثبوت حكم النجاسة بعد زوال عينها كما عرفت سابقا ومنه ينقدح ان البواطن كالجوف ونحوه
مما لا تظهر أصلا لا دليل على تأثره بالنجاسة لانصراف عموم قاعدة الملاقاة إلى غيرها واما البواطن الظاهرة كالأنف والعين ومقدم
الانف والاذن فقد عرفت ان دعوى الانصراف إلى غيرها خلاف الانصاف فمقتضى الجمع بين الأدلة هو الحكم بالنجاسة مع طهرها بزوال
العين وهنا قسم ثالث من البواطن يعامل معها من حيث الخبث معاملة الظواهر كما صرح به كاشف الغطاء وهي ما يعد باطنا في باب
الغسل من الجنابة وغيرها كثقب الانف والاذن وباطن السرة وموضع تطبيق الشفتين والجفنين حيث إن الظاهر من تجويز الارتماس مع
عدم وصول الماء غالبا بمجرده إلى المذكورات عدها من البواطن مضافا إلى صدق الباطن عليها عرفا فيشملها ما دل على اختصاص
الجنابة بالظاهر ولا يجنب الباطن ولم يصل مثل هذا الاطلاق عن النجاسة وانما حكم بما حكم هنا من جهة بعض الأخبار أو من جهة
الاجماع والسيرة أو من جهة انصراف أدلة احكام النجاسة إلى غير المقام والا فليس هنا اطلاق يعتد به علق الحكم فيها على الباطن نعم
في الاخبار دلالة على حصر ما يجب غسله عند الرعاف والاستنجاء فيما ظهر من الانف والمقعد ولا يلزم من عدم وجوب غسل باطنها
عدم وجوب غسل كل ما يعد باطنا عرفا والمسألة محل اشكال في باب الحدث والخبث فتأمل واماما يدخل من الخارج إلى البواطن فمقتضى
قاعدة الملاقاة هو تأثره بالنجاسة المتكونة في البواطن والداخلة إليها من الخارج فينجس الطعام بالدم في الفم ولا يطهر بزوال
العين كما صرح به في الروضة وشرحها وقد عرفت من الموجز وشرحه فيحكم بتنجس الدرهم بملاقاته النجس في الفم لكن الأقوى التفصيل
بين ما لا يظهر للحس من البواطن كالجوف ونحوه وبين ما يظهر كالفم والعين ونحوهما فلا يتأثر الجسم الخارجي بملاقاة النجاسة الكائنة
فيما هو من قبيل الأول لما عرفت من انصراف أدلة احكام النجاسة إلى غير ذلك فان الموجود فيها كالمعدوم من جهة احكام نفسه
ومن جهة ملاقيه ويتأثر بملاقاة النجاسة الكائنة فيما هو من قبيل الثاني لما عرفت من شمول أدلة الملاقاة ولذا
نحكم بتأثر
نفس البواطن بها الا ان الدليل قام على طهرها بزوال عين النجاسة عنها ويتفرع على ما ذكرنا طهارة ماء الحقنة إذا رجع من الباطن
غير ملوث بنجاسة ونحوه المسهل المشروب الذي يخرج كذلك
خاتمة يحرم استعمال أواني الذهب والفضة في الاكل ونحوه الشرب
اجماعا على الظاهر المصرح في محكى جملة من العبائر وكذا غيره من الاستعمال نسبه في الذكرى إلى علمائنا أجمع وكذا في المنتهى بحذف
قوله أجمع وعن كشف الرموز انه لا خلاف فيه وعن الذخيرة نقل الاتفاق عن الذكرى أيضا وعن البحار ان ظاهر أكثر أصحابنا اتفاقهم
على تحريم انية الذهب والفضة مطلقا وهو ظاهر الروض أيضا حيث صرح بعدم القول بالفرق بين الشرب وغيره ويدل عليه رواية
ابن مسلم عن أبي جعفر (ع) وفيها سهل وأمره سهل نهى عن انية الذهب والفضة وظاهره يعم مطلق الاستعمال وفى الوسائل انه روى
هذا الخبر في المحاسن عن ابن محبوب عن المعلا عن ابن مسلم فالسند صحيح وقريب منها في الدلالة رواية موسى بن بكير انية الذهب
والفضة متاع الذين لا يؤمنون وفى الوسائل رواه عن البرقي عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن موسى بن بكير فالسند كالصحيح
ويؤيده التعليل في النبوي لا تشربوا في انية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا لكم في الآخرة فان اختصاصها
بهم في الدنيا يدل على حرمة استعمال المؤمنين لها مطلقا وعن الشيخ في الخلاف أنه قال يكره؟ باستعمال؟ أواني الذهب والفضة وكذا المفضض
منها قال الشافعي لا يجوز استعمال أواني الذهب والفضة وبه قال أبو حنيفة في الأكل والشرب ثم ذكر الاخبار الظاهرة في التحريم
وكيف كان فقد حمل المص؟ ومن تأخر عنه كلامه تبعا للمحقق على إرادة الحرمة وقد حكى عنه في زكاة الخلاف التصريح بالتحريم
وبالجملة فلا اشكال في المسألة وان حكى عن الصدوق والمفيد وسلار والشيخ في النهاية الاقتصار على ذكر الأكل والشرب
وانما الاشكال والخلاف في تحريم اتخاذها لغير الاستعمال فعن الأكثر كما في الروض التحريم أيضا وعن جماعة نسبته إلى المشهور ولا يخلوا
عن قوة لرواية موسى بن بكير المتقدمة وللرواية المتقدمة عن الباقر (ع) المروية في المحاسن كما حكى بسند صحيح لكن الانصاف ان هذه
الروايات قاصرة الدلالة لان المتاع لا يصدق على المتخذ لأجل الاستعمال فان المتاع وإن كان اسما لما يتمتع به الا ان التمتع استعمالها
لا مجرد اتخاذها اظهارا للثروة والتذاذا بوجدانها والنهى منصرف إلى الاستعمال لا إلى مطلق الاتخاذ بل ربما يخص بالاستعمالات
391

المتعارفة فهو في كل شئ بحسبه فالجواز لا يخلوا عن قوة وفاقا للمص؟ في المختلف وحكى عن الحلى أيضا مع أنه حكى عنه في المختلف المنع ويكره المفضض بل
عن الذخيرة والبحار والرياض نسبة إلى عامة المتأخرين ويدل عليه بعد الأصل صحيحة ابن سنان أو حسنته ولا باس ان يشرب الرجل في القدح
المفضض واعزل فاك عن موضع الفضة وعن الشيخ في ف؟ التحريم لقوله (ع) لا تأكل من آنية فضة ولا آنية مفضضة أو يطلق على مطلق
المرجوحية جمعا ثم المشهور كما في الكفاية انه يجتنب موضع الفضة وعن الذخيرة والبحار انه مذهب الشيخ والعلامة وأكثر المتأخرين
وحكى عن القاضي والحلى وابن سعيد واختاره الشهيدان والمحقق الثاني ونسبه في المدارك إلى عامة المتأخرين لظاهر الامر في رواية
ابن سنان المتقدمة وفى رواية أخرى فإن لم يجد بدا من الشرب في القدح المفضض عزل بفمه عن موضع الفضة لظاهر الامر في رواية ابن سنان
ونحوها رواية أخرى خلافا للمحكى عن المعتبر وتبعه بعض متأخري المتأخرين فالاستحباب وان لم يعلم وجه يعتد به مع دلالة الصحيحة و
غيرها وفتوى المشهور واما المذهب فظاهر المدارك تبعا لشيخه الأردبيلي انه كالمفضض وعن المص؟ انه لم أعثر لأصحابنا فيه على قول ثم
الحقه بالمفضض في الكراهة لأنه لا ينزل عن درجة الفضة وناقشه في الذخيرة بأنه اثبات الكراهة مع فقد النص وكيف كان فامر الكراهة
سهل انما الاشكال في معناه والظاهر أن المراد بالمفضض ما كان بعضه فضة أو متلبسا بالفضة أو مموها بماء الفضة وعن البحار
ان المفضض أقسام الأول الظروف التي يكون بعضها فضة وبعضها نحاسا أو غيره متميزا كل منهما عن الأخر كما يستعمل ظروف أصلها
من الخزف أو غيره وفيها من الفضة الثاني ما كان جميعه مموها بالفضة وهو قسمان أحدهما ما طلى بماء الفضة وإذا عرض على النار لا
ينفصل منه شئ وثانيهما ما تلبس بالسبايك وشبهها بحيث إذا عرض على النار انفصلت الفضة عن غيرها الثالث ما علق عليه حلقة
أو قطعة من سلسلة من الفضة والرابع ان تخلط الفضة بغيرها ويصنع منهما الآنية الخامس ما نقش بالفضة قال وظاهر اخبار
المفضض شمولها للأول والثالث واما الثاني فالظاهر في القسم الأول منه الجواز وفى الثاني المنع لصدق الآنية على اللباس بل يمكن
ادعاء صدق انية الفضة والا فلا وكانه لا اعتبار للغلبة مع عدم صدق الاسم واما الخامس فلا يبعد التفصيل فيه كالثاني بان يقال إن
حصل لها بالعرض على النار شئ كان في حكم المفضض والا فلا انتهى وفى بعض ما ذكره قده تأمل ثم إن اطلاق الاناء وعموم الآنية
في النصوص ومعاقد الاجماعات يشمل الصغير والكبير فمثل المحلة وظروف الغالية وظروف الأفيون ووعاء الساعات المتعارفة
انا كما صرح به في التذكرة كما عن الذكرى في المكحلة وظروف الغالية ونحوهما الجعفرية في خصوص المكحلة وكانه للمثال قال الفيومي فيما
حكى عنه في مصباحه الاناء والآنية والوعاء والأوعية ما يوضع فيه الشئ نعم ما يعد مع مظروفه واحدا في العرف من جهة لصوقه به لا يبعد
خروجه عن اطلاق الآنية كما صرح به بعض وهو ظاهر كشف الغطاء الا ان الذي يقرب عموم الآنية لمثل هذا رواية ابن بزيع قال سئلت
أبا الحسن الرضا (ع) عن انية الذهب والفضة فكرههما فقلت له روى بعض أصحابنا انه كان لأبي الحسن (ع) مرآة ملبسة فضة قال لا والله
انما كانت لها حلقة من فضة وهي عندي فان قول الراوي روى بعض أصحابنا بمنزلة النقض على عموم كراهة الآنية ومبالغة الامام في
الانكار يدل على أن المراة الملبسة من افراد ماكره والمراد بالمراة الملبسة ظاهرا ان يكون بيت الزجاج ووعائه معمولا من الفضة
الا ان يراد من التلبس تلبس بيت المراة بالفضة فيكون داخلا في المفضض بالمعنى الثاني من المعاني المتقدمة عن البحار لكن عرفت حاله وان
المنع عنه غير بعيد لشهادة هذه الرواية لصدق كونها من انية الفضة فالمحصل ان ما كان مع مظروفه يعد شيئا واحدا لا يشمله
اطلاق الاناء الا إذا كان المظروف من الآنية فيصدق على المجموع اناء الفضة أو المفضض ويؤيد الجواز فيما ذكر مضافا إلى الأصل و
انصراف النصوص والاجماعات إلى غير ما ذكرنا مصحة علي بن جعفر قال سئلته عن التعويذ يعلق على الحايض قال نعم إذا كان في جلد
أو فضة أو قصبة حديد والمسألة لذلك محل اشكال واما ميل الاكتحال فالمحكى عن المعتبر والمنتهى والذكرى والجعفرية جواز اتخاذه
من الذهب والفضة وفى المناهل الظاهر أنه مما لا خلاف فيه ويجوز تحلية السيف واللجام بالفضة بلا خلاف ظاهرا نعم روى علي بن
جعفر عن أخيه (ع) قال سئلته عن السرج واللجام فيه الفضة أيركب به قال إن كان مموها لا يقدر على نزعه فلا باس والا فلا يركب ونحوها
عن مستطرفات السرائر عن جامع البزنطي ويمكن حملها على الكراهة وهل يجوز تحليتهما بالذهب المحكي عن الشيخ والحلى والمحقق والمص؟
المنع لما روى أن النبي صلى الله عليه وآله خرج ذات يوم وفى يده قطعة من ذهب فقال هما محرمان على ذكور أمتي حل لإناثها خلافا للمحكى عن الشرائع
والذكرى والذخيرة في تحلية السيف لضعف رواية المنع وأصالة الجواز وحكى عن الوسيلة والجامع حرمة تحلية المنطقة
بالذهب أيضا وكانه للنبوي المتقدم والظاهر أنه مشهور بين أصحابنا وتوقف في الذكرى في جعل ضبة الاناء من الذهب وقال يمكن
المنع للنبوي المذكور وأواني المشركين طاهرة ما لم يعلم مباشرتهم لها برطوبة والوجه فيه ظاهر وكذا فيما ذكره من أن جلد المزكى
392

طاهر وجلد غيره نجس لكونه ميتة ويغسل الاناء من الخمر خمسا (وغيره من النجاسات حتى يزول العين صح) على المشهور كما في الروض وعن جامع المقاصد وجوب غسل الإناء من الخمر سبعا
للأصل وموثقة عمار عن الاناء يشرب فيه النبيذ قال يغسل سبعا وعن جامع المقاصد ان ضعف عمار منجبر بالشهرة خلافا للمحكى عن
ظاهر ف؟ وصريح كتب المحقق وعد؟ والدروس وعن المحقق نسبته إلى الشيخ في التهذيب ونسبه كاشف اللثام إليه في كتاب الصيد والذبايح من يه؟ والى القاضي
في باب الأطعمة والأشربة من المهذب لموثقة عمار الأخرى عن قدح أو اناء يشرب فيه الخمر فقال تغسله ثلث مرات سئل أيجزيه ان يصيب؟ عليه
الماء قال لا يجزيه حتى يدلكه بيده ويغسله ثلث مرات وهذه صريحة في كفاية الثلث فيحمل رواية السبع على الاستحباب وما ذكره في محكى مع؟ صد؟
من ترجيح تلك الرواية بالشهرة ولو سلم المساواة فيبقى الأصل المقتضى لوجوب السبع سليما منظور فيه بان الترجيح بالنصوصة والظهور
مقدم على الترجيح بالشهرة ما لم يبلغ الشهرة حتى يشذ معها الخلاف ثم لم فرض التكافؤ وجب الرجوع إلى ما سيجيئ من عموم وجوب الثلث في
كل قذر لا إلى استصحاب النجاسة واضعف من ذلك ما توهمه بعضهم من أن دلالة الموثقة الثانية على كفاية الثلث بمفهوم العدد فيدور
الامر بين تقييد مفهومه وبين حمل الامر في الموثقة الأولى على الاستحباب والتقييد أولي وأنت خبير بان الموثقة صريحة في كفاية الثلث
من حيث منطوق التحديد لامن مفهوم العدد فالأقوى كفاية الثلث وعن ظاهر جماعة وصريح آخرين كفاية المرة لضعف الروايتين فيسلم
اطلاقات الغسل عن المقيد أقول قد أشرنا مرارا إلى أن التمسك باطلاقات أدلة الغسل لا يغنى لورودها في مقام بيان
أصل وجوب الإزالة لافى كيفيتها ويرشدك إلى ما ذكرنا صدر الموثقة الثانية حيث قال عمار سئلت أبا عبد الله (ع) عن الدن الذي يكون
فيه الخمر هل يصلح ان يكون فيه خل أو كافج أو زيتون قال إذا غسل فلا باس وعن الإبريق وغيره فيه خمر أيصلح ان يكون فيه ماء قال إذا غسل
فلا باس وقال في قدح أو اناء يشرب فيه الخمر قال تغسله ثلث مرات إلى آخره فانظر كيف اكتفى في السؤالين الأولين بمطلق الغسل حيث لم يكن
المقام الا مقام بيان قابلية استعمال الأواني للاستعمال بعد الغسل ثم لما سئل عن كيفية العلاج أجاب بالتثليث ثم لما توهم السائل
كفاية الصب أجاب بلزوم الدلك حتى يتيقن زوال جرم الخمر والظاهر أن أكثر اطلاقات الغسل من هذا القبيل واردة إما في بيان أصل
النجاسة واما في مقام بيان توقف الشئ كالصلاة ونحوها على إزالة النجاسة واما في مقام رفع الباس بعد الإزالة واما لغير ذلك
نعم يمكن ان يقال إن عموم البلوى يقتضى بيان الكيفية أكثر من ذلك فان مثل إزالة النجاسة عن الثوب والبدن التي هي كالصلاة في
كثرة الدوران وعموم الابتلاء بل أشد واعم ابتلاء من الصلاة والغسل فلو كان الواجب فيها كيفية خاصة زائدا على إزالة العين
لورد فيه من الاخبار ما شاء الله ولم ينحصر في رواية واحدة من روايات عمار التي نقطع بأنها لم يكن يرويه الا قليل من الرواة في قليل
من الكتب الا ان يقال إن المذهب قد يعلم بعمل الرواة والعلماء والعوام في ذلك وان لم ترد إلينا فيه الا رواية واحدة ولهذا ذكر
الشهيد في المسألة الآتية في عدم كفاية المرة في غسل الإناء في الجواب من ضعف رواية عمار بانا قد نعلم المذهب بالرواية الضعيفة
بل قد يكون بعض المسائل أهم من ذلك وأهم ولا تجد فيها مثل هذه الرواية أيضا فالمتبع هو الدليل لا الاستبعاد وكيف كان
فهل يلحق بالخمر المسكرات النجسة صرح بالالحاق بعض القائلين بالسبع في الخمر وهو كذلك لصدق الخمر
عليها في الاخبار قال في محكى مع؟ صد؟
وليس الحكم مقصور ا على الخمر بل المسكر المايع كله كذلك ولا يبعد الحاق الفقاع انتهى واما غيره أي غير المسكر من النجاسات عدا ولوغ
الكلب والخنزير أو هما مع موت الجرد كما سيجيئ فالأقوى وجوب التثليث في غسل الأواني منهما وفاقا للمحكى عن الإسكافي والصدوق
وأكثر كتب الشيخ والشهيد في الدروس والمسالك والمحقق الثاني في جامع المقاصد والوحيد البهبهاني في شرح المفاتيح وعن المعتبر
ان الشيخ في الخلاف ادعى الاجماع عليه وفيه نظر يعرف من عبارة الشيخ ويدل عليه مضافا إلى الأصل موثقة عمار عن أبي عبد الله (ع)
قال سئل عن الكوز والاناء يكون قذرا كيف يغسل وكم مرة يغسل قال ثلثا يصب فيه الماء فيحرك فيه ثم يفرغ منه ثم يصب فيه ماء
اخر فيحرك ثم يفرغ منه (ثم يصب فيه ماء اخر فيتحرك ثم يفرغ منه صح) وقد طهر خلافا للمحكى عن المقنعة والمراسم والمعتبر وكثير من كتب المص؟ والبيان والروض وغيرها فاكتفوا
بمطلق غسله حتى تزول العين وحكاه كاشف اللثام عن الأكثر ولعله لاطلاقات الغسل ولمرسلة الشيخ حيث قال في ف؟ بعد ذكر رواية
التثليث وروى أنه يغسل مرة وفى الاطلاقات ما عرفت غير مرة وفى المرسلة مالا يخفى نعم لو غسل في الكثير فالأقوى كفاية المرة وفاقا
للمشهور كما عن الكفاية لما عرفت من المرسلة ورواية الغدير ثم إن الظاهر أنه ليس لغسل الاناء كيفية مخصوصة الأصب الماء فيه وايصال
الماء بالتحريك إلى جميع مواضع النجاسة كما صرح به في موثقة عمار نعم لو لم يكن بعض مواضعه نجسا فلا حاجة إلى تحريك الماء إليه بل ينجسه
ذلك ولو ملا الاناء كفى عن تحريكه كما عن محكى لم؟ وشرح المفاتيح واعترف به سبطه في المناهل ولافرق في ذلك بين الاناء الصغير
والكبير والمثبت وغيره ثم إن المشهور قابلية أواني الخمر الغير الصلبة كالخزف الغير المطلع للطهارة وظاهرهم عدم الفرق بين غسلها
393

بالقليل وغيره خلافا للمحكى عن الإسكافي والشيخ في النهاية والقاضي واستدل للأول باطلاق الغسل واطلاق طهورية موثقة عمار المتقدمة
في تطهير الكوز والاناء بالغسل ثلاثا من غير استفصال بين افراد الكوز ونحوها موثقته المتقدمة في غسلها عن الخمر ثلثا وفى الاطلاقين
الأولين نظر لما عرفت مرارا فالعمدة اطلاق الموثقتين مضافا إلى ما تقدم من أن المستفاد من تتبع الموارد قابلية كل شئ للطهارة إذا
غسل على الوجه المعتبر هذا بالنسبة إلى الغسل بالقليل واما بالكثير والجاري فيكفي المرسلة ورواية الغدير المتقدمتين نعم يحصل الاشكال
في أن ماء الغسالة يرسب في هذه الأشياء ولا يخرج منها فيشكل تطهيرها بالقليل والاكتفاء بطهارة ظاهرها بالغسل على نحو ما قلنا
في تطهير الأرض وان أمكن الا ان الباطن إذا كان نجسا فالمايع الموضوع فيه بعد تطهير ظاهرها يسرى جزما فيه إلى الباطن فيتنجس
ويتصل بالظاهر ودعوى عدم الاتصال لو تمت لجرت فيما إذا غسل بالكثير فإنه كيف يدعى ان الجزء النافذ إلى باطن الجسم متصل بالكثيرة
فلا ينجس الغسالة وقد اتفقوا على جواز تطهير ما انتفع بالماء النجس بالماء الكثير بناء على عدم انفعال غسالتها للاتصال بالكثير أو الجاري؟
بل يمكن الاشكال في تطهيرها بالكثير بناء على أنه لا يكفي في زوال جرم الخمر من الباطن مجرد وصول الماء إليه ولذا أمر (ع) له بذلك القدح
المغسول عن الخمر في موثقة عمار المتقدمة الا ان يقال إن النافذ في الأعماق رطوبة صافية لاجرم فيها ولا أقل من عدم العلم بالجرم
والظاهر أن كلمات المعظم المجوزين لتطهيرها بعد الفراغ عن حصول شرائط التطهير من زوال الجرم وعدم استقرار الغسالة النجسة فيها
كالحبوب فيكون كلامهم في مقام من قال بعدم جواز استعمالها بمجرد الغسل بطريق السلب الكلي
ويغسل الاناء من ولوغ الكلب ثلثا
بالتراب مرة وبالماء مرتين على المشهور بل عن المنتهى نسبته إلى علمائنا أجمع الا ابن الجنيد وعن الانتصار والخلاف والغنية والذكرى الاجماع
عليه وهي الحجة وعن الناصريات عندنا ان الاناء يغسل من ولوغ الكلب ثلثا أولهن بالتراب مضافا إلى ما تقدم من وجوب الغسل مما
عدا البول مرتين بفحوى وجوبها في البول والولوغ أولي بالتعدد وبذلك كله يقيد صحيحة أبى الفضل في الكلب انه رجس نجس لا يتوضأ
بفضله واصب ذلك الماء ثم اغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء وغيرها من الروايات المطلقة مضافا إلى المحكي عن المعتبر والمنتهى زيادة
لفظة مرتين في الصحيحة وتبعهما غيرهما ولا يبعد وجدان الزيادة في بعض الكتب المعتبرة والا فقد يشهد جماعة نجلوا الكتب المعروفة عندهم
عن هذه الزيادة وحكى وجودها في غوالي اللئالي لابن جمهور وفى الرضوي ويشعر بوجودها قوله اغسله بالتراب أول مرة والا كان المناسب
ان يقال اغسله بالتراب ثم بالماء فتأمل وكيف كان فلا حاجة إلى هذه الزيادة بعد كون الأصل في الغسل التعدد خلافا للمحكى عن ابن
الجنيد فقد أوجب سبعا لرواية عامية وقابله بعض متأخري المتأخرين بالميل إلى كفاية المرة لاطلاق الاخبار ثم إن صريح الصحيحة ان
أولهن بالتراب وفاقا للمحكى عن الشيخ وابن الجنيد وجمهور الأصحاب بل عن الغنية الاجماع وقد سمعت عبارة السيد أيضا خلافا للمحكى عن ظاهر
المقنعة فأوجب التوسيط لما يظهر من الوسيلة من وجود رواية بالتوسيط وهي على تقدير الوجود والدلالة شاذة وللمحكى عن ظاهر جماعة
فاطلقوا القول بوجوب غسل الإناء ثلثا إحديهن بالتراب فان قصدوا الاطلاق فهو ضعيف لما ذكرنا من المقيد وفى اشتراط طهارة
التراب اشكال الأقوى ذلك لانصراف الاطلاق إلى الطهارة مضافا إلى أصالة بقاء النجاسة وربما يتمسك بقوله صلى الله عليه وآله جعلت إلى الأرض مسجدا
وترابها طهورا وفيه نظر وان زعم المستدل ان الأصحاب غفلوا عنه في هذا الباب بل ما ذكره في جامع المقاصد من أنه ربما يوجد في بعض الأخبار
طهور اناء أحدكم إذا ولغ فيه كلب أوضح دلالة من ذلك وإن كان في دلالته أيضا نظر فالعمدة الانصراف أو الأصل وهل يعتبر مزج
التراب بالماء أم لا قولان أقويهما الثاني خلافا للمحكى عن الحلى والراوندي وهو ضعيف وان قواه المص؟ في المنتهى وتبعه كاشف اللثام
لعدم الدليل عدا ما ربما يتخيل من دلالة قوله اغسله بالتراب وفيه ان المراد بالغسل معناه المجازى وإن كان مع مزج التراب بالماء فاعتبار
المزج لا يوجب العمل بحقيقة الغسل الاعلى ما ذكره صاحب الذخيرة من أن الغسل الحقيقي لا يختص بما كان بالماء فالمزج المحصل للميعان
محصل لصدق الحقيقة وفيه ان الظاهر أن الحلى لا يقول بوجوب المزج إلى أن يحصل الميعان المحصل لحقيقة الغسل وإن كان يظهر ذلك من
الاستدلال له بحصول حقيقة الغسل ومن جعل كاشف اللثام هذا التركيب من قبيل الغسل بالخطمي؟ والسدر لكن الظاهر أن المحصل
لحقيقة الغسل لا يكون الا استعمال الماء أو ما هو بمنزلته في الميعان والماء الممزوج بالتراب إلى أن يحصل له هذا الميعان لا يصدق عليه انه
غسل بالتراب وجعله كالغسل بالسدر والكافور كما ذكره كاشف اللثام يوجب اعتبار بقاء الماء على اطلاقه لان الباء حينئذ يكون للمصاحبة
والظرف مستقر فيكون متعلق اغسل محذوفا والاطلاق الناشئ من حذف المتعلق ينصرف إلى المتعلق الشايع ولذا فهموا من اطلاقات
الغسل في أدلة الغسل عن النجاسات وجوب كون الماء مطلقا وقد يقال إن الامر يدور بين صرف الغسل عن ظاهره إلى الدلك وبين
صرف التراب عن ظاهره والأول أبعد فتعين الثاني فيقوى قول الحلى وفيه ان صرف الغسل عن ظاهره وإن كان بعيدا سيما مع حمله على
394

عموم المجاز في قوله اغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء الا انه معارض بظهور التراب في معناه الحقيقي وظهور الظرف في اللغوية والمتعلق
بأغسل فيكون التراب مما يغسل به لامعه وظهور مقابلة التراب بالماء في كون التراب نفس المغسول به لامن قبيل السدر والكافور في
قولهم اغسله بالسدر والكافور ولو أريد الغسل بالماء مع التراب (كان المناسب للمقابلة؟ تقييد الماء بالقراح أو الخالص والا لزم جعل قسم الشئ قسيما له فمذهب المشهور أقوى والاحتياط لا يترك بتكرر الغسل بالتراب؟ صح) اليابس مرة وبالممزوج أخرى بل الأحوط ان يكرر الممزوج فيكون
المزج مرة بحيث لا يوجب الميعان بل يصير التراب شبه الطين ليقبل الدلك واخرى يجعله مايعا ليحصل معه الغسل الحقيقي فاحتياط التعفير
يحصل بثلث مرات ان لم يعمل باحتمال كون التراب هنا بمنزلة السدر بحيث لا يوجب إضافة الماء والا فالاحتمالات أربع وإذا روعي
مذهب المفيد في تقديم التراب على الغسلتين وتوسطه بينهما صارت عشرة ثمانية بالتراب بينها غسلة وبعدها غسلة وإذا
روعي مذهب الإسكافي بالسبع صارت الغسلات المتأخرة خمسا فيصير أربعة عشر ثم الظاهر سقوط التعدد في الكثير دون التعفير لعموم
المرسلة المتقدمة في المطر والرواية المتقدمة في الغدير ولا يتعدى إلى غير الولوغ من أقسام ملاقاة الكلب الا اللطع على قول
مشهور وعن المفيد والصدوقين وبعض متأخري المتأخرين الحاق المباشرة بسائر أعضائه بالولوغ ولعله لما يستفاد من سوق صحيحة
البقبان المتقدمة من أن الوجه في الحكم نجاسة الكلب وملاقاته للإناء دون خصوص الشرب منه ولذا استفاد المشهور الحاق اللطع و
لم يعتبر أحد بقاء شئ من المشروب كما هو مورد الرواية والانصاف ان التعدي من الشرب باللسان إلى شرب مقطوع اللسان في محلة بخلاف التعدي
من الشرب إلى ملاقاة سائر الأعضاء فإنه كالتعدي من الاناء إلى غيره فالأقوى وجوب الاقتصار على ما تيقن خروجه عن العمومات نعم لو
صب فضله من الاناء المولوغ فيه إلى اناء اخر فلا يبعد الحاقه به خلافا للمحكى عن المعتبر والذكرى وظاهر ف؟ ولو تعذر التعفير فالأقوى
عدم طهارة الاناء بدونه سواء كان لفقد التراب أو من يقدر على التعفير أم كان لعدم قابلية الاناء وربما فصل فقيل بالتطهير في
الثاني لاستلزام الحكم بعدمه تعطيل الاناء دائما بخلاف غيره والأجود تعليل التفصيل بان الاناء الغير القابل للتعفير لا يدخل في اطلاق
رواية التعفير فيرجع فيه إلى عمومات الغسل بخلاف ما إذا تعذر التعفير لفقد التراب فإنه لا يوجب تقييد الامر بالغسل بالتراب لأنه في
مقام بيان الحكم الوضعي أعني علاج النجاسة وازالتها فلا تسقط بعدم القدرة فتأمل ثم الأقوى سقوط التعدد في الجاري والكثير كما عن
الكفاية وغيرها نسبته إلى المشهور ويدل عليه مضافا إلى اطلاقات صحيحة البقباق التي هي الأصل في هذا الباب ويدل عليه المرسلة
في المطر والرواية الواردة في الغدير من الماء وقد تقدمت نعم لا يسقط التعفير للأصل واطلاق الصحيحة وبها يقيد المرسلة والرواية
النافيتين للحاجة إلى شئ اخر وعن صريح نهاية الاحكام وظاهر المختلف سقوط التعفير وما أحسن لها التمسك باطلاق المرسلة والرواية
المتقدمتين سيما مع ظهور الصحيحة الامرة بالتعفير في اختصاصها بصورة الغسل بالقليل وما أبعد ما بينه وبين القول بعدم سقوط
التعدد كما عن المعتبر هو أحوط والمشهور كما عن الكفاية وشرح المفاتيح الحاق لطع الاناء وهو اخذ ما علق بجوانبها باللسان بالولوغ و
هو الشرب بطرف اللسان وربما يستدل عليه بالأولوية بناء على أن المناط وصول اللعاب إلى الاناء وفيه نظر وكذا وقوع لعابه في الاناء
فالأحوط الالحاق وعن المقنعة ان الاناء إذا شرب منه كلب أو وقع فيه أو ماسه ببعض أعضائه فإنه يهراق ما فيه من الماء ثم يغسل مرة
بالماء ومرة ثانية بالتراب ومرة بالماء وما ذكره أحوط ثم إن المحكي عن الشيخ في ط؟ وف؟ والقاضي في المهذب اطلاق القول بان حكم
ولوغ الخنزير حكم ولوغ الكلب وظاهره وجوب التعفير وان لم يصرح به على ما فهمه المحقق في المعتبر وتبعه غيره فإن لم يوجب التعفير
مع أنه يوجب غسل الإناء من كل نجاسة ثلثا كان الأولى الحاق الخنزير بسائر النجاسات وأيضا فإنه استدل على ذلك بكون الخنزير كلبا
لغة فله حكمه واما استدلاله الأخر بان الاناء يغسل من النجاسات ثلثا والخنزير نجس بلا خلاف فهو في مقابل بعض أصحاب الشافعي القائل
بكفاية الغسلة الواحدة وكيف كان فلم نجد لما ذكره مستندا وما ذكره من دخوله في الكلب كما ترى فالأقوى وجوب غسل الإناء من
ولوغ الخنزير سبعا كما هو المشهور إما مطلقا كما عن الكفاية أو بين المتأخرين كما في الذخيرة لصحيحة علي بن جعفر عن أخيه (ع) في اناء شرب
منه خنزير قال يغسل سبعا خلافا لاطلاق كثير وصريح آخرين فاقتصروا على الواحدة وهو محجوج بالصحيح المعمول به وحمله على الاستحباب
كما عن المعتبر لا نجد له له شاهدا كما اعترف به جماعة نعم ربما يقال كان المحقق قده لم يجد فيمن تقدم عليه قائلا بالسبع فالصحيحة عند مكان
غير معمول بها وهو مؤمن عنده في الرواية وإن كان صحيحة بل قد يذكر في المعتبران الرواية حسنة لكن العامل بها قليل فكيف كان فيرجع
هذا الوهن بشهرة المتأخرين على العمل بمضمونها وبها يضعف قول من جعلها كسائر النجاسات كما حكاه كاشف اللثام عن ظاهر الأكثر
أو صرح فيه بكفاية المرة كالمحكى عن المقنعة وفيها بعد بيان حكم الكلب انه ليس حكم غير الكلب كذلك بل يهراق ما فيها ويغسل مرة واحدة
بالماء واغرب كلام المحقق وهل يلحق بالخنزير موت الجراد في الاناء قولان الأشهر نعم كما عن النهاية والوسيلة والذكرى وجامع المقاصد
395

للأصل ولموثقة عمار انه يغسل الاناء الذي يصب فيه الجرد ميتا سبعا وعن جامع المقاصد ان ضعف عمار منجبر بالشهرة خلافا للمحكى
عن الخلاف والنافع والمعتبر والقواعد فالثلث لعموم الموثقة الآتية بوجوب غسل الإناء ثلثا وفيه ان المقيد يحكم على المطلق وللمحكى عن
ظاهر جماعة وصريح ما مر من المقنعة فيكفي الواحدة وعن ظاهر اللمعة وجوب المرتين وكلاهما ضعيفان والجرد كعمر؟ على ما عن مجمع البحرين
هو الذكر من الفيران كما عن العين والمحيط وعن النهاية الأثيرية انه الذكر الكبير منها وعن الصحاح انه ضرب من الفار وعن ابن سيدة انه
ضرب منها أعظم من اليربوع الذي في ذنبه سواد وعن الجاحظ ان الفرق بين الجراد والفار كالفرق بين الجواميس والبقر والنجاتي والعراب
وكيف كان فالكل متفق على أنه ليس مطلق الفار فما عن جامع المقاصد من أن الظاهر عدم التفاوت لصدق اسم الفار على الجميع كما صرح
به جمع من الأصحاب وان توقف فيه صاحب المعتبر كما ترى وكان مراده بقوله كما صرح به من الأصحاب ما في النهاية والوسيلة والبيان على
ما حكى عنهم من عدم الفرق هو مشكل لعدم ذكر الفار في الاخبار نعم حكى عن الشيخ أنه قال يغسل الاناء من الخمر سبعا وروى ومثل ذلك في الفار
إذا مات في الاناء لكنه مع قوة احتمال إرادة الموثقة المذكورة لا يكفي المرسلة المجردة عن الجابر تم كتاب الطهارة بحمد الله تعالى طهرنا الله
من الأرجاس القولية والعملية بمحمد وآله سادات البرية صلوات الله عليهم أجمعين والحمد لله رب العالمين
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين التقية اسم لاتقى يتقى؟
والتاء بدل عن الواو كما في التهمة والتخمة والمراد هنا التحفظ عن ضرر الغير بموافقته في قول أو فعل مخالف للحق والكلام تارة يقع فيحكمها
التكليفي واخرى فيحكمها الوضعي والكلام في الثاني تارة من جهة الآثار الوضعية المترتبة على الفعل المخالف للحق وانها تترتب على
الصادر تقيه كما يترتب على الصادر اختيارا أم وقوعها تقية يوجب رفع تلك الآثار واخرى في أن الفعل المخالف للحق هل يترتب
عليه اثار الحق بمجرد الاذن فيها من قبل الشارع أم لاثم الكلام في اثار الحق الواقعي قد يقع في خصوص الإعادة والقضاء إذا كان لفعل
الصادر تقية من العبادات وقد يقع في الآثار الأخر كرفع الوضوء الصادر تقيه للحدث بالنسبة إلى جميع الصلوات وإفادة المعاملة
الواقعة تقية الآثار المترتبة على المعاملة الصحيحة فالكلام في مقامات أربعة إما الكلام في حكمها التكليفي فهو ان التقية تنقسم إلى
الأحكام الخمسة فالواجب منها ما كان لدفع الضرر الواجب فعلا وأمثلته كثيرة والمستحب ما كان فيه التحرز عن معارض الضرر بان
يكون تركه مفضيا تدريجا إلى حصول الضرر كترك المداراة مع العامة وهجرهم في المعاشرة في بلادهم فإنه ينجر غالبا إلى حصول المباينة
الموجب لتضرره منهم والمباح ما كان التحرز عن الضرر وفعله مساويا في نظر الشارع كالتقية في اظهار كلمة الكفر على ما ذكره جمع
من الأصحاب ويدل عليه الخبر الوارد في رجلين اخذا بالكوفة وامرا بسب أمير المؤمنين صلوات الله عليه والمكروه ما كان تركها وتحمل
الضرر أولي من فعله كما ذكر ذلك بعضهم في اظهار كلمة الكفر وان الأولى تركها ممن يقتدى به الناس اعلاء لكلمة الاسلام والمراد بالمكروه
حينئذ ما يكون ضده أفضل والمحرم منه ما كان في الدماء وذكر الشهيد قده في قواعده ان المستحب إذا كان لا يخاف ضررا عاجلا
ويتوهم ضررا آجلا أو ضررا سهلا أو كان تقية في المستحب كالترتيب في تسبيح الزهراء صلوات الله عليها وترك بعض فصول الاذان
والمكروه التقية في المستحب حيث لا ضرر عاجلا ولا آجلا ويخاف منه الالتباس على عوام المذهب والحرام التقية حيث يؤمن الضرر
عاجلا وآجلا أو في قتل مسلم والمباح التقية في بعض المباحات التي يرجحها العامة ولا يصل بتركها ضرر انتهى وفى بعض ما ذكره
قده تأمل ثم الواجب منها يبيح كل محظور من فعل الواجب وترك المحرم والأصل في ذلك أدلة نفي الضرر وحديث رفع عن أمتي تسعة أشياء
ومنها ما اضطروا إليه مضافا إلى عمومات التقية مثل قوله (ع) في الخبران التقية واسعة ليس شئ من التقية الا وصاحبها مأجور
وغير ذلك من الاخبار المتفرقة في خصوص الموارد وجميع هذه الأدلة حاكمة على أدلة الواجبات والمحرمات فلا يعارض بها شئ منها
حتى يلتمس الترجيح ويرجع إلى الأصول بعد فقده كما زعمه بعض في بعض موارد هذه المسألة واما المستحب من التقية فالظاهر وجوب
الاقتصار فيه على مورد النص وقد ورد النص بالحث على المعاشرة مع العامة وعيادة مرضاهم وتشييع جنائزهم
والصلاة في
مساجدهم والاذان لهم فلا يجوز التعدي عن ذلك إلى ما لم يرد النص من الافعال المخالفة للحق كذم بعض رؤساء الشيعة للتحبب؟ إليهم
وكذلك المحرم والمباح والمكروه فان هذه الأحكام على خلاف عمومات التقية فيحتاج إلى الدليل الخاص واما المقام الثاني فنقول
ان الظاهر ترتيب اثار العمل الباطل على الواقع تقية وعدم ارتفاع الآثار بسبب التقية إذا كان دليل تلك الآثار عاما لصورتي
الاختيار والاضطرار فان من احتاج لأجل التقية إلى التكتف في الصلاة أو السجود على مالا يصح السجود عليه أو الاكل في نهار رمضان
396

أو فعل بعض ما يحرم على المحرم فلا يوجب ذلك ارتفاع احكام تلك الأمور بسبب وقوعها تقية نعم لو قلنا بدلالة حديث رفع التسعة
على رفع جميع الآثار ثم ذلك في الجملة لكن الانصاف ظهور الرواية في رفع المؤاخذة فمن اضطر إلى الأكل والشرب تقية أو التكتف في الصلاة
فقد اضطر إلى الافطار وابطال الصلاة لأنه مقتضى عموم الأدلة فتأمل المقام الثالث في حكم الإعادة والقضاء إذا كان المأتي به
تقية من العبادات فنقول ان الشارع إذا اذن في اتيان واجب موسع على وجه التقية إما بالخصوص كما لو اذن في الصلاة متكتفا
حال التقية واما بالعموم كان يأذن بامتثال أوامر الصلاة أو مطلق العبادات على وجه التقية كما هو الظاهر من أمثال قوله (ع) التقية في
كل شئ الا في النبيذ والمسح على الخفين ونحوه ثم ارتفعت التقية قبل خروج الوقت فلا ينبغي الاشكال في اجزاء المأتي به واسقاطه للامر
لما تقرر في محله من أن الامر بالكلى كما يسقط بفرده الاختياري كذلك يسقط بفرده الاضطراري إذا تحقق الاضطرار الموجب للامر به فكما
ان الامر بالصلاة يسقط بالصلاة مع الطهارة المائية كذلك يسقط مع الطهارة الترابية إذا وقعت على الوجه المأمور به إما لو لم
يأذن في امتثال الواجب الموسع في حال التقية خصوصا أو عموما على الوجه المتقدم فيقع الكلام في أن الوجوب في الواجب الموسع هل
يتعلق باتيان هذا الفرد المخالف للواقع بمجرد تحقق التقية في جزء من الوقت بل في مجموعه وبعبارة أخرى الكلام في أنه هل يحصل من
الأوامر المطلقة بضميمة أوامر التقية أمر بامتثال الواجبات على وجه التقية أو لابل غاية الأمر سقوط الامر عن المكلف في حال التقية
ولو استوعب الوقت والتحقيق انه يجب الرجوع في ذلك إلى أدلة تلك الأجزاء والشروط المتعذرة لأجل التقية فان اقتضت مدخليتها
في العبادة من دون فرق بين الاختيار والاضطرار فاللازم الحكم بسقوط الامر عن المكلف حين تعذرها لأجل التقية ولو في تمام
الوقت كما لو تعذرت الصلاة في تمام الوقت الا مع الوضوء بالنبيذ فان غاية ذلك سقوط الامر بالصلاة رأسا لاشتراطها
بالطهارة بالماء المطلق المتعذرة في الفرض فحاله كحال فاقد الطهورين وان اقتضت مدخليتها في العبادة بشرط التمكن منها دخلت
ال‍ مسألة في مسألة أولي الأعذار في أنه إذا استوعب العذر الوقت لم يسقط الامر رأسا وإن كان في جزء من الوقت مع رجاء زواله
في الجزء الآخر أو مع عدمه جاء فيه الخلاف المعروف في أولي الأعذار وانه هل يجوز لهم البدار أم يجب عليهم الانتظار فثبت من جميع ما ذكرنا ان
صحة العبادة المأتي بها على وجه التقية يتبع اذن الشارع في امتثالها حال التقية والاذن متصور بأحد أمرين أحدهما الدليل
الخارجي الدال على ذلك سواء كان خاصا بعبادة أو كان عاما لجميع العبادات والثاني فرض شمول الأوامر العامة بتلك العبادة
لحال التقية لكن يشترط في كل منهما بعض مالا يشترط في الأخر فيشترط في الثاني كون الشرط أو الجزء المتعذر للتقية من الأجزاء أو الشرايط
الاختيارية وان لا يكون للمكلف مندوحة بان لا يتمكن من الاتيان بالعمل الواقعي في مجموع الوقت اوفى الجزء الذي يوقعه مع الياس
من التمكن منه فيما بعده أو مطلقا على التفصيل والخلاف في أولي الأعذار وهذان الأمران غيره معتبرين في الأول
بل يرجع فيه إلى ملاحظة ذلك الدليل الخارجي وسيأتي ان الدليل الخارجي الدال على الاذن في
التقية في الأعمال لا يعتبر فيه شئ منهما ويشترط في الأول ان يكون التقية من مذهب المخالفين لأنه المتيقن من الأدلة الواردة
في الاذن في العبادات على وجه التقية لان المتبادر التقية من مذهب المخالفين فلا يجرى في التقية عن الكفار أو ظلمة الشيعة
لكن في رواية مسعدة بن صدقة الآتية ما يظهر منه عموم الحكم لغير المخالفين مع كفاية عمومات التقية في ذلك بعد ملاحظة عدم اختصاص
التقية في لسان الأئمة صلوات الله عليهم بالمخالفين لما يظهر بالتتبع في اخبار التقية التي جمعها في الوسائل وكذا لا اشكال في التقية
عن غير مذهب المخالفين مثل التقية في العمل على طبق عمل عوام المخالفين الذين لا يوافق مذهب مجتهدهم بل وكذا التقية في العمل
على طبق الموضوع الخارجي الذي اعتقدوا تحققه في الخارج مع عدم تحققه في الواقع كالوقوف بعرفات يوم الثامن والإفاضة
منها ومن المشعر يوم التاسع موافقا للعامة إذا اعتقدوا رؤية هلال ذي الحجة في الليلة الأخيرة من ذي القعدة فان الظاهر خروج
هذا عن منصرف أدلة الاذن في ايقاع الأعمال على وجه التقية لو فرضنا هنا اطلاقا فان هذا لادخل له في المذهب وانما هو اعتقاد
خطأ في موضوع خارجي نعم العمل على طبق الموضوعات العامة الثابتة على مذهب المخالفين داخل في التقية عن المذهب فيدخل في الاطلاق
لو فرض هناك اطلاق كالصلاة عند اختفاء الشمس لذهابهم إلى أنه هو المغرب ويمكن ارجاع الموضوع الخارجي أيضا في بعض الموارد؟
إلى الحكم مثل ما إذا حكم الحاكم بثبوت الهلال من جهة خبر شهادة من لا يقبل شهادته إذا كان مذهب الحاكم القبول فان ترك العمل بهذا
الحكم قدح في المذهب فيدخل في أدلة التقية وكيف كان ففي هذا الوجه لابد من ملاحظة اطلاق دليل الترخيص
لاتيان العبادة
على وجه التقية وتقييده والعمل على ما يقتضيه الدليل واما في الوجه الثاني فهذا الشرط غير معتبر قطعا لان مبناه على العمل المخالف
397

للواقع من جهة تعذر الواقع سواء كان تعذره للتقية من مخالف أو كافر أو موافق وسواء كان في الموضوع أم في الحكم كل ذلك لان المناط في مسألة
أولي الأعذار العذرية من غير فرق بين الاعذار بقى الكلام في اعتبار عدم المندوحة الذي اعتبرناه في الوجه الثاني فان الأصحاب فيه بين غير معتبر
له كالشهيدين والمحقق الثاني في البيان والروض وجامع المقاصد وبين معتبر له كصاحب المدارك وبين مفصل كما عن المحقق الثاني بأنه
إذا كان متعلق التقية مأذونا فيه بخصوصه كغسل الرجلين في الوضوء والتكتف في الصلاة فإنه إذا فعل على الوجه المأذون فيه كان صحيحا
مجزيا وإن كان المكلف مندوحة التفاتا إلى أن الشارع أقام ذلك مقام المأمور به حين التقية فكان الاتيان به امتثالا وعلى هذا فلا يجب
الإعادة وان تمكن من فعله على غير وجه التقية قبل خروج الوقت قال ولا اعلم خلافا في ذلك بين الأصحاب وأما إذا كان متعلقها مما
لم يرد فيه نص بالخصوص كفعل الصلاة إلى غير القبلة والوضوء بالنبيذ ومع الاخلال بالموالاة فيجف الوضوء كما يراه بعض العامة فان
المكلف يجب عليه إذا اقتضت الضرورة موافقة أهل الخلاف فيه واظهار الموافقة لهم ثم إن أمكن له الإعادة في الوقت وجب ولو خرج
الوقت ينظر في دليل يدل على القضاء فان حصل الظفر به أوجبناه والا فلا لان القضاء انما يجب بفرض انتهى ثم نقل عن بعض أصحابنا
القول بعدم وجوب الإعادة لكون المأتي به شرعيا ثم رده بان الاذن في التقية من جهة الاطلاق لا يقتضى أزيد من اظهار الموافقة
مع الحاجة انتهى أقول ظاهر قوله في المأذون بالخصوص لا يجب فيه الإعادة وان تمكن من فعله قبل خروج الوقت ان عدم التمكن من
فعله على غير وجه التقية حين العمل معتبر وان من كان في سوق وأراد الصلاة وجب عليه مع التمكن الذهاب إلى مكان مأمون فيه
وحينئذ فمعنى قوله قبل ذلك وإن كان للمكلف مندوحة عن فعله ثبوت المندوحة بالتأخير إلى زمان ارتفاع التقية لا وجودها بالنسبة
إلى زمان العمل وحينئذ يكون هذا قولا باعتبار عدم المندوحة على الاطلاق كصاحب المدارك إذ ليس مراد صاحب المدارك بعدم المندوحة
عدم المندوحة في مجموع الوقت إذ الظاهر أنه مما لم يعتبره أحد لما سيجيئ من مخالفته لظواهر الاخبار بل لصريح بعضها ومراد القائل بعدم
اعتباره عدم اعتباره في الجزء الذي يقع الفعل فيه فمن تمكن من الصلاة في بيته مغلقا عليه الباب لا يجب عليه ذلك بل يجوز له الصلاة
تقية في مكانه ودكانه بمحضر المخالفين نعم لو كان الخلاف في اعتبار عدم المندوحة في تمام الوقت وعدم كان؟ ما ذكره المحقق تفصيلا
في المسألة وعلى أي تقدير فيرد على ما ذكره المحقق في القسم الثاني انه ان أراد من عدم ورود نص بالخصوص في الاذن في متعلق التقية
عدم النص الموجب للاذن في امتثال العمل على وجه التقية ففيه انه لا دليل حينئذ على مشروعية الدخول في العمل المفروض امتثالا للأوامر
المطلقة المتعلقة بالعمل الواقعي لان الامر بالتقية لا يستلزم الاذن في امتثال تلك الأوامر لان التحفظ عن الضرر ان تأدى بترك ذلك
العمل رأسا بان يترك الصلاة في تلك الحال وجب ولا يشرع الدخول في العمل المخالف للواقع بعد تأدى التقية بترك الصلاة رأسا
وان فرضنا ان التقية الجائة؟ إلى الصلاة ولا تتأدى بترك الصلاة كانت الصلاة المذكورة واجبة عينا لانحصار التقية فيها فهى
امتثال لوجوب التقية عينا لا للوجوب الموسع المتعلق بالصلاة الواقعية وان أراد به عدم النص الدال على الاذن في هذه العبادة
بالخصوص وإن كان هناك نص عام دال على الاذن في امتثال أوامر مطلق العبادات على وجه التقية ففيه ان هذا النص كما يكفي للدخول
في العبادة امتثالا للامر المتعلق بها كذلك يوجب موافقته الأجزاء وعدم وجوب الإعادة في الزمان الثاني إذا ارتفعت التقية والحاصل
ان الفرق بين كون متعلق التقية مأذونا فيه بالخصوص أو بالعموم لانفهم له وجه كما اعترف به بعض بل كلما يوجب الاذن في الدخول
في العبادة امتثالا لأوامرها كان امتثاله موجبا للاجزاء وسقوط الإعادة سواء كان نصا خاصا أو دليلا عاما وكلما لا يدل
على الاذن في الدخول على الوجه المذكور لم يشرع بمجرده الدخول في العبادة على وجه التقية امتثالا لأمرها بل إن انحصرت التقية
في الاتيان بها كانت امتثالا لأوامر وجوب التقية لا لأوامر وجوب تلك العبادة اللهم الا ان يكون مراده من الامر العام أوامر التقية
ومن وجوب العمل على وجه التقية إذا اقتضت الضرورة هو هذا الوجوب العيني لا الوجوب التخييري الحاصل من الوجوب الموسع فيكون
حاصل كلامه الفرق بين الاذن في العمل امتثالا لأوامر المتعلقة بالعبادة وبين الاذن في العمل امتثالا لأوامر التقية لكن
ينبغي حينئذ تقييده بغير ما إذا كانت التقية في الأجزاء والشروط الاختيارية والا فيدخل المسألة في مسألة أولي الأعذار ويصح
الاتيان بالعمل المذكور امتثالا لأوامر المتعلقة بذلك العمل مع تعذر تلك الأجزاء والشرائط لأجل التقية على الخلاف والتفصيل
المذكور في مسألة أولي الأعذار ومما ذكرنا يظهر ان ما أجاب به بعض عن هذا التفصيل بان المسألة مسألة ذوي الأعذار
وان الحق فيها سقوط الإعادة بعد التمكن من الشرط المتعذر لاوجه له على اطلاقه ثم إن الذي يقوى في النظر في أصل (مسألة؟ صح) اعتبار عدم
المندوحة انه ان أريد عدم المندوحة بمعنى عدم التمكن حين العمل من الاتيان به موافقا للواقع شل؟ انه مكينه؟ عند إرادة التكفير
398

للتقية من الفصل بين يديه بان لا يضع بطن أحدهما على ظهر الأخرى بل يقارب بينهما وكما إذا تمكن من صبه الماء من الكف إلى المرفق لكنه
ينوى الغسل عند رجوعه من المرفق إلى الكف وجب ذلك ولم يجز العمل على وجه التقية بل التقية على هذا الوجه غير جائزة في غير العبادات أيضا وكانه
مما لا خلاف فيه وان أريد به عدم التمكن من العمل على طبق الواقع في مجموع الوقت المضروب لذلك العمل حتى لا يصح العمل تقية الا لمن لم يتمكن
في مجموع الوقت من الذهاب إلى موضع مأمون فالظاهر عدم اعتباره لان حمل اخبار الاذن في التقية في الوضوء والصلاة على صورة عدم التمكن
من اتيان الحق في مجموع الوقت مما يأباه ظاهر أكثرها بل صريح بعضها ولا يبعد أيضا كونه وفاقيا وان أريد عدم المندوحة حين العمل من
تبديل موضوع التقية بموضوع الامن كان يكون في سوقهم ومساجدهم ولا يمكن في ذلك الحين من العمل على طبق الواقع الا بالخروج
إلى مكان حال أو التحيل في ازعاج من يتقى منه عن مكانه لئلا يراه فالأظهر في اخبار التقية عدم اعتباره إذ الظاهر منها الاذن بالعمل
على التقية في أفعالهم المتعارفة من دون الزامهم بترك ما يريدون فعله بحسب مقاصدهم العرفية أو فعل ما يجب تركه كذلك مع لزوم الحرج
العظيم في ترك مقاصدهم ومشاغلهم لأجل فعل الحق بقدر الامكان مع أن التقية انما شرعت تسهيلا للامر على الشيعة ورفعا للحرج
عنهم مع أن التخفي عن المخالفين في الأعمال ربما يؤدى إلى اطلاعهم على ذلك فيصير سببا لتفقدهم ومراقبتهم للشيعة وقت العمل فيوجب
نقص غرض التقية نعم في بعض الأخبار ما يدل على اعتبار عدم المندوحة في ذلك الجزء من الوقت وعدم التمكن من دفع موضوع
التقية مثل رواية أحمد بن محمد بن أبي نصر عن إبراهيم بن شيبه قال كتبت إلى أبى جعفر الثاني (ع) عن الصلاة خلف من يتولى أمير المؤمنين (ع) و
هو يرى المسح على الخفين أو خلف من يحرم المسح على الخفين وهو يمسح فكتب (ع) ان جامعك واياهم موضع لا تجد بدا من الصلاة معهم فاذن
لنفسك وأقم فان سبقك إلى القراء فسبح فان ظاهرها اعتبار تعذر ترك الصلاة معهم ونحوها ما عن الفقه الرضوي من المرسل
عن العالم عليه السلام قال ولاتصل خلف أحد الا خلف رجلين أحدهما من تثق به وبدينه وورعه واخر من تتقى سيفه وسوطه وشروة
بوائقه وشنيعته فصل خلفه على سبيل التقية والمداراة واذن لنفسك وأقم واقرء فيها فإنه غير مؤتمن به إلى آخره وفى رواية معمر بن يحيى
الواردة في تخليص الأموال عن أيدي العشار انه كلما أخاف المؤمن على نفسه فيه ضرورة فله فيه التقية وعن دعائم الاسلام عن أبي جعفر
الثامن عليه السلام لا تصلوا خلف ناصب ولا كرامية الا ان تخافوا على أنفسكم ان تشتهروا ويشار إليكم فصلوا في بيوتكم ثم صلوا معهم واجعلوا
صلواتكم معهم تطوعا ويؤيده العمومات الدالة على أن التقية في كل شئ يضطر إليه ابن آدم فان ظاهرها حصر التقية في حال الاضطرار
ولا يصدق الاضطرار مع التمكن من تبديل موضوع التقية بالذهاب إلى موضوع الامن مع التمكن وعدم الحرج نعم لو لزم من التزام ذلك
جرح أو ضيق من تفقد المخالفين وظهور حاله في مخالفتهم سرا فهذا أيضا داخل في الاضطرار وبالجملة فمراعاة عدم المندوحة في الجزء
من الزمان الذي يوقع فيه الفعل أقوى مع أنه أحوط نعم تأخير الفعل عن أول وقته لتحقق الامن وارتفاع الخوف مما لا دليل عليه بل
الاخبار بين ظاهر وصريح في خلافه كما تقدم بقى هنا أمور الأول انك عرفت ان صحة العبادة واسقاطها للفعل ثانيا تابع لمشروعية
الدخول فيها والاذن فيها من المشهور وعرفت أيضا ان نفس أوامر التقية الدالة على كونها واجبة من جهة حفظ ما يجب حفظه لا يوجب
الاذن في الدخول في العبادة على وجه من باب امتثال الأوامر المتعلقة بتلك العبادة الا فيما كان متعلق التقية من الأجزاء والشروط
الاختيارية كنجاسة الثوب والبدن ونحوها إما ما اقتضى الدليل ولو باطلاقه مدخليته في العبادة من دون اختصاص بحال الاختيار
فمجرد الامر بالتقية لا يوجب الاذن في امتثال العبادة فيضمن الفعل الفاقد لذلك الجزء أو الشرط تقية كما هو واضح ثم إن الاذن المذكور
قد ورد في بعض العبادات كالوضوء مع المسح على الخفين أو غسل الخفين والصلاة مع المخالف حيث يترك فيها بعض ماله مدخلية
فيها ويوجد بعض الموانع مثل التكفير ونحوه والغرض هنا بيان انه هل يوجد في عمومات الامر بالتقية ما يوجب الاذن في امتثال العبادات
عموما على وجه التقية بحيث لا يحتاج في الدخول في كل عبادة على وجه التقية امتثالا للامر المتعلق بتلك العبادة إلى النص الخاص لتفيد
قاعدة كلية في كون التقية عذرا رافعا لاعتبار ما هو معتبر في العبادات وان لم يختص اعتباره بحال الاختيار مثل الدخول
في الصلاة مع الوضوء بالنبيذ أو مع التيمم في السفر بمجرد غرة الماء ولو كان موجودا أم لا الذي يمكن الاستدلال به على ذلك اخبار
منها قوله صلى الله عليه وآله التقية في كل شئ يضطر إليه ابن آدم فقد أحله الله بناء على أن المراد ترخيص الله سبحانه في كل فعل أو ترك يضطر إليه
الانسان في عمله فنقول مثلا ان الانسان يضطر إلى استعمال النبيذ أو المسح على الخفين أو غسل الرجلين في وضوئه والى استعمال
التراب للتيمم في صلاته والى التكفير وترك البسملة وغير ذلك من الافعال والتروك الممنوعة شرعا في صلاته فكل ذلك مرخص فيه
في العمل بمعنى ارتفاع المنع الثابت فيها لولا التقية وإن كان منعا غير يا من جهة التوصل بتركها إلى صحة العمل وأداء فعله إلى فساد
399

العمل والحاصل ان المراد بالاحلال رفع المنع الثابت فيها لولا التقية في كل ممنوع بحسب حاله من التحريم النفسي كشرب الخمر والتحريم الغيري كالتكفير
في الصلاة والمسح على حائل أو استعمال ماء نجس أو مضاف في الوضوء فان قلت الاضطرار إلى هذه الأمور الممنوعة تابع للاضطرار إلى الصلاة
التي يقع هذه فيها وحينئذ فان فرض عدم اضطرار المكلف إلى الصلاة مع أحد هذه الأمور الممنوعة فهى غير مضطر إليها فلا يرخصها التقية وان فرض
اضطراره إلى الصلاة معها فهى مرخص فيها لكن يرجع الترخص فيها بملاحظة ما دل على كونها مبطلة إلى
الترخص في صلاة باطلة ولا باس به
إذا اقتضاه الضرورة فان الصلاة الباطلة ليس أولي من شرب الخمر الذي سوغه التقية قلت لا نسلم توقف الاضطرار إلى هذه الأمور على
الاضطرار إلى الصلاة التي يقع فيها بل الظاهر أنه يكفي في صدق الاضطرار إليه كونه لابد امن؟ فعله مع وصف إرادة الصلاة في تلك الوقت
لا مطلقا نظير ذلك انهم يعدون من أولي الأعذار من لا يتمكن من شرط الصلاة في أول الوقت مع العلم أو الظن بتمكنه منه في ما بعده فان
تحقق الاضطرار ثبت الجواز الذي هو رفع المنع الثابت فيه حال عدم التقية وهو الغيري ومنها ما رواه في أصول الكافي بسنده عن أبي
جعفر عليه السلام أنه قال التقية في كل شئ الا في شرب المسكر والمسح على الخفين دلت الرواية على ثبوت التقية ومشروعيتها في كل شئ ممنوع
لولا التقية إلا في الفعلين المذكورين فاستثناء المسح على الخفين مع كون المنع فيه عند عدم التقية منعا غيريا دليل على عموم الشئ لكل ما
بشبهه من الممنوعات لأجل التوصل بتركها إلى صحة العمل فدل على رفع التقية لمثل هذا المنع الغيري وتأثيرها في ارتفاع اثر ذلك الممنوع منه
فيدل على أن التقية ثابتة في التكفير في الصلاة مثلا بمعنى عدم كونه ممنوعا عليه فيها عند التقية وكذا في غسل الرجلين واستعمال
النبيذ في الوضوء ونحوهما وفى معنى هذه الرواية روايات أخر واردة في هذا الباب مثل قوله (ع) ثلثة لا اتقى فيهن أحدا المسح على الخفين
وشرب النبيذ ومتعة الحج فان معناه ثبوت التقية فيما عدا الثلث من الأمور الممنوعة في الشريعة ورفعها للمنع الثابت فيها بحالها من المنع
النفسي والغيري كما تقدم ثم إن مخالفة ظاهر المستثنى في هذه الروايات لما أجمع عليه من ثبوت التقية في المسح على الخفين وشرب النبيذ
لا يقدح فيما نحن بصدده لان ما ذكرنا في تقريب دلالتها على المطلوب؟ لا يتفاوت الحال فيه بين ابقاء الاستثناء على ظاهره أو حمله على بعض المحامل
مثل اختصاص الاستثناء بنفس الإمام (ع) كما يظهر من الرواية المذكورة وتفسير الراوي في بعضها الأخر أو التنبيه على عدم تحقق التقية فيها
لوجود المندوحة أو لموافقة بعض الصحابة أو التابعين على المنع من هذه الأمور إلى غير ذلك من المحامل الغير القادحة في استدلالنا المتقدم
ومنها موثقة سماعة عن الرجل يصلى فدخل الامام وقد صلى الرجل ركعة من صلاة فريضة فقال إن كان إماما عادلا فليصل أخرى
وينصرف ويجعلها تطوعا وليدخل مع الامام في صلاته كما هو وان لم يكن امام عدل فليبن على صلاته كما هو
ويصلى ركعة أخرى ويجلس قدر ما يقول اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده و
رسوله ثم يتم صلاته معه على ما استطاع فان التقية واسعة وليس الا وصاحبها مأجور عليها انشاء الله فان الامر باتمام الصلاة على ما
استطاع مع عدم الاضطرار إلى فعل الفريضة في ذلك الوقت معللا بان التقية واسعة يدل على جواز أداء الصلاة في سعة الوقت على
جميع وجوه التقية بل على جواز كل عمل على وجه التقية وان لم يضطر إلى ذلك العمل لتمكنه من تأخره إلى وقت الامن ومنها قوله (ع) في موثقة مسعد بن
صدقه وتفسير ما يتقى فيه ان يكون قوم سوء ظاهر حكمهم وفعلهم على خلاف حكم الحق وفعله فكل شئ يعمله المؤمن منهم لمكان التقية مما لا
يؤدى إلى فساد الدين فهو جائز بناء على أن المراد بالجواز في كل شئ بالقياس إلى المنع المتحقق فيه لولا التقية فيصدق على التكفير في الصلاة
الذي يفعله المصلى (في محل التقية انه جايز وغير ممنوع عنه بالمنع الثابت فيه لولا التقية ودعوى ان الداعي على التكفير ليس التقية لامكان التحرز عن الخوف
بترك الصلاة في هذا الجزء من الوقت فلا يكون عمل التكفير لمكان التقية مدفوعة بنظير ما عرفت في الرواية الأولى في؟ انه يصدق على المصلى صح من)
انه يكفر لمكان التقية وان قدر على ترك الصلاة ومنها قوله (ع) في رواية أبى الصباح ما صنعتم من شئ أو حلفتم عليه
من يمين في تقية فأنتم منه في سعة فيدل على أن المتقى في سعة من الجزء والشرط المتروكين تقية ولا يترتب عليه من جهتهما تكليف بالإعادة
والقضاء نظير قوله (ع) الناس في سعة ما لم يعلموا بناء على شموله لما لم يعلم جزئيته أو شرطيته كما هو الحق الثاني انه لا ريب في تحقق التقية مع
الخوف الشخصي بان يخاف على نفسه أو غيره من ترك التقية في خصوص ذلك العمل ولا يبعد ان يكتفى بالخوف من بنائه على ترك التقية في سائر
أعماله أو بناء سائر الشيعة على تركها في العمل الخاص أو مطلق العمل النوعي في بلاد المخالفين وان لم يحصل للشخص بالخصوص خوف وهو الذي
يفهم من اطلاق أوامر التقية وما ورد من الاهتمام فيها ويؤيده بل يدل عليه اطلاق قوله (ع) ليس منا من لم يجعل التقية شعاره ودثاره
مع من يأمنه ليكون سجيته له مع من يحذره نعم في حديث أبي الحسن الرضا صلوات الله عليه معاتبا لبعض أصحابه الذين صحبهم انكم تتقون
حيث لا يجب بالتقية وتتركون حيث لابد من التقية وليحمل على بعض مالا ينافي القواعد الثالث انه لو خالف التقية في محل وجوبها فقد اطلق
بعض بطلان العمل للتروك؟ فيه والتحقيق ان نفس ترك التقية في جزء العمل أو في شرطه أو في مانعه لا يوجب بنفسه الا استحقاق العقاب على
تركها فان لزم من ذلك ما يوجب بمقتضى القواعد بطلان الفعل بطل والا فلا فمن مواقع البطلان السجود على التربة الحسينية مع اقتضاء
400

التقية تركه فان السجود يقع منهيا عنه فيفسد الصلاة ومن مواضع عدم البطلان ترك التكفير في الصلاة فإنه وان حرم لا يوجب البطلان
لان وجوبه من جهة التقية لا يوجب كونه معتبرا في الصلاة لتبطل بتركه وتوهم ان الشارع أمر بالعمل على وجه التقية مدفوع بان تعلق
الامر بذلك العمل المقيد ليس من حيث كونه مقيدا بتلك الوجه بل من حيث نفس الفعل الخارجي الذي هو قيد اعتباري للعمل لاقيد شرعي
وتوضيحه ان المأمور به ليس هو الوضوء المشتمل على غسل الرجلين مما لم يعتبره الشارع في مقام الامر فهو نظير تحريم الصلاة المشتملة على
محرم خارجي لادخل له في الصلاة فان قلت إذا كان ايجاب الشئ للتقية لا يجعله معتبرا في العبادة حال التقية لزم الحكم بصحة وضوء
من ترك المسح على الخفين لأن المفروض ان الامر بمسح الخفين للتقية لا يجعله جزء فتركه لا يقدح في صحة الوضوء مع أن الظاهر عدم الخلاف في
بطلان الوضوء قلت ليس الحكم بالبطلان من جهة ترك ما وجب بالتقية بل لان المسح على الخفين متضمن لأصل المسح الواجب في الوضوء مع الغاء قيد
مماسية الماسح للممسوح كما في المسح على الجبيرة الكائنة في موضع الغسل أو المسح وكما في المسح على الخفين لأجل البرد المانع من نزعها فالتقية
انما أوجبت الغاء قيد المباشرة واما صورة المسح ولو مع الحائل فواجبة واقعا لامن حيث التقية فالاحلال بها يوجب بطلان الوضوء بنقض جزء
منه ومما يدل على انحلال المسح إلى ما ذكرنا من الصورة وقيد المباشرة قول الإمام عليه السلام لعبد الاعلى مولى آل سام؟ سئله عن كيفية
مسح من جعل على إصبعه مرارة ان هذا وشبهه يعرف من كتاب الله وهو قوله تعالى ما جعل عليكم في الدين من حرج ثم قال امسح عليه فان
معرفة وجوب المسح على المرارة الحائلة بين الماسح والممسوح من آية نفى الحرج لا يستقيم الا بان يقال إن المسح الواجب في الوضوء ينحل إلى صورة المسح
ومباشرة الماسح للممسوح ولما سقط قيد المباشرة لنفى الحرج تعين المسح من دون مباشرة وهو المسح على الحائل وكذلك فيما نحن فيه سقط قيد
المباشرة ولا يسقط صورة المسح عن الوجوب وكذلك الكلام في غسل الرجلين للتقية فان التقية انما أوجبت (بل نفس غسل الرجلين الواقع في الوضوء وتقييد الوضوء باشتماله على غسل الرجلين صح) سقوط الخصوصية سقوط المائرة بين الغسل والمسح
واما ايصال الرطوبة إلى الممسوح فهو واجب لامن حيث التقية فإذا أخل به المكلف فقد ترك جزء من الوضوء فبطلان الوضوء
من حيث ترك ما وجب لا لأجل التقية لاترك ما وجب للتقية ومما يؤيد ما ذكرنا ما ذكره غير واحد من الأصحاب من أنه لو دار الامر بين المسح
على الخفين وغسل الرجلين قدم الثاني لان فيه ايصال الماء بخلاف الأول فلو كان نفس الفعل المشتمل على القيد والمقيد انما وجب
تقية لم يعقل ترجيح شرعي بين فعلين ثبت وجوبهما بأمر واحد وهو الامر بالتقية لان نسبة هذا الامر إلى الفردين نسبة واحدة الا ان
يكون ما ذكروه فرقا اعتباريا منشاؤه ملاحظة الأسباب العقلية لكن يبقى على ما ذكرنا في غسل الرجلين انه لو لم يتمكن المكلف من المسح
تعين عليه الغسل الخفيف ولا يحضرني من افتى به لكن لا باس باعتباره كما في عكسه المجمع عليه وهو تعين المسح عند تعذر الغسل ويمكن استنباطه
من رواية عبد الاعلى المتقدمة ولو قلنا بعدم الحكم المذكور فلا باس بالتزام عدم بطلان الوضوء فيما إذا ترك غسل الرجلين الواجب
للتقية لما عرفت من أن أوامر التقية لم يجعله جزء بل الظاهر أنه لو نوى به الجزئية بطل الوضوء لان التقية لم يوجب نية الجزئية وانما أوجب
العمل الخارجي بصورة الجزء المقام الرابع في ترتب اثار الصحة على العمل الصادر تقية لامن حيث الإعادة والقضاء سواء كان العمل من
العبادات كالوضوء من جهة رفع الحدث أم من المعاملات كالعقود والايقاعات الواقعة على وجه التقية فنقول ان مقتضى القاعدة
عدم ترتيب الآثار لما عرفت غير مرة من أن أوامر التقية لا تدل على أزيد من وجوب التحرز عن الضرر واما الآثار المترتبة على العمل الواقعي
فلا نعم لو دل دليل في العبادات على الاذن في امتثالها على وجه التقية فقد عرفت انه يستلزم سقوط الاتيان به ثانيا بذلك العمل و
إما الآثار الأخر كرفع الحدث في الوضوء بحيث لا يحتاج المتوضى تقية إلى وضوء اخر بعد رفع التقية بالنسبة إلى ذلك العمل الذي توضأ له فإن كان
ترتبه متفرعا على ترتب الامتثال بذلك العمل حكم بترتبه وهو واضح إما لو لم يتفرع عليه احتاج إلى دليل اخر ويتفرع على ذلك ما
يمكن ان يدعى ان رفع الوضوء للحدث السابق عليه من اثار الامتثال الامر به بناء على أن الامر بالوضوء ليس الا لرفع الحدث واما وضوء
دائم الحدث فكونه مبيحا لا رافعا من جهة دوام الحدث لامن جهة قصور الوضوء عن التأثير وربما يتوهم ان ما تقدم من الأخبار الواردة
في أن كل ما يعمل للتقية فهو جائز وان كل شئ يضطر إليه للتقية فهى جائز يدل على ترتيب الآثار مطلقا بناء على أن معنى الجواز والمنع
في كل شئ بحسبه فكما ان الجواز والمنع في الافعال المستقلة في الحكم كشرب النبيذ
ونحوه يراد به الاثم والعدم وفى الأمور الداخلة في العبادات فعلا أو تركا يراد به الاذن والمنع من جهة تحقق الامتثال بتلك العبادات
فكذلك الكلام في المعاملات بمعنى عدم الباس وثبوته من جهة ترتب الآثار المقصودة من تلك المعاملة كما في قول الش؟ يجوز المعاملة
الفلانية أو لا يجوز وهذا توهم مدفوع بما لا يخفى على المتأمل ثم لا باس بذكر بعض الأخبار الواردة مما اشتمل على بعض الفوائد
منها ما عن الاحتجاج بسنده عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه في بعض احتجاجه على بعض وفيه وآمرك ان تستعمل التقية في دينك
401

فان الله عز وجل يقول لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله شئ الا ان تتقوا (منهم تقية صح) وقد أذنت
لك في تفضيل أعدائنا ان الجائك الخوف إليه وفى اظهار البراءة ان ملك الرجل عليه وفى ترك الصلوات المكتوبات ان خشيت على
حشاشتك الآفات والعاهات وتفضيلك أعداءنا عند خوفك لا ينفعهم ولا يضرنا وان اظهار برائتك عند تقيتك لا يقدح فينا
ولا تبرء منا ساعة بلسانك وأنت موال لنا بجنانك لتتقي على نفسك روحها التي فيها قوامها ومالها الذي به قيامها وجاهها الذي به تمكنها
وتصون بذلك من عرف من أوليائنا وإخواننا فان ذلك أفضل من أن تتعرض للهلاك وتنقطع به عن عمل في الدين وصلاح إخوانك
المؤمنين وإياك ثم إياك تترك التقية التي أمرتك بها فإنك شاخط بدمك ودماء إخوانك متعرض لنفسك ولنفسهم للزوال مذل
لهم في أيدي أعداء الدين وقد امرك الله باعزازهم فإنك ان خالفت وصيتي كان ضررك على إخوانك ونفسك أشد من ضرر الناصب لنا للكافر
بنا وفيها دلالة على أرجحية اختيار البراءة على العمل بل تأكد وجوبه لكن في اخبار كثيرة بل عن المفيد في
الارشاد انه قد استفاض عن أمير
المؤمنين (ع) أنه قال ستعرضون من بعدي على سبى فسبوني ومن عرض عليه البراءة فليمدد عنقه فان برء منى فلا دينا له ولا آخرة وظاهرها
حرمة التقية فيها كالدماء ويمكن حملها على أن المراد الاستمالة والترغيب إلى الرجوع حقيقة عن التشيع إلى النصب مضافا إلى أن المروى
في بعض الروايات ان النهى من التبري مكذوب على أمير المؤمنين (ع) وانه لم ينه عنه ففي موثقة مسعدة بن صدقة قلت لأبي عبد الله (ع)
ان الناس يروون ان عليا عليه السلام قال على منبر الكوفة أيها الناس انكم ستدعون إلى سبى فسبوني ثم تدعون إلى البراءة فلا
تبرؤا منى فقال عليه السلام ما أكثر ما يكذب الناس على علي (ع) ثم قال انما قال ستدعون إلى سبى فسبوني ثم تدعون إلى البراءة منى وانى
لعلى دين محمد صلى الله عليه وآله ولم يقل لا تبرؤا منى فقال له السائل أرأيت ان اختار القتل دون البراءة فقال والله ما ذاك عليه و
لاله الا ما مضى عليه عمار بن ياسر حيث أكرهه مكة وقلبه مطمئن بالايمان فأنزل الله تعالى الامن أكره وقليه مطمئن بالايمان
فقال النبي صلى الله عليه وآله عندها يا عمار ان عاد واقعد وفى رواية محمد بن مروان قال؟ فوالله؟ لقد علم أن هذه الآية نزلت في عمار وأصحابه الامن
أكره وقلبه إلى آخره فتبرء واحد منهما وأبى الأخر فحلى سبيل الذي تبرى وقتل الأخر فقال (ع) إما الذي تبرى فرجل فقيه في دينه واما الذي
لم يتبرى فرجل تعجل إلى الجنة وعن كتاب الكشي بسنده إلى يوسف بن عمران الميثمي قال سمعت ميثم الهرواني يقول قال لي علي بن أبي
طالب (ع) يا ميثم كيف أنت إذا دعاك دعى بنى أمية عبيد الله بن زياد إلى البراءة منى فقلت يا أمير المؤمنين انا والله لا ابرء منك قال إذا
والله يقتلك ويصلبك قال قلت اصبر فان ذلك في الله قليل
قال (ع) يا ميثم فاذن تكون معي في روضتي
بسم الله الرحمن الرحيم
العدالة لغة الاستواء كما يظهر من محكى المبسوط والسرائر أو الاستقامة كما عن جامع المقاصد ومجمع الفائدة أو هما مع كما عن الروض
والمدارك وكشف اللثام وقد اختلف الأصحاب في بيان ما هو المراد من لفظها الوارد في كلام المتشرعة بل الشارع على أقوال أحدها
وهو المشهور بين العلامة ومن تأخر عنه انها كيفية نفسانية باعثة على ملازمة التقوى أو عليها مع المروة وان اختلفوا في التعبير
عنها بلفظ الكيفية أو الحالة أو الهيئة أو الملكة ونسب الأخير في محكى النجيبية إلى العلماء وفي محكى كنز العرفان إلى الفقهاء وفي مجمع
الفائدة إلى الموافق والمخالف وفي المدارك الهيئة الواضحة إلى المتأخرين وفي كلام بعض نسب الحالة النفسانية إلى المشهور وكيف كان
فهى عندهم كيفية من الكيفيات باعثة على ملازمة التقوى كما في الارشاد أو عليها وعلى ملازمة المروة كما في كلام الأكثر بل نسبه بعض
إلى المشهور واخر إلى الفقهاء وثالثا إلى الموافق والمخالف الثاني انها عبارة عن مجرد ترك المعاصي أو خصوص الكبائر وهو الظاهر من محكى
السرائر حيث قال حد العدل هو الذي لا يخل بواجب ولا يرتكب قبيحا ومن محكى الوسيلة حيث ذكر في موضع منه ان العدالة في الدين
الاجتناب عن الكبائر وعن الاصرار على الصغائر ومن محكى أبى الصلاح حيث حكى عنه أنه قال إن العدالة شرط في قبول الشهادة وتثبت
حكمها بالبلوغ وكمال العقل والايمان واجتناب القبائح أجمع وعن المحدث المجلسي والمحقق السبزواري ان الأشهر في معناها ان لا
يكون مرتكبا للكبائر ولا مصرا على الصغاير وظاهر هذا القول انها عبارة عن الاستقامة الفعلية (في أفعاله وتروكه من دون اعتبار لكون ذلك عن ملكة؟ الثالث انها عبارة عن الاستقامة الفعلية صح) لكن عن ملكة فلا يصدق
العدل على من لم يتفق له فعل كبيرة مع عدم الملكة وهذا المعنى أخص من الأولين لان ملكة الاجتناب لا يستلزم الاجتناب وكذا ترك
الكبيرة لا يستلزم الملكة وهذا المعنى هو الظاهر من كلام والد الصدوق حيث ذكر في رسالته إلى ولده لا تصل الا خلف رجلين أحدهما
من تثق بدينه وورعه والاخر من تتقى سيفه وسوطه وهو ظاهر ولده وظاهر المفيد في المقنعة حيث قال إن العدل من كان معروفا بالدين
402

والورع والكف عن محارم الله انتهى فان الورع والكف لا يكونان الا عن كيفية نفسانية لظاهر الفرق بينه وبين مجرد الترك فتأمل وهو الظاهر من محكى
النهاية حيث إنه ذكر بمضمون صحيحة ابن أبي يعفور وكذلك الوسيلة حيث قال العدالة تحصل بأربعة أشياء الورع والأمانة والوثوق والتقوى
ونحوه المحكي عن القاضي حيث اعتبر فيها الستر والعفاف واجتناب القبايح فان الاجتناب خصوصا مع ضم العفاف إليه لا يكون بمجرد الترك و
بمعناه المحكي عن الجامع حيث اخذ في تعريف العدل الكف والتجنب للكبائر ثم إنه ربما يذكر في معنى العدالة قولان آخران أحدهما الاسلام
وعدم ظهور الفسق وهو المحكي عن ابن الجنيد والمفيد في كتاب الاشراق والشيخ في الخلاف مدعيا عليه الاجماع والثاني حسن الظاهر نسب إلى
جماعة بل أكثر القدماء ولا ريب انهما ليسا قولين في العدالة وانما هما طريقان للعدالة ذهب إلى كل منهما جماعة ولذا ذكر جماعة من
الأصحاب كالشهيد في الذكرى والدروس والمحقق في الجعفرية وغيرهما هذين القولين في عنوان ما به يعرف العدالة مع أن عبارة ابن
الجنيد المحكي عنه ان كل المسلمين على العدالة إلى أن يظهر خلافها لا يدل الا على وجوب الحكم بعدالتهم وأوضح منه كلام الشيخ في الخلاف حيث إنه
لم يذكر الا عدم وجوب البحث عن عدالة الشهود إذا عرف اسلامهما ثم احتج باجماع الفرقة واخبارهم وان الأصل في المسلم العدالة والفسق؟
طار عليه يحتاج إلى دليل نعم عبارة الشيخ في المبسوط ظاهرة في هذا المعنى فإنه قال إن العدل في اللغة ان يكون الانسان متعادل الأحوال
متساويا وفي الشريعة من كان عدلا في دينه عدلا في مروته عدلا في احكامه فالعدل في الدين ان يكون مسلما لا يعرف منه شئ من أسباب
الفسوق وفي المروة ان يكون مجتنبا للأمور التي تسقط المروة إلى اخر ما ذكر انتهى موضع الحاجة لكن الظاهر أنه أراد كفاية عدم معرفة
الفسق منه في ثبوت العدالة لا انه نفسها ولذا فسر العدالة في المروة بنفس الاجتناب لا بعدم العلم بالارتكاب هذا كله مع أنه لا
يعقل كون عدم ظهور الفسق أو حسن الظاهر نفس العدالة لان ذلك يقتضى كون العدالة من الأمور التي يكون وجودها الواقعي عين وجودها
الذهني وهذا لا يجامع كون ضده أعني الفسق أمرا واقعيا لا دخل للذهن فيه و (ح) فمن كان في علم الله مرتكبا للكبائر مع عدم ظهور
ذلك لاحد يلزم ان يكون عادلا في الواقع فاسقا في الواقع لأن المفروض ان وجودها الواقعي عين وجودها الذهني واما بطلان
اللازم فغنى عن البيان وكذا لو اطلع على أن شخصا كان في الزمان السابق مع اتصافه بحسن (الظ) لكل أحد مصرا على الكبائر
(يق) كان فاسقا ولم يطلع ولا (يق) كان عادلا فصار فاسقا عند اطلاعنا فتبين من جميع ما ذكرنا ان هذين القولين لا يعقل ان يراد
بهما بيان العدالة الواقعية ولا دليل للقائل بهما يفي بذلك ولا دلالة في عبارتهما المحكية عنهما ولا فهم ذلك من كلامهما من يعتنى به مثل الشهيد
والمحقق وابن فهد وغيرهم ثم (الظ) رجوع القول الأول إلى الثالث أعني اعتبار الاجتناب مع الملكة لاتفاقهم وصراحة مستندهم كالنصوص
والفتاوى على أنه تزول بارتكاب الكبيرة العدالة بنفسها ويحدث الفسق الذي هو ضدها و ح؟ فاما ان يبقى الملكة أم لا فان بقيت
ثبت اعتبار الاجتناب الفعلي في العدالة وان ارتفعت ثبت ملازمة الملكة للاجتناب الفعلي فمراد الأولين من الملكة الباعثة على الاجتناب
الباعثة فعلا لاما من شأنها ان يبعث ولو تخلف عنها البعث لغلبة الهوى وتسويل الشيطان ويوضحه توظيف الملكة في كلام بعضهم
بل في معقد الاتفاق بالمانعة عن ارتكاب الكبيرة فان المتبادر المنع الفعلي بغير اشكال وأوضح منه تعريفها الشهيد في باب الزكاة من
نكت الارشاد بأنها هيئة راسخة تبعث على ملازمة التقوى بحيث لا يقع منها (معها) الكبيرة ولا الاصرار على الصغيرة بناء على أن الحيثية
بيان لقوله تبعث لا قيد توضيحي للملازمة نعم يبقى الكلام في أن العدالة هل هي الملكة الموجبة للاجتناب أو الاجتناب عن ملكة أو كلاهما
حتى يكون عبارة عن الاستقامة الظاهرة في الافعال والباطنة في الأحوال وهذا لا يترتب عليه كثير فائدة انما المهم بيان مستند هذا
القول وعدم كون العدالة هي مجرد الاستقامة الظاهرية ولو من دون ملكة كما هو (ظ) من عرفت حتى يكون من علم منه هذه الصفة
عادلا وان لم يكن فيه ملكتها ويدل عليه مضافا إلى الأصل (فتأمل) والاتفاق المنقول المعتضد بالشهرة المحققة بل عدم الخلاف بناء على أنه
لا يبعد ارجاع كلام الحلى إلى المشهور كمالا يخفى والى ما دل على اعتبار الوثوق بدين امام الجماعة وورعه مع أن الوثوق لا يحصل بمجرد
تركها المعاصي في جميع ما مضى من عمره ما لم يعلم أو يظن فيه ملكة الترك واعتبار المأمونية والعفة والصيانة والصلاح وغيرها
مما اعتبر في الاخبار من الصفات النفسانية في الشاهد مع الاجماع على عدم اعتبارها زيادة على العدالة فيه وفي الامام صحيحة ابن أبي
يعفور حيث سئل أبا عبد الله (ع) وقال بم يعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتى يقبل شهادته لهم وعليهم (فق) ان يعرفوه بالستر و
العفاف وكف البطن والفرج واليد واللسان وتعرف باجتناب الكبائر التي اوعدها الله عليها النار إلى آخره فان الستر والعفاف والكف
قد وقع مجموعها المشتمل على الصفة النفسانية معرفا للعدالة فلا يجوز ان يكون أخص منها بل لابد من مساواته وقد يكون أعم إذا كان
من المعرفات الجعلية كما جعل (ع) في هذه الصحيحة الدليل على هذه الأمور كون الشخص ساترا لعيوبه ودعوى ان (ظ) السؤال وقوعه عن الامارة
403

المعرفة للعدالة بعد معرفة مفهومها تفصيلا والصفات المذكورة ليست امارة بل هي على هذا القول عينها فيدور الامر بين حمل السؤال
على وقوعه عن المعرف المنطقي لمفهومها بعد العلم اجمالا وهو خلاف (ظاهر السؤال وبين خلاف صح) ظ؟ اخر وهو حمل الصفات المذكورة على مجرد ملكاتها فتكون ملكاتها
معرفة وطريقا للعدالة و ح؟ فلا يصلح ان يراد بها الا نفس اجتناب الكبائر المسبب عن ملكة العفاف والكف وهو القول الثاني مدفوعة أولا
يبعد إرادة مجرد الملكة من الصفات المذكورة بخلاف إرادة المعرف المنطقي (الش‍) لمفهوم العدالة فإنه غير بعيد خصوصا بملاحظة ان طريقية ملكة
ترك المعاصي لتركها ليست أمرا مجهولا عند العقلاء محتاجا إلى السؤال وخصوصا بملاحظة قوله فيما بعد والدليل على ذلك كله ان يكون ساترا لعيوبه
فإنه على ما ذكر يكون امارة على امارة فيكون ذكر الامارة الأولى أعني الملكة خالية عن الفائدة مستغنى عنها بذكر امارتها اذلا حاجة
غالبا إلى ذكر امارة تذكر لها امارة أخرى بخلاف ما لو جهل؟ الصفات المذكورة عين العدالة فان المناسب بل اللازم ان يذكر لها طريق
أظهر وأوضح للناظر في أحوال الناس ويؤيد ما ذكرنا انه لا معنى محصل ح؟ لقوله (ع) بعد الصفات المذكورة وتعرف باجتناب الكبائر التي
أو عدها الله عليها النار لان الضمير في تعرف إما راجع إلى العدالة بان يكون معرفا (واما راجع إلى الشخص بان يكون من تتمة المعرف الأول واما ان يكون راجعا إلى المستتر وما عطف عليه ليكون معرفا صح) (مستقلا صح)؟ للمعرف وقوله والدليل على ذلك معرفا ثالثا وهو
أبعد الاحتمالات وعلى أي تقدير فلا يجوز ان يكون امارة على العدالة لأنه على هذا القول نفس العدالة والحاصل ان الأمور الثلاثة المذكورة
من قبيل المعرف المنطقي للعدالة لا المعرف الشرعي في اصطلاح الأصوليين ثم إن المراد بالستر هنا غير المراد به في قوله (ع) فيما بعدم الدليل على
ذلك كله الخ؟ والا لم يعقل ان يكون أحدهما طريقا للاخر بل المراد بالستر هنا ما يرادف الحياء والعفاف قال في الصحاح رجل ستير أي عفيف
وجارية ستيرة فكان المراد بالستر هنا الاستحياء من الله وبالستر فيما بعد الاستحياء من الناس ولذا ذكر القاضي ان العدالة تثبت بالستر والعفاف
واجتناب القبايح أجمع بقى الكلام في بيان الاظهر من الاحتمالات الثلاثة المتقدمة في قوله (ع) ويعرف باجتناب الكبائر الخ؟ وان الاجتناب هل هي
تتمة للمعرف أو معرف له أو للمعرف بالفتح لكن الثاني في غاية البعد سواء حمل المعرف على المنطقي أو على الشرعي إما على الأول فلعدم كون
الأمور المذكورة أمورا عرفية متساوية في البيان لمفهوم الاجتناب فلا يحسن جعله طريقا إليها أو شارحا لمفاهيمها والثالث (ايض‍)
بعيد بناء على اخر ف؟ المنطقي والشرعي لأنه ان أريد باجتناب الكبائر الاجتناب عن ملكة فليس أمرا مغايرا للمعرف الأول فذكره كالتكرار وان
أريد نفس الاجتناب ولولا عن ملكة فلا معنى لجعله معرفا منطقيا بعد شرح مفهوم العدالة أولا بما يتضمن اعتبار الملكة في الاجتناب
والحاصل ان جعله معرفا منطقيا فاسد لأنه إما ان يراد من المعرفين كليهما معنى واحد واما ان يراد من كل منهما معنى وعلى الأول يلزم التكرار
وعلى الثاني يلزم تغاير الشارحين لمفهوم واحد وكذا لا يجوز جعله معرفا شرعيا لان حاصله يرجع إلى جعل نفس الاجتناب طريقا إلى
كونه عن ملكة وهذا بعيد لوجهين أحدهما ان معرفة الاجتناب عن جميع الكبائر ليس بأسهل من معرفة الملكة بل معرفة الملكة أسهل من معرفة
الاجتناب فلا يناسب جعله معرفا لها الثاني انه جعل الدليل على ذلك كله ان يكون ساترا لجميع عيوبه حتى يحرم على المسلمين تفتيش ما وراء
ذلك من عثراته فسر العيوب عن الناس قد جعل طريقا ظاهريا ومن المعلوم ان جعل الاجتناب الواقعي طريقا مستدرك بعد جعل عدم العلم بالارتكاب
طريقا بل اللازم جعله طريقا من أول الأمر لان جعل الأخص طريقا بعد جعل الأعم مستدرك وهذا كما يق؟ ان امارة العدالة عند الجهل بها
الايمان الواقعي وعلامة الايمان الواقعي عند الجهل به الاسلام فان جعل الايمان طريقا مستغنى عنه بل لازم قوله (ع) حتى يحرم على المسلمين
تفتيش ما وراء ذلك أنه لا يجوز التوصل بالامارة الأولى وهو الاجتناب الواقعي لأنه يتوقف على الفحص عن أحواله فثبت من جميع ذلك أن
أظهر الاحتمالات المتقدمة هو كونه تتمة للمعرف بان يجعل المراد بكف البطن والفرج واليد واللسان كفها عن المعاصي الخاصة التي
يتبادر عند اطلاق نسبة المعصية إلى إحدى الجوارح و ح؟ فيكون قوله وتعرف باجتناب الكبائر من قبيل التخصيص بعد التعميم والتقييد
بعد الاطلاق تبينها على أن ترك مطلق المعاصي غير معتبر في العدالة ثم المشهور بين من تأخر عن العلامة اعتبار المروة في مفهوم
العدالة حيث عرفوها بأنها هيئة راسخة تنبعث على ملازمة التقوى والمروة وهو الذي يلوح من عمارة المبسوط حيث ذكر ان العدالة
في اللغة ان يكون الانسان متعادل الأحوال متساويا وفي الشريعة من كان عدلا في دينه عدلا في مروته عدلا في احكامه بناء على أن المراد بالعدالة
في الدين والمروة والاحكام الاستقامة فيها واما كلام غير الشيخ ممن تقدم على العلامة فلا دلالة فيه بل ولا اشعار على ذلك
نعم ذكره ابن الجنيد في شرائط قبول الشهادة وكذا أبى حمزة في موضع من الوسيلة بل كلامه الأخير المتقدم في صدر المسألة لكلامي
المفيد والحلى المتقدم ذكرهما دال على عدم اعتبارها واما الصدوقان فهما وان لم يفسرا؟ العدالة الا ان كلامهما المتقدم من أنه لا يصلى
الا خلف رجلين ظ؟ في عدم اعتبار المروة في العدالة بناء على أن اعتبار العدالة في الامام منفق عليه نعم قد اخذ القاضي الستر
والعفاف في العدالة بناء على ما سيأتي من أنه لا يبعد استظهار اعتبار المروة من هذين اللفظين وذكر في الجامع ان الذي يقبل
404

شهادته هو البالغ العاقل المسلم العفيف الفعلي المجتنب عن القبائح الساتر لنفسه فان جعلنا الفصول صفة تقييدية كان العفة التي
عرفت امكان استظهار المروة منها مأخوذة في عدالة الشاهد دون عدالة الامام ومستحق الزكاة والا كانت مأخوذة في
مطلق العدالة وممن لم يعتبر المروة في العدالة المحقق في الشرائع والنافع وتبعه العلامة في الارشاد وولده في موضع من الايضاح
وعرف الشهيد في نكت الارشاد العدالة في كلام من اعتبرها في مستحق الزكاة بأنها هيئة تبعث على ملازمة التقوى وظاهره ان العدالة
تطلق في الاصطلاح على مالا يؤخذ فيه المروة والحاصل انه لو ادعى المتتبع ان المش؟ بين من تقدم على العلامة عدم اعتبار المروة في العدالة
خصوصا المعتبرة في غير الشاهد لم يستبعد ذلك منه لما عرفت من كلمات من عدا الشيخ واما الشيخ فالعدالة المذكورة في كلامه لا ينطبق
على ما ذكره المتأخرون لأنه اخذ فيه الاسلام والبلوغ والعقل وهذا ليس معتبرا عند المتأخرين وإن كان العادل عندهم من افراد
البالغ العاقل المسلم لكن الاسلام والكمال ليسا جزء للعدالة عندهم ولذا يذكرون البلوغ والعقل والاسلام على حده فالظ؟
انه أراد بالعدالة صفة جامعة للشرائط العامة لقبول الشهادة وكيف كان فالمتبع هو الدليل وينبغي الجزم بعدم اعتبارها في
العدالة المعتبرة في الامام وان المعتبر فيه العدالة والاستقامة في الدين لان الدليل على اعتبار العدالة في الامام إما الاجماعات (المنقولة واما الروايات إما الاجماعات صح)
فلا ريب انها ظاهرة في العدالة في الدين المقابلة للفسق الذي هو الخروج عن طاعة الله مع أن الخلاف في اخذ المروة في العدالة
يوجب حمل العدالة في كلام مدعى الاجماع على العدالة في الدين ويؤيده انه لو كان المراد العدالة المطلقة التي تقدم تفسيرها
من المبسوط لم يحتج إلى اعتبار البلوغ والعقل في الامام مستقلا ودعوى ان دعوى الاجماع انما وقعت
من المتأخرين الذين أخذوا المروة في العدالة وكلام مدعى الاجماع يحمل على ما اللفظ ظاهر فيه عنده مدفوعة بعد تسليم ما ذكر
كلية بان الاجماع إذا فرض دعواه على العدالة المأخوذة فيها المروة فهى موهونة بمصير جل القدماء كما عرفت على خلافه وإن كانت
المستند الروايات فنقول انها بين ما دل على اعتبار العدالة والظ؟ منها هي الاستقامة في الدين لأنها الاستقامة المطلقة
في نظر الشارع فان التحقيق ان العدالة في كلام الشارع وأهل الشرع يراد بها الاستقامة لكن الاستقامة المطلقة في نظر الش؟
هو الاستقامة على جادة الشرع وعدم الميل عنها وان قلنا إنها منقولة من الأعم إلى الأخص لكن نقول إن التبادر منها الاستقامة
من جهة الدين لا من جهة العادات الملحوظة عند الناس حسنا أو قبيحا وغاية ما يمكن ان يستدل لاعتبارها في العدالة المستعملة
في كلام الشارع صحيحة ابن أبي يعفور ومحل الدلالة يمكن ان يكون فقرات الأولى قوله بان يعرفوه بالستر على أن يكون المراد
منه ستر العيوب الشرعية والعرفية الثانية قوله (ع) وكف البطن والفرج واليد واللسان بناء على أن منافيات المروة غالبا من
شهوات الجوارح الثالثة قوله (ع) والدال على ذلك كله ان يكون ساترا لعيوبه وقد تمسك بكل واحد من الفقرات بعض من
عاصرناهم وفي الكل نظ؟ إما الفقرة الأولى فلما عرفت سابقا من أن المراد بالستر ليس هو الستر الفعلي وانما يراد به صفته المرادفة
للعفاف كما سمعت من الصحاح كيف وقد جعل ستر العيوب بعد ذلك دليلا على العدالة فيلزم اتحاد الدليل والمدلول مضافا إلى أن المتبادر
من الستر تعلقه بالعيوب الشرعية دون العرفية فلا يفيد حذف المتعلق العموم وبهذا يجاب عن الفقرة الثانية فان الظ؟ من كف الجوارح
الأربع كفها عن معاصيها لا مطلق ما تشتهيها واما الفقرة الثالثة ففيها أو لا ان المتبادر من العيوب هي ما تقدم في الفقرة
السابقة مما اخذ تركها في مفهوم العدالة لا مطلق النقايض في الكبائر والصغائر والمكروهات المنافية للمروة والا لزم تخصيص
الأكثر إذ الكبائر ومنافيات المروة في جنب غيرهما الذي لا يعتبر في العدالة تركها ولا في طريقها سترها كالقطرة في جنب البحر فلا
بد من حمله على المعهود المتقدم في الفقرات السابقة فكان الإمام (ع) لما عرف العدالة بملكة الكف والتعفف عن الكبائر جعل سترها
عند المعاشرة والمخالطة طريقا إليها وثانيا ان غاية ما يدل عليه هذه الفقرة كون ستر منافيات المروة من تتمة طريق
العدالة لا مأخوذة في نفسها فيكون فيه دلالة على أن عدم ستر منافيات المروة وظهورها عند المعاشرة والمخالطة لا يوجب
الحكم ظاهرا بعدالة الرجل التي تقدم معناها في الفقرات السابقة ولا يلزم من هذا انا لو اطلعنا على ذلك المعنى بحيث لا يحتاج
إلى الطريق الشرعي وعلمنا منه صدور منافيات؟ المروة لم يحكم بعدالته لان الوصول إلى ذي الطريق يغنى عن الطريق ففي الرواية دلالة
على التفصيل الذي ذكره بعض متأخري المتأخرين من أنه لو كشف فعل منافى المروة عن قلة المبالاة في الدين بحيث لا يوثق معه بالتحرز
عن الكبائر والإصرار على الصغائر كان معتبرا والا فلا وهذا التفضيل غير بعيد لكنه في الحقيقة ليس تفصيلا في مسألة اعتبار
المروة في نفس العدالة بل قول بنفيه مط؟ الا انه يوجب الوهن في حسن الظ؟ الذي هو طريق إليها ثم إن الذي يخطر بالبال انه ان
405

كان ولابد من فهم اعتبار المروة من الصحيحة بناء على أن المذكور فيه حد لها لابد من أن يكون مطردا فترك التعرض لاعتبار ما يعتبر
فحل؟ بطردها فالأنسب ان يق؟ ان ذلك انما يستفاد من لفظي الستر والعفاف الراجعين إلى معنى واحد كما عرفت من قول الصحاح رجل الخ؟ فيكون
المراد بالستر ما عد في الحديث المشهور المذكور في أصول الكافي في باب جنود العقل والجهل مقابلا للتبرج المفسر في كلام بعض محققي
شراح أصول الكافي بالتظاهر بما يقبح ويستهجن في الشرع أو العرف ولا ريب ان منافيات المروة مما يستهجن في العرف فهى منافية للستر والعفاف
بذلك المعنى وقد ذكر بعضهم في عدالة القوة الشهوية المسماة بالعفة ان ما يحصل من عدم تعديلها عدم المروة وظاهره ان المروة لازمة
للعفاف ثم إن المروة على القول باعتبار ما في العدالة مثل التقوى المراد بها عندهم اجتناب الكبائر والإصرار على الصغائر ففعل منافيها
يوجب زوال العدالة بمجرده من غير حاجة إلى تكرره كارتكاب الكبيرة لأنه لازم تفسيرهم للعدالة بالملكة المانعة من مجانبة الكبائر ومنافيات
المروة أو الباعثة على ملازمة التقوى والمروة وقد عرفت ان المراد بالبعث أو المنع الفعلي لا الشانئ نعم ربما يكون بعض الأفعال لا ينافي
المروة بمجرده ولذا قيدوا منافيات الاكل في الأسواق بصورة غلبة وقوع ذلك منه وانه لا يقدح وقوعه نادرا وللضرورة أو من السوقي
فمعناه بقرينة عطف الضرورة والسوقي انه لا ينافي المروة لا انه مع منافاة المروة لا يوجب زوال العدالة بمجرده نعم فرق بين التقوى والمروة
وهو ان مخالفة التقوى يوجب الفسق بخلاف مخالفة المروة فإنها توجب زوال العدالة دون الفسق ففاقد المروة إذا كانت فيه ملكة
اجتناب الكبائر واسطة بين العادل والفاسق ومن جميع ما ذكرنا يظ؟ ما في كلام بعض سادة مشايخنا حيث إنه بعد ما أثبت اعتبار المروة
بالفقرة الثالثة المتقدمة من الصحيحة قال بقى الكلام في أن منافيات المروة هل توجب الفسق بمجردها كالكبائر أو بشرط الاصرار والاكثار
كالصغائر أو تفصيل بين مثل تقبيل الزوجة في المحاضر وبين مثل الاكل في الأسواق وهذا هو المختار ثم استشهد بكلام جماعة ممن
قيد الاكل في السوق بالغلبة أو الدوام ويمكن تأويل أول كلامه بان المراد من الفسق مجرد عدم العدالة دون الفسق المتكرر في كلام
الش؟ والمتشرعة لكنه بعيد وابعد منه توجيه كلامه فيما ذكره من الوجوه الثلاثة في زوال العدالة بمنافيات المروة بان المراد ما
ينافيها بحسب الأعم من المرة والاكثار ومعناه ان ما ينافي المروة بجنسه هل يزيل العدالة بمجرده أو بشرط الاكثار وهو كما ترى ثم إنه
قد تلخص مما ذكرنا من أول المسألة إلى هنا ان الأقوى الذي عليه معظم القدماء والمتأخرين هو كون العدالة عبارة عن صفة نفسانية
توجب التقوى والمروة أو التقوى فقط على ما قويناه وعرفت (ايض‍) ان القول بأنها عبارة عن الاسلام وعدم
ظهور الفسق غير ظ؟ من كلام
أحد من علمائنا وإن كان ربما نسب إلى بعضهم كما عرفت وعرفت ما فيه وكذلك القول بأنها عبارة عن حسن الظ؟ غير مصرح به في كلام أحد
من علمائنا وان نسبه بعض متأخري المتأخرين إلى كثير بل الأكثر بل إلى الكل وكيف كان فالمتبع هو الدليل وان لم يذهب إليه الا قليل
وقد عرفت الأدلة بقى الكلام في ما اورده على القول بالملكة وهي أمور منها ما ذكره المولى الأعظم وحيد عصره في مفاتيح على ما حكاه
عنه بعض الأجلة من أن حصول الملكة بالنسبة إلى كل المعاصي بمعنى صعوبة الصدور لا استحالته فربما يكون نادرا بالنسبة إلى نادر
من الناس ان فرض تحققه ويعلم ان العدالة مما تعم به البلوى ويكثر إليه الحاجات في العبادات والمعاملات والايقاعات فلو كان الامر
كما يقولون لزم الحرج واختل النظام مع أن القطع حاصل بان في زمان الرسول والأئمة (على) ما كان الامر على هذا النهج بل من تتبع الأخبار الكثيرة
يحصل القطع بان الامر لم يكن كما ذكروه في الش؟ ولا في امام الجماعة ويؤيده ما ورد في أن امام الصلاة إذا أحدث أو حدث له مانع
اخر اخذ بيد اخر واقامه مقامه انتهى وقال السيد الصدر في شرح الوافية بعد ما حكى عن المتأخرين ان العدالة هي الملكة الباعثة
على التقوى والمروة ما لفظه إما كون هذه الملكة عدالة فلا ريب فيه لان الوسط بين البلادة والجزبرة؟ يسمى حكمة وبين افراط
الشهوة وتفريطها هي العفة وبين الظلم والانظلام هي الشجاعة فإذا اعتدلت هذه القوى حصلت كيفية وحدانية شبيهة بالمزاج
كأنها يحصل من الفعل والانفعال بين طرفي هذه القوى وانكسار سورة كل واحدة منها وبعد حصولها يلزمها التقوى والمروة واما اشتراط
تحقق هذا المعنى حيث اعتبر الشارع العدالة فلم اطلع على دليل ظني لهم فضلا عن القطعي وصحيحة ابن أبي يعفور عليهم لا لهم كما قيل نعم لا
يحصل لنا الاطمينان التام في اجتناب الذنب في الواقع الا فيمن يعلم أو يظن حصول تلك الملكة فيه وهذا يقرب اعتبارها ولكن يبعده ان
هذه الصفة الحميدة يكون في الأوحدي الذي لا يسمع الدهر مثله الا نادرا لان التعديل المذكور يحتاج إلى مجاهدات شاقة مع تأييد
رباني والاحتياج إلى العدالة عام لازم في كل طائفة من كل فرقة من سكان البر والبحر حفظا لنظام الشرع ثم قال لايق؟ ان الش؟
وان اعتبر الملكة ولكنه جعل حسن الظ؟ مع عدم عثور الحاكم أو المأموم على فعل الكبيرة والإصرار على الصغيرة علامة لها وهذا يحصل في
أكثر الناس لأنا نقول إن اعتبر القائل بالملكة فيما يعرف به العدالة هذا الذي قلت فلا ثمرة للنزاع في أن العدالة ما إذا؟ انتهى موضع
406

الحاجة والجواب عن ذلك كله انا لا نعنى؟ بقول؟ العدالة هيئة راسخة أو ملكة أو هيئة نفسانية الا الصفة النفسانية الحاصلة
من خشية الله بحيث يردعه عن المعصية (توضيح ذلك أن ترك المعاصي قد يكون العدم الابتلاء بها وقد مع الابتلاء بالمعصية للدواعي النفسانية لا لخوف الله وقد يكون لحالة خوف حاصلة فيه على
سبيل الاتفاق يمنعه عن الاقدام على المعصية صح) حتى أنه إذا ترك في زمان طويل معاصي كثيرة ابتلى بها كان الترك في كل مرة مستند؟ إلى حالة
اتفقت له في ذلك الزمان وقد يكون ترك المعاصي لحالة واحدة مستمرة في الزمان الذي يبتلى فيه بالمعاصي وهذا الرابع هو المقصود
من الصفة النفسانية أو الصفة الراسخة في مقابل الغير الراسخة الموجودة في الثالث قال العلامة في نهاية الأصول على ما حكى عنه في بيان
طرق معرفة العدالة الأول الاختبار بالصحبة المتأكدة والملازمة بحيث يظ؟ له أحواله ويطلع على سريرة امره بتكرار المعاشرة حتى
يظ؟ له من القرائن ما يستدل به على خوف في قلبه مانع عن الكذب والاقدام على المعصية انتهى ثم إن العبرة بكون تلك الحالة باعثة هو
الحال المتعارف للانسان دون حالة كماله فقد تعرض المشخص حالة كأنه لا يملك من نفسه مخالفة الشهوة والغضب لقوة قهر القوة
الشهوية أو الغضبية وغلبتهما وعليه يحمل ما حكى عن المقدس الأردبيلي من أنه سئل عن نفسه إذا ابتليت بامرأة مع استجماع جميع ماله
دخل في رغبة النفس إلى الزنا فلم يجب قده بعدم الفعل بل قال اسئل الله ان لا يبتليني بذلك فان عدم الوثوق بالنفس في مثل هذه الفروض
الخارجة عن المتعارف لا يوجب عدم الملكة فيه إذ مراتب الملكة في القوة والضعف متفاوتة يتلو اخرها العصمة والمعتبر في العدالة
أدنى المراتب وهي الحالة التي يجد الانسان بعد مدافعة الهوى في أول الأمر وان صارت مغلوبة بعد ذلك ومن هنا تصدر الكبيرة عن ذي الملكة
كثيرا وكيف كان فالحالة المذكورة غير عزيزة في الناس ليس في الندرة على ما ذكره الوحيد البهبهاني بحيث يلزم من اشتراطه والغاء ما
عداه اختلال النظام وكيف يخفى على هؤلاء ذلك حتى يعتبروا في العدالة شيئا يلزم منه بحكم الوجدان ما هو بديهي البطلان إذ المفروض
انه لاخفاء في الملازمة ولا في بطلان اللازم وهو الاختلال بل الانصاف ان الاقتصار على ما دون هذه المرتبة يوجب تضييع حقوق
الله وحقوق الناس وكيف يحصل الوثوق في الاقدام على ما إناطة الش؟ بالعدالة بمن لا يظن فيه ملكة ترك الكذب والخيانة فيمضى قوله
في دين الخلق ودنياهم من الأنفس والأموال والاغراض ويمضى فعله على الأيتام والغيب؟ والفقراء والسادة قال بعض السادة ان الشريعة
المنيعة التي منعت من اجراء الحد على من أقر على نفسه بالزنا مرة بل ثلثا كيف يحكم بقتل النفوس واهراقهم وقطع أياديهم وحبسهم واخذ أموالهم
وأرواحهم بمجرد شهادة من يجهل حاله من دون اختبار واما ما ذكره السيد الصدر من كون الملكة عبارة عن تعديل القوى الثلث قوة
الادراك وقوة الغضب وقوة الشهوة وان العدالة تتوقف على الحكمة والعفة والشجاعة فلا أظن أن الفقهاء يلتزمون ذلك في العدالة
كيف وظ؟ تعريفهم له بالحالة النفسانية ينطبق على الحالة التي ذكرناها وهي الموجودة في كثير من الناس ودعوى ان ادخالهم المروة في مدخول
الملكة وجعلهم العدالة هي الملكة الجامعة بين البعث على التقوى والبعث على المروة ظ؟ في اعتبار أزيد من الحالة النفسانية المذكورة
التي ذكر انها تنشأ من خشية الله (تع‍) فان هذه الحالة لا تبعث الا على مجانبة الكبائر والإصرار على الصغائر ولا تبعث على مراعاة المروة
مدفوعة أولا بما عرفت من أن الأقوى خروج المروة عن مفهوم العدالة وثانيا ان اعتبار الملكة الجامعة بين البعث على التقوى والمروة
ظ؟ ههنا؟ في اعتبار أزيد من الحالة إلى غير ما ذكره السيد (ايض‍) لان المراد منها الاستحياء والتعفف فيما بينه وبين الله وبين الناس وهذا (ايض‍) كثير
الوجود في الناس بل الاستحياء عن الخلق موجود في أكثر الخلق فكما ان علماء الأخلاق عبروا عن تعديل القوى الثلث بالعدالة فكك؟
الفقهاء عبروا عن الاستحياء عن الخالق والمخلوق بالعدالة لأنها استقامة على حادتي الشرع والعرف وخلافه خروج؟ عن إحدى الحادتين
هذا مع أن جعل حسن الظ؟ بل مطلق الظن طريقا إلى هذه الصفة أوجب تسهيل الامر في الغاية حتى كاد لا يرى ثمرة لجعل العدالة هي الملكة
كما تقدم من السيد الصدر فكيف يتفاوت الامر في اختلال النظام واستقامته بين جعلها حسن الظ؟ وبين جعلها الملكة وجعل حسن
الظ؟ طريقا إليها ومنها ان الحكم بزوال العدالة عند عروض ما ينافيها من معصية أو خلاف مروة ورجوعها بمجرد التوبة ينافي كون العدالة
هي الملكة وما يق؟ في الجواب من أن الملكة لا تزول بمخالفة مقتضاها في بعض الأحيان الا ان الش؟ جعل الأثر المخالف لمقتضاها مزيلا
لحكمها بالاجماع وجعل التوبة رافعة لهذا المزيل فالامر تعبدي ففيه انه مخالف لتصريحهم والزوال والعود والجواب ما تقدم من أن العدالة
ليست عندهم هي الملكة المقتضية للتقوى لا بقيد الخلو والمروة المجامعة لما يمنع مقتضاها لان قولهم ملكة تبعث أو تمنع يراد بها
البعث والمنع الفعلي ويدل عليه ما مر عن نكت الارشاد على أظهر احتماليه فالملكة إذا لم يكن معها المنع الفعلي ليست عدالة ولو أبيت
الا عن ظهور؟ عبائرهم في كون العدالة هي الملكة المقتضية لا بقيد الخلو عن المعارض والمانع فيكفي في إرادة الملكة المقتضية الخالية
عن المانع تصريح نفس أرباب الملكة كغيرهم بان نفس العدالة تزول بمواقعة الكبائر ولذا ذكرنا انه لا قائل بكون العدالة مجرد الملكة
عن غير اعتبار المنع الفعلي واما التوبة فهى انما ترفع حكم المعصية وتجعلها كغير الواقع في الحكم فزوال العدالة بالكبيرة حقيقي و
407

عودها بالتوبة تعبدي بل سيجيئ ان الندم على المعصية عقيب صدورها يعيد الحالة السابقة وهي الملكة المتصفة بالمنع إذ لا فرق
حقيقة بين من يمنعه ملكته عن ارتكاب المعصية وبين من توجب عليه تلك الملكة الندم على ما مضى منه فحالة الندم بعينها هي الحالة
المانعة فعلا لان الشخص حين الندم على المعصية من حيث إنها معصية كما هو معنى التوبة يمتنع صدور المعصية منه فالشخص النادم متصف
بالملكة المانعة فعلا بخلاف من لم يندم فت؟ ومنها ان ما اشتهر بينهم من تقديم الجارح على المعدل عند التعارض لا يتأتى الا على
القول بان العدالة هي حسن الظ؟ واما على القول بأنها الملكة فلا يتجه لان المعدل انما ينطق عن علم حصل له بعد طول المعاشرة والاختبار
أو بعد الجهد في تتبع الآثار فيبعد صدور الخطأ منه ويرشد إلى ذلك تعليلهم تقديم الجرح بانا إذا أخذنا بقول الجارح فقد صدقناه
وصدقنا المعدل لأنه لا مانع من وقوع ما يوجب الجرح والتعديل بان يكون كل منهما اطلع على ما يوجب أحدهما وأنت خبير بان المعدل
على القول بالملكة انما يخبر عن علم بالملكة وما هو عليه في نفس الامر والواقع ففي تقديم الجرح ح؟ وتصديقهما معا جمع بين النقيضين
فت؟ والجواب ان عدم الكبيرة مأخوذ في العدالة اجماعا على ما تقدم إما لكونه قيدا للملكة على ما اخترناه واما لاخذه في العدالة بدليل
الاجماع والنص كيف ولو لم يكن مأخوذة لم يكن الجارح معارضا له أصلا وكيف كان فاعتماد المعدل على هذا الامر العدمي المأخوذ في تحقق
العدالة ليس الا على أصالة العدم أو أصالة الصحة أو قيام الاجماع على أن العلم بالملكة المجردة طريق ظاهري للحكم بتحقق ذلك الامر العدمي
(والحاصل ان الاجماع منعقد بل النص على أنه يكفي في الشهادة على العدالة بعد
العلم بالملكة أو حسن الظاهر على الخلاف في معناها عدم العلم بصدور الكبيرة
عنه ولا يعتبر علمه أو ظنه بأنه لم يصدر عنه كبيرة إلى زمان أداء الشهادة وعلى
هذا فاحد جزئي الشهادة وهو تحقق ذلك الامر العدمي صح متن)
ثابت بالطريق الظاهري وهو مستند شهادته ومن المعلوم ان شهادة الجارح حاكمة على هذا الطريق الظاهري فان تعارضهما انما
هو باعتبار تحقق هذا الامر وعدم تحققه والا فلعل الجارح (ايض‍) لا ينكر الملكة بل يعترف بها في متن الشهادة فالمقام على ما اخترناه
من اخذ الاجتناب عن الكبيرة قيدا للملكة نظير شهادة إحدى البنيتين على أنه ملكه قد اشتراه من المدعى تعويلا على أصالة صحة الشراء و
شهادة البينة الأخرى انه ملك للاخر مستندا إلى فساد ذلك الشراء لوجود مانع من موانع الصحة وعلى القول بكونه مزيلا للعدالة بالدليل
الخارجي يكون نظير شهادة إحديهما بملكه لأحدهما وشهادة الأخرى بانتقاله عنه إلى الأخر فالمعدل يقول إنه ذو ملكة لم اطلع على
صدور كبيرة منه والجارح يقول قد اطلعت على صدور المعصية الفلانية فشهادة المعدل مركبة من أمر وجودي وعدمي وشهادة الجرح يدل
على انتفاء ذلك الامر العدمي فالتعارض انما هو في الجزء الأخير ومن المعلوم كونهما من قبيل النافي والمثبت نعم لو اعتبرنا في التعديل الظن
بعدم صدور الكبيرة كان التعارض على وجه لا يمكن الجمع فلا بد إما من ترجيح الجارح لاستناده إلى القطع الحسى بخلاف المعدل فإنه مستند
إلى الظن الحدسي واما من التوقف عن الحكم بالعدالة والفسق والرجوع إلى الأصل كما أنه لو اعتبر في التعديل العلم أو الظن بكون الشخص
بحيث لو فرض صدور كبيرة عنه بادر إلى التوبة البتة كان المناسب تقديم المعدل لان غاية الجرح صدور
المعصية لكن المعدل يظن أو يعلم
بصدور التوبة عقيب المعصية على فرض صدورها فكان الجارح مستند في تفسيقه إلى صدور الكبيرة وعدم العلم بالمزيل وهو التوبة
والمعدل وان لم يشهد بعدم صدور المعصية الا انه يشهد بالتوبة على فرض صدور المعصية ومنها ما ذكره في مفتاح الكرامة من
اطباق الأصحاب الا السيد والإسكافي على صحة صلاة من صلى خلف من تبين كفره أو فسقه وبه نطقت الاخبار أقول لم افهم وجه منافاة
هذا الحكم لكون العدالة هي الملكة دون حسن الظ؟ ولم لا يجوز ان يكون العدالة كالاسلام أمرا واقعيا يستدل عليه بالآثار الظاهرة
ويعتمد فيه عليها فإذا تبين الخطأ بعد ترتيب الأثر (يحكم الشارع بمضي تلك الآثار صح) وعدم انتقاضها فان قلت مقتضى ظهور الأدلة في كون العدالة شرطا واقعيا
بانضمام ما دل على صحة الصلاة مع ثبوت الفسق ان يكون العدالة أمرا ظاهريا غير قابل لانكشاف الخلاف لا الملكة الواقعية والا
لوجب إما صرف أدلة اشتراط تحققها في الواقع عن ظاهرها وجعلها من الشروط العلمية واما ابقائها على ظاهرها من كونها شرطا
واقعيا وصرف أدلة كون العدالة الواقعية شرطا في صحة الصلاة الخالية عن الفاتحة وغيرها من خواص المنفرد إلى كونها شرطا علميا
وكلاهما مخالفان للأصل قلت أو لا انه قد تقدم انه لا يمكن ان يكون العدالة أمرا ظاهريا مثل حسن الظ؟ ونحوه مع كون الفسق أمرا
واقعيا والا خرجا عن التضاد لاجتماعهما ح؟ فيمن حسن ظاهره وفرض فاسقا في الواقع مع أن تضادهما من بديهيات العرف فإنهم لا يحكمون
بحدوث الفسق من حين الاطلاع على قبح الامام بل يقولون إنه تبين فسقه ولذا عبروا في المسألة المتقدمة بقولهم إذا تبين فسق
الامام وثانيا انه لو سلمنا امكان تعقله من كون نفس العدالة الواقعية حسن الظاهر وان فرض فسقه واقعا لكن نقول إن الحكم
بالصحة لا يدل على عدم كونها هي الملكة ولو بضميمة أدلة اشتراطها في كونها شرطا واقعيا لان الدليل على اشتراط العدالة إما
الاجماع واما الأخبار المتقدمة إما الاجماع فهو انما حصل بانضمام فتوى القائلين بالملكة ومعلوم انهم يجعلونها شرطا علميا
نعم أرباب حسن الظ؟ يجعلونه شرطا واقعيا هذا كله مع أن معقد اجماع المعتبر هو اعتبار ظهور العدالة لا اعتبار نفسها قال ظهور العدالة
408

معتبر عند علمائنا وظاهره كونه شرطا علميا عند الكل وهذا الكلام من المحقق يدل على أن العدالة عنده أمر واقعي قد يظ؟ وقد لا يظ؟ ولا ينطبق
الا على الملكة و ح؟ فيصير عنده وعند غيره شرطا واقعيا واما الاخبار فما دل منها على اعتبار مفهوم العدالة ظ؟ في صورة العلم إذ ليس فيها الا
انه إذا كان الامام عادلا فعل كذا فلاحظ وتأمل مع أنه صحة صلاة المأموم ليست اجماعية فقد خالف السيد المرتضى في المسألة بناء
على أن العدالة شرط واقعي تبين انتفاؤها واجتح القائل بالصحة بأنها صلاة مشروعة في ظ؟ الحكم فهى مجزية ثم انك قد عرفت غير مرة ان
القول بان العدالة نفس ظهور الاسلام وعدم ظهور الفسق مع كونه غير معقول كما عرفت غير مصرح في كلام أحد بل ولا ظ؟ ولا مومى إليه
نعم يظ؟ من المحكي عن بعض كلمات جماعة الاكتفاء في ثبوتها بالاسلام وعدم ظهور الفسق مع وكك؟ كون العدالة نفس حسن
الظ؟ غير معقول لما عرفت من بداهة مضادتها مع الفسق المجامع لحسن الظ؟ والشئ يمتنع ان يفسر بما يجامع ضده ومع ذلك غير مصرح
به في كلام أحد من المتقدمين وان دارت حكايته عنهم في السنة بعض المتأخرين وحيث انه حكى هذا القول عن خصوص بعض القدماء
بأسمائهم فلا باس ان نشير إلى عدم مطابقة هذه الحكاية للواقع بالنسبة إلى من وصل إلينا كلماتهم فممن حكى عنه هذا القول المفيد
في المقنعة حيث ذكر ان العدل من كان معروفا بالدين والورع عن محارم الله ولا يخفى ان ظ؟ هذا الكلام وإن كان تفسير العدل الواقعي
بمن عرف بالدين والورع لا من اتصف بهما في نفس الامر لكن لا يخفى ان تحقق الدين في نفس الامر معتبر في العدالة اتفاقا حتى ممن قال
بان العدالة هي الاسلام مع عدم ظهور الفسق والكلام انما هو في الورع عن المحارم وانه معتبر في الواقع أو في الظ؟ أي فيما يظهر للناس؟
في أحواله فلا بد من أن يراد من العبارة تفسير العدل المعلوم عدالته لأنه الذي يترتب عليه الاحكام دون العدل النفس الامرى مع قطع
النظر عن كونه معلوما فكأنه ق؟ العدل المعروف عدالته من كان معروفا بالدين والورع فالعدل الواقعي من له دين وورع في الواقع
والعدل المعروف بهذه الصفة من كان معروفا بالدين والورع نعم لو التزم أحد ان الاسلام الواقعي (ايض‍) غير معتبر
في العدالة الواقعية كان العدالة عنده حسن الظ؟ من حيث الدين والورع لكن الظ؟ من حكاية هذا القول هو الغاء الواقع ونفس
الامر بالنسبة إلى الورع لا الدين ومن حكى عنه هذا القول الشيخ في النهاية حيث ذكر ان العدل الذي يقبل شهادته من كان ظاهره
ظاهر الايمان ثم يعرف بالستر والعفاف فظاهره إرادة معلوم العدالة كمالا يخفى ومما ذكر يعلم حال حكاية هذا القول عن القاضي
حيث اعتبر في العدالة الستر والعفاف وقال حكاية عن التقى حيث اعتبر فيها اجتناب القبايح الذي هو أمر واقعي وحال عبارة الجامع حيث
اعتبر فيها التعفف واجتناب القبايح ولا يحضرني كلام غيرهم وبالجملة فالقول المذكور بظاهره غير ظاهر من كلام أحد من القدماء و
سيأتي غاية ما يمكن ان يوجه به هذا القول هذا كله مضافا إلى أن مجرد وجود القائل لا يثبت القول بل لا بدله من الدليل ولم نجد في
الأدلة ما يدل على كون العدالة التي هي ضد الفسق مجرد حسن الظ؟ وان استدل له بعض متأخري المتأخرين باخبار هي بين ظ؟ في اشتراط
قبول الشهادة بالصفة الواقعية التي لا دخل لظهورها في تحققها وإن كان لظهورها دخل في ترتيب احكامها كما هو شأن كل صفة
باطنية واقعية من الشجاعة والكرم بل العصمة والنبوة ونحوهما مثل قوله (ع) لا باس بشهادة الضيف إذا كان عفيفا صائنا ولا
باس بشهادة المكارى والجمال والملاح إذا كانوا صلحاء وما ورد في تفسير العسكري من أنه إذا كان الرجل صالحا عفيفا مميزا محصلا
مجانبا للمعصية والهوى والميل والمخايل فذلك الرجل الفاضل وصحيحة ابن أبي يعفور التي قد عرفت دلالتها وبين ظ؟ في أن حسن الظ؟
يوجب الحكم على الشخص بالعدالة وقبول الشهادة فهو طريق إليها لا نفسها مثل قوله (ع) من عامل الناس فلم يظلمهم وحدثهم فلم يكذبهم
ووعدهم فلم يخلفهم فهو ممن حرمت غيبته وكملت مروته وظهرت عدالته ووجبت اخوته وقوله من صلى الخمس في جماعة فظنوا به
كل خير وما ورد في قبول شهادة القابلة في استهلال الصبى إذا سئل عنها فعدلت وما ورد ان الش؟ إذا كان ظاهره ظاهرا مأمونا
جازت شهادته ولا يسئل عن باطنه وفي قبول شهادة المسلم إذا كان يعرف منه خير وانه لا تصل الا خلف من تثق بدينه وأمانته
وغير ذلك مما دل على ترتب اثر العدالة على حسن الظ؟ وهذا شئ لا ينكره أهل الملكة فإنهم يجعلونه طريقا كما هو ظ؟ قوله في
صحيحة ابن أبي يعفور بعد تفسير العدالة بما هو ظ؟ في اعتبار الصفة النفسانية والدلالة على ذلك كله ان يكون ساترا لعيوبه ومن هذه
الصحيحة ونحوها مثل قوله ظهرت عدالته يظ؟ اندفاع مايق؟ من أن ظ؟ اشتراط قبول الشهادة بحسن الظ؟ كما دلت عليه تلك الأخبار
بضميمة ما دل على اشتراطه بالعدالة هو اتحاد العدالة وحسن الظ؟ للاجماع على عدم كونهما شرطين متغايرين فكون حسن الظ؟
طريقا إلى العدالة خلاف ظ؟ الاتحاد كما إذا ورد انه يشترط في الشاهد العدالة وورد (ايض‍) يشترط فيه حسن الظ؟ فح؟ يجعل العدالة
عبارة عن الاستقامة الظاهرية التي عليها الانسان في ظاهر حاله فان قلت إن أراد أهل الملكة من كون حسن الظ؟ طريقا
409

كونه طريقا يعتبر فيها إفادة الظن بالملكة أو عدم الظن بعدمها فهو مخالف لظ؟ الأخبار المتقدمة بل صريح بعضها مثل قوله إذا كان
ظاهره ظاهرا مأمونا جازت شهادته ولا يسئل عن باطنه فإنه في قوة قوله ولا يلتفت إلى باطنه نظير قوله عليه السلام في لحوم أسواق
المسلمين كل ولا تسئل ومثل قوله ففقرا؟ به كل خير حيث إن الامر بالظن مع أنه غير مقدور راجع إلى ترتيب اثار الظن وان لم يحصل هو و
قوله (ع) ظهرت عدالته الظ؟ في وجوب التعبد بعدالة ذلك الشخص وقوله عليه السلام من لم تره بعينك يرتكب معصية فهو من أهل العدالة
والستر وغير ذلك وان أراد وانها طريق تعبدي بمعنى انه يحكم بجميع احكام العدالة عند الاطلاع على حسن الظ؟ فيكون حسن الظ؟ عدلا
شرعا كما أن مستصحب العدالة عدل شرعا انتفت الثمرة بين القولين بل التحقيق انه لا تغاير بينهما بناء على أن يراد من جعل العدالة حسن الظ؟
كون حسن الظ؟ عدالة شرعا كما أن الحالة المسبوقة بالعدالة المشكوك في زوالها عدالة شرعا فقولهم العدل من كان معروفا بكذا نظير قولهم
المسلم من أظهر الشهادتين فالمراد بالعدالة المفسرة عندهم بحسن الظ؟ هي العدالة الظاهرية لأنها هي التي يترتب عليها الآثار دون
الواقعية مع قطع النظر عن تعلق العلم بها لأنها لا تفيد شيئا بل يعامل معها معاملة عدمها والحاصل ان أرباب القول بحسن الظ؟ لا
ينكرون كون العدالة هي الاستقامة الواقعية المسببة عن الملكة أو مجرد الاستقامة على طريق الحق من فعل الواجبات وترك المحرمات
ولو من دون الملكة على الاختلاف المتقدم المستفاد من كلمات الأصحاب الا انهم جعلوا استقامة الظ؟ طريقا تعبديا إلى ذلك المعنى
الواقعي بحيث كأنها صارت موضوعا مستقلا لا يلاحظ فيها الطريقية ولا يلتفت إلى ذي الطريق فيستحق اطلاق اسم ذي الطريق
عليه كما يظ؟ أسامي جميع الموضوعات الواقعية كالملكية والزوجية والطهارة والنجاسة والقبلة والوقت وغيرها على مؤديات الطرق
الظاهرية كالاستصحاب وأصالة الصحة قلت أولا انه سيجيئ في بيان طريق العدالة انه يعتبر في حسن الظ؟ إفادته الظن بالملكة وان
ما ذكر من الاخبار لا ينهض على اثبات كونه من الطرق التعبدية التي لا يلاحظ فيها الظن بذى الطريق وثانيا سلمنا كونه طريقا تعبديا
كك؟ لكن هذا لا يوجب تفسير العدالة نجس الظ؟ كما هو ظ؟ هذا القول لان مقتضى هذا التفسير عدم ملاحظة الملكة رأسا حتى مع العلم
بعدمها فضلا عن صورة الظن به وأين هذا من الطريقية وبالجملة فهذا القائل ان أراد ان حسن الظ؟ هي العدالة الواقعية ولا
واقع لها غيره فهو معقول لما عرفت من اجتماعه مع الفسق الواقعي الذي هو ضد العدالة وان أراد ان حسن الظ؟ مع عدم الفسق
الواقعي هي العدالة وان انتفت الملكة في الواقع فهو وإن كان معقولا الا انه خلاف ظ؟ ما دل على كون العدالة صفة نفسانية باطنية
وان أراد انه طريق إليها فان أراد كونه طريقا تعبديا ولو مع الظن بعدم الملكة فلا يساعد عليه ما ادعى من الاطلاقات فلا نعدل
لأجلها عن مقتضى الأصل وان أراد انه طريق إليها مع إفادة الظن فمرحبا بالوفاق وان تعدى عن ذلك إلى صورة الشك فللتأمل
فيه مج؟ والأقوى العدم ثم إنه يشكل جعل حسن الظ؟ ضابطا للعدالة مع عدم اناطته بإفادة الظن بالملكة من جهة ان مراتب الظهور
مختلفة لان الظ؟ والباطن اضافيان فالظ؟ لأهل البلد باطن بالنسبة إلى غيرهم والظ؟ لأهل المحلة باطن لباقي أهل البلد والظ؟ (للجيران باطن لباقي أهل المحلة والظاهر صح)
لأهل البيت باطن للجيران والظ؟ لزوجة الشخص باطن لغيرها وقد يكون السلسلة بالعكس فلا يظ؟ لزوجته ما يظهر لغيرها ولا
يظهر لأهل بلده مايظ؟ لغيرهم والجواب عنها بعد تسليم دلالتها وعدم ورودها مورد الغالب من حسن الظن بالملكة معارضتها
بما هو أخص منها مما دل على اعتبار الوثاقة بالأمانة والورع في الامام والش؟ مثل قول الإمام (ع) المحكي
عنه في الفقه الرضوي لا
تصل الا خلف رجلين أحدهما من تثق بدينه وأمانته والاخر من تتقى سيفه وسوطه ورواية أبى علي بن راشد لا تصل الا خلف من تثق
بدينه وأمانته وقوله (ع) في قولة تع؟ ممن ترضون من الشهداء فان قلت ما دل على كون حسن الظ؟ طريقا تعبديا إلى العدالة حاكم على
أمثال هذه نظير أدلة كون البينة طريقا تعبديا إليها مع أنهم لا يقولون بتقييد أدلة البينة بصورة إفادة الوثوق بالواقع
قلت التحقيق في ذلك أن ما دل من اخبار حسن الظ؟ على كونه مجوزا لقبول الشهادة كرواية يونس فهو معارض بأدلة اعتبار الوثوق
وليس من قبيل الحاكم عليها وما دل على أن العدالة يتحقق به ظاهرا ذيل صحيحة ابن أبي يعفور ورواية علقمة وقوله (ع) من عامل الناس
الخ؟ وقوله عليه السلام من صلى الخمس في جماعة فظنوا به كل الخير فهو وإن كان حاكما عليها لكن يرد على الكل بعد الإغماض عما تقدم في سندها
ودلالتها ان هذه كلها منصرفة إلى الغالب وهي صورة إفادة الوثوق بالدين والأمانة والورع مع أن هنا كلاما آخر وهو
انه يمكن ان يق؟ ان ظاهر أدلة اعتبار الوثوق (والورع اعتباره صح) من باب الموضوعية لا من باب الطريقية والكاشفية فإذا كان كك؟ فلا ينفع الطريق
الغير المفيد للوثوق ويخصص به عموم كل ما دل على اعتبار طريق إلى العدالة ولو كانت بينة شرعية فلا يعمل بها الا مع اعتبار
الوثوق لكن الانصاف ان الوثوق انما اعتبر في المقام من باب الطريقية نظير اعتبار العلم في كثير من الموضوعات ثم كون المعصية
410

كبيرة تثبت بأمور الأول النص المعتبر على انها كبيرة كما ورد في بعض المعاصي وقد عد منها في الحسن كالصحيح المروى عن الرضا عليه السلام
من نيف وثلثين فإنه كتب إلى المأمون من محض الايمان اجتناب الكبائر وهي قتل النفس التي حرم الله والزنا والسرقة وشرب الخمر وعقوق الوالدين
والفرار من الزحف واكل مال اليتيم ظلما واكل الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به من غير ضرورة واكل الربا بعد البينة والسحت
والميسر وهو القمار والنجس في المكيال والميزان وقذف المحصنات واللواط وشهادة الزور والياس من روح الله والامن من مكر الله والقنوط
من رحمة الله ومعونة الظالمين والركون إليهم واليمين الغموس وحبس الحقوق من غير عسرة والكذب والكبر والاسراف والتبذير والخيانة
والاستخفاف بالحج والمحاربة لأولياء الله والاشتغال بالملاهي والإصرار على الذنوب الثاني النص المعتبر على انها مما أوجب الله
عليه النار سواء اوعد في الكتاب أو أخبر النبي صلى الله عليه وآله أو الإمام عليه السلام بأنه مما يوجب النار لدلالة الصحاح المروية في
الكافي وغيرها على انها ما أوجب الله عليه النار ولا ينافيه ما دل على انها مما اوعد الله عليه النار بناء على أن ايعاد الله انما هو في كلامه
المجيد فهو مقيد لاطلاق ما أوجب الله الثالث النص في الكتاب الكريم على ثبوت العقاب عليه بالخصوص يعنى لا من حيث عموم المعصية
ليشمله قوله (تع‍) ومن يعص الله ورسوله فان له نار جهنم ونحو ذلك ما إذا كشف السنة عن ايعاد الله (تع‍) مثل قوله (ع) من قال في مؤمن ما رأت
عيناه أو سمعت اذناه فهو من الذين قال الله (تع‍) الذين يحبون الخ؟ والدليل على ثبوت الكبيرة بما ذكر في هذا الوجه صحيحة عبد العظيم بن
عبد الله الحسنى المروية في الكافي عن أبي جعفر الثاني عن أبيه عن جده (ع) يقول دخل عمرو بن عبيد على أبى عبد الله (ع) فلما أسلم وجلس تلا
هذه الآية الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش ثم أمسك فق؟ له أبو عبد الله (ع) ما أمسكك قال أحب ان اعرف الكبائر من كتاب الله عز
وجل فق؟ (ع) نعم يا عمرو أكبر الكبائر الاشراك بالله يقول الله من يشرك بالله فقد حرم عليه الجنة وبعده الياس من روح الله لان الله
(تع‍) يقول لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون ثم الامن من مكر الله لان الله عز وجل يقول لا يا من من مكر الله الا القوم الخاسرون
ومنها عقوق الوالدين لان الله (تع‍) جعل العاق جبارا شقيا وقتل النفس التي حرم الله الا بالحق لان الله (تع‍) يقول فجزاؤه جهنم خالدا
فيها الآية وقذف المحصنة لان الله (تع‍) يقول لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم واكل مال اليتيم لان الله (تع‍) يقول انما يأكلون
في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا والفرار من الزحف لان الله (تع‍) يقول ومن يولهم يومئذ دبره الا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد
باء بغضب من الله وماويه جهنم وبئس المصير واكل الربا لان الله (تع‍) يقول الذين يأكلون الربا لا يقومون الا كما يقوم الذي يتخبطه
الشيطان من المس والسحر لان الله عز وجل يقول ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق والزنا لان الله (تع‍) يقول ومن (يفعل ذلك صح) يلق آثاما
يضاعف له العذاب يوم القيمة ويخلد فيه مهانا واليمين الغموس الفاجرة لان الله (تع‍) يقول الذين يشترون بعهد الله وايمانهم ثمنا قليلا
أولئك لأخلاق لهم في الآخرة والغلول لان الله عز وجل يقول ومن يغلل يأت بما غل يوم القيمة ومنع الزكاة المفروضة لان الله عز وجل
يقول فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم وشهادة الزور وكتمان الشهادة لان الله عز وجل يقول ومن يكتمها آثم قلبه وشرب الخمر
لان الله عز وجل نهى عنه كما نهى عن عبادة الأوثان وترك الصلاة متعمدا وشيئا مما فرضه الله لان رسول الله صلى الله عليه وآله قال
من ترك الصلاة متعمدا فقد برء من ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وآله ونقض العهد وقطيعة الرحم لان الله (تع‍) يقول لهم
اللعنة ولهم سوء الدار قال فخرج عمرو وله صراخ في بكائه وهو يقول هلك من قال برايه ونازعكم في الفضل والعلم الرابع دلالة
العقل والنقل على أشدية معصية مما ثبت كونها من الكبيرة أو مساواتها كما في قوله (تع‍) والفتنة أكبر من القتل وفي الكذب شر من
الشراب وكما ورد ان الغيبة أشد من الزنا ومثل حبس المحصنة للزنا فإنه أشد من القذف بحكم العقل ومثل اعلام الكفار بما يوجب
غلبتهم على المسلمين فإنه أشد من الفرار من الزحف الخامس ان يرد النص بعدم قبول شهادة عليه كما ورد
النهى عن الصلاة خلف العاق
لوالديه ثم لا اشكال في أن الاصرار على الصغيرة من الكبائر ويدل عليه قبل الاجماع المحكي عن التحرير وغيره النصوص الواردة منها انه
لا صغيرة مع الاصرار ولا كبيرة مع الاستغفار فان النفي في الصغيرة راجع إلى خصوص وصف الصغرية وإن كان في الكبيرة راجع إلى نفى
ذاتها حكما ومنها ما عن البحار عن تحف العقول عن أبي جعفر (ع) في حديث ان الاصرار على الذنب امن من مكر الله ولا يا من مكر الله الا
القوم الخاسرون بضميمة ما ورد من أن الامن من مكر الله من الكبائر ومنها ما رواه في العيون بسنده الحسن كالصحيح إلى الفضل شاذان
حيث عد الكبائر وعد منها الاصرار على صغار الذنوب انما الاشكال في معنى الاصرار والظ؟ بقاؤه؟ على معناه اللغوي العرفي أعني الإقامة والمداومة
عليه وملازمته ولا اشكال في أن العاصي ان تاب عن معصيته السابقة ثم أوقع معصية أخرى لم يصدق عليه الاصرار ولو فعل ذلك
مرارا واليه ينظر؟ قوله (ع) ما أصر من استغفره وكذا فحوى لا كبيرة مع الاستغفار فيشترط في صدق الاصرار عدم التوبة عن المعصية السابقة
411

ثم إنه إما ان يعزم على غيره مع فعله أولا معه واما ان لا يعزم عليه وعلى الثاني إما ان يفعل الغير واما ان لا يفعله وحكم الجميع انه إن كان
عازما على العود فالظ؟ صدق الاصرار عرفا وان لم يعد إليها ويؤيده مفهوم قوله ما أصر من استغفر وقوله (ع) في تفسير قوله (تع‍) ولم
يصروا الاصرار ان يحدث الذنب فلا يستغفر وقد عد عليه السلام (في حديث)؟ جنود؟ العقل والجهل منها التوبة وجعل ضدها الاصرار بناء على أن
ظ؟ السياق كونهما مما لا ثالث لهما فت‍؟ في حسنة ابن أبي عمير عن أبي الحسن الكاظم عليه السلام قال لا يخلد الله في النار الا أهل الكفر والجحود
والضلال والشرك ومن اجتنب الكبائر من المؤمنين لم يسئل عن الصغاير قال الله (تع‍) ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم
وندخلكم مدخلا كريما قلت يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله فالشفاعة لمن يجب من المؤمنين قال حدثني أبي عن ابائه من علي عليه السلام قال قال رسول
الله صلى الله عليه وآله انما شفاعتي لأهل الكبائر واما المحسنون فما عليهم من سبيل قال ابن عمير قلت يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله فكيف يكون الشفاعة
لأهل الكبائر والله (تع‍) يقول ولا يشفعون الا لمن ارتضى ومن ارتكب الكبائر فليس بمرتضى قال يا أبا احمد ما من مؤمن يرتكب ذنبا
الا سائته ذلك وندم عليه وقد قال النبي صلى الله عليه وآله كفى بالندم توبة وقال (ع) من سرته حسنة وسائته سيئة فهو مؤمن فمن لم يندم
على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن فلم يجب له الشفاعة وكان ظالما والله (تع‍) يقول وما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع قلت فكيف لا يكون
مؤمنا من لم يندم على ذنب يرتكبه فقال يا أبا احمد ما من أحد يرتكب كبيرة من المعاصي وهو يعلم أنه سيعاقب عليها الا انه ندم على ما ارتكب و
متى ندم كان تائبا مستحقا للشفاعة ومن لم يندم عليها كان مصرا والمصر لا يغفر له لأنه غير مؤمن لعقوبة ما ارتكب ولو كان مؤمنا
بالعقوبة لندم وقد قال النبي صلى الله عليه وآله لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الاصرار واما قوله ولا يشفعون الا لمن ارتضى الله
دينه والدين الاقرار بالحسنات والسيئات فمن ارتضى دينه ندم على ما ارتكبه من الذنوب لمعرفة معاقبته في القيمة الخبر ومورده وإن كان في الكبائر
الا ان ظاهره انه لا فرق بينها وبين غيرها في تحقق الاصرار بعدم الندم ثم إن عدم الندم وان جامع عدم العزم على المعصية كما لو تردد
فيها ولم يلتفت إليها الا ان هذه الصورة خارجة عما ذكر سابقا من قوله من اجتنب الكبائر لم يسئل عن الصغائر يعنى إذا لم يكفرها
بتوبة أو عمل صالح اخر غير اجتناب الكبائر ثم الظ؟ انه لا فرق فيما ذكر بين ان يكون العزم على العود حال ارتكاب المعصية الأولى أو بعدها
قبل التوبة وإن كان عازما على غيره فإن كان العزم على الغير من زمان ارتكاب الأولى فالظ؟ (ايض‍) صدق الاصرار وإن كان بعده قبل
التوبة فمقتضى الأخبار المتقدمة صدقه لكن العرف يأباه وان لم يكن عازما على الغير فإن لم يحصل العود فلا اشكال وان حصل العود
فإن لم يبلغ حد الاكثار فلا اشكال في العدم وان حصل الاكثار على وجه يصدق الاصرار عرفا فلا اشكال (ايض‍) فالحاصل ان الاصرار
يصدق بالعزم على العود إلى مطلق المعصية إذا كان العزم مستمرا من زمان الفعل السابق وإذا حدث بعد الفعل اعتبر اتحاد المعصية وقد
لا يصدق الا بالفعل وهو ما إذا تحقق الاكثار على وجه يوجب الصدق عرفا وما يدل على عدم العدالة مع عموم قوله عن الرجل تعارف
الذنوب وهو عارف بهذا الامر اصلى خلفه أم لا قال لا ونحوه واما العزم المجرد فالظ؟ عدم تحقق الاصرار بمجرده وان أصر عليه لان
هذا اصرار على العزم لا على المعصية (الا إذا قلنا إن العزم على المعصية صح) معصية وللكلام فيه محل اخر ثم إنه قد يشكل الامر بناء على القول بوجوب التوبة مط؟ من جهة ان
المعصية لا تنفك عن الاصرار لأنه إذا ترك التوبة عن الصغيرة فقد أخل بواجب اخر وهو التوبة وحيث انها فورية ففي أول زمان
يتحقق الاصرار كما لا يخفى فيكون الثمرة بين القول بثبوت الصغاير والقول بكون المعاصي كلها كبائر منتفية في غاية القلة مثل
ما إذا فعل صغيرة فنسيها ان يتوب عنها ونحو ذلك وقد أجاب بعض السادة المعاصرين بمنع وجوب التوبة عن المعاصي مط؟ بل هو مختص
بالكبائر واما الصغائر فهى مكفرة عنه باجتناب الكبائر وبالاعمال الصالحة وهو لايخ؟ عن نظر لعموم أدلة التكفير بل صراحة وجوب التوبة
كما سيجيئ وأدلة تكفير الأعمال الصالحة لو صلحت دالة على عدم وجوب التوبة ولم يفرق بين الصغائر والكبائر لعموم كثير من أدلة التكفير بل صراحة
بعضها في الكبائر كمالا يخفى مع أن تكفيرها بالأعمال الصالحة لا ينافي وجوب التوبة عنها وبه يظ؟ الجواب عن دعوى تكفير الصغائر باجتناب
الكبائر غاية الأمر تسليم سقوط وجوب التوبة إذا اجتنب الكبائر قربة إلى الله (تع‍) بعد ارتكاب الصغائر أو عمل بعض الطاعات المكفرة لكن
التوبة أسبق من الكل لأنه يتحقق في زمان متصل بالمعصية لا يمكن فيه تحقق غيره غالبا والمفروض ان القائلين بانقسام المعاصي لم يقولوا
بتحقق الاصرار الموجب للفسق بصدور الصغيرة وان لم يتب عنها ولم يمتثل اجتناب الكبائر بل تركها لعدم التمكن عنها ولم يعمل طاعة مكفرة
والحاصل ان عدم وجوب التوبة إما لعدم الدليل عليه وعدم المقتضى لها وان بقى الذنب غير مكفرة واما لان غيرها قد يقوم مقامها في
التكفير والأول مردود بعموم الأدلة كما سيجيئ والثاني مع أنه خلاف اطلاق المش؟ من عدم كون الصغيرة ممفضية؟ إلى الكبيرة وان
لم يتب عنها ولم يعمل مكفرا آخر لا ينافي وجوب التوبة ما لم يكفر الذنب بمكفر اخر غيرها ولا يجوز ان يكون الوجوب تخييريا بين التوبة
412

واجتناب الكبائر والأعمال المكفرة كمالا يخفى فالتحقيق في الجواب دعوى كون وجوب التوبة وجوبا عقليا محضا بمعنى كونه؟؟
وان أمر به الش؟ ايض؟ في الكتاب والسنة لكن أوامرها ارشادية لرفع مفسدة المعصية السابقة ولا يترتب على تركها عقاب اخر
وبعبارة أخرى انما وجب التوبة للتخلص عن المعصية السابقة ووجوب التخلص عن المعصية ليس واجبا شرعيا يترتب على تركها عقاب اخر
غير العقاب الذي لم يتخلص منه فهى من قبيل معالجة المريض الذي يأمر بها الطبيب فلا يترتب على مخالفتها أمر سوى ما يقتضيه نفس ترك
المأمور به مع قطع النظر (عن الامر فانا لا نعنى بالامر الارشادي الا مالا يترتب على مخالفته سوى ما يقتضيه نفس ترك المأمور به مع قطع النظر صح) عن تعلق الامر ولا على موافقته الا ما يقتضيه فعله كك؟ وليس من قبيل الأوامر التعبدية التي أمر بها السيد
عبده في مقام الاستعلاء والتعبد ليترتب على موافقته ثواب الإطاعة زائدا عما يقتضيه نفس ترك المأمور به كك؟ وسيجيئ في مقام
التعرض لحكم التوبة ما يوضح ذلك فترك التوبة ليس من المعاصي التي يوجب العقاب ولا يدخل في المعاصي الشرعية المنقسمة إلى صغيرة
وكبيرة وإن كان قبح تركها من حيث إنه إقامة على العقاب وبقاء عليه قد يصل إليه بحسب فتح؟ المعصية التي بقى عليها خاتمة في التوبة
والكلام تارة في حقيقتها واخرى في حكم ايجادها وثالثة في حكمها بعد الوجود إما حقيقتها فهى الرجوع إلى الله بعد الاعراض عنه
أو الرجوع إلى صراط الله المستقيم بعد الانحراف عنه وهو يتوقف على اليقين بكون البعد عن الله (تع‍) والانحراف عن سبيل التوجه إليه
خسران لا يعد ما عداه خسرانا فبعد ذلك يحدث للنفس بحسب مرتبة ذلك اليقين تألم نفساني؟ يناسب تلك المرتبة في الشدة والضعف و
يعبر عنه بالندم وهل يعتبر فيها العزم على عدم العود ظ؟ الأكثر نعم وقيل لا والأقوى انه إن كان المراد بالعزم القصد الذي لا يتحقق
الا بعد الوثوق بحصول ما عزم عليه فاعتباره مما لا دليل عليه وانه يستلزم امتناع التوبة ممن لا يثق من نفسه بترك المعصية عند الابتلاء؟
بها كسئ الخلق الذي لا يثق من نفسه ولا يا من من وقوعه مكررا في شتم من يتعرض له وكالجبان الذي لا يا من وقوعه في الفرار عن الزحف
ونحو ذلك فبقى اطلاق مثل قوله صلى الله عليه وآله كفى بالندم توبة وقوله (ع) إن كان الندم من الذنب توبة فانا اندم النادمين سليما
عن المقيد وان أريد تحقق ارادته بعدم عوده إلى المعصية وان لم يثق بحصول مراده فهو مما لا ينفك عن الندم وهل يعتبر فيها الاستغفار
أم لا التحقيق انه ان أريد به حب المفغرة وشوق النفس إلى أن يغفر له الله فالظ؟ انه لا ينفك عن الندم وان أريد به الدعاء للمغفرة الذي نوع
من الطلب الانشائي ففي اعتباره وجهان من اطلاقات الندم ومن مثل قوله صلى الله عليه وآله لا كبيرة مع الاستغفار وقوله دواء الذنوب
الاستغفار وقوله ما أصر من استغفر ونحو ذلك ثم إن ظ؟ بعض الآيات والروايات مغايرة التوبة للاستغفار ففي غير موضع من سورة
هود واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه وعدهما جندين من جنود العقل في الحديث المش؟ في تعداد جنود العقل والجهل المروى في أول أصول
الكافي حيث قال التوبة وضدها الاصرار والاستغفار وضدها الاغترار وقوله (ع) في المناجاة الأولى من الأدعية الخمسة عشر إلهي
إن كان الندم توبة إليك فانا اندم النادمين وان يكن الاستغفار حطة للذنوب فانى لك من المستغفرين ويؤيد ذلك ظ؟ العطف في الاستغفار
المش؟ المكرر في الأدعية والألسنة استغفر الله ربى وأتوب إليه ومما يظمنه الاتحاد الجمع بين ما دل على أن دواء الذنوب الاستغفار
وان التائب من الذنب يغفر له وانه كمن لا ذنب له ويؤيده غير ذلك من الاخبار التي يظ؟ من المتتبع ويمكن حمل التوبة المعطوفة على الاستغفار
في الآيات والاخبار على الإنابة أعني التوجه إلى الله بعد طلب العفو عما سلف وهذا متأخر من التوجه إليه لطلب العفو الذي هو متأخر
عن الندم الذي هو توجه (ايض‍) إلى الله لكونه رجوعا من طريق البط؟ وعوده إلى سلوك الطريق المستقيم الموصل إلى جناب الحق فهى كلها توجهات
واقبالات إلى الحق يمكن اطلاق التوبة التي هي لغة الرجوع على كل منها وقد يط؟ على المجموع اسم الاستغفار كما في الخبر المش؟ المروى في
نهج البلاغة في تفسير الاستغفار في ارشاد من قال استغفر الله ربى وأتوب إليه بقوله (ع) في مقام التأديب ثكلتك أمك أتدري ما الاستغفار
ثم فسره بما يجمع أمورا ستة الندم على ما مضى والعزم في المستقبل وقضاء الحقوق الفورية وتحليل القوى الحاصلة من الخوض في الشبهات
المحرمة وإذاقة النفس مرارة الطاعة كما أذاقها حلاوة المعصية واما حكم ايجادها فهو الوجوب مطلقا عن الصغائر والكبائر ويدل عليه
من الكتاب توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ان يكفر عنكم سيئاتكم وقوله جل ذكره وتوبوا إلى الله جميعا آية المؤمنون لعلكم تفلحون ومن
السنة مالا يحصى كثرة واما الاجماع فقد ادعاه غير واحد كصاحب الذخيرة وشارح أصول الكافي بل ادعى هو اجماع الأمة عليه و
إما العقل فالظ؟ انه حكم بوجوبه عقلا كل من قال بالحسن والقبح العقليين واستدل عليه أفضل المحققين في تجريده بأنه دافع للضرر فيجب و
اعترف به شارح التجريد بناء على مذهب العدلية ثم إن الكلام في اثبات العدالة بالشهادة بعد القطع بأنها تثبت بها في الجملة يقع
في مقامات الأول انها هل تثبت بالشهادة الفعلية بمعنى ان يفعل العدلان فعلا يدل ويشهد على عدالته كان يصليا ورائه
مع انتفاء احتمال الضرورة أم لا وجهان جزم بالأولى في الدروس ولعله لعموم ما دل على وجوب تصديق العادل بل المؤمن الشامل
413

لتصديق قوله وفعله فان الفعل كالقول منبئ ومخبر عما في ضمير الفاعل فيتصف بالصدق والكذب مثل قوله (تع‍) يؤمن بالله ويؤمن بالمؤمنين؟
وما دل على وجوب تصديق المؤمن وان انصرف كل ذلك إلى القول الا ان إرادة تصديقه في مطلق ما يدلك وينبئك عليه ويرشدك إليه
واضح فاحتمال تدليسه في فعله كاحتمال خطائه في اعتقاده أو صدور الفعل عنه لداع مندفع بما يندفع به هذه الاحتمالات المتطرقة
في خبره نعم لو كان فاسقا لم يقبل منه لورود الامر بالتثبت في خبره وحمل نفس فعل الفاسق على الصحة انما هو من حيث نفس فعله من حيث إنه
فعل له فان الفاسق إذا صلى خلف شخص صلاة الاستيجار استحق الأجرة ولا يلتفت إلى احتمال فسق امامه واما من حيث مدلول
فعله فهو كمدلول قوله في عدم العمل به مع أن نفس القول الصادر منه من حيث إنه فعل يحمل على الصحة ولا يلتفت إلى احتمال كونها معصية
من جهة كونها شهادة زور والى ما ذكرنا من أن الفعل في دلالته كالقول وانه يقبل مع العدالة ويرد مع الفسق ينظر كلام غير واحد
من فقهائنا منهم العلامة فيما حكى عنه في نهج الحق حيث قال في مقام الرد على القائلين بجواز الاقتداء بالفاسق ما هذا لفظه قال الله
ان جاءكم فاسق الخ؟ أوجب التثبت عند خبر الفاسق ومن جملته الطهارة التي هي من شروط الصلاة (انتهى وظاهره ان تصدية؟ للصلاة صح) اخبار منه باستجماعه للشرائط التي منها
الطهارة وحيث فرض فاسقا فلا تعويل على ما يظ؟ لنا ويدل عليه بافعاله ولا ينافي ذلك الحكم بصحة صلاته من حيث إنه فعله حتى يستحق
ما يستحقه بالصلاة الصحيحة من الأجرة لو كانت بإجارة وبحصول القبض بها إذا حصلت في ارض موقوفة جعلت مسجدا ونحو ذلك ويؤيد ما ذكرنا
انه لم يتأمل أحد في العمل بتعديلات أهل الرجال المكتوبة في كتبهم من أجل ان الخبر والبناء لا يصدق على الكتابة مع ذهاب أكثرهم إلى أن التعديلات
من باب الشهادة ولا في العمل بالاخبار المودعة في كتب الحديث من دون سماعها مشافهة عن المحدث وقد شاع منهم الاستدلال على ذلك بأدلة
حجية الخبر والنبأ ويعتبرون العدالة فيمن جمع الروايات في كتابه من جهة أية النبأ ونحوه ودعوى ان العمل بها باعتبار تلفظ المؤلف بها ونقلها
مشافهة؟ لمن كان اخذ منه الحديث تكلف ضعيف ومن هنا يعلم أن اعتبار التلفظ وعدم كفاية الكتابة في البينة على الدعاوي انما
هو لدليل خارج لا لان أدلة النبأ لا تشمل ذلك فهو كاعتبار عدم الواسطة في الشهادة الا مع تعذر شهادة الأصل فيكتفى بشهادة
الفرع في بعض المقامات بشرط وحدة الواسطة هذا ولكن الاعتماد على ذلك إذا لم يفد الوثوق بالعدالة في غاية الاشكال لفقد ما
يطمئن به النفس من الدليل عليه تعبدا وما ذكر في عبارة العلامة والشهيد لا يدل على أن فعل العادل معتبر في دلالته نظير اعتبار
قوله فلعل مرادهما ان الفاسق لا يقبل خبره إذا صرح به فكيف يقبل إذا ظ؟ مطلبه من فعله فان فعله ليس بأقوى من قوله في الحجية فالمراد
ان فعل الفاسق كقوله الصريح غير مقبول لا ان فعل العادل مقبول كقوله ثم إن هذا كله بعد فرض ثبوت قاعدة أخرى وهي ان كل طريق يجوز
للانسان ان يعمل عليه كالاستصحاب والبينة وقول العدل وغيرها مما يجوز له ان يستند إليه في الشهادة ويشهد بمؤداه كما يظ؟ هذه الكلية
من رواية حفص بن غياث الواردة في جواز الشهادة بالملك استنادا إلى اليد إما لو لم تثبت هذه الكلية كما هو ظ؟ المش؟ فلا اشكال في أن صلاة
عدلين لا توجب الحكم بالعدالة ما لم يفد الوثوق واما الشهادة القولية وهي شهادة عدلين بعدالته فالظ؟ انه لا اشكال بل لا
خلاف في اعتبارها ويدل عليه مضافا إلى ما يظ؟ من عموم حجية شهادة العدلين ما ورد من فعل النبي صلى الله عليه وآله حيث كان يبعث
رجلين من أصحابه لتزكية الشهود المجهولين فيعمل بقولهما جرحا وتعديلا وما دل على قبول الشهادة القابلة إذا سئل عنها فعدلت وفحوى
ما دل على اعتبارها في الجرح مثل قوله (ع) من لم تره بعينك يرتكب معصية ولم يشهد عليه شاهدان فهو من أهل الستر والعدالة وهل
هي معتبرة تعبدا حتى لو كان الظن على خلافها أو يشترط عدم الظن (على خلافها أو يشترط إفادتها الظن وجوه مبتنية على ملاحظة اطلاق أدلة اعتبارها وانصرافها إلى صورة إفادة الظن أو صورة عدم صح) على الخلاف ويمكن ان يفصل بين ما إذا كان احتمال كذبه مستندا
إلى تعمد كذبه فلا اعتبار به ولو كان مظنونا لان الظ؟ من أدلة تصديق العادل بل المؤمن نفى تعمد الكذب عنه مط؟ حتى مع الظن كما يدل
عليه قوله (ع) كذب سمعك وبصرك عن أخيك وبين ما إذا كان مستندا إلى خطائه واشتباهه فالظ؟ اعتبار كونه موهوما لان ظ؟ أدلة
حجية الخبر خصوصا آية النبأ المفصل بين العادل والفاسق عدم الاعتناء باحتمال تعمد كذبه واما عدم الاعتناء باحتمال خطائه و
اشتباهه فهو مما ينفيه ظ؟ حال المخبر المعتبر عند كافة العقلاء إذا كان المخبر به من المحسوسات أو من غيرها النازل في ندرة الخطأ والاشتباه
منزلة المحسوسات ولو عند المخبر لكونه من أهل الخبرة والاطلاع بالنسبة إلى مضمون الخبر لكن مقتضى هذا التفصيل وجوب قبول خبر الفاسق
إذا علمنا عدم تعمد كذبه وكان احتمال المخالفة للواقع من جهة احتمال خطائه في الحس سهوا أو اشتباها ولعل ظ؟ كلماتهم يأباه
الا ان القول متعين بناء على كون مستند اعتبار خبر العادل ورد الفاسق أية النبأ مفهوما ومنطوقا الا ان يقوم الاجماع في بعض
المقامات كما بيناه في مسألة حجية الاجماع المنقول بقى الكلام في أن مطلق الظن بالعدالة هل هو معتبر أم لا وجهان بل قولان ظ؟ من
حصر طريقها بالمعاشرة والشياع والشهادة هو الثاني وصريح بعض المعاصرين هو الأول ويمكن التفصيل بين الظن القوى الموجب
414

للوثوق وبين غيره وهو الأقوى ويشهد للأول انسداد باب العلم بالعدالة وعدم جواز الرجوع في جميع موارد الجهل بها إلى أصالة عدمها
والا بطل أكثر الحقوق بل ما قام للمسلمين سوق فتعين الرجوع فيها إلى الظن كما في نظائره من الموضوعات بل أكثر الأحكام الشرعية
عند القائل بعدم وفاء الظنون المعتبرة بالخصوص بأكثر الاحكام ويمكن الايراد عليه أولا بامكان الاقتصار فيها على خصوص الظن الذي دل
النص والاجماع على اعتباره كالمعاشرة وشهادة العدلين والشياع كما اقتصر عليه كل من حصر الطريق في هذه الثلاثة أو أضاف إليها
اقتداء العدلين أو شهادة العدل في تزكية الامام والراوي وثانيا بان الانسداد انما يوجب العمل بالظن في الجملة فيجب الاقتصار على الظن
القوى المعبر عنه عرفا بالوثوق والامن مع امكان استفادة حجية هذه المرتبة من النصوص مثل قوله (ع) لا تصل الا خلف من تثق بدينه
وورعه وقوله (ع) إذا كان ظاهره ظاهرا مأمونا جاز شهادته وقوله (ع) من عامل الناس فلم يظلمهم وهو المتيقن من جميع الاطلاقات
الدالة على حسن الظ؟ بل كفاية عدم العلم بالفسق فان قلت إن هذه الاطلاقات تدل على اعتبار مط؟ الظن بناء على أن المتيقن من الخروج
عن اطلاقها هي صورة عدم حصول الظن فيبقى الباقي هذا مضافا إلى قوله (ع) فيما حكى عن الفقيه من صلى الخمس في جماعة فظنوا به كل خير
وفي رواية فظنوا به خيرا وأجيزوا به شهادته حيث إن الامر بالظن لا يعقل لعدم كونه اختياريا فيدل بدلالة الاقتضاء على الامر
بترتيب احكام ظن الخبر ومنها إجازة شهادته فيدل على أن هذه الأحكام ثابتة لمط؟ الظن قلت هذه الاطلاقات مع الإغماض عن دعوى
انصرافها إلى صورة الوثوق لابد من تقييدها بما دل على اعتبار الوثوق فظ؟ من جميع ما ذكرنا ان الأقوى اعتبار مط؟ الوثوق بالملكة
وهو الأوسط بين القولين ثم إن الوثوق بالملكة كما يجوز ان يعمل الشخص في اعمال نفسه كك؟ يجوز الشهادة بالملكة استنادا إليه ويدل عليه
قوله عليه السلام في صحيحة ابن أبي يعفور ويجب اظهار عدالته وتزكيته بين الناس وما تقدم من استناد الشاهدين اللذين بعثهما النبي صلى
الله عليه وآله لتزكية الشهود المجهولين إلى الظن الحاصل من السؤال عن قبيله الشهود
مع أنه لو انحصر مستند الشهادة في العلم لبطل أمر التعديل وبه تبطل الحقوق
كما لا يخفى
بسم الله الرحمن الرحيم
مسألة في قضاء الصلاة عن الميت والكلام فيه تارة في نفس القضاء واخرى في القاضي وثالثة في المقضى ورابعة في المقضى عنه و
خامسة في احكام القضاء إما القضاء عن الميت فهى عبارة عن فعل العبادة نيابة عن الميت وحقيقة النيابة تنزيل الفاعل نفسه منزلة شخص
اخر فيما يفعله ويظهر من السيد المرتضى ان القضاء عن الميت ليست نيابة حقيقة وانما هو واجب اصلى خوطب به القاضي نعم سببه فوات
الفعل عن الميت وزاد على ذلك أن الميت لا يثاب عليه فعن الانتصار بعد اختيار ان الولي يقضى الصوم عن الميت إذا لم يكن للميت مال يتصدق
به عنه لكل يوم بمد مدعيا عليه الاجماع وانفراد الإمامية به ومخالفة الفقهاء في ذلك الا أبا ثور قال وقد طعن فيما تقوله بقوله تع؟
وان ليس للانسان وما ورى عن النبي صلى الله عليه وآله من قوله إذا مات المؤمن انقطع عمله الا من ثلث صدقة جارية أو ولد صالح أو علم
ينتفع به ولم يذكر الصوم والجواب عن ذلك أن الآية انما تقتضي ان الانسان لا يثاب الا بسعيه ونحن لا نقول إن الميت يثاب بصوم اه؟ وتحقيق
القول في هذا الموضع ان من مات وعليه صوم فقد جعل الله هذه الحالة سببا في وجوب صوم الولي وسماه قضاء لان سببه التفريط
المتقدم والثواب في هذا الفعل لفاعله دون الميت فان قيل فما معنى قولهم صام عنه إذا كان لا يلحقه وهو ميت ثواب ولا حكم لا جمل؟
هذا الفعل قلنا معنى ذلك أنه صام ومسبب صومه تفريط الميت وقيل صام عنه من حيث كون التفريط المتقدم سببا في لزوم هذا الصوم
واما الخبر الذي رووه فمحمول على هذا المعنى (ايض‍) وان المؤمن ينقطع بعد موته عمله فلا يلحقه ثواب ولا غيره والذي ذهبنا إليه لا يخالف
ذلك وخبرهم هذا يعارض ما رووه عن عايشة ثم ساق اخبارا بنوية تدل على النيابة انتهى وتبعه في جميع ذلك السيد أبو المكارم ابن
زهرة في الغنية ثم من بعده الفاضل في لف؟ في الجواب عن الآية المتقدمة مع أن الشهيد في الذكرى حكى عنه أنه قال فما يلحق الميت بعد موته
إما الدعاء والاستغفار والصدقة وأداء الواجبات التي يدخلها النيابة فبالاجماع واما ما عداها فعندنا انه يصل إليه أقول كان
السيد ومن تبعه أراد بما ذكر من الجواب عن الآية والرواية رد استدلال العامة بهما على نفى وجوب القضاء الذي هو المط؟ لان القضاء
لا يستلزم الثواب حتى يستكشف انتفاء الملزوم عن انتفاء اللازم والافشان السيد أجل من أن يخفى عليه الأخبار الكثيرة الواردة
عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام في انتفاع الميت بما يفعله الاحياء على طريق النيابة أو الهدية وقد حكى أكثرها في
الذكرى عن كتاب غياث سلطان الورى للسيد الاجل ابن طاووس ولنذكر بعضها تبركا فمنها قضية الخثعمية التي أتت النبي صلى الله عليه وآله فقالت
415

ان أبى أدركته الحج شيخا زمنا لا يستطيع ان يحج ان حججت عنه أينفعه ذلك فقال لها أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته أكان ينفعه ذلك
قالت نعم قال فدين الله أحق بالقضاء ومنها ما عن كتاب حماد بن عثمان قال قال أبو عبد الله (ع) من عمل من المسلمين عملا صالحا عن ميت
أضعف الله اجره ونفع به ذلك الميت ورواه الصدوق (ايض‍) في الفقيه مرسلا ومنها ما عن كتاب المسائل لعلي بن جعفر عليه السلام
عن الرجل هل يصلح له ان يصلى أو يصوم عن بعض موتاه قال نعم يصلى ما أحب ويجعل ذلك للميت فهو
للميت إذا فعل ذلك له وقريب منها
رواية أخرى له ومنها ما حكاه عنه عن أصل علي بن أبي حمزة الذي هو من رجال الصادق والكاظم عليهما السلام قال وسالت عن
الرجل يحج ويعتمر ويصلى ويصوم ويتصدق عن والديه وذوي قرابته قال لا باس به فيما صنع وله اجر اخر بصلة قرابته قلت وإن كان لا
يرى ما ارى وهو ناصب قال يخفف عنه بعض ما هو فيه ومنها ما عن أصل هشام بن سالم قال قلت ويصل إلى الميت الصلاة والدعاء
ونحو هذا قال نعم قلت أو يعلم من جميع ذلك قال نعم ثم قال يكون مسخطا عليه فيرضى عنه قال في الذكرى وظه؟ انه من الصلوات الواجبة
التي تركها سبب في السخط أقول وفي هذا الظهور تأمل ومنها ما عن ابن محبوب في كتاب المشيخة عن الصادق (ع) أنه قال يدخل على الميت
في قبره الصلاة والصوم والحج والصدقة والدعاء قال ويكتب اجره للذي يفعله وللميت ونحوها روايتا إسحاق بن عمار وابن أبي عمير ومنها
روايات ابن مسلم وابن أبي يعفور والبزنطي وصفوان بن يحيى؟ عن الصادق والرضا عليهما السلام انه يقضى عن الميت الحج والصوم والعتق وفعالة
الحسن وعن كتاب الفاخران مما أجمع عليه وصح من قول الأئمة (على) انه يقضى أعماله الحسنة كلها ومنها ما عن كتاب حماد بن عثمان قال قال
أبو عبد الله (ع) ان الصلاة والصدقة والحج والعمرة وكل عمل صالح ينفع الميت حتى أن الميت ليكون في ضيق فيوسع عليه فيق؟ هذا لعمل ابنك
فلان وهذا لعمل أخيك فلان ومثلها رواية عمرو بن محمد ابن يزيد ومنها ما عن عبد الله بن جندب قال كتبت إلى أبى الحسن (ع) الرجل يريدان
يجعل أعماله من الصلاة والبر والخير أثلاثا ثلثا له وثلثين لأبويه أو يفردهما بشئ مما يتطوع به وإن كان أحدهما حيا والاخر ميتا فكتب
إما الميت فحسن جائز واما الحي فلا الا البر والصلة ومثلها ما عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري انه كتب إلى الكاظم (ع) مثله وأجاب
بمثله قال في الذكرى قال السيد لا يراد بهذه الصلوات المندوبة لان الظ؟ جوازها عن الاحياء في الزيارات (والحج وغيرهما صح) أقول لعل ما ذكره من التوجيه
للجمع بينها وبين ما دل على جواز ذلك من الحي الذي (ايض‍) مثل ما عن الكليني باسناده إلى محمد بن مروان قال قال أبو عبد الله (ع) ما يمنع منكم
ان يبر والديه حيين وميتين يصلى عنهما ويتصدق عنهما ويصوم عنهما فيكون الذي صنع لهما وله مثل ذلك فيرزقه الله بره وصلته خيرا
كثيرا نعم احتمال هذه الرواية إرادة عدم قطع البر عنهم بعد الموت بفعل هذه الأفعال عنهما فيكون قد برهما حيين وميتين بعيد وحكى
عن الحسين بن الحسن الطوسي الكدكني في كتابه المنسك باسناده إلى علي بن حمزة قال قلت لأبي إبراهيم (ع) أحج وأصلي وأتصدق عن الاحياء والأموات
من قرابتي وأصحابي قال نعم صدق عنه وصل عنه ولك اجر اخر بصلتك إياه وظاهر الصلاة عن الغير النيابة عنه لا فعلها واهداء الثواب
إليه فيدل على جواز النيابة عن الحي في الصلاة واطلاق الصلاة والبر على ذلك يشعر بعموم رجحان النيابة عن الحي في كل فعل ثم إذا جاز حسن
الصلاة عنه جاز غيرها لعدم القول بالفصل ظاهرا بينها وبين غيرها بل قد روى جواز الاستنابة في الصوم الواجب بالنذر على الحي فقد
روى في الفقيه عن عبد الله عيلة عن إسحاق بن عمار بل يمكن استفادة عموم النيابة في كل الأعمال الواجبة عدا ما دل الاجماع على عدمه من
الأخبار الدالة على مشروعية قضاء دين الله عمن هو عليه تبرعا ثم اثبات مشروعية النيابة في المستحبات بعدم القول بالفصل فت؟ وكيف كان
فانتفاع الميت بالاعمال التي يفعل عنه أو يهدى إليه ثوابها مما أجمع عليه النصوص بل الفتاوى على ما عرفت من كلام الفاضل وصاحب
الفاخر المعتضد بقضية تعاقد صفوان بن يحيى وعبد الله بن جندب وعلي بن نعمان على أن من مات منهم يصلى من بقى صلاته ويصوم عنه
ويحج عنه فبقى صفوان فيصلى كل يوم وليلة مائة وخمسين ركعة فان دعوى كفاية اتفاق هذه الثلاثة في الكشف عن رضاء الإمام عليه السلام
غير بعيدة فكيف إذا ضم إلى ذلك دعوى الفاضل وصاحب الفاخر الاجماع على ذلك واما الآية فيمكن توجيهها بعد مخالفة ظاهرها للاجماع
والأخبار المتواترة بان الثواب على سعيه حال الحياة فان تحصيل الاخوة للمؤمنين تعريض للنفس في هذه المثوبات واما الرواية النبوية
فهى مسوقة لذكر ما يعد عملا للميت بعد موته من الافعال المتولدة من فعله تولد الغاية دون التي يترتب على عمله اتفاقا من دون قصد لترتبه
فالحصر في الرواية بالنسبة إلى اعمال الميت المقصود منها الاستمرار بعد الموت كإعانة الناس بحفر البئر وغرس الشجر ووقف مال عليهم أو
اظهار سنة حسنة أو ولادة من يستغفر له مما يقصد منه البقاء فهى بمنزلة الافعال التوليدية للميت يعد عملا له والكلام في المقام في ما
يعمل الغير عنه كما أن ما ورد من أن من سنة سن سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيمة لا تنافى قوله (تع‍) ولا تزر وازرة
وزر أخرى وانما ينافيه ما يكذب على النبي صلى الله عليه وآله من أن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه ولذا ردت عايشة بتلك الآية وقد
416

خرجنا بايراد الأخبار المذكورة عما هو المقصود في هذه الرسالة من وجوب القضاء عن الميت مع قطع النظر عن انتفاع الميت بذلك و
قد عرفت انه مجمع عليه فتوى ونصا وسيجيئ ما يدل عليه من النصوص بالخصوص ثم المشهور ان القضاء معين على الولي لا انه مخير بينها وبين
الصدقة كما عن الإسكافي والسيد المرتضى والسيد بن زهرة مدعيا عليه الاجماع لعدم الدليل على اجزاء الصدقة نعم ورد ذلك في النافلة مضافا
إلى ظهور الأدلة في تعيين الصلاة والاجماع المدعى كما ترى واضعف منه الاستدلال عليه بالاحتياط واما القاضي فالمحكى عن المفيد النص على أنه
ان لم يكن له ولد من الرجال قضى عنه أكبر أوليائه من أهله وان لم يكن فمن النساء وعن الإسكافي أولي الناس بالقضاء عن الميت أكبر ولده
الذكور وأقرب أوليائه إليه ان لم يكن له ولد وفي كلام الصدوقين والرضوي انه يقضى الولي فإن لم يكن له ولى من الذكور قضى عنه وليه
من النساء ونسب قول المفيد في الدروس إلى ظاهر القدماء والاخبار واختاره ولعله لاطلاق صحيحة حفص بن البختري عن أبي عبد الله (ع)
في الرجل يموت وعليه صلاة أو صيام قال يقضى عنه أولي الناس بميراثه قلت فإن كان أولي الناس به امرأته قال لا الا الرجل ومرسلة حماد قال
سئلت أبا عبد الله (ع) في الرجل يموت وعليه دين من شهر رمضان من يقضيه عنه قال أولي الناس به قلت فإن كان أولي الناس به امرأته قال لا
الا الرجل ورواية ابن سنان عن الصادق (ع) المحكية في الذكرى عن كتاب السيد الاجل ابن طاوس قال الصلاة التي حصل وقتها قبل ان يموت
الميت يقضيه عنه أولي الناس به إلى غير ذلك فما اطلق فيه الولي المراد منه الأولى من غيره وهو يختلف باختلاف الموجودين من الناس المنتسبين
إلى الميت فان ولده أولي به من أخيه وأخوه أولي به من عمه وهكذا بل قد يدعى شموله للمولى المعتق وضامن الجريرة لأنهما أولي الناس بالميت
مع فقد الأقارب النسبية ولذا قيل بوجوب القضاء عليهما مع فقد القريب هذا مضافا إلى أن الحكم في صحيحة حفص معلق على الأولى بالإرث
ولا اشكال في صدقه على ما عدا الأولاد مع عدمهم بل وعلى المولى وضامن الجريرة واما وجه تقديم الولد على الأب فلعله لان أكثرية
نصيبه يدل عرفا على كونه أولي بالميت عن الأب مع أن النص ورد بان الأكثر نصيبا أولي بالميت من الأقل كما في صحيحة الكناسي وأخوك لأبيك
وأمك أولي بك من أخيك لامك مع أن حكم المش؟ باستحقاق الولد خصوصا مجانا الحبوة التي هي عبارة عن خصايص الأب التي يعز على
أولياء الميت ان يروها عند غير الميت يدل على اولويته بأبيه من غيره حتى جده نعم ينافي ذلك كله حكم المشهور في باب الجنايز بان
الأب أولي من الولد في تجهيز الميت ولذا تنظر فيه هناك مائلا إلى مراعاة الاطلاقات هنا وهناك من يقدم الأب على الولد ويمكن
ان يكون مستند المشهور هناك ان الأولى بالميت من حيث احكامه وأموره التي لابد ان تصدر باستصواب الأولياء هو الأب
دون غيره ويمكن استشعار ذلك من قوله (ع) يصلى بالجنازة أولي الناس بها فان الأولى بالجنازة من حيث إنها جنازة لابد من التصرف
فيها وتقلبها في الغسل والصلاة والدفن هو الأب عرفا والحاصل ان الموضوع للحكم في باب القضاء هو الميت من حيث شخصه ونفسه الانساني
وفي الجنايز هو جسده وجنازته التي يتصرف فيها ويتقلب فالأولوية هنا عليه وفي القضاء له فت؟ وعلى كل حال فالمراد من أكثرية النصيب أكثرية
نصيب النوع لأنها الكاشفة عرفا وشرعا عن أولوية ذلك النوع فلو عرض لشخص الولي قلة النصيب لتعدد اشخاص نوعه كما لو اجتمع
له أب مع عشرة أولاد فلا يسقط أكبرهم عن الأولوية لكونه أقل سهما من الأب لان نوع الولد أكثر سهما فهو أولي فما يظهر من بعض المعاصرين
من اعتبار أكثرية نصيب الشخص حتى أنه فصل في المسألة بين ما دون الخمسة من الأولاد إذا اجتمعوا مع الأب وبين الخمسة والأزيد
لم أجد له وجها ظاهرا ثم اطلاق الأولى بالإرث في الصحيحة المتقدمة يشمل المولى المعتق وضامن الجريرة على الترتيب عند عدم غيرهما
من الورثة الا ان العبادة المحكية عن المفيد وجماعة من القدماء خالية عن التصريح به لان المحكي عن المفيد المنسوب في الدروس إلى ظاهر القدماء
انه لو فقد أكبر الذكور فاكبر أوليائه من أهله ولفظ الأهل ظ؟ فيمن عدا المعتق وضامن الجريرة وما أبعد ما بين هذا القول وبين ما
اختاره الشيخ وأكثر من تأخر عنه من اختصاص التكليف بأكبر أولاد الذكور وكأنهم فهموا من صحيحة حفص ومرسلة حماد المتقدمتين ان
المراد من الأولى بالميت الأولى للناس به على الاطلاق وبعبارة أخرى الأولى من كل أحد يفرض وجوده من الناس لا أولي الموجودين فعلا
حين موت الميت ولا شك ان الأولى على الاطلاق بذلك المعنى هو الولد الذكر واما أولوية غيره من طبقات الورثة فأولويته اضافية
يلاحظ فيها الموجودون من عند الموت وهذا غير بعيد مع أنه لو فرض احتمال الرواية لما ذكرنا احتمالا مساويا وجب الرجوع إلى أصالة
البراءة ومما يؤيد إرادة ما ذكرنا بل يدل عليه ان صحيحة حفص ومرسلة حماد صريحتان في نفى التكليف عن النساء وكل من نفاه عنهن
نفاه عمن عدا الولد من الذكور وكل من أثبته على من عدا الولد من الذكور أثبته على النساء فحمل الرواية على ما يعم الولد يوجب شذوذ
الرواية وترك العمل بظاهرها بين الأصحاب من التفصيل بين من عدا الولد وبين النساء فيجب لأجل ذلك حمل الأولى على الأولوية
على الاطلاق دون الإضافية نعم يظ؟ من المدارك العمل بظاهرها من التفصيل ثم المراد في كلامهم من الأكبر من لا أكبر منه فيعم المنحصر
417

كما هو مقتضى اطلاق النص وصريح الفتاوى ولو تعدد الأولاد يقدم الأكبر مع استوائها في البلوغ للاجماع ولمكاتبة الصفار وفي دلالها
تأمل يأتي وجهه ولو استووا في السن فالبالغ مقدم على غيره إما لأنه أكبر عرفا وأقرب إلى حد الرجال واما لان التكليف يتعلق به عند بلوغه
لصدق أولي الناس به عليه بحسب النوع إذ لو اعتبرت الأولوية الشخصية من كل أحد لم يجب عليهما بعد بلوغ أخيه (ايض‍) فإذا تعلق التكليف
به فارتفاعه عند بلوغ أخيه يحتاج إلى دليل فت؟ ولو اختلفوا في البلوغ وكبر السن ففي اعتبار البلوغ أو كبر السن وجهان مما ذكرنا في
تقديم البالغ على غيره مع المساواة ومن اطلاق تقديم الأكبر في النص والفتاوى والأول لا يخلوا عن قوة ولو استووا في السن والبلوغ
ففي سقوط القضاء عنهما كما عن الحلى لعدم وجود الأكبر أو ثبوته عليهما على طريق الكفاية وتخييرهما فان اختلفا فالقرعة كما عن القاضي أو
على طريق التوزيع كما عن المشهور وفاقا للشيخ أقوال أقواها الأخير لان الحكم معلق بجنس الأولى بالناس الصادق على الواحد والاثنين لما
عرفت من أن المراد بأولى الناس الأولى بالنوع وهو جنس الأولاد فكأنه قال يقضى عنه ولده واما وجوبه على الكل كفاية فلم يثبت لان
الوجوب على الجنس أعم من التوزيع ومن الوجوب الكفائي فالأصل عدم تكليف كل منهما بأزيد من حصته ولو
على طريق الكفاية وبعبارة أخرى يعلم
باستحقاقه العقاب إذا ترك حصته ولم يأت بها صاحبه على أي تقدير ولا يعلم بأنه بعد قضاء حصته يعاقب على ترك الباقي إذا تركه
مع صاحبه ثم إن حكم القاضي بالقرعة عند اختلافهما لا وجه له لعدم الاختلاف بعد جواز قيامهما بالواجب الكفائي لأنه لا يسقط عنهما الا
بعد حصوله في الخارج فينوي كل منهما الوجوب كما في صلاة الميت ودعوى وجوب فعل واحد عنه على أن يكون الوحدة شرطا لصحة الفعل مع تعمدهما؟
ممنوعة ومما ذكرنا يعلم حكم ما إذا كان الواجب مما لا يتبعض كصلاة واحدة أو صوم يوم واحد وفي ثبوت الكفارة عليهما مع افطار الصوم
بعد الزوال على القول بوجوبه في القضاء عن الغير وجهان أقويهما الوجوب عليهما مع افطارهما معا وعلى المتأخر افطارا مع التراخي فت؟ ثم إن
هنا وجوبا كفائيا في الصلاة من جهة أخرى وهي ان الترتيب لما كان شرطا في صحة الصلاة فبعد الحكم بتوزيعهما يكون الواجب كفائيا
منهما الشروع في القضاء فإذا فرغ من صلاة واحدة كان الشروع في الأخرى (ايض‍) واجبا كفائيا وهكذا إلى يصلى أحد قدر نصيبه فيتعين الباقي
على الأخر فان اختلفا في السبق بان أراد كل منهما السبق واللحوق فلا يبعد القرعة ولا يشترط في القاضي الحرية لان الأولوية بالميت الذي
هو مناط الحكم لا يتوقف على استحقاقه الإرث بل يقتضيه مع عدم المانع ولهذا لا يفرق في الحربين الوارث بالفعل والممنوع عن الإرث
للقتل وتعلق الحكم في صحيحة حفص على الأولى بالإرث يراد به الأولى بالإرث من حيث القرابة لو خليت ونفسها ولا يشترط (ايض‍) خلو ذمته
من صلاة فائتة نعم سيأتي حكم الترتيب بين الفائتة والمتحملة في احكام القضاء واما المقضى فالمحكى عن المش؟ انه جميع ما فات عن الميت
وعن الشهيد الثاني نسبته إلى ظ؟ النص واطلاق الفتوى وظ؟ عبارة الغنية الاجماع عليه وعن الحلى وسبطه ابن سعيد انه لا يقضى الا ما فاته
في مرض موته والمحكى عن المختلف في بعض رسائله انه يقضى ما فاته لعذر كالمرض والسفر والحيض بالنسبة إلى الصوم لا ما تركه عمدا مع قدرته
عليه وعن الذكرى نسبته إلى السيد عميد الدين ثم اختاره كما عن الشهيد الثاني والأقوى الأول لاطلاق ما تقدم من النصوص خصوصا
رواية ابن سنان المتقدمة ودعوى انصرافها إلى ما فات لعذر ان سلم فهو تبادر ابتدائي كتبادر بعض افراد الماء من اطلاق لفظه مع أن
بعض فروض الترك عمدا مما لا اشكال في عدم خروجه عن منصرف الاطلاق مثل ما إذا وجب عليه الصلاة في حال المرض مع النجاسة أو
مع القعود أو الاضطجاع أو وجب عليه الصلاة حال المطاردة مع العدو فقصر في فعلها كك؟ على ما هو الغالب في أحوال المرضى والمغارمين
من ترك الصلوات إذا لم يتمكنوا من فعلها كذلك ثم مات في هذه الحال أو بعد ذلك فان دعوى خروج مثل هذا عن منصرف اطلاق الأخبار المتقدمة
بعيدة عن الانصاف وإذا شمل هذا شمل غيره من الصلوات المتروكة عمدا أو المفعولة فاسدة لعدم القول بالفصل بل يمكن دعوى
شمول الروايات للمفعولة فاسدة فيشمل المتروكة عمدا لعدم الفصل فت؟ وكيف كان فدعوى اختصاص الرواية بمن فاته الصلاة لغدر يسقط
شرعا معه الصلاة كالاغماء وفقد الطهورين ونحو ذلك في غاية البعد خصوصا لو أريد من عدم تعمد الفوت عدم التمكن من قضائه
(ايض‍) بحيث لا يعم ما تسامح في قضائه حتى مات ثم الظ؟ ان النسبة بين قول الحلى ومختار المحقق عموما من وجه لان الفوات في مرض
الموت يعم الترك عمدا وعلى أي حال فالظ؟ انصراف الاطلاق في النص والفتوى إلى ما وجب عليه أصالة فلا يعم ما يحمله؟ بالولاية أو الاستيجار
وإن كان العمل بالاطلاق أحوط بناء على احتمال كون الانصراف هنا نظير الانصراف السابق واما المقضى عنه فهو الوالدان لا غير
بناء على المش؟ من اختصاص القاضي بالولد الأكبر نعم اختلفوا في دخول الام من جهة اختصاص رواية الحماد بالرجل وانصراف رواية
ابن سنان إليه فالحاق المراة بالرجل كما صرح الحلى والمحقق والشهيد الثانيان في حاشيتي الشرائع بل حكى عن جماعة والأقوى الدخول وفاقا
لصريح المحكي عن صوم المبسوط ويه؟ والغ؟ وهي؟ وكره؟ بناء على عدم الفرق بين الصوم والصلاة وحكى في خصوص الصلاة عن الرسالة المحكية
418

سابقا عن المحقق في جواب سؤال جمال الدين الأشعري وعن الذكرى والموجز بل حكى نسبته إلى ظ؟ اطلاق الأكثر الا ان الموجود في الروضة
ان اختصاص الحكم بالأب وعدم التعدي إلى الام هو المش؟ وكيف كان فالأقوى اللحوق ودعوى الانصراف في رواية ابن سنان ممنوعة مضافا إلى مصححة
أبى حمزة عن امرأة مرضت في شهر رمضان أو طمثت أو سافرت فماتت قبل خروج شهر رمضان هل يقضى عنها قال إما الطمث والمرض فلا
واما السفر فنعم بناء على عدم القول بالفصل بين الصوم والصلاة كما يظ؟ من بعض وعلى ان المسؤول عنه وجوب القضاء لما ذكره في المنتهى
من الاتفاق على الاستحباب في هذه الصور ويمكن ان يكون طرح الحلى لهذه الأخبار لكونها آحادا عنده وهل يشترط في المقضى عنه الحرية
قولان أقويهما العدم لاطلاق الروايات ودعوى انصرافها إلى الحرية في غاية البعد وتوهم كون الأولى بالعبد مولا ولا يجب عليه القضاء
اجماعا مدفوع بان المراد بالأولوية الأقربية في النسب والأشدية في علاقة القرابة التي هي المقتضية للأولوية بالإرث لو اجتمع سائر
شروط الإرث ولذا يجب على القاتل لأبيه وان لم يرثه وحكى عن فخر الدين عدم الوجوب قال ومنشأ الإشكال عموم قولهم عليهم السلام
فعلى وليه ان يتصدق عنه من تركته دل بالمفهوم على الحرية فهذه المسألة يرجع إلى أن الضمير إذا رجع إلى البعض هل يقتضى التخصيص أم لا
وقد حقق ذلك في الأصول والحق عندي عدم القضاء لما تقدم انتهى واعترضه شارح ضة؟ بعد نقل هذا الكلام بانا لم نظفر بخبر فيه ذلك
وانما الخبر الذي تعوض فيه المتصدق خبر أبي مريم وليس فيه ذكر الصوم الا بعد التصدق في إحدى طرفيه ولفظه وان صح ثم مرض حتى يموت
وكان له مال تصدق عنه كل يوم بمد وان لم يكن له مال صام عنه وليه انتهى ولا يخفى ضعف ما ذكره فخر الدين إذ لو سلم وجود خبر
مشتمل على المذكور فمقتضى التبادر وإن كان تقييد المط؟ به وليس هذا من قبيل العام المتعقب بالضمير الراجع إلى بعض افراده كما لا يخفى
الا ان تخصيص الخبر المشتمل على هذا لا يقتضى تخصيص باقي المطلقات لعدم التنافي بينهما ثم إن حكم الجارية حكم العبد الميت واما احكام
القضاء فيحصل توضيح المهم منها في ضمن مسائل الأولى ان الظ؟ من النص والفتوى بأنه يقضى عن الميت ان القضاء عن الميت نيابة عنه في الفعل
لا انه تكليف اصلى على الولي فلابد فيه من نية النيابة كما في الحج والزيارة عن الغير ولا يبرء ذمته باهداء ثواب العبادة إلى الميت من دون
قصد النيابة بل لا يشرع هذا الفعل بمجرد هذه الغاية مع عدم اشتغال ذمته به أصالة كمن أراد ان يصلى ظهرا في غير وقته ويهديه إلى
الميت لان اهداء الثواب فرع وجوده المتوقف على تحقق الامر المفروض عدمه ويعتبر في القضاء جميع ما كان معتبرا في فعل الميت مع قطع
النظر عما يعرض باعتبار خصوص مباشرة الفاعل له فيقصر ما فاته سفر أو يتم ما فاته حضرا ولا يجب عليه الاخفات في أولي الجهرية أو كان
التائب رجلا والميت امرأة ويجب الاخفات لو انعكس الفرض وكذا الكلام في ستر تمام البدن والفرق بينهما وبين القصر والاتمام ان
القصر والاتمام مأخوذ ان في مهية الصلاة واما الجهر والاخفات فإنما هو باعتبار كون المباشر للفعل امرأة يطلب خفض صوتها
وستر بدنها عند الصلاة فهما احكام خصوص الفاعل لا الفعل ومثلهما الأحكام الثابتة للفاعل باعتبار العجز والقدرة فان المعيار
فيها حال المباشر للفعل فيصلى القادر قائما عمن فات عنه قاعدا ويصلى العاجز قاعدا عمن فاته قائما ولا يجب على الولي الاستنابة
مع عجزه للأصل وربما يحتمل ذلك بناء على أن الواجب على الولي تحصيل الأجزاء والشرائط التي كانت على الميت وابراء ذمته بصلاة
نفسه أو بالاستنابة فإذا لم يتمكن من الصلاة الاختيارية بنفسه تعين عليه الاستنابة ويضعفه ان الاستنابة مع جوازها مسقطة
للواجب المعين على الولي لا أحد فردي الواجب المخير فلا يتعين عند تعذر الصلاة الاختيارية بل ينتقل إلى بدلها الاضطراري
كالصلاة قاعدا أو قائما إذا كان غير راج لزوال العذر بل وإن كان راجيا بناء على ندم وجوب تأخير أولي الأعذار أو على وجوب
المبادرة إلى براءة ذمة الميت ولكن الأقوى وجوب الانتظار مع رجاء زوال الاعذار فالأحوط الاستنابة مع عدمه وفي حكم العجز
والقدرة العلم والجهل المعذور فيه موضوعا أو حكما كمن جهل القبلة فصلى إلى الجهة المظنونة أو إلى أربع جهات مع عدم الظن أو
صلى في طاهر كان يعتقده الميت نجسا فان هذه الأمور وأشباهها تلحق الفعل باعتبار مباشرته لا باعتبار ذاته ومن هذا القبيل
اختلاف الميت والنائب في مسائل الصلاة فان العبرة فيها بمعتقد الفاعل تقليدا أو اجتهادا دون الميت حتى لو فاته صلاة
يعتقدها قصرا كما إذا سافر إلى أربعة فراسخ من دون الرجوع ليومه واعتقدها الولي تماما لاعتقاده اعتبار الرجوع ليومه في الأربعة
وجب القضاء عنه تماما نعم لا يجب قضاء صلاة الميت صحيحا إذا اعتقد الولي فساده وهو واضح والفرق ان فعل الميت بدل
عن الواقع إذا كان مخالفا له إما إذا لم يفعل فالفعل يصير تكليفا للولي يوقعه بحسب اعتقاده حتى لو اعتقد عدم وجوبه على الميت
رأسا لم يجب على الولي وإن كان الميت قد اعتقد وجوبه كقضاء صلاة الخسوف الذي لم يعلم به الميت حتى انجلى؟ فلا يجب على الولي
419

قضائها إذا اعتقد عدم وجوبه وإن كان الميت قد اعتقد وجوب القضاء ويحتمل وجوب القضاء هنا على الولي إذا اعتقد استحبابه
على تقدير عدم الوجوب لصيرورة الميت مشغول؟ الذمة به في اعتقاده ويمكن ابراء ذمته فيجب إما إذا لم يعتقد الولي استحبابه على تقدير عدم
الوجوب فلا يجوز له الاتيان لعدم تأتى قصد القربة لكن فرض المسألة خلافية لا ينفك عن رجحان الاتيان من باب الاحتياط الثانية
هل ما يفعله الولي أداء لما فات عن الميت باعتبار الامر الإدائي فيكون فعله تداركا للأداء كما لو فرض موته قبل خروج وقت الصلاة
التي فاتته كما إذا مات بعد مضى مقدار الصلاة والطهارة أو انه في غير الفرض المذكور أداء لما فات عن الميت باعتبار الامر القضائي فيكون
تداركا لقضاء الميت الذي هو تدارك لفعله الإدائي لا تداركا أوليا لفعله الإدائي وبعبارة أخرى لاشك ان الصلاة عن الميت كاداء
الدين عنه فهل الملحوظ في كونه دنيا الامر الإدائي أو الامر القضائي به فيما إذا مات بعد تكليفه بالقضاء وجهان أظهرهما من أدلة العبادة
عن الميت وانها كاداء الدين عنه الأول لان ظاهر اطلاق الدين على العبادة انما هو باعتبار مطلوبيتها الأولية والامر بقضائها
أمر بأداء ذلك الدين فإذا لم يؤده بنفسه أداه عنه الولي ففعل الولي بدل الأداء لا القضاء وتظهر الثمرة في اعتبار الأمور المعتبرة في القضاء
في فعل الولي توضيح ذلك أن ما كان من الشروط معتبرة في الأداء فلا اشكال في اعتبارها في القضاء سواء كان القاضي نفسه حيا أو
وليا بعد موته لان تدارك الفائتة لا يحصل الا بمراعاتها لأن المفروض كونها مأخوذة في الفائت واما الشروط المعتبرة في قضاء
الصلاة التي دل عليها الدليل الخاص من دون كونها معتبرة في الأداء فلابد من الاقتصار في اعتباره على؟ عن مقدار دلالة الدليل فإذا دل
الدليل على اعتبارها في قضاء الشخص عنه نفسه فلا يتسرى إلى قضائه عن غيره نعم لو قلنا إن الغير انما يفعل ذلك القضاء الذي كان واجبا
على الميت وامتثالا لامره القضائي فلا مناص من مراعاة هذه الشروط وهذا مثل الترتيب بين الفوائت بناء على اعتباره في القضاء
باعتبار دليل خارج وليس باعتبار كونه شرطا في الأداء إذ ليس تأخير المغرب عن عصره المتقدم شرطا شرطا
له وانما هو عارض اتفاقي له
حصل من تدريج الزمان بل تأخير العصر عن الظهر (ايض‍) ليس الا باعتبار الامر الإدائي بالظهر فإذا؟ فات الظهر والعصر فقد ارتفع الامر
الإدائي بالظهر وبرئت الذمة ووجوب وقوع العصر بعد براءة الذمة من مط؟ الامر بالظهر ولو كان أمرا قضائيا غير معلوم فت‍؟ حتى
لا يتوهم انه رجوع عن لزوم اتحاد القضاء والأداء في الشروط لأنا نلتزم (ايض‍) ان كلما هو شرط في العصر الإدائي شرط في العصر القضائي
لكن ندعى ان الشروط في العصر الإدائي وقوعها بعد براءة الذمة عن الامر الإدائي وهذا شئ حاصل دائما فالعمدة في وجوب الترتيب
بين الفوائت الاجماع المنقول وبعض الأخبار وهي مختصة بقضاء الشخص عن نفسه والمفروض ان الولي نائب عن الميت في تدارك الأداء
لا في تدارك القضاء حتى يقتضى ذلك وجوب مراعاة ما وجب على الميت في قضائه عن نفسه نعم لا يستبعدان يستظهر من أدلة الترتيب في
قضائه عن نفسه كون مطلق القضاء كك؟ سواء كان عن نفسه أو عن الغير الثالثة هل يسقط القضاء عن الولي بفعل الغير كما عن الشيخ
وجماعة أم لا كما عن الحلى وآخرين الأقوى الأول لعموم ما دل على أن الصلاة والصوم عن الميت يكتب له وما دل على أن العبادة في ذمة
الميت كالدين فكما يبرء ذمته بأداء كل أحد الدين عنه فكك؟ العبادة وقد تقدم في رواية الخثعمية قوله صلى الله عليه وآله أرأيت لو كان على أبيك دين
فقضيته أكان ينفعه ذلك قالت نعم قال صلى الله عليه وآله فدين الله أحق بالقضاء فإذا برء ذمة الميت بفعل كل من فعل عنه فلا يبقى
في ذمته شئ حتى يجب على الولي قضائه ففعل الغير مسقط للوجوب عن الولي بسقوط موضوعه أعني اشتغال ذمة الميت لا ان الغير نائب
عن الولي أو متحمل عنه حتى يقال إن الصلاة والصوم لا يتحملان عن الحي أو يقال إن المخاطب هو الولي فيجب عليه المباشرة فانا لم نحكم
بامتثال الولي إذا استناب غيره وانما نحكم ببراءة ذمة الميت فلا يكون عليه صلاة أو صيام حتى يقضيه الولي فيظ؟ من ذلك كله
ان الاستدلال على المنع بظهور الأدلة في وجوب المباشرة أو ان الصلاة والصوم لا تدخلهما النيابة عن الحي في غير محله فاذن ما ذكرنا
ينافي التصريح عن المشهور بوجوب مباشرة الولي له ويدل على السقوط مضافا إلى ما ذكرنا الموثقة في الرجل يكون عليه صلاة أو صوم
هل يجوز ان يقضيه رجل غير عارف قال لا يقضيه الا عارف مسلم دل على عدم اجزاء قضاء غير العارف بالأئمة (على) وإن كان وليا وجواز قضاء
العارف وان لم يكن وليا ولا يجوز ان يكون المراد بغير العارف في السؤال وبالعارف في الجواب خصوص الولي كما لا يخفى ومرسلة
الفقيه عن الصادق (ع) إذا مات الرجل وعليه صوم شهر رمضان فليقض عنه من شاء من أهله فإنه بعد قيام القرينة على عدم إرادة
ظاهر الخبر وهو الوجوب الكفائي ظ؟ في أن كل أحد من أهله مرخص في ابراء ذمة الميت وتخصيص الأهل مع أن غيرهم (ايض‍) مرخص لأجل
حصول مشيه القضاء فيهم غالبا دون غيرهم والموثق كالصحيح المحكي عن زيادات التهذيب عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل
سافر في رمضان فأدركه الموت قال يقضيه أفضل أهل بيته دل بعد قيام الدليل على عدم وجوب القضاء على أفضل أهل البيت
420

على استحباب تفويض الولي القضاء إليه ان لم يكن هو وليا وعلى عدم تفويضه إلى غيره إن كان هو الولي واستدل الحلى ومن تبعه على عدم سقوطه
بفعل الغير بما يرجع حاصله إلى أصالة عدم السقوط بعد كون الولي هو المخاطب وزاد في كرى؟ ان الصلاة لا يقبل التحمل عن الحي ويعرف الجواب
عن ذلك كله بما ذكرنا من أن الغير ليس متحملا عن الولي وانما يبرء ذمة الميت فيرتفع الوجوب عن الولي نعم يمكن ان يستدل لهم بمكاتبة الصغار
إلى أبى محمد العسكري عليه السلام رجل مات وعليه قضاء من شهر رمضان عشرة أيام وله وليان هل يجوز ان يقضيا عنه جميعا عشرة أيام خمسة أيام
أحد الوليين وخمسة أيام الأخر فوقع (ع) يقضى عنه أكبر وليه عشرة أيام ولا إن شاء الله (تع‍) فان المنع عن قدام الوليين على القضاء بالتوزيع
مع كون أحدهما أكبر يدل على عدم تبرع الأصغر بقضاء خمسة أيام وحمل الامر بالقضاء على الاستحباب ينافيه مع كون السؤال عن أصل
الجواز ان المستحب هو تعجيل ابراء ذمة الميت الحاصل بقضاء كل منهم خمسة دون صوم الأكبر عشرة ولاء فالظ؟ ان الامر بالولاء لوجوب المبادرة
إلى ابراء الذمة ففيه دلالة على عدم جواز تبرع غير الولي مضافا إلى اقتضاء تطابق الجواب والسؤال لذلك وعلى أي تقدير فقوله عليه السلام
يقضى عنه ليس مستعملا في الوجوب بقرينة تقييده بالولاء فليت شعري كيف استدل به المشهور على وجوب تقديم الأكبر عند تعدد الأولى
بالإرث الا ان يقال إن الاستحباب مناف لوجوب المبادرة إلى ابراء ذمة الميت فلو جاز لغير الولي القضاء لم يرجح انفراد الولي به على
المشاركة فظ؟ الرواية لو حمل على الوجوب نافى مذهبهم في جواز تبرع الغير ولو حمل على الاستحباب لم يدل على مذهبهم بتعيين القضاء على
الأكبر ثم إن ما ذكرنا من سقوط القضاء عن الميت بفعل الغير يعم المتبرع والموصى إليه والمستأجر إما المتبرع فلا فرق فيه بين ان يقع بإذن
الولي أو بدون اذنه إذ المفروض عدم تحمله شيئا عن الولي حتى يحتاج إلى اذنه واما الموصى إليه فان قيل الوصية وجب عليه الفعل و
لو كان تبرعا أو أوصى بالاستيجار من مال الموصى إليه على مايظ؟ من كرى؟ والمحكى عن ابن طاوس وغير واحد من المعاصرين بل في المناهل دعوى
ظهور الاتفاق عليه وعن التذكرة انه إذا أوصى الانسان بوصية فان وصيته ينفذ ويجب العمل بها اجماعا وفي دلالته على المدعى نظر
نعم استدل عليه بعموم حرمة تبديل الوصية المستفاد من الآية ومن الاخبار المستشهد بالآية ويظ؟ من العبارة المحكية عن التذكرة ان
هذا النحو من قبول الوصية بمنزلة الوعد لا يجب الوفاء به قال في مقام الاستدلال على وجوب قضاء الصوم عن المراة برواية أبي بصير عن
امرأة مرضت في شهر رمضان وماتت في شوال فأوصتني ان اقضي عنها قال هل برئت من مرضها قال لا قال لا تقضى عنها فان الله
تع‍؟ لم يجعله عليها قلت فان اشتهى ان اقضي عنها وقد أوصتني بذلك قال كيف تقضى ما لم يجعله الله عليها فان اشتهيت ان تصوم فصم
لنفسك استفسر عليه السلام عن حصول البرء أولا ولو لم يجب القضاء مع البرء لم يكن للسؤال معنى ثم قال لا يق؟ قد حصلت الوصية فجاز
ان يكون الوجوب بسببها لأنا نقول الوصية لا تقتضي الوجوب إما مع عدم القبول فظ؟ واما مع القبول فلانه راجع إلى الوعد انتهى وكيف
كان فهل الوصية النافذة يسقط الوجوب عن الولي أم لا صريح الشهيدين وصاحب الموجز وشارحه وصاحب الذخيرة ذلك لان بعد فرض
وجوب العمل بوصيته لا يجب الفعل الواحد عينا على مكلفين وارجاعه إلى الوجوب الكفائي مخالفة لظاهر التكليفين والحكم بالوجوب
على الولي مناف لفرض نفوذ الوصية فان التحقيق ان دليل وجوب العمل بالوصية حاكم على أدلة مثل هذا الحكم أعني الوجوب على الولي
والا فكل واقعة قبل تعلق الوصية بها لها حكم غير ما تقتضيه الوصية ولذا لم يستدل الشهيد ومن تبعه على السقوط بأزيد من أن
العمل بما رسمه الموصى واجب نعم زاد صاحب الذخيرة ان المتيقن من موارد الوجوب على الولي ما إذا لم يوص الميت ولا باس به لان الظ؟ من
قول السائل يموت الرجل وعليه صلاة أو صيام من يقضيه فرض عدم وجود من أقدم على ابرائه ووجب عليه ذلك وربما يقال (ايض‍) ان
النسبة بين أدلة الوجوب على الولي (وأدلة صح) وجوب العمل بالوصية عموما من وجه والترجيح مع أدلة الوصية وفيه نظر بل التحقيق الحكم بحكومة
أدلة الوصية كما يحكم في سائر الموارد لما عرفت من أن كل وصية فهى ترد على واقعة لها حكم ودليل لولا الوصية فلا يعارض بدليلها
أدلة الوصية فلاحظ فأدلة العمل بالوصية شبيهة بأدلة النذر وشبهه ويظ؟ من شرح الوحيد البهبهاني عدم السقوط عن الولي بالوصية
بل يكون الوجوب عليهما نظير الكفائي فان أراد به كون الوجوب كك؟ من أول الأمر وحين موت المقضى عنه ففيه نظر عرفت وجهه وان أراد
ان السقوط مراعى بفعل الوصي فلا يبرء ذمته مط؟ الا بعد فعله ولو تركاه استحقا العقاب فلا باس به لكن لا يجب تحصيل العلم أو الظن
على الولي بقيام الوصي به بل لو ظهر له فواته من الوصي بحيث لا يمكن له الاتيان بموت أو نحوه تعين على الولي لعمومات؟ السليمة
عن المعارض الا ان يق؟ بعد تسليم ما ذكر سابقا من كون مورد الحكم في الاخبار غير صورة أيضا؟ الميت لا دليل على الوجوب
بعد تحقق السقوط واما الاستيجار فلا كلام فيه من حيث براءة ذمة الميت بفعل الأجير إذا فعلها على الوجه الصحيح سواء كان له
ولى وكان المستأجر هو أو غيره أم لم يكن له ولى وانما الكلام في صحة الاستيجار وعدمها والثمرة بعد الاتفاق على الصحة لو وقع
421

