الكتاب: جواهر الكلام
المؤلف: الشيخ الجواهري
الجزء: ٣٩
الوفاة: ١٢٦٦
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق: تصحيح وتحقيق وتعليق : محمود القوچاني
الطبعة: الثالثة
سنة الطبع: ١٣٦٨ ش
المطبعة: حيدري
الناشر: دار الكتب الإسلامية - طهران
ردمك:
ملاحظات:

جواهر الكلام
" في شرح شرائع الاسلام "
تأليف
شيخ الفقهاء وإمام المحققين الشيخ محمد حسن النجفي
المتوفى سنة 1266
الجزء التاسع والثلاثون
قوبل بنسخة الأصل المخطوطة المصححة بقلم المصنف طاب ثراه
تحقيق وتعليق وتصحيح
محمود القوچاني
الناشر
دار الكتب الاسلامية
تهران - بازار سلطاني
1

نام كتاب: جواهر الكلام - جلد 39
تأليف: شيخ محمد حسن النجفي
ناشر: دار الكتب الاسلامية - تهران بازار سلطاني
تيراژ 3000
نوبت چاپ: دوم
تاريخ انتشار: بهار 1362
چاپ از: چاپخانه حيدري
2

صورة فتوغرافية من الصفحة الأخيرة من كتاب الفرائض
للنسخة الأصلية المخطوطة المصححة بقلم المصنف طاب ثراه.
3

صورة فتوغرافية من الصفحة الأخيرة من كتاب الفرائض للنسخة الأصلية المخطوطة
بقلم المصنف طاب ثراه التي هي محفوظة في خزانة مكتبة آية الله الفقيد السيد الحكيم
قدس سره (العامة) في النجف الأشرف. ونقدم شكرنا المتواصل إلى مديرها حيث
ساعدنا في مراجعة موارد الحاجة عند الشبهة واختلاف النسخ.
4

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الفرائض
جمع فريضة من الفرض، بمعنى التقدير والقطع، ومنه " نصيبا
مفروضا " (1) وفرض الثوب: أي قطعه، و " أنزلناها وفرضناها " (2):
أي فصلناها، لا منه بمعنى الايجاب والالزام، أو العطية باعتبار كون
الإرث عطية من الشارع، يقال: فرضت له في الديوان: أي
أعطيته، بل لعل استعماله في هذين بمعنى القطع والتقدير عند التأمل ولو
مجازا.
وحينئذ فالمراد هنا السهام المقدرة في كتاب الله، فتكون أخص
من المواريث، ولكن عنوان بها الكتاب تغليبا أو تبعا للنص، ففي النبوي (3)
" تعلموا الفرائض وعلموها الناس، فإني امرؤ مقبوض، وإن العلم
سيقبض، وتظهر الفتن حتى يختلف الاثنان في الفريضة فلا يجدان من
يفصل بينهما ".

(1) سورة النساء: 4 الآية 7.
(2) سورة النور: 24 الآية 1.
(3) سنن البيهقي ج 6 ص 208.
5

أو يراد بها مطلق السهام ولو الحاصلة من السنة (1) وآية أولي
الأرحام (2) فتساويها، والأمر سهل.
والأصل فيها - بعد إجماع المسلمين بل الضرورة من الدين - الكتاب
والسنة، بل ورد الحث على تعلمها وتعليمها (3) وأنها نصف العلم (4)
وأنها أول ما تنتزع من أمتي (5).
وقد ذكر العلماء وجوها كثيرة في توجيه التنصيف لا يخلو جميعها
أو أكثرها من التعسف. والأولى كون ذلك مبالغة في كثرة شعبها وتشتتها
وشدة الحاجة إليها، فاستحقت بذلك كونها نصف العلم الذي قد ورد (6)
الحث عليه، خصوصا مع شدة تسامح الناس، سيما الأعراب ومن شابههم
في المواريث من الجاهلية إلى يومنا هذا، فإنهم لا يورثون النساء والصبيان.
حتى أنه لما مات أوس الأنصاري (7) عن زوجة وولد وبنات
عمد أبناء عمه وأخذوا المال، فشكت زوجته إلى رسول الله (صلى الله
عليه وآله) فدعاهم، فقالوا: يا رسول الله إن ولدها لا يركب ولا
ينكأ عدوا، فأنزل الله تعالى: " للرجال نصيب " إلى آخرها - (8)
ثم أنزل: يوصيكم الله في أولادكم إلى آخرها - (9).
ولقد نسخ بذلك وبآية أولي الأرحام وغيرها ما كان في الجاهلية

(1) الوسائل باب 9 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد والباب 20
منها والباب 3 من أبواب ميراث الإخوة والأجداد والباب 2 من أبواب ميراث
الأعمام والأخوال والباب 1 من أبواب ميراث الأزواج.
(2) سورة الأنفال: 8 الآية 75. وكذا في سورة الأحزاب آية 6.
(3) سنن البيهقي ج 6 ص 209.
(4) سنن البيهقي ج 6 ص 209.
(5) سنن البيهقي ج 6 ص 209.
(6) سنن البيهقي ج 6 ص 209.
(7) تفسير الدر المنثور ج 2 ص 122.
(8) سورة النساء: 4 الآية 7 11.
(9) سورة النساء: 4 الآية 7 11.
6

من التوارث بالحلف والنصرة الذي أقروا عليه في صدر الاسلام، وعلى
التوارث بالهجرة، فقال عز من قائل (1): " والذين عقدت أيمانكم
فآتوهم نصيبهم " وقال (2): " إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا
بأموالهم وأنفسهم " إلى آخرها.
* (و) * كيف كان ف‍ * (النظر) * فيها يكون * (في المقدمات
والمقاصد واللواحق، والمقدمات أربع:) *
* (الأولى) *
* (في موجبات الإرث) * وأسبابه
* (وهي إما نسب) * وهو الاتصال بالولادة بانتهاء أحد الشخصين
إلى الآخر، كالأب والابن، أو بانتهائهما إلى ثالث مع صدق النسب
عرفا على الوجه الشرعي أو ما في حكمه، فالتولد من الزنا لا إرث به
بخلاف الشبهة ونكاح أهل الملل الفاسدة.
* (أو سبب و) * هو الاتصال بما عدا الولادة من ولاء أو زوجية
ف‍ * (النسب مراتب ثلاث) * مترتبة لا يرث أحد من غير الأولى مع
وجود وارث منها، وكذا الثانية بالنسبة إلى الثالثة.

(1) سورة النساء: 4 الآية 33.
(2) سورة الأنفال: 8 الآية 72.
7

* (الأولى: الأبوان) * من غير ارتفاع * (والولد) * ذكرا كان
أو غيره * (وإن نزل) *.
* (الثانية: الإخوة) * ولو إناثا * (وأولادهم وإن نزلوا،
والأجداد وإن علوا) *.
* (الثالثة: الأخوال والأعمام) وأولادهم وإن نزلوا بشرط بقاء
صدق اسم القرابة عليهم وإلا لعم النسب وبطل الولاء.
* (والسبب اثنان: زوجية وولاء، والولاء) * مترتب على النسب
والزوجية تجامعه، وهو * (ثلاث مراتب: ولاء العتق ثم ولاء تضمن
الجريرة ثم ولاء الإمامة) * فإنه وارث من لا وارث له.
وزاد المحقق الطوسي فيما حكي عنه بينه وبين من تقدمه ولاء
من أسلم على يده كافر، وولاء مستحق الزكاة إذا اشتريت الرقبة منها
وأعتقت للأخبار (1) في الأول والموثق (2) في الثاني.
ويضعفه ضعف الأخبار وشذوذ القول بها مع جواز دخول الأخير
في ولاء العتق كما عن جماعة. فلا يزداد به أقسام الولاء، كما أنه
لا تزداد المراتب بأعمام أبي الميت وجده وأخواله كذلك، لاندراج الجميع
في الأعمام والأخوال.
وعلى كل حال فلطبقات النسب - عدا الثالثة - أقسام تسمى أصنافا
في كل طبقة صنفان: ففي الأولى الأبوان والأولاد. وفي الثانية الإخوة
والأجداد، وأما الثالثة - وهي طبقة أولي الأرحام - فصنف واحد: هم إخوة
الآباء والأمهات وأولادهم.

(1) الوسائل - الباب - 10 - من أبواب جهاد العدو - الحديث 1 من كتاب الجهاد
والمستدرك - الباب - 9 - منها - الحديث 1.
(2) الوسائل - الباب - 43 - من أبواب المستحقين للزكاة - الحديث 2 من كتاب الزكاة.
8

والأقرب من كل صنف يحجب الأبعد عنه دون الآخر، فالأولاد
للصلب يحجبون الحفدة، ولا يحجبهم الأبوان، والجد الأدنى يحجب الأعلى
دون أولاد الإخوة، والأخوة يحجبون أولاد الإخوة دون الصاعد من
الأجداد، والعم القريب يحجب البعيد من الأعمام والأخوال وأولاد العمومة
والخؤولة، وكذا الخال لاتحاد الصنف.
لكن عن مجمع البرهان والكفاية توريث البعيد من الأعمام مع القريب
من الأخوال وبالعكس، وهو غريب.
والضابط في النسب اعتبار العمود والحاشية ورعاية الطبقات والدرجات،
فعمود النسب الآباء وإن علوا، والأولاد وإن هبطوا، ومن عدا هؤلاء
من الأقارب فهم في حاشية النسب.
والحواشي مختلفة في القرب والبعد، فالأقرب منها الإخوة والأخوات
وأولادهم المجتمعون بالميت في الأبوين، ثم الأعمام والأخوال وأولادهم
المجتمعون به في الأجداد، ثم أعمام الأبوين وأخوالهما وأولادهم المنتهون
إلى آباء الأجداد، وهكذا.
وقد عرفت أن الأبوين والأولاد من العمود هم أهل الطبقة الأولى
لا يرث معهم مناسب من غيرها، والأجداد من العمود، والأخوة
وأولادهم من الحاشية هم أهل الطبقة الثانية المحجوبة بمن قبلها الحاجبة
لمن بعدها، والحواشي الباقية كلها أهل الطبقة الثالثة، لكنهم يترتبون
فيها، فلا يرث أحد من العليا مع وجود واحد من الدنيا، فيحجب
ابن العم وإن نزل عم الأب، وابن عم الأب كذلك عم الجد، وهكذا.
وأما الدرجة فهي معتبرة في الطبقات كلها، لكنها في الأوليين
تراعى في الأصناف، وفي الثالثة في الحواشي، فالبطن الأسفل من الأجداد
9

يمنع الأعلى، والأعلى من غيرهم مطلقا يمنع الأسفل، ولا يشتركون في
الإرث إلا إذا تساووا في الدرج.
وستعرف إنشاء الله أن المتقرب بالأبوين في جميع حواشي النسب
ولو واحدا أنثى يمنع المتقرب بالأب خاصة وإن كان متعددا ذكرا بشرط
اتحاد القرابة وتساوي الدرج، كالأخوة للأبوين مع الإخوة للأب والأعمام
والأخوال لهما مع الأعمام والأخوال له، فلو اختلفت القرابة اشتركا إن
استوى القرب كالعم لهما مع الخال له وبالعكس. فهما من هذه الجهة
حينئذ كالصنفين.
* (و) * كيف كان ف‍ * (ينقسم الوارث (الوارث خ ل) فمنهم
من لا يرث إلا بالفرض - وهم الأم من بين الأنساب - إلا على الرد،
والزوج والزوجة من بين الأسباب إلا) * على الرد أيضا في الزوج خاصة
* (نادرا) * وهو فيما لا وارث عداه غير الإمام (ع) فإن الأصح كما ستعرف
الرد حينئذ عليه، أما الزوجة فلا رد عليها مطلقا كما سيأتي.
ومن هنا كان على المصنف عد ذلك قسمين: أحدهما من لا يرث
إلا بالفرض دائما من غير رد، وهو الزوجة، والثاني من لا يرث إلا
بالفرض دائما ولكن مع الرد في بعض الأحيان، وهو الأم من الأنساب
والزوج من الأسباب.
* (ومنهم) * وهو القسم الثالث * (من يرث تارة بالفرض وأخرى
بالقرابة، وهم الأب والبنت أو البنات والأخت أو الأخوات) * فإن
الأب يرث بالفرض مع وجود الولد ومع عدمه بالقرابة، وبالعكس
البنت والبنات والأخت والأخوات مع وجود الأخ بالقرابة ومع عدمه
بالفرض * (وكلالة الأم) * التي ترث بالفرض إذا اتحدت عن الجد وبالقرابة
إذا كانت معه.
10

* (ومن عدا هؤلاء) * كالأخوة والأعمام والأخوال والأجداد
وغيرهم * (لا يرث إلا بالقرابة) * وهو القسم الرابع، لعدم الفرض لهم.
الخامس: الوارث بالولاء، وهو المعتق والضامن والإمام (عليه السلام)
فتكون حينئذ أقسام الوارث بالنسبة إلى ذلك خمسة:
* (فإذا كان الوارث) * ممن * (لا فرض له ولم يشاركه آخر فالمال) *
كله * (له مناسبا كان) * كالعم * (أو مساببا) * كالمعتق بلا خلاف ولا إشكال.
* (و) * كذا * (لو شاركه من لا فرض له) * أيضا * (فالمال
لهما) * ولو على التفاوت في بعض الأحوال فإن الأولاد في الطبقة الأولى
يقتسمون نصيبهم للذكر مثل حظ الأنثيين، وكذا المتقربون بالأب من
أخيرتي النسب بخلاف المتقرب منهم بالأم، فإن القسمة بينهم بالسوية،
للأنثى مثل الذكر، هذا كله مع اتحاد الوصلة.
* (فإن اختلفت) * أي * (الوصلة فلكل طائفة نصيب من يتقرب
به كالخال أو الأخوال) * والخالة أو الخالات * (مع العم أو الأعمام) *
والعمة أو العمات * (فللأخوال نصيب الأم، وهو الثلث) * يقتسمونه بالسوية
للأنثى مثل الذكر * (وللأعمام نصيب الأب، وهو الثلثان) * يقتسمونه للذكر
مثل حظ الأنثيين. كما عرفت وتعرف بلا خلاف أجده في شئ من ذلك
وفي الصحيح (1) " أن كل ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجر به إلا أن
يكون وارث أقرب إلى الميت فيحجبه ".
وكذا لو اجتمعت الكلالتان فلكلالة الأم الثلث والأب الثلثان إلا
إذا دخل معهما أحد الزوجين، فلكلالة الأب الباقي بعد فرضهما، أو كانت
الكلالة للأم - مع اتحادها - ذات فرض، كالأخ أو الأخت، فلها
السدس ولكلالة الأب الباقي.

(1) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب موجبات الإرث - الحديث 1.
11

* (وإن كان الوارث ذا فرض أخذ نصيبه، فإن لم يكن معه مساو) *
في طبقته * (كان الرد عليه) * لعدم إرث غيره معه * (مثل بنت مع أخ
أو أخت مع عم، فلكل واحدة نصيبها، والباقي يرد عليها، لأنها أقرب) *
* (و) * لما عرفت.
نعم * (لا يرد على الزوجة مطلقا) * بل * (ولا على الزوج) *
أيضا * (مع وجود وارث عدا الإمام (عليه السلام)) * بل ينتقل
الزائد إلى غيرهما من الورثة على حسب طبقات الإرث.
* (وإن كان معه مساو ذو فرض وكانت التركة بقدر السهام
قسمت على الفريضة، وإن زادت كان الزائد ردا عليهم على قدر السهام) *
لا الرؤوس * (ما لم يكن حاجب لأحدهم) * عن الرد عليه، فيختص
الآخر بالرد حينئذ * (أو ينفرد بزيادة في الوصلة) * فيختص هو أيضا
بالرد.
* (ولو نقصت التركة كان النقص داخلا على البنت أو البنات
أو من يتقرب بالأب دون من يتقرب بالأم) * كما ستعرفه فيما يأتي في
مسألة عدم العول عندنا.
* (مثال الأول) * وهو مساواة التركة لقدر السهام: * (أبوان
وبنتان فصاعدا) * فإن للأولين الثلث وللبنتين فصاعدا الثلثين * (أو اثنان
من ولد الأم) * ذكرين أو أنثيين أو مختلفين * (مع أختين للأب والأم
أو للأب) * فإن للأولين الثلث وللأخيرين الثلثين * (أو زوج وأخت
لأب) * فإن لكل منهما النصف.
* (ومثال الثاني) * وهو زيادة التركة على قدر السهام: * (أبوان
وبنت وإخوة) * فإنها تزيد واحدا يرد على البنت والأب أرباعا: ثلاثة
منها للبنت وواحد للأب على قدر السهام، لكون الأم محجوبة بالإخوة
12

عما زاد على السدس، فيختص الرد حينئذ بهما، فهذا مثال لوجود
الحاجب.
وبدون الإخوة مثال للرد على قدر السهام، فيرد الواحد حينئذ
أخماسا خمسان للأبوين وثلاثة للبنت، وكان عليه ذكره مثالا لذلك.
كما أن عليه ذكر المثال للانفراد بزيادة الوصلة، وهو كما في المسالك
أن يجتمع كلالة الأم مع أخت للأبوين، فإن الرد يختص بالأخيرة، لزيادة
وصلتها إلى الميت بزيادة القرب بالأب.
وهو مبني على أنه لا ترجيح في الرد للأخت من الأب خاصة على
كلالة الأم، لتساوي الوصلة من الطرفين، حيث كانت في إحداهما من
الأب وفي الأخرى من الأم، أما من جعل الرد مختصا بالأخت فلا يصلح
له التعليل بزيادة الوصلة، لعدم تحققها، وإنما مستنده النص (1) والنقص
كما سيأتي، والأمر سهل.
* (ومثال الثالث) * وهو نقص التركة عن السهام: * (أبوان وزوج
وبنتان) * لعدم اجتماع الثلثين والثلث والربع * (أو أبوان وزوج وبنت) *
لعدم اجتماع الربع والنصف والثلث * (أو زوج أو زوجة واثنان من ولد
الأم مع أختين للأب والأم أو للأب) * لعدم اجتماع النصف أو الربع
مع الثلث والثلثين، فلا بد من رجوع النقص على البعض، لعدم العول
على الجميع عندنا، وهو البنات أو من يتقرب بالأب، كما تعرفه في
محله إنشاء الله.
* (وإن لم يكن المساوي) * في الطبقة * (ذا فرض كان له
ما بقي) * بعد أن أخذ ذو الفرض فرضه بلا خلاف ولا اشكال * (مثاله:
أبوان أو أحدهما وابن) * فإن الابن معهما لا فرض له * (أو أب وزوج

(1) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الإخوة - الحديث 5.
13

أو زوجة) * فإنه لا فرض له مع عدم الولد * (أو ابن وزوج أو
زوجة) * إذ لا فرض له * (أو أخ وزوج أو زوجة) * أو غير ذلك
مما هو غير خفي.
هذا وقد عرفت فيما تقدم أن الدرجة معتبرة في الطبقات كلها،
لكن على حسب ما تقدم، فلا إرث حينئذ للأبعد مع الأقرب إلا إذا
كان الأبعد ابن عم للأبوين، فإنه يحجب العم للأب بالنص (1) والاجماع.
ولا يمنع البعيد القريب في غيره.
ولا يرث معه إلا إذا لم يزاحمه في استحقاقه كما في أخ حر وولد
نصفه حر، فإن المال بينهما نصفان.
وقد يتصور نحو ذلك في الإخوة والأجداد من غير حجب على
ما جزم به في المصابيح تبعا للدروس، كما لو ترك جد الأم وابن أخ لأم
مع أخ لأب، فإن ابن الأخ لا يحجبه الجد للأم ولا يزاحم الأخ للأب
فيرث مع الجد للأم، وبه صرح في القواعد أيضا.
أو ترك إخوة لأم وجدا قريبا لأب وجدا بعيدا لأم، سواء كان
هناك إخوة للأب أم لا.
أو ترك مع الإخوة للأب جدا بعيدا لأب، ومع الإخوة للأم جدا
قريبا للأم.
فإن الجد القريب في المسألة الأولى يأخذ ثلثي المال، وللأخوة للأم الثلث.
قال في الدروس: " ويمكن هنا مشاركة الجد البعيد لهم، لأذن
الأخ لا يمنع الجد البعيد، والجد القريب لا يزاحم البعيد ".
وفي المسألة الثانية لأقرباء الأم الثلث وللأخوة الباقي، ويمكن

(1) الوسائل - الباب - 5 - من أبواب ميراث الأعمام والأخوال - الحديث 3 و 5.
14

مشاركة الجد البعيد إياهم لما قلناه، لكن في القواعد " أن الأقرب منع
الجد الأدنى للأعلى ".
هذا وستعرف فيما يأتي إنشاء الله حكم ما لو اجتمع للوارث سببان
من أنه يرث بهما ما لم يحجب أحدهما الآخر، فتأمل جيدا، فإن ما ذكرناه
لك في هذه المقدمة جملة أصول الميراث وأكثرها مجمع عليه، وسيأتي
إنشاء الله التنبيه على مواضع الخلاف فيها مع الإشارة إلى دليل المختار في
تفاصيل الأسباب، والله العالم الموفق.
* (المقدمة الثانية) *
* (في موانع الإرث) *
* (وهي) * كثيرة حتى أنه في الدروس أنهاها إلى عشرين، لكن
ذكر المصنف وغيره منها هنا ال‍ * (ثلاثة) * المشهورة: * (الكفر والقتل
والرق) * ثم ألحق بها في آخر المقدمة أربعة، والأمر في ذلك سهل.
* (و) * على كل حال ف‍ * (الكفر المانع) * عنه * (هو ما يخرج
به معتقده) * أو قائله أو فاعله * (عن سمة الاسلام، فلا يرث ذمي
ولا حربي ولا مرتد) * ولا غيرهم من أصناف الكفار * (مسلما) * بلا
خلاف فيه بين المسلمين، بل الاجماع بقسميه عليه، بل المنقول منه
مستفيض أو متواتر كالنصوص (1).

(1) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب موانع الإرث.
15

* (و) * لا ينعكس عندنا بل * (يرث المسلم الكافر أصليا
ومرتدا) * فإن الاسلام لم يزده إلا عزا، كما في النصوص (1) ولا ينافيه
النبوي (2) " لا يتوارث أهل ملتين " إذ المراد نفيه من الطرفين، بأن
يرث كل منهما الآخر، كما ورد تفسيره بذلك في بعضها (3) لا أن المراد
منه نفي إرث المسلم للكافر، خلافا لأكثر أهل الخلاف * (و) * هو
كما ترى.
بل المسلم يحجب الوارث الكافر ف‍ * (لو مات كافر وله ورثة كفار
ووارث مسلم) * غير الإمام (ع) * (والزوجة كان ميراثه للمسلم ولو كان مولى
نعمة أو ضامن جريرة دون الكافر وإن قرب) * بلا خلاف أجده فيه،
بل الاجماع بقسميه عليه، بل المنقول منه نصا وظاهرا في محكي الموصليات
والخلاف والسرائر والنكت والتنقيح وكشف اللثام مستفيض.
مضافا إلى الخبر (4) المنجبر بذلك " المسلم يحجب الكافر ويرثه،
والكافر لا يحجب المؤمن ولا يرثه ".
والآخر المرسل (5) " لو أن رجلا ذميا أسلم وأبوه حي ولأبيه
ولد غيره ثم مات الأب ورث المسلم جميع ماله، ولم يرث ولده ولا امرأته
مع المسلم شيئا ".
والمعتبرة (6) المتضمنة لمنع الكافر إذا أسلم بعد القسمة، فإنها
تعم الإرث من المسلم والكافر مع المسلم وبدونه، خرج الأخير بالاجماع

(1) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 4 و 6 و 19.
(2) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 14 و 17.
(3) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 14 و 17.
(4) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 2.
(5) الوسائل - الباب - 5 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 1.
(6) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب موانع الإرث.
16

فيبقى غيره. وفي بعضها (1) " من أسلم على ميراث قبل أن يقسم فهو
له " وظاهره الاختصاص به مطلقا، خرج منه اجتماعه مع المسلم المساوي له
في الدرجة، فيختص في غيره بأحد أمرين من القرب والاسلام.
أما الإمام (عليه السلام) فلا يحجب الكفار عن الإرث من الكافر،
لثبوت التوارث بينهم كما سيأتي، فلو منعهم الإمام امتنع.
* (و) * حينئذ ف‍ * (لو لم يخلف الكافر مسلما ورثه) * الوارث
* (الكافر) * نعم يقيد ذلك بما * (إذا كان) * الكافر * (أصليا) *.
* (و) * أما * (لو كان الميت مرتدا) * عن ملة أو فطرة * (ورثه الإمام
(عليه السلام) مع عدم الوارث المسلم) * أو ما في حكمه، كولده
المنعقدة نطفته حال اسلام أبويه أو أحدهما، فإنه كالمسلم بلا خلاف أجده
فيه في الفطري، بل الاجماع بقسميه عليه، وعلى المشهور بين الأصحاب
في الملي شهرة عظيمة كادت تكون اجماعا، بل هي كذلك، لتحرمه
بالاسلام، ولذا لا يجوز استرقاقه، ولا يصح نكاحه لكافرة ولا مسلمة.
* (و) * لكن * (في رواية) * رواها إبراهيم بن عبد الحميد (2)
* (يرثه الكافر) * قال: " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):
نصراني أسلم ثم رجع إلى النصرانية ثم مات، قال: ميراثه لولده النصارى،
ومسلم تنصر ثم مات، قال: ميراثه لولده المسلمين ".
* (وهي شاذة) * بل لم يعرف بها قائل سوى ما يظهر من تعبير
الصدوق في المقنع بلفظها، ومن الشيخ في كتابي الحديث، مع أنه قال
في الفقيه: " الكفار بمنزلة الموتى لا يحجبون ولا يرثون " بل عن ابن

(1) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 3 و 5.
(2) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب موانع الإرث - لحديث 1.
17

الجنيد أنه روي هذه الرواية عن ابن فضال وابن يحيى، وقال: " لنا
في ذلك نظر ".
بل ظاهرها أن الميراث للولد النصارى وإن كان له ورثة مسلمون،
وهو خلاف الاجماع والنص، فلا ريب حينئذ في أن وارثه الإمام (ع).
* (و) * كذا لا ريب في أنه * (لو كان للمسلم وراث كفار:
لم يرثوه، وورثه الإمام (عليه السلام)) * أيضا * (مع عدم الوارث
المسلم) * بلا خلاف ولا إشكال بعد ما عرفت من عدم إرث الكافر
المسلم، فلا وارث له حينئذ، فيرثه الإمام الذي هو وارث من لا وارث له.
* (وإذا أسلم الكافر على ميراث قبل قسمته شارك أهله إن كان
مساويا في الدرجة، وانفرد به إن كان أولى) * إجماعا بقسميه ونصوصا
منها (1) " من أسلم على ميراث قبل أن يقسم فهو له " وقد عرفت
أن ظاهره الاختصاص، وفي آخر (2): " فله ميراثه " وهو أعم منه
ومن الاشتراك. ولا ريب في أن المراد ولو بقرينة الاجماع ما سمعت من
المشاركة مع المساواة والانفراد مع الأولوية.
نعم ظاهر النص والفتوى كون ذلك له بحق الإرث، وليس ذلك
إلا لكون إسلامه كاشفا عن استحقاقه له بالموت، بل هو الضابط في كل
شرط متأخر عما ظاهره التسبيب، فيتبعه النماء المتجدد مطلقا، كما عن
الفاضل والشهيدين وغيرهم التصريح به.
لكن عن ظاهر الإيضاح التوقف فيه، مما ذكر ومن حجب الكافر
عن الأصل قبل أن يسلم، فيملكه الوارث ملكا متزلزلا مستتبعا للنماء،

(1) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 3 و 5.
(2) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 2.
18

فلا يخرج عنهم بخروج الأصل، للأصل وعدم جريان ملك المورث عليه،
فلا يكون ميراثا.
وفيه أن توريث المسلم يقتضي الانتقال إليه بموت المورث، فلو
صار إلى الورثة لزم انتقاله إليه من الوارث الحي، وليس من الإرث في
شئ، والكفر المانع هو المستمر إلى القسمة لا مطلق الكفر، فلا إشكال.
* (ولو أسلم) * الكافر * (بعد القسمة) * لم يرث اجماعا، لعموم
الأدلة وخصوص النصوص (1).
وكذا لو اقترن إسلامه بها، عملا بالأصل وعموم عدم إرث الكافر
للمسلم السالمين عن معارضة النص، لتعارض مفهوميه في صورة الاقتران،
والرجوع إلى عمومات المواريث بعد تخصيصها بما دل على عدم إرث
الكافر المسلم الشامل للفرض لا وجه له، فلا إرث له لو كان إسلامه
بعد القسمة * (أو) * مقارنا.
وكذا لو * (كان الوارث واحدا) * غير الإمام وأحد الزوجين
* (لم يكن له نصيب) * أيضا لو أسلم، لما عرفت من أصالة عدم
الإرث بعد عدم صدق القسمة مع الوحدة، مضافا إلى ما عن السرائر
والتنقيح وظاهر النكت من الاجماع على عدم إرثه أيضا، خلافا لابن الجنيد
فورثه مع بقاء التركة في يد الأول، وهو شاذ.
* (أما لو لم يكن له وارث سوى الإمام (عليه السلام) فأسلم
الوارث فهو أولى من الإمام (عليه السلام)) * كما في المسالك ومحكي
المعالم، بل عن ابن فهد حكايته عن شيخه، وفخر المحققين عن المحقق
وكثير من الأصحاب، والكفاية عن المشهور.

(1) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب موانع الإرث.
19

* (لرواية أبي بصير) * في الصحيح (1) المروي في الكتب الثلاثة
" في مسلم مات وله قرابة نصارى إن أسلم بعض قرابته فإن ميراثه له،
فإن لم يسلم أحد من قرابته فإن ميراثه للإمام ".
وظاهر الصحيح الآخر (2) " في مسلم قتل ولا ولي له من المسلمين
على الإمام أن يعرض على قرابته من أهل بيته الاسلام، فمن أسلم منهم
فهو وليه يدفع القاتل إليه، فإن شاء قتل، وإن شاء عفا، وإن شاء أخذ
الدية، فإن لم يسلم أحد كان الإمام ولي أمره، فإن شاء قتل، وإن
شاء أخذ الدية فجعلها في بيت مال المسلمين، لأذن جناية المقتول كانت
على الإمام، فكذلك تكون ديته لإمام المسلمين ".
لكن فيه دلالة على وجوب العرض على الوارث واستقرار إرث
الإمام بامتناعه عنه، ولم أعرف أحدا اعتبر ذلك، نعم عن المصنف
في النكت التنبيه عليه، قيل: ويوافقه الاعتبار، إذ لو لم يستقر به لزم
تعطيل المال حتى يسلم الوارث أو يموت، إذ لا يستقر إرث الإمام
بالتصرف ولا بالتلف، لاطلاق النص والفتوى، فلو أسلم الكافر بعد
تلف العين انكشف استحقاقه لها، فيرث النماء.
بل قد يتجه ضمانها على متلفها وإن كان له ذلك، لصدق " من
أتلف " أو " على اليد " (3) وغيرهما مما يقتضي الضمان، والإذن شرعا
في الاتلاف لا ينافيه، مع احتمال عدم الضمان، لتنزيله في تلك الحال
منزلة الملك، فتأمل.

(1) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 1 مع اختلاف في اللفظ.
(2) الوسائل - الباب - 60 - من أبواب القصاص في النفس - الحديث 1 من كتاب
القصاص.
(3) المستدرك - الباب - 1 - من كتاب الغصب - الحديث 4 وسنن البيهقي - ج 6 ص 95.
20

* (وقيل) * والقائل الشيخ في المبسوط وابن حمزة وغيرهما: * (إن
كان) * إسلام الوارث * (قبل نقل التركة إلى بيت مال الإمام ورث،
وإن كان بعده لم يرث) * ولم نعرف لهم مستندا، ولعلهم عثروا على أثر
لم يصل إلينا أو جعلوا هذا النقل تصرفا مانعا كالقسمة، لكن فيه
منع واضح.
* (وقيل) * والقائل الشيخ أيضا في ظاهر محكي النهاية وابن البراج
في محكي المهذب: * (لا يرث، لأذن الإمام (عليه السلام) كالوارث
الواحد) * بل قيل: إنه خيرة الآبي والنافع والجامع والتبصرة والمعالم
حيث أطلقوا الاختصاص به، ولم يفرقوا بين الإمام وغيره، لكن فيه
ما عرفت من أنه اجتهاد في مقابلة النص.
* (و) * أما * (لو كان الوارث زوجا أو زوجة وآخر كافرا
ف‍) * الشيخ والقاضي على أنه * (إن أسلم) * الكافر * (أخذ ما فضل عن
نصيب الزوجية، وفيه إشكال ينشأ من عدم إمكان القسمة) * في الزوج
مثلا، فلا يصدق عليه أنه أسلم على ميراث قبل قسمته، فهو حينئذ
كالوارث الواحد غير الزوج الذي قد عرفت عدم مشاركة الكافر له.
ولذا قال المصنف: * (ولو قيل يشارك مع الزوجة دون الزوج
كان وجها) * بل هو خيرة الحلي والآبي والشهيدين.
بل قيل: لعله لازم اختيار المعظم، حيث نصوا على التفصيل في
مسألة الرد بين الزوج والزوجة، فيشارك الزوجة حينئذ * (لأذن مع
فريضة الزوجة يمكن القسمة مع الإمام (عليه السلام)) * لعدم الرد
عليها، فإذا فرض إسلامه قبل القسمة حينئذ اندرج تحت النصوص
السابقة (1).

(1) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب موانع الإرث.
21

* (و) * ليس كذلك * (الزوج) * بل * (يرد عليه ما فضل) *
من نصيبه * (فلا يتقدر في فريضته قسمة، فيكون كبنت مسلمة وأب
كافر أو أخت مسلمة وأخ كافر) * وغير ذلك من الوارث الواحد الذي
لا فرق فيه بين إرث المال جميعه بالقرابة أو بالفرض والرد، إذ الكل
يملكه بالإرث حين الموت.
وما يذكر هنا في بعض الكتب مدركا للشيخ من الوجوه الاعتبارية
لا ينبغي أن يصغى إليه بعد أن كان مذهبه الرد على الزوج، والوارث
التقديري لو كان مانعا لمنع في غيره، كما هو واضح.
هذا وظاهر المتن بل كاد يكون صريحه أنه لو مات كافر وله ولد
كافر مثلا وزوجة مسلمة بأن أسلمت بعد موته قبل القسمة أو أنه مات
في عدتها منه بعد اسلامها يكون إرثه لها وللإمام، وفاقا للمحكي عن الشيخ
والقاضي ونجيب الدين وظاهر المعظم.
وخلافا للعلامة في القواعد والإرشاد، فورث الولد الكافر الفاضل
عن فرض الزوجة، وجعل لها الثمن مع احتمال الربع في الأول.
ويضعفه عموم حجب الكافر بالمسلم وإطلاق الأصحاب عدم إرث،
الكافر مع وجود مسلم غير الإمام، وتنزيلهم الكفار منزلة الموتى في الإرث
وأنه لو ورث فإما أن ترث معه الزوجة الربع، وهو خلاف فرضها مع
الولد الوارث، أو الثمن فيلزم حجب المسلم بالكافر، وهو باطل بالنص
والاجماع من الأمة عدا ابن مسعود، كما عن الخلاف، ومتى بطل حجب
الولد سقط إرثه، لأذن الوارث حاجب بالاجماع.
فالمتجه حينئذ في الفرض إعطاؤها الربع ودفع الفاضل للإمام، كما
هو ظاهر الأكثر، لبطلان الرد عليها، خلافا للمحكي عن الجامع من
الرد عليها في زمن الغيبة بناء على أصله في الرد، وهو لازم لكل من
22

قال به مطلقا، وللمحكي عن النهاية والمهذب من توريثها الكل هنا خاصة
لأذن الحجب قد استند إليها، فلو لم ترث الكل لم تحجب عن البعض.
وفيه - بعد تسليم الحجب بها - منع الملازمة، إذ ليس كل حاجب عن
الشئ وارثا له، ومن الجائز أن يكون أثر الحجب في هذا الفرض
توريث الإمام، كما أنه في حجب الإخوة لتوفيره نصيب الأب.
وكيف كان فلو أسلم الوارث بعد قسمة بعض التركة شارك في
الباقي مع المساواة، أو اختص به مع الانفراد، وفاقا للمشهور، لأنه
ميراث أسلم عليه قبل أن يقسم، فله إرثه كما لو انحصر الإرث فيه. فما
عن بعضهم من احتمال العدم لصدق القسمة في الجملة في غاية الضعف.
بل قد يقال بإرثه أيضا لما قسم، كما عن التحرير والقواعد احتماله
بل عن ارشاد اختياره، لأذن الميراث هو المجموع ولم يقسم.
إلا أن الأقوى خلافه وفاقا للوسيلة والإيضاح والروضة والمسالك
وغاية المرام والمفاتيح على ما حكي عن بعضها، للأصل ولأن الميراث
جنس يطلق على الكل، والبعض المقسوم ميراث أسلم عليه بعد قسمته،
فلا يرث منه بمقتضى النص، ولا يعارض بالمجموع، لخفاء فرديته لغير
المقسوم، وظهور أن المناط هو الإشاعة لا مجرد عدم القسمة، ولذا
منعوا الإرث إذا اتحد الوارث مع انتفائها فيه، وغايته ثبوت الإرث
في المجموع، وليس نصا في عموم الابعاض، فلا يعارض النفي الصريح
المطابق للأصل.
ولو أسلم بعد قسمة التركة قبل اقتسام من يزاحم به من الورثة
احتمل الإرث، لأنه قد أسلم على ميراث لم يقسم، وهو البعض المشاع
بين أصحابه، وعدمه لأذن الكل هنا مقسوم قطعا، فيصدق أنه أسلم على
23

ميراث قد قسم، والأقرب الأول، لأذن انتفاء الإرث من الكل لا ينافي
الإرث من البعض.
فلو أسلم مع الإخوة للأب أو الإخوة للأم أخ بعد اقتسامهم المال
أثلاثا قبل قسمة الثلث والثلثين فإن كان للأبوين اختص بهما، وإلا شارك
فيهما أو في الثلث.
وكذا لو أسلم مع الأعمام والأخوال عم أو خال، فإنه يختص
بحصة فريقه أو يشارك.
ولو اقتسم الورثة الأعيان بالقيم لم يرث، لتميز الحقوق، وكذا
لو انتقل نصيب أحد الوارثين إلى الآخر أو غيره بإرث أو بيع أو غيرهما
كما عن غاية المرام وظاهر القواعد، إذ لا اشتراك بين الورثة، خلافا
للمحكي عن الإيضاح لانتفاء القسمة.
ولو خلف ما لا ينقسم قبل التراضي عليه فأسلم وارث له ورث،
كما عن جماعة التصريح به، لبقاء الشركة، وربما احتمل العدم، لأذن
الظاهر من النص (1) اختصاص الحكم بما يقبل القسمة، وفيه أن القسمة
في كل شئ بحسبه، وإن المدار على الإشاعة، وهي حاصلة.
ولو أنكر المسلم القسمة فالقول قوله مع يمينه، وكذا لو ادعى
تأخرها عن الاسلام مع تعيين زمانه وجهل زمانها، كما قواه في الدروس
وكشف اللثام، لأذن الأصل تأخر الحادث.
لكن في إثبات ذلك بمثل هذا الأصل على وجه يكتفي به في احراز
الشرط بحث معلوم، ضرورة اقتضاء الأصل المزبور التأخر في حد ذاته
لا عن الشئ المخصوص.
ومن هنا كان ظاهر إطلاق القواعد في المقام خلاف ذلك، فيكون

(1) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب موانع الإرث.
24

حكمه حينئذ حكم ما لو أنكر الورثة اسلام الوارث، أو ادعوا اقترانه
بالقسمة أو تأخره عنها مع تعيين زمانها، أو جهالة التعيين مطلقا فإن
القول قولهم مع يمينهم، إما لأصالة عدم الإرث مع عدم الحادث أو
تأخره فيما عدا الأخير، وإما لأذن إرث غيرهم مشروط بالاسلام قبل
القسمة ولم يتحقق، والشك في الشرط شك في المشروط.
مضافا إلى كونهم ذوي أيد على المال ومالكين له بظاهر الشرع،
فمن أراد انتزاعه من أيديهم كان عليه إثبات استحقاق الانتزاع، خصوصا
بعد انقطاع عموماته بما دل (1) على عدم إرث الكافر للمسلم الخارج عنه
خصوص المسلم قبل القسمة، والله العالم.
* (مسائل أربع:) *
* (الأولى:) *
* (إذا كان أحد أبوي الطفل مسلما) * فضلا عما لو كانا معا حال
ولادته أو انعقاده * (حكم باسلامه) * تبعا وإن ارتد بعد ذلك المتبوع
بلا خلاف أجده.
* (وكذا لو أسلم أحد الأبوين وهو طفل) * فإنه يحكم باسلامه
حينئذ أيضا وإن ارتد المتبوع، بل في المسالك الحكم بذلك موضع وفاق.
نعم قال فيها: " في إلحاق إسلام أحد الأجداد أو الجدات بالأبوين
وجهان، أظهرهما ذلك، سواء كان الواسطة بينهما حيا أو ميتا "
ولعله كذلك.

(1) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب موانع الإرث.
25

أما المتولد بين المرتدين فهل هو مرتد أو كافر أصلي أو مسلم؟
وجوه ثلاثة، أوسطها أوسطها.
وكيف كان فالطفل المحكوم باسلامه تبعا حكمه حكم المسلم الكبير في
أنه يرث الكافر حينئذ ويحجبه، ولا يرثه الكافر.
* (ولو بلغ فامتنع عن الاسلام قهر عليه) * ولم يقر على الكفر
لأنه مرتد، خلافا لبعض العامة.
و * (لو أصر) * على الكفر * (كان مرتدا) * فطريا إن لم
يسبق له حكم بكفر تبعي، أو مليا إن كان كذلك، وعلى كل حال فهو مرتد
لسبق الحكم باسلامه، ويكون إرثه لورثته المسلمين وإلا فللإمام، نحو
ما سمعته في حكم المرتد.
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) (1): " إذا أسلم الأب جر
الولد إلى الاسلام، فمن أدرك من ولده دعي إلى الاسلام، فإن أبى قتل "
وعن الصادق (عليه السلام) في مرسل أبان بن عثمان (2): " في
الصبي إذا شب فاختار النصرانية وأحد أبويه نصراني أو مسلمين (أو
مسلم خ ل) قال: لا يترك ولكن يضرب على الاسلام ".
وفي خبر عبيد بن زرارة (3): " في الصبي يختار الشرك وهو بين
أبويه، قال: لا يترك، وذلك إذا كان أحد أبويه نصرانيا ".
ولا فرق في ذلك وغيره بين المميز وغيره والمراهق وغيره، لعموم
أدلة التبعية من لاجماع وغيره، فولد الكافر كافر نجس تجري عليه
أحكام الكفار وإن وصف الاسلام، واستدل عليه بالأدلة القاطعة وعمل
بأحكامه، وولد المسلم طاهر تجري عليه أحكام المسلمين وإن أظهر البراءة

(1) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب حد المرتد - الحديث 7 من كتاب الحدود.
(2) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب حد المرتد - الحديث 2 - 1 من كتاب الحدود.
(3) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب حد المرتد - الحديث 2 - 1 من كتاب الحدود.
26

من الاسلام واستدل على الكفر وشيد أركانه.
ودعوى بعض الأجلاء أن ذلك مناف لقاعدة الحسن والقبح كما ترى.
نعم عن الشيخ قول بصحة اسلام المراهق، بل عنه يحكم باسلامه
إذا بلغ عشرا، بل قيل: إنه قد قطع كالعلامة في التحرير بأنه إذا وصف
الاسلام حيل بينه وبين متبوعه.
لكن ذلك كله مناف لما هو كالضروري من الدين من كون الصبي
قبل البلوغ مرفوع القلم عنه، لا عبرة بقوله في إسلام وكفر وعقد وإيقاع
وليس إسلامه وكفره إلا تبعيا كما لا يخفى على من له أدنى خبرة بكلام
الأصحاب في جميع المقامات.
ومن ذلك يعلم الحال في:
المسألة * (الثانية:) *
وهي أنه * (لو خلف نصراني أولادا صغارا وابن أخ وابن أخت
مسلمين كان لابن الأخ ثلثا التركة ولابن الأخت الثلث) * من غير نفقة
عليهم للصغار، كما صرح به جماعة من المتأخرين، بل في المسالك نسبته
إلى أكثرهم، بل هو قضية من لم يصرح بالخلاف منهم ومن المتقدمين
للحكم بكفر الأولاد، فيحجبون بالمسلم، إذ الكفر التبعي كالأصلي في
الأحكام، كما هو معلوم من كلام الأصحاب في مباحث النجاسات وأحكام
الموتى والنكاح والقصاص والديات والاسترقاق وغيرها.
ولكن في المسالك " ذهب أكثر الأصحاب خصوصا المتقدمين منهم
كالشيخين والصدوق والأتباع إلى استثناء الصورة المزبورة من تلك القواعد.
27

* (و) * قالوا: إنه * (ينفق الابنان على الأولاد بنسبة حقهما) *
مما ورثاه * (فإذا بلغ الأولاد مسلمين فهم أحق بالتركة على رواية
مالك بن أعين (1)) * التي وصفها جماعة من المحققين كالعلامة والشهيد
وغيرهما بالصحة، بل هي من المشاهير التي رواها الثلاثة في الثلاثة * (وإن
اختاروا الكفر استقر ملك الوارثين على ما ورثاه، ومنع الأولاد) *.
قال مالك بن أعين: " سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن نصراني
مات وله ابن أخ مسلم وابن أخت مسلم وللنصراني أولاد وزوجة نصارى
قال: فقال: أرى أن يعطى ابن أخيه المسلم ثلثي ما ترك، ويعطى ابن
أخته المسلم ثلث ما ترك إن لم يكن له ولد صغار، فإن كان له ولد
صغار فإن على الوارثين أن ينفقا على الصغار مما ورثا من أبيهم حتى يدركوا
قلت: كيف ينفقان؟ فقال: يخرج وارث الثلثين ثلثي النفقة، ويخرج
وارث الثلث ثلث النفقة، فإذا أدركوا قطعا النفقة عنهم، فإن أسلموا
وهم صغار دفع ما ترك أبوهم إلى الإمام حتى يدركوا، فإن بقوا على
الاسلام دفع الإمام ميراثهم إليهم، وإن لم يبقوا على الاسلام إذا أدركوا
دفع الإمام الميراث إلى ابن أخيه وابن أخته المسلمين، يدفع إلى ابن أخيه
ثلثي ما ترك، ويدفع إلى ابن أخته ثلث ما ترك ".
وربما أيد مضمونها بأن المانع من الإرث هو الكفر، وهو مفقود
في الأولاد، لعدم صدقه عليهم حقيقة، كما عن بعضهم تنزيلها على إظهار
الأولاد الاسلام، وهو وإن كان اسلاما مجازيا لكنه يقوم مقام اسلام الكبير في
المراعاة لا في الاستحقاق، فيمنعا من القسمة الحقيقية في البلوغ لينكشف
الأمر، أو على أن المال يقسم حتى بلغوا وأسلموا.
والجميع كما ترى، ضرورة عدم الفرق بين الكفر الأصلي والتبعي

(1) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب حد المرتد - الحديث 1 من كتاب الحدود.
28

في جميع ما ذكرناه، كضرورة عدم معارضة الاسلام المجازي للاسلام
الحقيقي، وظهور الرواية في القسمة، بل كاد يكون ذلك صريحها.
ومن هنا قال المصنف بعد ذكر مضمونها: * (وفيه إشكال ينشأ
من إجراء الطفل مجرى أبيه في الكفر، وسبق القسمة على الاسلام يمنع
الاستحقاق) * كما أنه لذلك حملها الفاضل في محكي المختلف على الندب
واختاره في المسالك.
وفيه أن ذلك إنما يصح من جهة الورثة دون الإمام، فالأولى
طرحها، خصوصا بعد مخالفة من عمل بها لمضمونها، إذ المحكي عنهم
أنهم أطلقوا القول بتولي الورثة المسلمين الانفاق على الأولاد، والحكم
بإرثهم، ووجوب دفع الفاضل إليهم إذا بلغوا أو أسلموا من غير تفصيل،
مع أن مقتضاها كون الإرث للأولاد إن أسلموا قبل البلوغ واستمروا عليه
بعده، وأن المتولي للانفاق عليهم الإمام دون الورثة، فإن لم يسلموا
قبله فالإرث للقرابة، وعليهم الانفاق ولهم الفاضل وإن أسلموا بعده،
والاختلاف بين الأمرين ظاهر.
مضافا إلى أن المسألة مفروضة في كلام الشيخين والقاضي فيما إذا
اجتمع مع الأولاد الإخوة للأب والأخوة للأم، وفي كلام الحلبيين والمحقق
الطوسي في اجتماع القرابة مطلقا معهم، كما عن الكيدري، وكل ذلك
غير مورد النص.
على أنهما معا مخالفان للأصول المقررة والقواعد المسلمة، حيث
اشتركا في وجوب النفقة على الورثة بلا سبب، وذهابها ممن يستحقها من
غير عوض، واختصاص النص باعتبار اسلام الصغير في الحكم بإرثه مراعى
والفتوى بتوريث من أسلم بعد القسمة، ومنع الوارث المسلم من دون
حاجب، فإن الطفل تابع لأبويه في الكفر إجماعا، ولولا التبعية لاطرد
29

الحكم في الأطفال مطلقا، ولكان المتصرف بالانفاق عليهم الولي الشرعي
دون القرابة، ولم يقل به أحد.
ومع ذلك كله فالرواية ضعيفة والحكم بصحتها مع شهرته غير
صحيح فإنها في الكافي (1) والتهذيب (2) مسندة إلى مالك بن أعين
وفي الفقيه (3) إليه أو إلى عبد الملك، ومالك مشترك بين أخي زرارة
الضعيف والجهني المجهول، والظاهر بقرينة الفقيه الأول، واحتمال الضعف
قائم فيه بواسطة الترديد بينه وبين عبد الملك.
وما في الوسائل من اسناد الصدوق إليهما جميعا خلاف الموجود في
الفقيه والمنقول عنه في الوافي، وغايته حسن هذا الطريق، فإن عبد الملك
ممدوح بغير التوثيق، والحسن غير الصحيح، والمحكوم عليه بالصحة في
كلامهم غير هذا الطريق، والظاهر من الصحة خصوصا في المقام الحقيقية
منها دون الإضافية.
وقد تحصل من ذلك كله ضعف الحديث بجميع طرقه ومخالفته
للأصول وفتوى الأصحاب ممن رده أو اعتمده واختلاف القائلين به
وندرة القول بمضمونه عند التحقيق، فالمتجه إذن ترك هذا الخبر، والرجوع
إلى الأصل المقرر في الولد، كما في غيره من الأطفال، والله العالم.

(1) راجع الكافي ج 7 ص 143.
(2) راجع التهذيب ج 9 ص 368 - الرقم 1315.
(3) راجع الفقيه ج 4 ص 245 - الرقم 788.
30

المسألة * (الثالثة:) *
* (المسلمون يتوارثون وإن اختلفوا في المذاهب) * والأصول والعقائد
كما هو المشهور، لعموم ما دل على التوريث بالنسب والسبب من الكتاب (1)
والسنة (2) والاجماع، وخصوص المعتبرة (3) المتضمنة لابتناء المواريث
على الاسلام دون الايمان، وفيها " أن الاسلام هو ما عليه جماعة الناس
من الفرق كلها، وبه حقنت الدماء، وعليه جرت المناكح والمواريث " (4)
وهو نص في المطلوب.
مضافا إلى شهادة تتبع أحوال السلف من توريث المسلمين بعضهم
من بعض في جميع الأعصار مع الفتوى الظاهرة والشهرة المعلومة، حتى
أن الحلي مع قوله بكفر أهل الخلاف وافق على ذلك، وجعله القول المعول
والمذهب المحصل. وكذا المفيد في إحدى نسختي المقنعة التي صرح فيها بأن
اختلاف المسلمين في الأهواء والآراء لا يمنع من توريثهم.
نعم في النسخة الأخرى منها نص على أن أهل البدع من المعتزلة
والمرجئة والخوارج والحشوية لا يرثون المؤمنين كما لا يرث الكفار المسلمين،
وعد الحلبي من الكفار الممنوعين من الإرث المجبرة والمشبهة وجاحدي
الإمامة.

(1) سورة النساء: 4 - الآية 7 و 11 و 12 و 33 و 176.
(2) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب موجبات الإرث.
(3) أصول الكافي - ج 2 ص 25.
(4) أصول الكافي - ج 2 ص 26 الرقم 5.
31

ولعل الوجه فيه إطلاق الكفر على المخالفين في بعض الأخبار (1) وهو
محمول على الكفر الايماني دون الاسلامي مع جواز تخصيص المخالفين
بمقتضى الأدلة، ومن ثم حكم بإرثه بعض من قال بكفره كالحلي.
ومنع السيوري إرث المجسمة والمرجئة والحشوية من غيرهم مع تصريحه
بأن المقتضي للتوارث الاسلام لا غير كما هو المشهور، معللا ذلك بكفرهم
المستند إلى انكارهم لما علم من الدين ضرورة، والمعلوم من أكثر هؤلاء
المخالفة في الأصول، وهو غير إنكار الضروري.
أما الغلاة والخوارج والنواصب وغيرهم ممن علم منهم الانكار
لضروريات الدين فلا يرثون المسلمين قولا واحدا.
* (و) * أما * (الكفار) * فإنهم * (يتوارثون وإن اختلفوا في) *
الملل و * (النحل) * بلا خلاف معتد به أجده فيه، لعموم الأدلة وخصوص
النصوص (2) والاجماع بقسميه، لأذن الكفر ملة واحدة، ونفي التوارث
بين الملتين مفسر في النصوص (3) بالاسلام والكفر.
خلافا للمحكي عن الديلمي من أنهم يتوارثون ما لم يكونوا حربيين.
ولشارح الايجاز فالحربي لا يرث الذمي بل يكون ميراثه للإمام إذا لم
يكن للميت منهم نسب ذمي ولا مسلم، وهما شاذان.
وللحلبي فكفار ملتنا يرثون غيرهم، وغيرهم لا يرثهم، وارتضاه
السيوري على ما حكي عنه إن أراد بهم من أظهر الشهادتين، لأذن لهم بذلك
خصوصية على غيرهم، وكان المراد به المرتد عن فطرة، فيرتفع الخلاف.
نعم شرط توارث الكفار فقد الوارث المسلم غير الإمام، فإن وجد

(1) الوسائل - الباب - 10 - من أبواب حد المرتد من كتاب الحدود.
(2) الوسائل - الباب - 4 - من أبواب موانع الإرث.
(3) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 6 و 14 و 15 و 17.
32

حجب الكافر وإن تأخر اسلامه إلى القسمة، كما عرفته سابقا.
وأن يكون كفر المورث أصليا، فلو كان عن ردة لم يرثه الكافر
مطلقا، بل ورثه الإمام (ع) مع فقد غيره كالمسلم، بلا خلاف أجده في الفطري
بل هو موضع وفاق، بل لعله كذلك أيضا في الملي إلا ممن عرفت،
كما تقدم الكلام فيه.
المسألة * (الرابعة:) *
* (تقسم تركة) * الرجل * (المرتد عن فطرة حين ارتداده) *
بالنص (1) والاجماع بقسميه على ذلك * (و) * على أنها * (تبين زوجته
وتعتد عدة الوفاة سواء قتل) * أو مات * (أو بقي) * حيا * (ولا
يستتاب) * لأنه لا توبة له بالنسبة إلى ذلك قطعا ومطلقا على الأصح.
والمراد به من انعقد حال اسلام أحد أبويه، وفي كشف اللثام أو
أسلم أحد أبويه وهو طفل ثم بلغ ووصف الاسلام كاملا ثم ارتد،
وهو مشكل.
وفي خبر عمار عن الصادق (عليه السلام) (2): " كل مسلم بين
مسلمين ارتد عن الاسلام وجحد محمدا (صلى الله عليه وآله) نبوته
وكذبه فإن دمه مباح لكل من سمع ذلك منه وامرأته بائنة عنه من يوم
ارتد، فلا تقربه، وتقسم ماله على ورثته، وتعتد امرأته عدة المتوفى
عنها زوجها، وعلى الإمام أن يقتله ولا يستتيبه ".

(1) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب موانع الإرث.
(2) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب حد المرتد - الحديث 3 من كتاب الحدود.
33

ثم قال في الكشف: " وإنما فسرنا المرتد عن فطرة بذلك، لنصهم
على أن من ولد على الفطرة فبلغ فأبى الاسلام استتيب كما مر ".
وفيه أن أقصى ذلك اعتبار تحقق الاسلام منه بعد البلوغ في الارتداد
عن فطرة، فلا يكفي التبعي، فتأمل جيدا * (و) * تمام الكلام في
مقام آخر.
نعم * (المرأة) * المرتدة عن فطرة * (لا تقتل و) * تستتاب فإن
لم تتب * (تحبس وتضرب أوقات الصلاة) * وتستخدم الخدمة الشاقة.
قال الصادق (عليه السلام) في مرسل الحسن بن محبوب (1):
" والمرأة إذا ارتدت استتيبت، فإن تابت ورجعت وإلا خلدت السجن
وضيق عليها في حبسها ".
وقال الباقر (عليه السلام) في خبر غياث بن إبراهيم (2): " لا
تقتل وتستخدم خدمة شديدة، وتمنع الطعام والشراب إلا ما يمسك نفسها
وتلبس خشن الثياب، وتضرب على الصلوات ".
* (و) * كيف كان ف‍ * (لا تقسم تركتها حتى تموت) *
لاحتمال توبتها.
* (و) * كذا * (لو كان المرتد لا عن فطرة) * فإنه إذا كان كذلك

(1) الوسائل - الباب - 4 - من أبواب حد المرتد - الحديث 6 من كتاب الحدود عن
ابن محبوب عن غير واحد من أصحابنا عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام)
ومثل هذا السند لا يعد من المرسل.
(2) الوسائل - الباب - 4 - من أبواب حد المرتد - الحديث 1 من كتاب الحدود
وهو صحيح حماد بطريق الشيخ وصحيح الحلبي بطريق الصدوق، وليس في خبر غياث
هذا اللفظ، وقد رواه في الوسائل في نفس الباب الحديث 2 فراجعه.
34

* (استتيب فإن تاب وإلا قتل) * إجماعا بقسميه ونصوصا عامة (1)
وخصوص توقيع أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى عامله (2) " أما من
كان من المسلمين ولد على الفطرة ثم تزندق فاضرب عنقه، ولا تستتبه،
ومن لم يولد منهم على الفطرة فاستتبه، فإن تاب وإلا فاضرب عنقه ".
* (و) * على كل حال ف‍ * (لا يقسم ماله حتى يقتل أو يموت) *
وإن التحق بدار الحرب، خلافا لمحكي النهاية والمهذب فيورث وإن كان حيا،
لصيرورته بوجوب القتل كالفطري، وهو ضعيف، وقد رجع عنه الشيخ كما قيل.
* (وتعتد زوجته) * عدة الطلاق * (من حين اختلاف دينهما،
فإن عاد قبل خروجها من العدة فهو أحق بها، وإن خرجت العدة ولم
يعد فلا سبيل له عليها) * بلا خلاف أجده فيه، بل في كشف اللثام
قطع الأصحاب بالحكمين، فكأنهم اتفقوا عليه.
وقال الصادق (عليه السلام) في صحيح أبي بكر الحضرمي (3):
" إذا ارتد الرجل عن الاسلام بانت منه امرأته كما تبين المطلقة ثلاثا،
وتعتد منه كما تعتد المطلقة، فإن رجع إلى الاسلام فتاب قبل التزويج
فهو خاطب من الخطاب، ولا عدة عليها منه، ولتعتد منه لغيره، وإن
مات أو قتل قبل العدة اعتدت منه عدة المتوفى عنها زوجها، وهي ترثه
في العدة، ولا يرثها إن ماتت وهو مرتد عن الاسلام ".
قيل: وظاهره نفي الأولوية وإن أسلم في العدة، وفيه أنه يمكن

(1) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب حد المرتد من كتاب الحدود.
(2) الوسائل - الباب - 5 - من أبواب حد المرتد - الحديث 5 من كتاب الحدود.
(3) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 4 بطريق الشيخ
والصدوق (قدهما) راجع التهذيب ج 9 ص 373 الرقم 1332. والفقيه ج 4 ص 242
الرقم 772.
35

حمل البينونة على أنه ليس له الرجوع ما دام على الكفر، والتوبة قبل
التزويج (عليها خ) على ما قبله بعد العدة.
* (وأما القتل) * الذي هو المانع الثاني من الإرث * (فيمنع القاتل
من الإرث إذا كان عمدا ظلما) * بلا خلاف أجده فيه، بل الاجماع
بقسميه عليه، وهما الحجة بعد الصحاح (1) المطابقة للحكمة الظاهرة،
وهي عصمة الدماء من معاجلة الورثة، وعقوبة القاتل بحرمانه من الإرث
* (و) * مقابلته بنقيض مطلوبه من القتل.
نعم * (لو كان بحق لم يمنع) * بلا خلاف أجده فيه، بل الاجماع
بقسميه عليه، لخروجه عن ظاهر دليل المنع وللخبر (2) " في طائفتين
من المؤمنين إحداهما باغية والأخرى عادلة اقتتلوا، فقتل رجل أباه أو
ابنه أو أخاه أو حميمه وهو من أهل البغي أيرثه؟ قال: نعم، لأنه
قتله بحق " والتعليل يفيد عدم المنع فيما كان بالحق مطلقا وإن جاز تركه
كالقصاص والدفاع عن المال.
ولو قتل قاتل أبيه مثلا وهو لا يعلم أو ظن أنه قاتله فقتله ثم تبين
الخلاف ففي الإرث وجهان، من احتمال الباء للسببية والمصاحبة، وتردد
الحق بين الظاهري والواقعي، وقد يبنى على القود، فإن ثبت امتنع
وإلا ثبت.
* (ولو كان القتل خطأ ورث على الأشهر) * رواية وفتوى في
الجملة، وهو خيرة النافع والجامع والتلخيص وظاهر رواية الفقيه (3)
واطلاق المقنعة والمراسم للصحيحين (4) " في من قتل أمه إن كان خطأ

(1) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب موانع الإرث.
(2) الوسائل - الباب - 13 - من أبواب موانع الإرث.
(3) الوسائل - الباب - 9 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 1.
(4) الوسائل - الباب - 9 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 1 و 2.
36

ورثها، وإن كان عمدا لم يرثها " مع عموم الكتاب والسنة وانتفاء حكمة المنع.
فما في الصحيح (1) من أنه: " لا ميراث للقاتل " بعد تسليم عدم
ظهوره في العمد يجب تخصيصه بما عرفت، كما أنه يجب طرح الخبر (2):
" لا يرث الرجل الرجل إذا قتله وإن كان خطأ " والمرسل (3): " من
قتل أخا له عمدا أو خطأ لم يرثه " لضعفهما وشذوذ القول بهما على الاطلاق.
ومن ذلك يعلم ضعف القول بعدم إرثه مطلقا، كما عن الفضل
والعماني والكليني.
نعم ما أشار إليه المصنف بقوله: * (وخرج المفيد وجها آخر،
وهو المنع من الدية) * خاصة دون باقي التركة * (وهو حسن) * قول
قوي، بل في الدروس ومحكي تلخيص الخلاف أنه المشهور، ولعله كذلك
لأنه المنقول عن المشائخ الأربعة والحلبيين والطوسيين والقاضي والحلي
والكيدري والعلامة وولده والشهيدين وأبي العباس والصيمري وغيرهم،
بل عن الإنتصار والخلاف والغنية والسرائر الاجماع عليه.
للنبوي (4) الصريح المروي عن محكي الخلاف مستدلا به بعد الاجماع
" ترث المرأة من مال زوجها ومن ديته، ويرث الرجل من مالها وديتها
ما لم يقتل أحدهما صاحبه عمدا، فلا يرث من ماله ولا من ديته، وإن
قتله خطأ ورث من ماله، ولا يرث من ديته ".

(1) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 1.
(2) الوسائل - الباب - 9 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 4.
(3) المستدرك - الباب - 6 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 3 وفيه " من
قتل حميما له... ".
(4) سنن البيهقي - ج 6 ص 221.
37

وللجمع بين إطلاق إرث القاتل خطأ في الصحيحين (1) وعموم
منع القاتل من الدية في المعتبرة (2) منها الحسن (3): " المرأة ترث من
دية زوجها ويرث من ديتها ما لم يقتل أحدهما صاحبه " بتقييد الأول
بغير الدية.
ومعارضة ذلك بامكان تخصيص الثاني بالعمد يدفعها ترجيح الأول
بالشهرة ومحكي الاجماع وعموم منع القاتل، وبعد استحقاقه لما ثبت بجنايته
ووضح دلالة النفي على العموم، وخروج الدية عن حقيقة الإرث،
ومخالفتها له في بعض الأحكام.
ولما عن المفيد وغيره من حصول الجمع به بين إطلاق ما دل على
إرث القاتل خطأ ومنعه منه كذلك، بحمل الثاني على خصوص الدية،
وإن كان قد يناقش بأن إطلاق المنع كالصريح في التسوية بينه وبين العمد
والجمع - مع احتياجه إلى شاهد - فرع التكافؤ، وهو منتف، لضعف
حديث المنع وشذوذه ومخالفته المشهور عندنا وموافقته المشهور عند الجمهور
فالمتجه طرحه أو حمله على التقية.
* (و) * على كل حال فقد بان لك أن هذا الأخير إلى * (الأول) *
أقوى وإن كان هو * (أشبه) * بعمومات المواريث كتابا وسنة.
هذا وظاهر المصنف وغيره بل المعظم - حيث قابلوا العمد بالخطأ - أن
المراد بالخطأ ما يشمل شبيه العمد، كما عن جماعة التصريح به، كالديلمي
والعلامة في المختلف والتحرير وابن فهد في غاية التنقيح، بل عن الصيمري
الميل إليه في كتابيه، وعن أبي العباس حكايته عن الطوسي وشارح
النصيرية عنه وعن كثير من المتأخرين، فلا يمنع من التركة عند الجميع

(1) الوسائل - الباب - 9 - من أبواب موانع الإرث. الحديث 1 و 2.
(2) الوسائل - الباب - 8 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 0 - 2.
(3) الوسائل - الباب - 8 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 0 - 2.
38

ولا من الدية عند الديلمي، حيث خص المنع بالعمد وأطلق الإرث في
الخطأ بنوعيه.
بل من البعيد إهمال المعظم لحكم شبيه العمد مع كثرة وقوعه ومسيس
الحاجة إليه، فليس هو إلا لكون المراد بالخطأ الذي ذكروا حكمه ما يشمله
خصوصا مع وقوع ذلك منهم في مقام الاستقصاء، بل عن بعضهم حصر
القتل فيهما، بل عللوا الإرث في الخطأ بما يعم، بل احتج المانع بالتمانع
بين إرث القاتل خطأ وبين أخذ الدية منه، وعن المرتضى جوابه بأن
تسليمه بها لا ينافي إرثه من غيرها.
وعن الحلبيين والحلي التصريح بأن إرثه مما عدا الدية المستحقة عليه، مع
أنها في الخطأ المحض على العاقلة دون القاتل، فعلم دخول الشبيه فيما أطلقوه
من الخطأ، وظهر اتحاد حكم المسألتين عندهم، واشتهار التفصيل فيهما،
وانطباق الاجماعات عليهما.
والمحكي عن خلاف الشيخ كالصريح في ذلك، فإنه أطلق التفصيل
في الخطأ وذكر اختلاف العامة في نوعيه، ثم حكى الاجماع على ما أطلق.
وأما النصوص (1) فالظاهر منها أيضا حيث أطلق فيها الخطأ
وقوبل به العمد على وجه يراد منه الحصر إرادة الأعم الذي هو إطلاق
شائع، كشيوع تقسيمه إليهما مضافا إلى كثرة القرائن هنا على إرادة الأعم
كما عرفت، فيتجه الترجيح فيه بما سمعت من أنه يرث مما عدا الدية،
لجميع ما عرفته من الاجماعات وغيرها.
فما عن الفضل والقديمين والعلامة في القواعد ووالده وولده والشهيد
الثاني وابن القطان وشارح النصيرية من أنه كالعمد واضح الضعف وإن

(1) الوسائل - الباب - 9 - من أبواب موانع الإرث.
39

استدل له بعموم حجب القاتل والجمع بين الصحيحين (1) والخبرين (2)
بحمل الأخيرين على الشبيه بالعمد، وبأن المراد بالخطأ فيهما إما ذلك أو
الأعم منه ومن المحض، أو خصوص الأخير.
وعلى التقادير فالمنع ثابت، أما على الأولين فظاهر، وأما على
الثالث فلأن منع الخطأ المحض يستلزم منع الشبيه بالعمد بالأولوية الظاهرة
بل الاجماع المركب، لكنه كما ترى بعد الإحاطة بما ذكرنا، والله العالم.
* (و) * كيف كان ف‍ * (يستوي في ذلك الأب والولد وغيرهما
من ذوي الأنساب والأسباب) * بلا خلاف أجده فيه بيننا، بل لعله
إجماع، لعموم الأدلة التي لا ينافيها اختصاص أخبار الخطأ ببعضها، فما
عن بعض العامة من تخصيص القتل المانع بما يوجب قصاصا أو كفارة
- فيخرج حينئذ قتل الوالد الولد لأنه لا يوجبهما - باطل قطعا.
كما أنه يستوي في الخطأ السبب السائغ المؤدي إلى القتل كضرب
الوالد الولد تأديبا وبط ما به من جرح أو قرح للاصلاح، والممنوع
كضرب غير المستحق وجرحه، فيرث القاتل من التركة فيهما، ويمنع
من الدية في الثاني، وأما الأول ففي ثبوت الدية فيه قولان، من
الإذن في الفعل فلا يتعقبه ضمان، ومن تحقق الموجب وإن انتفت المؤاخذة
كما في الخطأ المحض، وقد تخلف في تأديب الحاكم بدليل، فلا يقاس
عليه غيره، فيمنع منها كالممنوع على الأظهر.
وعن السيوري التفصيل بين الممنوع وغيره، فمنع الإرث في الأول
وأثبته في غيره، كالمحكي عن ظاهر المعالم، والأول أشبه.

(1) الوسائل - الباب - 9 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 1 و 2.
(2) الوسائل - الباب - 9 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 4 والمستدرك
- الباب - 6 - منها - الحديث 3.
40

وعمد الصبي والمجنون بحكم الخطأ، فيرثان مما عدا الدية على المختار
كالنائم والساقط من غير اختيار، فما في كشف اللثام عن بعضهم - من
منع الصبي والمجنون من الإرث بتعمدهما القتل لعموم " لا ميراث
للقاتل " (1) ونحوه - واضح الضعف.
وكذا الراكب إذا وطأت دابته من يرثه بل والقائد والسائق، لكن
عن الفضل والعماني التصريح بإرث الأولين، وبه في مثالي التأديب
والاصلاح مع قولهما بمنع القاتل مطلقا وبمنع الإرث في الراكب، واختلفا
في القائد والسائق، فمنعهما العماني، وورثهما الفضل، واتفقا على إرث من
حفر بئرا في غير حقه أو أخرج كنيفا أو ظلة فأصيب به، ومال إليه
في كشف اللثام، لعدم صدق القتل بذلك، بل عن الكليني والصدوق
حكايته ساكتين عليه.
وفيه أن السبب كالمباشر كما صرح به جماعة، بل في الروضة اسناده
إلى ظاهر المذهب، للعموم وضعف منع الاطلاق، ولذا يثبت القصاص
والدية في السبب كالمباشرة، فالمتجه حينئذ المنع مطلقا إن كان عمدا،
وإلا فمما عدا الدية خاصة على المختار.
والمشارك في القتل كالمنفرد، كما عن جماعة التصريح به، فيمنع مما
يمنع منه المنفرد وإن لم يستقل بالتأثير لو انفرد.
وهل يشترط في المنع استقرار الحياة؟ استشكله العلامة، للشك في
صدق اسم القتل معه، ونفاه الفخر فيما حكي عنه، تمسكا بالعموم،
والحكم يتبع التفسير، فإن أريد بغير المستقر ما لا يبقى يوما أو يومين أو
يوما ونصف يوم كما قالوه في الذبيحة فالحق عدم الاشتراط، لتحقق
القتل معه قطعا، وإن أريد ما ينتفي معه النطق والحركة الاختياريان

(1) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 1.
41

كالمذبوح على ما يستفاد من كلامهم في مباحث الجنايات فالاستقرار شرط،
لأذن غير المستقر بهذا المعنى ميت أو في حكم الميت، فلا يتحقق فيه
القتل، على أن الشك فيه أو في شمول الاطلاق له كاف في الإرث،
لوجود المقتضي مع عدم العلم بالمانع.
* (و) * على كل حال ف‍ * (لو لم يكن) * للمقتول * (وارث
سوى القاتل كان الميراث لبيت المال) * أي مال الإمام (عليه السلام)
لا المسلمين، ضرورة كون الإرث له، ومن الأنفال التي ملكه الله إياها،
كما تقدم الكلام فيه (1).
* (ولو قتل أباه وللقاتل ولد ورث جده إذا لم يكن هناك ولد
للصلب، ولم يمنع من الميراث بجناية أبيه) * كما قال أحدهما (عليهما
السلام) في خبر جميل (2): " فإن كان للقاتل ابن ورث الجد
المقتول " وفي خبر آخر له (3) " لا يرث الرجل إذا قتل ولده أو
والده، لكن يكون الميراث لورثة القاتل ".
* (ولو كان للقاتل وارث كافر (فلا ميراث و خ) منعا جميعا) *
أحدهما بقتله والآخر بكفره * (وكان الميراث للإمام (عليه السلام) *
حتى المطالبة بالدم.
* (نعم لو أسلم الكافر كان الميراث له) * وإن نقل إلى الإمام
(عليه السلام) * (والمطالبة) * بالدم * (إليه. وفيه قول آخر) *
قد عرفت الحال فيه وفي القول الثالث بما لا مزيد عليه، فلاحظ
والله العالم.

(1) راجع ج 16 - ص 128.
(2) الوسائل - الباب - 12 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 1 - 2.
(3) الوسائل - الباب - 12 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 1 - 2.
42

* (وهنا مسائل:) *
* (الأولى:) *
* (إذا لم يكن للمقتول وارث سوى الإمام (عليه السلام) فله
المطالبة بالقود أو الدية مع التراضي، وليس له العفو) * وفاقا للأكثر
لحسن أبي الولاد أو صحيحه (1) سأل الصادق (عليه السلام) " عن
رجل مسلم قتل مسلما عمدا فلم يكن للمقتول أولياء من المسلمين إلا
أولياء من أهل الذمة من قرابته، فقال: على الإمام أن يعرض على
قرابته من أهل بيته الاسلام، فمن أسلم منهم فهو وليه يدفع القاتل إليه
فإن شاء قتل وإن شاء عفا وإن شاء أخذ الدية، فإن لم يسلم أحد كان
الإمام ولي أمره، فإن شاء قتل، وإن شاء أخذ الدية، فجعلها في بيت
مال المسلمين، لأذن جناية المقتول كانت على الإمام فكذلك تكون ديته
لإمام المسلمين، قال: فإن عفا عنه الإمام، فقال: إنما هو حق جميع
المسلمين، وإنما على الإمام أن يقتل أو يأخذ الدية، وليس له أن يعفو ".
وصحيحه الآخر (2) عنه (ع) أيضا " في الرجل يقتل وليس له ولي
إلا الإمام فقال: ليس للإمام أن يعفو، وله أن يقتل أو يأخذ الدية فيجعلها في
بيت مال المسلمين، لأذن جناية المقتول كانت على الإمام وكذلك تكون
ديته لإمام المسلمين (إنما على الإمام أن يقتل أو يأخذ الدية، وليس له

(1) الوسائل - الباب - 60 - من أبواب القصاص في النفس - الحديث 1 - 2 من كتاب القصاص.
(2) الوسائل - الباب - 60 - من أبواب القصاص في النفس - الحديث 1 - 2 من كتاب القصاص.
43

أن يعفو، لأذن جناية المقتول كانت على الإمام فكذلك تكون ديته لإمام
المسلمين، قلت: فإن عفا عنه الإمام، فقال: إنما هو حق جميع
المسلمين) (1) ".
خلافا للمحكي عن ابن إدريس، فأجاز للإمام العفو، لأنه وليه،
فإن رضي بالدية كانت له لا لبيت مال المسلمين كتركته، ولأن جنايته
عليه، لأنه عاقلته.
وفيه أنه كالاجتهاد في مقابلة النص المعمول به بين الأصحاب،
نعم ما فيه من جعل الدية في بيت مال المسلمين مخالف لما عليه الأصحاب،
كما أن ما فيه من كون ذلك حقا لجميع المسلمين كذلك أيضا، فلا بد
من طرحه أو حمله - كبيت المال الذي في عبارة البعض - على إرادة
بيت مال الإمام من حيث الإمامة الذي مرجعه في الحقيقة إلى المسلمين
ولذا لا يرثه غير الإمام من ورثته كباقي الأنفال، خصوصا بعد ما فيه
من كون جنايته على الإمام لا بيت مال المسلمين، فتأمل جيدا،
والله العالم.
المسألة * (الثانية:) *
* (الدية) * عندنا وإن تجددت بعده * (في حكم مال المقتول

(1) الحديث ينتهي بقوله (عليه السلام): " وكذلك تكون ديته لإمام المسلمين "
كما في التهذيب ج 10 ص 178 الرقم 696. وما بين القوسين الذي ألحق بالصحيح
فهو من ذيل الصحيح بتقديم وتأخير في الجمل، والظاهر أنه سهو من قلمه الشريف
فإن الموجود في النسخة الأصلية المخطوطة بقلمه الشريف أيضا كذلك.
44

يقضى منها دينه، ويخرج منها وصاياه، سواء قتل عمدا فأخذت الدية
أو خطأ) * بل في محكي المهذب الاجماع عليه، بل في محكي المبسوط
والخلاف أنه قول عامة الفقهاء إلا أبا ثور.
وقال الصادق (عليه السلام) في خبر إسحاق (1): " إن رسول الله
(صلى الله عليه وآله) قال: إذا قبلت دية العمد فصارت مالا فهي
ميراث كسائر الأموال ".
والكاظم (عليه السلام) في خبر يحيى الأزرق (4) " في رجل
قتل وعليه دين ولم يترك مالا فأخذ أهله الدية من قاتله عليهم أن يقضوا
دينه؟ قال: نعم، قال: وهو لم يترك، قال: إنما أخذوا الدية
فعليهم أن يقضوا دينه ".
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر السكوني (3): " من
أوصى بثلثه ثم قتل خطأ فإن ثلث ديته داخل في وصيته ".
وفي خبر محمد بن قيس (4) " أنه (عليه السلام) قضى في وصيته
رجل قتل أنها تنفذ من ماله وديته كما أوصى ".
فما عن بعضهم - من أن دية العمد لا يقضى منها الدين لأذن الواجب
فيه القصاص الذي هو حق الوارث، فالدية المأخوذة هي عوض عن
حقه، لا مدخلية للميت فيها، بل عن آخر المنع من قضاء الدين من
الدية مطلقا، لأنها ليست من أموال الميت التي تركها - مع أنهما من
الاجتهاد في مقابلة النص والاجماع كما ترى، ضرورة كون الدية في الخطأ
عوضا عن النفس، فيستحقها الميت عند خروج روحه.

(1) الوسائل - الباب - 14 - من أبواب موانع الإرث - لحديث 1.
(2) الوسائل - الباب - 24 - من أبواب الدين والقرض - الحديث 1 من كتاب التجارة.
(3) الوسائل - الباب - 14 - من كتاب الوصايا - الحديث 2 - 3.
(4) الوسائل - الباب - 14 - من كتاب الوصايا - الحديث 2 - 3.
45

بل الظاهر كون الترتيب بينهما ذاتيا لا زمانيا كالعلة والمعلول، وفي
العمد يستحق عليه إزهاق روحه، لقوله تعالى (1): " النفس بالنفس "
فهو شبيه ضمان الشئ بمثله، فإذا صالح الوارث على الدية كان كدفع
العوض عن المثل المستحق.
وقد عرفت أن استحقاقه إزهاق النفس قد حصل مقارنا لموته،
فلا إشكال حينئذ في عد ذلك من أمواله وتركته، إذ هو أولى بنفسه
من غيره، فعوضها من تركته، بل هي أولى من الأطراف أو ديتها التي
كانت مستحقة له في حياته.
المسألة * (الثالثة:) *
* (يرث الدية كل مناسب ومسابب) * سواء كانت دية عمد أو
خطأ، وسواء كان ممن يرث القصاص منهم أو لا، بلا خلاف أجده فيه
بل الاجماع بقسميه عليه، والنصوص (2) فيه مستفيضة أو متواترة * (عدا
من يتقرب بالأم، فإن فيهم خلافا) *.
لكن المشهور عدم إرثهم، بل عن جنايات الخلاف الاجماع عليه،
كما عن موضع من السرائر نفي الخلاف فيه، لصحيح ابن سنان (3)
" قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) أن الدية يرثها الورثة إلا الإخوة
والأخوات من الأم، فإنهم لا يرثون من الدية شيئا " ونحوه غيره من

(1) سورة المائدة: 5 - الآية 45.
(2) الوسائل - الباب - 10 و 11 - من أبواب موانع الإرث.
(3) الوسائل - الباب - 10 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 2.
46

النصوص (1) التي فيها الصحيح والموثق وغيرهما.
نعم لم يذكر إلا الإخوة والأخوات وعنوان المصنف وغيره من
يتقرب منهم بالأم، ويمكن أن يكون ذلك للقطع بالمساواة أو الأولوية،
ضرورة أقربيتهم من غيرهم.
ومما ذكرنا بان لك ضعف ما عن ابن إدريس من أنه يرثها جميع
الورثة، لعموم الأدلة الذي يجب تخصيصه بما عرفت، كما أنه يجب
تخصيص ما في مواريث الخلاف من إطلاق إرثها جميع الورثة مدعيا
عليه الاجماع بما سمعته من جناياته.
وأضعف من ذلك القول بمنع المتقرب بالأب وجده، وما عن المهذب
والايجاز من منع خصوص النساء منهم وعن شرح الايجاز أنه جمع بين
قولي الشيخ بمنع النساء وبإرثهن بالمنع إذا انفردن والإرث إذا اجتمعن مع
الذكور، وحكي فيه قول بالعكس، والكل كما ترى، ويأتي تمام الكلام في
ذلك في كتاب القصاص إنشاء الله.
* (و) * على كل حال ف‍ * (لا يرث أحد الزوجين القصاص) *
إجماعا * (و) * إن كان * (لو وقع التراضي) * بين من عليه القصاص
ومن له * (بالدية ورثا نصيبهما منها) * إجماعا أيضا ونصوصا (2) منها
خبر إسحاق بن عمار (3) المتقدم سابقا.
فما في خبر السكوني (4) - من " أن عليا (عليه السلام) كان
لا يورث المرأة من دية زوجها شيئا ولا يورث الرجل من دية امرأته
شيئا ولا الإخوة من الأم من الدية شيئا " - مع الضعف محمول على التقية

(1) الوسائل - الباب - 10 - من أبواب موانع الإرث.
(2) الوسائل - الباب - 12 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 0 - 3.
(3) الوسائل - الباب - 14 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 1.
(4) الوسائل - الباب - 12 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 0 - 3.
47

أو على أن يكون القاتل أحدهما خطأ.
كما أن ما يقال - من أن الدية عوض حق القصاص الذي هو لغيرهما
فلا وجه لإرثهما من عوض ما ليس للميت ولا لهما - لا ينبغي الالتفات
إليه، لأنه كالاجتهاد في مقابلة النص، ولمنع عدم كون الحق للميت.
فإن إزهاق النفس عوض نفس الميت شئ يستحقه الميت وإن اختص
باستيفائه غيرهما، لحكمة التشفي من حيث النسب وغيرها، فالدية في
الحقيقة عوض حق للميت كما هو ظاهر.
* (وأما) * المانع الثالث الذي هو * (الرق ف‍) * لا خلاف
بيننا في أنه * (يمنع في الوارث و) * في * (الموروث) * بل الاجماع بقسميه
عليه، كما أن النصوص (1) وافية فيه من غير فرق بين المتشبث منه
بالحرية كأم الولد وغيره، عدا المكاتب الذي قد ترك ما يفي لمكاتبته، فإن
فيه خلافا قد مر في محله.
كما أنه لا فرق في ذلك بين القول بملكه وعدمه، بل قد لا يظهر
وجه للمانعية في الموروثية بناء على عدم قابليته للملك، ضرورة عدم المال
له حتى يتصور فيه المانعية، وهو كمن لا مال له، فإن ذلك لا يعد مانعا
من إرثه.
نعم يظهر له وجه بناء على الملك الذي هو ملك غير مستقر، لعوده
إلى السيد بزوال الملك عن رقبته ببيع أو موت أو غيرهما، فسيده الذي
يعود الملك إليه في الحقيقة غير وارث، لعدم ملكه لما جاء إليه بالموت
من حيث إنه موت كي يكون وارثا، بل لأذن ملك العبد على القول به
أقصاه زوال ملك السيد عنه ولو ببيع أو موت، والأمر في ذلك سهل
بعد أن كان عدم التوارث بين الحر والعبد من الجانبين مفروغا منه.

(1) الوسائل - الباب - 16 - من أبواب موانع الإرث.
48

وحينئذ * (فمن مات وله وارث حر وآخر مملوك فالميراث للحر
ولو بعد) * حتى ضامن الجريرة * (دون الرق وإن قرب) * بأن كان
والدا أو ولدا بلا خلاف أجده.
* (و) * لو تقرب الحر بالمملوك لم يمنع وإن منع السبب كما
* (لو كان الوارث رقا وله ولد حر) * فإنه * (لم يمنع الولد برق
أبيه) * بل يكون هو الوارث دونه وإن كان تقربه به، قال الصادق
(عليه السلام) في خبر مهزم (1) " في عبد مسلم له أم نصرانية وابن
حر فمات الأم، يرثها ابن ابنها الحر ".
* (ولو كان الوارث اثنين فصاعدا فعتق المملوك قبل القسمة شارك
إن كان مساويا وانفرد إن كان أولى. ولو كان عتقه بعد القسمة لم يكن
له نصيب) *.
* (وكذا لو كان المستحق للتركة واحدا) * غير الإمام (ع) * (لم
يستحق العبد بعتقه نصيبا) * بلا خلاف معتد به أجده في شئ من ذلك
بل الاجماع عليه والنصوص (2) بنحو ما سمعته في الكافر فيه أيضا، نعم
عن ظاهر المبسوط والايجاز أنه إن أعتق قبل حيازة الواحد ورث، وعن
الوسيلة والاصباح الإرث إذا أعتق قبل النقل إلى بيت المال، وهما كما
ترى، خصوصا بعد ما عرفته سابقا في نظيره في الكافر.
بل الظاهر هنا مساواة الإمام (عليه السلام) لغيره من الوارث المتحد
حيث يفرض عدم فكه لقصور التركة أو نحو ذلك مما يوجب كون الإرث
للإمام (عليه السلام) فإذا اتفق تحرير العبد لم يشاركه، لعدم صدق
إعتاقه قبل القسمة، كغيره من الوارث المتحد، وحمله على الكافر الذي

(1) الوسائل - الباب - 17 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 1.
(2) الوسائل - الباب - 18 - من أبواب موانع الإرث.
49

قد سمعت النص (1) فيه بالخصوص قياس، كما هو واضح.
* (و) * على كل حال ف‍ * (إذا لم يكن للميت وارث) * في
جميع الطبقات حتى ضامن الجريرة * (سوى المملوك اشتري المملوك) * اتحد
أو تعدد * (من التركة وأعتق وأعطي بقية المال) * بلا خلاف أجده
فيه في الجملة، بل الاجماع بقسميه عليه وإن كان ستعرف الخلاف في
خصوص من يفك منهم، والنصوص (1) وافية في الدلالة عليه.
نعم قد يتوقف في دلالتها على توقف وجوب الفك على انتفاء
الوارث الحر حتى ضامن الجريرة.
بل قول الصادق (عليه السلام) في خبر ابن سنان (3): " قضى
أمير المؤمنين (عليه السلام) في الرجل يموت وله أم مملوكة وله مال أن
تشترى أمه من ماله، ثم يدفع إليها بقية المال إذا لم يكن ذو قرابة له
سهم في كتاب الله " يقتضي توقف الفك على عدم القرابة خاصة، لا
ما يشمل الضامن.
بل خبر إسحاق بن عمار (4): " مات مولى لعلي بن الحسين (عليهما
السلام) فقال: انظروا هل تجدون له وارثا؟ فقيل له: إن له ابنتين
باليمامة مملوكتين، فاشتراهما من مال الميت، ثم دفع إليهما بقية المال "
دال على ذلك بناء على أنه (عليه السلام) كان ولي نعمة له باعتبار
تحريره إياه تبرعا.
بل إطلاق غيره مما دل (5) على فك الأم ونحوها يقتضي ذلك أيضا

(1) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 1.
(2) الوسائل - الباب - 20 - من أبواب موانع الإرث.
(3) الوسائل - الباب - 20 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 6 - 7.
(4) الوسائل - الباب - 20 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 6 - 7.
(5) الوسائل - الباب - 20 - من أبواب موانع الإرث.
50

وإن قيد بعدم وارث قريب ولو بعيدا، للأدلة الخاصة، فيبقى غيره
على مقتضى الاطلاق.
لكن اطلاق الأصحاب اعتبار نفي الوارث وتصريح البعض كالفاضل
الهندي وغيره بضامن الجريرة وعموم ما دل على إرثه - الذي بينه وبين
ما هنا تعارض العموم من وجه - يقتضي اعتبار نفيه أيضا، وهو إن تم
إجماعا وإلا كان للنظر فيه مجال.
ثم إنه يظهر من بعض الأفاضل كون المراد بهذا الشراء الفك لا
الحقيقي، ضرورة عدم مالك للعبد.
ومنه يظهر عدم حاجة في عتقه إلى صيغة، كما هو أحد الوجهين
أو القولين، بل يكفي في حريته فكه المستلزم لإزالة ملك مالكه عنه،
فليس هو إلا ملكا لله كغيره من الناس.
لكن فيه أنه يمكن أن يقال بعد فرض كون شرائه بعين مال التركة
الباقي على حكم مال الميت باعتبار عدم الوارث له: إن المتجه صيرورة
العبد بحكم مال الميت على حسب ثمنه المدفوع عنه، فيتجه انعتاقه قهرا
عليه إن كان هو ممن ينعتق كذلك، وإلا احتيج إلى صيغة تحرير، إلا
أنه لم أعرف قائلا به.
وإنما المعروف بين الأصحاب الوجهان: أحدهما ما عرفته من حصول
تحريره بمجرد شرائه. وثانيهما الاحتياج إلى صيغة مطلقا، ولعله لعدم الانعتاق
هنا وإن كان ممن ينعتق على الميت لو كان قد اشتراه في زمن حياته عملا
باطلاق أدلة المقام " يشترى ويعتق " بل فيها (1) ذلك في خصوص
الأم والابن ونحوهما ممن ينعتق عليه بالشراء لو كان حيا، وعلى كل حال
يتجه كون الشراء حقيقيا.

