الكتاب: مصباح الفقيه (ط.ق)
المؤلف: آقا رضا الهمداني
الجزء: ٢ ق ٢
الوفاة: ١٣٢٢
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: انتشارات مكتبة النجاح - طهران
ردمك:
ملاحظات: طبعة حجرية

ان التسليم هو الملغى شرعا وان كان السهو
أولا وبالذات متعلقا بما قبله والله العالم ومسنون هذا القسم ان يسلم المنفرد إلى القبلة تسليمة واحدة بصيغة السلام عليكم سواء سبقها الصيغة
الأولى أم لا وكونها من المسنون على هذا التقدير انما هو بلحاظ قيودها من كونها إلى القبلة لا اليمين والشمال وكونها واحدة وان يؤمي بمؤخر عينيه
إلى يمينه اما استحباب تسليمه واحدة المنفرد ففي الجواهر بلا خلاف أجده فيه وفي المدارك قال في شرح العبارة اما اكتفاء المنفرد بالتسليمة الواحدة
إلى القبلة فهو مذهب الأصحاب أقول فكأنه أراد بهذه العبارة دعوى الاجماع على اكتفائه بها في تأدية ما هو المسنون في حقه والا فلا شبهة في
جواز الاكتفاء بتسليمه واحدة مطلقا سواء كانت إلى القبلة أو إلى اليمين والشمال بالايماء اليهما بصفحة وجهه الغير المنافي للاستقبال المعتبر في صحة الصلاة
ولا دخل له على هذا التقدير بشرح عبارات المتن كما لا يخفى وكيف كان فيدل عليه صحيحة عبد الحميد بن عواض عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن كنت تؤم قوما
أجزاك تسليمة واحده عن يمينك وان كنت مع امام فتسليمتين وان كنت وحدك فواحدة مستقبل القبلة وربما يستدل له أيضا بقوله عليه السلام في خبر
المعراج ومن اجل ذلك كان السلام مرة واحدة تجاه القبلة وفيه تأمل فإنه ربما يظهر من بعض الأخبار ان النبي صلى الله عليه وآله صلى في المعراج بصفوف من
الملائكة فمورده بحسب الظاهر الجماعة لا الفرادى فليتأمل وكيف كان ففي الخبر الأول كفاية لاثبات المدعى من استحباب تسليمة واحدة للمنفرد مستقبل القبلة
ولكن قد ينافيه صحيحة علي بن جعفر قال رأيت إخوتي موسى وإسحاق ومحمد بني جعفر يسلمون في الصلاة عن اليمين وعن الشمال السلام عليك ورحمة الله السلام عليكم ورحمة الله وحملها
على الرواية أحيانا حل كونهم مأمومين يخلو عن بعد إذ المتبادر إلى الذهن إرادة الحكاية عما جرت عليه سيرتهم في الصلاة ومرسلة الدعائم عن جعفر بن محمد عليهم السلام
قال فإذا قضيت التشهد فسلم عن يمينك وعن شمالك تقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته السلام عليكم ورحمة الله ويمكن الجمع بينهما بالتخيير بين واحدة مستقبل
القبلة ومرتين عن اليمين والشمال ولكن قد ينافيها أيضا خبر أبي بصير قال قال أبو عبد الله (ع) إذا كنت وحدك فسلم تسليمه واحدة عن يمينك ويمكن الجمع بين هذا الخبر
أيضا وسابقته بالتخيير وحمل كل منها على الفضيلة من وجه كما ربما يؤمي إليه العبارة المحكية عن الفقه الرضوي بعد ان ذكر تشهدا طويلا قال ثم سلم عن يمينك وان شئت
يمينا وشمالا وان شئت تجاه القبلة فإنه يظهر من هذه العبارة ان لكل منها جهة استحباب وحيث إن الحكم استحبابي لا مانع عن توجيه الأخبار بما ذكروا والالتزام باستحباب
383

كل من هذه الكيفيات التي تضمنتها النصوص وكون المكلف مخيرا في تعيين أيها أحب بل يكفي أيها أحب بل يكفي في اثبات ذلك نفس عبارة الفقيه الرضوي مع قطع النظر عن كونها شاهدة
للجمع بين النصوص بعد البناء على المسامحة في أدلة السنن وكون سائر الأخبار المعتبرة منافية لها بظاهرها بعد عدم لزوم العمل بمضمونها لا تصلح مانعة عن جواز العمل
بالخبر الضعيف من باب المسامحة كما لا يخفى وجهه على المتأمل نعم لو كان الحكم وجوبيا لتعذر صرفه إلى الجهات أو حمله على الوجوب التخييري من غير شاهد خارجي فإن
ارتكاب هذا النحو من الجمع المستلزم لارتكاب التأويل في مجموع الأخبار المتنافية في الظاهر يحتاج إلى الشاهد كما تقرر في محله والفقه الرضوي لقصوره عن الحجية لا ينهض
شاهدا لذلك فالمتجه على هذا التقدير هو الاخذ بالصحيحة الأولى لقصور ما عدها من مكافئتها من وجوه كما لا يخفى ومن هنا يظهر ان اختبار ما تضمنته هذه الصحيحة
على القول بالاستحباب أيضا أولى فإنه مما لا ريب فيه خصوصا مع ما في الرواية الحاكية لفعل الإمام عليه السلام وغيرها مما ورد فيه الامر بالتسليم عن اليمين أو الجانبين من
احتمال التقية وكيف كان فقد تلخص مما ذكر ان استحباب ان يسلم المنفرد إلى القبلة تسليمة واحدة مما لا تأمل فيه واما انحصار المستحب في خصوص هذه الكيفية فلا يخلو
عن تأمل واما استحباب الايماء بمؤخر عينيه إلى يمينه فقد نسب القول به إلى الشيخ وجملة ممن تأخر عنه كالمصنف وغيره بل ربما نسب إلى المشهور ولعله كاف في اثباته من
باب المسامحة والا فلم يعرف وجهه ويمكن ان يكون مستنده الجمع بين ما دل على أنه يسلم إلى القبلة وبين قوله عليه السلام في خبر أبي بصير المتقدم إذا كنت وحدك فسلم
تسليمة واحدة عن يمينك بحمل هذه الرواية على إرادة الايماء إلى اليمين بمؤخر العين بحيث لا ينافي صدق التسليم إلى القبلة ويكن يتوجه عليه مع بعده في حد ذاته عن
ظاهر الامر بالتسليم عن اليمين انه لا خصوصيته ح لمؤخر العينين بل الايماء بوجهه قليلا بحيث لا ينافي صدق التسليم إلى القبلة أقرب إلى حقيقته فهو أولى من تقييده
بمؤخر العين وأولى منه تقييده بالأنف كما يشهد له خبر المفضل المروي عن العلل الدال على استحباب الايماء بالأنف المنفرد قال سئلت أبا عبد الله (ع) لأي علة يسلم
على اليمين ولا يسلم على اليسار قال لأن الملك الموكل يكتب الحسنات على اليمين والذي يكتب السيئات على اليسار والصلاة حسنات ليس فيها سيئات فلهذا يسلم على
اليمين دون اليسار قلت فلم لا يقال السلام عليك والملك على اليمين واحد ولكن يقال السلام عليك قال ليكون قد سلم عليه وعلى من على اليسار وفضل صاحب
اليمين عليه بالايماء إليه قلت فلم لا يكون الايماء في التسليم بالوجه كله ولكن يكون بالأنف من صلى وحده وبالعين لمن يصلي بقوم قال لأن مقعد الملكين
من ابن ادم الشدقين وصاحب اليمين على الشدق الأيمن ويسلم المصلى عليه ليثبت له صلاته في صحيفته قلت فلم يسلم المأموم ثلثا قال تكون واحدة ردا على
الامام وتكون عليه وعلى ملكيه وتكون الثانية على يمينه والملكين الموكلين به وتكون الثالثة على من على يساره والملائكة الموكلين به ومن لم يكن على يساره أحد
لم يسلم على يساره الا أن تكون بيمينه على الحائط ويساره إلى من صلى معه خلف الإمام فيسلم على يساره قلت فتسليم الامام على من يقع قال على ملكيه والمأمومين
يقول الملكية اكتبا سلامة صلاتي مما يفسدها ويقول لمن خلف سلمتم وامنتم من عذاب الله عز وجل ولكن ما تضمنته هذا الرواية من كيفية تسليم المنفرد والإمام والمأموم
خلاف ما هو المشهور بين الأصحاب كما أنه مخالف لما يظهر من غيرها من الروايات المتقدمة والآيتين فضعف الاعتماد عليها حيث يغلب على
الظن كونها منزلة على ما هو المتعارف بين عامة الناس على ضرب من التقية الا ان شيئا من ذلك لا يمنع عن جواز الاخذ بها بعد كون الحكم قابلا للمسامحة خصوصا بعدها
حكى عن الصدوق في الفقيه والمقنع من الافتاء بمضمونها بحيث يظهر من عبارته المحكية عنه الاستناد إلى خصوص هذه الرواية فعنه في الفقيه أنه قال ثم تسلم وأنت مستقبل
القبلة وتميل بعينك إلى يمينك ان كنت اماما وان صليت وحدك قلت السلام عليك مرة واحدة وأنت مستقبل القبلة وتميل بانفك إلى يمينك وان كنت خلف امام
قائم به فسلم تجاه القبلة واحدة ردا على الامام وتسلم عن يمينك واحدة وعلى يسارك واحدة الا ان لا يكون على يسارك انسان فلا تسلم على يسارك الا أن تكون بجنب
الحائط (فتسلم على يسارك ولا تدع التسليم على يمينك كان على يمينك أحد أو لم يكن عنه في المقنع نحوه وما في ذيل عبارته من قوله الا أن تكون بجنب
الحائط) بحسب الظاهر مأخوذ مما في الرواية فهو على الظاهر استدراك الاستثناء فكأنه قال ولكن لو كان يمينك على الحائط فتسلم على يسارك تنبيه
الايماء بالعين الوارد في الخبر المتقدم وكذا في عبارة الصدوق في حق الامام لا يتوقف على حرف الوجه ولو قليلا إلى اليمين بل يحصل بميل العين وصرف حد فيها
إليه واما الايماء بالأنف أو بطرف كما اعتبره بعض في المنفرد أو بصفحة الوجه كما سمعته في الإمام والمأموم فلا يتحقق الا بحرف الوجه قليلا والاختلاف بينهما انما هو
بتوجه النفس والقصد إلى الإشارة بكل منها فربما يؤثر ذلك اختلافا في كيفية الانحراف وان كان الكل مشتركة في توقفها على انحراف في الجملة وكيف كان فالامام على ما
صرح به في المتن وغيره بل ربما نسب إلى المشهور يومي بصفحة وجهه إلى يمنه وكذا المأموم ثم إن كان على يساره غيره أو ماء بتسليمة أخرى إلى يساره بصحيحة وجهه أيضا
ولكن الأخبار الواردة في الامام بل وكذا في المأموم لا يخلو عن اختلاف ففي جملة منها ان الامام يسلم تسليمة واحدة وهو مستقبل القبلة منها صحية أبي بصير عن أبي
عبد الله عليه السلام إذا كنت في صف فسلم تسليمة وأنت مستقبل القبلة
وخبر أبي بكر الحضرمي قال قلت له اني أصلي بقوم فقال سلم واحدة ولا تلتفت قل السلام عليك أيها النبي ورحمة الله بركاته السلام عليك وما عن المحقق
في المعتبر نقلا عن جامع البزنطي عن عبد الله بن يعفور قال سألت أبا عبد الله (ع) عن تسليم الامام وهو مستقبل القبلة قال يقول السلام عليكم وفي خبر أبي بصير إذا
كنت اماما فإنهما التسليم إلى أن قال ثم تؤذن القوم فتقول وأنت مستقبل القبلة السلام عليك إلى أن قال فإذا كنت في جماعة فقل مثل ما قلت وسلم على من على يمينك
وشمالك فإن لم يكن على شمالك أحد فسلم على الذين على يمينك ولا تدع التسليم على يمينك وان لم يكن على شمالك أحد عن الوافي انه بعد نقل هذه الرواية قال قوله (ع) في
اخر الحديث وان لم يكن على شمالك أحد الظاهر أنه كان على يمينك سهي النساخ فكتبوا شمالك وفي بعض النسخ ان لم يكن بدون الواو كأنه نشأ اسقاطه مما أومى
من التهافت الناشي من ذلك السهو انتهى أقول ربما يؤيد مات ذكره من السهو بعض الأخبار الآتية وهذه الروايات ظاهرها التسليم إلى من غير التفات عنها إلى اليمين
384

والشمال ولكن قد ينافيها قوله عليه السلام في صحيحة عبد الحميد بن عواص المتقدمة إذا كنت تؤم قوما أجزاك تسليمة واحدة عن يمينك وان كنت مع امام فتسليمتين الحديث
ويمكن الجمع بينها وبين تلك الأخبار بسملها على إرادة الايماء بالتسليم إلى اليمين بصفحة وجهه بحيث لا ينافي صدق كونه مستقبل القبلة حال كم ربما يؤمي إلى ذلك قوله
عليه السلام في خبر أبي بصير المتقدم ثم تؤذن القوم فتقول وأنت مستقبل القبلة السلام عليكم فكان المقصود بالنهي عن الالتفات في خبر أبي بكر وكذا الحث في
سائر الأخبار على استقبال القبلة حال التعريض على ما يصنعه العامة من التوجه بالتسليم إلى اليمين والشمال فلا ينافيها التسليم عن اليمين بالإشارة إليه بصفحة
وجهه لا على وجه يتحقق به الالتفات عن القبلة والصحيحة المزبورة غير آتية عن إرادة هذا المعنى من التسليم عن اليمين فيتجه حملها عليه جمعا بين الأخبار كما أن المتعين
حمل ما فيها من التعبير بلفظ الاجزاء المشعر باستحباب الأكثر من تسليمة واحدة على إرادة الاجزاء في مقام الكمال فمعنى يجزيه تسليمه واحدة انه لا يحتاج في تأدية
وظيفية إلى أكثر من ذلك كما يحتاج إليه المأموم كما يشهد لذلك مضافا إلى ظهور الأخبار المتقدمة في أن المسنون في حقه ان يسلم تسليمة واحدة خصوصا
مع مقابلته بالمأموم الذي يستحب له التسليمتان صحيحة منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال الامام يسلم واحدة ومن ورائه اثنين فإن لم يكن عن شماله
أحد يسلم واحدة وعن الخصال مسندا عن انس ان رسول الله كان يسلم تسليمة واحدة وفي حديث الكاهلي قال صلى بنا أبو عبد الله (ع) إلى أن قال وقنت
في الفجر وسلم واحدة مما يلي القبلة فما عن ابن الجنيد من أنه قال إن كان الامام في صف سلم عن جانبيه مع شذوذه وكونه محجوجا بما عرفت مما لم نعرف مسنده
واما ما ورد في المأموم ففي أغلبها انه يسلم تسليمتين اما بقول مطلق كما في صحيحة عبد الحميد المتقدمة أو مقيدتين بكون إحديهما عن اليمين والأخرى عن
الشمال ان كان عن شماله أحد والا فتسليمة واحدة عن يمينه كما في غير واحد من الأخبار المتقدمة وقضية الجمع بينهما صرف الاطلاق إلى ما في الأخبار المقيدة
لا لكونه مقتضي قاعدة الجمع بين المطلق والمقيد فانا منعنا هذه القاعدة في المستحبات بل لأن اطلاق الصحيحة وارد في مقام بيان ما هو وضيفته من حيث
العدد لا من حيث الجهة فهي مجملة من هذه الجهة والاخبار المصرحة بان واحدة عن يمينه وأخرى عن شماله مبينة لها نعم مقتضى اطلاقها في لفرق بين
ما لو كان على يمينه أو شماله أحدا ولم يكن ولكن يظهر من الأخبار التي وقع فيها تخصيص التسليم عن الشمال بما إذا كان هناك أحد اختصاص استحبابه بهذه الصورة
كما يؤكد هذا الظهور التعليل الواقع في صحيحة أبي بصير المتقدمة قوله عليه السلام لأن عن يسارك من يسلم عليك ويشهد له أيضا رواية عنبسة بن مصعب قال سئلت
أبا عبد الله (ع) عن الرجل يقوم في الصف خلف الإمام وليس على يساره أحد كيف يسلم قال يسلم واحدة عن يمينه فمع هذا الظهور لا يصح ابقاء المطلق على اطلاقه وان
كان الحكم استحبابا كما هو واضح فالذي يستفاد من مجموع هذه الأخبار انما هو استحباب تسليمتين للمأموم إحديهما عن اليمين والأخرى عن الشمال ان كان على
شماله أحد لا مطلقا ولا يعارضها ما يظهر من بعض الأخبار من أن وظيفة المأموم أيضا ليست الا تسليمة واحدة كغيره مثل ما عن الشيخ في الصحيحة عن زرارة ومحمد بن
مسلم ومعمر بن يحيى وإسماعيل كلهم عن أبي جعفر عليه السلام قال يسلم تسليمة واحدة اما ما كان أو غيره وخبر علي بن جعفر المروي عن قرب الإسناد عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته
عن تسليم الرجل خلف الإمام في الصلاة كيف قال تسليمه واحدة عن يمينك إذا كان على يمينك أحدا ولم يكن لوجوب حملهما على إرادة نفي لزوم الزيادة أو تأكد استحبابها
جمعا بينهما وبين ما عرفت واما خبر المفضل المتقدم الدال على أن وظيفته ثلاث تسليمات أوليها ردا على الامام والثانية على يمينه والثالثة على يساره فهو
وان كانت نصا في ذلك ولا يصلح لمعارضية ما عداه من الروايات من حيث الدلالة خصوصا مع كون المقام مقام المسامحة ولكنك عرفت ان التعويل عليه مع
مخالفته للمشهور ولظواهر النصوص المعتبرة المستفيضة واحتمال كونه مشوبا بالتقية لا يخلو عن اشكال فالأولى رد علمه إلى أهله والله العالم بقي الكلام فيما
اعتبره في المتن وغيره من كونه ايماء المأموم إلى اليمين والشمال بصفحة وجهه فإنه لا اترك له في الأخبار بل المتبادر منها إرادة الالتفات بجميع الوجه إلى اليمين و
الشمال كما هو المتعارف في المحاورات عند التكلم مع من عن يمينه أو شماله ولعل منشأه الجمع بينهما وبين أدلة الاستقبال وكراهة الالتفات عن القبلة يمينا
وشمالا وخصوص ما يظهر من خبر المعراج من أنه شرع التسليم في الصلاة إلى القبلة فان تلك الأخبار وان كانت أخص مطلقا فهذه الأدلة الا ان التسليم عن اليمين أو
اليسار إذا كان المسلم عليهم في صفة لا يحتاج في العرف والعادة إلى التوجه إليهم بوجهه بل يكفي في ذلك الايماء إليهم بصفحه وجهه بحيث لا ينافيه التوجه إلى القبلة
فتقييد التسليم عن اليمين واليسار بما لا ينافي تلك الأدلة أولى من ارتكاب التخصيص فيها بالنسبة إليه والله العالم تتمة يستحب ان يقصد المصلي بتسليمه اماما
كان أو مأموما أو منفردا الملكين وغيرهما ممن تضمنهم النصوص المتقدمة التي وفيها بيان ذلك خبر المفضل المتقدم فلا حاجة إلى التعرض لتفصيله بعد كون الخبر المزبور
وافيا بذلك قال شيخنا المرتضى رحمه الله يستحب ان يقصد الامام بتسليمه الملكين كما في عدة من الروايات من أنه تحية الملكين وان يقصد الأنبياء والملائكة عليهم
السلام لحديث المعراج من تسليم النبي صلى الله عليه وآله عليهم لما رآهم خلفه وان يضم إليهم الأئمة عليهم السلام لما في عدة من الأخبار من عدم قبول الصلاة على
النبي من دون الصلاة على اله عليهم السلام فكيف السلام على سائر الأنبياء انتهى وهو لا يخلو عن نظر فان النبي صلى الله عليه وآله انما سلم عليهم بعد ان رآهم حضورا
يصلون خلفه فلا يستفاد من ذلك أزيد مما دل عليه خبر المفضل من أن تسليم الامام يقع على ملكيه والمأمومين فضلا عن أن يفهم من ذلك استحاب قصدهم بالتحية ممن لا يحضرون
عنده أولا يعلم بحضورهم وكذا ما ذكره وجها لضم الأئمة إليهم لا يخلو عن تأمل فان عدم قبول الصلاة على النبي الا بضم آله إليه لا يقتضي عدم قبول السلام على سائر الأنبياء
الذين قصدهم النبي بالتسليم الا بضم آل النبي إليهم فإنه قياس مع الفارق فضلا عن أن يكون أولى اللهم الا ان يقال إنه يستفاد من استحباب قصدهم استحباب
قصد النبي صلى الله عليه وآله أيضا بتنقيح المناط ولا يتم التسليم عليه الا بضم الآل فليتأمل واضعف مما ذكر ما عن الذكرى من أنه قال
385

ويستحب قصد الامام التسليم على الأنبياء والأئمة والحفظة والمأمومين وعلله بذكر أولئك وحضور هؤلاء فإنه ان أريد بذكر أولئك ذكرهم في التسليم المستحب وهو
السلام على أنبياء الله وملائكته المقربين ففيه مع اقتضائه اختصاصه بمن اتى بهذا التسليم ان ذكرهم في ضمن التسليم عليهم لا يوجب استحباب تسليم اخر عليهم
ورائه فضلا عن أن يستحب قصدهم بهذا السلام الذي هو من اجزاء الصلاة وبهذا يظهر الجواب عما لو أراد ذكرهم في ضمن السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين
مع أن الأنسب على هذا ان يضم إلى من ذكره جميع الصالحين من الإنس والجن وكيف كان فالأولى والأحوط ان لم يكن أقوى في لتخطي عما تضمنته النصوص
بل الأحوط ان لم يكن أقوى عدم قصد التحية محضا وكيف كان فقد ورد في بعض الأخبار المتقدمة ان تسليم المأموم يقع ردا على الامام فهل
يجب عليه قصد الرد قيل نعم لعموم الآية وقيل لا وهو الأقوى لعدم تمحضه للتحية بل خروجه عن موضوعها عرفا فهو من اجزاء الصلاة ولكن حكمته
على ما يظهر من بعض أدلته كونه في الأصل تحية لأنه بالفعل كذلك والله العالم واما المسنون في الصلاة زيادة على ما سمعته في المواضع المخصوصة
السابقة فكثير ذكر المصنف رحمه الله تعالى منه خمسة الأول التوجه بست تكبيرات مضافة إلى تكبيرة الافتتاح على النحو المأثور عن أهل البيت
عليهم السلام بان يكبر ثلثا ثم يدعو ثم يكبر اثنين ويدعو ثم يكبر اثنين ويتوجه كما في حسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا افتتحت فارفع يديك ثم
ابسطهما بسطا ثم كبر ثلاث تكبيرات ثم قال اللهم أنت الملك الحق المبين لا إله إلا أنت سبحانك اني ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي انه لا يغفر الذنوب الا أنت ثم
كبر تكبيرتين ثم قل لبيك وسعديك والخير في يديك والشر ليس إليك والمهدي من هديت لا ملجا منك الا إليك سبحانك وحنانيك وتباركت وتعاليت
سبحانك رب البيت ثم كبر تكبيرتين ثم تقول وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة حنيفا مسلما وما انا من المشركين ان صلاتي ونسكي و
محياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وانا من المسلمين ثم تعوذ من الشيطان الرجيم ثم اقرأ فاتحه الكتاب وعن الشيخ في الصحيح عن زرارة
عن أبي جعفر عليه السلام قال يجزيك في الصلاة من الكلام في التوجه إلى الله ان تقول وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض على ملة إبراهيم حنيفا مسلما وما انا
من المشركين ان صلاتي ونسكي إلى اخر الآية ثم قال ويجزيك تكبيرة واحدة وعن الطبرسي في الاحتجاج عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري انه كتب إلى صاحب الزمان
عجل الله فرجه يسئله عن التوجه للصلاة يقول على ملة إبراهيم ودين محمد فان بعض أصحابنا ذكر انه إذا قال علي دين محمد فقد أبدع لأنا لم نجده في شئ من كتب
الصلاة خلا حديثا واحدا في كتاب القسم بن محمد عن جده الحسن بن راشد ان الصادق (ع) قال للحسن كيف تتوجه فقال أقول لبيك وسعديك فقال الصادق
ليس عن هذا أسئلك كيف تقول وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما قال الحسن أقوله فقال الصادق (ع) إذا قلت ذلك فقل على ملة إبراهيم
ودين محمد ومنهاج علي بن أبي طالب والايتمام بآل محمد حنيفيا مسلما واما انا من المشركين فأجاب عليه السلام التوجه له ليس بفريضة والسنة المؤكدة فيه التي كالاجماع
الذي لا خلاف فيه وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما على ملة إبراهيم ودين محمد وهدى علي أمير المؤمنين وما انا من المشركين ان صلاتي
ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وانا من المسلمين أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرحيم بسم الله الرحمن الرحيم ثم تقرء
الحمد وحكى عن الذكرى أنه قال قد ورد الدعاء عقيب السادسة بقوله يا محسن قد اتاك المسئ قد أمرت المحسن ان يتجاوز عن المسئ وأنت المحسن وانا
المسئ فصل على محمد واله وتجاوز عن قبيح ما تعلم مني قال وورد أيضا انه يقول رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي الآية وهو حسن انتهى أقول وربما جعل
بعض هذا الدعاء محلها بعد الإقامة وقبل الافتتاح فيحتمل أن تكون العبارة المتقدمة عن الشهيد مبنيا على تعين كون الأخيرة هي تكبيرة الاحرام وما
قبلها ملحقة بالإقامة كما هو أحد الأقوال في المسألة فيكون تعيين مورده بكونه عقيب المادة اجتهادا منه لا منصوصا عليه حتى يكون مقتضاه الالتزام
باستحباب ثلثه أدعية بينها ولكنه لا يخلو عن بعد وعلى تقدير كونه كذلك فلا يبعد ان يكون محط نظره فيها ارسله
الخبر المروي عن كتاب فلاح السائل
بسنده عن ابن أبي عمير عن الأزدي عن الصادق عليه السلام في حديث كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول لأصحابه من أقام الصلاة وقال قبل ان يحرم ويكبر يا محسن
قد اتاك المسئ وقد أمرت المحسن ان يتجاوز عن المسئ وأنت المسحن وانا المسئ فبحق محمد وال محمد صل على محمد وال محمد وتجاوز عن قبيح ما تعلم مني فيقول الله
ملائكتي اشهدوا اني قد عفوت عنه وأرضيت أهل تبعاته وكيف كان فالأوفق بالقواعد حمل عبارة الشهيد على ظاهره والالتزام باستحباب الدعاء المزبور
في المقامين من باب المسامحة فان المورد من أوضح موردها مع ما في متن الخبرين من الاختلاف والله العالم ثم لا يخفى عليك ان الاتيان بالتكبيرات السبع
على النهج المزبور انما هو على سبيل الأولوية والفضل والا فالافتتاح بالسبع مستحب مطلقا وهو مخير في السبع أيها شاء أو وقع معها نية الصلاة فيكون ابتداء
الصلاة عندها على ما صرح به غير واحد وقد تقدم تفصيل الأقوال فيه وتحقيقه في مبحث التكبير وعرفت في ذلك المبحث ان الأظهر عدم اختصاص استحباب الافتتاح
بالسبع بالفريضة بل هو مستحب في جمع الصلوات كما عن المعتبر وغيره التصريح به بل عن بعض نسبته إلى المشهور وخلافا لما حكى عن السيد في المسائل المحمدية فخصه
بالفرائض دون النوافل وعن رسالة ابن بابويه انه زاد على ذلك أول صلاة الليل والوتر وأول نافلة الزوال وأول نافلة المغرب وأول صلاة الاحرام و
عن المفيد في المقنعة نحوه مع زيادة الوتيرة ولكن في الجواهر بعد ان نقل هذه النسبة إلى المفيد قال لكن ملاحظة اخر عباراته يقضي باختصاصه بزيادة الفضل
لا أصل المشروعية انتهى وكيف كان فالأول أوفق بظواهر النصوص ودعوى انصرافها إلى الفرائض غير مسموعة مع أنه نسب بالمسامحة في أدلة السنن والله العالم
الثاني القنوت وهو لغة كما في القاموس الطاعة والسكوت والدعاء والقيام في الصلاة والامساك عن الكلام وعن النهاية الخشوع
386

والصلاة والعبادة والقيام وطول القيام وفي عرف الشارع والمتشرعة كما صرح به غير واحد هو الدعاء في الموضع المخصوص من الصلاة والمراد بالدعاء
ما يشمل الثناء على الله تعالى بالتسبيح والتهليل كما ستعرف وظاهرهم كما هو صريح بعضهم عدم خذ رفع اليدين في مفهومه بل هو مستحب حاله كرفع اليدين عند
التكبير وسيأتي تحقيقه انشاء الله ورجحانه اجماعي بين الخاصة وكثير من العامة كما صرح به شيخنا المرتضى رحمة الله بل في الجواهر نفي الخلاف بين المسلمين في مشروعية
في الصلاة في الجملة بل الظاهر في لخلاف بيننا في مشروعيته في كل صلاة عدى الشفع التي نفي بعض شرعية القنوت فيها كما عرفته في صدر الكتاب ولكنهم اختلفوا في أنه
هل هو على سبيل الاستحباب والوجوب على قولين اشهر هما بل المشهور الأول بل حكى عن المعتبر والمنتهى دعوى الاجماع عليه ولكن نوقش في الحكاية بان مرادهما بالاستحباب
على الظاهر مطلق المحبوبية في مقابل بعض العامة المنكرين لمشروعيته لا الاستحباب بالمعنى الأخص المقابل للوجوب كما يفصح عن ذلك تعرضهما للخلاف فيه بعد ذلك
في عنوان مستقل وحكى أيضا عن الذكرى وموضعين من التذكرة نسبته إلى علمائنا أجمع مع التصريح في أحد الموضعين بإرادة الاستحباب المقابل للوجوب فعن أحد
الموضعين أنه قال وهو مستحب في كل صلاة مرة واحدة فرضا كانت أم نقلا أداء أو قضاء عند علمائنا أجمع وعن موضع اخر قال القنوت سنة ليس بفرض عند علمائنا أجمع
وقد تجرى في بعض عبارات علمائنا الوجوب والقصد شدة الاستحباب انتهى وحكى عن ابن أبي عقيل القول بوجوبه في الفرائض الجهرية وربما نسب إليه القول
بوجوبه مطلقا كما هو ظاهر الصدوق فيما حكى عنه في الفقيه والهداية فعنه في الفقيه أنه قال والقنوت سنة واجبة ومن تركها متعمدا في كل صلاة فلا صلاة له
قال الله عز وجل قوموا لله قانتين يعني مطيعين داعين وعنه في الهداية أنه قال باب فريضة الصلاة قال الصادق (ع) حين سئل عما فرض الله تعالى من الصلاة
فقال الوقت والطهور والتوجه والقبلة والركوع والسجود والدعاء ومن ترك القراءة في صلاة متعمدا فلا صلاة له ومن ترك القنوت متعمدا فلا صلاة له انتهى
وعن شيخنا البهائي في الحبل المتين ما يظهر عنه الميل إلى الوجوب حيث حكى عنه انه بعد ان نسب القول بالقول اليهما وتكلم في أدلة الطرفين قال وبما تلوناه عليه يظهر ان
القول بما قال به ذانك الشيخان الجليلان غير بعيد عن جادة الصواب انتهى والأقوى ما هو المشهور من أنه مستحب في كل صلاة جهرية كانت أم اخفاتية فريضة كانت
أم نافلة ولكن يتأكد استحبابه في الفرائض خصوصا الجهرية منها كما ستعرف ما أصل مشروعيته ورجحانه في كل صلاة فيدل عليها مضافا إلى في لخلاف فيه بيننا كما سمعت
ما عن الصدوق في الفقيه باسناده عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال القنوت في كل الصلوات وعنه أيضا باسناده عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال
القنوت في كل ركعتين التطوع والفريضة وعن الكافي باسناده عن الحرث بن المغيرة قال قال أبو عبد الله (ع) اقنت في كل ركعتين فريضة أو نافلة قبل الركوع
وعنه أيضا باسناده إلى عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن القوت فقال في كل فريضة ونافلة إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة التي سيأتي بعضها فما
في بعض الأخبار من تخصيصه ببعض الصلوات أو الجهرية منها أو خصوص الفجر يجب حمله اما على تأكد الاستحباب أو التقية كما ستعرف واما كونه على سبيل الاستحباب
لا الوجوب فيدل عليه مضافا إلى عدم خلاف يعتد به فيه صحية أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي المروية عن التهذيب عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال قال أبو جعفر (ع) في القنوت
أنشئت فاقنت (وان شئت فلا تقنت قال أبو الحسن (ع) وإذا كانت التقية فلا تقنت صح) وانا أتقلد هذا وفي الوسائل رواها أيضا عنه باسناده عن أحمد بن محمد بطريق اخر نحوه الا أنه قال القنوت في الفجر قوله وانا أتقلد هذا يحتمل
ان يكون من كلام الراوي ويحتمل ان يكون من كلام الرضا عليه السلام وكيف كان فهذه الصحيحة صريحة في جواز تركه في غير حال التقية وان تركه في حال التقية هو
الأرجح واختصاصها بالفجر كما رواها بطريق اخر غير قادح في الاستدلال إذ لا قائل بعدم وجوبه في الفجر ووجوبه فيما عداها وموثقة سماعة المضمرة قال سئلته
عن القنوت في الجمعة قال اما الامام فعليه القنوت في الركعة الأولى بعد ما يفرغ من القراءة قبل ان يركع وفي الثانية بعد ما يرفع رأسه من الركوع قبل السجود وانما
صلاة الجمعة مع الامام ركعتان فمن صلى من غير امام وحده فهي اربع ركعتان بمنزلة الظهر فمن شاء قنت في الركعة الثانية قبل ان يركع وان شاء لم يقنت وذلك
إذا صلى وحده وهذه الرواية أيضا صريحة في جواز تكره في الظهر للمنفرد ورواية عبد الملك بن عمر وقال سئلت أبا عبد الله (ع) عن القنوت قبل الركوع أو بعده قال
لا قبله ولا بعده وروايته الأخرى قال قلت لأبي عبد الله (ع) قنوت الجمعة في الركعة الأولى قبل الركوع وفي
الثانية بعد الركوع فقال لي لا قبل ولا بعد إذا الظاهر أن
المقصود بالخبرين نفي لزومه لا نفي شرعيته ويحتمل جريهما مجرى التقية وربما يستشعر من مثل هذه الأخبار عدم مواظبتهم على فعله والا لم يشبه عليهم موضعه
وهو من أقوى شواهد الاستحباب كما أنه قد يستشعر ذلك من صحية صفوان قال صليت خلف أبي عبد الله (ع) أياما فكان يقنت في كل صلاة يجهر فيها أولا يجهر إذ لو كان
معروفا لديهم وجوبه أو كان متعارفا لديهم في كل صلاة كالإقامة ونحوها من المستحبات التي جرت السيرة على المواظبة عليها لم يكن داع لتخصيصه بالحكاية فالمقصود
بهذه الحكاية بحسب الظاهر بيان شدة استحبابه ومواضبة الامام على فعله ومما يؤيد الاستحباب أيضا خبر المفضل بن شاذان المروي عن العلي علل عن الرضا عليه السلام
قال في حديث أو انما جعل الدعاء في الركعة الأولى قبل القراءة وجعل القنوت في الثانية بعد القراءة لأنه أحب ان يفتتح قيامه لربه وعبادته بالتحميد والتقديس و
الرغبة والرهبة ويختمه بمثل ذلك ليكون في القيام عند القنوت طول فاجرى ان يدرك المدرك الركوع فلا تفوته الركعة في الجماعة فان مقابلته بالدعاء في الركعة
الأولى وتعليله بعله غير مناسبة الا للاستحباب لو لم يجعله ظاهرا فيه فلا أقل من اشعاره به وخبر وهب بن عبد ربه عن أبي عبد الله (ع) قال عن ترك القنوت رغبة عنه
فلا صلاة له وخبرة الاخر عنه أيضا قال القنوت في الجمعة والعشاء والعتمة والوتر والغداة فمن ترك القنوت رغبة عنه فلا صلاة له وكان هذا الكلام صدر تعريضا
على العامة الذين رغبوا عن هذه السنة وكيف كان فيظهر من تعليق نفي الصلاة على تكره رغبة عنه انه لا بأس بتركه من حيث هو لو لم يكن على سبيل الرغبة والاعراض
عنه بل من باب الاستعجال ونحوه وبهذا يظهر لكم ضعف الاستدلال بهذه الرواية للقول بالوجوب ونظيره في الضعف الاستدلال بظاهر قوله تعالى وقوموا
387

لله قانتين ضرورة انه لا ظهور للآية في إرادة القنوت بالمعنى المصطلح والا فلهم منها ذلك أهل العرف مع انا لا نرى أحدا منهم يفهم ذلك منها نعم لو ثبت للقنوت
حقيقة شرعية في زمان صدور الآية كان للاستدلال بها وجه وان كان الأوجه على هذا التقدير أيضا حمله على إرادة ما يناسبه المقام من معانيه من الخشوع
والعبارة ونحوها حيث إن ظاهرها إرادة التلبس به من حيث الاخذ في القيام لا بعده عند إرادة الركوع من القيام الحاصل في الركعة الثانية من الصلاة و
يتلوه في الضعف الاستدلال له بصحيحة زرارة المروية عن زيادات التهذيب انه سئل أبا جعفر عليه السلام عن الفرض في الصلاة فقال الوقت والطهور والقبلة
والتوجه والركوع والسجود والدعاء قلت ما سوى ذلك قال سنة في فريضة لأن الدعاء الذي يعتبر في القنوت ما يعم التسبيح والتهليل بل قيل إن أفضله كلمات الفرج
فان أريد بالدعاء ما يقابل التسبيح والتهليل فلا يجب بهذا المعنى في القنوت جزما فلا بد اما من جمله على الاستحباب أو على إرادة الدعاء المتحقق في ضمن قراءة الفاتحة
أو الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله الواجبة في التشهد ونحوها وان أريد به مطلق الذكر الشامل للتسبيح ونحوه فجميع الأذكار الواجبة في الصلاة مصداق له فلا ينحصر محمله
في القنوت حتى يتعين حمله عليه وعمدة ما يصح الاستدلال به لهذا القول موثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن نسي الرجل القنوت في شئ من الصلاة حتى
يركع فقد جازت صلاته وليس عليه شئ وليس له ان يدعيه متعمدا ورواية أعمش المروية عن الخصال عن الصادق عليه السلام قال في حديث شرايع الدين والقنوت
في جميع الصلوات سنة واجبة في الركعة الثانية قبل الركوع وبعد القراءة وخبر الفضل بن شاذان المروي عن العيون عن الرضا عليه السلام في كتابه إلى المأمون
قال والقنوت سنة واجبة في الغداة والظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والروايات الكثيرة المشتملة على الامر بالقنوت اما في كل صلاة أو في الفرائض أو
في خصوص الجهرية منها أو في الجمعة أو في الفجر إلى غير ذلك من الموارد التي لا يحصل وظاهره الوجوب ويتوجه على الجميع ان غايتها الظهور في الوجوب فلا تصلح
شئ منها لمعارضة صحيحة البزنطي المتقدمة المعتضدة بغيرها من الشواهد والمؤيدات التي تقدمت الإشارة إليها فالقول بوجوبه في الفرائض مطلقا مع شذوذه
في حد ذاته بل في لجزم بكونه مراد القائلة إذ لا يبعد منه تأكدا الاستحباب تبعا للنصوص ضعيف واضعف منه ما نسب إلى ابن أبي عقيل من القول بوجوبه
في الجهرية خاصة كما في كلمات بعض ولعل مستنده موثقة سماعة المضمرة قال سئلته عن القنوت في اي صلاة هو فقال كل شئ يجهر فيه بالقراءة ففيه قنوت
وقوله عليه السلام في خبر وهب المتقدم القنوت في الجمعة والعشاء والعتمة والوتر والغداة الحديث وفيه بعد تسليم ظهور الخبرين في الوجوب والغض عما عرفت
سابقا من ظهور ثانيهما في حد ذاته في إرادة السنة المؤكدة انه يتعين حملهما عليه جميعا بينهما وبين الصحيحة التي هي صريحة في جواز الترك اما مطلقا أو في خصوص الفجر
التي هي من الجهرية على اختلاف الروايتين فيتم فيما عداها بعدم القول بالفصل مضافا إلى دلالة بعض الأخبار صريحا بعدم وجوبه فيما عداها كموثقة يونس
بن يعقوب قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن القنوت في اي صلاة اقنت فقال لا تقنت الا في الفجر وصحيحة سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال
سئلته عن القنوت هل يقنت في الصلاة كلها أم فيما يجهر فيه بالقراءة قال ليس القنوت الا في الغداة أو الجمعة والوتر والمغرب هذا كله مع ما في الخبرين السابقين
الذين استدل بهما للقول المزبور بل وكذا الخبرين الذين يظهر منهما اختصاص مشروعيته القنوت ببعض الصلوات من شوب التقية كما يفصح عن ذلك موثقة أبي بصير قال
سألت أبا عبد الله (ع) عن القنوت فقال فيما يجهر فيه بالقراءة قال فقلت له اني سئلت أباك عن ذلك فقال لي في الخمس كلها فقال رحم الله أبي ان أصحاب أبي
اتوه فسئلوه فأخبرهم بالحق ثم اتوني شكاكا فأفتيتهم بالتقية وكذا ما عن الكافي والتهذيب في الموثق عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر (ع) عن القنوت في الصلوات
الخمس فقال اقنت فيهن جميعا قال وسألت أبا عبد الله (ع) بعد ذلك فقال اما ما جهرت به فلا تشك وعن التهذيب في الموثق عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال القنوت في كل
الصلوات قال محمد بن مسلم قد ذكرت ذلك لأبي عبد الله (ع) فقال اماما لا يشك فما يجهر فيه بالقراءة ضرورة انه ليس من شأن الإمام عليه السلام التشكيك والتردد في الأحكام الشرعية
فصدور هذا النحو من الكلام اما لكونه بمحضر المخالفين فابرز الكلام بصورة الفتوى المستندة إلى الرأي والاجتهاد من باب التقية أو ان المقصود بذلك
بيان انه في الجهرية مما لا يزاحمه الجهات الخارجية المقتضية لرجحان تركه من رعاية التقية ونحوها أو انه فيها من الواضحات الثابتة في الشرعية بالسنة القطعية التي
لا مجال لاحد ان يشك فيه وكيف كان فهذا الفقرة من الرواية وان لا تخلو عن تشابه الا انه يعرف منها اجمال ان الرواية مشوبة بنوع من التقية بل قد يشكل استفادة
أفضلية القنوت في الصلوات التي خصت بالذكر في تلك الأخبار بعد شهادة هذه الروايات بان منشأ التخصيص التقية ولذا استشكل بعض في الحكم بالأفضلية ولكن
الذي يغلب على الظن انه وان كان للتقية دخل في قصر القنوت في تلك الأخبار على بعض الصلوات كما نطق به موثقة أبي بصير ولكن العمدة في ذلك عدم تأكد
مطلوبيته في الصلوات التي لم يأمر به فيها والا فالقنوت بحسب الظاهر من أصله مخالف للتقية إذا الظاهر استقرار سيرة العامة في عصر صدور هذه الأخبار على ترك هذه
السنة حتى في الفجر وان اعتبروا بشرعيته فيما كما يفصح عن ذلك قوله عليه السلام في ذيل صحيحة البزنطي الواردة في القنوت في الفجر وإذا كانت التقية فلا تقنت وانا أتقلد هذا فكان
الإمام عليه السلام صونا لأصحابه من أن يصدر منهم أحيانا ما ينافي التقية كان يقتصر على بيان اما هو الأهم فالأهم الا انه صدرت هذا الأخبار المتظافرة بأسرها تقيته بل
بملاحظة التقية لم يكن يكلف أصحابه بالقنوت الا فيما كان استحبابه فيه متأكدا والا فجل هذا الاخبار أو كلها قد ألقيت على مثل محمد بن مسلم وأبي بصير ونظرائهم
الذين هم من خواص أصحاب الأئمة وحملة اسرارهم الذين ليس بينهم وبين الإمام عليه السلام تقيته فهذا من أقوى الشواهد على أن القنوت في حد ذاته ليس بواجب والا
لم يكن يحسن ان يطلق لمثل هؤلاء الاشخاص القول بأنه لا تقنت الا في الفجر أوليس لا قنوت الا في الغداة والجمعة والوتر والمغرب أو نحو ذلك مع أن مواقع التقية
المبيحة للاخلال بالواجب ليس الا أقل قليل فلو كان القنوت واجبا لكان يأمرهم به الا في موارد التقية كغيره من الواجبات المنافية للتقية كالمسح على الخفين
388

الوضوء منكوسا ونحوه وهذا بخلاف ما لو كان مستحبا فإنه قد يحسن ترك هذا المستحب رعاية لأن لا يقع أحيانا في مخافة التقية وهذا مما يختلف باختلاف مرتبة الاستحباب
وكذا بقوة احتمال وقوعه في مخالفة التقية وضعفه وكذا باختلاف الضرر الذي يخاف منه على تقدير مخالفة التقية والأنسب بما يقتضيه الجمع بين شتات الأخبار
تنزيلها على اختلاف مرتبة الاستحباب وهو أوفق بالقواعد من حمل جميع هذه الأخبار على التقية التي هي بمنزلة الطرح والموثقة الدالة على صدورها تقية لا تدل
على ارادتها بهذا المعنى والله العالم وهو اي القنوت محله الموظف في الشريعة في غير ما ستعرف استثنائه في كل ركعة ثانية من الصلوات الثنائية والثلاثية و
الرباعية وفي مفردة الوتر قبل الركوع وبعده القراءة باجماع علمائنا كما عن المنتهى حكايته ويدل عليه صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال ما اعرف قنوتا
الا قبل الركوع وصحيحة يعقوب بن يقطين قال سألت عبدا صالحا عن القنوت نفي الوتر والفجر وما يجهر فيه قبل الركوع أو بعده قال قبل الركوع حين تفرغ من قرائتك وصحيحة زرارة
عن أبي جعفر عليه السلام قال القنوت في كل صلاة في الركعة الثانية قبل الركوع ورواية الحرث بن المغيرة قال أبو عبد الله عليه السلام اقنت في كل ركعتين فريضة أو نافلة
قبل الركوع وفي خبر الأعمش المروي عن الخصال في حديث شرايع الدين عن أبي عبد الله عليه السلام قال أبو عبد الله عليه السلام أقنعت في كل ركعتين فريضة أو نافلة
قبل الركوع وبعد القراءة وعن تحف العقول مرسلا إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام في كتابه إلى المأمون قال كل القنوت قبل الركوع وبعد القراءة وموثقة
سماعة المضمرة قال سألته عن القنوت في اي صلاة هو فقال كل شئ يجهر فيه بالقراءة فيه قنوت والقنوت قبل الركوع وبعد القراءة وفي موثقة أبي بصير الآتية في
قنوت الجمعة قال كل قنوت قبل الركوع الا الجمعة إلى غير ذلك من الأخبار الدالة عليه وعن المصنف في المعتبر ما يظهر منه الميل أو القول بأنه مخير بين فعله قبل الركوع
أو بعده وان كان الأولى أفضل فقال ما لفظه ويمكن ان يقال بالتخيير وان كان تقديمه على الركوع أفضل انتهى واستحسنه الشهيد الثاني في الروضة فقال ما لفظه قبل
يجوز فعل القنوت مطلقا قبل الركوع وبعده وهو حسن للخبر انتهى ومستند هذا القول ما رواه الشيخ بأسناده عن إسماعيل الجعفي ومعمر عن أبي جعفر عليه السلام قال القنوت
قبل الركوع وان شئت فبعده حكى عن الشيخ أنه قال في توجيهه انه محمول على حال القضاء أو التقية على مذهب بعض العامة في الغداة أقول بما ذكره الشيخ في توجيه
هذا الخبر يندفع ما احتمله غير واحد من المتأخرين من كون شئت مصحف نسيت من سهو النساخ فإنه يظهر من توجيه الشيخ انه رواه بهذا اللفظ واحتمال كون الشيخ معمولا
في نقله على اخذه من كتاب مصحف مما لا ينبغي الالتفات إليه لا لمجرد كون احتمال الغلط في حد ذاته مخالفا للأصل بل لعدم كون تأليف الكتب الأربع مبنيا على ذلك و
كيف كان فهذا الاحتمال مع مخالفته للأصل مما لا ينبغي الالتفات إليه واما ما ذكره الشيخ في توجيهه فان أراد بحال القضاء جوازه قضاء بعد الركوع مطلقا سواء
تركه في محله الذي هو قبل الركوع عمدا أو سهوا فمرجعه لدى التحليل إلى ما ذكره المصنف ره من التخيير بين ان يأتي به قبل الركوع أو بعده ولكن الأول أفضل إذ القنوت
في حد ذاته مستحب فله ان يختار تركه قبل الركوع وفعله بعده فتسميته قضاء مجرد اصطلاح اللهم الا ان يعتبر فيه ح قصد البدلية فليتأمل وان اراده في خصوص
الناسي فالرواية تأبي عن الحمل عليه لأنها كادت أن تكون صريحا في إرادة اختيار فعله بعد الركوع على تقدير حصول الترك نسيانا واما حملها
على التقية فإنما يتجه على تقدير معارضتها لما عداها من الروايات وعدم امكان الجمع بينهما وهي ليست كذلك بل هي بنفسها مقررة لتلك الروايات وناطقة بان محل
القنوت قبل الركوع ولكنه يجوز بعده أيضا وليس في الأخبار المتقدمة ما ينافي ذلك لأن غايتها الظهور في انحصار مشروعيته القنوت بايقاعه قبل الركوع وعدم
جواز فعله بعده وهو لا يصلح لمعارضة الرواية المصرحة بجواز التأخير فمقتضى الجمع بين هذه الرواية وبين الأخبار التي ورد فيها الامر بالقنوت قبل الركوع أو
ان محله قبل الركوع انما هو حمل تلك الأخبار على إرادة محله الذي ينبغي ايقاعه فيه اي محله الأفضل لا محله الذي لا يشرع الا فيه واما قوله عليه السلام في صحيحة معاوية
بن عمار ما اعرف قنوتا الا قبل الركوع فيحتمل قويا ان يكون جاريا مجرى التعبير في مقام الاخبار عما استقر عليه سيرته في مقام عمله فإنه كثيرا ما يقال في العرف لا
أعرف الا هذا بمعنى لا أعمل الا هذا ولا أعرف الا هذا الشخص اي لا أصاحب الا معه واحتمال إرادة حقيقة كي يكون الكناية عن عدم مشروعيته وان كان
أوفق بظاهر اللفظ ولكن مقتضاه ارتكاب التخصيص في قنوت الجمعة الذي ستعرف ان محله بعد الركوع مع أن سوق التعبير يأبى عن التخصيص مضافا إلى عدم
اباء هذه الرواية أيضا عن الحمل على إرادة محله الفضيلي فالانصاف ان الالتزام بشرعية الاتيان به بعد الركوع عند تركه قبله ولو عمدا أشبه بالقواعد وأنسب
بالمسامحة في أدلة السنن ويؤيده شرعيته للناسي كما ستعرف فإنه يكشف عن أن لما بعد الركوع أيضا كما قبله خصوصية مقتضية لطلبة على تقدير تركه قبله
ومدخليته النسيان في المصلحة المقتضية له لا يخلو عن بعد وهذا وان لا يصلح ان يكون مستندا لاثبات حكم
شرعي توفيقي الا انه مؤيد للرواية الدالة عليه و
كيف كان فالأولى والأحوط انه لو تركه قبل الركوع ان يأتي به بعد الركوع بقصد القربة المطلقة لا علي سبيل التوظيف والله العالم ثم إنه قد أشرنا إلى أن حال
القنوت في مفردة الوتر حال القنوت فيما عداها من الصلوات في أن محله قبل الركوع وهذا مما لا شبهة فيه نصا وفتوى ولكن صرح غير واحد بان لمفرد الوتر
قنوت اخر بعد الركوع فلها قنوتان أحدهما قبل الركوع والاخر بعده منهم المصنف في المعتبر والعلامة في التذكرة والشهيدان في الدروس والروضة على ما حكى
عنهم وعللوه بما روي عن أبي الحسن موسى عليه السلام انه كان إذا رفع رأسه من اخر ركعة الوتر قال هذا مقام من حسناته نعمة منك إلى اخر الدعاء وحكى عن
المحقق الأردبيلي في شرح الارشاد انه انكر ذلك عليهم وقال وفي الوتر غير ثابت كون الثاني قنوتا مع أنه اعترف بأصل استحبابه ولكن لا بهذا العنوان فقال بعد
الكلام المزبور على ما حكى عنه ولكن لا شك في استحباب الدعاء بعد الركوع أيضا فانكاره مبني على منع تسميته مطلق الدعاء الوارد في خلال الصلاة قنوتا وهو
في محله ضرورة في طلاق اسم القنوت في عرف المتشرعة واستعمالات الشارع على مطلق الدعاء والذكر المطلوب في الصلاة والا لا ينحصر في كل صلاة بقنوت
389

واحد ولا يختص ومورده بما قبل الركوع إذا الدعاء فضلا عن مطلق الذكر الذي يجتزى به في القنوت مسنون في كثير من مواضع الصلاة وفي السجود وما بين السجدتين و
بعد الركوع وغير ذلك مع أنه لا يصح ان يقال يستحب القنوت في تلك المواضع فالقنوت بحسب الظاهر اسم للعمل المخصوص المعروف لدى المتشرعة المعتبر فيه رفع اليدين
اما لكونه من مقومات مفهومه كما هو المنساق إلى الذهن من لفظه في عرف المتشرعة ويستشعر من بعض الأخبار كونه كذلك في عرف الشارع أيضا أو لكونه شرطا
لكماله كما يظهر من كلمات الأصحاب فليس مطلق الدعاء الوارد في الصلاة الذي لم يشترط لا صحته ولا كماله بوقوعه بهذا الكيفية اسمه قنوتا وكيف كان فان
أراد القائلون باستحباب القنوت الثاني بعد الركوع استحباب هذا الدعاء ونحوه كاستحباب قول سمع الله لمن حمده فهو حق ولا مشاحته ح في تسميته قنوتا لأنه مجرد
اصطلاح كما أومى إليه الشهيد في محكى الذكرى فقال في مباحث القنوت الظاهر استحباب الدعاء في الوتر بعد الركوع أيضا إلى أن قال وسماه في المعتبر قنوتا انتهى
وان أرادوا استحبابه على حد استحبابه قبل الركوع بان يؤتى به مع رفع اليدين حاله قاصدا به التوظيف فالخبر المزبور الذي هو مستند هذا الحكم قاصر عن افادته
كما لا يخفى تنبيه مقتضى اطلاق النصوص والفتاوي مشروعية القنوت في ثانية الشفع أيضا كغيرها من الصلوات ولكن ربما يستظهر من بعض الأخبار
خلافه ولذا ذهب بعض المتأخرين إلى عدم مشروعيته وقد تقدم تحقيقه في صدر الكتاب وعلم فيما تقدم ان الأظهر مشروعيته فلا نطيل بالإعادة ويستحب ان
يدعو فيه بالأذكار المروية عن الأئمة عليهم السلام وأفضلها كلمات الفرج على ما صرح به كثير من الأصحاب بل عن الذكرى والبحار وغيره نسبته إليهم بحيث يستشعر منه
دعوى الاجماع عليه بل حكى عن الغنية صريحا ادعائه ولعله كاف في اثباته من باب المسامحة كما أنه يكفي له ما حكى عن الحلي من أنه قال وروى أنها اي كلمات الفرج أفضله
وعن علم الهدى أيضا نحوه ويؤيده ما عن الفقه الرضوي أنه قال وقل في قنوتك بعد فراغك من القراءة قبل الركوع اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الحليم الكريم لا إله إلا أنت
العلي العظيم سبحانك رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم يا الله ليس كمثله شئ صلى على محمد وال محمد واغفر لي
ولوالدي ولجميع المؤمنين والمؤمنات انك على كي شئ قدير ثم تركع وفي نسخة بدل انك على كل شئ قدير انك على ذلك قادر وما تضمنته عبارة الرضوي ان كان
مغائرا في الصورة في جملة من فقراته للصورة المعروفة لكلمات الفرج الواردة في بعض الأخبار المعتبرة وهي لا إله إلا الله الحليم الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم
سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين ولكن قد أشرنا في مبحث احكام الأموات
عند التكلم في استحباب تلقين المحتضر بكلمات الفرج انه ربما تستشعر من اختلاف الأخبار الواردة فيها انه ليس لخصوص هذا الترتيب بل ولا لخصوصية بعض ألفاظها كثير
دخل في قوام مطلوبيته هذا الكلمات كما انا قد حققنا في ذلك المبحث انه لا بأس بان يقول قبل التحميد وسلام على المرسلين لورودها كذلك في بعض الأخبار التي
نقلناها في المبحث المشار إليه فلا يظل بالإعادة وكيف كان فلا باس بالالتزام باستحباب خصوص ما تضمنته عبارة الرضوي مع ما فيها من الدعاء فإنه كافيه لمثله
بلا شبهة وقد ورد الامر بكلمات الفرج في قنوت الجمعة في خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال القنوت يوم الجمعة في الركعة الأولى بعد القراءة تقول في القنوت
لا إله إلا الله الحليم الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم والحمد
لله رب العالمين اللهم صل على محمد واله كما هديتنا به اللهم صل على محمد وال محمد كما أكرمتنا به اللهم اجعلنا ممن اخترته لدينك وخلفته لجنتك اللهم لا تزغ قلوبنا
بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمه انك أنت الوهاب ولعل الأصحاب فهموا أفضليتها في القنوت من مثل هذا الرواية ملاحظة ان الجمعة أولى بان يراعي
فيها مثل هده الآداب والله العالم ومن جملة الأدعية المأثورة في القنوت ما في حسنة سعد بن أبي خلف عن أبي عبد الله عليه السلام قال يجزيك في القنوت
اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا في الدنيا والآخرة انك على كل شئ قدير وفي خبر أبي بكر بن أبي سماك قال صليت خلف أبي عبد الله الفجر فلما فرغ من قرائته
في الثانية جهر بصوته نحوا مما كان يقرء وقال اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا في الدنيا والآخرة انك على كل شئ قدير إلى غير ذلك من الأدعية الكثيرة
المأثورة عنهم عليهم السلام مما تضمنته الأخبار الحاكية لفعلهم وقولهم من أرادها فليطلب من مظانها ويكفي في الحكم باستحباب ان يدعو بالدعوات التي دعوا بها
الأئمة عليهم السلام في قنوتهم قضاء ضرورة الشرع والعقل برجحان التأسي بهم ولا سيما في كيفية العبادات التي من شأنها التلقي منهم فاحتمال كون اختيارهم له من
باب انه أحد افراد مطلق الدعاء الذي يشرع في القنوت لا لخصوصية فيه موجبة لا فضلية غير قادح في الحكم باستحبابه بالنسبة الينا من باب الانقياد والتأسي
فلا يهمنا دعوى ان اختيارهم له مع وضوح أفضليته بعض أنواع الذكر والدعاء من بعض كاشف عن أن ذلك من القسم الأفضل كي يتطرق إليها الخدشة بامكان
ان يكون منشأه الجهات الخارجية المقتضية لاخبار الفرد المفضول كالتخفيف على المأمومين أو مزاحمة امراهم أو نحو ذلك كما هو واضح والا اي وان لم يقصد
المستحب بل محض الاتيان بما هو وظيفة القنوت فيأتي بما شاء من ذكر أو دعاء وأقله ثلاث تسبيحات بل هذا أيضا بحسب الظاهر مرتبة من الفضل والاستحباب
فإنه ليس فيه شئ معين بل يكفي فيه على الظاهر مطلق ما يسمى دعاء أو ثناء فيكفي مثل رب اغفر لي أو ما شاء الله أو نحو ذلك مما هو أقل من ثلاث تسبيحات كما يدل عليه خبر
إسماعيل بن الفضل قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن القنوت وما يقال فيه قال ما قضى الله على لسانك ولا اعلم فيه شيئا موقتا وخبره الاخر قال سئلت أبا عبد الله (ع)
عما أقول في وترى فقال ما قضى الله على لسانك وقدره وفي مرفوعة محمد بن إسماعيل بن بزيع المروية عن الخصال عن أبي جعفر عليه السلام قال سبعة مواطن ليس فيها
دعاء موقت الصلاة على الجنائز والقنوت الحديث وحسنة الحلبي بإبراهيم بن هاشم أو صحيحته المروية عن الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام عن القنوت في الوتر هل
فيه شئ موقت يتبع ويقال فقال الا اثن على الله وصل على النبي واستغفر لذنبك العظيم وقال كل ذنب عظيم وعن الصدوق باسناده على الحلبي انه سأله عن القنوت
390

فيه قول معلوم فقال اثن على ربك وصل على نبيك واستغفر لذنبك وليس المقصود بهذين الخبرين الجمع بين جميع المذكورات بل التنبيه على نوع ما يقال في
القنوت كما لا يخفى ثم إن أغلب هذه الأخبار وان أمكن الخدشة في دلالتها على نفي التحديد من حيث الكمية حيث إنها بظاهرها مسوقة لبيان في لتوقيت من حيث الكيفية
فلا ينافيها اعتبار مقدار معين من الدعاء أو الذكر ولكن لو كان له حد مضبوط لكان التنبيه عليه في مثل هذه الموارد لازما فعدم التعرض له في مثل هذه الموارد
كاشف عن انه ليس له حد معين لا مر حيث الكم ولا من حيث الكيف بل يكتفي بمطلق ما قضى الله على لسانه وقدره مع أن الرواية الأولى في حد ذاتها ظاهره في ذلك
وربما يؤيده أيضا كون طبيعة الذكر والدعاء الذي يتحقق به فعل القنوت من حيث هي حسنة بحيث لو كان القنوت واجبا وكان له حد معين لكنا نلتزم بمشروعيته
ما دونه عند تعذر ذلك الحد بقاعة الميسور الكاشفة عن أن له بجمع مراتبه نحو من المطلوبية وقضية ذلك جواز اختبار سائر مراتبه اختيارا بعد فرض كونه
من أصله مستحبا فان اي مرتبة من مراتبه تفرض له مصلحة مقتضية لطلبة والا لم يشرع مع الضرورة أيضا ففعله مطلقا أولى من تركه رأسا ولو نوقش في ذلك بأنه
مجرد الاستحسان ولا يصح ان يكون منشأ لاثبات جواز الاكتفاء بمسمى الذكر والدعاء فلا أقل من كونه مؤيدا لاطلاق الأخبار المتقدمة ونظائرها من الروايات
الواردة في القنوت من غير تحديده بحد وان لم يكن اطلاقها مسوقا لبيان الحكم من هذه الجهة كقول الصادق (ع) في صحيحة عبد الحر من القنوت في الوتر استغفار وفي الفريضة
الدعاء إلى غير ذلك مما ورد في القنوت من غير تحديده بحد وكيف كان فلا شبهة في كفاية مطلق الدعاء بل وكذا مسمى الذكر من غير تقديره بقدر ولعله ممالا خلاف فيه
أيضا ولكنه ينبغي ان لا يكون أقل من ثلاث تسبيحات لما رواه الشيخ باسناده عن أبي بكر بن أبي سماك عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال يجزى من القنوت ثلاث تسبيحات فإنه مشعر
بان الأقل منه غير مجزي الأولى ان لا يكون أقل من خمس تسبيحات الرواية أبي بصير قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن أدنى القنوت فقال خمس تسبيحات ومرسلة حريز عن أبي جعفر
عليه السلام قال يجزيك من القنوت خمس تسبيحات في ترسل وفي خبر محمد بن سليمان الامر بالتسمية ثلثا مع الضرورة المناسبة للتخفيف فمع عدمها أولى بان لا يقتصر على الأقل
من ذلك قال كتبت إلى الفقيه أسئله عن القنوت فقال إذا كانت ضرورة شديدة فلا ترفع اليدين وقل ثلاث مرات بسم الله الرحمن الرحيم ثم إن في هذا الخبر اشعار بل
دلالة على أن رفع اليدين معتبر في القنوت ولكن يجوز تركه لدى الضرورة وأوضح من ذلك دلالة عليه خبر عمار الساباطي قال قلت لأبي عبد الله (ع) أخاف ان اقنت وخلفي
مخالفون فقال رفعك يديك يجزى يعني رفعهما كأنك تركع هكذا رواه في الوسائل عن الشيخ فيحتمل ان يكون ما في ذيله من التفسير من كلام الراوي أو من الشيخ وكيف كان
فالاجتزاء برفع اليدين في مقام التقية كاشف عن انه من مراتبه الميسورة التي لا تسقط بمعسوره فلو لم يكن له دخل في قوام مفهومه بل من جملة آدابه لكان أولى و
انسب بالسقوط في مقام التقية من سقوط نفس الدعاء أو الذكر الذي قد لا ينافي مسما التقية أصلا لو لم يكن معه رفع اليدين خصوصا في الصلاة الاخفاتية
ومن هنا ربما يستشهد أيضا لاعتبار رفع اليدين فيه بالاخبار الدالة على سقوطه في حال التقية خصوصا في الصلوات الاخفاتية التي لولا رفع اليدين حاله
لا يعرف كونه اتيا بالقنوت بل وكذا في الجهرية لولا دعى بأدعية القران أو اتى ببسم الله الرحمن الرحيم كما ورد الامر به في الرواية المتقدمة لأنهم بحسب الظاهر
يجوزون قراءة القرآن بما شاء الله ويجوزون التبعيض ولا يمنعون عن القران فلو قرء بعد فراغه من السورة عدة آيات من القران مما هي دعاء ما لم يكن بهيئة
القنوت بحسب الظاهر لا يكون منافيا للتقية بل مناسبا لها والحاصل انه يستشعر من مثل هذه الأخبار انه لم يكن المقصود بالقنوت في عرف الأئمة عليهم السلام الا ما هو
المتعارف عندنا الذي هو مناف للتقية وهو العمل الخاص المشتمل على الدعاء ورفع اليدين لا مطلق الدعاء أو الذكر ولذا لم يطلق اسمه في مورد على سائر الأذكار والأدعية
التي ليس فيها رفع اليدين وقد أشرنا انفا إلى أن المتبادر من اطلاقه في عرف المتشرعة أيضا ليس الا ذلك بل يصح عندهم سلب اسمه عن الدعاء بلا
رفع اليدين ولكن ظاهر الأصحاب حيث جعلوه من مستحبات القنوت بل صريح غير واحد منهم عدم اعتباره في مهية القنوت بل هو كرفع اليدين حال التكبير من
إذا به ويشكل ذلك بأنهم لا يطلقون اسم القنوت الا على الدعاء بالكيفية المعهودة المشتملة على رفع اليدين ويقولون يستحب في صلاة الآيات خمس قنوات ولا
يقولون بمثله في صلاة الأموات التي ليس فيها رفع اليدين ولا يطلقون هذا الاسم على سائر الأدعية المسنونة في الصلاة أو في غيرها بخلاف ما لو كان الدعاء
بهذه الكيفية مشروعا في موضع منها اي موضع يكون كما لا يخفى ذلك على المتدبر في كلماتهم وكفاك شاهدا لذلك ان المحقق الأردبيلي نفي الاشكال عن استحباب
الدعاء بعد الركوع في الوتر ومنع ثبوت القنوت وكذلك الشهيد بعد ان أفتى باستحباب هذا الدعاء قال وسماه (في المعتبر قنوتا وهذا بمنزلة التصريح بكونه اصطلاحا مخصوصا به مخالفا لما يطلق عليه اسم القنوت) في عرف الفقهاء فالذي غلب على الظن ان
مفهوم القنوت في عرف الفقهاء أيضا ليس الا هذا العمل المركب من الدعاء والرفع ولكن الرفع عندهم ليس من مقومات مطلوبيته فهو وان كان فصلا للقنوت
مميزا له عما عداه من الأدعية ولكنه جزء مستحبي له بلحاظ مطلوبيته بل ظاهر قولهم يستحب فيه كنظائره مما وقع فيه مثل هذا التعبير ليس الا إرادة كونه جزء مستحبا
له لا مستحبا خارجيا حال وهذا وان كان موهما لكونه من الاجزاء التي لا ينتفي بانتفائه اسم القنوت كما في مستحبات الصلاة وغيرها ولكن الملحوظ لديهم في مثل هذه
الاستعمالات ليس الا عدم انتفائه من حيث المطلوبية لا من حيث التسمية ويؤيد ما ذكرناه في توجيه كلماتهم ما حكى عن كنز العرفان من أنه قال والقنوت هو
رفع اليدين بالدعاء في الصلاة في عرف الفقهاء وكيف كان فالظاهر كون رفع اليدين مأخوذا في مفهوم القنوت في عرف الشارع والمتشرعة ولكن الأشبه
جواز الاخلال به عمدا لما أشرنا إليه من ظهور كلمات الأصحاب في مشروعيته بلا رفع اليدين وكفى به دليلا لمثله من باب المسامحة مع امكان استفادته من قوله عليه السلام
في خبر محمد بن سليمان المتقدم إذا كانت ضرورة شديدة فلا ترفع اليدين بالتقرب الذي تقدمت الإشارة إليه عند التكلم في كفاية مطلق الدعاء والذكر والله العالم
واما كيفية رفع اليدين ففي محكى المعتبر ويجعل كفيه حال قنوته تلقاء وجهه وهو قول الأصحاب وعن الذكرى يستحب رفع اليدين تلقاء وجهه مبسوطتين
391

يستقبل بطونهما السماء وظهورهما الأرض قاله الأصحاب وروى عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام وترفع يديك حيال وجهك وان شئت تحت ثوبك وتتلقى
ببطونهما السماء انتهى ولكن نقل هذه الروايات عن الفقيه والتهذيب بسند صحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال تدعو في الوتر على العدو ان شئت
تسميهم وتستغفر وترفع يديك في الوتر حيال وجهك وان شئت تحت ثوبك باسقاط قوله وتتلقى ببطونهما السماء ومن هنا احتمل بعض ان يكون ما في الذكرى من
الزيادة اشتباها نشأ من اخذ الرواية من المعتبر حيث إنه رواها نحو ما في التهذيب والفقيه ولكن قال بعدها وتتلقى بباطنهما السماء وقيل بظاهرهما وكلا
الامرين جائز وكيف كان فيشهد لما ذكراه من التلقي بباطن يديه السماء مضافا إلى ما في كلامهما من نسبته إلى فتاوي الأصحاب السيرة القطعية بين
المتشرعة الكاشفة من كونه هو الكيفية الواصلة إليهم يدا بيد من الشارع واما ما نقله في المعتبر عن بعض من كونه بظاهرهما فان أريد حصره بذلك ففيه مالا يخفى
بعد مخالفته لفتوى الأصحاب وما استقر عليه سيرة المتشرعة بحيث لا ينسبق إلى أذهانهم من اطلاق القنوت الا ارادته بهذه الكيفية وان أريد جوازه فهو أيضا لا
يخلو عن اشكال بعد ما عرفت من مخالفته لما ينسبق إلى الذهن من اطلاقه في عرف المتشرعة والله عالم واما كون الرفع إلى حيال الوجه فالظاهر كونه على سبيل
الفضل والاستحباب والا فلا يبعد تأدية السنة بما دونه أيضا كما يدل عليه قوله (ع) في الصحيحة المتقدمة وان شئت تحت ثوبك إذا الظاهر أنه أريد به الرفع الغير البالغ
إلى ذلك الحد الذي يحتاج غالبا إلى اخراج اليد من الثوب وحكى عن المفيد القول بالرفع إلى حيال الصدر وعن الشيخ نجيب الدين انه استحسنه فان أراد بذلك
انحصار الوظيفة فيه فالصحيحة المزبورة حجة عليهما وان أراد الرخصة وكونه أدنى المراتب الذي يتأدى به الوظيفة فهو لا يخلو عن وجه بناء على جعل قوله وان شئت
تحت ثوبك كناية عن ذلك وان لا يخلوا تعيينه عن تأمل ويكره مجاوزتهما عن الرأس في الفرائض بل لا يجوز مع قصد التوظيف كما يدل عليه خبر أبي بصير عن أبي
عبد الله عليه السلام في حديث قال لا ترفع يديك بالدعاء في المكتوبة تجاوزهما رأسك إذ لو لم نقل بانصرافه إلى خصوص القنوت فلا أقل من أن يعمه اطلاقه
ويكره أيضا ردهما على الرأس والوجه في الفرائض لما عن الطبرسي في الاحتجاج عن محمد بن عبد الله عن جعفر الحميري انه كتب إلى صاحب الزمان عجل الله فرجه
يسئله عن القنوت في الفريضة إذا فرغ من دعائه ان يرد يديه على وجهه وصدره للحديث الذي روي أن الله جل جلاله اجل من أن يرد يدي عبد صفرا بل يملاهما من
رحمة أم لا يجوز فان بعض أصحابنا ذكر انه عمل في الصلاة فأجاب عليه السلام رد اليدين من القنوت على الرأس والوجه غير جائز في الفرائض والذي عليه العمل فيه إذا ارفع
يده من قنوت الفريضة وفرغ من الدعاء ان يرد بطن راحتيه مع صدره تلقاء ركبتيه على تمهل ويكبر ويركع والخبر صحيحه وهو في نوافل النهار والليل دون الفرائض
والعمل به فيها أفضل القول المراد بقوله عليه السلام ان يرد بطن راحته مع صدره بحسب الظاهر هو ان يرد يديه بباطنهما من حذاء صدره والله العالم تنبيهان
الأول حكى عن الصدوق في الفقيه التصريح بجواز القنوت بالفارسية حاكيا له عن الصفار واختاره صريحا كثير من القدماء مع ما في كلمات كثير منهم التصريح
بجوازه ولو مع القدرة على الدعاء بالعربية بل ربما نسب إلى المشهور بل لم ينقل الخلاف فيه الا من سعد بن عبد الله بل ربما يظهر من المحقق الثاني انحصار القائل بالمنع فيه
حيث إنه بعد ان نسب الجواز إلى المشهور قال فيما حكى من عبارته ما لفظه ونقل الأصحاب عن سعد بن عبد الله من فقهائنا عدم جوازه مع القدرة وهو المتجه لأن كيفية
العبادة متلقاة من الشارع كالعبادة ولم يعهد مثل ذلك خصوصا إذا كان الدعاء في المسجد الا ان الشهرة بين الأصحاب حتى أنه لا يعلم قائل بالمنع سوى سعد المذكور مانعة من المصير إليه انتهى و
الأقوى ما هو المشهور كما يدل عليه مضافا إلى أصل البراءة عن التكليف بأزيد من طبيعة الذكر أو الدعاء الغير المتوقفة على لفظ خاص أو لغة مخصوصة كما استدل به
الصدوق حيث استشهد له على ما حكى عنه بقوله عليه السلام كل شئ مطلق حيت يرد فيه نهى الأخبار الخاصة المصرحة بأنه ليس فيه شئ موقت كخبر إسماعيل بن الفضل المتقدم
الذي وقع فيه السؤال عن القنوت وما يقال فيه فقال ما قضى الله على لسانك ولا اعلم فيه شيئا موقتا وفي خبره قال ما قضى الله على لسانك وقدره ومرفوعة محمد بن
إسماعيل وحسنة الحلبي وروايته الأخرى المتقدم جميعها في صدر المبحث وخبر بكر بن حبيب قال قلت لأبي جعفر عليه السلام اي شئ أقول في التشهد والقنوت قال قل
بأحسن ما علمت فإنه لو كان موقتا لهلك الناس إذا المراد به أحسنه من حيث المضمون لامر حيث اللفظ كما سيأتي لذلك مزيد توضيح انشاء الله بحيث يندفع به توهم انصرافه
أو انصراف غيره من الأخبار المتقدمة إلى العربي ويشهد له أيضا اطلاق قوله عليه السلام في صحيحة عبد الرحيم القنوت في الوتر استغفار وفي الفريضة الدعاء فليته؟ ويؤيده أيضا
بل يشهد له بعدد لالة الأخبار المتقدمة على عدم اعتبار لفظ خاص فيه النصوص المستفيضة الدالة على جواز المناجاة مع الله والدعاء في أثناء الصلاة مطلقا
وعدم كون ذلك من الكلام المنافي لها مثل ما عن الفقيه مرسلا عن أبي جعفر عليه السلام قال لا باس بان يتكلم الرجل في صلاة الفريضة بكل شئ يناجي به ربه عز وجل
وعن الصادق عليه السلام قال كلما ناجيت به ربك في الصلاة فليس بكلام وصحيحة علي بن مهزيار المروية عن التهذيب قال سئلت أبا جعفر (ع) عن الرجل يتكلم في صلاة
الفريضة بكل شئ يناجي به ربه عز وجل قال نعم وصحيحة الحلبي قال قال أبو عبد الله (ع) كلما ذكرت الله عز وجل به والنبي صلى الله عليه وآله فهو من الصلاة ومرسلة حماد عن بعض أصحابهم
عن أبي عبد الله عليه السلام قال كلما كلمت الله به في صلاة الفريضة فلا باس فإن هذه الأخبار بعمومها تشمل كل كلام ومناجاة مع الله تعالى اي لغة تكون فإذا جازت
المناجاة والدعاء بسائر اللغات في أثناء الصلاة لا مانع من أن يعمها عموم قوله عليه السلام في خبر إسماعيل ما
قضى الله على لسانك وكذا اطلاق قوله اثن على الله في روايتي
الحلبي المتقدمتين خصوصا بعد ما فيها وفي غيرها كمرفوعة ابن بزيع من التصرح بأنه ليس فيها دعاء موقت وربما اعترف بعض بدلالة الأخبار المزبورة على جواز
التكلم مع الله والدعاء باي لغة ولكن منع شمول ما ورد في القنوت لغير العربي فأنكر جوازه في القنوت الذي قصد به القنوت المشروع في الصلاة بدعوى ان
المتبادر من اطلاق الدعاء والثناء الوارد في اخبار القنوت انما هو ارادته بالصيغة العربية لأنه هو المتعارف المعهود من الشارع في كل مورد امر فيه بلفظ أو قول أو كلام
392

في العبادات والمعاملات والايقاعات وغيرها بحيث يمكن دعوى القطع من ممارسته أحوال الشرع في الأبواب المزبورة بان الشارع لا بأمر بلفظ الا ويريد كونه عربيا
فالمقصود بما في تلك الأخبار من نفي التوقيت عدم اعتبار صيغة خاصة لا عدم اعتبار خصوصية الألفاظ فيه أصلا حتى العربية وعموم ما قضي الله على لسانك انما هو
بالنسبة إلى مكان من هذا النوع من الكلام لا مطلقا فكما ان عمومه مقصور على ما لو كان ما جرى على لسانه من جنس الذكر ولادعاء كذلك مقصور على ما كان
من لغة العرف وفيه أولا انه لم يعلم اعتبار العربية من حيث هي في شئ من الموارد المزبورة فضلا عن دعوى حصول القطع بذلك من ممارستها نعم اعتبار الشارع
في كثير من الموارد الفاظا خاصة من قراءة قران أو ذكر خاص ونحوه مما الخصوصية الألفاظ دخل في مطلوبيته بحيث لا يجوز التخطي عنها إلى ما يراد فيها فضلا عن كل لفظ
يؤدي مؤداها واما في الموارد التي علم أن الشارع لم يتعلق غرضه بلفظ خاص بل اكتفى بالتعبير عن معناه بسائر الألفاظ التي يعبر بها عنه كما فيما نحن فيه فلم يثبت
اعتبار العربية في شئ منها أصلا نعم ربما نلتزم به لدى احتماله في مثل العبادات أو العقود والايقاع من باب الاحتياط وأصالة الفساد الا ترى انه لم يتمسك أحد
لاثبات اعتبار العربية في شئ من الموارد التي التزموا بها الا بمثل هذه الأدلة فلو استند مدى الانصراف إلى أن لخصوص الصلاة باعتبار نظمها وهيئتها المعروفة
المألوفة المتلقاة من الشارع خصوصية توجب انصراف الامر بالدعاء في خلافها إلى الدعاء بالعربية الغير المغيرة لصورتها المتلقاة من الشرع لكان له وجه وثانيا
ان الانصراف ان سلم فإنما يقدح في التمسك باطلاق الدعاء والثناء الواردين في الأخبار لا بعموم قوله كلما جرى على لسانك وقصره على خصوص الذكر والدعاء
السايغ بالذات انما هو لمناسبة المقام وكونه تفسيرا للقنوت الذي لا يناسبه الكلام الذي ليس بعبادة وهذا بخلاف العربية فان قصر العموم عليه تخصيص بلا مخصص
فالانصاف ان القول بالجواز هو الأقوى الا ان الأحوط تركه بل ترك العربي الملحون أيضا بل ترك الدعاء بغير العربي في الصلاة مطلقا ولو في غير القنوت والله العالم
الثاني يستحب الجهر بالقنوت للامام والمنفرد مطلقا على المشهور كما يدل عليه صحيحة زرارة قال قال أبو جعفر عليه السلام القنوت كله جهار خلافا لما حكى بعض القدماء و
المتأخرين فجعلوه تابعا للفريضة لما ورد من أن صلاة النهار عجماء وفيه ان شمول هذا الخبر بعد تسليم سنده للقنوت بأصالة الاطلاق الذي قد يدعي انصرافه إلى القراءة
وشموله الصحيحة له في الصلاة الاخفاتية بالعموم فهو أقوى ويجوز الاخفات به أيضا كما يشهد له صحيحة عن علي بن يقطين قال سئلت أبا الحسن الماضي (ع) عن الرجل هل يصلح
له ان يجهر بالتشهد والقول في الركوع والسجود والقنوت قال إن شاء جهر وان شاء لم يجهر وخبر علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن الرجل ان
يجهر بالتشهد والقول في الركوع والسجود والقنوت فقال إن شاء جهر وان شاء لم يجهر واما المأموم فعن جماعة بل ربما نسب إلى المشهور القول بأنه يستحب له الاخفات
مطلقا لقول الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير ينبغي للامام ان يسمع من خلفه كلما يقول ولا ينبغي لما خلف الإمام ان يسمعه شيئا مما يقول وهذه الرواية كالنص في
العموم فلا يعارضها صحيحة زرارة المتقدمة التي ليست مسوقة الا لبيان حكم القنوت من حيث هو مع قطع النظر عن الجهات الخارجية العارضة له المقتضية لاخفاته
ولكن قد يناقش في دلالة الخبر علي المدعى بان في سماع الامام أعم من الاخفات إذ المأموم كثيرا يتمكن من الاتيان بأدنى مراتب الجهر بحيث لا يسمعه الامام اللهم
الا ان يدعي ان المتبادر منه ارادته سرا كما يؤيد ذلك تعينه في القراءة التي لولا رعاية احترام الامام لوجب فيها الجهر بل يمكن ان يجعل ذلك بنفسه دليلا للمدعى بان
يقال إذا سقط الجهر في موارد وجوبه لمراعاة جانب الامام فسقوطه في موارد ندبه أولى فليتأمل وفي صلاة الجمعة قنوتان أحدهما في الركعة الأولى قبل الركوع
والثاني في الثانية بعد الركوع على المشهور بين الأصحاب كما ادعاه في المدارك ويشهد له صحيحة أبي بصير المروية عن التهذيب عن أبي عبد الله قال سأله بعض
أصحابنا وانا عنده عن القنوت في الجمعة فقال له في الركعة الثانية فقال له قد حدثنا بعض أصحابنا انك قلت له في الركعة الأولى فقال في الأخيرة وكان عنده ناس كثير
فلما رأى غفلة منهم قال يا أبا محمد في الأولى والأخيرة فقال أبو بصير بعد ذلك قبل الركوع أو بعده فقال له أبو عبد الله (ع) كل القنوت قبل الركوع الا في الجمعة فان الركعة
الأولى القنوت فيها قبل الركوع والأخيرة بعد الركوع وعن موضع اخر من التهذيب نحوه بأدنى اختلاف في اللفظ وموثقة سماعة قال سألته عن القنوت في الجمعة
فقال اما الامام فعليه القنوت في الركعة الأولى بعد ما يفرغ من القراءة قبل ان يركع وفي الثانية بعد ما يرفع رأسه من الركوع قبل السجود إلى أن قال وان شاء قنت
في الركعة الثانية قبل ان يركع وانشاء لم يقنت وذلك إذا صلى وحده و صحيحة زرارة المروية عن الفقيه عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال قال على الامام فيها
اي في الجمعة قنوتان قنوت في الركعة الأولى قبل الركوع وفي الثانية بعد الركوع ومن صلاها وحده فعليه قنوت واحد في الركعة الأولى قبل الركوع و
عن الصدوق في الفقيه انه بعد ان ذكر هذه الصحيحة قال وتفرد بهذه الرواية حريز عن زرارة والذي استعمله وافتى به ومضى عليه مشايخي رحمهم الله هو ان القنوت
في جميع الصلوات في الجمعة وغيرها في الركعة الثانية بعد القراءة قبل الركوع ولعله أراد تفرده بما ذكره في ذيل الرواية من أن من صلاها وحده فعليه قنوت
واحد في الركعة الأولى كما يؤيد ذلك ما حكى عنه في هدايته من التصريح بان على الامام فيها قنوتان قنوت في الركعة الأولى قبل الركوع وفي الثانية بعده وكيف
كان فيما في ذيل هذه الصحيحة مع مخالفته الفتوى الأصحاب معارض بغيره من النصوص التي سيأتي بعضها فيجب رد علمه على أهله واما ما توهمه الصحيحة وكذا الموثقة
المزبورة من كون ذلك إلي القنوتين مخصوصا بالامام دون من عداه مطلقا حتى المؤتمين به فغير مقصود بهما جزما لأن المأموم يتبع الامام في القنوت حتى
فيما ليس القنوت وظيفته في سائر الصلوات فضلا عن صلاة الجمعة التي شرائطها التبعية فالمراد بثبوت القنوتين على امام الجمعة في مقابل من عداه ممن يصلي الجمعة
أربعا لا المؤتمين به كما هو واضح فما حكى عن ظاهر غير واحد من اختصاصه بخصوص الامام ضعيف مع أنه لا يظن بمن نسب إليهم ذلك ارادته من عبائرهم فان
عبائرهم المحكية التي استظهر منها هذا القول ليست الا كمتن الخبرين المزبورين الذين قد أشرنا إلى أن المتبادر منهما ليس الا ما هو المشهور وكيف كان والقول بالاختصاص
393

على تقدير تحققه ضعيف ونظيره في الضعف القول بأن الجمعة كغيرها ليس فيها الا قنوت واحد قبل الركوع في الثانية كما استظهر من العبارة المتقدمة على الفقيه
وأوضح منها دلالة على اتحاد القنوت في الجمعة ما عن الحلي في السرائر من أنه بعد ذكر اختلاف الروايات في قنوت الامام يوم الجمعة وان بعضها تدل على أن
عليه قنوت واحد في الركعة الأولى قبل الركوع وبعضها على أن عليه قنوتان ما لفظه والذي يقوى عندي ان الصلاة لا يكون فيها الا قنوت واحد اية صلاة
كانت هذا الذي يقتضيه مذهبنا واجماعنا فلا يرجع عن ذلك باخبار الآحاد التي لا تثمر علما ولا عملا انتهى ولكن لا صراحة في هذه العبارة في ارادته في الركعة
الثانية فيحتمل ان يكون محط نظره نفي تعدد القنوت لا كونه في الجمعة أيضا كغيرها في الركعة الثانية فان أراد كونه فيه لا في الركعة الثانية كما هو ظاهره العبارة المحكية
عن الفقيه ففيه انه يستلزم طرح اخبار مستفيضة مصرحة بان في الركعة الأولى من الجمعة قنوت كالاخبار المتقدمة وغيرها مما ستعرف وان أراد انكار تعدده
مع التزامه بأنه في الأولى كما حكى القول عن الشيخ المفيد في المقنعة والفاضل في المختلف فربما يشهد له جملة من الأخبار المشرفة أو الظاهرة فيه منها صحيحة عمر بن
يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث وتجهر فيها اي في الجمعة بالقراءة وتقنت في الركعة الأولى منهما قبل الركوع ومنها صحيحة معاوية بن عمار قال سمعت
أبا عبد الله (ع) يقول في قنوت الجمعة إذا كان اماما قنت في الركعة الأولى وان كان يصلى أربعا ففي الركعة الثانية قبل الركوع وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه
السلام قال القنوت يوم الجمعة في الركعة الأولى بعد القراءة الحديث وصحيحة عمر بن حنظلة قال قلت لأبي عبد الله (ع) قنوت يوم الجمعة فقال أنت
رسولي إليهم في هذا إذا صليتم في جماعة ففي الركعة الأولى وإذا صليتم وحدانا ففي الركعة الثانية وصحيحة سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام ان
القنوت يوم الجمعة في الركعة الأولى ويتوجه على الاستدلال بهذا الاخبار لهذا القول إن غايتها الظهور في أنه ليس في الجمعة الا قنوت واحد في الركعة
الأولى فلا تصلح معارضته للأخبار المتقدمة التي هي صريحة الدلالة على مشروعية القنوت في الثانية أيضا بعد الركوع بل صحيحة أبي بصير واردة على مثل هذا الاخبار
حيث إنه وقع في كلام السائل التعرض لنفلها اجمالا ولكن الإمام عليه السلام لم يجبه عن ذلك بنفي واثبات وانما اجابه بقوله في الأخيرة على سبيل الاجمال من باب
التورية فلما رأى غفلة الناس التفت إلى أبي بصير وبين له صدق كلامه الحديثين ومطابقتهما للواقع وان في الجمعة قنوتين فلا يبعد ان يكون في لتعرض لثانيهما
في الأخبار المزبورة المشعرة والظاهرة في أنه ليس فيها القنوت الا في الركعة الأولى لعدم تأكد مطلوبيته في الثانية وكيف كان فهي غير صالحة لمعارضة تلك الأخبار
كما أنه لا يصلح لمعارضتها بعض الأخبار التي يظهر منها عدم مشروعية القنوت في الجمعة رأسا كخبر عبد الملك بن عمر وقال قلت لأبي عبد الله (ع) قنوت يوم
الجمعة في الركعة الأولى قبل الركوع وفي الثانية بعد الركوع فقال لي لا قبل ولا بعد وخبر داود بن الحصين قال صمعت معمر بن أبي رئاب يسئل أبا عبد الله (ع) وانا
حاضر عن القنوت في الجمعة قال ليس فيها قنوت لقصورهما عن المكافئة من جميع الوجوه فيجب حملهما اما على إرادة نفي الوجوب أو التقية أورد علمهما إلى أهله و
حكى عن ابن أبي عقيل موافقة المشهور في أن للجمعة قنوتين ولكنه استظهر منه انه جعل القنوت في الركعة الثانية قبل الركوع واستدل له بقوله عليه السلام في صحيحة
معاوية بن عمار ما اعرف قنوتا الا قبل الركوع وغيره من العمومات الدالة على أن القنوت في كل صلاة محله قبل الركوع وفيه ما لا يخفى من عدم صلاحيته العمومات
لمعارضة النصوص الحاصة المصرحة بخلافها تنبيه يستحب للمأموم المسبوق متابعة الامام في القنوت ويجوز الاجتزاء به عن القنوت لنفسه كما يشهد له موثقة عبد
الرحمن أو صحيحة عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يدخل في الركعة الأخيرة من الغداة مع الامام فقنت الامام أيقنت معه قال نعم ويجزيه من القنوت لنفسه و
يستشعر من قوله صلى الله عليه وآله ويجزيه كونه من باب الرخصة كما أن هذا هو الذي يقتضيه اطلاقات أدلته التي لا ينافيها ما يستفاد من هذه الرواية إذ لا مانع عن أن يكون القنوت
في الركعة الثانية على الاطلاق محبوبا للشارع وان جاز الاجتزاء عنه بمتابعة الامام في قنوته كما يجوز الاكتفاء بسماع اذان الغير فلا يفهم منه إرادة ما عداه
من المطلقات كما لا يخفى على المتأمل ولو نسبه اي القنوت قبل الركوع قضاه بعد الركوع وقد أشرنا فيما سبق عند التكلم في محل القنوت ان الأظهر شرعية الاتيان
به بعد الركوع فيما لو تركه عمدا أيضا واما مع السهو فلا خلاف فيه على الظاهر ويشهد له مضافا إلى ذلك صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم قالا سئلنا أبا جعفر (ع) عن
الرجل ينسى القنوت حتى يركع قال يقنت بعد الركوع فإن لم يذكر فلا شئ عليه وصحيحة محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن القنوت ينساه الرجل فقال
يقنت بعد ما يركع وان لم يذكر حيت ينصرف فلا شئ عليه وموثقة عبيد بن زرارة قال قلت لأبي عبد الله (ع) الرجل ذكر انه لم يقنت حتى ركع قال فقال يقنت إذا رفع
رأسه ولا يعارضهما صحيحة معاوية بن عمار المروية عن التهذيب قال سئلته عن الرجل ينسى القنوت حتى يركع أيقنت قال لا فإنها محمولة على نفي الوجوب أو عدم تأكد
الاستحباب بشهادة ما عرفت بل ربما يشهد له أيضا خبر علي بن جعفر المروي عن كتابه عن أخيه موسى عليه السلام قال قال سئلته عن رجل نسي القنوت حتى ركع ما حاله قال تمت صلاته
ولا شئ عليه وموثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام عن الرجل ينسى القنوت في الوتر أو غير الوتر قال ليس عليه شئ وقال وان ذكره وقد اهوى إلى الركوع قبل ان يصنع
يديه على الركبتين فليرجع قائما وليقنت ثم ليركع وان وضع يديه على الركبتين فليمض في صلاته وليس عليه شئ ولو لم يذكره بعد الركوع أيضا يستحب قضائه بعد
الخروج من الصلاة لما رواه الشيخ باسناده عن أبي بصير قال سمعته يذكر عند أبي عبد الله (ع) قال في الرجل إذا سهى في القنوت قنت بعد ما ينصرف وهو جالس بل يستحب
تداركه ولو مع حصول الفصل الطويل كما يشهد له صحيحة زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام رجل ينسى القنوت فذكره وهو في بعض الطريق فقال ليستقبل القبلة ثم ليقله
ثم قال إني لا كره للرجل ان يرغب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وآله أو يدعها الثالث من المسنون في الصلاة شغل النظر في حال قيامه إلى موضع سجوده كما يدل عليه صحيحة زرارة
عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا قمت في الصلاة إلى أن قال وليكن نظرك إلى موضع سجودك الحديث ويدل
عليه وعلى كراهة الطرف نحو السماء أيضا صحيحته الأخرى أو حسنته
394

عن أبي جعفر عليه السلام أيضا قال إذا استقبلت القبلة بوجهك فلا تقلب وجهك إلى أن قال واخشع ببصرك ولا ترفعه إلى السماء وليكن حذاء وجهك في موضع سجودك بل ربما
يظهر كراهة ما عاده مطلقا من خبر غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام قال لا تجاوز بطرفك في الصلاة موضع سجودك وفي حال القنوت إلى باطن كفيه كما ذكره المصنف
وغيره ولكن لم نقف على دليل وارد فيه بالخصوص ويمكن استفادته من الأخبار المتقدمة بعد انضمام مقدمة أخرى إليها وهي كراهة التغيض كما نبه عليه في محكى المعتبر حيث استدل
له بان النظر إلى السماء مكروه لقوله عليه السلام في حسنة زرارة اجمع بصرك ولا ترفع إلى السماء والتغميض مكروه لرواية مسمع عن أبي عبد الله عن ابائه عليهم السلام ان رسول الله
صلى الله عليه وآله نهى ان يغمض الرجل عينيه في الصلاة فيتعين شغله بالنظر إلى باطن الكفين انتهى ولكنه لا يخلو عن تأمل فليتأمل وفي حال الركوع إلى ما بين رجليه لقوله
عليه السلام في صحيحة زرارة المتقدمة فإذا ركعت إلى أن قال وليكن نظرك إلى ما بين قدميك وما في صحيحة حماد الحكاية لصلاة الصادق عليه السلام في مقام تعليم حماد من أنه عليه السلام
غمض عينيه لا يصلح لمعارضة هذه الصحيحة التي وقع فيها التصريح باللفظ كما تقدم التنبيه عليه في مبحث الركوع وفي حال السجود إلى طرف انفه وفي حال التشهد إلى جهره
كما ذكره غير واحد ولم نقف على نص ورد فيهما عدى ما عن الفقه الرضوي أنه قال ويكون بصرك في وقت السجود إلى انفك وبين السجدتين في حجرك وكذلك في وقت التشهد وكفى به
دليلا في مثل المقام الرابع من المسنونات في الصلاة شغل اليدين بان تكونا حال قيامه على فخذيه بحذاء ركبتيه كما يدل عليه قوله عليه السلام في صحيحة زرارة المتقدة إذا قمت
للصلاة فلا تلصق قدمك بالأخرى دع بينهما فصلا إصبعا أقل ذلك إلى شبرا كثره واسدل منكبك وارسل يديك ولا تشبك أصابعك وليكونا على فخذيك قبالة ركبتيك
وفي حال القنوت تلقاء وجهه مبسوطتين يستقبل ببطونهما السماء وظهورهما الأرض كما عرفته في مبحث القنوت وفي حال الركوع على ركبتيه كما تقدم الكلام فيه مفصلا في مبحث
الركوع وفي حال السجود بحذاء اذنيه لما في صحيحة زرارة وبدء بيديك فضعهما على الأرض قبل ركبتيك تضعهما معا ولا تفترش ذراعيك افتراش الأسد ذراعيه ولا تضعن
ذراعيك على ركبتيك وفخذيك ولكن تجنح بمرفقيك ولا تلزق كفيك بركبتيك ولا تدنهما من وجهك بين ذلك حيال منكبيك ولا تجعلهما بين يدي ركبتيك ولكن تحرفهما
عن ذلك شيئا وابسطهما على الأرض بسطا واقبضهما إليك قبضا وان كان تحتهما ثوب فلا يضرك وان أفضيتهما إلى الأرض فهو أفضل ولا تفرجن بين أصابعك في سجودك
ولكن ضمهن جميعا وفي صحيحة حماد المروية عن الكافي ثم سجد وبسط كفيه مضمومتي الأصابع بين يدي ركبتين حيال وجهه وقال سبحان ربي الحديث ولعله أراد في هذه الصحيحة
من بين يدي ركبتيه ما لا ينافي تحريفهما عنهما شيئا قليلا كما امر به في صحيحة زرارة وكيف كان فلا مخالفة لدى التأمل بين ما في هذه الصحيحة من كون يديه حيال الوجه وبين ما
في الصحيحة الأولى من الامر يجعلهما حيال المنكبين ولا بينهما وبين ما ذكره المصنف ره من وضعهما بحذاء اذنيه لقرب هذه المواضع وعدم ابتناء الامر فيها على المداقة ولكن
التعبير بما في الخبرين أولى كما لا يخفى وفي حال التشهد على فخذين كما صرح به غير واحد بل عن المعتبر والتذكرة والذكرى انه مذهب علمائنا واستدل عليه بما روي عنه صلى الله
عليه وآله انه كان إذا قعد يدعو يضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ويده اليسرى على فخذه اليسرى على فخذه اليسرى وفي دلالته على المدعى تأمل الا انه لا تأمل في كونه انسب بالخشوع والتواضع
المعلوم محبوبيته في الصلاة والله العالم تنبيه حكى عن الذكرى أنه قال قال أكثر الأصحاب المرأة كالرجل في الصلاة الا في مواضع تضمن خبر زرارة أكثرها ومراده بخبر
زرارة ما عن الكافي والتهذيب في الصحيح أو الحسن عن زرارة قال إذا قامت المرأة في الصلاة جمعت بين قدميها ولا تفرج بينهما وتضم يديها بينهما وتضم يديها إلى صدرها لمكان ثدييها فإذا
ركعت وضعت يديها فوق ركبتيها على فخذيها لئلا تطأطأ كثير فترتفع عجزيتها فإذا جلست فعلى أليتيها ليس كما يقعد الرجل وإذا سقطت للسجود بدأت بالقعود بالركبتين قبل
اليدين ثم تسجد لاطئة بالأرض فإذا كانت في جلوسها ضمت فخذيها ووضعت ركبتيها إلى الأرض وإذا نهضت انسلت انسلالا لا ترفع عجيزتها أولا وما في هذه الرواية
من القطع غير قادح فيها بعد وضوح ان زرارة لا يخبر بهذا الاحكام من غير سماعة من الإمام عليه السلام وقد تقدم شرح ما هو وظيفتها حال الركوع والسجود وغيرهما
من الفعال الصلاة وأقولها مما هي فيها مخالفة للرجل في محالها الخامس من المسنونات التعقيب وقد اجمع العلماء كافة على استحبابه كما صرح به في المدارك وغيره
والأخبار الدالة عليه فوق حد الاحصاء وقد فسر به قوله تعالى فإذا فرغت فانصب والى ربك فارغب في كلمات كثير من المفسرين وبعض الأخبار المروية عن أهل البيت عليهم السلام
ففي مجمع البيان قال معناه فإذا فرغت من الصلاة المكتوبة فانصب إلى ربك في الدعاء وارغب إليه في المسألة يعطك عن مجاهد وقتادة والضحاك ومقاتل والكلبي وهو المروى
عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام ومعناه انصب من النصب وهو التعب اي لا تشتغل بالراحة وقال الزهري إذا فرغت من الفرائض فادع بعد التشهد لكل حاجتك وقال
الصادق (ع) هو الدعاء في دبر الصلاة وأنت جالس انتهى وعن الجوامع عن ابن عباس إذا فرغت من الصلاة فاجتهد في الدعاء وارغب إلى ربك في المسألة وعن قرب الإسناد
عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان أبي يقول في قول الله تبارك وتعالى فإذا فرغت فانصب والى ربك فارغب إذا قضيت الصلاة
بعد ان تسلم وأنت جالس فانصب في الدعاء من امر الدنيا والآخرة فإذا فرغت من الدعاء فارغب إلى الله عز وجل ان يتقبلها منك ويظهر من هذه الرواية وكذا المرسل
السابق اعتبار الجلوس فيه كما حكى القول به عن ظاهر الشيخ وجماعة من الأصحاب بل عن الجوهري نفسه التعقيب في الصلاة بالجلوس بعد ان يقضيها لدعاء ومسألة وفي القاموس
الجلوس بعد الصلاة لدعاء وربما يؤيده المستفيضة الواردة في الحث عن الجلوس في مصلاه بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس للتعقيب كخبر السكوني عن أبي عبد الله عن
أبيه عن الحسن بن علي عليهما السلام أنه قال من صلى فجلس في مصلاه إلى طلوع الشمس كان له سترا من النار وفي بعض الأخبار انه أبلغ في طلب الرزق من الضرب في البلاد وفي بعض
كان له من الاجر كحاج رسول الله صلى الله عليه وآله ولكن الأظهر انه من شرائط اكماله لا من مقومات مفهومه ولذا فسره غير واحد بأنه هو الاشتغال عقيب الصلاة تذكره أو دعاء كما يشهد
له اطلاق الامر بالأذكار والأدعية الكثيرة المأثورة بعد الصلاة غير تقييدها بحال الجلوس نعم في بعضها الامر بفعله قبل ان يثني رجليه كما في تسبيحة الزهراء سلام
الله عليها وغيرها مما ستعرف ولكنه بحسب الظاهر من باب تعدد المطلوب وكونه مع الجلوس أفضل كما يشهد له اطلاق ما عداه ويدل عليه أيضا صحيحة هشام بن سالم قال قلت
395

لأبي عبد الله اني اخرج في الحاجة وأحب ان أكون معقبا فقال إن كنت على وضوء فأنت معقب وعن الصدوق مرسلا قال قال الصادق المؤمن معقب ما دام على وضوئه
وخبر حماد بن عثمان البصري قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول جلوس الرجل في دبر صلاة الفجر إلى طلوع الشمس انفذ في طلب الرزق من ركوب البحر فقلت للرجل الحاجة يخاف
فوتها فقال يدلج فيها وليذكر الله عز وجل فإنه معقب ما دام على وضوئه نعم يعتبر عرفا في صدق اسم التعقيب الاتيان به عقيب الصلاة بلا فصل يعتد به أو حصول
بعض المنافيات الموجبة لانقطاع العلاقة العرفية المخرجة له عن كونه من لواحق هذه الصلاة هذا مع أن جل ما ورد فيه الامر بشئ من الأذكار والأدعية المأثورة في
التعقيب أو بمطلق الدعاء لم يتعلق الامر به بعنوان كونه تعقيبا بل يفعله بعد الصلاة أو دبر الصلاة أو بعد أداء الفريضة أو غيره ذلك من العناوين التي لا يتوقف صدق
مفهومها عرفا وشرعا على الجلوس بلا شبهة ولكنه يستفاد من الأخبار المزبورة انها مع الجلوس أفضل مضافا إلى عدم توقف صدق مفهوم التعقيب عرفا على
الجلوس ودعوى ان له حقيقة شرعية ممنوعة وعلى تقدير التسليم فهي غير مانعة عن اجزاء أصل العدم لدى الشك في اعتباره كما تقرر في محله ودعوى ان الجلوس
معتبر في مفهومه عرفا كما هو ظاهر كلام اللغويين أشد منعا ولا عبرة بتفسير اللغويين في مثل المقام الذي لا خصوصية لهم في معرفة مفهومه كما لا يخفى ثم إن
الظاهر عدم اختصاص استحباب التعقيب بالفريضة وان اختصت بالذكر في أغلب الأخبار الواردة في التعقيب ولكن ورد في كثير من الروايات أيضا الامر بالدعاء
اما على الاطلاق أو بالأدعية الخاصة التي تضمنتها الأخبار عقيب كل صلاة مثل خبر زرارة المروى عن معاني الأخبار عن أبي جعفر عليه السلام قال لا تنسوا الموجبتين
أو قال عليك بالموجبتين في دبر كل صلاة قلت وما الموجب قال تسأل الله الجنة وتعوذ بالله من النار وخبر محمد الواسطي قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول لا
تدع في دبر كل صلاة أعيذ نفسي وما رزقني ربي بالله الواحد الصمد حيت تختمها وأعيذ نفسي وما رزقني ربي برب الفلق حتى تختمها أو أعيذ نفسي وما رزقني ربي
برب الناس حتى تختمها والظاهر أن المراد بقوله حتى تختمها ختم السورة فأريد بالأولى ختم سورة التوحيد وبالأخيرين ختم المعوذتين والمرسل المروي عن ارشاد
الديلمي قال قال النبي صلى الله عليه وآله يقول الله تعالى من احدث ولم يتوضأ فقد جفاني ومن احدث وتوضأ ولم يصل ركعتين فقد جفاني ومن احدث وتوضأ وصلى
ركعتين ودعاني ولم أجبه فيما سألني من امر دينه ودنياه فقد جفوته ولست برب جاف إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة التي يقف عليها المتتبع نعم في
الفرائض أفضل منه في النوافل كما يدل عليه صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال الدعاء دبر المكتوبة أفضل من الدعاء دبر التطوع كفضل المكتوبة على
التطوع وخبر الحسن بن المغيرة انه سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول إن فضل الدعاء بعد الفريضة على الدعاء بعد النافلة كفضل الفريضة على النافلة و
أفضله تسبيح الزهراء عليها السلام كما صرح به في المتن وغيره بل ربما يظهر من كلمات بعضهم كونه مفروغا عنه لديهم فكأنهم فهموا أفضليته من تظافر الأخبار الواردة
فيه فإنه لم يرد في شئ من الأذكار والأدعية الواردة في التعقيب بخصوصه مثل ما ورد في خصوص هذا التسبيح من الأخبار المتظافرة المتكاثرة الواردة في
فضله والحث على المواظبة عليه في دبر كل صلاة وعند النوم وتعليمه للأطفال ففي خبر صالح بن عقبة عن عقبة عن جعفر عليه السلام أنه قال ما عبد الله بشئ أفضل من تسبيح فاطمه (ع) ولو
كان شئ أفضل منه لنحله رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة (ع) وفي خبر المفضل بن عمر الوارد في نافلة شهر رمضان فإذا سلمت في الركعتين سبح تسبيح فاطمة وهو الله أكبر أربعا و
ثلاثين مرة وسبحان ثلاثا وثلاثين مرة والحمد لله ثلاثا وثلاثين مرة فوالله لو كان شئ أفضل منه لعلمه رسول الله صلى الله عليه وآله إياها ورواية صالح بن عقبة عن أبي خالد القماط قال
سمعت أبا عبد الله (ع) يقول تسبيح فاطمة عليها السلام في كل يوم في دبر كل صلاة أحب إلي من صلاة الف ركعة في كل يوم وصحيحة عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد الله (ع) من سبح
تسبيح الزهراء قبل ان يثني رجليه من صلاة الفريضة غفر له ويبدء بالتكبير إلى غير ذلك من الروايات الواردة فيه ثم إن ما تضمنه خبر المفضل في كيفيته من تقدم التسبيح
على التحميد فقد حكى القول به عن ظاهر الصدوق في هدايته واعتقاداته وأماليه وعن والده أيضا وابن الجنيد والشيخ في الاقتصاد ويشهد له أيضا ما عن الفقيه مرسلا
عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال لرجل من بنى سعد الا أحدثك عني وعن فاطمة إلى أن قال حاكيا عن رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أخذتما منامكما فكبرا أربعا وثلاثين تكبيرة
وسبحا ثلاثا وثلاثين تسبيحة واحمد ثلاثا وثلاثين تحميدة الحديث وخبر وهب بن عبد ربه المروي عن كتاب فلاح السائل بسند مصحح قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول
من سبح تسبيح الزهراء فاطمه عليها السلام بدء وكبر الله عز وجل أربعا وثلاثين تكبيرة وسبحه ثلاثا وثلاثين تسبيحة ووصل التسبيح بالتكبير وحمد الله ثلاثا وثلاثين مرة ووصل التحميد
بالتسبيح وقال بعد ما يفرغ لا إله إلا الله الدعاء وخبر داود بن فرقد المروي عن الكافي عن أخيه ان شهاب بن عبد ربه سئله ان يسئل أبا عبد الله (ع) قال قل له ان امرة تفزعني
في المنام بالليل فقال قل له اجعل مسباحا فكبر الله أربعا وثلاثين تكبيرة وسبح الله ثلاثا وثلاثين واحمد الله ثلاثا وثلاثين وقل لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك
وله الحمد يحيى ويميت ويميت ويحيى بيده الخير وله اختلاف الليل والنهار وهو على كل شئ قدير عشر مرات أقول في الحدائق المسباح ما يسبح به ويعد به الأذكار و
عن الفقه الرضوي وتسبح تسبيح فاطمة عليها السلام وهو اربع وثلاثون تكبيرة وثلاث وثلاثون تسبيحة وثلاث وثلاثون تحميدة ويشهد له أيضا التوقع الآتي الوارد فيمن
سهى فزاد في عدد التسبيح ولفظه واو الواردة في أغلب هذه الأخبار وان لم نقل بظهورها في اعتبار الترتيب ولكنها ظاهرة في عدم اعتبار عكسه فلو وقع افعال متدرجة الحصول
في حيز الطلب بالعطف بالواو كما في قوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجهكم وأيديكم الخ لو لم نقل بظهوره في إرادة الترتيب كما ذهب إليه بعض فلا أقل
من ظهوره في كونها بهذا الترتيب مجزية فالمناقشة في دلالة هذه الأخبار بان الواو لمطلق الجمع لا للترتيب في غير محلها اللهم ان يراد بها نفي دلالتها على اشتراط كما هو
ظاهره من نسب إليه هذا القول فلا يخلو ح عن وجه وكيف كان فربما نسب إلى المشهور اعتبار تقديم التحميد على التسبيح ومستنده صحيحة محمد بن عذافر قال دخلت مع أبي علي
أبي عبد الله عليه السلام فسئله أبي عن تسبيح فاطمة (ع) فقال الله أكبر حتى أحصى أربعا وثلاثين مرة ثم قال الحمد لله حتى بلغ سبعا وستين ثم قال سبحان الله حتى بلغ مأة يحصيها بيده
396

جملة واحدة وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال في تسبيح فاطمة (ع) تبدء بالتكبير أربعا وثلاثين ثم التحميد ثلاثا وثلاثين ثم التسبيح ثلاثا وثلاثين وعن البحار نقلا عن
مشكاة الأنوار مرسلا قال دخل رجل على أبي عبد الله (ع) وكلمه فلم يسمع كلام أبي عبد الله (ع) وشكا إليه ثقلا في اذنيه فقال له ما يمنعك وأين أنت من تسبح فاطمه عليها السلام
فقال له جعلت فداك وما تسبيح فاطمة فقال تكبر الله اربع وثلاثين تكبيرة وتحمد الله ثلاثا وثلاثين وتسبح ثلاثا
وثلاثين تمام المأة قال فما فعلت ذلك الا يسيرا حتى ذهب
عني ما كنت أجده وخبر هاشم بن سالم عن الصادق عليه السلام قال تسبيح فاطمة (ع) إذا اخذت مضجعك فكبر الله أربعا وثلاثين مرة وسبحه ثلاثا و
ثلاثين وعن دعائم الاسلام انه روي حديث النحلة مرسلا عن علي عليه السلام بنحو اخر مقدما فيه التحميد على التسبيح قال عليه السلام اهدى بعض ملوك الأعاجم إلى
رسول الله صلى الله عليه وآله رقيقا فقلت لفاطمة (ع) اذهبي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فاستخدميه خادما فأتته فسألته ذلك إلى أن قال فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله يا فاطمة
أعطيك وما هو خير لك من خادم ومن الدنيا بما فيها تكبرين الله بعد كل صلاة أربعا وثلاثين تكبيرة وتحمدين الله ثلاثا وثلاثين تحميدة وتسبحين الله ثلاثا وثلاثين تسبيحة
ثم تختمين ذلك بلا إله إلا الله وذلك خير لك من الذي أردت ومن الدنيا وما فيها فلزمت (ع) بعد كل صلاة ونسب إليها ويمكن الجمع بين الأخبار بالحمل على التخيير كما حكى
القول به عن الشيخ في المبسوط حيث قال على ما حكى عنه ولا يترك تسبيح فاطمة (ع) خاصة وهو اربع وثلاثون تكبيرة وثلاث وثلاثون تحميدة وثلاث وثلاثون تسبيحة يبدء بالتكبير ثم بالتحميد
ثم بالتسبيح وفي أصحابنا من قدم التسبيح وكل ذلك جائز وعن غير واحد من المتأخرين احتماله وربما يؤيده قوله عليه السلام في صحيحة ابن سنان المتقدمة يبدء بالتكبير فإنه مشعر
بأنه لا ترتيب بين التحميد والتسبيح والا لنبه عليه أيضا كما نبه على تقديم التكبير ولا يأبى عن هذا الحمل شئ من اخبار الطرفين خصوصا الطائفة الأولى التي وقع في أغلبها
العطف بالواو وما في خبر وهب بن عبد ربه من قوله ووصل التسبيح بالتكبير والتحميد بالتسبيح يحتمل ان يكون المقصود به بيان وصل بعضها ببعض وعدم تقطيعها بحيث
تعلما بعضها أذكار مستقلة لا الترتيبين التسبيح والتحميد وكيف كان فهذا الجمع أوجه ما قيل في توجيهها وربما قيل في توجيهها بالتفصيل بين التعقيب والنوم بتقديم
التحميد في التعقيب والتسبيح عند إرادة النوم وأورد عليه بعد الاغماض عن كونه خرقا للاجماع المركب وان تسبيح الزهراء سلام الله عليها غير متعدد انه لا ينطبق عليه
جميع الأخبار الا انه ورد في كلا المقامين كل من القسمين كما تقدم نقلها وقيل بحمل ما ورد فيه تقديم التسبيح على التقية لأن اما رواه الصدوق في الفقيه مرسلا أورده في
العلل بسند أكثر رجاله من العامة وربما أيد وذلك بمؤيدات اخر ككون مضمونه مرويا بطرقهم ولكن بتأخير التكبير ولكن يبعده ما فيه من تقديم التكبير المخالف لهم فتوى و
رواية على ما قيل وكيف كان فالقول بالتخيير وان لا يخلو من وجه الا ان ما هو المشهور بين أصحابنا من تقديم التحميد أحوط والله العالم ويستحب أن تكون السبحة التي
يسبح بها هذا التسبيح أو غيره من التسبيحات والأذكار متخذة من طين قبر الحسين عليه السلام كما يدل عليه اخبار مستفيضة ان لم تكن متواترة منها ما عن الطبرسي في الاحتجاج
ان الحميري كتب إلى صاحب الزمان عجل الله فرجه يسئله هل يجوز ان يسبح الرجل بطين القبر وهل فيه فضل فأجاب عليه السلام يجوز ان يسبح به فما من شئ من التسبيح أفضل منه
ومن فضله ان المسبح ينسى التسبيح ويدير السبحة فيكتب له التسبيح إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة التي رواها في الوسائل وغيره ولافرق على الظاهر بين المشوي و
غيره لاطلاق أدلته بل لعل بعضها ظاهر في المشوي مثل ما عن مصباح الشيخ مرسلا عن الصادق عليه السلام أنه قال من أدار الحجر من تربة الحسين عليه السلام فاستغفر به مرة واحدة
كتب الله له سبعين مرة وان امسك السبحة بيده ولم يسبح بها ففي كل حبة سبع مرات فان إرادة المشوى من اطلاق الحجر أقرب إلى الحقيقة مما عداه كما لا يخفى ولو شك
في عدد التسبيح بنى على الأقل للأصل وحكى عن الموجز الحاوي القول باستينافه من رأس ولعله لمرفوعة محمد بن أحمد المروية عن الكافي قال قال أبو عبد الله إذا شككت
في تسبيح فاطمة (ع) فأعد ويحتمل قويا إرادة إعادة المشكوك فان اطلاقها باعتبار أحد احتمالي الشك شايع كما ربما يؤيده استبعاد لزوم استينافه من ابتداء إذا كان عدد
التكبير محفوظا وشك في عدد التحميد أو التسبيح بل لو قلنا بظهوره في إرادة الاستيناف فلا يبعد دعوى انصرافه إلى استيناف ذلك الجزء الذي وقع الشك في عدده
اي التحميد والتسبيح في مثل الفرض لا من ابتداء العمل لعدم المناسبة فلا ينسبق إلى الذهن ارادته من الامر بالإعادة وكيف كان فسبيل الاحتياط غير خفي كما أن الأحوط عند إرادة
الاكتفاء باتيان ما شك فيه ان يقصد به الاحتياط لا التوظيف ولو زاد في عدد شئ من أذكارها سهوا القى الزيادة ومضى إذ الأصل عدم مبطلية الزيادة والأولى
بل الأحوط العمل بما في التوقيع المروي عن الاحتجاج عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري انه كتب إلى صاحب الزمان عجل الله فرجه يسئله عن تسبيح فاطمة عليها السلام من سها
فجاز التكبير أكثر من اربع وثلثين هل يرجع إلى اربع وثلثين أو يستأنف وإذا سبح تمام سبعة وستين هل يرجع إلى ست وستين أو يستأنف وما الذي يجب في ذلك فأجاب
عليه السلام إذا سها في التكبير حتى تجاوز أربعا وثلثين عاد إلى ثلاث وثلثين ويبني عليها وإذا سها في التسبيح فتجاوز سبعا وستين تسبيحة عاد إلى ست وستين ويبني عليها وإذا
جاوز التحميد مأة فلا شئ عليه والامر بالرجوع إلى ما قبل العدد المعتبر في التكبير أو التسبيح إذا جاوزه سهوا ليس لأجل تأثير الزيادة السهوية في ابطال الجزء الآخر
المتصل بها والا لاثر ذلك في ابطال الجزء الآخر من التحميد الذي يتم به المأة أيضا بل لأن لإعادة الجزء الآخر بعد الغاء الزائد دخلا في حصول علاقة الارتباط
بينه وبين الأجزاء الباقية الا ترى انك لو اشتغلت بقراءة سورة من القران فسهوت في خلالها وقرأت من غيرها ثم تذكرت ذلك واردت العود إلى المحل الذي تخطأت
عنه من تلك السورة تعيد بصرف طبعك الجزء الآخر مما مضى تحصيلا لعلاقة الارتباط وكيف كان فالمراد بهذا الرواية بحسب الظاهر هو انه متى زاد على عدد التكبير سهوا
فجاز عن اربع وثلاثين يلقى الزايد ويرجع إلى ثلاث وثلاثين فيأتي بتكبيرة أخرى يتم بها عدد التكبير ثم التسبيح وإذا زاد عدد التسبيح عن السبع والستين عاد إلى الست و
الستين فأضاف إليها تسبيحة يكمل بها عدد التسبيح ثم التحميد وقوله في السؤال تمام سبعة وستين يحتمل إرادة الزياد عليه ولكن لا يناسبه ح قوله هل يرجع إلى ستة
وستين فعبارة السائل لا تخلو عن تشويش ولعله وقع الاشتباه في نقله ويمكن توجيهها بتكليف ولكنه لا يهمنا تصحيحها إذ يترتب على توجيها ثمرة مهمة بعد وضوح
397

الجواب وسلامته عن هذا التشويش ولو نقض سهوا تداركه مع ما بعده على وجه يحصل معه الترتيب وربما يظهر من خبر سماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليه السلام
عدم لزوم تداركه فقال من سبقت أصابعه لسانه حسب له ولعله أريد به ما لا ينافي ما ذكرناه كاستحقاقه اجر المسبح أو احتسابه له لو لم يتذكر أو غير ذلك من المحامل مع عدم
كونه واردا في خصوص المقام فيشكل رفع اليد بمثل هذه الرواية عن مقتضيات القواعد ثم إن المساق إلى الذهن من النصوص والفتوى انما هو اعتبار التوالي في هذا التسبيح
بان لا يتخلل بين ابعاضه فصلا طويل موجبا لانقطاع بعضها عن بعض بحيث بعد اجزائها اذكارا مستقبلة بل الأولى الاتيان بها متصلة لما رواه في الكافي عن
محمد بن جعفر عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام انه كان يسبح تسبيح فاطمة (ع) فيصله ولا يقطعه ثم الأفضل التعقيب بما روي من الأذكار والأدعية في خصوص التعقيب
وهو في غاية الكثرة منها التكبيرات الثلث بعد التسليم رافعا بها يديه على النحو المعهود المتعارف في تكبيرات الصلاة كما هو المنساق إلى الذهن من الامر به في خبر
زرارة المروي عن العلل عن أبي جعفر عليه السلام إذا سلمت فارفع يديك بالتبكير ثلثا وخبر المفضل بن عمر المروي عن العلل قال قلت لأبي عبد الله (ع) لأي علة يكبر المصلي
بعد التسليم ثلثا يرفع بها يديه فقال لأن النبي صلى الله عليه وآله لما فتح مكة صلى بأصحابه الظهر عند الحجر الأسود فلما سلم رفع يديه وكبر ثلثا وقال لا إله إلا الله وحده وحده وحده
انجز وعده ونصر عبده واعز جنده وغلب الأحزاب وحده فله الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو على كل شئ قدير ثم اقبل على أصحابه فقال لا تدعو هذا التكبير وهذا القول
في دبر كل صلاة مكتوبة فان من فعل ذلك بعد التسليم وقال هذا القول كان قد أدى ما يجب عليه من شكر الله تعالى على تقوية الاسلام وجنده ومنها ما رواه
أبو بصير عن الصادق عليه السلام قال قل بعد التسليم الله أكبر لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل
شئ قدير لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق باذنك انك تهدى من تشاء إلى صراط مستقيم و
يحتمل ان يكون التكبير المذكور في صدر الدعاء أدنى ما يجزي من التكبيرات الثلث كما أنه يحتمل ان يكون من اجزاء هذا الدعاء والأولى الجمع بينهما ومنها دعاء
شيبة الهذلي المروي عن التهذيب عن سلام المكي عن أبي جعفر عليه السلام قال اتى رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله يقال له شيبة الهذيل فقال يا رسول الله علمني كلاما ينفعني الله به
وخفف علي إلى أن قال فقال صلى الله عليه وآله تقول في دبر كل صلاة اللهم اهدني من عندك وافض علي من فضلك وانشر علي من رحمتك وانزل على من بركاتك ثم قال النبي صلى الله عليه وآله اما انه
ان وافي بها يوم القيمة لم يدعها متعمدا فتح الله له ثمانية أبواب من أبواب الجنة يدخل من إياها شاء ومنها سؤال الجنة والحور العين والاستعاذة من النار والصلاة
على محمد واله كما ورد ذلك من اخبار مستفيضة ومنها قراءة الحمد وآية شهد الله وآية الكرسي وآية الملك عقيب كل فريضة ومنها اظهار الشهادتين والاقرار بالأئمة
عليهم السلام واحد واحدا والقبلة والكتاب كما ورد في خبر محمد بن سليمان الديلمي قال سئلت أبا عبد الله (ع) فقلت له جعلت فداك ان شيعتك تقول ان الايمان مستقر ومستودع
فعلمني شيئا إذا قلته استكملت الايمان قال قل في دبر كل صلاة فريضة رضيت بالله ربا بمحمد نبيا وبالاسلام دينا وبالقرآن كتابا وبالكعبة قبلة وبعلي وليا واماما وبالحسن والحسين
والأئمة صلوات الله عليهم اللهم إني رضيت بهم أئمة فارضني لهم انك على كل شئ قدير ومنها ان تقول اللهم إني أسئلك من كل خير أحاط به علمك وأعوذ بك من كل شر
أحاط به علمك اللهم إني أسئلك عافيتك في أموري كلها وأعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب الآخرة ومنها لعن أعداء الدين وتسميتهم بأسمائهم أربعة من الرجال
وأربعا من النساء ومنها قول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ثلاثين مرة أو أربعين أو مأة ومنها سبع مرات بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة
الا بالله العلي العظيم بعد صلاة المغرب والغداة ومنها ان يقول دبر صلاة الفريضة قبل ان يثني رجليه استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ذو الجلال و
الاكرام وأتوب إليه ثلاث مرات يغفر الله ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر كما في خبر حماد عن أبي جعفر عليه السلام إلى غير ذلك مما تكفلت به كتب أصحابنا المعدة لذلك كمفتاح الفلاح
ونحوه جزاهم الله عن الاسلام والمسلمين خيرا ولا يتوقف حصول وظيفة التعقيب على خصوص المأثور فيه بل هو أفضل والا فيدرك فضيلة التعقيب من حيث هو بكل ما تيسر
له من الدعاء والثناء على الله تعالى باي عبارة واي لغة تكون كما أن الأظهر عدم اعتبار شئ من شرائط الصلاة فيه حتى الطهارة من الحدث فضلا عن الخبث أو ستر العورة
أو الاستقبال والاستقرار ونحوها نعم الأولى والأفضل بقائه جالسا متطهرا مستقبل القبلة لانسباق إرادة هذه الحالة من كثير من أدلته مع التصريح بالجلوس
في بعض اخبارها واشعار بعض الأخبار المتقدمة بشرطية الطهارة مضافا إلى ما في الوسائل عن شيخنا البهائي مرسلا عن مفتاح الفلاح أنه قال روي أن
ما يضر بالصلاة يضر بالتعقيب لكنه لا يرفع اليد بمثل هذه الأمور في المستحبات عما يقتضيه اطلاقات الأخبار الكثيرة
التي ورد فيها الامر بمطلق الدعاء أو الأدعية والأذكار المخصوصة في دبر الفرائض أو
بعد كل صلاة كما لا يخفى قد فرغ من تأليف المجلد الثالث من مجلدات الصلاة
من الكتاب المسمى بمصباح الفقيه مصنفه الأحقر محمد رضا الهمداني ابن
المرحوم الآقا محمد هادي الهمداني وفقه الله تعالى لاتمام
الكتاب بمحمد وآله الأطهار الأبرار في
ليلة السبت من العشر الثاني
من شهر جمادي الثانية السنة العاشرة بعد الألف وثلاثمائة من الهجرة النبوية سنة (1310)
398

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطاهرين ولعنه الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين خاتمة قواطع الصلاة قسمان أحدهما
يبطلها عمدا أو سهوا وهو كلما يبطل الطهارة سواء دخل تحت الاختيار أو خرج كالبول والغائط وما شابهه من موجبات الوضوء والجنابة والحيض وما شابهه من
موجبات الغسل بلا خلاف فيه على الظاهر في حال العمد عدى ما ستسمعه عن بعض من تقوية القول بعدم مبطلية الحدث الواقع بعد السجدة الأخيرة مطلقا وعن
غير واحد دعوى الاجماع عليه بل عن بعض عدة من ضروريات المذهب واما في غير حال العمد فالظاهر المصرح به في كلام بعض في لخلاف فيه أيضا فيما يوجب الغسل
وفيما يوجب الوضوء خلافا على ما صرح به بعض فالمشهور انه كالعمد مبطل للصلاة وقيل لو احدث ما يوجب الوضوء سهوا تطهر وبني ولا يبعد ان يكون المراد
بالسهو في هذا المقام ما يقابل العمد اي الخارج بلا اختيار لا السهو عن كونه في الصلاة مع اختيارية الحديث وكيف كان فقد كان نسب هذا القول إلى السيد و
الشيخ في بعض كتبهما ففي المدارك قال ونقل عن الشيخ والسيد انهما قالا يتطهر ويبني على ما مضى من صلاته وفرق المفيد ره في المقنعة بين المتيمم وغيره فأوجب البناء في المتيمم إذا
سبقه الحدث ووجد الماء والاستيناف في غيره واختاره الشيخ في النهاية والمبسوط وابن أبي عقيل وقواه في المعتبر انتهى وربما نوقش في نسبته القول المزبور إلى الشيخ والسيد بأنه
لا ظهور لعبارتهما في اختياره قولا بل ذكرا ان من سبقه الحدث من بول أو ريح أو غير ذلك لأصحابنا فيه روايتان إحديهما وهو الأحوط انه يبطل صلاته فلا يظهر من مثل
هذه العبارة الا التردد في الحكم فلم يتحقق مخالفتهما للمشهور نعم ربما يظهر من المدارك اختياره وان لم يصرح
به الا انه أشار إليه بما هو أبلغ من التصريح فإنه
بعد ان نقل الأخبار الآتية التي هي مستند هذا القول قال وتأويل هذه الأخبار ربما يطابق المشهور مشكل واطراحها مع سلامة سندها ومطابقتها لمقتضى الأصل
أشكل وكيف كان فما يدل على المشهور موثقة عمار عن أبي عبد الله (ع) قال سئل عن الرجل يكون في صلاته فيخرج منه حب القرع كيف يصنع قال إن كان خرج نظيفا
من العذرة فليس عليه شئ ولم ينقض وضوئه وان خرج متلطخا بالعذرة فعليه ان يعيد الوضوء وان كان في صلاته قطع الصلاة وأعاد الوضوء والصلاة وخبر الحسن بن الجهم
عن أبي الحسن عليه السلام قال سئلته عن رجل صلى الظهر أو العصر فأحدث حين جلس في الرابعة قال إن كان قال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فلا
يعد وان كان لم يتشهد قبل ان يحدث فليعد وخبر علي بن جعفر المروي عن قرب الإسناد وكتاب المسائل عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن الرجل يكون في الصلاة فيعلم ان ريحا
قد خرجت فلا يجد ريحها ولا يسمع صوتها قال يعيد الوضوء والصلاة ولا يعتد بشئ مما صلى إذا علم ذلك يقينا وخبر أبي الصباح الكناني عن الصادق عليه السلام قال سئلته عن
الرجل يخفق وهو في الصلاة فقال إن كان لا يحفظ حدثا منه ان كان فعليه الوضوء وإعادة الصلاة وان كان يستيقن انه لم يحدث فليس عليه وضوء ولا إعادة أقول
المراد بقوله عليه السلام وان كان يستيقن الخ على الظاهر كونه بحيث يدرك حدوثه بان لم يكن النوم مستوليا على قلبه ومذهبا لشعوره وخبر الحسين بن حماد عن أبي عبد الله
عليه السلام قال إذا أحس الرجل ان بثوبه بللا وهو يصلي فليأخذ ذكره بطرف ثوبه فيسمه بفخذه فإن كان بللا فليتوضأ وليعد الصلاة وان لم يكن بللا فذلك من الشيطان
واستدل له أيضا برواية أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام انهما قالا لا تقطع الصلاة الا اربع الخلا والبول والريح والصوت فان اطلاقها يعم
حالة السهو وفيه تأمل لورودها مورد حكم اخر فلا يظهر منها الاطلاق من هذه الجهة وعلى تقدير التسليم فلا ينهض دليلا في مقابل الأخبار الآتية التي استدل
بها الخصم لمذهبه واضعف من ذلك الاستدلال له بان الطهارة شرط للصلاة فيكون انتفائها موجبا لانتفاء الصلاة قضية للشرطية إذا الشرطية لا تقتضي
الا اعتبارها في افعال الصلاة كقصد القربة الذي قد عرفت في محله انه لا يعتبر الا حال التشاغل بافعالها وما يقال من أن الأكوان المتخللة أيضا منها لقولهم عليهم السلام
تحريمها التكبير وتحليلها التسليم قد عرفت ضعفة في المبحث المشار إليه بما لا مزيد عليه وقد يقال في تشييد هذا الاستدلال بان المتبادر من مثل قوله (ع) لا صلاة
الا بطهور انما ارادته مستمرا كالاستقبال وفيه ما لا يخفى من أنه لا اشعار في مثل هذه العبارة باعتبار في جميع افعال الصلاة أيضا فضل عن استمراره
من أولها إلى اخرها وانما يسبق ذلك إلى الذهن بواسطة معهوديته من الخارج والا فلا يفهم من هذه العبارة الا اعتبار الظهور في مهية الصلاة على سبيل
الاجمال كما هو واضح ونظيره في الضعف ما يقال من أن الطهارة في خلال الصلاة فعل كثير ماح لصورتها فان أتم الصلاة بعد الحدث بلا طهارة فلقد أخل بشرطها وان كان
بعد تحصيل الطهارة فقد تخلل بينهما الفعل الكثير الماحي لصورتها وفيه منع كون مثل الوضوء على اطلاقه فعلا كثيرا مبطلا للصلاة مع أن الطهارة قد تحصل بالتيمم
الذي يحصل بضرب اليدين على الأرض وامراره على الوجه واليدين ولا يعد مثل ذلك في العرف فعلا فضلا عن أن يعد كثيرا ما حيا لصورة الصلاة فالعمد في المقام
هي الأخبار المزبورة المعتضدة بالشهرة بل عدم تحقق خلاف يعتد به فيه بل عن التذكرة وغيره دعوى الاجماع عليه واستدل للقول بعد البطلان مطلقا من
غير فرق بين الطهارة المائية والترابية بصحيحة الفضل بن يسار قال قلت لأبي جعفر (ع) أكون في الصلاة فأجد غمزا في بطني أو اذى أو ضربانا فقال انصرف ثم توضأ وابن علي ما
مضى من صلاتك ما لم تنقض الصلاة بالكلام متعمدا وان تكلمت ناسيا فلا شئ عليك فهو بمنزلة تكلم في الصلاة ناسيا قلت فان قلب وجهه عن القبلة قال نعم وان
قلب وجهه عن القبلة قال السيد المرتضى ره على ما نقل عنه لو لم يكن الاز والغمز ناقضا للصلاة لم يأمره بالانصراف أقول يعني ان التعبير بهما كناية عن خروج
الحدث بلا اختيار وفيه نظر سيأتي توضيحه وخبر أبي سعيد القماط قال سمعت رجلا يسئل أبا عبد الله (ع) عن رجل وجد غمزا في بطنه أو اذى أو عصرا من البول وهو في صلاة
المكتوبة في الركعة الأولى أو الثانية أو الثالثة أو الرابعة فقال إذا أصاب شيئا من ذلك فلا باس بان يخرج لحاجته تلك فيتوضأ ثم ينصرف إلى مصلاه الذي كان
يصلي فيه فيبني على صلاته من الموضع الذي خرج منه لحاجته ما لم ينقض الصلاة بالكلام قال قلت وان التفت يمينا وشمالا أو ولي عن القبلة قال نعم كل ذلك
399

واسع انما هو بمنزلة رجل سهى فانصرف في ركعة أو ركعتين أو ثلاثة من المكتوبة فإنما عليه ان يبني على صلاته ثم ذكر سهو النبي (ص) ويتوجه على الاستدلال بالخبرين
بعد الغض عن عدم صلاحيتهما لمعارضته الأخبار المتقدمة المعتضدة بالشهرة انه لا دلالة فيهما على محل البحث لورودهما بمقتضى ظاهر السؤال فيمن وجد في بطنه
تلك الأشياء من غمز أو ازا وضربان وشئ من هذه الأشياء من حيث هو ليس بحدث اتفاقا وجعلها كناية عن إرادة حدوث الحدث المسبب عن هذه الأشياء كما أومى
إليه السيد ره في عبارته المتقدمة ليس بأولى من ابقائها على ظاهرها وحمل امر الإمام عليه السلام بالانصراف في تلك الحالة لقضاء الحاجة ودفع الضرر والمشقة
الناشئة من الصبر على حبس الغائط في تلك الأحوال إلى اخر الصلاة كما في عبارة الفقه الرضوي على ما حكى عنه من أنه قال فان كنت في الصلاة فوجدت غمزا فانصرف
الا ان يكون شيئا تصبر عليه من غير اضرار بالصلاة وفي الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يصيبه الغمز في بطنه وهو يستطيع ان يصبر
عليه أيصلي على تلك الحال أو لا يصلي فقال إن احتمل الصبر ولم يخف اعجالا عن الصلاة فليصل وليصبر فيحتمل ان يكون المقصود بالسؤال اصابته الغمز وهو في
الصلاة كما يؤيده الامر بالصلاة والصبر ويحتمل ان يكون السؤال عن جواز التلبس بالصلاة في هذه الحالة فيكون الامر بالصلاة والصبر لبيان الجواز الغير المنافي
لكراهة مدافعه الأخبثين لا الوجوب وكيف كان فالمراد بالغمز وغيره مما ذكره في الخبرين المزبورين بحسب الظاهر ليس الا نفسه كما في الرضوي وصحيحة ابن الحجاج
فالمراد بالانصراف الوارد في الصحيحة الأولى ليس الا الانصراف لقضاء حاجته كما في عبارة الوضوء ويؤيده التعبير في الخبر الثاني بالخروج لحاجته فالخبران
على الظاهر موردهما العامد لا من سبقه الحدث بلا قصد ولم ينقل القول بمضمونهما عن أحد منا فالظاهر جريهما مجرى التقية كما يؤيد ذلك اشتمال ثانيهما
على سهو النبي صلى الله عليه وآله واشتمالهما معا على غير ذلك مما لا يمكن الالتزام به كتجويز الاستدبار والفعل الكثير مع معارضتهما بخبر علي بن جعفر المروي عن قرب الإسناد وكتاب
المسائل عن أخيه موسى عليه السلام قال وسألته عن رجل وجد في بطنه ريحا فوضع يديه على انفه وخرج من المسجد حتى اخرج الريح من بطنه ثم عاد إلى المسجد فصلى
فلم يتوضأ هل يجزيه ذلك قال لا يجزيه حتى يتوضأ ولا يعتد بشئ مما صلى وغير ذلك من الأخبار المتقدمة فالأولى رد علمهما إلى أهله واستدل للقول بوجوب البناء
في المتيمم إذا سبقه الحدث ووجدا الماء دون غيره بصحيح زرارة المروي عن الفقيه والتهذيب عن أحدهما (ع) قال قلت له رجل دخل في الصلاة وهو متيمم فصلى
ركعة ثم احدث فأصاب الماء قال يخرج ويتوضأ ثم يبني على ما مضى من صلاته التي صلى بالتيمم والصحيح المروي عن التهذيب باسناده عن زرارة عن محمد بن مسلم
قال قلت في رجل الخ وعن الفقيه باسناده عن زرارة ومحمد بن مسلم قالا قلنا لا بي جعفر (ع) في رجل لم يصب الماء وحضرت الصلاة فيتمم وصلى ركعتين ثم أصاب
الماء أينقض الركعتين أو يقطعهما ويتوضأ ثم يصلي قال لا ولكنه يمضي في صلاته ولا ينقضها لمكان انه دخلها على طهور بتيمم قال زرارة فقلت له دخلها
وهو متيمم فصلى بركعة واحدة واحدث فأصاب ماء قال يخرج ويتوضأ ويبني على ما مضى من صلاته التي صلى بالتيمم أقول الظاهر كونهما رواية واحدة مروية
بطريقين وكيف كان فقد حكى عن الشيخ في التهذيب انه بعد نقل الرواية قال ولا يلزم مثل ذلك في المتوضي إذا صلى ثم احدث ان يبني على ما مضى من صلاته لأن
الشريعة منعت من ذلك وهو انه لا خلف بين أصحابنا ان من احدث في الصلاة ما يقطع صلاته بحسب عليه استينافه وعن المعتبر انه بعد نقل الرواية قال
وهذه الرواية متكررة في الكتب بأسانيد مختلفه واصلها محمد بن مسلم وفيها اشكال من حيث إن الحدث يبطل الطهارة ويبطل ببطلانها الصلاة واضطر
الشيخان بعد تسليمها إلى تنزيلها على المحدث سهوا والذي قالاه حسن لأن الاجماع على أن الحدث عمدا يبطل الصلاة فيخرج من اطلاق الرواية ويتعين حمله
على غير صورة العمد ولأن الاجماع لا تصادمه الرواية ولا باس بالعمل على الوجه الذي ذكره الشيخان فإنها رواية مشهورة ويؤيدها ان الواقع من الصلاة
وقع مشروعا مع بقاء الحدث فلا يبطل بزوال الاستباحة كصلاة المبطون إذا فاجئه الحدث ولا يلزم مثل ذلك في المصلى بطهارة مائية لأن الحدث
مرتفع فالحدث المتجدد رافع لطهارته وتبطل لزوال الطهارة انتهى ويتوجه على ما ذكره مؤيدا للرواية أولا ان مقتضاه ان المتيمم لو لم يجد الماء أيضا عليه
ان يتيمم بعد مفاجئة الحدث ويبني على صلاته ولا يظن بهم الالتزام به وثانيا ان ما ذكره مبني على عدم كون التيمم طهورا وقد حققنا في محله خلافه
كما يؤيد ذلك ما في صدر الحديث من تعليل المضي في صلاته وعدم انتقاضها بوجدان الماء بأنه دخلها على طهور بتيمم واما ما ذكره من التمثيل بصلاة
المبطون ففيه ان عدم انتقاض صلاة بما يفاجئه من الحدث ليس لأجل مشروعيتها مع بقاء الحدث بل المبطون قبل ان يفاجئه الحدث متطهرا حقيقة وإذا فاجئه
الحدث الناشي من مرضه ينقض طهارته ولكنه لا يبطل صلاته فيتطهر ويبني بخلاف ما لو فاجئه حدث اخر من بول ونحوه مما ليس من مرضه فحاله بالنسبة إليه
حال غيره في انتقاض صلاته بلا اشكال فهذا المثال أجنبي عن مدعاه وكيف كان فالظاهر في لفرق بين التيمم والمتوضي ولذا ربما يستدل بهذه
الصحيحة أيضا للقول بعدم البطلان بالحدث السهوي مطلقا حيث يفهم منها ان الحدث في أثناء الصلاة ليس بقاطع فيستفاد منها حكم المتوضي وكذا المتيمم الذي احدث فلم يجد الماء فيتمم ثانيا
بالأولوية وتنقيح المناط ولكن يعارضها الأخبار المتقدمة الدالة على مبطلية الحدث مطلقا المعتضدة بالشهرة مع اعراض المشهور عن ظاهر الصحيحة وموافقتها لأشهر مذاهب العامة على ما ذكره في الوسائل
فالمتعين طرحها ورد علمها إلى الله وربما تكلف بعض في توجيهها بما هو ابعد من حملها على التقية كما لا يخفى على المتأمل وحكى عن الصدوق والقول بعدم مبطلية الحدث الواقع بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة
حيث حكى عنه في الفقيه أنه قال إن رفعت رأسك من السجدة الثانية في الركعة الرابعة وأحدثت فان كنت قد قلت الشهادتين فقد مضت صلاتك وان لم تكن قلت ذلك فقد مضت صلاتك فتوضأ ثم
عد إلى مجلسك فتشهد انتهى وعن المحدث المجلسي في البحار انه بعد نقل قول الصدوق قال ويشمل ظاهر كلمه العمد أيضا ولا يخفى من قوة انتهى ومستند هذا القول جملة من الأخبار منها صحيحة
زرارة أو حسنته عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يحدث بعد ان يرفع رأسه من السجدة الأخيرة وقيل إن يتشهد (قال ينصرف ويتوضأ فإن شاء رجع إلى المسجد) وان شاء ففي بيته وان شاء حيث شاء قعد فتشهد ثم يعلم وان كان الحدث بعد الشهادتين فقد مضت صلاته
400

وموثقة زرارة قال قلت لأبي عبد الله (ع) الرجل يحدث بعد ما يرفع رأسه من السجود الأخير قال تمت صلاته انما التشهد سنه في الصلاة فليتوضأ ويجلس مكانه أو
مكانا نظيفا فيتشهد وموثقة عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن رجل صلى الفريضة فلما رفع رأسه من السجدة الثانية من الركعة الرابعة احدث قال
اما صلاته فقد مضت وبقى التشهد وانما التشهد سنة في الصلاة فليتوضأ وليعد إلى مجلسه أو مكان نظيف فيتشهد وخبر ابن مسكان المروي عن محاسن البرقي عن
أبي عبد الله (ع) سئل عن رجل صلى الفريضة فلما رفع رأسه من السجدة الثانية من الركعة الرابعة احدث فقال اما صلاته فقد مضت واما التشهد فسنة في الصلاة فليتوضأ
وليعد إلى مجلسه أو مكان نظيف فيتشهد ولولا اعراض المشهور عن ظاهر هذه الأخبار وموافقتها للتقية لم يكن شئ من الأخبار التي أوردناها دليلا للمشهور صالحا لمعارضتها
لحكومتها على الأخبار المطلقة وامكان حمل الامر بالإعادة في خبر ابن الجهم الوارد في خصوص المورد على الاستحباب ولكن مخالفتها للمشهور وموافقتها للجمهور جعل احتمال التقية
فيها أقوى من احتمال إرادة خلاف الظاهر في تلك الأخبار خصوصا مع ما فيها من التعبير بلفظ السنة الموهمة لإرادة الاستحباب الذي هو مخالف لاجماع أصحابنا
وما فيها من الامر باتيان التشهد بعد الوضوء فليس منافيا للتقية كما توهم إذ لا صراحة له في الوجوب بل ولا ظهور له أيضا في ذلك بعد التصريح بان التشهد سنة حتى ينافي
التقية فالأشبه حمل هذه الأخبار على التقية والاخذ بما اشتهر بين الأصحاب تعويلا على خبر ابن الجهم وغيره مع أنه أحوط وأحوط منه فعل التشهد والتسليم بعد الوضوء
ثم الإعادة والله العالم والقسم الثاني لا يبطلها الا فعله عمدا اختيار وهو أمور أحدها وضع اليمين على الشمال حال القيام وهو المسمى بالتكتف
والتكفير وقد اختلف الأصحاب هنا في موضعين الأول في حكمه فالمشهور بين الأصحاب كما في الحدائق وغيره التحريم بل عن السيد والشيخ دعوى اجماع الفرقة عليه و
نقل عن ابن الجنيد انه جعل تركه مستحبا وعن أبي الصلاح انه جعل فعله مكروها وعن المصنف في المعتبر اختياره واستدل على القول المشهور بالاجماع المنقول و
بالاحتياط وبان افعال الصلاة متلقاة من الشارع ولا شرع هنا وبانه فعل كثير خارج من الصلاة وربما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال
قلت له الرجل يضع يده في الصلاة اليمنى على اليسرى قال ذلك التكفير فلا تفعل وعن حريز عن رجل عن أبي جعفر (ع) قال لا تكفر انما يفعل ذلك المجوس وفي صحيحه زرارة
أو حسنته نحوه وعن الصدوق في الخصال عن أبي بصير ومحمد بن مسلم عن الصادق عن ابائه عليهم السلام قال قال أمير المؤمنين (ع) لا يجمع المؤمن يديه في صلاته وهو قائم بين
يدي الله عز وجل يتشبه باهل الكفر يعني المجوس وعن كتاب دعائم الاسلام عن جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال إذا قمت قائما في الصلاة فلا تضع يدك اليمنى على اليسرى
ولا اليسرى على اليمنى فان ذلك تكفير أهل الكتاب ولكن أرسلهما ارسالا فإنه أحرى ان لا تشغل نفسك عن الصلاة وعن الحميري في قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسين عن
جده علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال قال علي بن الحسين (ع) وضع الرجل احدى يديه على الأخرى في الصلاة عمل وليس في الصلاة عمل وعن علي بن جعفر في كتابه عن أخيه
قال سئلته عن الرجل يكون في صلاته يضع احدى يديه على الأخرى بكفه أو ذراعه قال لا يصلح ذلك فان فعل فلا يعودن له قال على قال موسى (ع) سالت أبي جعفر عن ذلك
فقال أخبرني أبي محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال ذلك عمل وليس في الصلاة عمل وعن المصنف ره في المعتبر انه اختار الكراهة
وأجاب عن أدلة القائلين بالوجوب بما لفظه والوجه عندي الكراهة اما التحريم فيشكل لأن الامر بالصلاة لا يتضمن حال الكفين فلا يتعلق بهما تحريم لكن الكراهية
من حيث هي مخالفة لما دلت عليه الأحاديث عن أهل البيت (ع) من استحباب وضعهما على الفخذين للركبتين واحتجاج علم الهدى بالاجماع غير معلوم لنا خصوصا
(مع وجود المخالف) وقد وجد من أكابر الفضلاء من يخالف في ذلك ولا نعلم من رواه من الموافق كما لا نعلم أنه لا موافق له وقوله هو فعل كثير في غاية الضعف لأن وضع اليدين على
الركبتين ليس بواجب ولم يتناول النهي وضعهما في موضع معين فكان للكلف وضعهما كيف شاء واما احتجاج الطوسي ره بان افعال الصلاة متلقاة قلنا حق
لكن كما لم يثبت تشريع وضع اليمين لم يثبت تحريم وضعهما فصار للمكلف وضعهما كيف شاء وعدم تشريعه لا يدل على تحريمه لعدم دلالة على التحريم وقوله الاحتياط
يقتضي طرح ذلك قلنا متى إذا لم يوجد ما يدل علي الجواز أم إذا وجد لكن الأوامر المطلقة بالصلاة دالة باطلاقها على في لمنع أو نقول متى يحتاط إذا علم ضعف
مستند المانع أم إذا لم يعلم ومستند المانع هنا معلوم الضعف وقوله عندنا تكون الصلاة باطلة قلنا لا عبرة بقوله من يبطل الا مع وجود ما يقتضي البطلان اما
الاقتراح فلا عبرة به واما الرواية فظاهرها الكراهية لما تضمنته من قوله انه تشبه بالمجوس وامر النبي صلى الله عليه وآله بمخالفتهم ليس على سبيل الوجوب لأنهم قد يفعلون الواجب
من اعتقاد الإلهية وانه فاعل الخير فلا يمكن حمل الحديث على ظاهره فاذن ما قاله الشيخ أبو الصلاح من الكراهية أولى انتهى أقول اما اتيانه بقصد المشروعية و
انه من السنة والآداب الموظفة في الصلاة فلا شبهة في حرمته فان عدم ثبوت مشروعية كاف في حرمة الاتيان به بهذا الوجه فضلا عن ثبوت خلافه وانما النزاع في
حرمته من حيث هو كالتكلم والفعل الكثير وغيره من منافيات الصلاة وهذا مما يشكل اثباته بالأدلة المتقدمة فان عمدتها الأخبار المزبورة واما ما عداها مما ذكر
فمما لا ينبغي الالتفات إليه بعد ما حققناه في محله من أن المرجع لدى الشك في اعتبار شئ في الصلاة وجودا أو عدما كالشك في حرمته نفسا البراءة لا الاحتياط
وعدم حجيته نقل الاجماع خصوصا مع وجدان الخلاف وقوة احتمال ان يكون مراد كثير من المصرحين بحرمته الحرمة التشريعية في مقابل العامة الذين يرونه من السنة
كما يؤيده استدلالهم له بان افعال الصلاة متلقاة من الشرع ولا شرع هنا فان هذا الدليل لا يقتضي الا حرمة الاتيان به بعنوان كونه من افعال الصلاة لا مطلقا
نعم قضية استدلالهم له بأنه فعل كثير وكذا عدهم له من قواطع الصلاة ومنعهم عنه الا في حال التقية إرادة المنع عنه مطلقا وان لم يقصد به المشروعية إذ لو
لم يكن له الا الحرمة التشريعية لم يكن ذلك مقتضيا لبطلان الصلاة كما تقدمت الإشارة إليه مرارا في طي المباحث المتعلقة بأفعال الصلاة ولكان استثناء حال التقية
استثناء منقطعا ضرورة ان المتكتف لأجل التقية لا يقصد بتكتفه التشريع بل دفع ضرر المخالفين عن نفسه وكيف كان فلا وثوق بإرادة جميع القائلين بالحرمة
401