من الأجير صحيحا كما لو وقع من غيره في أمرين أحدهما انتقال مال الأجرة إلى الأجير والثاني ان كون الداعي للعمل هو تحصيل استحقاق الأجرة
غير قادح في نية القربة المعتبرة في جميع العبادات فنقول إما صحة الاستيجار فالحق صحته وفاقا للمعظم لوجوه الأول الاجماعات
المستفيضة عن جماعة كالشهيد حيث قال في كرى؟ ان هذا النوع مما انعقد عليه اجماع الامامية الخلف والسلف وقد تقرر ان اجماعهم
حجة قطعية انتهى وحكى الاجماع (ايض‍) عن الايضاح ومع صد؟ وارشاد الجعفرية بل عن ظاهر مجمع الفائدة (ايض‍) وعن بعض الأجلة وكانه صاحب
الحدائق عدم الخلاف في المسألة ويؤيد ذلك مضافا إلى الشهرة العظيمة إذ لم يخدش في ذلك عدا صاحب الكفاية والمفاتيح استقرار
سيرة الشيعة في هذه الاعصار وأقاربها من المجتهدين والعوام والمحتاطين على الاستيجار والايصاء به ويدل على المسألة مضافا إلى ما
عرفت ان المقتضى لصحة الاستيجار موجود والمانع مفقود لاتفاق المسلمين على أن كل عمل مباح مقصود للعقلاء لا يرجع نفعه إلى خصوص
العامل ولم يجب عليه يجوز استيجاره عليه ومنع تحقق الاجماع في خصوص كل مقام ضروري الفساد عند أدنى محصل إذ لم يسمع المناقشة
في هذه القاعدة ومطالبة الدليل على الصحة في كل مورد مورد من الأعمال المستأجر عليها كما في الأعيان المستأجرة هذا كله مضافا
إلى العمومات الدالة على صحة إجارة الانسان لنفسه كما في رواية تحف العقول وغيرها وعمومات الوفاء بالعقود وحل اكل المال بالتجارة
عن تراض وعمومات الصلح إذا وقعت المعاوضة على جهة المصالحة وبالجملة فالامر أظهر من أن يحتاج إلى الاثبات ثم انما ذكره المخالف
في المقام لا يوجب التزلزل فيما ذكرناه من الدليل إذ المحكي عن المحدث الكاشاني في المفاتيح ما هذا لفظه إما العبادات الواجبة عليه
التي فاتته فما شاب منها المال كالحج يجوز الاستيجار له كما يجوز التبرع به عنه بالنص والاجماع واما البدني المحض كالصلاة والصيام
ففي النصوص انه يقضيها عنه أولي الناس به وظاهرها التعيين عليه والأظهر جواز التبرع عنها من غيره (ايض‍) وهل يجوز الاستيجار لها عنه
المشهور نعم وفيه تردد لفقد نص فيه وعدم حجية القياس حتى يقاس على الحج أو على التبرع وعدم ثبوت الاجماع بسيطا ولا مركبا إذ
لم يثبت ان كل من قال يجوز التبرع قال بجواز الاستيجار لها وكيف كان فلا يجب القيام بالعبادات البدنية المحضة بتبرع ولا استيجار
الا مع الوصية انتهى والظ؟ ان استثناء الوصية من نفى الوجوب رأسا فيجب مع الوصية في الجملة لا مط؟ حتى يشمل الوصية بالاستيجار
كما زعمه بعض فاورد عليه بأنه لا تأثير للوصية في صحة الاستيجار وكيف كان فحاصل ما ذكره كما حصله بعض يرجع إلى التمسك بالأصل
فان أراد أصالة الفساد بمعنى عدم سقوطه عن الولي وعدم براءة ذمة الميت ففيه انه لا يعقل الفرق بين فعل الأجير إذا وقع جامعا لشرائط
الصحة وفعل المتبرع في براءة ذمة الميت والولي في الثاني دون الأول وان قلنا بفساد أصل الإجارة ودعوى
عدم وقوع فعل الأجير
صحيحا لعدم الاخلاص مع أنه كلام اخر يأتي الإشارة إليه مدفوعة بأنه قد لا يفعله الأجير الا بنية القربة إذ الاستيجار لا يوجب امتناع
قصد القربة وان أراد به أصالة فساد الإجارة بمعنى عدم تملك الأجير للأجرة المسماة وعدم تملك المستأجر العمل على الأجير ليترتب عليه
اثاره ففيه ما عرفت سابقا من أنه لا معنى لمطالبة النص الخاص على صحة الاستيجار لهذا العلم الخاص من بين جميع الأعمال التي يعترف
بصحة الاستيجار عليها من غير توقف على نص خاص فهل تجد من نفسك التوقف في الاستيجار لزيارة الأئمة (على) من جهة عدم النص الخاص
وكون الحاقه قياسا محرما والحاصل ان التوقف في صحة الاستيجار في هذا المورد الخاص من جهة عدم الدليل في غاية الفساد مضافا
إلى ما عرفت سابقا من وجود النص على صحة الاستيجار على الصوم أو ما هو بمنزلة الاستيجار كالجعالة والمصالحة مثل ما عن الصدوق في الفقه
عن عبد الله بن جبله عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) في رجل جعل عليه صياما في نذر قال يعطى من يصوم عنه كل يوم مدين فان غاية الأمر
حملها على الاستحباب على فرض انعقاد الاجماع على عدم وجوب الاستنابة عند العجز لكنه كاف في اثبات المشروعية ثم إن لصاحب المفاتيح
دعوى أخرى في هذا المقام من جهة عدم قصد التقرب فيما يفعله الأجير تبع فيه بعض من تقدمه قال في المفاتيح على ما حكى عنه ما هذا لفظه
الذي يظهر لي ان ما يعتبر فيه التقرب لا يجوز الأجرة عليه مط؟ لمنافاته الاخلاص فان النية كما مضى ما يبعث على الفعل دون ما يخطر بالبال نعم يجوز
الاخذ ان اعطى على وجه الاسترضاء أو الهدية أو الارتزاق من بيت المال من غير تشارط واما مالا يعتبر فيه ذلك بل يكون الغرض
منه مجرد صدور الفعل على أي وجه اتفق فيجوز اخذ الأجرة عليه مع عدم الشرط فيما له صورة العبادة واما جواز الاستيجار للحج مع كونه
من القسم الأول فلانه انما يجب بعد الاستيجار وفيه تغليب لجهة المالية فإنه انما يأخذ المال بصرفه في الطريق حتى يتمكن من الحج ولا
فرق في صرف المال في الطريق بين ان يصدر من صاحب المال أو نائبه ثم إن النائب إذا وصل إلى مكة وتمكن من الحج أمكن
التقرب به كما إذا لم يكن اخذ الأجرة كالمتطوع أو نقول إن ذلك (ايض‍) على سبيل الاسترضاء للتبرع إما الصلاة والصوم فلم يثبت جواز
الاستيجار لها وربما يستفاد هذا من كلام بعض من سبقه كما سيجيئ والجواب عنه أولا بالنقض ببعض الواجبات والمستحبات المعتبر
422

فيها التقرب كالحج وصلاة الطواف والزيارات المندوبات إذا وقعت الإجارة على نفس الافعال فقط أو مع المقدمات ودعوى خروجها
بالنص والاجماع ان رجعت إلى دعوى عدم اعتبار القربة فيها كانت فاسدة بالبديهة وان رجعت إلى دعوى الفرق بينها وبين الصلاة
والصوم في منافاة الأجرة لقصد القربة فيهما دونها فاظهر فسادا من الأول ضرورة اتحاد القربة المعتبرة في جميع العبادات واما
ثانيا فبالحل وقد تقرر بما حاصله جعل التقرب صفة للفعل واستحقاق الأجرة غاية فيقال ان النية مشتملة على قيود منها كون
الفعل خالصا لله سبحانه (تع‍) ومنها كونه أداء وقضاء عن نفسه أو عن الغير بأجرة أو بغيرها وكل من هذه القيود غير مناف لقصد الاخلاص
والأجرة فيما نحن فيه انما وقعت أولا وبالذات بإزاء القيد الثاني أعني النيابة عن زيد بمعنى انه مستأجر على النيابة عن زيد بالاتيان
بهذه الفريضة المتقرب بها وقيد القربة في محله على حاله لا تعلق للإجارة الا من حيث كونه قيدا للفعل المستأجر عليه نعم لو اشترط
في النيابة عن الغير التقرب زيادة على التقرب المشروط في صحة العبادة اتجه منافاة الأجرة لذلك الا انه ليس بشرط اجماعا وبالجملة
فان أصل الصلاة مقصود بها وجهه سبحانه لكن الداعي عليها والباعث عليها مع التقرب هو هذا المبلغ الذي قرر له ولذلك
نظاير في الشرع يوجب رفع الاستبعاد مثل صلاة الاستسقاء والاستخارة وطلب الحاجة والولد والرزق و نحوها مما كان الباعث
عليها أحد الأغراض فان أصل الصلاة مقصود بها وجهه سبحانه ويتقرب بها إليه جل ذكره ولكن الحامل عليها أحد الأمور المذكورة
بمعنى انه يأتي بالصلاة الخالصة لوجه الله لأجل هذا الغرض الحامل عليها انتهى ولا يخفى ما فيه لابتناء ما ذكره المحدث المتقدم
على اعتبار كون القربة والاخلاص داعيا وحاملا على الفعل بحيث لا يشركه بغيره وهو الحق الذي لا محيص عنه فجعل الغرض والداعي
أمرا اخر مخالف لذلك مع أن كون القربة والاخلاص من قبيل الأداء والقضاء من قيود الفعل لا محصل له بناء على أن قصد القربة عبارة
عن قصد امتثال أمر الله وطلب رضاء الله بذلك الفعل فالتحقيق في الجواب ان يق؟ قد عرفت سابقا ان معنى النيابة هو تنزيل الشخص
منزلة الغير في اتيان العمل الخاص وقد عرفت (ايض‍) مشروعيته ورجحانه ومقتضى هذا التنزيل كون الفعل المقصود حصول التقرب والثواب
موجبا لتقرب ذلك الغير لا العامل لأنه لم يتقرب بذلك الفعل الا بعد تنزيل نفسه منزلة المنوب عنه فصار المنوب عنه هو المتقرب
ولذا يعود النفع إليه ثم إن هذا التنزيل هو بنفسه فعل يمكن ان يقع الدواعي المختلفة فقد يكون الداعي ما حكم العقل والنفل من حسن
هذا التنزيل وانه محبوب لله (تع‍) (وان الفاعل ثياب عليه فلا يوقع هذا التنزيل الا الله تع‍؟) وقد يكون الداعي عليه حب ذلك الغير لأمر دنيوي كقرابة أو صداقة أو احسان يريد مكافاته أو غير ذلك
من غير التفات إلى كون هذا التنزيل مما أمر به استحبابا واراده الشارع وهذا هو الأكثر في العوام حيث لا يكون الداعي والحامل لهم
على العمل الا ما يسمع من وصول النفع إلى الميت بهذه العبادة أو هذه الصدقة ولا يلتفتون إلى وصول نفع وثواب إليهم بل لا يعتقدونه
بل قد لا يصدقون من يخبرهم بذلك قائلين انا نفعل هذا وثوابه لميتنا ولا شك ان النيابة بهذا القصد لا يوجب عدم صحة العمل لان
التقرب على وجه النيابة حاصل نعم النيابة على وجه التقرب غير حاصل والموجب لصحة الفعل على وجه النيابة هو الأول والثاني يعتبر في صحة
نفس النيابة التي هي عبادة باعتبار تعلق الامر الاستحبابي به عقلا ونقلا إذا عرفت هذا فنقول كون الداعي على النيابة وتنزيل نفسه
منزلة الغير في اتيان الفعل تقربا إلى الله هو مجرد استحقاق الأجرة انما يوجب عدم الخلوص والتقرب في موافقة أوامر النيابة وعدم
حصول ثواب للنائب لعدم امتثاله أوامر النيابة وعدم اخلاصه فيها وهذا لا يوجب عدم صحة العمل الذي جعل نفسه فيه بمنزلة الغير
واتى به عنه تقربا إلى الله فالنيابة عن الميت لمجرد استحقاق الأجرة كالنيابة عنه لمجرد محبة الميت لكونها زوجة للنائب قد شغفته
حبا لحسنها بحيث لا يريد بصدقاته وعباداته عنها الا مجرد ايصال الثواب إليها أو كالنيابة عنه لكونه محسنا إليه في أيام حياته
ومعينا له في أمر دنياه أو دينه نعم لو نوى الأجير النيابة عن الميت لأجل ايصال النفع إلى أخيه المؤمن ولأجل امتثاله للوجوب الحاصل
من جهة وجوب الوفاء بالعقود كان مثابا في عمله مأجورا في الدنيا والآخرة وعليه يحمل ما ورد من قول الصادق عليه السلام
لمن استأجره للحج عن إسماعيل بعد ما شرطا دابا كثيرة انه إذا فعلت كك؟ كان لإسماعيل واحد بما أنفق من ماله ولك تسعه بما أنعمت من
ربك ثم إن كلمات الفقهاء لا باس بايرادها ليعلم حالها بمقايسة ما ذكرنا من التوجيه في نية التقرب وان ما ذكره المحدث الكاشاني
موافق لبعضها فنقول تعويلا على ما حكى عنهم قال في القواعد وكذا لو اجر نفسه للصلاة الواجبة عليها فإنها لا تقع عن المستأجر
وهل يقع عن الأجير الأقوى العدم انتهى وحكى اختيار عدم وقوعها عن الأجير عن الايضاح ومع؟ صد؟ معللا بان الفعل الواحد لا
يكون له غايتان متنافيتان إذ غاية الصلاة التقرب والاخلاص خاصة وغاية العبادة في الفرض حصول الأجرة ولأنه لم يفعلها
عن نفسه لوجوبها عليه بالأصالة ووجه غير الأقوى ان ذلك علة وباعث في حصول الداعي إلى الصلاة الجامعة لما يعتبر في صحتها
423

فكان كالأمر بالصلاة ونحوها ممن يطاع وكما في الاستيجار للصلاة عن الميت والحج وغيرها من العبادات فعلية الداعي لا تبطل الفعل
وأجاب في جامع المقاصد بان العلة متى نافت الاخلاص وكانت غاية اقتضت الفساد والعلة والغاية هنا حصول الأجرة وحكى عن
الايضاح ما في معنى هذا وزاد ان الاجماع فرق بين هذه الصورة والاستيجار عن الميت وعن جامع المقاصد انه متى لحظ في الصلاة
عن الميت فعلها لحصول الأجرة كانت فاسدة انتهى ما حكى عن هؤلاء في هذا المقام وعليك بالتأمل فيها وفيما ذكرنا قبل ذلك ثم إن بما ذكرنا
يعلم أنه لا حاجة في صلاة الاستيجار إلى قصد التقرب باعتبار الوجوب الحاصل بالإجارة كما زعمه بعض لان ذلك الوجوب توصلي
لا يحتاج سقوطه إلى قصده وجعله غاية والتقرب المحتاج إليه في صحة الصلاة لتبرى ذمة المنوب عنه لا يعقل ان يكون باعتبار ذلك الوجوب
التوصلي للزوم الدور فان صحة الاستيجار التي يتوقف عليها حصول الوجوب موقوفة على فعل الصلاة عن النائب متقربا إلى الله فكيف
يكون فعله بقصد التقرب موقوفا على حصول الوجوب اللهم الا ان يق؟ فعله عن الميت متقربا إلى الله شئ ممكن قبل الإجارة باعتبار رجحان
النيابة عن الغير في العبادات عقلا ونقلا فإذا وقع في حيز الإجارة تبدلت صفة ندبه بصفة الوجوب كما في صلاة التحية التي تقع في حيز
النذر وفيه نظر مع أن ما ذكر من قصد التقرب باعتبار الوجوب الحاصل بالإجارة انما يصحح الفعل المستأجر عليه إما إذا وقعت المعاوضة
على وجه الجعالة أوامره بالعمل عن الميت فعمل رجاء للعوض من دون سبق معاملة فلا يجرى ما ذكره لعدم الوجوب فينبغي ان لا يصح فعله له
أعني استحقاق العوض مع أن الظ؟ عدم القول بالفصل بين الإجارة والجعالة وفعل العمل عقيب أمر الامر به غير ناوي للتبرع ثم إن المحقق
القمي قده في بعض أجوبة مسائله ذكر ان الاعتماد في صحة الاستيجار للعبادة على الاجماعات المنقولة دون ما ذكره الشهيد في كرى؟ من
الاستدلال عليه بمقدمتين اجماعيتين الراجع إلى ما ذكرنا في الوجه الثاني من وجود المقتضى وانتفاء المانع إحديهما ان العبادة
عن الغير يقع عنه ويصل إليه نفعه وهذه المقدمة ثابتة باجماع الامامية والنصوص المتواترة والثانية ان كل أمر مباح يمكن ان يقع
للمستأجر يجوز الاستيجار له وهذه (ايض‍) اجماعية وعلل عدم الاعتماد على هذا الاستدلال بأنه مستلزم للدور ولم يبين وجهه في ذلك الموضع
بل احاله إلى بعض مؤلفاته وكانه أراد بالدور ما ذكرنا بناء على أن قصد التقرب المعتبر في المقدمة الأولى من دليله وهي وقوع العمل
عن الغير ووصول نفعه إليه موقوف على النتيجة وهي صحة استيجاره للعمل عن الغير ليحصل الامر فيقصد التقرب بامتثال هذا الامر إذ مع
قطع النظر من الإجارة لم يتعلق أمر بايقاع العمل عن الغير في مقابل العوض حتى يتصور فيه قصد التقرب نعم تعلق الامر في الأخبار الكثيرة
بايقاع العمل عن الميت تبرعا وهذا ليس متعلقا وقد عرفت مما ذكرنا في بيان قصد التقرب ان التقرب انما يقصد في الفعل الذي
يتعلق به النيابة لا في نفسها والحاصل ان النائب ينزل نفسه لأجل العوض أو غرض دنيوي اخر منزلة الغير في ايقاع الفعل تقربا
إلى الله لا انه ينزل نفسه قربة إلى الله وامتثالا لامره منزلة الغير في ايقاع الفعل حتى يق؟ انه موقوف على وجوب النيابة أو استحبابها
ولم يثبت الا تبرعا ووجوبها فرع صحة الإجارة المتوقفة على احراز القربة المصححة قبل الإجارة حتى يصح تعلق الإجارة ثم إن
ما ذكرنا من الاتفاق على صحة الاستيجار لا ينافي ما تقدم من الخلاف في جواز استيجار الولي لان الكلام هناك في سقوطه عن الولي
بالاستيجار لا في صحته فالقائل بالاستيجار وبعدم جوازه من الولي لا يمنع من الاستيجار إذا لم يكن ولى أو
أوصى الميت بالاستيجار أو استأجر
متبرع من ماله كما أن المانع من الاستيجار لا يمنع تبرع غير الولي بالعمل كما عرفت من المحدث الكاشاني فالنسبة بين القول بصحة الاستيجار
وصحة قيام غير الولي بالعمل باذنه أو بدون اذنه عموم من وجه فرع الظ؟ انه لا يجوز استيجار العاجز عن الأفعال الواجبة كالقيام
ولو كان الفائت من الميت كك؟ لانصراف أمر القضاء أو الاستيجار إلى الفعل التام فلو اجر نفسه للعمل فطرأ عليه العجز عن أفعال الصلاة
الاختيارية كالقيام فاحتمل في الجعفرية انفساخ العقد وتسلط المستأجر على الفسخ والرجوع بالتفاوت والآتيان بمقدوره قال
وهذا أضعفها انتهى والظاهر أن هذه الاحتمالات مع تعين المباشرة عليه والا وجب الاستنابة
كما لو مات ثم إن الأوفق بالأصول الانفساخ لعدم تمكنه من العمل المستأجر عليه
بسم الله الرحمن الرحيم
مسألة اختلفوا في وجوب تقديم الفائتة على الحاضرة على أقوال أحدها عدم الوجوب مط؟ وهو المحكي عن الحلبي في كتابه الذي
استحسنه أبو عبد الله صلوات الله عليه بعد عرضه عليه وعن الحسين بن سعيد بل عن أخيه الحسن (ايض‍) بناء على أن ماله من الكتب كان لأخيه (ايض‍)
وعن أبي جعفر أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي ومحمد بن علي بن محبوب والصدوقين وعن الجعفي صاحب الفاخر المعروف في كتب الرجال
بابي الفضل الصابوني الذي يروى عنه الشيخ والنجاشي بواسطتين وعن الشيخ أبى عبد الله الواسطي من مشايخ الكراجكي والمعاصر
424

للمفيد قده حيث قال في مسألة من ذكر صلاة وهو في أخرى أنه قال أهل البيت (على) يتم التي هو فيها ويقضى ما فاته وبه قال الشافعي ثم
ذكر خلاف باقي الفقهاء وفي المحكي عن موضع اخر من كتابه أنه قال دليلنا على ذلك ما روى عن الصادق (ع) أنه قال من كان في صلاة ثم ذكر
صلاة أخرى فائتة أتم التي هو فيها ثم قضى ما فاته وعن الشيخ قطب الدين الراوندي من مشايخ ابن شهرآشوب وعن الشيخ سديد الدين
محمود الحمصي والشيخ الإمام أبو طالب عبد الله بن حمزة الطوسي والشيخ أبى على الحسن بن طاهر الصوري وعن الشيخ يحيى بن حسن بن سعيد جد
المحقق وعن ولد ولده ابن سعيد ابن عم المحقق في الجامع وعن السيد الاجل علي بن طاوس وعن العلامة في كثير من كتبه وعن والده وولده
وابن أخته السيد عميد الدين وأكثر من عاصره والشهيد والمحقق الثاني وولده والسيوري وابن القطان وابن فهد والصيمري والشهيد
الثاني وولده و تلميذه وولد ولده والشيخ البهائي والمحقق الأردبيلي والمحقق الجواد الكاظمي والفاضل الهندي والسيد المحدث
نعمة الله الجزائري وولد ولده السيد عبد الله في شرح النخبة والمحقق الوحيد البهبهاني وأكثر تلامذته منهم السيد محمد مهدى
الطباطبائي والشيخ الوحيد الفقيه الشيخ جعفر وجماعة من علماء البحرين وأكثر المعاصرين بل كلهم وقد صرح جماعة بدعوى
الشهرة عليه مط؟ أو بين المتأخرين وهؤلاء مع اتفاقهم على جواز تقديم الحاضرة بين من يظهر منه وجوبه كما عن ظاهر جماعة من
القدماء فيكون الفائتة بالنسبة إلى الحاضرة كالكسوفين بالنسبة إليها عند جماعة وبين من يظ؟ منه استحباه كما عن ظ؟ بعضهم و
صريح أبى على الصوري المتقدم إليه الإشارة وبين من نص على استحباب تأخير الحاضرة استنادا إلى الاحتياط لأجلها ومن يظ؟
منه التخيير المحض بالنسبة إلى ما عدا الفائتة الواحدة وفائتة اليوم كما عن رسالة الملاذ للمحقق المجلسي حيث حكم بان الأحوط
تقديم الفائتة الواحدة وفائتة اليوم واما مطلق الفوائت فالظ؟ عدم وجوب تقديمها بل ولا أفضليته انتهى لكن الانصاف
ان هذا ليس قولا بالتخيير لأن عدم أفضلية تقديم الفائتة يلزمه القول برجحان تقديم الحاضرة لعمومات رجحان تقديمها فان
من يقول برجحان تقديمها لا يقول الا لأجل العمومات والنصوص الدالة على رجحان تقديمها على الفائتة لأجل ادراك فضيلة
وقت الحاضرة فت‍؟ وعلى كل حال فيمكن القول باستحباب تأخير الحاضرة لمراعاة الاحتياط الغير اللازم مع استحباب تقديم الحاضرة
إما لعموم فضيلة أول الوقت واما للنصوص الخاصة ولا منافاة بين الاستحبابين كما نقول من الاتمام في الأماكن الأربعة أفضل
والقصر أحوط بل يمكن القول باستحباب تقديم الحاضرة من جهة عمومات فضيلة أول الوقت واستحباب تقديم الفائتة إما
بالخصوص أو لأدلة المسارعة إلى الخير فتأمل والحاصل ان لكل من استحباب تقديم الحاضرة واستحباب تقديم الفائتة وجوها
ثلثة النص الخاص المحمول على الاستحباب وعمومات المبادرة إلى الطاعات والاحتياط بناء على وجود القول بوجوب تقديم الحاضرة كالقول
بوجوب تقديم الفائتة ويزيد استحباب تقديم الحاضرة بوجه رابع وهو ما دل على فضيلة أول الوقت لها حيث إن لخصوصية
الجزء الأول من الوقت مدخلا في الفضيلة الا ان ذلك لمجرد رجحان المبادرة إلى ابراء الذمة على ما يومى إليه بعضها فعليك
بالتأمل فيما يمكن اجتماعه من وجوه استحباب تقديم الفائتة مع وجوه استحباب تقديم الحاضرة وسيجيئ لهذا مزيد بيان عند
ذكر الأخبار الواردة في الطرفين إن شاء الله وكيف كان ففي صور الاجتماع نحكم باستحباب كل من الامرين على سبيل التخيير فان علم
من دليل خارج أهمية أحدهما حكم بمقتضاه من دون سقوط الأخر عن الاستحباب وهذا بخلاف الواجبين المتزاحمين إذا
علم من الخارج أهمية أحدهما فإنه يحكم بسقوط وجوب الأخر خلافا لمن أنكر الترجيح بالأهمية كالفاضل التوني في الوافية و
لمن اعترف به مع حكمه ببقاء الأخر على صفة الوجوب على تقدير اختيار المكلف ترك الأهم وضعف كلا القولين وبيان الفرق بين
المستحبين المتزاحمين مع أهمية أحدهما والواجبين كك؟ موكول إلى محله الثاني القول بعدم وجوب الترتيب مع
تعدد الفائتة
وبوجوبه مع وحدتها ذهب إليه المحقق في كتبه و سبقه إليه الديلمي فيما حكى عنه وتبعه إليه صاحب المدارك وقواه الشهيد في نكت
الارشاد وان عدل عنه في باقي كتبه وحكى عن صاحب هدية المؤمنين وعن المختلف نسبة القول بالمضايقة إلى الديلمي لكن المحكي
من بعض كلماته التفصيل المذكور حيث قال إن الصلاة المتروكة على ثلثة اضرب فرض معين وفرض غير معين ونفل فالأول
يجب قضاءه على ما فات والثاني على ضربين أحدهما ان يتعين له ان كل الخمس فاتت في أيام لا يدرى عددها والثاني ان يتعين
له انها صلاة واحدة ولا يتعين أي صلاة هي فالأول يجب عليه فيه ان يصلى مع كل صلاة صلاة حتى يغلب على ظنه انه وفى
والثاني يجب عليه ان يصلى اثنين وثلثا وأربعا انتهى وظاهره كما ترى التوسعة في الفوائت المتعددة وممن يظ؟ منه اختيار
هذا المحقق الآتي تلميذ المحقق فيما حكى عنه من كشف الرموز حيث قال بعد ما اختار القول بالمضايقة والترتيب مطلقا وذكر
425

تفصيل شيخه المحقق ومستنده وهو حسن اذهب إليه جزما وعلى التقديرات لا يجوز لصاحب الفوائت الاخلال بأدائها الا لضرورة
وعند أصحاب المضايقة الا لاكل أو شرب ما يسد الرمق أو تحصيل ما يتقوت به هو وعياله ومع الاخلال بها يستحق المقت في كل جزء
من الوقت انتهى ثم إن هؤلاء انما صرحوا بالتفصيل في الترتيب واما وجوب المبادرة فظ؟ صاحب المدارك عدمه مطلقا كما أن صريح المحكي
عن هدية المؤمنين ثبوته مط؟ حيث قال يجب المبادرة إلى القضاء فور الاحتمال احزام للنية في كل ساعة بل لم يرخص المرتضى الا اكل ما يسد
الرمق والنوم الحافظ للبدن وان لا يسافر سفرا ينافيه وبالغ في التضيق كل مبلغ ثم قال واما الترتيب بين الحاضرة والفائتة فإن كانت
واحدة قدمها على الحاضرة وإن كانت أكثر قدم الحاضرة عليها وان أراد تقديم الفوائت المتعددة عليها مع سعة الوقت فجائز (ايض‍)
انتهى وظاهره جواز فعل الفريضة الحاضرة مع فورية الفوائت المتعددة بل استحبابها قبله بل المحكي عنه التصريح بجواز فعل النافلة على
كراهيته لمن كانت ذمته مشغولة بصلواة واجبة والظ؟ انه لا يحكم بفساد العبادة مع فورية ضدها الواجب فيبقى الحاضرة على حكم
استحباب المبادرة إليها لا ان الحاضرة والنافلة مستثنيان من فورية فعل الفائتة لأنه لم يتعرض لحرمة ما ينافيها حتى يقبل الاستثناء
بل نسب حرمة الأضداد إلى السيد المرتضى واما المحقق فالمحكى عنه فيما عدا الشرائع التصريح باستحباب تقديم الفائتة المتعددة بل عن المعتبر
والغرية التصريح بعدم فوريتها واما في الواحدة فليس في كلماته الموجودة والمحكية عنه الا وجوب تقديمها على الحاضرة من غير تعرض للفورية
بل استظهر من كلامه في المعتبر والغرية نفى الفورية فيها (ايض‍) واما الشرائع فقد قال فيها بعد ذكر أصل وجوب قضاء ما فات من الصلوات
المفروضة ويجب قضاء الفائتة وقت الذكر ما لم يتضيق وقت حاضرة وتترتب السابقة على الملاحقة كالظهر على العصر والعصر على المغرب
والمغرب على العشاء وان فاتته صلوات لم تترتب على الحاضرة وقيل ترتب والأول أشبه انتهى فقوله ويجب قضاء الفائتة وقت الذكر ما لم
يتضيق وقت الحاضرة يحتمل وجوها لان المراد بالفائتة إما ان يكون خصوص الواحدة كما قيده به في المسالك والمدارك واما ان يكون
المراد مطلق الفائتة وعلى التقديرين إما ان يراد وجوب المبادرة إلى القضاء وقت الذكر واما ان يراد بيان وقت القضاء بعد بيان
أصل وجوبه فيكون المراد ان الأوقات كلها صالحة لقضاء الفوائت الا وقت ضيق الحاضرة فهذه أربعة احتمالات فعلى التقدير
الأول منها يدل العبارة على فورية الفائتة الواحدة مطابقة ويدل بالالتزام على وجوب الترتيب بناء على أن الامر بالشئ يقتضى النهى
عن ضده الخاص أو على أن الترتيب واجب مستقل يرجع إلى وجوب تقديم الفائتة لا انه شرط يرجع إلى اعتبار تأخير الحاضرة واشتراط
براءة الذمة عن الفائتة في صحتها لكن الانصاف ان هذا الاحتمال خلاف ظاهر العبارة من جهة عدم مساعدة السياق له من وجهين أحدهما
انه قد فصل شقى التفصيل بين الواحدة والمتعددة بمسألة وهي ترتب الفوائت بعضها على بعض واحتمال ان يكون قد فرغ من حكم الواحدة
ثم تعرض للمتعددة فذكر أولا عدم الترتيب بينها ثم عدم الترتيب بينها وبين الحاضرة ينافيه عنوان المسألة الثانية بقوله وان فاتته
صلوات لم تترتب على الحاضرة وهذا بخلاف ما إذا أريد بالفائتة مطلقها فيكون في مقام بيان فورية القضاء مط؟ أو بيان وقته كك؟
فيكون قد تعرض بعد بيان وجوب أصل القضاء لوقته ثم لاعتبار الترتيب فيه مع التعدد ثم لعدم ترتب الفائتة المتعددة على الحاضرة
فيكون حكم الفائتة الواحدة مسكوتا عنه أو مستفادا من مفهوم العبارة أو مما سيجيئ في كلامه في مسألة العدول والثاني انه إن كان
الترتيب لازما لوجوب المبادرة فالأحسن التعبير عن عدم وجوب الترتيب في المتعددة بعدم وجوب المبادرة إليها والا فلا حسن في التعبير عن وجوبه
في الواحدة بوجوب المبادرة إليها ثم إنه قد فرع على هذا القول إن من عليه فوائت إذا قضيها حتى بقيت واحدة لم يجز له ح؟ الاشتغال
بالحاضرة وان جاز له قبل ذلك كما أن من عليه فائتة واحدة إذا صار عليه أخرى سقط عنه وجوب الترتيب والفرع الأخير ظ؟ واما الأول
فلا يخلو عن شئ لامكان دعوى ظهور كلمات أصحاب هذا القول كأدلتهم فيما إذا اتحدت الفائتة بالأصل فلا يعم لما إذا بقيت من المتعددة
واحدة وكيف كان فلا ينتفى الاشكال في أنه إذا كانت الفائتة واحدة بالذات وعرضت لها التعدد لعدم تعيينها أو لاشتباه القبلة
أو اشتباه الثوب الطاهر بالنجس ان حكمه في وجوب الترتيب حكم الواحدة إذا لم يفت من المكلف الا واحدة الا ان البراءة منها بل العلم بها
يتوقف على متعدد الثالث القول بالمواسعة في غير فائتة اليوم (وبالمضايقة في فائتة اليوم صح) واحدة كانت أو متعددة وهو المحكي عن لف؟ حيث قال الأقرب انه إذا ذكر
الفائتة في يوم الفوات وجب تقديمها على الحاضرة ما لم يتضيق وقت الحاضرة سواء اتحدت أم تعددت ويجب تقديم سابقتها على لاحقتها
وان لم يذكرها حتى يمضى ذلك اليوم جاز له فعل الحاضرة في أول وقتها ثم اشتغل بالقضاء سواء اتحدت الفائتة أو تعددت ويجب الابتداء
بسابقتها على لاحقتها والأولى تقديم الفائتة ما لم يتضيق وقت الحاضرة انتهى وحكى هذا القول عن بعض شراح الارشاد (ايض‍) والظ؟
ان المراد بيوم الفوات في كلامه هو ما يشمل الليل إذ النهار فقط لا يمكن ان يكون ظرفا لفوات الصلوات المتعددة ولذكرها فقوله
426

إذا ذكر الفائتة في يوم الفوات لا يستقيم الا على أن يكون الذكر في الليل والفوات في النهار أو بالعكس فالظرف الواحد للذكر والفوات كليهما
ليس الا اليوم بالمعنى الشامل لليل وهل المراد الليلة الماضية أو المستقبلة الظ؟ بل المتعين هو الثاني كما يظهر بالتدبر في كلامه واعلم أنه قده
ذكر في لف؟ في مسألة العدول عن الحاضرة إلى الفائتة انه لو اشتغل بالحاضرة في أول وقتها ناسيا ثم ذكر الفائتة بعد الاتمام صحت صلاته
اجماعا وان ذكرها في الأثناء فان امكنه العدول إلى الفائتة عدل بنيته استحبابا عندنا ووجوبا عند القائلين بالمضايقة انتهى وظاهر هذه
العبارة يوهم العدول عن التفصيل المذكور إلى القول بالمواسعة مط؟ الا ان الذي يعطيه التدبر في كلامه ان مراده الفريضة الحاضرة المختلف فيها
بينه وبين أرباب المضايقة المطلقة لا بينهم وبين أرباب المواسعة المطلقة ويحتمل قويا ابتناء ذلك على خروج فوائت اليوم عنده عن محل النزاع
بين أرباب المواسعة والمضايقة تبعا لما سيأتي عن شيخه المحقق في الغرية فلا يكون هذا القول تفصيلا بين القولين نعم ربما يحكى عدوله عن
هذا القول إلى المواسعة في المسائل المدنية المتأخر تأليفها عن كتاب المختلف ثم إن ظاهر العبارة السابقة انها (تفصيل صح) فيما إذا فات الأداء للنسيان
وأما إذا فات لغيره من الاعذار أو عمدا فلا تعرض فيها لحكمه كما لا تعرض فيها لحكم ما إذا اجتمع فوائت اليوم مع ما قبله ووسع الوقت للجميع
وهل يقدم الجميع على الحاضرة لثبوت الترتيب بين الحاضرة وفوائت اليوم (وثبوت الترتيب بين فوائت اليوم صح) وما قبلها بناء على القول بترتيب الفوائت بعضها على بعض أولا
يجب الاشتغال بشئ ح؟ لعدم التمكن من فعلها الا بعد ما اذن في تأخيره مع امكان ادخاله في اطلاق كلامه الراجع إلى عدم وجوب الترتيب
إذا كان عليه أكثر من يوم فت‍؟ أو يجب الاقتصار على فائتة اليوم لدعوى اختصاص وجوب الترتيب بين الفوائت بما إذا كانت متساوية في وجوب
تداركها فلا يعم ما إذا كان بعضها واجب التقديم لأمر الشارع بالخصوص خصوصا لو قال بوجوب الفورية في فائتة اليوم دون غيرها وجوه
لا يبعد أولها ثم ثالثها على القول بالفورية مع الترتيب الرابع ما حكى عن المحقق في الغرية حيث قال في عنوان هذه المسألة ما هذا لفظه و
تحرير موضع النزاع ان نقول صلاة كل يوم مترتبة بعضها على بعض حاضرة كانت أو فائتة فلا يقدم صلاة الظهر من يوم على صبحه و
لا عصره على ظهره ولا مغربه على عصره ولا عشائه على مغربه الا مع تضيق الحاضرة وأما إذا فاته صلوات من يوم ثم ذكرها في وقت
حاضرة من اخر فهل يجب البدئة بالفوائت ما لم يتضيق الحاضرة قال أكثر الأصحاب نعم وقال آخرون ترتب الفوائت في الوقت الاختياري ثم
تقدم الحاضرة والذي يظ؟ وجوب تقديم الفائتة الواحدة واستحباب تقديم الفوائت فلو اتى بالحاضرة قبل تضيق وقتها والحال هذه
جاز انتهى وظاهره عدم الخلاف في وجوب الترتيب في فوائت اليوم وهو خلاف اطلاق كلمات أرباب القولين بل صريح بعضها الخامس ما
عن ابن جمهور الأحسائي من التفصيل بين الفائتة الواحدة إذا ذكرها يوم الفوات دون المتعددة والواحدة المذكورة في غير يوم الفوات
السادس القول بالمواسعة إذا فاتت عمدا وبالمضايقة إذا فاتت نسيانا وهو المحكي عن الشيخ عماد الدين بن حمزة في الوسيلة حيث قال
إما قضاء الفرائض فلم يمنعه وقت الا تضيق وقت وهو ضربان إما فاتته نسيانا أو تركها قصدا اعتمادا فان فاتته نسيانا وذكرها
فوقتها حين ذكرها الا عند تضيق وقت الفريضة فان ذكرها وهو في فريضة حاضرة عدل بينته إليها ما لم يتضيق الوقت وان تركها
قصدا جاز له الاشتغال بالقضاء إلى اخر الوقت والأفضل تقديم الحاضرة عليه وان لم يشتغل بالقضاء واخر الأداء إلى اخر الوقت كان
مخطئا انتهى وظاهره وجوب العدول عن الحاضرة إلى الفائتة المنسية وهو إما لاعتبار الترتيب أو لايجاب المبادرة إلى المنسية وان
ذكرها في أثناء الواجب وان قلنا بعدم اعتبار الترتيب بناء على القول بالفورية دون الترتيب كما سبق عن صاحب رسالة هدية المؤمنين
واما للدليل الخاص على وجوب العدول وان لم نقل بالترتيب ولا بالفورية وهذا أردء الاحتمالات كما أن الأول أقواها هذا كله في المنسية
واما المتروكة قصدا فظاهره عدم وجوب الترتيب مع استحباب تقديم الحاضرة ولازمه عدم وجوب الفور الا ان يجعل مقدار زمان
يسع الحاضرة مستثنى من وجوب المبادرة وكون المكلف مخيرا فيه مع استحباب تقديم الحاضرة كما ينبئ عنه قوله وان لم يشتغل بالقضاء
واخر الأداء إلى اخر الوقت كان مخطئا بناء على أن المراد بالخطأ الاثم كما فهمه الشهيد هذا على تقدير ارجاع الخطأ إلى عدم الاشتغال
بالقضاء وأما إذا رجع إلى تأخير الأداء إلى اخر الوقت بناء على أن المراد باخر الوقت مجموع الوقت الاضطراري الذي لا يجوز التأخير إليه
الا لصاحب العذر على ما ذهب إليه صاحب هذا القول ويكون اطلاق اخر الوقت على مجموع ذلك الوقت تبعا للروايات الواردة في أن
أول الوقت رضوان الله واخره غفران الله أمكن (ايض‍) استظهار فورية القضاء منه من جهة دلالة كلامه بالمفهوم على أنه لو اشتغل
بالقضاء واخر الأداء إلى اخر الوقت لم يكن مخطئا ولا يكون ذلك الا إذا كان القضاء من الاعذار والعذر على ما
ذكره صاحب هذا القول
قبل العبارة المتقدمة بأربعة أسطر السفر والمرض والشغل الذي يضر تركه بدينه أو دنياه فلو لم يكن القضاء فوريا خرج؟ عن
الاعذار الأربعة الا ان يق؟ ظ؟ العذر في كلامه ما عدا الصلاة فت‍؟ واما المراد بالوقت في قوله ما لم يتضيق وقت الحاضرة فيحتمل
427

ان يكون وقت الاختيار ويؤيده ما تقدم عن المحقق في الغرية من ذهاب جماعة إلى أن الفوائت تترتب في الوقت الاختياري ثم يتقدم الحاضرة
وأن يكون مطلق الوقت بناء على جعل القضاء من الاعذار المسوغة للتأخير ثم إنه ليس في كلامه تعرض لحكم المتروكة لعذر اخر غير النسيان
ولا لحكم اجتماع المتروكة نسيانا مع المتروكة عمدا بناء على وجوب الترتيب بين الفوائت عند هذا القائل فإنه يجيئ فيه مع فرض تأخير المنسية
الاحتمالات الثلاثة المتقدمة في فروع القول المتقدم عن المختلف السابع ما تقدم عن الغرية من الترتيب في الوقت الاختياري دون غيره
الثامن القول بالمضايقة المطلقة وهو المحكي عن ظاهر كلام القديمين والشيخين والسيدين والقاضي والحلبي والحلى وعن المعتبر نسبته
إلى الديلمي وهو المحكي (ايض‍) عن الشيخ ورام بن أبي فراس وعن الشيخ الجليل الحسن بن أبي طالب اليوسفي الآبي تلميذ المحقق وحكاية هذا القول
عن أكثر القدماء مستفيضة وحكى عن غير واحد انه المشهور فهذه أصول أقوال المسألة وإذا لوحظ الأقوال المختلفة بين أهل المواسعة
التي تقدمت إليها الإشارة زادت الأقوال على الثمانية وذكر بعض المحققين ان جملة المطالب التي يدور عليها هذا القول الأخير ويدل
عليها كلام القائلين كلا أو بعضا نصا أو ظاهرا سبعة الأول ترتيب الأداء على القضاء وهو المحكي عمن عدا الديلمي والشيخ ورام
ممن تقدم ذكره من الفقهاء الثاني التسوية بين أقسام الفوائت وأسباب الفوات في مقابل التفاصيل المتقدمة الثالث فورية القضاء
المحكية عن صريح المفيد والسيدين والحلبي والحلى وظ؟ الشيخ والقديمين والآبي بل عن المفيد والقاضي وأبى المكارم والحلى الاجماع على ذلك
الرابع بطلان الحاضرة إذا قدمت على الفائتة في السعة وهو المحكي عن صريح الشيخ والسيدين والقاضي والحلبي والحلى وعن الغنية الاجماع
عليه الخامس العدول عن الحاضرة إلى الفائتة إذا ذكرها في الأثناء وهو المحكي عن المرتضى والشيخ والقاضي والحلبيين والحلى وعن المسائل
الرسية للسيد والخلاف للشيخ وخلاصة الاستدلال للحلى وصريح الجمل الاجماع عليه السادس وجوب التشاغل بالقضاء الا عند ضيق الأداء
والاشتغال بما لابد منه من ضروريات المعاش من الكسب والأكل والشرب والنوم وهو المحكي عن صريح المرتضى والشيخ والقاضي والحلبي
والحلى بل هو لازم كل من قال بالفورية ولذا ذكر الآبي فيما حكى عنه ان عند أصحاب المضايقة لا يجوز الاخلال بالقضاء الا لاكل أو شرب
ما يسد به الرمق أو تحصيل ما يتقوت به هو وعياله ومع الاخلال بها يستحق العقوبة في كل جزء من الوقت انتهى السابع تحريم الافعال
المنافية للقضاء عدا الصلاة الحاضرة في اخر وقتها وضروريات الحياة وهو المحكي عن صريح المرتضى والحلى وظاهر المفيد والحلبيين
حيث رتبوا تحريم الحاضرة في السعة على تضيق الفائتة وبنى المفيد تحريم النافلة لمن عليه فائتة على تحريم الحاضرة ومقتضاه استناد
التحريم إلى التضاد فيطرد في جميع الأضداد وقد ذكر المحقق والعلامة في المعتبر والمنتهى ان لازم هؤلاء تحريم جميع المباحات المضادة
للقضاء و ح؟ فتخصيص جماعة نسبة القول بتحريم الأضداد إلى المرتضى والحلى فقط محمول على ارادتها اختصاصهما بالتصريح بذلك و
لذلك نسبه في محكى التذكرة إلى السيد وجماعة ثم اعلم أن هذه المسألة معنوية في كلام بعضهم بوجوب ترتيب الحاضرة على الفائتة وعدمه
وفي كلام آخرين بالمضايقة والمواسعة ولا ريب ان الترتيب والتضيق غير متلازمين بأنفسهما لجواز القول بالترتيب من دون المضايقة
من جهة النصوص وان افضى إلى التضيق أحيانا كما إذا كانت الفوائت كثيرة لا تقضى الا إذا بقى من الوقت مقدار فعل الحاضرة ويجوز القول
بالفورية من دون الترتيب كما تقدم عن صاحب هدية المؤمنين وان افضى إلى التزام الترتيب بناء على القول بان الامر بالشئ يقتضى النهى
عن ضده فالقول بان الفورية والترتيب متلازمان لايخ؟ عن نظر سواء أريد تلازمهما في أنفسهما أو أريد تلازمهما بحسب القائل
بمعين ان كل من قال بأحدهما قال بالآخر لما عرفت من وجود القائل بأحدهما دون الأخر لكن الانصاف ان معظم القائلين بالترتيب
انما قالوا به من جهة الفورية فما ذكره الصيمري فيما حكى عنه ان منشأ القول بالترتيب وعدمه القول بالمضايقة وعدمها محل تأمل
الا ان يريد به الأكثر أو يريد جميع القائلين بالترتيب بالنسبة إلى زمانه واولى بالتأمل ما يظ؟ من بعض من أن القول بالترتيب (أصل مسألة المضايقة بل الحق ان القول بالترتيب صح) والقول
بالفورية ليس أحدهما متفرعا على الأخر في كلمات جميع الأصحاب نعم القول بالترتيب متفرع على الفورية في كلمات أكثر أهل المضايقة
واما وجوب العدول فهو من فروع الترتيب ويحتمل ضعيفا كونه غير متفرع على شئ ويكون المدرك فيه مجرد النص واضعف منه كونه
من فروع الفورية وان لم نقل بالترتيب ووجهه مع ضعفه يظ؟ بالتأمل واما بطلان الحاضرة وصحتها في سعة الوقت فيحتمل تفرعه
على الفورية بناء على اقتضاء الامر المضيق النهى عن ضده الموسع أو عدم الامر به ويحتمل تفرعه على الترتيب وان لم نقل بالفورية و
إما حرمة التشاغل بالأضداد فلا اشكال في أنه من فروع الفورية هذا خلاصة الكلام في الأقوال فلنشرع في ذكر أدلتها مقدما
لأدلة القول بالمواسعة المطلقة متبعا إياه بأدلة المضايقة المطلقة ثم نتكلم في أدلة باقي الأقوال حسبما يقتضيه الحال فنقول
احتج للقول بالمواسعة المطلقة بوجوه أحدها الأصل وتقريره من وجوه خمسة أو ستة الأول أصالة البراءة عن التعجيل فان وجوب
428

التعجيل وان لم يكن تكليفا مستقلا بل هو من انحاء وجوب الفعل الثابت في الجملة الا ان الوجوب الثابت على نحو التضيق ضيق لم يعلم من قبل
الشارع والناس في سعة ما لم يعلموا فالتضيق الذي حجب الله علمه عن العباد موضوع عنهم وتوهم ان أصالة البراءة مختصة بصورة الشك
في تكليف مستقل مدفوع في محله بل التحقيق ان مقتضى أدلة البراءة ان كل ضيق يلحق الانسان شرعا في العاجل وكل عقاب يرد عليه
في الآجل لابد ان يكون معلوما تفصيلا أو اجمالا ولا يرد شئ من الضيق والعقاب مع عدم العلم فان قلت إن الاحتياط على خلافه
وتقريره على ما ذكره بعض المحققين من المعاصرين ان الوجوب لما اقتضى تحتم الفعل وحرمة الترك فثبوته يقتضى لزوم الامتثال والخروج
عن صنف المخالفين للامر وحيث ثبت في أول أوقات التمكن فترك الامتثال ح؟ بقصد التأخير عنه أو بدونه انما يجوز بأحد أمرين
أحدهما اذن الشارع فيسوغ فترك؟ وان أدي إلى تركه لا إلى بدل الثاني الانتقال إلى بدل ثبت بدليته عنه أو عن تعجيله معلوم تمكنه
منه فيسوغ الترك (ايض‍) وان لم يأذن الشارع صريحا وكلا الامرين غير معلوم إما الاذن فلانه المفروض فإنه انما يثبت في الموسع
لمكان وجوبه من جهة حرمة تركه عند ظن ضيق الوقت المضروب أو ضيق وقت التمكن وإن كان هذا خلاف مقتضى اطلاق الوجوب
لان انتفاء الظن المذكور يقتضى انتفاء خاصية الوجوب ومصلحته الفعلية فان من جرى في علم الله انه يموت فجأة في سعة الوقت ان
فعل أدي راجحا وان ترك ترك ما جاز له تركه وهو من خواص الندب نعم قد يترتب اثر الوجوب باعتبار وجوب القضاء أو ما في حكمه ونية
الوجوب ظاهر أو استحقاق ثواب الواجب وحرمة إزالة التمكن من نفسه وكل ذلك خارج عن المط؟ أو باعتبار ايجاب العزم على الفعل بدلا
عنه ولم يثبت فيما نحن فيه كما يأتي وكان ما ذكر هو الداعي لتخصيص بعضهم الوجوب بأول الوقت أو آخره ان أرادوا تخصيص حقيقة الوجوب
بأول أوقات التمكن أو اخرها المعلوم أو المظنون وكيف كان فحيث ثبت الاذن في التأخير فلا محيص عن القول بجوازه وبعدم الاثم
في الفوات المترتب عليه وإن كان منافيا لما هو الظ؟ من اطلاق الوجوب واشتراكه بين الجميع ولما لم يثبت هنا وجب العمل بمقتضى ظاهر
الوجوب كما ذكر ولم يصح قياسه على الموقت الموسع ولا سيما مع ما بينهما من الفرق لان تجويز التأخير في الموقت لا يفضى إلى تفويته غالبا
بخلاف المطلق واما الثاني وهو الانتقال إلى البدل فموقوف على اثباته هنا على نحو ما تقدم وهو إما العزم على الفعل في وقت اخر
أو نفس ذلك الفعل والأول لم يثبت بدليته هنا وانما قيل بها في الموقت المأذون في تأخيره تحقيقا لحقيقة الوجوب المشترك بين الجميع
وتأدية لمقتضى الامتثال الواجب عليهم وحيث تعلق الامر هنا بالقضاء بعينه ولم يثبت الاذن في تأخيره وكان مقتضى الايجاب ظاهرا هو
المنع من التأخير لم يتجه هنا دعوى بدلية العزم عنه أو عن تعجيل فعله مع أن كثيرا من العلماء وأرباب المواسعة ينكرون بدلية العزم في الموسع؟
فلا يستقيم الالتزام بذلك هنا عن قبلهم واما نفس الفعل في وقت اخر فلم يثبت بدليته عما كلف به بتمامه ولا يعلم التمكن منه فضلا
عن وقوعه إما الأول فلان إرادة الش‍؟ ابتداء للفعل في أول أوقات التمكن معلومة واما في ساير الأوقات فلا غاية الأمر انه لو تركه أولا
وجب عليه الفعل ثانيا وكان مجزيا عما كلف به في ذلك الوقت لا عن تمام التكليف الثابت أولا فلا يلزم التخيير ابتداء بين جميع الأوقات
واما الثاني فظاهر لعدم إحاطة العلم عادة بالعواقب فلو قطع النظر عن عدم ثبوت بدليته لكان في عدم العلم بادراكه كفاية في
وجوب المبادرة إذ بها يتيقن فراغ الذمة عما اشتغل به الذمة يقينا فان المبادر ممتثل قطعه؟ على أي حال وان عرضه ما يمنع الا
كمال وربما يموت تاركا فيبقى ذمته مشغولة بما وجب عليه فيصير مستحقا للعقاب على تركه الواقع باختياره إذ لا يعتبر في الترك الموجب لذلك ان
يكون بحسب جميع الأحوال الممكنة في حقه بل بما هو الثابت واقعا في شانه ولما كان الواقع غير معلوم قبل وقوعه لم يمكن إحالة التكليف
بالامتثال عليه حتى يختلف باختلافه فيكون مضيقا لجماعة وموسعا لآخرين بحسب تزايد الانات والساعات والشهور والأعوام
فتعين ان يكون منوطا بالتضيق الذي يعلم به حصول الامتثال بالنسبة إلى الجميع فمن ادخل نفسه في صنف التاركين ثم تداركه فضل الله
سبحانه بان أبقاه إلى أن أدي المأمور به دخل في صنف العاملين ولكن لا يمكن البناء على ذلك ابتداء أولا فأولا وان أدت إلى فوات الحاضرة
المأذون في تأخيرها واما البناء على ظن ضيق وقت التمكن وعدمه كما في الموسع فموقوف على الدليل وهو منتف هنا فوجب البناء
على ما ذكر انتهى تقرير الاحتياط ملخصا والجواب ان الامر المط؟ انما يقتضى وجوب الفعل المشترك بين الواقع (في أول أزمنة التمكن والواقع صح) فيما بعده من اجزاء الزمان
التي يمكن ايقاع المأمور به فيها و ح؟ فالتأخير عن الجزء الأول ترك لبعض افراد الواجب وهو لا يحتاج إلى اذن من الشارع لان العقل
حاكم بالتخيير في الامتثال بين مصاديق المأمور به ومن هنا ظهر فساد ما ذكره من أن الوجوب في الواجب الموسع باعتبار حرمة تركه (عند ظن الضيق بدون؟ اعتبار حرمة تركه؟)؟ المط؟
المتحقق بتركه في جميع الأجزاء واما عدم مؤاخذه من فاجأه العجز في أثناء الوقت فليس لعدم اتصاف الفعل حقيقة بالوجوب فيما قبل
الجزء الأخير من الوقت بل لأجل ان الواجب لا يعاقب على تركه الا إذا وقع الترك على جهة العصيان لاستقلال العقل ودلالة النقل على
429

انه لا عقاب الا مع العصيان ولا عصيان في الفرض المذكور فتحقق بما ذكرنا ان الفعل المأتي في كل جزء من الزمان من افراد المأمور به وامتثال
لتمامه فلا يق؟ انه بدل من الواجب نظير بدلية العزم بل هو نفسه واما احتمال طرو العجز عن الفرد الآخر فهو انما يوجب رجحان المبادرة بحكم العقل
المستقل الحاكم بحسن احرازه مصلحة الوجوب ومرجوحية التأخير المفضى أحيانا إلى فواتها وان لم يوجب
عقابا على المكلف ويؤيده النقل
مثل قوله (ع) إذا دخل الوقت فصل فإنك لا تدرى ما يكون واما وجوب هذا الاحتياط فلم يثبت بعد حكم العرف والشرع بأصالة ابقاء التمكن
وعدم طرو العجز واجماع العلماء والعقلاء على عدم وجوب المبادرة في الموسع الموقت وجعل المشهور؟ في الرواية المذكورة وأمثالها احتمال
طرو العجز علة لاستحباب المبادرة دون وجوبها إلى غير ذلك مما يقطع معه بعدم كون الاحتمال المذكور سببا لوجوب الاحتياط نعم
ربما قيل باستحقاق العقاب لو اتفق ترك الواجب الموسع الغير الموقت ولازمه وجوب المبادرة عقلا من باب الاحتياط تحرزا عن الوقوع
في عقاب الترك وان لم يجب شرعا ليكون من قبيل المضيق الذي يعاقب على تأخيره وان لم يتفق العجز لكن هذا القول مع ضعفه لا ينفع فيما
نحن فيه لان الكلام في التوسعة والتضيق المستلزم لوجوب المبادرة شرعا وان علم المكلف بالتمكن في ثاني الحال وتمكن واتى بالفعل
وبالجملة فلا اشكال في أن الأصل هو عدم وجوب المبادرة شرعا الثاني من وجوه تقرير الأصل استصحاب صحة صلاته الحاضرة على انها
حاضرة إذا ذكر الفائتة في أثنائها فان القائل بالمضايقة يدعى فساد الصلاة إذا استمر على نيتها الأولى عند تذكر الفائتة والأصل عدمه
ويرد عليه انه قد حققنا في الأصول عدم جريان استصحاب الصحة إذا شك في أثناء العمل في شرطية أمر فقد أو مانعية أمر وجد كالترتيب
بين الحاضرة والفائتة فيما نحن فيه هذا كله بناء على كون صحة الأجزاء السابقة على الذكر واقعية وأما إذا قلنا بان وجوب القضاء واقعا
موجب لفساد الحاضرة واقعا غاية الأمر ان المكلف ما لم يتذكر القضاء معذور فالتذكر كاشف من وجوب القضاء وعدم صحة الأداء
في متن الواقع فصحة الأجزاء السابقة على التذكر صحة ظاهرية عذرية من جهة النسيان ترتفع بارتفاع العذر فلا يقبل الاستصحاب ولا
ينافي ذلك الاجماع على صحة الحاضرة إذا لم يتذكر الفائتة الا بعد الفراغ عنها لان هذا لا يكشف الا عن كون الترتيب شرطا علميا
لا واقعيا بالنسبة إلى الجهل المستمر إلى تمام الحاضرة فلا ينافي كونه شرطا واقعيا بالنسبة إلى الجهل المرتفع في أثناء الصلاة فان كون
الشروط علمية أو واقعية (مختلف؟ صح) بحسب الموارد حسبما تقتضيه الأدلة الا ترى ان النجاسة مانع علمي للصلاة بالنسبة إلى الجهل المستمر فلا يعيد
من صلى جاهلا إلى اخر الصلاة واما الجاهل الذي علم في الأثناء فلا يستمر على ما فعل على ما ذهب إليه بعض الثالث من وجوه تقرير
الأصل أصالة عدم وجوب العدول من الحاضرة إلى الفائتة وفيه انه ان أريد أصالة البراءة عن التكليف بالعدول فلا ريب في أن الشك في المكلف
به لان اتمام الصلاة واجب إما بنية الحاضرة أو بنية الفائتة مع أن اتمامها بنية الفائتة مجمع على جوازه بل رجحانه إما وجوبا واما استحبابا
فالامر مردد بين تعيين اتمامها بهذه النية وبين التخيير بينه وبين اتمامها بنية الحاضرة فمقتضى وجوب تحصيل اليقين بالبراءة نقل النية
إلى الفائتة وان أريد استصحاب عدم وجوب العدول قبل التذكر ففيه انه كان معذورا عقلا لأجل النسيان وقد زال العذر
والحكم المنوط بالأعذار العقلية كالعجز والنسيان ونحوهما لا يجوز استصحابه بعد رفع العذر فان قلت إن المعلوم عدم وجوب العدول حال
النسيان واما كونه لأجل النسيان فغير معلوم قلت لا ريب ان النسيان علة مستقلة لعدم وجوب العدول فإذا شك في كون عدم الوجوب
السابق مستندا إلى هذه العلة أو إلى علة أخرى وهي مشروعية فعل الحاضرة مع اشتغال الذمة بالفريضة الفائتة فمقتضى الأصل
عدم مشروعيتها ح؟ والحاصل ان الكلام إما ان يقع في حكم الناسي بوصف انه ناسي ولا شك انه حكم عذرى يدور مدار النسيان وجودا
وعدما فلا معنى لاستصحابه بعد ارتفاع العذر واما ان يقع في حكم المكلف واقعا من حيث إنه مكلف فاتت عنه فريضة ودخل عليه
وقت أخرى ولا عذر له من نسيان أو غيره ولا ريب ان الشاك ح؟ في مشروعية الحاضرة وعدمها ومن المعلوم ان الأصل عدم المشروعية
فإذا ثبت بحكم الأصل عدم مشروعية الحاضرة مع عدم العذر وهو النسيان ترتب عليه وجوب العدول إذا نسى وشرع فيها فافهم فإنه لايخ؟
عن دقة الرابع أصالة إباحة فعل الحاضرة وعدم حرمتها إذا شك في فسادها وصحتها من جهة الشك في حرمتها واباحتها المسبب عن
الشك في فورية القضاء وعدمها بناء على القول باقتضاء الامر المضيق النهى عن ضده وأصالة عدم اشتراطها بخلو الذمة عن الحاضرة
إذا كان الشك من جهة الشك في اعتبار الترتيب بينها وبين الفائتة ويرد على الأصل الأول ان فساد الحاضرة إن كان من جهة القول
بان الامر المضيق يقتضى عدم الامر بضده فيفسد الضد من هذه الجهة إذا كان من العبادات فأصالة الإباحة وعدم التحريم لا ينفع
في شئ بل الأصل هو عدم تعلق الامر بذلك الضد في هذا الزمان نعم هذا الأصل مدفوع بأصالة عدم التضيق المتقدمة لكنه
أصل مستقل قد عرفت جريانه واعتباره والكلام هنا في غيره وإن كان من جهة ان الامر المضيق يقتضى حرمة ضده فمرجع الكلام
430

إلى الشك في حرمة الحاضرة واباحتها والأصل الإباحة وعدم التحريم ففيه انه أريد أصالة البراءة فيرد عليه أولا ان حرمة الضد لو ثبت في الواجب
المضيق فإنما يثبت عند المشهور من باب كون ترك الضد مقدمة الفعل المضيق فيجب والظ؟ عدم جريان الأصل في مقدمة الواجب إذا كان
الشك فيها مسببا عن الشك في وجوب ذيها؟ أو عن الشك في أصل وجوب المقدمة في المسألة الأصولية نعم يجرى الأصل في صورة ثالثة وهي ما إذا
كان الشك في وجوب الشئ مسببا عن الشك في كونه مقدمة كما إذا شك في شرطية شئ للواجب أو جزئيته له والسر في ذلك أن أصل البراءة
انما ينفى المؤاخذة على ما لم يعلم كونه منشأ للمؤاخذة ويوجب التوسعة والرخصة فيما يحتمل المنع وهذا انما يتحقق في الصورة الثالثة واما
في الصورتين الأوليين فلا يلزم من الحكم بوجوب المقدمة مؤاخذة عليها ولا منع ولا ضيق حتى ينفى بأدلة البراءة الدالة على نفى المؤاخذة عما
لم يعلم وتوجب الرخصة فيه وثانيا ان أصالة عدم الحرمة الحاضرة معارضة بأصالة البراءة وعدم اشتغال الذمة بها وان شئت فقل ان
الامر دائر بين حرمة الحاضرة ووجوبها فلا أصل فت‍؟ وبمثله يجاب لو أريد بأصالة عدم الحرمة استصحابه بان يق؟ انه يشك في أن الوجوب
الحادث للقضاء كان على الفور حتى يوجب حرمة الحاضرة أو على التوسعة حتى يبقى الحاضرة على حالها من عدم الحرمة فالأصل بقائها فان قلت
انا نفرض ثبوت الوجوب للحاضرة في أول وقتها قبل تذكر الفائتة فح؟ نقول الأصل بقاء وجوبها بعد التذكر قلت قد عرفت ان تذكر الفائتة
ليس محدثا لوجوبها بل السبب له واقعا هو فوت الأداء وانما يرتفع بالتذكر العذر المسقط للتكليف وهو النسيان و ح؟ فالوجوب الثابت للحاضرة
قبل التذكر وجوب ظاهري يرتفع بارتفاع مناطه وهو النسيان لكن الانصاف ان ما ذكرنا من معارضة استصحاب عدم الحرمة باستصحاب
عدم الوجوب غير مستقيم لأن الشك في مجرى الأصل الثاني مسبب عن الشك في مجرى الأصل الأول فالأول حاكم على الثاني لما تقرر
في الأصول فالصواب الجواب عن الاستصحاب المذكور بما سيجيئ في الوجه الخامس من تقرير الأصل هذا كله في اجراء الأصل في الحكم التكليفي
وهي حرمة الحاضرة واما أصالة عدم اشتراطها بخلو الذمة عن الفائتة فان أريد بها أصالة البراءة بناء على القول بجريانها عند
الشك في شرطية شئ للعبادة فهو حسن على هذا القول الا ان ظ؟ كلام المستدل به إرادة أصالة اطلاق الامر بالحاضرة وسيأتي الكلام في
الاطلاقات الخامس ان الحاضرة كان يجوز فعلها في السعة قبل اشتغال الذمة بالفائتة فكذا بعده للاستصحاب وهذا الاستدلال حكاه
بعض المعاصرين عن المختلف وقال إنه فاسد لتعدد الحاضرة في الحالتين وعدم ثبوت الحكم لكل حاضرة والا استغنى عن التمسك بالاستصحاب
وهو لا يجرى مع تعدد المحل ثم قال واما الاستدلال بأنه لو لم يكن عليه قضاء لجاز له فعل الحاضرة في السعة فكك؟ مع ثبوته ففاسد (ايض‍)
لان مرجعه إلى القياس أو استصحاب الحكم الغير الثابت (من أصله الا على سبيل الفرض في نفس زمانه وكلاهما باطل أقول استصحاب الحكم الشرعي على قسمين أحدهما استصحاب الحكم الجزئي؟ الثابت؟ صح) بالفعل كما إذا مضى من الوقت مقدار الفعل مع الشرائط ثم سافر إلى أربعة فراسخ
وشككنا في حدوث وجوب القصر عليه بعد وجوب الاتمام عليه بالفعل بناء على أن العبرة بحال الأداء دون الوجوب أو مات مجتهده الذي افتى
بوجوب الجمعة عليه فشك في حدوث وجوب الظهر عليه بعد وجوب الجمعة فعلا أو رأى دما مشتبها بالحيض فشك في ارتفاع وجوب الصلاة
الثابت عليه بالفعل إلى غير ذلك من الأمثلة والثاني استصحاب الحكم الكلى الثابت عليه بطريق القضية الشرطية مثل حكم الش‍؟ بان التمام
يجب بشروطها (على الحاضر والجمعة تجب بشروطها على المقلد لمن قال بوجوبها والصلاة تجب بشروطها صح) على الطاهر من الحيض والنفاس وهذه الأحكام شرطيات لا يتوقف صدقها على صدق شروطها بل تصدق مع فقد الشرائط
كدخول الوقت ووجدان الطهور فلا يعتبر في استصحاب ما كان من هذا القبيل تنجز الحكم الشخصي وتحققه فإذا فرضنا ان الشخص كان في بلده
فاقدا للطهورين أولم يدخل عليه الوقت ثم سافر إلى محل يشك في بلوغه المسافة لشبهة في الحكم أو الموضوع فلا يخدش في استصحاب
حكم التمام في حقه انه لم يتنجز عليه وجوب التمام في السابق من جهة عدم دخول الوقت أو فقد الطهور بل يكفي كونه في السابق ممن يجب عليه
التمام إذا وجد في حقه شرائط الصلاة وكذا استصحاب وجوب الجمعة ان مات مقلده واستصحاب وجوب الصلاة على من رأت دما شك في
كونه حيضا لشبهة في الحكم أو الموضوع فإنه يحكم باستصحاب وجوب الصلاة عليه وإن كان في الزمان السابق غير واجد للشروط ولا
يضر عدم ثبوت الحكم بالفعل في استصحاب الحكم الكلى بل لو عورض استصحاب الحكم الكلى باستصحاب عدم الحكم الفعلي كان الأول حاكما لأن الشك
في الثاني مسبب عن الشك فيه إذا عرفت هذا فنقول ان وجوب الفعل موسعا في أول وقتها حكم شرعي كل وخطاب إلهي تعلق بالمكلف
وان توقف تنجزه وثبوته فعلا على شروط لكن فقد تلك الشروط لا يقدح في صدق الحكم الكلى على وجه القضية الشرطية بان يقال إن
هذا المكلف ممن يجب عليه الصلاة ويصح منه بمجرد دخول وقتها واجتماع باقي شرائط الصلاة فإذا حدث وجوب القضاء عليه لفوات
بعض الفرايض يقع الشك في ارتفاع الحكم الكلى المذكور فيق؟ الأصل بقاء فالمستصحب هو الحكم على كلي الحاضرة بالصحة والوجوب
في أول الوقت لا على خصوص الحاضرة المتنجزة عليه حين فراغ الذمة عن الفائتة حتى يمنع انسحابه إلى الحاضرة التي يدخل وقتها حين
اشتغال الذمة بالفائتة الا بالقياس أو بدلالة الدليل العام المغنى عن الاستصحاب وما ذكره أخيرا من تقرير الاستصحاب فهو (ايض‍)
431

راجع إلى ما ذكرنا وتوهم كونه من القياس أو من استصحاب الحكم الفرضي مدفوع بما ذكرنا فان استصحاب الحكم المعلق على شروطه قبل
تحقق شروطه راجع إلى استصحاب أمر محقق منجز كما يظهر بالتأمل ولا يخفى ان وجود مثله في المسائل الشرعية والمطالب العرفية أكثر
من أن تحصى واعتماد أرباب الشرع والعرف عليه أمر لا يكاد يخفى وهذا الأصل بعينه هو استصحاب عدم حرمة الحاضرة الذي تمسك به المعترض
في التقرير الرابع من تقرير الأصل الا ان ذلك عدمي وهذا وجودي لكن جريان كليهما على الوجه الذي ذكرنا هنا وما ذكره من الاعتراض
جار في ذلك (ايض‍) فتسليم أحدهما ومنع الأخر تحكم الا ان يريد من الأصل هناك أصالة البراءة لا الاستصحاب وقد عرفت ضعف التمسك
بالبراءة وكيف كان فالاستصحاب على الوجه الذي ذكرنا لا غبار عليه وقد عرفت سابقا ضعف معارضته باستصحاب عدم وجوب الحاضرة
لأنه حاكم عليه نعم من لا يجرى الاستصحاب في الحكم الشرعي إما مط؟ كما هو مذهب بعض أو فيما يحتمل
مدخلية وصف في الموضوع مفقود في الحال
اللاحق كما هو المختار لم يكن له التمسك به مما نحن فيه لاحتمال كون الحكم الكلى المستصحب وهو وجوب الصلاة في الجزء الأول من الوقت
في الحال السابق أعني قبل الاشتغال بالقضاء منوطا بخلو الذمة عن القضاء فيكون المكلف الفارغ الذمة من القضاء يجوز له فعل
الحاضرة في أول وقتها والشك في المدخلية يرجع إلى الشك في بقاء الموضوع فلا يجرى الاستصحاب لاشتراطه ببقاء الموضوع يقينا لكن
الاستدلال المذكور مبنى على المشهور بين العلامة ومن تأخر عنه من اجراء الاستصحاب في أمثال المقام السادس أصالة عدم حرمة المنافيات
لفعل الفائتة من المباحات الذاتية وهذا الأصل حسن بمعنى الاستصحاب دون البراءة لما عرفت في التقرير الرابع والخامس وعلى أي تقدير
فهذا الأصل انما يثمر في رد من قال بوجوب الترتيب من جهة اقتضاء فورية القضاء تحريم الحاضرة والقول بان الحرمة المقدمية توجب الفساد
لو كان المنافى المحرم من باب المقدمة من العبادات واما لو لم نقل كما هو مذهب جماعة منهم المحقق الثاني في شرع القواعد في باب الدين
بل ربما نسبه بعضهم ككاشف الغطاء قده إلى كافة الأصحاب فلا ثمرة لهذا الأصل لان اثبات الترتيب ح؟ من باب الأخبار الدالة على تقديم الفائتة
لا من وجوب المبادرة إليها من باب ان الامر بالشئ يقتضى عدم الامر بضده فيفسد والحكم بالفساد من هذين الوجهين يجامع عدم حرمة
الحاضرة فلا يترتب على أصالة عدم الحرمة الحكم بصحة الحاضرة ومن هنا يظ؟ فساد ما قيل من أنه إذا ثبت عدم حرمة المنافيات بالأصل
ثبت صحة فعل الحاضرة في السعة لعدم القول بالفصل مع أن التمسك بالاجماع المركب وعدم القول بالفصل فيما إذا ثبت أحد شطرى
المسألة بالأصول الظاهرية محل اشكال فقد أنكره غير واحد ولايخ؟ عن قوة وكيف كان فالأصل المعتمد في المسألة هو الأصل الأول
وهو أصالة عدم الفورية وقد يعارض باقتضاء أصالة الاشتغال بالترتيب وسيأتي الكلام عليها في أدلة القائلين بالمضايقة
انش‍؟ الثاني من حجج القائلين بالمواسعة الاطلاقات وقد ضبطها بعض المعاصرين في طوائف من الكتاب والسنة الأولى ما دل على وجوب
الحواضر على كل مكلف حين دخول وقتها ووجوب قضائها على كل من فاتته مع مضى ما يسعها عن أوقاتها وعلى وليه بعد موته
ان لم يقضها بنفسه فلو وجب تأخيرها عن الفوائت لزم ان لا يجب على من عليه فائتة معلومة الا عند ضيق وقت الحاضرة أو مضى زمان
يسع الفائتة و (ايض‍) يلزم ان لا يجب عليه قضاء الحاضرة الا إذا أدرك وقت ضيقها أو مضى زمان يسع الجميع فلو مات قبل ذلك أو
عرض حيض أو شبهه لم يكن مشغول الذمة بالقضاء ولم يجب على وليه تداركه بعد موته وكل هذه مخالفة للاطلاقات
المذكورة ويرد عليه ان القائل بالترتيب ووجوب تأخير الحاضرة عن الفائتة إما أن يقول به من جهة فورية القضاء عنده نظرا
إلى أن الامر بالشئ يقتضى عنده النهى عن الضد الخاص واما أن يقول به من جهة وجود الدليل على اشتراط الترتيب في الحاضرة وان
لم يقل بفورية القضاء وعلى كل تقدير فلا يرده الاطلاقات المذكورة ولا يلزم تقييد لتلك الاطلاقات من جهة قوله بالترتيب
إما إذا قال به من الجهة الأولى فلانه يدعى ان الصلاة التي هي واجبة في أول الوقت من حيث هي لو خلى وطبعها قد عرض لها عدم الوجوب
لأجل عروض الحرمة لها من باب المقدمة لواجب فورى وان شئت فقل ان وجوبها في أول الوقت مقيد عقلا بعدم الامتناع العقلي
أو الشرعي فإذا فرض طرو الحرمة لها من باب المقدمة صار ممتنعا شرعيا لان المانع الشرعي كالمانع العقلي فهو نظير ما إذا عرض واجب فورى
اخر في أول الوقت كاداء دين فورى أو انقاذ نفس محترمة ونحوهما فإنه لا يلزم التقييد في تلك الاطلاقات بعدد هذه العوارض بل انا
نقول إن تلك الاطلاقات مسوقة لبيان حكم الصلاة في أول الوقت لو خليت ونفسها فلا ينافي عدم الوجوب لها لعارض يعرضها
كما أن قول الشارع لحم الغنم حلال أو طاهر لا ينافي حرمة اللحم المسروق ونجاسة اللحم الملاقى للنجس لان الحلية والطهارة الذاتيتين
لا ينافيان الحرمة والنجاسة العرضيتين واما ان نقول إنها مقيدة بالتمكن وعدم الامتناع عقلا وشرعا فإذا ادعى مدعى الامتناع
الشرعي فيما نحن فيه لأجل الحرمة المقدمية فلا ينفى ادعائه بالاطلاقات نعم ليطالب في دعواه الحرمة المقدمية الموجبة لعروض
432

عدم الوجوب والامتناع الشرعي بالاستدلال عليه وهذا غير الاستدلال على نفى قوله بالاطلاقات بل وجود الاطلاقات كعدمها لانعقاد الاجماع والضرورة
على أن الحاضرة لو لم يمنع عن فعلها في أول الوقت مانع عقلي أو شرعي متصفة بالوجوب والصحة وهذا القدر كاف في صحة الحاضرة بعد
ثبوت عدم المانع ولو بحكم الأصل المتقدم الدال على عدم الفورية الموجبة لطرو الحرمة على فعل الحاضرة نعم لو أنكر أحد سوق تلك الاطلاقات
لمجرد بيان حكم الصلاة في نفسها على حد قول الشارع الغنم حلال أو طاهر في مقابل قوله الكلب حرام أو نجس وادعى سوقها لبيان التكليف
وحمل المكلف في أول الوقت على الفعل بحيث يظهر من اطلاق بعث المكلف على الفعل عدم كونه ممنوعا من طرف الامر صح التمسك بها
في كل مورد شك في فورية ما يزاحمها وانتفت الفورية عنه بحكم تلك الاطلاقات وحكم من اجلها بعدم المانع الشرعي وكان كلما
ورد من الدليل على فورية شئ يتوقف على تأخر الحاضرة مقيدا لتلك الأدلة معارضا لها لكن المت‍؟ في تلك الاطلاقات إذا انصف
لا يجد من نفسه الا ما ذكرنا أولا هذا كله إذا قيل بالترتيب من جهة الفورية وأما إذا قيل به من جهة ورود الدليل على اشتراطه
في الحاضرة فيصير حاله كحال ساير الشروط المعتبرة في الصلاة في أن وجوب الصلاة في أول الوقت انما هو مع التمكن من فعلها جامعة
للشروط فإذا شك في شرطية شئ للصلاة كطهارة ما عدا موضع الجبهة من مكان المصلي وانه هل يجب؟ تحصيله إذا كان مفقودا
عند دخول الوقت أم لا فلا يجوز التمسك بالاطلاقات المذكورة لنفى شرطية المشكوك لأجل اطلاق الحكم فيها بثبوت الوجوب في أول الوقت
وعدم وجوب التأخير وكذا لو شك في جزئية شئ يجب معرفته كالسورة بعد الحمد فإنه لا يجوز ان يتمسك بالاطلاقات
المذكورة لعدم وجوب تأخير الصلاة حتى يتعلم السورة وبعبارة أخرى تلك الاطلاقات دالة على وجوب الصلاة في أول الوقت و
مسئلتنا ان الصلاة هل يعتبر فيها الشرط الفلاني كتأخرها عن الفائتة وطهارة ما عدا موضع الجبهة مثلا وقراءة السورة بعد
الحمد أم لا نعم ثبوت شرط أو جزء للصلاة يوجب تقييد لفظ الصلاة بناء على وضعها للأعم لا تقييد اطلاق وجوبها عند دخول
الوقت فيكون هذه الاطلاقات كاطلاق أقيموا الصلاة بل التحقيق عدم جواز التمسك بها وان جوزنا التمسك باطلاق أقيموا الصلاة
لنفى الشرطية والجزئية عند الشك لأن اطلاق الصلاة في هذه الاطلاقات مسوقة لبيان حكمها من حيث وقت وجوبها فلا تفيد
مطلوبية كل ما يسمى صلاة فحالها كسائر الاطلاقات المسوقة لبيان احكام الصلاة بعد الفراغ من بيان جهتها كاحكام الجماعة
والخلل والقضاء ونحو ذلك واما اطلاقات وجوب القضاء على من مضى عليه من الوقت مقدار الفعل فإن كان المراد مقدار الصلاة
والطهارة دون غيرها من الشروط فلا دلالة فيها على المقام وإن كان المراد مقدار الصلاة وتحصيل جميع الشروط فهى ساكتة
عن بيان الشروط فإذا ادعى شرطية شئ للصلاة فلا دلالة فيها على نفيها كمالا يخفى الثانية ما دل بعمومه أو اطلاقة على صلاحية
جميع أوقات الحواضر لأدائها بالنسبة إلى جميع المكلفين فيتناول من عليه فائتة (ايض‍) فيصح له فعل الحاضرة في السعة ويرد عليه
ما في سابقه من عدم فائتة في اطلاقها سواء جعلنا اعتبار الترتيب من جهة الفورية أم من جهة ثبوت اشتراط الحاضرة بتأخرها
عن الفائتة إذ مدلولها صلاحية كل جزء من الوقت للحاضرة وهذا غير منكر عند أهل المضايقة فإنهم لا يقولون بعدم
الصلاحية للحاضرة وانما يقولون بعروض ما أوجب تأخرها أو بكونها مشروطة بشرط مفقود يحتاج إلى تحصيله وهو فراغ
الذمة عن الفائتة نعم ربما يظ؟ من بعض العبارات المحكية عن السيد المرتضى ما يوهم عدم صلاحية زمان الاشتغال بالفائتة
لأداء الحاضرة و ح؟ فيصلح هذه الاطلاقات للرد عليه ولكن من المقطوع ان مراده من عدم صلاحية ذلك الوقت للفعل عدم صلاحية
الفعل في ذلك الوقت الثالثة ما دل على أنه إذا دخل وقت الفريضة لا يمنع من فعلها شئ الا أداء نافلتها الراتبة مثل قولهم (على)
إذا زالت الشمس فما يمنعك الا سبحتك وقولهم (على) إذا زالت الشمس دخل وقت الصلاتين الا ان بين يديها سبحة وذلك إليك
طولت أو قصرت ويرد عليه ان هذه الروايات في مقام توهم رجحان تأخير الظهر إلى حد محدود كالقدمين والذارع والقامة
على ما يتراءى من بعض الأخبار الدالة على هذه التحديدات فبين الامام بذلك انه ليس بعد دخول الوقت مانع عن فعل الفريضة
الا النافلة فلا ينتظر القدمين ولا الذراع ولا القامة ولا غيرها والذي يكشف عما ذكرنا ما عن محمد بن أحمد بن يحيى قال كتب
بعض أصحابنا إلى أبى الحسن (ع) انه روى عن ابائك القدمين والذراع والقامة والقامتين وظل مثلك والذراعين فكتب (ع)
لا القدم ولا القدمين إذا زال الشمس فقد دخل الصلاة وبين يديها سبحة فان شئت طولت وان شئت قصرت الحديث
والحاصل ان من لاحظ الأخبار المذكورة يظ؟ له ما ذكرنا في معنى الرواية غاية الظهور ثم إنه كيف يمكن الاستدلال بهذه
الاخبار مع أن المراد بالمنع في قوله (ع) لا يمنعك المنع الكمالي لا منع الصحة والاجزاء بقرينة استثناء النافلة والمطلوب في مسألة
433

المضايقة منع الفائتة عن صحة الحاضرة قبلها فإنهم الرابعة ما دل على تأكد استحباب فعل الصلاة جماعة مع استمرار السيرة في
الجماعات على المبادرة إليها في أوائل الأوقات وما دل على تأكد استحباب فعل الصلاة في المساجد وعلى استحباب الأذان والإقامة
وتأكدهما في بعض الصلوات واستحباب اختيار السور الطوال في بعضها والآتيان بساير سننها فان امتثال هذه المستحبات في الحاضرة
يقتضى عدم تأخيرها إلى الضيق وفي الفوائت يقتضى عدم المبادرة إلى كل منهما والجواب عن هذه كلها يظ؟ مما ذكرنا من أن هذه الاطلاقات
لا تنفي فورية القضاء ولا اشتراط الأداء بخلو الذمة عن القضاء والمتأمل يجد بعد الانصاف ان هذه كلها أجنبية عن المطلب الخامسة
ما دل على استحباب المستحبات ويرد عليها ما ورد في السابق وهي نظير أدلة إباحة المباحات السادسة ما دل على أنه لا يعاد الصلاة
الا من خمسة وعلى ان فروض الصلاة سبعة أو عشرة ويرد عليه ان المراد عدم الإعادة من الاخلال سهوا بشئ غير الخمسة وان الفروض
الشرعية بحسب أصل الشرع في الصلاة سبعة وأكثر أهل المضايقة يدعون ان فورية القضاء يمنع عقلا عن صحة الأداء وكيف كان
فالتمسك بهذه وأمثالها مما لم نذكره وان ذكره بعض تضييع للقرطاس فضلا عن العمر السابعة ما دل على تأكد استحباب المبادرة
مط؟ إلى الصلاة في أوائل أوقاتها فيشمل من عليه فائتة ويرد عليه ما تقدم في اطلاقات الوجوب في أول الوقت وصلاحية كل جزء
من الوقت للحاضرة من أنها لا تنفى وجوب تقديم الفائتة سواء أخذناه عن فورية القضاء بناء على اقتضائها النهى عن الحاضرة أو من
دليل اعتبار الترتيب في الحاضرة وان لم يحكم بفورية الفائتة مضافا إلى أن الاستحباب المذكور انما يتوجه إلى
فعل الحاضرة في أول الوقت
بعد الفراغ عن وجوبها وصحتها لان استحباب بعض افراد الواجب فرع وجوبه في الواقع وفي لحاظ الحاكم بالاستحباب والكلام في هذه
المسألة في ثبوت أصل وجوب الحاضرة في الجزء الأول من الوقت لمن عليه فائتة فالحكم بالاستحباب مقصور على من لا مانع في حقه عن وجوب
الحاضرة عليه في أول الوقت وقد يرد هذه الاطلاقات بوجوب رفع اليد عنها من جهة تسليم أهل المواسعة لاستحباب تقديم الفائتة
فلا يجامع استحباب الحاضرة في أول وقتها وفيه نظر إما أولا فلذهاب بعض أهل المواسعة كالصدوقين وعبيد الله الحلبي وغيرهم إلى استحباب
تقديم الحاضرة وذهاب بعض إلى التخيير بين تقديم الحاضرة وتقديم الفائتة ولازم هذا القول كما قدمنا في أول المسألة القول
بأفضلية فعل الحاضرة في وقت فضيلتها واما ثانيا فلان القول باستحباب تقديم الفائتة إما ان يكون من جهة الاحتياط فلا
ينافي أفضلية الحاضرة من حيث الفتوى التي هي مقتضى الأدلة الاجتهادية فيكون المسألة نظير الحكم بأفضلية الاتمام في المواطن الأربعة
لظاهر الأدلة وان القصر أحوط وكذا الحكم بأفضلية صلاة الجمعة وكون الظهر أحوط واما ان يكون من جهة الأخبار الدالة على رجحان
تقديم الفائتة بحملها على الاستحباب بعد فرض اختيار المواسعة لكن نقول لا تنافي بين استحباب تقديم الفائتة وبين استحباب فعل
الحاضرة في وقت فضيلتها فان أمكن الجمع بين المستحبين بان يقضى الفائتة ويعقبها بالحاضرة قبل خروج وقت فضيلتها فقد فاز
بالمصلحتين وان لم يمكنه الا إحديهما بعينها تعينت أولا بعينها تخير أو قدم الحاضرة لكثرة ما دل من الاخبار على الحث عليها في ذلك
الوقت وتوعيد من اخرها عنه وان ما بقى من الوقت وقت رخصة لأهل الاعذار أو لصلاة الصبيان ونحو ذلك وكيف كان فكون كل
من فعل الحاضرة في وقت الفضيلة وتقديم الفائتة عليه مستحبا مما لم يمنعه مانع وقد ذكرنا (ايض‍) في أوائل المسألة ان جهات استحباب تقديم
الفائتة ثلث وجهات تقديم استحباب الحاضرة أربع فعليك بملاحظة ما يمكن اجتماعه من جهات تقديم إحديهما مع جهات تقديم الأخرى
فتدبر الثالث من وجوه الاحتجاج لأهل المواسعة الأخبار الخاصة يعنى المختص بحكم قضاء الفوائت وهي طوائف الأولى ما دل على
توسعة القضاء في نفسها فمن جملة ذلك اطلاق الأخبار الكثيرة المشتملة على الامر بالقضاء ولا سيما ما ورد في الحايض والنفساء
ويرد عليه ان الاستدلال بالأوامر المطلقة خصوصا الأوامر الواردة في الحايض والنفساء في مقام بيان أصل الوجوب من غير تعرض
لوجوب المبادرة وعدمها فان الامر بناء على عدم دلالته بالوضع على الفور لا يدل على عدمه بل غاية الأمر سكوته عنه فلا ينافي إرادة الامر
المبادرة إليه بأمر اخر ليس يلزم ح؟ تصرف في تلك الأوامر فالمدعى للفور وإن كان عليه إقامة الدليل الا ان الاطلاقات لا تدل على
خلافه نعم ظ؟ الامر حيث إنه موضوع لطلب الفعل الغير المقيد بزمان حصول الامتثال بالاتيان به في الزمان الثاني والثالث وان قلنا
بدلالته على الفور فت‍؟ جدا ومنها ما عن أصل الحلبي الذي عرض على الإمام الصادق صلوات الله عليه واستحسنه خمس صلوات يصلين
على كل حال ومتى أحب صلاة فريضة نسيها يقضيها مع طلوع الشمس وغروبها وصلاة ركعتي الاحرام ركعتي الطواف الفريضة و
كسوف الشمس عند طلوعها وغروبها ويرد عليه ان قوله يصلين على كل حال يدل على مشروعيتها في مقام رفع توهم المنع عنها عند
طلوع الشمس وغروبها لما استفاض من الاخبار الظاهرة في النهى عن الصلاة عند طلوع الشمس وغروبها وانها تطلع بين قرني
434

الشيطان وليس المراد سعة وقتها واختيار المكلف في تعجيلها وتأخيرها لان هذا غير ممكن في الكسوف والطواف وصلاة الميت
المذكورة في بعض الأخبار معها فلا ينافي هذا وجوب تعجيل القضاء متى ذكرها ولذا جمع في بعض الأخبار بين الفقرة المذكورة وبين
وجوب القضاء متى ذكرها مثل رواية زرارة المحكية عن الخصال عن أبي جعفر (ع) قال أربع صلوات يصليها الرجل في كل ساعة صلاة
فاتتك فمتى ذكرتها أديتها وركعتي طواف الفريضة وصلاة الكسوف والصلاة على الميت واما قوله متى أحب فليس دليلا على جواز
التأخير لعدم جريانها في باقي الصلوات المذكورة في الرواية فلابد من تأويلها على وجه لا ينافي التعجيل ولا يحضرني الان تأويل حسن
له ولا يهمنا (ايض‍) هذا مع أن العبارة المذكورة ليست برواية لان الحلبي لم يسندها إلى امام فلعلها فتوى استنبطها من ظاهر بعض
الروايات الدالة على التوسعة ومنها ما عن الجعفي في كتاب الفاخر الذي ذكر في أوله انه لم يروا فيه؟ الا ما أجمع عليه وصح عنده عن قول
الأئمة (على) من قوله قده والصلوات الفائتات يقضى ما لم يدخل عليه وقت صلاة (فإذا دخل وقت صلاة صح) بدأ بالتي دخل وقتها وقضى الفائتة متى أحب ويرد عليه
ان الظاهر عدم كون القول المذكور مسا لرواية وانما هو معنى مستنبط من الروايات الظاهرة في المواسعة فليس دليلا مستقلا
ومنها رواية عمار المشتملة على مسائل متفرقة منها ما عن الرجل يكون عليه صلاة في الحضر هل يقضيها وهو مسافر قال نعم يقضيها
بالليل على الأرض فاما على الظهر فلا ويصلى كما يصلى في الحضر فان الظاهر بقرينة المنع عن القضاء على ظهر الراحلة والامر بفعلها
كما في الحضر ان المراد قضاء الفريضة فلو كان القضاء مضيقا لجاز فعله على الراحلة كما في الفريضة المضيقة لضيق وقتها أو وقت التمكن
منها وفيه أولا انه لا دلالة لها الا من عدم جواز فعل الفريضة على الراحلة واما وجوب النزول عنها لأجل القضاء ان تمكن وعدمه ان
لم يتمكن فلا تعرض لها في الرواية نعم ربما كان في قوله يقضيها بالليل دلالة على أنه يؤخرها إلى الليل ليقع على الأرض فلا يقضيها
بالنهار ليقع على الراحلة على ما هو الغالب من أن داب المسافرين خصوصا العرب المشي بالنهار فيكون وجه الدلالة ظهورها في ترخيص
تأخير القضاء إلى الليل وعدم وجوب المبادرة إليها بالنهار نعم يمكن للقائلين بالمضايقة ان يقولوا ان المبادرة انما يجب إذا أمكن
فعل القضاء مستجمعا لجميع الشروط الاختيارية لامط؟ لان التضيق انما جاء من دلالة الامر على الفور أو من ورود الدليل على وجوب
التعجيل وعلى كل تقدير فالفعل المشروط في نفسه بشروط إذا اخره المكلف لتحصيل شرط من شروطه لا يعد متوانيا؟ فيه غير مستعجل إذا
لم يكن التأخير الا بمقدار تحصيل الشرط ولهذا لم يلتزم أهل المضايقة بسقوط السورة وطهارة الثوب والبدن بل مقدار الطهارة
المائية إذا أوجب التأخير وكان التعجيل يحصل بالتيمم والسر في ذلك أن ترخيص الفعل بدون الشرائط الاختيارية انما يكون عند
الاضطرار والاضطرار انما يحصل إذا دار الامر بين فوت أصل الواجب إما لضيق الوقت أو لطرو المانع ولو بحسب ظن المكلف وفوات
شروطه واجزائه الاختيارية وأما إذا دار الامر بين فوات التعجيل إلى الفعل وفوات تلك الشروط والاجزاء الاختيارية فلا يهمل
جانب الشروط ويراعى التعجيل (والسر فيه ان التعجيل صح) المطلوب انما عرض للفعل بعد اعتبار الشروط والاجزاء فالمطلوب تعجيل الفعل المستجمع لها فمتى
لم يمكن تعجيل الفعل المستجمع لها وارتقب زمان الاستجماع فلا يعد عاصيا في التعجيل وهذا هو السر في التزام العقلاء في مقام الإطاعة
مراعاة جانب الشروط والاجزاء وان تأخر زمان الفعل بل لا يعد هذا تأخيرا لان التأخير والتعجيل انما يعتبران بالنسبة إلى أزمنة
الامكان فافهم واما توهم ان الإمام (ع) لم يستفصل بين السفر الضروري وغيره فيأمره بترك غير الضروري المستلزم لتأخير القضاء
إلى الليالي فمدفوع بان مقام السؤال لا يقتضى ذلك كما لا يخفى فترك الاستفصال لا يجدي ومنها رواية أخرى عن عمار قال سئلته عن
الرجل ينام عن الفجر حتى يطلع الشمس وهو في سفر كيف يصنع أيجوز ان يقضيها بالنهار قال لا يقضى صلاة نافلة ولا فريضة بالنهار
ولا يجوز ولا يثبت له ولكن يؤخرها ويقضيها بالليل ويرد عليه ان المنع التحريمي عن قضاء الفريضة بالنهار مما أجمع على خلافه
الفتاوى والاخبار فاما يحمل على التقية فلا يجدى واما على الكراهة وهي بعيدة عن مساقها ومخالفة لظاهر الاخبار بل صريح
كثير منها فإن لم يكن هذا كله موجبا لطرحها جاز الاقتصار على موردها ولا داعي إلى صرفها عن الحرمة إلى الكراهة إذ كما أن الحرمة
منافية للفتاوى والاخبار فكك؟ الكراهة كما لا يخفى ومنها ما رواه في البحار عن السيد بن طاوس في رسالة غياث سلطان الورى
لسكان الثرى عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال قلت له رجل عليه دين من صلاة قام يقضيه فخاف ان يدركه الصبح ولم يصل صلاة ليلته
تلك قال يؤخر القضاء ويصلى صلاة ليلته تلك والتقريب ان الظاهر من الدين إما خصوص الفريضة الفائتة أو الأعم ولا وجه
للتخصيص بالنافلة فيدل على جواز تأخير القضاء لنافلة الليل ثم عدم الامر بفعلها قبل الصبح يدل على عدم الترتيب ويرد عليه ان
ظهور لفظ الدين في الفريضة محل نظر بل لا يبعد عند من له ذوق سليم ان يراد من الدين في مقابل صلاة ليلته تلك صلوات ساير الليالي
435

فيكون حاصل الجواب ترجيح أداء نافلة تلك الليل على قضاء نافلة ساير الليالي ولو اغمض عن ذلك فنقول ان التمسك بعمومه حسن لنفى
الفورية واما نفى الترتيب فلا يستفاد منه خصوصا على تفصيلي المحقق والعلامة ومنها ما عن السيد (ايض‍) في رسالة المواسعة عن أمالي
السيد أبى طالب الحسيني باسناده إلى جابر بن عبد الله قال قال رجل يا رسول الله كيف اقضي قال صلى الله عليه وآله صل مع كل صلاة مثلها
قال يا رسول الله قبل أم بعد قال قبل وفيه ان الامر بالصلاة ليس للوجوب قطعا فيمكن ان يكون ارشادا لكيفية قضاء ذلك الشخص فلعله
كان القضاء مستحبا في حقه فيستحب له قبل كل صلاة ان يقضى صلاة ومنها ما عن الذكرى عن إسماعيل بن جابر قال سقطت عن بعيري فانقلبت
على أم رأسي فمكثت سبعة عشر ليلة مغمى عليه فسألته عن ذلك قال اقض مع كل صلاة صلاة وفيه ان الاستدلال به مبنى على وجوب القضاء على المغمى عليه
كما اعترف به في الذكرى وهو مخالف للاخبار الكثيرة مع أن الرواية غير مذكورة على ما قيل في كتب الحديث فلعل الشهيد اخذها من
من كتاب إسماعيل بن جابر أو من كتاب اخر أسندت فيه إلى إسماعيل وهذا مما يوهن التمسك به ومنها الأخبار المستفيضة الدالة على مرجوحية
قضاء الفريضة أو مطلق الصلاة عند طلوع الشمس حتى يذهب شعاعها ويرد عليه انها مخالفة للاخبار الكثيرة الواردة على
خلافها وان ما يقوله الناس ان الشمس تطلع بين قرني الشيطان كاذب وانه لو صح فما ارغم أنف الشيطان بشئ مثل الصلاة فصلها
وارغم أنف الشيطان والأخبار الدالة صريحا على عدم المنع عن قضاء الفريضة متى ما ذكرها بل مطلق الصلاة بل فعل ذات السبب مط؟
فالأولى حملها على التقية وان اشتمل بعضها على ما يخالف العامة فإنه غير مناف للحمل عليها خصوصا إذا لم يكن محمل غيرها من جهة ورود
الأخبار المعتبرة على خلافها ومنها الأخبار المرخصة لقضاء صلاة الليل في النهار وقضاء صلاة النهار بالليل ان شاء بعد المغرب و
ان شاء بعد العشاء مثل مصححة ابن مسلم عن الرجل يفوته صلاة النهار قال يقضيها ان شاء بعد المغرب وان شاء بعد العشاء ونحوها مصححة
الحلبي إلى غير ذلك من الأخبار الدالة على الرخصة المزبورة فان الصلاة المقضية فيها أعم من الفريضة والنافلة بل يتعين حملها في الصحيحتين
على الفريضة بناء على القول بحرمة النافلة ولو قضاء في وقت الفريضة بل وعلى القول بالكراهة (ايض‍) لظهورها في التساوي وعدم مزية في
فعلها بعد العشاء ويرد عليها ان الظ؟ من صلاة الليل والنهار في هذه الروايات نافلتهما إذ الغالب التعبير عن
الفرائض بأسمائها كالظهرين
أو المغرب والعشاء مع أن الظاهر من فوت صلاة النهار (فوتها في النهار صح) وفوت صلاة الليل في الليل و ح؟ لا اشكال في أن الحكم قضاء الأول في الليل والثاني
في النهار نعم هذا لا يتمشى في بعضها مثل قوله اقض صلاة النهار اي ساعة شئت من ليل أو نهار ونحوها الا انه يمكن حملها على دفع توهم المنع
الحاصل عن مثل رواية عمار المتقدمة المانعة عن قضاء فائتة النهار الا في الليل مع امكان حمل النهار فيها على النهار الأخر لا يوم الفوات
الطائفة الثانية من الاخبار ما دل على أنه يجوز لمن عليه فائتة ان يصلى الحاضرة في السعة وان يتمها بنيتها إذا ذكر الفائتة في أثنائها فمن
جملة ذلك ما عن أصل الحلبي المتقدم من قوله ومن نام أو نسى ان يصلى المغرب والعشاء الآخرة فان استيقظ قبل الفجر مقدار ما يصليهما فليصلهما
وان استيقظ بعد الفجر فليصل الفجر ثم المغرب ثم العشاء ودلالته على المطلوب واضحة بناء على أن وقت العشائين يمتد للمضطر إلى طلوع
الفجر وحمل قوله بعد الفجر على القريب من طلوع الشمس بعيد جدا فحمل الامر بتقديم الفجر على الاستحباب أولي من ذلك التقييد فيتم المطلوب
لكنها لا تنفى التفصيل المتقدم عن المختلف ومنها ما تقدم عن كتاب الفاخر الذي ذكر في أوله انه لا يروى فيه الا ما أجمع عليه وصح من
قول الأئمة (على) من قوله والصلوات الفائتات تقضى ما لم يدخل عليه وقت صلاة فإذا دخل وقت صلاة بدء بالتي دخل وقتها وقضى
الفائتة متى أحب وظاهره وجوب التقديم الا ان يحمل على الاستحباب فيتم المطلوب وهي المواسعة المطلقة من دون تفصيل لكن الانصاف ان
عد هذين الكلامين من الرواية مشكل فالظاهر كون الحكم المذكور من هذين الجليلين فتوى مستنبطة من ظاهر الروايات ومنها
ما أرسله الواسطي في كتابه عن الصادق (ع) ان من كان في صلاة ثم ذكر صلاة أخرى فائتة أتم التي هو فيها ثم قضى ما فاته وحكى عنه نسبة
هذا إلى أهل البيت (على) في موضع اخر من كتابة ودلالته على المطلوب ظاهرة فلا كلام الا في سنده ومنها رواية أبي بصير المصححة ان نام رجل
ولم يصل صلاة المغرب والعشاء الآخرة أو نسى فان استيقظ قبل الفجر مقدار ما يصليهما جميعا فليصلهما وان خشى ان يفوته إحديهما فيبدء (بالعشاء الآخرة وان استيقظ بعد الفجر فليبدء صح)
فليصل الفجر ثم المغرب ثم العشاء قبل طلوع الشمس فان خاف ان يطلع الشمس فيفوته إحدى الصلاتين فليصل المغرب ثم ليدع العشاء الآخرة
حتى يطلع الشمس ويذهب شعاعها ثم ليصل العشاء وحكى نحوها عن رسالة السيد بن طاوس عن كتاب الحسين بن سعيد ونحوها ما عن
الفقه الرضوي مسندا إلى العالم بزيادة قوله وان خاف ان تعجله طلوع الشمس ويذهب عنهما جميعا فليؤخرهما حتى تطلع الشمس ويذهب
شعاعها والدلالة فيها ظاهرة على ما سبق في تقريب دلالة عبارة الحلبي واما الحكم فيهما بتأخير القضاء إلى ذهاب شعاع الشمس فهو غير
موهن للرواية كما أن صحيحة زرارة التي هي العمدة في أدلة الترتيب مشتملة على هذا الحكم (ايض‍) لان غاية الأمر حمل هذه الفقرة على التقية
436

ولا يوجب حمل ما في الخبر عليها خصوصا مع احتمال حدوث سبب التقية بعد ذكر الفقرات السابقة مع أن الرواية مروية عن الحسين بن سعيد
عن فضالة عن ابن مسكان أو ابن سنان خالية عن الفقرة المذكورة فالانصاف ظهورها في المدعى نعم لا ينهض لرد تفصيل المختلف
كما عرفت ثم إنه حكى عن المحقق في الغرية انه اورد على هذين الخبرين فقال إن خبر أبي بصير وابن سنان يدلان على أن وقت العشاء يمتد إلى
الفجر وهو قول متروك وإذا تضمن الخبر مالا نعمل به دل على ضعفه ثم قال و (ايض‍) فهما شاذان لقلة ورودهما وبعد العمل بهما ثم أجاب عن
الأول بانا لانم؟ ان القول بذلك متروك بل هو قول جماعة من فقهائنا المتقدمين منهم والمتأخرين منهم أبو جعفر بن بابويه وهو أحد
الأعيان وقد ذكر ذلك الشيخ أبو جعفر الطوسي في مسائل من بعض أصحابنا فكأنه مشهور وقالوا هو وقت لمن نام أو نسى ولو سلمنا ان
الوقت ليس بممتد فما المانع ان يكون ذلك للتقية في القضاء فان رواية زرارة التي هي حجة في ترتيب القضاء تضمنت تأخير المغرب والعشاء
حتى يذهب الشعاع ومن المعلوم ان الحاضرة لا يتربص بها ذلك فكيف ما يدعى انه يقدم على الحاضرة ثم أجاب عن الثاني بأنه لانم شذوذهما
وقد ذكرهما الحسين بن سعيد والكليني والطوسي في التهذيب والاستبصار وذكره أبو جعفر بن بابويه في فقيه وقد أودع فيه ما يعتقد انه
حجة فيما بينه وبين ربه انتهى ومنها مرسلة الوشاء عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله (ع) قال قلت الرجل يفوته الأولى والعصر والمغرب
وذكرها عند العشاء الآخرة قال يبدأ بالوقت الذي هو فيه فإنه لا يأمن الموت فيكون قد ترك صلاة فريضة في وقت قد دخلت ثم يقضى
ما فاته الأولى فالأولى وعن المحقق في المعتبر روايته عن جميل فلعله اخذه من كتابه ووجه الدلالة ان المراد من تذكر المنسى عند العشاء
إما تذكره عند دخول مطلق وقته واما بذهاب الحمرة المغربية بناء على القول بأنه اخر وقت المغرب كما هو مذهب جماعة واما زمان تمحض
الوقت له وهو ما بعد ثلث الليل أو ربعه بناء على انتهاء المغرب بذلك وبقاء العشاء إلى نصف الليل وعلى أي حال فقد دلت الرواية
على رجحان تقديم الحاضرة على الفائتة والتعليل المذكور امارة الاستحباب ولو أبيت الا عن كون وقتا لعشاء قبل تضيقه وقتا
للمغرب (ايض‍) على ما هو المشهور بين المتأخرين أمكن حمل قوله بدء بالوقت الذي هو فيه على المغرب والعشاء فيكون المراد نسيان المغرب في
أول وقته لا مطلقا ويحتمل (ايض‍) إرادة مغرب الليلة السابقة ويحتمل (ايض‍) ان يكون قد وقع ذكره على سبيل السهو من السائل في مقام
ذكر المثال للفوائت كما جمع في السؤال عن تداخل الأغسال بين غسل العيد وعرفة والجمعة وان أبيت الا عن كون الكل مخالفا للظاهر
قلنا إن عدم مناسبة ذكر المغرب لظاهر السؤال لا يوجب سقوط الجواب عن قابلية الاستدلال فان ظهور الرواية في تقديم العشاء
الحاضرة على قضاء الظهرين مما لا ينبغي انكاره وهو كاف في اثبات المواسعة المطلقة خصوصا بملاحظة التعليل المذكور فيها ومنها
موثقة عمار قال سألته عن رجل يفوته المغرب حتى يحضر العتمة فق؟ إذا حضر العتمة وذكر ان عليه صلاة المغرب فان أحب ان يبتدئ بالمغرب بدء
وان أحب بدء بالعتمة ثم صلى المغرب بعد الخبر بناء على أن المراد مغرب الليلة السابقة أو على القول المتقدم من انتهاء وقت المغرب بدخول
وقت العشاء ودلالته ح؟ على جواز تقديم الحاضرة واضحة ولا ينافيه الحكم باستحباب تقديم الحاضرة ولا استحباب تقديم الفائتة لامكان
حمل التخيير فيه على إرادة دفع توهم تعين أحد الامرين ومنها ما عن السيد ابن طاوس في رسالة المواسعة عن كتاب الحسين بن سعيد
عن صفوان عن العيص بن القسم قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن رجل نسى أو نام عن الصلاة حتى دخل وقت صلاة أخرى فقال إن كانت
صلاة الأولى فليبدء بها وإن كانت صلاة العصر صلى العشاء ثم صلى العصر بناء على أن المراد بصلاة الأولى هي مطلق الصلاة التي بعدها
صلاة فتعم المغرب ويكون المراد بوقت الصلاة الأخرى وقتها الذي هو وقت اضطراري للأولى فيكون حاصل الجواب ان الصلاة الأولى
مع بقاء وقتها الاضطراري يقدم على الصلاة الأخرى واما مع فوات وقتها مط؟ فيقدم عليها الحاضرة ويمكن ان يراد من الصلاة
الأولى صلاة الظهر لشيوع اطلاقها عليها في الاخبار وكونها أول صلاة صليها رسول الله صلى الله عليه وآله لكن تخصيصه بالذكر
من باب المثال فيعم الحكم المغرب (ايض‍) ويحتمل ان يراد بالأولى خصوص الظهر فيكون وجه تقديم الظهر المنسية على العصر انه لا صلاة بعد
العصر وفي الرواية احتمالات أخر باعتبار رجوع كل من الضمير في قوله وإن كانت وقوله فليبدء بها إلى كل من الحاضرة والمنسية الا ان
الاظهر ما ذكرنا مع أن دلالتها على تقديم العشاء الحاضرة على العصر المنسى واضحة على كل حال ومنها المروية عن قرب الإسناد عن علي بن
جعفر عن أخيه (ع) قال وسألته عن رجل نسى المغرب حتى دخل وقت العشاء الآخرة قال يصلى العشاء ثم يصلى المغرب وسأله عن رجل نسى العشاء
فذكر بعد طلوع الفجر قال يصلى العشاء ثم يصلى الفجر وسأله عن رجل نسى الفجر حتى حضرت الظهر قال يبدأ بالظهر ثم يصلى الفجر كك؟ كل صلاة
بعدها صلاة فان صدرها وذيلها كالصريح في جواز تقديم الحاضرة على الفائتة واما الحكم فيها بتقديم العشاء المنسية على الفجر
فعلى وجه الأولوية كالحكم بتقديم الحاضرة في الصورتين لما ذكر من الضابط في ذيلها لكن يرد عليها ان ظاهرها فوات وقت المغرب
437

للناسي مع سعة وقت العشاء وهو خلاف المشهور والأدلة وإرادة اخر وقت العشاء يوجب الحكم بوجوب تقديم العشاء هذا مع أن الضابط المذكور
لايخ؟ من اجمال لان المشبه به المشار إليه بقول كك؟ كل صلاة بعدها صلاة يحتمل ان يكون الحاضرة ويحتمل ان يكون الفائتة ووجه الشبه
إما الحكم بالتقديم واما الحكم بالتأخير والمراد من ثبوت صلاة بعدها إما مشروعية صلاة بعدها ولو نفلا لها واما وجوب فريضة
بعدها نعم في بعض الأخبار ما يبين المراد منها وهو ما عن الشيخ باسناده عن الحسن الصيقل قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن رجل نسى الأولى
حتى صلى ركعتين من العصر قال فليجعلهما الأولى وليستأنف العصر قلت فإنه نسى المغرب حتى صلى ركعتين من العشاء ثم ذكر قال فليتم
صلاته ثم ليقض بعد المغرب قال قلت له جعلت فداك قلت حين نسى الظهر ثم ذكر وهو في العصر يجعلها الأولى ثم يستأنف وقلت هذا
(والعشاء بعدها صلاة صح) يتم صلاته ثم ليقض بعد المغرب قال هذا ليس مثل ذلك أن العصر ليس بعدها صلاة وفي معناها ما عن دعائم الاسلام بزيادة قوله إن
العصر ليس بعدها صلاة يعنى لا يتنفل بعدها والعشاء الآخرة يصلى بعدها ما يشاء وهذا التفصيل محمول على الأولوية بشهادة
التعليل فان قضاء الصلاة بعد العصر جائز اجماعا أو على التقية ففيه دلالة على المواسعة وتفسير لما سبق من التفصيل في رواية
علي بن جعفر المتقدمة الا ان ظاهره متروك عندنا معاشر القائلين بعدم خروج وقت الظهر خصوصا للناسي الا إذا بقى مقدار صلاة
العصر من وقتها و ح؟ ففي غير ذلك الوقت يجب العدول وفيه يحرم فلا مورد للاستحباب وهكذا الحكم المذكور للمغرب فافهم ومنها ما عن
الشيخ عن إسماعيل بن هشام عن أبي الحسن (ع) عن الرجل يؤخر الظهر حتى يدخل وقت العصر انه يبدأ بالعصر ثم يصلى الظهر وفيه ما تقدم من أنه
لا يناسب ما هو المعروف من عدم خروج وقت الظهر الا إذا بقى مقدار صلاة العصر ومنها ما عن الصدوق والشيخ باسنادهما عن إسحاق بن
عمار قال قلت لأبي عبد الله (ع) يقام الصلاة وقد صليت قال صلها واجعلها لما فات ودعوى اختصاص الصلاة التي صليها أولا
بصورة نسيان وجوب القضاء بعيدة نعم ظ؟ الرواية الاستحباب فيمكن حملها على محتمل الفوات الطائفة الثالثة ما دل من الاخبار على جواز
النفل أداء وقضاء لمن عليه فائتة فمن جملة ذلك ما استفاض من قصة نوم النبي صلى الله عليه وآله عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس
فقام فصلى هو وأصحابه أولا نافلة الفجر ثم صلى الصبح ولا اشكال في سندها ودلالتها الا من جهة تضمنها نوم النبي صلى الله عليه وآله
(بل في بعضها ما يدل على صدور السهو (ايض‍) منه صح) على ما يقوله الصدوق تبعا لشيخه ابن الوليد بل عن ظاهر الطبرسي في تفسير قوله تع‍؟ وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا نسبة ذلك إلى
الامامية في غير ما يؤدونه عن الله لكن الظاهر شذوذ هذا القول ومهجوريته خصوصا فيما يتعلق بفعل المحرمات وترك الواجبات نعم
قال في كرى؟ بعد ذكر رواية زرارة الدالة على نوم النبي صلى الله عليه وآله انه لم نقف على راد لهذا الخبر من حيث توهم القدح بالعصمة
فيه وظاهره ان قدح مضمونها في العصمة توهم مخالف لما عليه الأصحاب ممن تعرض لذكر هذه الروايات ويؤيد ما ذكره عن رسالة نفى
السهو للمفيد قدس سره أنه قال لسنا منكران يغلب النوم على الأنبياء صلى الله عليهم في أوقات الصلاة حتى
يخرج الوقت فيقضوها
بعد ذلك وليس عليهم في ذلك عيب ولا نقص لأنه (ليس ينفك صح) بشر من غلبة النوم ولان النائم لاعيب عليه وليس كك؟ السهو لأنه نقص عن الكمال في الانسان
وهو عيب يخص به من اعتراه وقد يكون من فعل الساهي تارة كما يكون من فعل غيره والنوم لا يكون الا من فعل الله وليس من مقدور
العباد على حال ولو كان من مقدورهم لم يتعلق عيب ولا نقص لصاحبه لعموم جميع البشر وليس كك؟ السهو لأنه يمكن التحرر منه ولانا
وجدنا الحكماء يجتنبون ان يودعوا أموالهم واسرارهم من ذوي السهو والنسيان ولا يمنعون من ايداعها ممن يغلبه النوم أحيانا كمالا
يمنعون من ايداعها ممن يعرضه الأمراض والاسقام انتهى موضع الحاجة وعن شيخنا البهائي في بعض أجوبة المسائل ما لفظه الرواية المتضمنة
لنوم النبي صلى الله عليه وآله صحيحة السند وقد تلقاه الأصحاب بالقبول حتى قال شيخنا في الذكرى انه لم يجد لها رادا فقبول من عدا الصدوق
من الأصحاب لها شاهد صدق على أنهم لا يعدون فوات الصلاة بالنوم سهوا والا لردوها كما ردوا غيرها مما هو صريح في نسبة
السهو ومن شدة وثوقهم بها استنبطوا منها احكاما كثيرة ذكرتها في حبل المتين منها قضاء النافلة ومنها جواز النافلة لمن
عليه فريضة انتهى وعن والده في رسالة منفردة منسوبة إليه ان الأصحاب تلقوا اخبار نوم النبي صلى الله عليه وآله من الصلاة بالقبول
انتهى فح؟ نقول إنه لو لم نقل من جهة كثرة هذه الأخبار بجواز صدور ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وفاقا الظ؟ من عرفت لم يثبت بالعقل
ولا بالنقل امتناع ذلك عليه فلا يجوز رد الاستدلال بالاخبار بما لم يثبت امتناعه عقلا ولا نقلا ولا ادعى أحد امتناعه نعم حكى
عن العلامة أنه قال بعد ذكر بعض الأخبار في ذلك أن حديثهم باطل لاستحالة صدور ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وعن رسالة نفى السهو
المتقدمة بعد الاعتراف بعدم امتناعه عقلا على ما عرفت ذكر ان الخبر في هذا المعنى من جنس الخبر في السهو وانه من الآحاد التي لا توجب علما
ولا عملا وعن السيد بن طاوس انه بعد ما ذكر من بعض طرق العامة إلى؟ ان رسول الله صلى الله عليه وآله نام هو وأصحابه اخر الليل إلى أن طلعت الشمس
438

فأول من استيقظ أبو بكر ثم عمر فكبر عمر تكبيرا عاليا فايقظ رسول الله صلى الله عليه وآله فأمرهم بالارتحال وسار غير بعيد فنزل فصلى الصبح
قال انظر أيها العاقل في وصفهم لعناية الله سبحانه بنبيهم وانه سبحانه لا يصح ان ينام وان جبرئيل (ع) ما كان شفقته على نبيهم دون عناية
عمر حتى كان يوقظه الله أو جبرئيل وإذا نظرت إلى روايتهم عن محمد صلى الله عليه وآله انه ينام عينه ولا ينام قلبه وتفسيرهم لذلك بان
نومه لا يمنعه عن معرفة الله ونظرت في رواياتهم لوجوب قضاء ما فات عقيب ذكره ثم يذكرون في هذه الرواية انه اخر القضاء إلى بعد الارتحال
فإنه قد نام قلبه حتى لا يحس بخروج الوقت فكل ذلك يشهد بالمناقضة في رواياتهم ومقالاتهم وتكذيب أنفسهم انتهى والانصاف ان نوم
النبي صلى الله عليه وآله أو أحد المعصومين صلوات الله عليهم عن الواجب سيما اكد الفرائض نقص عليهم ينفيه ما دل من اخبارهم على كمالهم
وكمال عناية الله (تع‍) بهم في تبعيدهم من الزلل بل الظ؟ بعد الت‍؟ ان هذا انقص من سهو النبي صلى الله عليه وآله عن الركعتين في الصلاة وما
تقدم من صاحب رسالة نفى السهو مم؟ بل العقل والعقلاء يشهدون بكون السهو عن الركعتين في الصلاة أهون من النوم عن فريضة الصبح
وان هذا النائم أحق بالتعير؟ من ذلك الساهي بل ذاك لا يستحق تعييرا وكون نفس السهو نقصا دون نفس النوم لا ينافي كون هذا الفرد
من النوم انقص لكشفه عن تقصير صاحبه ولو في المقدمات وبالجملة فصدور هذا مخالف لما يحصل القطع به من تتبع متفرقات ما ورد في
كمالاتهم وعدم صدور القبائح منهم فعلا وتركا في الصغر والكبر عمدا وخطأ ولعله لذا تنظر في هذه الأخبار بعض المتأخرين على ما حكى عنهم
منهم شيخنا البهائي بعد اعترافه بان المستفاد من كلام الشهيد المتقدم عن الذكرى تجويز الأصحاب لذلك وعرفت (ايض‍) ما عن المنتهى وغيره
اللهم الا ان يقال بامكان سقوط أداء الصلاة عنه صلى الله عليه وآله في ذلك الوقت لمصلحة علمها الله سبحانه فان اشتراكه صلى الله عليه و
آله مع غيره في هذا التكليف الخاص ليس الدليل عليه أوضح من الأخبار المذكورة حتى يوجب طرحها خصوصا بملاحظة بعض القرائن الواردة في
تلك الأخبار منها قوله (ع) في رواية سعيد الأعرج ان الله (تع‍) أنام رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أن قال وأسهاه في صلاته فسلم في الركعتين إلى أن قال
وانما فعل ذلك رحمة لهذه الأمة لئلا يعير الرجل (المسلم صح) إذا هو نام عن صلاته أو سهى الخبر فت‍؟ وقوله صلى الله عليه وآله لأصحابه مخاطبا لهم نمتم بوادي
الشيطان ولم يقل نمنا فعلم أن النوم كان زللا منهم لامنه صلى الله عليه وآله ثم إن دلالة الأخبار المذكورة بعد تسليمها كغيرها من الاخبار
المتضمنة لجواز النفل لمن عليه قضاء على نفى المضايقة وفورية القضاء واما دلالتها على نفى الترتيب فهى مبنية على عدم المدرك له الا
الفورية أو انعقاد الاجماع المركب على أن كل من قال بالمواسعة لم يقل بالترتيب وكلاهما ممنوعان الرابع من حجج القول بالمواسعة الاجماعات
المنقولة منها ما تقدم عن الجعفي من نسبة ما يذكره في كفاية الفاخر إلى المجمع عليه ومنها ما عن المعتبر من أن القول بالمضايقة يلزم منه منع
من عليه صلوات كثيرة ان يأكل وان ينام زائدا على الضرورة ولا يشتغل الا لاكتساب قوت يومه له ولعياله وانه لو كان له درهم حرم عليه
الاكتساب حتى يخلو يده والتزام ذلك مكابرة صرفة والتزام سوفسطائي ثم قال ولو قيل قد أشار أبو الصلاح الحلبي إلى ذلك فانا نعلم من
المسلمين كافة خلاف ما ذكرنا فان أكثر الناس يكون عليهم صلوات كثيرة فإذا صلى الانسان منهم شهرين في يومه استكثره الناس انتهى
وعن لف؟ ما محصله ان القول بتحريم الحاضرة في أول وقتها مع القول بجواز غيرها من الافعال مما لا يجتمعان والثاني ثابت بالاجماع على
عدم افتاء أحد من فقهاء الأمصار في جميع الأعصار بتحريم زيادة لقمة أو شرب جرعة أو طلب الاستراحة من غير نصب شديد أو المنع من فعل العبادات
الواجبة والمندوبة لمن عليه قضاء فيلزم انتفاء الأول انتهى والجواب عن هذه الحجة انه ان أريد دعوى اجماع العلماء فهو واضح المنع مع ما عرفت
من كثرة القائلين بالمضايقة من القدماء ودعواهم الاجماع وعبارة الجعفي يمكن حملها على أن ما ذكر في كتابه مضمون الروايات المجمع
عليها بل يمكن دعوى ظهور قوله لا نذكر فيه الا ما أجمع عليه وصح من قول الأئمة (على) فيما ذكرنا فان كلمة من بيان للموصول واما كلام المحقق
فمرجعها إلى دعوى سيرة المسلمين وهي غير معلومة على وجه يجدى في المقام مع احتمال كونها ناشئة عن قلة مبالاتهم في الدين ولذا تريهم
يشتغلون بما ذكر من المباحات مع اشتغال ذممهم بحقوق من يطالبهم مستعجلا ولو بشاهد الحال كمستحقي الصدقات الواجبة ومع
اشتغال ذممهم بحقوق الله الفورية كتعلم العلم واكتساب الأخلاق الجميلة ودفع الأخلاق الرذيلة وتريهم يعاملون بيعا وشراء مع
الأطفال الغير المميزة والمجانين ولا يجتنبون عن النظر إلى غير المحارم زائدا على الوجه والكفين كالشعر والزند والرجل إلى غير ذلك مما
يطول الكلام بذكره هذا مع أن استلزام المضايقة لتحريم الأمور المذكورة محل كلام في الأصول بين أعاظم الفحول فلعل السيرة المذكورة
دليل على عدم الاستلزام كما تمسك بها بعض الاعلام في هذا المقام ومنه يظ؟ ما في دعوى العلامة في لف؟ مضافا إلى أن نفى القول من
فقهاء الأمصار بحرمة ما ذكر مع اعترافه بذهاب السيد وجماعة إلى الحرمة كما ترى وبالجملة فالتمسك بالاجماع والسيرة في هذا المقام
ليس الا لتكثير الأدلة مع أنه لا ينفى الترتيب الا إذا كان منوطا بالفورية ومبنيا عليها الخامس من حج القائلين بالمواسعة لزوم
439

الحرج العظيم الذي يشهد بنفيه الأدلة الثلاثة بل الأربعة ويرد عليه ان الحرج لا يلزم الا مع كثرة الفوائت و ح؟ فإن كان لزومه على وجه
يرتفع به التكليف حكم بمقتضاه كما يحكم القائل بالمواسعة عند ظن طرو العجز وكما يحكم بسقوط القيام في الصلاة عند تعيره فلا يتعدى
إلى صورة عدم لزوم الحرج لقلة الفوائت وليس المقام مما يقضى لزوم الحرج بتشريع المواسعة في جميع الافراد حتى مع عدم الحرج بان يكون
لزوم الحرج مؤسسا للحكم لان ذلك انما هو فيما كان العسر في أغلب الموارد فيتبعها النادر كما في تشريع القصر في السفر للحرج وتشريع
طهارة الحديد وغير ذلك وليس كك؟ ما نحن فيه قطعا فاندفع ما يق؟ ان غرض المستدل ان المشقة النوعية الثابتة في فورية القضاء
يقتضى بحسب الحكمة المرعية في الشريعة السمحة السهلة نفيها مط؟ وان انتفت المشقة الشخصية في ثبوتها في بعض الأحيان هذا مع امكان
معارضته بان حكمة عدم وقوع المكلف في تهلكه بقائه مشغول الذمة بالفوائت بعد الموت اقتضت ايجاب المبادرة إليها إذ قلما
اتفق للمكلف ان يكون عليه فوائت كثيرة لم يبادر إليها في السعة الا وقد مات مشغول الذمة بها أو بأكثرها وكيف كان فهذا الدليل
في الضعف كسابقه الا انه ينفى الترتيب (ايض‍) ولو لم ينشأ من المضايقة لان مقتضاه وجوب الاشتغال بالفوائت تحصيلا للترتيب بين
الحاضرة وبين ما يمكن تقديمه عليها من الفوائت بل لو لم يشتغل بها (ايض‍) كان في نفس تأخير الحاضرة حرج من جهة ضبط أواخر الأوقات
بالساعات والعلامات الا إذا قلنا بان الواجب تأخير الحاضرة عن مجموع الفوائت لا عن كل فائتة حتى يجب الاشتغال بها مهما أمكن
فافهم والحاصل ان لزوم العسر على من كثر عليه الفوائت مسلم سواء قلنا بالمضايقة أم قلنا بلزوم الترتيب من دون المضايقة لكن
الحكم بنفيهما عموما حتى في مورد عدم الحرج يحتاج إلى دليل اخر والتمسك بالاجماع المركب في غير موضعه لان الفصل في الأحكام التكليفية
بين موارد الحرج وغيرها لكثرة وقوعه في الشريعة لا يعلم مخالفته في هذه المسألة لقول الإمام (ع) وإن كان القطع به في بعض الموارد
ممكنا الا ان غلبة الفصل بين الموردين في المسائل مما يمنع القطع غالبا فافهم فإنه نافع في كثير من الموارد وهذا خلاصة أدلة القول
بالمواسعة وقد عرفت ضعف أكثرها مع عدم الدلالة على الترتيب خصوصا فيما عدا فوائت اليوم واما ما يمكن ان يستدل به للقول بالمضايقة
فوجوه الأول الأصل والمراد به أصالة الاحتياط إما من حيث الفورية لتيقن عدم المؤاخذة على تقدير التعجيل وعدم الا من منه على تقدير
التأخير مط؟ أو مع اتفاق طرو الفجر واما من حيث تيقن امتثال الحاضرة على تقدير تأخيرها عن الفائتة أو ايقاعها في ضيق الوقت
والشك في الامتثال لو قدمها على الفائتة والجواب عنه عدم وجوب الاحتياط لا من جهة الفورية ولا من جهة الترتيب لما تقرر في محله من
دلالة العقل والنقل على عدم المؤاخذة عما لم يعلم كونه منشأ لها سواء كان الشك في التكليف الأصلي أم كان في التكليف المقدمي كالجزء
والشرط ثم إنه لو قلنا بأصالة الاحتياط في الوجوب المقدمي من قبيل الجزء والشرط على ما هو مذهب جماعة وقد كنا نقويه سابقا بدعوى
اختصاص أدلة البراءة عقلا ونقلا بالشك في التكليف المستقل كوجوب الدعاء عند رؤية الهلال أو غسل الجمعة لكن وجوب الاحتياط في التكليف
الوجوبي المستقل مما لم يقل به أحد من المجتهدين والأخباريين على ما ادعاه بعض الأخباريين من اختصاص الخلاف بين الأخباريين
(والمجتهدين صح) في وجوب الاحتياط وعدمه بغير هذه الصورة من صور الشبهة في الحكم الشرعي وعلى هذا فوجوب الاحتياط من جهة الفورية ووجوب المبادرة
إلى القضاء لمجرد احتمال العقاب على التأخير مما لم يقل به أحد واما أصالة الاحتياط من جهة الشك في اعتبار الترتيب على ما هو مذهب جماعة
في الشك في الشرطية والجزئية فهى (ايض‍) غير جارية في المقام وان قلنا بجريانها في غيره لان الترتيب عند أهل المضايقة من جهة لزوم المبادرة
فالشك في اعتبار الترتيب مسبب عن الشك في لزوم المبادرة وإذا كان المرجع عند الشك في لزوم المبادرة
أصالة البراءة عنه بالاتفاق
على ما ذكر لم يجب الاحتياط عند الشك في اعتبار الترتيب بل المرجع إلى أصالة البراءة التي هي الأصل في الشك الذي صار منشأ لهذا الشك
لما تقرر في محله من أن أحد الأصلين إذا كان الشك في مجراه سببا للشك في مجرى الأخر فهو حاكم على صاحبه ولا يلتفت إلى صاحبه ولذا
لو شككنا وجوب تقديم اخراج النجاسة عن المسجد على الصلاة فيه لأجل الشك في وجوب اخراج النجاسة الغير الملوثة منه لم يكن هناك موضع
اجراء أصالة الاشتغال باتفاق من القائلين بجريانها عند الشك في اعتبار شئ في العبادة المأمور بها والحاصل ان أصالة البراءة
حاكمة على أصالة الاشتغال مع كون الشك في مجرى الثانية مسببا عن الشك في مجرى الأولى وهذا هو الضابط في كل أصلين متعارضين
سواء كانا من جنس واحد كاستصحابين أو من جنسين كما فيما نحن فيه والظاهر أن تقديم البراءة على الاحتياط في مثل ما نحن فيه (مما اتفق عليه الموجبون للاحتياط وان اختلفوا في الاستصحابين المتعارضين إذا كان من هذا القبيل ثم إن ما نحن فيه صح) ليس من
الشك في شرطية شئ لعبادة أو جزئيته لها بل الشك في صحة العبادة لأجل الشك في ثبوت تكليف أخراهم منه فإذا انتفى بأصالة البراءة
فلا مسرح للاحتياط الواجب فافهم واغتنم واعلم أن جميع ما ذكرنا انما هو على تقدير تسليم الصغرى وهي ان الاحتياط في تقديم الفائتة
واما لو أخذنا بظواهر العبائر المحكية عن جماعة من القدماء كظاهر بعض الأخبار من وجوب تقديم الحاضرة وإن كانت موسعة أو لاحظنا
440

قول جماعة كثيرة بثبوت الوقت الاضطراري فلا احتياط في المقام الثاني اطلاق أوامر القضاء بناء على كونها للفور إما لغة كما عن الشيخ
وجماعة واما شرعا كما عن السيد مدعيا اجماع الصحابة والتابعين عليه واما عرفا كما يظ؟ من بعض أدلة بعض المتأخرين والجواب منع كونه
للفور لا لغة ولا شرعا ولا عرفا الثالث ما دل على وجوب المبادرة إلى القضاء فمن ذلك قوله (تع‍) أقم الصلاة لذكرى فعن الطبرسي بعد
ذكر جملة من معانيه وقيل معناه أقم الصلاة متى ذكرت ان عليك صلاة كنت في وقتها أم لم تكن عن أكثر المفسرين وهو المروى عن أبي
جعفر (ع) وعن القمي إذا نسيت صلاة ثم ذكرتها فصلها وفي كرى؟ قال كثير من المفسرين انه في الفائتة لقول النبي صلى الله عليه وآله من نام عن
صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ان الله (تع‍) يقول أقم الصلاة لذكرى وفي رواية زرارة عن أبي جعفر (ع) أنه قال إذا فاتتك صلاة
ذكرتها في وقت أخرى فان كنت تعلم انك ان صليت التي فاتتك كنت من الأخرى في وقت فابدء بالتي فاتتك ان الله عز وجل يقول وأقم الصلاة
لذكرى انتهى ومثلها في تفسير الآية صحيحة أخرى لزرارة الواردة في حكاية نوم النبي صلى الله عليه وآله وفيها قوله (ع) من نسى شيئا من الصلاة
فليصلها إذا ذكرها ان الله (تع‍) يقول وأقم الصلاة لذكرى ومنها الأخبار الدالة على الامر بالقضاء عند ذكره مثل ما تقدم في تفسير
الآية ومثل ما عن السرائر في الخبر المجمع عليه بين جميع الأمة من نام عن صلاة أو نسيها فوقتها حين يذكرها ومثل رواية حماد عن
نعمان الرازي قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن رجل فاته شئ من الصلوات فذكرها عند طلوع الشمس وعند غروبها قال
فليصلها عند ذكرها ورواية يعقوب بن شعيب عن الرجل ينام عن العناة حتى تبزغ الشمس أيصلي حين يستيقظ أو ينتظر حتى تنبسط الشمس قال
يصلى حين يستيقظ إلى غير ذلك مما هو بهذا المضمون ومثل ما دل من الاخبار على أن عدة صلوات يصلين على كل حال منها صلاة فاتتك
تقضى حين تذكر وتقريب الاستدلال بالآية والروايات ان توقيت فعل الصلاة بوقت الذكر ظاهر في وجوب ايقاعها في ذلك الوقت
فهو وقت للواجب لا لمجرد الوجوب كما في قول القائل ادخل السوق عند طلوع الشمس أو الزوال أو افعل كذا حين قدوم زيد ونحو ذلك
وحملها على الاستحباب مخالف لظاهرها خصوصا ظاهر الآية حيث إن قوله تع؟ أقم الصلاة عطف على قوله واعبدني الصريح في الوجوب و
كذا حملها على مجرد الاذن في المبادرة في مقام دفع توهم الخطر عنها في بعض الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها تنزيها أو تحريما ومنها
ما دل على عدم جواز الاشتغال بغير القضاء مثل صحيحة أبى ولاد الواردة في حكم المسافر القاصد للمسافة الراجع عن قصده قبل تمامها
وفي اخرها فان كنت لم تسر في يومك الذي خرجت فيه بريدا فان عليك ان تقضى كل صلاة صليتها بالقصر بتمام من قبل ان تبرح من
مكانك وصحيحة زرارة عن رجل صلى بغير طهور أو نسى صلاة أو نام عنها قال يقضيها إذا ذكرها في أي ساعة ذكرها من ليل أو نهار فإذا
دخل وقت صلاة ولم يتم ما فاته فليقض ما لم يتخوف ان يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت وهذه أحق بوقتها فإذا قضاها فليصل
ما قد فاته مما قد مضى ولا يتطوع بركعة حتى يقضى الفريضة كلها والجواب إما عن الآية فبانه ان أريد اثبات دلالتها
بنفسها على فورية القضاء فدونه حزط؟ القتاد إذ لا ظهور فيها الا في خطاب موسى (ع) بإقامة الصلاة فان قوله لذكرى يحتمل ان يكون
قيدا لكلا الامرين أعني قوله فاعبدني وأقم الصلاة خصوصا بعد ملاحظة ان في نسيان مثل موسى لصلاة الفريضة بل نومه عنها كلاما تقدم
شطر منه في نوم النبي صلى الله عليه وآله واللام فيه يحتمل وجوها وكذا الذكر وبالجملة فعدم دلالة الآية بنفسها على المدعى بحسب فهمنا
مما لا يحتاج إلى بيان وجوه اجمال الآية أو بعضها ولذا لم يحك عن أحد من المفسرين من يفسرها بخصوص الفائتة حتى يمكن حمل الامر
فيها على الفور وان أريد دلالتها بضميمة ما ورد في تفسيرها من الروايات المتقدمة المستشهد بها فيها على وجوب القضاء عند الذكر منعنا
دلالتها لان الرواية الأولى عامية والصحيحة الآخرة لزرارة مع اشتمالها على نوم النبي صلى الله عليه وآله مشتملة على ما ينافي الفورية
من ارتحال النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه عن منامهم بعد الاستيقاظ وتقديم نافلة الفجر بل الأذان والإقامة بل
قد تدل مراعاة
النبي صلى الله عليه وآله للتجنب عن وادى الشيطان وعدم تأخيره نافلة الفجر عن فريضتها وعدم ترك الأذان والإقامة (على صح) عدم استحباب المبادرة إلى القضاء
على وجه يكون له مزية على المستحبات المذكورة واما الرواية الأولى لزرارة فلا دلالة فيها الا على تقدير كون الامر (للفور وقد عرفت منعه سابقا فهي لا يدل الا على الامر صح) بتقديم الفائتة
الواحدة على الحاضرة وأين هذا من القول بالمضايقة ووجوب المبادرة وبطلان الحاضرة لو قدمها على الفائتة وان تعددت
واما الاخبار غير صحيحي أبى ولاد وزرارة فهى بين مسوق لبيان أصل وجوب قضاء المتروك لعذر ومسوق لبيان عدم اختصاص القضاء بوقت
دون وقت في مقام دفع توهم مرجوحيته في بعض الأوقات مع أنه لو سلم دلالتها على الفور فهى بنفسها لا يستلزم الترتيب الا إذا قلنا
باستلزام الامر بالشئ النهى عن ضده أو عدم الامر به كما أن ما دل بظاهره على الترتيب لا يستلزم وجوب المبادرة كما عرفت سابقا نعم
لو ثبت اجماع مركب أمكن الاستدلال بما دل على أحدهما على الأخر بضميمة الاجماع وهو غير ثابت وبهذا يمكن دفع الاستدلال بالصحيحتين
441

الأخيرتين أعني صحيحي أبى ولاد وزرارة مع أن دلالة صحيحة أبى ولاد على المطلب موقوفة على القول بوجوب قضاء الصلوات المقصورة إذ ابداله
عن السفر قبل اتمام المسافة وهو مع أنه مما لم يقل به أحد مخالف لصحيحة زرارة الأخرى الصريحة في نفى الإعادة على من رجع عن قصد السفر
بعد الصلاة قصرا فالمتجه حمل الرواية على الاستحباب فلا تدل على وجوب المبادرة واما صحيحة زرارة فهى كبعض الاخبار الآتية عمدة أدلة هذا
القول وربما يجاب عنها بان اطلاق السؤال منها فيها يقتضى حمل القضاء في الجواب على مطلق الأداء كما استعمل فيه في اخر الخبر فلا يكون الغرض
الا ايجاب الفعل وقت الذكر وهو ضعيف لمخالفته ظاهر السؤال فضلا عن ظواهر فقرات الجواب لان النوم عن الصلاة ونسيانها لا
يصدق عرفا بل ولا لغة الا إذا نام أو نسى في مجموع الوقت ويتلوه في الضعف حمل السؤال على كونه من وقت القضاء مع العلم بأصل وجوبه
فيكون الجواب لبيان الرخصة في القضاء في أي ساعة ذكر ولو في أوقات يكون فعل الصلاة فيها مط؟ أو في الجملة مرجوحة كما إذا دخل وقت الفريضة
وكما بعد صلاة العصر والفجر ويؤيده قوله (ع) في صحيحة أخرى لزرارة في أي ساعة ذكرتها ولو بعد صلاة العصر ووجه الضعف ان دعوى
كون السؤال عن وقت القضاء مع الفراغ عن أصل وجوبه ممنوعة ومخالفة لظ؟ السؤال كما لا يخفى فالأحسن تسليم ظهور الرواية بنفسها
في وجوب المبادرة وحملها على ما ذكرنا من بيان تعميم وقت الرخصة أو على الاستحباب بمعونة ظهور بعض ما تقدم من اخبار المواسعة وربما
يشهد للأول كثرة الأخبار الواردة في أوقات قضاء النوافل والفرايض في مقام السؤال عن تعيين وقت القضاء ويظ؟ ذلك لمن لاحظ كتاب
الوسائل في باب عدم كراهة القضاء في وقت من الأوقات ثم لو سلم دلالتها على المبادرة لم يكن فيه دلالة على الترتيب الا إذا قلنا بكون الامر
بالشئ مستلزما للنهي عن ضده الخاص أو لعدم الامر به أو قام اجماع مركب في البين وكلاهما ممنوعان الرابع من أدلة هذا القول ما دل
على الترتيب وتقديم الفائتة في الابتداء أو العدول من الحاضرة إليها في الأثناء مثل صحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع) إذا نسيت صلاة أو صليتها
بغير وضوء أو كان عليك قضاء صلوات فابدء بأولهن واذن لها وأقم ثم صلها ثم صل ما بعدها بإقامة إقامة لكل إقامة وقال قال
أبو جعفر عليه السلام فان كنت قد صليت الظهر وقد فاتتك الغداة فذكرتها (فصل الغداة في اي ساعة ذكرتها ولو بعد العصر ومتى ما ذكرت صلاة فاتتك فصلها وقال إذا نسيت الظهر حتى صليت العصر فذكرتها صح) وأنت في الصلاة أو بعد فراغك فانوها الأولى ثم صل
العصر فإنما هي أربع مكان وان ذكرت انك لم تصل الأولى وأنت في صلاة العصر وقد صليتها ركعتين فانوها الأولى ثم صل الركعتين
الباقيتين وقم وصل العصر وان كنت قد ذكرت انك لم تصل العصر حتى دخلت المغرب ولم تخف فوتها فصل العصر ثم صل المغرب وان كنت
قد صليت المغرب فقم فصل العصر فان كنت قد صليت من المغرب ركعتين ثم ذكرت العصر فانوها العصر ثم قم فأتمها بركعتين ثم تسلم
ثم تصلى المغرب وان كنت قد صليت العشاء الآخرة (ونسيت المغرب فقم وصل المغرب وان كنت ذكرتها وقد صليت من العشاء الآخرة ركعتين أو قمت في الثالثة فانوها المغرب ثم سلم ثم قم فصل العشاء الآخرة صح) وان كنت قد نسيت العشاء الآخرة حتى صليت الفجر فصل العشاء الآخرة وان كنت
ذكرتها وأنت في الركعة الأولى أو الركعة الثانية من الغداة فانوها العشاء ثم قم فصل الغداة واذن وأقم وإن كانت المغرب والعشاء
قد فاتتاك جميعا فابدء بهما قبل ان يصلى الغداة ابدء بالمغرب ثم العشاء فان خشيت ان يفوتك الغداة ان بدئت بهما فابدء بالمغرب
ثم صل الغداة ثم صل العشاء فان خشيت ان يفوتك الغداة ان بدئت بالمغرب فصل الغداة ثم صل المغرب والعشاء ابدء بأولهما لأنها؟
جميعا قضاء أيهما ذكرت فلا تصلها الا بعد ذهاب شعاع الشمس قلت لم ذلك قال لأنك لست تخاف فوتها ورواية صفوان بن يحيى
عن أبي الحسن (ع) قال سئلته عن رجل نسى الظهر حتى غربت الشمس وقد كان صلى العصر قال قال أبو جعفر (ع) وكان أبى يقول إن امكنه ان يصلها
قبل ان يفوته المغرب بدء بها والا صلى المغرب ثم صليها ورواية أبي بصير عن رجل نسى الظهر حتى دخل وقت العصر قال يبدأ بالظهر
وكك؟ الصلوات تبدأ بالتي نسيت الا ان يخاف ان يخرج وقت الصلاة فيبدء بالتي أنت في وقتها ثم تصلى التي نسيت ورواية زرارة
المتقدمة في تفسير الآية ورواية البصري قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن رجل نسى صلاة حتى دخل وقت صلاة أخرى فقال إذا نسى صلاة
أو نام عنها صلاها حين يذكرها فإذا ذكرها وهو في صلاة بدء بالتي نسى وان ذكرها مع امام في صلاة المغرب أتمها بركعة ثم
صلى المغرب ثم صلى العتمة بعدها الخبر ورواية معمر بن يحيى قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن رجل صلى على غير القبلة ثم تبين له القبلة
وقد دخل وقت صلاة أخرى قال يصليها قبل ان يصلى هذه التي دخل وقتها الا ان يخاف فوت التي دخل وقتها فالمحكى عن دعائم
الاسلام قال روينا عن جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال من فاتته صلاة حتى دخل وقت صلاة أخرى فإن كان في الوقت سعة بدء
بالتي فاتت (وصلى التي هو منها في وقت وان لم يكن من الوقت الا مقدار ما يصلي التي هو في وقتها بدء بها وقضى بعدها التي فاتت صح) والمحكى عن كتب الأصحاب مرسلا عن النبي صلى الله عليه وآله انه لا صلاة لمن عليه صلاة ولا ريب في أنه يصدق على المكلف قبل
تنجز؟ الحاضرة عليه ومشروعيتها له انه عليه صلاة فينفي مشروعية الحاضرة وتعلقها في ذمته بمقتضى الرواية ولا يجوز قلب الاستدلال
بها فيما إذا فرض تذكر الفائتة بعد تنجز؟ الحاضرة عليه كما لا يخفى بأدنى التفات والجواب إما عن صحيحة زرارة الطويلة فبان مواضع
الدلالة فيها فقرات احديها قوله (ع) وان كنت قد ذكرت انك لم تصل العصر حتى دخل وقت المغرب ولم تخف فوتها فصل العصر ثم
442

صل المغرب الخبر ولا يخفى على المتأمل فيها ظهورها في تضيق وقت المغرب وفواتها بزوال الحمرة والا لم يناسب التفصيل في فرض نسيان
العصر إلى دخول المغرب بين خوف فوات المغرب وعدمه و ح؟ فلا ينهض الرواية دليلا على المضايقة بناء على ما هو المشهور بين المتأخرين
من كون زوال الحمرة اخر وقت الفضيلة دون الأجزاء فتعين حمل الامر على الاستحباب وكون ادراك فضيلة المغرب أولي من المبادرة
إلى الفائتة بحكم مفهوم القيد في قوله ولم تخف الثانية قوله (ع) وان كنت قد صليت من المغرب ركعتين والظاهر أن الحكم بالعدول في
هذه الفقرة مقيد كالحكم السابق بعدم خوف فوات وقت المغرب وحاصل الحكمين انه إذا لم يخف فوت المغرب قدم العصر ابتدأ و
عدل إليها في أثناء المغرب فيكون مفهوم القيد في قوله (ع) ولم يخف فوتها مفيدا لانتفاء الحكمين عند خوف (فوت)؟ وقت فضيلة المغرب فيكون
الراجح عند خوف فوت وقت الفضيلة تقديم الحاضرة وهذا مخالف للقول بالمضايقة فلا محيص عن حمل الامر بالعدول على الاستحباب
الثالثة قوله (ع) وان كنت قد ذكرتها يعنى العشاء الآخرة وأنت في الركعة الأولى أو الثانية من الغداة الخ؟ والانصاف ظهور دلالة هذه
الفقرة بنفسها على وجوب العدول لكنه لا ينفع بعد وجوب حمل الامر بالعدول عن المغرب إلى العصر على الاستحباب إذ يتعين ح؟ من جهة عدم
القول بالفصل حمل الامر بالعدول من الفجر إلى العشاء (ايض‍) على الاستحباب اللهم الا ان الاستحباب بعيد عن السياق من جهة ان الامر في الصحيحة
بالعدول من العصر إلى الظهر ومن العشاء إلى المغرب للوجوب قطعا فرفع اليد عن الظهور المتقدم في وقت المغرب أولي الرابعة قوله عليه السلام
وإن كانت المغرب والعشاء فاتتاك إلى قوله فابدء بالمغرب وحاله كحال الامر بالعدول عن الغداة إلى العشاء في حمله على الاستحباب بقرينة
ما سبق لعدم القول بالفصل بين تذكر فوات العصر في اخر وقت فضيلة المغرب وبين تذكر العشاء فقط أو مع المغرب في وقت صلاة الفجر
وحاصل الجواب عن هذه الصحيحة ان الاستدلال بها مبنية على القول بكون اخر وقت اجزاء المغرب زوال الحمرة فإذا لم نقل بهذا سقط الاستدلال
بجميع الفقرات الأربع فت‍؟ هذا مع أن قوله (ع) في اخر الرواية تعليلا لتأخير القضاء إلى ذهاب الشعاع بأنك لست تخاف فوتها ظاهر في
عدم فورية القضاء فلو تمت دلالة الفقرات على الترتيب فلا يستلزم الفورية لمنع الاجماع المركب بل الظاهر أن جمع الإمام عليه السلام
في الحكم بالترتيب بين الحاضرتين وبين حاضرة وفائتة امارة على أن مناط الترتيب في الكل أمر واحد فليس لفورية القضاء لو قلنا بها
دخل في الترتيب كما يزعمه أهل المضايقة ثم لو سلم الاجماع المركب كان التعليل المذكور قرينة أخرى على استحباب الترتيب فافهم هذا
مع أن الخبر مشتمل على بعض الأحكام المخالفة للاجماع مثل العدول عن اللاحقة إلى السابقة بعد الفراغ عنها ومثل النهى عن القضاء الا
بعد ذهاب شعاع الشمس وبما ذكرنا في الجواب عن هذه الصحيحة من ابتناء الاستدلال على ضيق وقت المغرب يجاب عن رواية صفوان بن يحيى
وبنظيره يجاب عن رواية أبي بصير فان الظ؟ من قوله نسى الظهر حتى دخل وقت العصر ابتناء الجواب على تعدد أوقات الظهرين والعشائين و ح؟
فقوله يبدأ بالتي نسيت الا ان يخاف ان يخرج وقت الصلاة خروج الوقت المختص بها فلو نسى العصر عند خوف وقت المغرب المغاير لوقت
العشاء وجب البدءة بالمغرب ثم بالعصر وهذا مما لا نقول به وحمل وقت العصر على المقدار الذي يسع الفعل عن اخر الوقت مخالف للظ؟
قطعا واما رواية معمر بن يحيى فالامر يدور بين تقييدها بصورة الاستدبار وحملها على الاستحباب أو حمل الوقت على ما تقدم في رواية
أبي بصير فلم يبق الا رواية زرارة الضعيفة بالقسم بن عروة ورواية البصري الضعيفة بمعلى بن محمد ورواية الدعائم المجهولة السند
والنبوي المرسل والجواب عنها بعد الإغماض عن سندها وعن سوابقها بعد تسليم ظهور دلالتها انها معارضة بما تقدم من الاخبار
الظاهرة في عدم اعتبار الترتيب بل في الامر بتقديم الحاضرة وهي أكثر عددا وأصح سندا وأظهر دلالة لامكان حمل هذه على الاستحباب
وليس في تلك الأخبار مثل هذا الحمل في القرب ثم لو سلمنا التكافؤ فالمرجع إلى الاطلاقات والأصول الدالة على عدم اعتبار الترتيب
وعدم وجوب المبادرة وربما رجح القول بعدم الترتيب بمخالفته لأكثر الجمهور على ما عن التذكرة وحكى انه مذهب الأربعة عدا الشافعي
بل له (ايض‍) بناء على أن المحكي عنه أولوية الترتيب ان لم نقل بوجوبه فالأخبار الدالة على رجحان تقديم الحاضرة مخالف لفتوى الأربعة
الخامس من الأدلة الاجماعات المنقولة من أساطين القدماء كالشيخ المفيد قده حيث حكى عنه أنه قال في رسالة نفى السهو ان الخبر
المروى في نومه صلى الله عليه وآله عن صلاة الصبح متضمن خلاف ما عليه عصابة الحق لانهم لا يختلفون في أن من فاتته صلاة فريضة فعليه ان يقضيها
في أي ساعة ذكرها من ليل أو نهار ما لم يكن الوقت مضيقا لفريضة حاضرة وإذا كان يحرم فريضة قد دخل وقتها ليقضى فرضا
فإنه كان خطر النوافل عليه أولي مع الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله انه لا صلاة لمن عليه صلاة مريدا به لا نافلة لمن عليه فريضة انتهى وكالشريف
أبى الحسين (الحسن)؟ بن محمد بن ناصر الرسي في المسألة التاسعة عشر من الرسيات التي سئل عنها السيد المرتضى قال إذا كان اجماعنا مستقرا
على وجوب تقديم الفائت من فرائض الصلاة على الحاضر منها إلى اخر ما ذكره وقد أقره السيد على هذه الدعوى والشيخ في ف؟ والسيد
443

في الغنية والحلى في السرائر في بحث المواقيت وحكى عن الشهيد في غاية المراد أنه قال في رسالته المعمولة في هذه المسألة المسماة بخلاصة الاستدلال
ان ذلك مما أطبقت الامامية عليه خلفا بعد سلف وعصرا بعد عصر وأجمعت عليه ولا يعتد بخلاف نفر يسير من الخراسانيين فان
ابني بابويه والأشعريين كسعد بن سعد وسعد بن عبد الله صاحب كتاب الرحمة ومحمد بن علي بن محبوب صاحب كتاب نوادر الحكمة والقميين أجمع
عاملون بالاخبار المتضمنة للمضايقة لانهم ذكروا انه لا يحل رد الخبر الموثوق برواته وحفظتهم الصدوق ذكر ذلك في كتاب من لا يحضره
الفقيه وخريت هذه الصناعة ورئيس الأعاجم أبو جعفر الطوسي مودع أحاديث المضايقة في كتبه مفت بها والمخالف إذا عرف باسمه و
نسبه لا يضر خلافه انتهى وهذه الاجماعات المحكية مع كون كل منها بمنزلة خبر صحيح عالي السند معتضدة بالشهرة المطلقة كما عن كشف
الالتباس خصوصا بين القدماء كما عن الروض وغيره وعن كره؟ وس؟ وغيرهما نسبته إلى الأكثر وعن كشف الرموز وغيره نسبته إلى الثلاثة
واتباعهم والجواب ان حكاية الاجماع مع وجود القول بالخلاف ممن عرفت من القدماء والمتأخرين لا تنهض حجة الا على مدعيها
لوهن احتمال صدقة ح؟ وقوة احتمال استناد قطعه إلى مالا ينبغي ان يوجب القطع أو احتمال ارادته من الاجماع على الحكم الاجماع على
المبنى الذي يستنبط منه هذا الحكم بزعم المدعى كان يكون دعوى السيدين الاجماع على المضايقة باعتبار كون دلالة الامر على الفور
عندهم اجماعيا أو باعتبار الاجماع على العمل باخبار وجوب قضاء المنسى إذا ذكرها الدالة بزعمهم على أن وقت الذكر متعين لوقت القضاء
فلا يجوز التأخير عنه ولا يجوز فعل الحاضرة فيه وقد اطلعنا على موارد من هذا القبيل إما بتنصيص مدعى الاجماع واما بانفهام ذلك
من مطاوي كلامه ومن الموارد التي علم استناد المدعى إلى ما لا ينبغي ان يفيد (يوجب خ ل) القطع ما تقدم من كلام الحلى في هذا المقام من دعواه
اجماع القميين والأشعريين على الحكم لأجل مقدمتين إحديهما ذكر الثقات روايات المضايقة والثانية بنائهم على وجوب العمل بما
يروونه من اخبار الثقات ويكفى في رده بعد النقض بان الثقات رووا اخبار المواسعة (ايض‍) بل ظ؟ المحكي عن غاية المراد ان هؤلاء
المجمعين رووا اخبار المواسعة (ايض‍) الحل بما عن المفيد في جوابه عمن سأله عن عمل من سد عليه طرق العلم بالاخبار المسندة في كتب الصدوق
ومن انه انما روى ما سمع ونقل ما حفظ ولم يضمن العهدة في ذلك وأصحاب الحديث ينقلون الغث والسمين وليسوا بأصحاب نظر وتفتيش
انتهى السادس ما عن المحقق في المعتبر في مقام الاستدلال لهذا القول من أن الفوائت يترتب فيترتب على الحاضرة وحكى في توجيه وجهان
أحدهما ان الفوائت يترتب في القضاء لترتب أزمنتها وحيث تقدم أزمنتها على أزمنة الحاضرة فيتقدم عليها (ايض‍) ثانيهما ان الحاضرة
لو كانت فائتة وجب تأخيرها عما فاتت قبلها فكذا إذا كانت حاضرة وقد يرد الوجهان بأنه قد يكون لمساواتها في الفوات وعدم
مزية بعضها على بعض من جهة الوقت مدخلية في وجوب الترتيب ولذلك يجب الحاضرة عند ضيقها ثم يجب تأخيرها بعد فوتها المتأخر عن
ضيقها فلا يكون ترتب الأزمنة في اليومية سببا مستقلا في وجوب رعاية الترتيب مط؟ ومجرد احتمال ذلك لا يكفي في الاستدلال أقول
لا ريب في ضعف الوجهين لما ذكر ولغيره نعم يمكن توجيهه بان المراد ان الترتيب بين الفوائت يكشف عن أن ذلك لأجل تقدم كل فريضة
على لاحقتها قبل تحقق فوت تلك اللاحقة فحيث كانت اللاحقة حال حضور وقتها متأخرة عن الفائتة انسحب هذا الاشتراط بعد فواتها
فمنشأ الترتيب بين الفوائت الترتيب بين الفائتة والحاضرة ولا ينافي ذلك تقديم الحاضرة عند ضيق وقتها لأنه تقديم عارضي لما هو مؤخر
بالذات ويمكن الاستدلال لما ذكر باطلاق أدلة وجوب قضاء ما فات فإنها تدل باطلاقها على الاكتفاء بفعل الفائت لو اعتبر في الفائتة
اللاحقة تأخرها عن السابقة كان ذلك تقييدا لتلك الاطلاقات بخلاف ما لو كان اعتبار تأخرها لأجل اعتبار تأخرها حين كونها
حاضرة فإنه لا يلزم من ذلك تقييد في تلك الاطلاقات لان فعل ما فات بجميع شروطه واجزائه المعتبرة قبل الفوات لا يتحقق
الا بتأخيرها عن السابقة هذا ولكن يندفع بان التقييد لازم إما في اطلاق الحاضرة فلا يحتاج إلى تقييد اطلاق أدلة القضاء
إذ لم يعتبر فيها ح؟ أمر زائد على ما اعتبر فيها حال الأداء واما تقييد أدلة القضاء باشتراط تأخر لاحقها عن سابقها من غير اعتبار هذا
الشرط في القضاء وحيث لم يثبت التقييد في أحدهما بالخصوص وعلم من الخارج وجوب الترتيب بين الفوائت بأنفسها اقتصر عليه ويرجع في
حكم الحاضرة إلى الأصول نعم لو ثبت وجوب تقديم الفائتة على الحاضرة أمكن الاستدلال في مسألة الترتيب بين الفوائت بأنفسها
بناء على ما ذكر من دلالة أدلة وجوب قضاء ما فات على اعتبار جميع ما اعتبر في الأداء في القضاء هذا خلاصة الكلام في أدلة القولين
المشهورين المواسعة المطلقة والمضايقة المطلقة وقد عرفت ان القول بالمواسعة وعدم وجوب الترتيب لايخ؟ عن قوة خصوصا فيما زاد على
الفائتة الواحدة إذ لم يكن فيما تقدم من اخبار المضايقة ما يتضمن لزوم ترتيب الحاضرة على الفائتة المتعددة الا
ذيل صحيحة زرارة
الطويلة الآمرة بتقديم المغرب والعشاء الفائتين على الفجر بقى هنا أمور الأول انه على القول بعدم وجوب الترتيب هل يستحب تقديم
444

الفائتة أو تقديم الحاضرة وجهان بل قولان والأقوى التفصيل بين صورة ضيق وقت الفضيلة للحاضرة الذي قيل بكونه هو الوقت
للمختار فالمستحب ح؟ تقديم الحاضرة وبين غيرها فيستحب تقديم الفائتة إما استحباب تقديم الحاضرة في صورة ضيق وقت فضيلتها
فلعموم أدلة تأكد رجحان عدم تأخير الحاضرة عن ذلك الوقت الا من عذر أو علة حتى قيل بتعينه للمختار من جهة ظ؟ الروايات الدالة
على ذلك وخصوص الصحيحة الطويلة المتقدمة في مسألة تقديم المغرب الحاضرة على العصر الفائتة بعد حمل الوقت فيها على وقت الفضيلة
وكذا رواية صفوان المتقدمة فيمن نسى الظهر إلى أن غربت الشمس وانه يقدم الظهر ان لم يخف فوت المغرب وكذا رواية أبي بصير المتقدمة
فيمن نسى الظهر حتى دخل وقت العصر فراجع ولاحظ ولأجل هذه الأخبار الخاصة يحمل ما دلت باطلاقه على الامر بتقديم الفائتة في السعة
المحمول على الاستحباب بناء على القول بالمواسعة على إرادة سعة وقت الفضيلة دون مطلق الوقت فلا يوجد في المقام خبر يدل على الامر بتقديم
الفائتة مع ضيق وقت الفضيلة ودعوى موافقته للاحتياط للخروج به عن خلاف من أوجب التقديم معارضة بموافقة تقديم الحاضرة في هذه
للاحتياط للخروج به عن خلاف من جعل وقت الفضيلة وقتا اختياريا مع أن أهل المضايقة قائلون بهذا القول كالشيخين والعماني والحلبي
فهم قائلون بوجوب تقديم الحاضرة في هذه الصورة مضافا إلى ما عرفت في نقل الأقوال من ظهور عبارة بعض القدماء بوجوب تقديم الحاضرة
واما استحباب تقديم الفائتة مع سعة وقت الفضيلة أو بعد فواته فلما تقدم من الاخبار التي استدل بها أهل المضايقة من الامر بتقديم
الفائتة أو العدول من الحاضرة إليها المحمول على الاستحباب واما ما تقدم في بعض اخبار المواسعة من اطلاق تقديم الحاضرة فمحمول على صورة ضيق
وقت الفضيلة وخوف فواته ثم إنه لا ينافي ما ذكرنا من استحباب تقديم الفائتة الأخبار الدالة على استحباب المبادرة أول الوقت لأنها بين
دالة على استحباب اتيان الفريضة في الوقت الأول وهذا يجامع تقديم الفائتة وبين دالة على استحباب المبادرة في أول الوقت الأول
فالأول التي ينافي تقديم الفائتة الا انه لا باس بالحكم باستحباب الامرين المتنافيين فان جل المستحبات كثيرا ما يتفق تنافيها ثم إن المحكي
عن الصدوق من استحباب تقديم الحاضرة بقول مطلق ينافي اخبار العدول عنها إلى الفائتة إذا الظاهر منها ان العدول راجح ومعناه رجحان
تقديم الفائتة الا ان يكون رجحانه مختصا بالتذكر في الأثناء أو يكون الامر لمجرد بيان الجواز وكيف كان فلابد من حمله على التعبد لا
لادراك رجحان تقديم الفائتة وهو بعيد وهذا مما يضعف القول باستحباب تقديم الحاضرة مط؟ فان حمل الامر بتقديم الفائتة
على مجرد بيان جواز الاشتغال بالقضاء في وقت الفريضة دفعا لتوهم عدم جوازه الناشئ عن بعض الأخبار المانعة للنافلة أو مطلق
الصلاة أو خصوص بعض الفرائض كالكسوفين في وقت اليومية الا ان حمل اخبار العدول على الجواز بعيد جدا الثاني إذا قلنا
بالفورية والترتيب فلا اشكال في وجوب الاشتغال بالحاضرة عند ضيق وقتها وكذا بما هو ضروري التعيش والظاهر أنه لو كان
للانسان ضروريات يمكن الاشتغال بها بعد الحاضرة وقبلها لم يجب تأخير الصورة؟ عنها لان تأخيرها إلى وقت ضيقها ليس للتعبد و
انما هو لئلا يزاحم الفائتة المفروض سقوط التكليف بها ح؟ لان الوقت بقدر الفعل الضروري والحاضرة وكذا لو سقط عنه
الفائتة بعذر اخر كما إذا بقى من وقت الظهر مقدار عشر ركعات وعليه رباعية فإنه لو اشتغل بها فات عنه ركعتان من العصر نعم لو
اخذ باطلاق قوله (ع) لا صلاة لمن عليه صلاة كان مقتضاه الاقتصار على المتيقن من وقت الاشتغال الثالث انه لا اشكال
في ترجيح الحاضرة على الفائتة في آخر وقتها المضروب لأدائها بالذات أو بالعرض كطرو حيض أو فقد طهور وهل يرجح عليه إذا ضاق
وقت أصل الفعل بحيث يظن أنه لا يتمكن منها أصلا ولو قضاء كما إذا ظن دنو الوفاة أم لا صرح بعض محققي من عاصرناهم بالترجيح
وبأنه مما لا كلام فيه فجعله كضيق وقت الأداء وفيه نظر لان الحاضرة انما رجحت على الفائتة عند ضيق وقتها للنص المعتضد بما
علم من أهمية الحاضرة بالنسبة إلى المبادرة إلى الواجبات الأخر وتعين ترك المبادرة إليها واما ترجيح فعل الحاضرة على أصل
فعل الفائتة بان يدور الامر بين ترك الحاضرة (أداء وقضاء أو ترك الفائتة رأسا فلم يعلم له وجه عدا الاطلاق النص الدال على أن الحاضرة صح) أحق بوقتها لكنه منصرف إلى صورة التمكن بعد ذلك من القضاء وأما إذا علم أن عمره لا يفي
الا بفعل أحدهما فدعوى دخوله في الاطلاق قابلة للمنع نعم لا يبعد ان يستفاد من الأدلة أهمية فعل الفرائض في وقتها من جميع ما
عداها من حقوق الله مع أن الاحتياط يقتضيه لدوران الامر بين التعيين والتخيير إذ ينبغي القطع بعدم وجوب ترجيح الفائتة
في هذه الصورة الرابع صرح بعض بأنه لا كلام في أن تضيق الفائتة على القول به ليس كتضيق الحاضرة في وجوب الاقتصار
على أقل ما يحصل به الامتثال والتحقيق ان أدلة فورية القضاء ان استفيد منها وجوب الاشتغال بالقضاء عن غيره في مقابل الاشتغال
بغيره عنه فهو كما ذكر فيجوز له الاتيان في الفائتة مطلقا بجميع المستحبات الصلاتية كالقنوت والاذان والإقامة وغيرها مما
يستحب في أثناء الصلاة أو في أولها وان استفيد منها وجوب الاشتغال به مع التمكن عقلا وشرعا فيجوز ح؟ الاتيان بجميع المستحبات
445

الصلاتية إذا لم يجب بعد هذه الصلاة فائتة أخرى والا لم يجز لتفويتها المبادرة إلى الاشتغال بالفائتة المتأخرة وان
استفيد منها
وجوب المبادرة إلى تحصيل المأمور به في أول أوقات امكانه لم يجز الاشتغال بشئ من المستحبات ووجب الاقتصار على أقل الواجب في الفائتة
مط؟ وحيث إن عمدة أدلة المضايقة عند أهلها دلالة الامر على الفور فهو يقتضى الوجه الثالث لان فعل المستحبات والآداب في الفائتة
السابقة يوجب التأخير في لاحقها مضافا إلى أن مقتضى فورية أصل الواجب وجوب تحصيله في أول أوقات امكان حصوله الا ان يقال
بعد ثبوت التخيير بين افراد المأمور المختلفة في الطول والقصر يكون المراد المسارعة إلى التلبس بالفعل من غير التفات إلى زمان الفراغ
عنه الذي هو زمان حصول المأمور به في الخارج كما إذا وجبت الكفارة المخيرة بين الخصال فورا فان ذلك لا يوجب وجوب اختيار العتق على
صوم شهرين إذا كان يحصل في زمان أقل من الصوم وفيه انه مسلم إذا كان المأمور به هي الأمور المخيرة شرعا إما إذا كان التخيير
عقليا فمنشأ حكم العقل به ملاحظة كون كل من الافراد مما يتحقق به اتيان المأمور به على الوجه الذي أمر به فإذا لم يتحقق اتيانه على
النحو الذي أريد في ضمن بعض الافراد فلا يحكم العقل بجواز اختيار ذلك البعض ولذا لا يجوز إذا أمر المولى باحضار شئ فورا الاشتغال
بمقدمات الفرد الذي لا يحصل الا بعد زمان زمان؟ طويل وكذا التلبس بفرد لا يحصل تمام وجوده في الخارج الا بعد زمان طويل نعم
لو قامت القرينة على أن الفورية راجعة إلى التلبس بالمأمور به لا إلى تحصيله في الخارج صح الاكتفاء بالمبادرة إلى التلبس وان لم
يفرغ الا بعد زمان يمكن الفراغ عن فرد اخر بأقل منه لكنه خلاف ظاهر الصيغة المفيدة للفور نعم لو ادعى ظهور هذا المعنى من الأخبار الدالة
على وجوب الاشتغال بالفريضة الفائتة عند ذكرها وانه إذا دخل وقت الحاضرة ولم يتمها فليشتغل بها بناء على تمامية
دلالتها على الفور لم يكن بعيدا خصوصا بعد ملاحظة تصريح الشارع بعدم سقوط الأذان والإقامة وعدم التعرض لوجوب الاقتصار
على أقل الواجب ودعا للقاضي عن اعتقاد اتحاد الأداء والقضاء حتى في الآداب الخارجة والمستحبات الداخلة فافهم واولى من ذلك
لو كان المستند في الفورية الاجماع المحقق أو المحكي المنصرف إلى فورية الاشتغال فإنه يسهل ح؟ دعوى عدم اخلال المستحبات بالفورية
المنعقد عليها الاجماع هذا كله بالنسبة إلى المستحبات واما الأجزاء والشروط الاختيارية فليست منافية للفورية حتى يجب تركها
مراعاة للتعجيل لان الواجب هو تعجيل الفعل المستجمع للاجزاء أو الشرائط إذ الطلب انما يعرض الفعل بعد ملاحظة تقييده بها فلا يجوز
ترك السورة مثلا مراعاة للفورية كما تترك عند ضيق الوقت وكذا تطهير الثوب والبدن بل التطهير بالماء فلا يجوز التيمم كما يجوز
عند ضيق الوقت وهكذا هذا مع التمكن منها واما لو لم يتمكن منها فإن لم يرج التمكن فلا اشكال في وجوب التعجيل إما مع ظن التمكن
فهل يراعى الفورية فيجب البدار أو يراعى تلك الأجزاء أو الشروط فيجب الانتظار وجهان بل قولان من أن الفورية لا صارف عنها غاية الأمر
عدم التمكن في هذا أمان من تلك الأجزاء والشروط فيسقط لاطلاق ما دل على سقوطها عند العجز عنها بل لو قيل بعدم فورية
القضاء كان مجرد الامر كافيا في صحة الفعل حين تعذر الشروط إذ لا صارف عنه بعد اختصاص أدلة اعتبار تلك الشروط بحال التمكن
ولذا صرح في نهاية الاحكام وكشف الالتباس والجعفرية وشرحها وارشادها مع قولهم بعدم فورية القضاء بجواز المبادرة
حال التعذر نعم عن الثلاثة الأخيرة استثناء ما لو فقد الطهارة فاوجبوا التأخير ح؟ بل عن الأولين والأخير عدم استحباب التأخير
لما في المبادرة من المسارعة إلى فعل الطاعة ومن أن الواجب هو الفعل المستجمع للاجزاء والشروط والعجز المسقط لاعتبار الأجزاء والشروط
الاختيارية هو العجز عن امتثال الامر الكلى وعدم التمكن رأسا من اتيانه بتلك الشروط وهذا هو الذي يحكم العقل بخروجه عن الخطاب
باتيان الفعل المستجمع فيحكم بكفاية الفعل الفاقد للشرط المتعذر في حق هذا الفرد العاجز واما من يتمكن من الاتيان بالفعل المستجمع
في الزمان المستقل فهو داخل تحت القادرين لا دليل على كفاية الفعل الفاقد لبعض الشرائط في حقه فيكون هذا الشخص العاجز
عن الشرط في الحال القادر عليه في الاستقبال عاجزا عن المأمور به في الحال قادرا عليه في الاستقبال فيجب عليه ترقيب
زمان القدرة على المأمور به ودعوى انه يستكشف من الاطلاق الامر الشامل لهذا الشخص كونه مكلفا بالفعل في هذا الزمان فيكشف
عن سقوط الشرط بالنسبة إليه مدفوعة بان الامر إذا تعلق بالفعل المستجمع للشرائط فاطلاقه نافع عند تمكن المكلف عن المأمور به فإذا
فرض عجزه في زمان خرج عن الاطلاق نعم لو فرض دليل دال ولو بالاطلاق على أن مجرد العجز عن الشرط في جزء من اجزاء وقت الواجب
مسقط لاعتباره في ذلك الجزء تعين بقاء التكليف بالفعل في ذلك الجزء من الزمان فيأتي به بحسب الامكان لكن هذا لا ضابط
له فقد يوجد في بعض الشروط ولا يوجد في الأخر والكلام في أن مجرد العجز في جزء من الزمان يوجب سقوط اعتباره ليبقى اطلاق
الامر الشامل لذلك الجزء سليما عن التقييد بذلك الشرط الخامس انه لو كان عليه فوائت ولم يتسع الوقت الا لمقدار الحاضرة
446

بعض تلك الفوائت فقد عرفت انه يجب تقديم ذلك البعض على الحاضرة عند أهل المضايقة بناء على أن اشتراط الترتيب ينحل إلى شروط
متعددة عند تعدد الفوائت فالممكن منها لا يسقط بالمتعذر لا ان الشرط تقديم المجموع من حيث المجموع حتى يسقط اعتباره عند تعذر
الجميع مع احتمال هذا (ايض‍) وقد تقدم ذلك في الجواب عن دليل العسر والحرج و ح؟ فهل يجب تقديم ما أمكن تقديمه وان افضى إلى
اختلال الترتيب بين الفوائت مثلا إذا كان عليه ظهر وصبح وذكرهما في وقت لا يسع الا للحاضرة وصلاة الصبح فهل
يجب تقديم صلاة الصبح على الظهر وان لزم اختلال الترتيب بينهما وبين الظهر الفائتة أو يجب تقديم الحاضرة ليوقع
الفوائت على ترتيبها فيدور الامر بين اهمال الترتيب بين الحاضرة وبعض الفوائت وبين اهمال الترتيب بين نفس
الفوائت مقتضى القاعدة الأول لان الترتيب انما يعتبر بين الحاضرة وبين الفائتة المستجمعة لجميع
شرائطها التي منها ترتبها على سابقتها فالمقدم على الحاضرة هي صلاة الصيح المتأخرة شرعا
عن سابقتها فافهم الخامس لو كانت الفائتة مرددة بين اثنين أو أزيد بحيث يجب تكرارها
من باب المقدمة ولم يتسع الوقت الا للحاضرة وفعل بعضها فهل يجب تقديم ما
أمكن من المحتملات أم لا وجهان لا يخفى الترجيح بينهما على الخبير بالقواعد
هذا اخر ما تيسر تحريره على وجه الاستعجال مع تشويش البال
والحمد لله أولا واخرا على كل حال والسلام
على محمد وآله خير آل
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين وبعد قد اشتهر
في السنة الفقهاء من زمان الشيخ قده إلى زماننا قضية كليه يذكرونها في مقام الاستدلال بها على ما يتفرع عليها كأنها بنفسها
دليل معتبر أو مضمون دليل معتبر وهي ان من ملك شيئا ملك الاقرار به فأحببت ان أتكلم في مؤديها ومقدار عمومها وفيها يمكن ان
يكون وجها لثبوتها أو المقصود الأصلي الانتفاع بها في غير مقام اقرار البالغ الكامل على نفسه إذ يكفي في ذلك المقام ما أجمع عليه نصا
وفتوى من نفوذ اقرار العقلاء على أنفسهم لكن لا ينفع ذلك في اقرار الصبى فيما له ان يفعله واقرار الوكيل والولي على الأصيل فلا وجه لما
تخيله بعض من استناد هذه القاعدة إلى قاعدة اقرار العقلاء وينبغي أولا ذكر كلمات من ذكرها بعينها أو بما يرادفها ثم نتبعه بذكر مرادهم
منها بمقتضى ظاهرها أو بمعونة قرينة استدلالهم بها في الموارد الخاصة فنقول مستعينا بالله قال شيخ الطائفة قدس سره في
مسألة اقرار العبد المأذون في التجارة قال وإن كان يعنى المال المقر به يتعلق بالتجارة مثل ثمن المبيع وأرش المعيب وما أشبه ذلك
فإنه يقبل اقراره لان من ملك شيئا ملك الاقرار به الا انه ينظر فيه فإن كان الاقرار بقدر ما في يده من مال التجارة قبل وقبض منه وإن كان
أكثر كان الفاضل في ذمته يتبع به إذا أعتق انتهى وحكى هذا عنه الحلى في السرائر ساكتا عليه مع أن من داب الحلى عدم المسامحة فيما لا يرتضيه
وعن القاضي في المهذب انه إذا أقر المريض المكاتب لعبده في حال الصحة بأنه قبض مال الكتابة صح اقراره وعتق العبد لان المريض يملك
القبض فيملك الاقرار به مثل الصحيح وقال المح؟ في الشرائع لو كان يعنى العبد مأذونا في التجارة فاقر بما يتعلق بها صح لأنه يملك
التصرف فيملك الاقرار ويؤخذ ما أقر مما في يده انتهى وقد استدل على تقديم قول الوكيل في التصرف بأنه أقر بما له ان يفعله و
نحوه العلامة في القواعد في تلك المسألة وصرح بهذه القضية في باب الاقرار (ايض‍) وصرح في جهاد التذكرة بسماع دعوى
المسلم انه امن الحربي في زمان يملك امانه وهو ما قبل الأسر مدعيا عليه الاجماع ونحوه المح؟ في الشرائع تبعا للمبسوط من دون
دعوى الاجماع وذكر فخر الدين في الايضاح في مسألة اختلاف الوصي والمولى عليه ان الأقوى ان كل من يلزم فعله أو انشائه
غيره كان اقراره بذلك ماضيا عليه وهذه الكلية وإن كانت أخص من القضية المشهورة الا ان الغرض من ذكر الاستشهاد بتصريحهم
على إرادة نفوذ اقرار المالك للتصرف على غيره والا فقد صرح بتلك القضية في غير هذا المقام وذكر الشهيد في قواعده كل من قدر على
انشاء شئ قدر على الاقرار به الا في مسائل أشكلت منها ان ولى المرأة الاختياري لا يقبل قوله وكذا قيل في الوكيل إذا أقر بالبيع
أو قبض الثمن أو الشراء أو الطلاق أو الثمن أو الاجل وإذا أقر بالرجعة في العدة لا يقبل منه مع أنه قادر على انشائها وقيل يقبل
انتهى وفي تقييد الولي بالاختياري احتراز عن الولي الاجباري فإنه لا اشكال في قبول اقراره عليها ولا خلاف بين العامة
447

والخاصة على ما يظهر من التذكرة ويلوح من الشيخ في مسألة دعوى الوكيل فعل ما وكل فيه نعم تأمل فيه جامع المقاصد على ما سيأتي
قال في التذكرة لو أقر الولي بالنكاح فإن كانت بالغة رشيدة لم يعتد باقراره عندنا لانتفاء الولاية واما عند العامة فينظر
إن كان له انشاء النكاح المقر به عند الاقرار من غير رضاها قبل اقراره لقدرته على الانشاء وللشافعية وجه اخر انه لا يقبل حتى يساعدها
المراة كالوكيل إذا ادعى انه اتى بما هو وكيل فيه ولو لم يكن له انشاء النكاح المقر به عند الاقرار من غير رضاها لم يقبل انتهى ويظهر منه
الجزم بالتفصيل بين الولي الاختياري وغيره في مسألة ادعاء كل من العاقدين على الولي سبق عقده على المراة فيبطل اللاحق هذا ما خطرني
من موارد تعبير الفقهاء بهذه العبارة أو ما يرادفها أو ما هو أخص منها ولا أظنك ترتاب بعد ذلك في فساد ما يتخيل من مساواة هذه
القاعدة لحديث الاقرار حتى يستدل عليها به فلنرجع إلى تفسير العبارة فنقول ان المراد بملك الشئ السلطنة عليه فعلا فلا يشمل ملك الصغير
لأمواله لعدم السلطنة الفعلية نعم يملك بعض التصرفات المالية مثل الوصية والوقف والصدقة وهي داخلة في عموم القضية ولهذا
أطبقوا على الاستناد إليها في صحة اقرار الصغير بالأمور المذكورة والدليل على إرادة السلطنة الفعلية مضافا إلى اقتضاء اللغة كما لا يخفى
هو عموم لفظ الشئ للأعيان والافعال مثل التصرفات فلا يمكن حمل الملك على ملك الأعيان ليشمل ملك الصغير لأمواله بل الظاهر أن لفظ
الشئ يراد به خصوص الافعال أعني التصرفات على ما يقتضيه ظاهر الاقرار به لان المقر به حقيقة لا يجوز
ان يكون من الأعيان وقولهم الاقرار
اخبار بحق لازم معناه الاخبار بثبوته لا الاخبار بنفسه إذ المخبر به لا يكون عينا ثم التسلط على التصرف أعم من أن يكون أصالة أو وكالة
أو ولاية والمراد من ملك الاقرار بذلك التسلط عليه والمراد من الاقرار به إما معناه اللغوي وهو اثبات الشئ وجعله قارا سواء أثبته
على نفسه أو على غيره واما معناه الظاهر عند الفقهاء وهو الاخبار بحق لازم على الخبر فيختص بما أثبته على نفسه ويخرج منه دعوى الوكيل أو الولي
حقا على موكله والمولى عليه أو شهادته لغيره عليهما وعلى هذا المعنى فيساوى حديث الاقرار وهذا المعنى وإن كان أوفق بظاهر الاقرار
في كلمات المتكلمين بالقضية المذكورة الا انه خلاف صريح استنادهم إليها في موارد دعوى الوكيل والولي والعبد المأذون على غيرهم
كما سمعت مفصلا فلابد من إرادة المعنى اللغوي مع أن الظهور المذكور قابل للمنع كما يشهد به استعمالهم الاقرار في الاقرار على الغير ثم الظاهر
من القضية وقوع الاقرار بالشئ المملوك حين كونه مملوكا وان ملك الاقرار بالشئ تابع لملك ذلك الشئ حدوثا وئقا على ما يقتضيه الجملة
الشرطية الدالة عند التجرد عن القرينة على كون العلة في الجزاء هو نفس الشرط لا حدوثه وان زال وما ذكرنا صريح جماعة منهم المح؟ حيث اختار
في الشرائع عدم قبول اقرار المريض بالطلاق في حال الصحة بالنسبة إلى الزوجة ليمنعها من الإرث ونص في التحرير على عدم سماع اقرار العبد
المأذون في التجارة بعدم الحجر عليه بدين يسنده إلى حال الاذن وقال (ايض‍) وكل من لا يتمكن من انشاء شئ لا ينفذ اقراره فيه فلو أقر المريض
بأنه وهب واقبض حال الصحة لم ينفذ من الأصل انتهى وقد تقدم منه في التذكرة التصريح بذلك في مسألة اقرار الولي بالنكاح في
زمان ليس له انشائه وقد نص الشهيد على ذلك (ايض‍) وفي المسالك كما عن نهاية المرام تقييد قبول القرار العبد المأذون بما إذا
كان حال الاذن وهو ظاهر الشيخ ومن عبر بعبارته في العبد المأذون من أنه يقبل اقراره ويؤخذ الدين مما في يده فان ظاهره
عدم زوال الاذن بل هو صريحه في مسألة الجهاد المتقدمة وعلى هذا فالحكم في مثل اقرار المريض بالهبة أو الطلاق الباين حال
الصحة هو نفوذ اقراره بالنسبة إلى أصل الهبة والطلاق لأنه المملوك له حال المرض لا خصوص الهبة والطلاق
المقيدين بحال الصحة المؤثرين في نفوذ الهبة من الأصل وعدم ارث الزوجة منه نعم صرح في ظ؟ بعدم
ارث الزوجة في مسألة الطلاق وظاهره تعميم قبول اقرار المالك لما بعد زوال الملك ويمكن حمله على أن اقراره إذا قبل في أصل الطلاق
قبل في قيوده لان الطلاق في حال المرض لم يقع باعترافه فلا معنى للقبول؟ الا الحكم بوقوعه في زمان يحتمله ويرده ان معنى ما ذكرنا نفوذ
الاقرار بالطلاق المقيد بالصحة بالنسبة إلى بعض احكامه وهي البينونة دون بعض اخر مثل الإرث لا الحكم بوقوع طلاق في حال المرض
فالظاهر أن مستند الشيخ قدس سره عموم نفوذ اقرار المقر على ما ملكه ولو في الزمان الماضي لا عدم جواز التفكيك في الاقرار بين القيد
والمقيد وممن يظهر منه عموم القاعدة لما بعد زوال ملك التصرف فخر الدين في الايضاح في مسألة اختلاف الولي والمولى عليه بعد الكمال
حيث رجح قول الولي وقال إن الأقوى ان كل من يلزم فعله غيره يمضى اقراره بذلك الفعل عليه وما أبعد ما بين هذا وما سيأتي منه من عدم
نفوذ اقرار الزوج بالرجعة في العدة وان اعتباره من حيث كونه أنشأ لها لا اخبارا عنها ثم معنى ملك الشئ يحتمل ان يكون هي السلطنة
المطلقة بان يكون مستقلا فيه لا يزاحمه فيه أحد فيختص بالمالك الأصيل والولي الاجباري ويحتمل ان يراد به مجرد القدرة على التصرف
فيشمل الوكيل والعبد المأذون وهذا هو الظاهر من موارد هذه القضية في كلماتهم والمراد بملك الاقرار به إذا كان أصيلا واضح
448

وإن كان غير أصيل كالولي والوكيل فيحتمل أمور الأول السلطنة على الاقرار به بمعنى ان اقراره ماض مطلقا ويكون كاقرار ذلك الغير الذي
يتصرف المقر عنه أوله حتى أنه لا يسمع منه بينة على خلافه فضلا عن حلفه على عدمه وهذا المعنى وإن كان بحسب الظاهر انسب بلفظ اقرار الا
انه يكاد يقطع بعدم ارادته الثاني ان اقراره به نافذ بالنسبة إلى الأصيل كنفوذ اقراره وان لم يترتب عليه جميع اثار اقراره فالتعبير
بالاقرار من حيث إنه لما كان في التصرف نائبا عنه وكان كالتصرف الصادر عن نفسه فالاخبار به كأنه (ايض‍) صادر عن نفسه ففعله كفعله ولسانه
كلسانه ولافرق ح؟ بين ان يقع هناك دعوى وبين ان لا يكون (ولابين ان يكون صح) الدعوى مع ذلك الأصيل أو مع ثالث و ح؟ فلو أخبر الوكيل بقبض الدين من الغريم
فاخباره يكون بمنزلة البينة للغريم على الأصيل لو ادعى عليه بقاء الدين وكذا اخبار الولي بالتزويج إذا أنكرت المرأة على الزوج التزويج
وكذا لو ادعى البايع على الأصيل
(شراء وكيله المتاع بأزيد مما يقر به الأصيل (فتشهد صح) له الوكيل الثالث
ان يراد قبول قوله بالنسبة إلى الأصيل لو أنكره فيختص بالتداعي الواقع بينهما
فلا تعرض فيه لقبول قوله بالنسبة إلى الأصيل لو كانت الدعوى ترجع على ثالث
حتى يكون كالشاهد للثالث على الأصيل صح)
وبهذا يجمع بين حكم المح؟ والعلامة بتقديم قول الوكيل فيما إذا ادعى على الموكل اتيان ما وكل فيه
معللين بأنه أقر بماله ان يفعله وتقديم قول الموكل فيما إذا ادعى الوكيل شراء العبد بمأة وادعى الموكل شرائه بثمانين معللين بان
الموكل غارم انتهى ومعنى ذلك أن الوكيل لا يريد ان يدفع عن نفسه شيئا وانما يريدان يثبت لغيره حقا على موكله فهو بمنزلة الشاهد
على الموكل وبعبارة أخرى انما يعتبر اقراره بماله ان يفعله فيما يتعلق بنفسه لا فيما يتعلق بغيره قال في ط؟ إذا وكل رجلا على قبض دين له
من غريمه فادعى انه قبضه منه وسلمه أو تلف في يده وصدقه من عليه الدين وقال الموكل لم يقبضه وقال قوم القول قول الموكل مع يمينه ولا
يقبل قول الوكيل ولا المدين الا بينة لان الموكل مدع للمال على الدين دون الوكيل لأنه يقول انا لا نستحق عليك
شيئا لأنك لم تقبض المال
وان مالي باق على الدين ولذا إذا حلف المدعى طالب المدين ولا يثبت بيمينه على الوكيل شئ فإذا كان كك؟ كان بمنزلة ان يدعى من عليه
الدين دفع المال إليه وهو ينكره فيكون القول قوله فكك؟ هنا وهذا أقوى وإذا وكله بالبيع والتسليم وقبض الثمن فباعه وسلم المبيع و
ادعى قبض الثمن وتلفه في يده أو دفعه إليه فأنكر الموكل ان يكون قبضه من المشترى كان القول قول الوكيل مع يمينه لان الوكيل مدعى عليه لأنه
يدعى عليه انه سلم المبيع ولم يقبض الثمن وصار ضامنا فالقول قوله لان الأصل انه امين وانه لا ضمان عليه ويخالف المسألة الأولى بان المدعى
عليه فيها هو الذي عليه الدين وهو الخصم فإذا جعلنا القول قول الموكل لم يوجب على الوكيل غرامة وفي المسألة الثانية يوجب غرامة فكان
القول قول الوكيل انتهى والمسألة الأولى نظير ما ذكره المح؟ والعلامة في اختلاف الوكيل والموكل في الثمن من أن الوكيل ما يدعى عليه بشئ
بل يريد تغريم الموكل هذا لكن المح؟ في الشرائع تنظر في الفرق بين المسئلتين الذي ذكره في ط؟ قال في ط؟ إذا اذن له في شراء عبد وصفه فاشتراه
بمأة ثم اختلف هو والموكل فقال الموكل اشتريته بثمانين وقال الوكيل اشتريته بمأة والعبد يساوى مأة قيل فيه قولان أحدهما انه يقبل
قول الوكيل كما يقبل قوله في التسليم والتلف والثاني لا يقبل قوله عليه لأنه يتعلق بغيره وكك؟ كل ما اختلفا فيه مما يتعلق بحق
غيرهما من بايع أو مشترى أو صاحب حق فإنه على قولين والأول أصح انتهى ثم إن معنى الملك في الموضوع إما ان يكون هي السلطنة المستقلة
أو مجرد ان له ذلك فعلى الأول يختص بالمالك الأصيل والولي الاجباري وعلى الثاني يشمل الوكيل والعبد المأذون (ايض‍) ولا
يخفى ان مراد جل الفقهاء بل كلهم هو الثاني ويؤيده تعبيرهم بان له ان يفعل كذا فله الاقرار به وقولهم من يقدر على انشاء شئ يقدر
على الاقرار به ومن يلزم فعله غيره يلزم اقراره به عليه واما ملك الاقرار فيحتمل ان يراد به السلطنة المستقلة المطلقة بمعنى
انه لا يزاحمه أحد في اقراره وانه نافذ على كل أحد وان يراد به مجرد ان له الاقرار به فلا سلطنة مطلقة له فيمكن ان يزاحمه من يكون
له (ايض‍) سلطنة على الفعل فيكون ملك الاقرار بالشئ على نحو السلطنة على ذلك الشئ فليس للبنت المبالغة الرشيدة بناء على ولاية
الأب عليه مزاحمة الولي في اقراره كما ليس لها مزاحمة في أصل الفعل وكذا إذا قامت البينة على اقرار الأب حين صغر الطفل بتصرف
فيه أو في ماله فليس له بعد البلوغ مزاحمته وهذا بخلاف الموكل فإنه يزاحم الوكيل في اقراره كما يزاحمه في أصل التصرف إذا عرفت ما
ذكرنا في معنى القضية فاعلم أن حديث الاقرار لا يمكن ان يكون منشأ لهذه القاعدة إما أولا فلان حديث الاقرار لا يدل الا
على ترتيب الآثار التي يلزم على المقر دون غيرها مما يلزم غيره فإذا قال للكبير البالغ العاقل انه ابني فلا يترتب عليه الا ما يلزم على
المقر من احكام الأبوة ولا يلزم على الولد شئ من احكام النبوة نعم لو ترتب على الآثار اللازمة على المقر اثار لازمة على غيره ثبت
على غيره فلو كان الابن المذكور ممن ظاهره الرقية للمقر فيسقط عنه حق الغير المتعلق بأمواله مثل نفقة واجب النفقة ودين الغريم
لان مثل ذلك تابع للمال حدوثا وبقاء فهو من قبيل الوجوب المشروط بشئ يكون المكلف مختارا في ايجاده واعدامه لا من قبيل
الحق المانع عن الاعدام كحق المرتهن والمفلس ونحو ذلك فإنه حق لصاحبه نظير الملكية للمالك فذوا الحق كالشريك والحاصل ان دليل
الاقرار لا ينفع في اقرار الوكيل والعبد والولي على غيرهم واما ثانيا فلان جل الأصحاب قد ذكروا هذه القضية مستند الصحة
449

اقرار الصبى بما يصح منه كالوصية بالمعروف والصدقة ولو كان المستند فيها حديث الاقرار لم يجز ذلك لبنائهم على خروج الصبى من حديث
الاقرار لكونه مسلوب العبارة بحديث رفع القلم وكيف كان فلا ريب في عدم استنادهم في هذه القضية إلى حديث الاقرار وربما يدعى
الاجماع على القضية المذكورة بمعنى ان استدلال الأصحاب بها يكشف عن وجود دليل معتبر لو عثرنا به لم نعدل عنه وان لم يكشف عن الحكم
الواقعي وهذه الدعوى انما يصح مع عدم ظهور خلاف أو تردد منهم فيه لكنا نرى من أساطينهم في بعض المقامات عدم الالتزام بها أو التردد
فيها فهذا العلامة في كرة؟ رجح تقديم قول الموكل عند دعوى الوكيل قبل العزل التصرف وتردد في ذلك في التحرير وتبع المح؟ في تقديم دعواه
نقصان الثمن عما يدعيه الوكيل ويظهر من فخر الدين في الايضاح عدم قبول دعوى الزوج في العدة الرجوع وجعل نفس الدعوى رجوعا
وتردد في ذلك في مواضع من القواعد وتقدم عن الشهيد في القواعد الاستشكال في دعوى الزوج الرجعة وأنكر المحقق هذه القاعدة
رأسا حيث تردد في قبول اقرار العبد المأذون وفي قبول قول الولي في تزويج بنته لو أنكرت بل ولو لم تنكر لجهلها بالحال قال في جامع
المقاصد في شرح قول العلامة قدس سره لو قيل للولي زوجت بنتك من فلان فقال نعم فقال الزوج قبلت اه؟ بعد شرح العبارة
ما لفظه ولو صرح بإرادة الاقرار فلا زوجية في نفس الامر إذا لم يكن مطابقا للواقع وهل يحكم به ظاهرا بالنسبة إلى البنت فيه احتمال
وينبغي ان يكون القول قولها بيمينها ظاهرا إذا ادعت كذب الولي في اقراره وهل لها ذلك فيما بينها وبين الله إذا لم تعلم بالحال
فيه نظر ينشأ من أصالة العدم وان الاقرار لا ينفذ في حق الغير ولولا ذلك لنفذ دعوى الاستدانة وأنشأ بيع أمواله ومن أن
انشاء النكاح في وقت ثبوت الولاية فعله وهو مسلط عليه فينفذ فيه اقراره وينبغي التأمل لذلك انتهى وقال في شرح قول العلامة
ان المقر قسمان مطلق ومحجور فالمطلق ينفذ اقراره في كل ما ينفذ تصرفه ما حاصله ان هذه القضية لا تنقض بعدم سماع دعوى
الوكيل فيما وكل فيه لأنها شهادة وليست باقرار إذ الاقرار اخبار بحق لازم للمخبر وظاهر هذا الكلام ان هذه الكلية المرادفة
لقضية من ملك مختصة باقرار المالك بما يتعلق بنفسه لا غيره هذا ولكن الانصاف ان القضية المذكورة في الجملة اجماعية بمعنى
انه ما من أحد من الأصحاب ممن وصل إلينا كلامهم الا وقد عمل بهذه القضية في بعض الموارد بحيث نعلم أن لا مستند
له سواها فان من ذكرنا خلافهم انما خالفوا في بعض موارد القضية وعملوا بها في مورد اخر فان المح؟ الثاني وان ظهر منه الخلاف
فيما ذكرنا من الموارد الا انه وافق الأصحاب في اقرار الصبى بما له ان يفعله مستندا في جامع المقاصد إلى هذه الكلية مع أنه لا يمكن
الاستناد إلى غيرها لان حديث الاقرار مخصص بالصبى والمجنون لعدم العبرة بكلامهما في الانشاء والاخبار والعلامة وان ظهر منه المخالفة
في بعض الموارد حتى في مسألة اقرار الصبى بماله ان يفعله واقرار العبد فيما يتعلق بالتجارة على ما في التذكرة الا ان صريحه في كثير من
الموارد الاستناد إلى القاعدة كما في اقرار الولي الاجباري بالعقد على المولى عليه وجزم بسماع الدعوى عليه معللا بأنه لو أقر لنفع
المدعى لان اقراره ماض بل تقدم منه دعوى الاجماع على قبول دعوى المسلم أمان الحربي في زمان ملك الأمان وكذا فخر الدين
حيث أكثر من العمل بهذه القاعدة فظهور المخالفة منه في مسألة الاقرار غير مضر مع امكان ان يكون مراده عدم الحاجة في تلك
المسألة إلى تلك القاعدة لان مجرد الاخبار بالرجعة رجوع من غير حاجة إلى الحكم بمضي اقراره فان الشئ مستند إلى أسبق سببية فإذا
كان أصل الاخبار بالشئ انشاء له في الحال لم يحتج إلى اثبات صدق المخبر به بدليل خارج وكيف كان فلم نجد فقيها أسقطه عن استقلال
التمسك لكن الاجماع على الاستناد إليه في الجملة انما ينفع لو علمنا أن اهمالهم له في الموارد من حيث وجود المعارض إما إذا ظهر أو احتمل
كون الاهمال من جهة تفسير القضية بمالا يشمل تلك الموارد واختلفوا في التفسير على وجه لا يكون مورد متفق عليه يتمسك فيه
بهذه القضية لم ينفع الاتفاق المذكور فان ظاهر العلامة في التذكرة في مسألة اقرار الصبى عدم نفوذه وعدم العبرة بكلامه
حتى فيما له ان يفعله فالمراد بالموصول عنده في قضية من ملك هو البالغ العاقل وكذا ظاهر فتواه في القواعد بان المريض لو أقر بعتق
أخيه وله عم فإنه ينفذ اقراره من الثلث فان الظاهر أن مراده حجب الأخ العم في مقدار الثلث من التركة لا مثل العتق وهذا المح؟ الثاني
يسلم شمول القضية للصبي لكن ينكر شمولها للاقرار على الغير كما تقدم من عبارته حتى في الولي الاجباري الذي يظهر من العلامة
في التذكرة عدم المخالف فيه من العامة والخاصة فإذا لم يكن اقرار الصبى أو الاقرار على الغير مما اتفق على شمول القضية واقرار البالغ
العاقل على نفسه داخل في حديث الاقرار لم ينفع القضية المجمع عليها في الجملة في مورد من موارد الحاجة الا ان يبنى على عدم العبرة
بمخالفة العلامة في التذكرة في شمول القضية للصبي مع أن عبارتها لايخ؟ عن الحاجة إلى التأمل مع رجوعه عن هذا في ساير كتبه
مع دعواه الاجماع على قبول دعوى المسلم أمان الحربي في حال ملكه لامانه وظاهر ان ليس مستند له الا القضية المذكورة ولذا
450

يظهر من بعضهم دعوى الاتفاق على أن من صحح صدقة الصبى ووصية حكم بمضي اقراره فيهما وعلى عدم العبرة بمخالفة المح؟ الثاني في شمول
القضية للاقرار على الغير لأن الظاهر ثبوت الاتفاق من غيره على سماع اقرار من ملك على غيره تصرفا عليه خصوصا إذا كان وليا اجباريا
عليه بحيث لا يملك المولى عليه التصرف وقد سمعت ان الظاهر من التذكرة اتفاق العامة والخاصة على سماع اقرار الولي الاجباري تزويج
المولى عليه ويؤيده استقرار السيرة على معاملة الأولياء بل مطلق الوكلاء معاملة الأصيل في اقرارهم كتصرفاتهم هذا غاية التوجيه
لتصحيح دعوى الاجماع في المسألة ولايخ؟ بعد عن الشبهة فاللازم تتبع مدرك اخر لها حتى يكون استظهار الاجماع عليها مؤيدا له أو جابرا
لضعفه أو وهنه ببعض الموهنات ولا بدان يعلم أن المدرك لها لابد ان يكون جامعا لوجه اعتبار قول الصبى فيما له ان يفعل حتى يحكم على
أدلة عدم اعتبار كلام الصبى في الانشاء والاخبار الحاكمة على حديث الاقرار واعتبار اقرار الولي والوكيل على الأصيل حتى يحكم على
أدلة عدم سماع اقرار المقر على غيره لكونها دعوى محتاجة إلى البينة لا اقرارا على النفس ومن هنا يظهر ان التمسك بأدلة قبول قول من
أئتمنه المالك بالاذن أو الشارع بالامر وعدم جواز اتهامه غير صحيح لأنها لا ينفع في اقرار الصبى والرجوع فيه إلى دليل آخر لا يجرى في الوكيل
والولي يخرج القضية عن كونها قاعدة واحدة على ما يظهر من القضية من أن العلة في قبول الاقرار كونه مالكا للتصرف المقر به
هذا مع أنه لو كان مدرك القضية قاعدة الائتمان لم يتجه الفرق بين وقوع الاقرار في زمان الايتمان أو بعده مع أن جماعة صرحوا
بالفرق فان قولهم إن من لا يتمكن من انشاء شئ لا ينفذ اقراره فيه ليس المراد منه عدم نفوذ اقراره بفعل ذلك في زمان عدم التمكن إذا
لا معنى لعدم النفوذ هنا لعدم ترتب اثر على المقر به بل المراد عدم نفوذ الاقرار بفعله حين التمكن من الفعل ولذا فرع في التحرير على
القضية المذكورة انه لو أقر المريض بأنه وهب واقبض حال الصحة نفذ من الثلث وصرح فيه (ايض‍) وفي غيره بعدم نفوذ اقرار العبد المأذون
بعد الحجر عليه بدين أسنده إلى حال الاذن وقد عرفت ما في جهاد التذكرة والحاصل ان بين هذه القاعدة وقاعدة الائتمان عموما
من وجه وهنا قاعدة أخرى أشار إليها فخر الدين على ما تقدم من الايضاح بان كل ما يلزم فعله غيره يمضى اقراره بذلك الفعل
على ذلك وظاهره ولو بقرينة الاستناد إليها في قبول قول الوصي وامين الحاكم إذا اختلفا مع المولى عليه إرادة
مضى الاقرار على
الغير ولو بعد زوال الولاية فان أريد من لزوم فعل المقر على الغير مجرد مضيه ولو من جهة نصب المالك أو الشارع له كانت أعم مطلقا
من القاعدتين لشموله لولى النكاح الاجباري النافذ اقراره على المراة وان أريد منه لزومه عليه ابتداء السلطنة عليه كأولياء القاصرين
في المال والنكاح كانت أعم من وجه من كل من القاعدتين لاجتماع الكل في اقرار ولى الصغير ببيع ماله وافتراق قاعدة الايتمان
عنها في اقرار الوكيل بعد العزل وافتراق قضية من ملك في اقرار الصبى بماله ان يفعل وافتراق ما في الايضاح باقرار الولي الاجباري
بعد زوال الولاية بالنكاح في حالها ثم إنه يمكن ان يكون الوجه في القضية المذكورة ظهورا عبرة الشارع وبيانه ان من يملك احداث
تصرف فهو غير متهم في الاخبار عنه حين القدرة عليه والظاهر صدقه ووقوع المقر به وإن كان هذا الظهور متفاوت الاقرار قوة
وضعفا بحسب قدرة المقر فعلا على انشاء المقر به من دون توقف على مقدمات غير حاصلة وقت الاقرار كما في قول الزوج رجعت قاصدا
به الاخبار مع قدرته عليه بقصد الانشاء وعدم قدرته لفوات بعض المقدمات لكنه قادر على تحصيل المقدمات وفعلها في الزمان
المتأخر كما إذا أقر العبد بالدين في زمان له الاستدانة شرعا لكنه موقوف على مقدمات غير حاصلة فان الظاهر هنا (ايض‍) صدقه
وان أمكن كذبه باعتبار بعض الدواعي لكن دواعي الكذب فيه أقل بمراتب من دواعي الكذب المحتملة في اقرار العبد المعزول عن
التجارة الممنوع عن الاستدانة ولو تأملت هذا الظهور ولو في أضعف افراده وجدته أقوى من ظهور حال المسلم في صحة فعله
بمعنى مطابقته للواقع بل يمكن ان يدعى ان حكمة اعتبار الشارع والعرف لاقرار البالغ العاقل على نفسه ان الظاهر أن الانسان
غير متهم فيما يخبره مما يكون عليه لاله وفي النبوي صلى الله عليه وآله اقرار العقلاء إشارة إليه حيث أضاف الاقرار إلى العقلاء تبنيها على أن العاقل
لا يكذب على نفسه غالبا والا فلم يعهد من الشارع إضافة الأسباب إلى البالغ العاقل وان اختص السبب به الا انه اكتفى عن ذلك في
جميع الأسباب القولية والفعلية بحديث رفع القلم فالصبي لما جاز له بعض التصرفات مثل الوقف ونحوه ولم يكن اقراره مظنة للكذب
كان مقبولا ولما كان بعض الأقارير بحسب نوعه لا ظهور له في الصدق لم يعتبره الشارع كما في الاقرار المتعارف لإقامة رسم القبالة
وكما في اقرار المريض مطلقا أو إذا كان متهما ويؤيده ان بعض الفقهاء قد يحكم بسماع الاقرار وان تضمن دفع دعوى الغير مستندا إلى عدم
كونه متهما كما في اقرار مالك اللقيط بعتقه بعد انفاق الحاكم عليه باعتاقه قبل ذلك فان الشيخ قدس سره حكم في ط؟ بسماعه لكونه
غير متهم لأنه لا يزيد العبد ولا يزيد الثمن فيسمع دعواه وان تضمنت دفع النفقة عن نفسه وليس الغرض ترجيح هذا القول في
451

هذه المسألة بل الغرض تقريب ان عدم اتهام المخبر في خبره يوجب تقديم قوله ومرجعه إلى تقديم هذا الظاهر على الأصل كما في نظائره من ظهور
الصحة في فعل المسلم ونحوه من الظواهر هذا ولكن الظهور المذكور لا حجية
فيه بنفسه حتى يقدم على مقابله من الأصول والقواعد المقررة بل
يحتاج إلى قيام دليل عليه أو استنباطه من أدلة
بعض القواعد الأخر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله أجمعين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين قاعدة في نفى الضرر
والكلام يقع تارة في معناها و أخرى في مدركها وبيان حالها مع الأدلة المعارضة لها في الظ؟ وثالثة في بعض ما يتفرع عليها مما عنونه
الفقهاء مستدلين عليها بها ولا بد أولا من ذكر الاخبار التي عثرنا عليها في حكم الضرر فنقول وبالله التوفيق منها ما اشتهر عنه صلى الله عليه وآله
في قصة سمرة بن جندب وقد روى بألفاظ مختلفة ففي موثقة زرارة عن أبي جعفر (ع) ان سمرة بن جندب كان له عذق في حايط لرجل من الأنصار
وكان منزل الأنصاري بباب البستان وكان يمر إلى نخلته ولا يستأذن فكلمه الأنصاري ان يستأذن إذا جاء فابى سمرة فجاء الأنصاري إلى
رسول الله صلى الله عليه وآله فشكى إليه فأخبره الخبر فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وخبره بقول الأنصاري وما شكاه وق؟ إذا أردت الدخول فاستأذن فابى فلما
أبى ساومه حتى بلغ به من الثمن له ما شاء الله فابى ان يبيعه فق؟ لك بها عذق في الجنة فابى ان يقبل فق؟ رسول الله صلى الله عليه وآله للأنصاري اذهب فاقلعها
وارم بها إليه فإنه لا ضرر ولا ضرار وفي رواية الحذاء عن أبي جعفر (ع) نحو ذلك الا أنه قال لسمرة بعد الامتناع ما أراك يا سمرة الا مضارا
اذهب يا فلان فاقلعها وارم بها وجهه وفي رواية ابن مسكان عن زرارة عن أبي جعفر (ع) نحو ذلك بزيادة لا لغير المطلب وفي اخرها انك يا
سمرة رجل مضار ولا ضرر ولا ضرار على المؤمن ثم أمر بها فقلعت فرمى بها وجهه وقال انطلق فاغرسها حيث شئت وفي هذه القصة اشكال
من حيث حكم النبي صلى الله عليه وآله بقلع الغدق مع أن القواعد لا تقتضيه ونفى الضرر لا يوجب ذلك لكن لا يخل بالاستدلال ومنها رواية عقبة بن خالد
عن الصادق (ع) قال قضى رسول الله صلى الله عليه وآله بالشفعة بين الشركاء في الأرضين والمساكن قال ولا ضرر ولا ضرار ومنها ما عن كرة؟ ونهاية ابن
الأثير مرسلا عن النبي صلى الله عليه وآله لا ضرر ولا ضرار في الاسلام ومنها رواية هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد الله (ع) رجل شهد بعيرا مريضا يباع
فاشتراه رجل بعشرة دراهم فجاء واشترك فيه رجلا بدرهمين بالرأس والجلد فقضى ان البعير برء فبلغ ثمنه دنانير ق؟ فقال لصاحب الدرهمين
خمس ما بلغ فان ق؟ أريد الرأس والجلد فليس له ذلك هذا الضرار قد اعطى حقه إذا اعطى الخمس ومنها رواية أخرى لعقبة بن خالد عن أبي
عبد الله (ع) قال قضى رسول الله صلى الله عليه وآله بين أهل المدينة وشارب النخل؟ به (انه صح) لا يمنع
نفع البئر وقضى بين أهل البادية انه لا يمنع فضل ماء ليمنع فضل
كلاء فقال لا ضرر ولا ضرار هذه جملة ما عثرنا عليها من الروايات العامة وكثرتها يغنى عن ملاحظة سندها مضافا إلى حكاية تواتر
نفى الضرر والضرار وعن فخر الدين في الايضاح في باب الرهن ولم أعثر عليه فالمهم بيان معنى الضرر والضرار إما معنى الضرر فهو معلوم
452

عرفا ففي المصباح الضر بفتح الضاد مصدر ضره يضره من باب فعله إذا به مكروها واضربه يتعدى بنفسه ثلاثيا وبالباء رباعيا والاسم (إذا فعل به صح)
الضر قد يطلق على نقض في الأعيان وضاره يضاره مضارة ضراء بمعنى ضره انتهى وفي النهاية معنى قوله (ع)؟ لا ضرر ولا يضر الرجل أخاه
بان ينقصه شيئا من حقايق الضرار فعال من الضر أي لا يجازيه على اضراره بادخال الضرر عليه والضرر فعل الواحد والضرار فعل الاثنين
والضرر ابتداء الفعل والضرار الجزاء عليه وقيل الضرران تضر صاحبك وتنتفع أنت به والضرر ان تضره من غير أن ينتفع وقيل هما بمعنى واحد
والتكرار للتأكيد انتهى وكيف كان فالتباس الفرق بين الضرر والضرار لا يخل بما هو المقصود من الاستدلال بنفي الضرر في المسائل الفرعية
فالأهم من ذلك بيان معنى النفي فنقول ان نفى الضرر ليس محمولا على حقيقته لوجود الحقيقة في الخارج بديهة فلا بد من حمله على محامل
ق؟ بكل هنا قائل أحدها حمله على النهى فالمعنى تحريم الفعل الثاني الضرر المجرد عن التدارك فكما ان ما يحصل بإزائه نفع لا يسمى ضررا
كدفع مال بإزاء عوض مساو له أو زائدة عليه كك؟ الضرر المقرون بحكم الشارع بلزوم تداركه نازل منزلة عدم الضرر وان لم يسلب
عنه مفهوم الضرر بمجرد حكم الشارع بالتدارك فالمراد نفى وجود الضرر المجرد عن التدارك فاتلاف المال بلا تدارك ضرر على
صاحبه فهو منفى فإذا وجد في الخارج فلا بد ان يكون مقرونا بلزوم التدارك وكك؟ تمليك الجاهل بالغبن ماله بإزاء ما دون
قيمته من الثمن ضرر عليه فلا يوجد في الخارج الا مقرونا بالخيار وهكذا الثالث ان يراد به نفى الحكم الشرعي الذي هو ضرر على العباد
وانه ليس في الاسلام مجعول ضرري وبعبارة أخرى حكم يلزم من العمل به الضرر على العباد مثلا يق؟ ان حكم الشارع بلزوم البيع مع
الغبن ضرر على المغبون فهو منفى في الشريعة وكك؟ وجوب الوضوء مع اضرار الماء حكم ضرر منفى في الشريعة وكك؟ إباحة الاضرار بالغير حكم
ضرري منفى في الشريعة ثم إن أردء الاحتمالات هو الثاني وان ق؟ به بعض الفحول لان الضرر الخارجي لا ينزل منزلة العدم بمجرد حكم الشارع
بلزوم تداركه وانما المنزل منزلة الضرر المتدارك فعلا والحاصل ان ايصال الضرر إن كان لداعى النفع لا نضايق عن سلب الضرر
عن حقيقة وإن كان قد يناقش فيه واما الضرر لا لداعى النفع فان تعقبه تدارك فهو ضرر حقيقي لكن بعد أن اتفق تداركه يمكن تنزيله
منزلة ما لم يوجد كما هو معنى التدارك واما ما لم يتعقبه تدارك فعلا فلا وجه لتنزيله منزلة ما لم يوجد في الخارج بمجرد حكم الشارع
بوجوب تداركه فمنشأ هذا الاحتمال الخلط بين الضرر المتدارك فعلا والضرر المحكوم بلزوم تداركه والمناسب للمعنى الحقيقي أعني
نفى المهية هو الأول نعم لو كان حكم الشارع في واقعة بنفسه حكما ضرريا يكون تداركه بحكم اخر كحكمه بجواز قتل مجموع العشرة المشتركين
في قتل واحد المتدارك بوجوب دفع تسعة أعشار الدية إلى كل واحد واما الضرر الواقع من المكلف فلا يتدارك بحكم الشارع بلزوم
التدارك لينزل منزلة العدم هذا مضافا إلى أن ظاهر قوله (ع) لا ضرر في الاسلام كون الاسلام طرفا للضرر فلا يناسب ان يراد به
الفعل المضر وانما المناسب الحكم الشرعي الملقى للعباد في الضرر نظير قوله لا جرح في الدين هذا مع أن اللازم من ذلك عدم جواز التمسك
بالقاعدة لنفى الحكم الضرري المتعلق بنفس التكليف كوجوب الوضوء مع التضرر به فان فعل الوضوء المضر حرام والواقع منه في الخارج لم
يجعل له الشارع تداركا مع أن العلماء لم يفرقوا في الاستدلال بالقاعدة بين الاضرار بالنفس والاضرار بالغير واما المعنى الأول
فهو مناف لذكرها في النص والفتوى لفني الحكم الوضعي لا مجرد تحريم الاضرار نعم يمكن ان يستقاد منه تحريم الاضرار بالغير من حيث إن
الحكم بإباحته حكم ضرري فيكون منفيا في الشرع بخلاف الاضرار بالنفس فان اباحته بل طلبه على وجه الاستحباب ليس حكما ضرريا ولا
يلزم من جعله ضرر على المكلفين نعم قد استفيد من الأدلة العقلية والنقلية تحريم الاضرار بالنفس فتبين مما ذكرنا ان الأرجح في
معنى الرواية بل المتعين هو المعنى الثالث لكن في قوله لا ضرر ولا ضرار من دون تقييد أو مع التقييد بقوله في الاسلام واما قوله
لا ضرر ولا ضرار على مؤمن فهو مخص بالحكم الضرري بالنسبة إلى الغير فلا يشمل نفى وجوب الوضوء والحج مع الضرر وينبغي التنبيه
على أمور الأول ان دليل هذه القاعدة حاكم على عموم أدلة اثبات الاحكام الشامل
لصورة التضرر بموافقتها وليس معها من قبيل المتعارضين (فيلتمس الترجيح بأحدهما ثم يرجع إلى الأصول خلافا لما يظهر من بعض من عدهما من المتعارضين صح) حيث إنه ذكر في مسألة تصرف الانسان في ملكه مع تضرر جاره ان عموم
نفى الضرر معارض بعموم الناس مسلطون على أموالهم وذكر نحو ذلك في مسألة جواز الترافع إلى حكام الجور مع انحصار انقاذ
الحق في ذلك وفيه ما تقرر في محله من أن الدليل الناظر بدلالته اللفظية إلى اختصاص دليل عام ببعض افراده حاكم عليه ولا يلاحظ
فيه النسبة الملحوظة بين المتعارضين نظير حكومة أدلة الجرح على ما يثبت بعموم التكليف في موارد الحرج وعليه جرت سيرة الفقهاء
في مقام الاستدلال في مقامات لا يخفى منها استدلالهم على ثبوت خيار الغبن وبعض الخيارات الأخر بقاعدة نفى الضرر مع وجود
عموم الناس مسلطون على؟ أموالهم؟ الدال على لزوم العقد وعدم سلطنة المغبون على اخراج ملك الغابن بالخيار عن ملكه ثم إن اللازم
453