(1) الوسائل - الباب - 20 - من أبواب موانع الإرث.
51

نعم لو فرض كون العبد الذي يرث الميت هو من جملة تركته اتجه
حينئذ عدم شرائه، بل يحرر ويرث المال.
* (و) * ليس للمالك الامتناع عن البيع، فإن أبى * (يقهر) * أي
* (المالك على بيعه) * كما في كل ممتنع عما وجب عليه، فيقهر حينئذ على
إيقاع صورة البيع، ويقوم قصد المكره ورضاه مقام قصده ورضاه، مع
احتمال عدم الحاجة إلى القهر على الصورة المزبورة، بل يقوم قيمة عدل
وتدفع ويقوم ذلك مقام بيعه.
أو أن من له الاكراه يكون موجبا قابلا، قال عبد الله بن طلحة
للصادق (عليه السلام) في أثناء خبره عنه (1): " أرأيت إن أبى أهل
الجارية كيف يصنع؟ قال: ليس لهم ذلك، يقومان قيمة عدل ثم يعطى
ما لهم على قدر القيمة ".
بل قد يستفاد منه ما أفتى به غير واحد من الأصحاب من أنه
ليس له طلب الزيادة عن القيمة، بل لعله لا خلاف فيه بينهم وإن كان
قد يناقش في استفادة ذلك منه، إذ أقصاه الرجوع إلى القيمة مع الامتناع
لا مع الرضا بالبيع لكن بزيادة عنها.
نعم قد يقال: إن تجويز ذلك له يقتضي التسلط له على عدم بيعه
ضرورة إمكان اقتراحه ما لا تقوم التركة به، وتقييد جواز ذلك بما إذا لم
يقترح الفاحش لا دليل عليه، فليس حينئذ إلا دفع القيمة كما صرح به
الفاضل في القواعد وغيره.
بل في كشف اللثام في شرح ذلك " عدم جواز بذل الزائد بدون رضا
المملوك ". قلت: بل ومع رضاه، ضرورة عدم العبرة برضاه ما دام مملوكا.
وكيف كان فالمتولي للشراء والتحرير مع عدم الوصي على ذلك

(1) الوسائل - الباب - 20 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 5.
52

حاكم الشرع أو من يقوم مقامه، بل قد يقال: إن ذلك وظيفته على
وجه لا يجوز للميت الوصية بها لغيره، كما هو مقتضى اطلاق الأصحاب
تولي الحاكم لذلك، اللهم إلا أن ينزل على حال عدم الوصي، والأمر
في ذلك سهل.
* (ولو قصر المال عن ثمنه قيل) * وإن لم نتحقق قائله: * (يفك
بما وجد وسعى في الباقي) * نعم عن الجواهر نفي البأس عن العمل به،
والمختلف أنه ليس بعيدا عن الصواب، بل في المسالك أنه قول متجه
ويقوى فيما ورد النص والاتفاق على فكه، وفي الروضة أنه متجه فيما اتفق
على فكه وغير متجه في غيره.
وفيه أنه لا فرق بين ما اتفق على فكه وبين غيره بعد اشتراكهما
في وجوبه للدليل، سواء كان الاتفاق أو غيره، إذ ما لا يدرك (1)
وعدم سقوط الميسور (2) والاتيان بالمستطاع (3) وحصول الغرض به في
الجملة قائم في الجميع وإن كان المتجه في الجواب أنه لا يتمسك بهذا في
المقام الذي أعرض الأصحاب عن مقتضاها فيه، لأنه لم يثبت كونها
قاعدة على جهة العموم.
وأما ما قيل - من أن عتق الجزء يساوي عتق الجميع في الأمور
المطلوبة شرعا فيساويه في الحكم - فمرجعه إلى ما هو ممنوع أو إلى ما لا
يوافق أصولنا، كما هو واضح.
* (وقيل) * والقائل المشهور بين الأصحاب قديما وحديثا نقلا
وتحصيلا: * (لا يفك ويكون الميراث للإمام (عليه السلام) وهو

(1) إشارة إلى المرسلتين: " ما لا يدرك كله لا يترك كله " و " الميسور
لا يسقط بالمعسور " وهما مرويتان في غوالي اللئالي، وهو مخطوط.
(2) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(3) إشارة إلى قوله صلى الله عليه وآله: " إذا أمرتكم بشئ فاتوا منه ما استطعتم " المروية في
سنن البيهقي - ج 4 ص 326.
53

الأظهر) * لأذن الفك مخالف للأصل من وجوه، فيقتصر فيه على المعلوم
وللاجماع كما في المصابيح، لانقراض الخلاف وشذوذه، فلا يتهجم على
منع الإرث الثابت بالكتاب والسنة بمثل ذلك.
وللفضل بن شاذان قول بالتفصيل أضعف من الأول، وهو الفك
إلى أن يقصر المال عن جزء من ثلاثين جزء أخذا من عدة الشهور،
وهو كما ترى.
* (وكذا) * الحال * (لو ترك وارثين أو أكثر وقصر نصيب
كل واحد منهم أو نصيب بعضهم عن قيمته) * دون الآخر لكثرته أو
قلة قيمته * (لم يفك أحدهم، وكان الميراث للإمام (عليه السلام)) *
وفاقا للمشهور أيضا بين القدماء والمتأخرين، بل في محكي السرائر نفي
الخلاف عنه، لما عرفت من الاقتصار فيما خالف الأصل على المتيقن الذي
هو وفاء التركة بشراء جميع أهل الطبقة من الورثة.
لكن في القواعد " وهل يفك من ينهض نصيبه بقيمته لكثرته أو
لقلة قيمته؟ فيه إشكال ".
بل في الإرشاد " ولو قصر نصيب أحدهما اشتري الآخر وأعتق
وأخذ المال ".
بل عن إيضاح الفخر " لا إشكال عندي في هذه المسألة أنه يجب
عتق واحد، لوجود المقتضي، وهو وجود قريب وارث على تقدير الحرية
لكن الاحتمال في الترجيح، هل يرجح من يفي نصيبه بقيمته أو لا؟ يحتمل
الأول، وهو اختيارنا كما سبق، ويحتمل الثاني، وقد مر توجيه القولين
وعلى الثاني يقرع، وأما منع العتق في الكل فلا ".
وفي المسالك " في عتقه قوة، لوجود قريب يرث على تقدير حريته
54

ونصيبه ويفي بقيمته، فامتنع المانع من جهته، وانتفى عتق غيره لوجود
المانع ".
وفي الروضة " وعلى المشهور لو تعدد الرقيق وقصر المال عن فك
الجميع وأمكن أن يفك به البعض ففي فكه بالقرعة أو التخيير أو عدمه
أوجه، وكذا الاشكال لو وفت حصة بعضهم بقيمته وقصر البعض،
لكن فك الموفى هنا أوجه ".
وعن الأردبيلي أنه اختار الفك في هذا الفرد، قال: " والفرق
بينه وبين ما إذا لم يف حصة كل واحد بثمنه ظاهر، كعدم الفرق بينه
وبين من وفت حصته بثمنه وبقي شئ من التركة ولم يكن معه من لا يفي
حصته به، فالفرق بينهما وعدمه بين الأولين كما هو ظاهر الشرائع واختاره
المحقق الثاني غير ظاهر ".
والجميع كما ترى بعد ما عرفت من الاقتصار فيما خالف الأصل على
مورد النص الذي لا ريب في خروج الفرض عنه.
بقي شئ وهو أن ظاهر المصنف وغيره ملاحظة وفاء النصيب بفك
صاحبه مع تعدد الوارث.
وفيه منع، ضرورة ظهور الأدلة في فك الوارث متحدا أو متعددا
من التركة من غير ملاحظة ذلك، إذ لا نصيب لهم قبل الفك، بل لو
فرض التدريج في فكهم لم يكن للذي سبق فكه مزاحمة غيره في قيمة فكه
على ما هو ظاهر النصوص.
* (و) * كيف كان ف‍ * (لو كان العبد قد انعتق بعضه ورث
من نصيبه) * بتقديره حرا كاملا * (بقدر حريته ومنع بقدر رقيته) *
بلا خلاف أجده فيه، بل الاجماع بقسميه عليه، مضافا إلى المعتبرة (1)

(1) الوسائل - الباب - 19 - من أبواب موانع الإرث.
55

المستفيضة الواردة في المكاتب، والنبوي (1) " في العبد يعتق بعضه يرث
ويورث على قدر ما أعتق منه ".
وحينئذ فيرث بتقديره حرا كاملا ويعطى بنسبة ما فيه من الحرية مما يرثه
على تقدير الكمال، ويختص الباقي بغيره وإن تأخر عنه، وأنه بجزئه الحر
لا يحجبه عن تمام الإرث كما في الخبر (2) فما في القواعد من الاشكال في
ذلك في غير محله، على أنه على فرض حجبه يبقى المال بلا مالك، ضرورة
عدم استحقاق العبد له، وإلا كان كالحر، والفرض حجب غيره بالجزء الحر.
ولو تعدد المبعض واتحدت النسبة اقتسموا ما يستحقونه على الانفراد
بالسوية، وإلا اشتركوا فيما يستحقه الأكثر حرية لو انفرد بنسبة الحرية.
فلو خلف أولادا متعددين كل واحد منهم نصفه حر ليس لهم إلا
نصف المال يقتسمونه بينهم بالسوية.
ولو خلف ولدا نصفه حر وآخر حرا كاملا كان للمبعض الربع
وللحر ثلاثة أرباع، ضرورة زيادته عليه بنصف وشركته معه بالنصف الآخر.
ولو خلف ولدا نصفه حر وأخا كله حر كان المال بينهما نصفين
أو أخا نصفه حر وعما حرا كاملا فللابن النصف وللأخ الربع والباقي للعم.
ولو خلف ابنين نصفهما حر فالنصف بينهما نصفين، ولو كان
أحدهما ثلثاه حر والآخر ثلثه حر كان الثلثان بينهما أثلاثا، إذ هما الذي
يستحقه الأكثر حرية وكانا له مع الانفراد، أما مع عدمه كما في الفرض

(1) راجع المغني لابن قدامة ج 7 ص 135.
(2) الظاهر أن مراده (قده) هو ما رواه الشهيد في المسالك عن علي (ع) " أنه لا يحجب
بقدر ما فيه من الرق " وقد ذكره أبو الفرج في الشرح الكبير المطبوع في ذيل المغني
لابن قدامة ج 7 ص 224 فقال: عنه - أي علي (ع) - أنه قال: " يرث ويحجب ويعتق
منه بقدر ما أدى ".
56

شاركه فيهما كذي النصف، فيقسم ذلك بينهما على حسب ما فيهما
من الحرية.
ولا فرق في ذلك بين الوارث بالفرض والوارث بالقرابة، فلو
كان ذو الفرض نصفه حرا فله النصف مما يرثه بالفرض والرد بفرض
الحرية، لاطلاق الأدلة، فقطع العلامة (رحمه الله) بأن له نصف
الفرض خاصة واضح الضعف، كاحتماله تكميل الحرية في المبعضين
المتساويين فيها وإرثهما بتنزيل الأحوال.
* (وكذا يورث منه) * أي يورث من المبعض كل ما جمعه بجزئه
الحر، ويختص المالك بالباقي المستحق له بالملك، لا أن المراد يورث منه
على حسب ما فيه من الحرية، بمعنى قسمة ما جمعه بجزئه الحر بين
الوارث والسيد وإن توهمه بعض الناس، ضرورة عدم جهة لاستحقاق
السيد ذلك بوجه.
وربما كان توهم المتوهم من نحو المتن المعلوم كون المراد منه أنه
لو فرض اكتساب المبعض شيئا من المال بكله وقد مات عنه، فإنه
يعطى الوارث منه قدر ما فيه الحرية، لأنه هو الذي يملكه، ويدفع
الباقي للسيد ملكا لا إرثا. ودعوى أن انتقال المال عنه صار بسبب موته
الحال فيه كله - وقد فرض ملك بعضه فيكون ذلك سببا للتبعيض في
ماله الذي جمعه بجزئه الحر - كما ترى لا تستأهل جوابا.
هذا * (و) * بملاحظة ما ذكرناه تعرف أن * (حكم الأمة) * في
جميع ما سبق * (كذلك) *.
57

* (مسألتان:) *
* (الأولى:) *
* (يفك الأبوان للإرث إجماعا) * بقسميه، بل المحكي منهما متواتر
واقتصار الصدوق (رحمه الله) على الأم ليس خلافا وإلا كان محجوجا
بما سمعت، مضافا إلى ما دل من النصوص (1) على فك مطلق الوارث
وخصوص مرسل ابن بكير (2).
* (وفي الأولاد تردد) * ينشأ من الاقتصار على المتيقن فيما خالف
الأصل من وجوه، ومن محكي الاجماع في السرائر والروضة وصحيح جميل
أو حسنه (3) وخبر سليمان بن خالد (4) وخبر إسحاق بن عمار (5) فيهم
وأوليتهم من الأخت المنصوص عليه في جملة من النصوص (6) وإن كان
* (أظهره أنهم يفكون) * لصلاحية بعض ذلك لقطع الأصل فضلا عن
جميعه، خصوصا مع شذوذ المخالف، بل هو غير محقق وإن كان قد
اقتصر المرتضى والديلمي والصدوق على من عداهم لكن ذلك أعم من
المخالفة.
* (وهل يفك من عدا الآباء والأولاد؟) * من الأقارب؟
* (الأظهر) * عند المصنف أنهم * (لا) * يفكون وفاقا لمن اقتصر على

(1) الوسائل - الباب - 20 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 0 - 3 - 4 - 10 - 8.
(2) الوسائل - الباب - 20 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 0 - 3 - 4 - 10 - 8.
(3) الوسائل - الباب - 20 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 0 - 3 - 4 - 10 - 8.
(4) الوسائل - الباب - 20 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 0 - 3 - 4 - 10 - 8.
(5) الوسائل - الباب - 20 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 0 - 3 - 4 - 10 - 8.
(6) الوسائل - الباب - 20 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 3 - 5 - 9.
58

غيرهم ممن عرفت والمفيد والحلي وظاهر الطوسي والآبي بل عن الحلي
نسبته إلى الأكثر وإن كان فيه أن المنقول في الروضة خلافه، حتى نسب
فيها القول بفكهم إلى الأشهر.
بل عن الخلاف الاجماع على فك الوارث مطلقا، بل لعل المعلوم
أيضا خلافه، إذ المحكي عن الشيخ وأبي علي والشاميين الخمسة والقطبيين
الراوندي والكيدري والمحقق الطوسي والعلامة ونجيب الدين وفخر المحققين
والسيوري وأبي العباس والصيمري القول بفكهم.
ولعله الأقوى، لما عرفت من إطلاق معقد الاجماع المزبور، ومرسل
الدعائم (1) " إذا مات الميت ولم يدع وارثا وله وارث مملوك يشترى
من تركته، فيعتق ويعطى باقي التركة بالميراث " وخصوص المرسل عن
الوسيلة في الجد والجدة والأخ والأخت وجميع ذي الأرحام، ومرسل
ابن بكير (2) وخبر عبد الله بن طلحة (3) في الأخ والأخت بضميمة
الاجماع المركب على عدم الفصل، بل في أولهما إشعار أو ظهور في التعميم
كاشعار خبر إسحاق بن عمار (4) بذلك قال: " مات مولى لعلي بن الحسين
(عليهما السلام) فقال: انظروا هل تجدون له وارثا؟ فقيل: إن له
ابنتين " إلى آخره.
* (و) * لا يقدح الضعف في شئ منها بعد التعاضد والانجبار بما
عرفت، فلا محيص حينئذ عن القول بذلك.
بل * (قيل: يفك كل وارث ولو كان زوجا أو زوجة) * كما
هو صريح بعض وظاهر آخرين، لاطلاق معقد الاجماع المزبور ومرسل

(1) المستدرك - الباب - 11 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 1.
(2) الوسائل - الباب - 20 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 3 - 5 - 8.
(3) الوسائل - الباب - 20 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 3 - 5 - 8.
(4) الوسائل - الباب - 20 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 3 - 5 - 8.
59

الدعائم (1) وخصوص الصحيح (2) " كان علي (عليه السلام) إذا
مات الرجل وله امرأة مملوكة اشتراها من ماله فأعتقها ثم ورثها ".
وإذا ثبت العتق في الزوجة ثبت في الزوج بالأولوية والاتفاق على
عدم اختصاصها بالفك دونه، واحتمال تصحيف الأمة بالامرأة لا يصغى إليه.
كاحتمال التبرع من الإمام، إذ الظاهر كون الحكاية لبيان حكم شرعي
وهو أن الزوجة تشترى وتفك كما في غيرها من الوارث، لا التبرع منه
(عليه السلام) بل قوله: " ورثها " كالصريح في نفي التبرع الذي
هو ليس بإرث، بل ظاهر الصحيح شراؤها من التركة ودفع بقية التركة
إليها، خصوصا مع ملاحظة قوله (عليه السلام): " كان " إلى آخره
المقتضي لتكرر ذلك منه، فإنه مع حكاية الصادق (عليه السلام) عنه
ذلك ظاهر في كون الحكم في المسألة ذلك، فلا يكون مقصورا على مورد
يفي الربع بالثمن ويبقى منه شئ للزوجة، وحمل قضاياه كلها على خصوص
ذلك مشكل.
ومن ذلك يعلم فساد ما قيل من قوة احتمال التبرع باعتبار عدم ذكر
الربع فيه.
فالمتجه حينئذ استثناء الزوجة في خصوص المقام من عدم الرد عليها
لهذا الصحيح، كما عساه يظهر من مصابيح الطباطبائي (رحمه الله) أو
يطرح ويقتصر على فك الزوج دونها، عملا بمعقد إجماع الخلاف وإطلاق
المرسل (3) الظاهرين في فك من ينحصر به الإرث على تقدير فكه.
بل لعل ذلك هو ظاهر جميع نصوص المقام وفتاوى الأصحاب
لا فك من له شريك على تقدير فكه، فإنه ينحصر الإرث حينئذ في

(1) المستدرك - الباب - 11 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 1.
(2) الوسائل - الباب - 53 - من كتاب العتق - الحديث 1.
(3) المستدرك - الباب - 11 - من أبواب موانع الإرث - الحديث 1.
60

شريكه، ولعل ذلك هو الأقوى إن لم ينعقد إجماع على خلافه، ودونه
خرط القتاد، إذ يمكن إرادة جميع من أطلق فك الوارث الظاهر فيمن
ينحصر الإرث به على تقدير فكه، ولا يندرج فيه إلا الزوج دون الزوجة
واحتمال إرثها الجميع هنا مخالف لقولهم لعدم الرد عليها مع عدم ظهور
استثناء في كلامهم للمقام، والله العالم.
* (و) * كيف كان فقد ظهر لك ما في قول المصنف من أن * (الأول
أولى) * وإن نسب عدم فك الزوجين إلى الديلمي والحلي وابن سعيد والآبي
وأبي العباس وظاهر المقنعة والأحمدي والجواهر والوسيلة والقواعد والتخليص
والتنقيح بل عن المقتصر نسبته إلى الأكثر.
المسألة * (الثانية:) *
* (أم الولد لا ترث، وكذا المدبر ولو كان وارثا من مدبره،
وكذا المكاتب المشروط والمطلق الذي لم يؤد شيئا) * بلا خلاف أجده
في شئ من ذلك، بل ولا إشكال في عدم أرثهم القريب غير المولى،
ضرورة اندراجهم في جميع ما دل على عدم أرث المملوك من نص (1)
وإجماع محكي لبقائهم أجمع على الرقية، فهم حينئذ كالقن وإن كان لهم
نوع تشبث بالحرية، ولذا لو ماتوا لم يرثهم أحد، لعدم الملك لهم،
بلا خلاف أجده في شئ منهم إلا في المكاتب المطلق الذي يموت وعنده
وفاء، فإن فيه خلافا تقدم في محله.
وأما إرثهم للمولى مع فرض كونه قريبا فلا وجه له في أم الولد

(1) الوسائل - الباب - 16 - من أبواب موانع الإرث.
61

المحجوبة بابنها، ضرورة عدم تصور كونها أم ولده قريبة إلا في مرتبة
العمومة والخؤولة كي يحل له وطؤها، فانعتاقها حينئذ من نصيب ولدها غير
نافع لها، وكذا لا وجه له في المكاتبين بعد فرض بقائهما على الرقية بعد
المولى للشرط في أحدهما وعدم التأدية في الثاني.
وأما المدبر ففي المسالك تعليل عدم إرثه بأنه يعتق بعد وفاة سيده
من ثلثه، فانتقال التركة إلى غيره من الوارث سابق على حريته، ثم
قال: " وهذا يتم مع اتحاد الوارث، أما مع تعدده فالحكم بحريته سابق
على القسمة، فيختص إن كان أولى ويشارك إن كان مساويا ".
قلت: بل قد يناقش في المتحد أيضا بأن حريته مع فرض سعته
الثلث له مقارن لانتقال التركة إلى الوارث، إذ كونه من الثلث لا يقتضي
تأخره عن ذلك كي يكون سابقا على حريته. نعم إرثه تسبب عن أمرين
موت السيد وحريته، بخلاف إرث الوارث، فإنه مسبب عن موت المورث
خاصة، فإن كان ذلك مجديا فهو، وإلا كان للنظر فيه مجال.
واحتمال الفرق بين المدبر والوارث بأن الإرث للثاني مقارن للموت
بخلاف الأول فإن حريته مشروطة بتعقبها للوفاة يدفعه منع ذلك في الوارث
أيضا، فإنه لا بد من تقدم الموت للإرث ولو تقدما ذاتيا.
اللهم إلا أن يفرق بينهما بذلك، فيقال: إن التقدم في الإرث
والتحرير زماني، فيتحقق حينئذ سبق الانتقال إلى الوارث على الحرية،
لكنه كما ترى، والعمدة الاجماع إن تم وإلا كان للنظر فيه مجال، والله العالم.
* (و) * كيف كان ف‍ * (من لواحق أسباب المنع أربعة:) *
* (الأول: اللعان) * الجامع للشرائط * (سبب لسقوط نسب الولد) * بلا
خلاف أجده فيه، بل الاجماع بقسميه عليه والنصوص (1) وافية في الدلالة عليه

(1) الوسائل - الباب - 9 و 14 - من كتاب اللعان.
62

فلا توارث حينئذ بينهما، لعدم النسب شرعا * (نعم لو اعترف) * به
* (بعد اللعان ألحق به وورثه الولد وهو لا يرثه) * بلا خلاف أجده فيه
لعموم " إقرار العقلاء " (2) وخصوص قول الصادق (عليه السلام)
في حسن الحلبي (2) " في الملاعن فإن ادعاه أبوه لحق به، فإن مات
ورثه الابن ولم يرثه الأب " وغيره من النصوص.
لكن في تعدي إرث الولد حينئذ إلى أقارب الأب مع اعترافهم أو
مطلقا أو عدمه مطلقا أوجه، تقدم الكلام فيها سابقا.
كما أنه يأتي إنشاء الله تمام الكلام في كيفية إرث ولد الملاعن عند
تعرض المصنف له، وإنما ذكره هنا إلحاقا له بالموانع لا منها نفسها،
لأذن المنع فيه من حيث انقطاع النسب، والكلام في الموانع على تقدير
تحقق النسب، وليس ولد الملاعن كذلك، بل هو من الأجانب بعد قطع
الشارع نسبه باللعان، كما هو واضح، والله العالم.
* (الثاني: الغائب غيبة منقطعة) * فيها آثاره وأخباره، فلم يعلم
حياته ولا موته يتربص بماله اتفاقا فتوى ونصا (3).
ولكن في قدر التربص أقوال مختلفة: المشهور منها نقلا وتحصيلا
خصوصا بين المتأخرين أنه * (لا يورث حتى يتحقق موته) * بالتواتر
أو بالبينة أو بالخبر المحفوف بالقرائن المفيد للعلم * (أو) * بأن * (تنقضي مدة
لا يعيش مثله إليها غالبا) * لأصلي بقاء الحياة والتركة على ملكه من
غير معارض.
وهي مختلفة باختلاف الأزمان والأصقاع، وربما قدرت بالمائة

(1) الوسائل - الباب - 3 - من كتاب الاقرار - الحديث 2.
(2) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث ولد الملاعنة - الحديث 1.
(3) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الخنثى.
63

وخمسين سنة، بل في المسالك " أنها ربما قدرت بالمائة وعشرين سنة
- ثم قال -: والظاهر الاكتفاء بما دونها، فإن بلوغ العمر مائة سنة
الآن على خلاف العادة ".
* (ف‍) * إذا تحقق موته * (يحكم) * حينئذ * (لورثته الموجودين في
وقت الحكم) * لا من مات قبله ولو بيوم إلا إذا شهدت البينة بالموت
قبله.
* (وقيل) * كما عن الإسكافي في المحكي من مختصره: * (يورث
بعد انقضاء عشر سنين من غيبته) * لكن المنقول من عبارته ما نصه:
" والنظرة في ميراث من فقد في عسكر قد شهدت هزيمته وقتل من كان
فيه أو أكثرهم أربع سنين، وفي من لا يعرف مكانه في غيبة ولا خبر
له عشر سنين، والمأسور في قيد العدو يوقف ماله ما جاء خبره ثم إلى
عشر سنين " وظاهره التفصيل اللهم إلا أن يحمل ذلك على تحقق موته
بالقرينة.
وعلى كل حال فمستنده صحيح علي بن مهزيار (1) سأل الجواد
(عليه السلام) " عن دار كانت لامرأة وكان لها ابن وابنة فغاب الابن
بالبحر وماتت الامرأة فادعت ابنتها أن أمها كانت صيرت هذه الدار
لها وباعت أشقاصا منها، وبقيت قطعة إلى دار رجل من أصحابنا وهو يكره
أن يشتريها لغيبة الابن وما يتخوف من أن لا يحل له شراؤها، وليس
يعرف للابن خبر، فقال (عليه السلام): ومنذ كم غاب؟ قال: منذ
سنين كثيرة، فقال: ينتظر من غيبته عشر سنين ثم يشترى، فقال:
إذا انتظر غيبته عشر سنين يحل شراؤها؟ قال: نعم ".
وربما نوقش بجواز أن يكون جواز الشراء لأنها بيد البنت، ولا

(1) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 7.
64

معارض لها وإن أقرت بأنها ملكتها من أمها. والغائب حينئذ على حجته،
ولا ينافيه الأمر بالتأخير إلى تلك المدة، لاحتمال كونه من باب الاحتياط
بل يحتمل أن يكون قد حفظ الثمن للغائب أو أعطي البنت وضمنت له،
بل يمكن أن يكون ذلك أذنا من الإمام (ع) في بيع مال الغائب لمصلحته.
على أنه قضية في واقعة، فلا يستدل به على الكلية.
إلا أن الجميع كما ترى لا ينافي الظهور الذي يكفي الخصم، والتأخير
للاحتياط يلزمه كون مدة الانتظار بالغائب ذلك وإلا لم يكن احتياطا.
نعم هي شاذة، إذ لم يعرف القول بمضمونها ممن عدا من عرفت إلا
ما يحكى عن المفيد من الانتظار إلى ذلك في بيع عقاره خاصة وجواز
اقتسام الورثة ما عداه من سائر أمواله بشرط الملاءة، وضمانهم له على
تقدير ظهوره.
ولعله هو الذي أشار إليه المصنف بقوله: * (وقيل: يدفع ماله
إلى وارثه الملئ) * وإن كان مطلقا جمعا بين هذا الصحيح (1) وبين
موثق إسحاق بن عمار (2) " سألته عن رجل كان له ولد فغاب بعض
ولده ولم يدر أين هو؟ ومات الرجل كيف يصنع بميراث الغائب من أبيه؟
قال: يعزل حتى يجئ... قلت: فقد الرجل فلم يجئ، فقال:
إن كان ورثة الرجل ملاء بماله اقتسموه بينهم، فإن جاء هو ردوه عليه ".
إلا أنه كما ترى، خصوصا بالنسبة إلى الشق الثاني الذي لم يبين فيه
مدة التربص واشترط الاقتسام بالملاءة، وهو مناف للحكم بموته.
ومنه يعلم أنه لا وجه لحمله على ما يوافق نصوص الأربع سنين (3)

(1) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 7 - 8.
(2) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 7 - 8.
(3) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 5 و 9.
65

ولو بتقييده بها الذي هو أحد الأقوال، بل هو المحكي عن الإنتصار والفقيه
والغنية والكافي، واختاره في الرياض حاكيا له عمن عرفت، ثم قال:
" ونفى عنه البأس في المختلف، وقواه الشهيدان في الدروس والروضة،
ومال إليه جملة من متأخري المتأخرين كالمحدث الكاشاني وصاحب الكفاية
وغيرهما ".
بل في الأول والثالث دعوى إجماع الإمامية عليه، وهو الحجة بعد
الموثقين، في أحدهما (1) " المفقود يحبس ماله على الورثة قدر ما يطلب في
الأرض أربع سنين، فإن لم يقدر عليه قسم ماله بين الورثة " ونحوه
الثاني (2) لكنه مطلق غير مقيد بالطلب، فيقيد به، لقاعدة الاطلاق
والتقييد ولعدم القائل بالاطلاق معتضدا ذلك كله بما دل (3) على ذلك
في الزوجية التي هي أولى بالمراعاة من المال.
لكن قد يناقش باعراض المعظم عن الاجماعين، بل كأنه استقر
الاجماع على خلافهما باعتبار مضي جملة من الأعصار المتخللة بين زمان
الأول والموافق له من المتأخرين، بل قد عرفت أن أساطين عصر القائل
على خلافه، كالمفيد والشيخ وغيرهما، فيقوى الظن بخطأ تحصيلهما، فما
عساه يقال - من أنه لا أقل من إفادتهم الشهرة في ذلك الزمان، فتعضد
الرواية أو تجبرها - في غير محله.
والموثقان مع إعراض المشهور عنهما أيضا معارضان بالصحيح (4)
والموثق الآخر (5) وحمل الأخير منهما على الأولين ليس بأولى من حملهما
على ما يشعر به من إعطاء المال للوارث الملئ لا على جهة الإرث، بل

(1) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 9 - 5 - 7 - 8.
(2) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 9 - 5 - 7 - 8.
(3) الوسائل - الباب - 23 - من أبواب أقسام الطلاق من كتاب الطلاق.
(4) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 9 - 5 - 7 - 8.
(5) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 9 - 5 - 7 - 8.
66

على جهة القرض ونحوه مما هو مصلحة للغائب في حفظ ماله.
* (و) * من ذلك كله وغيره يعلم أن * (الأول أولى) * وأحوط
وأبعد من التهجم على الأموال المعصومة بالأخبار الموهومة المعارضة للأصول
القطعية التي منها أصالة بقاء الحياة، وعدم دخول التركة في ملك الورثة،
المؤيدة بالنصوص الواردة في مجهول المالك.
منها الصحيح (1): " سأل خطاب الأعور أبا إبراهيم (عليه السلام)
وأنا جالس، فقال: إنه كان عند أبي أجير يعمل عنده بالأجرة، ففقدناه
وبقي له من أجره شئ، فلا نعرف له وارثا، قال: فاطلبوه، قال:
قد طلبناه فلم نجده. قال: فقال: مساكين وحرك يديه، قال: وأعاد،
قال: أطلب واجهد، فإن قدرت عليه وإلا فهو كسبيل مالك حتى يجئ
له طالب، فإن حدث بك حدث فأوص به إن جاء طالب أن يدفع إليه ".
وهي وإن كانت فيمن لا يعرف له وارث، وهو غير ما نحن فيه،
إلا أن الظاهر كما عن الأردبيلي عدم الفرق بين الميراث وبين غيره من
الحقوق.
بل قد يقال: إن المتجه مع الحكم بموته لأربع سنين مثلا دفع
المال إلى الإمام (عليه السلام) في غالب الأحوال، إذ هو وارث
من لا وارث له ولو بالأصل. وعلى كل حال ففيها نوع تأييد.
والالحاق بالزوجية - مع أنه قياس لا نقول به - يمكن الفرق بلزوم
تضرر المرأة بطول الغيبة المقتضي لتعطيل بضعها وانقطاع نسلها وعدم النفقة
لها ونحو ذلك، بل لو قلنا: العلة الأخير خاصة - بدليل أنها لو وجدت
من ينفق عليها انتظرت - كان فارقا.
ودعوى اشتراكها مع الوارثة بالتضرر من هذه الجهة سيما الصغار

(1) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 1.
67

منهم والعجزة واضحة المنع، ضرورة عدم معلومية كون المال لهم كي
يحصل ضرر عليهم بتعطيله عنهم، بل لعل الضرر على صاحب المال
بدفعه إليهم قبل تحقق موته، خصوصا مع غلبة انقطاع الأخبار في مثل
هذه المدة ثم يعقبها تبين الحياة، خصوصا لمن يكون سفره إلى جهة
الغرب أو الشرق.
على أن المحكي عن الحلبي الصبر إلى أربع سنين لكشف السلطان فيها
عن خبره، وهذا لا يكون إلا مع انبساط اليد، بل لعل المراد بعد انقطاع
خبره يتربص أربع سنين يكشف فيها عن خبره، لا أن المراد بمجرد
انقطاع خبره هذه المدة يحكم بموته.
بل يمكن مع فعل ذلك وإرسال الرسل إلى جميع الأطراف - التي
هي مظنة وجوده فلم يوقف له على أثر وخبر - يعلم موته، إذ لو كان
لبان، ولو كان في قيد الحياة تنفسا، وحينئذ ربما كان القائل بالأربع
على الوجه المزبور غير مخالف، بل ولا خبره الذي قد اعتبر فيها الطلب،
فتأمل جيدا.
وبذلك وغيره يظهر لك ما في مختار الرياض وإن أطنب بترجيحه،
إلا أنه عند التأمل الجيد ليس بشئ، هذا في التوريث من المفقود.
وأما توريثه من الميت ففي كشف اللثام " أن المختار وقف نصيبه
من الميراث حتى يعلم موته بالبينة أو مضي مدة لا يعيش مثله فيها عادة،
وتقسم باقي التركة، فإن بان حيا أخذه، وإن علم أنه مات بعد موت
المورث دفع نصيبه إلى ورثته، وإن علم موته قبله أو جهل الحال بعد
التربص تلك المدة دفع إلى سائر ورثة الأول ".
وفيه أن المتجه معاملته معاملة باقي أمواله، ضرورة اقتضاء الحكم
باستصحاب حياته أنه ماله، فينفق على زوجته منه مثلا، ويتصرف به
68

الولي الشرعي كتصرفه في غيره من أمواله، لا أنه يوقف ويحبس.
ثم قال: " وعلى المختار يعطي الحاضرون من أنصبائهم أقل الأمرين
مما لهم على فرض حياة المفقود وعلى فرض موته، ويوقف الباقي حتى
يظهر أمره أو يمضي مدة التربص، فلو خلف أما وبنتا حاضرتين أو أبا
غائبا فعلى فرض موته تكون المسألة من أربعة، ربعها للأم فرضا وردا
والباقي للبنت، وعلى فرض حياته تكون من خمسة، لكل من الأبوين
خمس وللبنت ثلاثة أخماس، فتضرب الأربعة في الخمسة تصير عشرين،
ويعطي البنت الأقل، وهو ثلاثة أخماس اثنا عشر من العشرين، هذا إذا
تباينت المسألتان، وإن تماثلتا اكتفي بإحداهما، وإن توافقتا ضرب وفق
إحداهما في الأخرى، وإن تداخلتا اجتزأ بالأكثر، قال في التحرير:
ولهم أن يصطلحوا على ما زاد، ففي المثال للأم أن تأخذ خمسة من الستة
عشر إن رضيت البنت، وللبنت أن تأخذ خمسة عشر إن رضيت الأم ".
وكأنها متعبة لا حاصل لها بعد ما عرفت من معاملته معاملة الحي
الحاضر وأخذ نصيبه والتصرف على حسب التصرف في باقي أمواله.
ثم قال: " ولو كان الحاضر لا يرث إلا عند موت الغائب أوقف
نصيبه، ولو كان الغائب حاجبا غير وارث كما لو خلف أبويه وأخويه
قال في التحرير ففي تعجيل الحجب نظر، أقربه التعجيل، فتأخذ الأم
السدس والأب الثلثين، ويؤخر السدس للأم، قال: لكن هنا وإن حكمنا
بالحجب لكن يحكم بموتهما في حق الأب، فلا يتعجل له السدس المحجوب
عن الأم، وحينئذ يحكم في الأخوين بالحياة بالنظر إلى طرف الأم وبالموت
بالنظر إلى طرف الأب ".
والجميع كما ترى بعد الإحاطة بما عرفت من الحكم بحياة الغائب وإجراء
جميع أحكام الحي الحاضر، كما هو مقتضى الأصل. ثم إذا بان خلاف
69

ذلك عمل على ما تقتضيه القواعد الشرعية حينئذ، والله العالم.
* (الثالث: الحمل يرث بشرط انفصاله حيا) * إجماعا بقسميه
ونصوصا مستفيضة إن لم تكن متواترة منها الصحيحان وغيرهما.
قال في أحدهما (1): " سأل الحكم بن عتبة أبا جعفر (عليه السلام)
عن الصبي يسقط من أمه غير مستهل يورث، فأعرض عنه، فأعاد عليه،
فقال: إذا تحرك تحركا بينا ورث، فإنه ربما كان أخرس ".
وفي آخر (2): " إذا تحرك بحركة الاحياء ورث، إنه ربما كان
أخرس ".
ومنها يعلم إرادة المثال من نصوص الاستهلال، كالصحيح (3)
" لا يصلى على المنفوس، وهو المولود الذي لم يستهل ولم يصح، ولا يورث
من الدية ولا غيرها، فإذا استهل يصلى عليه وورثه ".
وفي الموثق (4) " في ميراث المنفوس من الدية، قال: لا يرث
شيئا حتى يصيح ويسمع صوته ".
ونحوه المرسل (5) " أن المنفوس لا يرث من الدية شيئا حتى يستهل
ويسمع صوته " خصوصا بعد ملاحظة إطباق الأصحاب على كون المدار
ما ذكرناه دون خصوص الاستهلال، وملاحظة غلبة الاستهلال على وجه
يظن جريان القيد مجراها.
وإن أبيت فلا مناص عن حملها على التقية ممن يرى اعتبار الاستهلال

(1) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 8 - 5 - 1 - 2 والأول عن الحكم بن عتيبة.
(2) الموجود في الروايات هو اعتبار الحركة إما مطلقا أو حركة بينة، ولم نجد
فيها رواية مقيدة بحركة الاحياء، راجع الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث
الخنثى - الحديث 3 و 4 و 7.
(3) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 8 - 5 - 1 - 2 والأول عن الحكم بن عتيبة.
(4) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 8 - 5 - 1 - 2 والأول عن الحكم بن عتيبة.
(5) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 8 - 5 - 1 - 2 والأول عن الحكم بن عتيبة.
70

في ميراثه من العامة، بقرينة الأمر بالصلاة عليه في بعضها (1) الموافق
لهم أيضا.
ومن الغريب ما عن الكاشاني من الجمع بينها وبين الأولة بتخصيص
الأخيرة بالإرث من الدية والأولة بالإرث من غيرها، إذ هو - مع عدم
الشاهد عليه وإن كان ربما أشعر به المرسل (2) والموثق (3) السابقان
إلا أن الاختصاص في الموثق في كلام الراوي وإشعار المرسل بمفهوم اللقب
المعلوم عدم حجيته ومخالفته لاجماع الأصحاب وصريح الصحيح (4)
المتقدم المسوي بين الدية وغيرها في اعتبار الاستهلال - قاصر عن معارضة
الأخبار السالفة (5) التي هي كالنص في عدم اعتبار الاستهلال منطوقا
ومفهوما ولو في الإرث من الدية كي يحتاج إلى الجمع بذلك.
* (و) * على كل حال فحينئذ * (لو سقط ميتا لم يكن له نصيب
و) * إن تحرك في البطن، بل وإن علم أن حركته فيها حركة أحياء،
للاتفاق نصا (6) وفتوى على اعتبار ولادته حيا.
كاتفاقهما على أنه * (لو مات بعد وجوده حيا كان نصيبه لوارثه) *
وإن كان غير مستقر الحياة، لاطلاق النص (7) والفتوى اعتبار الحياة
في إرثه لا استقرارها، خلافا لظاهر المصنف فيما يأتي، فاعتبر استقرارها
وهو كما ترى، خصوصا بعد ملاحظة ما في بعض النصوص (8) من
الاكتفاء بالحركة البينة في الوارثية والموروثية بالنسبة إلى السقط الذي حياته

(1) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث الخنثى الحديث 5 - 2 - 1 - 5.
(2) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث الخنثى الحديث 5 - 2 - 1 - 5.
(3) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث الخنثى الحديث 5 - 2 - 1 - 5.
(4) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث الخنثى الحديث 5 - 2 - 1 - 5.
(5) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 3 و 4 و 7 و 8.
(6) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث الخنثى.
(7) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث الخنثى.
(8) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 4 و 7 و 8.
71

غير مستقرة غالبا، فلا ريب في بطلانه.
كما أنه لا ريب في بطلان الاكتفاء في إرثه بالحياة في بطن أمه إذا
فرض العلم بها ولو باخبار معصوم، لعدم ما يدل على إرثه في هذا
الحال، بل الظاهر كونه وارثا لو ولد حيا حين ولادته، لا أنه ينكشف
أرثه قبل ذلك وإن كان هو حاجبا لغيره من الورثة. نعم لو سقط ميتا
انكشف ملك الورثة للمال بالموت.
فالتحقيق حينئذ بقاء حصة الحمل على حكم مال الميت، فإن ولد
حيا ورثها، وإلا انكشف كونها ملكا للورثة سابقا، ضرورة عدم تصور
قابلية التملك للنطفة بعد الانعقاد فضلا عما قبله، بل بعد تمام الخلقة
فضلا عما قبله، وليس حجبه موقوفا على كونه وارثا، بل يكفي فيه
استعداده للإرث، ضرورة صدق اسم الولدية بعد ذلك وإن لم تكن
متحققة حال موت الموروث، فإنه لا دليل على اعتبار مقارنة صدق
الولد للموت، بل يكفي الصدق بعد ذلك.
ومن هنا صح لبعض الأفاضل الاستدلال على إرث الحمل لو ولد
حيا باطلاق أدلة المواريث.
ومن ذلك ظهر لك عدم اعتبار حياته عند موت المورث بمعنى حلول
الحياة فيه بلا خلاف يظهر، كما عن بعض الأصحاب الاعتراف به،
لاطلاق النصوص (1) بإرثه مع ولادته حيا الشامل لما لو كان عند موت
مورثه نطفة.
نعم يشترط العلم بوجوده عند الموت ليحكم بانتسابه إليه، ويعلم ذلك
بأن تلده لما دون ستة أشهر من حين موته مدة يمكن تولده منه فيها أو

(1) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث الخنثى.
72

لأقصى الحمل إذا لم توطأ الأم وطئا صحيحا يصلح استناد الولد معه إلى
الواطئ.
هذا ولو خرج نصفه وتحرك واستهل ثم سقط ميتا لم يرث ولم يورث
على ما صرح به جماعة، للأصل واختصاص النصوص بحكم التبادر بالساقط
متحركا بجميعه، بل في الرياض " لم أجد الخلاف فيه وإن استقر به عبارة
التحرير، ولعل المخالف من العامة ". قلت: لكنه لا يخلو من وجه.
وكيف كان فلا خلاف أجده بين الأصحاب في أنه يوقف ويعزل
للحمل نصيب ذكرين احتياطا عن تولده كذلك، بل لولا ندرة الزائد
لعزل أزيد من ذلك، فلو اجتمع مع الحمل ذكر أعطي الثلث وعزل
للحمل الثلثان، أو أنثى أعطيت الخمس حتى يتبين حال الحمل، فإن ولد
حيا كما فرض وإلا وزع التركة بينهم على حسب ما يقتضيه حال الحمل،
وإن ولد ميتا خص باقيها بالولد الموجود.
ولو كان هناك ذو فرض أعطي النصيب الأدنى إن كان ممن يحجبه
الحمل من الأعلى إليه، كالزوجة والأم مع عدم ولد هناك أصلا، فإن ولد
ميتا أكمل النصيب، وإن ولد حيا روعي حاله وقسم التركة على حسبها.
والحاصل أنه متى كان هناك حمل وطلب الورثة القسمة فمن كان
محجوبا به كالأخوة لم يعط شيئا حتى يتبين الحال، ومن كان له فرض لا
يتغير بوجوده وعدمه - كنصيب الزوجين والأبوين إذا كان معه (مع خ ل)
ولد - يعطى كمال نصيبه، ومن ينقصه ولو على بعض الوجوه يعطى أقل
ما يصيبه على تقدير ولادته على وجه يقتضيه، كالأبوين إذا لم يكن هناك
ولد غيره.
ولعل الوجه في جميع ذلك - بعد ظهور الاجماع عليه وعلى كون الحمل
مانعا من أرث غيره - هو أصالة السلامة في الحمل والتولد حيا، وعدم
73

انتقال المال إلى الوارث غير الحمل، فهو حينئذ كالمال الذي يعلم عدد
وارثيه.
وأصالة عدم التعدد في الحمل يمكن المناقشة في جريانها باعتبار
رجوعها إلى تشخيص كيفية انعقاد النطفة، وهي قاصرة عن إفادة ذلك.
كما أن الظاهر إرادة مجرد الاحتياط اللازم مراعاته هنا بالعزل المزبور
لا أنه قسمة بحيث لو تلف ذلك المعزول لم يكن للحمل شئ فيما قبضوه،
ضرورة عدم الملك له قبل الولادة كي يتصور القسمة مع وليه، فالمراد
بذلك الجمع بين حقي الموجود والحمل، فلا تجري عليها أحكام القسمة،
اللهم إلا أن يدعى الاجماع على ذلك، لكنه كما ترى دون إثباته خرط القتاد.
* (و) * على كل حال ف‍ * (لو سقط) * الحمل * (بجناية) *
جان * (اعتبر بالحركة التي لا تصدر إلا من حي، دون التقلص الذي
يحصل طبعا لا اختيارا) * فإنه لا فرق في جميع ما ذكرنا بين سقوطه
بنفسه وبين سقوطه بجناية جان، والتزام الجاني بالدية أو غيرها لا يستلزم
توريثه، فإنها ربما تجب بدفع الجناية حلول الحياة بعد تهيؤ الجنين لها،
كما هو واضح، والله العالم.
* (الرابع: إذا مات وعليه دين يستوعب التركة لم ينتقل إلى
الوارث) * عند المصنف وجماعة * (وكانت على حكم مال الميت، وإن
لم يكن مستوعبا انتقل إلى الورثة ما فضل، وما قابل الدين باق على حكم
مال الميت) * كما تقدم تفصيل الكلام في ذلك في آخر كتاب الحجر (1)
وقد ذكرنا هناك أن الأقوى انتقال التركة إلى الوارث في حالي الاستيعاب
وعدمه وإن تعلق الدين بها، وحينئذ فلا يكون ذلك من لواحق المنع
عن الإرث، فلاحظ وتأمل.

(1) راجع ج 26 ص 90 - 93.
74

* (المقدمة الثالثة) *
* (في الحجب) *
الذي هو لغة المنع، وشرعا منه من قام به سبب الإرث بالكلية
أو من أوفر نصيبه، والأول المسمى بحجب الحرمان والثاني بحجب النقصان،
وقد أشار إليهما المصنف بقوله: * (الحجب قد يكون عن أصل الإرث) *
بالكلية * (وقد يكون عن بعض الفرض. فالأول ضابطه مراعاة
القرب) * أو ما نزله الشارع منزلته.
* (فلا ميراث لولد ولد مع ولد ذكرا كان أو أنثى، حتى أنه
لا ميراث) * عندنا * (لابن ابن مع بنت) * بلا خلاف أجده فيه نصا وفتوى
بل الاجماع بقسميه عليه، بل لعله من ضروريات مذهبنا، خلافا للعامة،
فورثوه معها، بناء منهم على التعصيب الذي ستعرف الحال فيه.
ولا ينافي هذا الضابط مشاركة ولد الولد النازل مع فقد أبيه للأب
الذي هو أقرب منه بعد أن نزله الشارع منزلة أبيه الذي هو أعلم بالأقربية
من غيره، ولذا قال عز من قال (1): " آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون
أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله ".
وليس المراد أن المرجع في الأقربية إليه، بل المراد الحكم بالأقربية
العرفية ما لم يأت ما ينافيها منه، كما في الفرض الذي نزل الشارع فيه ولد

(1) سورة النساء: 4 - الآية 11.
75

الولد وإن نزل منزلة الولد في مشاركة الأبوين.
*
(و) * على كل حال ف‍ * (متى اجتمع أولاد الأولاد وإن
سفلوا ف‍) * إن * (الأقرب منهم يمنع الأبعد) * على مقتضى الضابط المزبور
المستفاد من الكتاب (1) والسنة (2) المتواترة والاجماع بقسميه.
* (و) * من هنا * (يمنع الولد) * وإن سفل وكان أنثى * (من
يتقرب بالأبوين أو بأحدهما) * ولو كان ذكرا مساويا له في الصعود أو
أقرب منه مرتبة * (كالأخوة وبنيهم والأجداد وآبائهم والأعمام والأخوال
وأولادهم و) * حينئذ ف‍ * (لا يشارك الأولاد في الإرث) * عندنا
* (سوى الأبوين والزوج أو الزوجة) *.
خلافا للمحكي عن يونس بن عبد الرحمان من أنه إذا اجتمع جد
- أبو أب - وابن - ابن ابن - فالمال كله للجد.
وأبي علي من أنه لو خلف بنتا وأبوين فالفاضل عن أنصبائهم للجدين
أو الجدتين، ولو خلف ولد ولد وجدا أو والدا وجدا فللجد السدس.
والصدوق من أنه لو خلفت زوجها وابن ابنها وجدا فللزوج الربع
وللجد السدس والباقي لابن الابن.
وهي أقوال شاذة قد انعقد إجماع الإمامية على خلافها، كبعض
الأخبار (3) المنافية لذلك، منها خبر سعد بن أبي خلف (4) سأل
الكاظم (عليه السلام) " عن بنات بنت وجد، فقال: للجد السدس
والباقي لبنات البنت " حتى حكي عن ابن فضال أنه أجمعت العصابة على
ترك العمل به مع احتمال إرادة أب الميت من الجد فيه، والله العالم.

(1) سورة النساء: 4 - الآية 7.
(2) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.
(3) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.
(4) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 10.
76

* (فإذا عدم الآباء والأولاد) * وإن نزلوا * (فالإخوة والأجداد) *
بلا خلاف، بل الاجماع بقسميه عليه، والنصوص (1) وافية الدلالة عليه.
وهم يمنعون من عداهم سوى الزوجين، ويمنعون من يتقرب بهم
أيضا * (و) * حينئذ ف‍ * (يمنع الأخ ولد الأخ) * والجد أباه.
* (ولو اجتمعوا) * أي أولاد الإخوة * (بطونا متنازلة فالأقرب
أولى من الأبعد) *.
* (و) * كذا * (يمنع الإخوة وأولادهم وإن نزلوا من يتقرب
بالأجداد من الأعمام والأخوال وأولادهم) * لما عرفت * (و) * لقول
الباقر (عليه السلام) في صحيح يزيد الكناني (2): " وابن أخيك من
أبيك أولى بك من عمك ".
نعم * (لا يمنعون آباء الأجداد، فإن الجد وإن علا جد) * كما
أنهم لا يمنعون أولاد الإخوة وإن نزلوا خلافا للعامة، بل عن المبسوط
أنه لم يوافقنا عليه أحد، وأسقط الشافعي الإخوة لأم مع الجد، وأبو حنيفة
الإخوة مطلقا، والصحيح ما عرفت.
* (لكن لو اجتمعوا) * أي الأجداد * (بطونا متصاعدة فالأدنى
إلى الميت أولى من الأبعد) * للضابط المزبور.
* (و) * منه يعلم أن * (الأعمام والأخوال وأولادهم وإن نزلوا
يمنعون أعمام الأب وأخواله، وكذا أولاد أعمام الأب وأخواله يمنعون
أعمام الجد وأخواله) * كل ذلك لما عرفت، منضما إليه تنزيل الأولاد
منزلة آبائهم مع فقدهم، كما ستعرفه إنشاء الله.
* (و) * قد عرفت أيضا فيما مضى أنه * (يسقط من يتقرب بالأب

(1) الوسائل - الباب - 1 و 6 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد.
(2) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب موجبات الإرث - الحديث 2 عن يزيد الكناسي.
77

وحده مع من يتقرب بالأب والأم مع التساوي في الدرج) * وقال
الباقر (عليه السلام) في الصحيح (1) المزبور: " عمك أخو أبيك
من أبيه وأمه أولى بك من عمك أخي أبيك من أبيه " خلافا للعامة.
* (والمناسب وإن بعد يمنع مولى النعمة) * كتابا (2) وسنة (3)
وإجماعا، خلافا لما عن زيد من توريث ذي السهم سهمه وما زاد لمولى
النعمة، والشافعي من توريث المولى مع من يرث، كالأخت والبنت، فجعل
النصف لها والآخر له، ولا ريب في بطلانه.
* (وكذا ولي النعمة أو من قام مقامه في ميراث المعتق) * بالفتح
* (يمنع ضامن الجريرة، وضامن الجريرة يمنع الإمام (عليه السلام) *
هذا كله في حجب الحرمان.
* (وأما الحجب عن بعض الفرض) * المسمى بحجب النقصان
* (فاثنان: حجب الولد وحجب الإخوة) *.
* (أما الولد فإنه - وإن نزل ذكرا كان أو أنثى - يمنع الأبوين
عما زاد عن السدسين إلا مع البنت) * وحدها معهما، فإنه يبقى سدس
يرد عليهم أخماسا عندنا، ومع أحدهما يبقى ثلث يرد عليهما أرباعا.
* (أو البنتين فصاعدا مع أحد الأبوين) * فإنه يبقى أيضا سدس يرد
عليهما أخماسا، خلافا لأبي علي، فخص الرد بالبنتين، وهو ضعيف كما
ستعرفه إنشاء الله.
* (ويحجب) * الولد * (أيضا) * وإن نزل * (الزوج والزوجة عن

(1) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب موجبات الإرث - الحديث 2.
(2) سورة الأنفال: 8 - الآية 75 وسورة الأحزاب: 33 - الآية 6.
(3) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث ولاء العتق.
78

النصيب الأعلى) * وهو النصف والربع * (إلى الأخفض) * وهو الربع
والثمن كتابا (1) وسنة (2) وإجماعا بقسميه.
* (و) * حاصل الكلام أن * (للزوج والزوجة ثلاثة أحوال:
الأولى: أن يكون في الفريضة ولد وإن سفل، فللزوج الربع وللزوجة الثمن) *
كتابا (3) وسنة (4) وإجماعا.
* (الثانية: أن لا يكون هناك ولد ولا ولد ولد وإن نزل، فللزوج
النصف وللزوجة الربع) * كتابا (5) وسنة (6) وإجماعا بقسميه.
* (ولا يعال نصيبهما، لأذن العول عندنا باطل) * بل لا فرق في
عدم عول نصيبهما بين وجود الولد وعدمه عندنا وإن أوهم ظاهر العبارة
ذلك.
* (الثالثة: أن لا يكون هناك وارث أصلا من مناسب ولا مسابب) *
عدا الإمام (عليه السلام) * (فالنصف للزوج والباقي يرد عليه) * على
المشهور شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا، بل عن الشيخين وجماعة
دعواه عليه، وهو الحجة مضافا إلى المعتبرة المستفيضة (7).
منها الصحيح (8) " كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فدعا
بالجامعة فنظرنا فيها، فإذا فيها امرأة هلكت وتركت زوجها لا وارث لها
غيره، قال: المال له كله ".
وفيه (9) " في امرأة توفت ولم يعلم لها أحد ولها زوج، قال:
الميراث كله لزوجها ".

(1) سورة النساء: 4 - الآية 12.
(2) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث الأزواج.
(3) سورة النساء: 4 - الآية 12.
(4) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث الأزواج.
(5) سورة النساء: 4 - الآية 12.
(6) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث الأزواج.
(7) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ميراث الأزواج - الحديث 0 - 3 - 1.
(8) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ميراث الأزواج - الحديث 0 - 3 - 1.
(9) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ميراث الأزواج - الحديث 0 - 3 - 1.
79

خلافا للمحكي عن الديلمي من الميل إلى أن الباقي للإمام (عليه
السلام) للأصل وظاهر الآية (1) والموثق (2) " لا يكون رد على زوج
ولا على زوجة ".
وفيه أن الأصل لا يعارض النص، والرد حيثما ثبت مخالف له
ثابت بغيره، ودلالة الآية على عدم الرد بمفهوم اللقب أو الوصف،
ولا حجة فيه في مقابلة النص الصريح، أما الموثق فمع عدم مقاومته
الصحاح غير صريح في عدم الرد عليهما مطلقا، فيحمل على وجود
الوارث في جانب الزوج كما هو الغالب، هذا كله في الرد على الزوج.
* (و) * أما الزوجة حيث لا وارث غيرها عدا الإمام (عليه
السلام) ف‍ * (ل‍) * ها أي * (الزوجة الربع) * قطعا * (وهل
يرد عليها؟ فيه أقوال ثلاثة: أحدها: يرد) * وهو المحكي عن ظاهر
المفيد، لصحيح أبي بصير (3) عن الباقر (عليه السلام) قال له: " رجل
مات وترك امرأته، قال: المال لها، فقال له: امرأة ماتت وتركت
زوجها، قال: المال له ".
* (و) ثانيها وهو القول * (الآخر: لا يرد) * عليها شئ،
فيكون الفاضل للإمام (عليه السلام) كما هو المشهور شهرة عظيمة
كادت تكون إجماعا، بل لعلها كذلك، بل ظاهر المحكي عن ابن إدريس
أو صريحه الاجماع عليه، إذ المحكي عن عبارة المفيد غير صريح في ذلك،

(1) سورة النساء: 4 - الآية 12.
(2) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ميراث الأزواج - الحديث 8.
(3) ذكر صدره في الوسائل في الباب - 4 - من أبواب ميراث الأزواج - الحديث 9
وذيله في الباب - 3 - منها الحديث 6 عن أبي عبد الله (عليه السلام) كما في
التهذيب ج 9 ص 295 - الرقم 1056 والاستبصار ج 4 ص 150 - الرقم 568.
80

لاحتمال إرادته الزوج من الأزواج لا الزوجة، بل عن ابن إدريس أنه
قد رجع عنه في كتاب الاعلام، للأصل والمعتبرة المستفيضة (1) الصريحة
في ذلك وفي التفصيل بين الزوج والزوجة.
* (والثالث:) * أنه * (يرد) * عليها * (مع عدم) * حضور
* (الإمام (عليه السلام)) * نحو هذا الزمان * (لا مع وجوده) * وهو
المحكي عن الصدوق والشيخ في كتابي الأخبار، بل في المحكي من نهايته أنه
قريب من الصواب، بل في المسالك حكايته عن نجيب الدين يحيى بن
سعيد والعلامة في التحرير والتلخيص والإرشاد والشهيد في اللمعة محتجين له
بأنه وجه جمع بين الأخبار، بحمل نصوص عدم الرد (2) على الحضور
وصحيح الرد (3) على الغيبة.
وهو كما ترى بل عن ابن إدريس أنه جمع بما هو أبعد مما بين
المشرق والمغرب، بل في المسالك " أن الخبر الصحيح مشتمل على سؤال
الباقر (عليه السلام) وهو حي ظاهر، فكيف يحمل ما فيه من الرد
على زمن الغيبة الذي هو متأخر عن زمانه الذي قد أجاب بالرد فيه
بمائة وخمسين سنة؟! ".
قلت: اللهم إلا أن يلحق زمانه باعتبار قصور يده بزمن الغيبة،
كما ألحق في غير ذلك مما يرجع إلى الإمام (عليه السلام) كصلاة الجمعة
وإقامة الحدود وغيرهما، لكنه حينئذ معارض بخبر ابن نعيم الصحاف (4)
قال: " مات محمد بن أبي عمير وأوصى إلي وترك امرأة ولم يترك وارثا
غيرها، فكتبت إلى العبد الصالح (عليه السلام) فكتب إلي أعط المرأة
الربع، واحمل الباقي إلينا ".

(1) الوسائل في الباب - 4 - من أبواب ميراث الأزواج.
(2) الوسائل في الباب - 4 - من أبواب ميراث الأزواج.
(3) الوسائل - الباب - 4 - من أبواب ميراث الأزواج - الحديث 9 - 2.
(4) الوسائل - الباب - 4 - من أبواب ميراث الأزواج - الحديث 9 - 2.
81

بل في هذا الجمع من أصله أنه لا شاهد له، بل لا مكافأة لصحيح
الرد المزبور لما دل على عدمه من النصوص المتعددة الموافقة للأصل وظاهر
الكتاب وفتوى الأصحاب حتى يحتاج إلى الجمع.
ومن هنا قال ابن إدريس على ما حكي عنه: " إن الجمع إنما يكون
مع التعارض وإمكان الجمع، وهو منفي هنا، لأذن فتوى الأصحاب لا
يعارضها خبر الواحد، ومال الغير لا يحل بغيبته ".
بل قد يظهر من كلامه هذا أن القائل بالرد عليها في زمن الغيبة
إنما يريد إباحة ذلك من الإمام (عليه السلام) لها، إلا أنها تستحقه
إرثا، ضرورة استبعاد اختلاف حاليها بالإرث وعدمه بالحضور وعدمه.
ومنه ينقدح وجه الجمع بين النصوص بأنه لما كان راجعا إلى الإمام
(عليه السلام) أمر بنقله إليه تارة وباعطائه إلى الامرأة أخرى وبالصدقة
به ثالثة، كما في صحيح ابن مهزيار (1) قال: " كتب محمد بن حمزة
العلوي إلى أبي جعفر الثاني (عليه السلام) مولى لك أوصى إلي بمائة
درهم، وكنت أسمعه يقول كل شئ لي فهو لمولاي، فمات وتركها ولم
يأمر فيها بشئ، وله امرأتان، أما واحدة فلا أعرف لها موضعا الساعة
وأما الأخرى بقم، وما الذي تأمرني في هذه المائة درهم؟ فكتب:
انظر أن تدفع هذه الدراهم إلى زوجتي الرجل، وحقهما من ذلك الثمن
إن كان له ولد، فإن لم يكن له ولد فالربع، وتصدق بالباقي على من
تعرف منه حاجة إنشاء الله " بناء على إرادة عدم الولد وغيره من الورثة
بقرينة كلام السائل.
ويحمل صحيح الرد على كون المرأة مع ذلك قريبة للزوج، فيوافق

(1) الوسائل - الباب - 4 - من أبواب ميراث الأزواج - الحديث 1.
82

حينئذ خبر محمد بن فضيل (1) " سألت الرضا (عليه السلام) عن
رجل مات وترك امرأة قرابة ليس له قرابة غيرها، قال: يدفع المال
كله إليها " أو يجمع بغير ذلك.
* (و) * على كل حال فلا ريب في أن * (الحق أنه لا يرد) *
عليها وإن كان هو الأحوط في هذا الزمان إذا فرض كونها مصرفا لماله
(عليه السلام) هذا كله في حجب الولد.
* (وأما حجب الإخوة فإنهم يمنعون الأم عما زاد عن السدس)
كتابا (2) وإجماعا بقسميه لكن * (بشروط أربعة) *:
* (الأول: أن يكونوا رجلين فصاعدا أو رجلا وامرأتين أو أربع
نساء) * فلا حجب إذا لم يكونوا كذلك بلا خلاف أجده بيننا، بل
الاجماع بقسميه عليه، بل السنة مستفيضة أو متواترة (3) فيه.
كما أنه يتحقق الحجب بذلك بلا خلاف أجده فيه بل الاجماع بقسميه
عليه أيضا، بل السنة (4) وافية الدلالة عليه أيضا، وعدم اكتفاء ابن
عباس بالذكرين - لظاهر قوله تعالى (5): " إخوة " بناء على أن أقل
الجمع ثلاثة - يدفعه انعقاد الاجماع قبله وبعده على خلافه
وقال الصادق (عليه السلام) في صحيح ابن مسلم (6): " لا يحجب
الأم من الثلث إذا لم يكن ولد إلا أخوان أو أربع أخوات ".
وفي حسن البقباق (7): " إذا ترك الميت أخوين فهم إخوة مع الميت

(1) الوسائل - الباب - 5 - من أبواب ميراث الأزواج - الحديث 1.
(2) سورة النساء: 4 - الآية 11.
(3) الوسائل - الباب - 11 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.
(4) الوسائل - الباب - 11 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.
(5) سورة النساء: 4 - الآية 11.
(6) الوسائل - الباب - 11 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 4 - 1.
(7) الوسائل - الباب - 11 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 4 - 1.
83

حجبا الأم، فإن كان واحدا لم يحجب الأم، وقال: إذا كن أربع
أخوات حجبن الأم من الثلث، لأنهن بمنزلة أخوين، وإن كن ثلاثا لم
يحجبن " ومن التعليل فيه يستفاد حكم الأخ والأختين.
مضافا إلى ما تسمعه من خبر أبي علي (1) الآتي.
وفي خبره الآخر (2) " لا يحجب الأم عن الثلث إلا أخوان أو
أربع أخوات لأب وأم أو لأب ".
وفي خبر أبي علي (3) " لا يحجب عن الثلث الأخ والأخت حتى
يكونا أخوين أو أخا وأختين، فإن الله يقول: فإن كان (4)
إلى آخرها ".
وفي خبر العلاء بن فضيل المروي في الفقيه (5) " ولا يحجبها إلا
أخوان أو أخ وأختان أو أربع أخوات لأب أو لأب وأم وأكثر من ذلك
والمملوك لا يحجب ولا يرث ".
وسأله البقباق (6) أيضا " عن أبوين وأختين لأب وأم هل يحجبان
الأم عن الثلث؟ قال: لا، قلت: فثلاث، قال: لا، قلت: فأربع
قال: نعم ".
وبذلك كله مضافا إلى الاجماع تم ما ذكره المصنف وغيره من
الاجتزاء بالأخوين والأخ والأختين والأربع نساء.
فالمناقشة حينئذ بأن ظاهر الآية (7) اعتبار الثلاثة ذكورا اجتهاد

(1) الوسائل - الباب - 11 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 7 عن أبي العباس.
(2) الوسائل - الباب - 11 - من أبواب الأبوين والأولاد - الحديث 3 - 2.
(3) الوسائل - الباب - 11 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 7 عن أبي العباس.
(4) سورة النساء: 4 - الآية 11.
(5) الوسائل - الباب - 13 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 1.
(6) الوسائل - الباب - 11 - من أبواب الأبوين والأولاد - الحديث 3 - 2.
(7) سورة النساء: 4 - الآية 11.
84

في مقابلة النص، حتى لو قلنا بأن أقل الجمع ثلاثة، ضرورة استفادة
الاثنين من السنة (1) أو أن المراد به هنا ذلك مجازا، كإرادة ما يشمل
الإناث من الإخوة أو استفيد حكمها من السنة، لكن على تنزيل الاثنين
منزلة الواحد من الذكور.
ولعله إليه أشار الصادق (عليه السلام) في خبر الفضل بن عبد الملك (2)
قال: " سألته عن أم وأختين، قال: للأم الثلث، لأذن الله يقول:
" فإن كان له إخوة " ولم يقل فإن كان له أخوات " ونحوه خبر البقباق (3)
يعني وفي الفرض لا إخوة ولا من نزل منزلتهم، أو أنه محمول على
التقية أو غير ذلك.
وكذا المناقشة بأن مفهوم الحصر في بعض النصوص المذكورة يقتضي
عدم الاجتزاء بالأخ والأختين، ضرورة كون الحصر إضافيا، بقرينة
ما سمعته من الخبرين (4) والتعليل والاجماع، فلا إشكال في المسألة حينئذ
من هذه الجهة، والله العالم.
* (الثاني: أن لا يكونوا كفرة ولا أرقاء) * للاجماع بقسميه على
عدم حجبهما، بل المحكي منهما مستفيض كالسنة (5) المتضمنة لعدم إرث
المملوك والكافر وعدم حجبهما.
والمناقشة بظهور النصوص في إرادة حجب الحرمان دون النقصان
يدفعها منع ظهورها في ذلك، بل إن لم تكن ظاهرة في الثاني فلا أقل

(1) الوسائل - الباب - 11 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 0 - 6 - 5.
(2) الوسائل - الباب - 11 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 0 - 6 - 5.
(3) الوسائل - الباب - 11 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 0 - 6 - 5.
(4) الوسائل - الباب - 11 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 3 و 4.
(5) الوسائل - الباب - 1 و 16 - من أبواب موانع الإرث والباب - 13 و 14 - من
أبواب ميراث الأبوين والأولاد.
85

من شمولها لهما، وخصوصا مع ملاحظة ما في بعضها (1) من أن الكفار
بمنزلة الموتى بالنسبة إلى ذلك، كما أن خبر العلاء (2) المتقدم كالصريح
في إرادة الأخ المملوك.
مضافا إلى فهم الأصحاب وإلى عدم عموم في الإخوة، بل أقصاه
الاطلاق الذي يظن منه - ولو بقرينة ما عرفت - إرادة غيرهم من الإخوة.
* (وهل يحجب) * الأخ * (القاتل) * لأخيه الموروث؟ * (فيه تردد) *
وخلاف * (والظاهر أنه لا يحجب) * وفاقا للمشهور بين الأصحاب
شهرة عظيمة، بل عن الخلاف إجماع الطائفة بل الأمة عليه، لانقراض
خلاف ابن مسعود.
وهو الحجة في تقييد إطلاق الإخوة الذي قد يشك في إرادة ما نحن
فيه منه ولو للشهرة أو الاجماع المحكي وأولوية المقام من عدم حجب الولد
وغيره ممن (من خ ل) هو أبعد منه عن الإرث، وظهور مساواته
للمملوك والكافر في عدم الإرث وعدم الحجب، بل قد يدعى انسياق
تلازمهما وغير ذلك مما هو مورث الشك أو الظن بعدم إرادة ذلك من
المطلق وإن لم يكن هو حجة في نفسه.
ولعله إلى ذلك نظر من استدل هنا بما يشبه العلة المستنبطة وبالشهرة
وغير ذلك مما علم عدم حجيته عندهم.
لكن ومع ذلك كله فالانصاف كون الجميع عدا الاجماع المعتضد

(1) لم نجد هذا اللفظ في الروايات، وإنما ذكره الصدوق (قده) في الفقيه بعد
مرسلة نقلها في ج 4 ص 243 الرقم 778 كما تقدم نقله في الجواهر عنه في آخر ص 17
ثم نقل عن ابن الجنيد أنه قال: " روى هذه الرواية عن ابن فضال وابن يحيى ".
(2) الوسائل - الباب - 13 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 1.
86

بالشهرة العظيمة محلا المناقشة (1) خصوصا بعد أن كان المحكي عن
الصدوق والعماني الحجب، بل عن الفاضل في المختلف نفي البأس عنه،
لكنه كفى به بعد شهادة التتبع له، وعدم قدح خلاف مثلهما في الانعقاد
بعدهما فضلا عن سبق انعقاده لهما.
فلا محيص حينئذ عما عليه المشهور، لما عرفت من الاجماع الذي
يجب الخروج به عن الاطلاق المذكور وعن مقتضى تعليل حجب الإخوة
الأم عما زاد من السدس بأنهم صاروا سببا لزيادة سهم أبيهم، لكونهم
عياله ونفقتهم عليه دون الأم، ضرورة عدم سقوط نفقته بقتله، فإن
ذلك كله لا يعارض ما سمعت، والله العالم.
* (الثالث: أن يكون الأب موجودا) * كما هو المشهور نقلا
وتحصيلا، بل قيل: إن عليه عامة من تأخر وتقدم إلا الصدوق مع
تأمل في تحقق مخالفته، لظهور الآية التي هي الأصل في هذا الحكم في
حياة الأب لقوله تعالى (2) فيها: " وورثه أبواه " فهي إن لم تدل على
اعتبار الحياة فلا ريب في اختصاصها بها، فيبقى غيره على إطلاق ما دل
على أن لها الثلث.
مضافا إلى ظهور تعليل حجب الإخوة بزيادة الأب لانفاقه عليهم،
ولأنه معيل في ذلك أيضا.
وإلى قول الصادق (عليه السلام) في خبر ابن بكير (3): " الأم
لا تنقص عن الثلث أبدا إلا مع الولد والأخوة إذا كان الأب حيا ".

(1) هكذا في النسخة الأصلية المبيضة، وفي المسودة بقلم المصنف (قده) " محلا
للمناقشة " وهو الصحيح.
(2) سورة النساء: 4 - الآية 11.
(3) الوسائل - الباب - 12 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 1.
87

والصحيح (1) عنه (عليه السلام) أيضا وعن أبي جعفر (عليه السلام)
" إن مات رجل وترك أمه وإخوة وأخوات لأب أو إخوة وأخوات لأب وأم
وإخوة وأخوات لأم وليس الأب حيا فإنهم لا يرثون ولا يحجبون، لأنه
لم يورث كلالة " وغير ذلك.
خلافا للصدوق (رحمه الله) حيث قال: " إن خلفت زوجها
وأمها وإخوة فللأم السدس والباقي يرد عليها " وظاهره الحجب، لكنه
شاذ يمكن دعوى الاجماع على خلافه، بل لا دليل يعتد به له عدا خبرين
مخالفين للمجمع عليه بين الإمامية:
أحدهما: خبر زرارة (2) قال: " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):
امرأة تركت زوجها وأمها وإخوتها لأمها وإخوة لأبيها وأمها، فقال:
لزوجها النصف، ولأمها السدس، وللأخوة من الأم الثلث وسقط الإخوة
من الأم والأب ".
وثانيهما: خبره (3) عنه (عليه السلام) أيضا " في أم وأخوات
لأب وأم وأخوات لأم أن للأم السدس، ولكلالة الأب الثلثين، ولكلالة
الأم السدس " وهما وإن دلا على حجب الأم عن الثلث إلا أنهما مخالفان
للمجمع عليه بين الطائفة من عدم إرث الإخوة مع الأم.
ومن هنا حملهما الشيخ على التقية أو على إلزام الأم لو كانت ترى
رأيهم بذلك، لأنهم يلزمون بما ألزموا به أنفسهم.
وعلى كل حال فلا فائدة مهمة في هذا النزاع، ضرورة اتفاق

(1) الوسائل - الباب - 12 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 3.
(2) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 13.
(3) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 12 وهو
نقل بالمعنى.
88

الأصحاب على كون المال جميعه لها فرضا وردا سواء قلنا فرضها في
هذا الحال الثلث أو السدس، كما هو واضح، والله العالم.
* (الرابع: أن يكونوا للأب والأم أو للأب) * فلا يحجب
الإخوة للأم خاصة إجماعا بقسميه ونصوصا (1) مستفيضة.
* (وفي اشتراط وجودهم) * أي الإخوة * (منفصلين) * حال
موت الأخ * (لا حملا تردد) * من كونه المنساق نصا وفتوى، بل قد يشك
في تحقق الإخوة قبل ذلك، وانتفاء العلة التي هي إنفاق الأب عليهم،
وخصوص قول الصادق (عليه السلام) في خبر العلاء بن الفضيل (2)
المنجبر بالعمل: " إن الطفل والوليد لا يحجب ولا يرث إلا ما آذن
بالصراخ ولا شئ أكنه البطن وإن تحرك إلا ما اختلف عليه الليل
والنهار ".
ومن حجب الحمل في غير المقام كما عرفت سابقا، بل لعل المقام
أولى منه، بل ربما يجري بعض الأدلة السابقة هنا: من صدق الإخوة
ولو في المتأخر عن زمان الموت، بل قد يدعى صدق اسم الإخوة عليه
حملا، فيتجه حينئذ التمسك بأصالة عدم الاشتراط.
لكن لا يخفى عليك كون * (أظهره أنه شرط) * خصوصا بعد
الشهرة العظيمة، بل لم يعرف القائل بالعدم، بل قيل: إنه لا خلاف
فيه، بل لم يعرف التردد فيه قبل المصنف (رحمه الله) لانسياق وجود
الإخوة من الكتاب (3) والسنة (4) بل قد يمنع الصدق، ومن هنا

(1) الوسائل - الباب - 10 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.
(2) الوسائل - الباب - 13 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 1.
(3) سورة النساء: 4 - الآية 11.
(4) الوسائل - الباب - 10 و 11 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.
89

لم يورث الحمل وإن عزل له نصيب إلا أنه لا يرثه إلا إذا ولد حيا،
كما عرفته سابقا.
على أنك قد عرفت غير مرة كون لفظ الإخوة مطلقا لا عموم فيه
ولا أقل من الشك بإرادة مثل ذلك منه، كما هو واضح.
ومن ذلك ونحوه يعلم اشتراط حياتهم عند موت الموروث، فلا يكفي
وجود الإخوة الأموات، ضرورة انسياق ذلك من الكتاب والسنة، بل
الظاهر عدم حجبهم لو اقترن موتهم بموته، بل وكذا لو اشتبه المتقدم
والمتأخر منهما.
ومن هنا قال في الدروس: " ولو كان بعضهم ميتا أو كلهم عند
موت الموروث لم يحجب، وكذا لو اقترن موتاهما، ولو اشتبه التقدم والتأخر
فالظاهر عدم الحجب ".
لكن قال: " وفي الغرقى نظر، كما لو مات أخوان غرقا ومعهما
أبوان ولهما أخ آخر حيا أو غريقا، فإن فرض موت كل منهما يستدعي
كون الآخر حيا، فيتحقق الحجب، ومن عدم القطع بوجوده، والإرث
حكم شرعي، فلا يلزم منه اطراد الحكم بالحياة مع احتمال عدم تقدير
السبق بينهما، ولم أجد لهذا كلاما لمن سبق ".
قلت: لا يخفى عليك ظهور النص (1) والفتوى في أن المشروط
حجب الأم عن الثلث إلى السدس لا أصل استحقاقها الثلث، بل هو
مقتضى إطلاق الآية (2) فالشك حينئذ في الشرط شك في المشروط،
فتبقى الأم على أصل استحقاق الثلث، وثبوت حكم خاص للغرقى في
خصوص الإرث مخالف للأصل لا يقتضي التعدية إلى ما نحن فيه بعد

(1) الوسائل - الباب - 10 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد.
(2) سورة النساء 4 - الآية 11.
90

حرمة القياس، فلا ريب في أن المتجه الحكم باستحقاقها الثلث في جميع
ذلك من غير فرق بين الغرقى وغيرهم.
وأما اشتراط المغايرة فلا ريب فيه، ضرورة كونه المنساق أيضا
من الكتاب والسنة، بل لظهوره لم يتعرض له المصنف (رحمه الله)
وغيره، نعم في الدروس " الخامس: المغايرة، فلو كانت الأم أختا لأب
فلا حجب، كما يتفق في المجوس أو الشبهة بوطئ الرجل ابنته، فولدها
أخوها لأبيها " وكأنه من النص على الواضحات. والله العالم.
وكيف كان فقد ظهر لك أن حجب الأم منحصر بالولد وإن نزل
والأخوة * (و) * حينئذ ف‍ * (لا يحجبها أولاد الإخوة) * لعدم
الصدق وإن قاموا مقام آبائهم في الميراث، لكن حرمة القياس تمنع من
تعدية ذلك إلى ما نحن فيه.
* (و) * كذا * (لا) * يحجبها * (من الخناثى) * المشكلة * (أقل
من أربعة، لاحتمال أن يكونوا إناثا) * والشك في الشرط شك في المشروط
أما إذا كن أربعة تحقق قطعا، كما هو واضح، والله العالم.
91

* (المقدمة الرابعة) *
* (في مقادير السهام و) * كيفية * (اجتماعها) *
* (السهام) * المنصوصة في كتاب الله عز وجل (1) * (ستة:
النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس) * أي النصف ونصفه
ونصف نصفه والثلثان ونصفهما ونصف نصفهما.
* (فالنصف نصيب الزوج مع عدم الولد وإن نزل) * اتفاقا، نعم
في تنزيل عدم إرث الولد لرق ونحوه منزلة عدمه وجهان أقواهما ذلك.
* (وسهم البنت) * الواحدة * (والأخت للأب والأم أو الأخت للأب) *
إذا انفردتا عن ذكر مساو في القرب، وإلا فللذكر مثل حظ الأنثيين.
* (والربع سهم الزوج مع الولد) * الوارث أو مطلقا * (وإن
نزل، والزوجة مع عدمه) * واحدة كانت أو متعددة.
* (والثمن سهم الزوجة) * وإن تعددت * (مع الولد وإن نزل) *
قال الله تعالى (2): " ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن
ولد، فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن.. ولهن الربع مما تركتم
إن لم يكن لكم ولد، فإن كان لكم ولد فلهن الثمن " فقد جعل الله

(1) سورة النساء 4 - الآية 11 و 176.
(2) سورة النساء 4 - الآية 12.
92

للزوج في حالتيه ضعف ما للزوجة في حالتيها، لما فيه من الذكورة التي
يستحق بسببها ضعف الأنثى كالابن والبنت.
* (والثلثان سهم البنتين فصاعدا) * مع عدم مشاركة الذكر المساوي
إجماعا بقسميه ونصوصا (1) مستفيضة أو متواترة، وأولويتهما من الأختين
بذلك لكونهما أمس رحما، ولأن للبنت مع الابن الثلث فأولى أن يكون لها
مع بنت أخرى ذلك.
بل لعل المراد من قوله تعالى (2): " فإن كن نساء فوق اثنتين "
اثنتين فما فوق، نحو قوله (صلى الله عليه وآله) (3): " لا تسافر المرأة
سفرا فوق ثلاثة أيام إلا ومعها زوجها أو ذو محرم لها " إذ لو أريد
التقييد بالزيادة على اثنتين لم يكن إلا تأكيدا، ضرورة استفادة ذلك من
لفظ الجمع، بل يخلو الكلام حينئذ عن حكم الاثنتين، فالمراد حينئذ
فإن كن نساء فوق اثنتين فلهما الثلثان فضلا عن الثنتين، ولقوله تعالى (4):
" للذكر مثل حظ الأنثيين " فإن أقل عدد يراد بيانه بهذه الآية اجتماع
ذكر وأنثى، فلو لم يكن الثلثان حظا للأنثيين في حال من الأحوال لم تصدق
الآية، وليس إلا حال انفرادهما، ضرورة عدم صدقه في حال اجتماعهما
مع الذكر، إذ أقصاه اجتماعهما مع الذكر الواحد، وحينئذ لهما النصف
وله النصف.
وما عساه يقال إنه يمكن في الصورة المفروضة - وهي اجتماع ذكر
وأنثى - أن لها الثلث والبنت لا تفضل عن البنت إجماعا، فيكون الثلثان
في قوة نصيب الأنثيين ليصح إطلاق حظهما لذلك، وهو في حال الاجتماع

(1) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب موجبات الإرث - الحديث 6.
(2) سورة النساء 4 - الآية 11.
(3) سنن البيهقي ج 7 ص 98 مع اختلاف في اللفظ.
(4) سورة النساء 4 - الآية 11.
93

فلا يدل على كون الثلثين لهما في حال الانفراد الذي هو المتنازع.
يدفعه أن عدم تفضيل الأنثى على مثلها لا يستلزم كون الثلثين
حظا لهما، بل ولا يجامعه، لأنهما (1) حالة الاجتماع لا يكون أزيد من
النصف قطعا كما ذكرناه، وإنما تقتضي المائلة كونهما مع الاجتماع متساويين
في النصيب وهو كذلك، فإن الواحدة حينئذ لا يكون لها ثلث، فلا يكون
لهما ثلثان لامتناعه حالة الاجتماع، إذ لا بد أن يفضل للذكر بقدر النصيبين
فيتعين أن يكون ذلك في حالة الانفراد.
كل ذلك مضافا إلى ما يظهر من إضافة الحظ إليهما من العهدية
ومعروفية استحقاقهما ذلك، وليس هو إلا حال الانفراد، أي للذكر حال
اجتماعه مع الأنثى حظ الأنثيين حال انفرادهما، فينبغي أن يكون الثلثان.
والأمر في ذلك سهل بعد تطابق السنة والاجماع عليه، بل لعله بين
المسلمين، وخلاف ابن عباس بعد أن سبقه الاجماع ولحقه غير قادح.
* (و) * كذلك سهم * (الأختين فصاعدا للأب والأم أو للأب) *
الثلثان كتابا (2) وسنة (3) وإجماعا بقسميه، نعم ليس في الأول إلا بيان
حكم الأختين دون ما زاد عليهما لكن الأخيرين كافيان بذلك.
* (والثلث سهم الأم مع عدم من يحجبها من الولد وإن نزل
والأخوة) * كتابا (4) وسنة (5) وإجماعا بقسميه * (وسهم الاثنين
فصاعدا من ولد الأم) * كتابا (6) وسنة (7) وإجماعا بقسميه وإن كان

(1) هكذا في النسختين الأصليتين: المسودة والمبيضة، والصحيح " لأذن حظهما ".
(2) سورة النساء 4 - الآية 176 - 11 - 12.
(3) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 5.
(4) سورة النساء 4 - الآية 176 - 11 - 12.
(5) الوسائل - الباب - 9 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.
(6) سورة النساء 4 - الآية 176 - 11 - 12.
(7) الوسائل - الباب - 8 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد.
94

الأول لا صراحة فيه بالإخوة من الأم لكن يكفي فيه النقل، مضافا إلى
ما عن ابن مسعود من قراءة " وله أخ أو أخت من أم " بناء على أن
القراءة وإن كانت شاذة كالخبر الصحيح.
* (والسدس سهم كل واحد من الأبوين مع الولد وإن نزل، وسهم
الأم مع الإخوة للأب والأم أو للأب مع وجود الأب، وسهم الواحد
من ولد الأم ذكرا كان أو أنثى) * بلا خلاف أجده في شئ من المواضع
الثلاثة، بل الكتاب (1) والسنة (2) والاجماع بقسميه عليه.
* (وهذه الفروض) * جملة صور اجتماعها ست وثلاثون حاصلة
من ضرب السنة في مثلها، إلا أنه يتكرر فيه خمس عشرة صورة، لأنك
إذا اعتبرت واحدة منها تحصل ستة أقسام سالمة عن التكرار، ولكن إذا
اعتبرت أخرى من الستة تحصل أيضا ست صور إلا أن صورة منها كانت
حاصلة في الست الأولى، وإذا اعتبرت الثالثة يتكرر صورتان، وفي
الرابعة يتكرر ثلاث، وفي الخامسة أربع، وفي السادسة خمس، فإذا
جمعت الصور المكررة على النظم الطبيعي تحصل خمس عشرة صورة
مكررة، فتحذف من الست وثلاثين وتبقى إحدى وعشرون صورة.
لكن * (منها ما يصح أن يجتمع، ومنها ما يمتنع) * ولو للعول،
وجملته ثمانية: وهي اجتماع النصف مع الثلثين والربع مع مثله ومع الثمن
والثمن مع مثله ومع الثلث، والثلثين مع مثلهما، والثلث مع مثله ومع
السدس * (ف‍) * يكون الباقي ثلاث عشرة صورة.
خمس صور * (النصف) * فإنه * (يجتمع مع مثله) * كزوج

(1) سورة النساء: 4 - الآية 11 و 12.
(2) الوسائل - الباب - 17 و 10 و 12 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد
والباب - 8 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد.
95

وأخت لأب * (ومع الربع) * كزوج وبنت * (ومع الثمن) * كزوجة
وبنت.
* (ولا يجتمع مع الثلثين، لبطلان العول) * خلافا للعامة
فجوزوه وأدخلوا النقص على الجميع، وستعرف فساده، ففي مثل اجتماع
الزوج والأختين للأب مثلا لا يستحق كل منهما فرضه * (بل يكون
النقص داخلا على الأختين دون الزوج) * ومرجعه إلى أن الأختين ليستا
من ذوي الفروض في هذا الحال، بل تردان بالقرابة، فيكون الباقي لهما
* (و) * حينئذ لا عول كما سيظهر لك تحقيقه.
نعم * (يجتمع) * أي * (النصف مع الثلث) * كزوج وأم مع
عدم الحاجب * (ومع السدس) * كزوج وواحد من كلالة الأم، فلم
يمتنع من صور النصف الست إلا اجتماعه مع الثلثين، وقد عرفت بطلانه
للعول، وأنها أولى الصور الثمان الممتنعة.
* (و) * الثانية والثالثة: أنه * (لا يجتمع الربع) * مع مثله،
لأنه سهم الزوج مع الولد، والزوجة مع عدم الولد، فلا يتصور اجتماعهما
* (و) * لا مع * (الثمن) * الذي هو نصيب الزوجة خاصة مع الولد
فكيف يتصور اجتماعه مع الربع الذي قد عرفت أنه سهمهما مع عدم
الولد وسهم الزوج مع الولد.
* (و) * ثلاث صور الربع، فإنه * (يجتمع) * أي * (الربع مع
الثلثين) * كزوج وابنتين * (ومع الثلث) * كزوجة والمتعدد من كلالة
الأم * (ومع السدس) * كالزوجة والمتحد من كلالة الأم.
والباقي من صوره ثلاث: واحدة منها داخلة في صور النصف،
وهي اجتماعه معه، واثنتان ممتنعتان، وهما الربع مع مثله ومع الثمن
كما عرفت.
96

* (و) * صورتان من صور الثمن، فإنه * (يجتمع) * أي * (الثمن
مع الثلثين) * كزوجة وابنتين * (و) * مع * (السدس) * كزوجة
وأحد الأبوين مع الولد.
والباقي من صوره أربع: اثنتان داخلتان في صور النصف والربع
وهما الثمن مع النصف والربع، واثنتان ممتنعتان، وهما الثمن مع مثله،
لأنه نصيب الزوجة خاصة وإن تعددت فلا يتعدد، ومع الثلث الذي هو
نصيب الأم لا مع الولد والمتعدد من كلالتها، فكيف يتصور اجتماعه مع
الثمن الذي هو نصيب الزوجة مع الولد، ولذا قال المصنف: * (ولا
يجتمع) * أي الثمن * (مع الثلث) *.
وقد ظهر لك من ذلك الوجه في امتناع الخمس من الثمان.
وأما الثلثان مع مثلهما فامتناعه للعول ولعدم اجتماع مستحقهما في مرتبة
واحدة، لأنه البنتان والأختان.
والثلث مع مثله ومع السدس، لأنه نصيب الأم مع عدم الحاجب
والسدس نصيبها معه ومع الولد.
كما أنه ظهر لك الوجه في عشرة من صور الاجتماع الجائزة، وهي
التي ذكرها المصنف (رحمه الله) صريحا.
الحادية عشر: اجتماع الثلثين مع الثلث في أختين فصاعدا لأب مع
إخوة لأم مثلا.
الثانية عشر: اجتماعهما مع السدس كبنتين وأحد الأبوين، وباقي
صوره بين مكرر وبين ممتنع كما عرفت.
الثالثة عشر: اجتماع السدس مع السدس في الأبوين مع الولد.
وباقي صوره مكررة إلا واحدة ممتنعة، وهي اجتماعه مع الثلث
كما عرفت، وقد أشار إليها المصنف بقوله: * (ولا يجتمع الثلث مع السدس) *
97

لكن قال: * (تسمية) * احترازا عن اجتماعه معه قرابة كزوج
وأبوين، فإن للزوج النصف وللأم مع عدم الحاجب الثلث وللأب السدس
ومع الحاجب بالعكس، وعلى التقديرين فسهم الأب هنا بالقرابة لا بالفرض
كما عرفته سابقا.
لكن فيه أنه لو لاحظنا هذا المعنى لأمكن اجتماع كل ما ذكرنا امتناع
بغير العول فيجتمع الربع مع مثله في بنتين وابن، ومع الثمن في زوجة
وثلاث بنين وبنت وهكذا، إلا أنه كما ترى خارج عن الفرض.
نعم قد يقال: إنه أشار بنصه على صورة عدم اجتماع الثلث مع
السدس إلى جواز ما عداها من صوره، فتستفاد حينئذ الصورة الأخيرة
من عبارته.
بل قد يستفاد الصورتان السابقتان عليها من تخصيص الامتناع بغيرها،
فإن الظاهر استيعابه للصور الثمان ولو بالمفهوم، ضرورة ظهور تصريحه
بعدم اجتماع النصف مع الثلثين للعول في عدم اجتماع الثلثين مع مثلهما
بالأولى، مضافا إلى عدم اجتماع مستحقهما في مرتبة واحدة.
وأما الثلث مع مثله فلعدم تعدد مستحقه في مرتبة، وكذا الثمن
مع الثمن.
وبذلك يستفاد من المصنف (رحمه الله) أن كل ما لم ينص على
امتناعه جائز، فتدخل الصورتان حينئذ، وتكون العبارة دالة على جميع
الصور الجائزة والممتنعة، فتأمل جيدا، فإنه دقيق، والله العالم.
98

هذا * (ويلحق بذلك مسألتان:) *.
* (الأولى:) *
أجمع أصحابنا وتواترت أخبارنا عن ساداتنا (عليهم السلام) (1)
بل هو من ضروريات مذهبنا أنه * (لا يثبت الميراث عندنا بالتعصيب) *
وهو توريث ما فضل عن السهام من كان من العصبة، وهم الابن والأب
ومن تدلى بهما من غير رد على ذي السهام.
وإلى ذلك يرجع ما في المسالك من " أنه توريث العصبة مع ذي
الفرض القريب إذا لم يحط الفرض بمجموع التركة، كما لو خلف بنتا
واحدة أو بنتين فصاعدا مع أخ أو أختا أو أختين فصاعدا مع عم،
ونحو ذلك ".
وعلى كل حال فالعصبة عندهم قسمان كما في كشف اللثام: أو لهما
عصبة بنفسه، وهو كل ذكر تدلى إلى الميت بغير واسطة أو بتوسط الذكور
وهو يرث المال كله إن انفرد والباقي إن اجتمع مع ذي سهم، فلو خلف
بنتا وابن ابن أو أخا أو عما أو ابن عم كان النصف للبنت والباقي لأحد
الباقين.
والثاني عصبة بغيره، وهن البنات وبنات الابن والأخوات من
الأبوين ومن الأب فإنهن لا يرثن بالتعصيب إلا بالذكور في درجتهن أو
فيما دونهن، ولذا لو خلف مثلا بنتين وبنت ابن كان للبنتين الثلثان ولم
يكن لبنت الابن شئ إلا إذا كان لها أخ أو كان هناك ابن ابن مثلا.
* (و) * المعلوم من دين آل محمد (صلوات الله عليهم) أنه

(1) الوسائل - الباب - 8 - من أبواب موجبات الإرث.
99

* (إذا أبقت الفريضة) * شيئا * (فإن كان هناك مساو لا فرض له
فالفاضل له بالقرابة، مثل أبوين وزوج أو زوجة، للأم ثلث الأصل،
وللزوج أو الزوجة نصيبه (نصيبهما خ ل) الأعلى * (وللأب الباقي) *
لأنه مساو ولا فرض له في هذا الحال.
* (ولو كان إخوة) * حاجبون * (كان للأم السدس وللزوج) *
مثلا * (النصف وللأب الباقي، وكذا أبوان وابن وزوج) * فإن للزوج
ربعه وللأبوين لكل واحد منهما السدس وللابن الباقي، لأنه ممن
يرث بالقرابة.
* (وكذا زوج وأخوان من أم وأخ أو إخوة من أب وأم أو من
أب) * فإن للزوج النصف وللأخ من الأم الثلث والباقي للأخ أو الإخوة
من الأب والأم أو من الأب، لأنهم لا فرض لهم.
* (وإن) * لم يكن قريب مساو بل * (كان بعيدا لم يرث، ورد
الفاضل) * من السهام * (على ذوي الفروض عدا الزوج والزوجة) *
فإنهما لا يرد عليهما في هذا الحال، كما عرفته سابقا * (مثل أبوين أو
أحدهما وبنت وأخ أو عم) * فإن للبنت النصف وللأبوين لكل واحد
منهما السدس ويبقى سدس يرد عليهم أخماسا على نسبة سهامهم، ولا يعطى
الأخ ولا العم شيئا بل بفيهما وغيرهما من العصبة التراب كما تواترت به
نصوصنا (1) لقاعدة منع الأقرب الأبعد المستفادة من الكتاب (2) والسنة (3)
والاجماع من المؤالف والمخالف.