حرمته من حيث هو لا من جهة التشريع فلا يجدى ح تحصيل اجماعهم على الحرمة في اثبات حرمته من حيث هو فضلا عن نقله واما الاخبار وان كان ظاهر بعضها كصيحة محمد بن مسلم
هو الحرمة بل المبطلية حيث إن المتبادر من مثل هذه النواهي إرادة المنع الغيري الناشي عن مانعية الفعل ولكن فيما عداها قرائن كثيره مشعرة بإرادة الكراهة كاشتمالها على
التعليل الذي يذكر نظيره غالبا للمكروهات من التشبه بالمجوس وأهل الكفر والنهي عن العود دون الامر بالإعادة وتعليل الامر بالارسال بأنه أحرى ان الا تشغل نفسك عن
الصلاة وقوله (ع) لا يجمع المؤمن يديه الخ والاكتفاء بمثل هذا العبائر مع جريان عادتهم بشدة المبالغة والاهتمام ببيان الحرمة والبطلان فيما صار عكسه معروفا عند المخالفين
وكونه في مرسلة حريز وصحيحة زرارة مذكورا في عداد جملة من المكروهات بحيث يظن من السياق كونه منها ففي أوليهما قال لا تكفر فإنما يفعل ذلك المجوس ولا تلثم ولا تحتفز ولا
تقع على قدميك ولا تفترش ذراعيك وفي الثانية قال إذا قمت في الصلاة فعليك بالاقبال في صلاتك فإنما يحسب لك منها ما أقبلت عليه ولا تعبث فيها بيدك ولا
برأسك ولا بلحيتك ولا تحدث نفسك ولا تتثائب ولا تتمط ولا تكفر فإنما يفعل ذلك المجوس ولا تلثم ولا تحتقر ولا تفرج كما يتفرج البعير ولا تقع على قدميك ولا تفترش
ذراعيك ولا تفرقع أصابعك فان ذلك نقصان في الصلاة الحديث والظاهر أنه قوله (ع) نقصان في الصلاة راجع إلى الكل فيكون هذا مؤيدا للحمل على الكراهة فيشكل مع
هذه القرائن الكثيرة المشعرة بالكراهة أو الظاهرة فيها الجمود على ظاهر النهي الوارد في صحيحة محمد بن مسلم وغيرها من الأخبار المزبورة الا ان رفع اليد عن هذا الظاهر
المعتضد بالشهرة والاجماعات المنقولة تعويلا على مثل هذه الاشعارات التي اعرض عنها المشهور أشكل فالقول بالحرمة مع أنه أحوط لا يخلو من قوة وقد أشرنا انفا
إلى أن المتبادر من النهي في مثل هذه الموارد على تقدير تعلقه بنفس الفعل كما هو الظاهر لا من حيث كونه تشريعا انما هو إرادة المنع الغيري اي بيان الحكم الوضعي لا
محض التكليف كما أن هذا هو المتبادر من قوله (ع) في الخبرين الأخيرين انه عمل ولا عمل في الصلاة ولكن قد يشكل توجيه هذا الكلام حيث إن ظاهره انه يعتبر في الصلاة ان لا
يكون فيها عمل خارجي والتكتف عمل خارجي فيجب تركه في الصلاة لأجل هذه العلة مع أنه لا يمكن الالتزام بمطلبه كل عمل هو مثل التكتف مما ليس ماحيا لصورة الصلاة
ولا يعتد في العرف عملا معتد به كحك الجلد ووضع اليد على الرأس ونحوه ولذا حمله بعض على إرادة انه بدعة في الصلاة ولا يجوز الابتداء فيها وبعض على إرادة
انه فعل كثير وحيث انه ليس بكثير حسا نزله على كونه كذلك في نظر الشارع بمعنى انه فعل كثير شرعا
ومرجعة إلى حمل العلة على علة تعبدية غير معقولة وهو بعيد عن مساق
التعليل وحكى عن بعض ابقائه على ظاهره وحمله على الكراهة فمعناه ح ان التكتف عمل خارجي ولا ينبغي ان يعمل في الصلاة عمل غير افعالها وهذا المعنى أوفق بظاهر اللفظ
وأنسب بما ثبت من الخارج من كراهة العبث ونحوه في الصلاة فيكون هذا التعليل أيضا بظاهره من مؤيدات القول لا بأس الا انا قد أشرنا إلى أن الاعتماد على هذه المؤيدات بعد شذوذ
القول بالكراهة لا يخلو من اشكال وكيف كان فما ذهب إليه في المدارك من القول بحرمته من حيث هو دون الابطال ضعيف لما أشرنا إليه من أن المتبادر من أدلته سواء
قلنا بالحرمة أو الكراهة انما هو إرادة خلو الصلاة عنه لا مجرد تركه من حيث هو من غير أن يترتب على فعله نقص في الصلاة كما لا يخفى على المتأمل الثاني في تفسير التكفير
ففي الحدائق قال في تفسيره ما لفظه والتكفير في اللغة هو الخضوع وان ينحني الانسان ويطأطأ رأسه قريبا من الركوع كما يفعله من يريد تعظيم صاحبه ففي القاموس فسره
بان يخضع الانسان لغيره وفي النهاية الأثيرية هو ان ينحني الانسان إلى اخر ما ذكر و قد اختلف الأصحاب في تفسيره فالفاضلان على أنه عبارة عن وضع اليمين
على الشمال ويقيده العلامة في المنتهى والتذكرة بحال القراءة وقال الشيخ لا فرق بين وضع اليمين على الشمال وبالعكس وتبعه ابن إدريس والشهيدان و
يدل على هذا القول ما تقدم من رواية صاحب كتاب دعائم الاسلام وهو ظاهر روايتي علي بن جعفر المتقدمتين أيضا وبه يظهر قوة القول المذكور قال بعض مشايخنا
المتأخرين والظاهر أنه لا فرق في الكراهة والتحريم بين ان يكون الوضع فوق السرة أو تحتها (وبين ان يكون بينهما حائل أم لا) وبين ان يكون الوضع على الزند أو على الساعد وقد صرح بالجميع جماعة من
الأصحاب واستشكل العلامة في الأخير منها انتهى أقول ويدل على الأخير ما تقدم في رواية علي بن جعفر الثانية من قوله يضع احدى يديه على الأخرى بكفه أو ذراعه
وبه يضعف استشكال العلامة في ذلك انتهى كلام صاحب الحدائق وهو جيد وملخص الكلام في هذا المقام هو انه ليس للتكفير الذي تعلق به النهي في الأخبار
حقيقة شرعية بل المقصود به الكيفية المعهودة المتعارفة في مقام التأدب والخضوع لدى مستعمليه من الفرس واتباعهم وقد حكى عن عمر انه لما جئ إليه بأسارى
العجم كفروا امامه فسئل عن ذلك فأجابوه بانا نستعمله خضوعا وتواضعا لملوكنا فاستحسن هو فعله مع الله تعالى في الصلاة فالمقصود بالاخبار الناهية عنه
المنع عن احداث هذا العمل في الصلاة وبيان كونه منافيا للهيئة المطلوبة فيها وما في الأخبار المتقدمة من المنع عن وضع اليمنى على اليسرى أو الجمع بين اليدين
أو وضع أحدهما على الأخرى فالمراد به بحسب الظاهر الإشارة إلى الوضع المعهود الذي يسمى تكفيرا لا مطلق الوضع باي غرض يكون ولو لحك موضع أو دفع ألم
أو وقاية برودة ونحوه مما لا يصدق معه اسم التكتف والتكفير ولا تختص صدق اسم التكفير بوضع خصوص اليمنى على اليسرى وما في بعض النصوص والفتاوى كما في المتن
وغيره لعله جاري مجرى الغالب المتعارف بمقتضى الطبع من استعلاء اليمنى على اليسرى والا فالظاهر عدم الفرق في صدق موضوعه ولا في حكمه حرمة أو كراهة بين الكيفيات
التي تقدمت الإشارة إليها في عبارة صاحب الحدايق مع ما في الأخبار المتقدمة من الدلالة عليه كما لا يخفى على المتأمل ومنها الالتفات إلى ما ورائه في
المسالك قال في شرح العبارة هذا إذا كان بكله ولو كان بوجهه بحيث يصير الوجه إلى حد الاستدبار فالأولى انه كذلك وان كان الفرض بعيدا اما البصر فلا
اعتبار به انتهى وفي المدارك قال اطلاق العبارة يعني عبارة المصنف ره يقتضي في لفرق في ذلك بين ما لو كان الالتفات بكل البدن أو بالوجه خاصة
ولا ريب في بطلان الصلاة بذلك لفوات الشرط وهو الاستقبال ولحسنة الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال إذا التفت في صلاة مكتوبة من غير فراغ فأعد
402

الصلاة إذا كان الالتفات فاحشا انتهى أقول ما ذكروه في المسالك في تفسير العبارة من كونه بكله ان أريد به كله حقيقة بحيث يتحقق معه صدق اسم
الاستدبار فهو لا يخلو من بعد بل الظهر ان المقصود به صرف وجهه إلى ما وراه بتحريف أعالي جسده على وجه يتمكن معه من المتوجه إلى خلفه وكيف كان فالمتتبع هو
الدليل ومما يدل عليه ما دل على شرطية الاستقبال من الكتاب والسنة إذا المتبادر منه ارادته ما دام متلبسا بالصلاة ولو في الانات المتخللة بين ابعاضها كما
لو امر بقراءة سورة أو دعاء مستقبل القبلة وحيث يعتبر التوالي بين اجزاء الصلاة وعدم انقطاع بعضها عن بعض والخروج منها ما لم يسلم وجب بقائه مستقبلا من
حين التلبس بها إلى أن يتحقق الفراغ فلا يقاس شرطية الاستقبال بالنية التي لم يدل الدليل الا على اعتبار صدور الافعال عنها فلا يكون الاخلال بها في
خلالها من حيث هو منافيا لصحتها بخلاف الاستقبال والستر ونحوه مما دل الدليل بظاهره على اعتباره حال تلبسه بالصلاة هذا ولكن لقائل ان يقول إن غاية
ما يمكن استفادته مما دل على شرطية الاستقبال انما هو اعتباره حال تلبسه بافعال الصلاة دون الافعال الخارجية التي يجوز الاتيان بها في أثناء الصلاة
كقتل العقرب والحية أو السكوت القصير أو غير ذلك من الافعال الغير القادحة في الصلاة بل لا يستفاد من أدلة الشرطية الا اعتباره في نفس الافعال من حيث هي
لا في المجموع من حيث المجموع فلو أخل به في أثناء القراءة مثلا بطلت القراءة أولا وبالذات والصلاة ثانيا وبالعرض فلو أمكن تداركها من غير أن يتحقق به زيادة مبطلة
أو مانع اخر نحوها لم يكن استفادة بطلانها مما دل على شرطية الاستقبال الا ترى انه لو امر بقراءة دعاء الصحيفة مثلا عند رؤية الهلال متوجها إليه أو بزيارة
الجامعة متوجها إلى قبر الحسين عليه السلام لا يفهم من ذلك اعتبار استمرار المواجهة من أول العمل إلى اخره حتى حال تلبسه ببعض الافعال الخارجية المأتي بها في
أثناء العمل الغير المنافية له والحاصل ان استفادة قاطعية الاستدبار مما دل على شرطية الاستقبال محل نظر اللهم الا ان يستظهر شرطيته على سبيل الاستمرار من التفريع
الواقع في صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال استقبل القبلة بوجهك ولا تقلب وجهك عن القبلة فتفسد صلاتك فان الله عز وجل يقول لنبيه في الفريضة
فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره الحديث بدعوى ان المتبادر من قوله (ع) ولا تقلب وجهك عن القبلة فتفسد صلاتك هو النهي عن
الالتفات عنها في أثناء الصلاة بعد انعقادها صحيحة فيكون تفريعة على قول الله عز وجل فول وجهك شطر المسجد الحرام كاشفا عن إرادة الاستمرار على وجه ينافيه الالتفات
في الأثناء مطلقا ولكنها لا تخلو من تأمل لامكان ان يكون المراد به انك لا تنحرف عن القبلة اي لا تترك الاستقبال حال الصلاة كي تقع فاسدة بل هذا نسب بالتفريع
كما لا يخفى ومما يدل على المدعى صحيحة زرارة انه سمع أبا جعفر عليه السلام يقول الالتفات يقطع الصلاة إذا كان بكله وحسنة الحلبي أو صحيحته عن أبي عبد الله (ع) في
حديث قال إذا التفت في صلاته مكتوبة من غير فراغ فأعد الصلاة إذا كان الالتفات فاحشا وان كنت قد تشهدت فلا تعد وما عن الصدوق وفي الخصال باسناده عن
علي عليه السلام في حديث الأربعمأة قال الالتفات الفاحش يقطع الصلاة وينبغي لمن يفعل ذلك ان يبدء بالأذان والإقامة والتكبير والنسبة بين الالتفات بكله و
الالتفات الفاحش الوارد في الخبرين الأخيرين العموم من وجه فيتحقق التنافي بين مفهوم كل من الشرطين مع منطوق الأخرى في مورد الافتراق ولكن الظاهر أن المقصود
بالجميع هو الالتفات المعتد به الموجب الخروج عرفا عن حد الاستقبال المعتبر في الصلاة فالعبرة بهذا لا بخصوصية كل من العنوانين فالشرطيتان واردتان مورد الغالب
من عدم خروج المصلي عرفا عن صدق كونه مستقبلا للقبلة ما لم يلتفت بكله أو لم يكن الالتفات فاحشا وقد أريد بهما التنبيه على أن الالتفات اليسير أو الالتفات ببعضه
غالبا ليس منافيا للاستقبال المعتبر في الصلاة ومما يؤيد ما ذكرنا جملة من الروايات التي يظهر منها ان الانحراف عن القبلة مطلقا قاطع للصلاة كصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (ع)
قال سألته عن الرجل يصيبه الرعاف وهو في الصلاة فقال إن قدر على ما عنده يمينا وشمالا أو بين يديه وهو مستقبل القبلة فليغسله عنه ثم ليصل ما بقي من صلاته
وان لم يقدر على ماء حتى ينصرف بوجهه أو يتكلم فقد قطع صلاته وصحيحة عمر وبن أذينة عن أبي عبد الله (ع) انه سئله عن الرجل يرعف وهو في الصلاة وقد صلى بعض صلاته
فقال إن كان الماء عن يمينه أو عن شماله أو عن خلفه فليغسله من غير أن يلتفت وليبن على صلاته فإن لم يجد الماء حتى يلتفت فليعد الصلاة والقي مثل ذلك وخبر أبي
بصير عن أبي عبد الله (ع) قال إن تكلمت أو صرفت وجهك عن القبة فأعد الصلاة وخبر محمد بن مسلم عن أحدهما انه سئل عن رجل دخل مع الامام في صلاته وقد سبقه
الامام بركعة فلما فرغ الامام خرج مع الناس ثم ذكر انه فاتته ركعة قال يعيد ركعة واحدة يجوز له ذلك إذا لم يحول وجهه فإذا حول وجهه عن القبلة استقبل الصلاة
استقبالا وما في هذه الأخبار من التعبير بصرف وجهه أو تحويله عن القبلة بحسب الظاهر كناية عن الانحراف عنها في مقابل استقبالها لا الالتفات بخصوص وجهه مع بقائه
مستقبلا عرفا كما لا يخفى على من لاحظ سوقها ولو سلم ظهوره في الاطلاق وجب تقييده بالصحيحة المتقدمة التي قيد فيها الالتفات المبطل بما إذا كان بكله نعم لو قلنا
بان الالتفات بخصوص الوجه يوجب الخروج عرفا عن كونه مستقبلا للقبلة كما ليس بالبعيد فيما لو صرف وجهه جميعا وجعل صفحته مقابلا ليمين القبلة أو شمالها فضلا عما
لو صرف إلى خلفه وجب الالتزام بمبطليته وصرف الصحيح إلى ما لا ينافيه كما تقدمت الإشارة إليه فإنه يستفاد من التلويحات الواردة في الأخبار المزبورة وغيرها مما يدل على
شرطية الاستقبال استفادة قطعية انه يجب كون المصلى مستقبلا للقبلة من أول الصلاة إلى اخرها وان الاخلال به لو في الأكوان المتخللة فضلا عما لو كان متشاغلا بافعال
الصلاة مبطل لها فلو ورد في شئ من الأخبار ما يوهم خلاف ذلك وجب صرفه إلى ما لا ينافيه فيه ان أمكن والا فراد علمه إلى أهله فالعبرة في قاطعية الالتفات مما هو بكونه منافيا
لصدق الاستقبال فما في المتن وغيره من تقييده بكونه إلى ما ورائه أريد به بحسب الظاهر الالتفات بالوجه لا الاستدبار كما تقدمت الإشارة إليه في صدر المبحث أو المراد به
التوجه إلى الخلف بوجهه في مقابل الالتفات إلى اليمين والشمال الغير المنافي لصدق اسم الاستقبال فيحتمل قويا ان يكون مرادهم بالالتفات إلى ما ورائه صرف وجهه إلى خلفه
بحيث يتمكن من مشاهدته وان لم يكن ذلك بجميع وجهه فإنه يصدق معه الالتفات إلى الخلف ويكفي هذا المقدار من الالتفات بحسب الظاهر في الخروج عرفا عن كونه مستقبلا للقبلة
403

فيكون مرادهم بالالتفات إلى اليمن والشمال الذي حكموا بكراهته هو الالتفات اليهما على النحو المتعارف في المحاورات من كونه بصفحة وجهه الا التوجه اليهما بجميع الوجه
على وجه لم نستبعد خروجه عرفا بذلك عن كونه عرفا بذلك عن كونه مستقبلا للقبلة كما أنه يحتمل ان يكون هذا المعنى هو المراد بالالتفات إلى الخلف في الخبر المروي عن مستطرفات السرائر نقلا
عن جامع البزنطي صاحب الرضا (ع) قال سألته عن الرجل يلتفت في صلاته هل يقطع ذلك صلاته قال إذا كانت الفريضة والتفت إلى خلفه فقد قطع صلاته فيعيد ما صلى
ولا يعتد به وان كانت نافلة لم يقطع ذلك صلاته ولكن لا يعود والمروي عن قرب الإسناد وكتاب المسائل عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن
الرجل يلتفت في صلاته هل يقطع ذلك صلاته قال إذا كانت الفريضة والتفت إلى خلفه فقد قطع صلاته فيعيد ما صلى ولا يعتد به وان كانت نافلة لم يقطع ذلك و
اما صحيحة علي بن جعفر المروية عن التهذيب وقرب الإسناد وكتاب المسائل عن أخيه موسى قال سألته عن الرجل يكون في صلاته فيظن ان ثوبه قد انحرق أو اصابه شئ هل يصلح له
ان ينظر فيه أو يفتشه قال إن كان في مقدم ثوبه أو جانبيه فلا بأس وان كان في مؤخره فلا يلتفت فإنه لا يصلح فيحتمل قويا إرادة الكراهة كما يشعر به لفظ لا يصلح إذا الغالب
عدم توقف الفحص والتفتيش عن حال مؤخر ثوبه إلى الالتفات المنافي للاستقبال إذ الغالب ان النظر فيه يحصل بصرف مؤخر ثوبه إلى طرفه الذي يمكنه النظر إليه لا يصرف
وجهه إلى مؤخره على وجه يخرجه عن حالة الاستقبال والله العالم ثم إن مقتضى ظاهر المتن أو صريحة اختصاص مبطلية الالتفات بصورة العمد كما حكى القول به
غير واحد بل عن البيان في مسألة من نقص ركعة فما زاد في باب السهو ونسبه إلى ظاهر الأكثر فقال ظاهر أكثر الأصحاب عدم بطلان الصلاة بالاستدبار سهو بل عن
الدروس المشهور عدم البطلان بالاستدبار سهوا أو حكى عن ظاهر كثير من القدماء والمتأخرين أو صريحهم التعميم وفي المدارك بعد ان قوي الحاق الالتفات بالوجه
خاصة إلى اد الجانبين بالالتفات إلى ما ورائه قال هذا كله مع العمل اما لو وقع سهوا فإن كان يسيرا لا يبلغ حد اليمين واليسار لم يضر وان بلغه واتى بشئ من
الافعال اعاده في الوقت والا فلا إعادة انتهى حجة القول بالتعميم اطلاق ما دل على قاطعية الالتفات وشرطية الاستقبال حال الصلاة
وربما استدل له أيضا باطلاق قوله (ع) في صحية زرارة لا تعاد الصلاة الا من خمسة الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود وفيه نظر إذ ليس له اطلاق أحوالي بالنسبة
إلى العقد الا ثباتي الذي أريد بالاستثناء كما لا يخفى على المتأمل ويمكن الاستدلال له في خصوص السهو بخبر محمد بن مسلم المتقدم الوارد فيمن نقص ركعة
سهوا الا ان يفرق بين المسئلتين كما ليس بالبعيد واستدل للقول بالاختصاص بحديث رفع الخطأ والنسيان والسهو ولا يتوجه عليه الخدشة بان النسبة
بينه وبين ما دل على قاطعية الالتفات العموم من وجه فيرجع في مورد الاجتماع إلى ما يقتضيه قاعدة الشرطية اي اطلاق ما دل على شرطية الاستقبال اما
لكونه مرجحا أو مرجعا بعد التعارض لحكومة حديث الرفع على عمومات أدلة التكاليف أو اطلاقاتها فلا يلاحظ النسبة بينها بل يقدم عليها وان كانت أعم من
وجه كما تقرر في محله نعم لو تم الاستدلال بحديث لا تعاد لكن ذلك أيضا كذلك مقدما على هذا الحديث لكونه
أخص مطلقا منه لوروده في خصوص السهو كما
انا لو جوزنا الاستدلال بحديث لا تعاد لكان ذلك أيضا كذلك لوروده في غير العامد كما هو واضح ولكنك عرفت قصورهما عن إفادة المدعى و يتلوه في الضعف
المناقشة فيه بأن المقصود بحديث الرفع رفع المؤاخذة على ما صدر خطأ أو سهوا لا مطلق اثرها فإنه دعوى بلا بينة بل المراد به بمقتضى ظاهره المعتضدة بجمله من
القرائن الداخلية والخارجية رفع جميع الآثار الشرعية الثابتة لذوات ما تعلق به السهو والنسيان والخطأ من حيث هي بمقتضى عموم أدلتها لولا هذا الحديث مما
يكون وضعه على المكلفين كله ومشقة عليهم ورفعه منه وتوسعه عليهم بحيث يتحقق بالنسبة إليه مفهوم الوضع والرفع ويناسبه الامتنان ينسبق إلى الذهن
ارادته من الحديث فبطلان الصلاة الموجب لإعادتها بالاستدبار سهوا من اظهر الآثار التي ينفيه هذا الحديث ولكن يتوجه عليه ما تقدمت الإشارة إليه من أن
حديث الرفع لا يرفع الا الآثار الشرعية المجعولة لذات ما صدر سهوا من حيث هي فعلا كان أو تركا دون ما يترتب على لوازمه العقلية أو العادية فلو لم يكن
بطلان الصلاة بالالتفات من مقتضيات شرطة الاستقبال بل من اثار قاطعية الالتفات من حيث هو لا غير لاتجه الاستدلال باختصاص قاطعيته بحال العمد
يحدث الرفع ولكنه ليس كذلك لأن الاستقبال شرط في الصلاة وليس معنى رفع السهو ان ما تركه سهوا يترتب عليه اثر وجوده بل معناه انه لا ترتب عليه اثر تركه
لو كان لتركه من حيث هو اثر قابل للرفع فلو ترك واجبا شرعيا أو شرطيا نفسيا أو غيريا من عبادة أو معاملة فليس لتركه من حيث هو اثر سوى المؤاخذة عليه فهي
مرفوعة مع السهو لاسقاط الامر المتعلق به أو غير ذلك مما هو من اثار وجوده كما هو الشأن في سائر العقود والايقاعات التي تعلق السهو والنسيان أو الاكراه
أو الاضطرار بتركها أو بترك شئ من اجزائها أو شرائطها فإذا جعل الطهارة شرطا للصلاة أو القراءة جزء منها فهو كما لو جعل اقتران القبول بالايجاب أو القبض
في المجلس شرطا لصحة معاملة فقد جعل لوجودها اثرا شرعيا وهو اعتبارها في الصلاة ويلزمه عقلا بطلان الصلاة بتركها فبطلان الصلاة بترك جزئها أو
شرطها اثر عقلي للترك منتزع من اعتبار وجود ذلك الجزء أو الشرط في مهية الصلاة فلا يرفعه حديث الرفع ومن هنا قد يتجه التفصيل الذي ذكره في المدارك
من الفرق بين ما لو حصل الالتفات حال الاتيان بفاعل الصلاة أو في خلالها بدعوى ان مرجع اعتبار الاستقبال في سائر أكوان الصلاة إلى مبطلية الالتفات
حالها إذ ليس لوجود تلك الأكوان من حيث هي دخلا في مهية الصلاة شطرا أو شرطا فضلا عن صفتها فحديث الرفع يخصصه بحال العمد ولكنه لا يخلو عن نظر
فإنه يظهر بالتدبر في النصوص والفتاوي انه يعتبر في الصلاة استقبال القبلة من أولها إلى اخرها على سبيل الاتصال فاستقبال القبلة ما دام مصليا شرط في مهية
الصلاة من حيث هي لا في ابعاضها حتى يقتضي ذلك انتفاء شرطيته بالنسبة إلى الأكوان التي لا مدخليته لها في حقيقة الصلاة فالأوجه في لفرق وان
الالتفات عن القبلة موجب للإعادة مطلقا ولكن في الوقت لا في خارجه لما عرفت في مبحث القلبة من أن الأظهر انه لو صلى إلى غير القبلة سهوا فهو كالمخطي
404

في الاجتهاد يعيدها في الوقت لا في خارجه فيفهم من دليله في لإعادة في خارج الوقت فيما لو انحرف عنها في بعض صلاته بالفحوى كما عرفت في ذلك المبحث ان
ما بين المشرق والمغرب قبله للتأسي فلا يتحقق بالنسبة إليه الالتفات المبطل الا إذا خرج عن هذا الحد كما أومي إليه صاحب المدارك في عبارته المتقدمة والله
العالم تنبيه لا فرق بين الالتفات سهوا أو اكراها أو اضطرار لأن البحث في الجميع من واد واحد كما لا يخفى على المتأمل ومنها الكلام بما ليس بدعاء
وذكر وقران اجماعا كما ادعاه غير واحد ويدل عليه اخبار مستفيضة منها صحيحة محمد بن مسلم المروية بعدة طرق عن أبي جعفر عليه السلام قال سئلته عن الرجل يأخذه
الرعاف أو القي في الصلاة كيف يصنع قال ينتقل فيغسل انفه ويعود في الصلاة وان تكلم فليعد الصلاة ومضمرة إسماعيل بن عبد الخالق قال سئلته عن الرجل يكون
في جماعة من القوم يصلي المكتوبة فيعرض له رعاف كيف يضع قال يخرج فان وجد ماء قبل ان يتكلم فليغسل الرعاف ثم ليعد فليبن على صلاته وفي صحيحة الحلبي
أو حسنته المتقدمة في المسألة السابقة وان لم يقدر على ماء حتى ينصرف بوجهه أو يتكلم فقد قطع صلاته وفي خبر أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال إن تكلمت أو صرفت
وجهك عن القبلة فأعد الصلاة وفي خبر إسماعيل بن زياد عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام قال ويبني على صلاته ما لم تكمل وعن الصدوق في الفقيه مرسلا قال وروى أن
من تكلم في صلاته ناسيا كبر تكبيرات ومن تكلم في صلاته متعمدا فعليه الإعادة ومن أن في صلاته فقد تكلم وفي حديث الفضيل عن أبي جعفر عليه السلام قال ابن علي ما
مضى من صلاتك ما لم ينقض الصلاة بالكلام متعمدا وان تكلمت ناسيا فلا باس عليك ويمكن استفادة من اخبار اخر مما ورد فيه الامر بالإشارة أو التسبيح ونحوه
تحريزا عن الكلام كما لا يخفى وما يظهر من بعض الروايات من جواز التكلم ببعض الكلمات كخبر أبي جرير عن أبي الحسن موسى عليه السلام ان الرجل إذا كان في الصلاة فدعاه الوالد
فليسبح وإذا دعته الوالدة فيقل لبيك يجب حمله على النافلة بناء على جواز قطعها أو أغير ذلك ما لا ينافي قاطعيته الكلام والظاهر تحقق موضوعه عرفا بالتكلم بحرفين
فصاعدا كما حكي عن نجم الأئمة وشمس العلوم النص عليه بل ربما يظهر من بعض عدم الخلاف بين العلماء ولا بين اللغويين في صدق الكلام على ما تركب من حرفين كما أنه
يظهر من غير واحد دعوى الاجماع عليه مبطليته وظاهرهم كصريح جملة منهم في لفرق بين المهمل والمستعمل ولكن يظهر من مجمع البحرين اشتراط كونه موضوعا لمعنى
حيث قال والكلام في أصل اللغة عبارة عن أصوات متتابعة لمعنى مفهوم وفي عرف النحاة اسم لما تركب من مسند ومسند إليه وليس هو عبارة عن فعل المتكلم وربما
جعل كذلك نحو عجبت من كلامك زيدا وهو على ما صرح به الجوهري اسم جنس يقع على الكثير والقليل وقد يقع على الكلمة الواحدة وعلى الجماعة بخلاف الكلم فإنه لا
يكون أقل من ثلاث كلمات إلى أن قال في تفسير ان الله تعالى متكلم والمراد بالكلام الحروف المسموعة المنتظمة انتهى وربما يلوح من عبارة الشهيد الثاني في الروضة
اعتبار الوضع في تسميته كلاما في اللغة حيث منع صدق اسمه على المركب من حرفين فقال في تفسير الكلام المبطل لفظه وهو على ما اختاره المصنف والجماعة ما تركب
من حرفين فصاعدا وان لم يكن كلاما لغة ولا اصطلاحا وفي حكمه الحرف الواحد المفيد كالأمر من الافعال المعتلة الطرفين مثل ق من الوقاية وع من الوعاية لاشتماله
على مقصود الكلام وان أخطأ بخلاف هاء السكت وحرف المد لاشتماله على حرفين فصاعدا ويشكل بان النصوص خالية من هذا الاطلاق فلا أقل من أن يرجع فيه إلى
الكلام لغة واصطلاحا إلى أن قال والعجب انهم جزموا بالحكم الأول مطلقا وتوقفوا في الحرف المفهم من حيث كون المبطل الحرفين فصاعدا مع أنه كلام لغة واصطلاحا
وفي اشتراط كون الحرفين موضعين لمعنى وجهان انتهى أقول ولعل منشأ الوجهين لديه ظهور كلمات الأصحاب في التسالم على أن المركب من حرفين مبطل مطلقا و
عدم مساعدة اللغة عليه وكيف كان فقد حكى في الحدائق وغيره عن بعضهم التصريح بان الكلام جنس لما يتكلم به سواء كان من حرف واحد أو أكثر (ففي الحدائق قال قد صرح بعضهم بان الكلام جنس لما يتكلم به سواء كان من حرف واحد أو أكثر) الا ان ظاهر
الأصحاب هنا تقييده بما تركب من حرفين فصاعدا وظاهرهم الاجماع على أن الحرف الواحد الغير المفهم لا يسمى كلاما نقل الاجماع على ذلك جمع منهم العلامة في التذكرة
والشهيد في الذكرى انتهى أقول بل ظاهرهم كما هو صريح غير واحد منهم ان الحرف الواحد المفهم أيضا لا يمسى كلاما حقيقة وان الحقه به بعضهم حكما أو تردد
فيه فعن التذكرة ونهاية الاحكام والقواعد وير وس الجزم بأنه ليس بكلام والتردد في البطلان من الاعراض به عن الصلاة وحصول الافهام فاشبه الكلام
لاشتماله على مقصوده ومن انه لا يعد كلاما الا ما انتظم من حرفين فالذي يظهر من كلمات الأصحاب تسالمهم على اعتبار التركيب في الجملة مفهوم الكلام وان عدم
بطلان الصلاة بالحرف الواحد انما هو لذلك لا لكونه تقييدا فيما دل على قاطعية الصلاة فيشكل ح التوفيق بالجمع بين كلمات الأصحاب وبين ما حكى عن بعض اللغويين
من التصريح بشموله للحرف الواحد المهمل ولا يجدى في ذلك ما في الحدائق حيث قال بعد ان مال إلى ترجيح كونه حقيقة في الأعم ما لفظه الا انه يمكن ان يقال كما تقدمت
الإشارة في غير موضع ان الاحكام المودعة في الأخبار تبني على ما هو الغالب المتكرر الذي يتبادر إليه الاطلاق وهو هنا انما يصدق على ما كان من حرفين فصاعدا
ولعل اجماع الأصحاب على الحكم المذكور مبني على ذلك انتهى إذ لو سلم الانصراف المزبور فهو انما يجدى في تصحيح أصل الحكم لا في توجيه كلمات الأصحاب فان عبائرهم
كالنص في دوران الحكم مدار صدق الاسم لا ما ينصرف إليه اطلاقه هذا مع أن ما يمكن دعوى انصراف الاطلاق إليه هو الكلام المفيد أو مطلق الألفاظ التي يتعارف
استعمالها في المحاورات اي الكلمات الموضوعة لمعنى الا مطلق ما تركب من حرفين ولو مهملا والحاصل ان الالتزام بصدق مفهوم الكلام عرفا ولغة على الحرف الواحد
يلزمه القول بمبطليته الا ان ندعي انصراف ما دل على قاطعية التكلم إلى الكلام الذي يتعارف استعماله في المحاورات ح دعوى شموله للمركب من حرفين وان كان
مهملا مجازفة واشكل من ذلك الالتزام بعمومه وتخصيصه بالنسبة إلى الحرف الواحد بالاجماع إذ لا يصح التعويل على الاجماع بعد تصريح المجمعين بمستندهم والبناء
على ضعفه كما هو واضح ولقد أجاد في المدارك حيث لم يعتن بقول البعض الذي ادعى انه جنس للأعم فقال في شرح العبارة ما لفظه وقد قطع الأصحاب بعدم بطلان
الصلاة بالكلام بالحرف الواحد لأنه لا يسمى كلاما في العرف بل ولا في اللغة أيضا لاشتهار الكلام لغة في المركب من الحرفين كما ذكره الرضي رضي الله عنه وان ذكر بعضهم
405

انه جنس لما تكلم به سواء كان على حرف واحد أو أكثر لأن الاطلاق أعم من الحقيقة انتهى وقوله لأن الاطلاق أعم من الحقيقة بحسب الظاهر تضعيف لقول ذلك
البعض لا توجيه له كي يتوجه عليه بأنه عدول عن ظاهر اللفظ كما أورد عليه بذلك بعض من تأخر عنه كصاحبي الذخيرة والحدائق فكأنه رأى أن مستند ذلك البعض
ليس الا انه قد يطلق ففي العرف على مطلق التلفظ فلو نطق بحرف يصح ان يقال تكلم بهذا الحرف ولا يصح سلبه عنه فأشار إلى أنه لا يثبت بمثل هذه الاطلاقات
كونه حقيقة في الأعم لأن الاطلاق أعم من الحقيقة ومما يفصح عن كون مثل هذا الاستعمال مبنيا على ضرب من التجوز والتوسعة في مفهوم الكلام انه إذا قيل تكلم
الصبي بهذا الحرف قد يسئل في العرف عن زمانه فيقال متى تكلم بهذا الحرف ولا يقال متى صدر منه هذا الكلام أو أنشأ هذا الكلام أو نحو ذلك فلا يحمل على منظومة
اسم الكلام فهذا يكشف عن أن اسناد التكلم إليه مبني على تجريده عن الخصوصية الصحيحة لا طلاق اسم الكلام عليه واستعماله في مفهوم اللفظ أو النطق وشبهه والا نصح اطلاق
مبدء اشتقاقه عليه على الاطلاق وما قد يتوهم من أن هذا العمل منشأ عدم تعارف اطلاق اسم الكلام على مثله في العرف لا عدم كونه في أصل وصنعه حقيقة في الأعم
فلا منافاة بين في طلاق هذا الاسم عليه عرفا واطلاق سائر مشتقاته التي أنيط بها الحكم في اخبار الباب مدفوعه بان سائر مشتقاته تابعة الاسم الكلام فيما ينصرف
إليه كما هو الشأن في سائر الأفعال المشتقة من أسماء الذوات وكيف كان فما اتفقت عليه كلمة الأصحاب في ظاهر عبائرهم أو صريحها من عدم حصول مسمى الكلام
في النطق بحرف واحد عرفا ولغة المعتضد بما سمعته من عبارة المجمع أولى بالاذعان وأوفق بما يساعد عليه العرف في محاوراتهم مما حكى عن بعض من شموله للحرف الواحد
المهمل فالحق عدم بطلان الصلاة به لعدم كونه مندرجا في موضوع هذا الحكم بل لولا اتفاق كلمة الأصحاب بظاهرها على صدق الكلام على مطلق اللفظ المؤلف من الحروف
التي وضعها العقلاء مادة للكلمات التي يحتاجون إليها في محاوراتهم لكان للتأمل في صدقة على المهمل المركب من حرفين مجال لظهور العبارة المتقدمة عن المجمع في
اعتبار الوضع فيه واستشعاره أيضا من عبارة الروضة ولكن لا ينبغي الالتفات إلى شئ منهما في مقابل ما ذكر كما أنه لو لم يكن بطلان الصلاة بمطلق الكلام اجماعيا
لم يكن استفادته من اخبار الباب بهذا النحو من الاطلاق خاليا من اشكال لامكان دعوى انصرافها إلى القول المفيد لولا اعتضاد ما في بعضها من الاطلاق بفهم الأصحاب
وفتواهم وبقوله عليه السلام في ذيل مرسلة الصدوق والمتقدمة من أن في صلاته فقد تكلم وفي خبر طلحة بن زيد عن جعفر بن محمد (ع) ان عليا (ع) قال من أن في صلاته فقد تكلم
فإنه يكشف عن أن المدار على مطلق الكلام لا ما ينصرف إليه اطلاقه فالأظهر بطلان الصلاة بالنطق بما تركب من حرفين مطلقا ولو كان مهملا ولا فرق في الحرفين بين
ان كان ثانيهما حرفا أصليا أو حاصلا من اشباع حركة الحرف الأول كحروف المد الحاصلة من اشباع حركة ما قبلها واما مد الحرف فليس موجبا لتعدده فلو تلفظ
بحرف واحد ومده ولو بقدر أحرف لم يوجب ذلك بطلان صلاته إذ لا يخرج بذلك عن كونه حرفا واحدا واما الحرف الواحد المفيد فالظاهر صدق اسم الكلام
عليه حقيقة عرفا ولغة بل واصطلاحا أيضا فلا ينبغي الارتياب في بطلان الصلاة به فالمدار في صدق الكلام ليس على خصوص التاليف بل أعم منه ومن المفيد فمتى تحقق
أحد الامرين صدق عليه اسم الكلام والله العالم ثم إن الشهيد الثاني فرع في عبارته المتقدمة على القول باعتبار كون الحرفين موضوعين القول بالبطلان بالحرفين
الحادثين من التنحنح ونحوه ثم نقل عن العلامة القطع بكونهما غير مبطلين محتجا بأنهما ليسا من جنس الكلام واستحسنه أقول اما التنحنح فالظاهر مباينته للكلام عرفا
وان حدث منه ما يشتبه لفظا مركبا فمتى صدق عليه اسم التنحنح لا يصدق عليه اسم التكلم ومتى صدق عليه اسم التكلم خرج عرفا عن موضع التنحنح فهو غير مبطل جزما كما ربما
يشهد له مضافا إلى ذلك ما عن الشيخ في الموثق عن عمار الساباطي انه سئل أبا عبد الله (ع) عن الرجل يسمع صوتا بالباب وهو في الصلاة فيتنحنح لتسمع جاريته وأهله
ليأتيه فيشير إليها بيده ليعلمها من بالباب لتنظر من هو قال لا بأس به وهكذا الكلام في النفخ فإنه ليس من جنس الكلام وان حدث منه صوت يشبه اللفظ وقد ورد نفي
البأس عن نفخ الغبار في خبر إسحاق بن عمار عن رجل من بني عجل قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المكان يكون فيه الغبار فانفخه إذا أردت السجود فقال لا باس ويحتمل
وقوع السؤال عنه بلحاظ كونه فعلا خارجيا لاتوهم كونه ملحقا بالكلام واما التأوه والأنين فإن لم يشتمل شئ منهما على حرفين فلا اشكال في عدم بطلان الصلاة
به وان اشتملا على حرفين فالظاهر اندراجهما عرفا في موضع الكلام خصوصا التأوه وقد وقع النطق لفظة اه في كثير من الأدعية والأذكار فلا ينبغي التأمل
ح في كونه كلاما لغة وعرفا قابل اصطلاحا أيضا لكونه من أسماء الافعال قائما مقام المفيد واما الأنين فهو أيضا كذلك على الظاهر فيصدق عليه الكلام
إذا حدث منه حرفان فصاعدا بخلاف ما لو لم يحدث منه الحرفان وربما يشهد لذلك ما في مرسلة الصدوق ورواية طلحة بن زيد المتقدمة من أن في صلاته
فقد تكلم واطلاقه جاري مجرى الغالب من اشتماله على الحرفين فصاعدا واما حكاية هذه الأصوات فالظاهر اندراجها في موضوع الكلام مطلقا لكونها ح
الفاظا موضوعة للدلالة على مسمياتها فهي ح من قبيل أسماء الافعال التي لا ينبغي الارتياب في صدق اسم الكلام عليها كما أن الامر كذلك فيما لو جعل شئ منها
علما لشخص مثلا فإنه يندرج ح عرفا في موضوع الألفاظ والله العالم هذا كله في كلام الآدميين واما الذكر والدعاء والقران فلا ريب في جوازها مطلقا
وان لم يقصد بها التقرب بل امرا اخر كإيقاظ الغير أو تنبيهه على امر وغير ذلك من المقاصد اما جوازها بقصد التقرب فيدل عليه صحيحة علي بن مهزيار قال سألت
أبا جعفر (ع) عن الرجل يتكلم في صلاة الفريضة بكل شئ يناجي ربه قال نعم وصحيحة الحلبي قال قال أبو عبد الله (ع) كل ما ذكرت الله عز وجل به والنبي صلى الله عليه وآله فهو من الصلاة
ومرسلة حماد بن عيسى عن بعض الصحابة عن أبي عبد الله (ع) قال كلما كلمت الله به في صلاة الفريضة فلا بأس ومرسلة الفقيه عن الصادق عليه السلام قال كلما ناجيت به ربك
في الصلاة فليس بكلام واما لسائر الاغراض فيدل عليه ما رواه الشيخ عن عمار الساباطي في الموثق في تتمة الرواية المتقدمة عنه انفا وعن الرجل والمرأة يكونان في الصلاة
فيريدان شيئا أيجوز لهما ان يقولا سبحان الله قال نعم ويؤميان إلى ما يريدان والمرأة إذا أرادت شيئا ضربت على فخذها وهي في الصلاة وصحيحة علي بن جعفر
406

عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن الرجل يكون في صلاته والى جنبه رجل راقد فيريد ان يوقظه فيسبح ويرفع صوته لا يريد الا ان يستفز الرجل أيقطع ذلك
صلاته أو ما عليه قال لا يقطع ذلك صلاته ولا شئ على وسئلته عن الرجل يكون في صلاته فيستأذن انسان على الباب فيسبح ويرفع صوته ويسمع جاريته
فتأتيه فيريها بيده ان على الباب انسانا هل يقطع ذلك صلاته وما عليه قال لا باس لا يقطع ذلك صلاته وروى أن عليا (ع) قال كانت لي ساعة ادخل فيها على
رسول الله صلى الله عليه وآله فإن كان في الصلاة سبح وذلك اذنه فإن كان في غير الصلاة اذن وصحيحة معاوية بن وهب الدالة على قراءة أمير المؤمنين (ع) القران في جواب ابن الكوا
لما قرء ولقد أوحى إليك والى اللذين من قبلك لأن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين فانصت أمير المؤمنين (ع) إلى أن كان في الثالثة فقرء أمير المؤمنين (ع)
في جوابه واصبر ان وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون مضافا إلى قصور ما دل على قاطعية الكلام عن شمول القراءة والذكر والدعاء إذ المراد به كلام الآدميين
المغاير بالنوع لأذكار الصلاة فان هذا أو الذي ينصرف إليه المتقدمة مع انا لو لم نقل بانصرافها في حد ذاتها التعين صرفها إلى ذلك لا لمجرد ان
التخصيص أولى من التخصص بل لما في جملة من الأخبار من الإشارة إلى أن الكلام المنافي للصلاة الموجب لقطعهما وخروج المصلى عن كونه مصليا انما هو هذا النوع
من الكلام لا مطلقة بحيث يتناول القراءة والذكر والدعاء مثل ما روي من طريق العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شئ من كلام الناس
انما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن وعن زيد بن أرقم قال كنا نتكلم في الصلاة يتكلم أحدنا صاحبه وهو إلى جنبه حتى نزلت وقوموا لله قانتين فأمرنا بالسكوت و
نهينا عن الكلام وأوضح منهما دلالة على ذلك خبر الفضل بن شاذان الوارد في باب التسليم المروي عن العلل والعيون عن الرضا (ع) قال انما جعل التسليم تحليل الصلاة ولم
يجعل بد لها تكبيرا أو تسبيحا أو ضربا اخر لأنه لما كان الدخول في الصلاة تحريم الكلام للمخلوقين والتوجه إلى الخالق كان تحليلها كلام المخلوقين والانتقال عنها وابتدء
المخلوقين في الكلام أو لا بالتسليم إلى غير ذلك من الروايات الواردة في باب التسليم المتقدمة في محلها مما فيه إشارة إلى ذلك ومن هنا يظهر صحة ما حكى عن المصنف في
المعتبر من أنه بعد ان حكى عن الشيخ البطلان بالنفخ بحرفين والأنين والتأوه بهما قال وقال أبو حنيفة التأوه للخوف من الله تعالى عند ذكر المخلوقات لا يبطلها ولو
كان بحرفين ويبطلها لو كان لغير ذلك كلام يجده ثم إنه بعد ان ذكر الاستدلال على البطلان بتعمد الكلام وخبر طلحة قال وتفصيل أبي حنفية حسن وقد نقل عن
كثير من الصلحاء التأوه في الصلاة ووصف إبراهيم بذلك يؤذن بجوازه انتهى فانا لو لم نقل باندراجه في موضوع الذكر والمناجاة أو استفادة حكمه مما ورد فيهما
بتنقيح المناط فلا أقل من قصور ما دل على قاطعيته الكلام عن شموله فإنه خارج عن منصرف كلام الآدميين الذي دلت النصوص والفتاوي على قاطعيته للصلاة فما
اعتراضه عليه غير واحد ممن تأخر عنه بأنه ان اندرج في موضوع الكلام عرفا فهو مبطل مطلقا من غير فرق بين كونه من خوف الله تعالى أو من غيره في غير محله بقي في
المقام كلام وهو انه لو اتى بشئ من القران أو الذكر لساير الاغراض فقد يكون ترتب ذلك الغرض على قرائته لكونه من لوازم فعله كايقاظ الغير برفع صوته
بالقراءة أو لكونه مدلولا التزاميا له أو جزئيا من الحكم الكلي المستفاد من الآية التي يقرئها أو معنى مناسبا لمضمونها فينتقل الذهن إليه من باب الإشارة والكناية وشئ من
هذه الصور ونظائرها مما لا يستلزم استعمال لفظ القران في غير معناه الذي أريد منه مما لا اشكال في جوازه واما لو استعمل لفظ في المعنى الذي تعلق غرضه بافهامه كما
لو وجه الخطاب إلى شخص مسمى يحيى بقوله تعالى يا يحيى خذ الكتاب بقوة أو إلى شخص مسمى بداود بقوله تعالى يا داود انا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق قاصدا
به انشاء مداليل ألفاظه بهذه العبارة فح اما ان يكون عنوان القرآنية مقصودا بلفظه فيكون اختياره لهذا العبارة في
مقام تأدية ذلك المعنى لكونها من القران الغير المنافي
لفعل الصلاة أم لا بل كان اختيارها لكونها من أحسن العبائر وأوفاها بتأدية مراده أو غير ذلك من الدواعي المقتضية لاختيارها لامر حيث كونها قرآنا اما في هذه الصورة فلا
ينبغي الارتياب في بطلان الصلاة به خصوصا مع عدم علمه أو غفلته عن كونه قرانا ولا سيما مع عدم عزمه من أول الأمر على الاتيان بجميع الألفاظ التي يتقوم بمجموعها صورة
القرآنية فانا ان لم نقل بان قصد معنى اخر من لفظ القران لا يخرج لفظه المختص به عن كونه قرانا فهو انما يتمحض للقرآنية لبعد انضمام ما يخصصه به فهو من حيث حدوثه لم يكن
معنونا بهذا العنوان ولا مقصودا وقوعه بهذا الوجه بل بعنوان المحاورة والمكالمة مع من وجه إليه الخطاب وهو بهذا الوجه الذي قصده مندرج في كلام الآدميين وقد
تحقق موضوعه بالجزء الأول الذي يتحقق به المكالمة فيلحقه حكمه وهو بطلان الصلاة قبل ان يلحقه ساير الاجزاء التي يتقوم بمجموعها صورة القرآنية واتصاف مجموعه بكونه
كلام الله تعالى لا ينافي اتصاف ابعاضه بل ولا مجموعه بكونه كلام زيد مثلا لاختلاف جهة النسبة لأن اطلاق كونه كلام زيد بلحاظ وجوده الخاص أو عوارضه المتخصصة
له المؤثرة في إفادة هذا المعنى المغاير لما اراده الله تعالى بلفظه أو اطلاق كونه كلام الله تعالى انما هو بالنظر إلى مجرد لفظه بالغاء الخصوصيات المكتنفة به المتممة لدلالته على ما راده
الله هذا مع أنه يظهر من خبر العلل ويستشعر من سائر الأخبار أيضا ان الكلام الذي يحرمه التكبير ويحلله التسليم هو مكالمة المخلوقين ومخاطبتهم الأنفس كلامهم من حيث هو في
مقابل كلام الله تعالى وان كان نفس كلامهم أيضا من حيث هو قاطعة للصلاة بمقتضى اطلاق بعض الروايات واما القران فلا دليل على أنه غير مبطل مطلقا بحيث يتناول
مثل الفرض ومن هنا قد يقوى في النظر قوة القبول بالبطلان في الصورة الأولى أيضا اي فيما كان عنوان القرآنية مقصودا بلفظه فان قصد حصوله بهذا العنوان
غير مجد بعد ان انه يتحقق به التكلم مع الغير في أثناء الصلاة هذا كله مع أن صدق كونه قرانا مع كونه مستعملا في غير مع محل نظر بل منع إذ القران بحسب الظاهر اسم لخصوص الكلام
المعهود المنزل على النبي صلى الله عليه وآله المفصح عما إرادة الله تعالى اي لمهية تلك الألفاظ الخاصة لا مقيدة بوجودها الخاص حتى يمتنع حصوله بقراءة الغير كغيره من أسامي الكتب لا
لمجرد ألفاظها من حيث هي وان خرجت عن تلك الحقائق وصارت حقيقة أخرى كما لو صارت اية من آياتها علما لشخص بالغلبة فاستعمل في معناها العلي فإنها في هذا
الاستعمال خرجت عن كونها تلك الحقائق والا امتنع ان يتخلف مدلولها عنها إذ الحقيقة الواحدة لا يختلف اثرها فالخصوصيات الشخصية المتممة لدلالة اللفظ على
407

مراد المتكلم بمنزلة الفصول المنوعة للفظة المفصح عن مراده ولذا لو قال زيد مشيرا إلى شئ هذا العمر وقال شخص اخر أيضا مشيرا إلى شئ اخر هذا لعمرو أو مريدا من
العمر و غير الشخص الذي اراده زيد لا يصح عرفا حمل أحدهما على الاخر بان يقال هذا مما قاله أو تكلم به زيد فلو نسبه هذا الشخص إلى زيد وقال قال زيد هذا لعمرو مريدا
منه غير ما اراده زيد كذب وكذا لو قال قال الله تعالى يا داود انا جعلناك خليفة في الأرض قاصدا بداود شخصا اخر أو من ضمير المتكلم أو من الخليفة معنى اخر
يعد ذلك في العرف كذبا وافتراء على الله نعم لو قبل بأنه لم يلاحظ في تسميته القران قرانا الا مجرد ألفاظها المنظومة كساير الاشعار والقصايد المنسوبة
إلى ناظمها مما لا يلاحظ في النسبة والتسمية الا مجرد نظمها الصدق عليه في مثل الفرض اسم القران وان لم يصح نسبة القول به إلى الله تعالى كما لو قال شخص مشيرا
إلى ابائه بقوله أولئك ليأتي فجيئني بمثلهم صح ان يقال هذا شعر فرزدق أو قوله أو كلامه ولا يصح ان يقال قال فرزدق أولئك آبائي الخ الا ان يشير إلى الاشخاص
الذين أشار إليهم الفرزدق أو ينفل لفظه على جهة الاجمال والابهام من غير إشارة إلى شخص حيث إن المتبادر من هذه النسبة إرادة نقل قوله بعينه ومن الأول
إرادة كلامه المنظوم من حيث كونه كذلك والحاصل انا ان قلنا بان القران اسم لمطلق هذه الألفاظ المنظومة لا لخصوص نوعها الذي تكلم به الله تعالى
صدق على مثل الفرض ولكن الظاهر أنه ليس كذلك بل هو اسم لخصوص الكلام المنزل على النبي صلى الله عليه وآله بالغاء خصوصية الوجودي اي المهية ذلك الكلام
الشخص الذي يمتنع دلالتها على غير المعنى الذي دل عليه حين نزول ثم لو سلمنا الصدق فلا دليل على جواز هذا الفرد من القران الذي مو في الحقيقة من كلام
المخلوقين مهية ووجودا ولكن يطلق عليه كلام الله بلحاظ جنسه فليتأمل وقد يقال بان المانع عن جوازه عدم جواز اجتماع قصد الحكاية ونقل كلام الله تعالى الذي
هو من مقومات مفهوم قراءة القرآن وقصد انشاء مداليل ألفاظها وقرعوا على ذلك عدم جواز قصد الدعاء وطلب الهداية بقراءة الفاتحة وفيه نظر فان تحقق
مفهوم الحكاية والنقل الذي يتوقف عليه صدق القراءة لا يتوقف على تعلق القصد بنفس هذا العنون من حيث هو على سبيل الاستقلال كي يتنافى ذلك تعلق قصد استقلال
بالنسب الحكمية الواقعة بين ابعاض المقر وإذا القاري قد لا يرى في قرائته الا كون صدور المقر ومن قائله طريقا لاثبات تلك النسب فيقصد بقرائته ايقاع تلك النسب
بهذه الطريق فيلاحظها ح نسبا تامة خيرية ثابتة لديه بقوله من ينقل كلامه كما أنه قد يقصد بقرائته ابقاها بعنوان الحكاية والنقل من حيث هو لامر باب
الطرقية فيقع تلك النسب ح نسبا غير تامة فمن يقرء عبارة كتاب قد يقصد بقرائته نسبة لفظه أو مضمونه إلى مصنفة وقد يقصد بذلك تفهيم المطالب المدونة
فيه كما هو الغالب في تلاوة كتب الاخلاق والرسائل العملية للعوام وقراءة الانسان مصنفاته في مقام الإفادة ففي هذه الصورة أيضا يصدق عليه اسم قراءة
ذلك الكتاب إذ لا معنى لقرائته الا حكاية النقوش المدونة فيه باللفظ وهي حاصلة في الفرض غاية الأمر ان عنوان الحكاية غير ملحوظ من حيث هو على سبيل
الاستقلال بل آلة لتعقل متعلقاتها والحاصل ان حال المطالب المدونة في الكتب التي يقرئها الانسان حال الصور العملية المرسومة في النفس التي
يحكيها للغير فربما يحمل علمه موضوعا للقضية فيخبر عن عمله وقد يرى علمه طريقا فيخبر عن متعلقه حتى أنه كثيرا ما يجعل العلم في مقام التعبير هو المخبرية ولكنه لا يقصد
به الا الطريقة المحضة كما أنه كثير اما بقول قال الله تعالى كذا والإمام عليه السلام أو المجتهد كذا ولا يقصد بهذه النسبة الا محض الطريقية الغير المنافية لتعلق
قصد استقلالي مفاهيم متعلقاتها وملخص الكلام ان قصد مداليل ألفاظ القران مستقلا حال قرائته ليس منافيا لصدق اسم القراءة بل القراءة العارية عن هذا
القصد مجرد صورة لا يترتب عليها كثير فائدة كيف وقد ورد في بعض الأخبار المتقدمة في مبحث القراءة تعليل الامر بقراءة الفاتحة في ابتداء القراءة الواجبة في
الصلاة كما في خبر الفضل بن شاذان والاجتزاء بها عن التسبيح والتحميد في الأخيرتين كما في صحيحة عبيد بن زرارة باشتمالها على الثناء والذكر والدعاء فكيف يصح ان
يراد منها محض الحكاية بل كيف يعقل ان يكون ايقاعها على الوجه الذي علل به طلبها مفسدا لها بل الغالب فيمن يقرء القران ويعقل معانيه عدم التفات ذهنه تفصيلا
إلى وجه عمله الذي هو عنوان الحكاية حتى يأخذه طرفا للنسبة فيقصد ح بألفاظه انشاء مفاهيمها بصرف طبعه كما لا يخفى على من راجع وجدانه عند تلاوته الآيات
المتضمنة لنقل القصص والحكايات والمواعظ والاحكام فالأظهر في لتنافي بين قصد المفاهيم التي تضمنها القران وبين القصد الاجمالي الباعث له على
اختياره امتثالا للامر بقراءة فليتدبر والله العالم ثم إن المدار في قاطعية الكلام انما هو بحصوله عمدا واما لو صدر سهوا فليس بقاطع بلا خلاف على الظاهر
ويشهد له جملة من الأخبار منها صحيحة عبد الرحمن من الحجاج قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يتكلم ناسيا في الصلاة يقول أقيموا صفوفكم قال يتم صلاته ثم يسجد
سجدتين فقلت سجدتا السهو قبل التسليم أو بعده قال بعد وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال في الرجل يسهو في الركعتين ويتكلم يتم ما بقي من صلاته تكلم أو لم يتكلم ولا
شئ عليه وفي صحيحة فضيل بن يسار المتقدمة في مسألة قاطعيته الحدث قال وابن علي ما مضى من صلاتك ما لم تنقض الصلاة بالكلام متعمدا وان تكلمت ناسيا فلا شئ عليك
وفي مرسلة الفقيه المتقدمة في صدر المبحث من تكلم في صلاته ناسيا كبر تكبيرات ومن تكلم في صلاته متعمدا فعليه إعادة الصلاة وخبر عقبة بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام
في رجل دعاه رجل وهو يصلي فسهى فاجابه بحاجته كيف يصنع قال يمضي في صلاته ويكبر تكبيرا كثيرا وفي حكمه ما لو ظن الفراغ من الصلاة فتكلم على الأشهر الأظهر كما يدل
عليه اخبار مستفيضة وحكى عن الشيخ في النهاية القول بالبطلان وسيأتي تحقيقه انشاء الله في مباحث الخلل تنبيه حكى عن المنتهى أنه قال ولو تكلم مكرها ففي الابطال
به تردد ينشأ من كون النبي صلى الله عليه وآله جمع بينه وبين الناس في العقود والأقرب البطلان لأنه تكلم عامدا بما ليس من الصلاة والاكراه لا يخرج الفعل عن التعمد انتهى
وعن الذكرى أنه قال لو تكلم مكرها ففي الابطال وجهان نعم لصدق تعمد الكلام ولا لعموم ما استكرهوا عليه نعم لا يأثم قطعا وقال في التذكرة يبطل لأنه مناف
للصلاة فاستوى فيه الاختيار وعدمه كالحديث وهو قياس مع الفرق فان نسيان الحدث مبطل الا الكلام ناسيا انتهى أقول قد مر مرارا الإشارة إلى حكومة حديث
408

الرفع على عمومات أدلة التكليف فلا يصلح العمومات لمعارضته وان كانت أعم منه من وجه كما تقرر في محله وقضية ذلك تحكيم الحديث على أدلة قاطعية الكلام و
تخصيص قاطعيته الكلام بما إذا لم يكن مكرها عليه الا ان يمنع دلالة الحديث على رفع جميع الآثار بل خصوص المؤاخذة أو يدعى بان موردها التكاليف المستقلة
فلا يعم مثل المقام وكلاهما خلاف التحقيق فالحاقة بالناسي أوفق بالقواعد اللهم الا ان يقال إن الذي يظهر من النصوص والفتاوي كما لعله المغروس في أذهان المتشرعة
ان التكلم عمدا كالحديث بالذات مناف لفعل الصلاة كما أشار إليه العلامة فيما حكى من تذكرته فالاكراه عليه اكراه على ايجاد المنافي ومرجعة لدى التحليل إلى الاكراه
على ابطال الصلاة واثره ح ليس الا المؤاخذة وهي مرفوعة بحكم الحديث أو يقال إنه يفهم من تعبير الشارع بكونه قاطعا ان للصلاة هيئة اتصالية يقطعها التكلم
عمدا فرفع اثر الاكراه ح غير مجد في احراز تلك الهيئة الاتصالية التي اعتبرها شرطا في الصلاة إذ لا يثبت به لوازمه العقلية كما تقدمت الإشارة إليه في مسألة
الالتفات إلى ما ورائه فراجع وكيف كان فالقول بالبطلان كما لعله المشهور على ما يقتضيه اطلاق كلماتهم بل لم ينقل التصريح بخلافه عن أحد لعله أقوى والله العالم
والرابع من الأمور التي يبطلها عمدا القهقهة بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه ويدل عليه صحيحة زرارة أو حسنته عن أبي
عبد الله عليه السلام قال القهقهة لا تنقض الوضوء وتنقض الصلاة وموثقة سماعة المضمرة قال سألته عن الضحك هل يقطع الصلاة قال اما التبسم فلا يقطع الصلاة
واما القهقهة فهي تقطع الصلاة ومضمرة ابن أبي عمير المروية عن الكافي عن رهط سمعوه يقول إن التبسم في الصلاة لا ينقض الصلاة ولا ينقض الوضوء انما يقطع الضحك الذي فيه القهقهة
ومرسلة الصدوق قال قال الصادق (ع) لا يقطع التبسم الصلاة ويقطعها القهقهة ولا تنقض الوضوء وخبر أبي بصير ومحمد بن مسلم المروي عن الخصال عن الصادق
عن ابائه عليهم السلام قال قال أمير المؤمنين (ع) لا يقطع الصلاة التبسم وتقطعها القهقهة والقهقهة لغة الترجيع في الضحك وشدة الضحك كما في القاموس ولعله يرجع
إلى ذلك ما عن الصحاح القهقهة في الضحك معروفة وهو ان يقول قه قه وفي مجمع البحرين قها من باب ضرب ضحك وقال في ضحكة قه
بالسكون فإذا كرر قبل قه قه وعن الجمل والمقاييس انها الاغراق في الضحك وعن شمس العلوم انها المبالغة فيه وعن العين وتهذيب اللغة قهقه الضاحك
إذا مد ورجع ولكن حكى عن الروض انه بعد نقل كلام أهل اللغة وانه الترجيع في الضحك أو شدة الضحك قال والمراد هنا مطلق الضحك كما صرح به المصنف ره في غير
هذا الكتاب وفي الروضة قال في تفسير القهقهة هو الضحك المشتمل على الصوت وان لم يكن فيه ترجيع وشدة وفي الحدائق بعد ان نقل عن الروض والروضة ما سمعت
قال وعلى هذا النحو كلام غيره أيضا ثم قال وبالجملة قال بعضهم فسر القهقهة بالضحك المشتمل على الصوت لوقوعها في الأخبار في مقابلة التبسم الخالي منه ومنهم
من فسرها بمطلق الضحك ظنا منه ان التبسم ليس من افراد الضحك مع أن الظاهر من موثقة جماعة انه من افراد الضحك وبذلك صرح في القاموس أيضا حيث قال فيه هو أقل
الضحك وأحسنه وكيف كان فان ما ذكروه لا يخلو من الاشكال لمخالفة للاخبار وكلام أهل اللغة انتهى وهو جيد وما عن بعض اللغويين من تفسيرها بالضحك بصوت
على الاطلاق لا يصلح معارضا لكلام غيره ممن عرفت لجواز كونه تفسيرا بالأعم كما يصدر كثيرا ما عن اللغويين مثله فلا يعارض كلام من عداه ممن صرح بأنه للأخص مع
اعتضاده بالعرف العام وما قابلتها بالتبسم لا تقتضي الحاق الضحك الذي فيه صوت بلا شدة ولا ترجيع بالقهقهة فلعله ملحق بالتبسم ووضوح عدم كونه عرفا من افراد
التبسم ليس الا كوضوح عدم كونه من افراد القهقهة هذا مع امكان جرى النصوص مجرى الغالب وعدم ملحوظية هذا القسم فيها لندورته حيث إن الغالب عدم حصول
الصوت للضحك الا من اشتداده ومعه قل ما ينفك عن الامتداد والترجيع وكيف كان فاستفادة قاطعيته من هذا النصوص في غاية الاشكال فمقتضى الأصل
في لتكليف بالاجتناب عنه واستيناف الصلاة معه بل عدم كونه قاطعا للصلاة وان لا يخلو هذا الأصل من خدشة ولكنها قابلة للدفع كما تقرر في محله كما أن مقتضى
الأصل ذلك فيما لو منع نفسه عن اظهار الضحك وان امتلأ جوفه ضحكا بحيث احمر وجهه وارتعش بل المتجه فيه ذلك وان قلنا بظهور الأخبار في أن الضحك الذي ليس
بتبسم مبطل مطلقا سواء تحقق به مفهوم القهقهة أم لا إذا الظاهر عدم تحقق مفهوم الضحك عرفا فحاله حال من
امتلأ جوفه من الريح ومنعه عن الخروج حتى تغير لونه و
ارتعش ولو سلم صدق الضحك عليه فلا أقل من انصراف الأخبار عنه والله العالم ثم إن المراد بالقهقهة عمدا في كلماتهم بحسب الظاهر انما هو في مقابل السهو لا
الاضطرار أو القهر الذي هو أوضح من افرادها واسبقه إلى الذهن من اطلاق ما وقع عنه السؤال والجواب في الأخبار كما أومى إليه في الجواهر حيث قال واما القهقهة اضطرارا
ولو بتقصير في المقدمات فيقوى البطلان بها بلا خلاف معتد به أجده فيه لا طلاق النصوص والفتاوي ومعاقد الاجماعات بل لعله هو الفرد الكثير الذي وقع السؤال
عنه في النصوص بل قد يظهر من كل من نسب الخلاف فيه إلى الشافعية الاجماع عليه بل كأنه يلوح من التذكرة حيث قال القهقهة تبطل الصلاة اجماعا منا وعليه أكثر العلماء
سواء غلب عليه أم لا فهما عن ظاهر حمل العلم والعمل من الخلاف في ذلك حيث قال ولا يقهقه ولا يبصق الا ان يغلبه لا ريب في ضعفه انتهى ولعل قوله ولو بتقصير في
المقدمات من سهو قلم الناسخ والا فالأنسب ان يقول ولو بلا تقصير في المقدمات وكيف كان فلا ينبغي الاستشكال فيه بعد ما تقدمت الإشارة إليه من أن الضحك
قهرا من أوضح المصاديق التي يتسبق الذهن إلى ارادتها من الأخبار بل الغالب في الضحك حدوثه من التعجب العارض للنفس من غير أن يسبقه عزم وإرادة حتى يكون فعلا
اختياريا موصوفا بالعمد أو السهو فحدوثه من حيث هو في الغالب قهري واتصافه بالاختيارية والعمد أو السهو انما هو بلحاظ قدرته على المنع وحبس النفس عنه والتفاته إلى
وقوعه في الصلاة أو غفلته عنه فالفرد الذي لا يكمل معه من حفظ النفس أكمل افراده الذي لا يتخطى الحكم عنه إلى ما دونه بظاهر دليله من الأخبار ولا يعارضها حديث
الرفع وان كان له المحكومة على سائر العمومات كما تقدمت الإشارة إليه فان شمول الأخبار الواردة في القهقهة للقهري منها أوضح من ارادته بذلك الحديث بل قد يتأمل
في اندراجه في موضوعه فان إرادة مثله مما أظهروا إليه واستكرهوا عليه لا يخلو من خفاء مضافا إلى ما تقدمت الإشارة إليه فيما سبق من أن الاستدلال به لنفي
409

قاطعية ما وقع اضطرارا أو سهوا أو اكراها لا يخلو من اشكال فما يظهر من المحقق الأردبيلي من التردد فيه حيث نفي البعد فيما حكى عنه عن تخصيص اخبار القهقهة بالحديث
كأنه في غيره محله واما القهقهة سهوا فغير قاطعة للصلاة بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن المعتبر والتذكرة والذكرى وجامع المقاصد وكشف الالتباس والعزيمة
وارشاد الجعفرية والروض والمقاصد العلية والمفاتيح وغيرها دعوى الاجماع على في لبطلان بالسهو ويدل عليه مضافا إلى الاجماعات المستفيضة المعتضدة
بعدم نقل الخلاف قصور ما دل على قاطعيته القهقهة عن شمول حال السهو فان أغلب النصوص الدالة عليها بل جميعها ما عدى مضمرة سماعة لورودها مورد حكم اخر
لا ظهور لها في الاطلاق الأحوالي واستفادة حال القهر منها ليست من باب اصالة الاطلاق كي يتطرق إليها الخدشة بما ذكره بل لكونه بمنزلة القدر المتيقن الذي
ينسبق إلى الذهن ارادته من المطلق كما تقدمت الإشارة إليه واما مضمرة سماعة وان كانت بظاهرها مسوقة لبيان حكمها على الاطلاق ولكن لا يبعد دعوى
انصرافها عن السهو فان فرض حصولها في أثناء الصلاة من غير أن يلتفت المصلى حين تلبسه بها إلى وقوعها في أثناء الصلاة كما هو المراد بحصولها في الصلاة
سهوا كما تقدمت الإشارة إليه انفا فرض نادر يمكن دعوى انصراف الاطلاق عنه خصوصا بعد الالتفات إلى اختلاف حكم سائر القواطع في حالتي العمد والسهو
مع أن الاعتماد على مثل هذا الخبر مع ما فيه من الاضمار في اثبات الحكم المخالف للمشهور ان لم يكن مجمعا عليه لا يخلو من الاشكال ولكن مع ذلك كله لا ينبغي ترك الاحتياط
باتمام الصلاة ثم الإعادة والله العالم والخامس من القواطع ان يفعل فعلا كثيرا ليس من افعال الصلاة فتبطل الصلاة ح بذلك بخلاف القليل بلا خلاف فيهما في الجملة
بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليهما أو على الأول منهما ففي محكى المنتهى قال ويجب عليه ترك الفعل ا لكثير الخارج عن افعال الصلاة فلو فعل عامد بطلت صلاته وهو قول أصل
العلم كافة لأنه يخرج به عن كونه مصليا والقليل لا يبطل الصلاة بالاجماع وقال لم يجد الشارع القلة والكثرة فالمرجع في ذلك إلى العادة وكلما ثبت ان النبي صلى الله عليه وآله والأئمة (ع)
فعلوه أو أمروا به هو من القليل كقتل البرغوث والحية والعقرب وكما روى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله انه كان يحمل امامة بنت أبي العاص فكان إذا سجد وضعها
وإذا قام رفعها انتهى إلى غير ذلك من كلماتهم التي وقع فيها التعرض لنقل اجماعهم مما يقف عليه المتتبع بحيث لا يبقى للمتتبع مجال للارتياب في كون الحك اجمالا من المسلمات
فيما بين الخاصة والعامة بل ربما يظهر من كلماتهم انعقاد اجماعهم على إناطة الحكم بنفس هذين العنوانين فيتجه ح ما في كلمات غير واحد منهم من الرجوع إلى العرف والعادة
في تشخيص موضوعها ففي السرائر بعد ان ذكر ان الفعل الكثير مبطل للصلاة إذا فعله الانسان عامدا قال ما لفظه وحده ما يسمى في العادة كثيرا بخلاف العمل القليل
فان شيخنا أبا جعفر ره حد العمل القليل في مبسوطه فقال وحده ما لا يسمى في العادة كثيرا فيجب ان يكون حد الكثير بخلاف حد القليل وهو ما يسمى في العادة كثيرا مثل الأكل والشرب
واللبس وغير ذلك ما إذا فعله الانسان لا يسمى مصليا بل يسمى اكلا وشاربا ولا يسمى فاعله في العادة مصليا انتهى وعن العلامة في التذكرة قال
اختلف الأصحاب في حد الكثرة فالذي عليه علمائنا البناء على العادة فما سمى في العادة كثيرا فهو كثير والا فلا لأن عادة الشرع رد الناس فيما لم ينص عليه إلى عرفهم و
به قال الشافعية وقال بعضهم القليل ما لم يسع زمانه لفعل ركعة من الصلاة والكثير ما اتسع وقال بعضهم ما لا يحتاج إلى فعل اليدين معا كرفع العمامة وحل الازرار
فهو قليل وما يحتاج اليهما معا كتكوير العمامة وعقد السراويل فهو كثير وقال بعضهم القليل ما لا يظن الناظر إلى فاعله انه ليس في الصلاة والكثير ما يظن الناظر
إلى فاعله الاعراض عن الصلاة انتهى ولكن قد يأبى عن إناطة البطلان لديهم بتحقق مفهوم الكثرة من حيث هو ما في كلمات كثير منهم من تعليل البطلان بخروج المصلى به
عن كونه مصليا كما في العبارة المتقدمة عن المنتهى ويشعر به عبارة الحلي وربما أناط جملة من المتأخرين البطلان بمحو صورة الصلاة وفي المدارك بعد ان أشار إلى بعض
الروايات الدالة على جواز بعض الأفعال كقتل الحية والعقرب في تناول العصى من الأرض وغسل دم الرعاف قال ولم أقف على رواية تدل بمنطوقها على بطلان الصلاة
بالفعل الكثير لكن ينبغي ان يراد به ما ينمحي به صورة الصلاة بالكلية كما هو ظاهر المصنف في المعتبر اقتصارا فيما خالف الأصل على موضع الوفاق وان لا يفرق في بطلان
الصلاة بين العمد والسهو انتهى فلا وثوق (ح) بانعقاد الاجماع على إناطة الحكم بصدق مفهوم ولكثرة على وجه يستكشف منه كون هذه القاعدة بهذه العبارة
متلقاة من الشرع بحيث يصح ان يعامل معها معاملة ما لو وقعت هذه الكلمة في متن الرواية معتبرة من الرجوع في تشخيص مصاديقها إلى العرف فمقتضى القاعدة (ح) على تقدير
انحصار مدرك الحكم في الاجماع هو الاقتصار على أقدر المتيقن من موضع الوفاق وهو الاقتصار على القدر المتيقن من موضع الوثاق وهو ما لو اتى في أثناء الصلاة بفعل عمدا مما يراه العرف فعلا كثيرا بحيث لا يبقي معه
صدق اسم كونه مصليا فلو انتفى شئ من هذه القيود كما اتى به سهوا أو قلنا بان بين كونه كثيرا في العادة وكونه موجبا لعدم بقاء اسم كونه مصليا عموما من وجه
كما ليس بالبعيد فورد الافتراق من كل منهما كصورة السهو خارج من القدر المتيقن عن موضع الوفاق وما يستشعر من عبارة المدارك من كون مبطليته ما حي الصورة
مطلقا ولو سهوا موضعا للوفاق في غير محله بل خلافه مظنة الوفاق فان مراده بما حي الصورة بحسب الظاهر ليس الا مثل الاكل الكثير ونحوه مما لا يبقى معه صدق
كونه مصليا عرفا وقد جعل الحلي في عبارته المتقدمة كونه كذلك ميزانا لمعرفة كونه كثيرا في العادة وصرح في غير موضع من كلامه باختصاص مبطلته بالعمد
وكذلك العلامة في عبارته المتقدمة المحكية عن المنتهى علل مبطلية الفعل الكثير بخروج المصلى عن كونه مصليا وقيد في صدر كلامه بطلان الصلاة به
كما إذا فعله عامدا ناسيا له إلى قول أهل العلم كافة وفي الدروس نسب في لبطلان بالفعل الكثير سهوا مطلقا إلى المشهور في الروضة بعد ان عدد منافيات
الصلاة التي منها الفعل الكثير الذي فسره بما يخرج فاعله عن كونه مصليا والسكوت الكثير الذي فسره أيضا بذلك والأكل والشرب الذين قوي تقييدهما بالكثرة
ارجاعا لهما إلى الفعل الكثير قال ما لفظه واعلام ان هذه المذكورات اجمع انما تنافي الصلاة مع عمدها عند المصنف مطلقا وبعضها اجماعا وانما لم يقيد هنا
اكتفاء باشتراطه تركها فان ذلك يقتضي التكليف به المتوقف على الذكر لأن الناسي غير مكلف ابتداء نعم الفعل الكثير ربما توقف المصنف في تقييده بالحمل
410

لأنه أطلقه في البيان ونسب التقييد في الذكرى إلى الأصحاب وفي الدروس إلى المشهور وفي الرسالة الألفية جعله من قسم المنافي مطلقا ولا يخلو اطلاقه هنا من
دلالة على القيد الحاقا له بالباقي نعم لو استلزم الفعل الكثير ناسيا انمحاء صورة الصلاة رأسا توجه البطلان أيضا لكن الأصحاب أطلقوا الحكم وقالوا ان الفعل
الكثير ناسيا لا تبطل الصلاة انتهى والحاصل ان الاستناد إلى الاجماع للحكم بالبطلان في ماحي الصورة سهوا خطا إذ لو لم نقل بظهور كلمات المجمعين أو صراحة
في خلافه فلا أقل من عدم دلالتها على البطلان حتى يمكن دعوى الاجماع عليه فما استوجهه في المدارك والروضة من كونه مبطلا مطلقا وجب ان يكون مستنده امر
اخر غير الاجماع وسيأتي التكلم فيما يصلح ان يكوم مستندا له كما أنه سيأتي الإشارة إلى ما يمكن ان يكون مراد للشهيد الثاني بما حي الصورة الذي جعله أخص مطلقا مما يخرج
به الانسان عن صدق كونه مصليا عرفا ويمكن الاستدلال لأصل الحكم أيضا بمعهودية التنافي لدى المتشرعة من الصدر الأول بين الصلاة وساير الأعمال الخارجية
بحيث يرون جميعا الفرق بين الصلاة وسائر العبادات وانه ليس في الصلاة عمل خراجي بخلاف غيرها من العبادات كما يستشعر ذلك من جملة من الروايات أيضا بل ربما
يستظهر من بعضها كما سنشير إليه وكفاك شاهدا لاثبات مغروسية هذا المعنى في أذهان المسلمين من الصدر الأولى كثرة السؤال في الأخبار عن الافعال الجزئية التي
مست الحاجة إلى فعلها في أثناء الصلاة كقتل القمل والبق والبرغوث ونفخ موضع السجود وأشباه ذلك مما لا تحصى بخلاف ساير العبادات فالأولى شطر من الروايات
الدالة على جواز بعض الأفعال التي وقع التعرض لها في الأخبار ثم التكلم فيما يصلح ان يكون دليلا للمنع عن الفعل الكثير مع الغض عن الاجماع فمن جملة تلك الأخبار
ما عن الصدوق في الصحيح عن عبد الله بن المغيرة أنه قال لا باس ان يعد الرجل صلاته بخاتمه أو بحصى يأخذه بيده فيعد به وموثقة يونس بن يعقوب
قال رأيت أبا عبد الله (ع) يسوى الحصى في موضع سجوده بين السجدتين ومرسلة الصدوق قال رأى رسول الله صلى الله عليه وآله نخامة في المسجد فمشى إليها بعرجون من عراجين ابن
طاب فحكها ثم رجع القهقري فبنى على صلاته قال وقال الصادق (ع) وهذا يفتح من الصلاة أبوابا كثيرة في الجواهر ابن طاب تمر بالمدينة وعن بعض النسخ ارطاب
وكأنه تصحيف وخبر إسحاق بن عمار عن رجل من بني عجل قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن المكان يكون فيه الغبار فانفخه إذا أردت السجود فقال لا باس وصحيحة أحمد بن
محمد بن أبي نصر عن أبي الوليد قال كنت جالسا عند أبي عبد الله فسئله ناجية أبو حبيب فقال له جعلني الله فداك ان لي رحي اطحن فيها فربما قمت في ساعة من الليل
فاعرف من الرحى ان الغلام قد قام فاضرب الحائط لأوقظه فقال نعم أنت في طاعة الله تطلب رزقة ورواه الصدوق باسناده عن أبي حبيب ناجية أنه قال
لأبي عبد الله (ع) ان لي رحى اطحن فيها السمسم فأقوم فاصلي واعلم أن الغلام نائم فاضرب الحائط لأوقظه فقال نعم أنت في طاعة ربك تطلب رزقك لا باس و
خبر الحلبي عن أبي عبد الله (ع) في حديث قال والمرأة إذا أرادت الحاجة وهي في الصلاة تصفق بيديها وخبر حنان بن سدير سئل أبا عبد الله (ع) ايؤمي الرجل في
الصلاة فقال نعم قد أومى النبي صلى الله عليه وآله في مسجد من مساجد الأنصار بمحجن كان معه قال حنان ولا اعلمه الا مسجد بني عبد الأشهل وخبر محمد بن بجيل أخي علي بن بجيل قال رأيت
أبا عبد الله (ع) يصلي فمر به رجل وهو بين السجدتين فرماه أبو عبد الله (ع) بحصاة فاقبل إليه الرجل وخبر زكريا الأعور قال رأيت أبا الحسن (ع) يصلي قائما والى جنبه رجل
كبير يريد ان يقوم ومعه عصا له فأراد ان يتناولها فانحط أبو الحسن (ع) وهو قائم في صلاته فناول الرجل العصا ثم عاد إلى صلاته ورواية سعيد الأعرج
قال قلت لأبي عبد الله (ع) اني أبيت وأريد الصوم فأكون في سبق الوتر فأعطش فأكره ان اقطع الدعاء واشرب واكره ان أصبح وانا عطشان وامامي قلة بني و
بينها خطوتان أو ثلاث قال تسعي إليها وتشرب منها حاجتك وتعود في الدعاء وموثقة عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع) قال لا باس ان تحمل المرأة صبيها و
هي تصلي أو ترضعه وهي تشهد وخبر الحلبي أنه قال سئلني رجل ان اسئل أبا عبد الله (ع) عن الرجل يحتك وهو في الصلاة قال لا باس وخبره الاخر انه سئل
أبا عبد الله (ع) عن الرجل يخطو امامه في الصلاة خطوتين أو ثلاثا قال نعم لا باس وعن الرجل يقرب نعله بيده أو رجله في الصلاة قال نعم وخبر السكوني عن
جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام أنه قال في رجل يصلي ويرى الصبي يحبو إلى النار والشاة تدخل البيت فتفسد الشئ قال فلينصرف ويحرز ما يتخوف ويبني على صلاته
ما لم يتكلم وخبر مسمع قال سئلت أبا الحسن (ع) أكون أصلي فتمر بي الجارية فربما ضممتها إلى قال لا باس وخبر السكوني عن أبي عد الله (ع) أنه قال في الرجل يصلى في
موضع ثم يريد ان يتقدم قال بكف عن القراءة في مشبه وعن الفقيه مرسلا أنه قال روي أنه يمشي في الصلاة يجر رجليه ولا يتخطى وموثقة عمار قال
سئلت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يكون في الصلاة فيقرء فيرى حية بحياله يجوز له ان يتناول نعاله فيقتلها فقال إن كان بينه وبينها خطوة فليخط وليقتلها
والا فلا وعن الصدوق عن عمار نحوه الا انه اسقط قوله فيقرء وخبر الحسين بن أبي العلا قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يرى الحية والعقرب وهو يصلي المكتوبة
قال يقتلهما وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال في رجل يرى العقرب والأفعى والحية وهو يصلي أيقتلهما قال نعم ان شاء فعل وخبر عبد الله بن سنان
عن أبي عبد الله (ع) قال إذا وجدت قملة وأنت تصلي فادفنها في الحصى وخبر علي بن جعفر المروي عن قرب الإسناد وكتاب المسائل عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل
يكون في صلاته فيرمي الكلب وغيره بالحجر ما عليه قال ليس عليه شئ ولا يقطع ذلك صلاته ان يقتل القملة أو النملة
أو الفارة أو الحلمة أو شبه ذلك قال اما القملة فلا يصلح له ولكن يرمي بها خارج من المسجد أو يدفنها تحت رجليه وسئلته عن الرجل يرعف في الصلاة وخلفه ماء هل
يصلح له ان ينكص على عقبيه حتى تناول الماء فيغسل انفه قال إذا لم يلفت فلا باس وسئلته عن المرأة تكون في الصلاة الفريضة وولدها إلى جنبها يبكي وهي قاعدة
هل يصلح لها ان تناوله فتعقده في حجرها وتسكته وترضعه قال لا باس وخبر الحلبي انه سئل أبا عبد الله (ع) عن الرجل يقتل البق والبرغوث والقملة والذباب
في الصلاة أينقض ذلك صلاته ووضوئه قال لا وخبر ابن اذنية المروي عن كتاب المحاسن عن أبي جعفر عليه السلام قال لدغت رسول الله صلى الله عليه وآله عقرب وهو يصلي بالناس
411

فاخذ النعل فضربها ثم قال بعد ما انصرف لعنك الله فما تدعين برا ولا فاجرا الا أذيته ثم دعى بملح جريش فدلك موضع اللدغة ثم قال لو علم الناس ما في الملح الجريش
ما احتجوا معه إلى ترياق وغيره وقد ورد في اخبار مستفيضة الامر بغسل دم الرعاف والبناء على الصلاة ما لم يلتفت أو يتكلم وقد قيدها الأصحاب بما إذا لم يستلزم
فعل كثيرا إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة التي يقف عليها المتتبع ومن تدبر في هذه الأخبار يرى أن أغلبها من حيث التعرض لحكم ما تضمنها أو السؤال عنه أو التعرض لنقله
لا يخلو من اشعار بمغروسية التنافي بين الصلاة والافعال الخارجية اجمالا في أذهانهم ومن المستبعد حصول هذا النحو من المغروسية في أذهان المتشرعة من الصدر
الأول على وجه يزعمونه من الضروريات من غير أن يكون واصلا إليهم من الشارع وان جاز عقلا ان يكون منشأه الجمود على ما رأوه من افعل النبي صلى الله عليه وآله والأئمة (ع) وغيرهم
ممن تعلموا منه صورة الصلاة من أنه كان يفرغ نفسه للصلاة حين تلبسه بها ويتجنب في خلالها عن سائر الأعمال المنافية للخشوع وتوقير الصلاة فزعموا كون ذلك
شرطا لصحتها لا لكمالها ولكنه مع هذا النحو من التسالم في غاية البعد خصوصا بعد الالتفات إلى بعض الإشارات والتلويحات الواقعة في الأخبار المشعرة بذلك
مثل قول الرضا عليه السلام في خبر الفضل بن شاذان المروي عن العلل الواردة في باب التسليم انما جعل التسليم تحليل الصلاة ولم يجعل بدلها تكبيرا أو تسبيحا أو ضربا آخر
لأنه لما كان الدخول في الصلاة تحريم الكلام للمخلوقين والتوجه إلى الخالق كان تحليلها كلام المخلوقين والانتقال عنها وابتداء المخلوقين في الكلام أو لا بالتسليم
فإنه مشعر بأنه يجب ان يكون المصلي من أول الصلاة متوجها إلى الخالق وان لا ينتقل عنها إلى غيرها الا بالتسليم الذي جعل تحليلا لها كما يؤيد ذلك تسمية التكبير
افتتاحا وتحريما والتسليم تحليلا وانصرافا وتسميته المنافيات قواط فيستكشف من مثل هذه الأمور ونظائرها مما ورد في النصوص وان جاز الخدشة في كل واحد واحد
منها لو لوحظ بنفسه انه يعتبر في الصلاة بقاء المصلي بصفة كونه مصليا من حين التلبس بالصلاة إلى أن يتحقق الفراغ عنها وان لا يشتغل في خلالها بسائر الاعمال
التي ليست من سنخها بحيث يخرج عن كونه مصليا كما يؤيده أيضا خبر أبي علي بن جعفر المتقدمان في مسألة التكتف المرويات عن قرب الإسناد وكتاب المسائل عن أخيه موسى عليه السلام
ففي أولهما قال قال علي بن الحسين (ع) وضع الرجل احدى يديه على الأخرى في الصلاة عمل وليس في الصلاة عمل وفي خبر الاخر قال سئلت أبي جعفر (ع) عن ذلك فقال أخبرني
أبي محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن علي بن أبي طالب (ع) قال ذلك عمل وليس في الصلاة عمل ويؤيده أيضا ما وقع في السؤال الواقع في مكاتبة
عبد الله بن جعفر الحميري المتقدمة في مبحث القنوت انه كتب إلى صاحب الزمان عجل الله فرجه يسئله عن القنوت في الفريضة إذا فرغ من دعائه ان يرد يديه على وجهه
وصدره للحديث الذي روى أن الله جل جلاله اجل من أن يرد يد عبد صفرا بل يملاؤها من رحمته أم لا يجوز فان بعض أصحاب ذكر انه عمل في الصلاة الحديث بل ربما
يستدل يمثل هذه الأخبار للمدعى وفيه نظر يظهر وجهه مما مر في مسألة التكتف وكيف كان فلا شبهة في أن الاشتغال بسائر الاعمال في أثناء الصلاة مبطل
للصلاة في الجملة وانما الاشكال في تحديد ما يتحقق به البطلان وفي معرفة مناطه من أنه هل هو لأجل اشتراط الصلاة بعدم التشاغل حالها بسائر الأعمال الخارجية
أو من حيث كونه رافعا للهيئة الاتصالية المعتبرة في الصلاة وقد أشرنا فيما سبق إلى أن ظاهر كلمات الأصحاب في فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم المحكية ان الفعل الكثير
من حيث هو مبطل للصلاة فلا فرق (ح) بين ما لو تخلل الفعل الكثير بين افعال الصلاة أو وقع حال تشاغله بالافعال كما لو اشتغل حال القراءة من أولها إلى اخرها
ببعض الافعال الغير المضادة لها كحياكة ثوب أو خياطته على وجه لا يختل به شئ من شرائط الصلاة من الاستقبال والاستقرار ونحوهما ولكن قضية تحديدهم
الفعل الكثير مما يخرج معه المصلي عرفا عن صدق كونه مصليا وتعليل بعضهم مبطليته بذلك اختصاصه بالقسم الأول إذ المصلي انما يخرج عرفا عن صدق كونه مصليا إذا ترك
الصلاة واشتغل بفعل اخر واما ما لو اتى به حال كونه متلبسا بافعال الصلاة فلا يقال عرفا بعد علمهم بكونه متلبسا بافعال الصلاة انه ليس بمصلي بل يقال إنه يصلي
ويفعل كذا كما لو أنه مشى إلى مكان حال تلبسه بالقراءة ونحوها يقال عرفا انه يصلي ماشيا أو انه يمشي في صلاته واما ان هذه الصلاة صحيحة أو فاسدة فليست معرفته
وظيفة للعرف حتى يرجع إليهم في ذلك والخاص ان الافعال الواقعة في الصلاة منها ما يجتمع مع افعال الصلاة كالخياطة والحياكة أو المشي الكثير الواقع حال
تلبسه بالقراءة وهذا القسم مما لا سبيل للعرف إلى الحكم بعدم كونه مصليا لأنه موقوف على معرفة مهية الصلاة واشتراطها بعدم اقترانها بهذا الفعل
وهذا انما يعرف بمراجعة الأدلة السمعية وعلى العرف الرجوع فيه إلى الفقيه مع أنه بعد معرفة الاشتراط أيضا لا يطلق عليه عرفا انه غير مصلي بل يقال إنه
يصلي مخلا بشرطه كما يقال يصلي مستدبر القبلة أو ماشيا أو بلا طمأنينة وهكذا ومنها ما يأتي به فيما بين الافعال وهذا مما يفصل فيه أهل العرف بين قليلة وكثيرة
فلا يرى قليلة الذي لا يعتد به موجبا لخروجه عن كونه مشغولا بالصلاة بخلاف كثيره والقدر المتيقن الذي يمكن
دعوى استفادة مبطليته على الاطلاق من الاجماع
وغيره مما ذكر انما هو الفعل المعتد به الواقع في الأثناء الذي لا يبقى معه صدق كونه مصليا فيحتمل ان يكون وجهه كونه محلا بالهيئة الاتصالية المعتبرة في الصلاة
وهو لا يقتضي البطلان الا في هذه الصورة دون ما لو اتى بفعل كثير حال تشاغله بافعال الصلاة كالأمثلة المزبورة فمقتضى الأصل في مثل هذه الأمثلة ما لم يختل
بها شئ من الشرائط المعتبرة في الصلاة من الاستقبال والاستقرار والاعتماد ونحوها في لبطلان الا ان ينعقد في شئ منه بخصوصه الاجماع على مبطليته كما لا
يبعد ادعائه في مثل الأكل والشرب الكثيرين إذا الظاهر في لخلاف في بطلان الصلاة بهما وان وقعا على وجه لم يخلا بالهيئة الاتصالية كما لو صدرا من المأموم حين
استماعه قرأته الامام والحاصل ان الحكم بالابطال في هذا القسم من الفعل وان كثر انما يصح في كل مورد صح ان يدعى فيه بخصوصه الاجماع وهذا بخلاف القسم
الذي يقع في خلال الافعال ويخرج به المصلي عن كونه مصليا عرفا فإنه على اطلاقه هو القدر المتيقن من مورد هذا الحكم ولكن ربما يظهر من كلماتهم التسالم
على أن الفعل الكثير من حيث هو مبطل للصلاة مطلقا سواء وقع في الأثناء أو حال تشاغله بالافعال ولذا لا يظن بمن فسره بما يخرج به المصلي عن كونه مصليا
412

أو علل مبطليته بذلك الالتزام باختصاص مبطليته بالأولى فالالتزام بكون كل فعل خارجي من شانه ان يخرج به المصلي عن كونه مصليا على تقدير وقوعه في الأثناء
اي الفعل المعتد به في العرف مبطلا مطلقا أوفق بظواهر كلماتهم في فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم المحكية مع أنه أحوط ثم إن ما يقع في الأثناء مما يخرج به المصلي
عن كونه مصليا عرفا أيضا يقع على قسمين لأنه قد يصل من الكثرة أو طول المدة إلى حد يخرج به الأجزاء السابقة عرفا عن صلاحية انضمام اللاحقة بها بمعنى
انه يفوت به المتابعة العرفية المعتبرة في انضمام الجزء اللاحق بسابقة بحيث صدق على المجموع كونه عملا واحدا في العرف وقد لا يصل إلى هذه الحد مالا يصل
إلى هذا الحد فالظاهر اختصاص مبطليته بحال العمد لانحصار مستنده فيما ذكر وهو قاصر عن شمول حال السهو كما تقدمت الإشارة إليه واما ما يخل بالتوالي
بالمعنى المزبور فالأظهر كونه مبطلا مطلقا إذا المتبادر عرفا من الامر بمثل الصلاة ونحوها من الافعال المركبة إرادة الاتيان باجزائها متوالية على وجه
يعد مجموعها عرفا عملا واحدا كما تقدمت التنبيه عليه في مبحث التيمم ولعل ما في العبارة المتقدمة عن الروضة من التفصيل بين الفعل الكثير الغير الماحي للصلاة
والماحي لها باختصاص مبطلية الأول بالعمد دون الثاني مرجعه إلى ما قويناه بإرادة انقطاع علاقة الارتباط عرفا من محو الصورة والا فمع انه لا دليل عليه
مما لا يكاد يرجع إلى محصل فإنه ان أريد بصورة الصلاة الصورة المتعارفة عندنا فلا دليل على اعتبارها في مهية الصلاة في حال العمد أيضا فضلا عن السهو بل
كثير من الافعال التي ورد النص بجوازها حتى قراءة القرآن من المصحف خصوصا إذا كان عن جلوس يخل بهيئتها المتعارفة لدينا وان أريد بها صورتها الشرعية
فلا طريق لنا إلى العلم بها وبمحوها الا من طريق السمع ولا يصح ان يكون العرف مرجعا في تشخيصها كما أوضحناه في مبحث التيمم فالالتزام بان للصلاة صورة
معتبرة شرعا وراء الاتيان باجزائها جامعة للشرائط المعتبرة فيها مستقبلا للقبلة من حين التلبس به إلى اخرها غير منصرف عنها في الأثناء بسلام أو كلام
أو غير ذلك مما دلت الأدلة الشرعية على حصول الانصراف بها يحتاج إلى دليل والا فمقتضى الأصل عدمه وبما ذكرنا يظهر ان ما جعله غير واحد من المتأخرين
مناطا لمبطلية الفعل الكثير من كونه ماحيا لصورة الصلاة لا يخلو من نظر فليتأمل ومنها البكاء لشئ من أمور الدنيا من ذهاب مال أو فوت عزيز فان تعمده
مبطل للصلاة على المشهور بل في الحدائق ان هذا الحكم ذكره الشيخ ومن تأخر عنه وظاهرهم عدم الخلاف فيه وفي الجواهر حكى عن بعض نفي الخلاف فيه صريحا
وعن التذكرة نسبة إلى علمائنا واستدلوا عليه بأنه فعل خارجي عن حقيقة الصلاة فيكون قاطعا لها كالكلام وبما رواه الشيخ في التهذيب بأسناده
عن النعمان بن عبد السلام عن أبي حنيفة قال سألت أبا عبد الله (ع) عن البكاء في الصلاة أيقطع الصلاة فقال إن بكى لذكر جنة أو نار فذلك هو أفضل الأعمال
في الصلاة وان ذكر ميتا له فصلاته فاسدة ولعل هذا الخبر هو المراد بما عن الصدوق وفي الفقيه مرسلا قال وروي ان البكاء على الميت يقطع الصلاة والبكاء
لذكر الجنة والنار من أفضل الأعمال في الصلاة وفي المدارك ناقش في الدليل الأول بأنه قياس محض وفي الثاني يضعف السند ثم قال فيشكل الاسناد
إليها في اثبات حكم مخالف للأصل ومن ثم توقف في هذا الحكم شيخنا المعاصر وهو في محله انتهى أقول اما الخدشة في الدليل الأول ففي محلها واما
الرواية فضعفها مجبور باشتهارها بين الأصحاب واستنادهم إليها فلا ينبغي التردد في الحكم مع عدم معروفية الخلاف فيه ثم إن ظاهر المتن وغيره بل في الجواهر
نسبة إلى المشهور من غير التصريح بخلافه عن أحد اختصاصه بغير حال السهو فلعل وجه كون صورة السهو فرضا نادرا خارجا عن منصرف النص كما لا يخفى
واما المغلوب عليه قهرا فعن كثير منهم التصريح بالبطلان بل لم ينقل الخلاف فيه عن أحد لاطلاق النص والفتوى مع اعتضاده بثبوت ذلك في نظائره من الضحك
وغيره ودعوى انصراف النص إلى البكاء الاختياري ممنوعة حتى في الكباء لذكر جنة أو نار الذي حكم بأنه من أفضل الأعمال فإنه ذاتا كذلك واختياره
اختيار لما هو الأفضل لا انه يصير كذلك على تقدير كونه اختياريا ولا ينافيه حديث رفع ما اضطروا عليه لما أشرنا إليه في نظائر المقام من أنه لا حكومة
لهذا الحديث على اطلاقات أدلة القواطع فما عن الروضة وغيره من التردد فيه في غير محله ثم إن سوق التعبير في النص يشهد بإرادة التمثيل من قوله
ان بكى لذكر جنة أو نار (الخ) فأريد به بيان حكم مطلق البكاء وانه ان كان من هذا القبيل اي لامر أخروي فهو من أفضل الأعمال في الصلاة وان كان لامر دنيوي
يقطع الصلاة كما يؤيد ذلك فهم الأصحاب وفتواهم ولا يتفاوت الحال في البكاء على الامر الدنيوي بين ان يكون ذلك من قبيل فوات المحبوب أو حصول
المكروه فما في كلمات غير واحد منهم من تخصيص الأول بالذكر جار مجرى التمثيل كما لا يخفى وليس البكاء لامر دنيوي يطلبه من الله تعالى كسعة الرزق أو
كثرة المال أو الولد ونحوه من هذا القسم بل من القسم الأول الذي هو من أفضل الأعمال الغير المنافية للصلاة إذ لا يفهم من المثال إرادة ما يعم مثل
الفرض خصوصا بعد الالتفات إلى ما ورد في الأخبار من الحث على البكاء حال الدعاء مثل خبر علي بنا بي حمزة قال قال أبو عبد الله لأبي بصير إذا خفت
امرا يكون أو حاجة تريدها فابدء بالله فمجده واثن عليه كما هو أهله وصل على النبي (ص) واسأل حاجتك وتباك ولو مثل رأس الذباب ان أبي كان يقول
أقرب ما يكون العبد من الرب عز وجل وهو ساجد باك بل يمكن استفادة نفي البأس عنه بل رجحانه من اطلاق الأخبار الواردة في الحث على ابكاء في
الصلاة كخبر منصور بن يونس انه سأل الصادق (ع) عن الرجل يتباكى في الصلاة المفروضة حيت يبكى قال قرة عين والله وقال إذا كان ذلك (فاذكرني) عنده ورواية
سعيد بياع السابري قال قلت لأبي عبد الله (ع) أيتباكى الرجل في الصلاة قفال بخ بخ ولو مثل رأس الذباب إذا المتبادر من مثل هذه الأخبار إرادة
البكاء في الصلاة على حسب ما يناسبه أحوالها فيعم الكباء حال القنوت وغيره على ما يطلبه من الله تعالى من امر اخرته ودنياه وكيف كان فهذا مما لا ينبغي
الارتياب فيه بل لا يبعد ان يكون البكاء على الحسين عليه السلام أيضا ملحقا بالقسم الأول وان كان مندرجا في هذا القسم موضوعا فان قوله (ع) فان
413

ذكر ميتا له (الخ) منصرف عن مثل هذا الفرد الذي يكون البكاء عليه من أفضل القربات ولكن الاحتياط لا ينبغي ان يترك خصوصا إذا لم يكن البكاء عليه لرجحانه
شرعا بل من حيث الرحمية أو الرقة بحاله أو غير ذلك من المناسبات المقتضية له الغير الراجعة إلى امر ديني وكيف كان فالبكاء المبطل للصلاة ما كان مشتملا
على الصوت لا مجرد خروج الدمع كما صرح به غير واحد إذا البكاء ممدودا مفسر بذلك في كلمات غير واحد من اللغويين وقد وقع السؤال عنه في النص فينزل
اطلاق الجواب عليه وما عن بعضهم من تفسيره بالأعم لا يصلح معارضا لقول المصرحين بأنه للأخص لامكان ان يكون ذلك من باب التفسير بالأعم الشايع
في كلمات اللغويين مع أن الشك في كونه اسما للأعم أو الشك في كون اللفظ الوارد في الرواية مع المد أو القصر كاف في الحكم بعدم مبطلية مجرد خروج الدمع
للأصل ومن هنا يظهر ضعف ما احتمله الشهيد الثاني (ره) في محكى الروض من البطلان حيث قال واعلم أن البكاء المبطل للصلاة هو المشتمل عليه الصوت
لا مجرد خروج الدمع مع احتمال الاكتفاء به في البطلان ووجه الاحتمالين اختلاف معنى الكباء مقصورا وممدودا والشك في إرادة أيهما من الأخبار و
قال الجوهري البكاء يمد ويقصر فإذا مددت أردت الصوت الذي يكون مع الكباء وإذا قصرت أردت الدموع وخروجها انتهى وقد ظهر أيضا بما مر ما في كلام
صاحب الحدائق حيث إنه بعد نقل عبارة الروض قال لا يخفى ان الموجود في النص الذي هو مستند هذا الحكم انما هو الفعل الشامل للامرين دون المصدر الذي
هو مظهر لكل من المعنيين المذكورين و (ح) فما اشتهر بين الأصحاب من تخصيص الابطال بما إذا اشتمل على صوت دون مجرد خروج الدمع الا اعرف له وجهان انتهى
توضيح ما فيه ان اطلاق الجواب ينصرف إلى النوع المعهود الذي وقع عنه السؤال فلا يفهم منه إرادة الجنس مع أن مقتضى ما ذكره في الروضة ونقله عن
الجوهري ان البكاء مقصورا وممدودا موضوعان لمعنيين متباينين وقضية ذلك كون الفعل المصوغ منهما مشتركا لا موضوعا للقدر المشترك حتى
يحمل اطلاقه عليه ولكنه لا يخلو من نظر وكيف كان فالأقوى ما عرفت ومنها تعمد الأكل والشرب على قول نسبة في الحدائق إلى المشهور ثم قال واصل
الحكم المذكور ذكره الشيخ في الخلاف والمبسوط وادعى عليه الاجماع وتبعه عليه أكثر من تأخر عنه ومنعه المحقق في المعتبر وطالبه بالدليل على ذلك وهو جيد
فانا لم نقف على ما يدل عليه من الأخبار والى هذا ما جملة من أفاضل المتأخرين ومتأخريهم أقول فهؤلاء الأفاضل لا يرون لعنوان الأكل والشرب
من حيث هو دخلا في الابطال بل يرون الابطال دائرا مدار صدق عنوان الفعل الكثير كما صرح به في محكى الذكرى حيث قال اما الأكل والشرب فالظاهر أنهما
لا يبطلان بمسماهما بل بالكثرة فلو ازدرد ما بين أسنانه لم يبطل اما لو مضغ لقمة وابتلعها وتناول قلة فشرب منه فان كثر ذلك عادة بطل وان كان
لقمة أو شربة فقد قال في التذكرة يبطل لأن تناول المأكول ومضغه وابتلاعه افعال متعددة انتهى وعن المنتهى أنه قال ولو ترك في فيه شيئا يذوب
كالسكر فذاب فابتلعه فلم تفسد صلاته عندنا وعندنا الجمهور تفسد لأنه يسمى اكلا اما لو بقي بين أسنانه شئ من بقايا الغذاء فابتلعه في الصلاة لم تفسد
صلاته قولا واحدا لأنه لا يمكن التحرز عنه وكذا لو كان في فيه لقمة ولم يبلعها الا في الصلاة لأنه فعل قليل انتهى وفي الروضة بعد ان علل مبطلية الأكل والشرب
وان كان قليلا كاللقمة بأنه اما لمنافاتهما وضع الصلاة أو لأن تناول المأكول والمشروب ووضعه في الفم وازدراده افعال كثيرة قال وكلاهما
ضعيف إذ لا دليل على أصل المنافاة فالأقوى اعتبار الكثرة فيهما عرفا فيرجعان إلى الفعل الكثير وهو اختيار المصنف ره في كتبه الثلاثة انتهى واحتج القائلون
بالابطال بقاعدة الشغل وبنقل الشيخ في الخلاف الاجماع عليه وبمعروفية المنافاة بينهما وبين الصلاة لدى المتشرعة بحيث يعرفها العوام والنساء والصبيان
ويتوجه على الاستدلال بقاعدة الشغل ما مر مرارا من أن المرجع في مثل المقام انما هو اصالة البراءة وعدم مبطلية للصلاة وقد تقدم في لباس المصلي ما يوضح
هذا الأصل واما الاجماع المنقول ففيه انه ليس بحجة كما بيناه في محله خصوصا مع معروفية الخلاف ولا سيما إذا كان ناقله مثل الشيخ الذي يرى اتفاق العلماء
في عصره طريقا قطعيا لاستكشاف رأي المعصوم عليه السلام بقاعدة اللطف فاخباره عن رأى المعصوم الذي هو مناط حجية نقل الاجماع لدى القائلين به
يكون (ح) اخبارا حدسيا ناشئا عن مقدمة مخدوشة واما كونه معروفا لدى المتشرعة ففيه انه لا يرجع إلى دليل يعتد به لأنه ان أريد بذلك استكشاف كونه ضروريا
يتوجه عليه ان دعوى الضرورية في الاحكام التي ليس لها فيما بأيدينا من كلمات الشارع عين ولا اثر خطأ كما أوضحناه في مسألة انكار الضروري من كتاب الطهارة
وان أريد بذلك استكشاف تلقيه من الشارع يدا عن يد ففيه انه لا ملازمة بينه وبين وصوله إليهم يدا عن يد عن المعصوم بل يكفي في تحقق هذا النحو من المعروفية
في مثل هذا الحكم العام الابتلاء فتوى العلماء به في برهة من الزمان ولو من باب الاحتياط أو حصول الترك من السابقين الذين تعلموا منهم صورة الصلاة
لمنافاتهما للخضوع الذي ينبغي رعايته حال الصلاة أو لكونهما غالبا من الفعل الكثير الذي يجب التحرز عنه حال الصلاة والحاصل ان تحصيل القطع برأي
المعصوم من مثل هذه المعروفية كما هو مناط حجية مثل هذه الأمور في غاية الاشكال فما ذهب إليه غير واحد من المتأخرين من اعتبار الكثرة فيهما عرفا بان
يكونا بمقدار يعتد به بحيث يسمى فاعلهما في العرف حال التلبس بهما اكلا وشاربا لا مصليا هو الأشبه اقتصارا
في الحكم المخالف للأصل على القدر المتيقن
الذي انعقد عليه الاجماع وان كان قد يغلب على الظن كون الأكل والشرب أشد تنافيا للحالة المطلوبة في الصلاة من التوجه والاقبال إلى الله تعالى من مثل
القهقهة والبكاء وسائر القواطع ولكنه لا عبرة بهذا الظن الناشي من الحدس والتخمين الا ان الاحتياط ممالا ينبغي تركه واما ما حكى عن العلامة (ره) من أنه
جعل مطلق الأكل والشرب بانضمامهما إلى مقدماتهما من الفعل الكثير فلا يخفي ما فيه ضرورة عدم مساعدة العرف الذي جعلوه مرجعا في ذلك عليه مضافا
إلى أن الكثير من الافعال القليلة التي ورد النص بجواز كحك النخامة عن حائط المسجد وقتل الحية والعقرب ونظائرها مقدماتها كأكثر من ذلك فكان مغروسية
414

التنافي بين الأكل والشرب وبين فعل الصلاة ألجأتهم إلى مثل هذه التكلفات فالانصاف ان فاته البرهان على بطلان الصلاة بالاكل والشرب القليل الغير
المنافي لبقائه عرفا متشاغلا بفعل الصلاة وان لا يخلو من اشكال الا ان القول بجوازهما إذا كانا بمقدار يعتد به بحيث يطلق عليه عرفا صدق اسم الأكل والشرب لا
مثل ابتلاع حبة حنطة أو قطرة ماء فإنه بحسب الظاهر خارج عن محل الكلام في غاية الجرئة [الا في صلاة الوتر لمن اصابه عطش وهو يريد الصوم في صبيحة تلك
الليلة] فيجوز له شرب الماء (ح) [ولكن لا يستدبر القبلة] لو كان صلاته مستقرأ لما عرفت في محله من أن الأظهر اعتبار الاستقبال في النافلة أيضا مع الاستقرار
فلا يجوز الاخلال به عمدا واما جواز شرب الماء في الفرض فما لا خلاف فيه في الجملة على الظاهر لما رواه الشيخ باسناده عن سعيد الأعرج قال قلت لأبي عبد الله (ع)
اني أبيت وأريد الصوم فأكون في الوتر فأعطش فأكره ان اقطع الدعاء واشرب واكره ان أصبح وانا عطشان وامامي قلة بيني وبينها خطوتان أو ثلاث قال تسعي إليها
وتشرب منها حاجتك وتعود في الدعاء ورواه في الفقيه بأسناده عن سعيد الأعرج باختلاف في اللفظ قال قلت لا ببعيد الله (ع) جعلت فداك اني أكون
في الوتر وأكون قد نويت الصوم فأكون في الدعاء وأخاف الفجر فأكره ان اقطع على نفسي الدعاء واشرب الماء وتكون القلة امامي قال فقال لي أخط إليها الخطوة
والخطوتين والثلاثة واشرب وارجع إلى مكانك ولا تقطع على نفسك الدعاء فالقائلون بعدم جواز الشرب في أثناء الصلاة أصلا التزموا بالتخصيص ههنا
لأجل النص ولكن بعضهم اقتصر على خصوص مورد النص وهو حال التشاغل بالدعاء المراد به على الظاهر القنوت المأتي به في مفردتها ولكن ظاهر المتن وغيره التعدي
عنه إلى سائر أحوال صلاة الوتر وعن بعض التعدي إلى مصلق النافلة والأول أشبه بالقواعد وان كان سوق التعبير في الرواية يشعر بعدم مدخلية الخصوصية في هذا
الحكم وان شرب الماء من حيث هو ما لم يتوقف على المشي الكثير أو غيره من المنافيات غير موجب لانقطاع الصلاة وحكى عن المصنف (ره) في المعتبر انه نقل عن الشيخ في
الخلاف أنه قال لا باس بشرب الماء في صلاة النافلة لأن الأصل الإباحة وانما منعناه في الفريضة بالاجماع وقال الشافعي لا يجوز في نافلة ولا فريضة ثم استدل
برواية سعيد الأعرج وساق الرواية ثم قال في المعتبر وقوله (ره) منعناه في الفريضة بالاجماع لا يعلم اي اجماع أشار إليه والرواية المذكورة غير دالة على دعواه
لأنه ادعى الجواز في النافلة مطلقا والرواية تدل على الوتر خاصة بالقيود التي تضمنها الحديث وهي إرادة الصوم وخوف العطش وكونه في دعاء الوتر ولا يلزم
من جواز الشرب على هذا التقدير جوازه في النافلة مطلقا انتهى وهو جيد الا ان يوجه استدلاله بالرواية بما تقدمت الإشارة إليه من أنه يستشعر من الرواية عدم
مدخلية الخصوصية فيه وكون الحكم على وفق الأصل [فليتأمل وفي بطلان الصلاة بعقص الشعر للرجل تردد] وخلاف عن الشيخ في جملة من كتبه القول بحرمته وبطلان
الصلاة به فعنه في نهاية قال ولا يصلي الرجل وهو معقوص الشعر فان صلى كذلك متعمدا كان عليه الإعادة وعنه في الخلاف أنه قال لا يجوز للرجل ان يصلي
معقوص الشعر الا ان يحله ولم يعتبر أحد من الفقهاء ذلك دليلنا اجماع الفرقة وعن الشهيد في الذكرى موافقة مستدلا عليه بالاجماع الذي نقله الشيخ في
الخلاف بناء منه على حجية الاجماع المنقول بخبر الواحد ويظهر من المحدث الحر العاملي في وسائله موافقته ويظهر من الحدائق أيضا الميل إليه وان كان يستشعر
من ذيل كلامه ان القول بالكراهة لديه اظهر ونسب إلى سلار وأبي الصلاح وأبي إدريس وجمهور المتأخرين القول بالكراهة وربما نسب أيضا إلى ظاهر عبارة المفيد
واستدل للقول بالحرمة مضافا إلى الاجماع الذي ادعاه الشيخ في الخلاف بخبر مصادف عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل صلى صلاة فريضة وهو معقوص الشعر قال
يعيد صلاته وأجيب عن الاجماع بأنه لا اعتداد بنقله بعد ذهاب المشهور إلى خلافه وعن الرواية بضعف السند مع قضاء العادة بصيرورة مثل هذا الحكم الذي
يستبعده العقول مع عموم الابتلاء به في تلك الاعصار كثيرة الدوران في السنة الرواة والأئمة عليهم السلام ووقوع التعرض له في الأخبار بأكثر من ذلك وصيرورته
من الضروريات لدى المتشرعة فلا يصح التعلق في اثباته بمجرد ظهور الامر بالإعادة الواردة في رواية فيه مع قبوله للحمل على الاستحباب كما ربما يؤيد هذا الحمل الخبر
المروي عن دعائم الاسلام عن علي (ع) قال نهاني رسول الله صلى الله عليه وآله عن اربع عن تقليب الحصى في الصلاة وان اصلى وانا عاقص رأسي من خلفي وان احتجم وانا صائم
وان أخص يوم الجمعة بالصوم فان ظاهره الكراهة وقفية ذلك كون الامر بإعادة الصلاة في خبر مصادف استحبابيا وعن المحدث المجلسي انه لم يستعيد حمله
على التقية وهو مناف لما تقدمت حكايته عن الشيخ من تصريحه بأنه لم يعتبر أحد من الفقهاء ذلك فان حمله على التقية على هذا التقدير لا يخلو عن بعد مع أن حمل الامر
بالإعادة على الاستحباب أولى من حمله على التقية الذي هو بمنزلة الطرح وكيف كان فقد تلخص مما ذكر ضعف القول بالبطلان وان الأشبه بالقواعد هو
الالتزام [بالكراهة] اي كراهة العقص واستحباب إعادة الصلاة الواقعة معه ولكن الاحتياط مما لا ينبغي تركه ثم إن هذا الحكم كراهة أو تحريما انما
هو في حق الرجل الاختصاص دليله به فلا كراهة ولا تحريم في حق المرأة بلا خلاف فيه على الظاهر بل اجماعا كما ادعاه غير واحد فيرفع اليد بذلك عن قاعدة
الاشتراك مع أن القاعدة في حد ذاتها قاصرة عن اثبات المشاركة في مثل هذا الموارد التي يختلف فيها الصنفان من حيث المناسبة حيث إن عمدة مسندها
الاجماع وتنقيح المناط ونحوه من الأدلة اللبية الغير المقتضية لثبوتها في مثل المقام ما لم يتحقق فيه
الاجماع (فضلا عن أن يتحقق الاجماع) على عدمه كما في المقام والمراد بعقص الشعر
على ما حكى عن جميع من الأصحاب التصريح به كالمصنف في المعتبر والعلامة في التذكرة والمحقق الثاني في جامع المقاصد وحاشيته على الكتاب و
الشهيد الثاني في المسالك هو جمعه في وسط الرأس وشده وفى مجمع البحرين أيضا فسره بذلك حيث قال عقص الشعر جمعه وجعله في وسط الرأس و
في كشف اللثام بعد ان نقل عن المعتبر والتذكرة انه هو جمع الشعر في وسط الرأس وشدة قال ما لفظه ويقرب منه قول الفارابي والمطرزي في كتابيه انه
جمعه على الرأس قال المطرزي وقيل هو ليه وادخال أطرافه في أصوله قلت هو قول ابن فارس في المقائيس قال المطرزي وعن ابن دريد عقصت بشعرها
415

شدته في قفاها ولم تجمعها جمعا شديدا وفي العين العقص اخذك خصلة من شعر فتلويها ثم تعقدها حتى يبقى فيها التواء ثم ترسلها ونحوه الجمل والأساس والمحيط وان خلا
عن الارسال ويقرب منه ما في الفائق انه الفتل وما في الصحاح انه ضفره وليه على الرأس وهو المحكي عن (يب) اللغة والغريبين عن أبي عبيدة الا أنه قال ضرب من الضفر
وهو ليه على الرأس وفي المنتهى وقد قيل إن المراد بذلك ضفر الشعر وجعله كالكية في مقدم الرأس على الجبهة فعلى هذا يكون ما ذكره الشيخ حقا لأنه يمنع من السجود انتهى
وحكى عن المطرزي قولا بأنه وصل الشعر بشعر الغير انتهى ما في كشف اللثام وفي القاموس عقص شعره يعقصه ضفره وفتله أقول اما القول الذي حكاه المطرزي
من أنه وصل الشعر بشعر الغير فمما لا ينبغي الالتفات إليه في مقابل ساير الأقوال المنقولة عن العلماء واللغويين واما ما في القاموس من تفسيره بالظفر والفتل فهو
بحسب الظاهر تفسير بالأعم كما يشهد لذلك ما سمعت حكايته عن أبي عبيده من تصريحه بأنه ضرب من الضفر وهو ليه على الرأس وهذه العبارة أيضا لا تخلوا من اجمال
يبينها ما عن العلامة في التحرير والمنتهى نقلا عن الجوهري في الصحاح أنه قال عقص ضفره وليه على الرأس وما ذكره الأصحاب في تفسيره من أنه جمعه في وسط الرأس
وشده بحسب الظاهر يرجع إلى ذلك إذا الظاهر كونه جاريا مجرى العادة منعدم انفكاك شدة في وسط الرأس عن الظفر واللي ولذا اعتبر المحدث المجلسي فيه في
محكى البحار الظفر واللي ناسبا له إلى الأصحاب حيث قال فيما حكى عنه عقص الشعر جمعه في وسط الرأس وضفره وليه كما ذكره الأصحاب ويمكن ارجاع كلمات
أغلب اللغويين التي نقلها كاشف اللثام في عبارته المتقدمة إلى ما لا ينافيه فلا يصلح كلمات غيرهم مما هي بظاهرها منافيه لهذا التفسير مثل ما نقله عن العين
حيث اعتبر فيه الارسال معارضا لذلك فلا ينبغي التأمل في صدق عقص الشعر على جمعه في وسط الرأس وليه كالكية فهذا الفرض بمنزلة القدر المتيقن مما
يتناوله النهي عن عقص الشعر واما صدقه على مطلق الضفر أو غيره من المعاني التي ذكروه فلم يثبت فينفي حرمته أو كراهته بالأصل ولكن قد يتجه الالتزام بكراهة
عقص الرأس من الخلف أيضا لخبر الدعائم بل قد يستشعر من هذا الخبر انحصار العقص المنهي عنه به ولكنه لقصوره من حيث السند مع الغض عن ضعف دلالته
على الانحصار وكونه مجرد اشعار غير بالغ مرتبة الحجية لا يصلح صارفا لخبر مصادف عن ظاهره أو رافعا لاجماله فهو لا ينهض دليلا الا لاثبات كراهة العقص
من الخلف من باب التسامح ولا يصح التعلق به في رفع اليد عن مقتضيات سائر الأصول والقواعد نعم لو قلنا بحجية خبر الدعائم وظهوره في الانحصار فان
قلنا بان العقص اسم لمطلق جمع الشعر وضفره وليه كما يظهر من كلمات بعض اللغويين وجب الجمع بينه وبين خبر مصادف اما بتقييد خبر مصادف أو حمل هذا الخبر على
شدة الكراهة وان قلنا بأنه اسم لخصوص الجمع في وسط الرأس كما ذكره الأصحاب أو ان هذا المعنى هو منصرف اطلاقه اتجه الغاء ظهور هذا الخبر في الانحصار
فإنه ظهور ضعيف يكون رفع اليد عنه أهون من حمل تلك الرواية على معنى مجازي أو خلاف ما ينصرف إليه اطلاق لفظ العقص الذي وقع في السؤال
وان قلنا بأنه مجمل مردد بين جميع تلك المعاني التي سمعتها من اللغويين اتجه الرجوع فيما عدى المعنى المحكي عن ابن دريد المعلوم تعلق النهي به بخبر الدعائم إلى حكم الأصل
أي اصالة البراءة والإباحة وعدم تعلق النهي به لسلامة الأصل بالنسبة إليها (ح) عن المعارضة بجريانه بالنسبة إلى هذه المعنى الذي ذكره ابن دريد بعد
فرض ثبوت تعلق النهي به بهذا المعنى بدليل اخر كما لا يخفى ومن هنا يظهر ان مقتضى القاعدة على تقدير الالتزام بإجمال مفهوم العقص وتردده بين المعاني
المتغايرة مع في لالتزام بحجية خبر الدعائم هو الاحتياط بالاجتناب عن جميع المحتملات ولكنك عرفت ان الأقوى كراهة العقص فلا يكون الاحتياط واجبا كما
انك عرفت عن الأظهر صدق العقص على المعنى الذي ذكره الأصحاب فاجماله (ح) من باب تردده بين الأقل والأكثر لا المتباينين حتى كون موردا لقاعدة الشغل
[ويكره الالتفات يمينا وشمالا] الا ان يتفاحش بحيث خرج عن حد الاستقبال المعتبر في الصلاة كما لو كان بجميع بدنه أو بصفحة وجهه جميعا إلى ناحية المشرق على
احتمال قوي والا فتبطل الصلاة كما عرفته فيما سبق واما كراهة الالتفات الغير البالغ إلى هذا الحد فيدل عليه خبر عبد الملك قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الالتفات
في الصلاة أيقطع الصلاة فقال لا وما أحب ان يفعل لوجوب حمله على غير الفاحش جميعا بينه وبين غيره مما عرفته في محله ويمكن الاستدلال له أيضا برواية علي
بن جعفر الواردة في رجل يظن أن ثوبه قد انحرق أو اصابه شئ هل ينظر إليه قال (ع) ان كان في مقدم ثوبه أو جانبيه فلا باس وان كان في مؤخره فلا يلتفت فإنه لا يصلح
بالتقريب الذي عرفة في مسألة الالتفات إلى ما ورائه وربما يستدل لها أيضا بخبر أبي البختري المروي عن قرب الإسناد عن الصادق عن أبيه عن علي (ع) قال الالتفات في الصلاة
اختلاس من الشيطان فإياكم والالتفات في الصلاة فان الله تبارك وتعالى يقبل على البعد إذا قام في الصلاة فإذا التفت قال الله تبارك وتعالى عمن تلتفت ثلاثا فإذا
التفت الرابعة اعرض عنه وخبر الخضر بن عبد الله المروي عن ثواب الأعمال عن أبي عبد الله (ع) قال إذا قام العبد إلى الصلاة اقبل الله عليه بوجهه ولا يزال
مقبلا عليه حتى يلتفت ثلاث مرات فإذا التفت ثلاث مرات اعرض عنه وخبر ابن القداح المروي عن المحاسن عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي (ع) قال للمصلي ثلاث خصال
إلى أن قال فإذا التفت قال الرب (تع) إلى خير مني تلتفت يا بن ادم لو يعلم المصلي من يناجي ما انفتل واحتمال إرادة الالتفات بالقلب تأويل بالشاهد فليتأمل ويكره
أيضا [التثأب والتمطي والعبث ونفخ موضع السجود والتنخم وان يبصق أو يفرقع أصابعه] ونحوها كما يدل عليه جملة من الأخبار منها صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام
قال إذا قمت إلى الصلاة فعليك بالاقبال على صلاتك فإنما يحسب لك منها ما أقبلت عليه ولا تعبث فيها بيدك ولا برأسك ولا بلحيتك ولا تحدث نفسك ولا
تتثأب ولا تتمط ولا تكفر فإنما يفعل ذلك المجوس ولا تلثم ولا تحتقر ولا تفرج كما يتفرج البعير ولا تقع على قدميك ولا تفترش ذراعيك ولا تفرقع أصابعك وفان
ذلك كله نقصان في الصلاة ولا تقم إلى الصلاة متكاسلا ولا متناعسا ولا متثاقلا فإنما من خلال النفاق قان الله
تعالى نهى المؤمنين ان يقوموا إلى الصلاة
وهم سكارى يعني سكر النوم وقال للمنافقين وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤن الناس ولا يذكرون الله الا قليلا بيان عن النهاية فيه التثأب من الشيطان
416

التثأب معروف وهو مصدر تثاب والاسم الثوباء وانما جعله من الشيطان كراهية له لأنه انما يكون مع ثقل البدن وامتلائه واسترخائه وميله إلى الكسل والنوم
واضافته إلى الشيطان لأنه الذي يدعو إلى اعطاء النفس شهوتها وأراد به التحذير من السبب الذي يتولد منه وهو التوسع في المطعم والمشبع فيثقل عن الطاعات
ويكسل عن الخيرات انتهى أقول الظاهر أن المراد بالتثأب في الصحيحة هو التثأب الاختياري القابل لأن يتعلق به النهي كما أن هذا هو المراد بالتثأب الذي
يحكم بكراهته واما التثائب الذي جعله في المرسل المحكي في النهاية من الشيطان فلا يبعد ان يكون المراد به التثأب الغير الاختياري كما ربما يومي إلى ذلك قول أبي
عبد الله (ع) في حسنة الحلبي قال سئلته عن الرجل يتثأب في الصلاة ويتمطى قال هو من الشيطان ولن يملكه وقول الرضا عليه السلام في صحية ابن أبي نصر التثأب من الشيطان
والعطسة من الله عز وجل وفي جعله من الشيطان إشارة إلى كراهته على تقدير القدرة على تركه والتمطي معروف وقبل أصله من التمطط وهو التمدد واما التكفير فقد تقدم
الكلام فيه وكذا في اللثام واما الاحتقار فعن النهاية الحث والاعجال وقال في كتاب مجمع البحرين في حديث المصلي لا تلثم ولا تحتقر اي لا تتضام في سجودك أقول
ويستفاد كراهة الاحتقار بكلام المعنيين من ساير الأخبار ولكنه على التفسير الذي ذكره في المجمع مخصوص بالرجل كما يظهر ذلك بمراجعة ما مر في السجود ولكن عن بعض النسخ
ولا تحتقن والمراد به (ح) مدافعة الأخبثين التي ستعرف كراهتها ومنها رواية أبي بصير قال قال أبو عبد الله (ع) إذا قمت إلى الصلاة فاعلم انك بين يدي الله فان
كنت لا تراه فاعلم أنه يراك فاقبل قبل صلاتك ولا تتمخط ولا تبزق ولا تنقض أصابعك ولا تتورك فان قوما قد عذبوا بنقض الأصابع والتورك في الصلاة والمراد
بالتورك المنهي عنه في هذه الرواية غير التورك الذي عرفت استحبابه في مبحث السجود وهو على ما حكى عن الصدوق في الفقيه في تفسيره ان يضع يديه على وركيه في الصلاة
وهو قائم ففي محكى الفقيه قال ولا تتورك فان الله قد عذب قوما على التورك كان أحدهم يضع يديه على وركيه من ملالة الصلاة وعن العلامة في المنتهى أنه قال
يكره التورك في الصلاة وهو ان يعتمد بيديه على وركيه وهو التخصر رواه الجمهور عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن التخصر في الصلاة ومن طريق الخاصة
رواية أبي بصير ثم ساق الرواية المتقدمة ويدل على كراهة العبث في الصلاة (مط) اخبار مستفيضة منها ما عن الصدوق في الفقيه مرسلا قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله
ان الله كره العبث في الصلاة وباسناده عن حماد بن عمرو وأنس بن محمد عن أبيه عن جعفر بن محمد عن ابائه (ع) في وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلى (ع) قال يا علي ان الله كره لامتي العبث في
الصلاة الحديث إلى غير ذلك من الروايات الدالة عليه ويدل على كراهة نفخ موضع السجود اخبار مستفيضة منها ما عن الكافي باسناده عن محمد بن مسلم عن
أبي عبد الله (ع) قال قلت له الرجل ينفخ في الصلاة موضع جهته فقال لا وفي حديث المناهي المروي عن الفقيه قال ونهى ان ينفخ في طعام أو شراب أو ينفخ في
موضع السجود وفي حديث الأربعمأة المروي عن الخصال عن علي عليه السلام قال لا يتفل المؤمن في القبلة فان فعل ناسيا يستغفر الله لا ينفخ الرجل في موضع سجوده
ولا ينفخ في طعامه ولا في شرابه ولا في تعويذه إلى غير ذلك من الأخبار الدالة عليه يظهر من بعضها كراهة النفخ في الصلاة مطلقا مثل خبر الحسين بن زيد
بن علي بن الحسين عن أبيه عن الصادق عن ابائه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ان الله كره لكم أيتها الأمة أربعا وعشرين خصلة ونهاكم عنها إلى أن قال وكره ان ينفخ في
الصلاة ولكن في عدة من الأخبار نفي الباس عن نفخ موضع السجود وانه انما يكره ذلك مخافة ان يؤذي من إلى جانبه فلعله أريد بها شدة الكراهة والله العالم
ويكمن استفادة كراهة المتنخم من المستفيضة الدالة على كراهة البصاق التي منها رواية أبي بصير المتقدمة بالفحوى وتنقيح المناط [أو يتأوه أو يأن بحرف واحد]
في المدارك قال في شرح العبارة الضابط في كراهة التأوه والأنين ان لا يظهر منهما ما يعد كلاما والاخر ما وأبطلا الصلاة ولكن يمكن المناقشة في الكراهة
مع انتفاء الكلام لعدم الظفر بدليله انتهى وعلله في كشف اللثام بدخولهما في يسير العبث وفيه مع امكان دعوى انصراف اطلاق العبث عن شملهما ان
هذا لا يقتضى تخصيصهما بالذكر الا ان يقصد به التنبه على شمول حكم العبث لمثل هذه الافراد الخفية وعن الذكرى تعليل الكراهة بقربهما من الكلام
وفيه ان هذا لا يكفي في الحكم بالكراهة ويمكن الاستدلال له في الأنين بقوله (ع) في ما عن الصدوق مرسلا والشيخ مستندا من أن في صلاته فقد تكلم
بناء على عدم اندراجه في الكلام حقيقة وإرادة التنزيل الحكمي اما مبالغة فأريد به الكراهة أو حقيقة ولكن لقصور سنده ومخالفته لفتوى الأصحاب لا
تصلح دليلا الا لاثبات الكراهة من باب المسامحة ولكنك عرفت في مبحث الكلام ضعف هذا المبنى واندراج الأنين والتأوه غالبا في موضع
الكلام حقيقة فالاستدلال بهذا الخبر للمدعى أضعف من سابقيه ولكن الامر سهل فإنه يكفي في حسن التحرز عنهما ورجحانه فتوى هؤلاء الأعاظم و
لكن هذا فيما لم يكن التأوه والأنين من خشية الله تعالى والا فقد عرفت فيما سبق رجحانه وان اندراجا في موضع الكلام فراجع [وان يدافع البول أو
الغائط أو الريح] اما الأولان فيدل على كراهة مدافعتهما اخبار مستفيضة من صحيحة هشام بن الحكم عن أبي عبد الله (ع) قال لا صلاة لحاقن ولا حاقنة
وهو بمنزلة من هو في ثيابه وهكذا نقل عن التهذيب ولكن عن الوافي انه نقله لا صلاة لحاقن ولا لحاقب ثم قال بيان كلاهما بالحاء المهملة وفي اخر الأول
نون وفي اخر الثاني بلاء موحدة بعني بالحاقن حابس البول وبالحاقب حابس الغائط ثم نقل كلام النهاية بذلك إلى أن قال فما يوجد في بعض نسخ التهذيب
لا صلاة لحاقن ولا حاقنة بالنون فيهما جميعا فلعله تصحيف انهى ويؤيد صحة النقل الأول ما عن البرقي في المحاسن انه رواه هكذا فعنه عن أبيه عن ابن
أبي عمير عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا صلاة لحاقن ولا حاقنة وهو بمنزلة من هو في ثيابه قال العلامة في محكى المنتهى بعد ايراد هذه
الرواية المراد بذلك نفي الكمال لا الصحة ثم قال بعد ذلك يكره مدافعة الأخبثين وهو قوله من يحفظ عنه العلم قال ولو صلى كذلك صحت صلاته
ذهب إليه علمائنا ونقل عن مالك وبعض العامة القول بالإعادة ورواية أبي بكر الحضرمي عن أبيه عن أبي عبد الله (ع) قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لا تصلي
417

وأنت تجد شيئا من الأخبثين إلى غير ذلك من الأخبار الدالة عليه التي سيأتي بعضها ويدل على في رادة الحرمة منها بل الركعة مضافا إلى في لخلاف فيه على الظاهر صحيحة عبد
الرحمن بن الحجاج قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يصيبه الغمز في بطنه وهو يستطع ان يصبر عليه أيصلي على تلك الحال أو لا يصلي قال فقال إن احتمل الصبر ولم يخف
اعجالا عن الصلاة فليصل وليصبر واما كراهة مدافعة الريح فلما فيه من سلب الخشوع والقبال المطلوب في الصلاة والا فلم نجد ما يدل عليه بالخصوص فرع لو تضرر
بالصبر على مدافعة الأخبثين بحيث وجب عليه نقض طهارته فلم ينقضها صلى وصحت صلاته لأن الامر بالشئ لا يقتضي النهى عن ضده ولا يصلح مانعا عن مطلوبيته على الاطلاق
كي ينافي ذلك صحته ووقوعه عبادة كما تقرر في محله وتقدم في باب التيمم من كتاب الطهارة ما يوضح ذلك فراجع ووجوب الطهارة للصلاة مقدمي فمتى حصلت المقدمة
جاز الاتيان بذيها سواء كان حصولها على وجه سايغ أو حرم كما هو الشأن في جميع المقدمات الخارجية التي يتوقف عليها فعل العبادات وليس من هذا
الباب ما لو وجب عليه القي في اليوم الذي نوى صومه لأنه متى وجب عليه القي في اليوم الذي نوى صومه لأنه متى وجب عليه القي حرم الامساك عنه فلا يعقل معه بقاء الصوم الذي هو عبارة عن الامساك
عن المفطرات التي منها القي بصفة المطلوبية واما فيما نحن فيه فالنهي متعلق بأمر خارج عن مهية العبادة وهو ترك البول الموجب لبقاء طهارته التي هي شرط
للصلاة فلا يقاس أحدهما بالاخر كما هو واضح تنبيه في الحدايق بعد ان حكم بكراهة مدافعة الأخبثين قال الحكم المذكور مخصوص بما إذا عرض له
ذلك قبل الدخول في الصلاة والا فلو كان بعد ذلك فلا كراهة اجماعا انتهى أقول إن تم الاجماع فهو والا فلا يخلو من تأمل إذ لا يبعد ان يدعى ان
المتبادر من أدلته كراهة الاشتغال بفعل الصلاة (مط) حال كونه بهذا الحالة المنافية للخضوع وفراغ البال المطلوب في سائر أحوال الصلاة وشمول ما
دل على حرمة قطع الصلاة لمثل المقام لا يخلو من تأمل والا لاتجه منع صلاحية دليل الكراهة لمزاحمته فان عمدة مستنده الاجماع الذي قد يتطرق الخدشة فيه بعدم
ثبوته في مثل المقام خصوصا بالنسبة إلى النوافل كما ستعرف ويكره أيضا ان يصلي في خف ضيق كما أشار إليه المصنف (ره) بقوله [وان كان خفه ضيقا استحب له
نزعه لصلوته] إذا المقصود به الاستحباب الغيري الناشئ من مرجوحية الصلاة معه نظير ما يقصد بالوجوب أو الاستحباب من مثل قولك ان كان ثوبه نجسا يجب نزعه و
ان كان ملطخا ببول الدواب يستحب ازالته الا انه من حيث هو محبوب شرعا فما في المتن من تغيير الأسلوب على الظاهر تفنن في التعبير وكيف كان فمستند الحكم ما عن
الصدوق في كتاب معاني الأخبار والمجالس عن إسحاق بن عمار قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول لا صلاة لحاقن ولحاقب ولا لحازق فالحاقن الذي به البول والحاقب
الذي به الغائط والحازق الذي به ضغطة الخف [مسائل اربع الأولى إذا عطس الرجل في الصلاة استحب له ان يحمد الله] عند علمائنا وأكثر العامة كما
في المدارك وغيره ويدل عليه مضافا إلى عموم ما ورد في العاطس التأمل باطلاقه لحالة الصلاة كمرفوعة محمد بن مروان قال قال أمير المؤمنين (ع) من قال
إذا عطس الحمد لله على كل حال لم يجد وجع الاذنين والأضراس وغير ذلك من النصوص المستفيضة التي سيأتي بعضها خصوص صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه
السلام قال إذا عطس الرجل في صلاته فليحمد الله ويستحب أيضا ان يحمد الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله إذا سمع العطسة الرواية أبي بصير عن أبي عبد الله
عليه السلام قال قلت له اسمع العطسة وانا في الصلاة فاحمد الله واصلي على النبي صلى الله عليه وآله قال نعم وإذا عطس أخوك وأنت في الصلاة فقل الحمد لله وصلى الله على النبي وآله
وان كان بينك وبين صاحبك اليم هكذا روى عن الكافي وعن الفقيه والتهذيب نحوه الا أنه قال بعد قوله نعم وان كان بينك وبين صاحبك اليم باسقاط
ما بينهما وينبغي ضم الصلاة على النبي وآله في الأول أيضا لما رواه ابن أبي عمير عن بعض أصحابه قال العطس رجل عند أبي جعفر (ع) فقال الحمد لله فلم يسمته أبو جعفر عليه
السلام وقال نقصتنا حقنا ثم قال إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وأهل بيته فقال الرجل فسمته أبو جعفر (ع) بل ينبغي ان يضع يده
على قصبة انفه ويقول نحو ما ورد في خبر الحسن بن راشد المروي عن الكافي عن أبي عبد الله (ع) قال من عطس ثم وضع يده على قصبة انفه ثم قال الحمد لله رب
العالمين حمدا كثيرا كما هو أهله وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم خرج من منخره الأيسر طائرا صغر من الجراد وأكبر من الذباب حتى يصير تحت العرش يستغفر الله له
إلى يوم القيمة وكذا إذا عطس غيره يستحب له تسميته في القاموس التسميت ذكرت الله تعالى على الشئ والدعاء للعاطس وفيه أيضا التشميت التسميت وعن
نهاية ابن الأثير التسميت بالسين والشين الدعاء بالخير والبركة والمعجمة أعلاها وظاهرهما كصريحة غير واحد من الأصحاب أو ظاهر عدم اختصاصه بلفظ خاص
فعن المنتهى قال يجوز له ان يسمت العاطس بالدعاء فيقول يرحمك الله أو يرحمك أو يغفر الله لك وما أشبه إذا كان مؤمنا لأنه دعاء فكان سائغا انتهى و
عن الكفاية قال يجوز للمصلي تسميت العاطس وهو ان يقول يرحمك الله ويغفر الله لك وأمثال ذلك وعن المحقق الشيخ على في حاشية على الارشاد وهو
الدعاء للعاطس لصلاح الدين أو الدنيا ولكن قد يظهر من قول بعض العلماء واللغويين انه خصوص قوله يرحمك الله فعن الجوهري أنه قال التسميت ذكر اسم
الله على الشئ وتسميت العاطس ان يقول له يرحمك الله بالسين والشين جميعا قال تغلب الاختيار بالسين لأنه مأخوذ من السمت وهو القصد المحجة وقال
أبو عبيدة الشين اعلا في كلامهم وأكثر انتهى وعن التذكرة أنه قال ويجوز تسميت العاطس بان يقول المصلي يرحمك الله لأنه دعاء وقد ورد في بعض الأخبار
أيضا خصوص هذه اللفظة مثل ما عن الصدوق في الخصال في حديث طويل عن أبي جعفر عن أبيه عن ابائه عن أمير المؤمنين (ع) فيما علمه أصحابه في مجلس واحد
من أربعمائة باب قال (ع) إذا عطس أحدكم فشمتوه قولوا يرحمكم الله وخبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا عطس الرجل فليقل الحمد لله لا شريك له وإذا
سمت الرجل فليقل يرحمك الله وإذا رد فليقل يغفر الله لكم ولنا إلى غير ذلك من الروايات التي يقف عليها المتتبع ولكن لا يبعد ان يكون تخصيص هذه الصيغة
بالذكر في كلمات من تقدمت الإشارة إليهم للجري مجرى العرف والعادة كما يؤيد ذلك ما عن الجوهري من أنه قال أيضا تسميت العاطس دعاءه وكل داع لاحد
418

فهو مسمت ومشمت وفي كلمات الأصحاب أيضا ايماء إليه وفي بعض الأخبار الآتية أيضا اشعار به بل شهادة عليه فالظاهر صدق اسم التسميت وتأدية السنة
بمثل قوله غفر الله لك أو رحمة الله عليك أو هداك الله ونحوه بل الظاهر عدم اعتبار كونه بصيغة الخطاب
فيستحق مسماه ولو بلفظ الغيبة كما لو قال رحم الله
العاطس ولكن الأحوط الاتيان به بالصيغة المعروفة عند قصد التوظيف بل الأولى الاتيان به بصيغة الجمع لرواية منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام
قال ثلاثة ترد عليهم رد الجماعة وان كان واحدا عند العطاس يقول يرحمكم الله وان لم يكن معه غيره والرجل يسلم على الرجل فيقول السلام علكيم والرجل يدعو
للرجل فيقول عافاكم الله وان كان واحدا فان معه غيره وكيف كان فتسميت العاطس في حد ذاته من السنن الأكيدة وقد ورد الحث عليه في النصوص المستفيضة
ان لم تكن متواترة والظاهر عدم اختصاص رجحانه بما إذا كان العاطس مؤمنا وما في جملة من الأخبار من جعله من حقوق المؤمن على المؤمن لا يقتضى اختصاص
شرعيته به فالظاهر أنه من الآداب الحسنة التي ينبغي رعايته بالنسبة إلى كل من يخالطه الانسان وان كان مخالفا أو كافرا كما يشهد لذلك مضافا إلى الاطلاق
بعض أدلته خصوص مرسلة ابن أبي بحران المروية عن الكافي عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال عطس رجل نصراني عند أبي عبد الله (ع) فقال له القوم هداك
الله فقال أبو عبد الله (ع) يرحمك الله فقالوا له انه نصراني فقال (ع) لا يهديه الله حتى يرحمه بل الظاهر عدم اشتراط البلوغ أيضا في استحبابه وما في بعض الأخبار من التعبير
بلفظ الرجل جار مجرى الغالب وقد ورد في كثير من الروايات التعبير بلفظ الأخ أو المسلم وهو يتناول الصبي المميز المعدود في عداد المسلمين خصوصا
ان قلنا بشرعية عبادته واسلامه كما هو الأظهر ودعوى الانصراف عنه غير مسموعة بل مناسبة المقام مقتضية للتعميم وان لم يعمه اللفظ كما في حق المرأة و
ربما يؤيده أيضا خبر السكوني عن أبي عيد الله (ع) قال عطس غلام لم يبلغ الحلم عند النبي صلى الله عليه وآله فقال الحمد لله فقال النبي (ص) بارك الله فيك ولكن يحتمل ان يكون المراد
به محض الدعاء للغلام لا التسميت وكيف كان فيكفي في الحكم برجحانه (مط) عمومات الأدلة الدالة على استحباب حسن المعاشرة والدعاء للغير فضلا عن خصوص ما
ورد فيه فهذا مما لا ينبغي الارتياب فيه ولكن لم يرد في شئ من الروايات التي عثرنا عليها ما يدل على استحبابه للمصلي فما في المتن وغيره من الحكم باستحباب التسميت
للمصلي يراد به على الظاهر بيان عموم استحبابه لحال الصلاة لا انه من مستحباتها ولذا عبر غير واحد بالجواز من وكيف كان فجواز تسميت العاطس في الصلاة هو المعروف
من مهذب الأصحاب ولم ينقل الخلاف فيه عن أحد منا عدى انه حكى عن المصنف (ره) في المعتبر التردد فيه مع ترجيحه أخيرا فقال ما لفظه وهل يجوز للمصلى تسميته
بالدعاء له إذا كان مؤمنا عندي فيه تردد الجواز أشبه بالمذهب انتهى وعللوه بأنه دعاء للغير وهو في حد ذاته فعل سائغ في الصلاة فلا مانع من أن يعمه
اطلاقات أدلته وفيه نظر فان الدعاء الذي دلت الأدلة عليه جوازه في الصلاة هو الدعاء الذي يتحقق به المناجاة مع الله تعالى الا المكالمة مع المخلوقين
كما لا يخفى على من لاحظ النصوص الدالة عليه التي أسلفناها في مبحث القنوت وسيأتي التعرض لها أيضا في مسألة جواز الدعاء في الصلاة لكل شئ من امر
الدين والدنيا فقولنا يرحمك الله تسميتا للعاطس ليس الا كقولنا صبحك الله بالخير أو سلام عليك أو رحم الله والديك أو غير ذلك من الكلمات التي تستعمل
أهل العرف في محاوراتهم في مقام التحية ونحوها مما هو دعاء لهم على سبيل المخاطبة وهذا مما لا يكاد يفهم جوازه من شئ من تلك النصوص فيشكل
الالتزام بجوازه مع كونه تكلما مع المخلوقين بكلام مفهم فهو من أوضح مصاديق الكلام الذي يعمه عموم قوله عليه السلام من تكلم في صلاته متعمدا فعليه إعادة الصلاة
وكون النسبة بينه وبين أدلة التسميت العموم من وجه غير ومجد إذ لا معارضة بينهما كما أنه لا معارضة بين اطلاق ما دل على استحباب تشييع جنازة المؤمن و
إجابة دعوته وبين ما دل على قاطعية الفعل الكثير منعم ان دل دليل على حرمة قطع الصلاة على الاطلاق حصل التنافي بين اطلاق ذلك الدليل وبين
اطلاق أدلة التسميت (ولكن اطلاق دليل الاستحباب لا يصلح مزاحما لأدلة الحرمة فما في كلمات بعض متأخري المتأخرين ممن اعترف بخروج التسميت) عن الدعاء الذي دلت الأدلة على جوازه وكونه من مصاديق الكلام الذي اقتضت عمومات أدلته المنع عنه في الصلاة من الاستدلال على
جوازه بشمول أدلته لحال الصلاة فينخفض بها عمومات أدلة القاطعية ولذا أخص بالجواز بتسميت المؤمن لعدم دليل يعتد به قاض باستحبابه لغير المؤمن كي يرفع اليدين به عن
عموم دليل المنع عن الكلام لا يخلو من نظر فالانصاف ان الحكم بجوازه في غاية الاشكال اللهم الا ان ينعقد الاجماع عليه وان لا يخلو أيضا من اشكال حيث إن
كثيرا منهم ان لم يكن كلهم أو جلهم استندوا في حكمهم بالجواز إلى كونه دعاء فيشكل (ح) التعويل على اجماعهم بعد وضوح مستندهم وتطرق الخدشة إليه فالمنع
عنه ان لم يكن أقوى فلا ريب في كونه أحوط اللهم الا ان يوتى به بصيغة الغيبة أو استعمل لفظ الخطاب في الدعاء المحض معراة عن المخاطبة بان أراد من يرحمك الله
ما يراد من لفظ اللهم ارحمه بنحو من التوسع وربما يؤيد المنع ما روته العامة عن معاوية بن الحكم أنه قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله فعطس رجل من القوم فقلت
يرحمك الله فرماني القوم بابصارهم فقلت ما شأنك تنظرون إلى فجعلوا يضربون أيديهم على أفخاذهم فعلمت انهم يصمتونني فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وآله قال إن
هذه الصلاة لا يصلي فيها كلام الناس انما هي التكبيرة فقراءة القرآن واحتمال ان يكون الانكار على خصوص قوله الثاني خلاف سوق الرواية مع ما فيه من اغراء
الناس بالجهل وكون ما فيه من التعليل مقتضيا للتعميم وخبر غياث المروي عن مستطرفات السرائر نقلا من كتاب النوادر لمحمد بن علي بن محبوب وعن جعفر عليه السلام
في رجل عطس في الصلاة فسمت رجل فقال فسدت صلاة ذلك الرجل إذا الظاهر إرادة فساد صلاة الرجل المسمت لا العاطس الذي لا ربط للتسميت بصلاته فيظهر
من ذلك ان مورد السؤال في صلاة الجماعة ونحوها مما كانوا جميعا في الصلاة فعطس رجل وسمته اخر ويحتمل بعيدا ان يكون محط نظر السائل معرفة حكم العاطس
من حيث تكليفه بالرد وعدم فيكون الحكم بفساد صلاته بلحاظ صيرورته مكلفا بقطعها ورد الجواب وعلى هذا التقدير أيضا يدل على المدعى إذ لا فرق بين التسميت ورده
جوازا ومنعا كما لا يخفى وربما يستشعر المنع أيضا من ترك ذكره في خبر أبي بصير المتقدم الوارد فيما يقوله في الصلاة عند سماع العطاس والله العالم فائدة
419

يستحب للعاطس رد التسميت بان يقول للمسمت يغفر الله لك ولنا كما في خبر محمد بن مسلم المتقدم أو يغفر الله لكم يرحمكم كما في الصحيح أو الحسن عن سعد بن خلف قال كان
أبو جعفر (ع) إذا عطس فيقول له يرحمك قال يغفر الله لكم ويرحمكم وفي حديث الأربعمأة المروي عن كتاب الخصال قال إذا عطس أحدكم فسمتوه قولوا يرحمكم الله و
هو يقول يغفر الله لكم ويرحمكم الله قال الله عز وجل وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أوردوها واختار
صاحب الحدائق القول بوجوب الرد اخذا بظاهر
هذا الخبر فكان استظهار والوجوب منه باعتبار ادراجه في التحية الواجب ردها بظاهر الآية والا فليس لقوله عليه السلام وهو يقول يغفر الله لكم في حد ذاته ظهور في ذلك
حيث إن المنساق إلى الذهن كونه مسوقا لبيان ما هو وظيفته في مقام التأدب بالآداب الشرعية ويظهر من المسالك أيضا اختياره بدعوى اندراجه في موضوع
التحية عرفا وهو ضعيف لما سنعرف في المسألة الآتية ان التحية التي يجب ردها هي خصوص السلام وان اطلاق اسم التحية على مثل التسميت كاطلاقه على الهدية
ونحوها تجوز * (المسألة الثانية) * إذا سلم عليه وهو في الصلاة يجوز ان يرد عليه مثل قوله سلام عليكم ولا يقول وعليكم السلام على رواية
اما التسليم على المصلي فلا خلاف في جوازه كما صرح به في الحدائق ويدل عليه مضافا إلى الأصل واشعار المستفيضة الآتية الامرة برد السلام في الصلاة
به بل دلالة بعضها عليه من باب التقرير خصوص ما رواه الشهيد في الذكرى قال روي البزنطي عن الباقر عليه السلام قال إذا دخلت المسجد والناس يصلون فسلم عليهم
وإذا سلم عليك فاردد فانى افعله وان عمار بن ياسر مر على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يصلي فقال السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته فرد عليه ولكن
ربما يظهر من بعض الأخبار كراهته مثل خبر مسعدة بن صدقة المروي عن كتاب الخاص عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه السلام قال لا تسلموا على اليهود والنصارى إلى أن قال
ولا على المصلى الان المصلي لا يستطيع ان يرد السلام لأن التسليم من المسلم تطوع والرد فريضة ولا على اكل الربا ولا على رجل جالس على غائط ولا على الذي
في الحمام وخبر الحسين بن علوان المروي عن كتاب قرب الإسناد عن محمد (ع) قال كنت اسمع أبي يقول إذا دخلت المسجد الحرام والقوم يصلون فلا تسلم عليهم و
سلم على النبي صلى الله عليه وآله ثم اقبل على صلاتك وإذا دخلت على قوم جلوس يتحدثون فسلم عليهم وما في الخبر الأولى من تعليل النهي بعدم استطاعته على رد الجواب لعله أريد
عدم سهولته عليه لما فيه من تشويش البال والا فستعرف ان الاشتغال بالصلاة ليس مانعا عن رد الجواب ويحتمل قويا إرادة في لاستطاعة حقيقة في تلك
الاعصار غالبا لمخالفته للتقية حيث حكى القول بالمنع عن رد الجواب في الصلاة عن العامة ولعله لذا أخص المنع في الخبر الأخير بالسلام على القوم الذين
يصلون في المسجد الحرام لا مطلق المصلى وكيف كان فلا شبهة في الجواز وان كان الأولى تركه جمودا على ما يترائى من هذا الخبرين مع ما فيه من اشتغال قلب
المصلى عما هو عليه من التوجه والاقبال واما جواز رده للمصلي فهو اجمالا مالا شبهة فيه والنصوص الدالة عليه مستفيضة كما ستعرف ولكن ينبغي ان نتكلم
أولا في حكم رد السلام من حيث هو فنقول اما رد السلام فهو في حد ذاته واجب شرعا بلا خلاف فيه على الظاهر والأصل فيه قبل الأخبار التي منها
خبر الخصال المتقدم الآية الشريفة وهي قوله تعالى " وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها " والتحية عرفا ولغة على ما صرح به غير واحد من العلماء واللغويين
هي خصوص السلام ففي القاموس التحية السلام وعن مجمع البيان التحية السلام يقال حتى تحية إذا سلم وعن كتاب المصباح المنير وحياه تحية أصله الدعاء ومنه
التحيات لله اي البقاء وقيل الملك ثم كثر حتى استعمل في مطلق الدعا ثم استعمله الشرع في دعاء مخصوص وهو سلام عليكم وفي المدارك قال والتحية
لغة السلام على ما نص عليه أهل اللغة ودل عليه أهل اللغة ودل عليه أهل العرف وربما يظهر من غير واحد منهم انها ليست اسما لخصوص السلام بل للأعم منه وما هو
بمنزلته عرفا فعن المغرب قال حياه بمعنى أحياه بمعنى أحياه تحية كبقاه بمعنى أبقاه بتقية هذا أصلها ثم سمى ما جئ به من سلام ونحوه تحية قال الله تعالى تحيتهم يوم
يلقونه سلام وحقيقة حييت فلانا قلت حياك الله اي عمرك الله انتهى إلى غير ذلك من كلماتهم التي سيأتي الإشارة إليها فالظاهر أن التحية عرفا ولغة اسم للنوع
الخاص من التواضع الذي يستعمله أهل العرف عند ملاقاة بعضهم لبعض فهي في الجاهلية كانت أنعم صباحا وقد أبدله الله في الاسلام بما هو خير منه وفي عرف أهل
الإفرنج وغيرهم من أهل الملل الخارجية الغير المتأدبين بالآداب الشرعية من الفعل أو القول القائم مقام السلام في عرفنا فتفسير التحية بالتسليم في كلمات من عرفت
على الظاهر لكونه هو الفرد الشايع المتعارف الذي اعتبره الشارع تحية لا كونها اسما له بالخصوص كما ربما يشهد لذلك قوله تعالى وتحيتهم فيما سلام وقوله تعالى
وتحيتهم يوم يلقونه سلام وما رواه الصدوق في باب العلة التي من اجلها صارت التحية بين الناس السلام عليكم عن وهب اليماني قال لما اسجد الله عز وجل
الملائكة لادم (ع) إلى أن قال ثم قال عز وجل لادم انطلق إلى هؤلاء الملا من الملائكة فقل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فسلم عليهم فقالوا وعليك السلام ورحمة الله
وبركاته فلما رجع إلى ربه عز وجل قال له ربه هذه تحيتك وتحية ذريتك من بعدك فيما بينهم إلى يوم القيمة إلى غير ذلك ن الشواهد والمؤيدات المبنية عن أن
اطلاق التحية على السلام انما هو باعتبار كون السلام هو مصداقها المتعارف بين المسلمين لا ان مفهومها منحصر به وكيف كان فالمراد بالتحية في الآية
على ما ذهب إليه أكثر المفسرين كما نسب إليهم بل عن البيضاوي نسبته إلى الجمهور هو السلام والمراد بأحسن منها على ما عن الكشاف والبيضاوي وغيرهما بل عن كنز
العرفان دعوى اتفاق جمهور الفقهاء والمفسرين عليه هو ان يقول وعليكم السلام ورحمة الله إذا قال المسلم السلام عليكم وان يزيد وبركاته إذا قال المسلم
السلام عليكم ورحمة الله والمراد بردها إليه ان يجيب بمثلها من غير زيادة ويستفاد هذا التفسير مضافا إلى مساعدة العرف عليه مما روي بطرقهم
من أن رجلا دخل على النبي صلى الله عليه وآله وقال السلام عليك فقال النبي صلى الله عليه وآله وعليك السلام ورحمة الله فجائه اخر وسلم عليه فقال السلام عليك
ورحمة الله فقال النبي صلى الله عليه وآله وعليك السلام ورحمة الله وبركاته فجائه اخر فقال السلام عليك ورحمة الله وبركاته فقال النبي صلى الله عليه وآله وعليك فقيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله
420