مما ذكرنا الاقتصار في رفع مقتضى الأدلة الواقعية المثبتة للتكاليف على مقدار حكومة القاعدة عليها فلو فرض المكلف معتقدا لعدم
تضرره بالوضوء أو الصوم مثلا فتوضأ ثم انكشف انه تضرر به فدليل نفى الضرر لا ينفى الوجوب الواقعي المتحقق في حق هذا المتضرر لان هذا
الحكم الواقعي لم يوقع المكلف في الضرر ولذا لو فرضنا انتفاء هذا الوجوب واقعا على هذا المتضرر كان يتوضأ هذا الوضوء لاعتقاد عدم
تضرره وعدم دخوله في المتضررين فلم يستند تضرره الا جعل هذا الحكم فنفيه ليس امتنانا على المكلف وتخليصا له من الضرر بل لا
يثمر الا تكليفا له بالإعادة بعد العمل والتضرر فيحصل ان القاعدة لا ينفى الا الوجوب الفعلي على المتضرر العالم بتضرره لان الموقع للمكلف في الضرر
هو هذا الحكم الفعلي دون الوجوب الواقعي الذي لا يتفاوت وجوده وعدمه في اقدام المكلف على الضرر بل نفيه مستلزم لالقاء المكلف
في مشقة الإعادة فالتمسك بهذه القاعدة على فساد العبادة المتضرر بها في دوران الفساد مدار اعتقاد الضرر الموجب للتكليف الفعلي بالتضرر
بالعمل كالتمسك على فسادها بتحريم الاضرار بالنفس في دورانه مدار الاعتقاد بالضرر الموجب للتحريم الفعلي لأنه الذي يمتنع اجتماعه مع
الامر فلا يجرى مع الضرر الواقعي وان سلم مع التحريم الثاني كما تسالما في باب اجتماع الأمر والنهي من عدم الفساد مع الجهل بالموضوع
أو نسيانه وان المفسد هو التحريم الفعلي المنجز الثاني انه لا اشكال كما عرفت في أن القاعدة المذكورة تنفى الاحكام الموجودية
الضررية تكليفية كانت أو وضعية واما الاحكام العدمية الضررية مثل عدم ضمان ما يفوت على الحر من عمله بسبب حبسه ففي نفيها
بهذه القاعدة فيجب ان يحكم بالضمان اشكال من أن القاعدة ناظرة إلى نفى ما ثبت بالعمومات من الأحكام الشرعية فمعنى نفى الضرر
في الاسلام ان الأحكام المجعولة في الاسلام (ليس منها حكم ضروري ومن المعلوم ان عدم حكم الشارع بالضمان في نظاير المسألة المذكورة؟ ليس من الأحكام المجعولة في الاسلام صح) وحكمه بالعدم ليس من قبيل الحكم المجعول بل هو اخبار بعدم حكمه بالضمان إذ لا يحتاج
العدم إلى حكم به نظير حكمه بعدم الوجوب أو الحرمة أو غيرهما فإنه ليس انشاء منه بل هو اخبار حقيقة ومن أن المنفى ليس خصوص المجعولات بل
مطلق ما يتدين به ويعامل عليه في شريعة الاسلام وجوديا كان أو عدميا فكما انه يجب في حكمة السابقي نفى الاحكام الضررية كك؟
يجب جعل الاحكام التي يلزم من عدمها الضرر مع أن الحكم العدمي يستلزم احكاما وجوديه فان عدم ضمان ما يفوته من المنافع يستلزم
حرمة مطالبته ومقاصته والتعرض له وجواز دفعه عند التعرض له فتأمل هذا مضافا إلى امكان استفادة ذلك من مورد رواية سمرة بن
جندب حيث إنه صلى الله عليه وآله سلط الأنصاري على قلع نخل سمرة معللا بنفي الضرر حيث إن عدم تسلطه عليه ضرر كما أن سلطنة سمرة على ماله والمرور
عليه بغير الاذن ضرر فتأمل ويمكن تأييد دلالته بما استدلوا به على جواز المقاصة مثل قوله جزاء سيئة سيئة مثلها ولمن انتصر
بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل وقوله (تع‍) فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم فيق؟ ان من فوت على غيره منفعة كان حبسه عن عمله جاز
له اخذ ما يساوى تلك المنفعة منه الا ان دلالة هذه الآيات على نفس ما استدلوا بها عليه فضلا عن نظيره قاصرة جدا الثالث ذكر بعض
المعاصرين جوابا عن ايراد اورده على الاستدلال بنفي الضرر لرفع التكاليف الثابتة بعموم أدلتها في مورد الضرر مثل وجوب الحج والصلاة
والوضوء والصوم على من تضرر وهو انا قد حققنا ان الضرر ما لا يحصل في مقابله نفع واما ما حصل مقابله نفع دنيوي أو أخروي فلا
يكون ضررا فإذ اورد مثلا حجوا إذا استطعتم أو صلوا إذا دخل الوقت أو صوموا إذا دخل شهر رمضان دل بعمومه على وجوب هذه الأفعال
وان تضمن ضررا كليا والامر يذل على العوض فلا يكون ضررا فأجاب بما لفظه ان الامر انما يتعلق بالصلاة والحج ولازمه تحقق الاجر
المقابل لماهية الحج والصلاة المتحققة في حال عدم الضرر (ايض‍) واما حصول عوض في مقابل الضرر واجر له فلا دليل عليه نعم لو كان نفس الضرر
مما أمر به فيحكم بعدم التعارض وبعدم كونه ضررا كما في قوله إذا ملكتم النصاب فزكوا أو أمثاله انتهى أقول لا يخفى ما في كل من السؤال
والجواب إما في السؤال فلان المراد بالضرر هو خصوص الضرر الدنيوي لا غير واما النفع الحاصل في مقابل الضرر الدنيوي فهو انما
يوجب الامر بالتضرر لا خروجه عن كونه ضررا فدليل وجوب شراء ماء الوضوء باضعاف قيمته الموجب للنفع الأخروي مخصص لعموم نفى الضرر
لا رافع لموضوعه فجميع ما أثبت التكاليف الضررية مخصصة لهذه القاعدة كيف ولو كان الامر كك؟ لغت القاعدة لان كل حكم شرعي
ضرري لابد ان يترتب على موافقته الاجر فإذا فرض تدارك الضرر وخروجه بذلك عن الضرر فلا وجه لنفيه في الاسلام إذ يكون ح؟ وجود
الدليل العام على التكليف الكاشف بعمومه عن وجود النفع الأخروي في مورد الضرر مخرجا للمورد عن موضوع الضرر واما ما في الجواب
فلانه إذا سلم وجود النفع في ماهية الفعل أو في مقدماته كان تضرر بنفس الصوم أو بالحج أو بمقدماته يكون الامر بذلك الفعل نفسيا
أو مقدمة أمرا بالتضرر فلا يبقى فرق بين الامر بالزكاة والامر بالصوم المضر أو الحج المضر بنفسه أو بمقدماته فالتحقيق ان المراد بالضرر خصوص
الدنيوي وقد رفع الشارع الحكم في موارده امتنانا فيكون القاعدة حاكمة على جميع العمومات المثبتة للتكليف نعم لو قام دليل خاص
على وجوب خصوص تكليف ضرري خصص به عموم القاعدة الرابع ان مقتضى هذه القاعدة ان لا يجوز لاحد اضرار انسان لدفع
454

الضرر المتوجه إليه وانه لا يجب على أحد دفع الضرر عن الغير باضرار نفسه لان الجواز في الأول والوجوب في الثاني حكمان ضرريان ويترتب على
الأول ما ذهب إليه المشهور من عدم جواز اسناد الحايط المخوف وقوعه إلى جذع الجار خلافا للشيخ ره مدعيا عدم الخلاف فيه وقد حمل
على ما إذا خاف من وقوعه اهلاك نفس محترمة إذ يجب حفظ النفس المحترمة غاية الأمر لزوم أجرة المثل للاستناد كاخذ الطعام قهرا لسد
الرمق ويمكن حمله على ما لم يتضرر أصلا بحيث يكون كالاستظلال بحايط الغير فتأمل ويترتب على الثاني جواز اضرار الغير اكراها أو تقية
بمعنى انه إذا أمر الظالم باضرار أحد وأوعد على تركه الاضرار بالمأمور إذا تركه جاز للمأمور اضرار الغير ولا يجب تحمل الضرر لرفع الضرر عن
الغير ولا يتوهم ان هذا من قبيل الأول لان المأمور يدفع الضرر عن نفسه باضرار الغير لأن المفروض ان الضرر يتوجه إلى الغير أولا لان
المكره مريد ابتداء تضرر الغير فيأمره وانما يضرك لأجل ترك ما اراده أولا وبالذات الخامس لا فرق في هذه القاعدة بين ان يكون
المحقق لموضوع الحكم الضرري من اختيار المكلف أولا باختياره ولا في اختياره بين ان يكون جايزا شرعا أو محرما فإذا صار المكلف باختياره
سببا لمرض أو غدو؟ يتضرر به سقط وجوب الصوم والحج لكونه حكما ضرريا وكذا إذا أجنب نفسه مع العلم بتضرره بالغسل أو قصر في الفحص عن قيمة
ما باعه فصار مغبونا؟ نعم لو أقدم على أصل التضرر كالاقدام على البيع بدون ثمن المثل عالما فمثل هذا خارج عن القاعدة لان الضرر حصل
بفعل الشخص لا من حكم الشارع فما ذكره بعض في وجه وجوب رد المغصوب إلى مالكه وان تضرر الغاصب بذلك من أنه هو الذي ادخل الضرر
على نفسه بسبب الغصب لايخ؟ عن نظر ويمكن ان يوجه ذلك بملاحظة ما ذكرنا في الامر السابق من أن مقتضى القاعدة عدم جواز الاضرار
بالغير لئلا يتضرر الشخص وعدم وجوب التضرر لأجل دفع الضرر عن الغير فكما ان احداث الغصب لئلا يتضرر بتركه حرام وجوازه منفى بقاعدة
الضرر كك؟ ابقائه لأجل ذلك حرام غير جائز لان دليل حرمة الابقاء هو دليل حرمة الاحداث لان كلا منهما غصب فان قلت حرمة الابقاء
سبب لوجوب التضرر فيجب تحمل الضرر لرفع الضرر عن الغير وهو منفى قلت لا ريب ان ملاحظة ضرر المالك ونفى الحكم لجواز الاضرار به وان
استضر الغاصب أولي من تجويز الشارع الاضرار بالغير ونفى وجوب تضرر الغاصب لرفع اضراره بالغير بامساك ما غصبه لأنه غير مناف
للامتنان بخلاف الأول فكل من جواز الاضرار بالغير ووجوب تحمل الضرر لرفع اضراره بالغير حكم ضرري لكن ثبوت الأول في الشريعة مراعاة
لنفى الثاني بان يجوز للمضر الابقاء على اضراره لأنه يتضرر برفعه هو بنفسه مناف للامتنان وبناء الشريعة على التسهيل ورفع الضرر عن الساد؟
هذا كله مع امكان ان يق؟ انه إذا تعارض الحكمان الضرريان وفرض عدم الأولوية لاثبات أحدهما ونفى الأخر كان المرجع أدلة حرمة
الاضرار بالغير لان حرمته كحرمة الاضرار بالنفس ثابتة بأدلة اخر غير قاعدة نفى الحكم الضرري وإن كانت هي (ايض‍) من أدلتها فإذا تعارض
فردان من القاعدة يرجع إلى عمومات حرمة الاضرار بالغير والنفس هذا كله مضافا إلى الرواية المشهورة ليس لعرق ظالم حق فان هذه الفقرة
كناية عن كل موضوع بغير حق فكل موضوع بغير حق لا احترام له فإذا كان المغصوب لوحا في سفينة كان ما الصق باللوح وما ركب عليه
من الأخشاب موضوعا بغير حق فلا احترام له وكذا ما بنى على الخشبة المغصوبة نعم هذه الرواية لا يفي بجميع المراد لو فرضنا ان الرد يتوقف
على تضرر الغاصب بغير ما وضع على المغصوب أو معه من الأمور الخارجة السادس لو دار الامر بين حكمين ضرريين بحيث يكون
الحكم بعدم أحدهما مستلزما للحكم بثبوت الأخر فإن كان ذلك بالنسبة إلى شخص واحد فلا اشكال في تقديم الحكم الذي يستلزم ضررا
أقل مما يستلزمه الحكم الأخر لان هذا هو مقتضى نفى الحكم الضرري عن العباد فان من لا يرضى بتضرر عبده لا يختار له الا أقل الضررين
عند عدم المناص عنهما وإن كان بالنسبة إلى شخصين فيمكن ان يق؟ (ايض‍) بترجيح الأقل ضررا إذ مقتضى نفى الضرر عن العباد في مقام الامتنان
عدم الرضا بحكم يكون ضرره أكثر من ضرر الحكم الأخر لان العباد كلهم متساوون في نظر الشارع بل بمنزلة عبد واحد فالقاء الشارع
أحد الشخصين في الضرر بتشريع الحكم الضرري فيما نحن فيه نظير لزوم الاضرار بأحد الشخصين لمصلحته فكما يؤخذ فيه بالأقل كك؟ فيما نحن
فيه ومع التساوي فالرجوع إلى العمومات الأخر ومع عدمها فالقرعة لكن مقتضى هذا ملاحظة الضررين الشخصين المختلفين باختلاف
الخصوصيات الموجودة في كل منهما من حيث المقدار ومن حيث الشخص فقد يدور الامر بين ضرر درهم وضرر دينار مع كون ضرر الدرهم
أعظم بالنسبة إلى صاحبه من ضرر الدينار بالنسبة إلى صاحبه وقد يعكس حال الشخصين في وقت اخر وما عثرنا عليه من كلمات الفقهاء في
هذا المقام لايخ؟ عن اضطراب ق؟ في كره؟ لو غصب دينارا فوقع في محبرة الغير بفعل الغاصب أو بغير فعله كسرت لرده وعلى الغاصب ضمان
المحبرة لأنه السبب في كسرها (وإن كان كسرها صح) أكثر ضررا من تبقية الواقع فيها ضمنه الغاصب ولم تكسر انتهى وظاهره انه يكسر المحبرة مع تساوى الضررين الا
ان يحمل على الغالب من كثرة ضرر الدينار ولو ضمنه وفي س؟ لو ادخل دينار في محبرته وكانت قيمتها أكثر ولم يكن كسره لم يكسر المحبرة و
ضمن صاحبها الدينار مع عدم تفريط مالكه انتهى ولابد ان يقيد ادخال الدينار بكونه بإذن المالك على وجه يكون مضمونا إذ لو كان
455

بغير اذنه تعين كسر المحبرة وان زادت قيمتها وإن كان باذنه على غير وجه لا يضمن لم يتجه تضمين صاحبها الدينار السابع ان تصرف
المالك في ملكه إذا استلزم تضرر جاره يجوز أم لا الظ؟ ان المشهور على الجواز ق؟ في ط؟ في باب احياء الموات ان حفر رجل بئرا في داره وأراد
جاره ان يحفر بالوعة أو بئر كنيف بقرب هذه البئر لم يمنع منه وان أدي ذلك إلى تغيير ماء البئر أو كان صاحب البئر يستقدر؟ ماء بئره لقربه
بالكنيف والبالوعة لان له ان يتصرف في ملكه بلا خلاف وق؟ في ئر؟ في باب حريم الحقوق وان أراد الانسان ان يحفر في ملكه أو
داره وأراد جاره ان يحفر لنفسه بئرا بقرب ملك البئر لم يمنع من ذلك بلا خلاف وان نقص بذلك ماء البئر
الأولى لان الناس مسلطون على
أموالهم وقال في مسألة ان لا حريم في الاملاك ان كل واحد يتصرف في ملكه على العادة كيف شاء ولا ضمان ان افضى إلى تلف الا ان يتعدى و
قد اختلف كلام الشافعي في أنه لو أعد داره المحفوفة بالمساكن خانا أو اصطبلا أو طاحونة أو حانوته في صف العطارين حانوت حدادا
وقصارا على خلاف العادة على قولين أحدهما انه يمنع وبه ق؟ احمد لما فيه من الضرر وأظهرهما عنده الجواز وهو المعتمد لأنه مالك للتصرف
في ملكه وفي منعه من تعميم التصرفات اضرار به هذا إذا احتاط واحكم الجدران بحيث يليق بما يقصده فان فعل ما يغلب على الظن انه
يودى إلى خلل في حيطان الجار فاظهر الوجهين عند الشافعية ذلك وذلك كان يدق في داره الشئ دقا عنيفا يزعج به حيطان الجار
أو حبس الماء في ملكه بحيث ينشر النداوة إلى حيطان الجار فان قلنا لا يمنع في الصورة الأولى فهنا أولي إلى أن ق؟ والأقوى ان لا رباب الا ملان؟
ان يتصرفوا في املاكهم كيف شاؤوا فلو حفر في ملكه بئر بالوعة وفسد بها ماء بئر الجار لم يمنع منه ولا ضمان بسببه ولكن يكون قد
فعل مكروها انتهى وقريب من ذلك ما في عد؟ وير؟ وق؟ في س؟ في احياء الموات ولا حريم في الاملاك لتعارضها فلكل أحد ان يتصرف
في ملكه بما جرت العادة به وان تضرر صاحبه ولا ضمان انتهى وفي مع؟ صد؟ في شرح مسألة تأجيج النار وارسال الماء في ملكه انه لما
كان الناس مسلطين على أموالهم كان للانسان الانتفاع بملكه كيف شاء فإذا دعت الحاجة إلى اضرام نار أو ارسال ماء جار فعله وان
غلب على ظنه التعدي إلى الاضرار بالغير انتهى موضع الحاجة أقول تصرف المالك في ملكه إما ان يكون لدفع ضرر يتوجه إليه واما ان يكون
لجلب منفعة واما ان يكون لغوا غير معتد به عند العقلاء فإن كان لدفع الضرر فلا اشكال بل لا خلاف في جوازه لان الزامه بتحمل الضرر
وحبسه عن ملكه لئلا يتضرر الغير حكم ضرري منفى مضافا إلى عموم الناس مسلطون والظ؟ عدم الضمان (ايض‍) عندهم كما صرح به جماعة
منهم الشهيد ره لكنه ره صرح بالضمان في تأجيج النار على قدر الحاجة مع ظن التعدي وهو مناف المستريحة؟ المتقدم فان قلت إذا فرض انه
يتضرر بالترك فالضرر ابتداء يتوجه إليه يريد دفعه بالتصرف وحيث فرض انه اضرار بالغير رجع إلى دفع الضرر الموجه على الشخص عن نفسه
باضرار الغير وقد تقدم عدم جوازه ولذا لو فرضنا كون التصرف المذكور لغوا كان محرما لأجل الاضرار بالغير قلت ما تقدم
من عدم جواز اضرار الغير لدفع الضرر عن النفس انما هو في تضرر الغير الحاصل لغير المتصرف في مال نفسه وأما إذا كان دفع الضرر عن نفسه
المستلزم لضرر الغير فلا نسلم منعه لان دليل المنع هو دليل نفى الضرر ومن المعلوم انه قاض في المقام بالجواز لان منع الانسان
عن التصرف في ماله لدفع الضرر المتوجه إليه بالترك ضرر عظيم بل سيجيئ ان منعه عن التصرف لجلب النفع (ايض‍) ضرر وحرج منفى كما تقدم
في كلام العلامة ره ثم إنه يظهر من بعض من عاصرناه وجوب ملاحظة مراتب ضرر المالك وضرر الغير وهو ضعيف مخالف لكلمات الأصحاب
نعم لو كان تضرر الغير من حيث النفس أو ما يقرب منه مما يجب على كل أحد دفعه ولو بضرر لا يكون حرج في تحمله فهذا خارج عن محل الكلام
لان ما يجب تحمل الضرر لدفعه لا يجوز احداثه لدفع الضرر عن النفس وإن كان لغوا محضا فالظ؟ انه لا يجوز مع ظن بضرر الغير لان تجويز
ذلك حكم ضرري ولا ضرر على المالك في منعه عن هذا التصرف وعموم الناس مسلطون على أموالهم محكوم عليه بقاعدة نفى الضرر
وهو الذي يظهر من جماعة كالعلامة ره في كره؟ والشهيد في س؟ حيث قيد التصرف في كلامهما بما جرت به العادة والمحقق الثاني حيث قيد
الجواز مع ظن تضرر الغير بصورة دعاء الحاجة بل العلامة في كره؟ حيث استدل على الجواز في كلامه المتقدم بان منعه عن عموم التصرف
ضرر منفى إذ لاشك ان منعه عن هذا التصرف ليس ضررا وقد قطع الأصحاب بضمان من أجج نارا زائدا على مقدار الحاجة مع ظن التعدي
اللهم الا ان يق؟ ان الضمان لا يدل على تحريم الفعل فربما كان مبنى الضمان على التعدي العرفي وان لم يكن محرما كما يظهر من كثير
من كلماتهم واما ما كان لجلب المنفعة فظ؟ المشهور كما عرفت من كلمات الجماعة الجواز ويدل عليه ان حبس المالك عن الانتفاع بملكه
وجعل الجواز تابعا لتضرر الجار حرج عظيم لا يخفى على من تصور ذلك ولا يعارضه تضرر الجار لما تقدم من أنه لا يجب تحمل الحرج
والضرر لدفع الضرر عن الغير كما يدل عليه تجويز الاضرار مع الاكراه واما الاستدلال بعموم الناس مسلطون بزعم ان النسبة
بينه وبين نفى الاضرار عموم من وجه والترجيح مع الأول بالشهرة مع أن المرجع بعد التكافؤ أصالة الإباحة فقد عرفت ضعفه من
456

حيث حكومة أدلة نفي الضرر على عموم الناس مسلطون على أموالهم والحمد لله أولا واخرا حمدا لله الذي لا يتم أمر دون حمده على
آلائه والصلاة على خير من بعث للرسالة وعلى آله وبعد فهذه المجموعة الشريفة الحاوية للدر والملتقطة والمؤلفة
المشتملة للغرر المنتخبة في أبواب الطهارة وسائر الرسائل المتفرقة من تصنيفات النحرير المحقق والعلامة المدقق
فريد دهره ووحيد عصره مؤسس العلوم باخس الأساس ومقربها إلى افهام ذوي النهى من الناس من
كلت الألسن عن بيان صنوف فضائله وعجزت أقلام الكتبة عن الوصول إلى نهاية محاسنه بل
أوائله الذي أكمل الله بوجوده الشريف الحجة على؟ عامة البرية شيخنا و
أستاذنا كهف التقى علم الهدى الحاج شيخ مرتضى الأنصاري دام عزه
وعلاه في عقباه وأولاه لما كانت من أجل الكتب المصنفة
والمرغوبة عند أهل العلم والفضيلة بحيث
لم يف كتابة الكتاب لرفع الحاجة قد
ساعد كتوفيق لجمع من العلماء
الأذكياء والفضلاء
لتكثير نسخها
بطريق الانطباع بعد صرف الهمة وبذل السعة في تصحيحها واخراج الغش من ثمينها مع النسخة المصححة
بإملائه الشريف ونظره المنيف والمرجو من الله ان ينتفع بها الطالبون ويستفيد منه
الراغبون انه القادر على ما يشاء وبيده
أزمة الأشياء
فهرست ما يشتمل عليه هذا
المجلد الشريف
أبواب كتاب الطهارة رسالة في التقية رسالة في العدالة
رسالة في القضاء عن الميت رسالة في قاعدة من ملك شيئا ملك الاقرار به
رسالة في المواسعة والمضايقة رسالة في نفى الضرر والضرار
كتبه أقل الكتاب زين العابدين الخوانساري الأصل والقمي
المسكن في غره شهر رجب المرجب في سنة 1298. كتاب الزكاة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين
كتاب الزكاة
وهي في اللغة بمعنى النمو والطهارة والصلاح قيل ومن الأول قوله (تع‍) أزكى لكم وأطهر وقوله وتزكيهم بناء على ترجيح التأسيس على
التأكيد واما الثاني فكثير ومن الثالث قوله (تع‍) خيرا منه زكاة وأقرب رحما وفي الشرع أو عند أهله على ما عرفه الأكثر قدر مخصوص يطلب
اخراجه من المال بشروط مخصوصة وعن المبسوط انه اخراج ذلك القدر وعن الفأترانها؟ من الألفاظ المشتركة بين العين والمعنى كلفظ
الزكاة في قوله (ع) زكاة الجنين زكاة امه واستشهد بقول (تع‍) والذين هم للزكوة فاعلون وفي التنظير بلفظ الزكاة نظر فان الظ؟ ان
لفظ الزكاة لم يستعمل في العين أصلا وفي الاستشهاد مع كون الزكاة هنا بمعنى التذكية والأولى التنظير بلفظ الصدقة والاستشهاد
بقوله (تع‍) وأوصاني بالصلاة والزكاة ان لم يحمل على العمل الصالح ثم المعنى الشرعي مناسب للمعاني اللغوية الثلاثة لان الزكاة ينمى المال
وينمو ثوابه ويطهر عن الخبث الحاصل عن وجود الشبهة فيه ورذالة الحاصلة فيه عند المنع وصاحبه عن اثم المنع ورذيلة الشح ويصلح
457

المال والعمل والنفس كل ذلك مستفاد من الاخبار ثم إن المذهب قد استقر على عدم وجوب حق في المال سوى الزكاة المالية والفطرة وربما
يحكى عن ظاهر كلام الصدوق ره ما يستفاد من كثير من الاخبار من وجوب حق يفرضه الرجل على نفسه في كل يوم أو أسبوع أو شهر على قدر وسعه ولكن
من نظر في تلك الأخبار بعين الاعتبار يعطى بسياقها مساق الاستحباب بل لا يبعد ذلك (ايض‍) في كلام الصدوق نعم حكى عن الخلاف في الخلاف وجوب
حق الحصا مدعيا عليه الاجماع (والاخبار صح)؟ ونفى عنه البعد المرتضى ره للآية والأخبار الكثيرة والأقوى استحباب ذلك (ايض‍) كما سيجيئ في زكاة الغلات انش‍؟ تع‍؟
من الاخبار وتحقيق مطالب هذا الباب يتوقف على النظر في أمور ثلاثة
الأول في زكاة المال وفيه مقاصد المقصد الأول في شرايط الوجوب ووقته
وانما تجب على العاقل البالغ الحر المالك للنصاب المتمكن من التصرف فلا زكاة على الطفل في نقدية اجماعا الا ما يظهر من ظاهر اطلاق ابن حمزة وهو
محمول أو شاذ لاستفاضة حكاية الاجماع ورواية الاخبار على خلافه مع كفاية الأصل في المقام وقد يستدل بأنها تكليف منفى عن الصبى وفيه ان
الخطاب للولي كالاستحباب إذا أتجر بماله ثم إن ظاهر اخبار المسألة مثل قوله (ع) ليس على مال اليتيم زكاة هي عدم تعلق الزكاة بهذا العنوان فلا يجرى في
الحول ما دام كونه مال اليتيم نظير قوله (ع) ليس على المال الغائب صدقة ولا على الذي صدقة حتى يقع في يدك وغير ذلك من العنوانات التي نفى الشارع
الزكاة عنها فلا يكفي بلوغه في اخر حول التملك بلا خلاف ظاهر وما في الكفاية من الاشكال في حكم المتأخرين باستيناف الحول عند البلوغ في
غير محله نعم قد يستدل للمش‍؟ بما دل على اعتبار حول الحول على المال في يد المالك والصغير ليس له يد وفيه مالا يخفى فان تلك الأدلة تدل على اعتبار
التمكن من التصرف في مقابل الغائب والمفقود في مقابل الغائب والمفقود والمغصوب ولا ريب ان تمكن الولي كتمكن الوكيل ولذا يجب الزكاة على السفيه اجماعا
ويستحب الزكاة في غلات الطفل ومال تجارته وهو أشبه مع اعتبار الشروط كلا في الزكاة المستحبة كالواجبة وكل من الصغر والجنون مانع مستقل
غير العجز عن التصرف كمالا يخفى وقريب منه في الضعف التمسك برواية أبي بصير ليس في مال اليتيم زكاة ولا عليه صلاة وليس على جميع غلاته من نخيل
أو زرع أو غلة زكاة وان بلغ فليس عليه لما مضى زكاة ولا عليه لما يستقبل زكاة حتى درك فإذا أدرك كان عليه زكاة ثم كان عليه مثل ما على غيره من الناس
الحديث بناء على أن الموصول في قوله لما مضى يشمل الأحوال المتعددة والحول الواحد الا أياما الحديث إذ الظ؟ ان المراد بالموصول الزمان المستقبل
في استحباب الزكاة لولا الصغر لا مطلق زمان الماضي ولذا يقبح ان يق؟ ليس عليه لليوم الماضي أو للشهر الماضي زكاة فالمراد الحول الذي هو السبب في
ايجاب الزكاة لولا المانع ولا تجب (ايض‍) على الجنون مط؟ لا في نقدية ولا في غيرهما على رأى سيجيئ تقويته واطلاق العبارة كغيرها بل المحكي عن
جميع الأصحاب من المفيد إلى زمان المصنف قده عدم التعرض للمطبق وذي الأدوار منه وصرح المص‍؟ في التذكرة وغيرها على ما حكى بأنه يستأنف الحول
حين الإفاقة ولعله لما ذكرنا من أن المستفاد من النصوص الآتية والفتاوى النافية للزكوة في مال المجنون ان هذا العنوان لا يتعلق به الزكاة
كمال الغائب والدين والمفقود وغيرها مما لا يتعلق به الزكاة بمعنى عدم ملاحظة شروط الزكاة فيه فلا يجرى في الحول مع أن ظاهر كلام الأصحاب
من اشتراط وجود الشرائط بحول الحول كالصريح في ذلك ما دام كك؟ وبذلك يندفع نظير ما يوفى الطفل من أنه لا مانع من توجه الخطاب إليه
بعد الإفاقة والبلوغ ان يتوجه هذا في المغمى عليه حيث إنه لم يرد دليل على عدم تعلق الزكاة بمال المغمى عليه حتى يلحق بالمجنون كما عن المصنف قده
في التذكرة وغيرها وربما يستدل بأنه غير متمكن من التصرف وفيه نظر فالحكم بالسقوط فيه مشكل ولذا اختار
عدمه في المدارك والكفاية واستجوده
في المناهل واما النائم والساهي وشبههما فالظ؟ عدم منعهما ابتداء واستدامة وان خرجا عن المعتاد ويستحب لمن أتجر بمالهما أي الصبى والمجنون
بولاية لهما اخراجهما عند اجتماع شروط زكاة التجارة بلا خلاف أجده في الطفل وعن المعتبر وغيره الاجماع عليه لاخبار كثيرة ظاهرها
كعبارة المقنعة الوجوب الا ان الكل محمول على الاستحباب بقرينة الاخبار الصريحة في نفى الوجوب إلى ما سيجيئ من استحباب زكاة التجارة على
البالغين وفاقا لما صرح به المفيد ره وهو دليل على ارادته هنا الاستحباب المؤكد كما حمل عليه في التهذيب وحمل هذه الأخبار على التقية لا ينافي إرادة
الاستحباب لان التقية يتأدى بظهور الكلام في الوجوب الذي هو مذهب المخالفين في مال التجارة وإرادة الاستحباب بقرينة خارجية ومما ذكرنا
يظهر ضعف ما حكى عن الحلى والمدارك من عدم الاستحباب والمراد بالطفل هو المولود إلى أن يبلغ فلا يصدق على الجنين مضافا إلى دعوى الاجماع
في الايضاح على عدم ثبوت الحكم هنا للحمل قبل الانفصال ثم إن الخسارة الحاصلة من التجارة على اليتيم للأصل وقاعدة عدم ضمان المأذون والمحسن
ورواية الحسن بن محبوب عن خالد بن حرير عن أبي الربيع وهو غير موثق لكن له كتاب مروية ابن مسكان قال سئل أبو عبد الله (ع) عن رجل في يده
مال لأخ له يتيم وهو وصيه أيصلح له ان يعمل به قال نعم يعمل به كما يعمل بمال غيره والربح بينهما قال قلت فهل عليه ضمان قال لا إذا كان ناظرا له
خلافا للمحكى عن جماعة من تضمين الولي لاخبار بعض الأخبار المقيد بصورة عدم الولاية أو تقصير الولي ويستفاد من الرواية وغيرها جواز
اخذ الولي الأجرة واما المجنون فالمش‍؟ (ايض‍) الاستحباب في مال تجارته بل عن المعتبر والمنتهى ان عليه علمائنا أجمع ويدل عليه صحيحة ابن الحجاج قال قلت
لأبي عبد الله (ع) امرأة من أهلها مختلطة لها مال عليها زكاة قال إن كان عمل له (لها ظ) بها فعليها زكاة وان لم يعمل به فلا ومثلها خبر موسى بن بكير قال
سئلت أبا الحسن (ع) عن امرأة مصابة ولها في يد أخيها مال فقال إن كان اخوها يتجر به فعليه تزكية والكلام في كون الربح للمجنون والخسران عليه كما تقدم
458

في الصبى وان أتجر بمال الطفل أو المجنون متجر لنفسه بان ينقل المال إلى نفسه بناقل كالقرض ونحوه فإن كان وليا مليا فالربح له لأنه نماء ملكه كما أن الخسران
والزكاة المستحبة عليه بلا خلاف في ذلك كما ذكره غير واحد ولا اشكال بعد فرض جواز نقل مال الطفل إلى الولي الملي بالاقتراض ونحوه والمعروف جوازه و
ان لم يكن فيه مصلحة لليتيم للاخبار الكثيرة منها صحيحة منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع) في رجل ولى مال يتيم أيستقرض منه قال كان علي بن الحسين (ع) يستقرض
من مال أيتام كانوا في حجره ونحوها رواية أخرى حاكية لاستقراضه (ع) ظاهرة في إرادة بيان الجواز الذي هو محل حاجة السائل دون مجرد الحكاية ورواية
منصور الصيقل قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن مال اليتيم يعمل به قال إذا كان عندك مال وضمنته فلك الربح وأنت ضامن للمال وإن كان لا مال لك وعملت به فالربح
للغلام وأنت خائن وما عن الكاهل البزنطي عن أبي الحسن (ع) قال سئلته عن الرجل يكون في يده مال للأيتام فيحتاج إليه فيمد يده فيأخذه وينوى ان يرده فقال لا ينبغي
له ان يأكل الا القصد ولا يسرف فلكان من نيته ان لا يرده فهو بالمنزل الذي قال الله (تع‍) الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما الآية وخالف في ذلك الحلى
فيما حكى عنه انه لا يجوز للولي التصرف في مال الطفل الا بما يكون فيه صلاح المال ويعود نفعه إلى الطفل دون المتصرف فيه وهذا الذي يقتضيه أصول المذهب
ويظهر ذلك من المحكي عن المبسوط قال ومن يلي أمر الصغير والمجنون خمسة الأب والجد ووصى الأب والجد والامام ومن يأمره الامام ثم قال في كل هؤلاء الخمسة
لا يصح تصرفهم الا على وجه الاحتياط والحظ للصغير لانهم انما نصبوا لذلك فإذا تصرف فيه على وجه لاحظ فيه كان باطلا لأنه خلاف ما نصب إليه انتهى
ويؤيد ذلك أن نقل المال إلى الذمم معرض للتلف بالاعسار أو الانكار أو الموت أو غير ذلك مما يغلب على الاحتمالات القائمة في صورة بقاء العين ولذا
يظهر من المسالك في باب الرهن التردد في جواز اقتراض الولي مال الطفل وعن التذكرة اشتراط جواز الاقتراض بالمصلحة مضافا إلى الولاية والملاية و
كيف كان فالقول بالمنع والحاق اقراض الولي لنفسه باقراضه لغيره الذي اتفقوا ظاهرا على أنه لا يجوز الا مع المصلحة قوى الا ان العمل بتلك الأخبار المجوزة
المنجبرة بما حكى لعله أقوى وربما يدعى الجواز بناء على أن أصل جعل المال في ذمة الولي الملي مصلحة فيجوز وفيه نظر ظاهر ولذا منعوا من جواز اقراض الولي
إياه لغيره وإن كان غنيا الا مع خوف التلف ونحوه ثم المراد بالملائة ما تضمنه رواية أسباط بن سالم المروية في الكافي قال قلت لأبي عبد الله (ع) كان لي
أخ هلك فوصى إلى أخ أكبر منى وأدخلني معه في الوصية وترك ابنا له صغيرا وكان له مال أفيضرب به اخى فما كان له من فضل سلمه لليتيم وضمن له ماله فق؟ إن كان؟
لأخيك مال يحيط بمال اليتيم ان تلف فلا باس به وان لم يكن له مال فلا يعرض لمال اليتيم وفي رواية أخرى لأسباط إن كان لأخيك مال يحيط بمال اليتيم
ان تلف أو اصابه شئ غرمه له والا فلا يتعرض لمال اليتيم وفيها دلالة على أن الغرض من اعتبار المال المحيط هو تعجيل الغرامة له عند التلف والا فاصل
الغرامة يجب على المتصرف المعسر (ايض‍) عند الأيسار و ح؟ فيمكن القول بالاكتفاء في الملائة بمجرد الاطمينان بتحقق الغرامة عند التلف ولو بسبب كونه وجيها يقرضه
الناس أو يرهنون له عند من يقرضه أو يطمئن بحصول الهدايا أو الزكوات والأخماس له ونحو ذلك ولعل إليه يرجع ما عن المبسوط والنهاية من أن
المراد بالملائة ان يكون متمكنا في الحال من ضمانه ولكن عن جماعة اعتبار ان يكون له مال بقدر مال الطفل وزاد في المسالك كونه فاضلا عن المستثنيات
في الدين والأولى التقييد بقابلية المال لوجوب الغرامة منه ليخرج مع المستثنيات الممنوع من التصرف منه شرعا أو عقلا (ايض‍) ولو فقد المتجر من شرطي
الولاية والملاية أحدهما فإن كان الأول كان ضامنا لحرمة التصرف في مال الغير بغير الولاية الشرعية المفروض فقدها في المقام فتلزمه الضمان لأدلة
ضمان يد العادية ولو كان في التصرف مصلحة وتعذر استيذان الولي ففي الكفاية لا يبعد الجواز قلت إما الجواز مع الاضطرار إلى التصرف المذكور فمما لا
ريب فيه لأنه ولى ح؟ لعموم ما دل على جواز التصرف مع المصلحة من الكتاب والسنة خرج صورة التمكن من الرجوع إلى الولي لأدلة ولايته بل الظ؟؟ ان هذا مما لا
خلاف فيه واما الجواز مع عدم الاضطرار الذي هو مراد الكفاية ظاهرا ووافقه في المناهل حاكيا له عن جده قده في شرح المفاتيح ففيه اشكال من عموم الكتاب
والسنة المستفيضة في عموم جواز التصرف مع المصلحة ومن أن ظاهر الأصحاب انحصار التصرف في الولي كما اعترف به في شرح المفاتيح على ما حكى ويؤيده
ما تقدم من رواية أبى الربيع المتقدمة الدالة بمفهومها على الضمان ان لم يكن المتجر ناظرا لليتيم الا ان يحمل النظارة فيها على النظر في المصلحة والمداقة
فيها في مقابل المسامحة والتقصير ويؤيده ان مورد الرواية كون العامل وصيا فلا معنى للتفصيل بين الوصي وغيره اللهم الا ان يرجع إلى التفصيل بين
كونه وصيا على الطفل وغيره أو يكون الشرط مسوقا لبيان علة الحكم يعنى انه حيث فرض كون العامل ناظرا لليتيم فلا ضمان عليه واما حكم الربح و
زكاة التجارة فتوضيحه ان العامل إما ان يكون قد اشترى بعين مال الطفل ودفع مال الطفل عوضا عما في ذمته فان اشترى بالعين وأجاز ولى الطفل
فالربح له ويخرج العامل عن الضمان سواء كان الشراء لنفسه وللطفل إذ لافرق في قابلية صرف العقد إلى المالك بين قصد العاقد نفسه أو المالك كما
صرح به جماعة في عقد الفضولي وان لم يجز الولي فمقتضى قاعدة الفضولي بطلان المعاملة الا إذا فرض المصلحة في البيع وجوزنا التصرف مع المصلحة
وتعذر استيذان الولي فان العقد ح؟ يقع لازما لا يقدح فيه رد الولي بعد الاطلاع الا ان يكون تيسر استيجار الولي كتيسر استيذانه فيقع العقد
معه موقوفا وكيف كان فاجراء احكام الفضولي متجه الا ان ظاهر كثير من الروايات اطلاق الحكم بكون الربح لليتيم والخسران على العامل كما هو ظاهر المص‍؟
وغيره ففي صحيحة زرارة المروية عن الفقيه عن أبي جعفر (ع) قال ليس على مال اليتيم زكاة الا ان يتجر به فان أتجر به ففيه الزكاة والربح لليتيم وعلى المتاجر
ضمان المال ورواية سعد السمان ليس في مال اليتيم زكاة الا ان يتجر به فان أتجر به فالربح لليتيم وان وضع يعنى الذي يتجر فان الحكم فيها بثبوت
459

الزكاة في مال اليتيم مع التجارة قرينة على وقوع الشراء له والحكم بالضمان قرينة على عدم ولاية التاجر فدل باطلاقه على ثبوت الربح لليتيم بمجرد تجارة غير الولي
وتقييدهما بما إذا جاز الولي بعيد وتطبيق مسئلتي الربح والخسران على قاعدة الفضولي دونه خرط القتاد واختصاص الروايتين بصورة وقوع الشراء للطفل
لا يقدح مع عدم القول بالفصل واتحاد طريق المسئلتين بعد فرض صحة العقد في نفسه سواء قصد المالك أو قصد نفسه ومما يؤيد عدم ابتنائه على مسألة
الفضولي حكم الحلى في محكى السرائر وفخر الاسلام في حاشية الارشاد كون الربح هنا لليتيم مع حكمهما ببطلان معاملة الفضولي تبعا للشيخ في المبسوط وابن زهرة
وظاهر الحلبي بل والقول الأخر للشيخ في الخلاف في كتاب النكاح حيث إن ظاهره هناك بطلان الشراء الفضولي وان صحح البيع الفضولي وعلى القول بالتوقف
على الإجازة فهل يجب على الولي الإجازة مع ظهور الربح وجهان من أنه عرفا تفويت للمنفعة فهو في قوة فسخ العقد الخياري الذي فيه المصلحة بل هذا أولي
ومما حكى عن المص‍؟ قده في نكاح التذكرة من وجوب بيع متاع الطفل إذا طلب بزيادة وشراء الرخيص له وهو الموافق لبعض نسخ القواعد على ما عن جامع المقاصد
في باب الحجر ومن عدم الدليل على وجوب فعل الأصلح للطفل وتمام الكلام في محله ولو اشترى في الذمة ودفع مال اليتيم عما في الذمة فمقتضى القاعدة صحة المعاملة نفسه
سواء قصد عند المعاملة دفع مال اليتيم عما في الذمة أو اتفق ذلك بعد المعاملة و ح؟ فالربح له والزكاة المستحبة عليه وعليه ضمان مال اليتيم لكن قد يق؟ ان
ظاهر الاخبار الحاكمة بثبوت الربح لليتيم والخسارة على العامل يشمل هذه الصورة فان الاتجار بمال اليتيم وإن كان حقيقة في الاتجار بالعين الا انه عرفا يصدق
على الاتجار بما في الذمة مع قصد دفع مال اليتيم عوضا فترى العرف يطلقون ان فلانا يتجر بما في يده أو بمال فلان مع أنه لا يقع منه الا الاتجار بما في الذمة
إذا عزم على دفع المال عنه بل قلما يتفق معاملة بالعين بل لو وقعت في السلعتين يخصونها باسم المعاوضة دون البيع ومن هنا استجود سيد مشايخنا
الحاق هذه الصورة بصورة الشراء بالعين بعد ما حكى عن جده قده في شرح المفاتيح انه الاظهر وقد يق؟ ان هذه الأخبار على فرض شمولها ليس الخروج عن
القاعدة بها أولي من العكس بل العكس أولي وفيه انه ان أراد التكافؤ بين الاخبار والقاعدة من جهة النسبة فلا يخفى ان النسبة وإن كانت بالعموم من
وجه الا ان تقييد هذه الأخبار بالشراء بالعين تقييد بالفرد النادر ودعوى عدم نهوض هذه الأخبار لتخصيص مثل هذه القاعدة الثانية بالأدلة
القطعية ممنوعة بامكان رفع اليد عنها بالاخبار الكثيرة المعتضدة باطلاق فتاوى جماعة كالمص‍؟ والمحقق ونحوهما كما خرجنا بها عن قاعدة الفضولي
في الصورتين السابقتين؟ مع امكان ان يق؟ ان العامل إذا قصد ابتداء دفع مال الغير فكأنه أوقع العقد عليه ابتداء فعدم قصد دفع الكل الا في ضمن هذا
الفرد بمنزلة المعاوضة على هذا الفرد ومن هنا قد يستقرب اطراد هذا الحكم في غير مال الصغير وتعديته إلى كل مال قصد عند العقد دفعه عما في الذمة
بدون رضاء مالكه ويدل عليه مضافا إلى اخبار مال اليتيم روايات منها ما عن الكليني بسند فيه ارسال عن أبي حمزة الثمالي قال سئلت أبا جعفر (ع) عن
الزكاة تجب على في موضع لا يمكنني ان أؤديها قال اعزلها فان اتجرت بها فأنت لها ضامن ولها الربح وان نويت في حال ما عزلتها من غير أن تشتغلها
في تجارة فليس عليك فإن لم تعزلها فاتجرت بها في جملة مالك فلها بقسطها من الربح ولا وضيعة عليها ومنها رواية مسمع بن يسار قال قلت لأبي عبد الله (ع)
انى كنت استودعت رجلا مالا فجحدنيه وحلف لي عليه ثم إنه جائني بعده بسنتين بالمال الذي كنت استودعته إياه فق؟ هذا مالك فخذه وهذا أربعة آلاف
درهم ربحتها في مالك فهى لك مع مالك اجعلني في حل فأخذت المال منه وأبيت ان اخذ الربح منه وأوقفت المال الذي كنت استودعته وانيت حتى استطلع
رأيك فما ترى قال فخذ نصف الربح واعطه النصف ان هذا رجل تائب والله يحب التوابين وعن المختلف ان الودعي إذا أتجر من دون اذن المالك كان ضامنا
والربح للمالك وحكاه عن الشيخين وسلار والقاضي وأبى الصلاح وغيرهم ومع ذلك فلا مناص عن حمل كلامهم كالروايات على صورة الشراء بالعين
كما صرح به في المختلف قال في مسألة تجارة الغاصب في الاستدلال لمن قال يكون الربح للغاصب انه ان اشترى في الذمة ملك المشتري المبيع وكان الثمن
في ذمته بلا خلاف انتهى ولكن محل كلماتهم ما إذا اتفق دفع مال الغير عوضا لا على ما إذا قصد دفع مال الغير
عوضا لا غير وتحمل الروايات على
صورة قصد دفع مال الغير عوضا والمسألة في غاية الاشكال الا ان ثبوت الربح للعامل لايخ؟ عن قوة وإن كان التاجر وليا غير ملى فلا خلاف
ولا اشكال في جواز شرائه للطفل مط؟ وقد تقدم ذلك في كلام المص‍؟ قده وإن كان الشراء لنفسه فإن كان بعين مال الطفل فالظ؟ وقوع الشراء للطفل
فالربح له والخسارة على العامل لفحوى ما تقدم من أن تجارة غير الولي كك؟ من غير احتياج إلى إجازة وان مسألة التجارة بمال الطفل خارجة عن مسألة
الفضولي واما بناء على عدم اخراجها عن قاعدة الفضولي فالظ؟ (ايض‍) وقوع الشراء للطفل مع تحقق المصلحة ولا يقدح في ذلك نية الشراء لنفسه لأن الشراء
وقع بعين مال الطفل ولو اثر ذلك لاثر في مطلق عقد الفضولي إذا قصد العقد لنفسه ولم تنفع الإجازة والظ؟ عدم احتياجه إلى إجازة مستأنفة
من الولي التأمل ولا من الولي الذي هو بعده في المرتبة فهو نظير الوكيل إذا وقع العقد على مال الموكل لنفسه فان وقوع العقد ممن له الإجازة كاف عنها
نعم قد يشكل فيما إذا تعلق غرض اخر لنقل المال إلى العامل بالخصوص فان خصوصية المالك وان لم يكن ركنا في العقد وبهذا يفترق البيع عن النكاح الا انه
لا يبعد مدخليتها إذا لاحظها المتبايعان أو أحدهما الا ان الذي يسهل الامر ما عرفت من خروج هذه المعاملة عن مسألة الفضولي وان مجرد وقوع
العقد بمال؟ اليتيم مع عدم الإذن شرعا يوجب كون الربح لليتيم مضافا في مسئلتنا هذه إلى الاخبار المتقدم منها خبر الصيقل الدالة على كون
الربح لليتيم إذا لم يكن للعامل مال فان المراد هنا بقرينة بقى؟ الضمان عن العامل مع اطلاقه منطوقا في خبر الصيقل؟ ومفهوما في غيره هو كون العامل وليا
460

نعم الحكم بعدم التوقف على الإجازة مط؟ في عقد الولي والوكيل إذا أوقعاه لأنفسهما مع ملاحظة المتعاقدين بخصوصيهما اشكال لأن العقد الواقع الخاص
أعني انشاء نقل المال إلى نفس العاقد لا يؤثر بنفسه في إفادة نقل الملك إلى المالك لأنه غير مدلوله غاية الأمر انه قابل لان يسلب عنه الخصوصية
الملحوظة فيه من كون النقل إليه هو العاقد لكن السلب لا يتحقق فعلا الا بما يصرفه إلى المالك ولو كان مجرد كون العين ملكا له كافيا في صرف المبيع
إليه لم يحتج إلى الإجازة فلما علمنا أن المال ينتقل إلى الغير الا برضاه أو برضاء وليه بالانتقال إليه لعدم كون العقد ملكا قهريا والمفروض ان الولي
لم يرض بالانتقال إليه وانما يرضى بالانتقال إلى نفسه ويمتنع اجتماع الرضائين فلم يتحقق في هذه المعاملة رضاء بالانتقال إلى الطفل من أحد فلا يلزم العقد
الا بعد رضاء الولي وهذا العقد أحوج إلى الإجازة مما لو باع ملك غيره (ثم ملكه ومما لو باع ملك غيره صح) ثم تبين انه ملكه وقد صرح المحقق في المعتبر باحتياج الأولى إلى إجازة مستأنفة
في فروع مسألة تعلق الزكاة بالعين وتمام الكلام في محله ومما ذكرنا ظهر اندفاع ما ربما يتوهم من أن إجازة الولي إذا اثرت في الغاء قصد العاقد
العقد لنفسه مع أنه رفع فوقوع العقد من الولي أولي بالغاء قصد الولي العقد لنفسه لأنه دفع وجه الاندفاع ان الإجازة انما ترفع قصد الخصوصية
من حيث كونه رضاء بمضمون العقد المعرى من ملاحظة خصوصية المنتقل إليه فما لم يحصل هذا الرضا لا يحصل إلى المتجر أو من هو في حكمه وإن كان
الشراء لنفسه بالعين مع ضمانه بأحد الوجوه الناقلة فلا اشكال في تملك الربح حيث يجوز له الضمان وحيث لم نجوزه؟ فحكمه كالصورة السابقة كما أنه
لو اشترى ح؟ بما في الذمة ودفعه عوضا فحكمه كما تقدم في غير الولي فالشأن في جواز الضمان للولي الغير الملي وقد عرفت كلام الحلى والشيخ في المنع
عن التصرف الا بما فيه غبطة ومصلحة وان غير ذلك باطل بل في شرح الروضة ان المتقدمين عمموا الحكم باعتبار المصلحة من غير استثناء ولا ريب
ان نقل الولي المعسر مال الطفل إلى ذمته خلاف المصلحة بل هو قريب من اتلافه بل قد يكون اتلافا عرفا وبمنزلة الاخذ مجانا وقد دلت الأخبار المستفيضة
التي تقدم بعضها على اعتبار الملائة فيمن تقرض مال اليتيم لكن موردها مختص بغير الأب والجد ولذا حكى عن المتأخرين كافة بل عن الأصحاب كافة في الحدائق
وعن مجمع الفائدة استثناء الأب والجد عن ذلك فجوزوا لهما الاقتراض مع الاعسار ولعله لما ورد في حق الوالد بالنسبة إلى ولده ما ورد حتى قال صلى الله عليه وآله
لرجل أنت ومالك لأبيك وقال الص‍؟ (ع) في رواية محمد بن مسلم ان الوالد يأخذ من مال ولده ما شاء وفي رواية سعيد بن يسار مال الوالد (الولد ط للوالد ط) للولد
وخصوص ما ورد من اخبار تقويم جارية الولد على نفسه وغير ذلك ويشكل ان ظاهر هذه الأخبار غير مراد اجماعا فيحمل على جواز اخذ النفقة
من مال ولده صغيرا كان أو كبيرا إذا لم ينفق الكبير عليه واما النبوي فيوهن التمسك به ما رواه الشيخ عن الحسين بن أبي العلا قال قلت لأبي عبد الله (ع)
ما يحل للرجل من مال ولده قال قوته بغير سرف إذا اضطر إليه قال فقلت له فقول رسول الله صلى الله عليه وآله للرجل الذي اتاه فقدم أباه فق؟ له أنت ومالك
لأبيك فق؟ انما جاء بأبيه إلى النبي صلى الله عليه وآله فق؟ يا رسول الله هذا أبى قد ظلمني ميراثي من أمي فأخبره الأب انه قد أنفقه عليه وعلى نفسه فق؟ له أنت ومالك
لأبيك ولم يكن عند الرجل شئ وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يحبس الأب للدين ويشهد (ايض‍) لما ذكرنا من الجمع ومن الاشكال في اطراحه مال الوالد مع
الاعسار الذي هو بمنزلة الاتلاف والاخذ مجانا مصححة أبى حمزة الثمالي عن أبي جعفر (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لرجل أنت ومالك لأبيك ثم قال
أبو جعفر لا يجب ان يأخذ مال ابنه الا ما احتاج إليه مما لابد منه ان الله لا يجب الفساد فان التعليل في الآية يدل على عدم جواز الافساد في ماله و
أي فساد أشد من اخذه قرضا مع الاعسار سيما إذا لم يرج اليسار واما اخبار تقويم الجارية فنقول بمقتضاها ولا نتعدى عنه كما عترف به
الحلى (ايض‍) فيما حكى عنه مع امكان ان يق؟ ان اطلاقها وارد في مقام بيان حكم أصل جواز التقويم إما لدفع توهم المنع أو لدفع توهم جواز
التصرف في الجارية بغير تقويم على حد غيرها من الأموال ثم لو سلم ما ذكروه في الأب فلا يخفى عدم الدليل على الحكم في الجد بل مقتضى عموم الآية
التحريم ودعوى انه أب حقيقة كما ترى ومثله دعوى الاجماع المركب واعلم أن المشهور كما قيل إن حكم التجارة في مال المجنون حكم الصبى في جميع ما
تقدم وكذا اختار المص‍؟ قده في صورة ضمان الولي لهما ان الربح لهما واستظهر سيد مشايخنا الاتفاق على ذلك لكن في جريان ما خالف للأصول
من الاحكام المتقدمة بالنسبة إليه اشكال واما حكم الزكاة إذا أتجر لنفسه بمال الطفل والمجنون فتوضيحه ان مقتضى عمومات زكاة التجارة
ثبوتها على الولي حيث أتجر لنفسه ووقعت التجارة له بان كان في الذمة أو كان بالعين وقلما؟ بجواز ضمان الأب والجد له من غير ملاية وكذا ثبوت
زكاة التجارة في مال الطفل إذا أتجر له غير الولي كما دل عليه صحيحة بكير وزرارة المتقدمة وأما إذا أتجر التاجر لنفسه وحكم بوقوعها عن الطفل
إما تعبدا كما ذكرنا أو مع كون العامل وليا أو مع إجازة الولي فالأقوى انه لا زكاة إما على الطفل فلان ظاهر اخبار استحباب الزكاة في
مال التجارة للطفل ما إذا أتجر له لا ما إذا وقعت التجارة له بالإجازة أو بحكم الشرع واما على التاجر فلعدم سلامة الربح له لرواية سماعة عن الرجل
يكون عنده مال اليتيم فيتجر به أيضمنه قال نعم قلت فعليه زكاة قال لا لعمري لا أجمع عليه خصلتين الضمان والزكاة قيل وعن الشهيدين والمحقق الثاني
في كل موضع يقع الشراء للطفل وهو مشكل لظهور الاخبار في غير ذلك ولا فرق في الاشكال بين جعل الإجازة كاشفة أو ناقلة ويستحب الزكاة
في غلات الطفل ولا تحب وفاقا للمص‍؟ قده والمحقق والشهيدين والمحقق الثاني وحكى عن القديمين والسيد وسلار وعن التحرير حكاية عن أكثر
الأصحاب وعن غيره حكاية عن المتأخرين كافة قيل وعن تلخيص الخلاف نسبته إلى أصحابنا وعن كشف الحق ان الامامية ذهبت إلى أن الزكاة لا يجب
461

على الطفل والمجنون للأصل وعموم ما تقدم من الاخبار النافية الزكاة في مال اليتيم وقوله (ع) لا زكاة على يتيم وخصوص قوله (ع) في رواية أبي بصير المتقدمة
وليس على جميع غلاته من نخيل أو زرع أو غلة زكاة خلافا للمحكى عن الشيخين واتباعهما وعن الناصرية انه ذهب أكثر أصحابنا إلى أن الامام يأخذ الصدقة
من زرع الطفل (وزرعة)؟ انتهى لعموم أدلة الزكاة في الغلات وخصوص صحيحة ابن مسلم عن أبي جعفر (ع) وأبى عبد الله (ع) انهما قالا ليس على مال اليتيم في العين والمال
الصامت شئ فاما الغلات فعليها الصدقة واجبة فان الوجوب إما بمعناه المصطلح عندنا واما بمعنى الثبوت والاستقرار فيثبت اللزوم على التقديرين
سيما بمعونة لفظ على ويضعف بوجوب تخصيص العمومات بما دل على نفى الزكاة عن اليتيم وبحمل الصحيحة على الاستحباب المؤكد جمعا بينها وبين رواية أبي بصير
المعتضدة أو المنجبرة بالشهرة العظيمة واما ما حكاه في الناصريات عن أكثر أصحابنا فهو لا يدل على الوجوب كما لا يخفى لان اخذ الزكاة المستحبة
من مال الطفل فيه مصلحة له وللفقراء هذا مضافا إلى موافقة مضمون الصحيحة لمذهب فقهاء الجمهور كافة عن المنتهى وان حكى عن التذكرة حكاية
القول بعدم الوجوب عن أبي حنيفة وجماعة الا ان الظاهر أن المشهور بينهم ومال إليه ميل سلاطينهم هو الوجوب ثم إن المعروف بين الأصحاب هو ثبوت
الرجحان كما عرفت من عبارة الناصريات واستظهر سيد مشايخنا الاتفاق عليه بعد أن حكى عن الأردبيلي التصريح بالاتفاق على الاستحباب وصرح
بعدم الخلاف في الرياض (ايض‍) ويظهر ذلك (ايض‍) من النافع حيث جعل الوجوب أحوط وعن المدارك والكفاية انه مذهب عامة المتأخرين وجمهورهم ويدل
عليه الصحيحة السابقة بالجهل السابق ولا ينافيه الحمل على التقية لما عرفت غير مرة من أن التقية تتأدى بما ظاهره موافق للعامة وان أريد خلافه بقرينة
منفصلة وبعد ذلك فمن الغريب ما عن العلامة الطباطبائي من انكار الاستحباب مدعيا بأنه لم يصرح أحد بالندب قبل الفاضلين وهل يلحق بغلات
اليتيم مواشيه ظاهر المحكي عن الوسيلة نعم حيث ادعى الاجماع المركب الا ان الحكم بالاستحباب بمجرد هذا مشكل وإن كان اجماعا منقولا معتضدا بما
تقدم عن الناصريات وفي الرياض ان ظاهر جماعة من الموجبين والمستحبين عدم الفرق بين الغلات والمواشي الا ان في الاكتفاء بمثل ذلك في التهجم على
مال اليتيم اشكالا ولذا مال جماعة من المتأخرين إلى العدم وهو الأحوط واشكل من ذلك الحكم باستحباب الزكاة في غلات المجنون فضلا عن مواشيه
وان ادعى في الرياض ان ظاهر من عدا المحقق وبعض من تأخر عنه عدم الفرق بين الطفل والمجنون
ولا زكاة على المملوك وان قلنا بكونه مالكا
مطلقا أو في الجملة على الخلاف المذكور في محله إما على القول بعدم الملك كما هو المشهور ظاهرا بل ظاهر بعض العباير المحكية الاجماع عليه فعدم
الزكاة عليه واضح بل يخرج عن قيد اعتبار ملكية النصاب كما فعله في الغنية واما على القول بالملك فلحسنة ابن سنان بابن هاشم قال ليس على
مال المملوك شئ ولو كان له الف الف ولو احتاج له لم يعط من الزكاة شئ ونحوها رواية أخرى لابن سنان ومن العجيب ما حكى عن المنتهى كإيضاح
النافع تبعا للمعتبر والمبسوط من وجوب الزكاة عليه على القول بالملك مع أن ظاهر المحكي عنه في المنتهى والتذكرة اتفاق أصحابنا بل غير شاذ من
العامة على عدم الزكاة عليه لكن الظ؟ انه قده فهم من الأصحاب استنادهم في ذلك إلى عدم الملك و ح؟ يمكن ان يوجه الحكم في الروايتين
بنفي الزكاة بعدم الملكية للأدلة الدالة على عدم ملكية العبد فيكون إضافة المال إليه في الروايتين بمجرد الملابسة لا التمليك كما
يفصح عنه رواية ثالثة لابن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له مملوك في يده مال عليه زكاة قال لا قلت فعلى سيده قال لا لم يصل إلى سيده وليس
هو للمملوك وقد يستدل على فرض الملكية بعد تمكنه من التصرف للحجر عليه وينقض ملكه لان للمولى انتزاعه منه متى شاء اجماعا كما في المختلف
وعن غيره ويرد على الأول منع عدم التمكن من التصرف إذ له التصرف كيف شاء على تقدير الملكية كما نص عليه في المعتبر على ما حكى عنه لكن
هذا انما يستقيم لو وجد القول بالملكية على هذا الوجه للاجماع على الحجر عليه ولو ملك فالأولى الجواب بمنع الحجر إذا صرفه موليه فيه وفوض أمر المال
إليه كما يشعر به رواية علي بن جعفر (ع) عن أخيه (ع) ليس على المملوك زكاة الا بإذن موليه ومنع كون الحجر مانعا على الاطلاق كما في السفيه فت‍؟ ويرد على الثاني
منع كون هذا التزلزل مانعا من وجوب الزكاة كالمبيع في زمن خيار البايع بل المنتقل بالعقود الجائزة فالأقوى الاعتماد على ما تقدم من النص الظاهر
في كون المملوكية بنفسها مانعة عن وجوب الزكاة كما انها مانعة عن اخذها فمرجع الروايات إلى أنه لا عبرة بغنى المملوك
ولا بفقره وهذا هو الظاهر من كلمات أكثر الأصحاب حيث لم يقنعوا عن اعتبار الحرية باعتبار الملكية أو اعتبار
التمكن من التصرف واما رواية علي بن
جعفر فهى مطروحة أو مؤلة وهل يجب زكاة ما في يده على المولى (مط) أو ليس عليه (كك) أو تبنى على القول ظاهر المحكي عن القواعد والتحرير الأول قيل
لأنه مال مملوك لأحدهما فلا يسقط زكاته عنهما معا ولأنه مال مستجمع لشرائط الزكاة فإذا لم يجب على المملوك وجب على السيد ولان المولى لما كان
له انتزاعه من يده متى شاء كان كمال في يد الوكيل وفي الجميع مالا يخفى وظاهر الرواية الثالثة الثاني وفيه اشتمالها على التعليل لعدم وصول المال
إليه فإن كان في مورد يثبت عدم الوصول حقيقة كما إذا كان غائبا أو مثل ذلك من مسقطات الزكاة وان أريد انه بمجرد كونه في يد العبد غير واصل إلى
سيده ففيه ان يد العبد أضعف من يد الوكيل الذي بمنزلة يد الموكل وحمل ذلك على اعراض المولى حيث دفعها إلى العبد ليخص به وينتفع به أو ببعضه على
نفسه فهو كمال النفقة إذا غاب الشخص وسيجيئ عدم وجوب الزكاة عليه تكلف لا يصار إليه في مقام تخصيص الأدلة القطعية الموجبة للزكوة على المال
المستجمع للشرائط ولذا نسب في المنتهى وجوب الزكاة على المولى إلى أصحابنا مشعرا بدعوى الاجماع فالأقوى هو الوجه الثالث ولا فرق فيما ذكر بين القن
462

والمدبر وأم الولد والمكاتب المشروط عوده رقا ان لم يؤد مال الكتابة والمطلق الذي لم يؤد شيئا بلا خلاف ظاهر في الجميع حتى المكاتب بقسميه
وعن التذكرة نسبته إلى علمائنا بل عن المنتهى نسبته إلى العلماء كافة عدا أبي حنيفة وأبى ثور مضافا إلى ما ورد في المكاتب من الحجر عن التصرف فيما
بيده بالاكتساب حتى ورد انه لا يصلح له ان يحدث في ماله الا الأكلة في طعام ويرتفع الاشكال رأسا لو قلنا بعدم ملكيته كغيره من الأقسام
كما عن المص‍؟ في النهاية والمحقق في المعتبر ومما ذكرنا كله ينجبر ضعف رواية البختري عن الص‍؟ (ع) ليس في مال المكاتب زكاة ونحوه النبوي واما الاستدلال
بروايتي عبد الله بن سنان المتقدمتين فغير صحيح ظاهرا لاشتمالها على منع المملوك من الزكاة من أن المكاتب يعطى من الزكاة فموردهما لا يشمله وكما
لا يجب على المكاتب كذا لا يجب على موليه وان قلنا بملكيته لان المولى ممنوع عن اخذه منه الا على وجه استيفاء مال الكتابة ما لم يعجز سواء جعلنا العجز
كاشفا أو ناقلا وعن المبسوط ان المكاتب المشروط لا زكاة على ماله ولا على سيده لأنه ليس ملكا لأحدهما ملكا صحيحا لان العبد لا يملكه عندنا
والمولى لا يملكه الا بعد عجزه انتهى وظاهره بقى ملك المولى ونفى استقلال العبد بقرينة ما عنه في باب الكتابة من أن كسبه ماله وظاهر ما تقدم
عن المص‍؟ والمحقق قدهما عكس ذلك وعلى كل تقدير فالحكم واضح والرجوع إلى العمومات لمالكية المكاتب وضعف رواية البختري ضعيف نعم لو تحرر من
المكاتب المطلق شئ ولو جزء يسير وجبت الزكاة في نصيبه ان بلغ نصابا بلا خلاف ظاهر وعن الحدائق انه محل اتفاق وفي شرح الروضة قطع به
الأصحاب وان وجهه واضح وهو كك؟ لان نصيبه مال جامع لشرائط الزكاة وأدلة نفى الزكاة عن مال المملوك لا تشمله ولذا لا يجرى على هذا النصيب
شئ من احكام مال المملوك ثم إن ظاهر روايتي ابن سنان المتقدمتين عدم جواز اعطاء المملوك من الزكاة وظاهرهما عدم قابليته وربما يحمل
على صورة عدم الإذن ويحكم بجوازه مع اذن المولى في الاخذ فيصير ملكا للمولى فيعتبر فيه الاستحقاق ولو كان في سبيل الله لا بقصد الملك لم
يملكه المولى ولو كان العبد مشتركا بين مستحقين فان اذنا له ملكا القرض بنسبة الملك وإن كان وكيلا عنهما ملكاه بالسوية ولو كان أحدهما
مستحقا ملك مقدار حصته وجميع ذلك مبنى على ما عرفت ولابد في مال الزكاة من تمامية الملك في جميع الحول فيما يعتبر فيه الحول وقبل تعلق الوجوب
فيما لا يعتبر فيه ويتحقق عدمها بأمور الأول عدم قرار الملك بمعنى تزلزله من حيث الحدوث لتوقفه على شرط لم يقع أو لم يعلم وقوعه واما المتزلزل
من حيث البقاء فلا يقدح كما سيجيئ فلا يجرى الموهوب في الحول الا بعد القبض سواء قلنا بكون القبض ناقلا أو كاشفا كما صرح به في المسالك وان
اورد عليه في المدارك بان القول بكشف القبض غير مذكور في باب الهبة وان هذا الخلاف غير واقع الا ان الذي يحكى عن بعض هو ان مراد القائلين
باعتبار القبض في اللزوم هو الكشف لا اللزوم المصطلح ضرورة ان الهبة لا تصير بالقبض من العقود اللازمة إذ بعد القبض يجوز الرجوع في الهبة
اتفاقا الا في المواضع المخصوصة وإذ لم يجعل أحد القبض من الملزمات وانه قد صرح المحققون بان مرادهم من كون القبض شرطا في اللزوم ليس المعنى
المعروف بل قالوا إن العقد يوجب ملكية مراعاة بتحقق القبض فان تحقق أتم من حين العقد انتهى المحكي وهذا نص فيما ذكره في المسالك وكيف كان
فلا اشكال في أصل المسألة كما لا اشكال في جريانه في الحول بعد القبض وإن كان متزلزلا من حيث البقاء لاحتمال الرجوع نعم لو رجع الواهب
قبل الحول سقطت الزكاة بلا اشكال ولو رجع بعد الحول فإن كان بعد امكان الأداء وان لم يؤده قدم حق الفقراء وإن كان قبله ففي التذكرة
وكشف الالتباس سقوط الزكاة وقد يستشكل بان التمكن من الأداء معتبر في الضمان دون الوجوب فالزكاة تتعلق بمجرد اجتماع الشرائط وان
لم يكلف المالك منجزا بالاخراج للعجز فيكون رجوع الواهب على مال تعلق به حق الفقراء فيقدم سيما على القول بتعلق الشركة وكذا لا يجرى النصاب
الموصى به في الحول إذا كان حوليا الا بعد القبول وبعد الوفاة لأنه قبل ذلك الا غير مملوك للموصى له أو غير متمكن من التصرف فيه ولو لعدم العلم
بملكيته بناء على أحد وجهي الكشف في القبول ولا الغنيمة الا بعد القسمة إما على القول بتوقف الملك عليها كما عن المش‍؟ فواضح واما على القول
بحصول التملك بالحيازة فلعدم التمكن من التصرف قبل قسمة الامام وبعد (ولعدم استقرار صح) استقرار الملك لان للامام ان يقسم بينهم بتحكم فيعطى كل واحد من أي
الأوصاف شاء فلم يتم ملكه عليه كذا عن المنتهى لكن المحكي عن ظاهر كلام الشيخ في الخلاف منع ذلك وان لكل غانم نصيبا من كل صنف من الغنيمة
فليس للامام منعها مع أن منع الامام لعله بمنزلة المزيل للملك الحاصل بمجرد الحيازة فهو غير مانع كالخيار مع أنه مختص بصورة تعدد أصناف الغنيمة
واما مع اتحاد جنسها فالغانمون كالورثة يملك كل منهم نصيبا معينا منها واعتبار التمكن من التصرف لا يوجب الا اعتبار التمكن من القسمة
قسطا لبعض الغانمين فان قبضه فلا اشكال والا فإن كان غائبا فلا يجرى الا بعد وصوله إليه والى وكيله الا إذا قبض عنه الامام بالولاية
وإن كان حاضرا فالظ؟ انه موقوف على قبض الغانم (ايض‍) الا إذا قلنا بالتملك بالحيازة وكفاية عزل الامام في تعيين الملك ورفع الحجر عن التصرف
لكنه مشكل لعموم ما دل على عدم جريان الحول الا على ما وقع في يده وتمام الكلام في محله من كتاب الجهاد ولا يجرى القرض (ايض‍) الا بعد القبض (صورة المتن ما دانيه هكذا والقرض حين القبض والمكتوب موافق لخط المرحوم لمحرره علي)؟؟؟
بناء على ما عن الأكثر من أنه وقت حصول الملك وعلى قول الشيخ فيجرى من حين التصرف وهو ضعيف يرده مضافا إلى ما سيجيئ في باب القرض ما في
حسنة زرارة ان زكاة القرض على المقترض إن كان موضوعا عنده حولا وظاهره وجوب الزكاة مع عدم التصرف (ايض‍) واما المبيع ذوا الخيار
فإنما يجرى في الحول من حين البيع ولا يتوقف على انقضاء زمان الخيار بناء على القول المش‍؟ من عدم توقف الملك على انقضاء زمان الخيار ويشكل
463

ذلك في خيار البايع لو قلنا بمنعه للمشترى من التصرفات المنافية للخيار وربما يحمل كلامهم هنا على إرادة مجرد بيان عدم توقف جريان المبيع في الحول
من حيث الملكية حين العقد وإن كان له مانع اخر في مدة الخيار من حيث عدم تمامية الملك وهو محمل بعيد في نفسه مضافا إلى ما قيل إنه حكى عن غير واحد
وجوب الزكاة بعد الحول وإن كان الخيار باقيا فيسقط البايع في الثمن بنسبة ما أخرجه المشترى من الزكاة ومثله في البعد حمل هذا الكلام على تجويز
تصرف المشترى في زمان خيار البايع فيرجع البايع بعد الفسخ إلى قيمة المبيع أو يبطل ما وقع من التصرف كالشفيع وقد اطلق المص‍؟ قده هنا الجريان في الحول
من حين العقد مع حكمه بعدم جواز المنافى لخيار البايع والشهيد قده في البيان عد خيار البايع من الأمور التي ظن أنها مانعة عن الزكاة وليست
مانعة مع تردده في الدروس في جواز تصرف المشترى بما ينافي خيار البايع فيحتمل ان المنع من التصرف المنافى أعني النقل أو الاتلاف لا ينافي وجوب الزكاة
عندهم لأنه يصدق على المبيع انه مال حال عليه الحول في يد مالكه بخلاف مال الرهن فان الراهن لا يستقل في التصرف فيه وان لم يكن ناقلا فت‍؟ فان الفرق
بين منذور الصدقة بعينه نذرا مشروطا بما يحتمل الحصول فضلا عما يقطع بحصوله وبين المبيع في أيام الخيار والحكم بمانعية النذر دون الخيار اشكالا
بل تحكما
ولا زكاة في المغصوب بلا خلاف في الجملة لعموم ما دل على اعتبار حولان الحول مع المال مع وقوعه في يد المالك وكونه عند ربه وفحوى سقوطها
عن حال الغائب ومقتضى اطلاق النص والفتوى عدم الفرق بين ما لو تمكن من اخراج مقدار الزكاة من المغصوب باستيذان الغاصب أو مع عدم اطلاعه وبين غيره
بل يحكم الحكم لما إذا اذن الغاصب المالك في التصرف في المغصوب مع بقاء يد العدوان عليه وهو قوى نعم ربما يوهم الاختصاص الاستدلال بأنه لو كلف
الزكاة مع عدم التمكن من التصرف لكان مكلفا باخراجها من غير ذلك المال وهو معلوم البطلان لكن التحقيق ان هذا الاستدلال لا يفي بأصل المطلب فضلا
عن عمومه ضرورة انه يقتضى اعتبار التمكن وقت الاخراج لا في تمام الحول مع امكان المناقشة في الملازمة بمنع التنافي بين ثبوت الزكاة في العين وعدم
وجوب الاخراج منها ولا من غيرها كما سيجيئ من أن التمكن من الأداء شرط الضمان لا الوجوب بل المناقشة في بطلان التكليف بالاخراج من غير النصاب
كيف وحكى عن الشيخ في أحد أقواله وجوب الزكاة في المال المرهون وتكلف المالك بالاخراج من غيره وحكى ذلك عن الجامع (ايض‍) وان ضعفه في المعتبر و
كيف كان فالعمدة هي اطلاق النص ومعاقد الاجماعات نعم قيده بما إذا لم يتمكن تخليصه ولو ببعضه ولو بالاستعانة بظالم والا وجبت فيما زاد على الفداء؟
ولعله لتحقق الشرط الذي هو التمكن من التصرف ولموثقة زرارة في رجل ماله عنه غائب ولا يقدر على اخذه قال فلا زكاة عليه حتى يخرج فإذا خرج زكاه
لعام واحد وإن كان يدعه متعمدا وهو يقدر على اخذه فعليه الزكاة لكل ما مر من السنين دلت الرواية بصدرها على تفريع نفى الزكاة على عدم القدرة
على اخذ المال الغائب وبذيلها على ثبوت الزكاة مع ثبوت القدرة و ح؟ فيحمل الروايات الظاهرة في اعتبار الحضور الفعلي واليد الحالية على مجرد القدرة
على الاخذ والتصرف ولو بواسطة أمر مقدور في مقابل ما لم يقع تحت القدرة ويؤيده ورود بعض تلك الأخبار في مقام نفى الزكاة عن المال الذي
لم يملك في تمام الحول وقد قوى الشيخ في الخلاف وجوب الزكاة في المال المرهون مستدلا بان الراهن قادر على التصرف فيها بان يفك رهنها
والمال الغائب إذا كان متمكنا منه يلزم زكاته بلا خلاف انتهى وكلامه صريح الا ان هذا ليس بأولى من ابقاء تلك على ظاهرها من اعتبار الوقوع
في اليد بالفعل سيما مثل قوله (ع) في صحيحة ابن سنان ليس على الدين صدقة ولا على المال الغائب حتى يقع في يدك الظاهر بل الصريح في اليد الفعلية
فيحمل الموثقة على القدرة على الاخذ على القدرة الحاصلة على الوجه المتعارف مثل الوكيل في القبض ونحوه لا ايجاد أسباب التمكن كتخليص المغصوب ببعضه
ونحو ذلك نعم التمكن من اخذه خفية لا يبعد عده من التمكن فيكون العبرة بالتمكن والتسلط فعلا لا القدرة على ذلك ويؤيد هذا الحمل ان تقييد المال
الغائب نفي أدلة نفي الزكاة بما لا يقدر على التسلط عليه والتمكن ولو ببذل بعضه لدفع المانع تقييد بالفرد النادر ولو قيل إن المال الغائب عنوان
مستقل في نفسه لا يلحق به المغصوب لعدم تنقيح المناط سقط التمسك بالاخبار من الطرفين لان مورد الكل في المال الغائب لكن الظ؟ ان المعيار في الكل
واحد وهو العجز عن الاخذ ولذا استدل بتلك الأخبار لاشتراط التمكن بلا فرط في شرح الروضة فاستدل له بما ورد من وجوب الزكاة في الدين إذا
قدر صاحبه عليه وتركه متعمدا مع عدم عمله قده بمضمونها من ثبوت الزكاة في الدين المقدور على اخذه هذا ولكن التحقيق الرجوع في معنى القدرة
على الاخذ الواردة في النص والتمكن من التصرف الوارد في معقد الاجماع إلى العرف لأنه المحكم في مثله والظ؟ صدق القدرة على الاخذ بمجرد القدرة
على الأسباب ولو كانت بعيدة واما التمكن فهو وإن كان في صدقه على التمكن من أسباب التمكن خفاء بل أو منعا الا ان الذي يظهر من ملاحظة فتاواهم
ومعاقد اجماعهم هو ما يعم هذا المعنى ولا أقل من أن يحصل الشك في مراد الكل أو البعض فيجب الرجوع ح؟
إلى القدر المتيقن من تخصيص العمومات الموجبة
للزكوة وخصوص ما أوجبها بمجرد القدرة على الاخذ والمتيقن هو اعتبار التمكن بالمعنى الأعم المساوى للقدرة التي ينط بها الحكم فيما عرفت من الموثقة و
غيرها كيف وسيجيئ في المرهون ما يدل على أن مراد أكثرهم من التمكن هو المعنى الأعم مضافا إلى أن أدلتهم على اعتبار التمكن من الروايات وغيرها
لا يدل على اعتبار أزيد منه ويلحق بالمغصوب المجحود إذا لم يتمكن من استنقاذه قال في البيان ولو أمكن الاستنقاذ وجبت ولو صانعه ببعضه وجب في المقبوض
وفي اجراء امكان المصانعة مجرى التمكن نظر وكذا في الاستنقاذ بظالم إما الاستعانة بالعادل فتمكن انتهى وفي شرح الروضة وجه النظر هو ان
تخليص المغصوب بالمال بمنزلة ابتياع ما يجب فيه الزكاة وكا؟ ان؟ تحصيل المالكية لا يجب كك؟ تحصيل التمكن الذي هو شرط وجوب الزكاة ويعلم ما في
464

هذا وفي استشكال المحقق الثاني في كفاية التمكن من استنقاذ المجحود (بالنية صح) مما ذكرنا من أنه لا دليل على اعتبار أزيد من القدرة على الاخذ والتمكن من
التصرف ولو بواسطة الأسباب الا ان في انصراف اطلاقها إلى ما احتاج إلى صرف بعضه أو صرف مال غيره تأملا ولو كان الفداء كثيرا مساويا للمفدى أو
أزيد فالاشكال أوضح بل منع الزكاة أقوى وكيف كان ففيما ذكره الشهيد من الفرق بين الظالم والعادل نظر وان أمكن توجيهه بان العادل حيث إنه
من الأسباب التي شرعها الله لرد المظالم وأوجب عليه ذلك فهو بمنزلة الوكيل الأمين من طرف المالك بل الولي من طرف الغاصب والمالك فقدرته
بمنزلة قدرة المالك بخلاف الظالم الذي ليس التوسل به الا من حيث الاضطرار فهو من قبيل التسبيب إلى التمكن بخلاف الأول ومما ذكرنا يظهر الكلام
في مال الغائب عن المالك وانه لا زكاة فيه اجماعا نصا وفتوى الا ان يقدر على اخذه فيجب وان لم يكن بالفعل في يده أو يد وكيله نعم اطلاق المتن و
غيره اعتبار فعلية اليد لكن لا يبعد إرادة ما ذكرنا من التقييد ففي المدارك ان عبارات الأصحاب ناطقة بوجوب الزكاة في المال الغائب إذا كان صاحبه
متمكنا وهو المعتمد لما تقدم من الموثقة المخصصة لعموم أدلة النفي عن مال الغائب حتى يقع في يده بحمل الوقوع في اليد على كونه تحت القدرة وإن كان
هذا الحمل بعيدا في صحيحة ابن سنان المتقدمة نعم قيل باشتراط مضى زمان يمكن فيه قبضه أو قبض وكيله ولا باس واعلم أنه الحق جماعة من المتأخرين
منهم المص‍؟ قده بالمالك وكيله فاوجبوا الزكاة الغائب عن المالك إذا كان في يد وكيله وظاهرهم ذلك وان لم يقدر المالك على التصرف فيه واخذه
والمحكى عن جماعة الاقتصار على المالك فقط ولعله الأوفق باطلاق الاخبار واشتراط التمكن من التصرف الا ان يدعى صدق التمكن على المالك عرفا
بتمكن وكيله وفي اطراد هذه الدعوى اشكال نعم لو أريد عدم الفرق في التمكن بين ان يتمكن بنفسه أو بوكيله فلا اشكال في التعميم ولو غاب الرجل
عن ماله فإن كان في يد وكيله فكما سبق وإن كان موضوعا في بيته فالظ؟ (ايض‍) وجوب الزكاة لصدق كونه متمكنا منه عرفا بل كونه عند ربه وفي يده وإن كان
عاجزا عن بعض التصرفات فيه أو كلها لبعض العوارض نعم لو انقطع عن ماله بالكلية بحيث لا يصدق عليه ما ذكر اتجه سقوط الزكاة قال
في المنتهى انه لو أسر في بلاد الشرك وله مال في بلاد الاسلام لم يجب عليه زكاة محتجا بأنه غائب عن ماله والغيبة يتحقق من الطرفين ونحوه عن
القاضي عن جواهر الفقه وفي البيان لو حبس عن ماله من غير اثبات اليد عليه وجبت زكاته لنفوذ تصرفه فيه نعم لو كان سائمة لا داعي لها ولا
حافظ احتمل السقوط لاشتراطهم في الغائب كونه في يد الوكيل انتهى ولا يبعد ان يق؟ ان الظ؟ من الأدلة هو اعتبار عدم قصور في المال إما لعدم
حدوث تمام التمكن فيه كالإرث الذي لم يصل إلى الوارث واما لحدوث مانع فيه إما لتعلق حق شرعي به أو يد عرفي أو غيبة منقطعة لا عدم
قصور المالك عن التصرف فيه لمرض أو حبس أو غيرهما قال في كشف الغطاء ولا يخرج عن التمكن لعروض شئ من قبله كاغماء أو جنون أو نذر أو عهد أو
نحوهما من الموانع الشرعية الاختيارية المانعة عن التصرف في وجه قوى إما ما تعلق بالمخلوق كان يشترط عليه في عقد لازم ان لا يتصرف فيه حيث
يصح فالظ؟ الحكم بانقطاع الحول واستينافه بعد ارتفاع الموانع انتهى ونظر فيما ذكروه بعض المعاصرين والانصاف ان المسألة لاتخ؟ من اشكال
فالتحقيق ان يحكم بنفي الزكاة في جميع ما ورد النص بنفي الزكاة عنه كالإرث الغير الواصل إلى صاحبه والمال المفقود ونحوهما ويرجع في غير موارده
إلى صدق التمكن من التصرف المصرح باعتباره في الفتاوى فان صدق فلا اشكال في وجوب الزكاة للاجماع على عدم اشتراط أزيد منه في تمامية
الملك وان لم يتحقق صدق التمكن من التصرف لاشتباه مراد المجمعين كلا أو بعضا فان تحققت القدرة على الاخذ المصرح باعتبارها في الموثقة
المقدمة فيحكم بوجوب الزكاة (ايض‍) كما يحكم بنفيه لو علم تحقق عدمها وان اشتبه التحقق فالواجب الرجوع إلى عمومات الوجوب لعدم العلم بتخصيصها
بأزيد من القدر المتيقن ويحتمل ضعيفا الرجوع إلى الأصل لسراية اجمال عنوان المخصص إلى العمومات وعلى أي تقدير فلا اشكال واعلم أن
التمكن من التصرف معتبر في جميع الحول فيما يعتبر فيه الحول من الأجناس الزكوية واما في الغلات فظاهر اتحاد سياقه مع سائر الشروط اعتباره
في زمان تعلق الوجوب وربما مال جماعة من المتأخرين إلى كفاية تحققه بعد ذلك لاطلاق الأدلة واختصاص أدلة اعتبار التمكن بما يعتبر فيه
الحول وفيه نظر الا ان المسألة لاتخ؟ عن اشكال
ولا زكاة في عين الوقف بلا خلاف ظاهرا كما عن الكفاية لعدم جواز التصرف فيه الا بالاستنماء
بل لعدم الملكية في الوقف العام وتعلق حق البطون اللاحقة في الخاص لكن المحكي عن وقف التذكرة بعد نقل الخلاف في انتقال ملكية الوقف
إلى الموقوف عليه انه يظهر فائدة الملكية في وجوب الزكاة في الغنم الموقوفة وكيف كان فلو نتجت الانعام الموقوفة وملك الموقوف عليه منه
نصابا وحال عليه الحول وجبت الزكاة بلا اشكال ظاهرا وكذا لا اشكال في نفى الزكاة عن الحيوان الضال والمال المفقود بالنص والاجماع
نعم حكى عن غير واحد انه يعتبر في مدة الضلال اطلاق الاسم فلو حصل لحظة أو يوما لم ينقطع وفي اليوم بل اللحظة إذا حصل الياس والفرق بين
الضلال والخروج عن الملك اشكال واشكل منه اطلاق ما في الوسيلة من أنه لو ضلت واحدة من النصاب قبل الحول وعادت لم تسقط الزكاة
ولو بعد سقطت وعلى الاشكال في تخلل مدة الفقد والضلال بين أيام الحول فلو تقدمت عليها لم يحسب من الحول بلا اشكال وكيف كان فان
عاد بعد سنين استحب زكاة سنته بلا خلاف كما عن جماعة المنصوص بل ربما حكى عن ظاهر جماعة الاستحباب مع خلال سنة واحدة وعن المنتهى
انه إذا عاد المغصوب أو الضلال إلى ربه استحب ان يزكيه لسنة واحدة ذهب إليه علمائنا وعن ظاهر النهاية اطلاق الامر بالاخراج الظاهر في الوجوب
465

وعن الرياض حكايته عن نادر من المتأخرين ولا تجب الزكاة في الدين حتى يقبضه ويصير عينا وإن كان تأخره من جهة مالكه على المش‍؟ بين المتأخرين بل قيل إنه
اجماعهم لعموم نافياتها عن الدين واختصاص موجباتها بالعين وخصوص رواية الحميري عن علي بن جعفر (ع) انه سئل أخاه من الدين يكون على القوم المياسير
إذا شاء قبضه صاحبه هل عليه زكاة قال لا حتى يقبضه صاحبه ويحول عليه الحول خلافا للمحكى عن جماعة من القدماء فأوجبوها في الدين مع كون التأخير من
جهة المدين لظواهر اخبار كثيرة محمولة على الاستحباب ومال القرض ان تركه المقرض بحاله حولا فالزكاة عليه بلا خلاف ظاهر كما عن محكى الخلاف
والسرائر وعن التنقيح انه مذهب الأصحاب ووجهه واضح بناء على عدم توقف تملك القرض على التصرف كما هو المش‍؟ والا يتركه بحاله سقطت عنه لعدم
حلول الحول عليه وعن المقرض ولو اشترط المقترض الزكاة على المقرض فالظ؟ صحة الشرط وفاقا للمص‍؟ قده في باب القرض من المختلف بعد أن حكاه عن الشيخ
والقاضي و (تبعهم خ ل) معهم جماعة من المتأخرين منهم الشهيد في المسالك لان التبرع بأداء الزكاة عن الغير سايغ فاشتراطه صحيح إما الصغرى فالظ؟ عدم الخلاف
فيه كما استظهره سيد مشايخنا في المناهل حاكيا له عن الرياض ولان المانع إن كان هو تكليف الزكاة مما يجب فيه المباشرة فبطلانه واضح
لجواز الوكيل في الاخراج اتفاقا وإن كان المانع كونه مالا متعلقا بذمة المالك أو بعين ماله فيدفعه جواز تبرع الانسان بأداء ما في ذمة وضمانه
لا يجوز له ضمانه بالبدل من الأعيان هذا مضافا إلى عموم المنزلة فيما ورد من أن الزكاة دين وخصوص صحيحة بن حازم عن رجل استقرض مالا
وحال عليه الحول وهو عنده فق؟ إن كان الذي اقرضه يؤدى فلا زكاة عليه وإن كان لا يؤدى أدي المستقرض واما الكبرى فلعموم أدلة الشروط
وليس هذا مخالفا للكتاب والسنة من وجه عد أما عن جماعة من أنه اشتراط للعبادة على غير من وجبت عليه وما عن بعضهم من أن اطلاق النص
والفتوى ان زكاة القرض على المقترض يدل على اختصاص وجوبها عليه وعدم وجوبها على أحد ويرد على الأول ان اشتراط أداء العبادة
عمن وجبت عليه لا باس به وليس هو الا كالاستيجار على فعلها عنه أو كاشتراط الولي في ضمن عقد لازم قضاء عبادة فائتة وعلى الثاني ان اطلاق
النصوص والفتاوى في مقام بيان وجوب الأصلي الذاتي كما في قولهم يجب على الولي قضاء ما فات الميت وهو لا ينافي وجوبها على الغير تحملا بإجارة
أو شرط على انا لا نقول ببراءة ذمة المالك بمجرد الاشتراط بل ذمة المقترض مشغولة ما دام لم يؤد المقرض ولا منافاة بين وجوبها على المقرض بمقتضى
الشرط وعدم سقوطها عن المقترض كما لو نذر ان يؤدى دين غيره وعلى هذا فالزكاة على المقترض ثابت مط؟ بعد الاشراط ولا يسقط الا بفعل الغير
كما هو ظاهر صحيحة بن حازم المتقدمة والحاصل ان لا وجه لمخالفة اشتراط أداء الشخص لزكاة غيره للكتاب بعد تسليم كون الأداء عن الغير غير مخالف للكتاب
ووجوب الأداء بعد الاشتراط مضافا إلى عدم منافاته للوجوب على المالك لا يوجب المخالفة إما لان مقتضى الكتاب والسنة تعلق الوجوب الأصلي
الابتدائي بالمالك والمفروض انه لم ينقل عنه إلى غيره واما لان العبرة في المخالفة والموافقة للكتاب والسنة بما قبل الاشتراط فت‍؟ نعم لو اشترط
عدم تعلق الزكاة ابتداء بالمديون وثبوتها ابتداء على المقرض اتجه فساد الشرط بل القرض بناء على افساد الشرط الفاسد إذ الظ؟ مخالفة هذا الشرط
للكتاب والسنة كما لا يخفى ولا يبعد حمل كلام من اطلق صحة الاشتراط على هذا التفصيل وان جعل بعضهم التفصيل ثالث الأقوال واعلم أن المص‍؟
قده لم يذكر عدم وجوب الزكاة في المرهون ولا منذور الصدقة ولعله اكتفى بذكر قاعدة اعتبار تمامية الملك المفقودة فيهما في الجملة إما
المرهون فعند عدم التمكن من فكه مط؟ بل مطلقا كما حكى عن صريح جامع المقاصد وظاهر اطلاق آخرين لان المالك غير متمكن من التصرف فيه والتمكن
من الفك تمكن من التمكن كما سبق نظيره في التمكن من استنقاذ المغصوب وهو ضعيف بما تقدم هناك من أن الشرط إما القدرة على الاخذ الوارد
في النص واما صدق التمكن من التصرف الوارد في الفتاوى ومعاقد الاجماعات ولا ريب في عموم الأول لما هو بواسطة الأسباب وكذا الثاني سيما
بملاحظة ذهاب جماعة من أهل الفتاوى ونقله الاجماع على اعتبار ذلك العنوان إلى وجوب الزكاة من الفك فان الشيخ والمحقق في المعتبر والمص‍؟ قدهم
مع دعويهم الاتفاق على اعتبار التمكن قد اختاروا في الخلاف والمعتبر والتلخيص والنهاية على ما حكى عنهم الوجوب مع التمكن عن الفك وليس مستندهم
الا تحقق التمكن من التصرف وما أبعد ما بين ما ذكر من القول باطلاق نفى الزكاة وبين القول باطلاق ثبوتها والأقوال الثلاثة محكية عن
الشيخ ولكن تفرد قده بالأخير ومما ذكرنا يظهر عدم وجوب الزكاة في مال المفلس بعد الحجر دون السفيه لقدرته على ازالته كما أشار إليهما الشهيد
في محكى حواشي القواعد من أن الحجر له لا عليه وقد استظهر بعض مشايخنا الاتفاق على الوجوب عليه ونحوه الحجر بالارتداد عن ملة ثم لا فرق في التمكن
من فك الرهن بين ان يكون ببيعه أو بفكه من غيره كما صرح به في البيان والروضة وشرحها ويشكل بان التمكن من البيع ليس تمكنا من التصرف في المرهون
فهو نظير التمكن من بيع المغصوب ولا مورثا له حتى يكون كاستنقاذ المغصوب فلا يبعد عدم الوجوب معه وحيث تعلق الزكاة بالمرهون فمقتضى
القاعدة تقديم حق الفقراء لتعلقه بالعين (بل خروجه صح) عن ملك المالك وتعلق حق المرتهن بالذمة فما عن المبسوط والجامع من أنه يكلف باخراجها من غيره لا يظهر
له وجه الا الجمع بين الحقين وهو حسن على عدم القول بتعلق الشركة و ح؟ فيشكل اعترافهما بتقديم حق
الفقراء مع الاعسار الا ان يكون كتعلق
أرش الجناية واما النصاب المنذور التصدق به فهو على أقسام لان النذر إما ان يتعلق بجميعه واما ان يتعلق ببعضه وعلى التقديرين فاما ان يتعلق النذر بتصدقه أو بكونه صدقة وعلى التقادير فاما ان يكون النذر منجزا أو معلقا على شرط وعلى التقادير إما ان يكون المنذور موقتا
466

بما قبل الحول أو بعده واما ان يكون مط؟ والشرط المعلق عليه إما ان يعلم بحصوله قبل الحول أو بعده أو يعلم عدمه أو يشك في ذلك وهذه الأقسام
كلها فيما إذا كان النذر قبل تمام الحول فإن كان بعده فلا شبهة في تقديم تعلق الزكاة على تعلق النذر و ح؟ فان تعلق النذر بالقدر الخارج عن المقدار
الواجب في الزكاة لزمه الأمران وان تعلق النذر بالجميع وجب اخراج الزكاة أولا ثم التصدق بالباقي بناء على أن ما لا يدرك كله في نحو المقام لا يترك
كله ويحتمل وجوب ضمان الزكاة من غير النصاب والتصدق بالجميع لامكان الايفاء بالنذر ويحتمل في الصورتين كفاية (التصدق صح) المنذور عن الزكاة لو لم ينصرف
اطلاقه إلى غيرها واما حكم الأقسام المتقدمة فهو ان النذر إن كان منجزا مط؟ سقطت الزكاة إما في صورة تعلق النذر بكونها كلا أو بعضا صدقة
فلخروج المنذور عن الملكية فيما قطع به الأصحاب على ما في المدارك وهو مبنى إما على صحة نذر الغايات مطلقا والحكم بحصولها بمجرد النذر كما صرح به
بعضهم فيما لو نذر كون المال ملكا لزيد واما على صحة خصوص الصدقة كنذر كون الحيوان هديا أو أضحية مما يمكن ان يلتزم بعدم احتياجها إلى
الصيغة وقد حكى عن بعضهم الاجماع على خروج الحيوان عن الملكية إذا نذر كونه هديا وعن بعضهم إذا نذر كونه أضحية بل حكى عن المنتهى والتذكرة
الاتفاق على الخروج عن الملك إذا قال لله على أن اهدى كذا مع أنه نذر للفعل لا الغاية وإن كان الكل محل تأمل بل التحقيق ان الغايات التي تثبت بالقواعد
توقفها على أسبابها إذا وقعت في خبر النذر أفاد النذر وجوب ايجاد تلك الأسباب لان الوفاء بالنذر موقوف على ذلك ولا يفيد تحقق الغاية
من دون السبب بل ربما يق؟ هنا ببطلان النذر من حيث إن ظاهر النذر تحقق الغاية بنفسها من غير توسط سبب وهو غير مقدور شرعا لان ظاهر
أدلة الوفاء بالنذر الاختصاص بما إذا كان متعلقه فعلا اختياريا ليتصور فيه البر والحنث فلا بد من الحكم ببطلان نذر الغاية لو أريد نفسها من
دون تأويل بإرادة السبب من الغاية ولكنه ضعيف لما عرفت من امكان الوفاء بايجاد أسبابها لا لان الامر بالوفاء راجع إلى ايجاد السبب بل لتوقفه
عليه وبالجملة فالمسألة من المشكلات وربما يمكن ان يستدل لصحة هذا النذر المستلزمة لوقوع مضمونه من غير حاجة إلى توسط سبب ببعض عمومات
وجوب الوفاء بالنذر من غير تخصيص بكون متعلقه فعلا اختياريا مثل قوله (ع) ما جعلته لله فف به ونحوه وفيه تأمل بل نظر ويمكن ان يستدل له (ايض‍)
بعموم أدلة الشروط حيث إن النذر شرط لغة وليس هنا محلها واما لو نذر التصدق بالنصاب كلا أو بعضا فلصيرورته ممنوعا من التصرف فيه
بغير النذر وان لم يخرج عن ملكه بل ربما قيل بالخروج في هذه الصورة (ايض‍) إذا قصد بالتصرف معناه العرفي وهو الاعطاء والتصرف بقصد القربة
لا جعلها صدقة المتوقف على ايجاد ما به يحتمل صدقه من الأسباب المعهود في الشرع مستدلا بأنه يصير ح؟ كالزكاة يجب صرفها إلى مستحقها ولعل منشأ
هذا التفصيل ان النذر ان تعلق بالتصدق بمعنى التمليك على قصد القربة فلابد من عدم حصوله بالنذر ليتحقق طلبه بعد النذر وان تعلق
بالتصدق بمعنى الدفع إلى المستحق فيكون مأمورا بالدفع واطلاق الامر بالدفع من المالك الحقيقي يدل على خروج ما أمر بدفعه عن ملكية الناذر
وعدم تقرير الشارع له على الملكية واستحقاق المدفوع إليه له ولذا استفيد خروج الزكاة والخمس عن ملك المالك إلى ملك الفقراء من الامر
بدفع بعض النصاب إليهم والا فلم يرد في أدلة تشريع الزكاة حكم وضعي في تملك الفقراء لحصتهم من النصاب وما ورد من أن الله تع‍؟ شرك بين
الأغنياء والفقراء في أموالهم أو جعل للفقراء في أموال الأغنياء ما يكفيهم فليس الا مأخوذا عن الحكم التكليفي الصادر
في أول التشريع لا انه ملك الفقراء أولا ثم أمر الأغنياء بدفع ملكهم إليه على حد التكليف بأداء الأمانة بل الظ؟ العكس واستفادة التملك من الامر
بالدفع وقد استدل المفصل على ما ذكر زيادة على جعله كالزكاة بما رواه الكليني في اخر الكافي في باب النذور عن الخثعمي فيمن نذر ان يتصدق
بجميع ما يملك ان عافاه الله تع؟ فلما عوفي خرج عن داره وما يملكه ليبيعها وتصدق بثمنها فلما سئل الإمام (ع) امره بان يقوم جميع ذلك على نفسه
ويتصدق بقيمتها تدريجا حتى يؤدى ما عليه وبما رواه علي بن جعفر عن أخيه (ع) قال وسئلته عن الصدقة تجعل لله مثوبة هل له ان يرجع فيها قال
إذا جعلتها لله فهى للمساكين وابن السبيل فليس له ان يرجع فيها ولا دلالة للروايتين على مدعاه بوجه إما رواية الخثعمي فلان الخروج عما ملكه و
إرادة بيعها انما هو لأجل إرادة الوفاء بالنذر بالدفع إلى الفقراء على وجه القربة الذي هو المراد من التصدق وهو المملك للفقير لا لخروجها
عن ملكه بمجرد النذر وامر بتقويمها على نفسه لا يدل على الخروج (ايض‍) لكونه من جانب الإمام (ع) الذي هو ولى الفقراء والا فهو مخالف للقاعدة
المقتضية لوجوب التصدق بالعين وعدم جواز التقويم والتصدق بالقيمة تدريجا المنافى المصلحة الفقراء وكيف كان فالرواية ليس لها دلالة
على الخروج عن الملك واما رواية علي بن جعفر فلان الظ؟ من الصدقة المثوبة ولو بقرينة السؤال عن الرجوع فيها ما أخرجه عن ملكه بالوقف أو
بغيره ولا ينافيه قوله هي للمساكين بناء على أن الوقف لا ينقل عنه إلى الموقوف لان المراد بيان الاختصاص في مقابلة عدم دخل المالك فيها
واما ما ذكرنا من قصته الامر بالدفع ابتداء كما في الزكاة والخمس فان الانصاف ظهور ذلك في استحقاق المدفوع إليه بل مالكيته له وأما إذا
أمر بالدفع من جهة التزام المأمور بدفعه والزامه على نفسه والمفروض انه لم يلتزم الا بالتصدق بمعنى احداث ملكية الفقير له ونقله إليه بقصد
القربة حيث إنها في ملك الناذر قبل النذر فيجب عليه بمقتضى لزوم الوفاء بما التزم على نفسه ان يدفعه إلى الفقير على وجه التمليك ولازم وجوب
الدفع على هذا الوجه هو بقائه في ملكه بعد النذر ليتحقق طلب الدفع على الوجه المذكور إذ الحاصل لا يطلب
فالتحقيق ان نذر الصدقة انما يفيد
467

وجوب التمليك لا حصول التملك نعم الظ؟ منع الناذر من التصرف فيه بما ينافي النذر ووقوع التصرف المنافى باطلا لا لاقتضاء النهى للفساد ولذا لا
نقول لو نذر ترك البيع بل لعموم الامر بالوفاء بالنذر الشامل لما بعد التصرف المنافى فيلزم بطلانه مثلا إذا باع المال المنذور فمقتضى عموم الامر
بالوفاء بالنذر وجوب التصدق بما باعه الناذر ولا يتحقق ذلك الا ببطلان البيع ودعوى ان وجوب الوفاء مشروط ببقاء محله وهو بقاء العين في ملك الناذر
فإذا باع والمفروض صحة البيع لأجل العمومات لم يبق محل للوفاء مدفوع بان اطلاق وجوب الوفاء بالنذر المتقدم على البيع أو عمومه الشامل لما بعد
البيع كاشف عن عدم فوات محله بمجرد البيع فتأمل وان شئت توضيح ذلك فقس حال اثبات بطلان العقود الناقلة بأدلة الوفاء بالنذر على اثبات
لزوم العقود وبطلان العقود الناقلة الحاصلة من البايع مثلا بأدلة الوفاء بالعقود وكما أن وجوب الوفاء بما انشاه البايع وحرمة نقيضه على الاطلاق
يدل على بطلان النقض وما يوقعه من النواقل بعد النقض والا فمجرد الامر التكليفي بالوفاء وحرمة النقيض غايته ثبوت الاثم على ايقاع المنافى لا بطلانه
فكك؟ فيما نحن فيه فت‍؟ ويؤيد ما ذكرنا اتفاقهم ظاهرا على أن هذا المال المنذور لا يورث بموت الناذر فعدم قابليته للتمليكات الاختيارية أولي
و (ايض‍) فالنذر سواء كان منجزا أو معلقا شرط لأنه الزام فيشمله أدلة لزوم الشرط وقد ثبت في محله بطلان ما ينافي الشروط من التصرفات فت‍؟ وعلى
أي تقدير فالمنع عن التصرف متفق عليه في المال المنذور وان اختلف في صحة التصرف المذكور وعدمها ولا فرق في ذلك بين تعلق النذر بكل النصاب
أو ببعضه بلا خلاف نظفر به ولا تردد من أحد كما في شرح الروضة مع أن في صورة تعلقه بالكل يستحيل التكليف بالزكاة إذ لا يجتمع في مال واحد
حقان يحط أحدهما بالآخر وإن كان النذر منجزا موقتا كان ينذر التصدق به في وقت معين فإن كان الوقت قبل تمام الحول فلا اشكال في سقوط
الزكاة سواء وفى بالنذر في وقته أولم يف وسواء قلنا بوجوب القضاء مع فوات الوقت أم لا لرجوع الموقت بعد حضور وقته إلى المطلق وقد عرفت
الحال وفي شرح الروضة انه لا شبهة في وجوب الزكاة هنا لو لم يف بالنذر في وقته ولم يوجب القضاء وفيه ان مجرد التكليف بالتصدق يوجب انقطاع
الحول من غير توقف على الوفاء الا ان الظ؟ ابتناء ما ذكره على أن عدم التمكن من التصرف انما يقدح لو منع من التكليف باخراج الزكاة لا مط؟ وإن كان
الوقت بعد الحول أو نفس الحول بنى على أن الوجوب في النذر الموقت يتنجز عند الصيغة أو عند حضور الوقت والظ؟ الأول فينقطع الحول بتنجز التكليف وان
لم يحضر وقته ودعوى ان حولان الحول سبب لوجوب الزكاة فيرجع النذر إلى ايجاب التصرف في مال الفقراء وهو غير مشروع مدفوعة بمنع كون الحولان
سببا مع تحقق التكليف قبله بالتصدق الذي هو راجح قابل للنذر وعلى القول بتنجز التكليف بحضور وقت المنذور فإن كان بعد الحول وجب
التصدق بما بقى بعد الزكاة وإن كان نفس الحول اجتمع في المال الزكاة والتصدق فان وسعها وجب الجميع والا فيمكن القول بوجوب اخراج الزكاة بالقيمة وصرف
المال في النذر ويحتمل بطلان النذر وفي قدر الزكاة ويحتمل صحته فيه وصرفه إلى الذمة ويحتمل القرعة والأول لايخ؟ عن قوة الا ان يعلم من النذر
والتنجيز جواز العدول إلى القيمة فلا يبعد التنجيز فإن كان زمان الشرط مقدما على الحول وعلم بحصوله فيمنع من التصرف من حين الصيغة بناء على أنه زمان
الوجوب وان لم يكن زمان الواجب و ح؟ فينقطع الحول وان تبين بعد ذلك خطاه لعدم حصول الشرط وان قلنا بالوجوب من حين تحقق الشرط انتظر زمانه
نعم لو كان النذر المشروط متعلقا بالغايات كنذر كونه صدقة ان وجد كذا بناء على صحة نذر الغايات وكفاية النذر في وقوعها فالمنع من التصرف
ثابت من حين النذر لان كونه صدقة عند وقوع ذلك الامر المعلوم وقوعه ينافي صحة التصرفات النافية كالبيع ونحوه كما لا يخفى نعم يظهر من الشهيد
الثاني في الروضة جواز التصرف في النذر المعلق على الوفاة كبيع المنذور حريته بعد الوفاة مع الحنث إذا لم يكن نسيانا لكن حكى عدم الصحة في المسألة
المذكورة بل عن السيد الاجماع على صحة البيع وان علم عدمه فكالعدم واحتملها بنى المنع عن التصرف من حين الصيغة وعدمه على ما سيجيئ من مسألة النذر
المشروط وإن كان زمان الشرط بعد الحول وعلم بتحققه بنى على ما تقدم من تحقق الوجوب بالصيغة وان علم عدمه فكالعدم وان احتملهما بنى عليه
وعلى جواز فعل منها في النذر إذا كان مشروطا بشرط مترقب فان قلنا بالجواز ان لم يمنع النذر من وجوب الزكاة والا منع والأقوى المنع إما في نذر
الغايات بناء على صحته كان ينذر كونه صدقة فلما تقدم من أن مقتضى صحة النذر كونها صدقة عند الشرط وهو ينافي اخراجها في الزكاة و
دعوى أصالة عدم تحقق الشرط والمشروط لا ينفع لان المنافى هو كونه صدقة عند الشرط وهذا أمر منجز مقطوع به لا مطلق كونه صدقة حتى يق؟
انه تعلق على شرط محتمل مخالف للأصل وهذا نظير مايق؟ من أنه لا يجوز لمن باع ماله من الفضولي ان تتصرف فيه بناء على أصالة عدم الإجازة نعم
لو فهم من النذر كونه مشروطا بتحقق الشرط في حال كون المنذور باقيا على ملكه فلا اشكال في جواز تصرفات المخرجة عن الملك لأنه انما نذر الفعل
إذا تحقق الشرط واتفق بقائه في ملكه فبقائه شرط اختياري لحصول الغاية المنذورة ولا يجب تحصيل الشرط الاختياري ومثله ما لو كان الشرط نفس؟
من الأمور الاختيارية كان ينذر كون النصاب صدقة إذا فعل كذا فان الظ؟ انه لا اشكال في جواز التصرف فيه وان لم يبعد ان يحرم عليه بعد ذلك
فعل ذلك الشرط الموجب للحنث فضابط جواز التصرف في نذر الغاية المشروط ما ثبت توقفه على ما يرجع إلى اختيار الناذر واما في نذر الافعال
كان ينذر عند تحقق شرط محتمل الوقوع فإن كان الشرط راجعا إلى اختيار المكلف لدخول الدار ووطى الجارية أو فهم من النذر وجوب التصدق
عند الشرط لو اتفق كونه مالكا له فقد عرفت جوازه في الصورة الأولى المستلزم لجوازه هنا بطريق أولي وان لم يكن كك؟ فان قلنا بان الوجوب
468

في النذر المشروط كالوجوب الأصلي المشروط لا يحصل الا بعد حصول الشرط فلا يبعد الجواز (ايض‍) لان المانع هو الوجوب ولم يتحقق فعل شرطه وان
قلنا بتنجز الوجوب بالصيغة فإن كان زمان الواجب بعد الشرط فلا يجوز التصرف وان فصلنا في الشرط بين ما خالف الأصل وبين ما وافقه كان
حكم الأول الجواز وحكم الثاني المنع ثم إن ما ذكرنا من الشروط انما هي شروط الوجوب بمعنى ان انتفائها ينتفى الوجوب رأسا واما شرط الضمان الحاصل بعد الوجوب
بمعنى وجوب البدل لو تلف فهو أمران الاسلام وامكان الأداء فلو تلفت بعد الوجوب وامكان الأداء وان لم يفرط في التلف على ما يقتضيه اطلاق
النص والفتوى والاتفاق المحكي عن التذكرة ضمن المسلم لا الكافر إما ضمان المسلم فعن التذكرة ان عليه علمائنا أجمع لان الاهمال مع التمكن تفريط
يوجب الضمان عند التلف مط؟ وحسنة ابن مسلم بابن هاشم قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل بعث لزكاة ماله ليقسم فضاعت هل عليه ضمانها
حتى يقسم قال إذا وجد لها موضعا فلم يدفعها إليه فهو لها ضامن حتى يدفعها وان لم يجد لها من يدفعها إليه فبعث بها إلى أهلها فليس عليه ضمان لأنها
قد خرجت عن يده وكذا الوصي الذي يوصى إليه يكون ضامنا لما دفع إليه إذا وجد ربه الذي أمر بدفعه إليه وان لم يجد فليس عليه ضمان وحسنة
زرارة بابن هاشم قال سئل أبا عبد الله (ع) عن رجل بعث إليه أخ له زكاة ليقسمها فضاعت فق؟ ليس على الرسول ولا على المؤدى ضمان قلت وان لم
يجد لها أهلا قصدت وتغيرت أيضمنها قال لا ولكن ان عرف لها أهلا فعطبت أو فسدت فهو لها ضامن حتى يخرجها واما عدم ضمان الكافر وان فرط في الاتلاف
فلاشتراط الاسلام في الضمان على ما ذكره المص‍؟ والشهيدان قدهم والوجه فيه غير واضح وربما يتخيل ان وجهه عدم تمكن الكافر من الأداء لعدم
صحته منه حال الكفر وسقوطه عنه حال الاسلام وفيه مع أن ظاهر الجماعة بل صريح المص‍؟ والشهيد في البيان كون الاسلام شرطا مستقلا
بل صرح المحقق الأردبيلي بأنهم اشترطوا في الضمان شرطين منع عدم تمكن الكافر من الأداء وان لم يكن مكلفا به ولم يعاقب عليه ودعوى ان
صحة التكليف لا يستلزم التمكن في الحال بل يكفي فيه تمكنه من عدم الكفر سابقا حتى لا يتعذر عليه الفعل في الحال فاسدة لان التكليف لابد فيه من
التمكن الحالي كما لا يخفى والامتناع ولو كان بالاختيار كاف في قبح التكليف حال الامتناع مع أنه لو كان الامتناع الاختياري كافيا في صحة التكليف
المشترط بالتمكن يكفي في الضمان المشروط بطريق أولي فالتحقيق في تصحيح تكليف الكافر ما حقق في تصحيح تكليفه بقضاء العبادات وربما يوجه ذلك
في الغنائم الفاضل القمي ره بان التلف يوجب الانتقال إلى الذمة ولا مؤاخذة على أهل الذمة بمعاملاتهم ومدايناتهم وفيه نظر فإنه لا ينبغي الاشكال
في أنهم لو أتلفوا عينا لمسلم يجب مؤاخذتهم بمثله أو قيمته فالاشكال في القيمي بالعين أي كون التالف وهي مال اخر لمسلم نعم يمكن ان يفرق بان الكافر
ما دام كافرا لا تجبر على أداء العبادات لكن مع بقاء العين يكون مالا للمسلمين بيد الذمي يؤخذ منه وان لم يمتثل بالدفع واما القيمة فلا تصير مالا
للمسلمين الا إذا نوى أداء الزكاة به والمفروض انه لا ينوى ولا يجب على أمثال هذا التكليف كما يجب الممتنع من المسلمين حتى لا يحتاج هذا الفعل إلى
النية كسائر الواجبات التي يجبر بها المسلم (الممتنع واما اجبار الكافر على أداء ما في ذمته من المسلمين وان لم يقصد فلعدم اعتبار النية صح) في الممتنع فيما يمتنع منه والحاصل ان الممتنع إذا أجبر على ما امتنع عنه يسقط النية فيه فان أجبر على عبادة كالمسلم
المجبور على الصلاة والزكاة سقطت النية المعتبرة فيهما المتوقف عليه آثارهما وان أجبر على ما هو من قبيل المعاملات كاداء الدين سقط النية فيه
(ايض‍) كالكافر والمسلم المجبورين على أداء الدين فان قلت الزكاة بعد تلفها بتفريط المكلف بها يصير دينا قلت في وجوب الوفاء ما دام حيا ومن ماله بعد
الموت لا في سقوط النية فيها بل تصير كالكفارة التي لا تؤاخذ؟ بها الكافر حال الكفر ويبقى الكلام في دليل ما ذكروه من اشتراط الاسلام في الضمان
وليس بواضح كما اعترف به غير واحد وثمرة عدم الضمان في المسالك يظهر في عدم جواز اخذ الساعي لبدل التالف والا فبالاسلام تسقط
مع بقاء العين وتلفها الحديث الجب المنجبر بعدم ظهور الخلاف ولولاه لاشكل الحكم بالسقوط مط؟ ولذا مال إلى عدم السقوط جماعة من متأخري
المتأخرين ولو تلفت من المسلم قبل الامكان فلا ضمان للأصل والاجماع نصا وفتوى ومعنى الوجوب قبل امكان الأداء هو الاستقرار في المال
والتعلق به لا وجوب التسليم كما صرح به في المعتبر أو وجوب التسليم بمعنى تحقق التكليف المنجز بالتسليم المقيد بحال الامكان لا التكليف المشروط
بالتمكن حتى يكون منفيا قبله ولا يجمع بين ملكي شخصين وان امتزجا اجماعا لان خطابات الزكاة مختصة بكل واحدة وكذا لا يفرق بين ملكي شخص
واحد وان تباعدا فان العبرة بوحدة المكلف لا المال والدين لا يمنع الزكاة بلا خلاف لاطلاق الأدلة وخصوص (ما رواه الكليني في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن زرارة عن أبي جعفر (ع) وضريس
عن أبي عبد الله (ع) انهما قالا أيما رجل كان له مال موضوع حتى يحول عليه الحول فإنه يزكيه وإن كان عليه من الدين مثله أو أكثر منه فليزك مما في يده صح) ووقت وجوبها في الغلات الأربع
بدو الصلاح باشتداد الحب في الحنطة والشعير واحمرار التمر أو اصفراره وانعقاد الحصرم في الزبيب على المش‍؟ كما صرح به جماعة لاطلاق الحنطة والشعير
على الحبين بعد الاشتداد فيثبت في البسر والحصرم بما ادعى من عدم القائل بالفرق بل قيل في البسر باطلاق التمر عليه حقيقة مستشهدا بكلام بعض
أهل اللغة وفيه نظر بل الظ؟ من العرف واللغة خلافه وان التمر لا يسمى تمرا الا بعد الجفاف بمعنى الخروج عن الرطبية بل عن الاصباح ان عليه اجماع
اللغات وبه يوهن ما عن المص‍؟ قده في المنتهى من اجماع أهل اللغة على أن البسر نوع من التمر وفي ثبوت الاجماع المركب (ايض‍) تأمل لان المحكي عن بعض
الفرق فالأولى التمسك في ذلك بصحيحة سليمان بن خالد ليس في النخل صدقة حتى تبلغ خمسة أوساق والعنب مثل ذلك حتى تبلغ خمسة
أوساق زبيبا فان الظ؟ ان الزبيب حال مقدرة وإن كان تقدير الحال خلاف الظاهر ونحوها صحيحة سعد بن سعد عن مولانا الرضا (ع)
هل على العنب زكاة أو انما تجب إذا صيره زبيبا قال نعم إذا أخرصه اخرج زكاته فان زمان الخرص على ما صرح به في المعتبر وغيره مقدم
469

على بلوغ التمر (والزبيب بمدة واحتمال كون حرصه بالحاء المهملة من حرص الرعى إذا لم يترك شئ فيكون كناية عن صيرورة العنب زبيبا بالكلية مع أنه خلاف المضبوط؟ في كتب
الرواية والفتوى صح) على ما يطهران هذه الكناية في غاية البشاعة عند الطبع السليم واما الصحيحة الأخرى لسعد عن مولانا الرضا (ع) عن الزكاة في الحنطة
والشعير والتمر والزبيب متى تجب على صاحبها الزكاة قال إذا صرم وإذا خرص فعلى تقدير اجمالها لظهورها في اتحاد زمان الصرام والخرص مع
ظهور اختلاف زمانهما فلابد من التصرف في الصرام أو في الخرص لفظا أو معنى لا يوجب اجمالا في الصحيحة الأولى مع أن أظهر الاحتمالات في الصحيحة حمل
قوله صرم على قابلية الصرام للاكل لا لجعلها زبيبا فمتحد مع زمان الخرص ويكون من أدلة المش‍؟ وهذا هو أولي من قرائه الحرص بالحاء المهملة بالمعنى
المتقدم فيكون كناية عن الصرام بالكلية وإن كان هذا المعنى هنا أقرب منه في الصحيحة السابقة ومما ذكرنا ظهر وجه التمسك في المقام بأدلة الخرص
فان ما ذكروا في فائدته وصفته صريح في القول المش‍؟ قال في المعتبر بعد ذكر جواز الخرص في الكرم والنخل على وجه يستفاد منه عدم المخالف في المسألة
الا من أبى خنيفة ان زمان الخرص حين يبدو صلاح الثمرة لأنه وقت الامن على الثمرة من الجاعة ثم ذكر ان صفة الخرص ان يقدر الثمرة لو صارت
تمرا والعنب لو صارت زبيبا فان بلغ الأوساق وجب الزكاة ثم خيرهم بين تركه أمانة في يدهم وبين تضمينهم حق الفقراء أو يضمن لهم حقهم فان اختاروا
كان لهم التصرف كيف شاؤوا وان أبوا جعله أمانة ولم يجز لهم التصرف بالاكل والبيع والهبة انتهى وهذا الكلام من المحقق في النخل والكرم الا عند
صيرورتهما تمرا وزبيبا لو لم يكن على سبيل التفريع على فتوى المشهور ينافي قوله بعدم وجوب الزكاة في الغلات الأربع الا بعد صدق التمر والزبيب
والحنطة والشعير وفاقا للمحكى عن الإسكافي والشيخ في النهاية وسلار ووالد المص‍؟ قدهم ومال إليه بعض من تأخر بل ربما نسب إلى ظاهر كثير مما
تقدم حيث اطلقوا القول بوجوب الزكاة في الغلات الأربع الحنطة والشعير والتمر والزبيب وعدم وجوبها فيما عداها وفي النسبة بمجرد هذا الاطلاق
نظر لاشتراك الكل في هذا التعبير المراد به جنس هذه الأربعة في مقابل غيرها من الأجناس ويظهر ضعف التمسك بما دل على وجوب الزكاة في مسميات
الأسماء الأربعة ونفيها عن غيرها الشامل لما قبل بدو الصلاح في هذه الأربعة فلم يبق لهذا القول ما يركن إليه عدا الأصل المندفع بما تقدم للمشهور
هذا في الغلات واما في غيرها فوقت الوجوب إذا أهل أي دخل الشهر الثاني عشر عند علمائنا إذ به يتم الحول الذي يجيئ انه أحد عشر شهرا لحسنة
زرارة عن الباقر (ع) إذا دخل الشهر الثاني عشر فقد حال الحول ووجبت الزكاة وظاهر النص والفتوى استقرار الوجوب كما في الغلات عند بدو
صلاحها خلافا للمحكى عن جماعة منهم الشهيد الثاني في الروضة فلا يستقر الا باكمال الثاني عشر جمعا بين اطلاق النص والفتوى بالوجوب بدخول
الثاني عشر وما ثبت من الاجماع نصا وفتوى على وجوب مضى الحول والسنة والعام التي هي موضوعة لغة وعرفا لاثنى عشر شهرا كاملا فيتحقق الوجوب
بدخول الأخير ويبقى متزلزلا فان كمل مع بقاء شرائط المال والمكلف والا كشف عن عدمه أولا فيسترد ما دفعه مع بقاء العين أو علم القابض بالحال كما
في كل دفع متزلزل وفيه انه طرح لظاهر أدلة من الطرفين فان ظاهر الحسنة المتقدمة بل صريحها بملاحظة صدرها المانع من نقل النصاب بعد هلال الثاني
عشر لاشتمالها على مال الفقراء استقرار الزكاة وتعلق حق الفقراء بل شركتهم بمجرد دخول الثاني عشر وكذا ظاهر أدلة اشتراط الحول بل صريح
المانع عن الدفع قبله الا فرضا هو توقف أصل الوجوب على ذلك لاستقراره مع أن الوجوب المتزلزل ليس معنى مجازيا للفظ الوجوب بل هو وجوب مقيد
بصورة تحقق ما به يستقر فاستعماله فيه على وجه التقييد دون المجاز وظاهر انه لا يمكن ارتكاب التقييد في الحسنة المتقدمة بان يق؟ ان قوله فوجبت الزكاة
مقيدة بما إذا كمل الشهر الأخير لأجل صراحة الكلام في كفاية دخوله فالتحقيق ان هذه الحسنة من حيث تضمنها لكون الدخول في الثاني عشر موجبا
لحولان الحول الذي جعل مناطا لوجوب الزكاة في أدلة اعتبار الحول حاكمة على تلك الأدلة فلا معنى للجميع نعم يشهد لهذا القول رواية إسحاق بن
عمار عن النخلة؟ متى تجب فيها الصدقة قال إذا أجذع والجذع المعز؟ ما دخل في السنة الثانية واما في الضان فقد اختلف فيه الا ان المحكي عن حياة الحيوان
ان أصحابنا وأكثر أهل اللغة انه ما مضى عليه سنة مع أنه لا يناسب هنا إرادة غيره لعدم الوجوب فيما دون الأحد عشر اجماعا فتصير الرواية دالة
على توقف الوجوب على مضى اثنى عشر فيحمل على استقراره بذلك بدليل الاجماعات المستفيضة على تحقق أصل الوجوب بمعنى أحد عشر شهرا لكن حيث
عرفت ظهور الحسنة بل صراحتها في الوجوب المستقر سيما بعد الاعتضاد بظاهر الفتاوى ومعاقد الاجماعات بل صريحها حيث إنهم يستدلون على
كفاية الاستهلال الثاني عشر بأدلة اعتبار الحول فيكشف ذلك عن ارادتهم الوجوب المستقر ولذا اعترف في المسالك بان مقتضى الاجماع والرواية
استقرار الوجوب بدخول الشهر وظاهره إرادة الاجماعات المحكية والا فكيف يعدل عن مقتضى الاجماع المحصل ويمكن ان يريد به متن الاجماع المحقق
وكيف كان فيتعين حمل رواية اسحق عن السؤال عن زمان قابلية النخلة لاخراجها في الصدقة فيصير مفادها اعتبار الجذع في الفريضة وسيجيئ
تحقيق معناه انش‍؟ (تع‍) واما الكلام في سنة الحسنة فإن كان من جهة ابن هاشم فقد عد في المسالك روايته صحيحة في مسألة مبدء حول السخال وإن كان
من جهة حريز فلا يخفى انه ليس محل الكلام وان ورد فيه بعض الكلام مع أنها لا تقصر عن الضعف المنجبر والاجماعات المنقولة فلا محيص من التصرف في أدلة
اعتبار الحول وان كثرت ووردت في مقام البيان إما بحمل الحول فيها على الأحد عشر شهرا باثبات الحقيقة الشرعية كما يظهر من بعضهم أو المجاز
اللغوي واما بالتصرف في حولان الحول بإرادة الدخول في الشهر الأخير منه ودعوى الحقيقة الشرعية في غاية البعد مع أن الوارد في الأدلة ليس منحصرا
في لفظ الحول بل في بعضها العام وفي بعضها السنة وادعاء الحقيقة في الكل كما ترى مع أنه مخالف للأصل ولم يثبت ودونه في الضعف التجوز في الألفاظ
470

المذكورة فالأحسن التصرف في حولان الحول ومضيه فإنه كثيرا ما يستعمل مضى الحول إذا دخل الجزء الأول من الشهر الأخير كما يستعمل مضى الأسبوع والشهر بدخول
اليوم الأخير ونحوه مضى عشرة أيام أو خمسة أيام أو غير ذلك بدخول اليوم الأخير وهذا وإن كان مبنيا على
المسامحة الا انه لا باس به بعد قيام الدليل ومما
ذكر ظهرانا وان قلنا بتنجز الوجوب بدخول الشهر الأخير
الا ان الظ؟ انه بمجموعه محسوب من الحول الأول ولا يستأنف الحول الا بعد انقضائه ولم يثبت التلازم بين القول باستقرار
الوجوب بما ذكر والقول بعد الأخير من الحول الثاني كما يظهر من غير واحد ولذا فك بينهما جماعة من متأخري المتأخرين نعم لو جعلنا المراد بالحول في الاخبار
الحول الشرعي حقيقة أو مجازا فلا مناص ما اختاره جماعة كالمص‍؟ وولده في الايضاح وشارح الروضة ممن عد الشهر الأخير من الحول
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين مسألة لا خلاف ولا اشكال
في اعتبار البلوغ في زكاة النقدين والفتوى به كدعوى الاجماع مستفيضة نعم في المختلف من ابن حمزة اطلاق ثبوت الزكاة في مال اليتيم فان أراد به
ما يعم النقدين كان شاذا وقد يستدل على ذلك (ايض‍) بأدلة رفع التكليف عن الصبى وفيه نظر لأن عدم تكليف الصبى بأدائها لا يستلزم عدم ثبوتها
في ماله بحكم أمثال قوله (ع) انه جعل للفقراء في أموال الأغنياء ما يكفيهم مما يدل على ثبوت الزكاة في عين مال الأغنياء المستلزم لوجوب اخراجها
على من له ولاية المال والظ؟ اعتبار البلوغ من ابتداء الحول فلا يكفي تجدده في الجزء الأخير واستدل له بقول (ع) في رواية أبي بصير الموثقة ليس في مال
اليتيم زكاة ولا عليه صلاة وليس على جميع غلاته نخل؟ أو زرع أو غلة زكاة وان بلغ فليس عليه لما مضى زكاة ولا عليه لما يستقبل زكاة حتى يدرك
فإذا أدرك كانت عليه زكاة واحدة ثم كان عليه مثل ما على غيره من الناس بناء على أن الموصول في قوله لما مضى يشمل الأحوال المتعددة والحول الواحد
الا أياما قليلة وبما دل على اعتبار حول الحول بشرط كون المال في يده طول الحول وعنده بناء على ظهورها في اعتبار تمكنه من التصرف حول الحول والصغير
والمجنون في بعض الحول ليسا متمكنين من التصرف في المال طول الحول وفيه نظر لان الظ؟ من هذه الأخبار اعتبار التمكن من التصرف في مقابل الدين
والمغصوب والغائب لا في مقابل قصور المالك عن التصرف لصغر أو جنون ولهذا لا يسقط عن السفيه والحاصل ان الصغر مانع اخر لا دخل له بعدم
تمكنه من التصرف وعدم تمكنه من التصرف مانع اخر وليس منع الأول من جهة ولذا عد عدم كل منهما شرطا مستقلا نعم يمكن ان يق؟ ان الظ؟ من قوله (ع)
ليس في مال اليتيم ان مال اليتيم ما دام كك؟ ليس محلا للزكوة ولا تكون الزكاة متعلقة به حتى يجرى في الحول ويلاحظ فيه الحول نظير قوله لا زكاة على
مال الغائب حتى يقع في يدك إذ ليس معناه الا انه إذا وقع في اليد يتعلق به الزكاة بمعنى انه يجرى في الحول ويلاحظ فيه الشروط الا انه بمجرد الوقوع
في اليد يجب فيه الزكاة والحاصل ان المراد من هذه الأخبار نفى كونه متعلقا للزكوة لانفى تنجز الزكاة فيه فتدبر مسألة إذا أتجر بمال
الطفل فاما ان يتجر له الولي نظرا له فالمشهور ح؟ استحباب اخراج زكاة التجارة عن الطفل وعن المفيد وجوبه كما هو صريح رواية محمد بن الفضيل و
ظاهر غيرها من المستفيضة الا انه لا قائل ظاهرا به من الأصحاب قال الشيخ الذي كالمترجم لكلام شيخه المفيد أول كلامه بإرادة الاستحباب ويحتمل (ايض‍)
حمل تلك الأخبار على التقية حيث إن المحكي عن أبي حنيفة والشافعي واحمد وجوب زكاة التجارة الا ان الظ؟ ان حمل تلك الأخبار على الاستحباب أولي من
حملها على التقية لأنه طرح في الحقيقة مضافا إلى ما عن المعتبر والمنتهى والغنية والنهاية من الاجماع على الاستحباب ثم إن الظ؟ عدم الضمان على الولي خلافا
للمحكى عن ظاهر جماعة لاطلاق غير واحد من الاخبار في ضمان العامل بمال اليتيم ويحمل على صورة التقصير أو على غير الولي لعموم قوله ما على المحسنين
من سبيل ولرواية أبى الربيع المصرحة بعدم الضمان إذا كان العامل ناظرا للصغير وجواز جعل الربح بينهما ومن هنا يظهر (ايض‍) جواز اخذ الأجرة لصريح
الرواية بجواز المضاربة وإذا أتجر غير الولي للطفل فلا اشكال في تحقق المعصية فان أجاز الولي كان الربح لليتيم وعليه ضمان المال كما في الأخبار المستفيضة
ولو لم يجز الولي فمقتضى القاعدة البطلان كما هو المحكي عن الشهيدين والمحقق الثاني ومقتضى اطلاقات نصوص الباب الصحة وكون الربح
لليتيم الا ان تحمل على صورة الإجازة أو على وجوب الإجازة مع ظهور الربح فإن لم يجز الولي الخاص وجب على الولي المتأخر عنه حتى ينتهى إلى الإمام (ع)
أو الشارع المجيز له كما يكشف عنه هذه الأخبار ولا يعمل في كون إجازة الشارع مقتضى هذه الأخبار بمنزلة إجازة الولي الثابت ولايته بإذن الشارع
(ايض‍) وإذا أتجر الولي به لنفسه فان أتجر بما في الذمة ثم دفع مال الصغير عوضا عما في ذمته فالظ؟ ان الربح للولي وعليه زكاة التجارة
سواء ضمن مال الصغير باقتراحه فدفعه أو دفعه عصيانا ويدل على الصورة الأولى ما سيجيئ من الاخبار وان أتجر بالعين من حيث يجوز له الاقتراض
فربما يق؟ بان العقد يقع للطفل لوروده على عين ماله وقصد الولي نفسه لغو ولم يقع القصد من الغير حتى يحتاج إلى إجازة الولي كما لو اشترى
بعين مال زيد شيئا لنفسه وكان وكيلا له أو إجازة زيد فالولي هنا كالوكيل القاصد نفسه في الشراء بالعين حيث إن صحة البيع لا يحتاج إلى
إجازة الموكل في وجه قوى مسألة لا اشكال في جواز اقتراض الولي واقراضه مال الطفل مع المصلحة بلا خلاف فيه ولا اشكال (ايض‍)
في عدم جواز ذلك مع المفسدة له الا ان في خصوص الأب والجد كلاما سيجيئ وهل يجوز الاقتراض مع عدم المصلحة ومفسدة زائدة على ما
471

يحتمل ترتبه على نفس الافتراض أم لا المعروف الجواز بشرط ملائة المقترض وهو ان يكون عنده ما يمكن ان يوفى به مال الصغير إما أصل الجواز
فلصحيحة منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع) في رجل ولى مال يتيم يستقرض منه قال كان علي بن الحسين صلوات الله عليهما يستقرض من مال أيتام كانوا
في حجره فلا باس بذلك ونحوه رواية أخرى حاكية لاستقراضه (ع) ظاهرة في إرادة بيان الجواز لا إرادة الحكاية خلافا للمحا؟ فمنع من ذلك و
لعله إما لاعتبار المصلحة في التصرف في مال الصغير واما لترتب المفسدة على نقل مال الصغير إلى الذمم لكونه معرضا للتلف بالاعسار أو الانكار
أو الموت وغير ذلك مما يغلب على الاحتمالات القائمة مع بقاء العين وهو حسن لولا النص المعتضد بالشهرة واما اعتبار الملائة فالظ؟ انه مما لا
خلاف فيه في غير الأب والجد ويدل عليه الأخبار المستفيضة واما استثناء الأب والجد من اعتبار هذا الشرط فنسبه غير واحد إلى المتأخرين و
في الحدائق إلى الأصحاب من غير خلاف يعرف فيه وعن مجمع الفائدة كأنه مما لا خلاف فيه نعم في كلام بعض انه حكى عن المبسوط أنه قال من يلي أمر الصغير
والمجنون خمسة الأب والجد ومن يأمره فكل هؤلاء الخمسة لا يصح تصرفهم الا على وجه الاحتياط والحظ للصغير المولى عليه لانهم نصبوا لذلك فإذا
تصرف على وجه لاحظ فيه كان باطلا وحكى عنه (ايض‍) انه نص على المنع من اقتراض الأب للحج المندوب وان اجازه للحج الواجب في مقام اخر ولعله لرواية
سعيد بن يسار الآتية والظ؟ انه مستند المتأخرين ما دل على أن الولد وماله لوالده مثل ما روى أن النبي صلى الله عليه وآله قال لرجل أنت ومالك لأبيك
وقوله (ع) في رواية سعيد بن يسار ان الوالد يحج من مال ولده حجة الاسلام وينفق منه ان مال الولد لوالده وفي أخرى ان الوالد يأخذ من مال
ولده ما شاء إلى غير ذلك والانصاف ان استفادة المطلب منها مشكل سيما مع ما ورد في المعتبرة من أنه لا يؤخذ الا ما اضطر إليه مما لابد
منه ان الله لا يحب الفساد وأي فساد أشد من أن يستقرض ماله مع الاعسار فإنه عرفا اتلاف له وكيف كان فالمسألة محل اشكال سيما في الجد المندرج
في عموم قوله (تع‍) ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هي أحسن ودعوى صدق الأب عليه فيشمله الاخبار ممنوعة بكلا مقدمتيه مسألة الأقوى عدم
وجوب الزكاة في غلات الطفل وفاقا لأكثر أصحابنا كما عن التحرير ولعامة المتأخرين كما في المدارك وكلام بعض مشايخنا انه حكى عن تلخيص الخلاف
نسبته إلى أصحابنا وعن كشف الحق ان الزكاة لا تجب على الطفل للأصل واطلاق قوله الزكاة على يتيم بل جميع ما دل على أنه ليس في مال اليتيم
بناء على منع دعوى انصراف المال إلى النقدين وخصوص موثقة أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) ليس على مال اليتيم زكاة ولا عليه صلاة ولا على
جميع غلاته من نخل أو زرع أو غلة زكاة خلافا للمحكى عن الشيخين واتباعهما فأوجبوه فيها وعن الناصريات نسبته إلى أكثر أصحابنا لكن الانصاف ان
عبارته ليست صريحة لأنه قال ذهب أكثر أصحابنا إلى أن الإمام (ع) يأخذ الصدقة من الزرع والضرع لليتيم وهو غير صريح بل ولا ظاهر في الوجوب
لاحتمال كونه مستحبا فاخذ الامام احسان بالنسبة إلى الطفل والفقير كليهما ولو كان فالمستند صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم حيث قال بعد
نفى الزكاة عن مال اليتيم واما الغلات فعليها الزكاة واجبة وحملت على الاستحباب ان لم يحمل على التقية حيث إن القول بالوجوب محكى عن
فقهاء الجمهور لرواية أبي بصير الموثقة الطفل ليس على جميع غلاته من نخل أو زرع أو غلة زكاة وحمل النفي على سلب العموم كما فعله الشيخ بعيد
جدا واما في المواشي فلا دليل عليه الا الاجماع المركب المحكي عن ابن حمزة عن الموجبين واولى بعدم الوجوب غلات المجنون وهو أشبه فان
الحكم بالاستحباب فيها مشكل فضلا عن الوجوب
مسألة لا زكاة في مال العبدان قلنا بتملكه لانصراف الأخبار الدالة على وضع الزكاة
على الأغنياء إلى غير العبد المحجور في تصرفاته اجماعا المستفاد من الاخبار مثل قوله ليس على المملوك زكاة ولو كان له الف ألف درهم ولو احتاج
لم يعط من الزكاة شيئا إذ لا عبرة بغناه وفقره إذ لا يعد غناه غنى لأجل الحجر ولا فقره فقرا لان مؤنة على غيره وهو كل على موليه فمن تأمله وما
ورد من وجوب الزكاة على الأغنياء للفقراء يجد ان العبد لا إلى هؤلاء مع أن ظاهر ما دل على اعتبار كون المال في يد المالك هو كون المالك
مسلطا عليه لان المراد من اليد ليس الجارحة المخصوصة بل هي كناية عن التصرف والتسلط والعبد غير مستقل في شئ من التصرف كتابا وسنة واجماعا
بل وعقلا مع أن وجوب الزكاة على المملوك تعلقه بغير ماله كما هو مقتضى أدلة الزكاة من ثبوت الشراكة بين الفقراء والأغنياء ومقتضى ذلك أنه
ليس لاذن المولى مدخل في ذلك وهذا موجب لجواز استقلال العبد في الاخراج وان لم يرض المولى وهو منفى بالآلة الدالة على أن العبد وما في
يده لوليه وما ادعى في الخلاف وكشف الغطاء من أن للمولى انتزاع ما في يده اجماعا وما ورد في الكتاب من أن العبد لا يقدر على شئ انه ليس له من
الامر شئ وقد ورد في المكاتب مع تشبيه بالحرية انه لا يصلح له ان يحدث في ماله الا الأكله من طعام ومكاتب المشروط لا يجوز له عتق ولا هبة
ولا نكاح ولا شهادة يعنى اقرار ولا حج حتى يؤدى ما عليه والظ؟ إرادة التمثيل الا ان يق؟ انه لا منافاة بين تعلق الزكاة في العين والشركة الا ان العبد
محجور عن تعيين الزكاة وتميزه فيكون ذلك إلى المولى الا ان اذن العبد في ذلك واليه يرجع قوله (ع) في رواية قرب الإسناد ليس على العبد زكاة
الا بإذن مولاه فالعمدة في الاستدلال التمسك بصحيحتي ابن سنان ليس في مال المملوك زكاة ولو كان له الف ألف درهم ولو احتاج لم يعط من
الزكاة شيئا وتخصيصهما برواية قرب الإسناد غير صحيح مع ضعف المسند بل والدلالة وعدم ظهور قائل به الا ما حكاه في الحدائق بلفظ
قيل مسألة الأشهر ان العبد لا يملك شيئا وعن التذكرة نسبته إلى أكثر علمائنا وعن نهج الحق وزكاة الخلاف الاجماع عليه وعن السرائر
472

بلفظ عندنا وعن شرح القواعد لبعض مشايخ المعاصرين انه المش‍؟ غاية الاشتهار بين المتقدمين والمتأخرين المدعى عليه الاجماع معبرا عنه بلفظه
الصريح عن جماعة وبما يقيده بظاهره بعبارات مختلفة عن نقلة متعددين كمذهب الامامية ومذهب أصحابنا وعندنا وعن الرياض انه الأشهر بين
أصحابنا وانه الظ؟ من تتبع كلماتهم حيث لم أجد لهم مخالفا الا نادرا ويمكن ان يستدل لهم بوجوه الأول الأصل فان الملكية أمر شرعي موقوف على حكم
الشرع بثبوته وفيه ان الخروج عنه لازم بمقتضى عمومات أسباب الملك الاختيارية والاضطرارية الا ما خرج كالإرث الثاني الكتاب وهو قوله (تع‍)
عبدا مملوكا لا يقدر على شئ فان التمسك بعمومه لا اشكال فيه سيما بعد تمسك الإمام (ع) به في غير واحد من الروايات الواردة في طلاق المملوك فيدل
على نفى القدرة على الملك الناشئ عن الأسباب الاختيارية فيكون كك؟ في الملك الاضطراري لعدم القول
بالفصل بالاجماع كما عن المصابيح للعلامة
الطباطبائي وفيه ان المراد بالقدرة الاستقلال أو معنى القدرة على الشئ انه له ان يتركه وهذا المعنى مفقود في العبد لأنه محجور عليه اجماعا في
أفعاله من التصرفات ومما يؤيد ان المراد الاستقلال ان في مصححة زرارة المتقدمة ان المملوك لا يجوز طلاقه ولا نكاحه الا بإذن سيده قلت فان
السيد كان زوجه بيد من الطلاق قال بيد السيد قال الله (تع‍) عبدا مملوكا لا يقدر على شئ أفشئ الطلاق وقوله (تع‍) هل لكم مما مملكت ايمانكم
من شركاء فيما رزقناكم فان الاستفهام انكاري دل على نفى الشركة بين الأحرار ومماليكهم في جنس الأموال التي رزقهم الله لا خصوص الأعيان
المختصة بالأحرار لان ليس هذا رفعة لشأن الأحرار وضعة لشأن المماليك وفي الاستدلال به (ايض‍) نظر لا يخفى الثالث السنة وهي كثيرة منها
صحيحة محمد بن قيس عن أبي جعفر (ع) في المملوك ما دام عبدا فإنه وماله لأهله لا يجوز له تحرير ولا كثير عطاء ولا وصية الا ان يشاء سيده وفيه ان
دلالته على الملك له لكن مع الحجر عليه واستقلال أهله على ماله أظهر كما يدل عليه إضافة المال إليه وثبوت جواز التحرير والوصية له فان الظ؟
ان مع مشية السيد يقع التحرر له لأنه يكون كالوكيل في التحرر عن موليه وفي الوصية للغير فما عن المفاتيح من أنه صريحة في المطلوب كما ترى ومنها قوله
في صحيحة ابن مسلم ليس للعبد شئ من الامر والكلام فيه نظير الكلام في الأول حيث إن ظاهرها نفى اختصاص امره به واستقلاله فيه ومنها الروايات
الدالة على أن العبد إذا بيع فماله للبايع الا ان يشترط عليه المشترى أو الا ان يعلم البايع حين البيع ان ماله مالا فهو ح؟ للمشترى فلو كان العبد ملكا لاستمر
عليه ملكه بعد ظ؟ بيع البيع ولم يبق للبايع بل ولا دخل في ملك المشتري وفيه ان القائل بالملك قد لا ينكر سلطنة المولى عليه وان له ان يتملكه و ح؟
فله بيع ماله كما أن له بيع نفسه وله ابقاء المال وبيع نفسه وبالجملة فان سلطنة المولى على تملك ماله أو نقله إلى الغير مما لا ينكر بل عن المختلف الاجماع
على جواز انتزاع ماله قهرا وعن شرح القواعد لبعض المشايخ المعاصرين من ذلك (ايض‍) ومنها ما دل على أن العبد إذا أعتق فان علم المولى ان له
مالا تبعه ماله والا فللمولى أو ورثته ان مات وفيه نظير ما في سابقه من أن في تبعية المال له مع علم المولى دليلا على تملكه والا لاحتيج إلى نقله
إليه بأحد النواقل ومنها ان العبد لو كان مالكا لكان استحقاق السيد له بعد موت العبد إرثا والحر لا يرث العبد بالاجماع والفرض وفيه ان تملكه
له لا يستلزم ان يكون على وجه الإرث لا عقلا ولا نقلا ومنها مصححة ابن مسلم عن رجل يؤخذ من أم ولده شيئا وهبه لها بغير طيب نفسها من خدم
أو متاع يجوز ذلك قال نعم إذا كان أم ولده وفيه ان جواز الاسترداد من جهة عدم لزوم الهبة مع أن في تقريره على الهبة دليلا على جواز تملكه
مما ملكه موليه وغير ذلك من الاخبار ومنها ما حكى عن بعض ان تتبع المقامات المتفرقة في الفقه المسلمة بين الجميع كعدم وجوب الزكاة بل استحبابها
مع استحبابها أو وجوبها في مال الطفل والمجنون في الجملة والخمس والحج والكفارات ونفقة الغريب ومن في يده من العبيد ومنعه من التصرفات
وان لم يكن هؤلاء قابلا للولاية وعدم بقاء ما في يده له مع بيعه واعتاقه وعدم ضمانه لسلفاته الا بعد العتق وعدم استحقاقه للإرث الا
بعد عتقه وانتقال ماله بموته إلى المولى وعدم جواز الوصية له والوقف عليه وعدم حرمة التصرف في ماله لضرورة حتى التملك مع تسلط الناس
على أموالهم وعدم حل مال مسلم الا عن طيب نفسه وصرف الوصية له من المالك إلى عتقه كصرف الوصية لام الولد إلى اعتاقها من الثلث ثم اعطاء
الوصية إلى غير ذلك بما يورث للفقيه القطع بعدم قابليته للملك وفيه ان جميع ذلك إما من جهة التعبد الشرعي أو من جهة الحجر على العبد في تصرفاته
الثالث من الأدلة العقل وهو ان المملوك والتسلط عليه من جميع الجهات لا يعقل ان يملك شيئا لان مالكيته (لغيره فرع مالكيته صح) لنفسه ولأنه لو ملك لزم جواز
تملك كل من العبدين صاحبه في بعض الصور وأجيب عن الأولى بمنع الملازمة لجواز كون المالكية والمملوكية متضايفين وعن الثاني بعد تسليم
عدم الجواز بان المنع لمانع لا يوجب المنع مع عدمه وفي يد العبد سلطنة مطلقة والحاصل ان المستفاد من الكتاب والسنة ليس الا حجر العبد و
استقلال المولى واما انتفاء الملكية فلا بل ظاهر كثير من الاخبار مما ذكر ولم يذكر ثبوت الملك للمملوك لصحيحتي ابن سنان ليس على مال المملوك
زكاة ولو كان له الف ألف درهم ولو احتاج لم يعط من الزكاة شيئا فإنها ظاهرة سيما بقرينة المقابلة بالاحتياج في كون المال لنفس المملوك
مع أن المال لو كان لمولاه كان في ذلك المال زكاة على المشهور بل المنسوب إلى الأصحاب كما تقدم في مسألة زكاة مال المملوك ومنها ما دل
على جواز مكاتبة العبد على نفسه وماله وولده وفيها انه لا يصح للمكاتب الا الأكله من طعام وهو ظاهر في الملكية مع الحجر ومنها صحيحة عمر بن
يزيد في فاضل الضريبة ان له ان يعتق ويتصدق وله اجر ذلك وحمله على العتق والتصدق من مال المولى باذنه يدفعه مضافا إلى منافاته
473

لاختصاصه بالاجر ان ذيل الرواية يدل على أن المعتق ليس له ولاء المعتق معللا بان العبد لا يرث الحر فلو كان من مال المولى لم يحتج إلى هذا التعليل
بل نفى الولاء للمعتق ح؟ من جهة عدم كونه مولى ومنها ما دل على جواز هبة العبد لمولاه كما في صحيحة ابن مسلم المتقدمة ورواية إسحاق بن عمار قال قلت
لأبي عبد الله (ع) ما تقول لرجل وهب لعبده ألف درهم أو أقل أو أكثر يقول له حللني من ضربي إياك ومن كل ما كان منى إليك ومما أحقتك وأرهبتك
فيحلله ويجعله في حل رغبة فيما أعطاه ثم إن المولى لقد أصاب الدراهم التي أعطاه في موضع قدر وضعها فيه فاخذها المولى حلال هي له
قال لا يحل له لأنه افتدى بها نفسه من العبد مخافة العقوبة والقصاص يوم القيمة فقلت له فعلى العبد ان يتركها يزكيها إذا حال عليه الحول قال
لا الا يعمل له بها ولا يعطى العبد من الزكاة شيئا الخبر ولا ينافيه ما تضمنه الخبر من حرمة الاسترداد لما سبق من جواز الانتزاع اجماعا لان
ما أعطاه هنا انما كان لأجل استرضائه وتحليله مما له عليه من الحقوق الأخروية فاستردادها يوجب لرجوع الحقوق إلى العبد فالنهي عن اخذ الشئ
ليس من جهة عدم تملك المولى لها بل من جهة ان مقتضى الاقتداء رجوع المبذول إلى ما كان له إذا رجع الباذل في البذل نظير رجوع المختلفة
في البذل ومنها ما دل على أنه لا رباء بين السيد وعبده فان معناه تجويز المعاملة الربوية بينهما ولا يتحقق الا على تقدير مالكية العبد وكيف
كان فالأخبار الدالة بظاهرها على ثبوت المال للعبد أكثر من أن يحصى فالتحقيق ان الثابت من الأدلة من غير معارض هو تسلط المولى على جميع
ما في يد العبد في أنواع التصرفات وليس هذا منافيا لملكية العبد بان يترتب على ما في يده احكام الملك من جواز العتق عن نفسه وجواز
الصدقة لنفسه ونحو ذلك بعد الاذن من المولى فيجمع بين الاخبار ويحكم بان ما في يد العبد ملك حقيقي لنفسه وفي حكم الملك في السلطنة
عليه لمولاه ويمكن العكس بان يحكم بالملك الحقيقي للمولى وان ما في يده بعد الاذن عموما في التصرف في حكم الملك للعبد ويمكن ترجيح الثاني
من وجهين أحدهما انا لا نعقل من الملك عرفا وشرعا الا كون الشئ بحيث يكون للشخص التسلط على الانتفاع به وببدله وهذا المعنى
موجود في المولى وبعد الاذن منه للعبد وإن كان موجودا في العبد (ايض‍) الا ان ملاحظة نسبة ذلك عن رخصة الغير ودورانه مداره
يوجب صحة سلب الملك حقيقة عينه الثاني عموم ما دل على تسلط الناس على أموالهم وانه لا يحل مال امرء مسلم الا بطيب نفسه والحجر على الصغير
والمجنون والسفيه لمصلحته لا لتسلط الغير عليه فحجرهم تقوية لتملكهم بحفظ أموالهم عن معارض التلف وموارد الخسارة فالولي نائب عن هؤلاء
في السلطنة لا انه قاهر لهم ورافع لسلطنتهم ولا تضعيف ورفع لسلطنتهم فالعمومات المذكور ان يدل على أن ما في يد العبد ليس ملكا له
لانتفاء لازمه الذي هو التسلط وحرمته للغير بغير طيب النفس وأدلة استقلال الولي لا يخصص هذه العمومات الا بعد ثبوت الملكية للعبد من
الخارج وأدلة ثبوت الملكية له إن كان ما اطلق فيه المال على ما في يد العبد فهو معارض بالاخبار الكثيرة الدالة على أن ما في يده لمولاه ويمكن
حمل الإضافة على ملك التصرف بعد الاذن وحمل الاختصاص على الاستقلال في اقرار يد العبد وبنفيه لكن الانصاف ان الترجيح لأدلة الملكية
من جهة عمومات اقتضاء أسباب الملك كالبيع والفسخ والحيازة للحر والعبد غاية الأمر عدم سببيتها في حقه الا بعد اذن المولى فيكون أدلة
تسلط الناس على أموالهم مخصصة بأدلة حجر العبد بواسطة العمومات المقتضية للملك عند حصول أسبابها الا ان يق؟ ان ظاهرها الاستقلال
المنفى في حق العبد اجاعا؟ مثل قوله (ع) من سبق إلى ما لم يسبق إليه أحد من المسلمين فهو أولي به فان ظاهر التسلط المنفى في حق العبد والحاصل
انه يمكن ان يحكم ان المملوك لا يملك الا انه يجوز له جميع التصرفات التي يملكها الملاك في املاكهم فيحمل أدلة إضافة الملك إلى العبد على
المجاز من جهة وجود عمدة خواص المال فيه ودعوى ان مجرد الاذن والإباحة من المولى لا يوجب جواز جميع التصرفات حتى المتوقفة على الملك كالعتق
والوطي بعد الشراء والتصدق ونحو ذلك فيه أولا ان ذلك معلوم من متفرقات الفتاوى والنصوص مط؟ ولو في غير العبد ومن هنا قيل إن
المعاطاة تفيد الإباحة دون الملك مع عدم استثنائهم التصرفات المحتاجة إلى الملك ويمكن ان يستفاد ذلك من قوله لا يحل مال امرء مسلم الا
عن طيب نفسه ولا يجوز لاحد ان يتصرف في مال غيره الا باذنه كما في التوقيع بل وعموم قوله الناس مسلطون على أموالهم بناء على أن إباحة جميع التصرفات
معاملة يجوز للمالك ايقاعها (على ماله صح) وثانيا ان ذلك ثابت في خصوص العبد المأذون بحكم ما يظهر من الاخبار من جواز تحريره وتصدقه بل الفتاوى
وثالثا ان هذا وإن كان مخالفا للقاعدة الا ان القول بتملك العبد مع تسلط المولى على ملكه وجواز اخذه منه قهرا (ايض‍) وجواز ايقاع تصرفات
الملاك عليه من البيع والعتق ونحو ذلك (ايض‍) مخالف لقاعدة توقف هذه التصرفات على الملك فالحاصل ان لكل من المولى والعبد تصرفات
الملاك إما المولى فبالاستقلال واما العبد فباذن السيد فعلى أي حال يلزم مخالفة القاعدة في أحد الطرفين إذا قلنا بالملك في الطرف الآخر
والاخبار من الطرفين قابلة للحمل على الملك المجازى لعلاقة وجود عمدة خواص الملك في المولى مستقلا في العبد بعد الاذن نعم أدلة نفي الربا بينهما
وأدلة نفى الزكاة على مال المملوك مع ما اشتهر بينهم ان الملك لو كان للمولى يتعلق به الزكاة يأبى عن ذلك لكن يمكن حمل اطلاق الأول على صورة
المعاملة كما بين الحربي والمسلم وعلى خصوص المكاتب الذي يجوز له المعاملة مع السيد وحمل الثاني على ثبوت الزكاة في مال المملوك كثبوته
في غيره بان تعلق بالعين ويتخير صاحب المال في أدائها من مال اخر فان الوجوب بهذا المعنى ينفى عن المملوك بل المولى يتخير بين الاخراج من العين وبين
474

ان تؤدى من نفسه ولا يتعلق على العبد شئ واما القواعد الخارجية فبعض منها ينافي الملكية مثل قاعدة تسلط الناس على أموالهم وحرمة التصرف
فيها بغير طيب النفس ومثل قاعدة ان الملك لا يخرج عن ملك مالكه الا بأحد النواقل الاختيارية أو القهرية مع أن مال العبد ملك المولى بعد موته أو بيعه
أو اعتاقه اللهم الا ان يدعى انصراف الاختصاص المستفاد من الإضافة في مثل أموالهم وقوله مال امرء مسلم على الاختصاص الذاتي الابتدائي دون
الاختصاص المستعار المتوقف على مشية الغير والمراد من اثبات التسلط ليس اثبات هذا المعنى حتى يلزم اللغوية بل المراد ان المال المختص ذاتا بالمالك من
غير مراعاته وجودا وعدما برضاء أحد لمالكه ان يفعل به ما شاء من التصرفات فإنها ممضاة لهم وعليهم في حكم الشارع فالرواية في مقام امضاء التصرفات التي يفعلها
فيما اختص ملكيته بهم اختصاصا تاما بمعنى عدم تبعيته لرضاء غيرهم وعدم دورانه معه وجودا وعدما وكذا الكلام في قوله لا يحل مال مسلم الا عن طيب فهذه
القاعدة لا تنافي الملكية الناقصة للعبد الثابتة بتوسط رضاء المولى الدائرة معه وجودا وعدما واما القاعدة الثانية فهى غير نافية ولا مثبتة لان الملكية
قد ترتفع من غير ناقل كرجوع ملك الواقف إليه بعد انقضاء الموقوف عليهم في منقطع الأخر على بعض الأقوال وانتقال الملك من البطن الأول بعد انقضائهم
إلى البطن الثاني فإذا قلنا إن ملكية العبد دائرة مدار رضاء موليه بالتملك فلا يقبل البقاء بعد موته أو بيعه أو
انعتاقه مع عدم شهادة الحال أو انتقال بابقائه
على مالكية ذلك المال وملكية المولى له من باب رجوع ملكه إليه لامن باب الانتقال إليه بناقل حتى يق؟ بان الجميع مفروض الانتفاء فيكون ميراثا مع أن التوارث منفى
بين الحر والعبد وهذا المعنى فيما ملكه مولاه واضح بان يق؟ كان المولى مالكا له ونقل الملك على هذا الوجه وانه ملكه ما دام كونه ملكه عبدا له وما دام المولى راضيا
فبعد موت العبد أو عتقه أو رجوع المولى يرتفع سبب الملكية كما ذكرنا في الوقف وحاصله ان الملكية مستمرة باستمرار موضوعه أعني الملك والمالك ومع ارتفاع
أحدهما يرتفع الملكية باستعدادها إلى الناقل واما فيما لم يملكه المولى بل اذن له في أسباب المتملك فيشكل الامر من حيث إن الحاصل من تلك الأسباب هي الملكية
المطلقة التي لا تنتقل إلى الغير الا بالناقل بل الملك مط؟ ولو كان مثل الوقف المذكور في المال السابق لا ينتقل إلى غير المالك الأول الا بناقل فان انتقال المال إلى
البطن الثاني بجعل الواقف وعوده إلى الواقف في المثال الأخر انما هو باقتضاء السبب القديم بحيث لم يخرج الملك عن نفسه الا على وجه خاص يرتفع بارتفاعه مع أنه
محل الخلاف وقابل للمنع لمخالفته للأصل ومن هنا يمكن التفصيل بين ما ملكه موليه فيملكه وبين غيره فلا يملكه الا ان ملكية ما يملكه إن كان بعقد من العقود كالهبة
مثلا فهى لا يقتضى الا الملكية المطلقة وليس كالوقف على حسب ما يوقفها أهلها والمفروض ان الملكية المطلقة غير مقصودة وغير واقعة شرعا لأن المفروض عدم
القول بها حتى لا تنافى انتقال المال إلى المولى بعد الرجوع أو الموت أو العتق أو البيع ومنع اقتضاء الهبة للملكية المطلقة يكذبه ما يستفاد منه ان من خواص الهبة عدم
جواز الرجوع بعد التصرف أو مع قصد القربة ونحو ذلك
والحاصل ان تطبيق القول بملكية العبد على القواعد الكلية أصعب من تطبيق القول بعدم الملكية على بعض
القواعد المنافية له لو سلم ثبوت ذلك كما أن أمر التصرف في اخبار الطرفين على العكس فان التصرفات في أدلة ملكية المولى أسهل من التصرف في أدلة ملكيته ثم إن الثمرة بين القولين
يظهر في مواضع منها انفاق قريب المولى إذا اشتراه العبد أو قريب العبد ومنها إذا زوجه المولى مملوكة فاشتراها فهل يبطل النكاح أو لا يبطل ومنها إذا وطئ
ما اشتراه فحملت منه فهل يكون أم ولد أم لا ومنها جواز معاملته مع السيد هذا إذا قلنا باتفاق الأقوال على جواز جميع التصرفات للعبد بعد اذن المولى
حتى التصرفات المتوقفة على الملكية نحو العتق والتصدق وأما إذا قلنا بعدم كون ذلك اتفاقيا كما يظهر من المحكي عن المهذب البارع فالثمرة أظهر من أن يخفى في
التصرفات المالكية قال في المهذب الأقوال في ملكية العبد ثلثة الأول ملك الرقبة ونسبه إلى الصدوق والإسكافي وملك التصرف نسبه إلى الشيخ في النهاية
وإباحة التصرف قال ولم يمنع من الثالث بل هو اجماع والفرق بينه وبين الثاني من وجهين الأول ان ملك التصرف أقوى من اباحته فان في الإباحة لو ظهر شاهد حال
بالكراهة لم يجز التصرف الثاني ان في ملك التصرف له ان يتصدق منه ويطعم غيره وليس له ذلك في الإباحة مسألة الملك شرط في وجوب الزكاة اجماعا وللاخبار
المستفيضة وفي غير واحد منها ان الزكاة على صاحب المال ويشترط في المتملك التام فلا يكون في الملك المتزلزل فلا يكون في البيع فضولا قبل الإجازة بل يجرى البيع و
الحول من حين الإجازة لا العقد وان قلنا بالكشف ولا في الموصى به قبل القبول وان قلنا (ايض‍) بالكشف ولا في الموهوب قبل القبض وان قلنا بأنه شرط اللزوم بمعنى
تمامية الملك واستقراره والحكم بالملكية من حين العقد لا اللزوم بمعنى عدم جواز الرجوع للواهب نعم لو جعلنا اللزوم بهذا المعنى لم يحتج إليه بجريان المال في الحول
من حين العقد لكن إرادة اللزوم بهذا المعنى بعيد حكى عن شرح شيخ الفقهاء في عصره انه قد صرح المحققون بان مرادهم من كون القبض شرطا في اللزوم في الهبة ليس
المعنى المعروف بل قالوا إن العقد توجب ملكية مراعاة يتحقق القبض فان تحقق تم من حين العقد وصرحوا (ايض‍) بان الاجماع واقع على أنه ما لم يتحقق القبض لا يتحقق (الثمرة فجعلوا المحل النزاع ثمرات خاصة ولم يجعل أحد الثمرة انه بمجرد العقد يتحقق صح)؟
الملكية التامة غاية الأمر انه يجوز ان يفسخ وانه إلى حين الفسخ كان ملكا تاما وان القبض يرفع جواز الفسخ وان الهبة بعد القبض من العقود اللازمة انتهى ومن
هنا يظهر صحة ما في المسالك في هذا المقام من أنه لا فرق في عدم جريان الموهوب في الحول قبل القبض بين ان نقول إن القبض ناقل أو كاشف عن سبقه بالعقد
لمنع المتهب عن التصرف على التقديرين ولا وجه لاعتراض صاحب المدارك بان القول بالكشف غير محكى في الهبة ومما ذكرنا (ايض‍) يظهر ان معنى تمامية الملك
التي اخذها المحقق وغيره شرطا غير اشتراط أصل الملك هو اخراج الملك المتزلزل في مقابل المستقر لا ما يقابل اللازم بمعنى عدم جواز الرجوع للناقل
حتى يعترض عليه بان لازمه خروج البيع في أيام الخيار بل الموهوب بعد القبض لتزلزل الملك بمعنى جواز رجوع الناقل وليس بمعنى التمكن من التصرف حتى يق؟
بأنه لا يصح ممن جعل التمكن شرطا اخر كالمحقق في الشرايع وليس بمعنى تمام أسباب الملك حتى يغنى عنه بقيد المالك ودعوى ان التزلزل بالمعنى الذي
475

ذكر يغنى عن قيد المتمكن من التصرف مسلمة لكن ذكر الخاص بعد العام إذا كان القيدان متغايرين من حيث المفهوم غير عزيز في مقام بيان الشرائط
بل في الحدود أيضا فتدبر مسألة التمكن من التصرف شرط وجوب الزكاة اجماعا محققا في الجملة ومستفيضا ويظهر من الاخبار مثل ما دل على اعتبار ان
يحول الحول على المال وهو في يده أو عنده أو عند ربه وما دل على أنه إذا لم يقدر على اخذ الغائب فليس عليه زكاة ونحو ذلك وقد يستشكل اعتبار هذا الشرط في
غير الافراد الثابتة كمال الغائب ونحوه بأنه ان أريد التمكن من جميع التصرفات فلا ريب بانتقاض ذلك بما إذا لم يقدر على تصرف خاص لأجل التزام شرعي كنذر عدم
البيع أو قهر قاهر كاكراهه على عدم البيع بالخصوص بل ومثل التصرف في زمان خيار البايع على القول بأنه لا يمنع من الزكاة وان أريد التمكن من التصرف في الجملة فأكثر
ما مثلوا به لغير التمكن منه يدخل فان المغصوب يمكن نقله إلى الغاصب بل إلى غيره في الجملة وكذا الغائب والمرهون بل الموقوف والتحقيق ان يق؟ ان المراد بالتمكن من التصرف
في معاقد الاجماعات الذي يظهر اعتباره من النصوص اعتباره هو كون المال بحيث يتمكن صاحب عقلا وشرعا من التصرف فيه على وجه الاقباض والتسليم والدفع إلى
الغير بحيث يكون من شانه بعد حول الحول ان يكلف بدفع حصة منه إلى المستحقين فان قوله (ع) في الصحيح إلى إسحاق بن عمار في المال الموروث الغائب انه لا يجب عليه الزكاة حتى
يحول عليه في يده أو وهو عنده وقوله أيما رجل كان له موضوع وحال عليه الحول فإنه يزكيه وقوله في حسنة زرارة في مال القرض ان زكاته إذا كانت موضوعة عنده حولا على
المقترض ونحو ذلك يدل على تعلق الوجوب إذا حال الحول على المال في يده وعنده من غير مدخلية شئ في
الوجوب ولا يكون ذلك الا إذا كان المال في تمام الحول بحيث
يتمكن من الاخراج لان هذا التمكن شرط في اخر الحول الذي هو أول وقت الوجوب قطعا فلو لم يكن معتبرا في تمامه لزم توقف الوجوب مضافا إلى كونه في يده تمام الحول إلى شئ ء
آخر والحاصل ان الش‍؟ جعل مجرد حلول الحول على المال في يد المالك بمعنى ان يكون في يده تمام الحول علة مستقلة لوجوب الزكاة فإن كان المراد من كونه في يده هو ما ذكرنا من
تسلطه على التصرف في العين بالدفع والاقباض ثبت المط؟ وهو اعتبار كونه كك؟ تمام الحول وإن كان المراد منه ما دون ذلك أعني التسلط في الجملة ولو لم يكن مسلطا على الدفع
والاقباض لزم توقف الوجوب بعد حلول الحلول على المال في يده إلى شئ اخر وهو كون المال بحيث يتمكن من دفع بعضه إلى المستحق ويلزم منه عدم استقلال ما فرضناه
مستقلا في العلية ولعله إلى هذا ينظر ما استدل به في المعتبر والمنتهى لاعتبار هذا الشرط من أن المال الغير المتمكن من التصرف فيه مال تعذر التصرف فيه فلا تجب الزكاة
فيه كمال المكاتب وما استدل به في المنتهى على ما حكى من أنه لو وجبت الزكاة في ذلك المال لوجب من غيره وهو باطل لان الزكاة تتعلق بالعين ولا يرد عليها ما قيل
من أنه يقتضى اعتبار التمكن وقت الوجوب فقط لا وجوب كونه كك؟ تمام الحول وجه اندفاع هذا الايراد ان المستفاد من الاخبار ومن استقراء حكم شروط النصاب
بل شروط المزكى استمرار هذا الشرط طول الحول وجه هذه الاستفادة من الاخبار ما عرفت ان المستفاد منها وجوب الزكاة فيما كان في اليد طول الحول فلو كان المراد
من كونها في اليد أمر اخر غير التمكن من التصرف فيها بالدفع لزم عدم الزكاة فيها بمجرد كونها في اليد طول الحول بل لابد من أمر اخر وهو التمكن من التصرف وقت الوجوب
أيضا فلا يكون حلول الحول على ما في اليد علة مستقلة في وجوب الزكاة الا ان يقال إن المستفاد من الاخبار سببية حلول الحلول على ما في اليد لوجوب الزكاة ولا
ينافيه توقف الوجوب على اجتماع شرائط التكليف التي منها التمكن من دفع العين ويدفعه ان المستفاد من اطلاق وجوب الزكاة إذا حال الحول على النصاب الموضوع
عنده أو على ما في يده هي العلة التامة كما صرحوا به في الجمل الشرطية نعم لو ثبت توقف الوجوب على شرط اخر من قدرة المالك على الدفع بحيث لا يمنعه مانع عن اعطاء
الزكاة مثل قهر قاهر أو خوف مخوف وهذا لا ينافي تمامية علية الوجوب من جهة نفس الملك فهنا أمران أحدهما النقص من جهة الملك بان يكون بحيث المكلف لا يتمكن
من التصرف فيه كالمغصوب والمحجور والمفقود والمرهون ونحو ذلك والثاني العجز من طرف المالك عن مباشرة الدفع أو عن مطلق الدفع ولو بالتوكيل فمجرد كون
المال في يد المالك طول الحول بحيث لا تصور في طرف المالك من التصرف فيه بالدفع يتعلق الزكاة فهو سبب مستقل وعلة تامة لتعلق الزكاة بالمال فان اجتمع
شرائط المكلف وجب الأول والا فلا هذا كله مع الأخبار المتقدمة الدالة على اعتبار كونه في يد المالك طول الحول بنفسها ظاهر في كون المراد من اليد التسلط على
التصرف بالدفع ويتحقق التسلط بان يكون المال حاضرا ولم يرد عليه ما يمنع المالك عن التصرف فيه منعا حقا أو عدوانا فالمخرجات عن اليد بالمعنى المذكور
ثلثة الغيبة وفي معناها الفقد والمنع الشرعي والمنع العدواني ولابد ان يعلم أن الخروج من اليد بأحد الثلاثة فعلا مع التمكن من إزالة المخرج واثبات اليد
بمنزلة اليد الفعلية وإن كان ظاهر الاخبار فعلية اليد كما تقدم منها صحيحة ابن سنان لا صدقة على الدين ولا على المال الغائب عنك حتى يقع في يدك الا انه لابد
من الخروج عن ظاهرها إما بإرادة قوة التسلط من اطلاق اليد واما من جعل التمكن من اثبات مكان اليد الفعلي للدليل الخارجي وهو قوله (ع) في موثقة زرارة
عن أبي عبد الله (ع) في رجل ماله عنه غائب وهو لا يقدر على اخذه فعليه الزكاة لكل ما مر به من السنين ونحوها مرسلة أخرى لزرارة (وفي رواية صح) دعائم الاسلام في الدين
يكون الرجل على الاجل (الرجل خ؟ ل)؟ إذا كان غير ممنوع يأخذه متى شاء بلا خصومة ولا مدافعة فهو كسائر ما في يده من ماله يزكيه وإن كان الذي هو يدافعه ولا يصل إليه الا
بخصومة فزكوته على من في يده وكك؟ مال الغائب وكك؟ مهر المراة على زوجها الا ان المسألة لاتخ؟ من اشكال من جهة كثرة ما يدل على اعتبار اليد الفعلية
مثل صحيحة ابن سنان المتقدمة وقوله (ع) في صحيحة الفضلاء كلما لم يحل عليه الحول عند ربه فلا شئ عليه فيه ومرسلة زرارة ليس في صغار الإبل والبقر والغنم شئ
الا ما حال عليه الحول عند الرجل ونحوها صحيحة حسنة ابن يقطين كلما لم يحل عندك (عليه الحول صح) فليس عليك فيه زكاة إلى غير ذلك مما يدل على اشتراط ثبوت اليد الفعلية
واما الموثقة فلا يبعد حملها على الدين وستعرف عدم (وجوب ظ) الزكاة فيه الا استحبابا واما رواية الدعائم فضعيفة الدلالة جدا واما المرسلة فالظ؟ انها عين
الموثقة هذا كله مضافا إلى عمومات نفى الزكاة في المال الغائب بقول مطلق سيما ما ورد فيمن خلف لأهله نفقة إن كان شاهدا فعليه الزكاة وإن كان غائبا
476

فليس عليه وقد يتوهم ان العمومات الموجبة لثبوت الزكاة في مطلق المال الذي حال عليه الحول بعد تخصيصها بغير المتمكن من التصرف تصير أعم من وجه
من عمومات نفى الزكاة في مال الغائب وهو توهم محض لان العام إذا ورد عليه خاصان فلا بد ان يخصص بكليهما لا ان يخصص بأحدهما ثم يؤخذ النسبة بينه بعد
التخصيص وبين الخاص وكيف كان فالأخبار النافية عن الزكاة في مال الغائب سليمة عما يرد عليها مما عدا الموثقة المتقدمة وقد عرفت ضعفها من تخصيص
العمومات الكثيرة مع احتمال إرادة الدين هنا سيما بقرينة قوله حتى يخرج مع أنه لا يبعد ان يق؟ على تقدير اختصاصه بالعين ان المراد من القدرة على الاخذ
كونه تحت اليد بالفعل عرفا وإن كان غائبا كما إذا كان في منزله محفوظا أو في يد وكيله ونحو ذلك فلا يشمل ما لو لم يتمكن فعلا وكان قادرا على تحصيل التمكن
نعم يمكن ان يق؟ ان أقصى ما ثبت من الأدلة اعتبار التمكن من التصرف في العين وما يدل على اعتبار الحول في اليد يدل على اعتبار الحضور عند المالك في مقابلة
قصور يده عنها وبعضها ظاهر بقرينة السياق في أن المراد باليد ما يقابل يد المالك السابق والحاصل ان في اثبات دلالتها على اعتبار أزيد من يد التصرف في العين
اشكالا والمرجع ح؟ إلى عموم ما دل على وجوب الزكاة فيما حال عليه الحول قال الشيخ في الخلاف على ما حكى في مسألة ما لو استقرض ألفا فرهن عليه ألفا انه لو قيل
بوجوب زكاة الألفين عليه كان قويا لان الألف القرض لا خلاف بين الطائفة في أنه يلزمه زكاتها وآلاف المرهونة مال قادر على التصرف فيها بان يفك رهنها
والمال الغائب إذا كان متمكنا منه يلزم زكاته بلا خلاف انتهى وظاهر هذا الكلام كفاية التمكن من تحصيل التسلط الفعلي وعدم اعتبار حصول التسلط بالفعل
والا فالرهن ما دام رهنا غير متسلط عليه فهو كالمغصوب القادر على استنقاذه بمال نعم التمكن من فكه ببيعه ليس تمكنا ظاهرا خلافا للروضة واما المحجور
فإن كان لسفه فالظ؟ عدم السقوط واستظهر في المناهل الاتفاق عليه وإن كان لردة عن ملة فكك؟ كما صرح به في البيان والدروس وعلله في الأول بقدرته
على ازالته يعنى الاسلام وإن كان لتفليس فصرح في البيان بمنعه وحكاه في الدروس عن المبسوط
مسألة المشهور بين المتأخرين انه لا زكاة على الدين
حتى يقبضه وفاقا للمحكى عن القديمين وابن زهرة وابن إدريس والمحقق والفاضل ووالده وولده وغيرها لعموم لا صدقة على الدين ولا على المال الغائب
عنك حتى يقع في يدك ونحوه من العمومات الدالة على عدم الزكاة في الدين حتى يقبضه وللعمومات المتقدمة كلما لم يحل عليه الحول عند ربه فلا شئ عليه فيه وعن
الشيخين والمرتضى وجوبها في الدين إذا تمكن صاحبه من اخذه متى شاء لعموم الموثقة المتقدمة في مال الغائب إذا قدر صاحبه على اخذه وخصوص ما ورد في الدين
من الاخبار منها ان كل دين يدعه هو إذا أراد اخذه فعليه زكاته وما لا يقدر على اخذه فليس عليه زكاة وهذه وإن كان أخص من الأول الا ان كثرة تلك الأخبار
وموافقتها للاخبار الكثيرة الظاهرة في أن الزكاة انما وضعت على الأعيان الخارجية من الأموال واعتضادها بالشهرة المطلقة وبمخالفة الجمهور
كما يظهر من المعتبر يوجب حمل الأخبار الخاصة على الاستحباب سيما مع شهادة رواية علي بن جعفر عن أخيه (ع) قال سئلته عن الدين يكون على القوم المياسير إذا
شاء قبضه صاحبه هل عليه زكاة قال لا حتى يقبضه ويجرى عليه الحول واعلم أن اعتبار التمكن من التصرف فيما يعتبر فيه الحول لا اشكال فيه واما ما لا
يعتبر الحول فيه كالغلات فهل يعتبر التمكن حال تعلق الوجوب أولا بل يكفي التمكن من الاخراج ولو كان بعد زمان تعلق الوجوب ظاهر كلامهم والمصرح به في المسالك
هو الأول لان ظاهر هذا الشرط كونه شرطا كسائر الشروط فكما ان الملك وتماميته والبلوغ والعقل والحرية كلها تعتبر في الغلات في ذلك الوقت فكك؟
التمكن من التصرف اللهم الا ان يدعى عدم كونه شرطا في غير العلاجية لاختصاص أدلته بما يعتبر فيه الحول من الأجناس لكنه خلاف فتاوى الأصحاب بل ظاهر ما
يستفاد من الاخبار بعد التأمل فيها فان قوله (ع) في رواية سدير المسؤول فيها عن المال الذي فقد بعد حلول الحول ووجده صاحبه بعد سنين انه يزكيه سنة
واحدة يعنى السنة الأولى قبل الفقدان لأنه كان غائبا عنه يدل بمقتضى التعليل على أن كل مال غائب لا تجب عليه الزكاة والمراد من الغائب ما يعم المفقود
فيدل على أن الزكاة لا يتعلق بعين مال المفقود ولا شك في عدم القول بالفصل بينه وبين مطلق غير المتمكن منه كالمغصوب والمجحود ونحوها فدل الخبر على أن
الزكاة لا يتعلق بالعين التي لا يتمكن مالكه من التصرف فيها كما إذا فرضنا الزرع حال انعقاد حبته أو تسميته حنطة أو شعيرا مغصوبا فالزكاة لا يتعلق بعينها بمقتضى
الرواية المنضمة إلى عدم بالفصل فإذا لم يتعلق به ح؟ زكاة فلا يتعلق به بعد ذلك لان الزكاة انما يتعلق بالغلات بمجرد صدق الاسم أو بمجرد انعقاد الحب
في ملك المكلف كما يدل عليه جميع ما دل على بيان وقت الوجوب ودعوى دلالة العمومات على وجوب الزكاة في الغلات خرج صورة عدم التمكن من الاخراج فاسدة
جدا إذ تلك العمومات ليست الا ما دل على تعلق الزكاة في الأجناس الأربعة فإذا فرض عدم تعلقها بها حتى تحقق عنوان هذه الأجناس في الخارج فلا مقتضى لثبوتها
فيها بعد ذلك الا ترى انه لو دخلت في ملك المكلف بعد ذلك أو حدث شرط لم يكن قبل ذلك انتفى الزكاة اجماعا ولا يجوز التمسك في وجوبها بعموم ما دل على
وجوبها في هذه الأجناس فعلم من ذلك أن تعلق الزكاة بعين الغلات وقتا مخصوصا لو لم يتعلق فيه بها لم يتعلق بعد ذلك مسألة المعروف بين الأصحاب
عدم وجوب الزكاة فيما سوى التسعة الأصناف وعن الشيخين في الفقيه والخلاف والسيدين في الناصرية والغنية عليه الاجماع وعن المنتهى ان عليه علمائنا أجمع
ومثله عن المعتبر باستثناء الإسكافي والروايات بالعفو عما سوى ذلك لا يبعد لحوقها بالتواتر فقد عثرت منها على اثنتي عشر رواية فيها ان رسول الله صلى الله عليه وآله عفى عما
سوى ذلك نعم في كثير من الاخبار وجوبها في الحبوب كلها مثل مصححة زرارة ما كيل بالصاع فبلغ الأوساق فعليه الزكاة وقال جعل رسول الله صلى الله عليه وآله الزكاة في كل
شئ انبت الأرض الا ما كان من الخضر والبقول وكل شئ يفسد من يومه وقريب منه رواية محمد بن إسماعيل وفي رواية أبي بصير بعد التصريح بوجوبها في الأدبر؟ قال
وكيف لا يكون كك؟ وعامة خراج العراق منه ويحمل على مطلق الرجحان لترجيح الأخبار الكثيرة بنفيه فيما عدا الأربعة ويمكن (ايض‍) حملها على التقية لموافقة كثير
477

من العامة على ما قيل وعن الذخيرة نسبته إلى جمهور العامة وفي بعض الأخبار دلالة على ذلك وعليه فلا وجه للاستحباب الا فتوى الجماعة وظاهر لفظ
العفو في الاخبار وكيف كان فظهر ضعف ما عن الإسكافي في وجوب الزكاة في كل ما يدخل في القفيز وحكى (ايض‍) عن يونس بن عبد الرحمن وعن الانتصار
التصريح بشذوذها وتقدمهما اجماع الامامية وتأخر عنهما وفي وجوب الزكاة في العلس بفتحتين والسلت بضم السين وسكون اللام قولان من أن الأول
نوع من الحنطة والثاني نوع من الشعير ومن منع ذلك لغة أو عرفا أو انصراف اطلاق الاخبار ويؤيد ذلك مقابلة السلت للحنطة والشعير في الروايات كحسنتي
زرارة ومحمد بن مسلم بابن هاشم ورواية أبى مريم مسألة إذا زاد الإبل على مائة وعشرين فهل يتخير بين عده بالخمسين والأربعين مط؟ فله ان يعد المائة
والواحدة والعشرين بخمسين فيكون فيه خفتان وان يعد المائة والخمسين بأربعين فيكون فيه ثلث بنات لبون أم لا يتخير الا أمكن العد بكل من العددين كالمأتين
مثلا والا ففي المثال الأول يتعين العد بالأربعين وفي الثاني بالخمسين وفي المائة والثلثين بكليهما فيعطى حقه وابنتي لبون ظاهر الفاضلين والشهيدين والمحقق
الثاني بل المش‍؟ كما في الحدائق الثاني بل عن المنتهى ان في المائة وواحدة والعشرين ثلث بنات لبون عند علمائنا وكذا ظاهر المحكي عن الناصريات سيما بملاحظة
ما ذكر في الانتصار بل هو ظاهر عبارة المعتبر (ايض‍) كما سيظهر وعن شرح الروضة انه صريح الأصحاب وعن الشهيد في فوائد القواعد الأول وحكى عنه نسبته
إلى ظاهر الأصحاب والاخبار واختاره سبطه في المدارك وتبعه جملة ممن تأخر منه منهم صاحب الحدائق والرياض والمعتمد ما عليه المش‍؟ ونسبته هذا القول إلى ظاهر الأصحاب
غير مقرون بالصواب وكذا نسبته إلى ظاهر الاخبار إما الأول فلان ظاهر الوسيلة والشرايع والقواعد والبيان وصريح المحقق والشهيد الثانيين بل حكى
عن المبسوط والسرائر (ايض‍) مدعيا ثانيهما عليه الاتفاق وستسمع عن الناصريات والمنتهى والتذكرة دعوى الاجماع أيضا والظ؟ ان منشأ النسبة اشتهار التعبير في
كلام الأصحاب عن النصاب الأخير للإبل بان في كل خمسين حقه وفي كل أربعين بنت لبون تبعا للاخبار المعبرة
بهذا التعبير نسبه في المختلف إلى المش‍؟ وفي محكى المعتبر
إلى علمائنا وفي محكى الناصريات إلى الاجماع وأنت خبير بان هذه العبارة لا يريدون منها التخيير المطلق ولا دلالة فيها على ذلك إما انهم لا يريدون به ذلك فلان
جماعة ممن عبر بهذا التعبير بل نسبه إلى المشهور كالعلامة في المختلف أو إلى علمائنا كالمحقق في المعتبر أو إلى الاجماع كالسيد في الناصريات كلامهم كالصريح في تعيين
ثلث بنات لبون في المائة وواحدة والعشرين بل أكثر هؤلاء القائلين عبروا بالعبارة المذكورة فلاحظ كلماتهم في هذا المقام ففي الناصريات ادعى الاجماع
على العبارة المذكورة وذكر موافقة الشافعي له من العامة وقد حكى عن الشافعي في الانتصار تعيين ثلث بنات لبون في المائة والواحدة والعشرين والعلامة في
التذكرة نسب وجوب ثلث بنات لبون إلى علمائنا الا السيد في الانتصار وحكى عن الناصريات موافقته وذكر موافقته الشافعي (ايض‍) وكيف كان فلا يرتاب أحد في كون
هذا القول هو المش‍؟ وانه لم يعرف القول الأول ممن تقدم على الشهيد الثاني في فوائد القواعد وقد ذكره في الروضة احتمالا غير منسوب إلى محتمل غيره والواجب صرف الكلام
إلى بيان دلالة الفقرة المشهورة في الفتوى والنص أعني قوله في كل خمسين حقه وفي كل أربعين بنت لبون فنقول مقتضى ظاهر اللفظ ان المراد من الخمسين والأربعين في
هذا الكلام هو نظير الواحد في قولنا كل واحد من هذا العدد أريد به العدد الخاص المنتشر فكل فرد حصل في الخارج من الخمسين بافراز مفرز من هذا الإبل المجتمع
ففيه الحقه وكذا كل أربعين أفرز منه ففيه بنت لبون ولا يتوهم من ذلك لزم وجوب حقق كثيرة في المأتين مثلا باعتبار كثرة افراد الخمسين المتصورة فيه
بسبب ضم بعضها إلى بعض كما لا يخفى ضرورة ان المراد بالعام هنا ليس القطعات المفرزة من عدد الإبل وكثرة الافراد تحصل من تداخل الافراد من حيث ضم
الأجزاء بعضها في بعض فالمائتان ليس فيها الا أربعة افراد من الخمسين فيها أربع حقق وإن كان الافراد المتداخلة أكثر بمراتب و ح؟ فنقول إذا فرضنا مائة
وأربعين وعلمنا بقوله (ع) في كل خمسين حقه فيبقى بعد المائة أربعون وهي قطعة مفرزة من العدد داخلة في النصاب الأخر وهو قوله (ع) في كل أربعين بنت
لبون وهذا لا اشكال فيه ولا أظن القائلين بالتخيير المطلق ينكرون وجوب حقتين وبنت لبون ولذلك فصل بعض مشايخنا المعاصرين بين ما لو بقى
بعد العد بأحدهما مصداق تام للاخر وبعبارة أخرى بحيث يتمكن تطبيق مجموع العدد على أحد النصابين كالمائة والأربعين أو الثلاثة فيجب في مثلها رعاية
ما هو المنطبق على الكل وبين مالا ينطبق تمام العدد على أحدها كالمائة والواحد والعشرين فلا يجب العد بالأكثر ولو كانت مائة وثلثين فنقول مقتضى الفقرة
المذكورة وجوب بنتي لبون في ثمانين منها ويبقى خمسون وفيها حقه بمقتضى قوله (ع) في كل خمسين حقه ولو عزل مائة منها فجعل فيها حقتان وأسقط الثلثين
عفو الزم طرح قوله في كل أربعين بنت لبون من غير تخصيص إذ لو عمل به لم يكن الثلاثون عفوا بل كان جزء من النصاب وهو الأربعون ويظهر من كلام
السيد في الانتصار ان ثبوت الحقه وبنتي لبون هنا مما لا خلاف فيه وكذا الكلام لو كانت مائة واحدى وعشرين فان مقتضى الفقرة المذكورة
وجوب ثلث بنات لبون فيها ولا يلزم من ذلك طرح قوله (ع) في كل خمسين حقه وانما انتفى مورده إذ مع ملاحظة العدد ثلث مصاديق للأربعين لا يبقى
محل الافراز بخلاف العكس والحاصل ان الخمسين والأربعين نصابان متبادلان لما عرفت من أن المراد ان كل قطعة أفرزت من الإبل إذا كانت
خمسين فيها حقه وإذا كانت أربعين فيها بنت لبون وبعد افراز القطعات الثلث التي هي مصاديق للأربعين لا يبقى لا يفرز منه جملة يصدق عليها
الخمسين حتى يكون فيها حقه وللعارضة بان العدد المذكور إذا قطع منه قطعتان خمسين خمسين فلا يبقى جملة يصدق عليها الأربعين ليكون فيها
شئ مدفوعة بانا لا نريد اثبات بنت لبون مضافا إلى الحقين حتى يحتاج إلى قطعة أخرى تبلغ بنفسها أربعين ويكون انضمام بعض المائة إلى الجملة
الباقية موجبا للتداخل في الافراد المفروزة بل نقول إن الجملة الباقية بعد انضمام غيرها إليها تصدق عليها أربعون ففيها بنت لبون والباقي
(ايض‍) مصداقان؟ (للأربعين ففيهما بنتا لبون فمقتضى نصابية الأربعين عدم وجود العفو هنا فبقاء العفو لا يكون الا مع اهمال نصابية الأربعين وسببية الثابتة بمقتضى
العموم وكذا لو كانت مائة وخمسين فإذا فرزنا منه قطعات ثلث كل منها أربعين يبقى ثلاثون يمكن ان يضم إلى عشرين فيصير حقه خمسين فيها والباقي من القطعات بعد
الضم قطعتان كل منهما خمسون فيها حقتان فالعمل هنا بقوله كل خمسين حقه لا يلزم منه طرح الفقرة الأخرى بل لا مورد له بخلاف ما لو عمل بقوله في كل أربعين بنت لبون فإنه
يلزم طرح الفقرة الأخرى بالنسبة إلى الثلثين الباقي وجعله عفوا فحصل من جميع ذلك أنه لا محيص هنا عن العمل بخمسين كما لا محيص في سابقه عن العمل بالأربعين نعم
لو كان العدد قابلا لكليهما فلا ريب في التخيير كما لو كانت مأتين فإنه قابل لخمس مصاديق للأربعين وأربع مصاديق للخمسين ففيها أربع حقق أو خمس بنات لبون فالتخيير
هنا عقلي نظرا إلى أنه إذا استقر في كل خمسين حقه وفي كل أربعين بنت لبون وهذا يقال له أربع خمسينيات وخمس أربعينيات فهو مصداق لكل منهما ففيها
أحد الامرين من أربع حقق وخمس بنات لبون ولا يتوهم ان اللازم من كونه مصادقا لكل منهما أن تكون فيه أربع حقق وخمس بنات لبون معا لما عرفت من أن المراد من
الفقرتين ثبوت الفريضة في القطعات المفرزة ولا ريب انه لا يمكن هنا الا افراز قطعات أحد النصابين فليس فيها الا أحد الفريضتين والحاصل صح)
478

ان ثبوت الفريضة والعدد على نحو ثبوت مصاديق النصاب فان تعادت بحسب الافراز تعددت الفريضة وان تعددت باعتبار القابلية واتحدت بحسب الوجود الفعلي
فالفريضة كك؟ واحد قابل للامرين واحد فعلا فعلم من ذلك أن الفقرتان ليستا محمولتين على التخيير الشرعي حتى يق؟ ان التخيير فيها مطلق غير مقيد بصورة
دون أخرى وانما التخيير في مقام التخيير سيجيئ من حكم العقل والا ففي كل فقرة ان في هذا النصاب استقرت هذه الفريضة ومن هنا تبين انه لا وجه للاستدلال على
التخيير المطلق بقوله (ع) في صحيحتي عبد الرحمن وأبى بصير فإذا كثرت الإبل ففي كل خمسين حقة لأن هذه الرواية غير باقية على ظاهرها قطعا لان ظاهرها تدل على انحصار
النصاب الأخيرة في الخمسين والفريضة الأخيرة في الحقة وهو خلاف الاجماع فهو محمول على بيان أحد النصابين وهو ان استلزم تأخير البيان في موارد عدم
امكان العد بخمسين الا انه عن وقت الخطاب لا الحاجة ودعوى انه يحمل على إرادة الوجوب التخييري حيث تعذر العيني للاجماع على عدمه و ح؟ فيكون حاصله انه يكفي في كل
خمسين حقة فيستدل باطلاقه على اطلاق التخيير غلط إذ ليس هنا ما يكون ظاهرا في الوجوب حتى يقبل الكلام صرفه إلى التخيير لان ظاهر الكلام انه يستقر في كل
خمسين حقة وهذا الوجوب المستفاد من الاستقرار لا يمكن إرادة التخيير منه حتى يصير معناه انه يكفي في كل خمسين حقة لان الثابت في الخمسين ليس أمرا تخييريا بين
الحقة وغيرها بل الحقة بنفسه في كل خمسين اجماعا (طريقه)؟ مع أنه لا داعي إلى صرف الكلام عن ظاهره بل يبقى على ظاهره وهو ان كل خمسين تفرز من الإبل ففيه الحقة وكل
أربعين تفرز منه ففيه بنت لبون غاية الأمر ان في بعض المقامات لا يجتمع افراز أحدهما مع افراز الأخر وفي بعض المقامات يجتمع فعند الاجتماع يحكم بالتخيير
عقلا لتحقق النصابين على البدل من حيث السببية لتحقق الفريضة فيتحقق الفريضتان (ايض‍) على البدل وعند عدم الاجتماع تطرح ما يجتمع مع الأخر لعدم
تحقق موضوعه لا لطرح حكمه ومما ذكرنا ظهر فساد ما ربما يتوهم من أن المش‍؟ حملوا الفقرتين على التخيير ثم خصصوه بامكان اخذ النصابين فاورد عليهم ان هذه
الأدلة واردة في مقام زيادة الواحدة على المأة والعشرين فكيف يمكن عدم الحكم هنا بل الحكم هنا بتعين الأربعين وفيه مع ما مر ان قوله فإذا زادت واحدة
ففي كل خمسين حقة الخ؟ عدول إلى بيان نصاب اخر كلي وليس في مقام بيان حكم خصوص قوله فإذا زادت واحدة والمراد انه إذا زادت واحدة فلا ينلعق؟ النصاب
بخصوص عدد المجموع بل لابد من ملاحظة العدد خمسين خمسين أو أربعين أربعين فافهم وتدبر ومما ذكرنا تبين ان وجوب ثلث بنات لبون في المأة والواحد
والعشرين ليس لأجل مراعاة مصلحة الفقراء لأنه أغبط لهم كما ذكره بعض إذ لاوجه لوجوب هذه المراعاة بل من جهة اقتضاء سببية الأربعين لعدم العفو عن
افراده واجزائها وان العفو عن فرد منه كما في المأة والأربعين أو عن جزء فرد منه كما في المثالين مناف لسببية كل فرد منه ومما يؤيد ما ذكرنا ما اتفق عليه
في نصاب البقر من وجوب العد من بأقل النصابين عفوا كمذهب المش‍؟ مع أن الرواية الواردة فيه (ايض‍) في كل خمسين تبيع حولي وفي كل أربعين مسنة ومما يلزم
(ايض‍) على التخيير المطلق ان يكون في المأتين والخمسين خمس حقاق معينا وفي المأتين وستين يجوز أربع حقاق وبنت لبون فيكون زيادة العشرة موجبة
لنقص الفريضة ثم التخيير في مقامه هل هو إلى المالك أو إلى الساعي الأقوى الأول بل عن العلامة في التذكرة والمنتهى نسبته إلى العلماء لان الساعي انما يستحق
بعد تكليف المالك بالاعطاء فإذا كان تكليفه تخييريا فله ان يدفع إلى الساعي ما شاء إذ ليس للساعي الا أن يقول له ادفع إلى ما امرك الله به وهو أحدهما على
سبيل التخيير فالساعي انما يطالب ما طلب الله هذا مضافا إلى ما يظهر من آداب التصدق عن سيد الأوصياء (ع) من تخيير المالك في غير ما ألزمه الله (تع‍) والرفق
معه فالقول بتخيير الساعي نظرا إلى ما عن الشافعي من تحقق سبب الفريضتين (ما يطلبه ل) فليس للمالك الامتناع عنه كما عن الخلاف ضعيف ثم الواحد الزائد على المأة و
العشرين لا ريب في اعتباره إذ لولاه لم يجب الا حقتان بمقتضى النصاب الحادي عشر فوجوده مؤثر لامرين أحدهما اعطاء ثلث بنات لبون ولم يجز قبله الثاني
جعل الزائد على الواحد والتسعين داخلا في النصاب وموردا للفريضة وقد كان قبل ذلك عفوا وهل هو بنفسه جزء من مورد الفريضة كالآحاد المتقدمة
عليه أو خارج شرط في تعلق الفريضة بما قبله وجهان بل قولان من جعله (ع) النصاب ومورد الفريضة في هذا العدد وما بعده الأربعين والخمسين فق؟
في كل أربعين كذا ولا ريب ان هذا الواحد خارج عن افراد الأربعين والا لكان بنت لبون في كل أربعين وثلث ومن أن الزكاة في مجموع المال والواحد
الزائد ليس عفوا اجماعا فهو مورد للفريضة واما قوله في كل أربعين كذا فهو حيث كان مسوقا لبيان ضابطة كلية في جميع ما فوق المأة والعشرين فالمقصود بيان
ما لا بد ان يخرج من غير تعلق غرض ببيان ما هو تمام المورد لهذا المخرج مع أن الأربعين ليس تمام المورد في هذه الصورة والا فهى تمامه في غيرها والحاصل انه في مقام وجوب
اخراج بنت لبون بحسب افراد الأربعين لا في مقام بيان المورد الحقيقي لبنت اللبون نظير ما اتفق للشهيد في اللمعة حيث قال بعد النصاب الحادي عشر وهو
الواحد والستون ثم في كل خمسين حقه وفي كل أربعين بنت لبون فان ظاهر هذا الكلام ان الحقتين ثابتتان في المأة فأجزائهما موزعة على آحاد المأة وهي موردهما
حقيقة مع أن موردهما الواحد والستون من المأة والتسعة الأخرى عفو وكذا الكلام في المأة والعشرين فهذا الكلام لا يتم الا بما ذكرنا من أن المراد
بيان ضابطة الاخراج وتعيين المخرج فلا يقدح ترك التعرض للمورد الحقيقي للمخرج وكانه قال عد الأربعينيات واخرج بعددها بنات اللبون
هذا ولكن الانصاف انه إذا كان ظاهر اللفظ المورد الحقيقي فورود الكلام في مقام بيان حكم اخر لا يمنع من الاستدلال بظاهره مضافا إلى ما في
رواية وليس على النيف شئ ولا على الكسور شئ فان الحكم بجزئية الواحد الزائد مستلزم لثبوت الزكاة في النيف وهو ما بين الفقدين
بل في الكسور حيث إن بنت اللبون يكون ح؟ على الأربعين وثلث والمراد من النيف هنا ما بين الأربعين والخمسين كما يشهد به ذكره بعد
النصاب وليس المراد مطلق ما بين العقدين حتى ينتقض بثبوت الفريضة في ست وعشرين وأمثاله مع أن التخصيص ليس عزيزا في العمومات (مسألة النصب الثلاثة الأولى للغنم
وهي الأربعون والمائة والعشرون والمائتان وواحدة مما لا خلاف فيها نصا وفتوى والخلاف في أن الثلثمائة وواحد نصاب خاص بها أربع شياة ثم بعدها نصاب عام وهي المائة
والواحد ح؟ جزء بلا اشكال أو ان الثلثمائة داخل في النصاب العام وهو ان في كل مائة شاة ففيها ثلثة بمقتضى النصاب العام لا بالخصوص و ح؟ ففي دخول صح)
479

الواحدة في النصاب أو كونها شرطا الخلاف المتقدم في الإبل قولان مشهوران مرويان بالسند المعتبر الا ان الأول أشهر وروايته أوثق وإن كان ابن هاشم
وأصرح لامكان التوجيه في الأخر ومخالف للعامة فقد حكى اتفاق الجمهور على الثاني ومع ذلك فهو أحوط وعليه فلا فرق بين الثلثمأة وواحد وبين الأربعمأة
في وجوب الأربع في كل منهما ومحل الأربع هو مجموع الأربعمائة (فلو تلف منها شئ بعد الحول سقط من الأربع شياة مما يقابله إما لو نقص العدد عن الأربعمائة صح) بواحد أو اثنين فتلف منه شئ بعد الحول لم يسقط ما يقابله لان محل الفريضة وهو ثلثمأة
وواحدة موجودا ما الحكم المترتب على كون المحل هو الأربعمائة فيتوقف على مقدمتين إحديهما كون الفريضة شايعا في النصاب شياع الكسر في العدد التام لا
شياع الفرد المنتشر في افراد الكلى والا فلا وجه لسقوط (الفريضة بلف؟ صح) شئ من النصاب والسر واضح وسيأتي الكلام فيه في تعلق الزكاة بالعين والثانية كون النصاب المتقدم بعد
الوصول إلى المتأخر ساقطا عن الاعتبار والا فبعد تلف شئ من الأربعمأة بحيث يبقى الثلثمأة وواحدة الذي هو سبب مستقل لوجوب الأربعة لا وجه لسقوط شئ
من الأربعة ففي الحقيقة الثلثمأة وواحد مورد للأربعة إلى خمسمأة فإذا حال الحول فان امكنه الاخراج وجب لصحيحة سعد بن سعيد في الكافي بعد السؤال عن جواز
تأخيرها عن زمان الحول قال متى حلت أخرجها وفي موثق يونس بن يعقوب في الكافي بعد السؤال عن جنسها عن وقت حلولها قال
إذا حال الحول فاخرجها من مالك لا تخلطها بشئ ثم أعطها كيف شئت ورواية أبى حمزة الثمالي في الكافي عن أبي جعفر (ع) عن الزكاة يجب على
في موضع لا يمكنني ان أؤديها قال اعزلها فان اتجرت بها فأنت لها ضامن ولها الربح وان نويت في حال ما عزلتها من غير أن تشغلها في تجارة فليس عليك فإن لم
تعزلها فاتجرت بها في جملة مالك فلها بقسطها من الربح ولا ضيعة عليها وفي رواية أبي بصير المحكية عن السرائر وليس لك ان تؤخرها بعد حلها ولكن في صحيحة
معوية بن عمار المحكية عن التهذيب انه لا باس بتأخيرها من رمضان إلى المحرم وفي رواية حماد بن عثمان تأخيرها إلى شهرين ويمكن حملهما على صورة العذر أو على
تأخير دفع المعزول ولو لم يخرجه اختيارا ضمن فعن التذكرة انه لو تلف المال بعد الحول وامكان الأداء وجبت الزكاة عند علمائنا أجمع
مسألة لا خلاف بين الخاصة
في اعتبار السوم في وجوب الزكاة في الانعام وعليه جمهور العامة الا مالكا وللاخبار المستفيضة مثل قوله (ع) في صحيحة زرارة ليس على ما يعلمه؟ انما الصدقة على السائمة
المرسلة في مرحها عامها الذي يقتنيها فيه وصحيحة الفضلاء ليس على العوامل من الإبل والبقر شئ انما الصدقة على السائمة الراعية وهل يعتبر حول السخال من
حين النتاج كما عن الشيخ والإسكافي وجماعة منهم المحقق في ظاهر عبارته في المعتبر في فروع مسألة تعلق الزكاة بالعين بل في المختلف والمسالك انه المش‍؟
أم من حين الاستغناء بالرعي عن اللبن كما في المعتبر والمختلف واللمعة وبعض اخر أم يفرق بين المرتضع من لبن السائمة والمرتضع من المعلوفة فيلحق كلا حكمه باللبن
كما عليه في البيان أقوال الأقوى الأول للعمومات مثل قوله في كل أربعين شاة شاة وقوله (ع) يعد صغيرها وكبيرها وقوله لا يؤخذ من صغار الإبل شيئا حتى يحول
عليها الحول ودعوى تخصيص هذه الأخبار بما ورد من اختصاص الزكاة بالسائمة مع تسليم كون النسبة بين أدلة خصوص الصغار عموما مطلقا مدفوعة بان الظ؟
من أدلة اعتبار السوم هو اختصاصه بما شانه ان يعلف ويسوم فقوله انما الصدقة على السائمة الراعية حصر اضافي بالنسبة إلى المعلوفة التي من شأنها ان يسوم
أو في مقابلة ما اخذ للعمل كالفرس المركوب والإبل للحمل والصفا؟ في أول النتاج ليس من شأنها السوم ولا الاعلاف ولا العمل كما يفهم ذلك من اخبار اعتبار السوم
بعد التأمل وقد يعطى لما ذكرنا المحقق القمي في الغنائم الا انه جعل التبادر موجبا للاجمال المطلق بالنسبة إلى غير المتبادر قال قده فلا يمكن التمسك فيه بالعمومات
فيرجع إلى أصالة البراءة وفيه نظر من وجوه كما لا يخفى هذا كله مضافا إلى حسنة زرارة بابن هاشم بل في المسالك صحيحة ليس في صغار الإبل شئ حتى يحول عليه الحول
من يوم ينتج ونحوها رواية معتبر أخرى لزرارة ومما ذكرنا في معنى أدلة اعتبار السوم يظهر ان السوم يعتبر في السخال عند الاستغناء عن اللبن لأنها ح؟ من شأنها
السوم والعلف وليس عموم أدلة السوم مخصصة بما ورد في السخال من اعتبار حولها من يوم ينتج حتى لا يعتبر في السخال هذا الشرط بل السوم معتبر في كل ما من شانه
الاتصاف به وبمقابله ثم إنهم اختلفوا فيما يتحقق به السوم وما ينقطع به فعن الشيخ انه يتحقق بمجرد كون السوم أغلب عليه من العلف وظاهر المحقق اعتبار استمراره
طول الحول نعم لا يقدح مثل اللحظة وعن العلامة في التذكرة والشهيد والمحقق الثانيين إحالة ذلك إلى العرف وفي الحدائق ان الظ؟ كونه المش‍؟ بين المتأخرين
وهو الأقوى وتحقيقه ان الحكم مرتب على السائمة لا السوم وبعد ملاحظة اعتبار حلول الحول على الملك الخاص الواجد للشروط المقررة للمال الزكوي يعتبر ان يكون في تمام
الحول سائمة لا بمعنى ان يتلبس بالسوم في طول الحول كما يعتبر تلبسه بالمملوكية طول الحول كيف وهو ينام ويسكن ويشرب وغير ذلك بل يعتبر ان يكون من المصاديق
الحقيقية للسائمة التي من المشتقات التي لا يشترط في صدقها قيام المبدء بها بالفعل فان الغنم إذا سام إلى حد يصدق عليه عرفا انها سائمة فكما يصدق عليه في
حال السوم انها سائمة فكك؟ حال اشتغاله بالاعتلاف يصدق عليها انها سائمة الا ان يبلغ الاعتلاف حدا يصدق انها غير سائمة والحد الموجب لصدق
السائمة والمعلوفة موكول إلى العرف والظ؟ تحقق الأول بمجرد بناء المالك على أن يعلفها ما تحتاج إليه ويكفى عن ذلك برعيها في المرعى ويمضى على ذلك مدة
إذا اتفق بعد ذلك يوم لا يرعيها لمانع من الرعى فاعلفها فيق؟ انها سائمة أعلفت في هذا اليوم ولا يسلب عنه صدق هذا المشتق بمجرد يوم أو يومين بل
أكثر ومما يؤيد ذلك اطلاق الروايات مثل قوله (ع) إما الصدقة على السائمة المرسلة في مرحها عامها الذي يقتنيها فيه فان ارسالها في مرحها أي مرعاها عام
اقتناءها لا ينفك غالبا من أن يتفق مانع في بعض الأيام عن ارسالها إلى المرعى فحاصل ما ذكرنا هو اعتبار صدق السائمة طول الحول لا استمرار السوم واما
الملك فحيث ان عنوانه لا يتحقق الا بالتلبس فلهذا يقدح انقطاعه لحظة وقد يتوهم ان المعتبر هو ان يصدق عليها انها سائمة في الحول بان يكون الشرط
هو تحقق السوم المضاف إلى الحول لا ان يتحقق السوم المطلق بان يصدق السائمة في كل جزء جزء من الحول وفيه ان الحول ليس من قيود السوم بان يقيد
480

السوم مقيدا بالحول ثم يعتبر في المال وليس كك؟ بل صدق السائمة عرفا أو تحقق السوم على القول الآخر معتبر في المال ثم يعتبر حلول الحول على المال المقيد بهذا
القيد نعم يحتمل لذلك أي لكون الحول قيدا للسوم ما في خبر زرارة إما الصدقة على السائمة المرسلة في مرحها عامها الذي يقتنيها فيها وحيث عرفت ان
المعيار ان يصدق عليه تمام الحول انها سائمة يظهر انه لا يقدح في ذلك اعتلافها بنفسها من مال المالك أو غيره مدة لو أعلفها المالك سلب عنها
عنوان السائمة نعم لو اشترى لها المالك مرعى أو كان له قصيل أو ما يبقى من أصول السنابل بعد الحصاد فاعلفها إياها مدة يسلب الاسم وكك؟ لو
قصل له الحشيش المباح فاعلفها إياه وحكى بعض المعاصرين عن بعض مشايخه انه لو اشترى مرعى فارسلها فيه فهى سائمة لصدق الرعى لغة وعرفا بل
لا فرق بينه وبين الاستيجار مع أن بعض اخبار اعتبار الحول نص في عدم جواز التقديم عليه وعدم تعلق الوجوب أصلا قبل الحول مثل قوله (ع) في حسنة
عمر بن يزيد بابن هاشم الرجل يكون عنده المال أيزكيه إذا مضى نصف السنة قال لا حتى يحول عليه الحول ويحل عليه إذ انه ليس لأحد ان يصلى صلاة الا لوقتها
وكك؟ الزكاة ولا يصوم أحد شهرا الا في شهره الاقتضاء وكك؟ كل فريضة انما يؤدى إذا حلت فإنها صريحة في نفى الوجوب قبل حولان الحول فلا يجمع بينه وبين
الحسنة المتقدمة بما ذكر بل يتعين بما سيأتي من التصرف في حولان الحول مسألة لا اشكال في اعتبار الحول في وجوب زكاة النقدين والانعام ومال التجارة
ولا خلاف في تحقق الوجوب بمضي أحد عشر شهرا واستهلال الثاني عشر بل في المعتبر وعن المنتهى نسبته إلى علمائنا وفي المسالك وعن التذكرة وعن الايضاح
الاجماع عليه ويدل عليه حسنة زرارة بابن هاشم بعد المنع عن هبة المال إذا دخل الشهر الثاني عشر فقد حل الحول ووجب الزكاة انما الاشكال والخلاف
في أنه هل يستقر الوجوب بدخول الثاني عشر أو يبقى متزلزلا إلى أن يكمل الثاني عشر فان بقى المال على الشرائط كشف عن استقرار الوجوب بالأول وان أخلت
كلها أو بعضها كشف عن عدم الوجوب أولا ظاهر الحسنة والفتاوى الأول ومال الشهيدان والكركي والميسي وغيرهم على ما حكى عن بعضهم إلى الثاني و
لعله للجمع بين ما ظاهره اعتبار كمال الحول وتمام السنة والعام في المال مستجمعا لجميع الشرائط والحسنة المعتضدة بالفتاوى بحمل الأول على اعتبار ذلك
في الاستقرار وحمل الثانية على مجرد تعلق الوجوب ولو متزلزلا ويمكن ان يستشهد لهذا الجمع بموثقة إسحاق بن عمار عن السخلة هل يجب فيه الصدقة قال
إذا جذع والجذع وان اختلف في معناه بالنسبة إلى الضان فقيل إنه ما مضى ستة أشهر وقيل سبعة وقيل ثمانية وقيل عشرة الا ان المحكي عن حياة الحيوان
ان الصحيح عند أصحابنا وأكثر أهل اللغة انه ما مضى عليه سنة فيكون الجذع في الضان مثله في المعز و ح؟ فيدل الخبر على أنه لا يتعلق الزكاة بالسخال منجزا
الا بكمال السنة الأولى إما كلمات الأصحاب فظهورها في الوجوب المستقر مالا ينكر ولذا استدل المعتبر بعد دعوى الاتفاق على اخبار اعتبار الحول ومن
المتسلم؟ عند الخصم اعتبار ذلك في الاستقرار ولذا اعترف في المسالك بان مقتضى الاجماع والرواية هو الأول والظ؟ انه أراد الاجماع المنقول أولا
فكيف يعدل عن المحصل واما الرواية فقد ذكر ان في سنده كلاما وليس الكلام الا في ابن هاشم وهو مشهور في الاعتماد على روايته بل عده هو ره في مسألة
مبدء نصاب السخال من الصحيح كما هو مذهب جماعة من متأخري المتأخرين وعلى الضعف فل؟ يقصر عن الضعف المنجبر بالاجماع المنقول الا ان يتأمل في دلالة الاجماع
المنقول من جهة احتمال ارادتهم مطلق الوجوب الأعم من المتزلزل وهو بعيد بل الانصاف ان التصرف فيما دل على اعتبار حولان الحول أقرب من التصرف في
الحسنة المتقدمة وفي الفتاوى وهل ينصرف في تلك باثبات الحقيقة الشرعية للفظ الحول كما يظهر من بعضهم أو بإرادة الأحد عشر منه مجازا بقرينة الرواية
المعتضدة أو يتصرف في الحولان بان يراد منه الدخول في الشهر الأخير منه الأقرب الثالث وعلى الأولين فلابد من عد الثاني عشر من الحول الثاني كما عن
فخر الدين في الايضاح إما بحول الحول على أحد عشر شهرا للحقيقة الشرعية أو المجاز كما ذكر أو للتصرف في الحولان نظرا إلى أن ظاهر قوله في الحسنة السابقة
فقد حال الحول انقضاء الحولان لان كلمة حال فعل ماض ظاهر في الانقضاء والفاء ظاهر في التعقيب فبمجرد دخول الثاني عشر يحصل انقضاء حولان الحول
لكن الانصاف ان الحسنة غير ظاهرة في انقضاء الحول وان سلم ظهورها في انقضاء الحولان لان الحولان يصدق بمجرد دخول جزء الشهر الأخير ولا ينافي
بين تحقق الحولان شرعا وعدم انقضاء الحول ويضعف دعوى الحقيقة الشرعية في الحول ان مورد الاخبار ليس مختصا بلفظ الحول حتى يرتكب فيه دعوى
الحقيقة بل فيها لفظ السنة والعام وارتكاب الحقيقة فيهما أو التجوز للمسامحة فيها بعيد؟ جدا مع أن دعوى الحقيقة أو المسامحة فيها في جميع أبواب
الفقه مما لا يرضاه أحد وإن كان في خصوص الزكاة كما ترى واما إرادة الأحد عشر مجازا من لفظ الحول والسنة فاما المجاز المرسل فغير ثابت واما
المجاز لعلاقة المتشابهة أو المجاز في ادعاء تنزيل المعدوم منزلة الموجود فهو وإن كان أحسن من دعوى الحقيقة الا ان إرادة خصوص الأحد عشر من لفظ الحول
أو السنة أو العام مجاز مهجور الا ان الانصاف ان التصرف في الحولان (ايض‍) بعيد في الغاية لان حولان الحول كالنص في مضيه وانقضائه لان الظ؟ ان
معنى الحولان الحول؟ دورانه باعتبار الشهور نعم لو أمكن ان يراد منها مجرد اهلال الأهلة الاثني عشر ولو كان كتاسع وعشرين من ذي القعدة إلى اليوم الأول
من شوال كان ذلك قريبا من الاطلاقات العرفية لكنه خلاف الاجماع ظاهرا مع أن في بعض الأخبار اعتبار بقاء المال سنة عند المالك ولا يمكن
التصرف هنا في غير لفظ السنة وكذا في بعض إذا كان موضوعا عنده حولا وفي بعضها ان في الخيل في كل سنة دينارا ودينار وقوله في زكاة النقدين يلزم
زكاة المال في كل سنة وفي بعض الأخبار اعتبار مضى الحول وفي آخر مرور السنة إلى غير ذلك مما يأبى هذا التصرف نعم يمكن ان يق؟ ان المراد من مضى الحول
عرفا ما يعم الدخول في الشهر الثاني عشر فيطلقون بمجرد ذلك أنه مضى سنة وحال الحول كما يق؟ مضى أسبوع بمجرد دخول اليوم السابع ومضى شهر
481