(1) الوسائل - الباب - 8 - من أبواب موجبات الإرث.
(2) سورة الأنفال: 8 - الآية 75 وسورة الأحزاب: 33 - الآية 6.
(3) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب موجبات الإرث.
100

قال الباقر (عليه السلام) (1) في قول الله عز وجل (2): " وأولوا
الأرحام بعضهم أولى " إلى آخرها: " إن بعضهم أولى بالميراث من بعضهم
لأذن أقربهم إليه رحما أولى به، ثم قال: أيهم أولى بالميت وأقربهم إليه؟
أمه أو أخوه؟ أليس الأم أقرب إلى الميت من إخوته وأخواته؟ ".
وفي كشف اللثام " المراد من قوله تعالى: " وأولوا الأرحام "
إلى آخرها: الأقرب فالأقرب بلا خلاف ".
وفي المسالك " أن الخصم يوافق على ذلك، ولذا قال بعضهم في
العصبة: الأقرب يمنع الأبعد، وقال في الوارث بآية أولي الأرحام: إن
الأقرب منهم يمنع الأبعد ".
وذلك كله مقتض لفساد التعصيب، ضرورة حصول جهة لذي
الفرض يرث بها من غير فرض وهي القرابة، فسلم تبق الفريضة حينئذ
شيئا، إذ هو كوجود وارث قريب ليس له فرض، فإنه لا تعصيب
إجماعا، لعدم إبقاء الفريضة حينئذ شيئا.
بل قد يقال: في كل مقام تبقي الفريضة شيئا إنما يرث ذو الفرض
فرضه وغير الفرض بالقرابة، كما يومئ إليه جملة من النصوص وتكون
فائدة ذكر الفرض بيان مقدار إرثهم كما في مثال المتن الذي يرد منه أن
المال يقسم بين البنت والأبوين أخماسا ثلاثة للبنت وخمسان للأبوين.
ومن ذلك يعلم الوجه في ذكر الفرض، لا أن المراد منه عدم إرثه
غيره أصلا الذي هو مقتضى مفهوم اللقب الفروغ من عدم حجيته في
الأصول ومن الخروج عنه هنا بعد تسليمه في خصوص المقام ولو للقرائن
الظاهرة في إرادة القيدية منه بالمتواتر من الأخبار عن أئمتنا (عليهم السلام)

(1) الوسائل - الباب - 8 - من أبواب موجبات الإرث - الحديث 11.
(2) سورة الأنفال: 8 - الآية 75 وسورة الأحزاب: 33 - الآية 6.
101

التي هي عمدة أدلة الشيعة في إثبات ذلك وإن ذكر بعضهم زيادة عليه من
طريق المجادلة مع الخصم.
كالاستدلال بقوله تعالى (1): " للرجال نصيب مما ترك الوالدان
والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر
نصيبا مفروضا " بناء على أن المراد منه بيان تساوي الرجال والنساء في
الإرث، والقائلون بالتعصيب لا يورثون الأخت مع الأخ، ولا العمة
مع العم.
وقوله تعالى (2): " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله "
بناء على أن المراد منه أن الإرث للأقرب فالأقرب، ومعلوم أن البنت
أقرب من ابن ابن الأخ ومن ابن العم ونحو ذلك.
لكن في كشف اللثام بعد ذكر الاستدلال بهما " وفيهما نظر ظاهر ".
وهو كذلك بالنسبة إلى الآية الأولى، أما الثانية فالاستدلال بها تام بناء
على ما عرفته سابقا، كما سمعته من الباقر (عليه السلام).
بل الآية الأولى قد يتم الاستدلال بها - بناء على أن المراد منها
عدم خروج الإرث عن الأولاد وعمن هو أقرب إلى الميت من غير فرق
بين الذكر والأنثى - ردا على الجاهلية الذين كانوا يحرمون النساء عن الإرث.
وإلى من شاركهم في ذلك في بعض الأحوال أشار زيد بن ثابت
فيما رواه عنه أبو نعيم الصحاف (3) في كتابه مسندا إليه بقوله: " من
قضاء الجاهلية أن يورث الرجال دون النساء ".

(1) سورة النساء: 4 - الآية 7.
(2) سورة الأنفال: 8 - الآية 75 وسورة الأحزاب: 33 - الآية 6.
(3) الوسائل - الباب - 8 - من أبواب موجبات الإرث - الحديث 2 وفيه أبو نعيم
الطحان كما في الكافي ج 7 ص 75.
102

كقول أبي بكر بن عياش (1) لما قيل له: ما تدري ما أحدث
نوح بن دراج في القضاء؟ أنه ورث الخال وطرح العصبة وأبطل الشفعة:
" ما عسى أن أقول لرجل قضى بالكتاب والسنة، إن النبي (صلى الله
عليه وآله) لما قتل حمزة بن عبد المطلب بعث علي بن أبي طالب (عليه
السلام) فأتاه علي بابنة حمزة فسوغها رسول الله (صلى الله عليه وآله)
الميراث كله ".
وقول ابن عباس (2) لما جلس إليه قارية بن مضرب في مكة وقال
له: يا ابن عباس حديث يرويه أهل العراق عنك وطاووس مولاك يرويه
أن ما أبقت الفرائض فلا ولي عصبة ذكر: " أمن أهل العراق أنت؟
قلت: نعم، قال: أبلغ من وراك إني أقول: إن قول الله عز وجل (3):
" آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله "
وقوله (4): " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " وهل
هذه إلا فريضتان؟ وهل أبقتا شيئا؟ ما قلت هذا ولا طاووس يرويه
علي (عني خ ل) قال قارية: فلقيت طاووسا، فقال: لا والله ما رويت
هذا على (عن خ ل) ابن عباس، وإنما الشيطان ألقاه على ألسنتهم، قال
سفيان: أراه من قبل ابنه عبد الله بن طاووس، فإنه كان على خاتم
سليمان بن عبد الملك، وكان يحمل على هؤلاء حملا شديدا، يعني
بني هاشم ".
والظاهر أن مراد ابن عباس التعريض بما يزخرفه الناس من أولوية
العصبة، وأنهم الحاملون لأثقال الميت المطالبون بدمه الثائرون بحقوقه

(1) الوسائل - الباب - 8 - من أبواب موجبات الإرث - الحديث 3 - 4.
(2) الوسائل - الباب - 8 - من أبواب موجبات الإرث - الحديث 3 - 4.
(3) سورة النساء: 4 - الآية 11.
(4) سورة الأنفال: 8 - الآية 75.
103

ونحو ذلك مما هو مبني على الاستحسان ونحوه الذي هو معلوم البطلان
عندنا، خصوصا بعد قوله تعالى (1) هنا: " لا تدرون أيهم أقرب
لكم نفعا ".
فلا ينبغي معارضة قوله تعالى (2): " وأولوا الأرحام " المراد منه
أن في كتاب الله - أي فيما كتبه الله تعالى على عباده - أولوية بعض الأرحام
ببعض من بعضهم بمعنى انحصار الإرث في الرحم الأقرب ولو أنثى بهذه
الوجوه الاستحسانية التي من أجلها خالفوا الكتاب والسنة المروية من طرقهم
لقول (3) النبي (صلى الله عليه وآله) لمن ترك بنتا وأخا: " إن المال
كله للبنت " وغيره.
بل التزموا بأمور شنيعة ككون الابن للصلب أضعف سببا من ابن
العم، فإنه لو فرض ميت خلف ابنا وثمانية وعشرين بنتا كان للابن
جزءان من ثلاثين بلا خلاف وإن كان مكانه ابن عم فنازلا كان له الثلث
وهو عشرة أسهم من ثلاثين.
وككون الأخت عصبة عندهم مع الأخ دون البنت مع الأب، فإن
قالوا: إنها عصبها أخوها قلنا: لم لم يعصب البنت أبوها، والأب
أولى بالتعصيب من الأخ.
وكالتزامهم اشتراط توريث وارث بوجود وارث آخر فيما لو
خلف بنتين وابنة ابن وعم، فإن للعم عندهم ما فضل من البنتين،
ولا شئ لبنت الابن إلا إذا كان معها ذكر في درجتها أو فيما دونها،
فإن الثلث يكون بينهم حينئذ أثلاثا ولا شئ للعم.

(1) سورة النساء: 4 - الآية 11.
(2) سورة الأنفال: 8 - الآية 75 وسورة الأحزاب: 33 - الآية 6.
(3) هكذا في النسخة الأصلية، والأولى هكذا " كقول. ".
104

مضافا إلى اقتضاء خبر العصبة (1) حرمان الأنثى واختصاص الإرث
بالذكر، بل هو أخص من قوله تعالى (2): " يوصيكم الله في أولادكم "
إلى آخره فكان المتجه في الإرث بالتعصيب الاختصاص بالذكر، وهم
لا يقولون به، إلى غير ذلك مما أطنب به أصحابنا في إلزامهم.
كما أنهم أطنبوا في ذكر أدلتهم على التعصيب وبطلانها وإن كان
عمدتها ما أشرنا إليه من بعض الأخبار المفتراة، وظهور التقدير في عدم
استحقاق غيره، خصوصا في آية الأخ والأخت الذي قد عرفت الجواب
عنه، وحيث كان التعصيب باطلا بالضرورة من مذهب الإمامية لم يكن
للاطناب فيه ثمرة.
نعم لا بأس للإمامي بالزامهم به، فله الإرث منهم بذلك، عملا
بما ورد (3) من الزامهم بما ألزموا به أنفسهم الذي هذا من فروعه، بل
لا بأس بحمل بعض النصوص (4) المتضمن لذلك عليه، وإن أبته فعلى
التقية، والله العالم.
المسألة * (الثانية) *
مما اختلف فيه الفريقان * (العول عندنا) * معاشر الإمامية * (باطل،

(1) الوسائل - الباب - 8 - من أبواب موجبات الإرث - الحديث 2 و 5.
(2) سورة النساء: 4 - الآية 11.
(3) الوسائل - الباب - 4 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 5.
(4) الوسائل - الباب - 8 - من أبواب موجبات الإرث.
105

لاستحالة أن يفرض الله سبحانه في مال ما لا يقوم به) * والمراد به
زيادة الفريضة لقصورها عن سهام الورثة على وجه يحصل به النقص على الجميع بالنسبة، من العول بمعنى الزيادة أو النقصان أو الميل أو الارتفاع،
يقال: عالت الناقة ذنبها إذا رفعته، لارتفاع الفريضة بزيادة السهام.
كما إذا كانت الفريضة ستة مثلا فعالت إلى سبعة في مثل زوج
وأختين لأب، فإن له النصف ثلاثة منها، ولهما الثلثين أربعة، فزادت
الفريضة واحدا، أو إلى ثمانية، كما إذا كان معهم أخت لأم، أو إلى
تسعة بأن كان معهم أخت أخرى لأم، وهكذا، فإن ذلك هو الضابط
عند القائلين به، فيجمعون السهام كلها وتقسم الفريضة عليها ليدخل
النقص على كل واحد بقدر فرضه، كأرباب الديون إذا ضاق المال
عن حقهم.
وأول مسألة وقع فيها العول في الاسلام في زمن عمر على ما رواه
عنه أولياؤه قال: " ماتت امرأة في زمانه عن زوج وأختين فجمع
الصحابة، وقال لهم: فرض الله تعالى جده للزوج النصف وللأختين
الثلثين، فإن بدئت بالزوج لم يبق للأختين حقهما، وإن بدئت بالأختين
لم يبق للزوج حقه، فأشيروا علي، فاتفق رأي أكثرهم على العول ".
وقد تواتر عنهم (عليهم السلام) أن السهام لا تعول ولا تكون
أكثر من ستة (1) وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) (2) يقول:
" إن الذي أحصى رمل عالج يعلم أن السهام لا تعول على ستة، لو يبصرون
وجوهها لم تجز ستة ".
وأول من عال في الفرائض عمر كما حكاه عنه ابن عباس لما سأله

(1) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب موجبات الإرث - الحديث 0 - 9.
(2) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب موجبات الإرث - الحديث 0 - 9.
106

عن ذلك زفر بن أوس البصري (1) قال: " لما التفت الفرائض عنده
ودافع بعضها بعضا قال: والله ما أدري أيكم قدم الله وأيكم أخر الله؟
وما أجد شيئا هو أوسع من أن أقسم عليكم هذا المال بالحصص فأدخل
على كل حق ما دخل عليه من عول الفريضة، وأيم الله أن لو قدم من
قدم الله وأخر من أخر الله ما عالت فريضة، فقال له زفر بن أوس:
وأيهما قدم وأيهما أخر؟ فقال: كل فريضة لم يهبطها الله عز وجل عن
فريضة إلا إلى فريضة فهذا ما قدم الله، أما ما أخر فكل فريضة
إذا زالت عن فرضها لم يبق لها إلا ما بقي فتلك التي أخر، فأما الذي
قدم فالزوج له النصف، فإذا دخل عليه ما يزيله عنه رجع إلى الربع
لا يزيله عنه شئ، والزوجة لها الربع، فإذا دخل عليها ما يزيلها عنه
صارت إلى الثمن، لا يزيلها عنه شئ، والأم لها الثلث فإذا زالت عنه
صارت إلى السدس، ولا يزيلها عنه شئ، فهذه الفرائض التي قدم الله،
وأما التي أخر ففريضة البنات والأخوات لها النصف والثلثان، فإذا أزالتهن
الفرائض عن ذلك لم يكن لهن إلا ما بقي، فتلك التي أخر، فإذا اجتمع
ما قدم الله وما أخر الله بدأ بما قدم الله، فأعطي حقه كاملا، فإن
بقي شئ كان لمن أخر، وإن لم يبق شئ فلا شئ له ".
والأصل في ذلك ما ذكره أمير المؤمنين (عليه السلام) (2) كما
حكاه عنه الصادق (عليه السلام) قال: " قال: الحمد لله الذي لا مقدم
لما أخر ولا مؤخر لما قدم، ثم ضرب إحدى يديه على الأخرى ثم قال:
يا أيتها الأمة المتحيرة بعد نبيها لو كنتم قدمتم من قدم الله وأخرتم من
أخر الله وجعلتم الولاية والوراثة لمن جعلها الله ما عال ولي الله، ولا
طاش سهم عن فرائض الله، ولا اختلف اثنان في حكم الله، ولا تنازعت

(1) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب موجبات الإرث - الحديث 6 - 5.
(2) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب موجبات الإرث - الحديث 6 - 5.
107

الأمة في شئ من أمر الله إلا وعند علي حكمه من كتاب الله، فذوقوا
وبال أمركم وما فرطتم فيما قدمت أيديكم، وما الله بظلام للعبيد ".
وكان (عليه السلام) يقول أيضا (1): " لا يزاد الزوج عن
النصف ولا ينقص من الربع، ولا تزاد المرأة على الربع ولا تنقص عن
الثمن، وإن كن أربعا أو دون ذلك فهن فيه سواء، ولا تزاد الإخوة
من الأم على الثلث ولا ينقصون عن السدس، وهم فيه سواء الذكر
والأنثى، ولا يحجبهم عن الثلث إلا الولد والوالد " الحديث.
وسمع سالم الأشل (2) أبا جعفر (عليه السلام) يقول: " إن الله
أدخل الوالدين على جميع أهل المواريث فلم ينقصهما من السدس، وأدخل
الزوج والمرأة فلم ينقصهما من الربع والثمن " كقول الصادق (عليه السلام)
في خبر أبي بصير (3): " أربعة لا يدخل عليهم ضرر في الميراث
الوالدان والزوج والمرأة ".
إلى غير ذلك من الروايات المتواترة عن الأئمة الهداة (عليهم السلام)
في بطلان العول والانكار عليهم فيه والتشنيع به عليهم، فإنه مستلزم
لجعل الله تعالى المال نصفين وثلثا، وثلثين ونصفا ونحو ذلك مما لا يصدر
من جاهل فضلا عن رب العزة المتعال عن الجهل والعبث وعما يقول
الظالمون علوا كبيرا، ضرورة ذهاب النصفين بالمال فأين موضع الثلث.
بل مستلزم لكون الفرائض على غير ما فرضها الله تعالى، فإنه لو
فرض الوارث أبوين وبنتين وزوجا وكانت الفرية اثني عشر وأعلناها
إلى خمسة عشر فأعطينا الأبوين منها أربعة أسهم من خمسة عشر فليست
سدسين، بل خمس وثلث خمس، وأعطينا الزوج ثلاثا فليست ربعا، بل

(1) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب موجبات الإرث - الحديث 12 - 2 - 3.
(2) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب موجبات الإرث - الحديث 12 - 2 - 3.
(3) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب موجبات الإرث - الحديث 12 - 2 - 3.
108

خمس، وأعطينا البنتين ثمانية فليست ثلثين، بل ثلث وخمس.
وهو الذي أشار إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) لما سئل وهو
على المنبر " فقام إليه رجل، وقال: يا أمير المؤمنين رجل مات وترك
ابنتين وأبوين وزوجة، فقال (عليه السلام): صار ثمن المرأة تسعا "
فإن الظاهر إرادته بذلك التعريض بالعول المؤدي إلى تغيير الفرائض
كصيرورة الثمن تسعا في الفرض، لأنه لما أعيلت الفريضة إلى تسعة
وأعطينا الامرأة واحدا لم يوافق ما فرضه الله تعالى لذوي الفروض التي
سماها، إذ الواحد من التسع ليس ثمنها، كما أن الاثنين منها ليسا
سدسا الثمانية.
بل مستلزم في بعض الفروض زيادة نصيب الأنثى على فرضها ذكرا
كما لو ماتت المرأة وخلفت زوجا وأبوين وابنا، أو زوجا وأختين لأم
وأخا لأب، فإنه في كل من الموضعين يعطى الابن والأخ الباقي عندنا
وعند الخصم، وبتقدير أن يكون بدل الابن بنتا وبدل الأخ أختا أخذت
أكثر من الذكر قطعا عند الخصم، والكتاب المتضمن لتفضيل الرجال على
النساء درجة (1) والسنة (2) على خلاف ذلك.
ومن الغريب قياسهم ما نحن فيه على مسألة الدين الذي لا مانع عقلا
من تعلقه وإن كثر بالمال وإن قل على وجه يقتضي التوزيع عليه، بخلاف
تعلق نحو النصفين والثلث الذي لا يرضى من له أدنى عقل أن ينسب
ذلك إلى نفسه إلا أن ينص على إرادة العول، وحينئذ يكون خارجا
عما نحن فيه.
* (و) * كيف كان ف‍ * (لا يكون العول إلا بمزاحمة الزوج أو

(1) سورة البقرة: 2 - الآية 228 وسورة النساء 4 - الآية 11 و 176.
(2) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.
109

الزوجة) * إما مع البنت أو البنات أو مع الأخت أو الأخوات من قبل
الأبوين أو الأب.
وحينئذ * (ف‍) * في المتن وجملة من الكتب أنه * (يكون النقص داخلا
على الأب أو البنت أو البنتين أو من يتقرب بالأب والأم أو بالأب من
الأخت أو الأخوات دون من يتقرب بالأم) * الذي لا يرث إلا بالفرض
بخلاف غيره، فإنه يرث به تارة وبالقرابة أخرى، كالبنت والبنتين
اللتين ينقصن إذا اجتمعن مع البنين عن النصف أو الثلثين بنص الآية (1)
لأذن للذكر حينئذ مثل حظ الأنثيين، والأخت والأخوات.
لكن فيه أن عد الأب مع هؤلاء لا وجه له، ضرورة كونه مع
الولد لا ينقص عن السدس، ومع عدمه ليس من ذوي الفروض، ومن
هنا تركه غير واحد واقتصر على ما عرفت.
ففي * (مثل زوج وأبوين وبنت) * يختص النقص بها فتأخذ الباقي
بعد الربع والسدسين * (أو زوج وأحد الأبوين وبنتين فصاعدا) * يختص
النقص بهما، فتأخذان الباقي بعد الربع والسدس * (أو زوجة وأبوين
وبنتين) * تأخذان أيضا الباقي بعد الثمن والسدسين * (أو زوج مع كلالة
الأم وأخت أو أخوات لأب وأم أو لأب) * فيأخذ الزوج نصيبه الأعلى
وهو النصف، وكلالة الأم السدس أو الثلث، والباقي للأخت أو الأخوات
من قبل الأب، كل ذلك باجماع الطائفة وأخبارهم المتواترة (2).
قد أطنب أصحابنا في التشنيع على القول بالتعصيب والعول وكفى
بوضوح بطلانه شنعة له، وهذا غصن من شجرة إنكار الإمامة والضلال

(1) سورة النساء: 4 - الآية 11.
(2) الوسائل - الباب - 18 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد والباب - 3 - من
أبواب ميراث الإخوة والأجداد.
110

الذي أشار إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمفهوم قوله: " ما إن
تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا " (1) والحمد لله الذي عافانا من ذلك ومن
كثير مما ابتلى به خلقه ولو شاء لفعل.
هذا كله في المقدمات * (وأما المقاصد فثلاثة:) *
* (الأول) *
* (في ميراث الأنساب) *
* (وهم ثلاث مراتب:) *
* (الأولى:) *
* (الأبوان والأولاد) * فإنه لا يتقدمهم أحد من الأرحام إجماعا
وكتابا (2) وسنة (3).
* (فإن انفرد الأب) عمن في درجته والزوج * (فالمال له) *

(1) الوسائل - الباب - 5 - من أبواب صفات القاضي - الحديث 9 والباب - 13 -
منها الحديث 77 من كتاب القضاء وسنن البيهقي ج 10 ص 114.
(2) سورة النساء: 4 الآية 11.
(3) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 1 والباب
- 1 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد الحديث 7.
111

قرابة لآية أولي الأرحام (1) * (وإن انفردت الأم فلها الثلث) * فرضا
* (والباقي رد عليها) * عندنا خلافا للعامة، فللعصبة.
* (ولو اجتمع الأبوان فللأم الثلث) * فرضا * (وللأب الباقي) *
قرابة * (ولو كان هناك إخوة) * حاجبون * (كان لها السدس وللأب
الباقي، ولا ترث الإخوة شيئا) * وإن حجبوا، وفي رواية (2) شاذة عن
ابن عباس أن لهم السدس الذي حجبوها عنه.
* (ولو انفرد الابن فالمال له) * قرابة * (ولو كان أكثر من
واحد فهم سواء في المال) * لعدم الترجيح، والأصل التساوي.
* (ولو انفردت البنت فلها النصف) * فرضا * (والباقي يرد
عليها) * والعصبة بفيها التراب بلا خلاف أجده في شئ من ذلك،
بل الكتاب (3) والسنة (4) والاجماع عليه.
نعم عن الفضل بن شاذان والحسن أنهما جعلا البنت والبنتين عند
الانفراد كالابن في انتفاء الفرض، وخصا فرض النصف والثلثين بحال
الاجتماع، ولا وجه له.
* (و) * كذا * (لو كانت بنتان فصاعدا فلهما أو لهن الثلثان والباقي
يرد عليهما أو عليهن) * والعصبة بفيها التراب.
* (وإذا اجتمع الذكران والإناث فالمال لهم للذكر مثل حظ الأنثيين) *
كما أوصى الله تعالى شأنه بذلك في كتابه (5).

(1) سورة الأنفال: 8 - الآية 75 وسورة الأحزاب: 33 - الآية 6.
(2) سنن البيهقي - ج 6 ص 227.
(3) سورة النساء 4 - الآية 11.
(4) الوسائل - الباب - 4 و 5 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد والباب
- 8 - من أبواب موجبات الإرث.
(5) سورة النساء: 4 - الآية 11.
112

* (ولو اجتمع الأبوان أو أحدهما مع الأولاد فلكل واحد من
الأبوين السدس) * كما في الكتاب العزيز (1) * (والباقي للأولاد بالسوية
إن كانوا ذكورا، وإن كان معهم أنثى أو إناث فللذكر مثل حظ الأنثيين) *
كما قال الله تعالى (2).
* (ولو كان معهم زوج أو زوجة أخذ حصته الدنيا) * الربع أو
الثمن * (وكذا الأبوان) * يأخذان السدسين * (والباقي للأولاد) *.
* (ولو كان مع الأبوين بنت) * خاصة * (فللأبوين السدسان
وللبنت النصف والباقي يرد عليهم أخماسا) * على حسب سهامهم.
* (ولو كان إخوة للأب) * صالحون للحجب * (كان الرد على
البنت والأب أرباعا) * على نسبة سهامهما ولا رد على الأم للحاجب الذي
يحجب الأم عما زاد على السدس من غير فرق بين الرد وغيره بلا خلاف
أجده فيه، بل في المسالك وكشف اللثام ومحكي المجمع الاتفاق عليه،
وهو الحجة في تخصيص أدلة الرد.
نعم عن معين الدين المصري أنه يرد عليهما أخماسا سهمان للأب
وثلاثة للبنت، لأذن سهم الأم المحجوبة للأب.
ولكن المشهور على خلافه، بل لم أجد له موافقا على ذلك، بل
هو مقتضى إرثهما بالقرابة التي بين مقداره بالسهام، بل قد عرفت أن
فائدة ذكر الفرض ذلك، كما هو واضح.
* (ولو دخل معهم زوج كان له نصيبه الأدنى) * وهو الربع
* (وللأبوين كذلك) * وهما السدسان * (والباقي للبنت) * لعدم العول
عندنا.
* (ولو كان) * معهم * (زوجة أخذ كل ذي فرض فرضه) *

(1) سورة النساء: 4 - الآية 11.
(2) سورة النساء: 4 - الآية 11.
113

فتأخذ البنت النصف والأبوان السدسين والزوجة الثمن * (والباقي) * ربع
السدس * (يرد على البنت والأبوين) أخماسا * (دون الزوجة) * فإنه
لا يرد عليها كما عرفت. * (ومع الإخوة) * الحاجبين للأم * (يرد
الباقي على البنت والأب أرباعا) * كما تقدم.
قال محمد في الصحيح (1): " أقر أني أبو جعفر (عليه السلام)
صحيفة كتاب الفرائض التي هي إملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله)
وخط علي بيده فوجدت فيها رجل ترك ابنته وأمه للابنة النصف: ثلاثة
أسهم، وللأم السدس: سهم يقسم المال على أربعة أسهم، فما أصاب
ثلاثة أسهم فللابنة وما أصاب سهما فهو للأم، قال: وقرأت فيها رجل ترك
ابنته وأباه فللابنة النصف: ثلاثة أسهم، وللأب السدس: سهم يقسم
المال على أربعة أسهم، فما أصاب ثلاثة أسهم فللابنة وما أصاب سهما
فللأب، قال محمد: وجدت فيها رجل ترك أبويه وابنته فللابنة النصف
ثلاثة أسهم، وللأبوين لكل واحد منهما السدس، لكل واحد منهما سهم،
يقسم المال على خمسة أسهم، فما أصاب ثلاثة فللابنة، وما أصاب سهمين
فللأبوين ".
وفي الخبر (2) " في رجل ترك ابنته وأمه أن الفريضة من أربعة،
لأذن للبنت ثلاثة أسهم، وللأم السدس: سهم، وما بقي سهمان، فهما
أحق بهما من العم ومن الأخ ومن العصبة، لأذن الله قد سمى لهما ولم يسم
لهم، فيرد عليهما بقدر سهامهما ".
* (ولو انفرد أحد الأبوين معها كان المال بينهما أرباعا) * فرضا
وردا.
* (ولو دخل معهما زوج أو زوجة كان الفاضل ردا على البنت

(1) الوسائل - الباب - 17 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 1 - 6.
(2) الوسائل - الباب - 17 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 1 - 6.
114

وأحد الأبوين دون الزوج والزوجة) * بلا خلاف، بل الاجماع بقسميه
عليه والنصوص (1).
* (ولو كان) * معهما * (بنتان فصاعدا فللأبوين السدسان وللبنتين
فصاعدا الثلثان بالسوية، ولو كان معهم زوج أو زوجة كان لكل واحد
منهما نصيبه الأدنى) * وهو الربع والثمن * (وللأبوين السدسان والباقي
للبنتين فصاعدا) * لعدم العول عندنا.
* (ولو كان أحد الأبوين كان له السدس وللبنتين فصاعدا الثلثان
والباقي يرد عليهم أخماسا) * على حسب السهام، لظاهر التعليل في الخبر
السابق (2) بل لعله ظاهر الصحيح (3) أيضا، بل لا أجد فيه خلافا إلا
من الإسكافي، فخص الرد بهن لورود النقص عليهن بدخول الزوجين
فيكون الفاضل لهن، وللموثق (4) " في رجل ترك ابنتيه وأباه أن للأب
السدس وللابنتين الباقي ".
والتعليل - مع ضعفه - منقوض بالبنت، لاعترافه بالرد عليها مع
الأب، والخبر - مع عدم صحته واحتمال كون الابنتين فيه تصحيف
الابنين، كما يشهد به وقوع التغيير في بعض النسخ - مردود بالشذوذ،
وربما حمل على وجود الذكر معهما، وكذا كلام الإسكافي، لكنه بعيد.
* (ولو كان زوج كان النقص داخلا على البنتين فصاعدا) * خاصة
لعدم العول عندنا * (ولو كان زوجة كان لها نصيبها، وهو الثمن،
والباقي بين أحد الأبوين والبنات أخماسا) * بقدر السهام كما عرفت.
* (ولو كان مع الأبوين) * خاصة * (زوج فله النصف، وللأم

(1) الوسائل - الباب - 18 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 3.
(2) الوسائل - الباب - 17 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 6 - 1 - 7.
(3) الوسائل - الباب - 17 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 6 - 1 - 7.
(4) الوسائل - الباب - 17 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 6 - 1 - 7.
115

ثلث الأصل، والباقي للأب، ومع الإخوة للأم سدس) * الأصل * (والباقي
للأب) * الذي لا فرض له مع عدم الولد، فله حينئذ حالتان: حالة
لا فرض له، وهي إذا لم يكن ولد، وحالة له السدس فرضا، وهي
إذا اجتمع معه ولد، وحينئذ إما أن يرد عليه أو لا، وللأم أيضا
حالتان إما الثلث أو السدس، وعلى كل حال إما أن يرد عليها أو لا،
والبنت إما لها النصف فرضا مع رد أو نقص أو لا فرض لها، وهو فيما
إذا كان معها ابن، والبنتان إما لهما الثلثان مع رد أو نقص أو بدونهما أو
لا فرض لهما وهو فيما إذا اجتمعا مع البنين الذين لا فرض لهم أصلا.
* (ولو كان معهما) * أي الأبوين خاصة * (زوجة فلها الربع،
وللأم ثلث الأصل إن لم يكن إخوة، والباقي للأب، ومع الإخوة لها
السدس والباقي للأب) * بلا إشكال في شئ من ذلك ولا خلاف.
وملخصه أنه لو دخل أحد الزوجين على هذه الطبقة فإن كان على
الأبوين أو أحدهما خاصة فله فرضه الأعلى: للزوج النصف، وللزوجة
الربع، وللأم بدون الحاجب الثلث، ومعه السدس، والباقي للأب إذا
اجتمعا، فلو انفرد فله الباقي بعد فرض الزوجية بالقرابة، أو انفردت
فلها الثلث بالفرض والباقي بالرد.
ولو دخلا على الأولاد فلهما فرضهما: للزوج الربع، وللزوجة الثمن
والباقي للولد بالقرابة، إن كان ذكرا أو ذكورا أو مختلفين، ولا نقص
على الزوجين ولا رد، ويرد على الأبوين من غير نقص.
ويدخل النقص على البنت والبنات إذا اجتمع معهما زوج وأبوان أو
مع البنات زوج وأحد الأبوين، أو أبوان وأحد الزوجين، والمنقوص
من البنت نصف سدس، ومن البنات مع الزوج وأحد الأبوين كذلك،
ومنهن مع الأبوين وأحد الزوجين قدر نصيب الزوجين، وحيث لا نقص
116

فالرد، لأذن الفريضة هنا لا توافق السهام، فالنقص في البنت في صورة
واحدة، والرد عليها في ثلاث، وفي البنات بالعكس.
والمردود ربع السدس في البنات، وكذا في البنت مع الزوجة
والأبوين، وفيها مع أحدهما والزوج نصف السدس، ومع الزوجة سدس
وربع سدس.
* (مسائل:) *
* (الأولى:) *
المعروف بين الأصحاب أن * (أولاد الأولاد) * وإن نزلوا ذكورا
أو إناثا * (يقومون مقام آبائهم في مقاسمة الأبوين) * وحجبهم عن أعلى السهمين
إلى أدناهما ومنع من عداهم من الأقارب.
* (وشرط ابن بابويه) * في الفقيه والمقنع * (في توريثهم عدم
الأبوين) * قال في أولهما: " أربعة لا يرث معهم أحد إلا زوج أو
زوجة: الأبوان والابن والابنة، هذا هو الأصل لنا في المواريث، فإذا
ترك الرجل أبوين وابن ابن أو ابنة ابنة فالمال للأبوين للأم الثلث وللأب
الثلثان، لأذن ولد الولد إنما يقومون مقام الولد إذا لم يكن هناك ولد،
ولا وارث غيره، والوارث الأب والأم، وقال الفضل بن شاذان خلاف
قولنا في هذه المسألة وأخطأ، قال: إن ترك ابن ابنة وابنة ابن فللأبوين
السدسان وما بقي فلابنة الابن من ذلك الثلثان ولابن الابنة من ذلك الثلث
تقوم ابنة الابن مقام أبيها وابن الابنة مقام أمه، وهذا مما زل به قدمه
117

عن الطريق المستقيم، وهذا سبيل من يقيس ".
وقال في المقنع: " فإن ترك ابن ابن وأبوين فللأم الثلث وللأب
الثلثان وسقط ابن الابن ".
* (و) * على كل حال ف‍ * (هو) * قول * (متروك) * قد
نص المفيد والسيد والشيخ وأبو الصلاح وبنوا البراج وحمزة وزهرة وإدريس
وسعيد والعلامة والشهيدان والمقداد وغيرهم على خلافه، بل في الغنية
والكنز والتنقيح الاجماع على خلافه، بل في القواعد أنه قد سبقه الاجماع
وتأخر عنه، بل يمكن تحصيل الاجماع، فالحجة حينئذ على المختار ذلك
وكفى به.
مضافا إلى قوله تعالى (1): " يوصيكم الله " إلى آخره بناء على
أن ولد الولد ولد حقيقة كما عن الأكثر، بل عن ابن إدريس الاجماع
عليه، بل وعلى القول بالمجازية، فإنه مراد هنا قطعا، لاجماع الأصحاب
على الاستدلال بهذه الآية على اقتسام أولاد الابن نصيبهم للذكر ضعف
الأنثى واحتجاجهم على بعض من شذ منهم في قسمة ولد الأنثى نصيبهم
بالسوية، وما ذاك إلا للاجماع على أن المراد بالولد هنا المعنى الأعم.
بل المراد بالولد في قوله تعالى (2): " ولأبويه لكل واحد منهما
السدس مما ترك إن كان له ولد، فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه
الثلث " ما يعم ولد الولد، وقد حكى المرتضى وغيره الاجماع على ذلك
وإذا كان ولد الولد حاجبا للأبوين إلى السدسين لم يكن لهما معه جميع
المال، كما قاله الصدوق (رحمه الله).
ولا بعد في استعمال الولد فيما يشمل الولد وولد الولد، لاشتراكهما
في القرب الحاصل بالايلاد وإن كان في ولد الولد بالواسطة.

(1) سورة النساء 4 - الآية 11.
(2) سورة النساء 4 - الآية 11.
118

كما أن إطلاق ولد الولد يراد به ما يعم ولد ولد الولد وهكذا،
مع أن الكلام في كونه ولد الولد كالكلام في أن ولد الولد ولد، فإنه
ليس بولد على الحقيقة، ولذا صح أن يقال: هذا ولد ولد ولدي
وليس بولد ولدي، كما يقال: هذا ولد ولدي وليس بولدي.
ومن الأصحاب من جعل المسألة من فروع التعارض بين الحقيقة
والمجاز الراجح بناء على أن لفظ الولد حقيقة في الولد الصلب مجاز راجع
في المعنى الأعم، لكونه الغالب في الاستعمال، فيترجح إرادته على القول
بترجيح هذا النوع من المجاز. وفيه نظر.
وإلى النصوص كصحيح عبد الرحمان بن الحجاج (1) عن أبي عبد الله
(عليه السلام) " بنات الابنة يرثن إذا لم يكن بنات كن مكان البنات ".
والموثق عنه (عليه السلام) (2) أيضا " ابن الابن يقوم مقام
أبيه ".
وحسن عبد الرحمان عنه (عليه السلام) (3) أيضا " ابن الابن إذا
لم يكن من صلب الرجل أحد قام مقام الابن قال: وابنة البنت إذا لم
يكن من صلب الرجل أحد قامت مقام البنت ".
وخبر محمد بن سماعة (4) قال: " دفع إلي صفوان كتابا لموسى
ابن بكير فقال: هذا سماعي من موسى بن بكير وقراءة عليه، فإذا فيه
موسى بن بكير عن علي بن سعيد عن زرارة، قال: هذا ما ليس فيه

(1) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد. الحديث 1 - 2 - 5.
(2) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد. الحديث 1 - 2 - 5.
(3) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد. الحديث 1 - 2 - 5.
(4) الوسائل - الباب - 18 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 3 مع الاختلاف
في كيفية النقل في صدر الرواية وسندها ورواها في الكافي ج 7 ص 97 بعين ما في الجواهر
إلا أن فيه " عن الحسن بن محمد بن سماعة قال: دفع إلي صفوان كتابا لموسى بن بكر... ".
119

اختلاف عند أصحابنا عن أبي عبد الله وعن أبي جعفر (عليهما السلام)
- وذكر مسائل إلى أن قال -: ولا يرث أحد من خلق الله مع الولد
إلا الأبوان والزوج والزوجة، فإن لم يكن ولد وكان ولد الولد - ذكورا
كانوا أو إناثا - فإنهم بمنزلة الولد، وولد البنين بمنزلة البنين يرثون ميراث
البنين، وولد البنات بمنزلة البنات يرثون ميراث البنات، ويحجبون
الأبوين والزوجين عن سهامهم الأكثر وإن سفلوا ببطنين وثلاثة وأكثر،
يرثون ما يرث الولد الصلب ويحجبون ما يحجب الولد الصلب " وهو
نص في المطلوب.
والخبر المروي عن دعائم الاسلام (1) عن جعفر بن محمد (عليهما
السلام) أنه قال: " في رجل ترك أبا وابن ابن قال: للأب السدس
وما بقي فلابن الابن، لأنه قام مقام أبيه إذا لم يكن ابن، وكذلك ولد
الولد ما تناسلوا إذا لم يكن أقرب منهم من الولد، ومن قرب منهم
حجب من بعد، وكذلك بنوا البنت ". الحديث.
والضعف منجبر بعمل الأصحاب والموافقة لظاهر الكتاب والسنة
المستفيضة بل المتواترة كما في النهاية.
كل ذلك مع أنا لم نقف على ما يشهد للصدوق سوى خبر سعد بن
أبي خلف (2) عن أبي الحسن الأول (عليه السلام) " بنات الابنة يقمن
مقام البنات إذا لم يكن للميت بنات ولا وارث غيرهن، وبنات الابن
يقمن مقام الابن إذا لم يكن للميت أولاد ولا وارث غيرهن ".
وصحيح عبد الرحمان بن الحجاج (3) عن أبي عبد الله (عليه السلام)
" بنات الابنة يقمن مقام الابنة إذا لم يكن للميت بنات ولا وارث غيرهن

(1) المستدرك - الباب - 6 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 3.
(2) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 3 - 4.
(3) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 3 - 4.
120

وبنات الابن يقمن مقام الابن إذا لم يكن للميت ابن ولا وارث غيرهن ".
وكون الأبوين أقرب إلى الميت من ولد الولد لمساواتهما للأولاد
الذين هم أقرب من أولادهم، والأقرب يمنع الأبعد.
وفيه أنه يمكن إرادة نفي غير أب الابن من أولاد الصلب من قوله
(عليه السلام): " ولا وارث غيرهن " على معنى إذا لم يكن للميت
الابن الذي يتقرب به ابن الابن أو البنت التي يتقرب بها بنت البنت
ولا وارث غيره من الأولاد للصلب.
أو أن المراد أن بنت البنت تقوم مقام البنت إذا لم يكن للميت بنت
مطلقا، سواء كان أم هذه البنت أو غيرها، وكذا ابن الابن يقوم مقام
الابن إذا لم يكن للميت ابن سواء كان أبا هذا الابن أو غيره.
" ولا وارث غيره " يريد الابن في الأول والبنت في الثاني أو أن
المراد بالوارث فيهما أعم من ولد الصلب والأقرب من أولاد الأولاد،
فإن المراد ببنات الابن أو البنت ما يشمل السافلات، والأقرب منهن
ومن غيرهن يمنع الأبعد.
أو أن المراد من " لا " لنفي الجنس لا لتأكيد النفي على معنى أن
بنات الابن أو البنت يرثن عند فقد الأولاد ولا وارث غيرهن حينئذ،
ويخص بما إذا لم يكن هناك أب أو أم أو زوجة.
أو أن المراد أنها ترث المال كله إن لم يكن ولد ولا وارث آخر
كالأبوين وإلا كانت مشاركة.
ولعل وجه الاجمال - كما في الوسائل - ملاحظة التقية، فإن كثيرا
من العامة وافقوا الصدوق كما عن الكليني والمجلسي وغيرهما حكايته، وهو
موهن آخر للخبرين وإن كان الاجمال السابق وغيره كافيا في عدم صلاحية
ذلك لمعارضة ما تقدم من الأدلة الواضحة.
121

وأما استدلاله بقاعدة الأقرب ففيه أنها في صورة اتحاد الصنف،
وأما مع التعدد كما في الفرض فالأقرب من أحد الصنفين لا يمنع الأبعد من
الصنف الآخر، ومن ثم شارك ابن الأخ الجد وأبو الجد الأخ، حيث
إنهما صنفان، ومع التسليم فيكفي في تخصيصها ما دل (1) على قيامهم
مقام أبيهم في المقام المرجح عليها من وجوه وإن كان التعارض من وجه.
كل ذلك مع أن الصدوق (رحمه الله) صرح في محكي الفقيه
بمشاركة الجد لولد الولد، وغلط ما حكاه من ابن شاذان من أن الجد
كالأخ يرث حيث يرث ويسقط حيث يسقط، قال: " فإن الجد يرث
مع ولد الولد ولا يرث معه الأخ ".
ومقتضى كلامه هذا وما تقدم من عدم إرث ولد الولد مع الأبوين
أن ولد الولد خارج عن الطبقة الأولى حيث لا يشاركها في الإرث،
فيدخل في الطبقة الثانية ويشاركه الجد دون الأخ، مع أن من شأن الطبقة
مشاركة جميع أصنافها بعضهم لبعض، ولو جعل ولد الولد طبقة برأسها
وجب أن لا يشارك أحدا من الطبقة الأولى ولا غيرها، مع أن الصدوق
(رحمه الله) شرك بينه وبين الجد، وعلى هذا يختل نظام الطبقات التي
استقر الاجماع عليها، بل كاد يكون من ضروريات المذهب، والله أعلم.
* (و) * كيف كان فلا خلاف في أنه * (يمنع الأولاد من يتقرب
بهم ومن يتقرب بالأبوين من الإخوة وأولادهم والأجداد وآبائهم والأعمام
والأخوال وأولادهم) * بل الاجماع بقسميه عليه، بل الكتاب (2) * (و) * السنة (3)

(1) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.
(2) سورة الأنفال: 8 - الآية 75 وسورة الأحزاب: 33 - الآية 6.
(3) الوسائل - الباب - 5 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد والباب - 1 -
من أبواب ميراث الإخوة والأجداد وميراث الأعمام والأخوال.
122

دالان عليه أيضا، نعم * (يترتبون الأقرب فالأقرب، فلا يرث بطن مع
من هو أقرب منه إلى الميت) * خلاف أيضا، لقاعدة الأقرب
وغيرها، هذا كله في أصل إرثهم.
* (و) * أما كيفيته فالمشهور أنه * (يرث كل واحد منهم نصيب
من يتقرب به، فيرث ولد البنت نصيب أمه ذكرا كان أو أنثى، وهو
النصف إن انفرد أو كان مع الأبوين ويرد عليه) * وإن كان ذكرا * (كما
يرد على أمه لو كانت موجودة) *.
* (ويرث ولد الابن نصيب أبيه ذكرا كان أو أنثى جميع المال إن
انفرد، وما فضل عن حصص الفريضة إن كان معه وارث كالأبوين أو
أحدهما والزوج أو الزوجة) *.
* (ولو انفرد أولاد الابن وأولاد البنت كان لأولاد الابن الثلثان) *
اللذان هما نصيب أبيهم في نحو الفرض * (ولأولاد البنت الثلث) * الذي
هو نصيب أمهم في الفرض أيضا * (على الأظهر) * الأشهر بل المشهور.
* (ولو كان زوج أو زوجة كان له نصيبه الأدنى) * وهو الربع
والثمن * (والباقي بينهم لأولاد البنت الثلث ولأولاد الابن الثلثان) *.
بل في كنز العرفان انعقاد الاجماع عليه بعد المرتضى، بل عن الغنية
أن عليه إجماع الطائفة، وهو الحجة.
مضافا إلى النصوص (1) المتقدمة المشتملة على قيام أولاد البنين مقامهم
وأولاد البنات مقامهن الظاهرة في إرادة التنزيل في أصل الإرث وكيفيته
لا الأول خاصة، وإلا لاكتفي فيها بذكر أولاد الأولاد من دون تفصيل
بين أولاد البنين وأولاد البنات في الذكر الذي هو مجرد تطويل مستغنى عنه
لا طائل تحته يجل عنه مثل كلام الإمام (عليه السلام) خصوصا مع

(1) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.
123

اتفاق النصوص السابقة على ذلك، ضرورة كونها بين مصرح بالتفصيل (1)
وبين مكتف بأحد شقيه (2).
نعم أجمل في خبر موسى بن بكير (3) السابق منها أولا إلا أنه
نص على التفصيل ثانيا، بل هو كالصريح في المطلوب، لقوله (عليه السلام)
فيه: " يرثون ميراث البنين والبنات " ولم يقل كما يرثون، مع أنه ظاهر
أيضا لو عبر بذلك وإن لم يكن بتلك المرتبة.
ولو سلم احتمال هذا القيام والمنزلة لكل من الأمرين فلا ريب في
ترجيح المختار بالشهرة العظيمة والاجماع المزبور، بل تسليم الخصم ذلك
في غير الفرض من الأرحام أقوى شاهد على ما هنا، ضرورة اشتراك المقامين
في الدليل الذي هو قول أبي عبد الله (عليه السلام) (4): " إن في
كتاب علي (عليه السلام) إن كل ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجربه
إلا أن يكون وارث أقرب إلى الميت منه فيحجبه " وقوله (عليه السلام)
أيضا في مرسل يونس (5): " إذا التفت القرابات فالسابق أحق بميراث
قريبه، فإن استوت قام كل واحد مقام قريبه " فإنه خصوصا الأخير
صريح في إرادة إرث نصيب من يتقرب به الذي يوافق الخصم عليه في
غير المقام.
فما عن المرتضى (رحمه الله) ومن تبعه - من قسمة الميراث بينهم
كأولاد الصلب من غير ملاحظة لمن يتقربون به، لأنهم أولاد حقيقة،
فتشملهم الآية (6) ولولا قاعدة الأقرب لشاركوا آباءهم في الإرث -

(1) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 3 - 1.
(2) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 3 - 1.
(3) راجع التعليقة (4) في ص 119.
(4) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب موجبات الإرث - الحديث 1 - 3.
(5) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب موجبات الإرث - الحديث 1 - 3.
(6) سورة النساء: 4 - الآية 11.
124

واضح الضعف.
ولو سلمنا له كونهم أولادا حقيقة إلا أنه لا تنافي بين ذلك وبين
كون إرثهم على الوجه المزبور، للأدلة السابقة، كما أنه لا مانع من التزام
تفضيل الأنثى على الذكر هنا في بعض الصور والتسوية في بعض، للأدلة
المزبورة، فترث حينئذ بنت الابن الثلثين وأولاد البنت الذكور الثلث.
وعليه يحمل ما في الموثق (1) " ابنة الابن أقرب من ابن البنت "
على معنى كثرة النصيب لا القرب الحاجب، بل لعل ذلك أولى من حمله
على التقية، وحينئذ يكون دليلا آخر على المطلوب، على أنه لازم له
في أولاد الإخوة والأخوات والأعمام والعمات وغيرهم.
بل المراد من عدم تفضيل الأنثى على الذكر أنها لا تزداد على نصيب
ما لو فرضت هي ذكرا، وذلك في المقام كذلك.
قال أبو جعفر (عليه السلام) في خبر بكير بن أعين (2):
" لا تزاد الأنثى من الأخوات ولا من الولد على ما لو كان ذكرا
لم يزد عليه ".
وفي خبر موسى بن بكير (3) " والمرأة تكون أبدا أكثر نصيبا من
رجل لو كان مكانها، قال موسى بن بكير: قال زرارة: هذا قائم
عند أصحابنا لا يختلفون فيه ".
وبذلك كله ظهر لك أنه لا إشكال في المسألة بحمد الله كما لا إشكال في

(1) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 8.
(2) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 1 - 2
والثاني عن موسى بن بكر عن بكير وفي الكافي ج 7 ص 104 " عن موسى بن بكر قال:
قلت لزرارة: إن بكيرا حدثني عن أبي جعفر (عليه السلام).. "
(3) تقدم آنفا تحت رقم 2.
125

المسألة * (الثانية:) *
وهي * (أولاد البنت يقتسمون نصيبهم للذكر مثل حظ الأنثيين كما
يقتسم أولاد الابن) * على المشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة، بل
عن صريح التنقيح الاجماع عليه، بل لعله ظاهر المصنف وغيره، لصدق
الأولاد حقيقة فيدخلون في عموم " يوصيكم الله " (1) ولكون المراد منهم
هنا ما يشملهم ولو للاجماع المحكي عنه جماعة على ذلك، ولذا حجبوا
باعتراف الخصم الأبوين عما زاد على السدسين والزوجين عن النصف والربع
* (وقيل) * والقائل جماعة منهم القاضي والشيخ في المبسوط على
ما في كشف اللثام: * (يقتسمون بالسوية وهو متروك) * شاذ لا دليل
له سوى دعوى أن التقرب بالأنثى يقتضي الاقتسام بالسوية.
وفيه - مع انتقاضها باعترافه بأولاد الأخت للأب - أنه لا دليل على
كليتها بعد حرمة القياس على كلالة الأم، ودعوى أصالة التسوية المنقطعة
هنا بما عرفت من شمول آية الوصية لهم على تقديري الحقيقة والمجاز،
بل لعل الخصم يوافق على ذلك إلا أنه يدعي خروجهم عن ذلك بقاعدة
التقرب بالأنثى، وقد عرفت أنه لا مقعد لها، فحينئذ لا إشكال،
والحمد لله.

(1) سورة النساء: 4 - الآية 11.
126

المسألة * (الثالثة:) *
من متفردات الإمامية ومعلومات مذهبهم أنه * (يحبى الولد الأكبر
من تركة أبيه بثياب بدنه وخاتمه وسيفه ومصحفه) * وبذلك تظافرت
نصوصهم عن أئمتهم (عليهم السلام).
ففي صحيح ربعي بن عبد الله (1) عن أبي عبد الله (عليه السلام)
" إذا مات الرجل فلأكبر ولده سيفه ومصحفه وخاتمه ودرعه ".
وحسن حريز (2): " إذا هلك الرجل وترك بنين فللأكبر الدرع والسيف
والخاتم والمصحف، فإن حدث به حدث فللأكبر منهم ".
وفي مرسل ابن أذينة (3) عن أحدهما (عليهما السلام): " إذا ترك
الرجل سيفا وسلاحا فهو لابنه، فإن كان له بنون فهو لأكبرهم " ونحوه
خبر آخر (4).
وفي صحيح ربعي الآخر (5) عن أبي عبد الله (عليه السلام)
أيضا " إذا مات الرجل فسيفه ومصحفه وخاتمه وكتبه ورحله وراحلته
وكسوته لأكبر ولده، فإن كان الأكبر ابنة فللأكبر من الذكور ".
وفي خبر أبي بصير (6) عنه (عليه السلام) أيضا " إذا مات الميت
فإن لابنه الأكبر السيف والرحل والثياب ثياب جلده ".
وخبر شعيب العقرقوفي (7) " سألت أبا عبد الله (عليه السلام)
عن الرجل يموت ما له من متاع بيته؟ قال: السيف، وقال: الميت إذا

(1) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 2 - 3 - 4 - 6 - 1 - 5 - 7.
(2) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(3) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(4) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(5) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(6) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(7) تقدم آنفا تحت رقم 1.
127

مات فإن لابنه السيف والرحل والثياب ثياب جلده ".
وخبر سماعة (1) " سألته عن الرجل يموت ما له من متاع البيت؟
قال: السيف والسلاح والرحل وثياب جلده ".
وخبر أبي بصير (2) عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " كم
من انسان له حق لا يعلم به، قلت: وما ذاك أصلحك الله؟ قال:
إن صاحبي الجدار كان لهما كنز تحته لا يعلمان به أما أنه لم يكن بذهب ولا
فضة، قلت: وما كان؟ قال: كان علما، قلت: فأيهما أحق به؟
قال: الكبير، كذلك نقول نحن ".
وخبر علي بن أسباط (3) عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)
قال: " سمعناه وذكر كنز اليتيمين، فقال: كان لوحا من ذهب فيه
بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله محمد رسول الله، عجب لمن أيقن
بالموت كيف يفرح؟ وعجب لمن أيقن بالقدر كيف يحزن؟ وعجب
لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يركن إليها؟ وينبغي لمن عقل عن الله
أن لا يستبطئ الله في رزقه ولا يتهمه في قضائه، فقال له حسين بن
أسباط: فإلى من صار؟ إلى أكبرهما، قال: نعم ".
لكن اختلفوا في أن ذلك على سبيل الوجوب أو الاستحباب، فالأكثر
كما في المسالك على الأول، بل في غيرها المشهور، بل في الرياض أنه
ادعيت عليه الشهرة بحد الاستفاضة ولا ريب فيها.
قلت: بل الشهرة عليه محصلة، بل عن الحلي الاجماع عليه، بل في
المحكي من سرائره أنه المجمع عليه عند أصحابنا المعمول به وفتاواهم في

(1) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 10 - 8 - 9.
(2) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 10 - 8 - 9.
(3) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 10 - 8 - 9.
128

عصرنا هذا - وهو سنة ثمان وخمسمائة (1) - عليه بلا خلاف بينهم، وهو
الحجة بعد الاعتضاد بالشهرة العظيمة.
مضافا إلى ظهور السلام في الملك والاستحقاق، بل في الرياض في
الموثق (2) التصريح بلفظ الأخير.
قال ما حاصله: " ولا ينافي الاستدلال به تضمنه كتب العلم التي
ليست من الحبوة عند الأكثر إلا بدعوى شمول لفظ المصحف لها،
ولا ريب في بعده، ضرورة انسياق القرآن المجيد منه، أما عند العامل بذلك
فظاهر، وأما غيره فلكونه إخبارا عن الملة السابقة ولم يكن المصحف،
فيحتمل كون ذلك الكتاب المكنوز بدلا عنه " وإن كان هو كما ترى
خصوصا بعد ظهور القرآن المجيد في كون الكنز لهما معا لا لخصوص
الأكبر، فلا ريب في عدم صلاحيته والخبر الأخير للاستدلال على المختار
الذي نحن في غنية عن إثباته بذلك، ضرورة كفاية اللام - التي لم يتعارف
التجوز بها عن الندب - في ذلك، بل هي مستند أدلة الإرث في الكتاب (3)
والسنة (4).
واختلاف النصوص المتقدمة في مقدار ما يحبى به - بل لم يتضمن
شئ منها الأربعة التي عند الأصحاب، لأذن أشملها لها الصحيحان (5) وقد

(1) في السرائر المطبوعة وكذلك المخطوطة منها التي أوقفها الشيخ البهائي " قده "
المحتفظ بها في مكتبة الروضة الرضوية في " مشهد " خراسان " كتابخانه آستانه قدس "
هكذا: " وهو سنة ثمان وثمانين وخمسمائة ".
(2) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 8.
(3) سورة النساء: 4 - الآية 7.
(4) الوسائل - الباب - 5 و 9 و 16 و 17 و 18 وغيرها - من أبواب ميراث الأبوين
والأولاد.
(5) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 1 و 2.
129

تضمنا ثلاثة منها ولم يتضمنا الثياب، بل تضمنا الدرع بدلها، ولم يقل به
أحد - غير قادح ولا صالح للدلالة على الاستحباب، ضرورة عدم كون
مطلق الاختلاف دالا على ذلك، وإلا فأغلب الأخبار في غالب الأحكام
مختلفة.
نعم لو بلغ درجة يحصل القطع به من جهته كما في أخبار البئر (1)
اتجه الحكم به، وليس المقام كذلك قطعا، مع أنه قد يمنع عدم تضمن
الصحيحين (2) للأربع بناء على إرادة القميص من الدرع لا الحديد،
ويلحق به غيره من ثياب البدن بالاجماع، بل لعل ذلك أولى.
كما أنه من الواضح عدم خروج الخبر عن الحجية باشتماله على ما لا
يقول به أحد من الطائفة وإلا لكان ذلك لازما للقائلين بالندب هنا، فإنه
لم يحك عن أحد منهم الاستحباب فيما زاد على الأربعة إلا ما يحكى عن
الإسكافي من إلحاق السلاح بها.
وأما الصدوق فإنه قد روى رواية الرحل والراحلة والكتب في
الفقيه (3) فإن كان ذلك منه عملا بها بناء على ما ذكره في أول كتابه
فهو على الوجوب دون الندب.
وبذلك كله يظهر لك أنه لا وجه للاستدلال على الندب بالنصوص
المشتملة على غير الأربعة (4) بناء على معلومية عدم الوجوب في غيرها

(1) الوسائل - الباب - 15 و 16 و 17 و 18 و 19 و 20 و 21 و 22 - من
أبواب الماء المطلق من كتاب الطهارة.
(2) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 1 و 2.
(3) أشار إليه في الوسائل في الباب - 3 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد -
الحديث 1 وذكره في الفقيه - ج 4 ص 251 الرقم 805. إلا أنه ليس فيه الراحلة.
(4) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.
130

واتحاد المساق فيها أجمع، فيتجه كونها للندب في الجميع، ضرورة أن
القائلين بالندب لم يزيدوا على الأربع كي يتجه حينئذ ذلك، فهي مطرحة
بالنسبة إليها عند الجميع، فيكون اشتباها من الراوي أو غيره من آفات
الأخبار.
كما أنه يظهر عدم الوجه في الاستدلال بها أيضا من حيث اختلافها
اختلافا منافيا للوجوب دون الندب الذي يتسامح فيه بخلافه، نحو أخبار
النزح في البئر (1) ضرورة منع مثل هذا الاختلاف فيها أولا وإلا لنافى
الاستحباب أيضا، لمنع التسامح في مثل هذا الندب المعارض بقاعدة حركة
التصرف في مال الغير، وخصوصا اليتيم، إذ القائل بالندب يجوز
إخراجها ولو كان الوارث غير الكبير طفلا صغيرا، إذ هي من المستحب
المالي كزكاة مال الطفل، ومثل هذا الاستحباب لا بد له من دليل صالح
لتخصيص القاعدة القاضية بالحرمة، ومتى كان في نصوص المقام صلاحية
لذلك صلحت لإفادة الوجوب حينئذ لعدم التسامح في هذا الندب،
كما هو واضح.
وأما دعوى خلوها عن خبر جامع لهذه الأربعة التي ذكرها الأصحاب
وإنما هي مستفادة من مجموعها فهي غير قادحة بعد تمييزها عن غيرها
بكلام الأصحاب القائلين بالوجوب والندب، مع ضرورة اشتراكهما معا
في ذلك كما عرفت.
على أنه قد يمنع ذلك بإرادة القميص في صحيح الدرع، وحينئذ
يكون الجامع لها موجودا بعد إلحاق غيره من الثياب به بالاجماع وغيره
من النصوص، بل لعل ذلك أولى من حمله على درع الحديد الذي هو ليس

(1) الوسائل - الباب - 15 و 16 و 17 و 18 و 19 و 20 و 21 و 22 - من
أبواب الماء المطلق من كتاب الطهارة.
131

منها عند معظم القائلين بالوجوب أو الندب، بل على تقديره فما هو إلا
لأنه من قبيل ثياب الميت وملبوساته، فتأمل جيدا.
وقد ظهر لك من ذلك أن القول بالوجوب هو الأقوى، بل
لعل ذلك هو المعروف من الشيعة حتى أن مخالفيهم يعرفونه منهم باعتبار
كونه من متفرداتهم فضلا عنهم.
وكيف كان فالظاهر مجانية هذا الحباء عملا بظاهر النصوص المزبورة،
فما عن المرتضى وغيره - من كونه بالقيمة فتكون ثمرة خصوصية الأكبر
الاختصاص بالعين من بين الورثة - واضح الضعف.
ومن الغريب ما في الكشف من الاستدلال عليه بعموم أدلة الإرث
السالم عن المعارض، قال: " فإن اختصاص الأعيان به على ما في
الأخبار والفتاوى لا ينافي الاحتساب " وبقول (1) الصادق (عليه السلام)
في حسن حريز (2) السابق: " إذا هلك الرجل فترك بنيه فللأكبر السيف
والدرع والخاتم والمصحف، فإن حدث به حدث فللأكبر منهم ".
ضرورة وجوب الخروج عن ذلك العموم بظهور المجانية من اللام
في النص والفتوى التي بها خرج عما يقتضيه عموم الإرث من الاشتراك،
وعدم الدلالة في حسن حريز المحمول ما فيه من قوله (عليه السلام):
" فإن حدث به حدث " إلى آخره على إرادة فإن كان قد حدث بالأكبر
حدث قبل هلاك الرجل فللأكبر الباقي، لا على إرادة الاحتساب بالقيمة
إذ هو مع أنه تأول في ذلك لا يقول به أحد.
كما أن الاستئناس لذلك بما تسمعه من خبر الزوجة عما فاتها من إرث
الفرس والبناء بالقيمة لا وجه له أيضا بعد حرمة القياس.

(1) عطف على قوله: " بعموم أدلة الإرث ".
(2) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد الحديث 3.
132

* (و) * على كل حال ف‍ * (عليه قضاء ما عليه من صلاة
وصيام) * كما عرفت تفصيل ذلك في كتاب الصوم (1) فلاحظ.
* (ومن شرط اختصاصه) * بالحباء عند ابني حمزة وإدريس على
ما حكي عنهما * (ألا يكون سفيها ولا فاسد الرأي) * مخالفا في المذهب
بل في المتن * (على قول مشهور) * وإن كنا لم نتحققه، ولعله لكونهما
ليسا أهلا للكرامة الظاهرة في حكمة الحباء الذي هو كالعوض عما يؤديه
من قضاء الصوم والصلاة. وما قيل من أن المخالف لا يرى استحقاقها
فيجوز إلزامه بمذهبه كما جاء (2) مثله في منعه عن الإرث أو بعضه
حيث يقول به إدانة بمعتقده.
وإن كان قد يناقش - بعد تسليم إرث المخالف للمؤمن - بأن فساد
الرأي لا يخص المخالف، بل هو شامل للواقفي ونحوه ممن يرى الحباء
وبأن ذلك ليس من باب الشرطية، ولذا لم يشترط أحد في إبطال العول
والعصبة عدم فساد الرأي، بل حكموا به مطلقا مع تصريحهم كجملة
من الأخبار (3) بجواز إدانة المخالف بمعتقده فيهما.
كما أنه قد يناقش في أصل الاستدلال بمنع كون الحكمة ذلك، وعدم
وجوب إطرادها، ومن هنا مال جماعة من متأخري المتأخرين إلى عدم
الشرط المذكور، بل لعله ظاهر نسبة المصنف هنا والنافع له إلى القول
بل في الرياض أن ذلك هو الأصح، لاطلاق النصوص، ولعله كذلك.
اللهم إلا أن يشك في إرادة هذا الفرد من هذا الاطلاق، فيبقى
عموم الإرث حينئذ سالما من المعارض، فتأمل جيدا، والله العالم.

(1) راجع ج 17 ص 39 - 42.
(2) الوسائل - الباب - 4 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد والباب - 3 - من أبواب ميراث المجوس.
(3) الوسائل - الباب - 4 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد والباب - 3 - من أبواب ميراث المجوس.
133

* (و) * من شرطه أيضا * (أن يخلف الميت مالا غير ذلك،
فلو لم يخلف) * مالا * (سواه) * أي مال الحباء * (لم يخص) * الأكبر
* (بشئ منه) * وفاقا لصريح جماعة، بل المشهور كما في المسالك وغيرها،
للأصل السالم عن معارضة إطلاق الأدلة المنساق إلى المفروض الذي هو
الغالب، بل قد سمعت مضمر سماعة (1) المشتمل على أن ذلك للميت
من متاع بيته، مضافا إلى استلزام ما عداه الاجحاف بالورثة والاضرار
بهم، فما عن بعضهم - من عدم اشتراط ذلك للاطلاق - في غير محله.
نعم في اشتراط كون الغبر كثيرا بحيث يعادل نصيب كل من الورثة
مقدار الحبوة. أو نصيب الكل مقدارها، أو عدمه مطلقا، وكفاية ما قل
منه ولو كان درهما وهي تساوي دنانير، أوجه.
وفي الرياض مقتضى الأدلة الدالة - ولا سيما التعليل على اعتباره -
الأول.
وفي المسالك " وعليه ينبغي اعتبار نصيب الولد المساوي له في
الذكورية، أما غيره فلا، لعدم المناسبة سيما الزوجة ".
قلت: هو كذلك، لكن لا يخفى عليك ما في أصل اعتبار ذلك من
الاشكال، بل هو من التهجس في الحكم الشرعي والقول به من غير
دليل. ولعل المتجه دوران الحكم على صدق كون الحبوة من متاع بيته
وبعض تركته.
ومن شرطه عند جماعة أيضا خلو الميت من دين مستغرق للتركة،
لعدم الإرث حينئذ، والحباء نوع منه، بل ربما اشترط خلوه من مطلق
الدين باعتبار اختصاص الحبوة بما يخصها من توزيعه على مجموع التركة
فتبطل حينئذ بالنسبة.

(1) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 10.
134

لكن قد يناقش باطلاق النص، وبما عرفت من أن الأصح انتقال
التركة إلى الوارث وإن لزم المحبو ما قابلها من الدين إن أراد فكها،
وليس هذا إبطالا لها، مع احتمال وكود المتبرع والابراء ونحو ذلك.
ودعوى بطلانها بمجرد وجود الدين المستغرق المقتضي عدمها حال
الوفاة كما ترى، ضرورة كون ذلك بطلانا مراعى لا مطلقا، بل يلزم
على المنع من مقابل الدين إن لم يفكه المنع من مقابل الوصية النافذة إن لم يكن
بعين مخصوصة خارجة عنها ومن مقابل الكفن الواجب وما في معناه،
لعين ما ذكر، ولا ريب في بعده لاطلاق النص والفتوى بثبوتها مع
عدم انفكاك الميت عن ذلك غالبا خصوصا الكفن.
لكن في الرياض تبعا للروضة أن الموافق للأصول الشرعية البطلان
في مقابلة ذلك كله إن لم يفك المحبو بما يخصه، لأذن الحبوة نوع من
الإرث واختصاص فيه، والدين والوصية والكفن ونحوها تخرج من جميع
التركة، ونسبة الورثة إليه على السواء، نعم لو كانت الوصية بعين من
أعيان التركة خارجة عن الحبوة فلا منع، كما لو كانت تلك العين
معدومة، ولو كانت الوصية ببعض الحبوة اعتبرت من الثلث كغيرها من
ضروب الإرث، إلا أنها تتوقف على إجازة المحبو خاصة أي مع فرض
زيادتها على الثلث.
وفيه ما لا يخفى بعد ما عرفت، وإنما المتجه عدم مزاحمة غير المستغرق
من الدين والوصية بالمائة مثلا والكفن للحبوة مع فرض إمكان خروجها
من غيرها، بل تخرج هذه أجمع من غير أعيان الحبوة، ترجيحا لاطلاق
أدلتها، ولأن تنفيذها من غيرها مشترك أيضا بين المحبو وغيره من الورثة
بخلاف تنفيذها منها، فإن الضرر خاص بالمحبو.
أما المستغرق فالظاهر تقديمه عليها ترجيحا لاطلاق أدلته عليها،
135

فلا يختص بها إلا مع القضاء من غيرها ولو بفكها بما يخصها، والوصية
بالعين من غيرها إنما تكون بمنزلة المعدومة مع فرض سعة ثلث غير الحبوة.
أما لو فرض عدم سعة ذلك إلا بملاحظة الحبوة فالمتجه بناؤه على
ما لو أوصى بثلث ماله مثلا، فهل يخرج من أعيان الحبوة أو يلحظ
ثلثه من غيرها؟ يحتمل الأول، لاطلاق جواز الوصية بالثلث، والفرض
شمول لفظ الوصية لذلك، فهو كما لو صرح بإرادة الثلث منها، والحباء
إنما يزاحم الوارث لا الوصية، والثاني حملا لوصيته على الثلث من غيرها
باعتبار ظهور وصيته به في إرادة ثلثه من المال الذي له فيه ثلثه، وأما
أعيان الحبوة فهي جميعها له، كما هو مقتضى خبر سماعة (1) فيكون له
حينئذ من ماله هذه الأعيان والثلث من غيرها.
وإن حبى بها ولده الأكبر فلا ينصرف الوصية بالثلث إلى ما يشمل الثلث
منها. وبذلك يفرق بين التصريح والاطلاق، إلا أن المتجه على حينئذ
أنه لو أوصى بعين من أعيانها لغير المحبو نفذت وصيته بها من غير الثلث
لأذن الفرض كونها له مع الثلث، وهو خلاف ما صرح به بعضهم.
وأما احتمال أنه ليس له الوصية بها للغير لتعلق حق المحبو بها تعلقا
شرعيا فظاهر الأصحاب خلافه.
والذي يقوى في النظر مزاحمة الدين والكفن والوصية لها مع فرض
توقفها عليها لا مع عدم ذلك، بأن أمكن الوفاء والكفن وتنفيذ الوصية
من غيرها، والظاهر اعتبار الثلث منها مع فرض إطلاق الوصية به
لتوقف تنفيذ تمام الوصية على ذلك.
نعم الأولى بل الأحوط أخذ قيمة ثلثها من المحبو ودفع نفس الأعيان
إليه، كما أنه لو أوصى بعين من أعيانها أعطي للمحبو خاصة ما قابل

(1) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 10.
136

ثلثيها من الثلث، لأذن الوصية إنما كانت بما له دون باقي الورثة، فتأمل
جيدا، والله العالم.
* (و) * كيف كان ف‍ * (لو كان الأكبر أنثى لم تحب وأعطي
الأكبر من الذكور) * بلا خلاف أجده، بل في المسالك الاجماع عليه
لما سمعته من الصحيح (1) المعتضد بإناطة الحكم في غيره من النصوص (2)
بالأكبر من الذكور أو بالذكر سواء كانت أنثى أكبر منه أو لا.
نعم لو فرض تعدد الأكبر كما لو ولد له ولدان من زوجتين على
وجه لا يزيد أحدهما على الآخر بما يتحقق به الأكبرية فالظاهر قسمتها
بينهم بالسوية على ما صرح به غير واحد، بل لعله المشهور.
خلافا للمحكي عن ابن حمزة، فاشترط في ثبوتها للأكبر فقد آخر في
سنة، وأسقطها مع وجوده، نظرا إلى تبادر الواحد من الأكبر دون
المتعدد.
وفيه أنه لا تفاوت في صدق أفعل التفضيل بين الواحد والمتعدد
وإن انساق أولا الواحد، كما أن الظاهر من ادفع الحباء للذكر الواحد
وإن لم يكن ذكر آخر غيره، ضرورة كون المراد الأكبر إن وجد
المتعدد وإلا فهو له، خصوصا بعد التصريح بذلك فيما سمعته من النص المعتبر (3)
المشتمل على أنه لابنه وإن كانوا أكثر فهو لأكبرهم، مضافا إلى ظهور
الاتفاق عليه.
نعم في اشتراط بلوغه قولان من إطلاق النصوص، ومن أنها في
مقابلة قضاء ما تركه من صوم وصلاة، ولا يكلف به إلا البالغ، وإن
كان قد يمنع كون ذلك في مقابلتها وإن اشترطه في ثبوتها ابن حمزة، بل

(1) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 1 - 0 - 4.
(2) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 1 - 0 - 4.
(3) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 1 - 0 - 4.
137

لعله ظاهر غيره أيضا إلا أن إطلاق الأدلة يدفعه. على أنه يمكن مراعاة
ذلك منه بعد البلوغ، فلا ريب في أن الأقوى الأول.
بل الظاهر عدم اشتراط انفصاله حيا حال موت أبيه - وإن كان
لم يصدق عليه الولد الذكر حينئذ - لكونه متحققا في نفس الأمر،
وكون الحبوة قسما من الميراث وقد عرفت أنه يعزل نصيبه منه، بل
قلنا هناك إنه يكفي فيه صدق الولدية المتأخرة، وحينئذ لا فرق بين
كونه عقلة ومضغة وغيرهما على حسب ما سمعته في الإرث.
لكن في الروضة أنه يمكن الفرق بين كونه جنينا تاما فتحقق
الذكورية في الواقع حين الموت وبين كونه مضغة وعلقة، وفيه ما عرفت.
ثم إن الظاهر كون المدار في الأعيان المحبوة صدق أسمائها كما في
غيرها من موضوعات الأحكام.
نعم لو تعددت هذه الأجناس فما كان منها بلفظ الجمع كالثياب
يدخل أجمع وما كان بلفظ الواحد كالسيف والمصحف فواحد، إلا أنه
يرجح ما يغلب نسبته إليه، فإن تساوت تخير الوارث واحدا منها،
ويحتمل القرعة، بل يحتمل اعطاء الجميع مطلقا كالثياب بدعوى إرادة
إعطاء جنس ذلك وأن مثل هذه الإضافة تفيد العموم، إلا أن الأقوى
الأول.
والعمامة والمنطقة من الثياب، بل الظاهر دخول حلية السيف وجفنه
وسيوره وبيت المصحف للتبعية عرفا، والقلنسوة والثوب من اللبد والفراء
ونحوها من المراد بالثياب والكسوة هنا.
لكن في الروضة في دخول القلنسوة والثوب من اللبد نظر من عدم
دخولهما في مفهوم الثياب، وتناول الكسوة المذكورة لهما، ويمكن الفرق
ودخول الثاني دون الأول، لمنع كون القلنسوة من الكسوة، ومن ثم
138

لم تجز في كفارة اليمين المجزئ فيها ما يعد كسوة.
وفيه ما لا يخفى بعد ظهور كون المراد هنا ما يشمل ذلك كله،
كما هو واضح.
نعم لا يندرج فيه ما أعده للبسه ولم يلبسه على الظاهر بل فيما لبسه
معدا له للتجارة إشكال، كالاشكال في المصحف المعد للحفظ والبركة
والحرز ونحوها مما يستعمله من لم يحسن القراءة.
هذا وقد بقي في المسألة فروع كثيرة لكن يسهل الخطب فيها
معلومية قضاء الأصل وغيره فيها، والله العالم.
المسألة * (الرابعة:) *
* (لا يرث الجد ولا الجدة) * لأب كان أم لأم * (مع أحد
الأبوين شيئا) * على المشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة، بل في محكي
الإنتصار والخلاف والتنقيح وظاهر المبسوط والغنية والمفاتيح والكفاية وغيرها
الاجماع عليه، بل في الروضة هو موضع وفاق إلا من ابن الجنيد في
بعض الموارد.
قلت: لعل ذلك البعض هو خصوص ما في المحكي في عبارته من
أنه " إذا حضر جميع الأبوين أو أحدهما مع الجد أو الجدة مع الولد
للميت ممن لا يستوعب بما سمي له وللوالدين جميع المال - كابنة وأبوين
وجد - كان ما يبقى بعد حق الأبوين والابنة ميراثا لمن حضر من الجدين
أو الجدتين، لمشاركتهم أحد الأبوين في التسمية التي أخذوا بها الميراث
الذي عين لهم دون غيره من الموارد ".
139

نعم حكي عنه عبارة أخرى، وهي " وإن كان ما يأخذه ولد
الحاضر أي من الأجداد من الميراث بالتسمية ما يتجاوز السدس كان السدس
للحاضر طعمة من سهم ولده الذي تقرب إلى الميت به لا من أصل المال ".
ولعل ظاهرها الندب، ومن هنا اختلف النقل عنه في الوجوب
والندب، وفي السدس أنه من الأصل أو من نصيب المطعم، فلم يتحقق
خلافه كالمحكي عن الصدوق (رحمه الله) بل لعل آخر كلامه في الفقيه
صريح في الندب، كما اعترف به في كشف اللثام وغيره.
وكذا المحكي عن الكليني (رحمه الله) فإن التأمل في كلامه - بعد
اعترافه بأن اجماع العصابة على تنزيل الجد منزلة الأخ المعلوم عدم مشاركته
الأبوين - يقضي بإرادة الندب له.
وبذلك يظهر لك أن لا مخالف محقق في المسألة، وعلى تقديره
فلا ريب في ضعفه، لما عرفت ولآية أولي الأرحام (1) وغيرها من
السنة (2) الدالة على حجب الأبعد بالأقرب المعلوم كونه في المقام الأب
الذي يتقرب به الجد إلى الميت.
مضافا إلى ما دل من الكتاب (3) والسنة (4) على فريضة الأبوين
مع الولد وعدمه، على أنه يقضي باختصاص قسمة التركة بينهما وبينه وبينهما
خاصة من دون إشارة إلى الجد أصلا، ودعوى إرادة ما يشمل الجد

(1) سورة الأنفال: 8 - الآية 75 وسورة الأحزاب: 33 - الآية 6.
(2) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب موجبات الإرث - الحديث 1 و 3 والباب
- 2 - منها - الحديث 1 و 3 والباب - 5 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد -
الحديث 6 والباب - 8 - منها - الحديث 1.
(3) سورة النساء: 4 - الآية 11.
(4) الوسائل - الباب - 9 و 17 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.
140

والجدة منهما يدفعها - بعد الاجماع بقسميه على خلاف ذلك بل الضرورة -
النصوص (1) المتواترة في " أن الله لم يسم للجد شيئا، لكن جعل له
رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأجاز الله له ذلك ".
وإلى النصوص (2) الدالة على أنه لا يجتمع مع الأبوين والولد غير
الزوج والزوجة.
وإلى خصوص صحيح الحميري (3) كتب إلى العسكري (عليه
السلام) " امرأة ماتت وتركت زوجها وأبويها وجدها أو جدتها كيف
يقسم ميراثها؟ فوقع: للزوج النصف وما بقي للأبوين ".
وخبر أبي بصير (4) سأل الباقر (عليه السلام) " عن رجل مات وترك
أباه وعمه وجده، فقال: حجب الأب الجد، الميراث للأب، وليس
للعم ولا للجد شئ ".
وخبر الحسن بن صالح (5) سأل الصادق (عليه السلام) " عن
امرأة مملكة لم يدخل بها زوجها ماتت وتركت أمها وأخوين لها من أبيها
وأمها وجدها أبا أمها وزوجها، قال: يعطى الزوج النصف، ويعطى
الأم الباقي، ولا يعطى الجد شيئا، لأذن ابنته حجبته عن الميراث ".
إلى غير ذلك من النصوص التي منها ما دل (6) على كون الأجداد

(1) الوسائل - الباب - 20 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 5 و 13.
و 16 و 17 و 18.
(2) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.
(3) الوسائل - الباب - 19 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 4 - 3 - 2 وفي الثاني قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام).. ".
(4) تقدم آنفا تحت رقم 3.
(5) تقدم آنفا تحت رقم 3.
(6) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد.
141

كالأخوة المعلوم تأخر مرتبتهم عن الأبوين، ومنها النصوص (1) الظاهرة
أو الصريحة في استحباب الاطعام الذي هو بمعنى الهبة والعطية التي بها
يحمل ما ظاهره الوجوب لو كان على إرادة الندب أو غيره مما يوافق
مذهب الطائفة المتفقة على عدم وجوب الاطعام، وإنما القائل بمشاركة
الجد للأبوين يقول بكونه ميراثا لا إطعاما واجبا، فحينئذ جميع الأخبار
دالة على خلافه، ضرورة ظهورها أجمع بعدم كونه ميراثا.
نعم هي ظاهرة في كونها مستحبا ماليا، فلا يعتبر في دفعها إليهما
حينئذ صحه خطاب الأبوين بهما، فلو كانا مجنونين مثلا سقطت، مع
احتماله أيضا خصوصا بعد سقوطها مع موتهما.
وعلى كل حال فمن ذلك يعلم ما في استدلال الخصم إن كان ببعض
أخبار الطعمة، ضرورة وضوح ضعفه بعد ما عرفت.
كوضوح ضعف استدلاله أيضا بمشاركة الأجداد للأبوين في التسمية
التي استحقا بها الميراث، وهي الأبوة، إذ بعد تسليمه لا ينافي الترتيب
في أفرادها بآية أولي الأرحام (2) وغيرها مما سمعت.
وكيف كان فلا إشكال حينئذ في عدم مشاركة الجد والجدة الأبوين
* (لكن يستحب أن يطعمهما) * أي كل من الأبوين أبويه أو أحدهما
* (سدس الأصل إذا زاد نصيبه عن ذلك، مثل أن يخلف أبويه وجدا
وجدة لأب وجدا وجدة لأم فللأم الثلث) *.
* (و) * يستحب لها أن * (تطعم نصف نصيبها) * السدس * (جده
وجدته) * أي أبويها * (بالسوية، ولو كان) * الموجود * (واحدا) *
منهما * (كان السدس له وللأب الثلثان) *.