زدت للأول والثاني في التحية ولم تزد للثالث فقال إنه لم يبق لي من التحية شيئا فرددت عليه مثله وعن مجمع البيان بعد ان فسر التحية بالسلام وقال في تفسير
الآية حاكيا عن ابن عباس امر الله المسلمين برد السلام على المسلم بأحسن مما سلم ان كان مؤمنا والا فليقل وعليكم لا يزيد على بذلك فقوله بأحسن منها للمسلمين خاصة
وقوله أوردوها لأهل الكتاب انتهى فعلى هذا يكون الامر بالأحسن ندبيا إذ لا خلاف على الظاهر في جواز الاكتفاء بالرد بالمثل أيضا للمسلمين ويحتمل ان يكون
غرضه بيان المورد وان المسلم هو الذي ورد فيه الامر يرد سلامه بأحسن مما سلم واما أهل الكتاب فلا يجوز الا ان يرد تحيتهم من غير زيادة فكون قوله (ع) أوردوها
لأهل الكتاب بهذا المعنى لا ان ورد فيهم بالخصوص وحكى عن كنز العرفان انه فسر التحية الواردة في الآية بما يعم كل بر واحسان فقال ما لفظه واعلم أنه لم يرد بحييتم
سلام عليك بل كل تحية وبر واحسان انتهى ويشهد له ما عن علي بن إبراهيم في تفسيره مرسلا إلى الصادقين من أن المراد بالتحية في الآية السلام وغيره من البر
وما عن الصدوق في الخصال بسنده في حديث طويل عن أبي جعفر عن ابائه عن أمير المؤمنين (ع) قال إذا عطس أحدكم قولوا يرحمكم الله ويقول هو يغفر الله لكم ويرحمكم
قال الله تعالى وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أوردوها وعن كتاب المناقب لابن شهرآشوب جاءت جارية للحسن (ع) بطاق ريحان فقال لها أنت حرة لوجه
الله فقيل له في ذلك فقال أدبنا لله تعالى فقال إذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها وكان أحسن منها عتقها ولكن الاعتماد على مثل هذه الأخبار في
تفسير الآية لا يخلوا من اشكال مع قوة احتمال كون الاستشهاد بالآية في الخبرين خصوصا الأخير منهما بملاحظة المناسبة بين موردهما لا اندراج مورد الخبرين
في موضوع الآية حقيقة وعلى تقدير ان يكون المراد بالتحية في الآية ما يعم كل بر واحسان قولي أو فعلي وجب حملها على الندب إذ لا يمكن الالتزام بوجوب رد
التحية بهذا المعنى فإنه كاد ان يكون مصادما للضرورة فضلا عن مخالفته للاجماع ومن هنا قال في الحدائق بعد ان استشهد للمعنى المزبور بالاخبار المزبورة ما لفظه
بقي هنا اشكال وهو انه على تقدير العموم في الآية يلزم وجوب تعويض كل بر واحسان والظاهر أنه لا قائل به بل ربما دلت الأخبار على العدم ثم قال ويمكن حمل الآية
على الرجحان المطلق الشامل للوجوب والاستحباب وعلى هذا فالاستدلال بالآية المذكورة على وجوب الرد لا يخلو من الاشكال الا ان يقال إن الواجب الحمل على
مقتضى ظاهر الامر وقيام الدليل الصارف في بعض الافراد لا يستلزم القول بذلك فيما لا دليل عليه انتهى وفيه انه لا يبقى للامر ظهور في الوجوب بعد ان علم
بعدم ارادته منه في جل انحاء البر والاحسان القولي والفعلي التي هي فوق حد الاحصاء فالحق ما أشرنا إليه من أنه على تقدير إرادة العموم من الآية يتعين حملها على
الندب فيما لم يدل دليل خارجي من نص أو اجماع على وجوبه ولكن لم يثبت إرادة هذا المعنى منها فالمتجه ابقاء الامر على ظاهره من الوجوب وحمل التحية على معناها
المعروف وهو اما خصوص السلام كما هو ظاهر الأكثر أو الأعم منه ومما هو بمنزلته عرفا كما نفينا البعد عنه على اشكال ينشأ من انا وان قلنا بان التحية اسم للأعم و
لكن اطلاقها ينصرف إلى ما هو الشائع المتعارف الذي جعله الشارع تحية للمسلمين فما عن العلامة في التحرير من أنه لو حياه بغير السلام فالأقرب جواز الرد به
لعموم الآية وفي المنتهى لو حيا بغير السلام فعندي فيه تردد وأقربه جواز رده لعموم الآية وعن الشهيد في البيان والأشبه وجوب رد التحية بالصباح والمساء
وشبههما بلفظ السلام أو الدعاء فان رد مثله وقصد الدعاء جاز وان قصد مجرد الرد أمكن الجواز انتهى لا يخلو عن نظر وكيف كان فمرادهما بالجواز على الظاهر
انما هو جوازه في الصلاة الناشي من الوجوب الذي يقتضيه عموم الآية كجواز رد السلام فبها لا جوازه من حيث هو في سائر الأحوال فان هذا مما لا شبهة فيه كما أن
الظاهر أن مقصودهما بالتحية بغير السلام هو ما إذا استعمل ذلك الغير تحية بمنزلة السلام بحيث يصحح عرفا ردة بالسلام والا فالظاهر عدم التزام أحد بوجوب
رد مثل صبحك الله بالخير ونحوه ومن الأدعية التي يتأدب بها العرف في مقام التعارف والتواضع كالدعاء بالسلامة والعافية والحفظ ونحوه عند عيادة
المريض والأكل والشرب والتوديع والخروج من الحمام وغير ذلك من المواضع التي يتعارف الدعاء فيها بما يناسبها فإنه لم ينقل القول بالوجوب في شئ من هذه
الموارد بعن أحد عدى ما سمعته في تسميت العاطس نعم قضية استدلالهم هناك بكونه تحية واستشهادهم له بالخبر المتقدم المروي عن الخصال الالتزام
به في جميع هذه الموارد لأن الجميع من واد واحد بنظر العرف ولكنه لم ينقل الالتزام به عن أحد وكيف كان فقد ظهر ضعفه بما مر وحكى عن بعض المحدثين
القول أو الميل إلى وجوب رد الكتابة واختاره بعض متأخري المتأخرين لصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال رد جواب الكتاب واجب
كوجوب رد السلام والبادي بالسلام أولى بالله ورسوله وفيه ان العادة قاضية بأنه لو كان رد جواب الكتاب واجبا في الشريعة لصار بواسطة عموم
الابتلاء به من الضروريات فكيف يختفي ذلك في الشريعة على وجه استقرت السيرة على في لالتزام به وتركه من غير نكير كما أومى إليه في الجواهر حيث
أجاب عن هذا الخبر بأنه لا يخرج بمثله عن السيرة القطعية فالمراد بالوجوب بحسب الظاهر تأكد طلبه على وجه لا ينبغي مخالفته لا الوجوب بمعناه المصطلح واردة
المعنى المزبور من لفظ الوجوب في الأخبار بل وكذا في عبائر القدماء غير عزيز كما لا يخفى على المتتبع فتلخص مما ذكر ان التحية التي يجب ردها بحسب الظاهر هو
السلام لا غير وقضية اطلاق الآية وبعض النصوص الآتية وجوب رده مطلقا باي صيغة تكون ولو بلفظ عليك السلام أو سلاما أو سلام أو سلامي ونحوه
اللهم الا ان يدعى انصرافه إلى الصيغ المتعارفة التي ادعى انحصارها في الأربع وهي السلام عليكم والسلام عليك وسلام عليكم وسلام عليك وفيه
نظر بلا منع فما قواه بعض من عدم وجوب الرد لو سلم بغير هذه الصيغ الأربع ضعيف نعم قد يقال فيما لو قدم الظرف بعدم وجوب رواية نظرا إلى ما ادعاه
العلامة في التذكرة من أنه لو قال عليك السلام لم يكن مسلما انما هي صيغة جواب مؤيدا بالنهي عنه فيما رواه العامة عنه صلى الله عليه وآله أنه قال لمن قال
له عليك السلام يا رسول الله لا تقل عليك السلام تحية الموتى إذا سلمت فقل سلام عليك يقول الراد عليك السلام وفيه ما لا يخفى من صحة استعماله ابتداء
421

وصدق اسم التحية والسلام عليه عرفا ولغة وكفاك شاهدا عليه النبوي المزبور فان تعلق عليه نهى تنزيهي شرعي به لكونه تحية الموتى لا يوجب خروجه
عن مصداق التحية والسلام عرفا ولغة لاستعمله في الاحياء وقد نسب بعض إلى ظاهر الأصحاب ان عليك السلام وعليكم السلام صحيح يوجب الرد كما هو صريح
غير واحد منهم ويشهد له مضافا إلى مساعدة العرف عليه ما رواه الصدق وباسناده عن عمار الساباطي انه سأل أبا عبد الله (ع) عن النساء كيف يسلمن إذا ادخلن على
القوم قال امرأة تقول عليكم السلام والرجل يقول السلام عليكم فإنه يدل على صحة هذا الاستعمال اي تقديم الظرف في مقام التحية وعدم اختصاصه بالجواب
فالأظهر في لفرق بين تقديم الظرف أو تأخيره في صدق اسم التحية عليه ووجوب رده وفي الحدائق مع اعترافه يصدق اسم التحية عليه وعلى غيره من الأمثلة المزبورة
جزم بعدم وجوب رد شئ منها مما عدى الصيغ الأربع لا لدعوى انصراف اطلاق الآية إليها لتعارفها بل لما
ادعاه من أن المفهوم من الأخبار ان صيغة السلام التي
يسلم بها هي هذه الصيغ الأربع فيجب ان يحمل اطلاق الآية على ذلك وفيه ان ورود هذه الصيغ في الأخبار لا يقتضي باختصاص التحية الواجب ردها بها وليس في
شئ من الأخبار المشتملة الشئ من هذه الصيغ دلالة على انحصار التحية فيها كي يقيد بها اطلاق الآية مع أن صيغة عليكم السلام وردت في رواية عمار المتقدمة في
تحية النساء فالأظهر وجوب رد السلام مطلقا من غير فرق بين صيغة والله العالم ولا فرق في وجوب رده بين كون المسلم كبيرا أو صغيرا إذا كان مميزا قاصدا بفعله
التحية لاطلاق أدلته وحكى عن فوائد الشرائع منعه في الصغير ولعله لدعوى انصراف الأدلة عنه وهي غير مسموعة وكذا لا فرق بين كونه رجلا أو امرأة نعم
على القول بحرمة سماع صوت الأجنبية لو سلمت الأجنبية عليه لا يبعد القول بعدم وجوب رده لامكان دعوى انصراف الأدلة إلى السلام السائغ ولكن الأحوط ان
لم يكن أقوى وجوب رده خصوصا مع غفلتها وزعم المماثلة أو المحرمية كما أن الأقوى وجوب الرد لو سلم عليها الأجنبي ولو قلنا بحرمة سماع صوتها إذ الحرمة لو سلمناها
فهي في غير مواقع الضرورة العرفية فضلا عما لو عرضه وجوب شرعي كما لو احتاجت إلى السؤال عن شئ من معالم دينها وتوهم انصراف الأدلة إلى إرادة الرد السائغ
في حد ذاته ضعيف واضعف منه توهم قصور الأدلة عن شمولها الا بضميمة الاجماع وقاعدة المشاركة وهما غير ثابتين في المقام إذ لا قصور في شئ من الأدلة ضرورة
ان المقصود بمثل قوله تعالى إذا حييتم بتحية مطلق المكلفين لا خصوص الرجل ولذا لا يرتاب أحد في ذلك بالنسبة إلى المحارم ولا بعضهن مع بعض وانما نشأت الشبهة
في المقام من حيث حرمة سماع صوتها وقد أشرنا إلى انا لو قلنا بحرمته فهو في غير مثل المقام مع أن الأقوى خلافه كما تقدم التنبيه عليه في مبحث القراءة ونظيرهما في الضعف
توهم حرمة السلام عليها فلا يجب رده بناء على انصراف الأدلة إلى السلام السائغ كما ليس بالبعيد لكونه سببا لايقاعها في محرم حيث يدور امرها بين ترك الرد الواجب
عليها أو التكلم مع الأجنبي وكل منهما حرام يحرم سببه وهو السلام عليها توضيح ضعفه انه اما ان يجوز رد لها سلام الأجنبي تام لا فعلى الأولى لا حرمة في فعله وعلى الثاني
لا حرمة في تركه فليس فعل السلام سببا لالجائها إلى ارتكاب معصية كي يدعى قبحه هذا مع دلالة بعض الأخبار على جوازه كصحيحة ربعي عن أبي عبد الله (ع) قال
كان رسول الله (ع) يسلم على النساء ويرددن عليه السلام وكان أمير المؤمنين (ع) يسلم على النساء وكان يكره ان يسلم على الشابة منهن ويقول أتخوف ان يعجبني صوتها
فيدخل على أكثر مما اطلب من الاجر وما في بعض الأخبار من النهي عنه مثل المرسل المروي عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال لا تبدأوا النساء بالسلام وفي خبر غياث
عن أبي عبد الله عليه السلا قال لا تسلم على المرأة محمول على الكراهة بشهادة الصحيحة وقضية الجمع بينها تخصيص الكراهة بما إذا كانت شابة لدلالة الصحيحة على نفي
الكراهة أيضا في غير هذا الصورة بل استحبابه وهل يجب رد سلام أهل الذمة وغيرهم من فرق المشركين وجهان بل قولان من اطلاق الامر برد التحية الصادقة عليه
في الكتاب وتعلق الامر به في النصوص الخاصة الواردة فيه التي سيأتي نقلها من امكان دعوى انصراف الاطلاق عنه وكون النصوص الخاصة الواردة فيه
مسوقة لبيان كيفية الرد عليهم كما ستعرف فلا يفهم منها الوجوب وربما يؤيد الأول ما تقدمت حكايته عن ابن عباس في تفسير الآية من أن قوله تعالى
أوردوها ورد في أهل الكتاب ولكنك عرفت عدم حجية هذا التفسير مع مخالفته لظاهر الآية فان ظاهرها اتحاد الموضع الذي تعلق الامر برده اما بالمثل
أو بأحسن منه بل قد يقال بان ظهور الآية في ذلك يقتضي تخصيصها بغير أهل الكتاب إذ لا يجوز رد تحية أهل الكتاب بالأحسن كما ستعرف وفيه ان تقييد كونه
بأحسن بما إذا كان المسلم مسلما أولى من التخصيص ولكن قد يقال بانا ان أوجبنا رد سلام الكتابي فإنما هو بصيغة عليك كما ورد في الأخبار الآتية وهو ليس
ردا بالمثل ولا بأحسن وفيه انه لا يعتبر في الرد الماثلة في اللفظ بل العبرة بصدق اسم رد التحية وهو يتحقق بلفظ عليك فعمدة ما يصح ان يوجه به القول بعدم الوجوب
انما هي دعوى انصراف الآية عن تحية الكفار وقصور النصوص الآتية عن إفادة الوجوب (كما ربما يؤيد ذلك كون السلام دعاء فيبعد ارادته بالنسبة إلى الكفار فالقول بعدم الوجوب) لا يخلو من وجه ولكن الاحتياط مما لا ينبغي تركه وكيف كان فينبغي الاقتصار
في رد سلامهم على لفظ عليك أو عليكم كما يدل عليه اخبار مستفيضة منها موثقة سماعة قال سألت أبا عبد الله (ع) عن اليهودي والنصراني والمشرك إذا
سلموا على الرجل وهو جالس كيف ينبغي ان يرد عليهم فقال يقول عليك وموثقة محمد بن مسلم بن أبي عبد الله (ع) قال إذا سلم عليك اليهودي والنصراني والمشرك
فقل عليك وخبر غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله (ع) قال قال أمير المؤمنين (ع) لا تبدوا أهل الكتاب بالتسليم وإذا سلموا عليكم فقولوا وعليكم وصحيحة زرارة أو
حسنته عن أبي جعفر (ع) قال دخل رجل يهودي على رسول الله صلى الله عليه وآله وعايشة عنده فقال السام عليك فقال رسول الله صلى الله عليه وآله عليك ثم دخل اخر فقال مثل ذلك فرد عليه
كما رد على صاحبه ثم دخل اخر فقال مثل ذلك فرد عليه رسول الله كما رد على صاحبيه فغضبت عايشة فقالت السام عليكم والغضب واللعنة يا معشر اليهود يا اخوة
القردة والخنازير فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله يا عايشة ان الفحش لو كان ممثلا لكان مثال سوء ان الرفق لم يوضع على شئ قط الا زانه ولم يرفع منه قط الا شانه قالت
يا رسول الله اما سمعت إلى قولهم السام عليك فقال بلى اما سمعت ما رددت عليهم قلت عليكم فإذا سلم عليكم مسلم فقولوا سلام عليكم وإذا سلم عليكم كافر
422

فقولوا عليك ثم إنه ورد الرد في أكثر هذه الروايات بدونه الواو وفي خبر غياث معها وقضية الجمع بين الأخبار الالتزام بالتخيير وحصول الرد بكل منهما
كما يساعد عليه العرف ولكن الأحوط ترك الواو لما قيل من موافقة خير غياث الأكثر الروايات العامة وأصحها مع كون الراوي عاميا وقد يقوي في النظر جواز الرد
عليهم بلفظ السلام مقتصرا عليه قاصدا به الرد الصوري الذي يتحقق به تأليف القلوب لا التحية عليهم حقيقة كما يدل عليه خبر زرارة عن أبي عبد الله (ع) قال يقول في
الرد على اليهودي والنصراني سلام إذا الاقتصار على لفظ السلام ليس الا لأجل ان لا يقصد التحية عليهم فيضمر في نفسه مثلا كونه على من اتبع الهدى ونحوه أو لكنه يتحقق به
الرد الصوري الذي لم يرد سلامهم والله العالم واما جواب سلام المسلمين فقد ورد في جل الأخبار المشتملة عليه
في غير حال الصلاة بصيغة وعليك السلام بواو العطف مع تقديم الظرف واما في حال الصلاة فسيأتي التكلم فيه فمن جملة تلك الأخبار رواية حماد الأحمسي قال
دخلت على أبي عبد الله (ع) وانا أريد ان أسئله عن صلاة الليل فقلت السلام عليك يا بن رسول الله فقال وعليك السلام اي والله انا لولده الحديث وخبر الحكم
بن عتبة قال بينما انا مع أبي جعفر (ع) والبيت غاص باهله إذ اقبل شيخ يتوكأ على عنزة له حتى وقف على باب البيت فقال السلام عليك يا بن رسول الله ورحمة الله
وبركاته فقال أبو جعفر (ع) وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وفي صحيحة محمد بن قيس عن أبي جعفر (ع) ان أمير المؤمنين في جواب من سلم عليه قال وعليك السلام و
رحمة الله وبركاته إلى غير ذلك من الروايات المشتملة عليه كالنبوي المتقدم في صدر المبحث وغيره مما يقف عليه المتتبع ولاجل ذلك زعم صاحب الحدائق وجوب
تقديم الظرف في غير حال الصلاة وعكسه في حال الصلاة ناسبا لهما إلى الشهرة وفيه انه ليس لرد السلام حقيقة شرعية فالمدار على ما يتحقق به الجواب ويصدق
عليه اسم رد السلام عرفا على حسب ما يقتضيه اطلاق أدلته ووقوع الجواب في الأخبار بالصيغة الخاصة لا يدل على انحصار الجواب شرعا أو عرفا بتلك الصيغة بل
هي بحسب الظاهر ليس الا لكونها احدى المصاديق التي يتحقق بها الجواب أو أشيعها وأبلغها والا فلا ينبغي الارتياب في صحة تأخير الظرف عرفا في مقام الجواب
خصوصا إذا كان لفظ السلام معرفا قاصدا به العهد وكفاك شاهدا على ذلك الأخبار الآتية الواردة في الصلاة التي وقع فيها التصريح برد السلام بصيغة سلام
عليكم أو السلام عليك ونحوه وكونه في الصلاة أو في خارجها لا مدخلية له في صدق اسم رد السلام عليها وتوهم ان الحكم شرعي لا العرفي فلا بد من أن يؤخذ موضوعه
من الشارع وقد وقع الجواب بتقديم الظروف في كلمات الشارع في غير حال الصلاة بعكس حال الصلاة مما لا ينبغي الالتفات إليه ويدل عليه أيضا قوله عليه السلام
في ذيل رواية زرارة المتقدمة فإذا سلم عليك مسلم فقولوا سلام عليكم وإذا سلم عليكم كافر فقولوا عليك وفي الحدائق بعد ذكر هذه الرواية قال ويمكن الجواب
عن هذه الرواية بان الغرض من هذا اللفظ انما هو بيان الفرق بين الرد على المسلم والكافر بان الكافر يقتصر بالرد عليه بقوله عليك من غير ارداف بالتسليم عليه بخلاف
المسلم فإنه يردفه بالتسليم وسياق الخبر انما هو في ذلك وليس الخبر مسوقا لبيان كيفية الرد انتهى وفيه ما لا يخفى إذ غاية ما يمكن ادعائه بشهادة السباق انه لم يرد
من هذا اللفظ خصوصه بحيث يكون واجبا عينيا لأنه لم يرده أصلا بل أريد به مدلوله على سبيل الاجمال والاهمال الغير المنافي لاشتراطه بكونه بعبارة مغايرة
لهذا اللفظ فإنه تأويل بعيد بلا مقتضى وربما يظهر من العبارة المحكية عن التذكرة أيضا اعتبار تقديم الظرف في الجواب حيث قال ما لفظه وصيغة الجواب وعليكم
السلام ولو قال وعليك السلام جاز ولو ترك حرف العطف وقال عليكم السلام فهو جواب خلافا للشافعية فلو تلاقي اثنان فسلم كل منهما على الاخر وجب على
كل واحد منهما جواب الاخر ولا يحصل الجواب بالسلام وان ترتب السلامان انتهى ولا يبعد ان يكون غرضه بيان صيغة المتعارفة الا انحصار الجواب به بحيث لو قال السلام عليكم
بقصد الجواب لم يتحقق به الرد الواجب عليه والا فهو محجوج بما عرفت * (فروع الأولى) * صرح غير واحد بفورية رد السلام بل عن مصابيح الظلام استظهار
اتفاق الأصحاب عليه وادعى بعض كونه مقطوعا به في كلماتهم ووجهه ان المتبادر من أدلته ليس الا إرادة الاتيان به عقيب السلام على حسب ما هو المتعارف في رد
السلام بل يعتبر عرفا التوالي في تحقق مفهوم رد السلام بل مكرر يعتبر عرفا التوالي في تحقق مفهوم رد السلام إلى هنا فلو تركه إلى أن مضى زمان يعتد به فقد فات محله فلو اجابه
بعد ذلك يعد في العرف مستهزءا به الا رادا لسلامه فما عن مجمع البرهان من أنه لو كان المسلم حاضرا وجب عليه الرد دائما ولو غاب وذهب يجب عليه الذهاب
حتى يرد عليه عندهم فلا يجوز فعل الصلاة المنافي له بناء على مسألة الضد انتهى ولا يخلو من نظر الثاني وجوب رد السلام كفائي بلا خلاف فيه على
الظاهر بل عن الذكرى دعوى الاجماع عليه ويشهد له موثقة غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا سلم من القوم واحدا جزء عنهم وإذا رد واحد
أجزء عنهم ومرسلة ابن بكير عن أبي عبد الله (ع) قال إذا مرت الجماعة بقوم أجزء عنهم ان يسلم واحد منهم أو إذا سلم على القوم وهم جماعة اجزئهم ان يرد واحد
منهم ويظهر من الخبرين ان استحباب الابتداء أيضا كفائي كما صرح به في الحدائق وغيره ويدل عليه أيضا صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج المروية عن الكافي عن أبي
عبد الله (ع) على ما في الوسائل قال إذا سلم الرجل من الجماعة أجزء عنهم وفي التعبير بالاجزاء إشارة إلى أن الاكتفاء بفعل الواحد في المقامين رخصة فيشرع للباقين
أيضا الكلام أو الجواب كما يقتضيه عموما أدلته فالمراد بكون استحبابه كفائيا كفاية فعل الواحد لإقامة السنة لا سقوطه رأسا كما أومى إلى ذلك العلامة في ما حكى
من تذكرته حيث قال ما لفظه وابتداء السلام سنة على الكفاية ولو سلم واحد من جماعة على واحد من جماعة أخرى كفى ذلك لإقامة السنة انتهى ثم إن ظاهر النص وفتاوي الأصحاب
كما صرح بعضهم انما هو سقوط الجواب عن الكل برد واحد إذا كان ذلك الواحد داخلا في المسلم عليهم فلا يسقط برد من لم يكن داخلا فيهم وهل يسقط برد
الصبي المميز الداخل فيهم وجهان بل قولان ان وجههما الأول لاطلاق الخبر ين الحاكم على ظهور الآتية في وجوبه عينا على كل من شمله التحية اللهم الا ان يدعي انصرافه إلى
البالغين وفيه تأمل بل منع ودعوى ان المتبادر من الخبرين إرادة واحد ممن وجب عليه الرد والصبي ليس منهم مدفوعة بان المتبادر منه ليس الا إرادة واحد
423

من تلك الجماعة التي سلم عليهم وكون الرد واجبا عليهم أو غير واجب لا مدخلية له فيما يتبادر من هذين الخبرين وقد بني جماعة من الأصحاب ذلك على شرعية عبادة وفيه
نظر إذ لا يعتبر في رد السلام قصد القربة ووقوعه على وجه العبادة فالعبرة بصدق اسم رد السلام وشمول ما دل على سقوط الواجب بفعله وعدم كون الفعل واجبا
عليه بل ولا مستحبا غير مناف لكونه مسقطا للواجب بل لو كان الدليل الحاكم باطلاقه شاملا لغير المقصودين بالسلام أيضا لكنا نلتزم به كغيره من الواجبات الكفائية التي
لم يتعلق الغرض بخصوصيات الاشخاص ولا خصوص المكلفين فالذي يصلح ان يكون مستندا للقول بعدم الكفاية انما هي دعوى الانصراف التي عرفت منعها على مدعية
نعم من لا يعتمد على مثل هذه الأخبار ويرى مستند الحكم منحصرا بالاجماع وجب عليه الالتزام بعدم سقوطه برد الصبي سواء التزم بشرعية أم لا لخروجه
عن مورد الاجماع ومخالفته للأصل كما لا يخفى الثالث صرح غير واحد بوجوب اسماع الجواب تحقيقا أو تقديرا بل عن الذخيرة لم أجد أحدا صرح
بخلافه في غير حال الصلاة وفي الجواهر قال لا أجد فيه خلافا الامر المقدس الأردبيلي أقول بل الظاهر اعتبار الاسماع تحقيقا أو تقديرا في السلام أيضا
فلا يجب رده بدونه ولكن لم أجد التعرض له صريحا في كلماتهم ولكنه قد يلوح ذلك من بعض كلماتهم مثل ما قيل في مقام الاستدلال لوجوب السماع في الرد
بأنه لا يصدق التحية ولا الرد عرفا بدونه وبخبري ابن القداح وعبد الله بن الفضل الآتيين الواردين في كليهما
وربما يشعر به أيضا تعليق وجوب الرد في عبارة العلامة
الآتية بسماع النداء إلى غير ذلك من التلويحات الواقعة في كلماتهم وكيف كان فالظاهر اعتبار الاسماع في كل من السلام والجواب إذا الظاهر صحة ما قيل من عدم
صدق التحية والرد عرفا بدونه ولا أقل من انصراف الآية ونحوها عن التحية الغير الواصلة إليه والرد الذي هو كذلك وربما يؤيده أيضا حكمة تعارف السلام
التي أشير إليها في خبر عبد الله بن الفضل المروي عن كتاب معاني الأخبار للصدوق وقال سألت أبا عبد الله (ع) عن معنى التسليم في الصلاة قال التسليم علامة الامر و
تحليل الصلاة قلت وكيف ذلك جعلت فداك قال كان الناس فيما مضى إذا سلم عليهم وارد امنوا شره وكانوا إذا ردوا عليه امن شرهم وإذا لم يسلم عليهم
لم يأمنوه وإذا لم يردوا عليه لم يأمنهم وذلك خلق في العرب الحديث ويؤيده أيضا خبر ابن القداح عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا سلم أحدكم فليجهر بسلامه
ولا يقول سلمت ولم يردوا على ولعله يكون قد سلم ولم يسمعهم وإذا رد أحدكم فليجهر برده ولا يقول المسلم سلمت فلم يردوا على ثم قال كان علي يقول لا تغضبوا
ولا تغضبوا افشوا السلام واطيبوا الكلام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام ثم تلا قوله تعالى " السلام المؤمن المهيمن " بل قد يستدل بهذين الخبرين
على المدعى ولكنه لا يخلو من تأمل وكيف كان فالعمدة ما عرفت فما عن المحقق الأردبيلي من التردد في وجوب اسماع الرد كأنه في غير محله نعم قد يقال
بذلك في حال الصلاة لبعض الأخبار الآتية التي سيأتي التعرض لها انشاء الله ولا فرق في وجوب الرد والسماع بين كون المسلم حاضرا أو من وراء ستر أو
حائط ونحوه الاطلاق ما دل عليه قال العلامة في محكي التذكرة لو ناداه من وراء ستر أو حائط فقال السلام عليك أو كتب وسلم فيه أو ارسل رسولا فقال سلم
على فلان فبلغه الكتاب والرسالة قال بعض الشافعية يجب عليه الجواب والوجه انه ان سمع النداء وجب والا فلا وهو جيد لعدم صدق التحية والسلام عرفا
على الكتابة ونقل السلام نعم ينبغي ان يقول في جواب من بلغه الرسالة مثل ما قال الصادق عليه السلام في خبر أبي كهمس قال قلت للصادق عليه السلام
عبد الله بن يعفور يقرئك السلام فقال عليك وعليه السلام إذا اتيت عبد الله بن يعفور فاقرأه السلام وقل له الحديث تأسيا بالامام عليه السلام الرابع لو سلم جماعة على واحد
فالظاهر كفاية صيغة واحدة في رد الجميع بلفظ الجمع فإنه يصدق عليه عرفا ولغة رد تحية الجميع بالمثل أو الأحسن الخامس ما يصدر من الأخرس في مقام
التحية هل يجب رده وما يصدر منه في مقام الجواب هل يكتفي به في سقوط التكليف عن الغير ظاهر المحكي عن التذكرة ذلك حيث قال على ما حكى عنه وسلام الأخرس
بالإشارة معتد به وكذا رده السلام وهو لا يخلو من اشكال فان إشارته وان كان عرفا قائما مقام لفظه لكن تحقق موضوع التحية والسلام حقيقة بذلك
بحيث يندرج في موضوع الآية لا يخلو من تأمل وسبيل الاحتياط في غير حال الصلاة غير خفي واما في حال الصلاة فستعرف ما يقتضيه الاحتياط في مثل
هذه المواضع ثم إن ما ذكرناه من صدر المبحث انما هو فيما يتعلق بالسلام ورده من حيث هو لا بالمقايسة إلى حال الصلاة واما في حال الصلاة فلا
يجوز السلام على الغير ابتداء قاصدا به التحية جزما لأنه كلام مبطل واما لو قصد به الدعاء محضا بان استعمله بمعنى سلمك الله أو سلام الله عليك قاصدا
به محض الدعاء فهو أيضا كذلك على الأشبه إذا أريد به الخطاب حقيقة والمكالمة معه بالدعاء له نعم لو اخرج الخطاب عن حقيقته وجعله مناجاة مع
الرب بمنزلة ما لو قال اللهم سلم فلانا أو سلام الله عليه جاز بلا شبهة كما تقدم التنبيه عليه في مسألة تسميت العاطس فراجع واما جواب السلام فيجوز في
الجملة بل يجب بلا خلاف فيه بينا على الظاهر أو التعبير بالجواز في عبائر كثير منهم كالمصنف (ره) وغيره وارد في قيام بيان عدم كونه منافيا للصلاة فمعنى يجوز
في كلماتهم انه ليس بمبطل للصلاة واما حكمه من حيث هو فهو موكول إلى ما بينوه في محله نظير ما قد يقال يجوز سجود التلاوة في النافلة دون الفريضة كما لا
يخفى وكيف كان فلا شبهة في الحكم بالمعتبرة المستفيضة الدالة عليه منها موثقة سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل يسلم عليه وهو في الصلاة
قال يرد بقول سلام عليكم ولا يقول وعليكم السلام فان رسول الله صلى الله عليه وآله كان قائما يصلي فمر عمار بن ياسر فسلم عليه فرد عليه النبي صلى الله عليه وآله هكذا وسوق الخبر يشهد بان المقصود
من الامر بالرد بصيغة سلام عليكم وهو ان لا يقول وعليكم السلام كما هو المتعارف في رد السلام في غير حال الصلاة ولا وجوب هذه الصيغة بعينها حتى يتحقق التنافي
بينه وبين غيره مما ستعرف وصحيحة محمد بن مسلم انه سأل أبا جعفر (ع) عن الرجل يسلم على القوم في الصلاة فقال إذا سلم عليك مسلم وأنت في الصلاة فسلم عليه
تقول السلام عليك واشر بإصبعك وظاهر هذه الرواية كسابقتها اعتبار وقوع الرد في الصلاة بصيغة السلام وقوله (ع) تقول السلام عليك
424

بحسب الظاهر جار مجرى التمثيل لم يقصد به الوجوب كما يفصح عن ذلك الموثقة المتقدمة وغيرها مما ستعرف وخبر عبد الله بن جعفر المروي عن قرب الإسناد
عن علي بن جعفر عن أخيه (ع) قال سئلته عن الرجل يكون في الصلاة فيسلم عليه الرجل هل يصلح له ان يرد قال يقول السلام عليك فيشير إليه بإصبعه وما في هذه
الرواية وسابقتها من الامر بالإشارة بالإصبع لعلة للاستغناء بها عن التوجه والاقبال المحتاج إليه عادة في المخاطبة المنافي للهيئة المرغوبة في الصلاة
وكيف كان فالامر به ندبي إذ لا يمكن الالتزام بوجوبه بعد وضوح عدم توقف الرد الواجب عليه واستبعاد كونه واجبا نفسيا مستقلا لا مدخليته له في الرد
مع خلو ساير الروايات الواردة في مقام البيان عنه وعدم نقل القول به عن أحد مع ما فيه من احتمال التقية كما سنشير إليه وعن الصدوق مرسلا قال قال أبو جعفر (ع)
سلم عمار على رسول الله صلى الله عليه وآله في الصلاة فرد عليه ثم قال أبو جعفر (ع) السلام اسم من أسماء الله عز وجل وعن الشهيد في الذكرى قال وروى البزنطي عن الباقر (ع) قال إذا
دخلت المسجد والناس يصلون فسلم عليهم وإذا سلم عليك فاردد فاني افعله وان عمار بن ياسر مر على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يصلي فقال السلام عليك يا رسول الله و
رحمة الله وبركاته فرد عليه السلام وصحيحة محمد بن سلم قال دخلت علي أبي جعفر (ع) وهو في الصلاة فقلت السلام عليك فقال السلام عليك فقلت كيف أصحبت
فسكت فلما انصرف قلت أيرد السلام وهو في الصلاة فقال نعم مثل ما قيل له وصحيحة منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع) قال إذا سلم عليك الرجل وأنت تصلي قال
ترد عليه خفيا كما قال وظاهر الخبرين الأخيرين وجوب الرد بمثل ما قال المسلم والمتبادر من اطلاق المثل المماثلة التامة حتى في الافراد والجمع والتعريف والتنكير و
نحوها وقد التزم غير واحد بذلك اخذ بظاهر الخبرين وقد اختاره في الحدائق ونسبه إلى المشهور الا انه قيد السلام الذي يجب رده بما إذا وقع السلام بإحدى
الصيغ الأربع الواردة في الأخبار يعني سلام عليكم وعليك والسلام عليكم وعليك فلم يوجب رد السلام الذي ليس بإحدى هذه الصيغ لا في الصلاة ولا في غيرها
وقد عرفت ضعفه فيما سبق وان العبرة في وجوب الرد بتحقق موضوع السلام عرفا ولو بصيغة عليك السلام أو سلام أو سلاما ونحوها فمقتضى القول باعتبار المماثلة
التامة الالتزام به (مط) حتى في حذف الخبر وذكره والحاق ورحمة الله وبركاته وعدمه وهذا وان كان قد يتراءى من العبائر المنسوبة إلى المشهور ولكن المتأمل فيها يرى أن
عبائر كثير منهم بمعزل عن ذلك وان الصيغ الأربع المتعارفة في السلام بأسرها لديهم متماثلة وان غرضهم بذلك الاحتراز عن أن يقول وعليك السلام كما
ورد النهي عنه في الموثقة المزبورة وكيف كان فالاخبار المزبورة بظاهرها متنافية حيث إن ظاهر الخبرين الأخيرين اعتبار المماثلة (مط) وظاهر بعض الأخبار
المتقدمة جواز رد السلام في الصلاة (مط) من غير اشتراطه بشئ كرواية البزنطي المروية عن الذكرى وبعضها كالموثقة ظاهر في وجوب الرد بصيغة سلام عليكم دون
وعليكم السلام وبعضها كالصحيحة الأولى وخبر علي بن جعفر ظاهر في الرد بصيغة السلام عليك ولكنك عرفت ان مقتضى الجمع بين هذه الروايات الثلث حمل الصيغتين
الواردتين فيهما على التمثيل كما يشهد بذلك سوقهما فالمقصود بالجميع ايجاب الرد بصيغة السلام احترازا عن تقديم الظرف المتعارف في الجواب فلا معارضة بينها كما أنه لا
معارضة بين شئ من الأخبار (المقيدة وبين بخير البزنطي الظاهر في كفاية مطلق الرد بمقتضى اطلاقه ضرورة حكومة الأخبار) المقيدة الواردة في كيفية الرد على هذا الاطلاق مع امكان الخدشة في أصل اطلاقه بوروده مورد حكم اخر فينحصر التنافي بين الخبرين
الأخيرين الذين ظاهرهما اعتبار المماثلة التامة وبين غيرهما مما دل على اعتبار كونه بصيغة السلام ويمكن الجمع بينهما اما بارتكاب التأويل في الخبرين و
تنزيلهما على الغالب من وقوع السلام بالصيغ الأربع المتعارفة التي يقدم فيها السلام وحمل المثل على إرادة المماثلة من هذه الجهة اي من حيث كونه بعبارة
السلام لا الجواب أو مثله على ظاهره من إرادة مثله في اللفظ ولكن لا لأجل ان المماثلة في اللفظ من حيث هي معتبرة في الرد بل لأجل ان مثله يقع في الغالب بصيغة
السلام واما بارتكاب التأويل في تلك الأخبار بحملها على الإرادة الرد بالمثل وتنزيل اطلاقها على ما لو وقع السلام بخصوص الصيغة الواردة فيها والنهي عن
تقديم الظرف في الموثقة لمخالفته في الغالب للصيغة التي وقع السلام بها ولكن يبعد هذا التوجيه انه لو كانت المخالفة بينه وبين السلام مناطا للنهي لم يكن
وجه لتخصيص وعليكم السلام بالذكر إذ المخالفة كما تحصل بالتقديم والتأخير كذلك تحصل بالتعريف والتنكير والافراد والجمع هذا مع أن تنزيل اطلاق كل من
هذه الأخبار على ارادته في فرد خاص وهو ما لو وقع السلام باللفظ المماثل الواردة فيها لا يخلو من بعد نعم لو كانت الصيغة الواردة فيها خصوص سلام
عليكم لا مكن دعوى ورودها مورد الغالب من وقوع السلام بهذه الصيغة فلا ينافي اعتبار المماثلة ولكن تعددها مانعه عن أن يصغى إلى هذه الدعوى كما لا
يخفي هذا مع أن ظاهر قوله (ع) في ذيل الموثقة فرد عليه النبي صلى الله عليه وآله هكذا انه صلى الله عليه وآله رد سلم عمار بصياغة سلام عليكم مع أن سلم عمار على ما وقع التصريح
به في رواية البزنطي الآتية كان بصيغة السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته والظاهر اتحاد هذه الواقعة بهذا يكشف عن عدم اعتبار المماثلة في اللفظ
فتلخص مما ذكر ان ارتكاب التأويل في الخبرين بحملهما على ما لا ينافي غيرهما أولى من عكسه وأوفق بمراد المشهور على ما يقتضيه التدبر في كلماتهم هذا مع امكان ان يكون
المقصود بمثل ما قيل له أو كما قال الوارد في الخبرين التعريض على العامة القائلين بأنه يجب ان يكون الرد في الصلاة بالإشارة لا بالنطق كما حكاه عنهم في محكي
الانتصار قال ومما ظن انفراد الإمامية رد السلام في الصلاة بالكلام وقد وافق في ذلك سعيد بن المسيب والحسن البصري الا ان الشيعة تقول يجب ان يقول المصلى
في رد السلام مثل ما قاله المسلم سلام عليكم ولا يقول وعليكم السلام وذهب الشافعي إلى أن المصلي يرد السلام بالإشارة دون الكلام وقال أبو حنيفة وأصحابه
ان رد السلام بكلام فسدت صلاته بالإشارة أساء وقال الثوري لا يرد السلام حتى يفرغ من الصلاة والحجة لنا اجماع الطائفة انتهى فكأنه عليه السلام
قال كما وقع السلام بالنطق وجب ان يكون رده كذلك وكيف كان فالأقوى جواز رد السلام في الصلاة بصيغة سلام عليكم وسلام عليك والسلام عليكم
وعليك وعدم جواز وعليكم السلام مطلقا وان وقعت التحية ابتداء بهذه الصيغة على تردد فيه ينشأ من امكان دعوى انصراف الرواية الناهية عنه عن مثل
425

الفرض لكونه خلاف المتعارف ولكن المنع عنه في الفرض أيضا ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط * (فوائد الأولى) * الأحوط في الموارد التي لم يثبت وجوب
الرد فيها لبعض الشبهات الموضوعية أو الحكمية كبعض الموارد التي تقدمت الإشارة إليه في طي الكلمات السابقة هو الرد بصيغتي القران اي سلام عليك
وسلام عليكم قاصدا به قراءة القرآن ليحصل به الرد على سبيل الكناية من باب إياك أعني واسمعي يا جارة إذ الظاهر كفاية مثله في صدق اسم رد التحية عرفا
وعدم توقفه على ارادته من اللفظ بالدلالة المطابقية والله العالم الثانية قد عرفت فيما سبق ان سقوط الرد عن الجماعة عند رد واحد منهم رخصة لا عزيمة
فيشرع للباقين أيضا لرد فهي يجوز لهم ذلك في الصلاة وجهان من اطلاق الأخبار الدلالة عليه وتوهم ظهور تلك الأخبار في الوجوب فلا لتناول مثل الفرض
مدفوع بورودها في مقام توهم المنع فلا يفهم منها أزيد من الرخصة التي لا مانع عن شمولها له ومن امكان دعوى انصرافها بواسطة مغروسية المنع عن التكلم
في الصلاة في النفس إلى صورة الحاجة إلى الرد ولزومه عليه دون ما إذا سقط التكليف عنه بفعل الغير وهذا هو الأحوط الثالثة هل يجوز الحاق
ورحمة الله وبركاته كما يظهر من بعض حيث أجاز الرد بالأحسن أم يجب الاقتصار على صيغة السلام التي دلت الأخبار على جوازها كما هو ظاهر آخرين وجهان أحوطهما
ذلك حتى مع وقوع هذه الزيادة في عبارة المسلم اقتصارا في رفع عما دل على قاطعية الكلام على القدر المتيقن الذي يدل عليه الأخبار المخصصة له ووقوعها في عبارة
المسلم لا يوجب الحاقها في رده حيث يكون رده في الصلاة مخالفا للاحتياط من هذه الجهة إذ العبرة في سقوط التكليف بحصول رد السلام عرفا لا يكون
الجواب مماثلا لقوله كما تقدم التنبيه على ذلك عند التكلم في حصول رد الكتابي بلفظ عليك فراجع الرابعة ولو ترك الرد الواجب عليه ومضى في صلاته
لم تبطل على الأصح على من عدم اقتضاء الامر بالشئ النهي عن ضده ولا في لامر به على الاطلاق كما تقرر في محله وعلى القول بالاقتضاء تبطل لامتناع وقوع المنهي عنه
عبادة نعم لو ترك الاشتغال بافعال الصلاة أيضا إلى أن فات محل الرد ثم اتى بباقي الافعال من دون ان يتحقق الفصل المخل بالتوالي المعتبر في الصلاة (صحت الصلاة) على هذا
القول أيضا كما لا يخفى * (المسألة الثالثة) * يجوز ان يدعو المصلي بكل دعاء يتضمن تسبيحا أو تحميدا أو طلب شئ مباح من أمور الدنيا وقاعدا وراكعا وساجدا
بلا خلاف فيه على الظاهر ويدل عليه اخبار كثيرة منها صحيحه الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال كلما ذكرت الله عز وجل به والنبي صلى الله عليه وآله فهو من الصلاة وصحيحة ابن
مهزيار قال سئلت أبا جعفر عليه السلام يتكلم في صلاة الفريضة بكل شئ يناجي ربه قال نعم ومرسله حماد بن عيسى عن أبي عبد الله (ع) أنه قال كلما كلمت الله به في
صلاة الفريضة فلا باس وليس بكلام وخبر عبد الرحمن بن نباته قال قلت لأبي عبد الله (ع) ادعو الله وانا ساجد فقال نعم فادع للدنيا والآخرة فإنه رب الدنيا
والآخرة وعن الصدوق مرسلا عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال لا باس ان يتكلم الرجل في صلاة الفريضة بكل شئ يناجي ربه عز وجل وعنه أيضا مرسلا عن
الصادق (ع) قال كلما ناجيت به ربك في الصلاة فليس بكلام إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة التي لا حاجة إلى استقصائها وقد عرفت في مبحث القراءة جواز قراءة القرآن
أيضا في سائر أحوال الصلاة كما انك عرفت في ذلك المبحث وكذا في مبحث القنوت وغيره من المباحث المتقدمة جملة من الفروع المرتبطة بالمقام كجواز الدعاء
بالفارسية وبالملحون وعدم اختصاص الجواز بالدعاء خاصة اي الطلب بل كل ذكر من تسبيح أو تحميد أو غير ذلك مما يندرج تحت المناجاة مع الرب كما أومى إليه المصنف (ره)
ودلت عليه الأخبار المتقدمة ولا يجوز ان يطلب شيئا محرما في الصلاة وغيرها على المشهور بل ارسلوا حرمته عند التكلم في مبطليته للصلاة ارسال المسلمات بل
عن العلامة فالمنتهى دعوى الاجماع عليه وعلله بعض بان محرماته تعالى من مبغوضاته وظاهر ان طلب المبغوض مبغوض وان الدعاء من جملة العبادات فلا بد فيها
من الاقتصار على ما ثبت فيه الرخصة والا فبدعة وضلاله وفيهما خصوصا الأخير منهما ما لا يخفى ضرورة ان طلب شئ من الله تعالى كطلبه من غيره يكفي في جوازه الأصل
وعموم مثل كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهى ولا يعتبر في حصول مفهومه وقوعه بعنوان العبادة وقصد إطاعة الامر كي يعتبر فيه التوظيف ويتحقق بدونه والتشريع
واما ما قيل من أن طلب المبغوض مبغوض ففيه منع ظاهر إذا لا ملازمة بينهما نعم مع العلم والالتفات إلى حرمته يكون طلبه من الله تعالى كطلبه من غيره نوعا
من التجري فربما يكون مبغوضا من هذه الجهة لا من حيث هو فالحكم بحرمته على الاطلاق كما يقتضيه اطلاق كلماتهم لا يخلو من اشكال واشكل من ذلك الحكم بأنه لو فعل
ذلك بطلت صلاته كما صرح به في المتن وغيره واستدل عليه بصيرورته لتعلق النهي به من كلام الآدميين وفيه ان النهى عنه لم يغيره عن كونه دعاء ومناجاة
مع الله تعالى واستدل عليه أيضا بما عن العلامة في التذكرة من نقل الاجماع عليه قال في محكي التذكرة الدعاء المحرم مبطل للصلاة اجماعا لأنه ليس بقران اجماعا
ولا دعاء مأمور به بل منهى عنه والنهي يدل على الفساد انتهى وفيه بعد الغض عن عدم حجيته نقل الاجماع ان ذكره للمستند أوهن الاعتماد على الاجماع الذي
ادعاه انما يعول على الاجماع ما لم يعرف مستندهم والا فالعبرة بمستندهم اللهم الا ان يكون ما ذكره من التعليل دليلا مستقلا لا بيان المستند المجمعين كما يعطيه سوق كلامه
وكيف كان فيتوجه على تعليله ان النهي يدل على فساد المنهي عنه وعدم وقوعه عبادة لا الصلاة التي وقع ذلك في أثنائها واستدل له أيضا بعموم النهي عن التكلم
في الصلاة في مثل قوله (ع) في مرسلة الصدوق ومن تكلم في صلاته متعمدا فعليه اعادته مقتصرا في تخصصه على ما ينصرف الأخبار المخصصة له وهو الدعاء المباح فيبقى
غيره مندرجات تحت العموم وفيه بعد تسليم عموم صالح لأن يستدل به لمثل المقام وعدم انصراف ما دل على المنع عنه في حد ذاته إلى كلام الآدميين لتعين صرفه
إلى ذلك بشهادة الأخبار المزبورة ودعوى انصراف تلك الأخبار إلى اتباح ممنوعة بل المتبادر من مثل قوله (ع) كلما ناجيت به ربك في الصلاة فليس بكلام انما
هو إرادة الجنس من غير التفات إلى خصوصيات اشخاصه فليتأمل ثم لو سلمنا حرمته من حيث هو وقلنا بان الدعاء المحرم مبطل فالظاهر في لفرق (ح) بين كونه عالما
أو جاهلا اللهم الا ان يرجع جهله إلى الخطاء في الموضوع كما نبه عليه في المسالك حيث قال بعد ان نص على البطلان وان جهل التحريم أو كون المحرم مبطلا للصلاة ليس عذرا
426

نعم لو كان جهله بما لا يرجع إلى الحكم كما لو ظن الكفر في شخص فدعا عليه وكان مؤمنا لم تبطل صلاته * (المسألة الرابعة) * يجوز للمصلي إن يقطع صلاته
إذا خاف تلف مال وفوات غريم أو تردي طفل أو ما شابه ذلك من مواقع الضرورة العرفية دينية كانت أو دنيوية بل قد يجب القطع في مثل هذه الموارد
إذا بلغ خوفه إلى مرتبة الظن وكان ما يخاف منه مما يجب حفظه كإنقاذ نفس محترمة من الغرق والحرق ونحوه لما ستعرف من أن كونه في الصلاة التي لم يتضيق وقتها
لا يصلح مانعا عن تنجيز التكليف بشئ من الواجبات المضيقة المضادة لها فضلا عن مثل حفظ النفس المحترمة الذي هو من أهم الواجبات واما إذا لم يصل خوفه إلى
هذا الحد أو كان ما يخاف منه مما لا يجب عليه شرعا التحرز من ضرره كفوات غريم ونحوه لم يجب القطع بل يجوز كما نبه عليه الشهيدان حيث قسما قطع الصلاة إلى
الأقسام الخمسة فعن الذكرى انه بعد ان حكم بتحريم القطع الا في مواضع الضرورة قال وقد يجب القطع كما في حفظ الصبي والمال المحترم من التلف وانقاذ
الغريق والمحترق وحيث يتعين عليه فلو استمر بطلت صلاته للنهي المفسد للعبادة وقد لا يجب بل يباح كقتل الحية التي لا يغلب على الظن أذاها واحراز المال
الذي لا يضر فوته وقد يستحب كالقطع لاستدراك الأذان والإقامة وقراءة الجمعة والمنافقين في الظهور والجمعة والايتمام بإمام الأصل وغيره وقد يكره كإحراز
المال اليسير الذي لا يبالي بقواته مع احتمال التحريم انتهى وفي المسالك قال في شرح العبارة المراد بالجواز هنا معنا الأعم ثم قال فان قطعها لحفظ الصبي
المتردي إذا كان محترما واجب وكذا حفظ المال المضر فوته بحاله وقطعها الاحراز المال اليسير الذي لا يضر فوته مباح ولاحراز المال اليسير الذي لا يبالي بفواته
كالحبة والحبتين من الحنطة مكروه إلى أن قال وقد يستحب قطعها لأمور تقدم بعضها كناسي الأذان والإقامة فقطع الصلاة منقسم إلى الأحكام الخمسة انتهى
وفي الحدائق بعد ان نقل عن الشهيد في الذكرى العبارة المتقدمة اعترض عليه بان ما ذكره في صورة وجوب القطع من الحكم ببطلان الصلاة لو استمر في صلاته
مبني على استلزام الامر بالشئ النهي عن ضده الخاص والظاهر منه في غير موضع من كتابه المذكور في لقول
بذلك وبالجملة فالحكم بالبطلان ضعيف بل
غايته حصول الاثم انتهى أقول الحق وجاهة هذا الاعتراض الا انه ربما التزم بالبطلان في هذه المسألة بعض من لا يقول به في مسألة الضد حقيقة
أو تنزلا لزعمه انه مأمور بقطع الصلاة وابطالها وهو يناقض الامر بالمضي فليس هذا من مسألة الضد كي يمكن الالتزام بصحة ببعض الوجوه المقررة في محلها
واما انه مأمور بقطع الصلاة فلقوله (ع) في صحيحة حريز الآتية فاقطع الصلاة وابتغ غلامك أو غريمك (الخ) وفيه ان الامر في تلك الصحيحة وارد في مقام توهم
الخطر أريد به بيان الرخصة لا الوجوب كما ستعرف فالحق انه لا مقتضى لبطلان الصلاة من غير جهة المضادة وهي أيضا غير مقتضية له كما تقرر في محله و
ناقش في الحدائق أيضا فيما ذكره الشهيد من صورتي الإباحة والكراهة بان الدليل قد دل على تحريم القطع ولا يجوز الخروج عنه الا بدليل ظاهر الدلالة على
الجواز وما ذكره من التمثيل بالحية التي لا يغلب على الظن أذاها واحراز المال الذي لا يضر فوته لا دليل عليه انتهى وفيه ما ستعرف من أن عمدة دليل حرمة
القطع الاجماع القاصر عن شمول مواقع الضرورة العرفية فيكفي (ح) لاثبات الجواز في جميع الموارد التي مثل بها الشهيد الأصل على اشكال فيما جعله من القسم
المكروه اي ما كان الاحراز المال اليسير الذي لا يبالي بفوته خصوصا مع تمثيلهم بالحبة والحبتين من الحنطة كما في المسالك وغيره حيث لا يعد مثله ضرورة
في العرف ولا مصداقا عرفيا للضرر المنفي في الشرع فهو ملحق عرفا بالقطع اختيارا بلا ضرورة مقتضية له الذي ستعرف عدم الخلاف في حرمته واشكل منه الحكم
بكونه على سبيل الكراهية إذ لا دليل يعتد به عليها ويدل أيضا على الجواز لدى الخوف من الحية ونحوها بل وكذا لدى
الخوف من ترتب ضرر دنيوي يعتد به وان لم يصل إلى مرتبة الظن مضافا إلى الأصل عمومات أدلة نفي لحرج الحاكمة على عمومات أدلة التكليف وخصوص ما رواه
الصدوق في الصحي عن حريز بن عبد الله عن أبي عبد الله (ع) قال إذا كنت في صلاة الفريضة فرأيت غلاما لك قد ابق أو غريما لك عليه مال أو حية تتخوفها على
نفسك فاقطع الصولة وابتغ غلامك أو غريمك واقتل الحية ورواه في الكافي عن حريز عمن اخبره عن أبي عبد الله (ع) مثله وموثقة سماعة قال سألته عن الرجل
يكون قائما في الصلاة الفريضة فينسى كيسه أو متاعا يتخوف ضياعه أو هلاكه قال يقطع صلاته ويحرز متاعه ثم يستقبل القبلة قلت فيكون في الصلاة الفريضة
فتفلت عليه دابة أو تفلت دابته فيخاف ان تذهب أو يصيب منها عنتا فقال لا بأس بان يقطع صلاته ويتحرز ويعود إلى صلاته واطلاق الامر بقطع الصلاة
في هذا الموارد جار مجرى الغالب من استلزامها الفعل الكثير أو الاستدبار ونحوه فلا يفهم منها جواز القطع مطلقا وان لم يستلزم
فعلا كثيرا أو غيره من المنافيات مع امكان ان يكون المراد بقطع الصلاة رفع اليد عنها لأجل هذه الأمور ثم العود إليها على حسب ما يقتضيه تكليفه من
استينافها على تقدير حصول المناف والبناء عليها على تقدير العدم وكيف كان فمفادهما جواز القطع في هذه الموارد لدى خوف الضرر وقد أشرنا إلى أن
الخوف أعم من ظن الضرر الذي يوجب تنجز التكليف بالتحرز عنه مع أن الضرر المترتب على فرار الغريم ونحوه ليس مما يجب دفعه ولو مع القطع به فقطع الصلاة
في مثل هذه الموارد لا يتصف الا بالجواز ولا يجوز قطع الصلاة الواجبة اختيارا اي بلا ضرورة شرعية أو عرفية مقتضية له بلا خلاف فيه على الظاهر
كما اعترف بذلك غير واحد بل عن جملة منهم التصريح بالاجماع في جملة من المنافيات المتقدمة كالشهيد في الذكرى في الكلام والحدث والقهقهة بل المتدبر
في كلماتهم يراه من الأمور المسلمة لديهم فهو على اجماله مما لا مجال للارتياب فيه كما يفصح عن ذلك مضافا إلى الاجماعات المستفيضة المعتضدة بالشهرة
وعدم معروفية الخلاف مغروسيته في أذهان المتشرعة من الصدر الأول كما يستشعر ذلك من الأسئولة والأجوبة الواقعة في كثير من الأخبار التي
وقع فيها التعرض لبيان حكم بعض الأفعال التي مست الحاجة إلى فعلها حال التشاغل بالصلاة فإنها مشعرة بكون في لجواز القطع لديهم مفروغا
427

عنه كما أنه قد يستشعر حرمة القطع من كثير من الروايات المسوقة لبيان حكم مثل هذه الأفعال التي وقع فيها الارشاد إلى ايقاعها على وجه غير مناف للصلاة كالصفق
باليد لاعلام الجارية ونحو ذلك وكذا من صحيحة حريز المتقدمة وغيرها مما يقف عليه المتتبع فهذا اجمالا مما لا ينبغي الارتياب فيه فما ربما يستشعر من كلمات بعض
من التردد فيه كأنه في غير محله فضلا عن الجزم بعدمه كما حكاه في الحدائق عن بعض معاصريه فقال صريح جملة من محقق متأخري المتأخرين بأنهم لم يقفوا في المسألة على
دليل يعتمد عليه وكان بعض المعاصرين يفتي لذلك بجواز قطع الصلاة اختيار أو يجوز له في الشكوك المنصوصة قطع الصلاة والإعادة من رأس للخروج عما في بعض
صورها من الخلاف انتهى واستدل العلامة في بعض كتبه على ما حكى عنه لحرمة قطع الفريضة بوجهين الأول ان الاتمام واجب وهو ينافي القطع فيكون
القطع محرما الثاني قوله تعالى لا تبطلوا اعمالكم واعترضه في الحدائق بان الأول منهما لا يخلو عن مصادرة والثاني لا يخلو من الاجمال المانع من الاستناد إليه
في الاستدلال انتهى وهو جيد وكفى في الاذعان بعدم دلالة الآية الشريفة على المدعي انا لم نجد أحدا ممن سمع بهذه الآية يرتاب في جواز رفع اليد عن شئ من
الاعمال التي تلبس بها من عباداته ومعاملاته لأجل هذه الآية وانما نشأ توهم دلالة الآية عليه في خصوص المقام لأجل مغروسية حرمة ابطال الصلاة في النفس من
الخارج مذهب الوهم إلى تطبيق الآية عليها والا في فرق بين الصلاة الوضوء والغسل وتشييع الجنائز وسائر أنواع العبادات والمعاملات مما لا تكاد
تحصى فالمتدبر في سوق الآية يريها أجنبية عن هذا الباب المقصود بها على ما يشهد سوتها اما النهي عن اتباع الاعمال بما يحبط اجرها ويجعلها لغوا من
شرك أو كفر أو عجب ونحوها أو النهي عن أجيادها باطلا بايقاعها على الوجه الذي لم يأمر به الله والرسول (فيكون على هذا التقدير بمنزلة التأكيد لقوله تعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول صلى الله عليه وآله) ولكن المعنى الأول أوفق بظاهر اللفظ بمقتضى وضع
باب الافعال وربما يؤيده أيضا ما عن الأمالي وثواب الاعمال عن الباقر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من قال سبحان الله غرس الله له بها شجرة في الجنة
ومن قال الحمد لله غرس الله له بها شجرة في الجنة ومن قال لا إله إلا الله غرس الله له بها شجرة في الجنة فقال رجل من قريش يا رسول الله ان شجرنا في الجنة لكثير
قال نعم ولكن إياكم ان ترسلوا عليها نيرانا فتحرقوها وذلك أن الله تعالى يقول " يا أيها الذين امنوا أطيعوا الله
وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا اعمالكم " و
على اي تقدير فالظاهر أن النهي عن ابطال العمل في الآية كالأمر بإطاعة الله والرسول ارشادي محض لم يقصد به الحرمة تعبدا ودعوى ان ظاهر النهي الحرمة
الشرعية وابطال العمل عبارة عن علة لغوا بحيث لا يترتب عليه الأثر المقصود منه ويصدق على ابعاض العمل أيضا انه عمل أو ابطالها عبارة عن رفع اليد عنها
وجعلها بلا ثمرة كما أن ابطال الاعمال المستقلة أيضا عبارة عن ذلك فالآية بعمومها تشمل المدعى مدفوعة بعد الغض عما أشرنا إليه من أن من راجع وجدانه
يرى عدم انسياق ذهنه إلى حرمة رفع اليد عن سائر اعماله تعبدا حمل الآية على هذا المعنى يلزمه تخصيص الأكثر المستهجن فتلخص مما ذكر ان الاستدلال
بالآية لحرمة القطع ضعيف ونظيره في الضعف الاستدلال له بنصوص التحريم والتحليل بدعوى ظهورها في حرمة المنافيات من حين التلبس بتكبيرة الاحرام
إلى أن يتحقق التسليم المحلل وفيه انه يكفي في صحة اطلاق التحريم والتحليل المنع الشرطي فلا يصح الاستناد إلى مثل هذه الأسامي في اثبات الحرمة الشرعية كما لا يخفى
على المتأمل واضعف منهما الاستدلال له بالنصوص الناهية عن ارتكاب منافيات الصلاة مثل قوله عليه السلام في خبر زرارة إذا استقبلت القبلة بوجهك
فلا تقلب وجهك عن القبلة وفي خبر أبي هارون الإقامة من الصلاة فإذا أقمت فلا تتكلم وغير ذلك مما يقف عليه المتتبع لوضوح ان المتبادر من مثل
هذه النواهي إرادة الحكم الوضعي لا التكليفي فالانصاف انه لا دليل يعتد به على الحرمة سوى الاجماع والاشعارات الواقعة في النصوص
التي تقدمت الإشارة إليها وغاية ما يمكن اثباته بالاجماع وغيره انما هو حرمة قطع الفريضة الواجبة عليه بالفعل اختيارا
من غير ضرورة عرفية مقتضية له دون النافل وان عرضها الوجوب بندء وشبهه وكذا الفرائض
المعادة استحبابا أو احتياطا أو المأتي بها نيابة عن الغير تبرعا أو
بإجارة وشبهها ولكن الاحتياط مما لا ينبغي تركه في شئ منها والله العالم في صلاة الجمعة
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين الركن الثالث في بقية الصلوات
وفيه فصول الفصل الأول في صلاة الجمعة والنظر في مهية صلاة الجمعة ومن تجب عليه وآدابها الجمعة الجمعة ركعتان كالصبح فميا عدى القنوت ونحوه كما ستعرف
انشاء الله يسقط معهما الظهر بل هي ظهر بعينها في يوم الجمعة فالتعبير بالسقوط مسامحة كما يفصح عن ذلك اخبار مستفيضة مصرحة بان صلاة الظهر
يوم الجمعة أربع ركعات إذا لم يكن من يخطب بهم والا ركعتان كصحيحة الفضل بن عبد الملك قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول إذا كان قوم في قرية صلوا
الجمعة أربع ركعات فإن كان لهم من يخطب بهم جمعوا إذا كانوا خمسة نفر وانما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين وصحية محمد بن مسلم عن أحدهما قال
سألته عن أناس في قرية هل يصلون الجمعة جماعة قال نعم يصلون أربعا إذا لم يكن من يخطب وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال في قوله
تعالى حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وأنزلت هذه الآية يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وآله في سفر فقنت فيها وتركها على حالها في السفر والحضر و
أضاف للمقيم ركعتين وانما وضعت الركعتان اللتان أضافهما النبي (ص) يوم الجمعة للمقيم لمكان الخطبتين مع الامام فمن صلى يوم الجمعة في غير جماعة فليصلها
428

أربع ركعات كصلاة الظهر في سائر الأيام إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة التي ستمر بك في طي المباحث الآتية (انش) ويستحب فيهما الجهر بالقراءة اجماعا
كما عن جماعة نقله بل عن الحدائق انه كالمتواتر ويدل عليه اخبار مستفيضة منها صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال انما فرض الله عز وجل على الناس من الجمعة
إلى الجمعة خمسا وثلثين صلاة إلى أن قال والقراءة فيها بالجهر وصحيحة عبد الرحمن العرزمي عن أبي عبد الله (ع) قال إذا أدركت الامام يوم الجمعة وقد سبقك بركعة فأضف إليها
ركعة أخرى واجهر فيها وان أدركته يتشهد فصل أربعا وفي صحيحة عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال وليقعد قعدة بين الخطبتين ويجهر بالقراءة وصحيحة جميل قال
سئلت أبا عبد الله (ع) عن الجماعة يوم الجمعة في السفر فقال تصنعون كما تصنعون في غير يوم الجمعة في الظهر ولا يجهر الامام انما يجهر إذا كانت خطبة وعن
محمد بن مسلم في الصحيح قال سئلته عن صلاة الجمعة في السفر فقال تصنعون كما تصنعون في الظهر ولا يجهر الامام فيها بالقراءة وانما يجهر إذا كانت خطبة وما في هذين
الخبرين من أنه لا يجهر بالقراءة في الظهر يتعين حملة على عدم تأكد الاستحباب فيه كتأكده في الجمعة لما ستعرف في اخر المبحث من استحباب الجهر في ظهر يوم
الجمعة أيضا وعن الشيخ حمله على حال التقية والخوف والأول أولى ثم إن ظاهر النصوص المزبورة وجوب الجهر ولكن رفع اليد عن هذا الظاهر بالاجماعات
المنقولة المستفيضة على الاستحباب ان لم تكن متواترة وفي المدارك بعد ان قال قد قطع الأصحاب بعدم وجوب الجهر في هذه الصلاة قال ويدل عليه مضافا
إلى الأصل السالم عما يصلح للمعارضة صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن الرجل يصلي من الفرائض ما يجهر به القراءة هل عليه ان لا يجهر
قال إن شاء جهر وان شاء جهر وان شاء لم يجهر أقول قد استدل في المدارك بهذه الصحيحة في مبحث القراءة أيضا لنفي وجوب الجهر في سائر الصلوات الجهرية فاستدلاله
بها (ح) حيث يلتزم بظاهرها في سائر الصلوات الجهرية لا يخلو من وجه واما على المشهور من وجوب الجهر في سائر الصلوات فلا يصح الاستشهاد بها في المقام
إذ لا يمكن صرف السؤال إلى إرادة خصوص صلاة الجمعة كما لا يخفى وقد تقدم بعض الكلام في
توجيه هذه الصحيحة في مبحث القراءة فراجع واما الاستدلال
بالأصل في مقابل المعتبرة المستفيضة ففيه ما لا يخفى فعمدة ما يصح الاستناد إليه لارتكاب التأويل في النصوص بحملها على الاستحباب هو الاجماع ولكن قد
يشكل ذلك بما نبه عليه في الجواهر فإنه بعد ان نقل دعوى الاجماع عن جمع من الأصحاب قال لكن ظني ان المراد من مطلق الرجحان مقابل وجوب الاخفات في الظهر
في غير يوم الجمعة لعدم التصريح بالندب قبل المصنف (ره) على وجه يكون به اجماعا نعم حكى عن مصباح الشيخ وإشارة السبق و (ئر) والاصباح بل عن المنتهى
انه اجمع كل من يحفظ عنه العلم على أنه يجهر بالقراءة في صلاة الجمعة ولم أقف على قول الأصحاب في الوجوب وعدمه بل في كشف اللثام أكثر الأصحاب ذكروا الجهر
فيها على وجه يتمل الوجوب بل عن جمل العلم والعمل على الامام ان يقرء في الأولى الجمعة وفي الثانية المنافقين يجهر بهما كما أنه ربما كان ذلك ظاهر الفقيه والمبسوط
والنهاية وجامع الشرايع أيضا انتهى أقول هذا الاحتمال اي إرادة مطلق المشروعية والرجحان من التعبير بالاستحباب وان كان بعيدا في حد ذاته خصوصا
في كلمات المتأخرين المدعين للاجماع ولكن قد يقربه ما سمعت حكايته على العلامة في المنتهى من الاعتراف بعدم وقوفه على قول للأصحاب في الوجوب وعدمه مع أنه
هو ممن ادعى الاجماع على الاستحباب في تذكرته واعده على ما حكى عنهما فهذا مما يؤيد التوجيه المزبور هذا مع أنه بعد ان أشار إلى عدم تصريح كثير
من القدماء بالندب ظهور عبائرهم في الوجوب يشكل الجمود على ظواهر كلمات نقله الاجماع في صرف النصوص عن ظواهرها فالقول بوجوب الجهر فيها ان لم يكن أقوى
فلا ريب في أنه أحوط وتجب بزوال الشمس الذي هو أول وقت صلاة الظهر التي هي أعم من الجمعة كما عرفته في مبحث المواقيت واما الخطبتان فسيأتي الكلام في
وقتهما فان أوجبنا تأخيرهما عن الزوال فهما كجزء منها قائم مقام الأخيرتين فلا ينافي التحديد المزبور وكيف كان فلا تصح قبل الزوال على المشهور وشهرة عظيمة كما
في الجواهر بل لم ينقل الخلاف فيه عن أحد عدى انه حكى عن الشيخ في الخلاف أنه قال وفي أصحابنا من قال يجوز ان يصلي الفرض عند قيام الشمس يوم الجمعة خاصة
وهو اختيار المرتضى (ره) انتهى وحكى عن أبي علي ابن الشيخ أيضا موافقته ولكن في السرائر بعد نقل الحكاية المذكورة عن الشيخ قال هذا ما لفظه قال محمد بن إدريس
ولم أجد للسيد المرتضى تصنيفا ولا مسطورا بما حكاه شيخنا عنه بل بخلافه إلى أن قال ولعله شيخنا أبا جعفر سمعه من المرتضى في الدرس وعرفه منه مشافهة دون
المسطور انتهى أقول يمكنه ان يكون صدور هذا التعبير منه في الدروس أو نحوه من باب المسامحة في التعبير ويكون مراده بهذه العبارة ما حكى عنه التصريح به
في كتاب جمل العلم والعمل من أنه قال وقت الظهر ويوم الجمعة خاصة وقت زوال الشمس ووقت العصر من يوم الجمعة وقت الظهر وفي ساير الأيام وكيف كان
فالقول بجواز ان يصلى الفرض يوم الجمعة عند قيام الشمس على تقدير تحققه فهو ضعيف محجوج بظاهر الكتاب والسنة المستفيضة منها صحية زرارة قال سمعت
أبا جعفر (ع) يقول إن من الأمور أمورا مضيقة وأمورا موسعة وان الوقت وقتان ان الصلاة مما فيه السعة فربما عجل رسول الله صلى الله عليه وآله وربما اخر الا صلاة
الجمعة فان صلاة الجمعة من الامر المضيق انما لها وقت واحد حين تزول وصحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال وقت صلاة الجمعة عند الزوال وصحيحته الأخرى
عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي الجمعة حين تزول الشمس قدر شراك ويخطب في الظل الأولى فيقول جبرئيل (ع) يا محمد قد
زالت فانزل وصل وخبر محمد بن أبي عمير قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الصلاة يوم الجمعة فقال نزل بها جبرئيل مضيقة إذا زالت الشمس فصلها وصحيحة ربعي
عن أبي عبد الله (ع) قال وقت الظهر يوم الجمعة حين تزول الشمس ورواية علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام قال سئلته عن الزوال يوم الجمعة ما حده قال إذا قامت
الشمس صلى الركعتين فإذا زالت الشمس فصل الفريضة وصحيحة إسماعيل بن عبد الخالق قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن وقت الظهر فقال بعد الزوال بقدم أو
نحو ذلك الا في يوم الجمعة وفي السفر فان وقتها حين تزول إلى غير ذلك من الروايات التي سيأتي بعضها في المسألة الآتية واما القول المنسوب إلى السيد فلم
429

يعرف مستنده كما اعترف به في المدارك حيث قال لم أقف للقول بجواز التقديم على حجة يعتد بها واستدل له في التذكرة والمنتهى بما رواه العامة عن وكيع
الأسلمي قال شهدت الجمعة مع أبي بكر فكانت صلاته وخطبته قبل نصف النهار وهو مستند ضعيف فان فعل أبي بكر ليس حجة خصوصا مع مخالفته لفعل رسول
الله انتهى ما في المدارك وهو حسن وخبر سلمة بن اكوع قال كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وآله صلاة الجمعة ثم ننصرف وليس للحيطان في غير ثابت من طرقنا بل الثابت
من اخبارنا خلافه كما ستسمع بعضها إن شاء الله واما صحيحة عبد الله بن سنان المروية عن التهذيب عن أبي عبد الله (ع) قال لا صلاة نصف النهار الا يوم الجمعة
كما في نسخة الوسائل والجواهر الموجودتين عندي يحتمل ان يكون المراد بها ركعتين الزوال ولكن في نسخة المطالع والذخيرة الا الجمعة باسقاط يوم وعلى هذا
التقدير أيضا وان احتمل ان يكون المراد بالجمعة يومها فلا يكون منافيا للاحتمال المزبور اي إرادة النافلة ولكنه لا يخلوا من بعد مع مخالفته لظاهر الاستثناء
ولكن لا يبعد ان يكون المراد بنصف النهار أول الوقت حين تزول الشمس فوق الرأس وعلى تقدير ان يكون المراد
بنصف النهار النصف الحقيقي لا تصلح الصحيحة أيضا شاهدة للقول المزبور لجواز ان يكون التحديد باعتبار اشتمالها على الخطبتين اللتين هما بمنزلة الجزء لها
كالإقامة لسائر الصلوات على القول بوجوبها ولو سلم ظهورها في جواز تقديم الصلاة على الزوال وجب ارتكاب التأويل فيها بشئ من مثل الوجوه المزبورة
بشهادة غيرها مما عرفت خصوصا منع شذوذ القول به أو مخالفته للاجماع ويخرج وقتها إذا صار ظل كل شئ مثله لدى الأكثر على ما نسب إليهم بل عن غير
دعوى الشهرة عليه بل عن المنتهى دعوى الاجماع عليه وعن الشهيد (ره) في الدروس البيان القول بامتداد وقت الجمعة بامتداد وقت الظهر وربما
يظهر من بعض عبائر الحلي موافقته وحكى عن السيد بن زهرة وأبي الصلاح القول بان وقتها من الزوال بمقدار ما يتسع للاذان والخطبتين وصلاة
الجمعة بل عن الغنية دعوى الاجماع عليه فقال على ما حكى عنه وإذا فاتت الجمعة بان يمضي عن الزوال مقدار الأذان والخطبة وصلاة الجمعة لم يجز قضائها
ووجب ان تؤدى ظهرا كل ذلك بدليل الاجماع الماضي ذكره في الإشارة والاقتضاء لها إذا فات وقتها بمضي مقدار أدائها بعد خطبتها بل يصلي (ح) ظهر أو
حكى عن الجعفي ان وقتها ساعة من النهار فكأنه أراد ساعة من الزوال وعن المجلسين تحديد وقتها من الزوال إلى أن يبلغ الظل الحادث قدمين ومستند
القول المحكي عن السيد بن زهرة المعتبرة المستفيضة الدالة بظاهرها على أن صلاة الجمعة من التكاليف المضيقة منه أقوله (ع) في صحيحة زرارة المتقدمة فان
صلاة الجمعة من الامر المضيق انما لها وقت واحد حين تزول ووقت العصر يوم الجمعة وقت الظهر في سائر الأيام وخبر محمد بن أبي عمير قال سألت أبا عبد الله (ع)
عن الصلاة يوم الجمعة فقال نزل بها جبرئيل مضيقة إذا زالت الشمس فصلها قال قلت إذا زالت الشمس صليت ركعتين ثم صليتها فقال قال أبو عبد الله (ع) اما
انا إذا زالت الشمس لم ابدء بشئ قبل المكتوبة وخبر عبد الأعلى ابن أعين المروي عن محاسن البرقي عن أبي عبد الله (ع) في حديث قال إن من الأشياء أشياء
مضيقة ليس تجري الا على وجه واحد منها وقت الجمعة ليس لها الا وقت واحد حين تزول الشمس وخبر
الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال من الأشياء
أشياء موسعة وأشياء مضيقة فالصلاة ما وسع تقدم مرة وتؤخر أخرى والجمعة مما ضيقها فان وقتها يوم الجمعة ساعة تزول ووقت العصر فيها
وقت الظهر في غيرها وعن الصدوق مرسلا قال قال أبو جعفر (ع) وقت صلاة الجمعة يوم الجمعة ساعة تزول الشمس ووقتها في السفر والحضر واحد وهو من
المضيق وصلاة العصر يوم الجمعة في وقت الأولى في سائر الأيام والمتبادر من قوله عليه السلام في الخبرين الأخيرين ساعة تزول حين تزول كما في الأخبار الأخر
لا ساعة بعد الزوال كي يصح الاستشهاد بهما للقول المحكي عن الجعفي نعم يشهد لها القول ما رواه الصدوق أيضا مرسلا قال وقال أبو جعفر (ع) أول وقت
الجمعة ساعة تزول الشمس إلى أن تمضي ساعة فحافظ عليها فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال لا يسأل الله عز وجل عبد فيها خيرا الا أعطاه وعن الشيخ في المصباح عن حريز
عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال أول وقت الجمعة ساعة تزول الشمس إلى أن تمضي ساعة فحافظ عليها فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال لا يسأل الله عز وجل عبد خيرا الا
أعطاه الله ولا منافاة بين هذين الخبرين وبين الأخبار المتقدمة الدالة على تضيق وقتها إذا المقصود بها التضيق العرفي الغير المنافي لهذا المقدار من الزمان
الذي يحتاج إليه الفعل غالبا بل لم يعلم أن القائل بالمضايقة أيضا اعتبر ايقاعها في زمان اقصر من ذلك لأن الأذان والخطبتين والركعتين لو اتى بها
بآدابها المقررة في الشريعة يحتاج في العادة إلى ما يقرب من هذه الزمن مع أن الغالب بعدم العلم بتحقق الزوال الا بعهد مضي مقدار معتد به من أوله
خصوصا في أوقات الغيم فلا يمكن الالتزام بأن وقتها اشيق من ذلك بل في نفس تلك الأخبار إشارة إلى أن وقتها يمتد إلى ما يقرب هذا المقدار لما فيها من
التصريح بان وقت العصر في يوم الجمعة وهو وقت الظهر من سائر الأيام كما وقع التصريح بذلك في اخبار اخر كصحيحة ابن مسكان أو ابن سنان كما عن بعض
النسخ عن أبي عبد الله (ع) قال وقت صلاة الجمعة عند الزوال ووقت العصر يوم الجمعة وقت صلاة الظهر في غير يوم الجمعة وصحيحة الحلبي عن أبي بعد الله (ع) قال وقت
الجمعة زوال الشمس ووقت الظهر في السفر زوال الشمس ووقت العصر يوم الجمعة في الحضر نحونا من وقت الظهر وفي غير يوم الجمعة وقد وقع تحديد وقت الظهر
في سائر الأيام في بعض الأخبار بما بعد الزوال بقدم اي سبع الشاخص وفي جملة منها بقدمين أو ذراع ففي الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال سألته عن وقت
الظهر فقال ذراع من زوال الشمس ووقت العصر ذارع من وقت الظهر فذاك أربعة اقدام من زوال الشمس إلى أن قال أتدري لم جعل الذراع والذراعان
قلت لم جعل قال لمكان النافلة لك ان تنتفل من زوال الشمس إلى أن يمضي ذراع فإذا بلغ فيئك ذرعا من الزوال بدأت بالفريضة تركت النافلة وإذا بلغ
فيئك ذراعين بدأت بالفريضة وترك النافلة فيستفاد من جعل وقت العصر يوم الجمعة وقت الظهر من سائر الأيام ان الوقت الذي جعل في سائر الأيام
430

وقتا لنافلة الظهر وهو القدمان جعل في يوم الجمعة وقتا لفريضتها كما فهمه المجلسيان وذهبا إليه على ما حكى عنهما والاعتراض عليهما بان الأخبار لا تدل
الا على وقت العصر يوم الجمعة وقت الظهر من ساير الأيام وهو بعد ان يمضي ذراع واما ان وقت فريضة الظهر يمتد إلى هذا الوقت فلا منشأته في عطاء
النظر حقه من اخبار المواقيت فإنه وقع في جملة منها لتصريح بأنه إذا زالت الشمس دخل وقت الصلاتين الا ان هذه قبل هذه فهذا هو وقتهما في أصل الشرع
ولكن اخر وقت الظهر وكذا العصر عن أول الوقت رعاية للصلوات التي ينبغي أو يجب الاتيان بها قبلهما وحيث يستحب الجمع بين الفرضين يوم الجمعة متى فرع من
الظهر جمعة كانت أو ظهرا دخل وقت العصر ولا يستحب له التأخير إلى الذراع بل المبادرة إلى فعلها أفضل كما أنه في سائر الأيام متى فرغ من النافلة استحب له
المبادرة إلى فعل الفريضة وان لم يبلغ نصف قدم فضلا عن قدمين كما وقع التصريح به في الأخبار فما في هذه الأخبار من تحديد وقت العصر بوقت الظهر في
سائر الأيام للإشارة إلى أن ما قبل هذا الوقت كما جعل في سائر الأيام وقتا للنافلة كذلك جعل في يوم الجمعة وقت لفريضتها ولكن لا يخفي على من تدبر
في اخبار المواقيت ان تحديد وقت النافلة بقدمين أو بذراع تحديد تقريبي لا ينافي ذلك تقديره بساعة فمن هنا يظهر انه لا معارضة بين الخبرين الأخيرين
وبين غيرهما من الروايات المزبورة الدالة بظاهرها على أن وقتها مضيق وان وقت العصر من يوم الجمعة وقت الظهر من سائر الأيام بل هما بمنزلة المبين لما
في تلك الأخبار من الاجمال فينبغي (ح) اختيار القول المحكي عن الجعفي من أن وقتها ساعة من الزوال السلامة مستنده عن المعارض ولكن سوق الخبرين اللذين
هما مستند هذا القول مشعر بل ظاهر بواسطة ما فيهما من التعليل في أن المراد بوقتها المحدود بالساعة هو وقتها الذي ينبغي فعلها فيه لا وقتها المطلق الذي
تقوت بفواته الصلاة بل يمكن استفادة هذا المعنى من بعض تلك الأخبار من حيث هو مثل خبر محمد بن أبي عمير إذا الظاهر أن المراد بصلاة يوم الجمعة في تلك الرواية
هي فريضة الظهر لا خصوص الجمعة فان غرض السائل من قوله إذا زالت صليت الركعتين ثم صليتها بحسب الظاهر لم يكن الا صلاة التي كان يصليها مفردا أو
في جماعة كما أن مراد الإمام عليه السلام بقوله بدأت بالمكتوبة لم يكن على الظاهر الا الظهر لا الجمعة التي لم يكن في تلك الاعصار يصليها الامام ولا شيعته الا خلف
المخالف تقية ولم يكونوا يبالون (ح) بين صدورها قبل الوقت أو بعده لأنها بالنسبة إليهم لم تكن الا صورة ونحو هذه الرواية في الدلالة على تضيق
وقت صلاة الجمعة مع كون المراد بها المعنى الأعم قوله (ع) في مرسلة الصدوق المتقدمة وقت صلاة الجمعة يوم الجمعة ساعة تزول ووقتها في السفر والحضر واحد
وهو من المضيق الحديث ورواية إسماعيل بن عبد الخالق المروية عن مصباح الشيخ قال سألت أبا عبد الله (ع) عن وقت الصلاة فجعل لكل صلاة وقتين
الا الجمعة في السفر والحضر فإنه قال وقتها إذا زالت الشمس وهي فما سوى الجمعة لكل صلاة وقتان وقال وإياك ان تصلي قبل الزوال فوالله ما أبالي بعد
العصر صليتها أو قبل الزوال إذ الجمعة في السفر لا تكون الا ظهرا فهذا يكشف عن أن المقصود بالجمعة في مثل هذه الأخبار هي صلاة الظهر من يومها جمعة كانت
أم ظهرا وهذا اطلاق شائع في الأخبار بحيث يشكل دعوى انصراف اسهما إلى خصوص صلاة الجمعة بالمعنى الأخص فمن الجائز ان يكون المراد بالجمعة
في سائر الأخبار المتقدمة الدالة على ضيق وقتها هو هذا المعنى الذي أريد منها في هذا الاخبار وهو تأكد استحباب المبادرة إليها وكون تأخيرها عن
أول الوقت كالاتيان بها بعد خروج وقتها نظير الروايات المستفيضة الواردة في صلاة المغرب الحاصرة وقتها بأول الوقت وانه ينقضي وقتها بذهاب الشفق
وان وقتها مضيق فالانصاف ان استفادة ضيق وقت صلاة الجمعة من الأخبار المزبورة بحيث تفوت وقتها بالتأخير عن أول الوقت مع أن المراد ببعضها
لولا جميعها أعم من الظهر التي هي ليست كذلك جزما مشكلة خصوصا بعد الالتفات إلى الروايات التي تقدم بعضها الدالة على أنها هي فريضة الظهر التي يصليها المكلفون
فرادى أو جماعة أربعا إذا لم يجدوا من بخطب بهم والا فركعتان مع أنه لو كان شرعيتها مخصوصة بأول الوقت لوجب التنبيه عليه في الروايات التي ورد فيها الامر بفعلها
ظهرا ان لم يجدوا من يخطب بهم أولم يجتمع العدد الذي ينعقد به الجمعة والا فالجمعة مع أنه ليس في شئ منها اشعار بذلك ولذا لم يفهم الشهيد وبعض من تأخر عنه
من هذه الأخبار خصوصية لصلاة الجمعة من حيث الوقت فالتزموا بامتداد وقتها بامتداد الظهر وهو لا يخلو من وجه ولكن يبعده عدم معهوديته في الشريعة فلو
جاز فعلها في اخر الوقت لا تفق حصوله أو التصريح بجوازه من النبي وأوصيائه عليه وعليهم السلام ولو عند قدومهم من الاسفار أو حدوث بعض الاعذار أو الأمراض
المانعة للامام عن حضور في أول الوقت ولو اتفق لنقل فهذا يكشف عن عدم مشروعية التأخير فالأحوط ان لم يكن أقوى على القول بالتخيير في زمان الغيبة
هو اختيار الظهر بعدم مضي ساعتين أول الوقت وعلى القول بوجوبها عينا عدم تأخيرها عن أول الوقت ولو اتفق حصول شرائطها من الحضور والعدد ونحوهما
بعده فالجمع بينها وبين الظهر والله العالم ثم إنه قد ظهر مما مر مستند جميع الأقوال المنقولة في المسألة عدى ما نسب إلى الأكثر من امتداد وقتها إلى أن يصير
ظل كل شئ مثله كما في المتن وغيره وهذا مما لم نقف على ما يدل عليه صريحا بل ولا ظهور فلعلهم استنبطوها من النصوص المزبورة الدالة على أنه ليس لها الا وقت
واحد حين تزول الشمس نظرا إلى انها كادت تكون صريحة في أن وقت الجمعة أضيق من وقت الظهر من سائر الأيام وان الوقت الاخر المجعول للظهر وهو بعد
صيرورة الظل مثلا غير مجعول للجمعة فيدور الامر (ح) بين ان يكون المراد بالوقت الواحد المجعول لها هو أول الوقت الذي يتنجز التكليف بفعلها اي عند زوال
الشمس أو يكون المراد به الوقت الأول من وقتي صلاة الظهر والذي هو من حين ما تزول الشمس إلى أن يصير ظل كل شئ مثله على المشهود فاتصاف وقتها بالضيق
على هذا التقدير بلحاظ انحصاره في أحد الوقتين لا الضيق الحقيقي والمعنى الأول وان كان أوفق بظهور تلك النصوص ولكن مقتضاه إرادة الضيق الحقيقي الذي
ينافيه سماحة الشرعية وسهولتها وكون تكليف عامة أهل البلد أدائها مع عدم تنجيز التكليف بالسعي إليها الا بعد تحقق النداء الذي كنى به عن الزوال حيث قال الله
431

تبارك وتعالى إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع مع أن المقصود بالسعي ليس خصوصه بل أعم منه ومن الطهارة ونحوها من
المقدمات التي يتوقف عليها فعل الصلاة وهذا مما لا يجتمع مع الضيق إذ لو شرع الامام فيها أول الزوال لا يكاد يدركها أغلب الاشخاص الذين
يسعون إليها بعد تنجز التكليف في حقهم فهذا يكشف عن أن المقصود بقوله (ع) حين تزول الشمس بيان أول الوقت لا حصره به فلا تعرض في هذه الأخبار (ح)
لبيان اخره فهو اما موكول إلى ما هو المعهود في الشريعة من امتداد الوقت الأول إلى أن يصير ظل كل شئ مثله أو انها مجملة من هذه الجهة فيستصحب بقائه إلى هذا
الوقت هذا غاية ما أمكننا في توجيه هذا القول وهو لا يخلو من تأمل مع امكان ان يكون المراد بقوله (ع) ليس لها الا وقت واحد في مقابل الوقت العارضي
الذي سنه رسول الله صلى الله عليه وآله لسائر الصلوات بلحاظ مطلوبية النافلة قبلها فلكل صلاة وقت ثانوي متأخر عن أول وقتها شرع تأخيرها إليه الا
صلاة يوم الجمعة والمغرب التي لا نافلة قبلها ويمكن ان يكون اطلاق اسم المضيق عليها بهذه الملاحظة والله العالم ولو خرج الوقت وهو فيها أتمها جمعة
كما صرح به جماعة بل عن ظاهر بعض دعوى الاجماع عليه وظاهرهم كصريح بعضهم في لفرق بين ادراك ركعة فما دون فيكفي (ح) في اتمامها جمعة التلبس بها
في الوقت ولو بتكبيرة الاحرام وربما علل ذلك بأنها استجمعت الشرائط وانعقدت جمعة فيجب اتمامها للنهي عن ابطال العمل كما إذا انفضت الجماعة في الأثناء
وفيه نظر لأن قصور الوقت عن أدائها كاشف عن عدم كونه مكلفا بها في الواقع كي يحرم عليه قطعها وجواز فعلها في خارج الوقت يحتاج إلى دليل وهو مفقود
ومن ثم ذهب جماعة على ما حكى عنهم إلى اشتراط ذلك بادراك الركعة بل عن جامع المقاصد نسبته إلى المعظم وعن الجعفرية وارشادها إلى المشهور لعموم
من أدرك ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت كله وحكى عن بعض القول ببطلانها مطلقا ما لم يقع جميعها في الوقت وعموم النص حجة عليه اماما كان
أو مأموما انفرد عن الامام بسبقه أو غير ذلك من أسباب الانفراد مما سيأتي التعرض له (انشه) وتفوت الجمعة بفوات الوقت ثم لا تقضى جمعة وانما تقضى أي
تؤدى ظهرا أداء مع بقاء وقتها بناء على أن وقتها أوسع كما هو المشهور وقضاء بعد خروج وقتها بلا خلاف فيه بل اجماعا كما صرح به غير واحد وفى
المدارك له اجماع أهل العلم ثم قال ويدل عليه قوله عليه السلام في حسنة الحلبي فان فاتته الصلاة فلم يدركها فليصل أربعا وفي صحيحة عبد الرحمن العزرمي إذا
أدركت الامام يوم الجمعة وقد سبقت بركعة فأضف إليها ركعة أخرى واجهر بها وان أدركته وهو يتشهد فصل أربعا وفيه ان مورد الخبرين من لم يدرك
الصلاة مع الامام اما الصحيحة فواضح واما الحسنة فهي أيضا كذلك فان صدرها قال سألت أبا عبد الله (ع) عمن لم يدرك الخطبة يوم الجمعة قال يصلى
ركعتين فان فاتته الصلاة فلم يدركها فليصل أربعا وقال إذا أدركت قبل ان يركع الأخيرة فقد أدركت الصلاة وان أدركت بعد ما ركع فهي الظهر اربع
فهذه مسألة أخرى وهى انها لا جمعة بعد الجمعة والكلام في المقام انما هو فيما لو فاتت الجمعة من أصلها بفوات وقتها ففي هذه المسألة أيضا لا تقضى جمعة بل
ظهرا وعمدة مستنده الاجماع ويمكن الاستدلال له أيضا بان الفريضة الواجبة على كل مكلف بالنظر إلى تكليفه من حيث هو هي الأربع ركعات التي هي
فريضة الظهر ولكن لدى اجتماع شرائط الجمعة يجب ان يؤديها جماعة فيسقط (ح) الأخيرتان لمكان الخطبتين كما يسقط عن المأمومين القراءة لتحمل الامام فيكفي
(مع) في عدم جواز قضائها جمعة اصالة عدم شرعية أدائها بهذه الكيفية في خارج الوقت وعموم من فاتته فريضة لا يقضى بشريعة تدارك مثل هذه الخصوصات
اللاحقة لها الناشئة من وجوب الاجتماع والجماعة مع الخطبة في اليوم الذي لخصوصه دخل في مطلوبيتها
فليتأمل ولو وجبت الجمعة عليه عينا فصلى الظهر
كانت صلاته باطلة لمخالفتها للمأمور به بلا خلاف فيه على الظاهر بيننا بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه وحكى عن أبي حنيفة وصاحبيه القول بالسقوط
ليس بشئ بل وجب السعي عليه فان أدركها والا أعاد الظهر ولم يجتز بالأول لما عرفت من غير فرق بين العمد والنسيان ولا بين ان يظهر عدم كونه في ذلك
الوقت في الواقع مكلفا بالظهر بل بالجمعة ولم يظهر ذلك بل بقي الحال مجملا بان لم يظهر كونه في الواقع متمكنا من ادارك الجمعة ولو بتقصيره في ترك السعي قبله فالأظهر صحة
صلاته لو صدرت نسيانا أو جهلا ولو بالحكم بحيث تأتى منه قصد التقرب بفعله وكونه في مرحلة الظاهر مكلفا بالسعي إلى الجمعة بعد مخالفته للواقع وغفلته
عنه غير قادح في صحة فعله الماتى به بداعي امتثال امره الواقعي المتوجه إليه ولو لم تكن شرائط الجمعة مجتمعة ولكن يرجو اجتماعها قبل خروج الوقت فهل يجوز
له التعجيل أم يجب الصبر إلى أن يظهر الحال وجهان بل قولان من أن شرعيته مشروطة (بعدم التمكن من الجمعة في ذلك اليوم فما لم يحرز الشرط لا يتنجز التكليف بالمشروط حتى يشرع فعله ومن امكان منع اشتراط الظهر) بعدم التمكن من الجمعة في مجموع الوقت بل ربما يظهر من مثل قوله عليه السلام
في صحيحة عبد الملك إذا كان قوم في قرية صلوا الجمعة أربعا فإن كان لهم من يخطب بهم جمعوا عدم اعتبار في لتمكن من الجمعة شرطا شرعيا التنجز التكليف الظهر
بل اجتماع شرائط الجمعة شرطا شرعيا لتنجز التكليف بالجمعة فوجوب الجمعة عليه مشروط بحصول تلك الشرائط والظهر واجبة عليه عند عدم تحقق هذا التكليف
فمتى شك في تحقق شرائط الجمعة ينفى وجوبها بالأصل فيحرز بذلك تكليفه بالظهر ولا يجب عليه الفحص أيضا وان احتمل وجودها في الحال فضلا عما لو علم
بعدمها في الحال واحتمل تجددها في المستقبل كما في غيرها من الواجبات المشروطة نعم ظاهر بعض الأخبار كون في لتمكن من الجمعة شرطا في فعل الظهر
ولكن حال التلبس بالفعل لا مطلقا كصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما قال سئلته عن أناس في قرية هل يصلون الجمعة جماعة قال نعم يصلون أربعا إذا لم يكن
من يخطب فان ظاهرها إرادة عدمه حين تلبسهم بالصلاة لا مطلقا فعلى هذا لو حصلت الشرائط بعد الفراغ من الظهر لم يقدح بصحتها الا ان الاستظهار
المزبور لا يخلو من تأمل فليتأمل ثم إن ما ذكرناه من عدم جواز المبادرة إلى فعل الظهر على الوجه الأول فهو مبنى على ما هو المشهور ان لم يكن مجمعا عليه
432

من اعتبار الجزم في النية في صحة العبادة واما بناء على عدم اعتباره كما نفينا البعد عنه في محله فلو اتى بالظهر في أول الوقت لا بقصد الوجوب على سبيل الجزم كي يكون
مشرعا يفعله بل برجاء المطلوبية عازما على الاكتفاء بها على تقدير مصادقتها للواقع واعادتها جمعة لو انكشف الخلاف فلا يخلو القول بصحتها من وجه والله العالم
ولو تيقن ان الوقت يتسع لأقل الواجب من الخطبتين وركعتين خفيفتين وجبت الجمعة بلا خلاف فيه على الظاهر ولا اشكال بل عن جامع المقاصد ينبغي
الوجوب فيما لو شك في ادراك وعدمه لأصالة بقاء الوقت واستصحاب وجوب الفعل واشكله في المدارك بان الواجب الموقت يعتبر وقوعه في الوقت فمع
الشك فيه لا يحصل يقين البراءة بالفعل والاستصحاب هنا يفيد ظن البقاء وهو غير كاف في ذلك انتهى أقول بناء على جواز استصحاب الوقت ونظائره
من الأمور الغير القارة كما لا يخلو من وجه فليس حال الوقت الا حال سائر الشرائط التي يجوز احرازها بالأصل فلا ينبغي الاستشكال فيه واما ان منعنا
ذلك وألحقناه بالشك في المقتضي الذي قد تقرر في محله عدم حجية الاستصحاب فيه فيشكل الاكتفاء بها في الحكم بفراغ الذمة عن الفريضة التي يعلم اجمالا
بوجوبها عليه فإنه وان كان مقتضي استصحاب وجوبها بعد المسامحة في موضوعه هو وجوب الجمعة على بالفعل وعدم جواز تركها في مقام عمله ولكن لا يجدى
ذلك في الحكم بصحة صلاته وكونها مبرئة لذمته من الفريضة الواجبة عليه المرددة بين الظهر والجمعة نظير استصحاب جواز الدخول في الصلاة أو وجوب المضي
فيها لدى الشك قبل الصلاة أو في الأثناء في بقاء الطهارة والاستقبال أو الستر أو غير ذلك من الشرائط المعتبرة في صحتها وعدم امكان احراز الشرط بالأصل
لابتلائه بالمعارضة ونحوه فيجب عليه (ح) الجمع بين الجمعة في الوقت الذي يحتمل بقاء وجوبها لأجل الاستصحاب والظهر تحصيلا للقطع بفراغ ذمته عن الفريضة
التي يعلمها بالاجمال ولو علم بمقدار الوقت وانه خمس دقائق مثلا وشك في أن هذا المقدار هل يسع الصلاة مع الخطبتين وجب عليه التلبس بالفعل حتى ينكشف
الحال اما بحصول الامتثال أو بقصوره عن الفعل فينتقل إلى الظهر ولا يتفاوت الحال في ذلك بين كونه مسبوقا بالتكليف أو كان ذلك في ابتداء التكليف
لصغر أو جنون ونحوهما إذ ليس المدار في ذلك على استصحاب بقاء الوجوب كي يفرق بينهما بل على عدم جواز رفع اليد عن التكاليف المتوجه إلى المكلف بمقتضى
اطلاق أدلته بمحض احتمال العجز عن الخروج عن عهدتها الذي هو مانع عقلي عن تنجزها في حقه وليس الشك في سعة الوقت ونظائره مما يكون مرجعة إلى الشك
في القدرة على الامتثال كالشك في سائر الشرائط الشريعة المأخوذة قيدا في عناوين أدلتها التي يرجع فيها إلى أصل البراءة كما حققناه في غير موضع من
الموارد المناسبة له من كتاب الطهارة وأبواب الصلاة المسوقة لبيان حكم أولي الأعذار فراجع [وان تيقن أو غلب على ظنه ان الوقت لا يتسع لذلك فقد
فاتت الجمعة ويصلي ظهرا] على اشكال في صورة الظن إذ لم يدل دليل على اعتبار هذا الظن الا ان يدعى استفادة حجية الظن في باب الوقت (مط) من الأدلة الواردة
في المواقيت بتنقيح المناط وفيه تأمل فيشكل (ح) رفع اليد عن استصحاب بقاء الوقت أو الوجوب وقاعدة الشغل وكيف كان فلا منافاة بين هذا الفرع وما ذكره
فيما سبق من أنه لو خرج الوقت وهو فيما أتمها جمعة فان ذلك فيما لو دخل فيها بزعم الاتساع فانكشف بعد التلبس بها خلافه وربما استندوا في ذلك
الحكم إلى النهي عن ابطال العمل وتنظيره بما لو انفضت الجماعة في الأثناء مع امكان ان يكون مستندهم في ذلك الحكم دليل اخر لم يصل الينا نعم قد يشكل هذا الفرع
على ما قوينا في تلك المسألة تبعا لغير واحد من التفصيل بين ما لو خرج الوقت بعد ادراك ركعة فيتمها جمعة لعموم من أدرك بخلاف ما لو خرج قبله لأنا ان
بينا على شمول قاعدة من أدرك لوقت الجمعة وعدم انصرافها عنه فيتجه في هذا الفرع أيضا الالتزام بوجوب الجمعة فيما لو تيقن الوقت يتسع الخطبتين وركعة
خفيفة كما حكى القول به عن غير واحد من المتأخرين لحكومة قاعدة من أدرك على ما يقتضيه أدلة الموقتات من عدم شرعية ايقاع شئ منها في خارج وقتها فلا يلاحظ
بينهما النسبة ولا الترجيح كما هو الشأن في كل حاكم ولكن قد يشكل ذلك بأن قاعدة من أدرك تكليف عذري إذ لا
خلاف على الظاهر في أنه ليس للمكلف تأخير صلاته
عن اخر وقتها اختيارا بحيث يقع شئ منها في خارج الوقت فهي مجعولة للمظهر كغيرها من التكاليف العذرية ولذا قد يستشكل فيما لو دار الامر بين ايقاع ركعة
من الصلاة في الوقت مع الطهارة المائية جامعة لسائر اجزائها وشرائطها الاختيارية (أو ايقاع جميعها في الوقت مع التيمم أو الاخلال بشئ اخر من اجزائها وشرائطها الاختيارية) وان كان قد يقوي في النظر ترجيح الأولى في جل موارد الدوران لولا
كلها كما تقرر في محله ولكن لا يبعد ان يدعى ان المتبادر من الأخبار التي يستفاد منها وجوب الظهر عند عدم التمكن من الجمعة إرادة الجمعة الاختيارية الواقعة في
وقتها لا العذرية فلو تبينا على امتداد وقت الجمعة بامتداد وقت الظهر وضاق الوقت إلى أن بقي مقدار أربع ركعات من وقت الظهر ولم يتمكن في ذلك الوقت
لو أراد الاجتماع والجمعة الا من الخطبتين وادراك ركعة في الوقت لا يكاد يفهم من الأخبار تقديم مثل هذه الجمعة على الظهر وهذا لو قلنا بانتهاء وقت الجمعة
عند صيرورة الظل مثلا أو قدمين ونحوه فيتجه (ح) التفكيك بين المسئلتين بالالتزام في هذا الفرع بفوت الجمعة إذا تيقن بان الوقت لا يتسع الخطبتين والركعتين
بخلاف المسألة السابقة فإنه حيث إنه زعم سعة الوقت ودخل في الجمعة دخولا مشروعا لم يجز له ابطالها بعد ان وسع الشارع وقتها وحكم بان من أدرك من الوقت
ركعة فقد أدرك الوقت وكونه تكليفا عذريا غير قادح في حقه بعد ان كان معذورا في التلبس بها وفي المضي فيها فليتأمل ولكن الانصاف عدم خلو كل من
الفرعين عن الاشكال فلا ينبغي ترك الاحتياط بالجمع بينهما مع الامكان في كلتا المسئلتين والله العالم فاما لو صلى الامام في الوقت الذي يسعهما ولكن
لم يحضر المأموم الخطبة وأول الصلاة ولكنه أدرك مع الامام ركعة صلى جمعة بلا خلاف فيه على الظاهر بلا في الجواهر الاجماع عليه بقسميه ويدل عليه جملة
من الأخبار منها صحيحة الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد الله (ع) قال إذا أدرك الرجل ركعة فقد أدرك الجمعة فان فاتته فليصل أربعا وصحيحة عبد الرحمن
العزرمي عن أبي عبد الله (ع) قال إذا أدركت الامام يوم الجمعة وقد سبقك بركعة فأضف إليها ركعة أخرى واجهر فيها وان أدركته وهو يتشهد فصل أربعا و
433

خبر الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئله عمن لم يدرك الخطبة يوم الجمعة فقال يصلي ركعتين فان فاتته الصلاة فلم يدركها فليصل أربعا وقال إذا أدركت الامام
قبل ان يركع الركعة الأخيرة فقد أدركت الصلاة فان أنت أدركته بعد ما ركع فهي الظهر اربع ولا يعارضها صحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال لا يكون الجمعة
الا لمن أدرك الخطبتين لامكان حملها على إرادة نفي الكمال فلا تعارض النصوص الصحيحة الصريحة بخلافه مع ما فيها من احتمال التقية لحكاية القول بمضمونها عن عمر
بن الخطاب وعطا وطاوس ومجاهد ويتحقق ادراك الركعة بادراك الامام حين إرادة الركوع بان دخل في الصلاة قبل تكبير الركوع بلا خلاف فيه على
الظاهر بل اجماعا كما ادعاه غير واحد بل كذا لو أدرك الامام راكعا في الثانية على قول مشهود كما ادعاه في الجواهر وغيره بل لم ينقل الخلاف فيه عن أحد
الا عن المفيد والشيخ في التهذيب والاستبصار والنهاية والقاضي ابن البراج فاعتبروا ادراك تكبير الركوع في ادراك الركعة مع أن العبارة المحكية عن
القاضي غير صريحة في المخالفة ونسبتها إلى المفيد أيضا غير متحققة والشيخ أيضا وافق المشهور في مبسوطه وخلافه على ما حكى عنهما بل عنه في الخلاف دعوى
الاجماع على ادراك الركعة بادراك الامام راكعا ولكن يظهر من مكاتبة الحميري الآتية وجود قائل بهذا القول بين أصحاب الحديث في عصر الأئمة عليهم السلام
ولكن المكاتبة بنفسها حجة عليهم كما ستعرف وحكى عن العلامة في التذكرة انه اعتبر في ادراك الركعة ذكر المأموم قبل رفع الامام رأسه حجة المشهور
اخبار مستفيضة منها صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (ع) أنه قال إذا أدركت الامام وقد ركع فكبرت وركعت قبل ان يرفع رأسه فقد أدركت الركعة وان رفع
الامام رأسه قبل ان تركع فقد فاتتك الركعة وصحيحة سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (ع) قال في الرجل إذا أدرك الامام وهو راكع فكبر الرجل وهو مقيم
صلبه ثم ركع قبل ان يرفع الامام رأسه فقد أدرك الركعة وصحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول إذا دخلت المسجد والامام راكع
وظننت انك ان مشيت إليه رفع رأسه قبل ان تدركه فكبر واركع فإذا رفع رأسه فاسجد مكانك فإذا قام فالحق بالصف فإذا جلس فاجلس مكانك فإذا قام
فالحق بالصف ورواية معاوية بن شريحة عن أبي بعد الله (ع) أنه قال إذا جاء الرجل مبادرا والامام راكع أجزأه تكبيرة واحدة لدخوله في الصلاة والركوع
وخبر أبي اسامة انه سئل أبا عبد الله (ع) عن الرجل انتهى إلى الامام وهو راكع قال إذا كبر واقام صلبه ثم ركع فقد أدرك ورواية جابر الجعفي قال قلت لأبي
جعفر (ع) اني اؤم قوما فيدخل الناس وانا راكع فكم انتظر قال ما أعجب ما تسئل انتظر مثلي ركوعك فان انقطعوا والا فارفع رأسك وخبر مروك بن عبيد
عن بعض أصحابه عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له اني امام مسجد الحي فاركع فاسمع خفقان نعالهم وانا راكع فقال اصبر ركوعك ومثل ركوعك فان انقطعوا
والا فانتصب قائما ويدل عليه أيضا المكاتبة الآتية حجة القول باعتبار ادراك تكبير الركوع صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال قال لي ان لم تدرك
القوم قبل ان يكبر الامام الركعة فلا تدخل معهم في تلك الركعة وصحيحة الأخرى أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال لا تعتد بالركعة التي لم تشهد تكبيرها مع الامام
وصحيحة الثالثة أيضا عن أبي جعفر (ع) قال إذا أدركت التكبيرة قبل ان يركع الامام فقد أدركت الصلاة وروايته الرابعة عن أبي عبد الله (ع) قال إذا لم تدرك
تكبيرة الركوع فلا تدخل معهم في تلك الركعة وأجاب عنها في محكي المعتبر بوجوه أحدها ان رواياته أصلها واحد وهو محمد بن مسلم وما ذكرناه نحن مروي
من طرق والثاني أكثر الأصحاب على ما قلناه وهو امارة الرجحان والثالث ان التكبير ليس من واجبات الركوع فلا يكون لفواته اثر في فوات الاقتداء
و (ح) يمكن حمل روايته على نفي الاعتداد بها في الفضيلة لا في الاجزاء انتهى أقول ملخص الجواب عن هذه الأخبار ان النصوص السابقة صريحة في المدعى وهذه الأخبار
غايتها الظهور في نفي الصحة فيرفع اليد عنه بالنص ويحمل على الكراهة اي كراهة اللحوق به في هذه الركعة ورجحان تأخير الايتمام إلى ما بعدها ولو في
حال التشهد ان أراد ادراك فضلية الجماعة أو نفي الاعتداد بها في ادراك فضيلة الجماعة بالنسبة إلى خصوص هذه الركعة لا رأسا إلى غير ذلك من المحامل و
على تقدير تسليم المعارضة فهي قاصرة عن المكافئة من وجوه خصوصا مع غلبة الظن بكونها في الأصل رواية
واحدة وقد حصل الاختلاف بواسطة النقل
بالمعنى وفي المدارك بعد نقل روايات محمد بن مسلم والجواب عنها قال ويمكن الاستدلال على هذا القول بقوله (ع) في رواية الحلبي المتقدمة إذا أدركت الامام قبل
ان يركع الركعة الأخيرة فقد أدركت الصلاة فان أنت أدركت بعد ما ركع في الظهر اربع ويمكن العمل بمضمونها واختصاص الجمعة بهذا الحكم وان كانت الركعة
تدرك في غيرها بادراك الامام في الركوع وتأويلها بما يوافق المشهور بان يحمل قوله وقد ركع على أنه قد رفع رأسه من الركوع ولعل هذا أولى انتهى أقول
بل متعين إذ لا ظهور له في حد ذاته في خلافه لأن قوله (ع) بعد ما ركع من حيث هو قابل لأن يراد منه بعد ما تلبس بالركوع أو بعد ما فرغ منه كما أن قوله (ع) في صدر الخبر
قبل ان يركع الركعة الأخيرة قابل لأن يراد منه قبل ان يتمها أو قبل ان يشرع فيها نعم المنساق من الصدر في بادي الرأي إرادة قبل التلبس ومن الذيل إرادة بعد
الفراغ ولكنه انسباق بدوي لا يستقر بعد ملاحظة المجموع كمالا يخفى على من لاحظ نظائره في العرفيات فإنه لا يكاد يفهم حكم حال التلبس من مثل هذا التركيب وعلى
تقدير تسليم الظهور يتعين صرفه إلى إدارة ما بعد الفراغ جمعا بينه وبين الأخبار المتقدمة المسوقة لبيان حد ادراك الركعة في الجماعة من غير تقييده بشئ
من مصاديقه مع أنه لا قائل بالفصل على الظاهر كما ادعاه غير واحد وفي الجواهر بعد ان نقل عن المدارك والذخيرة الاحتمال المزبور قال هو من متفرداتهما
بل يمكن تحصيل الاجماع على خلافه وما عن كشف الرموز من أن الشيخ فرق بين الجمعة والجماعة فذهب في الخلاف والمبسوط إلى أنه يدرك الجماعة بادراكه
راكعا وفي النهاية والاستبصار و (ط) في الجمعة إلى أنه لا يدرك يرده ملاحظة كلام الشيخ فلاحظ وتأمل انتهى واما القول المحكى عن التذكرة فلعل مستنده
مفهوم الخبر المروي عن الاحتجاج عن عبد الله بن جعفر الحميري عن صاحب الامر عجل الله فرجه انه كتب إليه يسئله عن الرجل يلحق الامام وهو راكع فيركع معه
434

ويحتسب بتلك الركعة فان بعض أصحابنا قال إن لم يسمع تكبيرة الركوع فليس له ان يعتد بتلك الركعة فأجاب (ع) إذا لحق مع الامام من تسبيح الركوع تسبيحة
واحدة اعتد بتلك الركعة وان لم يسمع تكبيرة الركوع وفيه بعد تسليم السندان ظهور صحيحتي الحلبي وسليمان بن خالد المتقدمتين في الاطلاق وإناطة
الحكم بادراك الامام قبل ان يرفع رأسه أقوى من طهور هذه الشرطية المسوقة لنفي اعتبار سماع التكبير في المفهوم فيحتمل أن تكون الشرطية جارية مجرى العادة
من عدم حصول الجزم بادراكه راكعا في الغالب الا في مثل الفرض أو أريد به التمثيل بالفرد الواضح الذي لا يتطرق إليه شبهة في للحوق المانعة عن الاعتداد
به كما ستعرف هذا مع أن المنساق إلى الذهن من هذا الخبر إرادة ادراك تسبيحة من تسبيح الامام لا تسبيحة معه راكعا ويحتمل ان يكون المفهوم مرادا من الشرطية
فيكون المراد من نفي الاعتداد به بالنسبة للفضيلة لا الاجزاء والله العالم ثم إن المتبادر من النصوص والفتاوي إناطة ادارك الركعة بادراكه الامام
راكعا بان وصل إلى الحد الذي ينتهى إليه هوية للركوع قبل ان يرفع الامام رأسه بان يأخذ في النهوض فما عن غير واحد من المتأخرين من التردد أو الجزم بكفاية
وصوله حال هوية إلى حد الراكع قيل إن يتجاوز الامام عن هذا الحد في نهوضه ضعيف ولو كبر وركع ثم شك قبل فراغه من الركوع في أنه هل كان الامام
راكعا أو رافعا لم يكن له جمعة وصلى الظهر لاشتراط صحة الجمعة بلحوقه بالامام في الركوع وهو مشكوك والشك في الشرط شك في المشروط فلا يرفع اليد به عما يقتضيه
قاعدة الشغل واستحباب بقاء الامام راكعا إلى حين صدور الركوع عنه لا يجدى في اثبات لحوقه به في الركوع إذ لا اعتداد بالأصول المثبتة كما تقرر في محله
والأحوط في مثل الفرض ايجاد شئ من المنافيات من كلام أو سلام أو استدبار ونحوه ثم الاستيناف وأحوط من ذلك اتمام صلاته ثم الإعادة خصوصا مع
علمه بوصوله إلى حد الراكع قبل خروج الامام عن هذا الحد وان كان الأقوى عدم وجوب اتمامها لأن النهي عن ابطالها انما يتنجز في حقه لو علم بصحتها وهي مشكوكة
فمقتضى الأصل براءة الذمة عن التكليف باتمام هذا العمل الذي لا يعلم بكونه صلاة صحيحة كما في نظائره من الشبهات لموضوعية واما الاكتفاء بمجرد رفع اليد
عنه وفعل الظهر من غير احداث المنافي لا يخلو من اشكال لأن تكليفه في الواقع على تقدير كونه مدركا للركوع هو الجمعة لا الظهر فما لم يقطع ببطلانه لا يحرز
التكليف بالظهر حتى يجزم بموافقة المأتي به للمأمور به إذ لا امر بالظهر على تقدير صحة فعله ومجرد رفع اليد عنه لا يؤثر في بطلانه كي يتنجز به التكليف بالظهر
كما عرفته في مبحث النية وكمالا يمكن اثبات لحوقه بالاتمام في الركوع بالأصل حتى يترتب عليه وجوب الجمعة كذلك لا يمكن نفيه به حتى يحرز به موضوع التكليف
بالظهر لعدم موافقة عدم لحوقه في الركوع بالامام الذي هو صفة فعل حادث للأصل بل مخالفته له نعم هنا أصول عدمية كلية ملازمة لذلك كاستصحاب
عدم ركوعه إلى زمان رفع الامام رأسه من الركوع واستصحاب عدم حدوث وصف اللحوق بالامام في الركوع له أو غير ذلك من الأصول العدمية الملازمة له
ولكنها غير مجدية في اثبات عدم كونه ملحقا بالامام في ركوعه حتى يثبت بذلك فوات الجمعة الذي هو شرط في تنجز التكليف بالظهر لما أشرنا إليه من في لاعتداد
بالأصول المثبتة وقد تقدم بعض الكلام فيما يوضح حال مثل هذه الأصول في مسألة نجاسة الجلد المطروح من كتاب الطهارة فراجع فهو حال شكه في ادراك
الركوع لا يعلم بان الامر الواقعي المتوجه إليه بالفعل هل هو اتمام هذه الركعة التي تلبس بها جمعة أو رفع اليد عنها والاتيان بالظهر ولكن حيث لا يعلم بصحتها
وحرمة قطعها يجوز له رفع اليد عنها والاتيان بالمنافي فيجزم بعد فعل المنافي بتكليفه بالظهر ومن هنا قد يقال بان قطع الصلاة وايجاد المنافي في مثل
هذه الموارد أحوط من امام الأولى والاتيان بالظهر بعده رعاية للجزم بالنية في العبادة مع الامكان ولكنه خلاف التحقيق كما تقرر في محله ولا يخفي عليك ان
الاشكال المزبور انما هو في خصوص المقام الذي يتوقف كونه مكلفا بالظهر على عدم صحة هذه الركعة في الواقع واما فيما عداه من الموارد التي يركع بنية الايتمام
لو عرض له هذا الشك جاز له ان يرفع اليد عنه ويستأنف الصلاة إذا على تقدير صحته في الواقع ليس الا كسائر الموارد التي يبدو له العدول من فرد من افراد
المأمور به إلى فرد اخر لعذر شرعي أو عقلي أو اقتراحا وقد أشرنا في مسألة العدول من سورة إلى أخرى ومن التسبيح إلى الفاتحة في الأخيرتين أو عكسه انه لا
محذور في ذلك لو لم يكن مانع خارجي عنه كحرمة القطع ونحوه وهو منتف في الفرض فاليتأمل ولو عرضه هذا الشك بعد فراغه من الركوع ورفع رأسه لم يلتفت
إلى شكه لما ستعرف في مبحث الخلل من أنه متى خرج من شئ من افعال الصلاة ودخل في غيره فشكه المتعلق بذلك الشئ ليس بشئ (مط) من غير فرق بين انحائه كما سيأتي
تحقيقه في محله انشاء الله ثم لا يخفي ان الفروع التي وقع التعرض لها في هذا المقام انما هي من احكام مطلق الجماعة ولا خصوصية لها بالجمعة والنصوص التي
أوردناها في المقام مسوقة لبيان حكم الملحوق بالامام في الركوع وانه يتحقق به ادراكه الركعة في مطلق الجماعة وكذا فتاوى الأصحاب فلا دخل لها بخصوص المقام
واما مسألة ان الجمعة تدرك بادراك ركعة منها مع الامام فهي وان كانت من احكام الجمعة ولكن ليس ههنا محل تعرضها بل عند التعرض لاحكامها فيظهر
من تعرض المصنف لها في هذا المقام بعبارة الاستدراك عما ذكره من أنه ان يتيقن أو غالب على ظنه الخ ان مراده بذلك التنبيه على أن الوقت الذي حدده الشارع
لصلاة الجمعة انما هو بالنسبة إلى نفس صلاة الجمعة المشروطة بالخطبتين التي تقام بالبلد وتتقوم بالامام والعدد الذي ينعقد به الجمعة لا بالنسبة إلى الصلاة
الصادرة من آحاد المكلفين الذين يجب عليهم ادراك هذه الصلاة جماعة واما بالنسبة إلى الآحاد من حيث هي فلم يحدد الشارع لصلاتهم وقتا عدى انهم ان أدركوا
مع الامام ركعة أتموها جمعة اي أضافوا إليها ركعة واقتصروا عليهما ولكنك خبير بأنه لا يمكن اثبات هذه الدعوى اي نفي شرطية الوقت لصلاة المأموم من حيث
هو باطلاق الأخبار الواردة فيمن أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك الجمعة لعدم كون اطلاقها مسوقا لبيان الحكم من هذه الجهة كمالا يخفى فكان مبني ما ذهب إليه
المصنف (ره) في ظاهر كلامه من نفي الاشتراط دعوى قصور ما دل على التوقيت عن شموله للمأموم المسبوق وهي في محلها بناء على ما ذهب إليه الأكثر أو المشهور على ما نسب
435

إليهم من أن وقتها من الزوال إلى أن يصير ظل كل شئ مثله لما عرفت من أنه ليس في الأخبار ما بقي بذلك تعمده مستندهم لذلك على ما يظهر من كلماتهم دليل التأسي واستقرار
سيرة السلف على ايقاع الجمعة في أول الوقت ولكن لا على سبيل المضايقة الحقيقية بحيث ينافي التحديد المزبور وهذا الدليل وان كان مخدوشا كما عرفت ولكنه ان تم
فهو بالنسبة إلى أصل الجمعة لا بالنسبة إلى المأموم المسبوق بل السيرة بالنسبة إليه قاضية بعدم مراعاته الا ما هو وظيفته من حيث ادراكه للجماعة وعد به بل لو عولنا
في اثبات التوقيت على الأخبار المزبورة الظاهرة في أن وقت الجمعة هو أول الوقت لا يبعد أيضا دعوى كونها مسوقة لبيان وقت صلاة الجمعة من حيث هي على
سبيل الاجمال فيشكل استفادة الاطلاق على وجه يتناول المأموم المسبوق الذي يتم صلاته فرادي فيرجع (ح) بالنسبة إليه إلى ما يقتضيه الأصل من في لاشتراط
على هذا لو تلبس الامام بالجمعة فيظن السعة فخرج الوقت في الأثناء وقلنا بصحة صلاته اما (مط) كما هو ظاهره المصنف في الكتاب أو بشرط ادراكه ركعة كما
التزم به غير واحد من المتأخرين ثم لحقه المأموم في الركعة الثانية صحت صلاته وأتمها جمعة خلافا لصريح بعض فاعتبر في صحيحة صلاته كل من الإمام والمأموم
ادراك ركعة في الوقت ففي مثل الفرض ان أدرك الامام ركعة من الوقت صحت صلاته وصلاة كل من لحقه بهذه الركعة لقاعدة من أدرك دون من لحقه
بالثانية التي تقع في خارجه الوقت واستشكل في الجواهر في الجميع بناء منه على عموم ما دل على شرطية الوقت بالنسبة إلى الإمام والمأموم وعدم وضوح شمول
قاعدة من أدرك لوقت الجمعة وهو لا يخلو من وجه بعد تسليم عموم في أدلة الاشتراط فليتأمل ثم الجمعة لا تجب أو لا تصح الا بشروط الأول السلطان العادل
أو من نصبه لها بلا خلاف محقق بين قدماء أصحابنا وان حكى عن بعض من المتأخرين نسبة الخلاف فيه إلى كثير من القدماء ولكن المتصدين لتصفح كلماتهم أنكروا
ذلك عليهم وخطاؤهم في هذه النسبة كما يؤيده تواتر نقل اجماعهم عليه من رؤساء المذهب كالشيخ في الخلاف حيث قال على ما حكى عنه ما لفظه من شرط انعقاد
الجمعة الامام أو ممن يأمره الامام بذلك من قاض أو أمير أو نحو ذلك ومتى أقمت بغير امره لم تصح وبه قال الأوزاعي وأبو حنيفة وقال محمد ان مرض الامام أو سافر
أو مات فقدمت الركعة من يصلي بهم الجمعة صحت لأنه من موضع ضرورة وصلاة العيدين عندهم مثل الجمعة وقال الشافعي ليس من شروط الجمعة الامام ولا امر الامام
ومتى اجتمع جماعة من غير امر الامام فأقاموها بغير اذنه جاز وبه قال احمد ومالك دليلنا انه لا خلاف انها تنعقد بالامام أو بأمره وليس على انعقادها إذا لم يكن
امام أو امره دليل إلى أو قال وأيضا عليه اجماع الفرقة فإنهم لا يختلفون من شرط الجمعة الامام أو امره قال أيضا وأيضا فإنه اجماع فإنه من عهد النبي عليه وعلى
اله السلام إلى وقتنا هذا ما أقام الجمعة الا الخلفاء والامراء ومن ولى الصلاة فعلم أن ذلك اجماع أهل الاعصار ولو انعقدت بالرعية لصلوها كذلك وعن
الغنية واما الاجتماع في صلاة الجمعة فواجب الا ان وجوبه يقف على شروط وهي الذكورة إلى أن قال وحضور الإمام العادل أو من نصبه إلى أن قال كل ذلك
بدليل الاجماع المشار إليه وعن السرائر والذي يقوى عندي صحة ما ذهب إليه من مسائل الخلاف وخلاف ما ذهب إليه في نهايته للأدلة التي ذكرها من اجماع أهل
الاعصار وأيضا فان عندنا بلا خلاف بين أصحابنا ان من شرط انعقاد الجمعة الامام أو من نصبه الامام للصلاة وعن المعتبر السلطان العادل أو نائبه شرط
في وجوب الجمعة وهو قول علمائنا ثم حكى القول بعدم الاشتراط عن الشافعي وعن العلامة في التحرير من شرائط الجمعة الإمام العادل أو من نصبه فلو لم يكن
الامام ظاهر أو نائبا له سقط الوجوب وعنه أيضا في المنتهى والتذكرة ونهاية الاحكام نسبته إلى علمائنا أجمع وعن الذكرى وجامع المقاصد وغير ذلك مما لا
حاجة إلى استقصائه أيضا دعوى الاجماع عليه وذهب جماعة من المتأخرين وفاقا للشهيد الثاني في رسالة الفيافي هذه المسألة التي نفي الاشتراط عليها
ويظهر من المدارك اختياره فإنه وان
لم يصرح به في هذا المقام بل اقتصر على تضعيف أدلة القائلين بالاشتراط حتى الاجماعات المحكية عليه باثبات وجود المخالف ولكنه ذكر في صدر المبحث بعد ان أورد
جملة من الروايات الدالة على وجوب الجمعة ما لفظه فهذه الأخبار الصحيحة الطرق الواضحة الدلالة على وجوب الجمعة على كل مسلم عدى ما استثنى يقتضي الوجوب العيني
إذ لا اشعار فيها بالتخيير بينها وبين فرد اخر إلى أن قال وليس فيها دلالة على اعتبار خصوص الامام عليه أو نائبة بوجه بل الظاهر من قوله (ع) فإن كان لهم من يخطب بهم
جمعوا وقوله (ع) فإذا اجتمع سبعة ولم يخافوا أمهم بعضهم وخطبهم خلافه كما سيجئ تحقيقه انشاء الله قال جدي قدس سره في رسالته الشريفة التي وضعها في هذه المسألة
بعد ان أورد نحو ما أوردنا من الأخبار ونعم ما قال فكيف يسع المسلم الذي يخاف الله تعالى إذا سمع مواقع امر الله ورسوله وأئمته عليهم السلام بهذه الفريضة وايجابها على كل
مسلم ان يقصر في امرها ويهملها إلى غيره وبتعلل بخلاف بعض العلماء فيها وامر الله ورسوله وخاصته عليهم السلام أحق ومراعاته أولى فليحذر الذين يخالفون عن امره ان
تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب اليم ولعمري لقد اصابتهم الأمر الأول فليرتقبوا الثاني ان لم يعف الله ويسامح نسئل الله العفو والرحمة بمنه وكرمه انتهى ما في المدارك
وهو كالنص في ارتضائه له واستدل للمشهور بأمور الأول الأصل اي اصالة عدم شرعيتها ووجوبها مع غير الامام على الخلاف الآتي وهذا انما يتجه على تقدير عدم تمامية
أدلة القائلين بالوجوب وسيأتي الكلام فيه الثاني الاجماع المدعي في كلمات كثير من أساطين الأصحاب ونوقش فيه بظهور كلمات كثيرة من القدماء والمتأخرين
أو صراحتها في خلافه وقد تكلف غير واحد من متأخري المتأخرين ممن حاول الاثبات كون المسألة اجماعية عند القدماء لتوجيه كلماتهم بارجاعها إلى المشهور بابداء قرائن
من كلماتهم مما لا يترتب على تحقيقها ثمرة مهمة لأنه ان أريد بذلك تحصيل القطع بالموافقة وعدم وجود مخالف أصلا إلى زمان المتأخرين قهرا متعذر والأولى في الجواب
عن هذه المناقشة ان يقال إن المدار في حجية الاجماع على ما قررناه في محله واستقر عليه رأى المتأخرين ليس على اتفاق الكل بل ولا اتفاقهم في عصر واحد بل على
استكشاف رأى المعصوم بطريق الحدس من فتوى علماء الشيعة الحافظين للشريعة وهذا ما يختلف باختلاف الموارد فرب مسألة لا يحصل فيها الجزم بموافقة الإمام (ع)
436

وان اتفقت فيها آراء جميع الاعلام كبعض المسائل المبتنية على مبادئ عقلية أو النقلية القابلة للمناقشة ورب مسألة يحصل فيها الجزم بالموافقة ولو من الشهرة
وما نحن فيه من هذا القبيل بل يكفي في الجزم بعدم الوجوب في مثل المقام وجود خلاف يعتد به فيه لقضاء العادة بأنه لو كانت الجمعة بعينها واجبة على كل مسلم
لصارت من الصدر الأول من زمان النبي صلى الله عليه وأهله كغيرها من الفرائض اليومية من ضروريات الدين فان غالب المسلمين من أهل البوادي والقرى في أغلب
أوقاتهم لم يكن يمكنهم حضور الجمعة التي يقيمها السلطان أو منصوبه فلو كان تكليفهم الجمعة عينا لبين لهم النبي صلى الله عليه وآله من صدر الاسلام كغيرها من الفرائض
ولأقاموها في كل جمعة في محالهم فلم يكن يختفي ذلك على نسائهم وصبيانهم فضلا عن أن يشتهر القول بعدم وجوبها أو عدم شرعيتها بين الخاصة والعامة أو
ينعقد اجماعهم على ذلك فالانصاف انه لا يكاد يوجد فروع في الفقه يمكن استكشاف رأي المعصوم فيه بالحدس من باب الملازمة العادية من اجماع العلماء أوضح من
المقام الثالث ما عن المنصف (ره) من أنه احتج بفعل النبي صلى الله عليه وآله فإنه كان يعين لامامة الجمعة وكذا الخلفاء بعده كما يعين للقضاء فكما لا يصح ان ينصب الانسان
نفسه قاضيا من دون اذن الامام فكذا امام الجمعة قال وليس هذا قياسا بل استدلال بالعمل المستمر في الاعصار فمخالفته خرق للاجماع انتهى وأجيب عنه
بمنع دلالة فعل الني صلى الله عليه وآله على الشرطية فإنه أعم منها والعام لا يدل على الخاص معان الظاهر أن التعيين انما هو لحسم مادة النزاع في هذه المرتبة
ورد الناس إليه من غير تردد كما أنهم كانوا يعينون لامامة الجماعة والأذان مع عدم توقفهما على اذن الامام اجماعا أقول بعد الغض عن أن كون وجوبها بلا
نصب امام مادة للنزع هو في حد ذاته دليل مستقل على في لوجوب كما سنوضحه انه لو كان غرض المستدل الاستدلال بمحض جريان سيرة النبي صلى الله عليه وآله والخلفاء بعده
على نصب الإمام للجمعة كما قد يترائى من عبارته لكان للمناقشة فيه مجال ولكن الظاهر أن غرضه الاستدلال بما جرت عليه السيرة من تعيين الامام للجمعة في عصر النبي
صلى الله عليه وآله ومن بعده وعدم انعقاد الجمعة الا بمن عينوه له كما يشهد بذلك الآثار التي سنشير إليها فلو كان وجوبها عينا على كل مسلم من غير اشتراطه بوجود
اما منصوب من قبل الوالي لما استقرت السيرة على اختصاص اقامتها بالمعين بل كانت السيرة تجرى على اقامتها في كل بلدة أو قرية أو بادية مشتملة على عدة بيوت
من المسلمين بمقدار ما يمكن إقامة الجمعة فيها لا على عكسه فهذا من أقوى الشواهد على المدعى ولذا عول عليه كثير من الفحول الرابع طوائف من الأخبار منها
المستفيضة الدالة على وجوب السعي إليها على من كان منها على فرسخين وعدم وجوبها على من بعد عنها بفرسخين مثل صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام الجمعة واجبة على
من أن صلى الغداة في أهله أدرك الجمعة الحديث وفي خبر فضل بن شاذان عن الرضا (ع) انما وجبت الجمعة على من يكون على فرسخين لا أكثر وفي صحيحة محمد بن مسلم
قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الجمعة فقال تجب على من كان فيها على فرسخين فان زاد على ذلك فليس عليه شئ إلى غير ذلك من الروايات الدالة عليه وتقريب الاستدلال
ان المقصود بهذه الأخبار ليس بيان حكم عابري السبيل ونحوه بل حكم سكنة القرى والبراري والأمصار البعيدة عن المصر الذي يقام فيه الجمعة كما لا يخفي على من تدبر
فيها (فح) يدل على المدعى بوجهين أحدهما انه لو جاز عقدها بلا اذن لم يتعين على من بعد عنها بفرسخين السعي إليها بل كان لمن بعد عنها بثلاثة أميال ان يعقدها في
مكانه مع نفر من أهله من غير أن يتحمل هذه المشقة الشديدة الا ان يقال إن الروايات انما تدل على وجوب السعي عليه ان لم ينعقد هناك جمعة فلا ينافي ذلك جواز
عقدها له في محله ثانيهما سقوطه عمن بعد عنها بفرسخين كما هو صريح الأخبار فلو كان وجوبها عينا من غير اشتراطه بامام خاص لوجوب على البعيدين الاجتماع
والجمعة في أماكنهم ولا يصح تنزيل الأخبار على إرادة السقوط فيما إذا لم يوجد في تلك الأماكن وما حولها إلى فرسخ أو فرسخين عدة اشخاص من المسلمين ينعقد بهم
الجمعة لأنه فرض بعيد لا يصح تنزيل اطلاق الأخبار عليه وتوهم جرى الأخبار مجرى الغالب من عدم وجود من يصلح للإمامة فيهم فانا وان لم نقل باشتراط كونه
منصوبا ولكن يشترط فيه معرفة الخطبة وأهليته للإمامة بان يكون عدلا مرضيا جامعا لشرائط الإمامة فلا يكفي في تنجز التكليف بالجمعة مجرد وجود عدة رجال
من المسلمين في البلد أو القرية البعيد عن المصر الذي يقام فيه الجمعة ما لم يكن فيهم من يخطب بهم مدفوع بأنه على تقدير كونها واجبا عينا يجب امامتها عليهم
كفاية ويصير معرفة الخطبة وتحصيل شرائط الإمامة من المقدمات الوجودية للواجب المطلق فيجب على كل منهم تحصيلها كغيرها من الواجبات الكفائية هذا
مع أن الغالب وجود أئمة الجماعة في سائر الأماكن خصوصا في تلك الاعصار التي كان المتعارف عندهم ايتمام بعض ببعض مطلقا كما أن الغالب تمكن كل من يقدر
على فعل الصلاة على الاتيان بأقل المجزي من الخطبتين فضلا عن أئمة الجماعة كما ستعرف فلا يصح (ح) اطلاق نفي الوجوب عنهم مع أن الغالب تمكنهم من اقامتها في محالهم
على تقدير في لاشتراط ومن هنا يظهر صحة الاستدلال للمدعي بالأخبار النافية لوجوبها عل أهل القرى اما مطلقا كما في رواية حفص بن غياث عن جعفر عن أبيه
قال ليس على أهل القرى جمعة ولا خروج في العيدين أو على تقدير ان لم يكن لهم من يخطب بهم كصحيحة
محمد بن مسلم عن أحدهما قال سئلته عن أناس في قرية هل يصلون
الجمعة جماعة قال نعم يصلون أربعا إذا لم يكن من يخطب وصحيحة الفضل بن عبد الملك قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول إذا كان قوم في قرية صلوا الجمعة أربع ركعات
فإن كان لهم من يخطب بهم جمعوا إذا كانوا خمسة نفر وانما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين إذا المراد بمن يخطب لهم اما المنصوب لذلك من قبل الوالي فيتم المطلوب أو
مطلق من يقوم بهذه الوظيفة لا مطلق من يقدر عليه لما أشرنا إليه من قضاء العادة بان كل من يقدر على فعل الصلاة يتمكن على الاتيان بأدنى ما يجري من الخطبتين
فلو كان وجوبها عينا لكانت معرفة الخطبة التي هي ميسورة لكل أحد وكذا أدائها واجبا كفائيا على الكل فلا يصح (ح) تعليق وجوبها على وجود يخطب فإنه
(ح) بمنزلة ما لو قال يجب الصلاة على الميت ان كان فيهم من يصلي عليه وأوضح منها دلالة عليه رواية طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام قال لا جمعة
الا في مصر تقام فيه الحدود وحمل هذه الرواية وكذا الرواية الأولى النافية لوجوبها على أهل القرى (مط) على التقية لموافقة اشتراط اقامتها في المصر لمذهب
437

أكثر العامة على ما قيل ليس بأولى من تنزيلها على الغالب من عدم وجود الامام أو نائبة الذي يصلي الجمعة ويقيم الحدود الا في الأمصار بل هذا أولى ويدل عليه
أيضا موثقة ابن بكير قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن قوم في قرية ليس لهم من يجمع بهم يصلون الظهر يوم الجمعة في جماعة قال نعم إذا لم يخافوا وعن قرب الإسناد
بسنده عن ابن بكير مثله الا أنه قال إذا لم يخافوا شيئا وسوق السؤال يشهد بمعروفية اختصاص الجمعة بامام خاص وانه لا جمعة بدونه فسئل عن انه هل يجوز لهم
ان يصلوا الظهر في جماعة بعد المفروغية عن انه لا جمعة عليهم فهي كالنص في المدعي واحتمال ان يكون مقصوده بقوله أيصلون الظهر يوم الجمعة في جماعة صلاة
الجمعة بان يكون غرضه السؤال عن انه إذا لم يكن لهم امام منصوب هل يجوز لهم عقدها بأنفسهم بان يامهم بعض منهم بعيد وليس تعليق الرخصة على في لخوف من مؤيدات
هذا الاحتمال المخالف للظاهر إذا كما أن عقد الجمعة بغير امام منصوب من قبل السلاطين كان معرضا للخوف كذلك عقد الجماعة للظهر في القرى القريبة من مصر تقام
فيه الجمعة وعلى تقدير إرادة هذا الاحتمال تصير هذه الرواية من أدلة القول بجواز اقامتها بغير المنصوب لا الوجوب كما لا يخفى ويدل عليه أيضا جملة من الروايات
التي استدل بها الخصم لمذهبه كبعض الأخبار المتقدمة غفلة عن انها على خلاف مذهبه أدل كما ستعرف ومما يدل عليه أيضا الروايات الدالة على أن الصلاة
ركعتين انما هو فيما إذا كان مع الامام الظاهرة أو الصريحة في إرادة من بيده الامر من الامام لا ما يعم امام الجماعة مثل ما عن الصدوق في كتاب عيون الأخبار
والعلل باسناده عن الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام قال فان قال قائل فلم صارت صلوه الجمعة إذا كانت مع الامام ركعتين وإذا كان بغير امام ركعتين
وركعتين قيل لعلل شئ منها ان الناس يتخطون إلى الجمعة من بعد فأحب الله عز وجل ان يخفف عنهم لموضع التعب الذي صاروا إليه ومنها ان الامام
يحبسهم للخطبة وهم منتظرون للصلاة ومن انتظر الصلاة فهو في الصلاة في حكم التمام ومنها ان الصلاة مع الامام أتم وأكمل لعلمه فقهه ومدله و
فضله ومنها ان الجمعة عيد وصلاة العيد ركعتان ولم تقصر لمكان الخطبتين فان قال فلم جعل الخطبة قيل لأن الجمعة مشهد عام فأراد ان يكون للأمير كما
عن العلل للامام كما عن العيون سبب إلى موعظتهم وترغيبهم في الطاعة وترهيبهم من المعصية وتوقيفهم على اما أراد من مصلحة دينهم ودنياهم ويخبرهم بما ورد عليهم
من الآفاق من الأهوال التي لهم فيها المضرة والمنفعة ولا يكون الصائر في الصلاة بل منفصلا وليس بفاعل غيره ممن يؤم الناس في غير يوم الجمعة فان قال فلم
جعل الخطبتين قبل لأن يكون واحد للثناء على الله والتمجيد ولا تقديس لله عز وجل والأخرى للحوائج والاعذار والانذار والدعاء وما يريد ان يعلمهم من
امره ونهيه نوما فيه الصلاح والفساد في الوسائل قال قوله وليس بفاعل غيره غير موجود في عيون الأخبار قول وهو لا ينافي ظهور الخبر بل صراحته بعد
التدبر في مجموع فقراتها في أن المقصود بالامام فيه من له الأمر والنهي لا مطلق من يؤم بالناس في سائر الأيام كما لا يخفى على التدبر وموثقة سماعة قال
سئلت أبا عبد الله (ع) عن الصلاة يوم الجمعة فقال امام مع الامام فركعتان واما لمن صلى وده فهي أربع ركعات وان صلوا جماعة فإنها كالنص في أن امام الجمعة
الذي هو شرط في وجوب الركعتين ليس مطلق من يصلي بالناس جماعة واشتراط امام الجمعة بكونه ممن يحسن الخطبة ويتمكن منها لا يصلح فارقا بينهما كما زعمه صاحب
الوسائل لما أشرنا إليه من قضاء العادة بان كل من يؤم بالناس يتمكن من أقل ما يجزي من الخطبتين ونحوها موثقته الأخير قال سئلت أبا عبد الله (ع)
عن الصلاة يوم الجمعة فقال اما مع الامام فركعتان واما مع من صلى وحده فهي أربع ركعات بمنزلة الظهر يعني إذا كان امام يخطب فإن لم يكن امام يخطب فهي أربع ركعات
وان صلوا جماعة والظاهر كون التفسير من الراوي والتقريب كما تقدم ومنها الروايات الدالة على أن الجمعة من مناصب الامام عليهم كالخبر
المروي عن دعائم الاسلام عن علي عليه السلام أنه قال لا يصلح الحكم ولا الحدود ولا الجمعة الا للامام أو من يقيمه الامام والمروي عن كتاب الأشعثيات مرسلا ان الجمعة
والحكومة لإمام المسلمين وعن رسالة الفاضل بن عصفور مرسلا عنهم عليه السلام ان الجمعة لنا والجماعة لشيعتنا وكذا روي عنهم لنا الخمس ولنا الأنفال ولنا الجمعة ولنا
صفو المال والنبوي اربع إلى الولاة الفي والحدود والجمعة والصدقات ونبوي اخر ان الجمعة والحكومة لإمام المسلمين وفي الصحيفة السجادية (ع) في دعاء الجمعة وثاني
العيدين اللهم ان هذا المقام لخلفائك وأصفيائك ومواضع امنائك في الدرجة الرفيعة التي اختصصتهم بها قد ابتزوها وان المقدر لذلك إلى أن
قال حتى عاد صفوتك وخلفائك مغلوبين مقهورين مبتزين يرون حكمك مبدلا إلى أن قال اللهم العن أعدائهم من الأولين والآخرين ومن رضي بفعالهم و
أشياعهم لعنا وبيلا ويمكن ان يجاب عما في هذا الدعاء بان الخصم معترف بأنها حق للامام ومن نازعه فيه أو قام بها بغير اذنه مع حضوره فهو غاصب ولكنه يزعم أنه
من قبيل استحقاق ولي الميت للصلاة عليه في أنه لو وجد مانع عن أن يقوم الوالي بحقه من غيبة أو تقية ونحوها لا يسقط بذلك وجوبها عن سائر المكلفين و
ان كان مقتضي الانصاف ان المتبادر من قوله (ع) ان هذا المقام لخلفائك انه ليس لغيرهم ذلك أصلا لا انهم أحق به من غيرهم كما في أولياء الميت وربما يؤيد
أيضا كونها حقا للامام بعض الروايات الدالة على أن للامام ان يرخصهم في تركها مثل خبر إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه ان علي بن أبي طالب (ع) كان يقول إذا اجتمع
عيدان للناس في يوم واحد فإنه ينبغي للامام ان يقول للناس في خطبته الأولى انه قد اجتمع لكم عيدان فانا أصليهما جميعا فمن كان مكانه قاصيا فأحب ان ينصرف
فقد اذنت له وخبر سلمة عن أبي عبد الله (ع) قال اجتمع عيدان على عهد أمير المؤمنين فخطب الناس فقال هذا يوم اجتمع فيه عيدان فمن أحب ان يجتمع معنا
فليفعل ومن لم يفعل فان له رخصة يعني من كان متنحيا وخبر الحلبي انه سئل أبا عبد الله (ع) عن الفطر والأضحى إذا اجتمعا في يوم الجمعة فقال اجتمعا في زمان على
فقال من شاء ان يأتي إلى الجمعة فليأت ومن قعد فلا يضره وليصل الظهر وخطب خطبتين جمع فهيما خطبة العيد وخطبة الجمعة ومما يدل أيضا على عدم وجوبها
عينا جملة من الروايات الآتية التي يستدل بها لاثبات الاستحباب عند فقد شرط الوجوب وربما يستدل له بالاخبار التي علقها بكونها مع الامام نظر إلى
438

انصراف اطلاق اسم الامام إلى الامام المطلق الذي جعله الله للناس اماما كما هو الشايع في مورد استعمالاته بلا قرينة أو امام الجمعة الذي لم يكن في تلك
الاعصار الا شخص خاص منصوب كما يفصح عن ذلك السؤال الواقع في موثقة ابن بكير المتقدمة وفي موثقة سماعة الواردة في العيد قال قلت لأبي عبد الله (ع) متى
يذبح قال إذا انصرف الامام قلت فإذا كنت في ارض ليس فيها امام فاصلي بهم جماعة فقال إذا استقلت الشمس ولا بأس ان تصلي وحدك ولا صلاة الا مع امام
وغير ذلك من الروايات المشعرة بأن الامام كان في عرفهم يطلق على المعهود لا مطلق من يصلي جماعة من أن تعارف وجود المنصوب في تلك الاعصار يكفي في دعوى
الانصراف وتوهم ان الأئمة المنصوبة في تلك الاعصار لم تكن منصوبة الا من قبل المخالفين فلا تصح حمل الأخبار على ارادتهم مدفوع بان المقصود بالاخبار بيان
حكم الجمعة من حيث هي واما عدم صحة الصلاة معهم فيعرف من اشتراط العدالة وغيرها في الامام من دليل خارجي فمن جملة تلك الأخبار حسنة زرارة قال كان
أبو جعفر (ع) يقول لا يكون الخطبة والجمعة وصلاة ركعتين على أقل من خمسة رهط الامام وأربعة وحسنة محمد بن مسلم قال سألته عن الجمعة فقال اذان وإقامة يخرج
الامام بعد الأذان فيصعد المنبر الحديث وصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال تجب الجمعة على سبعة نفر من المسلمين ولا تجب على أقل من خمسة منهم الامام
وقاضيه والمدعى حقا والمدعي عليه والشاهدان والذي يضرب الحدود بين يدي الامام بل هذه الصحيحة كالنص في إرادة الوالي ولكن يتوجه على الاستدلال
بمثل هذه الأخبار ان غاية ما يمكن ادعائه ان المراد بالامام فيها الشخص الخاص الذي منصبه الإمامة لا مطلق من يأم بالناس وانه يجب الاجتماع إليها معه لا
مع غيره فلا تصح مع غيره ولكن هذا مع وجوده وقيامه بوظيفته من امامة الجمعة كما هو المفروض موردا لهذه الأخبار باعتراف المستدل وهذا مما لا نزاع فيه
على الظاهر كما تقدمت الإشارة إليه مرارا وانما النزاع في أن وجوبها هل هو مشروط بوجود المنصوب فينتفي بانتفائه أو انه مطلق فيجب على سائر المكلفين
اقامتها عند فقد المنصوب والاخبار أجنبية عن ذلك واما صحيحة محمد بن مسلم وكذا حسنة زرارة المتقدمتان فهما مسوقتان بحسب الظاهر لبيان العدد الذي
ينعقد به الجمعة وان الامام واتباعه الذين يحضرون لديه لا لأجل الاجتماع للجمعة محسوبون من العدد وكيف كان فليس في هذين الخبرين أيضا اشعار بالاشتراط
نعم احتمال إرادة المنصوب أو امام الأصل فضلا عن دعوى انصراف الأخبار إليه أو صراحتها فيه مانع عن الاستدلال باطلاقها لنفي الاشتراط كما
توهمه الخصم وجعل مثل هذه الأخبار وكذا الروايات المتقدمة دليلا لمذهبه هذا مع أن اطلاقها وارد مورد حكم اخر لا يصح التمسك به لنفى شرطية النصب
في الامام كما لا يخفى على المتأمل بل الانصاف ان بعض تلك الروايات المشتملة على لفظ الامام فيه بل دلالة على الاشتراط كصحيحة زرارة عن أبي جعفر
عليه السلام قال صلاة الجمعة فريضة والاجماع إليها فريضة مع الامام فمن ترك ثلاث مع ترك ثلاث فرائض ولا يترك ثلاث فرائض من غير عذر ولا علة الا
منافق إذ الغالب على الظن ان قوله والاجتماع إليها فريضة مع الامام لدفع ما يوهمه قوله صلاة الجمعة فريضة حيث إنه لم يعهد في عصرهم عقدها الا من
المخالفين فكان يوهم هذا الكلام وجوب السعي إليها فدفعه بقوله والاجتماع إليها فريضة مع الامام لا مع اي شخص يكون كما يؤيد هذا المعنى ان زرارة
على ما يستشعر من صحيحة التي سيأتي نقلها كان يزعم أن الجمعة لا تكون الا مع الامام وربما يستدل له أيضا ببعض الشواهد والمؤيدات العقلية كقبح ايجاب
الشارع الحكيم على كافة الناس الاقتداء بواحد غير معين ويوكل تعيينه إلى ارادتهم مع أنه لا يكاد يتفق آراء الجميع على واحد مع ما في نفوس جلهم من
الاباء من الاقتداء بمن يراه مثله أو دونه في الأهلية للإمامة ما لم يكن له ملزم شرعي مع مجبولية كل نفس بحب الرياسة لنفسه فليس مثل هذا الحكم الا تأسيس
مادة الجدال والنزاع فيمتنع صدوره مع الشارع الا ان يجعل لتعيين من يقتدي به طريقا لا يبقى معه موقع للخصومة وليس ذلك الا نصب الوالي إذ لا
يتعين في شخص خاص بدونه اجماعا ومعه يتعين فيه ضرورة وربما يستدل لها أيضا بغير ذلك من الشواهد والمؤيدات العقلية والنقلية التي لا حاجة
إلى استقصائها حجة القول بالوجوب العيني الكتاب والسنة التي ادعوا تواترها وانها تبلغ مأتي حديث اما الكتاب فقوله تعالى " يا أيها الذين امنوا
إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع " وأجيب عنه بوجوه الأول منع شمول الخطاب للمعدومين الا بقاعدة المشاركة الغير
الجارية في مثل المقام الثاني عدم ثبوت إرادة الصلاة من الذكر لاختلاف المفسرين فيه فقيل إن المراد به الخطبة وقيل الصلاة وقيل هما معا فعلى الأول
لا يجب السعي إليها على الجميع اماما كما ادعاه بعض مضافا إلى ما قد يقال إن المراد بالذكر رسول الله صلى إليه عليه واله كما هو مذكور في اخبار أهل البيت
عليهم السلام بل في كشف اللثام ان احتمال إرادة النبي صلى الله عليه وآله من ذكر الله اظهر من احتمال إرادة الصلاة ولا تصنع إلى ما يعدي من اجماع المفسرين على إرادة
أحدهما خصوصا إذا كانت تعلم أنه لا اجماع الأقوال المعصوم الثالث ان المراد بالصلاة من يوم الجمعة ليس حسبها؟ ضرورة عدم وجوب السعي إلى
مطلق الصلاة التي ينادي لها في يوم الجمعة فاللام؟ في الصلاة للعهد أريد بها الصلاة الخاصة المعهودة لديهم التي كان النبي صلى الله عليه وآله
أو المنصوبون من قبله يقيمونها في عصر نزول الآية وينادي مناديهم للاجتماع إليها فلو شك في شرطية حضور المعصوم أو نائبه لشرعيتها أو لوجوب
اقامتها عينا لا يصح التمسك بإطلاق الامر بالسعي المعلق على النداء إليها لنفي الاشتراط ولو سلم ان اللام
للإشارة إلى جنس تلك الصلاة المعهودة اي
جنس صلاة الجمعة لا إلى نوعها المتعارف واغمض عن سائر المناقشات التي تقدمت الإشارة إليها فالآية تدل على وجوب السعي إليها على تقدير انعقادها
في البلد لا على وجوب أصل الانعقاد فلا مانع من أن لا يكون عقدها واجبا عينا ولكن يجب السعي إليها بعد الانعقاد بل ربما نسب إلى بعض الالتزام بذلك
كما ستعرف فالآية جنبية عن المدعي واستدل له أيضا بقوله تعالى " وحافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " وقوله تعالى " يا أيها الذين امنوا لا تلهكم
439

أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون " وفي الاستدلال بهما ما لا يخفي واما الأخبار فمنها صحيحة زرارة عن أبي جعفر
عليه السلام قال فرض الله على الناس من الجمعة إلى الجمعة خمسا وثلثين صلاة منها صلاة واحدة فرضها الله عز وجل في جماعة وهي الجمعة ووضعها عن تسعة
عن الصغير والكبير والمجنون والمسافر والبعيد والمرأة والمريض والأعمى ومن كان على رأس فرسخين وفي ان الرواية ليست مسوقة الا لبيان وجوبها على
سبيل الاجمال وهذا مما لا شبهة فيه بل هو من ضروريات الدين وانما الكلام في أنه هل يعتبر في الجماعة التي أوجبها الله فيها ان يكون أحدها الامام أو منصوبه
كما يعتبر فيها عدالة الامام وعدم كون عددهم أقل من السبعة أو الخمسة حتى يسقط التكليف يتعذر شرطه أم لا فكما لو شك في شرطية شئ اخر لصحة الجمعة أو
وجوبها عينا أو شك في شرطية شئ اخر وجزئيته لسائر الفرائض الخمس والثلثين لا يصح التمسك باطلاق هذا الحديث عند تعذر ذلك الشئ الذي يشك
في شرطيته أو جزئيته لنفي شرطيته أو جزئيته فكذلك فيما نحن فيه وبما ذكرنا ظهر ضعف الاستشهاد له أيضا بصحيحة أبي بصير ومحمد مسلم عن أبي عبد الله (ع)
قال إن الله عز وجل فرض في كل سبعة أيام خمسا وثلثين صلاة منها صلاة واجبة على كل مسلم ان يشهدها الا خمسة المريض والمملوك والمسافر والمرأة و
الصبي بل في هذه الصحيحة بل وكذا في سابقتها أيضا ايماء إلى أن الواجب على كل مسلم هو الحضور والايتمام في هذه الصلاة المعهودة لديهم انه لا يقيمها الا شخص خاص
بل يظهر أيضا ضعف الاستشهاد بجل الأخبار التي تمسكوا بها لنفي الاشتراط كصحيحة أخرى أيضا عن أبي بصير ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال من ترك الجمعة ثلاث
جمعات متواليات طبع الله على قلبه وصحيحة زرارة قال قال أبو جعفر (ع) الجمعة واجبة على من أن صلى الغداة في أهله أدرك الجمعة وكان رسول الله (ع) انما يصلي العصر
في وقت الظهر في سائر الأيام كي إذا قضوا الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وآله رجعوا إلى رحالهم قبل الليل وذلك سنة إلى يوم القيمة وصحيحة منصور عن أبي عبد الله (ع)
قال يجمع القوم يوم الجمعة إذا كانوا خمسة فما زاد فان كانوا أقل من خمسة فلا جمعة لهم والجمعة واجبة على كل أحد لا يعذر الناس فيها الا خمسة المرأة والمملوك و
المسافر والمريض والصبي وقول أمير المؤمنين عليهم السلام في خطبته والجمعة واجبة على كل مؤمن الا على الصبي (الخ) والنبوي الجمعة حق واجب على كل مسلم الا أربعة
واخر من ترك ثلاث جمع متهاونا بها طبع الله على قلبه وقال أيضا من ترك ثلاث جمع متعمدا من غير علة طبع الله على قلبه وقال لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات
أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين وقال أيضا ان الله فرض عليكم الجمعة فمن تركها في حيوتي أو بعد موتي استخفافا بها أو جحودا لها فلا جمع الله
شمله ولا بارك له في امره الا ولا صلاة له الا ولا زكاة له الا ولا حج له الا ولا صوم له الا ولا وتر له حتى يتوب وحسن ابن مسلم أو صحيحة عن أبي جعفر (ع)
ان الله أكرم بالجمعة المؤمنين فسنها رسول الله صلى الله عليه وآله بشارة لهم وتوبيخا للمنافقين ولا ينبغي تركها فمن تركها متعمدا فلا صلاة له إلى غير ذلك من النصوص التي
تقدم جملة منها في أدلة المشهور وملخص الجواب عن مثل هذه الأخبار بعد الغض عن أن كثيرا منها لا ينافي الوجوب التخييري وكونها أفضل فردي الواجب
بل بغضها مشعر بذلك ما أشرنا إليه من أنه لا ينكر أحد وجوب صلاة الجمعة في الجملة على كل مسلم عدى ما استثنى وانما النزاع في أن وجوبها على كل أحد هل هو
مشروط بان يقيمها الامام أو نائبه أم لا وعلى تقدير الاشتراط هل هو شرط لصحتها أو لوجوبها فلو وقع الشك في شرطيته للصحة لا يمكن التمسك بشئ من هذه الأخبار
لنفيها اما مثل قوله (ع) الجمعة واجبة على كل مسلم ونحوه فواضح إذا المقصود بها الجمعة الجامعة لشرائط الصحة فلو شك في صحة امامة الفاسق أو ولد الزنا أو
أو ذو العاهة هل يصح التمسك باطلاق مثل هذه الأخبار لجوازها فكذلك فيما نحن فيه واما مثل قوله يجمع القوم يوم الجمعة إذا كانوا خمسة فما زاد فلو كان
مسوقا لبيان هذا الحكم من حيث هو لكان الاستدلال به لنفي اعتبار امام خاص وجيها ولكنه ليس كذلك لورودها مورد حكم اخر وهو بيان العدد الذي ينعقد به
الجمعة وهكذا الكلم في صحيحة عمر بن يزيد عن أبي عبد الله قال إذا كانوا سبعة يوم الجمعة فليصلوا في جماعة وليلبس البرد والعمامة وليتوكأ على قوس أو عصى ليقعد
بين الخطبتين ويجهر بالقراءة ويقنت في الركعة الأولى منهما قبل الركوع هذا مع اجمال مرجع الضمير في هذه الرواية بل الغالب على الظن عدم كون هذا الكلام كلاما
ابتدائيا بل مسبوقا بسؤال أو كلام يناسب هذا التعبير والحاصل ان ارجاع الضمير إلى مطلق المكلفين أو المسلمين بحيث يتجه به الاستدلال للخصم رجم بالغيب
فمن الجائز ان يكون المراد به الامام ومن معه كما يؤيد ذلك اضماره في قوله وليلبس البرد (الخ) بل وكذا لفظ القوم في الصحيحة الأولى أيضا لا يخلو من ابهام
فليتأمل هذا مع أنه لم يقصد بتلك الرواية الوجوب بل الجواز والا لعارضها مفهوم الصحيحة الثانية وغيرها من الروايات الدالة على أنها لا تجب على أقل من السبعة نعم
لو وقع الشك في شرطيته للوجوب لا للصحة أمكن التمسك لنفيها باطلاق مثل قوله (ع) الجمعة واجبة على كل أحد لا يعذر الناس فيها الا خمسة لو أريد منها الجنس ولكن الظاهر أن
المراد بالجمعة في الروايات التي كم فيها بوجوبها على كل أحد العهد أي الجمعة التي يتعارف اقامتها في البلد بشرائطها المقررة في الشريعة فالمراد بوجوبها على كل أحد
الاجتماع إليها لأنه يجب على كل أحد ان يعقدها اماما أو مأموما وعلى تقدير تسليم ظهورها في إرادة الجنس وصلاحيتها للاستدلال بما لما يدعيه الخصم بل وكذا لو
سلمنا دلالة جميع الروايات المزبورة التي استدل بها على مدعاه فليست دلالتها عليه الا بأصالة الاطلاق لما أشرنا إليه من أن وجوبها على كل أحد (في الجملة ليس قابلا للانكار وانما النزاع في أن وجوبها على كل أحد) هل هو مطلق
حتى يكون الاجتماع وامامة بعضهم وايتمام من عداه به من المقدمات الوجودية للواجب المطلق أم مشروط بوجود امام لهم منصوب من قبل الوالي فليس لهم
التمسك بشئ من هذه الروايات من حيث الاطلاق (فخ) نقول بعد التسليم والغض عن جميع ما ذكرناه دليلا
للمشهور مما لا يذعن به الخصم مقتضى الجمع بين هذه الأخبار
وبين بعض الروايات التي اعترف الخصم بصحته وجعله من جملة أدلته كصحيحه محمد بن مسلم عن أحدهما قال سئلته عن أناس في قرية هل يصلون الجمعة جماعة قال نعم
يصلون أربعا إذ لم يكن من يخطب وصحيحة الفضل بن عبد الملك قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول إذا كان قوم في قرية صلوا الجمعة أربع ركعات
440

فإن كان لهم من يخطب بهم جمعوا فمحصل الجميع بعد الجمع انه يجب الجمعة على كل أحد بشرط ان يجتمع معه عدة اشخاص فما زاد ويكون لهم من يخطب والا فلا يجب
عليهم كما هو صريح الخبرين وقد عرفت فيما سبق من أن المراد بمن يخطب اما من كان منصوبا لذلك أو مطلق من يقوم بهذه الوظيفة لا مطلق من يقدر
عليهم وكل منهما ينافي مذهب الخصم كما تقدم توضيحه فيما سبق وان شئت قلت كسر السورة القائلين بالوجوب العيني الذين ادعوا تواتر روايات صحاح
صريحات في الوجوب تبلغ مأتي حديث انا مجمع بين كل من الروايات وبين ما تضمنته الصحيحتان ونقول مثلا الجمعة واجبة على كل أحد بشرط ان يجتمع معه غيره
إلى أن بلغوا خمسة فما زاد وأن يكون لهم من يخطب بهم والا لم يجب عليهم فهل بقي لها بعد هذا الجمع ظهور في الاطلاق فضلا عن الصراحة و
كيف كان فقد استدلوا لمذهبهم أيضا بهاتين الصحيحتين وفيه ما عرفت واستدلوا أيضا بصحيحة زرارة قال حدثنا أبو عبد الله (ع) على صلاة الجمعة
حتى ظننت انه يريد ان نأتيه فقلت تغدو عليك فقال لا انما عنيت عندكم وفيه ان الصحيحة أيضا كسابقيها من أقوى الأدلة على عدم وجوبها عينا
فان فيها جهات من الدلالة على ذلك منها ان الحث والترغيب ونحوهما لا يطلق الا في المرغبات والسنن التي يجوز للمكلف تركها فلا يقال
حثنا على الفرائض اليومية أو رد الأمانة إلى أهلها ومنها انه يظهر من هذا الخبر ان زرارة لم يكن يواظب على فعلها بل على تركها مع كونه
قادرا على اقامتها مع نفر من أصحابه على وجه يامن من ضرر مخالفتها للتقية والا لم يكن أبو عبد الله عليه السلام يحثهم على فعلها فهذا يكشف عن عدم
كونها واجبا عينيا عليهم والا لم يكن يختفي ذلك على عوام الشيعة فضلا عن مثل زرارة الذي وصل الينا بواسطته جملة من الروايات التي استشهد
بها الخصم لمدعاه فهذا أيضا يؤيد ما ذكرناه من عدم دلالة الروايات التي رواها زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في هذا الباب على نفي الاشتراط
والا لكان زرارة أولى بان يفهمه منها في غيره كما هو واضح ومنها اشعار قوله حتى ظننت (الخ) بمعهودية كونها من وظائف الامام لديهم حتى أنه صار
سببا لحصول هذا الظن وكيف كان فهذا الرواية كادت تكون صريحه في الاستحباب الذي ستعرف ان مرجعه إلى كونها أفضل فردي الواجب التخييري
فلو سلم ظهور شئ مما تمسك به الخصم لمدعاة في الوجوب يجب حمله اما على الاستحباب أو الوجوب التخييري بشهادة هذه الصحيحة فضل عن غيرها مما عرفت
وتعرف واستدلوا أيضا بصحيحة أخرى لزرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام على من تجب الجمعة قال على سبعة نفر من المسلمين ولا جمعة لأقل من خمسة
أحدهم الامام فإذا اجتمع سبعة ولم يخافوا أمهم بعضهم والمراد بقوله (ع) أحدهم الامام بحسب الظاهر التنبيه على أن الامام أيضا محسوب من العدد
والاستدلال بهذه الرواية انما يتجه بلحاظ ذيلها والا فصدرها بحسب الظاهر مسوق لبيان العدد الذي هو مناط الوجوب فلا يفهم منه انه مهما
وجدت السبعة وجبت الجمعة وانما يفهم ذلك من اطلاق قوله فإذا اجتمع سبعة (الخ) فان ظاهره إرادة اي بعض يكون لا بعضا مبهما لا ينافيه إرادة
شخص خاص منصوب للإمامة وكونه من قبيل الامر الوارد عقيب الحظر الذي لا يفهم منه أزيد من الجواز غير قادح بظهوره في الوجوب في خصوص المقام باعتبار
وقوعه تفريعا على من تجب عليهم الجمعة كما أنه ما فيها من التفصيل بين الخمسة والسبعة ينفي احتمال إرادة مطلق المشروعية والوجوب التخييري الذي يتحقق
موضوعه بالخمسة فالانصاف ان هذه الرواية بملاحظة ما فيها من التفريع والتفصيل لها نوع ظهور فيما يدعيه الخصم وان كان قد يوهنه عدم فهم زرارة
ذلك منها على ما يظهر من صحيحته السابقة كما تقدمت الإشارة إليه ولكن ليرفع اليد بمثل هذا الوهن لو كان الموهن منحصرا به بل يجب رفع اليد عنه اما
بحملها على الاستحباب بشهادة صحيحة السابقة أو على إرادة بيان مطلق المشروعية بهذه الفقرة دفعا لتوهم اشتراط امام خاص كما لا يأبى عنه سوق التعبير
وان كان مخالفا لظاهر التفريع جمعا بينه وبين الصحيحتين المتقدمتين الصريحتين في عدم وجوبها على أهل القرية التي لم يكن فيهم من يخطب بهم مع وجود من
يأم بهم الظهر جماعة وقدرته عادة على أداء أقل ما يجزي من الخطبة وغير ذلك مما ذكرناه دليلا للمشهور مع امكان ان يكون المقصود بأمهم بعضهم
البعض المعهود عندهم لا مطلقه ويكون المقصود بذكره على سبيل الاجمال كفقرته السابقة لدفع توهم اعتبار كون السبعة التي يتعين بها موضوع
الوجوب العيني ما عدى الامام وكونه خلاف الظاهر غير قادح في مقام التوجيه كما لا يخفى واستدلوا أيضا بموثقة ابن بكير عن زرارة عن عبد الملك
عن أبي جعفر عليهم السلام قال قال مثلك يهلك ولم يصل فريضة فرضها الله قال قلت كيف اصنع قالوا صلوا جماعة يعني صلاة الجمعة وفيه ما لا يخفى فإنها أوضح
دلالة من صحيحة زرارة المتقدمة على أن أصحاب الأئمة عليهم السلام أيضا كانوا يعتقدون انه لا جمعة الا مع الامام وكانوا يتركونها ولو مع تمكنهم من اقامتها
ولذا تحير عبد الملك حين تلهف الإمام عليه السلام على عدم فوزهم بإقامة هذه الفريضة أو لأمه بتركها فقال وماذا اصنع فاذن له الإمام عليه السلام بإقامتها
فهذه الرواية لا تدل على جوازها بلا اذن الإمام (ع) فصلا عن وجوبها عينا مع أن قوله (ع) صلوا جماعة ليس صريحا في إرادة الجمعة فلعله أراد به الظهر جماعة لكونها
بمنزلة ميسور الجمعة مع امكان ان يكون المراد به الامر بالجماعة مع المخالفين وكيف كان فهذه الرواية أيضا كجملة من أدلتهم المزبورة من أقوى الأدلة على عدم
وجوبها عينا والا لامتنع ان لا يعرفه أصحاب الأئمة عليهم السلام أو يواظبون على تركها كما هو واضح وربما ذكروا أيضا عند تعداد أدلتهم اخبار اخر يظهر حالها ما مر واستدل
لهم أيضا باستحباب الوجوب وفيه ما لا يخفى فان ما علم وجوبه في السابق هي الجمعة مع الامام أو منصوبه وهذا مما لا شبهة في بقائه واما وجوبها مع غيره فلم يثبت فمقتضى
الأصل عدم شرعيتها أو عدم وجوبها على تقدير ثبوت مشروعيتها وتوهم ان مقتضى الأصل (ح) الاحتياط والجمع بين الظهر والجمعة أو خصوص الجمعة على تقدير ثبوت
شرعيتها لكونه شكا في المكلف به فيجب معه الاتيان بكلتيهما أو خصوص الجمعة إذ لا يحصل القطع بفراغ الذمة عن الفريضة الواجبة عليه الا بذلك مدفوع بأنه لا شبهة في شرعية الظهر ووجوبها على من لم يكن
441

بالفعل مكلفا بأداء الجمعة ولو لجهله بانعقادها أو كون هذا اليوم جمعة ونحوه مما يجعله معذورا في السعي
إليها فضلا عما لو احرز عدم وجوبها أو شرعيتها في حقه بالأصل فيكون أصل البراءة عن التكليف بالجمعة فضلا عن اصالة عدم مشروعيتها أو وجوبها بمنزلة
الأصول الموضوعية الحاكمة على قاعدة الشغل ولا يصح قلب هذا الدليل لكما لا يخفي على المتأمل فتلخص مما قررناه انه لا مجال للارتياب في أنه لا تجب الجمعة
عينا بلا حضور الامام أو منصوبه من دون فرق في ذلك بين عقدها أو الاجتماع إليها على تقدير الانعقاد ان جوزناه كما هو المشهور لقصور ما دل على
وجوب السعي إليها من الكتاب والسنة عن شمول الجمعة التي لا يتعين اقامتها لانصراف أدلتها إلى الجمعة المعهودة عندهم التي كان تكليفهم الاجتماع إليها
لإقامتها لا الجمعة التي أقيمت استحبابا مع أنه بحسب الظاهر مما لا خلاف فيه نعم ربما يظهر من كلمات غير واحد منهم في بادي الرأي القول بأنه بعد حصول
العقد والاجتماع يتعين الجمعة بل ربما استظهر منها اتفاق القائلين بالتخيير عليه مثل ما عن الشهيد في غاية المراد من أنه بعد ان عنون كلام الارشاد وفي
استحبابها حال الغيبة وامكان الاجتماع قولا ما هذا لفظه أقول في استحباب الاجتماع لصلاة الجمعة في الحال المذكور لا في ايقاع الجمعة فإنه مع الاجتماع
يجب الايقاع ويتحقق البدلية مع الظهر وعن الفاضل المقداد في التنقيح بعد نقل الخلاف في المسألة وموضع البحث انما هو استحباب الاجتماع لا ايقاع
الجمعة فإنه مع الاجتماع يجب الايقاع ويتحقق البدلية مع الظهر وعن جامع المقاصد أنه قال ليس المراد بالاستحباب ايقاعها مندوبة لأنها تجري عن الظهر الواجبة
للاجماع على عدم شرعية الظهر مع صحة الجمعة أقول الظاهر أن مرادهم بمثل هذه الكلمات التفصي عن اشكال انه كيف يعقل اتصاف فعل واحد شخصي بالاستحباب
والوجوب أم كيف يعقل الاجتزاء عن الواجب بالمستحب فجعلوا معروض الاستحباب مغائرا للوجوب تفصيا عن هذا الاشكال مرادهم بالوجوب الوجوب التخييري
لا العيني بحيث لم يجز له بعد الاجتماع تركها واختيار الظهر والا فلا دليل على صيرورتها بعد الاجتماع واجبا عينا بعد ان لم تكن كذلك وكونها مجزئة عن الظهر
غير مقتضية لذلك كما هو واضح فلو التزموا بكونها أفضل فردي الواجب وفسروا استحبابها بذلك كما فسره به في المدارك في شرح عبارة المصنف (ره)
عند تعرضه لهذه المسألة فيما سيأتي لاستغنوا به عن هذا التكلف وكيف كان فلا ينبغي الارتياب في أنه لا يتعين فعلها بدون والامام أو منصوبه أصلا لا بعد
الاجتماع ولا قبله وهل يشرع ذلك فيه قولان أشهرهما بل المشهور كما ادعاه بعض جوازه بل استحبابه قال العلامة في محكي التذكرة وهل للفقهاء المؤمنين حال
الغيبة والتمكن مع الاجتماع والخطبتين صلاة الجمعة أطبق علمائنا على في لوجوب واختلفوا في استحباب اقامتها فالمشهور ذلك وقال ابن إدريس وسلار
لا يجوز وقال فيها أيضا بعد ذلك ولو كان السلطان جائرا ونصب عدلا استحب الاجتماع وانعقدت جمعة على الأقوى ولا تجب بفوات الشرط وهو الامام
ومن نصبه وأطبق الجمهور على الوجوب انتهى أقول وربما نسب القول بالحرمة أيضا إلى جماعة من القدماء والمتأخرين ولكن جعل كثير منهم محل البحث
اقامتها في زمان الغيبة ولعل تخصيص حال الغيبة بالذكر بالذكر في كلماتهم من باب المتمثل أو لكونه هو محل الحاجة بالبحث عن حكمها والا فالمدار على اذن الامام و
عدمه من غير فرق بين الأزمنة جزما وكيف كان فقد استدل للقول بالحرمة بجملة من الأصول والقواعد التي أصحها وأمتنها كونها عبارة يتوقف جوازها
على التوظيف ولم يثبت لقصور العمومات والاطلاقات الواردة في الباب عن اثبات شرعية اقامتها بغير امام منصوب كما عرفت ففعلها بعنوان العبارة
تشريع محرم وفيه ان جملة من الروايات المزبورة تدل على جواز اقامتها للمسلمين بل استحبابها كصحيحة زرارة المتقدمة التي ورد فيه الحث على فعلها وكذا
صحيحته الأخرى المتضمنة لقوله (ع) فإذا اجتمع سبعة ولم يخافوا أمهم بعضهم فان حمله على إرادة بعض مبهم وهو المنصوب بعيد خصوصا مع عدم معهودية
المنصوب للجمعة في تلك الاعصار من قبل الإمام (ع) وعدم كون اقامتها مع المنصوبين من قبل غيره معرضا للخوف حتى يعلقه على في لخوف وكذا الصحيحتان
الدالتان على جواز اقامتها له القرية التي فيها جمع من المسلمين إذا كان لهم من يخطب بهم إذ الظاهر أن المراد بمن يخطب بهم من من شأنه الخطبة لا من كان
منصوبا لذلك من قيل الوالي لما أشرنا إليه من عدم تعارف النصب من قبل الأئمة (ع) وعدم العيرة بنصب غيرهم فهو (ح) دليل الاستحباب كما تقدم تقريبه فيما سبق
ورواية عبد الملك المتقدمة على أقوى الاحتمالات بل ربما يظهر ذلك من بعض الأخبار المتقدمة التي منعنا دلالتها على الوجوب العيني فليتأمل وربما
يؤيده أيضا بعض الأخبار الواردة في كيفية الجمعة مثل خبر عمر بن حنظلة قال قلت لأبي عبد الله (ع) القنوت يوم الجمعة فقال أنت رسولي إليهم في هذا (إذا صليتم في جماعة ففي الركعة الأولى) إذا صليتم
وحدانا ففي الركعة الثانية إلى غير ذلك مما يقف عليه المتتبع فلا ينبغي الاشكال فيه كما لا ينبغي الاستشكال في أن الجمعة متى جازت أجزأت عن الظهر إذ
ليس المراد بصلاة الجمعة في شئ من النصوص والفتاوي التي وقع التعرض لها أو الشئ من احكامها الا الصلاة المعهودة التي شرعت بدلا عن الظهر من يومها
بل قد أشرنا في صدر الباب إلى أن تسميتها بدلا مسامحة بل هي بعينها فريضة الظهر من يومها لدى تأديتها مع امام يخطب فلا مجال لتوهم مشروعيتها في زمان
الغيبة وعدم كونها مسقطة عن الظهر ولذا لم يقع الخلاف في ذلك من أحد على مات يظهر من كلماتهم حيث ارسلوا بدليتها عن الظهر على تقدير صحتها ارسال المسلمات
وصرح غير واحد باجماعهم عليه نعم لو نوقش في الأدلة التي أقيمت على شرعيتها ولكن قيل معه ذلك باستحباب فعلها من باب الاحتياط ورجاء ادراك
فضيلتها أو الاكتفاء في اثبات الاستحباب بفتوى المعظم والإشارات الواقعة في النصوص التي لم تبلغ مرتبة الدلالة من باب المسامحة لم يجز الاكتفاء بها
عن الفريضة التي علم اشتغال ذمته بها اللهم الا ان يقال إن اشتغال الذمة بخصوص الظهر غير معلوم والمرجع عند دوران الامر بين التعيين والتخيير اصالة
البراءة عن خصوص المعين ولكنه لا يخلو من تأمل نظرا إلى أن الشك في الحقيقة راجع إلى الشك في شرعية الجماعة بهذه الكيفية وتأثيرها في سقوط الأخيرتين
442

والقراءة من المأموم وهذه كلها مخالفة للأصول مع أن الرجوع إلى البراءة في مسألة دوران الامرين التعيين والتخيير في حد ذاته لا يخلو من اشكال وكيف
كان فلو أراد الاحتياط فعل الجمعة لرجاء اجرها قدمها على الظهر إذ لو اخرها جزم بعدم مشروعيتها إذا المفروض الجزم بعدم وجوبها عينا وتردد امرها بين
في لمشروعية أو الاستحباب اي كونها أفضل فردي الواجب التخييري فمع تقديم الظهر لا يبقى احتمال مطلوبيتها حتى يقصد به التقرب أو الاحتياط نعم
لو احتمل وجوبها العيني أيضا احتاط بالجمع بينهما بتقديم أيهما شاء وان كان الأظهر عدم وجوب هذا الاحتياط وجواز الاكتفاء بالظهر لما مر من أن اصالة
عدم مشروعية الجمعة بمنزلة الأصل الموضوعي الذي يحرز به تكليفه بالظهر فراجع ثم إنه ربما يظهر من بعضهم اختصاص جواز اقامتها في زمان الغيبة بالفقيه وقد
جزم بذلك المحقق الثاني بل نزل كلمات القائلين بالجواز كلها على ذلك بحيث عده من الأمور المسلمة لديهم وارتكب التأويل في كلماتهم بما لا يتحمله اللفظ فقال
فيما حكى عنه بعد ان احتج على أصل الجواز في زمان الغيبة بالآية وخبري زرارة وعبد الملك وصحيحة عمر بن يزيد ومنصور والاستصحاب وعلى نفي العينية بالاجماع
وعلى اعتبار المجتهد بأنه لا نعلم خلافا بين أصحابنا في اشتراط الجمعة بالامام ونائبه ولا يختلف فيه الحال بظهور الامام وغيبته ونقل من عبارات الأصحاب
التي وقع فيها التصريح بالاشتراط ما لفظه فلا يشرع فعل الجمعة في الغيبة بدون حضور الفقيه الجامع للشرائط وقد نبه المصنف على ذلك في المختلف و
شيخنا الشهيد في شرح الارشاد وما يوجد من اطلاق بعض العبارات فعل الجمعة من غير تقييد كما في عبارة هذا الكتاب فالاعتماد فيه على ما تقرر في المذهب
وصار معلوما بحيث صار تقييده به في كل عبارة مما يكاد يعد مستدركا ثم قال وربما بني القولان في المسألة على أن اذن الإمام (ع) شرط الصحة أو شرط الوجوب
فعلى الأول لا يشرع في الغيبة لفقد الشرط وعلى الثاني تشرع وينبغي ان يراد بالاذن الاذن الخاص لشخص معين لا مطلق الاذن لاشتراط الفقيه حال الغيبة
ويراد بالوجوب الحتمي ليبقى عند انتفائه أصل الوجوب والايراد بقوله وعلى الثاني تشرع في لامتناع إذا دل الدليل لعدم التنافي وقال في رد ما استند
إليه ابن إدريس على الحرمة بان من شرط انعقاد الجمعة الامام أو من نصبه الامام للصلاة وهو منتف فتنتفي الصلاة ببطلان انتفاء الشرط فان الفقيه
المأمون الجامع لشرائط الفتوى منصوب من قبل الامام ولهذا يمضي احكامه وتجب مساعدته على إقامة الحدود والقضاء بين الناس لا يقال الفقيه منصوب
للحكم والافتاء والصلاة امر خارج عنهما لأنا نقول هذا في غاية السقوط لأن الفقيه منصوب من قبلهم حاكما كما نطقت به الأخبار أقول لا يخفى على
من راجع كلماتهم ان أغلبها كالنص في خلافه وما في عبائر بعضهم من تخصيص الفقهاء بالذكر كما في صدر العبارة المتقدمة عن التذكرة انما هو لكون الفقيه
أولى وأحق بالقيام بهذا الامر لا لتعينه كما يفصح عن ذلك كلامه أخيرا وكيف كان فمن خصه بالفقيه لا مستند له عدى ادعاء كونه منصوبا من قبل الامام لما
يعم مثله فلا يجوز (ح) لغيره اقامتها ولول على القول بعدم اشتراطها بالاذن إذ لا ينبغي الارتياب في أنه مع حضور الامام أو نائبه وتمكنه من اقامتها لا يجوز لغيره
ذلك كما تقدمت الإشارة إليه فيما سبق وما يظهر من بعض من منع اختصاصها به مع وجوده أيضا كاد ان يكون مصادما للضرورة فهذا مما لا شبهة فيه
ولكن يتوجه على أصل الدعوى قصور أدلة النصب عن شمول إقامة الجمعة فان عمدتها رواية أبي خديجة ومقبولة ابن حنظلة اللتان لا يفهم منها الا النصب
للقضاء والتوقيع المروي عن صاحب الزمان عجل الله فرجه الذي ورد فيه واما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا فإنهم حجتي عليكم
وانا حجة الله وهذا الرواية قاصرة عن إفادة نصبهم لإقامة الجمعة كما لا يخفى ولو سلم العموم فمقتضاه الوجوب العيني كما في النائب الخاص ودعوى انه
يرفع اليد عن ظواهر أدلته بالنسبة إلى نائب الغيبة بالاجماع ومدفوعة بأنه لا عبرة بمثل هذا الاجماع الذي اختلف مستنده حيث إن جل المجمعين ينكرون
النصب فيزعمون أن اقامتها بدونه اما حرام كما ذهب إليه بعضهم أو مستحب فلا يصلح ان يكون اجماعهم على عدم وجوبها عينا دليلا على عدمه بعد البناء على أن
الفقيه منصوب من قبل الإمام عليه السلام لإقامة الجمعات كما لا يخفى على المتأمل ولو مات اي السلطان العادل أو من نصبه في أثناء الصلاة لم تبطل اجماعا
كما ادعاه في الجواهر وغيره وجاز ان يتقدم الجماعة بنفسه أو بتقديمهم إياه من يتم بهم الصلاة منهم كما في غير الجمعة وكذا لو عرض للمنصوب ما يبطل الصلاة
من اغماء أو حدث بلا خلاف فيه على الظاهر بل ولا اشكال بناء على ما قويناه من عدم كون الاذن شرطا في صحتها وتوهم عروض البطلان بحصول الانفراد عند
موت الامام أو خروجه عن الأهلية لاشتراطهما بالجماعة مدفوع بان الجماعة معتبرة في نفس الصلاة التي هي اسم لأفعالها وهي حاصلة في الفرض والأكوان
المتخللة بين الافعال خارجة عن حقيقة الصلاة كما تقدم تحقيقه عند التكلم في عدم بطلان الصلاة بينة الخروج مع أنه قد يقال بان الجماعة شرط فيها ابتداء
لا استدامة فليتأمل واما على القول بالاشتراط في لخو من اشكال اللهم الا ان يفرض كون من يتقدمهم أيضا منصوبا لذلك من قبل السلطان أو المنصوب
الأولى على تقدير كونه مأذونا في الاستخلاف وعدوى ان الاذن شرط في الابتداء لا في الاكمال غير خالية من التأمل وكيف كان فعند تبدل الامام وجب
تجديد نية الاقتداء بان ينوي الأيتام بمن يأته بالفعل في بقية صلاته وكنه خليفة الأولى ومنزلا نفسه منزلة الأولى لا يصحح بقاء المأموم على قصد
الأيتام به بل لا يعقل ذلك في بقية صلاته التي لم تصدر من الأول فهما كان قصده الايتمام وجب ان يكون ذلك بمن يأمه بالفعل بعد احراز عدالته و
صلاحيته للإمامة فما عن النهاية والتذكرة من التردد في وجوب تجديد نية الاقتداء كأنه في غاير محله وهل يجوز لهم ان يتموا صلاتهم فرادى أو يجب
عليهم الايتمام بأحدهم وجهان مبنيان على أن الجماعة شرط في الابتداء أو في مجموعها وقد جزم في المدارك بالأولى تمسكا بالأصل وهو جزم في غير
محله بل ظاهر ما دل على وجوبها جماعة انما هو وجوب فعل الجمعة التي هي عبارة عن جمع اجزائها جماعة لا مجرد الشروع فيها كذلك فما حكى عن غير واحد
443

من وجوب التقديم والتقدم هو الأظهر ولعل ما نحن فيه هو مورد خبر علي بن جعفر انه سئل أخاه عن امام احدث فانصرف ولم يقدم أحدا ما حال القوم
قال لا صلاة لهم الا بامام فليتقدم بعضهم فليتم بهم ما بقي منها وقد تم صلاتهم وعلى هذا فلو لم يوجد من يصلح للإمامة اما لفقد الاذن ان اعتبرناه
أو غير ذلك من الشرائط المعتبرة في الامام فهل تبطل الصلاة أو يجب اتمامها جمعة أم ظهرا أو التفصيل بين
ادراك ركعة مع الامام وعدمه فيتمها جمعة
مع الادراك وتبطل (بدونه أو يتمها ظهرا وجوه نسب أغلبها أو جميعها إلى العامة في مسألة ما لو انفض العدد بعد التلبس بالتكبير أوجههما) التفريع على تلك المسألة وقد نسب هناك إلى المعروف بين أصحابنا بل في المدارك لا نعلم فيه مخالفا وجوب اتمامها جمعة
(مط) بل مقتضى التعميم الذي ذكروه هناك حيث قالوا لو انفض العدد بعد التلبس بالتكبير وجب اتمامها جمعة ولو لم يبق الا واحد وتصريح بعضهم كصاحب
المدارك بان مرادهم أعم من أن يكون ذلك الواحد اماما أو مأموما شمولها لما نحن فيه كما أن مقتضى ما ذكروه دليلا له أيضا التعميم كما ستعرف الشرط
الثاني العدد وهو خمسة الامام أحدهم فلا تجب الجمعة ما لم يجتمع خمسة نفر من المسلمين بل لا تشرع بلا خلف فيه نصا وفتوى ففي خبر أبي بصير
لا تكون جماعة بأقل من خمسة وفي خبر ابن أبي يعفور لا تكون جمعة ما لم يكن القوم خمسة وفي صحيحة زرارة لا تكون الخطبة والجمعة وصلاة ركعتين على أقل
من خمسة رهط الامام أحدهم إلى غير ذلك من الأخبار الآتية وإذا اجتمع خمسة أحدهم الامام تجب عليهم الجمعة على اشهر كما في الجواهر بل المشهور
كما في جامع المقاصد ويشهد له صحيحة البقباق عن الصادق عليه السلام إذا كان قوم في قرية صلوا الجمعة أربع ركعات فإن كان لهم من يخطب بهم جمعوا
إذا كانوا خمسة نفر وصحيحة منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع) قال يجمع القوم يوم الجمعة إذا كانوا خمسة فما زاد وان كانوا أقل فلا جمعة لهم وقيل لا
تجب بالخمسة بل تشرع فهي (ح) واجب تخييري وانما تجب عينا إذا كانوا هم سبعة نفر فما زاد وهذا القول محكي عن الصدوق والشيخ والقاضي وابني
حمزة وزهرة وجماعة من المتأخرين بل لعله المشهور بين متأخريهم وهذا لا الأول أشبه لظهور جملة من الأخبار منطوقا ومفهوما بل صراحة بعضها في أنها
لا تجب على الأقل من السبعة ففي صحيحة عمر بن يزيد إذا كانوا سبعة يوم الجمعة فليصلوا في جماعة وفي صحيحة محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام تجب
الجمعة على سبعة نفر من المسلمين ولا تجب على أقل منهم الامام وقاضيه الحديث وتقدم في مسألة اشتراط اذن الامام توجيه الرواية وان المقصود
بذكر الامام وقاضيه والمدعي والمدعي عليه (الخ) بيان احتسابهم من العدد لا تعينهم كي يكون مخالفا للاجماع وكيف كان فالرواية نص في المدعى
وصحيحة زرارة قال قلت لأبي جعفر (ع) على من تجب الجمعة فقال (ع) على سبعة نفر من المسلمين ولا جمعة لا قل من خمسة أحدهم الامام فإذا اجتمع سبعة ولم
يخافوا أمهم بعضهم وخطبهم وهذه الصحيحة تكاد تكون صريحة في المدعي اي في كون السبعة شرطا للوجوب والخمسة للمشروعية فهي بنفسها
تنهض شاهدة للجمع بين الأخبار ومما يؤيد أيضا حمل اخبار الخمسة على بيان المشروعية والاستحباب ما عن الكشي في كتاب الرجال بسنده عن محمد بن مسلم
عن محمد بن علي عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه في الجمعة قال إذا اجتمع خمسة أحدهم الامام فلهم ان يجمعوا فان ظاهر الاستحباب ولعل ما في بعض الأخبار
من الترديد بين الخمسة والسبعة للإشارة إلى الحدين مثل صحيح الحلبي عن أبي عبد الله قال في صلاة العيدين إذا كان القوم خمسة أو سبعة فإنهم يجمعون الصلاة
كما يصنعون يوم الجمعة وخبر أبي العباس عن أبي عبد الله قال أدنى ما يجزي في الجمعة سبعة أو خمسة أدناه ولو انفضوا في أثناء الخطبة أو بعدها قبل
التلبس بالصلاة سقط الوجوب ان لم يعودوا أو لم يحضر غيرهم ممن يكمل به العدد لفوات الشرط وان عادوا بأنفسهم قبل فوات وقت الجمعة صلوا ان كان
تفرقهم بعد الخطبة ولم يطل الفصل بل وان طال لأصالة عدم اشتراط التوالي بين الصلاة والخطبة وانصراف طلاق الأدلة إلى فعلهما متواليا ان كان
فمنشأه غلبة الوجود جريا مجرى العادة ومثله لا ينهض حجة في رفع اليد عن مقتضيات الأصول وان كان في الأثناء بنى على ما مضى ما لم يكن الفصل مخلا نصيدو؟
الوحدة العرفية والا استأنف الا ان يكون تفرقهم بعد حصول مسماتها المثقل على واجباتها واشتراط التوالي بين ابعاض الخطبة بحيث يصدق على مجموعها
خطبة واحدة مشتملة على ما ستعرف منشأه انصراف أدلتها إلى الخطبة التي تكون كذلك لا يقاس ذلك بالانصراف الذي منعنا الاعتناء به بعد تسليمه اي
التوالي بين الخطبة والصلاة لأنهما لدى العرف فعلان مستقلان لا يفهم من اطلاقات الأدلة إرادة اتصال أحدهما بالاخر وان لم ينسبق إلى الذهن من
الامر بهما الا ايجادهما كذلك بمقتضى العادة وهذا بخلاف الامر بخطبة مشتملة على كذا وكذا فإنه لا ينسبق إلى الذهن الا إرادة خطبة واحدة مشتملة عليهما
لا جنس الخطبة المشتملة عليهما ولو في ضمن فردين كما لا يخفى على المتأمل ولو لم يعودوا بأنفسهم بل حضر غيرهم ممن لم يحضر الخطبة أعادها (مط) إذا الظاهر من
أدلتها هو ان يصلي الامام بمن خطبهم لا بغيرهم وان جاز لغيرهم أيضا اللحوق بهم في الصلاة كما أن ظاهرها اشتراط العدد المزبور في الخطبة أيضا لا في خصوص
الصلاة كما هو واضح وان دخلوا في الصلاة ولو بالتكبير وجب الاتمام ولو لم يبق الا واحد لأنه شرط في الابتداء عندنا على ما في كشف اللثام وعن بعضهم
نفي الخلاف فيه وفي المدارك قال في شرح العبارة ما لفظه المراد بقاء واحد من العدد سواء كان الامام أم غيره من المأمومين وهذا الحكم أعني وجوب
الاتمام مع تلبس العدد المعتبر بالصلاة ولو بالتكبير مذهب الأصحاب الا نعلم فيه مخالفا للنهي عن قطع العمل ولأن اشتراط استدامة العدد منفي بالأصل
ولا يلزم من اشتراطه ابتداء اشتراطه استدامة كالجماعة انتهى واعترضه المحقق البهبهاني في حاشية بقوله الظاهر من الأخبار اشتراطها وعدم اختصاص العدد
بابتداء الصلاة بل هو في الصلاة التي هي اسم للمجموع فإن كان اجماع والا أشكل الحكم كما مر انتهى وهو جيد ويظهر من تمثيله بالجماعة كون نفي شرطية استدامة
الجماعة مفروغا عنه لديه مع أنه أيضا لم يكن اجماعيا محل نظر حيث إن ظاهر أدلتها اشتراطها أيضا في جميع الصلاة بل ارتكاب التأويل فيما دل على أن الله
444

فرضها في الجماعة بالحمل على ارادتها في خصوص التكبير في غاية البعد والاستدلال لوجوب المضي في مثل هذه الموارد مما يشك في شرطية شئ للصلاة
بعد الغض عن ظهور الأدلة فيها بالنهي عن ابطال العمل فاسد إذ على تقدير الشرطية تكون الصلاة الفاقدة له باطلة في حد ذاتها فلا يكون رفع اليد
عنها ابطالا لها حتى يتناول النهي هذا مضافا إلى مناقشات اخر متوجهة على الاستدلال به لا يهمنا الإطالة على الاستدلال به لا يهمنا الإطالة في ايضاحهما من أرادها فليراجع ما
حرره شيخنا المرتضى رحمه الله في مسألة الشك في الشرطية من أصوله فلا ينبغي ترك الاحتياط في مثل هذه
الموارد باتمامها جمعة ثم اعادتها ظهر ان لم
يحصل شرائط الجمعة والا فجمعة وان كان الأظهر جواز رفع اليد عنها عند اختلال كل من الشرطين إذ لم يتحقق الاجماع في شئ منهما بل الذي يغلب على
الظن عدمه وفي المدارك أيضا بعد عبارته المتقدمة قال وربما حملت العبارة يعني عبارة المصنف (ره) على المراد بقاء واحد مع الامام ليتحقق شرط
الجماعة وهو قول لبعض العامة واعتبر بعضهم بقاء اثنين لأن الثلاثة أقل الجمع واشترط آخرون انفضاضهم بعد صلاة ركعة تامة لقوله (ع) من أدرك ركعة
من الجماعة فليضف إليها أخرى ونفي عن هذا القول البأس في التذكرة وهو ضعيف إذ لا دلالة للخبر على أن من لم يدرك ركعة قبل انفضاض العدد
يقطع الصلاة انتهى ولا يخفى عليك ان الاستدلال بهذا الخبر انما هو لاثبات الصحة في هذا الفرض اما البطلان عند في لادراك فمبنى على ما يقتضيه
شرطية العدد من انتفاء المشروط بانتفائه فالاعتراض المزبور مما لا وقع له نعم بتوجه على الاستدلال بالخبر المزبور ان المتبادر منه إرادة حكم
المأموم المسبوق الذي أدرك ركعة من الجمعة الصحيحة التامة اي لحق بالجماعة في الركعة الثانية فلا دخل له بما نحن فيه فالأظهر البطلان في هذا
الفرض أيضا الا ان ينعقد الاجماع على خلافه وهو غير معلوم ثم إن ظاهر عبارة المصنف (ره) هنا اعتبار تلبس جميع العدد بالصلاة في وجوب الاتمام
وحكى عنه في المعتبر أنه قال لو أحرم وانفض العدد المعتبر أتم جمعة لا ظهرا وظاهره عدم اعتبار ذلك وكفاية تلبس الامام وحده واستدل عليه بان
الصلاة انعقدت بوجوب الاتمام لتحقق شرائط الوجوب ومنع اشتراط استدامة العدد وفيه ما عرفت الشرط الثالث الخطبتان وعدهما من
شرائط الوجوب مسامحة بل هما كنفس الصلاة يجب ايجادهما عند تحقق شرائط وجوب الجمعة ولا تصح الجمعة بدونهما بلا خلاف فيه على الظاهر عندنا
بل ادعى عليه غير واحد الا جماع نعم حكى الخلاف فيه عن بعض أهل الخلاف فاجترى بخطبة واحدة أو بلا خطبة وهو محجوج بالنص بالنص والاجماع وقد
روى الصدوق مرسلا قال قال أمير المؤمنين (ع) لا كلام والامام يخطب ولا التفات الا كما يحل في الصلاة وانما جعلت الجمعة ركعتين من اجل الخطبتين
جعلتا مكان الركعتين الأخيرتين فهما صلاة حتى ينزل الامام وروي الشيخ باسناده عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) في حديث قال انما جعلت
الجمعة ركعتين من اجل الخطبتين فهي صلاة حتى ينزل الامام وفي خبر أبي العباس المروي عن جامع البزنطي عن أبي عبد الله (ع) قال لا جمعة الا بخطبة وانما
جعلت بركعتين لمكان الخطبتين إلى غير ذلك من الروايات المستفيضة بهذا المضمون ويفهم من تنزيلهما منزلة الأخيرتين واطلاق اسم الصلاة عليهما
كونهما عبادة متوقفة على قصد التقرب والامتثال لا واجبا توصليا يسقط التكليف به بمجرد حصوله كيفما اتفق ويدل أيضا على وجوب الخطبة وتعددها
اخبار اخر سيأتي التعرض لنقلها في بيان كيفية الخطبتين وانه يجب القعود بينهما ويجب في كل واحدة الحمد لله اي التحميد بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن
الخلاف والغنية وظاهر كشف الحق وغيره الاجماع عليه وقد اتفقت عليه النصوص القولية والفعلية ففي موثقة سماعة عن أبي عبد الله (ع) قال ينبغي
للامام الذي يخطب بالناس يوم الجمعة ان يلبس عمامة في الشتاء والصيف ويرتدي ببرد يمينه أوعدني ويخطب بالناس وهو قائم يحمد الله ويثني عليه ثم
يوصي بتقوى الله ثم يقرء سورة من القران صغيرة ثم يجلس ثم يقوم فيحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي وآله وعلى أئمة المسلمين ويستغفر للمؤمنين والمؤمنات
فإذا فرغ من هذا أقام المؤذن فصلى بالناس ركعتين يقرء في الأولى بسورة الجمعة وفي الثانية بسورة المنافقين وهذه الموثقة أوثق ما يستدل به الاثبات
ما يعتبر في الخطبتين من التحميد وغيره واما سائر الروايات الحاكية للخطب التي أنشأها الأئمة عليهم السلام كصحيحه محمد بن مسلم الآتية والخطب
المحكية عن أمير المؤمنين عليه السلام فلأجل اشتمالها على مستحبات كثيرة يشكل استفادة الوجوب منها اللهم الا ان يقال إن اشتمال جميعها عن البدءة بالتحميد
في كل من الخطبتين مع اعتضاده بفتاوي الأصحاب وما قد يدعي من أن الخطبة لا تكون في العرف الا كذلك يجعلها دليلا عليه وكيف كان فلا مجال للتأمل
فيه بعد ما عرفت ولا ينافيه قوله عليه السلام في خبر العلل وانما جعلت خطبتين لأنها تكون واحدة للثناء على الله والتمجيد والتقديس لله عز وجل و
الأخرى للحوائج والانذار إذ لم يقصد بهذه الرواية بيان الخطبة وما يعتبر فيها بل بيان ما هو الغرض الأصلي في تشريعها فلا ينافي اعتبار ذلك اعتبار
الاستفتاح في كل منهما بالتحميد كما لا يخفى بل الأحوط ان لم يكن أقوى كون بلفظ الحمد لله لو ردوه بخصوص هذه الصيغة في صحيحة محمد بن مسلم وما حكى
من فعل الأمير عليه السلام مع امكان دعوى انه هو الذي ينصرف إليه لفظ التحميد فما عن نهاية الاحكام من أن الأقرب كفاية الحمد للرحمن لا يخلو من
اشكال وحكى عن الأكثر انهم اعتبروا أيضا في كل من الخطبتين الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله بل عن الخلاف والغنية والتذكرة وغيرها دعوى
الاجماع عليه خلافا لما حكى عن السيد من (ئر) والمصنف في المعتبر ولا نافع من عدم وجوبها في الأولى لموثقة سماعة المتقدمة ويجب أيضا في كل منهما
الوعظ لدى الأكثر بل في الجواهر هو من معقد اجماع الخلاف والغنية واظهر كشف الحق وقراءة سورة خفيفة فيهما أيضا على المشهور على ما نسب
إليهم وعن ظاهر الاقتصار ايجاب سورة خفيفة بين الخطبتين وقيل يجزي ولو اية واحدة مما يتم بها فائدتها وقد أشرنا انفا إلى أن اثبات اعتبار شئ
445

في الخطبتين زائدا عما في رواية سماعة المتقدمة لا يخلو من اشكال وكذا الاقتصار على ما دونه مما لم يلتزم به المشهور وما تضمنته تلك الرواية هو انه
يحمد الله ويثني عليه ثم يوصي بتقوى الله ثم يقرء سورة خفيفة من القران ثم يجلس ثم يقوم فيحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي وآله وعلى أئمة المسلمين و
يستغفر للمؤمنين والمؤمنات وعن المصنف (ره) في المعتبر والنافع الاعتماد عليها وهو في محله ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط بإضافة ما أوجبه المشهور
مما ليس في هذه الرواية كالصلاة في الأولى والوعظ في الثانية وقراءة سورة خفيفة فيها أيضا ويكفي في كل واحد من المذكورات حصول مسماه بعبارة
بليغة على النهج المتعارف في أداء الخطبة والله العالم ثم إنه ربما نسب إلى المشهور القول باعتبار العربية في الخطبتين وفي المدارك نسبه إلى الأكثر فقال
منع أكثر الأصحاب من اجزاء الخطبة بغير العربية للتأسي وهو حسن انتهى وفي الجواهر بعد نقل عبارة المدارك قال ما لفظه قلت قد يفرق فيهما بين الحمد
والصلاة وبين الوعظ فيجوز بغيرها اختيارا مع فهم العدد بخلافهما الظهر والأدلة في إرادة اللفظ فيهما والمعنى فيه وان كان الواقع منه صلى الله عليه وآله
العربية فيه أيضا لكن لعله لأنه صلى الله عليه وآله عربي يتكلم بلسانه لا لوجوبه انتهى أقول ظهور الأدلة في إرادة اللفظ فيهما أيضا محل نظر لولا كون لفظهما
بمادته في ضمن اي صورة كانت مأخوذا في مفهومهما عرفا فمنشأ الظهور هو ان المتبادر من الامر بان يحمد الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله هو ان يقول الحمد لله و
صلى الله على محمد واله وشبههما من التعابير المتعارفة المشتملة على مادة هذين اللفظين لا انشاء مفهومهما باي عبارة تكون فلو اعتبرنا في الخطبتين
الثناء على الله تعالى أيضا زيادة على الحمد وفي الأخيرة منهما الاستغفار للمؤمنين والمؤمنات اخذا بظاهر الرواية المتقدمة فالوجه عدم اعتبار العربية
في شئ من ذلك كما في الوعظ ثم إن لو قلنا بالاشتراط فلو لم يفهم العدد العربية ولم يمكن تعليمهم فهل يجتزي (ح) بالعجمية أم يأتي بلفظ الخطبة والوعظ
بالعربية وان لم يفهموا أم يسقط التكليف بالجمعية (ح) وجوه بل أقوال أو جهما الأول لقاعدة الميسور مع امكان ان يقال انا لو سلمنا الاشتراط فإنما
هو على تقدير فهم المخاطبين للعربية لا مطلقا فليتأمل وجوز ايقاعهما قبل زوال الشمس حتى إذا فرغ زالت كما حكى القول به عن الشيخ في المبسوط والنهاية
والمصنف في المعتبر وجماعة ممن تأخر عنه عن بعضهم التعبير بلفظ ينبغي الظاهر في الاستحباب بل عن الوسيلة التعبير بلفظ يجب وقيل لا يصح الا بعد
الزوال كما عن السيد في المصباح وأبي الصلاح بل عن الذكرى نسبته إلى المعظم وعن التذكرة والروض إلى المشهور بل عن ظاهر الغنية
الاجماع عليه واستدل له بقوله تعالى إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله أوجب السعي بعد النداء فلا يجب قبله وما رواه محمد
بن مسلم في الحسن قال سألته عن الجمعة فقال اذان وإقامة يخرج الامام بعد الأذان فيصعد المنبر فيخطب ولا يصلي الناس ما دام الامام على المنبر ثم يقعد
الامام على المنبر قدر ما يقرء قل هو الله أحد ثم يقوم فيفتح خطبة ثم ينزل فيصلي بالناس بقرائتهم في الركعة الأولى بالجمعة وفي الثانية بالمنافقين ويؤيده
استقرار سيرة المسلمين عليه في الأعصار والأمصار وان الخطبتين بدل من الركعتين فكما لا يجوز ايقاع المبدل قبل الزوال فكذا البدل تحقيقا للبدلية و
الأولى ان يقال في تقريب هذا الدليل بأنهما بدل من الركعتين فلا يتنجز التكليف بهما الا بعد تنجز التكليف بالصلاة التي تقومان مقام ركعتيها وهو بعد
دخول وقتها فلا يتوجه عليه الاعتراض بان البدلية ان اقتضت عدم جواز تقديمها على الأوليين أيضا لأنهما بدل عن الأخيرتين فتقديمهما
على الصلاة كاشف عن عدم كون هذه الخصوصية مرعية فيهما وانه يستحب صلاة ركعتين عند الزوال على ما سيجئ بيانه وانما يكون ذلك إذا وقعت
الخطبة بعد الزوال لأن الجمعة عقيب الخطبة فلو وقعت الخطبة قبل الزوال تبعتها صلاة الجمعة فينتفي استحباب صلاة ركعتين والحال هذه هذا كله مضافا
إلى قاعدة الشغل وتوقيفية العبادة ونوقش في الجميع اما في الآية فبعدم ثبوت إرادة الخطبة من ذكر الله وامكان ان يكون المراد بالنداء غير الأذان
الذي تسالموا على عدم شرعيته قبل الوقت ويمكن دفعه بعدم توقف الاستدلال على إرادة الخطبة من الذكر بل يكفي في ذلك دلالتها على عدم وجوب
الحضور للصلاة قبل النداء ضرورة ان الخطبة شرعت للترغيب والتحذير والانذار وغير ذلك من الحكم الذي نبه عليها الإمام عليه السلام في خبر العلل
فلا تشرع الابعد التحقق الاجتماع الذي وقته بعد النداء الذي هو كناية عن دخول الوقت فبعد ان اجتمعوا بقدر ما ينعقد به الصلاة خطبهم الامام
وصلى بهم أو احتمال ان يكون المراد بالنداء غير الأذان مما ينبغي الالتفات إليه إذ لو كان للجمعة نداء اخر مخصوصا في زمان النبي صلى الله عليه وآله قبل
الزوال لجرت السنة بذلك جزما فضلا عن أن يختفي ذلك على العلماء والمفسرين ولكن يتوجه على أصل الاستدلال ان وجوب السعي بعد الزوال كما
يقتضيه ظاهر الآية لا ينفي جوازه قبله فلا ينافي ذلك شرعية الخطبة على تقدير حصول الاجتماع وان لم يكن ذلك واجبا عليهم (ح) فالآية انما تنهض
دليلا لابطال القول بوجوب التقديم كما حكى عن ابن حمزة في الوسيلة لا الجواز كما أن ما ادعى من استقرار سيرة المسلمين في الأعصار والأمصار على تقدير
ثبوته والغض عن ظهور الصحيحة الآتية في خلافه في عصر النبي صلى الله عليه وآله انما يصلح دليلا لنفي وجوب التقديم أو استحبابه كما هو ظاهر من عبر بلفظ
ينبغي لا مطلق الجواز لقضاء العادة بكفاية رجحان التأخير في الجملة في استقرار السيرة على مثل هذه الأمور وكذا استحباب صلاة ركعتين أول الزوال
لو سلم شموله لمن يخطب انما ينافي وجوب التقديم أو استحبابه لا جوازه واما رواية محمد بن مسلم فبمنع ظهور ها في الوجوب لكونها جملة خبريه مع اشتمالها
على أمور مستحبة وفيه ان شيئا منها لا ينافي ظهور الرواية في عدم مشروعية الخطبة الا بعدد دخول الوقت خصوصا مع اعضاده بغيره من المؤيدات
المزبورة واما بدليتهما من الأخيرتين فلم يقصد بها البدلية على وجه يتسرى اليهما الشرائط المعتبرة في مبدلهما وانما أريد بها في الروايات الدالة
446

عليها بيان الحكم والمناسبات المقتضية للتخفيف وقصر الجمعة على الأولتين واما الاحتياط فغير لازمة المراعاة في مثل المقام الذي تقرر في محله انه مجرى
للبراءة وكون العبادات توقيفية غير مانع عن الرجوع إلى البراءة فيما يشك في شرطيته أو جزئيته لها كما حققناه في الأصول واستدل للقول بجواز التقديم
في محكي الخلاف باجماع الفرقة واستدل له أيضا بصحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي الجمعة حين تزول
الشمس قدر شراك ويخطب في الظل الأول فيقول جبرئيل يا محمد صلى الله عليه وآله قد زالت الشمس فانزل وصل وبالروايات الدالة على توقيت الصلاة بالزوال المستلزم
لجواز تقديم الخطبتين ويتوجه على الاستدلال بهذه الرويات منع دلالتها على المدعي لشيوع اطلاق الجمعة على ما يعم الخطبتين كإطلاقها على ما يعم
الإقامة فكما لا يفهم منها إرادة التوقيت بالنسبة إلى نفس الصلاة معراة عن اقامتها بحيث يلزمه الالتزام بجواز تقديمها على الوقت ان قلنا بوجوبها و
عدم جواز الاخلال بها عمدا فكذا بالنسبة إلى الخطبة التي هي أشد ارتباطا بها من الإقامة فليتأمل واما الاجماع
فلا يخفي ما فيه بعدم معروفية الخلاف و
قد يجاب عن الصحيحة أيضا باجمالها واحتمال ان يكون تأخير الصلاة عن الزوال بقدر شراك كما هو صريح صدر الخبر لتلبسه بأداء الواجب من الخطبة من حين
الاخذ في الزوال إلى ذلك الوقت وان كان قبله أيضا مشغولا بالخطبة بمقتضى ظاهر الخبر ولكن لم يكن من مقومات الواجب فقول جبرئيل (ع) قد زالت
الشمس معناه انها زالت عن قدر شراك وفيه ان ظاهره ان الخطبة بتمامها كانت تقع في الظل الأول الذي أريد منه بحسب الظاهر قبل ان يفئ الفئ و
ان جبرئيل عليه السلام كان عند انتهاء الظل واخذه في الرجوع يخبره بالزوال ويأمره بالنزول والصلاة ولا ينافي ذلك ما في صدر الخبر من أنه صلى الله عليه وآله
كان يصلي حين تزول الشمس قدر شراك إذا المتبادر من قدر شراك قدره عرضا وهذا هو أول الزوال عرفا بحيث لا يكاد يحصل الجزم بتحققه
قبله وليس الفصل بينه وبين الزوال الحقيقي الذي كان يخبره جبرئيل (ع) في العرف والعادة بأزيد مما يحتاج إليه التهيؤ للصلاة كإقامة الصفوف و
الأذان والإقامة ونحوها وعن العلامة في المختلف أيضا الخدشة في دلالة الصحيحة باحتمال ان يكون المراد بالظل الأول الفئ الزائد على ظل المقياس
فإذا انتهى في الزيادة إلى محاذاة الظل الأول وهو ان يصير ظل كل شئ مثله وهو الظل الأول نزل فصلى بالناس ويصدق عليه ان الشمس قد زالت (ح)
لأنها قد زالت عن الظل الأول وفيه مع ما فيه من البعد والمخالفة للظاهر انه يستلزم وقوع الجمعة بعد وقتها فالانصاف ان انكار ظهور هذه الصحيحة
في المدعى في غير محله بل ارتكاب التأويل فيها ابعد من ارتكاب التأويل في الحسنة التي هي عمدة ما يصح الاستدلال به لوجوب التأخير لجواز كون قوله
عليه السلام في الحسنة يخرج الامام بعد الأذان جاريا مجرى العادة أو محمولا على الاستحباب ولا ينافيه ظهور الصحيحة في مواضبة النبي صلى الله عليه وآله
على خلافه لجواز كون ذلك لمرجحات خارجية كرعاية حال المأمومين ونحوه فليتأمل وقد ظهر بما ذكرناه ان القول الأول اي القول بجواز
التقديم اظهر ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالتأخير اما القول بوجوب التقديم المحكى عن ظاهر الوسيلة فلم يتضح مستنده ولعله استنبطه من الروايات
الدالة على ضيق وقت الجمعة وانه أول الزوال بحملها على إرادة الضيق الحقيقي وإرادة نفس الركعتين من الجمعة دون ما يتعلق بها اي الخطبة وفيه
ما عرفته انفا مضافا إلى ما تقرر في محله من انا لو سلمنا المضايقة فليست بهذه المرتبة ويجب أن تكون الخطبة مقدمة على الصلاة كما هو المعروف من
مذهب الأصحاب على ما صرح به في المدارك وغيره ويدل عليه النصوص المستفيضة المشتملة على بيان الكيفية كموثقة سماعة وحسنة ابن مسلم المتقدمتين
وغيرهما والروايات الحاكية لفعل النبي صلى الله عليه وآله وفي خبر الفضل بن شاذان المروي عن العلل والعيون عن الرضا عليه السلام فان قيل فلم
جعلت الخطبة يوم الجمعة في أول الصلاة وجعلت في العيدين بعد الصلاة قيل لأن الجمعة امر دائم الحديث خلافا لما حكى عن ظاهر الصدوق في العيون
والعلل والهداية والفقيه من القول بوجوب تأخرهما عن الصلاة يوم الجمعة لكونهما بدل الركعتين ولما رواه مرسلا عن الصادق (ع) أنه قال أول من
قدم الخطبة على الصلاة يوم الجمعة عثمان وفيه مالا يخفى بعد شذوذ القول به وضعف مستنده ومعارضة بالمعتبرة المستفيضة ان تكن متواترة
المعتضدة بالسيرة القطعية فلعله وقع في هذه الرواية يوم الجمعة سهوا من الراوي بدل العيد فإنه روى في صلاة العيد انه لما رأى نفار الناس بعد
الصلاة وعدم صبرهم على استماع الخطبة قدمها على الصلاة وكيف كان فلا مجال للارتياب في عدم وجوب التأخير بل مقتضى الأصل وظواهر
كثير من النصوص المزبورة عدم مشروعية الاتيان بالجمعة على خلاف الترتيب المعهود في الشريعة المتلقي من صاحبها فلو بدأ بالصلاة واخر الخطبة لم تصح
وما عن بعض متأخري المتأخرين من التوقف في الشرطية أو فيه أو في الوجوب أم لم يكن اجماعا في غير محله بل لا فرق على الظاهر كما في الجواهر ومحكي جامع
المقاصد بين العامد والناسي إذ لا يبعد دعوى انصراف ما دل على أن الصلاة لا تعاد الا من خمسة عن مثله ولكنها لا تخلو من تأمل وهل يجتزي بإعادة
الصلاة فقط بعد الخطبتين مع بقاء وقتها وجهان أوجههما ذلك الا ان يكون قصده حين الاتيان بالخطبتين امتثال الامر الخاص المقيد بكونه كذلك
الذي لا واقعية له فيتجه (ح) البطلان بخلاف ما لو قصد الخروج عن عهدة تكليفه الواقعي وان زعم أنه في الواقع ليس الا كذلك فان هذا من غلطه
في اعتقاده وهو غير قادح في حصول الإطاعة ما لم يكن مرجعه إلى التقييد كما لا يخفى على المتأمل ويجب ان يكون الخطيب قائما وقت ايراده الخطبة مع
القدرة اجماعا كما عن غير واحد نقله ويدل عليه النصوص المستفيضة الواردة في كيفية الخطبتين وانه يجلس بينهما جلسة خفيفة قدر ما يقرء قل
هو الله أحد ونحوه ثم يقوم فيأتي بالثانية فإنها تدل على أن وظيفتهما الاتيان بهما قائما واظهر منهما دلالة عليه قول الصادق عليه السلام في موثقة
447

سماعة ويخطب وقائم إلى أن قال ثم يجلس ثم يقول فيحمد الله الحديث بناء على كون ويخطب بالرفع إما مستأنفا كما يعطيه سوق الخبر لا معطوفا
على سابقه والا لكان ظاهره الاستحباب وخبر أبي بصير انه سئل عن الجمعة كيف يخطب الإمام قال يخطب قائما ان الله يقول وتركوك قائما و
صحيحة معاوية بن وهب فقل قال أبو عبد الله (ع) ان أول من خطب وهو جالس معاوية واستأذن الناس في ذلك من وجع كان بركبتيه وكان
يخطب خطبة وهو جالس وخطبة وهو قائم يجلس بينهما ثم قال الخطبة وهو قائم خطبتان يجلس بينهما جلسة لا يتكلم فيها قدر ما يكون فصل ما
بين الخطبتين ودلالة مثل هذه الرواية على الشرطية أوضح من صيغة الامر فالمناقشة فيها بعدم اشتمالها على صيغة الامر حتى يظهر منها الوجوب
في غير محله واما مع العجز فيسقط اعتباره على المشهور كما نسب إليهم بل عن بعض دعوى الاجماع عليه ويشهد له قاعدة الميسور بل قد يقال بانصراف
ما دل على القيام إلى الصورة القدرة فيبقى اطلاقات الامر بالخطبة بالنسبة إلى حال العجز سليمة عن المقيد وفيه ما أشرنا إليه من أن المتبادر من
مثل هذه الأخبار إرادة الحكم الوضعي اي بيان كيفية الخطبة وما يعتبر فيها شرطا أو جزءا فلا يتجه فيها دعوى الانصراف ولكن القاعدة المزبورة
حاكمة عليها فيقيدها بحال القدرة والا لكان مقتضي اطلاقها عموم شرطية القيام لحال العجز المقضي لسقوط التكليف بالمشروط عند تعذره
وانتقال التكليف إلى الطهر مع انا لو سلمنا الانصراف وأغمضنا عن القاعدة المزبورة لاتجه الرجوع إلى الأصول العملية فان اطلاقات الامر
بالخطبة غير مسوقة لبيان الاطلاق بالنسبة إلى شرايط الخطبة واجزائها بل هي واردة مورد حكم اخر كما لا يخفي على المتأمل ومقتضي الأصل في المقام
الاحتياط للعلم اجمالا بتنجز التكليف بفريضة مرددة بين الجمعة التي يأتي بخطبتها عن جلوس وبين الظهر فتلخص لك ان عمدة المستند في المقام هي قاعدة
الميسور المعتضدة بعدم نقل الخلاف فيه عن أحد ولكن الاستدلال بالقاعدة انما يتجه فيما إذا لم يكن هناك غيره ممن يجوز إمامته أو استخلافه للخطبة
بان لم يكن منصوب اخر لو اشترطنا الاذن أو من يعرف الخطبة والا لاشكال جريانها كما هو واضح ولذا جعل بعض الاستنابة في الخطبة (ح) أحوط و
لكن قد يشكل ذلك أيضا بظهور النصوص والفتاوي في كون المتولي للخطبة الامام وقد اعترف الفاضل في محكي المنتهى بظهور عبارات الأصحاب في
اتحاد المتولي للخطبة والإمامة قال فيما حكى عنه ما لفظه الذي يظهر من عبارات الأصحاب ان المتولي للخطبة هو الامام فلا يجوز ان يخطب واحد و
يصلي اخر ولم أقف فيه على نص صريح لهم لكن الأقرب ذلك الا لضرورة انتهى وعن الذكرى قال لو غاير الامام الخطيب ففي الجواز نظر من مخالفته
لما عليه السلف ومن انفصال كل منهما عن الأخرى ولأن غاية الخطبتين ان تكونا كركعتين ويجوز الاقتداء بإمامين في صلاة واحدة أقول جواز
اقدام شخصين واشخاص من أول الأمر على الإمامة لجمعة واحدة بان يأتي كل منهم ببعضها أو يأتي أجدهما بإحدى الخطبتين أو بكلتيهما والاخر بالصلاة
لا ربط له يجوز الاقتداء بشخصين أو اشخاص في صلاة واحدة من سائر الصلوات ولا بمسألة جواز استنابة الامام غيره لاتمام الصلاة فيما لو عرضه
مانع عن الاتمام في الأثناء نعم لو جوزنا له ذلك في الجمعة اختيارا لا يخلو تنظير المقام عليه مناسبة ولكنه لا يخلو من اشكال فضلا
عن مقايسة ما نحن فيه عليه فالقول بجواز مغايرة الخطيب للامام من اشكال بعد ما ورد في اخبار متظافرة ان الامام هو الذي يصعد المنبر و
يخطب وانه إذا لم يكن امام يخطب فهي أربع ركعات كما في موثقة سماعة وفي صحيحة زرارة لمكان الخطبتين مع الامام وفي رواية العلل بعد بيان
علة الخطبة وليس بفاعل غيره ممن يؤم الناس في غير يوم الجمعة وفي صحيحة أخرى لزرارة أمهم بعضهم وخطبهم إلى غير ذلك من الروايات الظاهرة
أو المشعرة باعتبار الاتحاد اللهم الا ان يقال يجرى الأخبار مجرى الغالب المتعارف فلا يفهم منها شرطية الاتحاد فمقتضى الأصل في لشرطية وعدم
تعين الإمامة على من باشر الخطبة وعدم وجوب الخطبة على من يأمهم في الصلاة ولكنه لا يخلو من تأمل فالقول باعتبار الاتحاد ان لم يكن أقوى فلا
ريب في أنه أحوط ثم إنه صرح في المدارك وغيره بوجوب الطمأنينة في القيام للتأسي ولأنهما بدل الركعتين وفيه ما لا يخفي إذ البدلية غير مقتضية
لمساواتهما مع المبدل منه في الشرائط بعد مباينتهما بالذات واما التأسي فغير واجب فيما لم يعلم وجه مع أن كون النبي صلى الله عليه وآله مطمئنا في قيامه
حال الخطبة مما لا شاهد عليه فالقول بعدم اعتبارها هو الأشبه ويجب الفصل بين الخطبتين بجلسة على الأشهر بل المشهور كما ادعاه غير واحد بل عن
ظاهر الغنية الاجماع عليه للمعتبرة المستفيضة منها قوله عليه السلام في صحيحة عمر بن يزيد وليقعد قعدة بين الخطبتين وفي صحيحة معاوية بن وهب المتقدمة
الخطبة وهو قائم خطبتان يجلس بينهما جلسة لا يتكلم فيها قدر ما يكون فصل ما بين الخطبتين وفي موثقة سماعة المتقدمة بعد الخطبة الأولى ثم يجلس
ثم يقوم وفي خبر محمد بن مسلم بعد ذكر الخطبة والامر بالقراءة ثم تجلس قدر ما يمكن هنيئة ثم تقوم وفي خبره الاخر ثم يقعد الامام على المنبر قدر ما يقرء
قل هو الله أحد ثم يقوم وفي مرسلة الفقيه بعد ذكر الخطبة الأولى ثم يجلس جلسة خفيفة فما عن المعتبر والمنتهى من احتمال استحبابه نظرا إلى امكان كون صدوره
من النبي صلى الله عليه وآله للاستراحة ضعيف إذ ليس الدليل عليه فعل النبي صلى الله عليه وآله كي يقدح فيه هذا الاحتمال بل ظاهر الامر الوارد في الروايات المزبورة
وهل يجب ان يكون الجلسة خفيفة كما هو ظاهر المتن وغيره فيه تردد من وقوع التقييد به في الأخبار ومن امكان جرى الأخبار بل وكذا كلمات الأصحاب
مجرى العادة من في لمقتضي لاطالتها فالمقصود بها بيان وجوب الفصل بينهما بجلسة وتقييدها بالقليل أو الهنيئة أو الخفيفة أو بقدر ما يقرء قل
هو الله أحد أو نحو ذلك مما وقع التعبير في النصوص لبيان أقل المجزي لا ان الزيادة مخلة ولا يبعد ان يكون تقييدها بالخفة للإشارة إلى اعتبار التوالي
448

بينهما وكيف كان فوجوبها لو لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط والكلام في اشتراط الطمأنينة في الجلوس نحو ما عرفته في القيام وقد عرفت ان الأشبه
عدم اعتبارها وهل الطهارة شرط فيهما فيه تردد وخلاف فعن الشيخ في المبسوط والخلاف القول بالاشتراط وعن الحلي والمنصف والعلامة القول
بالعدم واستدل الشيخ للوجوب على ما حكى عنه بأنه أحوط إذ مع الطهارة تبرء الذمة بيقين وبدونها لا يحصل يقين البراءة وبان النبي صلى الله عليه وآله كان يتطهر قبل
الخطبة فيجب اتباعه في ذلك لأدلة التأسي وفيهما ما لا يخفى واستدل له أيضا بصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال وانما جعلت الجمعة ركعتين
من اجل الخطبتين فهي صلاة حتى يترك الامام وعن الصدوق مرسلا عن أمير المؤمنين (ع) قال لا كلام والامام يخطب ولا التفات الا كما يحل في الصلاة و
انما جعلت الجمعة ركعتين لأجل الخطبتين جعلتا مكان الركعتين الأخيرتين فهما صلاة حتى ينزل الامام وفيه ان الخبر الأخير ظاهره على ما يزعمه المستدل اعتبار شرائط الصلاة
حرمة التكلم والالتفات ونظائره بالنسبة إلى الحاضرين وهذا مما لم ينقل القول به من أحد ولا يمكن اثباته بمثل هذا الخبر فالمراد به بحسب الظاهر الحث على
استماع الخطبة بترك الكلام والالتفات عن الامام لا عن القبلة كما أومى إليه أمير المؤمنين (ع) فيما ارسله عنه في الدعائم على ما حكى عنه قال يستقبل الناس الامام
عند الخطبة بوجهه بوجوههم ويصغون إليه ولا يتكلمون بل يستمعون فهم في الصلاة والمراد بقوله (ع) فهم في الصلاة التشبيه لا الحقيقة وقد بين الرضا
عليه السلام في خبر الفضل المروي عنه في العلل والعيون وجه الشبه بقوله (ع) انما صارت الجمعة إذا كانت
(مع الامام ركعتين وإذا كانت) بغير الامام ركعتين ركعتين لأن الناس تخطون
إلى الجمعة من بعد فأحب الله عز وجل ان يخفف عنهم لموضع التعب الذي صار إليه ولأن الامام يحبسهم للخطبة وهم منتظرون للصلاة ومن انتظر الصلاة
فهي في الصلاة الحديث والحاصل ان المقصود بالمرسلة المتقدمة وكذا المرسل المروي عن الدعائم هو النهي عن الكلام والالتفات الفاحش عن الامام
المنافيين للاستماع والاصغاء إلى الخطبة لا اجراء احكام الصلاة عليها في حق المستمعين على الاطلاق كما لا يخفي وهكذا الكلام في صحيحة ابن سنان فإنه لم
يقصد بقوله فهي صلاة حقيقة حتى يراعي فيها شرائطها بل ولا التشبيه بها في احكامها فان إرادة الاحكام أجنبية عن مساق الخبر بل التفريع على قصر الصلاة جعل
الجمعة ركعتين لأجل الخطبتين حيث إن ذلك يقتضي تنزيلهما منزلة الجزء منها فمعنى قوله (ع) فهي صلاة ان الخطبة بذاتها جارية مجرى الصلاة ومنزلة منزلتها
في أداء التكليف فاطلاق اسم الصلاة عليها على الظاهر بهذه الملاحظة لا باعتبار المشابهة في الحكم لعدم اقتضاء سببيتها للقصور المماثلة في الحكم والا أقل
من عدم ظهوره في ذلك حتى يتجه الاستدلال به للمعدى ويحتمل أن تكون الفاء تعليلية لا تفريعية بان يكون المراد بها التنبيه على أن حقيقة الصلاة في الواقع
التي تتقوم بها مهيتها المطلوبة شرعا هي الثناء والذكر والدعاء والقراءة كما في بعض الأخبار الإشارة إلى ذلك فالخطبة لدى التحقيق من أولها إلى اخرها
صلاة وان لم تسم باسمها حقيقة حتى يتسرى إليها احكامها وهذا المعنى انسب يجعل نزول الامام غاية كما لا يخفي على المتأمل وكيف كان فالرواية قاصرة
عن اثبات اعتبار شرايط الصلاة في الخطبة كما لا يخفى على من عرضها على أهل العرف ولكن ينبغي رعاية الاحتياط في غير ما علم عدم اعتباره كالاستقبال
ونحوه وان كان الأشبه انه غير شرط والله العالم ويجب ان يرفع صوته بحيث يسمع العدد المعتبر فصاعدا كما صرح به غير واحد لا لأجل التأسي بل
لظهور مثل قوله (ع) يخطب بهم ونحوه في ذلك وعدم حصول الفائدة المقصودة بشرع الخطبة الا بذلك ولكن مع ذلك قال المصنف فيه تردد بناء
منه على امكان الخدشة فيما ذكر وعدم صلاحيته لقطع الأصل ولعله في غير محله بل قد يتأمل في جواز الاقتصار في رفع صوته عند كثرة الزحام على ما دون
المتعارف في الوعظ والخطبة إذ كان ذلك موجبا لاختفاء صورته عن بعض الحاضرين لو لم يكن اجماعيا فليتأمل الشرط الرابع الجماعة فلا تصح
فرادى بلا شبهة بل كاد يكون من ضروريات الشرع فضلا عن أن يحوم حوله شائبة خلاف وانكار كما لا يخفى على من تصفح الآثار الواردة فيها وفي بيان
كيفيتها واحكامها وانها في الصلاة التي فرضها الله في جماعة وهل هي شرط ابتداء أم استدامة قد تقدم الكلام فيه في مسألة ما لو انفض العدد في أثناء
الصلاة وأشرنا فيما تقدم إلى أن اعتبار الاستدامة لو لم ينعقد الاجماع على خلافه كما يلوح من بعض كلماتهم أشبه وان حضر امام أصلا عليه السلام وجب
علينا الرجوع إليه في معرفة ما لا يسعنا جهله وليس علينا الفحص والبحث عن انه هل يجب عليه الحضور والتقدم وانه ان منعه مانع من الحضور أو في
الأثناء جاز له ان يستنيب أم وجب عليه ذلك إلى غير ذلك من الاحكام المتعلقة به نعم لا ريب في أنه ليس لأحد ان يتقدم عليه ولا ان يصلي بالناس
بغير اذنه ضرورة كونه أحق بذلك من رعيته كما يشهد له مضافا إلى وضوحه رواية حماد بن عيسى عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليه السلام قال إذا قدم
الخليفة مصرا من الأمصار جمع بالناس ليس ذلك لاحد غيره الشرط الخامس ان لا يكون هناك جمعة أخرى وبينهما دون ثلاثة أميال بلا خلاف
فيه على الظاهر بيننا بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه ويدل عليه حسنة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال يكون بين الجماعتين ثلاثة أميال يعني لا
تكون جمعة الا فيما بينه وبين ثلاثة أميال وليس تكون جمعة الا بخطبة قال إذا كان بين الجماعتين ثلثه أميال فلا بأس ان يجمع هؤلاء ويجمع هؤلاء و
موثقته أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال تجب الجمعة على من كان منها على فرسخين ومعنى ذلك إذا كان امام عادل وقال وإذا كان بين الجماعتين ثلاثة أميال
فلا باس ان يجمع هؤلاء ويجمع هؤلاء ولا يكون بين الجماعتين أقل من ثلاثة أميال وحكى عن ابن فهد في الموجز تجويز تعددها فيما دون فرسخ في المندوبة
حال الغيبة وهو محجوج بمخالفة الاجماع واطلاق الخبرين المتقدمين فان اتفقتا اي اقترنت الجمعتان بطلتا لامتناع الحكم بصحتهما مع لما عرفت من اشتراط
الوحدة نصا واجماعا ولا أولوية لأحدهما فلم يبق الا الحكم ببطلانهما معا من غير فرق بين علم كل فريق بالاخر وعدمه لاطلاق ما دل عليه من النص
449

والاجماع كغيره من الشرائط والاجزاء الغير المقيد اعتبارها بحال العلم وتوهم انصراف النص الدال على اشتراط الوحدة إلى صورة العلم مدفوع بعدم
المقتضي له بعد كونه مسوقا لبيان الحكم الوضعي كما هو الظاهر منه وان سبقت إحديهما ولو تكبيرة الاحرام بطلت المتأخرة لاختلال شرطها واما الأولى
فلا مانع عن صحتها إذا المتبادر من النص الاجماع انما هو اعتبار الفصل بين الجمعتين الصحيحتين فالثانية غير صالحة للمانعية عن صحة الأولى ان قلت فعلى
هذا لا يصلح كل منهما للمانعية عن صحة الأخرى مع المقارنة أيضا قلت نعم هو كذلك بعد فرض فسادها إذ لا ممانعة بين فاسدتها ولذا لا تصلحان للمنع
عن صحة ثالثة متأخرة عنهما وانما الممانعة بين صحيحتيها وهي مقتضية لامتناع حصولهما معا الا فاسدتين من غير أن يكون بين الفاسدتين عليه أو ترتب
بل فساد كل منهما مسبب عن امتناع اتصافهما بالصحة قضية للممانعة وامتناع اختصاص إحديهما بهذا الوصف دون الأخرى لاستلزامه الترجح من
غير مرجح واما لو وجدتا تدريجا فلا مانع عن صحة أولى لأنها انعقدت صحيحة ومعها يمتنع صحة الثانية سواء قلنا بتأثيرها في ابطال الأولى أم لم نقل فالثانية
بذاتها لا تقع الا باطلة وقد عرفت ان الباطلة ليست مانعة عن صحة غيرها فلا مانع عن صحة الأولى هذا مع أنه لم يعرف الخلف فيه عن أحد بل عن التذكرة ظاهر
أو صريحا دعوى الاجماع على صحة السابقة وبطلان اللاحقة بل لا فرق فيه بين علم المصلين عند عقدها بان اللاحقة ستوقع لما عرفت من أنه لا اثر لها فلا
يقدح العلم بحصولها في صحة الشروع في السابقة كما أنه لا فرق في بطلان اللاحقة بين علم المصلي بان جمعة سبقتها وجهله بذلك حسب ما عرفت من عدم اختصاص
شرطية الاتحاد بحال العلم وهل يجب عليه حال تلبسه بالجمعة ان يحرز انه لا جمعة هناك مقارنة لها أو منعقدة قبلها بالعلم أو الظن حيث تعذر العلم أم يجوز
الاعتماد على الأصل لدى الجهل به وجهان أوجههما وجوب الاحراز لو قلنا بان في لسبق أو الاقتران اعتبر شرطا في الصحة كالطهارة والاستقبال ونحوه فان اصالة
عدم انعقاد جمعة سواها إلى حين التلبس بها لا يجدي في اثبات انها وجدت ولم يكن جمعة أخرى معها أو قبلها إذ ليس لها بهذه الصفة حالة سابقة مستصحبة و
الأصل العدم الجاري في المقام غير مثبت لذلك وان بينا على أن وجود الأخرى مانعة عن صحة هذه كما هو المنساق من أدلته لا ان عدمها شرطا جاز الاعتماد
على الأصل المزبور كما يظهر وجهه مما مر فيما حققنا في مسألة الصلاة فيما يشك في كونه مما يؤكل لحمه بل يجوز له الاعتماد عليه (ح) حتى مع علمه بأنها تنعقد إذا احتمل
تأخرها فان هذا العلم غير مانع عن اجراء اصالة عدم جمعة أخرى إلى حين تلبسه بالصلاة وقد تقرر في محله ان العبرة باحراز في لمانع بهذا الأصل الذي
لا مانع عن جريانه لا بأصالة عدم مانعية الأخرى أو اصالة تأخرها أو اصالة عدم سبقها أو مقارنتها أو نحو ذلك من الأصول التي ربما يتمسكون بها في نظائر المقام
مما لا أصل لها كما لا يخفى على المتأمل وربما احتمل بعض بطلان الجمعة السابقة لدى علم مصليها بأنه ستنعقد جمعة أخرى لا يعلم مصليها بانعقاد هذه الجمعة
حتى يتنجز عليهم التكليف بالسعي إليها أو عجزهم عن الحضور إليها زعما منه انه يجب عليهم (ح) السعي إلى تلك الجمعة إذ لا يجوز إقامة جمعة إذ لا يجوز إقامة جمعتين في البلد بل يجب على
الجميع السعي إلى جمعة واحدة وحيث كان مصلى تلك الجمعة معذورا في السعي إلى هذه الجمعة وجب على هذه الجماعة الاجتماع معهم فمبادرتهم إلى إقامة الجمعة
حرام والنهي يقتضي الفساد وفيه غاية ما ثبت وجوبه على المكلفين انما هو إقامة جمعة صحيحة في البلد والسعي إليها على كل مكلف ووجوب الاجتماع
على كل أحد مع غيره حتى يكمل العدد الذي ينعقد به الجمعة واما انه يجب على كل مكلف تمكين غيره من فعلها فلا فإذا اجتمع سبعة نفر من المسلمين أو خمسة في مسجد
وكان أحدهم الامام خطبهم وأمهم وانعقد بهم جمعة صحيحة ووجب على كل من في البلد ممن علم بجمعتهم وتمكن من السعي إليها الحضور معهم ويحرم عليهم عقد جمعة
أخرى ولكنهم مع الجهل بكونها مسبوقة أو مقارنة لجمعة أخرى معذورون في ذلك بل عاملون بما هو تكليفهم في مرحلة الظاهر وعلم من ينعقد به الجمعة اي الامام
ومأمومية يعجز بعض أهل البلد من السعي إلى الجمعة التي أقاموها أو جهلهم بها وإقامتهم لجمعة أخرى لا يوجب عليهم المسير إلى تلك الجماعة تصحيحا لصلواتهم وليس
إقامة جمعتين في البلد من المحرمات الذاتية التي علم من حال الشراع عدم حصولها في الخارج كقتل النفس المحترمة أخرى ونظائره حتى تكون ذلك منشاء لوجوب الاجتماع
معهم في صلاتهم بل حال الجمعة الثانية لدى جهل مصليها بالأولى حال الصلاة بلا وضوء التي صليها بزعم كونه متطهرا في كونه انيا بما هو تكليفه في مرحلة الظاهر
ومستحقا للاجر وثواب الانقياد وان كانت صلاته باطلة في الواقع وليس على من كان عالما بحدثه اعلامه أو تمكينه من الصلاة مع الطهارة كما هو واضح ولو
علموا بعد الفراغ من الصلاة بعقد جمعة أخرى ولم يتحقق السابقة واحتمل كل من الجماعتين السبق واللحوق اعادا ظهرا لاحتمال كل من الجماعتين بطلان
صلاتهم كونها مسبوقة بالأخرى فلا يحصل لهم القطع بفراغ ذمته الا بإعادتهم ظهرا بل لو احتملوا المقارنة أيضا أعادوا الجمعة أيضا حيث يتطرق
(ح) احتمال بطلان كلتا الجمعتين وعدم سقوط التكليف بها فلا يحصل القطع بالفراغ (ح) الا بإعادتهم أيضا مع الظهر أو بإعادة خصوص الجمعة مع التباعد
ولكن الأقوى عدم وجوب الإعادة عليهما لا ظهرا ولا جمعة لأن كلا من الطائفتين يحتمل صحة صلاته فينبغي عليها القاعدة الصحة والعلم الاجمالي ببطلان
احدى الجمعتين أو كلتيهما على تقدير المقارنة غير مانع عن رجوع كل منهم إلى الأصل الجاري في حقه لخروج بعض أطرافه عن مورد ابتلاء كل منهم نظير علم واجدى
المنى ببطلان صلاة أحدهما وجنابته فإنه غير مانع عن رجوع كل منهما إلى الأصل الجاري في حقه كما تقرر في محله وهل يجب على الجماعة التي لم يحضر و الجمعتين
إذا احتملوا بطلانهما معا ان يقيموا جمعة ثالثة استصحابا لتكليفهم الذي لم يعلموا بسقوطه بفعل الغير أم عليهم الاحتياط بالجمع بين الجمعة والظهر تحصيلا
للقطع بفراغ الذمة على الفريضة التي علم اشتغالها بها بالفعل أم لا يجب عليهم الا الظهر وجوه
أوجههما الأخير إذا لا مانع عن اعمال قاعدة حمل فعل الغير على
الصحيح بالنسبة إلى احدى الجمعتين على سبيل الاجمال والعلم الاجمالي ببطلان احدى الجمعتين انما يمنع عن اعمال القاعدة في كل منهما بخصوصه أو في كلتيهما جميعا
450

واما في إحديهما على الاجمال الذي اثره عدم شرعية اقامتها ثالثة وتعين فعل الظهر على من لم يحضرها فلا مانع عن جريانها كما لا يخفى على المتأمل ثم إن
العبرة باقتران الصلاتين الموجب لبطلانهما عند علمائنا على ما نسبه إليهم غير واحد بل وكذا عند أكثر العامة على ما وفي المدارك وغيره باستوائهما في
التكبير فلو سبق احدى الطائفتين بالخطبة وشرعت الأخرى في الصلاة قبلها صحت صلاتهم دون صلاة من سبقتهم بالخطبة وحكى عن بعض العامة القول
بأن العبرة بالشروع في الخطبة وهو ضعيف إذا المتبادر من الأدلة انما هو اعتبار الفصل بين الصلاتين لا بين خطبتيها ولا أقل من قصور الأدلة عن
اثبات اعتبار هذا الشرط بالنسبة إلى خطبة فلو خطبا ولم يكن بينهما الفصل المعتبر ثم تباعدا على وجه لم يخل بالتوالي أو شرع أحد الامامين بالخطبة بعد
تلبس الاخر بالصلاة ثم تباعد وصلى لا مانع عن صحة صلاته فما لم يشرعا في الصلاة لا يحكم ببطلان شئ منهما بل كلتاهما صحيحتان حتى يتلبس احدى الجماعتين
بالصلاة فيتعين (ح) على الأخرى مع الامكان اما الدخول معهم في الصلاة أو التباعد عنهم ومع التعذر رفع اليد عن الخطبة والصلاة ظهرا والله العالم
النظر الثاني فيمن تجب عليه الجمعة بحيث يجب عليه السعي إليها ويراعي فيه سبعة شروط التكليف والذكورية والحرية والحضر والسلامة من العمي والمرض و
العرج وان لا يكون هما اي شيخا كبيرا يشق عليه السعي إليها بلا خلف في شئ منها على الظاهر نصا وفتوى عدى ما سنشير إليه ففي الصحيح عن زرارة بن أعين
عن أبي جعفر عليه السلام قال انما فرض الله عز وجل على الناس من الجمعة إلى الجمعة خمسا وثلثين صلاة منها صلاة واحدة فرضها الله في جماعة وهي الجمعة ووضعها
عن تسعه عن الصغير والكبير والمجنون والمسافر والعبد والمرأة والمريض والأعمى ومن كان على رأس فرسخين وفي خطبة أمير المؤمنين عليه السلام الجمعة واجبة على
كل مؤمن الا الصبي والمريض والمجنون والشيخ الكبير والأعمى والمسافر والمرأة والعبد المملوك ومن كان على رأس فرسخين وفي صحيحة محمد بن مسلم منها صلاة
واجبة على كل مسلم ان يشهدها الا خمسة المريض والمملوك والمسافر والمرأة والصبي وصحيحة منصور
الجمعة واجبة على كل أحد لا يعذر الناس فيها الا حيضة
المرأة والمملوك والمسافر والمريض والصبي والنبوي الجمعة حق واجب على كل مسلم الا أربعة عبد مملوك أو امرأة أو صبي أو مريض إلى غير ذلك من النصوص
التي لا ضرر في النقيصة فيها والزيادة في المستثني بعد تحكيم منطوق بعضها على مفهوم الاخر وامكان تداخل بعضها في بعض ويدل عليه أيضا في أغلبها اخبار
خاصة لا يهمنا استقصائها ولكن لم نجد فيما وصل الينا من الأخبار التعرض للعرج عدى ما عن السيد في مصباحه مرسلا من أنه قال وقد روي أن العرج عذر ولا
يبعد دعوى انجباره بالشهرة والا فقضية الحصر الوارد في الأخبار عدم كونه من الاعذار ودعوى اندراجه في المرض مدفوعة بعدم صدق اسم المريض عليه عرفا
وعلى تقدير تسليم صدق الاسم فهو خارج عن منصرف اطلاقه جزما ولكن حكى عن المنتهى وظاهر الغنية الاجماع عليه الا انه قيد في محكي التذكرة معقد
الاجماع بما إذا بلغ حد الاقعاد بل عن صريح جماعة وظاهر آخرين انه إذا لم يكن مقعدا يجب عليه الحضور واستوجه في محكي التذكرة السقوط مع المشقة لا
بدونها والانصاف انه لم يثبت للعرج خصوصية مقتضية لتخصيصه بالذكر فان بلغ حدا يشق عليه الحضور على وجه يعد ذلك تكليفا حرجيا سقط لعمومات
أدلة نفي الحرج الحاكمة على عموم أدلة التكاليف والا لم يسقط والا ظهر اعتبار المشقة العرفية وان لم تكن بالغة حدا يعد معها التكليف حرجيا في المريض والشيخ
الكبير أيضا إذ المناسبة بين الحكم وموضوعه مقتضية لصرف اطلاق الأدلة إليها واما ما عن غير واحد من تقييد المرض بما يتعذر معه الحضور وعن آخرين بالمشقة
التي لا يتحمل مثلها عادة أو خوف زيادة مرض أو بطوئه وعن إشارة السبق بالمانع من الحركة فتقيد بلا دليل وهكذا الكلام في الشيخ الكبير الوارد في
النص الذي عبر عنه في المتن وغيره بالهم بكسر الفاء المفسر في كلام بعضهم بالشيخ الفاني حيث يظهر من بعضهم تخصيصه بمن لا حراك به أو الذي يتعذر
عليه الحضور أو يشق مشقة لا تتحمل في العادة وربما يظهر من بعض كلماتهم الالتزام بمثله في الأعمى أيضا وهذا كله تقييد في النص بلا مقتضى فان غاية ما يمكن
ادعائه هو ما أشرنا إليه من أن المناسبة بين الحكم وموضوعه توجب انصراف اطلاق النص إلى المريض والشيخ الكبير الذين بلغ ضعفهما إلى أن شق عليهما
السعي والحضور مشقة عرفية كما هو الغالب في مصاديقهما الا المشقة الشديدة التي كنا نلتزم بسقوط التكليف معها لولا النصوص الخاصة أيضا بعمومات
نفي الحرج واما الأعمى في يبعد أن تكون المشقة بالنسية إليه حكمة للسقوط العلة بحيث يدور الحكم مدارها إذا الغالب بالنسبة إلى كثير من مصاديقه خصوصا
مع قرب الطريق عدمها ولذا نجدهم أشد مواظبة على حضور الجمايع والمشاهد ونظائرها من غيرهم فلو كانت علة لم يكن يناسبها اطلاق النصوص الدالة على
الوضع عنه فالاخذ بالاطلاق بالنسبة إليهم أشبه بالقواعد وربما ذكروا من جملة الاعذار المسقطة للوجوب الاشتغال بجهاز ميت أو مريض أو حبس بباطل
وحق عجز عنه أو خاف على نفسه أو ماله أو بعض اخوانه إلى غير ذلك من الاعذار العرفية والشرعية ولا شبهة في شئ منه على تقدير كونه على وجه يعد معه التكليف
حرجيا لعمومات أدلة نفي الحرج الحاكمة على ساير أدلة التكاليف مع امكان دعوى انصراف مثل هذه التكاليف العامة في حد ذاتها إلى من لا مانع عنه
شرعا أو عرفا عن الخروج عن عهدتها فليتأمل نعم الظاهر سقوطه مع المطر وان لم يترتب عليه مشقة شديدة لصحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي
عبد الله عليه السلام قال لا بأس ان تدع الجمعة في المطر وعن العلامة وبعض من تأخر عنه الحاق الوحل والحر والبرد الشديد إذا خاف الضرر معهما بالمطر
وهو حسن لو استلزم حرجا رافعا للتكليف لا مطلقا والله العالم ثم إنه قد يناقش فيما جعله المصنف وغيره عنوانا لشرايط التكليف لمخالفته للعناوين
الواردة في الأدلة فإنه قد يوجب ذلك الاختلاف في الحكم فان مقتضى شرطية الذكورة كما في المتن سقوطه عن الخنثى لو قيل بأنه طبيعة ثالثة مع أن الوارد
في النص استثناء المرأة عن عموم كل مؤمن أو مسلم فالخنثى يجب (ح) عليه بمقتضى العموم ولكن يدفعه مع كونه طبيعة ثالثه فاختلاف التعبير (ح) غير ضائر
451

واما ما يقال من الفرق بين التعبيرين بملاحظة الخنثى وان لم نقل بكونه طبيعة ثالثة فان مقتضى جعل الذكورة شرطا الرجوع إلى البراءة لدى الشك في تحققها
كما في الفرض وهذا بخلاف ما لو جعلنا المرأة مستثناة ممن وجبت الجمعة عليه فإنه يجب الاقتصار في رفع اليد عن الحكم الثابت بالعموم على الافراد التي علم
اندراجها تحت عنوان المخصص اي المعلوم الأنوثية فالخنثى حيث لم يعلم كونه أنثى يرجع في حكمه إلى اصالة العموم فليس بشئ لما تقرر في محله من عدم جواز
التمسك بالعمومات في الشبهات المصداقية وقد سبق توضيحه في أوايل كتاب الطهارة فراجع فالمرجع هي الأصول العملية سواء جعلنا الذكورة عنوانا لما
تعلق به التكليف أو عممنا الموضوع وجعلنا المرأة مستثناة منه وقضية الأصل فيه الاحتياط بالجمع بين الجمعة والظهر لو قيل بعدم صحة الجمعة من المرأة
كما يستظهر من عبارة المصنف الآتية أو اختيار فعل الجمعة بنا على ما ستسمعه من أن المرأة لو تكلفت الحضور وصلت الجمعة صحت صلاتها واجزأتها عن الظهر
أو تأخير الصلاة إلى أن تفوته الجمعة ويتعين تكليفه بالظهر وهذا وان كان مخالفا للاحتياط الا انه لا يجب عليه هذا الاحتياط فان مقتضى الأصل براءة
الذمة عن التكليف بالحضور وعدم وجوبه عليه فليتأمل ويمكن الالتزام بعدم وجوب الاحتياط عليه وجواز الاتيان بصلاة الظهر في أول وقتها لدى
التمكن من أداء الجمعة بدعوى ان الظهر بمنزلة الأصل الذي يرجع إليه عند عدم تنجز التكليف بالجمعة بالتقريب الذي تقدم تحقيقه في مسألة اشتراط الاذن
فأصالة البراءة عن الجمعة (ح) سليمة عن المعارض ويتفرق عليها وجوب الظهر فراجع وكذا مقتضى جعل الحرية شرطا كما في المتن وغيره عدم وجوبه على المبعض
فإنه لا يطلق عليه اسم الحر على الاطلاق مع أن الموجود في النص انما هو استثناء العبد الذي قد يقال بعدم صدقة عليه أيضا على الاطلاق فينصرف عنه
اطلاق النص وحكى عن الشيخ القول بوجوبه على المبعض إذا هاياه مولاه فاتفقت الجمعة في يومه وهو لا يخلو من وجه فليتأمل والمراد بالحضر على اما صرح
به في المدارك وغيره ما قابل السفر الشرعي فيدخل فيه المقيم وكثير السفر والعاصي بسفره وناوي إقامة العشرة والمتردد ثلاثين يوما بل ربما يظهر من بعض عدم
الخلاف فيه فان تم الاجماع فهو والا فبالنسبة إلى العاصي بسفره لا يخلو من نظر إذا المتبادر من المسافر في الروايات الدالة عليه سقوط الجمعة عنه من يطلق
عليه في العرف اسم المسافر وكون سفره في طاعة الله أو في معصيته لا مدخلية له في صدق هذا الاسم وعدم ترخيص الشارع له في التقصير في صلاته تخصيص
في حكم المسافر لا تصرف في موضوعه واما كثرة السفر وكذا نية الإقامة بل نفسها أيضا وان لم تخرجه عرفا عن مصداق هذا الاسم ولكن يظهر بالتدبر في
الأدلة الواردة في كثير السفر وناوي الإقامة ونحوه انه منزل شرعا منزلة الحاضر فهي حاكمة على اطلاقات الأدلة المثبتة الاحكام شرعية للمسافر كما أن
الامر كذلك بالنسبة إلى السفر إلى ما دون المسافة لو قلنا بأنه في العرف يطلق على الأعم فان تجديد الشارع له بالمسافة كاشف عما اراده الشارع من
اطلاق اسمه في الموارد التي أثبت له حكما شرعيا وهذا بخلاف ما ورد في العاصي بسفره فإنه بظاهره تخصيص لا حكومة كمالا يخفي على المتأمل ودعوى
الملازمة بين وجوب الجمعة والاتمام لقيام الخطبتين يوم الجمعة مقام الأخيرتين تتعين في حق كل من وجب عليه التمام عارية عن الدليل وبما أشرنا
إليه من أن المدار في السقوط على كونه مسافرا لا كونه مكلفا بالقصر ظهر ضعف ما عن التذكرة من وجوب الجمعة في المواضع الأربعة ولعله أراد وجوبها
على تقدير اختيار التمام والا فلا مقتضى لتعينها بعد ان كان مخيرا في التقصير كمالا يخفى والشرط السابع ان لا يكون بينه وبين الجمعة أزيد من
فرسخين وقد اختلفت كلمات الأصحاب في تحديد البعد الموجب لسقوط الجمعة فالمشهور على ما نسب إليهم ان حده ان لا يكون أزيد من فرسخين وعن
الصدوق وفي المقنع القول بان الله تعالى وضعها عن تسعة إلى أن قال ومن كان على رأس فرسخين ورواه في من لا يحضره الفقيه وذكره في كتاب الأمالي في
وصف دين الإمامية وهو قول ابن حمزة أيضا على ما حكى عنه وحكى عن ابن أبي عقيل أنه قال ومن كان خارجا من مصرا وقرية إذا غدا من أهله بعدما يصلي
الغداة فيدرك الجمعة مع الامام فاتيان الجمعة عليه فرض وان لم يدركها إذا غدا إليها بعد صلاة الغداة فلا جمعة عليه وعن ابن الجنيد أنه قال ووجوب السعي
إليها على من يسمع الغداء بها أو كان يصل إلى منزله إذا راح منها قبل خروج نهار يومه والأصل في المسألة اخبار مستفيضة منها ما عن الشيخ بسنده عن محمد
بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال تجب الجمعة على من كان منها على فرسخين وعن الكليني بسنده عن محمد بن مسلم (عن أبي جعفر نحوه الا أنه قال على كل من كان الحديث وعنه أيضا بسنده عن محمد بن مسلم) قال سألت أبا عبد الله عن الجمعة فقال تجب على
كل من كان منها على رأس فرسخين فان زاد على ذلك فليس عليه شئ وخبر الفضل بن شاذان المروي عن العلل والعيون عن الرضا عليه السلام قال انما وجبت
الجمعة على من يكون على فرسخين لا أكثر من ذلك لأن ما يقصر فيه الصلاة بريدان ذاهبا أو بريد ذاهبا وبريد جائيا والبريد اربع فراسخ فوجبت الجمعة
على من هو على نصف البريد الذي يجب فيه التقصير وذلك أنه يجئ فرسخين ويذهب فرسخين فذلك أربعة فراسخ وهو نصف طريق المسافر وهذه الروايات
هي مستندة القول المنسوب إلى المشهور حيث إن ظاهرها وجوبها على من كان على رأس فرسخين وسقوطهما عمن كان على أزيد من الفرسخين وفي صحيحة زرارة المتقدمة
ووضعها عن تسعة إلى أن قال ومن كان على رأس فرسخين وفي خطبة الأمير المتقدمة الجمعة واجبة على كل مؤمن الا الصبي إلى أن قال ومن كان على رأس
فرسخين وقد استدل بهذه الخبرين للقول المحكي عن الصدوق ولكني لم أر اختلافا في مفاد هذه الأخبار ولا أرى ثمرة عملية تترتب على تحقيق الحق من المذهبين
اما انه لا اختلاف في مفادها فلأن رأس الفرسخ اسم حقيقة لمبدئة الذي هو عبارة عن طرفه الذي هو الحد المشترك بينه وبين ما زاد عليه فهو في حد ذاته
مما لا مسافة له ولكن كثيرا ما يطلق رأس الفرسخ ويراد منه أوايله القريبة من الحد المشترك من طرفيه فإذا توارد حكمان مختلفان على الفرسخ وما زاد عليه بان وجب
مثلا الحضور إلى الجمعة على من كان على الفرسخ من أوله إلى اخره وعدم الحضور على الخارج من الفرسخ فمهما اطلق رأس الفرسخ وعلق على من كان عليه أحد الحكمين
452

لا يتبادر منه الا إرادة ما يقرب الحد المشترك من طرفه المناسب للحكم فإذا قيل الجمعة ساقطة عمن كان منها على رأس فرسخين كما في الخبرين الأخيرين يراد منه طرفه
الخارج وإذا قيل الجمعة واجبة على من كان منها على رأس فرسخين كما في رواية محمد بن مسلم الثانية يراد طرفه الداخل في الحد كما يفصح عن ذلك قوله (ع) فان زاد
على ذلك إذ الظاهر أن المراد به الزيادة على الفرسخين لا على رأس الفرسخين بعد فرضه بنفسه مسافة مستقلة خارجة عن الفرسخين كما لا يخفى على المتأمل واما
انه لا ثمرة لتحقيقه فلامتناع حصول العلم بالفرسخين عادة الا بعد الزيادة فلا فايدة في الالتزام بعدم اعتبار الزيادة في السقوط واما مستند القول المحكي عن
ابن أبي عقيل وكذا القول المحكي عن ابن الجنيد فلعله هي صحيحة زرارة قال قال أبو جعفر (ع) الجمعة واجبة على من أن صلى الغداة في أهله أدرك الجمعة وكان رسول الله صلى الله عليه وآله
انما يصلي العصر في وقت الظهر في سائر الأيام كي إذا قضوا الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وآله رجعوا إلى رحالهم قبل الليل وذلك سنة إلى يوم القيمة وفيه ما لا يخفي من
عدم صلاحية هذه الرواية لمعارضة الأخبار المتقدمة التي هي نص في سقوطهما عمن بعد عنها بأزيد من فرسخين لامكان ارتكاب التأويل في هذه الصحيحة بالحمل
على الاستحباب المتأكل مع ما فيها في حد ذاتها من الاجمال وعدم ابائها عن الحمل على إرادة الفرسخين فما دون إذ لم يقصد بها التحديد التحقيق والا لتحقق
التنافي بين صدرها وذيلها كما هو واضح بل هي جارية مجرى العادة أريد بها بيان وجوبها على من يتيسر له بعد ان أصبح في أهله ان يدركها ويرجع إلى
أهله قبل الليل وهذا لا يتيسر في الأغلب فيما زاد على الفرسخين وكيف كان فهذه الصحيحة لا تصلح معارضة لما هو نص في سقوطه عمن كان على رأس الأزيد
من فرسخين فان غايتها الظهر وهو لا يعارض النص فالحق في المقام انما هو سقوطه عمن كان على رأس الأزيد من الفرسخين اي مبدء الفرسخ الثالث واما
من كان واقعا على الحد المشترك الحقيقي بحيث يكون بعضه واقعا في الفرسخين وبعضه في الأزيد فهذا فرض يتعذر الاطلاق عليه في العادة ولا يصح تنزيل
الأخبار الدالة على سقوطهما عمن كان على رأس الفرسخين أو عدم سقوطها على ارادته فالمرجع في حكمه عمومات وجوب السعي المقتصر في تخصيصها على من عداه
ممن كان على رأس الأزيد من الفرسخين ثم إن المدار في البعد المزبور على ما عن التذكرة ونهاية الاحكام وكشف الالتباس وظاهر إشارة السبق بما بين منزله
والجامع لا بين البلدين وفي الجواهر بعد نقل هذا القول عمن سمعت قال ما لفظه قلت ويمكن ان يكون المدار على مكان البدن ومكان المصلين فعلا لا
البلد ولا المنزل ولا الجامع ونحوه وانسباق الوطن من النصوص انما هو لغلبة كونه فيه ولعل ذلك هو الظاهر من المتن وغيره ممن عبر كعبارته بل هو الظاهر
من النصوص ثم نقل عن كاشف اللثام أيضا التصريح بأنه انما تعتبر المسافة بين الموضع الذي هو فيه وموضع الصلاة وانه هو المفهوم من كونه منها على
رأس فرسخين أو أزيد ثم قال وهو جيد جدا بل قد يؤيده ما ستعرف من الاجماع على وجوبها عينا على البعيد بالقدر المزبور لو كان حاضرا وما هو الا
لعدم صدق البعد المزبور ولو كان المعتبر الوطن كان كغيره من ذوي الأعذار الذين ستسمع الخلاف فيهم لو كانوا حاضرين بل كان المتجه وجوب الجمعة على من
كان موطنه غير بعيد عنها بالبعد المزبور لكن كان هو بعيدا بأزيد من فرسخين وان كثر ما لم يكن مسافرا وهو معلوم البطلان انتهى وهو جيد ولكن بالنسبة إلى
من كان موطنه قريبا فبعد واما في عكسه فلا يخلو اطلاقه من تأمل فان من كان رحله على رأس الأزيد من فرسخين لو خرج من رحله لقضاء حاجة فبلغ ما دون
المسافة لا يلاحظ بالنسبة إلى هذا الشخص المكان الذي وصل إليه لقضاء حاجته بل رحله الذي يكون مبدء سيره نحوه الجمعة منه فان قطعه لبعض هذه المسافة
لا بقصد الجمعة لا يسقط اعتباره بالملاحظة في المقدمية بالنسبة إليه بعد احتياجه إلى قطعه في الرجوع فليتأمل وكل هؤلاء إذا اتفق منهم أو تكلفوا
الحضور للجمعة المنعقدة بغيرهم صحت منهم وأجزأتهم عن الظهر بلا خلاف فيه على الظاهر ولا اشكال بل في المدارك انه مقطوع به في كلام الأصحاب أقول
ولكن في غير المكلف يبتني على شرعية عبادة كما هو المختار وكيف كان فالكلام في هذه المسألة يقع في مواضع الأول في صحتها والاجتزاء بها عن الظهر
الثاني في أنه هل يتعين عليهم فعلها بعد الحضور الثالث في أنه هل يجوز احتسابهم من العدد وعلى تقدير الجواز هل يجوز لهم عقد جمعة
مستأنفة أم لا اما صحتها والاجتزاء بها عن الظهر فبالنسبة إلى من كان على رأس الفرسخين والشيخ الكبير والمريض والأعمى وكذا كل من رخص في ترك السعي
إليها لمانع من مطر أو برودة شديدة ونحوها مما لا شبهة فيه لأن شيئا من ذلك لا يقتضي نفي مشروعيتها بل الرخصة في تركها مع بقاء الفعل على ما
هو عليه من المصلحة المقتضية لحسن ايجاده والروايات الدالة على وضع الجمعة عنهم لم تدل الا على نفي وجوبها عليهم فهي لا تصلح مخصصة الا للروايات
الدالة على وجوبها عينا على كل أحد دون الروايات الكثيرة الواردة في الحث عليها الدالة بظاهرها على محبوبية الاجتماع إليها مثل ما عن الصدوق وفي الفقيه
قال جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسألوه عن سبع خصال فقال اما يوم الجمعة فيوم يجمع الله فيه الأولين والآخرين فما من مؤمن مشى فيه إلى الجمعة
الا خفف الله عليه أهوال يوم القيمة ثم يؤمر به إلى الجنة وعنه أيضا مرسلا قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من اتى الجمعة ايمانا واحتسابا استأنف العمل و
عنه في ثواب الأعمال باسناده عن السكوني عن أبي عد الله عن ابائه عن رسول الله صلى الله عليه وآله نحوه إلى غير ذلك من الروايات الدالة عليه وقد
ظهر بما ذكرنا حال غير المكلف الذي نلتزم بشرعية عبادته إذ الأخبار الدالة على سقوط الجمعة عنه لم تدل على أزيد مما دل عليه حديث رفع القلم الذي
قد بيننا على في لتنافي بينه وبين شرعية عبادته فليس حال الجمعة بالنسبة إليه الا حال الظهر وغيرها من العبادات واما بالنسبة إلى المسافر والمرأة
والعبد وان احتمل كون سقوطها عنهم مستندا إلى في لمقتضى لا وجود المانع كي يصح ان يدعي عدم صلاحيته للمانعية إلى عن وجوب السعي إليها أو
عن وجوبها عينا الا عن أصل مشروعيتها الا ان مقتضي عموم الروايات الواردة في الحث عليها عموم مشروعيتها للجميع فقد أشرنا إلى عدم صلاحية الروايات
453

الدالة على الوضع عنهم لتخصيص مثل هذه العمومات الغير المنافية لها كما في نظائرهم ممن عرفت نعم ربما يظهر من بعض الأخبار الواردة في المسافر عدم
مشروعيتها كما ربما يؤيد ذلك كون الجمعة بمنزلة الصلاة التامة التي لم تشرع في السفر صلاة الجمعة بمنزلة الصلاة التامة التي لم تشرع في السفر كقول الصادق عليه السلام في صحيحة الربعي والفضيل ليس في السفر جمعة ولا
فطر ولا أضحى وفي صحيحة محمد بن مسلم صلوا في السفر صلاة الجمعة جماعة بغير خطبة واجهروا بالقراءة الحديث وفي صحيحة الأخرى قال سئلته عن صلاة الجمعة
في السفر فقال يصنعون كما يصنعون في الظهر في غير يوم الجمعة ولا يجهر الامام فيها بالقراءة وانما يجهر إذا كانت خطبة وصحيحة جميل قال سألت أبا عبد الله (ع)
عن الجماعة يوم الجمعة في السفر فقال يصنعون كما يصنعون في غير يوم الجمعة في الظهر لا يجهر الامام انما يجهر الامام إذا كانت خطبة ولكن المنساق من هذه الأخبار
نفي شرعية عقدها للمسافرين العدم مشروعية دخولهم تبعا كما أن ما ذكرناه مؤيدا انما يصلح مؤيدا لذلك والا فهي بالنسبة إلى المسافر الذي أدركها تبعا
ليست الا اقتداء بفريضة مقصورة وكونها بمنزلة التامة انما هو في حق من عليه الاتمام والا فهي بالذات مقصورة فلا ينبغي الارتياب في جوازها للمسافر الذي
حضرها فإنها بالنسبة إليه ليست الا أفضل افراد ما وجب عليه وهي صلاة ظهر مقصورة جماعة هذا مع أنه بحسب الظاهر مما لا خلاف فيه بل عن غير واحد
دعوى الاجماع عليه ويشهد له أيضا مضافا إلى ذلك خبر سماعة عن جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عليهما السلام أنه قال اي مسافر صلى الجمعة رغبة فيها
وحبا لها أعطاه الله عز وجل اجر مأة جمعة للمقيم وخبر حفص بن غياث قال سمعت بعض مواليهم سأل ابن أبي ليلى عن الجمعة هل تجب على العبد والمرأة
والمسافر فقال ابن أبي ليلي لا تجب الجمعة على أحد منهم ولا الخائف فقال ما تقول ان حضر واحد منهم الجمعة مع الامام فصلاها معه هل تجزيه تلك الصلاة
عن ظهر يومه فقال نعم فقال له الرجل فكيف يجزى ما لم يفرضه الله عليه عما فرضه الله عليه وقد قلت إن الجمعة لا تجب عليه ومن لم يجب عليه الجمعة فالفرض
عليه ان يصلي أربعا ويلزمك فيه معنى ان الله فرض عليه أربعا فكيف أجزء عنه ركعتان مع ما يلزمك ان من دخل فيما لم يفرضه الله عليه لم يجز عنه مما فرضه
الله عليه فما كان عند ابن أبي ليلى فيها جواب وطلب إليه ان يفسرها فأبى ثم سئلته انا عن ذلك ففسرها لي فقال الجواب عن ذلك ان الله عز وجل فرض
على جميع المؤمنين والمؤمنات ورخص للمرأة والمسافر والعبد ان لا يأتوها فلما حضروها سقطت الرخصة ولزمه الفرض الأول فمن اجل ذلك أجزء
عنهم فقلت ممن هذا فقال عن مولانا أبي عبد الله (ع) وهذه الرواية بظاهرها تدل على وجوب الجمعة عينا على المرأة والمسافر والعبد إذا تكلفوا الحضور فضلا
عن صحتها منهم كما هو المدعى وقضية ذلك حمل ساير الروايات الدالة على وضع الجمعة عنهم وعدم وجوبها عليهم على ارادته باعتبار توقفها غالبا على
السعي الذي رخص في تركه لا من حيث هي فاطلاق الوضعي الوارد في تلك الأخبار جار مجرى الغالب وهو تأويل غير بعيد ولكن يشكل الاعتماد على هذه الرواية
في صرف تلك الأخبار عن ظواهرها لما فيها من ضعف السند وما قيل من أن حفص وان كان عامي المذهب لكن له كتاب معتمد بل عن الشيخ في العدة ان
الطائفة عملت بما رواه حفص عن أئمتنا ولم ينكروه فهو غير مجد بالنسبة إلى مثل هذه الرواية التي أرسلها عن بعض غير معروف مع غلبة الظن بان للاجتهاد
دخل في نقله هذا معه معارضتها في المرأة بخبر أبي همام عن أبي الحسن عليه السلام قال إذا صلت المرأة في المسجد مع الامام يوم الجمعة ركعتين فقد نقصت
صلاتها (وان صلت في المسجد أربعا نقضت صلاتها) لتصلي في بيتها أربعا أفضل فإنه صريح في نقصان صلاتها في المسجد الذي هو مجمع الناس جماعة أو فرادي ومرجوحيتها بالإضافة إلى الصلاة في
بيتها فرادي وهو ينافي تعين الجمعة عليها بعد الحضور لدى تمكنها من الرجوع إلى بيتها واختيار افرد الأفضل اي الصلاة في بيتها وحدها مع أن خبر حفص
كالنص في عكسه وان الصلاة أربعا في بيتها من قبيل التكاليف الغدرية التي سوغتها الرخصة في ترك السعي والا فالواجب عليها أولا وبالذات هي
الجمعة كما لا يخفى على المتأمل واما خبر علي بن جعفر المروى عن قرب الإسناد انه سال أخاه عن النساء هل عليهن من صلاة العيدين والجمعة ما على الرجال
فقال نعم فهو بظاهره معارض المعتبرة المستفيضة الدالة على أنه ليس على النساء الجمعة ولا صلاة العيدين مثل ما عن الصدوق ومرسلا عن الصادق عليه السلام
ليس على النساء اذان ولا إقامة ولا جمعة ولا جماعة وباسناده عن حماد بن عمرو وأنس بن محمد جميعا عن جعفر بن محمد عن ابائه في وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي (ع) قال ليس
على النساء جمعة ولا جماعة إلى أن قال ولا تسمع الخطبة والنصوص المتقدمة الدالة على وضع الجمعة عنها وغير ذلك من الروايات الواردة فيها وفي العيدين
مما لا يخفى على المتتبع والجمع بينها بحمل هذه الأخبار المتظافر المتكاثرة على عدم وجوب السعي وحمل هذه الرواية على وجوبها على تقدير الحضور مع ما فيه
من البعد بالنسبة إلى كل من الطرفين واحتياجه إلى شاهد معتبر ليس بأولى من حمل هذه الرواية على الاستحباب وليس في قوله عليه السلام في صحيحة محمد بن مسلم منها
صلاة واجبة على كل مسلم ان يشهدها الا خمسة المريض والمملوك والمسافر والمرأة والصبي شهادة على هذا الجمع إذ الظاهر أنه كناية عن وجوب نفس الجمعة
على من عدى الخمسة لا وجوب الحضور من حيث هو كي يكون الاستثناء استثناء من ذلك وكيف كان فيظهر من خبر علي بن جعفر وكذا خبر أبي همام المتقدمين
كغيرهما مما عرفت صحة صلاة المرأة أيضا لو تكلفت الحضور فلا مجال للارتياب في الكلية المزبورة وهي ان كلا من هؤلاء لو تكلف الحضور صحت صلاته مع أنه
بحسب الظاهر مما لا خلاف فيه كما تقدمت الإشارة إليه واما الاجتزاء بها عن الظهر فهو من لوازم صحتها كما تقدم توضيحه في مسألة اشتراط اذن الامام
واما الكلام في تعينها عليهم بعد الحضور فهذا بالنسبة إلى من شهدت القرائن والمناسبات الداخلية والخارجية بأن مناط الرخصة في تركها لهم ليس
الا مشقة السعي كما فيمن بعد عنها بأزيد من فرسخين أو يشق عليه السعي دون الانتظار للصلاة وزحام الجمعة أو الشيخ الكبير الذي هو كذلك
أو غير ذلك من أول الاعذار الذين لا يصلح عذرهم مانعا الا عن ايجاب السعي فمالا شبهة فيه بل ولا في احتسابهم من العدد ولا في جواز عقد جمعة مستقلة
454

بهم بل وكذلك الأعمى فانا وان لم نجزم بان مناط الرخصة له المشقة الفعلية كي نلتزم بدوران الحكم مدارها واختصاص الرخصة بالعمى الذي يشق عليه ان
يشهدها ولكن صلاحية المشقة النوعية الناشئة من العمى للمانعية عن أجاب السعي دون نفس الصلاة من حيث هي مانعة عن ظهور اختبار الرخصة بالنسبة إليه في
الاطلاق الأحوالي بحيث يفهم منها حكمه في هذا الحال فيبقى اطلاقات أدلة الوجوب مثل قوله (ع) في صحيحة منصور بن حازم الجمعة واجبة على كل أحد لا يعذر الناس
فيها الا خمسة المرأة والمملوك والمسافر والمريض والصبي بالنسبة إليه في هذه الحالة سليمة عن المقيد وتوهم ان عموم أحد الوارد في مثل هذه الأدلة متخصصة
بما دل على عدم وجوبها على الأعمى فلا يصح التمسك بها بالنسبة إلى أحواله مدفوع بان المسلم انما هو خروجه عن موضوع تلك الأدلة في بعض أحواله لا مطلقا
ومرجعة إلى تقييد اطلاق أحد بالنسبة إلى بعض افراده لا تخصيص عمومه كما لا يخفى على المتأمل واما بالنسبة إلى المسافر والمرأة والعبد فلا يخلو تعينها عليهم من
تأمل كما يظهر وجهه مما مر وكلمات الأصحاب في هذا الباب في غاية الاضطراب بل ربما صدر منهم دعوى الاجماع على طرفي النقيض وكلمات القائلين بالوجوب
قابلة للحمل على ما لا ينافي القول بعدم تعينها اي الوجوب التخييري كما ربما يؤيده بعض المؤيدات التي لا يهمنا الإطالة في ايضاحه واما استكمال العدد بهم
أو جواز عقد جمعة لهم استقلال فلا تأمل في عدمه بالنسبة إلى المرأة وغير المكلف إذا النصوص المتكفلة لبيان اشتراط العدد غير متناولة لهما أو منصرفة عنهما
كما لا يخفي على المتأمل بل وكذا بالنسبة إلى المسافر لظهور المستفيضة المتقدمة في عدم مشروعية عقدها للمسافرين كما تقدمت الإشارة إليه وانصرف ما
دل على اشتراط العدد كقوله (ع) في صحيحة زرارة التي وقع فيها السؤال عمن يجب عليه فإذا اجتمع سبعة ولم يخافوا أمهم بعضهم وخطبهم وفي صحيحة عمر بن
يزيد إذا كانوا سبعة فليصلوا في جماعة الحديث وفي خبر محمد بن مسلم إذا اجتمع خمسة أحدهم الامام فلهم ان يجمعوا كون العدد الذي تعتبر اجتماعهم
ممن يشرع لهم ان يعقدوها كما لا يخفى على المتأمل واما العبد فقد يقوي في النظر جواز عقدها لهم استقلالا فضلا عن استكمال العدد بهم وظهور
الأخبار المزبورة في كون العدد ممن وجب عليه الاجتماع والجمعة غير مناف له إذ الوجوب أعم من التخييري والعيني وليست هذا الروايات مسوقة
لبيان نفس الوجوب كي يدعي ظهورها في العيني كما تقدم توضيحه في مسألة اشتراط اذان الامام فليتأمل وقد تلخص مما ذكر ان هؤلاء التسعة إذا تكلفوا
الحضور صحت منهم بل وجبت عليهم الجمعة عينا وانعقدت بهم سوى من خروج عن التكليف فلا تجب عليه ولا تنعقد به لا استقلال ولا اكمالا للعدد
وسوى المرأة فلا تنعقد بها أيضا ولكن في وجوبها عليها تردد وهكذا الكلام في المسافر وفى وجوبها وعلى العبد أيضا تردد واما انعقادها به فهو
الأشبه وإذا حضر الكافر لم تصح منه ولم ينعقد به وان كانت واجبة عليه كغيرها من الواجبات الشرعية المطلوبة
من كل مكلف فالاسلام بالنسبة
إليه كالطهارة الحدثية والخبثية من المقدمات المقدورة للواجب المطلق يجب عليه تحصيله ولا يعذر بتركه في الاخلال بالصلاة أو غيرها من العبادات
المشروطة به وتجب الجمعة على أهل السواد اي القرى كما تجب على أهل المدن مع استكمال الشرائط بلا خلاف فيه على الظاهر بيننا لعموم الأدلة الدالة عليه
المقتصر في تخصيصها على التسعة الذين عرفتهم وخصوص خبر الفضل بن عبد الملك قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول إذا كان قوم في قرية صلوا الجمعة أربع ركعات
فإن كان لهم من يخطب بهم جمعوا إذا كانوا خمس نفر وانما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين ومفهوم صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال سألته عن
أناس في قرية هل يصلون الجمعة جماعة قال نعم ويصلون أربعا إذا لم يكن من يخطب ولا يعارضها خبر حفص بن غيات عن جعفر عن أبيه قال ليس على أهل
القرى جمعة ولا خروج في العيدين وخبر طلحة بن زيد عن جعفر (ع) عن أبيه (ع) عن علي عليه السلام قال لا جمعة الا في مصر تقام فيه الحدود لقصور سندهما وموافقتهما
للعامة مع امكان جريهما مجرى الغالب من اختلال شرايط الوجوب التي منها وجود المنصوب بل في الخبر الأخير ايماء إليه والله العالم وكذا تجب على ساكني الخيم
كالبادية إذا كانوا قاطنين بل على كل مستوطن في مكان للعمومات السالمة عن ورود مخصص عليها وههنا مسائل الأولى من انعتق بعضه لا تجب عليه الجمعة
إذ الظاهر أن المراد بالعبد في النصوص الدالة على وضع الجمعة عنه مطلق الشامل للبعض لا الخصوص من كان ممحضا في المملوكية كما يؤيد ذلك فهم
لأصحاب فإنهم على الظاهر لم يفهموا منها الا ذلك ولذا جعلوا في فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم المحكية الحرية شرطا للوجوب وصرحوا وجوبها على
البعض بلا خلاف فيه على الأظهر عدى ما يظهر من بعض المتأخرين من التردد فيه أو الميل إلى الوجوب بدعوى ان الوارد في النصوص انما هو استثناء العبد
لا اشتراط الحرية ولا يصدق اسم العبد على المبعض فكأنه أراد بعدم صدق الاسم عليه انصراف اطلاقه عنه والا فهو حقيقة عبد مملوك ولكنه ليس بمحمض
في ذلك فليس للخصم في المقام الا دعوى الانصراف وهي قابلة للمنع خصوصا مع مخالفتها للمشهور أو الجمع عليه واستدل بعض من اعترف بعدم صدق اسم
العبد عليه لنفي الوجوب بالاستصحاب حاكم على عموم ما دل على وجوبها على كل على وجوبها على كل مسلم وفيه ما لا يخفي ولو هاياه مولاه لم
تجب عليه الجمعة ولو اتفقت في يوم نفسه على الأظهر الأشهر بل المشهور كما عن بعض دعواه خلافا لما عن الشيخ في المبسوط فحكم بوجوبها عليه في يوم
نفسه لأنه ملكها في ذلك اليوم وعن الشهيد أنه قال معترضا على الشيخ انه يلزمه مثله في المكاتب خصوصا المطلق وهو بعيد الان مثله في شغل شاغل
إذ هو مدفوع في يوم نفسه إلى الجد في الكسب لنصفه الحر فالزامه بالجمعة حرج عليه انتهى أقول اما الحرج فلا يقتضيه رفع التكليف الا في مورده فلا
يصلح دليلا لعموم المدعى واما لزوم كون المكاتب مثله فهو على تقدير ان يكون ضمير ملكها في عبارته راجعا إلى الجمعة بان يكون المراد بأنه ملكها انه ملك التصرف في
نفسه بالحضور إلى الجمعة فيكون مناط الوجوب لديه عدم كون عمله مستحقا للغير فيتوجه (ح) النقض بالمكاتب والعبد المأذون ونحوه ولكن الضمير
455

بحسب الظاهر راجع إلى نفسه فكأنه يراه بعد المهاياة بحكم العين المشتركة التي ورد عليها القسمة فيوم نفسه هو مملوك لنفسه فيجري عليه احكام الحرية
ويوم مولاه مملوك لمولاه فيترتب عليه احكام العبدية فلا يقاس عليه (ح) المكاتب والمأذون ولكن يتوجه عليه ان المهاياة بمنزلة تقسيم منافع العين
المشتركة التي يتعذر وقوع التقسيم عليها فلا يختلف حال العبد من حيث هو في يوم نفسه ويوم موليه من حيث كونه عبدا مبعضا فان عمه دليل السقوط لم
تجب عليه ولو في يوم نفسه والا وجب عليه مطلقا وليس لمولاه المنع عن أداء الواجب فالقول بالتفصيل ضعيف وكذا لا تجب على المكاتب والمدبر
لاندراجهما في موضوع العبد الذي دلت النصوص على وضعها عنه من غير فرق بين المشروط والمطلق الذي لم يود شيئا والا فهو من المبعض الذي تقدم
الكلام فيه الثانية من سقطت عنه الجمعة ولم يحضرها يجوز له ان يصلي الظهر في أول وقتها ولا يجب عليه تأخيرها حتى تفوت الجمعة بل لا يستحب بل يستحب
التقديم لعموم وما دل على أن أول الوقت ابدا أفضل ولو حضر الجمعة بعد ذلك لم تجب عليه ان اندرج بعد أداء الظهر في الموضوع الذي يجب عليه
الجمعة كما لو أعتق العبد أو برء المريض أو زال العمى والعرج ونحوه لقاعدة الاجزاء ولكن قد يشكل ذلك في الصبي وان قوينا في مبحث المواقيت ان الصبي
المتطوع بوظيفة الوقت لو بلغ بعد الصلاة لم يجب عليه اعادتها فان مشروعية فعل الظهر هل لدى تمكنه من الجمعة لا تخلو من تأمل لجواز أن تكون وظيفة الوقت
بالنسبة إليه أيضا كالبالغين هي الجمعة لا الظهر وما دل على وضع الجمعة عنه انما دل على نفي وجوب الجمعة عليه لا شرعية فعل الظهر له حال تمكنه من الجمعة كما في
غيره من أولي الأعذار فليتأمل الثالثة إذا زالت الشمس يوم الجمعة لم يجز لمن كان واجدا لشرائط الجمعة السفر قبل أدائها لتعين الجمعة عليه فليس له
ايجاد ما هو سبب لفواتها من غير ضرورة شرعية أو حاجة عرفية مبيحة لترك السعي إليها نعم لو فرض تمكنه من أن يشهد جمعة أخرى في طريقه فلا
يكون سفره (ح) سببا لفوتها فلا يحرم إذ لا دليل على حرمته تعبدا واطلاق كلمات الأصحاب منصرف عن هذه الصورة فعليه في مثل الفرض على تقدير اختيار
السفر ان يشهد تلك الجمعة كي لا تفوته الجمعة التي تنجز في حقه التكليف بأدائها من قلت إن الجمعة ساقطة عن المسافر فوجوبها عليه مشروط ببقائه حاضرا
إلى حين اذائها فمتى سافر اندرج في الموضوع الذي لم يجب عليه الجمعة فحال الجمعة بالنسبة إليه ليس الا حال الظهر أربعا في ساير الأيام غير موجب لحرمة
السفر قبل أدائها كذلك في يوم الجمعة وكون وقت الجمعة مضيقا فيتنجز التكليف بأدائها من أول الوقت بخلاف الاتمام في سائر الأيام بعد تسليمه لا
يصلح فارقا بينهما لأنا نلتزم بإباحة السفر في سائر الأيام ولو في اخر الوقت عند تضيق وقت الفريضة فله اختيار السفر والاتيان بظهر مقصورة في سفره
نعم وقلنا بان من أدرك الوقت وهو حاضر عليه ان يأتي بما هو وظيفة الحاضر في سائر الأيام أيضا اتجه الالتزام بحرمة السفر الموجب للاخلال
بالاتيان بما هو وظيفة الحاضر سواء كان في يوم الجمعة أم في غيره ولكنك ستعرف انشاء الله في محله ضعف هذا القول فيشكل (ح) الالتزام به في خصوص صلاة
الجمعة قلت الأخبار الدالة على سقوط الجمعة عن المسافر قاصرة عن شمول من سافر بعد ان تنجز في حقه التكليف بأداء الجمعة فإنها منصرفة عن مثله بل
المنساق إلى الذهن منها هو سقوطها عمن كان متلبسا بالسفر حين تنجز الخطاب بالسعي إلى الجمعة لا من سافر بعد ان تنجز في حقه التكليف بان يشهد الجمعة وهذا
بخلاف مسألة التقصير في الصلاة فان الأظهر في تلك المسألة على ما يظهر من أدلتها ان العبرة بحال أداء الفعل كما ستعرف تحقيقه انشاء الله فلا يقاس عليها ما
نحن فيه هذا مع أن الحكم في ما نحن فيه بحسب الظاهر مما لا خلاف فيه بل عن غير واحد دعوى الاجماع على حرمة السفر قبل أداء الجمعة واستدل له أيضا
ببعض الروايات الناهية عن السفر يوم الجمعة مثل النبوي من سافر من دار اقامته يوم الجمعة دعت عليها الملائكة لا يصحب في سفره ولا يعان على حاجته
والمروي في نهج البلاغة لا تسافر في يوم الجمعة حتى تشهد الصلاة الا فاصلا في سبيل الله أو في امر تعذر به واستدل أيضا بصحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله (ع)
قال إذا أردت الشخوص في يوم عيد وانفجر الصبح وأنت في البلد فلا تخرج حتى تشهد ذلك العيد بدعوى أولوية حرمة بعد الزوال يوم الجمعة منها بعد الفجر في
العيد وفي الجمعة ما لا يخفي اما الأولان فبعد تسلم سندهما ان تخصيصهما بما بعد الزوال ليس بأولى من حملهما على الكراهة بل هذا هو الظاهر من أولهما
وربما يؤيده أيضا بعض الأخبار الآتية اما خبر أبي بصير فعلى تقدير الالتزام بظاهره فهو حكم تعبدي مخصوص بمورده والحاق الجمعة به قياس ودعوى
الأولوية غير مسموعة ونظيره في الضعف الاستدلال له بظاهر الآية وما شابهها من النصوص الدالة على حرمة البيع وقت النداء إذا النهي عن البيع ليس
الا لأجل منافاته للسعي إلى الجمعة كما يشهد به سوقها فيفهم منها حرمة كل شئ يكون منافيا لفعلها وفيه ان هذا انما يتجه لو لم نقل يكون السفر موجبا
لانقلاب حكمه والا فقياسه على ساير المنافيات قياس مع الفارق فالعمدة في المقام هو ما عرفت من قصور ما دل على سقوطها على المسافر عن شمول
مثل الفرض فمتى لم تسقط عنه الجمعة لم يجز له السفر الذي لا يقدر معه عن الخروج عن عهدة التكليف بها وليس هذا من باب اقتضاء الامر بالشئ النهى
عن ضده كي يناقش فيه بمنع الاقتضاء بل من باب تفويت التكليف بالتسبيب فإنه بمنزلة ما لو تباعد عن الجمعة في ضيق وقت السعي إليها أو دخل
مكانا يعلم بأنه لا يتمكن من الخروج منه إلى الجمعة وهذا ممالا تأمل في عدم جوازه ولا دخل له بمسألة الضد كما لا يخفي على المتأمل ويكره بعد طلوع
الفجر كما يدل عليه رواية السري عن أبي الحسن علي بن محمد (ع) قال يكره السفر والسعي في الحوائج يوم الجمعة بكرة من اجل الصلاة فاما بعد الصلاة بجائز
يتبرك به وعن مصباح الكفعمي عن الرضا (ع) قال ما يؤمن من سافر يوم الجمعة قبل الصلاة ان لا يحفظه الله تعالى في سفره ولا يخلفه في أهله و
لا يرزقه من فضله ويدل عليه أيضا النبوي والعلوي المتقدمان * (المسألة الرابعة) * الاصغاء إلى الخطبة اي استماعها هل هو واجب
456

كما نسب إلى الأكثر بل عن الذكرى انه المشهور أم لا يجب كما عن غير واحد منهم الشيخ في المبسوط والمصنف في المعتبر والنافع فيه تردد وان كان الأول أحوط
بل لا يخلو من قوة إذ المقصود بشرع الخطبة انما هو الوعظ والانذار وغير ذلك من الحكم التي وقع التنبيه عليها في خبر العلل وغيره بل لا ينبغي الارتياب في أنه
لو اشتغل الحاضرون بأسرهم بسائر شؤنهم ولم يلتفتوا إلى قول من يخطب بهم أصلا أو جعلوا أصابعهم في اذانهم لكان ذلك مخالفا لما هو المقصود
بشرعها بل المتبادر من الامر بان يعظهم ويخطب بهم انما هو ارادته على النهج المتعارف المعهود وكذا المتبادر من تكليف الناس بحضور الخطبة و
الوعظ والقراءة والتعزية ونحوها ليس الا إرادة الاستماع لا مجرد حضوره تبعدا وربما يؤيده أيضا ما عن دعايم الاسلام مرسلا عن أمير المؤمنين
عليه السلام أنه قال يستقبل الناس الامام بوجوههم ويصغون إليه وما روي في قوله تعالى وإذا قرء القران فاستمعوا له وانصتوا انها وردت في الخطبة وسميت
قرانا لاشتمالها عليه ولا ينافيه ورود اخبار أخرى في تفسيرها بخلافه فإن هذه الرواية أيضا كإحدى تلك الروايات التي اختلف بعضها مع بعض فلا بد
من توجيهها ببعض التوجيهات التي يتوجه بها اختلاف الأخبار الواردة في تفسير القران وكيف كان فهذا أيضا لا يخلو من تأييد واستدل القائل بعدم الوجوب
بالأصل وان تخصيص الوجوب بالعدد تخصيص بلا دليل وتعميمه يوجب التكليف بالممتنع ان لم نوجب رفع الصوت على الخطيب بحيث يسمعه الكل
وما لا يقولون به ولا دليل على أن أوحيناه مع أنه قد يكون ممتنعا سيما في المدن الكبيرة وفيه ما لا يخفي إذ الأصل مقطوع بما عرفت ووجوب الاستماع
مشروط بتمكنه منه بان تيسر له الجلوس إلى موضع يظل إليه صوت الخطيب والحاصل ان المتبادر من أدلة هذا التكليف ان يجتمع الناس في المكان الذي
ينعقد فيه الجمعة ويخطب بهم الامام ويعظهم على حسب ما جرت العادة في مثله من حيث الاسماع والاستماع كما ربما يؤيده أيضا الأخبار الآتية الناهية
عن التكلم في أثناء الخطبة فإنها تكشف عن أن المقصود بهذا الاجتماع ليس مجرد الحضور بل الاستماع والاتعاظ كما لا يخفي على المتأمل ولكنه مع ذلك لا يخلو من تردد
خصوصا بالنسبة إلى الزائد عن العدد المعتبر في الجمعة وان كان الأقوى في الجميع ما عرفت وكذا في حرمة الكلام في أثناء الخطبة على السامعين تردد لكن
ليس بمبطل للجمعة حزما بل اجماعا كما عن غير واحد نقله فالخلاف في المقام انما هو في الاثم وعدمه كما صرح به بعض وقد نسب إلى المشهور القول بالحرمة بل عن
الخلاف دعوى الاجماع على تحريمه على المستمعين وعن الكافي على المؤتمين وصرح غير واحد بتحريمه على الخطيب أيضا وعلى هذا يتجه الالتزام ببطلان الخطبة
لو تكلم الخطيب في أثنائها إذ لا مستند لذلك الا بعض الروايات التي نزلها منزلة الصلاة مثل قوله عليه السلام في صحيحة ابن سنان في حديث وانما جعلت
الجمعة ركعتين من اجل الخطبتين فهي صلاة حتى ينزل الامام والخبر المروي عن دعائم الاسلام مرسلا عن الصادق عليه السلام قال وانما جعلت الخطبة عوضا
من الركعتين اللتين أسقطتا من صلاة الظهر فهي كالصلاة لا يحل فيها الا ما يحل في الصلاة وما عن الصدوق مرسلا قال قال أمير المؤمنين لا كلام والامام
يخطب ولا التفات الا كما يحل في الصلاة وانما جلعت ركعتين من اجل الخطبتين جعلنا مكان الركعتين الأخيرتين فهما صلاة حتى ينزل الامام ودلالة مثل
هذه الأخبار على حرمة الكلام ان سلمت فليس الا من حيث المبطلية والا لم يثبت للكلام في الصلاة حرمة الا
من هذه الجهة ولكنك عرفت عند التكلم في
شرطية الطهارة للخطبة عدم صلاحية هذه الأخبار لاثبات اعتبار شرائط الصلاة للخطبتين فراجع فمقتضى الأصل جواز التكلم للخطيب بما لا يخل بصورة
الخطبتين والتوالي المعتبر بين ابعاضها واما السامعون فيدل على منعهم عن الكلام في أثناء الخطبة جملة من الروايات منها مرسلة الصدوق والمتقدمة و
خبر الحسين بن زيد عن الصادق (ع) عن ابائه عليهم السلام في حديث المناهي قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن الكلام يوم الجمعة والامام يخطب فمن فعل ذلك
فقد لغى ومن لغى فلا جمعة له وخبر أبي البختري المروي عن قرب الإسناد عن جعفر (ع) عن أبيه (ع) ان عليا (ع) كان يكره الكلام يوم الجمعة والامام يخطب وفي الفطر والأضحى و
الاستسقاء وعنه أيضا عن علي (ع) انه كان يكره رد السلام والامام يخطب والنبوي إذا قلت لصاحبك انصت والامام يخطب فقد لغوت و
عن دعائم الاسلام مرسلا عن الصادق (ع) إذا قام الامام يخطب فقد وجب على الناس الصمت ولا يخفى عليك ان جل هذه الأخبار مع ما في جميعها من
ضعف السند مشعرة أو ظاهرة في الكراهة وربما يشهد للكراهة أيضا صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) قال إذا خطب الامام يوم الجمعة فلا ينبغي لاحد
ان يتكلم حيت يفرغ الامام من خطبة فإذا فرغ الامام من الخطبتين تكلم ما بينه وبين ان يقام الصلاة فان سمع القراءة أو لم يسمع أجزأه ولا يصلح لمعارضتها
بعض الأخبار المتقدمة التي يظهر منها الحرمة كالمرسلة الأولى والأخيرة لا لمجرد ضعف سندهما كي يدعي انجباره بالشهرة بل لأن ظهور هذه الصحيحة في
الكراهة أقوى فالقول بالكراهة أشبه نعم لو اثر في منعه أو منع الغير من الاستماع الذي قوينا وجوبه اتجه الالتزام بحرمته لذلك لامن حيث
هو كما لا يخفي الخامسة يعتبر في امام الجمعة كمال العقل والايمان والعدالة وطهارة المولد والذكورة كما تسمع الكلام فيه مفصلا في الجماعة انشاء الله
إذا الظاهر في لفرق بين الجمعة وغيرها في ذلك نعم ستعرف قوة القول بجواز امامة النساء بعضهن ببعض لا للرجال ولا المختلطين الا انك قد
عرفت عدم انعقاد الجمعة بهن فلا يجوز إمامتهن فيها (ح) بحال وهذا الكلام في الصبي لو قلنا بجواز إمامته لمثله كما هو واضح ويجوز ان يكون عبدا كما
في غير الجمعة حسب ما تعرفه في مبحث الجماعة إذ لا مقتضي للمنع عنه في خصوص المقام وعدم وجوب الجمعة عليه غير مقتضية لذلك حتى على القول بعدم
انعقاد الجمعة به بعد ان عرفت صحتها منه ولذا لم يتردد المصنف هيهنا مع تردده في انعقاد الجمعة به وهل يجوز ان يكون أبرص أو أجذم فيه تردد و
الأشبه الجواز فيها وفي غيرها كما يأتي تحقيقه انشاء الله في مبحث الجماعة وعلى القول بالمنع أيضا المتجه في لفرق بين الجمعة وغيرها لاطلاق أدلته وربما
457

فصل بعض فمنع امامتهما في الجمعة خاصة نظرا إلى نقصهما وعدم صلاحيتها لهذا المنصب العظيم وفيه انه رجم بالغيب فيما لا إحاطة لنا بمناطه فلعل
الأليق بهذا المنصب من كان أكرم عند الله وأزكى نفسا لا من كان سالما جسده من الآفات وكذا الكلام في الأعمى فان الأشبه فيه أيضا جواز إمامته
بل قد يظهر من بعضهم عدم الخلاف بيننا في جواز إمامته في غير الجمعة كما سيأتي التعرض له انشاء الله في محله ولكن منع كثير منهم عن إمامته للجمعة للوجه
الاعتباري المزبور الذي لا ينبغي الالتفات إليه * (المسألة السادسة) * ان المسافر إذا نوى الإقامة في بلد عشرة أيام فصاعدا وجب عليه
الجمعة لأنه بحكم المقيم شرعا فلا يتناوله احكام المسافر وكذا إذا لم ينو الإقامة ومضى عليه ثلاثون يوما في مصر واحد نعم لو قلنا بان مضي الثلثين ليس
من قواطع السفر شرعا الا ان الحكم فيه التمام كما سيأتي التكلم فيه انشاء الله اتجه الالتزام ببقائه على ما كان من سقوط الجمعة عنه لاطلاق أدلته السالم
عن ورود دليل حاكم عليه كما تقدم التنبيه عليه فيما سبق والله العالم * (المسألة السابعة) * الأذان الثاني في يوم الجمعة المسمى في عرفهم أيضا
بالأذان الثالث الذي تعارف بين العامة من زمان عثمان أو معاوية على ما قيل بدعة إذ لم يعهد في الشرعية لفريضة واحدة الا اذان وإقامة فما زاد على ذلك بدعة
كما وقع التصريح بذلك في خبر حفص بن غياث عن جعفر عن أبيه عليهما السلام أنه قال الأذان الثالث يوم الجمعة بدعة قيل وانما سمى ثالثا لأن النبي صلى الله عليه وآله
شرع للصلاة اذانا وإقامة فالزيادة ثالث أو باعتبار ان الأذان المشروع في يومها أوله ما كان لفريضة الصبح فهو ثالث بهذه الملاحظة
أو بملاحظة الأذان الذي شرع للاعلام بدخول الوقت واحتمال ان يكون المراد به اذان العصر ضعيف كما تقدم تحقيقه في محله والمتبادر من اطلاق
البدعة في النص كعبائر الأصحاب إرادة الحرمة كما أومي إلى ذلك قوله (ع) في صحيحة الفضلاء الا فان كل بدعة ضلالة وكل ضلالة سبيلها إلى النار وقيل
مكروه استضعافا للخبر وعموم البدعة للحرام وغيره وحسن الذكر والدعاء إلى المعروف وتكريرهما الا انه حيث لم يفعله النبي صلى الله عليه وآله ولم يأمر به
كان أحق بوصف الكراهة ولا يخفي ما في تعليله للكراهة فالأولى ان يعللها بالتشبيه بالمبتدعين المعلوم مرجوحيته أو بالخروج عن شبهة الخلاف من
باب حسن الاحتياط وكيف كان فالأول أشبه إذ اتى به بقصد التوظيف كما هو منصرف النص إذا الظاهر أنه تعريض على المخالفين الذين يأتون به
على الظاهر بعنوان المشروعية فهو بهذا العنوان تشريع محرم واما لو اتى به لا بعنوان كونه الأذان الثاني المرخوص فيه شرعا حتى يتحقق موضوع التشريع بل
بقصد الذكر والدعاء أو مطلق الأذان المحبوب من كل أحد فلا مقتضي لكراهته أيضا فضلا عن حرمته عدى الوجه الذي تقدمت الإشارة إليه من
التشبه بالمخالفين والاتيان بما هو صورة بدعة وربما احتمل بعض كون النزاع لفظيا إذ لا يظن بأحد الالتزام بجوازه لدى الاتيان به بقصد التوظيف
ولا بأحد حرته فيما لو اتى به لا بهذا القصد فليتأمل * (المسألة الثامنة) * يحرم البيع يوم الجمعة بعد الأذان في المدارك قال في شرح العبارة
اجمع العلماء كافة على تحريم البيع بعد النداء للجمعة قاله في التذكرة والقران الكريم ناطق بذلك قال الله تعالى " يا أيها الذين امنوا إذا نودي للصلاة
يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع " أوجب تركه فيكون فعله حراما وهى يحرم غير البيع من العقود قال في المعتبر الأشبه بالمذهب لا خلافا
لطائفة من الجمهور لاختصاص النهي بالبيع فلا يتعدى إلى غيره واستشكله العلامة (ره) في جملة من كتبه نظرا إلى المشاركة في العلة المؤمي إليها بقوله ذلكم
خير لكم وهو في محله انتهى ما في المدارك وصرح بعض من تأخر عنه بالتعدي إلى كل مفوت لشهادة سوق الآية بان النهي عن البيع انما هو بلحاظ انه
يلهيهم عن السعي والحضور إلى الجمعة لا من حيث هو تعبدا فالمراد بالبيع على الظهر مطلق الاشتغال بالكسب حتى السعي في مقدماته الموجبة لفوات الجمعة
لا خصوص عقده وتخصيصه بالذكر مع عدم انحصار المفوت به لعله لتعارف سببيته لترك السعي والحاصل ان المتبادر من الآية انما هو مطلوبية ترك
البيع من حيث كون الاشتغال به مانعا من الحضور إلى الجمعة وقضية ذلك اختصاص الحرمة بالبيع الذي يكون كذلك دون البيع الذي يجتمع مع السعي
والحضور وعمومها لكل مفوت والتوقيت بما بعد النداء للجري مجرى الغالب من حصول النداء عند الزوال وتنجز التكليف بالسعي حاله والا فلا يدور
الحكم مدار حصول النداء بل ولا على دخول الوقت بل على كونه مفوتا للحضور فمن كان على رأس فرسخين كما يتنجز عليه التكليف بالسعي قبل النداء كذلك يحرم
عليه البيع حين تنجز التكليف بالسعي ولكن هذه كله خلاف ظواهر كلمات المشهور حيث يظهر من كلماتهم ان للنداء من حيث هو دخلا في التحريم ولذا وقع الكلام
في أنه هل يتحقق الحرمة بالشروع في الأذان أو الفراغ منه ونسب إلى المشهور بل عن المنتهى وظاهر التذكرة الاجماع على في لحرمة قبل النداء بعدم الزوال
وصرح بعض بأنه على القول بجواز تقديم الخطبتين على الزوال فان قلنا بجواز تقديم الأذان أيضا قبلهما فيحرم به البيع والا لم يحرم كما أنه يظهر من
تخصيصهم البيع بالذكر اختصاص الحرمة به كما هو صريح المعتبر على ما نقله في المدارك في عبارته المتقدمة وعن بعضهم التصريح بحرمته تعبدا وان
لم يكن مفوتا للحضور والمستند في ذلك كله الجمود على ما يترائى من ظاهر الآية والذي يقتضيه التحقيق انا ان قلنا بان سوق الآية يشهد بان النهي
عن البيع نهي تبعي توصلي سيق المبالغة والاهتمام في الامر السعي إلى الصلاة نظير قوله المولى لعبده عند إرادة الامر بذهاب السوق لشراء اللحم اذهب
ولا تجلس صح لنا (ح) دعوى ان مناط النهي وجودا وعدما هو التفويت ولكن يشكل (ح) الالتزام بحرمة البيع أيضا فضلا عن غيره إذ لم يقصد بهذا
النهي تكليف مغائر للتكليف بالسعي بل هو بمنزلة ما لو قال فاسعوا إلى ذكر الله ولا تتركوه بالاشتغال ببيع ونحوه في عدم كونه تأسيسا لحكم بل تأكيدا
لما تضمنه الامر واما ان منعنا ذلك وقلنا إن المتبادر من الامر بترك البيع انما هو تعلق طلب شرعي استقلالي به ولو لأجل كونه منافيا للسعي الواجب
458