بمجرد دخول يوم الأخر والحاصل ان العرف كثيرا ما يطلقون مثل هذا الاطلاق فيحكمون بتحقق الأسبوع بمجرد الدخول في السابع والشهر بمجرد الدخول
في اليوم الآخر وان لم يمض ويتحقق السنة؟ والحول والعام بمجرد الدخول في الشهر الأخير ويحكمون بمضي عشرة أيام في اليوم العاشر وهكذا ومما يدل على صدق
اتيان السنة ومرور السنة وحلول الحول بمجرد حلول الشهر الثاني عشر مصححة أبي بصير عن الصادق (ع) عن رجل يكون نصف ماله عينا ونصفه دينا
فيحمل عليه الزكاة قال يزكى العين ويدع الدين قلت فإنه اقتضاه بعد ستة أشهر قال يزكيه حين اقتضاه قلت فان حال عليه الحول وحل الشهر الذي
كان يزكى فيه وقد اتى لنصف ماله سنة ولنصفه ستة أشهر قال يزكى الذي مرت عليه السنة ويدع الأخر حتى يمر عليه السنة الحديث فان السائل اطلق
اتيان الستة بمجرد حلول الشهر الذي كان يزكى فيه مع أنه يمكن ان يكون قد يزكى المال في اخر ذي القعدة فيجرد هلال ذي القعدة اطلق اتيان السنة
وحكم الإمام (ع) بوجوب تزكيته لأنه مر عليه السنة ولم يمر عليه الا أحد عشر شهرا ويوم أو أقل أو أكثر وليس المراد تعليق وجوب الزكاة بحلول الشهر الذي كان
يزكى فيه حتى يق؟ انه ليس الوجوب في الجملة موقوفا عليه اجماعا والاستقرار لا يتحقق بمجرده اجماعا بل
المراد ان المكلف إذا أدى زكاته في أول حلول الشهر الذي كان يزكى
في السنة السابقة في اخره أو وسطه فلم يقدم الصلاة على السنة وانما زكى بعد مرورها كما يفهم من الرواية نعم لا يطلقون ذلك قبل الدخول في الجزء الآخر لا في الاسبوغ؟
ولا في اخوته وهذه الاطلاقات وإن كانت مبنية على المسامحة في الحكم بالتحقيق والمضى والحولان والمرور والمسامحة غير معهودة في المقادير المتعلقة للأحكام الشرعية
الا ان الدليل هنا لما قام على كون مجرد الدخول في الثاني عشر موجبا لتعلق الزكاة كشف ذلك عن كون الاطلاقات الكثيرة في الاخبار أريد بها ذلك فهى مسامحة
في التعبير وليست المسامحة في الاعتبار بان تعلق الشارع حكما على موضوع قابل عرفا للمسامحة فيه بالزيادة والنقصان كالشهر في المسافر المتردد عشر أيام في المقيم
وثمانية فراسخ للمقصر ثلاثة أيام وعشرة للحايض وغير ذلك الا ان الانصاف انه يلزم على ذلك تأخير البيان في جميع الأخبار سيما في بعضها مثل ما روى فيمن كان
عنده مال إلى نحو سنة أو قريبا من رأس الحول فانفقه هل عليه صدقة قال لا ونحو ذلك الا انه لا محيص عن ارتكاب ذلك لتحقق الاجماع على ثبوت الوجوب في
الجملة بدخول الثاني عشر الا ما يحكى عن الكاشاني في الوافي من احتمال كون الحسنة المتقدمة مختصة بحكم موردها وهو عدم جواز اتلاف المال بعد الوقت لا تعلق الزكاة
وهو خلاف ظاهر الرواية وجميع الفتاوى ظاهرا كما بنه عليه في الحدائق ثم انك تعرف مما ذكرنا ان القول بالوجوب المستقر بمجرد الدخول في الثاني عشر لا ينافي
عد الثاني عشر من الحول بل هو اللازم على طريقة التجوز التي ذكرناها من التصرف في الكلام بالحمل على المسامحة العرفية في مضى الحول وحولانه ومرور السنة
ونحوها إذ الظ؟ بل المقطوع ان الشهر الأخير من الحول الأول وانما يصدق مضى الحول بالدخول فيه مسامحة لا انه ينقطع الحول الأول بالدخول في الشهر الأخير
فكما انه يصدق في اليوم الأول من الشهر الأخير انه قد مضى الحول أو مرت السنة فكك؟ يصدق في اليوم الثاني والثالث والرابع وهكذا إلى اخر الشهر ولايق؟ في اليوم الثاني
انه قد زاد على الحول شهر كما أنه لا يلزم من صدق مضى عشرة أيام مسامحة بمجرد دخول العاشر ان يصدق في اخر ذلك اليوم انه عشرة أيام ونصف مثلا فما دل على
وجوب زكاة المال في سنة مثل قوله (ع) في صحيحة ابن يقطين بعد السؤال عن المال إذا لم يعمل به ولم يقلب قال يلزمه زكاته في كل سنة وغير ذلك على معناه الحقيقي
وان بالدخول في الثاني عشر تجب زكاة السنة التي هي عبارة عن الكاملة فقد اعطى زكاة اثنى عشر شهرا في أول الثاني عشر نعم لو بنى على التصرف في لفظ الحول بالحقيقة
الشرعية أو المجاز فالظ؟ انه لابد من جعل الثاني عشر من الحول الثاني إما مط؟ لو باستثناء جزء منه بناء على أن الجزء الأول شطر للحول الأول لا شرط ومما يدل
على ما ذكرنا من أن الشهر الثاني عشر معدود من الحول الأول ما تقدم في مصححة أبي بصير من أمر الإمام (ع) بزكوة السنة اللاحقة في الشهر الذي كان يزكى فيه في
السابقة (وقوله في صحيحة ابن يقطين عن المال الذي لا يعمل به ولا يقلب قال يلزمه الزكاة صح) في كل سنة وقوله (ع) في الصحيحة المروية في العلل انه يؤخذ الفقير وعنده قوة شهر ما يكفيه لسنة لأنها انما هي من سنة إلى سنة اعلم أن معنى اعتبار
الحول في الانعام والنقدين هو اعتبار بقائها إلى حولان الحول مستجمعة للشرائط فمقتضاه سقوطه بتلف بعض النصاب في أثناء الحول أو اتلافه أو معاوضته
بغيره مجانسا أو مغايرا سواء كان الاتلاف والمعاوضة بقصد الفرار من الزكاة أم لفرض اخر كل ذلك لعموم الاخبار مثل قوله لا زكاة على مال حتى يحول عليه
فعموم ما دل على جواز انفاقه إذا مر عليه نحو من سنة أو قريب من حول وجواز هبة المال قبل حول الحول لشهر أو يوم وانه ليس عليه شئ كما في الحسنة المتقدمة
في حولان الحول وفي اخر (ايض‍) التصريح بجواز ان يحدث في المال شيئا فرارا ومثله في التصريح بعدم الزكاة ولو أحدث فيها فرارا اخبار مستفيضة في خصوص
النقدين ويتم بعدم القول بالفصل مع أن الحسنة مطلقة وعموم قوله (ع) في التسعة الأصناف إذا حولتها في السنة فليس عليك فيها شئ وصحيحة علي بن يقطين
انه يجتمع عندي الشئ فيبقى نحوا من ستة أنزكيه قال لا كل ما لم يحل عندك عليه الحول فليس عليك فيه زكاة وكل ما لم يكن ركازا فليس عليك فيه زكاة قلت
وما الركاز قال الصامت الغرش (الفرش صح) ثم قال إذا أردت ذلك فاسبكه فإنه ليس في سابك الذهب والفضة شئ من الزكاة فقد علمه الإمام (ع) طريق الفرار من الزكاة
نعم في غير واحد من الاخبار ثبوت الزكاة إذا جعل بعض الدارهم دنانير لموثقة إسحاق بن عمار أو جعل المال حليا لصحيحة معوية بن عمار المحكية عن مستطرفات
السرائر عن كتاب معوية بن عمار ونحوها حسنة بن مسلم بابن هاشم ويحمل على من قربها بعد حلول الحول كما فسر به الصادق (ع) كلام الباقر (ع) في الحسنة المتقدمة
وفي حسنة حريز ففيها قلت لأبي عبد الله (ع) ان أباك (ع) قال من فر بها من الزكاة فعليه ان يؤديها فقال صدق أبى ان عليه ان يؤدى ما وجب عليه وما لم يجب
عليه فلا شئ عليه إلى أن قال بعد تنظير ما نحن فيه لمن أغمي عليه ثم مات حيث إنه لا قضاء عليه وبمن مرض في رمضان ثم مات فيه قال وكك؟ الرجل لا يؤدى
عن ماله الا ما حل عليه الحول وهذا الحمل في تلك الأخبار وإن كان بيدا؟ في نفسه الا انه يصير قريبا بملاحظة هاتين الحسنتين بابن هاشم لكن هذا الحمل
482

تنافى رواية ابن عمار حيث إن فيها إن كان قربها من الزكاة وإن كان فعله ليستجمل به فليس عليه فان مورد التقسيم لابد ان يكون قبل الحول والا لم يسقط
عنه في القسم الثاني ويمكن حمل تلك الأخبار على التقية من مالك واحمد كما عن المنتهى وإن كان القول بعدم الوجوب محكيا عن جميع المخالفين كما عن الانتصار
أو عن الشافعي وأبي حنيفة المشهور الاتقاء عنه في ذلك الزمان ويمكن (ايض‍) الحمل على الاستحباب وهو أوفق بقاعدة الجمع والاحتياط ولا ينافي ذلك إرادة
المكلف الفرار من الزكاة لان المعنى انه يستحب له بعدم الفرار الندم على ذلك واخراج الزكاة لكنه كما ترى مخالف لسياق تلك الروايات فإن كان سياقها في أنه
هل ينفع الفرار في اسقاط الوجوب أم لا مع أن قوله (ع) في غير واحد من أدلة السقوط ان ما منع نفسه من فضله أكثر مما منع من حق الله الذي يكون فيه مشيرا
إلى صيرورته بالفرار محروما عن فضيلة الزكاة الا ان باب الاستحباب أوسع من أن يسد بهذه الوجوه ثم الظ؟ كما في الرياض ان الخلاف انما هو في تبديل النصاب
بقصد الفرار واما اتلافه كلا أو بعضا فالظ؟ عدم الخلاف في السقوط به بل لو اقتصر المخالف على مورد الأخبار الدالة على أنه لا يجدى الفرار لزمه القول
باختصاص ذلك بالنقدين إذا تبدل أحدهما بالآخر كما في رواية إسحاق بن عمار أو ضعيفا حليا كما في غيرها
مسألة لا خلاف ظاهرا كما عن صريح جماعة
في أن للسخال حول بانفراده بمعنى انه لا يكفي في تعلق الزكاة حولان الحول على أمهاتها خلافا للمحكى عن
أكثر الجمهور بشرط تولدها منها وبلوغ الأمهات
نصابا والاشتراك مع الأمهات في جزء من الحول بان لا يتولد بعد حولان الحول على الأمهات واجماع الامامية واخبارهم المتقدم بعضها على خلاف ذلك كله
ثم إن كانت السخال نصابا مستقلا بعد نصاب الأمهات كما لو ولدت خمس من الإبل خمسا فلا اشكال في ابتداء حولها وانه من حين النتاج أو السوم على الخلاف
المتقدم فيغاير حولاهما دائما وإن كانت ناقصة عن نصاب فمقتضى القاعدة انه مال متجدد ضم إلى الأمهات فلو ضم إلى الأربعين في أثناء حولها أربعون
فبعد الحول الأول للأمهات لا يجب الا واحد لها ولا يجب بعد حلول الحول على السخال شئ فيها إذ لا يفرق بين مجتمع وعموم قوله في أربعين شاة شاة انما هو
في النصاب الابتدائي لان الأربعين ليس نصابا كليا في الغنم وانما هو نصاب شخصي نعم قال المحقق في المعتبر لو ملك أربعين شاة ثم ملك أخرى في أثناء الحول فعند
تمام الحول الأولى يجب شاة فإذا تم حول الثانية ففي الزكاة فيها وجهان أحدهما الوجوب لقوله (ع) في أربعين شاة شاة والثاني لا يجب لان الثمانين ملك
لواحد فلا يجب فيها أكثر من واحد انتهى وعن المنتهى انه حكى الوجوب قولا ولو كان عدد السخال متمما لنصاب اخر للأمهات كما لو ولدت أحد وثلثون عشرا فصارت
بعد اخراج الفريضة أربعين وجبت عند كمال حول الثلثين واحد ولا يهدم حولها ضم الزيادة لعدم الدليل على تخصيص ما دل على وجوب الزكاة في الثلثين
بحول الحول عليه فح؟ تصير الحول أربعين فيبتدأ لها حول من هذا الزمان ويحمل من زمان وجود الزيادة فإذا مضى حول من زمان الزيادة وجبت فريضة
الأربعين والأقوى الأول لان الثلثين لا يزكى مرتين في سنة واحدة نعم ربما توهمه ظاهر قوله (ع) وكل شئ ورثته أو وهب لك فاستقل به إذ الظ؟ ان المراد
استيناف الحول له من زمانه ثم جملة الكلام في هذا المقام انه إما ان يكون الضميمة الحاصلة في افناء حول الأمهات نصابا مستقلا منفردا أو في ضمن الغير
كان ولدت خمس من الإبل خمسا فان الخمسة الثانية أيضا نصاب بعد النصاب الأول ولا اشكال في حكمه واما ان لا يكون كك؟ و ح؟ إما ان لا يكون نصابا
ولا مكملا لنصاب كان ولدت خمس من الإبل أربعا وحكمه واضح واما ان يكون يبلغ النصاب إذا كان منفردا لا في ضمن غيره ولا يبلغ المجموع نصابا ثانيا كان ولدت
الزائد على أربعين شاة زائدا على أربعين بعد ستة أشهر فالظ؟ انه لا يستقل نصاب للفرع فيجب ح؟ عند مرور السنة على الأصل شاة واحد ولا يجب بعد
ستة أشهر واحدة للفرع فيكون الواجب عليه شاة في كل ستة أشهر التي هي رأس السنة لاحدها واما قوله (ع) في كل أربعين شاة فعمومه بالنسبة إلى الافراد
المتعددة باعتبار تعدد الملاك لا تعدد الاملاك لمالك حتى يكون ظاهره وجوب شاتين في ثمانين وثلاثة في مائة وعشرين وخمسة في مأتين وهكذا و
دعوى ذلك مع التزام خروج ما خرج بالاجماع كما ترى مع أن قوله بعد ذلك ثم ليس فيها شئ حتى يبلغ مائة وعشرين فإذا بلغت ذلك ففيه أيضا واحدة فإذا
زادت واحدة ففيه شاتان إلى اخر الرواية كالصريح في أن الأربعين نصاب شخصي لا يجتمع اثنان منها في مال واحد كما يجتمع في النصب الكلية كنصاب
البقر وبعض نصاب الغنم والإبل وان بلغ المجموع نصابا ثانيا كما لو ولدت الزائد على أربعين ما الحقها بالنصاب الثاني كما لو ولدت مأة مأة فالظ؟ انه
ينتظر حول الأصل فإذا حصل ينضم إليه الباقي ويستقل لهما حول والفرق بين هذا وسابقه ان الفرع في السابق لا يتعلق به زكاة الا إذا صار جزء من
النصاب الأول بان ينقص عدد الأصل فيجب بالفرع بخلاف هذه الصورة فان الفرع يضم مع الأصل بعد اكمال سنة الأصل ويتعلق بالمجموع الزكاة و
إن كان الزائد نصابا في ضمن غيره لا منفردا كما إذا ولدت من مأة وخمسين خمسون فان الخمسة (الخمسين ط) نصاب في ضمن ما زاد على الثلاثمائة وواحد لا مستقلا والظ؟ انه لا
اشكال في أنه لا يستقل حول لها بل إذا حال حول الأصل يخرج زكاته ثم يضم إليه الفرع ويستقل بمجموعها الحول ولا يزكي الفرع وهو الخمسون بعد حلول
الحول المختص بها وهو ما إذا مضى ستة أشهر من الحول الثاني للأصل لان الظ؟ من قوله في كل خمسين حقه وفي كل أربعين بنت لبون هو الخمسون أو
الأربعون إذا حال عليه الحول في ضمن ما يزاد إلى النصاب الحادي عشر لا مستقلا كما يظهر من قوله إذا كثرت الإبل ففي كل خمسين حقه ثم إنه لو زاد على
الست وعشرين من الإبل خمس فهو من هذا القسم لا القسم السابق لان الخمس نصاب إما منفردا واما في ضمن ما دون الخمسة والعشرين وليس نصابا مستقلا في هذا
الفرض بل هو عفو هنا هذا كله إذا كان الزائد نصابا إما مط؟ كخمس من الإبل أو بشرط الانفراد كأربعين شاة أو بشرط الانضمام كخمسين من الإبل وأما إذا
لم يكن نصابا ولكن كان مكملا لنصاب بحيث يخرج الأصل بانضمامها إلى نصاب اخر كما لو ولدت ثلاثون من البقر أحد عشر بعد ستة أشهر من حولها
483

و ح؟ فلا اشكال في وجوب تبيع إذا حال حول الثلثين وانما الاشكال في مبدء حول الأربعين هل هو من حين الزيادة فيجب المسنة في المثال المفروض بعد
مضى ستة أشهر من حول الثلثين لحلول حول الأربعين أو يصدق عليها انها أربعون حال عليها الحول أو هو من حين كمال حول الثلثين لان الثلثين في حولها متعلقة
لزكاة ذلك الحول فالتبيع المخرج منها متعلق بها ومشاع فيها فلا يتعلق بها الزكاة الا بعد حلول حول عليها فلو تعلق بها شئ بعد ستة أشهر لزم تعلق الزكاة بها في
سنة مرتين يرده قوله (ع) في رواية زكاة القرض على المقترض انه لا يزكى المال من وجهين في عام واحد وصدق انه حال الحول على أربعين مسلم لكن حلول الحول ليس سببا
لوجوب الزكاة الا في ذلك الحول والمفروض انما في ذلك الحول تعلق الزكاة بالثلثين ولو في نصف الأول من ذلك الحول فيلزم ان يكون نصف أول هذا الحول
مؤثرا في تعلق زكوتين بالثلثين زكاة في نفس الثلثين وزكاة في ضمن الأربعين ومن الغريب ذهاب بعض مشايخنا المعاصرين إلى هذا الاحتمال قال ولا ارى له مبطلا
ولا اجماع على خلافه وان لم يصرح أحد باختياره وأبطل ما اخترناه بعموم ما دل على وجوب الزكاة بحلول الحول على النصاب وبما تقدم من مصححة أبي بصير المتقدمة
في مسألة الحول الواردة في السؤال عمن حال عليه الحول وقد اتى لنصف ماله سنة ولنصفه الأخر ستة أشهر قال يزكى الذي مرت عليه السنة ويدع الأخر حتى تمر عليه
سنة أقول إما العمومات فقد عرفت انها تدل على وجوب الزكاة بحلول الحول على المال الذي لم يجز في حول اخر والمفروض ان النصاب الأول قد جزى في النصف الأول
من حول الضميمة فلا تجرى في حول الضميمة مرة أخرى فيكون ستة أشهر له محسوبا من حولين واما رواية أبي بصير فان أبقيت على ظاهره من إرادة النصف فخارج
عما نحن فيه لان موردها في النقدين والمفروض ان الذي مرت عليه السنة لا يزكى حتى يكون بقدر النصاب الأول لاحد النقدين فيكون نصفه الأخر الذي
مضى عليه ستة أشهر كك؟ أيضا فيكون المسألة مما إذا ضم إلى النصاب نصاب مستقل اخر كضم خمس من الإبل إلى خمس ولا اشكال في حكمه وان حمل النصف فيها على
مطلق البعض فلا يكون في النقدين إذ لو فرضنا النصف الآخر أقل من النصاب الثاني النقدين لم يجب فيه شئ قطعا وإن كان بقدره أو أكثر وأقل من النصاب الأول
فهو خارج عن هذه المسألة وهو ما إذا كان الزائد مكملا للأصل وملحقا له بالنصاب الثاني بل داخل في المسألة السابقة عليه وهو ما إذا كان الزائد نصابا في ضمن
الغير لا منفردا وكيف كان فلا ريب في ضعف هذا الاحتمال وضعف ما ذكره العلامة من أنه يعطى عند تمام حول الأصل فريضتها وعند تمام حول الفروع من زمن الزيادة
ما يخص الفروع من فريضة النصاب الحاصل بعد ضمها فيعطى من ولدت له ثمانون بقر بعد نصف حولها اثنى عشر بقرة في رأس حول الأمهات تبيعا وفي رأس
حول الفروع ربع سنة لأنه يخص العشر لو وزعت المسنة على الأربعين ولا يخفى ان هذا مجرد اعتبار لان أدلة حولان الحول على الأربعين لو شمل هذا فلا محيص عن
وجوب المسنة والا فلا دليل على وجوب الربع والجمع بهذا الوجه بين ما دل على وجوب التبيع في رأس حول الثلثين ووجوب المسنة في رأس حول الأربعين بعد تعارضهما
بضميمة ما ثبت من عدم تعدد الزكاة في عام واحد لمال واحد حسن لو استفيد من أدلة الفريضة في النصاب كون حولان الحول على كل جزء من النصاب سببا لوجوب
حقه من النصاب ولو لم يكن مثلها في مثله وهو بعيد عن مدلول اللفظ وإن كان قريبا إلى الاعتبار بل الظ؟ توقف الوجوب في كل جزء على مصاحبة الوجوب
في غيره توقف معية لا توقف دور كما في الايضاح ثم لو قلنا بربع المسنة عند كمال حول الفروع فهل يجب بعد ستة أشهر حيث يتم حول الأمهات ثلث أرباع
مسنة أو يجب تبيع ثم ربع مسنة عند كمال الحول الثاني للفروع فيكون دائما عند اكمال حول الأصول تبيع وعند اكمال حول الفروع ربع سنة وجهان من
صدق حلول الحول على الثلثين ومن صدق حلوله على الأربعين والأول أقوى مسألة
اعلم أن للبقر نصاب كلي وهو أحد الامرين من الثلثين والأربعين اجماعا نصا وفتوى والجاموس
من جنس البقر في الزكاة للاتفاق كما في المعتبر وعن المنتهى ولصحيحة زرارة
عليه مثل ما على البقر وفي كل ثلثين تبيع ويجزى
التبيعة (ايض‍) للاجماع المحكي بل
للأولوية حيث إن
التبيعة
أنفع كما قيل وفي كل أربعين مسنة ولا يجزى المسن لظاهر النص مسألة يشترط
في الانعام ان لا يكون عوامل للاجماع الظاهر المصرح به في محكى التذكرة والرياض والمدارك وعن الذخيرة وغيرها
نفى الخلاف لصحيحة الفضلاء في التهذيب ليس على العوامل من الإبل والبقر
شئ انما الصدقات على السائمة الراعية ونحوها
الحسنة بابن هاشم وفي
484

مرسلة ابن أبي عمير كان أمير المؤمنين (ع) لا يأخذ من جمال العمل شئ وكانه لم يجب ان يؤخذ من الذكور شئ لأنه ظهر يحمل عليها وروايات إسحاق بن عمار بالوجوب محمولة أو مطروحة
والمرجع في صدق العوامل العرف فكلما صدق على حيوان انها عاملة خرج من الحول والفرق بين العمل والسوم في كفاية مسمى الأول في المنع ووجوب استغراق
الثاني للحول ان الثاني شرط فيجب اقراره؟ طول الحول والأول مانع فيكفي وجوده في بعضه مع أن العمل مقابل للسوم كما في الصحيحة فمقتضى اعتبار السوم طول
الحول كفاية العمل في بعضها في رفع الشروط ثم الظ؟ ان الحيوان لا يصدق عليه العامل بمجرد اتفاق العمل له في اليوم أو اليومين من السنة بل من الشهر فان الظ؟
من العوامل ما صار شغله الدائمي أو الغالبي العمل ثم إن المحكي عن سلار اعتبار الأنوثة في الانعام لظ؟ قوله في كل خمس من الإبل
مسألة يجوز اخراج القيمة عن العين في زكاة الغلات والنقدين اتفاقا ظاهرا كما في المعتبر وعن التذكرة والمفاتيح التصريح بالاجماع
كما ظاهر المبسوط وايضاح النافع والرياض نعم في كلام بعض انه حكى عن الإسكافي المنع مع أنه حكى عن شرح الروضة التصريح بموافقة الإسكافي للمش‍؟ لمصححة
البرقي كتبت إلى أبى جعفر الثاني (ع) هل يجوز ان اخرج عما يجب في الحرث من الحنطة والشعير وما يجب على الذهب دراهم قيمة ما يسوى أم لا يجوز الا ان يخرج عن
كل شئ ما فيه فكتب (ع) أيما تيسر يخرج ونحوهما صحيحة علي بن جعفر (ع) في اخراج أحد النقدين في زكاة الأخر وعن قرب الإسناد عن محمد بن الوليد عن يونس بن
يعقوب قال قلت لأبي عبد الله (ع) عيال المسلمين أعطيهم من الزكاة اشترى لهم منها شيئا ثيابا وطعاما وارى ان ذلك خير لهم قال لا باس ومقتضى اطلاق
الأخيرة بل الأولى حيث اطلق جواز اخراج كلما تيسر في مقام دفع توهم المسائل وجوب ان يخرج عن كل شئ ما فيه هو جواز اخراج القيمة في الانعام (ايض‍) كما هو
المش‍؟ ظاهرا كما في الحدائق المحكي عن المرتضى والشيخ وابن زهرة والحلى والقاضي والشهيدين بل عن صريح الشيخ وابن زهرة كظاهر السيد والحلبي دعوى الاجماع عليه و
بذلك ينجبر ضعف سند رواية الاسناد بل ودلالته (ايض‍) كدلالة الصحيحة ويؤيدها ما دل على جواز احتساب الدين من الزكاة الشاملة باطلاقها لزكاة
الانعام ويؤيدها ما يستفاد من الأدلة من تسهيل الامر على المالك مثل تجويز اخراج الزكاة من غير العين فان قيمة العين أولي بالجواز من اخراج مثل العين
إذ الانعام ليست من المثليات فالقيمة أقرب إليها من المماثل و (ايض‍) إذا جاز اخراج القيمة في المثليات ففي القيميات أولي وقول الصادق (ع) في صحيحة محمد بن خالد
انها يعنى السهم المأخوذ من الانعام في الزكاة فإذا قامت على ثمن فان أرادها صاحبها فهو أحق بها فان هذا الكلام يفهم عرفا انه إذا أراد المالك أولا اخراج
القيمة التي تقوم الفريضة عليه فله ذلك ومثل ما تقدم في جواز اعطاء الاعلى من أسنان الإبل واخذ التفاوت واعطاء الأدنى من الأعلى مع دفع التفاوت
فإنه وإن كان مختصا بمورد معين الا انه لايخ؟ عن التأييد حيث إنه من المساهلات مع المالك في عدم التزامه بشراء الفريضة وربما أيد بذلك خلاف المختار
بتقريب انه لو جاز القيمة لم يحتج إلى تكلف الاخراج من الإبل والجبر بالشاة والدراهم بل مقتضى التسهيل هو الترخيص في المحاسبة بالقيمة وفيه ان عدم أمر
الساعي بأخذ القيمة لعله لكونه معرضا لوقوع التشاح بينه وبين المالك في قيمة ما دفعه وكيف كان فلا حاجة إلى التأييد بهذه الرواية لما تقدم من المؤيدات
المنجبرة لضعف ما تقدم سندا مع أن الشيخ نسب الحكم في الخلاف إلى اجماع الفرقة واخبارهم فالأقوى ما عليه المش‍؟ دون ما عن المفيد والإسكافي من عدم جواز
اخراج القيمة مع التمكن ومال إليه في الحدائق وتوقف فيه في المعتبر لأصالة عدم براءة الذمة وعموم مثل قوله في كل أربعين شاة شاة وخصوص رواية سعيد بن عمر
قال قلت لأبي عبد الله (ع) يشترى الرجل من الزكاة الثياب والسويق والدقيق والبطيخ والعنب فيقسمه قال لا يعطيهم الا الدراهم كما أمر الله ولكن الرواية بعد تسليم
سندها متروكة الظ؟ لان الحصر في الدراهم خلاف الاجماع حتى في زكاة الدراهم فلابد من حمل النهى إما على المنع عن اعطاء القيمة من غير الدراهم واما حمله على
الكراهة بمعنى أفضلية اخراج العين ويحمل الزكاة على زكاة الدراهم أو على أفضلية اخراج القيمة من الدراهم لامن مثل البطيخ (والعنب صح) ونحوهما والأول ضعيف لما سنين
من جواز اخراج القيمة من كل شئ واما العمومات فهى (ايض‍) متروكة الظ؟ لجواز اخراج الزكاة من غير العين اجماعا الا ان يق؟ ان ظاهرها استقرار التعلق بالعين
وتعلق الوجوب بالاخراج من العين وانما أجمع على سقوط الزكاة من العين إذا ضمن الزكاة بمماثل الفريضة فلا دليل على سقوطها عن العين إذا ضمنها بالقيمة
وكيف كان فالأصل والعمومات لا تقام وما تقدم ثم إنه لا فرق في التجويز والمنع بين دفع القيمة إلى نفس الفقير أو ولى العام للفقراء كالامام أو وكيله العام
أو الخاص ومايق؟ من أن منع دفع القيمة إلى الولي العام في غاية الضعف لثبوت ولايتهم على الفقير فلهم المعاوضة بماله فإذا أراد قبض القيمة من أي جنس؟ لم
يكن اشكال في الجواز ودعوى انه لا يجوز لهم ذلك واضحة الفساد ففيه ان الكلام في دفع المالك القيمة بان يقوم عند نفسه ويدفع القيمة لا في جواز معاوضة
مع الولي العام المتوقفة على رضاء الطرفين بعد معرفة قيمة ما في الذمة وقيمة المدفوع والذي يجوز للولي العام هو الثاني والذي هو محل الكلام الأول
ولا فرق في ذلك بين نفس الفقير ووليه فلا تفاوت في ضعف هذا القول وقوته بين الصورتين ثم إن الظ؟ المشهور جواز اخراج القيمة من أي جنس كان كما
هو صريح معقد اجماع الخلاف بل صريح الغنية (ايض‍) بعد الملاحظة ويمكن ان يستدل له بعموم قوله في الصحيحة أيما تيسر يخرج بناء على حمل أي على العموم
المطلق الا العموم بالنسبة إلى الجنس الزكوي والدراهم ويؤيدها رواية قرب الإسناد المتقدمة المنجبرة بكثير مما مر فالقول بالاقتصار على الدراهم أو
على مطلق النقدين اقتصارا في مخالفة الأصل على مورد اليقين والتفاتا إلى رواية سعيد بن عمر المتقدم المحتمل لمحامل اخر لايخ؟ عن نظر سيما بعد امكان
دعوى عدم القول بالفصل فان ظاهر الأصحاب المجوزين لاخراج القيمة عدم الفرق بين النقدين وغيرهما كما يظهر من الحدائق الاعتراف وكذا عن الذخيرة
والمسألة لاتخ؟ عن اشكال فلا ينبغي ترك (الاحتياط في أصلها وفرعها ثم إن المراد بالقيمة هو قيمة وقت الاخراج لأنه وقت صح) الانتقال إليها ولو ضمن القيمة قبل الاخراج فتغيرت القيمة وقت الاخراج فالظ؟ ان العبرة بوقت الضمان
485

وفاقا للمحكى عن التذكرة إذ بالضمان يستقر القيمة بالذمة ولذا يجوز للمالك التصرف ح؟ في مجموع النصاب نعم لو لم يف بالضمان ولم يؤد ما ضمن رجع الساعي فسقوطها
متزلزل لا يستقر الا بالابراء والحاصل ان التقويم إذا كان جائزا والضمان صحيحا فمقتضاه اشتغال الذمة بالقيمة في وقت التقويم وهو وقت الانتقال
ويمكن المناقشة في تعيين القيمة بمجرد التقويم بناء على أن الثابت من النصوص جواز اخراج القيمة لا أزيد مع أن القيمة بدل الأصل فالتكليف دائما ثابت بالبدل
إلى أن يتحقق المبدل وهو اخراج القيمة وليس مجرد الضمان والتقويم بدلا ومقتضى الاستصحاب عدم الخروج عن العهدة الا باخراج القيمة وقت الاخراج نعم لو ثبت
التقسم بالاخبار وكان على وجه لا يعلم منه سباقه في مقام بيان مجرد جواز اخراج القيمة لا على أصل ترتب الأثر على التقويم أمكن ما ذكره العلامة ولم يثبت وكيف
كان فالقول باعتبار وقت الاخراج مط؟ كما هو ظاهر البيان لايخ؟ عن قوة مسألة المشهور ان الواجب في الشاة التي تؤخذ في الزكاة في فريضة الإبل
والغنم وفي الشاة التي يجبر بها الناقص من أسنان الإبل المأخوذة في الزكاة لابد ان يكون جذعا من الضان أو ثنيا من المعز بل في الغنية كما عن الخلاف
الاجماع عليه واستدل عليه في المعتبر كما عن المنتهى برواية سوية بن عقله قال أتانا مصدق رسول الله (ص) وقال نهينا ان نأخذ الراضع وأمرنا ان نأخذ الجذعة
والثنية ولعن؟ في الرواية بعض المتأخرين بكونه غير مروى في كتب الاخبار للإمامية فلا ينجبر ضعفه بالشهرة وفيه ان تدوينها في كتب أصحابنا على وجه الاستناد
كما إليه فيما نحن فيه بمنزلة تدوينها في كتب اخبارهم غاية الأمر انهم لم يجدوها في الأصول الضابطة لما انتهى إلى الأئمة من الاخبار وإن كان مسندا بالآخرة إلى النبي صلى الله عليه وآله
بل وجدوها في كتب العامة مروية بطرقهم لكن قد وثقوا الطريق على وجه يعتمد عليه هذا له بعد تسليم العلم بخلو كتب الأصول عنه والا فعدم الوجدان لا يدل
على عدم الوجود وبالجملة فالرواية التي يستدل به مثل المحقق والعلامة وإن كان سنده عاميا أو غير معلوم أقوى من الرواية التي يذكره الراوي في أصله المعروف
مع عدم العلم بسنده وبعمل الراوي أو غيره عليه فانجبار الثاني بالشهرة موجب لانجبار الأول بطريق أولي وقد يستشكل في الدلالة بعدم العلم بنسبة الأمر والنهي
إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وفيه ان الظ؟ ان مصدق رسول الله صلى الله عليه وآله لا يقول مثل ذلك الا عنه صلى الله عليه وآله ويؤيده ما عن الغوالي انه صلى الله عليه وآله أمر عامله بان يأخذ من الضان الجذع
ومن المعز الثنى قال ووجد ذلك في كتاب علي (ع) ثم إنه يمكن الاستدلال على القول المشهور بان ظاهر مثل قوله (ع) في كل أربعين شاة شاة مساواة شاة الفريضة
لشاة النصاب بمعنى انه يجب من كل أربعين واحد لا أقول إنه يجب ان يكون الشاة الواجبة في كل أربعين مساوية لأقل افراد تلك الأربعين إذ معلوم انه قد
قد يدفع؟ شاة من غيرها ولو كان أدون من الكل من حيث السن بل أقول إن المفهوم من الروايات هو ان الزكاة المجعولة في الأربعين لابد ان يكون واحدا منها
وجواز دفع البدل انما ثبت من الخارج تسهيلا ولابد ان لا يكون البدل دونه والا لكان للمالك حين جائه مصدق أمير المؤمنين (ع) وقاسمه الانعام أن يقول له
انى ادفع إليك سخالا من غيرها ومعلوم؟ ان شياة النصاب لا يكون فيها ما يكون له أقل من سنة بناء على مقالة جماعة من المتأخرين من أن النصاب لا يستقر فيه
الفريضة الا باكمال الثاني عشر فماله أقل من سنة لا يدخل في النصاب بل في العفو الذي من حكمه ان ينجبر به النصاب فان العفو ما كان من النصاب في الحول و ح؟
فنقول ان مقتضى ما ذكر وجوب ان لا يكون للشاة المأخوذة في الفريضة أقل من سنة لأنه إن كان من بينها فله السنة والا فلابد ان يكون له سنة مراعاة
لحق البدلية وما ذكرنا وإن كان الظ؟ منه وجوب ماله؟ سنة في النصاب والمعز الا انه قد استفيد من الخارج بل من بعض الأخبار الواردة في الهدى ان الجذع
من الضان بمنزلة الثنى في المعز أعني ماله سنة كاملة ففي صحيحة ابن سنان يجزى من الضان الجذع ولا يجزى من المعز الا الثنى وفي صحيحة حماد بن عثمان قال
سئلت أبا عبد الله (ع) من أدنى ما يجزى من الهدى قال الجذع من الضان قال فالمعز قال لا يجوز الجذع من المعز قلت ولم قال لان الجذع من الضان يلقح والجذع
من المعز لا يلقح وفيها إشارة إلى ما عن ابن الأعرابي من الضان ينزو؟ ويضرب في سبعة أشهر والمعز لا يفعل ذلك الا إذا دخل في السنة الثانية فالضأن يبلغ
مبلغ المعز في الفحولة إذا كان له سبعة أشهر والحاصل ان وجوب ما دخل في الثانية في المعز قد ثبت بما تقدم من وجوب كون الفريضة واحدة من النصاب أو
لابد منها من حيث ألية؟ واما كفاية الجذع من الضان فلما استفيد من الخارج ومن اخبار الهدى من بدليته للمعز الداخل في الثانية و ح؟ فمخالفة أهل اللغة في
معنى الثنى وانه مما دخل في الثانية أو الثالثة لا يقدح في المقام لان المستفاد من الأدلة وجوب واحدة من الأربعين المطلق التي قد يكون بعضها أو كلها مما
ليس أزيد من سنة والواحدة الثابتة في الكل الصادقة على كل واحدة ليس لها أزيد من سنة كما لا يخفى واما خلافهم في معنى الجذع وانه ما دخل في الثانية
كما عن المش‍؟ أو كمل له ستة أشهر أو سبعة أو ثمانية أو تسعة أو عشرة فهو (ايض‍) لا يقدح بعد ما ثبت من الخارج كون الضان إذا بلغ سبعة أشهر أو ثمانية بمنزلة
المعز البالغ سنة في اللقاح والضراب مع أنه يمكن ان يستدل على عدم كفاية ما دون ستة أشهر أو ثمانية بوجوب الاقتصار في كفاية الأقل من سنة على المتيقن هذا
في زكاة الغنم واما في زكاة الإبل فالشاة وإن كانت الا ان قرينة نفويمها؟ في شاة الجبران بعشرة دراهم يدل على إرادة المتعارفة منه لا إرادة المسمى و
لو كانت سخلة بل العدول عن خمس شياة الا بنت مخاض يؤيد ذلك فان خمسة سخال لا يبلغ قيمة شاة فضلا عن أن يكون قريبا من نبت مخاض وبعد القطع
بواسطة القرائن على عدم كفاية المسمى فان حصل الظن بأنه الفرد المتعارف الذي وجب في نصاب الغنم وفي فريضة فهو والا فعند الاجماع لابد من الرجوع
إلى ما يحصل فيه اليقين بالبرائة وهو ما اشتهر بين الأصحاب وادعى عليه الاجماع واعلم أن تفسير الجذع من الضان بماله تسعة أشهر منسوب إلى المش‍؟ بل عن بعض
انه لا يعرف قول غيره يعنى بين الفقهاء والا فقد مران المحكي في المجمع عن حياة الحيوان ان الصحيح عند أصحابنا والمش‍؟ بين أهل اللغة ان الجذع ما كان له سنة
تامة ولذا ذهب بعض متأخري المتأخرين إلى وجوب ماله سنة في المعز والضان كليهما والحاصل انه بعد ما ثبت بالنبوي المروى في المعتبر والمنتهى والعلوي المحكي عن
486

غوالي اللئالي وجوب الجذع والثني فنقول وان اختلف أهل اللغة في تفسيرهما الا انه لا يضرنا الاختلاف إما في الثنى فلتردده في كلام أهل اللغة بين
ما دخل في الثالثة وما دخل في الثانية والأشهر ظاهرا هو الأول الا انه لا محيص عن حمل ما يجب في الزكاة على الثاني لاتفاق العلماء ظاهرا على ذلك واطلاق
قوله (ع) في كل أربعين شاة شاة خرج ما دون السنة بالاتفاق وبقى الباقي وتوهم ان الشاة الواجبة قد قيد بكونها ثينا والفرض اجماله فيجب الرجوع إلى
قاعدة الاشتغال مدفوعة بان الروايتين في أنفسهما لم يكونا حجة والثابت من عموم الروايتين وعمل الأصحاب هو عدم جواز ما دون السنة فيقيد به المطلق
ويعمل باطلاقه في غيره والوارد في كلام الأصحاب وإن كان لفظ الشئ كما في الروايتين الا ان مرادهم منه المعنى الثاني فان السيد بن زهرة قد ادعى الاجماع على
عدم كفاية ما دون الشئ ثم فسره في الحج بالمعنى الثاني فظاهره كونه اجماعيا وهكذا المتأخرون لم يريدوا منه الا المعنى الثاني هذا كله مضافا إلى ما سيجيئ في صحيحة
حماد واما في الجذع فنقول ان المش‍؟ بين اللغويين وإن كان تفسيره بما دخل في الثانية كما قيل إن المش‍؟ بين المتأخرين على ما حكى غير واحد هو ما كمل سبعة أشهر بل
عن محشي الروضة انه لم يعلم قول غيره بين الأصحاب فيكون الكلام فيه كما في الثنى من وجوب الرجوع إلى المطلقات لان عمل الأصحاب لم يجبر الروايتين الا
في عدم اجزاء ما دون سبعة أشهر فيعمل بالاطلاق في غيره وفي الغنية فسر الجذع بما دون السنة في باب الحج بعدان ادعى الاجماع على وجوب الجذع في الزكاة هذا كله
مضافا في الحكمين إلى الصحيحة المتقدمة لحماد بن عثمان المروية في باب الهدى من التهذيب في تعليل اجزاء الجذع من الضان وعدم اجزاء الجذع من المعز بان الجذع
من الضان يلقح ومن المعز لا يلقح ومن المعلوم ان الضان يلقح لدون السنة فعلم من ذلك أن الجذع (من الضان دون السنة بل سبعة أشهر كما عن ابن الأعرابي التصريح به وظاهر التعليل ان علة اجزاء الجذع صح) من الضان قابلية اللقاح وعلة عدم اجزاء الجذع من المعز عدم
قابلية لذلك فيدل على أن المعز المقابل للقاح يجوز في الهدى فإذا انضم إلى ذلك ما في صحيحة ابن سنان في باب الهدى من التهذيب من أنه يجزى من الضان الجذع
ولا يجزى من المعز الا الثنى علم من ذلك أن الثنى ما دخل في الثانية فقد ثبت تفسير الجذع والثني من هاتين الصحيحتين ثم إنه يمكن الجمع بينهما وبين ما عن أكثر أهل اللغة
بناء على ثبوته عنهم من أن الجذع ما دخل في السنة الثانية بان الجذع في هذه الأخبار ما كان في أول زمان الجذوعة فيكون المراد هو المعنى الوضعي الذي يكفي
فيه التلبس بالمبدء في الجملة كما قال ابن الأعرابي ان الضان يجذع لسبعة أشهر أو ثمانية ومراد اللغويين هو المعنى الأسمى وهو ما صار كاملا في ذلك ويتحقق في
السنة الثانية وكون قول الراوي في الحديث النبوي نهينا عن اخذ الواضع وأمرنا بأخذ الجذعة قرينة على إرادة أول مراتب الجذوعة مسألة
اعلم أنه لا خلاف ظاهرا في أنه لا يجوز اخذ المريضة في الفريضة مط؟ ولا الهرمة وهي البالغة أقصى...؟ ولا ذات العوار ويدل على الأخرى مضافا
إلى ما دل على الأول من أنه مقتضى إشاعة الفريضة في النصاب لصحيحة أبي بصير في حديث الإبل ولا تؤخذ الهرمة ولا ذات عوار الا ان يشأ المصدق ويعد صغيرها
وكبيرها والظ؟ ان المراد بالاستثناء ما إذا رأى الساعي المصلحة في اخذها أو ما إذا أراد المصدق بالكسر اخذها أو المصدق بالفتح دفعها من باب القيمة لا ان جواز (اخذه)؟ مفوض
إلى مشية المصدق إذ ليس له ان يؤخذ الا ما شاء الله ثم إنه لو كان جميع النصاب موصوفا بأحد الثلاثة لم يلزم المالك بشراء السليم ولو كان ملفقا من الاثنين
أو الثلاثة لا يؤخذ الأخر والظ؟ انه خلاف في عدها من النصاب كما لا خلاف في عدم عد الربى بضم الراء وتشديد الياء على وزن فعلى إذا فسرناه بما يربى في
البيت لأجل لبنه...؟ لأنه ح؟ من الدواجن وليس فيها شئ لكونها معلوفة وفي رواية زرارة المحكية عن التهذيب نفى ثبوت الزكاة في الدواجن
كالاخذ في عدها إذا فسرناها بما هو المش‍؟ في تفسيرها من أنها الوالدة مط؟ أو القريبة العهد من الولادة ولا انه يؤخذ في الفريضة إما لكونها نفساء فهى مريضة
ولذا لا يقاوم الحد على النفساء واما للزوم الاضرار بولدها واما للاضرار بالمالك واما للتعبد بقوله (ع) في موثقة سماعة لا يؤخذ الأكولة والأكولة الكبيرة
من الشاة تكون في الغنم ولا والدة ولا كبش الفحل والظ؟ من الوالدة القريبة العهد بالولادة نعم في رواية ابن الحجاج المروية في الفقيه ليس في الأكيلة ولا في
الربى التي تربى اثنين ولا شاة لبن ولا في فحل الغنم صدقة الا ان المقيد هنا لا تعارض المط؟ ثم ظاهر الروايتين اطلاق المنع حتى لو رضي المالك فلو دفعها لم تجز ان ظ؟
الرواية الثانية كما سيجيئ ورودها في مقام الترخيص والتسهيل واما الأكولة وفحل الضراب المحتاج إليه فظ؟ المحكي عن الفاضلين في النافع والارشاد والشهيد في
اللمعتين انهما لا يعدان في النصاب خلافا للحلبي في الأخير ولعله لرواية ابن الحجاج المتقدمة الدالة على نفى الصدقة فيها وفيه اشكال لان الظ؟ من الرواية ولو
بقرينة ذكر الربى عدم جواز الاخذ تشبيها له بعدم تعلق الزكاة بها وهذا أولي من حمل الرواية على ظاهرها وطرح الرواية بالنسبة إلى حكم الربى وشاة
اللبن الا ان يراد من الربى المعلوفة لأجل كونها بريته للاثنين ويراد من شاة اللبن التفسير الأول المتقدم للربى وكيف كان فرفع اليد عن العمومات مثل قوله بعد صغيرها و
كبيرها وقوله في كل خمسين حقه ونحوهما بهذه الرواية وان ضعف سندها مشكل نعم لو دفع المالك الأكولة فحل الضراب فظ؟ الرواية الأولى وإن كان
عدم الجواز الا ان ظاهر الثانية بيان العفو كما عن المنتهى عدم الخلاف في جواز اعطائها واعطاء الربى لو تطوع للمالك وهو كك؟ لان الظ؟ من الرواية إرادة التسهيل
على المالك وان هذه الأربعة كان لم يتعلق بها الفريضة فتخرج أو الا من الانعام ثم تقسيم الباقي ويؤخذ منه الحق ولا ينافي ذلك ثبوت هذا التسلط للمالك بالنسبة
إلى أي شاة أراد افرازها قبل القسمة بل له ان لا يدفع شيئا يدفع الفريضة من الخارج لان بيان الخاص لا ينافيه بيان العام مع عدم العلم بسبق علم المصدق
بهذه الكلية فلعله بين له أولا عدم التسلط على هذه بالخصوص للاهتمام بشأنه ثم بين عموم نفى التسلط أو لم يبنه؟ لهذا الشخص أصلا لعلمه بعدم احتياجه
مسألة الظاهر أنه لا خلاف بين الامامية في تعلق الزكاة بالعين وصرح في الايضاح باجماع الامامية على ذلك وحكى دعوى الوفاق عن غير واحد نعم حكى
في البيان عن ابن حمزة انه حكى عن بعض الأصحاب تعلقها بالذمة لكن المستفاد من الشهيد قده في البيان في ذكر تفريعات المسألة ان هذا القائل لا ينكران لها تعلق بالعين
487

في الذمة حيث قال فيما لو باع المالك النصاب بان على القول بالذمة يصح البيع قطعا فان أدي المالك لزم والا فللساعي تتبع العين فيتجدد البطلان ويتخير
المشترى ولعلم بهذا لم ينقل هذا الخلاف غير الشهيد ممن عادته نقل الخلاف ويدل على المطلب (ايض‍) موثقة أبى المعزا عن الصادق (ع) ان الله شرك بين الفقراء و
الأغنياء في أموالهم فليس لهم ان يصرفوا إلى شركائهم دل على الشركة ولازمها وهو عدم جواز التصرف فيها على غير وجه الدفع إلى المستحقين وفي حسنة بريد العجلي
بابن هاشم في باب التصدق انه لا تدخل المال الا بإذن صاحبه فان أكثره له ونحوها ما عن نهج البلاغة فيما كتب (ع) لمصدقه ويدل عليه (ايض‍) الامر فيها
بتقسيم المال مرات متعددة ثم يبقى ما فيه وفاء لحق الله ويدل عليه (ايض‍) رواية ابن أبي حمزة؟؟ عن الباقر (ع) عن الزكاة يجب على في موضع لا يمكنني ان أؤديها
قال اعزلها فان اتجرت بها فأنت لها ضامن ولها الربح فان نويت في حال ما عزلتها من غيران تشغلها في تجارة وليس عليك فإن لم تعزلها واتجرت بها في جملة
مالك فلها يقسطها من الربح ولا وضيعة عليها بل يدل عليه جميع اخبار الاخراج والعزل فتأمل ويدل عليه في الغلات والنقدين مثل قوله (ع) فيما
سقته السماء العشر وقوله في كل مائتين خمس دراهم وفي كل أربعين درهم فان المتبادر من ذلك أن فيها ربع العشر واما قوله (ع) في زكاة الأنعام في كل خمس من
الال شاة وقوله في كل خمسين حقه وفي كل ثلثين تبيع ونحوها مما ليس المخرج من النصاب فإنه لابد من صرفها عن ظاهرها بناء على القول بالذمة وحملها
على إرادة اوفيها؟ جزء مشاعا نسبته إلى الكل كنسبة قيمة الفريضة إلى قيمة المجموع ولا ريب ان هذا معنى لا يفهم بدون القرينة الجلية بل المتبادر من ذلك
وجوب شاة كلي في ذمة المكلف نعم يحمل على المعنى الذي ذكر بقرينة ما ذكرنا بل قوله في زكاة الغنم في كل أربعين شاة شاة (ايض‍) لا يدل على ذلك وإن كان في بادي
النظر نظير قوله في كل أربعين درهما درهم الا ان استعمال الفرد من الافراد المماثلة في الكسر المنسوب إلى المجموع شايع كما يق؟ رطل من العشرة أرطال ويراد العشر
ولا يق؟ ذلك في غير المثليات وكيف كان فظ؟ قوله في كل أربعين شاة شاة ثبوت واحد غير معين في المجموع فيكون الواجب كليا صادقا على كل واحدة لا جزء
مشاعا مع أن هذا (ايض‍) غير مراد لجواز دفع شاة أخرى من غير النصاب على وجه الأصالة دون القيمة اتفاقا على الظ؟ فليست الظرفية باقية على معناها
الحقيقي اللهم الا ان يق؟ ان هذا حكم وضعي بثبوت واحد في الأربعين على سبيل الظرفية الحقيقية ولا ينافي ذلك تجويز الشارع ضمان ذلك الواحد بمثله من غير
النصاب من باب البدل لا القيمة ثم إن القول بتعلق الزكاة بالعين تعلق الشركة وإن كان ظاهر ما تقدم من الاخبار بل ظاهر معاقد الاجماعات بل صرح في موضع من
الايضاح بان اختيار الأصحاب تعلق الزكاة بالعين تعلق الشركة الا ان الذي يقتضيه ملاحظة احكام كثيرة للزكوة ما ينافي الشركة وهي كثيرة منها ظهور النص و
الفتوى في جواز اخراج الزكاة من غير العين ودعوى كون المثل من باب ضمان العين ببدله مع أنه خلاف المعهود من ضمان القيمي بقيمته دون مثله تكلف خارج عن
مدلول النصوص والفتاوى الا ان مراده تعهد اخراج الزكاة من مال اخر كما هو ظاهر ثبوت الضمان لا نقله إلى نفسه ببدله بان يحصل شبه معاوضة وان ذلك كله
تكلف واضح ففي حسنة عبد الرحمن البصري بابن هاشم في رجل لم يزك ابله أو شاته عامين فباعها على من اشتراها ان يزكيها قال نعم يؤخذ منه زكاتها وتبيع بها
البايع أو يؤدى زكاتها البايع فان ظاهرها ان يؤديه البايع من غير المبيع هي الزكاة لابد لها وهذه وان استدل بها على الشركة من جهة تتبع الساعي العين
لا يستلزم الشركة كما سيجيئ بل دالة لما ذكرنا ولما سيجيئ على عدم الشركة ويدل على كون المخرج من غير العين نفس الزكاة لابدلها بعد ضمان قيمتها ما دل على جواز
أداء المقرض زكاة القرض وما دل على تعجيل الزكاة وما دل على احتساب الدين من الزكاة وما دل على اشتراط اخراج الزكاة على المشترى وعلى متقبل الأرض
وغير ذلك ومنها انه لو كان الشركة حقيقة لم يفد أداء البايع زكاة المبيع في صحة بيع النصاب مع أنه ثابت
بالصحيحة المتقدمة ضرورة ان الفريضة في النصاب إذا كان
مال الغير فان صح للمالك بيعها لم يؤخذ من المشترى والا لم ينفع أداء الزكاة بعد البيع بل يكون نظير بيع مال الغير ثم اشترائه منه ودعوى ان تأدية الزكاة يقوم
مقام إجازة المالك مع أنه لا يتم الا إذا كان التأدية إلى الامام أو نائبه الوليين لا إلى الفقير الذي ليس له ولاية على المال الا بعد قبض مدفوعة بان مقتضى مفهوم
الإجازة رجوع حصته من الثمن إلى المجيز والمفروض عدمه ودعوى ان الوقوع من المالك عوض الثمن كما ترى وكيف كان فلا محيص على القول بالشركة عن القول
بالشركة عن القول ببطلان البيع في الفريضة وعدم نفع تأدية الزكاة الا ان يجيز الامام أو وكيله فيؤخذ حصته من الثمن كما هو مقتضى البيع الفضولي كما التزم
به بعض المعاصرين القائلين بالشركة وقد عرفت ظهور النص في خلافه من جهة حصر الامر فيه بين اخذ الزكاة من المشترى وبين تأدية البايع الزكاة وظاهره
(ايض‍) تخيير البايع ومنها ان الشركة لو كانت حقيقة لم يتصور ذلك في الزكوات المستحبة كزكاة ما عدا الغلات الأربع من المكيلات وزكاة غلات اليتيم وزكاة
الذين ولا ريب في اتحاد سياق تعلقها بالعين مع سياق تعلق الزكاة الواجبة بل اشتمل بعض الروايات على بيان ثبوت الزكاة في الواجب والمستحب معا ولذا
تقدم حمل مثل ذلك على مطلق الرجحان لا خصوص الوجوب أو الاستحباب ومنها انه لو كان الشركة حقيقة لكان نماء الفريضة تابعة لها وكان المالك ضامن؟
لمنفعتها استوفاها أم لا مع أن الظ؟ من النص والفتوى عدمه إما النص فلصحيحة عبد الرحمن المتقدمة الواردة فيمن لم يزك ابله وغنمه عامين ثم باعها فان
اقتصار الإمام (ع) بل السائل على وجوب الزكاة ظاهر في عدم استحقاق الفقراء النماء كالولد والصوف واجرة الإبل وان لم يستوف منافعها إذ لا يتوقف الضمان
على الاستيفاء مع أن الإبل والغنم في العامين لا يخلوان عن نتاج كثير ودعوى ان المقام مقام بيان ضمان الزكاة لا ضمان توابعها بل هي مستفادة من قاعدة
ضمان المال مدفوعة بان قاعدة ضمان توابع المال ليس مدركها الا مجموع الأخبار الواردة في الجزئيات الخاصة مثل هذا المورد ونحوه وليس لها
في النصوص باب مستقل يعرفه السائل من ذلك الباب ومن هنا يمكن دعوى ظهور كلام جماعة في عدمه ضمان النماء حيث صرحوا بأنه لو مضى على النصاب أحوال
488

لم يلزمه الا زكاة حول واحد فان ظاهرهم الاقتصار على أصل الزكاة وعدم التعرض لحكم الفرع ظاهر في أنه ليس عليه الا الأصل لان بنائهم على ذكر ضمان توابع
المال عند ذكر ضمانه خصوصا مثل هذا المال المشتبه المالية ومن هنا قال في الايضاح وأورد على الشركة عدم ملك الفقير لو نتجت الأربعون قبل أداء الزكاة و
بعد الحول وظاهر كلام المورد انه انفاقي والحكم وان لم يثبت بهذا المقدار الا انه يصح مؤيدا للنص بعد تأييده بخلو كلمات الأصحاب عن التعرض لضمان النماء و
المنافع عند حلول الأحوال على النصاب مع مساعدة السيرة عليه واما ما سبق في رواية أبى حمزة من أنه إذا أتجر بها في جملة المال فلها الربح وليس عليها الوضيعة
فهو مع أنها خلاف القاعدة من جهة لزوم المعاملة بمال الغير من دون الإجازة ومن جهة وقوعها للغير حتى إذا كانت بما في الذمة ثم دفع مال الغير معارضة
بصحيحة عبد الرحمن المتقدمة الدالة على عدم لزوم الثمن وتتبع الساعي المال الا ان يق؟ باختصاص كل في مورده وان من عامل بمال الغير فان اطلع على عينه فله
اخذها والا فله الربح وعلى العامل الوضيعة كما تقدم في مال اليتيم وكما ورد في المال المغصوب من رواية مسمع المذكورة في محلها وكيف كان فالظ؟ ان القول
بالشركة الحقيقية مشكل ويمكن ان يق؟ ان معنى متعلق الزكاة بالعين هو ان الله (تع‍) أوجب على المكلف اخراج الجزء المعين من المال فيكون شئ من العين
حقا للفقراء بمعنى استحقاقهم ان يدفع إليهم وعدم جواز التصرف فيه بوجه آخر لا بمعنى ملكهم له بمجرد حلول الحول الا ان الشارع قد اذن للمالك في
اخراج هذا الحق من غير العين و ح؟ فان أخرجه من غيره فله ذلك وان لم يخرجه من العين ولا من غيرها فللساعي بيع العين لان الحق قد ثبت فالثابت
في العين حق للفقراء لا ملك لهم فلو لم يخرجه المالك من المال ولا من غيره أخرجه الساعي من المال لا من غيره إذ لا تسلط له على غيره فان حق الفقراء
في النصاب ثم إن الظ؟ ان هذا الحق على سبيل الإشاعة في مجموع النصاب بمعنى إشاعة الجزء الكسري في التام إما في الغلات فلا تصريح بثبوت العشر
ونصف العشر فيهما واما النقدين فكك واما الإبل والبقر فلانه لا يجزى فيها بعد القول بالتعلق بالعين غير الإشاعة المذكورة واما الغنم فلانه وان
أمكن فيها كون الحق فردا بدليا من النصاب بل ربما يدعى ان ظ قوله في كل أربعين شاة شاة الا ان الظ بعد التأمل خلافه إما الأول فلان المستفاد من
أدلة وجوب الزكاة ومدح مال المزكى ولعن غيره على وجه الظهور بل القطع جواز تعلق الزكاة بالمال تعلق الجزء بالكل بمعنى ان كل جزء من المال بتعلق
به الزكاة فيق لكل جزء منه بعد اخراج الفريضة انه مزكى لا ان الزكاة تعلق بالنصاب بمعنى حلوله فيه وكونه بعضا من مجموعه ويشهد لما ذكرنا ورود كثير
من الاخبار بدخول حرف الاستعلاء على المال الظ في كونه على وجه البسط والتوزيع واشتغال المجموع بالحق على سبيل الاستيعاب واما ثانيا فلان المراد
بالشاة الموجود في الأربعين لو كان هو الفرد المنتشر فان أريد المنتشر في شياة العالم فهو لا يصح الا على تقدير الارجاع إلى الإشاعة التي ذكرنا
كما سيجئ وان أريد به الفرد المنتشر في النصاب وجب فيه التقييد أو يجوز الاخراج عن غير نصاب مع أن ظاهرهم جواز اخراج الجذع من الضان لا على
وجه البدل مع أن النصاب لا يؤخذ فيها من ماله دون أحد عشر شهرا وكذا ظاهرهم عدم جواز اخراج أقل من الثنى من المعز مع أن النصاب قد لا يبلغ الثنى الا ان
نلتزم بكون الجذع على وجه البدل وبعدم وجوب اخراج غير النصاب بل يجوز الاخراج منه وان لم يبلغ حد الثنى فالتحقيق ان حاصل معنى قوله (ع) في كل أربعين
شاة شاة هو ان في كل أربعين شاة جزء يعادل شاة من شياة العالم متصفة بكونها جزعا من الضان أو ثينا من المعز غير مريضته ولا كذا إلى اخر
ما يعتبر في الفريضة والظ من يقول بالفرد المنتشر لا ينكر لما ذكرناه أولا الا أنه يقول بان الشارع ضبط ذلك الجزء المشاع بواحد من المجموع فأوجب اخراج
الواحد فالواحد من الأربعين نفس الفريضة الا انه معادل الفريضة ويرده صريحا ما في الروايات المعتبرة المتقدم بعضها من أمر الصدق وبتقسيم المال مرات
متعددة حتى يبقى ما فيه وفاء لحق الله (تع‍) اذلو كان الفريضة الفرد المنتشر كان مقتضى القاعدة عدم تسلط الساعي على دعوى القسمة فكيف امره الأمير (ع) بالتقسيم
مع كون معظم كلامه (ع) في بيان رعاية جانب المالك والتسهيل عليه والامر فاق به كما يظهر لمن لاحظ ذلك وإذا عرفت ان القائل بالواحد الكلى (ايض‍) لا ينكر ثبوت
الحق في كل جزء الا ان الشارع أوجب ما هو ضابط لذلك الجزء ظهر انه لو تلف بعض النصاب بغير تفريط قبل تمكن من الأداء سقط من الفريضة بحسابه
عند هذا القائل (ايض‍) لأنه انما يقول بوجوب دفع تمام الفريضة الحق المجموع فلا بد تقسيطها على المجموع ولو تلف البعض بالتفريط لم يسقط من الفريضة شئ
بل يكون الفريضة في الباقي لبقاء القدرة على أداء الواجب ما بقى مصداق واحد للفرد المنتشر ولا ينتقل إلى قيمة التالف ولا إلى البدل الخارجي نعم للمالك
اعطاء القيمة أو البدل من البعض التالف بل من البعض الباقي (ايض‍) لكن ثمرة كون الفريضة في الباقي تظهر مما لو باع الباقي فان الساعي تتبع العين والظ
ثبوت تلك على المختار من الإشاعة لان تفريطه لا يوجب الرجوع إلى البدل ما دام يمكنه اخراج الحصة الواجبة مما في يده وتوزيع الحصة على التالف والباقي
انما يختص في غير الكسر المخير فيه إما إذا وجب اخراج مقدار كسر خاص مخيرا في جملة في ضمن أي جزء من الأجزاء الخارجية للعين فلا يرتفع التكليف باخراج
ذلك المقدار الا إذا تلف العين كلا نعم في صورة الاشتراك بين شريكين حيث لا يمتاز حصة أحدهما الا بالتراضي يلزم الحكم بسقوط جزء من نصيب كل
منهما بنسبة التالف فتدبر لو أمهرت مسألة امرأة نصابا فحال عليه الحال من حين تملكه مستجمعا للشروط وجب عليها الزكاة فان أخرجت الزكاة وطلقها
الزوج قبل الدخول فللزوج نصف الكل من الباقي لوجود المقتضى لتملك نصف الصدق أو انتفاء المانع وليس لها اعطاء نصف الباقي وقيمة نصف
المخرج لعدم المقتضى للعدول إلى القيمة وفيه ان حقه نصف المجموع على الكسر المشاع فيه فبانتفاء بعض المجموع يبقى ذلك الكسر ومقدار نصف الكل من الباقي
هو ثلثا الباقي ومعادل النصف لا انه نصف حقيقة فالتحقيق ان له نصف الباقي ونصف قيمة المخرج وفاقا للشهيد وخلافا للمحكى عن المبسوط وهو
489

الظ من المحقق في المعتبر ولو طلقها فمقتضى القاعدة اشتراك المال بين الفقراء والمرأة والزوج فللزوج نصف الكامل وليس لها ان ينقص من نصيبه نعم
للمرأة ان يقسم المال بينها وبين الزوج ويضمن للفقراء وليس للزوج اجبارها على الضمان بناء على قدرتها على الجمع بين أداء الزكاة من غير المال أو اعطاء
الزوج النصف الكامل لان الزكاة متعلقة أولا وبالذات بالعين فهذا المال يجب ان يخرج منه سهمان نصف للزوج وعشر مثلا للفقراء فيخرجان كما في
الإرث ولو هلك النصف بتفريط منها كان للساعي تتبع مسألة الأقوى تعلق الزكاة بالحنطة والشعير بعد انعقاد الحب وبالتمر بعد احمراره واصفراره
وبالزبيب بعد انعقاد الحصرم على المش‍ كما صرح به جماعة لصدق الحنطة والشعير بمجرد اشتداد الحب فيتعلق بهما الزكاة بالعمومات فيثبت في البسر والحصرم
بالاجماع المركب مضافا إلى أن مقتضى العمومات وجوب الزكاة فيما سقته السماء وأدلة تعلق الزكاة بالحنطة والتمر مثلا لا تنهض لتقييدها لان المتبادر
منها إرادة الأجناس الأربعة في مقابل الأجناس الأخر مضافا إلى صحيحة سليمان بن خالد في النخل صدقة حتى تبلغ خمسة أو ساق والعنب مثل ذلك حتى تبلغ
خمسة أو ساق زبيبا فان الظ منه ثبوت الزكاة في ثمرة النخل وفي العنب بمجرد بلوغها خمسة أو ساق إذا قدرت تمرا وزبيبا فقوله زبيبا حال مقدرة
وجعل الحال مقدرة وإن كان خلاف الظ الا انه لا مجال لانكاره عند المنصف وتقدير التمرية في ثمرة النخل انما يستفاد من بلوغ خمسة أو ساق
لان ما يجعل في الوسق وهو حمل الإبل هو التمر غالبا لا الرطب فهو كقولك ان هذا الزرع الأخضر فيه كذا وكذا حملا ووسقا ويدل عليه (ايض‍) صحيحة سعد بن
سعيد عن مولينا الرضا (ع) وهل على العنب زكاة أو انما تجب عليه إذا صيره زبيبا قال نعم إذا خرصه اخرج زكاته فان الظ ان زمان خرص العنب قبل زمان
صيرورته زبيبا بمدة واما قوله في صحيحة أخرى بالسند المتقدم لسعد بن سعد عن الرضا (ع) عن الزكاة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب متى يجب على صاحبها الزكاة
قال إذا اصرم وإذا أخرص فيحتمل الحمل على التخيير بمعنى انه مخير في ذلك ويحتمل ان يراد من زمان الصرام زمان قابليته ان خلة للصرم والاكل لا وقت تعارف
الصرام وكيف كان فدلالة الصحيحتين على تعلق الوجوب في زمان الخرص مما لا ينكر على ما هو المصرح به في المعتبر بل الظ ان المتعارف هو ما قبل يبس الثمرة
ومنه يظهر جواز التمسك للمطلب بالاخبار الدالة على الخرص وتعيين النبي صلى الله عليه وآله عبد الله بن رواحه خارصا
ومما ذكرنا يظهر جواز التمسك باخبار الخرص كما بنه عليه في المسالك إذ زمان الخرص كما صرح به في المعتبر هو قبل يبس الثمرة ومن هنا يشكل الجمع بين ما اختاره المحقق
في المعتبر وما في الشرايع والنافع من أن وقت التعلق هو عند التسمية تمرا وزبيبا ونسب الخلاف إلى الشيخ والجمهور ثم ذكر جواز الخرص على المالك ولم يسند
الخلاف في الجواز الا إلى بعض الروايات عن أبي حنيفة ثم ذكر في الفروع ان الخرص حين يبدو صلاح الثمرة قال لأنه وقت الا من على الثمرة من الجائحة ثم
ذكر ان صفة الخرص ان يقدر الثمرة لو صار تمرا والعنب لو صارت زبيبا فان بلغ الأوساق وجب الزكاة ثم خيرهم بين تركه أمانة في يدهم وبين تضمينهم
حق الفقراء أو يضمن لهم حقهم فان اختاروا الضمان كان لهم التصرف كيف شاؤ أو ان أبوا جعله أمانة ولم يجز لهم التصرف بالاكل والبيع والهيبة انتهى وذكر
في بيان الفرق بين الزرع والنخل والكرم في جواز الخرص في الأخرى وعدم جوازه في الأول ان أرباب النخل والكرم قد يحتاجون إلى تناوله رطبا قبل جذاذه
واقطافه وليس كك الا فيما يقل مسألة لا خلاف ظاهرا كما عن الرياض والمنتهى والمعتبر والخلاف
في أن الزكاة انما يجب بعد اخراج حصة السلطان في الجملة ويدل عليه الاخبار كصحيحة ابن مسلم وأبى بصير عن أبي جعفر (ع) قالا له هذه الأرض التي يزارع
أهلها ما ترى فيها قال كل ارض دفعها إليك السلطان فتاجرته فيها فعليك فيما اخرج الله منها الذي فأطعك عليه وليس على جميع ما اخرج الله منها العشر انما
عليك فيما حصل في يدك بعد مقاسمته له ونحوها غيرها مع أن المزارعة إذا وقعت على حصة من الزرع فلا يجب على الزارع زكاة حصة لا حصة صاحب الأرض
أعني السلطان نعم لو اخذ خراج الأرض من غير الزرع احتاج الحكم بوضعه إلى دليل خاص أو ادخاله في المؤنة التي سيجئ الكلام فيها والاخبار المتقدم بعضها
مختصة بحصته وكذا معاقد الاجماعات الا ان يفسر حصة السلطان في عباراتهم بمطلق الخراج سواء كان نقدا أو حصة من الزرع كما حكى تفسيره بذلك
عن المحقق والشهيد الثانيين والصيمري لكن ظاهر معقد اجماع المعتبر والتذكرة خصوص الحصة قال في المعتبر خراج الأرض يخرج وسطا ويؤدى زكاة ما بقى
إذا كان نصابا المسلم وعليه فقهائنا وفقهاء الاسلام انتهى ونحوه عن التذكرة بل هذا ظاهر كل من عبر بالحصة وعلى هذا فالخراج إذا اخذ من النقدين
فإن كان بدلا عن الحصة فلابد من وضعها على تلك الحصة بناء على أن ثمن الزرع من المؤنة فان نقص قيمة الحصة عن الثمن فلا زكاة فيها لكن لا يوجب وضع
الباقي من الثمن على باقي الزرع لأنه ليس مؤنة له بل لحصة منه نعم لو اخذ الخراج من باب اجرة الأرض وضع على الجميع والحاصل ان ما يأخذه السلطان إما ان يكون
حصة من الزرع يملكها حين تعلق الزكاة كسائر الشركاء في أصل الزرع أو يستولى عليها بمجرد ذلك بحيث لا يمكن المالك من منعه عنها واما ان يكون حصة من
الحاصل يستحقها أو بعضها من العلة بعد تعلق الوجوب واما ان يكون نقدا يستحقه أو يأخذه قبل تعلق الوجوب أو بعده فإن كان المأخوذ الحصة فان استحقه في
الزرع قبل تعلق الزكاة استحقاق الشركاء أو استولى عليها استيلاء الغاصبين فلا اشكال في أن النصاب معتبر بعده لكون الحصة على التقدير الأول غير
مملوكة له وعلى الثاني غير متمكن من التصرف فيه لأجل الغصب فان الغصب يتحقق في المشاع (ايض‍) وان استحقه أو اخذه بعد تعلق الوجوب فعلى الأول يعد من المؤنة
وعلى الثاني يعد من غصب بعض النصاب الزكوي وعلى أي تقدير فلا اشكال في استثناء الحصة الا في الصورة الثالثة بناء على عدم استثناء المؤنة فإنه وإن كان
مقتضى هذا القول عدم استثنائها الا ان الاخبار والاجماعات المتقدم كاف في ذلك وانما الاشكال فيما إذا اخذ النقد فقد عرفت ان الاخبار والاجماعات مختصة
490

بالحصة فالخراج المعنى الأخص لا دليل على اخراجه على القول بعدم اخراج المؤنة وعلى القول باخراجها فلا يتم على تقدير بسطه على جميع الحاصل ان يكون معاوضة على الحصة
المستحقة قبل تعلق الوجوب بل لابد من وضعه على الحصة فان نقصت عنه فلا يوضع باقيه على ما في الزرع لأنه كاشتراء الحصة من الشريك فان الثمن معدود من
مؤنة المبيع دون غيره ومن هنا ظهر ما في تصريح بعض المعاصرين بان ظاهر النص والفتوى اخراج القسمين يعنى الحصة والخراج المأخوذ بدل الحصة ولعل إلى
ما ذكرنا ينظر كلام العلامة فيما حكى عنه في التذكرة قال لو ضرب الامام الخراج من غير حصة فالأقرب وجوب الزكاة في الجميع لأنه كالدين وقال بعض مشايخنا؟
بظاهر النصوص والفتاوى أقول فقد عرفت ظهور الجميع في الحصة ثم إن ظاهر الاخبار بل الفتاوى اختصاص استثناء الحصة أو منظور اخراج ولو كان نقدا يكون
الأرض خراجية أي يأخذ السلطان العادل منه الخراج عند بسط اليد وعند قصور يده يأخده الجائر سواء كانت الأرض للمسلمين كالمفتوحة عنوة وارض صاح
عليها أهلها أو من الأنفال المختصة بالامام لعموم الاخبار كما تقدم بعضها واما المأخوذ من غيرها ولو كان باسم الحرار والمقاسمة فلا دليل على اخراجه الا على القول
باستثناء المؤن وكذا الظ اختصاصها بالسلطان المخالف فما يأخذه سلاطين الشيعة ملحقة بالمؤن (ايض‍) نعم لو قلنا بجواز أداء الخراج والمقاسمة إليه بل وجوبه
في الجملة كالسلطان المخالف فالظ الحاقه به في استثناء حصته لان ظاهر الاخبار استثناء هذه الحصة من المال لا من حيث إن اخذه مخالف كما لا يخفى ثم إن ما يأخذه
المخالف باسم الخراج والمقاسمة فالظ انه لا اشكال في عدم اجزائه عن الزكاة وفى الغنية وعن التذكرة دعوى اتفاق الامامية ويدل عليه الأخبار المستفيضة
في أن المتقبلين سوى قبالة الأرض العشر ونصف ويدل عليه فحوى عدم احتساب ما يأخذه باسم الزكاة عنها كما سيجئ واما ما يأخذه باسمه فلم ينسب الخلاف
في المعتبر الا أبي حنيفة لا ولعل الأخبار الكثيرة الواردة بالاجزاء واردة تقيته عنه هل يحسب من الزكاة أم لا قولان ظاهر الأخبار الكثيرة بل صريحها الاحتساب
وان أوجب في بعضها الاخفاء عنه مهما أمكن ويؤيدها ما دل على جواز الشراء من العامل والمصدق بل الصدقة وغيرها وظاهر بعض الأخبار العدم معللا بان
هؤلاء قوم ظلموكم أموالكم وانما الصدقة لأهلها ويعضدها عموم ما دل على وجوب إعادة الزكاة على المخالف معللا بأنه وضعها في غير موضعها وانما موضعها
أهل الولاية واجبار الشخص على دفع اعطاء الزكاة لا يوجب احتساب المدفوع عن حق الفقراء لان المشاع لا يتميز بغير رضاء الشركاء غاية الأمر انه يجب على المكره ان
يدفع إلى المكره ما يكفيه شره واما احتسابه من حق الفقراء فلا ومن هنا يعلم أن الاكراه على تعيين قسمة أحد الشريكين لا ينفع في التعيين مسألة
المعروف بين الشيخ وأكثر من تأخر عنه انه يجوز شراء ما يأخذه السلطان الجائر باسم الخراج والمقاسمة الزكاة ذكره الشيخ في النهاية والحلى في السرائر والمحقق
ومن تأخر عنه وأول من ادعى الاجماع على ذلك الفاضل المقداد في التفتح ثم المحقق الثاني في جامع المقاصد وحاشية الارشاد ورسالته المعمول
في حمل الخراج المسماة بقاطعة الحاج ثم الشهيد الثاني حيث ادعى اطباق علمائنا ثم جماعة من تأخر عنهم وفي الرياض ان حكاية الاجماع عليه مستفيضة ويدل
عليه قبل ذلك الأخبار المستفيضة الدالة على صحة التصرفات المترتبة على تصرف السلطان منها صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (ع) في حديث انه سئل عن مزارعة أهل
الخراج بالريع والنصف والثلث قال لا باس قد قبل رسول الله صلى الله عليه وآله خيبر أعطاه اليهود حين فتحت عليه الخبر والخبر النصيب ومنها صحيحة أخرى للحلى لا باس بان يتقبل
الأرض وأهلها من السلطان ومنها رواية فيص بن المختار قال قلت لا بي عبد الله (ع) ما تقول في ارض أتقبلها من السلطان ثم أو اجرها اكرتى على ما أخرجه الله منها
من شئ لو كان لي من ذلك النصف والثلث بعد حق السلطان قال لا باس كلا عامل اكرتى ومنها صحيحة إسماعيل بن الفضل الهاشمي عن أبي عبد الله (ع)
قال سئلته عن الرجل يتقبل بخراج الرجال وجزية رؤوسهم وخراج النخل والشجر والآجام والمصائد والسمك والطير وهو لا يدرى لعله لا يكون من هذا
شئ ابدا أو يكون الشئ به وفي أي زمان يشتريه ويتقبل منه قال إذا علم أن شيئا من ذلك قد أدرك فاشتره وتقبل به وروى الشيخ والكليني نحو
ذلك عن إسماعيل بن الفضل وفي رواية أخرى لا سمعيل بن فضل قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن رجل استأجر من السلطان من أرض الخراج بدراهم مسماة
أو بطعام معين ثم اجرها واشترط لمن يزرعها ان يقاسمه بالنصف من ذلك أو أقل أو أكثر وله بعد ذلك فضل (ايض‍) أيصلح ذلك قال نعم إذا حفر لهم نهرا
أو عمل لهم عملا يعينهم بذلك فله ذلك قال وسئلته عن رجل استأجر أرضا من أرض الخراج بدراهم مسماة أو بطعام معلوم لو اجرها قطعة قطعة
أو جريبا جريبا بشئ معلوم فيكون لم فضل ما استؤجر من السلطان ولا ينفق شيئا أو لو اجر تلك الأرض على
أن يعطيهم البذر والنفقة فيكون له
في ذلك فضل على اجارته فق إذ استأجرت أرضا فأنفقت فيها شيئا أو رمت فلا باس فيما ذكرت وفي موثقة أخرى لا سمعيل بن فضل عن رجل اكترى أرضا
عن ارض أهل الذمة وانما أهلها كارهون وانما تقبلها السلطان لعجز أهلها أو غير عجز فق ان عجز أربابها عنها فلك ان تأخذها الا ان يضاروا ومنها
صحيحة أبى عبيدة عن أبي جعفر (ع) ما تقول في الرجل منا يشترى من السلطان من ابل الصدقة وغنمها وهو يعلم أنهم يأخذون منهم أكثر من الحق الذي
يجب عليهم قال (ع) الإبل والغنم لامثل الحنطة والشعير وغير ذلك لا باس حتى تعرف الحرام منه بنفسه قيل له فما ترى في مصدق يجيئنا فيأخذ صدقات
أغنامنا فنقول بعناها فيبيعناها فما ترى في شرائها منه فق إن كان قد اخذها وعزلها فلا باس قيل له فما ترى في الحنطة والشعير يجيئنا القاسم فيقسم لنا حنطنا ويؤخذ حنطه فعزلها بكيل فما ترى في شراء ذلك الطعام منه فق إن كان قبضه بكيل وأنتم حضور ذلك فلا باس بشرائه بغير كيل وفي
معتبرة أبى بكر الحضرمي قال دخلت أبى عبد الله (ع) وعنده إسماعيل ابنه قال ما يمنع ابن أبي سماك ان يخرج شباب الشيعة فيكفونه ما يكفي الناس ويعطيهم ما
يعطى الناس ثم قال لي لم تركت عطائك قال مخافة على ديني قال ما منع ابن أبي سماك ان يبعث إليك بعطائك أم علم أن لك في فيثبت المال نصبيا وفي
491

الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبيه قال قلت لأبي عبد الله (ع) ان لي ارض خراج وقد خفت افادعها فسكت عنى هنيئة ثم قال إن قائمنا لو قام كان نصيبات
من الأرض أكثر من ذلك وقال لو قام قائمنا كان للانسان أفضل من قطائفهم وقوله لي ارض خراج يحتمل ان يراد به ارض اعطى ليأكل خراجها أو ارض اعطى
له بأخذ خراجها ومنها ما دل على جواز النزول على أهل اخراج ثلاثة أيام مثل صحيحة ابن سنان وغيرها والظ ان المراد بالنازل من تقبل أرض الخراج من السلطان
ومنها ما دل على جواز الشراء من العامل مثل رواية اسحق سأله عن الرجل يشترى من العامل وهو يظلم قال يشترى ما لم يعلم أنه ظلم فيه أحد أو موثقة سماعة
عن شراء السرقة والخيانة قال إذا عرفت انه كك فلا الا ان يكون شيئا تشتريه من العامل ويؤيد المطلب ما تقدم في قبول جوائز السلطان قال جوائزهم لا يكون
غالبا الا من الخراج وفي بعضها ان الرشيد بعث إلى أبى الحسن (ع) بخلع وحملان ومال فقال (ع) لا حاجة لي بخلع والحملان والمال إذا كان فيه حقوق الأمة الخبر
فان حقوق الأمة لا يكون الا في بيت المال فعلم أن ما يقع في يد السلطان يصير من بيت المال ولا يبقى على ملك مالكه فيجب رده إليه ويتصدق به مع جملة
مسألة اختلفوا في استثناء المؤن ما عدا حق السلطان فالمش‍ بل عن فوائد القواعد انه كك ان يكون اجماعا استثنائها وعن الشيخ في الخلاف
والمبسوط وابن سعيد في الجامع عدم استثنائها وحكى عنهما دعوى الاجماع على ذلك ووافقهما من المتأخرين الشهيد الثاني في فوائد القواعد وسبطه
في المدارك وبخله في شرح الاستبصار وصاحب الذخيرة وجماعة من متأخري المتأخرين وهذا القول لا يخ عن قوة وفي بعضها يزكى ما خرج منه قليلا أو كثيرا
وفي بعضها انه ليس في النخل زكاة حتى يبلغ أو ساق والعنب مثل ذلك حتى يبلغ خمسة أو ساق زبيبا فان بيان النصاب في حاصل النخل ومحصول العنب مع عدم
استثناء المؤن سكوت في مقام البيان فان زكاة الغلات على هذا القول في ربح المال الذي يعزمه على الزراعة لا فيما أخرجه الله كما هو مفاد الأخبار الكثيرة
ومنه يظهر ان الجواب من الاطلاقات بورودها في مقام حكم اخر انما يحسن في اطلاقات العشر ونصف العشر لا في اطلاقات بيان النصاب كما لا يخفى و
لصحيحة ابن مسلم المتقدمة في قوله انما العشر فيما حصل في يدك بعد مقاسمته لك ودعوى ظهوره في خلاف هذا القول نظرا إلى أن المقاسمة بعد اخراج
المؤن كما ترى ضرورة عدم العلم بذلك بل نقطع بان بعض المؤن في حصة الزارع فقط أو في ذمته مع أن المراد من قوله بعد المقاسمة ليس الزمان المتأخر
عن المقاسمة الفعلية إذا الوجوب ثابت قبله اجماعا وانما المراد ان العشر ونصف العشر يلاحظان في نصيب الزارع لا في المجموع المشتمل على حصة السلطان فالمراد
بما حصل في اليد ما يبقى بعد ملاحظة خروج حصة السلطان وهذا لا ينافي وجوب كثير من المؤن على الحصتين ويوضحه التعبير في غير واحد من الاخبار
بان على المتقبلين في حصصهم العشر ونصف العشر ويؤيد ما ذكرنا رواية علي بن الشجاع النيشابوري عن رجل أصاب من ضيعته مائة كر فاخذ منه العشر
عشرة أكوار وذهب منه بسبب عمارة الضيعة ثلاثون كرا وبقى في يده ستون كرا ما الذي يجب لك من ذلك فوقع (ع) لي منه الخمس ما يفضل من مؤنته حيث إن
الظ منه اعتقاد الراوي وجوب خروج العشر أو نصفه من جميع ما أصاب من ضيعته من دون احتساب مثل البذر واجرة العوامل ونحوها فإنه
المتبادر من قولك اصنب من الزرع مع أنه صرح بالاخراج قبل اخراج مؤنة الضيعة ودعوى ان عمارة الضيعة ليست من المؤنة إذا المراد منها ما يتكرر
كل سنة ممنوعة بل التحقيق كما سيجئ بسط مثل ذلك من المؤن التي لا يحتاج الزرع إليها الا بعد سنين على جميع السنين المحتاجة ودعوى ان تقرير الإمام (ع)
انما يدل على الرجحان ولا كلام فيه لا على الوجوب المتنازع فيه ممنوعة بان الظ اعتقاد الراوي للوجوب مع أنه لا قائل بالاستحباب بالخصوص الا من باب الاحتياط بعد وقوع
الاشتباه في المسألة والاختلاف بين العلماء في فهم الاخبار والا فيمكن دعوى القطع بعدم استحباب العشر بالخصوص على اخراج المؤنة نعم لا باس بالصدقة المطلقة
عقلا ونقلا لكن هذا كله مبنى على قرائة قول الراوي فاخذ منه العشر على طريق المعلوم بان يكون الاخذ المخبر نفسه لكنه خلاف الظ بل الظ أو المساوى قرائته
على المجهول بان يراد انه اخذه منه المصدق من قبل السلطان و ح فلا دلالة فيه على المط لان مذهب العامة هو اخذ الزكاة من صلب المال كما حكى عن الفقهاء
الأربعة نعم فيه دلالة على احتساب ما يأخذه الظالم باسم الزكاة وعدم وجوب الإعادة كما هو مدلول اخبار كثيرة وأوضح من ذلك في التأييد ما ثبت
من الشارع من جعل العشر فيما سيقت سيحا ونصفه فيما سقته الدوالي فان من المقطوع ان التفاوت بينهما من جهة كثرة المؤنة في الثاني دون الأول حتى أنه
طرد في الوسيلة والدروس كما عن الفقيه والمنتهى نصف العشر فيما سقى بالدوالي إلى كل ما فيه مؤنة فلو نبي على احتساب المؤنة لم يكن في ذلك فرق بين
الامرين وكيف يحتسب مؤنة السقى الموجبة لاسقاط نصف العشر من جملة المؤنة ويخرج نصف العشر بعد اخراجها ولذا احتمل في البيان كما حكى عنه اسقاط
مؤنة السقى فيما فيه نصف العشر واحتساب المؤن ثم الجواب عن هذا الاشكال بان احكام الشارع تعبدية كما عن
المحقق الجواب بذلك في المسائل
الطبزيه انما يحسن إذا أدل دليل على وجوب احتساب المؤنة والا كما هو المفروض فلا ريب في أنه من أعظم الشواهد على عدم احتساب المؤن وأظهر من ذلك في
التأييد ما تقدم من أدلة الخرص وفائدته وصفته سيما إذا قلنا بجوازه في الزرع سيما ما اشتمل من تلك الأدلة على استثناء عذق أو عذقين الناطور وترك
التعرض للعاقار وأم جعر وراذ لو كان الواجب اخراج المؤنة من البدو إلى الختم لم يكن لاستثناء العذق للناطور بالخصوص وجه بل كان ينبغي ان يحتسب جميع المؤن
واما ان يؤخر ذلك كله إلى ما بعد الجذاذ فيعلم من ذلك كله ان الامر بترك العذق والعذقين للتخفيف المستحب للخارص وحاصل الكلام ان حمل اخبار بلوغ
خمسة أو ست على بلوغ فائدة الزرع وربحه الحاصل الزارع بعد اخراج جميع المعد دونه خرط القتاد الا ان يستأنس له مما ثبت من حال الشارع من
التخفيف على مالك النصاب وهو مناف لاحتساب المؤنة على من المالك بما تستغرق المؤنة قيمة حاصل الزرع فان ايجاب الزكاة على المالك ح لو لم يكن
492

اضرار أو جرجا مضيقا فلا أقل من كونه تشديدا على المالك يخالف ما علم من بناء الشارع على التخفيف عنه كما يرشد إليه تتبع احكام الزكاة ويشهد
له قول أمير المؤمنين (ع) لعامله إياك ان تضرب مسلما أو يهوديا أو نصرانيا في درهم أو تتبع دابة عمل فانا أمرنا ان نأخذ منهم العفو المراد به عدم الاستقضاء عليهم
كما فسر به قوله تع‍ خذ العفو وقيل ما فضل عن قوت السنة ويؤيد ما ذكرنا بل يدل عليه ان مقتضى الشركة احتساب المؤن المتأخرة عن زمان تعلق الزكاة
من المالك أو الفقير كليهما فاختصاصها بالمالك يحتاج إلى دليل ويثبت الحكم بالمؤن المتقدم بعدم القول بالفصل كما ادعى هذا مضافا إلى ظاهر حسنة ابن مسلم
بابن هاشم المقدمة لترك المعافار وأم جعرور اواجر الناطور وما اوردنا عليه سابقا من عدم الوجه في تخصيصها بالذكر الا التخفيف مدفوع بان الوجه في التخصيص هو
انه ليس لثمر النخل مؤنة الا هذا واما العامل في البستان بالسقى ونحوه فالغالب انه شريك مع المالك بحصة من الثمر كما هو مقتضى المساقاة وفي حسنة أخرى
لمحمد بن مسلم بابن هاشم في تفسير قوله تع واتوا حقه يوم حصاده ان هذا من الصدقة تعطى المسكين القبضة بعد القبضة ومن الجذاذ الحفنة بعد الحفنة
حتى يفرغ ويعطى الحارث اجرا معلوما ويترك من النخل عافاره وأم جعروره ويترك للحارس تكون في النخل العذق والعذقان والثلاثة لحفظه إياه فان
جعل ثلثة أعذاق للحارس مضافا إلى اجره المعلوم وترك العافاروام جعرور مناف لعدم اندار المؤنة وتخيير المالك إياه وكيف كان فمثل هذا إذا انضم
إلى الشهرة العظيمة والاجماع الظ من الغنية والرضوي المحكي دلالة على المطلب يكفي ظاهر التخصيص ما تقدم وقد يذكر بعض الأمور من باب التأييد وفي تأيد المطلب
بها نظر ثم على القول باستثناء المؤن فهل يعتبر استثنائها من ملاحظة النصاب قبل اخراج المؤن لكن لا يخرج العشر الا مما بقى بعد اخراج المؤن وإن كان ناقصا
عن النصاب أقول ثلثة أجودها الأول لان ظاهر أدلة اعتبار النصاب ثبوت العشر في مجموع النصاب فيكون الواجب عن النصاب فما دل على استثناء المؤن لا بدان
يجعل مقيد الأدلة اعتبار النصاب بما بعد وضع المؤن لاطلاق وجوب العشر في النصاب بمعنى ان ثبوت العشر في هذا النصاب فما فوقه بعد اخراج المؤن والحاصل
قوله (ع) في صحيحة زرارة ما أنبتت الأرض من الحنطة والشعير والتمر والزبيب ما بلغ خمسة أو ساق والوسق ستون صاعا فذلك ثلاثمائة صاع ففيه العشر يحتمل ان يراد
به ما بلغ هذا المقدار بعد وضع المؤن كلها ففيه العشر ويحتمل ان يراد ان ما بلغ هذا المقدار ففيه العشر بعد وضع المؤن كلها لكن الاحتمال الأول أظهر لظهور
قوله ففيه العشر في كون العشر في مجموعة بان يكون الواجب عشر المجموع أعني ثلاثون صاعا الا ان الثابت فيه عشر ما بقى بعد المؤنة مع أنه مستلزم للتقييد إذ قد لا
يبقى من النصاب شئ بعد وضع المؤنة فهو مناف لا طلاق الحكم بان ما بلغ النصاب ففيه الزكاة فيحكم عليه بان فيه العشر فعشر المجموع ثابت عند تعلق الوجوب
الا ما اتفق على المجموع مقسط على حصتي المالك والفقراء بقاعدة الشركة فاخراج المؤنة قبل العشر ليس تقييدا للاطلاقات بل القيد كما عرفت مختص
باطلاق بلوغ النصاب لا باخراج العشر الا ان يق أدلة وجوب العشر ونصفه انما يقتضى وجوب ونصفه فلابد من تقييد ما بلغ النصاب بما بلغه بعد
جميع المؤن لأنه الذي يجب اخراج عشره دون ما بلغه قبل المؤن المتأخرة اذلا يجب الاخراج عشر ما بقى منه بعد المؤنة فتأمل ثم إن المراد بالمؤنة هو معناه العرفي
وهو ما يدل يعزمه المالك وينفقه لأجل هذا المال ومن البذر وقيدها بعضهم بما يتكرر في كل سنة وفيه نظر بل لا يبعد التعميم فيقسط ما يعزم في كل سنتين أو
ثلث أو أربع عليها بالنسبة ولا يحتسب من المؤنة ما يتبرعه متبرع من العمل أو بذل عين لعدم احتساب المنة مؤنة عرفا وفي البيان لو أصدقها زرعا أخرجت منه
ما قابل البضع وكذا لو خالعها على زرع أو ثمر مسألة لا خلاف بين العلماء بل بين المسلمين كما عن غير واحد ان فيما سقى بالمطر أو النهر ونحوها فيه العشر
وما سقى بالنواضح والدوالي ففيه نصف العشر والاخبار فيه أكثر من أن تحصى والظ ان الضابط في ذلك كما عن الوسيلة والدروس وعن المقنعة والجمل والمنتهى
ومجمع الفائدة ما احتاج سقيه إلى مؤنة وما لم يحتج أصل السقى إلى مؤنة وان توقف السقى على حفر النهر وتنقيته وغيرها لكن المعيار في ذلك احتياج أصل
ايصال الماء إلى الزرع إلى العلاج واستغنائه عنه بل في المناهل ان ظاهرهم الاتفاق على هذا الضابط وان اختلف عباراتهم بل عن المنتهى بعد جعل المعيار
افتقار السقى إلى المؤنة وعدمه ان عليه فقهاء الاسلام ففي صحيحة زرارة وبكير عن أبي جعفر (ع) قال في الزكاة ما كان يعالج أو عين أو بعل أو سماء ففيه العشر فان
الظ ان ذكر الخصوصيات من باب المثال كما لا يخفى ولو سقى بهما فمع التساوي فنصف عشر وربعه ومع غلبة أحدهما فالعبرة بالأغلب اتفاقا كما استطهره وعن
الرياض تصريح جماعة بدعوى الاجماع وعن المدارك ان عليه علمائنا وعن مجمع الفائدة ان به عمل الأصحاب من غير المخالفة وعن الخلاف دعوى الاجماع عليه و
يدل عليه مضافا إلى ذلك حسنة معوية بن شريح قلت فالأرض عندنا تسقى بالدوالي ثم يزيد الماء فيسقى سيحا قال إن ذا ليكون عندكم لك قلت نعم قال النصف
والنصف بنصف العشر ونصف بالعشر قلت الأرض يسقى بالدوالي ثم يزيد الماء فيسقى السقية والسقيان سيحا قال كم تسقى السقية والسقيان سيحا قلت
في ثلثين ليلة أو أربعين وقد مكثت في الأرض قبل ذلك ستة أشهر أو سبعة أشهر قال نصف العشر وهل الاعتبار في الأغلبية بالأكثر عددا أو زمانا أو
نموا فيه أوجه وأقول أجودها الأول لان ظاهر النص والفتوى إناطة الفرق بالكلفة وعدمها وهما تدوران مع العدد ولا ينافيه ظاهر رواية معوية
المتقدمة حيث إنه استفصل عن زمان تحقق السقية والسقيتين لا عن عدد السقيات بالدوالي اذلا يخفى ان هذا محمول على ما هو الغالب من أن أكثرية
الزمان علامة أكثرية العدد فاستفصاله في الحقيقة عن عدد سقيات الدوالي مضافا إلى أن ظاهر كلام الراوي انه مكثت الزرع ستة أشهر وتسقى
بالدوالي وسقيت سيحا ثلثين ليلة كما لا يخفى ومن هنا يظهر ضعف التمسك بالرواية لاعتبار الزمان كما حكى استظهاره عنها عن جماعة واما
استفادة الأكثر نموا من الرواية كما استظهره الفخر في الايضاح نظرا إلى ظهور الرواية في ملاحظة زمان عيش الزرع ونموه فهو بعيد ثم إنه هل يكفي
493

مجرد الأكثرية الحقيقية لحاصله بزيادة واحدة أو العرفية التابعة للمقامات فان الأكثر من الثلاثة والخمسة والستة مثلا بل العشرة تحصل عرفا بزيادة
الواحدة لو سلم لكن انصراف اطلاق الأكثر إليه محل تأمل بل منع أم العبرة بالكثرة الملحقة للنادر بالمعدوم وجوه من صدق الأكثر حقيقة بزيادة الواحدة
ومن انصراف الفتاوى ومعاقد الاجماعات إلى الكثرة العرفية ومن أن عمدة الدليل هو النص والمتيقن منه الأكثرية بالمعنى الأخير ويشهد له حكم الإمام (ع)
بالتنصيف في الصورة السابقة مع المساواة الحقيقية من عدم تصريح السائل واستفادة عدم الأكثرية المذكورة من ترك تعرضه له كما تعرص لها في
السؤال الثاني حكى الأول عن ظاهر اطلاق المعظم وفيه انصراف الاطلاق إلى غير ذلك ولذا اختار المقدس الأردبيلي في ظاهر كلامه المحكي الثاني من تحقق
الكثرة بزيادة الواحدة وظاهر بعض مشايخنا المعاصرين الثالث وخير الأمور أوسطها للاجماعات المستفيضة التي قد عرفت نعم لو كان الدليل منحصرا في
الرواية أمكن حمله على المتيقن من موردها مع أن الاستشهاد الذي ذكرنا لهذا الاحتمال ممنوع لاحتمال كون قوله النصف والنصف يحتمل ان يكون مبتدء أو قوله
نصف بنصف العشر الخ خبر له فيكون معناه ان النصف السقى بالدوالي والنصف المسقى سيحا اولهما بنصف العشر والثاني العشر ولا جل تخصيص الامام الحكم
بالتساوي تعرض للسؤال ثانيا فتأمل
مسألة يستحب الزكاة في مال التجارة على المس‍ سيما بين المتأخرين لاخبار كثيرة منها قضية تخاصم أبي ذر وعثمان
والمراد بمال التجارة على ما ذكره جماعة ما ملك بعقد معاوضة بقصد الاكتساب به عند التملك قيل إن هذا اصلاح فقهي وفيه نظر فان الظ انه معنى عرفي
مستفاد من الأخبار الدالة على رجحان الزكاة في المال إذا أتجر فيه فان الظ من التجارة في العرف هو ما ذكر فان الظاهر من التجارة بالمال المعاوضة عليه
بقصد الاسترباح فيخرج من الحد المملوك بغير عقد المعاوضة كالحيازة والوراثة فان قصد بيع مثل ذلك ولو با على القيم ليس استرباحا بما في يده بل هو طلب
لزيادة القيمة السوقية ولهذا لا يسمى تجارة عرفا نعم لو نقله بعوض وقصد نقل ذلك العوض بعوض أزيد قيمة من المنقول عنه كان تجارة فصدق
التجارة فعلا بعد النقل الأول عازما على الثاني وربما يق لما في يده قبل النقل انه مال التجارة إذا عزم على أن يتجر به لكفاية أدنى ملابسة في الإضافة لكن
لا يق انه أتجر به ومما ذكر يظهر الوجه فيما ذكروه من أن المراد بالمعارضة ما يقوم طرفاه بالمال فما انتقل إليه بسبب خلع أو بضع أو حق غير مالي صالحه على المال لا يسمى
مال التجارة الا على الوجه الذي ذكرنا من مناسبة العزم على الاتجار به لكن الظ انه يشترط المالية في المكتسب به فقط دون ما ينتقل إليه في عوضه عازما على
نقله إلى الغير بمال أزيد مما كان في يده كما إذا صالح على ما في يده من المال بحق تحجير بقصد نقله إلى غيره بمال أزيد فلا يبعد عدها تجارة عرفا الا ان شمول
الاطلاقات لمثله مشكل جدا ومما ذكر يعلم اعتبار مقارنة قصد الملك للمعاوضة ليقصد الاسترباح بما في يده والا فلو اشترى للقينة بمائه درهم ثم نوى
بعد مدة ان يبيع ما اشتراه بأزيد من المائة فلا يصدق على المائة انه أتجر بها ولذا لا يجب زكاتها بعد انقضاء حول من زمن المعاوضة اجماعا ولا يصدق
مال التجارة على المتاع المشترى (ايض‍) الا إذا عارض عليه بقصد ان يعاوض على عوضه بأزيد قيمة منه ولو بنى على ذلك يصدق عليه انه مال التجارة بما
ذكرنا بأدنى الملابسة لكونها مشرفا لورود التجارة عليه واما معاوضته بأزيد من ثمنه الأول فليس يصدق عليه التجارة فضلا عن مجرد قصد معاوضته بذلك
ومن هنا تبين انه لو اشترى للقينة ثم نوى بيعه بأزيد من ثمنه فلا يصدق عليه بمجرد ذلك أنه أتجر به ولا انه مال التجارة لا حقيقة ولا مجازا فدعوى
وجوب الزكاة في هذا الفرض وعدم اعتبار نية الاكتساب مقارنة للتملك تمسكا بصدق مال التجارة عليه كما ذهب إليه جماعة منهم المحقق والشهيدان
في غير البيان ضعيف جدا مع أن صدق مال التجارة لو سلم لا يجدى لان الاخبار دل على اعتبار الاتجار فعلا كما يظهر من اخبار مال اليتيم حيث نفى الزكاة
فيه الا ان يتجر به وقوله إذا عملت فعليه الزكاة ونحو ذلك والحاصل ان النصوص والفتاوى بين ما دل على ثبوت الزكاة في مال التجارة التي قد عرفت انه
حقيقة في مال الذي ينتقل إليه بالتجارة وبين ما دل على ثبوت الزكاة في المال الذي أتجر به فمن الأول قوله (ع) في رواية خالد بن الحجاج ما كان من تجارة
في يدك فيها فضل ليس يمنعك من بيعها الا لتزداد فضلا على فزكه وما كان من تجارة في يدك فيها نقصان فذاك شئ اخر وفي معناها اخبار كثيرة معلقة
بوجوب الزكاة فيما اشترى من المتاع بما إذا وجد رأس ماله وطلب الزيادة ولا ريب في ظهور ذلك فيما إذا كان الاشتراء للتجارة كما لا يخفى وظاهر ان مجرد نية بيعه
بأزيد من ثمنه الذي اشتراه به للقنية لا يوجب صدق رأس المال على ذلك الثمن لان العبر ة بصدق عنوان رأس المال عليه حال الاشتراء نعم لو تبين
اطلاق تلك الأخبار لكن انصرافها إلى صورة قصد الاكتساب عند الاشتراء مما لا يخفى ومن الثاني ما دل من الأخبار المستفيضة على نفى الزكاة رأسا في مال
الصبى والمجنون الا إذا أتجر به والمراد بالمال المتجر به هو نوع ذلك المال الا عم من شخصه وبدله والا فشخص المال الذي يتجر به يدفعه التاجر إلى بايع السلعة
فمرجع ما يتجر به ومال التجارة إلى واحد وكيف كان فلا يق مال أتجر به الا بعد تحقق التجارة فعلا التي هي المعوضة فلا يصدق على المال الذي قصد بيعه
بأزيد من ثمنه انه مال التجارة أو مال أتجر به إذ لم يسبقه تجارة ولم تلحقه نعم قد يتخيل ان هنا عمومات تشمل مثل ذلك وإن كانت الأخبار المتقدمة
مختصة بما إذا انتقل إليه بالتجارة وهو وان أصاب في تسليم اختصاص تلك الأخبار بذلك خلافا لصاحب المدارك حيث تبع المحقق وغيره في دعوى عموم
بعض ما اشتمل على لفظ رأس المال أو في معناه لمحل البحث الا انه لم يصب في دعوى عموم ما زعمه عاما فمن ذلك قوله (ع) كل شئ جر عليك المال فزكه وكل شئ
ورثته أو وهب لك فاستقبل به وقوله (ع) في رواية مسلم بن مسلم كلما عملت به فعليك فيه الزكاة قال يونس تفسيره انه كلما عمل التجارة من حيوان فعليه فيه زكاته
ولا يخفى ان الرواية الأولى انما تدل على وجوب الزكاة في المال الذي يتجر به الحول ولا ريب ان الحول لا يستقبل الا في النقدين فالمراد ان النقد الذي جر عليك
494

المال أي صار سببا لجر المال عليك بان أعطيته نمنا لشئ يقوم بأزيد منه يجب فيه الزكاة وان لم يحل الحول على عينه ولا ريب انه إذا نوى بيع ما اشتراه للقنية
فالقائل بوجوب الزكاة بعد حول الحول على ذلك المشترى من زمن نية بيعه بأزيد من ثمنه لا يقول بأنها زكاة الثمن الذي اعطى ثمنا لذلك بالمشترى
وصار سببا لجر المال وهو مقدار الزايد من قيمه المشترى على ثمنه فكون الزكاة زكاة لذلك الثمن الجار للمال لا يتحقق الا إذا اعطى ثمنا لأجل الاكتساب
بثمنه وهذا واضح بأدنى التفات واما الرواية الثانية فهى بنفسها ظاهرة في معنى الرواية الأولى وهو ثبوت الزكاة في المال المعمول به كما دل عليه الأخبار المستفيضة
في مال اليتيم وغيره واما تفسير يونس فهو (ايض‍) كك وإن كان يتوهم منه ان المر أد به ما عمل للتجارة وان لم يتجر به بعد لكنه توهم ليس في محله إذ
ليس معنى عمل للتجارة أعد لها مع أن مجرد بيع شئ بأزيد من ثمنه ليست تجارة على ما عرفت حتى يكون قصده نية التجارة واعداد المال التجارة فتحقق مما
ذكر ان القول بوجوب الزكاة في محل البحث ضعيف منفى بالأصل بعد ما عرفت من اختصاص أدلة زكاة مال التجارة بما إذا اشترى للتجارة والظاهر اخبار زكاة ما
اليتيم الحاصرة لثبوت الزكاة فيه فيما إذا أتجر به وعمل به وباطلاق نفى الزكاة فيه إذا كان موضوعا الشامل إذا طلب شئ مما اخذه لغير الاكتساب بأزيد من
ثمنه فإنه يصدق عليه انه مال موضوع نعم يمكن ان يستدل لكفاية مجرد قصد التجارة بموثقة سماعة عن أبي عبد الله (ع) قال ليس على الرقيق زكاة الا رقيق
يبتغي به التجارة فإنه من المال الذي يزكى دلت على كفاية ابتغاء التجارة بالمال اللهم الا ان يدعى انصرافه إلى ما ينبغي عند تملكه التجارة به وكيف كان فالمسألة
مشكلة والأصل دليل قوى واضعف من هذا القول ما مال إليه المحقق الأردبيلي بعد أن تردد فيه المحقق في المعتبر وان جعل الأشبه خلافه وجزم به بعض مشايخنا
المعاصرين ان لم ينعقد الاجماع على خلافه من عدم اعتبار تملك المال بقصد معاوضة بل يكفي مطلق تملكه نعم قيده شيخنا المعاصر بما إذا كان المنتقل
منه اخذه للتجارة ووجه ضعف هذا القول يظهر من ملاحظة الأخبار الدالة على اعتبار رأس المال كما اعترف به في المعتبر مضافا إلى انهم اجمعوا على اعتبار
ان يطلب مال التجارة براس المال أو أزيد ولا يتحقق هذا الشرط الا مع وجود رأس مال الا ان يق باختصاص هذا الشرط بصورة وجود رأس المال ودعوى
المعاصر شمول رأس المال لما هو رأس المال عند المنتقل منه كما ترى واما وجوب الزكاة في النماء والنتاج والثمرة لمال التجارة فهو (ايض‍) من حيث كونها أموالا حصل
تملكها بسبب عقد المعاوضة وان لم ترد المعاوضة على نفسها فالاستشهاد من شيخنا المعاصر ره بذلك على عدم اعتبار انتقال المال بالمعاوضة أضعف من؟
واما ما ذكره من اشتراط طلب مال التجارة براس المال فالمراد به مجموع المال لا خصوص كل جزء حتى يق ان النماء ليس له رأس مال نعم لو حصل النقص في قمية العين
انجبر بالنماء كما يظهر من البيان ثم إن اعتبار قصد الاكتساب عند التملك وارد مورد الغالب من كون التملك مقارنا للقصد والا فلو اشترى له فضولا فاجان
بعد سنة بقصد الاكتساب كفى وان قلنا بكون الإجازة كاشفة لان الإجازة هي الامر الاختياري الموجب لحصول التملك من حينها أو من حين العقد على
القولين في الإجازة ولو اشترى معاطاة فان قلنا بكونها مملكة فلا اشكال في اعتبار مقارنة قصد الاكتساب لها وان قلنا بكونها مبيحة فمقتضى القاعدة
عدم وجوب الزكاة في هذا المال كالحج وهذا من جملة ما يلزم القائلين بالإباحة دون الملك نعم لو التزم بترتب احكام الملك عليه اعتبر القصد ن حين اخذ المتاع
وان قلنا بحصول التملك من حين تلف أحد العوضين ففي تعيين زمان القصد صعوبة وكيف كان فالمعارضة في كلامهم حيث أضافوا إليه العقد لا يشمل الفسخ
ولو كان بقصد الاكتساب نعم لو كان العقد بقصد الاكتساب بان وقع على مالي تجارة ثم تفاسخا أو تراد العيب لم ينقطع حول التجارة
ثم الشروط المذكورة
للزكوة في مال التجارة ثلثه الأول النصاب وقد ادعى عليه اتفاق المسلمين ويدل عليه ان المستفاد ن اخبار هذه الزكاة اتحادها مع زكاة النقدين
من حيث النصاب والقدر المخرج وحلول الحول ولا شك في إفادتها لذلك فمن نظر فيها بتأمل يسير فلا يصغى إلى استشكال صاحب الحدائق في الاستفادة
ذلك من الروايات ودعواه انها مطلقة ومنه يعلم أن المال التجارة نصاب ثان أعني الأربعين درهما أو خمسة دنانير الثاني اعتبار الحول من حين التجارة
أو قصدها على الخلاف وهو (ايض‍) مما لا خلاف فيه ظاهر أو يدل عليه صحيحة محمد بن مسلم عن الرجل يوضع عند الأعمال يعمل بها قال إذا حال عليه الحول فليزكها و
صحيحة الأخرى كما عملت فيه فعليك فيه الزكاة إذا حال عليه الحول ولو ظهر في مال التجارة ربح أو نماء كالنتاج والثمرة فحكمه حكم السخال في اعتبار حول مستقل
لها إذا بلغت النصاب الثاني والاضم إلى الأصل عند انقضاء حوله ولا يستأنف الحول من حين الضم لما تقدم في حول السخال قال في البيان ونتاج مال التجارة
منها على الأقرب لأنه جزء منها ووجه العدم انه ليس باسترباح فلو نقصت الام ففي جبرانه نظر من أنه كمال اخر ومن تولده منها ويمكن القول بان الجبر يتفرع على
احتسابه من مال التجارة فان قلنا به جبر والا فلا وربما يق ان وجوب الزكاة في مثل النتاج والنماء مع أنه ليس مالا ملك بعقد معاوضته يدل على عدم
انتقال المال بعد المعاوضة وفيه ما تقدم نعم قد يستشكل في اشتراط حول مستقل للنماء باعتبار عدم عمومه فيما دل على اعتبار الحول بحيث يشمل النماء
التابع للأصل سيما مع عموم قوله (ع) كل شئ جر عليك المال فزكه وما ورد من أنه إذا ملكت مالا في أثناء الحول فعند تمامه يزكيها جميعا واستشهد لهما في الدروس
على استتباع حول الزرع للأصل وفيه ان ما دل على اعتبار الحول انما دل على اعتباره فيما يجب فيه الزكاة كما يظهر من روايتي ابن مسلم فان قلنا بوجوب
الزكاة في النماء فلا محيص على اعتبار الحول والا فلابد من القول بعدم وجوب الزكاة فيه وقوله (ع) كل شئ جر عليك المال وما بعده لا يدل على وجه
الاشكال سيما بعد تفسيرهما بأدلة الحول كما لا يخفى الثالث وجود رأس المال طول الحول فلو نقص منها في أثنائه ولو يوما شيئا ولو يسيرا من جهة انخفاض
السعر لم يجب الزكاة اجماعا كما في المعتبر وعن المنتهى ويدل عليه الاخبار نعم روى أنه إذا مضى عليه أحوال على النقيصة زكاه لسنة واحدة استحباب وهل
495

يشترط في زكاة مال التجارة بقاء عين السلعة لحول كما في المالية أم لا يشترط فتثبت الزكاة وان تبدلت أعيان مال التجارة ظاهر المحقق في الشرائع
وصريحه في المعتبر ذلك وهو المحكي عن ظاهر المفيد والصدوق والأقوى عدمه لان الاخبار دلت على ثبوت الزكاة فيما يتجر به ويعمل به وفيما يضطرب من الأموال و
لا ريب ان ما يعمل به ليس المراد شخصه لأنه يدفعه التاجر إلى صاحبه الذي يعامل معه فالمراد الأعم منه ومن بدله فالزكاة في الحقيقة بالمال المنقلب به في التجارة
لا بشخص ما اشتراه للتجارة نعم مورد بعض الروايات ان المتاع الذي يبقى حولا ان طلب براس ماله أو أزيد ففيه الزكاة وظاهر ان اختصاص المورد سيما لأجل
اختصاص مورد السؤال لا يجب تخصيص العمومات مسألة اختلف في تعلق زكاة مال التجارة بالعين أو بالقيمة فالمش‍ كما قيل على الثاني والفاضلان قدهما
في المعتبر ومحكى التذكرة على الأول وتبعهم جمع من متأخري المتأخرين والحق ان ان المراد بتعلقها بالعين تعلقها على نحو الزكاة الواجبة بحيث يحدث عند حلول
الحول مشاركة للفقراء في العين فهذا المعنى لا يتصور على القول باستحباب زكاة مال التجارة وان أريد به مما قدمنا قويته من أن معنى تعلقها بالعين استحقاق
الفقير لان يدفع إليه من المال قدر خاص فهذا المعنى يتصور على القول بالاستحباب كما في زكاة المستحبة فيما عدا الغلات من الحبوب مع الاتفاق على تعلقها بالعين
و ح فاما ان يراد بهذا الاستحقاق استحقاق دفع جزء من غير مال التجارة أعني ربع العشر واما ان يراد استحقاق دفع ربع عشر من قيمة العين سبيه استحقاق
المجني عليه الدية من قيمة العبد والديان حقوقهم من تركة الميت فهذه وجوه ثلثة في كيفية التعلق بالعين واما تعلقها بالذمة فهو بمعنى استحقاق الفقراء يوما ان
ربع عشر من مال التجارة في ذمة المكلف وهذا الوجه بعيد عن ظاهر الأدلة مثل قوله (ع) في كل ألف درهم خمسة وعشرين من عمومات زكاة الأموال وما ورد في
خصوص مال التجارة من قوله (ع) في الأمول المعمول بها إذا حال عليها الحول فليزكها فان تزكية المال التي تعلق بها الوجوب في الأموال التسعة والاستحباب في غيرها
هو اخراج الزكاة منه أو ضمانه باخراج بدله وكذا ظواهر ما دل على ثبوت الزكاة في مال التجارة فان قوله (ع) ليس في مال اليتيم زكاة حتى يعمل به أو يتجر يدل
على أن الثابت مع التجارة الظرفية المنفية بدونها واما وجوه الثلاثة في تعلق العين فالأول منها قد عرفت ما يخدشه في الزكاة الواجبة وانه لا يتعلق
بالمندوبة بقى الا خيران والأظهر أخيرهما لان تعلق الزكاة بمال التجارة باعتبار كونه مالا لا باعتبار عنواناته الشخصية ككونه ثيابا أو سمنا أو زيتا فالمأمور
بالاخراج منها هو حصة من المال المقابل لهما المعبر عنه بالقيمة التي لا بدان يكون من النقدين الذين هما المعيار عرشا وعرفا في معرفة مقدار مالية الأشياء
وفيه على ما ذكرنا ما ذكر من قوله في عدة روايات في كل الف خمسة وعشرون فإنه كما يدل على أن في الألف من عين المال خمسة وعشرين كما في النقدين فكذا يدل
على أن في الألف الموجود في الأمتعة باعتبار تقومها به خمسة وعشرين من ذلك الألف الموجود فيها الملحوظ باعتبار التقويم ولا يمكن الجمع بين زكاة التجارة
وزكاة النقدين في مدلول هذه الروايات الا بما ذكرنا ودعوى اختصاصها بمال النقدين خلاف الظ فان وجوب اخراج ربع العشر في زكاة التجارة وإن كان
مجمعا عليه المسلمون الا ان الظ استناده إلى مثل هذه الروايات ويؤيد ما ذكرنا اعتبار النصاب بالنقدين ويؤيد ما ذكرنا (ايض‍) ان الزكاة انما يتعلق بما حال
عليه الحول وقد عرفت ان الأقوى عدم اشتراط بقاء شخص المتاع طول الحول فالزكاة يتعلق بالقدر المشترك بين الاشخاص الأمتعة الموجودة في الحول
وليست مشتركة الا من حيث القيمة البالغة نصابا الموجودة في الجميع فالزكاة يتعلق بذلك المشترك الذي اشترط بقائه طول الحول وبلوغه نصابا واعلم أن
ظاهر ما يدل على اعتبار بقاء رأس المال طول الحول كما عن المحقق والعلامة ومن تأخر عنهما هو كون الاعتبار في تقويم المتاع بملاحظة بقاء رأس المال و
عدمه هو تقويمه براس المال الذي وقع الاتجار به فإن كان مالا حقيقيا محضا كأحد النقدين فلا حاجة إلى تقويمه فلو باع المتاع في الحول بدنانير وكان رأس
المال الذي اشترى به دراهم قوم الدنانير دراهم رأس المال الدراهم صرح به في الدروس وإن كان عرضا قوم بالغالب من النقدين كما في البيان والمدارك
لأنه المناط في معرفة مقدار مالية الأجناس والتحقيق ان رأس المال انما يلاحظ من حيث البقاء في الحول وعدمه بالشئ الذي اشترى به مال التجارة ان لم يكن
من النقدين والا فبنفسه ويقوم مال التجارة بنقد اخر غير ما اشترى به لا يعرف منه بقاء رأس المال وعدمه كما لو كان الثمن مأتي درهم وقوم مال التجارة الباقي
في الحول بثلثين دينارا فإنه لا يعلم بقاء ما في الدرهم الذي هو رأس المال الا بعد تقويم المتاع بالدرهم وتقويمه بالدينار لا يفيد الا إذا رجعنا وقايسنا
الدينار بالدراهم واما معرفة النصاب فالظ انه يكفي فيه بلوغ مال التجارة نصابا باعتبار قيمة التي هي أعم من الدرهم والدينار فيجب الزكاة إذا بلغه
بأحدهما ولا دخل في ذلك للثمن الذي اشترى به المتاع نعم لو قلنا بان هذه الزكاة هي زكاة رأس المال كما يستفاد من ظاهر بعض الأخبار مثل قوله (ع) كل مال
عملت به ففيه الزكاة وما ورد في أنه ليس في مال اليتيم زكاة الا ان يتجر به ونحو ذلك فالمعتبر ح بلوغ رأس المال نصابا ابحته التفصيل بين كون رأس المال من
أحد النقدين فيعتبر هو بنفسه حتى أنه لو كان رأس المال مأتي درهم وتسعة عشر دينارا لم يجب في المال الا زكاة الدراهم دون الدنانير وإن كان قيمة
المتاع المشترى تبلغ أربعمائة درهم لكن الظ ان متعلق الزكاة هو مال التجارة كما يظهر من كلمات الأصحاب دون رأس المال والمراد بقوله (ع) كل مال
عملت به هو المال بعد تحقق وصف العمل به وهو الكلى الباقي إلى اخر الحول دون شخص رأس المال و ح فإذا اشترى بمائة وثمانين درهما متاعا يسوى
عشرين درهما لكون كل دينار تسعة دراهم جرى في الحول من حين التملك للاكتساب هذا ما خطر في الذهن في أول النظر والمسألة تحتاج بعد إلى تأمل مسألة
إذا قارض ألفا فربح ألفا فلا اشكال في وجوب زكاة أصل مال التجارة على المالك عند اجتماع الشرائط ولا في
وجوبها في حقه إذا بلغ النصاب الثاني
وحل عليه حول من حين ظهوره وإن كان في صدق مال التجارة على النماء تأمل الا ان الظ انه يصدق عليه انه مال ملك بقصد معاوضة لأجل الاكتساب
496

به ولو في ضمن الأصل وقصد الاكتساب ولو لم يقصد الاكتساب بالربح عند المعاوضة على الأصل فالظ انه لا بقدح بناء على أن زمان تملك النماء زمان
ظهوره ولا يحتاج إلى معرفة زمان الظهور لتحقق النية عنده بل قصد الاكتساب بالعين في زمان حدث فيه الربح في نفس الامر كاف نعم لو قلنا إن زمان تملك الربح
زمان تملك العين فيملكه ح بمعنى انه يظهر في ملكه لا انه يملكه إذا ظهر ولذا يجوز مصالحة الثمرة المعدومة بل بيعها بضميمة الموجود بل قيل بجوازها منفردة
أزيد من عام فيعتبر ح القصد عند المعاوضة على الأصل بان يقصد التجارة به وبنمائه وهذا القصد في المتصل يتحقق تبعا واما في المنفصل كالثمرة والنتاج
فالاكتفاء بحصول نية الاكتساب عليه كتساب كما بنه عليه جماعة فلا اشكال واما حصة العامل من الربح فان قلنا إن العامل لا تملك الحصة بل يستحق الأجرة
فلا اشكال في عدم وجوب الزكاة على العامل ووجوب على المالك لان اجرة العامل ح كالدين عليه لا ينفى الزكاة وان قلنا بتملكه بمعنى ترتب بعض
احكام الملك عليه كانفاق مقدار حصته بن ينفق عليه إذا اشتراه من مال القراض لا الملك الحقيقي ولهذا لا يملك ربح الربح ولا يستحق من ربح ثلثين
عشرة ثم ربح عشرين في مجموع اه أربعين الا ثلث مجموع الربح والخمسون لا عشرين منه فلا زكاة (ايض‍) اذلا زكاة الا على مالك وهل يكون على المالك فيه
اشكال ينشأ من أن الجميع ملكه ومن انه ممنوع من التصرف فيه لتأكيد قو المعامل فيها وان قلنا بتملكه للحصة حقيقة وان عدم تملك ربح الربح لموانع منها انه
يلزم على المالك ان يستحق بالشرط الذي وقع منهما من استحقاقه حصة خاصة خلاف مقتضى ذلك وهو استحقاق الازيد فان قلنا بان الملك موقوف على
أو القسمة أو الفسخ فلا زكاة (ايض‍) وان قلنا بكون هذه الأمور كاشفة عن تملكه عند الظهور والظ ان زكاتها لا يجب على المالك (ايض‍) لأنه غير مالك
لأنه مع البقاء للعامل ومع التلف فيقدم وان قلنا بملكه حقيقة بالظهور ففي الزكاة فيه (ايض‍) اشكال من حيث عدم تمامية الملك لتزلزله باحتمال طرو الخسران
الموجب لمقابلته به لكون الربح وقاية لرأس المال و (ايض‍) ان أصالة عدم طرو الخسران لا يرفع التزلزل لان معنى التزلزل هو كونه في مقابل الناقص على تقدير تحقق الخسران وهو
المعبر عنه بالوقاية فهى في وقاية بالفعل قطعا وان لم يكن تداركا فعليا قبل الخسران فهو أدون من مال الرهن الا ان يحكم بالوجوب من حيث تسلطه على رفع هذا
التزلزل بالفسخ ونحوه مع أن المانع من وجوب الزكاة هو التزلزل من حيث الحدوث لا من حيث البقاء ولهذا لا يمنعها جواز العقود المملكة النصاب واشرافها على
رجوع المالك وما نحن فيه من هذا القبيل بعد حكم الشارع بان الخسارة ترد على الربح والتزامها بذلك كما لا اشكال من جهة كونه مالا مشتركا إذا لشركة لا
تمنع الزكاة انما الكلام في تحقق الامر بالاخراج ثم الظ ان زكاة حصة العامل يحسب من نصبيه لا انه من قبيل المؤن اللاحقة للمال الموضوعة من أصل الربح
كما أن زكاة حصة المالك إذا أخرجها من المال يجب عليه من الأصل والربح بالنسبة واستقرب المص‍ في محكى النهاية انها إذا أخرجت من العين فهى كالمؤن لا يحتسب
مسألة الأقوى كون المسكين أسوء حالا من الفقير وإن كان مشاركا للفقير في عدم تملك ما يكفيه فهو من يملك شيئا كما في البيان وغيره أو مالا وفاقا للمحكى
عن جماعة من القدماء وجمهور من المتأخرين وعن الغنية الاجماع عليه وهو المحكي عن جماعة من أهل اللغة بل عن بعض العباير انه المش‍ بينهم لمساعدة العرف ى
لصحيحة ابن مسلم عن أحدهما ان الفقير الذي لا يسئل الناس والمسكين اجهد منه الذي يسئل وحسنة أبي بصير بالكاهلي ويؤيد ما ذكران المسكين من المسكنة
وهي الذلة فقد اخذ فيه مضافا إلى الحاجة المأخوذة وفي الفقر تحقق الذلة الزائدة على أصل الفقر وليس المراد مطلق الذلة بل الذلة من حيث الفقر فحاصله
يرجع إلى فقير يذل فهو أخص من مطلق الفقر خلافا للمحكى عن جماعة فقالوا بالعكس وكون الفقير أسوء حالا مستدلين على ذلك بمالا ينهض حجة ثم إن المحكي عن
جماعة المصرح به في الروضة الاجماع على دخول أحدهما في الأخر إذا انفرد وفي البيان بعد ما حكى عن الشيخ والراوندي والفاضل دخول أحدهما في اطلاق لفظ
الأخر قال فان أرادوا به حقيقة ففيه منع ويوافقون على أنهما إذا اجتمعا كما في الآية يحتاج إلى فصل مميز بينهما انتهى وحاصل ذيل كلامه؟ إذا وافقوا في ثبوت
المميز مع اجتماعهما في الذكر فليس في صورة الانفراد ما بوجب إرادة القدر المشترك من كل منهما إذا اطلق وقد استشكل في كفارات القواعد في اجزاء اطعام
الفقراء عن المساكين إذا لم يقل بان الفقير أسوء حالا وكذا في الوصية واختار في الايضاح ومحكى جامع المقاصد في الوصية عدم الدخول ولم يرجح في
وصية الدروس شيئا الا ان الظ المستفاد من الاخبار هو ما ادعى عليه الاجماع اذلا ريب في شمول لفظ الفقير للمسكين فيما اطلق وكذا الظ ان المسكين
إذا اطلق فيراد به الذليل يذل الفقير نعم إذا اجتمع مع الفقير فيراد به الذليل بذل زائد على أصل الفقر وبه يصير أسوء مسألة المشهور بل المحكي عن
عامة أصحابنا عدا نادرا ان الفقير من لا يقدر على مؤنة سنة له ولعياله الواجبي النفقة فهنا مسائل ثلث الأولى ان لا يكون له قوت السنة ويدل على
جواز اخذه الزكاة مفهوم الرواية المحكية عن المقنعة من رواية يونس بن عمار قال سمعت الصادق (ع) يقول يحرم الزكاة على من عنده قوت السنة وليس بمجرد
مفهوم الوصف لورد الوصف في مقام التحديد المناسب لان يكون جامعا مانعا ويدل عليه فحوى ما سيجئ من الأخبار الدالة على جواز الاخذ لمن له
رأس مال لا يحصل كفاية سنة وقد خالف هنا من قال بحرمة الزكاة على من ملك أحد النصب في النقدين أو قيمته ومستنده ضعيف وهو نادر الثانية ان يكون
عنده قوت سنة واحدة وان لم يملك أزيد من ذلك ولا يقدر على تحصيله كان وهب لفقيرا واعطى من الزكاة ما يكفيه لسنة لا غير ويدل على تحريم اخذة
للزكوة منطوق الرواية المتقدمة التعليل في المحكي عن العلل بطريق حسن بابن هاشم إلى صفوان بن يحيى عن علي بن إسماعيل قال سئلت أبا الحسن (ع) عن السائل
وعنده قوت يوم أيحل له ان يسئل ولو اعطى شيئا من قبل ان يسئل يحل له ان يقبله قال يأخذ وعنده قوت شهر ما يكفيه لسنة لأنها انما هي من سنة
إلى سنة فان ظاهرها ان العلة في جواز اخذ كفاية السنة انه لو منع من ذلك يبقى محتاجا في بعض السنة فدل على أن من عنده كفاية السنة لا يجوز له ان
497

يأخذ ونحوها حسنة أخرى بابن هاشم محكية عن معاني الأخبار عن أبي جعفر (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا تحل الصدقة لغنى ولا لذي مرة سوى ولا محترف
ولا لغوى قلنا ما معنا هذا قال لا يحل له ان يأخذها وهو يقدر على ما يكف به نفسه عنها فان واجد مؤنة السنة قادر على ذلك إذ ليس المراد القدرة
على المتكفف عن زكاة السنين المستقبلة والمحكية عن السرائر عن شيخه ابن محبوب عن أبي أيوب عن سماعة قال سئل عن أبي عبد الله (ع) عن الرجل يكون عنده
المعدة للحرب وهو محتاج أيبيعها وينفقها على عياله أو يأخذ الصدقة قال يبيعها وينفقها على عياله ثم إن المخالف في هذه المسألة غير معثور عليه عدا ما
ربما نسبه في المفاتيح إلى ظاهر عبارة المبسوط بان الفقير من لم يكن قادرا على كفاية مؤنة ومؤنة من يلزم كفايته على الدوام حيث إن ظاهر العبارة عدم ارتفاع
الفقر بان يملك مؤنة سنة واحدة لكن الظ رجوع هذا القول إلى قول المش‍ ولذا جعل في المختلف المراد بالدوام السنة واحتمال غير واحد رجوع القيد إلى قوله
من يلزمه كفايته وعلى تقدير الظهور فالقول ضعيف الثالثة ان يكون له ما يكفيه لسنة الا ان شغله الاكتساب بها فيكون ما في يده نقدا أو غيره الوافي بمؤنة سنة
بمنزلة الآلة لصنعته وحرفته والظ أيضا جواز اخذه الزكاة (ايض‍) على المش‍ بل في الرياض انه لم يجد فيه خلاف ومن الأردبيلي نسبته إلى صريح الأصحاب للأخبار المستفيضة
منها المحكية عن الفقيه باسناده عن أبي بصير قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن رجل له ثمان مائة درهم وهو رجل جفاف وله عيال كثير له ان يأخذ من
الزكاة قال يا أبا محمد أيربح في دراهمه ما يقوت به عياله ويفضل قلت نعم قال قال كم يفضل قلت لا أدرى قال إن كان يفضل من القوت بمقدار نصف القوت فلا يأخذ
الزكاة وإن كان أقل من نصف القوت فعليه الزكاة قال قلت فعليه في ماله زكاة يلزمه قال بلى قلت كيف يصنع قال يوسع بها على عياله في طعامهم وشرابهم و
كسوتهم ويبقى منها شيئا يتنا وله غيره وما اخذه من الزكاة فضه على عياله حتى يلحقهم بالناس وموثقة سماعة قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الزكاة هل تصلح
لصاحب الدار والخادم فق نعم الا ان يكون داره دار غلة فيخرج له عن غلها دراهم يكفيه له ولعياله فإن لم تكن الغلة تكتفيه لنفسه وعياله في طعامهم وكسوتهم
وحاجتهم من غير اسراف فقد حلت له الزكاة وإن كان غلتها تكفيهم فلا وما عن الكافي عن القمي عن أبيه عن إسماعيل بن عبد العزيز عن أبيه قال دخلت انا وأبو بصير على
أبى عبد الله (ع) فق له أبو بصير ان لنا صديقا إلى أن قال إن العباس بن الوليد بن صبيح له دار تسوى أربعة آلاف وله جارية وله غلام يسقى على الجمل كل يوم
ما بين الدرهمين إلى أربعة سوى علف الجمل وله عيال اله ان يأخذ من الزكاة قال نعم قلت وله هذه العروض قال يا أبا محمد أتأمرني ان نأمر ببيع داره وهي عزه
وسقط رأسه أو نبيع خادمه التي تقيه الحر والبرد ويصون وجهه وجه عياله أو امره ان يبيع غلامه وجمله وهو معيشته بل يأخذ الزكاة هي له حلال ولا
يبيع غلامه ولا جمله وصحيحة معوية بن وهب قال سئلت أبا عبد الله (ع) الرجل يكون له ثلاثمائة أو أربعمائة وله عيال يحترف بها فلا يصيب نفقته فيها أيكتسب
فيأكلها ولا يأخذ الزكاة أو يأخذ الزكاة قال لا بل ينظر إلى فضلها فيقوت بها نفسه ومن وسعه ذلك من عياله ويأخذ البقية من الزكاة ويتصرف بهذه
لا ينفقها ولا يبعد ان يكون متن الرواية ويأخذ البقية من الزكاة أي لبقية عياله الذين لا يسعهم فضل ماله كما في رواية هارون بن حمزة حيث قال فلينظر
ما يستفضل منها فليأكل وهو من يسعه ذلك وليأخذ لمن يسعه من عياله وفي دلالتها ح على المطلب نظر وفيما تقدم من الاخبار المعتضدة بالشهرة غنى
عنها ثم إن ظاهر الأخبار المتقدمة على ما صرح به بعض وحكاه عن غيره هو اعتبار الاستنماء الفعلي في المال المستثنى من الكفاية لا مجرد قابليه لاستنماء فمن كان
له مال يشتغل بها ويكفيها لسنة فلا يحل له الزكاة كما هو ظاهر الأخبار المتقدمة في المسألة الثانية ومن كان يشتغل بها ويستربحها حلت له الاخذ إذا لم
يكفه الربح وكذا آلات الصنايع مستثنى لمن يصنع بها دون من لا يصنع بل وكك دار الغلة إذا بنى على سكناها أو اسكانها من غير اجرة بحيث لا يكون بانيا
على استنمائها ثم المراد عدم كفاية الربح لأجل قلة رأس المال وعدم ترتب أزيد من ذلك الربح عليه بحسب العادة والا فلو فرضنا انه يملك لكوكا واتفق في
بعض السنين عدم كفاية ربحها بمؤنة اللائقة بحاله فالظ عد مثل هذا غنى وكذا الضيعة التي قد يتفق قصور ربحها عن المؤنة اللائقة لكن باع منها شيئا وانفقه
كان الباقي يحصل منه عادة لولا المعارض أيكفيه ولو جعل المدار على صدق الغنى عرفا كان أوجه ثم إن المستفاد من الأخبار المتقدمة وغيرها وكذا الفتاوى
المعروفة القدرة على التكسب الكافي له ولعياله يخرج من الفقر خلافا للمحكى عن الخلاف من أنه نسب إلى أصحابنا القول بجواز اخذ الزكاة له ويرده الأخبار المستفيضة
المعتضدة بالشهرة وحكاية الاجماع عن الناصريات والخلاف وغيرهما وربما يق باعتبار التكسب فعلا بتلك الحرفة والصنعة والظ ان المعتبر
القدرة على التكسب اللايق بحاله قوة وضعفا فلا عبرة بما فيه مشقة شديدة ولا يتحمله عادة لأدلة نفى العسر والحرج ومنها يعلم اعتبار كونه لايقا بحاله لان
ارتكاب غيره حرج جدا فهو كما في المهذب البارع أصعب من تكلفه ببيع خادمه وخدمة نفسه وبيع فرس الركوب والمشي ودل على ذلك بما تقدم في رواية
أبي بصير مع تعليل عدم بيع الدار بأنه عزه وبيع الخادم ابنه تقيه الحر والبرد وتصون وجهه ووجه عياله إلى غير ذلك مثل ما دل على كراهة اعلام المؤمن
المرتفع بكون المدفوع زكاة معللا بقوله لا تذل المؤمن فان منع المؤمن من الزكاة والجائر إلى مالا يليق به من المكاسب استد اذلا لا أو المعتبر من الصنعة و
الاحتراف ما يوثق عادة بحصول المؤنة منه مثل إجارة النفس العبارات لا يعد حرفة الا إذا اطمأن عادة بحصولها له عند الاحتياج ولو ترك المحترف الحرفة فاحتياج
في زمان لا يقدر عليها كما لو ترك العمل نهارا فاحتاج ليلا وكما لو ترك النباء في الصيف فاحتاج في الشتاء مع عدم حصول ذلك العمل له فيه اشكال
من صدق الفقير عليه وانه لا يقدر في الحال على ما يكتف به نفسه عن الزكاة فيعمه أدلة جواز الاخذ ومن صدق المحترف وذي المرة السوى عليه فيشمله أدلة المنع
وهو الأقوى لعدم معلومية صدق الفقير عليه والا لصدق على المحبوس الغنى ولم يجعل ابن السبيل سيما للفقير في الكتاب والسنة نعم لا باس بالصرف
498

إليه من سهم سبيل الله لكن الانصاف انه لو لم ينعقد الاجماع على الخلاف قوى القول بجواز الدفع إلى كل محتاج في أن حاجة وإن كان عرض له في زمان
يسير ولو بشؤ اختياره كما هو مقتضى بل ربما اختار بعض مشايخنا المعاصرين اعتبار التكسب الفعلي في تحقق
الغنى فيعطى القادر على الحرفة والصنعة إذا لم يشتغل
بها فعلا باختياره وإن كان حين الاعطاء قادر لكنه خلاف ظاهر النصوص والفتاوى وإن كان ظاهر بعض العبارات ربما يوهم اعتبار الفعلية وقد
استفاضت النصوص انه لا يحل الصدقة للغنى ولذي مرة سوى وإن كان في بعض الأخبار ان ذيله ليس قول رسول الله صلى الله عليه وآله لكن الظ كما فهمه غير واحد ان المراد
عدم الحاجة له لدخوله في الغنى مع أنه لا دلالة في ذلك على شئ وعلى أي تقدير فلا اشكال في حرمة الاخذ حال القدرة على التكسب الا إذا ترك التكسب
للاشتغال بأمر واجب ولو كفاية كتحصيل علم ويحتمل تعين الواجب الكفائي على من لا يحتاج إلى الكسب لان المحتاج إليه مشغول الذمة بواجب عيني ولو كان
طلب العلم مما يستحب في حق الطالب فالظ انه لا يسوغ ترك التكسب كما في سائر المستحبات لصدق الغنى والمحترف والقادر على ما يكف به نفسه عن الزكاة
والاذن في طلب العلم بل الامر الاستحبابي به لا يوجب الاذن في ترك التكسب بل طلب لتركه المستلزم لجواز اخذ الزكاة كما عن بعض مشايخنا المعاصرين لا وجه له
إذ بعد عمومات تحريم الزكاة على القادر على التكسب يصير واجبا لأجل حفظ نفسه وعياله فلا يزاحمه استحباب ذلك لان المستحب لا يزاحم الواجب اجماعا ودعوى
ان تسليم حرمة الاخذ المستلزم لوجوب التكسب مبنى على تقدم أدلتها على أدلة استحباب ذلك المستحب لم لا يجوز العكس مدفوعة اجمالا بان المقرر في محله
ان استحباب المستحب لعموم دليله لا يزاحم عموم وجوب الواجبات لان وجوب الشئ يدل على وجوب مقدمته ولو كانت المقدمة في نفسها متصفه بالاذن
في الترك في وجوب الشئ مقدمة لا يرتفع بسبب إباحة الذاتية أو استحبابه الذاتي والا لم يجب شئ من باب المقدمة أصلا لأنه في ذاته ان اتصف بحرمة
لم يتصف بالوجوب بناء على تقدم الحرمة على الوجوب ولو لم تقدمها فهى كالاحكام الثلاثة الباقية يعارض بدليلها دليل وجوب ذي المقدمة فلا يبقى مورد
لوجوب المقدمة الا المقدمة الواجبة في ذاتها ولا يخفى ما فيه وتمام الكلام في محله ولو لم يعلم صنعة فالظ عدم وجوب الحكم ويصدق عليه انه لا يقدر على ما يكف به
بنفسه لان المتبادر القدرة القريبة مع أنه قلما يخلو فقير من القوة البعيدة للتكسب ولو قصر الكسب عن مؤنة السنة فلا شبهة في جواز اخذ التتمة دفعة
ودفعات ولا في عدم جواز اخذ الزائد بعد اخذ التتمة وانما الكلام في جواز الزائد عن التتمة قولان عن عمومات جواز اخذ الزكاة سيما المغنى منها
بقوله حتى تغنية بناء على حمله على الغنى العرفي وهو تملك ما فوق مؤنة السنة اذلا يصدق الغنى في العرف على من ملك مؤنة السنة ولا يقدر على أزيد منها
ومن أن الزكاة انما وضعت قوتا للفقراء وظاهرها ان لهم منها قوت سنة حيث إنها من سنة إلى سنة ويدل عليه قوله (ع) في صحيحة معوية بن وهب المتقدمة ويأخذ
البقية من الزكاة وقوله في رواية العلل المتقدمة انه يأخذ وعنده قوت شهر ما يكفيه لسنة وما ورد من المر بالاعطاء حتى الغنى لا يدل على المظ اذلا
يبعد ان يراد واغنائه بالدفع الواحد حتى لا يقع المؤمن في ذل طلب الزكاة ثانيا أو قبولها في هذه السنة والا جاز اعطاء جميع الزكوات لفقير واحد و
فساده ظاهر لكن الانصاف انه لو قلنا في المسألة بجواز اعطاء غير المكتسب زائدا على مؤنة سنة كما هو المش‍ بل حكى عليه الاجماع من غير واحد مستدلين
باخبار الأغنياء لم يكن فرق بينه وبين المكتسب القاصر كسبه الا ان يفرق بينهما بان اغناء غير المكتسب باعطائه مؤنة سنتين أو ثلث سنين لا ينافي كون الزكاة
موضوعة لقوت الفقراء اذلا فرق في نظر الشارع بين اعطائه مؤنة السنة الثانية في السنة الأولى أو في نفس السنة الثانية بل مقتضى كونها موضوعة قوتا
ومعونة لهم عدم الفرق فإذا دخل الشخص في موضوع الفقير لا فرق بين اعطائه في كل سنة مؤنة تلك السنة وبين اعطائه في سنة مؤنتها ومؤنة ما
بعدها من السنين بخلاف المكتسب فان فتح باب اعطائه الزائد يوجب جواز ان يأخذ ما يغنيه عن كسبه ودعوى كون ما يدفع إليه في مقابلة تتمة سنوات
متعددة له دفعها انها مجرد اعتبار لا يوجب تأثيرا في امتناع الشخص عن مال الفقراء بمقدار ما فيه من الغنى فان مقتضى وضع الزكاة قوتا للفقراء عدم
جواز تصرف الغنى فيه بمقدار ما فيه من الغنى ولازم ذلك عدم جواز أحد من فيه مقدار من الغنى الا مقدار الحاجة ولا يكون الا بان يأخذ أكثر من تتمة
سنة اذلو اخذ تتمة سنتين فلا يجبر على التكسب في بقية السنة الثانية لئلا يرجع إلى اخذ الزكاة لها لكن الظ ان المجوزين لا يلتزمون بهذا فانحصر منعه عن
التصرف في قوت الفقراء بأزيد من مقدار فقرة في منعه عن أزيد من تتمة سنة واحدة حتى تشتغل في كل سنة لبعضها ويؤخذ الزكاة للباقي ويمكن ان يكون
نظر الشهيد في البيان إلى هذا حيث حمل اخبار الاغناء على غير المكتسب واعترضه في المدارك وغيره بان الحمل فرع الشاهد وقد عرفت ان الشاهد ما دل
على وضع الزكاة لقوت المحتاجين ثم مقتضى ما ذكرنا اختصاص الحكم بوجوب الاقتصار على التتمة الذي الكسب القاصر والصنعة والبضاعة القاصرتين
واما من كان عنده فعلا ما يكفيه لبعض سنته فالظ جواز اخذه الزائد عن التتمة وقد صرح في المدارك والكفاية بان ظاهر جماعة اختصاص النزاع
في جواز الزيادة على التتمة بذى الكسب القاصر ثم حكينا عن المنتهى كلا ما يشعر بعموم الخلاف مسألة لو ادعى الفقر فالمعروف قبول قوله لا صالة
عدم المال في بعض الفروض ولأصالة الصحة في دعوى المسلم بل أصالة العدالة فيه ولان مطالبة بالبنية أو اليمين اذلال للمؤمن منهى عنه ولأنه ادعى
استحقاق شئ لا ينكره عليه غيره فيشبه مسألة الكيس المحكوم بأنه لمن ادعاه ولعموم ما دل على وجوب تصديق المؤمن مثل الخبرين الواردين في قوله تعالى ويؤمن
بالله ويؤمن للمؤمنين وما ورد ان المؤمن وحده حجة ولتعذر إقامة البنية عليه فيشتمله ما يستفاد منه سماع دعوى يتعذر إقامة البنية عليها كما يرشد إليه قوله (ع)
في المرأة المدعية لكونها بلا زوج أرأيت لو كلفتها البنية تجد بين لا بيتها من يشهد ان ليس له زوج وللزوم الحرج لو كلف الفقير الاثبات والاستمرار
499

السيرة على ذلك ولما يستفاد ما ورد فيمن اهدى جارية للبيت حيث ورداه يباع ويؤخذ ثمنه وينادى على الحجر الأهل منقطع ومن نفذت نفقته أو قطع عليه
فليات فلان وأمره ان يعطى أو لا فأولا حتى يفد ثمن الجارية فان الظ هنا من حيث ورودها مقام الحاجة هو الاكتفاء بدعوى الاحتياج ولرواية فيمن اتى
الحسنين (ع) فسئلهما فقالا له لا تحل الصدقة الا في دين موجع أو عزم مقطع أو فقر مدفع فهل فيك أحدها قال نعم فاعطياه ونحوها المروى في الصحيح
عن عماد بن خداعة قال جاء رجل إلى أبى عبد الله (ع) فقال له يا أبا عبد الله (ع) قرض إلى ميسرة فقال أبو عبد الله (ع) إلى غلة تدرك قال لا والله قال إلى تجارة تئوب
قال لا والله قال عقدة بناع قال لا والله فقال أبو عبد الله (ع) فأنت فيمن جعل الله له في أموالنا حقا فدعى بكيس فيه دراهم وفي أكثر هذه الوجوه نظر المنع
كون أصالة الصحة موجبة لا ثبات الموضوع الذي تعلق به تكليف الغير أعني المخاطب الغنى المنهى عن صرف حصته الفقراء المشاركين له في المال إلى غيرهم و
أصالة العدالة ممنوعة ومغايرة المسألة مع مسألة الكيس واضحة وتعذر إقامة البنية بل تعسرها ممنوعة ولذا يكلف مدعى الاعسار بالاثبات إذا علم
له أصل مال وأدلة الهدى وارده في بيان المصرف مع أن في بعضها فإذا اتوك يعنى الزوار المنقطعين فاسئل عنهم واعطهم وهو صريح في عدم جواز الاعطاء
بدون الفحص واما الروايتان فهما قضيتان لا عموم لهما لاحتمال حصول العلم أو الظن المعصوم من قال الشخص فالعمدة هو لزوم الحرج وما ورد في تصديق المؤمن
حيث أمر الإمام (ع) بتصديق المؤمن مستشهدا لذلك بقوله تعالى يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين وربما بنفي وجوب النبية واليمين بوجه جعله في الحدائق أمتن الوجوه
وانظرها وأوجهها وأحسنها وهو ان مورد أدلتها هي الدعاوي لأنه المنساق من قوله النبية على المدعى واليمين على من أنكر وفيه أولا ان الاستدلال ليس بتلك
الأدلة الواردة في بيان ما يطالب به كل من المتخاصمين وفيما يتسلط به المدعى على المنكر وما به يرفع المنكر تسلط المدعى عليه والمقصد فيما نحن فيه ان ثبوت فقر الشخص
على وجه يجوز للمكلف دفع الزكاة إليه موقوف على قيام البنية وان لم يقع فيه دعوى وان دعواه بنفسه لا يجدى في اثبات الموضوع كما تجدى البنية فالكلام في طريق
اثبات هذا الموضوع وانه هل يثبت بقول الفقير كما يثبت بالبنية أم لا فاختصاص أدلة البنية بمورد الخصومة لا يضر بما نحن فيه ولذا لو كان الشخص صغيرا أو غير
مدع للفقر لم يدفع إليه الا بالبنية الا ان نقول بمجرد كفاية المظنة كما هو الأقوى لتعذر قيام البنية غالبا فيؤدى اعتباره إلى حرمان كثير من الفقراء والا
فمقتضى القاعدة وجوب الاقتصار على البنية واما تصديقه باليمين كما حكى عن الشيخ ممن له أصل فلم يظهر وجهه لان المعروف من موارد اليمين هو ما يتوقف
قطع الخصومة عليه ولذلك لا يمين في حد مع أنك قد عرفت ان الكلام في المقام هو في حجية قول الفقير وانه بنفسه من الطرق الظاهرية للموضوع أم لا لا في سماع
دعوه الان الدعوى ليس مما يلتزم بها المنكر على فرض اقراره بها حتى يسمع ويطالب المدعى بما يثبت به دعوه من البنية أو اليمين بل تسميته دعوى ليست
في مقابل المكلف بالزكاة الشاك في فقره بل هو أشبه شئ بدعوى الامام العدالة أو الفقيه الاجتهاد والشاهد على شئ غير متنازع فيه كالنجاسة و
القبلة والوقت ونحوها العدالة فإنه لا معنى لليمين في جميع ذلك نعم يمكن ان يق ان المراد من اعتبار اليمين هو انه وان لم يكن لنا دليل على وجوب تصديق
المخبر مط الا انه يصدق الحالف مط لعموم ما دل على أنه من حلف لكم بالله فصدقوه ومن حلف له بالله فلم يرض به فليس من الله في شئ إلى غير ذلك من الأدلة
على وجوب تصديق الحالف حتى أنه لا يعتبر البنية بعده فح يكون الحلف طريقا إلى ثبوت الموضوع وان لم يكن اخبار المخبر بنفسه دليلا لا ان اليمين يتوجه
لاثبات الدعوى لكن هذه الايتم والا لثبت كثير مما يتأمل في ثبوته بقول مخبر مدع أو غير مدع بمجرد حلفه فيكون قد ثبت حجية قول الحالف وان لم يثبت
حجية قول المخبر وهي تفتح بابا عظيما كأنه معروف الانسداد عند الفقهاء فالظ ان المراد بالحلف في هذه الروايات ولو بملاحظة ظاهر الاستحقاق
في قوله لكم هو الحلف الذي تستحقونه عليه فيختص بمقام المخاصمة ثم إنه لو كان مدعى الفقر عادلا فالظ قبول قوله عند إفادة الظن لان حجية في مثل
المقام مما لا ريب فيه وان لم يفد الظن ففيه اشكال ولا يبعد ان يكون الاحتياط ح في توكيل العادل في صرف الزكاة إلى مستحقها وإن كان هو بنفسه
مستحقا في علمه ثم انظ انه لا يجب دفع المال إلى الفقير مقرونا بما يوجب اخباره بأنه زكاة بل يكفي قصد ذلك عند الدفع اجماعا على الظ كما يظهر من
محكى التذكرة والحدائق ولرواية أبي بصير الحسنة قيل أو كالصحيحة الرجل من أصحابنا يستحيى ان يأخذ من الزكاة فاعطيه من الزكاة ولا اسمى
له انها من الزكاة قال اعطه ولا تسم له ولا تذل المؤمن ويستفاد منها حيث إن موردها من يستحيى من اخذ الزكاة وانه لا يأخذ إذا علم أنه زكاة
جواز الدفع وإن كان مقرونا بما يخيل الفقير انها ليست زكاة ولو نصب الدافع قرائن على انها ليست زكاة بحيث يكون اعتقاد المستحيي من اخذ الزكاة
مستندا إلى ما نصبه الدافع من القول والفعل فالمعروف الحاقه بالصورة الأولى بل عن التذكرة الاجماع عليه والانصاف ان الرواية لا تدل
على الجواز لأنها انما دلت على الرخصة في عدم الاعلام لا في الاعلام بكونها من غير الزكاة لكن العمومات التي يستفاد منها حصول تصريف الزكاة إلى الفقراء
كافية في المقام مضافا إلى اطلاق قوله في موثقة سماعة فإذا هي وصلت إلى الفقير فهى بمنزلة ماله يصنع بها ما شاء ويؤيد ذلك الاذن في اعطاء
الأيتام والشراء لهم بقيمتها ما يحتاجون من غير توقف على قبض أوليائهم بعنوان انها زكاة ودعوى جعل الشارع للمكلف المزكى ولاية في ذلك تكلف
واضح ويؤيده (ايض‍) ما ورد من اقباضه بها من دين الحي والميت وقضاء دين الميت من الزكاة هذا مضافا إلى ما ورد من أن الزكاة بمنزلة الدين وانما فرق
بينهما بوجوب نية التعيين والتقرب من طرف الدافع واما من طرف القابض فلا نعم في حسنة ابن مسلم بابن هاشم قال قلت لأبي جعفر (ع) الرجل يكون
محتاجا فبعث إليه بالصدقة فلا يقبلها على وجه الصدقة يأخذ من ذلك زمام واستحياء وانقباض أفتعطيها إياه على غير ذلك الوجه وهي منا
500

صدقة قال إذا كان الزكاة فله ان يقبلها فإن لم يقبلها على وجه الزكاة فلا تعطها إياه ولا ينبغي له ان يستحيى مما فرض الله عز وجل انما هي فريضة الله
فلا تستحي منها لكن الانصاف ان قوله لا تعطها إياه ليس صريحا في عدم احتسابه من الزكاة لو أعطها وانما يدل على عدم جواز الاعطاء أو كراهته
ليتنزل عن استحياء اخذ الزكاة والمترفع عنها الواقع إلى الاستنكاف عما رضي الله له وعدم الرضا بما قسم الله فلا ينافي مورد الرواية السابقة وهو
الاستحياء عن الاخذ مع تصريح الدافع قولا بأنها زكاة وان لم يترفع من اخذ الزكاة الواقعية إذا علم بها وبالجملة فمورد الرواية الثانية من ترد
الزكاة إذا علم أنها زكاة ومورد الأولى وبقرينة السؤال عن جواز ترك التصريح له بأنها زكاة هو الاستحياء عن
اخذها عند تصريح الدافع فيمكن
حمل الثانية على الكراهة ورجحان العدول إلى غيره فح لا تعارض العمومات ولا ينافي ما صرح به غير واحد وادعى عليه في محكى التذكرة انه لا يعرف
فيه خلافا من استحباب أيضا لها بصورة الصلة إلى المستحي من طلبها بل من اخذها بصورة الزكاة لكون ذلك مذلة عند الناس وان لم يترفع نفسه
عنها ولم يمتنع عنها بمجرد الاطلاع عليها ويؤيده ما ورد من دفع صدقات الانعام إلى المتجملين من الفقراء معللا بأنهم يستحيون من اخذ صدقات الأموال ولقد أحسن المحقق
في المعتبر التعبير عن مورد هذه المسألة فق من يستحيى من طلبها يتوصل إلى مواصلته روى ذلك أبو بصير انتهى ثم إن حاصل صور المسألة خمس أحدها ان يدفعه الدافع
على وجه الزكاة على وجه التصريح والاعلام ويأخذ القابض كلا ولا اشكال فيه الثانية ان يدفعه الدافع على قصد الزكاة من غير اعلام له بأنها زكاة ويأخذه
القابض؟ بأنها زكاة ولا اشكال فيها (ايض‍) الثالثة ان يدفعها على قصد الزكاة بعنوان الصلة والهدية يأخذه القابض على وجه الزكاة ولا اشكال فيها
ولا في استحبابها من جهة استحياء الفقير المتجمل من أن يطلع عليه أحد لكونه يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف الرابعة الصورة بحالها ولكن يأخذه القابض بالعنوان
الذي دفع إليه فإن كان ممن لا يمتنع عنها إذا اطلع على كونها زكاة فمقتضى العمومات الجواز بناء على أن قبض الزكاة ليس كالقبول الفعلي للعقود يعتبر فيه المطابقة للايجاب
الحاصل بالدفع بل المقص‍ قبول تملكه على أي نحو كان يستحق للمعطى امتثال أوامر الايصال والدفع والصرف وان امتنع إذا اطلع على كونها زكاة فهذا هو الذي دلت
الحسنة على النهى عن اعطائها فان حملها النهى على كراهية الدفع إليه أو على خروجه عن الاستحقاق لأجل الاستنكاف عارض الله له كما ورد ان تارك الزكاة وقد وجبت
له كمانعها وقد وجبت عليه فيخرج عن العدالة أو على كون النهى تعبد الحكمة حرمان ذلك الشخص لعله تنزل عن الاستنكاف ويرضى بما قسم الله له أو للعقوبة على الصفة
المذكورة فوجه الجمع بين الحسنة وبين العمومات على هذه الوجوه ولو خليناها على ما يظهر منها سيما قوله فإن لم يقبلها على وجه الزكاة انه يعتبر في قبض الزكاة
قبولها على أنه زكاة أشكل الامر في هذا القسم من الصورة الرابعة بل القسم الأول منها لأن المفروض اشتراك القسمين في وقوع القبول على غير وجه الصدقة
وان أمكن الفرق بينهما بان القابض في القسم الأول حيث إنه لا يأبى عن اخذ الصدقة انما يقصد قبض المدفوع إليه على وجه مطلق التمليك وان صرح الدافع بكونها هدية
لكن الغالب وجود احتمال الصدقة بل اماراتها (ايض‍) فهو يقصد التملك المطلق وهذا لا يقدح في اعتبار مطابقة القبول لو فرض القول به في الزكاة بخلاف القابض
في القسم الثاني فإنه يقصد التملك الخاص المقابل للتملك على وجه الزكاة الخامسة ان يدسها في مال الفقير من غير اطلاع الفقير ومقتضى بعض ما يستفاد منه ان المقصود
الوصول إلى المستحق وما دل على انها بمنزلة الدين هو الجواز الا انه يشكل من جهة عدم تملك الفقير له من غير اختيار فلم يلتفت فهو مال المالك وان أتلفه أجنبي فطيه له
الضمان ويبقى في عهدة الزكاة وان أتلفه الفقير فيشترط مقارنة النية له لتملك الفقير أو وكيله فان تحقق فهو والا كان كمسلط الغير على اتلاف ماله بالغرور
لا يستحق عليه عوضا مسألة لو دفع زكاته إلى شخص فبان انه غنى فالكلام تارة يقع في حكم الاخذ وتارة في حكم الدافع إما الاخذ فإن كان عالما بكونها فهو محرم
عليه ضامن له يرده مع بقائه وقيمته مع تلفه لان التملك انما وقع على المال بعنوان كونها زكاة وعلى الاخذ بعنوان انه فقير والمفروض ظهور فساد هذا التمليك
المقيد فيشبه العقد الفاسد الذي لا يبقى الاذن المتحقق في ضمنه وكذا الكلام في كل إباحة أو تمليك تعلق بمال أو شخص مقيدا صريحا أو بالحيثية التقييد به انتفى عن
موضوعه ولو بحكم الشرع وكيف كان فلا اشكال في أصل المسألة حتى فيما إذا كان جاهلا بحكم وكان الدافع عالما وان الغرور لا يتحقق بالجهل الحكمي لأنه تقصير من الجاهل
ومورده في الجهل الموضوع لتلبيس الغار عليه وإن كان جاهلا بكونها زكاة فإن كانت العين باقية وجب ردها ورد ما يتبعها ولا فرق بين كون الدافع ممن يجوز له الرجوع
في هبته وعدمه لان الهبة عنوان اخر والكلام هنا في أن الاخذ لا يملك المدفوع ولو مع الجهل الا انه هل يجوز الرجوع بعد تملكه أم لا كيف ولو سلم التملك فلا ريب في
عدم جواز الرجوع لتحقق قصد القربة والثواب في الهبة فلا يجوز الرجوع فيه مط من غير تفصيل فيه بين افراد الواهب نعم صرح في المعتبر كما عن المنتهى بعدم الارتجاع
مستدلا في الأول بان الظ انه صدقة وفي محكى الثاني بان الدفع محتمل للوجوب والتطوع وفيهما نظر لان الكلام في حكم المال المدفوع بعد فرض تحقق كون دفعه
على وجه الصدقة الواجبة التي لا يستحقها القابض ولا ريب ان دفع المالك إلى الشخص على وجه واحد في صورتي علم القابض وجهله فإذا حكم بالارتجاع مع العلم فلا وجه
لنفيه مع الجهل نعم لو ادعى القابض الجاهل انها كانت صدقة أو هبة لازمة وادعى الدافع كونها زكاة وان دفعها فاسد فهى مسألة أخرى غير مسألة المال المدفوع
إلى غير المستحق المجامعة العلم القابض واعترافه بما يدعيه الدافع نعم ربما يق في تلك المسألة بتقديم قول القابض لأنه يدعى الصحة والدافع يدعى الفساد مع امكان ان
يق بتقديم قول الدافع لأنه أبصر بنية بل هو المتعين إذا لم يكن القابض منكر ألما يدعيه الدافع بل كان شاكيا يتبع تكليفه في وجوب تصديق الدافع وعدمه فان الظ
انه مكلف بتصديق الدافع المقام الثاني حكم الدافع من حيث الضمان والعدم إذا تعذر ارتجاع المدفوع فنقول إن كان الدافع هو الإمام (ع) أو نايبه الخاص أو العام
أو وكيلهم فالظ عدم الضمان لأصالة البراءة وكونهم مأذونين من المالك الحقيقي ومن طرف الفقراء في هذا الدفع الخاص ولا يترتب على التلف الحاصل من دون
501

تفريط منهم ضمان مع أن الضمان لو كان ففي بيت مال المسلمين فيكون الغرامة (ايض‍) في مال الفقراء فتأمل وحكم الغرم كالمغروم اذون في دفعه إلى من يحتمل ان يظهر
عدم استحقاقه والأجود الاعتماد على الاجماع كما يظهر من العلامة هذا كله بالنسبة إلى الدافع إما المالك فلا اشكال في براءة ذمته من الزكاة لايصالها إلى يد وكيلهم
فبرئت ذمته ولو كان الدافع هو المالك ففي اجزائه أقوال ثالثها التفصيل بين ما إذا اجتهد فأعطى وبين ما إذا اعطى اعتمادا على مجرد دعوى الفقر وأصالة عدم
المال والأقوى هو عدم الأجزاء وفاقا للمحكى عن المفيد والحلبي لأصالة اشتغال الذمة وعموم ما دل على انها كالدين مضافا إلى مقتضى قاعدة الشركة في العين على أن
الموضوع من الزكاة في غير موضعه بمنزلة العدم وما دل على وجوب إعادة المخالف زكاته معللا بأنه لم يضعها في موضعها مضافا إلى خصوص مرسلة الحسين بن عثمان
عمن ذكره عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يعطى زكاة ماله رجلا يرى أنه معسر فوجده موسرا قال لا تجزى عنه لكن في حسنة حريز بابن هاشم المحكية عن الكافي عن أبي
عبد الله (ع) في حديث قال قلت له رجل أدي زكاته إلى غير أهلها زمانا هل عليه ان يؤديها ثانيا إلى أهلها إذا علمهم قال نعم قال قلت فإن لم يعرف لها أهلا فلم يؤد مما
أولم يعلم أنها عليه فعلم بعد ذلك قال يؤديها إلى أهلها لما مضى قال قلت فإن لم يعلم أهلها فدفعها إلى من ليس هو لها باهل وقد كان طلب واجتهد ثم علم بعد
ذلك سوء ما صنع قال إذا اجتهد فقد برئ وان قصر في الاجتهاد في الطلب فلا لكن يمكن ان يق ان الرواية كما فهمه في المدارك انما تدل على حكم من دفع إلى غير الا هل
لعدم التمكن من الأهل بعد الطلب والاجتهاد فلا يدل على المط في شئ وعلى تقدير دلالته على الدفع إلى غير الأهل جاهلا فنقول النسبة بينها وبين المرسلة
المتقدمة عموم من وجه بناء على كون السؤال عن صورة اشتباه مصاديق أهل الزكاة ففي مادة اجتماعهما وهو الاشتباه في الأهلية من حيث الفقر مع الاجتهاد
يرجع إلى الأصل والعمومات المتقدمة مضافا إلى ظاهر ان الرواية الاشتباه فيما عدا الفقر ويحتمل ان يكون مورد السؤال الجهل بالحكم وهو ان أهل الزكاة لابد من كونها
فقيرا بل عادلا الا انه اشتبه عليه المصدق الخارجي لمستحق الزكاة المعلوم عنده من حيث المفهوم كما هو محل كلام الأصحاب و ح فلا يبعد القول بالصحة في مورد الرواية
مع الاجتهاد والقصور لعدم المرشد إلى الحق فهو نظير ما إذا أدي اجتهاد المجتهد إلى عدم اعتبار العدالة فادى الزكاة لغير العدول ثم علم بعد ذلك خطأ اجتهاده فإنه
يمكن الحكم بالاجراء هنا دون ما إذا اجتهد في الموضوع ثم ظهر خطأ ره فيه لكن الحق عدم التفرقة بين انكشاف الخطأ في الشبهتين لكن ظاهر الرواية على تقدير حملها
على الشبهة الحكمية جهل السائل بالأهل من حيث اعتبار الايمان وعدمه لأنه هو الذي كان خافيا في ذلك الزمان على كثير حتى سئلوا عنه وأكثر من السؤال الا الفقر
فان اعتباره في مستحق الزكاة كالضروري بين الخاصة والعامة فحكم الإمام (ع) بعدم وجوب الإعادة في غير الفقر لا يدل على عدمه فيه فالمرسلة المتقدمة الواردة
في خصوص الفقير سليمة عن المعارض فلا مناص عن العمل بها ولا من العمل بالحسنة الظاهرة في غير الفقر وظهورها في الشبهة الحكمية غير مضر بعد الحكم باتحاد مناط
الإعادة في الشبهتين وهي مخالفة الواقع المعبر عنها في المستفيضة بوضعها في غير موضعها مضافا إلى كون الشبهة الموضوعة أولي بالمعذورية إذا جهل بالحكم
المذكور أعني اعتبار الايمان في مستحق الزكاة مع التمكن من الرجوع إلى الإمام (ع) أو إلى من سمع واخذ منه لا يخ عن تقصير وان اجتهد في الطلب وبهذه الحسنة يخصص
عموم ما دل من التعليل السابق في الأخبار الواردة في إعادة المخالف زكاته بصورة عدم اجتهاد المعطى في إزالة الشبهة كما هو صريح مورد رواياتهم فان المخالفين
انما يعطون الزكاة فقرائهم ومعلوم ان ذلك عن تقصير منهم واما بناء على ظهورها في الشبهة الموضوعية فقد عرفت ان الظ من الرواية اشتباه الموضوع من غير
جهة الفقر بل من جهة الايمان لأنه المناسب المطلب والاجتهاد ولا يبعد ان يكون جواز الدفع مشروطا بالاجتهاد وتحصيل المظنة في كون الشخص اماميا سيما
في أزمنة صدر هذه الأخبار نظرا إلى غلبة المخالفين فالرواية لا تدل على وجوب الإعادة مع الدفع بمقتضى الأصول السابقة إذا لم يكن العمل بها مسبوقا
بالاجتهاد والحاصل انه لا مناص من حمل الرواية على صورة يتوقف جواز الدفع فيها على الاجتهاد سواء حملتها على الشبهة الموضوعية أو على الشبهة الحكمية
فمحصل الكلام ان انكشاف الغنى يوجب الإعادة للأصل والمرسلة المتقدمة واما انكشاف غيره من الموانع كعدم الايمان وغيره مما يلحق به بالاجماع المركب كالهاشمية
وكونه واجب النفقة أو عبدا للحسنة المتقدمة المتممة في غير موردها بالاجماع أو الأولوية فهو لا يوجب الإعادة وفاقا للمحكى عن الشيخ والأكثر بل ظاهر المختلف
الاجماع عليه وان احتمل قويا إرادة اتفاق خصوص الخصم منه للحسنة المتقدمة المتممة في غير موردها بالاجماع المركب والأولوية ودلالتها على التفصيل
بين صورتي الاجتهاد وعدمه لا يقدح بناء على اختصاصها بالشبهة الحكمية الذي يعتبر في جواز الاقدام الاجتهاد والفحص عن الحكم فالاجتهاد فيها بمنزلة
الرجوع إلى الأصول في نفى الهاشمية والرقية ونحوهما من الموضوعات المشتبهة ثم إن المحكي عن جماعة انه يستثنى من صورة انكشاف كون الفقير عبدا ما لو انكشف
كونه عبدا للمعطى قال في البيان ولو ظهر ان المدفوع إليه عبد فكظهور الغنى الا ان يكون عبده فإنه لا يجزى لعدم الخروج عن ملكه انتهى وتنظر في هذا الاستثناء
المحقق والشهيد الثانيان وصاحب المدارك نظرا إلى اشتراك وجه الاخراج في الجميع وتوضيحه ان الامر انما يدل على الأجزاء فيما استفيد من الأدلة ابتناء
التكليف به على الظاهر كالصفات المعتبرة في المستحق واما أصل التكليف بعناوين الاخراج والصرف الظاهرة بل الصريحة بملاحظة الاشتراك في العين
في الاخراج إلى الغير والتمليك فالمراعى فيه هو الرافع لا غير إذ لم يرد له طريق ظاهري بل طريقه الاعتقاد الذي لا يغنى بنفسه عن الحق شيئا ولذا لو قال المولى أضف
عادلا فأضاف مظنون العدالة لو مقطوعها ثم تبين الخلاف أمكن القول بالاجزاء بخلاف ما لو ضربه أو خلعه أو فعل به غير ذلك باعتقاد انه المأمور به فان الحكم
بالاجزاء هنا لا يخ عن بشاعة جد أو الحاصل ان الشارع جعل المدار على الظ في أوصاف المستحق لا في أصل تمليكه هذا ولكن الانصاف ان ما ذكر لو تم لم يجز
الاعتماد في صورة الشك في كونه حرا أو عبدا له على أصالة الحرمة لأن الشك يرجع إلى دفع الزكاة إليه اخراج لها عن ملكه إلى ملك الغير أم لا فح لا يجوز الدفع لان الواجب
502

هو التمليك بالمشكوك في تحققه فيما نحن فيه فكما ان وصف حريته له طريق شرعي ظاهري وهو الأصل فكذا تحقق التمليك المترتب على الحرية بل الثابت في الحقيقة بأصالة
الحرية التي هي الطريق الشرعي هو اثار الحرية التي منها جواز الدفع إليه على وجه التمليك فلا مناص عن القول بالاجزاء إذا انكشف خلاف ذلك الطريق الظاهري
المقرر للموضوع والحكم فالتحقيق ان يق إما إذا بنينا الحكم بالاجزاء على قاعدة اقتضاء امتثال التكليف الظاهري الأجزاء لم يفرق الحال بين انكشاف الخطأ
في الصحة فقط أو فيها وفي التمليك الواقعي لكن الظ ان مبنى حكم الجماعة بالاجزاء هو ان الظ من تعلق التكليف بتمليك من اتصف بهذه الصفات هو تمليك
من هو على ظاهر هذه الصفات ولو بالطرق الشرعية والاخراج إليه فالمراعى فالتمليك والاخراج الواقع في والصفات الظاهر المستند إلى طريق شرعي فمن اعطى
على من هو ظاهر الصالة فقد امتثل التكليف الواقعي الأولى واما دفع شئ إلى الشخص باعتقاد انه اخراج فظهر عدم كونه اخراجا فليس من هذا الباب إذ لم يقل
الشارع افعل ما هو اخراج في ظاهر الشريعة فلو ثبت قاعدة اجزاء التكليف الاعمالي مط أو بشرط الاستناد إلى طريق شرعي من الواقع عند انكشاف الخطأ
ثبت الأجزاء هنا (ايض‍) ويدل على ما ذكرنا من بناهم استدلال العلامة في المختلف على الأجزاء بأنه كان
مأمورا بالدفع إلى من يظن فيه الوصف واستدلال المحقق
في المعتبر عليه بان الدفع واجب فيكفي في شرطه بالظ تعليقا للوجوب على اشتراط الممكن فان هذا الباب مخالف لباب اجزاء المكلف به الظاهري عن الواقعي
لان بناء على تعلق الطلب الواقعي بمظنون الصفة والتحقيق ان الأدلة لا تدل الا على وجوب الدفع إلى المستحق الواقعي وانما اكتفى بالظن في مرحلة الظ فوجوب
الدفع إلى مظنون الصفة حكم ظاهري كالصلاة بالطهارة المظنونة لا ان وجوب الدفع في الواقع تعلق على مظنون الصفة وقد تبين في محلة
ان الحكم الظاهري بعد انكشاف أخطائه لا يجدى عن امتثال التكليف الواقعي المتوجه إلى المخاطب بعد انكشاف الأخطاء مع أن المقام مقام براءة الذمة عن مال
الغير لا عن مجرد التكليف والاجزاء لا يوجب فراغ الذمة عن مال الغير اللهم الا ان يق كما أشرنا سابقا فان الحكم الوضعي هنا تابع للحكم التكليفي فإذا سقط
الوجوب برء الذمة من حق الفقراء فالعمدة أصالة عدم سقوط التكليف للاستصحاب وعمومات أصل ذلك التكليف الخامس من مصارف الزكاة
التسبب إلى فك الرقاب إما مط كما عن المفيد والحلى والعلامة وولده وغير واحد من متأخري المتأخرين لاخبار مطلقة مثل موثقة أيوب بن أديم الحر المحكية
عن العلل قال قلت لأبي عبد الله (ع) مملوك يعرف هذا الامر الذي نحن عليه اشتريه من الزكاة واعتقه قال اشتره واعتقه قلت فان هو مات وترك مالا
فق ميراثه لأهل الزكاة لأنه اشترى بسببهم وفي رواية أخرى اشترى من مالهم ونحوها ما دل على جواز اشتراء الأب من الزكاة واعتاقه ويمكن حملهما
على ما سيجئ من اعتبار كونها في شدة ولو باعتبار كون العبد مؤمنا في معرض البيع على المخالفين واما رقاب خاصة والمتفق عليه منها على الظ ثلثة أحدها
المكاتب العاجر عن أداء مال الكتابة لمرسلة أبى اسحق المعتضدة أو المنجبرة باستفاضة نقل الاجماع عن السرائر والمبسوط والغنية وغيرها عن مكاتب عجز من مكاتبته
وقد أدي بعضها قال يؤدى عنه عن مال الزكاة الصدقة قال الله تع في كتابه وفي الرقاب مقتضى الرواية ان الزكاة تصرف في أداء مال الكتابة من غير تفرقة بين
اعطائها بيدي العبد ليؤديها إلى سيده أو اعطائها إلى سيده وكيف كان فالظ من الرواية بل الآية ان المكاتب لا يملكه بعد القبض ملكا مط فلو لم يؤدها
في مال كتابته لتحقق البراءة بوجه من الوجوه فالظ انها ترتجع منه كما اختاره في المعتبر وفي معنا أدائها في مال الكتابة صرفها فيما يستعان به على الأداء لأنه صرف
في فك رقبة كما يرشد إليه الاستشهاد بالآية ولو أداها في مصرف فلا يبعد ارتجاعه ممن وصل إليه لأنه نقل إليه بغير حق والمحكى عن الشيخ التملك بمجرد
القبض فلا يرتجع ولعله لما يستفاد من بعض الأخبار من استحقاق المستحقين لها على وجه الاختصاص المط والتملك والظ اعتبار عجز المكاتب عن تحصيل
مال الكتابة فلا يكفي مجرد عدم وجوده عنده فعلا خلافا لصريح العلامة في محكى النهاية وظاهر مثل الشرايع ولعله للعموم وفيه نظر الثاني العبيد تحت
الشدة فيشترون من الزكاة ويعتقون بالاجماع المحكي حد الاستفاضة ورواية أبي بصير عن الرجل يجتمع عنده من الزكاة الخمسمائة والستمائة يشترى
منها النسمة ويعتقها قال إذا يظلم قوما أخرى حقوقهم ثم مكث مليا ثم قال الا ان يكون عبدا مسلما في ضرورة فيشتريه ويعتقه والظ مرادفة الضرورة
للشدة ومصداقها موكول إلى العرف وحكى عن بعض ان أقلها ان يمنع من الصلاة أول وقتها ولا يخفى ما في اطلاق هذا الكلام ولعله أريد به الدوام على
ذلك ونية الزكاة مقارنة لدفع الثمن أو للعتق كما في الروضة وفي المسالك وحواشي النافع عند العتق ولا يبعد ان يتعين عند الشراء لأنه وقت صرف
الزكاة ولظاهر قوله في التعليل الآتي انه اشترى بما لهم ولو مات قبل العتق فلا ضمان الزكاة لو مات بعد العتق فميراثه عند عدم ما عدا الإمام (ع) له للعمومات
ويحتمل للفقراء لعموم التعليل الآتي في رواية عبيد بن زرارة ولموثقة أيوب المتقدمة بعد تقييدها برواية أبي بصير المذكورة قال في المعتبر لو مات
العبد المبتاع من الزكاة كان ميراثه لأرباب الزكاة وعليه علمائنا ثم احتج برواية عبيد بن زرارة والظ استناده إلى التعليل المذكور فيها كما صرح به في
الارشاد قال في المسالك واما التفصيل بأنه ان اشترى من سهم الرقاب فميراثه للإمام (ع) وان اشترى من سهم الفقراء فلا رباب الزكاة فلا أصل له في المذهب
الثالث شراء العبيد وان لم يكن في شدة لشرط عدم المستحق نسبه في المعتبر إلى فقهاء أصحابنا وعن المنتهى نسبه إلى أصحابنا ويدل عليه مضافا إلى عموم
الآية موثقة عبيد بن زرارة قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن رجل اخرج زكاة ماله ألف درهم فلم يجد موضعا يدفع ذلك إليه فنظر إلى مملوك يباع بثمن
فيمن يزيد فاشتراه بتلك الألف درهم التي أخرجها من زكاته فاعتقه هل يجوز ذلك قال نعم لا باس بذلك قلت فإنه لما أعتق وصار حرا أتجر واحترف فأصاب لا ما
ثم مات وليس له وارث فمن يرثه الفقراء المؤمنون الذين يؤتون الزكاة لأنه انما اشترى بما لهم وما تضمنه ذيل الرواية من ارث الفقراء له لا يتقيدوا إذا
503

نوى اشترائه عن الفقراء ونوى اعتاقه عنهم انه لو اشترى من سهم سبيل الله مثلا ينتفى ذلك إذا الظ ان التعليل المذكور حكمة للحكم مبنيته على ما هو المستفاد
من الروايات الكثيرة من أصل الزكاة موضوعة لقوت الفقراء كما عرفت من رواية أبي بصير ثم إن المحكي عن الأكثر كون الميراث لأهل الزكاة لا لخصوص الفقراء نعم
صرح المفيد فيما حكى عنه بكونه للفقراء كما هو ظاهر الرواية ويمكن حملها بقرينة التعليل بالاشتراء بمالهم على كون الميراث زكاة موضوعة لقوت الفقراء كأصل
ثمن العبد والشاهد الصريح على الحمل موثقة أديم المتقدمة واعلم أنه لا اشكال في كون العتق في القسمين الأولين من سهم الرقاب واما الثالث فالظ انه
كك كما يستفاد على الأولين والظ انه لكونهم في بيان مقام المصرف الخاص الجامع لسائر المصارف لتحصيل القسط الراجح أو الواجب والمفروض تقييد
العتق في الصورة بصورة عدم المستحق الرابع ما اختلف فيه وهو صرفها في عتق الواجب من باب الكفارة على من يعجز عنه وقد أرسله علي بن إبراهيم في تفسيره
عن العالم وتردد فيه بعض من حيث إنه ان العاجز عن العتق يرجع إلى بدله سوءا كان في الكفارة المخيرة أو المرتبة مسألة لا خلاف ولا اشكال في
جواز صرف الزكاة إلى الغارم في الجملة وانما الكلام في مواضع الأول انه لا اشكال في اشتراط عجز الغارم عن أداء دينه فلو كان متمكنا منه حيا أو ميتا لم يقض
عنه والدليل على اشتراط ذلك مضافا إلى الاجماع المحكي عن جماعة الاخبار الآتية بعضها في مسألة اشتراط الفقر فيمن يعطى في سبيل الله ثم المصرح به
في كلام جماعة اعتبار العجز عن أداء الدين وفي المحكي عن آخرين اعتبار الفقر فيحتمل ان يراد بالفقر مجرد الحاجة إلى الأداء وان لم يكن فقيرا من حيث المؤنة
فالنسبة بين الغارمين والفقراء عموم من وجه نعم ينافيه ظاهر المحكي عن الشيخ ان من وجبت عليه العتق في كفارة يعطى لفقره فعتق فان ظاهره ان مجرد
اشتغال الذمة بما لا يقدر عليه فقر موجب الدخول تحت أولي الأصناف الثانية الا ان يحمل كلامه على إرادة الحاجة إلى العتق كما احتمله في شرح الروضة
المراد بالفقر ما يشمل الحاجة لقضاء الدين حتى يكون كل غارم غير متمكن من الأداء فقيرا أو مسكينا ولذا يعطى من الخمس لو كان هاشميا ويكون مقابلة
الغارمين للفقراء باعتبار خصوصية جهة التصرف وانه قد يكون الغارم ميتا وقد يقضى عنه بغير اذنه فلا اشكال هنا الا ان ظاهرهم من الفقر
هو العجز عن مؤنة السنة وان القادر على ما يكفيه غير فقير وكذا ذكر بعضهم كالشهيد الثاني والميسي في تعليقه على الارشاد والمحقق في
المعتبر وصاحب المدارك ان الغارم في المعصية يعطى من سهم الفقراء إذا كان بصفة الفقر إذ على تقدير كون الغارم أخص مط لا معنى لاشتراط كونه فقيرا
ونحوهم المحقق الثاني في مسألة اعطاء العاجز عن الكفارة الواجب عليه حيث قيده بما إذا كان فقيرا مع أن الغارم إذا كان فقيرا لا بمعنى اجتماعهما مصداقا
بل بمعنى ان الغرم سبب للغرم الحقيقي الذي هو أحد مصارف الزكاة نظير عدم قوت السنة فلا معنى لمنع الغارم في المعصية في الروايات مع كونه مستحقا
لأجل فقره ودعوى ان المراد من الروايات منعه من حيث الغرم لا من حيث الفقر مع فرض عدم انفكاك الحيثية الثانية عن الأولى فاسدة ويؤيد ذلك انهم صرحوا
في تعريف الفقر بأنه من لا يملك مؤنة السنة له ولعياله ولا يخفى عدم دخول الدين في مؤنة السنة كما يشعر به عطف مؤنة العيال على مؤنة نفسه كما صرح به في رواية
أبي بصير المتقدمة ومن تتبع كلمات الأصحاب في تعريف الفقير والغنى في زكاة المال والفطرة يظهر له ان واجد قوت السنة ليس فقيرا وإن كان غارما و
يجب عليه الفطرة (ايض‍) اغناء الفقير دفعة من سهم الفقراء وان الغارم لا يعطى أزيد من الحاجة فلو كان فقيرا حقيقيا بمجرد الغرم لزم جواز اعطائه
زائدا عن الحاجة من سهم الفقراء و (ايض‍) فقد ذكروا انه لا يجوز اعطاء واجب النفقة من سهم الفقراء معللين له بعدم الفقر بعد وجوب نفقته على الرجل
وانه يجوز الدفع إليه من سهم الغارم إذا ولا ريب ان هذا التعليل يقتضى اختصاص الفقر لأجل عدم قوت السنة لأنه الذي يزول باتفاق الغير عليه وكيف
كان فاجراء احكام الفقير الذي هو أول أصناف الثمانية على الغارم بمجرد الغرم وإن كان مالكا لقوت السنة مشكل جدا ويؤيد ما ذكران العلامة مع أن صرح في
المنتهى والتذكرة باعتبار الفقر استقرب في النهاية جواز الدفع إلى المديون إذا كان عنده ما يفي بدينه إذا كان بحيث لو دفعه صار فقيرا وأوضح منه في
التأييد ما عن الحلى من منع جواز ذلك معللا بأنه غنى لا تحل له الصدقة ويمكن الاستشهاد له بما عن مستطرفاته في السرائر نقلا عن كتاب المشيخة لابن محبوب
عن أبي أيوب عن سماعة قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الرجل منا يكون عنده الشئ يتبلغ به وعليه دين أيطعم عياله حتى يأتيه الله الميسرة فقضى دينه أو يستقرض
على ظهره في جدب الزمان ولشدة المكاسب أو يقضى بما عنده دينه ويقبل الصدقة قال يقضى بما عنده ويقبل الصدقة فالظ ان المراد بالفقر المأخوذ شرطا
في الغارم هي الحاجة إلى الأداء ثم المراد من عدم التمكن هو عدم القدرة عرفا بحيث لا يعد عاجزا لا التمكن الشرعي فان من له مستغل لا يزيد عن مؤنته سنة يجب
عليه شرعا أداء دينه من ذلك المستغل مع أنه عاجز عرفا من أداء الدين لأنه يصير فقيرا بعد الأداء وقد عرفت عن النهاية ان الأقرب جواز الدفع إلى من كان
عنده ما لو دفعه صار فقيرا ثم الظ ان الغارم يشمل من استقر في ذمته المال لا بعوض صار إليه كمن صار عليه دية أو كفارة أو ضمان متلف ولذا قال في المعتبر
ان من وجب عليه كفارة ولم يجد ما يعتق جاز ان يعطى من الزكاة ما يشترى به رقبة ويعتقها روى ذلك عن علي بن إبراهيم في تفسير عن الباقر (ع) ثم قال وعند
ان ذلك أشبه بالغارم لان القصد ابراء ما في ذمة المكفر انتهى وعن ضه من كونه أشبه بالغارم ليس انه ليس بغارم حقيقة بل مقصودة ان ما يدفع
إليه أشبه بسهم الغارمين الله المقص‍ ليس مطلق سد خلته بل خصوص اخلاء ذمته ثم على القول بعموم الغارم لما ذكرنا من الضمانات ويؤيد ما ذكرنا رواية
الغرمى لا يحل الصدقة الا دين موجع أو غرم ينقطع أو فقر مدقع فالظ انه لا يعتبر وقوع أسبابها في غير المعصية بل كان سبب الكفارة الظهار المحرم أو حنث
اليمين أو قتل الصيد ولو عمدا أو اتلاف مال عمدا فالظ جواز الاعطاء ولو بعد التوبة بناء على اشتراط العدالة لا طلاق الغارم واختصاص المقيد بما إذا
504

استدان في المعصية وأنفق فيها ولا يشمل ما إذا كان سبب الضمان معصية الا ان يفهم العموم بتنقيح المناط أو اعتمدنا في الحكم بالتقييد على وجوه اعتبارية
ذكره ها من كونه اغراء بالقبيح وان الزكاة ارفاق فلا يناسب كون المعصية سببا لها ويظهر مما ذكرنا من عبارة المعتبر عدم الاشتراط في هذا القسم من الغارم حيث
ذكر ما ذكرنا عنه من الاعطاء من سهم الغارمين في مضمون رواية القمي في تفسير الرقاب بأنهم قوم لزمتهم كفارات في الظهار وقتل الخطأ والصيد والايمان
مسألة المشهور كما قيل إن سبيل الله يشمل جميع سبل الخير وقد حكى ذلك صريحا عن الإسكافي والشيخ في الخلاف المبسوط وابن زهرة والحلى وابن حمزة والفاضلة
والشهيدين والعليين وجمهور متأخري المتأخرين بل كافتهم كما قيل وعن الغنية والخلاف وظاهر المجمع الاجماع عليه لعموم معناه اللغوي والعرفي وخصوص
المستفيضة الواردة في المقام مثل مرسلة القمي تفسيره عن العالم (ع) قال وفي سبيل الله قوم يخرجون في الجهاد و ليس عندهم ما (يتقوون به صح) أو قوم من المؤمنين
ليس عندهم ما يحجون به أو في جميع سبل الخير فعلى الإمام (ع) ان يعطيهم من مال الصدقات حتى يقووا على الحج والجهاد ومثل المروى عن الفقيه عن ابن يقطين عن أبي
الحسن الأول (ع) يكون عندي المال من الزكاة فأحج به موالى وأقاربي قال نعم لا باس وعن مستطرفات السرائر عن كتاب البزنطي عن جميل عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن
الصرورة أيحجه الرجل من الزكاة قال نعم ونحوها المروى عن الفقيه عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) ومثل ما ورد فيمن أوصى في سبيل الله من أنه يصرف في الحج معللا
باني لا أجد أفضل من الحج خلافا للمحكى عن المفيد وسلار وصاحب الإشارة والشيخ في النهاية فخصوه بالجهاد لتبادره من اللفظ ولبعض ما ورد فيمن أوصى في سبيل الله
ثم إنه قد استثنى جماعة (منهم صح) الشهيد والمحقق الثانيان من الموضوع المذكور ما يكون معونة لغنى قال
في المسالك ويجب تقييده بما يكون معونة لغنى مطلق بحيث لا
يدخل في شئ من الأوصاف الباقية فيشترط في الحاج والزائر الفقر أو كونه ابن السبيل أو ضيفا والفرق ح بينها وبين الفقيران الفقير لا يعطى الزكاة ليحج بها من حيث
كونه فقيرا أو يعطى لكونه في سبيل الله انتهى ولعله لما ورد من أن الصدقة لا تحل لغنى وحيث انها تعارض مع اطلاقات في سبيل الله بالعموم من وجه فيرجع إلى عموم ما دل
على اختصاص الزكاة بمصارف الفقير مثل قوله انما جعل الزكاة قوتا للفقراء وسد الخلة خرج منها ما خرج مثل الغاري وابن السبيل والمؤلفة والعاملين وبقى الباقي
وفيه ان ظاهر عدم حلية الصدقة للغنى عدم استحقاقه للزكوة استحقاق مطلقا على نحو استحقاق الفقير والاستحقاق المط بحسب أصل وضع الزكاة مختص بالفقراء
إذا العاملون انما يعطون من مال الفقراء على وجه الاستحقاق المط والتملك بإزاء جمعهم المال فليس استحقاقهم المط لحصة من الزكاة لا متفرعا على استحقاق الفقراء
لجميعها واما المؤلفة فاستحقاقهم المطلق (ايض‍) لمصلحة ترجع إلى الفقراء وان عمت غيرهم فيبقى ممن عدا الفقراء الغارم وسبيل الله وابن السبيل ولا ريب انهم ما
يستحقون الزكاة استحقاق مطلقا على حد استحقاق الأربعة السابقة بل انما تدفع إليهم ليصرفوها في مصرف خاص ترتجع منهم لو فات ذلك المصرف أو صرفوها
في غيره على ما تقدم في الغارم والعامل وسيجئ في ابن السبيل واما الاخبار المخصصة الزكاة بالفقراء وان الله شرك بين الفقراء والأغنياء في أموالهم
فليس لهم ان يصرفوها إلى غير شركائهم وغير ذلك مما ظاهرها بل صريحها عدم جواز الدفع إلى غير الفقير لها فهى مخصصة لعموم أدلة سبيل الله فاعطاء الغنى
ليصرفه في سبيل الله من هذا القبيل هذا مع امكان ان يق مقتضى التأمل فيما يدل عليه اخبار حرمة الصدقة على الغنى ان المراد منها على من هو غنى عنها في المصرف
الذي يعطى لأجله فلا يجوز دفع الزكاة للمعاش إلى من هو غنى عنه في جهة المعاش ولا للدين إلى من هو قادر على أداء الدين ولا للصرف في سبيل الله إلى من يقدر عليه
بدون الزكاة وسيجئ ان هذا عين المختار من اعتبار الحاجة نعم يستفاد من مرسلة القمي المتقدمة اعتبار حاجة المدفوع إليه في تحصيل ما يفعله وإن كان مالكا
لمؤنة سنة لكن الانصاف ان الاستدلال بها مشكل لتضمنها اعتبار العجز في المجاهد مع عدم اعتباره فيه اتفاقا وجعل هذا من قبيل العمل يجزء الرواية وطرح
جزئها الأخر بعيد جدا بل يمكن حملها على بيان التمثيل وذكر المصرف الأهم من باب المثال فالأولى الاستدلال بوجوه أخر مثل قوله (ع) لا تحل الصدقة لغنى بالتقريب
الذي ذكرناه أخيرا من أن المراد حرمة اخذها واعطائها المصرف الذي لا يحتاج فيه إلهيا فاعطاء الغارم والمكاتب والحاج القادرين على المعيشة العاجزين
عن أداء الدين ومال الكتابة ونفقة الحج لا يحل لهم اخذ الزكاة ولا اعطائهم لأجل المعيشة ويحل لأجل ما هم يفتقرون فيه إليها ويدل عليه (ايض‍) ما ورد
في احكام الأرضين من أن الإمام (ع) يقسم الزكاة على الأصناف بقدر ما يستغنون به فان ظاهر هذا الكلام عدم حصول الغنى قبل دفع الزكاة والا لم يكن الاستغناء
بها فت‍ وما ورد في اعتبار العجز عن أداء الدين في اعطاء المديون الحي والميت والمنع عن اعطاء القادر عليه ففي حسنة زرارة بابن هاشم قال قلت لأبي عبد الله (ع)
رجل حلت عليه الزكاة ومات أبوه وعليه دين أيؤدي زكاته في دين أبيه وللابن مال كثير فقال إن كان أبوه أورثه مالا ثم ظهر عليه دين لم يعلم به يومئذ فيقضيه
عنه قضاء من جميع الميراث و (لا يقضيه صح) من الزكاة وان لم يكن أورثه مالا لم يكن أحدا حق بزكوته من دين أبيه فإذا أداء ما في دين أبيه على هذه الحال أجزأت عنه
قوله (ع) من جميع الميراث أي لا من خصوص الثلث فان المنع المط ظاهر في عدم جواز الدفع إليه ولو من سهم سبيل الله والا فلا وجه للمنع مع وجود سبب الجواز و
دعوى اعتبار حيثية الغارم في المنع فاسدة أولا بخلو الكلام عن الإشارة إليها وثانيا بعدم الفائدة في المقام للحكم بالمنع مقيدا بحيثية مع وجود حيثية
أخرى مستقلة في سببية الجوار فهو بمنزلة ان يمنع من اكرام زيد من حيث فسقه مع وجود صفة العلم فيه المفروض كونها علة مستقلة في جواز الاكرام
حتى مع الفسق هذا مضافا إلى استمرار السيرة على النكير على من صرف الزكاة في مؤنة الأغنياء كاطعامهم والا هذا إليهم بقصد القربة ونحو ذلك ثم إن ما
ذكرنا من اعتبار الاحتياج في ذلك السبيل انما هو إذا قصد بالدفع مجرد إعانة الفاعل كالحاج والزائر من حيث إن نفس الإعانة من السبيل وأما إذا قصد
حصول ذلك الفعل في الخارج من حيث إنه سبيل من السبيل (فيقصد صح) ان يشترك بماله مع الفاعل ببدنه فالظ عدم اعتبار الاحتياج هنا لان الاتفاق على ذلك
505

الفعل بمنزلة الاتفاق على بناء المساجد والربط فصرف المال في مؤنة الزائر ليحصل الزيادة التي هي من سبيل الخير كصرف المال في آلات البناء للبناء الذي
ينبى المسجد تبرعا بقصد القربة فهو ما جور بعمله وهذا بماله ولا يخفى على أدنى متأمل ان هذا لا ينافي ما دل على حرمة الصدقة على الأغنياء لان المزكى لم يصرف
الصدقة الا في تحصيل جهة خاصة كان الفعل الغنى مدخل وليس تصدقه على الغنى ولذا لو فضل عن مؤنة العمل شئ بحسب رده إلى المزكى وصرفه إلى مصارف
اخر للزكوة والحاصل ان السبيل المصروف فيه الزكاة قد يحتمل نفس إعانة الغنى لأنه من الأمور الراجحة وقد يجعل نفس الفعل والذي اعتبرنا فيه الحاجة هو
الأول لا الثاني ومن هنا يعلم أن حكمهم بأنه يعطى الغازي من الزكاة وإن كان غنيا انما ينافي ما دل على عدم حلية الصدقة للغنى إذا كان الدفع من باب معونة
الغازي وأما إذا كان من باب حصول دفع العدو الحاصل من مال المزكى وبدن الغازي فليس فيه منافاة للأدلة فان قلت فعلى هذا يجوز دفع الزكاة إلى
الهاشمي على الوجه الثاني الذي جوز في الغنى لأنه ليس تصدقا عليه بل هو اشتراك معه في ايجاد سبب الفعل الذي هو من السبل قلنا لولا أن أدلة تحريم الصدقة
على بني هاشم دلت على حرمة تقبلهم وتصرفهم فيها لأنها أو ساخ الناس لقلنا بكونهم كالأغنياء وواجبي النفقة في أن الحرام هو سد خلتهم من الزكاة هو صرف
الزكاة بتوسهم إلى سبيل باشروهم بابدلنهم فالمانع هو ما ذكرنا ولذا لا يعطون من نصيب العاملين ولا الغارمين مع أن مالكي قوت السنة وواجبي النفقة
يعطون من هذين النصيبين مسألة لا اشكال في عدم اجراء دفع الزكاة إلى مخالفي الامامية في الاعتقاد ودعوى الاجماع به كالنصوص مستفيضة وعلل
في بعض الأخبار المنع عن اعطاء الواقعية بأنهم كفار مشركون زنادقة وعن اعطاء الزيدية بأنهم النصاب ثم لا اشكال في استثناء المؤلفة من مستحقي الزكاة وإن كان
المحكي عن جماعة اطلاق المنع وفي المسالك والمدارك الحاق بعض افراد سبيل الله ولعلهما أراد أمثل الغازي كما صرح به في الوسيلة وليس مرادهما ما لو كان المصرف
غير متعلق بشخص كبناء المساجد والقناطر وغيرهما ممالا يتصور فيه اشتراط الايمان كما صرح به الشهيد في نكت الارشاد لان هذا ليس قابلا للاستثناء من عبارة
الشرايع وفي كلام بعض مشايخنا المعاصرين استثناء مطلق سبيل الله وعن الغنية الحاق العاملين بالمؤلفة وينسب إلى ظاهر الشرايع والنافع والتبصرة
والرسالة الفرية اختصاص هذا الشرط بالفقراء والمساكين والحقيق ان يق ان ظاهر اخبار المنع هو النهى عن سد خلة المخالفة بالزكاة فلا فرق بين الفقراء
والمساكين والغارمين وفي الرقاب وابن السبيل وفي سبيل الله إذا جعل السبيل نفس إعانة المخالف التي هي في نفسه من الراجحات من باب ان على كل كبد حراء
اجر واما المؤلفة فلا ريب في عدم اعتبار الاسلام فيه فضلا عن الايمان لان اعطائهم ليس من باب الإعانة وسد الخلة واما من سهم العاملين فلا يجوز (ايض‍)
بناء على اشتراط العدالة كما ادعى الاجماع عليه ولو فرض القول بعدمه فالظ انه لا باس باعطائه لأنه في معنى الأجزاء وليس لمجرد الإعانة وسد الخلة ولذا يعطى
مع الغناء واما في سبيل الله فقد عرفت المنع عن اعانتهم وسد خلتهم من الزكاة وأما إذا أريد به مجرد وجود الفعل الذي هو السبيل فإن كان مع ذلك مباشرة المخالف
له سبيلا وقربة بان لم يكن العبادات بل كان من الأمور المحصلة للغرض من أي فاعل صدرت كالغزو دفع الخوف من طرق المسلمين ونحو ذلك فالظ انه لا يجوز الدفع
لان الفعل المذكور هو الذي صرف فيه الزكاة نظير بناء القناطر والمساجد والفاعل له بمنزلة الآلة والأخبار المانعة انما تمنع عن صرف الزكاة إلى المخالف ووضعتها فيه
وفيما نحن فيه لم يوضع الا في تحصيل الفعل المذكور من الخارج وهذا ظاهر لمن تدبر الاخبار وتأملها تأملا قليلا وقد مر هذا (ايض‍) في اعتبار الفقر في سهم سبيل الله
ومما ذكرنا تعلم أن ما ذكرنا لا ينافي الحصر في قوله (ع) انما موضعها أهل الولاية كما لو يناف قوله (ع) لا يحل الصدقة نغى ما تقدم منا من جواز دفع حصة سبيل الله إلى
الغنى انا قصد الدافع صرفها في الفعل الذي يوجد منه ولو حظ الفاعل فيه بمنزلة الآلة قال الشهيد في نكت الارشاد عند قول المص‍ ويشترط في جميع المستحقين
بصيغة من يعقل فائدة وهي ان سبيل الله عند جاعله للعموم لا يتصور في بعض موارده اشتراط الايمان ثم إن الظ اطلاق معظم الاخبار وكثير من الفتاوى
كصريح البعض من كل منهما عدم الفرق بين زكاة الفطرة والمال ففي مصححة إسماعيل بن سعد عن الرضا (ع) خلافا للمحكى عن الشيخ واتباعه من جواز دفع الفطرة إلى المستضعف
إذا لم يجد المؤمن المستحق لها لان اطلاقات المنع حتى مصححة ابن سعيد إن شاء الله لصورتي وجدان المؤمن وعدمه بما دل على جواز دفع الفطرة لرواية يعقوب بن
شعيب قلت فإن لم نجد من يحملها إليهم يعنى إخوانه وأهل ولايته قال يدفعها إلى من لا نصب له وموثقة الفضل عن أبي عبد الله (ع) قال كان جدي صلوات الله عليه
يعطى فطرته الضعيفة ومن لا يتوانى وقال اتى هي لأهلها الا ان تجدهم فلمن لا ينصب ولا ينقل من ارض إلى ارض وموثقة إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم (ع) قال سئلته
عن صدقة الفطرة اعطيها غير أهل ولايتي من فقراء جيراني قال نعم الجيران أحق بها لمكان الشهرة ورواية مالك الجهني عن أبي جعفر (ع) قال سئلته عن زكاة
الفطرة قال تعطيها المسلمين فإن لم تجد مسلما فمستضعفا ومصححة ابن يقطين المروية عن الفقيه قال سئلت أبا الحسن الأول (ع) عن زكاة الفطرة أيصلح ابن تعطى
الجيران والنطورة ممن لا يعرف ولا ينصب قال لا باس بذلك وفي الاعتماد على الروايات المذكورة في تقييد الاخبار ومعاقد الاجماعات المتقدمة اشكال ويمكن
حمل روايتي ابن عمار وابن يقطين على الجواز من باب التقية ومورد رواية ابن شعيب مختص بزكوة المال والقائل بجواز دفعها إلى غير المؤمن عند تعذر الدفع
إليه معروف وان نسب الخلاف فيه إلى بعض رواية الفضيل تدل على الجواز بمجرد تعذر الدفع في تلك الأرض ثم الظ ان المراد بالمستضعف غير المعاند للحق من المخالفين
ولو دفع الزكاة إلى المخالف تقية إذا لم يكن مندوحة فهل يجب زكاة أم يجب الإعادة وجهان من اجزاء أداء المأمور به على وجه التقية عن الواقع كما في سائر العبادات
وورود النصوص باحتساب ما اخذه بنو أمية على وجه الزكاة ولما تقدم من روايتي ابن عمار وابن يقطين ومن منع الاذن في أداء المأمور به على هذا الوجه كما
ورد في الصلاة والطهارة وما ورد في عدم احتساب الصدقة لأهلها ويمكن ان يق انه ان لم يجد مندوحة عن أصل الدفع فهو داخل في مسألة ما يأخذه المخالف
506

بعنوان الزكاة قهرا وقد تقدم الروايات باحتسابه وان وجد المندوحة عن أصل الدفع الا انه على فرض إرادة الدفع لا مندوحة عن دفعه إلى المخالف
فالأقوى عدم الاحتساب الأصل وقوله انما هؤلاء قوم ظلموكم أموالكم انما الصدقة لأهلها والتصريح في اخبار الاحتساب بوجوب الاخفاء عنهم ما استطاع ففي
صحيحة العيص بن القسم ما اخذ منكم بنو أمية فاحتسبوا به ولا تعطوهم شيئا ما استطعتم فان المال لا يبقى على هذا ان تزكيه مرتين و ح فيجب الصبر إلى أن يتمكن
من الأداء ولو بعزله والوصية به ثم الطفل المتولد بين المسلم والكافر الظ في حكم المسلم وكذا المتولد بين المؤمن والمخالف إذا كان أبوه مؤمنا للنصوص الواردة
في أعطاه أطفال المؤمنين مع شيوع اخذ الزوجة المخالفة في ذلك الزمان وأما إذا كان أبوه مخالفا فيمكن الاعطاء بناء على أن المخالفة مانعة وان العداوة
والمعاندة الحاصلة فيهم للحق وعدم المعرفة لمن يجب معرفته صارت سببا لمنعهم والا فارفاقهم موضوعة في أموال الأغنياء الا ان الايمان شرط يحتاج فيما نحن فيه
إلى اثبات الحاق الولد بأنه احكام الايمان مع أن مقتضى العمومات جواز اعطاء مطلق الفقير خرج منها المخالف وهو لا يصدق على الطفل وما دل على اختصاص الزكاة
باهل الولاية حصر إضافي بالنسبة إلى المخالف وهذا الوجه وان اقتضى جواز الدفع إلى أولاد المخالفين الا ان الاجماع قام على كونهم في حكم ابائهم وهو مفقود
فيما نحن فيه لكن الانصاف انه لم يظهر من الاخبار ما نعيته المخالفة بل ولا يبعد دعوى ظهورها في شرطية الايمان كما هو ظاهر قوله (ع) انما موضعها أهل الولاية
وقوله (ع) انما الصدقة لأهلها مضافا إلى خصوص حسنة حريز بن هاشم عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله (ع) الرجل يموت ويترك العيال أيعطون من الزكاة قال نعم حتى
يبشاؤا ويبلغوا وتسألوا من أين كانوا يعيشون فإذا قطع ذلك عنهم قلت فإنهم لا يعرفون قال يحفظ فيهم ميتهم ويحسب إليهم دين أبيهم فلا يلبثون الا ان
يهتموا بدين أبيهم فإذا بلغوا وعدلوا إلى غيركم فلا تعطوهم فان الظ من قول السائل انهم لا يعرفون السؤال عن وجه الجواز مع عدم المعرفة فكان اشتراط المعرفة
مركوزا في ذهنه ولم يجبه الإمام (ع) بما يدل على اختصاص اشتراط المعرفة بالمكلفين بل أجاب بان الوجه في اعطائهم مع عدم المعرفة هو رجاء تبعيتهم لآبائهم في المعرفة
والمسألة مشكلة والاحتياط غير خفى ثم إنه هل يجوز للمالك صرف الزكاة للطفل ولو مع وجود الولي كان
يطعمه في حال جزعه وان لم يعلم بذلك أبوه الظ عدم
عدم الجواز من سهم الفقراء لان الظ من أدلة الصرف في هذا الصنف هو تمليكهم إياه نعم يجوز في سبيل الله ويحتمل الجواز من سهم الفقراء بدعوى ان الظ من
تلك الأدلة استحقاقهم الزكاة لا تملكهم لها فالمقصود هو الايصال مسألة المحكي عن المشايخ الثلاثة واتباعهم اعتبار العدالة في مستحق الزكاة ومن السيدين
دعوى الاجماع عليه وعن الخلاف انه ظاهر أصحابنا وعن جماعة منهم الإسكافي اعتبار مجانبة الكبائر وعن جمهور المتأخرين أو عامتهم عدم اعتبار شئ وهو
المحكي عن ابن بابويه وسلار حيث لم يتعرضوا في مقام البيان لاشتراط أزيد من الايمان وعن الخلاف انه مذهب قوم من أصحابنا وهو الأقوى للاطلاقات
بل العمومات الكثيرة الواردة في مقام البيان والحاجة مثل قوله (ع) فمن وجدت من هؤلاء المسلمين عارفا فاعطه دون الناس وقوله بعد سؤال السائل بقوله إلى من
ادفع الزكاة قال إلينا فقال أليس الصدقة محرمة عليكم قال بلى إذا دفعتها إلى شيعتنا فقد دفعتها إلينا وقوله (ع) بعد سؤال السائل بقوله كيف يصنع
بزكوة ماله قال يضعها في إخوانه وأهل ولايته وقوله (ع) بعد سؤال ضريس بقوله ان لنا زكاة ونخرجه من أموالنا ففي من نضعها قال في أهل ولايتك وفي مصححة أحمد بن
حمزة قال قلت لأبي الحسن (ع) رجل من مواليك له قرابة كلهم يقولون بك وله زكاة أيجوز ان يعطيهم جميع زكاة قال نعم ورواية علي بن مهزيار عن رجل يضع زكاته
في كله أهل بيته وهم يقولون بك قال نعم ولا يخفى ان الغالب في القرابة أهل بيت الشامل للنساء عدم العدالة إلى غير ذلك من الروايات ولا يقدح في ورودها
في مقام الحاجة عدم اشتمالها على اشتراط الفقر لان المتأمل في سياق الأسولة المذكورة يعلم قطعا ان المراد السؤال عن صفة المستحق بعد صفة الفقر
المعلومة لكل أحد من الكتاب والسنة بل الضرورة ويؤيد ما ذكرنا عموم ما دل ان الله عوض السادة الخمس عن الزكاة مع أن المعروف عدم اعتبار العدالة
في مستحق الزكاة فيلزم ح ان لا يكون ما يعطى الفاسق الهاشمي من الخمس عوضا عن الزكاة المحرمة عليه وخصوص المرسلة المحكية عن العلل قلت الرجل يعنى
أبا الحسن (ع) ما حد المؤمن الذي يعطى الزكاة قال يعطى المؤمن ثلثة آلاف ثم قال أو عشرة آلاف ويعطى الفاجر بقدره لان المؤمن ينفقها في طاعة الله
والفاجر ينفقها في معصية الله تع‍ والمروى في تفسير العسكري عن ابائه عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث قيل له من يستحق الزكاة فقال المستضعفون من شيعة
محمد صلى الله عليه وآله الذين لم تقو بصائرهم فاما من قوت بصيرته وحسنت بالولاية لأوليائه والبرائة من أعدائه فذلك اخوكم في الدين أمس بكم رحما من الاباء و
الأمهات إلى قال وارفعوهم عن الزكاة ونزهوهم عن أن يصلوا إليهم أوساخكم الحديث وكان في النسخة غلط كثير ولذا اقتصرنا على موضع الدلالة
والمقصود ان الزكاة ينبغي ان يقسم في مستضعفي الشيعة الذين لم يقو بصائرهم واما العارفون الأتقياء الصلحاء فينبغي ان يواسى معهم في المال بالصلة
والهدية لا من الزكاة ولا شك ان أرباب البصائر الضعيفة غالبا لا يخلون عن الكبائر كما هو واضح ويؤيده (ايض‍) ما ورد من أنه لو أدى الناس زكاة أموالهم
ما بقى مسلم فقيرا محتاجا فان تخصيصه بالعدول في غاية البعد من السياق وما ورد ان أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح وما ورد في تفسير القمي من
تفسير المساكين بأنهم أهل الزمانات يدخل فيهم الرجال والنساء والصبيان ثم انك إذا تتبعت الاخبار التي بأيدينا لا يكاد تجد رواية تدل على تقييد جميع العمومات
المتقدمة وغيرها الواردة في مقام البيان بصورة عدالة المستحق نعم ربما يدعى دلاله مضمرة داود الصرمي على ذلك قال سئلته عن شارب الخمر هل يعطى الزكاة
قال لا بناء على عدم القول بالفصل بين شرب الخمر وغيره وفيها بعد الغض عن السند وعدم مقاومتها لوحدتها للعمومات الكثيرة الواردة مورد الحاجة من
الكتاب والسنة ومن هنا يقال رب عام يقدم على الخاص ان دلالتها على اعتبار العدالة غير ظاهرة لان الظ من شارب الخمر هو المقيم عليه ولعل النهى من
507