(1) الوسائل - الباب - 20 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد.
(2) سورة الأنفال: 8 - الآية 75 وسورة الأحزاب: 33 - الآية 6.
142

* (و) * يستحب أن * (يطعم جده وجدته) * أي أبويه * (سدس
أصل التركة بالسوية) * أي ربع الثلثين * (ولو كان) * الموجود
* (واحدا كان السدس له) * قال الصادق (عليه السلام) في صحيح
جميل (1): " إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أطعم الجدة السدس "
وزاد في موثق زرارة (2) " طعمة " كما زاد الباقر (عليه السلام) في
موثق زرارة (3) أيضا " ولم يفرض لها شيئا ".
وقال أيضا في خبر إسحاق بن عمار (4): " إن الله فرض الفرائض
فلم يقسم للجد شيئا، وإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أطعمه
السدس فأجاز الله له ذلك " ونحوه غيره.
بل في محكي التنقيح الاستدلال عليها بآية " وإذا حضر " (5) ثم
قال: " وهي وإن كانت عامة في المطعم والمطعم لكن إجماع الأصحاب
والأخبار خصاها بالمقام ".
هذا ولكن في كشف اللثام أنه " خص الحلبيان والمحقق الطوسي
الاطعام بالجد والجدة للأب ".
وفيه أن النصوص بين ظاهرة وصريحة في خلافه، ففي صحيح
جميل (6) عن الصادق (عليه السلام) " أن رسول الله (صلى الله عليه
وآله) أطعم الجدة أم الأم السدس ".
وفي صحيحه الآخر أو حسنه (7) عنه (عليه السلام) " أن
رسول الله (صلى الله عليه وآله) أطعم الجدة أم الأب السدس وابنها

(1) الوسائل - الباب - 20 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 2.
(2) الوسائل - الباب - 20 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 4 - 3 - 5 - 1 - 9.
(3) الوسائل - الباب - 20 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 4 - 3 - 5 - 1 - 9.
(4) الوسائل - الباب - 20 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 4 - 3 - 5 - 1 - 9.
(5) سورة النساء: 4 - الآية 8.
(6) الوسائل - الباب - 20 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 4 - 3 - 5 - 1 - 9.
(7) الوسائل - الباب - 20 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 4 - 3 - 5 - 1 - 9.
143

حي، وأطعم الجدة أم الأم السدس وابنتها حية ".
وفي خبر إسحاق بن عمار (1) عنه (عليه السلام) " في أبوين وجدة
لأم، قال: للأم السدس وللجدة السدس وما بقي وهو الثلثان للأب "
إلى غير ذلك من النصوص.
بل من هذا الأخير يستفاد ما ذكره الأصحاب من اختصاص استحباب
الاطعام بكل من الأبوين أبويه دون الآخر بل يومئ إليه أيضا مرفوع
الحسن بن رباط (2) " الجدة لها السدس مع ابنها ومع ابنتها ".
كما أنه يستفاد من لفظ " الطعمة " اعتبار زيادة نصيب المطعم على
السدس في استحباب الاطعام، وقد صرح به غير واحد من الأصحاب،
بل لا أجد فيه خلافا.
* (و) * حينئذ ف‍ * (لو حصل لأحدهما السدس من غير زيادة وحصل
للآخر الزيادة استحب له الطعمة دون صاحب السدس فلو خلف أبوين
وإخوة استحب للأب) * الذي له الزائد على السدس * (الطعمة دون
الأم) * المحجوبة بالإخوة عما زاد عن السدس * (ولو خلف أبوين وزوجا
استحب للأم) * التي لها الثلث * (الطعمة دون الأب) * الذي لم يحصل
له إلا السدس باعتبار مزاحمة الزوج.
* (و) * كذا يعتبر فيه حياة الأبوين خصوصا إذا قلنا بأنهما
المخاطبان بالاستحباب ف‍ * (لا يطعم الجد للأب ولا الجدة له إلا مع
وجوده ولا الجد للأم ولا الجدة لها إلا مع وجودها) * بلا خلاف أجده
فيه، للأصل وصحيح جميل (3) ومرفوع ابن رباط (4) المتقدمين اللذين
هما دالان على أن فعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان كذلك.

(1) والسوائل - الباب - 20 - من أبواب ميراث الأبوين الأولاد - الحديث 10 - 11 - 9 - 11.
(2) والسوائل - الباب - 20 - من أبواب ميراث الأبوين الأولاد - الحديث 10 - 11 - 9 - 11.
(3) والسوائل - الباب - 20 - من أبواب ميراث الأبوين الأولاد - الحديث 10 - 11 - 9 - 11.
(4) والسوائل - الباب - 20 - من أبواب ميراث الأبوين الأولاد - الحديث 10 - 11 - 9 - 11.
144

والعمدة في الطعمة فعله (صلى الله عليه وآله) فمع فرض خصوصه
لا دليل على استحباب غيره، مع أنه يمكن استفادة التقييد فيهما من حكاية
فعله (صلى الله عليه وآله) فيقيد به حينئذ الاطلاق إن كان.
هذا ولكن في خبر سعد بن أبي خلف (1) " سألت أبا الحسن
موسى (عليه السلام) عن بنات بنت وجد، قال: للجد السدس والباقي
لبنات البنت " ولولا اتفاق الأصحاب ظاهرا على عدم استحبابه مع
موتهما كما عن التنقيح الاعتراف به لأمكن حمله عليها، فيجمع حينئذ بينه
وبين الصحيح (2) المزبور بتفاوت مراتب الاستحباب، ولا بأس به
بعد عدم العمل بظاهره من مشاركته لهن في الإرث، بل عن ابن فضال
إن هذا الخبر مما أجمعت الطائفة على العمل بخلافه، وهو كذلك، لأني
لم أجد عاملا به على جهة مشاركة الجد لبنات البنات إلا ما يحكى عن
الصدوق من دعوى مشاركته لأولاد الأولاد مع عدم الأبوين، ويمكن
حمله على إرادة جد البنات من الجد فيه، أي أبيهن لا جد الميت، وعدم
ذكر الرد فيه غير قادح، لامكان استفادته حينئذ من الأدلة الأخر.
ومن ذلك يعلم ما في استدلال الصدوق به مضافا إلى أخصيته من
دعواه وموافقته للعامة، كالاستدلال له بدعوى مساواتهم لهم في المربة وقيامهم
مقام الآباء في ذلك، لقيام أولاد الأولاد مقام آبائهم التي من الواضح
منعها بعد تطابق النصوص (3) والفتاوى على كون مرتبة الجد مرتبة الأخ
المعلوم تأخره مرتبة عن الأولاد وأولادهم، وتطابقهما أيضا على أن أولاد
الأولاد يقومون مقام الأولاد في جميع أحكامهم التي منها حجب الأجداد
عن مشاركتهم كالأولاد، وليس في النصوص ما يقتضي قيام الأجداد مقام

(1) الوسائل - الباب - 20 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 15 - 9.
(2) الوسائل - الباب - 20 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 15 - 9.
(3) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد.
145

الآباء في أحكامهم التي منها المشاركة لأولاد الأولاد كي يحصل التعارض
بل في النصوص خلافه من كونه بمنزلة الأخ (1) وبه يخرج عن إطلاق
قيام من تقرب بقريب مقام من تقرب به لو سلم على وجه يتناول الأجداد
خصوصا بعد رجحانه عليه بوجوه، كما هو واضح.
ثم إن الظاهر إرادة سدس الأصل من السدس كما صرح به غير
واحد، بل نسبه بعضهم إلى الأصحاب مشعرا بدعوى الاجماع، لأنه
المنساق ولصريح خبر إسحاق بن عمار (2) السابق، فما سمعته من الإسكافي
من كونه سدس نصيب المطعم لا وجه له ولا دليل عليه، بل ظاهر
الدليل خلافه.
كما أن ظاهر المصنف وغيره - بل قيل: إنه المشهور - اعتبار مطلق
زيادة نصيب المطعم على السدس في إطعامه السدس سواء كانت تلك
الزيادة بقدر السدس أو لا، فلو اجتمع الأبوان مع البنت أو أحدهما
مع البنات كانت الزيادة خمس الواحد وهو الباقي لهما بعد إطعام السدس
حينئذ.
لكن فيه أن المنصرف من الطعمة خلاف ذلك. ولعله لذا اعتبر
في النافع واللمعة والدروس كون الزيادة بقدر السدس فما زاد، فلا يستحب
الطعمة عندهم في المثال المزبور وإلا لزم تفضيلهما على الأبوين، ويؤيده
الأصل، كما أنه يؤيد الأول قاعدة التسامح في وجه.
وقد يقال باستحباب أقل الأمرين من الزائد على السدس ومنه، لا السدس
مطلقا، فإنه قد يستلزم زيادة طعمة الجد على ما يبقى للأب، ولا الزيادة
مطلقا، فإن قد تكون الزيادة في سهم الأب أزيد من السدس، كما في الأبوين

(1) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد.
(2) الوسائل - الباب - 20 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد - الحديث 10.
146

والجد من قبل الأب والأخوة الحاجبين للأم عما زاد من السدس، فإن
للأب حينئذ خمسة من ستة، ولا يستحب له أعطاء الأربعة قطعا، ضرورة
اقتصار النصوص على إطعام السدس، فالضابط حينئذ ذلك.
كما أن الضابط عدم نقصان الأب عن السدس بالاطعام ويمكن تنزيل
النص والفتوى عليه، بله هو صريح القواعد وغيرها.
كما أنه يمكن دعوى كون المستفاد من النصوص عدم الفرق في إطعام
الأبوين السدس لأبويهما بين المتحد منهما ومتعدده وإن لم يذكر فيها إلا
الجد والجدة، إلا أن الظاهر إرادة طعمة الجد من حيث الجدودة. ومن
هنا لم يفرق الأصحاب بينهما، فيشتركان حينئذ في السدس، لعدم ترجيح
أحدهما على الآخر فيه.
نعم في القواعد لا طعمة للأجداد إذا علوا، للأصل واختصاص
ظواهر النصوص بالأجداد الأقربين، وهو إن لم يكن إجماعا (1) لا يخلو
من بحث، والله العالم.
* (المرتبة الثانية) *
* (الإخوة) * مطلقا وأولادهم المسمون بالكلالة * (والأجداد) *
مطلقا الذين قد عرفت تأخرهم عن الأبوين والأولاد الوارثين وتقدمهم
على غيرهم، فلا يرث أحد منهم مع وجود أحد من الأولين، ولا يتقدم
عليهم أحد من غيرهم مع فقدهم.

(1) وفي النسخة الأصلية المبيضة: " وهو وإن لم يكن إجماعا " والصحيح ما أثبتناه
كما هو كذلك في النسخة المخطوطة بقلمه الشريف " قده ".
147

وحينئذ * (إذا انفرد الأخ للأب والأم) * عمن يرث معه من
أهل طبقته * (فالمال له) * قرابة بلا خلاف ولا إشكال، قال الله
تعالى (1): " وهو يرثها إن لم يكن لها ولد " وقال عبد الله بن سنان (2):
" سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل مات وترك أخاه ولم يترك
وارثا غيره، قال: المال له ".
كما لا خلاف * (و) * لا إشكال أيضا في أنه * (إن كان معه أخ أو
إخوة) * منهما أيضا * (فالمال بينهم بالسوية) * التي هي الأصل بالشركة
خصوصا مع اتحاد سبب الشركة * (و) * عدم الخصوصية لأحدهم،
نعم * (لو كان) * معه أو معهم * (أنثى أو إناث) * منهما أيضا
* (فللذكر سهمان وللأنثى سهم) * كتابا (3) وسنة (4) وإجماعا بقسميه.
* (ولو كان المنفرد أختا لهما كان لها النصف) * فرضا في
كتاب الله (5) * (والباقي يرد عليها) * عندنا قرابة بآية أولي الأرحام (6)
وغيرها.
* (ولو كان أختان فصاعدا كان لهما أو لهن الثلثان) * فرضا في
كتاب الله (7) أيضا * (والباقي يرد عليهما أو عليهن) * قرابة أيضا.
* (ويقوم مقام كلالة الأب والأم مع عدمهم كلالة الأب) * أي
الإخوة والأخوات له * (ويكون حكمهم في الانفراد والاجتماع حكم كلالة
الأب والأم) * بلا خلاف أجده فيه، بل الاجماع بقسميه عليه، فإذا انفرد
الأخ للأب كان المال له، وإن كان معه ذكر فالمال بالسوية، وإن كان
أنثى فللذكر مثل حظ الأنثيين، وإن كان المنفرد الأخت له كان لها النصف

(1) سورة النساء: 4 - الآية 176.
(2) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 1 - 5.
(3) سورة النساء: 4 - الآية 176.
(4) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 1 - 5.
(5) سورة النساء: 4 - الآية 176.
(6) سورة الأنفال: 8 الآية 75 وسورة الأحزاب: 33 - الآية 6.
(7) سورة النساء: 4 - الآية 176.
148

فرضا والباقي ردا، وإن كان الأختان فصاعدا كان لهما أو لهن الثلثان
فرضا والباقي ردا، نحو ما سمعته في كلالة الأب والأم.
* (و) * لكن * (لا يرث أخ ولا أخت من أب مع واحد من
الإخوة للأب والأم) * ولو أنثى بلا خلاف أجده فيه، بل الاجماع
بقسميه عليه * (لاجتماع السببين) * في كلالة الأبوين، فيكون أقرب من
كلالة الأب، وقد قال الله تعالى (1): " وأولوا الأرحام " إلى آخره
وفي النبوي (2) والمرتضوي (3) " أن أعيان بني الأم أحق بالميراث من
بني العلات ".
والأعيان: " الإخوة لهما، من عين الشئ: أي النفيس منه، وبنوا
العلات: اللذون للأب وحده. وقيل: سموا بذلك لأذن شرب الإبل
الماء أولا نهل، والثاني عل بعد نهل، فكان من تزوج بأمهم بعد الأولى
نهل أولا بالأولى ثم عل بالثانية.
وفي الخبر (4) " أخوك لأبيك وأمك أولى بك من أخيك لأبيك،
وابن أخيك لأبيك وأمك أولى بك من ابن أخيك لأبيك " الحديث.
* (ولو انفرد الواحد من ولد الأم) * خاصة عمن يرث معه * (كان
له السدس) * فرضا * (والباقي يرد عليه) * قرابة * (ذكرا كان أو
أنثى) *.
* (وللاثنين) * من ولد الأم * (فصاعدا بينهم الثلث) * فرضا * (بالسوية) *
لظاهر قوله تعالى (5): " فهم شركاء " وأصالة التسوية في الشركة،

(1) سورة الأنفال: 8 - الآية 75 وسورة الأحزاب: 33 - الآية 6.
(2) الوسائل - الباب - 12 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 4 - 3 - 1.
(3) الوسائل - الباب - 12 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 4 - 3 - 1.
(4) الوسائل - الباب - 12 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 4 - 3 - 1.
(5) سورة النساء 4 - الآية 12.
149

خصوصا مع اتحاد السبب وللاجماع بقسميه والسنة (1) والباقي يرد عليهم
قرابة * (ذكرانا كانوا أو إناثا أو ذكرانا وإناثا) * بلا خلاف ولا إشكال
في شئ من ذلك، لتطابق الكتاب (2) والسنة (3) والاجماع عليه.
* (ولو كان الإخوة) * الوارثون * (متفرقين) * فبعضهم للأم
وبعضهم للأب والأم * (كان لمن يتقرب بالأم السدس) * فرضا * (إن
كان واحدا والثلث) * كذلك * (إن كانوا أكثر بينهم بالسوية) * من
غير فرق بين الذكر والأنثى، لما عرفت. * (و) * أما * (الثلثان) *
فهما * (لمن يتقرب بالأب والأم واحدا كان أو أكثر) * ذكرا كان
أو أنثى.
* (لكن لو كان أنثى) * خاصة * (كان لها النصف بالتسمية
والباقي بالرد) * عليها خاصة على الأصح * (وإن كانتا اثنتين) * فصاعدا
* (فلهما الثلثان) * فرضا أيضا * (فإن أبقت الفريضة) * شيئا * (فلهما الفاضل) *
أيضا كما لو كان المشارك واحدا من كلالة الأم، فإنه يبقى حينئذ واحد.
* (وإن كانوا ذكورا فالباقي بعد كلالة الأم) * وهو الخمسة
أسداس أو الثلثان * (بينهم بالسوية، وإن كانوا ذكورا وإناثا فالباقي) *
بعد كلالة الأم * (بينهم للذكر سهمان وللأنثى سهم) * كتابا (4) وسنة
وإجماعا بقسميه.
قال بكير بن أعين (5): " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): امرأة
تركت زوجها وإخوتها لأمها وإخوتها أخواتها لأبيها، فقال: للزوج النصف

(1) الوسائل - الباب 8 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد.
(2) سورة النساء: 4 - الآية 12 - 176.
(3) الوسائل - الباب - 8 و 2 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد.
(4) سورة النساء: 4 - الآية 12 - 176.
(5) الوسائل - الباب 3 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 2.
150

ثلاثة أسهم، وللأخوة من الأم الثلث، الذكر والأنثى فيه سواء، وما
بقي فهو للإخوة والأخوات من الأب، للذكر مثل حظ الأنثيين، لأذن
السهام لا تعول، ولا ينقص الزوج من النصف ولا الإخوة من الأم من
ثلثهم، لأذن الله عز وجل يقول: " فإن كانوا أكثر من ذلك فهم
شركاء في الثلث " (1) وإن كانت واحدة فلها السدس والذي عنى الله
تبارك وتعالى في قوله (2): " وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة
وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم
شركاء في الثلث " إنما عني بذلك الإخوة والأخوات من الأم خاصة،
وقال في آخر سورة النساء (3): " يستفتونك، قل: الله يفتيكم في
الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت - يعني أختا لأب وأم أو
أختا لأب - فلها نصف ما ترك، وهو يرثها إن لم يكن لها ولد، وإن
كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين " فهم الذين يزادون
وينقصون وكذلك أولادهم هم الذين يزادون وينقصون، ولو أن امرأة
تركت زوجها وأخويها لأمها وأختيها لأبيها كان للزوج النصف ثلاثة أسهم
وللأخوين من الأم سهمان، وبقي سهم فهو للأختين للأب، وإن كانت
واحدة فهو لها، لأذن الأختين لو كانتا أخوين لأب لم يزادا على ما بقي،
ولو كانت واحدة أو كان مكان الواحدة أخ لم يزد على ما بقي، ولا
يزاد أنثى من الأخوات ولا من الولد على ما لو كان ذكرا لم يزد عليه "
ورواه محمد بن مسلم (4) أيضا بأدنى تفاوت، وهما صريحان في أكثر

(1) سورة النساء: 4 - الآية 12.
(2) سورة النساء: 4 - الآية 12.
(3) الآية: 176.
(4) أشار إليه في الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 3
وذكره في الكافي ج 7 ص 103 والتهذيب ج 9 ص 292 - الرقم 1047.
151

ما سمعته وتسمعه من الأحكام، هذا كله في الإخوة.
* (و) * أما الأجداد ف‍ * (الجد) * وإن علا * (إذا انفرد) * عمن
يرث معه * (فالمال) * كله * (له لأب كان أو لأم) * أو لهما * (وكذا
الجدة) * لو انفردت يكون المال كله لها * (ولو كان جد أو جدة أو
هما لأم وجد أو جدة أو هما لأب كان لمن يتقرب بالأم منهم الثلث بالسوية
ولمن يتقرب بالأب الثلثان للذكر مثل حظ الأنثيين) * على المشهور بين
الأصحاب في أن القسمة بينهم بالثلث والثلثين ولو مع الأنوثة والاتحاد،
بل عليه عامة المتأخرين، بل ربما أشعرت بعض العبارات بالاجماع عليه
بل في كشف اللثام عن الخلاف الاجماع.
لعموم ما دل (1) على إرث كل قريب نصيب من يتقرب به،
ومن المعلوم أن نصيب الأم الثلث والأب الثلثان، فيرث قريب كل منهما
نصيبه، ولا يشكل ذلك بالإخوة والأخوات الخارجين بالدليل الناص على
حكمهم بالخصوص، كما لا يشكل بأن نصيب الأم السدس أيضا، ضرورة
ظهور الآية (2) في أن نصيبها الأصلي مع عدم الولد الثلث، فينصرف
الاطلاق السابق إليه كالأب.
ولموثق محمد بن مسلم (3) عن الباقر (عليه السلام) " إذا لم يترك
الميت إلا جده أبا أبيه وجدته أم أمه فإن للجدة الثلث وللجد الباقي،
قال: وإذا ترك جده من قبل أبيه وجد أبيه وجدته من قبل أمه وجدة
أمه كان للجدة من قبل الأم الثلث، وسقطت جدة الأم، والباقي للجد
من قبل الأب، وسقط جد الأب ".

(1) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب موجبات الإرث.
(2) سورة النساء: 4 - الآية 11.
(3) الوسائل - الباب - 9 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 2.
152

وفي المحكي عن الفقه المنسوب إلى الرضا (عليه السلام) (1) " فإن
ترك جدا من قبل الأم وجدا من قبل الأب فللجد من قبل الأم الثلث،
وللجد من قبل الأب الثلثان ".
خلافا للمحكي عن العماني من أن لأم الأم السدس وأم الأب النصف
والباقي يرد عليهما بحسب ذلك تنزيلا لهما منزلة الأختين.
والصدوق من أن لأبي الأم السدس ولأبي الأب الباقي تنزيلا لهما
منزلة الأخوين.
والتقي وابن زهرة والكيدري من أن للمتحد من قبل الأم السدس
ذكرا كان أو أنثى، وللمتعدد الثلث نحو كلالة الأم.
ولم نعرف لهم ما يدل على ذلك سوى خبر زرارة (2) " أقرأني
أبو جعفر (عليه السلام) صحيفة الفرائض، فإذا فيها لا ينقص الجد
من السدس شيئا ورأيت سهم الجد فيها مثبتا " وما دل على (3) تنزيل
الحد منزلة الأخ والجدة منزلة الأخت.
والخبر - مع ضعفه واحتماله الطعمة وموافقته للعامة باطلاق السدس
للجد - قاصر عن معارضة ما عرفت من وجوه، والتنزيل المزبور إنما هو
في حال اجتماع الجد أو الجدة مع الأخ أو الأخت أو الإخوة أو الأخوات
لا مطلقا كما لا يخفى على من لاحظ النصوص (4) المتضمنة لذلك، لا أن

(1) المستدرك - الباب - 8 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 2.
(2) الوسائل - الباب - 9 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 7 وفيه " وقد
تقدم في حديث زرارة قال: أقرأني أبو جعفر (عليه السلام)... " إلا أن المتقدم
في الرسائل في الباب - 6 - من تلك الأبواب - الحديث 21 عن زرارة قال: أراني
أبو عبد الله (عليه السلام).
(3) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد.
(4) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد.
153

الجد أخ مطلقا والجدة أخت كذلك. على أنه لو سلم وجب تقييده
بالنسبة إلى ذلك بما عرفت، كما هو واضح.
وأما ما تضمنه المتن من التسوية في جدودة الأم والتفاوت في جدودة
الأب فلا أجد فيه خلافا، كما عن جماعة الاعتراف به، للمرسل المروي
عن مجمع البيان (1) " الجد أب الأب مع الأخ الذي هو ولده في درجة
وكذلك الجدة مع الأخت، فهم يتقاسمون المال للذكر مثل حظ الأنثيين
- إلى أن قال -: ومتى اجتمع قرابة الأب مع قرابة الأم مع استوائهم
في الدرج كان لقرابة الأم الثلث بينهم بالسوية، والباقي لقرابة الأب،
للذكر مثل حظ الأنثيين " وفي المحكي عن الفقه المنسوب إلى الرضا (عليه
السلام) (2) " فإن ترك جدين من قبل الأم وجدين من قبل الأب فللجد
والجدة من قبل الأم الثلث بينهما بالسوية. وما بقي فللجد والجدة من
قبل الأب، للذكر مثل حظ الأنثيين ".
ولتصريح النصوص في قسمة الجد من قبل الأب مع الأخت له أو
لهما بالتفاوت. فالجدة المنزلة منزلتها كذلك. ففي صحيح زرارة وبكير
ومحمد والفضيل وبريد (3) عن أحدهما (عليهما السلام) " إن الجد
مع الإخوة من الأب يصير مثل واحد من الإخوة ما بلغوا، قال:
قلت: رجل ترك أخاه لأبيه وأمه وجده أو قلت: ترك جده وأخاه
لأبيه وأمه وأخاه لأبيه، فقال: المال بينهما وإن كانا أخوين أو مائة ألف
فله نصيب واحد من الإخوة، قال: قلت: رجل ترك جده وأخته،
فقال: للذكر مثل حظ الأنثيين، وإن كانتا أختين فالنصف للجد

(1) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب موجبات الإرث - الحديث 5.
(2) المستدرك - الباب - 8 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 2.
(3) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 9.
154

والنصف الآخر للأختين، وإن كن أكثر من ذلك فعلى هذا الحساب،
وإن ترك إخوة أو أخوات لأب وأم أو لأب وجدا فالجد أحد الإخوة
والمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، قال زرارة: هذا لا يؤاخذ علي
فيه قد سمعته من أبيه ومنه قبل ذلك، وليس عندنا في ذلك شك ولا
اختلاف ".
بل قد يستفاد مما ورد في (1) الأولاد والأخوة وفي علة تفضيل
الذكران على النسوة بعدم الجهاد عليهن والنفقة والعقل بخلاف الرجال (2)
وبأنهن يرجعن عيالا على الرجال (3) أصالة ذلك هنا في غير المتقرب
بالأم الباقي على أصالة التسوية في المال المشترك، بل في عموم التعليل
والاطلاق أو العموم في المعلل كفاية.
مضافا إلى ما عساه يشعر به النصوص (4) المنزلة للأجداد والجدات
مع الإخوة والأخوات منزلة الإخوة والأخوات، بل هي دالة على ذلك
حال الاجتماع ولا قائل بالفصل، فلا إشكال في الحكم حينئذ بحمد الله
وإن وسوس فيه بعض متأخري المتأخرين.
* (و) * كيف كان ف‍ * (إذا اجتمع مع الإخوة للأم جد وجدة
أو أحدهما من قبلها كان الجد كالأخ) * منها * (والجدة كالأخت) *
منها * (وكان الثلث بينهم بالسوية) * بلا خلاف أجده فيه، بل عن
الشهيدين نسبته إلى الأصحاب مشعرين بالاجماع، بل المحكي عن كنز العرفان
كالصريح في ذلك لا طلاق جملة من النصوص (5) أن الجد والجدة مع

(1) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد والباب - 2 - من أبواب
الإخوة والأجداد - الحديث 5.
(2) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 1 - 2.
(3) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 1 - 2.
(4) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد.
(5) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد.
155

الإخوة بمنزلتهم.
بل يمكن أن يحمل عليه قول الباقر (عليه السلام) في خبر أبي
بصير (1): " اعط الإخوة من الأم فريضتهم مع الجد " وعن الكافي (2)
رواية " اعط الأخوات من الأم فريضتهن مع الجد ".
بل وخبر الحلبي (3) عن أبي عبد الله (عليه السلام) " سألته عن
الإخوة من الأم مع الجد، قال: للإخوة فريضتهم الثلث مع الجد ".
وخبره (4) الآخر عنه (عليه السلام) أيضا " في الإخوة من الأم
مع الجد نصيبهم الثلث مع الجد ".
وخبر أبي جميلة (5) عنه (عليه السلام) أيضا " في الإخوة من
الأم مع الجد، قال: للإخوة من الأم فريضتهم الثلث مع الجد ".
فما في صحيح ابن سنان (6) عن الصادق (عليه السلام) أنه
قال له: " فإن كان مع الأخ للأم جد، فقال له: يعطى الأخ للأم
السدس ويعطى الجد الباقي، قال: فإن كان أخ لأب وجد، قال:
المال بينهما سواء " محمول على كون الجد للأب.
كما أن المراد من خبر القاسم بن سليمان (7) " حدثني أبو عبد الله
(عليه السلام) أن في كتاب علي (عليه السلام) أن الإخوة من الأم
لا يرثون مع الجد " عدم إرثهم معه بالمقاسمة، لأذن لهم فريضتهم من دون
زيادة عليها.

(1) الوسائل - الباب - 8 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 6 - 5 - 3 - 7 - 1 - 8. والرابع عن أبي جميلة عن زيد عن أبي عبد الله (عليه السلام) كما في الكافي ج 7 ص 112 والتهذيب ج 9 ص 308 الرقم 1101.
(2) الكافي - ج 7 ص 112
(3) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(4) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(5) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(6) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(7) تقدم آنفا تحت رقم 1.
156

* (وكذا إذا اجتمع مع الأخت أو مع الأختين فصاعدا للأب والأم
أو للأب جد وجدة أو أحدهما) * من قبله * (كان الجد كالأخ من
قبله والجدة كالأخت) * من قبلها * (وينقسم الباقي بعد كلالة الأم) * إن
كانت * (بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين) * بلا خلاف أيضا أجده في
تنزيل الجد معها أو معهما أو مع الإخوة منزلة الأخ للأب والجدة منزلة
الأخت له، بل عن ظاهر جماعة الاجماع عليه، بل عن الكليني والشيخ
دعواه صريحا.
مضافا إلى النصوص المتواترة التي هي ما بين مطلقة كون الجد والجدة
كالأخ والأخت، كالصحيح (1) " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):
" رجل مات وترك ستة إخوة وجدا، قال: هو كأحدهم ".
والموثق (2) عنه (عليه السلام) أيضا " سمعته يقول في ستة إخوة
وجد: للجد السبع ".
والخبر (3) عنه (عليه السلام) أيضا " في رجل ترك خمسة إخوة
وجدا، قال: هي من ستة لكل واحد منهم سهم ".
وفي المرسل (4) " أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أملى
على علي أمير المؤمنين (عليه السلام) في صحيفة الفرائض أن الجد مع
الإخوة يرث حيث ترث الإخوة ويسقط حيث تسقط، وكذلك الجدة
أخت مع الأخوات ترث حيث يرثن وتسقط حيث يسقطن ".
وما بين مصرحة بأن الجد مع الإخوة من الأب مثل واحد منهم
كثروا أو قلوا، كصحيح الفضلاء (5) السابق وغيره، بل يمكن دعوى
تواترها في ذلك وفي كون القسمة بين الأجداد للأب والأخوات له بالتفاوت

(1) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 7 - 15 - 16 - 22 - 9.
(2) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 7 - 15 - 16 - 22 - 9.
(3) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 7 - 15 - 16 - 22 - 9.
(4) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 7 - 15 - 16 - 22 - 9.
(5) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 7 - 15 - 16 - 22 - 9.
157

كما عرفته فيما مر، فلا إشكال حينئذ في شئ من ذلك مع ملاحظة
الاجماع بقسميه جابرا لما في النصوص من القصور عن إفادة تمام التفصيل
في تنزيل الأجداد من الأم مع الإخوة لها منزلة واحد أو واحدة منها وفي
كيفية القسمة التي قد تقدم الكلام فيها سابقا.
هذا ولكن عن المقنع " إن ترك أختا لأب وأم وجدا فللأخت
النصف وللجد النصف، فإن ترك أختين لأب وأم أو لأب وجدا فللأختين
الثلثان وما بقي فللجد ".
ويوافقه في الجملة خبر الحلبي والكناني والشحام وأبي (1) بصير
جميعا عن الصادق (عليه السلام) " في الأخوات مع الجد إن لهن
فريضتهن، إن كانت واحدة فلها النصف وإن كانت اثنتين أو أكثر من
ذلك فلها الثلثان، وما بقي فللجد ".
وهو إن لم يكن حكاية ما عند بعض العامة يمكن حمله الجد
من قبل الأم، فلا خلاف حينئذ في المسألة ولا إشكال.
نعم بقي شئ: وهو أنه في صورة اجتماع الجد من الأم أو الجدة
أو هما والأخت من الأب يكون الثلث لقرابة الأم ولو مع الاتحاد على
المختار، والنصف للأخت، يبقى واحد من ستة، فهل يرد على الأخت
خاصة أو عليها وعلى قرابة الأم؟ وجهان بل قولان، أقواهما الأول،
كما تسمعه انشاء الله في نظير المسألة عند تعرض المصنف له.
* (و) * على كل حال ف‍ * (الزوج والزوجة يأخذان نصيبهما
الأعلى مع الإخوة) * والأجداد * (اتفقت وصلتهم) * بأن كانوا جميعا
لأب وأم أو أب * (أو اختلفت) * بأن كان بعضهم كذلك وبعضهم

(1) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 17 و 18.
158

لأم، لاتفاق النص (1) والفتوى على عدم نقصان الزوج والزوجة عن
المقدر لهما مع الولد وعدمه بحال من الأحوال كاتفاقهما على عدم نقصان
كلالة الأم عن المقدر لها.
وحينئذ فلو اجتمع الزوج مثلا مع كلالة الأب والأم وكلالة الأب خاصة
وكلالة الأم خاصة يأخذ الزوج النصف * (ويأخذ من يتقرب بالأم نصيبه المسمى
من أصل التركة) * وهو الثلث أو السدس * (وما يفضل فلكلالة الأب
والأم) * وإن كانت أختا أو أختين المسمى لهما في غير الفرض النصف
والثلثان * (و) * لا يأخذ كلالة الأب خاصة شيئا، لما عرفت من أنهم
محجوبون بكلالة الأب والأم، نعم * (مع عدمهم) * يقومون مقامهم
وحينئذ * (ف‍) * يكون الفاضل * (لكلالة الأب) * خاصة وإن كانت
أختا أو أختين.
* (و) * على كل تقدير * (يكون النقص داخلا على من يتقرب
بالأب والأم أو بالأب) * دون غيرهم * (كما) * سمعته فيما فرضناه.
و * (في زوج مع واحد من كلالة الأم) * أخ أو أخت * (مع
أخت) * للأب والأم أو * (للأب) * فإن النصف حينئذ من ستة
للزوج، والسدس منها لكلالة الأم، فيبقى سدسان أي الثلث للأخت التي
مسماها في غير الفرض النصف. ويكون نقصها حينئذ سدسا.
* (و) * لكن * (إن فرضت الزيادة كما في واحد من كلالة
الأم) * أخ مثلا * (مع أخت لأب وأم كان الفاضل) * بعد فرضي
النصف والسدس وهو الثلث * (للأخت) * من الأبوين * (خاصة) *
دون غيرها بلا خلاف أجده معتد به فيه، بل عن المختلف أنه ادعى
أكثر علمائنا الاجماع عليه، وهو الحجة مضافا إلى الحصر في قول الصادقين

(1) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث الأزواج.
159

(عليهما السلام) فيما مر من خبري بكير (1) ومحمد بن مسلم (2) " فهم
الذين يزادون وينقصون ".
بل موثق موسى بن بكير (3) " قال: قلت لزرارة: إن بكير حدثني
عن أبي جعفر (عليه السلام) أن الإخوة للأب والأخوات للأب والأم
يزادون وينقصون - إلى أن قال -: فقال زرارة: وهذا قائم عند أصحابنا
لا يختلفون فيه " فإنه وإن لم يكن فيه حصر صريح لكنه ظاهر فيه،
خصوصا مع ملاحظة إرادة ما سمعته في خبر بكير مما حكاه عنه.
خلافا للمحكي عن الفضل والحسن من الرد عليها وعلى قرابة الأم
على حسب السهام * (و) * لا ريب في ضعفه بعد النص والاجماع.
نعم * (إن كانت للأب) * خاصة * (فهل تختص بما فضل عن
السهام؟ قيل) * والقائل الصدوقان والشيخان وأتباعهما وأكثر المتأخرين:
* (نعم) * يختص بالرد * (لأذن النقص يدخل عليها بمزاحمة الزوج أو
الزوجة) * ومن كان عليه الخسران فله الجبران * (ولما روي عن أبي
جعفر (عليه السلام) (4) في ابن أخت لأب وابن أخت لأم، قال:
لابن الأخت للأم السدس والباقي لابن الأخت للأب و) * لكن * (في
طريقها علي بن فضال، وهو ضعيف) * بالفطحية.
* (و) * لذا * (قيل) * والقائل الإسكافي والحلي: لا يختص

(1) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 2.
(2) أشار إليه في الوسائل في الباب - 3 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد -
الحديث 3 وذكره في الكافي - ج 7 ص 103 والتهذيب ج 9 ص 292 الرقم 1047.
(3) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 2 عن موسى
ابن بكر كما في الكافي ج 7 ص 104 والتهذيب ج 9 ص 319.
(4) الوسائل - الباب - 5 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 11.
160

الأخت للأب بالرد * (بل يرد على من يتقرب بالأم وعلى الأخت أو
الأخوات للأب أرباعا) * في نحو الأخت للأم والأخت للأب * (أو
أخماسا) * في نحو الأخت للأم والأختين للأب، ضرورة كون السهام في
الأول أربعة وفي الآخر خمسة، والرد إنما هو بحسبها، ولعل * (لل‍) * اتحاد
في جهة القرابة أي الإخوة وال‍ * (تساوي في الدرجة) *.
* (وهو أولى) * عند المصنف هنا وأشبه في النافع، لكنه كالاجتهاد
في مقابلة النص الذي قد سمعته في خبر بكير (1) ومحمد بن مسلم (2)
وزرارة (3) وغيرهم، مضافا إلى الخبر (4) الذي قد رواه راميا له بالضعف
الذي يكون به من الموثق، بل هو من أعلى درجاته، وقد فرغنا من حجيته
في الأصول.
مضافا إلى انجباره بالشهرة بقسميها، بل عن ظاهر الكليني في بيان
باب الفرائض دعوى الاجماع عليه، حيث قال: " والأخوة والأخوات
من الأم لا يزادون على الثلث ولا ينقصون من السدس، والذكر والأنثى
فيه سواء، وهذا كله مجمع عليه ".
وإلى ما في بعض (5) المعتبرة: " وأخوك لأبيك أولى بك من أخيك
لأمك " بناء على ما قبل في توجيهه من أن له ما بقي إن كان ذكرا، ويرد
عليه خاصة إن كان أنثى.

(1) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 2
(2) أشار إليه في الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 3
وذكره في الكافي ج 7 ص 103 والتهذيب ج 9 ص 292 الرقم 1047.
(3) المتقدم في ضمن خبر موسى بن بكر المتقدم.
(4) الوسائل - الباب - 5 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد الحديث 11.
(5) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب موجبات الإرث - الحديث 2.
161

وإلى المرسل المروي عن مجمع البيان (1) فإن فيه " ويصح اجتماع
الكلالتين معا لتساوي قرابتهما، وإذا فضلت التركة يرد الفاضل على
كلالة الأب والأم أو الأب دون كلالة الأم " فلا ريب في أن الأول
أقوى، والله العالم.
* (مسائل ثلاث:) *
* (الأولى:) *
لا خلاف بيننا في أن * (الجد وإن علا يقاسم الإخوة) * لصدق
اسم الجد فضلا عن أولادهم، بل عن بعض العامة سقوط كلالة الأبوين
أو الأب مع الجد له وإن تواترت نصوصنا بخلافه.
نعم إنما يقاسمهم * (مع عدم) * وجود الجد * (الأدنى) * وإلا كان هو
المشارك لهم دونه، لقاعدة الأقرب، ولا يشكل ذلك بأن الأخ أقرب
من الجد الأعلى، لما عرفت سابقا من أنهم صنفان، والأقرب إنما يمنع
الأبعد في الصنف الواحد كما مر تحقيقه سابقا.
* (و) * على كل حال ف‍ * (لو اجتمعا) * أي الأدنى وإن بعد * (مع
الإخوة شاركهم الأدنى وسقط الأبعد) * من غير فرق بين اتحاد الجهة
واختلافها، فلا يرث الأعلى للأب ولو كان ذكرا مع الأدنى للأم ولو كان
أنثى وكذا العكس.

(1) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب موجبات الإرث - الحديث 5.
162

المسألة * (الثانية:) *
قد عرفت أنه يرث الأبعد مع فقد الأدنى ذكرا وأنثى، فلو عدم
الأجداد الأدنون ورث أجداد الأب وأجداد الأم ثم أجداد الجد وأجداد
الجدة وهكذا، وهم في المرتبة الأولى أربعة، وفي الثانية ثمانية، وفي
الثالثة ستة عشر، وهكذا.
ف‍ * (إذا ترك جد أبيه) * مثلا * (وجدته لأبيه وجده وجدته لأم) *
أبي‍ * (ه ومثلهم للأم) * بالنسبة إلى أبيها وأمها * (كان لأجدادها) * أي الأم
* (الثلث بينهم أرباعا) * إذ الفرض أنهم أربعة وبمنزلة كلالة الأم التي
قد عرفت اقتسامها بالسوية * (ولأجداد الأب) * الأربعة أيضا * (الثلثان) *
ولكن لكونهم بمنزلة كلالة الأب يقسمان * (بينهم أثلاثا ثلثا ذلك لجده
وجدته لأبيه بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين والثلث الآخر لجده وجدته
لأمه أثلاثا) * أيضا للذكر مثل حظ الأنثيين * (على ما ذكره الشيخ) *
(رحمه الله) وجماعته، بل حكى غير واحد عليه الشهرة * (فيكون) * حينئذ
* (أصل الفريضة ثلاثة:) واحد للقبيل الأول الذين قد عرفت أن
سهامهم أربعة، واثنان للثاني، وقد عرفت أن سهامهم تسعة ليكون لها
ثلث ولثلثها ثلث.
ومن هنا بان لك أن الثلاثة التي هي أصل الفريضة * (تنكسر
على الفريقين) * وبين عدد سهام كل فريق ونصيبه مباينة، وكذا
بين العددين * (ف‍) * احتجت إلى أن تطرح النصيب و * (تضرب) *
أحد العددين وهو * (أربعة في) * الآخر وهو * (تسعة ثم تضرب
163

المجتمع) * منهما وهو ستة وثلاثون * (في ثلاثة) * التي هي أصل الفريضة
* (فيكون) * الحاصل * (مائة وثمانية) * ستة وثلاثون منها للأجداد
من قبل الأم، لكل واحد تسعة، واثنان وسبعون للأجداد من قبل الأب
أربعة وعشرون منها للجد والجدة من قبل أم الأب ستة عشر للجد وثمانية
للجدة، وثمانية وأربعون منها للجد والجدة من قبل أب الأب اثنان وثلاثون
للجد وستة عشر للجدة.
خلافا لمعين الدين المصري فقال: يقسم ثلث الثلث لأبوي أم الأم
بالسوية وثلثاه لأبوي أبيها بالسوية، فسهامهم ستة، ويقسم ثلث الثلثين
لأبوي أم الأب بالسوية وثلثاهما لأبوي أبيه أثلاثا، فسهامهم ثمانية عشر
ليكون لها ثلث له نصف ولثلثيها ثلث، ويدخل فيها الستة فتضربها في
أصل المسألة وهو ثلاثة فتبلغ أربعة وخمسين.
قيل: ودليله أن نصيب الأم - وهو الثلث - هو الذي ينتقل إلى
أبويها ثم ينتقل منهما إلى أبويهما، فهو بمنزلة تركة الأم ينتقل منها إلى أبويها
فثلثه لأمها والباقي لأبيها ثم ينتقل كل من الثلث والباقي إلى الأجداد،
فإنما ينتقل إلى أبوي الأم ثلثها وينتقل الباقي إلى أبوي الأب، وإنما
يقسم بينهما بالسوية، لأنه الأصل، مع أنه إنما ورثاه لجدتيهما للميت،
وقد أطلق في الأخبار وكلام الأصحاب أن الجد للأم ككلالتها، والجدية
تشمل الدنيا والعليا، ثم نصيب الأب وهو الثلثان ينتقل إلى أبويه أثلاثا
ثم منهما إلى أبويهما، فثلث الأم ينتقل إلى أبويها، وإنما يقسم بينهما
بالسوية للأصل وصدق الجدية للأم عليهما أيضا ولو بالنسبة إلى أبي الميت
وثلثا الأب ينتقلان إلى أبويه أثلاثا، لعدم صدق الجدية للأم عليهما بوجه.
وللبرزهي من أصحابنا، فقال: يقسم نصيب قرابة الأب بينهم
كما قاله المشهور، ولكن يقسم نصيب قرابة الأم أثلاثا: ثلثه لأبوي أم
164

الأم بالسوية، وثلثاه لأبوي أبيها أثلاثا، وتصح أيضا من أربعة وخمسين.
قيل: ودليله أن لغير أبوي أم الأم جدية للأب، أما بالنسبة إلى
الميت أو إلى أبيه أو أمه فللذكر مثل حظ الأنثيين، وليس لها ذلك بوجه
فيقسم بينهما بالسوية.
والجميع كما ترى - حتى المشهور - مجرد اعتبارات لا تصلح مدركا
للحكم الشرعي، بل ربما كان احتمال قسمة جدودة الأب الثلثين بالتفاوت
مطلقا أولى منها، ضرورة كونهم كالأخوة والأخوات للأب وإن كان
التقرب إليه بأمه، ومن ثم كان الاحتياط ولو بالصلح أو غيره لا ينبغي
تركه، ولقد كفانا مؤونة ذلك ندرة وقوع الفرض.
ولو كان معهم زوج أو زوجة دخل النقص على أجداد الأب
الأربعة دون أجداد الأم لما سمعته، فيعطى سهمهما الأعلى، وهو النصف
أو الربع، فالباقي حينئذ على المشهور لقرابة الأب، ثمانية عشر من
المائة والثمانية، ثلثها - وهو ستة - للجدين من أمه أثلاثا، وثلثاها - وهو
اثنا عشر - لهما من أبيه كذلك، وقد كان لهم قبل ذلك اثنان وسبعون
كما عرفت، وبملاحظته تعرف ما دخل كل واحد من النقصان.
وأما على القولين الآخرين فالباقي لهم تسعة، لكن ينقسم عليهم على
الثالث أثلاثا، ثلاثة للجدين من الأم أثلاثا وستة لهما من الأب كذلك،
بخلاف قول المصري، فإن الثلاثة لا تنقسم على الجدين من الأم بالسوية
فيحتاج حينئذ إلى ضرب الاثنين في الأربعة والخمسين، فتبلغ مائة وثمانية
وتبقى لهم حينئذ ثمانية عشر، كما في المشهور، والله العالم.
165

المسألة * (الثالثة:) *
المعروف بين الأصحاب بل هو كالمجمع عليه بينهم أنه لو اجتمع
* (أخ من أم مع ابن أخ لأب وأم فالميراث كله للأخ من الأم، لأنه
أقرب و) * لكن * (قال ابن شاذان: له السدس والباقي لابن الأخ
للأب والأم) *.
بل في الكافي عنه أن ابن الأخ للأب أو بنته كذلك أيضا، وابن
ابن الأخ للأب أو لهما فنازلا مع ابن الأخ للأم كذلك أيضا، وكذا ابن
الأخت وبني الأخوات لهما مع أخت لها، لاختلاف جهة القرابة، قال:
" ولا يشبه هذا ولد الولد، لأذن ولد الولد هم ولد يرثون ما يرث الولد
ويحجبون ما يحجب الولد، فحكمهم حكم الولد، وولد الإخوة والأخوات
ليسوا بإخوة ولا يرثون ما يرث الإخوة ولا يحجبون ما يحجب الإخوة،
لأنه لا يرث مع الحصة أخ لأب، ولا يحجبون الأم، وليس سهمهم
بالتسمية كسهم الولد من طريق سبب الأرحام، ولا يشبهون أمر الولد ".
وفي كشف اللثام " يعني أن أولاد الإخوة لا يرثون لكونهم إخوة،
كما أن أولاد الأولاد إنما يرثون لكونهم أولادا، بل لدخولهم في أولي
الأرحام، فلا يحجب الأخ من الأم ولد الأخ من الأب وإن كان أقرب
منه، كما أن الجد الأدنى لا يحجبه، لأذن الأقرب إنما يحجب الأبعد مع
اتحاد الجهة، أي لا مع اختلافها كما في الفرض، لأذن القرب بالأمومة
غيره بالأبوة، فهما حينئذ كالصنفين الذين لا يمنع القريب في أحدهما البعيد
في الآخر، كالأب مع ولد الولد، والجد الأدنى مع ابن الأخ النازل ".
166

وعلى كل حال فهذا خلاف مما ذكره المصنف وغيره عنه من التعليل
بقوله: * (لأنه يجمع السببين) * ثم قالوا: * (وهو ضعيف لأذن كثرة
الأسباب أثرها مع التساوي في الدرجة لا مع التفاوت) * إذ قد عرفت
صراحة كلامه بأن القرب بالأب وحده كالقرب بالأبوين في الحكم المزبور
مع عدم كثرة الأسباب فيه.
نعم يرد عليه أن ذلك إن تم أدى إلى أن الأخ للأب لا يحجب
أولاد الأخ للأم، وقد حكى عنه التصريح بموافقته للمشهور معللا له بأنه
أقرب ببطن وقرابتهما من جهة واحدة، والفرق غير ظاهر.
كما أنه يرد عليه أيضا أنه المفهوم لغة وعرفا، بل في المسالك نسبته
إلى النص الصحيح أن الإخوة صنف واحد، وأن الأقرب منهم يمنع
الأبعد اتحدت الجهة أو اختلفت، بل سمعت قول الصادق (عليه السلام)
فيما مضى في مرسل يونس (1): " إذا التفت القرابات فالسابق أحق
بميراث قريبه، فإن استوت قام كل واحد منهم مقام قريبه " وفي المحكي
عن فقه الرضا (2): " من ترك واحدا ممن له سهم ينظر فإن كان من
بقي من درجته ممن سفل وهو أن ترك الرجل أخاه وابن أخيه فالأخ أولى
من ابن أخيه " والله العالم.
* (خاتمة) *
* (أولاد الإخوة والأخوات) * من الأبوين ومن أحدهما * (يقومون

(1) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب موجبات الإرث - الحديث 3.
(2) المستدرك - الباب - 4 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 4.
167

مقام آبائهم عند عدمهم) * بلا خلاف نصا (1) وفتوى ولا إشكال
فيه، بل * (و) * في أنه * (يرث كل واحد منهم نصيب من يتقرب به) *
لقيامه مقامه وتنزيله منزلته.
وحينئذ * (فإن كان واحدا كان النصيب له وإن كانوا جماعة اقتسموا
ذلك النصيب بينهم بالسوية إن كانوا ذكرانا أو إناثا، وإن اجتمعوا
فللذكر مثل حظ الأنثيين) * إن كانوا أولاد إخوة للأبوين أو للأب على
حسب من قاموا مقامهم.
وخبر محمد بن مسلم (2) عن الباقر (عليه السلام) قال: " له بنات
أخ وابن أخ، قال: المال لابن الأخ، قال: قرابتهم واحدة، قال
العاقلة والدية عليهم، وليس على النساء شئ " مع ضعفه محتمل الإرث
بالولاء، وحكاية ما عند العامة على ما قيل وكون ابن الأخ للأبوين
وبنات الأخ من الأب وحده وغير ذلك.
* (وإن كانوا أولاد إخوة من أم كانت القسمة بينهم بالسوية) *
كمن قاموا مقامهم، من غير فرق بين كونهم أولاد أخ واحد أو أخت
وبين كونهم أولاد إخوة متعددين.
وإن كان مع النسبة إلى المتعدد يأخذ كل واحد نصيب ممن يتقرب
به إلا أنه يقسم أيضا بالسوية، فلو كان أولاد الإخوة للأم ثلاثة مثلا
واحد منهم ولد أخ والآخران ولدا واحد فلولد الولد السدس (3) الذي
هو نصف الثلث وللآخرين السدس الآخر بينهما بالسوية، ومن هنا أطلق
المصنف (رحمه الله) القسمة بالسوية وإن كانت قد تقتضي اختلافا من

(1) الوسائل - الباب - 5 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 0 - 13.
(2) الوسائل - الباب - 5 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 0 - 13.
(3) هكذا في النسخة الأصلية، والأولى أن تكون العبارة هكذا: " فولد الواحد
السدس ".
168

وجه آخر، والأمر سهل.
* (و) * كيف كان ف‍ * (يأخذ أولاد الأخ) * للأبوين أو للأب
ذكورا أو إناثا أو متفرقين المال و * (الباقي) * بعد الفرض إن كان
معهم صاحبه * (كأبيهم) * الذي لا فرض له.
* (و) * أما * (أولاد الأخت للأب والأم) * أو للأب فيأخذون
* (النصف) * خاصة * (نصيب أمهم، إلا على سبيل الرد) * كما
إذا لم يكن سواهم في درجتهم، فإنه يرد النصف الآخر عليهم أيضا
ولو كان معهم أولاد أخ للأم أو إخوة رد عليهم السدس أو السدسان دون
أولاد كلالة الأم على الأصح كما عرفته سابقا فيمن قاموا مقامه
* (و) * يأخذ * (أولاد الأختين) * للأبوين أو للأب * (فصاعدا
الثلثين) * فرضا والباقي ردا إذا فرض عدم المساوي، بل هو كذلك
حتى لو كان واحدا، لجواز اتفاقه عند تباعد الدرجات. والحاصل هم
كمن قاموا مقامهما * (إلا أن يقصر المال بدخول الزوج أو الزوجة فيكون
لهم الباقي كما يكون لمن يتقربون به) *.
* (ولو لم يكن أود كلالة الأب والأم قام مقامهم أولاد كلالة
الأب) * في جميع ما ذكرناه، نعم لا يرث أحد منهم مع وجود المتقرب
بالأبوين، لقول الصادق (عليه السلام) في خبر الكناسي (1): " وابن
أخيك لأبيك وأمك أولى بك من ابن أخيك لأبيك " الحديث.
* (ولأولاد الأخ أو الأخت من الأم السدس) * بالسوية وإن
تعددوا واختلفوا ذكورة وأنوثة.

(1) الوسائل - الباب - 13 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 1 هذا وفي
النسخة الأصلية المبيضة " خبر العياشي " والصحيح ما أثبتناه، كما هو كذلك في النسخة
المخطوطة بقلمه الشريف " قده ".
169

* (ولو كانوا أولاد اثنين) * ذكرين أو أنثيين أو متفرقين من
كلالة الأم * (كان لهم الثلث، لكل فريق نصيب من يتقرب به بينهم
بالسوية) * مع التعدد على حسب ما عرفت، فلأولاد الأخ مثلا السدس
وإن كان واحدا، ولأولاد الأخت مثلا سدس وإن كانوا مائة وبالعكس.
وإن اجتمع ابن ابنة أخ لأب أو لهما وابنة ابن أخ كذلك فإن اتحد
الأخ كان للأنثى ضعف ما للذكر، لأذن نصيب من تقرب به وهو
الابن كذلك، فيبقى الثلث للتي تقرب بها الذكر وهو البنت، وإن
تعدد أي الأخ كان المال بينهما نصفين، لكل منهما نصيب أحد الأخوين.
وإن اجتمع ابن ابنة أخ لأب أو لهما وابنة ابنة أخ كذلك واتحدت
أمهما كان للذكر ضعف الأنثى وإلا فبالسوية، لما ذكرناه أيضا، كما هو
واضح بأدنى تأمل.
* (ولو اجتمع أولاد الكلالات) * الثلاثة * (كان لأولاد كلالة
الأم الثلث) * إن كان قد تعدد من تقربوا به وإلا فالسدس * (و) * كان
* (لأولاد كلالة الأب والأم الثلثان) * في الأول فرضا أو قرابة أو وفرضا
والباقي في الثاني قرابة أو وفرضا * (وسقط أولاد كلالة الأب) * بأولاد
كلالة الأبوين كمن تقربوا به.
* (ولو دخل عليهم زوج أو زوجة كان له نصيبه الأعلى) * النصف
والربع * (ولمن تقرب بالأم ثلث الأصل إن كانوا لأكثر من واحد) *:
أخ أو أخت (1) أو أخوين أو أختين أو نحو ذلك * (والسدس إن كانوا
لواحد) *: أخ أو أخت * (والباقي لأولاد كلالة الأب والأم زائدا
كان أو ناقصا، ولو لم يكونوا فلأولاد كلالة الأب خاصة) * لقيامهم

(1) هكذا في النسخة الأصلية المبيضة، والصحيح " أخ وأخت " كما في النسخة الأصلية
المخطوطة بقلمه الشريف " قده "
170

مقامهم مع عدمهم، فهم الذين يزادون وينقصون دون أولاد كلالة الأم
كما نطقت به النصوص على ما سمعت من قول الصادقين (عليهما السلام)
في خبري (1) بكر ومحمد بن مسلم (2).
* (و) * حينئذ ف‍ * (في طرف الزيادة) * لا * (يحصل التردد) *
في اختصاصهم بردها عليهم، كأولاد كلالة الأبوين، ولا يشاركهم
فيها أولاد كلالة الأم، وإن مال إليه المصنف سابقا، فالبحث حينئذ
* (على) * حسب * (ما مضى) * آنفا، فلاحظ وتأمل.
* (ولو اجتمع معهم) * أي الأولاد * (الأجداد قاسموهم كما
يقاسموهم الإخوة) * بلا خلاف فيه بيننا، ضرورة قيامهم مقام آبائهم
في ذلك، ولا ينافيه تنزيل الأجداد منزلة الإخوة المراد منه بيان كيفية
استحقاقهم الإرث لا ما يشمل حجبهم، خصوصا بعد استفاضة النصوص (3)
أو تواترها في شركة الجد وابن الأخ، وكون المال بينهما نصفين.
* (و) * أما كيفية مقاسمة الإخوة للأجداد ف‍ * (قد بيناه) * فيما مضى
سابقا فلا حاجة إلى إعادته.
ولو خلف ابن أخ وبنت ذلك الأخ وكان الأخ لأب وابن أخت
وبنت تلك الأخت له وابن أخ وبنت ذلك الأخ لأم وابن أخت وبنت تلك
الأخت لأم مع الأجداد الثمانية أخذ الثلثين الأجداد من قبل الأب مع
أولاد الأخ والأخت للأب الأربعة، ولانتسابهم إلى الأب يقسم بينهم

(1) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 2 عن بكير
ابن أعين.
(2) أشار إليه في الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد -
الحديث 3 وذكره في الكافي ج 7 ص 103.
(3) الوسائل - الباب - 5 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد.
171

أثلاثا، فللجد والجدة من قبل أب الأب وأولاد الأخت والأخ للأب
ثلثا الثلثين، ثم ثلثا الثلثين أيضا يقسم بينهم أثلاثا، للجد وأولاد الأخ
ثلثا ذلك، نصفه للجد ونصفه لأولاد الأخ أثلاثا، والثلث - أي ثلث
ثلثي الثلثين - للجدة وأولاد الأخت، نصفه للجدة ونصفه لأولاد الأخت
يقسم بينهم أثلاثا، وثلثهما - أي الثلثين - للجد والجدة من قبل أم الأب
أثلاثا، والثلث - أي ثلث الأصل - للأجداد الأربعة من الأم ولأولاد
الإخوة من قبلها أسداسا على المشهور، لكل واحد سدس، ولأولاد الأخ
للأم سدس بالسوية، ولأولاد الأخت لها سدس آخر بالسوية، ويصح
من ثلاثمائة وأربعة وعشرين.
* (المرتبة الثالثة) *
* (الأعمام والأخوال) * ولا يرث أحد منهم مع وجود أحد من
الطبقة السابقة بلا خلاف يعتد به أجده فيه، بل الاجماع بقسميه عليه،
مضافا إلى النصوص الدالة عليه (1) وقاعدة الأقرب.
خلافا للمحكي عن الفضل من قسمة المال نصفين بين الخال والجدة
للأم، لكن في الدروس " أن الذي في كتابه: لو ترك جدته وعمته
وخالته فالمال للجدة ".
وفي كشف اللثام " أنه غلط يونس في تشريكه بين العمة والخالة وأم
الأب وتشريكه بين العم وابن الأخ ".

(1) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب موجبات الإرث - الحديث 2 والباب - 1 -
من أبواب ميراث الأعمام والأخوال.
172

وقال كما في الأخير: " إنه لما رأى أن بين العم والميت ثلاث بطون
وكذلك بين ابن الأخ وابن الميت ثلاث بطون وهما جميعا من طريق الأب
جعل المال بينهما نصفين وهذا غلط، لأنهما وإن كانا جميعا كما وصف،
فإن ابن الأخ من ولد الأب والعم من ولد الجد وولد الأب أحق وأولى
من ولد الجد وإن سفلوا، كما أن ابن الابن أحق من الأخ، لأذن ابن
الابن من ولد الميت والأخ من ولد الأب وولد الميت أحق من ولد الأب
وإن كان في البطون سواء، وكذلك ابن ابن ابن أحق من الأخ لأذن
هذا من ولد الميت نفسه وإن سفل وليس الأخ من ولد الميت، وكذلك
ولد الأب أحق وأولى من ولد الجد ".
قلت: وبالتأمل في هذا وفيما سلف منا تعرف الوجه في ترتيب
الطبقات جميعها على قاعدة الأقرب، ضرورة معلومية أولوية من ولد الميت
ومن ولده الميت به من كل أحد، وهم الأبوان والأبناء وإن سفلوا
أهل الطبقة الأولى التي هي عمود النسب، ثم من بعدهم من ولد أب الميت
ومن ولده أبو الميت، وهم الإخوة وأولادهم والأجداد وإن علوا أهل
الطبقة الثانية بعضها من العمود وبعضها من حاشية النسب، ثم من بعدهم
من ولده الأجداد، وهم الأعمام والأخوال أهل الطبقة الثالثة الذين جميعهم
من حاشية النسب، ويترتبون فيما بينهم كترتب الأجداد والأخوة وأولادهم.
فعم الميت وخاله أولى به من عم أبيه وخاله، وهما أولى من عم
جد الميت وخاله، وهكذا، كما أن الجد الأدنى أولى من الجد الأبعد،
والأخ أولى من ابن الأخ، فإن أولي الأرحام بعضهم أولى ببعض في
كتاب الله (1) أي الأقرب منهم يمنع الأبعد، كما تقدم تفسيرها بذلك

(1) سورة الأنفال: 8 - الآية 75 وسورة الأحزاب: 33 - الآية 6.
173

في النصوص (1).
وعلى كل حال ف‍ * (العم يرث المال إذا انفرد وكذا العمان والأعمام
ويقسمون المال بالسوية) * إن تساووا في المرتبة بأن لا يكون بعضهم
أقرب من بعض ولا يتقرب بعضهم بالأب وبعضهم بالأم أو وبعضهم
بالأبوين.
* (وكذا العمة والعمتان والعمات) * بلا خلاف أجده في شئ من
ذلك بل ولا إشكال.
* (وإن اجتمعوا) * أي الأعمام والعمات وتساووا في جهة القرابة
بأن كانوا جميعا للأب والأم أو لأحدهما بمعنى كونهم إخوة للميت لأبيه
وأمه أو لأبيه أو لأمه * (فللذكر مثل حظ الأنثيين) * بلا خلاف أجده
فيه إن كانوا لهما أو للأب، بل عن الغنية الاجماع عليه، وهو الحجة.
مضافا إلى قول الصادق (عليه السلام) في خبر سلمة (2) " في عم
وعمة للعم الثلثان وللعمة الثلث " وقاعدة تفضيل الذكر على الأنثى في باب
الإرث المستفادة من الكتاب (3) والسنة (4) خصوصا النصوص (5)
المشتملة على بيان الحكمة في ذلك، فإنها على كثرتها دالة على ذلك بأنواع
الدلالات، كما لا يخفى على من لاحظها.
بل لعله لذلك كله كان ظاهر المصنف هنا والنافع والمحكي عن ابن
زهرة والصدوق والفضل والمفيد القسمة كذلك حتى لو كان تقربهم إليه
بالأم بأن كانوا إخوة لأبيه من أمه، بل حكى الأول منهم في الغنية

(1) الوسائل - الباب - 8 - من أبواب موجبات الإرث - الحديث 9 و 10 و 11.
(2) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الأعمام والأخوال - الحديث 9.
(3) سورة النساء: 4 - الآية 11 و 176.
(4) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.
(5) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.
174

الاجماع على ذلك.
لكن صريح الفاضل في القواعد وغيرها من كتبه والشهيد في الدروس
واللمعتين وغيرهم القسمة بالسوية، بل في الكفاية أنه لا نعرف فيه خلافا
بل في الرياض أنه نفى الخلاف عنه جملة، منهم صاحب الكفاية، لأصالة
التسوية في إطلاق الشركة المقتصر في الخروج منها على المتقرب بالأبوين
أو بالأب للأدلة السابقة.
وفيه بعد وضوح المنع في الأخير أنها مقطوعة بما عرفت من إطلاق
معقد الاجماع والرواية وبقاعدة التفضيل، اللهم إلا أن ترجح بالشهرة
العظيمة المعتضدة بما تسمعه ممن ظاهره المخالفة، كالمصنف من القسمة
بالسوية في صورة كونهم متفرقين التي لم يظهر لنا الفرق بينها وبين المقام.
بل ظاهر الرياض أو صريحه انحصار الخلاف في غير المتفرقين وإن
كان الذي حكاه في كشف اللثام عن الفضل والصدوق والمفيد إطلاق
القسمة - بالتفاوت من غير تفضيل بين المجتمعين والمتفرقين.
نعم ظاهر المصنف هنا والنافع ذلك، حيث إنه بعد أن ذكر حكم
المجتمعين بما عرفت قال: * (ولو كانوا متفرقين) * في جهة القرابة بأن
كان بعضهم لأم وبعضهم للأبوين أو لأب * (فللعمة أو العم من) *
جهة * (الأم السدس، ولما زاد على الواحد الثلث، ويستوي فيه الذكر
والأنثى، والباقي للعم أو العمين أو الأعمام) أو العمة أو العمتين أو العمات
أو المختلطين * (من الأب والأم بينهم) * على السوية إلا في الأخير،
فإن * (للذكر) * منهم * (مثل حظ الأنثيين) نحو كلالة الأبوين والأم في
ذلك كله * (و) * في أنه * (يسقط الأعمام للأب بالأعمام للأب والأم و) *
في أنه * (يقومون مقامهم عند عدمهم) * من دون خلاف يعرف فيه بينهم
كما عن جماعة الاعتراف به، بل عن الغنية والسرائر الاجماع عليه، مضافا
175

إلى قوله (عليه السلام) (1): " وعمك أخو أبيك لأبيه وأمه أولى بك
من عمك أخي أبيك لأبيه ".
وكذا لا خلاف فيما ذكره من حكم المتفرقين عدا الاطلاق السابق
في الرياض أنه حكاه - أي نفي الخلاف - جماعة.
ولعل الوجه في ذلك أنه لما كان تقربهم إلى الميت بالإخوة قاموا
مقام كلالة الميت التي قد عرفت أن إرثها كذلك، أو لأنه لما انتقل
إليهم إرث من تقربوا به عوملوا معاملة الورثة له.
بل لعله هو معنى أنه يرثون نصيب من يتقربون به أي يعاملون
معاملة الوارث له، وبذلك يقيد إطلاق الخبر المزبور بالعمة أو العم
للأبوين أو للأب.
بل لعل إطلاق عبارة الفضل والمفيد والصدوق منزل على ذلك أيضا،
وقاعدة التفضيل غير متحقق إقعادها بحيث يشمل ما نحن فيه. وعلى
تقديره تقيد أيضا بما عرفت خصوصا بعد الاتفاق ظاهرا على الحكم
المزبور، والله العالم.
* (ولا يرث ابن عم مع عم) * ولا ابن خال مع خال ولا ابن
عم مع خال ولا ابن خال مع عم بل * (ولا من هو أبعد مع الأقرب
إلا في مسألة واحدة) * إجماعية * (وهي ابن عم لأب وأم مع عم لأب
فابن العم أولى) * بلا خلاف فيه بيننا، بل الاجماع بقسميه عليه.
وفي محكي الفقيه نسبته إلى الخبر الصحيح (2) الوارد عن الأئمة
(عليهم السلام) وفي غيره إلى الأخبار، وعن المقنع تعليله مع ذلك
بأنه قد جمع الكلالتين كلالة الأب وكلالة الأم، ونحوه عن المفيد، لأذن ابن العم

(1) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب موجبات الإرث - الحديث 2.
(2) الوسائل - الباب - 5 - من أبواب ميراث الأعمام والأخوال - الحديث 5.
176

يتقرب إلى الميت بسببين والعم بسبب واحد، وليس كذلك حكم الأخ
للأب وابن الأخ للأب والأم، لأذن الأخ وارث بالتسمية الصريحة وابن
الأخ وارث بالرحم دون التسمية، ومن ورث بالتسمية حجب من يستحق
الميراث بالرحم دون التسمية، والعم وابن العم إنما يرثان بالقربى دون
التسمية، فمن تقرب بسببين منهما كان أحق ممن تقرب بسبب واحد على
ما بيناه، لقول الله عز وجل: " وأولوا الأرحام " ومقتضى ذلك
التعدية إلى الخال وابن الخال، بل وإلى غير ذلك.
ولكن لم نعثر في النصوص إلا على قول الصادق (عليه السلام)
للحسن بن عمار (2): " أيما أقرب ابن عم لأب وأم أو عم لأب؟
فقال: حدثنا أبو إسحاق السبيعي عن الحارث الأعور عن أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنه كان يقول: أعيان بني الأم
أقرب من بني العلات، فاستوى (عليه السلام) جالسا، ثم قال: جئت
بها من عين صافية، إن عبد الله أبا رسول الله (صلى الله عليه وآله)
أخو أبي طالب لأبيه وأمه " وهو - بعد انجباره بما عرفت - الحجة مع الاجماع
إلا أنهما معا خاصان في ابن العم والعم.
ومن هنا قيد المصنف وجماعة ذلك ب‍ * (ما دامت الصورة على
حالها) * باقية * (فلو انضم إليهما ولو خال تغيرت الحال وسقط ابن العم) *
ويرجع الحكم إلى القاعدة، بل ظاهر بعضهم الجمود على خصوص الفرض
المزبور حتى لو تغير بانضمام الزوج أو الزوجة أو التعدد في ابن العم أو
العم أو بالذكورة والأنوثة أو ببعد الدرجة كابن عم لأب وابن ابن عم

(1) سورة الأنفال: 8 - الآية 75 وسورة الأحزاب: 33 - الآية 6.
(2) الوسائل - الباب - 5 - من أبواب ميراث الأعمام والأخوال - الحديث 2 عن
الحسن بن عمارة كما في التهذيب ج 9 ص 326 الرقم 1172.
177

لأب وأم أو بهما في الابن خاصة مع العم للأب أو بالنسبة إلى عم الأب
لأبيه وابن عمه لأبيه وأمه فضلا عن انضمام الخال والخالة أو العم أو
العمة للأم أو نحو ذلك.
لكن لا يخفى عليك ما في دعوى تغيرها بالأولين، ضرورة تحقق
الصدق وأولوية المتعدد من ابن العم من المتحد، كضرورة مانعيته للعمية
عن السببية للإرث، فلا فرق بين العم المتحد والمتعدد.
ومن هنا جزم في الدروس بعدم تغيرها بذلك، بل عن الشيخ أن
العمة كالعم، لاشتراكهما في التقرب بالعمومة الممنوعة بابن العم المزبور،
بل لعلها هي أولى بذلك.
لكن فيه أن عدم الصدق والالحاق لا بد له من إجماع أو نحوه وليس،
ودعوى الأولوية في العمة وابن العم على وجه يحصل القطع يمكن منعها،
اللهم إلا أن يكون المدرك فيها وفي غيرها مما سمعت ما يظهر من الصادق
(عليه السلام) من إقرار الحسن بن عمار على ما استفاده مما رواه عن
أمير المؤمنين (عليه السلام) (1) وما يظهر أيضا من كون السبب في
ذلك جمع السببين.
بل قد يعطي ما عن المفيد العموم أيضا، حيث قال مضافا إلى
ما سمعت: " ولا يرث ابن العم مع العم ولا ابن الخال مع الخال إلا
أن يختلف أسبابهما في النسب، ككون العم لأب وابن العم لأب وأم ".
بل ما سمعته من تعليل الصدوق (رحمه الله) يعطي ذلك.
لكن لا جابر للرواية بالنسبة إلى ذلك، ولا تصريح فيها بالعلية

(1) الوسائل - الباب - 5 - من أبواب ميراث الأعمام والأخوال - الحديث 2 عن
الحسن بن عمارة.
178

المزبورة كي يجري على التعميم المذكور حتى في حجب بنت العمة ولو
نازلا للعم.
وأما إذا انضم الخال مثلا فالمحكي عن القمي وابن إدريس وأكثر
المحققين سقوط ابن العم، ومشاركة الخال والعم لتغير الصورة، ولأن
الخال يحجب ابن العم، لكونه أقرب، ولقول الصادق (عليه السلام)
في خبر سلمة بن محرر (1) " في ابن عم وخالة: المال للخالة، وفي ابن
عم وخال: المال للخال " والعم إنما يحجب بأن العم إذا ورث، ويؤيده
إطلاق ما دل من النصوص (2) على شركة العم والخال.
فما عن الحمصي - من اختصاص الخال بالمال باعتبار حجب العم
بابن العم وحجب ابن العم بالخال ولاطلاق خبر سلمة - واضح الضعف
ضرورة استلزام حجب ابن العم بالخال عدم حجبه للعم، لما عرفت من
أنه يحجب إذا كان وارثا، وإلا فهو كالقاتل لا يحجب العم.
وأضعف منه احتمال اختصاص ابن العم بالمال، لأذن العم محجوب
بابن العم فكذا الخال للتساوي في الدرجة، إذ هو كما ترى يمكن دعوى
منافاته الاجماع فضلا عن النص (3) فيما لو انفرد ابن العم مع الخال.
نعم ما عن المصري والرواندي من شركة ابن العم للخال لا يخلو
من قوة، لوجود المقتضي لحرمان العم وهو ابن العم، وانتفاء المانع
عنه، وانتفاء المقتضي لحرمان الخال أو ابن العم، فإن العم لا يحجب
الخال، فابن العم أولى وإن كان هو هنا أولى من العم، والخال إنما

(1) الوسائل - الباب - 5 - من أبواب ميراث الأعمام والأخوال - الحديث 4 عن
سلمة بن محرز.
(2) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الأعمام والأخوال.
(3) الوسائل - الباب - 5 - من أبواب ميراث الأعمام والأخوال - الحديث 4.
179

يحجب ابن عم لا يكون أولى من العم كما في مفروض الخبر (1) المزبور
فإنه إذا لم يحجب العم فأولى أن لا يحجب من هو أدنى منه.
بل قد يقال: إن حجب القريب للبعيد في أولي الأرحام إنما
هو إذا زاحمه على وجه يكون المال له لولاه، أما إذا لم يزاحمه فلا دليل
على حجبه إياه، ضرورة اختصاص الأدلة بأولوية الأقرب من الأبعد
بالميراث، ومفروضها ما ذكرناه.
ومن هنا أمكن شركة الإخوة للأم مع الجد البعيد لها وإن كان هناك
جد قريب للأب مع الإخوة له أيضا أو بدونهم، لعدم مزاحمة الجد البعيد
للجد القريب، ضرورة اشتراكه مع الإخوة للأم الذين لا يحجبونه وعدم
مزاحمته للجد القريب، وكذا لو ترك جدا قريبا لأم مع إخوة لها وجدا
بعيدا لأب مع الإخوة له أيضا.
بل يتجه التشريك أيضا فيما لو ترك جدا لأم وابن أخ لأم مع أخ
لأب، فإن ابن الأخ لا يحجبه الجد للأم، ولا يزاحم الأخ للأب،
فيرث مع الجد للأم، وقد تقدم الكلام في نحو ذلك، وهو مؤيد
لما عرفت.
بل قد يؤيده أيضا إطلاق أولوية ابن العم من العم المراد منها أنه
أولى بما يكون للعم لولا ابن العم من غير فرق بين جميع المال أو بعضه
بخلاف ما دل على أولوية الخال من ابن العم، فإنه ظاهر أو صريح فيما
لو اجتمعا من دون عم، ولذلك حكم بأن المال كله للخال.
بل لعل المفهوم من الأولوية الأولى أنه يقوم مقامه مع وجوده
ويأخذ نصيبه الذي يكون له لولا ابن العم، من غير فرق بين انفراده
وبين مشاركة غيره له ممن هو في درجته.

(1) الوسائل - الباب - 5 - من أبواب ميراث الأعمام والأخوال - الحديث 4.
180

وبالتأمل فيما ذكرناه يسقط ما أطنب به في المسالك في تأييد القول
الأول، بل يظهر أن ذلك أقوى منه وإن قل القائل به فتأمل جيدا.
* (و) * كيف كان فهذا كله في ميراث الأعمام، وأما الأخوال
فحكمهم كذلك في أكثر ما سمعته، ف‍ * (لو انفراد الخال كان المال له) *
لانحصار الأولوية فيه * (وكذا الخالان والأخوال) * في كون المال لهما
أو لهم * (وكذا الخالة والخالتان والخالات) *.
* (ولو اجتمعوا) * ذكورا وإناثا وكان جهة قرابتهم متحدة
* (فالذكر والأنثى سواء) * سواء كانوا جميعا لأب وأم أو لأب أو لأم
بلا خلاف أجده فيه إلا ما عساه يشعر به ما عن المقنع من نسبته للفضل
لأصالة التسوية، وخصوصا في قرابة الأم، وخصوصا في المقام الذي
هو نحو الإخوة من الأم، لأذن تقربهم إلى الميت بالإخوة بالأم، فلا فرق
حينئذ بين كونهم لأبيها وأمها * (و) * بين كونهم لأمها.
نعم * (لو افترقوا) * بأن * (كان) * بعضهم لأب وأم وبعضهم لأم
ف‍ * (لمن تقرب بالأم) * منهم * (السدس إن كان واحدا، والثلث إن كان أكثر
الذكر والأنثى فيه سواء، والباقي للخؤولة من الأب والأم بينهم للذكر
مثل حظ الأنثى) * أيضا لما عرفت من أصالة التسوية والتقرب بالأم.
ولا يشكل ذلك بأن مقتضى الأخير قسمة الجميع بالسوية، لا اختصاص
قرابة الأم منهم بالسدس أو الثلث والباقي لقرابة الأبوين، لأنه لا تلازم
بين الأمرين، على أن مقتضى قوله (عليه السلام) (1): " يرثون
نصيب من يتقربون به " معاملتهم معاملة الوارث له، ولا ريب في كون
قسمتهم ذلك لو كانوا هم الورثة، نعم كان قرابة الأب بالتفاوت،
لكن يمكن هنا ترجيح أصالة التسوية وقرابة الأم على خصوص ذلك،

(1) لم يرد بهذا اللفظ حديث، وإنما هو اقتباس من خبر أبي أيوب الآتي في ص 182.
181

فلا إشكال حينئذ من هذه الجهة، كما أنهما رجحا معا في الأعمام للأم
في صورة الاجتماع على الأصح والافتراق بلا خلاف، كما عرفت.
فاشكال بعض متأخري المتأخرين في ذلك - حتى قال: إن الأولى
الصلح بل قال: إنه يشكل ما ذكره المصنف * (و) * غيره من أنه * (يسقط
الخؤولة من الأب إلا مع عدم الخؤولة من الأب والأم) * فإنهم حينئذ
يقومون مقامهم، لتقرب الجميع بالأم وعدم مدخلية الأب، ولذا اقتسموا
بالسوية - في غير محله خصوصا في الأخير، لعموم قوله (عليه السلام) (1):
" أعيان بني الأم أقرب من بني العلات ".
بل لا ينكر استفادة ذلك على جهة القاعدة في جميع الأرحام من
النص والفتوى، مضافا إلى قاعدة الأقرب وإلى أنه من لوازم معاملتهم
معاملة الورثة لنصيب من يتقربون به، لأنه هو معنى قوله (عليه السلام) (2):
" يرثون نصيب من يتقربون به " كما أوضحناه سابقا.
* (و) * كيف كان ف‍ * (لو اجتمع الأخوال والأعمام كان للأخوال الثلث
وكذا لو كان واحدا ذكرا كان أو أنثى) * لأب وأم أو لأم * (وللأعمام
الثلثان، وكذا لو كان واحدا ذكرا أو أنثى) * على المشهور بين الأصحاب
شهرة عظيمة، لاستفاضة النصوص أو تواترها في ذلك.
وقال الصادق (عليه السلام) في خبر أبي أيوب (3): " إن في
كتاب علي (عليه السلام) أن العمة بمنزلة الأب والخالة بمنزلة الأم،
وبنت الأخ بمنزلة الأخ، وكل ذي رحم فهو بمنزلة الرحم الذي يجر به
إلا أن يكون هناك وارث أقرب إلى الميت منه فيحجبه ".