على ما يشهد به السياق كما يؤيد هذه الدعوى مع موافقته للأصل بل يشهد له تعقيبه بقوله ذلكم خير لكم الذي هو بمنزلة التعليل للنهي عن البيع فإنه يكشف
عن كون هذه القضية بنفسها ملحوظة للامر استقلالا لا تبعا لملاحظة حال ايجاب السعي كالمعاني الحرفية كما في الفرض الأول كما لا يخفى على المتأمل فيشكل
(ح) التخطي عن المورد لامكان ان يكون للبيع خصوصية مقتضية لتحريمه دون سائر المنافيات وليس قوله ذلكم خير لكم مسوقا للتعليل كي يؤخذ بمفهوم
العلة بل هو من قبيل تعقيب الكلام بذكر المناسبات والحكم المقتضية للحكم كما هو واضح نعم ذكر مثل هذه المناسبات ربما يوهن ظهور الطلب في كونه
مولويا ولكن لا بحيث يسقطه عن الاعتبار خصوصا بعد اعتضاده بفهم الأصحاب وفتواهم هذا مع أن حرمة البيع المنافي للسعي بعد النداء الذي هو
بحسب الظاهر كناية عن دخول الوقت مما لا خلاف فيه على الظاهر فلا ينبغي الاستشكال فيه واما التعدي إلى كل مفوت فمما لا دليل عليه الا ان نلتزم
بان الامر بالشئ يقتضي النهي عن ضده وهو خلاف التحقيق نعم لا يبعد ان يدعي ان المتبادر من البيع في المقام بواسطة المناسبة هو مطلق التجارة
لا خصوصه والله العالم فان باع اثم وكان البيع صحيحا على الأظهر بل لا ينبغي الارتياب فيه إذ المتبادر من الامر بترك البيع في الآية ليس الا إرادة الحكم
التكليفي اي الحرمة وهي غير مقتضية للفساد في المعاملات كما تقرر في محله فما عن الكاتب والشيخ من القول بالفساد ضعيف ولو كان المتعاقدان ممن لا يجب
عليهم السعي جاز لهما البيع بلا خلاف فيه على الظاهر ولا اشكال ولو كان أحدهما ممن لا يجب عليه السعي كان البيع سائغا بالنظر إليه وحراما بالنظر إلى
الاخر وقيل بتحريمه على الأول أيضا بل في المدارك نسبته إلى الأشهر لأنه معاونة على المحرم وفيه منع صدق الإعانة على الاثم عرفا عليه خصوصا بالنسبة إلى
الاشخاص الذين يتركون الجمعة على كل حال سواء اشتغلوا التكسب أم لا اللهم الا ان يدعي استفادة حكمه منه بالفحوى وفيه تأمل * (المسألة التاسعة
) * إذا لم يكن الإمام عليه السلام موجودا في البلد ولا من نصبه للصلاة وأمكن الاجتماع والخطبتان قيل يستحب ان يصلي جماعة ان تشرع صلاة الجمعة في حال غيبة
الامام وفقد المنصوب بل هي أفضل فردي الواجب فهذه الملاحظة اطلاق عليها الاستحباب وقيل لا يجوز وقد تقدم تحقيق هذه المسألة عند المبحث
عن اشتراط الاذن وعرفت فيما تقدم ان الأول أظهر * (المسألة العاشرة) * إذا لم يتمكن المأموم من السجود مع الامام في الركعة الأولى التي
أدرك ركوعها معه فان أمكنه السجود واللحاق به قبل الركوع فعل وصحت جمعة بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن كشف اللثام دعوى الاتفاق عليه
إذا لتخلف عن الامام في ركن للحاجة والضرورة غير قادح بصحة الصلاة جماعة كما ستعرف انشاء الله في مبحث الجماعة والا اي وان لا يمكنه ذلك
لم يتابعه في الركوع بل اقتصر على متابعته في السجدتين إذ لو تابعه في الركوع للزم اما ترك السجدتين من الأولى أو زيادة الركوع قبلهما ونوى
بهما للأولى فيكمل له ركعة مع الامام ثم يأتي بركعة ثانية لنفسه كالمأموم المسبوق وقد تمت صلاته بلا خلف فيه بيننا على الظاهر بل عن غير واحد
دعوى الاجماع عليه ويشهد له مضافا إلى الاجماع وعموم بعض الروايات الواردة فيمن أدرك مع الامام ركعة لو لم ندع انصرافها عن مثله
خصوص خبر حفص بن غياث قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول في رجل أدرك الجمعة وقد ازدحم الناس وكبر مع الامام وركع ولم يقدر على السجود و
قام الامام والناس في الركعة الثانية وقام هذا معهم فركع الامام ولم يقدر هذا على الركوع في الثانية من الزحام وقدر على السجود كيف يصنع فقال
أبو عبد الله اما الركعة الأولى فهي إلى عند الركوع تامة فلما لم يسجد لها حتى دخل في الثانية لم يكن ذلك له فلما سجد في الثانية فإن كان نوى هاتين
السجدتين للركعة الأولى فقد تمت له الأولى فإذا سلم الامام قام فصلى ركعة ثم يسجد فيها ثم يتشهد ويسلم وان
كان لم ينو السجدتين للركعة الأولى لم
تجز عنه للأولى ولا للثانية وعليه ان يسجد سجدتين وينوي انهما للركعة الأولى وعليه بعد ذلك ركعة تامة يسجد فيها فان نوى بهما الثانية قيل كما عن
الشيخ في النهاية والقاضي في المهذب تبطل الصلاة لأنه ان اكتفى بهما للأولى واتى بالركعة الثانية خالف نيته وانما الأعمال بالنيات وان ألغاهما
واتى بسجدتين غيرهما للأولى واتى بركعة أخرى تامة زاد في الصلاة ركنا وان اكتفى بهما ولم يأت بعدهما الا بالتشهد والتسليم نقص من الركعة الأولى
السجدتين ومن الثانية ما قبلهما وقيل كما عن السيد في المصباح والشيخ في المبسوط والخلاف ويحيى بن سعيد في الجامع يحذفهما ويسجد للأولى و
يتم ثانية بل عن الخلاف الاجماع عليه لقوله عليه السلام في الخبر المتقدم وان كان لم ينو السجدتين للركعة الأولى لم تجز عنه للأولى ولا للثانية وعليه ان
يسجد سجدتين وينوي انهما للركعة الأولى وعليه بعد ذلك ركعة تامة ونوقض في دعوى الاجماع بمعروفية الخلاف بل عن الرياض تارة ان
القائل به نادر وأخرى ان الشهرة على خلافه ظاهرة وفي الرواية بضعف السند وعدم الصراحة إذ يجوز ان يكون قوله (ع) وعلى ان يسجد إن مستأنفا
بمعنى انه كان عليه ان ينويهما للأولى فإذا لم ينوهما لها بطلت صلاته أقول اما الخدشة في دلالتها بما ذكر فمما لا ينبغي الالتفات إليه واما في
سندها فكذلك بعد اعتماد الكليني والشيخ عليها وتدوينها في كتابيهما واشتهارها بين الأصحاب كما اعترف به في الذكرى حيث حكى أنه قال ليس
ببعيد العمل بهذه الرواية لاشتهارها بين الأصحاب وعدم وجود ما ينافيها وزيادة السجود مغفرة في المأموم كما لو سجد قبل امامه وهذا التخصيص يخرج
الروايات الأدلة على الابطال عن الدلالة واما ضعف الرواية فلا يضر مع الاشتهار على أن الشيخ قال في الفهرست ان كتاب حفص يعتمد عليه انتهى و
توهم انصراف الرواية عما لو نوى بهما الثانية لأنه فرض نادر إذ لا يكاد يتأتي هذا القصد ممن يعلم بأنه لم يفرغ من الأولى فهو من الغالب لو لم
يقصد بهما الأولى اما يقصد بهما محض التبعية دون الجزئية للصلاة مثل من أدرك الامام بعد رفع رأسه من الركوع وتبعه في السجدتين من باب
459

محض المتابعة وادراك فضيلة الجماعة من غير أن يعتد بهما في صلاته كما سيأتي الكلام فيه في احكام الجماعة انشاء الله أو انه يهملهما في القصد بمعنى
انه يقصد بهما الجزئية على سبيل الاجمال والابهام من غير أن يعينهما للأولى أو الثانية مدفوع بان الغالب فيمن لم ينوهما للأولى وهو ملتفت إلى وجه عمله لا
يوقعهما الا بهذا الوجه بزعم ان التبعية للامام يجعله معذورا فيما تعذر عليه من الأجزاء السابقة بل سنشير إلى أن قصدهما على سبيل الاجمال والاهمال
تبعا للامام أيضا ينحل إلى ذلك فالنص غير قاصر عن شموله وما دل على مبطلية الزيادة غير صالحة لمعارضته كما أومى إليه الشهيد في عبارته المتقدمة
وطرحه فمن غير معارض مكافؤا مشكل وارتكاب التأويل فيه بما لا ينافي القول بالبطلان أشكل كما تقدمت الإشارة إليه وقد تلخص مما ذكر ان القول
الأخير لا الأول أظهر بل قد يتأمل في الظهرية الأولى وان لم نقل بهذه الرواية نظرا إلى أن ما ذكر مقدمة له من أنه ان اكتفى بهما للأولى خالف
نيته لا يخلو من تأمل فان نية الخلاف انما تقتضي البطلان فيما إذا اثرت في مخالفة المأتي به للمأمور به وكونه كذلك في المقام محل نظر إذ لم يدل
دليل على أنه يعتبر في سجود الصلاة بل ولا في سائر اجزائها عدى حصولها في محلها بقصد جزئيتها للصلاة التي نوى بها التقرب وهو حاصل في الفرض
وقصد كونهما للثانية نشأ من توهم فراغه من الأولى بتبعية الامام وصيرورته مكلفا بهما للثانية والا لكان يقصدهما للأولى وليس مثل هذا
القصد قادحا بصحة السجدتين ولا بوقوعهما مكملة للأولى إذ ليس حاله الا حال من رفع رأسه من الركوع وهو يزعم أنه ركوع الثانية فسجد بهذا
القصد ثم انكشف فساد زعمه وانه كان ركوع الأولى عدى ان توهمه في المقام نشأ من الجهل بالحكم وفي المثال من الشبه في الموضوع وهو ليس بفارق
بينهما فيما هو مناط الصحة والفساد فليتأمل ثم إن غير واحد ممن قال ببطلان الصلاة فيما لو نوى بهما للثانية صرح بصحتها فيما لو أهمل فلم ينو انهما
للأولى أو الثانية معللا بان اجزاء الصلاة لا تفتقر إلى نية بل هي على ما افتتحت عليه ما لم يحدث نية مخالفة واعترض عليه العلامة (ره) في محكي المنتهى
بأنه تابع لغيره فلا بد من نيه تخرجه عن المتابعة في كونها للثانية وعدم افتقار الابعاض إلى نية انما هو إذا لم يقم الموجب اما مع قيامه فلا و
أجيب عنه بان وجوب المتابعة لا يصير المنوي له منويا للمأموم وان كان فرضه غير مع أن الأصل صحة صلاته وفيه ان نفس المتابعة لا وجوبها تصيره
كذلك فإنه مهما قصد بفعله المتابعة فقد نوى اجمالا ان يفعل ما يفعله الامام فلا ينصرف فعليه عن هذا الوجه الا بنية تخرجه عن المتابعة وكون فرضه
غيره لا يجعل الغير منويا له كي يقع عبادة وما يقال امن ان اجزاء الصلاة لا تفتقر إلى نية معناه انه لا تفتقر إلى إرادة تفصيلية والا فقد عرفت في
محله انه يعتبر في صحة اجزاء الصلاة كجملتها انبعاثها عن الداعي المغروس في النفس الباعث له على ايجادها في حالها شيئا فشيئا بحيث لو التفت
إليها تفصيلا لوجد نفسه عازمة عليها وليس فعل السجدتين في الفرض منبعثا عن إرادة فعل الأولى بل فعل الركعة التي يفعله الامام فهذا أيضا
لدى التحليل مرجعه إلى القصد بهما للثانية ولكنك عرفت ان الحكم بالبطلان في هذه الصورة أيضا لا يخلو من تأمل هذا كله مع الغض عن رواية
حفص والا فقد عرفت ان العمل بمضمونها هو الأشبه والله العالم ولو سجد المأموم ولحق الامام رافعا رأسه من الركوع ففي القواعد فالأقرب
جلوسه حتى يجسد الامام ويسلم ثم ينهض إلى الثانية وله ان يعدل إلى الانفراد وعلى التقديرين يلحق الجمعة أقول ولكن جلوسه حتى يسجد الامام
ويسلم اي بقائه على الايتمام حتى يفرغ الامام ولو باستمراره على القيام إذ لا دليل على تعيين الجلوس أحوط من نية الانفراد بل قد يقال بتعينه بناء على
عدم جواز نية الانفراد اختيارا اما مطلقا أو في الجمعة ولكنه ضعيف فإنه ان سلم فهو فيما يترتب على بقايه مأموما متابعة الامام في شئ من
واجبات الصلاة لا في مثل الفرض الذي لا يترتب عليه الا محض انتظار الفراغ وعن الايضاح ان فيه قولين آخرين أحدهما المبادرة إلى الانفراد
لئلا يلزم مخالفة الامام في الافعال لتعذر المتابعة والثاني المتابعة ثم حذف ما فعل حكم تقدم الامام في ركوع أو سجود سهوا وفيهما ما يخفي
من الضعف إذ لا محذور في المخالفة بالمعنى الذي نلتزم به في المقام وهو ترك المتابعة فيما لا يجب عليه فعله كما أنه لا دليل عليه وجوب المتابعة
فيما لا يجب عليه وبقائه منتظرا فراغ الامام مرتبة من الايتمام لا يتحقق معها صدق الانفراد ما لم يقصده كما ترفعه انشاء الله في الجمعة وعن عميد
الاسلام انه يحتمل ضعيفا فوات الجمعة لأنه لم يحصل له مع الامام سجدتان في الأولى ولا شئ من افعال الثانية والركعة انما تتحقق بالسجدتين انتهى
ووجه ضعف هذا الاحتمال انه قد أدرك مع الامام ركعة من الجمعة وكون السجدتين من تمامها غير مناف لذلك لأنه اتى بالسجدتين قبل ان
ينوي الانفراد وتأخره عن الامام لعذر غير قادح بالايتمام كما تعرفه في محله انشاء الله ولو لم يتمكن من السجود في ثانية الامام أيضا حتى قعد الامام
للتشهد ففي القواعد ان الأقوى فوات الجمعة وهل يقلب نيته إلى الظهر أو يستأنف الأقرب الثاني انتهى أقول اما كون الاستيناف أقرب فقد
عرفته في مسألة ما لو انفض العدد بعد التكبير واما ان الأقوى فوات الجمعة فلما عرفت في المسألة المشار إليها ان الأظهر اشتراط صحة الجمعة بادراك
ركعة منها مع الامام وهو في الفرض لك يدرك مع الامام ركعة تامة لأن السجدتين من تمامها وفي الجواهر جعل المدارك في ادراك الركعة بادراك
الامام راكعا تعويلا على الروايات الدالة على ادراك الركعة بادراك الركوع فلم يفرق بين هذه الصورة والصورة السابقة وهي ما لو سجد ولحق
بهما رافعا رأسه من الركوع وناقش فيما ذكرناه فارقا بين الصورتين بان فعل السجدة واللحوق بالامام لا يصيره مدركا لتمام الركعة معه و
فيه ان تلك الروايات أليست مسوقة لإرادة هذا المعنى بل لبيان الحد الذي ينتهى عنده ادراك الركعة كما لا يخفي على من راجعها واما المناقشة
460

المزبورة فيتوجه عليها ان المراد بتمام الركعة معه هو الاتيان بها بتمامها مأموما وقد أشرنا إلى أن التأخر عن الامام لعذر لا يبطل الايتمام فالأظهر
هو التفصيل بين الصورتين نعم بناء على حجية رواية حفص المتقدمة كما اخترناه لا يبعد دعوى استفادة عدم فوات الجمعة في الصورة الأخيرة
أيضا من تلك الرواية بالفحوى فليتأمل واما آداب الجمعة فالغسل وقد سبق الكلم فيه مفصلا في كتاب الطهارة والتنقل بعشرين ركعة زيادة عن كل
يوم بأربع ركعات تعظيما لذلك اليوم كما ورد التعليل بذلك فيما رواه الصدوق في العلل والعيون باسناده عن الفضل بن شاذان عن الرضا
عليه السلام قال انما زيد في صلاة السنة يوم الجمعة أربع ركعات تعظيما لذلك اليوم وتفرقة بينه وبين سائر الأيام ويدل على استحباب زيادة الأربع
ركعات عن سائر الأيام اي التنفل بعشرين ركعة في يوم الجمعة اخبار مستفيضة سيأتي نقل جملة منها بل قد يظهر من بعض الأخبار زيادة ست
ركعات اي التنفل باثنتين وعشرين ركعة مثل صحيحة سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال سألته عن الصلاة يوم الجمعة كم
هي من ركعة قبل الزوال قال ست ركعات بكرة وست بعد ذكر اثنتي عشر ركعة وست ركعات بعد ذلك ثماني عشرة ركعة وركعتان بعد
الزوال فهذه عشرون ركعة ركعتان بعد العصر فهذه ثنتان وعشرون ركعة وربما يظهر من بعض الأخبار ان النافلة في يوم الجمعة أيضا كغيره
من الأيام ست عشرة ركعة مثل صحيحة سليمان بن خالد قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام النافلة يوم الجمعة قال ست ركعات قبل زوال الشمس و
ركعتان عند زوالها والقراءة في الأولى بالجمعة وفي الثانية بالمنافقين وبعد الفريضة ثماني ركعات وحيث إن الحكم استحبابي لا يتحقق المعارضة
بين مثل هذه الأخبار فإنه ينزل ما فيها من الاختلاف من حيث القلة والكثرة على اختلاف مراتب المطلوبية كما ربما يشهد لذلك صحيحة سعيد الأعرج قال
سألت أبا عبد الله (ع) عن صلاة النافلة يوم الجمعة فقال ست عشرة ركعة قبل العصر ثم قال وكان علي (ع) يقول ما زاد فهو خير وقال إن شاء رجل ان يجعل منها ست ركعات في صدر النهار وست ركعات نصف النهار ويصلي الظهر ويصلي معها أربعة ثم يصلى العصر ويجوز تقديم هذه النوافل
جميعها على الزوال في اي ساعة من النهار ولو في صدر النهار كما يدل عليه رواية عمر بن حنظلة عن أبي عبد الله (ع) قال صلاة التطوع يوم الجمعة ان
شئت من أول النهار وما تريد ان تصليه يوم الجمعة فان شئت عجلته فصليته من أول النهار اي النهار شئت قبل ان تزول الشمس وخبر زريق
عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان ربما يقدم عشرين ركعة يوم الجمعة في صدر النهار فإذا كان عند زوال الشمس اذن وجلس جلسة ثم أقام و
صلى الظهر وكان لا يرى صلاة عند الزوال الا الفريضة ولا يقدم صلاة بين يدي الفريضة إذا زالت الشمس إلى أن قال وربما كان يصلي يوم
الجمعة ست ركعات إذا ارتفع النهار بعد ذلك ست ركعات اخر وكان إذا ركدت الشمس في السماء قبل الزوال اذن وصلى ركعتين فما
يفرغ الا مع الزوال ثم يقيم للصلاة فيصلي الظهر ويصلي بعد الظهر أربع ركعات ثم يؤذن ويصلي ركعتين ثم يقيم فيصلي العصر والأولى تفريقها
ستا ستا وركعتين منها عند الزوال كما ورد في جملة من الأخبار وصرح به علمائنا الأبرار ولكن الأخبار والأقوال لا يخلو عن الاختلاف
بالنسبة إلى أزمنة وقوعها كما لا يخفي على من تدبر فيها فمنها صحيحة سعد وخبر زريق المتقدمتان ومنها صحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سألت
أبا الحسن (ع) عن التطوع يوم الجمعة قال ست ركعات في صدر النهار وست قبل الزوال وركعتان إذا زالت وست ركعات بعد الجمعة و
خبره الاخر قال قال أبو الحسن (ع) الصلاة النافلة يوم الجمعة ست ركعات بكرة وست ركعات صدر النهار وركعتان إذا زالت الشمس ثم صل
الفريضة ثم صلى بعدها ست ركعات وصحيحة يعقوب بن يقطين عن العبد الصالح (ع) قال سئله عن التطوع في يوم الجمعة قال إذا أردت ان تتطوع في
يوم الجمعة في غير سفر صليت ست ركعات ارتفاع النهار وست ركعات قبل نصف النهار وركعتين إذا زالت الشمس قبل الجمعة وست ركعات بعد الجمعة
ورواية مروان بن خارجة قال قال أبو عبد الله اما انا فإذا كان يوم الجمعة وكانت الشمس من المشرق بمقدارها ومن المغرب في وقت صلاة العصر صليت
ست ركعات فإذا ارتفع النهار صليت ستا فإذا زاغت أو زالت صليت ركعتين ثم صليت الظهر ثم صليت بعدها ستا وعن مستطرفات السرائر نقلا من كتاب
حريز عن أبي بصير قال قال أبو جعفر (ع) ان قدرت ان تصلي يوم الجمعة عشرين ركعة فافعل ستا بعد طلوع الشمس وستا قبل الزوال إذا تعالت الشمس و
افصل بين كل ركعتين من نوافلك بالتسليم وركعتين قبل الزوال وست ركعات بعد الجمعة وخبر أحمد بن محمد بن أبي نصر المروى عن قرب الإسناد عن أبي
الحسن (ع) قال النوافل في يوم الجمعة ست ركعات بكرة وست ركعات ضحوة وركعتين إذا زالت وست ركعات بعد الجمعة وما في هذه الأخبار من
الاختلاف يحتمل ان يكون منشأه اختلاف جهات الفضل أو مبينا على التوسعة والتخيير مع أن المقام مقام المسامحة فلا حاجة لنا إلى البحث عن
جهات التأويل والترجيح والتكلف في ارجاع بعضها إلى بعض بعد وضوح ان العمل بكل منها حسن ولكن ظاهر المصنف (ره) وغيره بل ربما نسب إلى
المشهور استحباب تقديم الجميع على الزوال والتفريق بينها بان يكون ست منها عند انبساط الشمس وست عند ارتفاعها وست قبل الزوال و
ركعتان عند الزوال اي عند قيام الشمس قبل ان يتحقق الزوال كما هو صريح غير واحد منهم مع أن شيئا من الروايات المزبورة الواردة في كيفية
التفريق لا يساعد على هذه الكيفية فإنه ورد في جل تلك الأخبار ست ركعات بعد الجمعة أو بعد الظهر كما في بعضها وفي صحيحة سليمان بن خالد
ثماني ركعات بعد الفريضة ربما يتكلف في تطبيق صحيحة سعد على هذا التفصيل وفيه ان غاية ما يمكن ادعائه انما هو في باء الصحيحة عنه
461

لا صحة الاستدلال بها عليه ولعلهم استنبطوا هذه الكيفية من مجموع الأخبار وغيرها من القرائن الخارجية ككراهة التنفل بعد العصر وبين الطلوعين
واستحباب الجمع بين الصلاتين وما دل على أفضلية تقديم النافلة يوم الجمعة على الفريضة كصحيحه علي بن يقطين عن أبيه قال سألت أبا الحسن (ع) عن النافلة التي
تصلي يوم الجمعة وقت الفريضة قبل الجمعة أفضل أو بعدها قال قبل الصلاة بضميمة النصوص المستفيضة الدالة على أفضلية البدأة بالفريضة بعد تحقق
الزوال ولكنك خبير بعدم صلاحية شئ مما ذكر لرفع اليد عن ظواهر النصوص الخاصة المصرحة بتأخير الست عن الجمعة والروايات المستفيضة الأدلة على أن
وقت العصر في يوم الجمعة وهو وقت الظهر من سائر الأيام التي ربما تمسكوا بها الاستحباب الجمع غير منافية لذلك فان وقت الظهر من سائر الأيام بعد
الزوال بقدم أو قدمين لمكان النافلة ولعل الحكمة فوضع الست صيرورتها مع الجمعة ثماني بعدد نافلة الظهر التي جعل لها قدم أو قدمان في سائر الأيام
وكيف كان فالقول باستحباب الست بعد فرض الظهر كما حكى عن السيد وابن أبي عقيل والجعفي وجمع من الأصحاب أوفق بظواهر الأخبار والله العالم
ولو اخر النافلة اجمع إلى بعد الزوال جاز ولكن الأفضل (ح) تأخيرها عن الفريضة كما يدل عليه خبر سليمان بن خالد قال قلت لأبي عبد الله (ع) اقدم يوم
الجمعة شيئا من الركعات قال نعم ست ركعات قلت فأيهما أفضل اقدم الركعات يوم الجمعة أم أصليها بعد الفريضة قال تصليها بعد الفريضة أفضل و
خبر عقبة بن مصعب قال سألت أبا عبد الله (ع) فقلت أيما أفضل اقدم الركعات يوم الجمعة أو أصليها بعد الفريضة قال بل تصليها بعد الفريضة فان مقتضى
الجمع بينهما وبين غيرهما من الأخبار المزبورة هو حمل هذين الخبرين على إرادة ما بعد الزوال بل قد يستشعر ذلك من السؤال الواقع في الخبرين فإنه مشعر بإرادته
في الوقت الصالح لكليهما وأفضل من ذلك تقديمها موزعا لها على حسب ما عرفت وقد عرفت انه ان صلى بين الفرضين ست ركعات جاز بل لا يبعد الالتزام
بان هذا هو الأفضل لاستفاضة النصوص بذلك وسلامتها عن معارض مكافؤ والله العالم وان يباكر المصلي إلى المسجد الأعظم الذي تصلي فيه
الجمعة ويدل عليه خبر جابر قال كان أبو جعفر (ع) يبكر إلى المسجد يوم الجمعة حين تكون الشمس قدر رمح فإذا كان شهر رمضان يكون قبل ذلك وكان
يقول إن لجمع شهر رمضان على جميع ساير الشهور فضل كفضل رمضان على سائر الشهور ويدل أيضا على استحباب السبق خبر محمد بن سلم عن أبي جعفر (ع)
قال إذا كان يوم الجمعة نزل الملائكة المقربون معهم قراطيس من فضة وأقلام من ذهب فيجلسون على أبواب المسجد على كراسي من نور فيكتبون
الناس على منازلهم الأول والثاني حتى يخرج الامام فإذا خرج الامام طووا صحفهم ولا يهبطون في شئ من الأيام الا يوم الجمعة يعني الملائكة
المقربين وينبغي ان يكون السبق إلى المسجد بعد ان يحلق رأسه ويقص أظفاره ويأخذ من شاربه ولكن ليس شئ منها شرطا في استحبابه وفي المدارك
قال في شرح العبارة اما استحباب حلق الرأس فلم أقف فيه على اثر وعلله في المعتبر بأنه يوم اجتماع بالناس فيجتنب ما ينفر واما استحباب قص الأظفار
والاخذ من الشارب فيدل عليه صحيحة حفص بن البختري عن أبي عد الله (ع) قال اخذ الشارب والأظفار من الجمعة إلى الجمعة أمان من الجذام وفي رواية
أخرى له عنه (ع) اخذ الشارب والأظفار وغسل الرأس بالخطمي يوم الجمعة ينفي الفقر ويزيد في الرزق وروي عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال من اخذ من
شاربه وقلم من أظفاره وغسل رأسه بالخطمي يوم الجمعة كان كمن أعتق نسمة انتهى أقول ولعل فتوى المصنف (ره) وغيره باستحباب حلق الرأس و
كونه من الزينة المحبوبة يوم الجمعة كاف في الالتزام به وأن يكون على سكينة ووقار ومطيبا لابسا أفضل ثيابه كما يدل عليه رواية هشام بن الحكم قال
قال أبو عبد الله (ع) ليتزين أحدكم يوم الجمعة يغتسل ويتطيب ويسرح لحيته ويلبس أنظف ثيابه وليتهيأ للجمعة وليكن عليه في ذلك اليوم السكينة و
الوقار وليحسن عبادة ربه وليفعل الخير ما استطاع فان الله يطلع على الأرض فيضاعف الحسنات وخبر زرارة عن أبي عبد الله (ع) قال لا تدع الغسل
يوم الجمعة فإنه سنة وشم الطيب والبس صالح ثيابك وليكن فراغك من الغسل قبل الزوال فإذا زالت فقم وعليك السكينة والوقار في المسالك
السكينة في الأعضاء بمعنى اعتدال حركاتها والوقار في النفس بمعنى طمأنينتها وثباتها على وجه يوجب الخشوع والاقبال على الطاعة وان يدعو امام
توجهه إلى المسجد بما رواه أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال ادع في العيدين ويوم الجمعة إذا تهيأت للخروج بهذا لادعاء تقول اللهم من تهيأ
وتعبأ واعد واستعد لوفادة إلى مخلوق رجاء رفده وطلب نائله وجوائزه وفواضله ونوافله فاليك يا سيد وفادتي
وتهيأتي وتعبيتي واعدادي
واستعدادي رجاء رفدك وجوائزك ونوافلك فلا تخيب اليوم رجائي يا من لا يخيب عليه سائل ولا ينقصه نائل فإن لم اتك اليوم بعمل صالح قدمته
ولا شفاعة مخلوق رجوته ولكن اتيتك مقرا بالظلم والإسائة لا حجة لي ولا عذر فأسئلك يا رب ان تعطيني مسئلتي وتقلبني برغبتي ولا تردني نحوها
ولا خائبا يا عظيم يا عظيم أرجوك للعظيم أسئلك يا عظيم ان تغفر لي العظيم لا إله إلا أنت اللهم صل على محمد وال محمد وارزقني خير هذا اليوم الذي
شرفته وعظمته وتغسلني فيه من جميع ذنوبي وخطاياتي وزدني من فضلك انك أنت الوهاب وينبغي ان يكون الخطيب بليغا مراعيا لما يقتضيه الحال
بالعبارات الفصيحة الخالية عن التعقيد فان للكلام البليغ اثرا بينا في النفوس مواظبا على الصلوات في أول أوقاتها وعلى الائتمار بما امر به والانزجار
عما نهي عنه ليكون له وقع في النفوس فتكون موعظته أوقع في القلوب وأبلغ في حصول ما هو الغرض من شرع الجمعة والاجتماع ويكره له الكلام
في أثناء الخطبة بغيرها لانفصام نظام الخطبة الموجب للوهن في الابلاغ والانذار ولانتظار المأمومين الذين يسأمون ولا يخلون غالبا
عن حاجات ربما تفوت لطول المكث بل ربما قيل بالحرمة ولعله لتنزيلها منزلة الصلاة في بعض الأخبار وقد عرفت ضعفه فيما سبق بل قد يتأمل
462

في كراهته أيضا فضلا عن الحرمة فان ما ذكرناه وجها لها غير ناهضة باثباتها فليتأمل ويستحب ان يتعمم شتاء كان أو قائضا ويرتدي ببرد يمنة
كما يشهد له صحيحة عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (ع) قال إذا كانوا سبعة يوما لجمعة فليصلوا في جماعة وليلبس البرد والعمامة وليتوكأ على قوس أو عصى وليقعد
قعدة بين الخطبتين ويجهر بالقراءة ويقنت في الركعة الأولى منهما قبل الركوع وخبر سماعة قال قال أبو عبد الله (ع) ينبغي للامام الذي يخطب بالناس
يوم الجمعة ان يلبس عمامة في الشتاء والصيف ويرتدي ببرد يمنة أو عدني اليمنة كغرفة برد يمني والإضافة كما في شجر الأراك ان يكون متعمدا على شئ
من قوس أو عصى كما يدل عليه الصحيحة المتقدمة وان يسلم أولا إذا استقبل الناس لما رواه عمر بن جميع يرفعه عن علي (ع) قال من السنة إذا صعد الامام
المنبر ان يسلم إذا استقبل الناس وان يجلس امام الخطبة ما دام المؤذن مشغولا بالأذان تأسيا برسول الله صلى الله عليه وآله على ما رواه عبد
الله بن ميمون عن أبي جعفر عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا خرج إلى الجمعة قعد على المنبر حتى يفرغ المؤذنون ولا ينافيه قوله (ع) في خبر محمد بن مسلم
يخرج الامام بعد الأذان فيصعد المنبر فيخطب كما لا يخفي وقد تقدم الكلام مفصلا في بحث القراءة فيما يتعلق بقوله هنا وإذا سبق الامام
إلى قراءة سورة فليعدل إلى الجمعة وكذا في الثانية يعدل إلى سورة المنافقين ما لم يتجاوز نصف السورة الا في سورة الجحد والتوحيد وكذا في
قوله ويستحب الجهر بالظهر في يوم الجمعة فلا نطيل بالإعادة ومن يصلي ظهرا جامعا أو منفردا لدى تعذر الجمعة اما لفواتها أو اختلال شرايطها
فالأفضل ايقاعها في المسجد الأعظم كما في سائر الأيام لعموم أدلته وإذا لم يكن امام الجمعة ممن يقتدي به جاز ان يقدم المأموم صلاته على الامام ثم
يصلي معه جماعة كما كان يصنعه أبو جعفر عليه السلام على ما رواه أبو بكر الحضرمي قال قلت لأبي جعفر (ع) كيف تصنع في يوم الجمعة قال كيف تصنع أنت قلت
أصلي في منزلي ثم اخرج فاصلي معهم قال كذلك اصنع انا ويشهد له أيضا اطلاق صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال ما من عبد
يصلي في الوقت ويفرغ ثم يأتيهم ويصلي معهم وهو على وضوء الا كتب الله له خمسة وعشرين درجة ولو صلى معه ركعتين بنية الظهر الرباعية
وأتمها بعد تسليم الامام ظهرا جاز ذلك أيضا كما يدل عليه ما عن الشيخ باسناده عن زرارة عن حمران عن أبي عبد الله (ع) قال في كتاب على إذا صلوا الجمعة
في وقت فصلوا معهم ولا تقومن من مقعدك حتى تصلي ركعتين أخرتين قلت فأكون قد صليت أربعا لنفسي لم اقتد به فقال نعم وعن الكليني (ره) باسناده
عن جميل بن دراج عن حمران بن أعين قال قلت لأبي جعفر (ع) جعلت فداك انا نصلي مع هؤلاء يوم الجمعة وهو يصلون في الوقت فكيف نصنع فقال صلوا معهم
فخرج حمران إلى زرارة فقال له قد أمرنا ان نصلي معهم بصلاتهم فقال زرارة هذا لا يكون الا بتأويل فقال حمران قم حتى نسمع منه فدخلنا عليه
فقال له زرارة ان حرمان أخبرنا عنك انك امرتنا ان نصلي معهم فأنكرت ذلك فقال لنا كان علي بن الحسين (ع) يصلي معهم الركعتين فإذا فرغوا قام فأضاف
إليها ركعتين واختلف كلام المصنف (ره) في الأفضل منهما فاختار في محكي المعتبر أفضلية التقديم وذهب هيهنا إلى أنه لو صلى مع الامام ركعتين و
أتمها بعد التسلم كان أفضل ولا يخفى عليك عدم صلاحية الخبرين المتقدمين الذين هما مستند جاز المتابعة والاتمام لاثبات الأفضلية لورودهما
في مقام توهم الحظر فلا يفهم منهما أزيد من الجواز وفعل علي بن الحسين عليهما السلام لو سلمت دلالته على عدم مرجوحيته بالإضافة إلى التقديم فلا نسلم
دلالته على الأفضلية لجواز المساواة مع امكان ان يكون ذلك لضيق الوقت وعدم امكان تقديمها لأنهم بحسب الظاهر كانوا يصلون في أول الوقت
بل لعل هذا هو المراد بقوله إذا صلاة الجمعة في وقت اي في ابتداء الوقت بحيث يتعذر ان يصلي في بيته ويدركها فيكون (ح) مشعرا بان التقديم
أفضل ويجوز أيضا ان يصلى معه الجمعة ثم يصلي أربعا ظهرا كما كان يصنعه علي عليه السلام على ما في خبر زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام ان أناسا
رووا عن أمير المؤمنين (ع) انه صلى أربع ركعات بعد الجمعة لم يفصل بينهن بتسليم فقال يا زرارة ان أمير المؤمنين صلى خلف فاسق فلما سلم وانصرف قام
أمير المؤمنين (ع) فصلى أربع ركعات لم يفصل بينهن بتسليم فقال له رجل إلى جنبه يا أبا الحسن صليت أربع ركعات لم تفصل بينهن فقال إنها أربع ركعات
مشبهات وسكت فوالله ما عقل ما قال له ولو اقتصر على الركعتين اللتين صلى معه لم تجز للأصل مضافا إلى النصوص الخاصة المتقدمة الدالة
عليه ولا يعارضها الروايات الواردة في الحث على حضور جمايعهم والصلاة معهم فضلا عن عمومات اخبار التقية لعدم صلاحية شئ منها بعد تسليم دلالتها
على صحة العمل المأتي به تقية حتى مع الاخلال بشئ من أركانه كما في المقام لمعارضة النصوص الخاصة الدالة على خلافه والله العالم
قد تمت نقل مباحث الصلاة الجمعة إلى البياض بعون الله تعالى ومنه والحمد لله أولا واخرا وظاهرا وباطنا كما هو أهله ومستحقه
* (الفصل الثاني) * في صلاة العيدين الفطر والأضحى والنظر يقع فيها وفي سننها وهي واجبة مع وجود الإمام (ع) أو منصوبة بالشروط المعتبرة في
الجمعة اما وجوبها في الجملة فمما لا شبهة فيه بل لا خلف بل عن غير واحد دعوى اجماع علمائنا عليه والأصل في شرعيتها الكتاب والسنة قال الله تعالى قد
أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى في الصافي عن القمي لقد أفلح من تزكى قال زكاة الفطرة إذا اخرجها قبل صلاة العيد وذكر اسم ربه فصلى قال صلاة
الفطر والأضحى وفي الفقيه عن الصادق (ع) انه سئل عن قول الله عز وجل قد أفلح من تزكى قال من اخرج الفطرة قيل له وذكر اسم ربه فصلى قال
خرج إلى الجبانة فصلى وقال تعالى فصل لربك وانحر في الصافي عن تفسير العامة ان المراد بالصلاة صلاة العيدين وبالنحر نحر الهدي والأضحية اما السنة
فمنها صحيحة جميل قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن التكبير في العيدين قال سبع وخمس وقال صلاة العيدين فريضة وعنه أيضا في الصحيح قال صلاة العيدين
463

فريضة وصلاة الكسوف فريضة وخبر أبي اسامة عن أبي عبد الله (ع) قال صلاة العيدين فريضة وصلاة الكسوف فريضة وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله (ع)
قال إذا أردت الشخوص في يوم عيد فانفجر الصبح وأنت في البلد فلا تخرج حتى تشهد ذلك العيد وعن الفقه الرضوي قال وصلاة العيدين فريضة واجبة
مثل صلاة يوم الجمعة واما صحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع) قال صلاة العيدين مع الامام سنة وليس قبلهما ولا بعدهما صلاة ذلك اليوم إلى الزوال
فلا بد من حملها على ما لا ينافي ما عرفت وعن الشيخ انه حمله على أن المراد بالسنة ما علم وجوبها منها لا من القران أقول ويحتمل ان يكون المراد بها ما يقابل
البدعة فالمقصود بالرواية بيان انها شرعت مع الامام لا منفردا ولكن هذا انما هو على تقدير التمكن والا فستعرف شرعيتها منفردا لدى التعذر واما
اشتراط وجوبها بحضور الامام أو منصوبه فهذا هو المشهور بين الأصحاب بل عن الذخيرة عدم ظهور مصرح بالوجوب في زمن الغيبة بل عن الروض وشرح
الألفية الاجماع على انتفائه وعن الانتصار والناصريات والخلاف والمعتبر والمنتهى والنهاية والتذكرة وغيرها الاجماع أو في لخلاف في اشتراط
وجوبها بشروط الجمعة التي منها السلطان العادل لديهم خلافا لما نسب إلى جماعة من متأخري المتأخرين من القول بوجوبها في زمان الغيبة أيضا
على الجامع دون المنفرد وعن المحدث المجلسي في البحار الميل إليه ويظهر من المدارك وغيره أيضا تقويته واختاره صريحا في الحدائق بل نسبه إلى كل
من قال بوجوب الجمعة عينا في زمن الغيبة وصرح المحدث المجلسي في زاد المعاد بوجوبها جماعة مع الفقيه واستحبابها منفردا لدى تعذره و
استدل للمشهور بالمعتبرة المستفيضة المصرحة باعتبار الامام بدعوى ظهورها في امام الأصل منها صحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع) لا صلاة يوم الفطر والأضحى
الا مع امام عادل وصحيحته الأخرى عنه أيضا قال من لم يصل مع الامام في جماعة يوم العيد فلا صلاة له ولا قضاء عليه وصحيحته الثالثة قال
قال أبو جعفر (ع) ليس يوم الفطر والأضحى اذان والإقامة إلى أن قال ومن لم يصل مع امامه في جماعة فلا صلاة له ولا قضاء عليه وصحيحة ابان عن
زرارة عن أحدهما (ع) قال انما صلاة العيدين على المقيم ولا صلاة الا بامام وصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عن الصلاة يوم الفطر والأضحى فقال
ليس صلاة الا مع الامام وخبر معمر بن يحيى عن أبي جعفر (ع) قال لا صلاة يوم الفطر والأضحى الا مع امام وموثقة سماعة عن أبي عبد الله (ع) قال لا صلاة
في العيدين الا مع الامام فان صليت وحدك فلا تأس وموثقته الأخرى أيضا عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له متى نذبح قال إذا انصرف الامام
قلت فإذا كنت في ارض ليس فيها امام فاصلي بهم جماعة قال إذا استقلت الشمس وقال لا بأس ان تصلي وحدك ولا صلاة الا مع امام ونوقش
في الاستدلال بان الظاهر أن المراد بالامام هنا امام الجماعة لا امام الأصل كما يظهر من تنكير لفظ الامام واشعار ما في بعضها من لفظ الجماعة
ومقابلتها بالمنفرد في بعضه ويدفعه ان الرواية الأخيرة كالنص في إرادة الامام المنصوب بل وكذا سابقتها وهي موثقة سماعة الأولى مع أن
لفظ الامام في هذه الموثقة كبعض الأخبار المتقدمة معرف باللام ولا يصح حملها على الحبس إذ لو أريد بقوله (ع) لا صلاة في العيدين لا مع الامام الصلاة
جماعة لنا قض قوله فان صليت وحدك فلا بأس ولا يصح حمله على نفي الصلاة الواجبة أو الكاملة مع مطلق الامام اما الأخير فلاستلزامه استحبابها جماعة مع
الامام وهو خلاف النص والاجماع واما الأول وهو حمله على إرادة انه لا صلاة وجوبا الا مع مطلق الامام اي جماعة ولو بان يام غيره فلمنافاته لقوله
فان صليت وحدك فلا بأس لأن وجوبها ليس مشروطا بإرادة فعلها جماعة بل لدى التمكن منه يجب مطلقا لا يجوز الاخلال به والصلاة وحده وتنزيل
قوله (ع) فان صليت وحدك على صورة التعذر من أن يصلي جماعة مع أنه تنزيل على فرض بعيد ينافيه تصريحه في موثقته الأخيرة بتمكنه من أن يصلي جماعة
مع أن شيئا من مثل هذه المحامل لا يرفع التهافت بين الكلامين المتصلين المتناقضين في الصورة فالمراد بالامام في الموثقتين بل وكذا في سائر الأخبار
بحسب الظاهر ليس الا الامام بالحق فالغرض بهذه الروايات على الظاهر هو التعريض على ما كان متعارفا في تلك الاعصار من الاجتماع والصلاة مع الفاسق
فلم يقصد بها بيان اشتراط كونها جماعة في مقابل المنفرد بل بيان اشتراط كونها مع الامام في مقابل الصلاة مع غير الامام ويفهم من وقوع التصريح بنفي
البأس عن الاتيان بها وحده وانه لم يقصد بقوله لا صلاة الا مع الامام نفي مطلق المهية بل نفيها على النهج المعهود في الشريعة وهو كونها بحيث يجب على
عامة المكلفين الغير المعذورين الحضور إليها واطلاق نفي البأس عن الصلاة وحده مع كونه مشروطا بتعذر الصلاة مع الامام جار مجرى العادة في ذلك
الزمان كما هو واضح والحاصل ان هاتين الروايتين ليستا مسوقتين لبيان شرطية الجماعة بل كونها مع الامام نعم في صحيحة زرارة الثانية والثالثة
وقع التنبيه عل شرطية الجماعة أيضا واطلاق الرخصة في فعلها منفردا في الموثقة الأولى جار مجرى المتعارف في تلك الاعصار من انتفاء شرط الوجوب
وهو الصلاة جماعة مع الامام كما هو مورد الموثقة الثانية المفروض فيها تمكنه من الصلاة جماعة مع غير
الامام فالانصاف عدم قصور الأخبار عن
إفادة المدعى ويؤيده أيضا بعض ما تقدم عند التكلم في شرطية للجمعة من دعاء الصحيفة وغيره وربما يؤيده أيضا خبر عبد الله بن دينار عن أبي جعفر (ع)
قال يا عبد الله ما من يوم عيد للمسلمين أضحى ولا فطر الا ويجدد الله لآل محمد عليه وعليهم السلام فيه حزنا قال قلت ولم قال إنهم يرون حقهم في أيدي
غيرهم ويؤيده أيضا الاستئذان في فعلها من أمير المؤمنين (ع) في صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال قال الناس لأمير المؤمنين (ع) الا تخلف رجلا يصلى في
العيدين فقال لا أخالف السنة هذا كله مع أن أدلة وجوبها قاصرة عن اثباته في محل الكلام لأنها قضايا طبيعية غير مسوقة الا بيان أصل المشروعية
والوجوب واما ان شرطها كونها في جماعة أو مع الامام أو ان وجوبها مطلق غير مشروط بشئ فليس ملحوظا في هذه الأخبار فليس لها اطلاق من
464

هذه الجهة كي يصح التمسك بها لنفي الاشتراط نعم ورد الامر المطلق بفعلها في بعض الأخبار ولكنه ليس للوجوب كصحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله (ع)
قال من لم يشهد جماعة الناس في العيدين فليغتسل وليتطيب بما وجد وليصل وحده كما يصلي في جماعة إذا الجماعة شرط في وجوبها نصا واجماعا فالامر
بان يصلى وحده في هذه الرواية ليس الا للاستحباب ويستشعر من سوق التعبير في هذه الصحيحة جواز ترك حضور الجماعة اختيار مع أن هذا لا يجوز على تقدير
كونها مع الامام فالظاهر جرى هذه الصحيحة أيضا مجرى المتعارف في ذلك الزمان من أيتام الناس بغير الامام أو المنصوب من قبله فتلخص مما ذكرنا ان الأقوى
ما هو المشهور من اشتراط وجوبها بحضور الامام أو منصوبه واما اعتبار سائر الشرائط المعتبرة في وجوب الجمعة كما هو ظاهر المتن وغيره بل عن غير واحد
دعوى الاجماع عليه فهو أيضا مما لا ينبغي التأمل فيه فان شرط وجوب الجمعة بعد فرض وجود المنصوب لدى التحقيق منحصر في الجماعة والعدد والحضور
والذكورة والبلوغ والحرية والسلامة من المرض والجنون والعمى وان لا يكون بينه وبينها أزيد من فرسخين وهذه الشرائط معتبرة في وجوب العيدين أيضا
جزما واما الخطبتان والوحدة فهما من شرايط الصحة في الجمعة لا الوجوب كما تقدمت الإشارة إليه في المحلة فوقوع التردد من بعض أو الخلاف في اعتبارهما في
العيدين لا يوهن ما ادعى في كلمات غير واحد من الاجماع على اعتبار شرايط الجمعة في وجوب صلاة العيدين وكيف كان فيدل على اعتبار الجماعة في
وجوبها مضافا إلى الاجماع وصحيحتي زرارة المتقدمتين الدالتين على أن من لم يصل مع الامام في جماعة فلا صلوه له ولا قضاء عليه رواية محمد بن قيس
عن جعفر بن محمد (ع) قال انما الصلاة يوم العيد على من خرج إلى الجبانة ومن لم يخرج فليس عليه صلاة وخبر هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد الله (ع) قال
الخروج يوم الفطر ويوم الأضحى إلى الجبانة حسن لمن استطاع الخروج إليها فقلت أرأيت ان كان مريضا لا يستطيع ان يخرج أيصلي في بيته قال لا وربما
يستشعر من هذه الرواية بل من سابقتها جواز الترك حيث جعل فيه بظاهرها الخروج إلى الجبانة شرطا للوجوب مع كونه مقدمة للواجب على
تقدير اجتماع سائر الشرائط فلعله لأجل جرى هذه الأخبار ونظائرها مجرى المتعارف في تلك الاعصار من عدم كون امامهم منصوبا من قبل الامام الأصل
بل من قبل الجائر فلم يكن شرط الوجوب حاصلا كي يجب الخروج إليها ولكن قد تجب الصلاة معهم بعد الخروج من باب التقية فليتأمل ويدل على
شرطية العدد صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (ع) أنه قال في صلاة العيدين إذا كان القوم خمسة أو سبعة فإنهم يجمعون الصلاة كما يصنعون يوم الجمعة
وعن كتاب دعائم الاسلام مرسلا عن جعفر بن محمد (ع) أنه قال في صلاة العيدين إذا كان القوم خمسة فصاعدا مع امام في مصر فعليهم ان يجمعوا الجمعة
والعيدين ونقل عن ابن أبي عقيل انه ذهب إلى اشتراط السبعة هنا مع أنه اكتفى في الجمعة بخمسة ورد بعدم المستند وأجيب عنه بان الظاهر من
كلام ابن أبي عقيل وصول المستند إليه بذلك وان لم يصل الينا حيث قال على ما نقله عنه في المختلف ولا عيد مع الامام ولا مع أمرائه في الأمصار
بأقل من سبعة من المؤمنين فصاعدا ولا جمعة بأقل من خمسة ولو كان إلى القياس لكانا جميعا سواء ولكنه تعبد من الخالق وهو كالصريح في عثوره
على مستند وكيف كان فلا تعويل عليه في مقابل ما عرفت مضافا إلى مخالفة هذا القول للاجماعات المستفيضة ان لم تكن متواترة على مساواتهما للجمعة
في الشرائط ويدل على شرطية الحضور والذكورة والسلامة من المرض جملة من الروايات التي ربما يأتي نقلها في طي المباحث الآتية فلا يهمنا
التعرض لنقلها مفصلا بعد البناء على عدم وجوبها من أصلها في زمان الغيبة مع أن شيئا منها مما لا خلاف فيه على الظاهر ولا قائل بالفصل
بين الشرايط التي ورد النص بها وغيرها واما اعتبار الوحدة فقد استدل له بأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وآله انه صلى في زمانه عيدان في بلد كما لم ينقل
انه صلى جمعتان وبصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال قال الناس لأمير المؤمنين (ع) الا تخلف رجلا يصلي العيدين فقال لا أخالف السنة و
عن دعائم الاسلام مرسلا عن علي (ع) انه قبل له لو أمرت من يصلي بضعفاء الناس يوم العيد في المسجد قال اكره ان أسن سنة لم يسنها رسول الله صلى الله عليه وآله
وعن البحار نقلا من كتاب عاصم بن حميد عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول قال الناس لعلي (ع) الا تخلف رجلا يصلي بضعفاء الناس في
العيدين قال لا أخالف السنة وعن المحاسن بهذا المضمون روي عن رفاعة قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول الحديث ونوقش بعدم دلالتها على
الحرمة ومن ثم توقف العلامة في التذكرة والنهاية على ما حكى عنهما في اشتراط هذا الشرط وفي المدارك بعد ان ناقش في الدليلين المزبورين بما سمعت
ونقل عن العلامة التوقف فيه قال وهو في محله أقول لو قلنا بوجوبها عينا على كل مكلف من غير اشتراط بحضور الامام أو منصوبه كما مال إليه في
المدارك لكان له وجه ولكنك عرفت اشتراطه بحضور الإمام (ع) أو منصوبة فلا يبقى (ح) مجال للخدشة في دلالة الأخبار على المدعى ضرورة ان سائر الأئمة (ع) كالأمير على
لم يخالفوا السنة فلم ينصبوا شخصين لإقامتها في مكانين من بلد وبدونه ينتفي شرط الوجوب واما ان ترك النصب كان لازما عليهم أم جائزا فليس
علينا الفحص عنه هذا مع أن عمدة المستند لاثبات هذه الشرط وغيره من الشرائط المعتبرة في الجمعة هو الاجماع المستفيض نقله المعتضد بما يستشعر من جملة
من الأخبار من اتحاد شرائطهما مثل تعليل ان صلاة الجمعة ركعتا كما في الخبر مروي عن العيون والعلل بان الجمعة عيد وصلاة العيد ركعتان وما ورد
من أنه ينبغي للامام عند اجتماع العيد والجمعة ان يأذن الناس بعد صلاة العيد في ترك حضور الجمعة ان يقول لهم في خطبة الأولى انه قد اجتمع
لكم عيدان فانا أصليهما فمن كان مكانه قاصيا فأحب ان ينصرف عن الاخر فقد اذنت له إلى غير ذلك من الشواهد والمؤيدات المشعرة بأنهما من سنخ واحد
من حيث الشرائط ومن هنا قد يقوي في النظر وجوب الخطبتين في العيدين أيضا كالجمعة وان لم يكن في الروايات التي وقع التعرض لهما التصريح بوجوبهما
465

بل التعرض لبيان محلهما وانهما في الجمعة قبل الصلاة وفي العيدين بعدهما كما في خبر الفضل المروي عن العلل والعيون عن الرضا (ع) قال انما جعلت الخطبة
يوم الجمعة في أول الصلاة وجعلت في العيدين بعد الصلاة لأن الجمعة امرا دايم إذا كثر على الناس ملوا وتفرقوا والعيد انما هو في السنة مرتين والناس
فيه ارغب إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة التي لا يهمنا التعرض لنقلها واستقصاء الكلام فيها بعد البناء على عدم وجوب أصل الصلاة فضلا عن
الخطبتين في زمان الغيبة واما كيفية الخطبتين فهي كما في الجمعة وفي محكى المعتبر عليه العلماء لا اعرف فيه خلافا الا ان الأولى المحافظة على المأثور و
قد تعرض في الجواهر لنقل خطبتي أمير المؤمنين (ع) في الفطر والأضحى المرويتين عن الفقيه بطولهما من أرادهما فليراجع وقد ظهر مما مر انه تجب هذه الصلاة
جماعة مع الامام أو منصوبه على كل من تجب عليه الجمعة ولا يجوز التخلف الا مع العذر فيجوز (ح) ان يصلي منفردا ندبا وكذا لو اختلت الشرائط سقط
الوجوب واستحب الاتيان بها جماعة وفرادى كما صرح به في المتن وغيره بل ربما نسب إلى الأكثر ففي المدارك قال اما استحباب الاتيان بها جماعة
وفرادى والحال هذه فهو اختيار الشيخ وأكثر الأصحاب وقال السيد المرتضى؟ انها تصلى عند فقد الامام واختلال بعض الشرائط على الانفراد ونقل
عن أبي الصلاح أنه قال يقبح الجمع فيها مع اختلال الشرط وقال ابن إدريس ليس معنى قول أصحابنا يصلى على الانفراد ان يصلي كل واحد منهم منفردا
بل الجماعة أيضا عند انفرادها الشرائط سنة مستحبة بل المراد انفرادها عن الشرائط وهو تأويل بعيد انتهى ما في المدارك ونقل عن ظاهر الصدوق
في المقنع وابن أبي عقيل أيضا القول بعدم مشروعية الانفراد فيها مطلقا وعن ظاهر كثير من القدماء وجماعة من المتأخرين وصريحهم القول بأنه
عند فقد الامام اختلال بعض الشرائط يصلى منفردا ولا يشرع له الجماعة ندبا واستدل للقول بعد مشروعية الانفراد بصحيحة محمد بن مسلم عن
أحدهما (ع) قال سئلته عن الصلاة يوم الفطر والأضحى قال ليس صلاة الا مع امام وما شابهها من النصوص المستفيضة الدالة على نفي الصلاة بدون
الامام وقول الصادق (ع) في خبر هارون بن حمزة الغنوي الخروج يوم الفطر ويوم الأضحى إلى الجبانة حسن لمن استطاع الخروج إليها قال أرأيت ان
كان مريضا لا يستطيع ان يخرج أيصلي في بيته قال لا وفيه انه لا بد من حمل هذه الأخبار ونظائرها على نفي الوجوب أو تقييد ما عدى الأخيرة منها
بصورة التمكن من الصلاة مع الامام جمعا بينها وبين النصوص الآتية التي هي نص في الجواز واستدل لاستحباب الاتيان بها فرادى لدى اختلال
شرائط الوجوب بصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) من لم يشهد جماعة الناس في العيدين فليغتسل وليتطيب بما وجد وليصل وحده كما يصلى في
الجماعة ورواية منصور عن أبي عبد الله (ع) قال مرض أبي (ع) يوم الأضحى فصلى في بيته ركعتين ثم ضحى وقوله (ع) في موثقة سماعة المتقدمة لا باس ان تصلي
وحدك ولا صلاة الا مع امام وهذه الموثقة بنفسها شاهدة على أن المراد بنفي الصلاة بدون امام الوارد في الروايات المستفيضة معنى لا ينافيه نفي
البأس عن أن يصلى بوحده حيث لا امام كما أنه يستفاد منها بضميمة صدرها ان المراد بالامام المذكور فيها هو الامام المنصوب كما عرفته فيما تقدم
ورواية الحلبي قال سئل أبو عبد الله (ع) عن الرجل لا يخرج في يوم الفطر والأضحى عليه صلاة وحده قال نعم وما رواه الشيخ باسناده عن
عبد الله بن المغيرة عن بعض أصحابنا قال سئلت أبا عبد الله (ع) صلاة الفطر والأضحى قال صليهما ركعتين في جماعة وغير جماعة وكبر سبعا وخمسا
والمروي عن اقبال السيد ابن طاوس عن محمد بن أبي قرة باسناده عن الصادق (ع) انه سئل عن صلاة الأضحى والفطر فقال صلهما ركعتين في جماعة و
غير جماعة وما في هذه الأخبار من الامر بفعلها وحده محمول على الاستحباب بقرينة غيرها من الروايات الدالة على شرطية حضور الامام والاجتماع
للوجوب كما عرفت مضافا إلى في لخلاف فيه على الظاهر ومما يؤيد أيضا مشروعية الاتيان بها منفردا في الجملة المستفيضة الآتية الواردة في
كيفية صلاة العيدين المشتملة على الامر بالقراءة وغيرها المشعرة بكون صلاة العيدين المطلوبة من كل أحد أولا وبالذات هي فعلها بهذه (الكيفية التي هي وظيفة من يستقل بصلاته من غير إشارة في شئ منها بكون هذه) الكيفية وظيفة
للامام لا غير فليتأمل واما الاتيان بها جماعة ندبا فقد استدل عليه قطب الدين الراوندي على ما نقل عنه بعمل جمهور الإمامية فقال فيما حكى عنه ما
لفظه من أصحابنا من ينكر الجماعة في صلاة العيد سنة بلا خطبة لكن جمهور الإمامية يصلون هاتين الصلاتين جماعة وعملهم حجة وعن الحلي صريحا دعوى
الاجماع عليه وعن ظاهر المختلف أيضا ادعائه ولعل مثل هذه الدعاوي كاف في اثبات مثله من باب المسامحة واستدل عليه أيضا بعموم قوله (ع) في صحيحة
الحلبي المتقدمة إذا كان القوم خمسة أو سبعة فإنهم يجمعون الصلاة كما يصنعون في الجمعة ويمكن الخدشة فيه بأنه لا بد من حمل هذه الصحيحة على
الجماعة الواجبة أو تخصيصها بما إذا كان الامام أو منصوبه داخلا فيهم لأن العدد غير معتبر في الجماعة المندوبة على القول بها جزما اللهم الا ان يقال إن
تنزيل الرواية على الجماعة الواجبة يستلزم تخصيصها بفرض غير واقع إذ الظاهر أنه لم يكن ينعقد الاجتماع لصلاة العيدين في عصر الصادقين (ع) بإقامة
الامام أو منصوبة فيمكن ان يكون النكتة في اعتبار العدد تأكد الاستحباب أو كونه مشوبا بنوع من التقية فليتأمل واستدل أيضا بتقرير الإمام (ع) في
موثقة سماعة المتقدمة وفيه ما ستعرف وباطلاق قوله (ع) في مرسلة ابن المغيرة وخبر أبي قرة صلهما ركعتين في جماعة وغير جماعة ونوقش فيه بورود
الاطلاق مورد حكم اخر وهو بيان عدد ركعاتها على اي تقدير فلا ينافيه اختصاص شرعية الجماعة بحال الحضور ويمكن رفعه بما تقدمت
الإشارة إليه من عدم تيسر الصلاة مع الامام أو منصوبه عادة في عصر الصادق (ع) فيلزم من عدم مشروعية الجماع ندبا عند اختلال الشرائط الوجوب
حمل قوله صلهما ركعتين في جماعة على مجرد فرض متعذر الحصول في العادة وهو لا يخلو من بعد فليتأمل واستدل المانعون عن الاتيان بها
466

جماعة بأنها نافلة فيعمها الأخبار الناهية عن الجماعة في النوافل وبمفهوم قوله (ع) في موثقة سماعة المتقدمة فان صليت وحدك فلا بأس وبعدم جوابه
بقوله نعم في موثقته الأخرى التي وقع فيها السؤال عن فعلها جماعة والاكتفاء في جوابه ببيان وقت الذبح والتصريح بعده بأنه لا بأس بان يصلي
وحده وانه لا صلاة الا بإمام فكأنه أريد بهذه الفقرة الردع عن أن يصلي بهم جماعة ببيان انه لا صلاة اي جماعة الا بامام وقد ظهر بذلك الجواب
عن الاستدلال بالتقرير الواقع في هذه الرواية للجواز فليتأمل والامر بالانفراد عند عدم شهود جماعة الناس في العيدين ابن سنان المتقدمة
والنهي في موثقة عمار عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له هل يأم الرجل باهله في صلاة العيدين في السطح أو ببيت قال لا يأم بهن ولا يخرجن وليس على النساء
خروج ولا قائل بالفرق بين الإمامة للأهل وغيره وفي الجميع نظر اما الروايات الناهية عن الجماعة في النافلة فقد علل فيها النهي بكون الجماعة فيها
بدعة وان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يصلها جماعة فهي لا تتناول ما كانت فريضة في الأصل ثم عرضها النفل كما نبه عليه غير واحد خصوصا في مثل هذه الصلاة
التي جرت السنة بفعلها جماعة بحيث صارت موقعا لتوهم كون الجماعة من مقومات ذاتها كالجمعة فمن هنا يظهر ضعف الاستشهاد بالامر بالانفراد
عند عدم شهود جماعة الناس في الصحيحة المتقدمة كما أنه قد ظهر مما مر عند التكلم في شرطية الحضور ضعف الاستشهاد بمفهوم قوله فان صليت وحدك
فلا بأس حيث أشرنا إلى أن هذه الشرطية بحسب الظاهر مسوقة لبيان شرعية فعلها الا مع الامام عند تعذر الاجماع معه كما هو الغالب في عصر صدور الأخبار
لا شرطية فعلها منفردا واما موثقتها الأخرى فيحتمل قويا ان لا يكون المقصود بما فيها من قوله فاصلي بهم جماعة الاستفهام عن جواز فعله جماعة كي يناسبه
الجواب بحرف الجواب بل حكاية الحال فيكون المقصود بهذه السؤال أيضا وهو قوله فإذا كنت في ارض (الخ) الاستفهام عن وقت الذبح إذا اتفق حضوره في قرية ليس
فيها امام بل هو يصلي بهم في وقت من أوقاتها من غير أن يكون لصلوته وانصرافه وقت مضبوط فيكون جواب الإمام (ع) ببيان وقت الذبح (ح) تقريرا لفعله وعلى
تقدير ان يكون المقصود بهذا السؤال الاستفهام عن جواز فعله كما لعله المتبادر منه فما ذكره الامام في جوابه من قوله إذا استقلت الشمس بحسب الظاهر جواب عن هذا السؤال ببيان
وقت فعله فكأنه قال في جوابه افعله بعد ارتفاع الشمس فيستفاد من هذا الجواب بضميمة سابقه ان وقت الذبح له بعد انصرافه من صلاته الواقعة في هذا الوقت
وقوله (ع) لا باس بان يصلي وحده على الظاهر مسوق لدفع توهم اختصاص شرعيتها بالجماعة فكأنه أريد بقوله (ع) بعد هذه الفقرة لا صلاة الا بامام التنبيه على أن
الجماعة الواجبة التي لا يجوز لدى التمكن منها الصلاة منفردا هي الصلاة مع الامام لا مطلقها واحتمال ان يكون المراد بهذه الفقرة نفي مشروعية الجماعة مطلق
الا بامام ان لم نقل بكونه خلاف المتبادر منه فلا أقل من في كونه أقوى من الاحتمال المزبور واما النهي الوارد في الموثقة فالظاهر كونه مسوقا لبيان عدم
مطلوبية صلاة العيد من النساء لا المنع عن إمامته بهن من حيث هي كما يشهد بذلك عطف قوله (ع) ولا يخرجن إلى اخره فهو اما لدفع توهم الوجوب أو للكراهة
وكيف كان فلا يصلح شئ ما ذكر دليلا للمنع فيمكن الاستدلال (ح) للجواز بالعمومات الواردة في الحث على الصلاة جماعة الغير القاصرة عن شمول مثل هذه الصلاة
التي جرت السنة في أصل شرعها على فعلها جماعة بحيث لولا الأخبار الدالة على جواز الاتيان بها فرادي لدى فوات الصلاة مع الامام لكانت مظنة كون
الجماعة مأخوذة في قوام مهيتها مضافا إلى دلالة الخبرين المتقدمين عليه بالتقريب المستقدم مع أن المقام مقام المسامحة فيكفي دليلا لاثباته ما سمعته من نقل عمل
جمهور الإمامية واجماعهم عليه ووقتهما ما بين طلوع الشمس إلى الزوال على المشهور بل عن التذكرة وغيره دعوى الاجماع عليه بل عن المنتهى التصريح بالاجماع
على الفوات بالزوال ويدل على أن أول وقتها من طلوع الشمس وانه لا يجوز تقديها عليه مضافا إلى الاجماع صحيحة زرارة أو حسنته قال قال أبو جعفر ليس ليوم
الفطر والأضحى اذان ولا إقامة وأذانهما طلوع الشمس إذا طلعت خرجوا ويؤيده أيضا موثقة سماعة قال سئلته عن الغدو إلى المصلي في الفطر و
الأضحى فقال بعد طلوع الشمس والمتبادر من تنزيل الطلوع منزلة الأذان الذي شرع للاعلام بدخول وقت الفرائض اليومية في الصحيحة انما هو
إرادة كونه بمنزلته في كونه اعلاما بدخول وقت هذه الصلاة فما عن كاشف اللثام وغيره من الخدشة في دلالته على المدعي من أن الشرطية قرينة على أن
الطلوع وقت الخروج لا الصلاة ففيه ان الشرطية جارية مجرى الغالب من تحقق الخروج إلى الصلاة بعد حضور وقتها فهي نظير قوله تعالى إذا نودي للصلاة
من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله والا فليس للخروج حد مضبوط حيث يحتاج إلى نصب الأذان له بل وقته يختلف باختلاف بعد المسافة وقربه كما لا يخفي
ويدل على انتهاء وقتها بالزوال صحيحة محمد بن قيس عن أبي جعفر (ع) قال إذا شهد عند الامام شاهدان انهما رأيا الهلال منذ ثلاثين يوما امر الامام بالافطار
ذلك اليوم إذا كانا شهدا قبل زوال الشمس فان شهدا بعد زوال الشمس امر الامام بافطار ذلك اليوم واخر الصلاة إلى الغد وصلى بهم وهذه الصحيح كما تدل على انتهاء وقتها
بالزوال كذلك يفهم من الجزء الأول منها بقرينة المقابلة امتداد وقتها إلى الزوال إذا المتبادر منه ليس الا إرادة انه ان ثبت الهلال قبل الزوال صلى
في ذلك اليوم ولم يؤخرها إلى الغد وما احتمله في الحدائق من كون قوله (ع) اخر الصلاة جملة مستأنفة بان يكون المراد به انه يؤخر الصلاة على
كل من التقديرين ففي غاية البعد إذ لا وقع (ح) لما فيه من التفصيل وكان مقتضاه وجوب التأخير إلى الغد حتى فيما لو كان ذلك في صدر النهار إذ
ليس المراد بما قبل الزوال خصوص الجزء القريب منه بل مطلقة المقابل لما بعده كما لا يخفي ولا يعارضها مرفوعة محمد بن أحمد قال إذا أصبح الناس
صياما ولم يروا الهلال وجاء وقم عدول يشهدون على الرؤية فليفطروا وليخرجوا من الغد أول النهار إلى عيدهم
للزوم تقييد اطلاق الخروج
من الغد بما إذا كان ذلك بعد الزوال بشهادة الصحيحة وكذا المرسل المروي عن دعائم الاسلام عن علي (ع) في القوم لا يرون الهلال فيصبحون
467

صياما حتى مضي وقت صلاة العيدين أول النهار فيشهد شهود عدول انهم رأوا من ليلتهم الماضية قال يفطرون ويخرجون من غد فيصلون صلاة
العيد أول النهار مع ما فيه وكذا في سابقه من الضعف وحكى عن الشيخ في المبسوط أنه قال وقت صلاة العيد إذا طلعت الشمس وارتفعت وانبسطت
بل ربما نسب إلى جملة من القدماء التصريح بان وقتها انبساط الشمس ولعل مرادهم وقت الفضيلة والا فهو محجوج بما عرفت وان كان قد يشهد له قوله (ع)
في موثقة سماعة المتقدمة في المسألة السابقة إذا استقلت الشمس بناء على ما استظهرناه من الرواية من كونه بيانا لوقت الصلاة لا الذبح ولكن يتعين
حمله على اراده الوقت الذي ينبغي ان يصلي بهم جماعة اي وقت الفضيلة بقرينة ما عرفت بل لعله هو المنساق إلى الذهن من نفس هذا الجواب
بقرينة المقام ولو فاتت لم تقض في المدارك قال في شرح العبارة ما لفظه اطلاق العبارة يقتضي في لفرق في الصلاة بين كونها فرضا أو نفلا و
في القوات بين ان يكون عمدا أو نسيانا وبهذا التعميم صرح في التذكرة وقال سقوط لقضاء مذهب أكثر الأصحاب وقال الشيخ في التهذيب
من فاتته الصولة يوم العيد لا يجب عليه القضاء ويجوز له ان يصلي انشاء ركعتين أوان شاء أربعا من غير أن يقصد بها القضاء وقال ابن إدريس يستحب
قضائها وقال ابن حمزة إذا فاتت لا يلزم قضائها الا إذا وصل في حال الخطبة وجلس مستمعا له وقال ابن الجنيد من فاتته والحق الخطبتين
صلاها أربعا مفصولات يعني بتسليمتين ونحوه قال علي بن بابويه الا أنه قال يصليها بتسليمة انتهى ما في المدارك وفي الجوار بعد ان ادعى
انه هو المشهور بين الأصحاب نقلا وتحصيلا سواء كانت واجبة أو مندوبة وفواتها عمدا كان أو نسيانا استدل عليه بالأصل المعتضد
بقول أبي جعفر عليه السلام في صحيح زرارة أو حسنة من لم يصل مع الامام في جماعة فلا صلاة له ولا قضاء عليه السالم عن معارضة عموم من فاتته بعد تنزيله بالاجماع
وغيره على اليومية أو على غيرها وصحيح محمد بن قيس ومرفوعه محمد بن أحمد وخبر الدعائم المتقدمة سابقا التي اغتر بها جماعة من متأخري المتأخرين فما لوا
إلى القول بمضمونها مع أنها موافقة لما روته العامة عن النبي صلى الله عليه وآله من أن ركبا شهدوا عنده صلى الله عليه وآله انهم رأوا الهلال فامرهم ان يفطروا وإذا أصبحوا ان
يغدوا إلى مصلاهم بل للمحكي عن الأوزاعي والثوري واسحق واحمد ولذا حكى عن بعضهم حملها على التقية انتهى أقول اما صحيحة زرارة مفادها
ان من فاتته الصلاة مع الامام في جماعة لم يجب عليه تداركها ولو مع بقاء وقتها فضلا عن خارجه وهذا ممالا شبه فيه فلم يقصد بهذه الرواية
القضاء المصطلح بل مطلق فعلها بعد فوات الصلاة الواجبة عليه وهي الصلاة مع الامام وهذا لا ينافي استحباب الاتيان بها منفردا ما دام بقاء
وقتها بل ولا في خارجه كذلك ولكنه يحتاج إلى مساعدة الدليل عليه وهو بالنسبة إلى الاتيان به في الوقت موجود كما عرفته فيما سبق وبالنسبة
إلى خارجه منتف فمقتضى الأصل عدم شرعية تداركها في خارج الوقت في مثل الفرض واما صحيح محمد بن قيس ومرفوع محمد بن أحمد ومرسله الدعاء ثم
مفادها انه إذا لم يثبت العيد الا بعد فوات وقت الصلاة فعلى الامام ان يؤخر الصلاة ويقيمها في وقتها من الغد وهذا مما لا دخل له بما تضمنته
الصحيحة الأولى فلا معارضة بينهما فيشكل (ح) طرح هذه الأخبار من غير معارض ومجرد موافقتها لاخبار العامة وفتاويهم غير مقتضية لذلك
اللهم الا ان يقال إن اعراض المشهور عنها أسقطها عن الاعتبار وهو لا يخلو من نظر بل منع فالقول بمضمونها كما حكى عن ظاهر بعض وصريح غيره لا
يخلو من قوة واستدل للقول بأنها تقضي أربعا بما رواه أبو البختري عن جعفر عن أبيه عن ابائه (ع) قال من فاتته صلاة العيدين فليصل أربعا وأجيب
عنه أولا بالطعن في السند وثانيا بمنع الدلالة فان الأربع لا يتعين كونها قضاء مع أن المنقول عن القائلين بهذا القول تقييده بمن أدرك الخطبتين كما سمعته في
العبارة المحكية عن المدارك فهذه الرواية بظاهرها غير منطبقة على مدعاهم وقد حكى عن الشيخ في التهذيب الجمع بين هذه الرواية وبين غيرها مما دل
على أن من لم يشهد جماعة الناس استحب له ان يصليها منفردا كما عرفته فيما سبق بالتخيير فكأنه حمل هذه الرواية على إرادة الأربع ركعات قبل ان يفوت وقت
صلاة العيد لمن فاتته الصلاة مع الامام في جماعة كما أن مراد جملة ممن عبر بوجوب قضائها أو استحبابه لمن أدرك الخطبتين انما هو القضاء بهذا المعنى
لا المعنى المصطلح والله العالم وكيفيتها ان يكبر للاحرام ثم يقرء الحمد وسورة اما وجوب تكبيرة الاحرام وقراءة الحمد فمما لا شبهة بل لا خلاف فيه على
الظاهر إذ لا صلاة بغير افتتاح ولا صلاة الا بفاتحة الكتاب مضافا إلى دلالة لاخبار الآتية عليها واما السورة ففي كشف اللثام ذكر انه يأتي
فيها ما تقدم من الخلاف أقول ولكن لم ينقل الخلاف فيه عن أحد ههنا بل في المدارك قال اجمع الأصحاب على وجوب قراءة سورة مع الحمد وانه
لا يتعين في ذلك سورة مخصوصة قاله في التذكرة ويدل عليه مضافا إلى الاجماع والعمومات خصوص خبر إسماعيل جعفي عن أبي جعفر (ع) في صلاة
العيدين قال تكبر واحدة تفتتح بها الصلاة ثم تقرء أم الكتاب وسورة ثم تكبر خمسا تقنت بينهن ثم تكبر واحدة وتركع بها ثم تقوم فتقرء أم الكتاب وسورة
تقرء في الأولى سبح اسم ربك الاعلى وفي الثانية والشمس وضحيها ثم تكبر أربعا وتقنت بينهن ثم تركع بالخامسة ويدل عليه أيضا جملة من الروايات
الواردة في بيان الكيفية المشتملة على الامر بقراءة سورة معينة فإنها مشعرة بالمفروغية من اعتبار السورة كالفاتحة فيها فما في تلك الأخبار من الامر
بقراءة سورة خاصة كما في ذيل الرواية المزبورة انما هو لبيان ما فيه الأولية والفضل لا وجوبه عينا كما يفصح عن ذلك مضافا إلى في لخلاف فيه
صحيحة جميل قال سألت أبا عبد الله (ع) عن التكبير في العيدين فقال سبع وخمس وقال صلاة العيد فريضة قال وسئلته ما يقرء فيهما قال والشمس وضحيها
وهل اتيك حديث الغاشية وأشباهما وكيف كان فالأفضل لأن يقرء الاعلى أو والشمس في الركعة الأولى وفي الثانية أيضا والشمس إذا كان
468

قد قرء في الأولى غيرها أو الغاشية لورود الامر بقراءة هذه السور كذلك في عدة اخبار وكان قد يظهر من صحيحة جميل المتقدمة ان تخصيص الغاشية والشمس
بالذكر من باب التمثيل ولكن الأولى في لتعدي عنهما الا إلى سورة الاعلى حيث ورد الامر بقرائتها بالخصوص بعد الحمد في الركعة الأولى في رواية الجعفي
المتقدمة وخبر أبي الصباح الكناني قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن التكبير في العيدين فقال اثنتي عشرة تكبيرة سبع في الأولى وخمس في الثانية فإذ أقمت
في الصلاة فكبر واحدة وتقول الشهد ان لا إله إلا الله ثم ساق التكبيرات والأدعية بعدها إلى أن قال وتقرء الحمد وسبح اسم ربك الاعلى وتكبر السابعة وتركع
وتسجد وتقوم وتقرء الحمد والشمس وضحيها الحديث وعن الفقه الرضوي أنه قال واقرء في الركعة الأولى هل اتاك حديث الغاشية وفي الثانية والشمس
وضحيها أو سبح اسم ربك الاعلى إلى أن قال وروي ان أمير المؤمنين (ع) صلى بالناس صلاة العيد فكبر في الأولى ثلاث تكبيرات وفي الثانية خمس تكبيرات وقرء
فيهما سبح اسم ربك الاعلى وهل اتيك حديث الغاشية وفي خبر معاوية بن عمار الامر بقراءة والشمس في الأولى والغاشية قال سئلته عن
صلاة العيدين فقال ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شئ وليس فيهما اذان ولا إقامة تكبر فيهما اثنتي عشرة تكبيرة تبدء فتكبر وتفتتح الصلاة ثم تقرء فاتحة
الكتاب ثم تقرء والشمس وضحيها ثم تكبر خمس تكبيرات ثم تكبر وتركع فتكون تركع بالسابعة وتسجد سجدتين ثم تقوم فتقرء فاتحة الكتاب وهل اتيك حديث
الغاشية ثم تكبر أربع تكبيرات وتسجد سجدتين وتشهد وتسلم قال وكذلك صنع رسول الله صلى الله عليه وآله الحديث ولا معارضة بين هذه الأخبار بعد كون الحكم
ندبيا لجواز كون الاختلاف منزلا على اختلاف جهات الفضيلة أو كون الجميع مشاركا في الأولوية والفضل بالإضافة إلى غيرها كما يشهد لذلك صحيحة جميل
المتقدمة الا ان العمل بالخبر الأخير بان يقرء في الأولى والشمس وفي الثانية الغاشية بقصد التأسي برسول الله صلى الله عليه وآله لعله أولى ثم يكبر بعد القراءة على الأظهر
الأشهر بل المشهور رواية وفتوى على ما في الجواهر بل عن الانتصار وظاهر الخلاف الاجماع عليه وحكى عن ابن الجنيد انه ذهب إلى أن التكبير في الأولى
قبل القراءة وفي الثانية بعدها وعن الشيخ المفيد انه يكبر للقيام إلى الثانية قبل القراءة ثم يكبر بعد القراءة ثلثا ويقنت ثلثا وما القول الأول فيدل عليه
اخبار مستفيضة منها روايتا معاوية بن عمار وإسماعيل الجعفي المتقدمتان ورواية علي بن حمزة عن أبي عبد الله (ع) وهذا القول لم يعرف مستنده في صلاة العيدين قال يكبر ثم يقرء ثم يكبر
خمسا ويقنت بين كل تكبيرتين ثم يكبر السابعة ويركع بها ثم يسجد ثم يقوم في الثانية فيقرء ثم يكبر أربعا ويقنت بين كل تكبيرتين ثم يكبر ويركع بها وخبر أبي
بصير عن أبي عبد الله (ع) قال التكبير في الفطر والأضحى اثنتي عشرة تكبيرة تكبر في الأولى واحدة ثم تقرء ثم تكبر بعد القراءة خمس تكبيرات والسابعة تركع بها ثم تقوم
في الثانية فتقرء ثم تكبر أربعا والخامسة تركع بها الحديث وصحيحة يعقوب بن يقطين قال سئلت العبد الصالح عن التكبير في العيدين اقبل القراءة أو
بعدها وكم عدد التكبير في الأولى وفي الثانية والدعاء بينهما وهل فيهما قنوت أم لا فقال تكبير العيدين للصلاة قبل الخطبة تكبير تكبيرة تفتتح بها الصلاة
ثم تقرء وتكبر خمسا وتدعو بينها ثم تكبر أخرى وتركع بها فذلك سبع تكبيرات بالتي افتتح بها ثم في الثانية خمسا تقوم فتقرء ثم تكبر أربعا وتدعو بينهن ثم
تكبر التكبيرة الخامسة وخبر محمد بن مسلم قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن التكبير في الفطر والأضحى فقال ابدء فكبر تكبيرة ثم تقرء ثم تكبر بعد القراءة خمس تكبيرات
ثم تركع بالسابعة ثم تقوم فتقرء ثم تكبر أربع تكبيرات ثم تركع بالخامسة وصحيحة محمد عن أحدهما في الصلاة العيدين قال الصلاة قبل الخطبة والتكبير بعد
القراءة سبع في الأولى وخمس في الثانية ويشهد للقول المحكي عن ابن الجنيد صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال التكبير في العيدين في الأولى سبع
قبل القراءة وفي الأخيرة خمس بعد القراءة وصحيحة إسماعيل بن سعد الأشعري عن الرضا (ع) قال سئلته عن التكبير في العيدين قال التكبير في الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة وفي الأخيرة خمس
تكبيرات بعد القراءة وصحيحة هشام بن الحكم عن أبي عبد الله (ع) في صلاة العيدين قال تصل الغداة بالقراءة وقال تبدء بالتكبير في الأولى ثم تقرء ثم تركع بالسابعة
أقول هذه الصحيحة غير أبية عن الحمل على المشهور وموثقة سماعة قال سئلته عن الصلاة يوم الفطر فقال ركعتان بغير اذان ولا إقامة وينبغي للامام ان
يصلي قبل الخطبة والتكبير في الركعة الأولى تكبر ستا ثم تقرء ثم تكبر السابعة ثم تركع بها فتلك سبع تكبيرات ثم تقوم في الثانية فتقرء فإذا فرغت من القراءة كبر أربعا
ثم تكبر الخامسة وتركع بها وخبر أبي الصباح الكناني قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن التكبير في العيدين فقال اثنتي عشرة سبع في الأولى وخمس في الثانية
فإذا قمت في الصلاة فكبر واحدة وتقول أشهد أن لا إله إلا الله ثم ساق التكبيرات والأدعية بعدها إلى أن قال وتقرأ الحمد وسبح اسم ربك الاعلى وتكبر
السابعة وتركع وتسجد وتقوم وتقرأ الحمد والشمس وضحيها وتقول الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله اللهم
أنت أهل الكبرياء تتمه كله قلته أول التكبير يكون هذا القول في كل تكبيرة حتى تتم خمس تكبيرات وأجاب الشيخ في كتابي الحديث على ما حكى عنه عن هذه الأخبار
بالحمل على التقية لأنها موافقة لمذهب بعض العامة وعن المصنف في المعتبر انه بعد نقل ذلك عنه قال وليس هذا التأويل بحسن فان ابن بابويه ذكر ذلك
في كتابه بعد ان ذكر في خطبته انه لا يودعه الا ما هو حجة لم ثم قال والأولى ان يقال فيه روايتان أشهرهما بين الأصحاب ما اختاره الشيخ أقول كون
ما اختاره الشيخ اشهر بين الأصحاب هو بنفسه من المرجحات المعتبرة كما أن أبعديتها عن التقية أيضا كذلك فالاخذ بما اشتهر بين الأصحاب وحمل ما وافق
العامة على التقية أشبه بالقواعد المقررة في باب التراجيح والله العالم ثم يقنت بالمرسوم حتى يتم خمسا ثم يكبر تكبيرة الركوع ويركع فإذا سجد السجدتين قام
بغير تكبير للقيام قبل القراءة كما في غيرها من الصلوات ويقرء الحمد وسورة والأفضل ان يقرء الغاشية أو والشمس كما عرفت ثم يكبر أربعا ويقنت بينها
أربعا اي عقيب كل تكبيرة قنوتا والتعبير بكلمة بينها لعله لمتابعة النصوص الدالة عليه والإشارة إلى ما أريد منها عن عدد القنوتات ثم يكبر خامسة
469

للركوع ويركع فيكون الزائد عن المعتاد من التكبير تسعا خمس منها في الأولى وأربع في الثانية وهي غير تكبيرة الاحرام وتكبيرتي الركوعين ومعهما يكون
المجموع اثنتي عشرة تكبيرة سبع في الأولى وخمس في الثانية وقد دلت على اعتبار هذه التكبيرات على النهج
المسطور اخبار مستفيضة ان لم تكن متواترة و
قد تقدم نقل كثير منها وهي بظاهرها تدل على وجوب التكبيرات الزائدة كما ذهب إليه السيد وابن الجنيد وابن إدريس على ما حكى عنهم بل في الحدائق وغيره
نسبته إلى الأكثر وحكى عن المفيد في المقنعة أنه قال من أخل بالتكبيرات التسع لم يكن مأثوما الا أنه يكون تاركا سنة ومهملا فضيلة وهو صريح في الاستحباب
وعن جملة من المتأخرين منهم المصنف في المعتبر وفيما يأتي من الكتاب الميل أو القول به واستدل له الشيخ في التهذيب على ما نقله في الحدائق بصحيحة زرارة
قال إن عبد الملك بن أعين سئل أبا جعفر (ع) عن الصلاة في العيدين فقال الصلاة فيما سواء يكبر الامام تكبيرة الصلاة قائما كما يصنع في الفريضة ثم يزيد في
الركعة الأولى ثلاث تكبيرات في الأخرى ثلثا سوى تكبيرة الصلاة والركوع والسجود ان شاء ثلثا وان شاء خمسا وسبعا بعد ان يلحق ذلك إلى الوتر
قال الشيخ الا ترى انه جوز الاقتصار على الثلث تكبيرات وعلى الخمس تكبيرات وهذا يدل على أن الاخلال بها لا يضر الصلاة القول وربما يؤيده أيضا بل
يستدل له بخبر عيسى بن عبد الله عن عبد الله عن أبيه عن جده عن علي (ع) قال ما كان يكبر النبي صلى الله عليه وآله في العيدين الا تكبيرة واحدة حتى أبطأ عليه لسان الحسين (ع) فلما كان ذات يوم
عيد ألبسته أمه وأرسلته مع جده فكبر رسول الله صلى الله عليه وآله فكبر الحسين حتى كبر النبي صلى الله عليه وآله سبعا ثم قام في الثانية فكبر النبي صلى الله عليه وآله وكبر الحسين حتى كبر خمسا فجعلها رسول الله صلى الله عليه وآله
ستة وثبتت السنة إلى يوم القيامة وفيه بعد الغض عن سنده ان هذا لا ينافي الوجوب وان كان بالاستحباب انسب كما في التكبيرات الافتتاحية التي ورد
فيها أيضا نظير ذلك وخبر هارون بن حمزة عن أبي عبد الله (ع) سئله عن الكبير في الفطر والأضحى قال خمس وأربع والا يضرك إذا انصرفت على وتر وعن الفقه
الرضوي انه بعد ان ذكر أولا كيفية الصلاة على نحو الروايات المشهورة قال وري ان أمير المؤمنين (ع) صلى صلاة العيد فكبر في الركعة الأولى بثلث تكبيرات
وفي الثانية بخمس تكبيرات وقرء فيهما سبح اسم ربك الاعلى وهل اتيك حديث الغاشية وروي انه كبر في الأولى بسبع وكبر في الثانية بخمس وركع بالخامسة
وقنت بين كل تكبيرتين وحكى عن الشيخ في الاستبصار انه أجاب عن الصحيحة المزبورة وما في معناها بالحمل على التقية لموافقتها لمذهب كثير من العامة وقال
ولسنا نعمل به واجماع الفرقة المحقة على ما قدمناه وملخص هذا الجواب ان اعتراض الأصحاب عن هذه الأخبار أسقطها عن الاعتبار فان تحقق ذلك فهو والا
فبشئ من الروايات المتقدمة لا يصلح لمعارضة هذه الصحيحة المعتضدة بغيرها مما عرف فان دلاله الروايات المزبورة على وجوب التكبيرات التسع الزائدة
باعتبار اشتمالها ذكر الواجبات والمستحبات على فسق واحد فسق واحد في ذاتها في غاية الضعف فضلا عن صلاحيتها لمعارضة الصحيحة التي هي صريحة في
جواز الاتيان في كل من الركعتين بالثلث والخمس والسبع وما قد يقال في الجواب عن الصحيحة بأنها لا ينفي وجوب الثلث ولا قائل به بالخصوص ففيه ان قضية
عدم القول بالفصل الحاق الثلث بالخمس والسبع في الحكم وصرف ما دل بظاهره على وجوبها إلى الاستحباب كما في الخمس والسبع لا طرح النص لأجل هذا الظاهر
كما لا يخفى على المتأمل وليست موافقة الرواية لمذهب كثير من العامة ومسوغة لطرحها من غير معارض مكافؤ كيف وجل الروايات المعتبرة موافقة لمذهب كثير من
العامة أو أكثرهم فالقول بالاستحباب تعويلا على الصحيحة المعتضدة بغيرها مما عرفت أشبه بالقواعد الا ان الاخذ بظاهر سائر الأخبار ورد علم هذه الصحيحة
إلى أهله بعد اعراض المشهور عنها ان لم يكن أقوى فهو أحوط والله العالم ويدل على اعتبار القنوت عقيب كل من التكبيرات التسع الزائدة جملة من الأخبار منها
روايتا إسماعيل بن جابر وعلي بن أبي حمزة وصحيحة يعقوب بن يقطين المتقدمات ولكن ليس في شئ منها التصريح بعدد القنوتات وانه يأتي في الأولى بالخمس
وفي الثانية بالأربع بل ورد فيها انه يقنت بين كل تكبيرتين من التكبيرات الخمس الزائدة في الأولى والأربع الزائدة في الثانية ففي رواية علي بن حمزة قال
في الركعة الأولى ثم يكبر خمسا ويقنت بين كل تكبيرتين ثم يكبر السابعة ويركع بها إلى أن قال في الثانية ثم يكبر أربعا ويقنت بين كل تكبيرتين ثم يكبر ويركع
ونحوها غيرها باختلاف في اللفظ فيشكل (ح) استفادة مشروعية القنوت بين تكبيرة الركوع وما قبلها من التكبيرات الزائدة ولكن الظاهر أن المراد بها كما
فهمه الأصحاب هو الحاق كل تكبيرة من التكبيرات الزائدة بقنوت إلى أن يكبر للركوع بان يأتي بالتكبيرات الواقعة في هذه الصلاة ولاء كما حكى القول به عن
بعض العامة بل يقنت بين كل تكبيرتين منها كما انا لو جوزنا تقديم الخمس الزائدة على القراءة في الركعة الأولى لكنا نلتزم بأنه يكبر تكبيرة الاحرام ثم يقنت ثم
يكبر ثم يقنت حتى يكبر السادسة ويقرء كما يشهد لذلك خبر الكناني المتقدمة الذي وقع التعرض لذكر الدعاء والقنوت الذي يأتي به عقيب كل تكبيرة
مفصلا ويدل عليه أيضا عموم خبر بشر بن سعيد عن أبي عبد الله (ع) قال تقول في دعاء العيدين بين كل تكبيرتين الله ربي الحديث وراية محمد بن عيسى
عن أبي عبد الله (ع) قال تقول بين كل تكبيرتين في صلاة العيدين اللهم أهل الكبرياء والعظمة الحديث وفي رواية جابر عن أبي جعفر (ع) قال كان أمير المؤمنين
إذا كبر في العيدين يقول بين كل تكبيرتين أشهد أن لا إله إلا الله الحديث وفي موثقة سماعة ينبغي ان يتضرع بين كل تكبيرتين ويدعو الله وعن بعض
النسخ وينبغي ان يقنت يدل يتضرع فلا ينبغي الاستشكال في عدد القنوتات وانها خمسة في الأولى وأربعة في الثانية وهل هي واجبة أم مستحبة
فيه خلاف وقد نسب إلى الأكثر بل المشهور القول بالوجوب بل عن الانتصار دعوى الاجماع عليه للاخر به في جملة من الروايات المزبورة وحكى عن الشيخ
في الخلاف والمصنف في المعتبر وفي ما يأتي من الكتاب وابن سعيد والفاضل في التحرير القول بالاستحباب واستدل له بالأصل المعتضد يخلو عدة من
الروايات الواردة في بيان الكيفية عنه وعدم نصوصية ما نعرض له في الوجوب بل عدم ظهورها فيه أيضا بعد شهادة سوقها يتعلق الفرض ببيان ما هو أعم من
470

الواجب والمندوب وخصوص موثقة سماعة التي وقع فيها التعبير بلفظ ينبغي الظاهر في الاستحباب وربما يؤيده استحباب التكبير ان قلنا به فان من
المستبعد الالتزام بوجوبه مشروطا بفعل التكبيرات التي امر باتيان القنوت بينها حيث إن مرجعه لدى التحليل إلى مبطلية الاتيان بالتكبيرات ولاء وهو في
غاية البعد ولكن مع ذلك كله القول بوجوب القنوت أيضا كالتكبيرات الزائدة ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه
أحوط ولا يجب فيه ذكر مخصوص كما
يدل عليه صحيحة محمد بن مسلم عن أحدها (ع) قال سئلته عن الكلام الذي يتكلم به بين التكبيرات في العيدين فقال مما شئت من الكلام الحسين وقضية الجمع بينها
وبين الروايات المتضمنة الأذكار وأدعية خاصة حمل تلك الأخبار على كون ما تضمنته من أفضل افراد الواجب كما يؤيد ذلك أيضا اختلاف الروايات
في القنوت المرسوم عنهم (ع) وربما يظهر من العبارة المحكية عن أبي الصلاح وجوب الاتيان بالمأثور فإنه قال فيلزمه ان يقنت بين كل تكبيرتين فيقول اللهم
أهل الكبرياء والعظمة اه وحكى عن الذكرى أنه قال فان أراد به الوجوب تخييرا والأفضلية فحق وان أراد به الوجوب عينا فممنوع انتهى وهو جيد
الا ان القنوت المذكور في العبارة المحكية عنه ليس مطابقا بجميع فقرأتها لما ورد فيما عثرنا عليه من الأخبار وكيف كان فمن جملة الأخبار الواردة عنهم في
القنوت في هذه الصلاة خبر محمد بن عيسى بن أبي منصور عن أبي عبد الله (ع) قال تقول بين كل تكبيرتين في صلاة العيد اللهم أهل الكبرياء والعظمة وأهل الجود والجبروت
وأهل العفو والرحمة وأهل التقوى والمغفرة أسئلك بحق هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا ولمحمد صلى الله عليه وآله ذخرا ومزيدا ان تصلي على محمد وال محمد كأفضل
ما صليت على عبد من عبادك وصل على ملائكتك ورسلك واغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والأموات اللهم إني
أسئلك من خير ما سئلك عبادك المرسلون وأعوذ بك من شر ما أعاذ بك منه عبادك المرسلون وعن جابر عن أبي جعفر (ع) قال كان أمير المؤمنين (ع) إذا كبر في العيدين
قال بين كل تكبيرتين أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم أهل الكبرياء وذكر الدعاء المتقدم إلى اخره مثله و
عن بشر بن سعيد عن أبي عبد الله (ع) قال تقول في دعاء العيدين بين كل تكبيرتين الله ربي ابدا والاسلام ديني ابدا ومحمد نبيي ابدا والقران
كتابي ابدا والكعبة قبلتي ابدا وعلي (ع) ولي ابدا والأوصياء أئمتي ابدا وتسميهم إلى اخرهم ولا أحد الا الله إلى غير ذلك مما رواه في الوسائل وغيره فروع
الأولى حكى عن الذكرى أنه قال يستحب التوجه بالتكبيرات المستحب تقديمها في اليومية ودعواتها سواء قلنا بان تكبير العيد قبل القراءة وبعدها وربما خطر لبعضها
سقوط دعاء التوجه ان قلنا بتقديم التكبير والا أرى له وجها لعدم المنافاة بين التوجه والقنوت انتهى وكأنه مبني على القول باستحباب السبع الافتتاحية
في كل صلاة وهو على تقدير تسليمه قد يشكل في خصوص هذه الصلاة بما في خبر فضل بن شاذان المروي عن العلل والعيون عن الرضا (ع) فان قال فلم جعل
سبع في الأولى وخمس في الأخيرة ولم يسو بينها قال لأن السنة في صلاة الفريضة ان يستفتح بسبع تكبيرات فلذلك بدء هنا سبع تكبيرات وجعل في الثانية
خمس تكبيرات لأن التحريم من التكبيرات في اليوم والليلة خمس تكبيرات ولتكون التكبيرات في الركعتين جميعا وترا وترا فان ظاهره عدم مشروعية السبع
الافتتاحية في هذه الصلاة والله العالم الثاني يستحب رفع اليدين في كل تكبيرة كما عن جملة من الأصحاب التصريح به ويدل عليه مضافا إلى
ما عرفت في محله من عموم استحبابه مع تكبير كل صلاة خصوص مرسلة يونس قال سئلته عن تكبيرة العيدين أيرفع يده مع كل تكبيرة أو يجزيه ان يرفع في أول
تكبيرة فقال يرفع يديه مع كل تكبيرة الثلث الظاهر مساواة هذه الصلاة لغيرها من الواجبات الثنائية في احكام الشك والسهو فتبطل
بالشك في عدد ركعاتها وفي الشك في اجزائها وعدد تكبيراتها وقنوتها يبني على الأقل ما لم يتجاوز محله والا يمضي في صلاته وتبطل بالاخلال بشئ من
أركانها عمدا وسهوا ولا تبطل بالاخلال بما عداها سهوا بل عليه تدارك الفائت مع بقاء محله والمضي في صلاته بعد دخوله في ركوع أو سجود حسبما عرفته
في الفريضة وحكى عن الشيخ الحكم بأنه لو فاتته التكبيرات أو بعضها قضاها بعد الصلاة واستدل له في المدارك بقوله (ع) في صحيحة ابن سنان إذا نسيت شيئا
من الصلاة ركوعا أو سجودا أو تكبيرات ثم ذكرت فاصنع الذي فاتك سهوا وقد عرفت في محله الجواب عن هذه الصحيحة وان التكبير لا يقضي فالقول بعدم
القضاء كما لعله المشهور هو الأشبه الرابع لو أدرك بعض التكبيرات مع الامام دخل معه فإذا ركع فان أمكنه الاتيان بما بقي من التكبير والقنوت و
اللحوق بالامام في الركوع ولو مخففا فلا اشكال كما أنه لا اشكال في تركهما أو ترك أحدهما واللحوق بالامام على القول بالاستحباب واما على القول
بالوجوب فالأظهر الاتيان بما بقي مخففا واللحوق بالامام في السجود ولو في السجدة الثانية أو بعد الرفع منها لما تقرر في محله من أن التخلف لتدارك الواجب
غير قادح بالمتابعة المعتبرة في صحة الجماعة فراجع الخامس مقتضي الأصل عدم تحمل الامام عن المأموم في هذه الصلاة أيضا كالفريضة ما عدى القراءة
فما عن الذكرى من احتمال تحمله الدعاء ضعيف نعم لا يجب عليه متابعته في الأدعية الخاصة بل له ان يدعو بغير دعاء الامام كما هو الشان في مطلق الأذكار الواجبة
أو المسنونة التي لا يتحملها الامام في مطلق الجماعة وسنن هذه الصلاة أو أمور منها الاصحار بها اجماعا مستفيضا نقله ان لم يكن متواترا كالنصوص
المتضمنة للفعل والقول الا بمكة في المدارك قال اجمع علمائنا وأكثر العامة على استحباب الاصحار بهذه الصلاة بمعنى فعلها في الصحراء ويدل عليه
اخبار كثيرة منها ما عن الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يخرج حتى ينظر إلى افاق السماء وقال لا يصلين يومئذ على
بساط ولا بارية وروى أيضا عن معاوية ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يخرج إلى البقيع فيصلي بالناس وروي ابن بابويه في الصحيح عن علي بن رياب عن أبي
بصير عن أبي عبد الله (ع) قال لا ينبغي ان يصلى صلاة العيد في مسجد مسقف ولا في بيت انما يصلي في الصحراء أو في مكان بارز وفي الصحيح عن الحلبي
471

عن أبي عبد الله (ع) ان أبيه (ع) انه كان إذا خرج يوم الفطر والأضحى أبي ان يؤتي بطنفسة يصلي عليها ويقول هذا يوم كان رسول الله صلى الله عليه وآله يخرج فيه حتى يبرز لآفاق
السماء ويضع جبهته على الأرض ويدل على الاستثناء المذكور مرفوعة محمد بن يحيى عن أبي عبد الله (ع) قال السنة على أهل الأمصار ان يبرزوا من
أمصارهم في العيدين الا أهل مكة فإنهم يصلون في المسجد الحرام وخبر حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه السلام قال السنة على أهل الأمصار ان يبرزوا من
أمصارهم في العيدين الا أهل مكة فإنهم في المسجد الحرام وحكى عن ابن الجنيد انه الحق به مسجد النبي صلى الله عليه وآله وهو مدفوع بفعل النبي صلى الله عليه وآله ثم إنه قد صرح
في المدارك وغيره بأنه لو كان هناك عذر من مطر أو خوف أو وحل ونحو ذلك صليت في بالمسجد حذرا من المشقة الشديدة المنافية لليسر في التكليف
وفيه ان المشقة الشديدة غير منافية للاستحباب خصوصا بعد ان ثبت شرعا وعقلا ان أفضل الأعمال احمزها وليس لعمومات أدلة نفي الحرج حكومة على
عمومات أدلة المستحبات لقد عرفت في مبحث التيمم ونظائره ان أدلة نفي الحرج لا تنفي مشروعية الغسل والوضوء الحرجين بل لزومهما فراجع والسجود
على الأرض دون غيرها مما يصح السجود عليه كما يدل عليه صحيحة الفضيل عن أبي عبد الله (ع) قال اتى أبي تجمرة؟ يوم الفطر فامر بردها وقال هذا يوم كان رسول
الله صلى الله عليه وآله يحب ان ينظر فيه إلى افاق السماء ويضع جبهته على الأرض ويستحب ان يصلى على الأرض بل يكره ان يكون تحته بساط أو بارية أو نحوهما لقوله (ع)
في صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة لا يصلين يومئذ على بساط ولا بارية وان يقول المؤذن أو غيره الصلاة ثلثا فإنه لا اذان لغير الخمس الصلوات اليومية
ويدل على ذلك صحيحة إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له أرأيت صلاة العيدين هل فيهما اذان وإقامة قال ليس فيهما اذان ولا إقامة ولكن
ينادي الصلاة ثلاث مرات في الحدائق قال ظاهر الأصحاب كما ذكره في الذكرى ان النداء بذلك ليعلم الناس بالخروج إلى المصلى لأنه اجرى مجرى
الأذان الذي يحصل به الاعلام بالوقت ومقتضى ذلك ان يكون قبل القيام للصلاة بل في أول الخروج إليها ثم نقل عن أبي الصلاح ان محله بعد القيام
إلى الصلاة فإذا قال المؤذن ذلك كبر الامام تكبيرة الاحرام ودخل بهم في الصلاة والى هذا مال بعض محققي متأخري المتأخرين أقول ولعل هذا أوفق بما
ينساق إلى الذهن من النص وفتاوي الأصحاب حيث إن المنساق منهما إقامة هذا القول مقام الأذان والإقامة التي محلهما قبل التلبس بالصلاة لا الأذان
الذي شرع للاعلام بدخول الوقت سواء كان هناك صلاة أم لم يكن ولا ينافي ذلك انسباق إرادة حضور وقت الصلاة من الامر بهذا القول بأنه
يحصل به الاعلام بحضور الوقت الفعلي لإقامتها مع الامام واما الاعلام بدخول الوقت من حيث هو فهو يتحقق بطلوع الشمس كما دل عليه قول
الباقر (ع) في الصحيح عن زرارة ليس فيهما اذان أولا إقامة اذانهما طلوع الشمس فإذا طلعت خرجوا والأشبه الالتزام بشرعيته للاعلام بحضور وقتها الفعلي
سواء قصد به تنبيه الناس حتى يخرجوا إليها أو تنبيههم لأن يتلبسوا بها مع لامام ولا يتخلفوا عنه كما أشار إليه في المدارك حيث قال والظاهر تأدى السنة
بكلام الامرين فان هذا أهو المنساق من دليل واما قيامه مقام الأذان والإقامة المشروعتين قبل الصلاة حتى للمنفرد أو لاذان الذي شرع للاعلام بدخول
الوقت ولو لم يكن هناك جماعة فلا لخروج هذين الفرضين عن منصرف النص والتقوى والله العالم وان يخرج الامام بل وغيره أيضا حافيا ماشيا على سكينة
ووقار ذاكر الله سبحانه وتعالى كما يدل على جميع ذلك بل وغيرها من السنن والآداب أيضا حديث خروج الرضا (ع) إلى صلاة العيد بأمر المأمون المروي
عن الكافي وغيره من مكتب الصدوق عن ياسر الخادم وفيه أنه قال لما حضر العيد بعث المأمون إلى الرضا (ع) يسئله ان يركب ويحضر العيد ويصلي إلى أن
قال فقال يا أمير المؤمنين ان عفيتني من ذلك فهو أحب إلي وان لم تعفني خرجت كما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين (ع) فقال المأمون اخرج كيف شئت و
امر المأمون القواد والناس ان يركبوا أو يبكروا إلى باب أبي الحسن (ع) فقال فحدثني ياسر الخادم انه قعد الناس لأبي الحسن (ع) في الطرقات والسطوح والنساء
والصبيان واجتمع القواد والجنيد على باب أبي الحسن (ع) فلما طلعت الشمس قام فاغتسل وتعمم بعمامة بيضاء من قطن القى طرفا منها على صدره وطرفا بين كتفيه و
تشمر ثم قال لجميع مواليه افعلوا مثل ما فعلت ثم اخذ بيده عكازا ثم خرج ونحن بين يديه وهو حاف قد شمر سراويله إلى نصف الساق وعليه ثياب
مشمرة فلما مشى ومشينا بين يدين رفع رأسه إلى السماء وكبر أربع تكبيرات فخيل الينا ان السماء والحيطان تجاوبه والقواد والناس على الباب وقد تهيأ و
ولبسوا السلاح وتزينوا بأحسن الزينة فلما طلعنا عليهم بهذه الصورة وطلع الرضا (ع) وقف على الباب وقفة ثم قال الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله
أكبر على ما هدنا الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام والحمد لله على ما أبلانا نرفع بها أصواتنا قال ياسر فتزعزعت مرو بالبكاء والضجيج الصياح لما
نظروا إلى أبي الحسن (ع) وسقط القواد عن دوابهم ورموا بخفافهم لما رأوا أبا الحسن (ع) حافيا وكان يمشي ويقف على كل عشر خطوات ويكبر ثلاث تكبيرات قال ياسر
فتخيل لنا ان السماء والأرض والجبال تجاوبه وصارت مرو ضجة واحدة من البكاء وبلغ المأمون ذلك فقال له الفضل بن سهل ذو الرياستين يا أمير المؤمنين
ان بلغ الرضا (ع) المصلى على هذا السبيل افتتن به الناس والرأي ان تسئله ان يرجع فبعث إليه المأمون فسئله الرجوع فدعى أبو الحسن (ع) بخفه فلبسه وركب
ورجع وان يطعم بفتح الياء وسكون الطاء مضارع طعم كعلم اي يأكل قبل خروجه في الفطر وعوده في الأضحى مما يضحى به في المدارك قال هذا الحكم
مجمع عليه بل قال في المنتهى انه قول عامة أهل العلم ويدل عليه روايات كثيرة منها رواية جراح المدايني عن أبي عبد الله (ع) قال أطعم يوم الفطر قبل ان
تصلي ولا تطعم يوم الأضحى حتى ينصرف الامام ومرسلة الفقيه قال قال أبو جعفر كان أمير المؤمنين (ع) لا يأكل يوم الأضحى شيئا حتى يأكل من أضحيته ولا
يخرج يوم الفطر حتى يطعم ويؤدي الفطرة قال وكذلك نفعل نحن وصحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع) قال لا تخرج يوم الفطر حتى تطعم شيئا ولا تأكل يوم الأضحى
472

الا من هديك وأضحيتك ان قويت عليك وان لم تقو فمعذور وموثقة سماعة عن أبي عبد الله (ع) قال الاكل قبل الخروج يوم العيد وان لم تأكل فلا بأس ويستحب
الافطار يوم الفطر بالتمر كما يدل عليه خبر أبي قرة المروي عن كتب الاقبال باسناده عن الرجل (ع) قال كل تمرات يوم الفطر فان حضرك قوم من المؤمنين فأطعمهم
مثل ذلك ورواية علي بن محمد النوفلي المروية عن الكافي والفقيه قال قلت لأبي الحسن (ع) اني أفطرت يوم الفطر على طين وتمر فقال لي جمعت بركة وسنة و
عن الفقه الرضوي والذي يستحب الافطار عليه يوم الفطر الزبيب والتمر وروي عن العالم الافطار على السكر وروي أفضل ما يفطر عليه طين قبر الحسين (ع)
وفي المدارك قال ويستحب يوم الفطر الافطار على الحلول لما روي أن النبي صلى الله عليه وآله كان يأكل قبل خروجه تمرات ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو أقل أو أكثر أقول
استفاده استحباب الافطار بمطلق الحلو مما ارسله عن النبي صلى الله عليه وآله لا يخلو من نطر ولكن قد نقل
الافتاء به في رسالة علي بن الحسين بن بابويه الذي لا يفتي بحسب
الظاهر الا بمتون الأخبار المعتبرة لديه ولعله كاف في اثبات مثله لقاعدة التسامح واما الافطار بتربة الحسين (ع) فقد دل على استحبابها خبر النوفلي والمرسل
المروي في الرضوي ولكن حيث دلت الأدلة المعتبرة على حرمة اكلها الا للاستشفاء لم يجز المسامحة فيها فيشكل (ح) اثبات جواز الافطار بها بمثل هذه
الروايات مع ما في سندها من الضعف وكونها مرمية بالشذوذ في عبائر كثير منه واحتمال كون الراوي الذي اجابه الإمام (ع) بقوله جمعت بركة وسنة
مريضا قاصدا بالافطار بها البركة والاستشفاء فالقول بالمنع عنه كما لعله المشهور مع أنه أحوط لا يخلو من قوة الله العالم وان يكبر في الفطر عقيب
اربع صلوات أولها المغرب ليلة الفطر وآخرها صلاة العيد وعن الصدوق ضم صلاة الظهرين أيضا إلى هذه الصلوات الأربع وعن ابن الجنيد ضم
النوافل أيضا وحكى عن ظاهر السيد في الانتصار القول بوجوب هذا التكبير وربما احتمل في كلامه إرادة الاستحباب المؤكد كما يؤيد ذلك ما عن
غير واحد من دعوى الاجماع على الاستحباب ويدل على المشهور رواية سعيد النقاش المروي عن الكافي قال قال أبو عبد الله (ع) لي اما ان في الفطر تكبيرا ولكنه
مسنون قال قلت وأين هو قال في ليلة الفطر في المغرب العشاء الآخرة وفي الفجر وفي صلاة العيد ثم يقطع قال قلت كيف أقول قال تقول الله أكبر الله
أكبر الله أكبر لا اله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد الله أكبر على ما هدانا والحمد لله على ما أبلانا وهو قول الله عز وجل ولتكملوا العدة يعني الصيام ولتكبروا
الله على ما هديكم وهذه الرواية بملاحظة ما فيها من الاستدراك وما في ذيلها من التصريح بوقوع هذا التكبير امتثالا للامر بالتكبير الوارد في الكتاب
كالنص في إرادة السنة بمعناها المعروف اي الاستحباب لا ما ثبت وجوبه بغير الكتاب كمالا يخفى ويدل أيضا على مشروعية ليلة الفطر ويومه
اجمالا صحيحة معاوية بن عمار أو حسنته عن أبي عبد الله (ع) قال تكبير ليلة الفطر وصبيحة الفطر كما تكبر في العشر أقول الظاهر أن المراد بالعشر هي العشر
صلوات التي ستعرف استحباب التكبير عقيبها في عيد الأضحى في سائر الأمصار واستدل للقول بالوجوب بظاهر الآية ورواية الأعمش المروية
عن الخصال عن جعفر بن محمد (ع) في حديث شرايع الدين قال والتكبير في العيدين واجب اما في الفطر ففي خمس صلوات يبدء به من صلاة المغرب ليلة الفطر
إلى صلاة العصر من يوم الفطر وهو ان يقال الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد الله أكبر على ما هدانا والحمد لله على ما أبلانا يقول
الله عز وجل ولتكبروا الله على ما هداكم وبالأضحى في الأمصار في دبر عشر صلوات يبتدء به من صلوات الظهر يوم النحر إلى صلاة الغداة يوم الثالث
وفي منى في دبر خمس عشرة صلاة مبتدء به من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الغداة يوم الرابع ويزاد في هذا التكبير والله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام
وخبر الفضل بن شاذان المروي عن العيون عن الرضا (ع) في كتابه إلى المأمون والتكبير في العيدين واجب في الفطر في دبر خمس صلوات و
يبدء في دبر صلاة المغرب ليلة الفطر وفيه ان المراد بالوجوب في مثل هذه الأخبار بحسب الظاهر هو الاستحباب المؤكد فإن اطلاق الواجب بهذا المعنى
في الأخبار شايع حتى أنه قد يقال بأنه لا ظهور ولاطلاق لفظ الواجب في إرادة المعنى المصطلح بل وكذا في كلمات القدماء من مثل السيد والشيخ وغيرهما
خصوصا بعد تصريح الشيخ في بعض كلماته المحكية عنه من أن الوجوب عندنا على ضربين ضرب يستحق تاركه الذم والعقاب وضرب لا يستحق الا اللوم و
العتاب فمن هنا قد يتأمل في دلالة كلام من نسب إليه الخلاف هيهنا وكذا فيما ستسمعه في الأضحى في مخالفة المشهور وكيف كان فمما يدل على في رادة
الوجوب بالمعنى المصطلح من هذه الأخبار خبر سعيد النقاش المتقدم وصحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سئلته عن التكبير أيام التشريق واجب
هو أم لا قال يستحب فان نسي فلا شئ عليه وهذه الصحيحة وان وردت في تكبير أيام التشريق ولكن الأدلة المزبورة ان تمت دلالتها على الوجوب فهي تدل
عليه في العيدين لا في خصوص الفطر فكلما يدل على عدم وجوبه في شئ منهما يصلح شاهدا لصرف لفظ الواجب الوراد في الأخبار المزبورة عن ظاهره
من الوجوب المصطلح ويؤيده أيضا صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال سئلته عن التكبير بعد كل صلاة فقال كم شئت انه ليس بشئ موقت وعن مستطرفات
السرائر نقلا عن جامع البزنطي نحوه الا أنه قال بدل العبارة المزبورة كم شئت انه ليس بمفروض إذ المقصود بالسؤال على الظاهر هو تكبير الفطر و
الأضحى هذا كله مع أنه لا يمكن اثبات وجوب مثل هذا التكليف العام الذي يتكرر الابتلاء به في كل سنة بمثل هذه الظواهر لقضاء العادة بان
مثل هذا التكليف لو كان واجبا نص ضروريا ولم يكن يستمر سيرة المسلمين على في لتزامهم بفعله في سائر الأزمنة والأمكنة فالقول بوجوبه ان تحقق
فهو في غاية الضعف واما ما حكى عن الصدوق من الحاق الظهرين أيضا فيدل عليه رواية الأعمش وخبر الفضل بن شاذان وما فيهما من تحديد الصلوات
بالخمس بحمل الخمس على ارادتها من الفرائض اليومية دون صلاة العيد جمعا بينهما وبين رواية سعيد وغيرهما مما هو نص في مشروعية التكبير بعد
473

صلاة العيد أيضا ويؤيده أيضا ما عن كتاب الفقه الرضوي قال وكبر بعد المغرب والعشاء الآخرة والغداة وصلاة العيد والظهر والعصر كما تكبر في
أيام التشريق الله أكبر الله أكبر الا اله الا الله أكبر الله أكبر على ما هدانا والحمد لله على ما أولانا وأبلانا والحمد لله بكرة وأصيلا انتهى مع أن المقام
من اظهر مجاري قاعدة التسامح فالقول باستحباب التكبير بعد الظهرين أيضا أشبه ولا ينافيه ظهور خبر النقاش باختصاص الاستحباب بالصلوات
الأربع خصوصا مع ما فيه من التصريح بقوله ثم يقطع لامكان الجمع بينها بالحمل على اختلاف مراتب الاستحباب كما في منزوحات البئر والله العالم و
اما ما حكى عن ابن الجنيد من ضم النوافل أيضا فلعل مستنده انه ذكر الله تعالى وهو حسن على كل حال كما ستسمع استدلاله بهذا عقيب النوافل في أيام
التشريق وسيأتي ما فيه وكذا يستحب ان يكبر في الأضحى عقيب خمس عشرة صلاة أولها الظهر يوم النحر لمن كان بمنى واخرها الفجر من اليوم الثالث
عشر وفي باقي الأمصار عقيب عشر أولها الظهر المزبور واخرها الفجر من اليوم الثاني عشر الذي هو ثاني أيام التشريق وكذا لمن كان بمنى وثفر يوم
الثاني عشر من مني ويدل عليه التحديد المزبور اخبار مستفيضة منها رواية الأعمش المتقدمة وصحيحة زرارة أو حسنة بإبراهيم بن هاشم قال
قلت لأبي جعفر (ع) التكبير أيام التشريق في دبر الصلاة فقال التكبير بمنى في دبر خمس عشرة صلاة وفي سائر الأمصار في دبر عشر صلوات وأول التكبير
في دبر صلاة الظهر يوم النحر تقول فيه الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد والله أكبر على ما هدانا الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام و
انما جعل في دبر عشر صلوات في سائر الأمصار لأنه إذا نفر الناس في النفر الأول امسك أهل الأمصار عن التكبير وكبر أهل منى ما داموا بمنى إلى النفر
الأخير وصحيحة محمد بن مسلم أو حسنته قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن قول الله عز وجل واذكروا الله في أيام معدودات قال التكبير في أيام التشريق من
صلاة الظهر من يوم النحر إلى الصلاة الفجر من اليوم الثالث وفي الأمصار عشر صلوات فإذا نفر الناس النفر الأول امسك أهل الأمصار ومن أقام بمنى فصلى
الظهر والعصر فليكبر ثم إن تحديد الوقت بما ذكر أول واخرا مما لم ينقل الخلاف فيه بيننا بل في الحدائق ادعى انه من المتفق عليه عندنا ونقل عن بعض
المتأخرين أنه قال هذا مما تفردنا به ولم يقل به أحد من العامة فان أحدا منهم لم يفرق بين من بمنى ومن بغيرها ومع هذا أوله عند أكثرهم من صلاة
الفجر يوم عرفة واخره عند الشافعي وجماعة العصر من أيام التشريق وعند أبي حنيفة وجمع منهم العصر من يوم النحر وفي قول اخر للشافعي يكبر من المغرب
ليلة النحر إلى الصبح من اخر أيام التشريق وقال جمع منهم من الظهر يوم النحر إلى الظهر يوم النفر ولهم أقوال أخر شاذة انتهى أقول لم يظهر مخالفة
القول الأخير لملا هو المعروف بيننا وكيف كان فقد ورد في اخبارنا أيضا روايات شاذة مناسبة لهذا الأقوال وقد اعرض الأصحاب عنها فيحتمل قويا
جريها مري التقية والأولى رد علمها إلى أهله بعد وضوح عدم صلاحيتها لمعارضة ما عرفت وحكى عن السيد وابن الجنيد والشيخ القول بالوجوب
اخذا بظاهر الامر الوارد في الأخبار المزبورة وفيه مع امكان ارادتهم الاستحباب المؤكد من الوجوب كما تقدمت الإشارة إليه ما عرفت من لزوم
رفع اليد عن هذا الظاهر بشهادة صحيحة علي بن جعفر وغيرها مما عرفت وعن العلامة في المختلف انه نقل عن الإسكافي القول بالوجوب عقيب
الفرائض المذكورة والاستحباب عقيب النوافل ونقل عنه انه احتج بأنه تكبير مستحب وذكر مندوب إليه فيكون مشروعا ثم أجاب عنه بما حاصله انا نسلم
ان التكبير مستحب لكن من حيث إنه تكبير لا تكبير العيد انتهى أقول ويمكن الاستدلال له بصحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سئلته عن النوافل
أيام التشريق هل فيها تكبير قال نعم وان نسي فلا بأس وموثقة عمار عن أبي عبد الله (ع) قال التكبير واجب في دبر كل فريضة أو نافلة أيام التشريق و
في رواية حفص بن غياث عن جعفر عن أبيه (ع) قال قال علي (ع) على الرجال والنساء ان يكبروا في أيام التشريق في دبر الصلوات وعلى من صلى وحده و
على من صلى تطوعا ولا يعارضها خبر داود بن فرقد قال قال أبو عبد الله (ع) التكبير في كل فريضة وليس في النافلة تكبير أيام التشريق الامكان الجمع بينهما
بحمل هذه الرواية على نفي تأكد الاستحباب فالقول باستحبابه عقيب النوافل في أيام التشريق أيضا أشبه مع أنه أوفق بما يقتضيه قاعدة المسامحة والله
العالم يقول الله أكبر الله أكبر وفي الثالثة تردد من الأصل وخلو معظم الأخبار عنها ومن ورودها في خبر النقاش على ما عن بعض نسخ التهذيب
مع التسامح والأولى بل الأحوط الاتيان بها من باب الاحتياط والقربة المطلقة لا التوظيف ثم يقول لا إله إلا الله والله أكبر والحمد لله على
ما هدانا وله الشكر على ما أولانا ويزيد في الأضحى ورزقنا من بهيمة الأنعام ولا يخفي ان الأخبار الواردة في كيفية هذا التكبير كذا كلمات
الأصحاب لا يخلو من اختلاف وهذا يكشف عن أن الاختلاف اليسير الغير المنافى تحقق مهية الأذكار المزبورة وغير قادح في حضور المطلوب
ولكن الأولى الاقتصار على خصوص الكيفيات الواردة في النصوص على سبيل التخيير من غير تصرف فيها بزيادة عاطف مثلا أو نقصه فمن جملة تلك الأخبار
رواية سعيد النقاش وخبر الأعمش وصحيحة زرارة المتقدمات وصحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال التكبير أيام التشريق من صلاة الظهر يوم النحر إلى
صلاة الفجر من اخر أيام التشريق ان أنت أقمت بمنى وان أنت خرجت فليس عليك التكبير والتكبير ان يقول الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر
ولله الحمد الله أكبر على ما هدانا الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام والحمد لله على ما أبلانا إلى غير ذلك من الأخبار التي رواها في الوسائل وغيره فلا
حاجة إلى استقصائها ويكره الخروج بالسلاح لخبر السكوني عن جعفر عن أبيه (ع) قال نهى النبي صلى الله عليه وآله ان يخرج السلاح في العيدين الا ان يكون عدو حاضر
وان ينتقل قبل الصلاة وبعدها إلى الزوال الا بمسجد النبي صلى الله عليه وآله بالمدينة فإنه يستحب ان يصلي فيه ركعتين قبل خروجه إلى الصلاة العيد في الجواهر بلا خلاف
474

يعتد به في شئ من ذلك نصا وفتوى بل في الخلاف وعن المنتهى وجامع المقاصد الاجماع على الكراهة في يوم العيد قبل الصلاة وبعدها إلى الزوال
للامام والمأموم انتهى ويدل عليه مضافا إلى ذلك ما رواه الشيخ بسند صحيح عن زرارة عن أبي عبد الله (ع) قال صلاة العيد مع الامام سنة وليس قبلها
ولا بعدها صلاة ذلك اليوم إلى الزوال وبسند اخر نحوه وزاد فان فاتك الوتر في ليلتك قضيته بعد الزوال وصحيحة حريز المروية عن التهذيب عن أبي
جعفر (ع) قال لا تقض وتر ليلتك إذا كان فاتتك حتى تصلي لا زوال في يوم العيدين وعن الفقيه رواها عن حريز عن زرارة عن أبي عبد الله مثله وظاهر هذه الأخبار
الكراهة (مط) سواء صلى العيد أم لم يصل كم صرح به بعض واستدل للكراهة أيضا بصحيحة محمد بن مسلم قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الصلاة في الفطر والأضحى قال ليس فيهما اذان ولا إقامة وليس بعد الركعتين ولا قبلهما صلاة وغير ذلك من الأخبار المستفيضة الواردة بهذه المضمون وفيه
ان المنساق من مثل هذه الأخبار إرادة نفى شرعية صلاة قبل صلاة العيد أو بعدها على سبيل التوظيف لا نفي مطلق الصلاة في هذين الوقتين من
حيث هي بل قد يتطرق هذا الاحتمال إلى الصحيحة الأولى أيضا الا ان تحديد الحكم بالزوال ووقوع ذلك اليوم ظرفا له يبعد هذا الاحتمال خصوصا
بالنظر إلى الاستدراك الواقع فيما رواه الشيخ بسند اخر من قوله فان فاتك الوتر في ليلتك (الخ) فإنه يجعله نصا في إرادة مطلق النافلة حتى قضاء
الرواتب وحكى عن ابني زهرة وحمزة انهما قالا لا يجوز التنفل قبلها وبعدها وعن أبي الصلاح أنه قال لا يجوز التطوع ولا القضاء قبل صلاة
العيد ولا بعدها حتى تزول الشمس وظاهرهم الحرمة ولكن إرادة الكراهة من مثل هذه العبائر في كلمات القدماء غير بعيدة وربما يلوح من كلام
المحقق البهبهاني في حاشية المدارك الميل أو القول بالحرمة فإنه بعد ان نقل استدلال الشارح للكراهة بصحيحة زرارة المتقدمة قال لا يخفي ان ظاهرها
في لمشروعية وعدم الجواز كما نقل عن أبي الصلاح وابن حمزة وابن البراج ثم استدل له أيضا بظاهر صحيحة الأخرى الناهية عن قضاء وتر ليلته
وسائر الروايات المصرحة بان صلاة العيدين ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما صلاة كصحيحة محمد بن مسلم وغيرها مما تقدمت الإشارة إليه والى ان
ظاهرها عدم مشروعية صلاة قبل هذه الصلاة أو بعدها على سبيل التوظيف كعدم مشروعية الإقامة فيها لا (مط) واما صحيحة زرارة فان حملناها
على إرادة بيان عدم مشروعية صلاة في يوم العيد إلى الزوال سوى صلاة العيد فلا بد من تنزيلها على نفي صلاة موقتة بذلك الوقت فيصير حالها
كما عرفت ولكنك عرفت ان حملها على إرادة هذا المعنى خلاف المنساق منها وانما المتبادر منها المنع عن فعل صلاة في ذلك الوقت فهي وان كانت
بصيغة الأخبار لكنها مستعملة بمعنى النهي وهذا وان كان ظاهره الحرمة الا ان شيوع وقوع التعبير بمثله بالنسبة إلى الأوقات المكروهة بمنعها عن هذا
الظهور خصوصا في مقابلة العمومات والاطلاقات الكثيرة التي قد يأبى بعضها عن التخصيص كقضاء الفوائت وغيرها مما عرفته في مبحث المواقيت
ولذا لم يفهم الأصحاب منها الا الكراهة فالقول بالحرمة على تقدير تحققه ضعيف واما استثناء الركعتين في مسجد النبي صلى الله عليه وآله فهو المشهور بين الأصحاب
كما صرح به بعض بل لم ينقل الخلاف فيه صريحا من أحد ويدل عليه خبر محمد بن الفضل الهاشمي المروي عن الكافي والفقيه عن أبي عبد الله (ع) قال ركعتان
من السنة ليس تصليان في موضع الا بالمدينة قال يصلي في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله في العيد قبل ان يخرج إلى المصلى ليس ذلك الا بالمدينة لأن رسول الله
فعله * (مسائل خمس الأولى) * التكبير الزائد هل هو واجب فيه تردد وقد تقدم الكلام في ذلك مفصلا وعرفت فيما تقدم ان الأشبه بالنظر
إلى ما يقتضيه الجمع بين الأخبار الاستحباب ولكن مع ذلك القول بالوجوب ان لم يكن أقوى فهو أحوط وبتقدير الوجوب هل القنوت واجب فيه
أيضا تردد كما مر الكلام فيه أيضا مفصلا وعرفت فيما مر ان القول بالوجوب فيه أيضا كالتكبير ان لم يكن أقوى فهو أحوط وان ما جزم به المصنف (ره) حيث
قال الأظهر لا لا (يخ) من اشكال وقد ظهر أيضا فيما مر شرح الحال في أنه بتقدير وجوبه هل يتعين فيه لفظ مخصوص واتضح لك ان الأظهر انه لا يتعين
وجوبا بل ندبا فراجع * (المسألة الثانية) * إذا اتفق عيد وجمعة فمن حضر العيد كان بالخيار في حضور الجمعة على المشهور كما ادعاه غير واحد بل
عن الخلاف الاجماع عليه ويدل عليه صحيحة الحلبي انه سئل أبا عبد الله (ع) عن الفطر والأضحى إذا اجتمعا يوم الجمعة قال اجتمعا في زمان علي (ع) فقال
من شاء ان يأتي الجمعة فليأت ومن قعد فلا يضره وليصل الظهر وخبر سلمة عن أبي عبد الله (ع) قال اجتمع عيدان على عهد أمير المؤمنين (ع) فخطب الناس فقال
هذا يوم اجتمع فيه عيدان فمن أحب ان يجمع معا فليفعل ومن لم يفعل ان له رخصة يعني من كان متنحيا وعلى الامام استحبابا ان يعلمهم ذلك في خطبته
كما يدل عليه خبر إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه (ع) ان علي بن أبي طالب (ع) كان يقول إذا اجتمع عيدان للناس في يوم واحد فإنه ينبغي للامام ان يقول للناس
في خطبته الأولى انه قد اجتمع لكم عيدان فانا أصليهما جميعا فمن كان مكانه قاصيا فأحب ان يتصرف عن الاخر فقد اذنت له ويؤيده أيضا الرواية المتقدمة
الحاكية لفعل أمير المؤمنين (ع) وقيل كما عن ظاهر أبي علي وبعض متأخري المتأخرين الترخيص بمن كان نائبا عن البلد كأهل السواد دفعا لمشقة
العود أو الانتظار لخبر اسحق المتقدم وكذا رواية سلمه المتقدمة بناء على كون التفسير من كلام الصادق (ع) كما هو الظاهر ويتوجه على الاستدلال بهذه
الرواية بعد تسليم كون التفسير من الامام انه يحتمل ان يكون المقصود بقوله من كان متنحيا من لم يكن حاضرا في المسجد عند انعقاد الجمعة لا من كان بعيدا عن البلد و
على تقدير ان يكون المراد به النائي عن البلد فغايته الاشعار بعدم الرخصة لغير النائي فان سوق الرواية يشهد بأن قوله (ع) من أحب ان يجتمع معنا فليفعل
توطئة لقوله (ع) ومن لم يفعل فان له رخصة وقضية التفسير المزبور في رادة العموم من كلمة الموصول في القضيتين بل خصوص النائي فغير النائي غير
475

مقصود بهذا الكلام فلا تعرض فيه لحكمه ولكنه يستشعر من قصر الإرادة على النائي عدم مشاركة غيره معه في هذا الحكم ولكن لا ينبغي الالتفات إلى
مثل هذا الاشعار في مقابل صحيحة الحلبي التي وقع فيها التصريح بالعموم مع أنه لم يعلم كون التفسير المزبور من الإمام (ع) فلعله من الراوي أو الكليني
فلا يكون حجة فليتأمل واما رواية اسحق فهي مشعرة بان الحضور والاجتماع حق للامام وله رفع اليد عن حقه فما لم يرفع اليد عن حقه ليس لأحد تركه و
لكنه يستحب له ان يأذن للقاصي في ترك الحضور بحيث لولا اذنه لكان حال القاصي حال غيره فإن لم يكن لغيره ترك الحضور بلا اذن لم يكن للقاصي أيضا
ذلك وهذا خلاف مطلب المستدل بل لم ينقل القول به من أحد فلا بد من حمله على كونه حقا غير لازم الرعاية كاذن أولياء الميت في انصراف
المشيعين أو العجزة منهم عن تشييع الجنازة وكيف كان فلا تصلح هذه الرواية أيضا لمعارضة الصحيحة المزبورة أو صرفها عن ظاهرها من الاطلاق و
كون جواز ترك الحضور حكما ثابتا بأصل لا منوطا باذن الامام فليتأمل وحكى عن القاضي والحلبيين القول بوجوب الحضور على كل من اجتمعت فيه
شرائط التكليف محتجين بان دليل وجوب الحضور في الصلاتين قطعي اي ثابت بالكتاب والسنة المتواترة وخبر الواحد المتضمن لسقوط الجمعة والحال
هذه انما يفيد الظن فلا يعارض القطع وفيه ما تقرر في محله من جواز تخصيص عموم الكتاب والسنة المتواترة بالاخبار المعتبرة وقد تلخص مما ذكر
ان القول الأول هو الأشبه الثالثة الخطبتان في العيدين بعد الصلاة بلا خلف فيه بيننا واخبارنا به ان لم يكن متواترة ففي غاية الاستفاضة منها
صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) في صلاة العيدين قال الصلاة قبل الخطبتين والتكبير بعد القراءة سبع
في الأولى وخمس في الأخيرة وكان أول من أحدثها بعد
الخطبة عثمان لما احدث احداثه كان إذا فرغ من الصلاة قام الناس ليرجعوا فلما رأى ذلك قدم الخطبتين واحتبس الناس للصلاة وخبر معاوية بن
عمار قال سئلته عن صلاة العيدين فقال ركعتان إلى أن قال والخطبة بعد الصلاة وانما احدث الخطبة قبل الصلاة عثمان وإذا خطب الامام فليقعد
بين الخطبتين قليلا الحديث إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة التي قد تقدم جملة منها في مطاوي المباحث السابقة وقد ظهر بما ذكر ان تقديمهما بدعة
قد حدثت بعد النبي صلى الله عليه وآله نعم قد يستشعر من وقوع التعبير بكلمة ينبغي في مضمرة سماعة قال سئلته عن الصلاة يوم الفطر فقال ركعتان بغير اذان ولا إقامة
وينبغي للامام ان يصلي قبل الخطبة الحديث جواز التقديم ولكن لا ينبغي الالتفات (إلى مثل هذا لاشعار في مقابل ما عرفت خصوصا بعد الالتفات) إلى ما عرفت عند البحث عن تأخير التكبيرات من عدم سلامة هذه الرواية
عن شوب التقية وكيف كان فربما استظهر من الخبرين المزبورين انه لا يجب استماعهما والا لاحتبسهم عثمان لذلك ولم يكن يحتاج في ذلك إلى مخالفة السنة بتقديم
الخطبتين وفي المدارك قال في شرح قول المصنف ولا يجب استماعهما بل يستحب ما لفظه هذا الحكم مجمع عليه بين المسلمين حكاه في التذكرة والمنتهى مع
تصريحه في الكتابين بوجوب الخطبتين وهو دليل قوي على الاستحباب وروى العامة عن عبد الله بن السائب قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وآله العبد
فلما قضى الصلاة قال انا نخطب فمن أحب ان يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب ان يذهب فليذهب أقول قد حكى عن جملة من الأصحاب نقل الاجماع على
الاستحباب وعدم الوجوب فلا يبعد دعوى انجبار الخبر المزبور بالاجماعات المنقولة المعتضدة بالشهرة وعدم معروفية خلاف يعتد به فيه مع موافقته
للأصل ولكن لا يكاد يفهم من الخبر المزبور ولا من كلمات المجمعين الا إرادة نفي وجوبه على كل واحد واحد عينا لا جواز تفرق الجمع وعدم استماع أحد منهم
بحيث ينافيه ايجاب الخطبة والوعظ على الامام عقيب صلاته على الاطلاق كما هو مقتضى ظواهر أدلتها فلو قيل بعدم جواز تفرق الجميع ووجوب الاستماع
والبقاء كفاية على من يتقوم هيئة الوعظ والاجتماع واستحبابه عينا لكل واحد ممن حضر لكان وجها بل لم يعلم من أحد ممن قال بوجوب الخطبتين كما
لعله المشهور حيث حكم باستحباب الاستماع وعدم وجوب البقاء حالهما الإرادة هذا المعنى والله العالم الرابعة لا ينقل المنبر من موضعه
من المسجد إلى الصحراء بل يعمل شبه المنبر من طين استحبابا بلا نقل خلاف فيه بل في المدارك دعوى الامام عليه وعن الذكرى وغيره دعوى الاجماع
على كراهة نقل المنبر وانه يعمل للامام شبه المنبر من طين ويدل عليه رواية إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له أرأيت صلاة العيدين هل
فيهما اذان وإقامة قال ليس فيهما اذان وإقامة ولكن ينادي الصلاة ثلاث مرات وليس فيهما منبر المنبر لا يحرك من موضعه ولكن يصنع للامام شبه
المنبر من طين يقوم عليه فيخطب بالناس ثم ينزل ولكن يحتمل قويا كون النهي عن نقل المنبر لكونه وقفا للمسجد لا لكونه من حيث هو مكروها والله العالم
الخامسة إذا طلعت الشمس حرم السفر المفوت للصلاة الواجبة عليه حتى يصلى صلاة العيدين ان كان ممن تجب عليه كما في صلاة الجمعة حسبما
ما مر الكلام فيه مفصلا فراجع وفي جواز خروجه بعد الفجر وقبل طلوعهما تردد لا لما هو المشهور بينهم من أن الواجبات الموقتة لا يتعلق الوجوب بهما الا
بعد حضور وقتها لما مر مرارا من في لفرق في وجوب تحصيل المقدمات الوجودية وحرمة تفويتها بين الواجبات المطلقة والمشروطة بعد العلم بحصول
شرطها في وقتها كما مر تحقيقها في أول كتاب الطهارة وكيف لا والا لم يكن مجرد حضور الوقت كافيا في حرمة السفر ووجوب تحصيل سائر مقدماتها
الوجودية إذا كما أن دخول الوقت شرط في تنجز التكليف بها كذلك اقامتها من الامام والعدد الذي يتم به الجمعة والعيد شرط لوجوبها على سائر
المكلفين وما ذكرناه من في لفرق في وجوب المقدمات الوجودية بين الواجبات المطلقة والمشروطة هو الوجه في وجوب السعي على من على رأس
فرسخين إلى صلاة الجمعة والعيد من قبل طلوع الشمس أو الزوال فكما يجب ذلك على النائي من قبل دخول الوقت كذلك يجب على القريب ان لا يتباعد عن
البلد إلى حيث يتعذر عليه العود وادراك الجمعة أو العيد إذ لا فرق في وجوب المقدمة الواجب بين القريب والبعيد فكما يجب على البعيد السعي إلى ادراكها
476

من قبل طلوع الشمس كذا يجب على القريب ان لا يسير إلى ذلك المكان أو غيره مما يعلم بكونه موجبا لفوات الصلاة في وقتها كما عرفته في ذلك المبحث
ولكن التردد في المقام انما ينشأ من أن الحضور الذي هو ضد المسافرة الذي اعتبره الشارع شرطا لوجوب الجمعة والعيدين هل هو الحضور بعد دخول
الوقت كي يكون المسافرة قبله كالمسافرة في الليل موجبا لتبدل الموضوع إلى موضوع لم يجب عليه صلاة العيد أو الحضور من حين طلوع الفجر فلا يجد به
(ح) المسافرة بعده في الفرار عن هذا التكليف فان قلنا بالأولى فلا فرق بين من على رأس فرسخين الذي تكليفه السعي إلى الصلاة من أول طلوع الفجر
وبين من هو حاضر في البلد فيجوز لكل منها السفر قبل طلوع الشمس وانما يجب على النائي السعي إلى الصلاة في ذلك الوقت إذا علم ببقائه بشرائط
التكليف إلى حضور وقت الصلاة ولو بحكم الأصل كما أنه يحرم على من في البلد أيضا خروج قبل الوقت إلى مكان يعلم بعدم تمكنه من العود وادراك
الجمعة أو العبد أو تفويت ذلك من المقدمات الوجودية التي يعلم بعدم تمكنه من تحصيلها بعد دخول الوقت ولكن لم يثبت وجوبها الا على
من أدرك الوقت وهو حاضر فمقتضى الأصل إباحة السفر قبل طلوع الشمس كما في الليل من غير فرق بين من في البلد أو على رأس فرسخين الا انه قد يدل
على المنع عنه صحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال إذا أردت الشخوص في يوم عيد فانفجر الصبح وأنت في البلد فلا تخرج حتى تشهد ذلك العيد ولكن المشهور
قد حملوا هذه الرواية على الكراهة بل عن بعض دعوى اطباق الأصحاب على في لحرمة فيشكل الاعتماد (ح) على هذا الظاهر بعدم اعراض المشهور عنه
فمن هنا قد يقوي ما قواه في المتن حيث قال والأشبه الجواز ولكن القول بالمنع كما عن ظاهر بعض القدماء ان لم يكن أقوى فهو أحوط والله العالم
بحقيقة الحال والحمد لله أولا واخرا وظاهرا وباطنا على ما أنعم وسهل ورفق الاتمام
هذه المباحث ونسئله التوفيق لاتمام الكتاب بمحمد واله
صلوات الله عليه وعليهم أجمعين إلى يوم الدين
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطاهرين * (الفصل الثالث) * من الركن الثالث في صلاة الآيات وقد تضاف
إلى الكسوف اما تغليبا كما قيل أو لكونه الأصل في شرع هذه الصلاة كما يفصح عن ذلك قوله (ع) في الصحيح الآتي كل أخاويف السماء من ظلمة أو ريح أو
فزع فصل له صلاة الكسوف حتى يسكن والكلام في سببها وكيفيتها وحكمها اما الأول فتجب عند كسوف الشمس وخسوف القمر الخسوف والكسوف معروفان
وهما انطماس نور النيرين اي احتجابهما ففي القاموس كسف الشمس والقمر كسوفا احتجبا كانكسفا والله إياهما حجبهما والأحسن في القمر خسف وفي الشمس
كسفت ووجوب الصلاة عندهما بحسب الظاهر مما لا خلاف فيه بيننا بل نقل الاجماع عليه مستفيض ان لم يكن متواترا ويدل عليه مضافا إلى ذلك
اخبار مستفيضة منها ما رواه الكليني باسناده عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله (ع) قال وقت صلاة الكسوف إلى أن قال وهي فريضة والصدوق باسناده
عنه أيضا عن أبي عبد الله (ع) قال صلاة العيدين فريضة وصلاة الكسوف فريضة والشيخ بأسناده عن أيضا عن أبي عبد الله (ع) قال صلاة الكسوف فريضة وعن أبي
اسامة عن أبي عبد الله (ع) قال صلاة الكسوف فريضة وعن محمد بن حمران في حديث صلاة الكسوف قال قال أبو عبد الله (ع) هي فريضة وعن المفيد في المقنعة
أنه قال روي عن رسول الله (ص) أنه قال صلاة الكسوف فريضة وخبر علي بن عبد الله المروي عن الكافي قال سمعت أبا الحسن موسى (ع) يقول إنه لما قبض
إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أن قال فصعد رسول الله صلى الله عليه وآله المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم قال أيها الناس ان الشمس والقمر ايتان من آيات الله يجريان بأمره
مطيعان له لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا انكسفتا أو واحدة منهما فصلوا ثم نزل فصلى بالناس صلاة الكسوف إلى غير ذلك من الروايات الدالة
عليه ومقتضى اطلاق النصوص وأكثر الفتاوي كما صرح به بعض شمول الحكم لانكساف الشمس بباقي الكواكب غير القمر إذا ظهر للحس على وجه شهد العرف
بتحقق الكسوف كما أنه رؤيت الزهرة في جرم الشمس كاسفة لها فما عن غير واحد من منع ذلك الأصل وخفائه غالبا عن الحس وعدم ترتب خوف العامة
ضعيف إذا الأصل مقطوع بما عرفت إذ العرف ما يفهمون من اطلاق الخسوف والكسوف الا انطماس ضوء النيرين كلا أو بعضها واما ان سببه حيلولة الأرض
والقمر وامر يعرفه الخواص من غير أن يكون له دخل فيما ينصرف إليه اطلاق اسمه فمن هنا يعلم أنه لو فرض انخساف القمر بقدرة الله تعالى أو بحيلولة شئ غير
الأرض على وجه تحقق مسمى الخسوف عرفا وجبت الصلاة عنده نعم لو ثبت ذلك بالقواعد النجومية وان كانت مقيدة للقطع به ما لم يكن له ظهور في الحس
المتعارف الناس فم تجب لخروج مثله عما ينصرف إليه اطلاق اسمه كما أن الأظهر عدم وجوب الصلاة بانكساف سائر الكواكب بعضها ببعض أو بأحد النيرين
لخروجه عن منصرف اطلاق اسم الخسوف والكسوف وربما أو جب غير واحد الصلاة له إذا حصل العلم به لتحقق مفهوم الكسوف بل لاندارجه في المخوفات
السماوية التي ستعرف وجوب الصلاة لها وهو لا (يخ) من وجه على تقدير كونه مورثا للخوف عادة لعامة من أحس به ولكن الفرض على الظاهر لا يخلو من
بعد فان عامة الناس لا يخافون من مثل هذه الحوادث من حيث هي الا بملاحظة بعض التأثيرات التي يترقبون حصولها باخبار المنجمين وغيرهم كخوفهم من
المقارنات الحادثة التي يخبرها المنجمون وبأن اثرها القحط والغلا أو طوفان كطوفان نوح فان مثل هذه الآيات السماوية لا يترتب عليها الخوف الا
بملاحظة الآثار التي يتوهمون لها وهو خارج عن منصرف أخاويف السماء كما ستعرف وكذا تجب عند الزلزلة بلا نقل خلاف محقق عن أحد بل عن
477

عن ظاهر الذكرى وصريح الخلاف والتذكرة وغيرهما دعوى الاجماع عليه نعم حكى عن الإسكافي وابن زهرة والحلبي انهم لم يتعرضوا لذكرها بل الأخير
منهم لم يتعرض لغير الكسوفين واما الأولان ذكرا كل مخوف سماوي فيحتمل ارادتهما بذلك ما يعمه وكيف كان فيدل عليه خبر سليمان الديلمي المروي
في العلل قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الزلزلة ما هي قال اية قلت وما سيها قال إن الله تبارك وتعالى وكل بعروق الأرض ملكا فإذا أراد الله ان يزلزل
أرضا أوحى إلى ذلك الملك ان حرك عروق كذا وكذا قال فيحرك ذلك الملك عروق تلك الأرض التي امره الله فتحرك باهلها قال قلت فإذا كان ذلك فما اصنع
قال صل صلاة الكسوف الحديث وعن الفقيه نحوه وضعف سنده مجبور بما عرفت ويؤيده أيضا خبر محمد بن عمارة عن أبيه المروي عن مجالس الصدوق عن
الصادق عن أبيه (ع) قال إن الزلازل والكسوفين والرياح الهائلة من علامات الساعة فإذا رأيتم شيئا من ذلك فتذكروا قيام الساعة وافزعوا إلى مساجدكم إذا الظاهر أن قوله (ع) وافزعوا إلى مساجدك كناية عن الاتيان بصلاتها والمرسل المروي عن دعائم الاسلام عن جعفر بن محمد (ع) قال يصلي
في الرجفة والزلزلة والريح العظيمة والظلمة والآية تحدث وما كان مثل ذلك كما يصلي في صلاة كسوف الشمس والقمر سواء وما عن الفقه الرضوي
قال وإذا هبت الريح خضراء أو سوداء أو حمراء فصل لها صلاة الكسوف وكذلك إذا زلزلت الأرض فصل صلاة الكسوف وربما يستدل له أيضا بصحيحة
محمد بن مسلم ويزيد بن معاوية عن أبي جعفر (ع) وأبي عبد الله (ع) قالا إذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات فصلها ما لم تتخوف ان يذهب وقت الفريضة فان
تخوفت فابدء بالفريضة واقطع ما كنت بدئت فيه من صلاة الكسوف فإذا فرغت من الفريضة فارجع إلى حيث كنت قطعت واحتسب بما مضى بدعوى
ان بعض هذه الآيات يشمل الزلزلة أيضا وفيه ان الرواية مسوقة لبيان حكم اخر والمقصود بقوله أو بعض هذه الآيات على ما يتبادر منه هي الآيات
المعهود لديهم كونها كالكسوف موجبة للصلاة وكون الزلزلة منها عندهم غير معلوم ومعروفية لدينا باعتبار شهرة الافتاء به لا يكشف عن كونه
كذلك عندهم وكيف كان ففيما عداها مما عرفت غنى وكفاية وهل تحب لما عدى ذلك من ريح مظلمة وغير ذلك من أخاويف السماء قيل نعم وهو المروي
وقيل لا بل تستحب وقيل تجب للريح المخوفة والظلمة الشديدة حسب والقول الأول هو المشهور نقلا وتحصيلا كما في الجواهر بل عن الخلاف دعوى الاجماع
عليه واما القول الثاني فلم نعرف قائلة واما الثالث فهو ظاهر المحكي عن المبسوط حيث قال في مقام بيان
الضابط صلاة كسوف الشمس وخسوف
القمر فرض واجب والرياح المخوفة والظلمة الشديدة تجب مثل ذلك والنهاية صلاة الكسوف والزلازل والرياح المخوفة والظلمة الشديدة فرض
واجب وعن الجمل صلاة الكسوف فريضة في أربعة مواضع عند كسوف الشمس وخسوف القمر والزلازل والرياح السود المظلمة وعن أبي الصلاح
انه لم يتعرض لغير الكسوفين ويحتمل عدم ارادتهم بمثل هذه الكلمات الانحصار وكيف كان فالأولى هو المعتمد لصحيحة زرارة ومحمد بن مسلم قال قلنا لأبي
جعفر (ع) أرأيت هذه الرياح والظلم التي تكون هل يصلى لها فقال كل أخاويف المساء من ظلمة أو ريح أو فزع فصل له صلاة الكسوف حتى يسكن و
دعوى ان المنساق منقوله (ع) حتى يسكن كونه غاية لفعل الصلاة فيكون المأمور به إطالة الصلاة أو تكريرها إلى أن يتحقق السكون وهو غير واجب
جزما فيكون الامر محمولا على الاستحباب ممنوعة بل المنساق من الجواب بقرينة السؤال بيان أصل مشروعية الصلاة والغاية المذكورة فيه اما تحديد لمدة
مشروعيتها نظير قوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل أو تنبيه على الفائدة المترتبة عليها كما في قول القائل اسلم حتى تدخل الجنة ولا أقل من مكافئة
الاحتمالات وعدم صلاحية القرينة المذكورة لصرف الامر عن ظاهره من بالوجوب كما لا يخفي وقوله (ع) في صحيحة محمد بن مسلم ويزيد بن معاوية المتقدمة
إذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات فصلها وما فيها من اجمال المشار إليه غير قادح بالاستدلال لأن أخاويف السماء على اجمالها بمنزلة القدر المتيقن
من ذلك ولو بالنظر إلى ما يقتضيه الجمع بينها وبين الصحيحة المتقدمة المبينة لبعض الآيات التي يقع هذه الإشارة ويمكن الخدشة في دلالة هذه
الصحيحة على الوجوب بكون الامر الوارد فيها مسوقا لبيان ان صلاة الآيات يتنجز التكليف بها عند حدوث سببها في اي وقت يكون ما لم يتضيق وقت
فريضة حاضرة فهو وارد مورد توهم الحظر الا بيان أصل الشرعية كي يحمل على ظاهره من الوجوب فليتأمل ويدل عليه أيضا في الجملة صحيحة عبد
الرحمن بن أبي عبد الله انه سئل أبا عبد الله (ع) عن الريح والظلمة تكون في السماء والكسوف فقال صلاتهما سواء بناء على إرادة المساواة في الجوب لا
الكيفية فيتأمل ويؤيده أيضا عموم العلة المستفادة من خبر عمارة المتقدم وعموم المرسل المتقدم المروي عن دعائم الاسلام ومفهوم التعليل الواقع في خبر الفضل بن
شاذان عن الرضا (ع) قال انما جعل للكسوف صلاة لأنه من آيات الله لا يدري الرحمة ظهرت أم العذاب الحديث انما جعلا هذه الرواية مؤيدة
لا دليلا مع اعتبار سندها لأن استفادة شرعية الصلاة على سبيل الاطراد من مثل هذه العلل التي هي من قبيل بيان الحكم والمناسبات المقتضية لشرع
الحكم مشكلة فليتأمل ثم إن المنساق من أخاويف السماء التي وقع التعبير بها في الصحيحة الأولى وكثير من العبائر كالمتن وغيره ما كان من قبيل الأمثلة المذكورة
في الصحيحة من المخوفات الحادثة فوق الأرض فمثل الزلزلة والنار الخارجة من الأرض أو سقوط جبل ونحوها خارجة عن ذلك فلو قلنا بوجوب
الصلاة لها فلا بد ان يكون لدليل اخر كما في الزلزلة واحتمال ان يكون المراد بها الأخاويف المنسوبة إلى رب السماء كما يقال الآفة السماوية و
القضاء السماوي مخالف للظاهر نعم ربما استظهر ذلك من بعض كلمات الأصحاب في فتاويهم وهو على تقدير تسليمه لا يصلح قرينة لتنزيل النص عليه
فما عن ظاهر كثير منهم أو صريحهم من عموم الحكم لكل اية ولو أرضية لا يخلو من اشكال اللهم الا ان يستدل لذلك بعموم مرسلة الدعائم أو مفهوم العلة
478