اعطائه ان حصول الفقر في مثل هذا الفقير غالبا لاحتياجه إلى ثمن الخمر وما هو من لوازم شربه والمداومة عليه فان له مؤنا كثيرة لا يختفى وليس فقره باعتبار
عجزه من قوت السنة أو لعياله ويحتمل ان يكون النهى لأجل رجاء كون منعه عن الزكاة والتضيق عليه في المعاش أو اذلاله بحرمانه عما يوصل إلى أمثاله سببا
لارتداعه عن فعله القبيح ويحتمل ان يكون المنع الغير ما ذكرنا من الحكم والمصالح وكيف كان فليس القول بالفصل بين المقيم على شرب الخمر وغيره من الكبائر التي
لادخل لها في تضييع المال كالغيبة مثلا خرق للاجماع وعلى تقدير كونه خرقا فالفصل بين المقيم على الكبيرة وبين مرتكبها ولو مرة ليس خرقا كيف وهو
المحكي عن الإسكافي حيث قال لا تعطى شارب الخمر ولا المقيم على كبيرة وعلى تقدير عدم قدح الإسكافي وكون ذلك (ايض‍) خرقا فليس مجرد ترك الكبيرة بمجرد
الاتفاق بل لعدم التمكن مع وجود ملكة المعصية عدالته غاية الأمران ارتكاب الكبيرة رافع للاستحقاق الثابت قبله وان ذلك من العدالة التي هي إما الملكة
واما حسن الظاهر وعلى تقدير ثبوت الاجماع المركب وعدم جواز الفصل بين المنع من اعطاء شارب الخمر واعتبار العدالة فنقول غاية الأمر كون هذه الرواية
بضميمة الاجماع المركب معارضة لما تقدم من العمومات بالخصوص فكما يمكن التخصيص يمكن حمل النهى على الكراهة لرجاء ارتداعه ولا نسلم أولوية مثل هذا
التخصيص على مثل هذا المجاز في هذا المقام وبالجملة فلا يخرج عن تلك العمومات بتلك الرواية الواحدة المخدوشة سندا ودلالة وان انجبرت بالشهرة القديمة
والاجماع المحكي عن السيدين الموهنين بمخالفة الشهرة المتأخرة وقوم من القدماء وبالاطلاع على فساد مستندهم في اعتبار هذا الشرط خروج عن الانصاف نعم
ربما استدلوا الاعتبار العدالة بوجوه أخر مثل ان الفاسق غير مؤمن لمقابلتهما في قوله تع‍ أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا ولتعذيبه في النار مع ما ورد في الكتاب العزيز
انه لا يخزى الله النبي والذين امنوا معه ومنع المتقدمتين لاحتمال التكفير أو العفو في الآخرة في الدنيا ولو لأجل الشفاعة واحتمال اختصاص الآية بالمؤمنين مع
النبي صلى الله عليه وآله لا مطلق المؤمنين به واما الفاسق المقابل المؤمن في الآية فالمراد به الكافر بقرنية الحكم بخلوده في النار في الآية التي بعدها ومثل ان عطاء الزكاة للفاسق
إعانة له وقد منع عنه جميع ما منع عن إعانة الفاسقين وفيه انا لم نجد ما يدل على حرمة إعانة الفاسقين في غير فسقهم نعم قد يق ذلك في إعانة الظلمة بالخصوص كيف و
المشهور نصا وفتوى جواز الصدقة المندوبة على المخالفين الذين هو أفسق الفساق وبنظير ذلك يجاب عمال وقيل إن اعطائه الزكاة الفاسق ركون إلى الظالم
منهى عنه كتابا وسنة أو يق ان الفاسق محاد لله ولرسوله صلى الله عليه وآله واعطائه موادة منهى عنها في الكتاب العزيز وفيه منع محادته ومنع كون اعطائه موادة وهنا
وجوه أخر أضعف من المذكورات وربما يؤيد هذا بمنع الغارم في المعصية وابن السبيل العاصي بسفره وفيه ان المنع في ابن السبيل انما هو كونه من الجهات لا من
المستحقين ولا يرتاب أحد في عدم جواز صرف الزكاة في جهات المعاصي مع أن المعصية المذكورة ربما لا يكون كبيرة واما منع الغارم فهو (ايض‍) من باب اشتراط
كون المدفوع إليه غير عاص لأنه ربما يكون قد تاب وندم وصار من أجل الزهاد بل لان صرف الدين انما وقع في جهة المعصية هذا في الفقراء غير مضر قطعا ولذا
يعطى هذا العاصي بعد التوبة بل كل من أتلف ماله في جهات المعاصي من سهم الفقراء اجماعا والحاصل ان الكلام في اعتبار عدم العصيان ولو بالتوبة في المستحق
حين الدفع ومن هنا يعلم أن اخراج العامل عن محل هذا الخلاف غير جيد لان ما أجمع عليه هو اعتبار عدالته عند السبيل لا عند دفع الزكاة بل هو ح كغيره وكيف
كان فالأقوى ما عليه المتأخرون والأحوط ما عليه القدماء ثم إن الفرق بين اعتبار العدالة سوءا جعلناها الملكة أو حسن الظ واعتبار مجانبة الكبائر
غير خفى كما نبهنا عليه سابقا وان قلنا بعدم اخذ ترك منافيات المروة في تعريف العدالة نعم لو أريد ملكة مجانبة الكبائر كما هو ظاهر لفظ المجانبة والتجنب توجه
ما ذكره الشهيد الثاني من أن اعتبار ذلك يرجع إلى اعتبار العدالة بناء على عدم اخذ المروة فيها هنا الا ان اهمال المروة في العدالة مختص بالشهيد في النكت
وهو مخالف لا طلاق المعظم القول باشتراط العدالة بناء على دخول المروة في مفهومها كما يظهر منهم في باب الجماعة ثم إن أكثر أدلة القدماء انما دل على
مانعية الفسق لا اشتراط العدالة وهو (ايض‍) معقد الاجماع المحكي عن السيد حيث قال ومما انفردت به الإمامية القول بان الزكاة لا تخرج إلى الفساق الا ان المش‍
عنه دعوى الاجماع على اشتراط العدالة ولو بنينا على جواز التعبير عن غير الفاسق بالعادل وعن العادل بغير الفاسق نظرا إلى ندرة وجود الواسطة أمكن التصرف
في كلام السيد وفي كلام الحاكين عنه وحيث كان الأدلة خالية بالمرة عن اشتراط ملكة العدالة فغاية الامر في مراعاة مذهب القدماء هو القول باعتبار عدم
الفسق وان لم يحصل ملكة العدالة و ح فيجوز اعطاء مجهول الحال نظرا إلى أصالة عدم تحقق الفسق ودعوى ان الفسق قد يحصل بما يوافق الأصل كترك الفرائض
مدفوعة بان الترك من حيث هو لا يوجب الفسق بل الموجب له هي المعصية التي قد يتحقق في ضمن الترك فالأصل عدم تحقق المعصية ولو علمنا بالترك كيف وإذا
شككنا فيه ثم لو فرض العلم بحصول فسق منه كما هو الثابت في أغلب الناس فهل يتمسك بأصالة عدم التوبة وبقاء الفسق أو بظهور عدم اخلال المسلم بما هو الواجب
عليه من التوبة الظ هو الثاني ثم الظ ان الفسق كما لا يجوز ان يعطى كذا لا يجوز له الاخذ اعطاء الجاهل بحاله عدم الفسق بشرط الاستحقاق كسائر الأوصاف
مثل الفقر أو الايمان ويحتمل عدم حرمة الاخذ إذا اعطى لان الأدلة دلت على حرمة معونته وعلى حرمة اعطائه لا على عدم حل الزكاة كما لا يحل للغنى والهاشمي
فيرجع فيه إلى عموم ما دل على جعل الزكاة فيها للفقراء وان الفقراء شريك الأغنياء ثم إن اعتبار العدالة على القول به في الفقراء والمساكين و
الغارمين والعاملين وابن السبيل وفي بعض افراد الرقاب كالمكاتب ومن عجز عن الرقبة في الكفارة واما العبيد تحت الشدة أو مط مع عدم المستحق أو مط
فالظاهر عدم اعتبار العدالة فيهما لأنهما لبسا ممن يعطى من الزكاة وانما يعتقان من الزكاة بعد اشترائهما واما في سبيل الله ففيه التفصيل المتقدم
في اعتبار الايمان مسألة لا يجوز ان يدفع زكاته إلى من يجب نفقته عليه مع يساره وبذله بالاجماع المستفيض نقله كالاخبار المعللة بأنهم عيال
508

لازمون له أو لأنه مجير على نفقتهم وبإزائها ما هو للتأويل والمحكى عن المنتهى كما في المعتبر والمسالك الاستدلال له بحصول الغنى لهم بالانفاق وهو ظاهر البيان
قال ومن يجب نفقته غنى مع بذل النفق وهو الظ (ايض‍) من جماعة من متأخري المتأخرين كصاحب المدارك وشارحي الروضة والمفاتيح بان دفع الزكاة المسقطة
لوجوب الانفاق عنه صرف الزكاة في مؤنته فهو مخالف لأدلة الزكاة المشتملة على عنوان الأبناء والدفع والاخراج ويرد على الاستدلال الأول منع حصول الغنى
فان الغنى من عنده مؤنة السنة له ولعياله الواجبي النفقة فلو فرضنا لهذا القريب الذي يجب الانفاق عليه عيالا لا يجب نفقتهم عليه والمفروض عدم وجوب نفقتهم
على منفقه فلا ريب في صدق الفقير عليه المستلزم لجواز اخذه من المنفق وغيره مع أن تخصيص المنع بمن يجب نفقته على المزكى أعظم شاهد على أن المنع ليس لأجل الغنى
والا لم يفرق بين المزكى وغيره وأوضح منه ذكرهم عدم وجوب الانفاق شرطا لاعطاء الفقير إذ على تقدير كونه راجعا إلى الغنى فهو كاشتراط ان لا يكون للفقير صيغة
يكتفى بها ويرد على الثاني منع ان دفع الزكاة إليهم لا يصدق معه الايتاء ثم إن ما يلزم من الايتاء من سقوط النفقة عنه لا يمنع من صحة الايتاء لان اسقاط
وجوب النفقة باعطاء الزكاة الموجب لإزالة الفقر بمالا مانع منه كيف وصدق الايتاء في الصدقة الواجبة والمندوبة على نهج واحد ولا شك في صدق الايتاء
بالنسبة إلى المندوبة نعم قد يسلم ما ذكر في العبد حيث إنه لا يملك ولذا استثنى جماعة خصوص العبد فيمن دفع إليه الزكاة وتبين انه واجب النفقة واسقاط بعض
ما يلزمه من المؤنة بالزكاة ممالا اشكال فيه في كثير من المقامات كمن كان له أب وأخ فدفع إلى أخيه من الزكاة ما صار به غنيا حيث اشترك مع أخيه الدافع في نفقة
أبيهما فان المالك فذا سقط بالزكاة نصف مؤنة أبيه عن نفسه إلى غير ذلك من الأمثلة فالتحفيق ان يق إن كان بعد غنيا في صورة بذل النفقة له والوثوق
في البذل ولا يكون في عياله من يجب عليه نفقته لو تمكن فلا يجوز له اخذ الزكاة من المنفق اتفاقا بل ولا من غيره وفاقا لما عن التذكرة وشرح الارشاد للمحقق الأردبيلي
واختاره في شرح المفاتيح والغنائم ولصدق الغنى عليه بعد اجماع وصفى وجوب الانفاق وبذل المنفق وإن كان كل واحد منهما لا يكفي في نفى الفقر عنه الا إذا امتنع
المنفق وقدر المنفق عليه على الاستيفاء ولو بمعونة الحاكم لكنه محل تأمل وكيف كان فالمحكى عن المنتهى والدروس وفي حاشية الارشاد جواز الاخذ لعدم خروجه
عن الفقر بالانفاق فكما يجاب نفاق القريب عليه لكونه فقيرا كذا يجوز لغيره ودفع الزكاة إليه كك فكما انه تكفل القريب أجنبي من باب الزكاة بحيث توفق
بذله ثم صار قريبه غنيا فلا يسقط بذلك وجوب انفاقه عنه كك الانفاق لا يسقط جواز دفع الزكاة إليه وفيه نظر لأنه يكفي في الخروج ان يستحق الشخص على
قريبه الانفاق عليه وقيام القريب ببذل ما يستحقه والفرق بين وجوب الانفاق وجواز دفع الزكاة ان موضوع
وجوب الانفاق هو عدم القدرة على مؤنة نفقه
وهذا حاصل وان تكفله رجل من باب الزكاة واما حواز دفع الزكاة فموضوعه الحاجة والفقر ويرتفع بتملكه على عبره ولو من باب التكليف مؤنته فموضوع
الزكاة يرتفع بالانفاق الواجب وموضوع الانفاق إما راجع بدفع الزكاة ولأجل ما ذكرنا لو دفع أحد زكاة ماله إلى أولاد الأغنياء من دون التروة عد دافعا
إلى غير الفقراء وان لم يكن كك بان لم يبذل له ما يليق بحاله كما وكيف لاعتباره أو لامتناعه وعدم التمكن من اجبار أو كان له عبال يتكفلهم لمؤنة عياله التي هي
بمنزلة مؤنة نفسه فهو فقير وفاقا للمحكى عن المنتهى والنهاية والجامع والدروس وحاشيتي الشرايع والمسالك لأنه غير واجد ولفحوى ما سيأتي من جواز الاخذ من غير
المنفق للتوسعة على نفسه فان الجواز لسد رمق عياله أولي بل الظ جواز اخذ الزكاة من المنفق لولا اطلاق الاخبار ومعاقد الاجماعات المانعة عن دفع الزكاة
إلى واجب النفقة اللهم الا ان تحمل جميع ذلك بحكم الغلبة إلى غير تلك الصورة بل اخذ الزكاة لسد خلة نفسه فحاصل الروايات ان الزكاة لا تصرف في سد خلة واجب
النفقة بل يجب سد خلتهم مع قطع النظر عن وجوب الزكاة لانهم عياله لازمون له كما في بعض الأخبار ولأنه يجبر على نفقتهم كما في آخر فلا يجعل زكاته وقاية لماله
على ما في بعض الروايات ويؤيده فحوى ما سيجئ من جواز صرف المالك الزكاة في التوسعة على عياله فان جواز التوسعة عليهم من الزكاة يستلزم جواز سد خلتهم
الشاملة لجملة عيالهم منها ويلوح إلى ما ذكرنا في معنى الرواية قول شيخنا في المسالك في بيان ضابط الجواز والمنع آن القريب انما يمنع دفعه لقريبه من الفقراء القوت
نفسه مستقرا في وطنه فلو كان من باقي الأصناف جايز الدفع إليه وكذا لو أراد السفر اعطى ما زاد على نفقة الحضر وكذا يعطى لنفقة زوجته وخادمه انتهى بقى
الكلام في أن الواجب هو الاقتصار على ما يحتاج إليه لنفقة عياله أو يجوز الاغناء حتى به يستغنى عن الانفاق عليه ظاهر صدق الفقير هو الثاني لكن ظاهر كلام
بعض هو الأول ثم إن الظ جواز اخذ الزكاة التوسعة من المنفق فضلا عن غيره إذا كان في معيشة فتور بدون الاخذ لدخوله في سد الخلة وصدق الفقير
على واجب النفقة وانصراف ما دل على المنع بصورة قيام المنفق بالانفاق اللائق ويؤيده بل يدل عليه موثقة سماعة عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن الرجل يكون
لهم در ألف درهم يعمل بها وقد وجبت عليه فيها الزكاة ويكون فضله الذي يكتسب بماله كفاف عياله لطعامهم وكسوتهم ولا يسعه لإدامهم وانما يمولهم في الطعام والكسوة
قال فلينظر إلى زكاة ماله ذلك فليخرج منها قل أو كثر فيعطيه بعض من تحل له الزكاة وليعد بما بقى من الزكاة على عياله فليشتر بذلك إدامهم وما يصلحهم في طعامهم من
غير اسراف ولا يأكل هو منه ونحوها صحيحة صفوان عن إسحاق بن عمار ودعوى انهما في مقام زكاة التجارة المندوبة فيجوز التسامح فيها باعطاء من لا يجوز اعطائه
الواجبة فاسدة جدا إذ بعد تسليم ظهور زكاة التجارة منه ومنع احتمال بقاء مقدار النصاب من ألف درهم إلى تمام الحول فوجب فيه الزكاة لا ريب في أن المقام
مقام بيان مصرف الزكاة المندوبة المتحد مع مصرف الواجبة اجماعا واما التوسعة الزائدة على النفقة اللائقة التي لو فرض تملكه لها ولثمنها كان الزكاة عليه
محرمة فالظ عدم جواز الاخذ من سهم الفقراء بل مط لحصول الغنى على ما عرفت خلافا لظاهر جماعة لظ صحيحة ابن الحجاج عن أبي الحسن الأول (ع) قال سئلته عن الرجل
يكون أبوه أو عمه أو اخوه يكفيه مؤنته أيأخذ من الزكاة فيوسع به إن كان لا يوسعون عليه في كل ما يحتاج إليه قال لا باس لكن الظ منه إرادة التوسعة في مقام
509

التضيق ولو سلم ظهورها في إرادة الفضل على النفقة اللائقة فلا بدان يحمل على ما ذكرنا لأنها لا تقاوم العمومات الكثيرة المانعة عن اعطاء الغنى نعم لو نبي
على أن وجوب الانفاق لا يرفع الفقر كما سبق عن جماعة جاز له الاخذ التوسعة ففي استثناء الزوجة من جواز الاخذ التوسعة من المنفق وغيره لأنها تطلب النفقة
بعوض بضعها ثم لو كانت الزوجة ناشزة فالظ انها كالمطيعة وظاهر المحقق في المعتبر الاجماع على عدم الفرق بينهما ووجهه واضح لتمكنها من النفقة بالرجوع
إلى الطاعة والمنقطعة المشروط لها النفقة بحكم الدائمة كما أن الدائمة المنقطعة المسقطة لوجوب النفقة بناء على جوازه كالمنقطعة واما المملوك
فصرح جماعة بعدم جواز اعطائه ولعلله في المعتبر بعدم الملك وبأنه غنى بمولاه واقتصر في البيان على عدم الملك قال ولو قلنا بملكه فهو في حكم ملك السيد وظاهر من
ذكره هنا في واجبي النفقة ان المانع وجوب الانفاق وهو الظ من ذكره في اخبار المنع عن اعطاء واجبي النفقة معللة بأنه يجبر على نفقتهم والتحقيق انه لو اتفق
المولى على عبده النفقة اللائقة فلا يجوز له اخذ الزكاة من مولاه ولا من غيره وان عجز المولى عنها جاز له الاخذ مطلقا إما الأول فلصدق الغنى عليه على
ما عرفت في غيره كما اعترف به الشهيدان والفاضلان فما تقدم في أول المسألة واما الثاني فلصدق الفقير عليه ولا مانع منه الا كونه غير مالك أو في حكم غير
المالك أو ان أداء المولى زكاته إليه لا يسمى إيتاء ولذا لو تبين كون المدفوع إليه عبدا لدافع لم يجز كما صرح به غير واحد مع اعترافهم بالاجزاء لو تبين اختلال
الشروط الأخر أو ورود الاخبار بان العبد لا يعطى الزكاة ولو كان له الف الف ولا يعطى منها لو احتاج كما تقدم في اشتراط الحرية في المزكى وشئ من ذلك
لا يصلح للمنع إما الأول فلانه انما يمنع إذا ثبت ان حكم حصة الفقراء تمليكهم إياها كما قد يترائى من ظاهر اللام في الآية ومن أمثال قوله (ع) فإذا وصلت
إلى الفقر فهى بمنزلة الفقر يصنع بها ما شاء وهو ممنوع فان اللام للاستحقاق ومثل الرواية وارد مورد الغالب من كون الدفع على وجه التمليك
كما لا يخفى فح يجوز صرف الزكاة إلى العبد بان يقدم إليه طعام يأكله كما ذكرنا في اعطاء الطفل نعم لو أريد تسليمه بحيث يخرج عن ملك المزكى قبل
اتلاف العبد له اعتبر اذن السيد فيملكه هو أو العبد على الخلاف في مالكيته فإن كان السيد فقيرا جاز له الاخذ من العبد وإن كان غنيا ممتنعا
عن الانفاق حرم عليه الاخذ الا مع الا بدال ولو عصى فاخذه فهو ملكه وهل يعتبر ح اذنه للاخذ حتى يقع التسليم بدونه غير مخرج للمدفوع عن
ملك الدافع وجهان أقويهما ذلك فيصرف في العبد وان لم يكن عبرة بتسليمه كالطفل المصروف فيه الزكاة واما الثاني فلمنع صدق الايتاء والاعطاء
بعد عدم اعتبار التملك في حصة الفقراء واما ذكروه عن انه لو تبين المدفوع إليه عبدا الدافع والتصرف لم يجزء فالظ اختصاصه بغير صورة صرف الزكاة
إليه باطعامه الطعام من باب الزكاة فإنه يصدق على ذلك صرف الزكاة ولا نسلم اعتبار الخروج عن الملك بالتسليم في الزكاة مع أن هذا الوجه لو تم
كان مانعا عن اخذ زكاة المولى لاغير وبه يدفع التمسك في المنع عن اخذ الزكاة المولى بالأخبار الواردة في حرمان واجب النفقة لو سلم كون المنع فيها
تعبدا لا من جهة حصول الغنى كما يشعر به التعليل بأنه يجبر على نفقتهم واما الأخبار المتقدمة في اشتراط الحرية في المزكى من أن العبد لا يزكى مع
الغناء ولا يعطى الزكاة مع الاحتياج فالظ ان المراد احتياج العبد في مقابل غناء المسبب عن كون طائفة من المال في يده مع اذن المولى له في التصرف
فيها كيف شاء ومن المعلوم ان هذا الاحتياج لا يحل اخذ الزكاة كما أن ذلك الغناء لا يوجب دفعها بل العبرة في استحقاق الزكاة احتياج مولاه
وامتناع مولاه الموجبين لا تصافه بالفقر الحقيقي الموجب لاستحقاق الزكاة وكيف كان فجواز اعطاء العبد الفقير من سهم الفقراء لا يخلو من قوة كما
صرح به في حاشيتي الارشاد والشرائع واختاره في المناهل والأحوط ان لا يعطى من سهم سبيل الله وأحوط منه عدم اعطائه مطلقا ثم إنه لا
فرق فيما ذكرنا بين وجوب الانفاق بالأصالة وبين الوجوب بنذر وشبهه لعموم التعليل المتقدم وصدق الغناء معه سيما إذا قلنا بان المنذور له
يملك على الناذر ذلك ويستقر في ذمته بمجرد الندب ومنه يعلم وضوح جهة المنع فيما إذا وجب بشرط في ضمن عقد لازم
مسألة لا اشكال في
تحريم زكاة غير الهاشمي على الهاشمي وعن جماعة دعوى اجماع المسلمين عليه وعن المنتهى وشرح المفاتيح دعوى تواتر الاخبار به وهل تحرم على نبي
عبد المطلب اخى هاشم المشهور لا للأصل والعمومات بل عن الخلاف دعوى الاجماع عليه وظ تخصيص بني هاشم في مورد الحكم بالتحريم خلافا للمحكى عن
الإسكافي والمفيد لرواية زرارة الموثقة عن أبي عبد الله (ع) قال لو كان عدل ما احتاج هاشمي ولا مطلبي ان الله جعل لهم في كتابه ما كان فيه سقيهم
ان الرجل إذا لم يجد شيئا حلت له الميتة والصدقة لا تحل لا حد منهم الا ان يجد شيئا ويكون ممن تحل الميتة وللنبوي انا وبني المطلب لم نفرق في جاهلية
ولا اسلام ونحن وهم شئ واحد ولأنهم قرابة النبي صلى الله عليه وآله فيدخلون في ذوي القربى المستحقين للخمس فيحرم عليه الزكاة ويمكن حمل المطلبي على كون نسبته إلى
عبد المطلب كما يق منافى في عبد مناف ويكون عطفه على الهاشمي تفسيريا مثل قوله تع لا ترى فيه عوجا ولا أمتا وفائدته التصريح ويمكن ان يكون
الوجه في الملازمة بين دفع الناس الخمس وبين حصول التوسعة للمطلبين ان توسعة الهاشميين مستلزم لتوسعتهم لكمال اختلاطهم معهم لا لأجل استحقاقهم
بأنفسهم للخمس والا نسب في الجواب منع مقاومته للعمومات الكثيرة وما يستفاد من تخصيص بني هاشم بالذكر في الاخبار المعتضدة بالشهرة وحكاية الاجماع
ويؤيد ما ذكرنا بل يدل عليه قول الكاظم (ع) المرسلة الطويلة لحماد بن عيسى وهؤلاء الذين جعل الله لهم الخمس هم قرابة النبي صلى الله عليه وآله الذين ذكرهم الله تع
فقال وانذر عشيرتك الأقربين وهم بنو عبد المطلب أنفسهم الذكر منهم والأنثى ليس فيهم من بنونات قريش ولا من العرب أحد وفيها (ايض‍) ما كنا امه
من بني هاشم وأبوه من سائر قريش فان الصدقة تحل له واما النبوي صلى الله عليه وآله فضعيف بلا جابر واما ذوي القربى فهو الإمام (ع) كما سيجئ في الخمس والا فمطلق
510

القرابة لا يوجب استحقاق الخمس وكيف كان فلا محيص عما عليه المشهور ثم الظ من الاخبار سيما المطلقة للحكم بالتحريم بان الصدقة أو ساخ الناس والواردة
في سهم العاملين الذي هو أشبه شئ بأجرة العمل حتى زعم بعض العامة انها هي هو عدم الفرق في الحكم بين السهام حتى في سبيل الله الذي حكمنا بجواز صرفه
في الغنى والكافر وان تأمل في التعميم كاشف الغطاء قده ثم إن الظ عدم الخلاف في استثناء صورة الاضطرار مما ذكر من التحريم وحكاية الاجماع عليه مستفيضة
ويدل عليه الموثقة المتقدمة ولكن ظاهر المحكي عن جماعة كالسيدين في الانتصار والغنية والفاضلين في المعتبر والشرايع والمختلف والمنتهى الاكتفاء في الجواز
بعدم تمكنهم من اخذ الأخماس وهو بظاهره يدل على الجواز مع التمكن مما يجوز له اخذه كزكاة مثله والصدقات المندوبة وهو في غاية الاشكال بل ظ الموثقة
المعتضدة بعمومات التحريم المقتصر في تخصيصها على المتيقن هو اعتبار الاضطرار في جواز الاخذ الا ان يق ان المراد بالشئ في قوله لا يجد شيئا يعنى نوعا
اخر من الأجناس والصدقات الجائزة له لا مسمى الشئ حتى يعتبر عدم تملكه لشئ أصلا وقوله ويكون ممن يحل له الميتة التنظير ممن لا يجد النوع المحل من القوت
لا خصوص اعتبار كون اضطرار الهاشمي إلى حد يباح معه اكل الميتة لولا الزكاة لان هذا المقدار غير معتبر اجماعا على الظ فحاصل الرواية ح جواز التناول
لمن لا يجوز له تناوله ويكون التشبيه بين التعيش من الزكاة واكل الميتة في الجواز عند عدم وجدان ما يجوز اخذه لا بين نفس الزكاة ونفس الميتة فيكون
الرواية ح ساكتة عن مقدار المأخوذ وعن وجوب الاقتصار على مقدار الضرورة كما ذهب إليه جماعة من المتأخرين متمسكين بالموثقة المنضمة إلى عمومات
الحرمة خرج فيها المتيقن خلافا للمحكى عن الأكثر فلم يقدر والمأخوذ بقدر لأنه إذا أبيح له الزكاة فلا تتقدر بقدر لما دل على جواز اغناء الفقير المستحق الزكاة
وهذا مستحق ولعل مرجع هذا الاستدلال إلى ما ذكرنا من دلالة الرواية عن جواز اخذ الزكاة للهاشمي إذا لم يجد الخمس من غير تعرض لمقدار المأخوذ فيرجع فيه
إلى عموم ما دل على جواز اغناء من يستحق الزكاة وإن كان استحقاقا عرضيا ثم المراد بقدر الحاجة هل هو سد الرمق كما عن كشف الرموز أو كفاية السنة وهو المحكي
عن الدروس حيث قال إنه يعطى المكملة لا غير ونحوه عن جماع المقاصد أو قوت يوم وليلة كما هو مختار الشهيد والمحقق الثانيين والمحكى عن ابن فهد أقوال أنسبها
بالموثقة المتقدمة الأول ويكون ما يأخذه اضطرار عن الزكاة بدلا عن الخمس الذي لا يأخذ منه زيادة عن الكفاية فيساوى مبدله هو الثاني والأوسط
هو الثالث لان حمل الموثقة على تنظير نفس الزكاة بمنزلة الميتة بعيد عن السياق لان قوله (ع) لو كان عدل ما احتاج هاشمي دل ثبوت الحاجة لهم فعلا بسبب عدم قوة
العدل الذي هو بمنزلة عدم وجوده وقوله إن الرجل إذا لم يجد شيئا حلت له الميتة تمهيد لبيان حل الزكاة للهاشمي من جهة حاجتهم المفروضة ولا ريب في أن حاجتهم
لم تبلغ غالبا إلى حد إباحة الميتة بل لا تبلغه حاجة أحد غالبا ولو كان من فقرأ الكافر فإذا فرض انه لا يعتبر في اضطرارهم بلوغه إلى ذلك الحد فلا معنى لتحديد
المأخوذ بما يسد الرمق لأنه شئ يجده المحتاج المذكور قبل الاخذ مع أنه حرج شديد منفى ومع أنه لا يلائم حكمة التحريم التي هي ترفعهم عن أوساخ الناس
فإنها لا تقتضي هذا المقدار من التضييق بل تقتضي ارتفاعها بمجرد الحاجة ثم لو أريد باخذها ما يسد الرمق اخذ ما يكفي لسد رمقه في السنة ليكون الفرق
بينه وبين القول الثاني جواز اخذ المؤنة المتعارفة السنة على القول الثاني دون هذا القول لم يخرج عن الحرج وان لم يكن تبلك المخالفة لظ الرواية
فالأولى معنى الرواية تنظير التعيش من الزكاة حيث لا معيشة له من غيرها بمنزلة اكل الميتة في الجواز مع الحاجة أو تشبيه ما يسد الخلة من الزكاة بالميتة لا
تشبيه الزكاة بالميتة في وجوب الاقتصار على ما يسد الرمق في الحال ولا ريب ان ضابط التعيش في العرف والشرع من حيث الاكل على ما يستفاد من باب
النفقات هو التقوت يوما فيوما ومن حيث الكسوة عند الحاجة إليها واما الحكم بجواز التكملة السنة لمن عنده قوت بعضها أو أكثرها فهو بعيد عن سياق
الرواية سيما إذا رجا تمكنه من الخمس في بقية السنة واما كون المأخوذ بدلا عن الخمس بحيث يترتب عليه ما يترتب على الخمس فهو ممنوع جدا إذا لمسلم انه شئ
اباحه الشارع لسد الخلة حيث إنه لم يقوى الهاشمي على غيره و ح فيجوز التعيش به عند الحاجة المغبوطة عرفا باليوم وليلته اقتصارا في مخالفة أصالة الحرمة
على القدر المتيقن بعد اثبات جواز التعدي عما بسد الرمق منها بكونها من سنة إلى سنة نعم لو توقع ضرر الحاجة ان لم يدفع إليه ما يكمل مؤنة السنة عادة
دفع إليه ذلك كما أشار إليه الشهيد والمحقق الثانيين في حاشية الشرايع ولك قال (ايض‍) ولو وجد الخمس في أثناء السنة لم يبعد وجود استعادة ما بقى
من الزكاة انتهى وفيه عدم الدليل على ذلك بعد التملك فهو كما لو صار الفقير الاخذ الزكاة أو الخمس غنيا بغير هما نعم لو حملنا الموثقة المتقدمة على تنظير أصل
الزكاة أوما يسد به الخلة منها بالميتة كانت ظاهرة فيما ذكره من وجوب الاستعادة إما لو حملنا على تشبيه أصل الزكاة بأكل الميتة في الجواز عند الاضطرار
فلا لأن المفروض جواز الاخذ والتملك له حين الاخذ لاضطراره ولا دليل على زوال ملكيته عن المأخوذ بعروض الغناء أو بوجدان الخمس الا ان يق بان الاستحقاق
انما يحدث يوما فيوما لحدوث سببه وهو الاضطرار جواز الاخذ دفعة انما لدفع ضرر الحاجة في زمان عدم الوجدان لا لاستحقاق مجموع المأخوذ حين الاخذ حتى
يحتاج إلى المزيل فهو انما يملكه متزلزلا بكشف حاله بالغناء عنه هذا كله من حيث القوت واما من حيث الكسوة وسائر المؤن فيجوز ان يأخذ منها عند الحاجة ما يليق به
وإن كان يكفيه لمده ثم إن المتيقن من الصدقات المحرمة هي الزكاة المفروضة وهل يلحق بها مطلق الواجبة من الصدقات كالكفارات والهدى أو بالعرض كالصدقة
المنذورة والموصى بها قولان عن عموم كثير من الاخبار تحريم أصالة الصدقة أو خصوص المفروضة والواجبة وخصوص مرفوعة أحمد بن محمد الواردة في تقسيم الخمس
العاطفة فيه الصدقة على الزكاة في التحريم مضافا إلى اطلاقات معاقد الاجماعات ومن انصراف الصدقة المفروضة سيما المفيدة بكونها للمال أو المعللة بأنها
أوساخ الناس بما فرض الله التطير في قوله تع خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ففي رواية زيد الشحام عن الصادق (ع) قال سئلته عن الصدقة التي حرمت عليهم
511

قال هي الصدقة المفروضة مطهرة للمال وفي رواية أخرى لزيد بعد السؤال المذكور قال (ع) هي الزكاة المفروضة ونحوها رواية إسماعيل بن فضل الهاشمي
عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له أتحل الصدقة لبنى هاشم فقال انما الصدقة الواجبة على الناس لا تحل فاما غير ذلك فليس به باس ثم أي قلنا بحرمة الواجبة ولو بالعرض
فالظ ان الموصى بها غير داخل لأنه انما وجب التصدق على الموصى من حيث وجوب الوفاء بما أوصى به الغير فيجب عليه ايجاد التصدق الذي أوصى به الميت ولا ريب انه في
نفسه لم يكن واجبا والفرق بينه وبين الصدقة المنذورة ان في المنذورة تعرض الوجوب لأجل الصدقة واما في الموصى بها فالوجوب انما يتعلق بقيام الموصى
بالامر المندوب الذي أوصى به فهو كالتصدق الذي أمر به المولى وغيره مما يطاع نعم لو أوصى الميت بالتصدق لا من ماله بل من مال الموصى وقبل الموصى وقلنا
بوجوبه بالقبول كانت بحكم المنذورة وفاقا للمحكى عن المحقق والشهيد الثانيين لان الواجب دفع المال صدقة عن صاحبه ثم إن المتبادر من الصدقة سيما المعللة منها
يكون قبولها سببا للمهانة والذلة وهو ما عن المنتهى في مقام الجواب عن احتجاج المحقق على جواز الصدقة المندوبة للنبي (ص) بان كان يقرض ويقبل الهدية
وكل ذلك صدقة لقوله (ع) كل معروف صدقة قال في المنتهى وفيه نظر لان المراد بالصدقة المحرمة ما يدفع من المال إلى المحاويج على سبيل سد الخلة ومساعدة الضعيف
طلبا للاجر لا ما جرت العادة بفعله على سبيل التردد كالهدية والقرض ولذا يقال السلطان إذا قبل هدية بعض رعيته انه يصدق عليه انتهى وحكى نحوه عنه في
النهاية وهو حسن على وجه المعونة وسد الخلة والترحم لا مطلق ما يملك مجانا قربة إلى الله كاهداء الهدية والإضافة بنية القربة فان الظ انه لا تدخل
في أدلة جرمة الصدقة والا فقد ورد ان كل معروف صدقة ثم إنه لا خلاف في عدم تحريم الصدقة المندوبة وبه وردت اخبار كثيرة الا ان في بعض الأخبار ما يدل
على نهى الإماء عن ماء المسجد معللا بأنها صدقة وقد اشتهر حكاية منع سيدتنا زينب وأم كلثوم (ع‍) السبايا عن اخذ الصدقات من أهل الكوفة معللتين بكونها
صدقة ويمكن حملها على الكراهة أو الحرمة إذا كان الدفع على وجه المهانة كما أبدله في شرح المفاتيح وهل يحرم الصدقة المندوبة على النبي صلى الله عليه وآله والإمام (ع) فيه قولان
وعن المعتبر نسبة العدم إلى علمائنا
مسألة المتولي لاخراج الزكاة إلى مصارفها اثنان المالك وفي حكمه نائبه وليا أو وكيلا أو وصيا و؟؟ الساعي إما
المالك ونوابه فلا خلاف في جواز توليهم في الجملة خلافا للمفيد والحلبي فأوجبا الدفع إلى الإمام (ع) مع حضور والى الفقيه مع الغيبة وعن ابن زهرة والقاضي
الاقتصار على وجوب الدفع مع الحضور واطلاق الاخبار كثيرة بدفعها بل في بعض الأخبار رد الزكاة إلى دار المالك باخراجها وقال إن هذا إذا قام قائمنا (ع)
يعدل في خلق الرحمن السوية البر منهم والفاجر نعم لا ريب في استحباب دفعها إلى الإمام (ع) والى الفقيه مع الغيبة الفتوى جماعة ولأنه أبصر بمواقعها واستدل
للمفيد بقوله تع خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم فان وجوب الاخذ يستلزم وجوب الدفع وأجيب عنه بوجوه منها عدم دلالته على كون
الصدقة من الزكاة لجواز ارجاعه إلى المال الذي أخرجوه من أموالهم كفارة لتخلفهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وهم الآخرون المرجون لأمر الله كما في سابق الآية وفيه ان
التخصيص لا وجه له فلعل الآية عامة لكل صدقة تطهرهم ويشهد لعمومه الزكاة واختصاصه بها استدلال العلماء على رجحان الدعاء للمزكى بقوله تع صل عليهم و
يؤيده ما ورد عنه صلى الله عليه وآله أمرت ان آخذ الصدقة من أغنيائكم وادفع إلى فقرائكم وبما ذكرنا يدفع (ايض‍) احتمال عود الضمير إلى خصوص الممتنعين ومنها ان وجوب
الاخذ لا يستلزم وجوب الدفع ابتدأ وان فهم من الخارج وجوب الدفع بعد المطالبة كما يفهم من الامر بايجاد فعل مع أن الاخبار في جواز تولى المالك للاخراج فوق
حد الاحصاء وتخصيصها بزمان قصور أيدي الأئمة (ع) كما هو مورد الاخبار وان أمكن سيما بقرنية المرسل قال أربعة إلى الولاة وعد منها الصدقات الا انه يحتاج إلى
دليل فبمجرد ذلك لا يوجب التخصيص مع أن أكثرها يأبى عن هذا التخصيص وكيف كان فلو طلبها النبي صلى الله عليه وآله أو الإمام (ع) وجب الدفع إليه لحرمة عصيانهما حتى فيما لا يتعلق
بالواجبات الإلهية لعموم أدلة إطاعة الرسول صلى الله عليه وآله واولى الامر وقوله فليحذر الذين يخالفون عن امره وما دل على حرمة ايذائه ولو طلبها الفقيه فمقتضى أدلة
النيابة العامة وجوب الدفع لان منعه رد عليه والراد عليه راد على الله تع‍ كما في مقبولة ابن حنظلة ولقوله (ع) في التوقيع الشريف الواردة في وجوب الرجوع في الوقايع
الحادثة إلى رواة الأحاديث قال فإنهم حجتي عليكم وانا حجة الله فرع لو طلب الإمام (ع) أو نائبه الخاص أو العام الزكاة فلم يجبه ودفعها هو بنفسه فهل يجزى أم لا
قولان أصحهما انه لا يجزى وفاقا للمحكى عن الشيخ وأبى حمزة والفاضلين في الشرائع والمختلف والشهيدين في الدروس والروضة لان وجوب الدفع إلى الإمام (ع)
بالعرض يدل على حرمة الدفع إلى غير ذلك يجوز ان ينوى به التقرب وليس ما ذكرنا مبنيا على اقتضاء الامر بالشئ النهى عن ضده الخاص كما قيل حتى يمنع المبنى أو من جهة ان
الظ من حال الامر عدم رضائه باعطاء الغير حتى يق ان عدم الرضا إن كان لأجل الامر فرجع إلى مسألة الضد وإن كان من الخارج فهو مجرد الدعوى بل من جهة اقتضائه
للنهي عن هذا الضد بيان ذلك أن مطلق الدفع أو الدفع إلى شخص خاص قد يلاحظ من حيث هو وضده العام ح ترك الدفع وقد يلاحظ مقيدا بكونه إلى شخص خاص بعد
الفراغ عن أصل الدفع وفرض وقوعه من المكلف لا محاله فيتوجه الايجاب ح إلى مجرد القيد فيرجع قوله ادفع إلى الامام إلى قوله ليكن الدفع إلى الامام أو ليكن
المدفوع إليه الإمام (ع) فضده العام هو ترك ايقاع الدفع عن وقوعه إلى الإمام (ع) وهي عبارة أخرى عرفا عن دفعه إلى غير الامام وإن كان هو عدميا وهذا
وجوديا ولا ريب ان الغرض من أمر الامر بالدفع إليه ليس الا مجرد ايجاد القيد بعد الفراغ عن أصل وجوب الاخراج الذي هو بأمر الله سبحانه فالزامه الدفع إلى نفسه في
مقابلة المنع عن الدفع إلى غيره والمفروض ان أمر الله سبحانه بإطاعته يرجع إلى طبع امره (ع) ثم لو سلم الامر بالدفع لا يرجع إلى مجرد القيد بل إلى الدفع المقيد لكن
نقول إن هذا الامر مقيد للأوامر العامة بوجوب اخراج الزكاة إلى الفقراء بما إذا لم يطلبه الإمام (ع) الذي هو الولي الفقراء ضرورة التعارض بين جواز دفع المال
إلى الفقراء وبين وجوب دفع ذلك المال بغيه إلى وليهم نظير التعارض الواقع بين تعيين عتق الرقبة المؤمنة المستفاد من قوله أعتق رقبة مؤمنة ليس هذا من
512

مسألة الضد بل من المطلق والقيد المثبتين اللهم الا ان يق ان التكليف هنا بالقيد تكليف اخر مغاير التكليف بالمطلق لان التكليف المطلق انما هو بإيتاء الزكاة
والتكليف المقيد الذي هو بإجابة الإمام (ع) نعم لو دل دليل على أن إيتاء الزكاة وجب ان يكون بالدفع إلى الإمام (ع) كان التقييد متوجها كما في المثال المذكور ولذا
يستحق الدافع إلى الإمام (ع) ثوابا على الزكاة وثوابا على إجابة الإمام (ع) وكذا يستحق عقابين لو ترك أصل الزكاة أحدهما على ترك الزكاة والاخر على معصيته الامام
بخلاف مثل المطلق والقيد فالتحقيق ارجاع المسألة إلى مسألة الضد مع امكان ان يق ان مقتضى عموم وجوب الدفع إلى الامام من باب الا طلقه هو عدم ترتب
الأثر على دفعه إلى الفقير بل المزكى بعد دفع المال إلى الفقير مكلف بدفعه إلى الامام فيجب عليه استرجاعه من الفقير ودفعه إلى الإمام (ع) أو دفع الزكاة من ماله إليه
وهذا معنى عدم الأجزاء كما ذكرنا نظيره في مسألة من نذر التصدق بمال معين وان عموم وجوب الوفاء مانع عن ترتب الأثر على التصرفات الواقعة على ذلك المال
والثابت جوازها بعموم أدلتها لكن يدفعه ان وجوب الدفع الامام مختص بصورة وجوب الزكاة وبعد سقوط الزكاة عنه بمقتضى العمل بالعمومات جواز الدفع إلى
الفقراء المستلزم لسقوط التكليف لا يبقى موضوع لوجوب الدفع إلى الإمام (ع) فالعمل بالعمومات مخرج للمسألة عن موضوع وجوب الدفع إلى الامام فالحكم بالاجزاء
من جهة العمل بظاهر العمومات لا يلزم منه خلاف ظ في دليل وجوب الدفع إلى الإمام (ع) بل يلزم منه خروج الواقعة عن موضوع ذلك الدليل بخلاف الحكم بعدم الا جزأ فإنه
موجب لتخصيص العمومات
مسألة المحكي عن جماعة تحريم نقل الزكاة من بلد إلى اخر مع التمكن من صرفها في المنقول عنه بل قيل إنه المش‍ بل عن التذكرة نسبته إلى علمائنا أجمع
وعن الخلاف الاجماع عليه قيل لمنافاته الفورية الثابتة كما سيجئ ولأنه تعزير للمال وتعريض له التلف ولما دل على مداومة النبي صلى الله عليه وآله على تقسيم صدقة أهل البوادي
عليهم وصدقة أهل الحضر عليهم بل صحيحة الحلبي انه لا يحل صدقة المهاجرين للأعراب ولا صدقة الاعراب للمهاجرين وفي الأدلة نظر لمنع منافاة النقل للفورية
لان السفر بها شروع في الاخراج ولا يجب المسارعة في أسرع وقت والا لم يخبر القسمة بين المستحقين لامكان دفعها إلى مستحق واحد مع أن الكلام في نفس النقل سوءا
نافى الفورية أم لا وهذا غير مسألة الفورية وجواز التأخير سوءا نشأ من النقل أم لا واما التعزير بالزكاة مع الحكم بالضمان ووجوب الإعادة لو تلف ممنوع بل
تعزير مع الطريق عادة مع أن الكلام في النقل من حيث هو لا التعزير الذي بينه وبين النقل تبائن جزئي واما مداومة النبي صلى الله عليه وآله فلو سلم دلالتها على الوجوب فلا دخل
لها في مسألة النقل بل من حيث القسمة واحدهما لا يستلزم فقد يمكن تقسيم صدقة إحدى الطائفتين على الأخرى من غير نقل كما يمكن النقل مع تقسيم صدقة كل
طائفة إلى أهلها كيف وقد ثبت ضرورة ارسال النبي صلى الله عليه وآله العمال والجباة لنقل الصدقات إلى البلد كما نص عليه الإمام (ع) في الكلام الذي حكيناه عن نهج البلاغة
في آداب العامل ومنه يظهر الجواب عن رواية الحلبي واما الشهرة وحكاية الاجماع فموهونتان بذهاب كثير إلى الجواز إما بشرط الضمان كما عن المبسوط والاقتصار
والفاضل في بعض كتبه والشهيدين في الدروس والمسالك ومن غير ذلك شرط كما عن المفيد وابن حمزة وعن الحلبي والفاضل في بعض كتبه وهو الأقوى لأصالة الجواز
الثابتة باطلاق دفع الزكاة وخصوص المعتبرة مثل ما عن الفقيه بسنده إلى هشام بن الحكم عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يعطى الزكاة فيقسمها له ان يخرج الشئ منها
من البلدة التي هو بها إلى غيرها قال لا باس وباسناده عن درست بن أبي منصور قال قال أبو عبد الله (ع) في زكاة يبعث بها إلى الرجل إلى غير بلده قال لا باس ان يبعث
بالثلث أو الربع وفي الصحيح عن أحمد بن أبي حمزة قال سئلت أبا الحسن الثالث (ع) عن رجل يخرج زكاته من بلد إلى بلد اخر ويصرفها في إخوانه فهل يجوز ذلك قال نعم
وظاهر هذه الأخبار كما ترى تدل على الجواز بمعنى ثبوت هذا التخيير للمالك بأصل الشرع في دفع الزكاة الذي لازمها عدم الضمان الا ان الظ ثبوت الضمان لو
تلفت إذا تمكن من دفعها في بلدها إلى المستحق وعن المنتهى الاجماع عليه وقد تقدم الضمان بالتمكن من التسليم ولعل مراد من نسب إليه المنع من النقل
هو سلب الجواز لا من حيث الفورية بالمعنى المذكور الذي لازمه عدم الضمان كما في ساير التصرفات فيما حيث إنها لا يستعقب ضمانا ولذا ترى من المانعين لا يتفرعون
على المنع الا الحكم بالضمان ومما يؤيد ذلك ما عن الخلاف وفي التذكرة اتفاق العلماء على عدم المنع مع أن المتتبع لا يجد القائلين بالمنع أكثر من المجوزين مضافا
إلى ذهاب الشيخ والفاضل إلى الجواز في أكثر من كتبهما وأوضح من جميع ذلك أن الشهيد في اللمعة والدروس بعد الجزم بعدم الوجوب وتفريع الضمان تردد
في الاثم واعترضه السلطان غفلة عما ذكره بأنه لا معنى لاظهار التردد بعد الجزم ووجهه شارح الروضة بان المراد عدم الجواز عقلا لا فضائه إلى الضمان
ولا يخفى ان ما ذكرناه أرجح واضعف مما ذكره في بعض القيود من عدم المنافاة بين المنع وعدم الاثم لجواز ارتفاع الاثم بأداء العوض كما في الكفارة لحسنة
محمد بن مسلم بابن هاشم قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل بعث بزكوة ماله ليقسم فضاعت هل عليه ضمانها حتى يقسم فقال إذا وجد لها موضعا فلم يدفعها إليه
فهو لها ضامن حتى يدفعها وان لم يجد لها من يدفعها إليه فبعث بها إلى أهلها فليس عليه ضمان لأنها قد خرجت عن يده وكك الوصي الذي يوصى بها يكون ضامنا
لما دفع إليه إذا وجد ربه الذي لم يدفعه إليه فإن لم يجد فليس عليه ضمان ولذلك من وجه إليه زكاة مال ليصرفها ووجد لها موضعا فلم يفعل وهلكت
كان ضامنا وصحيحة زرارة قال سئلت أبا عبد الله (ع) من الرجل بعث إليه أخ بزكوة يقسمها فضاعت فقال ليس الرسول ولا على المؤدى ضمان قلت فإنه لم
يجد لها أهلا ففسدت وتغيرت فقال لا ولكن ان عرف لها فعطبت أو فسدت فهو لها ضامن حتى يخرجها وبإزاء هذه الأخبار اخبار دالة على عدم الضمان
مثل رواية أبي بصير قلت لا بي جعفر (ع) جعلت فداك الرجل يبعث بزكوة ماله من ارض إلى ارض فيقطع عليه الطريق قال قد أجزء عنه ولو كنت انا لا عدتها
وعن بكير بن أعين عن أبي جعفر (ع) قال سئلته عن الزكاة يبعثه بركوته فيسرق أو يضيع قال ليس عليه شئ وعن عبيد الله بن زرارة عن أبي عبد الله (ع) إذا أخرجها
من ماله فذهبت ولم يسمها لاحد فقد برء منها وعن حزير عن أبي بصير عن أبي جعفر (ع) إذا اخرج الرجل الزكاة من ماله ثم سماها لقوم فضاعت أو ارسل
513

بها إليهم فضاعت فلا شئ عليه ومقتضى الجمع بين الاخبار حمل أدلة عدم الضمان مع عدم التمكن من الدفع ثم إن النقل انما يتحقق مع تعيين الزكاة
بالعزل أو مع نقل جميع النصاب ومع نقل بعضه من غير عزل فمقتضى القاعدة (ايض‍) ضمان مقدار ما يخصه من مجموع الزكاة لان مقتضى الشركة تحقق نقل جزء من
الزكاة في ضمن البعض المنقول وظ الرواية المسالك ان الذاهب من ماله وقد تقدم الكلام في ذلك ثم إن الظ عدم الخلاف كما عن التذكرة في الأجزاء
لو قسمها بعد النقل هذا كله مع وجود المستحق في البلد واما عدمه فلا اشكال ولا خلاف في جواز النقل مع ظن السلامة وعدم الضمان لو تلف ويدل عليه
حسنة ابن مسلم المتقدمة وهل يكفي في الجواز عدم وجود الفقراء في البلد أو عدم التمكن من الصرف مط حتى سبيل الله مقتضى استدلالهم بمثل الفورية و
التعزير بالزكاة هو الثاني ولكن ظ كلمات المانعين هو الأول بل ظ معقد اجماعهم على الجواز عدم مع المستحق وظاهر روايتي ابن مسلم وزرارة المتقدمتين في عدم
الضمان بالنقل مع عدم وجود الأهل في البلد هو الأول وهذا هو الأقوى إذا فرضنا القول بالمنع للروايتين المتقدمتين وما سيجئ من الاخبار في جواز البعث مع
وجود أهل الولاية في بلد الزكاة مضافا إلى عموم رواية ابن أبي حمزة المتقدمة في جواز النقل خرج منها على القول بالمنع القدر المتيقن من كلمات الأصحاب ومعقد
اجماعهم وهل يجب النقل ح وجهان من كونه من مقدمات الدفع الواجب ومن منع وجوب الدفع فورا مط انما الواجب الدفع إلى المستحق على النحو المتعارف وهو مشروط
بوجود المستحق في البلد فله ح ان يحفظه وينتظر به ويضعف هذا بمنع تقييد أدلة الدفع بصورة وجود المستحق في البلد نعم في بعض الروايات انه إذا لم يصب لها أحدا
ينتظر بها سنة إلى سنتين إلى أربع سنين فان وجد والا فليجعلها في حرز وليطرحها في البحر قال فان حرم الله أموالنا وأموال شيعتنا على عدونا وفي الرواية
ضعف سند أو دلالة ويمكن حملها على صورة تعذر الايصال ولو بالنقل اذلا يرتاب أحد في تقديم النقل على الطرح في البحر الا ان يق ليس المراد حقيقة بل هو
من باب الإحالة على المحال فان عدم وجدان المصرف في أربع سنين نادر جدا وكيف كان فالتمسك بهذه الرواية على عدم وجوب النقل ضعيف جدا كالتمسك على
وجوبه بما ظاهره وجوب البعث إلى الشيعة في مقابلة حرمة الدفع إلى المخالفين نحو رواية ضريس قال سئل المدايني أبا جعفر (ع) قال إن لنا زكاة نخرجها من أموالنا
ففيمن بضعها قال في أهل ولايتك فقال انى في بلاد ليس فيها أحد من أوليائك فقال فابعث إلى بلدهم فيدفع إليهم ولا تدفع إلى قوم ان دعوتهم إلى امرك
لم يجيبوك وكان والله الذبح ونحوها رواية شعيب إذا الظ ان المراد هنا بيان المصرف وانه مختص باهل الولاية وان لم يكونوا في بلد الزكاة ووجد غيرهم
فان وجود غيرهم كعدمه لا يسوغ الدفع إليه بمجرد حضور أهل الولاية فان ذلك لا يصير عذرا في الدفع إليهم ثم الظ اختصاص الخلاف بجواز النقل فلا اشكال
في أداء المثل والقيمة في بلد اخر وإن كان الأفضل الصرف في بلد الزكاة وما ذكره في الروضة من احتمال عدم الأجزاء لو نقل جملة من ماله الزكوي من غير عزل
فيصرفها في بلد اخر ضعيف جدا ثم المراد بالضمان هنا بقاء التكليف بالزكاة فلا يتعين دفع القيمة إذا تلف الغنم المنقول بل له دفع المثل من باقي المال الزكوي
وغيره ودفع القمية ولو تلف من غير المالك فالظ ضمان القيمي بالقيمة لأنه الأصل في ذوات القيم ودفع المثل من المالك ليس الضمان بل لأنه أحد افراد الواجب
عليه سابقا قبل التلف (ايض‍) مسألة لا اشكال في جواز عزل الزكاة في الجملة وانما الخلاف في صحته مع وجود المستحق وظاهر اطلاق الاخبار الصحة ولو ادعى انصرافها
إلى صورة العدم لزم الاقتصار في العزل المخالف للأصل على المتيقن ولا بد ان يكون ولى الفقراء بمنزلتهم باعتبار عدم التمكن منه (ايض‍) في صحة العزل على القول الآخر
ومعنى العزل على ما ذكروا تعيين الزكاة في مال خاص قالوا فليس له الا بدال ولا يضمنه الا بالتفريط أو تأخير
الاخراج مع التمكن وذكر جماعة ان نماء المعزول تابع له ولو كان
منفصلا وقال في الدروس بعد الحكم بعدم الا بدال انه لو نمى كان له يعنى للمالك أقول إما جواز افراز الزكاة في الجملة فيدل عليه اخبار الاخراج والعزل وكذا عدم
ضمانه لو تلف بغير تفريط ولا تأخيره مع التمكن كما يدل عليه المستفيضة فبانه لولا التعيين بالتعيين كان كحالة عدم التعيين في أنه لا يحتسب من الزكاة الا ما يخص التالف
بنسبة إلى الكل واما عدم جواز الابدال فلانه لو جاز له الابدال كان الواجب الكلى المراد بين المفروز وغيره فلا يسقط بتلف خصوص المفروز هذا لو فرضنا منع
خروجه عن الملك بالافراز والا فلا اشكال في عدم الجواز لاحتياج الجواز إلى ثبوت ولاية واما ملكه للنماء المتصل فلانه تتبع العين في وجوب الدفع لأنه جزء منه واما المنفصل
فهو مبنى على خروجه عن ملك لذالك والانصاف انه لم يظهر ذلك من أدلة العزل على وجه يطمئن من النفس غاية ما يمكن ان يق باستفادة ذلك مما ورد في النصوص
والفتاوى من عنواني الاخراج والعزل حيث إنهما تدل على كون المخرج والمعزول زكاة ومن حكم الزكاة خروجها عن ملك المالك ولذلك الحكم بالضمان في الاخبار
عند التلف بعد التمكن من الدفع فان الضمان ظاهر في كونه خارجا عن ملكه وبعبارة أخرى ظاهر اخبار العزل والاخراج والضمان تحقق القسمة بين المالك و
الفقراء بولاية من المالك ويؤيده قاعدة تلازم كون تلف شئ من شخص وكون نمائه له المستفادة من الاخبار مثل ما ورد في بيع الخيار من حكم الإمام (ع) بكون غلبة
المبيعة للمشترى ثم قال الا ترى انها لو احترقت كان من ماله فاستشهد على ملكية النماء بكون التلف منه ويؤيد ذلك (ايض‍) بل يدل عليه رواية الثمالي عن أبي جعفر (ع)
قال سئلته عن الزكاة يجب على في موضع لا يمكنني ان أؤديها قال اعزلها فان اتجرت بها فأنت لها ضامن ولها الربح فان نويت في حال ما عزلتها من غيران
تشغلها في تجارة فليس عليك وان لم تعزلها واتجرت بها في جملتها لك فلها بقسطها من الربح ولا وضيعة عليها ولكن الرواية ضعيفة عند ابل ولا دلالة من
حيث دلالتها على استحقاق الربح عند الاتجار بها الظ بقرينة ندرة التجارة بالعين التجارة بالذمة ودفع العين عوضا أو في الأعم منها ومن التجارة بالعين وإن كان
ظ اللفظ من حيث الوضع الاتجار بالعين الا انه قد بلغ استعماله في الأعم إلى حيث يكون هو المتبادر كما لا يخفى وهذا خلاف المعروف الا ان يخص ذلك بالتجارات
العدوانية كالمغصوب ومال الطفل بالنسبة إلى غير من يجوز له التصرف وقد ورد في الكل روايات لكن المش‍ لم يعملوا باطلاقها مع أنه بعد تسليم ظهور الرواية في الاتجار
514

بالعين لابد إما من ادراك ذلك في التجارة الفضولية وتقييد تبعية الربح بصورة إجازة ولى الزكوات أعني الإمام (ع) أو نائبه واما عن اخراجها عنها بجعل المعاملات
العدوانية محكومة بحكم على حدة وهو ثبوت الربح لرب المال والوضيعة على العامل والأول مع أنه مستلزم لتقييد استحقاق الربح بصورة الإجازة مع كمال بعده عن
سياق الرواية وأمثالها الواردة في التجارة بالمغصوب ومال الطفل لا يلائم كون الوضيعة على العامل لان الولي ان أجاز المعاملة المشتملة على الوضيعة فالوضيعة
على المال والا فليس له اخذ ما انتقل بالمعاملة لفساد البيع ورجوع المبيع إلى ملك مالكه و ح فان تمكن الولي من الرجوع إلى البائع بالثمن فيسرده منه ولا وضيعة على
العامل وان لم يتمكن منه فالظ الرجوع إلى العامل بمجموع الثمن لأنه حائل بينه وبين أربابه ولا معنى لكون الوضيعة عليه إذا الظ من كون الوضيعة على العامل الرجوع عليه
بالتفاوت بين الثمن وبين قيمة المتاع المنتقل إليه وكيف كان فالتمسك بالرواية في غاية الاشكال واما الوجه السابق عليها من أن كون التلف من شخص مستلزم
لكون الربح له فهو مسلم إذا ثبت ان تلف في المقام من مال الفقير له لا يجوز ان يكون التالف مملوكا لرب المال وانما سقط وجوب الزكاة عنه لان التكليف الذي
صار متعينا عليه في ضمن العين الخاص قد انتفى بانتفاء موضوعه نظير تلف المال المعين الذي نذران يتصدق به فإنه مع كونه من مال النادر يسقط التكليف فالعمدة
في اثبات خروج المعزول عن الملكية هي اخبار المسألة المشتملة على عنواني الاخراج والعزل فان الظ منهما هو الخروج عن الملك وصيرورة المخرج والمعزول زكاة
حقيقة ويؤيدهما الحكم بالضمان الظ في خروج المضمون عن مال الضامن وممن منع الملكية شارح الروضة بل منع عدم جواز الابدال (ايض‍) ثم إنه لا فرق بين ان يكون العزل
من عين النصاب أو من مال خارجي كما يستفاد من الشهيدين وجماعة وإن كان ربما يوهم ظاهر الاخبار الاختصاص بالأول ويعتبر في العزل النية كما لا يخفى مسألة
المحكي عن الأكثر المنع عن تأخير دفع الزكاة عن وقت اخراجها المقدم بيانه في بيان وقت تعلق الوجوب مع الامكان وعدم العذر لان المستحق مطالب بشاهد الحال كما
في المعتبر اولان وليه وهو الشارع طالب بالمقال كما عن الايضاح ولصحيحة سعيد بن سعد الأشعري قال سئلت أبا الحسن الرضا (ع) عن الرجل يحل عليه الزكاة في السنة
ثلث أوقات أيؤخرها حتى يدفعها في وقت واحد قال متى حلت أخرجها وفي رواية أبي بصير المحكية عن السرائر إذا أردت ان تعطى زكاتك قبل حلها بشهرا وشهرين
فلا باس وليس لك ان تؤخرها بعد حلها ويؤيدهما ما تقدم في مسألة النقل من اخبار الضمان إذا وجد المستحق فلم يدفعها إليه فيكشف عن عدم الإذن في التأخير
لان الغالب في الأمانات بل القاعدة فيها عدم الضمان مع الإذن الشرعي سيما فيما نحن فيه حيث إن تسلط المالك أعني الفقير تابع لكيفية تكليف الشارع في التوسعة و
التضييق لا العكس كما في مثل الوديعة والدين فلا يق ان المنافى الضمان هو الاذن المالكية لا الشرعية ولذا يحكم بالضمان مع الإذن الشرعي في موارد كثيرة و ح
فالحكم بالضمان كاشف عن ثبوت الفورية والكل لا يخ عن نظر إما في المعتبر ففيه بعد تسليم مطالبة جميع الفقراء أو كفاية مطالبة بعضهم ان مطالبتهم انما
يوجب فورية الدفع إذا نعين صرف الزكاة فيهم وهو غير لازم الا ان يق ان مقتضى الأخبار الكثيرة كون الزكاة موضوعة لقوت الفقراء بل ملكا لهم
والآية لا تدل الاعلى حصر مصارف الزكاة في مقابل من لا يستحقها ممن كان يلمز النبي صلى الله عليه وآله في الصدقات ولا يستحقها فهى في مقام بيان الاشتراك في المصرف
لا المشاركة في الملك فهى وما يشبهما من الروايات لا ينافي اختصاص ملكية الفقراء بالفقراء لجواز دفع مال الفقراء الجواز دفع مال الفقراء إلى مصالح خصوص الفقراء أو عامة
المسلمين بإذن الشارع و ح فمع فرض مطالبة الفقراء لو لم يصرفها في المصارف المسقطة الدفع إليهم كان امساكه ظلما لكن هذا انما يتم إذا كان التكليف
بدفع الزكاة تابعا لمطالبة أربابها نظير الوديعة ولدين وأما إذا لم يكن كنت بل كان الامر بالعكس كما هو الظ في المقام كان حق المطالبة للفقراء تابعا في
التوسعة والتضييق لكيفية التكليف الا ترى انه لو قلنا بالتوسعة لم يكن للفقراء ولا لوليهم المطالبة ومما ذكرنا من تفرع ثبوت حق المطالبة لهم على تكليف
الشارع لا العكس كما في الوديعة والدين يظهر الجواب عما تقدم من الايضاح ثم نقول بعد تسليم الزكاة لم يكن التأخير عدوانا وظلما واما الروايتان فهما
مع ضعف الثانية بالجوهري والبطائي عدم دلالة الأولى الا على فورية العزل لا الدفع معارضتان بروايات منها رواية يونس بن يعقوب قال قلت لأبي عبد الله (ع)
زكوتي تحل على في شهر رمضان أيصلح لي ان احبس منها شيئا مخافة ان يجيئني من يسألني قال إذا حال الحول فاخرجها من مالك ولا تخلطها بشئ ثم أعطها
كيف شئت قال قلت انا كتبتها وأثبتها يستقيم لي قال لا يضرك ورواية حماد بن عثمان لا باس بتعجيل الزكاة شهرين وتأخيرها شهرين وصحيحة معوية بن
عمار عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له الرجل يحل عليه الزكاة في شهر رمضان فيؤخرها إلى المحرم قال لا باس قلت فإنها لا تحل عليه الا في المحرم فيعجلها في شهر رمضان
قال لا باس فالتحقيق في المقام بعد القطع بعدم كون التكليف بالزكاة من الواجبات التي وقتها العمر وبعد ما يظهر من السيرة والاخبار من عدم الفورية
بحيث لا يباح تأخيرها الا للضرورات المبيحة للمخطورات ان الواجب هو الفورية بمعنى عدم المسامحة والاهمال في تركها بحيث بعد الرجل حابسا لها يدل على
ذلك مضافا إلى ثبوت مطالبة المستحقين بشاهد الحال على هذا الوجه فيجب الأداء ح ما ورد من جعل الزكاة قوتا للفقراء ومعونة لهم منضما إلى ما يستفاد
من السيرة وكثير من الروايات من تسويغ ان التأخير للاعذار العرفية مثل مجئ خوف السائل مط أو من اعتبار الاخذ كما في رواية يونس المتقدمة فقوله صلى الله عليه وآله
فيها أعطها كيف شئت أي على ما تريد بحسب مصالح نفسك من الدفعة والتدريج وليس المراد الرخصة في التأخير المط ولهذا لم يقل أعطها متى شئت
ونحوها صحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) أنه قال في الرجل يخرج زكاته فيقسم بعضها ويبقى بعض يلتمس لها الموضع فيكون بين أوله واخره ثلثة أشهر قال
لا باس فان الظاهر من التماس الموضع هو التماس موضع خاص يطلبه المالك لمصلحة دينية أو دنيوية لا لتماس مطلق الموضع فإنه ليس بعزيز حتى يكون
515

محلا للإلتماس والطلب سيما على القول المش‍ من تعميم سبيل الله سيما مع عدم التحديد في طرف الكثرة فيجوز دفعها إلى فقير واحد مع أن السائل قد قسم البعض وبنى
على قسمة الباقي ثم إن العذر الغير البالغ حد إباحة المخطور كعدم المستحق أو الخوف من الدفع إليه ليس مسوغا للتأخير المطلق فلا يجوز تأخير الزكاة سنتين
أو أربع سنين لانتظار الأفضل للتعميم أو نحو ذلك من الأمور الراجحة شرعا أو عرفا بل غاية ما يمكن ان يجوز باطلاق الأدلة التأخير إلى قريب السنة الآتية أولا
فظ روايات وضع الزكاة وانه جعل للفقراء في أموال الأغنياء ما يكفيهم وانه لو أدي الناس الزكاة ما بقى محتاج هو عدم جواز التأخير من سنة الوجوب قطع
ثم إنه حيث جاز التأخير فإن كان لضرورة كعدم المستحق أو عدم التمكن من الدفع فلا اشكال في عدم الضمان ولا خلاف فيه نصا وفتوى وإن كان غير ذلك
من الاعذار المسوغة التأخير كالتعميم أو انتظار المستحق فالظ ثبوت الضمان وإن كان القاعدة تقتضي عدم الضمان مع أمر الشارع ولو استحبابا لكشفه عن الغاء
جانب المالك فهو بالمالك وملكه عن نفسه فيكون بمنزلة اذن نفس المالك فيدل عليه ما دل على نفى الضمان عن الأمين الا ان ما تقدم من حسنة ابن مسلم وصحيحة
زرارة يكفي للضمان مضافا إلى ما عن المنتهى والتذكرة من اطلاق دعوى الاجماع على الضمان بمجرد التمكن من الأداء وظاهرهما نفى الضمان مع عدم وجدان المستحق و
ان تمكن من التصرف في سبيل الله لان حملها على صورة عدم التمكن من مطلق المصرف ولو في سبيل الله يوجب ندرة مورد اطلاق نفى الضمان بل عدم المورد ومن
ذلك يظهر وجه التمسك بما تقدم من الاخبار النافية للضمان عنه إذا بعثها إلى بلد اخر فقطع عليه الطريق أو سرق المحمولة على صورة عدم التمكن عن الدفع نعم ظاهر
الاجماع المتقدم المحكي عن المنتهى والتذكرة من أن التمكن من الأداء معتبر في الضمان وانه لو تمكن فلم يفعل ضمن هو شموله لصورة التمكن من الصرف في سبيل الله
الا ان الظ ان مراده التمكن من الأداء إلى المستحق لا مجرد الصرف كما يشهد بذلك لفظ الأداء إلى أي صنف كان يكفي في الضمان فلو أراد البسط واعطى
نصيب الموجودين ولم يتمكن من دفع الباقي إلى الأصناف الباقية فلا يبعد الضمان وفاقا للمحكى عن ابن فهد لاطلاق أدلة الضمان المتقدمة وعن المنتهى
انه لو كثر المستحقون وتمكن من الدفع إليهم جاز له التأخير في الاعطاء لكل واحد بمقدار ما يعطى غيره وفي الضمان ح تردد انتهى والأقوى عدم الضمان
هنا وفاقا للمدارك لأنه لم يؤخر في أصل الدفع وانما افصى هذا النحو من الدفع طول الزمان وظ ما دل على الضمان المخالف للأصل مع الاذن اختصاصه
بصورة التأخير في أصل الدفع مسألة المشهور عدم جواز تعجيل الزكاة قبل وقت الوجوب لان المدفوع إن كان متصفة بصفة الوجوب لم يكن
الحول شرطا والمفروض خلافه وإن كانت متصفة بصفة الاستحباب لم يكن امتثالا لأدلة الزكاة إلى أن يق بعد قيام الدليل على جواز التعجيل يكون
ما يعجله زكاة لكن لا يجب دفعها الان ولا يكون امتثالا لأوامر الزكاة الا انها مسقطة عن الواجب نظير الدفع عند اهلال الثاني عشر كما تقدم
بيانه وكيف كان فالعمدة في المنع الأصل والأخبار المانعة عنه ففي حسنة عمر وبن يزيد قال قلت لأبي عبد الله (ع) الرجل يكون عنده المال أيزكيه إذا
مضى نصف السنة قال لا ولكن حتى يحول عليه الحول ويحل انه ليس لأحد ان يصلى صلاة الا لوقتها وكك الزكاة ولا يصوم أحد شهر رمضان الا في شهره
الاقضاء وكل فريضة انما يؤدى إذا حلت وفي حسنة زرارة قال قلت لأبي جعفر (ع) يزكى الرجل ماله إذا مضى ثلث السنة قال لا تصلى الأولى قبل الزوال
وقد يستدل (ايض‍) بما دل على اعتبار حلول الحلول وفيه ان اعتباره انما هو في الوجوب والكلام في جواز التعجيل الذي هو معنى فعل الشئ قبل وقته نظير
تعجيل الفطرة الذي قال به جماعة كثيرة فتسميته تعجيلا لمراعاة أدلة اشتراط الحول فكيف ينافيها نعم مقتضى تلك الأدلة عدم الامر قبله فيحتاج العبادة
إلى دليل وهو راجع إلى ما ذكرنا من الأصل وكيف كان فهنا اخبار مستفيضة بل عن العماني دعوى تواترها في جواز التعجيل منها صحيحة ابن عمار ورواية
حماد بن عثمان المتقدمتين في مسألة الفورية وصحيحة الأحول عن أبي عبد الله (ع) في رجل عجل زكاة ماله ثم أيسر المعطى قبل رأس السنة قال يعيد المعطى
زكاته وفي رواية أبي بصير المرسلة عن أبي سعيد المكارى عن الرجل يعجل زكاته قبل الحل قال إذا مضى خمسة أشهر فلا باس وفي مرسلة الحسين بن
عثمان عن رجل يأتيه المحتاج فيعطيه من زكاته في أول السنة فقال إن كان محتاجا فلا باس إلى غير ذلك من
الاخبار التي يظهر من بعضها استحباب
التعجيل حيث قال الإمام (ع) ما أحسن ذلك مشيرا إلى تعجيل الزكاة عند مضى نصف السنة وحملها على القرض ثم الاحتساب مع مخالفته الظ الجميع يأباه
التقييد في أكثرها بمدة معينة فان التعجيل على وجه القرض يجوز قبل سنين فالأولى حملها على التقية لأنه المحكي عن جماعة كثيرة لكن المحكي عنهم اطلاق
التقديم فلا يلائمه الاخبار المقيدة بالشهر والشهرين والأربعة والخمسة الا على مذهب صاحب الحدائق من عدم اعتبار مطابقته مذهب العامة في الحمل
على التقية وكيف كان فالأقوى ما عليه المش‍ ثم على تقدير التعجيل فلا اشكال في أنه مراعى ببقاء الدافع والمال على الشروط إلى تمام الحول وفي المدارك
دعوى الاتفاق عليه لان تخلف بعضها يكشف عن عدم كون المدفوع زكاة لأن المفروض كونها شروطا وهل يراعى ببقاء القابض على الوصف
حكى عن المنتهى القطع به واستدل عليه بصحيحة الأحول المتقدمة وبثبوت المراعاة في جانب الدافع اتفاقا فكذا القابض ويرد على هذا الوجه ان
المراعاة في جانب الدافع لأجل اعتبار استجماع الشروط في تمام الحول اتفاقا فعدمه كاشف عن عدم كون المدفوع زكاة واما القابض فلما لم يشترط فيه
صفة الاستحقاق الا عند قبض الزكاة الواقعي والمفروض ان بقاء الدافع والمال على الشروط يكشف عن كون المدفوع زكاة والمفروض استحقاق
القابض إياه حال القبض فلا يقدح ارتفاع بعده فظهر من ذلك أن عدم جواز الرجوع إلى القابض والاجتزاء بما دفع إليه لو ارتفع استحقاقه من لوازم
ماهية الزكاة المعجلة لأنها زكاة حقيقة لا يغاير الفرد الآخر الا في الزمان شبه العبادة المقضية التي لا تغاير الفائتة الا في الوقت ومنه يظهر
516

عدم جواز التمسك بصحيحة الأحول لان وجوب الإعادة فيها يكشف عن عدم كون المدفوع زكاة حقيقة فيحمل تعجيل الزكاة في تلك الصحيحة على القرض
كما فعله الشيخ جامعا بها بين روايات المنع والجواز حيث قال في وجه الاستشهاد بالصحيحة على أن المراد بالتعجيل القرض انه لو جاز التقديم على كل حال لما
وجب عليه الإعادة إذا أيسر المعطى عند حلول الوقت نعم اعترضه في المعتبر بجواز التزام المجوز للتعجيل بذلك ويمكن توجيه الاعتراض بانا نمنع ان
لازم ماهية تعجيل الزكاة عدم لزوم الإعادة إذا زال القابض عن الاستحقاق الان المدفوع ليس زكاة حقيقة بل يمنع الرجوع بها على الفقير بعد زوال
صفة الوجه لجواز الدفع كيف والزكاة الحقيقة لا يتحقق ولا يحدث في العين ولا في الذمة الا بعد تحقق الشرائط والمشروط لا يتقدم على الشرط بل هي
في الحقيقة صدقة مستقلة أسقط الشارع بها الزكاة عند حلول الحلول وليس الاسقاط بحكم كونه زكاة بل هو تعبد شرعي فيمكن ان يشترط فيه
بقاء القابض على الوصف المعتبر في جواز قبضه كما يعتبر في بقاء دفعه على الوصف المعتبر وجوب دفعه اللهم الا ان يندفع بان ظ النص والفتوى من المانعين
والمجوزين هو كون المعجلة زكاة ولذا اتفقوا ظاهرا على استرداد العين أو بدلها لو لم يبق الدافع على الشرائط لكشف ذلك عن عدم كون المدفوع زكاة
ودعوى اشتراط حدوث تعلق الزكاة في الذمة أو العين بشروط غير حاصلة ولا يجوز تقدم المشروط على الشرط مسلمة الا انه قد ورد نظير ذلك في الشرعيات
كما في تقديم غسل الجمعة عليها وتقديم صلاة الليل على الانتصاف ومرجع الجميع إلى الرخصة في اتيان الموقوف قبل وقتها المضروب له بالجعل الأولى لكن
الانصاف انه لا يمتنع ان يخص الشارع هذه الرخصة بما إذا وقع الدفع من بقى على الاستحقاق إلى تمام الحول ويكون صحيحة الأحول دليلا على هذا التخصيص
فكلام المحقق لا يخ عن وجه
المقصد الثاني في زكاة الفطرة ويطلق عليها الفطرة والإضافة للملابسة ويحتمل الثانية والفطرة هنا إما بمعنى الخلقة
وهي الهيئة الحاصلة للمخلوق من خلقه كالجلسة والحمرة والقبلة وبهذا الاعتبار يق لها زكاة الا بدان وان بتركها يخاف الموت كما في غير واحد من
الاخبار واما الاسلام واستعمال الفطرة في الاسلام لكونه الحال التي عليها المخلوق والمناسبة ح كونها من أركانه ومن شعائره لا اختصاصه بالمسلم
عند الهلال كما يستفاد من ظاهر الروضة للاجماع على اشتراك الكفار في التكاليف نعم لو أسلم بعد الهلال يسقط عنها كغيرها واما من الفطر مقابل
الصوم والمناسبة ما ورد في غير واحد من الاخبار من أن بها تقبل الصوم كما أن الصلوات على النبي وآله صلى الله عليه وآله تقبل الصلاة وكيف فوجوبها
بعد من الضروريات بل هو منها وقد دل عليه الثلاثة ويشترط في وجوب أدائها شروط الأول البلوغ فلا يجب على الصغير لا لأجل نفسه فضلا عمن في
عياله بلا خلاف وعن غير واحد الاجماع عليه وبذلك ينجبر المرفوع والمحكى عن المقنعة يجب الفطرة على كل من يجب الزكاة عليه وقد بينا سابقا عدم وجوب زكاة
المال عليه وكون التمسك هنا بمفهوم الوصف لا يقدح لان المقام مقام بيان الضابط فلابد من الاطراد والانعكاس وخصوص رواية محمد بن القسيم بن
الفضيل المصري المصححة إليه قال كتبت إلى أبى الحسن الرضا (ع) أسئله عن الوصي يزكى زكاة الفطرة عن اليتامى إذا كان لهم مال فكتب لا زكاة على بيتم
وعلى المملوك يموت مولاه وهو عنه غايب في بلد اخر وفي يده مال لمولاه ويحضر المفطر أيزكى عن نفسه من مال مولاه وقد صار اليتامى قال نعم وظاهر ذيلها عدم
سقوط الفطرة عن مملوك الصغير وحمله في الوسائل على ما إذا مات المولى بعد الهلال وهو مع بعده لا باس به بالنسبة إلى الثاني العقل فلا يجب على المجنون بلا خلاف
ظاهر بل بالاجماع كما عن غير واحد وللمرفوعة المتقدمة التقريب المتقدم وقد صرح المعظم بان في حكمه المغمى عليه واستشكله في المدارك بعدم الدليل بينه وبين
النوم الا إذا استوعب وقت الوجوب أقول المستفاد من المشهور في مواضع كقضاء الصلاة والصوم وزكاة المال وغير ذلك أن المغمى عليه ليس أهلا للتكليف
بمعنى عدم تعلق الحكم التكليفي ولو بالقوة كما يتعلق بالنائم والناسي والمغمى عليه مقطوع النظر في نظر الشارع في مقام الأحكام التكليفية بخلاف
اخويه ويكتفون بذكر قيد العقل أو التكليف في الاحتراز عنه ويؤيده عدم ظهور الخلاف بينهم في بطلان الوكالة إذا عرض الاغمام للموكل أو الوكيل وربما
يؤمر إلى ذلك قوله في اخبار كثير ة في مقام تعليل نفى القضاء على المغمى عليه في الصوم والصلاة ما غلب الله عليه فالله أولي بالعذر فان الاغماء ليس في وقت
القضاء حتى يكون عذرا فيه فالمراد العذر في الأداء ومن البين ان المعذورية في الأداء لا يوجب نفى القضاء
كما في النائم والناسي فالمراد من المعذورية هو عدم
تعلق الحكم الواقعي الثاني أعني المطلوبية بالمغمى عليه فيلزمه عدم القضاء لأنه حقيقة تدارك ما فات ولا فوت مع عدم المطلوبية الواقعية وبالجملة فما
ذكره المشهور من كون المغمى عليه بمنزلة الصبى والمجنون قد قطع الشارع النظر عنه في مقام أنشأ التكاليف قوى جدا وحاصل الفرق ان عدم التكليف في المغمى
عليه كالصبي والمجنون لعدم المقتضى في النائم والساهي للمانع فت‍ فان اتمام ما ذكر لا يخ عن اشكال ولذا استوجه في المدارك عدم مانعية الاغماء الا إذا استوعب
وقت الوجوب وعدم الدليل على أزيد من ذلك ويرده بعض المعاصرين بان الدليل هو الأصل بعد ظهور الأدلة في اعتبار اجتماع الشرائط عند الهلال إذ
فيه انه ان أريد بالشرائط شرائط تنجز التكليف فهو مما لم يقل به أحد ولا لمنع النوم والنسيان والغفلة ونحوهما وان أريد شرائط دخول شوال الوجوب
ففيه انه عدم كون الاغماء منها عين محل الكلام واستثناء صاحب المدارك لصورة الاستيعاب ليس لتسليم ما ذكره في غيرها من كون عدم الاغماء شرطا لسببية
السبب حتى يرد بما دل على اعتبار الشرائط عند الهلال بل لان اجتماع جميع شروط تنجز التكليف من القدرة والالتفات وغيرهما ضروري الاعتبار في جزء
من وقت الوجوب فالاغماء للمستوعب مانع عن توجه الخطاب لا محالة الثالث الحرية فلا يجب على المملوك بلا خلاف ونسبه في المعتبر إلى علمائنا وعن غير واحد الاجماع
عليه ويدل عليه المرفوعة المتقدمة بالتقريب المتقدم مضافا إلى أنه ان قلنا بعدم ملكه فلا اشكال في الحكم في وكونه فقير لا يقدر على شئ بل زكاته على مولاه
517

إذا لم يعله غيره لان مؤنته عليه وإن كان من كسبه فان قلنا بملكه فهو محجور حتى المكاتب حيث ورد انه لا يصلح ان يحدث في ماله الا الأكلة من طعام مضافا في غيره
إلى اذن المولى له في الانفاق على نفسه من ماله على القول بملكه انفاقا له في الحقيقة فيدخل فيمن ينفق عليه ومن يمون بل وفي العيال فيجب نفقته على المولى
فيسقط عنه ولا فرق في جميع ما ذكرنا من الأدلة عدا الأخير بين المكاتب وغيره خلافا في المكاتب للمحكى عن الصدوق ره فأوجبها عليه ولعله لأنه مالك ولا دليل
على الحجر عليه في الواجبات القهرية لان أدلة حجره معارضة بأدلة وجوب الفطرة ولخصوص صحيحة علي بن جعفر عن أخيه (ع) عن المكاتب هل عليه فطر شهر رمضان
أو على من كاتبه وهل يجوز شهادته قال الفطرة عليه ولا يجوز شهادته وذكر الصدوق ان الرواية محمولة على الانكار ردا على العامة يريد بذلك كيف
يجب عليه الفطرة ولا يجوز شهادته يعنى ان شهادته جائزة والفطرة عليه واجبة واستجوده في المدارك وربما يستدل المشهور بما دل على وجوب زكاة المملوك
على المولى وبخصوص رواية حماد بن عيسى عن أبي عبد الله (ع) قال يؤدى الرجل زكاة الفطرة عن مكاتبه ورقيق أمرائه وعبده النصراني والمجوسي وما أغلق
عليه بابه ونحوها مرفوعة محمد بن أحمد وفيه ان الكل ظاهر في المملوك الذي يعول المولى فان ثبت ان المكاتب من عياله من جهة ما بيده ملك المولى فلا كلام
في وجوب فطره عليه والا فهذه الأخبار لا تنفع للمطلوب فمقتضى الانصاف هذا كله في المكاتب المشروط أو المطلق الذي لم يتحرر منه شئ واما المبعض
فالمحكى عن الأكثر وجوب فطرته على نفسه وعلى المولى بنسبته الحصة أولم يعله المولى أو غيره والا فعلى المعيل ولأنه لان الاشتراك في العلية والاشتراك في
الملك يقتضى ذلك وفيه نظر لان الاشتراك في العلية لو سلم اقتضائه التشريك فإنما تقتضيه إذا كان ذلك من أجنبيين وأما إذا اشترك أجنبي مع
نفسه فلا يسلم الاشتراك بل مقتضى العمومات السليمة عن معارضة أدلة العلية المختصة بصورة استقلال المقيل الأجنبي بالانفاق هو الوجوب
على نفسه وكذا الكلام في الاشتراك في الملكية فان المسلم منه ما لو تعدد المالك لا ما لو تبعض في الرقية فالأقوى بحسب القاعدة هو الوجوب على نفسه لو استجمع
سائر الشرائط والا فالسقوط عنه وعن المولى إما الأول فلعمومات السليمة عن المخصص وللمرفوعة المتقدمة بالتقريب المتقدم حيث إن المبعض لو ملك النصاب
بجزئه الحر وجب عليه الزكاة فيجب عليه الفطرة وقد يستدل بما سيجئ من رواية الصدوق في الفقيه عن العياشي النافية للزكوة في العبد المشترك
بين شريكين حيث قال فيها وإن كان لكل انسان منهم أقل من رأس فلا شئ عليهم الرابع الغناء وهو ان يملك قوت السنة لنفسه وعياله الواجبي النفقة لان غير
المالك لذلك يحل له الزكاة كما تقدم وقد دلت المستفيضة على نفى الفطرة عمن يأخذ الصدقة وان من حلت له لم تحل عليه ومن حلت عليه لم تحل له و
اقتصر الإسكافي على ملك قوت يوم وليلة وزيادة الفطرة الاخبار كثيرة ظاهرة في وجوبها على مطلق الفقير وانه يتصدق مما يتصدق به عليه ويتعين حمله على
الاستحباب مع أنه ليس فيها اعتبار ملك قوت اليوم والليلة وعن جماعة منهم الشيخ والحلى ان الغناء يتحقق بتملك نصاب من النصب الزكوية وعن الشيخ الحاق
قيمتها وظاهر الحلى الاجماع على ما ادعاه قال في المعتبر ولم نقف له يعنى للشيخ على حجة ولا قائل من قدمائنا ولعله للمرفوعة المتقدمة تجب الفطرة على
من لم يجب عليه الزكاة ومثل قوله (ع) أمرت ان اخذ الصدقة من أغنيائكم وادفع إلى فقرائكم حيث إنها تدل على مقايسة الغنى للفقير في الزكوتين والغنى
في زكاة المال بتملك أحد النصب فليكن في الفطرة كك وضعف الوجهين ظاهر لما تقدم من أن المرفوعة في مقام بيان اعتبار شروط وجوب زكاة المال من الحرية
والبلوغ والعقل والنبوي محمول على الغالب وكيف كان فلا ريب في قوة ما اخترناه وعليه فهل يعتبر ان يملك فعلا أو قوتا مع قوة السنة مقدار الفطرة
أم لا قولان أظهرهما الأول لان المستفاد من الأدلة ان الفقر مانع مطلق عن وجوب الفطرة فكما ان وجوده يمنعه كك حدوثه بعده فان الدفع من قوت السنة
يوجب حدوث الفقر وفاقا للفاضلين والشهيد الأول والمحقق الثاني في حاشية الشرائع خلافا للمحكى عن الشيخ والشهيد الثاني وغيرهما للعمومات
خرج منها من لم يقدر على قوت السنة ويمكن الاستدلال للمطلوب فيما إذا تعين الدفع من القوت بان وجوب الدفع موجب لعدم تمام ملكه لمقدار
الفطرة فلا يبقى ملكه مستقرا على قوت السنة فيجوز له اخذ الزكاة فيجتمع وجوب الدفع مع جواز الاخذ وقد دلت الأخبار المتقدمة مثل من حلت له
الخ على التنافي بين وجوب الدفع وجواز الاخذ مسألة يجب مع اجتماع الشروط اخراج الفطرة عن نفسه وعن كل من يعوله وجوبا أو استحبابا
أو كراهة بل ولو تحريما للاجماع والأخبار المستفيضة بل المتواترة والمراد بالعيال من تحمل معاشه فعن الصحاح علته شهرا إذا تحملت معاشه وفي الخبر
صدقة الفطرة على كل صغير وكبير حرا وعبد وعلى كل من يعول يعنى من ينفق عليه صاع من تمر الرواية وفي أخرى عن المعتبران النبي صلى الله عليه وآله فرض صدقة الفطرة على
الصغير والكبير والحر والعبد والذكر والأنثى ممن تمونون وفي الصحيح عن عمر بن يزيد قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يكون عنده الضيف من إخوانه
فيحضر يوم الفطر فيؤدى عنه الفطرة قال نعم الفطرة واجبة على كل من يعول من ذكرا وأنثى صغيرا وكبير حرا ومملوك دلت على وجوب فطرة الضيف من حيث
كونه ممن يعال واحتمال كون الجملة بعد نعم مستأنفة مع أنها خلاف الظ لظهور كونها هي الجواب لا يقدح لأنها لو لم يكن نفس الجواب فلا محالة يكون
جملة مستأنفة مسوقة لبيان ضابط من يجب عنه الفطرة مطرد ومنعكس بحيث يدخل فيه الضيف إذ كونها قاعدة أجنبية خرج عنها الضيف حيث إن
زكاتها تجب لا من حيث العيلولة لا يخفى بشاعته مع الأخبار المستفيضة الظاهرة في إناطة الوجوب طودا وعكسا مع العيلولة كافية في نفى كون
فطرة الضيف أو غيره ممن سيجئ الخلاف فيه كالزوجة والمملوك واجبة من حيث هي ثم لما كان الظ من عنوانه من تجب عنه الفطرة تلبسه بذلك العنوان في زمان
تعلق الوجوب اعتبر تحقق العيلولة في ذلك الزمان سوءا بقى بعد ذلك أو ارتفع وسواء وجد قيل ذلك أم لا و ح فالمعيار كونه عيالا حين هلال شوال
518

ومن هنا اختار من تأخر كفاية صدق الضيف في أول الهلال المستلزم لصدق انه يعال وان لم يصدق عليه العيال الظ فيما إذا كان لعيلولته استمرار بل الظ
كفاية صدق انه ضمه إلى عياله كما دل عليه رواية عبد الله بن سنان المتقدمة كل من ضممت إلى عيالك الخ فالمدار على صدق الانضمام إلى المعيال لا على صدق العيال
ومن هنا ان الأجير المشترك نفقته على المستأجر منضم إلى العيال وفاقا لغير واحد من المعاصرين خلافا للفاضلين وشيخنا في المسالك فجعلوه من قبيل الأجرة
وفيه انه لا يلزم من ذلك عدم الوجوب بعد صدق الانضمام إلى العيال ثم إن المدعو إلى مكان الداعي ليأكل عنده الذي يطلق عليه الضيف في عرف العوام قد يشكل فيه
الحكم من جهة صدق كونه ضيفا ومن عدم اندراجه فيمن انضم إلى العيال إذ المراد الانضمام في المعول وهو الانفاق وصدقه مشكل مسألة المشهور وجوب
فطرة المملوك والزوجة الواجب النفقة على المولى والزوج إذا لم يعلهما غيرهما من غير اعتبار فعليه العيلولة بل أفرط الحلى فأوجبها على الزوج للزوجة الناشزة
والصغيرة وغير المدخول بها لعدم تمكينها مدعيا في ذلك الاجماع والعمومات وان طعن عليه في المعتبر بان ذلك لا يعرف له موافق من فإنها الاسلام وقريب منه
في المنتهى وكيف كان فالظ ان مستند المشهور اطلاقات وجوب الفطرة عنها من غير اعتبار لفعلية العيلولة وطعن عليهم جماعة من المتأخرين بانكار ذلك وان
الاخبار حتى المشتمل منها على ذكر الزوجة والمملوك ظاهرة في اعتبار فعلية العيلولة والخالي منها عن هذا القيد محمول على الغالب أقول القائل بوجوب نفقة
المملوك والزوجة من حيث هما ان خص الحكم بهما من بين واجبي النفقة فالظ انه لا وجه لذلك لأنهما لم يذكر أبا نفسهما في خبر حتى يمكن التمسك باطلاقه على ذلك وانما
ذكرا إما في عنوان من يعول واما بأنفسهما منضمنين إلى سائرا واجبي النفقة فلا وجه للاختصاص ان طرد الحكم في مطلق واجبي النفقة كالأبوين والأولاد على ما يطفر
من الشيخ في المبسوط والمحقق في المعتبر فيمكن الاستشهاد له بمثل رواية صفوان عن إسحاق بن عمار وفيها الواجب ان يعطى عن نفسك وأبيك وأمك وامرأتك وخادمك
وقريب منها رواية أخرى لصفوان عن عبد الرحمن بن الحجاج وفيها ان العيال الولد والمملوك والزوجة وأم الولد وترك الأبوين للاقتصار على ذكر الغالب ولا
ينافي ذلك ما دل على إناطة الوجوب بالعول والانفاق الظ في الفعلية إما أو لا فلان ذكر هذا الضابط مسوق لبيان عدم الاختصاص بمن يجب نفقته ممن ينعتق عليه
فعلا فهذه ضابطة في مقام العكس لا الطرد ولذا أكده الإمام (ع) في مقام الاجمال بعد التفصيل بعض الروايات وما أغلق عليه بأنه وفي أخرى كل من ضممت إليك
وما ذكرنا واضح على المنصف المتأمل فيكون المعيلولة سببا ووجوب الانفاق سببا اخر مع أن المحتمل ان يق ان الفطرة مؤنة من المؤنات التي يجب على المنفق تحملها
عن واجبي النفقة حيث إنها زكاة البدن ويخاف بتركها الموت فيجب كما يجب النفقة فيشبه بذل المال الثمن الطهارة أو السائر في عبدها عرفا من المؤن ودعوى ان كونها
من المؤن فرع وجوبها والكلام فيه مدفوع بالأدلة الدالة على استقرار الفطرة على كل أحد وعدم سقوطها الا لمانع لا لعدم المقتضى مسألة من وجبت فطرية
على غيره بالعيلولة أو وجوب النفقة سقط عنه بلا خلاف ظاهر الا عن الحلى من وجوب الفطرة على الضيف والمضيف ورد بعموم قوله (ع) لا يتنافى صدقة والأولى دفعه
بنفسه ما دل على وجوب أداء الفطرة عنه فان قوله في رواية الضيف يؤدى عنه ظاهر في وحدة الفطرة وكون المضيف كالمتحمل لها عن الضيف وان لم يكن تحملا حقيقيا
كما ستعرف ولو لم يجب فطرته على الغير لا عسار مثلا فإن كان ممن لا يجب على نفسه الفطرة لو انفرد لكونه صغيرا أو مملوكا أو فقيرا فلا اشكال في سقوط فطرته عن
نفسه وإن كان ممن يجب على نفسه لو انفرد كالضيف الموسر والزوجة الموسرة فهل تجب عليها أم لا الأقوى نعم لعموم ما دل على وجوب الفطرة على كل أحد جامع الشروط
خرج منها من يخرج عنه الغير وبقى الباقي خلافا للشيخ ره فاسقطها عن الزوجة الموسرة وقواه الفخر في الايضاح لسقوطها عن الزوج بالاعسار وعدم الدليل
على تعلقها بالزوجة وفيه ان العمومات السليمة عن المخصص هي الدليل على الوجوب عليها اللهم الا ان يق ان أدلة الوجوب على الزوج ليس المراد منها خصوص الوجوب
الفعلي حتى ينتفى التخصيص مع انتفائه اعسار الزوج بل المراد منها ان زكاة الزوجة جعلت بحسب أصل الحكم الشرعي على الزوج فالزوجة خارجة عن عمومات
وجوب الفطرة بأصل الشرع أدي الزوج عنها أم لم يؤد عذرا أم عمدا وهو لا يخ عن اشكال نعم يمكن القول بالسقوط مع ترك الزوج عصيانا من جهة دخول
المورد ح تحت عموم المخصص أعني ما دل على وجوب فطرة الزوجة على الزوج الموسر اللهم الا ان يق ان مجرد وجوبها عليه لا يوجب السقوط عنها ولا نسلم تخصيص عموم ما دل
على ثبوت الفطرة على كل أحد بما دل على ثبوت فطرة الزوجة على الزوج الموسر لامكان ثبوته على العيال الا ان يسقطها عنه المعيل كما إذا وجب على شخص أداء دين غيره
مسألة العبرة في أداء وجوب الفطرة على الشخص عن نفسه أو غيره باستجماعه الشرائط عند هلال شوال فلا عبرة بحدوثها بعده كما لا عبرة باختلالها فلو كان
عند الهلال عبدا أو فقيرا أو ناقصا أو غير معيل لشخص لم يجب عليه وان حدث الشروط لغده ويدل على ذلك مضافا إلى الاجماع المدعى صحيحة معوية بن عمار
قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن مولود ولدليلة الفطرة عليه فطرة قال لا قد خرج الشهر وسئلته عن يهودي أسلم
ليلة الفطر عليه فطرة قال لا دلت على أن
العلة في عدم حدوث وجوب الفطرة للمولود هي خروج شهر رمضان ولا يخفى على المتأمل ان المراد من قول السائل عليه فطرة في سؤال المولود وسؤال المسلم
معنى واحد كما في الرواية الآتية هو مجرد تعلق الفطرة باستعمال واحد بالنسبة إلى المخرج والمخرج عنه في غاية الكثرة والمراد به ما ذكرنا من المعنى الأغم فالمنفى هو هذا
المعنى المشترك والتعليل راجع إلى نفسه فمفاد التعليل انه كلما خرج الشهر فلا يحدث تعلق الفطرة بالشخص لا وجوب الاخراج عنه فلا يتوهم ان العلة راجعة
إلى نفى وجوب الفطرة عن شخص فلا يدل على حكم حدوث شروط وجوب الأداء بعد الهلال مع أن ظ ذيل الرواية بمقتضى الذوق السليم هو كون حكمه بعدم
الوجوب على المسلم (ايض‍) متفرعا على خروج الشهر ونحوها رواية الفيه عن علي بل أبى حمزة عن معوية بن عمار في مولود يولد ليلة الفطرة قال ليس عليهم فطرة
ليس الفطرة الا على من أدرك الشهر دلت على انحصار تعلق الفطرة بالانسان من حيث الاخراج والاخراج عنه فيمن أدرك الشهر والكافر وإن كان قد أدرك الشهر جامعا
519

لشرائط الوجوب الا انه لما جب بالاسلام لم يحدث تكليف آخر عليه لكونه معلقا على ادراك شهر رمضان وهو الممتنع في حقه غير متحقق في هذا الوجوب الحادث
فان الرواية على أن الوجوب معلق على ادراك الشهر ولا ينفك عنه ان لم يجب الفطر عليه أو عنه عند ادراك الشهر أو وجبت ثم سقط بالاسلام فلا يحدث عليه الوجوب
بعد ذلك والا لم يكن الوجوب معلقا بادراك الشهر فمرجع الرواية إلى مفاد الصحيحة السابقة الدالة على أن خروج الشهر عليه لعدم حدوث تعلق بالفطرة ان لم ينعلق عليه في
اخر الشهر ومنهما يعلم أن وقت أداء الفطرة ليس نظير وقت أداء الظهرين مثلا فان كل جزء من الوقت تسع الصلاتين سبب لوجوبها يكفي في تعلق التكليف بالشخص استجماعه
للشرائط في ذلك الجزء بخلاف الوقت هنا فان السبب إما خارج عنه بالمرة واما أول جزء من اجزائه على الخلاف الآتي في مبدء وقت الاخراج ثم إن الوجوب المعلق على
ادراك الشهر كما يظهر من الروايتين هو الوجوب الواقعي بل مطلق تعلق الفطرة أعم من الاخراج والاخراج عنه لا تنجز التكليف وفعليته فلو كان عند الهلال نائما أو
غير ملتفت إلى وجوب الفطرة أو معتقدا لعدمه في بعض موارد الخلاف اجتهاد أو تقليدا أو لشبهة في الموضوع كعدم التولد أو عدم كونه ولدا أو مملوكا أو زوجة له لم يقدح
ذلك كله في حدوث التنجز عليه عند التنبه ما بين الهلال والزوال ومن هنا يعلم أن التمسك في نفى الوجوب عن المغمى عليه عند الهلال بكونه غير قابل التكليف ح فلا يحدث
بعد خروج الشهر ان أريد به عدم قابليته لتنجز التكليف عليه عقلا لعدم شعوره فقد عرفت انه غير معتبر كما في النائم والساهي وان أريد عليه عدم قابليته لتعلق الوجوب
الواففى في الصبى والمجنون فهو حسن الا انه يحتاج إلى اثبات كونه كك واما دعوى ان المنفى في الروايتين فهو تنجز التكليف فتدلان على أن كل من يكلف ولم يخاطب
فعلا عقلا أو شرعا بوجوب الفطرة عند الهلال فلا يحدث الوجوب عليه بعد ذلك خرج النائم وأشباهه وبقى المغمى عليه فاسدة إما أولا فلما عرفت من أن المنفى
هو تعلق المشترك بين الوجوب عنه وعليه هذا المقدار من التعلق ليس منفيا عن النائم والمغمى عليه فعلا واما ثانيا فلان اللازم على هذا وجوب التماس دليل خارجي
على تكليف النائم وأشباهه بالفطرة لان مقتضى الروايتين هو عدم حدوث التكليف هو ادراك الهلال وهذا المعنى غير قابل التخصيص عرفا ثم اعلم أن ما دلت عليه
الروايتان من إناطة وجوب الفطر بادراك الشهر جامعا الشرائط الظ انه غير مبنى على توقيت الفطر بهلال شوال كما هو أحد القولين في مسألة وقت الفطر
فليس من يقول بان وقتها طلوع الفجر قائلا باعتبار اجتماع هذه الشرائط في اخر الليل بحيث يدرك جزء من يوم العيد على الشرائط وان فقدها عند هلال شوال
بل هؤلاء (ايض‍) قائلون باعتبار اجتماع الشرائط عند الهلال (ايض‍) وان فقدها بعد ذلك ولهذا ادعى في المدارك الاجماع على مسألة اعتبار الاجتماع عند
الهلال مع وقوع الخلاف العظيم في المسألة كما يأتي ويحتمل (ايض‍) ابتناء هذه المسألة يعنى اعتبار الاجتماع عند الهلال على القول بتوقيت الفطرة بدخول
الهلال فكل من يقول بان وقتها طلوع الفجر يعتبر الشرائط عند الطلوع ولذا قال في المختلف بعد ما حكى عن الشيخ في النهاية والمبسوط والخلاف القول بان
وقتها طلوع الفجر وعنه في الجمل والاقتصار ان وقتها هلال شوال ان ما ذكره في النهاية والمبسوط والخلاف من أنه إذا وهب له عبد أو ولد له أو أسلم أو ملك
مالا قبل الهلال وجب الزكاة وإن كان بعده استحب إلى الزوال مشعر بما اختاره في الجمل والاقتصار لكن الانصاف عدم الابتناء ولذلك لم يحكم في المختلف بصراحة
الفروع المذكور في كتب الشيخ بما اختاره في الجمل والاقتصار بل أستشعر منها فالظ عدم الابتناء كما يشهد ذكر الشيخ الفروع المذكورة في كتبه التي اختار فيها التوقيت
بطلوع الفجر ويؤيده (ايض‍) بل يشهد له ان أحدا من الفقهاء لم يعتبر في الضيف بقاء عنوان الضيافة فيه إلى طلوع الفجر من يوم العيد مع استنادهم في وجوب الفطر
عن الضيف بما ورد من وجوب الفطرة عن الضيف وعن العيال ومن ضمه إليهم فلو كان العبرة باجتماع الشرائط عند الطلوع لم يكن بد من اعتبار الضيافة عند الطلوع
ليتحقق صدق عنوان الضيف والعيال في وقت الوجوب فتحصل مما ذكرنا عدم المنافاة بين الاتفاق على اعتبار الشروط عند الهلال والخلاف في وقت الفطرة
فالكلام هنا في وقت الوجوب والخلاف فيما سيأتي في وقت الواجب وهو الاخراج و ح فيكون استدلال بعض القائلين في المسألة الآتية بان الوقت هلال شوال
بما تقدم من روايتي معوية بن عمار بناء على أن الأصل والظ فيما ثبت وجوب شئ في زمان يكون الزمان لنفس الواجب (ايض‍) كمالا يخفى فتخطئه شارح الروضة
لمثل الفاضلين في تمسكهما بالروايتين في تلك المسألة بأنهما تدلان على وقت الوجوب لا الواجب في محله لان الأصل والظ اتحاد زمان الوجوب والواجب
لكن يبعد ما ذكرنا تصريح القائلين بكون وقت الفطرة طلوع الفجر انه وقت وجوبها فيحتمل لأجل ذلك أن يكون اجتماع الشرائط عند الهلال سببا
لثبوت الوجوب عند الطلوع وان لم يكن وقتا لكن يبعده استدلالهم بأدلة وجوب الاخراج عن الضيف والعيال باعتبار الضيافة طول الشهر أو في النصف الآخر
أو غير ذلك فان مقتضى الوجوب عن العيال والضيف تحقق العنوان في وقت الوجوب وكذا حكمهم بوجوب الفطرة على من مات عند الطلوع
أو افتقر اللهم الا ان يق بكفاية السبب قبل وقت الوجوب في اشتغال الذمة نظير أسباب الضمان للطفل والمجنون فت‍ جدا مسألة إذا كان العبد بين
شريكين فالمحكى عن الأكثر وجوب فطرته عليهما بالاشتراك ويدل عليه عموم ما دل على ثبوت الفطرة على كل انسان إما على نفسه أو على غيره خرج فاقد منه
الشروط الذي لا يعوله واجدها وبقى الباقي ويؤيد ذلك أن المستفاد من الأدلة كون المالكية سببا لوجوب الفطرة إما بأنفسهما بناء على كون فطرة
المملوك من حيث هو واما عنوان العيلولة بناء على القول الآخر وعلى التقديرين فلا فرق في نظر الشارع ظاهرا بين قيام السبب أعني الملكية أو العيلولة
بواحد أو بأكثر ويؤيده ما مر من مكاتبة ابن الفضيل عن الرضا (ع) في ثبوت الفطرة على مملوك مات مولاه وصار اليتامى سوءا حمل الحديث على ظاهره أو أول
بما لا ينافي مذهب المشهور بان يراد وما ذكره في الوسائل من كون موت المولى بعد الهلال وعن الصدوق عدم وجوب الفطرة لمثل هذا العبد المشترك لما
رواه في الفقيه عن تفسير العياشي وفيه ضعف سندا بل ودلالة حيث إن الظ منها على وجوب الفطرة على من ملك أقل رأس فلا ينافي وجوب الفطرة المبعض
520

إذا ملك مع عبد تام كثلاثة عبيد بين رجلين فلا يدل على نفى الفطرة المكسر بل على نفيها عمن ملك دون الواحد وكيف كان فلا يعارض ما تقدم مسألة
إذا أوصى له بعبد فقيل بعد موت الموصى وقبل الهلال فلا اشكال في وجوب فطرته عليه ولو ملك بعد الهلال فاما ان نجعل القبول كاشفا أو ناقلا فعلى الأول
يحتمل على الموصى له لكشفه عن كونه مالكا عند الهلال و يحتمل عدمه لأنه لم يكن عالما ويندفع بما تقدم من أن تعلق الوجوب الواقعي الشأني كاف ولا يشترط التنجز
عند الهلال كما لو ولد له ولد ولم يعلم به وعلى الثاني فيحتمل آلو = جوب على الوارث لأنه ملكه قبل قبول الموصى له ويحتمل الفرق بين وقوع القبول في الوقت فيجب و
بين وقوعه في خارجه فلا يجب القضاء ويحتمل عدمه إما لان ملكه متزلزل في معرض الزوال كما ذكره المحقق الثاني في حاشية الشرائع وفيه نظر ظاهر واما لان
الوصية لا يدخل في ملك الوارث بل على حكم مال الميت حتى يقبل الموصى له مسألة ظاهر المحكي عن الصدوقين والعماني الاقتصار في جنس الفطرة على الغلات
الأربع وزاد في المدارك الأقط وزاد الشيخ عليها الأزر والأقط واللبن مدعيا ثبوت الاجماع على اجزاء السبعة وعدم الدليل على اجزاء غيرها وفي الدروس
ان ظاهر الأكثر الاقتصار على هذه السبع وفي المعتبر ان الضابط ما كان قوتا غالبا كالحنطة والشعير والتمر والزبيب والازر والأقط واللبن وهو مذهب
علمائنا ونحوه في دعوى الاتفاق ما عن المنتهى ونسب هذا إلى المشهور بين المتأخرين وعن المفيد انها فضلة أقوات أهل الأمصار على اختلاف أقواتها في النوع
وحكى مثل ذلك عن السيد وعن الإسكافي يخرجها من وجبت عليه من أغلب الأشياء على قوته وحكى عن والحلبي وقد نسب في المدارك إلى المحقق والمتأخرين و
فيه نظر فإنهم انما عبروا بما هو قوت غالبا وجعلوا ما يغلب قوت الانسان أو بلده مستحبا اللهم الا ان يكون مراد الإسكافي من قوله يخرجها نفى وجوب الاخراج عن غيره
في مقابل غيره من الأقوال المغيتة لبعض الأقوات ولذا استدل عليه في المختلف بعد ما استقر به بأدلة منها ان تكليفه بغير قوته حرج منفى الصدوقين صحيحة الحلبي
ولصاحب المدارك مصححة عبد الله بن ميمون وللشيخ ذكر الأزر واللبن في بعض الأخبار وللمفيد والسيد قول أبى عبد الله (ع) في مرسلة يونس المصححة إليه الفطرة على
كل من اقتات قوتا فعليه ان يؤدى من ذلك القوت وقوله (ع) في مصححة زرارة وابن مسكان الفطرة على قوم مما يقذون عيالاتهم وللإسكافي ومن تبعه مكاتبة
الهمداني المروية في التهذيب ومستند ما في المعتبر المنتهى هو الجمع بين الاخبار ويظهر من المسالك والروضة والحدائق اعتبار أحد الأجناس التسعة المذكورة
وان لم يقتت به المخرج وان لم يكن منها كالدخن والذرة فالتعبير بأحد الامرين ولعله للجمع بين الأخبار المطلقة في اجزاء السبعة ومصححتي يونس وابن مسكان المتقدمتين
لا يبعد جواز اخراج ما كان قوتا غالبا بمعنى ان يقتات به في غير النادر ولو عند بعض الناس فلا عبرة بالنادر ككثير مما يقتات به في أيام الغلا ولا يعتبر الأقوات عند عامة الناس
ولا غالبهم فيكون الدخن والذرة ح أصلا عند كل أحد وان لم يقتت به كما هو ظاهر الاجماع المتقدم عن المعتبر والمنتهى الظ فيما ذكرنا اذلا معنى لعد الأقط بل ما عدا الحنطة
والشعير قوتا غالبا الا بمعنى الذي ذكرنا مضافا إلى ذكر الذرة في بعض المعتبرة كرواية الحذاء المروية في التهذيب والى المروى مرسلا في المعتبر عن أمير المؤمنين (ع) ان الفطرة
على كل رأس صاع من طعام ثم اعلم أن في مرسلة يونس ورواية ابن مسكان المتقدمتين احتمالات ثلاثة أحدها تعين اخراج ما يغلب على قوته كما هو ظاهر الإسكافي الثاني
حمل ذلك على عدم تعين ما سواه فيكون الامر في مقام رفع توهم الحظر وتعيين الغلات الأربع الثالث حملها على الاستحباب والظ هو الاحتمال الأوسط و ح فيدل على
جواز كلما اقتات به الشخص لكن لا تدلان على جواز اخراج قوم آخر له نعم أدلة جواز الغلات الأربع مطلق بالنسبة إلى كل أحد واما الأقط فيظهر من بعض الأخبار
اختصاصها باهل الغنم وكذا ما دل على الأرز وهي مكاتبة الهمداني وهذا محتمل في رواية الذرة فالقدر المتيقن هو اخراج أحد الغلات الأربع مطلقا أو ما كان
قوتا غالبا الشخص كما هو مختار كاشف الغطاء على ما حكى عنه لكن تعميم القوت الغالب للشخص (ايض‍) مشكل اذلا يبعد دعوى انصراف القوت في المرسلة والموصول
في قوله (ع) في رواية ابن مسكان مما يغذون إلى المتعارف من الأقوات التي يقتات بها بعض طوايف الناس ولو كالاقط واللبن فلو فرضنا ان قوما اقتاتوا باللحم أو بشئ
اخر من الأمور النادرة فيشكل الحكم بجواز الفطرة منه تمسكا بهاتين لقوة ورودهما في مقام رفع توهم تعيين الأجناس المتعارفة من الغلات الأربع ثم إن ظاهر
مرسلة يونس ومصححة ابن مسكان أجزء إما صدق عليه القوت على أنه أصل وعلى هذا فالدقيق بل الخبز أصلان لكن في أصالة الخبز تأمل لان الظ من القوت هو أصل الجنس
بل قد يعلل ذلك باشتماله على الأجزاء المائية وفيه نظر نعم يدل على كون الدقيق من باب القيمة مصححة عمر وبن يزيد عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته تعطى الفطرة
دقيقا مكان الحنطة قال لا باس بان يكون اجر طحنه بقدر ما بين الحنطة والشعير بناء على أنه جعل اجرة الطحن في مقابل ما ينقص الحنطة من الصاع بعد الطحن
اذلو كان أصلا لم يجز منه النقص عن صاع ثم إن المش‍ بل المعروف من غير خلاف جواز اخراج القيمة وظاهر كلامهم بل صريح بعضهم عدم الفرق في القيمة
بين النقدين وغيرهما والاخبار مختصة بالدرهم الا موثقة إسحاق بن عمار لا باس بالقيمة في الفطرة والظ انه كاف لمذهب المش‍ نظرا إلى أن الظ منه اخراج
الشئ بقيمة الأصول لا اخراج نفس القيمة هذا ان سلم تبادر النقدين من نفس القيمة وضعا أو انصرافا والا فلا اشكال في الاستدلال واما حمل الرواية
على الاخبار المقيدة بالدرهم فلا وجه له لعدم التنافي ويؤيد ما ذكرنا مصححة عمر وبن يزيد المتقدمة
مسألة المحكي عن الإسكافي والمفيد واليد والشيخ في
المبسوط والخلاف والنهاية والقاضي والحلبي وسلار ان وقت زكاة الفطرة طلوع الفجر يوم العيد وظاهرا بن
زهرة الاجماع عليه هو والأقوى للأصل
وصحيحة العيص بن القسم قال سئلت الصادق (ع) عن الفطرة متى هي قال قبل الصلاة يوم الفطر قلت فان منه شئ بعد الصلاة قال لا باس نحن يعطى عيالنا
منه ثم يبقى فنقسمه دلت على أن ظرفها يوم الفطر فلا يشرع قبله لكن الاستدلال مبنى على وجوب تقديمها على الصلاة اذلو استحبت تعين حمل التوظيف المستفاد
من الصحيحة على الاستحباب بالنسبة إلى يوم الفطر (ايض‍) كمالا يخفى فلا يسقط الاستدلال لسقوط الاستدلال رأسا برواية إبراهيم بن ميمون قال قال أبو عبد الله (ع)
521

الفطرة ان أعطيت قبل ان تخرج إلى العيد فهى فطرة وإن كان بعد ما يخرج إلى العيد فهى صدقة إذ غاية ما يستظهر منها وجوب كون الفطرة قبل الخروج
فإذا حمل الاستحباب لما سيأتي من انتهاء وقت الفطرة بالزوال سقط الاستدلال به مع أن مجرد وجوب كونها قبل الخروج لا يدل على توقيتها بطلوع الفجر نعم دلت
على ذلك الصحيحة الأولى من حيث التصريح بوجوب كونها يوم الفطر الذي مبداه طلوع الفجر نعم دلت على ذلك الصحيحة الأولى من حيث التصريح بوجوب كونها يوم
الفطر الذي مبداه طلوع الفجر فلا يجزى قبله ومنه يظهر ضعف تضعيف الصحيحة بان قبل الصلاة كما يعم عند طلوع الفجر بلا فصل كذا يعم قبله القريب منه ولا
قائل بالفرق مع أن المتبادر من السياق ان المراد بالقبلية انما هو المقابل لما بعد الصلاة لا المتبادر منها إلى الذهن حقيقة وهو قريب من الصلاة مع أنه
لا قائل به منا للاتفاق على كون ما بعد الفجر بلا فصل وقتا مع أنه غير متبادر منه جدا هذا وأنت خبير بان هذين الضعفين ناظران إلى الاستدلال على التوقيت
بقوله قبل الصلاة وليس كك بقوله يوم الفطر حيث إنها تدل على أن وقت الفطرة يوم الفطر قبل الصلاة فقبل اليوم لا وقت كما بعد الصلاة واضعف من
ذلك حملها على الا فضلية بقرينة قوله (ع) في رواية الفضلاء يعطى يوم الفطر أفضل وهو في سعة ان يخرجها في أول يوم من شهر رمضان اذلا يخفى ان سياق
الرواية يدل على أفضلية الاعطاء يوم الفطرة من التقديم عليه على وجه التعجيل وهو خارج عن المطلوب إذ لا فراغ على القول بجواز التعجيل بجواز اخراجها ليلة
الفطر بل قبلها على وجه التعجيل بل النزاع في الوقت المضروب بأصل الشرع الذي انحصر القول فيه في قولين فتحصل من ذلك أنه لا مناص عن العمل بالصحيحة
الا إذا دل الدليل على عدم وقت خروج الفطرة بالصلاة فالعجب ممن قال هنا بهذا القول متمسكا بظاهر الصحيحة مع تقويته في مسألة اخر وقت الفطرة
انتهاؤه إلى الزوال بل اخر النهار كما اتفق لصاحب المدارك فان ظ الصحيحة ان دلت على وجوب كون الفطرة قبل الصلاة يوم العيد فلا مناص عن القول
باشهائه بالصلاة وان دلت كون مطلق الرجحان فلا يكون دليلا على ابتداء الوقت بطلوع الفجر والحاصل ان الرواية تدل على أول الوقت واخره بدلالة
واحدة وكيف كان فالمخالف فيما ذكرنا أكثر المتأخرين وجماعة من القدماء كالشيخ في الجمل والاقتصار وابن حمزة والحلى فأوجبوها بهلال شوال ولما تقدم من روايتي
معاوية بن عمار في المولود يولد ليلة الفطر أعليه فطرة قال لا قد خرج الشهر والاخرى فيمن أسلم بعد الهلال والمولود يولد كك فقال ليس عليهم فطرة ليس
الفطرة الا على من أدرك الشهر بناء على ما عرفت من أن مدلولها عدم حدوث وجوب بعد الهلال فلو لم يجب الا بطلوع الفجر لم يكن لا دراك شهر رمضان مدخل
في الوجوب ولا لخروجه مدخل في عدم الوجوب ولكن التمسك بهما مشكل لأنهما مسوقتان لمجرد بيان مدخلية ادراك الشهر في الوجوب في مقام جواب السائل حيث سئل
عن أن المولود يولد بعد الهلال أو أسلم بعده هل يتعلق بهما الفطرة يعنى ولو في الوقت المضروب لها أم لا وليس السؤال عن فعلية التعلق بهما ليلا فكان مبدأ
التعلق في السؤال والجواب مفروغ عنه و ح فلا يبعد ان يكون ادراك الشهر سببا لحدوث الوجوب بطلوع الفجر بحيث لا يتوجه الخطاب بهذا الواجب الموقت الا
على ادراك الشهر ثم أو سلمنا دلالتهما على حدوث الوجوب بمجرد الهلال فلا تنافي توقيت الاخراج بطلوع الفجر فيتعدد ظرف الوجوب وظرف الاخراج و ح
فيستقيم ما ذكروه في مقام التفريع على سببية ادراك الشهر بأنه لو مات المكلف بعد الهلال وجب الفطرة في ماله ولولا كونه واجبا لم يخرج من التركة
فضلا عن صلبها بحيث يتحاص مع الديان لكن ظاهر أصحاب القول الأول حدوث الوجوب بطلوع الفجر فتعين الاحتمال الأول وهو مراد صاحب المدارك
ومثله حيث أجاب عن الرواية بأنها تدل على وجوب الاخراج عمن أدرك الشهر لا على أن أول وجوب الاخراج الغروب واحدهما غير الأخر وقد يظن به إرادة
تغاير وقتي الوجوب والاخراج فيورد عليه بأنه غلاف ظاهر كلماتهم بل خلاف الأصل حيث إن أصالة اطلاق وجوب شئ في وقت جواز أدائه بعد تحقق الوجوب
وفيه مع أنه موقوف على ابطال دليل القول الأول الذي كفى به مقيدا للاطلاق انه موقوف على عدم سوق الاطلاق في مقام بيان أصل الوجوب نعم يشكل
ح ما ذكر من مسألة موت المكلف قبل طلوع الفجر مع وجوب الفطرة ويمكن دفعه بان ادراك الشهر سبب للوجوب بمعنى الاستقرار في الذمة نظير معنى وجوب
الزكاة بعد الحول وقبل التمكن من الأداء كما فسره بذلك في المعتبر فلا منافاة بين استقرارها في الذمة بمجرد الهلال وعدم وجوب الأداء الا بعد طلوع
الفجر شبه الدين المؤجل وكيف كان فدلالة الروايتين على جواز الأداء ليلا في غاية الاشكال فأصالة التأخر مع عدم امكان قصد التقرب بالفطرة
عند الشك مضافا إلى الاحتياط اللازم مع قطع النظر عن اعتبار القربة من حيث الاشتغال اليقيني يقتضى وجوب الاتيان بعد طلوع الفجر ولا يتوهم عدم
ثبوت تيقن الاشتغال بعد الاتيان به ليلا إذ بعد طلوع الفجر يشك في تعلق التكليف لا بالعلم بعد طلوع الفجر انه تعلق به تكليف بالاخراج في زمان فيشك
في البراءة عن ذلك التكليف المتيقن وبعبارة أخرى التكليف يتحقق في زمان يقينا والشك في الرافع فيستصحب ولا يعتبر في الاستصحاب معرفة الزمان
السابق بالخصوص مسألة حكى في الدروس والمسالك عن المش‍ جواز تعجيل الفطر من أول شهر رمضان معتمدين في ذلك في صحيحة الفضلاء المتقدمة
حيث قال فيها وهو في سعة ان يعطيها من أول يوم من شهر رمضان وحملها على القرض مع تخصيص ذلك برمضان بعيد جدا سيما مع أن ظاهر الضمير في قولة يعطيها
الرجوع إلى نفس الفطرة وسيما مع جعل الحكم من باب السعة والرخصة في مقابل الفضيلة اذلا ريب في أن اقراض الفقير وأداء الفطر ة في وقت الفضيلة
فلا معنى لجعله من باب الرخصة الفائدة للفضيلة وكيف كان فحملها على القرض في غاية البعد واما اشتمال ذيلها على كفاية نصف صاع المجمع على خلافها
فهو غير صائر ويدل عليها رواية إسحاق بن عمار قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن تعجيل الفطر بيوم العيد أو بهلال شوال مع أن ذلك العموم في مقام بيان الوقت
الأصلي في التقديم للدليل نعم يخصص بهما ما ورد في تعليل المنع عن تعجيل زكاة المال بقوله (ع) لا تصلى الأولى قبل الزوال وإن كان فريضة انما تؤدى إذا حلت واما مرفوعة
522

أحمد بن محمد عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال قلت هل الزكاة وقت معلوم تعطى فيه قال إن ذلك ليختلف في إصابة الرجل المال واما الفطرة فإنها معلومة
الحديث هي (ايض‍) لا ينافي الروايتين لان السؤال فيها عن الوقت الأصلي المضروب وربما يؤيد هذا القول بما تقدم من روايتي معوية بن عمار الظاهرتين في إناطة
الوجوب بادراك شهر رمضان فان ذلك ظاهر في سببية شهر رمضان لوجوب الفطر نظير قوله (ع) من أدرك ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت ومن أدرك
الركوع أدرك الركعة وقال إن في لفظ الادراك رمز إلى كونه هي الغاية التي لا بدلها من بداية وليست هنا اجماعا الا أول الشهر وفيه أولا ان ادراك الشهر انما
جعل في الروايتين سببا للوجوب مع اجتماع الشرائط فيه من الكمال والحرية والغناء فمفهوم قوله ليس الفطر الا على من أدرك الشهر وجوب الفطرة على من أدرك
الشهر متصفا بالشروط المعتبرة ظاهرهم ان ادراك ما قبل الأخر من اجزاء الشهر متصفا بتلك الشروط ليس سببا والا لوجب على من أدرك بعض الا جزأ
بالصفات ثم فقدها في الجزء الآخر والظ عدم الخلاف في عدم الوجوب ح ودعوى ان ادراك كل جزء سبب الا انه انعقد الاجماع على كونه مشروطا باستجماع الشروط
في الجزء الآخر فيكون وجوبها عند دخول رمضان متزلزلا غير مستقر الا بادراكه الجزء الآخر مستجمعا للشروط مدفوعة بان أدلة اعتبار الشروط في المخرج
والمخرج عنه ليس فيها تقييد بوجودها في الجزء الآخر بل مفادها نفى الوجوب عن الفاقد كما هو مدلول قوله (ع) لا زكاة على يتيم أو على من قبل الزكاة وقوله يجب التصدق على
كل من يعول وانما اعتبروا وجودها في اخر الشهر من جهة هاتين الروايتين الدالتين بالتقريب المتقدم في محله على عدم تأخر حدوث تعلق الفطر عن الهلال فإذا كان المراد بالادراك
نظير ادراك ركعة من الوقت وادراك الركوع فادراك أي جزء من الشهر مع الشرائط لابد ان يكون سببا وان فقدت الشرائط بعده والحاصل ان استدلال
العلماء على اعتبار اجتماع الشرائط عند هلال شوال انما هو بالروايتين لان الروايتين تدلان على سببية ادراك الشهر ودل دليل اخر على اعتبار اجتماع الشرائط
في آخره هذا نعم لو ثبت كفاية اجتماع الشروط في جزء من الشهر كما يستفاد من كلام الفاضل والمختلف حيث استدل على جواز التقديم بأنه أنفع للفقير لأنه ربما
افتقر الدافع أو مات قبل الوقت فيحرم عليه الفقير أمكن ما ذكر وثانيا ان الروايتين لو تمت دلالتهما على الوجه المذكور دلتا على أن وقت الفطر المضروب بها بأصل الشرع
هو هلال رمضان فلا يكون تعجيلا نظير زكاة المالية المعجلة وتقديم غسل الجمعة يوم الخميس وصلاة الليل على الانتصاف والظ عدم الخلاف بين مجوزي التعجيل
في ذلك نعم ربما يوهم عبارة المختلف ان أول الشهر وقته الأصلي حيث قال في رد استدلال المانعين بأنها عبادة موقته فلا يجوز قبل وقتها الا قرضا انا نقول بموجبه
ونقول ان وقتها شهر رمضان لما تلوناه من رواية الفضلاء انتهى لكن مراده من الوقت هنا مطلق الزمان المضروب لمشروعية الفعل ولو من باب الرخصة في التعجيل
ويشهد له بان الوقت في كلام المانع هو ما يعم هذا ولذا ادعى ان التقديم منحصر في القرض ويشهد له (ايض‍) رد دليلهم الأخر وهو انه لو جاز في شهر رمضان لجاز
التقديم بان السبب فيه الصوم والفطر فيجوز فعلها عند أحد السبين كما جاز فعل الزكاة عند حصول النصاب وان لم يحصل الحول والحاصل انه لا اشكال في أن
مرادهم من التقدم هو التعجيل لا التوقيت كما ينادى بذلك عنوان المسألة بعبارة التقديم وذكرهم إياها بعد ذكر الخلاف في وقت الوجوب وحصرهم الخلاف
بين القول بوجوبه بدخول شوال وبين القول بوجوبها بطلوع الفجر فظهر مما ذكرنا عدم قابلية دلالة الروايتين على سببية مطلق الادراك ثم إن
وقوع التعجيل فطرة مشروط ببقاء الدافع على صفة وجوب الفطرة عليه خلافا لظ عبارة المختلف المتقدمة ووجهه ان فقد بعض الشرائط يكشف عن عدم
وجوب الفطرة فلا يكون المأتي به فطرة معجلة نعم لا يشترط بقاء الاخذ على صفة الاستحقاق لأنها كانت فطرة حين الاعطاء والمفروض استحقاق الاخذ
لها وانما قلنا باعتبار بقاء الاخذ على صفة الاستحقاق في زكاة المالية المعجلة للنص المتقدم في تلك المسألة فيقتصر على موردها مسألة واما اخر
وقت الاخراج فنسب إلى الأكثر انه يحرم تأخيرها عن صلاة العيد بل عن المنتهى والتذكرة نسبه إلى علمائنا وقيل يمتد إلى الزوال وهو محكى عن الإسكافي وقوام
الفاضل في المختلف والشهيد في البيان والدروس وهو ظاهر المحقق في الشرائع والمحقق الثاني في حاشيته وفي حاشية الارشاد وعن المنتهى امتداده إلى
اخر النهار مع أنه في المنتهى نسب تحريم التأخير عن الصلاة إلى علمائنا أجمع وقال في المختلف لو اخرها عن الزوال الغير عذرا ثم بالاجماع ومال إليه في المدارك
دليل الأولين اخبار كثيرة ظاهرها ذلك منها ما تقدم من صحيحة العيص ورواية إبراهيم بن ميمون وذيل رواية العيص انما يدل على جواز التأخير مع العزل
ومنها الصحيح المروى في الفقيه عن إسحاق بن عمار قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الفطرة فقال إذا عزلتها فلا يضرك متى أعطيتها قبل الصلاة أو بعدها ورواية
العياشي عن سالم بن تكرم عن أبي عبد الله (ع) قال اعط الفطرة قبل الصلاة وان لم تعطها حتى ينصرف من صلاته فلا تعدله فطرة ونحوها المروى في
الاقبال ورواية المروزي ان لم تجد من تضع الفطرة فيه فاعزلها تلك الساعة قبل الصلاة ولا يعارضها مثل رواية عبد الله بن سنان العطاء الفطرة قبل
الصلاة وبعدها صدقة لاحتمال رجوع الا فضلية إلى تقديمها على ما قبل الصلاة إذا لمتبادر من القبل الزمان القريب سيما بقرينة حكمه بخروجها عن
الفطرة بعد الصلاة واما صحيحة الفضلاء السابقة الحاكمة بأفضلية اعطائها قبل الصلاة يوم الفطر فهى (ايض‍) في مقابل التقديم على يوم الفطر بقرينة
قوله (ع) وهو في سعة الخ واما ذيل رواية العيص فقد تقدم انها ظاهرة مع العزل نعم روى عن كتاب الاقبال انه ان أخرجها قبل الفطر فهى فطرة وان أخرجها
بعد الظهر فهى صدقة لا يجزيك قلت فاصلي الفجر وأعزلها وامكث يوما أو بعض يوم ثم التصدق بها قال لا باس هي فطرة إذا أخرجتها قبل الصلاة ولا يبعد كون
الظهر سهوا من الراوي وفاقا للحدائق كما يفصح استفاضة الروايات حتى نفس هذه بتجديد الفطرة والصدقة بالصلاة ولا يمكن على الظهر الا إذا أريد
وقتها وهو غير صحيح في كثير منها بعد صحته في نفسه واما استضعاف هذا القول بأنه قد لا يصلى العيد فيجب
إما سقوط الفطرة أو تحديدها في هذا الفرض
523

بغيره فيثبت بذلك التحديد في غيره لعدم القول بالفرق فهو حسن لو سلم عدم القول بالفصل وهو ممنوع اذلا يعقل تعميم هذا التحديد لصورة ترك
الصلاة فالظ انهم يقولون في صورة الترك بكون التحديد بالزمان المقابل لفعل المكلف إياه فان تركها المكلف لعذر أولا له مع صلاة جامعا للشرائط
بحيث فاته الصلاة بعد فعل الامام كما في الإمام (ع) أو نائبه الخاص أو العام أو مطلق الامام لو قلنا به لوجوبه معهم عينا فيقضى عند فوت الصلاة وان ترك بالمرة
فالعبرة بالزوال أو بما قبله بمقدار الصلاة لان كل جزء قابل لأن يقع فيه الصلاة نعم قد يشكل فيما لو قلنا باستحباب الصلاة أو بوجوبها فترك الفطر واشتغل
بالصلاة فإنه يجب ح تقديم الفطرة وتأخير الصلاة فيفسد صلاته ولا يتوهم ان فساد صلاته مستلزم لعدم فوت وقت الفطر فلا يحرم فلا يفسد نظير ما ذكروه
في السفر الموجب لفوت الجمعة إذ عدم الفوت الناشئ من فساد الصلاة الحاصل من التحريم لا يوجب عدم التحريم كما أن عدم تفويت السفر للجمعة من حيث كونه معصية لا
يوجب رفع التحريم والمعصية وربما يؤيد القول الثاني بما رواه الشيخ في التهذيب وسلار من أنه ان ولد قبل الزوال يخرج عنه الفطرة وكك من أسلم قبل الزوال فإنه
لو خرج وقت الفطرة بالصلاة ولو كان قبل الزوال لم يكن وجه لاستحباب الفطرة لأن المفروض على ما دل عليه الأخبار المتقدمة وكلام الأكثر كون ما يعطى بعد الصلاة
صدقة لا فطرة فاستحباب الفطر قبل الزوال ولو بعد الصلاة كاشف عن بقاء عنوان الفطر بعد الصلاة بل عن عدم خروج وقتها اذلا معنى لاستحباب القضاء عمن لم
يولد حين الأداء بل لا معنى له فيمن أسلم بعد الصلاة مع جب الاسلام لما كان عليه حال الكفر لكن الانصاف ان التأييد بهذا الحكم لا يخ من اشكال بل نظر لا حال كونه تعبدا صرفا
ولذا حكم به جماعة ممن نسب إليهم القول الأول كالصدوقين في الرسالة والمقنع والهداية والشيخ في المبسوط والخلاف والنهاية والمحقق في المعتبر نعم في الشرائع قيد
الاستحباب بما لم يصل الغدو نحوه العلامة في القواعد والارشاد ومثل الفتاوى من حيث الاختلاف هنا الاخبار ففي رواية الفقيه عن محمد بن مسلم تصدق عمن يعول
من حرا وعبد صغيرا وكبير من أدرك منهم الصلاة وان ولد بعده فلا وكذلك من أسلم قبل الزوال أو بعده لكن الظ انه لا منافاة بين الحكمين ويكون الأول اكد في
الاستحباب من الثاني وكيف كان ان الحكم المذكور في المرسلة يدل بظاهره على امتداد الوقت إلى الزوال حيث إن ظاهر الحكم باستحباب تشريك المولود قبل الزوال مع غيره
والحاقه في اعطاء الفطرة عنه ويؤيدها في الدلالة ما تقدم من صحيحة ابن سنان من أن اعطائها قبل الصلاة وبعده صدقة فان الظ ان المراد بما قبل الصلاة المقابل
لما بعدها المحكوم بكون الفطرة فيه صدقة فيكون دالا على الأجزاء فيما بعد الصلاة الا انها تنقص ثواب الفطرة بل تنعدم وتصير صدقة وليس المراد قريب الصلاة
حتى يكون مقابلا لما قبل الصلاة بكثير ويؤيدها (ايض‍) الرواية المتقدمة عن كتاب الاقبال والرواية التي أرسلها السيد المرتضى ره حيث قال وروى أنه في سعة من أن
يخرجها إلى زوال الشمس ويؤيدها لفظة ينبغي في الرواية الأخرى المحكية عن كتاب الاقبال ينبغي ان تؤدى الفطرة قبل ان يخرج الناس إلى الجبانة فان أداها بعد ما
يرجع فإنما هي صدقة وليست فطرة ويؤيدها (ايض‍) ما يروى عن أمير المؤمنين بأداء الفطرة في خطبة العيد المتأخرة عن الصلاة وبيان بعض احكامه بقوله (ع) فليؤدها
كل امرء منكم عن عياله كلهم ذكرهم وأنثاهم صغيرهم وكبيرهم حرهم ومملوكهم من كل انسان منهم صاعا من تمر أو صاعا من شعير الخ ويؤيد الكل ان من المستبد إناطة وقت الفطرة
الواجبة على كل أحد بفعل الصلاة التي لا تقع عن كثير من الناس إما تعمد العدم وجوبها على المش‍ أو للعذر مع اختلاف زمانها ممن تقع منه واما دليل ما اختاره العلامة
ومال إليه في المدارك والذخيرة فهو ذيل صحيحة العيص المتقدمة وقد عرفت ان الظ حملها على صورة العزل كما ذكره غير واحد وإن كان الانصاف كونه مخالفا
للاطلاق بل لظاهر الرواية حيث إن السؤال في أول الرواية عن وقت الاخراج وسؤال الديل متفرع على ذلك كمالا يخفى على المتأمل وقد عرفت دعوى العلامة
في المختلف الاجماع على حرمة تأخيرها عن الزوال مسألة الظاهر جواز عزل الفطرة في وقت أدائها وفي الحدائق انه لا خلاف بين الأصحاب في أنه متى عزلها
وقصد بها الفطرة وعينها في زمان مخصوص قبل الصلاة وانه يجوز اخراجها بعد ذلك وان خرج وقتها والمستند في أصل مشروعية العزل الأخبار المستفيضة وقد
تقدم بعضها كرواية المروزي ورواية إسحاق بن عمار وذيل الرواية المحكية عن كتاب الاقبال والمراد بالعزم على ما ذكره جماعة تعينها في زمان خاص بقصد
التقرب فيصير أمانة شرعية في يد المالك لا بوقت أدائها بوقت مقتضى قاعدة الأمانات الشرعية انه يجب أدائها فورا مع الامكان وان لم يخرج وقت الفطرة
لان الوقت وقت امتثال الفطرة لا وقت أداء الأمانة الا ان ظاهر ما تقدم من عبارة الحدائق هو عكس ذلك وان فائدة العزل جواز التأخير ولو خرج الوقت
ويدل على ذلك ما تقدم من قوله (ع) في رواية إسحاق بن عمار المتقدمة إذا عزلتها فلا يضرك متى أعطيتها ونحوها ذيل رواية الاقبال المتقدمة وذيل صحيحة
العيص بناء على حملها على صورة العزل وعلى ذلك (ايض‍) يحمل رواية الحريث عن أبي عبد الله (ع) قال لا باس ان تؤخر الفطرة إلى هلال ذي القعدة فان التحديد
بهلال ذي القعدة يأبى عن الحمل على صورة عدم المستحق مسألة لو لم يعزلها ولم يؤدها حتى خرج وقتها وهو الزوال وفعل صلاة العيد أو نهار يوم
العيد فهل يجب اعطاؤها أم لا وعلى الأول فهل هو أداء أو قضاء أقوال أقواها وجوب الاعطاء فلعمومات وجوبها وان يتركها
يخاف الفوت وانها من تمام الصوم ولصحيحة زرارة عن أبي عبد الله (ع) في رجل اخرج فطرته فيعزلها حتى يجد لها أهلا فقال إذا أخرجها من ضمانه فقد برئ
والا فهو ضامن لها حتى يؤديها إلى أربابها والجواب إما عن العمومات فتقييدها بأدلة التوقيت ودعوى ان أدائها في الوقت المذكور تكليف مستقل يدفعه
الاجماع على اتحاد إذ ليس في أدائها في الوقت امتثالان أحدهما للمطلق والاخر للمقيد والتزام تعدد العقاب في تركهما في الوقت وخارجه عند هذا القائل
انما هو لأجل التكليف المترتبة كما في رد السلام وأداء الدين والوديعة لا لأجل مخالفة تكليفين متوجهين إليه دفعة أحدهما مطلق والاخر مقيد على
ما يقتضيه التمسك بالعمومات بعد خروج الوقت هذا كله مضافا إلى أن ظاهر أدلة توقيتها ان المراد بالفطرة سؤالا وجوابا هي التي وجبت في الاخبار
524

المطلقة فكأنها بيان لوقت ذلك الواجب الذي لم يتعرض الشارع في الأخبار المطلقة لا زيد من أصل وجوبها كما لم يقصد في أدلة التوقيت الا بيان وقتها
بعد الفراغ عن وجوبها واما عن الصحيحة فباحتمال بل ظهور ارجاع الضمير في اخراجها من ضمانه إلى الفطرة المعزولة ومعنى اخر اخراجها عن زمانه اخراجها
إلى المستحق بحيث يخرج عن عهده ايصالها فقوله والا فهو ضامن الخ يعنى انه في عهدة الأداء والإيصال وكون الفقرة الأولى عبارة عن العزل والثانية
لحكم صورة عدم العزل لا يجدى في اثبات بقاء التكليف بعد خروج الوقت لاحتمال أو ظهور ان المراد ان مع العزل ضامن لها حتى يؤديها في وقتها المضروب
فحاصل الجواب ان مع العزل يخرج عن الضمان ومع عدمه فهى في عهدته لكن الانصاف صحة التمسك بالعمومات حيث إنها تدل على استقرار الفطرة في ذمة المكلف
عند دخول وقتها فحرمة تأخيرها عن وقتها المضروب لا يدل على السقوط كما في كثير من الواجبات ولا يجب ذلك تعدد التكليف بالمطلق والمقيد دفعة حتى يحصل امتثالان
باتيان المقيد نظرا إلى أن المطلق مسوق لبيان أصل مطلوبية الفعل دائما ما لم يحصل في الخارج لا لبيان مطلوبية في زمان موسع بحيث يدل على تخيير المكلف في
ايقاع الفعل في أي جزء منه حتى يكون مغائر التكليف بوجوب ايقاعه معينا في مقدار خاص من الزمان حتى يحصل تكليفان دفعة وانما يوجب ذلك تعدد
التكليف تدريجا بمعنى بقاء الامر بالطبيعة بعد فوات الخصوصية من المكلف كما في رد السلام ونحوه ويمكن ان يقال (ايض‍) ان المستفاد من العمومات هو
الوجوب الشبيه بالحكم الوضعي وهو اشتغال ذمة المكلف بهذه المقدار للفقراء وتوقيت الشارع له بمنزلة تأجيل الدين لا يسقط عن الذمة بخروج الاجل
والفرق بين هذا وسابقه ان الباقي بعد خروج الوقت في الوجه السابق هو التكليف المطلق بأداء الفطرة وفي هذا الوجه هو الحكم الوضعي
قد تم بحمد الله تعالى على يد العبد الأقل الجاني ابن مرحوم ميرزا سيد محمد رضا
احمد الطباطبائي الإردستاني 1298
كتاب الخمس
ما كتب الشيخ الأستاذ الشيخ مرتضى نور الله مضجعه في الخمس مستقلا
بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي
مسألة لا خلاف ظاهرا في وجوب الخمس في غنائم دار الحرب ويدل عليه الأدلة الثلاثة وظاهرها عدم الفرق بين المنقول الذي يقسم بين المقاتلين و
غير المنقول الذي هو ملك لجميع المسلمين فيثبت في الأراضي المفتوحة عنوة كما صرح به الشيخ فيما حكاه عنه في التذكرة في باب الجهاد وابن حمزه وابن إدريس في
الوسيلة والسرائر والفاضلان في المعتبر والشرائع والقواعد في باب الخمس وفي التحرير في باب احياء الموات والشهيدان هنا وفي الجهاد وكيف كان فالظ عدم
الخلاف كما اعترف به في المناهل فمخالفة صاحب الحدائق مدعيا لاختصاص النصوص بالغنائم المقسومة فلا يشمل الأرض في غير محلها بعد عموم الآية واطلاق معاقد
الاجماعات بل تصريح المعظم مضافا إلى دلالة بعض الأخبار كرواية مسمع الآتية ورواية أبي بصير كل شئ قوتل عليه على شهادة ان لا إله إلا الله وان محمد رسول الله صلى الله عليه وآله ففيه
الخمس نعم بعض الأصحاب لم يتعرضوا في مقام بيان مصرف خراج الأرض المفتوحة عنوة لوجوب اخراج الخمس منها ثم ظاهر التحرير تعيين اخراج الخمس من حاصلها لكن صريح
الشرائع والقواعد في باب الجهاد التخيير بين افراز الخمس من عين الأرض أو من حاصلها كل سنة وظاهر كلام الشيخ المحكي في جهاد التذكرة هو تعيين الافراز من العين
قال الشيخ ره الذي يقتضيه المذهب ان الأرض التي فتحت عنوة يخرج خمسها لأرباب الخمس والأربعة الأخماس الباقية للمسلمين قاطبة الغانمين وغيرهم ويقبلها الامام
لمن يشاء يأخذ ارتفاعها يصرفه في مصالح المسلمين ولا يصح بيع شئ من هذه الأرض ولا هبته ولا معاوضته ولا تملكه ولا وقفه ولا رهنه ولا اجارته ولا ارثه
ولا يصح ان يبنى دورا ومساجد وسقايات وغير ذلك من أنواع التصرف الذي يتبع الملك ومتى فعل شيئا كان المصرف باق على الأصل ثم قال ره وعلى الرواية التي
رواها أصحابنا ان كل عسكر أو فرقة غزت بغير اذن الإمام (ع) فغنمت كانت الغنيمة للامام خاصة تكون هذه الأرضون بعد الرسول الا ما فتح في أيام أمير المؤمنين (ع)
ان صح شئ من ذلك يكون للامام خاصة ويكون من جملة الأنفال التي له خاصة لا يشركه فيها غيره انتهى وفي السرائر ان كلما يغنمه المسلمون من جميع الأصناف
التي قدمنا ذكرها فما حواه العسكر يخرج منه الخمس بعد ما يصطفى الامام بانجباره ما لم يجحف بالغانمين وأربعة أخماس ما يبقى بين المقاتلين وما لم يحوه العسكر من
الأرضين والعقارات وغيرها من أنواع الغنائم يخرج منه الخمس والباقي يكون للمسلمين قاطبة مقاتليهم وغير مقاتليهم من حضر منهم ومن لم يحضر من ولد ولم يولد
انتهى وقد صرح الفاضلان في باب الجهاد بأنه يخرج الخمس من الأرضين أو من ارتفاعها والباقي للمسلمين ويظهر ذلك منها ومن الشهيدان والمحقق الثاني في مسألة
شراء الذمي من المسلم الأرض المفتوحة عنوة لكن ظاهر كلامه في التهذيب إباحة التصرف في أراضي الخراجية من غير التعرض لا خراج الخمس من العين أو من الارتفاع
وظاهره كونها كالأنفال لا يجب فيها في زمان قصور يدهم شئ له ولا لقبيله مستدلا مضافا إلى ما ذكره سابقا من روايات احلال الأئمة صلوات الله عليهم حقوقهم
لشيعتهم بصحيحة عمر وبن يزيد قال رأيت أبا سيار مسمع عبد الملك بالمدينة وقد كان حمل إلى أبى عبد الله (ع) مالا في تلك السنة فرده عليه فقلت له لم رد عليك
أبو عبد الله (ع) فقال أبى قلت حين حلت إليه المال انى كنت وليت الغوص فأصبت أربعمائة ألف درهم وقد جئت إليك بخمسها ثمانين الف وكرهت ان حبسها
عنك إذا عرض لها وهي حقك الذي جعله الله لك في أموالنا فقال وما لنا في الأرض واما اخرج الله منها الا الخمس يا أبا سيار الأرض كلها وما اخرج الله عنها
من شئ فهو لنا قال قلت فانا احمل إليك المال كله فقال يا أبا سيار قد طيبناه لك وحللناك منه فضم إليك مالك وكل ما كان في أيدي شيعتنا من الأرض
525

فهم فيه محللون يحل لهم ذلك إلى أن يقوم قائمنا فيجيئهم طبق ما كان في أيدي سواهم فان كسبهم في الأرض حرام عليهم حتى يقوم قائمنا فيأخذ الأرض من أيديهم
ويخرجهم منها صفرة الحديث لكنك خبير بان ظاهر ما يدل على جواز التصرف في أرض الخراج من غير أداء خراجه إلى الجائر أو إلى نائب الإمام (ع) والظ انه خلاف الاتفاق
كما يظهر من المحقق الثاني ويمكن حمله على ارض الأنفال أو على حصة الإمام وقبله من أرض الخراج (ايض‍) مسألة لا خلاف ظاهر أولا اشكال في تفسير المعدن
فعن التذكرة المعادن كلها يخرج من الأرض مما يخلق فيها من غيرها مما له قيمة ومثل بأمثلة منها الملح والمغر والنفط والقير والكبريت ثم نسب إلى علمائنا أجمع ونحو
ذلك عن ابن الأثير في النهاية وفي المسالك والروضة انه كلما استخرج من الأرض ما كان أصله منها ثم اشتمل على خصوصية لمعظم الانتفاع به وعد منها الحص
وطين الغسل وحجارة الرحى وزاد في البيان النورة والموجود في النصوص لفظ المعدن وقد ذكر في بعضها أشياء خاصة كالذهب والفضة والحديد والرصاص والصفر
وفي صحيحة محمد بن مسلم قال سئلت أبا جعفر (ع) عن الملاحة قال وما الملاحة فقال ارض سبخة مالحة يجتمع فيها الماء فيصير ملحا فقال هذا المعدن فيه الخمس وفي رواية الفقيه
هذا مثل المعدن فيه الخمس قلت والكبريت والنفط يخرج من الأرض قال هذا وأشباهه فيه الخمس وفي المدارك المعدن منبت الجوهر من ذهب ونحوه وهو المحكي عن
القاموس والأزهري والتحقيق ان المراد بالجوهر إن كان مطلق ما يقابل وجه الأرض غير من النباتات فلا فرق بين ما في المدارك والتذكرة وإن كان أخص من ذلك ففيه اجمال
من جهة اجمال لفظ الجوهر فلا ينفع الاخذ به مع كون تفسير التذكرة المحكي عن ابن الأثير أعم منه فهو أولي بالأخذ من الأخص لأنه يثبت مالا ينفيه مدعى الأخص مضافا إلى
دعوى الاجماع عليه عن التذكرة المنتهى بل لا يبعد موافقته للعرف (ايض‍) مضافا إلى عمومات وجوب الخمس في الأرض وما اخرج الله منها ويؤيد ذلك أن اللازم من
تحديد صاحب المدارك كون مثل نفط خارجا عن المعدن ملحقا به من جهة الصحيحة السابقة مع أنهم يجرون عليه احكام المعدن من حيث الشروط والاحكام واما ما في المسالك
فالظ انه أعم من ذلك لكن مساعدة العرف له محل تأمل مثل حجارة الرحى لا يظهر اطلاق المعدن عليه فان الظ من المعدن هو ما خرج عن اسم الأرض وإن كان أصله منها
كما صرح به في المنتهى وكيف كان فما ذكره في التذكرة قوى جدا فمثل حجارة الرحى وحجارة النار و؟؟ الغسل يشكل اطلاق اسم المعدن عليها واما الجص فلا يبعد ان
يدخل فيه كما يشير إليه عد المغرة مع أن مغايرتها لأصل الطين ليس بأوضح من مغايرة الجص واما النورة فالظ دخولها في المعادن كما صرح به في محكى السرائر والمختلف
وحملا اهمال الشيخ لها وللمغرة وغيرهما في طي الأمثلة على عدم إرادة الحصر ثم الظ اعتبار النصاب في المعدن وفاقا الجمهور المتأخرين لصحيحة البزنطي قال سئلت أبا الحسن (ع)
عما اخرج من المعدن من قليل أو كثير هل فيه شئ قال ليس فيه شئ حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين دينارا ولا يبعدان يكون ذكر العشرين من باب اتحاده مع مأتى درهم
ذلك الزمان والا فالمعيار بلوغ نصاب الزكاة كما صرح به أولا مع احتمال الاقتصار على خصوص الدينار فبكون الموصول في الصحيحة إشارة إلى جنس الدينار بل إرادة
ذلك من الموصول أقرب من حمل العشرين على المثال مع الأصل في نصاب النقدين هو المائتان واعتبار العشرين لأنها عدل المأتين كما يظهر من الاخبار وعن أبي
الصلاح اعتبار بلوغ دينار وهو ضعيف كمستنده من حيث الدلالة وحمله جماعة على الاستحباب ولا اشكال في اعتبار اخراج المؤنة بل لا خلاف فيه ظاهرا وفي المدارك
انه مقطوع به بين الأصحاب وعن الخلاف والمنتهى دعوى الاجماع ويدل عليه الاخبار المصرحة بان الخمس بعد المؤنة وهل يعتبر النصاب قبل المؤنة أو بعدها الأقوى الثاني
وفاقا لصريح جماعة بل في المسالك انه الذي صرح به الأصحاب وعن الرياض نفى وجدان الخلاف وظهور الاجماع لان الظ من قوله ليس فيه شئ حتى يبلغ عشرين هو وجوب
الخمس فيه إذا بلغ عشرين بان يكون الخمس في نفس العشرين ولا يتأتى ذلك الا إذا اعتبر العشرون بعد المؤنة فخلاف صاحب المدارك وبعض مشايخنا المعاصرين تمسكا بعموم وجوب
الخمس في المعدن خرج منه ما يبلغ المجموع العشرين ضعيف جدا لما عرفت ثم إن الظ من الرواية اعتبار النصاب فيما يخرج من المعدن دفعة أو دفعات في حكم الواحد بان لا يتخال
بينها الاعراض وفاقا للمحكى عن العلامة في المنتهى والتحرير وحاشية الشرايع وشرح المفاتيح والرياض خلافا للشهيدين في الدروس والمسالك والأردبيلي وصاحبي المدارك
والذخيرة تمسكا بالعمومات المتضمنة لوجوب الخمس في هذا النوع وفيه آن العبرة بما يستفاد من دليل اعتبار النصاب وهي الصحيحة المتقدمة والظ منها ما ذكرنا فلا عبرة
بالعمومات الا ان يق بان ظهور الخبر في ذلك ليس على وجه يعتد به في رفع اليد عن اطلاقه فيصير اللفظ من قبيل المجمل بالنسبة إلى المطلق والمقيد فيرجع في غير المتيقن
من الخروج بهذه الرواية عن العمومات وهل يعتبر اتحاد المعدن أم لا قولان أظهر هما الأول وفاقا للروضة وحكاه عنها عن العلامة لظهور الصحيحة المتقدمة في المعدن
الواحد وظاهر المحكي عن غير واحد للتوقف في المسألة نعم لو اشتمل معدن واحد على نوعين انضما والظ ان الاعتبار بقيمة النصاب يوم الاخراج فلا عبرة بغيره من
الأوقات وعن الشهيد الاجتزاء بالقيمة التي كانت في صدر الاسلام وهو ضعيف ولو اشترك جماعة في الاستخراج بحيث ما المخرج مشتركا بينهما فصرح بعض
باعتبار بلوغ نصيب كل منهم النصاب وظاهر الصحيحة عدم اعتبار ذلك ولو وجد شيئا من المعدن مطروحا في الصحراء ففي وجوب فيه وجه من حيث عدم اعتبار الاخراج
من المكلف بالخمس ولهذا صرحوا بأنه لو وجدوا وجد المعدن في ملك غيره فأخرجه فهو للمالك وعليه الخمس ويؤيده (ايض‍) ما سيجيئ من أن المحكي عن الأكثر ان الغير
المأخوذ من وجه الماء أو من الساحل معدن نصابه نصاب المعدن مع أن وجه الماء بل الساحل ليس معدنا للغبر نعم فتنظر في حكمهم هذا من هذه الجهة المحقق الأردبيلي
حيث قال إن المتبادر ما استخرج من معدنه الا ان يكون معدن العنبر وجه الماء ثم المعدن الموجود في أراضي الأنفال الظ صيرورته مملوكا للمخرج المؤمن لإذنهم
في التصرف وقد يق ببقاء المعادن على الإباحة الأصلية لسائر بنى ادم كالماء والكلاء ومنه يظهر حكم الموجود في المفتوحة عنوة من الأراضي ويمكن ان يق
يكون المعدن بنفسه مواتا وإن كان في ارض عامرة وقت الفتح فهو لمن أحيا مسألة لا اشكال ولا خلاف في وجوب الخمس في الكنز والاخبار به كحكاية الانفاق
مستفيضة والمراد بالكتر هو المال الذخور في الأرض وزاد في الروضة والمسالك قيد القصد والظ انه تصريح بما يستفاد من لفظ المذخور أو المدفون المأخوذين
526

في التعريف والظ انه تصريح بما يستفاد من لفظ المذخور أو المدفون من النقدين أو من غيرهما واستظهر في المناهل عدم الخلاف فيه حاكيا هذا الاستظهار (ايض‍) عن مجمع الفائدة
وزاد بعضهم قيد كونه للادخار لا لمجرد الحفظ في زمان قليل لعموم النصوص ومعاقد الاجماعات في لفظ الكنز الذي قد عرفت انه عندهم المال المذخور من غير تقييد بالنقدين
وفي صحيحة زرارة كل ما كان ركازا ففيه الخمس نعم ظاهر المحكي عن جماعة اختصاصه بالنقدين حيث لم يذكروا غيرهما ووافقهم في ذلك كاشف الغطاء فجعل ما عداهما لقطة وتبعه
بعض المعاصرين متمسكا بظ مفهوم صحيحة البزنطي الآتية بحملها على المماثلة في النوع وهو ضعيف لظهورها في المقدار كما اعترف به في الرياض ناسبا له إلى الأصحاب
ويؤيد ذلك ورود مرسلة بمضمونها صريحة في المقدار نعم عن كاشف الغطاء عدم اعتبار القصد ولا الفاعل بل المذخور مط بنفسه أو بفعل فاعل ويمكن ان يدعى
الحاق المذخور بنفسه بالكتر لصحيحة زرارة كلما كان ركازا ففيه الخمس ومنه يظهر وجه الحاق المذخور في سقف البيوت والحيطان وأصول الأشجار ولعله لذا حكم الأصحاب
بوجوب الخمس فيما يوجد في جوف الدابة والسمكة ولعله لذا عطف في الدروس الركاز على الكنز ولا اشكال
ولا خلاف في اعتبار النصاب وعن جماعة دعوى الاجماع
أو الاتفاق والمعروف في نصابه هو نصاب الزكاة وحكى عن الصدوق في الا مالي انه دينار واحد وهو وان حكى عن الغنية مدعيا عليه الاجماع الا انه شاذ يرده صحيحة البزنطي
عن الرضا (ع) قال سئلته عما يجب فيه الخمس من الكنز قال ما يجب في مثله الزكاة ففيه الخمس وظاهرها الاكتفاء بمأتي درهم (ايض‍) خلافا لظ جماعة فخصوها بالدينار وحمله غير
واحد على إرادة المثال والكلام في اعتبار اتحاد الاخراج وفاقا للمحكى عن السرائر والمنتهى وغيرهما ولا فرق بين أن تكون الكنز مشتملا على نوع واحد من المال و
بين ان يشتمل على نوعين ولو كان كنزان فظاهر الرواية اعتبار النصاب في كل واحد الا مع الاتحاد عرفا ويعتبر النصاب المذكور بعد المؤنة لظاهر الصحيحة حيث إن قوله راجع
إلى مجموع ما يجب فيه الزكاة كما لا يخفى ولما كان وجوب الخمس في الكنز فرع تملكه جرى ديدنهم على بيان أقسام الكنز وتميز ما يملكه الواجد وطردوا الكلام إلى ذكر غيره
مثل الموجود في جوف الدابة والسمكة فذكروا ان الكنز اقساما أربعة الأول والثاني ما يوجد في دار الحرب سواء كان عليه اثر الاسلام أم لا وقد صرح جماعة بان
الأصحاب قطعوا بكونه لواجده وان فيه الخمس وفي الحدائق كما عن الخلاف نفى الخلاف فيه و عن ظاهر الغنية الاجماع عليه واستدلوا عليه بان الأصل في الأشياء
الإباحة وحرمة التصرف في مال الغير انما يثبت إذا كان المال لمحترم أو ورد به نهى خصوصا أو عموما والكل منتف هنا ويمكن ان يق ان الأصل في كل مال العصمة لعموم الناس
مسلطون على أموالهم ولقوله (ع) في التوقيع المروى في الاحتجاج لا يجوز لاحد ان يتصرف مال غيره الا باذنه خرج من ذلك من علم عدم عصمة ماله كالحربي مثلا وبقى
الباقي ولو قيل بان الخارج هو الحربي الواقعي فالشبهة في الموضوع ويجرى فيه البراءة قلنا أصالة عدم الانتقال إلى الواحد حاكم على البراءة نظيره المرأة
المشتبهة بين الزوجة والأجنبية والمال المشتبه بين مال نفسه أو غيره حيث تجرى فيهما أصالة عدم الزوجية وعدم الانتقال اللهم الا ان يدفع أصالة
عدم الانتقال بما هو حاكم عليه من أصالة عدم تسلط أحد عليه فان الحربي ليس مسلطا على ماله بحيث لا يكون للغير انتزاعه منه وبعبارة أخرى أصالة
عدم احترام المال لكنك خبير بان ما ذكروه من أصالة الإباحة لا يدل بنفسها على الحكم الوضعي وهو التملك بمجرد الحيازة بل هذا الأصل يجعلها في حكم المباحات
الأصلية ينضم إلى ذلك أدلة تملك المباحات بالحيارة فاندفع بذلك ما اورده بعض من أن الأصل انما يقيد إباحة تصرف كل أحد لا خصوص الواجد ويمكن ان يتمسك
في المقام ببعض الاطلاقات الأخبار الواردة في تخميس الكنز لا جميعها فان أكثرها مسوقة لبيان وجوب الخمس بعد الفراغ عن صيرورته ملكا للواجد وما سيجئ في تملك ما
يوجد في الدار الحزته من دار الاسلام ولو وجد الكنز في دار حربي معين في دار الاسلام فالظ ان حكمه حكم دار الحرب في التملك ووجوب الخمس لما مر من الدليل واستشكل
بعض في التملك مع الأمان له أو شبهة للأمان حيث إنهم لا يجوزون اخذ ماله بغير اذنه بناء على أن المدفون في داره من جملة ماله بل يكفي الشك في الأمان بناء على ما تقدم
من أصالة عدم التملك اللهم الا ان يندفع بأصالة تحقق الأمان الحاكمة على ذلك الأصل الذي عرفت ما فيه واستشكل بعض اخر في وجوب الخمس بعد انصراف أدلة
وجوب الخمس في الكنز إلى ما علم صاحبه بل ح يكون من قبيل ما يؤخذ قهرا من حربي أو خفية ويمكن دفع الأول بان المراد بالحربي من لا حرمة له فلا يدخل المأمون لو قال إن
الأمان لا يوجب عصمة مثل هذا المال إذا الكلام فيما لا يعلم أنه ذفنه بل لو علم الدافن في الموجود في دار الحرب أشكل شمول أدلة الكنز له لانصرافه إلى غير معلوم المالك
فت‍ ومما ذكرنا يظهر الجواب عن الاشكال الثاني إن كان مبناه كون الحربي مالكا أصليا له وإن كان من حيث إن الكنز تابع لداره في الملكية مطلقا أو حيث يدعيه ففيه منع
القسم الثالث ان يكون في دار الاسلام فان علم كونه للمسلمين فالظ انه مجهول المالك لعدم صدق اللفظة عليه لأنها المال الضايع فلا يصدق على المكنون قصد أو ان
لم يعلم كونه لمسلم أو حربي فلا يخلو إما ان يكون في ارض غير مملوكة لشخص خاص غير الإمام (ع) أو مملوكة للواجد أو لغيره وعلى التقديرين فاما ان لا يكون عليه اثر
الاسلام أو يكون عليه اثر الاسلام إما الأول فالمعروف انه لو أجده بل استظهر الاتفاق عليه بعض بعض مشايخنا في الحدايق نفى الخلاف ويدل عليه ما مر
من الأصول والاخبار ويستثنى منه ما كان في دار حربي في دار الاسلام كما تقدم واما الثاني ففي جواز تملكه من غير تعريف أو كونها لقطة يحتاج إلى التعريف
قولان أقويهما الأول لما مر من الأصول في صورة كل من الدار والأثر فان اجتماعهما لا يوجب العلم بل ولا الظن بكونه ملكا المسلم حتى تقيصر في حله من دون طيب النفس
على ما بعد التعريف مع عدم الدليل على وجوب التعريف اذلا يصدق عليه عنوان اللقطة التي ثبت من الاخبار وجوب التعريف فيها عموما لأنه ليس الا ضايعا عن صاحبه و
يدل عليه (ايض‍) حسنة ابن مسلم بابن هاشم بل صحيحة عن أبي جعفر (ع) قال سئلته عن الدار يوجد فيها الورق قال إن كانت معمورة فيها أهلها فهو لهم وإن كانت خربة
قد جلى عنها أهلها فالذي وجد المال أحق بها ونحوها مصححة أخرى لا بن مسلم نعم في موثقة محمد بن قيس عن الباقر (ع) قال قضى على في رجل وجد ورقا في خربة ان
يعرفها فان وجد من يعرفها والا تمتع بها والجمع بينهما إما بحمل الصحيحتين على ما بعد التعريف أو على ما ليس فيه اثر الاسلام واما بحمل الموثقة على غير المكنوز
527

أو التعريف على تعريف مالك الخربة لكن الحملان في الصحيحتين بعيدان إما الأول فلانه في مقام البيان واما الثاني فلعدم الشاهد مع أن الورق على ما عن القاموس و
الصحاح هي الدراهم المضروبة فلو لم يكن منصرفة إلى ما عليه اثر الاسلام فلا اشكال في عمومها من حيث ترك الاستفصال والانصاف ان الحملين في الموثقة كك بعيدان إما
الثاني فظاهر واما الأول فلان حمل الموثقة على غير المكنوز يوجب تخصيص الصحيحتين بالمكنوز مع أن الظ الاجماع منهم على عدم الفرق فيما يوضع في خربة باد أهلها من
الكنوز وغيره في كونه ملكا لو أجده وربما يجاب عن الموثقة بأنها قضية في واقعة وهو ضعيف لان روى الخبر محمد بن قيس له كتاب في قضايا أمير المؤمنين (ع) يرو بها
عن الباقر (ع) والظاهر من ذكر المعصوم لها بيان الحكم لا مجرد الحكاية ولذا استدل على هذه القضايا كثيرا كما لا يخفى على المتتبع واضعف من هذا الوجه حمل الموثقة
على ما علم كونه من الكنوز الاسلامية المعلوم كونها للمسلمين وذلك لان الكنوز الاسلامية في ز من الأخير صلوات الله عليه في غاية القلة مضافا إلى عدم الشاهد فرع
ثم إن الموجود في دار الاسلام المراد به الملك المختص بغير الامام فالموجود في الأنفال والمفتوحة عنوة حكمها ما ذكرنا وإن كانت المفتوحة عنوة للمسلمين والانفال للامام
وإن كانت الأرض مملوكة للواجد وعلى المال اثر الاسلام لان ملكه الواجد بالاحياء فهو له لأنه في الحقيقة وجده في المباح وكذا لو ملكه بالإرث المختص إذا لم يعلم بانتفاء
ملك مورثه عنه ولو ملكها بالابتياع ونحوه فظاهرهم وجوب تعريف المنقول عنه فان عرفه وادعاه فهو له من غير بينة ولا يمين ولا وصف لأنه ذو اليد فيصدق
في دعوه أو يدل عليه ما سيجئ مما ورد في الموجود في جوف الدابة وفي الموجود في بعض بيوت ملكة بل يمكن ان يقال بكونه ملكه له الا ان ينفيه عن نفسه فلا يعتبر في الادعاء
بل يكفي عدم الانكار كما يومى إليه بل يدل عليه صحيحتا ابن مسلم المتقدمتين وعن الشيخ في الخلاف انه إذا وجد ركازا في ملك مسلم أو ذمي في دار الاسلام لا يتعرض
له اجماعا وناقش في المدارك في وجوب التعريف إذا احتمل عدم جريان يده عليه لأصالة البراءة لا يعارض مقتضى أدلة اليد وعدم التقدم لا يجرى الا مع احتمال تجدده
بعد الشراء وليس كلامهم فيه ظاهر أيدل على ذلك استدلالهم عليه بأنه لو ادعاه حكم له به اجماعا وربما يعارض أصالة عدم تقدم الكنز النافية لتسلط البايع بأصالة
عدم تقدم الملك لا يثبت كون الكنز في يد البايع وفاقا لما استظهره بعض من كلام الفقهاء ويؤيد هذا الحكم ما سيجئ من وجوب تعريف ما يوجد في جوف الدابة ولو
لم يعرفه المالك الأول فذكر جماعة انه يعرفها المالك السابق عليه لأنه (ايض‍) كان ذا اليد فحكمه حكم من بعده وقد يشكل وجه حكمهم بالترتيب بين الملاك مع اشتراكهم
في اليد سابقا وإن كان على الترتيب لكن يمكن دفعه بان اليد الحادثة واردة على اليد القديمة ومزيلة لها فما لم يمنع الحادثة بانكار ذيها لم ينفع القديمة ولذا لو
تداعيا تقدم الحادثة فالأولى الاشكال في وجوب تعريف المالك السابق بعد عدم معرفة اللاحق مع اتصال عدم ثبوت يد من عدا اللاحق عليه بل عرفت انه لولا العمل بوجوده
قبل الانتقال عن اللاحق لم يكن دليل على وجوب تعريفه إياه ولذا حكى عن ظاهر جماعة عدم وجوب تعريف من عدا المالك اللاحق كما يظهر من الرواية الآتية فيما يوجد في
جوف الدابة وما سيجئ من رواية إسحاق بن عمار في الموجود في بعض بيوت مكة بل لولا تلك الرواية بضميمة يتفتح المناط المؤيد بعدم ظهور الخلاف اشكال الحكم بوجوب
التعريف بل كان اللازم إما عدم اعتبار اليد نظرا إلى ما ذكره بعض من منع صدق اليد على مثل هذا المدفون الذي قد لا يشعر به المالك فان المتيقن حيث فرضنا
العلم بوجود الكنز عند تملك ذلك المالك لا تسلطه عليه ومجرد وجوده عند تملكه لا يوجب ملكه تبعا للدار لأنه غير داخل في الدار وتوابعها المنقولة واما وجوب
دفعها إلى المالك من غير تعريف ولا توقف على دعواه كما يدل عليه صحيحتا ابن مسلم المتقدمتان بل احتمل بعض استحقاقه له حتى مع العلم بتملكه له وانكار كونه منه لأجل
الصحيحتين قال ولا استبعاد في حكم الشارع بتمليك المالك كما قد يحكم بتملك الواجد و ج فلو كان صبيا أو مجنونا دفع إلى وليه ولو كان ميتا دفع إلى وارثه الخاص
أو العام نعم لو كان مستند التعريف اعتبار اليد وعلمنا بجريان يد الكل كان اللازم تعريف الجميع على الترتيب أو التصدق عنه وكيف كان فلو كان من يجب
تعريفه من الملاك متعددا وجب تعريفهم فان ادعاه كل واحد جاء التداعي وان ادعاه بعضهم وانكره الباقون فان اطلق أو ذكر سببا مختصا دفع إليه و
ان ذكر سببا مشتركا بنيه وبين الباقي كالإرث دفع إليه حصته قطعا وحكم الباقي كما لو أنكروه جميعا وليس لباقي الورقة مزاحمة في حصته لانكارهم تملك مورثهم
له ولو فرض كون باقي الورقة صغارا فليس عليه اعطاء حصتهم مما يده في بمقتضى اعترافه بإشاعة العين واشتراك كل جزء عنه بين الكل لان السبب الموجب لدفع
ذلك الجزء انما أوجب دفعه من حيث كونه حقا للمدفوع إليه لا من حيث هو هو ولازم ذلك الاختصاص به عند الرفع والا توقف دفع حصته إلى دفع الكل إليه
اذلو دفع بعضه والمفروض اشتراك ذلك البعض لزم تخلف السبب من السبب الموجب لدفع جميع حقه إليه ولو ادعاه بعض الورثة ولم يستنده إلى الإرث فالظ
عدم العبرة بدعواه إذا المفروض انه لابدله من جهة الإرث واليد من هذه الجهة لا يوجب بملك الكل نعم لو فرض ثبوت اليد له من جهة أخرى فهو خارج عن عنوان
الوارث ثم إذا لم يعرفه أحد ممن جرى يده عليه فهل هي لقطة مط كما عن الفاضلين في النافع والمنتهى والتحرير الا ان الموجود في النافع هو القول الثاني وكذا
المحكي عن المنتهى من العبارة صريحة في اختصاص حكم اللقطة بما عليه اثر الاسلام فراجع والظ انه لم يقل به الا الشيخ في أحد قوليه كما حكى في باب اللقطة أو
لواجد معط كما عن النهاية والسرائر والشرايع والارشاد واللمعة وحاشية الشرائع أو لقطة مع اثر الاسلام ولو أجده بدونه كما عن المبسوط والدروس
والتنقيح والمسالك لكن المحكي عن التنقيح الاجماع على كون ما فيه اثر الاسلام لقطة وهو ينافي القول الثاني وفي الحدائق نفى الخلاف عن ما يوجد في دار الاسلام
ولم يكن عليه اثر الاسلام لو أجده سوءا كان في ارض مباحة لو مملوكة ولم يعترف به المالك وهو ينافي القول الأول لكن ذكر في اخر كلامه ان المتحصل من كلامه ان
ما وجده في ارض الاسلام مط ولم يعلم لها لك فإنه مع عدم اثر الاسلام كنز لو أجده وعليه الخمس ومعه يكون محل الخلاف المتقدم سواء كان في ارض مباحة أو مملوكة
للواجد أو غيره مع عدم اعتراف أحد من الملاك به ولا يخفى منافاته لما ذكرنا من القول بكون في الأرض المملوكة مع اعتراف الملاك لقطة ولو مع عدم اثر الاسلام
528

مضافا إلى منافاته لما حكى عن التنقيح من الاجماع ثم إن ظاهر الشهيد في البيان والمحقق الثاني في حاشية الشرايع ان الموجود في غير المملوك من ارض الاسلام مع وجود
اثره لقطة والموجود في المملوك منها مع الأثر وانكار الملاك لو أجده خلاف ما يظهر من المسالك من أن الموجود في الأرض المملوك من الأثر لا يقصر عن الموجود في غيره حيث قلنا
بكونها لقطة الا ان الانصاف ان وجوب التعريف هنا لا دليل عليه ولو قلنا بوجوبه في الموجود في الأراضي المباحة للموثقة المتقدمة إذ لم يثبت صدق اللقطة على المفروض
حتى يتمسك في وجوب تعريفه بالعمومات لما عرفت من أن اللقطة المال الضايع فلا يصدق على المدفون قصدا بل المذخور لعاقبة وما ذكره في المسالك من أنه لا يقصر
عن الموجود في الأرض المباحة فيه انه لا مضايقة عن قصوره عنه نظرا إلى أن الموجود في المملوك بحسب الظ محصور بين من جرت أيديهم عليها فتعريفهم يغنى عن التعريف العام
المحكوم به في اللفظة وهذا وان لم يصلح وجها للغرض الا انه يصلح لا بدأ الاحتمال نعم لو تم ما ادعاه في التنقيح من الاجماع فلا محيص عنه لكنه غير ثابت ويدل على عدم التعريف
العام بعد التعريف الخاص ما ورد في الموجود في جوف الدابة وحملهما على ما ليس فيه اثر الاسلام بعيد جدا ثم الكلام فيما وجده في ملك غيره كما لو وجده في ملكه المنتقل إليه
ويدل على وجوب التعريف فيه مضافا إلى عدم الخلاف ظاهرا موثقة إسحاق بن عمار قال سئلت أبا إبراهيم (ع) عن رجل نزل في بعض بيوت مكة فوجد نحوا من سبعين درهما
مدفونة فلما نزل معه ولم يزل يذكرها حتى قدم الكوفة كيف يصنع قال يسئل عنها أهل المنزل لعلهم يعرفونها قلت فإن لم يعرفوها قال يتصدق بها والامر بالتصدق له محمول
على الاستحباب والا يخفى ان الظ منه عدم وجوب تعريف الملاك السابقة وعدم وجوب التعريف العام في
الموجود في الأراضي المملوكة وقد قوينا العدم في المقامين مسألة
لو تنازع مالك الدار ومستأجرها في الكنز الموجود فيها ففي تقديم قول المالك أو المستأجر قولان من فعلية يد المستأجر وظهور ان المالك لا يؤجر دارا فيها كنز كما في
الخلاف مع أصالة عدم ثبوت يد المالك على الكنز لأصالة عدم تقدم وضعه ومن أن يد المستأجر انما هي على المنافع لا الأعيان فلا تنفع فعلية يدها والظهور المدعى لا
يخفى ما فيه ولان يد المالك أصلية ويد المستأجر فرعية كما في حاشية الارشاد واما أصالة عدم ثبوت يد المالك فمع انها لا يثبت يد المستأجر يدفعها ان اشتمال ملكه عليه
كاف في ثبوت يده والا لم يكن لمالك الصندوق يد على ما في صندوقه وقد تقدم تضعيف الخدشة في استلزام اليد على الدار ليد على مثل الكنز المختفى فيها والكلام هنا بعد الفراغ
عن ذلك وكون الكنز في يد المالك لولا معارضة المستأجر واما اصاله عدم الكنز على الإجارة كما في المدارك والذخيرة فما لا دخل له في المقام لأنها لا تنفى يد المالك
ولا تثبت يد المستأجر كما لا يخفى نعم يمكن ان يستدل على تقديم المستأجر بالموثقة المتقدمة الدالة على وجوب تعريف الموجود في بعض بيوت ملكة لأهل المنزل الظ في سكنته
ولو استيجارا بل هو ظاهرا في خصوص المستأجر لان ظاهر الرواية وجوب السؤال على أهل ذلك المنزل بعد الوصول إلى الكوفة فالظ ان المراد به رفقته الذين حجوا
من الكوفة الذين نزلوا معه الدار استيجارا ويؤيده صحيحتا ابن مسلم المتقدمة الظاهرتان في كون الموجود في الدار المعمورة لأهلها الظ في سكنتها دون ملاكها
بل التحقيق منع كون المالك ذا يد بمجرد الملك فان اليد معنى عرفي يتحقق في المستأجر دون المالك ولا نسلم وجوب تعريف المالك إذا كان الساكن غيره وما ذكرنا
سابقا من أن يد المستأجر انما هي على المنافع وان ذكره غير واحد الا انه يدفع بان يده على العين لأجل استحقاق المنفعة كيف ولولا يده على العين لما قبلت
دعواه ملكيتهما مع أنها مقبولة منه اجماعا الا إذا ثبت انه مستأجر فتقديم قول المستأجر غير بعيد وفاقا للخلاف والمختلف والبيان والمسالك وغيرهم خلافا لجماعة و
نسبه المحقق الثاني إلى المشهور ولعله لان ثبوت اليد يحصل للمالك بمجرد اشتمال ملكه على ذلك الشئ وان لم يكن الملك في يده حسا بل لم يقبضه مذيوم ملكه وكعبد له
في البلاد النائية ومات وفي يده مال أو كدار لم يسكنه مذيوم ملكه وكيف كان فملك الشخص بمنزلة يده واما المستأجر فحيث له يملك المنفعة فلم يشمل ملكه على
الكنز ولم يثبت له يد حسية بحيث يصدق عليه عرفا انه في يده وقياسه على الأموال الظاهرة الموضوعة في البيت صحيح مع فرض كونها (ايض‍) في مكان لم يعلم بتردده إليه
وتصرف فيه بحيث يصدق بواسطة هذا ان تلك الأشياء في يده ويشبه ما نحن فيه الكنز الموضوع تحت اللقيط فإنه لا يخفى الفرق بينه وبين الموضوع في جوانبه فاطلاق
كلامه الأصحاب في وجوب تعريف المالك محمول على ما هو الغالب من تصرفهم بأنفسهم إذ العلم بعدم كون الكنز للمستأجر غالبا وكذا الكلام لو تداعيا في عين اخر مما
يكون في الدار منقولا كان أو غيره الا ان يكون من أجزأ الدار عرفا ومثله الكلام في المعير والمستعير مسألة لو وجد في جوف الدابة المصيدة شيئا فلا اشكال في
صحة تملكه إن كان من المباحات الأصلية بل قد يق بتملكه له قهرا من غير قصد وهو ضعيف وإن كان من المملوكات فمقتضى الأصل المتقدم أعني أصالة بقائه على عدم
الاحترام الأصلي هو جواز تملكه (ايض‍) من غير تعريف سوءا كان عليه اثر الاسلام أم لا وسوءا علم أنه اكله من العمران أو من المفاوز والخربة أو لم يعلم شيئا من ذلك
ويؤيد ما ذكرنا من الرواية الآتية في الدابة المملوكة حيث لم يحكم بوجوب التعريف العام بعد انكار المالك السابق مع ظهورها كما سيجئ فيما فيه الأثر ويحتمل ان
يكون ما عليه اثر الاسلام لقطة بناء على ما تقدم من جماعة من أن الأثر علامة سبق يد المسلم فيكون مالا ضايعا لمسلم يجب تعريفه للعمومات كما يظهر من المسالك
وحاشية الشرايع مما يوجد في جوف السمكة فان الدابة فيما نحن فيه بمنزلة السمكة ويحتمل ان يكون مط لقطة لصدق المال الضايع عن صاحبه عليه ولا يعتبر في
اللقطة ان يعلم أن يظن كونه ملكا لمسلم لاطلاق أدلته ولذا تقدم عن بعض منهم الشيخ في أحد قوله الحكم بكون الموجود في الأرض المملوك بعد عدم الملاك لقطة
وان لم يكن عليه اثر الاسلام ويحتمل الفرق مط أو مع اثر الاسلام بين ما لو علم أنه من العمران فاللقطة وبين ما لم يعلم ذلك فهو للواجد ويحتمل ان يكون مط أو مع
الأثر من قبيل مجهول المالك ويحتمل الحكم بكونه مع اثر الاسلام بمنزلة اللقطة في وجوب تعريف سنة ثم لما ورد في المال الذي أودعه بعض اللصوص عند رجل ولو
كانت الدابة مستقلة إليه من مالك محترم وجب تعريفه إياه لمصححة عبد الله بن جعفر قال كتبت إلى الرجل (ع) أسئله من رجل اشترى جزورا أو بقرة للأضاحي فلما
ذبحها وجد في جوفها صرة فيها دراهم أو دنانيرا وجواهر لمن يكون ذلك قال فوقع عرفها البايع فإن لم يكن يعرفها فالشئ لك رزقك الله إياه وظاهر اطلاقها
529

بل خصوص اشتمالها على صرة الدراهم الظاهرة فيما عليه اثر الاسلام عدم اختصاص الحكم بالخالي عن الأثر وفاقا لظ جماعة حتى من جعل ذا الأثر لقطة فيما إذا
وجد في الأرض خلافا لما يظهر من المحقق والشهيد الثانيين في حاشيتهما على الشرائع وظاهر الرواية (ايض‍) عدم وجوب تتبع الملاك السابقين الا ان يتمسك بتنقيح
المناط ولعله الأقرب إذا علم وجوده في أزمنة تلك الكل كما أنه لو لم يعلم بوجوده في زمان تملك البايع الأخير لم يجب تعريفه (ايض‍) فان الرواية محمولة على الغالب مع أن
الموجود في الأضاحي ثابت حق تملك البايع لها واما وجوب الخمس وهو مشكل لعدم الدليل لعدم صدق الكنز مع خلو الرواية بل ظهورها في اختصاصه بكله وكونه داخلا في
الغنيمة لا يجدى بعد اجماعهم ظاهرا على عدم الخمس في غير السبعة المعدودة أو ما وقع فيه مما سيجئ واندارجه في عموم كل ما كان ركازا ففيه الخمس مشكل مسألة ولو
وجد في جوف سمكة فقد ذكروا انه للواجد وان اصطاده غير الواجد لان حيازة الصائد انما وقعت على السمكة دون ما في بطنه وان قلنا بعدم اعتبار نية التملك فيها لان
الالتفات إليه والعلم به ولو اجمالا كالعلم بالبعض في ضمن الكل معتبر في مفهوم الحيازة فت‍ ويستدل على ذلك مضافا إلى ظهور عدم الخلاف والأصل المتقدم اخبار
وردت في شراء بعض الفقراء من بني إسرائيل السمكة فوجدوا في جوفها لؤلؤتين والفقير الذي اعطائه سيد الساجدين صلوات الله عليه قرصتي خبز فاشترى بأحدهما
سمكة وبالأخرى ملحا فوجد في جوف السمكة درة أو درتين واطلاق ما ذكر من الأصل يقتضى عدم الفرق بين اشتمال الموجود على اثر الاسلام وعدمه وفي المسالك و
حاشية الشرائع كونه مع الأثر لقطة ولعله لوجود المقتضى للتعريف فيما وجد في دار الاسلام وجود اثره وهو حسن لو قلنا به هنا لك من جهة عمومات اللقطة ودلالة
الأثر على سبق يد المسلم وان لم نقل به رأسا أو قلنا من جهة مراعاة موثقة محمد بن قيس فلا دليل هنا يرد على الأصل المتقدم والاخبار المذكورة في محلها وربما يذب
عن ذلك على القول بكون الأثر موجبا للحكم باللقطة ان ما يخرج من البحر ملك للمخرج وإن كان عليه اثر الاسلام وفيه نظر مع عدم الاعراض مع أنه لا امارة على
ابتلاع السمكة لما في جوفه من البحر ثم إن السمكة المملوكة في موضع خاص لمالك إذا باعها فوجد المشترى شيئا في جوفها الظ ان حكمها حكم الدابة بتنقيح المناط الا عند من
من جمد من بعض سادة مشايخنا على ظاهر النص حتى أنه استشكل في التعدي إلى غير البيع من النوافل وقوى عدم الالحاق نعم مجرد مملوكية السمكة لا يوجب ظهور كون
ما في جوفها من مال المالك والحاقها بالدابة التي يظن دخول ما ابتلعها من جملة ما أعلفها المالك كما صرح به بعض في تقريب الحكم المطابق للنص لا يوجب الالحاق
بل لا يتحقق ذلك في السمكة واما وجوب الخمس في الموجود فهو (ايض‍) مشكل لعدم صدق أحد العناوين المعدودة في كلام الأصحاب مسألة لا اشكال ولا خلاف
ظاهرا في وجوب الخمس فيما اخرج بالغوص من المباحات الأصلية والاخبار به كدعوى الاتفاق مستفيضة لكن الاخبار به مشتمل على لفظ الغوص وهي أكثرها وبين مشتمل على
عنوان ما يخرج من البحر مثل مصححة عمار بن مروان قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول فيما يخرج من المعادن والبحر والغنيمة والحلال المختلط بالحرام إذا لم يعرف صاحبه والكنوز
الخمس ونحوها رواية البزنطي عن محمد بن علي عن أبي الحسن (ع) قال سئلته عما يخرج من البحر من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد وعن معادن الذهب والفضة فقال إذا
بلغ ثمنه دينارا ففيه الخمس والظ ان النسبة بين حقيقة الغوص وحقيقة ما يخرج من البحر عموم من وجه من جهة شمول الثاني لما يخرج بالآلة من دون خوض في الماء
ولو من وجه الماء وعدم شمول الغوص لذلك وشمول الغوص للخوض في الشطوط بخلاف الثاني فح إما ان يجعل عنوانين لما يجب فيه الخمس فكلما يتحقق أحدهما وجب الخمس
وان ما يقيد اطلاق كل منهما بالآخر أو يتقيد به من جهة الانصراف فيحض ما اخرج بما كان بالغوص والغوص بما كان في البحر واما ان يرجع أحدهما إلى الأخر بان يدعى
ان ذكر خصوص البحر من باب الفرد الغالب والاخراج منصرف إلى الاخراج من غير وجه الماء لا بالآلة اذلا يدعى ان ذكر خصوص الغوص من باب ان الغالب اخراج ما
في قعر البحر مما عدا الحيوان بالغوص لا بالآلة والتحقيق ان يقال إن ما يخرج من البحر لا يشمل ما يوجد في وجه الماء فان الظ الاخراج من داخل لكنه على اطلاقه من حيث الاخراج
بالغوص أو بالآلة واخبار الغوص محمولة على ما عرفت من الغالب واما الغوص فالظ انصرافه إلى الغوص في البحر فلا يشمل الغوص في الشطوط وحاصل ذلك يرجع إلى
اختيار الوجه الرابع من الوجوه الأربعة في الجمع بين الآلة ارجاع الغوص إلى ما يخرج من البحر لكن بعد تخصيص الاخراج بكونه من داخل آلاء فظهر بذلك ضعف
ما يق من تقييد أدلة ما يخرج من الماء بما كان بالغوص إما أولا فلعدم التعارض بينهما واما ثانيا فلان الظ كما عرفت ورود التخصيص بالغوص مورد الغالب اللهم الا
ان يقال اختصاص ما يخرج من البحر بما يخرج بالخوض فيه من أجل الانصراف بحكم الغلبة لا من جهة تقييده بأدلة الغوص فيتعين الوجه الثاني من الوجه الأربعة التي ذكرناها
ويتفرع على ما ذكرنا أمور الأول وجوب الخمس إذا اخرج مثل اللؤلؤ ونحوه من قعر البحر بغير الغوص بناء على الوجه الرابع من الوجوه كما صرح به في المسالك ونفى عنه
البعد في الغنائم الثاني عدم الوجوب إذا اخرج ما في الشطوط والآبار بالغوص كما استقر به سيد مشايخنا في المناهل الثالث عدم الوجوب فيما يؤخذ من وجه الماء وفاقا
لجماعة واولى عنه بالعدم ما اخذ من الساحل الرابع لو خرج حيوانا بحريا من البحر بطريق الخوض في الماء فان جعلنا العبرة بأدلة الغوص إلى مالا يشمله وان شمله لغة
الا انك قد عرفت ان العبرة بالاخراج من البحر بطريق الخوض وليس لفظ الغوص مأخوذا في منصرف اطلاق ما يخرج حتى يدعى انصرافه إلى غير محل البحث كما لا يخفى فوجوب
الخمس فيه لا يخلو عن قوة وفاقا للمحكى عن الشيخ وبعض معاصري الشهيد وقواه في المناهل لكن الانصاف ان الحكم لا يخلو عن اشكال فادخاله في الأرباح أوفق بالأصل
كما لو أخرجه لا بطريق الغوص ثم إنه لا اشكال في تملك ما يخرج إذا لم يكن عليه اثر الاسلام ولو كان من النقدين ولو كان عليه الأثر فظاهر المحقق والشهيد الثانيين
كونه في حكم مال المسلم فهى لقطة الا ان (يق) بمقتضى رواية السكوني في سفينة انكسرت في البحر حيث حكم بان ما أخرجه الماء فلأهله وما اخرج بالغوص فللغائص وظاهر
الشهيد في البيان التردد في المسألة والأقوى ما عرفت في المسألة المتقدمة من التملك لانصراف اللقطة إلى غير مثل ذلك الا ان المسألة لا تخلو عن اشكال ثم إنه
لا خلاف ظاهرا في اعتبار المؤنة لما تقدم في المعدن ولا في اعتبار النصاب والمشهور فيه ما في الرواية المتقدمة وعن التنقيح والمنتهى و السرائر والغنية الاتفاق على
530

ذلك لكن عن المفيد انه نصاب المعدن وهو ضعيف وظاهر تلك الرواية كون النصاب بعد المؤنة وفي اعتبار كون الغوص متحدا أو في حكم المتحد عرفا واتحاد نوع المخرج
ما تقدم في المعدن ثم إنه لا خلاف ظاهرا كما في المدارك وعن الذخيرة وجوب الخمس في العنبر ويدل عليه صحيحة الحلبي قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن غوص اللؤلؤ قال عليه
الخمس وظاهر اطلاقه عدم الفرق بين اخذه بالغوص أو غيره وظاهر سياقه اتحاد حكمه مع غوص اللؤلؤ فتخميسه من حيث الغوص لا من حيث أرباح المكاسب الا ان سياقه لا يوجب
انصرافه إلى المخرج بالغوص والمأخوذ من وجه الماء أو من الساحل لابد ان يكون في حكم الغوص ولذا لم يقل غوص العنبر واللؤلؤ من حيث النصاب واستثناء مؤنة الغوص
دون السنة وان لم يكن منه اللهم الا ان يمنع ظهور السياق في ذلك فالرواية ساكته عن احكامه لكن لا ريب في استثناء مؤنة الاخراج للعمومات واما النصاب فيتردد بين
نصاب المعدن ونصاب الغوص ولا يعتبر نصاب مع استثناء مؤنة السنة كالكتاب أو لا معها الأول محكى عن الأكثر والرابع ظاهر جماعة مسألة يجب الخمس فيما يفضل
عن مؤنة السنة من أرباح المكاسب على المعروف بين الأصحاب بل صريح الانتصار والخلاف والغنية وظاهر المنتهى والتذكرة ومجمع البيان وكنز العرفان ومجمع
البحرين الاجماع عليه وعن ظاهر القديمين العفو عن هذا النوع وظاهر كلام الإسكافي وجود المخالف في مسألة قبله حيث قال لو لم يخرجه الانسان لم يكن كتارك الزكاة
التي لا خلاف فيها وكيف كان (فالظ) ان ثبوته في هذا القسم بحسب أصل الشرع متفق عليه الا ان خلافهما في العفو عنه وهو شاذ في الغاية حتى ادعى في البيان والمدارك
انعقاد الاجماع في الأزمان السابقة عليهما على وجوبه أقول وكذا في الأزمنة المتأخرة عنهما لما عرفت من دعوى الاجماع من أساطين الدين على الوجوب يرده مضافا
إلى أصالة عدم العفو والتحليل وظاهر عموم التنزيل في الأخبار المستفيضة بل المتواترة كما عن المنتهى واعترف به المدارك وان تأمل في الحكم من جهة اشعار بعض الأخبار
باختصاص مصرف هذا القسم بالامام (ع) مع اعترافه بدلالة بعض أخرى على أن مصرفه مصرف خمس الغنيمة ومن جهة دلالة بعض اخر على اباحتهم حقوقهم لشيعتهم
أقول ليت شعري بعد الاعتراف بتواتر الاخبار في ثبوت هذا القسم وبدلالة بعضها على أن مصرفه مصرف
خمس الغنيمة كيف يجوز للمتأمل من حيث اشعار بعض الأخبار
باختصاص هذا القسم بالامام (ع) مع احتمال ظهور كون الاختصاص من باب ولاية الإمام (ع) على قبيلة بل على مستحقي الزكاة وبيت المال الذي له (ع) ان يعطيه رجلا واحدا
كما في رواية الكاهلي بل على جميع المؤمنين حيث إنه أولي بهم من أنفسهم فضلا عن أموالهم ونظير هذا ما ورد في خمس غير الأرباح المتفق على عدم اختصاصها بالامام (ع) كما
في مرسلة العباس إذا غزا قوم بغير اذن الإمام (ع) فغنموا كانت الغنيمة للإمام (ع) وإذا غزوا بإذن الامام فغنموا كان للإمام (ع) الخمس وغير ذلك مما ورد من أن الخمس لهم
وسيجئ بعضها وكيف يجوز العمل بذلك الاشعار الذي قد عرفت حاله في مقابل ما اعترف به من ظهور الأخر في اشتراك هذا القسم بين جميع الأصناف مضافا إلى
التصريح به في أية الخمس العشرة المستفيضة بمطلق الإفادة يوما فيوما واما ما زعم دلالته على العفو عن هذا القسم وتحليله فهى على ما ذكره مصححة الحرث بن المغيرة
النصري عن أبي عبد الله (ع) قال قلنا له ان لنا أموالا من غلات وتجارات ونحو ذلك وقد علمت أن لك فيها حقا قال نعم فلم أحللنا ذلك لشيعتنا لتطيب ولاتهم
وكل من والى آبائي فهو في حل مما في أيديهم فليبلغ الشاهد الغائب ونحوها رواية أخرى للحرث اطلق فيها تحليل الخمس وصحيحة الفضلاء عن أبي جعفر (ع) قال قال
أمير المؤمنين (ع) هلك الناس في بطونهم وفروجهم لانهم لم يؤدوا إلينا حقنا الا ان شيعتنا من ذلك وأبنائهم في حل وصحيحة زرارة المروية عن العلل عن أبي جعفر (ع)
قال إن أمير المؤمنين (ع) حللهم من الخمس يعنى الشيعة لتطيب مولده ورواية أبى خديجة عن أبي عبد الله (ع) حلل لي الفروج ففرغ أبو عبد الله (ع) فقال له الرجل
ليس يسئلك ان يعترض الطريق انما يسئلك خادما يشتريها أو امرأة يتزوجها أو ميراثا يصيبه أو تجارة أو شيئا عطبه فقال هذا لشيعتنا حلال الخبر
ورواية محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال إن أشد ما فيه الناس يوم القيمة ان يقوم صاحب الخمس فيقول يا رب خمسي وقد طيبنا ذلك لتطيب ولادتهم ورواية
حكيم مؤذن بنى عبس عن أبي عبد الله (ع) قال قلت واعلموا ان ما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول قال هي والله الإفادة يوما فيوما الا ان أبى جعل لشيعتنا من ذلك
في حل ليزكوا وفي رواية أبى حمزة على أبى جعفر (ع) نحن أصحاب الخمس والفئ وقد حرمناه على جميع الناس ما خلا شيعتنا وفي المحكي عن كمال الدين فيما ورد من التوقيع
على إسحاق بن يعقوب بخط مولانا صاحب الزمان روحي فداه وفيه إما الخمس فقد أبيح لشيعتنا وجعلوا منه في حل إلى أن يظهر أمرنا لتطيب ولادتهم ولا تخبث
ورواية عبد الله بن سنان عن الصادق (ع) قال على كل امرئ غنم أو اكتسب الخمس لفاطمة (ع) ولمن يلي أمرها من بعدها من ذريتها الحجج على الناس وذلك لهم خاصة
يضعونه حيث شاؤوا وحرم عليهم الصدقة حتى الخياط يخيط بخمسة دوانيق فلنا منه دانق الا من أحللناه لشيعتنا لتطيب لهم الولادة انه ليس شئ عند الله
يوم القيمة أعظم من الزنا انه ليقوم صاحب الخمس فيقول يا رب سل هؤلاء بما أبيحوا ولا يبعد ان يراد بهؤلاء أمهات الأولاد وقيل في توجيه أبيحوا أمورا أخر
ثم إن الاستثناء راجع إلى أصل مسألة الخمس اذلا؟ ل له ب‍ مسألة الخياط كما لا يخفى إلى غير ذلك مما دل على تحليل ما في يد الشيعة المحتمل لمحامل كثيرة مثل ان يراد
من بعضها ما يقع بأيدي الشيعة من جهة المعاملة مع من يخمس ومن بعضها ما يقع من الأنفال المختصة بالامام (ع) ومن بعضها خصوص التحليل للشيعة في زمان خاص إما
للتقية وعدم التمكن من إقامة الوكلاء بجباية الأخماس لهم من المناكح ونحوها كما يومى إليه التعليل بطيب الولادة في أكثرها وصرح به في رواية ابن محبوب عن
ضريس الكناسي قال قال أبو عبد الله (ع) أتدري من أين يدخل الناس الزنا فقلت لا أدرى فقال من قبل خمسنا أهل البيت الا شيعتنا الأطيبين فإنه محلل لهم ولميلادهم
ورواية الفضيل قال قال أبو عبد الله (ع) انا أحللنا أمهات شيعتنا لابائهم ليطيبوا إلى غير ذلك مما سيجئ في حل المناكح والمتاجر والمساكن واما لضيق الامر
على الشيعة من جهة نصب المخالفين لهم العداوة والظلم بأخذ الخمس منهم مما كان مذهبهم وجوب الخمس فيه كما يظهر مما يأتي من الاخبار كما يومى إليه اطلاق بعض الأخبار
القول بسقوط الخمس من غير تفصيل بين أقسامه ويؤيده ما ورد من كراهة الإمام (ع) انتشار ايصال زكوات الفطر إليه مع أنه لمساكين غير السادة فكيف الخمس
531

المختص به وبقبيله وبالجملة فان الناظر فيها بعين التأمل بعد ملاحظة ما دل على تشديدهم (ع) في أمر الخمس وعدم التجاوز عنه يفهم وورودها على أحد المحامل المذكورة
فمن تلك الأخبار مضافا إلى عمومات ثبوتها الظاهرة في عدم سقوطها بالتحليل الا لعذر من الاعذار المذكور بعضها منها رواية بريد قال كتبت جعلت فداك
تعلمني الفائدة وما حدها وما رأيك أبقاك الله ان تمن علي بذلك لكيلا أكون مقيما على أمر حرام لا صلاة لي ولا صوم فكتب الفائدة ما يفيد إليك في تجارة
من ربحها وحرث بعد الغرام وجايزة وظهور الرواية في عدم العفو لا ينكر ومنها مصححة ريان بن الصلت قال كتبت إلى أبى محمد (ع) ما الذي يجب علي يا مولاي في
غلة رحى ارض من قطيعة لي ومن ثمن سمك وبردى وقصب أبيعه من أجمة هذه القطيعة فكتب يجب عليك فيه الخمس (انش‍ تع‍) وحمل الخمس في الرواية على الخمس الثابت
في القطيعة المفسرة بما اقطعه السلطان من قطع أراضي الخراج التي يجب فيها الخمس من حيث كونها من الغنائم لا الخمس المتعلق بارباح المكاسب كما ذكره جمال الدين
في حاشية الروضة يدفعه مضافا إلى عدم وجوب اخراج خمس أراضي الخراج وكونها ملحقة بالأنفال من جهة الخمس كما يستفاد من بعض النصوص بل أكثر الفتاوى
الخالية عن ذكر اخراج الخمس من ارتفاع أراضي الخراج ان هذا الحمل مناف للحكم باخراج خمس غلة الرحى المبنية على تلك الأرض فان أرض الخراج لا يجب تخميس الغلة الحاصلة
من الأبنية الموجودة فيها غاية الأمر وجوب تخميس طسق الأرض وما رواه الشيخ باسناده عن محمد بن يزيد الطبري قال كنت رجل من تجار فارس إلى بعض موالى أبى الحسن الرضا (ع)
يسئله الاذن في الخمس فكتب بسم الله الرحمن الرحيم ان الله واسع كريم ضمن على العمل الثواب وعلى الخلاف العذاب لا يحل مال الا من وجه أحل الله ان الخمس عوننا على دنيانا
وعلى عيالاتنا وعلى موالينا ونشترى به اعراضنا ممن نخاف سطوته فلا تزوده وعنا ولا تحرموا أنفسكم دعانا ما قدرتم عليه فان اخراجه مفتاح رزقكم وتمحيص ذنوبكم
وما تمهدون لأنفسكم في يوم فاقتكم والمسلم من يفي الله بما عاهد الله عليه وليس المسلم من أخاف باللسان أو خالف بالقلب والسلم وبهذا الاسناد قال قدم قوم من
خراسان على أبى الحسن الرضا (ع) فسئلوه ان يجعلهم في حل من الخمس فقال ما امحل هذا تمحضونا المودة بألسنتكم وتزودون حقا جعله الله لنا وجعلنا له لا نجعل أحدكم في
حل وفي نسخة لا جعل الله أحدكم وهاتان الروايتان في الدلالة على المطلوب كما ترى ورواية يونس بن يعقوب قال كنت عند أبي عبد الله (ع) إذ دخل عليه رجل من القماطين
فقال جعلت فداك تقع في أيدينا الأموال والأرباح وتجارات نعلم أن حقك فيها ثابت وانا على ذلك مقصرون فقال أبو عبد الله (ع) ما أنصفناكم ان كلفناكم ذلك
اليوم وفي مكاتبة قرئها علي بن مهزيار بخط أبى جعفر (ع) من أعوزه شئ من حقي فهو في حل دلت الروايتان على أن تجاوزهم عن حقوقهم من جهة الضيق إما لخوف
الانتشار واما لكثرة الظلم على الشيعة في أموالهم واما لاعسار بعضهم بعد اشتغال ذمته كما يدل عليه الرواية الثانية وما حكى عن ابن طاوس قدس الله روحه
بسنده عن أبي إبراهيم عن أبيه (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال لأبي ذر وسلمان والمقداد اشهدوني على أنفسكم بشهادة ان لا إله إلا الله إلى أن قال وان علي بن
أبي طالب (ع) وصى محمد صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين وان طاعته طاعة الله ورسوله والأئمة من ولده وان مودتهم مفروضة واجبة على كل مؤمن ومؤمنة مع إقامة الصلاة لوقتها
واخراج الزكاة من حلها ووضعها في أهلها واخراج الخمس من كل ما يمكنه (يملكه) أحد من الناس حتى يرفعه إلى والى خير المؤمنين وأميرهم ومن بعده من الأئمة
من ولده صلوات الله عليهم أجمعين فمن عجز فلم يقدر الا على اليسير من المال فليدفع ذلك إلى الضعفاء من أهل بيتي من ولد الأئمة (ع) فمن لم يقدر على ذلك
فلشيعتهم ممن لا يأكل سهم الناس ولا يريد سهم الا الله (تع‍) إلى أن قال فهى شروط الاسلام وما بقى أكثر وما عن ابن بكير عن أبي عبد الله (ع) قال انى لآخذ
من أحدكم الدرهم وانا أكثر أهل المدينة قال لا ما أريد بذلك الا ان تطهروا وما ورد مستفيضا من أنه لا يحل لاحد ان يشترى من الخمس شيئا حتى يصل
إلينا حقنا وما روى عن بصائر الدرجات عن عمران عن موسى بن جعفر (ع) قال قرأت عليه أية الخمس فقال ما كان لله فهو لرسوله صلى الله عليه وآله وما كان لرسوله صلى الله عليه وآله
فهو لنا ثم قال والله لقد يسر على المؤمنين أرزاقهم بخمسة دارهم جعلوا لربهم واحدا واكلوا أربعة ثم قال هذا من حديثنا صعب مستصعب لا يعمل به
ولا يصبر عليه الا ممتحن بالايمان ورواية محمد بن الحسن الأشعري قال كتب بعض أصحابنا إلى أبى جعفر الثاني (ع) اخبرني عن الخمس أعلى جميع ما يستفيد الرجل من قليل
وكثير من جميع الضروب وعلى الضايع فكتب (ع) بخطه الخمس بعد المؤنة فان السؤال والجواب المذكورين فيها مع تحليله للشيعة كاللغو ورواية علي بن
راشد قلت له أمرتني بالقيام يأمرك واخذ حقك فأعلمت مواليك بذلك فقال بعضهم وأي شئ حقه فلم أدر ما أجيبه فقال يجب عليهم الخمس فقلت في أي شئ
قال في أمتعتهم وصنائعهم قلت والتاجر عليه والصانع بيده قال إذا أمكنهم بعد مؤنتهم ورواية علي بن شجاع النيسابوري انه سئل أبا الحسن الثالث (ع)
عن رجل أصاب من ضيعته من الحنطة مأة كر ما يزكى فاخذ منه العشر عشرة أكرار وذهب منه بسبب عمارة الضيعة ثلاثون كرا وبقى في يده ستون كرا إما
الذي يجب لك من ذلك فهل يجب لأصحابك من ذلك شئ فوقع (ع) لي منه الخمس مما يفضل عن مؤنته إلى غير ذلك مما سيمر بك في فروع المسألة وغيرها والعجب ممن
يلاحظ هذه الأخبار منضمة إلى تلك الفتاوى ودعاوى الاجماع المعتضدة بظاهر الكتاب وبالأصل كيف يجترى بالحكم بالعفو عن خمس هذا القسم سيما مع ما ورد
من أن الخمس لبنى هاشم عوض الصدقات المحرمة عليهم فان تحليل هذا القسم من الخمس مع كثرة موارده في جنس باقي أقسام الخمس يقرب من تحريم الصدقة
عليهم بغير عوض ومنه يظهر (ايض‍) ضعف اختصاص هذا القسم بالامام فإنه (ع) وإن كان يعولهم من ماله الا ان ظاهر التعريض كون الحق لجميع بني هاشم أعزهم الله (تع‍)
قال في التهذيب بعد ايراد جملة من الأخبار الدالة على التعليل وايراد بعض ما ذكرنا مما يدل على خلافه بعد تلك الأخبار المجللة قال الشيخ (ره) واعلم ارشدك الله
(تع‍) ان ما قدمته في هذا الباب من الرخصة في تناول الخمس والتصرف فيه انما ورد في المناكح خاصة للعلة التي سلف ذكرها في الآثار من الأئمة (ع) لتطيب ولادة
شيعتهم ولم ترد في الأموال وما اخرته عن المتقدم مما جاء في التشديد في الخمس والاستبداد فهو مختص بالأموال ثم استشهد بمكاتبة إلى جعفر (ع) إلى علي بن مهزيار
532

المشتملة على قوله (ع) بعد اسقاط خمس بعض الأشياء عن شيعته في سنة المكاتبة واما الغنائم والفوائد فهى واجبة عليهم في كل عام قال الله (تع‍) واعلموا انما غنمتم من
شئ فان لله خمسة الآية إلى أن قال فمن كان عنده شئ من ذلك فليوصل إلى وكيلي من كان نائيا بعيد المشقة فليتعمد لإيصاله ولو بعد حين فان نية المؤمن خير من عمله الرواية ثم إن
المستفاد من كثير من الأخبار السابقة سيما بملاحظة ما ورد من أن كل شئ في الدنيا فان لهم فيه نصيبا وجوب الخمس في كل مال يحصل الانسان بالاكتساب وهو العقد إلى تحصيل
المال من حيث هو مال أو بغيره بالاختيار أو بدونه الا انه يشكل التمسك بها مع ضعف أكثرها واعراض (المش‍) عن عمومها فان ظاهر أكثر الفتاوى ومحل دعاوى الاجماع والشهرة
اختصاص ذلك بما يستفاد ويكتسب فعن الخلاف يجب الخمس في جميع المستفاد من أرباح التجارات والغلاة والثمار على اختلاف أجناسها إلى أن قال دليلنا اجماع الفرقة
واخبارهم وعن الغنية يجب الخمس في الفاضل عن مؤنة الحول على الاقتصاد من كل مستفاد تجارة أو صناعة أو زراعة أو غير ذلك وقريب منهما عبارة السرائر حيث عبر فيها بقوله
وجميع الاستفادات ونحوه معقد الاجماع الذي ادعاه في مجمع البحرين وفي البيان وسابعها جميع أنواع التكسب من تجارة أو زراعة أو صناعة أو غير ذلك ثم حكى خلاف القديمين
ثم ادعى الاجماع على خلافهما ونحوه عبارة المدارك الا انه استثنى الميراث والهبة والصدقة ولا يخفى ما في الاستثناء وعن المنتهى القسم الخامس في أرباح التجارات والصناعات و
جميع الاكتسابات وفواضل الأقوات من الغلات والزراعات عن مؤنة السنة على الاقتصاد وهو قول علمائنا أجمع ونحوه عبارة المعتبر وعن مجمع البيان أنه قال أصحابنا يجب الخمس في
كل فائدة تحصل للانسان من المكاسب وارباح التجارات وفي الكنز والمعارف والغوص ونحو ذلك والحاصل ان عباراتهم في الفتوى ودعوى الاجماع بين إناطة الحكم بالاستفادة
وبين اناطته بالاكتساب والتكسب والأول أعم ظاهرا لأنه طلب الفائدة من حيث كونها فائدة والاكتساب طلبها من حيث المالية وفي الغنائم عن الجوهري والفيروز آبادي
التصريح بان الاكتساب طلب الرزق فالاصطياد مثلا لشهوة النفس استفادة لا اكتساب والأوفق بالعمومات هو الاخذ بالأعم المدلول عليه بتلك العمومات المنجبرة مع
كثرتها بما عرفت من التعبير بالاستفادة في معقد الاجماع المدعى في كلام جماعة مع سلامتها ما يدل على اختصاصه بالأخص بل (الظ) ان مراد المعبرين بالأخص هو الأعم (ايض‍) بل لا
يبعد ان مراد المعبرين بهما هو الأعم منهما فيشمل مع القصد والاختيار وبدونهما ليتحد مضمون الاخبار وكلام الأخيار كما يشعر به بل يدل عليه كلمات جماعة منهم الإسكافي حيث قال فاما ما
استفيد من ميراث أو كد يد أو صلة أخ أو ربح تجارة أو نحو ذلك فالأحوط اخراجه لاختلاف الرواية في ذلك فقد اطلق الاستفادة بالنسبة إلى الميراث والصلة وظاهره
عموم الاخبار لمثل الميراث والصلة وسيجئ كلام العماني في مسألة الميراث وقد استدل في الحدائق للحلبي
بعموم رواية الأشعري المتقدمة في ثبوت الخمس على جميع ما يستفيده الرجل
وبما دل على أنه في كل ما أفاد ومثل الشهيدين في اللمعتين حيث ادخلا الميراث والهبة في المكاسب بل صرح ثانيهما بأنه لا يشترط فيها أي في المكاسب حصوله أي الكسب اختيارا ومثل
ظاهر عبارة المعتبر حيث صدر المسألة بالاكتسابات مع أنه في أثناء كلامه إلى قول الحلبي بوجوب الخمس في الميراث والهبة وقد مر (ايض‍) استثنائهما في كلام صاحب المدارك
من عموم أنواع التكسب ومن ذلك أن الشهيد في البيان مع أنه ذكر عنوان التكسب حكم بوجوب الخمس في نماء مثل الميراث وغيره مما لا خمس مع أنه لا يصدق عليه ان النماء مستفاد
ومكتسب الا إذا قصد ابقائه لذلك ويؤيده (ايض‍) تمسك (المش‍) بعموم الآية يعلم أن عمومها مسلم عندهم ومن المعلوم ان الغنيمة مطلق الفائدة ولو لم تحصل بالاستفادة
ولذا عد في افرادها الميراث والجائزة في بعض الروايات وعن الرضوي تفسير الغنيمة بربح التجارة وغلة الضيعة وسائر الفوائد من المكاسب والصناعات والمواريث
وغيرها قال لان الجميع غنيمة وفائدة نعم حكى الفاضل القمي (ره) في غنائمه عن جماعة كالعلامة في المنتهى والمقداد انها هي الفائدة المكتسبة و (ح) فلا يشمل مثل الإرث
بل الصدقة والهبة (ايض‍) وقد صرح بما ذكره صاحب مجمع البحرين والشهيد في الروضة والغرض من ذلك ليس دعوى ظهور لفظ الاكتساب والاستفادة فيما يشمل
الإرث والهبة بل المقصود تصحيح اطلاق الاستفادة والإقادة على مثل ما حصل من الإرث فلا يبعد (ح) ان يكون مرادهم من عنوانات فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم هو
الأعم وإن كان خلاف (الظ) ولذا منع في المختلف من صدق الاكتساب ردا على الحلبي هذا ويمكن ان (يق) ان صرف الاطلاقات أو دعوى انصرافها إلى ما هو ظاهر كلام الأصحاب أو إلى
من العكس والاعتماد على ما ذكرنا من القرائن في كلماتهم على إرادة ما يحصل بغير قصده واستفادة يشبه الاجتهاد في مقابل النص لتصريحهم بعدم ثبوت الخمس في مثل الميراث
والهبة وفيه تأمل بل لا يبعد قوة ما قدمناه ان المستفاد ما يعم الحاصل بغير قصد إليه فالمراد بالاستفادة اخذ الفائدة واحرازها فالفائدة ليس أعم مما حصل بالاستفادة
وبغيرها بل الفائدة كما في مجمع البحرين ما استفدته من علم أو مال والمسألة محل توقف وما أبعد ما بين ما قويناه وما يظهر من جمال الدين الخوانساري (ره) في حاشية
اللمعتين من اعتبار كون الاكتساب صنعة للمكتسب لا مجرد استفادة شئ اتفاقا حيث إنه بعد حكاية عبارة المختلف في وجوب الخمس فيما يجتنى مثل الترنجيين والشيرخشت وال؟ منع
معللا ذلك بان كله اكتساب قال و (الظ) انه اخذ كل واحد منها وأمثالها ان اتخذ صنعة فهو من الاكتسابات وأما إذا وقع اتفاقا ففي شمول الأدلة له
تأمل انتهى بل قال في اخر حاشية مسألة استثناء المؤنة بعد ما حكى عن المحقق الأردبيلي (ره) جواز اجتماع المعدن أو الكنز مع المكاسب كان يعمل في ارض فيجد كنزا
أو معدنا قال إن وجوب خمس المكاسب فيه غير ظاهر لانهم خصوا وجوب هذا القسم بالتجارات والزراعات والصناعات وهو إذا لم يفرض كون ذلك صنعة لم
تدخل في شئ نعم تدخل على مذهب الحلى من وجوبه في الفوائد (مط) مسألة (المش‍) كما قيل وجوب الخمس في الميراث والهبة بل عن ظاهر كلام الحلى الا تفاق حيث ذكر انه لم يذكر
وجوب الخمس غير الحلبي واستدل لهم بالأصل وصحيحة ابن سنان ليس الخمس الا في الغنائم وأمثالها مما دل على حصر الخمس في خمسة أو أربعة والكل كما ترى فالوجوب لا (يخ) عن
قوة وفاقا للمحكى عن الحلبي وعن المعتبر واختاره في اللمعة ومال إليه في شرحها وهو ظاهر الإسكافي لكن من حيث الاحتياط بل يظهر من عبارته المتقدمة عدم الفرق
بين المستفاد بالإرث والصلة وغيرهما من حيث دلالة الاخبار على وجوب الخمس فيها ويظهر من كلام العماني عدم الفرق بينه وبين أرباح المكاسب على القول بثبوت الخمس
حيث قال فيما حكى عنه وقيل إن الخمس في الأموال كلها حتى الخياط والنجار وغلة البستان والدار والصانع في كسب يده لان ذلك إفادة من الله وغنيمة انتهى لعمومة الآية بناء
533