(1) الوسائل في الباب - 13 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 3.
(2) لم يرد بهذا اللفظ خير، وإنما يستفاد ذلك مما في خبر أبي أيوب الآتي.
(3) الوسائل - الباب - 5 - من أبواب ميراث الإخوة والأجداد - الحديث 9.
182

ولا ريب في أن من تقرب به الخال والخالة الأم، ونصيبها الثلث
ومن تقرب به العم والعمة الأب، ونصيبه الثلثان، ولو لوحظ كون جهة
القرب الإخوة من حيث هي ولو باعتبار كون العم أخا أب الميت والخال
أخا أم الميت كان المتجه حينئذ تنزيل الأب منزلة الأخ والأم منزلة الأخت
ونصيبهما أيضا الثلثان والثلث، فتأمل جيدا فإنه لا يخلو من دقة.
وكيف كان فما عن ابن زهرة والكيدري والمصري وظاهر المفيد
وسلار - من أن للخال والخالة السدس إن اتحد والثلث إن تعدد وأن
للعمة النصف، بل في الروضة والرياض أو العم حتى يكون الباقي ردا
عليهم أجمع أو على خصوص قرابة الأب - واضح الفساد، بل هو
كالاجتهاد في مقابلة النص من دون داع حتى الاعتبار، ضرورة كونهم
إخوة لأب الميت وأمه لا له، على أن تنزيل العم منزلة الأخ لا يقضي
بأن له النصف، لأنه ليس صاحب فرض، فلا وجه للرد عليه، ولعله
اشتباه من الناقل وإلا ففي كشف اللثام اقتصر على العمة، فلا حظ وتأمل.
وعلى كل حال * (فإن كان الأخوال مجتمعين) * في جهة القرابة
* (فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثى، ولو كانوا متفرقين فلمن تقرب بالأم
سدس الثلث إن كان واحدا، وثلثه إن كان أكثر بينهم بالسوية، والباقي
لمن يتقرب بالأب والأم) * من الخؤولة بينهم بالسوية أيضا، نحو ما سمعته
في صورة الانفراد عن الأعمام، لما عرفته من الأدلة السابقة المعتضدة بعدم
الخلاف المعتد به في شئ من ذلك هناك وهنا إلا ما حكاه الشيخ على
ما قيل في خلافه عن بعض الأصحاب من قسمة المتقرب بالأبوين أو
بالأب من الخؤولة هنا بالتفاوت للذكر مثل حظ الأنثيين.
بل في كشف اللثام حكايته عن القاضي أيضا، لتقربهم بالأب،
ولأنهم لو كانوا وارثين لاقتسموا كذلك فيعاملون معاملتهم، ولأنه كالقسمة
183

بالسوية في العمومة للأم.
لكن قد عرفت ما يدفع ذلك كله من قوة ملاحظة جانب الأمومة
في المقامين وأصالة التساوي وغير ذلك.
* (و) * على كل حال ف‍ * (للأعمام ما بقي) * وهو الثلثان وقسمتهما
بينهم كالانفراد أيضا * (فإن كانوا من جهة واحدة فالمال بينهم للذكر
مثل حظ الأنثيين) * مطلقا عند المصنف وجماعة، والأصح القسمة
بالتساوي إن كانوا لأم، كما عرفت البحث فيه سابقا.
* (ولو كانوا متفرقين فلمن تقرب منهم بالأم السدس إن كان
واحدا والثلث إن كانوا أكثر بينهم بالسوية، والباقي) * من خمسة
أسداس الثلثين أو ثلثيه * (للأعمام من قبل الأب والأم بينهم للذكر مثل
حظ الأنثيين، ويسقط من يتقرب بالأب منفردا إلا مع عدم من يتقرب
بالأب والأم) * كما عرفت ذلك كله ودليله فيما تقدم.
* (ولو اجتمع عم الأب وعمته وخاله وخالته وعم الأم وعمتها
وخالها وخالتها قال في النهاية) * ومحكي المهذب وتبعهما المشهور: * (كان
لمن يتقرب بالأم الثلث) * لأنه نصيب الأم التي يتقربون بها * (بينهم
بالسوية) * لاشتراك الكل في التقرب بها، ولأصالة التسوية * (ولمن
تقرب بالأب الثلثان، ثلثهما لخال الأب وخالته) * لاطلاق النص (1)
بأن للخؤولة الثلث * (بينهما بالسوية) * لأصالتها والتقرب بالأم * (وثلثاهما
بين العم والعمة بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين) * إن كانا معا لأب إجماعا
أو لأم عند المصنف لاطلاق النص (2) وقاعدة التفضيل وغيرهما، وفيه
ما عرفته سابقا.
* (فيكون أصل الفريضة ثلاثة) * لأنها أقل عدد ينقسم ثلثين وثلث،

(1) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الأعمام والأخوال.
(2) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الأعمام والأخوال.
184

إلا أن كلا من الثلثين والثلث * (ينكسر على الفريقين) * وإنما الذي
يصح لقرابة الأب ثمانية عشر، لأنه أقل عدد له ثلث له نصف ولثلثيه
ثلث * (فتضرب) * عدد سهام أقرباء الأم وهي * (أربعة في تسعة) *
التي هي نصف سهام أقرباء الأب أو بالعكس * (تصير ستة وثلاثين، ثم
تضربها) * أي الستة وثلاثين * (في ثلاثة) * التي هي أصل الفريضة
* (فتصير مائة وثمانية) * تقسم عليهم جميعا صحيحة نحو الأجداد الثمانية.
لكن قد يشكل ذلك بأن المتجه أيضا قسمة الثلث سهم الأم على
قرابتها أثلاثا، نحو ثلثي الأب لعمها وعمتها، ثلثا الثلث بالسوية، وثلثه
لخالها وخالتها كذلك، لاطلاق النصوص (1) بالقسمة أثلاثا بين الأعمام
والأخوال، ومن هنا جزم به المحقق الطوسي، فهي كمسألة الأجداد على
مذهب معين الدين المصري، وتصح حينئذ من أربعة وخمسين.
لكن فيه منع صدق عم الأم وعمتها على عم الميت وعمته، والنصوص
في الثاني لا الأول، بخلاف عم الأب وعمته، فإنهم يصدق عليهم
أعمام الميت.
وبذلك يعرف ما في القول الثالث من أن للأخوال الأربعة الثلث
بالسوية وللأعمام الأربعة الثلثان، لنصوص (2) الأعمام والأخوال، ثم
ثلث الثلثين لعم الأم وعمتها بالسوية، وثلثاهما لعم الأب وعمته أثلاثا،
وتصح أيضا من مائة وثمانية وإن استظهره ما في كشف اللثام، ضرورة
ابتنائه على الصدق الذي قد عرفت منعه اللهم إلا أن يقال: إن حقيقة
العمومة الإخوة للأب من طرف الأم أو الأب وحقيقة الخؤولة الإخوة
للأم من طرف الأب والأم أيضا، وحينئذ يتجه الصدق على الجميع.
وفيه أنه مع التسليم معارض بقاعدة إرث كل ذي رحم نصيب من

(1) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الأعمام والأخوال.
(2) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الأعمام والأخوال.
185

يتقرب به، ولا ريب في تقرب أربعة الأب به والأم بها إن كان بعضهم
أعماما وأخوالا، فلا محيص عن شركة الخال والخالة للأب العم والعمة
له، كما لا محيص عن شركة عم الأم وعمتها لخالها وخالتها.
ومن هنا أفتى المشهور بما عرفت، إلا أنهم لاحظوا التساوي في قرابة
الأم لأصالته، خصوصا فيهم بخلاف قرابة الأب، فعاملوها معاملة الوارث
لنصيب الأب، فتأمل جيدا.
هذا والظاهر تقييد عبارة المصنف بما إذا اجتمع هؤلاء وكان جهة
قرابتهم متحدة، وإلا فلا ريب في اختلاف القسمة مع فرض اختلاف
جهة العم والعمة وجهة الخال والخالة من الأب، بل والأم أيضا في
قول، فيكون للعمة أو العم من قبل الأم السدس من ثلثي الثلثين والباقي
للآخر، وللخال أو الخالة من الأم ذلك أيضا من ثلث الثلثين والباقي
للآخر، وكذا في الأم.
ومنه يعلم الحال في حكم الستة عشر، وهو ما لو اجتمع عم الأب
وعمته من الأبوين ومثلهما من الأم، وخاله وخالته من الأبوين ومثلهما
من الأم، وعم الأم وعمتها من الأبوين ومثلهما من الأم، وخالها وخالتها
من الأبوين ومثلهما من الأم، فإنه يكون للثمانية من قبل الأم الثلث ثلثاه
لأعمامها الأربعة، ثلثهما لمن تقرب منهما بالأم بالسوية على المشهور،
وثلثاهما لمن تقرب بالأبوين بالتفاوت أو بالسوية، وثلث الثلث للأخوال
الأربعة، ثلثه لمن تقرب منهما بالأم بالسوية، والثلثان لمن تقرب بالأبوين
بالتفاوت أو بالسوية، ولعل هذا هو الأظهر.
ويحتمل قسمة الثلث أثمانا، والذكر والأنثى سواء، لتقرب الجميع
بالأم، ويحتمل أن يكون ثلث الثلث للأخوال بالسوية، وثلثاه لأعمامها
كذلك، للتقرب بالأم. ويحتمل قسمة الثلث نصفين اعتبارا بالسبب دون
186

الرؤوس، نصفه للأخوال إما على التفاوت أو التسوية على الاحتمالين، ونصفه
لأعمامها كذلك على الاحتمالين.
وقد تحصل من ذلك أن الثلث الذي لقرابة الأم فيه احتمالات ثلاثة
(أحدها): قسمته بينهم على عدد الرؤوس بالسوية. و (ثانيها):
تنصيفه بين قبيلي العمومة والخؤولة. و (ثالثها): قسمته بين القبيلين
أثلاثا، وكل من الاحتمالين الأخيرين يحتمل احتمالين: الأول: قسمة
نصيب كل قبيل من النصف أو الثلث أو الثلثين على الرؤوس، والثاني
قسمته عليهم أثلاثا.
وأما الثلثان من أصل المال فلقرابة الأب، ثلثهما لخؤولة الأب أثلاثا
بينهم، لتقربهم بالأب، ثلثه للخال والخالة من قبل أمه بالسوية، وثلثاه
لخاله وخالته من الأبوين كذلك على المشهور، وثلثا الثلثين للعمتين أثلاثا
ثلثه للعم والعمة من قبل الأم بالسوية على المشهور، وثلثاه للعم والعمة
من قبل الأب أثلاثا قولا واحدا.
فعلى تقدير قسمة نصيب قرابة الأم ثمانية تصح من ستمائة وثمانية وأربعين
وكذلك على التنصيف على القبيلين، وقسمة نصيب كل قبيل على عدد
الرؤوس.
وأما على تقدير قسمته أثلاثا فتصح من ثلاثمائة وأربعة وعشرين،
وكذلك إن قسم الثلث على القبيلين أثلاثا ثم نصيب كل قبيل على عدد
الرؤوس، وأما لو قسمه أي نصيب كل قبيل أثلاثا أيضا فتصح من
مائة واثنين وستين.
187

* (مسائل خمس:) *
* (الأولى:) *
قد عرفت فيما تقدم ترتب الأرحام الذين هم من حواشي النسب
ف‍ * (عمومة الميت وعماته وأولادهم وإن نزلوا وخؤوله وخالاته وأولادهم
وإن نزلوا أحق بالميراث من عمومة الأب وعماته وخؤوله وخالاته، وأحق
من عمومة الأم وعماتها وخؤولها وخالاتها، لأذن عمومة الميت وخؤولته
أقرب) * إليه وكل أقرب أولى من الأبعد كتابا (1) وسنة (2) وإجماعا.
* (وأولادهم يقومون مقامهم (والأولاد يقومون مقام آبائهم خ ل)) *
على أن ابنة الخالة مثلا من ولد الجدة، وعمة الأم مثلا من ولد جدة
الأم، وولد جدة الميت أولى بالميراث من ولد جدة أم الميت * (ف‍) * ما
عن الحسن من تشريك عمة الأم وابنة الخالة واضح البطلان.
نعم * (إذا عدم عمومة الميت وعماته وخؤوله وخالاته وأولادهم
وإن نزلوا قام مقامهم عمومة الأب وعماته وخؤوله وخالاته وعمومة أمه
وعماتها وخؤولتها وخالاتها وأولادهم وإن نزلوا) * يقومون مقامهم
مرتبين أيضا على قاعدة أولوية الأقرب من الأبعد، وكون الخؤولة
والعمومة صنفا واحدا لأنهم أولى من عمومة الجد والجدة وخؤولتهما وأولادهم
* (وهكذا) * الكلام في أب الجد وجده.

(1) سورة الأنفال: 8 - الآية 75 وسورة الأحزاب: 33 - الآية 6.
(2) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب موجبات الإرث.
188

وكذلك * (كل بطن منهم وإن نزل أولى من البطن الأعلى) * كما
قدمنا ذلك كله ودليله مع أنه واضح، والله العالم.
المسألة * (الثانية:) *
قد عرفت أن أولاد العمومة والعمات يقومون مقام آبائهم عند عدمهم
وعدم من هو في درجتهم من الأخوال، وأنه لا يرث ابن عم مع خال
وإن تقرب بسببين والخال بسبب، ولا ابن خال مع عم وإن تقرب بهما
فضلا عن العم والخال إلا في المسألة الاجماعية، بل الأقرب إن اتحد
سببه أولى بالميراث من الأبعد وإن تكثر سببه.
خلافا لما عساه يظهر من عبارتي المقنع والمقنعة السابقتين، ولما عن
أبي علي من التصريح بأن لابن الخال إذا اجتمع مع العم الثلث وللعم
الثلثين، ولعله بناء على أن العمومة والخؤولة صنفان، وقد عرفت
فساده فيما تقدم، وعرفت أيضا أن لهم نصيب من يتقربون به كأولاد
الإخوة والأخوات والبنين والبنات.
ولذا كان * (أولاد العمومة المتفرقين يأخذون نصيب آبائهم، فبنوا
العم للأم لهم السدس، ولو كانوا بني عمين للأم كان لهم الثلث) * بالسوية
وإن اختلفوا ذكورة وأنوثة، لما عرفته سابقا، خلافا لما عن الفضل
والصدوق من إطلاق أن لولد العمة الثلث ولولد العم الثلثين * (والباقي
لبني العم أو العمة أو لبني العمومة أو العمات للأب والأم) * أو للأب
عند عدمهم للذكر ضعف الأنثى إذا كانوا أولاد عم واحد أو أكثر أو
عمة كذلك، لأنه إذا اجتمع ابن عم وابنة عم آخر كان لابن العم الثلثان
189

ولابنة العم الآخر الثلث بلا خلاف أجده فيه هنا * (وكذلك البحث
في بني الخؤولة) *.
ولو اجتمع أولاد العم وأولاد الخال فلأولاد الخال الثلث لواحد
كانوا أو أكثر، ولأولاد العم الباقي، كما إذا اجتمع الأعمام والأخوال
حتى أنه يأتي فيهم ما سمعته من القول هناك، فيكون لولد الخال السدس
إن اتحد الخال والثلث إن تعدد.
ثم إن اتفقوا في الجهة تساووا في القسمة وإلا كان المنتسب إلى
الأم بالنسبة إلى المنتسب إلى الأب أو الأبوين مثل كلالة الأم بالنسبة إلى
كلالة الأب أو الأبوين.
ففي المثال حينئذ سدس الثلث لأولاد الخال أو الخالة للأم بالسوية
إن اتحد الخال أو الخالة، وثلثه لأولاد المتعدد، لكل قبيل نصيب من
يتقرب به بالسوية، وباقي الثلث لولد الخال أو الخالة اتحد أو تعدد
للأبوين أو للأب، لكل نصيب من يتقرب به بالسوية، وسدس الثلثين
لأولاد العم أو العمة للأم، للذكر مثل الأنثى إن اتحد من تقربوا به،
وثلثهما لأولاد المتعدد، ولكل نصيب من يتقرب به للذكر مثل الأنثى،
والباقي لأولاد العم أو العمة أو لهما للأبوين أو للأب، لكل نصيب من
يتقرب به، للذكر ضعف الأنثى.
ولو اجتمع أولاد خال وخالة وعم وعمة كان لأولاد الخال
والخالة الثلث بالسوية، ولأولاد العمة ثلث الثلثين. والباقي لأولاد
العم، وخالف الحسن، فأعطى أولاد الخال والخالة الثلث بالسوية
وأولاد العم الثلث، للذكر ضعف ما للأنثى، ولأولاد العمة الثلث
الباقي أيضا للذكر ضعف ما للأنثى.
190

المسألة * (الثالثة:) *
* (إذا اجتمع للوارث) * بالنسب أو السبب * (سببان فإن لم
يمنع أحدهما الآخر ورث بهما) * اتحد النوع كما في جد لأب هو جد لأم
أو تعدد كعم هو خال و * (مثل ابن عم لأب هو ابن خال لأم) *
وذلك بأن يتزوج أخو الشخص من أبيه بأخته من أمه. فهذا الشخص
بالنسبة إلى ولد هذين الزوجين عم، لأنه أخو أبيه، وخال لأنه أخو
أمه، وابنه ابن عم لأب هو ابن خال لأم.
هذا * (و) * السببان إما أن يكونا نسبيين نحو ما ذكرنا أو سببيين
كمعتق أو ضامن هو زوج أو زوجة أو مختلفين * (مثل زوج هو
ابن عم) * أو ابن خال * (أو بنت عم هي زوجة) *.
* (و) * أما * (مثل عمة لأب هي خالة لأم) * فهو من تعدد النسبين،
نحو عم هو خال، بل مثالهما متحد مع فرض تبديل الذكر بالأنثى.
وقد يتشعب النسب فتكثر جهات الاستحقاق، كجد جد لأب هو
جد جد لأم هو جد جدة له وجد جدة لها، وكابن ابن عم هو ابن ابن
خال هو ابن بنت عمة له وابن بنت خالة لها.
* (و) * على كل حال ف‍ * (إن منع أحدهما الآخر ورث من
جهة المانع، مثل ابن عم هو أخ) * لأم، ومعتق هو ضامن أو إمام،
وابن ابن عم هو ابن ابن خال هو ابن بنت بنت عمة وابن بنت بنت
خالة * (فإنه يرث بالإخوة خاصة) * مثلا في الأول، وبولاء العتق
في الثاني، وببنوة العم والخال في الثالث، إذ تعدد السبب كتعدد الوارث.
191

ومن هنا لم يحجب المتوصل بالأكثر المتوصل بالأقل إذا كان في
درجته، بل يشاركه من حيث اتفقا وإن لم يزاحمه من حيث افترقا،
فلو كان مع العم الذي هو خال خال فكخالين مع عم، أو عم فكعمين
مع خال، أو هما فكعمين وخالين.
نعم خرج من ذلك المتقرب بالأب والأم بالنسبة إلى حجبه المقترب
بالأب خاصة في جميع الحواشي ولو واحدا أنثى مع الذكور المتعددين
بشرط اتحاد القرابة وتساوي الدرج، حتى في مثل المقام الذي لو فرض
فيه عم للأبوين مع العم الذي هو الخال فإنه يمنعه أيضا من جهة
العمومة وتبقى جهة الخؤولة خاصة.
وكأن ذلك كله للدليل، لا لأذن تعدد السبب يقتضي أقربيته كي يندرج
تحت قاعدة الأقرب، مع احتماله، ويكون الخارج للدليل، والأمر
سهل، والله العالم.
المسألة * (الرابعة:) *
* (إذا دخل الزوج أو الزوجة على الخؤولة والخالات والعمومة
والعمات كان للزوج أو الزوجة النصيب الأعلى) * وهو النصف والربع
بلا خلاف ولا إشكال.
* (ولمن تقرب بالأم) * من الخؤولة اتحد أو تعدد ذكرا أو أنثى
اجتمعوا أو افترقوا * (نصيبه الأعلى من أصل التركة) * وهو الثلث الذي
هو نصيب الأم لو لم يكن زوج أو زوجة أو كان، لأنه انتقل إلى من
تقرب بها ولم يدخل نقص عليها بالزوج أو الزوجة فكذا من تقرب بها.
192

نعم قسمتهم مع الافتراق سدس الثلث لقرابة الأم إن اتحد، والثلث
إن تعدد، والباقي لقرابتها من الأبوين أو الأب مع عدمها منهما، والكل
يقسمون مالهم بالسوية على الأصح.
* (و) * على كل حال ف‍ * (ما يبقى) * بعد أخذ الزوج أو
الزوجة وقرابة الأم استحقاقهم الذي عرفت * (فهو لقرابة الأب والأم) *
من الأعمام والعمات اتحد أو تعدد، ذكرا كان أو أنثى، اجتمعوا في جهة
القرابة أو افترقوا.
* (وإن لم يكن) * قرابة الأب والأم * (فلقرابة الأب) * لأنهم
يقومون مقامهم عند عدمهم، وذلك لأذن النقص يدخل عليهم بدخول
الزوج والزوجة كمن تقربوا به وهو الأب، فإن نصيبه في الفرض ذلك
وهو الذي ينتقل إلى من يجرون به.
فإذا كانت الفريضة ستة وماتت المرأة عن زوج وخؤولة وأعمام
فثلاثة منها للزوج، واثنان لقرابة الأم، وواحد لقرابة الأب، وهو
سدس الكل، فإذا فرض تعددهم وافتراقهم بجهة القرابة كان لمن تقرب
بالأم منهم سدس السدس إن كان متحدا، وثلثه إن كان متعددا، والباقي
لمن تقرب بالأبوين أو الأب منهم يقسمونه بالتفاوت.
إنما الكلام فيما لو اجتمع أحد الزوجين مع أحد الفريقين مختلفا في
جهة القرابة، كما لو ترك زوجا وخالا من الأم وخالا من الأبوين مثلا
ففي الدروس " قد يفهم من كلام الأصحاب أن للخال للأم سدس الأصل
إن اتحد، وثلثه إن تعدد، كما لو لم يكن هناك زوج ولا زوجة " بل
في المسالك " أنه ظاهر كلام الأصحاب، وعليه ينبغي أن يكون العمل "
ولعله لأذن الزوج لا ينقص المتقرب بالأم شيئا حيث وجد المتقرب بالأب
ولو من الخؤولة.
193

وفي قواعد الفاضل والمحكي عن ولده والشهيد أن له سدس الثلث
مع اتحاده، وثلثه مع تعدده، لأنه هو نصيب الأم المنتقل إلى الخالين،
فيستحق المتقرب منهما بالأم منه سدسه أو ثلثه، والباقي منه ومن الفريضة
للمتقرب بالأبوين منهما، ومرجعه إلى تنزيل الخالين منزلة الأخوين المتفرقين
فيكون للخال من الأم السدس، والباقي من الثلث ومن الفريضة للمتقرب
بالأبوين من الخؤولة.
وفيه أن جهة تقربهم بالأم واحدة، فليس لهم إلا تصيبها الذي هو
قد يكون المال كله - كما إذا لم يكن وارث غيرها - وقد يكون نصف
المال - كما إذا كان معها زوج - وقد يكون ثلث المال - كما إذا كان معها
أب - فمن تقرب بها يأخذ نصيبها الذي يكون لها لو كانت موجودة في
كل فرض، وما نحن فيه لا ريب في أن نصيبها فيه النصف لو كانت
هي الوارثة، فينتقل إلى من تقرب بها، ثم هم يقسمونه بينهم على حسب
تقربهم إليها، فمن كان تقربه إليها بالأم أيضا نزل منزلة كلالتها،
فيأخذ من ذلك النصيب السدس أو الثلث، والباقي يكون لمن تقرب
إليها بالأبوين.
وبذلك يظهر أن المتجه في المفروض أن للخال من الأم سدس ما بقي
بعد نصيب الزوج، لأنه هو نصيب الأم المنتقل إلى الخؤولة جميعهم
لا سدس الأصل.
وهذا القول وإن اعترف في كشف اللثام بعدم معرفة قائله وحكاه
الفاضل في جملة من كتبه وغيره بلفظ القيل لكن لا وحشة مع الحق وإن
قل القائل به، كما لا أنس مع غيره وإن كثر القائل به.
بل المتجه ذلك أيضا في الأعمام، فيكون للمتقرب منهم بالأم سدس
194

ما بقي بعد نصيب الزوج أو ثلثه، لا سدس الأصل أو ثلثه وإن قال في
الرياض: إنه لا خلاف فيه يظهر، وبه صرح في المسالك والروضة
وغيرهما من كتب الجماعة.
لكن فيه أنه لا يخفى على من لاحظ المقام عدم تحقق إجماع في المسألة
لقلة من تعرض لها، بل في المسالك بعد أن ذكر ما سمعت في الأخوال
من الأقوال الثلاثة قال: " ولو كان مع أحد الزوجين أعمام متفرقون
فلمن تقرب منهم بالأم سدس الأصل مع اتحاده، وثلثه مع تعدده،
والباقي للمتقرب بالأب، وينبغي مجئ القولين الآخرين هنا، لكنهم لم
يذكروا هنا خلافا " وظاهره عدم الاجماع في المسألة، إذ عدم ذكر
الخلاف أعم منه، كما هو واضح.
* (الخامسة:) *
* (حكم أولاد الخؤولة مع الزوج والزوجة حكم الخؤولة، فإن
كان زوج أو زوجة وبنوا أخوال مع بني أعمام فللزوج أو الزوجة نصيب
الزوجية ولبني الأخوال ثلث الأصل والباقي لبني الأعمام) * كما لو كان
أخوال وأعمام، لما عرفت من قيام الأولاد مقام آبائهم، والله العالم.
195

* (المقصد الثاني) *
* (في مسائل من أحكام الأزواج) *
مضافا إلى ما تقدم منها سابقا.
* (الأولى:) *
* (الزوجة ترث ما دامت في حبال الزوج) * وكانت خالية من
موانع الإرث السابقة * (وإن لم يدخل بها) * ضرورة صدق اسمها بدونه
فيندرج فيما دل على إرثها من الكتاب (1) والسنة (2) * (وكذا يرثها
الزوج) * وإن لم يدخل بها كذلك أيضا، مضافا إلى الاجماع بقسميه فيهما
والنصوص المستفيضة (3) بالخصوص فيهما، فالحكم فيما معا واضح.
نعم يستثنى من ذلك ما لو تزوج المريض ومات في مرضه قبل
الدخول بها فإنها لا ترثه كما يأتي الكلام فيه. * (و) * أما في غير ذلك
فلا إشكال في التوارث بينهما.
بل * (لو طلقت رجعية توارثا إذا مات أحدهما في العدة، لأنها

(1) سورة النساء: 4 - الآية 12.
(2) الوسائل - الباب - 1 وغيره - من أبواب ميراث الأزواج.
(3) الوسائل - الباب - 1 وغيره - من أبواب ميراث الأزواج.
196

بحكم الزوجة) * بلا خلاف، بل الاجماع بقسميه عليه * (و) * على أنه
* (لا ترث) * المطلقة * (البائن ولا تورث كالمطلقة) * طلقة * (ثالثة والتي
لم يدخل بها واليائسة وليس في سنها من تحيض) * لليأس * (والمختلعة والمبارأة) *
لانتفاء صدق الزوجة والزوج عليهما فعلا، مضافا إلى النصوص المستفيضة
أو المتواترة فيهما معا.
قال الباقر (عليه السلام) في حسن محمد بن قيس (4): " فإن
طلقها الثالثة فإنها لا ترث من زوجها شيئا ولا يرث منها " ولزرارة (5):
" يرثها وترثه ما دام له عليها رجعة " والصادق (عليه السلام) في حسن
الحلبي (6): " إذا طلق الرجل وهو صحيح لا رجعة له عليها لم يرثها
ولم ترثه ".
نعم قد تقدم في كتاب الطلاق (7) أنه لو طلقها مريضا ولو بائنا
ومات في ذلك المرض ولم تتزوج ورثته هي دونه ما بين الطلاق وفوته
في ذلك المرض إلى سنة. وعن النهاية والوسيلة التوارث في العدة إذا كان
الطلاق في المرض، وقد تقدم الكلام فيه هناك.
ولو رجعت المختلعة والمبارأة في البذل في العدة ففي القواعد: " توارثا
على إشكال إذا كان يمكنه الرجوع " أي بأن لم يكن تزوج بأختها أو بخامسة
ينشأ من ثبوت أحكام البينونة أولا، فتستصحب إلى ظهور المعارض، ومن
انقلابه رجعيا، فتثبت له أحكامه التي منها ذلك، بل لعله كذلك وإن لم
يكن له الرجوع للتزويج بالأخت أو الخامسة.
ومنه ينقدح الكلام في الرجعي إذا صار بائنا بالعارض باسقاط حق

(4) الوسائل - الباب - 13 - من أبواب ميراث الأزواج - الحديث 1 - 4 - 2.
(5) الوسائل - الباب - 13 - من أبواب ميراث الأزواج - الحديث 1 - 4 - 2.
(6) راجع ج 32 ص 152.
197

الرجوع أو غير ذلك، وكأن دوران الإرث وعدمه على استحقاق الرجوع
فعلا وعدمه لا يخلو من قوة، لكن قد تقدم تحقيق الحال في كتاب
الخلع، فلاحظ وتأمل.
* (و) * على كل حال فقد ظهر لك أنه لا مدخلية للموت في
العدة وعدمه في الإرث وعدمه، ضرورة كون * (المعتدة عن وطئ الشبهة
أو الفسخ) * في عدة، ولا توارث بينهما قطعا، خصوصا في الأولى التي
هي أجنبية وليست بزوجة، كما هو واضح.
المسألة * (الثانية:) *
قد عرفت فيما تقدم أن * (للزوجة مع عدم الولد) * منها ومن
غيرها * (الربع، ولو كن أكثر من واحدة كن شركاء فيه بالسوية) *
لأصالتها * (ولو كان له ولد) * منها أو من غيرها * (كان لهن الثمن
بالسوية، وكذا لو كانت واحدة، لا يزدن عليه) * أو على الربع * (شيئا) *
ولو بالرد على الأصح كما تقدم، من غير فرق في ذلك بين الواحدة
والأزيد، حتى لو كن ثمانيا أو أزيد.
كما لو طلق المريض أربعا وخرجن من العدة ثم تزوج أربعا ودخل
بهن ثم طلقهن وخرجت عدتهن ثم تزوج أربعا وفعل كالأول وهكذا إلى
آخر السنة ومات قبل بلوغ السنة في ذلك المرض من غير برء ولم تتزوج
واحدة من النساء المطلقات ورث الجميع: المطلقات وغيرهن الربع أو
الثمن بينهن بالسوية.
198

المسألة * (الثالثة:) *
* (إذا طلق واحدة من أربع وتزوج أخرى ثم) * مات و * (اشتبهت
المطلقة في) * الزوجات * (الأول كان للأخيرة ربع الثمن مع الولد) *
لمعلومية استحقاقها ذلك، إذ الفرض كون الاشتباه في غيرها * (والباقي
من الثمن بين الأربع بالسوية) * بلا خلاف أجده مما عدا ابن إدريس،
لتعارض الاحتمالين في كل منهن، فهو كما لو تداعياه اثنان خارجان مع
تعارض بينتهما.
ولصحيح أبي بصير (1) سأل الباقر (عليه السلام) " عن رجل
تزوج أربع نسوة في عقد واحد أو قال: في مجلس واحد ومهورهن
مختلفة، قال جائز له ولهن، قال: أرأيت إن هو خرج إلى بعض
البلدان فطلق واحدة من الأربع وأشهد على طلاقها قوما من أهل تلك
البلاد وهم لا يعرفون المرأة ثم تزوج امرأة من أهل تلك البلاد بعد
انقضاء عدة التي طلق ثم مات بعد ما دخل بها كيف يقسم ميراثه؟
قال: إن كان له ولد فإن للمرأة التي تزوجها أخيرا من أهل تلك البلاد
ربع ثمن ما ترك، وإن عرفت التي طلق من الأربع نفسها ونسبها فلا
شئ لها من الميراث، وعليها العدة، وإن لم يعرف التي طلق من الأربع
نسوة اقتسمن الأربع نسوة ثلاثة أرباع ثمن ما ترك بينهن جميعا، وعليهن
العدة جميعا ".
لكن ابن إدريس على أصله من عدم العمل بخبر الواحد أقرع في

(1) الوسائل - الباب - 9 - من أبواب بميراث الأزواج - الحديث 1.
199

المقام، واستخرج المطلقة بها، لأنها لكل أمر مشتبه مطلقا أو مشتبه في
الظاهر دون الواقع، فالفرض على كل من مواردها.
بل المتجه حينئذ سقوط الاعتداد عنها، لأذن الفرض تزويجه بالخامسة
بعد خروج المطلقة من العدة، وهو جيد بناء على كون الحكم كذلك
مع قطع النظر عن الصحيح المزبور، وإلا فبناء على تعين الصلح ولو
القهري منه القاطع للنزاع الذي يقع من الحاكم لذلك يتجه حينئذ الاشتراك
المزبور الموافق لمسألة التداعي ولقيام تعدد الاحتمال مقام امتزاج المال
ولأنه كالدرهم لشخص المختلط في الدرهمين لآخر ثم تلف أحدهما
فيشكل تعين القرعة.
ولعل المتجه تخيير الحاكم بينها وبين الصلح بما عرفت الذي يمكن
إرجاع النص (1) والفتوى إليه، بمعنى أن الحكم فيهما باشتراك الأربعة
بثلاثة أرباع الثمن من الصلح بأمر الحاكم قطعا للنزاع ومراعاة للاحتياط.
ومنه ينقدح التعدية في غير مورد النص، كما لو اشتبهت المطلقة في اثنتين
أو ثلاث خاصة، أو في جملة الخمس، أو كان للمطلق دون الأربع
فطلق واحدة وتزوج بأخرى وحصل الاشتباه بواحدة أو أكثر، أو لم
يتزوج فاشتبهت المطلقات بالباقيات أو بعضهن، أو طلق أزيد من واحدة
وتزوج كذلك، حتى لو طلق الأربع وتزوج الأربع واشتبهن، أو فسخ
نكاح واحدة لعيب أو غيره أو أزيد وتزوج غيرها أو لم يتزوج.
لكن في القواعد في التعدية إشكال، وفي الروضة وجهان: من
كونها غير المنصوص، ومن المشاركة في المقتضي، وهو اشتباه المطلقة
بغيرها من الزوجات وتساوي الكل في الاستحقاق فلا ترجيح، ولأنه
لا خصوصية ظاهرة في قلة الاشتباه وكثرته، فالنص على عين لا يفيد

(1) الوسائل - الباب - 9 - من أبواب ميراث الأزواج - الحديث 1.
200

التخصيص بالحكم، بل التنبيه على مأخذ الحكم وإلحاقه بكل ما حصل
فيه الاشتباه.
قلت: ومن ذلك - مضافا إلى ما عرفت - تقوى ما قلناه من عدم
تعيين القرعة، لكن في الروضة " أن القول بالقرعة في غير موضع النص
هو الأقوى، بل فيه إن لم يحصل الاجماع، والصلح في الكل خير ".
قلت: قد عرفت أن ما في النص والفتوى هو من الصلح الذي هو
خير، والله العالم.
المسألة * (الرابعة:) *
* (إذا زوج الصبية أبوها أو جدها لأبيها) * بالكفو بمهر المثل
* (ورثها الزوج وورثته، وكذا لو زوج الصغيرين أبواهما أو جدهما
لأبيهما) * بالكفو بمهر المثل * (توارثا) * بلا خلاف محقق أجده فيه
لتحقق الزوجية من الطرفين بذلك.
نعم عن الشيخ وجماعة من الأصحاب أن للصبي الخيار لو بلغ،
لخبر يزبد الكناسي (1) المعارض بما هو أقوى منه سندا وأكثر عددا،
مضافا إلى عموم الولاية، ومع تسليمه لا ينافي الإرث، ضرورة عدم منافاة
الخيار لتحقق الزوجية المسببة للإرث، فهو حينئذ كالعيب المسلط على
الفسخ ونحوه من أقسام الخيار في النكاح وغيره المقتضي للفسخ من حينه.
ودعوى منع تحقق الإرث بالزوجية المتزلزلة واضحة الفساد،

(1) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب عقد النكاح - الحديث 9 من كتاب النكاح.
201

وخصوصا بعد ما عرفت من إرث المطلقة رجعيا مع أنها أقوى في التزلزل
من غيرها.
فما عساه يظهر مما حكى من تعليل الشيخ في النهاية التي لم تعد
للفتوى من دوران الإرث وعدمه على الخيار وعدمه لا ينبغي الالتفات إليه.
ومن ذلك يعلم الحال فيما لو زوج الولي الصبية بالكفو بدون مهر
المثل توارثا أيضا وإن كان لها الخيار - لو بلغت - في المهر، بل هو
أولى من ذلك، ضرورة كون الخيار في المهر نفسه لا في العقد، فمن
الغريب توقف بعضهم فيه.
نعم لو زوجها بغير الكفؤ بدون مهر المثل ونحو ذلك مما هو مفسدة
في الظاهر أمكن القول بعدم التوارث بهذا العقد الذي هو فضولي،
لعدم نفوذ تصرف الولي ولو الاجباري مع المفسدة في الظاهر، فيجري
حينئذ فيه ما سمعته من الفضولي إلا أن يقوم دليل معتد به من إجماع
أو غيره بصحة ذلك من الولي في خصوص النكاح مع جبره بأن لها
الخيار في العقد بعد البلوغ على وجه يكون كخيار العيب، وحينئذ
يتجه التوارث فيه أيضا، لما عرفت.
* (و) * كيف كان ف‍ * (لو زوجهما غير الأب أو الجد كان
العقد موقوفا على رضاهما) * سواء كانا موجودين ولكن لم يجيزا أو لم
يردا أو قلنا بعدم اعتبار المجيز في الحال في صحة عقد الفضولي، أو
قلنا بجواز تزويج الحاكم لهما مع المصلحة التي يمكن فرضها في المقام.
وحينئذ فالحكم لو رضيا به * (عند البلوغ والرشد) * أو رداه
أو أحدهما واضح * (و) * كذا لو ماتا قبل البلوغ، لعدم تحقق العقد
الموجب لصدق الزوجية المسببة للإرث.
202

بل * (لو مات أحدهما قبل ذلك بطل العقد) * أيضا * (ولا
ميراث) * لما عرفت.
* (وكذا لو بلغ أحدهما وأجاز ثم مات الآخر قبل البلوغ) *
ضرورة توقف العقد على رضاهما معا، فلا يكفي رضا أحدهما في تحقق
الزوجية * (و) * حصول سبب الإرث.
نعم * (لو مات الذي رضي عزل نصيب الآخر من تركة الميت
وتربص بالحي، فإن بلغ وأنكر) * العقد ورده ولم يرض به * (فقد
بطل العقد ولا ميراث وإن أجاز صح وأحلف أنه لم يدعه إلى الرضا
الرغبة في الميراث) * بلا خلاف أجده في شئ من ذلك، لصحيح
الحذاء (1) عن الباقر (عليه السلام) " سألته عن غلام وجارية زوجاهما
وليان لهما وهما غير مدركين، فقال: النكاح جائز وأيهما أدرك كان له
الخيار، وإن ماتا قبل أن يدركا فلا ميراث بينهما ولا مهر إلا أن يكونا
قد أدركا ورضيا، قلت: فإن أدرك أحدهما قبل الآخر، قال: يجوز
ذلك عليه إن هو رضي، قلت: فإن كان الرجل الذي أدرك قبل الجارية
ورضي بالنكاح ثم مات قبل أن تدرك الجارية أترثه؟ قال: نعم يعزل
ميراثها منه حتى تدرك فتحلف بالله ما دعاها إلى الميراث إلا رضاها بالتزويج
ثم يدفع إليها الميراث ونصف المهر، قلت: فإن ماتت الجارية ولم تكن
أدركت أيرثها الزوج المدرك؟ قال: لا، لأذن لها الخيار إذا أدركت
قلت: فإن كان أبوها هو الذي زوجها قبل أن تدرك، قال: يجوز
عليها تزويج الأب ويجوز على الغلام، والمهر على الأب للجارية ".
ومن ذيله يعلم إرادة الولي العرفي من الوليين في صدره لا نحو
الأب الذي صرح بجواز تزويجه على الغلام والجارية وأنه لا خيار لهما فيه

(1) الوسائل - الباب - 11 من أبواب ميراث الأزواج - الحديث 1.
203

بعد البلوغ مع فرض عدم المفسدة فيه، وأما اشتماله على نصف المهر
فغير قادح في حجيته فيما نحن فيه مع احتمال كون النصف الآخر مدفوعا
سابقا. وعلى كل حال فالأمر سهل في ذلك.
إنما الكلام في انسحاب الحكم إلى غير محل النص والفتوى، كتزويج
الفضولي الكاملين أو أحدهما، أو الولي أحد الصغيرين والفضولي الآخر
أو نحو ذلك، ومبنى ذلك على موافقة هذه الأحكام لقاعدة الفضولي،
وليس فيها سوى طلب اليمين من المجيز مع أن القاعدة تقتضي عدمها
منه، لأنه مصدق فيما لا يعلم إلا من قبله، بل لعل المتجه ترتب الحكم
ولو كان الذي دعاه إلى الرضا الرغبة في الميراث، ضرورة تحقق الرضا
وإن كان دعاه إليه الطمع.
هذا ولكن في المسالك تارة أن " أكثر هذه الأحكام موافقة للأصول
الشرعية لا تتوقف على نص خاص، وإنما يقع الالتباس فيها في إثبات
إرث المجيز المتأخر بيمينه مع ظهور التهمة في الإجازة ".
وأخرى فيما لو كانا كاملين وزوجهما الفضولي قال: " في انسحاب
الحكم إليهما وجهان: من تساويهما في كون العقد فضوليا ولا مدخل للكبر
والصغر في ذلك، ومن أن في بعض أحكامه ما هو على خلاف الأصل
فيقتصر على مورده، وهذا أقوى، وحينئذ فيحكم ببطلان العقد إذا مات
أحد المعقود عليهما بعد إجازته وقبل إجازة الآخر، سواء قلنا: إن
الإجازة جزء السبب أو كاشفة عن سبق النكاح من حين العقد، أما على
الأول فظاهر، لأذن موت أحد المتعاقدين قبل تمام السبب مبطل، كما لو
مات أحدهما قبل تمام القبول، وأما على الثاني فلأن الإجازة وحدها
لا تكفي في ثبوت هذا العقد، بل لا بد معها من اليمين، وقد حصل
204

الموت قبل تمام السبب، خرج منه ما ورد النص فيه، وهو العقد على
الصغيرين، فيبقى الباقي ".
وهو من غرائب الكلام، ضرورة كون ثبوت اليمين من النص،
وإلا فمن المعلوم كون الأصل كفاية الإجازة من غير يمين، خصوصا مع
فرض عدم التهمة، فيتجه حينئذ الصحة في غير محل النص بلا يمين
لا البطلان، لما ذكره مما هو ثابت بالنص لا القاعدة.
نعم لو قلنا بكون الإجازة كاشفة ولكن مع ذلك لها دخل في تأثير
العقد أثره وفي تسبيبه مسببه - ولا يقدح في ذلك تأخر العلة من المعلول
والسبب عن المسبب، لأذن الغرض من الأسباب الشرعية التي لا مانع على
الشارع في جعلها الآن أسبابا للآثار السابقة، نحو ما قيل في غسل الاستحاضة
في الليل: إنه سبب في صحة الصوم في النهار، وبهذا المعنى يسمى كشفا
لا أن المراد به العلم بما كان خفيا، وإلا فالرضا المتأخر لا مدخلية له ولا
تأثير له، كما أوضحنا ذلك في باب الفضولي (1) وإن قلنا إن الأقوى خلافه -
لاتجه حينئذ البطلان في غير محل النص، ضرورة حصول الموت قبل تمام
السبب الناقل، لكونه مساويا للقول يكون الإجازة ناقلة بالنسبة إلى ذلك
وإن اختلفا في زمن التأثير.
وكذلك يتجه البطلان بناء على اعتبار بقاء ما وقع عليه العقد قابلا
لتعلق العقد حال الإجازة وفي الفرض ليس كذلك، لحصول الموت
لأحدهما المانع عن قابلية تعلق العقد به حال الإجازة، فهو كما لو تلف
المبيع فضولا بآفة سماوية قبل إجازة المشتري، وبالجملة إن اتجه البطلان
فإنما هو لذلك لا لما ذكره.

(1) راجع ج 22 ص 285 - 283.
205

وأما دعوى أن الحكم وإن كان مخالفا للقواعد للصحيح (1) المزبور
المعتضد بالعمل فقد يلحق به غيره للأولوية كالفضولي في الكبيرين وكالفضولي
في أحدهما فواضحة الفساد، ضرورة عدم حصول القطع بذلك، خصوصا
مع ملاحظة تفريق الشارع بين المجتمعات وجمعه بين المختلفات، والظن
بالمساواة أو الأولوية من القياس المحرم.
وكيف كان فظاهر النص (1) والفتوى توقف الزوجية على اليمين
فلو نكل سقطت، ولو منع منها مانع كجنون أو نحوه انتظر ما لم يحصل
ضرر بذلك على الوارث أو المال، فيتجه حينئذ دفعه إلى الوارث إلى
أن يتحقق اليمين، لأصالة عدم تحقق ما يقتضي انتقاله عنه.
وهل اليمين واجبة للتهمة بمعنى أنها لا تجب مع ارتفاعها أو تعبدا
والتهمة حكمة؟ وجهان، قد اختار ثانيهما في المسالك، ولا يبعد الأول
لظهور النص (3) فيه.
ولو كان المجيز المتأخر الزوج فهل يتوقف استحقاق المهر عليه
على اليمين أيضا؟ وجهان، أقواهما العدم.
نعم ليس للوارث المطالبة به وإن وجب عليه دفعه إليه بعد فرض
كون رضاه لا للطمع في الميراث، والظاهر استحقاقه الإرث منه، فيدفع
منه ما زاد على نصيبه منه إلى الوارث، وهل له المقاصة بباقيه عن باقي
التركة؟ وجهان أيضا، ولعل ألهما أقواهما، والله العالم.

(1) الوسائل - الباب 11 - من أبواب ميراث الأزواج - الحديث 1.
(2) الوسائل - الباب 11 - من أبواب ميراث الأزواج - الحديث 1.
(3) الوسائل - الباب 11 - من أبواب ميراث الأزواج - الحديث 1.
206

المسألة * (الخامسة:) *
لا خلاف بين المسلمين في أن الزوج يرث من جميع ما تركته زوجته
من أرض وبناء وغيرهما.
كما أنه لا خلاف معتد به بيننا في أن الزوجة في الجملة لا ترث من
بعض تركة زوجها، بل في الإنتصار مما انفردت به الإمامية حرمان الزوجة
من أرباع الأرض، بل عن الخلاف والسرائر الاجماع على حرمانها
من العقار.
نعم عن الإسكافي أنه إذا دخل الزوج أو الزوجة على الولد والأبوين
كان للزوج الربع وللزوجة الثمن من جميع التركة عقارا أو أثاثا وصامتا
ورقيقا وغير ذلك.
وإطلاق الولد في كلامه الشامل لمن كان من الزوجة وغيرها يدل
على أن مذهبه أن الزوجة مطلقا وإن لم تكن ذات ولد ترث الثمن من
جميع تركة زوجها من دون تخصيص، ويلزمه إرثها من جميع التركة الربع
إذا لم يكن للزوج ولد.
وفي المحكي عن كشف الرموز أنه قول متروك، بل عن غاية المراد
بعد أن حكى إجماع أهل البيت على حرمان الزوجة من شئ ما وأنه لم
يخالف فيه إلا ابن الجنيد قال: " وقد سبقه الاجماع وتأخر عنه " ونحو
ذلك عن المهذب وغاية المرام.
لكن ومع ذلك قد يقال: إن خلو جملة من كتب الأصحاب على
ما قيل كالمقنع والمراسم والايجاز والتبيان ومجمع البيان وجوامع الجامع
207

والفرائض النصيرية عن هذه المسألة مع وقوع التصريح في جميعها بكون
إرث الزوجة ربع التركة أو ثمنها الظاهر في العموم ربما يؤذن بموافقة
الإسكافي، بل لعل الظاهر عدم تعرض علي بن بابويه وابن أبي عقيل
لذلك أيضا وإلا لنقل، بل لعل خلو الفقه الرضوي الذي هو أصل
الأول منهما ومعتمده مما يؤيد موافقته أيضا.
بل لعل جميع رواة الصحيح - الذي هو مستند ابن الجنيد بعد عموم
الكتاب والسنة - عن أبي عبد الله (عليه السلام) مذهبهم ذلك، لأذن
مذاهب الرواة تعرف بروايتهم، وقد رواه ابن أبي يعفور وأبان والفضل
ابن عبد الملك (1) قال: " سألته عن الرجل هل يرث من دار امرأته
شيئا أو أرضها من التربة شيئا أو يكون في ذلك بمنزلة المرأة فلا يرث
من ذلك شيئا؟ قال: يرثها وترثه من كل شئ ترك وتركت ".
فدعوى سبقه بالاجماع ولحوقه به لا تخلو من نظر، بل عن دعائم
الاسلام أن إجماع الأمة والأئمة على قول ابن الجنيد.
قال: " عن أهل البيت (عليهم السلام) مسائل جاءت عنهم في المواريث
مجملة، ولم نر أحدا فسرها، فدخلت على كثير من الناس الشبهة من
أجلها، فرأينا إيضاح معانيها ليعلم المراد فيها، وبالله التوفيق، وإن كنا
لم نبن هذا الكتاب على فتح المقفل وإيضاح المشكل وبيان المختلف فيه،
وإنما قصدنا فيه الاختصار والاقتصار على الثابت من المسائل والأخبار،
ولكن لما كان ظاهر هذه المسائل يخالف الكتاب والسنة وإجماع الأئمة
والأمة ودخلت على كثير من أصحابنا من أجلها الشبهة ولمزهم بها كثير
من العامة فرأينا ايضاحها - إلى أن ذكر من ذلك - ما روى عن أبي جعفر

(1) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث الأزواج - الحديث 1 عن أبان عن
الفضل بن عبد الملك وابن أبي يعفور كما في الاستبصار - ج 4 ص 154 والفقيه ج 4 ص 252.
208

وأبي عبد الله (عليهما السلام) أنهما قالا: إذا هلك الرجل فترك بنين
فللأكبر منهم السيف والدرع والخاتم والمصحف - وذكر عن بعض الأصحاب
احتساب ذلك من القيمة، ورده بمنافاته للشركة المقتضية للتسوية، ثم
أوله - بأن ذلك خاصة للأئمة والأوصياء (عليهم السلام) وفيما هو
منقول من إمام إلى إمام من خاتم الإمام ومصحف القرآن الثابت وكتب
العلم والسلاح الذي ليس شئ من ذلك لأحد منهم تجري فيه المواريث،
وإنما يدفعه الأول للآخر والفارط للغابر، وقد ذكرنا في باب الوصايا
أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) دفع إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)
كتبه وسلاحه وأمره أن يدفع ذلك إلى ابنه الحسن (عليه السلام) وأمر
الحسن (عليه السلام) أن يدفعه إلى الحسين (عليه السلام) وأمر الحسين
(عليه السلام) أن يدفعه إلى ابنه علي (عليه السلام) وأمر علي بن الحسين
(عليهما السلام) أن يدفعه إلى ابنه محمد بن علي (عليهما السلام) وأن
يقرؤه منه السلام، فهذا وجه ما جاء في الرواية التي لا تحتمل غيره،
فإما أن يكون جاء مفسرا فحذف الرواة تفسيره، أو جاء مجملا كما ذكرنا
اكتفاء بعلم المخاطبين أو رمزا من ولي الله - ثم ذكر ما روي عنهما
(عليهما السلام) أيضا من أن النساء لا يرثن من الأرض شيئا، إنما تعطى
قيمة النقض، قال -: وهذا أيضا لو حمل على ظاهره وعلى العموم لكان
يخالف كتاب الله والسنة وإجماع الأئمة والأمة - ثم أوله بالأرض المفتوحة
عنوة لكونها ردا للجهاد، وتقوية لرجال المسلمين على الكفار والمشركين
أو بالأوقاف التي ليس للنساء فيها حظ، ولا يشاركن الرجال فيها إلا
في قيمة النقض - فأما ما كان من الأرض مملوكا للموروث فللنساء منه
نصيب، كما قال الله تعالى، هذا الذي لا يجوز غيره " (1).

(1) دعائم الاسلام ج 2 ص 390 - 395.
209

وهو كما ترى من غرائب الكلام، بل هو كلام غريب عن الفقه
والفقهاء والرواة والروايات، وإنما نقلناه ليقضي العجب منه، وإلا فهو
لا يقدح في دعوى سبق الاجماع ابن الجنيد ولحوقه المستفاد ذلك من تسالم
النصوص عليه التي هي فوق مرتبة التواتر والفتاوى التي لا ينافيها عدم
تعرض بعض الكتب للمسألة، ولعله لوضوحه وظهوره، بل العامة تعرف
ذلك من الإمامية، ومن هنا اتجه حمل الصحيح (1) المزبور على التقية، كما
يتجه تخصيص العمومات بالمتواتر من النصوص (2) والاجماع المحكي،
بل وبالاجماع المحصل، فلا ينبغي الاطناب في ذلك.
إنما الكلام في أن ذلك خاص بالزوجة غير ذات الولد من الزوج
أو مطلقا، وفي الذي تحرم منه عينا وقيمة وعينا لا قيمة، وفي غير
ذلك من فروع المسألة؟ خيره المصنف وجماعة بل قيل: إنه المشهور
بين المتأخرين في الأول الأول، وفي الثاني مطلق الأرض من الأول
والآلات والأبنية من الثاني.
فقال: * (إذا كان للزوجة من الميت ولد ورثت من جميع ما ترك،
ولو لم يكن) * ولد * (لم ترث من الأرض شيئا، وأعطيت حصتها من
قيمة الآلات والأبنية، وقيل: لا تمنع إلا من الدور والمساكن، وخرج
المرتضى (رحمه الله) قولا ثالثا: وهو تقويم الأرض وتسليم حصتها من
القيمة، والقول الأول أظهر) *.
لكن لم نقف لهم على دليل معتد به في التفصيل المزبور، بل ظاهر
النصوص (3) على استفاضتها خصوصا المشتمل منها على إعطاء الربع أو

(1) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث الأزواج - الحديث 1.
(2) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الأزواج.
(3) الوسائل - الباب - 6 وغيره - من أبواب ميراث الأزواج.
210

الثمن ومعاقد الاجماعات عدم الفرق بين ذات الولد وغيرها، بل من
الأخيرة ما هو صريح في ذلك.
نعم في مقطوع ابن أذينة (1) " في النساء إذا كان لهن ولد أعطين
من الرباع " وهو غير حجة وإن ظن أنه عن الإمام (عليه السلام)
ضرورة عدم حجية مظنون الرواية، ودعوى القطع بكونه عن الإمام
(عليه السلام) واضحة المنع، وليس هو كالمرسل المعلوم كونه رواية،
فإذا فرض جبر ضعفه بالشهرة ونحوها جاز العمل به.
ومن ذلك يعلم ما في الاستدلال له بأنه مقتضى الجمع بين ما دل (2)
على الحرمان وبين ما دل (3) على إرثها من جميع ما ترك بحمل الأول على
غير ذات الولد وحمل الثاني على ذات الولد، إذ هو كما ترى جمع
بلا شاهد.
ودعوى أنه بملاحظة الشهرة والمقطوعة ونسبة بعضهم له إلى الرواية
وغير ذلك يضعف الظن بإرادة هذا الفرد من أدلة الحرمان، كما أنه
يقوى إرادته من عمومات الإرث، مضافا إلى اقتضاء ذلك قلة التخصيص
في تلك العمومات.
يدفعها منه الشهرة (أولا) بل ظاهر كثير من أصحابنا عدم
الفرق، كالكليني والمفيد والمرتضى والشيخ في الاستبصار والحلبي وابن زهرة
والحلي وجماعة من المتأخرين، بل عن السرائر الاجماع عليه صريحا.
ومنع ضعف الظن (ثانيا) بل لعل الأمر بالعكس بملاحظة كثرة
هذه النصوص، وربما بلغت سبعة عشر خبرا (4) مع عدم إشعار شئ منها

(1) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث الأزواج - الحديث 2 - 1.
(2) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث الأزواج - الحديث 2 - 1.
(3) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الأزواج.
(4) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الأزواج.
211

بهذا التفصيل، بل ظاهرها جميعا من حيث التعبير بالزوجة الشاملة لهما خلافه.
بل من عرف طريقتهم في أمثال ذلك من عدم الايكال على علم
السامع ونحوه وعدم التعبير بالوهم (بالموهم خ ل) يكاد يجزم بعدم
ذلك، والتخصيص بعد قيام الدليل المعتبر عليه لا مانع منه وإن كثرت
أفراد المخصص كما في المقام، فلا ريب في أن الأقوى عدم الفرق بين
ذات الولد وغيرهم في الحرمان.
كما أنه لا ريب في أن الأقوى حرمانها من عين مطلق الأرض من
غير فرق بين الدور والمساكن وغيرهما، وفاقا للمشهور نقلا وتحصيلا،
بل عن الخلاف الاجماع عليه، وهو الحجة بعد النصوص المستفيضة عنهم
(عليهم السلام) التي فيها الصحيح والموثق وغيرهما على اختلاف دلالتها.
ففي بعضها (1): " أن المرأة لا ترث مما ترك زوجها من القرى
والدور والسلاح والدواب شيئا، وترث من المال والفرش والثياب ومتاع
البيت مما ترك، وتقوم النقض والأبواب والجذوع والقصب، فتعطى
حقها منه ".
وفي آخر (2) " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن النساء
ما لهن من الميراث؟ قال: لهن قيمة الطوب والبناء والخشب والقصب،
فأما الأرض والعقارات فلا ميراث لهن فيه، قلت: فالبنات، قال:
البنات لهن نصيبهن فيه، قال: قلت: كيف صار لهذه الثمن ولهذه
الربع مسمى؟ قال: لأن المرأة ليس لها نسب ترث به وإنما هي دخيل
عليهم، وإنما صار هذا كذا لئلا تتزوج المرأة فيجئ زوجها أو ولدها
من قوم آخرين فيزاحم قوما آخرين في عقارهم ".
وفي ثالث (3) " النساء لا يرثن من الأرض ولا من العقار شيئا ".

(1) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الأزواج - الحديث 1 - 3 - 4.
(2) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الأزواج - الحديث 1 - 3 - 4.
(3) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الأزواج - الحديث 1 - 3 - 4.
212

وفي رابع (1) " أن المرأة لا ترث من تركة زوجها من تربة دار
أو أرض إلا أن يقوم الطوب والخشب قيمة فتعطى ربعها أو ثمنها ".
إلى غير ذلك من النصوص التي لا ينافيها الاقتصار في بعض النصوص
على حرمانها من الرباع (2) ومن رباع الأرض (3) ومن العقار (4)
ومن عقار الدور (5) ومن الدور والعقار (6) بعد الاتفاق في النفي، إذ
هو نحو " لا تضرب الرجال " " لا تضرب زيدا ".
فلا يضر حينئذ معروفية المنازل من الرباع بين اللغويين، فعن العيني
الربع: المنزل، والوطن يسمى ربعا، لأنهم يربعون فيه، أي يطمئنون
وقال: هو الموضع الذي يرتعون فيه في الربيع.
وعن الأزهري عن الأصمعي الربع: هو الدار بعينها حيث كانت
والمربع: المنزل في الربيع خاصة.
وعن الفارابي الربع: الدار بعينها حيث كانت، إلى غير ذلك، مع
أنه يمكن أن يمنع ذلك في نحو رباع الأرض.
وأما العقار فإنه وإن نقل عن الأزهري أنه حكاه بمعناه، وفي النافع
" وكذا المرأة عدا العقار، وترث من قيمة الآلات والأبنية، ومنهم من
طرد الحكم في مزارع الأرض والقرى " وهي كالصريحة في اختصاص
العقار بغير المنزل، لكن المعروف في كتب اللغة كما في موضع من كشف
اللثام: أنه الضيعة أو النخل أو ما يعمهما وسائر الأشجار، وفي آخر:
الأشهر في معناه الضيعة.
بل ما في الصحيح (7): " لا يرثن النساء من العقار شيئا، ولهن
قيمة البناء والشجر والنخل " كالصريح في كونه للأعم، بل ربما يومئ

(1) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الأزواج - الحديث 5 - 2 - 11 - 14 - 7 - 10 - 16.
(2) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(3) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(4) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(5) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(6) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(7) تقدم آنفا تحت رقم 1.
213

إليه إضافته إلى الدور، كما في بعض النصوص (1): " لا ترث النساء من
عقار الدور شيئا ".
بل قد يدعى أنه في خبر الدار أظهر منه فيها، ولذا عطفه عليها
في البعض الآخر (2) فقال: " ليس للنساء من الدور والعقار شئ ".
بل في كشف اللثام " قيل: العقار كل مال له أصل من دار أو ضيعة "
وبذلك كله يظهر لك قوة القول بالتعميم.
فما في النافع ومحكي المقنعة والسرائر - من الاختصاص بالدور والمساكن
اقتصارا في تخصيص عموم أدلة الإرث على المجمع عليه المتواتر به الأخبار (3)
كما عن السرائر - واضح الضعف، ضرورة عدم الالتزام بالمتيقن بعد
فرض تسليم كونه الدار والمسكن هنا مع قيام الدليل المعتبر على الأعم من
ذلك وإن كان ظنيا وآحادا والعام قطعي كتابي، كما هو محقق في محله.
فما عن المختلف - من أن قول شيخنا المفيد جيد لما فيه من تعليل
التخصيص، فإن القرآن دال على التوريث مطلقا، فالتخصيص مخالف،
فكل ما قل كان أولى - لا يخفى عليك ما فيه.
وأضعف منه ما عن المرتضى من أنها تحرم من عين الأرض دون
قيمتها جمعا بين أدلة الإرث وأدلة الحرمان مع حصول الغرض المذكور
في الأخبار (4) بالحرمان عن العين، نحو ما سمعته منه في أعيان الحبوة،
إذ هو مع إمكان دعوى سبقه بالاجماع ولحوقه به مناف لظاهر نفي إرثها
فيما هو كالمتواتر من النصوص التي بعضها صريح أو كالصريح في حرمانها
من نفس الأرض عينا وقيمة، من حيث ذكره لهما معا في الحرمان،

(1) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الأزواج - الحديث 7 - 10 - 0 -.
(2) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الأزواج - الحديث 7 - 10 - 0 -.
(3) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الأزواج - الحديث 7 - 10 - 0 -.
(4) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الأزواج - الحديث 2 و 3 و 7 و 9.
214

واقتصاره على إعطاء القيمة من البناء والخشب ونحوهما دونها، على أنه
جمع بما هو مناف لظاهر الدليلين من دون شاهد، فالتخصيص أرجح
منه بمراتب.
ومن الغريب ما عن المختلف من أن قول المرتضى (رحمه الله)
حسن لما فيه من الجمع بين عموم القرآن وخصوص الأخبار، لما عرفت
من عدم الحسن فيه، بل الانصاف أن قول ابن الجنيد على ضعفه خير منه.
اللهم إلا أن يدعى أن هذا الحرمان بمنزلة الاتلاف عليها الموجب
لضمان القيمة، كما يومئ إليه قيمة الآلات - كما ستعرفه فيما يأتي - وحديث
نفي الضرر والضرار (1) وقاعدة الجمع بين الحقين وغير ذلك، إلا أنه
هو أيضا كما ترى.
وعلى كل حال فلا ريب في أن القول الأول أظهر، وهو حرمانها
من مطلق الأرض عينا وقيمة دارا أو بستانا أو غيرهما مشغولة بزرع
أو غرس أو خالية، لما سمعته مفصلا.
نعم ترث القيمة خاصة من آلات البناء كالطوب والجذوع والخشب
والقصب والنقض بلا خلاف أجده فيه، بل الاجماع بقسميه عليه، للنصوص
المستفيضة أو المتواترة فيه.
بل في صحيح الأحول (2) منها إلحاق الشجر والنخل بذلك،
قال: " لا ترث النساء من العقار شيئا، ولهن قيمة البناء والشجر والنخل
ولا بأس به " وفاقا لصريح جماعة، بل ربما احتمل إمكان إرادتهما من
الآلات في نحو عبارة المتن واللمعة وغيرهما عملا بالصحيح المزبور الذي
به يحمل نفي إرثها من القرى والعقار الذي قد عرفت إرادة الضيعة منه

(1) الوسائل - الباب - 12 - من كتاب إحياء الموات.
(2) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الأزواج الحديث 16.
215

على عدم الإرث من عين ذلك كله أرضه وغيرها دون قيمة الشجر والنخل.
وطريق التقويم أن تقوم الآلات والشجر والنخل باقية في الأرض
إلى أن تفنى مجانا لأنها كانت فيها كذلك بحق، وتعطى حصتها من ذلك.
وربما احتمل ضعيفا أن تقوم باقية فيها بأجرة بناء على أنها لا ترث
من الأرض، فتكون في غير ملكها، فتكون بأجرة جمعا بين الحقين،
وهو مخالف لظاهر النصوص، خصوصا المشتملة على إرثها ذلك البناء
وقيمة البناء (1) الذي منه يعلم إرادة تقويم الآلات باقية على حالها
وبناءها وهيئتها، لا أن المراد تقويمها نفسها غير مبنية، كما عساه يتوهم من
قوله (عليه السلام): " قيمة الخشب والجذوع والقصب والطوب " (2).
وربما قيل في طريق التقويم أن تقوم الأرض مجردة عن البناء والغرس
وتقوم مبنية مغروسة فتعطى حصتها من تفاوت القيمتين، ومرجعه
إلى ما ذكرناه. ولعله حسن منه، إذ يمكن زيادة قيمة الأرض بملاحظة
ما فيها من الغرس والشجر والنخل، واستحقاقها لهذه الزيادة مناف
لما دل (3) على حرمانها من الأرض عينا وقيمة، فالأولى الاقتصار في
كيفية التقويم على ما ذكرناه.
وهل يجبر الوارث على التقويم أو تجبر هي على الرضا بالعين إذا
رضى الوارث؟ وجهان: إلا أنه اختار الأخير منهما بعض المتأخرين،
تمسكا بما عساه يظهر هنا من كون التقويم رخصة جبرا لحال الوارث
فهو كالأمر الوارد عقيب الحظر.
وفيه أنه مناف لما دل (4) على عدم إرثها من ذلك، ضرورة

(1) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الأزواج - الحديث 13 و 16.
(2) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الأزواج - الحديث 1 و 3.
(3) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الأزواج.
(4) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الأزواج.
216

ظهورها في أنه لا تملك شيئا من ذلك بالإرث، فلا مدخلية لرضا
الوارث فيه.
بل لعل الأول لا يخلو من قوة خصوصا بعد ملاحظة أنه كقيم
المتلفات باعتبار تنزيل حرمان الشارع لها من العين وتخصيص من عداها
بها منزلة إتلافه عليها، فيضمنون لها القيمة.
ومنه يعلم عدم بناء ذلك على المعاوضة، بمعنى عدم جواز تصرف
الوارث حتى يدفع القيمة، بل الظاهر ثبوت ذلك في ذمة الوارث من
غير فرق بين بذل الوارث العين وعدمه، ولا بين امتناعه من القيمة
وعدمه وإن كان مع الامتناع يبقى في ذمته إلى أن يتمكن الحاكم من إجباره
على أدائها أو البيع عليه قهرا كغيره من الممتنعين من أداء الحق، ولو
تعذر ذلك كله يبقى في ذمته إلى أن تتمكن الزوجة من تخليصه ولو
مقاصة، سواء في ذلك الحصة وغيرها.
ولو اجتمعت ذات الولد وغيرها وقلنا باختصاص الحرمان بالثانية
ورثت ذات الولد كمال الثمن في رقبة الأرض من غير مشاركة أحد من
الورثة معها، ومن دون دفع شئ إلى الثانية، وورثت أيضا كماله من
أعيان الآلات والشجر، لكن عليها للأخرى مثلا نصف ثمن قيمتها،
كما هو واضح.
ثم إنه لا يخفى عليك أن الموافق للعدل توزيع الدين والكفن ونحوهما
على مجموع التركة من غير ضرر على أحد من الورثة، فلا يدفع جميعه
من غير الأرض كي يلزم الضرر على الزوجة، ولا منها خاصة كي يلزم على
الورثة دونها، بل يوزع عليهما جميعا وإن كان العمل من جميع من عاصرناه
على خلاف ذلك.
وعلى كل حال فهل يدخل في الآلات الدولاب والمحالة والعريش
217

الذي يكون عليه أغصان الكرم ونحوها؟ وجهان، أقواهما دخول كل
ما يسمى من آلات البناء من غير فرق بين ما اتخذ السكنى وغيرها من
المصالح، كالرحى والحمام ومعصرة الزيت والسمسم والعنب والاصطبل
والمراح وغيرها، بل قد يدخل في وجه صفرية الحكام والمسبك
ونحوهما فيها.
أما القدر المثبتة في دكان ليصنع فيها الرؤوس والهريس ونحوهما فيمكن
عدم عدها في الآلات، فترث من عينها، كما أن الظاهر إرثها من آلات
البناء المهدومة من آجر ونحوه، لأذن المراد منها المثبتة دون المنقولة كما
عن الصيمري الاجماع عليه. نعم لو كانت مبنية فلها القيمة وإن كانت
مستعدة للهدم.
وكذا ما كان ثابتا من الغرس والنخل ونحوهما وإن انتهى عمره
واستعد للقطع على إشكال، ونحوه السعف اليابس وأغصان الشجرة اليابسة
ونحو ذلك مما صار حطبا إلا أنه متصل بأصله، ويحتمل إرثها من عين
ذلك كله اقتصارا في الخروج عن عموم الأدلة على المتيقن.
أما النخل الصغار المعد للقلع بل لا ينتفع به من دون قلع فالظاهر
استحقاقها القيمة منه، لصدق الشجر والنخل عليه.
نعم لو كان مقلوعا ورثت من عينه وإن كان معدا للغرس بخلاف
التمر ولو على الشجر والزرع وإن لم يستحصل، بل لو كان بذرا فإنها
ترث من عينه.
هذا ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالصلح ونحوه في جميع محال الشك
وربما كان منه بيوت القصب ونحوه مما يستعمله أهل القرى، فيمكن
حرمانها من العين فيها أيضا، ضرورة كونه كالدور المتخذة من الأخشاب
ويحتمل العدم.
218

وربما كان منه أيضا بعض ما يوضع في حجر الدار من المرآة ونحوها
للزينة.
وأما القنوات والعيون والآبار والأنهار ونحوها فلا ريب في إرثها
من قيمة الآلات إن كانت، ومن عين الماء الموجود حال الموت الذي
ملكه الميت قبل موته بخلاف المتجدد، فإنه ملك للوارث على الأصح وإن
قلنا: إنها ترث في حق الخيار مثلا لو كان في الأرض على معنى أن لها
الفسخ فترث من الثمن، كما أن للوارث فسخ الخيار لو فرض بيع الميت
أرضا كي يعود المال أرضا فلا ترث منه، والله العالم.
ثم إن الظاهر عدم الفرق في الولد بناء على التفصيل به بين الذكر
والأنثى والخنثى، بل يمكن إلحاق الحامل بها، فإنها وإن لم تكن ذات
ولد فعلا لكن قد عرفت سابقا إلحاقه به في الحكم، فيراعى حرمانها
وعدمه حينئذ بولادته حيا كما في إرثه وإرثها.
وولد الزنا منهما ليس ولدا شرعا بخلاف ولد الشبهة لهما، فلو أولدها
شبهة ثم تزوجها بعد ذلك ورثت من الجميع مع احتمال الاختصاص بذات
الولد من النكاح التي ترث به أو نظيره، فلو تمتعها حينئذ وأولدها ثم
تزوجها بعد ذلك حرمت، نعم لو تزوجها وأولدها ثم طلقها وبعد الخروج
من العدة تزوجها ورثت وإن لم يكن الولد من التزويج الثاني إلا أنه من
صنف الأول الذي ترث به، ولو كان ولد شبهة لها دونه لم تستحق به
على الظاهر، بل وكذا العكس في وجه، ولولا مخافة الاطناب المورث
للملل لاستوفينا الكلام فيما ذكرناه من فروع المسألة وغيره، لكن لعل في
ذلك الكفاية، والله الموفق والهادي.
219

المسألة * (السادسة:) *
* (نكاح المريض مشروط) * إرث الزوجة به * (بالدخول) *
أو البراءة من ذلك المرض * (فإن مات في مرضه ولم يدخل بطل العقد
ولا مهر لها ولا ميراث، وهي رواية زرارة عن أحدهما (عليهما السلام) (1)) *
" ليس للمريض أن يطلق، وله أن يتزوج، فإن هو تزوج ودخل بها
فهو جائز، وإن لم يدخل بها حتى مات في مرضه فنكاحه باطل ولا مهر
لها ولا ميراث ".
وفي صحيح عبيد ولده (2) " سألت أبا عبد الله (عليه السلام)
عن المريض أله أن يطلق؟ قال: لا، ولكن له أن يتزوج إن شاء،
فإن دخل بها ورثته، وإن لم يدخل بها فنكاحه باطل ".
كخبر أبي ولاد (3) سأله (ع) أيضا " عن رجل تزوج في مرضه،
فقال: إذا دخل بها فمات في مرضه ورثته، وإن لم يدخل بها لم ترثه،
ونكاحه باطل ".
لكن مع ذلك قد تشعر نسبته إلى الرواية في المتن وإلى الشهرة في
الدروس بنوع تردد فيه، ولم أجده لغيرهما عدا ما يحكى عن نصير الدين
من أنه قال بعد نقله ذلك: " وفيه كلام " بل ولا لهما في غير الكتابين
بل جزما به في النافع واللمعة المتأخرين عن الكتابين كباقي فتاوى الأصحاب.
نعم صرح بعضهم أن المراد ببطلان العقد في هذه النصوص عدم

(1) الوسائل - الباب - 18 - من أبواب ميراث الأزواج - الحديث 3 - 2 - 1.
(2) الوسائل - الباب - 18 - من أبواب ميراث الأزواج - الحديث 3 - 2 - 1.
(3) الوسائل - الباب - 18 - من أبواب ميراث الأزواج - الحديث 3 - 2 - 1.
220

لزومه على وجه يترتب عليه جميع أحكامه حتى بعد الموت من الميراث
والعدة، لا البطلان وعدم الصحة حقيقة، وإلا لزم عدم جواز وطئه
لها في المرض بذلك العقد، مع أن صدرها كغيرها من الأخبار الدالة
على جواز نكاح المريض (1) بقول مطلق يدل على خلافه.
بل زاد بعضهم أنه لو كان كذلك لزم الدور، ضرورة توقف
جواز الوطئ على الصحة، وهي متوقفة عليه.
وفيه أنه يمكن كون ذلك على جهة الكشف، بمعنى أنه إن حصل
الدخول علم صحة النكاح من أول الأمر وإلا انكشف فساده كذلك،
وله الوطئ بالعقد الصادر، لظاهر النصوص وغيرها.
ومنه حينئذ يعلم قوة القول بعدم الإرث لو ماتت هي في مرضه ثم
هو مات بعدها في ذلك المرض، لانكشاف فساد العقد بعدم الدخول
والموت في المرض وإن أشكل على جماعة ذلك مما ذكرناه ومن أن الحكم
على خلاف الأصول، فيقتصر فيه على مورده وهو موته، فيبطل حينئذ
من أحد الطرفين دون الآخر، ويتجه إرثه لها في الفرض.
وفيه أن المعلوم من قاعدة العقود كفاية البطلان من أحد الطرفين
في فسادها.
فما وقع من بعضهم - من الجزم بإرثه لها لما عرفت ولاحتمال الفرق بين
موته وموتها باحتمال كون الحكمة في وجه المنع عن الإرث مقابلة المريض بضد
قصده من الاضرار بالورثة بادخال الزوجة عليهم، وبعبارة أخرى كون
الحكمة مراعاة حال الورثة، وهي في الفرض الثاني مفقودة بل منعكسة، فينتفي
الحكم فيه بالصحة - لا يخفى عليك ما فيه، بل المتجه الجزم بعدم الإرث، لظاهر
النصوص المزبورة، وعدم العدة ونحوهما من الأحكام الثابتة للنكاح الصحيح.

(1) الوسائل - الباب - 21 - من أبواب أقسام الطلاق من كتاب الطلاق.
221

نعم ترثه ويرثها لو تزوجت هي مريضة وماتت قبل الدخول، لحرمة
القياس، فالعمومات حينئذ بحالها.
والمراد بالدخول معناه المتعارف لا مجرد اختلاطها معه وتمريضها إياه
كما عن بعضهم، فإنه تهجس بلا داع ولا شاهد، نعم لا فرق على
الظاهر بين القبل والدبر.
كما أن الظاهر جريان حكم التداعي فيما لو حصل الخلوة بها فادعت
هي الدخول وأنكره هو أو الوارث، بل لو قيل: أن القول قولها فيه
أمكن أن يكون ذلك بالنسبة إلى استحقاق المهر دون الإرث، فلاحظ
ما تقدم في النكاح (1) وتأمل.
وإن مات المريض في مرض آخر بعد برئه من المرض الأول أو
مات بعد الدخول فلا ريب في صحة العقد ولزومه وترتب أحكامه، عملا
بالعمومات وخصوص هذه الروايات جميعها في الفرض الثاني، وما قيد فيه
البطلان بالموت في مرضه منها في الأول، وبه يقيد الموت المطلق الموجب
للبطلان في الأخيرين، مع أن المتبادر منه فيهما المقيد خاصة.
بل لعل المتبادر الموت بذلك المرض، فلو فرض الموت بمرض
آخر أو فرض قتله أو نحو ذلك ورثته وإن كان قد مات قبل البرء من
مرضه، لكن الانصاف عدم خلوه من الاشكال الناشئ من احتمال السببية
في لفظ " في " والزمانية.
بل قد يستشكل أيضا في طول المرض بحيث بقي سنين، خصوصا
إذا كان يمشي به، وكذا لو كان مرضه شبه الأدوار ونحو ذلك من أقسام
المرض التي قد يتوقف في شمول إطلاق نصوص المقام لها على وجه يخصص
بها عمومات الكتاب والسنة، فتأمل جيدا، والله العالم.

(1) راجع ج 31 ص 76 - 79.
222

* (المقصد الثالث) *
* (في الميراث بالولاء) *
الذي هو أحد أسباب الإرث بعد فقد النسب إجماعا أو ضرورة
من المذهب بل الدين. * (وهو ثلاثة أقسام) * مترتبة:
* (الأول: ولاء العتق) *
والأصل فيه بعد الاجماع بقسميه السنة المستفيضة بل المتواترة من
طرق العامة (1) والخاصة (2) نعم * (إنما يرث المنعم) * به بشروط
ثلاثة: الأول * (إذا كان) * المعتق * (متبرعا) * بالعتق * (و) * الثاني
إذا * (لم يتبرأ من ضمان جريرته و) * الثالث إذا * (لم يكن للمعتق
وارث مناسب فلو) * كان قد * (أعتق في واجب كالكفارة والنذور
لم يثبت للمنعم ميراث) * لأنه سائبة حينئذ بلا خلاف أجده فيه، كما
اعترف به في محكي السرائر، بل عنها وعن الإنتصار والغنية الاجماع عليه.

(1) سنن البيهقي - ج 6 ص 240.
(2) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ميراث ولاء العتق.
223

وقال الصادق (عليه السلام) في خبر إسماعيل بن الفضل (1):
" إذا أعتق لله فهو مولى للذي أعتقه ".
وسأله (عليه السلام) الهاشمي (2) " عن الرجل إذا أعتق أله أن
يضع نفسه حيث شاء ويتولى من أحب؟ فقال: إذا أعتق لله فهو مولى
للذي أعتقه، وإذا أعتق وجعل سائبة فله أن يضع نفسه حيث شاء،
ويتولى من شاء ".
وسأل ابن أبي الأحوص (3) أبا جعفر (عليه السلام) " عن السائبة
فقال: انظر في القرآن فما كان فيه " فتحرير رقبة مؤمنة " (4) فتلك
يا عمار السائبة التي لا ولاء لأحد عليها إلا لله، فما كان ولاؤه لله فهو
لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وما كان ولاؤه لرسول الله (صلى الله
عليه وآله) فإن ولاؤه للإمام (عليه السلام) جنايته على الإمام وميراثه له ".
وسأله (ع) أيضا يزيد بن معاوية (5) " عن رجل كان عليه عتق رقبة
فمات قبل أن يعتق رقبة فانطلق ابنه فابتاع رجلا من كسبه فأعتقه عن
أبيه، وأن المعتق أصاب بعد ذلك مالا ثم مات وتركه لمن يكون ميراثه؟
قال: فقال: إن كانت الرقبة التي كانت على أبيه في ظهار أو شكر
واجب عليه فإن المعتق سائبة لا سبيل لأحد عليه، وإن كان توالى قبل

(1) الوسائل - الباب - 36 - من كتاب العتق - الحديث 1 والأول قطعة من الثاني وليس خبرا مستقلا.
(2) الوسائل - الباب - 36 - من كتاب العتق - الحديث 1 والأول قطعة من الثاني وليس خبرا مستقلا.
(3) الوسائل في الباب - 43 - من كتاب العتق - الحديث 1 والباب - 3 - من
أبواب ولاء ضمان الجريرة - الحديث 6 وفي الموردين " فتحرير رقبة " كما في الكافي
ج 7 ص 171.
(4) سورة النساء: 4 - الآية 92.
(5) الوسائل - الباب - 40 - من كتاب العتق - الحديث 2 عن بريد العجلي.
224

أن يموت إلى أحد من المسلمين فضمن جنايته وحدثه كان مولاه ووارثه
إن لم يكن له قريب يرثه، قال: وإن لم يكن توالى أحدا حتى مات
فإن ميراثه للإمام: إمام المسلمين إن لم يكن له قريب يرثه من المسلمين،
وإن كانت الرقبة على أبيه تطوعا وقد كان أبوه أمره أن يعتق عنه نسمة
فإن ولاء المعتق هو ميراث لجميع ولد الميت من الرجال، ويكون الذي
اشتراه وأعتقها عن أبيه كواحد من الورثة إذا لم يكن للمعتق قرابة من
المسلمين أحرار يرثونه، قال: وإن كان ابنه الذي اشترى الرقبة فأعتقها
عن أبيه تطوعا منه من غير أن يكون أبوه أمره بذلك فإن ولاءه وميراثه
للذي اشتراه من ماله فأعتقه عن أبيه إذا لم يكن للمعتق وارث من قرابته ".
فما عن المبسوط في فصل الكفارات من ثبوت الولاء على المعتق في
الكفارة واضح الضعف، بل في الدروس " الظاهر أن ذلك حكاية منه
لتصريحه قبله بعدمه " وإن دل عليه الصحيح (1) " عن الرجل يعتق الرجل
في كفارة يمين أو ظهار لمن يكون الولاء؟ قال: للذي يعتق " الواجب
طرحه أو حمله على ما إذا توالاه بعد العتق، أو على التقية، أو على من
يتبرع بذلك عن كفارة غيره إن قلنا يكون ذلك من التبرع كما ستعرف،
وحينئذ فلا اشكال بل ولا خلاف بناء على عدم تحقق ذلك عن الشيخ.
نعم في المحكي عنه وابن حمزة ثبوته على أم الولد لورثة مولاها بعد
انعتاقها من نصيب ولدها، بل نفى الخلاف عنه فيه، إلا أنه مع تبين
خلافه بمسير المشهور إلى ما عرفت معارض بما سمعت.
مضافا إلى عدم صدق الاعتاق الذي هو سبب للولاء، بل هو غير
صادق على سائر أفراد الانعتاق قهرا بالقرابة أو غيرها بعوض كان أو
بغيره، وسواء كان الدخول في الملك اختيارا أو اضطرارا، خلافا لهما

(1) الوسائل - الباب - 43 - من كتاب العتق - الحديث 5.
225

أيضا، فأوجبا الولاء لمن ملك أحد قرابته فانعتق عليه سواء ملكه اختيارا
أو اضطرارا، للموثق (1) " في رجل يملك ذا رحمه هل يصلح له أن
يبيعه ويستعبده؟ قال: لا يصلح أن يبيعه ولا يتخذه عبدا، وهو مولاه
وأخوه في الدين، وأيهما مات ورثه صاحبه إلا أن يكون وارث أقرب منه ".
وفيه أن الظاهر إرادة الإرث الحاصل بالقرابة دون الولاء من الإرث
فيه، ويؤيده الحكم فيه بالتوارث من الطرفين فلا حجة فيه لهما.
وكذا لو انعتق عليه بتنكيله إياه، بل لا أجد فيه خلافا كما اعترف
به في كشف اللثام لما عرفت من عدم اندراجه في المنساق من إطلاق
الاعتاق، بل لا يعد مولاه منعما عليه بذلك، مضافا إلى قول الباقر
(عليه السلام) في صحيح أبي بصير (2) " قضى أمير المؤمنين (عليه السلام)
في من نكل بمملوكه أنه حر ولا سبيل له عليه، سائبة يذهب فيتولى
إلى من أحب، فإذا ضمن جريرته فهو يرثه ".
هذا ويتصور الإرث بالولاء مع كون العتق بالقرابة واشتراط الإرث
به بعدم المناسب مطلقا فيما إذا كان صاحب الولاء غير مناسب للمعتق
أصلا مع كونه نازلا منزلة من كان العتق سبب قرابته، بأن يكون صاحب
الولاء قريبا لذلك القريب مع عدم قرابة للعتيق، وقد مات ذلك القريب
فصار قريبه الذي ليس من أقرباء العتيق صاحب الولاء، كما إذا اشترى
رجل أمه فانعتقت عليه فمات الرجل وكان له أخ من أبيه خاصة ولا وارث
للأم نسبا أصلا، فإن ولاء الأم للأخ حينئذ.
ويثبت الولاء على المدبر إجماعا في الدروس، لظهور اندراجه في
إطلاق الأدلة، بل والموصى بعتقه كذلك أيضا، واحتمال عدم الولاء له

(1) الوسائل - الباب - 13 - من كتاب العتق - الحديث 5.
(2) الوسائل - الباب - 22 - من كتاب العتق - الحديث 2.
226

لعدم جواز إحداثه له بعد موته كما لا يجوز إحداث نسب له بعيد يدفعه
- مضافا إلى خبر يزيد بن معاوية (1) السابق - أنه ليس إحداثا بعد الوصية
به، بل قد يمنع عدم جواز إحداثه له بعد موته فيما لو أعتق وصيه مثلا
من ثلثه عنه تطوعا.
وأما المكاتب فقد يقوى بملاحظة بعض النصوص السابقة عدم الولاء
عليه، لعدم صدق التبرع به وعدم صدق كون عتقه لله، بل هو كشراء
العبد نفسه بناء على جوازه.
بل في مرسل ابن أبي عمير (2) عن الصادق (عليه السلام) " في
رجل كاتب مملوكة واشترط عليها أن ميراثها له فرفع ذلك إلى
أمير المؤمنين (عليه السلام) فأبطل شرطه، وقال: شرط الله قبل
شرطك " عدم الولاء مع الشرط فضلا عن عدمه وإن كان قد يشكل
بعموم " المؤمنون " (3).
وخصوص مرسل أبان (4) عن الصادق (عليه السلام) " عن
المكاتب، فقال: يجوز عليه ما اشترطت عليه ".
وحسن محمد بن قيس (5) عن الباقر (عليه السلام) " وإن

(1) المتقدم في ص 224.
(2) الوسائل - الباب - 15 - من أبواب المكاتبة - الحديث 1 من كتاب التدبير
والمكاتبة عن ابن أبي عمير عن عمرو صاحب الكرابيس عن أبي عبد الله (عليه السلام).
(3) الوسائل - الباب - 20 - من أبواب المهور - الحديث 4 من كتاب النكاح.
(4) الوسائل - الباب - 4 - من أبواب المكاتبة - الحديث 4 من كتاب التدبير
والمكاتبة.
(5) الوسائل - الباب - 16 - من أبواب المكاتبة - الحديث 1 من كتاب التدبير
والمكاتبة.
227

اشترط السيد ولاء المكاتب فأقر الذي كوتب فله ولاؤه ".
وصحيحه (1) " قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في مكاتب
اشترط عليه ولاؤه إذا أعتق فنكح وليدة لرجل آخر، فولدت له ولدا
فحرر ولده، ثم توفي المكاتب، فورثه ولده فاحتقوا في ولده من يرثه؟
قال: فألحق ولده بموالي أبيه ".
وخبر ابن سنان (2) " قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في من
كاتب عبدا أن يشترط ولاؤه إذا كاتبه ".
ومن هنا كان المحكي عن الخلاف والايجاز والمبسوط والسرائر والوسيلة
والغنية والجامع والاصباح والتحرير ثبوته مع الشرط، وهو الأقوى،
لما عرفت مع إمكان حمل المرسل المزبور القاصر عن معارضة ذلك على
وجود القريب ونحوه مما لا يصح معه الشرط قطعا لا مطلقا.
بل لا يبعد ما عن المبسوط والخلاف والوسيلة والجامع من صحة
شرط الولاء على العبد الذي اشترى نفسه بناء على صحته وصيرورته
بذلك حرا لا ولاء لأحد عليه، للأصل وانتفاء التبرع بالعتق لعموم
" المؤمنون " (3) وكونه كالمكاتب.
وأما العبد المنذور عتقه فقد يقال بالولاء عليه لعموم " من أعتق
لله " (4) وغيره كما عن الشيخ، ويحتمل العدم، لكونه من الواجب
الذي ينتفي معه صدق التبرع، إذ هو حينئذ كمن كان عليه نذر عتق
ثم اختار عبدا مخصوصا فأعتقه عن نذره.

(1) الوسائل - الباب - 16 - من أبواب المكاتبة - الحديث 2 من كتاب التدبير والمكاتبة.
(2) الوسائل - الباب - 43 - من كتاب العتق - الحديث 3.
(3) الوسائل - الباب - 20 - من أبواب المهور - الحديث 4 من كتاب النكاح.
(4) الوسائل - الباب - 36 - من كتاب العتق - الحديث 1 وفيه " إذا أعتق لله ".
228

ودعوى التزام الولاء في هذا أيضا كما ترى، بل خبر يزيد بن
معاوية (1) كالصريح في فسادها. بل قد يستفاد من صدره عدم الولاء
لمن تبرع بالعتق عن غيره وكان واجبا على الغير، ولعله لصدق عدم
التبرع به المأخوذ فيه المجانية.
خلافا لظاهر المحكي عن الشيخ أيضا، وإن كان هو لا يخلو من وجه
أيضا، بل ربما ظهر من الرياض كونه مفروغا منه ناسبا له إلى دلالة
بعض الصحاح، لكن لا يخفى عليك ما فيه.
وكيف كان فيثبت الولاء للكافر ولو على مسلم، لاطلاق الأدلة
لكن إرثه مشروط باسلامه أو إسلام من ينتقل إليه، ولو مات عتيق
الكافر وهو حي والعتيق مسلم كان ولاؤه للإمام (عليه السلام).
ولو كان للكافر ولد مسلم أو قريب ففي الدروس في إرثه هنا نظر
من أنه لحمة كلحمة النسب، ومن فقد شرط الانتقال.
قلت: لعل الأقوى الأول، لاطلاق الأدلة، وتنزيل الكافر منزلة
العدم الذي هو شرط الانتقال.
* (و) * أما الشرط الثاني ف‍ * (كذلك) * لا خلاف أجده في
اعتباره، بل عن الخلاف الاجماع عليه، ف‍ * (لو تبرع) * المولى بالعتق
* (واشترط سقوط الضمان) * لم يرثه * (و) * إن لم يصرح في التبري
بعدمه، للمعتبرة الصريحة في ذلك، كالخبر (2) القريب من الصحيح
" عن السائبة، فقال: الرجل يعتق غلامه ثم يقول اذهب حيث شئت
ليس لي من ميراثك شئ ولا علي من جريرتك شئ، ويشهد على
ذلك " وغيره.

(1) المتقدم في ص 224.
(2) الوسائل - الباب - 43 - من كتاب العتق - الحديث 2.
229

نعم * (هل يشترط في سقوطه) * أي الضمان * (الاشهاد بالبراءة؟
الوجه) * أنه * (لا) * يشترط وفاقا للمحكي عن الأكثر، للأصل بعد
انسياق الإرشاد من الأمر بالاشهاد في الخبر المزبور (1) وغيره بملاحظة
نظائره وإن دخل في تعريف السائبة ظاهرا في هذا الخبر، لكن قد يراد
منه تأكد الارشاد إلى ذلك.
فما عن النهاية والسرائر والجامع من اشتراطه فيه كالطلاق ضعيف.
وهل يسقط التبري بعد العتق للولاء أم لا، بل لا بد منه حينه؟
وجهان، ظاهر المحكي عن الأكثر وصريح الفاضل في التحرير والشهيد
في الدروس الثاني اقتصارا في الخروج عن عموم " الولاء لمن أعتق " (2)
على المتيقن، وهو التبري حال الاعتاق الذي يكون بذلك كالشرط
في العتق.
لكن في الرياض هو حسن لولا إطلاق التبري فيما مر من النص (3)
المحتمل لوقوعه حال الاعتاق وبعده، سيما مع عطف التبري بثم في الكافي
والفقيه، وهي حقيقة في التراخي.
وفيه منه الاطلاق المزبور على وجه يتناول التبري بعد العتق بمدة،
و " ثم " للترتيب الذكري، وإلا لكان التراخي معتبرا في السائبة، وهو
معلوم العدم، ويمكن أن يكون ذلك من الراوي، بقرينة كون الموجود
في المحكي من نسخة التهذيب (4) والاستبصار (5) الواو بدل " ثم ".