الواردة في خبر الفضل ولكنك عرفت ان استفادة الاطراد من مثل العلة الواردة في خبر الفضل المعلوم عدم كونها علة تامة لوجوب خصوص الصلاة بل
جزء مما يقتضيها كالاعتماد على المرسلة المزبورة مشكلة فالقول بعدم وجوب الصلاة لما عدى المخوفات السماوية مما عدى الزلزلة كما هو صريح بعض
لعله أشبه وان كان الاحتياط مما لا ينبغي تركه ووقتها في الكسوف من حين ابتدائه في الجواهر بلا خلاف فيه بين العامة فضلا عن الخاصة إلى حين
انتهاء انجلائه كما في المتن وغيره بل ربما نسب إلى أكثر المتأخرين ومتأخريهم بل لعله هو المشهور بينهم خلافا لجل السلف كما عن المنظومة بل الأكثر
أو المشهور كما عن جامع المقاصد وغيره فذهبوا إلى أن وقتها من ابتدائه إلى حين الاخذ في الانجلاء لا انتهائه فهيهنا أمور الأول ان صلاة
الكسوف من الواجبات الموقتة وان وقتها ما دام الكسوف لا بعد انقضائه فلا يجوز تأخيرها عمدا إلى أن يتحقق الانجلاء بل لا يشرع فعلها بعد الانجلاء الا
بعنوان القضاء في موارد ثبوته الثاني انه بمجرد الكسوف يدخل وقتها فيجوز المبادرة إلى فعلها من أول حصول مسماه الثالث انه يمتد وقتها
إلى تمام الانجلاء اما انها موقتة فيدل عليه الأخبار المستفيضة الآتية الواردة فيمن فاتته صلاة الكسوف التي في بعضها الامر بقضائها وفي بعضها إذا
فاتتك فليس عليك قضاء وفي بعضها التفصيل بين اختراق الفرض فإنه يفهم من مثل هذه الأخبار ان لها وقتا محدودا وهو حال تحقق الكسوف وانه لا يجوز التأخير
عنه عمدا وانه لو فاتته في ذلك الوقت لجهل أو نسيان فان جاز فعلها فهو قضاء كما هو معنى التوقيت وقد وقع التصريح به في الخبر المروى عن الدعائم عن جعفر
بن محمد (ع) عن الكسوف يكون والرجل نائم إلى أن قال هل عليه ان يقضيها فقال لا قضاء في ذلك وانما الصلاة في وقته فإذا انجلى لم يكن له صلاة وصحيحة
جميل المروية عن أبي عبد الله (ع) قال وقت صلاة الكسوف في الساعة التي تنكسف عند طلوع الشمس وعند غروبها الحديث ويمكن الخدشة في دلالة هذه
الصحيحة بكونها مسوقة لدفع توهم مرجوحيتها في الأوقات المكروهة كقوله (ع) خمس صلاة تصليهن في كل وقت الكسوف (الخ) لا لبيان التوقيت وخبر
الواسطي قال كتبت إلى الرضا (ع) إذا انكسف الشمس والقمر وانا راكب لا أقدر على النزول قال فكتب إلى صل على مركبك الذي أنت عليه فان فعلها في
المحمل المستلزم للاخلال بجملة من الافعال وشرائطها الاختيارية بنا في جواز تأخيرها اختيارا ورواية الفضل بن شاذان المروية عن الفقيه والعيون
عن الرضا (ع) قال انما جعل للكسوف صلاة لأنه من آيات الله تعالى لا يدري الرحمة ظهرت أم لعذاب فأحب النبي صلى الله عليه وآله ان تفزع أمته إلى خالقها وراحمها عند ذلك
ليصرف عنهم شرها ويقيم مكروهها كما صرف عن قوم يونس حين تضرعوا إلى الله عز وجل وانما جعلت عشر ركعات لأن أصل الصلاة التي نزل فرضها
من السماء أولا في اليوم والليل انما هي عشر ركعات فجمعت تلك الركعات هيهنا وانما جعل فيها السجود لأنه لا يكون صلاة فيها ركوع الا وفيه سجود و
لأن يختموا صلاتهم أيضا بالسجود والخضوع وانما جعلت اربع سجدات لأن كل صلاة نقص سجودها عن اربع سجدات لا تكون صلاة لأن أقل الفرض من
السجود في الصلاة لا يكون الا اربع سجدات وانما لم يجعل بدل الركوع السجود لأن الصلاة قائما أفضل من الصلاة قاعدا ولأن القائم يرى الكسوف
والانجلاء والساجد لا يرى وانما غيرت عن أصل الصلاة التي افترضها الله لأنه صلى لعلة تغير امر من الأمور وهو الكسوف فلما تغيرت العلة تغير
المعلول وهذه الرواية خصوصا بملاحظة ما في ذيلها من تعليل اختيار الركوع على السجود بان القائم يرى الكسوف والانجلاء كالصريح في أن
وقت أداء هذه الصلاة حال الكسوف واما ما رواه في مستطرفا السرائر نقلا عن جامع البزنطي صاحب الرضا (ع) قال سئلته عن صلاة الكسوف
ما حده قال متى أحب ويقرء ما أحب الحديث فلا بد من حمله على ما لا ينافي غيره مما عرفت إلى غير ذلك من الروايات الدالة عليه التي سيأتي بعضها و
اما انه يجوز المبادرة إلى فعلها من حين حصول مسثما الذي هو ابتدائه فيدل عليه مضافا إلى صحيحة جميل المتقدمة وعدم الخلاف فيه على الظاهر
بل عن المنتهى وغيره دعوى اجماع المسلمين عليه الروايات الدالة بظاهرها على سببية حدوث الكسوف الحاصل بأول ما يتحقق به مسماه لوجوب
صلاته كقوله (ع) في مرسلة المقنعة فإذا رأيتم ذلك اي كسوف الشمس وخسوف القمر فافزعوا إلى الله بالصلاة وفي مرسلة النهاية فإذا انكسف
أحدهما فبادروا إلى مساجدكم وغيره ذلك من الروايات الدالة عليه ويدل عليه جواز تأخيرها عن أول وقتها في الجملة وعدم وجوب المبادرة
إلى فصلها في أول أزمنة الامكان مضافا إلى الأصل فعل رسول الله صلى الله عليه وآله الذي حكاه أبو الحسن (ع) في خبر علي بن عبد الله المتقدم ويدل على جوازنا خيرها
عن أول زمان الاخذ في الانجلاء مع موافقته للأصل خبر ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع) قال إذا انكسف الشمس والقمر فانكسف كلها فإنه ينبغي
للناس ان يفزعوا إلى امام يصلي بهم وأيهما كسف بعضه فإنه يجزى الرجل ان يصلي وحده فإنه لا يعلم جزئية الكسوف وكلية الا عند انتهائه الذي
لا يعلم عادة الا باحتراق القرص أو الاخذ في الانجلاء فلو تم الوقت بالاخذ في الانجلاء الذي يتميز به كونه جزئيا لم يجز التأخير إليه عمدا وهو خلاف
المنساق من الرواية فليتأمل وربما يؤيده أيضا بل يدل عليه موثقة عمار عن أبي عبد الله (ع) قال إن صليت الكسوف إلى أن يذهب الكسوف عن الشمس و
القمر وتطول في صلاتك فان ذلك أفضل وان أحببت ان تصلي فتفرغ من صلاتك قبل ان يذهب الكسوف فهو جائز (الخ) وصحيحة الرهط عن
كليهما أو أحدهما (ع) قال صلى رسول الله صلى الله عليه وآله والناس خلفه في كسوف الشمس ففزغ حين فرغ وقد انجلا كسوفها إذ الإطالة في الصلاة انما يحسن في وقتها
ودعوى ان التوقيت لم يثبت الا بالنسبة إلى الشروع فيها لا مجموعها حتى ينافيها التطويل إلى ما بعد الاخذ في الانجلاء مدفوعة بمخالفة الظاهر التوقيت
فليتأمل ويدل عليه أيضا صحيحة معاوية بن عمار قال قال أبو عبد الله (ع) صلاة الكسوف إذا فرغت قبل ان ينجلي فأعد إذا المتبادر منه إرادة تمام
479

الانجلاء والامر بالإعادة محمول على استحباب كما يشهد له الموثقة السابقة وكيف كان فاستحباب الإعادة أو وجوبها ما دام بقاء الكسوف دليل على
بقاء وقتها اللهم الا ان يقال إن شرعية اعادتها بعد الاخذ في الانجلاء لا ينافي كون فعلها ابتداء موقتا بما قبله فليتأمل واستدل للقول بانتهاء
وقتها بالاخذ في الانجلاء بالاحتياط وان هذه الصلاة شرعت لرد النور وهو حاصل بالاخذ في الانجلاء وصحيحة حماد بن عثمان عن أبي عبد الله (ع) قال
انكساف القمر وما يلقي الناس من شدته قال فقال أبو عبد الله (ع) إذا انجلى منه شئ فقد انجلى وفي الجميع ما لا يخفي اما الأولان فواضح واما الصحيحة فليس فيها
اشعار فضلا عن الدلالة على إرادة وقت الصلاة وتوهم ان المنساق من تنزيل الشارع انجلاء البعض منزلة انجلاء الكل ارادته من حيث الأثر وليس
له اثر شرعي سوى كونه غاية لوقت الصلاة مدفوع بان وقت الصلاة خارج عما يتبادر إرادته من التشبيه في هذه الرواية بل المتبادر منه إرادة
لا تساوي في إزالة الشدة والرعب الحاصل في قلوب الناس بسببه فتلخص مما ذكر ان ما اشتهر بين المتأخرين من امتداد وقتها إلى تمام الانجلاء اظهر
وكيف كان فإن لم يتسع لها وقتها مقتصرا فيها على أقل الواجب مع ما تتوقف عليه من الشرائط المفقودة لم تجب لا أداء ولا قضاء اما الأداء فلامتناع
التكليف يفعل في وقت يقصر عن أدائه واما القضاء فلانه تدارك لفعل الموقت في خارج وقته والمفروض عدم صلاحية لكونه وقتا له ولا فرق
في ذلك بين ان يكون بمقدار ركعة فما زاد وبين ان يكون أقل من مقدار ركعة وما دل على ادراك الصلاة بادراك ركعة منها في وقتها كالنبوي المشهور
من ادراك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة كغيره من النصوص الخاصة التي استفيد منها الكلية المعروفة في كتب الفتاوي من أن أدرك
ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت فالمنساق منه الفرائض اليومية كما هو مورد النصوص الخاصة مع أن هذه الكلية لو كانت بنفسها متن الرواية
كما يستشعر من كلماتهم لكانت أيضا أجنبية عما نحن فيه إذ لا يقال أدرك من الوقت ركعة الا اذان كان الوقت في حد ذاته صالحا لأن نفع فيه الصلاة
بتمامها ولكنه لم يدرك منه الا بمقدار ركعة وكيف كان فلا يستفاد من قاعدة من أدرك بعد تسليم عمومها لكل صلاة موقتة الا عدم سقوط
طلبها ما دام المكلف متمكنا من الاتيان بركعة منه في وقتها واما انه لو لم يكن الوقت في حد ذاته الا بهذه المقدار فهو مكلف بهذه الصلاة
فلا يكاد يفهم منها فما عن ظاهر المصنف في المعتبر والعلامة في المنتهى من التردد في وجوب الصلاة الذي سعة الوقت لأداء ركعة والجزم بعدمه لدى
قصوره عن ذلك لعله في غير محله نعم قد يتأمل في وفاء الأدلة المتقدمة باثبات التوقيت على النهج المذكور المستلزم لاستحالة التكليف بها مع
قصور الوقت عن دائها فمن هنا قد يقوي في النظر ما قواه غير واحد من المتأخرين تبعا للمحكي عن البحار من القول بالوجوب مطلقا ولو لم
يتسع الوقت لا داء ركعة وعن الذخيرة أيضا الميل إليه لامكان ان يقال إن غاية ما يمكن استفادة من الأدلة
المتقدمة انما هو ثبوت التوقيت
بالنسبة إلى التلبس بهذه الصلاة فيجب الشروع فيها قبل الاخذ في الانجلاء أو تمامها واما اتمامها فلا حد له فيجوز اطالتها إلى ما بعد الانجلاء
أيضا اللهم الا ان ينعقد الاجماع على عدمه وهو ان سلم فمع سعة الوقت لأدائها لا مطلقا ولعله إلى هذا أشار في محكى البيان حيث قال ووقتها
اي الصلاة في البواقي اي ما عدى الكسوفين مدة السبب فان قصر في الوجوب الا الزلزلة ويحتمل الوجوب بمجرد السبب وان لم يسع الزمان في
الكسوف وغيره وقد أوحى إليه في المعتبر ويحتمل اشتراط ركعة مع الطهارة انتهى وكيف كان فقد يقال بل ربما قيل في تشييد القول المزبور بان ظاهر الأخبار
الامرة بهذه الصلاة لا تدل على أكثر من وجوب التلبس عند ظهور الآية سيما ما جمع فيه بين الكسوف وغيره من الآيات التي اتفقوا في بعضها على عدم
التوقيت كالزلزلة واختلفوا في بعضها الاخر مثل الريح والأخاويف مع أن اللازم من التوقيت عدم جواز الدخول في الصلاة الا مع العلم
بسعة الوقت الظن المعتبر وهما نادران بل اطلاق حسنة الفضل بن شاذان المعللة للصلاة بصرف شر الآية وصحيحة زرارة ومحمد بن مسلم المعللة
لها بالسكون يقتضي وجوب التلبس بها حال الآية مطلقا ما لم يتحقق السكون وصرف شر الآية واصرح منهما صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع)
أنه قال وان فرغت قبل ان ينجلي فاقعد وادع الله حتى ينجلي وان انجلى قبل ان تفرغ من صلاتك فأتم ما بقي فان اطلاقه يشمل ما لو لم يدرك ركعة و
تخصيص ذلك بما إذا أطال الصلاة استحباب ثم اتفق خروج الوقت كما هو المفروض في موردها لا تخلو من نظر وأجيب عن ذلك كله بان الانصاف
ان هذه القول مما لا ينطبق على الأخبار ولا على كلمات الأصحاب اما الأخبار فلا ظاهر الحسنة والصحيحة وجوب مجموع الفعل لصرف المكروه و
السكون ومع العلم بتحقيقها قبل وجود الفعل بتمامه لا يعقل كونهما غاية له واما غيرهما من الأخبار فاما ما اطلق فيه القضاء والفوت فلا يخفي ظهوره
في التوقيت بالمعنى المشهور لا توقيت الجزء الأول من الفعل بايقاعه في جزء من الوقت وتكمل الباقي في خارجه واما الأخبار الامرة بالصلاة في
وقت الكسوف فان حملت على السببية المطلقة لزم منه جواز تأخير الدخول إلى ما بعد الانجلاء وهو باطل اجماعا وان دفعنا ذلك باستفادة الفورية
منها فمع ان الظاهر من العلماء في لقول بفوريتها إذا علم اتساع زمان الكسوف كما ستعرفه في اجتماع الكسوف واليومية ومنافاته لما يظهر من رواية
علي بن عبد الله المتقدمة من خطبة النبي صلى الله عليه وآله حال الكسوف قبل الصلاة يلزمه جواز تطويلها إلى ما بعد الانجلاء وهو أيضا باطل اجماعا على الظاهر
المحكي عن بعض واما ما اعدى من الأخبار الجامعة في الحكم بين جميع الآيات حتى الزلزلة المتفق على عدم توقيتها فان أريد به صحيحة زرارة المشتملة
على ذكر أخاويف السماء فهو غير شامل للزلزلة الا على تأويل بعيد في إضافة الأخاويف إلى السماء مع أن ظاهرا كما تقدم التوقيت وان أريد
480

مثل قوله في صحيح محمد بن مسلم إذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات صليتها ففي شموله أيضا للزلزلة منع ظاهر لاحتمال كون المشار إليه الآيات
السماوية غير الزلزلة والذي يقتضيه التحقيق ان الأخبار التي اطلق فيها القضاء والفوت لا تنافي التوقيت بالمعني المزبور لتحقق موضوعهما عرفا بعد
ان لم يتلبس بفعل الصلاة حتى فات الوقت الذي جاز له التلبس به ودعوى ظهورها في التوقيت بالمعنى المعهود عرية عن الشاهد واما الصحيحة
فلا دخل لها بتحديد وقت الكسوفين واما الحسنة وان كان ظاهرها تعليل الصلاة التي هي اسم لمجموعها بصرف المكروه المقتضي لزوال مطلوبيتها
بعد حصول الامن ولكن لم يعلم انحصار العذاب الذي شرع الصلاة لصرفها بخصوص الظلمة الحاصلة بانكساف
بعد حصول الامن ولكن لم يعلم انحصار العذاب الذي شرع الصلاة لصرفها بخصوص الظلمة الحاصلة بانكساف الشمس والقمر فيمكن ان يكون من قبيل
القحط والغلاء والطاعون وغيرها من البلاء التي لا يعلم صرفها بمجرد الانجلاء مضافا إلى ما سبقت الإشارة إليه من أن العلل الواردة في هذه
الرواية من قبيل بيان المناسبات والحكم المقتضية لشرع الحكم فيشكل رفع اليد بواسطتها عن اطلاق مثل قوله صلى الله عليه وآله إذا انكسفتا أو واحدة منهما فصلوا و
الحاصل انه لا يكاد يفهم من مثل هذا التعليل التوقيت على النهج المزبور نعم ربما يظهر ذلك من مرسلة الدعائم ولكن قضية الجمع بينه وبين قوله (ع) فان انجلى
قبل ان تفرغ من صلاتك الشامل باطلاقه لما هو محل الكلام حمل المرسلة أيضا على إرادة وقت التلبس بهذه الصلاة لا مجموعها فليتأمل هذا مع أن البحث
عن أن هذه الصلاة تجب لدى قصور الكسوف عن أدائها قليل الجدوى إذا لا يكاد يتفق كسوف يدرك بحسب البصر في المتعارف ويقصر زمانه عن
أداء أقل الواجب من صلاته نعم هو كثير الجدوى بالنسبة إلى سائر الأخاويف التي الحقها المصنف وبغيره بالكسوفين في كون صلاتها مؤقتة حيث قال و
كذا الرياح والأخاويف ان قلنا بالوجوب إذ الأخاويف كثيرا ما خصوص إذا كانت مثل الصحيحة والرعدة ونظائرهما يقصر وقتها عن مقدار أداء
الصلاة فان قلنا باختصاص وقتها بحال وجود الآية كما لعله الأشهر بل المشهور بين القائلين بالوجوب امتنع تعلق التكليف بها عند قصور الوقت عن
أدائها بخلاف ما لو قلنا بكونها من قبل الأسباب كما حكى عن الوسيلة وعن العلامة في المنتهى والشهيد في الدروس وكثير من متأخري المتأخرين بل
عن بعضهم نسبته إلى ظاهر أكثر القدماء وحكى عن العلامة في التذكرة والنهاية القول بالتفصيل بين ما يقصر زمانه غالبا عن مقدار الصلاة كالصحيحة
والصاعقة ونحوها فجعلها كالزلزلة في السببية وبين ما لا يقصر غالبا فكالكسوفين ولعله منشأه دعوى اختصاص ما دل على التوقيت بصورة
التمكن اي اتساع الوقت لأداء الفعل بحكم العقل فيقتصر في تقييد اطلاق ما دل على سببيتها للصلاة كقوله إذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات
صليتها على مقدار دلالة الدليل وربما يناقض في ذلك بان مقتضاه إناطة التوقيت بالآية الشخصية لا النوعية كما ربما مال إليه أو قال بعض متأخري المتأخرين
والذي ينبغي ان يقال إن عمدة ما يصح الاستدلال به لوجوب الصلاة لسائر الأخاويف انما هو قوله (ع) في الصحيحة المتقدمة كل أخاويف أسماء من ريح
أو ظلمة أو فزع فصل له صلاة الكسوف حتى يسكن وهذا ظاهره اختصاص طلبها بحال وجود الآية سواء أريد
بقوله حتى يسكن التوقيت أو التعليل اما على
الأول فواضح وعلى الثاني أيضا فكذلك ضرورة سقوط مطلوبية الفعل بحصول غاية التي علل بها ودعوى ان هذه العلل من قبيل بيان الحكم والمناسبات
المقتضية لشرع الحكم لا يجب فيها الاطراد ولا تصلح مقيدة لاطلاق ما دل على سببية هذه الآيات ان سلمت فهي مجدية لو كان لنا دليل اخر وراء هذه الصحيحة صالح لاثبات سببيتها على الاطلاق والا فالامر الوارد في هذه الرواية بعد اقتران بهذه الغاية غير ناهض بذلك كما لا يخفي على من راجع وجدانه وقد
عرفت فيما سبق عدم سلامة شئ مما ذكر دليلا لوجوب الصلاة لسائر الأخاويف السماوية مما عدى هذه الصحيحة عن الخدشة اما في سنده أو دلالته فالقول
باختصاص وجوبها بوقت وجود الآية كما هو غاية ما يمكن استفادته من هذه الصحيحة لعله أشبه واما الزلزلة فتجب وان لم يطل المكث وتصلى بنية الأداء
وان سكنت كما صرح بذلك ما اعترف به في الجواهر بل عن المقاصد العلية والنجيبة الاجماع عليه لاطلاق أدلته وانتفاء ما يقتضي تقييده
بوقت خاص وحيث لم يثبت لصلواتها وقت محدود فتوصيفها بالأدائية لا يخلو من مسامحة وحكى عن الشهيد في الذكرى أنه قال إن حكم الأصحاب
بان الزلزلة تصلى اذاء طول العمر لا يريدون به التوسعة فان الظاهر كون الامر هنا على الفور بل على معنى انها تفعل بنية الأداء وان أخل بالفورية
لعذر أو غيره في المدارك بعد ان نقل هذه العبارة عن الذكرى قال ما لفظه وما ذكره أحوط وان أمكن المناقشة فيه بانتفاء ما يدل على ثبوت الفورية
هنا على الخصوص والامر المطلق لا يقتضي الفورية كما بيناه مرارا انتهى وهو جيد اللهم الا ان يدعى ظهور خبر سليمان الذي هو عمدة الدليل له في إرادة
الصلاة حالها بشهادة قوله (ع) في ذيل الرواية وإذا فرغت خررت الله ساجدا وتقوى في سجودك يامن يمسك السماوات والأرض ان تزولا الآية يا من يمسك السماء
ان تقع على الأرض الا باذنه امسك أعنا السوء انك على كل شئ قدير ولكنه لا يخلو من تأمل فما ذهب إليه المشهور ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط
ومن لم يعلم بالكسوف حتى خرج الوقت لم يجب القضاء عليه الا ان يكون القرص قد اخترق كله في المدارك قال في شرح العبارة هذا قول معظم الأصحاب
بل في التذكرة انه مذهب الأصحاب عدى المفيد (ره) وفي الحدائق بعد نقل هذه العبارة عن المدارك قال ما لفظه تخصيص الخلاف بالشيخ المفيد (ره) مؤذن
بعدم المخالف سواه والحال ان الخلاف في ذلك منقول عن جميع مشاهير المتقدمين منهم الشيخ علي بن بابويه في الرسالة وابنه في المقنع والسيد المرتضى
في الجمل وأجوبة المسائل المصرية وأبو الصلاح قال شيخنا المفيد عطر الله مرقده في المقنعة إذا احترق القرص كله ولم يكن علمت به حتى أصبحت صليت صلاة
الكسوف جماعة وان احترق بعضه ولم تعلم به حتى أصبحت صليت القضاء فرادى قال في المدارك ولم نقف لهذا التفصيل على مستند انتهى وقال الشيخ
481

علي بن بابويه نور الله ضريحه على ما نقله في الذكرى وإذا انكسفت الشمس أو القمر ولم تعلم فعليك ان تصليها إذا علمت به وان تركتها متعمدا حتى
تصبح فاغتسل وصلها وان لم يحترق كله يحترق كله فاقضها ولا تغتسل ثم قال في الذكر وكذا قال ابنه في المقنع ثم قال اي الشهيد قدس سره وظاهر هؤلاء القضاء
على الجاهل وان لم يحترق جميع القرص ولعله لرواية لم نقف عليها ومثل ذلك نقل في المختلف عن المرتضى وأبي الصلاح انتهى ما في الحدائق وربما
نسب القول بالقضاء مطلقا إلى الحلي وغيره أيضا بل عن جملة منهم دعوى الاجماع عليه ولكنها موهونة بذهاب الأكثر بل المشهور شهرة عظيمة كادت
تكون اجماعا خصوصا بين المتأخرين على ما ادعاه في الجواهر إلى خلف من نفي القضاء عند عدم احتراق القرص وهذا هو الأظهر ويدل عليه اخبار
مستفيضة منها ما عن الكليني والشيخ في الصحيح عن زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) قال إذا انكسفت الشمس كلها واحترقت ولم تعلم ثم علمت
بعد ذلك فعليك القضاء وان لم تحترق كلها فليس عليك قضاء وعن الكليني بعد نقل هذه الرواية قال وفي رواية أخرى إذا علم بالكسوف ونسي
ان يصلي فعليه القضاء وان ليعلم به فلا قضاء عليه هذا إذا لم يحترق كله وعن الصدوق في الصحيح عن محمد بن مسلم والفضيل بن يسار انهما قالا قلنا لأبي
جعفر (ع) أتقضى صلاة الكسوف ومن إذا أصبح فعلم وإذا امسى فعلم قال إن كان القرصان احترقا كلهما قضيت وان كان انما احترق بعضهما فليس
عليك قضاؤه وخبر حريز قال قال أبو عبد الله (ع) إذا انكسف القمر ولم تعلم به حتى أصبحت ثم بلغك فإن كان احترق كله فعليك القضاء وان لم يكن احترق
كله فلا قضاء عليك وعلى ما في هذه الرواية من التفصيل ينزل ما في بعض الأخبار من نفي القضاء (مط) وفي بعض اخر من ثبوته كذلك فمن الأول
خبر الحلبي قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن صلاة الكسوف تقضي إذا فاتتنا قال ليس فيها قضاء وقد كان في أيدينا انها تقضي وصحيحة علي بن جعفر عن
أخيه موسى (ع) قال سئلته عن صلاة الكسوف هل على من تركها قضاء قال إذا فاتتك فليس عليك قضاء وعن مستطرفات السرائر عن جامع البزنطي
عن الرضا (ع) نحوه وخبر زرارة عن أبي جعفر (ع) قال انكسف الشمس وانا في الحمام فعلمت بعدما خرجت فلم اقض ومن الثاني مرسلة حريز عن أبي عبد
الله (ع) قال إذا انكسف القمر فاستيقظ الرجل فكسل ان يصلي فليغتسل من عذر وليقض الصلاة وان لم يستيقظ ولم يعلم بانكساف القمر فليس عليه الا
القضاء بغير غسل وخبر أبي بصير قال سئلته عن صلاة الكسوف قال عشر ركعات وأربع سجدات إلى أن قال فإذا أغفلها أو كان نائما فليقضها فما
عن المفيد وغيره من القضاء مطلقا ضعيف ضرورة عدم صلاحية الخبرين الأخيرين الدالين عليه لمعارضة غيرها من الروايات المفصلة والمطلقة
النافية له مع امكان توجيهها بما عرفت بشهادة ما عرفت بل امكان حملها على الاستحباب أيضا وان تقييدها بصورة احتراق الكل كتقييد اطلاق
خبري الحلبي وعلي بن جعفر النافيين للقضاء بصورة احتراق البعض وبعد وجود الشاهد له أشبه بالقواعد واضعف من الاستدلال بالخبرين
المزبورين للقول المذكور التمسك له بعموم من فاتته فريضة ليقضها كما فاتته ضرورة عدم صلاحية مثل هذا العموم بعد تسليم سنده ودلالته
لمعارضة النصوص الخاصة المستفيضة المصرحة بنفي القضاء فلا يهمنا إطالة الكلام في النقض والابرام في تحقق مفهوم الفوات وصدق اسم
الفريضة على مثل صلاة الآيات التي ثبتت شرعيتها بالسنة لا بالكتاب وعدم انصرافها إلى الفرائض اليومية
المعهودة وصحة الاستدلال بهذه
الرواية الغير الثابتة من طرقنا مع أن للتأمل في كل منها مجالا فليتأمل واما مستند حكم المفيد (ره) بقضائها جماعة عند احتراق القرص كله وفرادى لدى
احتراق بعضه فعله بناء منه على تبعية القضاء للأداء في مثل هذه الأحكام كما ليس بالبعيد وقد ورد في خبر ابن أبي يعفور انه إذا انكسفت الشمس
والقمر فكسف كلها فإنه ينبغي للناس ان يقرعوا إلى امام يصلي بهم وأيهما انكسف بعضه فاته يجزى الرجل ان يصلي وحده مع امكان ان يقال بشمول
هذه الرواية بمقتضى اطلاقه للقضاء أيضا فليتأمل وكيف كان فظاهرها الاستحباب والامر فيه سهلا والله العالم وفي غير الكسوف من الآيات
لم يجب القضاء على من لم يعلم بها حتى خرج وقتها في المدارك قال هذا مذهب الأصحاب الا اعلم فيه مخالفا ثم نقل عن جده في روض الجنان انه احتمل
وجوب القضاء لوجود السبب وعموم قوله (ع) من فاته فريضة فليقضها كما فاتته وضعفه بان السبب انما وجد في الأداء خاصة وقد سقط بفوات
محله والفريضة لا عموم فيها بحيث يتناول موضع النزاع بل المتبادر منها اليومية انتهى وهو جيد ومما يؤيده ما ادعاه من انصراف اطلاق
الفريضة إلى الفرائض اليومية جملة من اخبار الباب مما وقع فيها لفظ الفريضة مقابلا لصلاة الكسوف مثل قوله (ع) إذا وقع الكسوف أو بعض
هذه الآيات فصلها ما لم تتخوف ان يذهب وقت الفريضة فان تخوفت فابدأ بالفريضة ان قال فإذا فرغت من الفريضة (الخ) إلى غير ذلك من
الروايات الآتية في مسألة ما لو وقع الكسوف في وقت فريضة حاضرة فلاحظ ومع العلم والتفريط أو النسيان يجب القضاء في الجميع حتى لو احترق
بعض القرص ونسي الصلاة وفاقا للمحكي عن الأكثر كما في المدارك بل بعض نسبه إلى المشهور اما في الكسوف لدى احتراق تمام القرص
الظاهر في لخلاف فيه ويدل عليه مضافا إلى ذلك فحوى النصوص المتقدمة في الجاهل وما تسمعها في الناسي ومرسل حريز وخبر أبي بصير
المتقدمان وفي خبر محمد بن مسلم المروي عن الخصال وغسل الكسوف إذا احترق القرص كله فاستيقظت ولم تصل فعليك ان تغتسل وتقضي الصلاة والكلام
في وجوب الغسل الوارد في بعض هذه الأخبار أو استحبابه قد تقدم في محله واما عند احتراق البعض فيدل عليه صريحا المرسل المتقدم المروي عن الكليني حيث
قال وفي رواية أخرى إذا علم بالكسوف ونسي ان يصلي فعليه القضاء إلى أن قال هذا إذا لم يحترق كله وموثقة عمار عن أبي عبد الله (ع) في حديث قال إن لم تعلم حتى
482

الكسوف ثم علمت بعد ذلك فليس عليك صلاة الكسوف وان أعلمك أحد وأنت نائم فعلمت ثم غلبتك عينك فلم تصل فعليه قضائها إذا الظاهر في لفرق
بين النسيان وسائر الاعذار ويستفاد حكم العامد من مثل هذه الأخبار بالفحوى مضافا إلى عدم نقل القول بالتفصيل بينهما بنفي القضاء في العامد واثباته
في الناسي ومن غلب عليه النوم ونحوه عن أحد ولا يخفى عليك ان مقتضى الجمع بين الموثقة وغيرها من الروايات المتقدمة الواردة في الجاهل التي وقع فيها التصريح
بالتفصيل بين احتراق وبعض وان نفى القضاء انما هو عند احتراق البعض كما هو صريح مرسية الكليني تنزيل اطلاق الموثقة على صورة احتراق البعض
كما هو الأغلب فقوله وان أعلمك أحد (الخ) انما هو في هذا الفرض الذي لو كان جاهلا بأصل الكسوف لم يكن عليك القضاء فهذه الموثقة بهذه الملاحظة
كالنص في ثبوت القضاء عند احتراق البعض إذا علم بالكسوف في وقته ولم يصل كالمرسلة المزبورة فلا يعارضهما اطلاق قوله (ع) في صحيحة علي بن جعفر إذا فاتتك
فليس عليك قضاء وخبر الحلبي النافي لقضاء صلاة الكسوف عند فواتها (مط) لأنه كما يجب تقييد هذا الاطلاق بما إذا لم يحترق كله جمعا بينه وبين الأخبار
المصرحة بذلك كذلك يجب تقييده بما إذا وقع جهلا بشهادة الموثقة والمرسلة المعتضدتين بالشهرة العظيمة فما في المدارك وغيره من تقوية القول بنفي
القضاء عند عدم استيعاب القرص ولو مع تعمد الترك ضعيف نعم قد يقوى ذلك بالنسبة إلى سائر الأخاويف ان أمكن الالتزام بالتفصيل
إذ لا دليل على القضاء فيها عدى عموم قوله صلى الله عليه وآله من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته وقد عرفت انفا امكان الخدشة في دلالتها على المدعي بانصرافها إلى
اليومية ولكن لم ينقل القول بالتفصيل بينها وبين الكسوف عند في لاستيعاب عن أحد فالقول بثبوت القضاء في الجميع ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه
أحوط اما كيفيتها اجمالا فهي ان يصلي ركعتين في كل ركعة خمس ركعات وسجدتان والقراءة قبل كل ركوع فباعتبار اشتمالها على عشر ركعات
وما قبله من القراءة يصح ان يقال إنها عشر ركعات كما هو الشايع في النصوص وكلمات القدماء كما أنه بملاحظة دخول السجود في مهية الركعة المصطلحة
يقال إنها ركعتان كما تشهر ذلك في كلمات المتأخرين وورد أيضا كذلك في بعض النصوص كخبر عبد الله بن سنان الآتي واما تفصيلها فهو ان يحرم ثم يقرء الحمد و
سورة ثم يركع ثم يرفع فإن كان لم يتم السورة قرء من حيث قطع وان كان اثم قرء الحمد ثانيا ثم قرء سورة حتى يتم خمسا على هذا الترتيب ثم يركع ويسجد اثنين ثم يقوم
ويقرء الحمد وسورة معتمدا ترتيبه الأول ويسجد اثنين ويتشهد ويسلم وهي بهذه الكيفية مما لا خلاف على الظاهر نصا وفتوى في كونها مجزية من جملة النصوص
الدالة عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن عمر بن أذينة عن رهط عن الباقر (ع) والصادق (ع) ومنهم من رواها عن أحدهما (ع) ان صلاة كسوف الشمس والقمر والرجفة
والزلزلة عشر ركعات وأربع سجدات صلاها رسول الله (ص) والناس خلفه في كسوف الشمس ففرغ حين فرغ وقد انجلى كسوفها ورووا ان الصلاة في هذه
الآيات كلها سواء وأشدها وأطولها كسوف الشمس تبدء فتكبر بافتتاح الصلاة ثم تقرء أم الكتاب وسورة ثم تركع ثم ترفع رأسك من الركوع فتقرء أم الكتاب
وسورة ثم تركع الثانية ثم ترفع رأسك من الركوع فتقرء أم الكتاب وسورة ثم تركع الخامسة فإذا رفعت رأسك قلت سمع الله لمن حمده ثم تخر ساجدا فتسجد سجدتين
ثم تقوم فتصنع مثل ما صنعت في الأولى قال قلت وان قرء سورة واحدة في الخمس ركعات ففرقها بينها قال اجزاء أم القران في أول مرة وان قرء خمس سور فمع
كل سورة أم الكتاب والقنوت في الركعة الثانية قبل الركوع إذا فرغت من القراءة ثم تقرء في الرابعة مثل ذلك ثم في السادسة ثم في الثامنة ثم في العاشرة
والرهط الذين رووه الفضيل وزرارة ويزيد بن معاوية ومنها ما عن الكافي في الصحيح عن زرارة ومحمد بن مسلم قالا سئلنا أبا جعفر (ع) عن صلاة الكسوف
كم هي ركعة وكيف نصليها فقال عشر ركعات وأربع سجدات تفتتح الصلاة بتكبيرة وتركع بتكبيرة وترفع رأسك بتكبيرة الا في الخامسة التي تسجد فيها وتقول
سمع الله لمن حمده فيها وتقنت في كل ركعتين قبل الركوع وتطيل القنوت والركوع على قدر القراءة والركوع والسجود فان فرغت قبل ان ينجلي فاقعد وادع
الله حتى ينجلي قبل ان تفرغ من صلاتك فأتم ما بقي وتجهر بالقراءة قال قلت كيف القراءة فيها فقال إن قرأت سورة في كل ركعة فاقرء فاتحة الكتاب وان
نقصت من السورة شيئا فاقرء من حيث نقصت ولا تقرء فاتحة الكتاب قال وكان يستحب ان يقرء فيها الكهف والحجر الا ان يكون اماما يشق على من خلفه وان
استطعت أن تكون صلاتك بارزا لا؟ بيت فافعل وصلاة كسوف الشمس أطول من صلاة كسوف القمر وما سواء في القراءة والركوع والسجود ومنها
ما عن الصدوق في الصحيح قال سئل الحلبي أبا عبد الله (ع) عن صلاة الكسوف كسوف الشمس والقمر قال عشر ركعات وأربع سجدات تركع خمسا ثم تسجد في الخامسة
ثم تركع خمسا ثم تجسد في العاشرة وان شئت قرأت سورة في كل ركعة وان شئت قرأت نصف سورة في كل ركعة فإذا قرأت سورة في كل ركعة فاقرء فاتحة
الكتاب وان قرأت نصف سورة أجزأك ان لا تقرء فاتحة الكتاب الا في أول ركعة حتى تستأنف أخرى ولا تقل سمع الله لمن حمده في رفع رأسك
من الركوع الا في الركعة التي تريد ان تسجد فيها وباسناده عن عمر بن أذينة انه روي أن القنوت في الركعة الثانية قبل الركوع ثم في الرابعة ثم في السادسة
ثم في الثامنة ثم في العاشرة ثم قال وان لم يقنت الا في الخامسة والعاشرة فهو جائز لورود الخبر به وعن الفقه الرضوي قال اعلم يرحمك الله ان صلاة الكسوف
عشر ركعات بأربع سجدات تفتتح الصلاة بتكبيرة واحدة ثم تقرء الفاتحة وسورة طولى وطول في القراءة والركوع والسجود ما قدرت فإذا فرغت من
القراءة ركعت ثم رفعت رأسك بتكبير ولا تقول سمع الله لمن حمده وتفعل ذلك خمس مرات ثم تسجد سجدتين ثم تقوم فتصنع مثل ما صنعت في الركعة الأولى
ولا تقرء سورة الحمد الا إذا انقضت السورة فإذا بدأت بالسورة بدأت بالحمد وتقنت بين كل ركعتين وتقول في القنوت ان الله يسجد له من في السماوات
483

ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم الشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب اللهم صل على محمد وال محمد اللهم لا تعذبنا بعذابك
ولا تسخط علينا بسخطك ولا تهلكنا بغضبك ولا تأخذنا بما فعل السفهاء منا واعف عنا واغفر لنا واصرف عنا البلاء يا ذا المن والطول ولا تقول
سمع الله لمن حمده الا في الركعة التي تريد ان تسجد فيها تطول الصلاة حتى ينجلي وان انجلى وأنت في الصلاة فخفف وان صليت وبعد لم ينجل فعليك
الإعادة والدعاء والثناء على الله وأنت مستقبل القبلة وعن دعائم الاسلام عن جعفر بن ممد (ع) قال صلاة الكسوف في الشمس والقمر عند الآيات واحدة
وهي عشر ركعات وأربع سجدات يفتتح الصلاة بتكبيرة ويقرء بفاتحة الكتاب وسورة طويلة ويجره فيها بالقراءة ثم يركع يلبث راكعا مثل ما قرء ثم يرفع رأسه
ويقول الله أكبر وساق الحديث قريبا مما مر وعنه أيضا قال روينا عن جعفر بن محمد انه رخص في تبعيض السورة في صولة الكسوف وذلك أن يقرء ببعض
السورة ثم يركع ويرجع إلى الموضع الذي قرء منه قال (ع) فان قرء بعض السورة لم يقرء بفاتحة الكتاب الا فاولها وإذا قرء السورة في كل ركعة كان أفضل
وفي مستطرفات السرائر نقلا عن جامع البزنطي صاحب الرضا (ع) قال سئلته عن صلاة الكسوف ما حده قال متى أحب ويقرء ما أحب غير أنه يقرء ويركع
ويقرء ويركع أربع ركعات ثم يسجد في الخامسة ثم يقوم فيفعل مثل ذلك قال وسئلته عن القراءة في صلاة الكسوف هل يقرء في كل ركعة بفاتحة الكتاب
قال قال لي إذا ختمت سورة وبدأت بأخرى فاقرء بفاتحة الكتاب وان قرأت سورة في ركعتين أو ثلاث فلا تقرء بفاتحة الكتاب حتى تختم السورة ولا تقل
سمع الله لمن حمده في شئ من ركوعك الا في الركعة التي تسجد فيها وعن علي بن جعفر في كتابه عن أخيه مثله وعن عبد الله بن جعفر في قرب الإسناد
بأسناده عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (ع) مثله وخبر أبي بصير قال سئلته عن صلاة الكسوف فقال عشر ركعات وأربع سجدات تقرء في كل
ركعة منها مثل سورة يس والنور ويكون ركوعك مثل قرائتك وسجودك مثل ركوعك قلت فمن لم يحسن يس وأشباهها قال فليقرء ستين اية في كل
ركعة فإذا رفع رأسه من الركوع فلا يقرء بفاتحة الكتاب قال فان أغفلها أو كان نائما فليقضها وترك التعرض لوجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة مع
سورة يس وأشباهها لعله لمعهودية اعتبار فاتحة الكتاب في كل ركعة كغيرها مما يعتبر في ركعات مطلق الصلاة مما لا حاجة إلى بيانها في مثل هذه الرواية
المسوقة لبيان الخصوصيات المعتبرة في هذه الصلاة دون الأمور المشتركة بينها وبين غيرها من الصلوات ولذا احتج إلى النهي عن قراءة الفاتحة عند رفع
رأسه من الركوع في جواب سؤاله حيث امره بقراءة ستين اية التي ليست بسورة كاملة وكيف كان فهذه الرواية وان لم تخل من اجمال ولكن الأخبار المتقدمة
مبينة لها فلا منافاة بينها وبين تلك الروايات مما فيها من الامر بقراءة الستين اية كالأمر بقراءة السور الطوال محمول على الاستحباب
بشهادة غيرها من الأخبار ولا يبعد ان يكون المراد بستين اية ما يعم المؤلف من عدة سور من القصار بالغة هذا الحد وما ورد من النهي عن القران
بين سورتين في المكتوبة يمكن دعوى انصرافه إلى الفرائض اليومية والله العالم واما ما رواه الشيخ بأسناده عن أبي البختري عن أبي عبد الله (ع) أنه قال إن
عليا (ع) صلى في كسوف الشمس ركعتين في اربع سجدات وأربع ركعات قال فقرء ثم ركع ثم رفع رأسه ثم قرء ثم ركع ثم قام فدعا مثل ركعتيه ثم سجد
سجدتين ثم قام ففعل مثل ما فعل في الأولى في قرائته وقيامه وركوعه وسجوده سواء وعن يونس بن يعقوب قال قال أبو عبد الله (ع) انكسف القمر فخرج
أبي وخرجت معه إلى المسجد الحرام فصلى ثمان ركعات كما يصلى ركعة وسجدتين فلا بد من رد علمهما إلى أهله بعد اعراض الأصحاب عنهما وعدم صلاحيتهما
لمعارضة ما عرفت وقد حملهما الشيخ على التقية لموافقتهما مذهب العامة ثم إن الكلام فيما اشتملت عليه الأخبار المزبورة يقع في مواضع الأولى ان
ظاهرها انه مهما ركع عن اكمال السورة وجب عند الرفع منه فيما عدى الركعة التي ستجد فيها إعادة الحمد وهذا هو المشهور بين الأصحاب على ما صرح به
في الحدائق وغيره بل عن بعض دعوى الاجماع عليه وحكى عن الحلي انه لم يوجب ذلك بل قال يستحب له
قراءة الحمد في الصورة المذكورة محتجا بان
الركعات كركعة واحدة واعترضه المحقق في المعتبر على ما حكى عن بأنه خلاف فتوى الأصحاب والمنقول عن أهل البيت (ع) وهو جيد وعن الشهيد في
الذكرى أنه قال فان احتج ابن إدريس برواية عبد الله بن سنان عن الصادق (ع) قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فصلى ركعتين فقرء سورة
ثم ركع فأطال الركوع ثم رفع رأسه فقرء سورة ثم ركع فعل ذلك خمس مرات قبل ان يسجد ثم سجد سجدتين ثم قام في الثانية ففعل مثل ذلك فكان
له عشر ركعات وأربع سجدات والتوفيق بينها وبين باقي الروايات بالحمل على استحباب قراءة الفاتحة مع الاكمال فالجواب ان تلك الروايات
اشهر وأكثر وعمل الأصحاب بمضمونها فتحمل هذه الرواية على أن الرواية ترك ذكر الحمد للعلم به ليتوافق تلك الروايات الأخر انتهى أقول لو اغمض
النظر عن معارضة الأخبار أيضا لتعين حمل هذه الرواية على أن ترك التعرض لذكر الحمد لمعهوديته وعدم الحاجة إلى ذكره أورد علمها إلى أهله و
الا لدلت على عدم اعتبار الفاتحة حتى في الركعة الأولى والسادسة أيضا مع أنه لا خلاف بيننا في أنه لا صلاة الا بفاتحة الكتاب هذا مع ما في
الخبر المزبور من الشذوذ والارسال فقال صاحب الحدائق لم أقف على هذه الرواية الا في كتاب الذكرى فإنه لم ينقلها صاحب الوافي الجامع الأخبار
الكتب الأربعة ولا صاحب الوسائل مع جمعة لما زاد عنها ولا شيخنا المجلسي في البحار مع تعديه لنقل جملة الأخبار الثاني انه يستفاد من
الأخبار المزبورة التخيير بين قراءة سورة كاملة في كل ركعة وبين تفريق سورتين على العشر ركعات بان يكون في كل خمس سورة أو تفريقها على ركعتين
أو ثلاث كما هو صريح صحيحة البزنطي وظاهر صحيحة الحلبي فما عن الذكرى وغيره من احتمال حصر التبعيض في توزيع سورة على الخمس ضعيف جدا الثالث
484

انه متى ركع عن بعض سورة قرء لدى الرفع من الركوع من حيث قطع من دون إعادة الحمد فهل ترك الحمد (ح) غريمه كما هو ظاهر الأكثر أو رخصة كما عن صريح بعض
وظاهر آخرين حيث عبروا بلفظ لا يجب أو لا يلزم أو لا يحتاج وجهان أحوطهما ان لم يكن أقواهما الأولى للنهي عنها في جملة من الروايات المزبورة
واستظهر شيخنا المرتضى (ره) كونه رخصة بدعوى ورود نواهي القراءة في مقابله الامر بها مع اكمال السورة في السابق وربما يؤيده أيضا التعبير
بلفظ الاجزاء في صحيحتي الحلبي والرهط ولكن سوق الأخبار الناهية يشعر بإرادة التوظيف لا محض الرخصة في الترك فان قوله (ع) في صحيحة الحلبي وان قرأت
سورة في ركعتين أو ثلاث فلا تقرأ فاتحة الكتاب حتى تختم السورة وكذا قوله في صحيحة محمد بن مسلم وان نقصت من السورة فاقرء من حيث نقصت ولا تقرأ
فاتحة الكتاب ظاهر في إرادة البناء على ما مضى وترك الاتيان بالفاتحة في خلالها والتعبير بلفظ الاجزاء الواقع في بعض الأخبار غير صالح لرفع
هذا الظهور فليتأمل وقد ظهر بما أشرنا إليه من أن مفاد الأخبار انما هو جواز تفريق سورة على ركعتين فما زاد وانه مهما ركع عن بعض سورة قرء
لدى الرفع من الركوع من موضع القطع ضعف ما حكى عن الشهيدين من تجويز ان يقرء من تلك السورة من غير موضع قطعها اخذا باطلاق قوله (ع)
في خبر أبي بصير فليقرء ستين اية وفي صحيحة الحلبي وان شئت قرأت نصف سورة في كل ركعة وفيه مع أن الاطلاق مسوق لبيان حكم اخر يجب تقييده بقوله
فاقرأ من حيث نقصت ونظيره في الضعف ما استظهره شيخنا المرتضى (ره) من جواز القراءة من وسط السورة أو اخرها في القيام الأول بعد قراءة
الفاتحة لما أشرنا إليه من أن المنساق من الأخبار انما هو جواز توزيع سورة على الركعات محافظا على نظمها وترتيبها حتى يختمها في سائر الركعات لا
التبعيض مطلقا كيفما اتفق وقد ظهر أيضا بما ذكر ضعف ما حكى عن المبسوط والنهاية والشهيدين من تجويز رفض السورة التي ركع عن بعضها و
العدول إلى سورة أخرى فيقرأها كلا أو بعضا تمسكا باطلاق الخبرين المزبورين الذي عرفت ما فيه وانه بعد تسميه يجب تقييده بقوله وان نقصت
من السورة فاقرء من حيث نقصت الرابع مقتضى اطلاق النصوص والفتاوى جواز تكرير سورة واحدة في جمع الركوعات بان يقرء في كل منها
الحمد وسورة التوحيد مثلا فقوله (ع) في ذيل صحيحة الرهط فان قرء خمس سور فمع كل سورة أم الكتاب جار مجرى التعبير أريد به ما يقابل توزيع سورة واحدة
على الخمس ركعات لا خمس سور متغايرة كما يوهمه في بادي الرأي وكذا قوله (ع) في صحيحة البزنطي إذا ختمت سورة وبدأت بأخرى فاقرء بفاتحة الكتاب سبق
في مقابل قوله (ع) وان قرأت سورة في ركعتين أو ثلاث فلا تقرء بفاتحة الكتاب
حتى تختم السورة لا ما يقابل إعادة تلك السورة بعد ختمها كما لا يخفى الخامس ظاهر كلمات الأصحاب بل صريحها التسالم على أن
كلا من الخمس ركعات الواقعتين قبل السجدتين وبعدهما بمنزلة ركعة من الفريضة الثنائية في وجوب اشتمالها على فاتحة الكتاب وسورة فلا يجوز الاجتزاء
بقراءة الفاتحة مرة في أولها وتوزيع سورة على مجموع العشر ركعات بل لا بد في الخمسة الثانية أيضا من قراءة الفاتحة وسورة كما في كل ركعتين من الثنائية
ومن هنا يتعين الاتيان بها في أول الركعات الخمس اي الركعة السادسة التي يقوم إليها من السجدتين بلا نقل خلاف في ذلك عدى ما حكى عن العلامة
من أنه احتمل ضعيفا جواز ترك الفاتحة في السادسة فيما لو ركع الخامسة عن بعض سورة فقال ما لفظه الأقرب انه يجوز ان يقرء في الخمس سورة و
بعض أخرى فإذا قام في الثانية فالأقرب وجوب الابتداء بالحمد لأنه قيام من سجود فوجب فيه الفاتحة ثم قال ويحتمل ضعيفا ان يقرء من الموضع
الذي انتهى إليه أولا من غير أن يقرء الفاتحة لكن يجب ان يقرء الحمد في الثانية حيث لا يجوز الاكتفاء بالحمد مرة في الركعتين انتهى وفي الحدائق
بعد ان نقل هذه العبارة عن العلامة قال ما لفظه يمكن ترجيح ما استضعفه بقوله (ع) في صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم وان نقصت من السورة شيئا فاقرء
من حيث نقصت ولا تقرء فاتحة الكتاب وقوله (ع) في كتاب الفقه الرضوي ولا تقرء سورة الحمد الا إذا انقضت السورة وقوله (ع) في صحيحة البزنطي
وعلي بن جعفر فلا تقرء فاتحة الكتاب حتى تختم السورة فان الجميع كما ترى ظاهر في أنه ما لم يتم السورة التي بعضها فلا يقرء فاتحة الكتاب وانه يجب القراءة
من موضع القطع والاخبار المذكورة بعمومها شاملة لموضع المسألة انتهى أقول لو سلمنا عموم الأخبار المزبور
لمحل ولم الكلام ولم نقل بانصرافها
أو بانصرافها أو صرفها عن ذلك بشئ من القرائن التي سنشير إليها لاتجه الالتزام بجواز ترك القراءة في جميع الخمس ركعات فيما إذا لم يختم السورة التي ركع عن بعضها
في خامسة الأولى الا في العاشرة اخذا بعموم الأخبار المزبورة اللهم الا ان يدعي قصور الأخبار المزبورة اللهم الا ان يدعي قصور الأخبار المزبورة عن اثبات جواز تفريق سورة بين الخمسة
الأولى أو الثانية وما عداها مما يمكن التمسك باطلاقه لما نحن فيه لم تدل على أزيد من جواز ان يقرء سورة في ركعتين أو ثلاث وتنزيل الركعتين أو
الثلاث الواردين في النص على إرادة التمثيل لا يقتضي تجويز التعدي إلى الست والسبع مثلا المستلزم لجواز خلو الخمسة الأخيرة عن سورة تامة فليتأمل
والذي يقتضيه التحقيق هو ان مغروسية كون هذه الصلاة باعتبار سجداتها بمنزلة ركعتين في الأذهان بل كونها ركعتين حقيقة في عرف المتشرعة
ومعهودية اعتبار فاتحة الكتاب في ابتداء القراءة في كل ركعة مانعة عن استفادة هذا النحو من التفريق المستلزم لتقديم قراءة شئ من القران
المعتبر في ركعات الصلاة على فاتحتها من تلك المطلقات بل قد يقال بظهور قوله (ع) في صحيحة الحلبي وان قرأت نصف سورة أجزأت ان لا تقرء
فاتحة الكتاب الا في أول ركعة حتى تستأنف أخرى في المدعي اي تعيين قراءة الفاتحة في السادسة فان ظاهرها وجوبها في أول ركعة من الركوعات
الخمس في كل ركعة لا مجموع الشعرة فان ذكر هذه الفقرة عقيب قوله (ع) تركع خمسا ثم تسجد في الخامسة ثم تركع خمسا ثم تسجد في العاشرة يجعلها بمنزلة
485

ما لو قال تركع خمسا مرتين مرة قبل السجدتين ومرة بعدهما فإذا قرأت سورة في ركعة من تلك الركعات الخمس المأتي بها مرة قبل السجدتين وأخرى
بعد السجدتين فاقرء فاتحة الكتاب وان قرأت نصف سورة أجزأك ان لا تقرء فاتحة الكتاب الا في أولها حتى تختم تلك السورة وتستأنف أخرى وبهذا ظهر
ما في كلمات غير واحد من الاستدلال للمدعي بقوله حتى يستأنف أخرى بدعوى ظهوره في إرادة ركعة أخرى من الركعتين المشتمل كل منهما على خمس ركوعات
لما أشرنا إليه من أن المنساق منه إرادة سورة أخرى لا ركعة أخرى فليتأمل وربما يستدل له أيضا بقوله (ع) في صحيحة الرهط أجزأه أم القران
في أول مرة إذا المراد بها أول مرة من المرات الخمس كما هو ظاهر السؤال بل صريحها وفيه ان المفروض في كلام السائل وقوع التفريق على الركعات الخمس
ففي مثله لا كلام في وجوب الفاتحة في أول مرة منها سواء كان في الخمسة الأولى أو الثانية فمن الجائز ان يكون اعتبار الفاتحة في أول المرة الثانية في مثل الفرائض
باعتبار وقوع الشروع في ا لسورة فيه لا من حيث هو اللهم الا ان يقال إن ذكر هذه الفقرة بعد قوله (ع) ثم تقوم فتصنع مثل ما صنعت في الأولى بجعلها
ظاهرة في ذلك حيث يفهم من تلك الفقرة استقلال كل من الخمس ركعات الواقعتين قبل السجدتين وبعدهما بالملاحظة وكون الثانية كالأولى فيما يجب
فيها من القراءة ولا شبهة في أن تعين قراءة الفاتحة في الركعة الأولى من الخمسة الأولى انما هو باعتبار تقدمها من حيث هي في الرتبة على السورة المعتبرة فيها
فكذا في الثانية وكيف كان فعمدة المستند لاثبات وجوب قراءة الفاتحة وسورة كاملة في الخمسة الأخيرة
وتعين كون الفاتحة في الركعة الأولى منه مضافا إلى عدم نقل خلاف يعتد به فيه بل دعوى الاجماع عليه هي ما تقدمت الإشارة إليه من أن
الفصل بين الخمسة الأولى والثانية بالسجدتين وذكر سمع الله عقيب الخامسة والعاشرة والتشهد والتسلم بعد السجدتين الأخيرتين وغير ذلك مما
يجعلها بمنزلة الركعتين من الفريضة الثنائية مانع عن استفادة جواز هذا النحو من التفريق الذي هو محل الكلام من اطلاقات أدلته الواردة مورد
حكم اخر فيشكل (ح) التمسك لجواز ان يركع الخامسة أو العاشرة عن بعض سورة بتلك المطلقات كي يعمه النهي عن قراءة الفاتحة حتى يختمها ولا ينافي
ذلك عموم ما دل على جواز ان يقرء في كل ركعة نصف سورة أو ثلثها إذ كما يتعين في الركعة الأولى الجزء الأول من السورة يجوز ان يتعين عليه في الخامسة
والعاشرة أيضا الجزء الأخير منها فما عن الشهيد في الألفية من أنه قال وفي الخامس والعاشر يتمها مع أنه أحوط لا يخلو من وجه حيث إن المرجع لدى قصور
ما دل على جواز هذا النحو من التبعيض اطلاق الامر بقراءة الفاتحة وسورة تامة في كل ركعة إذ لا يجوز رفع اليد عنه الا بالتبعيض الذي فهم جوازه
من أدلته والله العالم ويستحب فيها الجماعة في المدارك هذا قول علمائنا أجمع قاله في التذكرة ويدل عليه قوله (ع) في صحيحة الرهط المتقدمة
ان رسول الله صلى الله عليه وآله صلى بأصحابه صلاة الكسوف وأقل مراتب ذلك الاستحباب ويدل على جواز الانفراد ما رواه الشيخ عن روح بن عبد الرحيم قال
سئلت أبا عبد الله (ع) عن صلاة الكسوف تصلي جماعة قال جماعة وغير جماعة أقول يدل عليه أيضا مضافا إلى الأصل خبر محمد بن يحيى الساباطي
عن الرضا (ع) قال سئلته عن صلاة الكسوف تصلي جماعة أو فرادي قال اي ذلك شئت ويتأكد استحباب الجماعة إذا استوعب الاحتراق لما رواه
الشيخ عن عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع) قال إذا انكسف الشمس والقمر فإنه ينبغي للناس ان يفزعوا إلى امام يصلي بهم وأيهما كسف بعضه
فإنه يجزي الرجل ان يصلي وحده ولعل ما ذكرناه من تأكد الاستحباب لدى احتراق الكل وعدمه لدى احتراق البعض هو المراد بما حكى عن الصدوقين
من أنهما قالا إذا احترق القرص كله فصلها في جماعة وان احترق بعضه فصلها فرادى والا فلو أراد ظاهره من نفي مشروعيتها الا كذلك في غاية
الضعف ثم إن الظاهر كما هو صريح غير واحد منهم في لفرق في استحباب الجماعة في هذه الصلاة مطلقا سواء كانت مؤداة أم مقضية واجبة أم مندوبة
كما لو كانت معادة حسبما ستعرف من استحباب اعادتها ما دام السبب باقيا وما ستسمعه من عدم مشروعية الجماعة في النوافل انما هو فيما إذا كانت
نافلة بالذات لا في مثل المقام كما ستعرف واما كيفيتها فهي انه ان أدرك الامام قبل الركوع الأول بل وفي أثنائه أيضا فقد أدرك الركعة كما ستعرفه
في مبحث الجماعة واما ان ادركه بعد رفع رأسه من الركوع فقد فاتته تلك الركعة على ما نص عليه المصنف في المعتبر والعلامة في جملة من كتبه على ما
حكى عنهما بل ربما نسب إلى المشهور فيلحق به في الثانية فيتم ركعة معه جماعة وينفرد بعد التسليم أو قبله فيتم صلاته واحتمل العلامة في التذكرة
جواز الدخول معه في هذه الحالة فإذا سجد الإمام لم يسجد هو بل ينتظر الامام إلى أن يقوم فإذا ركع الامام أول
الثانية ركع معه عن ركعات الأولى
فإذا انتهى إلى الخامس بالنسبة إليه سجد ثم لحق الامام ويتم الركعة قبل سجود الثانية أقول لو جاز التخلف عن الامام باتمام الركعات قبل سجود
الثانية لجاز ذلك قبل سجود الأولى كلا لا تفوته المتابعة في السجود وربما احتمل جوازه بكيفيات اخر أيضا ولكن ولا يخلو شئ منها عن المخالفة
للامام في افعال كثيرة منافية لمهية الايتمام فيشكل الجزم بصحتها مع هذه المخالفات من غير ضرورة مقتضية لها فإنه ليس الا كما لو ائتم في فريضة ثلاثية
أو رباعية بثنائية أو بالأخيرتين من الرباعية فاقحم ركعة أو ركعتين في خلال ركعات الامام ثم لحق به هذا إذا لم يتابع الامام في سجداته والا فهو كما
لو ائتم به في ثنائية برباعية أو ثلاثية فاتى بالزائد تبعا إذ لا ينقص كل ركعة من الركعات العشرة المعتبرة في هذه الصلاة عن الركعات التامة الا
بسجدتين وهذا ليس له اثر بين في لمنع عن تحقق مفهوم الايتمام عرفا خصوصا إذا كان ما فاتته من الركوعات أكثر من واحد وستعرف في بحث الجماعة
ان هذا المقدار من التخلف خصوصا مع العمد كما هو محل الكلام مانع عن الايتمام وكيف كان فما هو المشهور ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط
486

والله العالم ويستحب أيضا إطالة الصلاة ما دام بقاء سببها خصوصا في كسوف الشمس كما يدل عليه خبر القداح عن جعفر عن أبيه عن ابائه قال
انكسفت الشمس في زمان رسول الله (ص) فصلى بالناس ركعتين وطول حتى غشى على بعض القوم ممن كان وراه من طول القيام وعن الصدوق
مرسلا قال انكسفت الشمس على عهد أمير المؤمنين (ع) فصلى بهم حتى كان الرجل ينظر إلى الرجل قد ابتلت قدمه من عرقه وعن المفيد في المقنعة مرسلا
قال روي عن أمير المؤمنين (ع) انه صلى بالكوفة صلاة الكسوف فقرء فيها بالكهف والأنبياء ورددها خمس مرات وأطال في ركوعها حتى سال العرق على اقدام
من كان معه وغشى على كثير منهم ويدل عليه أيضا جملة من الروايات المتقدمة مما ورد فيها الامر بقراءة السور الطوال مثل يس والنور وأن يكون ركوعه وسجوده
مثل قرائته كما في خبر أبي بصير وفي صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم الامر بإطالة القنوت والركوع على قدر القراءة مع ما في ذيلها من التصريح باستحباب ان
يقرء فيها الكهف والحجر الا ان يكون اماما يشق على من خلفه وان صلاة كسوف الشمس أطول من صلاة كسوف القمر إلى غير ذلك من الروايات التي يستفاد منها ما
وقع التصريح به في عبارة الفقه الرضوي حيث قال وطول في القراءة والركوع والسجود ما قدرت وينبغي تقييدها بما دام بقاء السبب كما تقدمت
الإشارة إليه بشهادة الأخبار الآتية المشعرة أو الظاهرة في اختصاص مطلوبية الإطالة بذلك كما وقع التصريح به في الفقه الرضوي حيث قال وتطول
الصلاة حتى ينجلي وان انجلى وأنت في الصلاة فخفف ولا ينافي ما في الصحيحة المزبورة من استثناء ما لو شق على من خلفه ما حكى من فعل رسول
الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين (ع) لأن الإطالة ومراعاة حال المؤمنين من قبيل المستحبات المتزاحمة التي قد يكون مراعاة الأول في خصوص بعض الموارد أولى بل
قد يكون المأمومين كلهم أو جلهم في مثل هذه الصلاة التي يندر الابتلاء بها ويرجى كونها مؤثرة في رفع الشر الذي يخافون منه تطيب نفوسهم بتحمل
مشقتها وان بلغت إلى حد يعرضهم الغشوة من اطالتها فلا تصلح (ح) مزاحمة الحسن الإطالة فيحتمل كون مورد الأخبار المزبورة من هذا القبيل بمقتضى
ظاهر حالهم والله ورسوله ووصيه اعلم والأولى بل الأفضل تحديد الإطالة بكونها بمقدار زمان الكسوف بلا خلاف فيه بل عن غير واحد
دعوى الاجماع على استحباب اطالتها بمقدار زمان الكسوف ويدل عليه مضافا إلى ذلك موثقة عمار عن أبي عبد الله (ع) قال إن صليت الكسوف
إلى أن يذهب الكسوف عن الشمس والقمر وتطول في صلاتك فان ذلك أفضل وان أجبت ان تصلى فتفرغ من صلاتك قبل ان يذهب الكسوف
فهو جائز وقوله (ع) في صحيحة الرهط ان صلاة كسوف الشمس والقمر والرجفة والزلزلة عشر ركعات وأربع سجدات صلاها رسول الله صلى الله عليه وآله و
الناس خلفه في كسوف الشمس ففرغ حين فرغ وقد انجلى كسوفها ونوقش في دلالة هذه الصحيحة بامكان وقوعه من باب الاتفاق فلا يستكشف
منه استحباب الإطالة إلى هذا الحد من حيث هو وأجيب بان تعرض الامام لنقل هذه الخصوصية يكشف عن ملحوظيتها لديهم والا فالأمور
الاتفاقية لا ينحصر بذلك ولا داعي إلى نقلها أقول يمكن ان يكون التعرض لنقلها لبيان رجحان الإطالة من حيث هي فدلالتها
على رجحان اطالتها من حيث هي مما لا ينبغي الارتياب فيه واما كونها محدودة بهذا الحد من حيث هو فدلالتها عليه
قابلة للمنع وكيف كان فيستشعر من هذه الصحيحة وكذا في المناسبات المقتضية لشرع هذه الصلاة التي وقع التصريح بها في سائر الأخبار أطراف
هذا الحكم في سائر صلاة الآيات لا في خصوص الكسوفين وربما يستدل له أيضا بقوله (ع) في صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم كل أخاويف السماء من
ظلمة أو ريح أو فزع فصل له صلاة الكسوف حتى يسكن وهو متجه بناء على كون الغاية غاية لفعل الصلاة وهو محل نظر كما عرفته فيما تقدم تنبيه
قد ذكر غير واحد انه انما يتم استحباب التطويل إلى الذهاب مع العلم بذلك أو الظن الحاصل من اخبار رصدي أو غيره واما بدونه فربما كان التخفيف
ثم الإعادة مع في لانجلاء أولى لما في التطويل من التعرض لخروج الوقت قبل الاتمام وزاد في المحكي عن الفوائد الملية خصوصا على القول
بان اخره الاخذ في الانجلاء فإنه محتمل في كل ان من انات الكسوف وأصالة في لانجلاء لا تدفع هذه الفريضة وفي المسالك قال يمكن عموم
استحباب الإطالة وان لم يتفق موافقة القدر لأصالة البقاء أقول إن سلمنا جريان اصالة البقاء في مثل هذه الأمور الغير القارة فهي غير
مجدية في رفع حسن الاحتياط بترك الإطالة المعرضة لوقوع الفريضة في خارج وقتها ولكن هذا انما يتم على ما هو المشهور عندهم من تحديد
وقت أداء هذه الصلاة شروعا وختما بحال وجود الآية واما على ما قوينا تبعا لجملة من المتأخرين من كون التوقيت بملاحظة حال التلبس فلا مانع
عن التطويل حتى مع العلم بحصول الانجلاء قبل الفراغ ان لم ينعقد الاجماع على خلافه كما تقدمت الإشارة إليه فيما سبق فتخرج (ح) الروايات
الدالة على استحباب الإطالة مؤيده للمختار لأن تنزيل اطلاق الخبار الامرة بقراءة السور الطوال وتطويل الركوع والسجود بقدر القراءة على صورة
الوثوق ببقاء الآية تنزيل على فرض نادر خصوصا لو قلنا بخروج وقتها بالاخذ في الانجلاء مع أن الأخبار الحاكية لفعل النبي صلى الله عليه وآله والوصي (ع) ظاهرها
تحقق الانجلاء قبل تحقق الفراغ وهو ينافي الالتزام بوجوب اتمامها قبل حصول الانجلاء اللهم الا ان يقال إن هذا اي وجوب الاتمام قبل
تحقق الانجلاء انما هو لدى العلم بضيق الوقت على أدائها طويلة واما لو احتمل كما هو الغالب في مواردها فلا مانع عن الالتزام بجوازها
بل رجحانها تعويلا على اصالة البقاء كما سمعته عن الشهيد واما ما أوردنا عليه من أن الإطالة في مثل الفرض تنافي مراعاة الاحتياط
في الوقت الذي لا شبهة في رجحانه عقلا ونقلا فيمكن التفصي عنه بأنه يستفاد من اطلاق هذه الأخبار ان ادراك فضيلة الإطالة لدى الشارع أهم
487

من مراعاة الاحتياط في الوقت نعم لو قلنا ببطلان الفريضة لو حصل الانجلاء قبل الفراغ منها كما هو صريح بعض لاتجه الالتزام بمرجوحية الإطالة
لدى في لوقوف بسعة الوقت إذ لا يبعد دعوى القطع بعدم مكافئة فضيلة الإطالة مع امكان تداركها بالإعادة قبل حصول الانجلاء لحسن
الاحتياط في صيانة الفريضة عن أن يعرضها البطلان ولكن لا يجب عل المشهور الالتزام ببطلانها في مثل الفرض بل الأولى على المشهور أيضا وجوب اتمامها في مثل الفرض وان قلنا بان وقت أدائها ليس
الا حال وجود الآية الا لمجرد الامر بإتمامها لو حصل الانجلاء قبل الفراغ في بعض الأخبار الآتية بل لما عرفت فيما سبق من أنه لدى سعة الكسوف لأداء
أقل الواجب من صلاته وحصول العلم به في وقته يجب أدائها في الوقت وقضائها في خارجه فيكون حاله لدى اختيار الإطالة الموجبة لخروج الوقت
حال من قرء عند ضيق وقت الحاضرة بظن السعة أو تعويلا على اصالة البقاء سورة طويلة موجبة لخروج الوقت وقد عرفت في محله صحة هذه
الصلاة وحرمة قطعها فكذا في المقام فلا يبعد (ح) الالتزام بعدم صلاحية حسن الاحتياط في مراعاة الوقت لمزاحمة أفضلية التطويل التي اقتضتها
اطلاقات أدلتها ولذا جعلنا تلك الأدلة مؤيدة للمختار لا دليلا عليه فليتأمل وكذا يستحب ان يبعد الصلاة ان فرغ قبل الانجلاء بلا خلاف يعتد
به فيه عدى ما حكى عن الديلمي في المراسم وأبي الصلاح في الكافي من أنهما قالا عليه الإعادة وهذا ظاهره الوجوب ولكنه يحتمل قويا ارادتهما الاستحباب
لشيوع إرادة الاستحباب من مثل هذه العبارة في كلمات القدماء وعن الحلي نفي الوجوب والاستحباب جميعا كالمحكي عن الجمهور وهو محجوج بمخالفة النص
والاجماع المدعي في كلمات غير واحد ويدل على المشهور قول الصادق (ع) في صحيح معاوية بن عمار إذا فرغت قبل ان ينجلي فأعد وهذا وان كان ظاهره الوجوب
ولكن يجب حمله على استحباب جمعا بينه وبين قوله في موثقة عمار المتقدمة وان أحببت ان تصلي فتفرغ من صلاتك قبل ان يذهب الكسوف فهو جائز
وقوله (ع) في صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم المتقدمة فان فرغت قبل ان ينجلي فاقعد وادع الله حيث ينجلي والمرسل المروي عن الدعائم عن علي (ع) انه صلى صلاة
الكسوف فانصرف قيل إن ينجلي وجلس في مصلاه يدعو ويذكر الله وجلس الناس معه كذلك يدعون حتى انجلت واختار في الحدائق الجمع بين الأخبار
بالحمل على الوجوب التخييري بين الإعادة والدعاء زاعما في لتنافي بينه وبين قوله في الموثقة وان أحببت (الخ) وفيه ان المنساق من الموثقة و
لو من باب السكوت في مقام البيان إرادة الفراغ عن صلاته التي أوجبها الكسوف اي الفراغ عن أداء ما فرض عليه بسبب الكسوف لا خصوص
ذلك الشخص من الصلاة خصوصا مع ما في الخبر من التعبير بأفضلية الاشتغال بالصلاة وإطالتها إلى أن يذهب الكسوف وتعليق الفراغ بمحبته
التي لا يناسبها بقاء ذمته مشغولة بإعادتها عينا أو تخييرا بل لا ينسبق من اطلاق اسم الفراغ من صلاته على الاطلاق الا إرادة فراغ ذمته عن عهدة التكليف بها على الاطلاق والحاصل ان هذه الموثقة في غاية الظهور في إرادة الفراغ عن عهدة ما كلف به مع أن ظاهر كل من الخبرين الامرين بالإعادة
والجلوس داعيا لله الوجوب العيني وصرفهما إلى التخيير ليس بأقرب عرفا من حملهما على الاستحباب خصوصا مع مخالفته للشهرة بل الاجماع المركب
كما ادعاه في الجواهر نعم ربما يشهد له عبارة الفقه الرضوي حيث قال وان صليت وبعدم لم ينجل فعليك الإعادة والدعاء والثناء على الله وأنت
مستقبل القبلة ولكن لا تعويل على الرضوي مع أن حمل هذه العبارة أيضا على الاستحباب أهون من حمل الموثقة على إرادة الخروج من خصوص ذلك
الفرد من الصلاة وكذا يستحب ان يكون ركوعه بمقدار زمان قرائته بل وكذا سجوده وقنوته وان يقرء السور الطوال كما وقع التصريح بجميع ذلك
في الأخبار المزبورة وعن الدعائم مرسلا قال روينا عن علي (ع) انه قرء في الكوفة سورة من المثاني وسورة الكهف وسورة الروم ويس والشمس
وضحيها وليس في هذا شئ مؤقت وقد قال قبيل ذلك ان المثاني أولها البقرة واخرها براءة وكان قرائته (ع) الشمس وضحيها مع قصرها للمناسبة
ولكن هذا كله مع سعة الوقت اي وقت الكسوف والا فالأحوط بل الأفضل التخفيف اما بناء على المشهور من كونها محدودة بهذا الوقت
شروعا وختما فواضح ضرورة عدم جواز إطالة الصلوات الموقتة بوقت عمدا إلى خارج وقتها والا خرجت عن كونها محدودة بذلك الوقت
وهو خلاف الفرض واما على ما نفينا البعد عنه من كون الوقت وقت التلبس بها لا مطلق فعلها فان مقتضى اطلاق الأخبار الامرة بقراءة السور
الطوال وإطالة الركوع والسجود والقنوت وان كان استحبابها مطلقا ولكن ينبغي تقييده بما إذا اتسع زمان الكسوف لأدائها كذلك حيث يستشعر
من بعض تلك الأخبار إرادة الاتيان بهذا كذلك حال وجود الكسوف هذا مع مخالفة الإطالة الموجبة لوقوع بعضها بعد الانجلاء للاحتياط
حيث ذهب المشهور إلى عدم جوازه عمدا بل ادعى بعضهم الاجماع عليه ولا شبهة ان رعاية هذا الاحتياط أولى من أفضلية الإطالة ولكن هذا مع
العلم بكون الإطالة موجبة لخروج الوقت واما مع احتمال السعة فضلا عن الظن به أفلا ينبغي الاستشكال في أفضلية الإطالة وان قلنا بالتوقيت
لأن تنزيل المطلقات على صورة الوثوق ببقاء الوقت إلى أن تتم الصلاة بهذا النحو الوارد في الأخبار لا يخلو من بعد فيستكشف من ذلك كون فضيلة
الإطالة لدى الشارع أولى بالمراعاة من حسن الاحتياط في الوقت على تقدير كونها موقتة والله العالم وكذا يستحب ان يكبر عند الهوى
لكل ركوع وعند كل رفع من كل ركوع الا في الخامس والعاشر فإنه يقول سمع الله لمن حمده كما يدل على جميع ذلك قوله (ع) في صحيحة زرارة و
محمد بن مسلم تفتتح الصلاة بتكبيرة وتركع بتكبيرة وترفع رأسك بتكبيرة الا في الخامسة التي تسجد فيها تقول سمع الله لمن حمده فيها وتقنت في كل ركعتين قبل الركوع
وفي صحيح الرهط ثم تركع الخامسة فإذا رفعت رأسك قلت سمع الله لمن حمده وفي صحيح الحلبي ولا تقل سمع الله لمن حمده في رفع رأسك من الركوع
488

الا في الركعة التي تريد ان تسجد فيها ولكن حكى عن النفلية والفوائد الملية انه روى إسحاق بن عمار نادرا مخالفا للمشهور فتوى ورواية عموم استحباب
التسميع إذا ركع وفرغ من السورة وان لم يكن الخامس والعاشر أقول فلا اعتداد بهذه الرواية خصوصا بعد ما سمعت في صحيح الحلبي من
التصريح بان لا تقل سمع الله لمن حمده الا في الركعة التي تريد ان تسجد فيها ثم إن ترك تعرض المص (ره) لاستحباب التكبير للركوع مع وقوع التصريح
به في الصحيحة المزبورة لعله لعدم اختصاصه بهذا الصلاة بل كسائر الأفعال الواجبة أو المستحبة المشتركة بين سائر الصلوات فلا حاجة إلى التعرض
لبيانها في هذا الباب ثم لا يخفي عليك ان معهودية استحباب التسميع والتكبير والقنوت وغير ذلك من الافعال المستحبة في سائر الصلوات في الجملة
مانعة عن إفادة الامر المتعلق بشئ منها في مثل هذه الأخبار عن إفادة الوجوب فلا حاجة في صرفها إلى الاستحباب من الاستشهاد باجماع و
نحوه بل ما ذكرناه هو الوجه في عدم فهم الأصحاب من مثل هذه الأخبار بالنسبة إلى مثل هذه الأفعال الا الاستحباب وكذا يستحب ان يقنت
خمس قنوتات كل قنوت منها عند كل ركوع ثان بعد الفراغ من القراءة بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه وقد
سمعت التصريح به في صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم المتقدمة وفي صحيحة الرهط والقنوت في الركعة الثانية قبل الركوع إذا فرغت من القراءة ثم
تقنت في الرابعة مثل ذلك ثم في السادسة ثم في الثامنة ثم في العاشرة وعن الصدوق بأسناده عن عمر بن أذينة أنه قال وروي ان القنوت في
الركعة الثانية قبل الركوع ثم في الرابعة ثم في السادسة ثم في الثامنة ثم في العاشرة ثم قال وان لم يقنت الا في الخامسة والعاشرة فهو جائز
لورود الخبر به أقول لا يخفي عليك انه بعد البناء على استحباب هذه القنوتات كما هو الظاهر المصرح به في كلماتهم من غير خلاف يعرف فيه
كما يجوز تركها رأسا يجوز الاتيان ببعضها دون بعض إذ الظاهر كون كل منها جزء مستقلا لا يتوقف مطلوبية على الاتيان بما عداه ولكن تجب
ان لا ينوي عند اقتصاره على بعض منها كونه كذلك بخصوصه مشروعا الا ان يدل عليه دليل وكفى بمثل هذا المرسل دليلا على القول بجواز الاقتصار
على الخامس والعاشر على سبيل التوظيف بعد كون المقام قابلا للمسامحة كما في غيره من موارد التسامح خصوصا بعد ما حكى عن كثير من الأصحاب
التصريح به بل عن الشيخ وابني حمزة وسعيد والشهيد والكركي وغيرهم القول بجواز الاقتصار على العاشر ولعل وجهه استفادته من عموم ما دل
على استحبابه في كل ثنائية وهو ليس بالبعيد إذا الظاهر أنه لو لم يكن شرعية القنوت في كل ثانية منها ثابتة لكنا نلتزم بمشروعية في خصوص الأخيرة اخذا
بعموم تلك الأدلة فالامر بالقنوت في كل ثانية يكون مؤكدا لطلبة بالنسبة إلى الأخيرة فله الاقتصار على إطاعة الامر المستفاد من العمومات المتعلقة به في
خصوص الأخيرة بعد كون الحكم من أصله استحبابيا وربما يستفاد من الأخبار المزبورة استحباب أمور أخر منها كونها في المساجد للامر بالفزع
إليها في خبر ابن أبي يعفور المتقدم وينبغي أن تكون صلاتها في رحبة المسجد لقول الباقر (ع) فان استطعت أن تكون صلاتك بارزا لا يجنك بيت فافعل
ومنها اكمال السورة ومنها الجهر بها ليلا أو نهارا كما يدل على كل منهما بعض الأخبار المتقدمة وشئ منها ليس بواجب بلا خلاف فيه بل
عن بعض دعوى الاجماع عليه واما حكمها فمسائل ثلاث الأولى إذا حصل الكسوف مثلا في وقت فريضة حاضرة كان مخيرا في الاتيان بأيهما شاء
ما لم يتضيق الحاضرة أو الكسوف فتكون المضيقة أولى من الموسعة سواء كانت الحاضرة أو الكسوف قال في المدارك في شرح العبارة إذا حصل
الكسوف في وقت فريضة حاضرة فان تضيق وقت إحديهما تعينت للأداء اجماعا ثم يصلى بعدها ما اتسع وقتها فان تضيقتا قدمت الحاضرة
لأنها أهم في نظر الشرع ثم نقل عن الشهيد في الذكرى نفي الخلاف في الأخير أيضا وقيل الحاضرة أولى في السعة أيضا فضلا عما لو ضاق وقتها
وقد حكى هذا التقول عن الصدوقين والسيد في المصباح والشيخ في النهاية وابني حمزة والبراج بل عن التنقيح نسبته إلى الأكثر فان أرادوا بذلك
الأولوية من باب الفضل والاستحباب فلا يخلو من وجه وان أرادوا منه الوجوب كما هو ظاهر النسبة فهو محجوج بما ستعرف وربما نسب إلى بعض
كأبن أبي عقيل والابي والحلي في السرائر العكس اي القول بوجوب تقديم صلاة الكسوف في السعة والعبارة المحكية عنهم كمستندهم قابلة للحمل على
إرادة بيان الجواز دفعا لتوهم الحظر وكيف كان فالقول بالأول أشبه بالقواعد واشهر بل لعله المشهور خصوصا بين المتأخرين لأن كلا منهما واجب
موسعة يجوز تأخيره عن أول زمان وجوبه كما يجوز الاتيان به في أول وقته بمقتضى اطلاق طلبه فله الاتيان بأيهما شاء كغيره من الافعال المباحة فضلا
عن الواجبة حتى يتضيق وقت الاخر فيسير ذلك الاخر مضيقا بالعرض فيقدم على المسموع ولو تضيقتا مع لوحظت الأهمية كما هو مقتضى الأصل في
الواجبات المتزاحمة ويدل أيضا على جواز البدأة بصلاة الكسوف مضافا إلى ذلك صحيحة محمد بن مسلم وبريد بن معاوية عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع)
قالا إذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات فصلها ما لم تتخوف ان يذهب وقت الفريضة فان تخوفت فابدأ بالفريضة واقطع ما كنت بدأت
فيه من صلاة الكسوف فإذا فرغت من الفريضة فارجع إلى حيث كنت قطعت واحتسب بما مضى وهذه الصحيحة كما تريها صريحه في المدعى وهو
جواز البدئة بصلاة الآيات ما لم يتخوف ان يذهب وقت الفريضة الحاضرة نعم يحتمل قويا ان يكون المراد بوقت
الفريضة وقتها الفضلي لشيوع
إرادة الوقت بهذا المعنى من اطلاقه في الأخبار وربما يؤيده أيضا صحيحة محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد الله (ع) جعلت فداك ربما ابتلينا
بالكسوف بعد المغرب قبل العشاء الآخرة فان صلينا الكسوف خشينا ان تفوتنا الفريضة فقال إذا خشيت ذلك فاقطع صلاتك واقض فريضتك
489

ثم عد فيها (الخ) فان حمل هذه الصحيحة على إرادة خوف فوت وقت الاجزاء بعيد وربما يستدل بهذا الصحيحة للقول بوجوب تقديم الفريضة من أول وقتها
بدعوى ان ظاهرها وجوب قطع صلاة الكسوف لادراك العشاء في أول وقتها وهو مستلزم لعدم جواز الدخول فيها في أول وقت الفريضة أولى
وفيه انه لا يخلو من مغالطة حيث يفهم من هذه الصحيحة أيضا جواز الاتيان بصلاة الكسوف ما لم يتخوف ان يذهب وقت الفريضة وانما يتحقق خوف الفوات
في اخر وقتها فان أريد بوقتها الوقت الفضيلى كما هو المظنون فيمتد إلى ثلث الليل أو ربعه كما عرفته في المواقيت فكيف يستفاد من هذه الصحيحة وجوب القطع
لادراك العشار في أول وقتها مع أن الغالب عدم خوف فوت الفريضة إذا حصل الكسوف في أول وقتها فان وقت فضلية العشاء بل المغرب أيضا أوسع
من أداء كلتا الصلاتين فمورد السؤال انما هو ما إذا حصل الابتلاء بالكسوف في ضيق وقت الفريضة بحيث يخشى من تقديم الكسوف عليها فوات وقتها
هذا مع أن الامر بالقطع على تقدير ان يكون المراد بالوقت الوقت الفضيلي بناء على المختار من جوزا تأخير الفريضة عنه اختيار أليس الا للاستحباب ضرورة
ان المنساق منه ليس الا ارادته لأجل ادراك الفريضة في وقتها المفروض كونه موقتا للفضيلة لا الاجزاء والا الوجوب تعبدا أو شرطا لصحة الكسوف
فلا يعقل وجوبه بعد فرض جواز تأخير الفريضة عن هذا الوقت وعدم وجوب التشاغل بها بعد قطع الكسوف حتى يتضيق وقت اجزائها فلا يكون طلبه
(ح) الا ندبيا على حسب مطلوبية غايته نعم يستفاد من استحباب القطع لادراك وقت الفضيلة وجوبه لادراك وقت الاجزاء بتنقيح المناط وكيف
كان فربما يستدل بقوله (ع) في الصحيحة الأولى فصلها ما لم تتخوف ان يذهب وقت الفريضة للقول بوجوب تقديمها على الفريضة في السعة وفيه ما تقدمت
الإشارة إليه من كون الامر واردا في مقام توهم الخطر عن فعلها في وقت الفريضة أو في الأوقات المكروهة فلا يفهم منه الا الجواز هذا مع معارضته
على تقدير إرادة الوجوب بصحيحة محمد بن مسلم الآتية كما ستعرف وربما يستدل أيضا لجواز تقديم صلاة الكسوف بالمستفيضة الدالة على أن خمس
صلوات أو اربع صلوات يصليها الرجل في كل وقت منها صلاة الكسوف وفي بعضها في كل ساعة وفي بعضها لا تترك على حال وفيها ان هذه
الروايات مسوقة لبيان جوازها في اي وقت نكون عند طلوع الشمس أو غروبها وليس لها اطلاق أحوالي بحيث يصح التمسك باطلاقها لما نحن فيه
كما لا يخفي على المتأمل واستدل للقول بوجوب تقديم الحاضرة بصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال سئلته عن صلاة الكسوف في وقت الفريضة فقال ابدء بالفريضة
وعن الفقه الرضوي قال ولا تصليهما في وقت الفريضة حتى تصلى الفريضة فإذا كنت فيها ودخل عليك وقت الفريضة فاقطعها وصل الفريضة
ثم ابن علي ما صليت من صلاة الكسوف وفيه ان الرضوي ليس بحجة وعلى تقدير الالتزام بحجيته فالمتجه حمله على الاستحباب جمعا بينه وبين الصحيحتين
المتقدمتين اللتين لو لم نقل بصراحتهما في جواز تقديم الكسوف ما لم يتخوف ان يذهب وقتها فلا أقل من كون دلالتهما عليه أقوى من دلالة الامر
على الوجوب مع أن ما فيه من الامر بقطع صلاة الكسوف لو دخل الوقت في أثنائها معارض بما روي عن كتاب دعائم الاسلام مرسلا عن جعفر
بن محمد (ع) أنه قال فيمن وقف في صلاة الكسوف حتى دخل عليه وقت الصلاة قال صلاته يؤخرها وبمضي في صلاة الكسوف حتى يصير إلى اخر الوقت
فان خاف فوت الوقت قطعها وصلى الفريضة وكذلك إذا انكسفت الشمس وانكسف القمر في وقت صلاة فريضة بدأ بصلاة الفرية قبل صلاة
الكسوف ولكن ذيل هذه المرسلة أيضا كصدر الرضوي والصحيحة المتقدمة بظاهره منطبق على القول المزبور وقد ظهر الجواب عن الجميع بما مر من أن
مقتضى الجمع بينها وبين الصحيحتين المتقدمتين حمل الامر بالبدأة بالفريضة الوارد في هذه الأخبار على الاستحباب كما يؤيده غلبة الظن بان مناط
الحكم أهمية الفريضة وأفضلية المبادرة إلى فعلها في أول وقتها التي لا تصليح علية الا للاستحباب كما عرفت لا شرطيتها الصحة الكسوف كي تكون
واجبة هذا مع امكان تقييد وقت الفريضة الوارد في هذه الأخبار بوقتها الذي يخاف عنده من التأخير جمعا بينها وبين الصحيحتين خصوصا
في خبر الدعائم حيث إن إرادة هذا المعنى من وقت الفريضة انسب بالتشبيه الوارد فيه من مطلق وقتها هذا مع ما فيه من ضعف السند ثم إنه قد
ورد في جل الأخبار المزبورة الامر بقطع صلاة الكسوف عند خوف فوت الفريضة في وقتها هذا مما لا شبهة بل لا خلاف فيه كما صرح به غير واحد ويدل عليه أيضا صحيحة أبي أيوب عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن صلاة الكسوف قبل ان تغيب الشمس وتخشى فوت الفريضة فقال اقطعوها و
صلوا الفريضة وعودوا إلى صلاتكم والفريضة التي يخاف من فوتها في هذا الوقت بفعل صلاة الكسوف هي العصر فهذه الرواية بحسب الظاهر
واردة فيمن اخر العصر ثم ابتلى بالكسوف في اخر الوقت ويحتمل ان يكون المراد بالفريضة فريضة المغرب وبفوتها في دراكها في وقتها الفضيلى
حيث إن صلاة الكسوف لو شرع فيها قبل ان تغيب الشمس واتى بها بآدابها التي عرفت من قراءة شئ من السور الطوال في كل ركعة وإطالة ركوعها وجوبها
وقنوتها بمقدار القراءة ربما تستوعب وقت فضيلة المغرب أيضا فكان صاحب الحدائق فهم من هذه الرواية هذا المعنى حيث استشهد بما فيها من
الامر بالقطع لما اختاره من وجوب تقديم الفريضة على الكسوف في السعة ووجوب قطع الكسوف لو دخل الوقت في أثنائها وفيه مضافا إلى مخالفة
هذا المعنى لظاهر النص ما عرفت من أن ايجاب القطع لدى الخوف من فوات الوقت لا يكون دليلا على وجوبه لدى الامن من عدمه وان ادراك أول الوقت
إذا كان مستحبا فهو دليل على أن الامر بالقطع أيضا ليس الا كذلك مع أن صاحب الحدائق على الظاهر هو ممن يرى الوقت الأول وقتا اختياريا لا
يجوز تفويته مع الامكان فايجاب القطع على هذا التقدير ليس منافيا للمختار كي يصير شاهدا على مطلبه وكيف
كان فليس المراد بالقطع الوارد في
490

في هذه الأخبار ابطال صلاة الكسوف بل رفع اليد عنها والاتيان بالفريضة ثم العود إليها والبناء على ما مضى كما هو ظاهر الروايات المزبورة بل
صريح بعضها وقد التزم المشهور على ما نسب إليهم بذلك وحكى عن الشيخ في المبسوط انه ذهب إلى أن من قطع صلاة الكسوف لخوف فوات الفريضة
وجب عليه استينافها وعن الشهيد في الذكر أيضا اختياره مستدلا عليه بان البناء بعد تخلل الصلاة الأجنبية لم يعهد من الشارع تجويزه في
غير هذا الموضع والاعتذار بان الفعل الكثير مغتفر هنا لعدم منافاته الصلاة بعيد فانا لم نبطلها بالفعل الكثير بل بحكم الشارع بالابطال والشروع
في الحاضرة فإذا فرغ منها فقد اتى بما يخل بنظم صلاة الكسوف فيجب اعادتها تحصيلا ليقين البراءة انتهى وفيه ان القواعد العامة لا تصلح معارضة
للنصوص الخاصة المستفيضة المعمول بها لدى الأصحاب مع أن شمول ما دل على قاطعية الفعل الكثير لمثل الصلاة الواقعة في أثناء صلاة لولا
اشتمالها على التسليم المحلق بكلام الآدميين لا يخلو من تأمل وقد تلخص مما ذكر ان الأقوى ما هو المشهور من صحة البناء على ما مضى ولكن القدر
المتيقن من ذلك اي من جواز قطع الكسوف والاتيان بالحاضرة في أثنائها ثم العود إليها واتمامها انما هو فيما لو تلبس بالكسوف فبأن له ضيق
وقت الاجزاء لا وقت الفضيلة وان كان القول بجوازه بل استحبابه لادراك وقت الفضيلة أيضا لا يخلو من قوة نظرا إلى ظهور بعض الأخبار الامرة
بالقطع لدى خوف فوت الوقت في إرادة وقت الفضيلة وما في صحيحة محمد بن مسلم وبريد من تعليق البدئه بالفريضة وقطع صلاة الكسوف
على خوف ذهاب الوقت الظاهر في وقت الاجزاء ليس منافيا له كي يصلح قرينة لارتكاب التأويل فيه بحمله أيضا على إرادة وقت الاجزاء لأن الشرطية
الواقعة في تلك الصحيحة تعبير عن مفهوم القضية المذكورة قبلها التي لم يقصد بها على الظاهر الا الجواز كما عرفت وهل يجوز لدى العلم بضيق
الوقت عن مجموع الصلاتين التلبس بصلاة الكسوف وقطعها ثم العود إليها بعد أداء الحاضرة أم يختص ذلك بما إذا دخل فيها بزعم السعة ثم انكشف
خلافه ولو ظنا بحيث حصل خوف فوات الوقت وجهان أوجههما الأولى إذ ليس في شئ من الأخبار المزبورة اشعار باعتبار هذا الشرط بل ظاهرها
خصوصا بعد الالتفات إلى ما في بعضها من الاقتصار على الامر بايقاع الفريضة في أثناء صلاة الكسوف في جواب السؤال عن صلاة الكسوف لدى
ضيق وقت الفريضة كما في صحيحتي محمد بن مسلم وأبي أيوب مع ظهور السؤال في الاستفهام عن أصل التلبس لا عما يجب عليه بعد تلبسه بها بزعم السعة انما
هو إرادة بيان عدم كون ضيق وقت الفريضة مانعا عن أداء الكسوف وانه متى حصل الكسوف تلبس بصلاته ما لم يتخوف ذهاب وقت الفريضة
فإذا تخوف ذلك قطعها وادى الفريضة ثم عاد إليها ومن هنا يظهر عدم ممانعة الفريضة في ضيق وقتها لصلاة الكسوف الا إذا ضاق حتى
عن التلبس بها وهو فرض نادر إذا الغالب عدم كون مجرد التلبس ولو بتكبيرة الاحرام مؤثرا في ذهاب الوقت فيشرع (ح) في الكسوف ثم يقطعها
ويأتي بالفريضة ثم ما بقي من صلاة الكسوف فيحصل بذلك الجمع بين الحقين ثم إن قضية اطلاق الأخبار المزبورة في لفرق في وجوب العود إلى
صلاة الكسوف واتمامها بعد أداء الفريضة بين بقاء وقت الكسوف وعدمه وهو أيضا مؤيدا لم نفينا البعد عنه من أن زمان الكسوف وقت
للتلبس بصلاته لا تمامها فليتأمل وهل يجوز لدى العلم بسعة وقت الكسوف وضيق وقت الفريضة التلبس بالكسوف والاتيان بالفريضة في
أثنائها وجهان من اطلاق النصوص ومن امكان دعوى انصرافها سؤالا وجوابا ولو بمقتضى الغلبة إلى صلاة في لوثوق ببقاء الكسوف إلى
ما بعد الفراغ من الفريضة وهذا ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط فروع الأول مقتضى ظاهر الصحيحة الأولى كفتاوي الأصحاب عدم
الفرق في الاحكام المزبورة بين صلاة الكسوف وسائر الآيات الثاني هل يلحق بالفريضة اليومية صلاة العيد على تقدير وجوبها أو
غيرها مما وجب بنذر وشبهه في جواز الاتيان بها في أثناء الكسوف وجهان أشبههما العدم اقتصارا في الحكم المخالف للقواعد على مورد النص
الثالث لو زاحمت الفريضة فعل الكسوف في ضيق وقتهما حتى عن التلبس بها ولم يحترق القرص كله ولم يكن تأخيرهما إلى وقت الضيق باختياره بل بسبب
حدوث الكسوف في ضيق الوقت أو كونه معذورا لي تركها قبل ذلك الوقت اما لنوم أو جهل وشبهه أو لصغر أو جنون أو حيض ونحوها وكذا في تأخير الفريضة
ولو لأجل كونه مرخصا في ذلك شرعا فهل يجب عليه قضائها بعد الانجلاء مطلقا أم لا يجب مطلقا أم يفصل بين ما إذا كان التأخير الانتفاء أصل التكليف
بهما كما في الحائض والمجنون الوجود المانع كالنوم وشبهه وجوه أشبهها الأول لأن وجوب القضاء يدور مدار صدق فوت الواجب في وقته وهو
لا يتوقف على فعلية التكليف بل يكفي فيه وجود ما يقتضيه واشتغال الذمة بضده المانع عن فعلية التكليف به غير مانع عن تحقق صدق اسم مفهوم الفوت
اللهم الا ان يمنع كفاية تحقق صدق اسم الفوات في وجوب قضائها لانصراف عموم من فاتته فريضة فليقضها إلى اليومية كما مرت الإشارة إليه فيما سبق
واختصاصا ما دل على وجوب قضائها عند عدم احتراق القرص بما إذا علم بالكسوف حال وجوده وتنجز في حقه التكليف بأداء صلاتها ولم يصل
لا مطلقا فليتأمل الرابع ولو صلى الكسوف في ضيق وقت الفريضة فهل تصح صلاته وجهان مبنيان ان على مسألة الضد وقد مر مرارا ان الأصح فيها
الصحة ولكن لا يبعد ان يقال إنه يستفاد عرفا من الاخر بالقطع في مثل المقام النهي عن الاشتغال بها ما دام مزاحمتها للفريضة في وقتها وان حالها
بالنسبة إلى الفريضة في هذا الوقت حال شريكتها التي لا تصحح في وقت الاختصاص بالأخرى فليتأمل المسألة الثانية إذا اتفق صلاة الكسوف
في وقت نافلة الليل فالكسوف أولى ولو خرج وقت النافلة في المدارك قال هذا قول علمائنا أجمع قاله في المنتهى انتهى أقول اما مع ضيق وقتهما
491

فوجهه واضح واما مع سعة وقتهما أو وقت الكسوف فيدل عليه مضافا إلى عموم الأخبار الناهية عن التطوع في وقت فريضة خصوص صحيحة محمد بن مسلم
عن أحدهما (ع) قال سئلته عن صلاة الكسوف في وقت الفريضة فقال ابدأ بالفريضة فقيل له في وقت صلاة الليل فقال صلى صلاة الكسوف قبل صلاة الليل وصحيحته
الأخرى عن أبي عبد الله (ع) قال قلت إذا كان الكسوف اخر الليل فصلينا الكسوف فاتتنا صلاة الليل فبأيهما نبدأ فقال صل صلاة الكسوف واقض صلاة
الليل حين تصبح ولاجل هذه الصحيحة وغيرها من أدلة القضاء قال المصنف (ره) ثم يقضي النافلة فلو قدم النافلة في ضيق وقتهما وترك الكسوف فقد
عصى وهل تصح نافلته فيه الوجهان اللذان عرفتهما فتقدم الكسوف في ضيق وقت الفريضة ولو قدمها مع سعة وقتهما أو وقت الكسوف فالأظهر جوازه
بناء على المختار من جواز التطوع في وقت الفريضة وما في الصحيحتين المتقدمتين من الامر بالبدئة بصلاة الكسوف لا يتبادر منه في مثل المقام الا مطلق
الرجحان الغير المنافي للاستحباب كما تقدمت الإشارة إليه في المسألة السابقة وقد أومى إلى ذلك المحقق الثاني في جامع المقاصد على ما حكى عنه حيث
قال إن الأولوية هنا بمعنى الأحقية فلو قدم صلاة الليل مع القطع بسعة الكسوف فالظاهر الجواز وكذا غير نافلة الليل من النوافل انتهى ولكن ربما
نسب إلى ظاهر الفتاوي ومعاقد الاجماعات المحكية المنع عنه وهو على القول بعدم جواز التطوع في وقت الفريضة كما لعله المشهور متجه والا فالالتزام
بالمنع في خصوص المقام دون مطلق التطوع في وقت الفريضة استنادا إلى الامر بالبدئة بصلاة الكسوف في الخبرين المزبورين قد ظهر ضعفه مما مرت
الإشارة إليه من أن المنساق من هذا الامر ليس الا إرادة الأحقية الغير المناسبة في سعة الوقت الا للاستحباب مع امكان جرى الاطلاق مجرى الغالب
من في لوثوق بسعة وقت الكسوف لأداء صلاتها بعد الفراغ من النافلة ونظيره في الضعف احتمال العكس اي الالتزام بجواز تقديم نافلة الليل
على الكسوف والمنع عن التطوع في وقت الفريضة بدعوى انصراف الأخبار الناهية عن التطوع في وقت الفريضة إلى الفرائض اليومية وقصور
الخبرين الواردين في خصوص المقام عن إفادة من الوجوب وفيه ان انصراف الأخبار الناهية ان سلم فبدوى يرتفع بعد الالتفات إلى ما يستشعر من
بعض تلك الأخبار من الإشارة إلى مناط الحكم المقتضي للاطراد فليتأمل * (المسألة الثالثة) * نسب إلى ظاهر ابن الجنيد القول بأنه يجوز ان
يصلى صلاة الكسوف على ظهر الدابة وماشيا وفاقا للمحكي عن الجمهور ولعل التزام الجمهور بذلك لبنائهم على كونها من النوافل وقيل بل ربما نسب
إلى المشهور بل لم ينقل الخلاف فيه ممن عدى من عرفت لا يجوز ذلك الا مع العذر كالفرائض اليومية وهو الأشبه لأن مقتضى الأصل مشاركة
هذه الصلاة لغيرها من الصلوات المفروضة في جمع ما يعتبر فيها من الشرائط والاجزاء عدى ما دل الدليل على خلافه مما عرفت مضافا عموم
قول الصادق (ع) في صحيحة عبد الرحمن لا يصلى على الدابة الفريضة الا مريض والمراد بالفريضة ما يقابل النافلة كما يظهر من ذيلها حيث قال ويضع
وجهه في الفريضة على ما أمكنه من شئ ويؤمي في النافلة ايماء خبر عبد الله بن سنان قال قلت لأبي عبد الله (ع) أيصلي الرجل شيئا من المفروض
راكبا فقال لا الا من ضرورة واما جوازه مع الضرورة فيدل عليه مضافا إلى العمومات خصوص مكاتبة علي بن الفضل الواسطي قال كتبت
إلى الرضا (ع) إذا انكسف الشمس والقمر وانا راكب لا أقدر على النزول فكتب إلي صل على مركبك الذي أنت عليه * (الفصل الرابع) * في
صلاة الأموات وفيه اقسام الأولى من يصلى عليه وهو كل من كان مظهرا للشهادتين وان لم يكن معتقدا للحق الذي يعقده أهل الحق عدى الخوارج
والنواصب وغيرهما من الفرق المنتحلة للاسلام المحكوم بكفرهم ممن عرفته في مبحث النجاسات على المشهور بل قد يلوح من غير واحد في لخلف فيه بل
الاجماع عليه واماما عن جملة من القدماء والمتأخرين من منع تغسيل المخالف والصلاة عليه فهو بحسب الظاهر بناء منهم على كفره كما هو
صريح بعضهم وقد عرفت في محله ضعف هذا البناء وكيف كان فالظاهر عدم خلف يعتد به في وجوب الصلاة على كل من حكم بإسلامه و
ان كان مخالفا للحق ويدل عليه مضافا إلى نقل الاجماع المعتضد بالشهرة وعدم تحقق الخلف فيه من أحد عدى بعض متأخري المتأخرين
الذين لا يعتد بخلافهم عموم خبر طلحة بن زيد عن أبي عبد الله (ع) عن أبيه (ع) قال صل على من مات من أهل القبلة وحسابه على الله وخبر السكوني عن
جعفر عن أبيه عن ابائه (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله صلوا على المرحوم من أمتي وعلى القاتل نفسه من أمتي لا تدعوا أحدا من أمتي بلا صلاة وعن دعائم
الاسلام مرسلا عن الباقر (ع) قال الصلاة على الميت فرض على الكفاية لقول النبي صلى الله عليه وآله صلوا خلف من قال لا إله إلا الله وعلى من قال لا إله إلا الله وأيضا
عنه قال صلى رسول الله صلى الله عليه وآله على امرأة ماتت في نفاسها من الزنا وعلى ولدها وامر بالصلاة على البر والفاجر من المسلمين وما فيها من ضعف السند فهو
مجبور بما عرفت وهي بعمومها قد تشمل مثل الخوارج والنواصب وغيرهما من الفرق المنتحلة للاسلام المحكوم بكفرهم ولكن يجب تخصيصها بالاجماع وغيره
مما دل على عدم وجوب الصلاة على الكافر مع امكان دعوى انصراف النصوص عمن حكم بكفره وربما يشهد له أيضا خبر صالح بن كيشان المروي عن احتجاج
الطبرسي ان معاوية قال للحسين (ع) هل بلغك ما صنعنا بحجر بن عدي وأصحابه شيعة أبيك فقال (ع) وما صنعت بهم قال قتلناهم وكفناهم وصلينا عليهم
فضحك الحسين (ع) فقال خصمك القوم يا معاوية لكنا لو قتلنا شيعتك ما كفناهم ولا غسلناهم ولا صلينا عليهم ولا دفناهم وكيف كان فما عن
بعض متأخري المتأخرين من الميل أو القول بعدم وجوب الصلاة على المخالف مع الحكم بإسلامه ظاهرا تمسكا بالأصل بعدم المناقشة في الروايات
المزبورة بضعف السند وان الصلاة على الميت اكرام ودعاء له وغير المؤمن لا يستحق شيئا منهما ضعيف لانجبار ضعف الأخبار بالشهرة
492

وغيرها مما عرفت واما ما قيل من أن الصلاة على الميت اكرام ودعاء له ففيه انه لا إحاطة لنا بمناط الاحكام التعبدية فمن الجائز ان يكون وجه
وجوبها اعظام اظهار الشهادتين والدعاء لا يجب ان يكون له بل قد يكون عليه أو لوالديه أو بالحشر مع من يتولاه أو غير ذلك مما ستعرف أو
طفلا له ست سنين ممن له حكم الاسلام بالتولد أو الالتقاط من ارض المسلمين أو السبي بناء على تبعيته للسابي
حتى في هذا الحكم ولكنك عرفت
في مبحث النجاسات انه لا يخلو من مناقشة على المشهور بل عن السيد في الانتصار والعلامة في المنتهى دعوى الاجماع عليه ولعله إلى هذا يرجع ما
عن الصدوق في المقنع والشيخ المفيد في المقنعة والجعفي من أنه لا يصلى عليه حتى يعقل الصلاة إذا الظاهر كون هذه العبارة مأخوذة من الروايات
الآتية التي فسر فيها العقل ببلوغ الست سنين وحكى عن ابن الجنيد القول بوجوبها على المستهل يعني من رفع صوته بالبكاء وعن ابن أبي عقيل أنه قال
لا تجب الصلاة على الصبي حتى يبلغ ويدل على المشهور صحيحة زرارة قال مات ابن لأبي جعفر (ع) فأخبر بموته فامر به فغسل وكفن ومشى معه فصلى
عليه وطرحت خمرة فقام عليها ثم قام على قبره حتى فرغ منه ثم انصرف وانصرفت معه حتى انى لامشي معه فقال اما انه لم يكن يصلى على مثل هذا وكان
ابن ثلاث سنين وكان علي (ع) يأمر به فيدفن ولا يصلى عليه ولكن الناس صنعوا شيئا فنحن نصنع مثله قال قلت فمتى تجب عليه الصلاة فقال إذا عقل
الصلاة وكان ابن ست سنين الحديث عن الصدوق مرسلا قال صلى أبو جعفر (ع) على ابن له صغير له ثلاث سنين فقال لولا أن الناس يقولون إن
بني هاشم لا يصلون على الصغار من أولادهم ما صليت عليه قال وسئل متى تجب الصلاة عليه قال إذا عقل الصلاة وكان ابن ست سنين وصحيحة الحلبي وزرارة جميعا عن أبي
عبد الله (ع) انه سئل عن الصلاة على الصبي متى يصلى عليه فقال إذا عقل الصلاة قلت متى تجب الصلاة عليه قال إذا كان ابن ست سنين والصيام إذا اطاقه
والمراد بوجوب الصلاة عليه إذا كان ابن ست سنين والصيام إذا اطاقه مطلق الثبوت لا الوجوب المصطلح فكأن السائل فهم من قوله (ع) إذا
عقل الصلاة إرادة الكناية عن زمان كونه مكلفا بأدائها فسئله عن جده وكيف كان فهذه الصحيحة بظاهرها مسوقة لبيان أمرين أحدهما انه متى
يصلى على الصبي وقد جعل الإمام (ع) حده ان يعقل الصلاة الثاني انه متى يثبت في حقه التكليف بأداء الصلاة وقد حده بان يكون ابن ست سنين
وحيث إن التكليف بأداء الصلاة لا يصح الا بعد ان يعقلها يفهم من هاتين القضيتين بالالتزام انه إذا بلغ ست سنين يجب ان يصلى عليه إذا مات
ولكن مقتضى اطلاق الحكم الأول اي تحديد زمان وجوب الصلاة عليه بان يعقله ان لم نجعله كناية عن زمان صيرورته مكلفا بأدائها المحدود
في ذيل الرواية بالبلوغ ست سنين هو وجوب الصلاة على من عقل وان لم يبلغ ست سنين ولكنه يجب تقيده بما إذا بلغ الست سنين جمعا بينه و
بين صحيحة زرارة ومرسله الصدوق المتقدمتين اللتين وقع فيهما تحديد وجوب الصلاة بان يعقل الصلاة ويكون ابن ست سنين فعطف قوله (ع)
وكان ابن ست سنين على قوله إذا عقل الصلاة الواردين في هاتين الروايتين اما من قبيل عطف الخاص على العام أو عطف تفسير وربما يشهد
لإرادة التفسير من العطف صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) في الصبي متى يصلي عليه قال إذا عقل الصلاة قلت متى يعقل الصلاة ويجب عليه قال لست سنين
هكذا ورواها في الحدائق وغيره وعلى هذا فهي بنفسها حجة كافية للمدعي ومفسرة لما في غيره من الابهام والاجمال ولكن في الوسائل بل وكذا في التهذيب
الذي هو الأصل في روايتها رواها في باب استحباب امر الصبيان بالصلاة لست سنين أو سبع نحوه الا أنه قال في الصبي متى يصلي باسقاط لفظ عليه فعلى
هذا هي أجنبية عن هذا الباب ولكنه مع ذلك يصح الاستشهاد بها لإرادة التفسير من العطف الواقع في هذين الخبرين كما أنه يتم الاستدلال بها للمدعي
بانضمامها إلى ما ورد من تحديد وقت الصلاة عليه بما إذا عقل الصلاة بالتقريب المتقدم في صحيحة الحلبي كما لا يخفي على المتأمل وقد ظهر بما ذكر انه لا
منافاة بين التحديد بالست المستفاد من الروايات المزبورة وبين صحيح علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سئلته عن الصبي أيصلى عليه إذا مات وهو
ابن خمس سنين قال إذا عقل الصلاة فصل عليه فإنه يستفاد من الأخبار السابقة كون الشرط منزلا على الغالب بمقتضى القابلية وله حد تقريبي اعتبره الشارع
مناطا لحكمه وهو بلوغ الست سنين حجة القول بوجوبها على المستهل صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال لا يصلى المنفوس وهو المولود
الذي لم يستهل ولم يصح ولا يورث من الدية ولا من غيرها وإذا استهل فصل عليه وورثه وصحيحة علي بن يقطين قال سئلت أبا الحسن (ع) لكم يصلى على الصبي
إذا بلغ من السنين والمشهور قال يصلى عليه على كل حال الا ان يسقط لغير تمام وخبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن ابائه (ع) قال يورث الصبي ويصلى عليه إذا
سقط من بطن أمه واستهل صارخا وإذا لم يستهل صارخا لم يورث ولم يصل عليه وفيه ان المتعين اما حمل هذه الأخبار على الاستحباب كما نسب
إلى المشهور أو التقية كما جزم به في الحدائق لعدم صلاحيتها لمعارضة المعتبرة المستفيضة التي هي نص في في لوجوب التي تقدم جملة منها ومنها
صحيحة زرارة أو حسنته قال رأيت ابنا لأبي عبد الله (ع) في حيوة أبي جعفر (ع) يقال له عبد الله فطيم قد درج فقلت له يا غلام من ذا الذي إلى جنبك لمولى لهم فقال هذا مولاي
فقال له المولى يمازحه لست لك بمولى فقال ذلك شر لك فطعن في جنازة الغلام فمات فخرج أبو جعفر (ع) في جنازته وعليه جبة خز صفراء وعمامة خز صفراء
ومطرف خز اصفر إلى أن قال فصلى عليه فكبر عليه أربعا ثم امر به فدفن ثم اخذ بيدي فتنحى بي ثم قال لم يكن يصلى على الأطفال انما كان أمير المؤمنين (ع) يأمر
بهم فيدفنون من وراء ولا يصلي عليهم وانما صليت عليه من اجل هذا المدينة كراهية ان يقولوا لا يصلون على أطفالهم وخبر علي بن عبد الله
قال سمعت أبا الحسن موسى (ع) يقول لما قبض إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وآله جرت فيه ثلاث سنين إلى أن قال قال يا علي قم فجهز ابني فقام علي (ع) فغسل إبراهيم وكفنه
493

وحنطه ثم خرج به ومضى رسول الله صلى الله عليه وآله حتى انتهى به إلى قبره فقال الناس ان رسول الله نسي ان يصلى على إبراهيم لما دخله من الجزع عليه فانتصب قائما ثم
قال أيها الناس اتاني جبرئيل بما قلتم زعمتم انى نسيت ان اصلى على ابني لما دخلني من الجزع الا وانه ليس كما ظننتم ولكن اللطيف الخبير فرض عليكم خمس صلوات
وجعل لموتاكم من كل صلاة تكبيرة وأمرني ان لا اصلى الا على من صلى الحديث فالقول بوجوبها على المستهل مع شذوذه في غاية الضعف واحتج ابن أبي
عقيل على ما نقل عنه لما ذهب إليه من عدم وجوب الصلاة على الصبي حتى يبلغ بان الصلاة استغفار للميت ودعاء له ومن لم يبلغ لا حاجة له
إلى ذلك وفيه ما لا يخفى واستدل له أيضا بموثقة عمار عن أبي عبد الله (ع) انه سئل عن المولود ما لم يجير عليه القلم هل يصلى عليه قال لا انما الصلاة على
الرجل والمرأة إذا جرى عليهما القلم وخبر هشام المروى عن الكافي قال قلت لأبي عبد الله (ع) ان الناس يكلموننا ويردون علينا قولنا انه لا يصلى على الطفل
لأنه لم يصل فيقولون لا يصلى الا على من صلى فنقول نعم فيقولون أرأيتم لو أن رجلا نصرانيا أو يهوديا اسلم ثم مات من ساعته فما الجواب فيه فقال
قولوا لهم أرأيتم لو أن هذا الذي اسلم الساعة ثم افترى على انسان ما كان يجب عليه في فريته فإنهم سيقولون يجب عليه الحد فإذا قالوا هذا قيل
لهم فلو ان هذا الصبي الذي لم يصل افترى على انسان هل كان عليه الحد فإنهم سيقولون لا فيقال لهم صدقتم انما يجب الصلاة على من وجبت
عليه الصلاة والحدود ولا يصلى عليه من لم تجب عليه الصلاة ولا الحدود وأجاب في المدارك عن الموثقة بالطعن في سندها باشتمال على جماعة من الفطحية
ثم نقل عن الذكرى أنه قال ويمكن ان يراد بجري القلم مطلق الخطاب الشرعي والتمريني خطاب شرعي انتهى وقال المحقق البهبهاني في حاشية المدارك
ويمكن ان يكون المراد بجريان القلم في كتابة الثواب له لا العقاب عليه أيضا لأن الحق ان عبادات الطفل شرعية ولا مانع من ترتب الثواب له بل بقول
الظاهر من الأخبار وحديث رفع عنه القلم ظاهر في رفع العقاب والمؤاخذة لا الثواب أيضا ولا اجماع على في لثواب أقول ما ذكره من
شرعية عبادة الصبي وعدم المانع عن استحقاقه الثواب هو الذي يقتضيه التحقيق ولكن تنزيل بل جرى القلم على ارادته لا يناسب التعبير بلفظ على
ولا اطلاق اسم الرجل والمرأة عليه فهذا التوجيه لا يخلو من بعد كما أن تنزيله على إرادة الأعم من الخطاب التمريني الذي هو متوجه إلى الولي دون الطفل أيضا
كذلك وابعد من ذلك ما قيل في الجواب عن الخبر الثاني بعد تسليم سنده من ظهوره في إرادة الرد على العامة القائلين بالوجوب على المستهل إذ الرد انما
يصح بكلام صحيح لا بكلمة باطلة لا يقول بها قائلها واما ظهور الخبرين في سقوط الصلاة على المجنون الذي لم يقل به أحد كظهور الأخبار التي هي
مستند المشهور أيضا في ذلك كما لا يخفى على المتأمل فليس من أسباب وههنا إذ الاجماع وغيره مما دل على وجوب الصلاة على مجانين المسلمين كاشف
عن أن المقصود ببلوغه حدا يجب عليه الصلاة كما هو مفاد هذين الخبرين أو يراد منه فعلها ندبا أو تمرينا كما هو مفاد الأخبار السابقة انما هو من حيث
الشانية لا بالفعل فليس مثل ذلك قادحا في حجية الأخبار لو لم يكن هناك مانع اخر كما لا يخفى وقد حكى عن المحدث الكاشاني في الوافي انه جمع بين
هذين الخبرين وبين اخبار القول المشهور بحمل تلك الأخبار على الاستحباب فقال بعد ذكر الخبر الأخير ما لفظه لا منافاة بين هذا الخبر والذي قبله لأن الأول
محمول على جواز الصلاة واستحبابها على من عقلها والثاني على حتمها ووجوبها على من أدرك فمتى يستحب الصلاة للصبي يستحب عليه ومتى تجب تجب و
متى لا يعقلها لا تجب عليه ولا تستحب انتهى وهو في حد ذاته لا تخلو من جودة الا ان الاعتماد على هذين الخبرين في صرف الروايات المشهورة عن
ظاهرها بعد اعراض المشهور عنهما وقصور ثانيهما في حد ذاته من حيث السند مشكل فما ذهب إليه المشهور مع أنه أحوط لا يخلو من قوة والله العالم
ويتساوى في ذلك الحد الذكر والأنثى والحر والعبد بلا خلاف فيه على الظاهر لقاعدة الاشتراك ويستحب الصلاة على من لم يبلغ ذلك الحد ان ولد حيا
لدى المشهور على ما نسب إليهم للامر بها في صحيحتي ابن سنان وعلي بن يقطين وخبر السكوني المتقدمات المحمول على الندب بقرينة غيرها مما عرفت و
يشهد له أيضا خبر قدامة بن زائدة المروى عن التهذيب قال سمعت أبا جعفر (ع) يقول إن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى على ابنه إبراهيم فكبر خمسا ولكن قد يشكل الاعتماد
على هذه الأخبار اما الخبر الأخير أي خبر قدامة فلمعارضة بخبر علي بن عبد الله المتقدم الذي هو صريح في خلافه وان رسول الله لم يصل على ابنه إبراهيم حتى
زعم الناس انه نسي الصلاة على ابنه فأخبرهم النبي صلى الله عليه وآله بان الامر ليس كما زعموه بل هو مأمور من الله تعالى بان لا يصلى الا على من صلى فمن هنا يتطرق الاشكال
في سائر الروايات المزبورة المشتملة على الامر بفعلها حيث إن الامر بترك الصلاة على الصبي لا يجتمع مع الامر بالصلاة على فعلها كما هو مفاد تلك الأخبار
اللهم الا ان يلتزم بكون مطلوبية تركها على من لا يصلى من خصائص النبي كما أنه قد يشكل الاعتماد عليها أيضا لأجل معارضتها صحيحتي زرارة
ومرسلة الصدوق المتقدمات المتضمنات لحكاية صلاة أبي جعفر (ع) على ابنه الصغير وانه بعد ان صلى عليه اعتذر عن ذلك بمخافة تشيع الناس بان
بني هاشم لا يصلون على أطفالهم ولا لم يكن يصلى على مثله وكان علي (ع) يأمر به فيدفن ولا يصلى عليه فإن هذه الأخبار كالنص في عدم مطلوبيتها
من حيث هي شرعا والا لم يكن علي (ع) يأمر بدفنها بغير صلاة ولا الباقر (ع) يعتذر عن فعلها بما ذكر فمن هنا قد يقوى في النظر جرى الأخبار الامرة بالصلاة
على الصبي الذي لم يبلغ ذلك الحد كالفعل الصادر من أبي جعفر (ع) مجرى التقية والمماشاة مع الناس كما جزم به في الحدائق وغيره ولكن الأقوى خلافه
إذ ليس في شئ من الأخبار الحاكية لفعل أبي جعفر (ع) المشتملة على الاعتذار عنه اشعار بصدور هذا الفعل منه من باب التقية فضلا عن صلاحيتها
لصرف سائر الأخبار إليها نعم هي ظاهره بل صريحة في أن الصلاة على مثل ذلك الصبي الذي صلى عليه أبو جعفر (ع) لم تكن ثابتة في أصل الشرع فان
494

قوله (ع) بعد ان ذكر ان مثله لم يكن يصلى عليه وكان علي (ع) يأمر به فيدفن ولا يصلى عليه ولكن الناس صنعوا شيئا فنحن نصنع مثله نص في ذلك ولكنه لا منافاة
بين ان لا يكون شئ بالذات عبادة بل مرجوحا ويعرضه بتعارفه بين الناس جهة محسنة فيجعله راجحا كقيام الشيخ عن مجلسه عند قدوم عالم جليل فان هذا لم
يكن راجحا في أصل الشرع بل مرجوحا ولكن بعد ان صنعه الناس بحيث رأوا تركه تحقيرا بالعالم وهتكا لحرمة صار فعله راجحا بل قد يصير واجبا فمن الجايز ان يكون
صلاة أبي جعفر (ع) على أطفالهم بعد تعارفها بين الناس من هذا الباب اي حفظ احترام موتاهم وعدم استحقارها لا من باب التقية كما ربما يشعر بذلك ما ذكره (ع)
في مرسلة الصدوق والصحيحة الأخيرة والحاصل انه لا دلالة في هذه الأخبار على أن صدور الصلاة من أبي جعفر (ع) كان خوفا من ضررهم كما هو مناط كونه تقية
فيمكن ان يكون بواسطة اندراجها بذلك في عنوان راجح فلا يعلم من ذلك ان الامر الذي صدر من الصادق (ع)
في الأخبار السابقة صدر تقية كي يجوز
طرحها نعم هذه الروايات تصلح شاهدة لصرف تلك الأخبار عن ظاهرها من الوجوب لكونها نصا في أنه لا تجب الصلاة بالفعل الا على من عقل الصلاة
وكان ابن ست سنين فلاحظ وتدبر فان وقع الولد سقطا ميتا لم يصل عليه ولو ولجته الروح كما يدل عليه مضافا إلى الأصل الروايات المتقدمة للصلاة على
الصبي بما إذا سقط من بطن أمه واستهل صارخا * (القسم الثاني) * في المصلى أحق الناس بالقيام باحكام الميت من تغسيله وتكفينه ودفنه والصلاة عليه
من هو أولى الناس به ولا يجوز لغير المبادرة إلى شئ منها الا برضاه ما دام الاستئذان منه ممكنا كما عرفته في مبحث الغسل ويدل عليه أيضا في خصوص المقام
ما رواه الكليني (ره) باسناده عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (ع) قال يصلى على الجنازة أول الناس بها أو يأمر من يحب وعن أحمد بن محمد بن أبي نصر
عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال يصلى على الجنازة أولى الناس بها أو يأمر من يحب ورواية السكني عن جعفر عن أبيه عن ابائه (ع) قال قال أمير المؤمنين (ع)
إذا حضر سلطان من سلطان الله جنازة فهو أحق بالصلاة عليها ان قدمه الولي والا فهو غاصب ويحتمل بعيدا ان يكون المراد بالسلطان في هذه الرواية الامام
المعصوم (ع) فينبغي (ح) لأن يحمل قوله (ع) فان قدمه الولي فهو والا فالولي غاصب لأن امام الأصل أولى بالولي والمولى عليه فيما يتعلق بهما من أنفسهما بنص خبر الغدير
المتواتر بين الفريقين وكيف كان فمن هو أولى الناس به هو من كان أوليهم بميراثه كما مر تحقيقه في المبحث المشار إليه وكفاك شاهدا على ذلك صحيحة الكناسي
عن أبي جعفر (ع) قال ابنك أولى بك من ابن ابنك وابن ابنك أولى بك من أخيك وقال أخوك لأبيك وأمك أولى بك من أخيك لأبيك وقال أخوك لأبيك
أولى بك من أخيك لامك وقال وابن أخيك لأبيك وأمك أولى بك من ابن أخيك لأبيك وقال وابن أخيك لأبيك أولى بك من عمك قال وعمك أخو
أبيك من أبيه وأمه أولى بك من عمك أخي أبيك من أبيه قال وعمك أخو أبيك من أبيه أولى بك من عمك أخي أبيك لأمه قال وابن عمك أخي أبيك من أبيه
وأمه أولى بك من ابن عمك أخي أبيك لأبيه قال وابن عمك أخي أبيك من أبيه أولى بك من ابن عمك أخي أبيك لأمه فان الأولوية كما ترى دائرة مدار الإرث
فمن كان الوارث فهو الأولى من غير الوارث فهو أيضا دلالة على أن المتقرب بالأبوين أولى بالميت من المتقرب بأحدهما وان المتقرب بالأب أولى من المتقرب
بالأم وان كانا في مرتبة واحدة من حيث القرابة الموجبة لاستحقاق أصل الإرث ومن هنا يعلم أن العم أولى بالميت من الخال وان كانا في مرتبة واحدة من
حيث الوارثية كما صرح به الأصحاب فأولويته منه باعتبار أشدية علاقة النسبة من طرف الأب وهي موجبة لكثرة النصيب وليس بمانعة عن أصل الاستحقاق
بل قد لا تكون كذلك أيضا فان نصيب الابن أكثر من الأب ومع ذلك الأب أولى من الابن كما هو المشهور بل في المدارك هذا ما ذهب الأصحاب لا اعلم فيه
مخالفا بل عن التذكرة انه أولى منه ومن الجد وغيره من الأقارب كولد الوالد والاخوة عند علمائنا مشعرا بالاجماع عليه أقول اما أولويته على ما
عدى الابن ممن ليس في طبقته في الميراث فقد ظهر وجهه مما مر فما عن ابن الجنيد من تقديم الجد عليه وعلى الابن فمحجوج بما مر وقد سبق مزيد توضيح لذلك في
مبحث الغسل واما أولويته من الولد مع تساوهما في الدرجة من حيث الوارثية وأكثرية الولد نصيبا في الميراث فعللوه بان الأب أشفق على الميت
وأرق عليه فيكون دعائه أقرب للإجابة ونوقش فيه بعدم صلاحية مثل هذه الوجوه الاعتبارية لاثبات حكم شرعي والأولى الاستدلال له بعد
الغض عن الاجماع بأنه مع وجود الأب للميت لا يلتفت الذهن لدى الامر بان يصلى عليه أولى الناس به أو يرجع إليه في سائر تجهيزاته الا إلى أبيه
فهو الذي ينصرف إليه اطلاقات الأدلة الواردة في هذا الباب كما فهمه الأصحاب وليس هذا منافيا لما ذكروه من أن أحق الناس بالصلاة عليه
أوليهم بميراثه فان الأب وكذا كل من كان في طبقته أولى الناس بميراثه ممن عداهم وكون الولد أكثر نصيبا من والديه لا يجعله أولى بأصل الميراث إذ
قد يكون ذلك لمصالح اخر كأكثرية نصيب الذكر من الأنثى مع اتحاد نسبتهما من حيث القاربة فأحقية الأب من الابن بمنصب الولاية على الميت كأحقية
الذكر من الأنثى بزيادة النصيب انما هي لجهات اخر غير جهة القرابة وكيف كان فالمدار على ما يفهم من أدلته وقد ادعينا انصرافها إلى الأب حال
وجوده والعرف اعدل شاهد بذلك وكذا الولد وان نزل أولى بوالديه من الجد والأخ والعلم وباقي الأرحام بلا شبهة والأخ من الأب و
الأم أولى ممن ينسب بأحدهما لأنه أولى بالميت عرفا وشرعا ممن ينسب بأحدهما والأخ من الأب أولى من الأخ من الأم وهو أولى من ابن الأخ والعم
وباقي الأرحام وابن أخيه لأمه وأبيه أولى من ابن أخيه لأبيه أو لأمه وابن أخيه وان نزل أولى من عمه وهو أولى من خاله والمتقرب إلى الميت بالأب و
الأم أولى من كل مرتبة من التقرب بأحدهما والمتقرب بالأب أولى من المتقرب بالأم كما دلت عليه الصحيحة المتقدمة تصريحا في بعضها وتلويحا في بعض مما
ليس فيها التصريح به بخصوصه كتقديم العم على الخال لما فيها من الإشارة إلى وجه التقديم من أن المتقرب بالأب في كل مرتبة أولى من المتقرب بالأم
495

الذي هو في مرتبته مع أنه بحسب الظاهر مما لا خلاف فيه ولكن ليس في الصحيحة التعرض لحكم الجد كما أنه لم يقع التصريح بحكمه في المتن الا انه قد يظهر من ترك
تخصيصه في المتن وشبهه بالذكر بعد وقوع التصريح فيه بان أحق الناس بالصلاة عليه أوليهم بميراثه مساواته للأخ ولكن حكى عن الشيخ وابن إدريس
الحكم بتقديمه على الأخ للأبوين فضلا عن غيره فقالا الأب أولى الأقارب ثم الولد ثم الجد من قبل الأب ثم الأخ من قبل الأب والام ثم الأخ من قبل الأب
ثم الأخ من قبل الأم ثم العم ثم الخال ثم ابن العم ثم ابن الخال وزاد في المحكي عن جامع المقاصد ثم المعتق ثم الضامن ثم الحاكم ثم عدول المؤمنين
أقول اما انتقال الولاية عند فقد ذوى الأرحام إلى المعتق ثم الضامن فليس بالبعيد اخذا باطلاق قوله يصلى على الجنازة أولى الناس به ودعوى
انصرافه إلى خصوص أولى الأرحام قابلة للمنع واما الحاكم وعدول المؤمنين فلم يثبت لهما الولاية على هذا الامر كما تقدمت الإشارة إليه في مبحث التغسيل و
لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالرجوع اليهما مع الامكان واما ما ذكراه من تقديم الجد على الأخ فلعل وجهه دعوى الانصراف على حسب ما ادعيناه في الأب
لدى اجتماعه مع الابن الذي هو في مرتبة من حيث القرابة ولكن هذه الدعوى ان سلمت كما ليس بالبعيد فهو بالنسبة إلى الجد من قبل الأب كما قيداه به واما إذا
كان من قبل الأم فهو مساو للأخ منها خاصة كما نص عليه في الجواهر والله العالم والزوج أولى بالمرأة من عصباتها وان قربوا لما عرفته مفصلا في التغسيل
وقد عرفت في ذلك المبحث أيضا انه إذا كان الأولياء جماعة فالذكر أولى من الأنثى واما إذا كان الجميع من صنف واحد (فقد عرف ان الأب متقدم على الابن غيره وكذا الجد على الأخ على ما نص عليه غير واحد) واما الأولاد وكذا الاخوة أو
الأعمام والأخوال وأولادهم فلا دليل على تقديم بعضهم على بعض ممن كان في مرتبته كما هو صريح بعض وظاهر غيره خلافا لصاحب الحدائق فجزم بتقديم الأكبر
مستدلا عليه بصحيحة محمد بن الحسن الصفار قال كتبت إلى أبي الحسن (ع) رجل مات وعليه قضاء من شهر رمضان عشرة أيام وله وليان هل يجوز لهما ان يقضيا عنه جميعا
خمسة أيام أحد الوليين وخمسة أيام الاخر فوقع (ع) يقضي عنه أكبر ولييه عشرة أيام (انش) وفي دلالتها على مدعاه نظر ظاهر نعم لا يبعد دعوى انصراف
اطلاقات الأدلة الواردة في الباب عرفا إلى الأكبر كما تقدمت الإشارة إليه في التغسيل ولكنها قابلة للمنع خصوصا فيما إذا كان الأصغر أليق بالقيام بوظائف
التجهيز وان كانت الدعوى المزبورة في هذه الصلاة أيضا ليست كل البعيد فلا ينبغي ترك الاحتياط برعاية اذن الأكبر مع الامكان ثم انا ان لم نقل بتقديم
الأكبر أو فرضنا الجمع متساوين في السن فمقتضى الأصل جواز الاستبداد لكل منهم بالقيام بوظائف التجهيز من غير مراجعة الاخر فإن هذه الأحكام واجبة
كفاية على الجميع ولكنه قد جعل الشارع أولى الناسي بالميت أحق بالقيام بها فإذا تعددت أولياء الميت بحيث لم يكن لبعضهم أولوية على بعض صدق على كل منهم انه
ولى الميت وانه ليس أحد أولى به منه فإذا باشر شيئا من تجهيزاته من صلاة أو كفن أو دفن فقد فعله أولى الناس به فيكون مجزيا وان كان عبادة ولم يكن الاخر
راضيا بفعله إذ ليس للاخر منعه عن أصل الفعل فإنه ليس بأولى منه في هذا الفعل بل مثله فكان له أيضا المبادرة إليه ولكنه لم يفعل حتى صدر الفعل
وسقط التكليف فليس لكل من الواليين منع الاخر عن أصل الفعل نعم لكل منهما المشاركة فيه مع الاخر فيما يقبل المشاركة وليس للاخر منعه عن
ذلك كما أنه يجوز لكل منهما أو لكل من قدمه كل منهما الصلاة عليه دفعة وقصد كل واحد منهما الإمامة لمن عداه غير قادح في صحة صلاتهما واما المأمومون
فينون الايتمام بأيهما شاؤوا وان كان قد يتأمل في شرعية عقد جماعتين على ميت واحد دفعه لعدم معهوديته في الشريعة ولكنه لا مانع عن الالتزام
بجوازه بعد موافقته للقواعد مع أن بطلان لجماعة لا يقتضى بطلان صلاة الامامين التي هي واجب كفائي لو تشاحا في شئ غير قابل للمشاركة كأن أراد
أحدهما دفنه في هذا المكان والاخر في ذلك المكان فان بادر أحدهما إلى الاتيان بما اراده فقد حصل الواجب ولم يرتكب بذلك محظورا لأنه لم يتعد بفعله
عما جعله الله له وأوجب عليه كفاية ولو تزاحما فهو كغيره من الواجبات كالكفائية التي تسابق إلى فعلها اشخاص بحيث حصل من تسابقهم التزاحم (فح) فان
حصل من تزاحمهما التمانع بحيث أوجب رعاية حقهما هتك احترام الميت أو الاخلال بواجب من تجهيزاته سقط حقهما وجاز للأجنبي القدام في تجهيزاته
والا بقي مراعا حتى يتوافقا على رأى أو ترتفع المزاحمة بسبب من الأسباب والله العالم والحر أولى من العبد بل ليس للعبد ولاية أصلا كما عرفته في مبحث
التغسيل ولا يتقدم الولي بان يصلى بالناس جماعة الا إذا استكملت فيه شرائط الإمامة على تردد في اعتبار بعضها في هذا الباب كالعدالة وسيأتي الكلام
فيه (انش) والا اي وان لم يكن الولي بشرائط الإمامة وأراد الصلاة جماعة قدم غيره ويجوز له تقديم الغير وان كان صالحا لها أيضا كما يدل عليه مع موافقته
للأصل مرسلة ابن أبي عمير والبزنطي المتقدمتان الظاهرتان في التخيير بل قد يكون هذا أولى إذا كان ذلك الغير أولى بالإمامة لشدة ورعه وفقاهته ووفور
رغبة المأمومين وكثرة اجتماعهم للصلاة عليه وإذا تساوى الأولياء في الصلاحية قدم استحبابا الأفقه فالأقرء فالأسن فالأصبح حسب ما قرروه
في مبحث الجماعة لدى تشاح الأئمة على تأمل في اعتبر بعض هذه المرجحات أو غيرها مما ذكروه في ذلك المبحث وكذا في الترتيب المذكور لولا البناء على المسامحة
في دليله ولا يجوز ان يتقدم أحد الا بأذن الولي سواء كان الولي بشرائط الإمامة أو لم يكن بعد ان يكون مكلفا كما عرفته في مبحث الغسل بل قد عرفت في ذلك
المبحث انه لا يشترط في ثبوت الولاية جواز تأتى الفعل من نفس الولي مباشرة كما انك عرفت ما هو الوجه فيما لو أوصى الميت إلى شخص بتجهيزه أو الصلاة عليه
من أن الأشبه عدم نفوذ وصيته على الولي بحيث لا يجوز له مخالفتها فراجع واما الأصل أولى بالصلاة من كل أحد بالضرورة ويدل عليه مضافا إلى
وضوحه خبر طلحة بن زيد عن أبي عبد الله (ع) قال إذا حضر الامام جنازة فهو أحق الناس بالصلاة عليها بناء على إرادة امام الأصل والا وجب تقييده بما
إذا اذن له الولي جمعا بين الأدلة والبحث في احتياجه (ع) إلى اذن الولي وعدمه تكلف مستغنى عنه كما اعترف به في المدارك بل هو من فضول الكلام الذي ينبغي
496

التحرز عنه والهاشمي أولى من غيره إذا قدمه الولي وكان بشرائط الإمامة اي ينبغي للولي تقديم الهاشمي الجامع لشرائط الإمامة على ما نسب إلى المشهور بل
عن المعتبر والتذكرة ونهاية الاحكام ودعوى والاجماع عليه وكفى بذلك دليلا لمثله من باب التسامح وحكى عن المفيد القول بوجوب التقديم وهو في
غاية البعد إذ لا دليل عليه ولعله أراد تأكد الندب والله العالم ويجوز ان تؤم المرأة النساء كما يدل عليه مضافا إلى عموم بعض الروايات الآتية
في مبحث الجماعة خصوص صحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع) قال قلت له المرأة تؤم النساء قال لا الا على الميت إذا لم يكن أحد أولى منها تقوم وسطهن معهن
في الصف فتكبر ويكبرن وخبر الحسن الصيقل قال سئل أبو عبد الله (ع) كيف تصلي النساء على الجنازة إذا لم يكن معهن رجل فقال يقمن جميعا في صف واحد ولا
تتقدمهن امرأة قيل ففي صلاة مكتوبة ايؤم بعضهن بعضا فقال نعم وخبر جابر عن أبي جعفر (ع) قال إذا لم يحضر الرجل تقدمت امرأة وسطهن وقام النساء
عن يمينها وشمالها وهي وسطهن تكبر حتى تفرغ من الصلاة وظاهر هذه الأخبار وكذا غيرها من الروايات الآتية في مبحث الجماعة كقوله (ع) في مرسلة ابن بكير
جوابا عن السؤال عن أن المرأة تؤم النساء نعم تقوم وسطا بينهن ولا تتقدمهن وجوب القيام وسط الصف وترك التقدم ولكنه لم ينقل التصريح
به عن أحد وان نسبه في كشف اللثام على ما حكى عنه إلى الظاهر الأكثر ولكن قد يقال إن ظاهرهم في هذا الباب وكذا في باب الجماعة كصريح المتن عدم
الوجوب وانه يكره ان تبرز عنهن بل تقف في صفهن فكأنهم لم يفهموا من هذه الأخبار بملاحظة ورودها مورد توهم رجحان التقدم وجوبا أو استحبابا و
كذا من عدم مناسبة كون الحكم بالتوسط وترك التقدم الزاميا في مقابل اطلاقات أدلة الجماعة وغير ذلك من الأصول والقواعد الا إرادة استحباب
التوسط وكراهة التبرز وهو ليس بالبعيد ولكن الجمود على ما يترائى من النص أولى وكذا الرجال العراة في الأيتام وعدم بروز الامام عن الصف
بل يقف معهم كالمرأة في صف واد بلا نقل خلاف فيه بل عن جامع المقاصد وفوائد الشرايع نسبته إلى الشيخ والأصحاب ولكن عن الأخير بعد ان
نسبه إلى الشيخ والأصحاب قال مع أنهم صرحوا بان العراة يجلسون في اليومية وكأنه بناء على أن الستر ليس شرطا في صلاة الجنازة ونحن نشترطه أو
للفرق بينها وبين اليومية بالاحتياج إلى الركوع والسجود هناك بخلافه هنا وليس بشئ لوجوب الايماء والمتجه فعلها من جلوس واستحباب عدم
التقدم بحالة انتهى أقول قد تقدم في مبحث الساتر كيفية صلاة العراة جماعة من أنهم يجلسون جميعا في صف واحد ويتقدمهم الامام ولو بركبتيه
ويؤمى للركوع والسجود ومن خلفه يركعون ويسجدون على الأشبه ولكن هذا انما هو في اليومية التي هي مورد النصوص والفتاوى الدالة عليه
مع أن استشكلنا في سقوط شرطية القيام وجواز الجماعة جالسا في اليومية أيضا على الاطلاق ولو مع الامن من المطلع حتى من اطلاع بعضهم على
بعض ولو في بعض الأحوال كحال الركوع الذي التزمنا بوجوبه على المأمومين وعلى تقدير الالتزام به فإنما هو للنص وليس في المقام نص خاص يدل
على جواز الجماعة لهم وانما نلتزم فيه بمقتضى اطلاقات أدلة الجماعة وهى انما تقتضي جوازها ما لم يستلزم الصلاة جماعة الاخلال بشئ من الواجبات والا فعموم
ندبية الجماعة لا يصلح ان يكون مخصصا لما دل على شرطية القيام فيها فان أمكنهم الصلاة قائما وحفظ عورتهم عن النظر ولو بان يقفوا جميعهم في صف
واحد ويضعوا أيديهم على قبلهم أو في مكان مظلم مثلا جاز لهم الصلاة جماعة كذلك والا فلو تمكنوا من الصلاة فرادي مع امن المطلع ولو بتباعد بعضهم
عن بعض وجب عليهما الاتيان بها كفاية ولو بفعل بعضهم عن قيام منفردا ومع في من المطلع يجب عليهما الصلاة عن جلوس جماعة كانت أو فرادي
كما في الفريضة لأن رعاية حفظ الفرج عن النظر اولي من اعتبار القيام في الصلاة كما تقدمت الإشارة إليه في المبحث المشار إليه فلاحظ وغيرهما اي
غير المرأة والعاري من الأئمة يبرز امام الصف ولو كان المؤتم واحدا ولا يقف المأموم الواحد بجنب الامام كما هو وظيفته في اليومية بل خلفه
كما يدل عليه خبر اليسع بن عبد الله القمي قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يصلى على جنازة وحده قال نعم قلت فاثنان يصليان عليها قال نعم ولكن
يقوم الاخر خلف الاخر ولا يقوم بجنبه وإذا اقتدى النساء بالرجل وقفن خلفه كما هو وظيفتهن في مطلق الجماعة فضلا عن هذه الجماعة التي وظيفتها
قيام الرجل الواحد أيضا خلفه وان كان ورائه رجال وقفن خلفه لعموم ما دل عليه في مطلق الجماعة بناء على شمولها للمقام وخصوص خبر السكوني
عن أبي عبد الله (ع) قال قال النبي صلى الله عليه وآله خير الصفوف في الصلاة المقدم وخير الصفوف في الجنائز المؤخر قيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله ولم قال صار سترة للنساء وعن
الفقه الرضوي وأفضل المواضع في الصلاة على الميت الصف الأخير وعن الصدوق في الفقيه قال وأفضل المواضع في الصلاة على الميت الصف
الأخير والعلة في ذلك ان النساء كن يختلطن بالرجال في الصلاة على الجنازة فقال النبي صلى الله عليه وآله أفضل المواضع في الصلاة على الميت الصف الأخير
فتأخرن إلى الصف الأخير فيبقى فضله على ما ذكره انتهى وعن المحدث المجلسي في كتاب البحار انه استظهر من خبر السكوني معنى اخر وطعن على المشهور
بوجوه ذكره ثمة وقال والذي يفهم من الرواية وهو الظاهر منها لفظا ومعنى ان المراد بالصفوف في الصلاة صفوف جميع الصلوات الشاملة
لصلاة الجنازة وغيرها والمراد بصفوف الجنائز انما هو الجنائز المختلفة إذا وضعت بين يدي الامام للصلاة عليها وان المراد خير الصفوف في الصلاة
الصف المقدم اي ما كان أقرب إلى القبلة وخبر الصفوف في الجنائز المؤخر اي ما كان ابعد من القبلة وأقرب إلى الامام ولما كان الأشرف في جميع
المواضع متعلقا بالرجال صار كل من الحكمين سببا لسترة النساء لأن تأخرهن في الصف ستر لهن وتأخر جنائزهن لكونه سببا لبعدهن عن الرجال
المصلين سترة لهن فاستقام التعليل في الجزئين وسلم الكلام عن ارتكاب الحذف والمجاز وصار الحكم مطابقا لما دلت عليه الأخبار والعجب
497

من الأصحاب كيف غفلوا عن هذا الاحتمال الظاهر وذهبوا إلى ما يحتاج إلى تلك التكلفات البعيدة الركيكة فخذ ما اتيتك وكن من الشاكرين انتهى
وفي الحدائق بعد نقل كلامه قال وهو جيد كما لا يخفى عل الفطن النبيه قول ما ذكره في تفسير الرواية لا يناسب ألفاظ الرواية ولا العلة المذكورة
فيها وكفاك شاهدا على ذلك ان الأصحاب لم يحتملوه فإنه في حد ذاته ليس معنى غامضا حتى يختفي عليهم تعقله فعدم فهمهم لهذا المعنى من الرواية من أقوى
الشواهد على عدم ظهورها في ارادته ويحتمل ان يكون المراد بكونه سترة للنساء سببية هذا الحكم لتعدد الصفوف الموجب لتباعد النساء عن الجنازة
بملاحظة ان النساء عند اشرافهن على الجنازة وقربهن منها لا تملكن أنفسهن عن اظهار الجزع والنوح والعويل كما هي عادة النساء فإذا كان الصف
الأخير أفضل يكون طلبه موجبا لتعدد صفوف الرجال وتباعد النساء عن الجنازة وعدم اشرافهن عليها والله العالم وان كان فيهن حائض
أو نفساء انفردت عنم صفهن استحبابا كما عن جماعة التصريح به ويدل على أصل الحكم جملة من الأخبار كصحيحة محمد بن مسلم قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الحائض
تصلي على الجنازة قال نعم ولا تصف معهم وتقف مفردة ومرسلة حريز عن أبي عبد الله (ع) قال الطامث تصلي على الجنازة لأنه ليس فيها ركوع ولا سجود
والجنب يتيمم ويصلي على الجنازة وخبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله (ع) قال تصلي الحائض على الجنازة قال نعم ولا تصف معهم تقوم مفردة ومرسلة عبد الله
بن المغيرة عن رجل عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن الحائض تصلي على الجنازة فقال نعم ولا تقف معهم
والجنب يصلي على الجنازة وخبر سماعة عن
أبي عبد الله (ع) عن المرأة الطامث إذا حضرت الجنازة قال تتيمم وتصلى عليها وتقوم وحدها بارزة عن الصفة والمنساق من النصوص المزبورة خصوصا
خبر سماعة إرادة قيامها وحدها بارزة عن صفوف المصلين مطلقا رجالا كانوا أم نساء وتذكير الضمير باعتبار رجوعه إلى المصلين الذين أريد بهم
الأعم تغليبا فما عن الذكرى من قوله وفي انفراد الحائض هنا نظر من خبر محمد بن مسلم عن الصادق (ع) لا تقف معهم اتفقت منفردة فان الضمير يدل على الرجل واطلاق الانفراد يشمل
النساء كأنه في غير محله اعترف به في الجواهر خصوصا بعد فهم الأصحاب وعدم وجدان الخلاف فهو كيف كان فمقتضى الجمود على ما يتراءى من هذه الأخبار
وجوب انفرادها بصف ولكن لا يبعد ان يقال إن المنساق منها بواسطة المناسبات المغروسة في الذهن كما في الامر بالتيمم ليس الا إرادة
الاستحباب كما فهمه المصنف وغيره والله العالم * (القسم الثالث) * في كيفية الصلاة وهي على المؤمن خمس تكبيرات بلا خلاف فيه بيننا على
الظاهر بل في المدارك هذا قول علمائنا أجمع بل في الجواهر الاجماع بقسميه على بل المحكي منهما مستفيض أو متواتر كالنصوص بل حكى عن بعض العامة
الاعتراف بان رسول الله (ص) كان يكبر خمسا ولكنهم لم يذهبوا إليه لصيرورته من شعار الشيعة فعن حواشي الشهيدان ان محمد بن علي بن عمران التميمي المالكي
قال في كتابه الموسوم بفوائد مسلم ان زيدا كبر خمسا وان رسول الله صلى الله عليه وآله كان كذلك يكبرها ولكن ترك هذا المذهب لأنه صار علما على القول بالرفض
وكيف كان فمن جملة الروايات الدالة عليه صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال لما مات ادم (ع) فبلغ إلى الصلاة عليه فقال هبة الله لجبرئيل (ع) تقدم
يا رسول الله فصل على نبي الله فقال جبرئيل ان الله أمرنا بالسجود لأبيك فلسنا نتقدم ابرار ولده وأنت من أبرهم فتقدم فكبر عليه خمسا عدة الصلوات التي فرضها
الله على أمة محمد صلى الله عليه وآله وهي السنة الجارية في ولده إلى يوم القيمة وصحيحة الأخرى عن أبي عبد الله (ع) قال التكبير على الميت خمس تكبيرات وصحيحة إسماعيل بن
سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا (ع) قال سئلته عن الصلاة على الميت فقال اما المؤمن فخمس تكبيرات واما المنافق فأربع ولا سلام فيها وصحيحة حماد بن
عثمان وهشام بن سالم عن أبي عبد الله (ع) قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يكبر على قوم خمسا وعلى قوم آخرين أربعا فإذا كبر على رجل أربعا اتهم يعني بالنفاق و
خبر أبي بصير المروي عن العلل قال قلت لأبي عبد الله (ع) لأي علة يكبر على الميت خمس تكبيرات ويكبر مخالفونا أربع تكبيرات قال لأن الدعائم التي بني عليها الاسلام
خمس الصلوات والزكاة والصوم والحج والولاية لنا أهل البيت فجعل الله للميت من كل دعامة تكبيرة وانكم أقررتم بالخمس كلها وأقر مخالفوكم بأربع وأنكروا
واحدة فمن اجل ذلك يكبرون على موتاهم أربع تكبيرات وتكبرون خمسا وخبر الحسن بن النضر المروي عن العيون قال قال الرضا (ع) ما العلة في التكبير
على الميت خمس تكبيرات قلت رووا انها اشتقت من خمس صلوات قال هذا ظاهر الحديث فاما في وجه اخر فان الله فرض على العباد خمس فرائض الصلاة
والزكاة والصوم والحج والولاية فجعل للميت من كل فريضة تكبيرة واحدة فمن قبل الولاية كبر خمسا ومن لم يقبل الولاية كبر أربعا فمن اجل ذلك تكبرون خمسا
ومن خالفكم يكبر أربعا إلى غير ذلك من الروايات التي لا حاجة إلى استقصائها وما في بعض الأخبار مما ينافي ذلك مطروح أو مؤل وقضية الأصل
بطلانها بنقص التكبيرات عن الخمس سهوا فضلا عن العمد بخلاف الزيادة ولو عمدا فضلا عن السهو ما لم يرجع إلى التقييد في أصل نية الصلاة كي يتأتى
البطلان من هذه الوجه كما تقرر في محله وما ذل على أن من زاد في صلاته فعله الإعادة فهو منصرف عن هذه الصلاة جزما كما أن ما دل على أنه لا
تعاد الصلاة الا من خمسة كذلك والله العالم والدعاء الشامل للشهادتين بينهن اي بين التكبير غير لازم عند المصنف خلافا للأكثر بل المشهور بل
في الجواهر الاجماع محصلا ومنقولا في ظاهر الخلاف وصريح الغنية بلى خلافه بل عن الذكرى ان الأصحاب بأجمعهم يذكرون ذلك اي الدعاء بين
التكبيرات في كيفية الصلاة ولم يصرح أحد منهم بندبه والمذكور في بيان الواجب ظاهره الوجوب بل عن شرح الارشاد لفخر الاسلام دعوى اجماع
الإمامية على خصوص الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وكيف كان فلم نقف على من صرح بنفي لزومه رأسا سوى المصنف في الكتاب واستدل له بالأصل واطلاق
الروايات المتضمنة لا الصلاة على الميت خمس تكبيرات الواردة في مقام البيان كصحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة وقوله (ع) في صحيحة إسماعيل المتقدمة جوابا
498

عن السؤال عن الصلاة على الميت اما المؤمن فخمس تكبيرات (الخ) فان مقتضى ظاهرهما كون الخمس تكبيرات هي تمام مهية هذه الصلاة وباختلاف النصوص
في كيفية الأذكار والأدعية بين التكبيرات فإنه من شواهد الاستحباب وفيه ان الأصل مقطوع بما ستعرف والأخبار المطلقة مسوقة لبيان عدد
ما يعتبر فيما من التكبير لاتمام مهيتها مع أنه لو سلم ظهورها في ذلك لوجوب صرفها عن ذلك جمعا بينها وبين الأخبار الكثيرة الواردة في كيفيتها المشتملة
على الامر بالدعاء بينهن واختلاف تلك النصوص في خصوصية الأذكار والأدعية لا يكشف الا عن عدم اعتبار خصوصياتها لا عدم اعتبار جنس
الدعاء الذي هو بحسب الظاهر من مقومات مهية هذه الصلاة إذا الظاهر أن اطلاق هذا الاسم عليها في أصل الشرع لم يكن الا باعتبار اشتمالها
على الدعاء الذي هو معناها عرفا ولغة كما يفصح عن ذلك خبر أبي بصير قال كنت عند أبي عبد الله (ع) جالسا فدخل رجل فسئله عن التكبير على الجنائز فقال
خمس تكبيرات ثم دخل اخر فسئله عن الصلاة على الجنائز فقال اربع صلوات فقال الأولى جعلت فداك سئلتك فقلت خمسا وسئلتك هذا فقلت
أربعا فقال إنك سئلتني عن التكبير وسئلني هذا عن الصلاة ثم قال إنها خمس تكبيرات بينهن اربع صلوات وكيف كان فهذه الرواية كالنص في كون
الدعاء بين التكبيرات مأخوذا في مهيتها وبما يشهد له أيضا خبر الفضل بن شاذان المروي عن العلل والعيون عن الرضا (ع) قال انما جوزنا الصلاة
على الميت بغير وضوء لأنه ليس فيها ركوع ولا سجود انما هي دعاء ومسألة الحديث وفي خبره الاخر المروي عنهما أيضا عن الرضا (ع) قال انما أمروا
بالصلاة على الميت ليشفعوا له وليدعوا له بالمغفرة الحديث ويدل عليه أيضا الأخبار الكثيرة الواردة في بيان كيفية هذه الصلاة المشتملة
على الامر بالشهادتين وغيرهما من الأدعية والأذكار بين التكبيرات التي سيأتي نقل جملة منها واختلاف تلك النصوص في كيفيتها أو تأدية ألفاظها
انما يصلح قرينة لرفع اليد عن ظهورها في كون الطلب الواقع فيها المتعلق بكل من تلك الخصوصيات تعينيا مجمله على كون متعلقه أحد افراد الأمور
به أو أفضلها ولو بالإضافة إلى افراد جنسه سواء حملناه على الوجوب أو الاستحباب فلا مقتضى (ح) لرفع اليد عن ظاهرها من الوجوب فمقتضى
الجمع بينها اما الالتزام بوجوب كل من الكيفيات الواردة في الأخبار المعتبرة تخييرا أو القول بوجوب القدر المشترك الذي دلت الجميع على وجوبه
باي عبارة تكون من غير اعتبار بألفاظها والأول وان كان أوفق بالقواعد ولكن الأخير أقرب فان من أمعن النظر في الأخبار لا يكاد يرتاب في عدم
كون خصوصية الألفاظ الواردة فيها من مقومات الصلاة ولذا كثر الاختلاف بحيث لا يكاد يوجد خبر ان من الأخبار الحاكية للفعل أو القول
بتحد ألفاظ الأدعية المأثورة فيهما وربما يشهد له أيضا مضافا إلى ذلك ما عن الكليني والشيخ في الصحيح أو الحسن عن محمد بن مسلم وزرارة ومعمر بن
يحيى وإسماعيل الجعفي عن أبي جعفر (ع) قال ليس في الصلاة على الميت قراءة ولا دعاء موقت تدعو بما بدا لك وأحق الموتى ان يدعى له المؤمن وان يبدء
بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وعن الشيخ في الصحيح عن زرارة ومحمد بن مسلم انهما سمعا أبا جعفر (ع) يقول ليس في الصلاة على الميت قرائه ولا دعاء موقت
الا ان تدعو بما بدا لك وأحق الموتى ان يدعى له ان تبدء بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وقد ظهر بما ذكر انا لو قلنا بوجوبه كما هو مقتضى التحقيق لم نوجب لفظا
على التعيين كما لعله المشهور بل عن بعض دعوى الاجماع عليه وما عن بعض القدماء من ذكر أدعية خاصة بين التكبيرات كالاخبار لم يقصد به بحسب
الظاهر وجوبها عينا والا فجميع اخبار الباب حجة عليهم كما لا يخفى على المتأمل نعم صرح غير واحد بوجوب الشهادتين بعد التكبيرة الأولى والصلاة على
النبي صلى الله عليه وآله واله (ع) بعد الثانية والدعاء للمؤمنين بعد الثالثة وللميت بعد الرابعة بل ربما نسب هذا القول إلى المشهور بل عن بعض دعوى الاجماع عليه وحكى
عن ابن الجنيد أنه قال ليس في الدعاء بين التكبيرات شئ موقت لا يجوز غيره وفي الحدائق بعد نقل هذا القول عن ابن الجنيد قال والى هذا مال جماعة من متأخري
المتأخرين وهو ظاهر الشهيد في الذكرى وهو الأظهر انتهى وفي المدارك انه هو الأصح وهو خيرة الأكثر واستدلوا عليه بالصحيحة الأخيرين اللذين
هما بحسب الظاهر رواية واحدة مروية بطريقين بل مقتضى اطلاق هذه الرواية ككلمات القائلين بعدم اعتبار دعاء مخصوص كفاية مطلق الدعاء ولكن
لا يبعد دعوى انصرافها إلى ما يناسب المقام مما يمكن دعوى استفادة اعتبار نوعه اجمالا من سائر الأخبار كالدعاء للميت أو المؤمنين والصلاة
على النبي صلى الله عليه وآله واله (ع) ويؤيده أيضا موثقة يونس بن يعقوب قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن صلاة الجنازة أيصلى عليها على غير وضوء فقال نعم انما هو تكبير
وتسبيح وتحميد وتهليل الحديث وهذا الرواية وان كانت مسوقة لبيان عدم كونها صلاة حقيقة المشروطة بالظهور بل هي بمنزلة ما لو كان جالسا
في بيته وهو يذكر الله تعالى ويسبحه فلا ينافيها اعتبار بعض أذكار خاصة ولكنها لا تخلو عن تأييد وكيف كان فالأولى نقل جملة من الأخبار الواردة
في كيفية هذه الصلاة حتى ينكسف بها حقيقة الحال فمنها صحيحة أبي ولاد قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن التكبير على الميت فقال خمس تقول في أولاهن أشهد أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له اللهم صل على محمد وال محمد ثم تقول اللهم ان هذا المسجى قدامنا عبدك وابن عبدك وقد قبضت روحه
إليك وقد احتاج إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه اللهم انا لا نعلم من ظاهره الا خيرا وأنت اعلم بسريرته اللهم ان كان محسنا فزد في احسانه وان كان
مسيئا فتجاوز عن سيئاته ثم تكبر الثانية وتفعل وتقول ذلك في كل تكبيرة ومنها صحيحة الحلبي أو حسنته عن أبي عبد الله (ع) قال تكبر ثم تشهد ثم تقول انا
لله وانا إليه راجعون الحمد لله رب العالمين رب الموت والحياة صل على محمد وأهل بيته جزى الله عنا محمدا خير الجزاء بما صنع بأمته وبما بلغ
من رسالات ربه ثم تقول اللهم عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيته بيدك خلا من الدنيا واحتاج إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه اللهم انا لا نعلم
499