على ما مر من عموم الغنيمة لكل فائدة كما حكى التصريح به عن جماعة ولعموم ما دل من النصوص على وجوب الخمس فيما يملك ويرزق وما دل من النصوص المتقدم بعضها ومعاقد
الاجماع المتقدمة على وجوب الخمس في كل ما يستفاد بناء على أن الحاصل من الإرث والهبة مستفاد كما صرح به عبارة الإسكافي المتقدمة والخصوص المستفيضة في
الهبة المتمم في الميراث بعدم القول بالفرق منها رواية يزيد المتقدمة في تفسير الفائدة بقوله (ع) الفائدة ما يفيد إليك في تجارة من ربحها وحرث بعد الغرام أو جائزة
والمحكى عن السرائر في كتاب محمد بن علي بن محبوب عن أحمد بن هلال عن ابن أبي عمير عن أبان بن عثمان عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال كتبت إليه عن الرجل يهدى إلى مولاه
والمنقطع إليه هدية تبلغ الفي درهم أو أقل أو أكثر هل عليه فيها الخمس فكتب (ع) الخمس في ذلك وعن الرجل يكون في داره البستان فيه الفاكهة يأكله العيال انما
يبيع الشئ منه بمأة درهم أو خمسين درهما هل عليه فيه الخمس فكتب إما ما اكل فلا واما البيع فنعم وهو كسائر الضياع واشتمالها على أحمد بن هلال لا يقدح بعد
ايراد ابن محبوب إياه في كتابه وهو اعلم بحال ابن هلال مع أن روايات ابن أبي عمير في ذلك الزمان ما كان يحتاج إلى تلك الواسطة الواحدة لاشتمال الكتب عليها فذكر
احمد من جهة اتصال السند وفي مكاتبة ابن مهزيار الطويلة عد من الفوائد الجائزة من الانسان للانسان التي لها خطر والتقييد بالخطر لعله لصرف غيرها في
المؤن غالبا رواية الحسنين بن عبد ربه قال سرح الرضا (ع) بصلة إلى أبى فكتب إليه هل فيما سرحت إلي الخمس فكتب (ع) لا خمس عليك فيما سرح به صاحب الخمس فان (الظ)
منه ظهورا لا ينكر ان وجه عدم الخمس في المسرح هو كون الخمس به صاحب الخمس لا كونه تسريحا ثم إن المحكي عن الحلبي في المختلف والدروس واللمعة كما عن التنقيح هو
ذكر الصدقة ولم يذكر عنه ذلك غيرهم وكيف كان ففي وجوبها في مثل الزكاة والخمس إذا فضل شئ منهما عن مؤنة السنة اشكال نظرا إلى أنه ملك للسادة
والفقراء فكأنه يدفع إليهم ما يطلبونه فيشكل صدق الفائدة مع أن هذا الفرض انما يصح في الخمس بناء على عدم وجوب الاقتصار على الدفع على مؤنة السنة ثم إن مما
ذكرنا يظهر انه لا يبعد وجوب الخمس فيما يحصل للانسان بسبب زيادة متصلة أو منفصلة في أمواله وان لم يقصد بها الاكتساب واما زيادة القيمة فان
باعها (فالظ) تعلق الخمس بالزائد على اشكال حيث إنه في مقابل ماله فلا يحسب فائدة وان لم يبعه (فالظ) عدم ثبوت الخمس فيه لان رغبة الناس أمر اعتباري لا يؤثر في
العين ولا يوجب صدق الفائدة والغنيمة وقد يتخيل وجود الخلاف فيما يفضل من الغلات التي اشتراها وادخرها للقوت لعبارة وقعت للعلامة في المنتهى حيث قال فيما حكى
عنه يجب الخمس في أرباح التجارات والزراعات والصنائع وجميع الاكتسابات وفواضل الأقوات من الغلات والزراعات عن مؤنة السنة على الاقتصار عند علمائنا أجمع انتهى
وتبعه على هذا التعبير في الرياض ولا يخفى ما في هذا التخيل ومنشؤه إما فساد تخيل وجود الخلاف فلان ما يفضل عن مؤنة السنة السابقة من الأقوات إن كان قد
وضعها عن مؤنة السابقة المستثناة من المال المخمس فلا تأمل لاحد في وجوب خمسها بل لا ينبغي الخلاف فيه وإن كانت من غير المؤنة المستثناة من المال المخمس بل كان
أصلها من مال غير مخمس أو استفادها من وجه لا يوجب الخمس فيه كما للهبة والميراث فلا ينبغي التأمل عمن لا يوجب الخمس في أصلها في عدم وجوب الخمس فيهما والحاصل ان الفاضل
عما أعده للمؤنة لا خلاف لاحد في أن حكمه حكم أصل المال فإن كان مخمسا فلا خلاف في وجوب تخميس الفاضل والا فلا خلاف في عدم وجوب تخميسه واما عبارة للمنتهى على اختلاف
أجناسهما عن مؤنة السنة له ولعياله على الاقتصاد (فالظ) ان المراد منها ما يفضل من غلة البستان والزرع الذين لم يقصدهما الا صرف نفس الحاصل في عياله كالبساتين
الصغار والخضريات ونحو ذلك لا المعدة للاسترباح والاكتساب فيكون هذا إشارة إلى الرواية المتقدمة عن السرائر في البستان الموجود في الدار الذي يأكل العيال فاكهته
ثم يفضل منه الشئ ويباع وبهذا يندفع ما توهمه المتوهم من ظاهر هذه العبارة من وجوب الخمس فيما ادخر للقوت مما اشترى لأجله إذا فضل وما قيل إن (الظ) ان في العبارة
غلطا وان الصواب الاكتسابات الفاضلة عن مؤنة السنة و (الظ) ان لفظ الزراعات أولا في عبارة المنتهى تكرار وان وقع التعبير بمثله في التحرير لكن (الظ) انه مأخوذ من
المنتهى وقد أشار إلى المناقشة في عبارة المنتهى والتكرار فيها الأردبيلي (ره) في شرح الارشاد نعم قال في السرائر ويجب في أرباح التجارات والمكاسب وفيما يفضل من الغلات
والزراعات مسألة لا اشكال ولا خلاف في أن الخمس انما يجب في الأرباح المذكورة بعد وضع المؤنة منها ولذا عبر كثير منهم بما يفضل عن المؤنة من الأرباح والمراد من
المؤنة غير مؤنة التحصيل التي قد مر استثنائها في الغنيمة والغوص والمعدن والكنز فان استثنائها هنا أوضح مما تقدم إذ الربح والفائدة الواردين في النص والفتوى
لا يصدقان الا بعد مؤنة التحصيل فالمراد هنا مؤنة الشخص حكى الاجماع على استثنائها عن الخلاف والسرائر وظاهر الانتصار ومجمع الفائدة وغيرهما وفي
المعتبر والمدارك كما عن المنتهى والذخيرة دعوى الاتفاق وفي شرح المفاتيح انه اجماعي بل ضروري المذهب ويدل عليه قبل ذلك الأخبار المستفيضة الواردة في ذلك
الا ان التمسك بما ورد منها بقوله (ع) الخمس بعد المؤنة لمكاتتى البزنطي والهمداني مشكل بعد الاستدلال به على اعتبار اخراج مؤنة التحصيل في المعادن والكنز والغوص و
إرادة مطلق المؤنة ليكون دالا على استثناء كل مؤنة خرج ما عدا مؤنة التحصيل في الكنز واخوته تكلف جدا فالأولى الاستدلال بغير ذلك من المستفيضة مما تقدم
أكثرها مثل قوله في رواية النيسابوري المتقدمة الواردة في الحنطة الباقية بعد مؤنة الضياع لي منه الخمس مما يفضل عن مؤنته فإنها صريحة في مؤنة الشخص لا في
مؤنة تحصيل الحنطة ومثل قوله في رواية الأشعري المتقدمة الخمس بعد المؤنة فان ملاحظة السؤال تدل على إرادة مؤنة الشخص لان كثيرا من الاستفادات و
الصنايع لا يحتاج تحصيلها إلى أزيد من مؤنة الشخص ومثل قوله في رواية علي بن راشد إذا أمكنهم بعد مؤنتهم ومثل قوله (ع) في مكاتبة الهمداني التي قواها ابن
مهزيار الواردة في خمس الضيعة عليه الخمس بعد مؤنته ومؤنة عياله وبعد خراج السلطان وقريب منها مكاتبة ابن مهزيار الطويلة ثم إن المتبادر من مؤنة الشخص عند
الاطلاق مؤنة السنة له كما يقال فلان كسبه لا يفي بمؤنته مع أن الاجماع على مؤنة السنة محكى عن صريح السرائر وظاهر الانتصار والخلاف والتذكرة والمنتهى ومجمع الفائدة
والمدارك والذخيرة ومبدء السنة من حين ظهور الربح كما صرح به أولئك والمراد بالمؤنة كلما ينفقه على نفسه وعلى عياله وعلى غيرهم للاكل والشرب واللباس والمسكن
534

والتزويج والخادم وأثاث البيت والكبت وغير ذلك مما يعد مؤنة عرفا وفي الغنائم ان (الظ) ان تتميم رأس المال لمن احتاج إليه في المعاش من المؤنة كاشتراء الضيعة لأجل
المستقل و (الظ) انه لا يشترط التمكن من تحصيل الربح منه بالفعل فيجوز صرف شئ من الربح في غرس الأشجار لينتفع بثمرها ولو بعد سنين و (كك) اقتناء أثاث أولاد الانعام لذلك
وقد قيد ذلك في بعض الفتاوى ومعاقد الاجماع بالاقتصاد فان أريد به فيما يقابل الاسراف فلا مضائقة وان أريد به التوسط ففي اعتباره نظر بل يمكن (الت‍) في بعض افراد
الاسراف إذا لم يصدق معه عرفا إضاعة المال وإن كان شرعا (كك) لدخوله عرفا في المؤنة لكن الأقوى خلافه ثم إنه قد عد جماعة من المؤنة الهبة والصلة والضيافة اللائقة بحاله و
استقرب سيد مشايخنا في المناهل التفصيل بين ما إذا كان لازما عليه شرعا أو عادة وبين ما يكون مخيرا فيه فلا يكون واجبا ولا عادة فاستقرب عدم وضع ما كان من قبيل
الثاني وفيه نظر بل لا يبعد الوضع إذا كان لغرض صحيح في نظر العقلاء يوجب استحسان وقوعه منه وان لم يبلغ حد اللزوم عادة والأصل في ذلك أن اطلاق المؤنة منصرف إلى
المتعارف فيختص بما يحتاج إليه الشخص في إقامة نظام معاشه ومعاده على وجه التكميل الغير الخارف عن المتعارف بالنسبة إليه فيستثنى لاداني الأغنياء من حيث الغناء والشرف
التصدقات المندوبة المتعارف لأمثال بناء المساجد فضلا عن الهدايا والتحف للسلاطين لغير غرض ملزم وإن كان حسنا ثم إنه لا اشكال ولا خلاف ظاهرا في أن مقابل
الدين الذي يستدنيه عام الاكتساب تابع لما يصرف فيه فان صرف في مؤنة أصل الاكتساب أو لمؤنة نفسه بالمعنى المتقدم فهو مستثنى من الربح ووجهه واضح وإن كان لغير ذلك مما
أخرجه من الربح لم يحسب من المؤنة كاشتراء ضيعة فظاهر جماعة عدم استثنائه حيث قيدوا الدين المقارن بالحاجة إليه وهو مشكل لان ابراء الذمة من الدين محسوب
من المؤنة عرفا وإن كانت الاستدانة لا للحاجة وإن كان لمجرة ولذا يجب أداء الدين السابق من مؤنة هذه السنة وان لم يكن لمؤنة هذه السنة واما الدين السابق
على عام الاكتساب فإن كان لمؤنة عام الاكتساب سواء كان كالمقارن أو لا فإن لم يتمكن من وفائه الا في هذا العام أو تمكن ولم يؤد مع عدم بقاء مقابلة إلى هذا العام أو مع بقائه و
احتياجه إلى ذلك المقابل بحيث لو أداه سابقا احتاج إلى تحصيله في هذا العام (فالظ) انه (كك) لأنه من المؤنة وان لم يتمكن من وفائه قبل هذا أو كان الوفاء باقيا إلى هذا العام
مع عدم الاحتياج إليه في نظام امره ففي احتسابه من المؤنة وان قلنا بورود المؤنة على الربح دون غيره مما لا يتعلق به الخمس اشكال لعدم وضوح كونه من مؤنة هذه
السنة وان وجب اخراجه فيها ولو كان للشخص مال لا يتعلق به الخمس ففي وجوب اخراج المؤنة منه أو من الربح أو منهما أوجه بل قيل أقوال خيرها أوسطها وفاقا للشهيد
والمحقق الثانيين وصاحبي المدارك الذخيرة وشارح المفاتيح بل هو مقتضى ظاهر كل من عبر عن عنوان هذا القسم في فتواه أو معقد اجماعه بما يفضل من الأرباح عن
مؤنة السنة لأصالة البراءة ولأنه (الظ) من قوله الخمس بعد المؤنة بل هو مقتضى اطلاق المؤنة الشامل لمؤنة التحصيل اذلا خلاف ظاهرا في أن مؤنة التحصيل مستثنى من
الربح لا غير ولقوله (ع) في رواية النيسابوري المتقدمة الواردة فيما بقى من اكرار الحنطة بعد اخراج العشر ومؤنة الضيعة حيث قال لي منه الخمس مما يفضل عن مؤنته فان
(الظ) ان قوله مما بيان لقوله منه مضافا إلى ترك الاستفصال في الجواب و (الظ) قوله في مكاتبة ابن
مهزيار الطويلة ومن كانت ضيعته لا يقوم بمؤنته فليس عليهم نصف
السدس (الخ) والتحقيق انه كان المال الأخر مما يحتاج إليه في الاكتساب كراس المال في التجارة وما يحتاج إليه في الزراعة فلا ينبغي الاشكال في عدم كون المؤنة وكذا لو كان
مما لا يحتاج ولكن لم تجر العادة بالانفاق وكدار لا يحتاج إليها وكالزائد عن مقدار الحاجة من رأس المال (فالظ) انه (كك) (ايض‍) وإن كان مما جرت العادة بصرفه في المؤنة
كمقدار من الحنطة والادام أو نحو ذلك (فالظ) عدم وضع ما قابله من الربح من المؤنة عرفا ما يحتاج إليه مما عدا ذلك ولذا يكتفى بالدار الموروث ونحوها وان لم تجر عادة
في صرفها ففيه اشكال نظرا إلى أن جميع ما ذكر للقول الأول لا (يخ) عن مناقشة لقوة احتمال ورود الجميع مورد الغالب من الاحتياج إلى اخذ المؤنة من الربح فالتمسك
بمثل هذه الاطلاقات في الخروج عن اطلاقات الخمس لانحصار المأخذ فيه مشكل بل (الظ) عن كثير من الاخبار وجوب تخميس أصل ما يستفاد كما هو مقتضى اطلاق قوله في الرواية
المتقدمة ان الخياط ليخيط الثوب بخمسة دوانيق فلنا منه دانق وقوله في رواية ابن طاوس المتقدمة ولقد يسر الله على المؤمنين أرزاقهم بخمسة دراهم جعلوا لربهم
واحدا واكلوا أربعة إلى غير ذلك فيكون وضع المؤنة رخصة مشروعة لدفع الضرر ومشقة التكليف والمسألة محل اشكال الا ان الأصل و (الظ) يعنى ظاهر النصوص
والفتاوى يقتضى القول الأول خلافا للمحقق الأردبيلي والفاضل القمي في الغنائم فاختار الأول لكن عبارة الأردبيلي غير مطلقة حيث قال فيما حكى عنه (الظاهر أن اعتبار المؤنة عن
الأرباح انما هو على تقدير عدم غيرها فلو كان عنده ما يمون؟ به من الأموال التي تصرف في المؤنة عادة (فالظ) عدم اعتبارها فيما فيه الخمس وصح) الظاهر أنه
احترز عن الأموال التي تصرف في المؤنة عادة في المؤنة كأصل المال في التجارة وإن كان كثيرا يكفيه التجارة ببعضه ونحو ذلك وقد صرح الثاني باختصاص الاشكال بالمال
الأخر المستعد للصرف دون مثل رأس المال ولم اقف على قائل بالثالث ولعل وجهه ان تخصيص المؤنة بأحدهما دون الأخر ترجيح بلا مرجح فيؤخذ منهما بالنسبة ثم
انك قد عرفت انه لو أسرف في المؤنة احتسب عليه لان المستثنى هي المؤنة المتعارفة فما أتلف واضاعه فعليه غرامة ما فيه من حق السادة وقد صرح العلامة والشهيدان
والمحقق الثاني بأنه توفير حسب له بل استظهر في المناهل عدم الخلاف فيه ولعله لما مر في الاسراف من أن المستثنى هي المؤنة المتعارفة فالخمس انما يتعلق بما عداها
فمن كانت مؤنته المتعارفة مأة فالمستثنى من الربح هي المأة سواء أنفقها أم زاد عليها أم نقص منها وفيه اشكال لان (الظ) من المؤنة في الاخبار ما أنفق
بالفعل على غير وجه الاسراف وليس المراد منه مقدار المؤنة المتعارفة حتى لا يتعلق بها الخمس سواء صرفت أم لم تصرف فقولهم في فتاويهم ومعاقد اجماعهم ما يفضل عن
مؤنة السنة ما يبقى بعد ما صرف في المؤنة المتعارفة لا ما عدا مقدار المؤنة المتعارفة لان المؤنة المتعارفة يختلف باختلاف الانفاقات وليس أمرا منضبطا حتى يلاحظ
استثناؤه فكلما وقع فيها في الخارج فهو منها ولو تبرع متبرع بمؤنة (فالظ) عدم وضع مقدار المؤنة لما سيجئ من العبرة بما ينفقه فعلا بل كذلك لو اختار المؤنة
كلا أو بعضا من المال الأخر الغير المخمس فليس له الانذار من الربح وما تقدم من اختيار اخراج المؤنة من الربح فمعناه جواز الاخراج من الربح لا استثناء
مقابل المؤنة من الربح وان أخرجها من غيره أو اسقطها مسقط تبرعا أو تركها الشخص تقتيرا وقولهم إن الخمس فيما يفضل معناه ما يفضل عما ينفقه
535

فعلا لا ما عدا مقابل المؤنة نعم لو أراد وضع المؤنة قبل صرفها فله وضع ما يعلم أو يظن أنه سينفق هذا المقدار فان اتفق انه لم ينفق الجميع ولو لتبرع متبرع
فنقول بوجوب الخمس في الباقي فالمؤنة هنا نظير مؤنة التحصيل في الأرباح وغيرها فكما ان العبرة بما يصرفه فعلا ولو على وجه الدقة والمضائقة ولا يحسب له
التفاوت الحاصل بينه وبين المتعارف الوسط ولا يوضع له ما يقابل تبرع المتبرع فكذا هنا ولذا تأمل في ذلك المقدس الأردبيلي وبعده جمال الدين الخوانساري
بل صرح في كشف الغطاء باختيار العدم وهو الأقوى مضافا إلى عموم أدلة الخمس فيما يستفاد والمتيقن خروج ما بذل فعلا و (ح) فالتقييد بالاقتصاد للاحتراز عن الاسراف
في الانفاق ثم إن الحول غير معتبر هنا على (المش‍) فيجب الخمس فيما يفضل عن المؤنة من الربح عند حصوله وعن الحلبي وجوب انتظار الحول متمسكا بما دل من النص و
الاجماع على أن الخمس بعد مؤنة الرجل طول سنته فإذا فضل بعد ذلك شئ اخرج منه الخمس من قليله وكثيره قال و (ايض‍) فالمؤنة لا يعلمها ولا يعلم كميتها الا بعد مضى
سنته لأنه سيما ولدت له الأولاد ويزوج الأزواج أو انهدمت داره ومسكنه أو ماتت دابته التي يحتاج إليها أو اشترى خادما يحتاج إليه أو دابة يحتاج إليها إلى
غير ذلك مما يطول تعداده والقديم (تع‍) ما كلف الا بعد هذا جميعه ولا أوجب عليه شيئا الا فيما يفضل عن هذا جميعه طول السنة انتهى وفيه ان المراد بالبعدية في النصوص
والفتاوى ليس التأخر من حيث الزمان حتى يكون معناه توقيت وجوب اخراج الخمس بما بعد زمان صرف المؤنة كيف ولو كان (كك) لوجب بعد السنة صرف خمس تمام الربح
فتعين ان يكون المراد تأخر تعلق الخمس بالمال من حيث اضافته إليه وثبوته فيه عن تعلق المؤنة بهذا الاعتبار بمعنى انه لا يتعلق في مال اخراج الخمس والمؤنة منه كليهما
فلا يكون في الربح التي يكون ألفا خمس أعني مأتين والمؤنة التي أعني خمسمائة مثلا بل يلاحظ تعلق الخمس بالمال بعد تعلق اخراج المؤنة به ولازم ذلك خمسمائة
مثلا إلى إضافة الخمس إلى ما يبقى بعد المؤنة فلا يجوز ان يضاف الخمس إلى أصل الربح لان المؤنة مضافة إليه والمفروض عدم اجتماعهما في الإضافة والتعلق وهذا لا
دخل له بزمان اخراج الخمس بالإضافة إلى زمان اخراج المؤنة ولما كان هذا المعنى مرادفا من هذه العبارة الواردة في الفتاوى والنصوص ومعاقد الاجماع اتفاقا
حتى من الحلى لم يمكن إرادة المعنى الأول وهو التأخر من حيث الزمان والا لزم استعمال اللفظ في المعنين فافهم واما ما ذكره من عدم العلم بكمية المؤنة ففيه مع أنه لا استحالة
في حصول العلم بكمية المؤنة أو الظن المعتبر ولو بضميمته أصالة عدم حدوث مؤنة أخرى ان عدم العلم بها لا يوجب عدم تنجز الوجوب في الواقع غاية الأمر تزلزله في (الظ)
وكونه مراعى بعدم حدوث مؤنة أخرى وهذا غير اعتبار الحول فيه نعم قد يشكل الامر من جهة عدم العلم بكونه ما يدفعه خمسا إذ لعله لا يبقى فاضل عن المؤنة الا
ان يدفع ذلك بالتمسك بأصالة عدم حدوث سبب اخر ثم لو دفع الخمس وتبين زيادة المؤنة ففي ظاهر المسالك وحاشية الارشاد انه يذهب على المالك ولعله
انما دفعه خمسا بناء على أصالة عدم حدوث مؤنة أخرى تملكه الاخذ فلا وجه لاسترداده الزائد وان بقى عينه بل يمكن ان (يق) ان مقتضى قولهم يجوز تأخير الخمس
احتياطا للمكلف هو تعلقه واقعا بالمستفاد في أول استفادته بعد اخراج مؤنته منه بحسب ملاحظة حاله في ذلك الوقت وانما صار موسعا إلى اخر الحول غبطة للمكلف
فكل جزء من الوقت يريد اخراجه يلاحظ المؤنة بحسب ذلك الجزء من الوقت وليس معنى ذلك أن تجدد المؤنة يكشف عن عدم تعلق الخمس به في أول الوقت إذ الاحتياط
للمالك (ح) في مقابلة تعسر استرداده من المستحق وهو مما لا ينبغي ملاحظته وجعله احتياطا بل (الظ) من الاحتياط للمالك عدم خسارته بان يذهب عليه الخمس مع أن
اللازم على هذا عدم جواز التأخير إذا لم يتحقق الاحتياط بان يعلم بعدم تجدد المؤنة والخسارة وبما ذكرنا يندفع ما يورد على ما ذكره الشهيد والمحقق الثانيان أولا بالنقض
بما لو دفع الزكاة على تقدير سلامة فبان تالفا وقد مر الحكم بالاسترداد مع بقاء العين أو احتسابه من زكاة مال اخر مع البقاء والتلف إذا تلف ولم يكن القابض
عالما بالحال وثانيا بان زيادة المؤنة يكشف عن نقص الخمس لأنه انما تجب بعد المؤنة فالواجب في هذه السنة واقعا خمس الفاضل عن المؤنة الواقعية لا ما اعتقده مؤنة
ويمكن دفعه بان وضع المؤنة من باب الرخصة للمالك كما يستفاد من الاخبار فإذا أقدم المالك على الدفع من الابتداء تعويلا على أصالة عدم مؤنة أخرى فلا يجوز له الاسترداد
ومنه يظهر الفرق بينه وبين مسألة الزكاة فان المدفوع على تقدير تلف المال ليس زكاة له لكن الانصاف ان ما ذكراه لا (يخ) عن نظر ومنع سيأتي بيان في اخر المسألة المكاسب
ثم إن (الظ) تعلق الوجوب بمجرد ظهور الربح من غير حاجة إلى الانقاص لصدق الاستفادة بمجرد ذلك ولو خسر وربح (فالظ) جبران الخسارة بالربح إذا اتفقا في تجارة واحدة
بان اخذ شيئين صفقة فربح في أحدهما وخسر في الأخر ولو كانا في مال واحد في تجارتين فإن كان كلاهما متعاقبين في مال واحد (فالظ) (ايض‍) الجبران وذهب بعض مشايخنا
إلى عدم جبر الربح المتأخر للخسارة المتقدمة له وجه على مذهبه مع أن مبدء الحول ظهور الربح ان أراد الخسارة المتقدمة على الربح الأول كما هو ظاهر إذ المتعقب للربح
فيجبر بالربح المتقدم ولا يحتاج إلى الانجبار بالمتأخر ولو كانا في مالين ففي الجبران اشكال أقربه ذلك كما قطع بالجبران في الدروس وعلله بعض بان المناط الأرباح الحاصلة
في تجارة كل عام لا في خصوص كل مال واما التالف من المال فلا يجبر بالربح قطعا لان التلف لا يمنع صدق الاستفادة على الربح وجبر التالف ليس من المؤنة مسألة
لا اشكال في أن مؤنة الحج من المستثنى إذا وجب عام الاكتساب ولو حصلت الاستطاعة من فضلات سنين متعددة وجب كل سنة اخراج خمس ما فضل لسبق تعلق
الخمس على وجوب الحج وهذا بخلاف غير الحج من الواجبات الشرعية والعرفية التي يجب تحصيل الاستطاعة لها كالكفارات والغرامات وشراء الدار ونحوها مما يلزم
عرفا فان ما يفضل عن مؤنة سنته وان لم يف بتحصيل ذلك الامر اللازم الا ان حفظه ليضم إليه ما يفضل عنه في سنة أخرى فمحصل ذلك الامر اللازم معدود عرفا من المؤنة
والاخرى اخراج مؤنة الحج من ربح عام الاكتساب وان حصل معظم الاستطاعة من الفواضل السابقة بناء على ما اخترناه من اخراج المؤنة من الربح وإن كان له مال
اخر ولو فاته الحج في عام الاستطاعة فإن كان لغدر فلا يستثنى مؤنته وإن كان عمدا عصيانا فهل هو منزلة التقتير يحسب له أم لا الأقوى العدم لما مر من اعتبار
الفعلية في الانفاق دون الثانية ثم إن الاظهر في الروايات والفتاوى ان المراد بالعام هو العام الذي يضاف إليه الربح عرفا ويلاحظ المؤنة بالنسبة إليه واما
536

مبدء حول المؤنة فيما يحصل بالاكتساب هو زمان الشروع في التكسب وفيما لا يحصل بقصد واختيار لو قلنا به زمان حصوله خلافا في الأول فجعلوه زمان ظهور الربح
بل جعله بعضهم زمان حصوله إما الأول فلان المتعارف وضع مؤنة زمان الشروع في أن الاكتساب من الربح المكتسب فالزارع عام زراعته الشتوية من أول الشتاء وهو
زمان الشروع في الزرع ويلاحظ المؤنة ويأخذ من فائدة الزرع مؤنة أول أزمنة الاشتغال به إلى اخر الحول واما الثاني فلان نسبة أزمنة السابقة إليه على السواء
فلا وجه لعد بعضها من سنة بل السنة من حين ظهوره والحاصل ان مبدء الحول لما تعارف بين الناس في إضافة الربح إليه واخراج مؤنته من ذلك الربح فمثل الزارع
والتاجر والصانع انما يأخذون من مستفادهم مؤنة حول الاشتغال فنريهم ينفقون على الربح المرجو ويستدينون عليه بل قد يكون ظهور الر بح في اخر السنة كما سيجئ فان أداء
ثمن الطعام ونحوه من الضروريات من الربح الحاصل بعد اخراج المؤنة منه فاندفع ما توهمه بعضهم من الامر بوضع مؤنة العام من الربح لا يتحقق الا بان يتأخر العام عن الربح
فلابد ان يكون مبدء حين ظهوره وفساده يعرف مما عرفت بل من ملاحظة العرف في صناعاتهم ولو فرضنا انه تعارف في شئ اخذ مؤنة حول ما بعد حصوله كان هو المتبع
مثل من يؤجر ضيعته بمقدار من حاصلها فان (الظ) ان المتعارف في مثله ان يؤخذ من الحاصل مؤنة سنة المستقبلة وبالجملة فالمراد بالحول حول الربح وهو مختلف فقد
يكون زمان ظهور الربح أول الربح وقد يكون وسطه وقد يكون اخره نعم لو لم يكن تعارف فمدة الحول من حين وجود الفائدة لان نسبة الأزمنة السابقة إليه على السواء فلا وجه لعد
بعضها من حوله كما لا يخفى فاطلاق عبارة الدروس ان مبدء الحول الشروع في التكسب مختص بالمكاسب المتعارفة مثل الأمثلة المتقدمة ثم إن الثمرة بين القولين المذكورين
مما لا يخفى فان حول الزراعة من أول الشتاء الذي هو أول زمان الاشتغال به إلى أول شتاء أخرى على المختار ومن أول الصيف وهو زمان حصول الربح إلى أول الصيف فقد
يتفاوت المؤنة فيهما نعم لو استدان في أول الشتاء دينا كان أدائه من المؤنة على القولين إما على المختار فلانه بعض الحول واما على غيره فلان الدين السابق من
المؤنة ثم إنه إذا حصل ربح بعد ربح فان اتحد زمان التكسب لهما فلا اشكال على المختار من اتحاد اولهما في اتحاد اخرها حتى أنه لو اتفق حصول أرباح متعاقبة مترتبة على التكسب
الذي شرع فيه في أول رمضان واتفق حصول الأخير منهما في رمضان المقبل كانت اخر السنة اخر حولها ولا يجوز ان يوضع منه المؤنة العام المستقبل كما لو زرع من
الخضراوات ماله لقطات متعددة أو زرع منها أو من الحبوب أجناسا متعددة يحصل في أزمنة متعاقبة فان اختلف زمان التكسب فمبدأ حول كل ربح زمان الشروع
في تكسبه والمؤنة في الزمان المشترك بينهما موزع عليهما ويختص كل بمؤنة زمان المختص به فإذا شرع في أول الشتاء بزراعة الحنطة والشعير في أول الصيف بزراعة الزرع
الصيفي كان مؤنته من أول الشتاء إلى أول الصيف مخرجة من فائدة زرعه الشتوي من وأول الصيف إلى أول الشتاء الأخر موزعة على كلا الزرعين ويخرج (ح) خمس الشتوي
لتمام سنته منه إلى أول الصيف الأخر مخرجة من الصيفي ويخرج (ح) خمس الصيفي لانقضاء حوله هذا هو الذي يقتضيه النظر الجليل في الاخبار حيث إن المستفاد منها وجوب
الخمس في كل مستفاد وبعد تقييد ذلك بما بعد المؤنة يصير الحاصل ان كل مستفاد فيه الخمس بعد اخراج مؤنة السنة منه لكن لا ريب ان مراعاة هذا قد يؤدى إلى الحرج الشديد
كما لو اكتسب كل يوم شيئا بل كل ساعة شيئا فان مراعاة حول مستقل لكل ربح جديد متعذر أو قريب منه وهو منفى بالعقل والنقل مضافا إلى السيرة القطعية ومع
ذلك كله فهو موقوف على كون كل ربح ربح موضوعا وموردا للخمس في اخبار المكاسب حتى (يق) ان كل
ربح وكل فائدة فيها الخمس بعد وضع المؤنة منها وهو ممنوع بل ظاهر قوله (ع)
الخمس بعد المؤنة بعد سؤال السائل بقوله هل الخمس على جميع ما يستفيد الرجل من جميع الضروب على الصانع ان المراد بالمؤنة مؤنة سنة التحصيل والصناعة فيكون
جميع ما يستفاد من أول التكسب إلى تمام السنة كمستفاد واحد يخرج الخمس مما فضل منه عن المؤنة وأظهر من ذلك رواية علي بن راشد المتقدمة الدالة على وجوب الخمس في
المتاجر والصنائع بعد وضع المؤنة فان وحدة المؤنة الموضوعة من التجارة والصناعة مع حصول الأرباح المتدرجة تدل على أن المستثنى من الجميع مؤنة واحدة ولا يكون
الا بان يكون لهما سنة واحدة و (كك) الرواية المتقدمة في استثناء مؤنة الضيعة فان الأرباح الحاصلة من الضيعة قد تكون تدريجية فاستثناء مؤنة واحدة يدل على أن
للمجموع سنة واحدة أولها أول الشروع في الاسترباح أو ظهور الربح على الخلاف المتقدم مع أن المتعارف بين الناس في الأرباح التدريجية عدم تقسيط المؤنة عليها
بل يصرف الربح الحاصل الأول فالأول في المؤنة فما بقى بأيدهم في اخر السنة من الربح الحاصل أخيرا يعدونه مستفاد سنتهم الماضية فلا وجه لاستثناء المؤنة المستقبلة منه
لما عرفت من أن العبرة بحول الربح فهذا في الحقيقة يرجع إلى القسم الأول فيكون زمان الشروع في التكسب وجميع الأرباح المتعددة متحدا فالأرباح المتعاقبة بمنزلة الأرباح
المتعددة الحاصلة في زمان واحد ولهذا لا يفرق العرف بين صرف مجموع أحدها في المؤنة وبين توزيع المؤنة على الكل في اطلاق ربح العام على الباقي ثم إن ما ذكرنا
واضح فيما لو كانت الاستفادات المتعددة بمنزلة استفادة واحدة كالمستفادة للتجارة والصناع المستمرين على شغلهم طول الحول فان متعلق الخمس فيها شئ واحد عرفا
وهو الحاصل من مجموع الاستفادات وهذا هو المقيد بما بعد المؤنة فالمراد سنة هذا الامر الواحد واما الاستفادات المتعددة التي ليس جامع واحد فتقرير المطلب فيها يحتاج
إلى التفطن فيما نحن فيه لأمر اخر وهو ان مثل الآية الشريفة واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وقوله (ع) في موثقة سماعة الخمس في كل ما أفاد الناس من قليل وكثير ولا ريب
في إفادته للعموم بالنسبة إلى افراد المستفاد والمغنوم وهل هو بالنسبة إلى افراد الاستفادة (ايض‍) عام بمعنى ان كل مستفاد باستفادة مستقلة يتعلق به الخمس فإذا استفاد عشرة
دراهم فيتعلق بها الخمس وإذا استفاد عشرة اخر ففيه (ايض‍) الخمس فيكون هذان المستفادان فردين من العام تعلق بكل منهما حكم مستقل بلحاظ أو انه ليس (كك) بل بعد
استفادة العشرة الثانية يصير المستفاد عشرين ويتعلق به الخمس بهذا الاعتبار فهو فرد واحد للموصول في الآية والرواية فان قلنا بالأول فتقييد الحكم بما بعد مؤنة سنة
الربح لابد ان يلاحظ بالنسبة إلى كل منهما فيحصل لكل منهما عام مستقل باعتبار ما استثنى منه من المؤنة فإذا اتفق اشتراكهما في تمام السنة أو في بعضها فلابد ان يوزع
مؤنة الزمان المشترك بينهما فان قلنا بالثاني فالمقيد هو المجموع المستفاد بالاستفادتين فلا يعتبر فيه الا سنة هذا المجموع فيستثنى ما مؤنتها من هذا المستفاد الواحد بالاستفادتين
537

ويخمس الباقي وحيث إن (الظ) للمتأمل في الاخبار هو الوجه الثاني كان حكمه ما ذكرنا وجه الظهور ان جملة الموصول في الآية والرواية للجنس فالوحدة والتعدد غير ملحوظ فيه فالمراد بالموصول
مجموع الحاصل بالاستفادات المتعددة ولذا لو استفاد عشرين درهما بأربعين استفاد كل مرة نصف درهم يصدق عليه انه استفاد عشرين فان قلت الحكم بوجوب الخمس يتعلق
بالمستفاد بالاستفادة الأولى لا محالة لتحقق الجنس وتقييد هذا الحكم بما بعد وضع مؤنة سنة فالاستفادة الثانية (ايض‍) سبب مستقل لثبوت الحكم (ايض‍) فيما استفيد
بتلك الاستفادة فيتعدد الحكم ويقيد كل منهما بما بعد وضع مؤنة سنة قلت تعلق الخمس بالمستفاد أولا مسلم لكن من حيث انحصار جنس المستفاد فيه فلما استفاد العشرة
الثانية يصير العشرون مستفادا واحدا بجنس الاستفادة فيتعلق وجوب الخمس به ولا يصح (ح) ان يلاحظ العشرة الثانية فردا اخر للعام غير الفرد الأول إذ بعد ملاحظة
الجنس في الاستفادة ليس العشرة مجموع ما استفيد بجنس الاستفادة بل بعضه والمفروض ان للموصول عموما بالنسبة إلى اجزاء كل مستفاد كما أن له عموما بالنسبة إلى افراده
نعم هذه العشرة الثانية مجموع المستفاد بخصوص هذه الاستفادة الثانية وليس هو المراد من الاستفادة نعم لو قلنا بان المراد بالموصول كل فرد مستفاد باستفادة مستقلة
كان العشرون فردين من الموصول ولا يرتاب في أنه خلاف (الظ) وينبه على ما ذكرنا ان في صورة وحدة زمان الاستفادات المتعددة لا يتعلق بالمكلف احكام مستقله
قيد كل منهما بما بعد وضع المؤنة حتى يكون توزيع مؤنة تلك السنة على الكل من باب الترجيح بلا مرجح فان ذلك تكلف لا يخفى مخالفته (لظ) المتفاهم بل يحكمون بان الخمس متعلق
بالمجموع من حيث إنه مستفاد واحد بجنس الاستفادة فيخرجون المؤنة عنه من أي جزء كان وقد يصرفون مستفادا واحدا بأجمعه في المؤنة ولا يخطر ببالهم توزيع ولا ضمان لمقدار
الخمس من المستفاد المصروف بتمامه ولا يفهمون من الاحكام ثبوت احكام متعددة لكن لا يخفى ان هذا كله مناف لما اخترناه في مسألة اخراج الغوص واستخراج الكتر دفعات
متعددة ان (الظ) من قوله ما يخرج من المعدن أو ما يخرج من البحر هو الدفعة أو الدفعات التي لها جهة اتحاد عرفا وما نحن فيه من هذا القبيل فالانصاف ان الحكم بكون ما يتجدد
بالاكتساب الجديد في اخر السنة بعد حصول الربح من كسب اخر في أولها معدودا من ربح تلك السنة في غاية الاشكال وقد عرفت ان موارد السؤال في اخبار المؤنة لا تشمل
مثل هذا فالرجوع فيه إلى مقتضى وجوب الخمس فيه بعد اخراج مؤنة مستأنفة لا (يخ) عن قوة مع أن هنا كلاما اخر على فرض عدم ظهور الأدلة الا ان في الاستفادات
المستقلة وهو ان الثابت من اخبار المؤنة تقييد وجوب الخمس في المستفادات المتعددة باخراج مؤنة واحدة لسنة المجموع فاخراج مؤنة سنة مستقلة لكل واحد و
لو بتوزيع الزمان المشترك بينهما عليهما مما لا دليل عليه فيرجع إلى اطلاقات الخمس مثلا إذا استفاد الانسان في أول رجب عشرين واستفاد بعد عشرة أشهر (ايض‍) مائة
فالمتيقن من قوله الخمس بعد المؤنة مؤنة سنة جنس ما استفاد لا سنة خصوص هذا المستفاد إذ ليس في الاخبار ولا في الفتاوى تخصيص السنة بخصوص المستفاد
والمتيقن سنة جنس المستفاد والحاصل انه لم يعلم من أدلة المؤنة لا من الاخبار ولا من معاقد الاجماع انه إذا استفاد في اخر السنة شيئا اخر لابد ان يفرز من هذا
بالخصوص مؤنة سنة مستقلة يتداخل بعضها في بقية السنة السابقة فيجب الرجوع فيه إلى عمومات الخمس نعم لو حصل المستفاد بعد تمام سنة الأولى فلا مناص عن
استيناف سنة له فرع ثم إن الكلام في فورية وجوب اخراج الخمس بعد الحول بل بعد التمكن من تعيين المؤنة والعلم ببقاء ما يصرف فيها إلى اخر الحول وان لم يتم الحول
كما تقدم في وجوب الزكاة وكيف كان ففي اطلاق (المش‍) الحكم بجواز التأخير إلى الحول ان أرادوا ما يعم صورة العمل بالمؤنة الراجع إلى العلم بوجوب هذا المقدار من
الخمس عليه في هذا الان نظر الا ان يحمل كلامهم على الغالب من عدم العلم أو (يق) بجواز التأخير وان علم المكلف بالمؤنة وبمقدار ما يجب عليه نظرا منه إلى كثرة تخلف علوم
الناس وانكشاف كونها جهولا وهذا لا ينافي حجية العلم ووجوب العمل بمقتضاه إذ المقصود انه يجوز الشارع بملاحظة ما ذكرنا عدم إناطة الحكم بالامر الواقعي حتى
قهرا حجية العلم وعدم جواز التصريح بعدم جواز العمل فيحكم بجواز تأخير أداء الخمس عن وقت تنجز التكليف به ويجعله واجبا موسعا إلى حول (فت) مسألة لو جعل
الغوص أو استخراج الكنوز أو المعادن مكسبا فهل يتعلق خمس اخر بها بعد اخراج مؤنة الحول أم لا وجهان من قاعدة الجمع بين تخصيص الأدلة الدالة على متعدد الأسباب
ومن قوله (ع) لا يتنافى صدق بناء على اطلاقه الصدقة على الخمس كما ادعى في الرياض شيوعه مضافا إلى ظهور اخبار ثبوت الخمس في الغوص واخوته في عدم وجوب أزيد من
ذلك فيها مع كونها في مقام البيان سيما بعض الأخبار الواردة في الغنيمة مثل رواية الحلبي عن الرجل من أصحابنا يكون معهم في لوائهم فيصيب غنيمة قال يؤدى
خمسنا ويطيب له وما ورد من قوله (ع) خذ مال الناصب وابعث إلينا بالخمس ونحوه غير واحد ما ورد في الكنز والمعدن والغوص مما ظاهره مقام البيان ولا تجدى هنا دعوى
كون الاطلاق في مقام بيان حكم العنوانات الخاصة لان المقام في كثير منها مقام بيان جميع ما يجب في ذلك العنوان من كل حيثية كما لا يخفى على الناظر فيها بأدنى تأمل
على أن المستفاد من أية الغنيمة سيما بضميمة الاخبار المفسرة ان لكل موارد الخمس غير ارض الذمي المشترى والحرام المختلط بالحلال عنوانا واحدا وهي الغنيمة بل يظهر من
بعض دخولهما فيهما (ايض‍) فليس هما عنوانان متغايران تعلق الخمس بكل منهما حتى يكون في مادة اجتماعهما خمسان أو أكثر بل الكل غنيمة الا ان لبعضها شروطا اخر
مغايرة لشروط غيره فتدبر وفي المحكي عن تحف العقول عن مولينا أبى الحسن الرضا (ع) فيما كتب (ع) إلى المأمون ان الخمس في جميع المال مرة واحدة مسألة المحكي عن
الشيخين والمتأخرين وجوب الخمس في كل ارض اشتراها ذمي من مسلم وعن الغنية دعوى الاجماع عليه وعن العلامة في المنتهى نسبته إلى علمائنا وعن كنز العرفان
ومجمع البحرين نسبته إلى أصحابنا الصحيحة إلى أبى عبيدة الحذاء عن أبي جعفر (ع) أبما ذمي اشترى أرضا من مسلم فان عليه الخمس ونحو مرسلة المقنعة عن الصادق (ع)
وتأمل في الحكم بل أنكره بعض متأخري المتأخرين وعلله بعضهم بان مذهب المالكية من العامة ان الذي إذا اشترى شيئا من الأراضي العشرية ضوعف عليه العشر
فيؤخذ منه الخمس فلعل الرواية واردة تقية عن مذهبه وهذا عجب لعدم دلالة الرواية على خصوص الأرض العشرية مع أن اخذ العشر فيما إذا ازرعها فخرج ما يبلغ
النصاب بشرائطه من الغلات الأربع وتقييد مورد الرواية بذلك كما ترى مع أن احتمال ورود الخبر تقية لا يقدح مع سلامة الخبر الصحيح عن المعارض
538

عدا بعض العمومات اللازمة التخصيص به بعد صراحته دلالته وصحة سنده واعتضاده بعمل المشهور بل بعدم المخالف عدا ما ربما يستظهر من بعض لأجل اهمال ذكر هذا
القسم في موارد الخمس مع أن ظهور مذهب المالك في زمن الباقر (ع) غير معلوم لأنه لم يكن كأبي حنيفة في الاشتهار مع أن الموجود في مرسلة المفيد قول الصادق (ع)
فان عليه فيها الخمس وهي كالصريح في تعلق الخمس بالأرض لا بالزرع المزروع فيها وكيف كان فلا اشكال في الحكم ولا في أن المراد بالخمس هو الخمس المصطلح
فمصرفه مصرفه لأنه المتبادر من النص وان لم نقل بثبوت الحقيقة الشرعية في لفظة الخمس لا بطريق النقل ولا بطريق الاشتراك اللفظي بينه وبين المعنى اللغوي
مضافا إلى عدم القول بصرف الخمس فيها بغير مصرف سائر الأخماس وهل الأرض مختصة بأرض الزراعة كما يظهر من الفاضلين والمحقق الثاني أو يعم المساكن و
البساتين ظاهر اطلاق كلام الأصحاب هو العموم وان صرح في المعتبر والمنتهى بعد الاعتراف باطلاقها بان (الظ) ان مرادهم خصوص ارض الزراعة لكنه اجتهاد
في فهم مرادهم منشأه تبادر الخصوص من اطلاق النص والفتوى ويدفعه ان المتبادر المذكور انما هو مقابل خلافه على ما يشمل على النباء والأشجار فان (الظ) انه يعبر عن ذلك
بالدار والبستان لا الأرض واما الأرض الخالية عن بناء وشجر المقصود منها البناء والغرس لا اشكال في عدم خروجها عن منصرف اللفظ فتشملها الرواية والفتوى
وتتم الحكم في المبنية والمغروسة بعدم القائل بالفرق اللهم الا ان يريد الفاضلان بأرض الزراعة القابلة لها وان اشتريت للبناء والغرس فيكون هما القائلين بالفرق
لكن (الظ) ان مرادهما ما يعم البياض المشترى للغرس لصدق ارض الزراعة عليه لا المشترى للبناء من ما بين العمران والدوران كان بياضا قابلا للزرع وكيف كان (فالظ)
من الرواية استقلال الأرض بالشراء لأنها قضية اطلاق إضافة الاشتراء إلى الأرض فلا يعم ما في ضمن الدور والخانات إذا بيعت معها بل البساتين فان ثبت
عدم التفرقة بين البياض المستقل بالشراء وبين غيره فهو والا فلابد في الأرض المشترى في ضمن الدور ونحوها من الرجوع إلى الأصل بعدم انصراف النصوص و
الفتاوى إليها وما ذكرنا من الانصراف انما هو من جهة ظهور اشتراء الأرض في غير ما كان في ضمن الدار والبستان لا لأجل ظهور الاشتراء في الاستقلال
والا لم يدخل في منصرفه ما إذا اشترى ارض زراعة مع فرض إذ لا ريب في دخول مثل ذلك في منصرف اللفظ بل لا يبعد دخول ما لو اشترى الأرض والبناء والغرس
الموجود فيها لكن لا بعنوان ان المجموع دار أو بستان بل بعنوان الأرض والشجر والأرض والبستان بل لان الأرض في خبر الاشتراء ظاهر في البياض فالمراد الاستقلال
في العنوانية لا في تعلق الشراء وليس دعوى الانصراف من جهة اطلاق نفس لفظ الأرض فان (الظ) انه لا شاهد لهذه الدعوى من العرف ولهذا يقال لمن اشترى
ارض بستان لا نفس البستان انه اشترى أرضا هذا ولكن الانصاف ان الانصراف المذكور لم يبلغ حدا يخرج معه عن أصالة الاطلاق ولذا تريهم يعممون الاحكام
المنوطة بعنوان الأرض مثل الدور والبساتين كما في الأرض المفتوحة عنوة ولذا فرعوا على ذلك بيع بيوت مكة زادها الله شرفا وكذا في مسألة حرمان
الزوجة من الأراضي وهل الحكم المذكور يختص بالشراء كما هو ظاهر (المش‍) أو يعم مطلق المعاوضة كما اختاره كاشف الغطاء أو مطلق الانتقال ولو مجانا كما
هو ظاهر الشهيدين فيه اشكال من اختصاص النص والفتوى بالشراء ومن عمومه عرفا لسائر المعاوضات ومن أن المناط هو الانتقال كما يستفاد من نقل أقوال العامة
والخاصة في المعتبر والمنتهى والتذكرة حيث إن (ظ) الأقوال المذكورة عن العامة في مقابل الامامية هو مطلق الانتقال مضافا إلى الاستدلال على مذهب الإمامية
في المنتهى بقوله لنا ان في اسقاط العشر اضرار بالفقراء فان تعرضوا لذلك ضوعف عليهم فالخمس ويؤيده ما رواه الشيخ عن أبي عبيدة الخداء فذكر الرواية المتقدمة
وهذا الاستدلال وإن كان في غاية الضعف من وجوه لا تخفى الا انه لا يخرج بذلك عن الدلالة على أن مراد المستدل بل غيره من القائلين الذين استدل لهم بذلك هو (مط)
الانتقال لأجل ما ذكرنا عنوان المسألة في المفاتيح بالأرض المنتقلة إلى الذمي ونسب الحكم فيها إلى الأكثر
والمسألة لا (تخ) عن اشكال ثم لا اشكال في أنه
لا يرتفع هذا الحق ببيع الذمي لها من المشترى أو من اخر ولا بفسخه بإقالة لأنها الفسخ من حينها لا من أصل العقد نعم لو فرض القول به بان تكون كاشفة
عن عدم تحققها كما في التلف قبل القبض توجه عدم الخمس وظاهر الرواية كالفتاوى تعلق الخمس بالعين وللحاكم الاخذ من الارتفاع وله اخذ قيمة العين
(ايض‍) بان يبيع الخمس على الذمي لكن عليه خمس هذا الخمس (ايض‍) وهكذا وكيف كان لو كانت الأرض مشغولة ببناء أو غرس على القول بعموم الأرض فيقوم
الأرض مشغولة بالشاغل المذكور بأجرة للمالك ويؤخذ خمس تلك القيمة ولو أراد ابقائها واخذ ارتفاعها عن الذمي فلابد من أن يلاحظ اجرة بقاء
ذلك الشاغل فيه دائما ولا حاجة إلى تقويم العين الا للتوصل إلى معرفة أجرة المثل لان الأجرة غالبا تعرف ملكية الملك ولو ترك الذمي الشاغل بأجرة
على صاحب الخمس جاز (ايض‍) مسألة وكانت الأرض المتباعة من المفتوحة عنوة فإن كان نقلها إليه على وجه ملكية العين بالأصالة كما إذا فرض ان الامام
باع شيئا منها لمصالح المسلمين أو اخرج خمسها واعطى لأهله فباعوه فلا اشكال في وجوب الخمس في عينها إذا اشتراها الذمي واما إن كان بيعها تبعا للآثار
الموجودة فلا اشكال (ايض‍) في وجوب الخمس فيها بعد شراء الذمي ولو لم يخرج خمسها من حيث الغنيمة (فح) يخمس الكل أولا عينا وارتفاعا لأجل خمس الغنيمة
ثم يخمس الباقي (كك) لأجل الانتقال إلى الذمي ولا يبعد في ذلك لكون الاشتراء واقعا لما فيه الخمس فليس هذا من تثنية الصدقة المنفية بالنبوي وان قلنا
بان المملوك نفس الآثار وانما يصح بيع العين في ضمن الآثار فيقع الاشكال في تعلق الخمس من أن الذمي لا يملك أرضا حتى يخرج خمسها ومن صدق انه اشترى
أرضا ولو تبعا وان لم يملكها حقيقة ولذا (يق) انه اشترى الأرض المفتوحة عنوة فعليه الخمس باعتبار استحقاق الأرض تبعا للآثار فيقابل الأرض من
حيث إنها مستحقة غير مملوكة بمال فعليه خمس ذلك المال ثم إنه ذكر الشهيدان ان الامام يتخير بين اخذ الخمس من العين واخذه من الانتفاع وفيه انه لا دليل على
هذا التخيير للحاكم بل مقتضى قاعدة الشركة التراضي ولهذا قيل إنه لعل مرادهما انه للذمي ان يمتنع من العين ويقبل الانتفاع وللامام ان يلزمه باعطاء العين وان تقبل
539

الانتفاع لو رضي به الذمي لا ان له الزامه بالانتفاع (مط) إذ لم يدل الحديث والا؟ لي تعلق الخمس وهذا لوجه على بعده حسن فرع قال في الكشف لو
شراها من الامام أو نائبه وشرط عدم الخمس أو تحمله عنه بطل الشرط ويقوى بطلان العقد (ايض‍) ولعل وجهه ان الخمس متعلق بالعين فاشتراط عدم تعلقه
مناف للمشروع وليس من قبيل مجرد الحق حتى يسقط بالاسقاط في البيان انه لو شرط سقوط الخمس فسد ولكن استقرب في المناهل السقوط عملا بالشرط مسألة
لو تملك ذمي مثله بعقد مشروط بالقبض فأسلم الناقل قبل الاقباض اخذ من الذمي الخمس نعم لو أسلم المنتقل إليه قبل القبض سقط عنه ولو شرط البايع على
الذمي اخراج الخمس بناء على قول بعض المتأخرين بعدم وجوبه بأصل الشرع فلا يبعد وجوبه عليه لأنه ليس ايجابا في الشريعة لما لم يجب فيها بل الزاما للمشترى
بهبة بعض ماله إلى أهل الخمس إذ لا يعتبر النية من الذمي وعلى هذا فيصح ما عن بعض من أن الأحوط الاشتراط خروجا عن خلاف من لم يوجبه في هذه الأرض
ولكن الوجوب أوضح من صحة اشتراط هذا الشرط على تقدير عدم الوجوب وإن كان هو (ايض‍) واضحا مع أن غاية الشرط تسلط المشروط له على الفسخ والغرض
ان الفسخ لا يرفع وجوب الخمس اللهم الا ان يكون الفائدة الزام الذمي بالوفاء بالشرط
مسألة إذا اختلط الحلال بالحرام فلا (يخ) الحرام عن أقسام أربعة
الأول ان يعرف قدره وصاحبه وحكمه الشركة في العين بنسبة المالين الا ان يكون الخليط مما يستهلك بالاختلاط بحيث لا يعد في حال الاختلاط مالا
فيجب القيمة على من اختلط سواء كانا متجانسين أو متغايرين وسواء كان الاختلاط بالامتزاج أو بالاشتباه وسواء كان الامتزاج بالاختيار أو بدونه
الثاني ان يكون القدر مجهولا والمالك معلوما فان تراضيا على شئ بالمصالحة أو غيرها فلا اشكال وان أبى المالك فيحتمل وجوب دفع خمسه إليه
كما اختاره في التذكرة لما سيجئ من الاخبار من التعليل بان الله رضي من الأشياء بالخمس وفيه نظر ويحتمل وجوب دفع ما يتقن الاشتغال به لأصالة
براءة ذمته عن الزائد مع أن مقتضى يده أو يد مورثة على الكل وصحة تصرفهما يقتضى ملكية الكل الا المقدار المعلوم حرمته مضافا إلى استصحاب
الملكية في بعض الصور مثل ما لو علم أن مورثة باع مالا ولم يقبضه عدوانا وتردد بين الأقل والأكثر ويحتمل وجوب دفع يتقن معه البراءة تملك لأصالة عدم
تملك المشكوك وأصالة عدم وجود دفع الزايد عن المتيقن وعدم تملك الغير له لا يثبتان جواز تصرفه فيما يشك في تملكه مضافا إلى ما يشعر به تعليل الخمس
في الآتي بقولهم (ع) ان الله قد رضي من الأموال بالخمس فان فيه اشعارا باعتبار المقدار الواقعي من الحرام الا ان الله رضي عنه في هذا المورد بالخمس ولولاه لوجب
اخراج الواقع ولو كان الحكم مع قطع النظر عن تشريع الخمس هو عدم الاعتبار بالشك لم يحسن هذا التعليل حيث إنه ظاهر في بيان التخفيف والترخيص بل
كان تشريعه زيادة تكليف نعم لو ثبت بمقتضى اليد أو بمقتضى أصالة بقاء الملكية ملكية المشكوك ظاهرا فلا يجرى فيه هذا الأصل ويحتمل القرعة
في المقدار المشكوك بان يدفع ما يتقن كونه للصاحب ويأخذ بما يتفق كونه لنفسه ويقرع في المشكوك بعمومات القرعة ويحتمل اجبار المالك على المصالحة في
المقدار المشكوك بان يكون الحكم الشرعي في الواقعة الصلح فان أبى صالح مع وليه الحاكم إذا لم يقدر على اجباره بالمصالحة فيكون مال الصلح في يده
أمانة ولعله لان الحكم بكونه لأحدهما دون الأخر ترجيح من غير مرجح وما تقدم من أصالة عدم تملك ذي اليد للمقدار المشكوك لا يثبت جواز اخذه للغير ولا وجوب دفعه إليه
لان الأصل عدم تملكه (ايض‍) قال في كشف الغطاء ولو عرف المالك دون المقدار وجب صلح الاجبار انتهى وعليه فيحتمل ان لا يعين عليهما الحاكم ما يتصالحان به أصلا
لان الثابت هو الاكراه على أصل المصالحة ويحتمل ان يلزمهما بالمصالحة على النصف لان زيادة نصيب أحدهما كتخصيصه بالكل ترجيح من غير مرجح
فيتصالحان على النصف نظير ما استودع أحدهما دينارا والاخر دينارين فامتزجت الثلاثة وتلفت أحدها لغير تفريط من المستودع فان المشهور كما في
رواية السكوني اختصاص صاحب الدينارين بواحد من الباقي وتنصيف الأخر بينهما و (الظ) ان المناط هو ما ذكرنا من لزوم الترجيح بلا مرجح ولا يخفى ان ما
نحن فيه نظيره بل أحد افراده لان المقدار المشكوك بمنزلة دينار المردد بين الشخصين ومثله ما ورد في صحيحة ابن المغيرة في رجلين كان معهما درهمان فقال أحدهما
الدرهمان لي وقال الآخر هما بيني وبينك من أن أحد الدرهمين للأول والاخر بينه وبين صاحبه من غير تعرض ليمين منهما أو من أحدهما (فالظ) ان المناط هو مجرد التسمية
بينهما في الدرهم المشكوك لعدم المرجح لأحدهما فالحكم في هذا وسابقة إشارة إلى وجوب المصالحة عليهما في مثل هذه الموارد ويؤيدهما ما ورد فيما إذا اشترى
لرجل ثوبا بعشرين ولآخر ثوبا اخر بثلثين فاشتبها فان المشهور كما في رواية إسحاق بن عمار انه يباع الثوبان ويعطى صاحب الثلثين ثلثة أخماس الثمن
وصاحب العشرين خمسي الثمن فان (الظ) منها وجوب المصالحة بينهما قهرا على هذا النحو ولعل وجهه ترجيح صاحب الثلثين مع احتمال كون ما اشترى له متساويا
لما اشترى لصاحب العشرين بل أدون منه في القيمة ملاحظة ما هو (الظ) من كون الثوب المشترى بثلثين يزيد قيمته عادة على ثوب العشرين بمقدار خمس
القيمتين ثم الأقرب من هذه الاحتمالات هي القرعة الا انها انما تجرى في مقدار دار الامر بين كون مجموعه له أو لصاحبه لا فيما إذا احتمل الاشتراك بينهما
على وجوه غير محصورة والروايات يعمل بها في مواردها لعدم استنباط مناط منها على وجه القطع ولذا صرح الشهيدان في مسألة الدنانير بقوة القرعة نظرا
إلى أن التنصيف مخالف للمقطوع به وحملت رواية الدرهمين على ما إذا كانا في يدهما وحلف كل منهما على نفى استحقاق الأخر وعن العلامة في مسألة الدنانير
ان الدينار التالف يقسط عليهما أثلاثا فيجب على صاحب الدينارين منه ثلثين وعلى صاحب الواحد ثلث كما إذا اتفق ذلك في قفيز اختلط مع قفيزين فتلف
قفيز ثم إن هذا كله إذا كان المالك معينا أو مشتبها في قوم محصورين ويتحقق العسر لو قلنا بوجوب التخلص من كل واحد منهم بما يتقن معه البراءة ويحتمل
ان (يق) انه يدفع إلى الحاكم لهم من المال المذكور ما يتقن معه بخلو ما في يده عن الحرام ويتولى القسمة بنفسه الحاكم ان امتنعوا عن الاجتماع على هذه القسمة بالمباشرة
540

والتوكيل فيكون المال في يد الحاكم مترددا بين قوم محصورين و عليه فيرتفع ما ذكره بعضهم من حصول الاشكال (ح) من جهة لزوم ان يدفع إلى كل واحد منهم
ما يجب دفعه إليه مع الاتحاد وهو خسران عظيم واضعف من ذلك ما دفع به الاشكال من أنه لا بعد في لزوم ذلك عليه عقوبة لما صنع من الخلط بالحرام ولو كانوا غير محصورين
(فالظ) انه يدخل في القسم الرابع القسم الثالث ان يكون القدر معلوما دون الصاحب و (الظ) انه يتصدق به عن المالك مع الياس عن الوصول إليه للروايات مثل رواية
علي بن أبي حمزة الواردة في حكاية صديقه الذي كان من كتاب بنى أمية لعنهم الله (تع) وأصاب مالا كثيرا وندم على ذلك وسئل الصادق (ع) عن فقال اخرج من جميع ما اكتسبت
في ديوانهم فمن عرفت منهم رددت عليه ماله ومن لم تعرفه تصدقت به ورواية فيض بن حبيب صاحب الخان قال كتبت إلى العبد الصالح (ع) قد وقعت عندي مائنا درهم وأربعون
درهم وانا صاحب خندق ومات صاحبها ولا اعرف له ورثة فرأيك في اعلامي حالها وما اصنع بها فقد ضقت بها ذرعا فكتب اعمل بها وأخرجها صدقه قليلا حتى
يخرج ولعله امره بالعمل بها واخراجها قليلا قليلا لعلمه بحاجته فأمره بالعمل لينتفع به ومصححة يونس بن عبد الرحمن في الكافي قال سئل أبو الحسن الرضا (ع) وانا حاضر فقال
له السائل جعلت فداك رفيق كان لنا بمكة فرجع عنها إلى منزله ورحلنا إلى منزلنا فلما ان صرنا إلى الطريق أصبنا بعض متاعه معنا فأي شئ نصنع به قال
تحملوا به حتى تحملوه إلى الكوفة وفي نسخة حتى تلحقوا بهم بالكوفة قلنا لا نعرف بلده ولا نعرفه كيف نصنع به قال فإذا كان (كك) فبعه وتصدق بثمنه قال له
على من جعلت فداك قال على أهل الولاية ويؤيد هذه الأخبار الكثيرة الواردة في التصدق باللقطة وما هو بمنزلتها منها رواية حفص بن غياث قال سئلت أبا عبد
الله (ع) عن رجل من المسلمين أودعه بعض اللصوص دراهما أو متاعا واللص مسلم أيرده عليه قال لا يرده فان امكنه ان يرده على أصحابه فعل والا كان في يده بمنزلة
اللقطة يعرفها فان أصاب صاحبها ردها والا تصدق بها فان جاء صاحبها بعد ذلك خيرة بين الاجر والغرم فان اختار الاجر فله الاجر وان اختار الغرم له وكان
الاجر له إلى غير ذلك ويستفاد من هذه الرواية وغيرها مما ورد في اللقطة مضافا إلى قاعدة اليد الضمان لو ظهر المالك ولم يرض بالتصدق وهنا اخبار اخر مخالفة
لما ذكر منها ما دل بظاهره على وجوب ابقاء المال على حاله ويمكن حمله على قبل الياس عن صاحبه أو على الجواز ومنها ما دل على اختصاصه بالامام (ع) مثل رواية
محمد بن القسم بن الفضيل بن يسار عن أبي الحسن (ع) عن رجل صار في يده مال لرجل ميت لا يعرف له وارثا كيف يصنع بالمال قال ما أعرفك لمن هو يعنى لنفسه
اختصاصه بمورده من مال الميت الذي لا يعرف له وارث ويكون هذا من الأنفال ولا ينافي الامر بالتصدق به في رواية فيض بن حبيب المتقدمة لاذنه (ع) في
صرف حقه على الفقراء نعم في مكاتبة ابن مهزيار عد من جملة الفوائد والغنائم مالا يوجد ولا يعرف له صاحب فيمكن حمله على المال الملتقط لان الالتقاط نوع اكتساب
وكيف كان فينافى روايات التصدق من جهة اشتمال المكاتبة على وجوب ايصال خمس الفوائد والغنائم ولو بعد حين لكن العمل في المكاتبة مشكل نعم ينبغي مراعاة
الاحتياط بناء على ما حققناه سابقا من عدم حرمة هذه الصدقة على بني هاشم وان قلنا بحرمة مطلق الصدقة الواجبة عليهم لأن هذه صدقة مندوبة يجب على
الشخص فعلها عن المالك فهو كالصدقة الموصى بها عن مال الميت كما صرح بذلك الشهيد والمحقق الثانيان في مصرف صدقة الدين الذي لم يعرف صاحبه ولا وارثه نعم يظهر من
اولهما في مسألة تراب الصياغة ان مصرفه مصرف الصدقات الواجبة بل صرح في مسألة اللقطة وفيما نحن فيه بأنها تصرف في مستحق الزكاة لحاجته ثم إنه بعد ما فرضنا في
هذا القسم العلم بقدر الحرام فلا فرق فيما ذكرنا من وجوب التصدق بين العلم بكونه مساويا للخمس أو أزيد أو انقص لعدم انصراف الاخبار الآتية في القسم الرابع الآتي إلى
ما يشمل صورة العلم بقدر الحرام كما ستعرف (انش‍ تع‍) وقد صرح باختصاص الخمس بالقسم الرابع في محكى السرائر والنزهة وكثير من كتب العلامة والدروس والبيان والتنقيح و
حاشية الشرايع والمسالك ومجمع الفائدة والمدارك والذخيرة بل عن بعض انه (المش‍) أقول ولا يبعد دعوى عدم الخلاف في ذلك وان نسب إلى ظاهر الخلاف اطلاقات الغنية و
النهاية والوسيلة والنافع والشرائع والتبصرة واللمعة والمحكى في المختلف عن الحلبي اطلاق الحكم بوجوب الخمس في الحلال المختلط بالحرام و (الظ) ان مرادهم صورة عدم
تميز قدر الحرام تفصيلا ولذا خص في المعتبر والمنتهى وغيرهما عنوان المسألة بصورة عدم تميز المقدار والمستحق مضافا إلى أن ظاهرهم حصر مستند الحكم في الروايات الآتية
وستعرف انها ظاهرة سيما بمعونة تعليلها في صورة جهل المقدار تفصيلا نعم يمكن ان (يق) بان التعليل وان
اختص بصورة جهل المقدار الا ان فيه بناء على اختصاص الخمس في
المسألة الآتية ببنى هاشم اشعارا بان مطلق الحرام المخلط بالحلال الموكول امره إلى الشارع مصروف فيهم الا ان الله سبحانه رضي مع الجهل بمقداره بالخمس وحاصل
ذلك أنه لا فرق بين العلم بمقدار الخليط والجهل به في وجوب صرفه إليهم أي قدر كان الا ان الله رضي عند الجهل بصرف خمسه فيهم فتعين فمثل هذا الكلام انما (يق) في مال
يكون امره في نفسه ومع قطع النظر عن جهالة مقداره إليه فيكون الجهالة سبب الرضا بهذا المقدار لا سبب كون امره إليه و (ح) فيقوى اختصاص المصرف (في هذا القسم ببني هاشم لا بمعنى وجوب الخمس كما يظهر من بعض بل بمعنى كون المخرج صح) قليلا كان أم كثيرا
من باب الخمس ويؤيد ما ذكرنا ان ما تقدم من اخبار التصدق بمجهول المالك ظاهر في المال المتميز دون المختلط ولم يعلم اجماع على عدم الفرق بين المختلط وغيره وربما يدعى
عموم رواية ابن أبي حمزة المختلط وفيه نظر ودعوى تنقيح المناط بان يدعى عدم مدخلية خصوص التميز والاختلاط إذا كان قدر المال معلوما معارضة بمثلها فإنه إذا
وجب صرف المقدار الواقعي من الحرام في مصرف الخمس فأي فرق بين كون ذلك المقدار المخلوط معلوما للمكلف أو مجهولا له مع أن العلم بالقدر لو أوجب التصدق به لزم
في القسم الرابع التصدق أولا بالقدر المتيقن فلا يبقى مورد للخمس ودعوى انه لعله لانضمام الشك إلى القدر المتيقن مدخلا فيجب التصدق بالقدر المتيقن إذا علم عدم الزائد
عليه ويصرف في الخمس إذا احتمل وجود زائد عليه أولي بان يدفع بتنقيح المناط هذا مضافا إلى معارضة الروايات المتقدمة الامرة بالتصدق بما دل على اختصاصه بالامام إما
رواية ابن حبيب المتقدمة الواردة في مال الميت فيما عرفت من رواية ابن فضيل المتقدمة الدالة على اختصاص هذا المال بالامام (ع) فيكون الامر بالتصدق من باب الاذن
بل (ظ) رواية ابن حبيب يأبى الحمل على الفتوى لاشتمالها على التكسب بذلك المال واخراجه صدقة قليلا قليلا مع احتمال إرادة الاخراج من ربحه واما روايتا يونس وابن
541

أبى حمزة الواردتين فيمن تعذر الوصول إلى مالكه فبرواية داود بن يزيد انى قد أصبت مالا قد خفت منه على نفسي فلو أصبت صاحبه دفعته إليه وتخلصت عنه فقال
له أبو عبد الله (ع) لو أصبت صاحبه كنت تدفعه إليه فقال أي والله فقال والله ماله صاحب غيري قال فاستحلفه ان يدفعه إلى من يأمره مخلف قال فاذهب واقسمه في
إخوانك ولك الامن مما خفت فإذا لم تكن تلك الأخبار سليمة في مواردها وهو المال المتميز فكيف يتعدى منها إلى المختلط واعلم أن المحكي عن الأردبيلي في كتاب اللقطة
وعن المجلسيين ان هذا القسم الثالث هو المشهور برد المظالم وزاد الأخيران القسم الرابع أقول ويدخل فيه (ايض‍) ما استقر في الذمة من الأموال وإن كان
حقيقة الرد لا يصدق الا على الأولين ويشكل فيما لو أوصى به ولم يعلم مراده وجعلنا المصرف مختلفا القسم الرابع ان يكون مجهول القدر تفصيلا مع الجهل
بالمالك ولو في قوم محصورين والمشهور بين من تأخر عن الشيخ وجوب الخمس فيه وحلية الباقي وعن الغنية الاجماع عليه للمروى عن الخصال بسنده الصحيح إلى ابن
محبوب عن عمار بن مروان قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول فيما يخرج من المعادن والبحر والغنيمة والحلال المختلط بالحرام إذا لم يعرف صاحبه والكنوز الخمس
ورواية الحسين بن زياد عن أبي عبد الله (ع) قال إن رجلا اتى أمير المؤمنين (ع) فقال يا أمير المؤمنين انى أصبت مالا لا اعرف حلاله عن حرامه فقال له اخرج
الخمس من ذلك المال فان الله رضي من المال بالخمس واجتنب ما كان صاحبه يعمل وفيما رواه المشايخ الثلاثة والمفيد رضوان الله عليهم عن السكوني عن أبي
عبد الله (ع) قال اتى رجل أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال انى اكتسبت مالا أغمضت في مطالبه حلالا وحراما وقد أردت التوبة ولا أدرى الحلال منه و
الحرام وقد اختلط فقال علي (ع) تصدق بخمس مالك فان الله رضي من الأشياء بالخمس وسائر المال لك حلال وعن المفيد (ره) في الزيادات انه ارسل عن الصادق (ع)
عن رجل اكتسب من حلال وحرام ثم أراد التوبة عن ذلك ولم يتميز له الحلال بعينه من الحرام قال يخرج منه الخمس وقد طاب ان الله طهر الأموال بالخمس و
ظاهرها كظاهر الرواية الأول بل صريحها ان المراد بالخمس معناه المتعارف ومصرفه المصرف المعهود وهو (المش‍) بل نسبه في البيان إلى ظاهر الأصحاب بل هو (ظ)
الرواية الثانية (ايض‍) بعد دعوى ثبوت الحقيقة الشرعية في لفظ الخمس ولا أقل من ثبوت الحقيقة المتشرعة في زمان الصادق (ع) وإن كان كلامه (ع) حكاية
لكلام أمير المؤمنين (ع) الا ان ذكره في مقام بيان الحكم يدل على إرادة ما هو ظاهر الكلام عند المخاطب حين الخطاب واما الرواية الثالثة فالانصاف
انها ليست ظاهرة في ذلك لو لم نقل بكونها ظاهرة في إرادة المعنى اللغوي أعني الكسر الخاص من المال كما في أية الغنيمة بل انما اطلق لفظ الخمس مضافا إلى المال سيما
بملاحظة الامر بالتصدق (فان التصدق صح) وإن كان قد نسب إلى الخمس في بعض الأخبار إلى أن اطلاقه منصرف إلى الصدقة المقابلة للخمس بل انصرافه أقوى من انصراف لفظ الخمس
المذكور بعده إلى الحق الخاص بل امره (ع) بالتصدق من دون طلب نصفه المختص قرينة على عدم إرادة الحق الخاص واحتمال اذنه (ع) في صرف حقه المختص إلى شركائه مدفوع
مضافا إلى ظهور الكلام في الفتوى دون الاذن بان التعليل ظاهر في كون الحكم من باب الفتوى لا الاذن لخصوص السائل الا ان هذا كله مدفوع بظهور قوله (ع)
في ذيل الرواية فان الله قد رضي من الأشياء بالخمس ومن المعلوم ان غير الخمس المصطلح غير معهود في الأشياء وكيف كان فلا اشكال في المسألة بعد المرسلة المنجبرة
برواية ابن مروان المتقدمة المعتضدة بظاهر فتوى الأصحاب مع اعتضاده بالاحتياط اللازم مراعاته في مثل المقام لو فرض عدم اطلاق يركن إليه الا انه مبنى على
القول بعدم حرمة مثل هذه الصدقة لو لم يكن خمسا على بني هاشم إما لو قلنا به أو احتملناه احتمالا لا يرفع بظواهر أدلة الحلية من العمومات والخصوصات
دار الامر بين محذورين ولم يكن احتياط في البين لكن عرفت ما هو المعنى عن الاحتياط في المسئلتين ثم إن ظاهر بعض الأخبار حلية المال المختلط بالحرام
مع عدم التعرض لوجوب اخراج شئ منه أكثرها في المال المختلط بالربا مثل هشام بن سالم وروايتي الحلبي المرويان في باب الربا من الكافي وبعضها في غير
الربا مثل ما رواه في الكافي عن ابن محبوب عن أبي أيوب عن سماعة قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن رجل أصاب مالا من عمل بنى أمية وهو يتصدق منه ويصل منه
قرابته ويحج ليغفر له ما اكتسب وهو يقول إن الحسنات يذهبن السيئات فقال أبو عبد الله (ع) ان الخطيئة لا تكفر الخطيئة ولكن الحسنة تحط الخطيئة
ثم قال وان خلط الحرام حلالا فاختلطا جميعا فلا يعرف الحلال من الحرام فلا باس ويمكن التفصي عن اخبار الربا بما ربما يستظهر من ذيلها من كون
مورث الرجل كان يأكل الربا وقد دلت هذه الأخبار وغيرها وذهب بعض الأصحاب على حليتها ولذا قيد في
بعض اخبار الكبائر اكل بكونه بعد البينة إشارة
إلى قوله (تع‍) فمن جاءه بينة من ربه فانتهى فله ما سلف و (ح) فهذه الأخبار أخص من اخبار وجوب الخمس نعم يظهر من محكى السرائر وجوب الخمس في المال الذي يعلم أنه
فيه الربا (ايض‍) واما موثقة سماعة فيحتمل ان يكون نفى الباس عن التصدق من المال المختلط بل سائر التصرفات في الجملة ولو بعد التخميس في مقابل الحرام
المحض الذي هو مورد السؤال حيث لا يجوز منه التصدق في بعض الصور فضلا عن تصرف اخر وكيف كان فالرواية ليست نصا في حلية جميع المال المختلط حتى لا
يقبل التقييد باخبار المسألة التي هي أخص منه مع مخالفة حلية الجميع للقاعدة المقررة من وجوب الاجتناب عن المشتبه في المحصورة امتثالا للأدلة العقلية
والنقلية الدالة على حرمة التصرف في مال الغير إذا علم ولو اجمالا في أمور محصورة ثم لو ظهر المالك بعد اخراج الخمس فهل يضمن الدافع كما صرح به الشهيدان في
الروضة والبيان أم لا كما عن الرياض والمدارك والذخيرة قولان عن قاعدة اليد وكون الاذن في التخميس في مقام بيان سبب إباحة التصرف في الباقي فلا يفيد رفع
الضمان نعم غايته رفع الاثم مضافا إلى النص بالضمان في أمثاله من التصدق بمجهول المالك اللقطة ومن أن ظاهر التعليل في قوله (ع) ان الله رضي من الأموال
بالخمس ان ولاية الخليط المجهول مالكه انتقل مع جهل المالك إلى الله سبحانه وقد رضي عن الخليط بالخمس فاخراجه مطهر للمال ومبرئ للذمة بحكم المراضاة الحاصلة
بين مالك الحلال وبين الشارع تقدس ذكره وهذا بخلاف مسألة التصدق بمجهول المالك واللقطة فان (الظ) ان التصدق بهما انما هو عن صاحبه بإذن من الشارع
542

في ايقاع هذا العمل للمالك شبه الفضولي وأين هو من ايصال المالك إلى ولى مالكه كما يستفاد من تعليل اخبار الباب مع أن التصدق بمجهول المالك جائز لجواز ابقائه
أمانة أو تسليمة إلى الحاكم فلا ينافي الضمان بخلاف دفع هذا الخمس فإنه واجب ويبعد معه الضمان وبهذا التقرير يظهر انه لو قلنا بكون هذه الخمس صدقة لا مصروفا في الخمس
فلا يجوز صرفه في بني هاشم ان قلنا بحرمة ما عدا الزكاة من الصدقات المفروضة عليهم وان قلنا بجواز صرف مجهول المالك واللقطة عليهم على هذا القول لكونه صدقة
مندوبة عن المالك بخلاف المال فيما نحن فيه فإنه مال الله جعله صدقة واجبة فيدخل في الصدقات الواجبة مسألة لو كان الحلال مما فيه الخمس لم يسقط
باخراج هذا الخمس لعدم الدليل على سقوطه فيجب (ح) أولا هذا الخمس فإذا حل لمالكه وطهر عن الحرام اخرج خمسه ولو عكس صح لكن تظهر الفائدة فيما لو جعلنا مصرف هذا
الخمس غير الهاشمي و (ح) فليس له العكس وكيف كان فالقول بوحدة الخمس كما يحكى ضعيف جدا ولعله لاطلاق قوله (ع) وسائر المال لك حلال ولا يخفى انه من حيث اختلاط
الحرام لا من كل جهة ولذا لو كان زكويا لم يسقط زكاته مسألة لو كان قدر المال مجهولا تفصيلا لكن يعلم أنه أقل من الخمس (فالظ) عدم وجوب الخمس لان (ظ) التعليل
الاختصاص بغير هذه الصورة لأنه كما تقدم وارد في مقام بيان التخفيف واستقرب في المناهل وجوب الخمس لاطلاق الاخبار والفتاوى وهو ضعيف والاطلاق ممنوع
وهل يجب صرفه في مصرف هذا الخمس أو يكون صدقة وجهان من فرض خروجه عن مورد هذه الأخبار فتدخل في عموم اخبار التصدق بمجهول المالك مما عرفت في معلوم
القدر من ظهور التعليل في كون حكم التخليط في نفسه ان يصرفه إلى أهل الخمس وانما وجب الخمس في صورة الجهل بمقداره لرضاء الشارع بهذا القدر والأقوى هو الأول
وعلى كل تقدير فيجعل الحاكم أو العدول أو المستحقين بمنزلة المالك ويعامل معه ما مر في القسم الثالث من الوجوه تخفيفا ولو علم كونه أزيد فهل يقتصر على صرف
الخمس لاطلاق الاخبار أو يدفع الزايد (ايض‍) وجهان أصحهما الثاني لعدم الدليل في سقوط الزائد مع أن ظاهر التعليل كفاية الخمس عن الزائد الواقعي لو ثبت في المال
لا المعلوم فاطلاق الاخبار كالطلاق الفتاوى بالنسبة إلى هذه الصورة (مم) فالقول بالاكتفاء بالخمس كما استقربه في المناهل ضعيف جدا وعلى المختار فهل يكون المجموع
صدقة أو خمسا أو يكون مقدار الخمس خمسا والزائد صدقة وجوه أقواها الأول لان فرض خروجه عن أدلة الخمس يوجب دخوله تحت ما تقدم من وجوب التصدق بكل
مال مجهول ولو كان مخلوطا غير متميز قال في كشف الغطاء ولو جهل المقدار مع العلم بزيادته عن الخمس فهو بحكم المعلوم حقيقة يرجع فيه إلى الصلح وكذا لو علم
نقصه عن الخمس على الأقوى انتهى وعلى المختار فلو تبين الزيادة بعد اخراج الخمس ففي اجزاء ما دفع والتصدق بالزائد أو وجوب استدراك الصدقة بالمجموع
فيسترجع ما دفع خمسا مع بقاء العين أو علم القابض أو الاكتفاء بما دفع وجوه أقواها الأول وسيجئ تقوية الأخير بالعمل في تعيين القدر المعلوم اجمالا على البراءة
إن كان هناك يدا واصل يعتمد عليه في اثبات ملكية المشكوك كما ذكرنا في القسم الثاني والا ففي وجوب العمل على المتيقن من حيث الاشتغال أو على المتيقن من حيث
البراءة أو القرعة وجوه أصحها الأول لأصالة عدم تملك المشكوك وأصالة عدم التطهير للمال المختلط ثم المراد بالقسم الرابع ما كان الحرام مجهول القدر من
أصله فلو علم قدر الحرام أولا ثم تصرف فيه وخلطه مع ماله حتى نسيه أو علم عين الحرام وان جهل قدره فتصرف فيه واشتبه في ماله فجهل قدره بالإضافة إلى ماله
(فالظ) ان حكمها حكم مجهول المالك فيجب التصدق لا الخمس لسبق الحكم به فلا يرتفع بعروض الاختلاط لكن لا يبعد دعوى اطلاق الاخبار بالنسبة إلى مثل ذلك
ولعله لذا قال في كشف الغطاء لو خلط الحرام مع الحلال عمدا خوفا من كثرة الحرام ليجتمع شرائط الخمس فيجتزى باخراجه فأخرجه عصى بالفعل أو جزء الاخراج
انتهى وتبعه في ذلك بعض تلامذته في كتابه وفيه نظر إذ المقدار الخليط إذا حكم سابقا بكونه للفقراء باعتبار تميزه فيصير كمعلوم المالك
(فبعد الاختلاط وان دخل في موضوع مجهول المقدار الا انه خرج عن موضوع مجهول
المالك ولو علم اختلاط ماله بمال ليس له مالك خاص كالزكاة وحصة السادة من
الخمس وحاصل الأوقاف العامة فلا اشكال في أنه كمعلوم المالك صح)
داخل في القسم الثاني
الذي تقدم الحكم فيه والمتولي لذلك هنا هو الحاكم إما لو لم يعلم كون الخليط من الزكاة أو الخمس (فالظ) كونه كالمتردد بين مالكين وكذا لو تردد بينهما و
بين الأوقات العامة لجواز صرفها في أهل الزكاة والخمس ولو كان ما فيه الخمس مشتركا فدفع أحد الشريكين خمس حصته فيجوز له التصرف في باقي حصته
بعد ذلك أنه لو أمكن جبره على القيمة جبر مسألة لو تصرف في المال المختلط بالحرام بحيث صار في ذمته تعلق بالخمس في ذمته ولو تصرف في الحرام المعلوم
فصار في ذمته وجب دفعه صدقة مسألة لو أوصى مبلغا معينا في رد المظالم بناء على ما عن المجلسيين من اطلاق هذا العنوان على القسم الثالث والرابع فان علمنا
بقصده أحد القسمين جوزنا وحدة الصرف فيهما فلا اشكال والا ففي صرفه إلى القسم الثالث من جهة ان الأصل عدم الزيادة وعدم احتمال الميت للزيادة أو إلى القسم
الرابع لان الغالب عدم علمهم بالمقدار المخلوط في أموالهم ويحتمل كون ذلك المبلغ كالمال المردد بين مالكين فيحتمل ان يقرع بينهما ويحتمل المصالحة معهما و
المتولي للطرفين الحاكم لكن التحقيق انه لم يعلم كون رد المظالم حقيقة القسم الثالث والرابع المتقدمين بل يطلق (ايض‍) لغة عرفا على رد المظالم المستقرة في الذمة
فان علم أن الموصى أراد فردا معينا فالحكم كما ذكر من وجوب القرعة أو المصالحة على النصف أو التضيف من غير مصالحة نظير ما تقدم في المراد المردد بين شخصين
وان علم أنه أراد نفس المفهوم من غير التفات إلى افراده وعدم قصد فرد خاص منه كان سمع ان من جملة الخيرات شيئا يقال له رد المظالم فيوصى به من غير ملاحظة
ان في ذمته أو في ماله شيئا للفقراء أو السادة فان علم أن في ذمته حقا لاحدى الطائفتين صرف فيه وان لم يعلم ذلك (فالظ) ان الايصاء بهذا كالايصاء بمطلق
التصدق ان لم يعتقد اختصاص هذا القسم بالسادة كما هو المتعارف بين الناس من جعله في مقابل الخمس بالسادة مسألة (الظ) عدم اختصاص ما ذكر من الخمس
بالمكلفين بل يجب اخراج الخمس من مال الصبى والمجنون إذا اختلط بالحرام لعموم رواية ابن مروان المتقدمة بل يجب هذا وان قلنا في غيره من الأخماس باختصاصه بالمكلفين
لان الموجود فيه من الحرام لابد من التخلص عنه وايصاله أو بدله إلى مالكه أو وليه فهذا الخمس ليس حقا حادثا في أصل المال كالزكاة ليمكن دعوى انه فرع التكليف بل
هو حق ثابت في جملة المال مختلط معه ولذا لا يسقط بتلف المال من غير تفريط بل ينتقل إلى الذمة إذا كان الخلط بسوء صنعه كالمكتسب المغمض عن مطالب المال من حيث
543

الحلية والحرمة فما استقر به في المناهل من عدم وجوب الخمس في مالهما ضعيف مسألة لو دفع الخمس فبان الخليط أقل من الخمس (فالظ) الأجزاء وعدم وجوب الصدقة
بما تبين من المقدار وعدم جواز استرجاع ما دفع إلى السادة لان ظاهر التعليل كون المدفوع بدلا وعوضا عما في المال على تقدير زيادته عنه أو نقصه أو
مساواته فيكون شبه المصالحة والمراضات من طرف الشارع مع المالك نظير ما إذا وقع هذا من مالك الحرام في صورة معرفته مع مالك الحلال وفيه يظهر انه
لو تبين ان الحرام كان أزيد من الخمس فلا رجوع (ايض‍) على خلاف ما اخترناه سابقا وفاقا لما قواه ودعوى كون هذه المعاوضة مراعاة باستمرار الاشتباه أو
التساوي الواقعي وهو مع النقص خلاف ظاهر قوله (ع) رضي من الأموال بالخمس وقوله وسائر المال لك حلال ومما ذكرنا يظهر فساد ما يقال في تضعيف هذا الاحتمال
من أنه مستلزم لتحليل ما هو معلوم الخمرية ولا فرق فيما ذكرنا بين ان يكون الزيادة المبنية مشاعا كان ينكشف كون الحرام ربعا أو ثلثا للمال أو يكون شيئا معينا كهذا
الفرس مثلا لأن المفروض وصول عوضه إلى الشارع حتى لو تبين كون العوض المدفوع كله من الحرام (فالظ) عدم وجوب دفع الزائد (ايض‍) عن الشئ ببعضه مسألة
(الظ) انه لا خلاف في عدم اشتراط البلوغ والعقل في تعلق الخمس بالمعادن والكنوز والغوص وقد ادعى ظهور الاتفاق في الأخيرين في المناهل وعن ظاهر المنتهى في
الأول وتبعه في الغنائم ويدل عليه اطلاق الاخبار واما الغنيمة (فالظ) انه (كك) لما ذكروا في الجهاد من اخراج الخمس من الغنيمة أولا ثم تقسيمه بين من حضر القتال على
الطفل ويدل على الاطلاق في الأربعة المذكورة وفي الحلال المختلط اطلاق رواية مروان بن عمار المتقدمة فما يخرج من المعادن والبحر والغنيمة والحلال المختلط
بالحرام إذا لم يعرف صاحبه والكنوز الخمس واما الأرض المشترى من الذمي ففيه اشكال من تضمن الرواية لفظة على الظاهرة في التكليف ومن امكان هذا الظهور لكثرة
استعمال لفظة على في مجرد الاستقرار كما في قوله عليه دين وعلى اليد ما أخذت ونحو ذلك واما المكاسب فظاهر اطلاق الفتاوى عدم اشتراط البلوغ فيها فعن المنتهى
في فروع مسألة الكنز الثالث الصبى والمجنون يملكان أربعة أخماس الركاز والخمس الباقي لمستحقيه يخرج الولي عنهما عملا بالعموم وكذا المراة لنا ما تقدم من أنه اكتساب وهما
من أهله فان هذا الدليل ظاهر في أن عليهما خمس كلما يحصل باكتسابهما والحاصل انه يفهم من استدلال العلماء لوجوب الخمس في الكنز والمعدن والغوص بأنها اكتسابات
فيدخل تحت الآية ثم تعميم الوجوب فيها للصبي والمجنون ثم دعوهم الاجماع على وجوب الخمس في مطلق الاكتسابات عدم الفرق في أرباح المكاسب بين البالغ وغيره فقظن و
يدل عليه اطلاق بعض الأخبار (ايض‍) مثل موثقة سماعة وقبله ابن أبي عمير عن أبي عبد الله (ع) عن الخمس قال في كل ما أفاد الناس من قليل وكثير وقد ادعى في المناهل
ظهور اطلاق النصوص والفتاوى ومعاقد الاجماع في ذلك بل قيل إن صريحهم باشتراط الكمال في الزكاة واهمالهم هنا كالتصريح في اشتراطه هنا فربما كان
اجماعا وهو حسن ومن العجب ان هذا القائل يرجع أخيرا اشتراط الكمال لعمومات ما ورد في الزكاة من أنه ليس في مال اليتيم والمال الصامت والدين شئ وقوله ليس
في مال المملوك شئ في غير واحد من الاخبار ولا يخفى على الناظر فيها اختصاصها بالزكاة واعجب من ذلك أنه جعل سقوط الخمس عن غير البالغ في المال المختلط
أظهر لورود دليله على وجه التكليف مع أنك قد عرفت انه لو قلنا باختصاص الخمس مطلقا بالبالغ لابد من استثناء هذا القسم منه لأنه في الحقيقة اخراج بدل مال
الغير الذي يجب ان يخرج من مال الصغير والكبير وربما يتوهم دلالة الآية الشريفة على المطلوب بضميمة الاخبار المعممة للغنيمة لمطلق الفائدة من جهة اطلاق الاغتنام
فيها لما قبل البلوغ وما بعده وإن كان التكليف بالخمس متعلقا به بعد البلوغ فان أسباب التكليف لا يعتبر وقوعها حال التكليف وهو فاسد لان (الظ) من الآية
انشاء هذا الحكم أعني السببية المستفادة من الأصول المتضمن لمعنى الشرط بقرينة الفاء للبالغين لانشاء حكم الجزاء بالنسبة إلى من تحقق منه الشرط من البالغة
نعم لو استفيد من الآية سببية أصل الغنيمة لتعلق الخمس لا الغنيمة الحاصلة لخصوص المخاطب البالغ أمكن الاستدلال بها كما هو ظاهر من يستدل من الفقهاء
بهذه الآية على وجوب الخمس في الكنز والمعدن والغوص مع اتفاقهم على عدم اختصاص الحكم فيها بالبالغين الا ان (يق) لعل مستندهم في أصل الحكم الآية وفي عمومه
لغير البالغين الاخبار وهو مناف لما عرفت من استدلال المنتهى مسألة يجب الخمس فيما يكتسبه العبد (من الكنز والعدن والغوص لان كسبه إن كان لمولاه فيجب على المولى في الاكتساب صح) لنفسه لعموم أدلة الخمس وليس للمولى منعه لثبوته بحكم الشرع
ولا دليل على اعتبار التمكن التام في وجوب الخمس على الوجه المتقدم في الزكاة ومنه يعلم أن التمكن من التصرف ليس شرطا في تعلق الخمس وانما هو شرط في وجوب أدائه فعلا
فإذا تمكن أدي مسألة (الظ) تعلق الخمس بالعين في الغنيمة والمعدن والأرض المتباعة من المسلم والحلال المختلط بالحرام والمظنون عدم الخلاف في ذلك واما
أرباح المكاسب (فالظ) انها (كك) لأنه الظاهر من أدلتها سيما الآية التي استدل بها كثير من الأصحاب لكن (الظ) عدم وجوب ان يخرج من كل عين خمسه نصدق اخراج
خمس الفائدة بل (الظ) ان الحكم (كك) في الكنز والغوص والمعدن إذا اشتملت على أجناس مختلفة وهل يجوز دفع القيمة في هذه الأشياء الظاهر ذلك كما صرح به
بعض بل يظهر من حاشية المدقق الخوانساري في مسألة وجوب بسط نصف الخمس على الأصناف ان جواز أداء القيمة مذهب الأصحاب وسيجئ حكاية كلامه
في تلك المسألة لقوله (ع) لمن وجد كنزا فباعه أو خمس ما أخذت يعنى من الثمن ورواية ريان بن الصلت المتقدمة في ثمن السمك والبردى والقصب من القطعية ورواية
السرائر المتقدمة فيما يباع من فواكه البستان والاجتزاء بخمس الثمن في هذه الأخبار محمول على الغالب من عدم نقصان الثمن عن القيمة والا فلا اعتبار بالثمن وما
تقدم في مسألة الغنيمة من رواية أبى سيار حيث جاء بثمانين ألف درهم إلى الصادق (ع) وكيف كان (فالظ) من الروايات منضمة إلى ملاحظة سيرة الناس هو جواز
التصرف في الأعيان الخمسية من ضمان الخمس ولو نوى عدم اعطاء الخمس (فالظ) حرمة التصرف في العين وكونه غصبا لأنه مقتضى التعلق بالعين خرج منه صورة الضمان
بالاخبار والسيرة ولما ورد في غير واحد من الاخبار من أنه لا يحل لاحد ان يشترى من الخمس شيئا حتى يصل إلينا حقنا وما عن تفسير العياشي بسنده عن إسحاق بن
عمار قال سمعته يقول لا يعذر الله عبدا اشترى من الخمس شيئا أن يقول يا رب اشتريته بمالي حتى يأذن له أهل الخمس وغير واحد مما تقدم في خمس الأرباح
544

منها ما ورد في صحيحة الفضلاء من أنه هلك الناس في بطونهم وفروجهم لانهم لم تؤدوا إلينا حقنا وما عن اكمال الدين انه مما ورد على الشيخ أبى جعفر محمد بن عثمان
العمرى قدس الله سرهما في جواب مسائله إلى صاحب الدار (ع) قال واما ما سئلت عنه من أمر من يستحل في يده من أموالنا ويتصرف فيه بتصرفه من ماله عن غير أمرنا فمن فعل
ذلك فهو ملعون ونحن خصمائه فقد قال النبي صلى الله عليه وآله المستحل من عترتي ما حرم الله (تع) ملعون على لساني ولسان كل بنى مجاب ويؤيده (ايض‍) جميع ما ورد في حل المناكح
الشيعة ليطيب لهم الولادة وإن كانت ظاهرها مختصة بخمس الغنائم أو الأنفال واما لو تصرف مع عدم الضمان ولا بينة عدم الاعطاء فمقتضى القاعدة واخبار عدم حل اشتراء
الخمس وإن كان هو عدم جواز البيع وفساده في مقدار الخمس الا ان (الظ) مما تقدم من روايات دفع القيمة الظاهرة في عدم ضمان البايع حين البيع بل جهله وكذا بعض
ما ورد في صورة الغرم على عدم الاعطاء هو الجواز واشتغال الذمة إن كان التصرف بالاتلاف وتعلق الخمس بالعوض إن كان معاوضة مجردة عن المحابات والا
فكالاتلاف في مقدار المحابات أو في المجموع والمسألة محل الاشكال لعدم دليل يوجب الاطمينان في مقابل الأصول العقلية والنقلية المانعة عن التصرف في مال
الغير نعم المعاملات الواردة على العين التي حصل فيها الربح في عام التجارة كأنه خارج عن محل الكلام لاجماعهم ظاهرا على جواز تأخير اخراج خمس الأرباح إلى السنة
وان علم بعدد تجدد مؤنة أو خسارة على ما يقتضيه اطلاق كلامهم في التوسعة وإن كان في تعليل التأخير بالاحتياط إشارة إلى عدم الجواز مع العلم إذ لا يبقى
معه الاحتياط ولا شك ان الربح يصير متعلقا للخمس بمجرد الظهور دون الانضاض على الأقوى فيلزم من ذلك إما وجوب عزل مقدار الخمس من الربح إذا أراد المكلف
التجارة بماله و (الظ) انه لم يلتزم به أحد لا فتوى ولا عملا واما اشتراك المستحقين مع المالك في الربح الحاصل من المال المشترك وفي الخسارة التي تتفق فيه لان
مقتضى عدم وجوب الغرل والاذن في التصرف فيه في جملة المال و (الظ) انه كسابقة مخالف للفتوى والعمل لاستقرارهما ظاهرا على اشتراك المستحقين في الخسارة
دون الربح وإن كان لهم حق متجدد فيه كما في عامل القراض نعم ظاهر بعض مشايخنا بل صريحه انه لو ربح خمسين في مائة ثم اشترى بالمائة والخمسين وخسر في تجارته خمسين وزع
الخسارة على الربح ورأس المال لكنه ضعيف لما سيجئ فتعين ان يكون الاذن في التجارة فيه على وجه التجارة في مال القراض بعد ظهور الربح نعم لو عاوضه لا للتجارة
والاستفادة استحق من الثمن بنسبته إلى العين كما في الكنز المبيع في الرواية المتقدمة والسر في ذلك أن الدليل انما دل على وجوب الخمس في الفائدة الحاصلة من
التجارة مثلا وقد عرفت سابقا في مسألة عدم استقلال كل ربح بحول ان الصناعة الواحدة في حكم عمل واحد بل عرفت ان الاستفادات المتعددة وان اختلفت ولم
تتحدد عرفا الا ان موضوع وجوب الخمس فيها هو مجموع ما استفاد لا كل جزء مما استفاد ولو باستفادة مستقلة ولذا قوينا وجوب اخراج مؤنة سنة المجموع التي تدخل
بظهور أولها وينتهى بانتهاء اخرها من ذلك المجموع و (ح) فالغنيمة هي الحاصلة من ذلك المجموع والمخرج منها مؤنة السنة ومن البين ان إضافة الفائدة إلى التجارة
الواحدة المستمرة المشتملة على المعاوضات المترامية انما هي ملاحظة رأس المال الموجود في المعاملة الأولى نعم إضافة كل فائدة التجارة (التي حدثت انما هي بملاحظة رأس المال الموجود في تلك المعاملة ومتعلق الخمس هي الفائدة صح) بالمعنى الأول دون
الثاني فيجب ان يخمس هذه الفاندة والفائدة بهذا المعنى لا تستقر الا بعد تمام الحول فصدق (الفائدة بهذا المعنى على الحاصل في أول الحول مراعى بعدم حصول خسران يوجب زوال صدقها بهذا صح) المعنى نعم بالمعنى الثاني أعني الإضافة إلى التجارة التي حصلت فيه
لا يزول صدقها ولو تلف جميع المال وكذا الكلام في الفائدة الحاصلة من ضم مكاسب مختلفة في الحول فان المتعلق للخمس هو كلي الفائدة التي هي محل اخراج
المؤنة واستقرارها مشروط بعدم حصول الخسارة في بعضها نعم لو قلنا إن كل فائدة تحصل في تجارة واحدة فيحصل الشركة فيه ثم إذا ربح في تجارة يوضع من الربح
المتجدد مقدار ما يختص حصة الخمس ثم يخمس باقيه المختص بمجموع رأس المال وأربعة أخماس الربح فيحصل الشركة وهكذا نعم هذا لازم من جعل كل فائدة فائدة
متعلقا للخمس ويحسب مؤنة السنة منه مختصة أو موزعة عليها وعلى غيرها السابق أو اللاحق فعلى هذا لو ربح ستمائة ووضع المؤنة فيها ثم أتجر بالخمسمائة
فربح خمسمائة فصارت ألفا وجب عليه المائة من الخمسمائة الأولى وشارك الخمسمائة الثانية بالنسبة فاستحق مائة منها ويجب على المالك الخمس من الأربعمائة الباقية
وهو ثمانون فيستحق أهل الخمس مائتين وثمانين وعلى ما ذكرنا فيستحقون مأتين الا ان يلتزم على هذا التقدير بما ذكرنا (ايض‍) الاجماع أو سيرة أو لا يقول بتعلق الخمس في
المكاسب بالعين بل على نحو تعلق الزكاة وجوبا أو استحبابا بمال التجارة ثم بما ذكرنا يظهر ان عدم استحقاق أهل الخمس ما يختص بربحهم من الربح المتجدد بين ان يضمن
التاجر الخمس بعد ظهور الربح أو لا يضمنه أو لا يبنى على عدمه نعم لو عارضه في غير تجارة الحول بانيا على عدم الخمس جاء فيه مقتضى القاعدة من رجوع أهل الخمس إلى المشترى
مع عدم الإجازة فيرجع هو إلى البايع بما يخصه من الثمن ان لم يختر الفسخ لتبعض الصفقة ومثله ما وقع في
الحول فيما إذا علم بزيادة الربح الأول عن المؤنة وقلنا
بفورية الاخراج (ح) بالمعنى الأعم الشامل للضمان كما هو المحتمل قريبا نظرا إلى تعليلهم جواز التأخير بكونه احتياط للمكلف الدال على عدم الجواز إذا لم يتحقق الاحتياط
كما في صورة العلم بعدم تجدد زيادة المؤنة وعدم حصول المؤيد بجريان دليل فورية الزكاة التي أجروها في خمس غير المكاسب في خمسها (ايض‍) نعم ادعى في المناهل ظهور
عدم الخلاف في التوسعة حتى في هذه الصورة لكن التعويل عليه في مقابل أدلة الفور مشكل ثم إنه قدر في مسألة عدم اشتراط الحول في المؤنة انه يحتمل ان يكون
قولهم يجوز تأخير الخمس احتياطا ليس معناه عدم وجوب الخمس واقعا الا في الفاضل عما سيصير مؤنة له في الواقع فإذا وقع قبل الحول وتجدد مؤنة فقد يتعسر
استرداده عن المستحق لان تعسر الاسترداد المتفق أحيانا ليس أمرا ملحوظا حتى يحتاط للحذر عنه بل معنى الاحتياط الحذر عن خسارته بدفع الخمس قبل تجدد تلك المؤنة
والمفروض انه خمس واجب واقعا و (ح) فظاهر هذا الكلام ان الخمس يجب واقعا عن حين ظهوره إلى تمام حوله فكل زمان يراد اخراجه فيلاحظ المؤنة بحسب حاله بالنسبة إلى
ذلك الزمان فلو كان فوريا كسائر ما فيه الخمس كان اللازم (ايض‍) ملاحظة المؤنة في زمان وجوب التعجيل وربما يؤيد ذلك أن ظاهر معنى التوسعة هو الوجوب الواقعي
المنجز من أول الوقت إلى اخره لا الوجوب في أوله خاصة مع كونه متزلزلا ومراعا بعدم تجدد زيادة مؤنة مسألة المعروف بين الأصحاب ان الخمس يقسم ستة أقسام
545

بل عن الانتصار والغنية الاجماع عليه وعن مجمع البيان وكنز العرفان انه مذهب أصحابنا وعن الأمالي انه من دين الإمامية لظاهر قوله (تع) واعملوا انما غنمتم من
شئ فأن لله خمسه وللرسول الآية ويدل عليه الأخبار المستفيضة كموثقة ابن بكير عن بعض أصحابنا عن أحدهما (ع) في قول الله (تع) واعلموا انما غنمتم من شئ قال خمس
الله للإمام (ع) وخمس الرسول صلى الله عليه وآله للإمام (ع) وخمس ذي القربى لقرابة الرسول صلى الله عليه وآله والإمام (ع) واليتامى يتامى آل محمد صلى الله عليه وآله والمساكين مساكينهم وأبناء السبيل منهم فلا
يخرج منهم إلى غيرهم ونحوها مرفوعة الحسن بن علي عن بعض أصحابنا قال الخمس من خمسة أشياء إلى أن قال واما الخمس فيقسم ستة أقسام سهم لله وسهم
للرسول وسهم لذي القربى وسهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لأبناء السبيل فالذي لله فرسوله صلى الله عليه وآله أحق به والذي للرسول هو لذي القربى والحجة في
زمانه فالنصف له (ع) والنصف لليتامى والمساكين وأبناء السبيل موالى محمد صلى الله عليه وآله الذين لا تحل لهم الصدقة وخبر يونس قال يقسم الخمس ستة أقسام سهم لله
وسهم لرسوله وسهم لذي القربى وسهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لأبناء السبيل التي لا يقدح ضعفها بعد الانجبار بما عرفت خلافا للمحكى عن
شاذ من أصحابنا فاسقط منهم رسول الله صلى الله عليه وآله وهذا القائل غير معروف كما في المسالك ومرسلة حماد بن عيسى عن بعض أصحابنا عن العبد الصالح (ع) قال
يقسم الخمس ستة أقسام سهم لله وسهم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسهم لذي القربى وسهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لأبناء السبيل فسهم الله وسهم رسوله صلى الله عليه وآله
لاولى الامر من بعد الرسول صلى الله عليه وآله فله ثلاثة أسهم سهمان وسهم مقسوم له من الله فله نصف الخمس كلا ونصف الخمس الباقي بين أهل بيته وان حكى بعض استظهار
كونه ابن الجنيد الا ان المحكي عنه في المختلف موافقة المشايخ الثلاثة وباقي علمائنا وكيف كان فليس له ما يتوهم امكان الاستدلال به عدا صحيحة ربعي بن عبد الله
عن أبي عبد الله (ع) قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا اتاه المغنم اخذ صفوه وكان له ذلك ثم يقسم ما بقى خمسة أخماس ويأخذ خمسه ثم يقسم الأربع مائة أخماس بين
الذين قاتلوا عليه ثم يقسم الخمس الذي اخذه أخماس يأخذ خمس الله عز وجل لنفسه ثم يقسم الأربعة أخماس بين ذوي القربى واليتامى والمساكين وأبناء السبيل
يعطى كل واحد منهم خمسا و (كك) الإمام (ع) يأخذ كما اخذ الرسول صلى الله عليه وآله وأجاب عنه في المختلف كما عن جماعة ممن تبعه انه حكاية فعل فلعله صلى الله عليه وآله اخذ دون حقه توفير الباقي
على باقي المستحقين واستبعد جماعة منهم صاحب المدارك بمنافاة ذلك لقوله (ع) في ذيل الرواية والإمام (ع) يأخذ كما يأخذ الرسول أقول هو (كك) وان حملنا الجملة
على الوجوب والتعين وأما إذا حملناه على حكاية فعل الإمام (ع) (ايض‍) أو على أن المراد التسلط على اخذ صفو المغنم واستحقاق ذلك فلا منافاة وحمله على وجوب
الاخذ في مقابلة ففي جواز اخذ الزائد لعله بعيد عن المقام حيث إن توهم عدم الاستحقاق عليه لركوزه في أذهان الناس واطباق الجمهور على عدم ثبوته بعد موت النبي صلى الله عليه وآله
واولى بالدفع من توهم جواز اخذ الزائد غاية الأمر تساويه لما ذكر من أحد الاحتمالين فلا يصلح للاستشهاد مع أن المحكي عن جماعة حملها على التقية لاشتهار
مضمونها بين العامة
مسألة المشهور بين أصحابنا هو ان المراد بذى القربى هو الإمام (ع) وهو المحكي عن المشايخ الثلاثة وابن حمزة وابن إدريس وسلار و
الفاضلين والشهيدين والمحقق الثاني وغيرهم وعن الانتصار وعن مجمع البيان دعوى الاجماع عليه وكنز العرفان انه قول أصحابنا وعن مجمع البحرين انه (الظ)
من الفقهاء الامامية ويدل عليه ما تقدم من موثقة ابن بكير والمرفوعة والمرسلة ورواية سليم بن قيس الهلالي في تفسير الآية وفيها نحن والله عنى بذى القربى
وغير ذلك من الاخبار التي لا تقدح ضعف سندها بعد الانجبار بما عرفت (من الشهرة المتحققة حيث لم ينسب الخلاف الا إلى ابن الجنيد بل عن الانتصار الاجماع صح) عليه وعن الشيخ نسبته إلينا وعن كنز العرفان ومجمع البحرين نسبته إلى أصحابنا
نعم ظاهر الآية العموم كبعض الاخبار مثل صحيحة ربعي المتقدمة ورواية صفوان عن ابن مسكان عن زكريا بن مالك عن أبي عبد الله (ع) انه سئل عن قول الله (تع)
واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول يضعه في سبيل الله واما خمس الرسول صلى الله عليه وآله فلا قاربه وخمس ذوي القربى أقربائه واليتامى يتامى أهل بيته فجعل هذه
الأربعة أسهم فيهم واما المساكين وأبناء السبيل فقد عرفت انا لا نأكل الصدقة ولا تحل لنا فهى للمساكين وأبناء السبيل ونحوها رواية ابن مسلم عن مولينا
الباقر (ع) المحكية عن تفسير العياشي في تفسير ذوي القربى قال هم أهل قرابة نبي الله صلى الله عليه وآله قلت منهم اليتامى والمساكين وابن السبيل قال نعم ولا ريب ان ما سبق قرينة على
إرادة الإمام (ع) عن الآية والتعبير بالجمع في الأخبار المتقدمة إما اعتبار إرادة جميع الأئمة صلوات الله عليهم أو بإرادة أصحاب الكساء واما باعتبار ملاحظة كل امام وأولاده وعياله
تغليبا مع أن صحيحة ربعي المتقدمة لا يحتاج إلى تخصيص ذوي القربى فيها بما ذكرنا لان سهم ذي القربى لرسول الله صلى الله عليه وآله في حياته مضافا إلى سهميه كما صرح به في المعتبر وغيره
بل عن مجمع البيان وكنز العرفان وغيرهما اتفاق أصحابنا عليه و (ح) فله صلى الله عليه وآله ان يصرف سهامه فيمن شاء من ذوي قرابته واليتامى والمساكين وغيرهم وكيف كان فالقول
بعموم ذي القربى في الآية كما عن الإسكافي ضعيف جدا وشاذ إذ لم يعرف له موافق الا ان ابني بابويه رواه في المقنع والفقيه ثم إن المصرح به في كلام بعض ان الأسهم
الثلاثة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله للإمام (ع) ويدل عليه ما تقدم من المراسيل الثلث وصحيحة البزنطي عن مولينا أبى الحسن الرضا (ع) في تفسير الآية قال فما كان لله فهو
لرسول الله صلى الله عليه وآله وما كان لرسول الله صلى الله عليه وآله فهو للإمام (ع) وبمعناها المحكي عن بصائر الدرجات وفي مرفوعة أحمد بن محمد قال والنصف له يعنى نصف الخمس للإمام (ع)
خاصة والنصف لليتامى والمساكين وأبناء السبيل من آل محمد صلى الله عليه وآله الذين لا يحل لهم الصدقة ولا الزكاة عوضهم الله مكان ذلك الخمس ونحوها المروى عن
تفسير النعماني تنبيه واعلم أن التقسيم على ستة أقسام لا يختص بخمس الغنائم بل عام في كل ما فيه الخمس من المعادن والكنوز والغوص والمكاسب والأرض المشترى و
الحلال المختلط وهو المشهور بل عن السيدين دعوى الاجماع عليه وعن المنتهى والتذكرة نسبته إلى علمائنا وهو ظاهر اطلاق المحكي عن كنز العرفان ومجمع البيان
ومجمع البحرين والأمالي ويدل على الثلاثة الأول صدر مرسلة حماد بن عيسى ومرفوعة أحمد بن محمد المتقدمتين ففي صدر الأولى الخمس من خمسة أشياء من
الغنائم ومن الغوص ومن المعادن ومن الكنوز ومن الملاحة إلى أن قال وتقسيم الخمس على ستة أسهم ونحوها صدر المرفوعة ويدل على ثبوت هذا
546

الحكم في الأرباح (ايض‍) الآية الشريفة إما بنفسها بناء على أن الغنيمة مطلق الفائدة المكتسبة كما هو صريح كل من استدل بالآية الشريفة على وجوب الخمس في غير
الغنائم كالشيخين والطبرسي وابن زهرة ونسب في الحدائق عموم الغنيمة في الآية إلى جميع الأصحاب الا الشاذ وفي الرياض في حكم الخمس في زمان الغيبة
دعوى الاجماع واستفاضة الاخبار على عموم الغنيمة في الآية واما بضميمة الأخبار الواردة مثل رواية مؤذن بنى عبيس ومكاتبة ابن مهزيار المتقدمتين
في مسألة وجوب الخمس في الأرباح وما ورد عن ابن عبد المطلب سن في الجاهلية أمورا اجراها الله في الاسلام منها انه وجد كنزا فتصدق بخمسه فأنزل الله
(تع) واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه الآية فان اختصاص الآية بغنائم دار الحرب لا دخل له اجراء سنة عبد المطلب في الاسلام وما عن زرارة وأبى
بصير وابن مسلم قالوا له ما حق الإمام (ع) في أموال الناس قال الفئ والانفال والخمس وكل ما دخل منه في الأنفال أو خمس أو غنيمة فان لهم خمسه فان الله عز وجل
يقول واعملوا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وكل شئ في الدنيا فان لهم فيه نصيبا فما وصلهم بشئ فمما يدعون
له لا مما يأخذون منه وعن الرضوي بعد ذكر الآية ان كل ما افاده الناس فهو غنيمة وما رواه الصفار في بصائر الدرجات وقد تقدم ذكرها في مسألة
وجوب الخمس في أرباح المكاسب مسألة المشهور بين الأصحاب ان المنتسب بالام إلى هاشم يحرم عليه الخمس ويحل له الزكاة لعدم دخوله في منصرف عنوان
بني هاشم ولا في حقيقة عنوان الهاشمي فتحل له الصدقة بمقتضى ما دل من الأخبار الكثيرة على إناطة الحلية والحرمة بهذين العنوانين إما ما دل على
الإناطة بأولهما كثير جدا واما ما دل على إناطة الحكم بالثاني فقوله (ع) في موثقة زرارة يا ابن فضال لو كان عدا ما احتاج هاشمي ولا مطلبي ان الله (تع)
جعل في كتابه لهم (سعتهم صح) ثم قال إن الرجل إذا لم يجد شيئا حلت له الميتة والصدقة لا تحل لاحد منهم الا ان لا يجد شيئا ويكون ممن تحل له الميتة الخبر ولا ينافي
ذلك إناطة الحكم في بعض الأخبار بال محمد صلى الله عليه وآله وفي بعضها باهل بيته وفي ثالث بقرابته صلى الله عليه وآله لأن هذه العناوين بعد تسليم صدقها على محل النزاع ثم انصرافها
إلى ما تعهد يجب ان يراد منها خصوص مصاديق العناوين المتقدمين مع اشتمال أكثر هذه الأخبار على أن المراد بهذه العناوين من تحرم عليه الصدقة ثم (الظ)
ان عدم انتباء المسألة على كون ولد البنت ولدا حقيقة كما زعمه في الحدائق حتى يلزم كل من قال بالحقيقة باستحقاقه للخمس حتى تخيل ان القائلين بالاستحقاق
هنا كثير وان لم ينسب إلى السيد المرتضى لما عرفت من أن المستفاد من الاخبار ان المناط الانتساب إلى هاشم و (الظ) منه الوصول إليه بالأب ولفظ بني هاشم
منصرف إلى القبيلة المنتسبة إليه بهذا المعنى وان سلمنا انه حقيقة في الأعم بدليل الاستعمال في قوله (تع) يا بنى ادم ويا بني إسرائيل فان الظاهر أن
بني هاشم عرفا مثل بنى تميم يتبادر القبيلة المنتسبة إليه (فالظ) منه ما يرادف الهاشمي ولأجل ما ذكرنا من عدم التلازم ذهب كثير من القائلين في باب التوقف بان
اسم الولد يقع حقيقة على ولد البنت إلى عدم الاستحقاق كالحلي فإنه قد تكرر في محكى عبارته في الميراث دعوى الاجماع وعدم الخلاف على الحقيقة وموافقته
للسيد في تقسيم أولاد النبت وأولاد الابن للذكر مثل حظ الأنثيين وقد خالف السيد هنا في الاستحقاق كما في المختلف نعم في حاشية الشرائع نسبة؟ الموافقة
للسيد وكذا الشيخ في الخلاف حكى عنه القول بالحقيقة مع أنه لم يحك هنا عن خلافه موافقة السيد وكذا الشهيد (قده) في اللمعة قال لو وقف على الأولاد اشترك
أولاد البنين والبنات وقد وافق المشهور وكذا ابن زهرة ذكر في باب الوقف على أولاد الأولاد ان الاجماع منعقد على أن ولد البنت ولد حقيقة وذكر هنا ان
مستحق الخمس من الأصناف الثلاثة من ينسب إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعقيل وجعفر والعباس والسر في موافقتهم هنا للمشهور مع القول بالحقيقة ما ذكرنا من أن المناط
هنا الانتساب وهو لا يكون بواسطة الإمام (ع) ولذا صرح شرح الشهيد في اللمعة بعد ما تقدم عنه من دخول أولاد البنات بأنه لو قال هذا وقف على من انتسب إلى
لم يدخل أولاد البنات وقد حكى عن الشيخ في الخلاف انه قد أجاب عن احتجاج من أنكر كون ابن النبت أبناء بقول بنونا بنو أبنائنا وبناتنا بنوهن أبناء الرجال الأباعد
بان مراد الشاعر هنا نفى الانتساب بمعنى ان أولاد البنات لا ينسبون إلى أمهم وانما ينسبون إلى أبيهم ونحوه حكى عن الحلى في رد هذا البيت وقد عرفت ان ابن زهرة
مع دعويه الاجماع على الحقيقة خص المستحق هنا بمن ينتسب إلى أمير المؤمنين (ع) واخوته فعلم من ذلك أن منعهم عن الاستحقاق هنا من جهة عدم تحقق الانتساب مضافا
إلى أن ظاهر القائلين بكون ولد الولد ولدا حقيقة ان نظرهم إلى عنوان ولد الولد حتى لو كان ابن الابن والمنكرون (ايض‍) ينكرون ذلك مع أن اجماعهم هنا على
استحقاق ولد الابن فعلم من ذلك أن خلافهم في تلك المسألة في أنه هل يقدح الواسطة في إضافة الولد إلى الشخص سواء كان ذكرا أم كان أنثى أم لا والخلاف هنا
في أن الانتساب كما أنه تحصل بالاتصال بالأب ولو بوسايط فهل محصل بالاتصال بالام أم لا فاثبات جواز إضافة الولد إلى الشخص حتى الواسطة لا يوجب جواز
الانتساب إليه كما عرفت من اعتراف الجماعة بالأول وانكار الثاني كما أن نفى جواز الإضافة مع الواسطة لا
يوجب نفى الانتساب كما في ابن الابن ولو بوسائط
فظهر (ايض‍) ما في اعتراض جمال الدين الخوانساري (ره) في الحاشية على الشهيد بثبوت التنافي بين حكمه بدخول أولاد الأولاد في الوقف على الأولاد وخروج أولاد
البنات لو وقف على من انتسب إليه وكانه زعم أن كونه ولدا حقيقة يستلزم الانتساب إليه بالطريق الأولى كما ذكره في المسالك دليلا لدخول أولاد البنات فيمن
انتسب إليه الذي هو المناط المستفاد من الاخبار وضعا في بعضها وانصرافا في آخر وتقييدا في ثالث هذا كله مع أن مرسلة حماد صريحة في مذهب المشهور فلا منافاة
في كون ولد البنت ولدا وابنا حقيقة مع حرمانه عن الخمس بقوله (ع) في تلك المرسلة فاما من كانت امه من بني هاشم وأبوه من ساير قريش فان الصدقة تحل له وليس له
من الخمس شئ ان الله (تع) يقول ادعوهم لابائهم ولا يضرها الارسال بعد الانجبار بما عرفت وكون المرسل من أصحاب الاجماع مضافا إلى استمرار سيرة المسلمين على معاملة المنتسب
بالام معاملة العامي المطلق إذ لو كان لهذا الانتساب حكم لم يزالوا محافظين على سلسلة أنسابهم لو كان في بعض طبقات أمهاتهم هاشمية هذا هو الكلام
547

في حكم الخمس له واما الكلام في اطلاق الولد عليه حقيقة فالذي يقتضيه التأمل في اللغة والعرف ان الولد لا يطلق حقيقة الا على ولد الصلب دون ولد الولد
وإن كان ذكرا فضلا عن ولد البنت نعم يجوز الاطلاق إذا قامت قرينة على وجود الواسطة و (ح) (فالظ) جواز اطلاقه بواسطة البنت كما يجوز بواسطة الابن فالمعنى
المجازى هو القدر المشترك الا ان المتبادر منه هو ما كان بواسطة الابن دون البنت ويدل على المطلب الأول التبادر وصحة سلب الولد والابن عن ولد الابن
فضلا عن ولد البنت فالولد والابن والوالد والأب متضايفان فكما ان المتبادر من الأخيرين الابن بلا واسطة ويصح سلبهما عن الجد ولو للأب فكذا لا ولان
ويدل على المطلب الثاني (ايض‍) التبادر فان المجاز مع القرينة كالحقيقة الثانوية فإذا دلت القرينة على إرادة الولد بالواسطة ولم تدل قرينة على كون
الواسطة ذكرا أو أنثى فالمتبادر هو الأول و (الظ) ان هذا التبادر من باب تبادر الفرد الشايع من الكلى الذي استعمل فيه اللفظ مجازا من باب تبادر أقرب المجازين
بسبب القرينة ولا من باب سلب المجاز من المجاز بمعنى ان يكون التجوز في أصل الانتساب المراد مجازا من الإضافة الموضوعة في الأصل للانتساب على وجه المباشرة
في التولد وبما ذكرنا يجمع بين الاعتراضات المحكية في الاخبار عن الرشيد والحجاج وغيرهما على بعض الأئمة وأصحابهم صلوات الله عليهم في نسبتهم وانتسابهم إلى رسول
الله صلى الله عليه وآله بعنوان الابن والولد المبنية بشهادة سياق السؤال والجواب على دعوى ظهور الانتساب بهذا العنوان عرفا فيمن انتسب بواسطة الصلب لا الرحم لا على مجرد المكابرة
واللجاج وبين ما أجابوا به من صحة الانتساب على هذا الوجه مستشهدين بالآيات ودعوى ابتناء الأسولة على جهل السائلين بلغة العرب وحقائقهم كما ترى
بل الأولى ارجاع نظر السائلين إلى المتفاهم العرفي نظرا إلى الانصراف الذي ذكرنا ونظر المجيبين إلى عدم كون ذلك منكرا في الاستعمال على وجه الانتساب
الحقيقي واما الاستدلال بهذه الحكايات على كون الولد بالواسطة ابنا حقيقة فلا وجه له لعدم كون ذلك ملحوظا في الأسولة والأجوبة اثباتا ونفيا
بل السؤال والجواب انما تعلق بأصل الانتساب مع الواسطة مع قطع النظر من كون الإضافة على هذا الوجه حقيقة أو مجازا فحاصل الاعتراض ان الأئمة (ع)
بنو علي (ع) لا بنو رسول الله صلى الله عليه وآله سواء كان اطلاق هذين العنوانين عليهم حقيقة من حيث الواسطة أو مجازا وحاصل الجواب صحة اطلاق العنوان الثاني عليهم على
نحو اطلاق العنوان الأول ان حقيقة من حيث الواسطة فحقيقة وان مجازا فجاز فظهر مما ذكرنا ان ما أطنب في الحدائق من الطعن على المشهور انما يرد على من فرق
بين ولد الابن وولد البنت بتحقق الانتساب حقيقة في الأول دون الثاني أو ان الأول معنى حقيقي دون الثاني ثم إنه ربما يعترض على السيد ومن تبعه بما حاصله
على طوله انه لو استحق المنتسب بالام الخمس من جهة صدق الهاشمي عليه لاستحق الزكاة من جهة التميمي مثلا والأموي فيلزمهم التناقض وفيه مالا يخفى فان
الخمس انما أنيط في الاخبار بالهاشمي ولم ينط استحقاق الزكاة بعنوان خاص آخر حتى يجتمع الاستحقاقان من جميع العنوانين باعتبار الأب والام وانما الزكاة
لمن لم يكن هاشميا ولا يتحقق هذا السلب الا فيمن فقد الانتساب من كل من الطرفين فمن وجده من أحدهما استحق الخمس دون الزكاة وهذا واضح جدا مسألة
المشهور مطلقا أو بين خصوص المتأخرين عدم وجوب تقسيم نصف الخمس على الطوائف الثلث بل يجوز ان يخص به صنفا واحدا منهم لانهم بمنزلة صنف واحد
بناء على ما سيجئ من اعتبار الفقر في اليتيم وابن السبيل فكان مصرف النصف فقراء الهاشميين كما يظهر من التتبع في الاخبار مثل قوله (ع) في مرسلة حماد المتقدمة
انه (تع) جعل الفقراء قرابة النبي صلى الله عليه وآله نصف الخمس فأغناهم به عن صدقات الناس ومثل رواية ابن طاوس المتقدمة في مسألة عدم سقوط الخمس في الأرباح الوارد
في وصية رسول الله صلى الله عليه وآله انه عد من الفرائض اخراج الخمس من كل ما يملكه أحد من الناس حتى يدفعه إلى ولى أمير المؤمنين وأميرهم من بعده من الأئمة من ولده فمن عجز ولم
يقدر الا على اليسير من المال فليدفع ذلك إلى الضعفاء من أهل بيتي ومثل ذلك ما دل على أن الخمس عوض الزكاة عوضه الله بني هاشم ومن المعلوم ان فقراء
الناس ومساكينهم وأبناء سبيلهم لا يجب ان يدفع إلى كل منهم سهما من كل صدقة فجعل الخمس كجعل الزكاة وبالجملة فلا اشكال في ذلك للمتتبع في الاخبار مع
تأمل فيها وان المقصود رفع حاجة جميع الطوايف ولو بان يعطى تمام خمس مال لبعض وتمام اخر لاخر على ما هو المعلوم من ملاحظة أصل شرع الخمس والزكاة
سيما إذا لاحظ السيرة المستمرة بين الناس ومن ذلك كله ظهر ضعف ما عن الشيخ في المبسوط من وجوب التقسيم من أن عبارته المحكية في الحدائق لا صراحة فيه لأنه في مقام
ذكر وظائف الإمام (ع) في تقسيم الخمس مصدرا لها بلفظ ينبغي ذاكرا فيها ما ليس بواجب مع أنه ذكر في اخر المبحث انه إذا حضر الثلاثة أصناف لا ينبغي ان يخص بها
قوم دون قوم بل يفرقون في جميعهم وان لم يحضر في ذلك البلد الا فرقة منهم جاز ان يفرق فيهم ولا ينتظر غيرهم ونحوها المحكية عن السرائر نعم المحكي عن أبي
الصلاح ما هو أظهر من ذلك حيث قال ويلزم من وجب عليه الخمس اخراج شطره للإمام (ع) والشطر الأخر لليتامى والمساكين وأبناء السبيل لكل صنف
ثلث الشطر وهذا وإن كان صريحا في وجوب التقسيم لأنه صريح في وجوب التثليث وهو خلاف المعروف بينهم وخلاف صحيحة البزنطي الآتية بل هو على اطلاقه
خلاف المقطوع به كما إذا كان اليتامى ألفا والمساكين الوفا وابن السبيل واحدا وكيف كان فهذا القول على تقدير ثبوته عنهما ضعيف وان حكى عن
التنقيح اختياره بعد حكايته عن الحلى والمحقق ولم يعلم فتوى المحقق بالوجوب في كتاب من كتبه مع أن المحكي عن الحلى الاستحباب نعم مال إليه في الذخيرة
ولعله (لظ) الآية بناء على إرادة الملكية منه لكون اللام حقيقة فيها مضافا إلى قيام القرينة على عدم إرادة مجرد بيان المصرف والا لم يجب دفع النصف
إلى الإمام (ع) و (لظ) الأخبار الدالة على وجوب التقسيم ستة أقسام ويرد على الآية منع كون (اللام فيها للملكية لمنع كونها حقيقة فيه بل المحكي عن محققي أهل العربية كونها صح) حقيقة في الاختصاص فالمراد هنا اختصاص أرباب الخمس في
مقابل غيرهم بمعنى انه لا يخرج منهم إلى غيرهم كما نص عليه الصادق (ع) في تفسير الآية في موثقة ابن بكير المتقدمة في أول مسألة تقسيم الخمس ستة أقسام واما
وجوب دفع الأسهم الثلاثة إلى أربابها فلدليل خارج من اجماع وسنة مع امكان الفرق بين نسبة المال إلى الشخص الخاص كما في قولك المال لزيد ونسبته
548

إلى طائفة باعتبار مفهوم عام لجميع ما يقرض له من الافراد كما في قولك المال الفقراء لكن يمكن التعضى عن هذا كله بان الاختصاص (المط) ظاهر في الملك مع
قابلية المختص للملكية والمختص به للمالكية فليس الملكية معنى مجازا للام بل هو مقتضى اطلاق الاختصاص مع أن المعنى الموجب للتشريك بين المتعاطفين
إرادة الملكية موجود بعينه عند إرادة الاختصاص فإنك إذا قلت المال لزيد وعمرو فالاشتراك انما يفهم من نسبة الملكية إلى المجموع وصيرورة المجموع مالكا واحدا
وهذا المعنى بعينه موجود عند إرادة الاختصاص فإذا قال الموصى هذه الضيعة بعد وفاتي لمسجد كذا ومدرسة كذا هذا كله مع أن اللام في لذي القربى للملكية
جزما فعطف الطوائف عليه من تكرار المال يفيد كونهم ملاكا (ايض‍) كيف ولو قلنا بان المراد بيان المصرف لم يفد الآية وجوب اعطاء الإمام (ع) سهمه وكانت الآية
غير منافية للاعطاء سهمه إلى الطوائف مطلقا أو من بني هاشم على الخلاف مع أنه يظهر من كثير من الاخبار ان الكتاب ناطق بان لهم في الخمس سهما وانهم
جحدوا كتاب الله الناطق بحق كما في رواية سليم بن قيس عن أمير المؤمنين (ع) وقول أحدهما (ع) فرض الله نصيبا لآل محمد صلى الله عليه وآله فابى أبو بكر ان يعطيهم إلى غير ذلك واما
تأييد حمل الآية على بيان المصرف بأنها لو حملت على الملكية لزم وجوب قسمة الخمس على افراد كل صنف وعدم جواز القسمة الا بإذن الجميع وعدم جواز تصرف
الملاك قبل القسمة الا باذنهم ووجوب أداء العين وعدم اجزاء القيمة وكل ذلك خلافا مذهبهم ففيه مالا يخفى إذ لزوم الأولين مبنى على إرادة الاستغراق من
اليتامى والمساكين والظاهر من الآية سيما بقرينة ابن السبيل إرادة الجنس كما في وقفت على الفقراء وهذا لهم بعد وفاتي واما اللوازم الباقية فمبنية على عدم
جواز ضمان المالك للخمس وقد ثبت الجواز بالدليل كما أشرنا سابقا نعم يمكن الاستشهاد على إرادة بيان المصرف وان الطوائف الثلث في حكم مصرف واحد حمل
على الملكية أو الاختصاص على وجه الاشتراك واستقلال كل منهما من حيث المصرفية لزم بظاهر الآية التسوية بين الأصناف كما صرح به الحلبي في عبارته
المتقدمة مع أن هذا مع علي اطلاقه مما يمكن دعوى القطع بفساده بل يرده مطلقا صحيحة البزنطي على الرضا (ع) أرأيت لو كان صنف من الأصناف أقل وصنف أكثر
ما يصنع به قال ذلك إلى الإمام (ع) ليس رسول الله صلى الله عليه وآله كيف يصنع أليس كيف يعطى على ما يرى (كك) الإمام (ع) ونحوها مرسلة حماد الطويلة الدال على إناطة
الاعطاء بمقدار الكفاية بل قد استدل غير واحد بهذه الصحيحة في أصل المسألة وكيف كان فلا ريب في دلالته على عدم وجوب التقسيم أثلاثا بل عدم جوازه أحيانا
مع أنه لا يوجد ابن السبيل بل اليتيم في بعض الأوقات والتزام العزل لهما أو خروج هذه الصورة عن اطلاق الآية بعيد جدا مع أن اليتيم إذا اعتبرنا فيه الفقر
فلا يظهر وجه لاستقلال كل منهما بالمصرفية فالصرف في اليتيم صرف في الفقير فتثليث القسمة غير واجب ابدا ولم يقل بوجوب التثنية أحد مع أن ابن السبيل غير حاضر
غالبا بالنسبة إلى أغلب المكلفين بالخمس نعم يمكن ان يظهر الثمرة في عدم جواز اعطاء كل النصف لغير اليتيم مع وجوده أو ان يلتزم بان المراد بالمساكين خصوص
البالغين هذا مع أن الآية مختص بالمشافهين ولا ريب في انحصار الخمس في زمن صدور الآية بما كان يجتمع عند النبي صلى الله عليه وآله أو يقال إن المراد بالموصول هو ما غنمه جميع
المخاطبين لا كل مخاطب ولا يبعد التزام وجوب تقسيم مجموع الخمس الحاصل في يد النبي والامام صلوات الله عليهما والهما على جميع الأصناف بل الاشخاص بل لا ريب في
وجوبه بناء على إرادة ما غنمه مجموع المخاطبين لا كل واحد منهم نظرا إلى أن حكمة الخمس رفع حاجتهم بل و (كك) الفقيه إذا وصل إليه مجموع خمس الأموال
الذي هو نظير خمس الغنيمة الحاصلة يومئذ بيد النبي صلى الله عليه وآله فيجب عليه التقسيم على الأصناف بل الاشخاص عندهم وأين هذا من وجوب تقسيم كل خمس من كل مكلف على
الطوائف و (الظ) ان التقسيم في الزكاة (ايض‍) (كك) ويدل على ما ذكرنا في المقامين مرسلة حماد بن عيسى الطويلة وبهذا (ايض‍) يجاب عن الأخبار الواردة في تقسيم
الخمس ستة أسهم فان أكثرها بين وارد في تفسير الآية وبين ظاهر في تقسيم النبي والامام عليهما السلام لأصل الخمس من جميع الاغتنامات إذا حصل بيدهم (ع) مسألة
الظاهر اعتبار الفقر في اليتيم كما هو (المش) ويدل عليه ما يستفاد من النصوص من أن شرع الخمس الخلة ويدل على خصوص ما تقدم من بعض فقرات المرسلة الطويلة
لحماد ان الله جعل لفقراء قرابة رسول الله (ص) ما أغناهم به عن صدقات الناس ونحوها ما تقدم من رواية ابن طاوس الامرة بدفع الخمس إلى ضعفاء أهل البيت
مضافا إلى ما يستفاد من المرسلة وغيرها (من أن الخمس عوض الزكاة فهو لمستحقي الزكاة لولا الهاشمية وما يستفاد منها ومن غيرها صح) (ايض‍) من أن الامام يعطى أهل الخمس بقدر ما يستغنون به لسنتهم والمفروض ان اليتيم الغنى عنده ذلك فدلت على
اختصاصه عن ليس له ذلك وكيف كان فلا ريب في ضعف ما عن الشيخ والحلى من عدم اعتبار الفقر فيه لأجل مقابلته بالفقر في الآية وفيه مالا يخفى سيما بملاحظة
أية الزكاة ومن بعض ما ذكرنا يظهر ان حكم ابن السبيل هنا كما مر في الخمس لأدلة البدلية المستفادة من النصوص والفتاوى الدالة على الاتحاد في الحكم والمورد
الا في هاشمية المستحق هنا وعدمها هناك نعم ينتقض ذلك بالعدالة عند من اعتبرها هناك واما عند من لا يعتبرها فهذا (ايض‍) أحد الأدلة عليه حيث إن
القول باشتراطها هنا غير معروف القائل واما عدم وجوب النفقة على المعطى فلا يخفى اعتباره هنا (ايض‍) لأجل ما ذكر ولأجل اشعار التعليلات الواردة هذا
إذا قلنا بان وجوب الانفاق عليه لا يخرجه عن الفقر واما على ما اخترناه من أن وجوب الانفاق مع قيام المنفق به على الوجه اللائق يوجب الغناء فلا اشكال
وبالجملة فالمختار ما تقدم من التفصيل في الزكاة مسألة إذا كان الإمام (ع) حاضرا مبسوط اليد فلا اشكال في
عدم سقوط الخمس بل هو من الضروريات
في الجملة وإن كان حاضرا غير مبسوط اليد كأزمنة حياة الأئمة (ع) والغيبة الصغرى أو غائبا كهذا الزمان عجل الله (تع) انقضائه فالأقوى (ايض‍) عدم سقوطه
وهو المعروف بين الأصحاب رضوان الله عليهم ويدل عليه مضافا إلى أصالة عدم السقوط وعدم حصول المسقط من الله عز وجل أو من الأئمة صلوات الله عليهم
اطلاق أدلة الخمس من الكتاب والسنة ودعوى اختصاص خطاب الكتاب بالمشافهين ولا اجماع على الاشتراك واحتمال الاختلاف في الشرائط كما عن
صاحب الذخيرة مدفوعة بما يدفع به هذه الدعوى بالنسبة إلى كل حكم يستفاد من خطابات الكتاب والسنة المختصة وضعا وإرادة بالمشافهين دون غيرهم
549

من الحاضرين في ذلك الزمان بل في ذلك المجلس فضلا عن الغائبين ويكفى في عموم الحكم في هذه الآية للغائبين استشهاد الأئمة (ع) بها كما تقدم من الأخبار المستفيضة
مع أن قضية هذا الدعوى عدم ثبوت الخمس في زمان الغيبة لا سقوطه بابراء أهله هذا مع ما عرفت من الاخبار المشددة في أمر الخمس الدالة على مداقة الأئمة (ع)
فيه مثل قول الصادق (ع) انى اخذ من أحدكم الدرهم وانا اغنى أهل المدينة ومثل قول الحجة عجل الله فرجه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين على من اكل
ما لنا درهما ومثل قول أبى جعفر (ع) في جواب أبي بصير حيث سئله عن أيسر ما يدخل به العبد النار قال من اكل من مال اليتيم درهما ونحن اليتيم ونحو ذلك مضافا
إلى ما دل على الامر بدفع الخمس إليهم ومطالبته والانكار من تحليله والنكير على من يستحله منهم (ع) مثل قوله في رواية الحلبي المتقدمة في مسألة الغنيمة بدون
الإمام (ع) في الرجل من أصحابنا يكون معهم في لوائهم فيصيب غنيمة قال يؤدى خمسنا ويطيب له الباقي ومثل مكاتبة ابن مهزيار الطويلة فمن كان عنده شئ من
ذلك فليتعهد لإيصاله ولو بعد حين فان نية المؤمن خير من عمله ومثل قول الرضا صلوات الله عليه لمن جاء من تجار فارس يستحلونه من الخمس ما امحل هذا تمحضوا
المودة بألسنتكم وتزدون حقنا الذي جعله الله لنا لا نجعلكم في حل ومثل قول أبى جعفر الثاني (ع) لصالح بن محمد بن سهل حيث جاء يستحله من عشرة آلاف درهم
أنفقها من مال الإمام (ع) وقبيله أحدهم يثيب على أموال آل محمد صلى الله عليه وآله ويتاماهم ومساكينهم وأبناء سبيلهم فيأخذها ثم يجئ ثم يقول اجعلني من حل أتراه ظن انى
أقول لا افعل والله ليسألنهم الله (تع) عن ذلك سؤالا حثيثا ومثل أمر علي بن راشد في المكاتبة في أرباح المكاسب بالقيام بأخذ خصوص الخمس من مواليه (ع)
ومثل ما ورد من الامر بتصدق خمس المال المختلط ومطالبة أمير المؤمنين (ع) إلى غير ذلك مما تقدم في تضاعيف المسائل سيما مسألة أرباح المكاسب ومن جميع ذلك
ظهور ضعف ما حكاه شيخنا المفيد (قده) عن بعض أصحابنا قدس الله أرواحهم من القول بسقوط الخمس (مط) في زمان الغيبة وتبعه على هذا سلار فيما حكى
عنه وهو المحكي عن صاحب الذخيرة وحكاه في الحدائق عن شيخه عبد الله بن صالح البحراني وقال إنه مشهور الان بين جملة من المعاصرين ولا يبعد ان يكون مرادهم
بالغيبة ما يعم زمان قصور اليد بقرينة استدلالهم باخبار التحليل الدالة على الإباحة في زمانهم مثل ما تقدم من تحليل رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين (ع) والهما الطاهرين
وكذا سائر الأئمة (ع) وقد توهم الأخبار الدالة بظاهرها على التحليل في مسألة أرباح المكاسب وتقدم الجواب عنها (ايض‍) بمنع دلالة أكثرها وامكان
الحمل في كلها أو جلها على التقية من النهوض لجباية الأخماس بوكلائهم أو صور خاصة مثل عسرة السائل وكثرة ورود الظلم عليهم من المخالفين كما يدل
عليه قوله (ع) ما أنصفناكم ان كلفناكم ذلك اليوم أو على إرادة خصوص المناكح أو هي مع المتاجر أعني موارد تجاراتهم من أموال المخالفين التي تعلق
الخمس بعينها الذي انتقل إلى الشيعة من أيدي المخالفين أو غير ذلك مما تقدم سابقا ونقول هنا ان جميع ما دل على تحليل الخمس ظاهر في إرادة خمس غنائم
دار الحرب أو على أن العفو انما هو عن حقهم المتعلق بما ينفقون على أنفسهم وعلى عيالهم بناء على ما هو ظاهر بعض تلك الأخبار وغيرها من تعلق الخمس بجميع المستفاد
من مثل قوله (ع) من أن الخياط يخيط ثوبا بخمسة دوانيق وقوله في رواية ابن طاوس المتقدمة ولقد يسر الله على المؤمنين أرزاقهم بخمسة دراهم جعلوا
لربهم واحدا واكلوا أربعة وما ورد من أن الله جعل خمس الدنيا مهر فاطمة صلوات الله عليها وما تقدم من أن كل شئ في الدنيا فان لهم نصيبا فيه لأنه الشايع
وجودا والمغصوب عنهم (ع) كما يظهر ذلك من تظلمهم (ع) ومن تعليلهم التحليل بطيب الميلاد إلى غير ذلك من الامارات الدالة على إرادة خصوص هذا القسم من لفظ الخمس
نعم ما دل على تحليل الشيعة خمس الإفادات مثل قوله هي الإفادة يوما بيوم الا ان أبى جعل شيعتنا في حل منه ليزكوا ونحو ذلك ولا يخفى انها مع ما ذكرنا من
قابلية الحمل معارضة بأكثر منها منها ما تقدم في التشديد في أمر الخمس والنكير على من يستحله منهم (ع) و يتلوا القول المذكور في الضعف الحكم بسقوط
حصة الإمام (ع) في مثل هذا الزمان كما ذهب إليه صاحب المدارك وحكى عن المحدث الكاشاني بل هذا القول أضعف من سابقه نظرا إلى أن ظاهر اخبار التحليل
سيما المعلل منها بطيب الولادة الغير الحاصل الا بحل تمام الخمس سيما المسبوق منها بالاستحلال هو تعليل مطلق الخمس فاما ان يعمل بظاهرها أو يطرح
أو يؤل (كك) ودعوى انصراف تحليل المحلل فإنما يصرف عن ظاهره إذا لم يكن للمحلل سلطنة على حق الغير وليس هنا (كك) إذ للامام الولاية على الزكاة و
نحوها من بيت المال على ما ورد من أنه لو رأيت صاحب هذا الامر يعطى ما في بيت المال رجلا واحدا فلا يدخل في قلبك شئ فإنه انما يعمل بأمر الله فكيف
حال الخمس الذي جعله الله لبنى هاشم اكراما لهم بل تطفلا على ما يستفاد من الاخبار مثل ما ورد خمس الدنيا مهر فاطمة صلوات الله عليها وما ورد ان لنا الخمس
ولنا الأنفال ومثل ما ورد ان على كل امرء غنم أو اكتسب الخمس لفاطمة (ع) ومن يليها من الحجج من ذريتها يصنعونه حيث شاؤوا إلى غير ذلك مما لا يبعد بملاحظتها
القول بان تمام الخمس للإمام (ع) وإن كان عليه بالتزامه أو بالزام الله ان ينفق على قبيله مقدار الكفاف لكن (الظ) ان هذا خلاف الاجماع بل لصريح الآية
وبعض الأخبار مثل رواية الثمالي المتقدمة في حل المناكح وقول أبى جعفر ان الله جعل لنا سهاما ثلاثة في جميع الفئ وان قال (ع) بعده فنحن أصحاب الخمس و
الفئ وقد حرضا على جميع الناس ما خلا شيعتنا حيث إنه ظاهر في تحليل السهام الستة الا انه كسائر الاخبار التي يترائى عنها الاختصاص في الكل أريد بها
الولاية عليه في البذل والحرمان والتحليل والمطالبة لا الملكية الحقيقة وكيف كان فلا دليل على حل حق الإمام (ع) خاصة بل اخبار التحليل يعمل بها كالواردة
في المناكح والأرضين والمتاجر يعمل بها بالنسبة إلى حصة السادات وما يطرح منها أو يؤل فهو (كك) بالنسبة إلى حصة الإمام (ع) واضعف من هذين
القولين ما اختاره صاحب الحدائق من وجوب نقل الخمس كلا حال وجودهم (ع) أو إلى وكلائهم فربما يبيحون للشخص كما في رواية أبى سيار ورواية عليا الأسدي
وربما يأخذون وينفقون منه على قبيلهم قدر الكفاية واما حال الغيبة عجل الله انقضائها فيجب صرف حصة الأصناف إليهم واما حصة الإمام (ع) فالظاهر
550

تحليله للتوقيع المتقدم عن صاحب الزمان روحي له الفداء في قوله (ع) واما الخمس فقد أبيح لشيعتنا إلى أن يظهر أمرنا لتطيب ولادتهم وحاصل هذا القول إن
أمر الخمس راجع في كل زمان إلى الحجة في ذلك الزمان وفيه ان أكثر اخبار التحليل عام لجميع الشيعة كما لا يخفى على من راجعها فالتحليل المستفاد من تلك الأخبار
حكم عام لجميع أزمنة قصور أيديهم العادلة صلوات الله عليهم مع أن ظاهر التوقيع عام في حصة الأصناف (ايض‍) وفي كل الشيعة وقد أولها المحدث المذكور
بان المراد واما حقنا من الخمس زاعما انها طريق جمع بينه وبين الآية والأخبار الدالة على استحقاق الأصناف لحصصهم وفيه مع أنه لابد من تخصيص الشيعة بمن في زمان
إمامته انه كيف يمكن الحكم بسقوط الفريضة الضرورية بمثل هذا السند مع معارضته بتوقيع اخر تقدم ذكره وثالث أمر بدفع الخمس إلى العمرى وان زعم المحدث
المذكور عدم دلالتهما على الثبوت مع أن الجميع لا يحتاج إلى صرف الخمس الموضوع للمجموع إلى بعضه بل إما ان يعمل على اطلاقه وأمان يراد به ما ذكرنا من الفرد المعهود
المتعارف في الدولة الأموية والعباسية من الغنائم الواقعة بيد الشيعة من المخالفين المقاتلين لأهل الحرب ويظهر مما ذكرنا ضعف ما يحكى عن صاحب المعالم
في كتاب منتقى الحمان من سقوط خمس المكاسب نظرا إلى أن المستفاد من الاخبار اختصاصه بالامام (ع) مثل ما ورد من أن على كل امرئ غنم أو اكتسب الخمس مما أصاب
لفاطمة صلوات الله عليها ومثل ما تقدم من رواية الحرث بن المغيرة الطبري من قوله إن لنا أموالا وتجارات نعلم أن حقك فيها ثابت ونحو ذلك مما تقدم ان
المراد تخصيص الحق به (ع) باعتبار وجوب دفعه إليه وولاية بذله ومنعه وتحليله ومطالبته ولذا ورد نظير ذلك فمما لا يقول القائل باختصاصه بالامام (ع) وما أبعد
ما بين هذه الأقوال والقول بعدم تحليل شئ بالكلية حتى المناكح في زمان الغيبة المستحقين نصفه كما هو محكى عن الإسكافي وظاهر الحلبي بل تقدم عن الروضة
نسبته إلى جماعة ويرجع إليه ما عن المجلسي (قده) من حمل اخبار التحليل على جواز التصرف في المال الذي تعلق بعينه الخمس قبل اخراجه منه بان يضمنه في الذمة ويتصرف
في المال وهذا وإن كان بعيدا عن ظواهر تلك الأخبار الا ان غاية ما يمكن الاجتزاء عليه فيما عدا الأنفال وخصوص المناكح والمتاجر هو هذا المقدار من التحليل
لا أزيد لان وجوب الخمس من الضروريات والخمس بنفسه من أهم الفرائض لأنه أولي بالانقياد له من الزكاة التي أوقف قبول الصلاة التي هي عمود الدين بها مع أنها
معونة غير السادات فكيف بما هو معونة الإمام (ع) وقبيله والمجعول لهم عوضا عن الصدقات ليستغنوا به عنها بل هي المودة المجعولة اجرا للسادة فالقول بسقوط شئ
منه جراة عظيمة سيما مع ملاحظة ما مر ان المسألة من الموضوعات حيث إن الشك في تحقق الابراء من صاحب الحق فالتعويل فيها على اخبار الآحاد مشكل
سيما مع المعارضة واشتباه الدلالة وقيام المحامل وقد صرح في المعتبر بان الحكم بإباحة حصة الإمام (ع) في زمان الغيبة كما ذكره بعض أصحابنا غلط بقى الكلام
في مصرفه فالذي يقتضيه العمومات وجوب صرف حصة الأصناف إليهم وان قلنا بوجوب دفعها إلى الإمام (ع) عند الحضور لأنه شرط اختياري فمع عدم التمكن عن دفعه
إليه يبقى العمومات سليمة ومن هنا يظهر انه لا يجب دفعها إلى الفقيه وان قلنا بنيابة عنه (ع) في الأمور العامة الا ان ذلك من الولايات الخاصة مثل الولاية على
أولاده (ع) أو على ما هو وصى فيه مع عدم بعد الوجوب بناء على ثبوت النيابة على وجه العموم كما يظهر من كلامهم من الحصة المختصة به (ع) وكيف كان فالقول بوجوب
عزله والايصاء به عند ظن الموت كما اختاره شيخنا المفيد وجعله أوضح من سائر الأقوال غير واضح بناء على عدم تملك الإمام (ع) للكل غاية الأمر وجوب دفع الكل إليه
حال الحضور ليتولى البسط حسب ما يراه كما تقدم في مرسلة حماد الطويلة فعزل حصة السادات منع الحق من أهله ويؤيده ما تقدم من رواية ابن طاوس في وصية
النبي (ص) وقوله فمن لم يقدر على ذلك يعنى دفع الخمس إلى الإمام (ع) فليدفع إلى الضعفاء من أهل بيتي هذا مضافا إلى ما علم من أن حكمه وضع الخمس استغناء بني هاشم
به عن الصدقات فلابد لهذا القائل القول بجواز اخذ الصدقات لبني هاشم وحرمتها عليهم مختص بزمان ظهور الدولة العادلة التي لا يحتاج الهاشمي فيها
غالبا إلى خمس ولا زكاة وكيف كان فمنع حصة الأصناف عنهم في زمان الغيبة مما نقطع بعدم جوازه مع أن الايصاء به واحدا بعد واحد في مثل زماننا
معرض للتلف بل موجب قطعي وكأنهم كما قيل بنوا ذلك على أوقاتهم المملوة بالعلماء والصلحاء الأتقياء وظنوا قرب خروجه (ع) أو ان زمان الغيبة كله على ذلك
المنوال ولم يعلموا بتسافل الحال وتقلب الأحوال بما يضيق من نشوة المجال وما ذكر ظهر أضعفية القول بوجوب دفنه لأرض تظهر كنوزها للقائم
عجل الله فرجه مع أن هذا القول مجهول القائل ويظهر من ضعف القولين ضعف القول بالتخيير بين الوصاية والدفن وكيف كان فحبس حصة الأصناف
عنهم قول مرغوب عنه ولذا اعرض عنه المشهور بل لا يبعد عدم الخلاف فيه بناء على ما احتمل من إرادة خصوص حصة الإمام (ع) بما حكموا بوجوب حفظه
بالايصال أو الدفن وعن السرائر نسبته قول (المش) إلى جميع محققي أصحابنا ومحصليهم ثم إن هذا كله في حصة الأصناف وحاصل الأقوال فيها خمسة السقوط
والثبوت مع وجوب الصرف والايصاء به أو دفنه أو التخيير وربما حكى عن ظاهر بعض الكتب القول بالاستحباب واما حصة الإمام (ع) عجل الله فرجه فقد عرفت
ضعف القول بسقوطها فالكلام فيها على فرض ثبوتها فنقول الذي يقتضيه القاعدة هو وجوب حفظه له (ع) لأنه مال غائب وأي غائب روحنا له الفداء
ولذا ذهب إليه جمهور أصحابنا على ما في المعتبر وعن المنتهى وعن السرائر انه الذي يقتضيه أصول الدين وأصول المذهب وأدلة العقول وأدلة الاحتياط واليه
يذهب و عليه يعون جميع محققي أصحابنا المصنفين المحصلين الباحثين عن ماخذ الشريعة وجها بذة الأدلة ونقاد الآثار فان جميعهم يذكرون في باب
الأنفال بهذه المقالة و يعتمدون على القول الأخير الذي ارتضيناه بغير خلاف انتهى الا ان الذي يقتضيه التأمل في أحوال الإمام (ع) وفي أحوال ضعفاء
شيعته في هذا الزمان ثم في ملاحظة حاله بالنسبة إليهم هو القطع برضائه (ع) بصرف حصة فيهم ورفع
اضطراراتهم بها وفيما يحتاجون إليه من الأمور العامة
والخاصة فالشك في هذا ليس الا من جهة عدم اعطاء التأمل حقه في أحوال الطرفين أو في النسبة مضافا إلى احسان محض ما على فاعله من سبيل وان لم نعلم
551

رضاه بالخصوص مضافا إلى أن (الظ) ان المناط فيما ورد من الامر بالتصدق بمجهول المالك هو تعذر الايصال إلى مالكه لأجل الجهل فالجهل لا مدخل له في
أصل الحكم وانما هو سبب المتعذر فإذا حصل التعذر من وجه اخر مع العلم بالشخص وتعينه جاء الحكم (ايض‍) مضافا إلى عموم ما دل على أنه من لم يقدر على أن يصلنا
فليصل فقراء شيعتنا وخصوص ما مر من رواية ابن طاوس في وصية النبي صلى الله عليه وآله مضافا إلى ما يشعر به ما دل على وجوب صرف نذر هدى البيت في زرارة معللا بان
الكعبة غنى عن ذلك وما جاء في صرف الوصية التي نسى مصرفها في وجوه البر وكذا الوقف الذي إربا به مضافا إلى ما مر من رواية الطبري عن الرضا (ع) من أن الخمس
عوننا على ديننا وعلى عيالاتنا وعلى موالينا وما نبذله ونشترى به من اعراضنا ممن نخاف سطوته فصرف حقه (ع) في أيام غيبته في حوائج ذريته وشيعته لا (يخ)
عن أحد المصارف المذكورة في الرواية مضافا إلى ما يشعر به مرسلة حماد الطويلة المتقدمة ومرفوعة أحمد بن محمد من أن عليه اتمام ما نقص وله ما زاد من مقدار
استغناء ستة الأصناف بقدر الكفاف فيجوز (ح) صرف حصته من الخمس أو مال اخر مما يقع بأيدينا من أمواله (ع) في الذرية الطاهرية المحتاجين لان
(على عيال الغائب وقضاء ديونه وغير ذلك من أموره ويلزم على قولهم وجوب
الاقتصار على الذرية الطاهرة واما على ما ذكرنا فلا يختص بهم بل يعم غيرهم بل
ليس مصرفه مخصا بالانفاق صح)
سد خلتهم كان أحد المصارف لأمواله بل كان من أهمها وقد استدل جماعة بهاتين المرسلتين على وجوب دفع حصته في هذا الزمان إلى الأصناف من باب التتمة لان عليه اتمام
ما نقص كما في المرسلتين قالوا وما وجب لحق الله (تع) لا يسقط بغيبته من يلزمه ذلك بل عن المنتهى ان الحاكم يباشر لأنه نوع من الحكم على الغائب وفيه نظر أولا فلما
عرفت من منع دلالة المرسلتين على وجوب الاتمام (مط) بل إذا وصل بيده جميع الخمس والا فلو فرضنا انه لم يصل إليه الا قليل منه لم يجب عليه الاتمام ففي هاتين
الروايتين بيان لسيرة الإمام (ع) في تقسيم الأخماس والزكوات الا إذا أجبيت إليه ولذا صرح بمثل ذلك في الزكاة (ايض‍) ففي مرسلة حماد انه ان نقص عن ذلك
شئ ولم يكتفوا به يعنى الأصناف الثمانية أهل الزكاة كان على الوالي ان يمونهم من عنده ولازم ذلك وجوب اعطاء الزكاة من ماله (ع) إذا أعوزهم مع أن هؤلاء
المستدلين يقولون بلزوم الدفع إلى السادة خاصة واما ثانيا فلانه لا دلالة في المرسلتين الا على الوجوب حال الحضور ولعل ذلك من احكام الرياسة (والولاية وال؟؟ الظاهرة لا من احكام الإمامة والحجية أو يكون ذلك صح) من باب
مواصلة الأقارب الساقطة عند المفارقة بعد المشقة ككثير مما يجب علينا بالنسبة إليه وعليه بالنسبة إلينا واما ثالثا فلعدم دلالة الرواية على وجوب الاتمام
من هذا المال بالخصوص فلعل للانفاق على أهل الخمس وعلى أهل الزكاة عند حاجتهم مال اخر خاص لا نعلمه وهذا المال له مصرف اخر والحاصل ان اثبات وجوب
الصرف في الأصناف من باب التتمة ذهب إليه جماعة بل في الروضة انه المشهور بين المتأخرين تمسكا بالروايتين محل نظر سيما إذا وجد مصرف اخر أهم من ذلك بمراتب
بحيث نعلم مع قطع النظر عن الروايتين ان الإمام (ع) لا يرضى الا بصرفه في هذا الأهم فدفع هذا القطع بالروايتين في غاية الاشكال فان المسألة من الموضوعات
وحل مال المراء المسلم مشروط بطيب نفسه نعم لو قلنا إن للمالك أو المجتهد ولاية على هذا المال كما في مجهول والمالك مال اليتيم والغائب واللقطة لم تجب ملاحظة الأهم
والأصلح لعدم الدليل على أصل الاحسان لكن (الظ) عدم ثبوت الولاية بل الحكم تابع للاذن ولا أقل من الاحتمال ثم إن مقتضى ما ذكرنا جواز صرف المالك
لها بنفسه بعد علمه برضاء الإمام (ع) من الامارات التي ذكرناها فان حصول العلم منها بالرضا لا يختص بالمجتهد أو بعد اعلام المجتهد له وذلك أن جوزنا
تقليد الغير فيما نحن فيه نعم له ان يدفعه من أول الأمر إلى المجتهد وعلى المجتهد ان يقبله كما في كل مال غائب فيصنع به ما يرى من الدفع أو الضبط الا ان يعلم
المقلد بعدم رضاء الإمام (ع) بالضبط فليس له الدفع لعدم حصول البراءة من الخمس قبل صرفها عن المالك إذا كان الصرف واجبا والعزل غير كاف وربما أمكن
القول بوجوب الدفع إلى المجتهد نظرا إلى عموم نيابته وكونه حجة الامام على الرعية وأمينا عنه وخليفة له كما استفيد ذلك كله من الاخبار لكن الانصاف
ان ظاهر تلك الأدلة ولاية الفقيه عن الإمام (ع) على الأمور العامة لا مثل خصوص أمواله وأولاده (ع) مثلا نعم يمكن الحكم بالوجوب نظرا إلى احتمال مدخلية
خصوص الدافع في رضاء الإمام (ع) حيث إن الفقيه أبصر بمواقعها بالنوع وان فرضنا في شخص الواقعة تساوى بصيرتهما أو أبصرية المقلد هذا كله على ما اخترناه
من جواز التصرف من باب شاهد الجال واما بناء على قول الجماعة من وجوب الدفع من جهة وجوب انفاق المعوذين عليه (فالظ) انه يجب ان يتولاه الحاكم لأنه المتولي
لكل حسنة عامة سيما مثل الانفاق بل يصرف في المصالح كائنة ما كانت الأهم فالأهم فيفرض المالك أو المجتهد نفسه الإمام (ع) وينظر إلى المصالح التي أحاط
بها علمه بعد الفحص عن مواردها فأيها كانت أهم في نظره وجب صرفة فيها لأنه المتيقن من الرضا لا (يق) ان هذا ليس قولا لاحد من أصحابنا لانهم بين مخصص له
بالأصناف الثلاثة كاكثر القائلين بالصرف وبين من شرك بينهم وبين غيرهم من مواليه العارفين كما صرح به ابن حمزة في الوسيلة واستظهر من كلام
المفيد وارتضاه جملة من المعاصرين فالقول بوجوب صرفه في مطلق المصالح خلاف للكل قلت قد عرفت اعتراف المفيد ومن تبعه قدس الله اسرارهم بعدم
النص في المسألة وعرفت ان العبرة عندنا في الصرف برضائه (ع) بشاهد الحال فيجب مراعاته ولا يجوز التخطي عنه وليس الحكم تعبديا مسألة يجب دفع الخمس كلا
إلى الإمام (ع) حال حضوره كما يستفاد من كثير من النصوص والفتاوى بل عن المعتبر والمنتهى نسبته إلى الشيخين وجماعة من علمائنا ويكفى فيه عدم تسلط
المالك بنفسه على افراز النصف للامام إذ لا ولاية له عليه ولا على أحد من قبيله ثم ذكروا ان الإمام (ع) يقسمه بين الطوائف بقدر الحاجة فما فضل له
وما أعوز فعليه الاتمام ولم يحك التصريح بالمخلافة الا عن الحلى حيث منع من كون الفاضل له لعدم الدليل على الحكم بملكيته نعم ان يحفظ الفاضل لهم وكذا
من وجوب اتمام ما أعوز ولعدم الدليل على وجوب انفاقهم عليه وقد أطال في الاستدلال على ذلك وزاد والتطويل في رده مع عدم الفائدة في تحقق هذه
المسألة ونحوها من وظائف الإمام (ع) الذي هو المرجع في بيان وظائف غيره نعم ربما يتفرع عليه جواز صرف حصته في قبيله للاتمام إذا لم يكفهم حصتهم و
فيه ان الجواب غير موقوف على هذا القول كما سيجئ نعم لو ثبت فهو أحد طرق الجواز الا ان (الظ) اختصاص ما ذكره (المش) بقسمة جميع الخمس حتى يقصر نصيبهم
552

من تمام الخمس على مقدار كفايتهم لا ما إذا لم يدفع من الخمس الا قليل كما هو في هذا الزمان إذ (الظ) انهم ما قالوا بأنه يجب عليه (ع) صرف حصته إليهم من باب التتمة
ولو قالوا (ايض‍) لم يكن دليل على ذلك لان مستندهم في ذلك مرسلة حماد الطويلة حيث قال فيها يقسم بينهم على الكفاف والسعة ما يستغنون به في سنتهم فان فضل
عنهم شئ كان للوالي وان عجز ونقص عن استغنائهم كان على الوالي ان ينفق من عنده بمقدار ما يستغنون به وانما صار إليه ان يمونهم لان له ما فضل عنهم ونحوها
مرسلة احمد المضمرة وفيها ان النصف له (ع) خاصة والنصف لليتامى والمساكين وأبناء السبيل من آل محمد صلى الله عليه وآله الذين لا تحل لهم الصدقة ولا الزكاة عوضهم الله مكان
ذلك الخمس فهو يعطيهم على قدر كفايتهم فان فضل منهم شئ فهو له وان نقص عنهم ولم يكفهم أتمه لهم من عنده كما صار له الفضل لزمه النقصان فان (الظ) منهما سيما
من سياق المرسلة في فقرات ان هذا الحكم بيان لصورة بسط يد الإمام (ع) وجباية جميع الصدقات والأخماس إليه وقد اشتملت على مثل ذلك في قسمة الصدقات (ايض‍)
بين فقراء الناس نعم يمكن ان يدعى ان المستنبط منه هو وجوب الاتمام عليه من باب المواساة عند غنائه (ع) واحتياج قبيله لعدم وفاء الموجود من حصتهم بمؤنتهم وإن كان
لأجل عدم دفع الناس ما يجب عليهم وليس ذلك ببعيد لو كان في المرسلتين دلالة على أن اتمام ما نقصهم كان من الخمس و (الظ) عدمها لجواز ان يكون اتمامه من
مال اخر اللهم الا ان لا يتعدى عنه (ايض‍) تنقيح المناط بأنه (ع) ملتزم أو ملزم من الله بالاتمام من عنده فإذا لم يوجد له مال اخر غير نصفه من الخمس تمم الناقص منه كما
هو مقتضى قوله (ع) ان الامام وارث من لا وارث له ويعول من لا حيلة له وكيف كان فسيأتي فان طريق الجواز مبنى على هذا الحكم ولذا توقف فيه جماعة كما حكى مع قولهم
فيما يأتي بجواز الصرف ثم إن ظاهر المرسلتين عدم جواز اعطاء الفقير هنا أزيد من مؤنة السنة كما عن الشهيد بل في كلام بعض مشايخنا المعاصرين انه لم أجد
فيه خلافا ولعله ناش مما تقدم عن (المش) من تقسيم النصف عليهم على الكفاية على ما في المرسلتين وقد عرفت ان (الظ) من فتوى المشهور والمرسلتين كون ذلك عند تقسيم
الإمام (ع) لجميع ما يحصل في يده من الخمس على السادة فلعل الاقتصار (ح) على الاعطاء على الكفاية لئلا يحصل الاعواز ويدخل النقص على بعض المستحقين فيكون حيفا عليهم
حيث يبقون محتاجين إلى اخذ الصدقات ولذا قد صرح في المرسلة بتقسيم الزكاة (كك) مع أنه قد مر جواز اعطاء الفقير من الزكاة فوق الكفاية من غير خلاف فيه يعرف فلا
تدل على أن الحكم (كك) في كل خمس يقسمه المالك بنفسه هذا مع أن المرسلتين لا تزيدان على حكاية فعل الإمام (ع) أو مداومته أو التزامه بذلك ولو سلم كون ذلك بالزام
من الله فلعله لخصوص الإمام (ع) حيث إن نسبة الفقراء إليه على السواء من حيث الرحمة والشفقة فيعجب ان يكون تقسيمهم للأخماس والزكوات وبيت المال على وجه البسط
التام ويكون مؤنة السنة للفقراء عنده كالوظيفة المستمرة للشخص في كل سنة من عند رئيسه فلا دليل على تعدى هذا الحكم إلى غير الامام من الملاك الذين فرض
أمر نصف الخمس كالزكاة إليهم ليعطون من يهوون من المستحقين ويمنعون من يكرهون اعطائه فكما انه لا حجر عليهم في تخصيص الاشخاص في الاعطاء والمنع فلا حجر عليهم
في مقدار المعطى وان لزم منه حرمان جماعة أخرى ما لم يصل إلى حد الاجحاف بالنسبة إلى البعض فيمنع حتى في الزكاة كما لو جمع أهل البلد جميع زكواتهم وأعطوه
رجلا واحدا يكفيه عشر؟؟ ختارها لمؤنة عمره مع موت باقي الفقراء من الجوع وبالجملة فاجراء ما في المرسلة سيما بملاحظة اتحاد حكم الخمس فيها مع حكم الزكاة
بالنسبة إلى آحاد الملاك المعطين مشكل جدا ولذا صرح سيد مشايخنا في المناهل بتقوية جواز الاعطاء فوق الكفاية الا ان الأحوط ما ذكروه
فصل في الأنفال الأنفال جمع نفل بالسكون والتحريك الزيادة ومنه قول (تع) ووهبنا له اسحق ويعقوب نافلة أي زيادة عما سئله وتسمى
الغنيمة لكونها من المزيدات للمسلمين بالنسبة إلى غيره من الأمم والمراد هنا ما يختص به النبي صلى الله عليه وآله زيادة على غيره تفضلا من الله وهو بعده للإمام (ع) وهي أمور
منها الأرض التي ملكت من الكفار من غير قتال سواء انجلوا عنها أو مكنوا المسلمين منها وهم فيها كالبحرين و (الظ) انه لا خلاف في كون ذلك من الأنفال و
يدل عليه الاخبار مثل حسنة ابن أبي عمير عن ابن البختري عن أبي عبد الله (ع) قال الأنفال ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب أو قوم صالحوا واعطوا ما
بأيديهم وكل ارض خربة وبطون الأودية فهو لرسول الله صلى الله عليه وآله وهو للإمام (ع) بعده يضعه حيث شاء وفي حسنة ابن مسلم بابن هاشم ما كان من ارض لم يكن فيها
هراقة دم صولحوا واعطوا ما بأيديهم وما كان من ارض خربة أو بطون أودية وفي رواية سماعة ان منها البحرين لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب الا ان المذكور
في كتاب الاحياء ان البحرين أسلم أهلها طوعا فهى كالمدينة المشرفة أرضها لأهلها وقد صرح في الروضة بالأول في الخمس وبالثاني في احياء الأموات فلعله
غفلة إلى غير ذلك من الاخبار منها مرسلة حماد الطويلة وفيها والانفال كل ارض خربة قد باد أهلها وكل ارض لم يوجف عليها بحيل ولا ركاب ولكن صالحوا صلحا
واعطوا ما بأيديهم على غير قتال وله رؤوس الجبال وبطون الأودية والآجام وكل ارض ميتة لا رب لها وله صوافي الملوك ما كان في أيديهم من غير وجه الغصب لأن الغصب
كله مردود وهو وارث من لا وارث له ويعول من لا حيلة له وظاهر موثقة سماعة وحسنة ابن أبي عمير دخول كل ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب في الأنفال
وان لم يكن أرضا وهو صريح صحيحة بن وهب الآتية في الغنيمة ونسبه بعض المتأخرين إلى الأصحاب ومنها الأرض الموات سواء لم يجر عليها ملك كالمفاوز
أو ملكت وباد أهلها و (الظ) انه مما لا خلاف فيه وعن الخلاف والغنية الاجماع على أن الموات للإمام (ع) ونحوهما عن جامع المقاصد وعن التنقيح نسبته إلى
أصحابنا وعن المسالك انه موضع وفاق وفي الرياض انه لا خلاف فيه بيننا وقريب منه في الكفاية كما صرح به جمال الملة والدين في حاشية الروضة مستدلا
على ذلك بما سيأتي من الاجماع عن التذكرة على الملك بغير الاحياء ويدل عليه الأخبار المتقدمة وغيرها ثم إن التقييد يكون الأرض الميتة المملوكة مما باد
أهلها (الظ) انه للاحتراز عماله مالك معروف فإنه له وان صار مواتا نعم لو كان ملكه له بالاحياء فماتت ففي زوال ملكه عنه ورجوعه إلى ملك الإمام (ع) كما كان قبل
الاحياء قولان في باب احياء الموات ولو ماتت عمار المفتوحة عنوة (فالظ) انه كالملك الخاص المملوك
بالنواقل في عدم صيرورتها كالامام كما عن الرياض التصريح
553

به مستفيدا من السرائر نفى الخلاف فيه فاطلاق ان الموات له (ع) محمول على الموات بالأصل أو بالعارض مع بواد أهلها أو معروفيتهم إذا كان الملك بالاحياء على
أحد القولين ولا يزول ملك الإمام (ع) عنه بالاحياء بدون اذنه مثل ما يحييه الكفار والمخالفون نعم ما أحياه الكفار من الموات واخذت عنهم عنوة لان احيائهم له
كان قبل تشريع حكم الأنفال ولو فرض احيائهم لشئ من الموات بعد ذلك فغنمه المسلمون ففي ملكه لهم اشكال من عموم أدلة اختصاص الإمام (ع) بالموات ومن عموم
ان العام من المفتوحة عنوة للمسلمين نعم لو قلنا بثبوت الاذن من الإمام (ع) لاحياء الكفار (ايض‍) ملكوتها بالاحياء فيملكها المسلمون بالاغتنام وهو (الظ) من عموم قوله (ع)
من أحيى أرضا وإن كان في بعض الأخبار ما يخالفها ثم إنه قد يشكل الفرق بين الموات التي باد أهلها وبين مال من لا وارث له فان المناط إن كان هو معروفية المالك
الميت في الثاني دون الأول ففيه انه تقييد ليس في شئ من أدلتهما وإن كان هو العلم بانقطاع الوارث في الثاني دون الأول فهو (ايض‍) (كك) مع أن العلم مشكل في
الثاني والفحص لابد منه في المقامين وبالجملة فالفرق بين الموات التي باد أهلها والحياة التي باد أهلها حيث إن (الظ) كون الثاني مع الاطمينان بعد الوارث داخلا في
مال من لا وارث له الذي حكمه الصرف في الفقراء ومع عدمه داخلا في مجهول المالك الذي مصرفه الفقراء (ايض‍) وتفصيل الكلام ان الموات التي لا مالك لها كالمفاوز
لا اشكال في كونها من الأنفال فإنها القدر المتيقن من مورد النصوص ومعاقد الاجماعات واما التي لها مالك معروف مشخص فإن كان ملكه لها بالاحياء ففي باب
احياء الموات فيها قولان وان ملكه بناقل اخر (فالظ) عدم خروجها عن ملك مالكها وعن التذكرة الاجماع عليه نعم ظاهر اطلاق الفتاوى ومعاقد الاجماع قد يوهمه
الا انه مدفوع بتقييد الموات في بعض الأخبار بكونها باد أهلها وفي بعضها بكونها لا رب لها نعم قد أطلقت الموات في كثير من الاخبار وبقى هنا ما قطع بعدم
بقاء مالكها و (الظ) انه من الأنفال لكن الاشكال في أنه مال من لا وارث له أو داخلة في الموات ويظهر الثمرة عند تخصيص الأول بفقراء بلد الميت أو مطلق الفقراء
أو خصوص السادة كما احتمله في الرياض في الميراث المذكور وما يعلم بقائه ولا يتمكن من معرفة شخصه ومقتضى اطلاق الفتاوى ومعاقد الاجماع كونها من الأنفال
الا ان تقييد الموات في اخبار الأنفال تارة بما باد أهلها واخرى التي لا رب لها يوجب خروج ذلك الا ان يراد بالرب المالك المعروف و (ح) فيقع التعارض بين
أدلة مجهول المالك وأدلة الموات الا ان الانصاف انصراف أدلة الطرفين إلى غير المقام وعلى صرف الانصراف ففي الترجيح تأمل ولا يترك الاحتياط ثم إن ظاهر
كثير من الاخبار كون مطلق الأرض التي باد أهلها (من الأنفال حتى لو كانت محياة الا انها قيدت في غير واحد من الاخبار بما باد أهلها صح) وخربت (فالظ) حمل المطلق على المقيد لان المقام مقام التحديد بل لا يتوهم عند المنافاة فالأرض المذكورة
داخلة في مال من لا وارث له ان ثبت عدم الوارث لأربابها والا مجهول المالك و (ايض‍) فقد ورد في غير واحد من الروايات ان الأرض التي لا رب لها من الأنفال
وظاهره يشمل ما كانت حية من غير احياء قابلة للانتفاع إما لكثرة ورود الأمطار واما لمد الماء من البحر إليه كما في شط البصرة ونحوها سواحل بعض البحار
ويؤيده عموم ما دل على أن الأرض كلها للإمام (ع) والحاصل ان اخبار الأرضين المختصة بالامام (ع) قد اطلق في بعضها ان الموات كلها للامام وفي اخر ان له كل ارض لا رب
لها وفي ثالث كل ارض باد أهلها وفي رابع كل ارض ميتة أو خربة باد أهلها وفي خامس كل ارض ميتة لا رب لها وفي سادس ان الأرض كلها للإمام (ع) و (الظ) ان أصحابنا
قيدوا اطلاق السادس بأحد الثلاثة الأول ثم اطلاق كل منها بواحد من الرابع والخامس وسيجئ ذكر جميع الأخبار تبركا (انش‍ تع) ومنها رؤوس الجبال وبطون الأودية
والآجام ولا خلاف ظاهرا في كونها من الأنفال في الجملة ويدل عليه مضافا إلى مرسلة حماد المتقدمة ما عن العياشي بسنده إلى داود بن فرقد عن أبي عبد الله (ع) في
حديث قال قلت واما الأنفال قال بطون الأودية ورؤس الجبال والآجام والمعادن وكل ارض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب وكل ارض ميتة قد جلى أهلها
وقطايع الملوك وبسنده (ايض‍) عن أبي بصير عن أبي جعفر (ع) قال لنا الأنفال قلت وما الأنفال قال منها المعادن والآجام وكل ارض لا رب لها وكل ارض باد
أهلها فهو لنا وفي مرفوعة أحمد بن محمد ورواية ابن مسلم الاقتصار على بطون الأودية ورؤس الجبال ولا يبعد عدم القول بالفصل بين الثلاثة وهل هي مختصة
بالامام (ع) ولو كانت من الأرض المملوكة لغير الإمام (ع) من مالك خاص أو عام كالمفتوحة عنوة مقتضى اطلاق النصوص وأكثر الفتاوى ذلك مضافا إلى أنه مقتضى
جعل هذه الثلاثة أو بعضها في الاخبار قسيما للأرض المختصة به (ع) اذلو اختصت بالموجود منها في ارض الإمام (ع) لم يكن وجه لعدها من الافعال بل هي (ح) في كل
ارض تابعة لها خلافا في رؤوس الجبال للمحكى عن المعتبر والسرائر والمدارك وفي نسبة القول إلى المعتبر نظر ولعله لعدم نهوض الاخبار لاثبات حكم مخالف
للأصل وفيه بعض الغض عن منع مخالفته للأصل (مط) ان الاخبار ناهضة ولو بمعونة اطلاق فتوى الأصحاب كما نسبه إليهم في المدارك كما عن الذخيرة وحمله على ما
في الأرض المختصة به (ع) ينافي جعله قسما مستقلا وخلافا في الأخيرين لما ذكر وتوقف في الأخير منهما الفاضلان في المنتهى والمعتبر ثم إن الثمرة في رؤوس الجبال
وبطون الأودية قليلة لكونهما غالبا مواتا والآجام جمع أجمة كقصبته يجمع على أجمع كقصب والآجام جمع (ايض‍) أو جمع جمع والأجمة كما في الروضة الأرض
المملوة قصبا ونحوه كما في الروضة وفي حاشيتها للمدقق الخوانساري انه المعروف في معناها وفي القاموس انها الشجر الكثير الملتف وكانه سقط
منه لفظ ذات انتهى وكيف كان فالمراد ان الأرض المستأجمة نفسها بما فيها من الأنفال نظير رؤوس الجبال وبطون الأودية لا نفس القصب والشجر وإن كان
ذلك مما يدل عليه ظاهر لفظ القاموس كالمحكى عن المصباح المنير وكيف كان فالأقوى ان الأرض المستأجمة للامام كالموات أو هي منها فإذا وقعت في ملك مالك
لم يملكها بل ملكها الإمام (ع) نعم لو استوجمت شئ من الأرض المملوكة لشخص خاص أو مطلق المسلمين فالأقوى عدم صيرورته للإمام (ع) بل هو نظير ما لو ماتت بغير
الاستجام فإنه قد مر انها لا تخرج عن ملك مالكها بالموت الا إذا كان ملكها بالاحياء على قول لا يبعد عدم خروجها عن الملك إذا كان موتها بالاستيجام ولو على ذلك القول
؟؟ يخص القائل بكون الموت مخرجا عن ملك المحيى ما كان على وجه لا ينتفع به لا مثل الاستيجام ومما كما ذكرنا يظهر وجه تخصيص الآجام بالذكر في النصوص والفتاوى
554

مع ذكر الموات فان المراد بها الموات على غير وجه الاستيجام فان المستأجمة كالأرض الحية من حيث الانتفاع
بشجرها بل الحكم (كك) في رؤوس الجبال وبطون الأودية إذا فرض
طروها في ملك مالك وإن كان الأول منها كالمحال عادة والى ما ذكرنا أشار المحقق الأردبيلي (ره) بان هذه الثلاثة يعنى رؤوس الجبال وبطون الأودية و
الآجام داخل في الموات الا ان ذكرها للتوضيح واحتمال صرف الموات إلى غيرها فتحصل مما ذكرنا ان القائلين بكون الآجام للإمام (ع) ولو كانت في ملك الغير ان
أرادوا انها له ولو صارت ملك الغير أجمة فلا دليل لهم على ذلك الا على القول بخروج الأرض بمطلق الموت عن الملك ولو فرض حدوثه بالبيع والشراء وهو
بعيد وان أرادوا ان الآجام للإمام (ع) وان وقعت في ملك الغير بان كان استيجامه قبل ملك الغير للأرض المشتملة عليها فهو حسن ثم إن المرجع في الآجام إلى العرف
فلا يعد مثل ذراع أو ذراعين مملوة قصبا أجمة ثم إن بعضهم ذكر من الأنفال سيف البحار بكسر السين أي ساحلها ولم اقف على دليل يدل عليه بالخصوص فالواجب
الرجوع فيه إلى العمومات فإن كان الساحل مملوكا لشخص أو اشخاص ولو قاطبة المسلمين فحكمه حكم غيره من المملوكات وإن كان مواتا فهو للإمام (ع) وإن كانت حية بمعنى
قابليتها للانتفاع بها لقربه من البحر فيسقى ذرعه من جهة قرب عروقه أو بمد البحر ففي كونه من المباحات يجوز لكل أحد التصرف فيها أو من الأنفال لأنه عد منها
في غير واحد من الاخبار كل ارض لا رب لها مضافا إلى عموم ما دل على أن الأرض كلها لنا وجهان ومنها صفايا الملوك وقطايعها وضبطها في المعتبر والمنتهى والمدارك
وظاهر المسالك ما يختص به ملكهم من الأراضي وغيرها وبهذا التعميم ورد الروايات منها المرسلة المتقدمة وفيها وله صوافي الملوك ما كان في أيديهم على غير وجه
الغصب ففي موثقة سماعة الأنفال كل ارض خربة أو شئ يكون للمالك فهو للإمام (ع) ونحوها المروى عن العياشي بسنده عن أبي جعفر (ع) وفي الصحيح عن داود بن فرقد
المتقدمة ان قطايع الملوك كلها للإمام (ع) نعم صرح في حاشية الشرايع بان المراد منها ما يصطفيه الملوك لنفسهم من الأموال النفيسة ويومى إليه (ايض‍) المحكي عن مجمع الفائدة
حيث قال إن أهل الصفايا من لصفو وهو اختيار ما يريد من الأمور الحسنة الا ان المراد بها غير القرين لتعاقبها بالقطايع وهي القران والبساتين والباغات
المخصوصة ولا ثمرة مهمة في تحقيق هذا بعد ما عد في النصوص والفتاوى من الأنفال كل ما يصطفيه الامام من الغنائم قبل القسمة مسألة المعروف بين المشايخ الثلاثة
واتباعهم قدس الله أرواحهم ان ما يغنمه المقاتلون بغير اذن الإمام (ع) فهو للامام خاصة وعن الحلى دعوى الاجماع عليه والأصل فيه مرسلة العباس الوراق إذا غزا
قوم بغير اذن الإمام (ع) فغنموا كانت الغنيمة للامام وإذا غزوا بإذن الامام فغنموا كان للإمام الخمس وسند السند منجبر بعدم معروفية الخلاف بل عن المنتهى و
المسالك انه مذهب الأصحاب وربما يستشهد للمطلب بحسنة معوية بن عمار في الكافي في باب قسمة الغنيمة بابن هاشم عن أبي عبد الله (ع) عن السرية يبعثها الإمام (ع)
فيصيبون غنائم كيف يقسم قال إن قاتلوا عليها مع أمير امرة الامام اخرج منها الخمس من الله والرسول وقسم بينهم ثلثة أخماس وان لم يكونوا قاتلوا عليها المشركين كان كلما
غنموا للامام يجعل حيث أحب ولا يخفى عدم دلالتها على المطلوب الا إذا اعتبر مفهوم القيد في قوله مع أمير امرة الامام مع تأمل فيه (ايض‍) لأن المفروض ان ضمير
قاتلوا راجع إلى السرية التي يبعثها الامام فالقيد لا يكون للتخصيص قطعا ثم إن صاحب المدارك حكى عن المنتهى تقوية ان هذه الغنيمة يساوى غيرها في أنه ليس فيها الا
الخمس واستجوده للاطلاق الآية وضعف الرواية وحسنة الحلبي عن أبي عبد الله (ع) في الرجل من أصحابنا يكون في لوائهم فيكون معهم فيصيب غنيمة فقال يؤدى
خمسا ويطيب له وهذه الحسنة مع عدم مقاومتها للمرسلة حيث العمل قابلة للحمل على تحليل الامام ما عدا الخمس له كما أنه حلل الكل في زمان الغيبة على قول يأتي
مع احتمال حملها على التقية على ما سيجئ واما ما نسبه إلى العلامة في المنتهى فهو المحكي عنه في كتاب الخمس حيث إنه بعد حكاية قول الشافعي بمساواة ما يغنم بغير اذن
الامام لما يغنم باذنه مستدلا بالآية الشريفة والجواب عنها بان الآية تدل على وجوب اخراج الخمس لا على بيان المالك قال وإن كان قول الشافعي فيه قوة انتهى لكن
المحكي عنه في موضعين من كتاب الجهاد موافقة المشهور وقال إن كل من غزا بغير اذن الامام فغنم كانت غنيمة للإمام (ع) عندنا ثم إن ظاهر المرسلة وظاهر أكثر
الفتاوى بل صريح بعض عدم وجوب الخمس في هذه الغنيمة وكون الجميع للامام وصرح في الروضة بوجوب الخمس فيه ولا يبعد ان يكون مراده وجوب الخمس على
المغتنم بدون اذن الامام إذا؟ الامام ذلك له كما نقول به في زمان الغيبة لان الإمام (ع) لا يملك الا أربعة أخماس تلك الغنيمة والخمس الأخر مشترك بينه و
بين قبيلة وإن كان ظاهر الآية والجواب الذي؟؟ عن العلامة في رد استدلال الشافعي هو ذلك وقد فهم ذلك من عبارة الروضة جمال الملة الخوانساري في الحاشية
فالمغنم بدون اذن الإمام (ع) نظير من استخرج كنزا في ملك غيره فإنه لمالكه وعليه فيه الخمس وعلى هذا فلا يبقى لصاحب المدارك حجة على المشهور في الآية الشريفة لان
وجوب الخمس لا ينافي كون الكل للإمام (ع) كما ذكره العلامة في جواب الشافعي ومن الأنفال مال من لا وارث له ولو ضامن جريرة ونسبه في المنتهى إلى علمائنا أجمع
ويدل عليه الاخبار وقد تقدم بعضها مسألة المحكي عن الشيخين في المقنعة والنهاية وسلار والقاضي كون المعادن من الأنفال ونسب إلى الكليني و
شيخه علي بن إبراهيم القمي ويدل عليه مضافا إلى ما تقدم في رؤوس الجبال من روايتي أبي بصير وداود بن فرقد المرويتين عن تفسير العياشي إسحاق بن عمار المروية عن
تفسير علي بن إبراهيم قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الأنفال قال هي القرى التي خربت وانجلى أهلها فهى لله ولرسوله وما كان من ارض قد خربت لم يوجف عليه
بخيل ولا ركاب وكل ارض لا رب لها والمعادن منها ومن مات ولا وارث فماله من الأنفال ويؤيدها ما دل على أن الأرض وما اخرج الله منها لهم وهذا القول
لا (يخ) عن قوة وإن كان المشهور خلافه سيما في المعادن الظاهرة استضعافا للروايات السابقة مع القدح في دلالة الموثقة بعد فرض اعتبارها سندا
بان قوله منها يحتمل ان يكون قيدا للمعادن فيرجع الضمير إلى ارض لا رب لها مع أن المحكي عن بعض النسخ فيها بدل منها ولا يخفى ضعف الاحتمالين نعم ربما يؤيد (المش)
خلو الروايات الواردة في ثبوت الخمس في المعادن حيث إنها خالية عن التعرض لكونها للإمام (ع) مع أن ثبوت الخمس فيها ربما يشعر باختصاص الباقي بالمالك بأصل
555

الشرع لا بتحليل الإمام (ع) وان أمكن دفع هذا بان مثل هذا يجرى في المعادن المأخوذة من ارض الأنفال بوجوب الخمس لا يدل على كون الباقي للمالك بأصل الشرع
فتعين حملها على أن المأخوذ منها بان الامام فيه الخمس كما حكى عن الكليني وسلار التصريح به فرع المشهور كما في الروضة تحليل الأنفال للشيعة في زمان الغيبة
وظاهر المحكي في المختلف من عبارات الأصحاب عدم تحقق هذه الشهرة إذ لم ينقل القول بالتحليل مطلقا الا عن سلار وحكى عن الحلى المبالغة في انكار التحليل
واستحقاق المتصرف اللعن وعن الشيخ والحلى عدم جواز التصرف في الأخماس والافعال فيما عدا المناكح والمساكن والمتاجر وعن المفيد الاقتصار على أول الثلاثة
وكيف كان فمأخذ هذه الشهرة لم اقف عليه ولذا نسب في الحدائق إلى المشهور اختصاص التحليل بالثلاثة نعم هو مذهب الشهيدين والمحقق وجملة من تأخر عنهم و
لعله لعموم قوله (ع) في رواية يونس بن ظبيان ما كان لنا فهو لشيعتنا وليس لعدونا منه شئ الاما غصب عليه وان لولينا في وسع فيما بين ذه إلى ذه يعنى ما بين
السماء إلى الأرض ثم تلى هذه الآية قل هي للذين امنوا في الحياة الدنيا المغصوبين عليها خالصة يوم القيمة بلا غصب ورواية الحرث بن المغيرة النظري خطابا
لنجيه حيث سئله عن حال فلان وفلان قال يا نجيه ان لنا الخمس في كتاب الله ولنا الأنفال ولنا صفو المال وهما أول ما ظلما حقنا في كتاب الله إلى أن قال اللهم
انا أحللنا ذلك لشيعتنا ثم اقبل علينا بوجهه وقال يا نجيه ما على فطرة إبراهيم (ع) غيرنا وغير شيعتنا و (الظ) المتبادر من الخمس سيما بقرينة قوله هما أول
من ظلما حقنا هو خمس الغنائم فدلت على إباحة خمس الغنائم والانفال وصفو المال ورواية أبى سيار المتقدمة في خمس الغنائم وفيها يا أبا سيار الأرض كلها
لنا فما اخرج الله منها من شئ فهو لنا إلى أن قال كل ما كان في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محللون ومحلل لهم ذلك حتى يقوم قائمنا الخبر دلت على إباحة
جميع الأرضين للشيعة ومقتضى التفريع السابق في قوله الأرض كلها لنا فما اخرج الله (الخ) ان ما اخرج الله من الأرض من المعادن والآجام ونحوهما
فهو مباح لهم لإباحة متبوعه أعني الأرض ولا يبقى من الأنفال الغنيمة بدون الامام ومال من لا وارث له وقد استفاضت الاخبار في الثاني بالتصدق واما
الأول فسيأتي كلام فيه وفي أمثاله ورواية داود بن كثير البرقي قال الناس كلهم يعيشون في فضل مظلمتنا الا انا أحللنا ذلك لشيعتنا ويؤيد ذلك
بل يدل عليه التعليلات الآتية في حل المناكح والمساكن والمتاجر من الخمس والانفال يكون ذلك لحل الماكل والمشرب وطيب الميلاد فان هذه العلة
جارية في الأنفال نعم يشمل ساير الخمس أيضا الا انه خرج بما تقدم في خمس المكاسب من الاخبار مضافا إلى اطلاقات الخمس في مواردها وقد استدل في الدروس
على إباحة الأنفال بفحوى رواية يونس بن يعقوب قال كنت عند أبي عبد الله (ع) إذ دخل عليه رجل من القماطمين فقال جعلت فداك تقع في أيدينا الأموال
والأرباح وتجارات نعلم أن حقك فيها ثابت وانا على ذلك مقصرون فقال أبو عبد الله (ع) ما أنصفناكم ان كلفناكم ذلك اليوم ورواية الحرث بن المغيرة
الطبري عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له ان لنا أموالا من غلات وتجارات ونحو ذلك وقد عملت ان ذلك فيها حقا قال أفلم أحللنا ذا لشيعتنا لتطيب ولادتهم
وكل من والى آبائي فهو في حل مما في أيديهم من حقنا فليبلغ الشاهد الغائب ويرد عليها انها بالدلالة على سقوط الخمس أو حق الامام منه أولي فلابد إما
من القول به ولم يقل المستدل واما من حملها على ما تقدم سابقا في مسألة خمس الأرباح والا فالاخبار من هذا القبيل كثيرة الا ان ظاهرها الاختصاص
بالخمس ولا أقل من شمولها له الموهن للتمسك بها ومن هنا ينقدح النظر فيما قدمنا من الاخبار حيث إن ظاهرها سقوط مطلق حق الامام بل (مط) حق بني هاشم
مما في أيدي الناس فلابد إما من القول بالعفو عن مطلق الخمس أو حصة الإمام واما من حمل الاخبار على ما ذكرنا من حملها على صورة عدم التمكن من اخذ حقهم
وجباية حقوقهم بل عدم التمكن من اخذ الفطرة لأدائه إلى الشهرة التي لا يزالوا يكرهونها في أيام الخوف لأدائها إلى ايذائهم وإيذاء أصحابهم أو على صورة
غلبة الظلم على الشيعة بأخذ الأخماس وغيرها منهم كما يدل عليه قوله في الرواية الأولى ما أنصفناكم ان كلفناكم وقوله (ع) في الرواية الأخرى من اعوزه
شئ من حقي فهو في حل واما من حمل في مثل الروايتين على كون السؤال عن الأموال التي يقع بأيديهم ممن لا يخمس واما من حملها على صورة تعذر الايصال
في زمان الحضور واما غير ذلك والقول بان العمومات المتقدمة يعمل بها في غير موضع التخصيص وإن كان غير مخالف للقاعدة الا ان المظنون عدم التخصيص في
هذه الأخبار فلابد إما من العمل بعمومها في الأنفال والخمس واما من حملها على أحد من ما تقدم وبالجملة فتحليل مال الغير الثابت له بالأدلة القطعية بهذه الاخبار
المشتبهة دلالة المعارضة بما تقدم في خمس المكاسب في غاية الجرأة بل ربما يمكن القول بعدم اعتبار مطلق الظن هنا وإن كان قويا لان المسألة من الموضوعات
دون الاحكام ولذا أيد الحكم بالحلية بعض مشايخنا المعاصرين بأنه قد شهد جملة من العلماء كالديلمي في المراسم والعلامة وابن سعيد في الجامع بحصول التحليل من الإمام (ع)
فتقبل شهادتهم بناء على اعتبار استناد الشاهد في شهادته إلى الحس لكن هذا التأييد كما ترى لأنا نعلم استنادهم إلى الوهم الظني في المسألة الخلافية فلا
يصدق عليه الشهادة ومثله في الضعف تأييد المطلب أو الاستدلال لها باستقرار سيرة الشيعة على التصرف من غير نكير ولم يلتزم أحد بمعاملة فيها معاملة حق
الإمام (ع) في زمن الغيبة وبلزوم الجرح والضيق لو منعوا الا بعوض و (الظ) ان ما عدا الموات من الأنفال لم يحصل لنا الاطمينان بجواز التصرف فيه لأي شخص وعلى اي
وجه وغاية ما وصل إلينا من الأخبار المتقدمة التي ذكرناها مؤيدة بان عموم البلوى في هذه الأمور يقتضى وجوب رسم المصرف الخاص فيها لو لم يأذن الأئمة لشيعتهم
على الاطلاق فإنه من أهم ما يجب ان يبين مع أنه لو لم يتصرف فيها الشيعة لبقى إما بغير مصرف واما ان يتصرف فيها غيرهم ولا فائدة للمالك في ذلك فالاذن منه (ع)
تصدق منه على الناس بذلك صدقة عامة كما سيجئ في صدقة رسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما على الناس بتحليل المناكح وغيرها من السبى والغنائم واحتمال
اختصاص هذه الصدقة بالفقراء (مط) أو فقراء بني هاشم أو مطلقهم أو العدول من الناس أو بني هاشم موهون بان المعتاد المتعارف من التصدق بأمثال هذه الأمور
556

لعدم التخصيص بأحد كما في الأوقات المطلقة والقنوات والخانات ونحو ذلك مضافا إلى أن المنع عن التصرف مجانا حرج مخالف اللطف لأنه موجب لوقوع كثير
من الناس في المعصية حيث إن أغلب النفوس يصعب عليهم دفع العوض في مقابل هذه الأمور فكأنها عندهم من المباحات الأصلية فيقعون في معصية الارتكاب بل
معرض الفساد لعباداتهم ومناكحهم وهذا الوجه مستفاد من تعليل الإمام (ع) حلية المناكح فيما يأتي بطيب الولادة فان معنى ذلك أنه لو لم يحل ذلك لوقع غالب الناس في
الزنا من جهة عدم المبالاة في اخراج حقنا والا فعدم التحليل بنفسه لا يستلزم خبث الميلاد وبالظن فالظن القوى
حاصل بالاذن المطلق في الأنفال لشيعتهم و
يمكن العمل بهذا الظن من باب جعله كبعض التصرفات مثل الوضوء والشرب من مال الغير بل تصرفنا في املاك الإمام (ع) أدون من الشرب في قناة الغير مع أنه يمكن العمل هذا
بالظن وإن كان من الموضوعات نظرا إلى اشتراك المسألة مع الاحكام في انسداد باب العلم والحاجة إلى العمل في الواقعة أكثر منها في الاحكام والاحتياط متعسر
أو متعذر فيجب العمل بالظن لكن لا يخفى ان الامارات المذكورة وما ذكر في حجيتها من كفاية الظن بشاهد الحال أو كفاية الظن في المقام لعدم المناص عن العمل وعدم
التمكن الا عن الظن لا يجرى فيما لا يعم الابتلاء بها كالمغنون بغير اذن الإمام (ع) أو بدون قتال وصفايا الملوك بل يختص بما كان الابتلاء به عاما كالأراضي ورؤس
الجبال وبطون الأودية والآجام وهذه يمكن الاستدلال لها بعموم مثل رواية أبى سيار المتقدمة فان تحليل الأرض ظاهر في تحليل ما يوفيها ولتحليل ما
في رؤوس الجبال وأخويها فان الأرض (ايض‍) يشملهما ويدل على ذلك كلما دل على ملك الأرض بالاحياء فإنها تدل بالفحوى أو بتنقيح المناط على أن ما فيها تملك
بالحيازة مضافا إلى استقرار السيرة القطعية على معاملة ما في هذه معاملة المباحات الأصلية ولا يقدح في ذلك اعتقادهم اباحتها نظرا إلى المناط في حجية
السيرة استكشاف رضاء الإمام (ع) بالعمل وان لم يرض بالاعتقاد الذي هو منشأ ذلك العمل إذا لم يترتب عليه عمل اخر غير رضي وثبت بالأدلة الواضحة
الكافية في الردع فساد ذلك الاعتقاد نعم يمكن ان يستدل الحمل ما ذكر من غير الأراضي بما ورد من تحليل خمس الفئ للشيعة ليطيب ولادتهم وليحل منافعهم من ماكل
ومشرب فان مقتضى عموم التعليل بالعلة الغائية صدر تحليل هذه الغنائم الثلاثة المذكورة أعني غير المأذون وغير المقاتل عليها وقطايع الملوك
(ايض‍) منهم (ع) ويمكن ان يستدل على حل الانفاق كلية بما ورد من تحليل الخمس والفئ مسألة تحل في حال الغيبة وما يشبهها من قصور يد العدل
التصرف في المناكح والمراد بها كل جارية للإمام (ع) كلها إذا كان من الأنفال أو بعضها إذا كانت مما يخمس على المعروف بين أصحابنا رضوان الله عليهم بل عن
المنتهى نسبة الحل في زمان الحضور والغيبة إلى علمائنا أجمع نعم ظاهر الروضة القول بخلافه لجماعة ولم نعثر على المخالف غير الحلبي كما ذكره في المختلف
وعن الإسكافي لما ذكرنا سابقا في مطلق الأنفال من اقتضاء اللطف دفع هذا الحرج لئلا يقع الغالب في الاثم واستدل به الفاضلان من أنها مصلحة عامة
يعسر التفصي عنها فوجب في نظرهم (ع) الاذن في استباحة ذلك من دون اخراج حقوقهم وقد صرح الأئمة صلوات الله عليهم بذلك في اخبار كثيرة منها ما عن
غوالي اللئالي مرسلا قال سئل الصادق (ع) فقيل له يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله ما حال شيعتكم فيما خصكم الله به إذا غاب غائبكم واستتر قائمكم فقال ما أنصفناهم ان واخذناهم
ولا أجبناهم ان عاقبناهم بل نبيح لهم المساكن لتصح عباداتهم ونبيح لهم المناكح لتطيب ولادتهم ونبيح لهم المتاجر ليزكوا أموالهم ومثل قول أبى عبد الله (ع) في رواية
الفضيل قال قال أمير المؤمنين (ع) لفاطمة (س) أحلى نصيبك من الفئ لشيعتنا ليطيبوا ثم قال أبو عبد الله (ع) أمهات شيعتنا لابائهم ليطيبوا والمروى في
تفسير العسكري من ابائه عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم أنه قال يا رسول الله سيكون بعدك ملك مخصوص وجر فيستولى على خمسي من السبى والغنائم و
يبيعونه فلا يحل المشترية لان نصيبي فيه فقد وهبت نصيبي منه لكل من ملك شيا من شيعتي لتحل منافعهم من ماكل ومشرب ولتطيب مواليدهم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله
ما تصدق أحد أفضل من صدقتك وقد تبعك رسول الله صلى الله عليه وآله في فعلك أحل الشيعة كل ما كان فيه فيئه من غنيمة وبيع من نصيبه على واحدة من شيعتي
ولا أحلها انا ولا أنت لغيرهم ورواية الثمالي عن أبي جعفر (ع) في حديث قال إن الله (تع) جعل لنا سهاما ثلاثة في جميع الفئ ثم قال تبارك و (تع) واعلموا
انما غنتهم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى فالمساكين وابن السبيل فنحن أصحاب الخمس والفئ وقد حرمناه على جميع الناس ما خلا شيعتنا والله يا أبا
حمزة ما من ارض تفتح وخمس يخمس فيضرب على شئ منه الا كان حراما على من يصيبه فرجا كان أو مالا وقد تقدم رواية نجيه الدالة على تحليل الخمس والانفال
للشيعة وقد تقدم ان (الظ) من الخمس خمس غنيمة الكفار ورواية ضريس الكناسي قال قال أبو عبد الله (ع) أتدري من أين دخل الناس الزنا فقلت لا أدرى فقال
من قبل خمسنا أهل البيت الا شيعتنا الأطيبين فإنه محلل لهم ولميلادهم فان (الظ) من الخمس هنا (ايض‍) خمس الغنيمة من الجواري المنسبية كما لا يخفى على المتأمل بل (الظ)
من جميع ما كان من هذا القبيل من الاخبار إرادة الخمس بهذا المعنى لا خمس المكاسب ومن هنا يظهر ان عنوان المناكح في كلمات الأصحاب لا تشمل الجارية التي هي
من جملة مال التجارة إذا تعلق به الخمس فان (الظ) حرمة التصرف فيه إذا بنى المتصرف على عدم الضمان وتصرف فيها كتصرفه في أمواله و (كك) الجارية التي
اشتريت بعين المال الذي تعلق بعينه الخمس كالمعادن والغوص والحلال المختلط فان (الظ) حرمة وطى تلك الجارية لعموم ما يدل على حرمة شراء الخمس المكنى
به عن مطلق المعاملة به المستلزم لحرمة ما يحصل بيد الناقل من عوضه نعم ربما يظهر من بعض الأخبار عموم كل جارية تعلق به حق الإمام (ع) مع أن في
التعليل بطيب الولادة دلالة عليه الا ان يدعى انصرافه إلى ما هو الغالب في أمهات الأولاد عن تملك الشيعة لهن إما بالسبي واما بالاشتراء عن السابي
وهو الأغلب واما المنتقلة إما بإزاء عين مال تعلق به الخمس أو ما كان من جملة مال تجارة تعلق بعينه الخمس فهو في غاية الندرة و (الظ) عدم شمول الاخبار لمثله
حتى مثل قوله (ع) انا أحللنا أمهات شيعتنا لآبائهم ليطيبوا بل ربما يتأمل في شمولها لما إذا كان السابي شيعيا فان الظاهر عدم انصراف الاخبار إليه لان
557

الغالب هو انتقال السبايا إلى الشيعة بالشراء ولو فرض حضورهم معهم في الاغتناء فالمنتقل إليه هو الحاصل بعد القسمة فكأنه (ايض‍) وصل منهم إليه
انما الكلام فيما لو استقل الشيعة بالاغتنام ولا بعد في أن لا يملكوا (ح) حق الإمام (ع) وان ملكوا حقه إذا انتقل ما فيه الحق إليهم من غيرهم نظير حرمة تصرفهم في مكاسبهم
وأموالهم التي تعلق بها الخمس مع حلية التصرف فيما ينتقل من ذلك من غيرهم إليهم ولا ينفع التمسك بعموم التعليل لأنه (ايض‍) وارد مورد الغالب فكان المراد رفع
المفسدة الحاصلة من انتشار السبى والغنائم وعموم ابتلاء الشيعة بهما ووقوعهم من أجل ذلك في الزنا الا ان (يق) انه لا مانع من أن يكون المراد رفع خبث
الميلاد عن الشيعة من أي سبب حصل من الأسباب التي كان بيدهم رفعها فيحل لهم المناكح التي يتعلق بها حقوقهم من أي جهة كان الا ان ما اخترناه أولا هو
مقتضى الجمع بين اخبار التحليل وبين ما سبق من صحيحة الحلبي في الرجل من أصحابنا يكون في لوائهم فيصيب غنيمة قال يؤدى خمسنا ويطيب له الباقي ثم (الظ) ان
المراد بالمناكح مطلق الجواري القابلة للوطئ لا خصوص المتولدات منهن وإن كان يتراءى ذلك من بعض الأخبار ومن التحليل لكن التحقيق ان المراد حل ما يتعلق
بالمنكح حتى أنه لو وقع النكاح وانعقدت النطفة لا يكون ولد حرام وحاصله ان العلة الغائية إرادة رفع الزنا وتقليل أولاد الحرام وعدم خبث ميلاد الشيعة
وهذا وإن كان يتحقق عقلا بان يكون المباح منحصرا في الموطوءات بل فيمن صارت منهن أمهات الشيعة الا ان ظاهر التعليل بهذا الغاية تحليل الكل لئلا يتفق خلافها
وهذا واضح نعم حل التصرف في العبيد لا يستفاد من عنوان المناكح بل هو غيره من العنوانات ثم إنه ربما يعتبر المناكح بما يشمل الجارية المشتراة من مال الخمس ومهور
النساء وفيه انهما ان دخلا في المؤنة المستثناة من أرباح المكاسب فهو مسلم لكن (الظ) خروجه عن هذا العنوان أو الا فلا دليل على اباحته مسألة المشهور
على إباحة المساكن كالمناكح ويدل عليه مضافا إلى رواية الغوالي المتقدمة انها من جملة الأرض وقد عرفت ان ما بأيدي الشيعة من الأرض فهم فيه محللون
وربما يراد بالمسكن ثمن السكنى الموضوع من مال الخمس وفيه ما تقدم من أن الوضع إن كان من أرباح المكاسب فمن سنة الاستفادة مع الحاجة العرفية فهو محلل بمعنى ان
الخمس لا يتعلق الا بعده وإن كان من غير ذلك فلا دليل على الوضع نعم قد يشكل الامر فيما إذا اتخذ مسكنا من عمارات أهل الحرب التي لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب
أو غنمت بغير اذن الإمام (ع) فان في شمول أدلة تحليل الأرض لتحليل البنيان وسائر الأمور الخارجة من الأرض نوع خفاء ثم إن (الظ) ان المساكن المأخوذة
من الأرض المفتوحة عنوة (كك) من حيث إباحة الخمس منها إذ قد عرفت وجوب الخمس فيها عينا أو ارتفاعا لكن ظاهر الاخبار المحللة للأرض للشيعة سقوط هذا
الحق منها ولا ينافيه تعرض العلماء لوجوب الخمس فيها لانهم يتعرضون لذلك عند بيان سيرة الإمام (ع) في الأراضي مع أنه يمكن ان (يق) ان تحليل الأنفال التي
هي للإمام (ع) مستلزم لتحليل ما هو (ع) مشترك فيه بالطريق الأولى والمشهور إباحة المتاجر (ايض‍) والمساعد إليه الأدلة هو ما يقع التجارة به من الأموال التي ينتقل
ممن لا يخمس فان عموم ما دل على عدم حل شراء الخمس حتى يأذن له أهل الخمس وان أوجب المنع بدون الاذن الا ان ظاهر ما تقدم من اخبار حل الخمس والفئ للشيعة هو
ذلك بل هو صريح الرواية المتقدمة من تفسير العسكري (ع) المشتملة على تعليل حل ما ينتقل إليهم من الغنائم يحل منافعهم من ماكل ومشرب بل تقدم ان الخمس الذي
حللوه للشيعة منصرف إلى ما كان منتقلا إليهم بالمعاملة لا ما إغتنموه بأنفسهم نعم ظاهر هذه الأخبار اختصاصها بالمال المنتقل ممن لا يعتقد الخمس كالمخالف
واما من لا يخمس مع اعتقاده ففي جواز الشراء منه اشكال أقربه عدم الجواز لعموم حرمة شراء الخمس قبل وصول حقهم (ع) وصريح الروضة كظاهر المحكي عن السرائر
الجواز ثم إن المنفى في المتاجر هو الخمس المتعلق بها قبل الانتقال واما يتعلق بربحها الحاصل في هذه التجارة (فالظ) عدم سقوطه لعموم أدلة الثبوت في أرباح
المكاسب وعدم الدليل على السقوط فان ظاهر أدلة السقوط سقوط ما فيها قبل الانتقال فلا ينافي الثبوت إذا أتجر بها ولا يقدح السكوت عنه في هذه الأخبار
لأنها واردة فيها ينتقل إلى الشيعة لأجل القينة لا لأجل التجارة كما يناسبه التعليل بطهارة الميلاد وحل الماكل والمشرب مع أن الكلام مسوق
لبيان حكم اخر فلا ينفى الخمس عن الربح الذي قد يتفق في هذه المعاملة ثم الظاهر أن تحليل الثلاثة موجب لتملك ما يحصل بيد الشيعة منها بالمباشرة لتحصيله أو
بالانتقال إليه من غيره لا لمجرد جواز التصرف ولذا يجوز وطى الأمة وعتقها وبيعها وبيع المساكن ووقفها ونحو ذلك و (الظ) انه لا يقول أحد بغير ذلك وفي تطبيق هذه
الإباحة على القواعد اشكال من وجوه مثل ان الإباحة ليست بتمليك يوجب ترتيب اثار الملك سيما في مثل الجواري وان متعلقها لابد ان يكون موجودا حال الإباحة
مع عدم المباح والمباح له حين الإباحة غالبا ومن أن اللازم من التمليك صيرورته للشيعة كالأرض مفتوحة عنوة للمسلمين لا يختص بواحد دون اخر وان أحيى الأرض
أو حاز المال بل كان اللازم على المحيى أداء خراج الأرض فيجعل البيت المال للشيعة والذي يهون الخطب الاجماع على انا نملك بعد التحليل الصادر منهم صلوات الله عليهم
كل ما يحصل بأيدينا تحصيلا أو انتقالا فهذا حكم شرعي لا يجب تطبيقه على القواعد نعم يمكن ان يقال الأصل والمنشأ في ذلك أحد أمرين أحدهما ان (يق) ان
تملكهم (ع) الفعلي لم يتعلق بهذه الأمور ليلحقه الإباحة والتحليل فيشكل بما ذكر وانما كان ذلك حكما شانيا من الله سبحانه واذنهم ورفع يدهم رافع لذلك الحكم الثاني
بمعنى ان الشارع بملاحظة رضاهم بتصرف الشيعة لم يجعل هذه الأمور في زمان قصور يدهم ملكا فعليا لهم بل أبقاها على الحالة الأصلية فهى باقية بواسطة
ما علم الله (تع) منهم من الرضاء على اباحتها الأصلية بالنسبة إلى الشيعة وهذا نظير الحرج الدافع للتكليف الثاني كما في نجاسة الحديد ولا مخالفة في ذلك الاخبار
اختصاص هذه الأمور بالامام (ع) نظرا إلى أن صيرورتها من المباحات انما نشأ من شفقتهم القديمة على الشيعة قبل شرع الاحكام فجواز التصرف منوط برضاهم (ع) ولا
يجوز التصرف بدون رضاهم ومن تصرف بدون رضائهم فهو ظالم لهم غاصب لحقهم ولا معنى للاختصاص أزيد من ذلك الثاني ان (يق) بثبوت ملكهم لها فعلا الا ان
معنى ملكيتهم الفعلية ليس أمرا ينافي ملكية الشيعة لها بالاحياء والحيازة حتى يكون ملكية الشيعة لها بالانتقال عن ملك الإمام (ع) وان صرح في بعض الأخبار
558