(1) الوسائل - الباب - 43 - من كتاب العتق - الحديث 4 - 2.
(2) الوسائل - الباب - 35 - من كتاب العتق.
(3) الوسائل - الباب - 43 - من كتاب العتق - الحديث 4 - 2.
(4) ج 8 ص 256 الرقم 929.
(5) ج 4 ص 26 - الرقم 84.
230

وعلى كل حال فقد ظهر لك أن السائبة من لم يتبرع (1) بعتقه
بل كان في كفارة ونحوها والمتبرأ من ضمانه.
* (و) * كذا * (لو نكل به فالعتق) * بل قد عرفت أن كل
من العتق قهرا * (كان سائبة) * لما تقدم.
* (و) * أما الشرط الثالث فلا خلاف ولا إشكال في اعتباره،
ضرورة أن الإرث بالولاء بعد فقد النسب إجماعا بقسميه وكتابا (2)
وسنة (3) متواترة أو قريبة من ذلك.
وحينئذ ف‍ * (لو كان للمعتق) * بالفتح * (وارث مناسب قريبا
كان أو بعيدا ذا فرض أو غيره لم يرث المنعم) * لأذن " أولي الأرحام
بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " (4) وفي الصحيح (5) " قضى أمير المؤمنين
(عليه السلام) في خالة جاءت تخاصم مولى رجل مات فقرأ هذه الآية
ودفع الميراث إلى الخالة ولم يعط المولى شيئا ".
* (أما لو كان) * له وارث سببي ك‍ * (زوج أو زوجة) * لم يمنع
المنعم بل * (كان سهم الزوجية) * الربع أو النصف * (لصاحبه والباقي
للمنعم أو من يقوم مقامه مع عدمه) * كما هو واضح.
ولو أعتق عبد ولم يعلم كونه سائبة أو لا فالظاهر كون ولائه
للإمام (عليه السلام) لأن الشك في الشرط شك في المشروط، واحتمال

(1) وفي النسخة الأصلية المبيضة " من يتبرع " والصحيح ما أثبتناه كما في النسخة المخطوطة
بقلمه الشريف (قده).
(2) سورة الأنفال: 8 - الآية 75 وسورة الأحزاب: 33 - الآية 6.
(3) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث ولاء العتق - الحديث 0 - 3.
(4) إشارة إلى الآية الكريمة في سورة الأنفال: 8 الآية 75 وسورة الأحزاب: 33 -
لآية 6.
(5) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث ولاء العتق - الحديث 0 - 3.
231

التمسك بظاهر قوله (صلى الله عليه وآله) (1): " الولاء لمن أعتق "
بعد العلم باشتراطه بما عرفت لا وجه له. نعم يتم ذلك لو كانت الأمور
المزبورة من الموانع التي يمكن نفيها بالأصل.
* (و) * من هنا قال المصنف وغيره: * (إذا اجتمعت الشروط
ورثه المنعم إن كان واحدا، وإن كانوا أكثر فهم شركاء في الولاء
ب‍) * مقدار شركتهم في * (الحصص رجالا كان المعتقون أو نساء أو رجالا
ونساء) * بلا خلاف أجده في شئ من ذلك ولا إشكال.
* (ولو عدم المنعم قال ابن بابويه: يكون الولاء للأولاد الذكور
والإناث) * سواء كان رجلا أو امرأة، بل في اللمعة أنه المشهور وإن
كنا لم نعرفه لغير الصدوق كما اعترف به في الروضة. نعم حكاه في
كشف اللثام عن السرائر أيضا، كما أنه في الدروس عن الحسن أن الولاء
لأولاد المرأة مطلقا، وعن المبسوط أن وارثه وارث المال حتى قرابة الأم.
وعلى كل حال فالوجه فيه أنه من الحقوق الموروثة المندرجة تحت
عموم أدلته الشاملة للذكر والأنثى، أو أنه لحمة كلحمة النسب، والذكور
والإناث يشتركون في إرث النسب، فيكون ذلك في الولاء أيضا.
مضافا إلى ما في موثق عبد الرحمان بن الحجاج (2) من أنه " مات
مولى لحمزة بن عبد المطلب فدفع رسول الله (صلى الله عليه وآله)
ميراثه إلى بنت حمزة " الدال على بعض المدعى وقول (3) أمير المؤمنين
(عليه السلام): " يرث الولاء من يرث المال ".
ولعله لذا قال في المتن * (وهو حسن) * لكن فيه أنه مخالف

(1) الوسائل - الباب - 35 - من كتاب العتق - الحديث 1.
(2) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث ولاء العتق - الحديث 10.
(3) دعائم الاسلام ج 2 ص 316 وفيه " يرث الولاء من يرث الميراث ".
232

لصريح النصوص (1) التي تسمعها خصوصا في الامرأة * (ومثله في) * محكي
* (الخلاف) * والاستبصار إلا أنه قال: * (إن كان) * المنعم * (رجلا) *
واستدل على استثناء المرأة بالاجماع، وتبعه في الدروس ومحكي السرائر وإن
كنا لم نتحققه، لكن فيه أنه مخالف أيضا للنصوص (2) الدالة على
تخصيصه بالذكور وإن كان المنعم رجلا.
* (و) * لذا * (قال المفيد: الولاء للأولاد الذكور دون الإناث
رجلا كان المنعم أو امرأة) * وتبعه في محكي الغنية والاصباح، لقول
الباقر (عليه السلام) في صحيح محمد بن قيس (3): " قضى علي في
رجل حرر رجلا فاشترط ولاءه، فتوفي الذي أعتق وليس له ولد إلا
النساء، ثم توفي المولى وترك مالا وله عصبة فاحتق في ميراثه بنات مولاه
والعصبة فقضى بميراثه للعصبة الذين يعقلون عنه إذا أحدث حدثا يكون
فيه عقل ".
ومكاتبة محمد بن عمر (4) لأبي جعفر (عليه السلام) " عن رجل
مات وكان مولى لرجل وقد مات مولاه قبله وللمولى ابن وبنات لمن
ميراث المولى؟ فقال: هو للرجال دون النساء ".
وقول الصادق (عليه السلام) في حسن يزيد بن معاوية (5):

(1) الوسائل - الباب - 39 - من كتاب العتق.
(2) الوسائل - الباب - 40 - من كتاب العتق - الحديث 2 والباب - 1 - من
أبواب ميراث ولاء العتق - الحديث 18.
(3) الوسائل - الباب - 40 - من كتاب العتق - الحديث 1 - 2 والثاني عن بريد العجلي.
(4) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث ولاء العتق - الحديث 18 وفيه
" كتب إلى أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) ولكن في التهذيب ج 9 ص 397 -
الرقم 1419 " كتب إلى أبي جعفر (عليه السلام) ".
(5) الوسائل - الباب - 40 - من كتاب العتق - الحديث 1 - 2 والثاني عن بريد العجلي.
233

" وإن كانت الرقبة على أبيه تطوعا وقد كان أبوه أمره أن يعتق عنه
نسمة فإن ولاء المعتق هو ميراث لجميع ولد الميت من الرجال ".
لكن فيه أن الصحيح الأول أخص من المدعى أولا كالأخيرين،
وخارج عما نحن فيه ثانيا، ضرورة ظهوره في كون الاحتقاق - أي
التخاصم - بين بنات المولى وعصبة المعتق، ولا ريب في تقديم عصبته
عليهن، لأذن الإرث بالولاء إذا لم يكن وارث بالنسب.
اللهم إلا أن يكون بقرينة فهم الأصحاب ومعلومية تقديم النسب على
الولاء - فلا يحسن التخاصم بين عصبة العتيق وبنات المعتق - يتعين إرادة الذي أعتق
من الضمير، وعلى كل حال فليس في أدلته ما يقضي بإرث الأولاد الذكور.
* (و) * من هنا كان الأقوى ما * (قال‍) * ه * (الشيخ في
النهاية) * وجماعة، بل قيل هو المشهور من أنه * (يكون) * الولاء
* (للأولاد الذكور دون الإناث إن كان المعتق رجلا) * للنصوص المزبورة
* (ولو كان امرأة كان الولاء لعصبتها، و) * ذلك لأنه * (بقوله تشهد
الروايات) * التي تقدم منها ما يدل على الأول منه.
وأما الثاني فالصحاح (منها) " قضى أمير المؤمنين (عليه السلام)
على امرأة أعتقت رجلا واشترطت ولاءه ولها ابن فألحق ولاءه لعصبتها
الذين يعقلون عنها دون ولدها " (1).
و (منها) صحيح يعقوب بن شعيب (2) سأل الصادق (عليه
السلام) " عن امرأة أعتقت مملوكا ثم ماتت، قال: يرجع الولاء إلى
بني أبيها ".

(1) الوسائل - الباب - 39 - من كتاب العتق - الحديث 1 - 2.
(2) الوسائل - الباب - 39 - من كتاب العتق - الحديث 1 - 2.
234

و (منها) صحيح أبي ولاد (1) " سأله عن رجل أعتق جارية
صغيرة لم تدرك وكانت أمه قبل أن تموت سألته أن يعتق عنها رقبة من
ماله فاشتراها هو فأعتقها بعد ما ماتت أمه، لمن يكون ولاء العتق؟
قال: يكون ولاؤها لأقرباء أمه من قبل أبيها، ويكون نفقتها عليهم
حتى تدرك وتستغني، قال: ولا يكون للذي أعتقها عن أمه من ولائها شئ ":.
ولا معارض لها مع كثرتها واشتهارها ونفي الخلاف عنها في محكي
الاستبصار والخلاف، بل في الأخير عن السرائر الاجماع عليها، فيجب
الخروج عن خبر اللحمة (2) وإطلاق أدلة الإرث ببعض ذلك فضلا
عن جميعه.
على أن المراد من خبر اللحمة عدم البيع والهبة، كما يشعر به قول
النبي (صلى الله عليه وآله) (3): " الولاء لحمة كلحمة النسب لا تباع
ولا توهب " فلا إشكال حينئذ في إرث عصبة المعتقة دون أولادها.
بل ولا إشكال في الأول أيضا وإن كان يعارضه موثق عبد الرحمان (4)
إلا أنه مع اتحاده وكونه موثقا أو مرسلا وعدم صراحته - لاحتمال دفع
ذلك من النبي (صلى الله عليه وآله) الذي هو أحد عصبة حمزة وأولى
بالمؤمنين من أنفسهم وبرضا غيره وكونه مملوكا أو سائبة ميراثه للنبي
(صلى الله عليه وآله) - غير مقاوم وإن كان هو مخالفا للعامة، بخلاف
الصحاح السابقة التي يبعد خفاء خروجها مخرج التقية على أساطين الأصحاب
والرواة الذين كانوا إذا سمع أحدهم قولا منه لآخر قال: أعطاك من
جراب النورة، والله العالم.

(1) الوسائل - الباب - 39 - من كتاب العتق - الحديث 3.
(2) الوسائل - الباب - 42 - من كتاب العتق - الحديث 2.
(3) الوسائل - الباب - 42 - من كتاب العتق - الحديث 2.
(4) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث ولاء العتق - الحديث 10.
235

* (و) * كيف كان ف‍ * (يرث الولاء الأبوان) * للمنعم
* (والأولاد) * أي يقومون مقامه في أرث العبد عند موته لا أن المراد
إرثهم الولاء من المنعم عند فقده، لأذن التحقيق عدم كونه من الحقوق
الموروثة، وفاقا لصريح جماعة، بل عن الشيخ الاجماع عليه تارة، ونفي
الخلاف أخرى، لأنه لحمة كلحمة النسب الذي هو غير موروث، ولعدم
تصور انتقال حق النعمة الحاصلة للمنعم بالعتق، ولثبوته في العتق عن
الميت الذي أوصى بالعتق، ولا يتصور الإرث للحاصل بعد الموت،
ولأنه لو كان موروثا على الكيفية التي ذكرنا لكان منافيا لآية أولي
الأرحام (1) التي قد سمعت الانكار بها على مخالفينا في تقديمهم العصبة
على البنات، وليس كذلك إذا كان يورث به.
ومن ذلك يعلم وجوب إرادة الانتقال كالميراث من الموروث في
حسن بريد (2) السابق، كما أنه يعلم عدم ظهور المتن والنافع وغيرهما في
ذلك، ودعوى كونه خلاف ظاهر العبارة يدفعها وقوعها ممن صرح بعدم
كونه موروثا، كالفاضل في القواعد.
فمن الغريب اختياره في الرياض له مستدلا عليه بحسن بريد السابق (3)
وبالصحاح السابقة المتضمنة لكون الولاء للعصبة في الامرأة (4) ثم قال:
" والعجب من الأصحاب عدم استدلالهم بها له " والعجب من عجبه،
ضرورة عدم دلالة فيها، وإنما في بعضها (5) كونه للعصبة، وهو أعم
من كونه موروثا أو يورث به.
ودعوى ظهور كونه لهم في الإرث ممنوعة، خصوصا والفرض

(1) سورة الأنفال: 8 - الآية 75 وسورة الأحزاب: 33 - الآية 6.
(2) الوسائل - الباب - 40 - من كتاب العتق - الحديث 2.
(3) الوسائل - الباب - 40 - من كتاب العتق - الحديث 2.
(4) الوسائل - الباب - 39 - من كتاب العتق - الحديث 0 - 1.
(5) الوسائل - الباب - 39 - من كتاب العتق - الحديث 0 - 1.
236

حصول العتق عنها بعد موتها الذي لا يتصور ملكها له كي ينتقل إلى الوارث.
وكونه كصيد الشبكة وكالدية واضح المنع بعد بطلان القياس لو
سلمنا الحكم في المقيس عليه.
وكيف كان فلا ريب في أن الأقوى كونه يورث به لا يورث،
بل لم أجد مصرحا بذلك غيره.
وأما عبارة المصنف (رحمه الله) فالظاهر منها ما قلناه، كما يشهد
له وقوعها من العلامة (رحمه الله) بعد تصريحه بكونه يورث به لا يورث
وما ذاك إلا لمعروفية كون المراد قيامهم مقامه عند عدمه.
وتظهر الفائدة في مقامات عديدة: منها ما لو مات المنعم قبل
العتيق وخلف وارثا غير الوارث عند موت العتيق، مثل ما لو مات
عن ولدين ثم مات أحدهما عن أولاد ثم المعتق، فعلى المختار يختص الولاء
بالولد الباقي، وعلى الآخر يشاركه أولاد الابن الآخر، لانتقال حصة
أبيهم إليهم، وقد أطنب العلامة (رحمه الله) في القواعد في التفريع على
ذلك وعلى إرث البنات له بما هو ظاهر لمن أحكم الأصل.
وعلى كل حال فشركة الأبوين مع الأولاد إنما هي في الرجل خاصة
لما عرفته من أن المختار كون الولاء في الامرأة بعد موتها لعصبتها دون
الأولاد، واحتمال أن الأولاد والأب منها مناف لما تقدم من الفرق بينها
وبين الرجل بذلك.
نعم قد يحتمل كونه للأب، لعدم الدليل على نفيه بخلاف الأولاد
إلا أن قوله (عليه السلام) (1) " بني أبيها " و " قرابتها من قبل
أبيها " (2) ينفيه أيضا، بل قوله (عليه السلام): " عصبتها " (3)
كذلك أيضا بناء على عدم كون الأب منها.

(1) الوسائل - الباب - 39 - من كتاب العتق - الحديث 2 - 3 - 1.
(2) الوسائل - الباب - 39 - من كتاب العتق - الحديث 2 - 3 - 1.
(3) الوسائل - الباب - 39 - من كتاب العتق - الحديث 2 - 3 - 1.
237

وحينئذ يكون الولاء في المرأة بعد فقدها لعصبتها وإن وجد الأب
والأولاد، إلا أنه يبعده إرث المتقرب به كالأخ والعم دونه، فيمكن
إرادة الأب ومن يتقرب به حينئذ من النصوص، ويقتصر في الخارج
على الأولاد.
ومن الغريب عدم تنقيح ذلك في كلمات الأصحاب، كعدم تنقيح
العاقلة للعتيق في محله أيضا وأن الإرث هل يدور مدار العقل هنا كما هو
مقتضى الصحيح (1) السابق أو لا؟ وعلى الأول يشكل إرث الأب
والأولاد بناء على أن العصبة هي العاقلة وهم ليسوا منهم، كل ذلك غير
منقح في كلامهم.
وعلى كل حال فالمراد من إطلاق المصنف (رحمه الله) وغيره
التعريض بابن الجنيد القائل باختصاص الابن في الولاء حيث يكون له،
كما فيما لو كان المعتق رجلا، ضرورة كونهما من طبقة واحدة، ولأنه
كلحمة النسب، وحسن بريد (2) لا يراد منه الحصر بالنسبة إلى الأب.
نعم قد يشكل مشاركة الأم بظهور النصوص خصوصا المكاتبة (3)
السابقة في أن الإرث بالولاء للذكور دون الإناث، ولذا حرمت البنات
منه، بل في حرمانهن إيماء إلى حرمانها.
والمرسل عن أمير المؤمنين (عليه السلام) (4) " يرث الولاء من يرث
الميراث " بعد الغض عن إرساله منزل على إرادة بيان ترتبه.
بل لعل خبر اللحمة (5) لا إطلاق فيه على وجه يشمل ذلك، خصوصا

(1) الوسائل - الباب - 40 - من كتاب العتق الحديث 1 - 2
(2) الوسائل - الباب - 40 - من كتاب العتق الحديث 1 - 2
(3) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث ولاء العتق - الحديث 18.
(4) دعائم الاسلام - ج 2 ص 316.
(5) الوسائل - الباب - 42 - من كتاب العتق - الحديث 2.
238

بعد ما ذكرناه من ظهور قوله (صلى الله عليه وآله) فيه متصلا به:
" لا يباع ولا يوهب " إلى آخره.
على أنه هو وغيره يخرج عنه بما عرفته من ظهور النصوص في
اختصاصه بالذكور، فما في الرياض من دعوى الشهرة على إرثها لم
نتحققه، وعلى تقديره فالمتبع الدليل لا هي.
* (و) * كيف كان ف‍ * (مع الانفراد) * أي انفراد الأبوين
والأولاد عن قريب للمعتق * (لا يشاركهما أحد من الأقارب) * وكذا
بعضهم، لمعلومية ترتب الإرث بالولاء كالنسب بلا خلاف أجده فيه،
بل الاجماع على الظاهر عليه، بل قد عرفت إرادته من مرسل أمير المؤمنين
(عليه السلام) (1) كاحتماله في خبر اللحمة (2) مضافا إلى ظهور حسن
يزيد (3) في الفرض.
* (و) حينئذ ف‍ * (يقوم أولاد الأولاد) * الذكور منهم
* (مقام آبائهم عند عدمهم، ويأخذ كل منهم نصيب من يتقرب به
كالميراث في غير الولاء) * فلو خلف أحدهم مثلا واحدا والثاني عشرة
كان الميراث بينهم نصفين.
* (ومع عدم الأبوين والولد ترثه الإخوة) * الذين هم الطبقة الثانية
لكن الظاهر هنا مشاركة المتقرب بالأب وحده المتقرب بالأبوين كما صرح
به في الروضة، لما عرفت من عدم مدخلية قربها، لأذن الإرث بالولاء
للذكور خاصة.
ومنه يعلم ما في قوله: * (وهل ترث الأخوات؟ على تردد، أظهره) *

(1) دعائم الاسلام - ج 2 ص 316.
(2) الوسائل - 42 - من كتاب العتق - الحديث 2.
(3) الوسائل - الباب - 40 - من كتاب العتق - الحديث 2 عن بريد العجلي.
239

كما عن المبسوط والخلاف * (نعم لأذن الولاء كلحمة النسب و) * قد سمعت ما فيه.
نعم * (تشترك الإخوة والأجداد) * خلافا للإسكافي، فجعل الجد
أولى، وهو شاذ ضعيف، بل لعل الأخ أدخل في الحكم لأنه من العاقلة
اتفاقا بخلافه، فإن فيه خلافا * (و) * أما * (الجدات) * فقد عرفت
أن الأقوى عدم إرثهن لما سمعت.
* (ومع عدمهم) * فالولاء * (للأعمام، و) * أما * (العمات) *
فلا يرثن منه شيئا لما عرفت * (و) * يقوم * (بنوهم) * مقامهم مع
عدمهم كالأخوة. * (و) * حينئذ ف‍ * (يترتبون الأقرب فالأقرب) *
في التعصيب بلا خلاف أجده فيه، بل الاجماع ظاهرا عليه.
ومن الغريب ما في المسالك من موافقته هنا على عدم إرث الإناث
من الأخوات والعمات والجدات ومخالفته في الأم، فجعلها وارثة كالأب
مع عدم دليل يخصها، كما لا يخفى على من لاحظ النصوص (1) السابقة
الصريحة والظاهرة في أن الإرث به ليس إلا للرجال خاصة.
* (و) * من هنا * (لا يرث الولاء من يتقرب بالأم من الإخوة
والأخوات والأخوال والخالات والأجداد والجدات) * بل مثله يرد على
المصنف أيضا، ضرورة عدم دليل يصلح للفرق بين الأم والأخوات
والجدات والعمات التي حكم بإرثهن وبين من تقرب بها من أولئك، فالأصح
حينئذ بناء على ما عرفت عدم إرث إحدى النساء له من غير فرق بين
من كان متقربا بالأب منهن ومن كان متقربا بالأم، لاختصاص الإرث
به بالذكور دون الإناث، بل الذكور المتقربون بهن مثلهن في عدم الإرث
وإن كن من قبل الأب.

(1) الوسائل - الباب - 40 - من كتاب العتق - الحديث 2 والباب - 1 - من أبواب
ميراث ولاء العتق - الحديث 18.
240

* (و) * كيف كان ف‍ * (مع عدم قرابة المنعم يرثه مولى
المولى) * لأنه هو المنعم * (فإن عدم فقرابة مولى المولى لأبيه دون أمه) *
على حسب ما عرفته المولى من إرث الأب والأولاد ثم الإخوة والأجداد
ثم الأعمام في الرجل، والعصبة أولا في الامرأة، ضرورة كونه مولى أقصاه
أنه بعيد، فمع فرض عدم قريب يحجبه كان كالقريب في جميع الأحكام
السابقة.
وعلى ذلك يحمل خبر الحسن (1) قال: " كتبت إلى أبي جعفر
(عليه السلام) الرجل يموت ولا وارث له إلا مواليه الذين أعتقوه هل
يرثونه ولمن ميراثه؟ فكتب (عليه السلام) لمولاه الأعلى ".
وما في الوافي - من تفسيره بأنه إذا ترتب المعتقون بأن أعتق رجل
عبدا ثم أعتق العبد المعتق عبدا وهكذا ثم مات العبد المعتق الأخير فميراثه
للمولى الأول - يمكن دعوى الاجماع على خلافه.
كما أن الاجماع متحقق على الظاهر على تقديم مولى المولى على معتق
الأب، لكونه من مباشري العتق الذين لهم الولاء بخلاف معتقي الأب، نعم
لو عدم مولى المولى فلمعتق الأب مثلا ثم لقرابته وهكذا، لكونه حينئذ
هو أقرب الناس في الأنعام باعتبار إنعامه على الأب، فإن عدموا أجمع
فلضامن الجريرة ثم للإمام (عليه السلام).
لكن المصنف وغيره اقتصروا على موالي المولى، وظاهرهم عدم طبقة
أخرى. ولعله لأذن معتق الأب إن أريد به من كان سببا في حرية الولد
باعتبار عتق أبيه فلا ريب حينئذ في أن معتق الأب هو المولى، ولا يتصور
شركة المولى كي يكون طبقات مترتبة، ضرورة فرض كون الولد حرا
يعتق أبيه؟.

(1) الوسائل - الباب - 35 - من كتاب العتق - الحديث 4.
241

وإن أريد به من لم يكن كذلك كما لو فرض كون الولد حرا ولم
ينتفع بحرية أبيه فقد يمنع كونه وارثا حينئذ لعدم كونه من الموالي، بل
ينتقل الإرث إلى الضامن ثم إلى الإمام (عليه السلام) فإن مجرد كونه
مولى أب لا يحقق النعمة مع فرض حصول الأنعام من غيره.
اللهم إلا أن يقال: إنه يصدق عليه أنه ولد معتقه فيشمله الأدلة
السابقة، بل ستسمع في المسألة الرابعة تصريح المصنف بثبوت الولاء لمولى
عصبة الأب فضلا عن الأب، فلا يكون حينئذ تركه لذلك، نعم قد
يشكل دليله.
ومن هنا قال بعضهم: إنه لا نص لهم على ما ذكروه من مراتب
الولاء وجره، إلا أنك ستعرف ما فيه، مضافا إلى صدق كونهم مولى لهم
عرفا ولحوقهم بهم، كما لا يخفى فتأمل جيدا، والله العالم.
* (و) * كيف كان ف‍ * (المنعم لا يرثه المعتق) * بالفتح بحال
للأصل وغيره، ولأن الولاء عليه للنعمة عليه، وهي مفقودة منه بالنسبة
إليه، فيكون قوله (صلى الله عليه وآله) (1): " الولاء لحمة " إلى
آخره بالنسبة للمولى خاصة باعتبار إنعامه، ومن هنا كان المشهور بين
الأصحاب ذلك، بل عن الشيخ (رحمه الله) الاجماع عليه، بل يمكن
القطع به، خصوصا بملاحظة قوله (صلى الله عليه وآله) (2): " الولاء
لمن أعتق " ونحوه.
فما عن ابني الجنيد وبابويه من أنه يرثه مع فقد وارث له لخبر
اللحمة (3) واضح الضعف بل الفساد.
* (و) * حينئذ ف‍ * (لو لم يخلف وارثا و) * لو مولى أو

(1) الوسائل - الباب - 42 - من كتاب العتق - الحديث 2.
(2) الوسائل - الباب 37 - من كتاب العتق - الحديث 1.
(3) الوسائل - الباب - 42 - من كتاب العتق - الحديث 2.
242

ضامن جريرة * (يكون ميراثه للإمام (عليه السلام)) * الذي هو
وارث من لا وارث له * (دون المحرر) * العتيق، كما هو واضح.
* (ولا يصح بيع الولاء ولا هبته ولا اشتراطه في بيع) * بلا خلاف
أجده فيه، بل الاجماع بقسميه عليه، والنصوص (1) دالة عليه
صريحا وظاهرا.
نعم قد يقال بصحة اشتراط عدمه في البيع مثلا، لأذن له طريقا
إلى ذلك، بأن يتبرأ من ضمانه إذا أراد عتقه، بل لو قلنا بصحة البراءة
بعد العتق أمكن حينئذ اشتراط اسقاطه في عقد من العقود بعد ثبوته
فضلا عن اشتراط عدم الولاء عليه من أول الأمر وخبر بريرة (2) وقوله
(صلى الله عليه وآله) (3): " الولاء لمن أعتق " لا ينافي ذلك،
والله العالم.
* (مسائل ثمان:) *
* (الأولى:) *
* (ميراث ولد المعتقة) * قبل عتقها أو بعد حملها ولم يتبعها الحمل
أو اشترط الرقية بناء على جوازه * (لمن أعتقهم ولو) * كان إعتاقهم
بأن * (أعتقوا حملا مع أمهم، ولا ينجر ولاؤهم) * هنا إجماعا للأصل

(1) الوسائل - الباب - 42 - من كتاب العتق.
(2) الوسائل - الباب - 37 - من كتاب العتق - الحديث 2 - 1.
(3) الوسائل - الباب - 37 - من كتاب العتق - الحديث 2 - 1.
243

* (و) * غيره نعم * (لو حملت بهم بعد العتق كان ولاؤهم لمولى أمهم
إذا كان أبوهم رقا) * لأنه هو المنعم عليهم باعتاق أمهم الذي صار سببا
لحريتهم بالتبعية لأشرف الأبوين.
مضافا إلى الصحاح (منها) " عن رجل اشترى عبدا له أولاد من
امرأة حرة فأعتقه، قال: ولاء ولده لمن أعتقه " (1).
و (منها) " في العبد يكون تحته الحرة، قال: ولده أحرار
فإن أعتق المملوك لحق بأبيه " (2).
و (منها) صحيح محمد بن قيس (3) " قضى أمير المؤمنين
(عليه السلام) في مكاتب اشترط عليه ولاؤه إذا أعتق، فنكح وليدة
لرجل آخر فولدت له ولدا فحرر ولده، ثم توفي المكاتب فورثه ولده
فاختلفوا في ولده من يرثه؟ فألحق ولده بموالي أبيه ".
هذا ولكن في الصحيح (4) " دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام)
ومعي علي بن عبد العزيز فقال لي: من هذا؟ فقلت: مولى لنا، فقال:
أعتقتموه أو أباه، فقلت: بل أباه، فقال: ليس هذا مولاك، هذا
أخوك وابن عمك، وإنما المولى الذي جرت عليه النعمة، فإذا جرت على
أبيه فهو أخوك وابن عمك " ونحوه غيره (5) إلا أنها محتملة للحمل على
أنه ليس معتقا، وعدم كونه مولى بهذا المعنى لا يستلزم انتفاء الولاء،
ولا تلازم بينهما، وربما يشهد له الخبر (6): " المعتق هو المولى، والولد
ينتمي إلى من شاء ".
* (ولو كان) * أبوهم * (حرا في الأصل لم يكن لمولى أمهم

(1) الوسائل - الباب - 38 - من كتاب العتق - الحديث 1 - 2 - 3 - 11 - 9 - 7.
(2) الوسائل - الباب - 38 - من كتاب العتق - الحديث 1 - 2 - 3 - 11 - 9 - 7.
(3) الوسائل - الباب - 38 - من كتاب العتق - الحديث 1 - 2 - 3 - 11 - 9 - 7.
(4) الوسائل - الباب - 38 - من كتاب العتق - الحديث 1 - 2 - 3 - 11 - 9 - 7.
(5) الوسائل - الباب - 38 - من كتاب العتق - الحديث 1 - 2 - 3 - 11 - 9 - 7.
(6) الوسائل - الباب - 38 - من كتاب العتق - الحديث 1 - 2 - 3 - 11 - 9 - 7.
244

ولاء) * لعدم النعمة عليهم حينئذ باعتبار تبعيتهم لأبيهم الذي هو أشرف
من أمهم.
* (وإن كان أبوهم معتقا فولاؤهم لمولى الأب) * الذي يلحق به
الولد عرفا دون الأم التي هي وعاء، بل لعل ذلك هو المراد من قوله
تعالى (1): " ادعوهم لآبائهم ".
بل * (وكذا لو أعتق أبوهم بعد ولادتهم انجر ولاؤهم من مولى
أمهم إلى مولى الأب) * بلا خلاف أجده فيه، بل الاجماع بقسميه عليه
لقول أمير المؤمنين (عليها السلام) في مرسل أبان (2): " يجر الأب
الولاء إذا أعتق " وقول الصادق (عليه السلام) في صحيح العيص (3):
" في عبد له أولاد من حرة أن ولاء ولده لمن أعتقه " وغيره من
النصوص (4) السابقة المراد من الحرة فيها المعتقة لا حرة الأصل، ضرورة
عدم الولاء حينئذ حتى يجر، للحوق الولد بأشرف الأبوين - وهو الأم في
الفرض - بلا خلاف أجده، بل الاجماع بقسميه عليه.
لكن في الصحيح (5) " عن حرة زوجتها عبدا لي فولدت منه
أولادا ثم صار العبد إلى غيره فأعتقه، إلى من ولاء ولده؟ إلي إذا كانت
أمهم مولاتي، أم إلى الذي أعتق أباهم؟ فكتب (عليه السلام) إن
كانت الأم حرة جر الأب الولاء، وإن كنت أنت أعتقت فليس لأبيه
جر الولاء ".
وهو مطرح أو محمول على إرادة أنك إذا كنت أعتقت الأم فصار
عتقها سببا لحرية الأولاد الذين حصلوا بعد العتق ثم عتق الأب بعد ذلك

(1) سورة الأحزاب: 33 - الآية 5.
(2) الوسائل - الباب - 38 - من كتاب العتق - الحديث 5 - 1 - 0 - 3.
(3) الوسائل - الباب - 38 - من كتاب العتق - الحديث 5 - 1 - 0 - 3.
(4) الوسائل - الباب - 38 - من كتاب العتق - الحديث 5 - 1 - 0 - 3.
(5) الوسائل - الباب - 38 - من كتاب العتق - الحديث 5 - 1 - 0 - 3.
245

انجر الولاء، وإن كنت أنت أعتقت الأولاد أنفسهم فولاؤهم لك ولا ينجر
لما سمعته سابقا.
وكيف كان فهل يشترط في الجر التحاق النسب بالأب شرعا فلا
ينجر حينئذ مع زنا الأب واشتباه الأم مثلا؟ إشكال من انتفاء الأبوة
شرعا وأصالة عدمه، ومن صدقها لغة وكون الولد نماء المملوك وإن
كان عن زنا.
بل قد يشكل أصل الولاء على ولد الزنا من الطرفين فضلا عن جره
وإن كان العتق سببا في حريته لأصالة عدمه، وإن كان الأقوى ثبوته
لتحقق الأنعام بالنسبة إليه، والله العالم.
المسألة * (الثانية:) *
* (لو تزوج مملوك بمعتقة فأولدها فولاء الولد لمولاها) * بلا خلاف
ولا إشكال نصا (1) وفتوى كما عرفت.
* (فلو مات الأب وأعتق الجد قال الشيخ: ينجر الولاء إلى
معتق الجد، لأنه قائم مقام الأب) * ولذا يتبعه في الاسلام وإن لم يسلم
أبوه * (و) * من هنا يعلم أن الحكم * (كذلك لو كان الأب باقيا و) *
دعوى عدم كون الجد أبا حقيقة بعد تسليمها مندفعة بقيامه مقامه في
ذلك هنا.
نعم * (لو أعتق الأب بعد ذلك انجر الولاء من مولى الجد إلى
مولى الأب لأنه أقرب) * وهذا جر الجر، لأنه إنما انجر إليه باعتبار

(1) الوسائل - الباب - 38 - من كتاب العتق.
246

كونه أب الأب، فالأب أولى منه بالالتحاق بالنسب، بل لو كان المعتق
جدا بعيدا انجر الولاء إلى مولاه، فإن انعتق الجد القريب انجر منه
إلى مولاه، فلو أعتق الأب انجر منه إلى مولاه، لأنه كالنسب بالنسبة
إلى عدم إرث البعيد فيه مع القريب.
ولو كان الجد حر الأصل والأب مملوك فتزوج بمولاة قوم فأولدها
احتمل أن يكون الولاء لمولى الأم الذي هو المنعم، والسقوط لأولويتها
من الحرية بالعتق، فلا يكون عليه ولاء لأحد. ولعله هو الأقوى،
لنحو ما سمعته في حرية الأب أو الأم، خلافا لكشف اللثام فاختار الأول.
ولو كان الأبوان رقا فأعتقت الأم ثم وضعت لدون ستة أشهر من
أول العتق فإن قلنا بسراية عتق الأم إلى الحمل لم ينجر الولاء لو عتق
الأب بعد ذلك، لكون العتق حينئذ بالمباشرة المانعة من الجر لما عرفت
وإلا كان الولد رقا: ولو أتت به لأكثر من ستة أشهر مع بقاء الزوجية
واحتمال الوطئ بستة أشهر لم يحكم برق الولد، وانجر ولاؤه إلى مولى
الأب لو فرض حصول عتقه، لاحتمال حدوثه بعد العتق، فلا يمسه.
الرق، بل أصالة التأخر تقتضي ذلك، فينجر ولاؤه حينئذ إلى معتق الأب.
المسألة * (الثالثة:) *
* (لو أنكر المعتق) * بالفتح * (ولد زوجته المعتقة فلاعنته) *
انتفى الولد عنه شرعا، فلا ولاء لمولاه عليه * (فإن مات الولد) * حينئذ
* (ولا مناسب له كان ولاؤه لمولى أمه) * للحوق نسبه بها حينئذ، فيشمله
247

إطلاق ما دل (1) على ثبوت الولاء على أولاد العتيق، ولتحقق إنعامه
ضرورة كونه رقا لو كانت أمه مملوكة.
لكن ربما أشكل ذلك بأصالة عدم الولاية عليه، لاشتراطها برقية
الأب، والفرض انتفاؤها، لعدم الأب له، والأصل فيه الحرية، فلا يثبت
عليه ولاء.
وفيه منع كون الشرط ذلك، نعم لو علمت حريته لم يكن لمولى
الأم عليه ولاء، وهذا أعم من اشتراط ذلك، على أن محل الفرض ليس
من مجهول الأب المحكوم بحريته بالأصل، بل هو من منفي الأب شرعا
ومختص النسب بالأم، فيثبت الولاء لمولاها عليه، وليس هو كابن الزنا
المنفي عنهما شرعا والمعلوم خلقته من ماء الزاني على وجه يكون ولدا له
لغة، بل هو ولد شرعي له نسب من قبل الأم خاصة دون الأب
* (و) * من يتقرب به.
بل * (لو اعترف به الأب بعد ذلك لم يرثه الأب ولا المنعم على
الأب، لأذن النسب وإن عاد) * بذلك * (فإن) * إقرار العقلاء على أنفسهم
جائز وإن كان متعقبا لانكار لكن * (الأب لا يرثه ولا من يتقرب به) *
على الأصح، لانقطاع نسبه عنه باللعان فالولاء أولى.
ومما ذكرنا يظهر لك أنه لا وجه لاحتمال سقوط الولاء عنه مطلقا
فضلا عن احتمال ثبوته لمولى الأب، من غير فرق بين تقدم اللعان على
العتق وتأخره عنه وبين تقدمه على الولادة وتأخره عنها، كما هو واضح
بأدنى تأمل.

(1) الوسائل - الباب - 38 - من كتاب العتق.
248

المسألة * (الرابعة:) *
* (ينجر الولاء) * فيما عرفت * (من مولى الأم إلى مولى الأب
فإن لم يكن فلعصبة المولى) * وإن علا مراعيا للترتيب، بمعنى أنه ينجر
إلى المولى الأول ثم لعصبته ثم لمولى المولى ثم لعصبته وهكذا.
* (وإن لم يكن عصبة) * أي عدم الموالي وعصبتهم * (فلمولى
عصبة مولى الأب) * لأنهم حينئذ الموالي له عرفا، وأقرب الناس إليه
ولاء، وصدق كونه مولى لهم، ولأنه الوارث لهم مع فقد النسب،
فيكون الولاء الذي لهم لو كانوا موجودين له، ثم إلى عصبات موالي
العصبات لذلك أيضا، مراعيا للترتيب.
* (ولا يرجع إلى مولى الأم) * بعد انجراره منه، للأصل وغيره
خلافا لما عن ابن عباس من الحكم بعوده، لارتفاع المانع، وهو لا يخلو
من وجه، باعتبار صيرورته أقرب الناس إليه، وكونه من مواليه لغة
وعرفا، وإنما قدم عليه مولى الأب لأنه أقرب منه، فلما عدم هو وعصباته
ومواليهم صار موالي الأم الأقرب، فيرثه ثم عصباته ثم موالي العصبات
ثم عصبات الموالي، لكن ظاهر الأصحاب عدم عوده.
وحينئذ * (فإن فقد الموالي) * للأب * (وعصباتهم وكان هناك
ضامن جريرة صار (كان خ ل)) * الولاء * (له وإلا كان الولاء للإمام
(عليه السلام)) * وظاهره بقاء ولاء العتق عليه إلا أنه يرجع إلى الإمام
(عليه السلام) لعدم من يكون له، ويحتمل انقطاع ولاء العتق وإرث
الإمام (عليه السلام) له بولاء الإمامة كحر الأصل.
249

وتظهر الثمرة بينه وبين الأول بعدم الرد على الزوج والزوجة بناء
على القول به على الأول، ضرورة اشتراطه بعدم وارث غير الإمام
(عليه السلام) من حيث ولاء الإمامة، والفرض كون الإمام (عليه
السلام) وارثا من حيث ولاء العتق، فلم يحصل شرط " إلا " بخلافه على
الثاني، كذا قيل.
وفيه أن الولاء الذي صار للإمام (عليه السلام) حسب من حيث
ولاء الإمامة، فعلى كلا الوجهين لا وارث غير الإمام (عليه السلام)
فيتجه الرد عليهما معا، بل لعله مقتضى دليله أيضا، كما عرفته سابقا
فتأمل جيدا.
المسألة * (الخامسة:) *
* (امرأة أعتقت مملوكا فأعتق المعتق آخر فإن مات الأول ولا
مناسب له فميراثه لمولاته) * التي أنعمت عليه بالعتق * (وإن مات الثاني
ولا مناسب له فميراثه لمعتقه) * المنعم عليه * (فإن لم يكن الأول) * أي
المعتق الأول * (ولا مناسبوه كان ولاء الثاني لمولاة مولاه) * المنعمة عليه
بالواسطة، كما هو واضح بأدنى ملاحظة لما قدمناه.
* (ولو اشترت) * المرأة * (أباها فانعتق) * عليها وقلنا بثبوت ولاء لها
عليه بذلك * (ثم أعتق أبوها آخر ثم مات أبوها ثم مات المعتق ولا وارث
له سواها كان ميراث المعتق لها: النصف بالتسمية والباقي بالرد لا
بالتعصيب) * الناشئ من الولاء * (إن قلنا يرث الولاء ولد المعتق
وإن كن إناثا) * فإنها حينئذ وارثة له أو به باعتبار كونها بنت المنعم
250

فترث المنعم عليه باعتبار انتقال ولاء أبيها إليها، كباقي أمواله التي
تستحقها نصفا تسمية ونصفا ردا.
* (وإلا) * أي إن لم نقل بإرث الولاء للإناث * (كان الميراث
لا بالولاء) * الثابت لها على أبيها الذي هو المنعم على العبد، فهي في
الحقيقة مولاة مولاه بناء على إلحاق الانعتاق القهري بالاعتاق الاختياري
في إثبات الولاء، لاشتراكهما في الانعام الحاصل من العتق أو من سببه
وهو الشراء، ويحتمل العدم كما عن بعضهم، للأصل بعد ظهور النصوص
في الاعتاق لا ما يشمله والانعتاق، ولعل الأول أقوى، والله العالم.
المسألة * (السادسة:) *
* (لو أولد العبد بنتين من معتقة) * كانتا حرتين إلحاقا لهما
بالأشرف، وكان ولاؤهما لمعتق الأم * (ف) * إن * (اشترتا أباهما
انعتق عليهما) * وكان ولاؤه لهما بناء على ما عرفت.
والفائدة في الخلاف هنا في العقل لا في الإرث، فمن أثبت الولاء
أثبت العقل، ومن نفاه نفاه، والعقل يثبت للامرأة بمباشرة العتق وإن
لم يثبت لها بالنسب ولا بانتقال الولاء.
وعلى كل حال * (فلو مات الأب) * ولا وارث له غيرهما * (كان
ميراثه لهما) * ثلثان * (بالتسمية و) * الباقي ب‍ * (الرد لا بالولاء
لأنه لا يجتمع الميراث بالولاء مع النسب) * لاشتراط الإرث به بعدم النسب.
* (ولو ماتتا) * أي البنتان * (أو إحداهما والأب موجود) *
ولا وارث غيره * (كان الميراث لأبيهما، ولو لم يكن موجودا) * ولا وارث
251

لإحداهما غير الأخرى * (كان ميراث السابقة لأختها) * النصف * (بالتسمية
و) * الباقي ب‍ * (الرد ولا ميراث للمولاة) * التي هي الأخت أي
لا ميراث لها من حيث كونها مولاة * (لوجود المناسب، و) * قد عرفت
أنه لا يجتمع الميراث به مع النسب الذي يشترط عدمه في الإرث بالأول.
ف‍ * (لو ماتت الأخرى ولا وارث لها هل يرثها مولى أمها؟
فيه تردد، منشأه هل انجر الولاء إليهما بعتق الأب) * لاطلاق قوله
(عليه السلام) (1): " يجر الأب الولاء إذا أعتق " وللحوق النسب به
دون الأم، فلا ولاء حينئذ لأحد عليهما * (أم لا) * جر هنا لكونه
انعتاقا لا عتقا، فلا يفيد ولاء كي يجر؟
* (ولعل الأقرب) * عند المصنف * (أنه لا ينجر هنا، إذ لا
يجتمع استحقاق الولاء بالنسب والعتق) *.
وفيه أنه لا يجتمع الإرث بهما لا وجودهما، كما اعترف به في المسألة
المتقدمة، فالأقرب حينئذ حصول الجر. نعم كل واحدة منهما جرت
نصف ولاء أختها إليها لأنها أعتقت نصف الأب ولا ينجر الولاء الذي
عليها بعتق الأب في وجه، فيبقى نصف ولاء كل واحدة منهما لمولى أمها
وإن لم نقل بالجر فالولاء كله له.
والوجهان في انجرار ولائه إليه آتيان فيما لو أولد مملوك من معتقة
ابنا، فولاؤه وولاء إخوته منها لمولى أمه، فإن اشترى الولد أباه عتق
عليه وانجر ولاء أولاده كلهم إليه، بناء على حصول الولاء بعتق القرابة.
وهل ينجر ولاء نفسه إليه فيبقى حرا لا ولاء عليه، لعموم أدلة
الجر، أو يبقى ولاؤه لمولى أمه، وإلا لزم ثبوت الولاء على أبويه دونه
مع كونه ولدا وهما رق في الأصل، أو عليهما ولاء ومن كان كذلك

(1) الوسائل - الباب - 38 - من كتاب العتق - الحديث 5.
252

ثبت عليه الولاء، فتأمل جيدا.
أما لو كان المشتري لأبيه ولد زنا وأعتقه - بناء على عدم الانعتاق
بقرابة الزنا - ثبت له الولاء قطعا، لصدق التبرع بالعتق، وانجر ولاء
الأولاد وولاؤه إليه، بل لا إشكال في انجرار ولائه نفسه إليه، فيكون
حرا لا ولاء لأحد عليه، لأذن الضابطة المذكورة في الولد الشرعي،
والأبوة هنا منتفية.
المسألة * (السابعة:) *
* (لو اشترى أحد الولدين مع أبيه مملوكا فأعتقاه) * كان الولاء
لهما معا * (ف‍) * إذا * (مات الأب ثم مات المعتق كان لمن اشتراه مع
أبيه ثلاثة أرباع تركته) * أي المعتق: نصف بالولاء وربع بإرثه * (ولأخيه
الربع) * بإرث الولاء خاصة، كما هو واضح.
المسألة * (الثامنة:) *
* (إذا أولد العبد من معتقة ابنا) * فهو حر * (فولاؤه) * أي الابن * (لمعتق
أمه) * الذي هو المنعم، وله الولاء عليها وعلى أولادها * (فلو اشترى الابن عبدا
فأعتقه كان ولاؤه له) * دون مولى أمه، لأنه المنعم عليه بلا واسطة والولاء
لمن أعتق * (فلو اشترى) * هذا العبد الذي هو * (معتقه) * أي الابن
* (أب المنعم) * عليه بالاعتاق * (فأعتقه انجر الولاء من مولى الأم إلى
مولى الأب) * الذي هو العبد المعتق، لحصول ضابط الجر * (وكان كل
253

واحد منهما مولى الآخر) * أما الابن فلكونه مباشرا لعتقه، وأما العبد المعتق
فلكونه مولى أب الابن وقد انجر الولاء من مولى الأم إليه.
* (فلو مات الأب فميراثه لابنه) * دون مولاه الذي لا يرثه إلا مع عدم
النسب.
* (فإن مات الابن ولا مناسب له) * أصلا * (فولاؤه لمعتق أبيه) *
الذي هو عتيق الابن.
* (وإن مات) * العبد * (المعتق ولا مناسب له فولاؤه للابن الذي
باشر عتقه) * لأذن الولاء لمن أعتق.
* (ولو ماتا) * معا * (ولم يكن لهما مناسب قال الشيخ) * في المحكي من
مبسوطه: * (يرجع الولاء إلى مولى الأم) * لأنه إنما انجر منه إلى مولى الأب،
لكونه أولى منه، فلم ينقطع رأسا * (وفيه تردد) * من ذلك ومن الأصل وغيره.
وفي القواعد " الأقرب العدم " بل عن المبسوط قبل ذلك الاعتراف
به، وحينئذ يكون الميراث للضامن ثم للإمام (عليه السلام) لكن قد
عرفت فيما مضى أن الأول لا يخلو من قوة، والله العالم.
* (القسم الثاني) *
* (ولاء تضمن) * الشخص * (الجريرة) *
* (و) * هي الجناية ولا خلاف نصا (1) وفتوى في مشروعيته
بل الاجماع بقسميه على أن * (من توالى) * وركن * (إلى أحد) *

(1) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ضمان الجريرة.
254

برضاه فاتخذه وليا يعقله و * (يضمن حدثه ويكون ولاؤه له صح ذلك
ويثبت به الميراث) * بل كان الميراث في الجاهلية وصدر الاسلام بذلك
ثم نسخ بآية المهاجرة (1) ثم نسخت بآية الأرحام (2) وبقي هذا الفرد
منه على شرعه الأصلي، بل ظاهر الأصحاب أنه من العقود المعتبر فيها
الايجاب والقبول، بل قيل: إن كان أحدهما لا وارث له كان الايجاب
من طرفه، فيقول: " عاقدتك على أن تنصرني وتمنع عني وتعقل عني
وترثني " فيقول الآخر: " قبلت " وإن كانا معا لا وارث لهما قال
أحدهما: " عاقدتك على أن تنصرني وأنصرك، وتمنع عني وأمنع عنك،
وتعقل عني وأعقل عنك، وترثني وأرثك " فيقول الآخر: " قبلت "
وعلى هذا الفرد ينزل ما عن المحقق الثاني من أن صورة عقد الضمان على
ما ذكره بعض الأصحاب أن يقول أحد المتعاقدين: " دمك دمي،
وثارك ثاري، وحربك حربي، وسلمك سلمي، وترثني وأرثك " فيقول
الآخر: " قبلت " ضرورة عدم اعتبار التوارث والعقل فيه من الطرفين
كضرورة عدم اعتبار ما زاد على العقل والإرث فيه، بل قد يقال بكفاية
أحدهما عن الآخر، خصوصا العقل، فإن النصوص كالصريحة في الاكتفاء
به في العقد في استحقاق الميراث، بل ظاهرها كون الميراث من الأحكام
المترتبة على ذلك.
قال الصادق (عليه السلام) في خبر ابن سنان (3): " قضى
أمير المؤمنين (عليه السلام) في من أعتق سائبة أنه لا ولاء لمواليه عليه
فإن شاء توالى إلى رجل من المسلمين فليشهد أنه ضمن جريرته وكل
حدث يلزمه، فإذا فعل ذلك فهو يرثه ".

(1) سورة الأنفال: 8 - الآية 72 - 75.
(2) سورة الأنفال: 8 - الآية 72 - 75.
(3) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ولاء ضمان الجريرة - الحديث 12.
255

وقال الحذاء (1): " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل
أسلم فتوالى رجلا من المسلمين قال: إن ضمن عقله وجنايته ورثه ".
وفي خبر ابن سنان (2) عن أبي عبد الله (عليه السلام) " قضى
أمير المؤمنين (عليه السلام) في من كاتب عبدا أن يشترط ولاؤه إذا
كاتبه، وقال: إذا أعتق المملوك سائبة أنه لا ولاء لأحد عليه إن كره
ذلك، ولا يرثه إلا من أحب أن يرثه، فإن أحب أن يرثه ولي نعمة أو
غيره فليشهد رجلين بضمان ما ينوب بكل جريرة جرها أو حدث ".
إلى غير ذلك من النصوص الظاهرة في تحقق العقد بمجرد إنشاء
ضمان الجريرة والحدث، وأنه حينئذ يترتب عليه الميراث.
نعم ظاهرها اعتبار الاشهاد فيه، إلا أني لم أجده لأحد من الأصحاب
وإن تقدم في ولاء العتق عن بعضهم ما يستأنس به لذلك.
كما أنه لم نجد تصريحا في شئ من النصوص بالاكتفاء في العقد
بصورة العكس، بأن يتعاهدا على الإرث من غير تعرض للجريرة،
ويترتب عليه حينئذ ضمانها وإن كان هو غير بعيد، كما أنه لم يبعد عدم
اعتبار الايجاب فيه من طرف خاص في الفرد الأول أيضا، بل هو
كالصلح يصح من كل منهما.
نعم يعتبر فيه جمع الأمرين، فلو تراضيا على الإرث دون العقل
أو بالعكس لم يصح، للأصل وغيره.
وهل يعتبر اتحاد الضامن والمضمون؟ وجهان، أقواهما العدم،
لاطلاق الأدلة، فيجوز ضمان الواحد للأكثر بعقد واحد وبالعكس،
فيشتركون حينئذ في عقله وميراثه، بل لا يبعد جواز ذلك على الترتيب

(1) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ولاء ضمان الجريرة - الحديث 5.
(2) الوسائل - الباب - 43 - من كتاب العتق - الحديث 3.
256

بمعنى أنه يتولى شخصا ثم إنه يتولى آخر وإن كان لا يخلو من إشكال.
كما أنه لا يخلو الحكم بكونه عقدا على وجه يعتبر فيه ما يعتبر في
العقود اللازمة من الألفاظ المخصوصة والعربية والمقارنة بين الايجاب
والقبول وتقديم الأول ونحو ذلك من إشكال أيضا، خصوصا بعد التصريح
من بعض والظهور من آخر بعدم اعتبار شئ فيه من ذلك.
ومن هنا لم يتعرضوا لألفاظ ايجابه وقبوله، ولم يراعوا اشتقاقها
من لفظه وما يقرب منه، كما هي عادتهم في العقود سيما اللازمة التي
هذا منها على المشهور منهم شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا، مستدلين
عليه بأصالته وعموم " أوفوا " (1) وغير ذلك.
بل عن ظاهر السرائر الاجماع عليه، بل لم يحك الخلاف فيه إلا عن
الخلاف والوسيلة، وأنه مال إليه في المختلف، مع أن المنقول من عبارة
مختصر الأول أنه قال: " ولاء الموالاة عندنا جائز، ومعناه أن يسلم رجل
على يد رجل ويواليه، وله أن ينقل ولاءه إلى غيره ما لم يعقل عنه أو
عن أحد أولاده الذين كانوا صغارا " وكأنه غير ما نحن فيه.
بل لم نجد تصريحا من أحد بجريان الإقالة فيه كغيره من العقود
ولا باشتراط الخيار ولا بغير ذلك مما يجري في العقود اللازمة، فلا يبعد
إرادة من أطلق العقد عليه كونه كالعقد في الانشائية المشتركة من شخصين،
وإلا فهو أشبه شئ في الأسباب والمسببات وإن كانت كيفية السبب فيه
مركبة من رضا الطرفين.
ولعله لذا لم يذكر المنصف (رحمه الله) وجماعة كونه من العقود
بل اكتفى بما سمعته من العبارة الظاهرة في تحققه بكل ما يتحقق به التوالي
المخصوص من غير اعتبار لفظ فضلا عن أن يكون مخصوصا، فيكفي

(1) سورة المائدة: 5 - الآية 1.
257

فيه حينئذ العقل المقترن بما يدل على ذلك، ولا يكون حكمه حكم المعاطاة
في غير من العقود.
وعلى كل حال فالظاهر جريان الوكالة فيه، بل الظاهر جواز اتحاد
الموجب والقابل فيه مع الوكالة أو الولاية بوصاية أو حكومة فضلا عن
جواز إيقاعه من الوصي والحاكم عمن لهم الولاية عليه ضامنية أو مضمونية
مع مراعاة المصلحة، بل الظاهر جريان الفضولية فيه وإن لم نقل بكونه عقدا
بناء على جريانها في الأعم منه.
وهل يجري بين المسلم والكافر على أن يكون المسلم الضامن والكافر
المضمون؟ إشكال من إطلاق الأدلة، ومن كونه موادة ومن نفي الموالاة
بينهما وغير ذلك.
أما العكس فالظاهر عدم جوازه، لكونه سبيلا، ولعموم ما دل (1)
على عدم إرثه المسلم ونفي التوالي بينهما. نعم لا بأس به بين الكافرين.
وعلى كل حال فقد ظهر لك أن حكم التوالي المزبور الإرث والعقل
* (لكن لا يتعدى) * ذلك * (الضامن) * إلى أولاده وغيرهم، كما
أنه لا يرث المضمون الضامن إلا إذا كانا متضامنين بلا خلاف يعتد به
أجده في شئ من ذلك، بل عن الغنية الاجماع عليه في الأول.
وما عن المقنعة من أنه " إذا أسلم الذمي وتولى رجلا مسلما على أن
يضمن جريرته ويكون ناصره كان ميراثه له، وحكمه حكم السيد مع
عبده إذا أعتقه " لا صراحة فيه بالانتقال، بل ولا ظهور وإنما مراده
حكمه بالنسبة إليه نفسه في الإرث والعقل لا مطلقا، ضرورة كون الإرث
والضمان أمرين التزمهما شخص على نفسه، فلا ينتقلان إلى غيره بغير رضا
ولا عقد، كما هو الشأن في الإرث بالإمامة والزوجية، فإنه لا يتعدى

(1) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب موانع الإرث.
258

عنهما إلى غيرها من ورثتهما، كما هو واضح.
ودعوى كونه حقا له فينتقل إلى وارثه يدفعها منع كونه كذلك،
خصوصا وإرثه مشروط بعقله الذي لا يكلف به إلا من التزم به لا غيره
من ورثته، وقياسه على ولاء العتق محرم عندنا.
* (و) * كيف كان ف‍ * (لا) * يصح أن * (يضمن إلا سائبة
لا ولاء عليه، كالمعتق في الكفارات والنذور) * أو المتبرأ من ضمانه
* (أو حر) * بالأصل * (لا وارث له) * مناسب * (أصلا) * بلا
خلاف أجده فيه، بل الاجماع بقسميه عليه، بل النصوص دالة عليه أيضا،
ضرورة ظهورها أو صراحتها في تأخر هذه المرتبة من الإرث عن الإرث
بالنسب وولاء العتق، فإن ضمن حينئذ ذا الوارث وله مولى كان ضمانه
باطلا وإن فقده بعد ذلك، أما لو ضمنه مجردا كما لو لم يكن للمضمون
ولد مثلا حال الضمان ثم ولد له بعد ذلك ففي بطلان العقد أو بقائه مراعى
وجهان من استصحاب صحته، ومن دعوى ظهور الدليل في شرطية عدم
الوارث ابتداء واستدامة.
ولعل قول المصنف وغيره: * (ولا يرث هذا إلا مع فقد كل
مناسب ومع فقد المعتق) * مشعر بذلك، ضرورة ظهوره في ترتب
الاستحقاق المقتضي لتحقق الأسباب، بل قيل: إنهم قد صرحوا في العقل
أنه لو فضل على المنعم شئ كان على ضامن الجريرة، إلا أن الانصاف
عدم خلو الأول من قوة.
* (و) * على كل حال ف‍ * (هو) * أي الضامن بعد إحراز
ما عرفت * (أولى من الإمام (عليه السلام)) * بلا خلاف أجده فيه
بل الاجماع بقسميه عليه، بل * (و) * المعتبرة (1) صريحة فيه. نعم

(1) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ولاء ضمان الجريرة.
259

* (يرث معه الزوج والزوجة نصيبهما الأعلى) * لعموم الأدلة وخصوصها.
* (فإذا عدم الضامن) * أو لم يكن له ضامن ولا زوج أو زوجة
بناء على الرد عليهما * (كان) * ميراثه من الأنفال التي هي * (للإمام
(عليه السلام)) * (1) الذي هو * (وارث من لا وارث له) * نصا (2)
وإجماعا بقسميه.
وقول الصادق (عليه السلام) في خبر أبي بصير (3): " السائبة
ليس لأحد عليها سبيل، فإن والى أحدا فميراثه وجريرته عليه، وإن لم
يوال أحدا فهو لأقرب الناس، لمولاه الذي أعتقه " غير ثابت أو محمول
على تبرعه (عليه السلام) بحقه أو غير ذلك، لقصوره عن معارضة
غيره، بل لم نعثر على عامل به.
كما أنه نعثر على عامل بالنصوص القاصر أكثر أسانيدها المشتملة
على أن إرثه لبيت المال (4) وفي بعضها لبيت مال المسلمين (5) الموافقة
للعامة إلا الإسكافي والشيخ في محكي الاستبصار، فلتطرح أو تحمل على
التقية، أو على أن المراد ببيت المال وإن أضيف إلى المسلمين مال الإمام
(عليه السلام) بقرينة الأخبار الأخر (6) وما عن جماعة من شيوع إطلاق
بيت المال وإرادة بيت مال الإمام (عليه السلام).
قيل: ويشير إليه ما عن الخلاف هنا " ميراث من لا وارث له ينتقل
إلى بيت المال، وهو للإمام (عليه السلام) خاصة، وعند جميع الفقهاء

(1) وفي الشرائع " كان الإمام وارث.. ".
(2) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ولاء ضمان الجريرة.
(3) الوسائل - الباب - 4 - من أبواب ولاء ضمان الجريرة - الحديث 6.
(4) المستدرك - الباب - 2 - من أبواب ولاء ضمان الجريرة - الحديث 1.
(5) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ولاء ضمان الجريرة الحديث 9 - 0 -
(6) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ولاء ضمان الجريرة الحديث 9 - 0 -
260

ينتقل إلى بيت المال، ويكون للمسلمين " وهو كما ترى لا إشارة فيه
إلى ذلك. نعم ظاهره أنه ينتقل إلى البيت المعد لجمع أموال المسلمين
المشتركة والخاصة ببعضهم، لكنه للإمام (عليه السلام) خاصة دونهم
يفعل به ما يشاء، خلافا للعامة، فإنهم جعلوه للمسلمين.
ولعل في نقله إلى بيت المال إشعارا بأن المأخوذ بحق الإمامة غير
باقي أموال الإمام (عليه السلام) الحاصلة له بكسب ونحوه، ولذا قال
في محكي الغنية والسرائر: " إذا مات الإمام انتقل الميراث إلى الإمام
لا إلى غيره من ورثته " بل عن الأول إجماع الطائفة عليه، والأمر سهل
بعد ما عرفت من وضوح الحكم عندنا.
* (و) * على كل حال فهذا * (هو القسم الثالث من الولاء، فإن
كان) * أي الإمام (عليه السلام) * (موجودا) * حاضرا (فالمال له يصنع
به ما يشاء) * على حسب تسلط غيره على ماله.
ولكن في محكي المقنعة * (و) * النهاية أنه * (كان علي (عليه
السلام) يعطيه فقراء بلده وضعفاء جيرانه) * وخلطاءه * (تبرعا) * منه
عليهم بما يستحقه من ذلك واستصلاحا للرعية حيث ما كان يراه في الحال
من صوب الرأي إلا أنه لم أعثر عليه فيما وصل إلي من النصوص.
نعم في مرسل داود (1) " أن رجلا مات على عهد أمير المؤمنين
(عليه السلام) لم يكن له وارث فدفع أمير المؤمنين (عليه السلام)
ميراثه إلى همشهريجه ".
وفي خبر السري (2) " كان علي (عليه السلام) يقول في الرجل
يموت ويترك وليس له أحد اعط الميراث همشاريجه ".

(1) الوسائل - الباب - 4 - من أبواب ولاء ضمان الجريرة - الحديث 3 - 1
والثاني عن خلاد السندي كما في الكافي - ج 6 ص 169.
(2) الوسائل - الباب - 4 - من أبواب ولاء ضمان الجريرة - الحديث 3 - 1
والثاني عن خلاد السندي كما في الكافي - ج 6 ص 169.
261

وعلى كل حال فهو ماله يفعل به ما يشاء ويأذن فيه بما يجب.
* (وإن كان غائبا) * فعن جماعة أنه يحفظ له بالوصاية أو الدفن
إلى حين ظهوره كسائر حقوقه، بل عن ظاهر الخلاف الاجماع عليه،
والمشهور أنه * (يقسم بين الفقراء والمساكين) * مطلقا، وفي اللمعة
هنا والدروس في بحث الأنفال من كتاب الخمس قسمته بين فقراء بلد
الميت ومساكينه، والأوسط أوسط.
وقد يحتمل أنه من الأنفال التي ثبت تحليلهم إياها للشيعة في زمن
الغيبة بالنصوص (1) المنجبرة بالعمل، حتى أنه في بعضها " لو سألنا كم
عن مثل هذا ما كنا لكم بأئمة، وما كان لنا فقد أحللناه لشيعتنا " بل
أحلوها وغيرها لتطيب ولادتهم.
ولكن الأقوى الأوسط، لاعراض المشهور عن العمل بها في ذلك،
فالأصل البقاء، ومصرفه الصدقة به عنه كغيره من المال المتعذر وصوله
إلى صاحبه.
مضافا إلى استغنائه (عليه السلام) وشدة حاجة شيعته الذين قد
تحملوا ما تحملوا في جنبه، وإلى ما في حفظه له من التعريض بتلفه
واستيلاء الجائرين عليه، بل كان ذلك من الخرافات، نحو ما قيل في
باب الخمس من طرح حقه في البحر ونحو ذلك مما لا يقبله مذاق فقه
ولو أعرضنا عن أخبار التحليل لكان الفحوى القطعية كافية في صرفه في
أمثال ذلك.
هذا كله مع عدم تحققنا الخلاف فيه إلا من الشيخ في الخلاف،
ولا ريب في شذوذه. ومنه يعلم ما في دعواه الاجماع عليه.
نعم قيل: إن الأولى الاقتصار فيه على فقراء بلده خروجا عن شبهة

(1) الوسائل - الباب - 4 - من أبواب الأنفال من كتاب الخمس.
262

خلاف الشهيد (رحمه الله).
وفيه أنه قد يعارض بشدة حاجة غيرهم واشتمالهم على الأيتام والأرامل،
فالأولى إيصاله إلى نائب الغيبة المأمون، فيصرفه على حسب ما يراه من
المصلحة التي تظهر له من أحوال سيده ومولاه.
ومرسل داود (1) وخبر البرقي (2) - وإن حكي عن الصدوق العمل
بهما، إلا أنهما مع ضعفهما واختصاص الأول بالحضور، بل لعل الثاني
كذلك على معنى الإذن منه في ذلك الوقت، ومعارضتهما بما سمعته من
نقل الشيخين (رحمهما الله) لفعله (عليه السلام) - قاصران عن معارضة
غيرهما من وجوه، خصوصا مع اضطرابهما بما قيل عن بعض المحدثين من
أنه حكي عن بعض النسخ " همشيرجه " بالياء بعد الشين، قال: " والمراد
به: الأخ من الرضاعة " فيكونان حينئذ - نحو خبر سهل (3) " ما تقول
في رجل مات وليس له وارث إلا أخا له من الرضاعة يرثه؟ قال:
نعم " - خارجين عما نحن فيه - من صرف ما للإمام - مطروحين لم يعمل بهما
أحد من الأصحاب، ضرورة عدم الخلاف - كما عن بعضهم الاعتراف
به - في عدم إرث الأخ من الرضاعة. نعم لا بأس باعطاء الهمشهريج
مع تعدده وكونه من الفقراء، وكيف كان فلا ريب في أن الأقوى
ما ذكرناه.
لكن من الغريب ما وقع في الرياض من الميل إلى تخصيص الهاشمي
به، وهو شئ لم نعرفه لغيره، كما أنا لم نعرف ما يومئ إليه، بل

(1) المتقدمان في ص 261 والمتقدم هو خبر السري وقد ذكرنا أنه خبر خلاد السندي.
(2) المتقدمان في ص 261 والمتقدم هو خبر السري وقد ذكرنا أنه خبر خلاد السندي.
(3) الوسائل - الباب - 5 - من أبواب ولاء ضمان الجريرة - الحديث 1 عن سهل
ابن زياد عن مروك بن عبيد.
263

الأدلة كلها على خلافه، ومن هنا كان لا وجه للاطناب فيه.
* (و) * على كل حال * (لا يدفع إلى غير سلطان الحق إلا مع
الخوف أو التغلب) * بلا خلاف ولا إشكال، فلو فعل حينئذ كان ضامنا،
فما عن بعض أصحاب الشافعي من التخيير بين الدفع إليه والحفظ إلى
ظهور إمام عادل والصرف إلى مصالح المسلمين واضح الفساد.
* (مسائل ثلاث:) ذكرها المصنف وغيره هنا استطرادا، لأذن
محلها في بحث الأنفال من الخمس وكتاب الجهاد.
* (الأولى:) *
* (ما يؤخذ من مال المشركين) * أما * (في حال الحرب فهو للمقاتلة
بعد الخمس) * الذي أوجبه الله تعالى في الغنائم التي أظهر أفرادها ذلك
* (و) * أما * (ما تأخذه سرية بغير إذن الإمام (عيه السلام) فهو
للإمام) * كما تقدم الكلام فيه في محله، ولكن أحلوه لنا في زمن الغيبة
لتطيب ولادتنا جزاهم الله عنا خير الجزاء.
* (و) * كذا * (ما يتركه المشركون فزعا ويفارقونه من غير
حرب فهو للإمام (عليه السلام) أيضا) * من الأنفال، ضرورة كونه
مما أفاء الله على نبيه (صلى الله عليه وآله) من غير أن يوجف المسلمون
عليه بخيل ولا ركاب، وما كان لنبيه فهو للإمام القائم مقامه.
* (وما يؤخذ صلحا أو جزية فهو للمجاهدين) * على ما تقدم في
الجهاد * (ومع عدمهم يقسم في الفقراء) * والمساكين * (من المسلمين) *.
264

المسألة * (الثانية:) *
* (ما يؤخذ غيلة من أهل الحرب إن كان في زمان الهدنة أعيد
عليهم) * لاحترام ما لهم حالها * (وإن لم يكن) * هدنة * (كان لآخذه
وفيه الخمس) * كما هو واضح، وقد تقدم في محله.
المسألة * (الثالثة:) *
* (من مات من أهل الحرب وخلف مالا فماله للإمام (عليه السلام)
إذا لم يكن له وارث) * بلا خلاف فيه بيننا ولا اشكال، والله العالم.
* (وأما اللواحق فأربعة فصول:) *
* (الأول) *
* (في ميراث ولد الملاعنة وولد الزنا) *
لا خلاف في أنه * (يرث ولد الملاعنة ولده وأمه) * والزوج أو
الزوجة، بل الاجماع بقسميه عليه، دون أبيه المنقطع نسبه عنه باللعان الفاسخ
265

للعقد والنافي للفراش، وإن لم يكن الولد بذلك ابن زنا، بل من أطلق
عليه ذلك كان عليه الحد.
وحينئذ ف‍ * (للأم السدس) * خاصة * (والباقي للولد) * إن
كان ذكرا أو ذكرا وأنثى * (للذكر سهمان وللأنثى سهم) * وإن كان
أنثى فلها النصف مع الاتحاد والثلثان مع التعدد، والباقي رد عليها أو
عليهن وعلى الأم، وإن يكن له إلا ولده اختص الإرث بهم، وما في
غير واحد من النصوص من أن الإرث إذا ماتت أمه لأخواله (1) محمول
على ما إذا لم يكن أقرب منهم إليه من الود والأخوة.
* (ولو لم يكن) * له * (ولد) * أصلا وإنما له أم خاصة * (كان
المال) * جميعه * (لأمه: الثلث بالتسمية والباقي بالرد) * لاطلاق الأدلة.
* (و) * لكن * (في روايت‍) * ي زرارة (2) وأبي عبيدة (3)
في الصحيح عن الباقر (عليه السلام) " * (ترث) * الأم * (الثلث والباقي
للإمام) * " وزاد في الأولى " لأذن جنايته على الإمام " أي ميراثه له
* (لأنه) * هو * (الذي يعقل عنه) * وعن الصدوق (رحمه الله) العمل
بهما مع ظهوره (عليه السلام) والإسكافي في الاستبصار إذا لم يكن لها
عصبة يعقلون عنه، إلا أن الرد عند أولهما على بيت مال المسلمين وثانيهما
على الإمام (عليه السلام).
* (و) * على كل حال فالقول * (الأول أشهر) * فتوى ورواية
بل هو المشهور نقلا وتحصيلا، بل عن الخلاف والمبسوط وغيرهما الاجماع
عليه، لاطلاق الأدلة كتابا وسنة من آية أولي الأرحام وغيرها،

(1) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث ولد الملاعنة.
(2) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ميراث ولد الملاعنة - الحديث 4 - 3.
(3) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ميراث ولد الملاعنة - الحديث 4 - 3.
(4) سورة الأنفال: 8 - الآية 75 وسورة الأحزاب: 33 - الآية 6.
266

وخصوص المعتبرة المستفيضة التي كادت تبلغ التواتر الموافقة للكتاب المخالفة
للعامة، ففي بعضها (1) أن ميراث ولد الملاعنة لأمه، وفي جملة وافرة منها (2)
" عن ولد الملاعنة من يرثه؟ قال: أمه، فإن ماتت أمه من يرثه؟ قال:
أخواله ".
والصحيحان - مع عدم العمل بهما على إطلاقهما فهما حينئذ شاذان،
وموافقتهما للعامة، ولذا حملهما في محكي التهذيب على التقية بعد الاعتراف
بعدم العمل بهما مشعرا بالاجماع على طرحهما، ومخالفتهما للشهرة العظيمة
ومحكي الاجماع والكتاب والسنة - قاصران عن معارضة تلك الأخبار،
فلا يتجه الجمع بينهما وبينهما بما سمعته من القولين، ضرورة كونه فرع
التكافؤ بعد الاغضاء عن عدم الشاهد عليه.
بل يمكن أن لا يكون مذهبا للشيخ في الاستبصار المعد لذكر ما يصلح
وجه جمع بين الأخبار، خصوصا بقرينة موافقته للأصحاب في باقي كتبه
وحكايته الاجماع، كما أن المحكي عن الصدوق في المقنع الموافقة أيضا.
فمن الغريب بعد ذلك كله ميل المقدس الأردبيلي وغيره إلى العمل
بهما نسأل الله أن لا يكون ذلك من اختلاف الطريقة، ولقد أجاد فيما
حكي عنه من شدة التشنيع على خلاف المشهور، والأمر سهل بعد
وضوح الحال.
* (و) * كيف كان ف‍ * (مع عدم الأم والولد يرثه) * الطبقة
الثانية، وهم هنا * (الإخوة للأم وأولادهم والأجداد لها وإن علوا) *
لانقطاع نسب الأب كما ستعرف * (ويترتبون الأقرب فالأقرب) * على
حسب ما تقدم في غير الفرض.
قال أبو عبد الله (عليه السلام) في خبر منصور (3): " كان

(1) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث ولد الملاعنة الحديث 2 - 0 - 3.
(2) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث ولد الملاعنة الحديث 2 - 0 - 3.
(3) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث ولد الملاعنة الحديث 2 - 0 - 3.
267

علي (عليه السلام) يقول: إذا مات ابن الملاعنة وله إخوة قسم ماله
على سهام الله ".
* (ومع عدمهم يرثه الأخوال والخالات وأولادهم على) * حسب
* (ترتيب الإرث، وفي كل هذه المراتب يرث الذكر والأنثى سواء) *
لكونهم جميعا ممن يتقرب بالأم، وقد عرفت فيما مضى قسمة المتقرب بها
على السواء * (فإن عدم قرابة الأم أصلا حتى لا يبقى لها وارث) *
أصلا * (وإن بعد فميراثه ل‍) * مولى المعتق ثم الضمان ثم * (الإمام
(عليه السلام)) * بلا خلاف أجده في شئ من ذلك ولا أشكال.
كما لا خلاف * (و) * لا إشكال في أن * (الزوج والزوجة يرثان) *
منه * (نصيبهما مع كل درجة من هذه الدرجات) * وهو * (النصف
للزوج والربع للزوجة مع عدم الولد ونصف ذلك) * أي الربع للزوج
والثمن للزوجة * (معه) * هذا كله في موروثية ولد الملاعنة.
وأما وارثيته فلا خلاف ولا إشكال في أنه يرث أمه وولده.
* (و) * لكن * (هل يرث هو قرابة أمه) * من الإخوة والأخوات
والأخوال والخالات والأجداد والجدات لها؟ * (قيل) * والقائل المشهور
شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا بل لعلها كذلك: * (نعم) * يرثهم
بل عن المبسوط والغنية والسرائر وغيرها أنه مذهب الأصحاب من غير
خلاف، وعن التهذيب أنه الذي يقتضيه شرع الاسلام، وهو كذلك
* (لأذن نسبه من الأم ثابت) * وصحيح بلا خلاف كما عن السرائر،
فيشمله حينئذ عموم الأدلة وإطلاقها كتابا (1) وسنة (2) ومعقد إجماع

(1) سورة النساء: 4 - الآية 11.
(2) الوسائل - الباب - 5 - وغيره من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.
268

مضافا إلى الصحيح (1) " ابن الملاعنة ينسب إلى أمه، ويكون أمره وشأنه
كله إليها " وإلى إطلاق ما في المعتبرة (2) المستفيضة من إرثه أخواله.
* (وقيل) * والقائل الشيخ في محكي الاستبصار: * (لا يرث إلا أن
يعترف به الأب، وهو) * قول * (متروك) * لم نعرف أحدا وافقه
عليه ممن تقدمه أو تأخره بل لم يعلم كونه قولا له، لما سمعت من أنه في
الاستبصار المعد للجمع بين الأخبار، وإن كان قد يستدل له بأنه يبعد
التهمة عن الامرأة ويقوي صحة النسب.
بل هو قوي من حيث النصوص، لأنه مقتضى الجمع بين ما دل
على التوارث من إطلاق بعض النصوص (3) وغيره وبين ما دل على العدم
كالموثق (4) " يرثه أخواله ولا يرثهم " بشهادة النصوص المفصلة، منها
الصحيحان (5) " فإن لم يدعه أبوه فإن أخواله يرثونه ولا يرثهم ".
بل قد يعضده أن موارد تلك المستفيضة الحاكمة بالتوارث (6) إنما
هي صورة تكذيب الوالد بعد اللعان، والحكم فيها ذلك كما في نصوص
التفصيل، فليس بينهما معارضة، لكن إعراض الأصحاب عنها مع أنها
بمرئ ومسمع يمنع من العمل بها.
بل روى الصدوق (رحمه الله) بسندين غير نقيين بل أحدهما
ضعيف عن أبي عبد الله (عليه السلام) (7) " في ابن الملاعنة من يرثه؟
قال: ترثه أمه، قلت: أرأيت إن ماتت أمه وورثها ثم مات هو من

(1) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث ولد الملاعنة - الحديث 8 - 0 -
(2) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث ولد الملاعنة - الحديث 8 - 0 -
(3) الوسائل - الباب - 4 - من أبواب ميراث ولد الملاعنة - الحديث 0 - 4.
(4) الوسائل - الباب - 4 - من أبواب ميراث ولد الملاعنة - الحديث 0 - 4.
(5) الوسائل - الباب - 4 - من أبواب ميراث ولد الملاعنة - الحديث 5 و 7.
(6) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث ولد الملاعنة.
(7) الوسائل - الباب - 4 - من أبواب ميراث ولد الملاعنة - الحديث 1.
269

يرثه؟ قال: عصبة أمه، وهو يرث أخواله " وليس فيه ما يوجب تقييد
الاطلاق من نحو خصوصية المورد ورجوع الضمير في الجواب إليه كما اتفق
في النصوص السابقة، وهو وإن كان قاصر السند ومطلقا يمكن تقييده
أيضا إلا أنه منجبر بما عرفت من الشهرة العظيمة، بل لم نعرف الخلاف
إلا من الاستبصار الذي قد سمعت أنه معد للجمع بين الأخبار لا للفتوى.
ومن ذلك يرتفع الوثوق بالنصوص المزبورة وإن صح أسانيد بعضها
فتقصر عن تقييده حينئذ، فلتطرح أو تحمل على ما لا ينافي المطلق.
ومن هنا قال في محكي التهذيب: " العمل بما تضمن من الأخبار من
أن ولد الملاعنة يرث أخواله كما أنهم يرثونه أحوط وأولى على ما يقتضيه
شرع الاسلام ".
* (و) * كيف كان فولد الملاعنة * (لا يرثه أبوه ولا من يتقرب
به) * لانقطاع نسبه عنهم باللعان من غير خلاف في ذلك نصا (1) وفتوى
وكذلك هو لا يرثهم أيضا.
* (فإن اعترف) * الأب * (بعد اللعان ورث هو الأب) * المعترف
* (ولا يرثه الأب) * إجماعا بقسميه ونصوصا (2) فيها الصحيح وغيره
مضافا إلى قاعدة الاقرار.
* (و) * لكن * (هل يرث أقارب أبيه مع الاعتراف؟ قيل) *
والقائل أبو الصلاح في المحكي من كافيه، والشيخ مفيد الدين ولد الشيخ
(رحمه الله) فيما حكي عنه، والفاضل في بعض كتبه على ما حكاه عنه
في المسالك وإن كنا لم نتحققه: * (نعم) * يرثهم لأذن الاقرار به كالبينة في
إثبات النسب.