منه الا خيرا وأنت اعلم به منا اللهم ان كان محسنا فزد في احسانه وتقبل منه وان كان مسيئا فاغفر له ذنبه وارحمه وتجاوز عنه برحمتك اللهم الحقه بنبيك وثبته
بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة اللهم اسلك بنا وبه سبيل الهدى واهدنا وإياه صراطك المستقيم اللهم عفوك عفوك ثم تكبر الثانية
وتقول مثل ما قلت حتى تفرغ من خمس تكبيرات ومنها صحيحة زرارة أو حسنته عن أبي عبد الله عليه السلام في الصلاة على الميت قال تكبر ثم تصلي على النبي صلى الله عليه وآله ثم تقول
اللهم عبدك ابن عبدك ابن أمتك لا اعلم منه الا خيرا وأنت اعلم به منا اللهم ان كان محسنا فزد في احسانه وحسناته وتقبل منه وان كان مسيئا فاغفر له ذنبه وافتح
له قبره واجعله من رفقاء محمد صلى الله عليه وآله ثم تكبر الثانية وتقول اللهم ان كان زاكيا فزكه وان كان خاطئا فاغفر له ثم تكبر الثالثة وتقول اللهم لا تحرمنا اجره
ولا تفتنا بعده ثم تكبر الرابعة وتقول اللهم اكتبه عندك في عليين واخلف على عقبه في الغابرين واجعله من رفقاء محمد صلى الله عليه وآله ثم كبر الخامسة وانصرف
ومنها موثقة سماعة المروية عن التهذيب قال سئلته عن الصلاة على الميت فقال تكبر خمس تكبيرات تقول إذا كبرت أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل على محمد وآل محمد وعلى أئمة الهدى واغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا
للذين امنوا ربنا انك رؤوف رحيم اللهم اغفر لأحيائنا وأمواتنا من المؤمنين والمؤمنات والف بين قلوبنا على قلوب أخيارنا واهدنا لما اختلف فيه من
الحق باذنك انك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم فان قطع عليك التكبيرة الثانية فلا يضرك فقل اللهم هذا عبدك ابن عبدك وابن أمتك أنت اعلم به افتقر
إلى رحمتك واستغنيت عنه اللهم فتجاوز عن سيئاته وزد في حسناته واغفر له وارحمه ونور له في قبره ولقنه حجته وألحقه بنبيه صلى الله عليه وآله ولا تحرمنا اجره ولا تفتنا بعده
قل هذا حتى تفرغ من خمس تكبيرات وإذا فرغت سملت عن يمينك وعن الكافي نحوه الا انه ترك من اخره وإذا فرغت سلمت عن يمينك قوله عليه السلام فان قطع عليك
التكبيرة الثانية فلا يضرك بحسب الظاهر مسوق لبيان انه إذا كان مأموما ولم يمهله الامام في اتمامه فقطع عليه
كلامه بالتكبيرة الثانية لا يضره ذلك
فيكبر الثانية ويأتي بما هو وظيفته بعد الثانية وهكذا إلى اخر صلاته ورواية كليب الأسدي قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن التكبير على الميت فقال بيده خمسا
قلت كيف أقول إذا صليت عليه قال تقول اللهم عبدك احتاج إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه اللهم ان كان محسنا فزد في احسانه وان كان مسيئا فاغفر له
ومنها موثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الصلاة على الميت فقال تكبر ثم تقول انا لله وانا إليه راجعون ان الله وملائكته يصلون على النبي
يا أيها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما اللهم صلى على محمد وبارك على محمد وآل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد
اللهم صلى على محمد وعلى أئمة المسلمين اللهم صلى على محمد وعلى امام المسلمين اللهم عبدك فلان وأنت اعلم به اللهم الحقه بنبيه محمد صلى الله عليه وآله وافسح له في قبره ونور
له فيه وصعد روحه ولقنه حجته واجعل ما عندك خيرا له وارجعه إلى خير مما كان فيه اللهم عندك نحتسبه فلا تحرمنا اجره ولا تفتنا بعده اللهم عفوك عفوك
اللهم عفوك عفوك تقول هذا كله في التكبيرة الأولى ثم تكبر الثانية وتقول اللهم عبدك فلان الحقه بنبيه محمد وافسح له في قبره ونور له فيه وصعد روحه
ولقنه حجته واجعل ما عندك خيرا له وأرجعه إلى خير مما كان فيه اللهم عندك نحتسبه فلا تحرمنا اجره ولا تفتنا بعده اللهم عفوك اللهم عفوك تقول
هذا في الثانية والثالثة والرابعة فإذا كبرت الخامسة فقل اللهم صلى على محمد وعلى وال محمد اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والف بين قلوبهم وتوفني
على ملة رسولك اللهم اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا انك رؤوف رحيم اللهم عفوك اللهم عفوك
وتسلم عن الوافي بعد نقل هذه الرواية قال وما ذكر من الدعاء بعد الخامسة والتسليم فشاذ أقول قد ورد الامر بالتسليم بعد الخامسة أيضا في موثقة
سماعة المتقدمة أيضا على ما رواها الشيخ في التهذيب وكذا في خبر يونس عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال الصلاة على الجنائز التكبيرة الأولى استفتاح الصلاة والثانية
تشهد ان لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله والثالثة الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته والثناء على الله والرابعة له والخامسة يسلم ويقف مقدار ما بين
التكبيرتين ولا يبرح حتى يحمل السرير بين يديه وقد حكى عن الشيخ وغيره حمل الامر بالتسليم الوارد في هذه الأخبار على التقية وناقش فيه في محكى الوافي بمنافاته
ذكر الخمس في عدد التكبرات ولكنه لم يعول على هذه الأخبار لشذوذها أقول قد لا يكون التقية مقتضية الا لاظهار الموافقة في التسليم الذي
لا يقدح زيادته في الاخلال بأصل الصلاة واحتمل في الوسائل كونه سنة خارجة عن صلاة الجنازة باعتبار كونه من آداب العشرة عند المفارقة والأولى
رد علمه إلى أهله بعد وضوح عدم صلاحية هذه الروايات مع مخالفتها لفتوى الأصحاب لمعارضة الأخبار المتظافرة الظاهرة أو الصريحة في أنه ليس في
صلاة الجنازة تسليم ومنها خبر محمد بن مهاجر المروي عن الكافي والتهذيب عن أمه أم سلمة قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا
صلى على ميت كبر وتشهد ثم كبر وصلي على الأنبياء ودعى ثم كبر ودعى للمؤمنين واستغفر للمؤمنين والمؤمنات ثم كبر الرابعة ودعى للميت ثم كبر وانصرف
فلما نهاه الله عز وجل عن الصلاة على المنافقين كبر وتشهد ثم كبر وصلى على النبيين ثم كبر ودعى للمؤمنين ثم كبر الرابعة وانصرف وعن الصدوق في
الفقيه مرسلا وفي العلل مسندا نحوه الا أنه قال في التكبير الثاني في الموضعين ثم كبر فصلى على النبي وخبر إسماعيل بن همام عن أبي الحسن عليه السلام قال قال أبو عبد الله عليه السلام
صلى رسول الله صلى الله عليه وآله على جنازة فكبر عليه خمسا وصلى على أخرى فكبر عليه أربعا فاما الذي كبر عليه خمسا فحمد الله ومجده في التكبيرة الأولى ودعا في الثانية للنبي صلى الله عليه وآله
ودعا في الثالثة للمؤمنين والمؤمنات ودعا في الرابعة للميت وانصرف في الخامسة واما الذي كبر عليه أربعا فحمد الله ومجده في التكبيرة الأولى و
دعا لنفسه وأهل بيته في الثانية ودعا للمؤمنين والمؤمنات في الثالثة وانصرف في الرابعة فلم يدع له لأنه كان منافقا وخبر علي بن سويد عن الرضا عليه السلام
500

فيما يعلم قال في الصلاة على الجنائز تقرء في الأولى بأم الكتاب وفي الثانية تصلي على النبي صلى الله عليه وآله وتدعوا في الثالثة للمؤمنين والمؤمنات وتدعو
في الرابعة لميتك والخامسة تنصرف بها وما في هذه الرواية من قراءة الفاتحة في الأولى وكذا في خبر القداح عن جعفر عن أبيه ان عليا عليه السلام كان إذا
صلى على ميت يقرء بفاتحة الكتاب ويصلي على النبي قد حمله الشيخ على التقية إذ ليس في الصلاة على الميت قراءة كما وقع التصريح بذلك في الصحيحين المتقدمين
انفا أقول ولعل الامر بقراءة الفاتحة وكذا صدورها من علي عليه السلام لم يكن من حيث كونها قراءة بل باعتبار كونها من أفضل مصاديق الثناء والدعاء
كما في الأخيرتين من الرباعيات اللتين علل جواز قراءة الفاتحة فيهما في صحيحة عبيد بن زرارة بذلك وارتفع بذلك التنافي بينه وبين الروايات
المعتبرة التي وقع فيها التصريح بأنه ليس في الأخيرتين قراءة وكيف كان فلا مجال للارتياب في جواز قراءة الفاتحة بهذا الوجه بناء على كفاية مطلق الدعاء
والثناء فلا مقتضى حينئذ لطرح الخبرين أو حملهما على التقية مع أنه قد ينافيها ذكر الخمس في عدد التكبيرات وربما استدل بخبري ابن مهاجر وإسماعيل بل
وكذا برواية علي بن سويد لما نسب إلى المشهور من وجوب الشهادتين في الأولى والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله في الثانية والدعاء للمؤمنين في الثالثة و
للميت في الرابعة وفيه مع أن الأولين منهما حكاية فعل ليس فيهما اشعار بتعينه فضلا عن الدلالة عليه ان تطبيق كل من هذه الأخبار على مذهب
المشهور يحتاج إلى التكليف فلو لم يكن هذه الأخبار حجة عليهم فلا تصلح أن تكون مستندة لهم نعم ظهور خبر ابن مهاجر في مداومة النبي صلى الله عليه وآله ما تضمنه يصلح
ان يكون دليلا لأفضلية كما صرح به المصنف رحمه الله حيث قال وأفضل ما يقال ما رواه محمد بن مهاجر عن أمه أم سلمة عن أبي عبد الله عليه السلام كان رسول الله صلى الله عليه وآله
إذا صلى على ميت كبر وتشهد ثم كبر وصلى على الأنبياء ودعا ثم كبر ودعا للمؤمنين ثم كبر الرابعة ودعا للميت ثم كبر
وانصرف وأفضل من ذلك الجمع في التكبيرة الثانية بين الصلاة على النبي وآله والصلاة على سائر الأنبياء عليهم السلام ولعل المراد بالصلاة على الأنبياء في
هذه الرواية ما يعم الجميع كما ربما يؤيده قوله عليه السلام في خبر إسماعيل انه صلى الله عليه وآله دعا لنفسه وأهل بيته في الثانية وكيف كان فالأظهر جواز العمل بجميع الروايات
المزبورة عدى ما اشتمل منها على ذكر الدعاء والتسليم بعد الخامسة الا ان يحمل ذلك على كونه مستحبا خارجيا بعد الصلاة جمعا بينها وبين غيرها مما عرفت
مع أن بعض هذه الأخبار المشتملة على ذكر التسليم كخبر يونس ظاهره عدم اعتبار شئ من ثناء أو دعاء بعد التكبيرة الأولى وهو مخالف لما يظهر
من غيرها من الروايات المزبورة فالأولى رد علم هذه الأخبار إلى أهله والقدر المشترك الذي يظهر من مجموع الروايات المزبورة اعتباره
في صلاة الميت بالخصوص انما هو الدعاء للميت كما صرح به بعض واما ما عداه مما ذكر فالظاهر عدم اعتباره بخصوصية كما يفصح عن ذلك ترك ذكره في
بعض تلك الأخبار واشتمال جملة منها على الشهادة بالوحدانية وبعض منها على الشهادة بالرسالة أيضا عقيب التكبيرة الأولى أو الامر بالصلاة على النبي صلى الله عليه
وآله بعد الثانية أو الدعاء للمؤمنين بعد الثالثة لا يصلح دليلا لتعينها بعد معارضتها بغيرها من الروايات المعتبرة الخالية عن ذكر هذه الفقرات خصوصا
بهذا الترتيب الذي لم يقع التصريح به في شئ من الروايات المعتبرة وليس ظهور الامر المتعلق بها الوارد في بعض الأخبار في الوجوب العيني أقوى من
ظهور الروايات الخالية عنها في كون الأدعية الواردة فيها مجزية خصوصا بعد معلومية عدم اعتبار خصوصية الألفاظ الواردة فيها واشتمال كل منهما
على جملة من الفقرات التي علم عدم وجوبها مضافا إلى شهادة الصحيحتين المزبورتين بأنه ليس في صلاة الميت دعاء موقت بل له ان يدعو بما بدا له ولكن
قد أشرنا انفا إلى أن هذا لا ينافي اعتبار خصوص الدعاء للميت الذي فهم وجوبه من ذكره في جل ما ورد في كيفية الصلاة عليه لولا كله بل الظاهر أنه
لم يشرع الصلاة على الميت الا بملاحظته كما ربما يشهد لذلك خبر الفضل بن شاذان المروي عن العلل والعيون عن الرضا عليه السلام قال انما أمروا
بالصلاة على الميت ليشفعوا له وليدعوا له بالمغفرة لأنه لم يكن في وقت أحوج إلى الشفاعة فيه والطلبة والاستغفار من تلك الساعة الحديث
ورواية محمد بن مهاجر المتقدمة التي وقع فيها التصريح بان رسول الله صلى الله عليه وآله بعد ان نهى عن الصلاة على المنافقين كان ينصرف عقيب الرابعة ولم يكن
يدعو لهم بعدها وكيف كان فقد تلخص مما ذكر ان القول بعدم اعتبار دعاء أو ثناء بخصوصه سوى الدعاء للميت ولو بإرادته في ضمن عموم المؤمنين
كما يقتضيه اطلاق الصحيحة المزبورة الحاكمة على سائر الأخبار لا يخلو من قوة وان كان ما نسب إلى المشهور من ذكر الشهادتين بعد التكبيرة الأولى والصلاة
على النبي صلى الله عليه وآله بعد الثانية والدعاء للمؤمنين بعد الثالثة وللميت بعد الرابعة هو الأحوط وأحوط من ذلك الاتيان بذلك كله بين كل تكبيرتين
مع أنه أكمل بل قد يلوح من العبائر المحكية عن بعض القدماء الالتزام بوجوبه وهو غير بعيد عما يترائى من مجموع النصوص المزبورة خصوصا بالنسبة إلى
الدعاء للميت الذي استفيد مطلوبيته مع كل ثناء أو دعاء من أغلب الأخبار المزبورة الا ان ما ذكرناه بالنظر إلى ما يقتضيه الجمع بين مجموعها هو
الأظهر كما لا يخفى وجهه بعد الإحاطة بما مر وان كان الميت منافقا أو ناصبيا وشبهه من الفرق المنتحلة للاسلام المحكوم بكفرهم إذا اقتضت
الضرورة الصلاة عليه أو كان مخالفا اقتصر المصلي على أربع تكبيرات وانصرف بالرابعة اما في المنافق والنواصب وغيرهما من الفرق الذين حكم بكفرهم
فلانه لا تجب الصلاة عليهم بل لا تشرع الا لتقية وشبهها وهي لا تقتضي الا الاتيان بصورة الصلاة عليهم كذلك مضافا إلى دلالة الروايات بالآتية
عليه واما المخالف فانا وان قلنا بوجوب الصلاة عليه ولكن الصلاة الواجبة عليه ليست الا ما كان صلاة في مذهبه وهي ما اشتملت على أربع تكبيرات
الزاما له بما الزم نفسه وفي المدارك قال في شرح العبارة المراد بالمنافق هنا المخالف كما يدل عليه ذكره في مقابلة المؤمن في الأخبار وكلام الأصحاب
501

أقول مقابلته بالمؤمن من يقتضي حمله على إرادة الأعم لا خصوص المخالف اللهم الا ان يجعل تصريحهم بعدم وجوب الصلاة على من عداهم من الفرق المخالفة
للحق المحكوم بكفرهم قرينة على التخصيص وكيف كان فيدل على اختصاص خمس تكبيرات بالمؤمن صحيحة إسماعيل بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال سئلته
عن الصلاة على الميت فقال اما المؤمن فخمس تكبيرات واما المنافق فأربع ولا سلام فيها والروايات المستفيضة التي أشار إليها المفيد في مقنعته بقوله روى عن
الصادقين انهم قالوا كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي على المؤمنين ويكبر عليهم خمسا ويصلي على أهل النفاق سوى من ورد النهي عن الصلاة عليهم فيكبر أربعا فرقا بينهم
وبين أهل الايمان وكانت الصحابة إذا رأته قد صلى على ميت وكبر عليه أربعا قطعوا عليه بالنفاق منها صحيحة هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان
رسول الله صلى الله عليه وآله يكبر على قوم خمسا وعلى قوم آخرين أربعا فإذا كبر على رجل أربعا اتهم يعني بالنفاق وخبر أم سلمة وخبر إسماعيل بن همام المتقدمان وما ورد
في غير واحد من الأخبار التي سيأتي نقلها عند تعرض المصنف لبيان ما ينبغي ان يقال في الصلاة على المنافق من الدعاء عليه باللعن والخزي ليس منافيا للاقتصار
على أربع تكبيرات والانصراف بالرابعة إذ لا ينحصر موضع الدعاء للميت أو عليه في كونه عقيب الرابعة بل قد عرفت ان الأفضل بل الأحوط الاتيان به بين
كل تكبيرتين وما نسب إلى المشهور من وجوب توزيع الأدعية على التكبيرات وان موضع الدعاء للميت بعد الرابعة فمرادهم تعين الدعاء للميت عقيب الرابعة
لا انحصار موضع الدعاء فيه كيف وقد ورد في جملة من الأخبار الامر بالدعاء له بين كل تكبيرتين بل قد يلوح من بعض الروايات الواردة في الصلاة على
المنافق وقوع الدعاء عليه بعد الأولى مثل خبر عامر بن السمط عن أبي عبد الله عليه السلام ان رجلا من المنافقين مات فخرج الحسين بن علي عليه السلام يمشي معه فلقيه مولى
له فقال له الحسين عليه السلام أين تذهب يا فلان فقال له موليه افر من جنازة هذا المنافق ان أصلي عليه فقال له الحسين عليه السلام انظر ان تقوم على يميني فما تسمعني أقول
فقل مثله فلما ان كبر وليه قال الحسين عليه السلام الله أكبر اللهم العن فلانا عبدك الف لعنة مؤتلفة غير مختلفة اللهم اخز عبدك في عبادتك واصله حر نارك اللهم
أذقه أشد عذابك فإنه كان يوالي أعدائك ويعادي أوليائك ويبغض أهل بيت نبيك فما عن بعض من الاستشكال فيه أو الالتزام بالتخيير بين الانصراف
بالرابعة وبين الدعاء عليه بعدها ثم يكبر الخامسة في غير محله وتجب فيها النية ضرورة كونها من العبادات المتوقف صحتها على حصولها بقصد الإطاعة
والتقرب وقد تقدم في نية الوضوء وكذا في نية الصلاة شرح حال النية المعتبرة في صحة العبادات وعرفت فيما
تقدم انه يكفي في تحققها حصول الفعل
المأمور به بداعي امتثال امره من غير حاجة إلى استحضار صورة الفعل تفصيلا والقصد إلى ايجاده مقارنا لأول العمل ولا إلى معرفة وجهه من الوجوب والندب
أو غير ذلك من التفاصيل التي التزم بها المشهور فراجع واستقبال القبلة بلا خلاف فيه على الظاهر كما اعترف به في المدارك وعلله بان العبادة كيفية متلقاة
من الشارع والمنقول من النبي والأئمة عليهم (السلام فعل) الصلاة كذلك فيكون خلافه تشريعا محرما وقد تقرر في الأصول ضعف هذا الدليل وان المرجع لدى الشك في
شرطية شئ للعبادة البراءة وفي كشف اللثام عليه الاجماع ظاهرا ويشمله العمومات أقول قد عرفت عند البحث عن شرطية الاستقبال في النوافل منع وجود
عموم صالح للاستدلال به لوجوب الاستقبال في كل صلاة عدى ما في صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام لا صلاة الا إلى القبلة وهذا أيضا غير سليم عن المناقشة خصوصا
بالنسبة إلى صلاة الميت التي قد يقال بان اطلاق اسم الصلاة عليها اما من باب المجاز أو الاشتراك والا فهي ليست موضوعة شرعا ولا عرفا للقدر
المشترك بينها وبين سائر الصلوات كما يفصح عن ذلك عدم انسباقه إلى الذهن من اطلاقه وربما يؤيده أيضا موثقة يونس بن يعقوب الآتية النافية
لاشتراط الطهارة فيها معللا بأنه انما هو تكبير وتسبيح وتحميد وتهليل كما تكبر وتسبح في بيتك على غير وضوء وكيف كان فالأولى الاستدلال له بعد الاجماع
المنقول المعتضد بالشهرة وعدم نقل الخلاف فيه عن أحد بما يستشعر من جملة من الأخبار من كون اعتبار الاستقبال فيها كما في الفرائض اليومية من الأمور
المسلمة عندهم كالنصوص الواردة في كيفية الصلاة على الجنائز المتعددة بل بعضها كمرسلة ابن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام في جنائز الرجال والنساء والصبيان قال
قال توضع النساء مما يلي القبلة والصبيان دونهم والرجال دون ذلك ويقوم الامام مما يلي الرجال ظاهرة في ذلك وثبوت الندب بالنسبة إلى كيفية
وضع الجنائز كما ستعرفه لا يقضي به بالنسبة إلى موقفه كما نبه عليه في الجواهر وخبر جابر قال قلت لأبي جعفر عليه السلام أرأيت ان فاتتني تكبيرة أو أكثر قال تقضي ما فاتك
قلت استقبل القبلة قال بلى وأنت تتبع الجنازة وأوضح من ذلك كله خبر أبي هاشم الجعفري المروي عن الكافي والتهذيب والعيون قال سئلت الرضا عليه السلام عن
المصلوب قال اما علمت أن جدي عليه السلام صلى على عمه قلت اعلم ذلك ولكني لا افهمه مبينا فقال أبينه لك ان كان وجه المصلوب إلى القبلة فقم على منكبه الأيمن
وان كان قفاه إلى القبلة فقم على منكبه الأيسر فان ما بين المشرق والمغرب قبلة وان كان منكبه الأيمن إلى القبلة
فقم على منكبه الأيسر وكيف كان منحرفا فلا يزايلن مناكبه وليكن وجهك إلى ما بين المشرق والمغرب ولا تستقبله ولا تستدبره البتة قال أبو هاشم وقد فهمت إن شاء الله
فهمته والله وما فيها من تجويز الانحراف اليسير بعد وقوع التعليل له بان ما بين المشرق والمغرب قبلة غير مناف للمطلوب بل مؤكد له بل قد عرفت في مبحث
القبلة اتساع جهتها (إلى هذا الحد لدى الضرورة وحيث دلت الرواية على وجوب استقبال أحد منكبيه أيضا كالقبلة صار ذلك سببا لتحقيق الضرورة التوجه
لاتساع جهتها) بالنسبة إلى الصلاة على المصلوب كما نبه عليه في الجواهر ونقل عن المحدث الكاشاني في جامعه أيضا التصريح به ولكن قد يستشكل في الاعتماد
على الخبر المزبور في تجويز هذا المقدار من الانحراف نظرا إلى عدم التزام الأصحاب بمضمونه حيث لم يذكروه في مصنفاتهم في كيفية الصلاة على المصلوب بل
عن الصدوق في العيون ان هذا حديث غريب لم أجده في شئ من الأصول والمصنفات لكن عن الذكرى أنه قال إنه وان كان غريبا ولم يذكر الأصحاب
مضمونه في كتبهم الا انه ليس له معارض ولا راد وقد قال أبو الصلاح وابن زهرة يصلي على المصلوب ولا يستقبل وجه الامام في التوجه فكلهما عاملان به (وكذا صاحب الجامع الشيخ نجيب الدين بن سعيد والفاضل في المسالك قال إن عمل به فلا باس به)
502

وابن إدريس نقل عن بعض الأصحاب انه ان صلى عليه وهو على خشبة استقبل بوجهه وجه المصلي ويكون هو اي المصلي مستدبر القبلة ثم حكم بان الأظهر
انزاله بعد الثلاثة والصلاة عليه قلت هذا النقل لم اظفر به وانزاله قد يتعذر كما في قضية زيد انتهى ونوقش فيه بان المعارض لها ما دل على استقبال المصلي
القبلة والراد لها وان لم يوجد لكن الأكثر لم يذكروا مضمونها كما اعترف به وفيه ما أشرنا إليه من حكومة هذه الرواية على ما دل على استقبال المصلي القبلة
خصوصا بعد اعتضادها بصحيحة زرارة وغيرها من الروايات المعتبرة المصرحة بان ما بين المشرق والمغرب قبلة التي قد عرفت في مبحث القبلة توجيهها بما لا
ينافي الاخذ بمضمونها في المقام واما عدم ذكر الأكثر مضمونها فلعدم تعرضهم لكيفية الصلاة على المصلوب مع أنه لا يظن بهم الالتزام بسقوط الصلاة
عليه لدى تعذر انزاله فلعلهم في مثل الفرض لا يمنعون عن العمل بمضمون هذه الرواية كما يؤيد ذلك ان من تعرض لنقل هذه الرواية لم يتجرأ على طرحها رأسا
وكيف كان فالعمل بمضمونها لدى تعذر انزال المصلوب ووضعه على الكيفية المعتبرة في وضع الجنازة حال الصلاة من جعل رأسها إلى يمين المصلي كما هو
موردها على الظاهر كقضية زيد هو الأشبه ومع تعذر الاستقبال أو اشتباه القبلة فكاليومية كما يظهر وجهه بالتدبر فيما مر في اليومية وكذا يجب القيام
بلا نقل خلاف فيه الا من الشافعي بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه ويدل عليه مضافا إلى ذلك النصوص المتظافرة المشتملة على الامر بالقيام
والوقوف فيها منها النصوص التي تسمعها في السنن في الوقوف عند الوسط والصدر وكذا في كيفية وقوف الامام في الصلاة على جنائز متعددة وندبية
الخصوصيات التي اشتملتها تلك النصوص من كيفيات الوقوف لا ينافي دلالتها على وجوب أصل القيام فان من لاحظ تلك النصوص يرى دلالتها على كون
اعتبار أصل القيام فيها في حد ذاته مفروغا عنه وقد أريد بهذه الأخبار بيان كيفيته الواجبة أو المسنونة وكيف كان فلا شبهة فيه بعد استفاضة
نقل الاجماع المعتضدة بالسيرة المستمرة وغيرها مما عرفت نعم هو شرط مع الامكان امنا مع العجز فيجب الامكان كاليومية لقاعدة الميسور
وغيرها مما سمعته في اليومية مما هو مشترك بينهما فلو وجد من يمكنه القيام ففي المدارك لم يسقط الفرض بصلاة العاجز لأصالة عدم سقوطه بغير
الصلاة الكاملة مع احتمال السقوط لقيام العاجز بما هو فرضه وفي الجواهر بعد نقل هذه العبارة عن المدارك قال وكان مراده انه وجدا لتمكن بعد
وقوع صلاة العاجز لا وجوده قبل صلاته فان مشروعية صلاة العاجز حينئذ فضلا عن الاسقاط لا تخلو من نظر بل منع ثم ذكر وجه النظر بما ملخصه ان الواجب
الكفائي ما تعلق غرض الشارع بحصوله في الخارج من غير مدخلية لخصوص اشخاص المكلفين في مطلوبيته كإنقاذ الغريق مثلا فيجب عقلا على كل مكلف علم
بتعلق غرض الشارع بحصول هذا الفعل في الخارج وعدم رضاه بتركه ايجاده على البدلية ولا يعذر أحد بمخالفته لدى ترك الجميع لجميع المكلفين بمنزلة
مكلف واحد في قيام هذا الواجب به وعدم انتقاله إلى بدله الاضطراري الا بتعذر حصول الفرد الاختياري من الجميع فإذا علم تعلق غرض الشارع
بان يصلي على هذا الميت عن قيام أو يدفن في البر مع الامكان ليس لمن يقدر على الخروج عن عهدة هذا الواجب ايكاله إلى من لم يقدر عليه ولا للعاجز
المبادرة إلى البدل الاضطراري الذي هو وظيفته على تقدير انحصار المكلف فيه فكما لا يجوز لمن لا يقدر من دفن الميت في البر القاء الميت في البحر لدى وجود
من يقدر على دفنه في البر فكذلك لا يشرع لمن لا يقدر الا من الصلاة مضطجعا أو جالسا ان يصلي مع وجود القادر على القيام وهو لا يخلو من جودة الفهم
الا ان يمنع وفاء الأدلة بتعلق غرض الشارع بحصوله عن قيام ما دام ممكنا على الاطلاق كما في المثال فان من الجائز عدم تعلق الغرض الا بحصوله عن قيام
على تقدير كون من يباشر فعل الصلاة متمكنا من الاتيان بهذا قائما اي عدم ارادته الا حصول طبيعة الصلاة من اي شخص يكون بحسب وسعه ولكن هذا
الاحتمال ما لم يتحقق لا يجدي في جواز اجتزاء من ندر على القيام بفعل العاجز لأصالة بقاء التكليف وعدم سقوطه عنه بفعل العاجز واما لو وجد
التمكن بعد وقوع الفعل فمقتضى الأصل سقوطه لقاعدة الاجزاء والله العالم ويجب أيضا جعل رأس الجنازة إلى يمين المصلي بلا نقل خلاف فيه بل عن ظاهر
غير واحد أو صريحهم دعوى الاجماع عليه ويدل عليه أيضا مضافا إلى الاجماعات المنقولة المعتضدة بالشهرة والسيرة المستمرة موثقة عمار عن أبي عبد الله
في حديث انه سئل عمن صلى عليه فلما سلم الامام فإذا الميت مقلوب رجلاه إلى موضع رأسه قال يسوي وتعاد الصلاة عليه وان كان قد حمل ما لم يدفن
فان دفن فقد مضت الصلاة عليه ولا يصلى عليه وهو مدفون هذا على اجماله مما لا شبهة فيه ولكن الاشكال في أن المراد من جعل رأس الجنازة إلى يمين
المصلي كونه عن يمينه فعلا كما يقتضيه استثناء المأمور في الروضة والمدارك وغيرهما فيشكل حينئذ الاستدلال له بالخبر المزبور بل وكذلك بالاجماعات
لما ستسمع من التصريح بخلافه عن بعض أو المراد به وضعه إلى جهة اليمين اي المغرب والرجلين إلى المشرق كما يؤيد ذلك ما عن ظاهر الذكرى من أن المراد
من ذلك بيان استقبال الميت قال ويجب الاستقبال بالميت بأن يوضع رأسه عن يمين المصلي ورجلا عن يساره ولكن قد يشكل على هذا التقدير أيضا
في أن وضعه كذلك هل هو باعتبار مقايسته إلى المصلي من حيث هو فلو تعذر في حقه الاستقبال بحيث وجب عليه الصلاة مستدبرا وجب وضع الميت
بين يديه بحيث يكون رأسه إلى يمينه كما هو المنساق من كلماتهم في فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم أم بملاحظة جهة القبلة كما يستشعر من العبارة المتقدمة المحكية
عن الذكرى وأوضح من ذلك دلالة عليه ما عن المهذب في بحث القبلة انه بعد ان ذكر وجوب استقبال الميت في أحواله الثلاثة الاحتضار والصلاة عليه
والدفن من غير ذكر خلاف قال ويختلف استقباله باختلاف حالاته ففي الاحتضار يكون مستلقيا وظاهر رأسه مستدبرا وظاهر قدميه مستقبلا وفي
حال الصلاة يكون مستلقيا أيضا ورأسه إلى المغرب ومقدم جنبه الأيمن مستقبلا وفي حال دفنه يكون مضطجعا رأسه إلى المغرب ووجهه وبطنه ومقاديم
503

بدنه إلى القبل ومستند هذا التفصيل نصوص الطائفة وعملهم عليه انتهى أقول وقد أشار في المدارك إلى اعتبار كون رأس الجنازة إلى يمين المصلي
بكلا المعنيين ولكنه حمل عبارة المصنف على ارادته بالمعنى الأول كما يشهد بذلك ما ذكره من استثناء المأموم حيث قال في شرح العبارة انما يعتبر ذلك
في غير المأموم ولابد مع ذلك من كون الميت مستلقيا بحيث لو اضطجع على يمينه لكان بإزاء القبلة والوجه في ذلك التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام وعدم
تيقن الخروج بدونه وما رواه الشيخ عن عمار ثم ساق الحديث كما قدمناه وقد أشرنا إلى قصور الرواية عن إفادة اعتباره بالمعنى الأول فإنها لا تدل
على أزيد من اعتبار وضعه من حيث هو على الهيئة المعهودة في الشريعة من كون رأسه إلى جهة اليمين وقدميه إلى الشمال بحيث لو اضطجع على يمينه
لكان بإزاء القبلة واما انه لابد مع ذلك من كون رأسه إلى يمين المصلي فعلا بحيث لم يجز للمصلي قيامه امام الميت أو خلقه محاذيا لرأسه أو متجاوزا عنه
إلى جهة يمينه بحيث يقع الميت مجموعة على يساره فلا يكاد يفهم من هذا الخبر ودليل التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام بعد تحقق صغراه لا يثبت أزيد من الرجحان
الغير المنافي للاستحباب وليس المقام مجرى قاعدة الاشتغال بل البراءة كما تقرر في محله مع أنك ستعرف عند البحث عن موقف الامام دلالة النصوص
والفتاوي على جواز الوقوف عند الرأس بحيث يكون الرأس امامه لا يمينه بل عن جامع المقاصد بعد الاعتراف بوجوب كون المصلى خلف الجنازة
من حيث الجهة التردد في اعتبار كونه محاذيا لشئ منها بحيث لم يجز له الوقوف عن يمين الجنازة أو شمالها فقال هل يشترط اي مع ذلك ان يكون محاذيا
لها بحيث يكون قدام موقفه حتى لو وقف ورائها باعتبار السمت ولم يكن محاذيا لها ولا لشئ منها لم يصح لا اعلم الان تصريحا لاحد من معتبري المتقدمين
بنفي ولا اثبات وان صرح بالاشتراط بعض المتأخرين فان قلنا به فاشتراطه بالنسبة إلى غير المأموم لأن جانبي الصف يخرجان عن المحاذاة انتهى
وقد تلخص مما ذكر انه لا دليل من نص أو اجماع على اعتبار كون رأس الميت عن يمين المصلي بحيث يكون موقفه محازيا لما يلي الرأس بل النصوص والفتاوي
قاضية بخلافه واما كونه إلى جهة اليمين اي المغرب وقدميه إلى المشرق كما هو المعهود المتعارف لدى المتشرعة في وضع الجنازة حال الصلاة عليها فهو
القدر المتيقن من مفاد النص ومعاقد الاجماعات المحكية ولكن يبقى الاشكال في أن وضعه بهذه الكيفية هل هو باعتبار شرطية الاستقبال أو مراعاة
جانب يمين المصلي من حيث هو فإنه لا يكاد يستفاد ذلك من شئ من أدلته فمقتضى القاعدة لدى تعذر الصلاة عليه مستقبلا الاحتياط بتكرير الصلاة مرة
يوضع الرأس إلى يمين القبلة وأخرى إلى يمين المصلي واما ما ذكره في جامع المقاصد من تصريح بعض المتأخرين باشتراط وقوف المصلي محاذيا لشئ
منها فيمكن الاستدلال له بالأخبار الآتية التي ورد في بعضها الامر بالقيام إذا صلى على الرجل في وسطه وعلى
المرأة مما يلي صدرها وفي اخر الامر
بالقيام عند رأس المرأة وصدر الرجل وفي الصلاة على الجنائز المتعددة يقوم الامام عند رأس الرجل كما في بعض الأخبار أو في وسطه كما في بعض
اخر أو في وسط الصف كما في ثالث بدعوى انه وان لم يكن الاخذ بظاهر الامر الوارد في شئ منها من الوجوب العيني لمكان المعارضة ولكنه لا مانع عن
الاخذ بالقدر المشترك الذي يفهم اعتباره من الجميع وهو وقوف الامام على الجنازة محاذيا لجزء منها بالتقريب الذي عرفته في الدعاء على الميت
فليتأمل وكيف كان فيجب أن تكون الجنازة قدام المصلي لا خلفه أو أحد جانبيه بلا نقل خلاف فيه الا من بعض امامة فجوزوا التقدم عليها فضلا
عن كونها على أحد جانبيه قياسا على الغائب وهو كما في محكى الذكرى خطأ في خطأ لعدم جواز الصلاة على الغائب عندنا بل عن ظاهر المنتهى وغيره
دعوى الاجماع على اشتراط حضور الميت وعدم مشروعية الصلاة على الغائب إذ المنساق من الأوامر الواردة بالصلاة على الميت مطلقاتها ومقيداتها
ليس الا الاتيان بالفعل المعهود في الشريعة المتلقى من صاحب الشرع المسمى في عرفهم بصلاة الميت على الكيفية المتلقاة منه الثابتة بالسيرة المستمرة
المفصحة عنها الروايات الواردة في كيفيتها فان من تدبر فيها لا يكاد يرتاب في أن المقصود بها الامر بأتيان صلاة الجنازة عند حضور الجنازة
وجعلها بين يديه كما يؤمي إلى ذلك الأدعية الواردة فيها المشتملة على الإشارة إليها بمثل قوله اللهم ان هذا المسجى بين أيدينا فإنه يستفاد من ورد
مثل هذه الأدعية في صلاتها فضلا عن غير ذلك من جهات الدلالة مفروغية ان الصلاة عليه لا يكون الا وهو مسجى بين يدي المصلي وكيف كان فهذا
مما لا شبهة فيه بعد تسالم الأصحاب عليه وقضاء السيرة به ودلالة الأدلة على معروفية كونها كذلك من الصدر الأول وليست الطهارة من الأصغر والأكبر
من شرطها بلا خلاف فيه على الظاهر بل في المدار هذا قول علمائنا أجمع قاله في التذكرة ويدل عليه اخبار مستفيضة منها صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام
قال سألته عن الرجل تفجأه الجنازة وهو على غير طهر قال فليكبر معهم وموثقة يونس بن يعقوب قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الجنازة أصلي عليها على غير
وضوء فقال نعم انما هو تكبير وتسبيح وتحميد وتهليل كما تكبر وتسبح في بيتك على غير وضوء وحسنة محمد بن مسلم أو صحيحه قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحائض تصلي
على الجنازة قال نعم ولا تقف معهم تقف منفردة (وخبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت الحائض تصلي على الجنازة قال نعم ولا تقف معهم تقف منفردة) وموثقة سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام عن المرأة الطامث إذا حضرت الجنازة قال تتيمم وتصلي عليها وتقوم
وحدها بارزة عن الصف ومرسلة عبد الله بن المغيرة؟ عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الحائض تصلي على الجنازة قال نعم ولا تقف معهم والجنب
يصلي على الجنازة ومرسلة حريز عن أبي عبد الله عليه السلام الطامث تصلي على الجنازة لأنه ليس فيها ركوع ولا سجود والجنب يتيمم ويصلي على الجنازة وخبر الفضل
بن شاذان المروي عن العلل والعيون عن الرضا عليه السلام قال انما جوزنا الصلاة على الميت بغير وضوء لأنه ليس فيها ركوع ولا سجود وانما هي دعاء مسألة
وقد يجوز ان تدعو الله وتسئله على اي حال كنت وانما يجب الوضوء في الصلاة التي فيها ركوع وسجود ومقتضى اطلاق الاذن في صلاة الحائض والجنب
504

مع عدم انفكاك بدنهما عن النجاسة غالبا وكذا قضية العلة المنصوصة في موثقة يونس وخبر الفضل بن شاذان عدم اعتبار الطهارة من الخبيث أيضا
مع قصوره دل على اعتبار مثل هذه الشرائط في الصلاة عن شمول هذه الصلاة لانصراف اطلاق اسمها عنها على تقدير تسليم صدقها عليها حقيقة من باب الاشتراك
اللفظي أو المعنوي كما يؤيد هذه الدعوى التعليلات الواردة في الأخبار المزبورة وكذلك الكلام في سائر ما دلت الأدلة المطلقة على اعتبارها وجودا أو
عدما كالستر ونحوه فان المتجه صرف أدلتها إلى ما فيه الركوع والسجود بمقتضى التعليل الوارد في الروايات المزبورة لو لم نقل بانصرافها في حد ذاتها إليه فالأوجه
عدم اشتراطها بشئ من الشرائط المعتبرة في الصلاة عدى منا دل الدليل عليه بخصوصه كالاستقبال والقيام ونحوه كما جزم بذلك العلامة الطباطبائي في منظومته حيث
قال وليس من شروطها رفع الحدث قطعا كذا الأصح في رفع الخبث وهكذا عدالة الامام وسائر الشروط والاحكام لذات أركان وفي الذكرى طرد جميعها وهو
ضعيف المستند ولا أرى شرطا سوى الايمان وما مضى والحل في المكان مشيرا بما مضى إلى الاستقبال وكون رأس الميت إلى يمين المصلي ونحوهما
وبطلانها مع الغضب في المكان باعتبار ان من افعالها القيام وهو في المكان المغصوب محرم فيمتنع وقوعه جزء عبادة كما تقرر في محله ولا يقاس عليه اللباس
المغصوب كما لا يخفى على من تدبر فيما أسلفناه في محله واما مستند القول بالاطراد الذي ضعفه هو الاخذ بعمومات أدلة الشرائط لمطلق الصلاة الصادقة
عليها وقد عرفت وجه ضعفه ولكن مع ذلك كله لا ينبغي ترك الاحتياط بمراعاة سائر الشرائط عدى ما دل الدليل على نفي اعتباره بالخصوص كالطهارة
من الحدث والله العالم واما عدالة الامام وكذا سائر الشرائط المعتبرة في الجماعة من حيث هي كعدم علو موضع الامام ونحوه فقد يقال بثبوتها نظرا
إلى عموم أدلة بعضها وما ليس لدليله من حيث هو عموم يمكن استفادة اطراده بالنسبة إلى كل جماعة مشروعة بتنقيح المناط فليتأمل ولا يجوز التباعد للمصلي
اماما كان أو منفردا أو مأموما بغير الصفوف عن الجنازة كثيرا بحيث يخرج عرفا عن صدق الوقوف عنده أو في وسطه أو عند صدره أو غير ذلك من الألفاظ
الواردة في بيان موقف المصلي التي يستفاد من مجموعها اعتبار في لتباعد عنه أو عن الجماعة التي هو من جملتهم إذا كان مأموما بمقدار يعتد به مخل
بالهيئة المعهودة لدى المتشرعة في كيفية الصلاة على موتاهم بحيث لا يراه العرف مصليا عليه صلاة الأموات بحيث يصح ان يقول في العرف مشيرا إليه
بقوله اللهم ان هذا المسجى بين يدي كذا وكذا ولا يجوز ان يصلي على الميت الا بعد تغسيله وتكفينه في المدارك قال هذا قول العلماء كافة لأن النبي صلى الله عليه وآله هكذا
فعل وكذا الصحابة والتابعون فيكون الاتيان بخلافه تشريعا محرما انتهى ونوقش في هذا الدليل باجمال وجه الفعل فلا يصلح مقيدا لاطلاق الأدلة
الامرة بالصلاة على الميت وهو حاكم على اصالة توقيفية العبادة وعدم مشروعيتها الا على النهج المعهود المتلقى من صاحب الشريعة مضافا إلى ما تقرر
في محله من أن المرجع لدى الشك في الشرطية والجزئية قاعدة البراءة لا الاشتغال ويمكن الجواب عنه بورود
الاطلاقات مورد حكم اخر فليس لها اطلاق
من هذه الجهة كما لا يخفى واما الرجوع إلى قاعدة البراءة لدى الشك في الشرطية فإنما هو فيما إذا ثبت أصل الفعل وشك في اشتراطه بشئ كالستر
والطهارة لا في مثل ما نحن فيه الذي تعلق الشك فيه أولا وبالذات بأن الصلاة على الميت هل هي مشروعة قبل الغسل أو التكفين أم يختص مشروعيتها
بما بعدهما فليتأمل هذا مع أن الرجوع إلى الأصل أو الاطلاق في مخالفة الكيفية المعهودة في الشريعة المتلقاة من صاحب الشرع في مثل هذه العبادة
التوقيفية المنقول عليها الاجماع معتضدا بالشهرة المحققة وعدم نقل الخلاف فيه بل عن بعض التصريح بنفي الخلاف فيه لعله في غير محله مضافا إلى ظهور غير
واحد من الأخبار في كون التغسيل والتكفين والصلاة والدفن أفعالا مترتبة مثل ما رواه الصدوق باسناده عن علي بن جعفر انه سئل أخاه موسى بن جعفر عليه السلام
عن الرجل يأكله السبع أو الطير فتبقى عظامه بغير لحم كيف يضع به قال يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن وخبر القلانسي عن أبي جعفر عليه السلام قال سئلته عن
رجل يأكله السبع أو الطير فتبقى عظامه بغير لحم كيف يصنع به قال يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن وربما يؤيده أيضا الخبر ان الاتيان ثم لا يخفى
عليك ان المراد بوجوب تأخير الصلاة عن الغسل والتكفين هو الوجوب الشرطي فلو أخل بالترتيب المزبور عمدا بل وكذا سهوا أو نسيانا لم تصح صلاته
لأنه فعل امرا غير مشروع ولكن هذا اي اشتراط وقوع الصلاة بعد الغسل والتكفين انما هو فيما إذا وجب التغسيل والتكفين واما إذا سقط التكليف
بهما أو بأحدهما لم يسقط الصلاة عليه لأنها تكاليف مستقلة عدى ان بعضها قبل بعض فلا يسقط شئ منها بسقوط الاخر لقاعدة الميسور غيرها مضافا إلى
عموم أدلتها كقوله صلى الله عليه وآله لا تدعو أحدا من أمتي بلا صلاة ولا فرق بين سقوط الغسل والتكفين أو أحدهما بأصل الشرع كما في الشهيد أو المحدود المأمور
بتقديم الغسل على القتل أو بواسطة التعذر كما في المصلوب الذي يتعذر انزاله من الخشبة فإن لم يكن له كفن جعل في القبر وسترت عورته وصلى عليه بعد
ذلك ويدل عليه موثقة عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما تقول في قوم كانوا في سفر لهم يمشون على ساحل البحر فإذا هم برجل ميت عريان قد لفظه البحر
وهم عراة ليس لهم الا ازار كيف يصلون عليه وهو عريان وليس معهم فضل ثوب يكفنونه به فقال يحفر له حفيرة فيستر عورته باللبن وبالحجر ثم يصلي عليه
ثم يدفن قلت فلا يصلي (عليه إذا دفن فقال لا يصلي) على الميت بعد ما يدفن ولا يصلي عليه وهو عريان حتى تواري عورته ورواية محمد بن مسلم عن رجل قال قلت لأبي الحسن عليه السلام
قوم كسر بهم المركب في بحر فخرجوا يمشون على الشط فإذا هم برجل ميت عريان والقوم ليس عليهم الا مناديل متزرين بها وليس لهم فضل ثوب يوارون
الرجل فكيف يصلون عليه وهو عريان فقال إذا لم يقدروا على ثوب يوارون به عورته فليحفروا قبره ويضعوه في لحده يوارون عورته بلبن أو أحجار أو
تراب ثم يصلون عليه ثم يوارونه في قبره قلت ولا يصلون عليه وهو مدفون بعد ما يدفن قال لا لو جاز ذلك لاحد لجاز لرسول الله صلى الله عليه وآله فلا يصلي على
505

على المدفون ولا على العريان وفي الجواهر بعد ان استدل بالخبرين على الحكم المزبور قال الخبران انما يدلان على حكم العريان الذي لم يحصل له بعض الكفن
أو ثوب يواري به عورته حال الصلاة لا كل من لم يكن له كفن الصادق على من له بعضه أو غيره مما يواري به عورته ولذا قال في الذكرى فإن لم يكن له كفن
وأمكن ستره بثوب صلى عليه قبل الوضع في اللحد والا فبعده انتهى وهو جيد بل لا يبعد انصراف اطلاق كلمات الأصحاب أيضا إلى الصورة المزبورة كما يؤيد
ذلك حكمهم في من لم يحصل له الا بعض الكفن ولو ميزرا يواري به عورته بوجوب تكفينه بما تيسر لقاعدة الميسور وغيرها مما عرفته في محله بل حكمهم بوجوب وضعه
في القبر وستر عورته بالتراب كالنص في اختصاص موضوع حكمهم بوضعه في القبر ثم الصلاة عليه بالعاري الذي لم يحصل له بعض الكفن فيكون من حصل له بعض الكفن
حاله حال غيره في وجوب تغسيله وتكفينه بما تيسر ثم الصلاة عليه ثم دفنه إذ المراد بالتغسيل والتكفين الواجب تقديمهما على الصلاة عليه مطلق ما به يتحقق
الخروج عن عهدة هذين التكليفين أصلا أو بدلا كما هو واضح ثم إن ظاهر العبارة المتقدمة المحكية عن الذكرى وصريح المحكى عن جامع المقاصد انه لدى
التمكن من ستر عورته ثبوت وجوب تقديم الصلاة عليه على وضعه في اللحد وهو حسن كما يؤيده مفهوم الشرطية الواردة في الرواية الأخيرة ولكن هذا فيما
إذا كان وضعه في اللحد مانعا عن مشاهدته أو موجبا لتباعده عن المصلي ولو باعتبار أسفلية مكانه بحيث لم يصدق عليه عرفا كونه بين يدي المصلي والا فجواز
التأخير هو الأشبه ولكن بشرط وضعه في القبر مستلقيا كما في غيره من الأماكن لا كهيئة المدفون وهذا بخلاف العاري الذي ورد الامر بوضعه في حفرته
وستر عورته باللبن وشبهه ثم الصلاة عليه فان المنساق من الخبرين الامرين بذلك خصوصا الأخير منهما كفتاوي الأصحاب انما هو وضعه في لحده على الهيئة
المتعارفة المعهودة في الدفن من الاضطجاع ولكن الظاهر كونه من باب الرخصة فلو وضع في حفرته مستلقيا وصلى عليه بعد ستر عورته بتراب وشبهه ثم جعل
على جانبه على النهج المعتبر حال دفنه ان لم يكن موجبا لتكشف عورته والتطلع عليها حال الجعل على جانبه لكان أولى بل أحوط وهل يجوز لدى التمكن من ستر
عورته باللبن والحجر وشبهه خارج القبر ان يصلي عليه كذلك أم لا يجوز الا بعد وضعه في القبر وجهان من تعلق الامر بتأخير الصلاة عن وضعه في لحده واحتمال
ان يكون لستر سائر جسده في الجملة الحاصل بوضعه في حفرته مدخلية في ذلك ومن ورود الامر في الجواب مورد توهم احظر فلا يكاد يفهم منه أزيد من الرخصة
ولعل هذا هو الأشبه بل عن كاشف اللثام دعوى ان الظاهر أنه لا خلاف في جواز الصلاة عليه خارجا إذا سترت عورته بلبن أو تراب ونحوهما ولكن الأول أحوط
وسنن هذه الصلاة ان يقف الامام عند وسط الرجل وصدر المرأة في المدارك هذا قول معظم الأصحاب وفي الحدائق نسبته إلى المشهور بل عن المنتهى
نفي الخلاف فيه وعن الغنية دعوى الاجماع عليه وعن الشيخ في الاستبصار انه يقف عند رأس المرأة وصدر الرجل ويدل على الأول مرسلة عبد الله بن المغيرة عن
أبي عبد الله عليه السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام من صلى على امرأة فلا يقوم في وسطها ويكون مما يلي صدرها وإذا صلى على الرجل فليقم في وسطه وخبر جابر عن أبي جعفر عليه السلام
قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقوم من الرجال بحيال السرة ومن النساء دون ذلك قبل الصدر واستدل الشيخ على ما ذهب إليه بما رواه عن موسى بن بكر عن أبي
الحسن عليه السلام قال إذا صليت على المرأة فقم عند رأسها وإذا صليت على الرجل فقم عند صدره وعن الشيخ في التهذيب انه حمل الصدر في هذا الخبر على الوسط
والرأس على الصدر جمعا بين الا خبرا قال لأنه يعبر عن الشئ باسم ما يجاوره والأولى الجمع بينها بالتخيير كما اعترف به غير واحد وكيف كان فلا يجب شئ من
الكيفيتين عينا بلا شبهة بل عن المنتهى بعد نقل الكيفية المزبورة قال وهذه الكيفية مستحبة عندنا بلا خلاف وقد تقدم في مسألة اعتبار كون الرأس
إلى يمين المصلي مزيد توضيع لذلك ثم إن الحكم المزبور غير مخصوص بالامام بل يعم المنفرد أيضا لعموم دليله فما في كلمات الأصحاب من تخصيصه بالامام لجريها
مجرى الغالب من الصلاة عليه جماعة فهو حينئذ من وظيفة الامام لا كل من يصلي عليه كما لا يخفى وان اتفاقا اي الرجل والمرأة وأريد الصلاة عليهما دفعة
واحدة جعل الرجل مما يلي الامام والمرأة ورائه في المدارك هذا قول العلماء كافة قاله في المنتهى وقد ورد بترتيبها على هذا الوجه روايات كثيرة منها
ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة والحلبي في الرجل والمرأة كيف يصلي عليهما قال يجعل الرجل وراء المرأة ويكون الرجل مما يلي الامام وفي الصحيح عن محمد بن
مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال سئلته عن الرجال والنساء كيف يصلي عليهم قال الرجل امام النساء مما يلي الامام تصف بعضهم على اثر بعض أقول ويدل عليه
أيضا مرسلة ابن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام في جنائز الرجال والنساء والصبيان قال توضع النساء مما يلي القبلة والصبيان دونهم والرجال دون ذلك ويقوم
الامام مما يلي الرجال وعن الشيخ في الخلاف انه روى عن عمار بن ياسر قال أخرجت جنازة أم كلثوم بنت علي وابنها زيد بن عمر وفي الجنازة الحسن
والحسين وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وأبو هريرة فوضعوا جنازة الغلام مما يلي الامام والمرأة ورائه وقالوا هذا هو السنة وعن كتاب الفقه الرضوي
فإذا اجتمع جنازة رجل وامرأة وغلام ومملوك فقدم المرأة إلى القبلة واجعل المملوك بعدها والرجل بعد الغلام مما يلي الامام ويقف الامام خلف
الرجل في وسطه ويصلي عليهم جميعا صلاة واحدة وكأن هذا المعنى الذي أريد من التقديم في هذه العبارة اي تقديمها إلى القبلة هو الذي أريد منه في
خبر طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان إذا صلى على المرأة والرجل قدم المرأة واخر الرجل وإذا صلى على العبد والحر قدم العبد واخر الحر وإذا صلى على الصغير
والكبير قدم الصغير واخر الكبير عكس ما أريد منه في خبر البصري قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن جنائز الرجال والنساء إذا اجتمعت فقال يقدم الرجال في كتاب
علي عليه السلام ومضمرة سماعة قال سئلته عن جنائز الرجال والنساء إذا اجتمعت فقال يقدم الرجل قدام المرأة قليلا وتوضع المرأة أسفل من ذلك قليلا ويقوم
الامام عند رأس الميت فيصلي عليهما جميعا فان مقتضى الجمع بين هذين الخبرين وبين الأخبار المتقدمة حمل التقديم الوارد فيهما على ارادته بالنسبة إلى الامام
506

وكيف كان فلا يجب مراعاة هذا الترتيب بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن غير واحد التصريح بنفي الخلاف فيه للأصل إذ المناسبات المغروسة في الأذهان
مانعة عن ظهور مثل هذه الأخبار في إرادة الوجوب ويدل عليه مضافا إلى ذلك صحيحة هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا بأس بان يقدم الرجل وتؤخر
المرأة ويؤخر الرجل وتقدم المرأة يعني في الصلاة على الميت وصحيحة الحلبي المضمرة قال سئلته عن الرجل والمرأة يصلي عليهما قال يكون الرجل بين يدي المرأة مما
يلي القبلة فيكون رأس المرأة عند وركي الرجل مما يلي يساره ويكون رأسها أيضا مما يلي يسار الامام ورأس الرجل مما يلي يمين الامام ويحتمل ان يكون
المراد بما في مضمرة سماعة المتقدمة أيضا التقدم بهذه الكيفية كما أنه يحتمل ان يكون المراد بها ما ذكره في المتن وغيره بل عن المنتهى دعوى اجماع العلماء كافة عليه
وهو ان يجعل صدرها محاذيا لوسطه ليقف الامام موقف الفضيلة منهما ثم إن المنساق من النصوص المزبورة مما عدى الأخيرة منها ككلمات الأصحاب انما هو ان
تصف الجنائز المعددة بعضها على اثر بعض بين يدي الامام ولكن روى عمار في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يصلي على ميتين أو ثلاثة موتى كيف يصلي عليهم قال إن
كان ثلاثة أو اثنتين أو عشرة أو أكثر من ذلك فليصل عليهم صلاة واحدة يكبر عليهم خمس تكبيرات كما يصلي على ميت واحد وقد صلى عليهم جميعا يضع ميتا واحدا
ثم يجعل الاخر إلى الية الأول ثم يجعل رأس الثالث إلى الية الثاني شبه الدرج حتى يفرغ منهم كلهم ما كانوا فإذا سواهم هكذا قام في الوسط فكبر خمس تكبيرات
يفعل كما يفعل إذا صلى على ميت واحد سئل فإن كان الموتى رجلا ونساء قال يبدء بالرجال فيجعل رأس الثاني إلى الية الأول حتى يفرغ من الرجال كلهم
ثم يجعل رأس المرأة إلى الية الرجل الأخير ثم يجعل رأس المرأة الأخرى إلى الية المرأة الأولى حتى يفرغ منهم كلهم فإذا سوى هكذا قام في الوسط وسط الرجال
فكبر عليهم وصلى عليهم كما يصلي على ميت واحد الحديث ولعل المراد بمضمرة الحلبي أيضا هذه الكيفية اي جعل الجميع صفا واحدا شبه الدرج وقد حكى عن ظاهر
جماعة منهم الشهيد في الذكرى والعلامة في جملة من كتبه مع تصريحه هنا بمثل ما في المتن العمل به وهو في محله إذ لا معارضة بين الأخبار بعد كون الحكم استحبابيا
لامكان كون اختلاف الكيفيات المستفادة منها منزلا على اختلاف جهات الفضيلة وفي الحدائق بعد نقل موثقة عمار وما وقع في بعض فقراتها من الاختلاف
في نقل بعض ألفاظها بين رواية الشيخ والكليني قال وكيف كان فعندي في العمل برواية عمار اشكال فإنه متى طال الصف وقام الامام في وسط الرجال
فان قرب الامام إلى الجنازة التي يقوم بحذائها كما هو السنة في الصلاة على الجنازة لزم تأخر ميمنة الصف خلفه وان بعد على وجه تكون الميمنة قدامه لزم
خلاف السنة في الصلاة ولم أر من تعرض لهذا الاشكال في هذا المجال انتهى أقول وهذا الاشكال يشبه ان يكون اجتهادا في مقابل النص الخاص
الصحيح السليم عن معارض مكافؤ فهو مما لا وقع له ولو كان طفلا مع الرجل والمرأة جعل الطفل من وراء المرأة مما يلي القبلة كما عن النهاية والمهذب
والغنية بل عن الأخير دعوى الاجماع عليه وعللوه بأولويتها بالشفاعة منهم واطلاق قوله عليه السلام في خبر طلحة بن زيد المتقدم وإذا صلى على الصغير والكبير قدم الصغير
واخر الكبير وفيه ان هذه الرواية مسوقة لبيان جهات الترجيح التي كان يلحظها الامام لدى الصلاة على جنائز متعددة من الرجولة والكبر والحرية فليس
لها اطلاق بالنسبة إلى ما لو اختلفت الجنائز من سائر الجهات بان كان الصغير حرا أو ذكرا والكبير مملوكا أو أنثى ولو سلم ظهوره في الاطلاق حتى مع
الاختلاف في الذكورة لوجب صرفه عن ذلك جمعا بينه وبين مرسلة ابن بكير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله
عليه السلام في جنائز الرجال والصبيان والنساء قال
توضع النساء مما يلي القبلة والصبيان دونهم والرجال دون ذلك ويقوم الامام مما يلي الرجال المعتضد بما في الخبر المتقدم المروي عن عمار من أنهم
وضعوا جنازة الغلام مما يلي الامام والمرأة ورائه وقالوا هذا هو السنة واما ما ذكروه من أولويتها بالشفاعة فهو مجرد اعتبار لا يصلح دليلا لاثبات
حكم شرعي فضلا عن صلاحية المعارضة لما عرفت واما الاجماع المنقول فموهون بمصير كثير إلى خلافه في الصبي لست فصاعدا بل عن الخلاف وظاهر
الجواهر الاجماع على تقديم الصبي لست فصاعدا عليها فالاخذ بمفاد المرسلة خصوصا بالنسبة إلى ذي الست فصاعدا أشبه بالقواعد ثم انك قد عرفت
في مبحث نية الوضوء من كتاب الطهارة وكذا في باب تداخل الأغسال انه لا مانع عن تصادق عناوين متكثرة بعضها واجب وبعضها مندوب على فعل
واحد شخصي فيصح حينئذ الاتيان بذلك الفعل قاصدا به امتثال جميع الأوامر المتعلقة بتلك العناوين فيندفع بذلك ما استشكله جملة من الاعلام في الاجتزاء
بصلاة واحدة على الكبير والصغير الذي لا تجب عليه الصلاة بل تستحب نظرا إلى استحاله اتصاف فعل واحد شخصي بصفتي الوجوب والاستحباب وقد عرفت في
المبحث المشار إليه شرح حال ما هو من نظائر المقام بحيث لم يبق معه موقع لمثل هذه الشبهات فراجع وأن يكون المصلي متطهرا كما يدل عليه خبر عبد الحميد بن سعد
قال قلت لأبي الحسن عليه السلام الجنازة يخرج بها ولست على وضوء فان ذهبت أتوضأ فاتتني الصلاة أصلي عليها وانا على غير وضوء فقال تكون على طهر أحب
ويجوز التيمم مع وجود الماء إذا خاف فوت الصلاة على الجنازة ان ذهب إلى الوضوء كما يدل عليه صحيحة الحلبي أو حسنته قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الرجل
تدركه الجنازة وهو على غير وضوء فان ذهب يتوضأ فاتته الصلاة عليها قال يتيمم ويصلي بل قد عرفت في مبحث التيمم شهرة القول بجواز التيمم لصلاة الجنازة
مع وجود الماء مطلقا واستدل له بمضمرة سماعة قال سئلته عن رجل مرت به جنازة وهو على غير وضوء كيف يصنع قال يضرب بيده على حائط اللبن
يتيمم وقد تقدم في المبحث المشار إليه تحقيق القول في ذلك فراجع وكذا يستحب ان ينزع نعليه كما في المتن وغيره بل في المدارك هذا مذهب الأصحاب
لا اعلم فيه مخالفا وكيف بمثله دليلا لمثله من باب التسامح في السنن ويدل عليه أيضا خبر سيف بن عميرة عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يصلي على الجنازة
بحذاء ولا بأس بالخف وقد يناقش فيه بان هذه الرواية ظاهرها لحرمة وحيث يتعذر الاخذ بهذا الظاهر لمخالفته لفتوى الأصحاب مع ما فيه
507

من قصور السند يتعين حمله على الكراهة لا استحباب النزع ويمكن دفعه بان مرجع الحكم باستحباب نزع النعلين إلى القول بكراهة لبسهما في الصلاة
ضرورة في رادة مطلوبيته من حيث هو بل مقدمة لترك لبسهما حال الصلاة ولذا استدلوا له بالرواية المزبورة فلا وجه للخدشة في دلالتها على
المدعى واما ضعف سندها فلا يبعد دعوى انجباره بعمل الأصحاب إذ الظاهر أن هذه الرواية هي عمدة مستندهم لهذا الحكم وهو مؤذن بتخصيص النهي
بالنعل خاصة لأن الحذاء على ما عن النهاية وغيره النعل وعن المحقق في المعتبر الحكم باستحباب الحفاء معللا بأنه موضع اتعاظ فناسب التذلل بالحفاء
ولقول النبي صلى الله عليه وآله من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمهما الله على النار وفيهما ما لا يخفى فالاقتصار على خصوص النعل هو الأشبه والله العالم وكذا
يستحب ان يرفع يديه في أول تكبيرة اجماعا وفي البواقي على الأظهر الأشهر بل المشهور بين المتأخرين خلافا للمحكى عن الشيخ في النهاية والمبسوط والمفيد
والمرتضى وابن إدريس وكثير من القدماء بل أكثرهم بل المشهور فيما بينهم على ما نسب إليهم فذهبوا إلى اختصاص استحباب رفع اليدين بالتكبيرة
الأولى ويدل على الأول صحيحة عبد الرحمن العزرمي قال صليت خلف أبي عبد الله عليه السلام على جنازة فكبر خمسا يرفع يديه في كل تكبيرة وخبر محمد بن عبد الله
بن خالد مولى بني الصيد انه صلى خلف جعفر بن محمد على جنازة فرآه يرفع يديه في كل تكبيرة ورواية يونس قال سئلت الرضا عليه السلام قلت جعلت فداك
ان الناس يرفعون أيديهم في التكبير على الميت في التكبيرة الأولى ولا يرفعون فيما بعد ذلك فاقتصر على التكبيرة الأولى كما يفعلون أو ارفع يدي في كل تكبيرة
فقال ارفع يدك في كل تكبيرة ويدل على الثاني خبر غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله عن علي عليه السلام انه كان لا يرفع يديه في الجنازة الا مرة واحدة يعني في التكبير
وخبر إسماعيل بن إسحاق بن ابان الوراق عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يرفع يديه في أول التكبير على الجنازة وقد حكى عن
الشيخ في التهذيبين انه حمل هذين الخبرين تارة على بيان الجواز وأخرى على التقية قال لموافقته لمذهب كثير من العامة أقول وربما يؤيد الحمل
على التقية ما في رواية يونس من قوله ان الناس يرفعون أيديهم في التكبير على الميت في التكبيرة الأولى وكيف كان فهاتان الروايتان قاصرتان
عن معارضة الروايات الدالة على الاستحباب من وجوه والله العالم ويستحب عقيب الرابعة ان يدعو له ان كان مؤمنا وعليه ان كان منافقا
وبدعاء المستضعفين ان كان كذلك اي مستضعفا وان جهله سئل الله ان يحشره مع من يتولاه وان كان طفلا سئل الله ان يجعله مصلحا لحال أبيه بل
أبويه شافعا فيه بل فيهما في المدارك نقل عن ابن إدريس انه فسر المستضعف بمن لا يعرف اختلاف الناس في المذاهب ولا يبغض أهل الحق على اعتقادهم
وعرفه في الذكرى بأنه الذي لا يعرف الحق ولا يعاند فيه ولا يوالي أحدا بعينه وحكى عن المفيد في الغربة انه عرفه بأنه الذي لا يعرف بالولاء ويتوقف
عن البراء والتفسيرات متقاربة والمجهول من لا يعلم حاله انتهى ما في المدارك وهو جيد ويدل على الاحكام المزبورة الأخبار المأثورة عن أهل البيت عليهم السلام
اما بالنسبة إلى المؤمن فيدل عليه جل الأخبار المتقدمة بل قد عرفت ان الأقوى وجوب الدعاء له وعدم انحصار مورده بما بعد الرابعة بل استحبابه مع
الثناء على الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله والدعاء للمؤمنين عقيب الأولى والثانية والثالثة أيضا وان كان قد يظهر من النصوص والفتاوي تعينه بعد
الرابعة فالأحوط ان لم يكن أقوى عدم الاجتزاء بالاتيان بعد سائر التكبيرات واما بالنسبة إلى المنافق وكذلك الناصب إذا اقتضت الضرورة
الصلاة عليه فيدل على استحباب الدعاء عليه جملة من الأخبار منها رواية عامر بن السمط المروية عن الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام ان رجلا من المنافقين
مات فخرج الحسين بن علي عليه السلام يمشي معه فلقيه مولى له فقال له الحسين عليه السلام أين تذهب يا فلان فقال له مولاه افر من جنازة هذا المنافق ان أصلي عليها
فقال له الحسين عليه السلام انظر ان تقوم على يميني فما تسمعني أقول فقل مثله فلما ان كبر عليه وليه قال الحسين عليه السلام الله أكبر اللهم العن عبدك فلانا الف لعنة مؤتلفة
غير مختلفة اللهم اخز عبدك في عبادك وبلادك واصله حر نارك وأذقه أشد عذابك فإنه كان يوالي أعدائك ويعادي أوليائك ويبغض أهل بيت
نبيك وعنه أيضا في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا صليت على عدو الله فقل اللهم ان فلانا لا نعلم الا انه عدو لك ولرسولك اللهم فاحش
قبره نارا واحش جوفه نارا وعجل به إلى النار فإنه كان يوالي أعدائك ويعادي أوليائك ويبغض أهل بيت نبيك الهم ضيق عليه قبره وإذا رفع فقل
اللهم لا ترفعه ولا تزكه وعنه أيضا في الصحيح أو الحسن عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال إن كان جاحدا للحق فقل اللهم املا جوفه نارا وقبره نارا وسلط
عليه الحيات والعقارب وذلك قاله أبو جعفر لامرأة سوء من بني أمية صلى عليها أبي فقال هذه المقالة واجعل الشيطان لها قرينا وخبر صفوان
ابن مهران الجمال عن أبي عبد الله عليه السلام قال مات رجل من المنافقين فخرج الحسين عليه السلام يمشي فلقيه مولى له فقال له إلى أين تذهب فقال أفر من جنازة هذا المنافق
ان أصلي عليه فقال له الحسين عليه السلام قم إلى جنبي فما سمعتني أقول فقل مثله قال فرفع يديه فقال اللهم اخز عبدك في عبادك وبلادك اللهم أصله أشد نارك اللهم
أذقه أحر عذابك فإنه كان يتولى أعدائك ويعادي أوليائك ويبغض أهل بيت نبيك وصحيحة الحلبي أو حسنته عن أبي عبد الله عليه السلام قال لما مات عبد الله
بن أبي بن سلول حضر النبي صلى الله عليه وآله جنازته فقال عمر لرسول الله صلى الله عليه وآله ألم ينهك الله ان تقوم على قبره فسكت فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله لم ينهك الله ان تقوم على قبره فقال
له ويلك وما يدريك ما قلت اني قلت اللهم احش جوفه نارا واملا قبره نارا واصله نارا قال أبو عبد الله فابدا من رسول الله صلى الله عليه وآله ما كان يكره وهذه الأخبار
تدل على استحباب الدعاء على المنافق والناصب والجاحد للحق لدى الصلاة مهما جاز فعلها ولكن ليس في شئ منها اشعار باستحباب الاتيان
به عقيب الرابعة بل ظاهر الخبر الأول الاتيان به عقيب التكبيرة الأولى ولكن نسب إلى ظاهر الأصحاب اتفاقهم على أن الدعاء للميت أو عليه في جميع الأصناف
508

المذكورة محله بعد التكبيرة الرابعة وفي فهم ذلك من الأخبار بالنسبة إلى المنافق نظر عدى انه قد حكى ذلك عن ظاهر الفقه الرضوي ولكن لا يبعد ان يكون نقل
اتفاق الأصحاب على ما ذكر واستظهاره من عبارة الفقه الرضوي كافيا في اثبات استحبابه بعد الرابعة من باب المسامحة والله العالم واما بالنسبة إلى
المستضعف والمجهول فمن جملة الروايات الواردة فيهما صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما قال الصلاة على المستضعف والذي لا يعرف الصلاة على النبي
والدعاء للمؤمنين والمؤمنات يقول ربنا اغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم إلى اخر الآيتين والمراد بالذي لا يعرف على الظاهر كما وقع
التصريح به في الصحيحة الآتية الذي لا يعرف مذهبه والآية الثانية ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من ابائهم وأزواجهم وذرياتهم انك
أنت العزيز الحكيم وصحيحة زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال الصلاة على المستضعف والذي لا يعرف مذهبه يصلي على النبي صلى الله عليه وآله ويدعو للمؤمنين والمؤمنات
ويقول اللهم اغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم وصحيحة عمر بن أذينة والفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا صليت على المؤمن فادع له
واجتهد له في الدعاء وان كان واقفا مستضعفا فكبر وقل اللهم اغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم وصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن كان
مستضعفا فقل اللهم اغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم وإذا كنت لا تدري ما حاله فقل اللهم ان كان يحب الخير وأهله فاغفر له وارحمه وتجاوز
عنه وان كان المستضعف منك بسبيل فاستغفر له على وجه الشفاعة لا على وجه الولاية أقول ولعل المراد بقوله منك بسبيل اي من ذوي قرابته أو أصدقائه
أو ذوي الحقوق عليه والمراد بقوله على وجه الشفاعة بحسب الظاهر هو بان يقول مثلا اللهم هذا عبدك قد جئناك شافعين له بعد موته فإن كان مستوجبا
فشفعنا فيه كما ورد كذلك في الخبر الآتي وبوجه الولاية القرابة الدينية المقتضية للاجتهاد في الدعاء له كما في الأخبار السابقة وخبر ثابت بن أبي مقدام
قال كنت مع أبي جعفر عليه السلام فإذا بجنازة لقوم من جيرته فحضرها وكنت قريبا منه فسمعته يقول اللهم انك أنت خلقت هذه النفوس وأنت تميتها وأنت اعلم بسرائرها
وعلانيتها منا ومستقرها ومستودعها اللهم وهذا عبدك ولا اعلم منه سوء وأنت اعلم به وقد جئناك شافعين له بعد موته فإن كان مستوجبا فشفعنا فيه
واحشره مع من كان يتولاه واما بالنسبة إلى الطفل فما رواه الشيخ عن عمر بن خالد عن زيد بن علي عن ابائه عن علي عليه السلام في الصلاة على الطفل انه كان يقول
اللهم اجعله لأبويه ولنا سلفا وفرطا واجرا في الحدائق قال افرط بفتح الراء هو من يتقدم القوم ليصلح لهم ما يحتاجون إليه ليرتاد لهم الماء قال النبي صلى الله عليه وآله
انا فرطكم على الحوض ثم نقل عن ابن الأثير أنه قال اي متقدمكم إليه يقال فرط يفرط فهو فارط وفرط إذا تقدم وسبق القوم ليرتاد لهم الماء ويهيئ
لهم الدلاء والأرشية ومنه الدعاء للطفل الميت اللهم اجعله لنا فرطا اي اجرا يتقدمنا وإذا فرغ من الصلاة وقف موقفه حتى ترفع الجنازة
لخبر حفص بن غياث عن جعفر عن أبيه عليهما السلام ان عليا عليه السلام كان إذا صلى على جنازة لم يبرح من مصلاه حتى يراها على أيدي الرجال وحكى عن ابن الجنيد وجماعة
منهم الشهيد في الذكرى والدروس تخصيص هذا الحكم بالامام ولعله لكون علي عليه السلام اماما فلأجل ذلك خصوه بالامام ولعل التعميم كما هو مقتضى اطلاق
المتن وغيره بل صريح جملة منهم أوفق بظاهر الحكاية وأنسب بما يقتضيه قاعدة المسامحة وربما يشهد له أيضا قوله عليه السلام في ذيل خبر يونس المتقدم عند
نقل الروايات الواردة في كيفية هذه الصلاة ولا يبرح حتى يحمل السرير واشتمال هذه الروايات على ما لا نقول به من التسليم بعد الخامسة غير ضائر
خصوصا مع كون المقام مقام المسامحة وينبغي ان يصلي على الجنازة في المواضع المعتادة للصلاة عليها ليكثر المصلون عليه ويدعوا له ففي الصحيح عن
عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال إذا مات الميت فحضر جنازته أربعون رجلا من المؤمنين فقالوا انا لا نعلم منه الا خيرا وأنت اعلم به منا قال الله
تبارك وتعالى قد أجزت شهادتكم وغفرت له ما اعلم مما لا تعلمون ولو صلى عليها في المساجد جاز على
كراهية اما جوازه فمما لا شبهة بل لا خلاف
فيه على الظاهر بل عن المنتهى دعوى الاجماع عليه كغيره من الافعال السائغة الغير المنافية لما تعلق به غرض الواقف ويدل عليه مضافا إلى الأصل
ما عن الشيخ والصدوق في الصحيح عن الفضل بن عبد الملك قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام هل يصلي على الميت في المسجد قال نعم وعن محمد بن مسلم عن
أحدهما عليهما السلام نحوه واما الكراهة فهو المشهور بين الأصحاب في جميع المساجد الا مكة المشرفة كما ادعاه بعض بل عن مجمع البرهان دعوى الاجماع عليها الا بمكة
وعن الشيخ في الخلاف أيضا دعواه حيث قال فيه يكره ان يصلي عليها في المساجد الا بمكة إلى أن قال دليلنا اجماع الفرقة واستدلوا للكراهة بما رواه
الشيخ عن أبي بكر بن عيسى بن أحمد العلوي قال كنت في المسجد وقد جيئ بجنازة فأردت ان أصلي عليها فجاء أبو الحسن الأول عليه السلام فوضع مرفقه في صدري
فجعل يدفعني حتى أخرجني من المسجد ثم قال يا أبا بكر ان الجنائز لا يصلي عليها في المسجد واما استثناء مكة فلا دليل يعتد به عليه وعلله في محكى المنتهى
بان مكة كلها مسجد فلو كرهت الصلاة في بعض مساجدها لزم التعميم فيها اجمع وهو خلاف الاجماع وعن الشهيد متابعته في ذلك وارد عليه
بان مسجدية ما خرج عن مسجد الحرام اي بيوتان مكة وسائر مواضعها ليس على حد المساجد اي في احكام المسجدية لجواز تلويثه بالنجاسة واللبث
فيه للجنب والحائض ونحو ذلك بخلاف المسجد فالعمدة في الاستثناء المزبور الاجماع المدعى في ظاهر العبارة المحكية عن الخلاف ومجمع البرهان ان تحقق
ولكنه لم يثبت والله العالم وتكره الصلاة على الجنازة الواحدة مرتين على المشهور كما في الجواهر وغيره بل عن الغنية دعوى الاجماع عليه جماعة وفرادى
من مصل واحد ومتعدد كما هو مقتضى اطلاق المتن وغيره واستدلوا عليه بخبر وهب بن وهب عن جعفر عن أبيه عليهما السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله صلى على جنازة فلما
خرج جائه أناس فقالوا يا رسول الله صلى الله عليه وآله لم ندرك الصلاة عليها فقال لا يصلي على جنازة مرتين ولكن ادعوا لها وخبر إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام
509

قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى على جنازة فلما فرغ جاء قوم فقالوا فاتتنا الصلاة عليها فقال إن الجنازة لا يصلي عليها مرتين ولكن ادعوا له وقولوا خيرا
وخبر حسين بن علوان عن جعفر عن أبيه عليهما السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله صلى على جنازة فلما فرغ جاء قوم لم يكونوا أدركوها فكلموا رسول الله صلى الله عليه وآله ان يعيد الصلاة
عليها فقال لهم قد قضيت الصلاة عليها وهذه الأخبار ظاهرها الحرمة ولكنه يتعين حملها على الكراهة جمعا بينها وبين غيرها من المعتبرة المستفيضة
الدالة على الجواز كموثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال الميت يصلي عليه ما لم يوار بالتراب وان كان قد صلى عليه وموثقة يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله عليه السلام قال
سئلته عن الجنازة لم أدركها حتى بلغت القبر قال إذا أدركتها قبل ان تدفن فان شئت فصل عليها وخبر جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت أرأيت ان فاتتني تكبيرة
تكبيرة أو أكثر قال تقضي ما فاتك قلت استقبل الصلاة قال بلى وأنت تتبع الجنازة فان رسول الله صلى الله عليه وآله خرج إلى جنازة امرأة من بني النجار فصلى عليها فوجد
الحفيرة لم يمكنوا فوضعوا الجنازة فلم يجيئ قوم الا قال لهم صلوا عليها وصحيحة الحلبي أو حسنة عن أبي عبد الله عليه السلام قال كبر أمير المؤمنين عليه السلام على سهل بن حنيف
وكان بدريا خمس تكبيرات ثم مشى ساعة ثم وضعه وكبر عليه خمسة أخرى فصنع به ذلك حتى كبر عليه خمسا وعشرين تكبيرة وخبر أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال
كبر رسول الله صلى الله عليه وآله على حمزة سبعين تكبيرة وكبر علي عليه السلام عندكم على سهل بن حنيف خمسا وعشرين تكبيرة قال كبر خمسا خمسا كلما ادركه الناس قالوا يا أمير المؤمنين
لم ندرك الصلاة على سهل فيضعه فيكبر عليه خمسا حتى انتهى إلى قبره خمس مرات إلى غير ذلك من الروايات الدالة على تكرير النبي صلى الله عليه وآله الصلاة على حمزة وأمير المؤمنين
على سهل فيكبر عليه خمسا حتى انتهى إلى قبره خمس مرات إلى غير ذلك من الروايات الدالة على تكرر النبي صلى الله عليه وآله الصلاة على حمزة وأمير المؤمنين على سهل إلى هنا
وأهل المدينة على رسول الله صلى الله عليه وآله مما لا حاجة إلى استقصائها وربما يلوح من بعضهم الميل أو القول باستحباب التكرار وحمل اخبار المنع على التقية
وفي الجواهر بعد ان ذكر اخبار المنع وجعل الروايات الدالة على الجواز قرينة لحمل تلك الأخبار على الكراهة قال بل لولا التسامح فيها اي في الكراهة وفتوى
المشهور بها بل قيل إنه اجماع أمكن نفيها وحمل تلك النصوص على التقية لأن الكراهة محكية عن ابن عمر وعائشة وأبي موسى والأوزاعي واحمد والشافعي
ومالك وأبي حنيفة وأسندوه إلى علي عليه السلام بل يؤيده عامية بعض رجال السند بل لا يبعد إرادة التعريض بهم في الموثقين ولعله لذا حكى في المفاتيح عن
بعضهم استحباب التكرير مطلقا انتهى وهو لا يخلو من جودة إذ الأخبار بظاهرها من الروايات المتعارضة التي يشمل الجمع بينها بلا شاهد خارجي هذا مع
ما في اخبار المنع مضافا إلى موافقتها للعامة من قصور السند ولكن لا يبعد ان يدعى انجبار سندها كدلالتها بفهم الأصحاب وفتواهم فما ذهب إليه
المشهور من كراهة التكرار مطلقا لا يخلو من وجه وصدوره أحيانا من النبي أو الوصي لمصلحة أهم من المصلحة المقتضية لرجحان ترك التكرار مما وقعت
الإشارة إليها في الأخبار غير مناف لذلك كما لا يخفى وحكى عن ابن أبي عقيل أنه قال لا بأس بالصلاة على من صلى عليه مرة فقد صلى أمير المؤمنين على سهل
بن حنيف خمس مرات وظاهره نفي الكراهة مطلقا وعن ابن إدريس أنه قال تكره جماعة وتجوز فرادى لتكرار الصحابة الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وفيه ان معظم الروايات
الدالة على الاستحباب ورد في الجماعة واما الأخبار الواردة في صلاة الصحابة على النبي صلى الله عليه وآله فربما يظهر من بعضها إرادة معنى اخر من الصلاة
غير الصلاة المعهودة التي يشترط فيها استقبال القبلة فليتأمل وعن الشيخ في الخلاف أنه قال من صلى على جنازة يكره له ان يصلي عليها ثانيا وهو مشعر
باختصاص الكراهة بالمصلي وحيث إن الراد بالكراهة الكراهة العبادية لا الكراهة الحقيقية يهون الخطب فيها إذ لا شبهة في رجحان فعلها من حيث
هو والا امتنع وقوعها عبادة فيحتمل ان يكون الوجه في كراهة التكرار منافاته للتعجيل المحبوب شرعا وكونه مورثا للتعطيل الذي يكون الميت معه في معرض
الفساد فتنتفي الكراهة على هذا لو حصل التأخير قهرا بسبب اخر كعدم تهيأ حفر القبر كما ربما يؤيد هذا الاحتمال ما في رواية جابر المتقدمة من امر النبي صلى الله عليه وآله
بان يصلي على جنازة المرأة التي تأخر دفنها كل قوم جاؤوا إليها وقد حكى عن العلامة قول باختصاص كراهة التكرار بما إذا خيف على الميت أو كان منافيا للتعجيل
والله العالم مسائل خمس الأولى من أدرك الامام في أثناء صلاته ولو حال تشاغله بالدعاء كبر ودخل في الصلاة معه وتابعه في التكبير
واتى بما هو وظيفته من الأدعية وجوبا أو ندبا حسبما مر الكلام فيه فإذا فرغ الامام أتم ما بقي عليه كما يدل عليه صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال
إذا أدرك الرجل التكبيرة والتكبيرتين من الصلاة على الميت فليقض ما بقي متتابعا وصحيحة عيص بن القسم قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يدرك من الصلاة
على الميت تكبيرة قال يتم ما بقي وخبر زيد الشحام قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة على الجنائز إذا فات الرجل منها التكبيرة أو الثنتان أو الثلاث
قال يكبر ما فاته وفي خبر جابر المتقدم قال قلت أرأيت ان فاتتني تكبيرة أو أكثر قال تقضي ما فاتك وخبر القلانسي عن رجل عن أبي جعفر عليه السلام قال سمعته يقول
في الرجل يدرك مع الامام في الجنازة تكبيرة أو تكبيرتين فقال يتم التكبير وهو يمشي معها فإذا لم يدرك التكبير كبر عند القبر فإن كان أدركهم وقد دفن
كبر على القبر وخبر الدعائم عن جعفر بن محمد عليهما السلام من سبق ببعض التكبيرات في صلاة الجنازة فليدخل معهم فإذا انصرفوا أتم ما بقي عليه وانصرف فإذا دخل
معهم فليكبر وليجعل ذلك أول صلاته وخبر علي بن جعفر المروي عن كتابه عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن الرجل يدرك تكبيرة أو تكبيرتين على ميت
كيف يصنع قال يتم ما بقي من تكبيرة ويبادره دفعة ويخفف ولا يعارضها خبر إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عليه السلام ان عليا عليه السلام كان يقول لا يقضي
ما سبق من تكبير الجنائز وعن بعض النسخ ما بقي لقصوره عن المكافئة من وجوه خصوصا مع موافقته للمحكى عن ابن عمر وجماعة من العامة فيحتمل
قويا جريه مجرى التقية كما ربما يستشعر ذلك من سوق العبارة ويحتمل أيضا إرادة نفي الوجوب كما هو مقتضى الأصل فان له بمقتضى الأصل
510

رفع اليد عن الصلاة التي تلبس بها بعد حصول الصلاة الواجبة كفاية بفعل غيره ودعوى حرمة قطعها اخذا بعموم الآية الناهية عن ابطال العمل قد
عرفت ضعفها لدى التكلم في حرمة قطع الفريضة وعن الشيخ توجيه هذه الرواية بالحمل على إرادة انه لا يقضي كما كان يبتدء بها من الفصل بينها بالدعاء
وانما يقضي متتابعا وهو لا يخلو من بعد ثم إن مقتضى الصحيحة الأولى ان من كان هذا شأنه لا يدعو بين التكبيرات الباقية بل يأتي بها ولاء كما هو ظاهر المتن
وغيره بل صريح جملة منهم سواء تمكن من الاتيان بالدعاء بينها قبل وقوع ما ينافي الصلاة من البعد والانحراف أم لا وحكى عن العلامة في بعض كتبه وجملة
ممن تأخر عنه تقييد ذلك بما إذا خاف فوت الجنازة من محل يجوز الصلاة عليها اختيارا بل عن المحدث المجلسي في البحار نسبته إلى الأكثر حيث قال على ما حكى
عنه وقال الأكثر ان أمكن الدعاء يأتي بأقل المجزي والا يكبر ولاء من غير دعاء وفي الحدائق بعد ان نقل كلام المجلسي ونقل أيضا عن الشهيد في الذكرى انه احتمل
وجوب الدعاء مع الاختيار مستدلا عليه بعموم أدلته وخصوص النبوي ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا فان ظاهره إرادة مطلق ما قاله أعم من التكبير
والدعاء قال ويشكل بان ظاهر الأخبار المذكورة بالنظر إلى حمل مطلقاتها على مقيدها هو التكبير ولاء أمكن الاتيان بالأذكار قبل وقوع ما ينافي ذلك
من البعد والانحراف عن الميت والقبلة أم لم يكن والتخصيص بما ذكروه يحتاج إلى دليل واضح وما استند إليه من العموم على وجه يشمل محل البحث ممنوع
والحديث الذي نقله يعني النبوي غير معلوم كونه من طرقنا بل الظاهر كونه من الأخبار العامية انتهى أقول يحتمل قويا جرى الصحيحة مجرى الغالب من
صورة خوف رفع الجنازة وعدم التمكن من اتمام الصلاة على النهج المعهود مع أن الامر بالاتيان بقضاء ما بقي متتابعا وارد مورد توهم الحظر فلا يستفاد منه
أزيد من الرخصة في ترك الدعاء ولو سلم ظهورها في ذلك فليس بأقوى من ظهور سائر الروايات المزبورة في إرادة الاتيان بما بقي من صلاته لا خصوص
التكبير فإنه وان ورد في أغلبها التعبير باتمام التكبير ولكن المراد بالتكبير الوارد فيها بحسب الظاهر ما يعم الأدعية والأذكار المعتبرة في خلالها والتعبير بالتكبير
بلحاظ كون التكبير هو المقوم لهذه الصلاة كالركوع في اليومية كما يفصح عن ذلك التدبر في نفس تلك الأخبار فان فيها شواهد على ذلك كما لا يخفى على المتدبر
وكيف كان فالذي يقوى في النظر بالنظر إلى ظواهر مجموع الأخبار جواز الاتيان بما بقي من التكبيرات متتابعا مطلقا سواء بقيت الجنازة بين يديه أم
رفعت كما هو مقتضى اطلاق الصحيحة ودعوى ورودها مورد الغالب من صورة خوف الفوات قابلة للمنع وجواز اتمام الصلاة على النحو المعهود اي
الاتيان بما بقي من التكبير والدعاء على النهج المتعارف مطلقا كما هو مقتضى ظاهر صحيحة عيص ومرسلة القلانسي وخبر الدعائم ولا منافاة بينهما لا
لمجرد كون الحكم استحبابيا فيمكن مشروعية المطلق والمقيد جميعا كما تقدم تحقيقه غير مرة بل لما تقدمت الإشارة إليه من عدم دلالة الصحيحة الا على الرخصة
في ترك الدعاء لا تعينه فيمكن الاستشهاد له أيضا بعمومات أدلته كما لا يخفى ولكن الأحوط لدى دوران الامر بين الاتيان بما بقي من التكبير ولاء مع حفظ
سائر الشرائط من الاستقبال والاستقرار وبقاء الميت بين يديه وبين الاتمام مع اختلال شئ من ذلك الأول كما أن الأولى لدى الاتيان بالدعاء
الاقتصار على أقل المجزي كما أشير إليه في رواية علي بن جعفر المتقدمة إذ الظاهر أن المراد بالتخفيف المأمور به في هذه الرواية هو هذا المعنى فيكون المراد
بقوله ويبادره دفعة ان يأتي به بلا فصل يعتد به ويحتمل ان يكون المراد بالتخفيف ترك الدعاء فيكون بمنزلة التأكيد لقوله يبادره دفعة فليتأمل
وكيف كان فقد ظهر بما مر عدم اشتراط جواز الاتمام ببقاء الجنازة بين يديه بل لو رفعت الجنازة أو دفنت في موضعها أتم ما بقي من غير أن يتخلف عنها
في مكانه الذي تلبس فيه بالصلاة عليها بل يمشي معها ويأتي بالباقي ولو على القبر كما يدل عليه خبر القلانسي الذي وقع فيه التصريح بأنه يتم التكبير وهو
يمشي معها فإنه يستفاد مما ذكر فيه بعد هذه الفقرة من قوله فإذا لم يدرك التكبير اي مع الامام كبر عند القبر فإن كان أدركهم وقد دفن كبر على القبر مشروعية
الاتمام عند القبر أو عليه بعد الدفن بالفحوى * (المسألة الثانية) * إذا سبق المأموم الامام بتكبيرة أو ما زاد استحب له اعادتها مع الامام كما صرح
به المصنف وغيره ومقتضى اطلاق كلامهم في لفرق في ذلك بين ما لو سبقه سهوا أو عمدا ولكن عن الشهيد في الذكرى أنه قال لو سبق المأموم بتكبيرة
فصاعدا متعمدا ثم وأجزء ولو كان ناسيا أو ظانا فلا اثم وأعادها معه ليدرك فضيلة الجماعة وفي إعادة العامد
تردد من حيث المساواة لليومية في عدم
إعادة العامد ولأنها أركان زيادتها كنقصانها ومن انها ذكر الله فلا تبطل الصلاة بتكرره انتهى وعن الشهيد الثاني في الروض أنه قال ويستحب
للمأموم إعادة ما سبق به من التكبير على الامام ظانا أو ناسيا ليدرك فضيلة الجماعة كما يرجع إليه في اليومية لو ركع أو رفع قبله ولا ينقطع بذلك القدوة
ولو كان متعمدا ففي الإعادة اشكال من أن التكبير ركن فزيادته كنقصانه ومن كونه ذكر الله تعالى ولا ريب ان في لعود هنا أولى انتهى وقال في المسالك
بعد قول المصنف استحب له اعادتها مع الامام ما لفظه ان سبقه سهوا أو ظنا انه كبر اما لو تعمد استمر متأنيا حتى يلحقه الامام ويأثم في الأخير انتهى و
في المدارك بعد نقل عبارة المسالك قال وفي الحكمين معا اشكال خصوصا الثاني لأن التكبير الواقع على هذا الوجه منهى عنه والنهي في العبادة يقتضي
الفساد فلو قيل بوجوب الإعادة مع العمد كان جيدا ان لم تبطل الصلاة بذلك أقول ستعرف في مبحث الجماعة ان التقدم على الامام في جزء أو جزئين
ليس موجبا لبطلان القدوة ولا لفساد ذلك الجزء فيجب فيم إذا كان ذلك في مثل الركوع أو السجود الذي تبطل الصلاة بزيادته ان كان عمدا ان يستمر متأنيا
حتى يلحقه الامام ومع السهو اعادته للأدلة التعبدية الدالة عليه الواردة في الفريضة ولكن لا دليل على كون زيادة التكبير مبطلة لهذه الصلاة خصوصا إذا
كان بقصد التبعية ورجاء المطلوبية فان أدلة مبطلية الزيادة على تقدير تسليم شمولها لصلاة الأموات لا نسلم شمولها لمثل هذه الزيادة المأتى بها يقصد
511

التبعية كما ستعرف فالقول بعدم الفرق بين العمد والسهو كما هو مقتضى اطلاق المتن وغيره لا يخلو من قوة ولكن قد يناقش في أصل الحكم اي استحباب
الإعادة تبعا للامام فإنهم عللوه بادراك فضيلة الجماعة وهذا بنفسه لا يصلح دليلا لمشروعية الامام ما لم يدل عليه دليل تعبدي والأدلة الدالة
عليها انما وردت في الفريضة واجزائها فالتعدي قياس لا نقول به اللهم الا ان يقال بان مقتضى الأصل مشروعية الإعادة للإجادة وهو لا يخلو من
تأمل والأولى الاستدلال له بما رواه الحميري في قرب الإسناد بأسناده عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن الرجل يصلي له ان يكبر قبل الإمام قال
لا يكبر الا مع الامام فان كبر قبله أعاد التكبير في الوسائل بعد نقل هذه الرواية قال هذا يدل على حكم صلاة الجنازة وان لم يكن مخصوصا
بها والحميري أورده في باب صلاة الجنازة بين أحاديثها ويظهر انه كان كذلك في كتاب علي بن جعفر أيضا أقول كفى بذكر الحميري له في هذا الباب مع
اعتضاده بفتوى الأصحاب دليلا لاثبات هذا الحكم بعمومه بعد كونه محلا للمسامحة والله العالم * (المسألة الثالثة) * قال المصنف وغيره بل
ربما نسب إلى الأكثر يجوز ان يصلي على القبر يوما وليلة من لم يصل عليه ثم لا يصلي بعد ذلك في المدارك في شرح هذه العبارة قال ما لفظه اختلف
الأصحاب في هذه المسألة فذهب الأكثر ومنهم الشيخان وابن إدريس والمصنف إلى أن من لم يدرك الصلاة على الميت يجوز له ان يصلي على قبره يوما وليلة
فإذا زاد على ذلك لم تجز الصلاة عليه واطلاق كلامهم يقتضي جواز الصلاة عليه كذلك وان كان الميت قد صلى عليه قبل الدفن وقال سلار رحمه الله
يصلي عليه إلى ثلاثة أيام وقال ابن الجنيد يصلي عليه ما لم يتغير صورته واعترف المصنف في المعتبر والعلامة في المنتهى؟ الوقوف في هذه التقديرات
على مستند وقال ابن بابويه من لم يدرك الصلاة على الميت صلى على القبر ولم يقدر لها وقتا وأوجب العلامة في المختلف الصلاة على من دفن بغير
صلاة ومنع من الصلاة على غيره وجزم المصنف في المعتبر بعدم وجوب الصلاة بعد الدفن مطلقا قال ولا امنع الجواز واستدل على في لوجوب
بان المدفون خرج بدفنه عن أهل الدنيا فساوى من فنى في قبره وعلى الجواز بالأخبار الواردة بالاذن في الصلاة على القبر كصحيحة هشام بن سالم عن أبي
عبد الله عليه السلام قال لا بأس بان يصلي الرجل على الميت بعد ما يدفن والا صح ما اختاره المصنف رحمه الله من عدم وجوب الصلاة بعد الدفن مطلقا لكن لا يبعد اختصاص
الجواز بيوم الدفن انتهى أقول فالكلام هيهنا يقع تارة بالنسبة إلى من دفن بغير صلاة من أنه هل يسقط الصلاة عليه بذلك أم لا وأخرى
بالنسبة إلى من صلى عليه قبل دفنه اما بالنسبة إلى من لم يصل عليه ففي الجواهر قال لا خلاف في عدم جواز تأخير الصلاة إلى الدفن اختيار بل الاجماع بقسميه
عليه بل كاد يكون ضروريا إلى أن قال الا ان الظاهر عدم سقوطها بذلك لو كان عمدا فضلا عما لو كان عن عذر بلا خلاف صريح أجده الا من المصنف في
المعتبر والمحكى عن الفاضل في بعض كتبه ومال إليه في المدارك ولا ريب في ضعفه انتهى واستدل له بالأصل واطلاق دليل الوجوب السالم عن المقيد بشهادة
الروايات المستفيضة الدالة على الجواز كقول الصادق عليه السلام في صحيح هشام بن سالم لا بأس ان يصلي الرجل على الميت بعد ما يدفن وفي خبر مالك مولى الجهم ومرسل
الصدوق إذا فاتتك الصلاة على الميت حتى يدفن فلا بأس بالصلاة عليه وقد دفن وفي خبر عمرو بن جميع كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا فاتته الصلاة على الميت صلى
على القبر وفي الذكرى روى أن النبي صلى الله عليه وآله صلى على قبر مسكينة دفنت ليلا وفي خبر القلانسي المتقدم فإن كان أدركهم وقد دفن كبر على القبر فإنه يستفاد من مثل
هذه الأخبار عدم مانعية الدفن عن صحتها فيبقى اطلاق نحو قوله صلى الله عليه وآله لا تدعوا أحدا من أمتي بلا صلاة سليما عن المقيد زايدا عما ثبت بالاجماع من وجوب تقديمها
على الدفن مع الامكان واستدل للقول بالسقوط بجملة من الأخبار منها ما عن الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم أو زرارة قال الصلاة على الميت بعد
ما يدفن انما هو دعاء قلت فالنجاشي لم يصل عليه النبي صلى الله عليه وآله فقال لا انما دعا له وخبر محمد بن مسلم عن رجل من أهل الجزيرة قال قلت للرضا عليه السلام يصلي على
المدفون بعد ما يدفن قال لا لو جاز لاحد لجاز لرسول الله صلى الله عليه وآله قال بل لا يصلي على المدفون بعد ما يدفن ولا على العريان وموثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام
قال سئل عن ميت صلى عليه فلما سلم الامام إذا الميت مقلوب رجلاه إلى موضع رأسه قال يسوى وتعاد الصلاة عليه وان كان قد حمل ما لم يدفن فإن كان قد
دفن فقد مضت الصلاة عليه ولا يصلي عليه وهو مدفون وموثقته الأخرى المتقدمة في مسألة انه لا يصلي على الميت الا بعد تغسيله وتكفينه وفيها قال قلت
فلا يصلي عليه إذا دفن فقال لا يصلي على الميت بعد ما يدفن ولا يصلي عليه وهو عريان حتى تواري عورته ويمكن الجواب عن هذه الأخبار اما عن الصحيحة فبان ظاهرها
وان كان نفي مشروعية الصلاة بعد الدفن الا بمعنى الدعاء الذي هو مفهومها لغة فهي بمدلولها اللفظي تصلح قرينة لصرف بعض الروايات التي ورد الامر بها بعد
الدفن الا ان أغلب الروايات الدالة على الجواز كالنص في إرادة الصلاة المعهودة فليس حمل تلك الأخبار على إرادة الدعاء من الصلاة بأهون من حمل هذه الصحيحة
على الأفضلية بل هذا أولى ومقتضاه صرفها إلى ارادتها بالنسبة إلى من صلى عليه قبل الدفن كما في قضية النجاشي لما تقدمت الإشارة إليه من أن جواز فعلها بعد
الدفن ملازم للوجوب بالنسبة إلى من لم يصل عليه ولو لقاعدة الميسور كما ستعرف واما ما عداها من الروايات الناهية عن الصلاة على الميت وهو مدفون
فظاهرها عدم مشروعية الصلاة على الميت بعد الدن واشتراط صحتها بوقوعها قبل الدفن كاشتراطها بوقوعها بعد الستر فهي معارضة بالاخبار الدالة على
جواز الصلاة عليها بعد الدفن ولا يصح الجمع بينها بحمل الأخبار الناهية على إرادة الصلاة الواجبة والمجوزة على الصلاة المستحبة ممن لم يدرك الصلاة عليها
قبل الدفن كما هو مورد جلها أو كلها فان الروايات الناهية ما عدى الأخيرة منها نص في العموم بل قد يقال بان القدر المتيقن من هذه الأخبار إرادة الصلاة
على من صلى عليه بقرينة ما فيها من التعرض لصلاة رسول الله صلى الله عليه وآله للنجاشي كما في الخبر الأول وانه لو جاز ذلك لجاز لرسول الله صلى الله عليه وآله كما في الثاني فلا يستفاد منها المنع
512

عن الصلاة على من دفن بغير صلاة وهو لا يخلو عن نظر بل منع وفي الحدائق نفي البعد عن الجمع بين الأخبار بحمل الأخبار المجوزة على إرادة الدعاء من
الصلاة بشهادة الصحيحة المتقدمة ورواية جعفر بن عيسى قال قدم أبو عبد الله عليه السلام مكة فسئلني عن عبد الله بن أعين فقلت مات فقال أتدري موضع قبره
قلت نعم قال فانطلق بنا إلى قبره حتى نصلي عليه قلت نعم فقال لا ولكن نصلي عليه هيهنا فرفع يديه واجتهد في الدعاء وترحم عليه وفيه ما تقدمت الإشارة
إليه من أن هذا الحمل بالنسبة إلى الأخبار المجوزة ليس بأولى من حمل الأخبار الناهية على الكراهة وان كان هذا أيضا بالنسبة إلى بعضها كمرسلة محمد بن مسلم
لا يخلو من بعد فالانصاف ان الأخبار وان أمكن الجمع بين بعض من الطرفين مع بعض اخر بالحمل على الكراهة كما أنه يمكن حمل بعض الأخبار الناهية على
إرادة الحكم التكليفي وبيان عدم جواز تأخير الصلاة عن الدفن لا عدم مشروعية الصلاة عليها بعد الدفن مطلقا وان دفن لعذر أو عصيانا بلا
صلاة ولكن قد يأبى بعضها عن مثل هذه التوجيهات فهي بظاهرها متعارضة والترجيح مع اخبار الجواز لشهرتها وشذوذ المخالف ومن هنا يظهر ان
الأقوى عدم سقوط الصلاة عليه بالدفن لما أشرنا إليه من أن جوازها بعد الدفن في الجملة كما هو مفاد الروايات المزبورة مساوق للزومه لا لاطلاق
الروايات الامرة بالصلاة على كل مسلم والنهي عن أن يترك أحد بلا صلاة لوجوب تقييد مثل هذه الاطلاقات لو سلم اطلاقها من هذه الجهة بالروايات
الدالة على وجوب فعلها قبل الدفن بل لقاعدة الميسور كما تقدمت الإشارة إليه ولا ينافيه قوله عليه السلام في الموثقة الأولى فإن كان قد دفن فقد مضت الصلاة
عليه لامكان ان يكون كون الميت مقلوبا كبعض شرائط الفريضة التي يوجب الاخلال به الإعادة في الوقت الا في خارجه فلا ينافي ذلك وجوب فعلها
بعد الدفن على تقدير كونه مدفونا بغير صلاة كما لا يخفى وقد ظهر ان الأظهر بالنسبة إلى من صلى عليه أيضا مشروعية الصلاة عليه بعد دفنه لمن لم يدرك
الصلاة عليه قبله كما هو المشهور مع أن المقام مقام المسامحة ولكن ما ذكروه من تحديد وقتها بيوم وليلة أو إلى ثلاثة أيام أو ما لم يتغير فلم نقف على ما
يدل على شئ من ذلك نعم لا يبعد ان يدعى ان المنساق من الروايات الدالة على الجواز انما هو ارادتها عقيب دفن الميت بلا مضي مدة فغاية ما يمكن استفادته
منها مشروعيتها في اليوم الذي دفن فيه وليله واما أزيد من ذلك فيشكل استفادته من تلك الأخبار فيرجع بالنسبة إلى الزائد إلى اصالة في لمشروعية
فيتجه حينئذ ما نسب إلى المشهور من جوازها بعد الدفن يوما وليلة ثم لا يصلي بعد ذلك ولكن هذا بالنسبة إلى من صلى عليه كما هو مورد كلماتهم واما
من لم يصل عليه أصلا فمقتضى الأصل عدم سقوط الصلاة عليها الواجبة كفاية ما دام الموضوع باقيا اي ما لم يندرس الميت والله العالم * (المسألة
الرابعة) * الأوقات كلها صالحة لصلاة الجنازة يعني من غير كراهة على ما فسره في المدارك وغيره بل في المدارك بعد ان فسره بذلك قال وهذا الحكم
مجمع عليه بين الأصحاب ويدل عليه مضافا إلى نقل الاجماع جملة من الأخبار منها صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا بأس بالصلاة على الجنازة
حين تغيب الشمس وحين تطلع انما هو استغفار وصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال يصلي على الجنازة كل ساعة انها ليست بصلاة ركوع ولا سجود قال وانما تكره
الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها التي فيها الخشوع والركوع والسجود لأنها تغرب بين قرني شيطان وتطلع بين قرني شيطان وخبره الآخر قال سئلت
أبا عبد الله عليه السلام هل يمنعك شئ من هذه الساعات من الصلاة على الجنازة قال لا وعن دعائم الاسلام عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام أنه قال لا بأس بالصلاة على الجنازة
حين تطلع الشمس وحين تغرب وفي كل حين انما هو استغفار ودعاء وخبر الفضل بن شاذان المروي عن العلل والعيون عن الرضا عليه السلام قال فان قال فلم جوزتم الصلاة
عليه قبل المغرب وبعد الفجر قيل إن هذه الصلاة انما تجب في وقت الحضور والعلة وليست هي موقتة كسائر الصلوات وانما هي صلاة تجب في وقت حدوث الحدث
وليس للانسان فيه اختيار وانما هو حق يؤدي وجائز ان تؤدي الحقوق في اي وقت كان إذا لم يكن الحق موقتا واما ما عن الشيخ في التهذيب عن عبد الرحمن بن
أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال تكره الصلاة على الجنازة حين تصفر الشمس وحين تطلع فلا يصلح لمعارضة ما عرفت وقد حكى عن الشيخ انه حمله على التقية لموافقته
لمذهب العامة وهو جيد كما ربما يؤيده أيضا ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليهما السلام انه سئله عن الصلاة على الجنائز إذا احمرت الشمس اتصلح
أولا قال لا صلاة في وقت صلاة وقال إذا وجبت الشمس فصل المغرب ثم صل على الجنائز فان اجمال الجواب والاقتصار فيه بايراد قاعدة كلية غير منطبقة على
ما وقع عنه السؤال من امارات التقية فكأنه عليه السلام أراد بهذا الكلام التورية بذكر ما يوهم إرادة الامر بالتأخير إلى ما بعد صلاة المغرب وكيف كان فهذه الصحيحة
بظاهرها تدل على أنه إذا حضر وقت فريضة لا يزاحمها صلاة الجنازة في وقتها بل تقدم الفريضة ويدل على ذلك أيضا مضافا إلى ذلك خبر هارون بن حمزة الغنوي
عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا دخل وقت صلاة مكتوبة فابدأ بها قبل الصلاة على الميت الا ان يكون الميت
مبطونا أو نفسا أو نحو ذلك ويظهر من بعض الأخبار خلاف
ذلك اي أفضلية تقديم الصلاة على الميت كخبر جابر قال قلت لأبي جعفر عليه السلام إذا حضرت الصلاة على
الجنازة في وقت مكتوبة فبأيهما ابدء فقال عجل الميت إلى قبره الا ان تخاف ان تفوت وقت الفريضة ولا تنتظر بالصلاة على الجنازة طلوع الشمس ولا غروبها
وقد نسب إلى المشهور الجمع بين الأخبار بالحمل على التخيير وهو لا يخلو من وجه فان لكل من الصلاتين جهة مقتضية لرجحان المسارعة إلى فعلها ما لم يتضيق
وقت الأخرى فهما من قبيل المستحبات المتزاحمة التي يكون الامر فيها موسعا بأيها اخذت بقصد ادراك ما فيه من المصلحة المقتضية لطلبه فقد أصبت الا عند
تضيق وقت فريضة حاضرة مع سعة وقت الجنازة فيجب حينئذ تقديم الحاضرة كما هو واضح ولو خيف على الميت مع سعة الوقت قدمت الصلاة عليه بلا
شبهة فيه أيضا كسابقه ضرورة ان ما فيه التوسعة لا يصلح ان يزاحم واجبا ضاق وقته ولو تزاحما في ضيق الوقت بحيث لم يمكن الجمع بين الصلاة على الميت
513

قبل الدفن والفريضة في وقتها قدمت الفريضة على المشهور بل لم ينقل الخلاف فيه عن أحد عدى ما حكى عن المبسوط من أنه قال لو تضيقت الحاضرة بدأ بها
الا ان يخاف ظهور حادثة في الميت فيبدأ به مع أنه احتمل في محكى الذكرى ارادته تضيق وقت الفضيلة الذي هو الوقت الاختياري لديه فيكون هذا عنده
من الاعذار المسوغة للتأخير إلى الوقت الثاني وعليه فلا يكون خلافا فيما نحن فيه والا فضعفه ظاهر لوضوح أهمية الفريضة من صلاة الجنازة في الشريعة
مع أنه لم يتحقق الخلاف فيه من أحد والله العالم * (المسألة الخامسة) * إذا صلى على جنازة بعض الصلاة ثم حضرت أخرى كان مخيرا ان شاء قطع
الأولى واستأنف الصلاة عليهما وان شاء أتم الأولى على الأول واستأنف للثاني كما صرح به غير واحد بل في الحدائق نسبته إلى المشهور واستدلوا عليه بصحيحة
علي بن جعفر عن أخيه موسى عليهما السلام في قوم كبروا على جنازة تكبيرة أو تكبيرتين ووضعت معها أخرى قال إن شاؤوا تركوا الأولى حتى يفرغوا من التكبير على الأخيرة وان
شاؤوا رجعوا الأولى وأتموا التكبير على الأخيرة كل ذلك لا بأس به قال في محكى الذكرى والرواية قاصرة الدلالة عن إفادة المدعى إذ ظاهرها ان ما بقي من تكبير
الأولى محسوب للجنازتين فإذا فرغ من تكبير الأولى تخيروا بين تركها بحالها حتى يكملوا على الأخيرة وبين رفعها من مكانها والاتمام على الأخيرة وليس في هذا
دلالة على ابطال الصلاة على الأول بوجه هذا مع تحريم قطع العبادة الواجبة انتهى أقول فهذه الصحيحة بظاهرها تدل على ما حكى عن ابن الجنيد من أنه قال
يجوز للامام جمعهما إلى أن يتم على الثانية خمسا وان شاء ان يؤمي إلى أهل الأولى ليأخذوها ويتم على الثانية خمسا وربما يؤيده أيضا خبر جابر قال سئل
أبو جعفر عليه السلام عن التكبير على الجنازة هل فيه شئ موقت فقال لا كبر رسول الله صلى الله عليه وآله أحد عشر وتسعا وسبعا وخمسا وستا وأربعا بناء على ما حكى عن الشيخ في
توجيهه من أنه بعد ان روى هذه الرواية قال ما تضمنه هذا الخبر من زيادة التكبير على الخمس مرات متروك بالاجماع ويجوز ان يكون عليه السلام اخبر عن فعل النبي صلى الله عليه وآله بذلك
لأنه كان يكبر على جنازة واحدة أو اثنتين فكان يجاء بأخرى فيبتدء من حيث انتهى خمس تكبيرات فإذا أضيف إلى ما كان كبر زاد على الخمس تكبيرات وذلك جائز
على ما سنبينه فيما بعد إن شاء الله تعالى انتهى وكيف كان هذا القول اي جواز التشريك فيما بقي من التكبيرات للأولى وكون أهلها بعد الفراغ من الخمس مخيرا بين رفعها
وابقائها حتى يتم الصلاة على الثانية قوى بالنظر إلى ظاهر هذه الصحيحة كما نص عليه غير واحد فيجب حينئذ بناء على وجوب اتباع كل تكبيرة بذكر خاص الجمع بين وظيفته
التكبير بالنسبة إلى الجنازتين فصاعدا ولكنك عرفت فيما سبق ضعف هذا البناء الا ان الاحتياط مما لا ينبغي تركه واما ما نسب إلى المشهور من كونه مخيرا
بين القطع واستيناف صلاة لهما وبين اتمام الأولى واستيناف صلاة للثانية فقد عرفت قصور الصحيحة عن اثباته وربما يستدل له أيضا بالفقه الرضوي
وان كنت تصلي على الجنازة وقد جاءت الأخرى فصل عليهما صلاة واحدة بخمس تكبيرات وفيه بعد الغض عن سنده عدم وضوح دلالته على المدعى لامكان
ان يكون المراد به التشريك بين الأولى والثانية في الخمس تكبيرات التي يأتي بها للثانية من غير أن يقطع الصلاة على الأولى فيكون الصلاة المأتى بها للأولى
لدى التحليل أزيد من الخمس التي ينوي بها للجنازتين كما وجه بذلك الشيخ خبر جابر في عبارته المتقدمة ويحتمل ان يكون مراد المشهور القائلين بأنه يستأنف
الصلاة عليهما ما لا ينافي ذلك وكيف كان فلم نقف على دليل خاص يدل عليه ولكن ليس فيه شئ ينافي الأصل والعمومات عدى ما أشار إليه الشهيد في عبارته المتقدمة
من حرمة قطع العبادة الواجبة وقد عرفت لدى البحث عن حرمة قطع الفريضة اختيارا ان عمدة المستند لهذا الحكم الاجماع وهو في غير محل الكلام فمقتضى الأصل
جواز القطع والعدول عن الفرد الذي تلبس به إلى فرد اخر قبل اكماله فالأقوى التخيير بين الوجوه الثلاثة الاتمام على الأولى والتشريك والقطع ثم الاستيناف
كما صرح به في الجواهر وغيره والله العالم بحقائق احكامه * (الفصل الخامس) * في الصلوات المرغبات وهي قسمان الأول النوافل اليومية وقد ذكرناها
فيما سبق مفصلة وما عدا ذلك وهو ينقسم على قسمين فمنه ما لا يختص وقتا بعينه وهذا كثير غير انا نذكر مهمه وهو صلوات الأولى صلاة الاستسقاء وهي مستحبة
عند غور الأنهار وفتور الأمطار اي عند الجدب في المدارك قال هذا قول علمائنا أجمع قاله في التذكرة وقل في المنتهى اجمع كل من يحفظ عنه العلم على استحباب
صلاة الاستسقاء عند الجدب الا أبا حنيفة فإنه قال لا تسن لها الصلاة بل الدعاء وهو محجوج باستفاضة النقل من طريق الخاصة والعامة ان رسول الله صلى الله عليه وآله صلى
للاستسقاء ركعتين ففي خبر طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله صلى للاستسقاء ركعتين وبدء بالصلاة قبل الخطبة وكبر سبعا وخمسا وجهر بالقراءة
ومما يدل أيضا على مشروعيتها مضافا إلى الاجماع وقاعدة التأسي اخبار مستفيضة منها صحيحة هشام بن الحكم أو حسنته عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن صلاة
الاستسقاء فقال مثل صلاة العيدين يقرء فيها ويكبر فيها يخرج الامام ويبرز إلى مكان نظيف في سكينة ووقار وخشوع ومسكنة ويبرز معه الناس فيحمد الله ويمجده
ويثني عليه ويجتهد في الدعاء ويكثر من التسبيح والتهليل والتكبير ويصلي مثل صلاة العيدين ركعتين في دعاء ومسألة واجتهاد فإذا سلم الامام قلب ثوبه وجعل الجانب
الذي على المنكب الأيمن على المنكب الأيسر والذي على الأيسر على الأيمن فان رسول الله صلى الله عليه وآله كذلك صنع وخبر مرة مولى محمد بن خالد قال صاح أهل المدينة إلى محمد بن
خالد في الاستسقاء فقال لي انطلق إلى أبي عبد الله عليه السلام فاسئله ما رأيك فان هؤلاء قد صاحوا إلى فاتيته
فقلت له فقال لي قل له فليخرج قلت متى يخرج جعلت
فداك قال يوم الاثنين قلت كيف يصنع قال يخرج المنبر ثم يخرج يمشي كما يمشي يوم العيدين وبين يديه المؤذنون في أيديهم عنزهم حتى إذا انتهى إلى المصلي
يصلي بالناس ركعتين بغير اذان ولا إقامة ثم يصعد المنبر فيقلب ردائه فيجعل الذي على يمينه على يساره والذي على يساره على يمينه ثم يستقبل القبلة فيكبر الله مائة
تكبيرة رافعا بها صوته ثم يلتفت إلى الناس عن يمينه فيسبح الله مائة تسبيحة رافعا بها صوته ثم يلتفت إلى الناس عن يساره فيهلل الله مائة تهليلة رافعا بها صوته
ثم يستقبل الناس فيحمد الله مائة تحميدة ثم يرفع يديه فيدعو ثم يدعون فاني لأرجو ان لا تخيبوا قال ففعل فلما رجعنا قالوا من تعليم جعفر عليه السلام في الوسائل بعد ان
514

نقل الرواية عن الكليني كما ذكر قال وفي رواية يونس فما رجعنا حتى أهمتنا أنفسنا وعن الكليني مرسلا قال وفي رواية ابن المغيرة قال تكبر في صلاة الاستسقاء
كما تكبر في العيدين في الأولى سبعا وفي الثانية خمسا ويصلي قبل الخطبة ويجهر بالقراءة ويستسقى وهو قاعد وعن الصدوق مرسلا قال قال أبو جعفر عليه السلام
كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي الاستسقاء ركعتين ويستسقي وهو قاعد وقال بدء بالصلاة قبل الخطبة وجهر بالقراءة وموثقة عبد الله بن بكير قال سمعت أبا عبد
الله عليه السلام في الاستسقاء قال يصلي ركعتين ويقلب ردائه الذي على يمينه فيجعله على يساره والذي على يساره على يمينه ويدعو الله فيستسقى إلى غير ذلك
من الروايات الدالة عليه التي سيأتي بعضها وكيفيتها مثل كيفية صلاة العيد كما يدل عليه صريحا صحيحة هشام المتقدمة في الحدائق قال إن ما دل عليه الخبر
الثاني اي صحيحة هشام من أن كيفية هذه الصلاة مثل كيفية صلاة العيد في القراءة والتكبيرات والقنوتات مما اتفقت عليه كلمة الأصحاب وحكى الاجماع عليه في المنتهى
الا انهم قالوا يجعل مواضع القنوت الذي في العيدين الدعاء هنا بالرحمة واستعطاف الله عز وجل بارسال الغيث ويدل أيضا على مماثلتها لصلاة العيدين
في عدد تكبيراتها من أنها في الركعة الأولى سبع وفي الثانية خمس وفي ان الخطبة بعد الصلاة جملة من الروايات التي تقدم بعضها ويدل أيضا على
تأخر الخطبة عن الصلاة بالخصوص مضافا إلى ما ذكر وقوع التصريح به في جملة من الأخبار كخبر طلحة بن زيد ومرسلة الكليني ومرسلة الصدوق والمتقدمات
وخبر الحسين بن علوان المروي عن قرب الإسناد عن جعفر عن أخيه عن علي قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يكبر في العيدين والاستسقاء في الأولى سبعا وفي الثانية
خمسا ويصلي قبل الخطبة ويجهر بالقراءة ولا يعارضها موثقة إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال الخطبة في الاستسقاء قبل الصلاة ويكبر في الأولى سبعا
وفي الأخرى خمسا لقصورها عن المكافئة من وجوه بل هي مرمية بالشذوذ ففي الوسائل بعد ان روى هذه الرواية قال قال الشيخ العمل على الرواية الأولى
وهذه الرواية شاذة مخالفة لاجماع الطائفة المحقة انتهى وهل المماثلة المذكورة في صحيحة هشام الواردة في بيان كيفية هذه الصلاة من أنها مثل صلاة
العيدين شاملة للوقت ونحوه من الأمور الخارجة عن الكيفية القائمة بنفسها فتختص مشروعيتها بما قبل الزوال أم لا وجهان بل قولان أحوطهما الأول
بل عن الذكرى انه ظاهر كلام الأصحاب ولكن ثانيهما أقوى كما صرح به في الجواهر وغيره لانصراف اطلاق المماثلة عن الوقت وشبهه والله العالم
وكيف كان فهي مثل صلاة العيدين في كونها ركعتين وفي عدد تكبيراتها والقنوتات الواقعة بين التكبيرات بلا خلاف في شئ منها نصا وفتوى غير أنه يجعل مواضع
القنوت في العيد استعطاف الله سبحانه وسؤال الرحمة بارسال الغيث لأنه هو الداعي إلى فعل هذه الصلاة ويتخير من الأدعية في القنوت ما تيسر له
إذ لم نقف لقنوت هذه الصلاة على ذكر مخصوص أو دعاء موقت والا اي وان لم يتيسر ذلك كما لو كان أعجميا أو عربيا غير فصيح فليقل ما نقل في اخبار
أهل البيت عليهم السلام مما يناسب المقام وان لم يرد فيه بالخصوص كالأدعية المأثورة عنهم في الاستسقاء أو بعد صلاتها أو في أثناء الخطبة أو غير ذلك مما
يقف عليه المتتبع ولا يخفى عليك ان هذا كله من باب الأولوية والفضل والا فمقتضى الأصل الاجتزاء بمطلق الدعاء والثناء كما في قنوت سائر الصلوات
ومن مسنونات هذه الصلاة ان يصوم الناس ثلاثة أيام وأن يكون خروجهم يوم الثالث كما يدل عليه خبر حماد السراج قال أرسلني محمد بن خالد إلى أبي عبد الله عليه السلام
أقول له ان الناس قد أكثروا علي في الاستسقاء فما رأيك في الخروج غدا فقلت ذلك لأبي عبد الله عليه السلام فقال لي قل له ليس الاستسقاء هكذا فقل له يخرج فيخطب الناس
ويأمرهم بالصيام اليوم وغدا ويخرج بهم يوم الثالث وهم صيام قال فاتيت محمدا وأخبرته بمقالة أبي عبد الله عليه السلام (فجاء فخطب الناس وأمرهم بالصيام كما قال أبو عبد الله عليه السلام) فلما كان في اليوم الثالث ارسل إليه ما رأيك في الخروج
ويؤيده ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال إن دعوة الصائم لا ترد ويستحب ان يكون ذلك الثالث الاثنين لامر الصادق عليه السلام محمد بن خالد بذلك في خبر مرة المتقدم انفا فإنه بعد
ان سئل الإمام عليه السلام متى يخرج قال يوم الاثنين فإن لم يتيسر فالجمعة فإنه وأم لم يدل عليه نص بالخصوص ولكن كفى دليلا عليه شرف يوم الجمعة وكونه محلا لإجابة الدعاء
بل ورد ان العبد ليسئل الحاجة فيؤخر الحاجة إلى يوم الجمعة ولا يخفى عليك ان كونه كذلك يقتضي اختياره على سائر الأيام مما عدى يوم الاثنين الذي ورد
فيه النص الخاص ولذا رتب المصنف رحمه الله استحباب اختياره على عدم تيسر الاثنين فما عن غير واحد من التخيير بينهما بل قيل إن المشهور بين المتأخرين ضعيف بل يشبه
ان يكون اجتهادا في مقابل النص اللهم الا ان يناقش في الخبر المزبور بضعف السند ويلتزم باستحباب العمل به من باب قاعدة التسامح فيكون حينئذ حال يوم الاثنين الذي
ورد فيه الرواية على استحباب اختيارها بعد فرض عدم كون الرواية في حد ذاتها حجة في اثبات متعلقها الا من باب التسامح مع الجمعة التي اقتضت شرافتها حسن
اختيارها للاستسقاء من قبيل المستحبات المتزاحمة التي لم يثبت أهمية أحدها في كون المكلف مخيرا في اختيار أيها شاء بحكم العقل كما انا لو لم نقل بثبوت الاستحباب
لقاعدة المسامحة اتجه الاقتصار على الجمعة كما حكى ذلك عن المفيد وأبي الصلاح ولكن الخدشة في الرواية بعد كونها مجبورة بالعمل كالمناقشة في اثبات الاستحباب
بقاعدة المسامحة لعله في غير محله والله العالم ويستحب أيضا ان يخرجوا إلى الصحراء حفاة اما استحباب الخروج إلى الصحراء فيدل عليه خبر أبي البختري عن أبي عبد الله عليه السلام
عن أبيه عن علي عليهما السلام قال أنه قال مضت السنة انه لا يستسقى الا بالبراري حيث ينظر الناس إلى السماء ولا يستسقى في المسجد الا بمكة ومقتضى الرواية ان أهل مكة يستسقون
في المسجد الحرام قال في محكى المنتهى وهو قول علمائنا أجمع وأكثر أهل العلم انتهى وعن ابن الجنيد انه
الحق به مسجد النبي صلى الله عليه وآله وهو محجوج بعموم الخبر المزبور وفساد القياس
في الشرعيات التي لا إحاطة للعقول بمناطاتها واما استحباب الخفاء فإنه لم يرد عليه نص بالخصوص ولكنه من الخشوع المطلوب في المقام كما يدل عليه الخبر الآتي وأن يكون
مشيهم على سكينة ووقار وخشوع لقوله عليه السلام في خبر هشام بن الحكم فيبرز إلى مكان على سكينة ووقار وخشوع ومسألة وفي بعض النسخ مسكنة ببدل مسألة وفي
خبر مرة مولى محمد بن خالد يمشي كما يمشي يوم العيدين بين يديه المؤذنون وفي أيديهم عنزهم اي عصيهم وينبغي ان لا يصلوا هذه الصلاة في المساجد للخبر المزبور
515

الذي قد عرفت ان مقتضاه استثناء أهل مكة من ذلك كما هو قول علمائنا وأكثر أهل العلم على ما ادعاه في محكى المنتهى وان يخرجوا معهم الشيوخ والأطفال والعجائز
على المشهور كما عن بعض لأنهم أقرب إلى الرحمة واسرع للإجابة كما يؤيده النبوي لولا أطفال رضع وشيوخ ركع وبهائم رتع لصب عليكم العذاب صبا
وعن الفقه في خطبتها اللهم ارحمنا بمشائخ ركع وصبيان رضع وبهائم رتع وشباب خضع وينبغي ان يخرجوا معهم أيضا أهل الصلاح والتقوى ونحوهم مما فيه
مظنة الإجابة وان لا يخرجوا معهم ذميا على ما صرح به غير واحد لقوله تعالى وما دعاء الكافرين الا في ضلال وفيه نظر فان رحمة الله تعالى واجابه الدعاء في الدنيا
لا تختص باهل الصلاح والتقوى بل لكل كبد حراء اجر فينبغي اخراج عموم المخلوقين المعترفين بفقرهم وحاجتهم إلى رحمة الله هذا مع أن الله تعالى هو المطلع
على السرائر فرب شخص يظن بظاهره انه من أهل الصلاح وهو باطنا من أهل الشرك والنفاق ويستحب أيضا على المشهور على ما نسب إليهم ان يفرقوا بين الأطفال
وأمهاتهم لما فيه من الهيئة بكثرة البكاء والضجيج مما يستوجب الرأفة والرحمة كما يشهد لذلك ما نقل من فعل قوم يونس بأمر عالمهم فكشف الله عنهم العذاب
ويتحقق بان يعطي الولد غير أمه أو غير ذلك من انحناء التفريق مما يؤمن معه الضرر على الطفل وهذه الأحكام بحسب الظاهر من المستحب الكفائي وان كان تنظيمها
غالبا من وظائف الامام فإذا فرغ الامام من الصلاة حول استحبابا ردائه بجعل ما على يمينه على يساره وبالعكس تأسيا برسول الله صلى الله عليه وآله وتفألا بتحويل
الجدب خصبا كما يدل عليه مرسلة ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته لأي علة حول رسول الله صلى الله عليه وآله في صلاة الاستسقاء ردائه الذي على يمينه على يساره
والذي على يساره على يمينه قال أراد بذلك تحويل الجدب خصبا ومرفوعة محمد بن يحيى عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن تحويل النبي صلى الله عليه وآله ردائه إذا استسقى قال
علامة بينه وبين أصحابه بحول الجدب خصبا وخبر انس بن عياض عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا استسقى ينظر إلى السماء ويحول ردائه
عن يمينه إلى يساره وعن يساره إلى يمينه قال قلت له ما معنى ذلك قال علامة بينه وبين أصحابه بحول الجدب خصبا ويدل عليه أيضا موثقة ابن بكير قال
سمعت أبا عبد الله عليه السلام في الاستسقاء قال يصلي ركعتين ويقلب ردائه الذي (على يمينه فيجعله) على يساره والذي على يساره على يمينه ويدعو الله فيستسقى وفي صحيحة هشام
المتقدمة فإذا سلم الامام قلب ثوبه وجعل الجانب الذي على المنكب الأيمن على المنكب الأيسر والذي على الأيسر على الأيمن فان رسول الله صلى الله عليه وآله كذلك صنع
ثم إن وقت تحويل الرداء على ما يقتضيه اطلاق الأخبار انما هو بعد الفراغ من الصلاة سواء صعد المنبر أم لا ولكن في خبر مرة ثم يصعد المنبر فيقلب ردائه
وهذا ظاهره اختصاص وقته بما بعد الصعود ولكن الأظهر تعميم الوقت وجعل ما في هذه الرواية من باب كونه أحد الافراد لا كونه بخصوصه هو المراد كي يلزمه
ارتكاب التقييد في سائر الأخبار إذ لا مقتضى لحمل المطلق على المقيد في المستحبات كما أوضحناه في غير مقام ثم استقبل القبلة وكبر مائة تكبيرة رافعا بها صوته
وبعده سبح الله ملتفتا إلى الناس عن يمينه كذلك اي مائة تسبيحة رافعا بها صوته وبعده هلل الله عن يساره ملتفتا إلى الناس مثل ذلك اي مائة تهليلة
رافعا بها صوته وبعده استقبل الناس بوجهه وحمد الله مائة تحميدة كما وقع التصريح بذلك كله في خبر مرة مولى محمد بن خالد المتقدم وكان ينبغي للمصنف رحمه الله
ان يتعرض لاستحباب رفع اليدين والدعاء بعد المأة تحميدة لوقوع التصريح بذلك أيضا في الخبر المزبور حيث قال عليه السلام بعد ان امره بمأة تحميدة ثم يرفع يديه فيدعو
ثم يدعون ومن ذلك يعلم استحباب متابعة المأمومين للامام في الدعاء ولعله من ذلك استشعر المصنف رحمه الله وغيره استحباب المتابعة لهم في ذلك كله لا
في خصوص الدعاء فقال وهم اي المأمومون يتابعونه في ذلك كله كما يؤيد ذلك عموم قوله صلى الله عليه وآله في النبوي المشهور انما جعل الامام اماما ليؤتم به وان
كان في شموله لمثله تأمل الا ان المقام مقام المسامحة مع معلومية استحباب ذكر الله في كل حال وكون متابعتهم له في جميع ذلك أبلغ في التضرع والخشوع
وارجى للإجابة فلا بأس بالالتزام برجحانه لذلك والا فلم نقف على ما يدل عليه بالخصوص والله العالم ثم يخطب ويبالغ في تضرعاته اما استحباب الخطبة
بعدها فقد عرفته فيما سبق واما المبالغة في تضرعاته فلان الاستسقاء انما شرع لذلك والأولى اختيار شئ من الخطب المأثورة عن الأئمة عليهم السلام مثل خطبة أمير المؤمنين
التي أولها الحمد لله سابغ النعم وغير ذلك من الخطب المأثورة عنهم في المقام أو غيره مما يناسب الحال ثم إن مقتضى ظاهر المتن استحباب تأخير الخطبة عن الأذكار
المزبورة وحكى عن غير واحد من القدماء القول بالعكس وربما قيل بجوازهما معا وهو أوفق بما يقتضيه اطلاقات أدلتهما فهو الأشبه فان تأخرت الإجابة
كرر والخروج حتى تدركهم الرحمة في المدارك هذا قول علمائنا وأكثر العامة ويدل عليه مضافا إلى وجود السبب المقتضى للاستحباب قوله عليه السلام ان الله تبارك
وتعالى يحب التلحين في الدعاء وينبغي استيناف الصوم مع عدم استمراره لاطلاق الامر به قبل الصلاة انتهى وهو جيد وكما يجوز هذه الصلاة عند قلة
الأمطار فإنها تجوز عند جفاف مياه العيون والآبار عند علمائنا كافة كما عن التذكرة وكفى بمثله دليلا لمثله من باب المسامحة والله العالم الثاني
مما لا يختص وقتا بعينه صلاة الاستخارة والاستخارة هي طلب الخيرة قاله في القاموس وغيره وفي المجمع خار الله لك أعطاك الله ما هو خير لك والخيرة
بسكون الياء اسم منه والاستخارة طلب المخيرة كعنبة وأستخيرك بعلمك اي اطلب منك الخيرة متلبسا بعلمك بخيري وشري وقال ابن إدريس الاستخارة
في كلام العرب الدعاء يعني طلب الخيرة وقال أيضا معنى استخرت الله استدعيته ارشادي قال وكان يونس بن حبيب اللغوي يقول إن معنى قولهم استخرت الله
استفعلت من الخير اي سئلت الله ان يوفق لي خير الأشياء التي أقصدها انتهى وهي هذا المعنى راجح شرعا وعقلا لأنها دعاء ومسألة وقد ورد الحث عليها
بالخصوص في جملة من الأخبار ففي خبر هارون ابن خارجة عن أبي عبد الله عليه السلام قال من استخار الله راضيا بما صنع خار الله له حتما ويستحب فعلها بعد ان يصلي ركعتين
كما يدل عليه صحيحة عمرو بن حريث المروية عن الكافي عن أبي عبد الله قال قال أبو عبد الله عليه السلام صل ركعتين واستخر الله فوالله ما استخار الله مسلم الا خار الله له
516

البتة والأولى الاتيان بها بشئ من الكيفيات المأثورة عن الأئمة عليهم السلام مثل ما في المرسل عن العنبري قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الاستخارة فقال استخر الله
في اخر ركعة من صلاة الليل وأنت ساجد مأة مرة ومرة قال كيف أقول قال تقول استخير الله برحمته استخير الله برحمته وصحيحة حماد عنه عليه السلام قال في الاستخارة ان
يستخير الله الرجل في اخر سجدة من ركعتي الفجر مائة مرة ومرة ويحمد الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله ثم يستخير خمسين مرة ثم يحمد الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله ويتم المأة والواحدة
وخبر حماد بن عيسى عن ناجية عن أبي عبد الله عليه السلام انه كان إذا أراد شراء العبد أو الدابة أو الحاجة الخفيفة أو الشئ اليسير استخار الله عز وجل فيه سبع مرات فإذا كان
امرا جسيما استخار الله مأة مرة وخبر معاوية بن ميسرة عن أبي عبد الله عليه السلام قال ما استخار الله عبد سبعين مرة بهذه الاستخارة الا ما رماه الله بالخيرة يقول يا أبصر
الناظرين ويا اسمع السامعين ويا اسرع الحاسبين ويا ارحم الراحمين ويا احكم الحاكمين صل على محمد وأهل بيته وخر لي كذا وكذا والمراد بهذه الأخبار
بحسب الظاهر هو طلب تيسير الخير والارشاد إليه وأوضح منها دلالة على ذلك خبر مرازم قال قال لي أبو عبد الله عليه السلام إذا أراد أحدكم شيئا فليصل ركعتين ثم ليحمد
الله وليثن عليه وليصل على محمد وعلى أهل بيته ويقول اللهم ان كان هذا الامر خيرا في ديني ودنياي فيسره لي وقدره وان كان غير ذلك فاصرفه عني فسئلته اي شئ
اقرأ فيهما فقال اقرأ فيهما ما شئت وان شئت قرأت فيهما قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون وخبر جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا هم بأمر
حج أو عمر أو بيع أو عمرة أو بيع أو شراء أو عتق تطهر ثم صلى ركعتي الاستخارة وقرء فيهما بسورة الحشر وسورة الرحمن ثم يقرء المعوذتين وقل هو الله أحد إذا قرء
وهو جالس في دبر الركعتين ثم يقول إن كان كذا وكذا خيرا لي في ديني ودنياي وعاجل أمري واجله فصل على محمد وآل محمد ويسره لي على أحسن الوجوه وأجملها اللهم
وان كان كذا وكذا شرا لي في ديني ودنياي وآخرتي وعاجل أمري واجله فصل على محمد وآله واصرفه عني رب صلى على محمد وآل محمد واعزم لي على رشدي وان كرهت
ذلك أو أبته نفسي وقد يراد بالاستخارة الاستشارة والاهتداء إلى ما فيه صلاحه اي تعرف ما فيه مصلحته وهذا المعنى هو المعروف بين الناس في محاوراتهم
في هذه الاعصار وهي بهذا المعنى أيضا مشروعة وقد روى لاستكشاف ما فيه الخيرة انحاء مختلفة فمنها ان يسئل الله الخيرة في امره على النهج المأثور ثم المشورة مع
الناس والعمل بما يشيرون إليه فان الله يلهمهم الخير كما يدل عليه خبر هارون بن خارجة عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا أراد أحدكم امرا فلا يشاور فيه أحدا من الناس
حتى يبدء فيشاور الله تبارك وتعالى قلت جعلت فداك وما مشارة الله قال تبتدء فتستخير الله فيه أولا ثم تشاور فيه فإنه إذا بدأ بالله اجرى الخير على لسان من شاء من
الخلق ومنها حدوث العزم له على فعل ما كان متحيرا في امره أو تركه بعد الاستخارة بأحد الوجوه المأثورة ففي خبر ابن فضال قال سئل الحسن بن الجهم أبا الحسن عليه السلام
لابن أسباط فقال ما ترى له وابن أسباط حاضر ونحن جميعا نركب البحر أو البر إلى مصر واخبره بخير طريق البر فقال فات البر وائت المسجد في غير وقت صلاة الفريضة فصل
ركعتين فاستخر الله مأة مرة ثم انظر اي شئ يقع في قلبك فاعمل به وموثقة ابن أسباط أو صحيحته قال قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام جعلت فداك ما ترى اخذ برا ان
بحرا فان طريقنا مخوف شديد الخطر فقال اخرج برا ولا عليك ان تأتي مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وتصلي ركعتين في غير وقت فريضة ثم تستخير الله مأة مرة ومرة ثم تنظر
فان عزم الله لك على البحر فافعل الحديث وخبر إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السلام قال قلت له ربما أردت الامر تفرق مني فريقان أحدهما يأمرني والآخر ينهاني قال فقال
إذا كنت كذلك فصل ركعتين واستخر الله مأة مرة ومرة ثم انظر اجزم الامرين لك فافعل فان الخيرة فيه إن شاء الله تعالى وليكن استخارتك في عافية فإنه ربما خير للرجل
في قطع يده وموت ولده وذهاب ماله والمروي عن كتاب الاستخارات لابن طاووس نقلا من كتاب سعد بن عبد الله عن علي بن مهزيار قال كتب أبو جعفر الثاني
إلى إبراهيم بن شيبة فهمت ما استأمرت فيه من امر ضيعتك التي تعرض لك السلطان فيها فاستخر الله مأة مرة خيرة في عافية فان احلو لي بقلبك بعد الاستخارة معها
فبعها واستبدل غيرها إن شاء الله ولا تتكلم بين اضعاف الاستخارة حتى تتم المأة وعن الكليني انه روى في كتاب وسائل الأئمة ان الجواد عليه السلام كتب بمثل ذلك إلى علي بن
أسباط الا انه زاد ولكن الاستخارة بعد صلاتك ركعتين ورواية اليسع القمي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أريد الشئ فأستخير الله فيه فلا يوفق فيه الرأي افعله أو
ادعه فقال انظر إذا قمت إلى الصلاة فان الشيطان ابعد ما يكون من الانسان إذ أقام إلى الصلاة اي بشئ يقع في قلبك فخذ به وافتح المصحف فانظر إلى أول ما ترى
فيه فخذ به إن شاء الله ويستفاد من هذه الرواية ان فتح المصحف والاخذ بأول ما يرى فيه أيضا من طرق تعرف الخيرة وانه لدى عدم حصول العزم بعد الصلاة والاستخارة وبقاء
الخيرة يعول على هذا الطريق ومنها الاستكشاف بالرقاع وقد روى ذلك على انحاء فمنها ما في خبر هارون بن خارجه الذي رواها الكليني والشيخ والمفيد
وابن طاوس بعدة طرق على ما في الوسائل وغيره عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال إذا أردت امرا فخذ ست رقاع فاكتب في ثلاث منها بسم الله الرحمن الرحيم خيرة من الله
العزيز الحكيم لفلان بن فلانة افعل وفي ثلاث منها بسم الله الرحمن خيرة من الله العزيز الحكيم لفلان بن فلانة لا تفعل ثم صنعها تحت مصلاك ثم صل ركعتين
فإذا فرغت فاسجد سجدة وقل فيها مأة مرة استخير الله برحمته خيرة في عافية ثم استو جالسا وقل اللهم خر لي واختر لي في جميع أموري في يسر منك وعافية ثم اضرب بيدك
إلى الرقاع فشوشها واخرج واحدة واحدة فان خرج ثلاث متواليات افعل فافعل الامر الذي تريده وان خرج ثلاث متواليات لا تفعل فلا تفعله وان خرجت واحدة افعل والأخرى لا تفعل فأخرج من الرقاع
إلى خمس فانظر أكثرها فاعمل به ودع السادسة لا تحتاج إليها ومنها ما رواه الكليني والشيخ عن علي بن محمد رفعه عنهم عليهم السلام أنه قال لبعض أصحابه وقد سئله عن
الامر يمضي فيه ولا يجد أحدا يشاوره كيف يصنع قال شاور ربك قال فقال له كيف قال انو الحاجة في نفسك ثم اكتب رقعتين في واحدة لا وفي واحدة
نعم واجعلها في بندقتين من طين ثم صل ركعتين واجعلهما تحت ذيلك وقل يا الله اني أشاورك في أمري هذا وأنت خير مستشار ومشير فأشر علي بما فيه
صلاح وحسن عاقبة ثم ادخل يدك فإن كان فيها نعم فافعل وان كان فيها لا فلا تفعل هكذا شاور ربك وعن السيد
بن طاوس في الاستخارات وفي
517

أمان الاخطار باسناده عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن عبد الرحمن بن سبابة قال خرجت إلى مكة ومعي متاع كثير فكسد علينا فقال بعض أصحابنا فابعث
به إلى اليمن فذكرت ذلك لأبي عبد الله عليه السلام فقال ساهم بين المصر واليمن ثم فوض امرك إلى الله عز وجل فأي البلدين خرج اسمه في السهم فابعث إليه متاعك
فقلت كيف أساهم قال اكتب في رقعة بسم الله الرحمن الرحيم اللهم انه لا إله إلا أنت عالم الغيب والشهادة أنت العالم وانا المتعلم فانظر في اي الامرين خير لي
حتى أتوكل عليك فيه واعمل به ثم اكتب مصر انشاء الله ثم في رقعة أخرى مثل ذلك ثم اكتب اليمن إن شاء الله ثم اجمع الرقاع وادفعها إلى من يسترها عنك ثم ادخل
يدك فخذ رقعة وتوكل على الله واعمل بها ومنها الاستخارة بالعدد قال الشهيد في الذكرى على ما حكى عنه ولم تكن هذه مشهورة في العصور الماضية قبل
زمان السيد الكبير العابد رضى الدين محمد بن محمد الاوي الحسيني المجاور بالمشهد الغروي وقد رويناها عنه وجميع مروياته عن عدة من مشايخنا عن الشيخ
الكبير الفاضل الشيخ جمال الدين بن المطهر عن والده رضي الله عنهما عن السيد رضى الدين عن صاحب الامر عليه الصلاة و السلام يقرء الفاتحة عشرا وأقله ثلاثة
مرات دونه مرة ثم يقرء القدر عشرا ثم يقول هذا الدعاء ثلاثا اللهم إني أستخيرك لعلمك بعاقبة الأمور وأستشيرك لحسن ظني بك في المأمول والمحذور
اللهم ان كان الامر الفلاني مما قد نيطت بالبركة اعجازه وبواديه وحفت بالكرامة أيامه ولياليه فخر لي اللهم خيرة ترد شموسه دلولا وتقعض أيامه سرورا اللهم
اما امر فائتمر واما نهى فانتهى اللهم إني أستخيرك برحمتك خيرة في عافية ثم تقبض على قطعة من السبحة وتضمر حاجتك ان كان عدد تلك القطعة زوجا فهو افعل
وان كان فردا لا تفعل ثم قال وقال ابن طاوس رحمه الله في كتاب الاستخارات وجدت بخط اخر الصالح الرضي الاوي محمد بن محمد الحسيني ضاعف الله سيادته وشرف
خاتمته ما هذا لفظه عن الصادق عليه السلام من أراد ان يستخير الله تعالى فليقرء الحمد عشر مرات وانا أنزلناه عشر مرات ثم يقول وذكر الدعاء الا أنه قال عقيب والمحذور اللهم
ان كان أمري هذا قد نيطت وقال بعد قوله سرورا يا اله اما امر فائتمروا ما نهى فانتهى اللهم خر لي برحمتك خيرة في عافية ثلاث مرات ثم تأخذ كفا من الحصى
أو سبحة ويكون قد قصد بقلبه ان خرج عدد الحصى والسبحة فردا كان افعل وان خرج زوجا كان لا تفعل انتهى ما في الذكرى بيان ألفاظ الدعاء على ما ذكره
في الحدائق قوله في الدعاء المذكور نيطت من ناط الشئ بالشئ علقه به وربطه واعجاز الشئ أو اخره جمع عجز وبواديه أوله جمع بادية وبادي الرأي أوله
وحفه يحفه إذا أحاطه والكرامة مصدر كرم وخر لي بمعنى اجعل لي فيه الخير وخيرة بكسر الخاء المعجمة وسكون الياء اسم مصدر من خار الله لك كذا واما خيرة
بكسر الخاء وفتح الياء فهو اسم من قولك اختاره الله وترد اي تغير وتحول ومن ثم تعدى إلى مفعولين وشموس على وزن فعول كصبور للمبالغة والماضي شمس
بفتح الميم يشمس على مثال كتب يكتب وشمس الفرس يشمس شماسا بكسر الشين وشموسا بضمها بمعنى خزن ومنع ظهره ان يركب والذلول خلافه من الذل بالذال
المعجمة مكسورة أو مضمومة ضد الصعوبة وتقعض بالقاف والعين المهملة والضاد المعجمة على وزن يكتب مضارع قعض مثال كتب بمعنى عطف قال في الصحاح
قعضت العود عطفته كما تعطف عروش الكرم والهودج انتهى وقال في الحدائق قد ذكر السيد الزاهد العابد المجاهد رضى الدين علي بن طاوس عطر
الله مرقده في رسالة الاستخارات أنواعا عديدة في الاستخارة بالرقاع والبنادق والقرعة وأنكرها ابن إدريس تمام الانكار وقال إنها من أضعف
الأخبار شواذ الأخبار لأن رواتها فطحية ملعونون مثل زرعة وسماعة فلا يلتفت إلى ما اختصا بروايته قال والمحصلون من أصحابنا ما يختارون في كتب الفقه
الا ما اخترناه ولا يذكرون البنادق والرقاع والقرعة الا في كتب العبادات دون كتب الفقه وذكر ان الشيخين وابن البراج لم يذكروها في كتبهم الفقهية
ووافقه المحقق هنا فقال واما الرقاع وما يتضمن افعل ففي خبر الشذوذ فلا عبرة بها ثم نقل عن الذكرى أنه قال وانكار ابن إدريس الاستخارة بالرقاع لا مأخذ له
مع اشتهارها بين الأصحاب وعدم راد لها سواء ومن حذى حذوه كالشيخ نجم الدين قال وكيف تكون شاذة وقد دونها المحدثون في كتبهم والمصنفون في
مصنفاتهم وقد صنف السيد العالم العابد صاحب الكرامات الظاهرة والمأثر الباهرة رضى الدين أبو الحسن علي بن طاوس الحسيني رحمه الله كتابا ضخما في الاستخارات
واعتمد فيه على رواية الرقاع وذكر من اثارها عجائب وغرائب أراه الله تعالى إياه وقال إذ الوالي الامر في الرقاع فهو خير محض فان توالى النهي فذلك الامر شر
محض وان تفرقت كان الخير والشر موزعا بحسب تفرقها على أزمنة ذلك بحسب تريبتها انتهى أقول اما الاستخارة بالمعنى الثاني التي يقصد بها تعرف ما فيه
الخيرة كما هو المتعارف في هذه الاعصار فهي لدى التحليل نوع من المواضعة بينه وبين الله والداعي إلى فعلها حسن الظن بالله وانه خير مستشار ومشير وانه
لا تخفى عليه خافية ولا يغش من استنصحه واستخاره وتوكل عليه وهذا المعنى في حد ذاته امر راجح عقلا وشرعا واما نفس هذه المواضعة التي مرجعها إلى تعليق
فعله على حصول الامر الذي جعله علامة لمعرفة كون هذا الشئ مما رأى الله تعالى صلاحه فيه ككون عدد السبحة زوجا أو فردا فهو في حد ذاته امر سائغ كتعليقه على
سائر الأفعال المباحة واما اعتماده على هذه العلامة وجعله طريقا لاستكشاف كونه مصلحة له فهو ناش من حسن ظنه بالله وانه لا يخيب رجاء من رجاه
وتوكل عليه وهذا مما لا محذور فيه بل امر راجح شرعا وعقلا ما لم يقصد بفعله التعبد والتوظيف والا فتشريع محرم ما لم يدل عليه دليل معتبر والاستناد
في اثبات شرعية شئ منها على الأخبار الضعيفة كما هو الشأن في أغلب الروايات المنقولة عن غير الكتب الأربعة اعتمادا على عموم اخبار التسامح لا يخلو من
اشكال فان شمول تلك العمومات لمثل المقام لا يخلو من تأمل فالأحوط عدم قصد التوظيف في شئ من ذلك وان صح الاعتماد على جميعه بل وعلى غير ذلك
أيضا إذا وضعه علامة له بعد تفويض امره إلى الله تعالى وطلب الخيرة منه وجعل ذلك طريقا لمعرفتها كما قد يؤمي إلى ذلك خبر البنادق وغيره ففي الوافي
على ما حكى عنه بعد ذكر مرفوعة البنادق قال وطريق المتناورة لا ينحصر في الرقعة والبندقة بل يشمل كل ما يمكن استفادة ذلك منه مثل ما مضى في حديث الرقاع
518