بلفظ الهبة الظاهر في الانتقال بل هو معنى تشبه في الجملة بملكية الله (تع) سبحانه للأشياء وإن كان ذلك ملكا حقيقا مساويا لملكية نفس العباد الا ان هذا
المعنى كالقريب منه بمعنى ان الله (تع) سلطهم على هذه الأموال سلطنة مستمرة لهم ان يأذنوا لغيرهم في التملك ولهم ان يمنعوا وليس الاذن علة محدثة للتملك حتى
يحتاجوا في ارجاعه بعد تملك الغير إلى أنفسهم إلى تملك جديد نظير المولى المملك لعبده حيث إنه بعد تملك المعبد ليس مالكا بل هو مالك لان يملك بل ملك المالك دائر
مع رضاهم وناش عنه ثم إنه قد صرح بعض سادة مشايخنا في المناهل بأنه لو كان في يد المخالف شئ من هذه الأنفال بحيث نعلم بعدم انتقالها إليه من يد مؤمن فيجوز
ان يستنقذ منه ذلك بأنواع الاخذ مثل الخدعة والسرقة والقهر إذا امكنه لأنه غصب في أيديهم وعن الشهيد في بعض حواشيه على القواعد حرمة ذلك
كما صرح به في الروضة بل عن الأول وجوب رده بل بطلان صلاته قبل الرد وظاهر الاخبار وإن كان هو الأول الا ان (الظ) من بعض الأخبار وجوب المعاملة
معهم على ما يعتقدون في مثل الملكية والزوجية من الأمور المضافة إلى الاشخاص دون مثل الطهارة والنجاسة
في الأعيان
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين النظر الثالث في الخمس وهو لغة رابع
الكسور وشرعا اسم لحق في المال يجب للحجة وقبيله وهو واجب في غنائم دار الحرب بالكتاب والسنة والاجماع وظاهر الثلاثة عدم الفرق بين ان يكون بعد اخراج
المؤنة على التفصيل المذكور في الجهاد وقد حواها العسكر أو لا كالأرض ونحوها ما لم يكن غصبا من محترم المال فان المغصوب مردود واطلاق العبارة يشمل ما لو كان
الغزو بغير اذن الإمام (ع) وإن كان الكل (ح) للإمام (ع) الا انه لا ينافي وجوب الخمس فيه كما صرح به في الروضة ويظهر من المنتهى حيث قال في رد الشافعي القائل بان حكمها
حكم الغنيمة مع الاذن مستدلا بالآية ان الآية غير دالة على مطلوبه لأنها انما تدل على وجوب اخراج الخمس لا على المالك لكن ظاهر كلام الباقي بل صريح بعضهم
عدم وجوب الخمس ويلحق بغنائم دار الحرب مال البغاة التي حواه العسكر بناء على قسمة ذلك كما عن الأكثر لعموم الآية نعم في رواية أبي بصير كل شئ قوتل عليه
على شهادة ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله فان لنا خمسه ولا دلالة فيها ظاهرة واما ما يؤخذ الكفار غلبة (فالظ) انه لا خمس فيه الا من حيث الاكتساب
فيراعى فيه مؤنة السنة ولو كان القتال لغير (الدعاء إلى صح) الاسلام ففي الحاق المغنوم بما اخذ قهرا من غير قتال أو بما اغتنم بالقتال الغير المأذون أو بالقتال المأذون
وجوه متدرجة في القوة وقد ورد في غير واحد من الاخبار إباحة مال الناصب ووجوب الخمس فيه ويظهر من الحدائق اتفاق الطائفة المحقة على الحكم
بجواز اخذ مال الناصب وهو بعيد و (الظ) من شرحي المفاتيح والارشاد للمحققين البهبهاني والأردبيلي الاتفاق على الخلاف وأول الحلى خبر الجواز
بالناصب للحرب للمسلمين لا ناصب العداوة للشيعة ولعله لعدم الخروج بهما عن الأصول والعمومات وهو حسن ثم إن مقتضى اطلاق العبارة وصريح غيرها
كظاهر الأدلة وجوب اخراج الخمس من الأراضي المفتوحة عنوة وان اختلف كلامهم في وجوب الاخراج من ارتفاعها كما عن التحرير أو من عينها كما هو (ظ) الوسيلة
وعبارتي المبسوط والسرائر أو يتخير بينهما كما في القواعد والشرائع وأنكر ذلك كله في الحدائق محتجا بعدم الدليل وبما يظهر من الأخبار الواردة في حكم أراضي الحكم
المصرح في بعضها بأنه ليس للإمام (ع) من ذلك قليل ولا كثير و (كك) خبر خصوص ارض خيبر فان أراد عدم ثبوت الخمس في تلك الأراضي بل وفي مطلق غير المنقول
(فالظ) انه مخالف لفتوى الأصحاب وظاهر الأدلة مثل الآية مثل الآية ورواية أبي بصير المتقدمة وان أراد العفو عنه في ضمن عفوهم (ع) عن جميع مالهم في الأراضي كما
سيجئ في الأنفال من الروايات العامة في تحليل حقوقهم مما في أيدي الشيعة من الأراضي فله وجه ويؤيده خلو كلماتهم في باب احياء الموات عن وجوب
اخراج الخمس من ارتفاع هذه الأراضي عدا ما حكى عن التحرير لكن (الظ) كما قيل إنهم اعتمدوا في ذلك على ما ذكروه في باب الخمس والجهاد فليس في ذلك
شهادة على السقوط كما ليس في خلو الاخبار شهادة على العفو والسقوط فضلا عن عدم الثبوت لاحتمال ابتناء ذلك على تعلق الخمس بعينها فيكون
النظر في تلك الأخبار إلى ما يبقى للمسلمين بعد اخراج الخمس (فت‍) واما اخبار الأراضي فلا يبعد دعوى اختصاصها بأراضي الأنفال ويتفرع على ما ذكر
جواز الحكم بملكية ما في يد المسلم من بعض تلك الأراضي وان علمنا بكونها محياتا حال الفتح انتقالها على وجه الخمس أو لاحتمال بيع الامام لها لمصلحة كما
صرح لذلك بعضهم في الأرض التي يشتريها الذي من أراضي الخراج ويجب الخمس (ايض‍) في المعادن بالاجماع المحقق والمستفيض من محكيه كالاخبار مضافا
إلى عموم الكتاب بناء على أن ما غنمتم عام لكل ما استفيد واكتسب ولو قلنا بان لفظ الغنيمة منصرف إلى غنيمة دار الحرب و لعله لهذا اشتهر بين الأصحاب
التمسك به لوجوب الخمس في مطلق المغنوم بل نسب الاستدلال به إلى الأصحاب كافة عدا شاذ بل ادعى في الرياض الاجماع على عموم الآية هذا مضافا إلى الأخبار المستفيضة
المفسرة لها بالمعنى العام (فت) بعض متأخري المتأخرين في عمومها من جهة ظهور سياق الآية في الجهاد في غير محله وقد اختلف ظاهر عباراتهم في
تفسير المعدن ففي المسالك والروضة انه كلما استخرج من الأرض مما كان أصله منها ثم اشتمل على خصوصية يعظم الانتفاع به وفي البيان انه الحق به حجارة الرحى
وكل ارض فيها خصوصية يعظم الانتفاع بها كالنورة والمغرة ويشكل بمثل النفط وشبهه وببعض افراد الطين والحجر الذي يعظم الانتفاع بها مع بقاء صدق الأرض
عليه كحجارة النار والرحى وطين الغسل فان في صدق المعدن عليها في العرف حقا وان عدها جماعة منه كالشهيدين وظاهر المحقق الثاني وقد عد البرام في القواعد
والروضة من المعادن الظاهرة في باب احياء الموات مع أن المحكي من المنتهى التصريح بان المعدن ما كان في الأرض من غير جنسها وعرفه في موضع اخر منه كما عن التذكرة
بأنه ما استخراج من الأرض مما يخلق فيها من غيرها مما كان له قيمة مدعيا في صريح محكى الثاني وظاهر الأول انه قول علمائنا أجمع ومثلهما المحكي عن نهاية ابن الأثير
559

والأزهري وعن القاموس ان المعدن كمجلس نبت الجوهر من ذهب ونحوه وكيف كان فلا اشكال فيما ذكره (المصن‍ ره) تمثيلا بقوله كالذهب والفضة والرصاص
والياقوت والزبرجد والكحل والعنبر على بعض والقير والنفط والكبريت ووجوب الخمس في الأربعة الأخيرة منصوص بزيادة الملح وما عداها لا اشكال في
اطلاق اسم المعدن عليه فيبقى الاشكال في الأمور المتقدمة وفي مثل المغرة والنورة والجص وعن الشيخ الجزم باندراجها في المعادن وعن الحلى عدا المغرة و
النورة والاعتراض على الشيخ في الجمل حيث حصر المعدن في خمسة وعشرين ولم يعدهما واعتذر عنه (المصن‍ قده) في المختلف بأنه لم يقصد بذلك الحصر بل عد
أغلب المعادن وتوقف في جميع هذه جماعة من متأخري المتأخرين ويمكن الاحتجاج للأولين بصحيحة ابن مسلم قال سئلت أبا جعفر (ع) عن الملاحة فقال وما
الملاحة فقلت ارض سبخة مالحة يجتمع فيها الماء فيصير ملحا فقال هذا مثل المعدن فيه الخمس فقلت فالكبريت والنفط يخرج من الأرض فقال هذا وأشباهه
فيه الخمس بناء على أن مماثلة الأجزاء الملحية من الأرض المعدن ليس بأوضح من مماثلة المغرة والنورة وطين الغسل والجص (فت) وفي رواية الشيخ بدل قوله هذا
مثل المعدن قوله هذا المعدن فيه الخمس ولعل دلالته (ح) أوضح (فت) ومورد الاشكال في هذه الأمور وجوب الخمس من حيث المعدنية ليراعى فيه النصاب ولا يراعى
فيه مؤنة السنة أو من حيث الاكتساب فعكس المراعاة والا فلا اشكال في أصل الوجوب في الجملة ومقتضى
عمومات الوجوب في الصنايع والاكتسابات بعد مؤنة
السنة السليمة في المقام عن معارضة ما دل على احكام المعدن هو الأخير نعم لو صدق الركاز على مطلق ما ذكر في الأرض مما امتاز منها في الجملة أمكن التمسك له
بصحيحة زرارة قال سئلته عن المعادن ما فيها قال كلما كان ركازا ففيه الخمس وقد يستشكل بان العبرة في الاشتمال على خصوصية توجب عظم الانتفاع
بناء على ما تقدم عن البيان والمسالك إن كان قبل العلاج فلا ريب ان الحجارة التي يحصل منها النورة بالاحراق ليس فيها خصوصية وإن كان بعده فيدخل ما
يصنع من الطين بعد الطبخ مثل التربة الحسينية المطبوخة وظروف الخزف سيما المعروف منها بالصيني فالخصوصية الموجودة في حجارة النورة ليست بأزيد
من الموجودة في الطين القابل لجعله من ظروف الخزف سيما الصيني وشبهه والسحات الرفيعة بل يشكل بين الطين الخاص التي يعمل منها هذه الأمور وشبهها
وبين الجص الغير المطبوخ ولعله لذا قيل إن لوجوب الخمس فيما يحتاج إلى عمل من التراب كالتربة الحسينية (ع) والظروف وآلات البناء وجها وكيف كان فظاهر
الأدلة اختصاص الخمس بالمعدن المستخرج من ماخذه فلو وجد شئ منه مطروحا في الصحراء فاخذه فلا خمس فيه على ما جزم به بعض وقد يشكل الفرق بينه و
بين ما صرح به (المصن‍) والشهيد من أن ما يخرجه الانسان من المعدن في ملك غيره فهو للمالك وعليه الخمس وليس للمخرج وحمله على كون المخرج أجيرا و نحوه
خلاف (الظ) وقد صرح غير واحد بوجوب الخمس في العنبر المأخوذ من وجه الماء أو من الساحل و (الظ) ان وجه الماء ليس معدنا للعنبر نعم نازعه المحقق
الأردبيلي (ره) في ذلك تفريعا على ما اعترف به من أن المتبادر من المعدن ما استخرج من معدنه قال الا ان يكون معدن العنبر وجه الماء وكيف كان فإنما
يجب الخمس بعد اخراج المؤنة لتحصيلها مصفاتا اجماعا نصا وفتوى وبلوغ الباقي النصاب وفاقا لجمهور المتأخرين للأصل ولصحيحة البزنطي عن مولينا
الرضا (ع) قال سئلته عما اخرج من المعدن من قليل أو كثير هل فيه شئ قال ليس فيه شئ حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين دينارا خلافا للمحكى عن كثير
من القدماء فلم يعتبروا نصابا بل عن الخلاف والغنية والسرائر دعوى الاجماع عليه للاطلاقات اللازم تقييدها بالصحيحة أو الموهونة بها كوهن دعوى الاجماع
بالاشتهار الخلاف بين المتأخرين فلا محيص عن الرجوع إلى الأصل وعن الحلبي والصدوق اعتبار بلوغ دينار وهو شاذ ومستنده محمول عند جماعة
على الاستحباب وهل يجرى بلوغ قيمته مأتى درهم أم لابد من بلوغه عشرين دينارا قولان منشأهما ظهور قوله ما يجب في مثله الزكاة في الأول وظهور
الاقتصار في بيانه على عشرين دينارا مع أن الأصل في نصاب الزكاة الدراهم واعتبر بالدنانير لأنها عدل الدراهم كما في غير واحد من الاخبار في الثاني فيدور
الامر بين حمله الموصول على المقدار من جنس الدينار وبين حمل العشرين دينارا على مجرد المثال فيراد عن الموصول المقدار عن مطلق النقد ولعل الأول أولي مع أنه
أوفق بالأصل وإن كان الثاني أوفق بالاطلاقات وظاهر الصحيحة اعتبار النصاب بعد المؤنة كما صرح به جماعة بل نسبه في المسالك إلى ظاهر الأصحاب وعن
الرياض ظهور الاجماع عليه لأنها تدل على ثبوت الخمس في مجموع النصاب فلو اعتبر قبل اخراج المؤنة لم يكن الخمس في مجموعه بل في الباقي منه بعد المؤنة خلافا لصاحب
المدارك وبعض مشايخنا المعاصرين فاعتبراه قبله اقتصارا على المتيقن في الخروج عن الاطلاقات وهو ضعيف وهل يعتبر وحدة الاخراج ولو عرفا في
البلوغ المخرج النصاب لم يجب فيما بلغه ولو باخراجات متعددة مفصولة ولو تنجلل الاعراض في الأثناء قولان من اطلاق الصحيحة ومن دعوى انصرافها إلى
الاخراج الواحد إلى الاخراجات المتحدة عرفا وعليهما يبتنى الخلاف في اعتبار اتحاد النوع في بلوغ النصاب وعدمه وظاهر البيان وحاشية الشرائع التوقف
هنا ولو اشترك جماعة في استخراج المعدن فصريح جماعة اعتبار بلوغ نصيب كل واحد النصاب وظاهر الصحيحة كفاية بلوغ المجموع كما اعترف به في البيان
الا ان (يق) ان ما يجب في مثله الزكاة هو عشرين دينارا لمالك واحد وفيه نظر نعم ظاهر أدلة وجوب الخمس في المعدن استقلال الاشخاص في التكليف
فإذا قيد المعدن بما بلغ النصاب فيرجع إلى أنه يجب على كل أحد اخراج الخمس مما استخرجه إذا بلغ النصاب ثم إن العبرة في النصاب بقيمة يوم الاخراج لأنه
(الظ) فما عن الشهيد من الاجتزاء بالقيمة التي كان النصاب عليها في صدر الاسلام ضعيف جدا ثم إن المعدن إذا كان في المباح (فالخمس لأهله والباقي لواجده وان وجد في ملك فهو مالكه فعليه الخمس صح) وليس له (ح) وضع مؤنة
الاخراج و (الظ) ان الموجود في أراضي الأنفال مع عدم تملكها بالاحياء يملكه الواجد مع احتمال عدم تملك المخالف أو الكافر له لما دل على أن أموالنا لشيعتنا
وليس لعدونا منه شئ واما الموجود في الأرض المفتوح عنوة (فالظ) انه للمسلمين لا كأصل الأرض بل كسائر المباحات لهم ويحتمل عموم الإباحة و كون
560

الناس شرعا فيها سواء و (الظ) تعلق خمس المعدن بعينه على ما يظهر من كثير من كلماتهم بل عن ظاهر المنتهى عدم الخلاف وتبعه في الغنائم لظهور الأدلة في ذلك
من الكتاب والسنة بل هو ظاهر لفظ الخمس لكن (الظ) دفع القيمة لما سيجئ ولذا قال في التحرير والمنتهى على ما حكى لو باع الواجد جميع المعدن فالخمس عليه وإن كان
قوى في محكى مجمع الفائدة العدم لظهور الأدلة في ذلك وان قياسه على الزكاة في جواز الضمان فاسد ومال إلى ذلك (ايض‍) في المناهل إذا لم يترتب على الاخراج
من العين ضرر ولا فرق في ثبوت الخمس بين المسلم والذمي سواء ضعناه من العمل في المعدن كما عن الشيخ أم لا لعدم الدليل عليه الا ما يظهر من الأدلة في ارض
المسلمين ولا بين الحر والعبد وإن كان ما يخرجه غير المكاتب لسيده ولا بين الكبير والصغير لأنه أهل للاكتساب ولا يعتبر فيه حول ولا يخرج منه
مؤنة غير مؤنة التحصيل و (الظ) ان أول وقته بعد التصفية فيما يحتاج إليها (لظ) صحيحة ما عالجته بمالك ففيه ما اخرج الله سبحانه من حجارة
مصفى الخمس وفي فورية الاخراج ما تقدم في الزكاة واعلم أنهم اختلفوا في حقيقة العنبر فقيل إنه بنات من البحر وقيل إنه عين من ماء البحر وقيل
شئ يقذفه البحر إلى جزيرة فلا يأكله حيوان الا مات ولا ينقره طائر الا نصلت منقاره ولا وضعت أظفاره الا نصلت وقيل إنه روث دابة بحرية
وانه شئ في البحر يأكله بعض دوابه لدسومته فيقذفه رجيعا فيطفوا على وجه الماء فيلقيه الريح إلى الساحل ولا اشكال ولا خلاف كما في المدارك
وعن الذخيرة في وجوب الخمس فيه لصحيحة الحلبي قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن العنبر وغوص اللؤلؤ قال
عليه الخمس وظاهرها عدم الفرق بين ما يؤخذ
من الساحل أو من البحر أو من وجه الماء أو من الجزيرة انما الاشكال في أنه يعتبر فيه نصاب الغوص أو نصاف المعدن ويفرق بين افراده ولا يعتبر فيه نصاب
أصلا بل يدخل في المكاسب فيخرج منه مؤنة السنة أولا يعتبر فيه ذلك (ايض‍) لاطلاق صحيحة وربما يستظهر من وجدة السياق فيه وفي غوص البحر اعتبار
نصاب الغوص فيه وفيه نظر وفي المسالك انه ان اخذ من تحت الماء فهو غوص ولو اخذه من وجهه فمعدن ومع قصوره عنه فكسب فيلحقه حكم ما الحق به
وهو حسن مع عموم أدلة المعدن له ولا (يخ) عن نظر إذ بعد تسليم صدق المعدن على العنبر قد عرفت التأمل من المحقق الأردبيلي لان (الظ) المتبادر الشئ المأخوذ
من معدنها الا ان (يق) المتبادر المأخوذ من منبته فالأقوى ان غير المأخوذ من تحت الماء ليس غوصا قطعا فيتردد بين عنوان المعدن وعنوان المكسب وظاهر
الصحيحة وجوب الخمس فيه من حيث الخصوص مع أن اطلاقه ينفى اخراج مؤنة السنة واقترانه مع غوص اللؤلؤ يأبى تقييده بما بعد الاخراج فينتفى احتمال دخوله
في عنوان المكسب ويتعين الأول وبعد ظهور الاجماع على حصر عنوانات الغنيمة في الأمور المتعددة يتعين دخوله في المعدن فيعتبر فيه نصابه وفاقا للمحكى
عن الأكثر والأحوط اخراج الخمس منها وان لم يبلغ نصابا وان لا يخرج منه الا مؤنة التحصيل التي لا خلاف في اعتبارها ويجب الخمس في الكنوز في الجملة
بالأدلة الثلاثة وقد عرفت جماعة الكنز بأنه المال المذخور تحت الأرض وزاد في المسالك والروضة قيد القصد إلى الذخر وان للمختفي بنفسه حكم اللقطة و
زاد بعضهم قيد كونه للادخار لا لمجرد الحفظ في زمان قليل لكن في كشف الغطاء انه ما كان من النقدين مذخورا بنفسه أو بفعل فاعل وفيما فيه من التخصيص و
التعميم نظر الا ان يرجعا إلى الحكم دون الموضوع نعم ظاهر المحكي عن جماعة موافقته في تخصيص الحكم بالنقدين واختاره بعض مشايخنا في مستنده وهو خلاف اطلاق
الاخبار ومعاقد الاجماعات مضافا إلى خصوص صحيحة زرارة المتقدمة في المعادن كل ما كان ركازا فيه الخمس للمذخور بغير قصد وللمذخور في غير الأرض
كالسقوف والحيطان وبطون الأشجار ولعله المستند في حكم غير واحد بالخمس فيما يوجد في جوف الدابة وبطن السمكة والا فتعرفيهم للكنز ينافي ذلك ولذا
عطف في الدروس الركاز على الكنز لكن الانصاف انصراف الركاز إلى المدفون في الأرض ولذا ذكر في كشف كالغطاء مع ما عرفت من تعميمه للمذخور بغير قصد ان
ما يوجد في ارض الكفار مدخرا في جدار أو بطن شجرة أو خباء في موت أو خشب أو تحت حطب فهو لواجده من غير خمس ويعتبر في الكنز النصاب بلا خلاف و
حكاية الاتفاق فيه مستفيضة ويدل عليه مضافا إلى ذلك صحيحة البزنطي عن مولينا الرضا (ع) قال سئلته عما يجب فيه الخمس من الكنز فقال ما يجب في مثله
الزكاة ففيه الخمس وفي مرسلة المفيد في المقنعة عن الرضا (ع) قال سئل (ع) عن مقدار الكنز الذي يجب فيه الخمس فقال ما يجب فيه الزكاة من ذلك ففيه الخمس و
ما لم يبلغ حد ما تجب فيه الزكاة فلا خمس فيه وفي الغنية ان نصابه دينار مدعيا عليه الاجماع وهو شاذ وان جعله الصدوق في أماليه من دين الإمامية و
دعوى اختصاص الركاز وضعا أو الكنز انصرافا بالنقدين ممنوعة وأشد منهما منعا ما ذكره شيخنا المعاصر في مستنده من دعوى تقييد اطلاقهما
بالصحيحة الآتية في نصاب الكنز قال سئلته عما يجب فيه الخمس من الكنز فقال ما يجب في مثله الزكاة فيه الخمس بناء على أن حمل المثال فيها على الأعم من العين والقيمة
تجوز لا دليل عليه وفيه نظر لا يخفى وظاهرها كفاية بلوغ أحد نصابي الزكاة ولو كان مسكوكا من أحد النقدين فلو كان عشرة دنانير قيمتها في هذا
الزمان مأتا درهم وجب فيه الخمس بناء على أن ظاهر الرواية المماثلة في مقدار الغنيمة فقط الا ان (يق) ان الظاهر من المماثلة هو ان يبلغ ما كان من أحد
النقدين نصابه وإن كان من غيرهما فيكفي قيمة أحدهما فيصدق على عشرة دنانير انه لا يجب في مثله الزكاة بخلاف مقدار من الحديد يسوى عشرة دنانير و
مأتى درهم ولذا قال في المنتهى ان هذا المقدار المعين معتبر في الذهب والفضة يعتبر فيهما مائتا درهم وما عداهما فيه قيمة أحدهما نعم حكى عن جماعة
كالمحقق في الشرائع الاقتصار على نصاب الدينار ولم يعلم له وجه وفي المسالك انه ينفى القطع بخلافه ثم ظاهر الصحيحة مساواة الكنز للمال الزكوي في
مبدء تعلق الحق لا من كل وجه حتى يقال باعتبار النصاب الثاني للنقدين في الخمس (ايض‍) فما في المدارك ضعيف جدا مخالف للاطلاقات مع اعترافه بعدم القائل
به و (ايض‍) فالظاهر من الصحيحة بلوغ النصاب مع وحدة الاخراج عرفا ولو تعدد المدفون بخلاف ما لو تعدد الاخراج من أمكنة غير متحدة عرفا و (الظ) تعلق
561

الخمس هنا بالعين بل هو اتفاق كما حكاه بعض لكن (الظ) جواز اخراجه من قيمته يدل عليه ما رواه في الوسائل عن الكليني بسنده عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه
فيمن وجد كنزا فباعه بغنم فقال أمير المؤمنين (ع) أد خمس ما أخذت فإنك أنت الذي وجدت الركاز وليس على الأخر شئ لأنه انما اخذ ثمن غنمه وحملها على
اجازته (ع) لبيع الحصة يأباه ظاهر التعليل لكن سند الرواية ليس بذلك ثم إن وظيفة هذا الباب وإن كان هو التوجيه لبيان الخمس في الكنوز بعد الفراغ
عن تملك الواجد لها الا انه جرى ديدنهم بذكر ما يملكه الواجد منها وما لا يملكه ثم ذكر ما يوجد في جوف الحيوان استطراد أو تفصيل القول في الكنوز انها
ان يكون مأخوذة من أراضي دار الحرب أو من أراضي دار الاسلام وعلى التقديرين فاما ان يكون عليها اثر الاسلام من ذكر اسم النبي (ص) على جهة التيمن
أو سكة سلطان من أهل الاسلام أو شبه ذلك واما ان لا تكون (كك) إما المأخوذ من دار الحرب بل من دار حربي في دار الاسلام مع فرض عدم الأمان له
أو لما يعم كنزه سواء كان عليها اثر الاسلام أم لا أو في دار الاسلام وليس عليه اثره وكانت الأرض مباحة أو مملوكة للإمام (ع) أو لقاطبة المسلمين بناء على
بقاء هذه الأمور في ارض المسلمين على اباحتها الأصلية كما مر في المعدن فهى في جميع هذه الأقسام للواجد يخرج خمسها والباقي له إما المأخوذة من دار الحرب
فقد صرح جماعة بان الأصحاب قطعوا به وفي الحدائق كما عن الخلاف نفى الخلاف وعن ظاهر الغنية الاجماع و (الظ) عدم الخلاف (ايض‍) في القسم الأخر
كما استظهره في المناهل والحدائق لأصالة الإباحة السليمة عن مزاحمة أصالة عصمة المال الثابتة بعموم الناس مسلطون على أموالهم بعد اخراج المالك
المعلوم الكفر لاندفاعها بأصالة عدم جريان يد محترمة عليها فالأصل بقاؤها على ما كان عليه من عدم الاحترام وجواز تملكها لكل من يجوزه بحكم قوله (ص)
من سبق إلى من يسبقه إليه أحد من المسلمين فهو أحق به وغير ذلك من أدلة تملك المباحات ولو كان المأخوذ من دار الاسلام عليه سكة الاسلام فلقطة على رأى
محكى عن المبسوط ومحكى القاضي و (المصن‍) في كثير من كتبه وولده في الايضاح والشهيدين في البيان والمسالك والمقداد في التنقيح والمحقق الثاني ونسبه
في المدارك إلى أكثر المتأخرين وعن غيره نسبته إليهم وفي الروضة وعن جامع المقاصد انه الأشهر لأصالة عدم التملك بمجرد الوجدان وبقائه على ملك مالكه
ولان المفروض مال ضايع في دار الاسلام عليه اثر الاسلام فيكون لقطة كغيره ولان اشتماله على اثر الاسلام مع كونه في دار الاسلام أقوى امارة
كونه ملكا لمسلم والاعتماد على الظن لعدم التمكن من العلم فلا يجوز التصرف فيه لعموم عدم حل مال المسلم الا بإذن المالك أو الشارع ولموثقة محمد بن
قيس عن الباقر (ع) قضى علي (ع) في رجل وجد ورقا في خربة ان يعرفها فان وجد من يعرفها والا تمتع بها ويجاب عن الأصول باندفاعها بأصالة عدم
عروض الاحترام الموجب لجواز الملك بالاحراز ووجود اثر الاسلام مع كونه في دار الاسلام لا يوجبان كونه لمسلم كما لا يوجبه أحدهما اتفاقا الا
ان يدعى تقوى الظن في صورة تأيد الدار بالأثر و (يق) ان اثر الاسلام يدل على سبق يد المسلم لأنه الغالب واحتمال صدور الأثر من الحربي لمصلحة رواج
المسكوك بين المسلمين نادر يكاد يعلم بعدم وقوعه و (كك) الدار امارة لكون الدافن من أهله فالمدفون في دار الحرب مع اثر الاسلام نحكم بمقتضى الامارتين
كونه في يد مسلم فانتقل إلى حربي وأما إذا كان في دار الاسلام ولم يكن عليه اثر الاسلام فالدار لا يقتضى كون الدافن مسلما إذا ثبت كون الدفن بعد اسلام
أهل الدار وهذا غير معلوم فلو كان اثر الاسلام كان امارة كونه في يد المسلم سليمة عن المعارض وتمحله فالكلام هنا في اعتبار (الظ) في مقابل الأصل فالا يراد بالنقض
بما إذا وجد في دار الحرب مع اثر الاسلام دليلا علميا على كونه في يد المسلم ليس مما ينبغي فافهم وعن دعوى كونه لقطة بالمنع من صدقها على المكنوز قصدا فإنهم
عرفوها بأنها المال الضايع وعن الموثقة بحملها تارة على الخربة المعروفة المالك فالمراد تعريف الورق مالك الخربة واخرى بحملها على الورق الغير المكنوز
والانصاف ان كليهما بعيدان إما الأول فواضح واما الثاني فلانه يوجب حمل ما سيجئ من الصحيحتين الحاكمتين بالتملك من غير تعريف على المكنوز فيكون ذلك
تفصيلا فيما يوجد في الخربات التي باد أهلها بين المكنوز وغيره مع أن ظاهرهم في باب اللقطة الاجماع على عدم الفصل الا ان (يق) ان عدم فصلهم انما
هو فيما يوجد في الخربات على وجه يعلم عادة كونه من أهلها و (ح) لا فرق بين المكنوز وغيره واما ما يعلم أو يظن أنه من الامارة (فالظ) كونها لقطة فتحمل
عليها الرواية وقد ترد بكونها قضية في واقعة وفيه ان محمد بن قيس هذا له كتاب عن الباقر (ع) في قضايا أمير المؤمنين صلوات الله عليه و (الظ) من بيان الإمام (ع) لها
بيان الحكم لا مجرد الحكاية عن جده صوات الله عليهم أجمعين وكيف كان فالحملان وان بعد الا انه يقربهما متعارضة الموثقة بصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع)
قال سئلته عن الدار يوجد فيها الورق قال إن كانت معمورة فيها أهلها فهو لهم وإن كانت خربة قد جلى عنها أهلها فالذي وجد المال أحق به ونحوها مصححة
الأخرى وحملهما على التملك بعد التعريف سنة أو على ما لم يكن عليه اثر الاسلام بعيد مع أنه لو سلم فيدور الامر بين ارتكاب الحمل فيهما وبينه في الموثقة السابقة
ولا يخفى أولوية الثاني مع أنه لو سلم التكافؤ فيرجع إلى أصالة الإباحة وعدم عروض الاحترام لهذا المال الدافعة لأصالة عدم انتقاله عن مالكه ولذا اختار
جماعة تملك الواحد له وثبوت الخمس عليه وحكى عن الخلاف والغنية والسرائر وغيرهم وقد يستدل على ذلك زيادة على ما تقدم من الأصل والصحيحتين باطلاق ما
دل على وجوب الخمس في الكنز وفيه نظر إذ المسوق حكم الكنز بعد الفراغ عن تملكه كما في المعدن ولذا لم يقيد بغير الموجود في ملك مالك خاص معلوم ثم إن ظاهر كلمات الطرفين
حيث يستدل الأولون على حكم اللقطة بان اثر الاسلام في دار الاسلام يدل على سبق يد المسلم ويرده الآخرون بمنع دلالة الأثر على ذلك اختصاص الكلام بما
إذا لم يعلم من اجتماع الامارات كونه لمسلم والا فيكون إما لقطة أو من مال من لا وارث له أو مجهول هذا كله إذا وجد في ارض غير مملوكة لشخص خاص غير الإمام (ع)
ولو كانت مملوكة للغير كما لو كان في مبيع اتباعه منه عرفه البايع أو غيره المالك وجوبا بلا خلاف ظاهرا لما سيجئ من وجوب تعريف ما في جوف الدابة (فالموجود صح) في بعض بيوت أهل
562

مكة واستدل عليه في المنتهى تارة على ما حكى بان المال الأول يده على الدار فيده على ما فيها واليد قاضية بالملك والاخرى بوجوب الحكم له لو ادعاه اجماعا قضاء
لظاهر اليد السابقة وفيه انه لو تم ما ذكر لدل كالصحيحتين السابقتين على كونه له من غير تعريف بل وجب الحكم به ولو لم يكن قابلا للادعاء كالصبي والمجنون و
الميت فيدفع إلى ورثته ان عرفوا والا فإلى الإمام (ع) مع أنهم لا يقولون بذلك فالأولى الاعتماد على دلالة روايتي الموجود في جوف الدابة وفي بعض بيوت مكة
مضافا إلى الصحيحتين بعد تقييدهما بالاجماع بما بعد التعريف نعم لو علم عدم جريان يد البايع لم يجب تعريفه إياه ولا يبعد ان يخص كلامهم بغير هذه الصورة
كما استظهره بعض (وربما يحتمل لأجل الصحيحتين كون الموجود للمالك وان علم انتفاء سبق تملكه بان يكون له قهرا نظير اطلاق كلامهم كالرواية بان الموجود في الصندوق
لمالك الصندوق الشامل لما إذا صح) علم انتفاؤه عنه وفيه نظر ظاهر واطلاق الصحيحتين كرواية الصدوق محمول على غير صورة العلم قطعا وكيف كان فلو عرفه المالك الأول
واعاده فهو له اجماعا من غير حاجة إلى بينة ولا وصف لمقتضى اليد ولا يلتفت إلى دعوى المالك السابق عليه إذ لا عبرة باليد القديمة في مقابل الحادثة و
ان لم يعترف به المالك الأول فالمحكى عن المصنف والشهيدين والمحقق الثاني وجوب تعريف المالك السابق وتوقف (المصن‍) في لقطة القواعد وهو في محله
بل الأولى المنع الا ان يكون اجماعا لعدم جريان ما تقدم من أدلة ثبوت الحكم للمالك الا ان يستنبط ذلك من الحكم الأول من باب تنقيح المناط واتحاد
الطريق نعم لو كان الوجه في تعريف المالك الأول ما ذكره في المنتهى كان للمالك الثاني بعد عدم اعتراف الأول بحكمه الا انك قد عرفت ما فيه واما المناقشة
فيما ذكروه من الترتيب في التعريف بمساواة الجميع في عدم اليد حال التعريف وتساويهم في ثبوتها قبل ذلك وان قرب زمان يد أحدهم لا يقتضى ترجيحه ففي
غير محلها لان مقتضى ما ذكره في المنتهى من الوجه تقديم اليد الحادثة على القديمة كما لا يخفى وكذا مقتضى دعوى تنقيح المناط وبالجملة كلما احتجوا به أو يمكن
ان يحتج لهم على هذا الحكم يدل على مراعاة الترتيب فالمناقشة في أصل الحكم أوقع وعلى أي حال فلو تعدد
الاشخاص في طبقة واحدة وجب تعريف الجميع فان ادعاه
الكل على وجه التشريك أو ادعاه بعضهم على وجه الاختصاص ولم ينكر عليه الباقي فالحكم واضح وان ادعاه غير واحد منهم على جهة الاختصاص ولم ينكر عليه
الباقي فالحكم واضح وان ادعاه غير واحد منهم على جهة الاختصاص جاءت مسألة التداعي وان ادعاه بعضهم على جهة الاشتراك كدعوى التورث ولم يعترف
به الباقي كان حكم الباقي حكم الكل لو لم يعترف به أحد من هذه الطبقة ودفع إلى المدعى نصيبه منه كما صرح به جماعة ولم يشاركه الباقون فيما اخذ وإن كان
كل جزء باعترافه مشاعا بين الكل لان ادعائه سبب لوجوب دفع حقه إليه فيما يدفع إليه انما يدفع إليه على وجه كونه حصة له فيتميز بنفس الدفع وإن كان
مشاعا قبله إذا لو بقى على الإشاعة ووجب تقسيمه لو يكن السبب سببا لوجوب دفع تمام حقه إليه أو كان دفع الكل إليه واجبا كي يسلم له حصته
وكلاهما باطلان نظيره ما لو ادعى مالا لمورثهم وأقاموا شاهدا فحلف بعضهم خاصة فان الباقي لا يشارك الحالف فيما يدفع إليه ثم إن وجوب تعريف
المالك مع كون الدار في يده واضح ولو كانت في يد غيره باستيجار ونحوه فمقتضى تقدم قول المستأجر عند التداعي في الكنز الموجود كما هو أحد القولين
في المسألة الآتية وجوب تعريف المستأجر قبل المالك فلعل الاقتصار على ذكر المالك مبنى على فرد الغالب من كون الدار في يد المالك أو على تقديم قول
المالك و ح فبعد انكار المالك ينتقل إلى مالك اخر ولا يلتفت إلى المستأجر مع احتمال الالتفات وتقديمه إليه والضابط في هذا الباب بناء على الدليل الذمي
ذكروه في أصل مسألة التعريف وجوب تعريف كل من لو ادعاه اعطيه بمجرد دعواه ويلاحظ في الترتيب تقديم من يقدم قوله عند التداعي فان عرفه أحد هؤلاء
والا فللمشتري وعليه الخمس إما مطلقا كما اختاره المض‍ هنا والمحققين في الشرائع وحاشيتها والشهيد في اللمعة وهو محكى عن النهاية والسرائر وحاشية
الشرائع أو مع عدم اثر الاسلام ومعه فلقطة كما عن المبسوط والدروس والمسالك والتنقيح مدعيا فيه الاجماع على كون ما فيه الأثر لقطة ويوهنه اطلاق
كلام الأولين كما أن ما في الحدائق من نفى الخلاف عن كون ما يوجد في دار الاسلام بما ليس فيه اثره لو أجده سوءا كان في ارض مباحة أو في ارض مملوكة مع عدم
اعتراف المالك بوهنه ما عن التنقيح من نسبة القول بكون الأخير لقطة إلى الشيخ في أحد قوليه بل حكى هذا القول عن النافع والمنتهى والتحرير لكن الموجود
في المنافع والمحكى عن المنتهى صريح في القول الأول فالظ تفرد الشيخ بهذا القول ثم إن أدلة اللقطة لا تشمل ما نحن فيه لما عرفت من عدم صدق
اللقطة على المال المدفون قصدا أو المذخور لعاقبة ما وان قلنا بوجوب التعريف فيما يوجد في المباحات من أراضي الاسلام لموثقة محمد بن قيس المتقدمة
فالقول الأول هنا غير بعيد حتى مع القول باللقطة في الموجود في الأراضي المباحة كما هو ظاهر البيان فما في المسالك من أن الموجود في الأراضي
المملوكة لا يقصر عن الموجود في الأراضي المباحة حيث قلنا بكونها لقطة محل تأمل إذ بعد تسليم اعتبار هذه الاعتبارات في الشرع يمكن ان يكتفى الشارع
في الأول بالتعريف الخاص لملاك الأرض فاغنى ذلك عن التعريف العام الواجب سنة في اللقطة ضرورة ان المناسب للأول هو التعريف الخاص والمناسب
للثاني هو التعريف كما لا يخفى عن المعتبر المتأمل نعم لو ثبت ما تقدم عن التنقيح من الاجماع فلا محيص عنه ويؤيد عدم الوجوب التعريف العام بعد التعريف
الخاص ما سيجئ من الرواية فيما يوجد في ملك الغير الذي لم ينتقل إلى الواجد والظ ان حكمه بعد الاخذ كما تقدم فما وجد انتقل إليه بالبيع من
وجوب تعريف المالك فإن لم يعترف به فهو له ويدل عليه موثقة إسحاق بن عمار قال سئلت أبا إبراهيم (ع) عن رجل نزل في بعض بيوت مكة فوجد نحوا من سبعين
درهما مدفونة فلم تزل معه ولم يزل يذكرها حتى قدم الكوفة كيف يصنع قال يسال عنها أهل المنزل لعلهم يعرفونها قلت فإن لم يعرفوها قال يتصدق بها
والامر بالتصدق لعله للاستحباب نعم يحتمل ان يحمل موردها على المعلوم كونه من مسلم دفنه قصدا فإذا لم يعترف به أهل الدار كان مجهول المالك فيتصدق به
وجوبا لكن الكلام في جواز الاخذ ويظهر من محكى الخلاف عدمه قال إذا وجد ركازا في ملك مسلم أو ذمي في دار الاسلام فلا يتعرض له اجماعا انتهى و ح
563

فيمكن ان يكون ما ذكروه من الحكم بوجوب التعريف بعد حصوله بيد الواجد إما معصية أو اتفاقا وكك يجب التعريف ثم تملك الموجود عند المصن‍ وجماعة من
غير تعريف عام لو اشترى دابة فوجد في جوفها بعد الذبح بعد تخميسه شيئا أو خرج منه قبله إما تملكه بعد التعريف فلصحيحة عبد الله بن جعفر قال كتبت إلى الرجل
عن رجل اشترى جزورا أو بقرة للأضاحي فلما ذبحها وجد في جوفها صرة فيها دراهم أو دنانيرا وجواهر لمن يكون ذلك فوقع عرفها المبايع فإن لم يكن يعرفها
فالشئ لك رزقك الله إياه وظاهر الرواية من حيث اشتمالها على وجدان صرة الدراهم عموم الحكم لما عليه اثر الاسلام وفاقا لظاهر جماعة حتى من جعل ذا
الأثر لقطة فيما إذا وجد في الأرض خلافا لما يظهر من الشهيد والمحقق الثانيين في حاشيتهما على الشرائع وظاهر الرواية (ايض‍) عدم وجوب تتبع الملاك السابقين
وفاقا لما سيجئ من عبارة الحلى واما حكاه في السرائر عن سلار ان يتمسك بتنقيح المناط إذا علم بوجوده في جوفها في أزمنة تملك الكل ولو لم يعلم بوجوده عند ابتياعه من
المالك فيشكل وجوب تعريفه (ايض‍) لان الرواية محمولة على الغالب من صورة العلم بوجوده عند تملك البايع ولو كان المالك صغيرا أو غائبا والبايع وليا أو وكيلا
ففي وجوب تأخير التعريف إلى حين البلوغ والحضور أو سقوطه وجهان واما وجوب تخميس الموجود فقد نسب في المدارك والذخيرة إلى الأصحاب القطع بدلت و
عن ظاهر الحدائق ظهور الاتفاق وهو مشكل خصوصا مع خلوا الصحيحة لعدم دخوله في الكنز واحتياج الالحاق في الحكم إلى نص أو تنقيح مناط قطعي واطلاق
قوله كلما كان ركازا ففيه منصرف إلى المركوز في الأرض نعم لو دخل في أرباح المكاسب كان فيه الخمس بعد مؤنة السنة بناء على عد مثل ذلك من الاستفادة و
الاكتساب كما يظهر من محكى السرائر إذا ابتاع بعيرا أو بقرة أو شاة فذبح شيئا من ذلك فوجد في جوفه شيئا مقدار الدرهم أو أكثر عرفه من ابتاع ذلك الحيوان
منه فان عرفه يعطيه وان لم يعرفه اخرج منه الخمس بعد مؤنة طول سنته لأنه من جملة الغنائم والفوائد وكان له الباقي وكك حكم من ابتاع سمكة فوجد في
جوفها درة أو سبيكة أو ما أشبه ذلك لان البايع باع هذه الأشياء ولم يبع ما وجد المشترى فلذلك وجب عليه تعريف البايع وشيخنا أبو جعفر الطوسي لم يعرف
مالك السمكة الدرة بل ملكها المشترى من دون تعريف البايع ولم يرد بهذا خبر من أصحابنا ولا رواه من الأئمة (ع) أحد منهم والفقيه سلار في رسالته يذهب
إلى ما اخترناه وهذا الذي يقتضيه أصول مذهبنا انتهى وصريحه كون الخمس في الموجود في جوف الدابة والسمكة خمس المكاسب وعدم الفرق بين الموجود في جوف
الدابة والسمكة خلافا للمض‍ وجماعة حيث قالوا لو اشترى سمكة فوجد في جوفها شيئا فهو للواجد من غير تعريف بعد الخمس الواجب في الكنز لا في الاستفادات
ولعله لان الموجود في جوف السمكة غالبا غير مملوك لمالكه لان الحيازة المملكة لها لا توجب تملك ما في جوفها لعدم العلم به ولا القصد إليه بخلاف الدابة فان
الغالب دخول المال في جوفها مع ما يعتلفه والظ اعتلاف المالك لها والأصل عدم اعتلاف غيره و عدم كون المالك من الغير دخل في علف المالك وفيه
ان السمكة قد يكون في ما محصور مملوك للمالك بحيث يكون نشوها فيه كما أشار إليه الشهيد والمحقق الثانيان والدابة ربما تكون سائمة بل هو الغالب في
الأضاحي التي هي مورد الصحيحة والأصل عدم جريان يد المالك على ما في جوفه وان أريد ثبوت يده عليه بمجرد تملك الدابة المشتملة عليه فهو جار في السمكة (ايض‍)
ولذا مال في التذكرة على ما حكى إلى مساواة السمكة الدابة في وجوب التعريف كما تقدم من الحلى وسلار لكن من حيث إن القصد إلى حيازة السمكة يوجب تملك
جميع ما يشمل عليها لكن المتجه على هذا وجوب دفعه إليه من غير تعريف بل لا ينفع انكاره في زوال تملكه الا ان يلحق بالاعراض فالأولى التمسك في وجوب
التعريف في الموجود في جوف الدابة المذكورة وفي عدم التعريف في السمكة بأصالة الإباحة وعدم ترتب يد عليه بعد خروجه من البحر ولا يجدى فرض العلم بجريان
اليد عليه من محترم المال قبل وقوعه في البحر لخروجه عن ملك مالكه بالاعراض كما ورد في مسألة السفينة المنكسرة مضافا إلى بعض الأخبار التي يستفاد منها
ذلك كخبر أبى حمزة عن أبي جعفر (ع) ان رجلا عابدا من بني إسرائيل محارفا إلى أن قال فاخذ غزلا فاشترى به سمكة فوجد في بطنها لؤلؤة فباعها بعشرين الف
فجاء سائل فدق الباب فقال له الرجل ادخل فقال خذ أحد الكيستين فاخذ أحدهما فانطلق فلم يكن أسرع من أن دق السائل الباب فقال له الرجل
ادخل فوضع الكيس مكانه ثم قال كل هنيئا مرئيا انما انا ملك من ملائكة ربك أراد ربك ان يبلوك فوجدك شاكرا وخير حفص بن غياث المروى عن
الراوندي في قصص الأنبياء كان في بني إسرائيل رجل وكان محتاجا فألحت عليه امرأته في طلب الرزق فابتهل إلى الله في الرزق فرأى في النوم قيل له أيما أحب
إليك درهمان من حل أو الفان من حرام فقال درهمان من حل فقال تحت رأسك فاخذهما واشترى بدرهم
سمكة فاقبل إلى منزلة فلما رأته امرأته أقبلت عليه كاللائمة وأقسمت ان لا تمسها فقام الرجل إليها فلما شق بطنها فإذا بدرتين فباعهما بأربعين ألف درهم
والمروى عن أمالي الصدوق عن سيدنا زين العابدين (صل) ما مضمونه ان رجلا شكى إليه الحاجة فدفع إليه قرصتين فقال له خذهما
فليس عندنا غيرهما فان الله يكشف بهما عنك فاخذ بأحدهما سمكة إلى أن قال فلما شق بطنها وجد فيه لؤلؤتين فاخرتين فباعهما بمال عظيم ونحوه
المحكي عن تفسير العسكري ثم إن الحكم بوجوب الخمس فيه كما هو ظاهر جمع منهم مشكل جدا لما عرفت في مسألة الدابة من عدم الدليل وعرفت من
الحلى كونه من أرباح الاستفادات ثم إن مقتضى اطلاق كلمات الأكثر هنا كالموجود في جوف الدابة عدم الفرق بين ما كان فيه اثر الاسلام وخالف
هنا (ايض‍) المحقق والشهيد الثانيان في حاشيتهما على الشرائع فحكما بكون الأول لقطة فهما يعمان حكم اللقطة في كلما كان عليه اثر الاسلام ووجد في ارض
الاسلام نعم يمكن ان يخرج هذا بالخصوص من جهة ورود الرواية في السفينة المنكسرة وكون ما لم يخرجه البحر ملكا للواجد لكنه مشكل لعدم العلم
بكون الموجود من البحر فلعله اتباعه من وجه الماء أو خارجه والله العالم ويجب الخمس في ما يخرج من البحر على وجه الغوص للآية بالتقريب المتقدم للاجماع
564

للمحكى مستفيضا كالنصوص لكنها بين مشتمل على عنوان الغوص وهو أكثرها وبين مشتمل على عنوان ما يخرج من البحر مثل مصححة عمار بن مروان قال سمعت أبا عبد الله
يقول فيما يخرج من البحر قال سئلته عما يخرج من البحر من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد وعن معادن الذهب والفضة فقال إذا بلغ ثمانية دينارا ففيه الخمس و
الظ ان النسبة بين العنوانين عموم من وجه يتفارقان بالآلة من دون خوض في الماء وفيما يخرج من الشطوط بالخوض فاما ان يناط الحكم بكل منهما و
إما ان يقيد اطلاق كل منهما بالآخر أو يدعى تقييده به من جهة الانصراف فيقصر على مادة الاجتماع واما ان يناط الحكم بالأول فيكون تقييد الثاني
بالبحر واطلاقه بالنسبة إلى الاخراج بالآلة محمولين على الغالب فلا اعتبار بهما واما ان يناط بالثاني ويكون تقييد الأول بالخوض واطلاقه بالنسبة
إلى الخوض في الشطوط محمولين على الغالب وعلى أي تقدير فينبغي القطع بعدم شمول الموضوع لما يؤخذ من وجه الماء وأقوى الوجوه الأربعة ثانيها
فلا خمس فيما يخرج من الشطوط بالغوص وإن كان من المباحات الأصلية ولا فيما يخرج بالآلة خلافا للمسالك ونفى عنه البعد في الغنائم مع احتمال الوجوب
في الامرين أو في أحدهما بناء على الوجوه التي عرفت في الجمع بين الروايات نعم لو استصحب الغائص الآلة معه فأخرجه بها كان غوصا وهل يعتبر في المخرج
ان يكون من المباحات الأصلية كالجواهر والدر والغير المملوكة أم يشمل ما كان مملوكا غارقا سواء كان عليه اثر الاسلام أم لا وجهان أقويهما الأول للأصل
وانصراف الاخبار فالمملوك الغارق للمخرج من غير خمس ان شهدت القرائن باعراض صاحبه والا فهو لمالكه فان جهل وكان عليه اثر الاسلام فهو للغائص
أو مجهول المالك وظاهر المحقق والشهيد الثانيين انها لقطة وفي رواية الواردة في سفينة انكسرت في البحر فلا هله وما اخرج بالغوص فللغائص و
للخروج بهما عن القواعد اشكال وانما وجب الخمس في المخرج بالغوص إذا بلغ قيمته عند الخروج دينارا بلا خلاف ظاهرا بل عن السرائر والمنتهى والتنقيح الاجماع
على ذلك ويدل عليه رواية البزنطي المتقدمة وظاهر بالتقريب المتقدم في رواية نصاب المعدن انه يعتبر النصاب بعد اخراج المؤنة لتحصيله بل الظ عدم
الخلاف فيه والمراد بالمؤنة ما ينفقه على الاخراج عرفا حتى لو غاص مرات ولم يخرج الا في المرة الأخيرة اخرج منها مؤنة المرات على وجه قوى ولو اخرج
بالغوص مالا آخر ففي توزيع المؤنة عليهما وجه قوى ان قصدهما بالغوص والا اختصب بالمقصود وفي اعتبار اتحاد الاخراج ولو عرفا في بلوغ النصاب وجه
قوى والأقوى عدم اعتبار اتحاد نوع المخرج مع اتحاد الغوص ولو اخذ من البحر شيئا ولو كان من الجواهر المباحة بغير غوص فلا يجب فيه خمس سواء كان من وجه
الماء أو من الساحل أو كان بالآلة على الأقوى كما تقدم وكذا لو اخذ حيوانا بالغوص لانصراف الاطلاق إلى غيره خلافا للمحكى عن الشيخ وبعض معاصري
الشهيد وقواه في المناهل ولو وجد في بطنه جوهرة ففي لحوقه بالمخرج قصدا وجهان واما العنبر فقد تقدم انه ان اخذ بالغوص فله حكمه في النصاب
وان اخذ من وجه الماء ومن الساحل فمعدن عند المض‍ بل عن جماعة نسبته إلى الأكثر ولعله لاطلاق صحيحة الحلبي السابقة النافي لاعتبار اخراج
مؤنة السنة عنه سيما بقرينة اقترانه في الصحيحة مع اللؤلؤ مضافا إلى أن ظاهر الرواية وجوب الخمس فيه بالخصوص لا لكونه مكسبا فيبقى عدم
النصاب فيه أصلا أو اعتبار نصاب الغوص أو المعدن فيه والأول باطل لاستلزامه كون العنبر خارجا عن جميع العنوانات السبع الثابت فيها
الخمس فتعين أحد الأخيرين وليس داخلا في الغوص قطعا فتعين الحاقه بالمعدن وعن شيخنا المفيد في الغرية اعتبار نصاب المعدن فيه مطلقا وعن الشيخ وابن
حمزه والحلى عدم اعتبار النصاب أصلا بل عن الأخير دعوى الاجماع فإن لم يخرجوا منه مؤنة السنة فهو عندهم عنوانان من لما فيه الخمس ولعل مستندهم
اطلاق صحيحة الحلبي الوارد في مقام بيان أصل الوجوب ولذا اطلق الحكم في اللؤلؤ المعطوف عليه ويجب الخمس (ايض‍) فيما يفضل عن مؤنة السنة على
الاقتصاد له فيما يحتاج إليه شرعا أو عرفا بحسب حاله ولعياله الواجبي النفقة وغيرهم سواء كان الفاضل من أرباح التجارات والصناعات و
الزراعات كما هو الغالب ولذا اقتصر عليها أم كان من غيرها من أنواع الاكتسابات والاستفادات على المعروف بين الأصحاب بل عن صريح الانتصار والخلاف
والغنية وظاهر المنتهى والتذكرة ومجمع البيان وكنزا العرفان ومجمع البحرين الاجماع عليه وعن ظاهر القديمين العفو عن هذا النوع وهو نص في
الاعتراف بمؤنة بأصل الشرع قال الإسكافي فيما حكى عنه فاما ما استفيد من ميراث أو كديد أو صلة أخ أو ربح تجارة أو نحو ذلك فالأحوط اخراج
الخمس منه لاختلاف الرواية في ذلك ولو لم يخرجه الانسان لم يكن كتارك الزكاة التي لا خلاف فيها وربما استفيد من هذا الكلام وجود المخالف
في المسألة قبله ولا يبعد إرادة الخلاف من حيث الرواية لا الفتوى وقال العماني على ما في المعتبر انه قيل إن الخمس في الأموال كلها حتى الخياط والتجار
وغلة البستان والدار والصانع في كسب يده لان ذلك إفادة من الله وغنيمة انتهى وهذان الكلامان سيما الثاني لا يستفاد منهما العفو الا ان القول بعدم
الثبوت رأسا طرح للأخبار المتواترة بل للضرورة عند أهل الرواية والفتوى من الشيعة بل القول (ايض‍) مخالف لما انعقد عليه الاجماع في الأزمان السابقة
على القديمين كما في البيان والمدارك والمتأخرة عنهما لما عرفت من دعوى الأساطين الاجماع على عدم السقوط مضافا إلى مخالفته لأصالة عدم صدور
العفو والتحليل وقاعدة اشتراك الغائبين والحاضرين في عمومات التنزيل بناء على ما عرفت من عدم الخلاف من غير شاذ من متأخري المتأخرين في عموم الغنم
في الآية لكل ما يستفاد ويكتسب كما هو معناه في اللغة والعرف والمفسر به في الشرع كما ستعرف وان سلمنا اختصاص لفظ الغنيمة بما يؤخذ قهرا من أموال
أهل العرف هذا مضافا إلى الأخبار المستفيضة بل المتواترة كما عن المنتهى واعترف به في المدارك وان تأمل في الحكم من جهة اشعار بعض الأخبار باختصاص
هذا الخمس بالامام (ع) منضما إلى ما يستفاد من غير واحد من الاخبار من اباحتهم حقوقهم لشيعتهم بل جزم في المنتهى بسقوط خمس المكاسب في زمن الغيبة عجل الله
565

انقضائه من هذه الجهة وحيث إن الكلام هنا في أصل الثبوت في الجملة ولو في زمن الحضور وسيأتي التعرض لتضعيف ما ذكر في المدارك والمنتقى عند بيان
حكم الخمس في زمان الغيبة وممن حكى عنه التصريح بعموم الغنيمة لجميع ما يستفاد المفيد والشيخ وابن زهرة والطبرسي في مجمع البيان والفاضلان والشهيدان
وجماعة ممن تأخر عنهم بل عرفت ان في الرياض دعوى الاجماع على عموم الآية ونسبه في الحدائق إلى أصحابنا عدا شاذ منهم والظ انه أراد بالشاذ المحقق
الأردبيلي ره ومن تبعه كصاحبي المدارك والذخيرة واما الاخبار التي يستفاد منها عموم الآية فمستفيضة منها رواية حكيم مؤذن بنى عبيس عن أبي
عبد الله (ع) قال قلت له واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه والرسول قال هي والله الإفادة يوم بيوم الا ان أبى جعل شيعتنا في حل من ذلك ليزكو أو
اشتمالها على التحليل لا يقدح فيما هو المقصود ومنها صحيحة علي بن مهزيار وهي مكاتبة طويلة وفيها واما الغنائم والفوائد فهى واجبة عليهم في كل عام
قال الله تع واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه الخ ومنها ما ورد من غير واحد من الروايات ان عبد المطلب (ع) من في الجاهلية سننا فأجراها في
الاسلام منها انه إذا وجد كنزا فتصدق بخمسه فأنزل الله تع‍ واعلموا انما غنمتم من شئ الآية فان الآية لو اختصب بغنائم دار الحرب ولم تشمل مثل الكنز لم يكن
ذلك اجراء لسنة عبد المطلب في الاسلام كمالا يخفى ومنها المحكية عن بصائر الدرجات عن عمران عن موسى بن جعفر (ع) قال قرأت عليه آية الخمس فقال
ما كان الله جل شانه فهو لرسوله وما كان لرسوله فهو لنا ثم قال لقد يسر الله على المؤمنين أرزاقهم بخمسة دراهم جعلوا لربهم واحد واكلوا أربعا ثم قال
هذا من حديثنا صعب مستصعب لا يعمل به ولا يصير عليه الا ممتحن للايمان فان قوله ولقد يسر الله بيان لما شرعه الله من الحكم في الآية الشريفة كما لا يخفى ومنها
الرضوي كل ما أفاد الناس فهو غنيمة ومنها ما ستسمع في تضاعيف هذه المسألة ومسألة تحليل الخمس واما الاخبار التي يستفاد عدم العفو عن هذا النوع
فقد عرفت مما تقدم من كلام الإسكافي اعتراف القائل بالعفو الاعتراف بوجوب الاخبار لكن مع وجود الاخبار لمخالفته (ايض‍) كما تقدم في ذكر اخبار العفو
وعدمه والتعرض لحامل اخبار العفو في مسألة حكم الخمس في حال الغيبة انش‍ تع‍ ثم إن المستفاد في كثير من الاخبار وجوب الخمس في جميع ما يحصل للانسان
سواء كان بالاكتساب وهو القصد إلى تحصيل المال أو بغيره حتى ما يحصل بغير قصد كالميراث مثل رواية بصائر الدرجات المتقدمة في تفسير الآية ومثل
قوله في رواية زرارة ومحمد بن مسلم وأبى بصير المحكية عن تفسير العياشي انهم قالوا ما حق الامام في أموال الناس قال الفئ والانفال والخمس وكل ما
دخل منه في الأنفال أو خمس غنيمة فان لهم خمسه قال الله تع‍ واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه
وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل
وكل شئ في الدنيا فان لهم فيه نصيبا فمن وصلهم بشئ مما يدعون له لا مما يأخذون ومثل المحكي عن كتاب ابن طاوس قده باسناده عن عيسى بن المستفاد عن أبي
الحسن موسى بن جعفر (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال لسلمان وأبي ذر ومقداد اشهدوا على أنفسكم بشهادة ان لا إله إلا الله إلى أن قال وان علي بن أبي طالب
وصى محمد صلى الله عليه وآله وان طاعته طاعة الله ورسوله والأئمة من ولده (صلوا) وان مودة أهل بيته مفروضة واجبة على كل مؤمن ومؤنة مع إقامة الصلاة
لوقتها واخراج الزكاة من حلها ووضعها في أهلها واخراج الخمس من كل ما يملكه أحد من الناس حتى يرفع إلى ولى أمير المؤمنين وأميرهم ومن بعده من الأئمة
من ولده (صلوا) فمن عجز ولم يقدر الا على اليسير من المال فليدفع ذلك إلى الضعفاء من أهل بيتي من ولد الأئمة (ع) فمن لم يقدر على ذلك فلشيعتهم
ممن لا يأكل بهم الناس ولا يريد بهم إلى الله تع‍ إلى أن قال فهذه شروط الاسلام وما بقى أكثر إلى غير ذلك مما يأتي في مسألة وجوب الخمس والهبة والميراث
مما يدل على عدم اختصاص الخمس بما يحصل قصدا الا ان ظاهر أكثر الفتاوى ومعاقد الاجماعات بين معبر عن هذا العنوان بما يكتسب وبين معبر عنه بما
يستفاد فعن الخلاف يجب الخمس في جميع المستفاد من أرباح التجارات والغلاة والثمار على اختلاف أجناسها إلى أن قال دليلنا اجماع الفرقة واخبارهم
وعن الغنيمة يجب الخمس في الفاضل عن مؤنة الحول على الاقتصاد من كل مستفاد تجارة أو صناعة أو زراعة أو غير ذلك ثم ادعى الاجماع وقريب منهما
المحكي عن عبارة السرائر حيث عبر بقوله وجميع الاستفادات ونحوه معقد الاجماع الذي ادعاه في مجمع البحرين وفي البيان وسابعها جميع أنواع التكسب ثم حكى خلاف
القديمين على خلافهما ونحوه عبارة المدارك بزيادة استثناء الميراث والهبة والصدقة وعن المنتهى القسم الخامس في أرباح التجارات والزراعات والصناعات
وجميع الاكتسابات ثم نسب ذلك إلى علمائنا أجمع ونحو عبارة المعتبر وعن مجمع البيان أنه قال أصحابنا انه يجب الخمس في كل فائدة تحصل للانسان من المكاسب وارباح
التجارات وفي الكنز والمعادن والغوص والحاصل ان كلامهم في فتاويهم ومعاقد اجماعهم بين إناطة الحكم بالاستفادة وبين اناطته بالاكتساب والظ اعتبار
القصد في كليهما الا ان الأول أعم ظاهرا إذ يصدق على اصطياد السلاطين مثلا ولا يصدق عليه الاكتساب عرفا بل لغة حيث إن المحكي عن الجوهري والفيروز آبادي
ان الاكتساب طلب الرزق نعم يظهر من بعض العبائر شمول الاستفادة والتمسك لما يتملك من غير قصد مثل عبارة الإسكافي المتقدمة في قوله واما ما
استفيد من ارث أو صلة أخ أو كديد إلى اخر كلامه مثله عبارتي المدارك والذخيرة حيث استثنيا من أنواع التكسب الميراث والهبة والصدقة والاستثناء
علامة الشمول ومثل عبارة البيان حيث عبر عن العنوان بالتكسب كما عرفت ثم حكم بوجوب الخمس في نماء الإرث وان النماء قد يحصل من غير قصد الشخص لا بقاء العين
للاستنماء ونحوه المض‍ في بعض كتبه بل يمكن ان يستفاد ذلك من تمسك المشهور بالآية مع أن الغنيمة هي مطلق الفائدة ولو جعلت من غير تحصيل كما يشهد به
بعض الروايات المشتملة على ذكر الميراث والهبة لكن الانصاف مع ذلك كله ان تعميم العنوان لما يحصل من غير قصد مشكل بل لا وجه له لضعف ما تقدم من اخبار
العموم واختصاص كلمات الأصحاب ومعاقد الاجماع بما يحصل بالقصد فلا يبقى في تمسكهم بالآية شهادة على عموم فتواهم لما يحصل من غير قصد مع أن صريح جماعة
566

كالمحقق في الشرائع والعلامة في المنتهى والفقيه المقداد في كنزا لعرفان والشهيد في الروضة وصاحب مجمع البحرين ان الغنيمة هي الفائدة المكتسبة ولذا منع في
المختلف من صدق الاكتساب على تملك الإرث في مقام رد الحلبي فالاقتصار على ما يصدق عليه الاكتساب والاستفادة أقوى ولقد أفرط المدقق الخوانساري في
حاشية الروضة حيث خص في ظاهر كلامه الاكتساب بما اتخذ صنعة حيث قال بعد حكاية عبارة المختلف في وجوب الخمس في كل ما يجتنى مثل الترنجبين والشير خشت
والصمغ معللا ذلك كله بأنه اكتساب قال والظ ان كل واحد منها ان اخذ صنعة فهو من الاكتسابات وأما إذا وقع اتفاقا ففي شمول الأدلة له تأمل انتهى وأوضح
في الدلالة على ذلك ما ذكره في آخر حاشية استثناء المؤنة في اخر ايراده على ما حكاه من المحقق الأردبيلي ره في جواز اجتماع المعدن والكنز مع المكاسب كان يعمل في ارض
ليجد كنزا أو معدنا قال إن وجوب خمس المكاسب فيه غير ظاهر لانهم خصوا وجوب هذا القسم بالتجارات والزراعات والصناعات وهو إذا لم يفرض كون ذلك صنعة
لم تدخل في شئ نعم يدخل على مذهب الحلى من وجوبه في الفوائد مطلقا انتهى وأنت إذا لا حظت كثيرا من الاخبار وكلام الأصحاب في فتاويهم ومعاقد اجماعهم
وجدتها غير مختصة بالاكتسابات المأخوذة صنعة ومن هنا يظهر الاشكال في منعهم وجوب الخمس في الهبة في مقابل الحلبي مع أنها استفادة فيدخل في عمومات
النصوص وان لم يدخل في معاقد الاجماعات بقرينة تصريح نقلة الاجماع بعد ثبوت الخمس لكن يكفي في المسألة النصوص العامة والخاصة مضافة إلى عموم الآية
فمن العامة ما تقدم وما سيجئ في حكم الخمس في زمان الغيبة ومن الخاصة مكاتبة ابن مهزيار الصحيحة وفيها بعد قوله واما الغنائم والفوائد فهى واجبة عليهم في
كل عام قال الله تع‍ واعلموا انما غنمتم من شئ الآية فالغنائم والفوائد يرحمك الله هي الغنيمة يغنمها المراء والفائدة يفيدها والجائزة من الانسان للانسان
التي لها خطر والميراث الذي يحتسب من غير أب ولا ابن ومثل عد ويصطلم فيؤخذ ماله ومثل مال يوجد فلا يعرف صاحبه وما صار إلى موالى من أموال الخرمية
الفسقة فقد عملت ان أموالا عظاما صارت إلى قوم من موالى فمن كان عنده شئ من ذلك فليوصل إلى وكيلي ومن كان نائيا بعيد الشقة فليعمد لإيصاله
ولو بعد حين فان نية المؤمن خير من عمله وموثقة سماعة قال سئلت أبا الحسن (ع) ومثل رواية بريد محمد بن عيسى بن بريد قال كتبت جعلت لك الفداء تعلمني
ما الفائدة وما حدها وما رأيك أبقاك الله ان تمن على بذلك كي لا أكون مقيما على أمر حرام لا صلاة لي ولا صوم فكتب الفائدة ما يفيد إليك في
تجارة من ربحها أو حث بعد الغرام أو جائزة وما عن السرائر عن كتاب محمد بن علي بن محبوب عن أحمد بن هلال عن ابن أبي عمير عن أبان بن عثمان عن أبي بصير عن أبي
عبد الله (ع) قال كتبت إليه في رجل يهدى إلى مولاه والمنقطع إليه هدية تبلع الفي درهم لو أقل أو أكثر هل عليه فيه الخمس في ذلك وعن الرجل يكون في داره
البستان فيه الفاكهة يأكله العيال انما يبيع الشئ منه بمائة درهم أو خمسين درهما هل عليه فيه الخمس فكتب إما ما يأكل فلا واما البيع فنعم وهو كسائر
الضياع واشتمالها على ابن هلال لا يضر بعد ايداع ابن محبوب الرواية في كتابه وهو اعرف بحاله منا مع أن روايات ابن أبي عمير ما كان يحتاج إلى تلك الواسطة
الواحدة فذكرها لاتصال السند ورواية ابن حسين بن عبد ربه قال سرح أبو الحسن الرضا (ع) بصلة إلى أبى فكتب إليه أبى هل فيما سرحت إلى الخمس فكتب
لا خمس عليك فيما سرح به صاحب الخمس فان الظ منه ظهور الا ينكران وجه عدم الخمس في المسرح هو كون المسرح بالكسر صاحب الخمس لا لكونه تسريحا
ولعله لهذه المستفيضة المعتضدة بالعمومات الآتية والمتقدمة المنضمة إلى عموم الآية بناء على ما تقدم غير مرة من عدم اختصاصها بغنائم دار الحرب
مال غير واحد إلى موافقة الحلبي في ذلك كالشهيدين في اللمعة وشرحها بل يحكى عن ظاهر المعتبر وصريح الإسكافي في عبارته المتقدمة المحكية الاحتياط في
الاخراج بل يظهر من تلك العبارة عدم الفرق في الروايات بل الفتاوى بين صلة الأخ وبين أرباح المكاسب وهو ظاهر عبارة العماني المتقدمة والتقصي
من كل واحد واحد من الأخبار الخاصة المذكورة بل العامة (ايض‍) وإن كان ممكنا الا ان القول بالوجوب لا يخ عن قوة الا ان يوهن بظهور عدم القول
بالفرق بين الهبة والميراث مع ضعف القول بثبوته في الثاني وإن كان ربما ينتصر له بصدق الغنيمة كما في الروضة وببعض الأخبار الخاصة مثل المكاتبة المتقدمة
ونحوها الرضوي معللا فيه الحكم بان حكم ذلك غنيمة وفائدة الا ان الغنيمة في الآية قد عرفت من جماعة تفسيرها بالفائدة المكتسبة التي لا تصدق على
الميراث واما المكاتبة فتقييد الميراث فيها بكونها من غير أب وابن مع أن القائل لا يقول به واما الرضوي فغير بالغ حد الاستناد بل التأييد نعم ظاهر بعض الأخبار
الآتية الدالة على تحليل الخمس والعفو عنه ما يدل على ثبوت حق الإمام (ع) في الميراث الذي يصيبه لكنها دالة على سقوط الخمس في الميراث والتجارة
وغيرهما وسيأتي فساد هذا بما لا مزيد عليه فالقول بوجوب الخمس في الميراث ضعيف بل مضعف للقول بوجوبه في الهبة لو كان في المسألة اجماع مركب ومثله في
الضعف ما اطلقه الشهيدان أو غيرهما من وجوب الخمس في النماء الحاصل من هذا المال المنتقل بالإرث بل اللازم تقييده بما إذا بقى المال للاستنماء والا فمجرد
النماء الحاصل من مال الإرث من غير قصد متصلا أو منفصلا لا يصدق عليه الفائدة المكتسبة التي هي المناط في الآية وما اعتبر من الرواية ومعاقد
الاجماع ثم إنه قد يتخيل وجود الخلاف بل دعوى الوفاق في وجوب الخمس فيما يفضل من الغلات التي اشتراها وادخرها للقوت ومنشأ ذلك عبارة
المنتهى حيث قال يجب الخمس في أرباح التجارات والزراعات والصناعات وجميع الاكتسابات وفواضل الأقوات من الغلات والزراعات من مؤنة السنة
عند علمائنا أجمع انتهى ويدفعه على هذا التعبير في الرياض ولا يخفى من هذا التخيل ومنشؤه إما الأول فلان ما يفضل فيما اشترى للقوت إن كان
أصله من مؤنة المستثناة من المال الذي يجب فيه الخمس كما إذا وضع مائة دينار من ربح تجارته فاشترى به الطعام لسنته الاكتساب فلا تأمل لاحد في وجوب
الخمس في الفاضل لكونه فاضلا عن مؤنة السنة وإن كان أصله من مال غير مخمس أو استفادة من وجه لا يوجب الخمس فلا تأمل (ايض‍) في عدم وجوب الخمس
567

واما عبارة المنتهى فهى وان طعن عليها المحقق الأردبيلي في شرح الارشاد والمدقق الخوانساري في حاشية منه على حاشية اللمعتين الا ان الظ انه أراد بما
يفضل من الغلات والزراعات ما يفضل من غلة البساتين والزراعات التي يحدثها لقوت عياله وصرفها فيهم كالبساتين الصغار والخضريات لا المعدة للاسترباح و
الاكتسابات حتى يكون مكررا لما قبله فيكون إشارة إلى نحو ما تضمنه رواية السرائر المتقدمة من وجوب الخمس فيما يفضل عن كل العيال من أصل البستان الموجود في
الدار فلا دخل له بفاضل ما اشترى وادخر للقوت فان حكمه حكم أصله اجماعا ثم إن مقتضى ثبوت الخمس في حاصل الربح عن مؤنة السنة استثناء مؤنة تحصيل الربح و
مؤنة السنة له ولعياله إما الأولى فلان الربح لا يصدق الا على ما يبقى بعد وضعها واما الثانية فيدل عليه قبل الاجماع المحقق والمحكى عن جماعة مستفيضا الأخبار المستفيضة
مثل رواية النيسابوري انه سئل أبا الحسن الثالث عن رجل أصاب من ضيعته من الحنطة مائة كر ما يزكى فاخذ منه العشر عشرة اكرار وذهب منه
بسبب عمارة الضيعة ثلاثون كرا وبقى في يده ستون كرا ما الذي يجب لك من ذلك هل يجب لأصحابه من ذلك شئ فوقع لي منه الخمس مما يفضل عن مؤنته ومثل
رواية ابن مهزيار قال قال لي علي بن راشد قلت له أمرتني بالقيام بامرك واخذ حقك فأعلمت مواليك بذلك فقال لي بعضهم وأي شئ حقه فلم أدر ما أجيبه
فقال يجب عليهم الخمس فقلت في أي شئ فقال في أمتعتهم وصنائعهم قلت فالتاجر عليه والصانع بيده فقال إذا أمكنهم بعد مؤنتهم وفي مكاتبة الهمداني
التي قراها ابن مهزيار الواردة في حاصل الضيعة ان عليه الخمس بعد مؤنته ومؤنة عياله وخراج السلطان وفي صحيحة الأشعري قال كتب بعض أصحابنا إلى أبى جعفر
الثاني اخبرني عن الخمس أعلى جميع ما يستفيد الرجل من قليل وكثير من جميع الضروب وعلى الصنائع وكيف ذلك فكتب بخطه الخمس بعد المؤنة ولا يقدح ضعف
بعضها بعد صحة الباقي وانجبار الكل بما عرفت من الاجماع بل في شرح الفريد البهبهاني انه اجماعي بل ضروري ثم إن المتبادر من المؤنة مؤنة السنة مضافا إلى
الاجماع عليه صريحا عن صريح السرائر وظاهر الانتصار والخلاف والتذكرة والمنتهى ومجمع الفائدة والمدارك والذخيرة والظ ان المراد بالمؤنة ما يحتاج
إليه الشخص في إقامة نظام معاده ومعاشه ولو على وجه التكميل الغير الخارج عن المتعارف بالنسبة إلى مثله من حيث الغناء والشرف فمثل الضيافات والهبات مما
يتعلق بالدنيا ومثل الزيارات والصدقات والاحسانات داخل في المؤنة بشرط عدم خروج ذلك عن متعارف أمثاله فمثل اهدأ التحف للسلاطين من أمور الدنيا
أو بناء المساجد وايقاف الاملاك مما يتعلق بالدين داخل في المؤنة بالنسبة إلى بعض خارج بالنسبة إلى اخر ويستفاد من ظاهر سيد مشايخنا في المناهل الاقتصار
على الواجبات الشرعية أو العادية وهو محتمل لكن الأقوى خلافه وإن كان الأحوط مراعاته واما ما يأخذ الظالم فإن كان من باب المصانعة فهو من المؤنة واما
ما يأخذه قهرا ففي كونه من المؤنة تأمل بل منع واما الدين فالمقارن منه لعام الاكتساب ان استدين الصرف فيما يستثنى فلا اشكال في استثناء ما يوفى مراعى
بالايفاء حتى لو أبرئ المدين بعد الاستثناء تعلق الخمس بالمقابل وان استدين للصرف في غير ذلك فان بقى عينه أو عوضه بحيث من ايصائه به فان الظ عدم احتسابه
من المؤنة وان لم يبق ففي احتسابه من المؤنة سيما إذا طالبه المدين في سنة الاكتساب وجه قوى وإن كان يأباه
ظاهر كل من قيد الدين بالحاجة واما الدين المقدم
فهو كالمقارن ان استدين للصرف فيما يتعلق بمؤنة سنة الاكتساب أو تمكنه في غيرها مع عدم بقاء المقابل واما مع التمكن وبقاء المقابل فالظ انه لا يعد من
المؤنة وان قلنا في المسألة الآتية بان المؤنة مختصة بالربح دون غيره مما لا يخمس لعدم وضوح كونه من مؤنة هذه السنة وان وجب الوفاء فيها واما ما يتفق له
من الغرامات الحاصلة بأسباب الضمان فإن لم يحصل ذلك بتعمد منه فالظ دخوله في المؤنة وان تعمدها ففي الحاقها بغير العمد وعدمه اشكال ولو كان للمكتسب
مال لا يتعلق به خمس ففي اخراج المؤنة منه أو من الربح أو منهما بالنسبة أوجه أقواها أوسطها وفاقا للمحقق والشهيد الثانيين وصاحبي المدارك والذخيرة
بل هو ظاهر كل من عنوان مورد هذا الخمس في فتواه أو معتقد اجماعه بما يفضل عن مؤنة السنة من الأرباح لا طلاق ما تقدم من المستفيضة ولظاهر قوله
في مكاتبة ابن مهزيار الطويلة ومن كانت ضيعة لا تقوم بمؤنته فليس عليهم نصف السدس والأقوى ان يق ان المال المذكور إن كان مما يحتاج إليه لأجل الاكتساب
كراس مال التجارة وما يحتاج إليه لزراعة فالظ عدم خروج المؤنة منه وكذا لو كان مما لا يحتاج إليه ولكن لم تجر العادة بصرفه في المؤنة كالزائد عن
مقدار الحاجة من رأس مال الزايد أو كد أو زائدة أو نحوها للاطلاق الروايات باخراج المؤنة عن الربح وإن كان مما جرت العادة بصرفه كمقدار من الحنطة
توهب له ونحو ذلك فالظ عدم استثناء مقابلها من الربح فان المتبادر من اخراج المؤنة اخراج ما عدا ذلك مما يحتاج إليه ولذا لو كان له دار
موروث تكفيه لا يستثنى له مقابل الدار وان لم تجر عادة في صرفه وعدم صرفه ففيه اشكال من اطلاق الاخبار ومعاقد الاجماع ومن قوة احتمال ورود
الجميع مورد الغالب من الاحتياج إلى اخذ المؤنة من الربح لانحصار مأخذها فيه فالخروج بها عن اطلاقات الخمس مشكل سيما وان الظ من كثير
من الاخبار المتقدم بعضها مثل رواية ابن طاوس المتقدمة ومثل ما ورد من أن الخياط يخيط ثوبا بخمسة دوانيق وغير ذلك أن الخمس يتعلق بجميع الربح
فيكون الاذن في اخراج المؤنة رخصة مشروعة لدفع الضرر ومشقة التكليف فالمسألة محل اشكال قال المحقق الأردبيلي فيما حكى من شرحه على الكتاب
الظ ان اعتبار المؤنة من الأرباح انما هو على تقدير عدم غيرها فلو كان عنده ما يمون به من الأموال التي تصرف في المؤنة عادة فالظ عدم اعتبارها
مما فيه الخمس انتهى وقريب منه ما ذكره المحقق القمي ره في الغنائم وفيه تأييد لما ذكرنا واما الاحتمال الثالث فلم أعثر على قائل به ولعل وجهه ان المجموع من الربح وغيره
مال واحد وصرف بعضه في نظام المعاد والمعاش الذي هو المقصود من اقتناء المال واكتسابه نقص فيه يدخل على جميع المال فيسقط عليه لكنه اجتهاد
في مقابل المطلق في وجوب الخمس في الأرباح أو المقيد له بما بعد اخراج المؤنة منها انه لا اشكال في أن المخرج من الزرع هي المؤنة المتعارفة فلو أسرف
568

حسب عليه لأنه أتلف حق أرباب الخمس ولو قتر فظاهر المض‍ والشهيدين والمحقق الثاني انه يحسب له بل عن التذكرة الاتفاق عليه واستظهر في المناهل عدم
الخلاف فيه ولعله لما مر في الاسراف من أن المستثنى هي المؤنة المتعارفة فالخمس انما يتعلق بما عداها فمن ربح ألفا ومؤنته خمسمائة فلم يتعلق الخمس الا
بنصف الألف سوء صرف النصف أو انقص منه أو أزيد منه وتأمل في ذلك المحقق الأردبيلي ره وبعده جمال الدين الخوانساري وصرح باختيار خلافه كاشف
الغطاء ولعل وجهه ان الظ من المؤنة في الاخبار ما أنفقها فعلا في حوائجه فمعنى قولهم في فتاويهم ومعاقد اجماعهم يجب الخمس فيما يفصل عن مؤنة سنته على
الاقتصاد ما يبقى بعد صرف ما صرف في حوائجه لاما عدا مقدار المؤنة المتعارفة ويؤيده ان المؤنة المتعارفة ليست منضبطة حتى يستثنى مقدارها
بل يختلف باختلاف الانفاقات فقد تعرض للشخص ضروريات وقد ترتفع عنه مؤنة بعض ضرورياته وقد يقدم على بعض ما يليق به من الصدقات
والهبات وقد يعرض عنها ولو أراد الشخص اخراج المؤنة في أول السنة لم يخرج الا ما ظن أنه سينفق على ضرورياته أو بنى عليه بما لا ضرورة في
انفاقه لكن إذا اتفق عدم الانفاق يدخل في الفاضل عن المؤنة فالمؤنة هنا مؤنة التحصيل في الأرباح وغيرها من الكنز والمعدن ونحوهما فكما ان العبرة
فيها بما يصرفه فعلا ولو على وجه الدقة والمضايقة الغير الواجبتين عليه لا يحسب له تفاوت ما بينه وبين المتعارف الوسط وكذا لا يحسب له ما يقابل
تبرع متبرع بمؤنته أو بعضها لم يحسب له ما يقابله وان قلنا بوجوب اخراج المؤنة من الربح دون المال الأخر الحاصل ويحتمل عدم احتساب ما يقابل المتبرع
ولو على القول باحتساب التقتير فان الشخص إذا أضيف في جميع الليالي فلا يحتاج إلى العشاء حتى يعد من المؤنة بخلاف ما لو ترك التعشي ونام جائعا
وتعدى بعشائه ويجب الخمس (ايض‍) في ارض الذمي إذا اشتراها من مسلم وفاقا للمحكى عن الشيخين والمتأخرين والمنتهى وكنز العرفان نسبته إلى أصحابنا
لصحيحة الحذاء عن أبي جعفر (ع) أيما ذمي اشترى أرضا من مسلم فان عليه الخمس أو نحوها مرسلة المفيد قده عن الصادق (ع) الا ان فيها فان عليه فيها الخمس
ولا معارض لها الا بعض العمومات اللازم تخصيصها بها ولا موهن لها عدا اهمال بعض الأصحاب لذكر هذا القسم الموهون بدعوى الاتفاق عليه ممن عرفت
أو المنجبر باطلاق المتأخرين عليه ومع هذا فلا وجه لتأمل بعض متأخري المتأخرين في الحكم بل انكارهم له ولما ذكره بعض هؤلاء من أن مذهب مالك ان الذمي
إذا اشترى أرضا من الأراضي العشرية ضوعف عليه العشر فيؤخذ منه الخمس فلعل هذه الرواية وردت تقية منه أو من مثله فان أراد بهذا ابدأ الوهن
في الرواية فهو من أعجب ما صدر ممن لا ينبغي ان يصدر عنه لان مرجعه إلى تأويل الرواية من غير قرينة ليصير موافقا لمذهب العامة فتحمل على التقية من غير
معارض سيما مثل هذا التأويل بان يراد وجوب ضعف العشر في حاصل هذه الأرض إذا زرع فيها إحدى الغلات الزكوية فخرج ما يبلغ النصاب
بشرائطه مع أن المرسلة ظاهر أو نص في أن الخمس في عين الأرض والظ ان المراد بالخمس هو الخمس المصطلح لأنه المتبادر وان لم نقل بثبوت الحقيقة
الشرعية في لفظ الخمس لا بطريق النقل ولا بطريق الاشتراك اللفظي بينه وبين المعنى اللغوي مضافا إلى اجماع مثبتي هذا القسم على صرفه مصرف الخمس
المصطلح وهل الأرض مختصة بأرض مختصة بأرض الزراعة كما هو ظاهر المحقق والمض‍ والمحقق الثاني أو يعم المساكن والبساتين ظاهر اطلاق كلمات الأصحاب الأول كما
اعترف به في المعتبر والمنتهى واستظهرا ومع ذلك ارادتهم لخصوص ارض الزراعة لكنه اجتهاد في مرادهم منشؤه تبادر الخصوص من الاطلاق ويدفعه ان
التبادر المذكور انما هو في مقابل الأرض المشتملة على النباء والأشجار المعبر بالدار والبستان واما الأرض البياض المتخذ للبناء أو الغرس فلا اشكال
في عدم خروجها عن منصرف اللفظ فتشتملها الرواية والفتاوى ونتم الحكم في الباقي بالاجماع المركب اللهم الا ان يريد الفاضلان بأرض الزراعة ما يعم البياض
المتخذ للبناء أو الغرس لقابليتها للزرع وفيه تأمل أو بمنع الاجماع المركب فيفصل بين ارض البياض وان اتخذت للبناء أو الغرس وبين الأرض المشتراة في
ضمن الدور والخانات والبساتين لعدم انصراف اشتراء الأرض إلى اشترائها بل يصح السلب فيقال لم يشتر أرضا وانما اشترى خانا أو دارا ثم هل
يختص الحكم المذكور بالشراء كما هو ظاهر المشهور أو يعم المعاوضة كما اختاره كاشف الغطاء أو مطلق الانتقال ولو مجانا كما هو ظاهر الشهيدين فيه اشكال
من اختصاص النص والفتوى بالشراء ومن عمومه عرفا لسائر المعاوضات ومن أن المناط هو الانتقال كما يستفاد من نقل أقوال العامة والخاصة في المعتبر و
المنتهى والتذكرة حيث إن ظاهر الأقوال المذكورة العامة في مقابل الخاصة هو مطلق الانتقال مضافا إلى الاستدلال على مذهب الإمامية في المنتهى
بقولنا في اسقاط الشعر اصرار بالفقراء فإذا تعرضوا لذلك ضوعف عليهم العشر فاخرج الخمس ويؤيده ما رواة الشيخ عن أبي عبيدة الحذاء الصحيحة
المتقدمة وهذا الاستدلال وإن كان في غاية الضعف من وجوه لا يخفى الا انه لا يخرج عن الدلالة على أن مذهب المستدل بل غيره من العلماء الذين استدل
لهم بهذا الدليل هو مطلق الانتقال ولأجل ما ذكرنا عبر في المفاتيح عن عنوان المسألة بالأرض المنتقلة بالذمي ثم نسب الحكم إلى الأكثر وال‍ مسألة لا يخ
عن اشكال ثم إن ظاهر النص والفتوى تعلق هذا الخمس بالعين فللحاكم الاخذ منها ومن ارتفاعها وله اخذ غنيمة العين بان يبيع الحصة على الذمي لكن عليه
خمس هذا الخمس بعد اشترائه والظ ان اخذ القيمة مشروط برضاء الذمي لعدم الدليل على سلطنة الحاكم على ذلك وإن كان ظاهر كلام الشهيدين
يعطى ثبوتها ولو كانت الأرض المباعة من المفتوحة عنوة فإن كان نقلها على وجه ملكية العين أصالة كما إذا فرض ان الامام باع منها قطعة لمصالح
المسلمين أو اخرج خمسها إلى أهله فباعوه من الذمي فلا اشكال في وجوب الخمس في عينها وإن كان بيعها تبعا للآثار الموجودة فيها إذا اشتريها الذمي و
لو لم يخرج خمسها من حيث الغنيمة فيجتمع عليه خمسان وليس هذا من تثنية الصدقة المنفية بالنبوي بناء على صدق الصدقة على الخمس وان قلنا بان المملوك
569

نفس الآثار وانما يصح بيع العين في ضمن الآثار فيقع الاشكال في تعلق الخمس من أن الذمي لم يملك أرضا ولو تبعا وان لم يملكها حقيقة ولذا يق انه اشترى
الأرض المفتوحة عنوة فعليه الخمس باعتبار استحقاق الأرض تبعا للآثار فيقابل الأرض بمال من حيث مستحقه غير مملوكة فعليه خمس ذلك المال ولو شرط
الذمي سقوط الخمس فيما يشتريه فسد الشرط كما في البيان وغيره واستقرب في المناهل الصحة ولابد من حمل كلامه على ما إذا كان للبايع سلطنة على رفع
هذا الخمس الخاص كالامام ونائبه الخاص أو العام ومع ذلك ففيه نظر ولو شرط على الذمي ثبوته فعلى المش‍ يكون مؤكدا للثبوت فلو لم يمكن اجباره تسلط
البايع أو الحاكم على الفسخ ومعه لا يسقط عنه لاستقراره بالعقد وعلى القول الآخر فهل يلزم به بمقتضى الشرط وجهان من أنه تشريع لما لم يجعله الشارع
فيخالف السنة ومن انه بمنزلة اشتراط هبة بعضه على أهل الخمس اذلا يشترط دفع الذمي له بالنية كما صرحوا به ومن هنا قيل الأحوط اشتراط الخمس
على الذمي تفصيا عن الشبهة في أصل المسألة ويجب الخمس في الحلال المختلط بالحرام إذا كان بحيث لا يتميز قدره ولا يعرف صاحبه على المش‍ بين الشيخ و
من تأخر عنه بل عن الغنية الاجماع عليه للمروى عن الخصال بسنده الصحيح إلى ابن محبوب عن عمار بن مروان قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول فيما يخرج من المعادن
والبحر والغنيمة والحلال المختلط بالحرام إذا لم يعرف صاحبه والكنوز الخمس ورواية الحسن بن زياد عن أبي عبد الله (ع) قال إن رجلا اتى أمير المؤمنين (ع)
فقال يا أمير المؤمنين انى أصبت مالا لا اعرف حلاله من حرامه فقال له اخرج الخمس من ذلك المال فان الله رضي من المال بالخمس واجتنب ما كان صاحبه
يعمل وما رواه المشايخ الثلاثة والمفيد رضوان الله عليهم عن السكوني عن أبي عبد الله (ع) قال اتى رجل أمير المؤمنين (ع) فقال انى اكتسبت مالا أغمضت في مطالبه
حلالا وحراما وقد أردت التوبة ولا أدرى الحلال منه والحرام وقد اختلط على فقال (ع) تصدق بخمس ذلك فان الله رضي من الأشياء بالخمس وسائر المال لك
حلال وعن المفيد في الزيادات انه ارسل عن الصادق عن رجل اكتسب مالا من حلال وحرام ثم أراد التوبة من ذلك ولم يتميز له الحلال بعينه من الحرام فقال
يخرج منه الخمس وقد طاب ان الله طهر الأموال بالخمس وظاهرها كظاهر الرواية الأولى بل صريحها إرادة الخمس المصطلح كما هو المشهور بل نسبه في البيان إلى
ظاهر الأصحاب بل ظ الرواية بناء على ثبوت الحقيقية الشرعية في الخمس ولا أقل من ثبوت الحقيقة المتشرعة في زمان الصادق (ع) وإن كان كلامه حكاية لكلام
جده أمير المؤمنين صلى الله عليه وآله نعم الظ من الرواية الثالثة إرادة المعنى اللغوي سيما بملاحظة الامر بالتصدق به فان الصدقة وان اطلق في كثير من الاخبار
على الخمس كما قيل الا ان ظهوره في غيره أقوى من ظهور لفظ الخمس في المعنى المعهود سيما مع أن الإمام (ع) لم يطالبه بنصف الخمس وليس ذلك من باب الاذن في الاصراف لان
الظ من الحكاية كون المحكي في بين الفتوى الا ان ذلك كله مندفع بظهور قوله في ذيل الرواية فان الله قد رضي من الأشياء بالخمس ومن المعلوم ان خمسا اخر غير
المصطلح لم يعهد من الشارع في شئ فضلا عن الأشياء مع أن رواية ابن مروان كافية في المسألة سيما بعد الاعتضاد بما عرفت من الشهرة والاجماع المحكي نعم
قد يعارض ذلك بما ورد في غير واحد من الاخبار من حلية المال المختلط بالحرام من غير تعرض لوجوب اخراج شئ منه مثل ما رواه ثقة الاسلام في الكافي عن ابن محبوب
عن أبي أيوب عن سماعة قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن رجل أصاب مالا من عمل بنى أمية وهو يتصدق منه ويصل منه قرابته ويحج ليغفر له ما اكتسب وهو يقول إن
الحسنات يذهبن السيئات فقال أبو عبد الله (ع) ان الخطيئة لا تكفر الخطيئة ولكن الحسنة تحط الخطيئة ثم قال إن كان خلط الحرام حلالا فاختلط جميعا فلا يعرف
الحلال من الحرام فلا باس ومثل ما ورد في الربا من كثير من الاخبار دالة على حلية المختلط به مثل رواية
هشام بن سالم وروايتي الحلبي المرويات في باب الربا من الكافي و
لكن الظ من اخبار الربا بقرنية ذيل بعضها اختصاصها بما إذا اكلت مع الجهل بالحرمة وظاهر كثير من الاخبار كصريح المحكي عن جماعة حلية ذلك وعدم وجوب ردها
ولذا قيد في بعض اخبار الكبائر اكل الربا بكونه بعد البنية أي الدليل الواضح على التحريم إشارة إلى قوله تع‍ فمن جائه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف و ح فيكون
هذه الأخبار أخص مطلقا من اخبار وجوب الخمس بل هي رافعة للحرمة حال الجهل فيخرج الفرض عن عنوان الحلال المختلط بالحرام فلا مانع من العمل بها في خصوص الربا
وإن كان لا يخ عن اشكال لمخالفتها للقاعدة من عدم معذورية الجاهل بالحكم المقصر سيما في الحكم الوضعي ولذا حكى خلافه عن الحلى وكثير من المتأخرين بل المحكي عن السرائر
في هذا المقام وجوب الخمس في المال الذي يعلم أن فيه الربا واما موثقة سماعة فيمكن ارجاع نفى الباس فيها إلى التصرف في الجملة في المال المختلط في مقابل الحرام المحض
الذي ذكر ان صرفه في وجوه البر خطيئة فوق فكيف تكفر بها ولا يظهر منه جواز التصرف في الجميع من غير اخراج شئ منه ومع هذا فلا يقوى على معارضة اخبار
المسألة المعتضدة بقاعدة وجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة امتثالا للأدلة العقلية والنقلية الدالة على وجوب الاجتناب إذا علم ولو اجمالا في أمور غير محصورة
الحمد لله الذي وفقني لا تمامه والصلاة والسلام على نبيه وعلى اله إلى يوم لقائه
حرره العبد الأقل احمد الطباطبائي الإردستاني
في شهر صفر ستة 1299
570

كتاب الصوم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين الصوم لغة كما عن الجوهري
وجماعة هو الامساك وعن ابن دريد كل شئ سكنت حركته فقد صام صوما وفي عرف الشارع أو المتشرعة على ما في الشرايع والنافع هو الكف عن المفطرات
مع النية ونقض طرده بالكف عنها مع النية وقتاما وقد يذب عنه بان المراد بالنية الشرعية وهي لا يتعلق بغير الزمان المخصوص وفيه ان عدم مشروعية
النية في غير الزمان المخصوص لأجل عدم كون المنوي صوما شرعيا لا لعدم شرعية أصل النية فيرجع الامر إلى وجوب اخراج مثل ذلك عن حد الصوم
الشرعي فالأحسن ان يقال إن هذا تعريف الصوم مع قطع النظر عن اعتبار وقوعه في الزمان المخصوص بان يجعل اليوم ظرفا له خارجا عن مفهومه كما يشير
إليه قوله تع‍ وأتموا الصيام إلى الليل أو يقال إن هذا تعريف له بعد ملاحظة معروفيته اخذ اليوم في مفهومه وعكسا بتناول المفطر سهو أو يذب تارة بان
التناول على وجه النسيان لا ينافي الكف وفيه نظر واخرى باضمار فيه بان يراد الكف عن تعمد المفطر كما صرح بذكره الفاضل المقداد في كنز العرفان وفيه انه
ان أريد بتعمد المفطر تعمد الافطار فيدخل في الحد الجاهل بكون الشئ مفطر أو الناسي له وان أريد التعمد بفعل الشئ الخاص كالاكل مثلا فلا ريب ان الناسي
للصوم متعمد للاكل فان تعمد الاكل لا ينافي الغفلة عن الصوم أو القطع بعدم الصوم كما يشهد بذلك ما ورد من التعليل في فساد صوم من تسحر ثم تبين انه اكل
وشرب بعد الفجر وما ورد في تعليل من اكل بظن الليل لأجل السحاب الأسود ثم تبين له بقاء النهار بأنه اكل متعمدا ودعوى الفرق بين من اعتقد عدم الصوم وبين
من اعتقد انقضاء اليوم وان الأول ليس بمتعمد في اكله بخلاف الثاني كما ترى وان أريد من تعمد الاكل الاكل مع الالتفات إلى مطلوبية الصوم منه وجوبا أو ندبا
فلا ريب ان اخذ هذا في تعريف الصوم الذي لابد من معرفته مع قطع النظر عن تعلق الطلب به غير مستقيم جدا مع أن الظ من العرف بل الاخبار ان الصوم في أصل
الشرع هو ترك الأكل والشرب وغيرهما رأسا و ح فلا يبعد ان يقال إن فعل المفطرات ناسيا قادح في حقيقة الصوم وان الآكل ناسيا ليس بصائم حقيقة في
زمان اكله ولذا افتى المض‍ قده في أجوبة المسائل المهنائيته ببطلان الصوم المندوب وقضاء الواجب إذا كان موسعا بفعل المفطر ناسيا مستدلا بعدم تحقق الامساك
وإن كان يرد عليه ان عدم الصوم الحقيقي في جزء من النهار لا يوجب فساد الصوم بعد حكم الشارع بالصحة بمقتضى اطلاق ما دل على نفى البأس عن الأكل والشرب ناسيا
الشامل باطلاقه لجميع افراد الصوم بل الرواية واردة في خصوص الصوم المندوب فيكون ح انتفاء الامساك في جزء من النهار بمنزلة الأجزاء الغير الركنية للصلاة نعم قد
يشكل الامر لو استغرق النهار بالمفطرات المختلفة أو بمفطر واحد كما لو استنقعت المراة في الماء طول اليوم بناء على قول الحلبي والقاضي بفساد صومها به الا ان
يقال بكون الامساك عن كل مفطر مفطر (ايض‍) بمنزلة الأجزاء الغير الركنية فمهية الصوم هو الكف في كل جزء جزء من النهار عن كل مفطر مفطر وفوات الكف في بعض
النهار نسيانا أو فوات الكف في جميعه عن مفطر واحد نسيانا لا يقدح في المهية ويمكن ان يقال (ايض‍) ان الصوم الحقيقي هو الكف عن المفطرات حقيقة أو حكما
ويكون الناسي في حكم الكاف ثم إن تعريف الصوم بالكف موجب لخروج الترك الحاصل في حال الذهول فضلا عن حال النوم بل الترك مع عدم القدرة على المفطرات
كلا أو بعضا فالمعدول عن الترك إلى الكف إن كان باعتبار كون الترك غير مقدور فمع كونه ممنوعا فحل وإن كان التعريف بالترك (ايض‍) لا يخ عن المناقشة بناء على أن
الظ منه الترك الحاصل عن قدرة فلا يشمل الترك الاضطراري كما في حال النوم وعدم القدرة على التروك الا ان يق ان المراد بالكف عن المفطرات مجرد
الترك ويق في تعريفه هو الترك المفطرات مع النية فيصدق على ترك النائم إذا سبق منه النية كمن يرد عليه ما إذا عزم على الافطار في جزء من النهار فان الكف
في ذلك الجزء ليس عن توطين ولا مع النية وان أراد من قوله مع النية النية الفعلية الحاصلة في الليل فمع مخالفته لظاهر العبارة يرد على طرده ما إذا سبق
منه النية ثم نوى الافطار ولم يجدد النية بعده بناء على فساده وعلى عكسه ما إذا نسى النية إلى ما قبل الزوال وان أراد النية المستمرة حكمها سواء كان في الليل أم لا
يرد عليه ما إذا وجب عليه الامساك وثبت الهلال بعد الزوال لوجوب النية فيه (ايض‍) عن الأكل والشرب على الوجه المعتاد وغيره للمأكول والمشروب المعتادين
كالخبز والفواكه والماء بالاجماع والكتاب والسنة وكذا غير المعتادين على المشهور بل في الغنية كما عن السرائر وظاهر المنتهى وغيره الاجماع بل عن الناصرية و
الخلاف دعوى الاجماع من جميع العلماء الا النادر من المخالفين قال السيد في الناصرية على ما حكى عنه انه لا خلاف فيما يصل إلى جوف الصائم من جهة
فمه إذا اعتمده فإنه يفطره مثل الحصارة والخرزة وما لا يؤكل ولا يشرب وانما خالف في ذلك الحسن بن صالح
ونحوه روى عن أبي طلحة والاجماع متقدم ومتاخر عن هذا
الخلاف انتهى ونحوه في دعوى الاجماع على الافساد بما يصل إلى جوف الصائم وإن كان غير معتاد عبارة الغنية وعن الخلاف اجماع المسلمين على أن اكل البرد مفطر
وحكم بانقراض المخالف وعن المنتهى اجماع المسلمين الا الحسن بن صالح وأبى طلحة الأنصاري فإنه كان يأكل البرد ويقول إنه ليس بطعام ولا شراب ولعله لصدق جنس الأكل والشرب
المنوط بهما الافطار في الكتاب والسنة ومنع الانصراف المعتد به إلى المأكول والمشروب المعتادين والا لوجب تخصيصهما بالمتعارف من حيث أصل الاكل و
الشرب ولم يقل به أحد من المسلمين مع أن حذف المتعلق يدل على تعلق الحكم بالاجتناب بالطبيعة كما في قولك زيد يعطى ويمنع مضافا إلى فحوى ما سيجئ من الافطار بايصاله
الغبار مط أو خصوص الغليظ مع قضاء سيرة المسلمين على منافاة مطلق الأكل والشرب للصوم ومع هذا كله فلا وجه للتأمل في المسألة بل ولا خلاف فيها كما عن
السيد والإسكافي من جهة انصراف اطلاق الأكل والشرب الناشئ من حذف متعلقهما إلى اكل وشرب ما تعارف اكله وشربه فيبقى غير المتعارف في عموم صحيحة ابن مسلم
لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب أربع خصال أو ثلثا الطعام والشراب وقوله في مقام المبالغة ليس الصيام من الطعام والشراب وحده وقوله في مقام تعليل
572

عدم الافطار بدخول الذبابة في الحلق انه ليس بطعام وفي صحيحة ابن أبي يعفور في تعليل نفى الباس عن الاكتحال انه ليس بطعام ولا بشراب بناء على معلومية
انصراف الطعام والشراب في هذه الروايات إلى المتعارف المعتاد بل صراحة بعضها في ذلك كروايات الذباب والكحل فان ابتلاع الذباب والكحل عمدا مفطران
عند المشهور وعن الجماع قبلا أو دبرا الموجب للجنابة التي لا تحصل حتى تغيب الحشفة أو قدرها من مقطوعها على ما تقرر في باب الغسل إما الجماع قبلا فلا
خلاف ولا اشكال في كونه موجبا للافطار ويدل عليه صريح الكتاب والسنة المتواترة والاجماع بين المسلمين المحقق بل الضرورة ولافرق بين الانزال وعدمه
واما الجماع دبرا (فكك) مع الانزال بلا خلاف بين العلماء ويدل عليه فحوى ما سيأتي من الافطار بالانزال بغير الوطي واما مع عدم الانزال فالمعروف بين
الأصحاب كما في المدارك انه (كك) وعن الخلاف والوسيلة الاجماع عليه وفي الغنية الاجماع على الفساد بحصول الجنابة فيدخل فيه ما نحن فيه وفي المعتبر انه أشهر
الروايتين ويمكن الاستدلال عليه مضافا إلى ما يظهر من المعتبر من وجود الرواية المجبور ارسالها بالنسبة إلينا بالشهرة وظهور عدم الخلاف وحكاية الاجماع لعموم
ما دل من الكتاب والسنة على وجوب اجتناب النساء وعدم جواز المباشرة كما في الآية والرواية الصحيحة المتقدمة وما دل من الاخبار على حصول الافطار بالنكاح و
للجامعة والوطي والإصابة واتيان الأهل سيما بملاحظة قوله (ع) مشيرا إلى الدبر هو أحد المأتيين فيه الغسل فإنه يدل على أن جميع الأحكام الثابتة لاتيان النساء
ثابتة لاتيانها في الدبر لان الدبر أحد الفردين نظير قوله (ع) التراب أحد الطهورين والقلم أحد اللسانين وغير ذلك كما في الاخبار ودعوى انصرافها إلى الادخال في
الدبر ممنوعة سيما في بعضها مثل من انكح حراما أو جامع حراما فعليه ثلث كفارات فان نكاح الحرام يشمل النكاح في دبر الأجنبية والغلام شمولا ظاهرا ومثل ما عن الصدوق
في العلل عن عمر بن يزيد قال قلت لأبي عبد الله (ع) لأي علة لا يفطر الاحتلام الصائم والنكاح يفطر الصائم قال لان النكاح فعله والنكاح مفعول به فان الظاهر من
مقابلة النكاح الاحتلام الحاصل بالوطي في القبل والدبر من الغلام والمرأة إرادة النكاح الأعم أيضا فكأنه سئل عن علة افطار هذه الأمور إذا وقعت في اليقظة
دون النوم بما احبابه ومنه يظهر مستند الحكم بالافطار بوطئ الغلام وان لم يوجب الغسل وعن الشيخ في الخلاف الاجماع في الأول لكن الظاهر من المفاضلين والمحقق والشهيد
الثانيين تعليق الافطار على حصول الجنابة وهو مبنى على ثبوت التلازم بين الجنابة والافطار ولم اقف على ما يدل (على ذلك صريحا وان ادعى الاجماع عليه في الغنية عدا ما ربما يتراءى من اخبار البقاء صح) على الجنابة التي لأدلة فيها الا على عدم
انعقاد الصوم مع الجنابة سواء حصلت بالقصد أو بغيره وأين هو من انتقاض الصوم باحداث الجنابة قصدا فقد يمنع شئ من انعقاده ولا يمنع من استدامته
نعم ادعى الاجماع عليه في الغنية إلى وربما يظهر أيضا من بعض الروايات مثل ما رواه في الفقيه عن يونس بن عبد الرحمن عن أبي إبراهيم (ع) في المسافر يدخل أهله وهو
جنب قبل الزوال ولم يكن اكل فعليه ان يتم صومه ولا قضاء عليه قال يعنى إذا كانت جنابته عن احتلام دلت ولو بملاحظة حكاية الراوي لقصد الإمام (ع) على أن أصل
الجنابة إذا كان اختياريا مناف للصوم والخدشة في قبول حكاية مقصود الإمام (ع) من كلامه إذا لم يكن معناه محلا للاجتهاد والنظر بل كان من الألفاظ الواضحة
توجب سد باب تجويز النقل بالمعنى فتأمل ومما يؤيد اعتبار مثل هذا التفسير اهتمام الرواة بضبطه في الكتب وجعله بمنزلة جزء الرواية مع أن ظاهر الرواية في
التهذيب حيث حذف لفظ قال كونه من كلام الإمام (ع) مع احتمال عود ضمير قال في رواية الفقيه إلى الإمام (ع) فيوافق رواية التهذيب وكيف كان فالأقوى
فساد الصوم سيما بناء على المختار من تحقق الجنابة خلافا للمحكى عن المبسوط من التردد فيه كالوطئ في دبر المرأة وان جعل الفساد أحوط واما وطى البهيمة
فعن الخلاف عدم الخلاف في ايجابه القضاء وهو حسن بناء على تحقق الجنابة به خلافا للمحكى عن الحلى فلم يوجب له شيئا وهو ضعيف نعم هو حسن لو قلنا بعدم
ايجابه الجنابة كما عن الشيخ مع حكمه بايجابه القضاء ولعله لصدق النكاح وفيه نظر ولو ادخل المرأة ذكر البهيمة ففي البطلان اشكال من جهة الاشكال في
حصول الجنابة كما لو أدخلت ذكر صغير من جهة الشك في تحقق الوطي وكما يجب الامساك عن تعمد احداث الجنابة في أثناء النهار فيجب عن تعمد البقاء على
الجنابة الحاصلة بالاختيار أو بغيره حتى يطلع الفجر على المشهور المعروف عن غير شاذ كما في المعتبر وعن السرائر وفي الغنية والروض كما عن الانتصار
والخلاف والوسيلة والسرائر والتذكرة الاجماع للاخبار الكثيرة بل قيل لعلها متواترة منها رواية أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) في رجل أجنب في شهر رمضان
بالليل ثم ترك الغسل متعمدا حتى أصبح قال يعتق رقبته أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا قال في المعتبر وبهذه اخذ علمائنا الا شاذ ومثلها
رواية المروزي ومرسلة إبراهيم بن عبد الحميد خلافا للمحكى عن ظاهر المقنع والرسالة الرضاعية للسيد الداماد وعن الأردبيلي الميل إليه وعن الذخيرة
تقويته لعموم أية الرخصة في الرفث إلى النساء ليلة الصوم الصادق في جزئها الأخير وخصوص أية الاذن في المباشرة كالاكل والشرب إلى أن يتبين الخيط
الأبيض ولرواية إسماعيل بن عيسى عن الرضا (ع) عن رجل اصابته جنابة في شهر رمضان فنام عمدا حتى
يصبح أي شئ عليه قال لا يضره هذا ولا يفطر ولا يبالي
فان أبى قال قالت عايشه ان رسول الله صلى الله عليه وآله أصبح جنبا من جماع غير احتلام ونحوها صحيحة عيص بن القسم ومكاتبة ابن ازنيية وفي صحيحة حبيب الخثعمي عن أبي
عبد الله (ع) كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلى صلاة الليل في شهر رمضان ثم يجنب ثم يؤخر الغسل متعمدا حتى يطلع الفجر والكل ضعيف لمنع العموم في الآية الأولى لورود اطلاقها
في مقام جواز أصل الرفث في الليل في مقابل النهار ومنع شمول الآية في الآية الثانية لغير الجملة الأخيرة مع وجوب تخصيصها على تقدير العموم بالاخبار الكثيرة
السليمة عن مزاحمة ما ذكر من الاخبار المخالفة للمشهور الموافقة للجمهور كما في المعتبر وقد أشار إليه مولينا الرضا (ع) بحكايته عن أبيه (ع) عن عايشة مع أن المتعارف
في ذلك نسبته إلى ابائه صلوات الله عليهم مع امكان حملها على بعض المحامل كالعذر ولو للنبي صلى الله عليه وآله كما في التهذيب والمعتبر أو النوم بقصد الاغتسال مع اعتياد الانتباه ولا
فرق في تعمد البقاء بين ان يبقى مستيقظا عازما على ترك الغسل وبين ان ينام متعمدا عازما على الترك بل يجب الاجتناب عن النوم عليها من غير نية الغسل حتى يطلع
573

الفجر فلو نام كذلك فسد الصوم لا لما دل على وجوب القضاء وإذا نام الجنب متعمدا كصحيحتي الحلبي والبزنطي كما استدل به في المدارك ثم رده بان الظاهر من تعمد النوم
العزم على ترك الاغتسال بل لاطلاق مرسلة إبراهيم بن عبد الحميد المتقدمة فيمن أجنب في شهر رمضان فنام حتى يصبح فعليه عتق رقبة أو اطعام ستين مسكينا
وقضاء ذلك اليوم ويتم صيامه ولن يدركه ابدا ونحوها رواية المروزي وصحيحة ابن مسلم عن الرجل يصيبه الجنابة في رمضان ثم ينام قبل ان يغتسل قال يتم صومه
ويقضى ذلك اليوم الا ان يستيقظ قبل ان يطلع الفجر فان انتظر ماء يسخن أو ماء يستقى فطلع الفجر فلا شئ وفحوى ما سيجئ من وجوب القضاء على الحايض
ان طهرت بليل وتوانت ان تغتسل فان وجوب القضاء مع التواني الشامل لما إذا قصده لكن مع التكاهل يدل على وجوبه مع عدم نية الفعل بطريق أولي
فتأمل وسيجئ ان الأقوى حرمة النوم مع التردد في الغسل وعدمه ثم لو لم يتمكن المكلف من الغسل فهل يجب عليه التيمم فيه قولان من عموم المنزلة في صحيحة
حماد هو بمنزلة الماء وفي الروايات هو أحد الطهورين وهو مذهب المحقق والشهيد الثانيين خلافا للمحكى عن المنتهى ولعله من أن المانع هو حدث الجنابة
والتيمم لا يرفعه وهو طهور بمنزلة الماء في كل ما يجب فيه الغسل (لاما توقف على رفع الجنابة فالتيمم يجب في كل موضع يجب فيه الغسل) لا فيما يشترط بعدم الجنابة ويشعر به قوله (ع) في صحيحة ابن مسلم فان انتظر ماء يسخن أو يستقى فطلع
الفجر فلا شئ حيث إنه لم يأمر بالتيمم ولذلك لم يذكروا في كتاب الطهارة من التيمم الواجب ما كان لصوم واجب كما عدوا الصلاة والطواف الواجبين بل مقتضى
ذكرهم وجوب الغسل للصوم ذكر التيمم أيضا له بمقتضى المقابلة نعم ذكروا انه يجب التيمم لكل ما يجب له المائية لكن هذا الكلام على فرض الدلالة لم يبلغ حد الاجماع مع
مخالفة المصنف قده في المنتهى وتردده في النهاية كما عن الذكرى نعم قال في المعتبر يجوز التيمم لكل من وجب عليه الطهارة المائية وادعى عليه اجماع للمسلمين وكيف كان
فالأحوط التيمم وعليه فهل يجب ان يبقى مستيقظا لئلا يبطل تيممه أم لا أقويهما وأحوطهما الأول ثم إن النفساء مثل الحائض بلا خلاف ظاهر كما حكى التصريح بالوفاق عن الغنيمة
والسرائر والمعتبر والتذكرة وقيل ويدل عليه الرواية المصححة الحائض مثل النفساء ولان دم النفاس دم الحيض كما عن جماعة ولو (مقدم) تعمد تأخير الغسل حتى ضاق
الوقت عصى وتيمم وظاهر اطلاقات ترك الغسل متعمدا كرواية أبي بصير السابقة وجوب القضاء عليه بل الكفارة وهل يلحق بالجنابة الحيض المشهور نعم بل عن
المقاصد العلية نفى الخلاف فيه لرواية أبي بصير ان طهرت بليل ثم توانت ان تغتسل فعليها قضاء ذلك اليوم خلافا للمحكى عن صاحب المدارك والأردبيلي و
محكى النهاية واما غسل المس فلم يذكر الأصحاب قولا يتوقف الصوم عليه بل عن مجمع الفائدة عدم القول به الا انه حكى بعض مشايخنا عن بعض نسخ رسالة علي بن
بابويه القول بالتوقف وهو ضعيف على (إلى) فرضه وعن ايصال الغبار الغليظ إلى الحلق على المشهور بل لم يعلم مصرح بالخلاف فيه إلى زمان بعض متأخري المتأخرين
كما اعترف به في الرياض بل يظهر من الروضة تحقق الاجماع عليه حيث جعل الحكم بوجوب القضاء والكفارة له قطعيا ثم جعل وجوبهما لمعاودة النوم جنبا بعد
انتباهتين مشهوريا فتأمل وهو الظاهر من الدروس حيث ذكر جميع ما اختلف في وجوب القضاء والكفارة أو أحدهما فيه ولم يذكر في الغبار خلافا ويشهد أيضا
ظاهر ما تقدم من دعوى الاجماع عن الناصرية كما في الغنية على الافساد بكل ما يصل إلى جوف الصائم وعن التنقيح والسرائر كما عن بعض الحكاية عن نهج
الحق الاجماع عليه وعن التذكرة نسبة الخلاف إلى الجمهور المشعرة بعدم الخلاف بيننا لأن الظاهر عدم صحة سلب الاكل عنه نعم يأتي على مذهب السيد والإسكافي
عن افساده لو كان مما لا يؤكل عادة لا مطلقا كما قيل (إلى) الا انه اكل غير معتاد وإن كان المأكول معتادا وقد عرفت العموم في الاكل والمأكول
(نعم يأتي على مذهب السيد والإسكافي المنع عن افساده لو كان مما لا يؤكل عادة لا مطلقا كما قيل) وبما ذكر ينجبر سندا ودلالة
مضمرة سليمان الجعفري والمروزي قال سمعته يقول إذا تمضمض الصائم أو استنشق متعمدا أو شم رائحة غليظة أو كنس بيتا فدخل في انفه وحلقه غبار فعليه
صوم شهرين متتابعين فان ذلك له فطر مثل الأكل والشرب والنكاح واضمارها لو سلم قدحه اغماضا عن القرائن وعن كون الباعث عليه غالبا تقطع الاخبار
غير ضائر بعد الانجبار بما عرفت ودعوى ان الانجبار مختص بما نسب إلى الإمام (ع) حتى يسمى خبرا ممنوعة وكذا الطعن في دلالتها باشتمالها على مالا يقول به أحد من
ثبوت الكفارة بمجرد المضمضة والاستنشاق أو شم رائحة لجواز تقييد المضمضة والاستنشاق بما إذا كان على وجه عدم التحفظ فدخل ولو يسيرا في الحلق
كما صرح به غير واحد واما شم الرائحة الغليظة فقد حكى عن المفيد والقاضي وجوب القضاء والكفارة به إذا وصل إلى الحلق بل الشيخ ادعى وجود
الرواية بذلك واما كنس البيت فهو محمول على ما إذا لم يتحفظ عن الغبار ووقف في معرض الايصال هذا كله مع أن سقوط جزء من الرواية عن الحجية لا
يوجب سقوط الكل واما معارضته بالرواية عن الصائم يدخل الغبار في حلقه قال لا باس فلا دلالة فيه لاحتمال ان يراد به الدخول لا على وجه
الاختيار وكيف كان فيكفي في المسألة مثل هذه الرواية إذ انجبرت بفتوى جمهور الأساطين من المتقدمين والمتأخرين وان قال المحقق في الشرايع ان فيه
خلافا لكن الظاهر أن المخالف فيه من لا يرى الفساد بأكل التراب كالسيد والإسكافي لان المتبادر من الغبار غبار
التراب كما هو مورد الرواية نعم تردد
المحقق بنفسه فيه في المعتبر من جهة ضعف الرواية ومن جهة منع كونه كابتلاع الحصى والبرد وكلا الوجهين ضعيفان ولذا مال أخيرا في بيان ما يوجب
القضاء والكفارة إلى ثبوتهما فيه عن التقى وجوب القضاء فيه خاصة وحكاه الشيخ عن بعض أصحابنا على ما قيل واختاره الحلى متمسكا بان القضاء
مجمع عليه الكفارة بين أصحابنا فيه خلاف وليس عليه دليل ثم إن في تقييد الغبار بالغليظ كما في كلام المصنف (قده) بل في الغنائم كما عن غيره نسبته إلى
الأكثر وعدمه كما هو صريح بعض وبالغ فيه الشهيد الثاني حتى نفى الوجه في التقييد خلاف والأقوى التقييد لأنه المتيقن من الاجماعات والشهرة مع عدم
صدق الاكل في غيره والا لفسد الصوم بايصال مطلق الهواء الكدر المخلوط بالاجزاء الأرضية (فلا يقال إنه اكل التراب بخلاف ما إذا كان غليظا نعم لو علمنا باطلاق الرواية) كان المتجه الاطلاق واما الدخان الغليظ ففي المدارك
ان المتأخرين الحقوه بالغبار واستبعده تبعا للمحكى عن التنقيح وتبعهما في الكفاية والذخيرة على ما حكى والأقوى الالحاق لو عممنا الغبار لغير الغليظ
574

لتنقيح المناط أو الأولوية وان قيدناه بالغليظ فالأقوى عدم اللحوق لان الأجزاء الترابية تلصق بالحلق وتنزل مع الريق بخلاف الأجزاء اللطيفة
الرمادية في الدخان فإنها تدخل في الجوف مصاحبا للدخان النازل ولا تلصق الحلق ولا يتنزل مع الريق منها شئ والدخان ليس مما يؤكل والاجزاء
الرمادية ليست منفردة عن الدخان حتى يصدق الاكل بنزولها وبالجملة فالفرق بين الأجزاء الترابية الداخلة في الحلق مع الهواء والاجزاء الرمادية
النازلة مع الدخان في دخول الأولى بنفسها في الحلق منفصلا عن الهواء مخالطا للريق ونزول الثانية في ضمن الدخان بحيث لا ينفصل عن الهواء
الدخاني ولا يختلط بالريق واضح نعم لو قلنا إن الصوم عبارة عن الامساك عما يصل الجوف مطلقا أو من طريق الفم حتى الدخان أو حتى الأجزاء
الرمادية المختلطة مع الهواء الدخاني كان للافطار وجه الا ان الاكل لا يصدق على الأول قطعا لان الدخان ليس ماكولا ولا مشروبا ولا يصدق
على الثاني أيضا اكل الرماد جزما بخلاف الغبار المخلوط بالرماد نعم لو فرض غلظة الدخان على وجه ينفصل منه اجزاء ويتحقق معها جسم فلا يبعد
كونه كالغبار كما ذكره المحقق والشهيد الثانيان في حاشية الارشاد والمسالك ومما ذكر ظهر ان الاجتناب عن دخان التتن شئ قضت به سيرة
المسلمين ومراعاة الاحتياط في الدين ثم إن المراد بايصال الغبار الظاهر أنه ما يعم جذبه بالنفس تعمدا أو ايجاد فعل يستلزمه أو يمكنه من الوصول بان لا
يتحفظ عنه مع القدرة كما صرح به المحقق الثاني في حاشية الارشاد وعن الحلبي ان مما يجب الاجتناب عنه الوقوف في الغبار المتكاثف واعلم أنه ذكر
في المسالك ان النوم الثاني للجنب حرام وان عزم على الغسل واعتاد الانتباه وعلى هذا فيجب الامساك عن معاودة النوم بعد انتباهه ولو فعل كان آثما
وعليه القضاء أقول إما الاثم فلم أجد عليه دليلا سوى ما في بعض الأخبار الآتية من وجوب القضاء عقوبة وفي اثبات التحريم بهذا المقدار اشكال لورود نظيره
فيما لا يحرم كما حكم الشارع بوجوب إعادة الصلاة على ناسي النجاسة عقوبة لنسيانه بل هذا دال على كون القضاء عقوبة للنوم وليس فيه غيره ودعوى
صدق التفريط في الفرض ممنوعة جدا نعم يمكن الاستدلال عليه بعموم مصححة الحلبي عن أبي عبد الله (ع) في رجل احتلم أول الليل أو أصاب (من أهله ثم نام) متعمدا في شهر رمضان
حتى أصبح قال يتم صومه ذلك ثم يقضيه إذا أفطر من شهر رمضان ويستغفر ربه فان ظاهره بقرينة وجوب القضاء ما عدا النومة الأولى فالامر بالاستغفار
ليس الا لتحريم النوم الا ان يقال إن ظاهر النوم متعمدا هو النوم عازما على ترك الاغتسال وفيه ان اللازم حينئذ لكونه في مقام البيان ذكر الكفارة لأنه كمتعمد
البقاء على الجنابة فعدم ذكرها دليل على وجوبها وهو يكشف عن عدم إرادة العزم على العدم واما النومة الأولى فإن كان مع علي الاغتسال مع
اعتياد الا انتباه فليس بحرام قطعا واما مع اعتياد عدم الانتباه فحرام قطعا وموجب للقضاء والكفارة واما مع عدم العزم على الاغتسال
فإن كان مع الذهول فهو غير حرام واما مع الالتفات والتردد فقد لا يستبعد الحرمة نظرا إلى أن النوم على حاله يوجب استمرارها حكما إلى اخر النوم
عقلا وعرفا فالنائم على حاله كالباقي عليها مستيقظا ولذا كان النوم مع عزم ترك الاغتسال كتعمد البقاء على الجنابة قاصد في ترك النية لان الغسل
والنية كلتيهما مما يجب ايقاعهما فالنائم مترددا كالمستيقظ مترددا الا ان يفجأه الصبح ولذا اتفقوا على أن من بات عازما على ترك الصوم أو مترددا
فيه فسد صومه لترك تبييت النية ليلا مع أنه لم يترك النية الواجبة موسعا في جميع اجزاء الليل الا في جزء واحد من وقته الموسع ولا ريب ان المتردد
في الغسل متردد في النية للصوم الصحيح فالنائم على التردد في الغسل إذا فاجأه الصبح فهو كالباقي مستيقظا إلى الفجر مع التردد في الغسل وفي الصوم
ولا شبهة في استحقاقه العقاب لافساد الصوم وعليه القضاء والكفارة وحيث إن افساد الصوم في أول مطلع الفجر انما كان لتسببه إليه بالنوم فيستحق
العقاب عند النوم مع أن الأصل عدم الانتباه فهو كمن ترك الفعل في الجزء الأول مع علمه بطر والعجز بعده وعدم العلم بارتفاع العجز في اخر الوقت
ثم إن هذا إذا لم يعتد الانتباه واضح وأما إذا اعتاده فهو أيضا لا يجدى في رفع استحقاق العقاب عنه إذا لم يتفق الانتباه إذ مع التردد وعدم
العزم على الفعل لا فرق بين اعتياده للانتباه مقدم فإنه انما يفيد إذا كان علمه بذلك موجبا لعزمه على الفعل بعد الانتباه وعدمه مؤخر ويؤيد ما ذكرنا من حرمة النوم
الأولى الا مع القصد المحكي عن الرضوي إذا أصابتك جنابة في أول الليل فلا باس ان تنام متعمدا وفي نيتك ان تقوم وتغتسل فان غلبك النوم
حتى تصبح فليس عليك شئ إلى (ان) (قال يتم يومه ويقضى يوما وان لم يستيقظ حتى يصبح صح) إما إذا اتفق الانتباه فيصير حاله كالحالة الأولى قبل النوم إلى وفي حرمة النوم الثاني مطلقا وان عزم على الاغتسال واعتاد
(فان العلم بسعة الوقت انما يوجب آل؟ من جهة رجاء ادراك الفعل في بعض اجزائه صح) الانتباه ما مر من جواز الاستناد إلى ذكر العقوبة وصحيحة الحلبي المتقدمة واما وجوب القضاء ففي المدارك انه مذهب الأصحاب وعن المنتهى عدم
الخلاف وفي كلام بعض مشايخنا استفاضته نقل الاجماع عليه ويدل عليه صحيحة معوية بن عمار عن أبي عبد
الله (ع) الرجل يجنب من أول الليل ثم ينام
حتى يصبح في شهر رمضان قال ليس عليه شئ قلت فإنه استيقظ ثم نام قال يقضى ذلك اليوم عقوبة ونحوها مضمرة سماعة قمي اصابته جنابة في جوف الليل فنام
فقد علم بها فلم يستيقظ حتى يدركه الصبح قال عليه ان يتم يومه ويقضى يوما اخر وصحيحة ابن أبي يعفور الرجل يجنب في شهر رمضان ثم يستيقظ ثم ينام حتى
يصبح أتم يومه وجاز له فظاهر هذه الصحيحة ان نومة المحتلم التي يحتلم فيها بعد نومة أولي حتى يكون النوم بعد الاستيقاظ نومة ثانية أو يقال إن
المحتلم ليس كالجنب يقظانا بل يجب القضاء على المحتلم إذا نام محتلما واستمر إلى طلوع الفجر بخلاف غيره من الجنب وقد فرق بعض المعاصرين بين المحتلم
وغيره بما ذكرنا مستندا إلى عموم صحيحة الحلبي السابقة في بيان تحريم النومة الثانية بتقريب ان ظاهرها وجوب القضاء بمطلق النوم للمحتلم وغيره خرج غيره
بمقتضى صحيحة معوية بن عمار الظاهرة في غير المحتلم من الجنب وبقى الباقي وفيه ان صحيحة الحلبي قد نص فيها بذكر المحتلم وغيره فالنوم فيها ان حمل على
575

مطلقة فيدل على وجوب القضاء بالنومة الأولى فيهما وان قيد بالنوم الثاني كما هو المتعين لم يفرق والحاصل ان التفرقة بينهما مع دلالة ظاهر
الصحيحة على ثبوت القضاء فيهما بمطلق النوم لا يتأتى الا باخراج غير المحتلم عن الصحيحة وهو غير صحيح لذكر المحتلم فيها بالنصوصية فلا يمكن الاخراج واما بتقييد
النوم فيها بالنومة الثانية والمفروض ان النوم في الصحيحة مسند إلى المحتلم وغيره فيلزم تخصيص القضاء في كليهما بالنومة الثانية فالأولى الاستدلال التفرقة
بصحيحة ابن أبي يعفور وموثقة سماعة المتقدمين ونحوهما صحيحة محمد بن مسلم عن رجل تصيبه الجنابة في رمضان ثم ينام قبل ان يغتسل قال يتم صومه ويقضى ذلك
ذلك اليوم والجواب عنها بمعارضتها بمصححة العيص عن الرجل ينام في شهر رمضان فيحتلم ثم يستيقظ ثم ينام قبل ان يغتسل قال لا باس بناء على أن السؤال
عن حكم النوم المستمر إلى الفجر وانه يوجب القضاء أم لا إما لو حمل السؤال والجواب على جواز نوم المحتلم في الليل أو النهار في مقام دفع التوهم الناشئ من
النهى عنه في بعض الأخبار الناهية عنه ليلا ونهارا كمرسلة عبد الحميد فيبقى اخبار وجوب القضاء بنومة المحتلم سليما الا ان ظاهر الفقهاء عدم الفرق بين
المحتلم وغيره الا ان يحمل اطلاق كلامهم النوم الأولى للجنب على ما يعم المتصل بالجنابة كالنومة التي يحتلم فيها لكنه خلاف الظاهر وممن صرح بان نومة الاحتلام
لا تعد الشهيد الثاني في الروضة وسبطه في المدارك وعن الفاضل الهندي انه حكى عن فخر الاسلام في حاشية الارشاد ان الانتباه من الاحتلام وفي
حال الجماع لا يعد من الانتباهتين بل المعتبر انتباهه بعد نومه جنبا ثم أيده الفاضل بالنصوص من الفتاوى والاخبار فان الحكم انما علق على النوم ثلثا
يتخللها انتباهتان بعد الجنابة قال ولو أجنب في النوم ولم ينتبه بالاحتلام ثم انتبه فالظاهر أنه غير معدود وانما المعدود ما بعد العلم بالجنابة كما هو نص الشارع
انتهى أقول إما النصوص فقد عرفت ان ظاهرها كون النومة بعد الانتباه محتلما موجبا للقضاء واما الفتاوى كما ذكره الفاضل واما احتمال كون النومة الأولى
للجنب موجبا للقضاء لأنه بعد انتباه وعلم بالجنابة بخلاف نوم المحتلم إذا أصبح به فهو خلاف ظاهر النصوص والفتاوى ثم إن النوم الثالث والرابع في حكم
نوم الثاني في وجوب القضاء ولا يهدم العدد بتجديد الجنابة بعدما عدا النومة الأولى كما هو واضح وانما الكلام في ثبوت الكفارة في النوم الثالث فان
ظاهر المشهور ثبوتها فيه بل عن الغنية والوسيلة والخلاف وغيرها دعوى الاجماع الا انه لا دليل عليه كما اعترف به في الروضة وغيرها عدا ما استدل به
الشيخ من رواية المروزي ومرسلة عبد الحميد ورواية أبي بصير المتقدمة في مسألة تعمد البقاء على الجنابة ولا يخفى اختصاص الثالثة بمن تركه متعمدا والأوليين
وان كانتا مطلقتين في النوم الا ان التمسك باطلاقهما وارتكاب خروج نومة الأولى والثانية ليس بالولي من تقييدهما بالنوم معرضا عن الغسل وإن كان في النومة
الأولى مع أن المرسلة أبية عن الحمل على ما عدا الأولى كما لا يخفى فالقول بعدم الكفارة كما في المعتبر وعن المنتهى وجماعة لا يخلو عن قوة وهل يجرى في النوم
عن غسل الحيض والنفاس والاستحاضة ما يجرى في النوم على الجنابة من الأقسام الثلاثة وجهان أقويهما العدم وإن كان الجريان لا يخلو عن قوة وهل
يجرى النسيان عن غسل الجنابة مع الاستيقاظ مجرى النوم عنه في الاحكام والأقسام وجهان (أيضا) ويجب الامساك عن الاستمناء وهو (أيضا) استنزال المنى بأي
سبب كان فان نية القاطع محرمة على ما تقدم ولا يفسد الا إذا حصل بناء على عدم حصول الافساد بمجرد نية القاطع ومع حصوله فلا ريب في الفساد
للاجماع عليه (فتوى ونصا ففي صحيحة ابن الججل يعبث باهله في شهر رمضان حتى يمنى قال صح) من الكفارة مثل ما على الذي يجامع والظاهر من كلمة حتى وإن كان انتهاء الغاية لا التعليل لان الافطار لا يترتب على مجرد العبث
لأجل الامناء (الحاصل عقيب العبث لأجله صح) الا ان ظاهر السؤال استمرار العبث إلى حصول الامناء فيظهر منه كثرة العبث وهي عادة موجبة للامناء فالرواية تدل على وجوب
الكفارة باعمال السبب العادي وان لم يقصده ولا يختص بصورة القصد كما يظهر من صاحب المدارك ولا يعم غير السبب العادي من افراد الملامسة وان
لم يقصد به الانزال كما قد يتخيل نعم هذا (أيضا) مفسد على الأقوى لاطلاقات العبث ليرجع إلى قصد الامناء بناء على أن قصد ما يترتب عليه شئ في العادة
مع الالتفات إلى الترتب قصد لذلك الشئ وظاهر اطلاق روايات أخر مثل رواية أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) عن رجل وضع يده على شئ من جسد امرأته فأدفق
قال كفارة ان يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا أو يعتق رقبة وموثق سماعة فيمن لزق بامرأته فأنزل قال عليه اطعام ستين مسكينا مد لكل
مسكين ومرسلة حفص بن سوقه في الرجل يلاعب أهله أو جاريته وهو في قضاء رمضان فيسبقه الماء قال عليه من الكفارة مثل ما على الذي يجامع شهر رمضان وصحيحة
الحلبي عن أبي عبد الله عن رجل يمس من المرأة شيئا أيفسد ذلك صومه أو ينقضه قال إن ذلك يكره لأجل الشاب مخافة ان يسبقه المنى وظاهرها ان سبق
المنى أعني خروجه عن غير إرادة عقيب الفعل المعرض له مفسد والا لم يكن معنى لتعليل كراهة التعرض له بخوف سبقه وجه ونحوها صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي
جعفر (ع) انه سئل هل يباشر الصائم أو يقبل في شهر رمضان قال انى أخاف عليه فليتنزه عن ذلك الا ان يثق ان لا يسبقه منيه وصحيحة ابن حازم قال قلت لأبي
عبد الله (ع) ما تقول في الصائم يقبل الجارية والمرأة فقال إما الشيخ الكبير مثلي ومثلك فلا بأس واما الشاب
الشبق فلا لأنه لا يؤمن والقبلة أحد الشهوتين قلت فما ترى
في مثلي يكون له الجارية فيلاعبها فقال إنك لشبق يا أبا حازم كيف طمعك قلت إن شبعت أضرني وان جعت أضعفني قال كذلك انا قال فكيف أنت والنساء قلت لا شئ
قال ولكني يا أبا حازم ما أشاء شيئا يكون منى الا فعلت وموثقة سماعة عن الرجل يلصق باهله في شهر رمضان فقال ما لم يخف على نفسه فلا باس والمستفاد من هذه ان
سبق المنى عقيب التعرض له مفسد سواء كان بالملامسة أو بالنظر والتكلم وسواء مع الاعتياد وعدمه نعم يستثنى منه ما لو اعتاد العدم ولم يقصد الانزال ويجب القضاء
(أيضا) بفعل المفطر مطلقا قبل مباشرة مراعاة الفجر مع القدرة عليها ويكون الفجر طالعا في الواقع حين الاكل وإن كان مأذونا في الفعل بلا خلاف في الجملة كما قيل وسيجئ
الا ان حقيقة الصوم لم يتحقق عرفا ولا لغة بل ولا شرعا لعموم ما سيجئ من التعليلات في الروايات الآتية والامر في بعضها بافطار اليوم الذي اتفق فيه ذلك إذا
576

كان غير معين أو مندوبا الذي لا وجه له سيما في المندوب الافساد الصوم ومجرد الفساد وان لم يوجب القضاء المتوقف على فرض جديد ممنوع تحققه الا فيما إذا تحقق
الافساد لا مجرد الفساد الا ان الظاهر تحقق الاجماع على الملازمة بين فساد الصوم ووجوب القضاء فيما نحن فيه مضافا إلى خصوص ما ورد في المسألة مثل قوله (ع)
في موثقة سماعة عن رجل اكل أو شرب بعد ما طلع الفجر في شهر رمضان فقال إن كان قام فنظر فلم ير الفجر فاكل ثم عاد فرأى الفجر فليتم صومه ولا إعادة عليه وإن كان
قام فاكل وشرب ثم نظر إلى الفجر فرأى أنه طلع فليتم صومه ويقضى يوما اخر لأنه بدأ بالاكل والشرب قبل النظر فعليه الإعادة وصحيحة الحلبي عن رجل تسحر ثم خرج من بيته
وقد طلع الفجر وتبين قال يتم صومه ذلك ثم يقضيه وان تسحر في غير شهر رمضان بعد الفجر أفطر ثم قال إن أبى كان ليله يصلى وانا اكل فانصرف وقال أبا جعفر فقد
اكل وشرب بعد الفجر فأمرني فأفطرت ذلك اليوم في غير شهر رمضان ورواية إبراهيم بن مهزيار قال كتب الخليل بن هاشم إلى أبى الحسن (ع) رجل سمع الوطي
والنداء في شهر رمضان فظن أن النداء للسحور فجامع وخرج فإذا الصبح قد أسفر فكتب بخطه يقضى ذلك اليوم انشاء الله تعالى ومن صريح صدر الموثقة وذيل صحيحة
معوية بن عمار الآتية في اخبار الغير يعلم الوجه فيما حكى الاجماع عليه من جماعة من عدم وجوب القضاء مع المراعاة وحصول الاكل بعدها بحيث بكون مستندا
عرفا إليها بان لا يتخلل فصل محوج عادة إلى تكرار المراعاة وفي حكم المراعى من يعلم أن المراعاة لا يثمر له ظنا بالفجر لانصراف الأدلة إلى غيره وفي حكمه (أيضا) العاجز
عنها على المشهور كما قيل بل عن غير واحد من العبائر دعوى عدم الخلاف فيه نعم حكى عن موهم كلام المفيد في المقنعة كما يظهر من ذيل الموثقة المعللة لوجوب
الإعادة بالتقصير في النظر اللهم الا ان يقال بتقصير العاجز (أيضا) من جهة ترك السؤال فيجب عليه السؤال ومع عدمه يجب عليه القضاء ثم إن مقتضى ما قدمنا
من عدم تحقق الصوم عرفا ولغة تحقق الافطار بمجرد الاكل في الواجب الغير المعين والمندوب ولو مع المراعاة قيل بل الظاهر عدم الخلاف فيه ويؤكده أمر الإمام (ع)
بالافطار في صحيحة الحلبي وفي الحسن كالموثق كما قيل يكون على اليوم واليومان من شهر رمضان فأتسحر مصبحا أفطر ذلك اليوم واقضى مكان ذلك يوما اخر أو أتم
على صوم ذلك اليوم واقضى يوما اخر فقال لابل تفطر ذلك اليوم لأنك اكلت مصبحا وتقضى يوما اخر فان الامر بالافطار لا يكون الا لفساد الصوم ومقتضى
الأصل المذكور من انتفاء الحقيقة فساد المعين غير رمضان ولو مع المراعاة سيما بملاحظة ما دل من التعليل للافطار بالاكل مصبحا ونحوه يقضى بتحقق الافطار في
المعين غير رمضان كالمنذور (أيضا) وما ذكرنا من فساد الصوم وانتفاء حقيقته وان لم يقتض وجوب القضاء في شهر رمضان الا بمعونة الاجماع المنتفى في غير
رمضان من المعين الا انه بعد الحكم بجواز الافطار هنا وانتفاء الامر بالامساك الموجود في رمضان بالاجماع لابد من القضاء كبعض المعينات حيث فرض ثبوته
في افطار ذلك المعين نعم لو كان مما لا يجب قضاؤه كالصوم الواجب للنوم عن صلاة العشاء على القول بوجوبه أو قلنا بان وجوب القضاء في المنذور المعين
لم يثبت الا مع الافطار متعمدا لا مع حصوله بغير تعمد كان الاظهر عدم وجوب القضاء فيقوى حينئذ عدم وجوب القضاء في المعين غير رمضان ولو مع التقصير في المراعاة
الا ان في تعليل القضاء في رواية سماعة بالتقصير في النظر اشعارا بوجوب القضاء هنا كما أن في اطلاق ذيل صحيحة معوية بن عمار الآتية دلالة على عدم لزوم
القضاء مع عدم التقصير على الأقوى الاحتمالين فيه كما سيجئ فيقع التعارض بين ذيل هذه الصحيحة المعتضدة بتعليل الموثقة الشامل لصوم رمضان
وغيره المختص بصورة النظر وبين اطلاق صحيحة الحلبي الشامل لصورتي النظر وعدمه المختص بغير رمضان لكنها معارضة إلى واما صحيحة ابن عمار الآتية إما انك
لو كنت أنت الذي نظرت لم يجب عليك قضاء المعتضدة بالموثقة المشعرة بان علة القضاء التقصير (في النظر صح) فهما مختصان برمضان للامر فيهما باتمام الصوم ثم القضاء
وهذا من خواص صوم رمضان مضافا إلى ندرة غير رمضان من المعينات ولا يشمل غير المعين قطعا لعدم وجوب اتمامه الا ان الحكم مع ذلك بوجوب القضاء مشكل لعدم
تلازم الفساد والقضاء في غير رمضان اللهم الا ان يثبت ولا يبعد سيما وان الفساد مستلزم في لوجوب الافطار فيه فيكون كيوم معين فات صومه اضطرارا فيجب قضاؤه
الا ان لا يكون له قضاء ككفارة صلاة العشاء مثلا نعم لو كان معينا بالعارض كقضاء رمضان المضيق وجب بدله من غير حاجة إلى أمر جديد كما لا يخفى ثم إن
رواية معوية بن عمار مروية في الفقيه على وجه تفيد العموم لجميع أقسام الصيام فلاحظ الا ان الظاهر اتحادها مع رواية الكليني وان ما في الفقيه منقول بالمعنى
فلاحظ الكتابين وتأمل فيما فيهما نعم لو تم الاستناد إلى ما في الفقيه أمكن القول بالحاق الغير المعين (أيضا) برمضان مضافا إلى أن تعليل الموثقة أخص مطلقا
من تعليل الفساد (وتعليل الموثقة وإن كان مورده في رمضان الا ان المستفاد صح) ان القضاء يتفرع على الاكل قبل النظر لا على مجرد الاكل في النهار كما يستفاد من تعليل غيره من الاخبار فهذا التعليل يخصص التعليل الوارد في
الاخبار بمجرد الاكل في النهار مضافا إلى أن ظاهر موارد تلك الأخبار الاكل قبل النظر (أيضا) وسيما مع أن الظاهر أن مهية الصوم حقيقة واحدة ولا تغاير بين
افراده من حيث الحقيقة خصوصا بين صوم رمضان وقضائه فان اختلاف حقيقتهما في غاية البعد فإذا كان حقيقة صوم رمضان الامساك من حيث تبين الفجر
بعد النظر ولا عبرة بطلوعه قبله للناظر الذي لم يتبين له كذلك قضاء هذا الصوم سيما بعد ما ورد في حق يوم القضاء من أنه عند الله بمنزلة أيام رمضان
بل الظاهر كون جميع أقسام الصيام واحدا اللهم الا ان يقال بالفساد في الجميع الا انه رفع القضاء في صوم
رمضان لأجل رفع العسر ويجب القضاء أيضا بالافطار الاخبار
الغير بعدم الطلوع مع القدرة على المراعاة مع طلوعه حين الافطار لما ذكرنا من انتفاء حقيقة الصوم المستلزم لوجوب القضاء بحكم الاجماع على
التلازم ولعموم التعليل المتقدم لأنه بداء بالاكل قبل النظر فعليه الإعادة وخصوص صحيحة معوية بن عمار أو حسنته أمر الجارية تنظر اطلع الفجر أم لا فتقول
لم يطلع فاكل ثم انظر فأجده قد طلع حين نظرت قال تتم صومك وتقضيه إما انك لو كنت أنت الذي نظرت ما كان عليك قضاؤه ولو عجز عن المراعاة
سقط القضاء لفحوى ما مر من سقوطه من العاجز إذا لم ينظر عنه الغير ومقتضى اطلاق أدلة المسألة من القاعدة وتعليل الموثقة وذيل الصحيحة كاطلاق أكثر
577

الفتاوى عدم الفرق في المخبر بين الواحد عدلا أو غيره والمتعدد وحجية العدلين على تقدير ثبوتها فيما نحن فيه لا تزيد في إفادة الاذن على الاستصحاب ولا ينافي
وجوب القضاء مع انكشاف الخطاء فيكون كما لو انكشف ان اليوم الذي ثبت كونه عيدا كان من رمضان وإن كان الفرض نادرا فظهر ضعف ما اختاره المحقق
والشهيد الثانيان كما عن صاحبي المدارك والذخيرة من عدم وجوب القضاء مع شهادة العدلين لأنها حجة شرعية والصحيحة لا تنافيه لان موردها كون المخبر
واحدا وفيه ما عرفت عن أن الحجة انما تفيد جواز التناول واما الصحيحة فموردها وإن كان خاصا بالواحد بل بالمرأة بل بغير العادلة الا ان مقتضى قوله انك
لو كنت أنت الذي نظرت حصر عدم القضاء في صورة مباشرة النظر ويؤيده التعليل في الموثقة مضافا إلى أن اختصاص مورد الرواية لا يقدح بعد اقتضاء
انتفاء حقيقة الصوم للقضاء وقد عرفت ان حجية النية لا تنافيه حتى يحتاج إلى ارتكاب تخصيص أدلتها بأدلة ثبوت القضاء كما ارتكبه في الرياض بل
لو سلم التنافي فلا مناص عن الحكم بحكومة أدلة الحجية على هذه الأدلة لجعل الشارع نظر العدلين بمنزلة نظر نفسه بل بمنزلة القطع بالليل لا كما توهم من
صيرورة النسبة حينئذ بين أدلة الحجية وأدلة المسألة عموما من وجه فيرجع إلى أصالة البراءة نعم هي والاستصحاب و جميع ما يفيد الاذن في التناول تنافى الكفارة
لما تقدم من أن العذر شرعيا كان أم عقليا يسقط الكفارة عن الافطار بل قد يكون نفس الافطار لكونه واجبا كفارة لذنوب اخر كانقاذ الغريق بالارتماس
ويجب القضاء (أيضا) بالافطار مع الاخبار بطلوعه مع كذبه والقدرة على المراعاة مع طلوعه واقعا لما ذكرنا من انتفاء حقيقة الصوم وخصوص صحيحة
العيص بن القصم عن رجل خرج في رمضان وأصحابه يتسحرون في بيت ونظر إلى الفجر فناديهم فكف بعضهم وظن بعضهم انه يسحر فاكل قال يتم صومه و يقضى ومقتضى ترك
الاستفصال ثبوت الحكم مع العجز عن المراعاة (أيضا) مضافا إلى ما عرفت من القاعدة مع أن تكليف العاجز الرجوع إلى الغير ولم يفعل الا ان يعتذر عن مخالفته
بظن كذبه فيكون وجود الخبر عنده كعدمه بل ويكون بقاء الليل مظنونا مع عجزه عن المراعاة وعدم خبر معتبر بخلافه وقد تقدم عدم القضاء في المسألة الأولى الظاهر
التعليل في الموثقة بل لعدم الخلاف في الظان بالبقاء العاجز عن المراعاة الغير المخبر بدخول النهار الا ان ظاهر الرواية الظن بالسخرية وهو لا يستلزم الظن بالكذب
فقد يظن بالسخرية بل يقطع بها مع الشك في بقاء الليل بان يكون الساخر يخبر مع عدم المراعاة فيكون أصل الكلام مسخرة لا كذبا ثم اطلاق النص والفتوى
يقتضى عدم الفرق في ثبوت القضاء بين كون الاكل بظن كذب المخبر بعد النظر أو من دون نظر متصل عرفا ويشكل في الأول من جهة عموم منطوق صدر
الموثقة السابقة ومفهوم تعليل ذيلها الحاكم بان الاكل بعد النظر ليس فيه شئ عند انكشاف الخلاف مضافا إلى قوله في الصحيحة السابقة لو كنت أنت الذي
نظرت الا ان في شمولها لهذه الصورة اشكالا بل الظاهر من الاكل بعد النظر الاكل اتكالا عليه مع عدم حصول ما يوهنه فان اخبار الغير وإن كان فيه مظنة
السخرية الا انه يوجب التزلزل المحوج إلى النظر فان الظاهر أن اعتبار النظر في سقوط القضاء ليس تعبدا بل من جهة عدم التقصير وظاهر ان طرح اخبار
الغير لا من جهة احتمال الكذب بل من جهة احتمال السخرية المدفوع شرعا وعادة بالأصل والغلبة والاتكال مع ذلك كله على النظر السابق (أيضا) تقصير
نعم لو كان النظر السابق مما يغلب على الاخبار حتى يكون مثل من ينظر فلا يرى وينظر غيره فيرى الفجر فلا يبعد عدم الاتكال على الغير كما تقدم في رواية رجلين
قاما فنظر أو لو كان المخبر عدلين أو عدل واحد فان ظن السخرية ففي وجوب الكف وجهان من أصالة عدمها ومن عدم كون البينة حجة من باب ا لتعبد الصرف
لا أقل من اعتبار عدم الظن به على الخلاف سيما وان أكثر ما يمكن استفادة حجية العدل أو العدلين منه من الآيات والروايات انما تدل على وجوب تصديق العادل
وعدم الاعتناء باحتمال كذبه واما احتمال سخريته حيث لا يكون السخرية معصية فهو كاحتمال خطأ المخبر في النظريات لا يدل تلك الأدلة على نفى مثل هذا
الاحتمال نعم لابد من رفعها بالأصول والظواهر وان لم يظن السخرية فلا اشكال في وجوب الكف ولا في وجوب القضاء وانما الكلام في وجوب الكفارة كما عن
المصنف والشهيدين قدس سرهم لأنه كمتعمد الافطار مع تيقن الطلوع ويمكن ان يقال إن الكفارة قد علقت في أدلتها على تعمد الافطار الذي لا يتحقق الا مع العلم
بالنهار ومجرد كون الزمان في حكم النهار بمقتضى البينة مع عدم البينة لا يوجب صدق التعمد إلى الافطار والأصل في ذلك التفرقة بين تعمد الاكل في زمان
علم أنه من نهار رمضان فإنه تعمد إلى الافطار الصوم وبين تعمد الاكل في زمان حكم الشارع بكونه نهارا فإنه بمجرد ذلك مع الشك لم يقصد إلى نقض الصوم
لكن فيه نظر لا يخفى ثم إن الظاهر جواز التناول مع الظن ببقاء الليل تعويلا على استصحاب الليل بمعنى عدم طلوع الفجر بالكتاب والسنة والاجماع والعقل قال
الله تعالى حتى تبين لكم (الخيط الأبيض صح) جعل غاية جواز الأكل والشرب تبين النهار لا وجوده الواقعي للموثق في رجلين قاما فنظر إلى الفجر فقال أحدهما هوذ أو قال الآخر ما
ارى شيئا قال قل يأكل الذي لم يتبين له الفجر وقد حرم على الذي رأى أنه الفجر ان الله عز وجل يقول كلوا واشربوا حتى يتبين لكم وفي أخرى قلت له اكل حتى
أشك قال كل حتى لا تشك ومقتضى أكثرها جواز التناول مع الشك بعض الفحص ومقتضى الاستصحاب والرواية الأخيرة جواز التناول مع عدم الفحص
والشك (أيضا) وقد يتوهم هذا في الآية (أيضا) وهو فاسد لأن الظاهر منه التبين للناظر وعن الخلاف المنع مع الشك وهو ضعيف خصوصا مع تعميم المنع لما بعد الفحص
كما هو مقتضى اطلاق المحكي عنه وقد استند له إلى أن الصوم الواقعي المأمور به عبارة عن الامساك في النهار فيجب الكف في الجزء المشكوك كونه من النهار مقدمة
لتحصيل القطع بامتثال الامر بالصوم النفس الامرى وهذا الأصل وإن كان واردا على استصحاب جلية الاكل الا ان استصحاب الموضوع أعني عدم طلوع الفجر وارد
عليه يؤيده قوله (ع) كل حتى لا تشك ولو ظن طلوع الفجر فان تمكن من تحصيل العلم بحيث لا يجوز له الدخول في الصلاة مع الظن فالظاهر أنه في حكم العدم للاستصحاب
والرواية بناء على أن المراد بالشك فيها مطلق الاحتمال وان لم يتمكن من تحصيله بحيث يجوز له الصلاة في ذلك الزمان فالظاهر وجوب الكف بل لزوم
578

القضاء والكفارة مع تبين الخلاف والقضاء فقط مع استمرار الاشتباه ويجب (أيضا) القضاء الافطار بالاخبار بدخول الليل ثم ظهر الفساد لما ذكرنا من
انتفاء حقيقة الصوم مضافا إلى فحوى ما مر من وجوب القضاء مع استصحاب الليل واخبار المخبر ببقائه ولا فرق بين كون المخبر ممن يجوز للصائم تقليده
أم لا لأن جواز التقليد لا ينفى القضاء الثابت لأجل فساد الصوم ولفحوى وجوبه مع الاذن في الاعتماد على استصحاب الليل المعتضد باخبار الغير بل
بالبينة على ما عرفت واما مع عدم جواز التقليد فقد يقوى وجوب الكفارة مع القضاء للافطار تعمدا في زمان حكم الشارع بمقتضى الاستصحاب بكونه نهارا
وقد يقال بعدم انصراف أدلة الكفارة إلى وجوبها للافطار في النهار الاستصحابي وفيه ان النهار الاستصحابي ليس قسيما للنهار الواقعي وانما أثبت الشارع
احكام النهار الواقعي للزمان المشكوك فإذا سلم ان من احكام النهار الواقعي تعلق الكفارة بالافطار فيه كان الزمان المشكوك كذلك نعم يمكن ان يقال إن الكفارة
انما علقت في الاخبار على تعمد الافطار الذي هي عبارة عن نقض الصوم وقصد نقض الصوم لا يتأتى من الشاك في النهار بل الظان بالليل المتمكن من العلم الذي
هو افراد المسألة وحرمة الفطار عليه لا يوجب ثبوت الكفارة كما في الجاهل المقصر فان ظاهر المشهور انه من غير معذور في التحريم ولم يوجب عليه جماعة الكفارة
فلعل ثبوت الكفارة من لوازم تعمد هتك حرمة اليوم وكيف كان فمبنى (المسألة هو ان الكفارة هل هي من لوازم الاكل في نهار رمضان أو انه من لوازم تعمد صح) نقض الصوم فيجب الكفارة على الأول دون الثاني هذا كله مع ظهور الفساد واما مع استمرار
الاشتباه فلا اشكال في عدم وجوب القضاء مع جواز التقليد واما مع عدمه فمقتضى الاستصحاب وجوب القضاء بل الكفارة كما قواه الشهيد الثاني لما سبق
في صورة انكشاف الخلاف من أن الافطار محرم عليه بل قد احتمل وجوبهما مع انكشاف دخول الليل لثبوت التحريم ظاهرا في حقه فيترتب عليه القضاء و
الكفارة وانكشاف موافقة الواقع لا يجدى في رفع التحريم الموجب لتعلق القضاء في الذمة لكنه ضعيف بل الأقوى عدم الكفارة ولا القضاء كما أن جواز
التناول لا يوجب سقوط القضاء مع انكشاف المخالفة ثم إن الاعتماد في دخول الليل على العدلين هو الاظهر ويدل عليه مضافا إلى بعض العمومات استقراء
موارد اعتبارهما وفحوى اعتبارهما في مثل حقوق الناس من الأموال والنفوس والاعراض وفي افطار تمام اليوم ووجوب صلاة العيد إذا شهد عدلان بالهلال
ونحو ذلك اللهم الا ان يقال إن تلك الموارد اعتبارها لحكمة تعذر العلم غالبا فطرد الحكم في النادر واما أوقات الصلوات والافطار فالغلبة فيها بالعكس فلا
يبقى الا العمومات ان تمت ويجب القضاء (أيضا) بالافطار المظلمة الموهمة أي المخيلة في بادي النظر دخول الليل وان قطع به مع عدم دخوله واقعا لما مر من انتفاء حقيقة
الصوم المقتضى لوجوب القضاء والصحيح عن أبي بصير وسماعة كما في المسالك وغيره عن أبي عبد الله (ع) في قوم صاموا شهر رمضان فغشيهم سحاب اسود عند غروب
الشمس فرأوا انه الليل فقال على الذي أفطر صيام ذلك اليوم ان الله عز وجل يقول أتموا الصيام إلى الليل فمن اكل قبل ان يدخل الليل فعليه قضاؤه
لأنه اكل متعمدا والخدشة في سندها بان فيه محمد بن عيسى عن يونس أو اشتراك أبي بصير وعدم ايمان سماعة غير مسموعة مضافا إلى أن يونس من أصحاب
الاجماع ونحوها الخدشة في دلالتها بعدم دلالتها على القضاء بناء على أن المراد من صيام ذلك اليوم اتمامه وكون وجوب القضاء لمن اكل قبل دخول الليل
إشارة إلى من اكل بعد انكشاف الخطأ لان في ذلك مخالفة للظاهر ثم إن ظاهر الرواية انهم تخيلوا ذلك السحاب الليل يعنى توهموا ظلمته ظلمة الليل و
الظاهر عدم رضاء الشارع بالافطار بمثل هذا التخيل البدوي وان بلغ القطع الا في صورة القطع غير مكلف بالامساك وهو لا ينافي وجوب القضاء نعم ينبغي
وجوب الكفارة مع عدم القطع إذا علم أن تكليفه عدم الاعتناء بهذا الظن الابتدائي الذي يزول بأدنى تفطن فان الانسان إذا تفحص وعلم أن هذه الظلمة من السحاب
فيكون وجودها عنده كعدمها الا ان الظاهر جهل أولئك بحرمة الافطار ويكون الزمان محكوما في حقهم بالنهارية بمقتضى الاستصحاب بل قد عرفت سابقا امكان
ان يقال إن الاستصحاب لا يثبت به القصد إلى نقض الصوم الواقعي لان القصد لا يتحقق من الجاهل وإن كان محكوما بحكم العالم نعم هو قاصد إلى ترك الامساك
في زمان يجب امساكه وليس هذا قصدا إلى الافطار والتمسك ببقاء الصوم يوجب إعادة الكلام السابق إذا لا يتحقق معه القصد إلى نقض الصوم الواقعي ولم
يتحقق الصوم بالاستصحاب انما الثابت احكامه من وجوب الامساك وحرمة الاكل فتأمل ولو ظن بالغروب مع عدم التمكن مع عدم التمكن من العلم لم يفطر أي لم يقض
الصوم مع الفساد وان اقتضى قاعدة الفساد المتقدمة القضاء لصحيحة أبى الصباح الكناني قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن رجل صام ثم ظن أن الشمس غابت و
في السماء علة فأفطر ثم إن السحاب انجلى فإذا الشمس لم تغب قال قد تم ولا يقضيه ونحوها رواية زيد الشحام وصحيحة زرارة قال أبو جعفر (ع) وقت المغرب
إذا غاب القرص فان رايته بعد ذلك وقد صليت أعدت الصلاة ومضى صومك ويكف عن الطعام ان كنت أصبت منه شيئا ونحوها صحيحة أخرى لزرارة
كما قيل وهي محمولة على ما إذا ظن بالليل ولم يتمكن عن تحصيل العلم بالمراعاة بقرينة رواية أبي بصير المتقدمة الظاهرة في المبادرة إلى الافطار بمجرد تخيل
الظلمة ظلمة الليل من غير مراعاة مشخصة لكون الظلمة من السحاب أو من الليل إذ لو راعوا لتبين لهم انها ظلمة السحاب وان وجودها كعدمها واعلم أن
حكم الموطوء في فساد الصوم حكم الواطي بلا خلاف ظاهرا ولو بيننا الافساد على الجنابة فلا اشكال ويحرم وطى الدابة في الصوم وغيره وقد تقدم ان افاده
للصوم لا يخلو عن قوة ويحرم الكذب على الله ورسوله والأئمة (صلوات الله عليهم أجمعين) في الصوم وغيره بالضرورة وكذا يحرم الارتماس على المشهور ويدل على الأخبار الكثيرة
كما مضى وسيجئ خلافا للمحكى عن السيد في أحد قوليه والعماني والحلى فكرهاه وهو ضعيف لكثرة ما يدل على التحريم الا انه لا يترتب على وقوعه ووقوع الكذب
في حال الصوم قضاء ولا كفارة على رأى المصنف هنا تبعا لشيخه المحقق كما عن السيد في الجمل والحلى وأكثر المتأخرين للأصل إما في الأول للصحيح المتقدم الحاضر لما يضر الصائم
من حيث صوم ولا مخصص له عدا الاخبار الآتية الظاهرة في الافساد المحمولة بقرينة ضم الوضوء في بعضها إلى الصوم في الانتقاض على ضرب من المبالغة خلافا في الأول
579

للمحكى عن المشايخ الثلاثة واتباعهم وابن زهره وظاهر الصدوقين حيث عداه مفطرا وعن الدروس انه المشهور وعن الغنية كما عن الانتصار دعوى الاجماع عليه بل ظاهر عبارة
المعتبر كما عن المنتهى دعوى الشيخين (أيضا) الاجماع للأخبار المستفيضة كموثقة سماعة عن رجل كذب في شهر رمضان قال قد أفطر قلت وما كذبته قال يكذب على
الله ورسوله صلى الله عليه وآله ونحوها أخرى وعن الخصال خمسة أشياء تفطر الصائم الأكل والشرب والجماع والارتماس في الماء والكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وآله ونحوها للمحكى عن فقه
الرضوي وخبر أبي بصير الكذبة تنقض الوضوء وتفطر الصائم قلت هلكنا قال ليس حيث تذهب وانما الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وآله والأئمة (ع) ونحوه اخر منه والحكم
بنقض الوضوء المحمول على المبالغة لا يقدح في حمل الافطار على معناه الحقيقي كما اعترف به في المعتبر والمسألة محل اشكال الا ان القول بالافساد لا يخلو عن قوة
مع أنه أحوط ثم إن القول بوجوب الكفارة مبنى على ثبوتها بمجرد تحقق الافطار (كما هو ظاهر اطلاق الاخبار ولو ادعى انصراف اطلاق الافطار صح) إلى خصوص الأكل والشرب فثبوت الافطار ولا يوجب الكفارة كما يظهر من
الشهيد في شرح الكتاب وفي الحاق الكذب على الزهراء (صلوات الله عليها) وجه قوى وان لم يكن منصوصا واما الكذب على الأنبياء صلوات الله على نبينا واله
وعليهم فان استلزم الكذب على الله فلا اشكال والا ففيه وجهان والمتيقن من الكذب المفطر نسبة حكم عليهم فيما يتعلق بالدين سواء نسبه إلى قولهم أو فعلهم أو تقريرهم
وسواء كانت النسبة بالقول أو بالإشارة أو بالكتابة (مع العلم بعدم صدوره صح) فإن لم يعلم بالصدور فلا يفطر وإن كان غير صادر لأنه لم يقصد الكذب عليهم فيكون كما لو اعتقد الصدق
فبان مخالفته للواقع ولو اعتقد المخالفة فبانت الموافقة فالظاهر عدم الافساد لأنه قصد الكذب ولم يكذب نعم لو كان العزم على فعل المفطر مفطرا توجه
الافطار ولا يجدى الرجوع عما كذب ولو نوى صدور حكم صادر عنهم ففي كونه كذبا عليهم وجهان ولو وقع الكذب لا على وجه المحرم كما لو وقع تقية أو من الصبى
فالظاهر عدم الافساد لأن الظاهر المتبادر تعلق الحكم على الكذب المحرم كما يشهد ضم نقض الوضوء إليه في بعض الأخبار وتوهم ان التقية يرفع حكم الاثم دون الافطار
فاسد لان ذلك فيما إذا كان الشئ بالذات مفطرا كالاكل والشرب واما الكذب فبعد دعوى ان المتبادر ان المفطر منه هو القسم المحرم منه فليس عدم الافطار
عند التقية لأجل عدم التحريم وهل يعتبر صدق الاخبار في الكذب المذكور وبان يوجه خطابا إلى أحد فيخبره بالكذب أو يكفي مجرد تكلمه ولو عند نفسه أو
متوجها إلى من لا يفهم وجهان صرح بعض بالأول ولا باس به لأنه الظاهر من الكذب ولو كذب عليهم فيما يتعلق بأمور الدنيا فعن صريح التحرير كونه مفطرا
وعن بعض عدمه والحق الالحاق في كل ما شأنهم بيانه ولا يختص به واحد دون اخر دون العاديات الواقعة عنهم في الموارد الخاصة كالأمر بشراء اللحم واتيان
الماء ثم إن الافتاء من غير علم الظاهر أنه ليس مفطرا وان بانت المخالفة لأنه ليس تعمدا للكذب والحصر في قوله تعالى الله اذن لكم أم على الله تفترون انما هو في المورد
الخاص وهو تحريم اليهود بعض الأشياء ولا ريب ان عدم الإذن في التحريم يقتضى الرجوع إلى حكم العقل بان الله لم يحرمه من غير بيان بل حكم العادة بل العقل بأنه لو كان
حراما لبينة لهم نبيهم فتشريع الحرمة مع ذلك كذب على الله فلا يقتضى الآية ان الحكم من غير علم مطلقا كذب ولو قال الحكم في المسألة كذا من دون نسبته إلى الله والقصد إلى
ذلك فإن لم يعلم المخالفة فالظاهر عدم الفساد كما عرفت وان علم بالمخلافة فلا يبعد البطلان لان معنى كلامه ان حكم الله كذا مع علمه بان الله تعالى لم يحكم به وربما
يحتمل العدم نظرا إلى أن دلالة القول المذكور على نسبته إلى الله دون ذكر النسبة وقصدها دلالة تبعية غير مقصودة وفيه نظروا ما القضاء فهو الزام ولا
يتصف بالكذب واما الارتماس فقد عرفت ان الأقوى فيه التحريم والقضاء والكفارة فثبوتها قوى (أيضا) لما مر من صحيحة ابن مسلم الظاهرة في كون الخصال
الأربعة مضرة بالصائم من حيث صومه وأصرح منها رواية الخصال المنجبرة بالشهرة المطلقة كما هو ظاهر الدروس وفي الغنية دعوى الاجماع على ايجابه لهما
وعن الانتصار الاجماع على الافساد مضافا إلى ظاهر النهى في الأخبار الكثيرة الظاهرة في إفادة الحكم الوضعي دون محض التكليفي كما هو مساق نظائرها
مع استلزام التقيد بالواجب المعين واخراج صوم النفل والواجب الموسع والتزام التحريم فيهما إذا أراد البقاء على الصوم مع تجويز الافطار كحرمة
التكفير في النافلة مع جواز قطعها فيه ما فيه مع أن ارتكاب هذا في صحيحة ابن مسلم الجامعة لغير الارتماس مما يختص تحريمه بالصوم المعين لا يخفى ما فيه
خلافا للمحقق والمصنف والشيخ في الاستبصار والمحقق الثاني في حاشية الارشاد والفخر والشهيد الثاني وسبطه بل عن أكثر المتأخرين استنادا إلى
أصالة البراءة وظهور نواهي الارتماس في الحرمة المجردة وموثقة إسحاق بن عمار عن رجل صائم ارتمس في الماء متعمدا عليه قضاء ذلك اليوم قال ليس عليه
قضاء ولا يعودون ولا يخلو هذا القول عن قوة ثم الظاهر أن المراد بالارتماس غمس الرأس ولو مع خروج البدن كما صرح في بعض الأخبار بالنهي عن رمس
الرأس والمعتبر غمسه دفعة بان يجمع جميع اجزاء الرأس تحت الماء دفعة وإن كان الغمس شيئا فشيئا فهو المراد بالدفعة (في كلامهم صح) والمصرح به في أكثر الاخبار الارتماس
في الماء المطلق الا ان الحاق ما يشبهه من المضافات كماء الورد لا يخلو عن قوة نعم قد يتأمل فيما ليس كالماء في الميعان كالدبس والعسل ونحوهما وقد فرعوا
على تحريم الارتماس بطلان الغسل لو ارتمس في صوم واجب معين للنهي ولا يجوز نية الغسل بالخروج لان الخروج وإن كان مأمورا به لكنه مبغوض
لم يتعلق به النهى لفرض تعلق الامر المقدمي لوجوب كون الرأس خارج الماء فان التحريم ليس مختصا باحداث الارتماس بل يكون الرأس في الماء مرموسا
وحينئذ فلا يتخيل معه العبادة المحبوبة الا ان يوجه فساد النهى للعبادة بعدم اجتماع طلب الفعل مع طلب الترك فإذا انتفى طلب الترك لقبحه بنسيان أو لعجز
عقلي أو شرعي ولو كان مسببا عن نفسه فلا مانع من طلب الفعل والجاهل بالفساد كالعالم به وكذا الجاهل بالتحريم مع التقصير على المشهور ويشكل بعدم توجه
الخطاب إليه لغفلته وان لم يقبح عقابه على فعل الحرام خلافا لمن قبحه عليه وحسنه على ترك التعلم فلا فرق بين الجاهل وبين المرتمس عند الخروج حيث إنه
يعاقب على نفس الخروج ولا يطلب تركه منه حينه وان طلب منه قبل الارتماس كمن توسط أرضا مغصوبة ولو كان الصوم مندوبا فعلى القول بعدم
580

الافساد وعدم التحريم في المندوب فلا فساد وعلى الكراهة هنا أو مطلقا فان أريد به نقص الثواب فلا فساد وان بها الكراهة المصطلحة فالظاهر
الفساد (أيضا) لعدم اجتماع العبادة مع الكراهة الحقيقية وربما يدعى الصحة مع التحريم تارة بجواز اجتماع الأمر والنهي واخرى بان رمس الرأس في الماء المبطل وهو جمع
جميع اجزاء الرأس تحت الماء دفعة ليس نفس ايصال الماء ولا جزء منه مسألة لا يتحقق الافطار بتناول موجبه سهوا اجماعا في الجملة لعموم قاعدة كلما غلب الله
عليه فالله أولي بالعذر الوارد في نفى القضاء عن المغمى عليه وبملاحظة موردها يندفع توهم اختصاصها بالمعذورية من جهة التكليف دون القضاء ولخصوص الأخبار المستفيضة
وفي كثير منها انه شئ رزقه الله وفيه اشعار بعدم نقص في الصوم من جهته في الواقع واطلاق كثير منها كعموم القاعدة وفتوى معظم الأصحاب بل كلهم كما يظهر من
المدارك عدم الفرق بين أقسام الصيام مضافا إلى خصوص رواية أبي بصير في النافلة وفي أجوبة المسائل المهنائية كما عن التذكرة الفساد في الواجب الغير المعين والمندوب و
لعله لان حقيقة الصوم الامساك عن المفطرات ولم يتحقق مضافا إلى عموم الصحيحة لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب أربع خصال فان عمومها يشمل صورة السهو ومعنى الضرر حينئذ هو القضاء
فالمعنى لا يضر الصائم شئ مما صنع عمدا ولا سهوا الا الأربعة فإنها مضرة عمدا وسهوا ورد بمنع كونه مطلق الامساك عنها وانما هو الامساك عن تعمدها وفيه نظر لان الناسي للصوم
متعمد للاكل (أيضا) الا انه غير ملتفت إلى أنه نوى الصوم والقول بان الصوم هو الامساك عن ارتكاب الأمور في حال الالتفات إلى نية الصوم يوجب عدم تحقق نفس الصوم
المتعلق للنية الا بعد تحقق النية فيستحيل ورود النية عليه بان يتعلق النية بالامساك عن أن يرتكب هذه الأمور عند الالتفات إلى نية الامساك عنها هذا كله مع أن الصحيحة
المذكورة بعمومها كما عرفت دالة على منافاة مطلق الاكل وشبهه للصوم فهو دليل اخر على كون الصوم هو مطلق الامساك مضافا إلى الأخبار الواردة في أن الصوم من
الطعام والشراب ونحو ذلك فالأحسن في الجواب تسليم عدم تحقق الصوم في حال ارتكاب المفطر الا ان الدليل قام على نفى الباس عنه نعم يمكن ان يقال إن الصوم عبارة عن
نية الامساك في الليل ثم الامساك في حال الالتفات إلى تلك النية بجعل النية داخلة وفيه ما لا يخفى واما الجاهل فإن كان مقصرا فعليه القضاء بل الكفارة لعموم أدلتها
ولا اختصاص لها بمتعمد الافطار حتى يمنع صدقه عليه وإن كان قاصرا فالظاهر عدم القضاء والكفارة لعموم القاعدة المتقدمة وخصوص ما ورد فيمن اتى امرأته وهو صائم
ولا يرى الا انه له حلال قال ليس عليه شئ نعم يعارضها اطلاقات وجوب القضاء بل الكفارة على من يتناول المفطرات الشامل للعالم والجاهل بقسميه لكن الانصاف ان
القاعدة والرواية حاكمان على تلك العمومات والا لم يبق لهما مورد النفي إذ لا تنفيان حكما الا وعليه دليل يقتضى وجوده لولا هما والظاهر أن المراد بالشئ المنفى هو غير
العقاب لان السؤال عن العقاب إن كان عن استحقاقه فهو بالنسبة إلى من اعتقد حلية محرم ليس أمرا توقيفيا بل مستفاد من حكم العقل بعدمه إذا كان قاصرا في
الاعتقاد وإن كان عن فعليته فهو من العيوب التي لا يعلم الا في الآخرة فالظاهر أن السؤال عن القضاء والكفارة أو أحدهما وإن كان مقصرا بان كان ثبوت الجهل له باختياره
فالظاهر وجوب القضاء عليه لعموم أدلة وجوبه على تناول المفطرات السالمة عن حكومة القاعة والموثقة عليها لان هذا الجهل ليس مما غلب الله ولان ظاهر الموثقة نفى العقاب
واستحقاقه (أيضا) وان لم يكن السؤال عن العقاب فلابد إما من اخراج المقصر واما من تقييد الرواية بما إذا قصر في إزالة الجهل وانه يثبت عليه شئ وهو العقاب ودعوى
غلبة التقصير في الجهال ممنوعة ولو سلمت ففي غير المعتقد للخلاف سيما في مسألة الوقاع في الصوم التي لا يجهلها الا القاصرون والا فمن له علم اجمالي بوجود مفطرات في الصوم
كالاكل والشرب يعلم الوقاع غالبا واما وجوب الكفارة فلا يبعد (أيضا) لاطلاقات وجوبها على من أفطر وان قيد في بعضها بالتعمد الا ان بعضها مطلقة الا ان يدعى
انصراف الافطار إلى صورة التعمد والقصد كما هو الظاهر في كل فعل اختياري لكنه لو سلم ففي الأخبار المشتملة على لفظ الافطار واما ما علق فيه الكفارة على نفس الفعل
كالاخبار الاستمناء واخبار الوقاع مثل قوله في المستمني فعليه مثل ما على الذمي يجامع وقوله إن كان نكح حلالا وما ورد في المعتكف من أنه ان وطئها فعليه كفارتان و
كذا فيمن أكره امرأته على الوقاع وكذا فيمن كنس بيتا فدخل الغبار في حلقه ومن نام على الجنابة ثالثا أو اخر الغسل متعمدا وما ورد من أن الكذبة تفطر الصائم فان
الافطار لم يسند إلى الفاعل حتى يستظهر منه صورة القصد وانما نسب إلى السبب مع أنه يكفي في المسألة عدم القول بالفصل بين المفطرات مسألة لو اكل مكرها
فان بلغ حدا يرفع القصد فلا اشكال في عدم الافساد إذ لم يحصل منه فعل حينئذ بل يصدق عليه حينئذ انه ممسك عن فعل الأكل والشرب وغيرهما ويدل عليه عموم لا يضر
الصائم ما صنع إلى آخره وان لم يبلغ ذلك الحد بل خوف حتى اكل فعن الأكثر عدم الافساد (أيضا) لعموم رفع عن أمتي ما استكرهوا عليه ولعدم ترتب الأثر على أفعال المكره في الشرع
وفيه ان الرواية ظاهرة في رفع المؤاخذة وعدم ترتب الآثار مطلقا ممنوع انما المرتفع الآثار المتوقف ترتبها على الاختيار كالعقود وتوقف تحقق الافطار على الاختيار
بالمعنى المنافى للاكراه ممنوع لان الثابت في اللغة والعرف والشرع كون الاكل بالقصد مضرا بالصوم فالاكراه على الاكل اكراه في الحقيقة على الافطار كما أن الافطار
على التكلم في الصلاة أو الحدث فيها أو الاستدبار اكراه على ابطالها ويؤيد ما ذكرنا ما ورد من الاخبار في اطلاق الافطار على اكل الإمام (ع) تقية من أبى العباس وقال
لان أفطر يوما من شهر رمضان أحب إلى من أن يضرب عنقي وقوله (ع) افطاري يوما وقضاؤه أيسر على من أن يضرب عنقي فالأقوى إذا لا فساد بل وجوب القضاء لعموم
الصحيحة من أفطر شيئا من رمضان في عذر فان قضاه متتابعا فحسن وان قضاه متفرقا فحسن فإنه يدل على وجوب أصل القضاء والتخيير في كيفيته على كل من أفطر العذر مضافا
إلى ثبوت الاجماع المركب كما ادعاه في الرياض ثم إن جميع الأعذار الشرعية المسوغة لبعض المفطرات حكمها كالاكراه في الافساد ووجوب القضاء (واما وجوب القضاء صح) على مقدار الضرورة بعد الحكم
بالافساد فلعله للاتفاق على أن مع افساد الصوم سواء كان مع الاذن فيه أو المنع عنه لا يجوز مع التناول الا إذا اذن الشارع في أصل الافطار لا في خصوص
ارتكاب ذلك الشئ ثم إن هذا كله في الاعذار الواقعية أي الموجبة لرفع التكليف الواقعي بالامساك واما الاعذار الشرعية الظاهرية وهي الموجبة لنفى التكليف
بالامساك عن الشئ الخاص في مرحلة الظاهر كما إذا ظن بالاجتهاد أو التقليد جواز الارتماس فارتمس فإن لم ينكشف الخلاف فلا اشكال ولا خلاف وان
581

انكشف الخلاف في ذلك اليوم أو غيره فان قطع بالفساد فالظاهر الافساد ولزوم القضاء لأن المفروض العلم بعدم
تحقق الصوم المطلوب للشارع لان الحكم
الاجتهادي حكم عذرى وليس حكما واقعيا بل العمل بالظن من باب العمل بالطريق الغالبي إلى الواقع فليس المقصود منه شئ وراء ادراك المصالح الواقعية التي وضع
بإزائها الأحكام الواقعية وليس تحقق الظن بخلاف الواقع موجبا لتغير المصلحة غايته معذورية صاحبه في التخطي عن الواقع واعطائه الثواب لامتثاله الطريق الظاهري
وانخراطه في سلك المتعبدين والمطيعين من غير حدوث مصلحة في هذا العمل المخالف للواقع بالخصوص أصلا كما قرر في محله نعم لو قلنا بهذه المقالة توجه القول
بالصحة وعدم القضاء مع طرو القطع بالفساد فان قلت مقتضى تنزيل المظنون منزلة الواقع هو اجزائه على الاطلاق وسقوط الامر مطلقا قلت اجزائه في الجملة
مما لا ريب فيه واجزائه مع انكشاف مخالفته للواقع لم يكن من احكام الشئ الواقعي حتى يثبت للمظنون بحكم عموم التنزيل بل الواقع انما اجزاء لكونه واقعا أو المظنون
انما اجزاء قبل الانكشاف لا لكونه مظنونا بل لكونه واقعا بحسب المظنة كيف والقول باجزائه من جهة كونه مظنونا خلاف ما فرضنا من أن حجية من باب الطريق الاضطراري
لا من باب الحكم المجعول الثانوي واما لو انكشف الخلاف على وجه الظن فلا يبعد عدم لزوم القضاء لان الظن بالفساد انما يقتضى وجوب القضاء في مرحلة الظاهر إذا
لم يقع الفعل متصفا بالصحة واسقاط القضاء في حق الفاعل لأن المفروض ان الصحة المظنونة حين العمل (أيضا) بمنزلة الواقعية فلا منافاة بين ظن المجتهد بان الواجب
عليه هي الصلاة مع السورة في متن الواقع (مع القطع صح) بأنه لا يجب عليه الاتيان بها مع بقاء الوقت ظاهرا وإن كان الظن المزبور مفروض الحجية لان معنى حجية وجوب العمل به
بالنسبة إلى فعل لم يحكم بصحته حين الوقوع وهذا الشخص قد فعل صلاة متصفة بالصحة حين العمل لان الظن بالصحة كالقطع بها فالصلاة المزبورة حين العمل متصفة
بالصحة الظاهرية التي هي بمنزلة الصحة الواقعية في جميع الأحكام فهو مع ظنه بفساد الصلاة من دون السورة قطع بصحة تلك الصلاة من دون السورة في حال
وقوعها نظير ما إذا ظن هو بفساد الصلاة بدون السورة وظن مجتهد اخر بصحتها فاستأجر هذا ذاك للعبادة فان فساد هذه الصلاة عنده لا يوجب عدم
جواز الأجرة عليه لمن يفعلها متصفة بالصحة في حقه وكذا الاكل من مال من اتباع بالمعاطاة معتقدا للصحة مع اعتقاد الاكل فسادها فان الظن بفساد المعاطاة
لا ينافي القطع بجواز الاكل من حيث إنه تصرف في المال بإباحة من حكم الشارع بثبوت الملكية في حقه وتسلطه على جميع التصرفات إما لو قطع بفساد المعاطاة فليس له
الاكل إذ لا يجتمع القطع بفسادها مع القطع بجواز الاكل إذ القطع بالفساد مستلزم للقطع ببقاء هذا تحت ملك المالك الأول فلا يزاحمه القطع بصحة اجتهاد
المشترى والحاصل ان كل عمل وقع من المجتهد أو المقلد على وجه الصحة بالنسبة إليه فكلما يترتب من الآثار على صحته بالنسبة إليه يترتب عليه وإن كان مع مخالفة
الرأي من نفسه أو من الغير كالاكل مما اشترى بالبيع المعاطاة وكعدم القضاء وسقوطه وسائر احكام البراءة من صلاة الظهر إذا تغير الرأي وأعتقد وجوب السورة
فان الاكل مترتب على حكم الشارع على المشترى بمالكيته لا على ثبوت مالكية المشترى في متن الواقع حتى يقال إن مالكية المشترى انما ثبت عند المشترى لا عند الاكل
والفرق بين ما يترتب على حكم الشارع للمشترى بكونه مالكا وبين ما يترتب على حكم الشارع بمالكية المشترى واضح لا يخفى إذ على الأول يكفي في ترتيب الغير الأثر ان
يثبت عنده ان الشارع حكم للمشترى بالملكية ويكفى في ذلك العلم باجتهاده أو تقليده الصحيح وعلى الثاني لابد ان يثبت عند الغير حكم الشارع بمالكية المشترى
لا مجرد اعتقاد المشترى مالكيته بالاجتهاد أو التقليد فإن كان اجتهاد الغير مخالفا فلم يثبت عنده مالكية المشترى بل ثبت عدمها نعم لابد من التميز والتفرقة
بين الآثار حتى يعلم أن الاكل من قبيل الأول وكذا سائر ما يترتب على املاك الناس انما أريد به ما ثبت في حقهم مالكيتهم له مسألة وهي أي الكفارة
في شهر رمضان مخيرة بين العتق واطعام ستين مسكينا وصوم شهرين متتابعين على الأشهر بل المشهور بل عن الانتصار والغنية عليه الاجماع للروايات
المستفيضة كصحيحة ابن سنان في رجل أفطر في شهر رمضان متعمدا يوما واحدا من غير عذر قال يعتق نسمة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا
ونحوها في ما رواه الشيخ في الصحيح عن سماعة بن مهران في باب الاعتكاف وظاهر ذيل صحيحة جميل بن دراج في قصة الأعرابي الذي وقع على أهله ومؤل مضمرة
سماعة الآتية وفيها توسيط الاطعام وما رواه عن أبي بصير فيمن اخر الغسل متعمدا إلى الفجر ورواية أخرى لأبي بصير في الزيادات الا ان فيها تقديم الصيام (على الطعام صح) ثم
ومما يؤيد التخيير الاقتصار في كثير من الروايات على بعضها ففي صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله وفيها ابان الاقتصار على الاطعام ونحوها موثقة سماعة
ورواية محمد بن النعمان وفي رواية المروزي الاقتصار على الصيام وفي رواية المشرقي الاقتصار على العتق وفي مرسلة إبراهيم بن عبد الحميد زيادة
الاطعام خلافا للمحكى عن العماني واحد قولي السيد فجعلها مرتبة لظاهر اطلاق رواية المشرقي المتقدمة والمروى في الفقيه في قصة الأعرابي وصريح
المحكي عن الوسائل عن كتاب علي بن جعفر عن أخيه (ع) قال سئلته عن رجل يلج أهله وهو صائم في نهار رمضان قال عليه القضاء وعتق رقبة وان لم يجد فصيام
شهرين متتابعين وان لم يجد فاطعام ستين مسكينا وان لم يجد فليستغفر الله وهذه الرواية وإن كانت صحيحة صريحة يمكن لأجلها حمل الأخبار المتقدمة
على ما لا ينافي الترتيب مع مطابقتها للاحتياط اللازم في مثل المقام الا انها لمخالفتها للمشهور وموافقتها لاشقى الجمهور على ما حكى قوى طرحها أو
حملها على الاستحباب ثم إن اطلاق الروايات يقتضى عدم الفرق بين ان يكون الافطار على محرم أو محلل وذهب جماعة منهم المصنف هنا تبعا لابن بابويه والشيخ
في التهذيب وابن حمزه إلى أنه لو أفطر بالمحرم وجب الجميع وتبعهم ولد المصنف في الايضاح متمسكا بالاحتياط والشهيدان في اللمعتين وجماعة من متأخري المتأخرين
استنادا إلى رواية عبد المسلم بن صالح الهروي الموصوفة بالصحة في الروضة كما عن التحرير مولانا الرضا (ع) قال قلت له يا ابن رسول الله قد روى ابائك (ع) فيمن جامع
في شهر رمضان أو أفطر فيه ثلث كفارات وروى عنهم (أيضا) كفارة واحدة فبأي الحديثين آخذ قال بهما جميعا متى جامع الرجل حراما أو أفطر على حرام في شهر
582

رمضان فعليه ثلث كفارات عتق رقبة وصيام شهرين متتابعين واطعام ستين مسكينا وقضاء ذلك اليوم وان نكح حلالا أو أفطر على حلال فعليه كفارة
واحدة وكان المراد بالرواية الواردة بالجميع في كلام السائل هي اطلاق مضمرة سماعة فيمن اتى أهله في رمضان متعمدا فقال عليه عتق رقبة أو اطعام ستين
مسكينا وصيام شهرين متتابعين وعلى هذا فيحمل ما ورد من مطلقات الكفارة الواحدة على صورة الافطار بالمحلل كما هو الغالب الشايع وربما يؤيد بحمل
فعل المسلم على الصحة وفيه نظر ان أريد ما عدا الغلبة فان الحمل على الصحة لا يوجب ترك الاستفصال بين الصحيح والفاسد في مقام يجب التفصيل فيه مع أن مطلقا
الافطار فاسد قطعا والخدشة في الرواية سندا بابن قتيبة أو بعبد المسلم غير مسموعة لان في الرواية اثار الصدق مضافا إلى أنه يظهر من الصدوق في الفقيه
ان مضمونها مما ورد عن محمد بن عثمان العمرى والظاهر بل المقطوع انه من صاحب الزمان روحي فداه وعجل الله فرجه فهذا القول قوى جدا ثم إن اطلاق الرواية
كصريح الروضة يقتضى عدم الفرق بين المفطرات المحرمة كالاستمناء باليد وايصال الغبار واكل البصاق على بعض الوجوه ووطى المرأة حال الحيض بل واكل ما
يضر بالبدن الا ان للتأمل في بعضها مجالا بل لو قيل باختصاصه بالجماع المحرم والافطار على المحرم ذاتا بمعنى اكله أو شربه كما يظهر من فتوى الصدوق (فليس ببعيد صح) خاتمة
يكفي في صوم رمضان المعين فيه بأصل الشرع نية الصوم غدا تقربا إلى الله تعالى على الأظهر الأشهر بل بلا خلاف أجده كما في الرياض وغيره الا عن نادر وحكى عن
الذخيرة نسبة الخلاف إليه بل في الغنية وعن التنقيح الاجماع عليه لحصول التعيين المغنى عن التعيين المشترط في امتثال الامر عقلا وشرعا وهل يجب مع ذلك قصد
ايقاع الفعل لوجوبه أو ندبه كما في الكتاب وغيره أم لا كما في ظاهر الشرايع وصريح غيره قولان أجودهما الثاني لما عرفت في نية الصلاة من أن تعيين الوجه انما
يحتاج إليه إذا توقف تعيين الفعل عليه بان يكون الفعل مشتركا بين واجب ومندوب شخصي لم يعلم اتحادهما في الحقيقة فإذا تعيين الفعل بدون ذلك
فلا دليل على وجوب نية الوجه على وجه التوصيف أو التعليل أو كليهما أو أحدهما وهل يلحق بصوم شهر رمضان غيره من افراد الصوم المعين بالنذر وشبهه كما عن
السيد والحلى والمصنف هنا وفي المنتهى والشهيدين في البيان والروضة أم لا كما عن الشيخ وجماعة (وفي المسالك انه المشهور صح) قولان من تعينه ولو بالعارض فصار كصوم شهر رمضان ومن
صلاحية الزمان بالذات لغيره فهو كالزمان المختص بصلاة الظهر المؤداة في أنه لا يغنى عن قصد تعيين الصلاة من حيث كونها ظهرا وأداء والسر في ذلك أن
جنس الصوم له أنواع منها صوم شهر رمضان ومنها صوم النذر ومنها صوم الكفارة ومنها صوم القضاء ومنها غير ذلك فالمكلف بأحدها وإن كان معينا
عليه ليس له الاكتفاء بجنس الصوم بنا على قرروه في باب نية الصلاة من وجوب قصد نوع الفريضة كالظهرية مثلا من غير تقييد بما إذا كان عليه نوعان
وحينئذ فمن نذر صوم الغد فلا يجوز له الاقتصار على قصد جنس الصوم في الغد بل لابد من ضم قيد كونه صوم النذر ومجرد قصد كونه في الغد لا يوجب قصد نوع صوم
النذر إذ الصوم الواقع في الغد بمفهومه جنس قابل لصوم النذر وغيره وإن كان الواجب ان لا يوقع في الغد غير النوع الخاص من هذا الجنس لكن مجرد
استحضار صوم الغد ليس استحضارا لذلك النوع كما في صلاة الظهر المنذور فعلها في وقت خاص واما استحضار نوع صوم شهر رمضان فيحصل بمجرد قصد
صوم الغد الذي هو من أيام شهر رمضان فان صوم الغد يعنى صوم يوم من أيام شهر رمضان فظرف الغد هنا مقوم النوع وفصل ينضم إلى جنس الصوم
وفي النذر مجرد ظرف الجنس فلابد من ضم منوع له وهذا بخلاف زمان شهر رمضان فإنه داخل في حقيقة الصوم المعين وبه يمتاز عن ساير حقائق الصوم
ولاجله اختص عن غيره باحكام فمجرد استحضار صوم الغد للمأمور به بل ليس لهذا الصوم مميز عن غيره وما ذكرنا جار في مسألة الصلاة المختصة بوقت خاص في
هذا الفرض لأجل عدم مشروعية غيره لضيق الوقت أو غيره نعم لو استحضر المصلى أو الصائم ما هو الواجب عليه وفي ذمته كان ذلك تعيينا اجماليا لحقيقة المأمور
به إلى فلتحضر من ذلك أن ظرف الغد في شهر رمضان فصل منوع للصوم وفي اليوم المنذور فيه ظرف لجنس الصوم والأصل في هذا الفرق هو ان الشارع جعل الصوم جنس
المقيد بوقوعه في شهر رمضان نوعا خاصا في مقابل سائر أنواع الصيام له حكم خاص مخالف لا حكامها في الجملة واما جنس الصوم المقيد بوقوعه في الغد فليس
نوعا خاصا نعم يجب ايقاع نوع خاص من الصوم فيه وهو صوم النذر فالممنوع هنا هو كونه صوم نذر لا كونه صوم الغد نعم إذا لوحظ الغد (بعنوان انه منذور فيه فيكون منوعا لجنس الصوم أيضا لكن استحضار صوم الغد صح) وقصده بهذا
العنوان راجع إلى استحضار كونه صوم نذر وحاصل ذلك أنه فرق بين ان يقصد أصل الصوم في الغد وليس في هذا تعيين لنوع الصوم إذا لم يكن الغد من
أيام شهر رمضان وبين ان يقصد الصوم المختص بالغد وفي هذا تعيين لنوع الصوم اجمالا إذا لم يلتفت إلى عنوان كون الغد نذر فيه الصوم وتفصيلا إذا
التفت إلى ذلك هذا كله إذا قلنا بان نذر الصوم في اليوم المعين مخرج لذلك اليوم عن قابلية ظرفيته لصوم اخر غير الصوم المنذور حتى مع الذهول والغفلة عن النذر
واما لو قلنا بعدم كونه مخرجا للزمان عن القابلية لصوم اخر بل لو صام فيه غير النذر مع نسيان النذر صح فيصير ما ذكرنا من عدم كون مجرد إضافة الغد منوعا
لجنس الصوم أوضح لان صوم الغد قابل في نظر الشارع لأن يقع في ضمن صوم النذر وفي ضمن صوم اخر كالقضاء وإن كان المكلف ما دام ملتفا إلى النذر لا يجوز
له الا ايقاع صومه ولو قلنا بأنه مع الالتفات (أيضا) لو عصى وترك الصوم المنذور صح فعل غيره (أيضا) بناء على أن الواجب المضيق إذ لترك عصيانا صح ان يقع
مكانه عبادة أخرى فيصير الامر أوضح من الأول ومما ذكرنا يظهر وجوب التعيين (أيضا) فيما لو كان الواجب غير معين كالنذر المطلق إذا نذر تعيينه في زمان وفيما إذا
تضيق زمان قضاء صوم شهر رمضان أو كان موسعا ولم يكن في وقته واجب اخر وقلنا بعدم جواز الصوم المندوب ممن في ذمته واجب لكن هذا كله بناء على
تسليم وجوب قصد نوع الفعل وإن كان ما في ذمة المكلف منحصرا وأما إذا قلنا بعدم وجوب قصد النوع الا مع الاشتراك الفعلي وتعدد ما في ذمة المكلف
نظرا إلى أن قصد امتثال الامر مع كون المفروض انه أمر واحد بنوع واحد يستلزم قصد ذلك النوع اجمالا وهو كاف في النية فيكفي في جميع ما إذا كان الواجب على
583

المكلف صوما واحدا ان يقصد صوم الغد امتثالا لأمر الله تعالى نعم لابد في غيره مما إذا كان على المكلف صوما أكثر من نوع واحد وجوبا أو استحبابا من التعيين
عند الأصحاب كما يظهر من المعتبر وعن التحرير الاجماع عليه قيل وعن التنقيح نفى الخلاف فيه لما مر هنا وفي نية الصلاة من أن امتثال الامر الخاص موقوف على قصد
ما هو مأمور به بذلك الامر هذا إذا اختلف الفردان في الحقيقة وأما إذا اتفقا بحيث لا مغايرة بينهما الا بحسب الوجود الخارجي فلا تعيين هنا (أيضا) كما إذا وجب عليه صوم
يومين بنذرين فإنه لا يجب خصوص كل من النذرين في كل واحد بل هو بمنزلة ما إذا نذر صوم يومين بنذر واحد ولو شك في اختلاف الحقيقة واتحادها بنى
على وجوب التعيين لعدم القطع بتحقق الامتثال بدونه وليس هذا من الشك في مدخلية شئ في المأمور به حتى ينفى بأصل البراءة أو باطلاقات الصوم بل هو شك
في تحقق عنوان الإطاعة بالاتيان بالمأمور به على هذا الوجه وليس هنا اطلاق يرجع إليه ثم إن المراد بغير المعين ما يجوز وقوع غيره في ذلك الزمان فيشمل مثل
اليوم الذي ندب فيه الصوم بالخصوص كأيام البيض أو بالعموم كمطلق الأيام الا ان الشهيد في البيان الحق المندوب بالخصوص بالصوم المعين في عدم افتقاره إلى
التعيين وحكى في الروضة عن بعض تحقيقاته الحاق المطلق المندوب واستحسنه ونفى الباس عن جميع ذلك في المدارك والرياض ولعله وجهه ان قصد مطلقا الصوم
في الغد يرجع إلى الموظف فيه بأصل الشرع فكما ان صوم شهر رمضان حقيقة متغايرة لغيره من أنواع الصيام فكذلك صوم أول رجب مثلا حقيقة مغايرة
لصوم القضاء عن يوم اخر أو صوم النذر أو نحو ذلك فيكون الصوم المندوب بمنزلة النوافل غير ذوات الأسباب لا يحتاج إلى قصد ما عدا جنس الصوم إذ ليس له مقوم
سوى وقوعه في الغد نعم لو أراد ايقاع حقيقة أخرى فيه كالقضاء أو الكفارة أو النذر لزم التعيين ويجب في النية وجوبا شرطيا ايقاعها ليلا ولا يجوز تأخيره
عنه لئلا يقع جزء من الكف في النهار خاليا عن حكم النية ولقوله لا صيام لمن لم يبت الصيام من الليل ولا فرق بين ان يقع في أوله أو اخره لعموم الرواية وعدم
تيسر ايقاعها في الأخر ليتحقق المقارنة لأول جزء من النهار وجميع ما تقدم على الأخر في مرتبة واحدة وعن بعض العامة وجوب كونها في النصف الثاني و
هو ضعيف وظاهر الأصحاب عدم جواز تقديمها على الليل ولعله للاقتصار في مخالفة الأصل من وجوب المقارنة على القدر المتيقن من جواز التقديم
مضافا إلى امكان الاستدلال عليه بالرواية وإن كان المتبادر منها إرادة بيان عدم جواز تأخيرها عن الليل ثم لو أخل بالنية في الليل عمدا بان عزم على العدم
أو بقى مترددا إلى الفجر فلا اشكال في وجوب القضاء لفساد الصوم لفقد الشرط وهل يجب الكفارة قيل نعم وحكاه في البيان عن بعض مشايخه ولعله لصدق ترك
الصوم متعمدا والكفارة وان علقت في الاخبار على الافطار الا ان الظاهر أن المناط هو ترك الصوم إذ لا واسطة بينهما ظاهرا وإن كان المتبادر من الافطار فعل
أحد المفطرات الا انه تبادر بدوي لا يعتنى به ولهذا وجبت الكفارة على من بقى جنبا إلى الفجر مع أنه لم يفعل مفطرا فليس الا لعدم انعقاد صومه ودعوى
ان الافطار يصدق إذا أفسد الصوم بعد انعقاده فقبله لا يسمى افطارا مكذبة بما شاع في الاخبار وكلام الفقهاء من أن المسافر يقصر ويفطر وقولهم ليوم العيد
انه يوم الفطر لكن الانصاف انصراف أدلة الكفارة المعلقة على الافطار إلى فعل أحد المفطرات بل ربما يدعى وإن كان ضعيفا اختصاص الافطار بحكم الانصراف
بالاكل والشرب والناسي للنية في الليل له ان يجدد النية أي يوقعها إلى الزوال بالاجماع كما في الغنية وعن ظاهر المعتبر والمنتهى والتذكرة لان الاخلال
بما هو شرط للامساك في جزء من الزمان ليس بأعظم من الاخلال بنفس الامساك في ذلك الجزء فان الظاهر أن وجوب تقديم النية على مجموع العمل لكون تأخيرها
عن بعض اجزاءه مستلزما لوقوع ذلك البعض بلا نية لا لكون نية جزء من العمل لازم التقديم على مجموع العمل فنسيان النية في جملة من النهار ليس فيه الا الاخلال
بشرط الامساك في تلك الجملة ولا يحتمل بالامساك فيما بقى من النهار إذا جدد النية له وهذا الامر وإن كان يقتضى عدم الفساد وان نسيها إلى الغروب الا ان
الدليل قام على ركنيتها في الجملة فتأمل وكيف كان فيكفي في الحكم مضافا إلى ما مر من الاجماعات فحوى ما دل على صحة صوم المسافر إذا قدم قبل الزوال ونوى و
المريض إذا برئ فنوى وما روى من أن النبي صلى الله عليه وآله أمر بعد ثبوت هلال رمضان مناديا ينادى من اكل فليمسك ومن لم يأكل فليصم وعموم قوله (ع) رفع عن أمتي
الخطأ والنسيان (بناء على أن المراد صح) رفع جميع آثار الفعل التي كان تترتب على لولا النسيان لا خصوص المؤاخذة وهو حاكم على عموم قوله لا صيام لمن لم يبت الصيام من الليل وقوله
لا عمل الا بالنية ولو سلم تعارضهما واغمض عما ذكر من الاجماعات المنقولة المعتضدة بالشهرة المحققة حيث لم يخالف في الحكم الا العماني على ما حكى عنه فيجب الرجوع
إلى مقتضى أصالة البراءة عن القضاء ولك ان تقول ان خبر التبييت غير معلوم السند وقوله لا عمل الا بالنية لا يشمل مثل الصوم الذي هو عبارة عن ترك المفطرات
الغير المشترط بمصاحبة النية أو حكمها المستمر كما إذا نام من أول الليل بعد النية إلى ليلة أخرى والثابت من وجوب كونها في الليل في الصوم المعين بالاجماع انما هو للذاكر
لا الناسي كيف وقد خرج من قوله لا عمل الواجب الغير المعين اتفاقا كما نذكر فلا مانع من أن يكون الناسي في المعين كذلك مع أن ظاهر النسيان هو عزمه على صوم
الغد الا انه نسى الاخطار واما الجاهل فلا يضر جهله في عدم النية (أيضا) اتفاقا والحاصل ان النية على القول بالاخطار غير معتبرة في الصوم لا في ابتدائه ولا
في استمراره مع أن ظاهر قوله لا عمل اعتبار المصاحبة لا أقل الاستدامة الحقيقية من النية واعلم أنه يجب المبادرة إلى النية عند الذكر والا بطل الصوم للاخلال
به في أول انعقاده عمدا وفي حكم الناسي الجاهل بوجوب الصوم عليه كما هو ظاهر اطلاق معقد اجماع الغنية بل واجماع المعتبر والمنتهى وصريح ما روى من أمر
النبي صلى الله عليه وآله المنادى بالنداء بالصوم وظاهر من تمسك بهذه الرواية لحكم النسيان كما في المعتبر وعن المنتهى اتحاد حكم النسيان والجهل فيشملها الاجماع المستظهر من
كلامهما فان زالت الشمس ولم ينو فات وقتها ويجب ان يقضى الصوم لما سيجئ من أن النية بعد الزوال لا يجزى في احتساب صوم تمام اليوم الذي لابد منه
في صوم رمضان وغيره من الواجب مضافا إلى المحكي عن الانتصار من ظاهر الاجماع حيث قال صوم الفرض لا يجزى عندنا الا بنية قبل الزوال مضافا إلى عموم
584

النبوي لا صيام إلى آخره خرج ما خرج فتأمل هذا كله في الواجب المعين بالأصالة أو بالعرض واما غير المعين ففي المدارك ان الأصحاب قطعوا بجواز تأخيرها
قبل الزوال عمدا وبه اخبار مثل صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن (ع) في الرجل يبدو له بعد ما يصبح ويرتفع النهار في صوم ذلك اليوم ليقتضيه من شهر
رمضان وان لم يكن نوى ذلك من الليل قال نعم ليصمه وليعتد به إذا لم يكن أحدث شيئا ورواية صالح بن عبد الله عن أبي إبراهيم (ع) عن رجل جعل الله عليه صيام
شهر يصبح وهو ينوى الصيام ثم يبدوا له يفطر ويصبح وهو لا ينوى ثم يبدو له يصوم فقال هذا كله جائز وصحيحة محمد بن قيس عن أبي جعفر (ع) قال قال علي (ع) إذا
لم يعرض الرجل على نفسه صياما ثم ذكر الصيام قبل ان يطعم طعاما أو يشرب شرابا ولم يفطر وهو بالخيار ان
شاء صام وان شاء أفطر ويظهر من المسالك
اختصاص الحكم بقضاء الواجب وصريح الرواية الثانية وظاهر الأخيرة مع دعوى الاتفاق من المدارك وغيره حجة عليه واما تقييد ذلك بما قبل الزوال فلرواية
أبى بكير الآتية منطوقا أو فحوى ولما روى عن هشام بن سالم عن الصادق (ع) من أنه ان نوى الصوم قبل ان تزول الشمس حسب له يومه وان نواه بعد الزوال حسب له من الوقت
الذي نوى فيه فان ظاهر الخبر وان قلنا إنه في النافلة يدل على أن النية بعد الزوال لا تؤثر في صحة صوم مجموع اليوم حتى يصلح قضاء عن واجب أو أداء لواجب وأوضح منه
موثقة عمار عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان يريد ان يقضيها متى ينوى الصيام قال هو بالخيار إلى زوال الشمس فإن كان نوى الصيام فليصم
وإن كان نوى الافطار فليفطر سئله فإن كان نوى الافطار يستقيم ان ينوى الصوم بعد ما زالت الشمس قال لا وعن ظاهر الإسكافي والذخيرة والمفاتيح جواز النية إلى
بعد العصر (أيضا) لاطلاق ما تقدم وظاهر صحيحة أخرى لعبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن (ع) عن الرجل يصبح ولم يطعم ولم يشرب ولم ينو صوما وكان عليه يوم
من شهر رمضان اله ان يصوم ذلك اليوم وقد ذهب عامة النهار قال نعم له ان يصوم ويعتد بذلك اليوم من شهر رمضان وصريح مرسلة البزنطي عن أبي عبد الله (ع)
عن الرجل يكون عليه القضاء من شهر رمضان ويصبح فلا يأكل إلى العصر أيجوز ان يجعله قضاء من شهر رمضان قال نعم لكنهما مع قابليتهما للحمل لا تقاومان ما مر
حتى رواية العمار لاعتضادها بالشهرة العظيمة حتى أن في البيان كما عن المنتهى نسبة ذلك القول إلى الشذوذ وتقدم عن الانتصار ان صوم الفرض لا يجزى عندنا الا بنية
قبل الزوال (وهو ظاهر في دعوى الاجماع واما صوم النافلة فيمتد وقته إلى بعد الزوال كما صح) عن السيد والشيخ والحلى والمصنف والشهيدين وعن المنتهى نسبته إلى الأكثر بل عن الانتصار والغنية والسرائر الاجماع لما تقدم من رواية هشام
ولرواية أبي بصير عن الصائم المتطوع تعرض له الحاجة قال هو بالخيار ما بينه وبين العصر فان مكث حتى العصر ثم بدا له ان يصوم ولم يكن نوى ذلك فله ان
يصوم ذلك اليوم انشاء الله تعالى مضافا إلى اطلاقات اخر خلافا لما حكى في المدارك عن الأكثر وفي المسالك عن المشهور (فجعلوه كالواجب في امتداد وقت نيتها إلى الزوال صح) ولعله لرواية ابن بكير المروية في أو اخر زيادات الصوم
من التهذيب عن أبي عبد الله (ع) عن رجل طلعت عليه الشمس وهو جنب ثم أراد الصيام بعد ما اغتسل ومضى ما مضى من النهار قال يصوم إن شاء الله وهو بالخيار
إلى نصف النهار وصحيحة هشام المتقدمة على أن يكون المراد من حساب بقية اليوم لو نوى الصوم بعد الزوال هو فساد الصوم إذ من المعلوم عدم تبعض الصوم
ولابد في كل يوم من رمضان من نية على رأى اختاره المصنف هنا كما عن جماعة من المتأخرين بل ربما حكى عن بعض دعوى الشهرة عليه بينهم لعموم لا صيام لمن
لم يبت الصيام من الليل ولان صوم كل يوم عمل فلابد من مقارنته للنية والثابت من الرخصة في تقديمها هو ايقاعها في الليل فيقتصر عليه ويشهد لما ذكرنا من
اقتضاء الأصل اجماع الكل كما في الدروس على عدم جواز الاكتفاء بنية واحدة في غير صوم شهر رمضان من نذر صوم شهر معين أو صوم الكفارة أو نحوهما بل تأملوا
في جواز الاكتفاء بنية واحدة للبعض الباقي من شهر رمضان وحينئذ فدعوى خروج شهر رمضان عن الأصل يحتاج إلى دلالة مفقودة عدا ما ربما يتخيل من أنها
عبادة واحدة فيجزيها نية واحدة مقارنة لأولها وفيه منع الوحدة لعدم الشاهد بل استقلال كل يوم بالثواب على صومه والعقاب والقضاء والكفارة
على افطاره وغير ذلك يشهد بتعدده ومع الشك فيجب تعدد النية لعدم الخلاف في جوازه كما عن المنتهى ويشهد به كلام القائلين بكفاية الواحدة وغيرهم
وان استشكله الشهيد الثاني بناء على عدم جواز تفريق النية على اجزاء العبادة الواحدة لكنه ضعيف كما سيجئ وكيف كان فلا اشكال في أن مقتضى الأصل
التعدد الا ان يخرج عنه بما عن السيد في المسائل الرسية من اجماع الامامية من أن النية الواحدة في ابتداء الشهر تغنى من تجديدها كل ليلة ونحو ذلك
عن الانتصار والخلاف كما في الغنية وعن المنتهى نسبته إلى الأصحاب ويكفى في الخروج عن الأصل هذه الاجماعات المحكية المعتضدة بالشهرة القديمة
المظنونة من ذهاب المشايخ الثلاثة واتباعهم إلى ذلك ثم على القول بذلك فالظاهر لزوم الاقتصار على مورد دعوى الاجماع فلو نوى في النصف الأخير بنية واحدة
لمجموعه فعن الشهيد الاشكال فيه لأنها إما عبادة واحدة أو ثلاثون عبادة لكن الظاهر من استدلال مدعى الاجماع بأنه حرمة واحدة هو جواز ذلك مع أن كونه عبادة
واحدة لا يستلزم عدم جواز نية واحدة لباقيها نعم لو نوى في الأول صوم نصفه ففي الأجزاء اشكال وكذا لو علم أن في بعض الأيام لا يجب عليه الصوم
لسفر أو حيض ففي وجوب التجديد بعد زوال المانع أو كفاية النية الواحدة لمجموع أيام الصوم المتخلل بينها أيام الافطار اشكال ولا يكفي النية المتقدمة على شهر
رمضان بيوم أو يومين على رأى اختاره من عدا الشيخ من الأصحاب لما مر من رواية التبييت وأصالة عدم جواز التقديم الا بقدر ما أجمع عليه خلافا للشيخ
في النهاية والخلاف والمبسوط فجوز التقديم بالزمان المقارب كاليومين والثلاثة بل عن الخلاف نسبته إلى أصحابنا لكن خصه في النهاية والمبسوط بالناسي للنية في
كل ليلة والنائم والمغمى عليه وإن كان المحكي عنه في الخلاف كدليله مطلقا وهو مضعف آخر لقوله لأن النية المتقدمة ان اثرت اغنت عن نية أخرى والا لم تؤثر
مع النسيان (أيضا) واعلم أن المشهور انه لا يقع في رمضان صوم غيره لان صحة غيره فيه لا يتصور الا في المسافر وسيجئ عدم جواز الصوم للمسافر مطلقا واما لو جوزناه
له مطلقا أو في بعض افراده فلعموم قول الصادق (ع) الصائم في شهر رمضان في السفر كالمفطر فيه في الحضر ان رجلا اتى رسول الله صلعم فقال يا رسول الله أصوم شهر
585