(1) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث ولد الملاعنة.
(2) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث ولد الملاعنة.
270

* (والوجه أنه لا يرثهم ولا يرثونه، لانقطاع النسب باللعان) *
فيستصحب * (واختصاص حكم الاقرار بالمقر حسب) * من دون تعدية
إلى الغير الذي لا يمضي الاقرار في حقه وفاقا للمشهور، بل عن الغنية
والسرائر الاجماع عليه
ودعوى ثبوت النسب بالاقرار المزبور ممنوعة، وإلا لورثه الأب
وأقاربه الذين لم تصدر منهم جناية الانكار واللعان كي يعاقبوا بعدم إرثهم
له دونه، ودعوى التزام القائل بذلك كما هو مقتضى حكايته عنه في المسالك
لم نتحققها، بل لعل المحقق خلافها، وتوريثه الأب معه لما سمعت من
النص والاجماع، لا للاقرار نفسه.
بل لو وافقه عليه فالظاهر عدم التوارث بينهما به وكذا الأقارب،
ضرورة ظهور النصوص والفتاوى بانقطاع النسب باللعان، فلا يعود بالاقرار،
وإطلاق قوله: " فيثبت النسب باقرار العاقلين به " منزل على غير محل
البحث قطعا، فما عن المقدس الأردبيلي (رحمه الله) من الميل إلى التوارث
بينهم بالتوافق منهم على الاقرار تمسكا بالاطلاق المزبور في غير محله.
بل من ذلك يظهر لك ما في قول الفاضل (رحمه الله) في القواعد
هنا من أنه لو قيل: يرثهم إن اعترفوا به وكذبوا الأب في اللعان ويرثونه
كان وجها، إذ تكذيبهم غير مجد في نفي النسب شرعا وإلا لورثوه وورثهم
مع إصرار الأب على الانكار، وهو باطل إجماعا على ما قيل.
كما أنه يظهر لك الوجه في قول المصنف (رحمه الله).
271

* (مسائل:) *
* (الأولى:) *
* (لا عبرة بنسب الأب هنا) * بعد انتفائه شرعا باللعان * (فلو
خلف) * ابن الملاعنة * (أخوين أحدهما لأبيه وأمه والآخر لأمه فهما
سواء، وكذا لو كانا أختين أو أخا وأختا وأحدهما للأب والأم) * والآخر
للأم فإن الجميع يتساوون كالأخوة والأخوات من الأم خاصة.
* (وكذلك) * الكلام فيما * (لو خلف ابن أخيه لأبيه وأمه وابن
أخيه لأمه، أو خلف أخا وأختا لأبويه مع جد أو جدة) * للأم فإنه
يقسم * (المال بينهم أثلاثا و) * ذلك لأنه بعد أن * (سقط اعتبار
نسب الأب) * لم يبق إلا التقرب من جهة الأم، وقد عرفت فيما سبق
تساوي المتقربين بها في المال.
ولو مات أخ لابن الملاعنة من أبيه وأمه وقد كان له أخ من أبيه
لم يحجبه بل اشتركا في ميراثه، فيأخذ هو حصة الأخ من الأم السدس
والباقي للأخ من الأب.
المسألة * (الثانية:) *
* (إذا ماتت أمه ولا وارث لها سواه فميراثها له) * ولا يشاركه
أبوه الذي انقطعت زوجيته عنها باللعان وإن كان قد اعترف الأب به
بعد اللعان.
272

* (ولو كان معه أبوان) * لها * (أو أحدهما فلهما السدسان أو
لأحدهما السدس والباقي له إن كان ذكرا، وإن كان أنثى فالنصف لها،
والباقي يرد بموجب السهام) * أخماسا أو أرباعا، كما هو واضح.
المسألة * (الثالثة:) *
* (لو أنكر الحمل وتلاعنا فولدت توأمين توارثا بالأمومة دون
الأبوة) * بلا خلاف أجده فيه، بل في الدروس نسبته إلى جميع الأصحاب
فيرث حينئذ كل منهما سدس الآخر لو مات قبله، كالولدين المتعاقبين
المنفيين باللعان، واحتمال الفرق بالقطع بكونهما معا لأب واحد بخلاف
المتعاقبين يدفعه منع القطع أولا، ومنع اعتباره ثانيا.
المسألة * (الرابعة:) *
* (لو تبرأ عند السلطان من جريرة ولده ومن ميراثه ثم مات الولد
قال الشيخ في) * محكي * (النهاية) * والاستبصار وابن حمزة في محكي
الوسيلة والقاضي في محكي المهذب والكيدري في محكي الاصباح: * (كان
ميراثه لعصبة أبيه دون أبيه) * لخبر يزيد بن جليل (1) سأل الصادق
(عليه السلام) " عن رجل تبرأ من جريرة ابنه وميراثه فمات الابن وترك
مالا من يرثه؟ قال: ميراثه لأقرب الناس إلى أبيه " ومضمر أبي بصير (2)

(1) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث ولد الملاعنة - الحديث 2 - 3 والأول
عن بريد بن خليل وفي التهذيب ج 9 ص 348 والاستبصار ج 4 ص 185 يزيد بن خليل.
(2) تقدم آنفا تحت رقم 1.
273

" سألته عن المخلوع يتبرأ منه أبوه عند السلطان ومن ميراثه وجريرته لمن
ميراثه؟ فقال: قال علي (عليه السلام): هو لأقرب الناس إلى أبيه "
في الفقيه و " إليه " في التهذيب.
* (و) * لكن مع ذلك * (هو قول شاذ) * كما اعترف به غير
واحد لم نعرف القائل به عدا من عرفت، بل عن السرائر والتنقيح الاجماع من
المسلمين على خلافه، بل قد تكرر منا أن النهاية والاستبصار ليسا بكتابي
فتوى، مع أنه ذكره في الأخير احتمالا، بل عنه في الحائريات موافقة
الأصحاب، وأن الرواية شاذة فيها نظر.
مضافا إلى الطعن في سند الأول بجهالة يزيد التي لا يرفع القدح بها
رواية صفوان وابن مسكان عنه وإن كانا من أصحاب الاجماع على الأصح
واضمار الثاني، واشتمالهما على لفظ السلطان المنصرف إلى سلطان الجور
القاضي بمراعاة التقية، واحتمالهما - كما في كشف اللثام - التبري بعد موت
الابن، فيخرجان عما نحن فيه أيضا، وإن كان قد ينافيه قوله: " فمات "
في الأول، وتصحيف " ابنه " بأبيه فيهما، وإرادة ما يشمل الوالد من
" أقرب الناس إليه " في رواية التهذيب، وغير ذلك مما يخرجهما عن
قابلية معارضة الأصول والقواعد المستفادة من الكتاب والسنة.
بل قد سمعت تعليل استحقاق الزوجة قيمة البناء دون نفس الأرض
والأعيان بجواز انقطاع ما بين المرأة والزوج من العصمة، وجواز تغييرها
وتبديلها بخلاف الولد والوالد الذي لا يمكن تخليص أحدهما من الآخر،
فالمسألة حينئذ من الواضحات.
* (وأما ولد الزنا) * من الطرفين * (فلا نسب له) * بأبيه
شرعا، لأذن الولد للفراش وللعاهر الحجر * (و) * حينئذ ف‍ * (لا
يرثه) * أي * (الزاني) * كالعكس بلا خلاف أجده فيه، بل الاجماع
274

بقسميه عليه، وهو الحجة، مضافا إلى المعتبرة المستفيضة (1) الدالة على
ذلك، بل وعلى كون الأم وغيرها ممن يتقرب بها أو بأبيه كذلك أيضا (2)
ولو باطلاقها وما فيها من التعليل.
* (و) * حينئذ ف‍ * (لا) * ترثه * (التي ولدته ولا أحد من
أنسابهما، ولا يرثهم هو) * بلا خلاف معتد به أجده في شئ من ذلك
بل يمكن تحصيل ما أشعرت به عبارة غير واحد من الأصحاب من الاجماع
لما عرفت.
نعم عن الصدوق وأبي الصلاح وأبي على أنه يرث أمه ومن يتقرب بها
ويرثونه على حسب حال ابن الملاعنة، لخبر إسحاق بن عمار (3) عن جعفر
عن أبيه (عليهما السلام) " إن عليا (عليه السلام) كان يقول: ولد
الزنا وابن الملاعنة ترثه أمه وإخوته لأمه وعصبتها " وعن يونس (4) " أن
ميراث ولد الزنا لقرابته من أمه كابن الملاعنة " وهما - مع الضعف في
الأول والوقف في الثاني وموافقتهما للعامة واحتمالهما الزنا من قبل الأب دون
الأم - قاصران عن معارضة غيرهما من النصوص المعتبرة.
كالصحيح (5) عن أبي عبد الله (عليه السلام) أيما رجل وقع
على وليدة قوم حراما ثم اشتراها فادعى ولدها فإنه لا يورث منه، فإن
رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: الولد للفراش وللعاهر الحجر
ولا يرث ولد الزنا إلا رجل يدعي ابن وليدته، وأيما رجل أقر بولده

(1) الوسائل - الباب - 8 - من أبواب ميراث ولد الملاعنة.
(2) الوسائل - الباب - 8 - من أبواب ميراث ولد الملاعنة.
(3) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث ولد الملاعنة - الحديث 9 - 6.
(4) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث ولد الملاعنة - الحديث 9 - 6.
(5) ذكر صدره في الوسائل - الباب - 8 - من أبواب ميراث ولد الملاعنة - الحديث 1
وذيله في الباب - 6 - منها - الحديث 1.
275

ثم انتفى منه فليس ذلك له، ولا كرامة يلحق به ولده إذا كان من
امرأته ووليدته ".
وخبر محمد بن الحسن القمي (1) " كتب بعض أصحابنا إلى أبي
جعفر الثاني (عليه السلام) معي يسأله عن رجل فجر بامرأة فحبلت،
ثم إنه تزوجها بعد الحمل، فجاءت بولد هو أشبه خلق الله به، فكتب
بخطه وخاتمه الولد لغية لا يورث " وغيرهما.
كقصور خبري حنان (2) عن أبي عبد الله (عليه السلام) " عن
رجل فجر بنصرانية فولدت منه غلاما فأقر به ثم مات ولم يترك ولدا
غيره أيرثه؟ قال: نعم " ونحوه الآخر (3) عن معارضة ما تقدم، بل
الاجماع بقسميه على خلافهما، فلا بد من طرحهما أو حملهما على ما لا ينافي
المطلوب، ضرورة اشتمالهما على الغريب.
نحو خبر محمد بن قيس (4) عن أبي جعفر (عليه السلام) " قضى
أمير المؤمنين (عليه السلام) في وليدة جامعها ربها في طهرها، ثم باعها
من آخر قبل أن تحيض، فجامعها آخر ولم تحض فجامعها الرجلان في
طهر واحد، فولدت غلاما، فاختلفا فيه فسئلت أم الغلام فزعمت أنهما
أتياها في طهر واحد، فلا يدرى أيهما أبوه، فقضى في الغلام أنه يرثهما
كليهما ويرثانه سواء ".
فلذا حمله في التهذيبين على التقية، وفرض اشتباههما لا يلحقه بهما
في الفرض، ويمكن دعوى أن المتجه لحوقه بمن عنده الجارية، كما أن

(1) الوسائل - الباب - 8 - من أبواب ميراث ولد الملاعنة - الحديث 2 - 7 - 8.
(2) الوسائل - الباب - 8 - من أبواب ميراث ولد الملاعنة - الحديث 2 - 7 - 8.
(3) الوسائل - الباب - 8 - من أبواب ميراث ولد الملاعنة - الحديث 2 - 7 - 8.
(4) الوسائل - الباب - 58 - من أبواب نكاح العبيد والإماء - الحديث 6.
276

المتجه القرعة في المشترك بين واطئين وطئ محللا لشبهة ونحوها، ولا ترجيح
لأحدهما على الآخر.
* (و) * على كل حال فقد ظهر لك أن * (ميراثه) * أي ابن
الزنا * (لولده) * خاصة دون أبيه وأمه فضلا عن أقاربهما * (ومع
عدمهم) * ف‍ * (ل‍) * مولى المعتق ثم الضامن ثم * (الإمام (عليه
السلام)) * بلا أشكال في شئ من ذلك، بل ولا خلاف.
كما لا إشكال * (و) * لا خلاف في أنه * (يرث الزوج والزوجة
نصيبهما الأدنى مع الولد والأعلى مع عدمه) * لاطلاق الأدلة في الجميع
من غير معارض * (و) * إنما الخلاف في خصوص ما سمعته مما * (في
رواية) * إسحاق بن عمار (1) من أنه * (ترثه أمه ومن يتقرب بها مثل
ابن الملاعنة) * على أنك قد سمعت شذوذه * (و) * أنها * (هي مطرحة) *
أو محمولة على ابن الزنا من طرف الأب أو غير ذلك، والله العالم.
* (الفصل الثاني) *
* (في ميراث الخنثى) *
التي هي إما ذكر أو أنثى في الواقع، لعدم الواسطة على الظاهر
المستفاد من تقسيم الانسان بل مطلق الحيوان إلى الذكر والأنثى في جميع

(1) الوسائل - الباب - 8 - من أبواب ميراث ولد الملاعنة - الحديث 9.
277

الأصناف في الكتاب (1) والسنة (2) على وجه لا يستطاع إنكاره.
وعلى كل حال فهو * (من له فرج الرجال والنساء) * ولا خلاف
ولا إشكال في أنه * (يرث على الفرج الذي) * يبول منه، فإن كان
من فرج الرجال ورث ميراث ذكر، وإن كان من فرج النساء ورث
ميراث الأنثى، بل الاجماع بقسميه عليه.
مضافا إلى قول الصادق (عليه السلام) في خبر طلحة (3): " كان
أمير المؤمنين (عليه السلام) يورث الخنثى من حيث يبول ".
وفي خبر داود بن فرقد (4) جواب سؤاله عن ذلك: " إن كان
يبول من ذكره فله ميراث الذكر، وإن كان يبول من القبل فله
ميراث الأنثى ".
وفي صحيح هشام بن سالم (5) " يورث من حيث يبول، فإن
خرج منهما جميعا فمن حيث سبق " وغير ذلك من النصوص (6).
فإن بال منهما فمن حيث * (يسبق منه البول) * بلا خلاف محقق
أجده فيه، بل الاجماع بقسميه عليه أيضا.
مضافا إلى الصحيح المزبور (7) وصحيحه الآخر (8) عنه (عليه

(1) سورة زخرف: 43 - الآية 12 وسورة الحجرات: 49 - الآية 13 وسورة
النجم: 53 - الآية 45 وسورة القيامة: 75 - الآية 39 وسورة الليل: 92 - الآية 3.
(2) البحار - ج 60 ص 335 - 337 و 340 و 341 و 344.
(3) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 2 - 1 - 0 -
(4) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 2 - 1 - 0 -
(5) التهذيب ج 9 ص 354 الرقم 1269.
(6) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 2 - 1 - 0 -
(7) التهذيب ج 9 ص 354 الرقم 1269.
(8) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 1.
278

السلام) أيضا " يورث حيث سبق بوله، فإن خرج سواء فمن حيث
ينبعث، فإن كان سواء ورث ميراث الرجال والنساء ".
والحسن كالصحيح (1) عن أبي عبد الله عن أبيه (عليهما السلام)
" أن عليا (عليه السلام) كان يقول: الخنثى يورث من حيث يبول "
فإن بال منهما جميعا فمن أيهما سبق البول ورث منه، فإن مات ولم يبل
فنصف عقل المرأة ونصف عقل الرجل ".
والمرسل (2) عنه (عليه السلام) أيضا " في المولود له ما للرجال
وله ما للنساء يبول منهما جميعا، قال: من أيهما سبق، قيل: فإن خرج
منهما جميعا، قال: فمن أيهما استدر، فإن استدرا جميعا، قال: فمن
أبعدهما " إلى غير ذلك من النصوص الدالة (3).
* (فإن جاء) * البول * (منهما) * دفعة * (اعتبر الذي ينقطع
أخيرا، فيورث عليه) * إجماعا في محكي السرائر والتحرير والمفاتيح وظاهر
الغنية والخلاف، بل وكتاب الاعلام للمفيد.
مضافا إلى ظهور كونه المراد من قوله (عليه السلام) في المرسل:
" أبعدهما " على معنى أبعدهما زمانا، وليس هو إلا الذي ينقطع أخيرا
بعد فرض تساويهما في الابتداء.
بل قيل: إنه المراد أيضا من الانبعاث في الصحيح (4) بدعوى
ملازمته، بمعنى الثوران والقوة والكثرة، أو بمعنى الاسترسال، لما عن
القاموس " بعثه كمنعه: أرسله فانبعث للانقطاع أخيرا " وإن كان هو
كما ترى، ضرورة ظهوره في إرادة الاستدرار في المرسل السابق الذي عقبه

(1) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 2 - 0 - 1
(2) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 4.
(3) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 2 - 0 - 1
(4) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 2 - 0 - 1
279

بأبعدهما المنافي لإرادة الانقطاع أخيرا بعد إرادته من أبعدهما. نعم عن
بعض النسخ " ينبت " بمعنى ينقطع.
وحينئذ مع التقييد بالأخير للخبر الآخر (1) وتعاقد الاجماعات
وشهادة الوجدان يكون دالا على المطلوب، وربما كان ذلك سبب توهم
القاضي فيما حكي من جعل العلامة الانقطاع أولا بدعوى ظهوره في ذلك،
لكن فيه أنه وإن كان مطلقا لا تقييد فيه بالانقطاع أولا وآخرا إلا أنه
يجب حمله على الآخر لما عرفت، فلا ريب حينئذ في ضعفه.
كضعف المحكي عن الصدوق (رحمه الله) والإسكافي والمرتضى من
عدم اعتبار الانقطاع أصلا بعد ما عرفت من الدليل على اعتباره.
مضافا إلى ما يمكن أن يقال من كون المستفاد مما سمعت من النصوص
وما فيها من الانبعاث والادرار وما تسمعه من خبر عد الأضلاع (2)
وما عن روضة الواعظين (3) عن الحسن بن علي (عليهما السلام) " فإن
كان ذكرا احتلم وإن كانت أنثى حاضت وبدا ثديها " أن المدار في
تشخيصها على حصول أمارة مرجحة لأحد الاحتمالين الناشئين من حصول
بعض خواص الذكر، وبعض خواص الأنثى.
فيكون الضابط بعد تعذر العلم بمعرفة الحال واشتراكها في جملة من
الأمارات الرجوع إلى غير ذلك من خواص الرجل والأنثى، فيحكم عليها
حينئذ من غير فرق بين المنصوص وغير المنصوص، كنبات اللحية ونحوها،
بل لعل الضابط ذلك في مصداق كل موضوع تعذر العلم بمعرفته ولا طريق
إلى الاحتياط.
ولو فرض تعارضها لا على جهة الاشتراك فيها كالبول منهما جميعا

(1) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 4.
(2) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 0 - 7.
(3) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 0 - 7.
280

أو السبق كذلك، بل كان على وجه اختصاص أحد الفرجين بالسبق والآخر
بتأخر الانقطاع بحيث يزيد على قدر السبق وبنبات اللحية والحيض ونحو
ذلك رجع أيضا إلى ترجيح إحدى الأمارتين على الأخرى باعتضاد أمارة
أو زيادة غلبة ونحو ذلك مما يفيد الظن بها، فإن فقد كان مشكلا،
وحكمه ما تعرفه.
وقد يحتمل كون المدار على الأمارات المنصوصة بالنص المعتبر دون
غيرها وإن أفاد الظن، كما أنه يحتمل ملاحظة الترتيب فيها، فيعتبر السبق
حينئذ وإن تأخر الانقطاع في الآخر، لكن الأقوى الأول، فيكون
حينئذ ما في النصوص مثالا لغيره، وخصها بالذكر لخفائها.
قال الحسن بن أبي عقيل: " الخنثى عند آل الرسول (صلوات الله
عليهم) فإنه ينظر فإن كان هناك علامة يبين فيه الذكر من الأنثى من
بول أو حيض أو احتلام أو لحية أو ما أشبه ذلك فإنه يورث على ذلك،
فإن لم يكن وكان له ذكر كذكر الرجال وفرج كفرج النساء فإن له
ميراث النساء، لأذن ميراث النساء داخل في ميراث الرجال، وهذا
ما جاء عنهم (عليهم السلام) في بعض الآثار ".
وهو كما ترى صريح في اعتبار غير المنصوص، بل الظاهر أيضا أن
الترتيب في المنصوص منها ذكري لا حقيقي، كما لا يخفى على من رزقه الله
فهم كلماتهم (عليهم السلام) على معنى الرجوع إلى علامة مع فقد الأخرى
نحو ما ورد في ترجيح النصوص المتعارضة لا أن المراد كونها علامة بعد
تعذر غيرها.
وكيف كان * (فإن) * كانت مشكلا بأن كان المخرجان قد
* (تساويا في السبق (والتأخر خ)) * ولم يكن هناك أمارة * (قال) *
الشيخ * (في الخلاف: يعمل فيه بالقرعة محتجا بالاجماع والأخبار) *
281

وعن الإيضاح أنه قواه، بل عن اليوسفي حكايته عن العجلي وجماعة من
معاصريه، قال: " والذي يقضي منه العجب حال المتأخر، هنا ذكر
اختلاف الأصحاب وأنه كان يفتي بالقرعة برهة من الزمان مع جماعة من
معاصريه ثم ادعى الاجماع على عد الأضلاع فكيف يصير قول اثنين أو
ثلاثة إجماعا، فإن قيل: المخالف مشهور باسمه ونسبه فلا يقدح في الاجماع
قلنا: لا نسلم، من أين عرف أنه لا مخالف غيرهم؟ أو من أين أن باقي
الإمامية شرقا وغربا يوافقون معك ولعله سمع ذلك من لسانه وإلا
فالمحكي من سرائره خلافه ".
وعلى كل حال فدليله ما سمعت من الاجماع وأخبار القرعة وخصوص
النصوص (1) الواردة في فاقد الفرجين الذي هو أيضا مشكل بفقدهما
كالمشكل بوجودهما، بل في بعضها (2) " أي قضية أعدل من قضية يحال
عليها السهام ".
وفي كشف اللثام " لا شبهة في أنه لا بد منها إذا ماتت ولم يستعلم
حالها " وفيه أن مقتضى قوله (عليه السلام): " فإن مات ولم يبل "
في الحسن (3) إعطاء نصف النصيبين عند عدم الاستعلام، ولعل القائل
به يلتزمه، إذ احتمال اختصاص القول به بمعلوم الاشكال لا الأعم منه
ومن لم يعلم حاله بموت ونحوه يدفعه ما عرفت من النص وإن كان خاصا
في من مات ولم يبل، إلا أن الظاهر عدم الفرق بينه وبين من كان يبول
إلا أنه لم يستعلم حاله فمات، على أنه لو سلم عدم تناول النص له أمكن
منع القرعة أيضا، بدعوى كون المتجه حينئذ ما سمعته في الحسن من
إعطاء نصيب الأنثى، لأنه المتيقن، وينفى غيره بالأصل الذي هو لم يقصر

(1) الوسائل - الباب - 4 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 0 - 3.
(2) الوسائل - الباب - 4 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 0 - 3.
(3) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 2.
282

عن إثبات ذلك وإن قصر عن تشخيص الموضوع، فيكون حكمه حينئذ
حكم الموضوع المعلوم عدم كونه مشتبها في نفسه إلا أنه تعذر معرفته
لموت بغرق ونحوه، ودعوى جريان القرعة فيه أيضا محل للنظر. وكيف
كان فالقرعة قوله في الخلاف.
* (وقال) * الشيخ * (في النهاية والايجاز والمبسوط: يعطى نصف ميراث
رجل ونصف ميراث امرأة) * كما هو المحكي عن المفيد (رحمه الله)
والصدوقين وسلار وابني حمزة وزهرة والمحقق الطوسي والآبي والعلامة وولده
وابن أخته والشهيدين وأبي العباس والصيمري والمقداد وغيرهم، بل هو
المشهور نقلا * (و) * تحصيلا، بل عن الغنية الاجماع عليه.
بل قد * (دلت عليه رواية هشام بن سالم) * في الحسن (1) * (عن أبي عبد الله
عليه السلام) في قضاء علي (عليه السلام)) * فإن كانا سواء ورث
ميراث الرجال والنساء " بعد القطع بعدم إرادة مجموعهما، خصوصا بعد
قول علي (عليه السلام) في الحسن كالصحيح (2): " فإن مات ولم
يبل فنصف عقل امرأة ونصف عقل رجل " المراد من العقل فيه الميراث.
على أن ذلك هو الموافق لقاعدة قسمة المال المشتبه بين شخصين
بالنصف، ضرورة دفع حصة أنثى لها، للقطع باستحقاقها ذلك على كل
حال، ويبقى التفاوت بين ذلك وبين حصتها ذكرا، لم يعلم مستحقه،
فيقسم بينهما بالنصف، وانحصار الناس في الذكر والأنثى غير مناف لذلك
بعد الدليل على كون حصته ذلك.
* (وقال المفيد (رحمه الله)) * في المحكي عنه في كتاب الاعلام

(1) أشار إليه في الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 1
وذكره في التهذيب ج 9 ص 354 - الرقم 1269.
(2) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 2.
283

* (والمرتضى (رحمه الله)) * في المحكي من انتصاره والحلي في المحكي
من سرائره: * (تعد أضلاعه) * أي الخنثى * (فإن استوى جنباه فهو
امرأة وإن اختلفا) * بأن كانت تسعة في اليمين وثمانية في اليسار أو غير
ذلك على ما اختلفت به الرواية * (فهو ذكر، وهي رواية شريح القاضي
حكاية لفعل علي (عليه السلام)) * في الخنثى التي حبلت وأحبلت (1)
* (واحتجاه) * أي الأولان بل والثالث * (بالاجماع) * مع ذلك.
* (و) * لكن * (الرواية ضعيفة) * السند، إلا أن الشيخ نسبها
في محكي الخلاف إلى رواية الأصحاب، وعن الحائريات أنها مشهورة بين
أهل النقل في أصحابنا، والمفيد رواها في المحكي من إرشاده مسندة إلى
الأصبغ بن نباتة عن علي (عليه السلام) والصدوق بطريق صحيح، بل
عن الحلي دعوى تواترها.
* (و) * أما * (الاجماع) * المزبور فإنه وإن قال المصنف: إني
* (لم نتحققه) * لكن لا يخفى عليك عدم صلاحية مثل ذلك لرده بعد
عدالة حاكيه وقرب عصره وجواز اطلاعه على ما لا يطلع عليه غيره،
فلا محيص عن اعتبار ذلك.
نعم لا ريب في عدم تيسره غالبا على وجه تطمئن النفس بمعرفة
ذلك، خصوصا في الجسم السمين، ولذا ذكروا (عليهم السلام) غير
ذلك من الأمارات السابقة وحكموا باعطاء نصف النصيبين لعلمهم (عليهم
السلام) بعدم تيسر معرفة هذه العلامة لغيرهم، ضرورة عدم إمكان
تميز الأضلاع غالبا على وجه تطمئن النفس به.
ومن هنا ظن بعض الناس مخالفة هذه العلامة للحس مدعيا أنه
اختبر ذلك غير مرة فلم يتحققها، بل قيل: إن أهل التشريح يدعون

(1) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 5.
284

التساوي بين الرجل والمرأة بالأضلاع.
إلا أنه كما ترى بعد الرواية الصحيحة (1) المشتملة على المعجز البالغة
لحلال المشكلات التي حكاه عنه (ع) المخالف والمؤالف المدعي تواترها
والاجماعات على مضمونها، فلا ينبغي التأمل في اعتبارها مع فرض تحققها،
وإلا فنصف النصيبين أو القرعة على اختلاف القولين اللذين يمكن الجمع
بين دليليهما بالتخيير إن لم يقم إجماع على خلافه ولم أتحققه، بل قيل: إن
التخيير هو المفهوم من مطاوي بعض الفتاوى.
نعم بقي شئ: وهو أنه يستفاد من هذه الرواية جواز تعرف
الرجال والنساء بعلامات الخنثى، حيث إنه أرسل (عليه السلام) إلى دينار
الخصي وامرأتين وأمرهم بعد الأضلاع (2) ولعله لا بأس بذلك للضرورة.
لكن قد يشكل الاكتفاء هنا بشهادة النساء في ذلك، فالأولى الاقتصار
على شهادة الرجال، فينظرون حينئذ إلى مبالها وسبق بولها وإن استلزم
ذلك النظر إلى عورة متيقنة.
ولعل الأولى ما قاله أبو الحسن (عليه السلام) لما سأله يحيى بن
أكثم (3) " عن الخنثى وعن قول علي (عليه السلام): فيها أنها تورث
على المبال من ينظر إليه إذا بال؟ وشهادة الجار إلى نفسه لا تقبل، مع
أنه عسى أن يكون امرأة قد نظر إليها الرجال، وعسى أن يكون رجلا
قد نظر إليه النساء، وهذا مما لا يحل، فأجاب (عليه السلام) أما قول
علي (عليه السلام) في الخنثى: إنه يورث من المبال كما قال، وينظر
قوم عدول يأخذ كل واحد منهم مرآة وتقوم الخنثى خلفهم عريانة
فينظرون في المرآة فيرون شبحا فيحكمون عليه " وهو جيد جدا، لأنه

(1) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 5 - 3.
(2) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 5 - 3.
(3) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 1.
285

إما أن لا يكون مثله حراما لعدم اندراجه في الأدلة، أو لأنه أقل
ما تندفع به الضرورة، والله العالم.
وكيف كان ف‍ * (إذا عرف (عرفت خ ل) ذلك فإن انفرد) *
الخنثى * (أخذ المال) * من غير إشكال * (وإن كانوا) * أي الخناثى
* (أكثر فعلى القرعة يقرع، فإن كانوا ذكورا أو إناثا فالمال سواء،
وإن كان بعضهم إناثا فللذكر مثل حظ الأنثيين) * كما هو واضح.
* (وكذا يعتبر لو قيل بعد الأضلاع) * الذي به يتميز الذكر من
الأنثى أيضا، فهو حينئذ كالقرعة في الحكم المزبور.
* (و) * أما المصنف (رحمه الله) وغيره فقد قالوا: إن المتجه
* (على ما اخترناه) * من إعطاء نصف النصيبين * (يكونون سواء في
المال وإن كانوا مائة، لتساويهم في الاستحقاق) * وهو كذلك، ضرورة
كونهم كالذكور أو الإناث في القسمة بالسوية حينئذ.
* (ولو اجتمع مع الخنثى ذكر بيقين قبل) * كما عن النهاية والايجاز
بل عن المبسوط أنه الأصل المعول عليه، وعن التحرير أنه استحسنه:
* (يكون للذكر أربعة أسهم وللخنثى ثلاثة) * فالقسمة حينئذ من سبعة
* (ولو كان معهما أنثى كان لها سهمان) * فهي من تسعة حينئذ، كما أنها
من خمسة لو كان مع الخنثى أنثى خاصة ثلاثة للخنثى وسهمان للأنثى،
وهذا الطريق هو المسمى بطريق التحقيق، ولعله أوفق بقوله (عليه السلام) (1):
" نصف عقل الرجل ونصف عقل الامرأة " ضرورة معلومية نسبة استحقاق
المرأة لاستحقاق الرجل بالثلث والثلثين، فيكون للخنثى حينئذ نصف الثلث
ونصف الثلثين، ونسبته حينئذ إلى استحقاق الرجل ثلاثة أرباعه بزيادة
استحقاق نصف أنثى مراعاة لاحتمال الذكورية المقابل باحتمال الأنوثة،

(1) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 2.
286

ومرجعه إلى قسمة ما زاد على المتيقن من استحقاق الأنثى بالنصف،
فيكون لها ميراث أنثى ونصف أنثى.
* (وقيل) * كما عن جماعة * (بل) * في محكي الإيضاح وتعليق
الكركي على النافع والتنقيح أنه المشهور وفي المسالك أنه أظهر بينهم:
* (يقسم الفريضة مرتين، وتفرض في مرة ذكرا وفي الأخرى أنثى،
ويعطى نصف النصيبين) * كما يعطى مشاركها من الذكر والأنثى نصف
النصيبين على التقديرين أيضا.
* (وطريق ذلك أن ينظر في أقل عدد يمكن قسم فريضتهما منه
ويضرب مخرج أحد الفريضتين في الآخر) * إذا كان المخرجان متباينين
وهما اللذان إذا أسقط الأقل من الأكثر مرة أو مرارا بقي واحد، مثل
ثلاثة عشر وعشرين، فإنك إذا أسقطت ثلاثة عشر من عشرين بقي سبعة
فإذا أسقطت سبعة من ثلاثة عشر بقي سنة، فإذا أسقطت سنة من سبعة
بقي واحد.
* (مثال ذلك: خنثى وذكر، فتفرضهما ذكرين فتطلب) * لهما
* (مالا له نصف ولنصفه نصف) * حتى يعرف نصيب الخنثى منه
* (و) * ليس أقل عدد كذلك * (هو) * إلا * (أربعة، ثم تفرضهما
ذكرا وأنثى فتطلب مالا له ثلث ولثلثه نصف) * حتى يعرف نصيب
الخنثى منه * (و) * ليس أقل عدد * (هو) * كذلك إلا * (ستة، وهما) *
أي مخرج الفريضة أي الستة والأربعة * (متفقان بالنصف) * لأذن
المراد بالمتوافقين اللذان إذا أسقط أقلهما من الأكثر مرة أو مرارا بقي
أكثر من واحد، كالعشرة والاثني عشر، فإنك إذا أسقطت العشرة بقي
اثنان فإذا أسقطتهما من العشرة مرارا أفنيت بهما، فإذا فضل بعد الاسقاط
اثنان فهما المتوافقان بالنصف، وإن فضل ثلاثة فهما المتوافقان بالثلث،
287

وهكذا إلى العشرة، ولو بقي أحد عشر فالموافقة بالجزء منها، ولا ريب
في بقاء الاثنين هنا بعد إسقاط الأربعة من الستة التي تفنى باسقاط الاثنين
منها مرارا.
وحينئذ * (فتضرب نصف أحد المخرجين) * وهو إما الاثنان أو
الثلاثة * (في) * تمام مخرج * (الآخر) * وهو الستة أو الأربعة كما
هو القاعدة في المتوافقين بالنصف، وحينئذ * (فيكون) * الحاصل فيما
نحن فيه على كل حال * (اثني عشر) *.
* (فيحصل للخنثى تارة النصف، وهو ستة) * من الاثني عشر،
وهي على فرض كونها ذكرا، ضرورة كون القسمة بينهما بالنصف،
لكون المفروض أن معها ذكرا * (و) * يحصل لها * (تارة) * أخرى
* (الثلث، وهو أربعة) * من الاثني عشر، وهي على فرض الأنوثة
المتقضية للقسمة مع الذكر بالثلثين والثلث * (فيكون) * الحاصل لها على
التقديرين * (عشرة) * لأنها ستة وأربعة * (ونصفه) * المستحق للخنثى
حينئذ * (خمسة، وهو نصيب الخنثى) * من الاثني عشر * (ويبقى) *
منها * (سبعة للذكر) * وهي نصف استحقاقه أيضا على تقديري ذكورية
الخنثى وأنوثيتها، ضرورة كونه ستة في الأول وثمانية في الثاني، ومجموعهما
أربعة عشر، نصفها سبعة وهي سهمه.
* (وكذا) * الكلام * (لو كان) * المجتمع معها * (بدل الذكر
أنثى، فإنها تصح من اثني عشر أيضا ف‍) * إنها جامعة لما ذكر لكن
* (يكون للخنثى سبعة) * من الاثني عشر * (وللأنثى خمسة) * منها،
لأنهما نصف استحقاقهما على التقديرين، لأذن الخنثى على فرض أنوثيتها
تستحق ستة من اثني عشر، لأذن مشاركتها أنثى، فيقسم المال بينهما
نصفين، وعلى تقدير الذكورة ثمانية ثلثي الاثني عشر، ومجموعهما أربعة عشر
288

نصفها سبعة، فيستحقها الخنثى، وأما الأنثى فتستحق على أحد التقديرين
للخنثى ستة، وهو حال الأنوثة، وعلى الآخر وهو الذكورة أربعة،
فيكون المجموع عشرة، لها منها نصفها وهو خمسة.
* (ولو كان مع الخنثى ابن وبنت فإذا فرضت) * الخنثى ذكرا
صار الوارث * (ذكرين وبنتا) * و * (كان المال) * بينهم * (أخماسا) *
سهمان لكل من الذكورين وسهم للأنثى * (وإذا فرضت‍) * ها أنثى صار
* (ذكرا وبنتين) * و * (كان) * المال بينهما * (أرباعا) * سهمان
للذكر، ولكل من البنتين سهم، وبين المخرجين التباين * (فتضرب) *
مخرج الأقل وهو * (الأربعة في) * مخرج الأكثر وهو * (خمسة
يكون) * الحاصل * (عشرين) *.
* (لكن لا يقوم لحاصل الخنثى) * معه * (نصف صحيح) * إذ
هو خمسة على تقدير وثمانية على آخر وليس له نصف صحيح * (ف‍) * احتجنا
إلى أن * (نضرب مخرج النصف وهما اثنان) * اللذان هما أقل عدد
يخرج منه النصف صحيحا * (في) * المجتمع من الضرب الأول، أي
* (عشرين) * كما هي القاعدة في مثل ذلك * (فيكون) * الحاصل
* (أربعين ف‍) * تقسم على الجميع و * (تصح الفريضة بغير كسر) *
فيعطى الذكر حينئذ ثمانية عشر من الأربعين، والأنثى تسعة، والخنثى
ثلاثة عشر، وهو نصف مستحقهم على التقديرين، كما هو واضح
بأدنى تأمل.
ولا يخفى عليك اختلاف كيفية القسمة وتفاوتها على الطريقين،
ضرورة كونها على الأول في المثال الأول سباعية، فللخنثى ثلاثة أسباع
الاثني عشر، وهي خمسة وسبعا، فالتفاوت حينئذ سبع، وفي المثال
الثاني لها من الاثني عشر ثلاثة أخماسها، وهي سبعة وخمس، فالتفاوت
289

حينئذ خمس، وفي المثال الثالث أربعة من الاثني عشر التي يستحق منها
على الطريق الثاني أربعة إلا نصف الخمس فالتفاوت بنصف الخمس،
كما أن التفاوت بثلث واحد في قسمة الأربعين بينهم على الطريقين.
وعلى كل حال فالوجه في هذا الطريق هو تخيل كون المراد من
قوله (عليه السلام) (1): " نصف عقل المرأة ونصف عقل الرجل "
فرضها ذكرا وفرضها أنثى في خصوص كل مورد، ثم تعطى نصف
المجتمع على التقديرين، وذلك يختلف باختلاف الموارد التي يشترك معها
غيرها فيها بالنسبة إلى التركة المفروضة، إلا أن الانصاف كون الخبر
ألصق بالطريق الأول الذي مرجعه إلى كون الخنثى باعتبار تعارض
الأمارتين فيه نصف ذكر ونصف أنثى أي ثلاثة أرباع حصة الذكر أو
حصة أنثى ونصف أنثى كما عرفت، والله العالم.
وكيف كان * (فإن اتفق معهم زوج أو زوجة صححت مسألة
الخناثى ومشاركيهم أولا) * بأحد الطريقين * (دون الزوج أو الزوجة
ثم ضربت مخرج نصيب الزوج أو الزوجة فيما اجتمع) * في تصحيح
الخنثى ومشاركه.
* (مثاله أن يجتمع ابن وبنت وخنثى وزوج، وقد عرفت أن سهام
الخنثى ومشاركيه) * على الطريق الأول تسعة وعلى الثاني * (أربعون
فتضرب مخرج سهم الزوج وهو أربعة) * لأنها أقل عدد يخرج منه
الربع صحيحا في تسعة على الأول و * (في أربعين) * على الثاني
* (فيكون) * ستة وثلاثين على الأول و * (مائة وستين) * على الثاني.
* (يعطى الزوج الربع) * تسعة على الأول و * (أربعين) * على
الثاني * (ويبقى) * سبعة وعشرون على الأول و * (مائة وعشرون) *

(1) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 2.
290

على الثاني، فيقسمها على من عدا الزوج من الورثة * (ف‍) * يعطى
* (كل من حصل لهم أولا سهم) * مضعفا ثلاثا أي * (ضربته في
ثلاثة، فما اجتمع فهو نصيبه من) * الستة وثلاثين على الأول و * (مائة
وستين) * على الثاني.
فللخنثى حينئذ على الأول من السبعة والعشرين تسعة، لأنها ثلاثة
في ثلاثة، وللولد اثنا عشر، لأنها ثلاثة في أربعة، وللأنثى ستة، لأنها اثنان
في ثلاثة، وللخنثى على الثاني تسعة وثلاثون من المائة وستين، لأنها ثلاثة عشر
في ثلاثة، وللذكر أربعة وخمسون، لأنها ثلاثة في ثمانية عشر، وللأنثى
سبعة وعشرون، لأنها تسعة في ثلاثة، والله العالم.
* (وإن كان أبوان أو أحدهما مع خنثى فللأبوين السدسان تارة) *
هي فرض الخنثى ذكرا * (ولهما الخمسان) * تارة * (أخرى) * هي
فرض الخنثى أنثى، لأذن لها النصف وهو ثلاثة من ستة، ولهما السدسان
وهما اثنان منها، فيكون المجموع خمسة، فيبقى واحد يرد عليهم أخماسا
* (فتضرب خمسة في ستة) * تبلغ ثلاثين، للأبوين على تقدير الذكورة
عشرة، وعلى تقدير الأنوثة اثنا عشر فرضا وردا * (فيكون) * المجموع
اثنين وعشرين * (للأبوين) * نصفها وهو * (أحد عشر وللخنثى) *
على تقدير ثمانية عشر وعلى آخر عشرون، فيكون المجموع ثمانية وثلاثين
نصفها لها * (تسعة عشر) * هذا على الطريق الثاني.
أما على الطريق الأول الذي مرجعه إلى ميراث بنت ونصف ميراث
أخرى فقد يقال: إنه لما كانت الفريضة من ثلاثين فللأبوين مع البنت
الواحدة الخمسان: اثنا عشر من ثلاثين، ومع البنتين السدسان: عشرة
والتفاوت اثنان، فالذي يزيد للخنثى على تقدير البنتين (البنتية خ ل)
الزائدة اثنان، فزيادة نصف البنت بنصف الاثنين - وهو واحد - يضاف
291

للثمانية عشر، يكون لها تسعة عشر، وللأبوين أحد عشر.
وهو معنى ما في الكشف من تقريره بأن " للخنثى فرضا خمسة عشر
باعتبار كونها بنتا وللأبوين عشرة فرضا ولو كانت بنتا واحدة كانت
الخمسة الباقية ترد عليهم أخماسا، فيكون لها ثلاثة أخماسها، ولو كانت
بنتين كان لها مجموع الباقي أيضا فإن للبنتين الثلثين، فالذي يزيد لها بالبنتية
الزائدة خمسا الباقي، نعطيها نصفهما، فيكون لها أربعة أخماس الباقي، وهي
أربعة من ثلاثين نضيفها إلى النصف تكون تسعة عشر ".
ولو كان أحد الأبوين مع خنثى فالفريضة من أربعة وعشرين،
للأب خمسة، والباقي للخنثى إن جعلنا له نصف نصيب ابن ونصف نصيب
بنت، فإنها على الذكورة من ستة وعلى الأنوثة من أربعة، فضربنا وفق
إحداهما في الأخرى بلغت اثنا عشر، للأب اثنان على الأول وثلاثة على
الثاني، ولها عشرة على الأول وتسعة على الثاني، وليس للتسعة ولا للثلاثة
نصف، فضربنا اثنين في اثني عشر، فللأب أربعة على تقدير وستة على
آخر أعطيناه خمسة، وللخنثى عشرون على تقدير وثمانية عشر على آخر
أعطيناه تسعة عشر.
بل هو كذلك على الطريق الآخر، فإن للأب سهما من ستة
مضروبا في اثنين وفق الأربعة، وسهما من أربعة مضروبا في ثلاثة وفق
الستة، وذلك خمسة، وللخنثى خمسة أسهم من ستة في اثنين وثلاثة من
أربعة في ثلاثة وذلك تسعة عشر.
* (ولو كان مع الأبوين خنثيان فصاعدا كان للأبوين السدسان
والباقي للخنثيين) * فالفريضة حينئذ من ستة للأبوين سهمان ولكل خنثى
سهمان على جميع التقادير * (إذ لا رد هنا) * فإنهما إن كانتا أنثيين كان
لهما الثلثان، وإن كانا ذكرين أو ذكرا وأنثى كان لهما الباقي بلا فرض.
292

* (ولو كان) * معهما * (أحد الأبوين) * فله تارة - وهي حالة
كونهما ذكرين أو مختلفين - السدس، وتارة - وهي حال كونهما بنتين - الخمس
ولذا * (كان الرد عليهم أخماسا وافتقرت إلى عدد يصح منه ذلك) *
على التقديرين، فتضرب خمسة في ستة تبلغ ثلاثين ثم اثنين في ثلاثين،
فللأب تارة الخمس: اثنا عشر، وتارة السدس: عشر، فله نصفهما
أحد عشر، أو نقول له سهم في ستة وسهم في خمسة تبلغ أحد عشر،
والباقي للخناثى بالسوية، لما عرفت من تساويهم للتساوي في الاحتمال.
* (و) * كيف كان ف‍ * (العمل في سهم الخناثى من الإخوة) *
من الأبوين أو الأب * (أو العمومة) * وأولادهم * (كما ذكرناه في
الأولاد) *.
فلو فرضنا للميت جدا لأب وأخا له خنثى فعلى تقدير الذكورة
بينهما نصفان، وعلى تقدير الأنوثة المال أثلاثا تضرب اثنين في ثلاثة تصير
ستة، ثم تضرب اثنين في ستة فتبلغ اثني عشر، فللجد سبعة: نصف
ستة وثمانية وللخنثى خمسة: نصف ستة وأربعة، ولو كان مع الأخ الخنثى
جدة فبالعكس.
* (أما الإخوة من الأم فلا حاجة في حسابهم إلى هذه الكلفة،
لأذن ذكرهم وأنثاهم سواء في الميراث، وكذا الأخوال و) * الخالات.
نعم * (في كون الآباء والأجداد خناثى بعد، لأذن الولادة تكشف
عن حال الخنثى) * أنها ذكر * (إلا أن يبنى على ما روي عن شريح (1)
في المرأة التي ولدت وأولدت) * كما في الفقيه.
وما في المسالك - من أنه " ليس في الرواية ذلك وإنما فيها أنها
أولدت " - نشأ من اقتصاره على ملاحظة رواية التهذيب (2) إياها وهي

(1) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 3 - 5.
(2) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 3 - 5.
293

فيه كذلك، لكن في رواية الفقيه (1) " أنها ولدت وأولدت " وحينئذ
يتصور فيها كونها أبا خنثى وجدا كذلك مع فرض عدم العلامة المشخصة.
بل على هذه الرواية يشكل النسبة بين الولد منها والولد ممن أولدتها
بالإخوة، إذ هي أم لأحدهما أب لآخر، ويشترط في إضافة الإخوة
اتحاد أحدهما بينهما * (و) * هو منفي هنا.
بل * (قال الشيخ) * في المحكي عن مبسوطه: * (ولو كان الخنثى
زوجا أو زوجة) * على ما روي في بعض الأخبار (2) * (كان له نصف
ميراث الزوج ونصف ميراث الزوجة) * ومرجعه إلى ما ذكرناه من جواز
كونها أبا وأما، لكن فيه أن المعلوم عدم جواز نكاح الخنثى المشكل،
لأصالة حرمة الوطئ.
ولو سلم الجواز فذلك إنما يتم مع الاشتباه، وذلك بأن ينكح
خنثى خنثى وصححنا العقد بينهما وماتا متعاقبين ولم يقسم تركتهما واشتبه
الأمر علينا فلم يعلم أيهما الزوج وأيهما الزوجة، ومع ذلك ففي الحكم باعطاء
نصف النصيبين نظر، فإن القريب إنما اضطرنا إلى ميراثه كذلك أن
الواقع لم يكن يخلو عن إرثه، وهنا يحتمل كونهما ذكرين وأنثيين، وعليهما
لا نكاح فلا إرث، ويندفع بفرض ولد بينهما لا يعلم أيهما أولده أو وإن
علم على ما في الخبر.
وعن القاضي أنه قال: " والخنثى إذا تزوج بخنثى على أن الواحد
منهما رجل والآخر امرأة من قبل أن يتبين أمرهما أوقف النكاح على أن
يتبين، فإن مات أحدهما قبل بيان أمرهما لم يتوارثا ".
قلت: وهو كذلك، لجواز فساد النكاح بذكورتهما أو أنوثتهما،
ولا يخالف هذا ما سمعته من المبسوط بعد تنزيله على ما يعلم به انتفاء

(1) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 3 - 5.
(2) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 3 - 5.
294

الاحتمالين من وجود ولد بينها.
وقد يحتمل كون مراد الشيخ أن الخنثى إذا كانت زوجا لامرأة
معلومة أو زوجة لرجل كذلك بناء على صحة ذلك لها أو فرض لها
صورة تصح على وجه تستحق الميراث كان ميراثها في الأول نصف ميراث
زوج، وفي الثاني نصف ميراث زوجة، لاحتمال الذكورة في الأول والأنوثة
في الثاني فتستحقه واحتمال العكس فلا تستحق شيئا، فيراعى الاحتمالان
وتعطى الميراث على حسبهما، وهو النصف، نحو المال المشتبه بين شخصين
يدعي كل منهما أنه له، فيقسم بينهما نصفين، والله العالم.
* (مسائل ثمان:) *
* (الأولى:) *
* (من ليس له فرج الرجال ولا) * فرج * (النساء) * ولا غيرهما مما
يتشخص به كل منهما كما نقل عن شخص وجد ليس في قبله إلا لحمة
ناتئة كالربوة يرشح البول منها رشحا وليس له قبل، وعن آخر ليس
له إلا مخرج واحد بين المخرجين منه يتغوط ومنه يبول، وعن آخر
ليس له مخرج لا قبل ولا دبر، وإنما يتقيا ما يأكله ويشربه * (يورث
بالقرعة) * عند المشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة، بل عن السرائر
وظاهر الغنية والتنقيح الاجماع عليه.
لصحيح الفضيل (1) سأل الصادق (عليه السلام) عنه فقال:

(1) الوسائل - الباب - 4 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 2.
295

" يقرع الإمام أو المقرع * (يكتب على سهم عبد الله و) * يكتب * (على) *
سهم * (آخر أمة الله) * ثم يقول الإمام أو المقرع: اللهم أنت الله لا إله
إلا أنت عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون
بين لنا هذا المولود حتى يورث ما فرضت له في الكتاب، ثم يطرح
السهمان في سهام مبهمة ثم يجال السهم على ما خرج ويرث عليه " وهو
صريح فيما سمعت * (و) * في أنه * (يستخرج بعد الدعاء، فما خرج
عمل عليه) *.
وفي مرسل ثعلبة (1) عن الصادق (عليه السلام) لما سئل عن
مولود ليس بذكر ولا أنثى ليس له إلا دبر كيف يورث؟ فقال:
" يجلس الإمام ويجلس عنده ناس من المسلمين فيدعون الله ويجال السهم
عليه على أي ميراث يورثه، أميراث الذكر أو ميراث الأنثى، فأي ذلك
خرج عليه ورثه، ثم قال: وأي قضية أعدل من قضية يجال عليها
السهام، يقول الله تعالى: فساهم فكان من المدحضين (2) ".
ولكن الظاهر استحباب الدعاء كما في الدروس وغيرها، خلافا لظاهر
جماعة فالوجوب، ويمكن إرادة الجميع الاستحباب، ضرورة كون المقام
كغيره من موارد القرعة، بل يقوى استحباب مطلق الدعاء وإن كان
الأفضل المأثور.
وعلى كل حال فما عن ابني الجنيد وحمزة - من اعتبار البول، بل
عن الشيخ في الاستبصار الميل إليه، فإن كان يبول على مباله فهو أنثى
وإن كان ينحي البول فهو ذكر، لمرسل ابن بكير (3) عن أحدهما
(عليهما السلام) " إن كان إذا بال فنحى بوله ورث ميراث الذكر،

(1) الوسائل - الباب - 4 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 3 - 5.
(2) سورة الصافات: 37 - الآية 141.
(3) الوسائل - الباب - 4 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 3 - 5.
296

وإن كان لا ينحي بوله ورث ميراث الأنثى " وعن الحسن (عليه السلام) (1)
في جواب مسائل ملك الروم التي سئل عنها معاوية لعنه الله " ينتظر به
الحلم، فإن كان امرأة بان ثدياها، وإن كان رجلا خرجت لحيته،
وإلا قيل له يبول على الحائط فإن أصاب الحائط بوله فهو رجل، وإن
نكص كما ينكص بول البعير فهي امرأة " - واضح الضعف لما عرفت.
على أن ذلك غير مطرد، فلا محيص عن الرجوع إليها، بل الظاهر
عدم تمييزها بذلك هنا بعد فرض عدم مخرج له غير الثقب الذي يمكن
أن يكون صاحبه أنثى وإن تنحى بوله، لأذن عدم تنحيه في ذات الفرج
لا يقتضي مساواته لبولها في الخارج من الثقب، كما أنه يمكن أن يكون
ذكرا وإن لم يتنح، لعدم القصبة له المقتضية لتنحيه، والمرسلان لم نتحققها
مع إمكان تنزيلهما على ما إذا أمكن حصول الطمأنينة بتشخيص حاله بذلك،
إذ قد عرفت أن محل القرعة غير المتميز كما هو ظاهر النص والفتوى وصريح
المحكي في الاستبصار، والله العالم.
المسألة * (الثانية:) *
* (من له رأسان وبدنان على حقو واحد) * كما عن أبي جميلة أنه
رأى بفارس امرأة لها رأسان وصدران في حقو واحد متزوجة تغار هذه
على هذه وهذه على هذه، وعن غيره أنه رأى رجلا كذلك وكانا حائكين
يعملان جميعا على حقو واحد، وحكمه أنه * (يوقظ أحدهما فإن انتبها فهما
واحد، وإن انتبه أحدهما فهما اثنان) *.

(1) الخصال - ج 2 ص 57 ط حجر " باب عشرة أشياء بعضها أشد من بعض " مع اختلاف يسير.
297

لقول الصادق (عليه السلام) في خبر حريز (1): " ولد على عهد
أمير المؤمنين (عليه السلام) مولود له رأسان وصدران في حقو واحد
فسئل أمير المؤمنين (عليه السلام) يورث ميراث اثنين أو واحد؟ فقال:
يترك حتى ينام ثم يصاح به فإن انتبها جميعا معا كان له ميراث واحد، وإن
انتبه واحد وبقي الآخر نائما فإنما يورث ميراث اثنين " وهو وإن كان
ضعيفا إلا أنه منجبر بالعمل به من غير خلاف، كما اعترف به في كشف
اللثام وغيره.
ولا ينافيه قوله تعالى (2): " ما جعل الله لرجل " إلى آخرها
لجواز أن يراد قلبين متضادين يحب بأحدهما شيئا ويكرهه بالآخر، أو يحب
قوما بأحدهما وبالآخر أعداءهم. ولذا قال الشيخ (رحمه الله) في المحكي
من تبيانه: " ليس يمتنع أن يوجد قلبان في جوف واحد إذا كان ما يوجد
بينهما يرجع إلى حي واحد، إنما التنافي أن يرجع ما يوجد منهما إلى حيين "
وكيف كان ففي اختصاص الحكم المزبور بالميراث أو عمومه لغيره
مطلقا أو في بعض دون بعض أوجه، قال في القواعد بعد أن ذكر الميراث:
" وكذا التفصيل في الشهادة والحجب، وأما التكليف فاثنان فيه مطلقا
وفي النكاح واحد، ولا قصاص على أحدهما وإن تعمد مطلقا، ولو تشاركا
في الجناية ففي الرد مع الانتباه لا دفعة إشكال، ومع الانتباه دفعة أشكل ".
وفيه أن إلحاق خصوص الشهادة والحجب بالميراث دون غيرهما أشد
إشكالا من ذلك، والذي يقوى في النظر مراعاة العلامة المزبورة في
تشخيص الاتحاد والتعدد في الجميع، بل يقوى مراعاة غيرها أيضا، فلو
فقد الجميع أو تعارضت استخرج اتحاده وتعدده بالقرعة التي هي لكل

(1) الوسائل - الباب - 5 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 1.
(2) سورة الأحزاب: 33 - الآية 4.
298

أمر مشكل أو بني على ظهور التعدد.
وفي كشف اللثام في شرح قوله في القواعد: " أما التكليف فاثنان
مطلقا ". " أي يجب في الطهارة غسل الأعضاء جميعا، وفي الصلاة مثلا أن
يصليا، فلا يجزئ فعل أحدهما عن فعل الآخر ليحصل يقين الخروج
عن العهدة، وهل يجوز صلاة أحدهما منفردا عن الآخر أو يكفيه في
الطهارة غسل أعضائه خاصة؟ يحتمل البناء على الاختيار بالاشتباه، فإن
اتحدا لم يجز من باب المقدمة، ووجوب الاجتماع مطلقا، لقيام الاحتمال
وضعف الخبر واختصاصه بالإرث - ثم علل الوحدة في النكاح باتحاد
الحقو وما تحته - وإن كان أنثى فيجوز لمن يتزوجها أن يتزوج ثلاثا آخر،
لكن لا بد في العقد من رضاهما وايجابهما أو قبولهما ".
ولا يخفى عليك ما في الجميع، بل وما في إشكال القواعد بعد
ما عرفت من ظهور الخبر في اطراد العلامة المزبورة في جميع ذلك، نعم
يتفرع على تعددهما - حيث يحصل بالعلامة المذكورة أو غيرها بناء على
إلحاقه بها في ذلك - أحكام كثيرة: منها: اختصاص حكم نقض الحدث
الأصغر بنوم ونحوه مما يحصل بالأعالي، بل والأكبر كمس الميت، فمن
حصل منه دون الآخر اختص بالأمر بالطهارة.
بل لا يبعد جريان حكم المتطهر والمحدث في العضو المشترك بالنسبة
إلى استعمال كل منهما، وربما احتمل انتقاض الوضوء من الآخر أيضا
باعتبار كون الحدث تعلق بتمام البدن ومن جملته بعض أعضاء الوضوء
المشتركة بينهما، والوضوء لا يتبعض وانتقاضه في خصوص العوالي، وأما
الأسافل فيجوز لكل منهما مماسة الكتاب به، إلا أنه كما ترى، بل لعل
احتمال بقاء حكم الوضوء في المشترك بينهما من الأسافل أولى من ذلك
وإن كان هو ضعيفا أيضا، والأقوى ما عرفت.
299

والظاهر أنه ليس لأحدهما منع الآخر من الوضوء أو غيره من
المقاصد المحتاجة إلى الحركة وإلى استعمال المشترك بينهما.
لكن في كشف الأستاذ " لو أراد أحدهما الحركة إلى الوضوء هل
له إجباره بنفسه، أو مع الرجوع إلى الحاكم، أو لا، بل ينتقل فرضه
إلى التيمم مع حصول ما يتيمم به، فإن احتاج إلى الحركة أيضا فأبى
عليه احتمل فيه الاجبار، وسقوط الصلاة لفقد الطهورين - بل قال: لو
أراد أحدهما المسح على القدمين المشتركين فأبى عليه الآخر احتمل الاجبار
والاكتفاء بالأعالي كالمقطوع، والرجوع إلى التيمم لاختصاصه بالعوالي ".
وهو غريب، ضرورة عدم الاشتراك بينهما على حد شركة المال،
وإنما هي شركة في الاستعمال بمعنى تسخير الله هذا العضو لكل منهما في مقاصده
وفيما يراد منه، على أن أوامر الوضوء مثلا كافية في جواز مسحه وحركته
من غير إذن صاحبه، كما هو واضح.
وأما الحدث الأصغر والأكبر مما يحصل بالأسافل فالظاهر اختصاص
كل منهما بحكمه أيضا مع فرض استقلالهما بالاختيار منه، بأن يكون لكل
واحد منهما مجمع بول وغائط ومني مستقل عن الآخر، وإنما شركتهما في
محل خروجه، فحينئذ يتبع حكم كل حدث صاحبه.
ولو فرض اشتراكهما في مجمع الأمور المذكورة على وجه لا يكون
لأحدهما استقلال عن الآخر بل ليس لهما إلا بول واحد ومني واحد أمكن
جعل ذلك من علامات الاتحاد، فيحكم عليهما بأنهما واحد، كما هو واضح.
ومنها أن لو كان أحدهما فقط كافرا فهل ينجس محل الاشتراك،
فلا يطهر تغليبا للكفر، أو يطهر تغليبا للاسلام؟ وعلى الأول هل يسقط
التكليف بالطهارة لبطلان التبعيض، أو ينزل منزلة المقطوع أو يلزم
التيمم؟ وعلى القول بتغليب الاسلام يتعين الارتماس بالمعصوم، لعدم
300

إمكان التحفظ من تنجس الماء أو يلحق بالسابق؟
ومنها ما في كشف الأستاذ " أنه لو كان أحدهما كافرا حربيا جاز
لصاحبه استرقاقه إن تمكن من قهره، ولو قهره آخر ملكه، وتقسم
الأجرة الحاصلة على وفق العمل، فإذا عمل أحدهما بيديه ورجليه أو بيد
ورجل كان له ثلاثة أرباع، وللآخر الربع أو بيدين ورجل كان له خمسة
أسداس وللآخر السدس، وإن عمل بإحدى يديه وكلتي رجليه كان له
ثلثان، وللآخر الثلث، كل ذلك مع تساوي اليد والرجل في العمل،
ولو كان الاسترقاق لأكثر من واحد قسموا معه واقتسموا بينهم، ولكل
من استرقه بيعه وإيجاره ونحو ذلك ".
وفيه ما عرفت من عدم الشركة بينهم في الرجلين على حد شركة
المال، بل فعل كل منهم يستند إلى صاحبه لا يشاركه الآخر فيه إلى غير
ذلك من الفروع الكثيرة العامة لجميع أبواب الفقه التي لا يخفى عليك الحال
فيها بعد الإحاطة بما سمعت.
المسألة * (الثالثة:) *
* (الحمل يورث إن ولد حيا) * بلا خلاف ولا إشكال * (وكذا
لو سقط بجناية أو غير جناية فتحرك حركة الأحياء) * لا حركة التقلص.
* (ولو خرج نصفه) * مثلا * (حيا والباقي ميتا) * أي أنه
مات قبل تمام ولادته * (لم يرث) * لانتفاء شرط الإرث.
* (وكذا) * عند الشيخ ومن تبعه * (لو تحرك حركة لا تدل
301

على استقرار الحياة كحركة المذبوح، و) * لكن * (في رواية ربعي (1)
عن أبي جعفر (عليه السلام) " إذا تحرك تحركا بينا يرث ويورث " وكذا
في رواية أبي بصير (2) عن أبي عبد الله (عليه السلام)) * وهو أعم
من استقرار الحياة، اللهم إلا أن يراد بالبين ذلك، إلا أنه كما ترى. نعم
قد يدعى الشك في تناول الأدلة لمثل المولود مضطربا اضطراب خروج
الروح، مع أنه ممنوع أيضا.
* (و) * على كل حال * (لا يشترط كونه حيا عند موت المورث
حتى أنه لو ولد ل‍) * دون * (ستة أشهر من موت الواطئ) * بلحظة
* (ورث) * وإن كان هو حاله نطفة * (أو) * علقة، وكذا يرث لو
ولد * (لتسعة) * أشهر * (و) * لكن إذا * (لم تتزوج) * الأم وإلا
لم يعلم كونه من الميت بخلافه في الأول، لأصل عدم وطئ غيره ولو شبهة
كما تقدم الكلام في ذلك مفصلا، بل تقدم أيضا ما يعلم منه الحال في.
المسألة * (الرابعة:) *
وهي * (إذا ترك) * الميت * (أبوين أو أحدهما وزوجا أو زوجة
وترك حملا أعطي ذووا الفروض نصيبهم الأدنى) * الذي يستحقونه على كل
من تقديري ذكورة الحمل وأنوثته واتحاده وتعدده * (واحتبس الباقي،
فإن سقط ميتا أكمل لكل منهم نصيبه) * وإلا كان له ما يستحقه تمام
المحبوس أو بعضه، بل و

(1) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 4 - 7 والأول عن أبي عبد الله (عليه السلام).
(2) الوسائل - الباب - 7 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 4 - 7 والأول عن أبي عبد الله (عليه السلام).
302

* (الخامسة:) *
وهي * (قال الشيخ: لو كان للميت ابن موجود وحمل أعطي
الموجود الثلث ووقف للحمل ثلثان، لأنه الأغلب في الكثرة وما زاد نادر) *
لا يحتاط له، خصوصا ما زاد على الأربعة، فإنه قد نقل عن امرأة في
نواحي الشامات أنها ولدت أربعين ولدا ذكرا في كيس واحد، كان
قدر كل واحد منهم مثل فرخ الهرة وكلهم عاشوا * (ولو كان الموجود
أنثى أعطيت الخمس حتى يتبين الحمل، وهو حسن) * بل و
* (السادسة:) *
وهي * (دية الجنين يرثها أبواه أو من يدلي بهما جميعا أو بالأب
بالنسب والسبب) * كالولاء، فإنه قد تقدم الكلام في وارث الدية التي
منها هذه، نعم لم يتقدم ذكر.
* (السابعة:) *
وهي * (إذا تعارف اثنان) * كاملان فصاعدا * (ورث بعضهم
من بعض، ولا يكلفان) * أو أحدهما * (البينة) * بلا خلاف فيه بيننا، بل
303

ولا إشكال بعد عموم " إقرار العقلاء " (1) وانحصار الحق فيهما، وخصوص
المعتبرة المستفيضة، كصحيح عبد الرحمان (2) سأل الصادق (عليه السلام)
" عن المرأة تسبى من أرضها ومعها الولد الصغير فتقول: هو ابني، والرجل
يسبى فيلقى أخاه فيقول: أخي ويتعارفان، وليس لهما على ذلك بينة إلا
قولهما، فقال: ما يقول من قبلكم؟ قلت: لا يورثونهم، لأنهم لم
يكن لهم على ذلك بينة، إنما كانت ولادة في الشرك، فقال: سبحان الله
إذا جاءت بابنها أو بنتها معها لم تزل مقرة به وإذا عرف أخاه وكان
ذلك في صحة من عقولهما لا يزالان مقرين بذلك ورث بعضهم من
بعض " وغيره.
بل هو دال على قبول إقرار الأم بالصغير، وقد ذكروا ذلك في
باب الاقرار للأب خاصة معللين له بامكان إقامة الأم البينة على ولادتها
له دونه، اللهم إلا أن يحمل كلامهم السابق هناك على إرادة عدم قبوله
في الالحاق بالنسب على وجه يتعدى منها إلى غيرها، والصحيح على
خصوص التوارث لا اللحوق بالنسب، لكنه كما ترى.
وعلى كل حال فالظاهر عدم تعدي إقرار المتعارفين إلى غيرهما من
ذوي أنسابهما إلا بالتصادق، لعدم ثبوت النسب بالاقرار المزبور، بل
أقصاه ثبوت حكمه بالنسبة إلى المقر خاصة من غير فرق في ذلك بين
الولد والأخ وغيرهما، كما اعترف به في محكي المبسوط، قال: " لا يتعدى

(1) الوسائل - الباب - 3 - من كتاب الاقرار - الحديث 2 والمستدرك - الباب - 2 منه -
الحديث 1.
(2) الوسائل الباب - 9 - من أبواب ميراث ولد الملاعنة - الحديث 1 مع الاختلاف في
اللفظ، وذكره بعينه في الكافي ج 7 ص 166.
304

حكم التوارث إلى أولاد المتصادقين ولا غيرهما من ذوي النسب إلا بالتصادق
بينهم على ذلك ".
بل مقتضاه عدم الفرق في الأولاد بين الصغار والكبار، بل وبين الموجود
منهم قبل التعارف وما يتجدد لهما بعده، فتأمل جيدا.
ولو تصادقا بعد الاقرار على الانكار فالظاهر اعتباره أيضا، لانحصار
الحق فيهما * (و) * لو أنكر أحدهما خاصة لم يسمع منه بعد إقراره
كما أنهما * (لو كانا معروفين بغير ذلك النسب لم يقبل قولهما) * المعلوم
فساده، أما لو كانا معروفين على وجه لم يعلم منه بطلان الاقرار أمكن
القول بصحته حملا لقول المسلم عليها مع إمكانه، فتأمل جيدا. وأما
المسألة * (الثامنة:) *
فقد تقدم الكلام فيها مفصلا أيضا، وهي أن * (المفقود) * على
وجه لم يعلم خبره * (يتربص بماله، وفي قدر التربص أقوال: قيل:
أربع سنين، وهي رواية عثمان بن عيسى عن سماعة (1) عن أبي عبد الله
(عليه السلام) وفي الرواية ضعف) * وقصور عن مقاومة غيرها.
* (وقيل: تباع داره بعد عشر سنين، وهو اختيار المفيد (رحمه الله)
وهي رواية علي بن مهزيار (2) عن أبي جعفر (عليه السلام) في بيع
قطعة من داره، والاستدلال بمثل هذه) * الرواية * (تعسف) * لما عرفت.
* (وقال الشيخ: إن دفع إلى الحاضرين وكفلوا به جاز) *.
* (وفي رواية إسحاق بن عمار (3) عن أبي عبد الله (عليه السلام)

(1) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 9 - 7 - 8.
(2) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 9 - 7 - 8.
(3) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الخنثى - الحديث 9 - 7 - 8.
305

إذا كان الورثة ملاء اقتسموا فإن جاء ردوه عليه، وفي إسحاق) * بن عمار
* (قول، وفي طريقها سهل بن زياد، وهو ضعيف) *.
* (وقال في الخلاف: لا يقسم حتى تمضي مدة لا يعيش مثله إليها
بمجرى العادة، وهذا أولى) * وأقوى كما عرفته مفصلا.
* (الثالث) *
* (في ميراث الغرقى والمهدوم عليهم) *
* (وهؤلاء يرث بعضهم من بعض) * بلا خلاف أجده فيه، بل
الاجماع بقسميه عليه، والنصوص به مستفيضة أو متواترة (1) وبذلك
يخرج عما يقتضي عدمه من قاعدة كون الشك في الشرط شكا في المشروط
ضرورة اشتراط إرث كل واحد منهما من الآخر بحياته بعد موت الآخر
وهي غير معلومة، بل ربما كان مقتضى الأصول تقارن موتهما، ومن
المعلوم سقوط الإرث معه، وإن كان التحقيق نفيه بالأصل أيضا، إذ
هو من الحادث المسبوق بالعدم الذي إذا لوحظ اقتضى التعاقب، كما أنه
إذا لوحظ ما يقتضي عدم تأخر أحدهما عن الآخر اقتضى الاقتران الذي
هو لازم المنفي بالأصل.
واحتمال جريان التوارث بينهما على قاعدة العمل بالأصلين مع إمكانه
ولو لمكلفين - نحو واجدي المني في الثوب المشترك، ونحو التمسك بهما

(1) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم.
306

في كل من الإناءين لمكلفين على القول به، ونحو الحكم بطهارة الماء
ونجاسة الصيد فيه وغير ذلك - يدفعه وضوح كون المقام من غير ذلك
كله بعد تسليم الحكم في المقيس عليه.
ومن هنا اقتصر المشهور كما ستعرف في الحكم المزبور على خصوص
الغرقى والمهدوم عليهم دون غيرهم ولو كان الموت بسبب كالحرق والقتل
ونحوه، فضلا عما لم يكن بسبب كالموت حتف الأنف.
وكيف كان فالحكم لا إشكال فيه في المقام لكن بشروط: الأول
* (إذا كان لهم أو لأحدهم مال. و) * الثاني إذا * (كانوا يتوارثون و) *
الثالث إذا * (اشتبهت الحال في تقدم موت بعض على بعض) * أو اقترانه.
أما الأول فوجهه واضح، ضرورة انتفاء الموضوع معه، بل لذلك
لا ينبغي ذكره شرطا.
وأما الثاني فكذلك إذا لم يكن بينهما إرث أصلا ولو من جانب،
نعم إذا كان ذلك من جانب واحد فعل الوجه فيه ما قد عرفت من
كون الحكم على خلاف الأصل، فيقتصر فيه على المتيقن من النص
والفتوى، وهو ما إذا كان بينهما توارث من الجانبين، لكن عن المحقق
الطوسي (رحمه الله) أنه قال قوم بالتوريث من الطرف الممكن، ثم قال:
والأقرب الأول، ويمكن أن يستدل عليه بالاجماع وغيره.
وأما الثالث ففي الوضوح كالأول.
وحينئذ * (ف‍) * قد ظهر لك أنه * (لو لم يكن لهم مال أو
لم يكن بينهم موارثة أو كان أحدهما يرث دون صاحبه كأخوين لأحدهما
ولد سقط هذا الحكم) *.
* (وكذا لو كان الموت لا عن سبب) * بل كان حتف الأنف،
وهو الشرط الرابع بلا خلاف محقق أجده فيه، بل حكي غير واحد
307

الاتفاق عليه، مضافا إلى خبر القداح (1) عن الباقر (عليه السلام)
" ماتت أم كلثوم بنت علي (عليه السلام) وابنها زيد بن عمر بن الخطاب
في ساعة واحدة لا يدري أيهما هلك قبل فلم يورث أحدهما من الآخر،
وصلى عليهما جميعا ".
لكن عن النهاية والمبسوط والسرائر والمهذب تعليل الحكم المزبور
بأن التوارث إنما يجوز فيما يشتبه فيه الحال، فيجوز تقدم كل منهما على
الآخر لا فيما علم الاقتران، وهو مؤذن بقصر نفي التوارث في الموت
حتف الأنف على اقترانهما، بل عن أبي علي وأبي الصلاح التصريح بذلك
بل قيل: إنه ظاهر كثير من الأصحاب، وإن كنا لم نتحققه، وعلى
تقديره ففيه ما عرفت، مضافا إلى حركة القياس، إذ لا علة منصوصة
يؤخذ بها ولا تنقيح مناط باجماع ونحوه، بل لعله على عدمه ظاهر
أو معلوم.
وكذا لا توارث لو كان الموت لسبب هو الغرق * (أو) * الهدم
فضلا عن غيرهما ولكن * (علم اقتران موتهما أو تقدم أحدهما) * بخصوصه
* (على الآخر) * أو ظن على وجه يقوم مقام العلم، بل ينتفي الإرث
مطلقا أو عن المتقدم خاصة * (و) * هو واضح.
نعم * (في ثبوت هذا الحكم) * أي حكم الغرقى إذا كان الموت
* (ب‍) * سبب إلا أنه * (غير سبب الهدم والغرق) * كالحرق والقتل
في معركة ونحو ذلك * (مما يحصل معه الاشتباه) * المزبور * (تردد و) *
خلاف ف‍ * (كلام الشيخ (رحمه الله) في النهاية يؤذن بطرده مع أسباب
الاشتباه) * بل قيل: أنه صريحها وصريح أبي علي وأبي الصلاح وابني
حمزة وسعيد والمحقق الطوسي وظاهر المبسوط والسرائر والمراسم والمهذب

(1) الوسائل - الباب - 5 - من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم - الحديث 1.
308

للاشتراك في الاشتباه الذي هو العلة.
والأكثر كما في الروضة والمسالك على عدم الاطراد، بل عن الكفاية
نسبته إلى الأصحاب، وهو الأقوى اقتصارا فيما خالف الأصل على المتيقن
بعد عدم العلم، بل والظن المعتبر بكون العلة الاشتباه والعلم بحرمة القياس
مضافا إلى ما روي (1) أن قتلى اليمامة وصفين والحرة لم يورث بعضهم
من بعض.
ومن الغريب ما في الرياض هنا من الميل إلى الأول محتجا عليه
" بقوة احتمال كون العلة المحتج بها قطعية منقحة بطريق الاعتبار لا مستنبطة
بطريق المظنة لتلحق بالقياس المحرم في الشريعة ويعضده وقوع التعدية عن
مورد النصوص المخصصة للقاعدة كثيرا لأخصيتها من المدعى كذلك،
كما لا يخفى والاجماع وإن كان هو المستند في ذلك إلا أنه لا ينافي الاعتضاد
ويشير إلى قوة الاحتمال بل ويعينه فهم الراوي فيما تقدم من الصحيحين
من حكمه (عليه السلام) في المهدوم عليهم ثبوته في الغرقى، ولذا بعد
سماعه الحكم منه (عليه السلام) في المهدوم عليهم اعترض على أبي حنيفة
فيما حكم به في الغرقى من دون تربص وتزلزل، بحيث يظهر منه أنه
فهم كون العلة هو الاشتباه وإلا فلم يتقدم للغرقى ذكر سابقا لا سؤالا
ولا جوابا، والمعصوم (عليه السلام) أقره على فهمه غير معترض عليه
بالقياس، وأنك لم استشعرت من حكمي في المهدوم الاعتراض على أبي
حنيفة في الغرقى. فهذا القول في غاية القوة ونهاية المتانة لولا الشهرة
العظيمة التي كادت تكون من المتأخرين إجماعا وما في الإيضاح من أنه
" قد روي (2) أن قتلى اليمامة وقتلى صفين لم يرث بعضهم من بعض بل

(1) روى ذلك فخر المحققين مرسلا في إيضاح الفوائد - ج 4 ص 277.
(2) روى ذلك فخر المحققين مرسلا في إيضاح الفوائد - ج 4 ص 277.
309

ورثوا الأحياء قال: فإن صحت الرواية فهي حجة قوية ".
ثم قال: " ويكفي لنا في الاحتجاج بها انجبارها بالشهرة وإن لم
تكن بحسب السند صحيحة، ويضعف الاعتضاد بوقوع التعدية بعدم وقوعها
في الموت من غير سبب كما يأتي، والاجماع وغيره وإن كانا مستنديه إلا
أنهما دالان على عدم كون العلة الاشتباه المطلق، بل المقيد بشئ، وهو
كما يحتمل خصوصية الموت بالسبب مطلقا كذا يحتمل خصوصيته به مقيدا
بالهدم والغرق خاصة، والتقييد فيه وإن كان زائدا يوجب مرجوحيته
بالإضافة إلى الاحتمال الأول إلا أن المقصود من معارضة الاحتمال به
وذكرها بعد الاجماع على التقييد بعد دعوى تنقيح المناط القطعي، إذ هي
على تقدير تسليمها إنما تصح في الاشتباه المطلق ولو في الموت من غير
سبب، فإنه هو الذي يترائى في الاعتبار والنظر كونه هو العلة والمناط
في مورد النص دون الاشتباه المقيد. وبالجملة فالمسألة عند العبد محل
توقف وإن كان المصير إلى ما عليه الأكثر لا يخلو من قرب ".
إذ هو كما ترى من غرائب الكلام، فإن قوة احتمال كون العلة
قطعية لا يكاد يتصور لها معنى محصل. نعم إن تم ما ترائى له من كون
العلة الاشتباه المطلق كما لعله الظاهر من اسؤلة النصوص المشتملة على ذكر
الغرق أو الوقوع المفرع عليه فيها عدم العلم بموت السابق كان هو المدار
وإلا فلا، ولعل الأقوى الأخير.
على أن احتمال القطع أو ظنه على فرض تصوره غير مجد في الخروج
عن حرمة القياس، وليتنا فهمنا العلة القطعية المنقحة بطريق الاعتبار من
المستنبطة بطريق المظنة على وجه يفيد.
والتعدية التي أشار إليها مع فرض عدم اندراجها في الموجود من
النصوص إن حصل عليها إجماع أو غيره من الأدلة المعتبرة قلنا بها، وإلا
310

فلا حتى الغرق في الماء المضاف فضلا عنه في قير أو طين أو نفط أو
بالوعة أو نحو ذلك وهدم جبل فضلا عن انكسار شجرة ووقوع بيت
شعر وخيمة ونحوها، بل أن لم يحصل إجماع أو نحوه أشكل تعدية حكم
الغرقى والمهدوم عليهم إليهم حال العلم ببعض أحوالهم، كما إذا علم عدم
اقتران موتهم ولكن اشتبه خصوص التقدم والتأخر، ضرورة كون مورد
الأدلة الأول وإن كان العلم بذلك مؤكدا لاشتباه التوارث.
أما لو علم غرقهم ولكن كان مع الفصل بزمان طويل ولكن لم
نعلم السابق من اللاحق فالظاهر عدم جريان حكم الغرقى عليهم، بل قد
يشكل فيمن أصابهم الغرق دفعة بانكسار سفينة ونحوها ولكن ترتب زمان
موتهم وهلاكهم إلا أنا لم نعلم السابق من اللاحق ونحو ذلك مما يقوي
فيه احتمال القرعة، كقوته في الموت حتف الأنف والموت بسبب غير
سبب الغرق والهدم مع العلم بتقدم أحدهما على الآخر من غير تعيين للقطع
بوارثية أحدهما واشتباهه، وهو محل القرعة، وقد يحتمل حينئذ سقوط
التوارث في ذلك للشك في الشرط بالنسبة إلى كل منهما، بل لعل الظاهر
من خبر القداح (1) أن ذلك هو المدار في سقوط الإرث، لكن الأقوى
الأول.
نعم هو كذلك مع احتمال الاقتران في غير سبب الغرق والهدم، كما
عرفته سابقا، وحينئذ فلو احترقت امرأة وابنها مثلا ولم يعلم حال موتهما
سقط التوارث بينهما لما عرفت، فلو كان لها زوج وأب وأم مثلا كان
للزوج نصيبه الأعلى وهو النصف، والنصف الآخر لهما، لعدم ثبوت
حجب الولد هنا بعد معلومية اشتراط حجبه ببقائه بعدها والفرض عدم
العلم بذلك، ولذا قلنا بعدم إرثه لها، ولا ينافيه عدم العلم بموته قبلها،

(1) الوسائل - الباب - 5 - من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم - الحديث 1.
311

بل ولا بالمقارنة بناء على عدم اعتبار حجية الأصلين في إثباتها، لأذن
الحجب مشروط بما عرفت، لا عدمه أيضا إن كان يمكن دعواه أيضا
فيتجه حينئذ الحكم بثبوت الأقل وهو الربع ومنع الزائد بالأصل، إلا
أن الأقوى خلافه، خصوصا بعد أن ذكر المصنف كون الولد حاجبا
كالأخوة، على أن الظاهر كون الولد يحجب الزوج مثلا عن النصف
إلى الربع بمعنى أنه يرث فيحجب بإرثه، والفرض بناء المسألة على عدم
إرثه باعتبار عدم تحقق مقتضى الإرث فيه، ومن هنا اتجه عدم
حجبه هنا وإن قلنا بحجب القائل والرق والكافر، والله العالم.
وكيف كان ف‍ * (إذا ثبت هذا ف‍) * لا إشكال في أنه * (مع
حصول الشرائط) * التي أشرنا إليها * (يورث بعضهم من بعض) * بمعنى
يفرض كل منهما حيا بعد موت الآخر عملا بالاحتمالين بعد فقد الترجيح
في أحدهما.
قال عبد الرحمان بن الحجاج (1) " سألت أبا عبد الله (عليه السلام)
عن القوم يغرقون في السفينة أو يقع عليهم البيت فيموتون فلا يعلم أيهما
مات قبل صاحبه؟ قال: يورث بعضهم من بعض، كذلك هو في كتاب
علي (عليه السلام) ".
وسأله (عليه السلام) أيضا مرة أخرى (2) " عن القوم يغرقون أو
يقع عليهم البيت، قال: يورث بعضهم من بعض ".
وفي خبر الفضل بن عبد الملك (3) عنه (عليه السلام) أيضا

(1) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم - الحديث 1 - 3.
(2) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم - الحديث 1 - 3.
(3) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم - الحديث 4.
وقد رواه في الوسائل بعد صحيحة عبد الرحمان الثانية وفيه " في امرأة وزوجها سقط عليهما بيت
مثل ذلك " وكذلك التهذيب ج 9 ص 360 الرقم 1285 وما نسبه (قده) إلى خبر الفضل فهو من
لفظ مرسل أبان الذي يرويه في الوسائل بعد خبر الفضل وفي صدره " عن قوم سقط عليهم سقف ".
312

في امرأتين سقط عليهما سقف كيف مواريثهم؟ فقال: يورث بعضهم
من بعض ".
وقال الباقر (عليه السلام) في خبر محمد بن قيس (1): " قضى
أمير المؤمنين (عليه السلام) في رجل وامرأة انهدم عليهما بيت فماتا ولا
يدرى أيهما مات قبل؟ فقال: يرث كل واحد منهما زوجه كما فرض الله
لورثتهما " إلى غير ذلك من النصوص التي كادت تكون متواترة.
فلو كان لأحدهما مال دون الآخر انتقل المال إلى من ليس له مال
ثم منه إلى ورثته، قال عبد الرحمان (2) " سألت أبا عبد الله (عليه السلام)
أيضا عن بيت وقع على قوم مجتمعين فلا يدري أيهم مات قبل؟ فقال:
يورث بعضهم من بعض، قلت: فإن أبا حنيفة أدخل فيها شيئا، قال:
وما أدخل؟ قلت: رجلين أخوين أحدهما مولاي والآخر مولى لرجل
لأحدهما مائة ألف والآخر ليس له شئ ركبا في السفينة فغرقا فلم يدر
أيهما مات أو لا كان المال لورثة الذي ليس له شئ، ولم يكن لورثة
الذي له المال شئ، قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام): لقد
سمعها، وهو هكذا " ومثله خبراه الآخران (3) هذا كله مع جهل
تأريخ موت أحدهما.
أما مع علمه فالظاهر خروجه عن مورد النصوص المزبورة، بل
يحكم بكون الإرث لمجهولهما بناء على الحكم بتأخره، أو سقوط التوارث
في غير الغرقى والمهدوم عليهم، والتوارث فيهما بناء على عدمه، بل

(1) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم - الحديث 2.
(2) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم الحديث 1.
(3) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم - الحديث 2
بطريقين.
313

قد يدعى اندراجه في الأدلة، ولعله الأقوى.
* (و) * على كل حال فلا إشكال في أصل الحكم، نعم الظاهر
أنه * (لا يورث الثاني مما ورث‍) * ه * (منه) * أو من غيره الأول،
بل يختص الإرث فيما بينهم في صلب المال وتالده دون طارفه الذي حصل
لهم بالإرث، لمرسل حمران بن أعين (1) عن أمير المؤمنين (عليه السلام)
" في قوم غرقوا جميعا أهل بيت واحد، قال: يورث هؤلاء من هؤلاء
وهؤلاء من هؤلاء، ولا يرث هؤلاء مما ورثوا من هؤلاء شيئا، ولا يورث
هؤلاء مما ورثوا من هؤلاء شيئا ".
وفي صحيح محمد بن مسلم (2) عن أبي جعفر (عليه السلام) " في
رجل سقط عليه وعلى امرأته بيت قال: تورث المرأة من الرجل ويورث
الرجل من المرأة، معناه يورث بعضهم من بعض من صلب أموالهم لا
يورثون مما يورث بعضهم بعضا شيئا " وإن كان لم يعلم كون ذلك من
الباقر (عليه السلام) إلا أنه على كل حال فيه تأييد.
لكن * (و) * مع ذلك كله * (قال المفيد (رحمه الله)) * وسلار:
* (يرث مما ورث منه) * لاطلاق الأدلة ولعدم الفائدة في تقديم الأضعف
لولا ذلك.
* (و) * لا ريب في أن * (الأول أصح، لأنه إنما يفرض الممكن
والتوريث مما ورث) * منه * (يستدعي الحياة بعد فرض الموت) * في
موضوع واحد من جهة واحدة * (وهو غير ممكن عادة) *.
قيل: ولا يشكل ذلك بالتوارث بينهما، ضرورة كون ذلك من
فرض الحياة والموت في كل واحد منهما لا فرضهما معا في واحد مخصوص

(1) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم - الحديث 2 - 1.
(2) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم - الحديث 2 - 1.
314

ومن فرض الموت من حيث إنه يورث والحياة من حيث إنه يرث، وإن
كان هو كما ترى، إلا أنا في غنية عنه كالغنية عن مناقشة المفيد (رحمه الله)
باستلزام التسلسل التي يمكن منعها بالاختصاص في إرث الثاني لا كل منهما.
* (و) * على كل حال فالمتجه الأول * (لما) * قدمناه، مضافا
إلى ما سمعته فيما * (روي) * في الصحيح (1) وغيره (2) من * (أنه لو
كان لأحدهم) خاصة * (مال صار المال لمن لا مال له) * فإنه دال
على المطلوب أيضا، بناء على عدم اختصاص خلاف المفيد (رحمه الله)
في الأضعف خاصة. وحينئذ فيجب الخروج عن الاطلاق ببعض ما عرفت
فضلا عن جميعه بعد تسليم تناوله لمثل ذلك.
* (و) * أما الثاني ففيه منع اعتبار ظهور الفائدة كأكثر الأحكام
الشرعية المبنية على مصالح خفية.
على أن * (في وجوب تقديم الأضعف في التوريث ترددا) * وخلافا
* (قال في الايجاز) * ومحكي الاصباح والقطب علي بن مسعود والغنية
وظاهر الكافي: * (لا يجب) * للأصل وغيره * (وقال) * في محكي المقنعة
والنهاية والسرائر والوسيلة والتبصرة واللمعة وتعليق الفقيه: يجب التقديم
و * (في المبسوط) * يجب ذلك لكن * (لا يتغير به حكم غير أنا نتبع
الأثر في ذلك) *.
وهو خبر الفضل بن عبد الملك (3) عن أبي عبد الله (عليه السلام)
" في امرأة وزوجها سقط عليهما بيت، فقال: يورث المرأة من الرجل
ثم يورث الرجل من المرأة " وعبيد بن زرارة (4) " سألت أبا عبد الله

(1) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم - الحديث 1 - 2.
(2) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم - الحديث 1 - 2.
(3) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم - الحديث 1 - 2.
(4) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم - الحديث 1 - 2.
315

عليه السلام) عن رجل سقط عليه وعلى امرأته بيت، فقال: يورث
المرأة من الرجل ثم يورث الرجل من المرأة " وصحيح محمد بن مسلم (1)
عن أحدهما (عليهما السلام).
إلا أن الجميع في خصوص الزوج والزوجة، ويحتمل فيه الترتيب
الذكري، نحو قوله تعالى (2): " لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى
و " إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى
على العرش " (3) وغير ذلك مما ورد في الشعر والنثر، ومن هنا حمله
بعضهم على الندب * (و) * الأمر سهل بعد ما عرفت من عدم تغيير الحكم
به عندنا.
نعم * (على قول المفيد (رحمه الله)) * بإرث الثاني مما ورثه الأول
* (تظهر فائدة التقديم) * ضرورة ترتب الزيادة والنقصان عليه * (و) *
لكن قد عرفت أن * (ما ذكره في الايجاز أشبه بالصواب و) * بأصول
المذهب وقواعده، بل * (لو ثبت الوجوب كان تعبدا) * صرفا لا يترتب
ثمرة عليه، لما عرفت من إرث كل منهما التالد من المال دون طارفه.
وحينئذ * (فلو غرق زوج وزوجة فرض موت الزوج أولا وتعطى
الزوجة) * ثمنها أو ربعها * (ثم يفرض موت الزوجة ويعطى الزوج
نصيبه) * الربع أو النصف * (من تركتها الأصلية) * على المختار * (لا
مما ورثته) * أيضا خلافا للمفيد (رحمه الله) فيعطى منه حينئذ النصف
أو الربع أيضا * (وكذا لو غرق أب وابن يورث الأب ثم يورث الابن) *.

(1) أشار إليه في الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم -
الحديث 2 وكذلك في التهذيب - ج 9 ص 359 - الرقم 1282.
(2) سورة طه: 20 - الآية 82.
(3) سورة الأعراف: 7 - الآية 54 وسورة يونس: 10 - الآية 3.
316

* (ثم إن كان كل واحد منهما أولى من بقية الوراث انتقل مال كل
واحد منهما إلى الآخر ومنه إلى ورثته، كابن له إخوة من أم، وأب له إخوة
فمال الولد ينتقل إلى الوالد، وكذا مال الوالد الأصل) * دون ما ورثه
منه * (ينتقل إلى الولد، ثم ينتقل ما صار إلى كل واحد منهما إلى
إخوته) * فميراث الأب مال الابن أجمع ينتقل منه إلى إخوته أي عمومة
الابن، وينتقل مال الأب الأصلي إلى الولد ثم منه إلى إخوته من أمه.
لكن في تقديم الأب هنا لأنه أضعف نظر، ضرورة عدم كونه
صاحب فرض في المفروض، بل يرث فيه بالقرابة، فالمتجه حينئذ على
قول المفيد (رحمه الله) بناء على عدم موافقة الأصحاب في المقام القرعة.
هذا كله مع أولوية كل من الأب * (و) * الابن بالآخر ف‍ * (إن
كان لأحدهما أو لكل واحد منهما شريك في الإرث كابن وأب وللأب
أولاد غير من غرق وللولد أولاد ف‍) * يفرض موت الابن أولا
ويعطى نصيبه منه، وهو السدس ل‍ * (أن الأب يرث مع الأولاد السدس
ثم يفرض موت الأب فيرث الابن) * الغريق * (مع إخوته نصيبه) * من
مال أبيه الأصلي دون السدس الذي حصل له منه على المختار، وعلى
قول المفيد يأخذ نصيبه منه أيضا.
* (و) * على كل حال * (ينتقل ما بقي من تركته مع هذا النصيب
(النصف خ ل)) * الحاصل من تركة أبيه * (إلى أولاده) *.
* (ولو كان الوارثان يتساويان في الاستحقاق كأخوين لم يقدم
أحدهما على الآخر وكانا سواء في الاستحقاق) * للعدم الأضعف * (وينتقل
مال كل واحد منهما إلى الآخر، فإن لم يكن لهما وارث) * نسبي
ولا سببي * (فميراثهما للإمام (عليه السلام)) * الذي هو وارث أمثالهم
* (وإن كان لأحدهما وارث انتقل ما صار إليه إلى ورثته وما صار إلى
317

الآخر إلى الإمام (عليه السلام)) * بلا خلاف ولا أشكال.
نعم في الدروس تبعا للقواعد أنه " على قول المفيد (رحمه الله)
لو كان لكل من الأخوين جد لأم ولا مال لأحدهما يقرع، فإن خرج
توريث المعدم أو لا انتقل مال الآخر إليه وإلى جده: ثلثه لجده وثلثاه لأخيه
ثم يقدر موت الآخر، فيرث الموسر منه ثلثي ما انتقل إليه وثلثه لجده
المعدم (1) وينتقل ما ورثه الموسر إلى جده، فيجتمع لجده ثلث أصل
ماله وثلثا ثلثيه، وذلك سبعة أتساع ماله ولجد المعدم تسعان، ولو خرج
توريث الموسر لم يرث من أخيه شيئا، ثم يقدر موت الموسر، فيرث
ماله أخوه وجده أثلاثا، فيكون لجده الثلث ولأخيه الثلثان، ينتقل ما صار
لأخيه إلى جده، فيكون لجد الموسر ثلث ماله ولجد المعدم ثلثاه، فوجبت
القرعة، لتغير الحكم بالتقديم والتأخر، وعلى الأصح يصير مال الموسر بين
جده وجد أخيه أثلاثا لجده الثلث ولجد أخيه الثلثان. وكذا يقرع على
قوله لو كان لهما مال تساويا في قدره أو اختلفا، فإن جد المتقدم بالموت
يفوز بأكثر مما يحصل له لو تأخر موت مورثه، وعلى الأصح يقسم مال
كل أخ بين جده وجد أخيه أثلاثا لجده ثلثه ولجد أخيه ثلثاه ".
قلت: ما عثرنا عليه من عبارة المقنعة ليس فيها إلا تقديم الأضعف
وتوريث الأقوى ما ورثه منه كما لا يخفى على من لاحظها، ولعله لا تقديم
لمعين عنده في غيرهما، ولا توريث الثاني مما ورث منه الأول، بل ليس
في الأدلة إلا تقديم الزوجة كما سمعت في النصوص (2) إلا أنه تعدوا منها
في التقديم إلى كل أضعف، وأما في غير ذلك فليس في شئ من الأدلة

(1) هكذا في النسختين الأصليتين المسودة والمبيضة والصحيح " لجد المعدم " كما هو
كذلك في الدروس.
(2) الوسائل - الباب - 6 - من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم.
318

تقديم أحدهما بالخصوص ولا ميراث الثاني مما ورثه الأول منه أو من غيره.
ولو كان الغرقى أكثر من اثنين يتوارثون فالحكم كذلك أيضا،
بأن يفرض موت أحدهم ويقسم تركته على الاحياء إن كانوا والأموات
معه، فما يصيب الحي يعطى، وما يصيب الميت معه يقسم على ورثته
الأحياء دون الأموات معه على المختار، وعلى الجميع عند المفيد وسلار
وهكذا يفرض موت كل واحد إلى أن يصير تركات جميعهم منقولة
إلى الأحياء.
ولو غرق ثلاثة إخوة لأب وقد خلف كل واحد منهم أخا لأم
فرض موت كل واحد منهم أو لا، فيصير كمن خلف أخاه لأم وأخوين
لأب، فيكون أصل ماله اثني عشر ليكون لخمسة أسداسه نصف حتى
يقسم بين الأخوين للأب، فلأخيه لأمه حينئذ سهمان، ولكل من الفريقين
خمسة ينتقل منه إلى أخيه لأمه، فيكون بعد قسمة تركة الجميع لكل أخ حي
سهمان من اثني عشر من أصل تركة أخيه، وخمسة أسهم من اثني عشر من تركة
كل واحد من الأخوين الباقيين بالانتقال عنه إلى أخيه ثم من أخيه إليه.
هذا ولقد أطنب الفاضل في القواعد في الفروع التي لا يخفى حكمها
على من أحاط بالأصول، والله أعلم بحقيقة الحال.
319

* (الرابع) *
* (في ميراث المجوس) *
وغيرهم من فرق الكفر إذا ترافعوا إلينا أو أسلموا.
* (المجوسي قد ينكح المحرمات) * عند المسلمين * (بشبهة) *
اعتقاده في * (دينه) * وقد ينكح المحللات له في دين الاسلام * (فيحصل
له) * بذلك * (النسب الصحيح والفاسد والسبب الصحيح والفاسد،
ونعني بالفاسد ما يكون عن نكاح محرم عندنا لا عندهم، كما إذا نكح
أمه وأولدها، فنسب الولد فاسد) * عندنا * (وسبب زوجيتها فاسد) *
عندنا وإن كان هو صحيحا صحة معاملة بمعنى ترتب بعض الآثار عليه،
ولا ينافي ذلك تكليفه بالفروع، ضرورة حرمة ذلك عليه وإن ترتب أثر
العقد الصحيح عليه، بل يكفي في صدق فساده عندنا عدم ترتب جميع
الآثار عليه التي منها إباحة الوطئ.
قال عبد الله بن سنان (1): " قذف رجل مجوسيا عند أبي عبد الله
(عليه السلام) فقال: مه، فقال الرجل: إنه ينكح أمه وأخته،
فقال: ذلك عندهم نكاح في دينهم ".
وفي خبر محمد بن مسلم (2) " سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن

(1) الوسائل - الباب - 2 - من أبواب ميراث المجوسي - الحديث 1.
(2) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ميراث المجوسي - الحديث 1.
320

الأحكام، قال: تجوز على أهل كل ذي دين بما يستحلون ".
وعن الشيخ (رحمه الله) قد روى (1) أيضا أنه قال (عليه السلام):
" كل قوم دانوا بشئ يلزمهم حكمه " بل في الرياض أن ذلك في غير
واحد من الأخبار.
وقال أبو الحسن (عليه السلام) في خبر علي بن حمزة (2):
" ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم ".
وفي الموثق (3) " كل قوم يعرفون النكاح عن السفاح فنكاحهم جائز ".
لكن ومع ذلك * (فمن الأصحاب من لا يورثه إلا بالصحيح من
النسب والسبب، وهو المحكي عن يونس بن عبد الرحمان) * من أجلاء
رجال الكاظم والرضا (عليهما السلام) * (ومتابعيه) * وهم المفيد
(رحمه الله) في أحد النقلين والمرتضى والتقي والحلي والفاضل بل في كتاب
أعلام الورى نسبته إلى جمهور الإمامية، بل عن موصليات المرتضى الاجماع
عليه، لعموم ما دل على فساده للمسلم والكافر، فلا يندرج حينئذ في
عموم المواريث المبنية على النسب والسبب الصحيحين، ولقوله تعالى (4):
" وأن احكم بينهم بما أنزل الله ". " وقل الحق من ربكم، فمن شاء
فليؤمن ومن شاء فليكفر " (5). " فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض
عنهم، وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا، وإن حكمت فاحكم بينهم
بالقسط " (6).

(1) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث المجوسي - الحديث 3.
(2) الوسائل - الباب - 3 - من أبواب ميراث المجوسي - الحديث 2 وهو خبر علي ابن
أبي حمزة.
(3) الوسائل - الباب - 83 - من أبواب نكاح العبيد والإماء - الحديث 3 من كتاب النكاح.
(4) سورة المائدة: 5 - الآية 49 - 42.
(5) سورة الكهف: 18 - الآية 29.
(6) سورة المائدة: 5 - الآية 49 - 42.
321

وفي المحكي عن السرائر " فإذا حكم الحاكم بما لا يجوز في شرع الاسلام
فقد حكم بغير الحق وبغير ما أنزل الله وبغير القسط، وأيضا لا خلاف
بيننا أن الحاكم لا يجوز له أن يحكم بمذاهب أهل الخلاف مع الاختيار ".
* (ومنهم من يورثه بالنسب صحيحه وفاسده وبالسبب الصحيح
لا الفاسد، وهو اختيار الفضل بن شاذان) * النيشابوري * (من القدماء) *
الفضلاء من رجال الهادي والعسكري (عليهما السلام) * (ومن تابعه) *
الحسن بن أبي عقيل وابن بابويه والفاضل في القواعد وغيرهم، بل في الرياض
نسبته إلى أكثر من تأخر كالفاضلين * (و) * الشهيدين وغيرهم ممن وقف
على كلامهم، بل فيه عن جده المجلسي (رحمه الله) نسبته إلى الأكثر،
بل هو * (مذهب شيخنا المفيد) * في النقل الآخر * (وهو حسن) *
لصحة النسب الناشئ عن الشبهة شرعا " فيدخل في عموم أدلة الإرث،
بخلاف السبب، فإنه لا يقال للموطوءة بشبهة عقد أو غيره أنها زوجة
ولا للواطئ زوج، فلا تندرج في عموماته، وحينئذ فلو تزوج أخته أو
أمه أو بنته ورثت بالنسب خاصة دون الزوجية.
ومنهم الشيخ المفيد على ما حضرني من نسخة مقنعته * (والشيخ
أبو جعفر) * الطوسي ومن تابعه: سلار والقاضي وابن حمزة وغيرهم * (يورثه
بالأمرين صحيحهما وفاسدهما) * بل ومحكي التحرير أنه المشهور وعن
الإسكافي أنه مشهور عن علي (عليه السلام) لما رواه السكوني في القوي (1)
عن علي (عليه السلام) " أنه كان يورث المجوسي إذا تزوج أمه وأخته
وابنته من جهة أنها أمه وأنها زوجته " وأبو البختري في المروي عن

(1) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث المجوسي - الحديث 1 عن جعفر عن أبيه
(عليهما السلام) وفيه " إذا تزوج بأمه وبابنته " وفي الفقيه ج 4 ص 249 - الرقم 804
عن علي (عليه السلام) " إذا تزوج بأمه وبأخته وبابنته ".
322

قرب الإسناد (1) عن جعفر عن أبيه عن علي (عليهم السلام) " أنه
كان يورث المجوس إذا أسلموا من وجهين بالنسب، ولا يورث على
النكاح " للنصوص السابقة (2) والظاهر أن هذا هو الحق والقسط الذي
قد أنزله الله وأمر نبيه بالحكم به عليهم.
* (و) * حينئذ ف‍ * (على هذا القول لو اجتمع الأمران لواحد
ورث بهما مثل أم هي زوجة) * فإن * (لما نصيب الزوجية، وهو الربع
مع عدم الولد، والثلث نصيب الأمومة من الأصل، فإن لم يكن) *
لها * (مشارك كالأب فالباقي يرد عليها بالأمومة) * كما أن له منها
نصيب الزوجية النصف مع عدم الولد والربع معه، والباقي إن لم يكن
له مشارك.
* (وكذا) * الكلام في * (بنت هي زوجة) * فإن * (لها
الثمن) * نصيب الزوجية * (والنصف) * نصيب البنتية * (والباقي
يرد عليها بالقرابة إذا لم يكن) * لها * (مشارك، ولو كان) * له
* (أبوان كان لهما السدسان ولها الثمن والنصف، وما يفضل) * عنهما
* (يرد بالقرابة عليها وعلى الأبوين) * أخماسا.
* (وكذا أخت هي زوجة لها الربع) * نصيب الزوجية مع عدم
الولد * (والنصف) * نصيب الأختية * (والباقي يرد عليها بالقرابة إذا
لم يكن) * لها * (مشارك) *.
وكذا جدة هي أخت، كما لو تزوج زيد بنته فأولدها بنتا ثم تزوج
البنت فأولدها ولدا اسمه بكر فأم البنت جدة بكر وأخته.
* (ولو اجتمع السببان وأحدهما يمنع الآخر ورث من جهة المانع

(1) الوسائل - الباب - 1 - من أبواب ميراث المجوسي - الحديث 4.
(2) المتقدمة في ص 321.
323

مثل بنت هي أخت من أم، ف‍) * إن * (لها نصيب البنت دون الأخت
لأنه لا ميراث عندنا لأخت مع بنت) * كما عرفته في الطبقات.
* (وكذا بنت هي بنت بنت) * فإن * (لها نصيب البنت دون بنت
البنت) * لأنه لا ميراث لبنت البنت مع البنت عندنا.
* (وكذا عمة هي أخت من أب) * كما لو تزوج زيد بأمه وله ابن
فأولدها بنتا فهي عمة الابن وأخته، فإن * (لها نصيب الأخت دون العمة) *
لأنه لا ميراث لها مع الأخت.
* (وكذا عمة هي بنت عمة) * كما لو كان لزيد بنت وابن وللابن
أولاد فتزوج زيد ببنته فأولدها بنتا، فهي أخت الابن وبنت أخته وعمة
أولاد الابن وبنت عمتهم، فإن * (لها نصيب العمة) * لأنه لا ميراث
لبنت العمة مع العمة.
ولو فرض مشروعية الاشتراك في الزوجة عندهم فتزوج اثنان منهم
امرأة كانا معا شريكين في نصيب الزوجية منها: النصف والربع، لا
أن كل واحد منهما يستحق ذلك منها كي يقع العول حينئذ، ضرورة
صيرورتهم كالزوجات المشتركات في الثمن من الزوج أو الربع، نعم
لا يبعد استحقاقها هي من كل واحد منهم نصيب الزوجية الثمن أو
الربع، لا نصف الثمن ونصف الربع مع احتماله، فتأمل.
ولو تزوجوا بالسبب الفاسد عندهم الصحيح عندنا أمكن جريان
أحكام الصحيح عليه، لاطلاق ما دل على صحته التي لا يقدح فيها
زعمهم الفساد، ويحتمل إلزامهم بأحكام الفاسد معاملة لهم بما يقتضيه
دينهم وإلزامهم بما ألزموا به أنفسهم، فالعامي المطلق ثلاثا بصيغة واحدة
لا يترتب على رجوعه بها في العدة حكمه، بل لنا أن نتزوجها وإن كان قد رجع
بها، إلزاما لهم بما ألزموا به أنفسهم، ولعل هذا هو الأقوى، والله العالم.
324

* (مسألتان) * بل ثلاث:
* (الأولى:) *
* (المسلم لا يرث بالسبب الفاسد) * إجماعا * (فلو تزوج محرمة
لم يتوارثا) * بهذا التزويج وإن فرض اشتباههما به * (سواء كان تحريمها
متفقا عليه كالأم من الرضاع) * فإنها لا ترثه ولا يرثها عند الجميع
بالتزويج * (أو مختلفا فيه كأم المزني بها أو المختلفة من ماء الزاني) *
فلا توارث عند المبطل لو ترافعوا إليه، فإنه ليس له الحكم بمذهب
المصحح وإن جاز له نحو ذلك في المجوس ونحوهم مما لا أمر فيه بالالزام
فلو ترافع مقلدة مجتهد مثلا يرى الصحة عند مجتهد يرى البطلان حكم
عليهم بمقتضى مذهبه، وليس له إلزامهم بما وقع منهم من التقليد قبل
المرافعة، فتأمل جيدا.
* (وسواء كان الزوج معتقدا للتحليل أو لم يكن) * بل لو كانا
معا معتقدين لم يكن له أثر، فإن أقصى الاعتقاد يصير النكاح شبهة،
وهي لا أثر لها في السبب للمسلم.
المسألة * (الثانية:) *
* (المسلم يرث بالنسب الصحيح والفاسد) * فساد شبهة * (لأذن
الشبهة كالعقد الصحيح في التحاق النسب) * بلا خلاف ولا إشكال.
325

وحينئذ يحصل للمسلم نحو ما سمعته في المجوس من الفروع الكثيرة الغريبة
التي لا يخفى حكمها بعد الإحاطة بما ذكرناه، والله العالم.
المسألة الثالثة:
المشهور نقلا في غاية المراد وغيرها وتحصيلا استقرار المهر بموت
الزوج قبل الدخول، إذ هو خيرة الشيخين والمرتضى والقاضي وابني حمزة
وإدريس وكافة المتأخرين، ولعله لذا نسبه في محكي غاية المراد والمهذب البارع
إلى فتوى الأصحاب، نحو ما عن ابن إدريس من أن الموت عند محصلي
أصحابنا يجري مجرى الدخول في استقرار المهر جميعه، بل في ناصريات
المرتضى الاجماع عليه، وفي الغنية نفي الخلاف فيه.
ولعله كذلك، فإني لم أجد فيه خلافا إلا ما يحكى عن الصدوق
في المقنع وظاهر الفقيه من كونه كالطلاق، وربما نسب إلى ظاهر الكليني
باعتبار اقتصاره على إيراد نصوص التنصيف (1).
فمن الغريب دعوى أنه أشهر بين القدماء، اللهم إلا أن يكون قد
أخذ ذلك من الروايات بناء على أنه مذهب من رواه كأبي عبيدة (2)
وزرارة (3) وعبيد بن زرارة (4) والحسن الصيقل (5) والفضل أبي
العباس (6) وجميل بن صالح (7) وابن أبي يعفور (8) بخلاف القول
بالاستقرار فإن راويه زرارة (9) وأبو بصير (10) ومنصور بن حازم (11)

(1) الوسائل - الباب - 58 - من أبواب المهور الحديث 0 - 2 - 7 - 4 - 12 - 9 - 13 - 8 - 23 من كتاب النكاح.
(2) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(3) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(4) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(5) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(6) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(7) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(8) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(9) الوسائل - الباب - 58 - من أبواب المهور - الحديث 22 من كتاب النكاح.
(10) الوسائل - الباب - 58 - من أبواب المهور - الحديث 22 من كتاب النكاح.
(11) تقدم آنفا تحت رقم 1.
326

إلا أن ذلك كله كما ترى، خصوصا بعد ما ستعرف من زيادة رواة
الاستقرار على ما ذكر، فلا ريب في أن الاستقرار هو الأشهر بل المشهور
بل الخلاف فيه نادر أو منقرض، ومن هنا كان هو الأصح.
مضافا إلى أنه مقتضى الملك بالعقد المبني على اللزوم، وعموم قوله
تعالى (1): " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة " ونحوه.
وخصوص خبري سليمان بن خالد (2) وسماعة (3) " سألته عن المتوفى
عنها زوجها ولم يدخل بها، فقال: إن كان فرض لها مهرا فلها مهرها
وعليها العدة ولها الميراث، وعدتها أربعة أشهر وعشرا، وإن لم يكن
قد فرض لها فليس لها مهر ولها الميراث وعليها العدة ".
وخبر الكناني (4) عن أبي عبد الله (عليه السلام) " إذا توفي الرجل
عن امرأته ولم يدخل بها فلها المهر كله إن كان سمى لها مهرا، ومهرها
من الميراث، وإن لم يكن سمى لها مهرا لم يكن لها مهر، وكان لها الميراث ".
وصحيح الحلبي (5) وخبر زرارة (6) وأبي بصير (7) عنه (عليه
السلام) أيضا " أنه قال في المتوفى عنها زوجها إذا لم يدخل بها: إن
كان فرض لها مهرا فلها مهرها وعليها العدة ولها الميراث، وعدتها أربعة
أشهر وعشرا كعدة التي دخل بها، وإن لم يكن فرض لها مهرا فلا مهر
لها وعليها العدة ولها الميراث " ونحوه صحيح الحلبي الآخر عنه (عليه
السلام) أيضا.

(1) سورة النساء: 4 - الآية 4.
(2) الوسائل - الباب - 58 - من أبواب المهور - الحديث 20 - 21 من كتاب النكاح.
(3) أشار إليه في الوسائل - الباب - 58 - من أبواب المهور - الحديث 20 وذكره
في الاستبصار - ج 3 ص 340 - الرقم 1214.
(4) الوسائل - الباب - 58 - من أبواب المهور - الحديث 20 - 21 من كتاب النكاح.
(5) الوسائل - الباب - 58 - من أبواب المهور - الحديث 22.
(6) الوسائل - الباب - 58 - من أبواب المهور - الحديث 22.
(7) الوسائل - الباب - 58 - من أبواب المهور - الحديث 22.
327

بل وخبر منصور بن حازم (1) " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن
الرجل يتزوج المرأة فيموت عنها قبل أن يدخل بها، قال: لها صداقها كاملا
وترثه، وتعتد أربعة أشهر وعشرا كعدة المتوفى عنها زوجها بعد الدخول ".
وخبره الآخر (2) " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): رجل
تزوج امرأة وسمى لها صداقا ثم مات عنها ولم يدخل بها، قال: لها المهر
كاملا ولها الميراث، قلت: فإنهم رووا عنك أن لها نصف المهر، قال:
لا يحفظون عني، إنما قلت ذلك للمطلقة ".
ومنه يعلم الوجه في النصوص المعارضة كخبر محمد بن مسلم (3)
عن أحدهما (عليهما السلام) " في الرجل يموت وتحته امرأة لم يدخل بها
قال: لها نصف المهر، ولها الميراث كاملا، وعليها العدة كاملة ".
وخبر عبيد بن زرارة (4) " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن
رجل تزوج امرأة ولم يدخل بها، فقال: إن هلكت أو هلك أو طلقها
فلها النصف، وعليها العدة كاملة ولها الميراث ".
وصحيح الحلبي (5) عنه (عليه السلام) أيضا " إذا لم يكن قد
دخل بها وقد فرض لها مهرا فلها نصف ما فرض لها، ولها الميراث،
وعليها العدة ".
وخبر زرارة (6) " سألته عن المرأة تموت قبل أن يدخل بها أو
يموت الزوج قبل أن يدخل بها، قال: أيهما مات فللمرأة نصف ما فرض
لها وإن لم يكن قد فرض لها فلا مهر لها ".
وخبر زرارة والفضل أبي العباس (7) قالا: " قلنا لأبي عبد الله

(1) الوسائل - الباب - 58 - من أبواب المهور - الحديث 23 - 24 - 1 - 3 - 6 - 7 - 9 من كتاب النكاح، والسابع عن عبيد بن زرارة والفضل أبي العباس.
(2) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(3) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(4) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(5) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(6) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(7) تقدم آنفا تحت رقم 1.
328

(عليه السلام): ما تقول في رجل تزوج امرأة ثم مات عنها وقد فرض
لها الصداق؟ قال: لها نصف الصداق، وترثه من كل شئ، وإن ماتت
فهو كذلك " ونحوه خبر أبي الجارود (1) عن أبي جعفر (عليه السلام).
على أنها قاصرة عن معارضة ما عرفت من وجوه، فلا بأس حينئذ
بطرحها أو حملها على استحباب أخذ الزوجة النصف.
ومن الغريب ما في الرياض من أن " القول بها لا يخلو من قوة،
لأذن المظنة الحاصلة من هذه الكثرة أقوى من الحاصلة من الشهرة، سيما
مع اعتضادهما بالشهرة بين القدماء - ولو كانت محكية - ومخالفتها للتقية
كما صرح به جماعة فيختص بها الأصل، وتصرف النصوص السابقة عن
ظواهرها بالحمل على النصف، لأنه مهرها ولو بعد في بعضها.
ومنه يظهر وجه رجحان لهذه النصوص ومرجوحيته لتلك، لصراحة هذه
دون الأولى، وأما العموم فبعد تسليم شموله لمثل المقام محل نظر، مع أنه
كالمفهوم نقول بهما إلا أن الخطاب فيهما للأحياء لا مطلقا (تسليمه له
شموله لمثل المقام محل نظر كالمفهوم، لأذن الخطاب فيهما للأحياء لا مطلقا
خ ل) ".
إذ هو كما ترى، وكأنه تبع به جملة من متأخري المتأخرين المعلوم
اختلال طريقتهم بعدم الالتفات إلى شهرة الأصحاب بل ولا إجماعهم ولو
للترجيح كما هنا.
مضافا إلى التصريح في الخبر المزبور (2) بأن ذلك وهم عليه،

(1) أشار إليه في الوسائل - الباب - 58 - من أبواب المهور - الحديث 10 من
كتاب النكاح وكذلك في الاستبصار ج 3 ص 312 - الرقم 1222 والتهذيب ج 8
ص 47 - الرقم 512.
(2) الوسائل - الباب - 58 - من أبواب المهور - الحديث 24 من؟؟؟.
329

وإلى اتفاق جميع هذه الأعصار عليه، مع أنه مما يكثر وقوعه، بل لعله
أشهر (أكثر خ ل) من الطلاق الذي اشتهر التنصيف فيه، وإلى غير
ذلك مما لا معنى لدعوى حصول الظن بها مع بعضه، فضلا عن جميعه
بل لعل الظاهر استقراره أيضا بموت الزوجة، كما صرح به المفيد
في كتاب أحكام النساء وابن حمزة والقاضي في المهذب والكامل وابن
إدريس والمصنف في النكت والفاضل وولده وأبو العباس والمقداد والكركي
والسيد جعفر بن السيد أحمد الملحوس في تكملة الدروس على ما حكي
عن بعضهم، قيل: هو ظاهر الغنية أو صريحها والمراسم وغاية المراد
وكشف اللثام.
ومن هنا نسبه الشهيد وأبو العباس إلى المشهور، بل الكركي إلى
عامة الأصحاب عند الشيخ والقاضي والكيدري، بل في نكت المصنف
هو المستقر في المذهب، وأنه أصح الروايتين كما ستسمع، وعن السرائر
أنه مذهب محصلي أصحابنا، بل أول جماعة من الأساطين كلام الشيخ في النهاية
ومن تبعه بإرادة ثبوت النصف للزوج ميراثا كالنصوص وإن بعد في
بعضها، فيرتفع الخلاف حينئذ نصا وفتوى، خصوصا بعد الحصر في
خبر منصور (1) بأنه إنما قلت بالتنصيف بالطلاق فوهموا ونقلوا عني
غيره، بل لعل ذلك أيضا ظاهر التقييد بالطلاق في الكتاب (2).
فيبقى حينئذ ما يقتضيه العقد من وجوب المهر مع عموم نحو قوله
تعالى (3): " وآتوا النساء صدقاتهن " وغيره على حاله بلا معارض،
ومع فرضه فلا ريب في قصوره عن معارضة ذلك بعد اعتضاده بما سمعت

(1) الوسائل - الباب - 58 - من أبواب المهور - الحديث 24 من كتاب النكاح.
(2) سورة البقرة: 2 - الآية 237.
(3) سورة النساء: 4 - الآية 4.
330

ومن هنا حمل على إرادة التنصيف ميراثا وإن بعد في بعضها، بل قد
سمعت تأويل الشيخ ومن تبعه بذلك، وإن كان هو خلاف صريحه في
التهذيب، إلا أنه لا يخفى عليك شذوذه بعد الإحاطة بما ذكرناه، حتى على
تقدير خلافه أيضا في النهاية والقاضي والكيدري، على أن المحكي عن مهذب
الثاني وكامله الوفاق.
ومن الغريب الاستدلال له باطلاق ما دل (1) على عدم استقرار
المهر إلا بالدخول المعلوم كونه مساقا لبيان عدم استقراره بالخلوة، وبأن فرقة
الموت أشد من فرقة الطلاق الموجب للتنصيف الذي هو من القياس الباطل.
فالعمدة حينئذ النصوص المزبورة وغيرها مما دل على ذلك مع عدم
المعارض لها، بخلاف صورة العكس، حتى ادعى بعضهم تواترها وإن كان
واضح الفساد إن لم يرد القطع باللفظ القابل للتنزيل على إرادة التنصيف
من جهة الإرث، ضرورة عدم اجتماع شرائط التواتر المصطلح فيها،
واحتمال إرادة القطع بمضمونها على الوجه المزبور معلوم الفساد بعد اتفاق
الفتاوى - كما عرفت - على خلافه.
بل في نكت المصنف بعد أن أورد عبارة النهاية التي هي " وإن
ماتت المرأة قبل الدخول بها كان لأوليائها نصف المهر " قال: " هذا
يصح إذا لم يكن لها ولد، فإن المستقر في المذهب - وهو أصح الروايتين -
أن المهر تملكه المرأة بنفس العقد، ولو مات أحدهما كان المهر ثابتا بأجمعه
فإذا ماتت ورث الزوج نصفه، وكان الباقي لباقي ورثتها، لكن الأفضل
أن لا يأخذوا إلا نصفه، وحصة الزوج في النصف معهم " وظاهره
المفروغية من ذلك، ولذا نزل عليه عبارة الشيخ كما سمعت، ونحوه غيره
في ذلك.

(1) الوسائل - الباب - 54 - من أبواب المهور من كتاب النكاح.
331

وبالجملة فالمسألة مفروغ منها عند الأصحاب على وجه لا يحصل
الظن من النصوص المزبورة التي يبعد خفاء حالها على نقدتها في الأعصار
كلها، فلا بد من طرحها أو تأويلها بما عرفت.
ومن الغريب اتباع فاضل الرياض بعض مختلي الطريقة في القول
بالتنصيف هنا، للنصوص المزبورة التي قد عرفت حالها، بل يمكن دعوى
القطع منها بعدم الفرق بين موت كل منهما في ذلك، كما لا يخفى على
من لاحظها.
فمن الغريب دعوى التفصيل المزبور، إذ هو - مع إمكان القطع
بفساده من النصوص المزبورة الظاهرة أو الصريحة في التسوية فيه - أن موت
الزوج أقرب إلى شبه الطلاق الموجب للتنصيف من موتها.
بل الظاهر إلحاق ردة الزوج عن فطرة بموته في الاستقرار أيضا،
كما صرح به غير واحد، بل في غاية المراد أنه المشهور في الفتاوى، بل
لا أجد فيه خلافا وإن أشعر به نسبته إلى المشهور، ولعله لكونه كالموت
الذي سمعت خلاف الصدوق فيه، لكن قد عرفت التحقيق الذي يقتضي
عدم الفرق في الاستقرار بينهما، للقاعدة المزبورة وغيرها.
332

* (خاتمة) *
* (في حساب الفرائض، وهي تشتمل على مقاصد:) *
* (الأول) *
* (في مخارج الفروض الستة) * المقدرة في كتاب الله عز وجل
* (وطريق الحساب) * فنقول: إعلم أن عادة أهل الحساب إخراج الحصص
من أقل عدد ينقسم على أرباب الحقوق من دون كسر، ويضيفون حصة
كل واحد إلى ذلك العدد، فإذا كان ابنين مثلا قالوا: لكل ابن سهم
من سهمين من تركته، ولا يقولون التركة بينهما نصفان، ويسمون العدد
المضاف إليه أصل المال ومخرج السهام.
* (ونعني بالمخرج أقل عدد يخرج منه ذلك الجزء) * المطلوب
* (صحيحا فهي إذا خمسة: النصف من اثنين، والربع من أربعة،
والثمن من ثمانية، والثلث والثلثان من ثلاثة، والسدس من ستة) * ثم
الورثة إن لم يكن فيهم ذو فرض وتساووا في الإرث فعدد رؤوسهم أصل
المال، كأربعة أولاد ذكور، وإن كانوا يقسمون للذكر مثل حظ الأنثيين
فاجعل لكل ذكر سهمين ولكل أنثى سهما، فما اجتمع فهو أصل المال،
وإن كان فيهم ذو فرض أو أصحاب فروض فاطلب عددا له ذلك السهم
أو تلك السهام، وأقسم الباقي بعد السهم أو السهام على رؤوس باقي
الورثة إن تساووا. وعلى سهامهم إن اختلفوا.
333

وذلك بأن تطلب أولا مخرج الفروض، فما بقي إن لم ينكسر على
ما (من خ ل) بقي من غير أرباب الفروض كفى ما طلبته، كزوج
وأبوين وبنين خمسة أو ابنين وبنت، فتطلب أولا مخرج السدس والربع
وهو اثنا عشر، فتعطى الزوج ثلاثة، والأبوين أربعة، والباقي خمسة
لا تنكسر على الباقين، وإن انكسر ضربت سهامهم في العدد الذي حصلته
أولا، فإن كان في المثال ابنان فاضربهما في الاثني عشر، وإن كان ابن وبنت
فاضرب الثلاثة التي هي مخرج قسمتهما في الاثني عشر، وهكذا.
* (و) * كيف كان ف‍ * (كل فريضة حصل منها نصفان) *
كزوج وأخت لأب * (أو نصف وما بقي) * كزوج وأخ * (فهي من
اثنين).
* (وإن اشتملت على ربع ونصف) * كزوج وبنت * (أو ربع
وما بقي) * كزوج وولد * (فهي من أربعة) *.
* (وإن اشتملت على نصف وثمن) * كزوجة وبنت * (أو ثمن
وما بقي) * كزوجة وولد * (فهي ما ثمانية) *.
* (وإن اشتملت على ثلث وثلثين) * كإخوة من الأم وخوات
من الأب * (أو ثلث وما بقي) * كإخوة من الأم وإخوة من الأب
* (أو ثلثين وما بقي فهي من ثلاثة) *.
* (وإن اشتملت على سدس وثلث أو سدس وثلثين) * كأحد
الأبوين مع البنتين (1) * (أو سدس وما بقي) * كأحد الأبوين مع الولد
* (ف‍) * هي * (من ستة) *.
* (والنصف مع الثلث) * كالزوج والأخوة للأم * (أو الثلثين

(1) في النسخة الأصلية المبيضة " البنين " والصحيح ما أثبتناه كما في النسخة الأصلية
المخطوطة بقلم المصنف (قده).
334

والسدس) * كالأم والبنتين * (أو مع أحدهما) * أي مع السدس وواحد
من الثلث والثلثين ف‍ * (من ستة) *.
* (ولو كان بدل النصف) * مع الثلثين مثلا * (ربع) * كزوج
وبنتين * (كانت الفريضة من اثني عشر) * وكذا لو كان ربع وسدس
كزوج وأم وابن.
* (ولو كان بدله) * مع الثلثين * (ثمن) * كزوجة وبنتين أو
كان ثمن وسدس وما بقي كزوجة وأحد الأبوين وابن * (كانت من
أربعة وعشرين) *.
وعلى كل حال فالفروض الستة المذكورة إما أن يقع في المسألة واحد
منها أو اثنان فصاعدا، فإن لم يقع فيها إلا واحد فالمخرج المأخوذ من
ذلك الكسر هو أصل المسألة، فالنصف من اثنين والثلث من ثلاثة والربع
من أربعة، وعلى هذا القياس.
وإن وقع فيها اثنان فصاعدا فإن كانا من مخرج واحد كالثلثين
والثلث فالثلاثة أصل المسألة.
وإن كانا مختلفي المخرج أخذنا المخرجين ونظرنا فيهما، فإن كانا
متداخلين كما إذا اجتمع الثمن والنصف أو السدس والنصف فأكثر
المخرجين أصل المسألة، وهو الثمانية في الأولى والستة في الثانية.
وإن كانا متوافقين كما إذا اجتمع السدس والربع في مثل زوجة
وواحد من كلالة الأم أو زوج وأحد الأبوين مع ابن ضربت وفق أحد
المخرجين في جميع الآخر، فالمجتمع هو أصل المسألة، ففي المثال تضرب
ثلاثة في أربعة أو اثنين في ستة يبلغ اثني عشر، فهو أصل المسألة، ولو
اجتمع الثمن والسدس كزوجة وأحد الأبوين مع ابن فأصل الفريضة
335

أربعة وعشرون، لأذن الثمانية توافق الستة بالنصف فتضرب نصف إحداهما
بالأخرى، وهكذا.
وإن كانا متباينين، كما إذا اجتمع الربع والثلث في مثل زوجة وأم
أو الثمن ومع الثلثين في مثل زوجة وبنتين أو الثلث مع النصف في مثل
زوج وأم ضربت أحد المخرجين في الآخر وجعلت الحاصل هو أصل
الفريضة وهو اثنا عشر في الأول، وأربعة وعشرون في الثاني، وستة
في الثالث.
وقس على هذا ما يرد من باقي الفروض مجتمعة ومتفرقة، فهذا
القدر هو المطلوب من أصل المسألة إذا كان في المسألة ذو فرض، سواء
كان معه غيره أم لا، فإن لم يكن في الجميع ذو فرض فأصل المال عدد
رؤوسهم مع التساوي، كأربعة أولاد ذكور، وإذا اختلفوا بالذكورية
والأنوثية وكانوا يقسمون للذكر مثل حظ الأنثيين فاجعل لكل ذكر سهمين
ولكل أنثى سهما، فما اجتمع فهو أصل الفريضة ثم إن انقسمت على الجميع
بصحة فذاك، وإن انكسرت فسيأتي تفصيله.
ف‍ * (إذا عرفت هذا فالفريضة إما وفق السهام أو زائدة أو
ناقصة) *.
* (القسم الأول) *
* (أن تكون الفريضة بقدر السهام، فإن انقسمت من غير كسر
فلا بحث مثل أخت لأب مع زوج فالفريضة من اثنين) * لكل منهما نصف
* (أو بنتين وأبوين أو أبوين وزوج فالفريضة من ستة و) * هي * (تنقسم
بغير كسر) * كما هو واضح.
336

* (وإن انكسرت الفريضة فإما على فريق واحد أو أكثر فالأول) *
لا يعتبر فيه من النسبة بين العدد والنصيب سوى التوافق والتباين، للاحتياج
إلى تصعيد المسألة على وجه تنقسم على المنكسر، واعتبار التداخل يوجب
بقاء الفريضة على حالها، فلا يحصل الغرض، ولذا يقتصر على اعتبار
النسبة بين نصيب من انكسر عليه وعدد رؤوسهم، ف‍ * (يضرب) *
حينئذ * (عددهم في أصل الفريضة إن لم يكن بين نصيبهم وعددهم
وفق) * أي كانا متباينين، فما اجتمع صحت منه المسألة، مثل زوج
وأخوين، فإن الفريضة فيه من اثنين، فإن الزوج له نصف، وهما أقل
عدد يخرج منه النصف صحيحا، فواحد منهما نصيب الزوج والثاني ينكسر
على الأخوين، ولا موافقة فيضرب عددهما في أصل الفريضة فبلغ أربعة،
فتصح القسمة حينئذ بلا كسر.
و * (مثل أبوين وخمس بنات) * فإن * (فريضتهم ستة) * لأذن
فيها من الفروض سدسا وثلثين، ومخرج الثلث يداخل مخرج السدس
فأصل الفريضة مخرج السدس، وهو ستة، للأبوين منها اثنان، فتبقى
* (نصيب البنات) * من ذلك * (أربعة) * لا تنقسم على البنات صحيحة
* (ولا وفق) * لأنك إذا أسقطت الأربعة من الخمسة بقي واحد * (فيضرب
عددهن - وهو خمسة - في ستة فما ارتفع فمنه الفريضة) * وهو ثلاثون، للأبوين
عشرة، وللبنات عشرون، لكل واحدة أربعة.
* (و) * حينئذ ف‍ * (كل من حصل له من الوراث من الفريضة
سهم قبل الضرب) * كالأبوين * (فاضربه في خمسة، وذلك قدر نصيبه) *
ومن هنا قلنا: إن للأبوين عشرة، هذا كله مع التباين بين نصيبهم
وعددهم.
* (وإن كان بين النصيب والعدد وفق فاضرب الوفق من عددهن
337

لا من النصيب في) * أصل * (الفريضة مثل أبوين وست بنات) * فإن
الفريضة حينئذ ستة كما عرفت، للأبوين اثنان و * (للبنات أربعة) *
ولكن * (لا تنقسم عليهن على صحة، والنصيب) * وهو الأربعة * (يوافق
عددهن) * الذي هو الستة * (بالنصف، فيضرب نصف عددهن - وهو
ثلاثة - في الفريضة - وهي ستة - فتبلغ ثمانية عشر و) * ذلك لأنه * (قد
كان للأبوين من الأصل سهمان ضربتهما في ثلاثة فكان لهما ستة، وللبنات من
الأصل أربعة فضربتها في ثلاثة فاجتمع لهن اثنا عشر لكل بنت سهمان) *
وللأبوين ستة، فيكون المجموع ثمانية عشر.
وكذا لو كان إخوان لأم مع ستة لأب أو ثمانية، للأخوين الثلث
وهو اثنان، وللأخوة الباقي وهو أربعة، توافق عددهم وهو الستة بالنصف،
لأنك إذا أسقطت أربعة منها بقي اثنان، وهما يقسمان الأربعة، فتضرب
الوفق من عددهم، وهو ثلاثة في أصل الفريضة تبلغ ثمانية عشر، للأخوة
الستة منهم اثنا عشر، لكل واحد اثنان، وللأخوين ستة.
فلو كانوا ثمانية فالتوافق الربع، ولا يعتبر التداخل، لما ذكرناه
من عدم حصول الغرض، فيضرب ربع عددهم وهو اثنان في أصل
الفريضة، فتبلغ اثني عشر، للأخوين منها أربعة، وهو الثلث، وللباقي
ثمانية تنقسم عليهم من غير كسر.
ولو كان عدد الإخوة اثني عشر فالموافقة بالربع أيضا، فتضرب
ربع عددهم - وهو ثلاثة - في أصل الفريضة - وهو ستة - تبلغ ثمانية عشر
نصيبهم منها اثنا عشر على مقدار عددهم، ونصيب الأخوين ستة.
* (وإن انكسرت على أكثر من فريق فإما أن يكون بين سهام
كل فريق وعدده وفق، وإما أن لا يكون للجميع وفق، أو يكون
لبعض دون بعض، ففي الأول يرد كل فريق إلى جزء الوفق، وفي الثاني
338

يجعل كل عدد بحاله، وفي الثالث ترد الطائفة التي لها الوفق إلى جزء
الوفق، وتبقى الأخرى بحالها، ثم بعد ذلك إما أن تبقى الأعداد متماثلة أو
متداخلة أو متوافقة أو متباينة) *.
وبالجملة انكسار الفريضة على أكثر من فريق إما أن يستوعب الجميع
أو يحصل على البعض الزائد عن فريق دون البعض، وعلى التقديرين إما
أن يكون بين سهام كل فريق وعدده وفق أو يكون للبعض دون البعض
أو لا يكون للجميع وفق، فالصور ست، وعلى التقادير الستة إما أن تبقى
الأعداد بعد إبقائها على حالها، أو ردها إلى جزء الوفق أو رد البعض
وإبقاء البعض متماثلة أو متداخلة أو متوافقة أو متباينة، ومضروب الستة
في الأربعة أربعة وعشرون، وقد يجتمع فيها الأوصاف بأن يكون بعضها
مباينا لبعض، وبعضها موافقا، وبعضها مداخلا.
فهذه جملة أقسام المسألة، وقد أشار المصنف إلى أربعة أمثلة منها
للصور الأربع الأخيرة، لكن ثلاثة منها مع مباينة العدد للنصيب وواحدة
منها مع موافقة بعض ومباينة بعض.
وتمام الكلام فيها يكون في قسمين: الأول أن يكون الكسر على
الجميع، وهو ثلاثة أنواع.
أحدها: أن لا يكون هناك وفق بين نصيب كل فريق وعدده،
وفيه أربع أحوال باعتبار التماثل والتداخل والتوافق والتباين * (فإن كان
الأول اقتصرت على أحدهما وضربته في أصل الفريضة، مثل أخوين لأب
وأم ومثلهما لأم) * ف‍ * (فريضتهم من ثلاثة) * لأذن منها ثلثا وهو
فريضة كلالة الأم، وهي * (لا تنقسم على صحة) * فيهما، ضرورة أن
الثلث فيها واحد لا ينقسم على الأخوين من الأم صحيحا، والثلثين منها
339

اثنان وهما لا ينقسمان على الآخرين كذلك، فقد عم الانكسار الجميع
إلا أن الأعداد متماثلة.
ومتى كان كذلك * (ضربت أحد العددين وهو اثنان في الفريضة
وهو ثلاث، فصارت ستة، للأخوين للأم سهمان بينهما وللأخوين للأب
أربعة) * بينهما أيضا.
وكذا لو كانوا ثلاثة للأم وثلاثة للأب ضربت أحد العددين في الثلاثة
تكون تسعة، ثلاثة منها لكلالة الأم بالسوية، وستة لكلالة الأب لكل
واحد اثنان.
* (وإن تداخل العددان) * وهو الحال الثاني * (فاطرح الأقل
واضرب الأكثر في الفريضة) * وحينئذ تصح * (مثل إخوة ثلاثة لأم
وستة لأب فريضتهم ثلاثة لا تنقسم على صحة) * في الجميع * (و) * لكن
* (أحد الفريقين نصف الآخر، فالعددان متداخلان، فاضرب الستة) *
التي هي العدد الأكثر * (في الفريضة) * التي هي الثلاثة * (تبلغ ثمانية عشر،
ومنه تصح) * للأخوة من الأم ستة لكل واحد اثنان، وللأخوة من الأب
اثنا عشر لكل واحد اثنان أيضا، ويمكن صحتها بالتسعة بملاحظة الموافقة
فإن نصيب الإخوة للأب - وهو اثنان - كما يصدق عليه أن يداخل عددهم
يصدق عليه أنه يوافقه بالنصف، فيقتصر حينئذ على عدد أحدهما بعد
إرجاع عدد إخوة الأب أي ثلاثة للموافقة، فيضرب في أصل الفريضة
يبلغ تسعة، وبها تصح القسمة.
ولعل ذلك أولى من اعتبار التداخل، ولكن الأمر سهل، فإن
المراد التمثيل للصحة، وهو حاصل بكل منهما، وعلى كل حال فتصح في
المثال المزبور.
وفي مثل زوجتين وأربعة بنين أيضا فريضتهم ثمانية، لأذن فيها الثمن
340

وهي مخرجه، للزوجتين منها سهم لا ينقسم عليهما صحيحا، وللبنين الأربعة
سبعة لا تنقسم عليهم صحيحا أيضا، ولا وفق بين الجميع بالمعنى الأخص،
ولكن عدد الزوجات يداخل عدد الأولاد بالنصف، فيقتصر على الأربعة
التي هي العدد الأكثر، ويضرب في الفريضة التي هي الثمانية تبلغ اثنين
وثلاثين، وبها تصح، أربعة منها للزوجتين، وثمانية وعشرون للأولاد،
كما هو واضح.
* (وإن توافق العددان) * وهو الحال الثالث * (فاضرب وفق
أحدهما في عدد الآخر، فما ارتفع فاضربه في أصل الفريضة) * وحينئذ تصح.
* (مثل أربع زوجات وستة إخوة) * فإن * (فريضتهم أربعة) *
لأذن فيهم الربع، وهي مخرجه، ولكن * (لا تنقسم صحاحا) * في الجميع
ولا وفق بين نصيب كل فريق وعدده * (و) * لكن * (بين) * عددهم وهو
* (الأربعة والستة وفق وهو النصف، فتضرب نصف أحدهما هو اثنان) *
أو ثلاثة * (في الآخر وهو ستة) * أو اثنان * (تبلغ اثني عشر، فتضرب
ذلك) * الحاصل * (في أصل الفريضة، وهي أربعة، فما ارتفع صحت
منه القسمة) * وهو في الفرض ثمانية وأربعون، ربعها اثنا عشر للزوجات
الأربعة، لكل واحدة ثلاثة، وستة وثلاثون للأخوة، لكل واحد منهم
ستة منها.
وكذا لو كانت الإخوة من الأم أربعة والأخوة من الأب ستة، فإن
الفريضة ثلاثة، لأذن فيها الثلث لكلالة الأم، وهي مخرجه، وهي لا
تنقسم على الجميع صحاحا، ولكن بين الأربعة والستة وفق بالنصف،
فيضرب وفق أحدهما في مجموع الآخر، وهو ثلاثة في أربعة، أو اثنان
في ستة، فتبلغ اثني عشر، ثم تضرب المرتفع في أصل الفريضة تبلغ
ستا وثلاثين، للأخوة من الأم ثلثها، وهو اثنا عشر، لكل واحد ثلاثة
341

وللأخوة من الأب أربعة وعشرون، لكل واحد منهم أربعة.
وكذا لو كانت أربع زوجات مع ستة أولاد، فإن الفريضة ثمانية، لأذن
فيها الثمن، وهي لا تنقسم عليهم جميعا صحاحا، إلا أن بين الأربعة
والستة توافق في النصف، فتضرب اثنين في ستة أو ثلاثة في أربعة فتبلغ
اثني عشر، ثم تضرب المرتفع وهو الاثنا عشر في أصل الفريضة، وهي
الثمانية تبلغ ستة وتسعين، للزوجات ثمنها، وهو اثنا عشر، لكل واحدة
ثلاثة، وللأولاد أربعة وثمانون، لكل واحد أربعة عشر كما هو واضح.
بل يمكن صحتها في المثال الأول بستة عشر بملاحظة التداخل، لأذن
بين نصيب الإخوة وعددهم توافقا بالثلث بالمعنى الأعم، فترد عددهم
إلى اثنين، فيداخل عدد الزوجات، فيقتصر على عددهن، وتضربه في
أصل الفريضة تبلغ ستة عشر، للزوجات الأربعة، وللأخوة اثنا عشر،
بل لعل ذلك أولى.
* (وإن تباين العددان) * وهو الحالة الرابعة * (فاضرب أحدهما
في الآخر فما اجتمع فاضربه في الفريضة) *.
* (مثل أخوين لأم وخمسة من أب) * فإن * (فريضتهم ثلاثة) *
لأذن فيهم الثلث لكلالة الأم وهي مخرجه، و * (لا تنقسم) * عليهم
* (على صحة ولا وفق بين العددين ولا تداخل، فاضرب أحدهما في
الآخر) * أي الاثنان في الخمسة أو بالعكس وحينئذ * (تكون عشرة
ثم اضرب العشرة في أصل الفريضة وهي ثلاثة فما ارتفع فمنه تصح) *
القسمة وهو في المثال ثلاثون، ثلثها عشرة للأخوين من الأم، لكل واحد
منهم خمسة، وعشرون للخمسة من الأب لكل واحد أربعة.
وكذا لو كان ثلاثة لأم وأربعة لأب، فإن فريضتهم أيضا ثلاثة،
وهي لا تنقسم على الصحة في الجميع ولا وفق ولا تداخل، فاضرب
342

أحدهما في الآخر يبلغ اثني عشر، ثم اضرب المرتفع في أصل الفريضة
وهي الثلاثة تبلغ ستة وثلاثين، ثلثها اثنا عشر للأخوة من الأم، لكل
واحد أربعة، وثلثاها أربعة وعشرون لكلالة الأب، لكل واحد منهم
ستة، وهكذا، والله العالم.
النوع الثاني: أن يكون الكسر على الجميع ولكن عدد البعض يوافق
النصيب وعدد البعض لا يوافقه، وفيه الصور الأربع:
الأولى: أن تبقى الأعداد بعد رد الموافق إلى جزئه متماثلة، كزوجتين
وستة إخوة لأب، فإن فريضتهم أربعة، فإن فيهم الربع، وهي مخرجه
ولا تنقسم على الصحة في الجميع، ولكن للأخوة منها ثلاثة يوافق عددهم
بالثلث بالمعنى الأعم، فترد الستة إلى اثنين تماثل عدد الزوجات، لأن
المفروض كونهما زوجتين، فيقتصر على أحدهما وتضربه في أصل الفريضة
- وهي الأربعة - تبلغ ثمانية، للزوجتين منها اثنان، لكل واحدة واحد
وللأخوة ستة كذلك.
الثانية: أن تبقى الأعداد بعد الرد متداخلة، كما لو كانت الزوجات
أربعا فيداخلها الاثنان اللذان رد عدد الإخوة إليهما، فيجتزأ بالأكثر
فتضربه في أصل الفريضة تبلغ ستة عشر، للزوجات الأربع أربعة،
وللأخوة الستة اثنا عشر.
الثالثة: أن تبقى الأعداد بعد الرد متوافقة، كزوجتين وستة إخوة
من الأب وستة عشر من الأم، فريضتهم اثنا عشر، وهي الحاصلة من
ضرب أربعة مخرج الربع في ثلاثة مخرج الثلث، للزوجتين منها ثلاثة،
لا تنقسم عليهما وهي مباينة لعددهما، وللأخوة من الأب خمسة، وهي
مباينة لعددهم أيضا، وللأخوة من الأم أربعة، وهي توافق عددهم بالربع
فتردهم إلى أربعة، جزء الوفق، يوافق عدد إخوة الأب بالنصف،
343

فتضرب نصف أحدهما في الآخر، ثم المجتمع في أصل الفريضة اثنا عشر
تبلغ مائة وأربعة وأربعين، ولا يحتاج إلى النظر في عدد الزوجات، لأنه
إما توافق بالنصف أيضا للأربعة الموجب لاطراح نصفه وهو الواحد،
أو يداخل لها، فللزوجتين ستة وثلاثون، ولكلالة الأم ثمانية وأربعون،
لكل واحد ثلاثة، ولإخوة الأب ستون.
الرابعة: أن تبقى بعد الرد متباينة، كما لو كانت الزوجات أربعة
والأخوة من الأب خمسة، والأخوة من الأم ستة، فريضتهم اثنا عشر،
لأذن فيها الربع ومخرجه أربعة، والثلث مخرجه ثلاثة، فإذا ضرب
أحدهما في الآخر تبلغ اثني عشر، للزوجات منها ربعها وهو ثلاثة،
وللأخوة من الأب خمسة، وللأخوة من الأم منها ثلث وهو أربعة، لا
تنقسم عليهم على الصحة، لكن توافق عددهم بالنصف، فتردهم إلى
ثلاثة، وحينئذ تقع المباينة بينها وبين الأربعة: نصيب الزوجات والخمسة
نصيب الإخوة، فتضرب ثلاثة التي رد إليها عدد الإخوة الموافقة بالنصف
في أربعة عدد الزوجات تبلغ اثني عشر، ثم المرتفع في خمسة تبلغ ستين
ثم تضرب هذا المجتمع في أصل الفريضة - وهي اثنا عشر - تبلغ سبعمائة وعشرين
للزوجات منها مائة وثمانون، لكل واحدة خمسة وأربعون، ولإخوة الأم
مائتان وأربعون، لكل واحد أربعون، ولإخوة الأب ثلاثمائة لكل
واحد ستون.
النوع الثالث: أن يكون بين نصيب كل فريق وعدده وفق، فترد
كل فريق إلى جزء الوفق ثم تعتبر الأعداد، فتأتي فيها الصور الأربع:
أحدها: أن تبقى الأعداد بعد ردها متماثلة، كست زوجات لمريض
مات عنهن بعد طلاق بعضهن قبل الحول، وثمانية من كلالة الأم، وعشرة
من كلالة الأب، فالفريضة اثنا عشر، لأنها الحاصل من ضرب مخرج
344

الثلث في مخرج الربع اللذين هما الفرضان في الفرض، للزوجات منها
الربع ثلاثة، وهي توافق عددهن بالثلث، ولكلالة الأم الثلث وهو أربعة
توافق عددهم بالربع، ولكلالة الأب خمسة توافق عددهم بالخمس، فترد
كلا من الزوجات والأخوة من الطرفين إلى اثنين، لأنها ثلث الأول
وربع الثاني وخمس الثالث، فتتماثل الأعداد، فيجتزأ باثنين، فتضربهما في
أصل الفريضة تبلغ أربعة وعشرين، فللزوجات ستة، ولإخوة الأم ثمانية
ولإخوة الأب عشرة، لكل واحد من الجميع سهم.
الثانية: أن تبقى الأعداد بعد ردها إلى جزء الوفق متداخلة، كالمثال
الأول إلا أن الإخوة من الأم ستة عشر، فنصيبهم يوافق عددهم بالربع
أيضا، فيردهم إلى أربعة، والاثنان اللذان رجع إليهما عدد الزوجات
والأخوة للأب يداخلانها فيجتزأ بالأربعة، وتضربها في أصل الفريضة،
وهي اثنا عشر الحاصلة من مخرج الربع والثلث تبلغ ثمانية وأربعين،
للزوجات اثنا عشر، وللأخوة من الأم ستة عشر، والباقي وهو عشرون
للأخوة للأب.
الثالثة: أن تبقى الأعداد بعد ردها إلى جزء الوفق متوافقة، كما
لو كان الإخوة للأم في المثال أربعة وعشرين، توافق الأربعة بالربع،
فيرجع عددهم إلى ستة، وإخوة الأب عشرون، يوافق نصيبهم بالخمس
فيرجع عددهم إلى أربعة، وقد رجع عدد الزوجات إلى اثنين، بين كل
عدد وما فوقه موافقة بالنصف، فيسقط الاثنان، وتضرب اثنين في ستة
ثم المرتفع في اثني عشر يبلغ مائة وأربعة وأربعين، والقسمة واضحة.
الرابعة: أن يكون بعد الرد متباينة. كما لو كان الإخوة من الأم
اثني عشر، فيرجع عددهم بعد الرد إلى ثلاثة، وإخوة الأب خمسة وعشرون
فيرجع عددهم إلى خمسة، فيبقى العدد اثنين مع ثلاثة وخمسة وهي متباينة،
345

فتضرب اثنين في ثلاثة، ثم الستة في خمسة، ثم الثلاثين في اثني عشر
تبلغ ثلاثمائة وستين، وقسمتها واضحة.
القسم الثاني: أن يكون الكسر على أكثر من فريق ولكن لم يستوعب
الجميع، كثلاث زوجات وثلاثة إخوة للأم وثلاثة للأب، الفريضة
اثنا عشر، للزوجات ثلاثة لا ينكسر عليهن، وينكسر نصيب الإخوة
من الطرفين عليهم، وبين العدد والنصيب فيهما مباينة، والأعداد
متماثلة، فيكتفى بأحدهما وتضربه في أصل الفريضة تبلغ ستة وثلاثين،
فمن كان في الأصل شئ أخذه مضروبا في ثلاثة، فللإخوة من الأم
اثنا عشر ثلثها، وللأخوة من الأب خمسة عشر، وللزوجات تسعة ربعها.
والصور الاثنا عشر آتية في هذا القسم، وأمثلتها سهلة بعد مراجعة
ما سمعت، وكذا لو كانت الأعداد بعد مراعاة النسبة مختلفة، فبعضها
مباين لبعض وبعضها موافق، إلى غير ذلك من الفروض التي تظهر مما
ذكرنا بأدنى التفات.
* (تتمة) *
تشتد الحاجة إليها بحساب الفرائض، لاشتمالها على معرفة اصطلاحهم
في الأسماء المذكورة، وهي * (العددان إما متساويان) * كخمسة وخمسة
مثلا * (وإما مختلفان) * كخمسة وعشرة مثلا * (والمختلفان إما
متداخلان أو متوافقان أو متباينان، فالمتداخلان هما اللذان يفنى أقلهما الأكثر
مرتين أو مرارا و) * لذا * (لا يتجاوز الأقل) * منه * (نصف الأكثر) *
بل يدخل فيه * (وإن شئت سميتهما بالمتناسبين، كالثلاثة بالقياس إلى الستة
346

والتسعة، وكالأربعة بالقياس إلى الثمانية والاثني عشر) * فإن لم يكن
كذلك فأما أن يفنيها جميعا عدد ثالث أي أزيد من الواحد الذي هو
ليس عددا باصطلاحهم - كالستة مع العشرة اللتين يفنيهما الاثنان، وكالتسعة
مع الاثني عشر التي يفنيهما الثلاثة - أو لا يفنيهما إلا الواحد.
* (و) * حينئذ فإن كان الأول فاسمهما * (المتوافقان) * وحينئذ
ف‍ * (هما اللذان إذا أسقط أقلهما من الأكثر مرة أو مرارا بقي أكثر من
واحد كالعشرة والاثني عشر، فإنك إن أسقطت العشرة) * من الاثني عشر
* (يبقى اثنان، فإذا أسقطهما من العشرة مرارا فنيت بهما، فإذا حصل
بعد الاسقاط اثنان فهما متوافقان بالنصف، ولو بقي ثلاثة فالموافقة بالثلث
وكذا إلى العشرة) * فالموافقة بينهما بأحد الكسور المفردة التسعة.
وإن كان العدد الذي يفنيهما مما فوق العشرة فإن كان مضافا
كالاثني عشر والأربعة عشر والخمسة عشر فالموافقة بذلك الكسر المضاف
المنسوب إلى الجزء، كنصف السدس في الأول، ونصف السبع في الثاني
وثلث الخمس في الثالث، وإن كان العدد أصم لا يرجع إلى كسر منطق
ولا إلى جزئه - كأحد عشر وثلاثة عشر وسبعة عشر وتسعة عشر وثلاثة
وعشرين - فالموافقة بجزء من ذلك العدد.
* (و) * حينئذ ففي الأول * (لو بقي أحد عشر فالموافقة
بالجزء منهما) * كاثنين وعشرين وثلاثة وثلاثين، فإنه لا يعدهما إلا أحد
عشر، فالموافقة بينهما بجزء من أحد عشر، فيرد أحدهما إليه، وتضربه
في الآخر، فتضرب اثنين في ثلاثة وثلاثين أو ثلاثة في اثنين وعشرين.
وبالجملة فإذا أردت أن تعلم أن أحد العددين هل يدخل في الآخر
فاسقط الأقل من الأكثر مرتين فصاعدا أو زد على الأقل مثله مرتين
347

فصاعدا فإن فنى الأكثر بالأقل أو ساوى الأقل الأكثر بزيادة الأمثال
فهما متداخلان وإلا فلا.
وإن أردت أن تعلم هل هما متوافقان فاسقط الأقل من الأكثر
ما أمكن فما بقي منه فأسقطه من الأقل، فإن بقي شئ فأسقطه مما بقي من
الأكثر، ولا تزال تفعل ذلك حتى يبقى (يفنى خ ل) العدد المنقوص
منه أخيرا، فإن فنى بواحد فلا موافقة بينهما، وإن فنى بعدد فهما متوافقان
بالجزء المأخوذ من ذلك العدد، فإن فنى باثنين فهما متوافقان بالنصف،
وإن فنى بثلاثة فبالثلث، وإن فنى بعشرة فبالعشرة وإن فنى بأحد عشر
فبأجزاء أحد عشر، وهكذا.
كأحد وعشرين وتسعة وأربعين، فاسقط الأقل من الأكثر مرتين
تبقى سبعة تسقط السبعة من الأقل ثلاث مرات يفنى بهما فهما متوافقان
بالأسباع.
وكمائة وعشرين ومائة وخمسة وستين، تسقط الأول من الثاني تبقى
خمسة وأربعون، تسقطها من المائة والعشرين مرتين تبقى ثلاثون، تسقطها
من الخمسة والأربعين تبقى خمسة عشر، تسقطها من الثلاثين مرتين، تفنى
بها الثلاثون، فهما متوافقان بجزء من خمسة عشر.
وقد يتعدد المفنى لهما، كما في الاثني عشر والثمانية عشر، فإنه يفنيهما
الثلاثة والستة والاثنان، فتوافقهما حينئذ بالسدس والثلث والنصف، لكن
المعتبر منها عندهم أقلها جزء، لأنه أقل للفريضة وأسهل للحساب، وهو
هنا السدس.
وكالعشرين والثلاثين فإنه يفنيهما العشرة والخمسة والاثنان، فتوافقهما
بالعشر والخمس والنصف، والمعتبر العشر لما عرفت.
* (و) * على كل حال فإن لم يكونا كذلك فاسمهما * (المتباينان) *
348

و * (هما اللذان إذا أسقط الأقل من الأكثر مرة أو مرارا أبقى واحد، مثل
ثلاثة عشر وعشرين، فإنك إذا أسقطت ثلاثة عشر) * من العشرين * (بقي
سبعة، فإذا أسقطت سبعة من ثلاثة عشر بقي ستة، فإذا أسقطت ستة
من سبعة بقي واحد) * وبذلك اتضح لك الحال فيما ذكرناه في المسألة
السابقة المشتملة على الأسماء المزبورة، والله العالم.
* (القسم الثاني) *
* (أن تكون الفريضة قاصرة عن السهام، ولن تقصر إلا بدخول
الزوج أو الزوجة) * كما عرفت سابقا. * (مثل أبوين وبنتين فصاعدا
مع زوج أو زوجة) * فإن الفريضة تكمل بنصيب الأبوين مع البنتين
* (أو أبوين وبنت وزوج) * فإن الثلث والنصف والربع يزيد على
الفريضة * (أو أحد الأبوين وبنتين فصاعدا مع زوج) * فإن الربع والثلثين
والسدس يزيد كذلك * (ف‍ *) الحكم حينئذ أن * (للزوج أو الزوجة في هذه
المسائل نصيبهما الأدنى، ولكل واحد من الأبوين السدس، وما يبقى فللبنت
أو البنتين فصاعدا، و) * ذلك لأنه * (لا تعول الفريضة) * عندنا
* (أبدا) * كما تقدم الكلام فيه مفصلا.
* (وكذلك) * لو كان * (أخوان لأم وأختان فصاعدا لأب
وأم أو لأب مع زوج أو زوجة أو واحد من كلالة الأم مع أخت وزوج
ففي هذه المسائل) * أيضا * (يأخذ الزوج أو الزوجة نصيبهما الأعلى،
ويدخل النقص على الأخت أو الأخوات للأب والأم أو للأب خاصة) *
349

لعدم العول عندنا * (فإن انقسمت الفريضة على صحة) * فذاك * (وإلا
ضربت سهام من انكسر عليهن النصيب في أصل الفريضة) *.
* (مثال الأول أبوان وزوج وخمس بنات) * فإن * (فريضتهم
اثنا عشر) * لأذن فيها من الفروض ربعا وسدسا، وهما متوافقان بالنصف
فتضرب نصف الأربعة في ستة تبلغ اثني عشر * (للزوج) * ربع وهو
* (ثلاثة، وللأبوين) * سدسان وهو * (أربعة، ويبقى خمسة للبنات
بالسوية) * ومخرج الثلثين نصيب البنات لو اعتبر به، ولم يراع القص
الداخل، فهو داخل في مخرج السدس.
* (ومثال الثاني) * ذلك أيضا ولكن * (كان البنات) * فيه * (ثلاثا فلم
تنقسم الخمسة عليهن) * صحيحا، فهو حينئذ مما انكسرت الفريضة فيه
على فريق واحد، ولكن بين عدده ونصيبه تباين فيقتصر على عدده.
وقد عرفت سابقا أنه متى كان كذلك * (ضربت ثلاثة في أصل الفريضة) *
وهي الاثني عشر * (فما بلغت صحت منه المسألة) * وهو في الفرض
ستة وثلاثون، ربعها تسعة للزوج، والسدسان اثنا عشر للأبوين، يبقى
خمسة عشر لكل واحدة خمسة. وكذا لو كن أربعا أو ستا إلى التسع.
ولو كن عشرا وافق عددهن نصيبهن بالخمس، فترد عددهن إلى
اثنين، وتضربهما في أصل الفريضة تبلغ أربعة وعشرين، فإنه يبقى للبنات
بعد ذوي الفروض عشرة بعددهن.
ولو كن خمسة عشر وافق عددهن نصيبهن بالخمس، فترده إلى
ثلاثة، وتضربها في أصل الفريضة، يكمل لهن خمسة عشر بعددهن،
وعلى هذا القياس.
350

* (القسم الثالث) *
* (أن تزيد الفريضة عن السهام، فترد على ذوي السهام عدا
الزوج والزوجة والأم مع الإخوة على ما سبق) * الكلام فيه * (أو يجتمع
من له سببان مع من له سبب واحد) * كالأخت من الأبوين مع الإخوة
للأم * (فذو السببين أحق بالرد) * كما تقدم الكلام فيه سابقا.
وعلى كل حال فالأول الذي فيه الرد من دون أولوية * (مثل أبوين
وبنت) * فإن أصل فريضته ستة، لأنها مخرج السدس الذي يدخل فيه
مخرج النصف، والفاضل فيه منها واحد * (فإذا لم يكن إخوة) * يحجبون
الأم * (فالرد أخماسا) * على حسب السهام، فتضرب خمسة سهام الرد
في السنة أصل الفريضة تبلغ ثلاثين، عشرة منها للأب والأم، وخمسة
عشر منها فرض البنت، والباقي خمسة، ثلاثة منها للبنت ردا، واثنان
لكل واحد من الأبوين واحد كذلك.
* (وإن كان إخوة) * يحجبون الأم عن ذلك * (فالرد أرباعا) *
ف‍ * (تضرب) * أربعة * (مخرج سهام الرد في) * الستة * (أصل الفريضة) *
تبلغ أربعة وعشرين، اثنا عشر منها فرض البنت، وثمانية فرض الأبوين
تبقى أربعة، ثلاثة منها للبنت ردا: وواحد للأب كذلك.
وبالجملة فالضابط أنك تضرب مخرج سهام الرد في أصل الفريضة
فما بلغت صحت فيه المسألة.
* (و) * كذا الكلام في * (مثل أحد الأبوين وبنتين فصاعدا،
ف‍) * إن * (الفاضل يرد) * عليهم * (أخماسا، فتضرب) * حينئذ * (خمسة
351

في أصل الفريضة) * كما عرفت، ومنه تصح القسمة.
* (و) * كذا * (مثل واحد من كلالة الأم مع أخت لأب ف‍) * إن
* (الرد) * يكون * (عليهما على الأصح أرباعا) * وقيل: يختص بالأخت
للأب كما تقدم الكلام فيه مفصلا.
* (ومثل اثنتين من كلالة الأم مع أخت لأب كان الرد أخماسا) *
وعلى كل حال فقد عرفت أن الضابط أن * (تضرب خمسة) * أو أربعة
* (في أصل الفريضة فما ارتفع صحت فيه القسمة) * كما هو واضح.
* (المقصد الثاني:) *
* (في المناسخات) * جمع مناسخة، وهي مفاعلة من النسخ، وهو
النقل والتحويل من نسخت الكتاب أو أنقلته من نسخة إلى أخرى، سميت
هذه المسائل بها لأذن الأنصباء بموت الثاني تنسخ وتنقل من عدد إلى عدد،
وكذا التصحيح ينقل من حال إلى حال، وكذا عدد مجموع الورثة تنقل
من مقدار إلى مقدار بموت واحد منهم، وقد يطلق على الابطال، ومنه
نسخت الشمس الظل إذا أبطلته، ولعل المناسبة حينئذ أن الغرض أبطل
تلك القسمة وتعلق غرضه بغيرها وإن اتفق موافقة الثانية للأولى.
* (و) * على كل حال ف‍ * (نعني به) * أي النسخ هنا * (أن
يموت إنسان فلا تقسم تركته، ثم يموت بعض وراثه ويتعلق الغرض بقسمة
الفريضتين من أصل واحد) * وحينئذ * (فطريق ذلك أن تصحح مسألة
الأول ويجعل للثاني من ذلك نصيب إذا قسم على ورثته صح من غير كسر
352

فإن كان ورثة الثاني هم ورثة الأول من غير اختلاف في القسمة كان
كالفريضة الواحدة) *.
* (مثل إخوة ثلاثة وأخوات ثلاث من جهة واحدة مات أحد
الإخوة، ثم مات الآخر، ثم ماتت إحدى الأخوات، ثم ماتت أخرى
وبقي أخ وأخت، فمال الموتى بينهم أثلاثا) * إن كانوا من الجهة التي
يقسمون فيها للذكر مثل حظ الأنثيين * (أو بالسوية) * إن كانوا من
جهة الأم.
وحاصل ذلك أن يجعل الميت الثاني مثلا كأن لم يكن، وتقسم
التركة على الباقين، كما لو مات الأول عن إخوة وأخوات من أب أو أم
سواء كانوا كلهم ذكورا أم إناثا، أم متفرقين، وسواء مات الثاني
والثالث من صنف واحد أو من صنفين، وسواء اتحدت جهة الاستحقاق
كما سمعته في الإخوة أو اختلفت، كما لو مات شخص عن بنين وبنات
ثم مات أحدهم ولم يترك وارثا سوى باقي إخوته، وهكذا.
نعم لو ماتت امرأة عن أولاد مختلفي الآباء فكان واحد منهم مثلا
من أب والباقون من أب آخر فإن مالها للجميع بالسوية أو للذكر مثل
حظ الأنثيين، فإذا مات واحد من الإخوة للأب والأم وترك الباقين
فإن إرثه منحصر فيهم، لكن إرثهم من الأخ ليس على حسب إرثهم
من الأم، فإن الأخ من الأم له السدس، والأخوة من الأبوين لهم
الباقي، فيكون الحكم هنا كما لو اختلف الوارث، كما هو واضح.
* (ولو اختلف الاستحقاق) * خاصة، كما لو مات رجل وترك
ثلاثة أولاد، ثم مات أحدهم ولم يخلف غير الأخوين المذكورين، فإن
جهة الاستحقاق في الفريضة مختلفة، فإنها في الأولى البنوة وفي الثانية
الإخوة والوارث واحد.
353

* (أو الوراث) * خاصة، كما لو مات رجل وترك ابنين فمات
أحدهما وترك ابنا فإن جهة الاستحقاق في الفريضتين واحدة وهي البنوة،
والوارث مختلف لكونه في الأولى ابنا وفي الثانية ابنه.
* (أو هما) * معا كما لو مات رجل وخلف زوجة وابنا وبنتا ثم
ماتت الزوجة عن ابن وبنت من غير الميت، فإن جهة الاستحقاق في
الأولى الزوجية وفي الثانية البنوة، والوارث فيها أولادها، وفي الأولى
الزوجة وأولاده، وحينئذ فالصور أربعة كما في التنقيح وغيره.
لكن قد يناقش فيه بأن تفسير اتحاد الاستحقاق واختلافه بما عرفت
لا يطابق قسمة المناسخات في الحالتين معا على إطلاقه، لأنه يستلزم أن
يكون مع اختلاف جهة الإرث مطلقا يحتاج إلى البحث عن الفريضة الثانية
ولا يكتفى بالأولى، وهو ينتقض بما لو مات الأول عن أولاد ثم مات
بعضهم عن الباقين، فإن جهة الاستحقاق في الأولى بالبنوة وفي الثانية
بالإخوة، مع أن هذا لا يفتقر إلى تصحيح الفريضتين، بل يجعل الميت
الثاني كأن لم يكن، ولا يقدح اختلاف جهة الإرث بالبنوة والأخوة في
ذلك أصلا، فالأولى إرادة ما ذكرناه سابقا من اختلاف الإخوة بكون
أحدهم من الأم من اختلاف الاستحقاق، فإنه المحتاج إلى تصحيح
المسألة حينئذ.
بل لعل قول المصنف: " ولو اختلف الاستحقاق " إلى آخره
ظاهر في أن الصورة الأولى اتحد فيها الوارث والاستحقاق، مع أنه
ليس كذلك، ضرورة اختلاف عدد الوارث في الحالين، فالأولى جعل
المدار على انحصار ورثة الميت الثاني في الأول، ويكون إرثهم من الثاني
على حسب إرثهم من الأول، وعدم ذلك.
وكيف كان فمتى كان الحال على الاختلاف المزبور * (فانظر نصيب
354

الثاني، فإن نهض بالقسمة على الصحة فلا كلام، مثل أن يموت إنسان
ويترك زوجة وابنا وبنتا) * من غيرها * (فللزوجة الثمن ثلاثة من أربعة
وعشرين) * مضروب مخرج الثمن في مخرج الثلث والثلثين الابن
والبنت * (ثم تموت الزوجة فتترك ابنا وبنتا) * تنقسم عليهما الثلاثة
المزبورة على الصحة.
وهو مثال الصورة الأخيرة التي ذكرناها سابقا، بل الحكم كذلك
في المثالين السابقين أيضا، كما هو واضح بأدنى التفات.
* (وإن لم ينقسم نصيبه على وارثه على صحة فهنا صورتان: الأولى:
أن يكون بين نصيب الميت الثاني من فريضة الأول وبين الفريضة الثانية
وفق، فتضرب وفق الفريضة الثانية - لا وفق نصيب الميت الثاني - في
الفريضة الأولى، فما بلغ صحت منه الفريضتان) *.
* (مثل أخوين من أم ومثلهما من أب وزوج ثم مات الزوج وخلف
ابنا وبنتين ف‍) * إن * (الفريضة الأولى ستة) * لأذن فيها نصفا وثلثا،
ومضروب أحدهما في الآخر ستة، للزوج ثلاثة وللأخوين من الأم اثنان
فلا كسر، ولكن يبقى للأخوين من الأب واحد، والفرض أن لهما سهمين
ف‍ * (ينكسر) * فيهما * (فيصير إلى اثني عشر) * بضرب الاثنين في
أصل الفريضة * (نصيب الزوج) * منها * (ستة) * وبقي النصف * (لا
تنقسم على) * سهام * (أربعة) * كي تكون صحيحة على ورثته الذين
هم الولد والبنتان * (ولكن) * فريضتهم * (توافق الفريضة الثانية) *
وهي الأربعة * (بالنصف، فتضرب جزء الوفق من الفريضة الثانية وهو
الاثنان) * من الأربعة * (لا من النصيب في الفريضة الأولى، وهي
اثنا عشر، فما بلغت صحت منه الفريضتان) * وهو أربعة وعشرون
* (و) * حينئذ ف‍ * (كل من كان له من الفريضة الأولى شئ أخذه
355

مضروبا في اثنين) * فللأخوين من الأم أربعة من الفريضة الأولى يأخذانها
مضروبة فيما ضربته في المسألة الأولى تبلغ ثمانية، وهي ثلث الفريضة،
وللأخوين من الأب من الفريضة الأولى اثنان يأخذانهما مضروبين في اثنين،
وللزوج ستة يأخذها مضروبة في اثنين، ثم ابن الزوج له نصف فريضة
وهو ثلاثة من نصيب أبيه في الأولى، يأخذها مضروبة في وفق نصيبه
ومسألته، وهو اثنان، وللبنتين النصف تأخذان الثلاثة مضروبة في
اثنين كذلك.
ومثل أن يخلف الأول أبوين وابنا ثم يموت الابن عن ابنين وبنتين
فريضة الأول من ستة، للابن منها أربعة وفريضته من ستة أيضا، وهي
توافق نصيبه بالنصف، فتضرب فريضته وهو ثلاثة في أصل الفريضة
تبلغ ثمانية عشر، له منها اثنا عشر تنقسم بين ورثته على صحة،
وللأبوين ستة.
ومثل أن يخلف الابن في المثال زوجة وولدا، فريضته ثمانية توافق
نصيبه في الربع، فتضرب ربع الفريضة وهو اثنان في الفريضة الأولى
تبلغ اثني عشر، له منها ثمانية بمدار فريضته المطلوبة، وعلى هذا القياس.
* (الصورة الثانية: أن يتباين النصيب والفريضة، فتضرب الثانية
في الأولى، فما بلغ صحت منه الفريضتان، فكل من كان له من الفريضة
الأولى شئ يأخذه مضروبا في الثانية) *.
* (مثل زوج واثنين من كلالة الأم وأخ من أب، ثم مات الزوج
وترك ابنين وبنتا، فريضة الأول من ستة) * لأذن فيها ثلثا ونصفا،
ولا يقال: إن فيها سدسا ونصفا والنصف داخل فيه، لأذن كلالة الأم
مع التعدد فريضتهم الثلث، وإذا اتفق أن لكل واحد منهم سدسا على
تقدير كونهم اثنين، فإن ذلك اتفاقي وحينئذ ف‍ * (نصيب الزوج) * منها
356

* (ثلاثة لا تنقسم على خمسة ولا توافق، فاضرب الخمسة في الفريضة
الأولى، فما بلغ صحت منه الفريضتان) * وهو هنا ثلاثون، للزوج منها
خمسة عشر، تنقسم على الابنين والبنت صحيحا، ولكلالة الأم ثلثها
عشرة، تنقسم صحيحا عليهما، والباقي للأخ من الأب.
ولو ترك الزوج ابنين فكذلك لكن فريضته اثنان، تضربهما في الأولى
فله ستة في الثانية مضروب الثلاثة نصيبه من الأولى في اثنين، وللأخوين
من الأم أربعة مضروب اثنين في اثنين، وللأخ من الأب اثنان.
ومثل أبوين وابن ثم ترك الابن ابنين وبنتا أو ابنا وبنتا، ففريضة
الأولى ستة كالسابقة، للابن أربعة وفريضته في الأول خمسة تباين نصيبه
فتضرب فريضته في الفريضة الأولى تبلغ ثلاثين، فيأخذه ورثة الأربعة
مضروبة في خمسة، وهو عشرون، وفي الثاني فريضته ثلاثة تباين الأربعة
أيضا فتضرب ثلاثة في ستة تبلغ ثمانية عشر، له منها اثنا عشر بين الابن
والبنت أثلاثا، وهكذا فسر على ذلك غيره، والله العالم.
* (ولو كانت المناسخات أكثر من فريضتين نظرت في الثالثة،
فإن انقسم نصيب الثالث على ورثته على صحة) * فذاك * (وإلا عملت
في فريضته مع الفريضتين ما عملت في فريضة الثاني مع الأول، وكذا
لو فرض موت رابع أو ما زاد على ذلك) *.
ويمكن فرض ذلك بأقسامه في المثال السابق بأن يموت أحد ولدي
الزوج، فإن نصيب الولد المذكور من نصيب أبيه ستة من خمسة عشر
فهذه مناسخة ثالثة، فإن خلف ابنين وبنتين أو ستة أولاد متساوين
ذكورية وأنوثية ونحو ذلك انقسمت فريته من سهمه من غير كسر.
وإن خلف ابنا وبنتين كانت فريضته من أربعة، وهي توافق نصيبه
بالنصف، فتضرب نصف فريضته وهو اثنان في ما اجتمع من المسألتين
357

وهو ثلاثون تبلغ ستين ويكمل العمل، وكل من كان له شئ من الفريضة
الثانية يأخذه مضروبا في اثنين.
وإن خلف ابنين وبنتا باينت فريضته وهي خمسة نصيبه وهو ستة،
فتضرب فريضته في ثلاثين تبلغ مائة وخمسين، ومن كان له شئ من
الفريضة الثانية أخذه مضروبا في خمسة.
ولو فرض موت آخر من هذه الأولاد فهي أربعة، فتعتبر فريضته
ونصيبه، وتعمل كل ما عملت سابقا وهكذا، والله العالم والموفق.
* (المقصد الثالث) *
* (في معرفة سهام الوارث من التركة) * فإن ذلك هو ثمرة الحساب
في الفرائض، إذ المسألة قد تصح من مائة مثلا والتركة درهم، فلا
يتبين نصيب كل وارث منهم إلا بعمل آخر.
فنقول: التركة إن كانت عقارا فهو مقسوم على ما صحت منه
المسألة، وإن كانت مكيلة أو موزونة أو معدودة بذراع أو غيره احتيج
إلى عمل * (وللناس في ذلك طرق أقربها أن تنسب سهام كل وارث من
الفريضة وتأخذ له من التركة بتلك النسبة، فما كان فهو نصيبه منها) *.
ولكن هذا إنما يكون أقرب إذا كانت النسبة واضحة، مثل زوجة
وأبوين ولا حاجب، فالفريضة من اثني عشر، للزوجة ثلاثة: هي ربع
الفريضة، فتعطى ربع التركة كائنة ما كانت، وللأم أربعة: هي ثلث
الفريضة فتعطى ثلث التركة كذلك، وللأب خمسة: هي ربع وسدس،
فيعطى ربع التركة وسدسها.
358

وقد لا يسهل استخراج هذه النسبة إلا بضرب التركة، كما لو كانت
التركة خمسة دنانير مثلا والفريضة بحالها، فإنه يحتاج إلى ضرب الخمسة
في عدد سهام الفريضة وهي الاثنا عشر فتكون ستين، فتجعل الخمسة
حينئذ ستين جزء، كل دينار من ذلك اثنا عشر جزء، فللزوجة خمسة
عشر جزء: ربع التركة، وهي دينار وربع دينار، وللأم عشرون جزء
ثلث التركة، وهي دينار وثلثا دينار، وللأب خمسة وعشرون جزء:
وهي ديناران ونصف سدس دينار.
* (وإن شئت قسمت التركة على الفريضة فما خرج بالقسمة ضربته
في سهام كل واحد، فما بلغ فهو نصيبه) * وهو طريق آخر، بل هو
حسن لكن مع سهولة القسمة، كما لو كانت الفريضة المزبورة بحالها
والتركة ستة دنانير، فإنها إذا قسمت على الفريضة كان لكل سهم نصف
دينار، فتضرب نصف دينار في سهام الزوجة، وهي ثلاثة: ربع
الفريضة، يكون دينارا ونصفا، وتضرب نصف دينار في سهام الأم وهي
أربعة: ثلث الفريضة تكون دينارين، وتضرب نصف دينار في سهام
الأب وهي خمسة يكون دينارين ونصفا.
* (ولك طريق آخر) * عام النفع في النسب الظاهرة والخفية
* (وهو) * قسمان:
أحدهما * (أنه إذا كانت التركة صحاحا لا كسر فيها) * كالاثني
عشر * (فحرر العدد الذي منه تصح الفريضة ثم خذ ما حصل لكل وارث
واضربه في التركة، فما حصل فاقسمه على العدد الذي تصح منه الفريضة
فما خرج فهو نصيب ذلك الوارث) * مثل ثلاث زوجات وأبوين وابنين
وبنت، فإن الفريضة فيها من أربعة وعشرين، ثمنها ثلاثة للزوجات،
وسدساها للأبوين ثمانية، فتنكسر في نصيب الأولاد على خمسة، لأذن الفرض
359

كونهم ابنين وبنتا ولا وفق، فتضرب عددهم وهو الخمسة في الأصل
الذي هو أربعة وعشرون، فتكون مائة وعشرون، وسهام الزوجات منها
خمسة عشر ثمنها، لكل زوجة خمسة، تضرب في التركة - وهي الاثنا عشر -
تكون ستين دينارا، تقسمها على مائة وعشرين، يخرج نصف دينار وهو
نصيب كل زوجة من الاثني عشر أي دينار ونصف، وسهام كل من
الأبوين سدسها، وهو عشرون، فتضربها في الاثني عشر تكون مائة وأربعين
تقسمها على مائة وعشرين، يخرج ديناران، وهو نصيب كل واحد من
الأبوين، وسهام كل ابن ستة وعشرون تضربها في اثني عشر تكون ثلاثمائة
واثني عشر دينار، تقسمها على مائة وعشرين يخرج ديناران وثلاثة أخماس
دينار لكل ابن، وللبنت دينار وثلاثة أعشاره.
* (ولو كان فيها) * أي التركة * (كسر) * كما لو كانت اثني عشر
ونصفا مثلا وهو القسم الثاني * (فابسط التركة من جنس ذلك الكسر
بأن تضرب مخرج ذلك الكسر في التركة، فما ارتفع أضفت إليه الكسر
وعملت فيه ما عملت في الصحاح) * وهو في الفرض خمسة وعشرون، لأذن
الفرض كون الكسر نصفا وضرب مخرجه في الفريضة غير الكسر يبلغ
أربعة وعشرين، فإذا أضفت إليه الكسر كان خمسة وعشرين.
ولو فرض أنه ثلث كان سبعة وثلاثين، لأذن ضرب مخرجه في
الفريضة غير الكسر يبلغ ستة وثلاثين، فإذا أضفت إليه الكسر كان سبعة
وثلاثين، وهكذا ولو ضربت المخرج في الصحاح والكسر ابتداء حصل
المطلوب أيضا، واستغنيت عن إضافة الكسر مرة أخرى، كما هو واضح.
وعلى كل حال * (فما اجتمع) * حينئذ * (للوارث قسمته على
ذلك المخرج، فإن كان الكسر نصفا قسمته على اثنين) * لأنهما مخرج
النصف * (وإن كان ثلثا قسمته على ثلاثة) * لأنها مخرج الثلث * (وعلى
360

هذا) * القياس * (إلى العشر) * الذي هو منتهى الكسور ف‍ * (تقسمه) *
حينئذ * (على عشرة فما اجتمع فهو نصيبه) *.
فلو فرض أن الوارث زوج وأبوان وبنت ففريضتهم اثنا عشر،
وكانت التركة عشرا ونصفا، فابسطها من جنس التركة تكون أحد وعشرين
وأعمل فيها ما ذكرناه سابقا.
فتضرب سهام البنت - وهو خمسة من اثني عشر - في أحد وعشرين
تبلغ مائة وخمسة تقسمها على اثني عشر تخرج بالقسمة ثمانية وثلاثة أرباع
تقسمها على اثنين تخرج أربعة وربع وثمن. وذلك حصتها من العشرة
ونصف، وثمانين، تقسمها على اثني عشر تخرج سبعة،
تقسمها على اثنين تخرج ثلاثة ونصفا، وهي نصيبهما من العشرة ونصف،
وتضرب سهام الزوج - وهي ثلاثة ربع الاثني عشر - في أحد وعشرين
تبلغ ثلاثة وستين، تقسمها على اثني عشر تخرج خمسة وربع، تقسمها على
اثنين تخرج اثنان ونصف وثمن، وذلك نصيبه من العشرة ونصف.
وإذا أردت معرفة صحة ذلك فاجمع الجميع وأضف الكسور بعضها
إلى بعض تبلغ عشرة ونصفا، وهو دليل صحة القسمة، وعلى هذا القياس.
* (ولو كانت التركة عددا أصم) * أي خال من الكسور التسعة
كأحد عشر وثلاثة عشر * (فاقسم التركة عليه، فإن بقي ما لا يبلغ
دينارا فابسطه قراريط واقسمه، فإن بقي ما لا يبلغ قيراطا فابسطه حبات
واقسمه. فإن بقي ما لا يبلغ حبة فابسطه أرزات واقسمه، فإن بقي ما لا
يبلغ أرزة فانسبه (فاقسمه خ ل) بالأجزاء إليها) * وذلك لأذن الدينار
361

عشرون قيراطا، والقيراط ثلاث حبات، والحبة أربع أرزات، وليس
بعد الأرزة اسم خاص، ولذا كانت النسبة بالأجزاء إليها.
فلو فرض كون الوارث أربعة بنين وثلاث بنات كان فريضتهم
أحد عشر، فلو فرض كون التركة اثني عشر دينارا جعل كل سهم منها
دينارا وجزء من أحد عشر جزء من دينار، فيقال: للابن ديناران
وجزءان من أحد عشر جزء من دينار، وللبنت دينار وجزء، ولا يحتاج
إلى البسط.
وإن بقي بعد القسمة ما لا يبلغ دينارا كما لو كانت التركة أحد عشر
دينارا وثلاثة أرباع دينار فابسط كسر الدينار قراريط تبلغ خمسة عشر
قيراطا، فإذا قسمتها على أحد عشر تبقى أربعة قراريط، فابسطها حبات
تبلغ اثني عشر حبة، لأذن القيراط كما عرفته ثلاث حبات، تفضل حبة،
فابسطها أرزات تكن أربع لا تنقسم، فاعتبرها بالجزء يكون الخارج
بالقسمة أربعة أجزاء من أرزة، فكل سهم يخصه دينار وقيراط وحبة
وأربعة أجزاء من أرزة.
فإذا أردت العلم بصحة ذلك فاجمع الجميع تبلغ أحد عشر، فإنه
الضابط لذلك وغيره من مسائل الفرائض، كما أشار إليه المصنف وغيره
بقوله: * (وقد يغلط الحاسب) * فإذا أراد معرفة ذلك * (فليجمع
ما يحصل للوارث، فإن ساوى التركة فالقسمة صواب وإلا هي خطأ) *
وإن كان هو غير قطعي، لاحتمال الغلط في التفصيل.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
سادات الأمم وأولياء النعم.
362

إلى هنا - وبحمد الله - تم الجزء التاسع والثلاثون
من كتاب جواهر الكلام، وقد بذلنا الجهد في
تنميقه وتحقيقه والتعليق عليه وتصحيحه، فنشكره
تعالى على ما وفقنا لذلك، ونسأله أن يديم توفيقنا
لاخراج بقية الأجزاء ويزيد من فضله أنه ذو الفضل
العظيم.
ويتلوه الجزء الأربعون في كتاب القضاء
انشاء الله تعالى.
النجف الأشرف محمود القوچاني
363