رمضان في السفر فقال لا فقال يا رسول الله انه علي يسير فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ان الله تعالى تصدق على مرضى أمتي ومسافريها بالافطار في شهر رمضان أيجد أحدكم
إذا تصدق بصدقة ان ترد عليه فان ظاهر الرواية سيما ذيلها كون أصل الافطار في شهر رمضان للمسافر عزيمة وأوضح من ذلك دلالة اتفاقهم عليه ويؤيد
ذلك الأجزاء عن رمضان إذا نوى الغير جهلا برمضان فان مع الاخلال بنية رمضان لو كان حاصلا بمجرد قصد الغير لم يفرق بين الجهل بالموضوع أعني كون اليوم
رمضان وبين الجهل بالحكم أعني عدم وقوع صوم اخر في رمضان ودعوى ان الصورة الأولى خارجة بالدليل مسلمة لكن نقول إن ظاهر الدليل المذكور
أعني قوله (ع) في الأخبار المستفيضة وإن كان من رمضان فيوم وفق له تدل على أن الواقع منه نفس صوم رمضان لا ان صوم غير رمضان يصير بدلا عن صوم رمضان
فدل على أن نية الغير لا تقدح في وقوع صوم رمضان إذا وقع أصل الصوم لداعى مطلوبيته في ذلك اليوم وإن كان عنوان المطلوب في الواقع مخالفا لعنوانه باعتقاد
المكلف الا ان ظاهر قوله يوم وفق له في الاخبار معارض بقوله (ع) في بعضها الأخر أجزء عنه فان ظاهره المغايرة والبدلية وأظهر من ذلك قوله (ع) في بعضها أجزء
عنه بتفضل الله تعالى وبما وسع على عباده ولولا ذلك لهلك الناس وأظهر من ذلك تعجب الراوي عن حكم الإمام (ع) بالاجزاء وقوله وكيف يجزى تطوع عن
فريضة فظهر من ذلك أن المركوز في أذهان العقلاء عدم كفاية ما نوى به غير الفرض عن الفرض وان الحكم بالاجزاء في يوم الشك شئ ورد التعبد به فقوله (ع)
يوم وفق له يراد التوفيق له من حيث رضا الشارع ببدليته عن الفرض وخصوص المرسلة المعللة لصوم مولينا الصادق (ع) في شعبان في السفر وافطاره في رمضان
معللا بان شهر رمضان عزم من الله فيه الافطار وقريب منها مرسلة الحسن بن بسام الجمال وضعفهما منجبر بالشهرة إذ لم يحك الخلاف الا عن الشيخ في صوم
التطوع وفي النذر المعين وهل يعذر الجاهل بالحكم هنا كما يعذر في صوم شهر رمضان وجهان من أصالة عدم المعذورية واطلاق صحيحة الحلبي الحاكم بصحة صوم من جهل
تحريم الصوم في السفر الا ان يدعى انصرافه إلى صوم رمضان وعلى هذا فلو نوى في رمضان صوما اخر غيره لم يجز عن أحدهما إما عن المنوي فاجماعا لما مر واما عن رمضان
فكذلك على رأى المصنف هنا والمحقق وجماعة كالصدوق والحلبي والفخر والشهيدين في البيان والمسالك وصاحب المدارك فلم تقع نيته فان نية صوم اخر المفروض
حصولها وإن كانت لغوا من حيث عدم وقوع منويها الا انها تنافى نية صوم رمضان ضرورة تضاد جزئيات الكلى فلم يقع نية صوم رمضان لا بالخصوص ولا بالاطلاق
المنصرف إليه ويؤيد ذلك قوله (ع) في رواية الزهري بعد حكمه (ع) بكفاية صوم يوم الشك بنية شعبان عن رمضان إذا ظهر كونه منه وتعجب الراوي بقوله كيف يجزى صوم
تطوع عن صوم فريضة قال (ع) لو أن رجلا صام يوما من شهر رمضان تطوعا وهو لا يدرى ولا يعلم أنه من شهر رمضان ثم علم بعد ذلك أجزء عنه لان الفرض انما وقع
على اليوم بعينه دل بمفهومه على أن صوم يوم من شهر رمضان تطوعا مع العلم بكونه شهر رمضان لا يجزى عنه مع أنه (ع) قرر الراوي في تعجبه عن اجزاء صوم التطوع
عن الفرض مع أن الفرض غير منوى والمنوى غير واقع كما ذكرنا في الاستدلال وأجاب (ع) بالاجزاء مع الجهل لكون الواجب معينا غير قابل للتدارك الا على وجه القضاء
الذي هو مطلوب جديد وليس امتثالا لصوم شهر رمضان مع أن الوارد في بعض الأخبار ان يوم الشك إن كان من شهر رمضان أجزء عنه بتفضل الله وبما وسع
على عباده ولولا ذلك لهلك الناس دل على أن الحكم بالاجزاء مع الجهل تفضل من الله تعالى وتوسعة منه لا من باب حصول الامتثال بصوم رمضان ومن هذا يعلم أن
ما ذكر في الأخبار المستفيضة من أن يوم الشك إذا صامه الانسان فظهر انه من رمضان فهو يوم وفق له لا يدل على أن امتثال صوم شهر رمضان حصل به في
متن الواقع كما يتراءى منها ذلك في بادي النظر بل المراد حصول التوفيق لأجل حكم الله بالاجزاء تفضلا مع عدم تحقق الافطار في أيام رمضان ومن جميع ما ذكر يظهر
ضعف ما حكى عن الشيخ وجماعة من الحكم بالاجزاء في أصل المسألة مستدلين بحصول قصد التقرب بصوم ذلك اليوم الذي هو من أيام رمضان وقد تقدم ان هذا
المقدار من النية كاف في صوم شهر رمضان وضم نية الغير لغو لا يقدح وفيه ان ضم نية الغير مانع عن حصول نية صوم شهر رمضان لان قصد صوم اليوم الذي هو من أيام
رمضان انما يكفي إذا لم ينضم إليه ما يصرفه إلى حقيقة أخرى نعم لو فرض انه قصد حقيقة صوم شهر رمضان (وقصد الغير بان نوى صوم سهر رمضان على أن يكون قضاء عن رمضان صح) الماضي أو كفارة أو نحو ذلك لم يبعد الصحة الا ان يقال إن
مجرد قصد صوم يوم هو من رمضان يحصل به قصد حقيقة صوم رمضان وان قيد الصوم بكونه قضاء أو كفارة إذ قصد الكفارة ليس الا قصدا لسبب
الصوم ومع تحقق حقيقة صوم شهر رمضان يكون قصد سبب آخر لغو أو قصد القضاء ليس الا قصدا لامتثال أمر اخر غير الامر المتوجه إليه وهو غير مضر بعد كون
المقصود الأصلي هو التقرب كما هو المفروض نعم لو كان المكلف عالما بعدم وقوع صوم غير رمضان منه لم يتحقق منه قصد صوم غير رمضان حقيقة مع قصد القربة (أيضا)
حقيقة بل يكون أحد القصدين صوريا والكلام فيما إذا كان القصدان حقيقيين وهو مختص بالجاهل بالحكم فيكون حكم جاهل الحكم على هذا حكم جاهل الموضوع في الأجزاء
المتفق عليه فتوى ونصا لكن الانصاف ان ذلك محل تأمل بل نظر ومنع فالأقوى ما عليه الأولون وضابط الحكم في هذا وأشباهه ان كل يوم لا يصح فيه صوم
فإذا نوى ذلك الصوم فلا يجزى عنه ولا عن صوم ذلك اليوم ويتفرع عليه بعد معلومية انه لا يجوز صوم يوم الشك بنية رمضان لكونه تشريعا محرما عموما وخصوصا
بالأخبار الواردة في صوم يوم الشك انه لو صام بنية رمضان لم يجز عن شعبان لو كان منه ولا عن رمضان لو كان منه إما عن صوم شعبان فلعدم نيته واما عن صوم
رمضان فلتحريم قصده حين النية ولو جهل بعدم وقوع صوم رمضان في يوم الشك وصامه واتفقت المطابقة فيحتمل الأجزاء لمصادفة اعتقاد المطلوبية
الواقعية والأقوى العدم لعدم تحقق الامر بمجرد جهله المستند إلى تقصيره والمطلوبية التي اعتقدها هي مطلوبية صوم شهر رمضان في يوم الشك وهو غير
مطابق للواقع ولا يقع عن شئ من الواجب والمندوب لو أوقعه بنية الوجوب أعني نية الصوم الواجب على تقديره أي على تقدير وجوبه واقعا أو على تقدير رمضان
وبنية الندب أي قصد حقيقة الصوم المندوب ان لم يكن من رمضان لان حقيقة صوم رمضان تغاير حقيقة الصوم المندوب كما يكشف عن ذلك اختلاف احكامهما فإذا
586

لم يتعين حقيقة أحدهما في النية التي حقيقتها استحضار حقيقة الفعل المأمور به لم يقع عن أحدهما نعم لو نواه مندوبا أجزء بتفضل الله سبحانه كما في الرواية
عن رمضان إذا ظهر اليوم منه أي من رمضان اجماعا نصا وفتوى وبه يخرج عن قاعدة عدم اجزاء المندوب عن الواجب مع اختلاف حقيقتهما وهل يلحق رمضان
غيره من الواجبات المعينة في تأديها بالنفل وبالنفل الفرض في تأدى رمضان وغيره به مقتضى تعليله (ع) الأجزاء في رواية الزهري بقوله لان الفرض انما وقع
على اليوم بعينه نعم وبه صرح في الدروس وظاهرهم في مسألة ما لو نوى في رمضان غيره ان اجزاء غيره عنه مع الجهل به اتفاقي كما صرح به في المدارك ولو ظهر
ذلك في أثناء النهار جدد نية الوجوب ولو كان قبل الغروب لأنه بمنزلة العدول في وجوب تجديد النية للمعدول إليه ولو أصبح بنية الافطار فظهر انه
من الشهر ولم يكن تناول شيئا من المفطرات جدد نية الصوم وأجزء لما تقدم من جواز تأخير النية عن أول النهار للجاهل والناسي إلى أن تزول الشمس واما لو زالت
الشمس فقد مضى وقت النية وامسك واجبا بقية النهار وقضى إما وجوب القضاء فلفوات الصوم واما وجوب الامساك فهو المشهور بل عن الخلاف الاجماع
عليه وعن المنتهى والتذكرة نسبة الخلاف إلى عطا واحمد وانه لم يقل به غيرهما ولم أجد عليه دليلا ظاهرا والتمسك بقاعد الميسور لا يخفى ما فيه وفي المسالك
انه لو أفطر وجب الكفارة إذ لا منافاة بين وجوبها وعدم صحة الصوم بمعنى اسقاط القضاء والظاهر أنه تعليل لعدم المانع عن الكفارة وجعل المقتضى لها من عموم أدلة
ثبوتها بمجرد الافطار في رمضان مفروغا عنه وفيه تأمل بل منع كما لا يخفى ولابد من استمرار النية حكما بمعنى وجوبه تكليفا وفي شرح الشهيد انه لا نزاع فيه وهو مبنى
على وجوب العزم على الواجب أو حرمة العزم على الحرام أو التردد فيه والمراد بالاستمرار حكما ان لا يحدث ما يخالف نية الصوم من نية الخلاف أو التردد إما وجوبه شرطا
فظاهر المصنف هنا والمختلف تبعا لأبي الصلاح وحينئذ فلو عقد الصوم بنية صحيحة ثم جدد في أثناء النهار نية الافساد يبطل صومه على رأى محكى عن السيد في بعض رسائله
وأبى الصلاح والمصنف قدس سره وولده والشهيدان والمحقق الثاني لعموم قوله لا عمل الا بنية الظاهر في وجوب تلبس مجموعه بها ومقتضى ذلك وجوب تلبس امساك
كل جزء من النهار بنية فعل الصوم امتثالا لأمر الله كما هو الشأن في الصلاة والطهارات ونحوها من العبادات المركبة الا ان الدليل قام على أن امساك جزء
لو خلى عن تلك النية إما لغروبها أو لعدم القدرة على المفطر أو لغير ذلك مما يقع معه الكف لا مستندا إلى قصد الامتثال لم يقدح في الصوم خلافا للصلاة وأشباهها
من الوجوديات المخصة إما لو تلبس بامساك جزء من النهار باضمار عدم كونه صائما في الحال أو العزم على الافطار في الاستقبال فالامساك في هذا الجزء غير متلبس بنية
الامتثال ولم يدل دليل على عدم قدحه فيبقى تحت عموم لا عمل الا بنية ومما ذكر ظهر ان مستند البطلان في المسألة هو تلبس امساك جزء من النهار بقصد خلاف
الصوم فيفسد وبفساده يفسد الصوم لأنه لا يتبعض لا مجرد نية الافساد حتى يقال إن المفطرات محصورة وليس منها نية الافطار واضعف من ذلك التمسك هنا
باستصحاب صحة الصوم لما عرفت مرارا من أن الصحة في الأجزاء وان ثبت على وجه القطع الا انه لا يجدى مع الشك في فساد اللاحقة ومثله في الضعف ما ذكره الشهيد
في بيان أقوى معتمدا لسيد واتباعه ممن قال بالصحة من أن هذا العزم ينافي النية لا حكمها الثابت بانعقاد الذي لا ينافيه النوم والغروب اجماعا وهو أشد
منافاة من نية المنافى والنية لا يجب تجديدها في كل أزمنة الصوم اجماعا فلا يتحقق المنافاة إذ فيه ان منافاة هذا العزم لأصل النية كافية في البطلان بعد ثبوت
وجوب تلبس مجموع العمل بالنية بمقتضى عموم مثل قوله لاعمل الا بنية وخروج بعض الصور مثل صورة النوم أو عدم القدرة على المفطر لا يوجب التعدي إلى غيرها
الا ان يقال إن المراد بالنية في قوله لا عمل الا بنية ونحوه إن كانت هي الصورة المخطرة المقارنة في بعض العبادات والمتقدمة بزمان خاص في بعضها الأخر
كالصوم فالمفروض حصولها فيما نحن فيه وإن كان المراد بها هي الداعية إلى العمل ويكون مقتضى الرواية وجوب تلبس مجموع العمل جزء فجزء بها فنقول ان الرواية ومثلها
مختصة بما إذا أمكن استناد مجموع العمل إلى النية أو كما في الوجوديات المخصة واما في التروك المستمرة فاستناد مجموع اجزائها إلى الباعث الأول
غير ممكن مع تحقق أسباب عدم القدرة على الفعل في بعض الإناث وقوله لاعمل الا بنية انما يدل على فساد العمل الخالي عن النية لأجل خلوه عنها وبعد تقييد ذلك
بصورة الامكان فالعمل الذي لا يمكن فيه ذلك لا فساد فيه لأجل خلوه جزء فجزء عن النية فيثبت صحته بالاطلاقات ودعوى بدلية استمرار النية حكما عن النية
الحقيقية في وجوب تلبس كل جزء به محتاجة إلى البينة فالأقوى ما ذهب إليه المشهور من عدم البطلان لأصالة البراءة عن وجوب الاستمرار شرطا وأصالة
البراءة عن القضاء فضلا عن الكفارة التي بها قال أبو الصلاح كما عن الفخر في حاشية الكتاب وقد تقدم ان مجرد فساد الصوم وعدم انعقاده لا يوجب ثبوت
الكفارة واعلم أن الظاهر أن قصد الافطار على القول بكونه مفسدا فإنما يفسد من جهة منافاته لاستمرار النية الأولى فإذا لم يكن كذلك بل كان مبنيا على اعتقاد
زوال الحكم تلك النية لأمر اخر أو على التردد في زواله وبقائه فالظاهر أنه غير قادح كما لو نوى الافطار لحدوث (ان اليوم من شوال أو الحدوث صح) اعتقاد فساد الصوم بسبب آخر أو تردد في الافطار
لأجل التردد في صحة صومه من جهة ثم تبين الخلاف في جميع ذلك فإنه لا يفسد صومه وقد مر نظير ذلك في نية الصلاة ثم إن صريح كلام المصنف قدس سره في المنتهى
على ما حكى تبعا للمحقق في الشرايع توقف صحة الصوم بعد نية الخلاف على تجديد النية وقد يناقش في ذلك تبعا لما في المدارك بان نية الخلاف إذا لم تكن
مؤثرة في البطلان فلا حاجة إلى تجديدها ولعل منشأ المناقشة ان الترك في كل جزء إذا لم يلزم مصاحبة لاستمرار النية فلا فرق بين الجزء الأخير وما قبله
ودعوى ان الجزء الأخير لا يجوز فيه نية الافطار وان جازت فيما قبله يحتاج إلى دليل فارق هذا ويمكن ان يقال إن الإطاعة بالصوم إلى الليل وامتثال
قوله تعالى ثم أتموا الصيام إلى الليل لا يحصل عرفا الا إذا تعقب قصد الافطار رجوع واستمرار على النية الأولى إلى الليل واعلم أن قول المصنف ولو نوى
الافساد ثم جدد نية الصوم قبل الزوال لم يجز به على رأى يمكن ان يكون من تتمة المسألة الأولى ويكون المقصود من ذلك أن تجديد النية بعد نية الافساد
587

هل ينفع أم لا فمن قال في المسألة الأولى يعنى مع عدم التجديد بالصحة فلا اشكال عنده في الصحة هنا ومن قال هناك بالافساد فله أن يقول هنا بالصحة
ويحتمل ان يكون المراد بهذه المسألة هو انه إذا نوى الافطار من أول الأمر بحيث لم ينعقد له الصوم ثم جدد النية قبل الزوال فيكون الفرق بين هذه
والسابقة كون نية الافساد في الأولى مسبوقة بنية الصوم كما يظهر من قوله جدد نية الافساد وفي الثانية غير مسبوقة بها فيكون هذا الفرع كما هو
ما ذكره المحقق في الشرائع حيث قال ولو نوى الافطار في يوم من رمضان ثم جدد النية قبل الزوال لا ينعقد ولو قيل بالانعقاد كان أشبه ثم قال ولو
عقد نية الصوم ثم نوى الافطار ولم يفطر ثم جدد كان صحيحا ومثله في ذكر المسئلتين المصنف قدس سره في القواعد حاكما في الأولى بعدم الانعقاد خلافا لشيخه المحقق
وفي الثانية بالانعقاد ثم إن هذا الاحتمال في عبارة الكتاب وإن كان أبعد من حيث اللفظ من الاحتمال الأول لان المناسب للمسألة على هذا التعبير بنية
الافطار لا بنية الافساد لان الافساد انما يطلق عند سبق الانعقاد الا ان الاحتمال الأول أبعد من حيث السياق كما لا يخفى لان المناسب حينئذ تفريع مسألة
وجوب تجديد النية على القول بعدم الافساد ان أراد بيان الخلاف في مسئلتي افساد نية الافساد واعتبار تجديد النية
في الصحة على القول بها في نية
الافساد وان أراد بيان الفتوى كان المناسب الاقتصار على المسألة الثانية وكيف كان فما ذكره المحقق قدس سره من القول بالانعقاد مع نية الافطار وعدم
سبق انعقاد الصوم لا يظهر له وجه بعد البناء على اعتبار النية في الليل وفي جزئه الأخير وانه لا يعذر في ذلك الا الناسي والجاهل بالشهر فإنهما يجددان
إلى الزوال وابتناء ذلك على القول بكفاية نية واحدة للشهر مع أنه لم يذهب إليه المحقق موجب لالغاء اعتبار التجديد قبل الزوال حينئذ ولتقييد اطلاق
كلامه لغير اليوم الأول نعم يحتمل ان يقال إن مراده ما إذا عزم على الافطار في الليل ثم ذهل عن النية وعن الصوم حتى النهار فإنه يمكن ان يقال إن هذا الشخص
حيث لم يتعمد ترك النية في وقت تعينها وهو الجزء الأخير المقارن للنهار بل نسيها وذهل عنها يكون حكمه حكم الناسي للنية في الليل رأسا والمتيقن من
العامد من نوى الافطار في زمان تضيق النية أو تردد في الصوم في ذلك الزمان وتأثير نية الافطار في استمرار حكمها إلى النهار بحيث يقع أول جزء من
النهار مصاحبا لنية الافطار الحكمية غير ثابت وثبوت هذا التأثير لنية الصوم للدليل الشرعي ولتعذر خلافه فيكون ما سبق من المحقق في مسألة
تعمد ترك النية هو ما إذا تعمد تركه في زمان تعينها والحكم بالصحة حينئذ وإن كان محلا للتأمل الا ان له وجها ويمكن ان يكون مراد للمحقق إذ لم يسبق
في كلامه التصريح ببطلان صوم المتعمد حتى على هذا الوجه فتأمل مسألة يعلم البلوغ بالسن وخروج المنى وانبات الشعر الخشن على العانة
إما السن فهو في الذكر خمس عشرة سنة على المشهور كما عن جماعة بل عن الخلاف والغنية الاجماع كما عن ظاهر السرائر في باب النوادر عن كتاب القضاء وظاهر التذكرة
في كتاب الحجر وظاهر كنز العرفان وآيات الاحكام الأردبيلي وظاهر مجمع البيان وكشف الرموز وعن المقتصر انه مذهب جمهور الأصحاب وعن المسالك كاد ان يكون
اجماعا ويدل على هذا القول مضافا إلى الأصول الكثيرة وعموم ما دل من الكتاب والسنة على عدم انقطاع الصبا إلى أن يحتلم خرج من أكمل الخمس عشرة وبقى الباقي صريح
النبوي إذا استكمل المولود خمس عشرة سنة كتبت ماله وما عليه واخذت منه الحدود وعن مستطرفات السرائر عن كتاب المشيخة لابن محبوب عن حمزة بن حمران عن أبي
جعفر (ع) قال الغلام لا يجوز امره في الشراء والبيع ولا يخرج من اليتم حتى يبلغ خمس عشرة سنة أو يشعر أو ينبت قبل ذلك وحسنة يزيد الكناسي الغلام إذا زوجه أبوه
ولم يدرك كان له الخيار إذا أدرك وبلغ خمس عشرة سنة أو يشعر في وجهه أو ينبت في عانته قبل ذلك وما تقدم من الشهرة المحققة وحكاية الاجماع مستفيضة
يجبر ما في هذه الروايات من ضعف لو كان خلافا للمحكى عن الصدوق في باب انقطاع يتم اليتيم وعن الكفاية والمفاتيح من أنه في الذكر اكمال الثالث عشر والدخول في الرابع عشر و
يحكى نسبته إلى الشيخ في كتابي الاخبار وابن الجنيد وعن المقدس الأردبيلي (ره) تقويته لعموم ما دل على ثبوت التكاليف الشرعية على كل مميز خرج منه من دون الثلث عشر
والروايات المستفيضة منها رواية ابن سنان الموثقة وعن بعض تصحيحها وعن آخر تحسينها عن أبي عبد الله (ع) قال إذا بلغ الغلام أشده ثلث عشرة سنة ودخل في
الأربع عشر وجب عليه ما وجب على المحتلمين احتلم أو لم يحتلم وكتبت عليه السيئات وكتبت له الحسنات وجاز امره في كل شئ الا ان يكون ضعيفا أو سهيفا وقريب
منه روايتان اخريان لعبد الله بن سنان (ايض‍) ومنها خبر أبي حمزة الثمالي قلت لأبي جعفر (ع) جعلت فداك في كم يجرى الاحكام على الصبيان قال في ثلث عشرة سنة
وأربع عشرة سنة قلت فإنه لم يحتلم قال وان لم يحتلم فان الاحكام تجرى عليه ومنها موثقة عمار قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الغلام متى يجب عليه الصلاة
قال إذا اتى عليه ثلث عشرة سنة فان احتلم قبل ذلك فقد عليه والجارية مثل ذلك إذا اتى لها ثلث عشرة سنة أو حاضت قبل ذلك فقد وجب عليها الصلاة وجرى
عليها القلم والجواب إما عن العمومات فبتخصيصها بما دل بعمومه على اعتبار الاحتلام في ثبوت القلم مضافا إلى ما ذكر وما لم يذكر من الروايات الخاصة واما عن روايات
ابن سنان التي هي بمنزلة رواية واحدة بطرق متعددة فاحكم ما يقال فيها وفي روايتي الشمالي والساباطي المشتمل أوليهما على الترديد بين الثلاثة عشر والأربعة
عشر أو التخيير بينهما والثانية على اتحاد حكم الأنثى والذكر ولم يقل بشئ من ذلك أحد انها لا تقاوم أدلة المشهور من جهة اعتضادها بالشهرة وحكاية الاجماع
مستفيضا مع أنها على فرض التكافؤ لابد من الرجوع إلى العمومات والأصول القطعية وقد يتوهم وجوب حمل اخبار المشهور على التقية من جهة موافقتها
للمحكى عن الشافعي واحمد وأبى يوسف ومحمد بن الحسن الأوزاعي وفيه ان من عدا الأوزاعي من هؤلاء متأخر عن زمان الباقر (ع) الذي كان يفتى بمر الحق كما عن ولده
الصادق (ع) فلا يتحقق التقية والأوزاعي كان بالشام على ما حكى وأغلب من يبقى عنه قضاة الحجاز والعراق مع أن مخالفة جمهور الامامية لا تتدارك بمخالفة العامة
كما لا يخفى وكيف كان (فالظ) ضعف هذا القول واضعف منه ما يحكى عن الإسكافي (ايض‍) من حصوله باكمال الرابعة عشر ولم نجد له ما يدل على مداه الا دعوى
588

انصراف أدلة الخمسة عشر إلى الطعن فيها باكمال الأربعة عشر وربما يستدل له برواية الشمالي المتقدمة بناء على أن الترديد من الراوي فالمتيقن هو اكمال الأربع عشرة
وفيه مالا يخفى واضعف من هذين ما عن الكفاية من نسبته إلى بعض القول بتحققه باكمال العاشر لما دل على جواز وصيته وغيرها من الصدقة والوقف وفيه
مالا يخفى مضافا إلى ما ورد في الغلام الزاني بمحصنة انها لا ترجم لان من نكحها ليس بمدرك ونحوها ما ورد في طلاقه وحجه واما الأنثى فالأقرب ان بلوغها
بالسن باكمال التسع كما هو المشهور بل عن الخلاف والغنية والسرائر والتذكرة والروضة ويدل عليه روايات ما تقدم من رواية عمار ولا قائل به نعم عن ابن
حمزة في باب الخمس عن الوسيلة وابن سعيد في صوم الجامع والحجر منه انه عشر سنين وعن اللمعة نسبته إلى المبسوط وهذا القول مع احتمال إرادة الدخول في العاشرة
منه لم أجد له مستندا عدا رواية غياث بن إبراهيم عن الصادق (ع) ان أمير المؤمنين (صل) قال لا يوطئ جارية لأقل من عشر سنين ثم (الظ) انه لا يكفي طعن الذكر
في الخامسة عشر وعن التذكرة والمسالك وجامع المقاصد ان عليه فتوى الأصحاب وهو صريح النبوي المتقدم وصريح قوله (ع) في الرواية ان الجارية إذا دخل
بها ولها تسع سنين مع أن (الظ) من بلوغ خمس عشرة سنة اكمالها لما عن مصابيح العلامة الطباطبائي (ره) من الفرق بين بلوغ الخمس عشرة والبلوغ إلى الخمسة عشرة و
ان الثاني يحصل بالطعن بخلاف الأول مضافا إلى الأصول والعمومات المتقدمة ومن هذه الأصول والعمومات يعلم وجوب الحاق الخنثى بالذكر والسن انما يثبت بالعلم
وبشهادة العدلين وفي ثبوتها بقول الأبوين أو أحدهما وجه قواه في الروضة واستقرب خلافه السيد الأستاذ في المناهل وهو الأقرب ثم إن التحديد بالسن لا
يختلف في الاحكام المنوطة بالبلوغ بالاجماع الظاهر المصرح به في المصابيح على ما حكى الثاني مما يحكم معه بالبلوغ خروج المنى عن مخرجه المعتاد للذكر بالكتاب والسنة
والاجماع المحقق والمحكى مستفيضا و (كك) الأنثى على المشهور بل عن مجمع الفائدة والرياض دعوى الاجماع على ذلك وعن التذكرة ان عليه علمائنا أجمع ويدل عليه ما دل على أن
انقطاع يتم اليتيم بالاحتلام كما في رواية هشام بن سالم وعلى رفع القلم عن الصبى حتى يحتلم وتوهم إرادة خصوص الذكر من الصبى مدفوع بإرادة العموم من اخويه أعني النائم
والمجنون بلا اشكال سيما بملاحظة ما ورد من أن عمر هم برجم مجنونة زنت فقال له علي (ع) إما علمت أنه رفع القلم عن الصبى حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ
ثم إن المناط العلم بكون الخارج منيا أو شهادة العدلين ومع عدمهما يرجع إلى الأوصاف المذكورة لوجوب الغسل على المنزل الا ان يدعى ان الأسباب المنصوبة لوجوب الغسل
لا تدل على ثبوت جميع احكام المنى حتى البلوغ وفيه نظر ظاهر مع أن ثبوت الوجوب يكفي لثبوت البلوغ الا ان يراد ان مجرد السببية التي لا تنافى عدم البلوغ كما في الصغير
الواطي أو الموطوء وفي اعتبار خروجه من المخرج الطبيعي وجه قوى كما عن الشرايع والقواعد وشرحه لوجوب حمل المطلق على المتعارف وفي اعتبار اقترانه بالشهوة
كما عن جامع المقاصد وجه للانصراف والأقوى خلافه بل (الظ) ما يوجب الغسل ولو خرج من فرجى الخنثى فلا اشكال في بلوغها وكذا لو خرج من قضيبه مع بلوغه تسعا
أو حيضه من الأخر ولو امني من أحدهما خاصة فلو لم نعتبر الخروج من المخرج الطبيعي فنحكم ببلوغه كما عن العلامة في التذكرة وعن الأردبيلي الميل إليه بعد الاعتراف بعدم
معلومية كونه قولا لاحد والا كما هو المختار فلا وفاقا للمحكى عن الفاضلين والمحقق والشهيد الثانيين وفي اعتبار انفصال المنى حسا أو كفاية تحركه عن موضعه إلى
قريب المخرج وجهان مسألة لو ادعى الصبى الاحتلام فالمحكى عن المسالك هو القبول بغير بينة ولا يمين وعن غاية المراد حكاية ذلك عن الشيخ والعلامة واختاره سيد
مشايخنا في المناهل في باب القضاء مدعيا ظهور الاتفاق عليه ولعله لأنه لا يعرف الا من قبله ويتعسر إقامة البينة عليه وقد علم من بعض الأخبار قبول قول المدعى فيما
يتعذر أو يتعسر إقامة البينة عليه واما لو ادعى البلوغ بالسن (فالظ) عدم القبول الا بالبينة ولو ادعى الانبات (فكك) لان موضع الانبات ليس بعورة على الأقوى مسألة
الأكثر على عدم التطوع في الصوم ممن عليه صوم واجب والأخبار الواردة في الباب مختصة بقضاء رمضان والتمسك بقوله لا تطوع في وقت فريضة توهم فاسد
ولذا ذهب السيد وجماعة منهم العلامة في القواعد على ما حكى إلى الجواز ويمكن الاستدلال للمنع بان الصوم حقيقة واحدة في الواجب والمندوب بمعنى ان ما صار موضوعا
للامر الوجوبي في يوم مثلا هو بعينه ما صار موضوعا للامر الندبي في يوم آخر ليس بين الفرد الواجب والمندوب الا اختلاف الزمان نعم قد يختلف حكم الواجب والمندوب بعد
تحقق وصفى الوجوب والندب فيقال حكم المندوب كذا وحكم الواجب كذا مع أن غالب أدلة الندب على وجه بيان الثواب ولا يفيد المطلوبية فافهم وتأمل فإذا طلب حقيقة
في يوم من الأيام تخييرا على وجه لا يرضى الطالب بتركه فيستحيل ان يطلبه في بعض هذه الأيام على وجه يرضى بتركه نعم لو اختلف حقيقة الواجب منه والمندوب كما في الصلاة
جاز ان يصير باعتبار اختلاف الحقيقة موضوعا لحكمين مختلفين كنافلة الفجر مع قضاء الفريضة إما لو كان حقيقة واحدة وتعلق أحد الحكمين به باعتبار وجوده في
الخارج وجودا مغايرا لوجود ما تعلق به الحكم الأخر بان يطلبه وجوبا ويطلب فردا آخر منه ندبا كما لو أوجب صوم يوم غير معين وندب صوم يوم آخر (كك) فأيهما حصل متقدما حصل
الواجب وليس له ان ينوى بالأول الندب لان ما يقع منه أولا لا يجوز تركه لا إلى بدل ولا يمكن ان (يق) ان الثاني (كك) لأن المفروض عدم تغاير في حقيقتهما حتى يكون جواز
الترك في أحدهما وعدمه في الأخر مستندا إلى اختلاف الحقيقة مع أنه لو فرض صحة الامتثال للمندوب أولا لم يعقل بقاء الوجوب للثاني لان المطلوب وجوبا
ماهية حصلت بالفرد الأول المأتي به ندبا لأن المفروض اتحاد الحقيقة فطلب الفرد الثاني وجوبا طلب للحاصل بخلاف ما لو امتثل الوجوب أولا فإنه يتحقق
امتثال الندب ثانيا وليس طلبا للحاصل لان المطلوب ندبا في الحقيقة ليس هي الماهية من حيث هي كيف وقد فرض اتصافها بالوجوب فتعين ان يكون المطلوب
ندبا الفرد الزائد على الفرد المحصل للواجب وبعبارة أخرى تكرار الفرد والمفروض عدم حصوله فيطلب ولا يمكن ان يعكس الامر فيطلب ندبا المهية ويطلب
الزائد على الفرد المندوب وجوبا لأنه غير معقول مع فرض اتحاد الحقيقة فتعين ان الاحتمالات المتصورة ثلثة توجه الطلبين إلى المهية من حيث هي من غير
ملاحظة تعدد الوجود الخارجي وهذا محال وتوجه الندب إلى المهية والوجوب إلى الزيادة على ما يحصل به امتثال الندب وقد عرفت انه غير معقول فتعين
589

العكس وهو المطلوب ثم إن ما ذكرنا في الصوم من اتحاد حقيقة الواجب والمندوب منه لو لم يكن معلوما كفى احتماله من جهة الشك في ثبوت الطلب الندبي (ح) وعمومات الندب
لو كانت لا ينافي الوجوب التخييري في حق هذا المكلف الذي وجب عليه الصوم فان قوله صم أول خميس كل شهر لا يدل الا على مطلوبية ايقاع المهية في هذا اليوم ندبا ويمكن
للمكلف بقضاء رمضان ايقاع القضاء في هذا اليوم ليفوز بامتثال هذا المطلوب فيصير تلك الأوامر الندبية بالنسبة إليه راجعا إلى أفضل الفردين من الواجب
التخييري وبالنسبة إلى غيره مستحبا صرفا وليس هذا استعمالا للفظ في معنيين كما لا يخفى مسألة إذا بلغ الصبى في أثناء النهار فإذا كان بعد الزوال فلا خلاف
ظاهرا في عدم وجوب الصوم ولا قضاء عليه و (كك) إذا تناول شيئا مطلقا وإن كان قبله فالمشهور انه (كك) وعن الشيخ في الخلاف انه لو دخل في الصوم بنية الندب
ثم بلغ أمسك وجوبا وعن ابن حمزة وجوب الامساك ولو لم يدخل فيه وقواه في المعتبر والمدارك نظرا إلى أنه يتمكن من نية الصوم بحيث تسرى إلى أول النهار
فان زمان النية باق إلى الزوال وتوضيحه ان الأخبار الكثيرة دلت على جواز تجديد نية الصوم الغير المعين إلى الزوال (مط) وفي المعين للناسي ولا ريب في تحقق
حقيقة الصوم مع ذلك لا انه في حكم الصائم فيكشف ذلك عن أن الصوم يصدق حقيقة على امساك مجموع النهار مع النية قبل الزوال وهذا المعنى يتأتى من الصبى
إذا بلغ في أثناء النهار ولم يتناول شيئا فيمكن ان يكلف بالصوم وهو الامساك المذكور مع النية قبل الزوال وجزء من الامساك وان تحقق قبل البلوغ الا ان أدلة
وجوب الصوم تدل على وجوب جعله مع الامساك في باقي النهار صوما بان ينوى الصوم ويمسك إلى الليل ولا استبعاد في عدم اتصاف الجزء السايق بالوجوب كما في الصوم
الموسع والمندوب فحقيقة الصوم يوجد من الممسك أول النهار بان يجدد النية قبل الزوال ولهذا يمتثل بذلك أوامر
الصوم الايجابية والندبية وأوضح من
ذلك لو قلنا بامتداد وقت النية في المندوب إلى الغروب ودعوى ان ذلك في الواجب والمندوب في حكم الصوم يدفعه اطلاقات الاخبار بحصول الامتثال وبهذا
يتضح عدم الفرق بين ما إذا دخل الصبى في الصوم على وجه الندب كما هو مورد كلام الشيخ أو لم يدخل كما هو مقتضى استدلال المحقق وصاحب المدارك وما ذكر وإن كان
يتوهم جريانه في مثل الحائض إذا طهرت قبل الزوال الا ان ظاهر غير واحد من الأخبار الدالة على عدم صحة الصوم منها إذا طهرت في أول النهار معللا بان افطارها
من الدم ان وجود حدث الحيض بنفسه مفطر ومانع عن تحقق الصوم فهو بمنزلة الأكل والشرب في عدم انعقاد الصوم بعدهما واما الكافر فصحيحة العيص الدالة
على أنه لا يجب عليه صوم يومهم الذي أسلموا فيه الا ان يسلموا قبل الفجر تكشف عن أن الفجر (ايض‍) مانع عن الصحة كالحيض أو عن أن الاسلام يجب ما قبله حتى يكشف عن انه لا
يقبل ان يقع الجزء السابق من الامساك الذي حصل قبل الاسلام متصفا بأنه جزء الواجب لكن هذا الوجه ضعيف والمعتمد الأول ومما ذكرنا ظهر وجه وجوب الامساك
على المريض إذا برئ قبل الزوال كما هو المتفق عليه ظاهرا كما حكى عن غير واحد هذا ولكن الا ظهر ان (يق) بان مقتضى القاعدة مع قطع النظر عما دل على جواز تجديد النية قبل
الزوال هو عدم اتصاف صوم مجموع النهار بالوجوب إذ لا يعقل اتصاف الشئ بعد الوقوع والانقضاء بصفة واما تلك الأخبار فإنما دلت على كون الامساك في أول
النهار القابل للاتصاف بالوجوب واجبا لسراية النية اللاحقة والقابل للاستحباب مستحبا والامساك المتحقق من الصبى قبل البلوغ لا يقبل الاتصاف بالوجوب فلا
يصير جزء واجب فلا يتصف الباقي بالوجوب فقط لأن الصوم لا يتبعض والحاصل ان النية اللاحقة انما دل الدليل على تأثيرها في الامساك السابق بحيث تجعله جزء واجب إذا
كان في نفسه متصفا بالوجوب وجامعا لشرائط الصحة وكذا تجعل ذلك الجزء جزء مستحب إذا كان في نفسه محكوما بالاستحباب جامعا لشرائط الصحة والحاصل
ان الدليل دل على أن اتمام الامساك المتحقق في ما قبل الزوال يعد صوما واجبا ويخرج به عن عهدة الصوم الواجب إذا تحقق الوجوب حين الامساك الخالي عن النية فان
النية لا تجعل غير الواجب المحقق سابقا متصفا بالوجوب بعد تحققه وانما تجعل المتصف بالوجوب الخالي عن النية بمنزلة المنوي فنية الصبى لا تؤثر في ايجاد صفة
الوجوب لما تحقق من الامساك فهو باق على عدم وجوبه وتعلق الايجاب بالامساك الباقي ليس ايجابا للصوم بل هو تكليف اخر لا دليل عليه لأن الصوم لا يتبعض هذا
كله مع أن الاخبار في كفاية النية قبل الزوال مختصة بغير المعين ومسألة الصبى في رمضان الذي حكم بعدم كفاية تأخر نيته عن الليل الا للناسي والجاهل
والصبي ليس واحدا منهما فيدخل في عموم قوله لا عمل الا بنية الظاهر في التقارن وصريح قوله لا صيام لمن لا يبيت الصيام من الليل وحاصل هذا الجواب يرجع إلى
بطلان هذا العمل من جهة فوات النية كما أن حاصل الأول يرجع إلى عدم قابلية اتصاف المجموع بالوجوب لا بنفسه لعدم تعلقه ولا بتأثير النية لعدم الدليل
على تأثيرها في الايجاب اللهم الا ان يجاب عن الوجه الثاني باختصاص أدلة مقارنتها بمن تلبس بأول الفعل بصفة الوجوب فبعد تسليم صدق الصوم مع تأخر النية
فتشتمله أدلة الصوم والنية انما يشترط تقدمه إلى ما كان العمل في أوله متصفا بالوجوب ومما ذكرنا يظهر ان حكم المريض إذا برئ قبل الزوال هو وجوب الامساك
لأن الصوم واجب عليه إما في هذا اليوم أو قضائه في يوم اخر فالامساك المتحقق منه انما يتحقق في زمان اشتغال ذمته بالصوم أداء وقضاء فإذا برئ ونوى
سرى نيته إلى الامساك اللاحق (وسراية نية الوجوب إلى الامساك السابق بحيث تخرجه عن الاستحباب إلى الوجوب صح) (فت‍) ومما ذكرنا يظهر انه إذا دخل الصبى في الصوم المستحب لم يجب عليه اتمامه لعدم الدليل على ذلك لان أدلة وجوب الصوم
انما تدل على وجوب امساك مجموع النهار وهو لا يتصف في حقه بالوجوب (السابق) غير معلوم فتعلق الوجوب عليه يحتاج إلى دليل يوجب عليه الامساك الباقي أو يجعل
السابق جزء للواجب والمفروض عدم ثبوت الأول لان المستدل انما استدل بالاخبار الدالة على الثاني اللهم الا ان يدعى الأول و (يق) ان الفعل مطلوب
عنه ففي بعض اجزائه يرضى الشارع بالترك وفي بعضها لا يرضى و (يق) بذلك في الصلاة وسائر عباداته الواجبة إذا دخل فيها مستحبا فبلغ (فت‍) فإنه مشكل
وقول المشهور أقوى بل عن الحلى دعوى ان ما ذكره الشيخ خلاف اجماع الأصحاب مسألة (الظ) انه لا خلاف في أن من فاته صيام شهر رمضان لعذر أو أفسده
أو تركه عمدا أو سهوا فعليه القضاء الا ما خرج بالدليل ويمكن ان يستدل لهذا الأصل بوجوه الأول قوله (تع‍) ولتكملوا العدة دلت الآية على أن الله سبحانه
590

يريد اكمال العدة أي عدة أيام رمضان بالصيام الثاني قوله (ع) إذا كان على الرجل شئ من شهر رمضان فليقضه في أي الشهور شاء بناء على أنه يصدق على كل تارك
انه عليه شئ ودعوى ظهور ذلك مع ثبوت اشتغال الذمة والكلام فيه ممنوعة من جهة صدق ذلك عرفا وان لم يجب القضاء ولهذا شاع في الاطلاقات انه
لا يقضى صوم كذا لأن عدم القضاء انما يصدق فيما من شانه وجوب القضاء فيه مضافا إلى اطلاق الدين على الصوم في بعض موارد أسألة الاخبار كما في قوله عن
الرجل يموت وعليه دين صلاة أو صوم ومع ذلك كله ففي الاستدلال بالرواية اشكال من جهة ظهورها في صورة الاشتغال الفعلي فحاصلها ان من اشتغل ذمته بالصوم
فليقضه في أي شهر شاء فالأولى الاستدلال بقوله (ع) في صحيحة ابن سنان من أفطر شيئا من شهر رمضان في عذر فان قضاه متتابعا فهو أفضل وان قضاه
متفرقا فحسن دل على تخيير كل من أفطر لعذر بين تفريق القضاء وتتابعه فدل على وجوب أصل القضاء على كل مفطر لعذر ويلحقه المتعمد في الافطار بالاجماع
القطعي وخصوص الاخبار التي قد مضى في وجوب الكفارة (ايض‍) لكن الرواية انما تدل على صورة تحقق الافطار وقد عرفت ان عنوان الافطار غير عنوان الافساد
كما إذا نوى الافطار بناء على فساد الصوم وكذا عنوان عدم الصوم أو تركه لأجل الاخلال بالنية إلى ما بعد الزوال نسيانا وان لم يتناول مفطر أو مثله
يرد على الاستدلال بمثل التعليل في رواية سماعة المتقدمة في مسألة الافطار بظن دخول الليل في قوله (ع) على الذي أفطر قضاء ذلك اليوم ان الله عز وجل
يقول أتموا الصيام إلى الليل فمن اكل قبل ان يدخل عليه الليل فعليه القضاء لأنه اكل متعمدا وقد يستدل هنا بقوله صلى الله عليه وآله من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته
وفي شمول لفظ الفريضة للصوم نظر بل (الظ) المتبادر سيما بملاحظة تقييد القضاء بقوله كما فاتته هي الصلاة لا غير ولذا اشتهر الاستدلال بها لوجوب مراعاة
الترتيب بين الفوائت في الصلاة وصرحوا في الصوم بعد وجوب الترتيب بل استشكل بعضهم في استحبابه ولم
يلتفت أحد منهم إلى ملاحظة هذه الرواية
الظاهرة في وجوب الترتيب مسألة (الظ) عدم وجوب الفورية في قضاء رمضان خلافا للمحكى عن ظاهر كلام أبى الصلاح ويدل على جواز التأخير جميع ما دل على
جواز التفريق في القضاء وما دل على جواز التأخير إلى ذي الحجة وعلى تأخير نساء النبي صلى الله عليه وآله صيامهن إلى شعبان واما الترتيب (فالظ) عدم اعتباره (ايض‍) وفي كلام بعض
المعاصرين لم أجد فيه خلافا ويدل على ذلك أصالة البراءة وعموم أدلة القضاء نعم لو قلنا بالفورية توجه القول بالترتيب بناء على أن كل يوم انما تشتغل
الذمة بقضائه في أول يوم من أيام الامكان ولو نوى الترتيب فهل يؤثر أم لا ويظهر الثمرة فيما إذا انكشف صحة صوم اليوم الذي قضاه فهل يجوز افطاره
بعد الزوال أم لا (الظ) تأثير النية لعموم لكل امرئ ما نوى ومنه يظهر انه لا يجوز جعله ليوم اخر بعد الانكشاف ولو لم ينو قضاء فصام أياما فاتفق بعضها
مطابقا لليوم الذي ظهر صحته فيكون بدلا عن يوم آخر فينطبق المقضى على ما في الذمة حتى على القول بالترتيب لا انه يقع المطابق مندوبا أو لغو أم من فاته
شهر رمضان لمرض أو دم فان مات قبل البرئ والطهر فلا قضاء عنه اجماعا نصا وفتوى كما في الحدائق وعند العلماء كافة عن المنتهى ويدل عليه الأخبار المستفيضة
ولو مات بعد البرئ والطهر لكن لم يتمكن لمانع اخر (فالظ) الحاقه بمن مات في المرض أو الدم وفي الحدائق انه لا خلاف في أن القضاء على الولي
مشروط بتمكن الميت عن القضاء واستقراره عليه لرواية أبي بصير الموثقة أو المصححة عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن امرأة مرضت في شهر رمضان وماتت
في شوال فأوصتني ان اقضي عنها قال هل برئت من مرضها قلت لا ماتت فيه قال لا يقضى عنها فان الله لم يجعله عليها (قلت فاني اشتهى ان اقضي عنها فقد أوصتني بذلك قال كيف تقضى ما لم يجعله الله عليها صح) فان اشتهيت ان تصوم لنفسك فصم
دلت بظاهرها على سقوط القضاء عن كل ميت لم يجعل القضاء عليه حال حياته سواء كان لاستمرار عذره الذي مات فيه أو لطرو غير هذا إذا مات وان لم
يمت فان استمر به المرض إلى رمضان المقبل (فالمش‍) كما في المسالك والحدائق سقوط القضاء عنه ووجوب الفدية عليه ويدل عليه الأخبار الكثيرة كصحيحة
زرارة عن أبي جعفر (ع) في الرجل يمرض ثم يدرك شهر رمضان ويخرج عنه وهو مريض فلا يصح حتى يدركه شهر رمضان آخر قال يتصدق من الأول ويصوم
الثاني وإن كان صح فيما بينهما ولم يصم حتى أدركه شهر رمضان اخر صامهما جميعا وتصدق من الأول ونحوها حسنة محمد بن مسلم بابن هاشم الواردة في
المقام إن كان قد برئ ثم توانى قبل ان يدركه شهر رمضان اخر صام الذي أدركه وتصدق عن كل يوم بمد من طعام على مسكين وعليه صيامه وإن كان لم يزل
مريضا حتى أدركه رمضان اخر صام الذي أدرك وتصدق عن الأول لكل يوم بمد من طعام على مسكين وليس عليه قضاء ونحوهما غيرهما خلافا للمحكى عن
ابن بابويه وابن أبي عقيل والحلى من وجوب القضاء من غير فدية وعن المنتهى والتحرير تقويته (لظ) قوله (تع‍) فمن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر
وهو ضعيف لوجوب التخصيص على تقدير صحة التمسك بالاطلاق وعدم دعوى وروده مورد حكم آخر فتدبر ثم لو برئ من المرض وحصل عذر اخر مانع
عن القضاء فلا يبعد الحاقه باستمرار المرض ويدل عليه ما عن الصدوق في العلل والعيون بسنده الحسن عن الفضل بن شاذان عن مولينا الرضا (ع) قال
إذا مرض الرجل أو سافر في شهر رمضان فلم يخرج من سفره أو لم يفق من مرضه حتى يدخله عليه شهر رمضان اخر وجب الفداء للأول وسقط القضاء وإذا
افاق منها أو أقام ولم يقضه وجب عليه القضاء والفداء لان ذلك الصوم انما وجب عليه في تلك السنة في هذا الشهر واما الذي لم يفق فإنه لما مر عليه
السنة كلها وقد غلب الله عليه ولم يجعل له السبيل إلى أدائها سقط عليه مثل المغمى عليه في يوم وليلة فلا يجب عليه قضاء الصلاة كما قال الصادق (ع) كلما
غلب الله على العبد فهو اعذر له الخبر ومن هذه الرواية يستفاد حكم ما لو كان المسوغ للافطار غير المرض كالسفر ونحوه والضابط حصول موجب القضاء
في شهر رمضان أو العذر المسقط لقضائه في السنة و (الظ) ان حكم الرمضان الثاني حكم الأول في سقوط القضاء إذا استمر به المرض إلى الثالث لا انه
يقضى بعد الثالث خلافا للمحكى عن المقنع ومتن عبارة الفقه الرضوي ولو برئ بين الرمضانين وتمكن من القضاء فتركه وإن كان مع العزم على الترك أو التردد
591

فيه (فالمش‍) وجوب القضاء والكفارة لما تقدم من الاخبار خلافا للمحكى عن الحلى فلم يوجب الكفارة لمرسلة سعد بن سعيد الضعيفة سندا ودلالة باحتمال
حملها على صورة العذر والاخبار المتقدم بعضها ترده ومن هنا حكى عن المحقق (قده) في المعتبر انه لا عبرة بهذا الخلاف وان عزم على الفعل واتفق المانع
ففي وجوب الكفارة خلاف فالمحكى عن اطلاق كلام ابن بابويه والعماني وجوبها أيضا القضاء (ايض‍) حيث قالوا متى صح فيما بينهما ولم يقض وجب القضاء والصدقة ويدل عليه
صدق التواني إذا صح ولم يصم ولو اعتمادا على سعة الوقت ولا ينافيه تعليل وجوب الكفارة في صورة التواني في رواية أبي بصير المحكية عن تفسير العياشي بقوله (ع) من أجل
انه ضيع ذلك الصيام لان المراد من التضييع ما يشمل مثل اقتراح التأخير مع القدرة على التعجيل كما اطلق التضييع والتقصير والتفريط في تعليل وجوب القضاء على الحائض
للصلاة التي دخل وقتها ولم يصلها فاتفق الدم هذا كله مضافا إلى ظاهر روايتي العلل والعيون المعللتين لوجوب الجمع بين القضاء والفداء بمجرد الترك
ولو أبيت عن ذلك كله وجب الرجوع إلى اطلاق صحيحة زرارة المتقدمة ونحوها خلافا للمحكى في المسالك عن المشهور من تفسيرهم للتواني بغير العازم على
القضاء الظاهر في أن العازم غير متهاون لقوله (ع) في الصحيحة المتقدمة ورواية حماد لا الا على الرجال فان ظاهرهما انه لا يجب القضاء الا على الرجال ويحتمل
ان يراد ترجيح الرجال مع وجودهم عليهن وان كن أقرب من الميت منهم وهل يقضى عن المراة قولان أقويهما نعم كما عن جماعة لمصححة أبى حمزة عن أبي جعفر (ع) عن
امرأة مرضت في شهر رمضان أو طمثت أو سافرت فماتت قبل خروج شهر رمضان هل يقضى عنها فقال إما الطمث والمرض فلا واما السفر فنعم ونحوها موثقة
ابن مسلم وقيل بعدم دلالتها الا على الجواز الذي لا خلاف فيه ظاهر أو فيه ان (الظ) ان السؤال انما هو عن الوجوب كما لا يخفى فالجواب بنعم يدل على ثبوت الوجوب
مع أن رجحان القضاء لما فات في المرض والطمث مع عدم تمكن المراة منها قد عرفت انها اتفاقي على ما يظهر من العلامة (قده) في المنتهى فعدم الجواز لا معنى له
مع أنه لا قائل بالفصل بين الاعذار الثلاثة في استحباب القضاء وما اورده صاحب المدارك من رواية أبي بصير
المشتملة على أنه كيف يقضى ما لم يجعله الله عليها شامل
للثلاثة التي هي مورد الحديث ويمكن (ايض‍) ان يستدل بما عن ابن طاوس انه روى عن عبد الله بن سنان عن الصادق (ع) أنه قال الصلاة التي حصل وقتها قبل ان يموت
الميت يقضيه منه أولي الناس به فان الميت يشمل الذكر والأنثى مع أن الغالب اشتراك الذكر والأنثى في الحكم ثم إن (الظ) جواز تبرع الغير بهذا العمل وجواز استيجار الولي
من يعمله ويدل عليه مضافا إلى عمومات جواز العبادة عن الميت وان الصلاة والصوم دين فيجوز التبرع بقضائه خصوص رواية عمار عن الرجل يكون عليه صلاة أو يكون
عليه صوم هل يجوز ان يقضيه رجل غير عارف قال لا يقضيه الأرجل عارف فان (الظ) ان الغير العارف ليس وليا والا لم يكن معنى السؤال عن فعل الولي الغير العارف
انه يجزى أو لا يجزى ويؤيده الخبر الآخر يقضيه أفضل أهل بيته فإنه محمول على الاستحباب قطعا ولا يتحقق ان يفوض الولي ذلك إليه وأوضح منه الخبر الآخر يقضيه
من شاء من أهله أرسله في الفقيه مسألة الأقوى عدم تحريم افطار قضاء رمضان قبل الزوال وعليه الأكثر ويدل عليه الأخبار المستفيضة ومقتضاها
الجواز وان نوى الصوم من الليل خلافا للمحكى عن ظاهر العماني لصحيحة ابن الحجاج عن الرجل يقضى رمضان أله ان يفطر بعد ما يصبح قبل الزوال إذا بدا له ذلك قال إن
كان نوى ذلك من الليل وكان من قضاء رمضان فلا يفطر وليتم صومه ويمكن حملها على الكراهة جمعا بينها وبين ما هو صريح في الجواز من المستفيضة وعن
ظاهر الحلبي التحريم مطلقا ولعله لاطلاق موثقة زرارة عن أبي جعفر (ع) في رجل يقضى رمضان يأتي النساء قال عليه من الكفارة مثل ما على الذي أصاب
في رمضان لان ذلك عند الله من أيامه وهي محمولة على ما بعد الزوال جمعا بينها وبين الأخبار الكثيرة منها رواية يزيد العجلي في رجل اتى أهله في يوم يقضيه
من شهر رمضان إن كان اتى أهله قبل الزوال فلا شئ عليه الا يوما مكان يوم وإن كان اتى أهله بعد الزوال فعليه ان يتصدق على عشرة مساكين ولا
اشكال في تحريمه بعد الزوال وفي المدارك انه مذهب الأصحاب ويجب فيه الكفارة وهو على الأشهر الاظهر اطعام عشرة مساكين كما في الرواية المتقدمة
إذ المعهود من التصدق على المساكين في الكفارات اطعامهم ويؤيده مصححة هشام بن سالم في رجل وقع على أهله وهو يقضى شهر رمضان قال إن وقع
عليها قبل صلاة العصر فلا شئ عليها ويصوم يوما بدل يوم وان وقع بعد العصر صام ذلك اليوم وأطعم عشرة مساكين فإن لم يتمكنه صام ثلاثة أيام كفارة
لذلك والتقييد بما بعد صلاة العصر كفاية عما بعد الزوال لبعد المواقعة بين الصلاتين مع أن مورد الاستدلال هي الفقرة الثانية فلا يقدح مخالفة
ظاهر الأولى للاجماع سيما بعد جواز التقييد بما قبل الزوال ومنها يظهر مستند الأكثر في الحكم بأنه مع العجز عن الاطعام يصوم ثلثه أيام مؤيدا بمامر في بدلية صوم
ثمانية عشر أيام من اطعام ستين مسكينا بقوله مكان عشرة مساكين ثلثه أيام وعن القاضي ان هذه الكفارة كفارة يمين وعن الحلبي التخيير بين الصيام
والاطعام وعن الصدوقين انها كفارة افطار شهر رمضان ولم يظهر للأولين مستند ويشهد للثالث صحيحة زرارة المتقدمة الممكن حملها على الاستحباب
أو على الافطار متهاونا كما عن الشيخ وهو في غاية البعد ولا يحرم الافطار في صوم واجب موسع غير القضاء للأصل واطلاق الامر به وعن ظاهر الحلبي تحريم
كل صوم واجب ولعله لاطلاق حرمة ابطال العمل وفيه نظر لما مر في بحث الصلاة من أن التمسك بالآية محل تأمل إذا (الظ) إما ابطال الجميع لا يكون افطار الا بالكفر
لأنه المحبط للأعمال واما عدم ايجاد العمل على وجه باطل كما في قولهم ضيق فم الركية مسألة صوم المميز شرعي على الأظهر وفاقا للمحكى عن الشيخ والمحقق
والمصنف في المنتهى والتذكرة والتحرير والشهيد بل عن بعض العبائر انه (المش‍) بل قيل إن ظاهر المنتهى عدم الخلاف فيه الا من أبي حنيفة حيث قال ويؤخذ
الصبى بالصوم إذا اطاقه قال الشيخ وحده إذا بلغ تسع سنين ويختلف حاله بحسب المكنة والطاقة وهذا على جهة الاستحباب دون الفرض والايجاب
إلى أن قال ولا خلاف بين أهل العلم في شرعية ذلك لان النبي صلى الله عليه وآله أمر ولى الصبى بذلك ومن طريق الخاصة ثم ذكر حسنة الحلبي إلى أن قال وإذا
592

ثبت ذلك فان صومه شرعي ونيته صحيحة وينوى الندب لأنه الوجه الذي يقع عليه فعله فلا ينوى غيره وقال أبو حنيفة انه ليس بشرعي وانما هو امساك عن المفطرات
للتأديب وفيه قوة انتهى أقول (الظ) ان هذه النسبة من جهة عدم ذكر خلاف في المسألة الا عن أبي حنيفة لكن يوهنه تقويته له أخيرا واما استظهار ذلك
من قوله ولا خلاف بين أهل العلم فهو توهم لان مراده من ذلك شرعية أصل الاخذ بالصوم وامر الولي به لا شرعية فعل الصبى ولذا لم يستثن أبا حنيفة وكيف
كان فالأقوى اتصافه بالشرعية سواء قصد به امتثال نفس الأوامر العامة المتعلقة بذلك العمل أو قصد بذلك حصول الاعتياد عليه ليسهل عليه بعد
البلوغ مسألة ويصح من المستحاضة بالاستحاضة القليلة (مط) لأنه حدث أصغر لا يمنع عن الصوم وبالاستحاضة المتوسطة والكثيرة إذا فعلت ما يجب عليها
من الغسل الواحد أو الأغسال ولا يصح بدونها على المشهور بل في المدارك كما عن الذخيرة انه مذهب الأصحاب وفي الروض والمسالك كما عن جامع المقاصد و
المسالك الجامعية لابن الجمهور وبعض شروح الجعفرية الاجماع وعن المصابيح للعلامة الطباطبائي حكاية الاجماع (ايض‍) عن بعض حواشي التحرير ومنهج السداد
والطالبية ويدل عليه مكاتبة ابن مهزيار المصححة إليه قال كتبت إليه (ع) امرأة طهرت من حيضها أو من دم نفاسها في أول يوم من شهر رمضان ثم استحاضت فصلت
وصامت شهر رمضان كله من غير أن تعمل ما تعمله المستحاضة من الغسل لكل صلوتين فهل يجوز صومها وصلاتها أم لا فكتب تقضى صومها ولا تقضى صلاتها ان رسول الله صلى الله عليه وآله
كان يأمر فاطمة (ع) والمؤمنات بذلك وقصور سندها بالمكاتبة وضعف دلالتها بالاشتمال على عدم وجوب قضاء الصلاة ممنوعان ومع التسليم فمجبوران بالعمل خلافا
لصريح المحقق وظاهر المحكي عن المبسوط وظاهر المدارك ومجمع الفائدة وكشف اللثام كما عن البحار والحدائق فتوقفوا في ذلك لضعف السند أو الدلالة فقد
عرفت منعهما ثم انجبارهما ثم قيل ظاهر النص والفتوى توقف الصوم على الفعل الأغسال التي لابد منها في الصلاة لان الغسل يجب مستقلا لأجل الصوم
كما يجب غسل الجنابة لأجله وفيه ان النص وهي المكاتبة المتقدمة لا يدل الا على وجوب القضاء على من لم يغتسل لصلاتها جهلا بوجوبه في كل يوم ثلث مرات
و (الظ) انها كانت تاركة للغسل رأسا لا تاركة له لخصوص الصلاة آتية به للصوم كما لا يخفى و (ح) فلا يعلم أن القضاء مستندا إلى ترك غسل الصلاة من حيث إنها
أغسال الصلاة أو إلى ترك رفع حكم حدث الاستحاضة للصوم بغسل مستقل أو بغسل الصلاة واما الفتاوى فهى مختلفة في هذا المعنى فظاهر كثير من
عباراتهم كالنص في كونه لأجل الصوم فعن الكافي لأبي الصلاح انه عد في الأمور التي حكم بكراهتها يكون المكلف صائما التصبح على الجنابة والحيض والاستحاضة و
النفاس وهو (ايض‍) ظاهر من أوجب تقديم الغسل كما في الذكرى وعن معالم الدين وصاحب المنهج وكذا ظاهر كلام من جعل الصوم غاية مستقلة لوجوب غسل الاستحاضة
كالمحقق في الشرايع ونحوه نعم قال في الروض واعلم أن ظاهر اطلاقهم الحكم بتوقف الصوم على الأغسال المعهودة يشعر بعدم وجوب تقديم غسل الفجر عليه للصوم لان
المعتبر منه للصلاة ما كان بعد الفجر فليكن للصوم (كك) كجعلهم الاخلال به مبطلا للصوم ولا يبعد ذلك وإن كان دم الاستحاضة حدثا في الجملة لمغايرته لغيره من الاحداث
على بعض الوجوه ويحتمل وجوب تقديمه على الفجر هنا لأنه حدث مانع من الصوم فيجب تقديمه عليه كالجنابة والحيض المنقطع وجعل الصوم غاية لوجوب غسل الاستحاضة
يدل عليه لان ما كان غايته الفعل يقدم عليه انتهى وعن المصنف في النهاية التوقف في وجوب تقديم الغسل كما عن المحقق الثاني قال في وجه التردد من كونه شرطا
في الصوم فيقدم عليه كسائر الشروط ومن أن اشتراطه في الصلاة دائر مع الصلاة وجودا وعدما وتوسعا وتضيقا وليس كغيره من الشرائط ولذا كان غسل الظهرين
شرطا كما اعترفوا به مع امتناع تقديمه ولا ريب ان هذا هو الا وجه انتهى ثم الأقوى في المسألة عدم وجوب التقديم كما اختاره المحقق والشهيد الثانيان وتبعهما
في المدارك وغيره إذ لم يثبت الا توقف الصوم المستحاضة على ما يجب للصلاة من الأغسال لا ان حدثهما يمنع الانعقاد في الفجر ومن الاستمرار على الصحة في الظهرين
ثم على وجوب التقديم فهل يجب مراعاة ايقاعه في اخر الليل ليقع متصلا بالصوم عرفا كما يعتبر اتصاله بالصلاة وجهان أحوطهما ذلك بل لا (يخ) عن قوة بناء على وجوب
التقديم ثم إنه لا اشكال ظاهرا في عدم توقف الصوم بعد الغسل على فعل ما عدا الوضوء من غير القطنة والخرقة وغسل الفرج وان حكى عن ظاهر صوم النهاية و
السرائر والمبسوط فساد الصوم إذا خلت بما عليها لكن (الظ) ان المراد بكلامهم ماله دخل في رفع الحدث وهل يشترط الوضوء كالغسل في صحة الصوم وجهان مبنيان
على أن الحدث الأكبر في الاستحاضة يرفع بكليهما أو بالغسل ويظهر من الروض في مسألة تخلل الحدث الأصغر في أثناء غسل الجنابة الاجماع على جواز الدخول بمجرد
الغسل في الصوم وجعله دليلا على عدم توقف رفع الحدث الأكبر الحاصل من الاستحاضة على الوضوء بل المتوقف هو رفع الحدث الأصغر الحادث منه وهل يتوقف صوم
اليوم على غسل الليلة المستقبلة الذي قطع به غير واحد عدم التوقف كما عن المصنف والشهيد القطع به وعن المدارك انه المشهور وقد احتمل التوقف أيضا ولاينا
فيه عدم تأثير اللاحق في السابق لاحتمال كونه مراعى لكن الأقوى عدم التوقف لان ظاهر الرواية توقف الصوم على الغسل لكل صلوتين وظاهر التوقف كون
الموقوف عليه مقدما على الموقوف والحكم بالمراعاة والكشف خلافا الظاهر نعم ظاهره توقفه على غسل الليلة الماضية لان من صام بدونه يصدق عليه انه صام ولم يعمل بما يعمله
المستحاضة من الغسل لكل صلوتين ولان ظاهر الرواية ان حدث الاستحاضة ينافي الوضوء ولا يرتفع حكمه الا بالغسل نعم لو قدم الغسل للفجر عليه كفى عن غسل
العشائين لو تركه ولو طرئ موجب الكثيرة بعد صلاة الظهرين فلا يشترط الغسل نهارا لان الغسل لا يجب حينئذ الا للعشائين وقد عرفت ان غسل المستقبل غير
شرط واعلم أنه لا اشكال في عدم توقف الصوم على غسل المس للميت والظاهر عدم الخلاف فيه للأصل والعمومات وعن بعض نسخ رسالة علي بن بابويه قده القول بالتوقف
مع اعتراف الحاكي بعدم وجدان من نسب الخلاف إليه وهو على فرض التحقق ضعيف لعدم الدليل مسألة إذا رأى الهلال في بلد فلا اشكال في ثبوت حكمه لغيره من
البلاد المتقاربة إذا ثبت عندهم رؤية أهل ذلك البلد ويدل عليه الأخبار الكثيرة ولم يوجد على خلافه قائل منا كما اعترف به في المناهل نعم حكى عن بعض العامة
593

والمراد بالبلاد المتقاربة كما عن المسالك والمدارك والكفاية ما لم يختلف مطالعها كبغداد وكوفة ونحوهما وهل يثبت للبلاد المتباعدة مطلقا كما عن موضع
من المنتهى والتحرير وعن التذكرة حكايته عن بعض علمائنا أو لا يثبت مطلقا كما عن المحقق في المعتبر والشرائع والمصنف هنا وفي القواعد وعن الجامع والمسالك ومجمع الفائدة
وحكى عن الشيخ وفي المناهل الظاهر أنه مذهب المعظم أو يثبت بشرط امكان تحققه فيها وعدم العلم بعدم وجدانه فيها فان علم بعدم وجوده في الآفاق المتباعدة
باعتبار اختلاف المطالع وكروية الأرض فلا يعمهم حكم ثبوت الهلال وهو المحكي عن المصنف في المنتهى والتحرير بعد اختيار القول الأول واستجوده في المدارك
كما حكى وربما ينسب إلى المحقق قده انه مع العلم بأنه متى رأى في بلد يعلم أنه مع ارتفاع الموانع يجب ان يرى في البلد الأخر كانت الرؤية رؤية لذلك الأخر
وأما إذا تباعدت البلدان تباعدا يزول معه هذا العلم فإنه لا يجب ان يحكم لها بحكم واحد في الأدلة لان تساوى عروضها لا يعلم الا من أصحاب الأرصاد وأرباب
النجوم وهو طريق غير معلوم والظاهر من التباعد في هذا الكلام هو من حيث المسافة ليجامع تساوى العروض وعدمه والمراد بالتباعد على التفسير ان يحصل اختلاف
العروض الموجب لاختلاف المطالع للقول الأول اطلاق ما دل من الاخبار على أنه إذا ثبت الرؤية في بلد وجب على من لم يثبت الرؤية عندهم قضاء ذلك اليوم
مثل مصححة هشام فيمن صام تسعا وعشرين قال إن كان له بينة عادلة على أهل مصر انهم صاموا ثلثين على رؤية قضى يوما ونحوها محسنة أبي بصير في قضاء
يوم الشك قال لا تقضه الا ان تشهد شاهدان عدلان من جميع المسلمين انه متى كان رأس الشهر وقال لا تصم ذلك اليوم الا ان يقضى أهل الأمصار فان
فعلوا فصمه إلى غير ذلك من مثل هذه الأخبار وقد يضاف إلى ذلك أنه يصدق انه أهل شهر رمضان فيجب الصوم وفيه نظر لمنع الصدق بالنسبة إلى أهل هذا
البلد كما لو فرض طلوع الفجر بالنسبة إلى بعض وعدم طلوعه بالنسبة إلى آخرين فان شهادة الرؤية في بلد انما تنفع لأهل البلد الأخر بعد مقدمة مفروغ عنها
وهي ان اهلال الهلال على الأولين اهلاله على الآخرين فكان الشاهد شهد باهلال الهلال على أهل هذا البلد الأخر واما الاخبار فالظاهر منها بحكم الغلبة
البلاد المتقاربة مع أن الظاهر أن الاطلاق في بيان حكم انكشاف كون يوم الشك من رمضان لا في مقام بيان الكاشف وانه يحصل بمجرد رؤيته في بلد من البلاد
ولو كان في غاية البعد فكما لا دلالة في هذا الاطلاق على الشروط المعتبرة في البينة فكذا لا دلالة على الشروط المعتبرة في البلد من القرب والبعد بل المراد
بيان حكم الانكشاف بعد فرض ثبوت الكاشف وللقول الثاني ان التباعد يوجب العلم بعدم ثبوت الهلال للبلد الأخر
أو عدم العلم وهو كاف في عدم الخروج عن
الأصل واطلاق الاخبار وقد عرفت انها بعد الفراغ عن دلالة البينة على المدعى وهو اهلال الشهر على أهل البلد اللازم من اهلاله على بلد الرؤية * (من
هنا في شرح القواعد) * وكذا يفسد الصوم بفعل المفطر مع الغلط بالغروب للتقليد الغير المجوز له أو الظلمة الموهمة إما الحكم بالفساد ووجوب القضاء
في الأول فمشهور بل عن الخلاف والغنية الاجماع عليه لكن مع الشك في دخول الليل ولو أريد بالشك في كلامهما مطلق الاحتمال كما هو متعارف في الأخبار الواردة
في الشكوك الواقعة في الصلاة بل وفتاوى القدماء كما قيل عم الاجماعان المحكيان لصورة الظن مضافا إلى عموم التعليل في ذيل رواية سماعة عن أبي
عبد الله (ع) في قوم صاموا شهر رمضان فغشيهم سحاب اسود عند غروب الشمس فرأوا انه الليل فأفطر بعضهم فقال على الذي أفطر صيام ذلك اليوم ان
الله عز وجل يقول أتموا الصيام إلى الليل فمن اكل قبل ان يدخل الليل فعليه قضائه لأنه اكل متعمدا وضعفها منجبر بما عرفت وقد يمنع دلالتها على
وجوب القضاء باحتمال إرادة وجوب الاتمام على من أفطر والكف عن الطعام من قوله فعليه صيام ذلك اليوم وهو بعيد وما ذكرنا من مدلول الرواية
هو الذي فهمه منها جماعة وقد يستشهد على الاحتمال المذكور بقوله لأنه اكل متعمدا إذ لولا أن المراد وجوب الكف بعد ظهور الخطأ لم يصدق الاكل
متعمدا لان الاكل قبل ظهور الخطأ ليس متعمدا وهذا غريب إذ لا شك في صدق الاكل متعمدا نعم لا يصدق الافساد والافطار متعمدا ويؤيد ما ذكرنا من الحكم
فحوى ما تقدم من الأخبار الدالة على وجوب القضاء إذا فعل المفطر مخلدا إلى خبر الجارية فإنه إذا وجب القضاء هناك (مع وجوب الاستصحاب المجوز للفعل فوجوبه هنا) مع وجود الاستصحاب المانع عن فعل
المفطر أولي فان مقتضى استصحاب بقاء النهار وحرمة الافطار تحريم الفعل فقد فعل المفطر من غير اذن الشارع مع مصادفته النهار ولذا قوى في
الروضة وجوب الكفارة أيضا وتبعه بعض مشايخنا وهو حسن لو لم نقل بانصراف اخبارها إلى غير مثل هذا الشخص واختصاصها بمن فعل المفطر في النهار
متعمدا مع علمه بالنهار أو ظنه بالظن الذي تعارف الاعتماد عليه والا فالعدم أحسن للأصل ولذا نعتمد في وجوب القضاء على الاطلاقات الدالة على وجوب
القضاء بفعل المفطر والعجب ممن عول في لزوم القضاء هنا إلى الاطلاقات ونفى الكفارة تمسكا بانصراف أدلتها إلى غير المقام واحترزنا بالقيد عما لو كان
التقليد جائزا له لعدم القدرة على المراعاة فان الحكم بوجوب القضاء في هذه الصورة مشكل لعدم ما يطمئن به النفس سيما إذا أفاد التقليد للظن
لعدم معلومية شمول الشك في عبارة الغنية والخلاف للظن وللاذهاب المشهور إلى هذا الحكم فبقى الرواية الضعيفة خالية عن الجابر والأولوية
المتقدمة غير جارية هنا وشبهة انصراف اطلاقات اخبار القضاء بفعل الفعل واختصاصها بمن فعله مع العلم بالنهار هنا أقوى لكن الاحتياط لا ينبغي تركه
سيما في صورة الشك بل الحكم بالوجوب لا يخ عن قوة للتعليل في الرواية المنجبرة باطلاق الاجماعين المحكيين هذا كله لو قلنا بجواز التقليد لغير القادر على
المراعاة وعدم وجوب الصبر عليه إلى أن يتيقن الغروب ومثله شهادة العدلين واما لو قلنا بعدم جوازه لعدم الدليل نفى الحكم بلزوم القضاء تردد من صدق
الاكل قبل دخول الليل فيشمله التعليل مضافا إلى اطلاقات لزوم القضاء بفعل المفطر بل لا يبعد دعوى شمول اطلاقات الكفارة ومن الأصل وعدم الجابر
للتعليل اللهم ان يدعى ذهاب المشهور إلى وجوب القضاء في كل موضع لا يجوز للشخص الاقدام على الافطار وان لم يكن ذهاب المشهور في هذه المسألة إلى عدم
594

جواز الافطار ولهذا العاجز عن المراعاة معلوما فتأمل وعدم انصراف اطلاقات لزوم القضاء بفعل المفطر لما نحن فيه وكذلك اطلاقات لزوم الكفارة و
لكن وجوب القضاء في صورة الشك قوى بل أولي من الصورة السابقة لما عرفت فيها واما الحكم في الثاني أعني الافطار مع الغلط للظلمة الموهمة فهو أيضا
كذلك لو أريد بالوهم معناه المعروف أعني الطرف المرجوع يدل عليه اطلاقات لزوم القضاء بفعل المفطر ولا يمكن هنا دعوى الاختصاص بغير هذه الصورة
كما لا يخفى مضافا إلى فحوى رواية سماعة المتقدمة المنجبرة بفحوى الاجماعين المحكيين عن الغنية والخلاف وفحوى الاخبار في مسألة الغلط بعدم طلوع الفجر بل
الحكم بوجوب الكفارة لا يخلوا عن قوة لاطلاقاتها الشامل لصورة الافطار مع الظن ببقاء النهار واما لو أريد به الظن كما هو الظاهر وفهمه منه جماعة في هذا
المقام من هذا اللفظ فلا يبعد ان يكون كذلك أيضا لرواية سماعة المتقدمة معتضدة بالعمومات الدالة على وجوب القضاء عند حصول أحد الأسباب لكن
العمل بالرواية مشكل لا لما زعم من احتمال إرادة وجوب الاتمام من قوله فعليه صيام ذلك اليوم وان من اكل بعد ظهور بقاء النهار فعليه القضاء واستشهد
عليه بقوله لأنه اكل متعمدا لأنه في غاية البعد من لولا اللفظ بل الظاهر كما فهمه الجماعة هو وجوب القضاء ولا ينافيه التعليل بقوله لأنه اكل متعمد الصدق
تعمد الاكل مع عدم ظهور الخطأ نعم لا يصدق الافطار متعمدا وان يبعد صدقه أيضا إذا قلنا بعدم جواز التعويل على الظن ووجوب الترتيب بقاء النهار بحكم
الاستصحاب ولا لما زعم من معارضتها بما هو أخص منها وهي الأخبار الدالة على عدم وجوب القضاء مع الظن بدخول الليل حيث إن هذه الرواية تعم صورة
الظن وغيرها لان قوله في السؤال فرأوا انه الليل صريح في أن المراد الاعتقاد الراجح بدخول الليل بل لخلو الرواية عن الجابر ولا دليل على وجوب العمل بها حينئذ
على مذهبنا نعم حكيت الشهرة العظيمة على مضمونها بل قد يدعى شمول ما سبق من الاجماعين المحكيين عن الخلاف والغنية لهما بناء على عدم إرادة مطلق الاحتمال
من الشك في عبارتهما لكن شئ من ذلك لم يصل إلى حد يوجب الركون إليه مضافا إلى معارضتها بالروايات الدالة على عدم وجوب القضاء مع الظن بدخول
الليل منها رواية زرارة قال قال أبو جعفر (ع) وقت المغرب إذا غاب القرص فان رايته بعد ذلك وقد صليت أعدت الصلاة ومضى صومك وقد يتأمل
في دلالة مضى الصوم على نفى وجوب القضاء لاحتمال إرادة البطلان منه وليس في محله ومنها رواية أبى الصباح الكناتي قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن
رجل صام ثم إن الشمس قد غابت وفي السماء علة فأفطر ثم إن السحاب انجلى فإذا الشمس لم تغب فقال قد تم صومه ولا يقضيه ومنها رواية زيد الشحام عن
عن أبي عبد الله (ع) في رجل صام ثم ظن أن الليل قد دخل وان الشمس قد غابت وكان في السماء سحاب فأفطر ثم إن السحاب انجلى فإذا الشمس لم تغب فقام قد تم
صومه ولا يقضيه ومنها رواية زرارة عن أبي جعفر (ع) أنه قال لرجل ظن أن الشمس قد غابت أفطر ثم أبصر الشمس بعد ذلك فقال ليس عليه قضاء وقد يرجح
هذه بمخالفتها لذهب العامة وموافقته رواية سماعة على ما حكى عن المنتهى أقول هذا المرجح المحكي معارض بما حكى من الشهرة العظيمة والاجماعين المحكيين على
أحد الاحتمالين مضافا إلى اطلاقات وجوب القضاء فتأمل وكيف كان فالمسألة محل اشكال ولا ينبغي ترك الاحتياط ولو ظن من غير جهة المظلمة الموهمة
لم يفطر أي لم يفسد الصوم إما لأجل اذن الشارع في العمل بالظن بناء على ما قيل من أن المرء متعبد بظنه بل ادعى في المدارك ظهور عدم الخلاف في جواز
التعويل على الظن حيث لا طريق إلى العلم وحينئذ فلا يتعقبه قضاء نظرا إلى أن الليل حينئذ هو ما ظن أنه الليل فقد اتى بالصوم الشرعي ولازمه الأجزاء واما وجوب
إعادة الصلاة إذا فعلت قبل الوقت بظن دخول الوقت فللدليل الخاص مع عدم امكان الإعادة هنا والقضاء يحتاج إلى فرض جديد ولم يثبت
لاختصاص رواية سماعة بالظلمة الموهمة والكلام في الظن الحاصل من غيرها والاطلاقات الدالة على وجوب القضاء بوجود الأسباب منصرفة إلى ما إذا لم يأذن
الشارع فيها والاذن حاصل هنا بل مختصة بما إذا حصل في النهار والمفروض ان زمان الافطار في حكم الليل لهذا الشخص حيث إنه متعبد بظنه مظنة
بدل من الواقع بجعل الشارع واما لأجل روايتي زرارة المتقدمتين ولكن في الأول نظر إما أولا فلمنع تعبد المرء بظنه وان لم يكن له طريق إلى تحصيل
العلم في زمان الظن لم لا يجب عليه الصبر إلى حصول اليقين بالغروب كما حكى عن المفيد ره لعدم الدليل عقلا ولا نقلا عدا روايتي زرارة على وجوب العمل بالظن
سيما مع امكان تحصيل العلم كما هو المطلوب ومقتضى اطلاق عبارة المصنف واما ثانيا فلان اذن الشارع في الافطار لا يدل على عدم وجوب القضاء
غايته نفى الاثم وليس فيما دل على جواز العمل بالظن دلالة على أزيد من ذلك بل يمكن ان يقال إن القطع أيضا كذلك فإذا قطع بدخول الليل فانكشف كونه جهلا
مركبا فلا يبعد الحكم بوجوب القضاء إذا دل دليل نعم لا ضير في نفى القضاء من جهة ادعاء عدم الدليل لا من جهة دلالة تجويز العمل بالظن أو القطع على
نفيه فاقحام حديث تعبد المرء بظنه لا يجدى مع التشبث بذيل أصالة البراءة وكون القضاء بأمر جديد بعد ادعاء انصراف اطلاقات وجوب القضاء إلى
غير صورة الظن المجوز للعمل من جانب الشارع فالعمدة في الدليل على عدم وجوب القضاء بعد دعوى الانصراف أصالة البراءة روايتان زرارة والقدح في
أوليهما بمخالفتها باطلاقها الشامل لصورتي الشك والوهم للشهرة العظيمة بل الاجماع فاسد لأن الظاهر من قوله فان رايته بعد ذلك أي بعد ما غاب القرص
في علمك أو ظنك لعدم جواز إرادة بعد ما غاب في الواقع وبعد احتمال إرادة بعد ما غاب بحسب احتمالك بل لا يصدق عند الرؤية بعد الشك أو الوهم انه
رآه بعد ما غاب إذ ليس المراد من قوله وقت المغرب إذا غاب القرص غيبوبته عن البصر بل غيبوبته عن الأفق إما واقعا أو بحسب اعتقاد المكلف ولو ظنيا
والقول بان المراد ان وقت الغرب إذا غاب القرص عن البصر مطلقا خرج منه ما إذا غاب عن البصر وقطع بوجوده فوق الأفق لا تخفى بشاعته ولكن مع
ذلك كله فالاحتياط مما لا ينبغي تركه لحكاية الشهرة العظيمة
(على وجوب القضاء بل الاجماع عن الخلاف والغنية بناء على إرادة مطلق الاحتمال
من الشك في عبارتهما وإن كان غاية ذلك سقوط روايتي زرارة عن العمل لكن الأصل
باق بحاله اللهم الا ان يتشبث باطلاقات وجوب القضاء وإن كان للتأمل فيه محال
على فرض الثبوت بناء على ما عرفت من دعوى الانصراف فتأمل فان المسألة من
المشكلات حيث إن كثيرا منهم من فرق بين الظلمة وغيره من أسباب الظن ومنهم من
فرق بين مراتب الظن ومنهم من حمل الظلمة للموهمة على الموجبة للشك ومنهم من
لم يفرق بين الامرين إما في الحكم بوجوب القضاء واما في الحكم بعدمه وبعضهم
جعل الأشهر وجوب القضاء وليس يحضرني من كتب الأصحاب نور الله مراقدهم وشكر
سعيهم قدر كثير حتى اتبتع هدانا الله الصراط المستقيم بمحمد وآله الطاهرين
صلوات الله عليهم أجمعين وعجل الله فرجهم لتكون في)
عافية وهداية امين رب العالمين ومما يوجب القضاء خاصة التقليد في عدم الطلوع مع قدرة
595

المراعاة ويكون طالعا وقت تناوله على المشهور بل الظاهر عدم الخلاف فيه ويدل عليه رواية معوية بن عمار أمر الجارية ان تنظر تطلع الفجر أم لا فتقول لم تطلع فاكل
ثم انظر فأجده قد طلع حين نظرت قال تتم صومك وتقضيه إما انك لو كنت أنت الذي نظرت ما كان عليك قضائه واحترز بالقيد عما لو لم يقدر على المراعاة فان
عدم القضاء حينئذ قوى للأصل وعدم الدليل لظهور اختصاص الرواية بصورة القدرة على المراعاة فلم يبق الا الاطلاقات الدالة على وجوب القضاء بفعل المفطر
وعرفت مرارا اختصاصها بغير مثل المقام ولا فرق في وجوب القضاء مع التقليد للقادر على المراعاة بين العادل والفاسق لترك الاستفصال في الرواية
ولا بين الذكر والأنثى وان اختصت الرواية بالأنثى لظهور عدم القول بالفصل وهل المتعدد كالواحد اختار جمع منهم الشهيدان وثاني المحققين عدم
الالحاق وعدم القضاء في تقليدهما إذا كانا عدلين وهو جيد لو ثبت الدليل على حجية شهادة العدلين عموما ولم أظفر به كما اعترف به جماعة قيل وعلى فرض
وجوده فهو مخصص بذيل رواية معوية الدالة على حصر عدم وجوب القضاء في صورة مراعاته بنفسه فتقيد وجوب القضاء في غير هذه الصورة مطلقا ولو شهد
عدلان بعدم الطلوع ويرد عليه أولا ان دلالة ذيل الرواية على عدم وجوب القضاء عند مراعاته بنفسه ولو مع كشف الخطأ غير ظاهرة لجواز إرادة انك لو كنت
نظرت لم تخطأ في عدم الطلوع حتى يقع عليك قضاء لأنك أبصر منها في معرفة الطلوع وعدمه وثانيا لو سلمنا ذلك لكن النسبة بينه وبين ما دل على حجية
العدلين على فرض وجوده عموم من وجه فلا بد من الرجوع إلى الأصل وهو عدم الوجوب وبمثل ذلك يجاب عن معارضة دليل قبول العدلين لعموم التعليل
المذكور في رواية سماعة بن مهران المتقدمة حيث قال (ع) لأنه بدئ بالاكل قبل النظر فعليه الإعادة لكن الذي يسهل الخطب ويهون الامر كله عدم العثور
على ما يدل على حجية قول العدلين على الاطلاق فيبقى عموم هذا التعليل المؤيد بذيل الرواية السابقة سليما عن المعارض وبهذا يظهر الجواب عما؟ حج؟ إليه
بعض المتأخرين على ما حكى عنه من كفاية اخبار العدل الواحد في اسقاط القضاء لعدم الدليل على وجوبه حينئذ لاختصاص الرواية بخبر الجارية توضيح الجواب ان
عموم التعليل مع ذيل الرواية كاف في الحكم بوجوب القضاء ومثل تقليد المخبر بعدم الطلوع ترك تقليد المخبر
بالطلوع لظن كذبه حالة التناول على المشهور
بل الظاهر عدم الخلاف فيه على ما يظهر من المدارك لما رواه الشيخ عن العيص بن القسم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل خرج في شهر رمضان وأصحابه يتسحرون
في بيت فنظر إلى الفجر فناديهم فكف بعضهم وظن بعضهم انه يسخر فاكل قال (ع) يتم صومه ويقضى ومثلها الرضوي ولو أن قوما مجتمعين سئلوا أحدهم ان يخرج
ثم قال قد طلع الفجر وظن أحدهم انه مزح فاكل وشرب كان عليه قضاء ذلك اليوم مضافا إلى فحوى ما دل على وجوب القضاء إذا قلد المخبر في عدم الطلوع بل فحوى
ما دل على القضاء مع عدم المراعاة إذا لم يخبره مخبر (في عدم الطلوع بل فحوى ما دل على القضاء مع عدم المراعاة إذا لم يخبره مخبر) بشئ فان غاية الأمر كون اخبار المخبر كعدمه وبهذا يظهر انه لا اختصاص للحكم بصورة ظن كذب المخبر و
تخصيصها في العبارة بالذكر تبعا للرواية للانتقال إلى حكم صورتي الشك والوهم فان القضاء واجب فيهما بطريق أولي وهل يجب الكفارة مع القضاء فيه
أقوال ثالثها نعم مع دلالة المخبر بناء على وجوب التعويل عليه في دخول الوقت ورابعها مع العدلين دون غيرهما بناء على كونهما حجة شرعية والأول حسن
لو ثبت وجوب سيما مع ظن الكذب بل المزاح وهكذا الثاني مع وجود الدليل على كونهما حجة مضافا إلى امكان دعوى انصراف أدلة وجوب الكفارة إلى صورة
تعمد الافطار بحيث يعتقده انه افطار وحينئذ فالعدم أحسن وكذا يفسد الصوم بحيث يوجب القضاء تعمد القئ على المشهور بل حكى عليه الاجماع ويدل عليه ما رواه
الشيخ عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال الا إذا تقيأ الصائم فعليه قضاء ذلك اليوم وان ذرعه من غير أن يتقيأ فليتم صومه ورواية أخرى عن الحلبي عن أبي
عبد الله (ع) إذا تقيأ الصائم فقد أفطر وان ذرعه من غير أن يتقيأ فليتم صومه خلافا للمحكى عن ابن إدريس حيث حرمه من غير قضاء ولا كفارة ولعله للأصل
والرواية ثلاثة لا يفطرن الصائم القئ والاحتلام والحجامة وفيه انها مطلقة محمولة على صورة عدم التعمد شهادة ما ذكرنا من الاخبار وما أبعد ما
بينه وبين ما حكى من وجوب القضاء والكفارة كليهما ولعله للحكم بكونه مفطرا في الرواية السابقة فيشمله ما دل على وجوب الكفارة بفعل المفطر متعمدا و
قد يجاب بان المتبادر من الافطار الموجب للكفارة في أدلتها هو افساد الصوم بالاكل والشرب وفيه بعد تسليم هذا التبادر انه لا يضر إذ غاية الأمر حينئذ ارتكاب التجوز
في قوله فقد أفطر بإرادة كونه بمنزلة من أفطر في الأحكام الشرعية ولا ريب ان منها هو الاثم والقضاء والكفارة ودعوى تبادر الأولين فقط من التشبيه غير
مسموعة وقد يجاب أيضا عنها بمعارضة الظهور الحاصل منها بظهور عدم وجوب الكفارة من سكوت الامام عن الكفارة في الرواية الأولى مع كون المقام
مقام الحاجة وفيه نظر والأسلم في الجواب ان يقال إنها بعمومها الدال على لزوم الكفارة مخالفة للشهرة العظيمة بل القائل به غير معروف الاسم فلا تعويل
عليها في مخالفة الأصل مضافا إلى عموم بعض الأخبار الدالة على حصر المفطرات فيما ليس القئ منها وضعفها في المقام منجبر بالشهرة والاجماعات المحكية ثم إن الحكم المذكور
مختص بالتعمد فلو ذرعه القئ أي سبقه من غير اختيار لم يفسد على المشهور بل حكى عليه الاجماع لما في روايتي الحلبي وغيرهما خلافا للإسكافي فيكفر إذا كان عن محرم
ولم نعثر على مستنده وكذا يوجب القضاء خاصة الحقنة بالمايع وقد سبق الكلام فيها ودخول ماء المضمضة للتبرد الحلق سهوا أو بغير اختيار على المشهور
بل عن ظاهر المنتهى الاجماع ويدل عليه رواية سماعة قال رايته (سئلته) عن رجل عبث بالماء يتمضمض به عن عطش فدخل حلقه قال عليه القضاء وإن كان في وضوء
فلا باس وقريب منه رواية يونس وان تمضمض في وقت فريضة فدخل الماء حلقه فلا شئ عليه وان تمضمض في غير وقت فريضة فدخل الماء حلقه فعليه الإعادة
وضعفهما منجبر بالشهرة مضافا إلى فحوى ما دل على وجوب القضاء إذا دخل الحلق ماء المضمضة لوضوء النافلة وقد يعارض بما دل على عدم وجوب شئ بفعل المفطر
سهوا ولكن التعارض من قبيل العموم من وجه إذا الروايتان عامتان لصورة الدخول لا عن قصد وبغير اختيار ولا يخفى انهما معتضدتان بالشهرة والاجماع المحكي
596

فيكون أولي بالتقديم دون ما إذا دخل الحلق ماء مضمضة وضوء الصلاة فإنه لا يجب به قضاء وعليه يحمل اطلاق رواية الساباطي عن الرجل يتمضمض فيدخل في
حلقه الماء وهو صائم قال ليس عليه شئ إذا لم يتعمد ذلك حمل المطلق على المقيد أعني روايتي سماعة ويونس المتقدمتين وهل الحكم كذلك في وضوء مطلق الصلاة ولو
كانت نفلا أم يختص بالفريضة لا يبعد القول بالثاني لرواية الحلبي في الصائم يتوضأ للصلاة فيدخل الماء حلقه قال إن كان وضوئه لصلاة فريضة فليس عليه قضاء
وإن كان وضؤه لصلاة نافلة فعليه القضاء وقريب منها رواية يونس المتقدمة ولكن العمل بمضمونها موقوف على صحتها أو ثبوت الجابر ولم أعثر على الثاني وقد وصف
الأولى بالصحة جمع وليس يحضرني من كتب الرجال ما أتحقق به حالها مع أنه حكى عن المنتهى والخلاف ظهور الاجماع على عدم الافساد ما إذا كان ذلك من وضوء
مطلق الصلاة وهل يلحق بوضوء صلاة الفريضة إزالة النجاسة عن ظاهر الفم أو التمضمض للتداوي إذا سبق شئ إلى الحلق الظاهر نعم لا لما قيل من ثبوت الاذن
فيه بل الامر به من الشارع فلا يتعقبه شئ لمنع الاستلزام بل للأصل السالم عن الوارد عدا اطلاق ذيل رواية يونس وهي مقطوعة غير مجبورة ومثل ذلك الاستنشاق
إذا سبق شئ من الماء إلى الحلق فإنه لا يوجب قضاء للأصل خلافا لبعض فالحقوه بالمضمضة ودليله غير واضح بل قيل لعدم الدليل على كون تعمد ادخال الماء من الانف إلى
الحلق مفسدا للصوم وهو جيد لعدم انصراف الشرب إلى مثله الا ان يكون اجماعيا ومما يوجب الافطار المستلزم لوجوب القضاء معاودة الجنب للنوم ثانيا بان يجنب ثم
ينام ثم يستيقظ ثم ينام حتى يطلع الفجر فالنوم الذي يقع فيه الاحتلام لا يعد نوما أولا على الظاهر وهذا الحكم مشهور بل حكى عليه الاجماع مستفيضا ويدل عليه
رواية معوية بن عمار عن الرجل يجنب أول الليل ثم ينام حتى يصبح في شهر رمضان قال ليس عليه شئ قلت فإنه استيقظ ثم نام حتى أصبح قال فليقض ذلك اليوم عقوبة
ومثلها الرضوي المنجبر ضعفه بمامر إذا أصابتك جنابة في أول الليل فلا باس بان تنام متعمدا وفي نيتك ان تقوم وتغتسل قبل الفجر فان غلبك النوم حتى تصبح
فليس عليك شئ الا أن تكون انتبهت في بعض الليل ثم نمت وتوانيت وكسلت فعليك صوم ذلك اليوم وإعادة يوم اخر مكانه وقد يستدل على ذلك برواية ابن أبي يعفور
الرجل يجنب في شهر رمضان حتى يستيقظ ثم ينام حتى يصبح قال يتم صومه ويقضى يوما وان لم يستيقظ حتى يصبح أتم يومه وجاز له وفي بعض النسخ بدل حتى ثم يستيقظ وفيه نظر لأن الظاهر
من الرواية وجوب القضاء للنوم الأول لان المراد من الاستيقاظ الاستيقاظ عن النوم الذي فيه الجنابة وقد عرفت
انه لا بعد من نوم الجنب فتأمل ثم مقتضى اطلاق
الرواية والرضوي كفتاوى الأصحاب على ما حكى عدم الفرق في وجوب القضاء بين ان يقع النوم الثاني مع نية الغسل وعدمها وليس كالنوم الأول في سقوط القضاء
إذا وقع مع نية الغسل إذا عزم على ترك الاغتسال وفي الافطار بإمناء عقيب النظر إلى المحرمة إذا لم يقصده ولم يعتده عقيبه اشكال قيل منشاؤه من حيث إنه فعل
محرما فأنزل فأشبه ما لو استمنى بيده ومن أصالة صحة الصوم وعدم الدليل على شئ من القضاء والكفارة أقول لا وجه للوجه الأول من وجهي الاشكال والمعتمد هو الوجه
الثاني لا لما ذكره من أصالة صحة الصوم لما عرفت سابقا من عدم أصالة هذا الأصل بل لما ذكره أخيرا من عدم الدليل على وجوب القضاء ولا الكفارة نعم في بعض الروايات ما
يومى إلى كونه مفسدا كرواية الحلبي عن الرجل يمس من المرأة شيئا أيفسد ذلك صومه أو ينقضه فقال إن ذلك ليكره للرجل الشاب مخافة ان يسبقه المنى ونحوها روايات
آخر فان فيها اشعارا بل دلالة على أن كراهة المس لخوف حصول الفساد بنزول المنى وقريبة منها غيرها ولكن التعويل على هذه الدلالة في الحكم بلزوم القضاء المخالف
للأصل وعموم رواية محمد بن مسلم الحاصرة المتقدمة بل وغيرها مما يشعر بل يدل على الحصر فيما ليس هذا منه مشكل ومما يوجب الافطار أيضا ابتلاع بقايا الغذاء من بين الانسان
عمد الصدق الاكل عليه وقد يتأمل في ذلك إما لمنع الصدق واما لخصوص ما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان قال سئل أبو عبد الله (ع) عن الرجل الصائم يقلس
فيخرج منه الشئ أيفطره ذلك قال لا قلت فان ازدرده بعد أن صار على لسانه قال لا يفطره ذلك وليس في محله لان منع الصدق مكابرة ودعوى الانصراف
إلى غير مثله غير مسموعة لأنها إن كانت بالنسبة إلى المأكول جنسا أو قدرا فلا وجه لها إذ لافرق بين شئ من الخبز واللحم يبقى بين الأسنان وبين وضع شئ منهما
في الفم في نهار رمضان نعم قد يستحيل بين الأسنان بحيث لا يصدق عليه الغذاء وحينئذ فلو قلنا باختصاص الاكل المفطر بالمعتاد صحت المناقشة لكنك قد عرفت
شموله لغيره أيضا وان لم ينصرف إليه اللفظ وإن كانت بالنسبة إلى هيئة الاكل حيث إنه يتبادر منه وضع شئ في الفم ثم ازدراده فلا يخفى ان هذه البقية أيضا موضوعة
في الفم نعم في (زمان) جواز ازدرادها وليس الوضع جزء من مهية الاكل يقال إنه لم يتحقق ماهية الاكل بتمامها أو مما ينصرف إليه الذهن من لفظه ولذا لو وضع لقمة
خبز في فمه في الليل وامسكه إلى طلوع الفجر فسد صومه بازدرادها اجماعا واما الرواية فتارة يجاب عنها بالفرق بين ازدراد القلس وازدراد بقايا الغذاء
فيصدق الاكل على الثاني دون الأول وفيه نظر واخرى باحتمال كون لا في قوله لا يفطره حرف جواب أي لا يزدرده يفطره ذلك وهو بعيد وثالثة بامكان
الفرق بينهما في الحكم فلا يفسد الأول للنص دون الثاني لان الحاقه به قياس والأسلم في الجواب عنها ان يقال بطرحها عن الحجية لمخالفتها للمشهور بل لاطلاقات
الاجماعات المدعاة على افساد الاكل ولو لم يكن معتادا نعم لا باس بالتوجيهات السابقة في مقام التأويل واحترز بقيد التعمد عما لو ابتلع شيئا منها سهوا أو سبق
إلى الحلق بغير اختيار فإنه لا يفطر لما دل على اختصاص الافساد بفعل المفطر عمدا ونفى الحكم عن غيره وقد قيل بالافساد إذا قصر في التخليل ولا أعثر على مستنده وفي
الحاق العابث بالمضمضة أو طرح الخرز وشبهه في الفم مع ابتلاعه من غير قصد بالتبرد اشكال من الأصل ومن فحوى ما دل على الافساد بالمضمضة لوضوء النافلة
بل اطلاق ذيل رواية يونس المتقدمة لكن العمل بالفحوى موقوف على ثبوت الحكم في الأصل أولا وقد عرفت التأمل فيه وعلى حجية الأولوية ثانيا ولا دليل عليها
واما رواية يونس فقد عرفت كونها مقطوعة ولا جابر لها في المقام واما طرح الخرز وشبهه فأولى بعدم الدليل فعدم الالحاق أولي وإن كان هو أحوط واحترز بالقيد
عما لو اتباعه عمدا فإنه يوجب الافساد قطعا بناء على الافساد بمطلق الاكل وإن كان غير معتاد وكذا الكلام في الحاق وصول الدؤا إلى الجوف من الإحليل بالحقنة
597

بالمايع فان الأقوى عدم الالحاق للأصل مضافا إلى رواية محمد بن مسلم الحاصرة المنصرات فيما ليس منها خلافا للمحكى عن الشيخ في المبسوط والمصنف في المختلف فيفسد أيضا
مستدلا عليه بأنه قد أوصل إلى جوفه مفطرا بأحد المساكين فان المثانة تنفذ إلى الجوف فكان موجبا للافطار وفي كلتا المقدمتين نظر إما في الصغرى فلما حكاه
في المدارك عن المحقق من أن قولهم للمثانة منفذ إلى الجوف قلنا لا نسلم بل ربما كان ما يرد إليها من الماء على سبيل الرشح واما في الكبرى فلعدم الدليل على كون
كل مفطر يصل إلى الجوف بأحد المسكين مفسدا للصوم فان مناط الافساد عنوانات خاصة لا مطلق ايصال الشئ إلى الجوف وأظهر منه ما لو وصل بغيره كالطعن
بالرمح فلا يفسد وهل السقوط بما يتعدى إلى الحلق كالابتلاع الاظهر لا للأصل وعدم صدق شئ من عنوانات المفطر عليه فإنه ليس اكلا ولا شربا مضافا إلى
الرواية الحاصرة والمعللة لعدم افساد بعض الأشياء بأنه ليس بطعام يؤكل والاستدلال على الافساد بما سبق من أنه أوصل إلى جوفه قد عرفت جوابه ولا ينبغي
ترك الاحتياط ومن هنا يعلم أنه لا يبطل بالوصول إلى الدماغ خاصة من دون الجوف خلافا للمحكى عن المفيد وسلار فأوجبا به القضاء والكفارة واستدل لهما
المصنف في المختلف على ما حكى عنه بان الدماغ جوف ولا يخفى ضعفه نعم في بعض الروايات اشعار به كرواية الحلبي عن الرجل يكتحل وهو صائم قال لا لأني أتخوف
ان يدخل رأسه فلا ينبغي ترك الاحتياط وكذا لا يفطر بالاكتحال وان وجد منه طعما في الحلق والظاهر عدم الخلاف فيه ويدل عليه الاخبار الكثير منها المعللة بأنه
ليس بطعام يؤكل وما دل على ثبوت الباس بماله مسك محمول على الكراهة مضافا إلى أن الحرمة لا توجب الافطار ولا بالتقطير في الاذن لرواية ليث المرادي قال
سئلت أبا عبد الله (ع) عن الصائم يصيب في اذنه الدهن قال لا باس الا السعوط فإنه يكره وقيده جمع منهم المصنف بقوله ما لم يصل إلى الجوف تعويلا على الاستدلال
السابق وقد عرفت ما فيه ولا بالفصد والحجامة وعن المنتهى الاجماع عليه للأصل والروايات الحاصرة وخصوص الأخبار الكثيرة الا انها خالية عن ذكر الفصد
نعم يكرهان للاخبار الكثيرة وفي بعضها التعليل بحصول الغثسيان أو ثوران المرة ومقتضى ذلك أن الكراهة للضعف بهما فلو امنه لم يكره كما صرح بذلك في
بعضها ولا بدخول الذبابة الحلق من غير قصد لما ذكر ولخصوص الرواية المعللة بأنه ليس بطعام ولا بالابتلاع الريق وان جمعه بالعلك وتغير طعمه في الفم ما لم
ينفصل عنه لعدم صدق والاكل عليه فتأمل الا ان يكون اجماعا وقد يستدل على الافساد في صورة تغير طعمه بالعلك بامتزاجه باجزاء العلك فان وجود الطعم في الريق
دليل على تخلل شئ من اجزاء ذي الطعم فيه لاستحالة انتقال الاعراض فكان ابتلاعه مفطر أو فيه نظر لمنع تخلل اجزاء ذي الطعم واحتمال حصول التغير بالمجاورة
كما في المدارك وحكى عن المصنف في المنتهى أنه قال قد قيل من لطخ باطن قدميه بالحنظل وجد طعمه ولا يفطر اجماعا ولو سلم فلا نسلم صدق الاكل بازدراد هذه الأجزاء
الرقيقة فان هذه ليست أعظم من الأجزاء الترابية المخلوطية بالهواء الواصل إلى الجوف واحترز بقيد عدم الانفصال عما لو انفصل عن الفم فان الظاهر أنه مفسد
حينئذ لصدق الاكل فتأمل وكذا النخامة إذا لم يحصل في حد الظاهر من الفم لم يفطر بابتلاعها لعدم صدق الأكل والشرب ولا ايصال شئ من الخارج إلى الجوف و
كذا لو انصب من الدماغ إلى الثقبة النافذة إلى أقصى الفم ولم يقدر على مجها حتى نزلت إلى الجوف لغير ما ذكر ولو ابتلعها بعد حصولها في فضاء الفم اختيارا
بطل صومه ولعله لصدق الاكل والفرق بينه وبين الريق ان الريق يتولد في نفس الفضاء بخلاف النخامة فكان كدخول شئ من الخارج إليه فيفسد
ابتلاعه وايصاله الجوف ولكن عدم الافساد به لا يخلوا عن قوة للشك في صدق الاكل عليه فيبقى تحت الأصل مضافا إلى رواية غياث لا باس بان يزدرد
الصائم نخامته الا ان مقتضى الاحتياط ظاهر ثم إن بعض القائلين بالبطلان به حكم بوجوب الكفارة وتعدى بعض هؤلاء فحكم بوجوب كفارة الجمع
استنادا إلى تحريم ازدرادها على غير الصائم وفيها نظر لعدم الدليل على الكفارة أولا لعدم انصراف أدلتها الا إلى الاكل المتعارف الذي ليس هذا
منه ولولا الاجماعات المحكية والشهرة العظيمة والاحتياط اللازم لم نقل بالتحريم في الاكل الغير المتعارف مطلقا ثم على تحريم ازدراد النخامة على غير
الصائم وسيأتي انشاء الله تعالى ولو قدر على قطعها من مجراها فتركها حتى نزلت فالأقرب عدم الافطار لان سبب الحكم بعدم افسادها ليس هو حصولها
بغير اختيار المكلف وقصده فيكون من قبيل الاكل الغير المختار والغير المقصود بل السبب عدم صدق الاكل عليه فلا يفرق بين صورتي القدرة على
الكف عنه وعدمها وعلى هذا لو علم بنزولها إلى الحلق عند رفع الرأس إلى العلو فلا يقدح رفع الرأس والحاصل فعل ما يوجب النزول من الدماغ إلى أقصى
الفم ولو استنشق فدخل الماء دماغه بل حلقه على ما عرفت لم يفطر الا انه لا ينبغي ترك الاحتياط حين الوصول إلى الحلق ولو جرى الريق ببقية الطعام في خلل
الأسنان ولم يتعمد الابتلاع فان قصر في التخليل فالأقرب القضاء خاصة لعله لكونه كالمعتمد لابتلاعها بل هو هو لان الفعل الغير الاختياري الناشئ من فعل أو ترك اختياري
اختياري وقد سبق فتأمل والا أي وان لم يقصر في التخليل فلا شئ ولو تعمد الابتلاع فالقضاء والكفارة وقد سبق ويكره تقبيل النساء والمس والملاعبة
إما مطلقا كما ذهب إليه جماعة للروايات المطلقة كرواية الأصبغ اقبل وانا صائم فقال عف صومك والمروى في قرب الإسناد عن الرجل هل يصلح له يقبل
أو يلمس وهو يقضى شهر رمضان قال لا ومثله آخر أو مع عدم الامن من سبق المنى كما في رواية زرارة عن أبي جعفر (ع) انه سئل هل يباشر الصائم أو يقبل في
شهر رمضان فقال انى أخاف عليه فليتنزه عن ذلك الا ان يثق الا ان يسبقه منيه وقريب منه رواية الحلبي عن أبي عبد الله (ع) عن الرجل يمس من المراة
شيئا أيفسد ذلك صومه أو ينقضه فقال إن ذلك ليكره للرجل الشاب مخافة ان يسبقه المنى ورواية منصور بن حازم قال قلت لأبي عبد الله (ع) ما تقول
في الصائم يقبل الجارية والمرامة قال إما الشيخ الكبير مثلي ومثلك فلا باس واما الشاب الشبق فلا لأنه لا يؤمن والقبلة إحدى الشهوتين الحديث والمراد
والله أعلم انه لا يؤمن على سبق المنى بقرينة قوله القبلة إحدى الشهوتين أي إحدى الموجبتين لسبق المنى والاخرى المجامعة والاكتحال خصوصا بما فيه صبر أو مسك
598

ويدل على كراهة (مطلق) الاكتحال رواية سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا (ع) قال سئلته عمن يصيبه الرمد في شهر رمضان هل يذر عينه بالنهار وهو
صائم قال يذرها إذا أفطره ولا يذرها وهو صائم ورواية الحلبي عن أبي عبد الله (ع) انه سئل عن الرجل يكتحل وهو صائم قال لا لأني أتخوف ان يدخل رأسه ويدل
على خصوص ما فيه صبر أو مسك رواته محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) انه سئل عن المرأة تكتحل وهي صائمة فقال إذا لم يكن كحلا تجد له طعما في حلقها فلا باس ورواية
أخرى عن الكحل للصائم فقال إذا كان كحلا ليس فيه مسك وليس له طعم في الحلق فلا باس واخراج الدم ودخول الحمام المضعفان إما ما يدل على كراهة الأول فقد
مضى واما يدل على كراهة الثاني فرواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) انه سئل عن الرجل يدخل الحمام وهو صائم قال لا باس ما لم يخش ضعفا دلت بمفهومها على
المطلوب والسقوط بما لا يتعدى إلى الحلق لرواية غياث بن إبراهيم عن جعفر بن محمد عن أبيه قال لا باس بالكحل للصائم وكره السعوط للصائم ورواية ليث المرادي
عن أبي عبد الله (ع) في الصائم يصيب في اذنه الدهن قال لا باس الا السعوط فإنه يكره واحترز بالقيد عما يتعدى حيث حكم فيه سابقا بالافساد وعرفت ضعفه وشم
الرياحين وعن المنتهى الاجماع عليه لرواية حسن بن راشد قال قلت لأبي عبد الله (ع) الصائم يشم الريحان قال لا ومرسلة الفقيه عن الصادق (ع) انه سئل عن
المحرم يشم الريحان فقال لا قيل له فالصائم قال لا وما ورد في الاخبار من نفى الباس عنه محمول على نفى التحريم ويتأكد الكراهة في النرجس لرواية الكليني
عن محمد بن العيص قال سمعت أبا عبد الله (ع) ينهى عن النرجس للصائم ووجه تأكد الكراهة فيه تخصيصه بالذكر في الخبر والحقنة بالجامد لرواية الشيخ عن أحمد بن
محمد عن علي بن الحسن عن أبيه قال كتبت إلى أبى الحسن (ع) ما تقول في اللطف يستدخله الانسان وهو صائم فكتب (ع) لا باس بالجاهد وحرمة بعض استنادا إلى عموم
اطلاق رواية البزنطي عن أبي الحسن (ع) الصائم لا يجوز له ان يتحقق وتصور هذه الرواية سندا عن تقييد الاطلاق وفيه ان لو سلم قصور المقيد فالمطلق اقصر من حيث
شموله للجامد لان المتبادر عرفا من الاحتقان ان يكون بالمايع فتأمل وبل الثوب على الجسد لرواية الحسن بن راشد وفيها قلت فالصائم يستنقع في الماء قال نعم قلت
فيبل ثوبا على جسده قال لا ورواية الحسن الصيقل قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الصائم يلبس الثواب المبلول قال لا ورواية عبد الله بن سنان قال سمعت أبا عبد الله (ع)
يقول لا يلزق ثوبك وهو رطب وأنت صائم وهذه الأخبار وإن كانت ظاهرة في الحرمة الا ان اللازم صرفها إلى الكراهة لقصور سندها ومخالفة للشهرة
* قاعدة * كل موضع تمسكنا في عدم افساد الشئ للصوم بالأصل فالمراد نفى ايجابه القضاء والكفارة لأصالة البراءة وليس المراد جواز ارتكابه وصحة الصوم
معه لان الأصل في العبادات الفساد والشغل اليقيني يستدعى البراءة اليقينية فمقتضى هذا الأصل وجوب الكف عن كلما شك في مدخلية الكف عنه في الصوم وفساد
الصوم بدون الكف لكن لا على وجه يوجب القضاء والحاصل انا إذا شككنا في كون شئ مفسدا للصوم أم لا
فيحكم بوجوب الكف عنه ولكن لو لم يكف عنه فلا يجب قضاء
ولا كفارة إما وجوب الكف عنه فلان الشغل اليقيني يستدعى البراءة اليقينية واما عدم وجوب شئ لو لم يكف فلأصالة البراءة فان أصالة وجوب الاحتياط
لا يوجب القضاء كما قد يتوهم بل القضاء بأمر جديد فان قلت القضاء لازم فساد الصوم قلت نعم ولكن لم يثبت بالاحتياط الا وجوب الاجتناب عن المشكوك وهذا
معنى الفساد المقتضى للأصل لا؟ الفساد؟ بمعنى ترتب جميع احكام الفاسد الا انه لو شككنا في شرطية شئ لصحة الصلاة أو جزئية شئ لها يحكم بفسادها بدونه للاحتياط و
مع ذلك فإذا لم يتمكن منه المكلف بعد إن كان متمكنا منه يحكم بوجوب الاتيان بالصلاة بدون هذا المشكوك لاستصحاب بقاء التكليف مع أن مقتضى فساد
العبادة بدونه هو عدم وجوبها حين طرو العجز عن المشكوك وما نحن فيه من هذا القبيل * (المطلب الثالث) * فيما يجب بالافطار يجب القضاء والكفارة
بالاكل والشرب المعتاد اجماعا محققا ومحكيا وغيره بناء على صدق الأكل والشرب المحكوم عليهما بالافطار الموجب للامرين في الاخبار عليه أيضا لكنك قد عرفت
سابقا انهما مختصان بحكم التبادر بالمعتاد ومجرد الصدق غير كاف في إفادة المطلق للعموم فلا دليل على كون غير المعتاد مفطرا حتى يدخل في الأخبار الدالة
على وجوب الامرين بتناوله مع أنه لو سلم شمول لفظ الاكل له وصدق الافطار عليه لكن لا نسلم شمول الافطار له بل لا يبعد دعوى اختصاصه بحكم التبادر
بالاكل المعتاد وبالجملة فالحكم موقوف على أمرين أحدهما عدم اختصاص لفظي الأكل والشرب بالمعتاد والثاني عدم اختصاص الافطار بالاكل والشرب المعتادين
وشئ منهما لم يثبت نعم قد عرفت ان مقتضى الاحتياط اللازم وجوب الكف عنه لكن ذلك غير كاف في صدق الافطار وكذا يجبان بحصول الجماع قبلا بالاجماع
والأخبار الدالة على كونه مفطرا فيشمله ما دل على وجوب الامرين وكذا دبرا سواء كان دبر المرأة أم دبر الغلام على الأقوى لما مضى سابقا من الأدلة على كونه
مفطرا وكذا وطى البهيمة ان قلنا بحصول الجنابة بناء على ما ذهب إليه المحقق والمصنف من كون مناط الافساد مطلق الوطي الموجب للغسل ولكن لم أعثر على مستند
بحصول الجنابة مطلقا في أثناء النهار نعم يمكن ان يستدل على كون وطى البهيمة مطلقا سوءا قلنا بحصول الجنابة أم لا بالاخبار السابقة الدالة على كون النكاح مفطرا
لما مر من أن المراد به هنا مطلق الوطي قطعا وان قلنا بكونه حقيقة في العقد لتعذر ارادته فاقرب مجازاته متعين حتى أنه قال كثير انه المعنى الحقيقي له اللهم الا ان يقال
باختصاصه بنكاح الآدمي بحكم التبادر فتأمل مضافا إلى ضعف تلك الأخبار ومع حصول الانجبار لها في هذا المضمار ويجبان أيضا مع تعمد البقاء على الجنابة حتى يطلع
الفجر ومنه النوم عقيبها حتى يطلع الفجر مع العزم على ترك الاغتسال أو مع اعتياد عدم الانتباه والحق به النوم من غير نية الغسل وان لم ينو عدمه
أيضا وقد عرفت سابقا عدم الدليل على كونه مفسدا يوجب القضاء فضلا عن كونه مفطرا يوجب الكفارة واما النوم مع نية الغسل فلا اشكال في عدم
الافساد به إذا كان في المرتبة الأولى وعرفت كونه مفسدا إذا وقع في المرتبة الثانية وسيأتي حكم الثالثة وكذا يجبان بارتكاب الاستمناء وايصال الغبار الغليظ إلى
الحلق متعمدا اجماعا (في الأول وعلى الأقوى في الثاني وقد يعد من المفطرات الموجبة للقضاء) الكفارة معاودة؟ الجنب؟ النوم ثالثا عقيب انتباهتين بل عن الغنية والخلاف والوسيلة وشرح القواعد للمحقق الثاني الاجماع عليه
599

ولعله لما رواه سليمان بن جعفر المروزي عن الفقيه قال إذا أجنب الرجل في شهر رمضان بليل ولا يغتسل حتى يصبح فعليه صوم شهرين متتابعين مع صوم ذلك اليوم
ولا يدرك فضل يومه ورواية إبراهيم بن عبد الحميد عن بعض مواليه قال سئلته عن احتلام الصائم نهارا في شهر رمضان فلا ينام حتى يغتسل ومن أجنب في
شهر رمضان فنام حتى يصبح فعليه عتق رقبة أو اطعام ستين مسكينا وقضاء ذلك اليوم ولكن لن يدركه ابدا دلتا باطلاقهما على وجوب القضاء والكفارة على
مطلق من لم يغتسل ونام حتى أصبح جنبا خرج عنه ما دل الدليل على عدم ايجابه لشئ كالنومة الأولى في الجملة أو ايجابه القضاء خاصة كالنومة الثانية كذلك
فبقى الباقي ولا يضر ضعف سندهما لانجبارهما بالاجماعات المحكية بل المحققة ظاهرا ولا اشتمال الثانية على مالا يقال به من عدم جواز النوم مع الاحتلام نهارا قبل
الغسل لأنه لا يسقط الباقي عن الحجية ولا معارضتهما باطلاق ما دل من الاخبار على عدم وجوب شئ بتأخير الغسل متعمدا إلى طلوع الفجر أو النوم حتى يصبح حيث خرج
منه بعض الصور التي دل الدليل على وجوب القضاء مع الكفارة نية أو القضاء خاصة وبقى الباقي لترجيحهما عليها لموافقتها للعامة ومخالفة هاتين كما قيل لان تلك الأخبار
بعد تخصيصها بما خصصت به ليست موافقة للعامة نعم هي كذلك قبل التخصيص ولهذا طرحناها من حيث الشمول لصورة تعمد البقاء على الجنابة في مقام تعارضها مع ما
دل على الافطار بتعمد البقاء بل لاعتضادهما بالاجماعات المحكية والشهرة الظاهرة عكس تلك الأخبار ثم إن الروايتين وان كانتا مطلقتين من حيث التمكن من الغسل وعدمه
الا ان اللازم في الاخبار الضعيفة الاقتصار على القدر المنجبر من مدلولاتها وليس في هذا المقام الا وجوب الامرين بالنوم الواقع بعد انتباهتين مع تمكنه من الغسل
فيهما فلو لم يتمكن منه لمانع فلا شئ عليه وكذا لو تمكن منه في الأولى ولم يتمكن في الثانية وهل يجب في الأخير حينئذ القضاء خاصة وجهان من الأصل ومن عدم الفرق في
تفويت الغسل على نفسه بالنوم الثاني بين ان يصبح أو ينتبه في وقت لا يتمكن من الغسل فيفضى ذلك إلى أن يصبح جنبا والأول أقوى لعدم الدليل مضافا إلى رواية محمد بن مسلم
عن أحدهما (ع) قال سئلته عن الرجل يصيبه الجنابة في شهر رمضان قبل ان يغتسل قال يتم صومه ويقضى ذلك اليوم الا ان يستيقظ قبل ان يطلع الفجر فان انتظر ماء
يسخن له أو يستقى فطلع الفجر فلا يقضى يومه فإنها باطلاقها تشمل ما لو كان الاستيقاظ المستثنى فيها واقعا بعد استيقاظ آخر عن النوم بعد الجنابة ولو عكس فلم
يتمكن في الأولى وتمكن في الثانية فنام عنها فالظاهر وجوب القضاء عليه لان غاية الأمر كون الانتباهة الأولى كعدمها فيكون النوم الثالث بمنزلة النوم الثاني يجب له
القضاء واما الكفارة فلا دليل على وجوبها الا اطلاق الروايتين لكنه موقوف على وجود الاجماعات الجابرة لهما في هذا المقام وكذا الشهرة والا فعدم الوجوب متعين
للأصل واعلم أن محل الخلاف في هذه المسألة ما إذا كان النوم الثالث مع نية الغسل قبل الطلوع فيستمر حتى يطلع فلو كان مع نية عدم الغسل فلا خلاف في وجوب
الكفارة حينئذ بين كل من قال بوجوبها لتعمد البقاء على الجنابة وكذا مع عدم نية شئ من الغسل وعدمه عند جماعة منهم ومنهم المصنف وكذا لو لم يستمر النوم إلى طلوع الفجر
بل استيقظ من النوم الثالث واغتسل فلا شئ عليه ولو لم يتمكن حينئذ من الاغتسال فالظاهر عدم وجوب الكفارة
عليه للأصل ورواية محمد بن مسلم المتقدمة بالتقريب المذكور
في صورة عدم التمكن من الغسل في الانتباهة الثانية فتأمل وما عداه من المفسدات يجب به القضاء خاصة وانما تجب الكفارة كائنة ما كانت بحصول أحد موجباتها المتقدمة
في الصوم المعين الواجب بأصل الشرع أو بالعرض كرمضان اجماعا محققا ومحكيا وقضائه إذا أفسده بعد الزوال على الأشهر الاظهر لرواية بريد العجلي عن أبي جعفر (ع)
في رجل اتى أهله في يوم يقضيه من شهر رمضان قال إن كان اتى أهله قبل الزوال فلا شئ عليه الا يوما مكان يوم وإن كان اتى أهله بعد الزوال فان عليه ان يتصدق على عشرة
مساكين لكل مسكين مد فإن لم يقدر صام يوما مكان يوم وصام ثلاثة أيام كفارة لما صنع ورواية هشام بن سالم قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل وقع على أهله وهو يقضى شهر
رمضان فقال إن كان وقع عليها قبل صلاة العصر فلا شئ عليه يصوم يوما بدله وان فعل ذلك بعد العصر صام ذلك اليوم وأطعم عشرة مساكين فإن لم يمكنه صام
ثلاثة أيام كفارة لذلك وضعف الأولى لو كان فلا يضر بعد الانجبار بالشهرة العظيمة كاشتمال الثانية على التحديد بصلاة العصر مع امكان استفادة المطلب من
ذيلها أعني قوله وان فعل ذلك بعد العصر الخ بضميمة اجماع المركب فتأمل خلافا للمحكى عن العماني فقال بعدم الكفارة محتجا برواية عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع) عن الرجل يكون
عليه أيام شهر رمضان ويريد ان يقضيها متى يريد ان ينوى الصيام قال هو بالخيار إلى أن تزول الشمس فإذا زالت الشمس فإن كان نوى الصوم فليصم وإن كان نوى
الافطار فليفطر سئل فإن كان نوى الافطار يستقيم ان ينوى الصوم بعد ما زالت الشمس قال لا سئل فان نوى الصوم ثم أفطر بعد ما زالت الشمس قال قد اسما
وليس عليه شئ الا قضاء ذلك اليوم أراد ان يقضيه وهذه الرواية وإن كانت أعم من الرواية السابقة فتخصيصها بها معين بمقتضى قاعدة الجمع بين العام والخاص
الا انها لو وردها في مقام البيان والحاجة كالنص في عدم وجوب الكفارة فالجمع بحمل الأولين على الاستحباب أولي لولا مخافة هذه الرواية للشهرة العظيمة هي
من أعظم الموهنات وللرجحات وكذا يجب الكفارة بافطار الصوم الواجب بسبب النذر المعين على الخلاف الآتي في مقدارها والاعتكاف الواجب كما سيجئ عن
قريب دون ما عداه من الصوم واجبا كان كالنذر المطلق وقضاء غير رمضان وقضاء رمضان قبل الزوال وصوم الكفارة أو مندوبا وان فسد الصوم فان فساده
لا يستلزم ثبوت الكفارة بل القضاء أيضا لولا الفرض الجديد ويتكرر الكفارة بتكرر السبب الموجب لها في يومين مطلقا في جميع افراده اتحد جنسه أو اختلف تخلل
التكفير أم لا اجماعا محققا على الظاهر ومحكيا وهل يتكرر بتكرره في يوم فيه أقوال ثالثها نعم في الوطي لا في غير رابعها مع تخلل التكفير لا مع عدمه وخامسها نعم في الوطي
مطلقا وفي غيره مع التخلل أو اختلاف الجنس وسادسها نعم مع التغاير أو مع تخلل التكفير والأقوى العدم مطلقا للأصل وعدم دليل صالح على شئ من باقي الأقوال عدا ما يزعم
للأخير من اطلاقات الاخبار بايجاب الافطار بل خصوص الأسباب المفطرة كالجماع والاستمناء للكفارة بقول مطلق فإذا جامع مثلا فيجب الكفارة بمقتضى ما دل على
هذا الحكم وهكذا إذا استمنى يجب عليه الكفارة أيضا بمقتضى الاطلاق ما دل على هذا الحكم وأيضا فإذا جامع فكفر ثم جامع يصدق عليه انه جامع في شهر رمضان فيجب عليه بمقتضى الاطلاق نعم لو لم يكفر وفعل مرارا لم تجب الا واحدة لان وجوب
600

الكفارة منوط بحصول مهية هذه الأفعال وهي يصدق مع الاتحاد والتعدد والأصل براءة الذمة وفيه نظر حاصله ان ما دل على وجوب الكفارة بالافطار في شهر رمضان
لا يثبت الكفارة الا لأول ما يرتكب من الفسدات لأنه المفطر دون ما يقع بعده وان وقع في زمان يجب الامساك فيه الا انه لا يسمى افطارا وكذا ما دل على وجوب الكفارة
لخصوص بعض الأسباب كالجماع والاستمناء فان الظاهر المتبادر من السؤال عن وقوعها في شهر رمضان وقوع الافطار بها فلا يشمل المتكرر منها نعم روى عن الرضا (ع) ان
الكفارة تتكرر بتكرر الوطي لكن الرواية غير معلومة السند ولا جابر لها ويعزر المفطر مع العلم والتعمد بما يراه الحاكم فان تخلل التعزير مرتين فلم ينفعه وعاد قتل في الثالثة وفاقا
للأكثر بل هو المشهور كما حكى لرواية سماعة عن رجل اخذ في شهر رمضان وقد اخذ ثلث مرات وقد رفع إلى الإمام (ع) ثلث مرات قال فليقتل في الثالثة مضافا إلى عموم الرواية
أصحاب الكبائر إذا أقيم عليهم الحد مرتين قتلوا في الثالثة وقيل يقتل في الرابعة للرواية المرسلة الدالة على أن أصحاب الكبائر يقتلون فيها وهي على ضعفها و
خلوها عن الجابر مختصة برواية سماعة المعتضدة بالرواية العامة ولو أكره زوجته على الجماع فعليه كفارتان لرواية الفضل بن عمر عن أبي عبد الله (ع) في رجل اتى
أهله وهو صائم وهي صائمة فقال إن استكرهها فعليه كفارتان وإن كانت مطاوعة فعليه كفارة وعليها كفارة وإن كان أكرهها فعليه ضرب خمسين سوطا نصف الحد وإن كانت طاوعته ضرب خمسة وعشرين سوطا وضربت خمسة وعشرين
سوطا وضعفها منجبر بعمل العلماء على ما حكى عن المحقق أنه قال إن علمائنا ادعوا على ذلك اجماع الامامية خلافا للمحكى عن العماني فأوجب عليها كفارة واحدة وهو ضعيف
عديم المستند مع أن مقتضى ما ذكر سابقا من معذورية المكره ان لا يفسد صومها ويفسد لو طاوعته وهو واضح ولا فرق بين المطاوعة ابتداء وفي الأثناء ولا
يتحمل الكفارة حينئذ للأصل وعمومات أدلة وجوبها على المفسد وخصوص رواية المفضل المتقدمة ويعزر كل واحد منهما مع المطاوعة بخمسة وعشرين سوطا ومع اكراهها
يضرب الزوج خمسين سوطا كما في الرواية والأقرب التحمل عن الأجنبية والأمة لفحوى تحمله عن زوجته وصدق الأهل على الأمة وفيه منع اعتبار الفحوى سيما مع قوة احتمال
كون عظم الذنب مانعا عن الكفارة كما في إعادة الصيد للحرم وصدق الأهل على الأمة لو سلم فانصرافه إلى غيره واضح فلا مخرج عن الأصل ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط و
مثله الكلام فيما لو أكرهته فان مقتضى الأصل عدم تحملها الكفارة عنه ولو تبرع متبرع بالتكفير عن الميت أجزء عنه * فروع * الأول: لو طلع الفجر لفظ ما في فيه من الطعام
فان ابتلعه كفروا وجهه قدر الثاني يجوز لمريد صوم الغد الجماع في الليل إلى أن يبقى الطلوع الفجر مقدار فعله والغسل بناء على الأظهر الأشهر من حرمة البقاء على
الجنابة فان علم التضيق فواقع كفر على ما مر ولو ظن السعة ولو بالاستصحاب فان راعى بنفسه فلم يعلم بالطلوع فجامع فتبين وقوعه في النهار فلا شئ من الاثم
والقضاء والكفارة عليه لما مر من ذيل رواية معوية بن عمار في أمر الجارية فإنها وان اختصت بالاكل والشرب الا ان الظاهر عدم القول بالفصل وفي حكم المراعاة اخبار من
يجوز التعويل على خبره شرعا وكذا لو لم يتمكن من المراعاة ففعل المفطر تعويلا على مجرد الاستصحاب على الظاهر لما عرفت من عدم الدليل على القضاء في هذه
الصورة والا أي وان لم يراع مع التمكن ولا اخبره من يكون قوله حجة شرعا فالواجب القضاء خاصة لما مر من الروايات ولا كفارة لعدم الدليل عليها الثالث لو أفطر
المنفرد برؤية هلال رمضان في يوم شك فيه غيره من الناس اثم لتعبده بمقتضى علمه ووجب القضاء والكفارة عليه لأنه أفطر في نهار رمضان متعمدا من غير عذر
وعدم علم غيره بكونه من رمضان أو علمه بعدمه لا يجدى مع علمه فان كلا مكلف بعلمه والظاهر عدم الخلاف فيه الا عن أبي حنيفة قفى الكفارة محتجا بوجهين سخيفين
الرابع لو سقط عن المكلف فرض الصوم بعد افساده بان ظن سلامته من موانع الصوم ووجد انه لجميع شروطه ولم يصم أو أفسده في أثناء النهار بعد قصده
في أوله ثم عرض له بعض مسقطات الصوم فالمحكى عن الأكثر عدم سقوط الكفارة بل حكى عن الشيخ في الخلاف دعوى الاجماع عليه وكان لمطلقات وجوب الكفارة
بفعل المفطر مع وجوب الامساك عنه وهذا صادق بالنسبة إلى حال هذا الشخص وفيه انه ان أريد انه يصدق على هذا الشخص انه أفطر يوما من رمضان من غير عذر
فهو مسلم الا ان الظاهر منها بحكم التبادر اختصاصها باليوم الذي استجمع المكلف فيه للشرائط إلى اخره ولو لم يسلم الظهور في ذلك فلا أقل من كون اللفظ
مجملا بالنسبة إلى اليوم الذي فقد المكلف بعض الشرائط في أثنائه فان المطلقات المشككة على قسمين قسم يتبادر منه الفرد الشايع بحيث يعلم عدم إرادة القدر
المشترك الشامل للنادر وقسم منهما يتردد الامر بين إرادة القدر المشترك لكونه هو الموضوع له وبين إرادة خصوص الفرد الشايع بقرينة الشيوع نظير المجاز
المشهور بل هو هو في الحقيقة والأدلة الدالة على أن من أفطر يوما من رمضان متعمدا فعليه كذا و كذا لو لم نقل بكونها من قبيل الأول فغاية الامر ان يكون من
قبيل الثاني وأياما كان فلا يستفاد منها حكم اليوم الذي لهو المانع في أثنائه فيرجع في حكم الافطار فيه قبل طرو المانع إلى الأصل وان أريد انه يصدق عليه انه
فعل المفطر في زمان يجب الامساك عليه فهو مسلم لكن لا دليل على وجوب الكفارة بالافطار في زمان يجب الامساك وانما المستفاد منها وجوبها على من أفطر يوما من رمضان وقد عرفت انها لا ينصر ف إلى المقام وعلى هذا فالأقرب سقوط الكفارة
ثم إن المصنف وولده فخر الاسلام وغيرهما بنوا وجوب الكفارة في هذه المسألة على مسألة أصولية وهي جواز أمر الآمر مع علمه بانتفاء الشرط وعدمه فعلى الأول تجب
الكفارة لوجوب الصوم عليه وعلى الثاني لا تجب لعدم وجوب الصوم عليه لعلم الله سبحانه بانتفاء شرط الصوم في هذا اليوم قال في المدارك وعندي في هذا البناء نظر
إذ لا منافاة بين الحكم بامتناع التكليف بالفعل مع علم الامر بانتفاء الشرط كما هو الظاهر وبين الحكم بثبوت الكفارة لتحقق الافطار في صوم واجب بحسب الظاهر
كما هو واضح انتهى أقول وللتأمل في كل من البناء المذكور والنظر فيه مجال إما في البناء فلانه ليس في الأخبار الدالة على وجوب الكفارة ما يدل على اناطتها بوجوب
الصوم على المكلف مثلا قوله (ع) من أفطر يوما من شهر رمضان فعليه كذا مطلق يشمل من كان واجد الشروط لصوم في تمام اليوم ومن كان فاقدا لها أو لبعضها
كذلك ومن كان واجدا لها في بعض اليوم فاقدا لها في البعض الأخر سواء أفطر بعد حصول العذر أو قبله عالما بأنه سيطرئ العذر أو غير عالم به كما هو فرض مسئلتنا
ومع عدم الدليل على خروج بعض الافراد لابد من الحكم بالبقاء تحت الاطلاق والمتيقن خروج الفرد الثاني ولا دليل على خروج غيره ومنه الفرد الأخير
601

فلابد من الحكم عليه بوجوب الكفارة عليه سواء قلنا بوجوب الصوم عليه أم قلنا بعدم وجوبه وليس خروج ما خراج من ذلك المطلق لأجل عنوان عدم
وجوب الصوم حتى يحصل الخروج في كل مورد صدق عدم وجوب الصوم فيتكلم في أن هذا الشخص هل يجب عليه الصوم أم لا ويبنى على المسألة الأصولية هذا كله مع تسليم شمول
المطلقات من حيث الانصراف لهذا الفرد واما مع منعه كما تقدم فلا فرق في عدم وجوب الكفارة بين القول بوجوب الصوم عليه وبين القول بعدمه فتدبر
واما في النظر فلان لهؤلاء ان يقولوا انا لا نقول بالتنافي بين عدم التكليف ووجوب الكفارة لمخالفة الوجوب الظاهري لكن نقول القدر الثابت من أدلة
الكفارة هو وجوبها على من وجب عليه الصوم في الواقع واما من لم يجب عليه واقعا فلم تدل تلك الأدلة على وجوب الكفارة فيبقى تحت الأصل وبعبارة أخرى الكفارة
مختصة بذنب خاص وهو ترك الصوم ومخالفة أوامر الصوم والشخص المذكور لم يخالفها انما خالف الأدلة الدالة على وجوب العمل بمقتضى الاعتقاد حيث إنه
اعتقد في أول النهار انه سالم من الاعذار إلى الغروب فاعتقد وجوب الصوم عليه وقد تقرر انه يجب العمل بمقتضى الاعتقاد في الأحكام الشرعية وموضوعاتها
فلا يعاقب هذا الشخص على ترك الصوم وانما يعاقب على ترك العمل بمقتضى الاعتقاد الذي هو حكم الله الظاهري ومن هنا ظهر فساد التمسك على عدم السقوط
بالاستصحاب حيث إن الشخص قبل طرو العذر لم تسقط عنه والأصل عدم حدوث السقوط توضيح الفساد انك قد عرفت انه لا دليل على كون الكفارة واجبة على
هذا الشخص وبعبارة أخرى كون هذا الافطار المتعقب بطرو العذر موجبا للكفارة نعم قبل طرو العذر لما ظن أنه سالم عن العذر ظن أن عليه الكفارة
فإذا تبين العذر وعلم أنه في الزمان السابق كان ممن هو غير جامع للشرائط إلى اخر اليوم وقد قلنا إن هذا الفرد لا دليل على وجوب الكفارة فيشك انه هل وجب عليه
الكفارة من أو الامر أم لا وانما كان مظنونا له بواسطة ظن السلامة عن العذر ومن البين ان الاستصحاب انما يجرى إذا اختص الشك بالزمان اللاحق ولا يسرى إلى
السابق بان يكون في زمان الشك عالما بثبوت المستصحب السابق وليس الامر هنا كك لأنه بعد طرو العذر لا يقطع بان الكفارة وجبت عليه سابقا في الواقع
بل يشك فيه أيضا نعم يعلم أنها كانت واجبة عليه ظاهرا لكن الوجوب الظاهري لما كان دائرا مدار الظن بالسلامة ومنوطا بها فبزواله يقطع بزواله كما لو اعتقد كون الشئ المايع
خمرا أولا ثم شك في خمريته فشك في حرمته فحينئذ لا يجوز استصحاب الحرمة الظاهرية السابقة حين اعتقاد الخمرية وهو واضح غاية الوضوح ومن جميع ذلك علم أن مرادنا
بسقوط الكفارة بطرو العذر كشف العذر عن كون الكفارة غير واجبة عليه من أول الأمر لا الاسقاط الحقيقي بمعنى استقرار الوجوب عليه ثم ارتفاعه وزواله
بطرو العذر فلو أفطرت المرأة الصائمة الظانة للسلامة من العذر فبنت على التكفير وأعتقت رقبة كفارة لافطارها بمقتضى ظن السلامة ثم حاضت
فالأقرب بطلانه إذا الحيض كاشف عن انه لم يكن عليها كفارة من أول الأمر كما لو شهد عدلان عند الحاكم بما يوجب اعتاق الشخص لعبده فالزمه بالاعتاق فأعتق
ثم تبين كذبهما حيث حكم المصنف في بحث العتق ببطلانه فلو كانت الكفارة مستقرة عليها وكان طرو الحيض رافعا لها لم يكن معنى لبطلان العتق إذ لو سلمت
رافعية العذر للوجوب المستقر فإنما هي قبل الامتثال واما بعده فلا وجوب حتى يرفعه العذر ومقتضى ذلك صحة العتق لحصول الامتثال به الخامس لو وجب شهران
متتابعان سواء كان بكفارة أو بنذر فعجز صام ثمانية عشر يوما لرواية أبي بصير وسماعة بن مهران قالا سئلنا أبا عبد الله (ع) عن الرجل يكون عليه صيام شهرين
متتابعين فلم يقدر على الصيام ولم يقدر على العتق ولم يقدر على الصدقة قال فليصم ثمانية عشر يوما من كل عشرة أيام ثلثه أيام لكن الظاهران الرواية
غير صحيحة فالتعويل عليها مشكل اللهم الا ان يكون الحكم مشهورا والا فالحكم بوجوب الصدقة بما تمكن في كفارة شهر رمضان أحسن وفاقا لصاحب المدارك و
المحكي عن أبي الجنيد والصدوق في المقنع لرواية عبد الله بن سنان الموصوفة بالصحة في كلام جمع عن أبي عبد الله (ع) في رجل أفطر في شهر رمضان يوما واحدا متعمدا
من غير عذر قال يعتق نسمة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا فإن لم يقدر تصدق بما يطيق وقريبة منها رواية أخرى والظاهر أن هذه أخص من السابقة
فتقدم والمحكى عن الشهيدين التخيير بين الامرين وهو حسن مع تكافؤ الخبرين فان عجز عن صوم ثمانية عشر أو التصدق أصلا على الخلاف المقتدم استغفر
الله تعالى والظاهر عدم الخلاف فيه ويدل عليه رواية أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) كل من عجز عن الكفارة التي تجب عليه صوم أو عتق أو صدقة في يمين أو نذر أو
قتل أو غير ذلك مما تجب على صاحبه فيه الكفارة فالاستغفار له كفارة ما خلا يمين الظهار ولو قدر على أكثر من ثمانية عشرة يوما أو على الأقل فالوجه عدم الوجوب
للأصل نعم لا يبعد وجوب الأقل عملا بالخبر المشهور بقوله مالا يدرك كله لا يترك كله والميسور لا يسقط المعسور وإذا أمرتكم بشئ فاتوا منه ما استطعتم إما لو قدر
على العدد دون الوصف أعني التوالي فالوجه وجوب المقدور ولم اعرف هذا الوجه بعد دلالة الرواية على وجوب ثمانية عشر مع العجز عن صيام شهرين متتابعين
ورواية مالا يدرك كله لا يترك كله وأختيه لا تجرى في الأمور المقيدة والمركبات الذهنية كما فيما نحن فيه مع أن الرواية أخص منها اللهم الا ان يقال بان مدلول
الرواية حكم صورة العجز عن أصل القيام فليتأمل ولو صام شهرا فعجز احتمل وجوب تسعة لكون كل ثلاثة أيام من الثمانية عشر بدلا من عشرة أيام من الشهرين
كما في الخبر في إحدى النسختين ويحتمل وجوب مجموع ثمانية عشر إذ يصدق عليه انه لا يقدر على الصيام وأخويه فيدخل في الرواية لأن عدم القدرة فيها أعم من أن
يكون ابتداء أو يحصل في الأثناء ويحتمل السقوط رأسا لا لما قيل من أنه عجز وصام ثمانية عشر لان بدلية صوم ثمانية عشر ليسن الا إذا وقعت حال
العجز لا حال القدرة كما هو ظاهر من الرواية بل للأصل واختصاص مورد السؤال في الرواية بحكم التبادر بمن لم يقدر ابتداء وعدم الدليل على بدلية كل ثلثة
من عشرة السادس لو أجنب ليلا وتعذر الماء بعد تمكنه من الغسل حتى أصبح فالقضاء على اشكال منشأه الاطلاقات الدالة على وجوب القضاء بعدم الاغتسال مع أنه مفرط في التأخير ومن الأصل واختصاص الاطلاقات بصورة التمكن بحكم التبادر ومنع التفريط لعدم
وجوب الغسل فورا وهذا أقوى وإن كان الأول أحوط نعم لو علم أو ظن عدم تمكنه بعد زمان التمكن وجب عليه في ذلك الزمان فان اخر فالظاهر وجوب القضاء والكفارة
602

لأنه في معنى الباقي على الجنابة متعمدا * (المطلب الرابع) * في بقايا مباحث موجبات الافطار يجب بالافطار في الجملة أربعة. الأول: القضاء وهو واجب على كل تارك
للصوم عمدا بردة أو سفر مبيح للافطار أو مرض كذلك أو نوم أو حيض أو نفاس حاصلين في جزء من النهار أو بغير عذر مع وجوبه عليه إما وجوب القضاء بفوت
الصوم بالارتداد فالظاهر عدم الخلاف فيه بين الأصحاب كما حكى عن الذخيرة واستدل عليه بعضهم بالعمومات الدالة على وجوب قضاء ما فات من الصيام أقول لم
أظفر بعد على مثل هذه المطلقات أو العمومات نعم قد يدعى الاجماع على وجوب القضاء على كل من أفسد صومه عدا ما استثنى وهو حسن لو ثبت عدا ما يزعم من
روايتي الحلبي وابن سنان عن أبي عبد الله (ع) الأولى قال إذا كان على الرجل شئ من صوم شهر رمضان فليقضه في أي الشهور شاء أياما متتابعة والثانية أنه قال من
أفطر شيئا من رمضان في عذر فان قضاه متتابعا فهو أفضل وان قضاه متفرقا فحسن وليس فيهما دلالة على المطلب إما في الأولى فلانه انما يدل على التوسعة في
القضاء لمن كان عليه القضاء وليس الكلام الا فيمن عليه وليس فيه بيان لمن عليه القضاء عموما أو خصوصا بل المراد بيان الحكم بالتوسعة لمن عليه قضاء فإذا وقع
الكلام في المرتد أو غيره مثلا انه هل عليه قضاء وهل عليه شئ من صوم رمضان أم لا فلا تدل هذه الرواية على أن عليه قضاء نعم بعد ما ثبت ان عليه القضاء
إذا وقع الكلام في أنه فورى أم لا فهذه الرواية تدل على التوسعة وكذا الرواية الثانية لاختصاصها بذوي الأعذار فلا يشمل مثل المرتد مثلا مضافا إلى امكان
ان يقال إن الرواية واردة في مقام بيان الرخصة في تفريق القضاء لمن عليه قضاء لا في مقام بيان وجوب القضاء فحكم هذه الرواية بعد الفراغ عن وجوب القضاء
على الشخص اللهم الا ان يقال إنها دال على التوسعة في القضاء لكل من أفطر في عذر والتوسعة والتخيير بين التتابع والتفريق فرع وجوب أصل القضاء فيدل
عليه بالالتزام العرفي وكيف كان فلم أعثر على اجماع أو دليل يدل باطلاقه أو عمومه على وجوب قضاء الصوم على كل من لم يصم لعذر أو لغيره لكن عليك بالتتبع لعلك
تجد ذلك ولا اعتبار بعدم عثوري لقلة الكتب عندي وليس عندي من كتب الاخبار لا الاستبصار ثم لا يتوهم أحد ان الاطلاقات الدالة على سقوط القضاء عن الكافر
إذا أسلم وقوله صلى الله عليه وآله الاسلام يجب ما قبله يدل على سقوط القضاء عن المرتد وذلك لان المتبادر الكافر الأصلي دون غيره واما وجوب القضاء إذا فات بالسفر أو المرض
المبيحين فهو أيضا موضع وفاق ويدل عليه أيضا الكتاب والسنة المستفيضة واما وجوبه إذا فات بالنوم والمراد به ان لا يسبق النية من الشخص ويستمر نومه إلى
زمان يخرج وقت تدارك النية وهو ما قبل الزوال أو أزيد منه على الخلاف فهو مما لم أعثر على دليل عليه ولا يشمله أيضا اطلاق رواية ابن سنان المتقدمة اذلا يصدق
على هذا الشخص انه أفطر لعذر واما وجوب القضاء إذا فات بالحيض والنفاس فهو أيضا موضع وفاق على الظاهر ويدل عليه مضافا إلى ما سيأتي من الأخبار الدالة
على اشتراط وجوبه بالخلو عنها المشتملة على ذكر وجوب القضاء روايتا زرارة والحسن بن راشد في خصوص الحيض الأولى عن أبي جعفر (ع) قال الحائض ليس عليها
ان تقضى الصلاة وعليها ان تقتضي صوم شهر رمضان والثانية عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له الحائض تقضى الصلاة قال لا قلت تقضى الصوم قال نعم قلت من أين
جاء هذا قال أول من قاس إبليس الرواية واما وجوبه على تارك الأداء بغير عذر فإن كان تركه بأحد الأسباب المفسدة التي نص على وجوب القضاء فيها لصدق
الافطار عليها كالاكل والتقرب والجماع ونحوهما أو بالخصوص كالنوم الثاني للجنب وترك غسل الحيض فهو الدليل على وجوب القضاء واما إن كان تركه لشئ اخر مثل
ترك النية أو نية الافطار بناء على حصول الافساد به فيحتاج الحكم بوجوب القضاء فيه إلى نص خاص أو عام ولم أعثر على واحد منهما ولا على الاجماع المدعى سابقا
والمرتد عن فطرة وغيرها أي عن ملة سواء في الحكم بوجوب القضاء ولا يجب القضاء لو فات الأداء بجنون أو صغر أو كفر اصلى أو اغماء اجماعا في الأولين وقد يحتج
لهما بقوله صلى الله عليه وآله رفع القلم عن ثلثة عن الصبى حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق وفيه مالا يخفى لأنه ان أريد به رفع القلم عنها بالنسبة إلى
القضاء فلا ريب في أن الكلام في وجوبه عليهما بعد البلوغ والإفاقة وان أريد به نفى الأداء عنها المستلزم لنفى القضاء فالملازمة ممنوعة فالعمدة هو الاجماع واما
السقوط عن الكافر بعدما أسلم فيدل عليه مضافا إلى عموم قوله (ع) الاسلام يجب ما قبله روايات منها رواية الحلبي عن أبي عبد الله انه سئل عن رجل في النصف من شهر
رمضان ما عليه من صيامه قال ليس عليه الا ما أسلم فيه ومنها رواية العيص بن القسم قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن قوم أسلموا في شهر رمضان وقد مضى منه أيام هل
عليهم ان يقضوا ما مضى منه أو يومهم الذي أسلموا فيه قال ليس عليهم قضاء ما مضى ولا يومهم الذي أسلموا فيه الا ان يكونوا أسلموا قبل طلوع الفجر وتقييد الكفر
بالأصلي يحتمل ان يراد به اخراج المرتد فقط ويحتمل ان يراد به اخراجه من انتحل الاسلام من الفرق المحكوم بكفرهم كالخوارج والغلاة والنواصب واما المرتد
فقد مضى من المصنف الحكم بوجوب القضاء واما من انتحل الاسلام فالظاهر من بعض عدم وجوب القضاء عليهم إذا أوقعوا الأداء صحيحا بحسب اعتقادهم ووجوبه
إذا أوقعوه فاسدا كذلك وكذا حكم غيرهم من المخالفين إذا استبصروا واستند في الثاني إلى العمومات الدالة على وجوب القضاء المتناولة لهم أيضا وفي الأول إلى
رواية محمد بن مسلم وبريد والفضيل وزرارة عنهما عليهما الاسلام في الرجل يكون في بعض هذه الأهواء كالحرورية وهم الخوارج والمرحبة والعثمانية والقدرية
ثم يتوب ويعرف هذا الامر ويحسن رأيه يعيد كل صلاة صلاها أو صوم أو زكاة أو حج أو ليس عليه إعادة شئ من ذلك قال ليس عليه إعادة شئ من ذلك غير الزكاة
فإنه لابد من أن يؤديها لأنه وضع الزكاة في غير موضعها وانما موضعها أهل الولاية ورواية يزيد بن معوية عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن رجل وهو في بعض
هذه الأصناف من أهل القبلة ناصب مقدين ثم من الله تعالى عليه فعرف هذا الامر يقضى حجة الاسلام فقال يقضى أحب إلي وقال كل عمل عمله وهو في حال نصبه
وضلالته ثم من الله تعالى عليه وعرفه الولاية فإنه يوجر عليه الا الزكاة فإنه يعيد لأنه وضعها في غير موضعها لأنها لأهل الولاية واما الصلاة والحج والصيام
فليس عليه القضاء واما سقوط القضاء بالاغماء فهو مذهب الشيخ في النهاية والمبسوط وابن إدريس على ما حكى عنه المحقق والمصنف وحكى عن عامة المتأخرين مطلقا
603

ولو لم ينو قبله وزاد المصنف في التعميم بقوله أو عولج بالمفطر ومستندهم رواية يونس بن نوح قال كتبت إلى أبى الحسن الثالث أسئله عن المغمى عليه يوما أو أكثر
هل يقضى ما فاته أم لا فكتب لا يقضى الصوم ولا يقضى الصلاة خلافا للمحكى عن المشايخ الثلاثة فقالوا بوجوب القضاء وان لم يسبق منه إليه قال في المدارك ولم
اقف للقائلين بالوجوب على حجة يعتد بها أقول لو ثبت دليل دال على وجوب القضاء بفوت الصوم كما ادعاه هذا المحقق في مواضع فلعله هو دليلهم نظرا إلى فساد
الصوم بعدم النية كما في النائم إذا لم يسبق منه النية كما لا يوجد في الاغماء دليل على وجوب القضاء كذا في النوم ولو دل العموم المدعى على وجوب القضاء في النوم كما
استدل به عليه فيه دل على القضاء في الاغماء والفرق بين النوم والاغماء كما ادعوه لم يتحقق وسيجئ الكلام اللهم الا ان يفرق بالاجماع نعم يمكن الجواب عن هذا العموم
على فرض وجوده بتخصيصه بالروايتين جمعا فالقول بالوجوب ضعيف كضعف ما احتج به لهم في المختلف على ما حكى عنه من أن الاغماء مرض فيدخل في عموم ما دل على ثبوت
القضاء إذا فات الصوم بالمرض ومن انه يجب عليه قضاء الصلاة فكذا الصوم لعدم القول بالفرق إما الأول فلعدم صدق المرض عليه أو عدم انصرافه إليه و
على فرض تسليمهما فعمومات وجوب القضاء بسبب المرض مخصصة بالروايتين لأنهما خاصتان واما الثاني فلمنع الحكم في الصلاة أولا وما دل على وجوب قضائها لعله
محمول على الاستحباب بقرينة الروايتين المصرحتين بعدم وجوب قضائها ومنع عدم الفرق ثانيا وما ادعى من عدم القول بالفرق غايته ان يكون بالنسبة إلينا اجماعا
مركبا منقولا لا يعارض الروايتين مع اشتهار مضمونهما سيما بين المتأخرين وتسليم تعارض ما ذكر من الدليل مع الروايتين وتساقطهما والرجوع إلى الأصل ثالثا
اللهم الا على فرض وجود عموم دال على وجوب قضاء ما فات فتأمل ثم إن ما ذكره المصنف من التعميم لصورة المعالجة بالمفطر كذلك ولا يتوهم وجوب القضاء للأدلة الدالة
على كون هذا الشئ مفطرا وموجبا للقضاء لان مورد تلك الأدلة حال التكليف ولذا لا توجب شيئا على الناسي وشبهه ويستحب التتابع في القضاء لما فيه من
المسارعة إلى الخير ولرواية ابن سنان المتقدمة وحكى عن ابن إدريس انه حكى عن بعض الأصحاب انه يستحب التفريق وحكى عنه أيضا انه حكى عن بعض انه يستحب تتابع
ستة وتفريق البواقي وهما ضعيفان ومستندهما ضعيف بالنسبة إلى أدلة استحباب التتابع ولو سلم التكافؤ فالمرجع بعد التساقط عمومات السابقة إلى
الخير مضافا إلى ما يؤيده بالاحتياط واعلم أن الظاهر عدم كون وجوب القضاء فوريا ويدل عليه مضافا إلى اطلاقات وجوب القضاء خصوص رواية الحلبي المتقدمة
فليقضه في أي الشهور شاء أياما متتابعة وكذا رواية ابن سنان المتقدمة حيث دلت على جواز التفريق المنافى لوجوب المبادرة ويدل عليه أيضا رواية حفص بن
البختري عن أبي عبد الله (ع) قال كن نسأ النبي صلى الله عليه وآله إذا كان عليهن صيام أخرن ذلك إلى شعبان كراهة ان يمنعن رسول الله صلى الله عليه وآله خلافا للمحكى عن أبي الصلاح وهو
ضعيف غير واضح المستند واعلم أن المصنف اكتفى عن الحكم بعدم وجوب الفورية بالحكم باستحباب التتابع * مسألة * لا خلاف في وجوب الافطار على المسافر
وعدم صحة الصوم منه ووجوب القضاء عليه ولو صام في السفر في الجملة وانما الخلاف في مواضع الأول في أن الافطار هل هو مشروط بخروج المسافر قبل
الزوال فلو خرج بعده يتم الصوم مطلقا أو بالعزم على السفر من الليل فان بدا له في النهار لم يفطر مطلقا أو مشروط بكلا الامرين ومع عدمها ولو بعدم أحدهما
يتم الصوم أم غير مشروط بشئ منهما أصلا بل يفطر مطلقا ولو خرج بعد الزوال ولم يعزم عليه من الليل أقوال أوسطها أولها وهو المشهور للروايات المستفيضة
منها رواية الحلبي عن أبي عبد الله (ع) انه سئل عن الرجل يخرج من بيته يريد السفر وهو صائم فقال إن خرج من قبل ان ينتصف النهار فليفطر وليقض ذلك اليوم
وان خرج بعد الزوال فليتم يومه ومنها رواية محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) قال إذا سافر الرجل في
شهر رمضان فخرج بعد نصف النهار فعليه صيام ذلك
اليوم ويعتد به من شهر رمضان دلت بمفهومها على عدم وجوب صيام اليوم وعدم الاعتداد به إذا خرج قبل نصف النهار ومنها رواية عبيد بن زرارة
عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يسافر في شهر رمضان يصوم أو يفطر قال إن خرج قبل الزوال فليفطر وان خرج بعد الزوال فليصم ومنها رواية أخرى له أيضا عن أبي عبد الله (ع)
قال إذا خرج الرجل في شهر رمضان بعد الزوال أتم الصيام وان خرج قبل الزوال افطروا بها لاستجماعها للمرجحات الداخلية كأخصيتها بالنسبة إلى بعض الأدلة
الآتية وصحة بعضها وكثرتها وللمرجحات الخارجية من اشتهار مضمونها سيما بين القدماء وموافقة الحكم الأول من حكميها وهو الافطار قبل الزوال لعموم
الكتاب والسنة من وجوب الافطار على المسافر مطلقا وموافقة الحكم الثاني منها للاجماع المحكي عن الخلاف يرفع اليد عن كل ما خالفها من المطلقات
الدالة على وجوب الافطار مطلقا كتابا وسنة والناصة في جواز الافطار ولو خرج بقليل قبل الغروب التي هي أدلة القول الأخير كرواية عبد الاعلى
في الرجل يريد السفر في شهر رمضان قال يفطر وان خرج قبل ان تغيب الشمس بقليل ومن الروايات الدالة على اشتراط العزم على السفر من الليل كما هو مختار
الشيخ في بعض كتبه والمحقق كرواية علي بن يقطين عن أبي الحسن (ع) في الرجل يسافر في شهر رمضان أيفطر في منزله قال إذا حدث نفسه في الليل بالسفر
أفطر إذا خرج من منزله وان لم يحدث نفسه من الليلة ثم بدا له في السفر من يومه أتم صومه ورواية أبي بصير قال إذا خرجت بعد طلوع الفجر ولم تنو السفر من
الليل فأتم الصوم واعتد به من رمضان وفي أخرى إذا أردت السفر في شهر رمضان فنويت الخروج من الليل فان خرجت قبل الفجر أو بعده وأنت مفطر
وعليك قضاء ذلك اليوم والرضوي ولو أنه خرج من منزله يريد النهر وان ذاهبا أو جائيا لكان عليه ان ينوى من الليل سفرا والافطار فان هو أصبح ولم ينو
السفر قصر وأفطر مضافا إلى موافقتها لمذهب كثير من العامة كالأوزاعي وأبى ثور والزهري والنخعي ومكحول كما عن المنتهى واما القول الثالث
للمحكى من الشيخ في المبسوط فلم تقف له على مستند وقد استدل له بعض مشايخنا بان فيه جمعا بين الأخبار الدالة على اشتراط الافطار بالخروج قبل
الزوال بين الدالة على اشتراطه بالعزم على السفر بتخصيص ما دل على الافطار قبل الزوال بما إذا عزم على السفر من الليل قال لان التعارض بينهما تعارض
604

العموم والخصوص من وجه فيقيد عموم كل منهما بخصوص الأخر فان الظاهر يحمل على النص ومثل هذا الجمع لا يحتاج إلى شاهد وهو أولي من الجمع
بينهما بالاكتفاء بأحد الامرين كما في الوسائل فإنه يحتاج إلى شاهد انتهى كلامه وتبعه على الاستدلال به للشيخ بعض مشايخنا أقول هذا الاستدلال
عجيب لان العامين من وجه إذا كانا متعارضين فالجمع بينهما بتقييد عموم كل منهما بخصوص الأخر من المحالات العقلية لأنه جمع بين النقيضين فإذا ورد أكرم
العلماء وورد لا تكرم الفساق منهم ولا تكرم الفساق الا العلماء منهم ومقتضى ذلك وجوب اكرام العلماء الفاسقين وحرمته وهو المحال اللازم وان لم يكونا متعارضين فهما
يجتمعان فلا يحتاج إلى تقييد عموم واحد منهما بخصوص الأخر لان التقييد والتخصيص فرع التعارض والتنافي فنقول حينئذ ان لوحظ الأدلة على وجوب الافطار
إذا خرج قبل الزوال مع الأدلة على وجوب اتمام الصوم إذا خرج يعد الزوال مع الأدلة على وجوب الاتمام مع عدم العزم فلا يحتاج شئ منهما إلى تقييد
بل يبقى كل على عمومه لعدم التنافي بين الحكمين فلا تعارض بينهما وليس الا من من قبيل أكرم العلماء وأكرم العدول وان لوحظ الأدلة الأولى مع الأدلة الرابعة
وكذا لو لوحظت الثانية مع الثالثة فيقع التعارض لكن تخصيص عموم كل بخصوص الأخر وحمل ظاهر كل على نص الأخر من المحالات لان معنى تخصيص عموم الأدلة
الأولى بخصوص الرابعة ان يقال إن من خرج قبل الزوال يجب عليه الافطار الا إذا لم يعزم الخروج من الليل فإنه يجب عليه الاتمام حينئذ ومعنى العكس ان يقال من لم يعزم
على الخروج من الليل أتم صومه ولم يفطر الا إذا خرج قبل الزوال فإنه يفطر ومن البين ان المعنيين متناقضان وقس على ذلك حال الأدلة الثانية والثالثة فالتحقيق
ان اللازم في تعارض العامين من وجه حمل عموم أحدهما وظهوره على الخصوص الأخر ونصوصه وابقاء عموم الأخر وظهوره على حاله وبعبارة أخرى ارتكاب التقييد في أحد
المطلقين ولذا لابد من وجود المرجح لئلا يلزم الترجيح من غير مرجح إذا عرفت هذا فنقول ان هنا تعارضين أحدهما بين الأدلة الأدلة الأولى والرابعة والاخر بين
الثانية والثالثة فوجوه الجمع المتصورة هنا أربعة أحدها تخصيص الأولى بالرابعة وتخصيص الثانية بالثالثة مع ابقاء عموم الرابعة والثالثة على حالهما ومقتضاه
ما قاله الشيخ في المبسوط من اشتراط اجتماع الامرين في الافطار والثاني عكس الأول أعني تخصيص الرابعة بالأولى والثالثة بالثانية مع ابقاء عموم الأولى والثانية على
حالهما ومقتضاه ما حكى في الوسائل من اشتراط أحد الامرين والثالث الأول من الثاني والثاني من الأول ومقتضاه ما اخترناه من المذهب المشهور وهو إناطة الافطار
بالخروج قبل الزوال وان لم يعزم والرابع عكس الثالث ومقتضاه القول الثاني المحكي عن الشيخ في غير المبسوط والمحقق من إناطة الافطار بالعزم على السفر ليلا وان خرج
بعد الزوال ولا يخفى ان تقديم أحد هذه الوجوه على الباقي يحتاج إلى مرجح وقد عرفت ان المرجح مع الوجه الذي اخترناه فطهر من هذا ان قول الشيخ المحكي في المبسوط
الموافق لاحد وجوه الجمع الأربعة ليس الا كقول صاحب الوسائل الموافق لواحد اخر منها في الاحتياج إلى المرجح والشاهد وان ما قاله بعض مشايخنا من أن الجمع الموافق
لمذهب الشيخ لا يحتاج إلى شاهد بخلاف الجمع الذي قاله في الوسائل لا يخلوا عن تحكم بقى هنا شئ وهو ان جل المرجحات الموجبة لترجيح اخبار إناطة الافطار بالخروج
قبل الزوال من موافقة الكتاب ومخالفة العامة مختص بأحد الحكمين المستفادين من تلك الأخبار وهو الافطار إذا خرج قبل الزوال وان لم يعزم السفر من
الليل بل وعزم الصوم واما الحكم الأخر المستفاد منها وهو الصوم مع الخروج بعد الزوال فلا مرجح لها بالنسبة إليه لعدم جريان عمومات الافطار وعدم معلومية
مذهب العامة فيه اللهم الا ان يكتفى فيه بالشهرة ونقل الاجماع عن الخلاف مضافا إلى ظهور الاجماع المركب إذ كل من قيده بوجوب الافطار بالخروج قبل الزوال و
ان لم يعزم السفر ليلا قال بالاتمام بالخروج بعد الزوال وان عزم السفر ليلا فتدبر * مسألة * الظاهر عدم صحة الصوم الواجب في السفر الا في المواضع المستثناة
بل ادعى عليه الاجماع ويدل عليه الروايات المستفيضة بل المتواترة كما قيل منها رواية صفوان عن الرجل مسافر في شهر رمضان فيصوم قال ليس من البر
الصيام في السفر ومنها رواية محمد بن حكيم لو أن رجلا صام في السفر ما صليت عليه ومنها رواية سماعة عن الصيام في السفر قال لا صيام في السفر قد صام أناس على
عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فسماهم العصاة فلا صيام في السفر الا ثلاثة أيام التي قال الله تعالى في الحج ورواية عمار عن الرجل يقول الله على أن أصوم شهرا أو أكثر من
ذلك أو أقل فعرض له أمر لابد له ان يسافر أيصوم وهو مسافر قال إذا سافر فليفطر فإنه لا يحل له الصوم في السفر فريضة كان أو غيرها والصوم في السفر معصية ومنها
رواية البزنطي عن الصيام بمكة والمدينة قال فريضة قلت لا ولكنه تطوع كما نتطوع بالصلاة فقال تقول اليوم وغدا قلت نعم قال لا تصم وفي رواية أخرى من سافر
قصر وأفطر وفي أخرى أمتي الذين إذا سافروا قصروا وأفطروا إلى غير ذلك من الاخبار واما الصوم الندوب غير الثلاثة أيام عند قبر النبي صلى الله عليه وآله فالأكثر من القدماء
أيضا على صحة الصوم للاطلاقات المذكورة بل لنص روايتي عمار والبزنطي عليها بقوله في الأول فريضة كانت أو غيرها وكون المورد خصوص التطوع في الثانية
اللهم الا ان يراد بالفريضة الأولى خصوص صوم رمضان فيشمل غيرها للواجب فيكون كسائر الاطلاقات خلافا للمحكى عن جماعة من المتأخرين فذهبوا إلى الصحة إما
مع الكراهة كما عن بعض أو مع عدم كراهة كما عن آخرين لروايتي إسماعيل بن سهل والحسن بن يسام الأولى خرج أبو عبد الله (ع) من المدينة في أيام بقين من شعبان وكان
يصوم فدخل شهر رمضان وهو في السفر فأفطر فقيل تصوم في شعبان وتفطر شهر رمضان فقال (ع) شعبان إلي ان شئت صمت وان شئت لا وشهر رمضان عزم من الله
على الافطار والثانية عن رجل قال كنت مع أبي عبد الله (ع) فيما بين مكة والمدينة في شعبان وهو صائم ثم رأينا هلال رمضان فأفطر فقلت له جعلت فداك أمس كان من شعبان
وأنت صائم واليوم من شهر رمضان وأنت مفطر فقال إن ذلك تطوع ولنا ان تفعل ما شئنا وهذا فرض وليس علينا ان نفعل الا ما أمرنا ورواية الجعفري قال كان
أبى (ع) يصوم عرفة في اليوم الحار في الموقف الخ ورواية البزنطي المتقدمة حيث استفصل المعصوم (ع) في مورد السؤال ولولا الفرق بين النافلة والفريضة لم تكن
فائدة في الاستفصال فلابد من حمل قوله لا تصم على الكراهة ليحصل الفرق والمسألة محل اشكال الا ان القول الأول لا يخلوا عن قوة لكثرة الأخبار الدالة
605

عليه وعدم صحة الاخبار وعدم الجابر لهما جبرا يعتد به مضافا إلى معارضتها بروايتي عمار والبزنطي بناء على شمول الفريضة في الأولى لمطلق الواجب ليكون المراد
بغيرها خصوص المندوب واحتمال كون الاستفصال في الثانية عن كون السؤال عن الفريضة أو النافلة لغرض اخر غير اختصاص التحريم بالفريضة فان القدر
المسلم الثابت بالعقل والعرف دلالة ترك الاستفصال على العموم لا دلالة الاستفصال على الخصوص نعم قد يفهم منه في بعض الموارد مع أنه لو كان الاستفصال
لأجل اختصاص الحرمة بالفريضة لم يكن فائدة في الاستفصال في التطوع عن إقامة العشرة بقوله تقول اليوم وغدا إذ لافرق بين النافلة والفريضة في اختصاص
الحكم فيهما بصورة عدم إقامة العشرة فكان الواجب أولا الاستفصال عن الإقامة والعدم ثم عن كون المسؤول عنه فريضة أو تطوعا فيكشف ذلك عن أن الاستفصال
الأول ليس لغرض تخصيص الحكم والا لقدمه على الثاني ثم الواجب بعد تعارض اخبار الجواز بالروايتين ترجيحهما من حيث السند والموافقة لشهرة القدماء ومع
التنزل فالتساقط والرجوع إلى العمومات الناهية عن الصوم بقول مطلق في السفر واما استثناء الثلاثة أيام عند قبر النبي صلى الله عليه وآله فهو مقتضى رواية علي بن حكيم
المتقدمة والمحكى عن المفيد الحاق المشاهد المشرفة ولم بعثر له على مستند * مسألة * يسقط الصوم عن المريض الذي يتضرر به بلا خلاف ظاهرا ويدل عليه
مضافا إلى عمومات نفى الحرج والضرر خصوص الآية والاخبار قال الله سبحانه فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ورواية حريز كل ما أضر به الصوم
فالافطار له واجب وفي صدر تلك الرواية الصائم إذا خاف على عينه من الرمد أفطر ولا فرق بين التضرر بزيادة المرض أو بطؤه أو عسر علاجه لاطلاق
الأدلة وهل يلحق به حدوث المرض للصحيح الظاهر نعم للعمومات وصدر الرواية بضميمة عدم القول بالفصل بين الأمراض وقد يستدل لذلك بقوله كل ما أضر به الخ
وفيه نظر ثم لا شك في ثبوت الحكم مع العلم بالضرر وكذا مع الظن به للاجماع ولزوم الحرج لو لم يعتبر لان الاقدام على ما يظن معه الضرر حرج عظيم ولانسداد باب العلم
به فلو وجب الصوم مع الظن لوقع المكلفون كثيرا في الضرر ولصدق المضر عليه عرفا فيقال لما يظن أن الصوم يضربه الصوم مضربه فيدخل في الخبر كما اضربه والسر في ذلك
انا وجدناهم يكتفون في الحكم بثبوت الامر التي لا طريق للعلم إليها غالبا بالظن بثبوته كل ذلك مضافا إلى صدق خوف الضرر معه ولأجل ذلك تعدى بعضهم إلى
الاحتمال المساوى لجعل المناط في الرواية خوف الرمد وهو يحصل مع احتماله احتمالا مساويا وتم المطلب في غيره بعدم القول بالفصل وهو جيد اللهم الا ان يكون الاجماع
على اعتبار الرجحان في الاحتمال وهو أحوط وإذا برئ المريض قبل الزوال ولم يفعل شيئا من المفطرات صام ذلك اليوم واعتد به من رمضان * مسألة * الحامل المقرب
وهي التي قرب زمان وضعها والمرضعة القليلة اللبن إذا خافتا على الولد أو النفس يجوز لهما الافطار بلا خلاف ظاهر وعن المنتهى ان عليه اجماع فقهاء الاسلام
ويدل عليه مضافا إلى عمومات نفى العسر والحرج والضرر رواية محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر (ع) يقول الحامل المقرب والمرضعة القليلة اللبن لا حرج عليهما ان يفطرا
في شهر رمضان لأنهما لا يطيقان الصوم وعليهما ان يتصدق كل واحد منهما في كل يوم يفطران فيه بمد من طعام وعليهما قضاء كل يوم افطرا فيه يقضيانه بعد وفي
تفسير قوله تعالى وعلى الذين يطيقونه قال (ع) المرأة تخاف على ولدها ومثله الرضوي إذا لم يتهيأ للشيخ أو الشاب أو المعلول أو الحامل ان يصوم من العطش أو الجوع أو
تخاف المرأة ان يضر بولدها فعليهم جميعا الافطار ويصدق كل واحد منهم كل يوم بمد من طعام وليس عليه القضاء ومقتضى اطلاق الرواية الأولى وجوب التصدق
بالمد مطلقا وإن كان الافطار للخوف على النفس بل ظاهر قوله لأنهما لا يطيقان اختصاصه به وعلى هذا الاطلاق حكى الاجماع عن الخلاف خلافا للمحكى عن العلامة وولده
والمحقق والشهيد الثانيين فخصاه بصورة الخوف على الولد بل حكى عن بعض انه المشهور ولعله لخلو الخبر المروى في مستطرفات السرائر الخاصة بالخوف على النفس عن ذكر الصدقة مع الورود في مقام الحاجة فيصير ظاهرا في عدم وجوب الصدقة فيجب تقديمه لأنه
أخص وانجبار الرواية المتقدمة بالاجماع المحكي معارض بانجبار هذا بالشهرة المحكية وهو أخص من الاجماع المحكي وغاية الامر الرجوع إلى الأصل بعد المتعارض و
التساقط لكن الاظهر هو الأول لصحة الرواية وانجبارها بالاجماع المحكي عن الخلاف المؤيد بعدم نقل المحقق في المعتبر على ما حكى عنه هذا التفصيل الا عن الشافعي
وبه يوهن دعوى الشهرة فلا تقوى لجبر الخبر المجهول السند مضافا إلى اعتضاد الرواية باطلاق الخبر قلت لأبي الحسن (ع) ان امرأتي جعلت على نفسها صوم شهرين فوضعت
ولدها وادركها الحبل ولم تقو على الصوم قال (ع) فلتتصدق عن كل يوم بمد على مسكين ثم الاظهر انه يجب عليهما القضاء كما صرح به في الرواية وهو المشهور بل حكى
الاجماع عليه خلافا للمحكى عن سلار فطاهر السيد حيث لم يذكره ولا يظهر مستنده سوى الأصل والرضوي وخلو الخبر الأخير مع وروده في مقام الحاجة لكن في سنده
ما فيه كما قيل لا يقاوم الرواية الصحيحة المعتضدة بالاجماع المنقول والشهرة ورواية السرائر حيث ذكر فيها القضاء على ما حكى ومنه يظهر الجواب من الرضوي ثم
الظاهر عدم الفرق في المرضعة بين الام وغيرها كائنة من كانت * مسألة * لا خلاف ظاهرا في جواز الافطار للشيخ والشيخة سواء عجزا عن الصوم أصلا أو شق عليهما و
يدل عليه مضافا إلى العمومات خصوص الروايات الآتية ولا خلاف أيضا على الظاهر في وجوب التصدق مع شق الصوم وانما الخلاف في موضعين أحدهما وجوب التصدق
على العاجز عن الصوم رأسا فان المحكي عن المفيد والمرتضى وابن زهرة والديلمي والحلبي والحلى والعلامة في المختلف والمحقق والشهيد الثانيين عدم وجوب التصدق
في هذه الصورة وعن الانتصار دعوى الاجماع عليه وعن الغنية نفى الخلاف عنه وحكى عن الأكثر للأصل والخبر رجل شيخ لا يستطيع القيام إلى الخلا ولا
يمكنه الرجوع والسجود فقال ليؤم برأسه ايماءا إلى أن قال قلت له فالصيام فقال إذا كان في ذلك الحد فقد وضع الله تعالى عنه وإن كانت له مقدرة
فصدقة مد من طعام بدل كل يوم أحب إلي وان لم يكن له يسار فلا شئ عليه وضعفه مجبور بالاجماع وعدم الخلاف المحكيين فيخصص اطلاق روايات كأنه دعى جماعة
من الأصحاب كالقديمين والصدوقين والشيخ والقاضي والفاضلين وابن فهد والشهيد على ما حكى عنهم إلى القول بوجوب الصدقة مطلقا منها رواية محمد بن مسلم
عن أبي جعفر (ع) يقول الشيخ الكبير والذي به العطاش لاحرج عليهما ان يفطرا في شهر رمضان ويتصدق كل واحد في كل يوم بمد ولا قضاء عليهما وان لم يقدرا
606

فلا شئ عليهما ورواية عبد الملك بن عتبة الهاشمي قال سئلت أبا الحسن (ع) عن الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة التي تضعف عن الصوم في شهر رمضان فقال تتصدق عن كل يوم
بمد من حنطة ورواية الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن رجل كبير يضعف عن صوم شهر رمضان فقال يتصدق بما يجزى عنه طعام مسكين لكل ونحوها اخبار
اخر لكن في صلاحية ذلك الخبر لتقييد هذه تأمل لعدم صراحته في استحباب الصدق أولا وضعفه ثانيا واما الاجماع وعدم الخلاف المحكيان فهو هو فان بمصير جماعة
كثيرة من اجلا القدماء والمتأخرين على الخلاف كما عرفت مضافا إلى معارضة الخبر بالخبر المحكي في تفسير قوله تعالى وعلى الذين يطيقونه فدية انه الشيخ الكبير الذي
لا يستطيع والمريض فتبقى العمومات على كثرتها سليمة عن المعارض فالقول بالوجوب لعله أقوى وأحوط وإن كان للتأمل فيه أيضا مجال من جهة امكان دعوى ظهورها
فيمن يشق عليه مع التأمل في دلالة الجملة الخبرية على الوجوب ثم إن الأقوى عدم وجوب القضاء وان قدر عليه بعد ذلك لعدم الدليل لا خصوصا ولأعموها مضافا
إلى رواية محمد بن مسلم المتقدمة وان أمكن ان يقال بورودها مورد الغالب وهو عدم تجدد القدرة لهما واما قوله في الخبر وان لم يكن له يسار فلا شئ عليه فهو ظاهر
في نفى وجوب الصدقة واما ذو العطاش بضم العين وهو داء لا يروى صاحبه من الماء فيجوز له الافطار أيضا بلا خلاف ظاهر وحكى عليه الاجماع مستفيضا
مضافا إلى عمومات جواز الافطار للمريض ونوا في العسر والحرج وخصوص رواية ابن مسلم المتقدمة ولا كلام في وجوب التصدق عليه وعدم القضاء إذا لم يقدر عليه
وانما الكلام في وجوب القضاء عليه إذا برئ فذهب الأكثر إلى الوجوب بل حكى عليه عدم الخلاف ويدل عليه العمومات الدالة على وجوب القضاء على المريض إذا برئ
من الكتاب والسنة اللهم الا ان يعارض برواية محمد بن مسلم المتقدمة بالعموم من وجه فيرجع إلى الأصل لكنه فرع عدم المرجح لتلك العمومات وهو موجود وكذا
الكلام في وجوب الصدقة عليه فان مقتضى رواية ابن مسلم وجوبها عليه مطلقا ولا مخصص لا طلاقها ولا معارض وقيل باختصاص الصدقة بما لو استمر مرضه إلى
رمضان القابل حيث لا يجب القضاء وحمل الرواية عليه بالنسبة إلى الصدقة أيضا ولا وجه له لان تقييدها بالنسبة إلى نفى القضاء بتلك الصورة انما كان لأجل المعارض
الأقوى ولا يوجد مثله بالنسبة إلى دلالتها على اثبات الصدقة والأقوى وجوبها مطلقا وفاقا للشيخ وجماعة * مسألة * من فاته شهر رمضان أو بعضه فمات
في ذلك المرض لم يجب عنه القضاء للروايات المستفيضة وفيها الصحاح ظاهر أو غيرها منها رواية منصور بن حازم قالت سئلت أبا عبد الله (ع) عن المريض في شهر
رمضان فلا يصح حتى يموت قال لا يقضى عنه وعن الحائض يموت في شهر رمضان قال لا يقضى عنها ونحوها غيرها وهل يستحب القضاء حكى عن المنتهى انه مذهب
العلماء ثم استدل عليه بأنه طاعة فعلت عن الميت فوصل إليها ثوابها وضعفه بعض بان الكلام ليس في جواز التطوع بالصوم واهداء ثوابه إليه بل قضاء
الفائت عنه والحكم بشرعية يحتاج إلى دليل والأصل عدمه مضافا إلى الخبر السابق لا يقضى عنه فان ظاهر في عدم مشروعية ونحوه غيره وأصرح من ذلك
دلالة على عدم مشروعية ما رواه الكليني عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن امرأة مرضت في شهر رمضان وماتت في شوال فأوصتني ان اقضي
عنها قال هل برئت من مرضها قلت لا ماتت فيه قال لا يقضى عنها فان الله تعالى لم يجعله عليها قلت فانى اشتهى ان اقضي عنها وقد أوصتني قال فكيف تقضى شيئا
لم يجعله الله عليها فان اشتهيت ان تصوم لنفسك فصم وما ذكره جيد * مسألة * إذا استمر بالمريض مرضه إلى رمضان القابل والأكثر على سقوط القضاء عنه و
وجوب التصدق عما فاته من الأيام ويدل عليه الروايات المستفيضة بل قيل المتواترة منها رواية زرارة عن أبي جعفر (ع) في الرجل يمرض فيدركه شهر رمضان
ويخرج وهو مريض فلا يصح حتى يدركه شهر رمضان اخر قال يتصدق عن الأول ويصوم الثاني وإن كان صح فيما بينهما ولم يصح حتى أدركه شهر رمضان
صامهما جميعا وتصدق عن الأول ورواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) وأبى عبد الله (ع) قال سألتهما عن رجل مرض فلم يصم حتى أدركه شهر رمضان اخر فقال إن
كان قد برئ ثم توانى قبل ان يدركه رمضان الأخر صام الذي أدركه تصدق عن كل يوم بمد من طعام على مسكين وعليه صيامه وإن كان لم يزل مريضا
حتى أدركه رمضان اخر صام الذي أدركه وتصدق عن الأول لكل يوم مد من طعام على مسكين وليس عليه قضاؤه وفي معناهما روايات أخر كرواية
أبى الصلاح الكناني ورواية علي بن جعفر عن أخيه (ع) وبهذه تقييد اطلاق الأدلة الدالة على وجوب القضاء
على المريض من الكتاب والسنة ويطرح ما دل على
خلافها لأنه موافق للعامة مخالف لعمل الجماعة خلافا للمحكى عن ابن بابويه من وجوب القضاء دون التكفير متمسكا بعموم الآية فعدة من أيام أخر وهي مقيدة بما مر و
المحكي عن ابن الجنيد فأوجب الامرين عملا بالاحتياط ورواية سماعة عن رجل أدركه رمضان وعليه رمضان قبل ذلك لم يصمه قال يتصدق بدل كل يوم من رمضان
عليه بمد من طعام وليصم هذا الذي أدرك فإذا أفطر فليصم رمضان الذي كان عليه فانى كنت مريضا فمر على ثلث رمضانات لم أصم فيهن ثم أدركت رمضان
فتصدقت بل كل يوم مما مضى بمد من طعام ثم عافاني الله تعالى وصمتهن وهو ضعيف بمامر لو أراد به الوجوب بالاصطلاح الحادث وحسن لو أراد به الاستحباب
كما يدل عليه صريحا رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال من أفطر شيئا من رمضان في عذر ثم أدركه رمضان اخر وهو مريض فليتصدق بمد لكل
يوم واما انا فاني صمت وتصدقت ثم إن الظاهر عدم الفرق بين استمرار نفس ذلك المرض أو الانتقال منه إلى مرض اخر كما يستفاد من الاخبار وهل يلحق
بالافطار أداء وقضاء للمرض الافطار فيهما أو أحدهما لعذر اخر فلو أفطر الأداء لعذر اخر ثم استمر ذلك العذر أو مرض بعد خروج الشهر واستمر إلى القابل وأفطر الأداء للمرض ثم حصل عذر اخر واستمر أو انتقل إلى عذر اخر إلى رمضان القابل
فهل يسقط القضاء أو يتبدل بالتصدق أم يتعين القضاء الظاهر الثاني عملا بالدليل الدال على وجوب القضاء مطلقا السالم عن المخصص نعم قد يزعم دلالة
رواية ابن سنان المتقدمة على الحاق الصورة الثانية من الصور المذكورة وليس كذلك لأن الظاهر من العذر بقرينة قوله وهو مريض المرض غاية الأمر حصول
الاجمال من جهة اقتراس اللفظ بما يصلح ان يكون قرينة صارفة عن معناه الحقيقي فلا يدل على المطلوب * مسألة * إذا برئ المريض المفطر بعد خروج
607

رمضان فان قضى ما فات عنه فلا كلام ولا يجب عليه شئ غيره وان لم يقضه حتى أدركه شهر رمضان اخر فإن كان الترك تهاونا فالأقوى وجوب القضاء
إذا فرغ من الشهر المقبل والتصدق للروايات المتقدمة خلافا للمحكى عن الحلى فلم يوجب التصدق ولعله لكون الدليل على وجوبه من طريق الآحاد وهو لا
يعمل بها واما لو كان الترك لا للتهاون بل كان عازما على القضاء واخره اعتمادا على سعة الوقت فلما ضاق حصل العذر فالأقوى أيضا وجوب الامرين
لاطلاق ما مر خلافا لكثير بل للأكثر على ما حكى فلا يجب التصدق لاشتراطه منضما إلى القضاء في الاخبار بما إذا ترك توانيا كما في رواية محمد بن مسلم المتقدمة
أو تهاونا كما في رواية أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال إذا مرض الرجل بين رمضان إلى رمضان ثم صح فإنما عليه لكل يوم أفطر فيه فدية طعام وهو مد لكل مسكين
قال وكذلك أيضا في كفارة اليمين والظهار مدا مدا فان صح فيما بين الرمضانين فإنما عليه ان يقضى الصيام وان تهاون به وقد صح فعليه الصدقة والصيام
جميعا أقول إما رواية محمد بن مسلم المقيد فيها وجوب الجمع بالتواني فلا يدل على مطلوبهم إذا مع العزم على القضاء والتأخير اعتمادا على سعة الوقت يتصدق
التواني فيجب عليه الكفارة والحاصل ان المراد بالتواني مجرد الترك لا لعذر عزم عليه أم لا ويشهد بذلك مقابلته بقوله وإن كان لم يزل مريضا
وما يقال من أنه غير مفرط فيبعد التكفير للتضييع فان في التأخير آفات ومنه يظهر الجواب عن الرواية المحكية عن تفسير العياشي المعللة لوجوب الكفارة
زيادة على القضاء بأنه قد ضيع ذلك الصيام وجه الجواب ان التضييع صادق على التأخير بملاحظة ان في التأخير آفات وعدم الاعتداد بالسلامة عن الاعذار
والحاصل ان من اخر قضاء يوم واحد فات من رمضان إلى يوم آخر من شعبان من السنة القابلة اعتمادا على ضيق الوقت ثم مرض في ذلك اليوم يعد مضيعا
للصيام وإن كان عارفا على فعله في ذلك ثم لو سلمنا ان التواني لا يجامع العزم على القضاء لكن نقول إن دلالة الرواية على اشتراط الجمع بالتواني فرع
وجود المفهوم في الرواية وهو ممنوع لان مفهومها هو الذي نطق به الذيل بقوله وإن كان لم يزل مريضا فليس لها مفهوم حتى يدل على أنه إذا برئ
ولم يتوان فليس عليه الجمع حتى يكون مقيدا للمطلقات كرواية زرارة المتقدمة ونحوها وبمثل هذين الجوابين يجاب عن رواية أبي بصير لصدق التهاون
مع التأخير وان عزم على الفعل سيما في اخر الوقت ولو سلم فلا مفهوم لها بقرينة مقابلة قوله وان صح فالمراد والله أعلم أن الشخص ان أصح بين الرمضانين يجب
عليه القضاء وان لم يقض وجب عليه الكفارة والقضاء إذا فرغ من صيام المقبل اللهم الا ان يدعى ان الغرض من قوله فان صح إلى اخر بيان حكم من لم يصم مع
الصحة حتى أدركه القابل والمراد انه يجب على هذا الشخص القضاء فقط بعد خروج المقبل وليس الغرض منه أنشأ حكم لمن صح بعد خروج رمضان الفائت
فإنه يجب عليه ان يقضيه وبقى الكفارة لفوت الأداء بل المراد بيان حكم الشخص الذي لم يصم ما فاته من رمضان الماضي حتى أدرك المقبل وانه إن كان مريضا
بين الشهرين فليس عليه الا التصدق وإن كان صحيحا فليس عليه الا القضاء إذا فرغ من المقبل وان تهاون فعليه الأمران فالمراد حينئذ بقوله إن كان صحيحا إن كان
صحيحا ولم يتهاون في الترك بقرينة قوله وان تهاون الخ لكن الانصاف ان ما ذكرنا من المعنى أقرب من هذا لان قوله وان صح الخ مقابل لقوله إذا
مرض بين رمضان الخ بمعنى ان المريض إذا استمر مرضه فيجب عليه الصدقة وان صح في الأثناء فيجب عليه ان يقضى الفائت قبل محبئ شهر رمضان ولا
يقوم التصدق مقامه فان تهاون هذا الصحيح ولم يفعل ما ذكر انه واجب عليه حتى دخل القابل يجب عليه القضاء إذا فرغ من القابل والتصدق وحينئذ
ليس لقوله وان تهاون مفهوم يدل على نفى الجمع عمن ترك من غير تهاون فيكون مقيدا للمطلقات الدالة على وجوب الجمع بمجرد الترك مع الصحة فيما بين
الشهرين فافهم * مسألة * لو مات الرجل وعليه شئ من الصيام فالمروي في روايات وجوب القضاء عنه على أولي الناس به منها رواية حفص بن البختري
عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يموت وعليه صلاة أو صيام قال يقضى عنه أولي الناس بميراثه قلت فإن كان أولي الناس به امرأة قال لا الا الرجال ورواية
حماد عمن ذكره عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن الرجل يموت وعليه من شهر رمضان من يقضيه قال أولي الناس به قلت وإن كان أولي الناس به امرأة قال لا الا الرجال
ورواية محمد بن الحسن الصفار انه كتب إلى أبى محمد الحسن بن علي عليهما السلام رجل مات وعليه قضاء من شهر رمضان وله وليان هل يجوز لهما ان يقضيا عنه جميعا خمسة
أيام أحد الوليين وخمسة أيام الأخر فوقع (ع) يقضى عنه أكبر وليه عشرة أيام ولا انشاء الله تعالى وحكى على
هذا الحكم الاجماع في الجملة ومقتضى اطلاق هذه
عدم الفرق بين ما فات لعذر أو غيره وبه افتى بعض الأصحاب الا ان جماعة اقتصروا على ما فاته لعذر لان الروايات تحمل على الغالب من الترك وهو انما يكون
على هذا الوجه وفي أصل الغلبة ثم في صلاحيتها للقرينة على إرادة الغالب من المطلقات تأمل وكيف كان فينبغي القطع باشتراط الحكم بالوجوب على
الولي بكون الميت متمكنا حال الحياة عن فعل الفائت لان غير ذلك لا يكون عليه حتى يدخل في موارد السؤال في الروايات واستثنى بعضهم عن ذلك
ما فات عنه لسفر فإنه يقضى عنه وان لم يتمكن من فعله حال الحياة لاستمرار السفر تمسكا بروايات منها رواية أبى حمزة عن أبي جعفر (ع) قال سئلته عن
امرأة مرضت في شهر رمضان أو طمثت أو سافرت فماتت قبل خروج شهر رمضان هل يقضى عنها قال إما الطمث والمرض فلا واما السفر فنعم ومثلها
رواية أخرى عن ابن مسلم ورواية منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يسافر في شهر رمضان فيموت قال يقضى عنه وهذه الروايات مضافا
إلى ما في سندها مخالف لعمل المشهور حتى قيل إنه لا عامل بها عدا الشيخ في التهذيب مع أن الروايتين الأوليين ليستا صريحتين في الوجوب إذ يحتمل ان يكون عن
جواز القضاء عن المرأة إذا ماتت غير متمكنة من القضاء فأجاب (ع) بعدم الجواز في المرض الطمث أو بالجواز في السفر وهل يقضى عن المرأة وجوبا ما
فاتته وتمكنت عن تداركه وجهان من اختصاص الأخبار المتقدمة بالرجل ومن غلبة اشتراكها معه في الاحكام لكن الاعتماد على هذه الغلبة مشكل فعدم
608

الوجوب لا يخلو عن قوة للأصل وقد يستدل على الوجوب بروايتي ابن حمزه ومحمد بن مسلم المتقدمتين وليستا صريحتين فيه بل ظاهرتين لاحتمال كون السؤال
عن جواز القضاء مع عدم تمكن المرأة من القضاء فلا يفيد الجواب الا الجواز إذا كان سبب الفوت هو السفر مع أن فيهما ما عرفت من عدم القائل بمضمونهما
عدا الشيخ * مسألة * قاضى شهر رمضان بالخيار إلى زوال الشمس على الأشهر الاظهر للروايات المستفيضة منها رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع)
قال صوم النافلة لك ان تفطر ما بينك وبين الليل وصوم الفريضة لك ان تفطر إلى زوال الشمس فليس لك ان تفطر وقريب منه أخرى في اطلاق الحكم لكل صوم
واجب ورواية إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال الذي يقضى شهر رمضان هو بالخيار في الافطار ما بينه وبين ان تزول الشمس وفي التطوع ما بينه وبين ان
تغيب الشمس ونحوه أخرى في الاختصاص بقضاء شهر رمضان وبها يقيد عموم النهى عن ابطال العمل على تقدير وجوده وكذا اطلاق رواية زرارة قال سئلت أبا جعفر
(ع) عن الرجل يقضى من رمضان فاتى النساء قال عليه من الكفارة مثل ما أصاب في رمضان لان ذلك اليوم عد من أيام رمضان إما بتقييدهما بما بعد الزوال
لاختصاص الجواز في الاخبار بما بعده أو بتقييدها بما إذا تضيق الوقت بعد تخصيص الجواز في تلك الأخبار بصورة السعة بالاجماع فتصير أخص من الرواية وإن كانت
قبل هذا التخصيص مساوية لها في العموم لصورتي الضيق والسعة وبهذا الأخير يجاب عن رواية عبد الرحمن بن الحجاج قال سئلته عن الرجل يقضى رمضان اله ان
يفطر بعد ما يصبح قبل الزوال إذا بدا له قال إذا كان نوى ذلك من الليل وكان من قضاء رمضان فلا يفطر وليتم صومه خلافا للمعاني والحلبي فحرما الافطار مطلقا
ولعله لما ذكر وفيه ما ذكر ثم إن مقتضى رواية عبد الله بن سنان طرد الحكم في مطلق الصوم الواجب كالنذر المطلق والكفارة ونحوهما الا ان يدعى انصراف
صوم الفريضة إلى قضاء رمضان ولعله لذا اقتصر بعضهم على قضاء رمضان وجواز الافطار في غيره بعد الزوال أيضا تمسكا بالأصل كما في كلام بعضهم أو حرمة قبل الزوال أيضا كما في كلام آخرين تمسكا بعموم حرمة ابطال
العمل السالم عن المخصص إما لعدم انصراف الاخبار إلى غير قضاء رمضان أو لضعف المخصص وعدم الجابر له في غير قضاء رمضان لكن في كون ذلك الانصراف
بحيث يرفع اليد عن الاطلاق لأجله تأمل فطرد الحكم في غير قضاء رمضان لا يخلو عن قوة مع أنه أحوط وأحوط منه ما عليه آخر وحكى أيضا عن الحلبي من
وجوب المضي في كل صوم واجب شرع فيه لعموم النهى عن ابطال العمل وفي دلالة الآية عليها تأمل نعم فرق بين قضاء رمضان وغيره وهو عدم وجوب الكفارة
في غيره بلا خلاف ظاهر ووجوبها فيه واختلفوا في أنها مثل كفارة شهر رمضان كما عن الصدوقين أو كفارة يمين كما عن القاضي أو صيام ثلاثة أيام أو
اطعام عشرة مساكين كما عن الحلبي أو اطعام عشرة مساكين ومع العجز فصيام ثلاثة أيام كما عن الأكثر وهو الاظهر لرواية بريد العجلي المنجبر ضعفها
بالعمل عن أبي جعفر (ع) وان اتى أهله بعد الزوال فعليه ان يتصدق على عشرة مساكين لكل مسكين مد فإن لم يقدر عليه صام يوما مكان يوم وصام
ثلاثة أيام كفارة لما صنع وقريب منه أخرى بتقريب لا يخلو عن تكلف ولا تكافؤها لاشتهار مضمونها رواية عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع) وفيها فان
نوى الصوم ثم أفطر بعد ما زالت الشمس قال قد اسما وليس عليه شئ الا قضاء ذلك اليوم الذي أراد ان يقضيه ولا رواية زرارة المتقدمة التي هي مستند
القول الأول فتحمل على الاستحباب وحملهما الشيخ على من أفطر تهاونا وهو بعيد واما القولان الآخران فلم نقف لهما على مستند * مسألة * اختلفوا
في شرعية صوم الصبي المميز إلى أمر الشارع وتمرينيته فقيل بالأول لاطلاق الامر ولان الامر بالامر أمر بمعنى ان الظاهر من حال الآمر كونه مريدا بذلك
الفعل ممن أمر بأمره وقيل ليس شرعيا لعدم صلاحيته لتعلق الامر به وتوجهه إليه لحديث رفع القلم مضافا إلى رواية الزهري الدالة على كون
صومه صوم تأديب مقابل الصوم المندوب والواجب والمحرم كامساك الحايض بقية النهار إذا طهرت والمسافر إذا قدم والمريض إذا برئ في أثناء النهار
أقول الظ شرعية عبادته بمعنى استحبابه الشرعي لشمول الأوامر المتعلقة بالمستحبات له ولا يضر عدم العموم في بعض الأوامر لعدم القول بالفصل واما
حديث رفع القلم فلا يصلح مخصصا لاحتمال إرادة رفع التكليف أو رفع المؤاخذة ولا يصير المطلقات والعمومات بذلك من قبيل العام أو المطلق المخصص أو
المقيد بالمجمل لوجوب الاخذ بما تيقن اخراجه والرجوع في غيره إلى أصالة العموم فيما كان من هذا القبيل مع أنه لو قلنا بالاجمال فإنما هو في العام الواحد الذي
ورد دليل على تخصيص بعض افراده المتردد بين الأقل والأكثر لا في العمومات المتعددة التي ورد دليل على تخصيص بعضها المتردد بين الكل والبعض كما فيما نحن
فيه فان حديث رفع القلم مخصص للعمومات الدالة على وجوب الافعال أو تحريمها قطعا وشك في تطرق
التخصيص بسببه في غيرها فيبقى على عمومه و
قد يستدل على ذلك بان الامر بالامر أمر فإذا وجدت القرينة على نفى الوجوب حمل على الاستحباب وبلزوم الظلم على الله تعالى لو خلى عمله عن الثواب وفيهما
نظر إما في الأول فلان الامر انما يدل على أن الآمر مريد لوقوع الفعل عن المأمور الثالث لا على طلبه منه وخطابه به الذي هو معنى الاستحباب ولذا لو أمر أحد
صاحب الكلب المعلم بأمر الكلب بأخذ الصيد لا يقال إن اخذ الصيد مستحب للاكل فتأمل واما في الثاني فلان الثواب عبارة عما يترتب على الإطاعة فهو فرعها
وهي فرع تحقق الامر وهو أول الكلام وان أريد من الثواب المصلحة المترتبة على نفس الفعل مع قطع النظر عن الامر به فلا نضائق من ترتبه على فعل الواجب
أيضا إذا فعله الصبى فضلا عن المندوب مع قوة احتمال ان يقال إن المصلحة لعلها مختصة بالفعل الصادر عن البالغ لا مطلق الفعل كما أن في الخارج
من الشئ ما ينفع الصغير دون الكبير ويضره ومنها ما هو بالعكس ومنها ما يختص بالانسان نفعا أو ضررا مضافا إلى احتمال المصلحة بصورة وقوع الفعل
؟ بالعلم؟ الإطاعة لا مطلقا فتأمل حتى لا يختلط بين الاحتمالين هذا كله في المستحبات ويلحق بها المكروهات على الظاهر للاشتراك في الدليل واما الواجبات والمحرمات
فالحق لم؟؟؟ كما لا تجب لا تحرم على الصبي كذلك لا يستحب ولا يكره لعدم الدليل فان ما دل على الوجوب والتحريم مختص بالبالغين اجماعا ولحديث رفع
609

القلم فيخرج الصبى عن عمومه فثبوت استحباب ذلك الفعل بالنسبة إليه يحتاج إلى دليل اخر فاتيان الصبى بالواجب لا يتصف بالاستحباب كما لا يتصف بالوجوب
اللهم الا فيما أمر المولى بأمره به لو قلنا بان المراد بالاستحباب مجرد إرادة وقوع الفعل في الخارج من الشخص وان لم يطلب فان الامر بالامر ليس طلبا
للمأمور عن الثالث عن الثالث وخطابا له به على الأقوى وإن كان يفهم منه عرفا ارادته لايقاعه منه فتأمل إذا عرفت هذا فنقول الصوم المستحب من
الصبى مستحب أيضا واما الصوم الواجب كصوم شهر رمضان فان أريد من شرعيته وموافقته للامر فلا أمر الا الامر بالامر وقد عرفت انه ليس أمرا الا ان يقال إن
عمومات محبوبية الصوم كقوله تعالى الصوم لي وانا اجزى عليه ونحوه يستفاد منه الطلب ومطلق الوجهان وان أريد كونه محبوبا عند الشارع ومجزيا به فالحق هو
الشرعية للعمومات المذكورة وان لم يستفد منها الطلب واما الاستدلال على عدم المشروعية برواية الزهري فهو فاسد لان كونه صومه التأديب لا ينافي ترتب
الاجر على الامساك وان لم يسم صوما كما في نظر انه من المسافر والحائض والمريض وجعله مقابلا للمندوب لأنه ليس مطلوبا في (نفسه بل لأجل التعود) أو التشبه
بالصائمين * مسألة * ادعى غير واحد الاتفاق على صحة صوم النائم إذا سبقت منه النية وان استمر نومه في مجموع النهار واستدل أيضا بالروايات الدالة على رجحان النوم
للصائم واما المغمى عليه فقد ذهب الأكثر إلى عدم صحة صومه وان عرض الاغماء لحظة واستدل عليه تارة بان التكليف فرع العقل وهو مفقود في المغمى عليه وتارة
بسقوط القضاء عنه للأخبار الدالة عليه فيسقط الأداء أيضا وثالثة برواية ابن سنان كلما غلب الله عليه فليس على صاحبه فيه شئ ويرد على الأول ان اشتراط
التكليف بالعقل لكن نقول إنه إذا كلف الشارع بفعل له استمرار وامتداد فلا دليل على اشتراط اتصاف المكلف باهلية التكليف مطلقا أو بخصوص ذلك الشئ
في جميع إنات هذا الفعل المستمر الممتد ولا من العقل ولا من النقل إما من العقد فواضح إذ لا ريب في أنه إذا أمر المولى عبده بالكون في المسجد طول النهار أو بالامساك
من الغذاء الفلاني في مدة أو غير ذلك فاشتغل المكلف بالامتثال فعرض له في الأثناء حالة لا يحسن فيها تكليفه بشئ أصلا أو بخصوص هذا الذي كلف
به من نسيان أو اغماء أو نوم أو جنون ثم ارتفعت فإنه يعد ممتثلا مطيعا في عرف العقلاء ولم يدل دليل على أنه يعتبر في الصوم الذي هو أحد التكاليف أمر زائد
على الامساك عن المفطرات مع صدق الإطاعة والامتثال على هذا الامساك وكون الممسك مطيعا عرفا وهذا هو السر في عدم الاعتناء بحصول السهو والغفلة
والنوم في أثناء النهار مع كون كل منها من موانع التكليف لأنه مشروط بالشعور كما أنه مشروط بالعقل بل لا اعتناء بفعل المفطر في هذه الحالات ودعوى ان
مقتضى القاعدة قدح عروض أحد هذه في الصوم ولو اتفق لحظة وان الشخص إذا غفل لحظة من لحظات النهار عن كونه مكلفا بالامساك عن الأمور المخصوصة
وعن نفس تلك الأمور فالأصل يقتضى ان يكون صومه غير صحيح الا ان الاجماع انعقد على الصحة لا يخفى تعسفها على أحد بل السر ما ذكرنا من عدم قدح عروض أمثالها
في صدق الإطاعة والامتثال الذي لا دليل على اشتراط أزيد منه في جميع التكاليف ومنها الصوم مع أن الاجماع المدعى إن كان على عدم قدح عروض أحد هذه
في التكليف بالامساك المذكور في كل جزء جزء من اجزاء النهار حتى في الجزء الذي عرض العارض فهو فاسد إذا العقل حاكم بقبح التكليف بالامساك في هذا
الجزء لأنه غافل ولهذا لا يعاقب لو لم يمسك فيه والدليل العقلي غير قابل للتخصيص ولا يرتفع مقتضاه بالاجماع وان سلم انه ليس مكلفا في جميع الأجزاء حتى
هذا الجزء الا ان الاجماع انعقد على كفاية الامساك مع؟؟ التكليف به في بعض اجزاء النهار بل على كفاية مجرد سبق النية وان يلتفت إلى الصوم في شئ
عن اجزاء النهار فهذا يستلزم ان لا يمتثل أحد لأمر الله سبحانه بالصوم الحقيقي الذي هو عبارة عن الامساك في مجموع اليوم حتى الأنبياء والأوصياء عليهم السلام غالبا
إذ قلما يتفق لاحد الالتفات في كل جزء جزء إلى المكلف والمكلف به ولا يخفى بشاعة التزامه فانكشف من جميع ذلك أنه لا يعتبر في هذا المقام أزيد من كونه
المكلف حال التلبس بالمكلف به بحيث لو التفت إلى التكليف يكون قاصد الاتيان مطيعا بل اعتبار هذا المقدر محل كلام لحكم كثير منهم بعدم قدح
نية الافطار إذا لم يفطر وجدد النية بعدها ولعل مما ذكرنا يظهر الجواب عما يقال من أن التكليف بالامر المركب يستدعى كون كل جزء منه مقدورا فما لم
يقدر على بعض اجزائه لم يحسن التكليف بهذا المركب لان مقتضى عدم القدرة على هذا البعض عدم كون تركه الموجب لترك المركب سببا للعقاب ومقتضى التكليف
بالمركب استحقاق العقاب على تركه وإذا عرض الاغماء في الأثناء زال قدرته على الامساك في هذا الجزء فلا يحسن تكليفه بالصوم الذي هو عبارة عن الامساك
في مجموع النهار فمن علم الله سبحانه بأنه يغمى في أثناء النهار فليس مكلفا بالصوم في متن الواقع بناء على قبح الامر مع علم الامر بانتفاء الشرط وان وجب عليه في الظاهر
قبل حصول الاغماء الامساك عن المفطرات الا ان عروضه كاشف عن عدم وجوبه توجيه الجواب على وجه لا يبقى معه شك وارتياب ان قوله تعالى ثم أتموا الصيام
إلى الليل خطاب عام ومعناه انه يجب عليكم أيها البالغون العاقلون الملتفتون إلى توجه الخطاب ان تمسكوا عن الأمور المخصوصة طول اليوم فإذا عرضنا
هذا التكليف على العقل الذي هو الحاكم بوجوب إطاعة الله سبحانه وجدناه حاكما بأنه يجب عليكم ان لا ترتكبوا عمدا شيئا مما وجب امساكه عليكم فإذا فعلتم ذلك فقد
أطعتم الله وامتثلتم أوامره ولا يقدح في ذلك ارتكاب شئ منها في حال عدم الالتفات فضلا عن مجرد عروض الحالة مع عدم الارتكاب هذا كله حال العقل
واما الشرع فليس فيه ما يدل على أنه يقدح في التكليف بالفعل ان يعرض للمكلف حال تلبسه به حالة يمنع فيها تكليفه بشئ مطلقا أو بذلك الشئ حتى يجعل
أصلا وقاعدة ويحكم بلزوم مراعاتها الا فيما دل الدليل على الخلاف مثل صورة عروض النوم والسهو في الأثناء بل وقوع المفطر فيهما فيحكم بالصحة على خلاف
القاعدة لأجل الدليل فتأمل وتدبر ويرد على الثاني منع استلزام سقوط القضاء لعدم وجوب الأداء إذ ليس الملازمة بينة ولا مبنيته وعلى الثالث ان
مقتضى الرواية سقوط التكليف عن المعذور من قبل الله سبحانه ونحن نقول بموجبه وان المغمى عليه في حال الاغماء ليس عليه شئ لكن قد عرفت ان مجرد عروض
610

مثل هذه الحالة في أثناء تلبس المكلف به لا يوجب رفع التكليف بالمركب رأسا وبالجملة مضمون هذه الرواية ليس شيئا زائدا على ما يحكم به العقل من سقوط التكليف
حال الاغماء ونحن نقول إن الاغماء ليس الا مثل السهو والنوم لا يقدح عروضه في صدق الإطاعة والامتثال ولا تدل الرواية على أنه إذا وقع العذر في لحظة
فيسقط التكليف طول اليوم ولا يجب الصوم والامساك في مجموع اليوم فان قلت إذا فرضنا استيعاب الاغماء لمجموع النهار فلا يصدق عرفا إطاعة أمر الشارع
بالصوم فإذا ثبت اشتراط الصوم بعدم استيعاب الاغماء لمجموع النهار ثبت اشتراطه بعدم عروضه في لحظة منه بناء على ما ادعاه العلامة من أنه كل ما أفسد الصوم
إذا وجد في جميع النهار أفسده إذا وجد في بعضه كالحيض والجنون قلت لا أقول يصدق إطاعة أوامر الصوم حينئذ لكن أقول إنه مثل ما إذا استوعب النوم لمجموع النهار
فلو قيل إنه انعقد الاجماع على صحة الصوم مع استيعاب النوم إذا سبقت منه النية قلنا انعقاد الاجماع على وجوب الصوم عليه بحيث يعاقب على الترك فباطل لأنه
قبيح عقلا فلا يحسنه الاجماع وان أريد انه مثاب على نفس الصوم فكذلك وان أريد انه مثاب على مجرد القصد والنية فنقول بمثله في الاغماء المستوعب إذا سبقت
منه النية وان أريد عدم وجوب قضائه فكذلك وقد يفرق بين النوم والاغماء بان العقل مع الأول باق بخلاف الثاني وفيه مالا يخفى إذ لا ريب ان العقل
لا يفرق بين حالتي النوم والاغماء في قبح التكليف فيهما فلا ينفع الفرق من جهة أخرى لو سلم وجوده فعلى هذا فالقول المحكي عن المفيد والشيخ لا يخلو عن قوة
* مسألة * لا يصح الصوم من الكافر باقسامه بلا خلاف فيه على الظاهر كما في جملة من العبائر ولا من المخالف ومعنى عدم الصحة منهما عدم الامتثال واستحقاق
العقاب ووجوب قضائه بمعنى استحقاق العقاب على ترك القضاء كترك الأداء نعم لو أسلم سقط عنه تفضلا وقد يقال إنه لا معنى لتكليفه بالقضاء لأنه
لا يصح منه حال الكفر ويسقط عنه حال الاسلام فلا يقدر عليه وفيه نظر ويدل على عدم الصحة مضافا إلى الاجماع الخبر المروى في العلل انما يتقبل الله من العباد
العمل بالفرائض التي افترضها الله تعالى على حدودها مع معرفة من دعى إليه قال وان صلى وزكى وحج واعتمر وفعل ذلك كله بغير معرفة من افترض الله طاعته
فلم يفعل شيئا من ذلك لم يصل ولم يصم ولم يزك ولم يحج ولم يعتمر ولم يغتسل من الجنابة ولم يتطهر ولم يحرم الله حراما ولم يحل له حلالا وليس له صلاة وان
ركع وان سجد ولا زكاة له ولا حج وانما ذلك كله بمعرفة رجل أمر الله تعالى على خلقه طاعته وامر بالأخذ عنه فمن عرفه
واخذ منه أطاع الله وفي معناها بل اكد منها وأصرح دلالة اخبار اخر إلى هنا جف
قلمه الشريف في باب الصوم والحمد لله أولا واخرا وظاهرا
وباطنا
پوشيده ومستور نماناد كه چون كتاب مستطاب طهرات از مصنفات عالم رباني والمؤيد بتأييدات سبحاني اعلم العلماء وافقه الفقهاء تاج المحققين ومشيد أركان
دين مبين الحاج شيخ مرتضى الأنصاري نور الله مرقده وعطر الله مضعجه نسخه كه قبل از أين بحليه طبع درآمده بود در أين زمان چون در ثمين كمياب بلكه از آن اسمى
مذكور ورسمي در ميان نبود لهذا عايجناب محامد آداب حاج الحرمين الشريفين حاج ملا على أكبر خوانساري الأصل وطهرني المسكن همت گماشته أين كتاب مستطاب را بزيور
طبع درآورد وعلاوة بر كتاب مذكور كتاب غسل وكتاب زكاة وكتاب خمس وكتاب صوم كه نيز از مؤلفات مرحوم شيخ أعلى الله مقامه است بآن ضميمة نمود وكمال سعى وجهدد
در مقابله وتصحيح آن بعمل آورد اميد است كه منظور نظر أرباب دانش وصاحبان بينش آيد وهر گاه سهو وخطائي ملحوظ افتد قلم عفو واغماض در كشند كه شيوء كرام
وعيب جوئي طريقه لئام است واگر انشاء الله تعالى حياتي باز ماند ونسخه كتاب تيمم نيز بدست آيد باز كتاب شريف منضم خواهد شد ودر يكشنبه وچهاردهم شهر
ذي قعدة الحرام من شهور سنه ثمان وتسعين ومأتين بعد الألف از قلم شكسته غريق بحر گنه ومعاصي وآرزومند بخشش والطاف سبحانه ابن مرحوم ميرزا سيد محمد رضا
احمد الطباطبائي الأردستاني تحرير يافت غفر ذنوبه وستر عيوبه ودركا زهانه
أستاذ الماهر في هذا الفن عاليجاه الله قليخان
صورت انطباع يافت 1298
611