ومثل ما يأتي في باب القرعة وغير ذلك وانما ذكر البندقة تعليما وارشادا للسائل انتهى وفي الجواهر نقل عن بعض فضلاء مشائخه أنه قال المستفاد من
اخبار الاستخارة الإناطة بما يشائه المكلف من الطرق لمعرفة رشده وان لم يكن لها اثر في النصوص بعد الدعاء والتوسل والتضرع لله تعالى ونحوها في أن
يبين رشده بذلك انتهى وهو لا يخلو من جودة ولكن الأحوط عدم قصد التوظيف في غير ما ورد فيه خبر موثق أو مجبور بالشهرة والأولى الاقتصار على
ما ورد فيه خبر كذلك كما ربما يؤمي إلى ذلك خبر محمد بن عبد الله الجعفري المروى عن احتجاج الطبرسي عن صاحب الزمان عجل الله فرجه انه كتب إليه يسئله عن
الرجل تعرض له الحاجة مما لا يدري يفعلها أم لا فيأخذ خاتمين فيكتب في أحدهما نعم افعل ويكتب في الاخر لا تفعل فيستخير الله مرارا فيخرج أحدهما فيعمل بما يخرج
فهل يجوز ذلك أم لا والعامل به والتارك له أهو يجوز مثل الاستخارة أم هو سوى ذلك فأجاب الذي سنه العالم عليه السلام في هذه الاستخارة بالرقاع والصلاة فان
فيه إشارة إلى أن الاتيان بالمأثور على النهج الموظف هو الأولى والله العالم فائدتان الأولى قال في الحدائق المستفاد من الأخبار استحباب
الاستخارة لكل شئ وتأكدها حتى في المستحبات وان الأفضل وقوعها في الأوقات الشريفة والأماكن المنفية والرضا بما خرجت به وان كرهته النفس ومما
يؤكد هذا ما رواه ابن طاوس بأسانيد عن الصادق عليه السلام قال كنا نتعلم الاستخارة كما نتعلم السورة من القرآن ثم قال ما أبالي إذا استخرت على اي جنبي وقعت وفي رواية
أخرى على اي طريق وقعت وروى البرقي في المحاسن عن محمد بن مضارب قال قال أبو عبد الله عليه السلام من دخل في امر بغير استخارة ثم ابتلى لم يؤجر ورواه ابن طاوس
بأسانيد عديدة وفيه دلالة على ذم تارك الاستخارة في الأمور التي يأتي وروى في المحاسن أيضا عنه أنه قال قال الله عز وجل من شقاء عبدي ان يعمل الاعمال
فلا يستخيرني وروى في المحاسن أيضا باسناده عن عثمان بن عيسى عن بعض أصحابه قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام من أكرم الخلق على الله قال أكثرهم ذكر الله وأعملهم
بطاعته قلت من أبغض الخلق إلى الله قال من يتهم الله قلت واحد يتهم الله قال نعم من استخار الله فجائته الخيرة بما يكره فسخط الله فذلك يتهم الله وروى
الشيخ في التهذيب عن عيسى بن عبد الله عن أبيه عن جده عن علي عليه السلام قال قال الله عز وجل ان عبدي يستخيرني فأخير له فيغضب انتهى ما في الحدائق وهو جيد
والظاهر حصول الاستخارة التي دلت هذه الأخبار على ذم تاركها ومحبوبية الرضا بما خرجت به وان كرهته النفس بجنسها الشامل لجميع أنواعها التي تقدمت
الإشارة إليها لا خصوص الاستخارة التي هي بمعنى الدعاء أو خصوص ما كان من قبيل الاستشارة والله العالم الثانية حكى في الحدائق عن المحقق الشريف
ملا أبو الحسن العاملي المجاور بالنجف الأشرف في شرحه على المفاتيح أنه قال في بحث صلاة الاستخارة ثم لا يخفى ان المستفاد من جميع ما مر يعني الروايات الواردة في
هذا الباب ان الاستخارة ينبغي أن تكون ممن يريد الامر بان يتصداها هو بنفسه ولعل ما اشتهر من استنابة الغير على جهة الاستشفاع وذلك وان لم نجد له نصا
الا ان التجربة تدل على صحته انتهى وقد اعترف غير واحد من المتأخرين بعدم عثورهم على نص في ذلك ولكنهم أذعنوا بحصته لما رأوه من اشتهاره بين العلماء
والصلحاء وشاهدوه بالتجربة وربما عللوه بوجوه اعتبارية غير خالية من النظر ولا يخفى عليك ان محل الكلام هو الاستنابة في الاستخارة التي يقصد بها تعرف
الخيرة فان هذا هو الذي اشتهر بين العلماء والصلحاء وشهدت التجربة بصحته وقد أشرنا إلى أن الاستخارة بهذا المعنى نوع من المواضعة بينه وبين الله تعالى في
استكشاف ما فيه صلاحه وحيث إن الاستخارة بهذا المعنى أيضا لا تنفك عن الخضوع إلى الله تعالى والمسألة في أن يرشده إلى ما فيه رشده فمرجع الاستنابة فيه إلى
التوسل بمن يراه أقرب إلى الله تعالى في إجابة دعائه بان يسئل الله تعالى ذلك الشخص ان يبين ما فيه صلاحه بما وضعه ذلك الشخص علامة له وهذه المعاني بأسرها
أمورا حجة يدعوه إلى فعلها الخشوع وحسن الظن بالله الذي هو من أكمل القربات فلا محذور في شئ من ذلك بل هي من الأمور الراجحة شرعا وعقلا ما لم يقصد
النائب أو المنوب عنه بفعله التعبد والتوظيف والا فتشريع محرم والله العالم ومنها صلاة الحاجة وهي كثيرة مذكورة في الكتب الأربعة وغيرها ولا
سيما مصباحي الشيخ والكفعمي رحمهما الله تعالى كم نبه عليه في الحدائق وغيره أدناها ان يصلي ركعتين ويسئل الله حاجته فعن الكليني عن عدة من أصحابنا عن أحمد
بن محمد عن ابن محبوب عن الحسن بن صالح قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول من توضأ فأحسن الوضوء وصلى ركعتين وأتم ركوعهما وسجودهما ثم جلس فاثنى
على الله عز وجل وصلى على رسوله ثم سئل الله حاجته فقد طلب الخير في مظانه ومن طلب الخير في مظانه لم يخب وباسناده عن الحرث بن المغيرة عن أبي عبد الله عليه السلام
قال إذا أردت حاجة فصل ركعتين وصل على محمد وآله وسل تعطه والأفضل الاتيان بها على النهج المذكور في سائر الروايات المشتملة على ذكر بعض الخصوصيات والآداب
الموجبة لأبلغيتها في الإجابة من أرادها فليطلب من مظانها ومنها صلاة الشكر لله تعالى عند تجدد نعمة وهي ما رواه الكليني باسناده عن هارون بن
خارجة عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال في صلاة الشكر إذا أنعم الله عليك بنعمة فصل ركعتين تقرء في الأولى بفاتحة الكتاب وقل هو الله أحد وتقرء في الثانية بفاتحة
الكتاب وقل يا أيها الكافرون وتقول في الركعة الأولى في ركوعك وسجودك الحمد لله شكرا شكرا وحمدا وتقول في الركعة الثانية في ركوعك وسجودك
الحمد لله الذي استجاب دعائي وأعطاني مسئلتي والأولى عند لبس الثوب الجديد الاتيان على نحوه ما تضمنه خبر محمد بن مسلم المروي عن الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام
قال قال أمير المؤمنين عليه السلام إذا كسى الله المؤمن ثوبا جديدا فليتوضأ وليصل ركعتين يقرء فيهما أم الكتاب وآية الكرسي وقل هو الله أحد وانا أنزلناه ثم ليحمد
الله الذي ستر عورته وزينه في الناس وليكثر من قول لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم فإنه لا يعصي الله فيه وله بكل سلك فيه ملك يقدس له
ويستغفر له ويترحم عليه ومنها صلاة الزيارات اي زيارة النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام وصلاة تحية المساجد وصلاة الاحرام وغير ذلك من ذوات الأسباب
وغيرها مما هي مذكورة في كتب الأحاديث والعبادات من أرادها فليطلب من مظانها ومنها ما يختص وقتا معينا وهو صلوات الأولى نافلة شهر
519

رمضان والأشهر في الروايات استحباب الف ركعة في شهر رمضان زيادة على النوافل المرتبة في المدارك قال استحباب هذه النافلة قول معظم الأصحاب
وفي الجواهر قال هو المشهور بين الأصحاب نقلا وتحصيلا شهرة كادت تكون اجماعا كما في فوائد الشرائع وغيره الاعتراف به بل عن المنتهى بعد نسبته إلى أكثر أهل العلم
قال الاجماع عليه الا من شذ بل في السرائر الاخلاف في استحباب الألف الا ممن عرف باسمه ونسبه وهو أبو
جعفر محمد بن علي بن بابويه وخلافه لا يعتد به
لأن الاجماع تقدمه وتأخر عنه بل عن المهذب البارع ان باقي الأصحاب على خلافه انتهى ما في الجواهر وفي المدارك بعد ان نسب القول بالاستحباب إلى
المعظم قال ونقل عن الصدوق رحمه الله أنه قال لا نافلة في شهر رمضان زيادة على غيره وكلامه في من لا يحضره الفقيه لا يقتضي نفي المشروعية فإنه قال بعد ان أورد
خبر سماعة المتضمن للنوافل وانما أوردت هذا الخبر في هذا الباب مع عدولي عنه وتركي لاستعماله ليعلم الناظر في كتابي كيف يروي ومن رواه وليعلم من
اعتقادي فيه انه لا أرى بأسا باستعماله انتهى وقد يقال إن المتأمل ان المتأمل في كلامه يرى أن غرضه بيان عدم مشروعيتها على سبيل التوظيف ونفي البأس عن
استعمالها لا بهذا الوجه بل بلحاظ ان الصلاة خير موضوع فمن شاء استقل ومن شاء استكثر وفيه ان هذا ليس عملا بهذه الرواية كما لا يخفى بل الظاهر أن
غرضه حيث التزم في كتابه ان لا يروي فيه الا ما يراه حجة بينه وبين ربه بيان ان هذه الرواية أيضا في حد ذاتها من الأخبار المعتبرة التي يجب الاخذ بها لولا
ابتلائها بمعارض فيكون المقام عنده مما ورد فيه خبران متعارضان بأيهما اخذ من باب التسليم وسعه وان كان هو بنفسه في مقام عمله اخذا بما يعارضه ولا
يخفى عليك ان هذا الذي أشرنا إليه هو الذي ينبغي رعايته لمن يتصدى للفتوى بل قد يقال بلزومه بان يشير لدى اخذه بأحد الخبرين المتعارضين ولو لأجل بعض المرجحات
الغير اللازمة إلى مستند حكمه وانه لمن يقلده الاخذ بما يعارضه وكيف كان فالأخبار الدالة على استحباب زيادة النافلة في شهر رمضان على سائر الشهور
اجمالا وتفصيلا في غاية الكثرة بل فوق التواتر ففي خبر علي بن أبي حمزة قال دخلنا على أبي عبد الله عليه السلام فقال له أبو بصير ما تقول في الصلاة في رمضان فقال إن لرمضان
حرمة وحقا لا يشبهه شئ من الشهور صل ما استطعت في رمضان تطوعا بالليل والنهار وان استطعت في كل يوم وليلة الف ركعة فصل ان عليا عليه السلام
كان في اخر عمره يصلي في كل يوم وليلة الف ركعة وخبر أبي بصير انه سئل أبو عبد الله عليه السلام أيزيد الرجل الصلاة في رمضان قال نعم ان رسول الله صلى الله عليه وآله قد زاد
في رمضان في الصلاة وخبر إسحاق بن عمار عن صابر بن عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال له ان أصحابنا هؤلاء أبوا ان يزيدوا في صلاتهم في رمضان
وقد زاد (رسول الله صلى الله عليه وآله في صلاته في رمضان وصحيحة أبي العباس وعبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان) رسول الله صلى الله عليه وآله يزيد في صلاته في شهر رمضان إذا صلى العتمة صلى بعدها فيقوم الناس خلفه فيدخل ويدعهم ثم يخرج أيضا فيجيئون فيقومون
خلفه فيدخل ويدعهم ثم يخرج أيضا فيجيبون ويقومون خلفه فيدخل ويدعهم مرارا وقال لا يصلي بعد العتمة في غير شهر رمضان وخبر أبي خديجة عن
أبي عبد الله عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا جاء شهر رمضان زاد في الصلاة وانا أزيد فزيدوا وخبر محمد بن يحيى قال كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فسئل هل يزاد
في شهر رمضان في صلاة النوافل فقال نعم قد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي العتمة في مصلاه فيكثر وكان الناس يجتمعون خلفه ليصلوا بصلاته فإذا هم كثروا خلفه
تركهم ودخل منزله فإذا تفرق الناس عاد إلى مصلاه فصلى كما كان يصلي فإذا كثر الناس خلفه تركهم ودخل وكان يصنع ذلك مرارا ورواية المفضل بن عمر
عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال يصلي في شهر رمضان زيادة الف ركعة قلت ومن يقدر على ذلك قال ليس حيث تذهب أليس يصلي في شهر رمضان زيادة الف ركعة في تسع
عشرة منه في كل ليلة عشرين ركعة وفي ليلة تسع عشرة مائة ركعة وفي ليلة احدى وعشرين مائة ركعة وفي ليلة ثلاث وعشرين مائة ركعة ويصلي في ثمان ليال
منه في العشر الأواخر من كل ليلة ثلاثين ركعة فهذه تسع مائة وعشرون ركعة قال قلت جعلني الله فداك فرجت عني لقد كان ضاق بي الامر فلما ان اتيت لي بالتفسير
فرجت عني فكيف تمام الألف ركعة قال تصلي في كل يوم جمعة في شهر رمضان أربع ركعات لأمير المؤمنين عليه السلام وتصلي ركعتين لابنة محمد عليه السلام وتصلي بعد الركعتين أربع ركعات لجعفر
الطيار وتصلي في ليلة الجمعة في العشر الأواخر لأمير المؤمنين عليه السلام عشرين ركعة وتصلي في عشية الجمعة ليلة السبت عشرين ركعة لابنة محمد ثم قال اسمع وعه
وعلم ثقات اخوانك هذه الأربع والركعتين فإنهما أفضل الصلوات بعد الفرائض فمن صلاها في شهر رمضان أو غيره انفتل وليس بينه وبين الله عز وجل
ذنب الحديث إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة التي ورد في بعضها التصريح بزيادة الألف وسيأتي نقل جملة منها عند التكلم في كيفية تفريق الألف على الشهر
وبإزاء هذه الأخبار اخبار اخر مستفيضة تدل بظاهرها على نفي مشروعية الزيادة وان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يزد في شهر رمضان على الرواتب الموظفة في
سائر الأيام كرواية محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا صلى العشاء الآخرة آوى إلى فراشه لا يصلي شيئا الا بعد انتصاف الليل لا
في شهر رمضان ولا في غيره وصحيحة الحلبي قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في شهر رمضان فقال ثلاث عشرة ركعة منها الوتر وركعتا الصبح قبل الفجر كذلك
كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي وانا كذلك أصلي ولو كان خيرا لم يتركه رسول الله صلى الله عليه وآله وصحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الصلاة في شهر رمضان
فقال ثلاث عشرة ركعة منها الوتر وركعتان قبل صلاة الفجر كذلك كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي ولو كان فضلا كان رسول الله اعمل به
وأحق وعن الشيخ باسناده عن ابن مسكان نحوه وقد تعرض الأصحاب الارتكاب التأويل في هذه الأخبار بابداء احتمالات قد أشار في الوسائل إلى جلها بل كلها حيث إنه
بعد ان أورد هذه الأخبار قال ما لفظه قد عرفت ان معارضات هذه الأحاديث متواترة بل تجاوزت حد التواتر كما تقدم في الأبواب الثمانية فلابد
من تأويلها وقد حمل الشيخ هذه الأحاديث على نفى الجماعة في نوافل رمضان واستشهد بما يأتي ويمكن ان يراد عدم استحباب الزيادة في النوافل المرتبة
اليومية أو يراد به نفي وجوب نافلة شهر رمضان وان ثبت الاستحباب بما تقدم ويحتمل الحمل على نفي تأكد الاستحباب بالنسبة إلى النوافل اليومية فإنها
520

كذا وعلى النسخ بأنه صلى الله عليه وآله لم يكن يصلي ثم صار يصليها أو على نفي صلاة التراويح كما يفعله العامة ويحتمل الحمل على أنه ما كان يصلي هذه النوافل في المسجد بل
في البيت لما مر ويأتي وقد حملها ابن طاوس في كتاب الاقبال على التقية تارة وعلى غلط الراوي أخرى واستدل بما تقدم من تكذيب الراوي
والدعاء عليه في حديث ابن مطهر ويحتمل غير ذلك انتهى وسيأتي نقل حديث ابن مطهر المشتمل على تكذيب هذا القول وقد اندفع بما أشار إليه من تواتر
الأخبار المتعارضة ما قد يتوهم من عدم صلاحية تلك الأخبار من حيث هي لو اغمض عن اشتهارها بين
الأصحاب عن صلاحية المعارضة لهذه الروايات
من حيث السند لصحة أسانيد هذه الروايات وقصور تلك عن المكافئة توضيح الاندفاع بعد الغض عن اشتمال تلك الأخبار أيضا على الصحيح والموثق ان الترجيح
بأوصاف الراوي انما هي في اخبار الآحاد التي يتطرق إليها احتمال الاشتباه وعدم الصدور لا في مثل هذه الأخبار البالغة في الكثرة نهايتها فإن كان
فيها خلل فمن حيث جهة الصدور والا فصدر رجل تلك الأخبار ان لم يكن كلها مما لا ينبغي الارتياب (فيه كما أنه لا ينبغي الارتياب) في دلالتها على مشروعية الزيادة فإنها صريحة في
ذلك فلا يتطرق إليها الا احتمال التقية وهو أيضا بعد اشتهارها بين الأصحاب فتوى وعملا وشذوذ الأخبار المعارضة لها من البعد بمكان خصوصا بعد
الالتفات إلى ما في هذه الروايات من بيان حكمة الحكم وان لشهر رمضان حرمة لا يشبه غيره من الشهور فالأولى رد علم الروايات المعارضة لها إلى أهله ثم إن
بعض الأخبار الدالة على استحباب الزيادة لم يحددها بحد بل ورد فيها الحث على فعل الصلاة فيها ما استطاع وانه ان قدر على أن يصلي في كل يوم وليلة
الف ركعة فليفعل ولكنه قد ورد في غير واحد منها تحديدها بألف ركعة زائدة على الرواتب اليومية والأفضل في توزيعها على الشهر هو انه يصلي في كل
ليلة من العشرتين الأوليين عشرين ركعة بلا خلاف فيه على الظاهر بين علمائنا القائلين بالوظيفة بل عن الانتصار والخلاف وغيره دعوى الاجماع عليه
ويدل عليه مضافا إلى ذلك اخبار مستفيضة سيأتي الإشارة إليها ثمان ركعات بعد المغرب واثنتي عشرة ركعة بعد العشاء على الأظهر الأشهر بل المشهور
كما ادعاه غير واحد وحكى عن الشيخ في النهاية انه خبر بين ذلك وبين جعل اثنتي عشرة ركعة بين العشائين وثمان بعد العشاء وعن المصنف رحمه الله في المعتبر
اختياره ومما يدل على المشهور وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام وفيها فصل يا أبا محمد زيادة في رمضان فقال كم جعلت فداك فقال في عشرين ليلة تمضي
في كل ليلة عشرين ركعة ثمان ركعات قبل العتمة واثنتي عشرة ركعة بعدها سوى ما كنت تصلي قبل ذلك الحديث وخبر ابن مطهر المروى عن الكافي انه كتب
إلى أبي محمد عليه السلام يخبره بما جاءت به الرواية ان النبي صلى الله عليه وآله ما كان يصلي في شهر رمضان وغيره من الليل سوى ثلاث عشرة ركعة منها الوتر وركعتا الفجر فكتب عليه السلام فض
الله فاه صلى من شهر رمضان في عشرين ليلة كل ليلة عشرين ركعة ثماني بعد المغرب واثنتا عشر بعد العشاء الآخرة واغتسل ليلة سبع عشرة وليلة تسع
عشرة وليلة احدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين وصلى فيهما ثلاثين ركعة اثنتي عشرة ركعة بعد المغرب وثمانية عشرة بعد العشاء الآخرة وصلى فيهما
مائة ركعة يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد عشر مرات وصلى إلى اخر الشهر كل ليلة ثلاثين على ما فسرت لك وفي رواية أبي بصير الأخرى
عن أبي عبد الله عليه السلام صل في العشرين من شهر رمضان ثمانيا بعد المغرب واثنتي عشرة ركعة بعد العتمة وفي خبر محمد بن سليمان انه لما دخلت أول ليلة من شهر
رمضان صلى رسول الله صلى الله عليه وآله المغرب ثم صلى أربع ركعات التي كان يصليهن بعد المغرب في كل ليلة ثم صلى ثمان ركعات فلما صلى العشاء الآخرة وصلى الركعتين
اللتين كان يصليهما بعد العشاء الآخرة وهو جالس في كل ليلة قام فصلى اثنتي عشرة ركعة الحديث ورواية مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام قال مما كان
رسول الله صلى الله عليه وآله يصنع في شهر رمضان كان يتنفل قبل ذلك في كل ليلة ويزيد على صلاته التي كان يصليها قبل ذلك منذ أول ليلة إلى تمام عشرين ليلة في
كل ليلة عشرين ركعة ثماني ركعات منها بعد المغرب واثنتي عشرة بعد العشاء الآخرة الحديث وفي مكاتبة الحسن بن علي عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام صل في
أول شهر رمضان في عشرين ليلة عشرين ركعة صل منها ما بين المغرب والعتمة ثماني ركعات وبعد العشاء اثنتي عشرة ركعة الحديث وقد ورد عكس ذلك
في موثقة سماعة المضمرة قال سئلته عن رمضان كم يصلي فيه فقال كما يصلي في غيره الا ان لرمضان على سائر الشهور من الفضل ما ينبغي للعبد ان يزيد في
تطوعه فان أحب وقوى على ذلك ان يزيد في أول الشهر عشرين ليلة كل ليلة عشرين ركعة سوى ما كان يصلي قبل ذلك يصلي من هذه العشرين اثنتي عشرة
ركعة بين المغرب والعتمة وثمان ركعات بعد العتمة الحديث وقد جمع الشيخ في نهايته وغير واحد ممن تأخر عنه بين الأخبار بالحمل على التخيير وهو لا يخلو
من وجه إذ لا معارضة بين المستحبات لامكان ان يكون لكل منهما جهة رجحان ولكن العمل بما هو المشهور نصا وفتوى أوثق في النفس فهو الأولى ويصلي في
كل ليلة من العشر الأواخر ثلاثين ركعة بلا خلاف فيه أيضا على الظاهر على الترتيب المذكور اي يصلي ثمان ركعات بعد المغرب والباقي بعد العشاء على
المشهور كما ادعاه في الحدائق وغيره ونقل عن أبي الصلاح وابن البراج انه يصلي اثنتي عشرة ركعة بعد المغرب والباقي بعد العشاء الآخرة ويدل
على الأول قوله عليه السلام في رواية أبي بصير المتقدمة فإذا دخل العشر الأواخر فصل ثلاثين ركعة في كل ليلة ثماني قبل العتمة واثنتين وعشرين بعد العتمة سوى
ما كنت تفعل قبل ذلك وقول أبي جعفر عليه السلام في مكاتبة الحسن المتقدمة وفي العشر الأواخر ثمان ركعات بين المغرب والعتمة واثنتين وعشرين ركعة بعد
العتمة وفي خبر محمد بن سليمان المتقدم فلما كان في ليلة اثنتي وعشرين زاد في صلاته فصلى ثمان ركعات بعد المغرب واثنتين وعشرين ركعة بعد العشاء
الآخرة ويدل على القول الآخر قوله عليه السلام في رواية مسعدة بن صدقة المتقدمة ويصلي في العشر الأواخر في كل ليلة ثلاثين ركعة اثنتي عشرة منها بعد المغرب
وثماني عشرة منها بعد العشاء الآخرة وقد سمعت في خبر ابن مطهر الحاكي لفعل رسول الله صلى الله عليه وآله أيضا انه صلى في العشر الأواخر ثلاثين ركعة اثنتي عشرة
521

بعد المغرب وثماني عشرة بعد العشاء الآخرة وقد حكى عن غير واحد من المتأخرين القول بالتخيير بين الصورتين جمعا بين الأخبار وهو لا يخلو من جودة
الا ان الاخذ بما هو المشهور أولى بل قد يقال بالتخيير بينهما وبين عكس المشهور ولما في موثقة سماعة المتقدمة فإذا بقي من رمضان عشر ليال فليصل
ثلاثين ركعة في كل ليلة سوى هذه الثلاث عشرة ركعة يصلي بين المغرب والعشاء اثنتين وعشرين ركعة وثمان ركعات بعد العتمة الحديث
أيضا لا يخلو من وجه خصوصا بعد الالتفات إلى كون الحكم من أصله مبنيا على التوسعة والتخيير ومن هنا قد يتجه ما نسب إلى المشهور وان لم نتحققه من أولوية تأخير
الوتيرة عن النوافل الموظفة بعد العتمة مع صراحة بعض الروايات المذكورة بخلافه فاتباع ما هو المأثور أولى وكيف كان فهذه سبعمائة ركعة ويصلي
زيادة على ذلك في ليالي الافراد الثلاث اي تسعة عشر واحدى وعشرين وثلاثة وعشرين كل ليلة مائة ركعة كما صرح به غير واحد بل عن المنتهى نسبته إلى
الأكثر وعن الذكرى نسبته إلى طائفة من أصحابنا عملا بكل من الوظيفتين فيها ويدل عليه أيضا بالنسبة إلى ليلة احدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين رواية
ابن مطهر المتقدمة ولكن روى أنه يقتصر في ليالي الافراد الثلاثة على المائة حسب فيبقى عليه ثمانون ركعة عشرون من ليلة التسع عشرة وستون من
الليلتين الأخيرتين يفرقها على الشهر بهذه الكيفية يصلي في كل جمعة عشر ركعات بصلاة علي وفاطمة وجعفر عليهم السلام وفي اخر جمعة أي الجمعة الواقعة في العشر
الأواخر في ليلتها على ما هو مذكور في الرواية المزبورة عشرين بصلاة على وفي عشية تلك الجمعة ليلة السبت عشرين ركعة بصلاة فاطمة عليها السلام وهذه
الرواية هي رواية المفضل بن عمر التي تقدم نقلها انفا ونحوها في الاقتصار على المائة خبر محمد بن سليمان المتقدم (وغيره) وعن جماعة الافتاء بذلك بل عن الذكرى
نسبة إلى أكثر الأصحاب وعن مصباح الشيخ انه رتب الدعوات المختصة بالركعات عليه وعن جملة من الأصحاب القول بالتخيير وهو جيد إذ الروايات
الواردة في مثل هذه الموارد قلما يتفق بلا نوع من الاختلاف وهي منزلة على اختلاف جهات الفضل الا ان العمل على رواية المفضل لكونه موجبا لادراك
فضل الصلوات الواردة فيها لو لم يكن بخصوصه مورد نص أيضا لكان أكمل فضلا عن ورود النص به فهو أولى ثم إن ظاهر النص والفتوى توزيع الثمانين
على ما هو الغالب من كون الحاصل في الشهر اربع جمع واما لو اتفق خمس جمع فيه فعن الروض والمسالك اشكال لخلو النص والفتوى منه فيحتمل توزيعها
على الجميع ويحتمل سقوط إحداها لا بعينها أو خصوص الأخيرة ولا يبعد ان يكون الاخذ بكل من الاحتمالات كافيا في الاتيان بما هو وظيفة الشهر وكيف
كان فقد ورد في الرواية المزبورة تفصيل الصلوات المذكورة فيها فإنه عليه السلام بعد ان ذكر ما تقدم نقله قال يا مفضل بن عمر تقرء في هذه الصلوات كلها أعني
صلاة شهر رمضان الزيادة فيها بالحمد وقل هو الله أحد ان شئت مرة وان شئت ثلاثا وان شئت خمسا وان شئت سبعا وان شئت عشرا فاما صلاة أمير
المؤمنين عليه السلام فإنه يقرء فيها بالحمد في كل ركعة وخمسين مرة قل هو الله أحد ويقرء في صلاة ابنة محمد صلى الله عليه وآله في أول ركعة الحمد وانا أنزلناه في ليلة القدر مائة
مرة وفي الركعة الثانية الحمد وقل هو الله أحد مائة مرة فإذا سلمت في الركعتين سبح تسبيح فاطمة الزهراء إلى أن قال وقال لي تقرء في صلاة جعفر في الركعة
الأولى الحمد وإذا زلزلت الأرض وفي الثانية الحمد والعاديات وفي الثالثة الحمد وإذا جاء نصر الله وفي الرابعة الحمد وقل هو الله أحد ثم قال لي
يا مفضل ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم وكأن المصنف رحمه الله عول على هذه الرواية في تفصيل هذه الصلوات حيث قال وصلاة
أمير المؤمنين عليه السلام أربع ركعات بتشهدين وتسليمتين يقرء في كل ركعة الحمد مرة وخمسين مرة قل هو الله أحد وعن وقوع التصريح في الرواية المزبورة
بالتشهدين والتسليمتين غير قادح إذ الغالب المتعارف لدى التعرض لبيان الصلوات الخاصة الاقتصار على بيان خصوصياتها التي بها تمتاز هذه الصلاة
عن مطلق النوافل دون سائر الأفعال المشتركة بين الجميع كالافتتاح والركوع والسجود والقنوت والتشهد والتسليم وحيث إن المعهود في الشريعة
كون النوافل كلها ركعتين ركعتين عدى ما استثنى فكما يفهم من صدر الخبر عند توزيع الألف ركعة على الشهر حيث قال مثلا ثمان ركعات بعد المغرب واثنتا
عشرة بعد العشاء إرادة الاتيان بها على النحو المتعارف من كل ركعتين بتشهد وتسليم كذلك يفهم ذلك بالنسبة إلى هذه الصلاة وكذا صلاة جعفر
فلو لم يكن لها الا تشهد وتسليمة عقيب الكل لكان هذا من جملة الخصوصيات التي كان يجب التنبيه عليها عند تعريفها كما هو واضح وصلاة فاطمة عليها السلام ركعتان تقرء
في الأولى الحمد مرة والقدر مائة مرة وفي الثانية بالحمد مرة وسورة التوحيد مائة مرة كما هو صريح الرواية المزبورة وكان ينبغي ان يذكر في المتن استحباب
تسبيح الزهراء عليها السلام عقيبها لورود الامر به في الخبر المزبور وحكى عن الشيخ في المصباح انه بعد ان عرف صلاة فاطمة عليه السلام بما ذكر قال وروى أنها أربع ركعات مثل
صلاة أمير المؤمنين عليه السلام كل ركعة بالحمد مرة وخمسين مرة قل هو الله أحد في الوسائل بعد ان نقل كلام الشيخ قال لا مانع من الجمع بان تكون لها صلاتان انتهى
وهو جيد وصلاة جعفر عليه السلام أربع ركعات بتسليمتين يقرء في الأولى الحمد مرة وإذا زلزلت مرة ثم يقول خمس عشر مرة سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله
والله أكبر ثم يركع ويقولها عشرا وهكذا يقولها عشرا بعد رفع رأسه وفي سجوده وبعد رفع رأسه وفي سجوده ثانيا وبعد الرفع منه فيكون في كل ركعة
خمس وسبعون مرة ويقرء في الثانية والعاديات وفي الثالثة إذا جاء نصر الله وفي الرابعة قل هو الله أحد ولكن لم يقع في رواية المفضل المزبورة التعرض
لذكر التسبيحات ولعله لمعهودية اعتبارها في صلاة جعفر وعدم احتياجها إلى التصريح وكيف كان فيدل على مشروعية هذه الصلاة بل تأكد استحبابها
مضافا إلى الرواية المزبورة اخبار كثيرة منها رواية أبي بصير المروية عن الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لجعفر يا جعفر الا أمنحك الا أعطيك
الا أحبوك فقال له جعفر بلى يا رسول الله قال فظن الناس انه يعطيه ذهبا أو فضة فتشرف الناس لذلك فقال له اني أعطيك شيئا ان أنت صنعته في
522

كل يوم كان خيرا لك من الدنيا وما فيها وان صنعته بين يومين غفر الله لك ما بينهما أو كل جمعة أو كل شهر أو كل سنة غفر لك ما بينهما تصلي أربع ركعات
تبتدء فتقرء وتقول إذا فرغت سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر تقول ذلك خمس عشرة مرة بعد القراءة فإذا ركعت قلته عشر مرات
فإذا رفعت رأسك من الركوع قلته عشر مرات فإذا سجدت قلته عشر مرات فإذا رفعت رأسك من السجود قلته بين السجدتين عشر مرات فإذا سجدت الثانية
فقل عشر مرات فإذا رفعت رأسك من السجدة الثانية قلت عشر مرات وأنت قاعد قبل ان تقوم فذلك خمس وسبعون تسبيحة في كل ركعة ثلاثمائة تسبيحة في
أربع ركعات الف ومائتا تسبيحة وتهليلة وتكبيرة وتحميدة ان شئت صليتها بالنهار وان شئت صليتها بالليل ورواية أبي حمزة الثمالي المروية عن الفقيه عن أبي جعفر عليه السلام
قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لجعفر بن أبي طالب يا جعفر الا أمنحك الا أعطيك الا أحبوك الا أعلمك صلاة إذا أنت صليتها لو كنت فررت من الزحف وكان عليك
مثل رمل عالج وزبد البحر ذنوبا غفرت لك قال بلى يا رسول الله صلى الله عليه وآله قال تصلي أربع ركعات إذا
شئت ان شئت كل ليلة وان شئت كل يوم وان شئت كل يومين
وان شئت فمن جمعة إلى جمعة وان شئت فمن شهر إلى شهر وان شئت فمن سنة إلى سنة تفتتح الصلاة ثم تبكر خمس عشرة مرة تقول الله أكبر وسبحان الله والحمد لله
ولا إله إلا الله ثم تقرء الفاتحة وسورة ثم تركع وتقولهن في ركوعك عشر مرات ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولهن عشر مرات وتخر ساجدا فتقولهن عشر مرات
في سجودك ثم ترفع رأسك من السجود فتقولهن عشر مرات ثم (تخر ساجدا فتقولهن عشر مرات ثم ترفع رأسك من السجود فتقولهن عشر مرات ثم
) تنهض فتقولهن خمس عشرة مرة ثم تقرء الفاتحة وسورة ثم تركع وتقولهن عشر مرات ثم ترفع (رأسك من الركوع فتقولهن عشر مرات ثم تخر ساجدا فتقولهن عشر مرات ثم ترفع) رأسك من
السجود فتقولهن عشر مرات (ثم تسجد فتقولهن عشر مرات ثم ترفع رأسك من السجود فتقولهن عشر مرات) ثم تتشهد وتسلم ثم تقوم فتصلي ركعتين أخراوين فتصنع فيهما مثل ذلك ثم تسلم قال أبو جعفر عليه السلام فذلك خمس وسبعون مرة في كل
ركعة ثلاثمائة تسبيحة يكون ثلاثمائة مرة في الأربع ركعات الف ومائتا تسبيحة يضاعفها الله عز وجل ويكتب لك بها اثنتي عشر الف حسنة الحسنة منها مثل
جبل أحد وأعظم وما تضمنته هذه الرواية من تقديم التسبيح على القراءة وكذا ما في ترتيب اجزاء التسبيحات مخالف لما هو مذكور في سائر الأخبار فيمكن
الجمع بنيها بالحمل على التخيير ولا ينافيه كون الجميع حكاية لما قاله رسول الله صلى الله عليه وآله في قضية خاصة لامكان ان يكون المقصود بالحكاية نقل المضمون وعدم كون
التقديم والتأخير من المقومات الملحوظة في الحكاية ولكن مع ذلك العمل على طبق ما تضمنه ما عداها من الروايات المستفيضة المعتضدة بالشهرة بين
الأصحاب أوثق في النفس ومقتضى اطلاق هاتين الروايتين خصوصا الأخيرة منهما كبعض الأخبار الآتية الذي لم يقع التعرض فيه لذكر سورة مخصوصة جواد
الاجتزاء باي سورة تكون فما في رواية المفضل المتقدمة وغيرها من الأخبار الآتية مما ورد فيها الامر بقراءة سور مخصوصة محمول على الأفضلية إذ لا
مقتضى لحمل المطلق على المقيد في المستحبات كما مر تحقيقه في غير موضع منها ما عن الشيخ في الصحيح عن بسطام عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال له رجل جعلت فداك أيلتزم الرجل
أخاه فقال نعم ان رسول الله صلى الله عليه وآله يوم فتح خيبر اتاه الخبر ان جعفر قد قدم فقال صلى الله عليه وآله ما أدري بأيهما انا أشد سرورا بقدوم جعفر أم بفتح خيبر قال فلم يلبث
ان جاء جعفر قال فوثب النبي صلى الله عليه وآله فالتزمه وقبل ما بين عينيه قال فقال له الرجل الأربع ركعات التي بلغني ان رسول الله صلى الله عليه وآله امر جعفر ان يصليها فقال لما
قدم عليه قال يا جعفر الا أعطيك الا أمنحك الا أحبوك قال فتشوف الناس ورأوا انه يعطيه ذهبا أو فضة قال بلى يا رسول الله قال صل أربع ركعات متى ما
صليتهن غفر لك ما بينهن ان استطعت كل يوم والا فكل يومين أو كل جمعة أو كل شهر أو كل سنة فإنه يغفر لك ما بينهما قال كيف أصليها فقال تفتتح الصلاة
ثم تقرء ثم تقول خمس عشرة مرة وأنت قائم سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فإذا ركعت قلت ذلك عشرا فإذا رفعت رأسك فعشرا وإذا سجدت
فعشرا وإذا رفعت رأسك فعشرا وإذا سجدت الثانية فعشرا وإذا رفعت رأسك فعشرا فذلك خمس وسبعون تكون ثلاثمائة في أربع ركعات فهن الف
ومائتان وتقرء في كل ركعة بقل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون الظاهر أن كلمة واو مستعملة بمعنى أو فأريد بالعطف التخيير لا الجمع بشهادة غيره من الأخبار
مع احتمال ارادته فيكون مستحبا في مستحب ونحو هذه الرواية في الامر بقراءة هاتين السورتين في صلاة جعفر رواية ابن المغيرة المروية عن الفقيه عن أبي عبد الله عليه السلام
قال اقرأ في صلاة جعفر بقل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون ونظير خبر المفضل بن عمر في الامر بقراءة الأربع سور المذكورة في المتن رواية إبراهيم بن
عبد الحميد المروية عن الكافي والتهذيب عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال تقرء في الأولى إذا زلزلت وفي الثانية والعاديات وفي الثالثة إذا جاء نصر الله والفتح
وفي الرابعة بقل هو الله أحد قلت فما ثوابها قال لو كان عليه مثل رمل عالج ذنوبا غفر له ثم نظر إلي فقال ذلك لك ولأصحابك وعن الفقيه الرضوي
نحوه الا انه امر بقراءة والعاديات في الركعة الأولى وإذا زلزلت في الثانية قال فإذا أردت ان تصلي فافتتح الصلاة بتكبيرة واحدة ثم اقرأ في أوليها بفاتحة الكتاب
والعاديات وفي الثانية إذا زلزلت وفي الثالثة إذا جاء نصر الله وفي الرابعة قل هو الله أحد وان شئت كلها بقل هو الله أحد وفي خبر إبراهيم بن
أبي البلاد المروي عن التهذيب الامر بقراءة إذا زلزلت وإذا جاء نصر الله وانا أنزلناه وقل هو الله أحد قال قلت لأبي الحسن عليه السلام يعني موسى بن جعفر عليه السلام
اي شئ لمن صلى صلاة جعفر قال لو كان عليه مثل رمل عالج وزبد البحر ذنوبا لغفرها الله له ثم قال قلت هذا لنا قال فلمن هي الا لكم خاصة قال قلت فأي
شئ اقرأ فيها وقلت اعترض القرآن قال لا اقرأ فيها إذا زلزلت الأرض وإذا جاء نصر الله وانا أنزلناه وقل هو الله أحد وقد أشرنا إلى أن الامر بقراءة السور
الخاصة في هذه الأخبار من باب الأفضلية واختلافها منزل على اختلاف جهات الفضل فلا معارضة بينها كما أنه لا معارضة بينها وبين ما دل بظاهره
على كفاية سورة على الاطلاق كخبر الثمالي وغيره هيهنا فروع الأول لو سهى عن التسبيحات كلا أو بعضا في بعض أحوال هذه الصلاة قضاها
في الحال الذي يذكرها فيها فإن كان يفوته سهوا في حال القيام ثم يذكره في حال الركوع أو السجود قضى ما فاته في تلك الحال كما يدل عليه ما عن الطبرسي
523

في كتاب الاحتجاج قال فيما ورد عن صاحب الزمان عجل الله فرجه إلى محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري في جواب مسائله حيث سئله عن صلاة جعفر إذا سهى في التسبيح
في قيام أو قعود أو ركوع أو سجود وذكر في حالة أخرى قد صار فيها من هذه الصلاة هل يعيد ما فاته من ذلك التسبيح في الحالة التي ذكره أم يتجاوز في صلاته
التوقيع إذا سهى في حالة من ذلك ثم ذكر في حالة أخرى قضى ما فاته في الحالة التي ذكره وعن الشيخ في كتاب الغنية باسناده فيه نحوه الثاني يجوز الاتيان
بهذه الصلاة مجردة عن التسبيح إذا أعجلت به حاجة ثم يقضي التسبيح وهو ذاهب في شغله كما يدل عليه خبر ابان المروي عن الكافي قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول
من كان مستعجلا يصلي صلاة جعفر مجردة ثم يقضي التسبيح وهو ذاهب في حوائجه ورواية أبي بصير المروية عن الفقيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا كنت مستعجلا فصل
صلاة جعفر مجردة ثم افض التسبيح الثالث قال في الحدائق المشهور بين الأصحاب رضوان الله عليهم جواز احتسابها من النوافل الراتبة الليلية والنهارية
صرح به الشيخ علي بن بابويه وابن أبي عقيل وغيرهما وقال ابن الجنيد ولا أحب احتسابها عن شئ من التطوع
الموظف عليه ولو فعل وجعله قضاء للنوافل أجزاه
انتهى ويدل على المشهور مضافا إلى الأصل الذي قررناه في صدر الكتاب لدى البحث عن جواز احتساب صلاة الغفيلة من نافلة المغرب جملة من الأخبار منها
رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال صل صلاة جعفر اي وقت شئت من ليل أو نهار وان شئت حسبتها من نوافل الليل وان شئت حسبتها من نوافل النهار تحسب
لك من نوافلك وتحسب لك من صلاة جعفر وصحيحة ذريح عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن شئت صل صلاة التسبيح بالليل وان شئت بالنهار وان شئت في السفر و
ان شئت جعلتها من نوافلك وان شئت جعلتها من قضاء صلاة وفي الحدائق قيد قضاء الصلاة الواردة في هذه الرواية بقضاء النوافل ونقل عن الذكرى أنه قال
ويظهر من بعض الأصحاب جواز جعلتها من الفرائض أيضا إذ ليس فيه تغيير فاحش ثم قال ما لفظه أقول ربما اشعر نقله قدس سره للقول المذكور وعدم
تعرضه لرده اختيار القول بجوازه واليه يميل كلام بعض مشايخنا المحققين من متأخري المتأخرين وهو محل اشكال واي تغيير أفحش مما عليه هذه الصلاة
بالنسبة إلى غيرها من الصلوات الخالية من هذه الأذكار انتهى أقول قد عرفت في مبحث القواطع وغيره وستعرف في مبحث الخلل أيضا ان الاتيان بالذكر
والدعاء في أثناء الصلاة في اي حال يكون ليس منافيا لهيئتها المعتبرة شرعا فيجوز ان يسبح في كل من قيامه وركوعه وسجوده وجلوسه مائة تسبيحة أو تكبيرة أو
تحميده ما لم يكن موجبا لفوات وقتها فلا مانع من هذه الجهة عن جعلها من الفرائض ولكن يختص ذلك بالثنائية منها كفريضة الصبح أو الصلوات المقصورة التي
لا مانع عن الاتيان بها بصورة ركعتين من هذه الصلاة دون الرباعية والثلاثية التي لا يجوز الاتيان بأخيرتيها مع القراءة التي هي وظيفة الأوليين وقطعهما
عن الأولتين بالتسليم ولعله لأجل انصراف الفريضة إلى التامة وانحصار الأدائية الثنائية منها في صلاة الصبح التي لا تفي واحدة منها بعدد ركعات هذه الصلاة مع
ضيق وقت أدائها وانه لو أريد الاتيان بها بصورة ركعتين من هذه الصلاة قد يكون ذلك موجبا لخروج وقتها ولا أقل من خروج وقت فضيلتها خص القضاء
بالذكر في الصحيحة وما التزم به في الحدائق من تقييده بقضاء النوافل تأويل بلا مقتضى فالقول بجواز ان يجعلها من الفرائض هو الأشبه وان كان تركه أحوط الرابع
ليس لهذه الصلاة وقت معين بل وقتها اي وقت شاء سفرا وحضرا كما وقع التصريح بذلك كله في جملة من الروايات المزبورة ولكن أفضله صدر النهار من
يوم الجمعة كما يدل عليه ما عن الطبرسي في الاحتجاج عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن صاحب الزمان عجل الله فرجه انه كتب إليه فسئله عن صلاة جعفر بن
أبي طالب في اي أوقاتها أفضل ان تصلي فيه وهل فيها قنوت وان كان ففي اي ركعة منها فأجاب عليه السلام أفضل أوقاتها صدر النهار من يوم الجمعة وفي اي الأيام شئت واي
وقت صليتها من ليل أو نهار فهو جائز والقنوت فيها مرتان في الثانية قبل الركوع وفي الرابعة بعد الركوع وسئله عن صلاة جعفر في السفر هل تصلي أم لا
فأجاب عليه السلام يجوز ذلك الخامس ما وقع في الخبر المزبور من أن القنوت في الرابعة بعد الركوع خلاف ظاهر الأصحاب كما نبه عليه في الحدائق حيث قال الظاهر أنه
لا خلاف بين الأصحاب في أن فيها قنوتين في الثانية من الركعتين الأولتين والثانية من الركعتين الأخيرتين وانه بعد القراءة وقبل الركوع فيهما و
يدل على ذلك صريحا خبر رجاء بن ضحاك الحاكي لفعل الرضا عليه السلام في طريق طوس قال فيه انه عليه السلام كان يصلي في اخر الليل أربع ركعات بصلاة جعفر يسلم في كل ركعتين
(ويقنت في كل ركعتين في الثانية) قبل الركوع وبعد التسبيح ويحتسب بها من صلاة الليل مضافا إلى الأخبار العامة في قنوت سائر الصلوات أقول حيث إن المقام مورد المسامحة
جاز العمل بكل من الخبرين ولكن الاخذ بما يوافق المشهور أوثق والله العالم يستحب ان يدعون في اخر سجدة من هذه الصلاة بعد التسبيح بالدعاء المخصوص
بها ففي الكافي عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن عبد الله بن القسم ذكره عمن حدثه عن أبي سعيد المدائني قال قال لي أبو عبد الله عليه السلام الا أعلمك شيئا تقوله في
صلاة جعفر فقلت بلى فقال إذا كنت في اخر سجدة من الأربع ركعات فقل إذا فرغت من تسبيحك سبحان من لبس العز والوقار سبحان من تعطف بالمجد و
تكرم به (سبحان من لا ينبغي التسبيح الا له سبحان من أحصى كل شئ علمه سبحان ذي المن والنعم) سبحان ذي القدرة والكرم اللهم إني أسئلك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك واسمك الأعظم وكلماتك التامة التي تمت
صدقا وعدلا صل على محمد وأهل بيته وافعل بي كذا وكذا وعن علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن ابن محبوب رفعه قال تقول في اخر ركعة من صلاة
جعفر يا من لبس العز والوقار يا من تعطف بالمجد وتكرم به يا من لا ينبغي التسبيح الا له يا من أحصى كل شئ علمه يا ذا النعمة والطول يا ذا المن والفضل يا
ذا القدرة والكرم أسئلك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك وباسمك الأعظم الاعلى وكلماتك التامة ان تصلي على محمد وآل محمد
وان تفعل بي كذا وكذا فائدة قال في محكى الذكرى زعم بعض متعصبي العامة ان الخطاب بهذه الصلاة وتعليمها كان للعباس عم النبي صلى الله عليه وآله
رواه الترمذي ورواية أهل البيت عليهم السلام أوفق إذ أهل البيت اعلم بما في البيت على أنه يمكن ان يكون قد خاطبهما بذلك في وقتين ولا استبعاد فيه انتهى
524

وهو جيد الثانية من الصلوات المسنونة التي يختص وقتا معينا صلاة ليلة الفطر وهي ركعتان يقرء في الأولى الحمد مرة والف مرة قل هو الله
أحد وفي الثانية الحمد مرة وقل هو الله مرة رواها في الوسائل عن الشيخ بأسناده عن أحمد بن محمد السياري رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من صلى
ليلة الفطر ركعتين يقرء في أول ركعة منهما الحمد وقل هو؟ الله أحد الف مرة وفي الركعة الثانية الحمد وقل هو الله أحد مرة واحدة لم يسئل الله شيئا الا أعطاه
إياه وعن الكليني مرسلا قال روى أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يصلي ليلة الفطر ركعتين يقرء في الأولى الحمد وقل هو الله أحد الف مرة وفي الثانية الحمد وقل هو
الله أحد مرة واحدة الثالثة صلاة يوم الغدير وهو الثامن عشر من ذي الحجة قبل الزوال بنصف ساعة رواها في الوسائل عن الشيخ في التهذيب باسناده
عن علي بن الحسين بن العبدي قال سمعت أبا عبد الله الصادق عليه السلام يقول صيام يوم غدير خم يعدل صيام عمر الدنيا إلى أن قال وهو عيد الله الأكبر وما بعث
نبيا الا وتعيد في هذا اليوم وعرف حرمته واسمه في السماء العهد المعهود وفي الأرض يوم الميثاق المأخوذ والجمع المشهور ومن صلى فيه ركعتين يغتسل عند
زوال الشمس من قبل ان تزول مقادر نصف ساعة يسئل الله عز وجل يقرء في كل ركعة سورة الحمد مرة
وعشر مرات قل هو الله أحد وعشر مرات آية الكرسي وعشر مرات
انا أنزلناه عدلت عند الله عز وجل مائة الف حجة ومائة الف عمرة وما سئل الله عز وجل حاجة من حوائج الدنيا وحوائج الآخرة الا قضيت كائنا لما
كانت الحاجة وان فاتتك الركعتان والدعاء قضيتها بعد ذلك إلى أن قال وليكن من دعائك في دبر هاتين الركعتين ان تقول وذكر دعاء طويلا وعنه
في المصباح عن داود بن كثير عن أبي هارون العبدي عن أبي عبد الله عليه السلام قال في حديث يوم الغدير ومن صلى فيه ركعتين اي وقت شاء وأفضله ما قرب الزوال
وهي الساعة التي أقيم فيها أمير المؤمنين عليه السلام بغدير خم علما للناس وذلك انهم كانوا قربوا من المنزل في ذلك الوقت فمن صلى في ذلك الوقت ركعتين ثم
يسجد ويقول شكرا لله مائة مرة ويعقب الصلاة بالدعاء الذي جاء به وفي الحدائق نقلها عن المصباح نحوه الا أنه قال ودعا بعقب الصلاة اجابه
وحكى عن جملة من الأصحاب القول باستحباب الجماعة في هذه الصلاة بل عن المختلف انه نقل عن أبي الصلاح أنه قال إن من وكيد السنن الاقتداء برسول
الله صلى الله عليه وآله في يوم الغدير بالخروج إلى خارج المصر قبل ان تزول الشمس بنصف ساعة لمن يتكامل له صفات امامة الجماعة بركعتين يقرء في كل ركعة الحمد وسورة
الاخلاص عشرا وسورة القدر عشرا وآية الكرسي عشرا ويقتدي به المؤتمنون وإذا سلم دعا بدعا هذا اليوم ومن خلفه وليصعد المنبر فيخطب خطبة مقصورة
على حمد الله تعالى والثناء عليه والصلاة على محمد وآله الطاهرين والتنبيه على عظم حرمة يوم وما أوجب الله فيه من امامة أمير المؤمنين عليه السلام والحث على امتثال مراد الله سبحانه
ورسوله ولا يبرح أحد من المأمومين والامام يخطب فإذا انقضت الخطبة تصافحوا وتهانوا وتفرقوا انتهى ولا يخفى عليك قصور ما دل على حسن التأسي
برسول الله صلى الله عليه وآله عن اثبات استحباب هذه الاعمال على النهج المزبور في خصوص هذا الوقت على سبيل التوظيف واما استحباب الجماعة فيها فسيأتي الكلام فيه في الجماعة الكلام فيه في الجماعة
إن شاء الله الرابعة صلاة ليلة النصف من شعبان وقد وردت في هذه الليلة صلوات عديدة منها ما رواه في الوسائل عن الكليني مرفوعا عن
أبي عبد الله عليه السلام قال إذا كان ليلة النصف من شعبان فصل أربع ركعات تقرء في كل ركعة الحمد وقل هو الله أحد مائة مرة فإذا فرغت فقل الله اني إليك
فقير واني عائذ بك ومنك خائف وبك مستجير رب لا تبدل اسمي ولا تغير جسمي رب لا تجهد بلائي رب أعوذ بعفوك من عقابك وأعوذ برضاك من
سخطك وأعوذ برحمتك من عذابك وأعوذ بك منك جل ثنائك أنت كما أثنيت على نفسك وفوق ما يقول القائلون الحديث في الحدائق بعد نقل
هذه الرواية عن الكليني قال ورواه الشيخ المفيد في كتاب مسار الشيعة مرسلا ورواية الشيخ في التهذيب عن الكليني وفي المصباح عن أبي يحيى الصنعاني
عن أبي جعفر عليه السلام وأبي عبد الله عليه السلام ثم قال ورواها عنهما ثلاثون رجلا ممن يوثق به ومنها ما عن الشيخ في المصباح وولده في أماليه عن أبي يحيى
عن جعفر بن محمد الصادق عليه السلام قال سئل الباقر عليه السلام عن فضل ليلة النصف من شعبان فقال هي أفضل ليلة بعد ليلة القدر إلى أن قال قال أبو يحيى فقلت لسيدنا
الصادق عليه السلام أيش الأدعية فيها فقال إذا أنت صليت العشاء الآخرة فصل ركعتين اقرأ في الأولى الحمد وسورة الجحد وهي قل يا أيها الكافرون واقرء
في الركعة الثانية بالحمد وسورة التوحيد وهي قل هو الله أحد فإذا سلمت قلت سبحان الله ثلاثا وثلاثين مرة والحمد لله ثلاثا وثلاثين مرة والله أكبر أربعا
وثلاثين مرة ثم قل وذكر الدعاء وهو مذكور في المصباح هكذا في الحدائق ومنها عن الشيخ أيضا في المصباح عن عمرو بن ثابت عن محمد بن مروان عن
الباقر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من صلى ليلة النصف من شعبان مائة ركعة وقرء في كل ركعة الحمد مرة وقل هو الله أحد عشر مرات لم يمت حتى يرى منزله في الجنة
أو يرى له ومنها ما عنه أيضا في المصباح عن محمد بن صدقة العنبري قال حدثنا موسى بن جعفر عن أبيه قال الصلاة ليلة النصف من شعبان أربع ركعات
تقرء في كل ركعة الحمد مرة وقل هو الله أحد مائتين وخمسين مرة ثم تجلس وتتشهد وتسلم وتدعو بعد التسليم وذكر الدعاء وعنه أيضا في المصباح
انه روى صلوات اخر من طرق العامة والعمل بكل من هذه الروايات حسن خصوصا بعد ثبوت مشروعية أصل الفعل فان لصلاة خير موضوع من شاء
استقل ومن شاء استكثر الخامسة صلاة ليلة المبعث ويومه في الوسائل روى عن الكليني عن علي بن محمد رفعه في حديث قال قال أبو عبد
الله عليه السلام يوم سبعة وعشرين من رجب نبئ فيه رسول الله صلى الله عليه وآله من صلى فيه اي وقت شاء اثنتي عشرة ركعة يقرء في كل ركعة بأم القرآن وسورة ما تيسر
فإذا فرغ وسلم جلس مكانه ثم قرء أم القرآن اربع مرات والمعوذات الثلاث كل واحدة اربع مرات فإذا فرغ وهو في مكانه قال لا إله إلا الله
والله أكبر والحمد لله وسبحان الله ولا حول ولا قوة الا بالله اربع مرات ثم يقول الله أكبر ربي لا اشرك به شيئا اربع مرات ثم يدعو فلا يدعو
525

بشئ الا استجيب له في كل حاجة الا ان يدعو في جائحة قوم أو قطيعة رحم وعن الشيخ في المصباح عن صالح بن عقبة عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال صل ليلة
سبعة وعشرين من رجب اي وقت شئت من الليل اثنتي عشرة ركعة تقرء في كل ركعة الحمد والمعوذتين وقل هو الله أحد اربع مرات فإذا فرغت قلت و
أنت في مكانك اربع مرات لا إله إلا الله والله أكبر والحمد لله وسبحان الله ولا حول ولا قوة الا بالله ثم ادع بعد بما أحببت وعنه أيضا في المصباح مرسلا
عن أبي جعفر الثاني أنه قال إن في رجب لليلة هي خير مما طلعت عليه الشمس وهي ليلة سبع وعشرين من رجب نبئ رسول الله صلى الله عليه وآله في صبيحتها وان للعامل فيها
من شيعتنا عمل ستين سنة قيل وما العلم فيها قال إذا صليت العشاء فأخذت مضجعك ثم استيقظت اي ساعة شئت من الليل إلى قبل الزوال صليت
اثنتي عشرة ركعة تقرء في كل ركعة الحمد وسورة من خفاف المفصل فإذا سلمت في كل شفع جلست بعد التسليم وقرأت الحمد سبعا والمعوذتين سبعا و
قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون سبعا سبعا وانا أنزلناه وآية الكرسي سبعا سبعا وقل بعقب ذلك الدعاء وذكر الدعاء وتمام الكلام في
تفصيل هذه الصلوات وغيرها مما طوينا ذكرها وما يقال فيها وبعدها مذكور في كتب العبادات لأصحابنا شكر الله سيعهم وأجزل ثوابهم خاتمة
كل النوافل يجوز ان يصليها الانسان قاعدا اختيارا على المشهور بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه بل لم ينقل الخلاف فيه الا عن الحلي فمنعه الا ان الوتيرة وعلى
الراجلة مدعيا خروجهما عن الأصل بالاجماع ونسب القول بالجواز فيما عدا هذين الموردين إلى الشيخ في النهاية والى رواية شاذة ولذا تعجب منه الشهيد
في الذكرى فإنه بعد نقل كلامه قال ما لفظه على ما حكى عنه قلت دعوى الشذوذ هنا مع الاشتهار عجيبة والمجوزون للنافلة على الراحلة هم المجوزون لفعلها
جالسا وذكر النهاية هنا والشيخ يشعر بالخصوص مع أنه قال في المبسوط يجوز ان يصلي النوافل جالسا مع القدرة على القيام وقد روى أنه يصلي بدل
كل ركعة بركعتين وروى أنه ركعة بركعة وهما جميعا جائزان وقد ذكر أيضا المفيد رحمه الله فإنه قال وكذلك من اتعبه القيام في النوافل كلها وأحب ان
يصليها جالسا التزمه فليفعل ذلك وليجعل كل ركعتين بركعة انتهى ويدل على المشهور مضافا إلى عدم خلاف يعتد به فيه جملة من الأخبار
منها رواية أبي بصير المروية عن الكافي والفقيه عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له انا نتحدث نقول من صلى وهو جالس من غير علة كانت صلاته ركعتين بركعة
وسجدتين بسجدة فقال ليس هو كذلك هي تامة لكم وخبر معاوية بن ميسرة المروي عن التهذيب والفقيه انه سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول أو سئل يصلي الرجل
وهو جالس متربعا أو مبسوط الرجلين فقال لا بأس وعن الكليني انه روى عن معاوية بن ميسرة أنه قال إن انسانا سئل أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يمد احدى
الرجلين بين يديه وهو جالس قال لا بأس ولا أراه الا قال في المعتل والمريض وقال في حديث اخر يصلي متربعا ومادا رجليه كل ذلك واسع وخبر
محمد بن سهل عن أبيه انه سمع أبا الحسن الأول عليه السلام عن الرجل يصلي النافلة قاعدا وليست به علة في سفر أو حضر قال لا بأس وخبر سدير قال قلت لأبي
جعفر عليه السلام أتصلى النوافل وأنت قاعد فقال ما أصليها الا وانا قاعد منذ حملت هذا اللحم وبلغت هذا السن وربما يستشعر من هذه الرواية ان فعلها
لو لم يكن هناك عذر من مشقة ونحوها قائما أفضل وهذا مما لا شبهة فيه فيما عدى الوتيرة التي مر الكلام فيها في محله وربما يظهر من بعض الأخبار انه
ان أراد ادراك فضل صلاة القائم قام في اخر قرائته فيتمها ويركع عن قيام فيكتب له صلاة القائم كصحيحة حماد عن أبي الحسن عليه السلام قال سئلته عن الرجل يصلي
وهو جالس فقال إذا أردت ان تصلي وأنت جالس وتكتب لك صلاة القائم فاقرء وأنت جالس وإذا كنت في اخر السورة فقم وأتمها واركع يحتسب
لك بصلاة القائم وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له الرجل يصلي وهو قاعد فيقرء السورة وهو قاعد فإذا أراد ان يختمها قام فركع بآخرها قال
صلاته صلاة القائم ورواية حماد بن عثمان المروية عن الفقيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام قد يشتد على القيام في الصلاة فقال إذا أردت
ان تدرك صلاة القائم فاقرء وأنت جالس وإذا بقي من السورة اتيان فقم فأتم ما بقي واركع واسجد فذلك صلاة القائم وفي بعض الأخبار انه يضعف
اي يأتي عن كل ركعة من قيام ركعتين من جلوس كخبر محمد بن مسلم قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل يكسل أو يضعف فيصلي التطوع جالسا قال يضعف
ركعتين بركعة وصحيح الصيقل قال قال أبو عبد الله عليه السلام إذا صلى الرجل جالسا وهو يستطيع القيام فليضعف وخبر علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام المروي عن
كتابه قال سئلته عن المريض إذا كان لا يستطيع القيام قال يصلي النافلة وهو جالس ويحتسب كل ركعتين بركعة واما الفريضة فيحتسب كل ركعة بركعة
ومن هنا قال المصنف رحمه الله ان جعل كل ركعتين من جلوس اي مفصولتين مكان ركعة اي من قيام كان أفضل من أن يجعل كل ركعة بركعة واما ما
في رواية أبي بصير المتقدمة من انكار كون صلاته ركعتين بركعة فقد حكى عن الذكرى وغيره حمله عن إرادة بيان الجواز اي جواز الاجتزاء عن كل ركعة
بركعة وعدم لزوم التضعيف والأولى حمله على دفع ما ربما يستشعر من سوق السؤال حيث عطف السجدتين على الركعة من عدم كون الركعتين عن
جلوس صلاة تامة بل هي بمنزلة ركعة عن قيام في عدم جواز الخروج عنها بالتسليم واحتياجها إلى التتميم فأجيب عن ذلك بأنها في حد ذاتها تامة غير
محتاجة إلى التكملة ولا ينافي ذلك كونها في الفضل نصف صلاة القائم وتوقف ادراكها فضلها على تضعيف الركعتين من جلوس كما هو مفاد هذه الأخبار
وكيف كان فجل هذه الأخبار تدر على جواز النافلة جالسا اختيارا فما حكى عن ابن إدريس من القول بالمنع في غاية الضعف وهل يجوز الاستلقاء
والاضطجاع اختيارا ظاهر المتن وغيره ممن اقتصر في الحكم بالجواز على الجلوس كصريح جملة منهم ممن تعرض له المنع لأصالة عدم شرعية الصلاة اختيارا
بهذه الكيفية وحكى عن العلامة في النهاية القول بالجواز مستدلا عليه بان الكيفية تابعة للأصل فلا تجب والنبوي من صلى نائما فله نصف اجر
526

القاعد وأجيب عن الأول بان المراد بالوجوب المعنى الشرطي كالطهارة في النافلة وترتيب الافعال فيها فعدم وجوب أصله لا يقتضي
شرعية فعله بلا شرط وعن الرواية بأنها ليست من طريقنا فلا يصح التمسك بها في اثبات مثل هذا الحكم المخالف للأصل وهو جيد لولا قاعدة التسامح
في أدلة السنن واما بالنظر إليها فلا مانع عن التمسك بمثل الرواية المزبورة لمثل المقام وربما يؤيده أيضا جوازها حال المشي وعلى الراحلة اختيار
مع استلزامهما الاخلال بجملة من افعالها وكيفياتها فيغلب على الظن محبوبية فعلها وعدم سقوط ميسورها بترك المعسور ولو اختيارا كما يؤيده أيضا
بل يستدل له أيضا بخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال صل في العشرين من شهر رمضان ثمانيا بعد المغرب واثنتي عشرة ركعة بعد العتمة فإذا كانت
الليلة التي يرجى فيها ما يرجى فصل مائة ركعة تقرء في كل ركعة قل هو الله أحد عشر مرات قال قلت جعلت فداك فإن لم اقو قائما قال فجالسا قلت
فإن لم اقو جالسا قال فصل وأنت مستلق على فراشك إذ الظاهر إرادة الضعف في الجملة لا في لقدرة المسوغة لانقلاب التكليف كما ربما يشهد
لذلك الرخصة في فعل الجميع جالسا أو مستلقيا لدى العجز عن فعل الجميع قائما أو جالسا كما هو المنساق إلى الذهن من السؤال والجواب من غير إشارة
إلى الاقتصار على مقدار الضرورة لدى القدرة على التبعيض كما لعله الغالب فالقول بالجواز كما يظهر من الجواهر الميل إليه أو القول به لا يخلو من وجه و
لكن الأحوط لدى الاتيان بها مستلقيا أو مضطجعا عدم قصد التوظيف بل برجاء المطلوبية من باب الاحتياط والله العالم تنبيه صرح غير واحد
بأنه يستحب لمن يصلي جالسا ان يتربع في جلوسه بل عن المنتهى نسبته إلى علمائنا بل عن العلامة الطباطبائي
في مصابيحه نفي الخلاف فيه ويدل عليه
رواية حمران بن أعين عن أحدهما عليهما السلام قال كان أبي إذا صلى جالسا تربع فإذا ركع ثنى رجليه وفي الحدائق بعد ان نقل ذلك عن صريح جملة من الأصحاب
قال ولم يفسر والتربع الذي ذكروه ولم يبين كيفيته ولم أقف على من بين كيفيته الا على كلام شيخنا الشهيد الثاني رحمه الله في الروضة في الفصل الرابع
في بيان مستحبات الصلاة حيث قال بعد قول المصنف رحمه الله ويربع المصلي قاعدا ما لفظه لعجز أو لكونها نافلة بان يجلس على ألييه وينصب ساقيه وركبتيه
كما تجلس المرأة للتشهد انتهى وحكى عن بعض من تأخر عن الشهيد أيضا تفسير التربع الذي حكموا باستحبابه في الصلاة بذلك فيرتفع حينئذ التنافي
بينه وبين ما يظهر من بعض الأخبار من كراهة الجلوس متربعا على الاطلاق مثل خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال أمير المؤمنين عليه السلام إذا جلس أحدكم على
الطعام فليجلس جلسة العبد ولا يضع احدى رجليه على الأخرى ولا يتربع فإنها جلسة يبغضها الله ويبغض صاحبها وفي بعض الأخبار كان
رسول الله صلى الله عليه وآله يجلس ثلاثا القرفصاء وعلى ركبتيه وكان يثني رجلا واحدا ويبسط عليها الأخرى ولم ير متربعا قط إذ الظاهر أن التربع المبغوض
هو كيفية أخرى كما سره في مجمع البحرين فإنه قال تربع في جلوسه جلس متربعا وهو ان يقعد على وركيه ويمد ركبتيه اليمنى إلى جانب يمينه وقدمه إلى جانب
يساره واليسرى بالعكس قاله في المجمع ومنه الحديث كان رسول الله صلى الله عليه وآله يجلس ثلاثا الحديث انتهى وحكى عن غير واحد من اللغويين أيضا تفسير التربع بهذا
المعنى ولعل في رواية أبي بصير ايماء إلى ارادته بهذا المعنى إذ الظاهر أن قوله ولا يتربع عطف تفسير على قوله ولا يضع احدى رجليه على الأخرى فإنه
أوفق بقوله فإنها جلسة يبغضها الله وكيف كان فهو بهذا المعنى بحسب الظاهر غير محبوب في حال الصلاة أيضا فإن هذه الكيفية منافية للخضوع المحبوب
حال الصلاة كما أشير إليه في الخبر المزبور واما ان المراد بالتربع المستحب في الصلاة هو المعنى الذي ذكره الشهيد وغيره فلا وثوق به إذ لم نجد له شاهدا من لغة
أو رواية خصوصا بعد الالتفات إلى أن نصب الفخذين والساقين ان كان بلا وضع الأليين على الأرض فهي جلسة يشق معها الصبر على القراءة خصوصا في النوافل
التي وردت فيها مائة انا أنزلناه أو التوحيد أو غير ذلك من السور وان كان مع وضع الأليين كما عن غير واحد التصريح
به فيندرج في الغالب في موضوع اقعاء الكلب الذي جعله في القاموس ضد التربع فإنه قال
تربع في جلوسه خلاف جثى واقعي فالذي يغلب على الظن ان التربع المستحب في الصلاة هي الجلسة
المتعارفة التي يستعملها غالب الناس حال التشهد والصلاة جالسا وهي جمع الرجلين إلى
أحد طرفيه والجلوس على وركه فإن هذه الحالة أيضا بحسب الظاهر مما
يصدق عليه اسم التربع على ما فسره في
القاموس والله
العالم
527

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين الركن الرابع في التوابع وفيه فصول
الفصل الأول في الخلل والواقع في الصلاة الخلل يطلق على معان منها الفرجة بين الشئ والفساد في الامر والوهن في الشئ والنقص والترك والاضطراب وعدم
الانتظام والأنسب بالمقام إرادة الوهن وعدم الاعتدال والانتظام كي يستقيم عد الشك من أسبابه وعطفه على السهو والعمد فان الشك في فعل شئ من اجزاء
الصلاة وشرائطها أيضا كتركه عمدا أو سهوا يورث الوهن فيها ويخرجها عن حد الاعتدال والانتظام ولو بالنظر إلى حال المصلي من حيث تحيره وجهله بموافقة
المأتي به للمأمور به لا من حيث هي وهو اما عن عمد والتفات إلى ذلك الشئ واخلاله بالصلاة وبحكمه ما إذا كان عن جهل بالحكم فيما عدى ما ستعرف استثناءه سواء
كان عن تقصير أو قصور كما ستعرف أو عن سهو وغفلة ولا يتفاوت الحال في ذلك بين ان يكون سهوه مقارنا للجهل بحكمه وعدمه اللهم الا ان يكون سهوه مسببا
عن جهله بالحكم وعدم الاعتناء بعروضه فالحاقه حينئذ بالعامد لا يخلو عن وجه وهل يلحق بالسهو ما نشاء عن اضطرار أو سبق لسان فيه اشكال وستعرف ما هو
الحق فيه في الموارد المناسبة له في طي كلماتنا الآتية إن شاء الله أو عن شك يستوي طرفاه واما مع ترجيح أحدهما فهو بمنزلة العلم من غير فرق بين ما لو تعلق باجزاء
الصلاة أو بعدد ركعاتها ولا بين ما لو تعلق بالأوليين أو الأخيرتين كما سيأتي تحقيقه إن شاء الله واما احكام العمد فمن أخل بشئ من واجبات الصلاة عامدا فقد
أبطل صلاته شرطا كان ما أخل به كالطهارة الحدثية والخبثية والستر ونحوه أو جزء منها كالقراءة والركوع والسجود أو كيفية كالجهر والاخفات أو تركا
كالكلام والالتفات والقهقهة ونحوها ضرورة ان صحة الصلاة مع الاخلال بشئ من اجزائها أو شرائطها عمدا متنافية وفرض كون ذلك الشئ واجبا
تعبديا في الصلاة كي لا يكون الاخلال به موجبا لفسادها خارج عن الفرض وخلاف ما ينسبق إلى الذهن من أدلة واجبات الصلاة فالحكم ببطلان الصلاة
في الصورة المفروضة من القضايا التي قياساتها معها لو أريد بالبطلان ما يقابل الصحة بمعنى تمامية الاجزاء والشرائط وبمعنى موافقة الامر وان أريد به
ما يقابل الصحة بمعنى اسقاط الامر أو الإعادة والقضاء فكون المهية الناقصة الغير التامة لشرائط والاجزاء باطلة بهذا المعنى أيضا هو على وفق الأصل
غير محتاج إلى الدليل لأن سقوط الطلب المتعلق بشئ بفعل شئ غير موافق له على تقدير جوازه موقوف على دليل تعبدي شرعي وهو منتف في المقام فمقتضى الأصل
لدى الاخلال بشئ من اجزاء الصلاة أو شرائطها المعتبرة في قوام ذاتها هو الابطال باي معنى من معانيه المزبورة فلا يحتاج إلى الاستدلال هذا مع أن الحكم اجماعي
كما ادعاه غير واحد ولكن لا يخفى عليك ان الحكم ببطلان الصلاة ولزوم استينافها بالاخلال بترك شئ من واجباتها عمدا أو سهوا انما هو بعد فوات محل تدارك
ذلك الشئ فلا يحكم بالبطلان بمجرد ترك شئ منها عمدا أو سهوا ما دام تداركه ممكنا إذ الترك من حيث هو ليس من بطلان الصلاة حتى يحكم به بمجرد تحقق موضوعه
عرفا وانما البطلان ينشأ من خلو الصلاة عن هذا الشئ المعتبر في صحته فما دام متمكنا من الاتيان به على وجه يضم إلى سائر الأجزاء من غير أن يترتب عليه مفسدة
أخرى مانعة عن صحة صلاته لم تبطل توضيحه ان لكل شئ من واجبات الصلاة محلا مقررا في الشريعة على النظم والترتيب الذي عرفته فيما سبق فإذا
قيل لا عبرة بالشك في شئ بعد تجاوز محله لا يتبادر منه تجاوزه عن ذلك الموضع فلو ترك شيئا ولم يأت به في موضعه المعهود عمدا أو سهوا حتى جاوزه
صدق عليه عرفا انه ترك ذلك الشئ فلو كان نفس ترك ذلك الشئ من حيث هو سببا للبطلان لتحقق موضوعه ولم يكن يجديه فعله فيما بعد ولكن قد أشرنا إلى أن مناط
البطلان هو خلو الصلاة عنه فلا يحكم بالبطلان ما دام متمكنا من تدارك ذلك الشئ اللهم الا ان يرد دليل شرعي تعبدي لتحديد محل تداركه والا فمقتضى الأصل
جواز تدارك المتروك ما لم يستلزم العود إليه اخلالا بالصلاة من جهة أخرى كفوات التوالي أو الترتيب أو حصول زيادة مبطلة أو غير ذلك من منافيات
الصلاة فينبغي في المقام تشخيص المحل الذي يخرج الشئ الذي أخل به عمدا أو سهوا بخروجه عن قابلية التدارك فأقول إذا أخل بشئ من واجبات الصلاة
فاما ان يكون عن عمد أو عن جهل بوجوبه أو عن سهو فإن كان عن عمد فقد يقال ببطلان صلاته بمجرد عزمه عليه فضلا عن أن يتجاوز محله بحيث يصدق عليه عرفا
اسم الترك لمنافاته فاستدامة النية المعتبرة في الصلاة ولكنك عرفت في مبحث النية ضعف هذا القول وان نية الابطال ليست بمبطلة ما لم يحصل المنافي
مع امكان الخدشة في صغراه ببعض التقريبات التي سنشير إليها فله الرجوع عن عزمه والمضي في صلاته ما لم يمنعه مانع اخر عن ذلك نعم لو تلبس مع هذا
العزم بسائر الافعال المترتبة عليه واتى بها بقصد الجزئية كما لو ترك الحمد أو آية أو كلمة منها ومضى في صلاته مسامحة كي يتأتى منه قصد القربة والجزئية
فقد يقال بان ذلك مانع عن التدارك سواء كان ما تلبس به ركنا أو غير ركن بل وكذا لو وقع ذلك جهلا بالحكم لأنه ان تداركه بعد هذا الفعل الذي تلبس به
ومضى في صلاته من غير أن يعيد هذا الفعل ثانيا فقد أخل بالترتيب الواجب وان اعاده محافظا للترتيب فقد حصلت زيادة مبطلة مع أن تلبسه به مع العمد
تشريع محرم والنهي في العبادة يقتضي الفساد مضافا إلى ما عن العلامة من دعوى الاجماع عليه مبطلية كل كلام محرم فعلى تقدير كون ما تلبس به من قبيل القراءة
والدعاء والشهادة يتدرج في موضوع هذا الحكم ولكنك عرفت في غير موضع من المباحث المتعلقة بافعال الصلاة من القراءة ونحوها الخدشة في هذه
الدعوى وان النهي المتعلق بجزء العبادة انما يقتضي أولا وبالذات فساد ذلك الجزء وانما يسري إلى الكل ثانيا وبالعرض لو اعتد بذلك الجزء وكان من واجباته
بخلاف ما لو لم يعتد به وتداركه صحيحا كما في الفرض فعمدة الدليل هو الأول وتمامته موقوف على شمول ما دل على مبطلية الزيادة لمثله وستعرف في مسألة من زاد
ركعة قصور أدلتها عن شمول مثل هذه الزيادة فيما عدى الأركان فالأظهر امتداد؟ حل تدارك ما أخل به إلى أن يدخل في ركن مطلقا سواء كان عن عمد أو جهل أو نسيان
529

وإذا دخل في ركن فإن كان قد أخل به عن عمد بطلت صلاته وكذا لو فعل ما يجب تركه أو ترك ما يجب فعله جهلا بوجوبه واعتباره في الصلاة سواء كان عن تقصير أو قصور
فإنه كالعامد بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه إذ القصور يجعله معذورا من حيث المؤاخذة لا انه يجعل فعله موافقا للامر كي يترتب
عليه اثاره الوضعية فهو غير آت بالمأمور به على وجهه فلا يكون مجزيا وان كان معذورا على تقدير القصور واحتمال اكتفاء الشارع بفعله الناقص بدلا عن التام
في اسقاط طلبه من باب التوسعة والارفاق بعد الغض عن مخالفته للأصل واحتياجه إلى الدليل المنفي في المقام مدفوع بان مرجعه لدى التحليل إلى اختصاص
الواجبات بالعالمين بها وهو غير معقول نعم قد يعقل ذلك بجعل الصلاة من قبيل تعدد المطلوب بالتقريب الذي تقدم تحقيقه في مبحث القراءة في مسألة
الجاهل بالجهر والاخفات ولكنه خلاف ظواهر أدلة الأشياء المعتبرة في الصلاة فلا يمكن الالتزام به الا بدليل معتبر صالح الصرف سائر الأدلة عن ظواهرها
وليس في المقام عدى ما قد يتخيل من شمول قوله عليه السلام في الصحيح الآتي لا تعاد الصلاة الا من خمسة ويدفعه انه لم يقصد بهذه الصحيحة نفي الإعادة بالاخلال بما
عدى الخمسة على الاطلاق بحيث يصح التمسك باطلاقها للمدعى إذ الاخلال العمدي غير مراد منها قطعا فيدور امرها بين ان يكون المراد بها الاخلال الغير العمدي
مطلقا بحيث يعم ما نحن فيه أو الاخلال الصادر عن سهو ونسيان كما فهمه الأصحاب ولا معين لإرادة الأول فيتعين قصره على خصوص الناسي والساهي ابقاء
للأدلة المنافية له على ظواهرها وعلى تقدير تسليم ظهورها في الشمول فليس بحيث يكافؤ ظهور أدلة الاجزاء والشرائط في اعتبارها في مهية الصلاة الممتنع
تقييدها بصورة العلم مع أنه يكفي صارفا لها عن هذا الظاهر الاجماع المستفيض نقله على مساواة الجاهل للعالم فيما عدى ما ستعرف المعتضد بعدم معروفية
الخلاف وارساله في كلماتهم ارسال المسلمات نعم ربما توهم متوهم ان مقتضى القاعدة في عمل الجاهل الصحة والاجتزاء بالفعل الناقص لمكان الامر العقلي حيث إن
العقل يلزمه باتيان الناقص فبفعله يتحقق امتثال هذا الامر العقلي وبعده لا يبقى محل للامر باتيان الباقي لكونه مرتبطا بما اتى به وفيه ان الزام العقل بفعله
نشأ من توهم ان هذا هو المأمور به فأمره ارشادي محض نشأ من حكمه بوجوب إطاعة الواجب فلا يترتب على موافقته من حيث هي الا مصلحة الانقياد لا الخروج
عن عهدة الواجب الواقعي الذي لم يتحقق امتثاله تنبيه ليس من الجاهل الذي ادعينا انصراف النص أو صرفه عنه والاجماع على أنه كالعامد المجتهد المخطي
في اجتهاده ومقلديه فإنه لو لم نقل بأنه من اظهر الموارد التي يفهم من النص معذوريتها فلا يبعد دعوى استفادة حكمه منه بالفحوى فليتأمل الا الجهر والاخفات
في موضعهما الذي عرفته في مبحث القراءة اجماعا كما ادعاه غير واحد من غير فرق بين القاصر والمقصر ويشهد له مضافا إلى ذلك صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام
في رجل جهر فيما لا ينبغي الاجهار فيه وأخفى فيما لا ينبغي الاخفاء فيه فقال اي ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلاته وعليه الإعادة فان فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا
يدرى فلا شئ عليه وقد تمت صلاته وقضية اطلاق النص وفتاوي الأصحاب في لفرق بين الأوليين والأخيرتين ولا بين الجاهل بأصلهما أو محلهما كما
لو زعم أن الاخفات في العشائين والجهر في الظهرين ولا بين الجاهل بحكمهما أو موضوعهما كما لو زعم أن بعض اقسام الاخفات جهر فاكتفى به في المغرب مثلا ولا بين
الاخلال بما وجب فيه الاخفات بالأصالة أو العارض المأمومية كما في المأموم المسبوق كما تقدم تحقيق ذلك كله في مبحث القراءة في شرح قول المصنف ان
خافت في موضع الجهر أو عكس جاهلا أو ناسيا لم يعد وقد تعرضنا هناك لدفع اشكال الدور الوارد في المقام الذي تقدمت الإشارة إليه والى دفعه انفا
فراجع ولو جهل غصبيته الثوب الذي يصلي فيه أو المكان أو نسي غصبيتهما أو جهل نجاسة الثوب أو البدن أو
موضع السجود صحت صلاته فلا قضاء ولا
إعادة وقد تقدم تحقيق ذلك كله فيما سبق اما مسألة الجهل بنجاسة موضع الجبهة فقد شرحنا حالها في مبحث مكان المصلي ونبهنا على قصور ما دل على شرطية
طهارة المسجد عن إفادتها في غير حال العلم والالتفات واما مسألة الجهل بنجاسة الثوب والبدن فقد استقصينا الكلام في شرحها في احكام النجاسات من
كتاب الطهارة واما مسألة جاهل الغصبية وناسيها ففي لباس المصلي ولا يعذر الجاهل بالحكم في شئ من ذلك نعم قد يتجه معذوريته في مسألة الغصب
لو كان عن قصور كما يظهر وجهه مما مر فلاحظ وتدبر فروع الأول إذا توضأ بماء مغصوب مع العلم بالغصبية وصلى أعاد الطهارة والصلاة
إذ لا صلاة الا بطهور ولا يحصل الطهارة بالوضوء بماء مغصوب تنجز في حقه التكليف بالاجتناب عنه كما عرفته في مبحث التيمم واما لو جهل غصبيته أو نسيها
لم يعد إحديهما كما يظهر وجهه بالتدبر فيما أسلفناه في المبحث المشار إليه وفيما حققناه في مبحث لباس المصلي فراجع الثاني إذا لم يعلم أن الجلد ميتة وصلى
فيه ثم علم لم يعد إذا كان في يد مسلم أو شراء من سوق المسلمين فان يد المسلم وسوق المسلمين امارة معتبرة شرعا للتذكية كما عرفته في محله وانكشاف مخالفتها
للواقع بعد الفراغ من الصلاة غير ضائر إذ الطهارة الخبثية المعتبرة في الصلاة أعم من الطهارة الواقعية والطهارة الظاهرية التي اقتضتها الأصول و
القواعد الظاهرية كما يفصح عن ذلك التعليل الواقع في صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له أصاب ثوبي دم رعاف إلى أن قال فإن لم أكن رأيت موضعه
وعلمت انه اصابه فطلبته فلم أقدر عليه فلما ان صليت وجدته قال تغسله وتعيد الصلاة قلت فان ظننت انه قد اصابه ولم أتيقن ذلك فنظرت فلم أر فيه شيئا ثم
صليت فرأيت قال تغسله ولا تعيد الصلاة قلت لم ذلك قال لأنك كنت على يقين من طهارتك ثم شككت فليس ينبغي لك ان تنقض اليقين بالشك ابدا الحديث
إذ لو لم تكن الطهارة الظاهرية كافية في صحة الصلاة في الواقع لم يكن يحسن تعليل نفي الإعادة بعد انكشاف الخلاف بكونه حال الصلاة مكلفا بعدم نقض اليقين
بالشك كما لا يخفى ويؤيده أيضا المستفيضة الامرة بالصلاة فيما يشتري من سوق المسلمين ما لم يعلم أنه ميتة ففي بعضها قال اشتر وصل فيها حتى تعلم أنه ميتة
بعينه وفي بعضها التوبيخ عن المسألة وفي جملة منها الاستشهاد بفعلهم عليهم السلام وهذه الروايات وان كانت مسوقة لبيان كون سوق المسلمين ويدهم امارة معتبرة
530

فلا ينافيه وجوب إعادة الصلاة عند انكشاف الخلاف ولكن يستشعر من التلويحات الواقعة فيها إرادة صحة الصلاة الواقعة فيما يشتري من السوق ما لم يعلم بكونها
ميتة في الواقع لا في مرحلة الظاهر بحيث لا ينافيها وجوب الإعادة كما لا يخفى على المتأمل هذا مع أنه بحسب الظاهر لا قائل بالفرق بين هذه المسألة وبين ما لو صلى في ثوب
متنجس جهلا وقد عرفت في تلك المسألة عدم وجوب الإعادة فكذلك في المقام لعدم القول بالفصل بل في الجواهر استظهر الاتفاق عليه فلا ينبغي التأمل فيه فان
اخذه من غير مسلم أو وجده مطروحا على الأرض من غير أن يكون عليه اثر الاستعمال ممن يحكم باسلامه على التفصيل الذي عرفته في اخر كتاب الطهارة أعاد الصلاة
سواء علم بعد الصلاة بكونه ميتة أم بقي على اشتباهه لأصالة في لتذكية المتفرع عليها عدم جواز اكل لحمه والصلاة فيه بالتقريب الذي تقدم تحقيقه في المبحث
المشار إليه المعتضدة بمفهوم خبر إسحاق بن عمار عن العبد الصالح عليه السلام أنه قال لا باس بالصلاة في الفراء اليماني وفيما صنع في ارض الاسلام قلت فإن كان فيها
غير أهل الاسلام قال إذا كان الغالب عليها المسلمون فلا باس وخبر إسماعيل بن عيسى قال سئلت أبا الحسن عليه السلام عن جلود الفراء يشتريها الرجل في سوق من أسواق
الجبل أيسئل عن ذكاته إذا كان البايع مسلما غير عارف قال عليكم أنتم ان تسألوا عنه إذ رأيتم المشركون يبيعون ذلك وإذا رأيتم يصلون فيه فلا تسألوا عنه
قوله عليه السلام وإذا رأيتم يصلون (الخ) بحسب الظاهر كناية عن كونهم من أهل القبلة اي مسلما فكأنه قال إذا كان البايع مسلما سواء كان عارفا أم غير عارف فلا تسئلوا
عن ذكاته فيفهم من هذه الرواية أيضا كسابقتها ان مقتضى الأصل في الجلود لولا اقترانها بامارة التذكية ككونها في ارض الاسلام أو ارض غالب أهلها
المسلمين أو كون بايعه مسلما عدم جواز الصلاة فيها ما لم يتفحص عن ذكاتها كما لا يخفى على المتأمل فتلخص مما ذكر انه لا يجوز الصلاة في الجلد المأخوذ من غير مسلم
أو المطروح ونحوه فلو صلى فيه وجب عليه الإعادة سواء علم بعد الصلاة بكونه ميتة أم بقي على اشتباهه نعم لو صلى فيما اعتقد انه غير مذكى أو
اخذه من غير مسلم أو وجده مطروحا على الأرض جاهلا بشرطية التذكية بحيث يتأتى منه نية التقرب ثم انكشف كونه مذكى في الواقع صحت صلاته فان
شرط الصلاة هو نفس الطهارة والتذكية ولو في الظاهر لا العلم بهما وما في موثقة ابن بكير من تعليق جواز الصلاة فيه على العلم بكونه مذكى حيث قال فإن كان
مما يؤكل لحمه فالصلاة في وبره وبوله وشعره وروثه وألبانه وكل شئ منه جائز إذا علمت أنه ذكى وقد ذكاه الذبح فهو بحسب الظاهر من باب طريقته العلم
للتذكية التي هي الشرط للصلاة لا لكونه مأخوذا قيدا في شرطيته كما هو الغالب في موارد استعمالات لفظ العلم وكيف كان فهذه الموثقة أيضا شاهدة
على أصل المدعى وهو بطلان الصلاة الواقعة فيما اخذه من غير مسلم أو وجده مطروحا على الأرض ما لم يعلم بكونه مذكى الثالث إذا لم يعلم أنه من جنس
ما يصلي فيه كان لم يعلم كونه جلد مأكول اللحم أو غيره أو حريرا أو غير حرير وصلى أعاد على الأشهر بل المشهور بل في الجواهر بلا خلاف معتد به بل في المدارك
هذا الحكم مقطوع به في كلمات الأصحاب ولكنك عرفت في مبحث اللباس ان الأظهر خلافه والله العالم واما السهو والمراد به هيهنا ما يعم النسيان لا ما يقابله
كما لا يخفى وهو كما يتعلق بالموضوع كذلك قد يتعلق بالحكم الشرعي والمقصود بالذكر هيهنا هو الأول واما ناسي الحكم أو ساهية فهو كجاهله غير معذور وان كان
عن تقصير والا فمعذور من حيث المؤاخذة لا في مضى عمله لما عرفته في الجاهل فان أحل بركن اي ترك ركنا من الأركان الخمسة التي تقدم التنبيه عليها عند التعرض
لافعال الصلاة وهي النية وتكبيرة الاحرام والقيام حال التكبير وما قبل الركوع والركوع والسجدتين أعاد الصلاة اما مع الاخلال بالنية فواضح بل تسميتها
إعادة مسامحة إذ لا صلاة عرفا وشرعا الا مع النية واما وجوب اعادتها بالاخلال بتكبيرة الاحرام أو القيام حالها أو القيام المتصل بالركوع فقد ظهر
وجهه لدى التكلم في ركنيتها فلا نطيل بالإعادة واما الركوع والسجدتين فيدل على وجوب إعادة الصلاة بالاخلال بهما مضافا إلى الاجماع والأخبار الآتية
الدالة على إعادة الصلاة بنسيانهما ومفهوم قول أبي جعفر عليه السلام في صحيحة زرارة لا تعاد الصلاة الا من خمسة الطهور والوقت والقبلة والركوع (والسجود)
جملة من الروايات التي يظهر منها شدة الاهتمام بالركوع والسجود واعتبارهما في قوام مهية الصلاة من حيث هي مثل ما عن الكافي باسناده عن الحلبي (عن أبي عبد الله عليه السلام قال الصلاة ثلاثة أثلاث ثلث طهور وثلث ركوع وثلث سجود وعن عبد الله بن سنان) عن أبي عبد الله
عليه السلام قال إن الله فرض من الصلاة الركوع والسجود (الخ) وعن الصدوق باسناده عن زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال إن الله فرض الركوع والسجود والقراءة
سنة (الخ) وعنه أيضا قال سئلت أبا جعفر عليه السلام عن الفرض في الصلاة فقال الوقت والطهور والقبلة والتوجه والركوع والسجود والدعاء قلت ما سوى
ذلك قال سنة في فريضة وخبر محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام في حديث ان أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول إن أول صلاة أحدكم الركوع إلى غير ذلك من الروايات
الدالة على اعتبارهما في مهية الصلاة من حيث هي من غير اختصاصه بحال التذكر ولا يعارضها بعض الروايات التي يظهر منها عدم بطلان الصلاة بنسيان الركوع
والسجود مثل خبر حكم بن حكيم قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل ينسى من صلاته ركعة أو سجدة أو الشئ منها فقال يقضي ذلك بعينه فقلت أيعيد الصلاة قال لا
وخبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا نسيت شيئا من الصلاة ركوعا أو سجودا أو تكبيرا ثم ذكرت فاصنع الذي فاتك سواء هكذا في موضع
من نسخة الوسائل وفي موضعين آخرين من أبواب الخلل نقله بابدال لفظ سواء بسهو أو في أحد هذين الموضعين ذكر فاقض بدل فاصنع وصحيحة العيص بن القاسم
قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي ركعة من صلاته حتى فرغ منها ثم ذكر انه لم يركع قال يقوم فيركع ويسجد سجدتي السهو ورواية عمار قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام
عن رجل ينسى الركوع أو سجدة هل عليه سجدتا السهو قال لا قد أتم الصلاة لوجوب ارتكاب التأويل في مثل هذه الأخبار بما لا ينافي ما عرفت أورد علمها إلى أهله
بعد شذوذها واعراض الأصحاب عن ظواهرها فلا تصلح معارضته للمعتبرة المستفيضة المصرحة بالإعادة المعتضدة بغيرها مما عرفت فهذا مما لا شبهة فيه
بل قد أشرنا عند التكلم في ركنية القيام المتصل بالركوع ان عدمة الدليل على بطلان الصلاة بالاخلال به سهوا انما هي شرطيته للركوع واما استقلاله بالسببية
531

فلم يثبت وما ادعوه من الاجماع على ركنيته غير مثبت للاستقلال كما نبهنا عليه فيما سبق وكيف كان فمن ترك شيئا من الخمسة المزبورة التي جرى الاصطلاح
على تسميتها أركانا ولو سهوا كمن أخل بالقيام حتى نوى أو بالنية حتى كبر وبالتكبير حتى قرء لم تصح صلاته وما ذكر من الترتيب من باب الترتيب الذكرى
أو الرتبي لا الخارجي فان القيام الذي تبطل الصلاة بالاخلال به هو القيام حال التكبير سواء قلنا بجزئيته أو شرطيته للتكبير وكذلك النية المعتبرة في
صحة الصلاة هي النية حال الفعل لا قبله ولكنها أعم من الاخطار بل يكفي الداعي كما تقدم تحقيق ذلك كله فيما سبق فمحل مجموع هذه الثلاثة هو ابتداء
الصلاة فلو أخل بشئ منها بان كبر بلا قيام أو بلا نية أو تلبس بالقراءة من غير افتتاح لا يمكن تداركه مراعيا فيه الترتيب المعتبر في الصلاة الا باستينافها
ولذا لم نجعل التلبس بالركن اللاحق وهو الركوع حد الفوات محل تدارك التكبير نعم على القول بجزئية النية وكونها هي الصورة المخطرة والإرادة
التفصيلية السابقة على الفعل قد يتوهم ان حال التكبير أيضا حال سائر الأركان الواقعة في الأثناء التي لا تستلزم الاخلال بها بطلان الصلاة من رأس
الا بالدخول في الركن اللاحق فله ما لم يركع ان يكبر ويقرء من غير أن يجدد النية كما ربما استظهر من الحلي ويدفعه بأنه مناف لما تسالموا عليه من اشتراط مقارنة
النية للتكبير فان مقتضاه خروج النية السابقة عن صلاحية الجزئية بعد فوات التوالي وحصول الفعل بينها وبين التكبير وامتناع تدارك التكبير صحيحا الا
بتجديدها هذا مع ما فيه من فساد المبني كما تقرر في محله أو أخل بالركوع حتى سجد أو بالسجدتين معا حتى ركع فيما بعد وقيل يسقط الزائد ويأتي بالفائت ويبني
على صلاته سواء كان في الأولتين أو الأخيرتين وقيل يختص هذا الحكم بالأخيرتين ولو كان في الأولتين استأنف اما القول ببطلان الصلاة بالاخلال بالركوع
حتى سجد فهو المحكى عن المفيد والمرتضى وسلار وابني إدريس والبراج وأبي الصلاح وظاهر ابن أبي عقيل بل نسبه غير واحد إلى المشهور بل إلى عامة المتأخرين
وعن الشيخ في المبسوط أنه قال الركوع ركن من أركان الصلاة متى تركه عامدا أو ناسيا بطلت صلاته إذا كان في الركعتين الأولتين من كل صلاة وكذلك
ان كان في الثالثة من المغرب وان كان من الركعتين الأخيرتين من الرباعية ان تركه متعمدا بطلت صلاته وان تركه ناسيا وسجد سجدتين أو واحدة منهما اسقط
السجدة وقام فركع وتمم صلاته وقل عنه في كتابي الأخبار أيضا هذا التفصيل وحكى في المبسوط عن ما نقل عنه القول بالتلفيق واسقاط الزائد مطلقا
وان كان في الأولتين عن بعض أصحابنا وعن العلامة في المنتهى انه اسند هذا القول إلى الشيخ أيضا وعن ابن الجنيد أنه قال ولو صحت له الأولى وسهى في
الثانية سهوا لم يمكنه استدراكه كان أيقن وهو ساجد انه لم يركع فأراد البناء على الركعة الأولى التي صحت له رجوت ان يجزيه ذلك ولو أعاد ان كان
في الأولتين وكان الوقت متسعا كان أحب إلي وفي الثانيتين ذلك يجزيه ويقرب منه ما عن علي بن بابويه قال وان نسيت الركوع بعد ما سجدت في الركعة
الأولى فأعد صلاتك لأنه إذا لم يثبت لك الأولى لم يثبت لك صلاتك وان كان الركوع من الركعة الثانية أو الثالثة فاحذف السجدتين واجعل الثالثة
ثانية والرابعة ثالثة أقول فهذا قول بالتلفيق فيما عدى الأولى لا في خصوص الأخيرتين فهو قول رابع في المسألة واستدل للمشهور بان الناسي
للركوع حتى يسجد لم يأت بالمأمور به على وجهه فيبقى تحت عهدة التكليف ان يتحقق الامتثال وما رواه الشيخ في الصحيح عن رفاعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته
عن رجل ينسى ان يركع حتى يسجد ويقوم قال يستقبل وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا أيقن الرجل انه ترك ركعة من الصلاة وقد سجد سجدتين وترك
الركوع استئناف الصلاة وعن إسحاق بن عمار في الموثق قال سئلت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل ينسى ان يركع قال يستقبل حتى يضع كل شئ موضعه وخبر أبي
بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال سئلته عن الرجل نسي ان يركع قال عليه الإعادة ونوقش في دلالة الصحيحة والموثقة بجواز ان يكون المراد بالاستقبال انه يستقبل
من حيث أخل بصلاته اي الركعة التي ترك ركوعها لا انه يستأنف الصلاة وفيه ان المتبادر منه إرادة الاستيناف واستدل للقول بالتلفيق مطلقا
بما عن الشيخ في التهذيب باسناده عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في رجل شك بعد ما سجد انه لم يركع قال قال فان استيقن فليلق السجدتين اللتين لا ركعة
لهما فيبني على صلاته على التمام فإن كان لم يستيقن الا بعد ما فرغ وانصرف فليتم الصلاة بركعة وسجدتين ولا شئ عليه وعن الصدوق في الفقيه عن محمد بن
مسلم بطريق صحيح عن أبي جعفر على ما في الحدائق وعن أبي عبد الله على ما في المدارك نحوه الا أنه قال في رجل شك بعد ما سجد انه لم يركع فقال يمضي في صلاته
حتى يستيقن انه لم يركع (فان استيقن انه لم يركع) فليلق السجدتين الذين لا ركوع لهما ويبني على صلاته على التمام وان كان لم يستيقن الا بعد ما فرغ وانصرف فليقم وليصل ركعة وسجدتين
ولا شئ عليه وما قيل من أن ما تضمنته هذه الرواية من قوله عليه السلام وان كان لم يستيقن الا بعد ما فرغ (الخ) مما لم يقل به أحد فهو من المضعفات مدفوع بان القائل
باسقاط الزائد بحسب الظاهر ملتزم بذلك إذ بعد اسقاط الزائد حاله حال من ذكر بعد التسليم نقصان ركعة فعليه الاتيان بها ما لم يصدر المنافي فاطلاقه
منزل على هذا الفرض كما لعله هو منصرف لفظه بل لعل في قوله فليتم الصلاة بركعة كما في رواية الشيخ إشارة إليه وعن مستطرفات السرائر انه روى هذه الرواية
من كتاب الحسن بن محبوب عن العلا عن محمد بن مسلم باختلاف في التعبير عن أبي جعفر عليه السلام قال في رجل شك بعد ما سجد انه لم يركع قال يمضي على شكه حتى يستيقن
ولا شئ عليه وان استيقن لم يعتد السجدتين اللتين لا ركعة معهما ويتم ما بقي من صلاته ولا سهو عليه وعن الشيخ انه احتج في التهذيب على البطلان في
الركعتين الأولتين وثالثة المغرب بالاخبار المتقدمة التي أوردناها دليلا للمشهور وعلى اسقاط الزائد والاتيان بالفائت في الركعتين الأخيرتين برواية
محمد بن مسلم المزبورة وبصحيحة العيص بن القاسم قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي ركعة من صلاته حتى فرغ منها ثم ذكر انه لم يركع قال يقوم فيركع ويسجد
سجدتي السهو وعن المصنف رحمه الله في المعتبر انه أجاب عن الرواية الأولى بان ظاهرها الاطلاق وهو متروك وتخصيصها بالأخيرتين تحكم وعن الثانية بأنها غير دالة
532

على مطلوبه وانما تدل على وجوب الاتيان بالمنسي خاصة وهو لا يذهب إليه بل يوجب الاتيان به وبما بعده انتهى أقول ويتوجه على الرواية الثانية
أيضا لو اغمض عن المناقشة المزبورة انها كالأولى ظاهرها الاطلاق والشيخ لا يقول بذلك فكان مراد المحقق بقوله وهو متروك انه كذلك لدى
المستدل لا انه لا قائل به أصلا كي يتوجه عليه الاعتراض بأنه مذهب بعض الأصحاب كما أشار إليه في المتن وغيره وكيف كان فربما يتعذر عن الشيخ فيما
اختاره من الجمع بين الأخبار وتخصيص الصحيحة بالأخيرتين وما عداها بالأوليين بابتنائه على مذهبه من وجوب سلامة الأوليين عن السهو لما في غير واحد
من الأخبار من أن السهو في الأخيرتين دون الأوليين فجعل تلك الأخبار شاهدة لهذا الجمع ولكنك ستعرف ان المراد بالسهو في تلك الأخبار هو الشك
في عدد الركعات لا مطلق السهو فالقول بالتفصيل بين الأولتين والأخيرتين ضعيف واضعف منه التفصيل بين الركعة الأولى وغيرها كما حكى عن
الصدوق والإسكافي إذ لم نعرف له مستندا عدى ما عن الفقه الرضوي قال وان نسيت الركوع بعد ما سجدت من الركعة الأولى فأعد صلاتك لأنه إذا (لم تصح لك الأولى) لم تصح
صلاتك وان كان الركوع من الركعة الثانية أو الثالثة فاحذف السجدتين واجعلها اي الثانية الأولى والثالثة ثانية والرابعة ثالثة انتهى وهو لا ينهض
حجة فضلا عن مكافئة لما عرفت واما القول بالتلفيق مطلقا فمستنده صحيح محمد بن مسلم كما عرفت ولكن لشذوذه وندرة القائل به لا يصلح لمعارضة
المعتبرة المستفيضة المعتضدة بالشهرة الظاهرة في وجوب الاستيناف اللهم الا ان يقال إن ندرة القائل به ان اثرت وهنا في الخبر بحيث أسقطه عن مرتبة
الحجية فهو والا فهو نص في جواز البناء على ما مضى بعد الغاء السجدتين فيمكن الجمع بينه وبين الروايات الظاهرة في وجوب الاستيناف بجهلها على الاستحباب
أو الوجوب التخييري كما أشار إليه في المدارك حيث إنه بعد ان أورد صحيحة محمد بن مسلم قال ويمكن الجمع بينها وبين ما تضمن الاستيناف بذلك بالتخيير بين الامرين
وأفضلية الاستيناف انتهى هذا مع امكان ان يكون المراد بالاستقبال الوارد في بعض تلك الأخبار ما وقع التصريح به في هذا الخبر اي إعادة الركعة
التي أخل بركوعها لا الاستيناف كما أنه يمكن تقييد خبر أبي بصير الذي ورد فيه الامر بالإعادة بما لو نسيه حتى فرغ من صلاته كما قد يستشعر ذلك من التعبير
بلفظ الإعادة وربما جمع بعض بين الأخبار بحمل الصحيحة على الناقلة أو التقية وفيهما ما لا يخفى إذ الثاني بمنزلة الطرح الذي لا يصار إليه الا على تقدير تعذر
الجمع والأول تأويل يحتاج إلى شاهد خارجي بخلاف حمل الامر بالاستقبال على الاستحباب ونحوه وكيف كان فلو لا اعراض المشهور عن صحيحة محمد بن مسلم
لكان القول بمفادها وارتكاب التأويل في سائر الأخبار المتضمنة للاستيناف بحملها على الاستحباب أوفق بالقواعد وليس في الصحيحة ظهور في وجوب البناء حتى يتحقق
التنافي بينهما من هذه الجهة لأن قوله عليه السلام ويبني على صلاته وأورد مورد توهم الخطر ومسوق لبيان العلاج الذي به يصح صلاته فلا ينافيه جواز رفع اليد عنها
واستينافها من رأس بل استحبابه ولكن الاعتماد عليها بعد اعراض المشهور عنها لا يخلو من اشكال فالقول الأول اي الاستيناف ان لم يكن اظهر فلا ريب في أنه
أحوط إذ لو لم نقل بتعينه كما يقتضيه ظاهر النصوص الدالة عليه فلا أقل من الالتزام بجوازه أو استحبابه جمعا بين الأخبار والله العالم ثم إن ظاهر
المشهور بل صريح غير واحد هو فوات محل تدارك الركوع بالتلبس بالسجود فمن أخل بالركوع حتى دخل في السجدة الأولى بطلت صلاته وناقشه في المدارك فإنه
بعد ان نقل استدلالهم عليه بان الناسي للركوع حتى سجد لم يأت بالمأمور به على وجهه فيبقى في عهدة التكليف إلى أن يتحقق الامتثال وبصحيحة رفاعة ورواية
أبي بصير الأولى وموثقة إسحاق المتقدمات قال ما لفظه ويتوجه على الأول بان الامتثال يتحقق بالاتيان بالركوع ثم السجود فلا يتعين الاستيناف نعم
لو لم يذكر الا بعد السجدتين اتجه البطلان لزيادة الركن كما هو مدلول الروايتين الأولتين والرواية الثالثة ضعيفة السند فلا تنهض حجة في اثبات حكم مخالف
للأصل انتهى أقول وستعرف ان شمول ما دل على بطلان الصلاة بالزيادة لمثل هذه الزيادة التي نشأت من تدارك الجزء الماتى به فاسدا لا يخلو من تأمل
فعمدة المستند للحكم بالبطلان ووجوب الاستيناف هي الأخبار الخاصة المتقدمة وقد أشار في المدارك إلى أن الروايتين الأولتين منهما موردهما ما لو ذكر
بعد السجدتين فلا يتم بهما الاستشهاد لفوات محل الركوع بالدخول في السجدة الأولى بل قد يستشعر من ثانيتهما
خلافه فان قوله عليه السلام إذا أيقن الرجل انه ترك ركعة
من الصلاة وقد سجد سجدتين (الخ) مشعر بإرادة التقييد بل قد يدعى ظهوره في ذلك ولكنه في حيز المنع نعم مقتضى اطلاق الامر بالاستقبال وإعادة الصلاة
في موثقة إسحاق ورواية أبي بصير الثانية من غير استفصال هو لزوم الاستيناف بالدخول في السجدة حيث يتحقق بذلك عرفا موضوعه خصوصا مع ما في الموثقة من
تعليل الاستقبال بوضع كل شئ موضعه فإنه يجعله كالنص في ذلك بل يفهم من هذا التعليل انه لو أخل بالسجدتين حتى ركع فات محل تداركهما فتبطل بذلك
صلاته إذ كما أن تدارك الركوع بعد فعل ما هو متأخر عنه في الرتبة مناف لوضع كل شئ في موضعه كذلك تدارك ما هو متقدم عليه في الرتبة بعده ويدل
على ذلك أيضا خبر معلى بن خنيس قال سئلت أبا الحسن الماضي عليه السلام في الرجل ينسي السجدة من صلاته قال إذا ذكرها قبل ركوعه سجدها وبنى على صلاته ثم سجد سجدتي السهو بعد
انصرافه وان ذكرها بعد ركوعه أعاد الصلاة ونسيان السجدة في الأولتين والأخيرتين سواء أقول مقتضى الجمع بين هذه الرواية وبين المستفيضة
المصرحة بأنه لا تعاد الصلاة من سجدة واحدة حمل السجدة في هذه الرواية على إرادة جنسها الشامل للسجدتين أو على أنها أطلقت على السجدتين بلحاظ كون
المجموع بمنزلة جزء واحد من الركعة كاطلاقها على سجدتي الشكر وما رواه في الوسائل عن الشيخ باسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال
سئلت أبا الحسن عليه السلام عن رجل يصلي ركعتين ثم ذكر في الثانية وهو راكع انه ترك سجدة في الأولى قال كان أبو الحسن عليه السلام يقول إذا ترك السجدة في الركعة الأولى فلم
يدر أواحدة أو اثنتين استقبلت حتى يصح لك ثنتان وإذا كان في الثالثة والرابعة فترك سجدة بعد أن تكون قد حفظت الركوع أعدت السجود وعن الكليني باسناده
533

عن أحمد بن محمد بن أبي نصر مثله إلى قوله عليه السلام حتى يصح لك انهما ثنتان ولم يزد يعني الكليني على ذلك وعن الحميري في قرب الإسناد عن أحمد بن محمد بن عيسى مثله إلى قوله أعدت السجود
ثم قال صاحب الوسائل أقول لعل المراد انه شك بين الركعتين الأولتين وترك سجدة فيستأنف الصلاة فالمراد بالواحدة والثنتين الركعات لا السجدات بقرينة
قوله بعد أن تكون قد حفظت الركوع انتهى أقول ولا يخفى ما في هذا الاحتمال من البعد والذي يغلب على الظن ان ما في هذه الرواية من التشويش وترك التعرض لجواب
السائل فيما فرضه الا بعد صرفه إلى فرض اخر مغائر له في الحكم منشأه التقية وكون حكم نسيان سجدة واحدة في الأولتين مخالفا لمذهب العامة فيستشعر من هذه الرواية
ان العامة كانوا يرون نسيان السجود في الأولتين موجبا للإعادة مطلقا بخلاف الأخيرتين كما ربما يستشم ذلك من تصريح الإمام عليه السلام في خبر المعلى المتقدم بان
نسيان السجدة في الأليين والأخيرتين سواء فكان الإمام عليه السلام ورى في الكلام بايراد حكمين لموضوعين على وفق الحق بطريق يوهم الخلاف أحدهما حكم من علم
اجمالا بوقوع خلل في الركعة الأولى من صلاته مردد بين نسيان سجدة أو السجدتين فان مقتضى الأصل في هذه المسألة وجوب الاحتياط بالجمع بين قضاء السجدة
بعد الصلاة والإعادة لعلمه اجمالا بحدوث تكليفه بسبب نسيانه مردد بين الاستيناف وقضاء السجدة ولكن الاستيناف مبرء يقيني لا يبقى معه الحاجة الا الاحتياط
بقضاء السجدة وانما يحتاج إلى ذلك على تقدير ان يمضي في صلاته لوم يقطعها ولذا امره الإمام عليه السلام بالاستقبال لا بالاحتياط ولكن قد يشكل ذلك بان مقتضى
الأصل حيث وقع الشك في طرو المبطل الذي هو أحد طرفي الترديد بعد تجاوز محله الصحة ووجوب المضي في صلاته وان لم يثبت بذلك ان المنسي هو سجدة واحدة
كي يتعين التكليف بقضائها خاصة ولكن اثره حرمة قطع الصلاة فالاستيناف وان كان برء يقينا ولكن القطع محرم عليه في مرحلة الظاهر فلعل حكم الإمام عليه السلام
بالاستقبال مبني على عدم حرمة قطع الصلاة في مثل المقام كما ليس بالبعيد إذ لا دليل يعتد به على حرمة القطع بحيث يتناول مثل هذه الموارد كما عرفته في محله أو انه
أراد بالاستقبال الإعادة بعد الاتمام وقضاء السجدة ولكن لم يبين ذلك مشروحا لمنافاته لما تعلق به الغرض من الابهام والاجمال الثاني حكم من نسبي
سجدة من الأخيرتين وهو اعادتها وحدها اي قضائها ويستشعر من التفصيل الواقع في الرواية اختصاص الحكم الأول بالأوليين والأخير بالأخيرتين كما أنه يستشعر
من تعليل الأول بحتى يصح لك ثنتان اطراد ذلك الحكم حتى في صورة العلم بترك سجدة واحدة كما هو مورد السؤال وكذا من إناطة الحكم الثاني بحفظ الركوع
اطراده حتى في صورة نسيان السجدتين ولكن لا يلتفت إلى مثل هذه الاشعارات في مقابل النصوص المصرحة بخلافها خصوصا بعد ما أشرنا إليه من أن منشاها
على الظاهر إرادة الابهام لأجل التقية وكيف كان فالرواية كادت تكون صريحة في الاستيناف لدى الشك في كون المنسي سجدة أو سجدتين في الجملة فلو لم يكن
ترك السجدتين موجبا للاستقبال لم يكن الشك فيه مقتضيا له جزما فهي تدل على وجوب الاستقبال لدى القطع بنسيان السجدتين حتى ركع بالفحوى اللهم الا ان
يناقش فيه بان وجوب الاستيناف دون حذف الزائد والبناء على ما مضى لدى تردد المنسي بين كونه سجدة أو سجدتين لعله لأجل انه لا يمكنه القطع بصحة صلاته و
سلامته عن الزيادة والنقصان الا بذلك إذ على تقدير كون المنسي سجدة واحدة ليس له الغاء الركوع وتدارك المنسي لأن الركوع وقع صحيحا فلا يؤثر الغائه في لغوية
وجواز اعادته كما ستعرف مع أنه ان عاد إلى المنسي فاما انه يأتي بسجدة فيحتمل النقص أو بسجدتين فالزيادة واما مع القطع بكون المنسي السجدتين فلا يلزم من البناء على
ما مضى شئ من هذه المحاذير فليتأمل وقد يستدل أيضا لفوت محل تدارك السجدتين بالدخول في الركوع بالمعتبرة المستفيضة التي ورد فيها تحديد تدارك السجدة
المنسية بما لو ذكرها قبل الركوع والا قضاها بعد الصلاة مع ما في بعضها من تعليله بذلك مثل خبر إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل نسي ان يسجد
السجدة الثانية حتى قام فذكر وهو قائم انه لم يجسد قال فليسجد ما لم يركع فإذا ركع فذكر بعد ركوعه انه لم يسجد فليمض على صلاته حتى يسلم ثم يسجدها فإنها قضاء
ويمكن المناقشة فيه بان هذا اي فوات محل تدارك السجدة على تقدير صحة الركوع ووقوعه جزء من صلاته كما في صورة نسيان سجدة واحدة مما لا كلام فيه إذ لا شبهة
في أن محل السجود من الركعة الأولى قبل ركوع الركعة الثانية فمتى صح الركوع وأمضاه الشارع فقد فات محل كل فعل نسيه من افعال الصلاة مما هو متقدم عليه في
الرتبة وكشف ذلك على اختصاص اعتباره بحال الذكر وعدم وجوب تداركه الا بأمر جديد واما لو كان المنسي ركنا اي غير مخصوص اعتباره بحال الذكر فيمتنع
حينئذ مع نسيانه انه يقع الجزء المتأخر عنه صحيحا فالركوع المسبوق بنسيان السجدتين باطل لا يقع جزء من الصلاة يقاس على الركوع الذي يفوت به محل السجدة بل
الركوع في الحقيقة حينئذ وقع في غير محله فكونه مانعا عن صحة السجود وصيرورته جزء من صلاته موقوف على مساعدة دليل اخر غيره أيدل على الترتيب بين اجزاء الصلاة كما
لا يخفى وليس نسيان السجود إلى أن يركع بنفسه من المبطلات كي يدعى تحقق موضوعه عرفا فلا يكون التدارك بعده مجديا إذ لا دليل على ذلك ودعوى كونه من
مقتضيات اطلاق بعض الأدلة الدالة على بطلان الصلاة بنسيان السجدتين مثل قوله عليه السلام لا تعاد الصلاة الا من خمسة (الخ) واضحة المنع واستدل أيضا على
أصل المدعى باستلزامه زيادة الركوع وهي مبطلة للصلاة اجماعا ونصا كما ستعرف ويتوجه على دعوى الاجماع انها في المقام غير ثابتة بل الظاهر كما يظهر من
المتن ان القائل بالتلفيق في المسألة السابقة ربما يلتزم به هيهنا أيضا وان لم ينقل التصريح به عنهم واما شمول أدلة الزيادة لمثل هذه الزيادة التي نشأت
من رفع اليد عن الجزء الماتى به فاسدا وتداركه صحيحا فلا يخلو عن تأمل كما تقدمت الإشارة إليه فيما سبق ولكن قد يظهر من كلماتهم التسالم عليه في مثل الركوع
والسجود الموجب لتغيير صورة الصلاة بل ربما يعللون البطلان في مثله بتغيير الصورة وستعرف تحقيقه في المسألة الآتية إن شاء الله وكيف كان فالقول
بالتلفيق في هذه المسألة ان تحقق فهو ضعيف إذ لا مستند له عدى الأصل الذي لا ينبغي الالتفات إليه في مقابل ما عرفت وكذا لو زاد في صلاته ركعة
أو ركوعا أو سجدتين أعاد سهوا أو عمدا واما ما عداها من افعال الصلاة فلا تبطل الصلاة بزيادتها سهوا بلا خلاف في شئ منها على الظاهر عدى التكبير الذي
534

قد عرفت حاله في محله للأصل مضافا إلى بعض الأدلة الدالة عليه التي سنشير إليها إن شاء الله وما عن ظاهر بعض من القول ببطلان الصلاة بزيادة النية سهوا فلا ينبغي
الاصغاء إليه واما عمدا فربما يستشعر بل يستظهر من عبارة المتن ونحوه حيث اقتصروا في الحكم بالإعادة على المذكورات انه أيضا كالسهو خلافا لصريح غير واحد
من المتأخرين فحكموا بمبطلية الزيادة العمدية مطلقا من غير فرق بين الركن وغيره بل لعل هذا هو المشهور فيما بينهم اخذا بعموم بعض الأخبار الآتية واما بطلان
الصلاة بزيادة المذكورات عمدا وسهوا فهو على الظاهر مما لا خلاف فيه في شئ منها في الجملة وان اختلفوا في اطلاقه بالنسبة إلى كل منها في بعض صورة ففي مسألة
من زاد في صلاته ركعة نسب إلى الأكثر بل المشهور القول بالبطلان مطلقا وحكى عن جملة من القدماء والمتأخرين كابن الجنيد والشيخ في التهذيب والمصنف في
المعتبر والعلامة في بعض كتبه والشهيد في الألفية وجملة من المتأخرين انه ان جلس عقيب الرابعة بمقدار التشهد لم تبطل صلاته بل مقتضى بعض أدلتهم
الآتية عدم اختصاصه بالرباعية ولا بزيادة الركعة بل مطلق الزيادة ركعة كانت أم ركوعا أو سجودا أو غيرها في كل صلاة ثنائية كانت أم ثلاثية أم
رباعية إذا جلس عقيب الركعة الأخيرة منها بقدر ان يتشهد لا تبطل صلاته كما ستعرف حجة القائلين بالبطلان مطلقا اخبار مستفيضة منها
خبر أبي بصير قال قال أبو عبد الله عليه السلام من زاد في صلاته فعليه الإعادة وما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة وبكير بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا استيقن
انه زاد في صلاته المكتوبة لم يعتد بها واستقبل صلاته استقبالا هكذا رواه في المدارك وغيره ولكن في الوسائل رواه عن الكليني رحمه الله باسناده عن زرارة
وبكير بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال إذا استيقن انه زاد في صلاته المكتوبة ركعة لم يعتد بها واستقبل صلاته استقبالا إذا كان قد استيقن يقينا ثم قال
محمد بن الحسن باسناده عن محمد بن يعقوب مثله فالظاهر أن لفظة ركعة فيما رووه عن الشيخ ساقطة وكيف كان فهي باطلاقها دليل على المدعى ورواية
الأعمش المروية عن الخصال عن جعفر بن محمد في حديث شرايع الدين قال والتقصير في ثمانية فراسخ وهو بريدان وإذا قصرت فطرت ومن لم يقصر في السفر
لم تجز صلاته لأنه قد زاد في فرض الله عز وجل دلت الرواية بمقتضى التعليل ان زيادة الركعة مبطلة مطلقا وان وقعت بعد فعل التشهد كما هو الشان فيمن
أتم في السفر حيث إنه يأتي بالأخيرتين بعد ان تشهد عقيب الأوليين وخبر عبد الله محمد عن أبي الحسن عليه السلام قال الطواف المفروض إذا زدت عليه مثل الصلاة
المفروضة إذا زدت عليها فعليك الإعادة وصحيحة منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن رجل صلى فذكر انه زاد سجدة قال لا يعيد الصلاة
من سجدة ويعيدها من ركعة وخبر عبيد بن زرارة قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل شك فلم يدر اسجد ثنتين أم واحدة فسجد أخرى ثم استيقن انه قد زاد
سجدة فقال لا والله لا تفسد الصلاة بزيادة سجدة وقال لا يعيد صلاته من سجدة ويعيدها من ركعة ودعوى ان المراد بالركعة في هاتين الروايتين الركوع
بقرينة مقابلتها بالسجدة ان سلمت فغير قادحة بالاستدلال للبطلان بزيادة الركعة لدلالتهما عليه حينئذ أيضا بالفحوى ومضمرة الشحام قال سئلته عن الرجل
يصلي العصر ست ركعات أو خمس ركعات قال إن استيقن انه صلى خمسا أو ستا فليعد وهذه الأخبار بأسرها اما واردة في زيادة الركعة سهوا أو انها
هي القدر المتيقن من موردها فيفهم منها حكم الزيادة العمدية بالأولى مع أن جملة منها ظاهرة في الاطلاق بل قد يدعى اختصاص بعضها كرواية أبي بصير
وخبر الأعمش وخبر عبد الله بن محمد في العمد ببعض التقريبات الغير السليمة عن المناقشة كما ستعرف احتج المحقق في محكى المعتبر على ما ذهب إليه بان نسيان
التشهد غير مبطل فإذا جلس قدر التشهد فقد فصل بين الفرض والزيادة وما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سئلته عن رجل صلى خمسا
فقال إن كان قد جلس في الرابعة قدر التشهد فقد تمت صلاته وعن محمد بن مسلم قال سئلت أبا جعفر عليه السلام عن رجل استيقن بعد ما صلى الظهر انه صلى خمسا فقال وكيف
استيقن قلت علم قال إن كان علم أنه جلس في الرابعة فصلاة الظهر تامة وليقم فليضف إلى الركعة الخامسة ركعة وسجدتين فيكونان ركعتين نافلة ولا شئ عليه
أقول ويدل عليه أيضا صحيحة جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في رجل صلى خمسا انه ان كان جلس في الرابعة بقدر التشهد فعبارته جائزة وصحيحة
محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن رجل صلى الظهر خمسا فقال إن كان لا يدري جلس في الرابعة أم لم يجلس فليجعل أربع ركعات منها الظهر ويجلس ويتشهد
ثم يصلي وهو جالس ركعتين وأربع سجدات ويضيفها إلى الخامسة فتكون نافلة واما ما عن الشيخ في الضعيف عن زيد بن علي عن ابائه عن علي عليه السلام قال صلى بنا
رسول الله صلى الله عليه وآله الظهر خمس ركعات ثم انتقل فقال له بعض القوم يا رسول الله صلى الله عليه وآله هل زيد في الصلاة شئ قال وما ذاك قال صليت بنا خمس ركعات قال فاستقبل القبلة
وكبر وهو جالس ثم سجد سجدتين ليس فيهما قراءة ولا ركوع ثم سلم وكان يقول هما المرغمتان فهو مع الغض
عن سنده لا يصلح ان يكون مستندا لهذا القول إذ لم
يعتبر فيه الجلوس عقيب الرابعة بل هو من الأخبار الموافقة لمذهب العامة ورواياتهم حيث حكى ان مذهبهم صحة الصلاة مع زيادة الخامسة سهوا جلس عقيب الرابعة
أم لم يجلس ورووا عن ابن مسعود ان النبي صلى الله عليه وآله صلى بنا خمسا فلما أخبرناه انفتل فسجد سجدتين ثم صلى وقال انما انا بشرا نسي كما نقله الشهيد في محكى الذكرى ثم قال وهذا
الحديث لم يثبت عندنا مع منافاته للقواعد العقلية انتهى وفي الحدائق بعد نقل صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة قال ولا يخفى ما في مضمون هذا الخبر من المخالفة لما
عليه الأصحاب اما أولا فان ظاهر الرواية ان الشك في الجلوس وعدمه حكمه حكم الجلوس المحقق في صحة الصلاة على القول به ولا قائل به فيما اعلم الا انه ربما كان
في ايراد الصدوق هذه الرواية اشعار بالقول بذلك بناء على قاعدته التي مهدها في صدر كتابه وفيه تأمل وثانيا فإنه إذا جعل أربع ركعات من هذه الخمس للظهر
فهذا التشهد المذكور في الخبر اما ان يكون للفريضة أو النافلة فإن كان للفريضة فهو لا يكون الا على جهة القضاء لوقوعه بعد الركعة الزائدة مع أن التشهد
الأول مشكوك فيه والتشهد المشكوك فيه لا يقضي بعد تجاوز محله وان كان للنافلة فالأنسب ذكره بعد الركعتين من جلوس واحتمال كونه تشهدا لهذه الركعة
535

الزائدة التي جعلها نفلا على قياس صلاة الاحتياط إذا كانت ركعة من قيام لا يخلو عن اشكال انتهى ملخصا أقول بعد البناء على أن زيادة الركعة بعد
الجلوس بقدر التشهد غير مبطلة للصلاة وجب الالتزام بما تضمنته هذه الصحيحة من الغاء الزائد والاتيان بالتشهد الذي شك في فعله بمقتضى الأصل فضلا
عن ورود النص به فان مقتضى الأصل البناء على صحة الأربع ركعات من صلاته وعدم الاعتناء باحتمال عروض البطلان بالزيادة التي يحتمل وقوعها بعد
الجلوس ولكن لا يثبت بذلك كون الزيادة حاصلة بعد فعل التشهد أو الجلوس بقدره كما أنه لا يثبت بأصالة عدم الجلوس أو التشهد كون الزيادة حاصلة
بلا جلوس إذ لا اعتداد بالأصول المثبتة فعليه ان يجلس ويتشهد كما ورد في النص سواء سميناه أداء أو قضاء فان مقتضى الأصل في لاتيان به بعد الرابعة
فعليه تداركه وما قيل من أن التشهد المشكوك فيه لا يقضي بعد تجاوز محله ففيه ان تجاوز المحل الموجب لعدم الاعتناء بالشك انما هو بان يتعدى عن ذلك
المحل ويتلبس بما هو مرتب عليه شرعا أو عرفا أو عادة على تأمل في الأخير واما لو عاد إلى ما قبله أو تلبس ببعض الافعال الخارجية الغير المترتبة عليه كما لو قام
بعد رفع الرأس من سجود الركعة لقضاء حاجة غير منافية للصلاة أو توهم ان الركعة التي فرغ منها هي الأولى فقام بنية الثانية ثم ذكر انها ثالثة وشك في أنه
هل تشهد وقام أم لم يتشهد فليس هذا من الشك في الشئ بعد تجاوز محله ولا أقل من انصراف الأدلة عنه وما نحن فيه من هذا القبيل إذ الآتي بالركعة الخامسة
سهوا انما يأتي بها حيث يقع في وهمه الحاجة إليها وعدم كونه فارغا من الأربع ركعات المفروضة عليه فلا يكون شكه في الجلوس عقيب الرابعة مشمولا لقاعدة الشك
في الشئ بعد تجاوز محله فعليه ان يرجع إلى اصالة في لجلوس والتشهد المقتضية لوجوب تداركهما عليه واما ما تضمنته الصحيحة من صلاة ركعتين من جلوس
واضافتهما إلى الخامسة فالظاهر أن المراد بها ركعتين تامتين كصلاة الاحتياط التي يوتى بها عن جلوس فهي في الصورة صلاة مستقلة منقطعة عن سابقتها بتخلل
التشهد والتسليم ولكن روعى في شرعها قيامها مقام ركعة من السابقة وكيف كان فهو امر استحبابي لا مانع عن التعبدية بعد الالتزام بسائر ما تضمنته الرواية
هذا كله مع أنه لا يجب تطبيق النص على القواعد بعد وضوح ان مثل هذه القواعد غير أبية عن التخصيص وليس الفرع الذي تضمنته الصحيحة معنونا في كلماتهم حتى يناقش
فيه بمخالفة الاجماع مع أن فيما عداها من الروايات المزبورة غنى وكفاية لاثبات القول بالتفصيل ولا يصلح لمعارضتها شئ من النصوص الدالة على مبطلية الزيادة
إذ النسبة بينها من قبيل المطلق والمقيد واما الخبر الدال على بطلان صلاة من أتم في السفر وان كان موردها عادة بعد فعل التشهد فضلا عن الجلوس بقدره ولكن
التشهد الأول وهو خارج عن مورد هذه النصوص فلا معارضة بينه وبين هذه النصوص الا بلحاظ عموم ما فيه من التعليل القابل للتخصيص فمقتضى الجمع
بين الأخبار هو القول بالتفصيل ولكن يشكل الاعتماد على الأخبار المقيدة في صرف المطلقات عن ظواهرها بمخالفتها للمشهور وموافقتها للجمهور فإنهم على ما نقل
عنهم ما بين قائل بعدم بطلان الصلاة بزيادة الخامسة مطلقا ومفصل بين ما لو جلس عقيب الرابعة وعدمه قال في محكى البحار ناقلا عن شارح السنة أنه قال
في شرح السنة أكثر أهل العلم على أنه إذا صلى خمسا ساهيا فصلاته صحيحة يسجد للسهو وهو قول علقمة والحسن البصري وعطا والنخعي وبه قال الزهري ومالك
والأوزاعي والشافعي واحمد وإسحاق وقال سفيان الثوري انه ان لم يكن قعد في الرابعة يعيد الصلاة وقال أبو حنيفة ان لم يكن قعد في الرابعة فصلاته فاسدة
يجب اعادتها وان قعد في الرابعة ثم زاد فالخامسة تطوع يضيف إليها ركعة أخرى ثم يتشهد ويسلم ويسجد للسهو انتهى مع ما في تلك الأخبار خصوصا الصحيحة
الأخيرة منها مما يشعر بصدورها تقية كما لا يخفى ذلك على العارف بأساليب كلماتهم المسوقة لبيان الأحكام الواقعية والجارية مجرى التقية كما يؤيد ذلك
اعراض المشهور عنها مع صحة سندها وسلامتها عن المعارض إذ لم ينقل القول بمضمونها عن أحد من قدماء أصحابنا عدى ابن الجنيد والشيخ في التهذيب مع تصريحه
في سائر كتبه بخلافه بل عنه في خلافه بعد ان صرح بالبطلان ونسب اعتبار الجلوس إلى بعض أصحابنا ما نصه عندنا انه لابد من التشهد ولا يكفي الجلوس بمقداره
وانما يعتبر ذلك أبو حنيفة انتهى واعتماد كثير من المتأخرين عليها لا يخرجها عن الشذوذ وربما يقال في توجيه هذه الأخبار بعدم التنافي بينها وبين ما ذهب إليه
المشهور بدعوى ان المراد بالجلوس بقدر التشهد كما ورد في بعضها أو مطلق الجلوس كما في بعض اخر هو فعل التشهد الذي يراد منه كثيرا ما في الأخبار ما يعم الصيغة
الأولى من صيغتي السلام المخرج كما عرفته في مبحث السلام ولا ريب بل لا خلاف في أن زيادة الركعة بعد تحقق الانصراف والخروج عن الصلاة بالسلام
غير مبطلة بل لا يتحقق بها مفهوم الزيادة عرفا أيضا بعد ان علم ببيان الشارع ان السلام مانع عن انضمام لاحقه إلى سابقه حتى يتحقق به مفهوم الزيادة
فلا منافاة حينئذ بين الأخبار ولا استبعاد في حصول زيادة الركعة بعد ايجاد التشهد والتسليم كي يكون بعده مانعا عن تنزيل الأخبار عليه إذ كثيرا ما يزعم
بعد الاتيان بالتشهد والتسليم نقص الصلاة بركعة أو ركعتين فيأتي بما يراه نقصا ثم ينكشف وقوعه زيادة بل قد يغفل عن حاله فيأتي بالزيادة واما
ان المراد بالجلوس هو فعل التشهد لا محض الجلوس إذ المتبادر منه إرادة الجلوس المعهود المعتبر في الصلاة وهو الجلوس الذي يؤتى به بقصد التشهد لا
مطلق الجلوس الصادر منه ولو من باب الانفاق لبعد إناطة الصحة بأمر اتفاقي لا ربط له بالصلاة ولا يكاد يتفق حصول الجلوس بذلك العنوان المعتبر
في الصلاة مع نسيان التشهد ففعل التشهد من لوازم ذلك الجلوس عادة ولذا شاع في الأخبار الكناية عن التشهد بالجلوس ففي الصحيح عن الفضيل في
الرجل يصلي ركعتين من المكتوبة فيقوم قبل ان يجلس بينهما قال فليجلس ما لم يركع وعن ابن أبي يعفور في الرجل يصلي ركعتين من المكتوبة فلا يجلس فيهما
فقال إن ذكر وهو قائم في الثالثة فليجلس وعن سليمان بن خالد عن رج نسي ان يجلس في الركعتين الأوليين فقال إن ذكر قبل ان يركع فليجلس و
في مضمرة سماعة عن رجل كان يصلي فخرج الامام وقد صلى الرجل ركعة من صلاة فريضة فقال إن كان اماما عدلا فليصل أخرى وينصرف ويجعلها تطوعا وليدخل
536

مع الامام في صلاة كما هو وان لم يكن امام عدل فليبن على صلاته كما هو يصلي ركعة أخرى معه ويجلس قدر ما يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ثم ليتم صلاته معه على ما استطاع الحديث إلى غير ذلك من الأخبار والذي يقتضيه الانصاف انا لو جوزنا العمل
بظاهر هذه الأخبار وأغمضنا عن مخالفتها للمشهور أو عمومات اخبار الزيادة فاستفادة كفاية الجلوس بقدر التشهد مطلقا سواء قارنه فعل التشهد أم لا بعد
البناء على وجوب التشهد وكون تركه عمدا مبطلا للصلاة كما هو مذهب الخاصة مشكلة جدا لما أشرنا إليه من أن المتبادر منها إرادة الجلوس المعهود الذي
لو جاز اجتماع حصوله بعنوانه الخاص مع نسيان التشهد ففرض نادر ينصرف عنه اطلاق النص نعم في التعبير بقوله ان كان جنس بقدر التشهد (اشعار بإرادة نفس الجلوس بهذا المقدار وان لم يقارنه فعل التشهد) ولكن هذا
التعبير من مؤيدات صدوره تقية لا كون الملحوظ فيه امكان تخلف الجلوس عن فعل التشهد نسيانا وكيف كان فدعوى ان المراد بالجلوس في هذه الأخبار
هو الجلوس الذي تحقق به فعل التشهد غير بعيدة واما ان المراد بالتشهد ما يعم التسليم (ففي حيز المنع الا ان يكون المراد به التورية من باب التقية لا لمجرد دعوى ان إرادة ما يعم التسليم) من اطلاق لفظ التشهد خلاف ما يتبادر من لفظه بل لأن وقوع الزيادة
بعد حصول الانصراف فرض بعيد وما ذكرناه في تقريبه انما يصحح امكانه لا شيوعه بحيث يقع بلحاظه الاستفصال وينزل عليه اطلاق الجوامع مع أن الغالب
المتعارف خلافه إذ الزيادة سهوا لا تقع عادة الا بتوهم النقص فهو اما ان يتوهم كونه بعد الأوليين فيتشهد ويأتي بالزيادة أو انه يزعم كونه بعد الأولى
أو الثالثة أو يغفل عن عدد الركعات فيأتي بالزيادة بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة واما فرض انه أولا يرى يرى نفسه اتيا بالأربع ركعات فيتشهد و
يسلم ثم يعتقد خلافه فيأتي بالزيادة ثم يعود إلى اعتقاده الأول فقلما يتفق حصوله فكيف يصح تنزيل اطلاق الجواب على ارادته بالخصوص مع أن الفرض
الأول اي وقوع الزيادة بعد نفس التشهد بلا تسليم أشيع ووقوع الاستفصال بملاحظته انسب فهذه الأخبار كادت تكون صريحة في أن زيادة
الخامسة بعد التشهد غير مبطلة ولذا استدل غير واحد بهذه الأخبار للقول بندبية التسليم زعما منه ان مقتضاها تحقق الخروج عن الصلاة بسائر المنافاة
التي منها زيادة الركعة فمتى تحققت الزيادة فقد خرج من صلاته ولكن الزيادة لم تقع في أثنائها بل بعد الفراغ من واجباتها فلا تؤثر في ابطالها إذ لا يعقل
بقاء التكليف بعد حصول الامتثال وقد تفطن بعض إلى فساد هذا الدليل وان صحة الصلاة حيث كانت مشروطة بان لا يزيد فيها ركعة لا يكون مجرد الاتيان
بذات الافعال كافية في سقوط التكليف بل صحتها مراعاة بعدم حصول الزيادة في الصلاة ولا يختلف الحال في صدق اسم الزيادة في الصلاة بين كون السلام
جزء واجبا أو مستحبا فالتزم بأنه واجب خارجي يتحقق به الانصراف ويحل به الافعال التي صارت محرمة على المصلي بتكبيرة الاحرام كما هو أحد الأقوال في
مسألة السلام ولم يتفطن إلى أن هذا أيضا غير مجد في نفي صدق اسم الزيادة في الصلاة إذ ليس المراد بالزيادة في الصلاة ايقاع الزيادة في أثنائها بل الاتيان
باجزائها أزيد مما اعتبره الشارع فيها فان هذا هو المتبادر من النهي عن الزيادة في الشئ فكما يتحقق هذا المعنى باقحام جزء زائد في خلالها كذلك يتحقق بالحاقها
الجزء الزايد بل لعل هذا الفرض بخصوصه هو المتبادر مما وقع فيه التعبير بلفظ على كما في خبر عبد الله بن محمد المتقدم الذي وقع فيه تشبيه الزيادة في الطواف
على الزيادة في الصلاة في كونها موجبة للإعادة وقد تقدم تمام الكلام فيما يتعلق بالمقام من النقض والابرام في مبحث السلام فراجع فالحق ان هذه الأخبار
بظاهرها منافية لاطلاق الروايات الدالة على مبطلية الزيادة سواء قلنا بان المراد بها نفس الجلوس بقدر التشهد أو الكناية عن التشهد وسواء
قلنا بان السلام واجب أو مستحب جزء من الصلاة أو خارج عنها فلابد اما من الاخذ بمفادها وارتكاب التقييد والتخصيص في تلك كما ذهب إليه جملة من
المتأخرين أو حملها على التقية وقد أشرنا إلى أن الأخير هو الأشبه ولا ينافيه اشتهار مذهب أبي حنيفة الذي هو موافق لهذه الأخبار في عصر الصادق
عليه السلام وكون بعض هذه الأخبار صادرا عن أبي جعفر عليه السلام فان نسبته إلى أبي حنيفة لا تدل على اختصاصه به وعدم كونه مسبوقا بهذا القول مع أنك
سمعت حكايته عن سفيان الثوري أيضا ولعل اختيار الإمام عليه السلام هذا القول في مقام التقية مع كون القول بعدم البطلان بزيادة الركعة مطلقا
اشهر فيما بين العامة على ما يظهر من نقل أقوالهم لكفاية اختياره في مقام التقية وكونه أقرب إلى الصواب مع امكان ارتكاب التورية فيه بإرادة التشهد
والسلام من الجلوس كما تقدمت الإشارة إليه والله العالم واما ما حكى عن المعتبر من الاستدلال لعدم مبطلية الزيادة بعد الجلوس بقدر ان يتشهد
بان نسيان التشهد غير مبطل فإذا جلس بقدر التشهد فقد فصل بين الفرض والزيادة ففيه ان هذا المقدار من الفصل ليس مانعا عن صدق الزيادة في
الصلاة كما أنه ليس بمانع عن أداء التشهد وما بقي من صلاته لو وقع سهوا في أثنائها كما هو واضح فتلخص مما ذكر ان الأظهر ما ذهب إليه المشهور من بطلان
الصلاة بزيادة الركعة مطلقا واما بطلانها بزيادة الركوع أو السجدتين عمدا أو سهوا فهو أيضا مشهور بل لم ينقل الخلاف فيهما عن أحد عدى ما سمعته
في المسألة السابقة من القول بجواز حذفهما لتدارك المنسي المستلزم لوقوع المحذوف زائدا بعد اعادته نعم قد يغلب على الظن ان القائل بعدم
بطلان الصلاة بزيادة الخامسة إذا جلس عقيب الرابعة بقدر ان يتشهد قد يلتزم بعدم البطلان بزيادة الركوع والسجدتين أيضا لو وقعت كذلك
ان لم ينقل عنهم التصريح به لامكان دعوى استفادته من الروايات الواردة في تلك المسألة بالفحوى وكيف كان فيدل على المدعى مضافا إلى الاجماع عمومه
قوله عليه السلام في خبر أبي بصير المتقدم من زاد في صلاته فعليه الإعادة ودعوى ان المراد به الزيادة العمدية والا يلزمه تخصيص الأكثر إذ الغالب
حصول الزيادة سهوا وهي في غير الأركان غير مبطلة اجماعا يمكن دفعه لا بما قد يتوهم من أن خروج زيادة ما عدى الأركان سهوا على جهة التقييد لا
التخصيص ولا محذور فيه لاندفاع هذا التوهم بأنه ليس للكلام عموم افراد واطلاق أحوالي كي لا يكون ارتكاب التقييد بالنسبة إلى أغلب افراده
537

مانعا عن الاخذ باطلاقه فيما عداه بل عمومه لكل فرد من افراد الزيادة واطلاقه بالنسبة إلى أحوالها جميعا نشأ من تعليق الحكم على طبيعة الزيادة من حيث هي
فتخلفه عن طبيعة الزيادة في كثير من مواردها كاشف عن عدم ملاحظة الطبيعة من حيث هي مناطا للحكم بل هي ببعض اعتباراتها ككونها عن عمد ونحوه بل
بمنع كثرة الخارج بدعوى ان الزيادة انما تتحقق في الافعال التي عمدتها الركوع والسجود دون الأقوال التي هي من قبيل القراءة والذكر والدعاء لحكومة
الروايات الدالة على جواز ان يردد القرآن ما شاء وان يتكلم في الصلاة بكل ما يناجي به ربه وان كلما ذكرت الله عز وجل أو النبي صلى الله عليه وآله
فهو من الصلاة فإنه يستفاد من مثل هذه الأخبار استحباب مطلق القراءة والذكر في الصلاة فلا يتحقق بالنسبة اليهما مفهوم الزيادة نعم لو نوى
بشئ مما عدى ما ثبت شرعيتها بالخصوص التوظيف بخصوصه حرم مع العمل من باب التشريع لا الزيادة كما أنه لو كان مثل هذه الأخبار واردا في الركوع والسجود
أيضا لكنا نلتزم بعدم اختصاص شرعيتهما بالعدد المعين وانه يجوز ان يكررهما ما شاء ولم يكن يتحقق بذلك مفهوم الزيادة وتوهم ان المقصود بهذه الأخبار
بيان خروج الذكر والدعاء من الكلام المبطل لا كونه من الصلاة المأمور بها شرعا فالمراد بكونه من الصلاة انها من جنس اجزائها فلا تنافيها لا انها تقع جزء
منها حقيقة كي تكون حاكمة على اخبار الزيادة مدفوع بمخالفته للظاهر ولكن يتوجه على أصل الاستدلال بعد تسليم جواز الاخذ باطلاق الرواية وعدم
استلزامه ارتكاب تخصيص الأكثر بالتقريب المزبور انه يعارضها في المقام عموم مرسلة سفيان بن السمط عن أبي عبد الله عليه السلام قال تسجد سجدتي السهو في كل زيادة
تدخل عليك أو نقصان بضميمة الاجماع على أن ما يوجب سجدتي السهو لا يوجب الإعادة وحيث إن المرسلة أخص مطلقا من تلك الرواية لورودها في الزيادة
السهوية وجب في مقام الجمع اما ارتكاب التخصيص في تلك الرواية بما عدى الزيادة السهوية ان جوزناه ولم نقل بأنه تخصيص الأكثر أو صرفها إلى إرادة العمدية أو
الزيادة في عدد الركعات ودعوى ان المقصود بعموم المرسلة هي الزيادة والنقيصة الغير المخلة بأصل الصلاة لا مطلقهما والقدر المتيقن من موردها
هي زيادة ما عدى الأركان ونقصه فلا تصلح مانعة عن الاستدلال بعموم تلك الرواية فيما هو محل الكلام مدفوعة بان المقصود من الرواية يعرف من لفظها وهي
بعمومها تدل على وجوب سجود السهو لزيادة الركوع والسجدتين ويستكشف بذلك عدم مبطليتها للصلاة بالملازمة الثابتة بالاجماع اللهم الا ان يدعى
انه يعلم من سياق الخبر ان طلب السجود انما وقع في المرسلة بعد ملاحظة الصحة فليتأمل وقد يناقش أيضا في دلالة خبر أبي بصير على المدعى بان المتبادر من
نسبة الفعل إلى الفاعل المختار انما هو إرادة العمد والاختيار وفيه بعد التسليم انما هو في الافعال التي تكون في الغالب اختيارية لا في مثل الزيادة
في الصلاة التي لا تصدر في الغالب الا عن سهو كما لا يخفى واستدل أيضا للبطلان بزيادة الركوع والسجدتين سهوا وعمدا بقوله عليه السلام في خبر زرارة و
بكير المتقدم إذا استيقن انه زاد في صلاته المكتوبة لم يعتد بها واستقبل صلاته استقبالا وفيه ما عرفته من أنه مروي عن الكافي بزيادة الركعة فاحتمال
السقط في رواية الشيخ أقوى من احتمال الزيادة في الكافي مع أن الكليني أضبط ولا أقل من مكافئة الاحتمالين الموجبة لسقوط الخبر عن صلاحية الاستدلال
والعجب مما شاع في كتب المتأخرين من الاستدلال بهذا الخبر لمبطلية الزيادة العمدية مطلقا مع أنه يتوجه عليه مع الغض عما عرفت ان مورده بحسب
الظاهر السهو فهو لا يتناول زيادة غير الأركان لأنها غير مبطلة نصا واجماعا نعم يفهم منه حكم العمد فيما يفهم منه حكم سهوه بالفحوى واستدل
أيضا لمبطلية زيادة الركوع سهوا وعمدا بقوله عليه السلام في صحيحة منصور ورواية عبيد المتقدمتين لا يعيد الصلاة أو صلاته من سجدة ويعيدها من ركعة بدعوى
ان المراد بالركعة الركوع بقرينة مقابلتها بالسجدة وفيه ان الركعة بمعناها المعروف أيضا صالحة للمقابلة فالدعوى غير مسلمة نعم مقابلتها للسجدة
قد تمنع انصرافها إلى الركعة التامة والا لكان المتجه دعوى ان مقابلتها بالسجدة التي هي بعض منها مشعرة أو ظاهرة في عكس المطلوب وكيف كان فعمدة المستند
لبطلان الصلاة بزيادة ركوع أو سجدتين سهوا وعمدا الاجماع واما بطلان الصلاة بزيادة ما عداهما من اجزاء الصلاة عمدا فهو المشهور بين المتأخرين
بل ربما يستشعر من كلماتهم كونه من المسلمات عكس ما يشعر به عبارة المصنف وغيره حيث اقتصروا على ذكر زيادة الركوع والسجدتين عمدا وسهوا ولم يتعرضوا
لحكم زيادة ما عدى الأركان عمدا لا ههنا ولا في مبحث القواطع فإنه مشعر بعدم كونها لديهم من حيث هي من المبطلات والا لصرحوا به أو بوجود الخلاف فيه
كما لا يخفى واستدل للبطلان بمطلق الزيادة العمدية بعموم قوله عليه السلام من زاد في صلاته فعليه الإعادة ويشكل بما تقدمت الإشارة إليه من أن خروج
الزيادات السهوية عن موضوع هذا الحكم يصلح ان يكون قرينة صارفة له عن الاطلاق فلا يتعين حينئذ إرادة العمد لجواز ان يكون المراد بها زيادة الأركان
أو الزيادة في عدد الركعات والأول وان كان أسبق إلى الذهن في بادي الرأي من حيث مقابلة العمد بالسهو واشعار نسبة الفعل إلى الفاعل المختار بإرادة
الاختيار ولكن بعد الالتفات إلى ندرة حصول الزيادة عمدا وكون زيادة الركعة هو الفرد الواضح مما يطل عليه انه زاد في صلاته بحيث قد يدعى انصراف
الاطلاق إليه يوجب التشكيك فيما أريد من الرواية خصوصا مع اشعار قوله عليه السلام في صحيحة منصور لا يعيد الصلاة من سجدة ويعيدها من ركعة وفي خبر عبيد
لا يعيد صلاته من سجدة ويعيدها من ركعة بان الزيادة المبطلة هي زيادة الركعة لا ابعاضها فليتأمل واستدل له
أيضا بمفهوم العلة الواقعة في رواية
الأعمش المتقدمة حيث قال عليه السلام ومن لم يقصر في السفر لم تجز صلاته لأنه قد زاد في فرض الله عز وجل وفيه ان المراد بالزيادة فيها على الظاهر هي الزيادة على عدد
الركعات الذي افترضه الله عليه حيث جعل الركعتين أربعة ويحتمل ان يكون المراد بفرض الله الركوع والسجود لما ورد في الصحيح ان القراءة سنة والتشهد
سنة والركوع فريضة والسجود فريضة ومما يؤيد ما ذكرناه انه لو حملت الرواية على إرادة جنس الزيادة للزم حملها على غير صورة السهو حتى يناسبه التعليل
538

وهو غير ممكن لأن غير الساهي اما عالم أو جاهل والجاهل في هذه المسألة معذور نصا وفتوى كما ستعرف إن شاء الله والله العالم على تقدير ان يأتي منه
قصد القربة بالاتمام الذي يعلم بأنه مخالف لتكليفه لا يكاد يتفق حصوله في الخارج فلا يصح تنزيل الرواية عليه فلابد من حملها على الناسي الذي ستعرف انه
يجب عليه الإعادة في الجملة وبالنسبة إليه مطلق الزيادة غير مبطلة كما عرفت اللهم الا ان يقال إن الرواية وردت تعريضا على العامة الذين يتممون في السفر
مع بلوغ اية القصر إليهم وعدم التزامهم بتفسيرها الواصل من أهل البيت عليهم السلام وليس مثلهم من الجاهل الذي دل الدليل على معذوريته فليتأمل واستدل
له أيضا بقوله عليه السلام في خبر عبد الله بن محمد المتقدم الطواف المفروض إذ أردت عليه مثل الصلاة المفروضة إذا زدت عليها فعليك الإعادة وفيه ان
المتبادر من الزيادة على الطواف المفروض والصلاة المفروضة هو ان يلحقهما من جنسهما بما يزيد عن الحد الذي جعله الشارع لهما بان يطوف ثمانية أشواط
ويصلي خمس ركعات واما لو أقحم شيئا زائدا في خلالهما كما لو كرر بعض خطواته في بعض أشواطه أو جزء من اجزاء صلاته فيشكل استفادة مبطليته من هذه
الرواية اللهم الا ان يقال إن الرواية وان كانت منصرفة عن الزيادة المتخللة في الأثناء ولكنها بظاهرها نعم الزيادة اللاحقة سواء كانت ركعة أو شوطا
كاملا أم كانت بعضا من الركعة أو الشوط فتتحقق الزيادة على الطواف بالزيادة على السبعة أشواط ولو بخطوة وعلى الصلاة بالقيام إلى الخامسة
وان لم يركع فيتم فيما عداه اي الزيادة الواقعة في الأثناء بعدم القول بالفصل الا ان يمنع ظهورها فيما ذكر إذ لا يبعد ان يقال إن المتبادر منها
هو زيادة الشوط والركعة لا ابعاضهما واستدل له أيضا بحسنة زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال لا تقرء في المكتوبة بشئ من العزائم فان السجود زيادة في المكتوبة
وفيه ان هذه الرواية لا تخلو عن اجمال لأن الاتيان بسجدة العزيمة في أثناء الصلاة لا يعد زيادة في المكتوبة بالمعنى الذي هو محل الكلام فإنه يعتبر
في صدق اسم الزيادة في الصلاة جعل الزائد جزء من صلاته بان يوقعها بعنوان الجزئية وهو يتوقف على القصد ولا أقل من عدم قصد الخلاف كما هو الشان
في سائر اجزاء الصلاة فسجدة العزيمة كالقيام والقعود الحاصل في أثناء الصلاة لا تعد زيادة في المكتوبة ولذا لو اتى بها في أثناء النافلة لا يقال عرفا
انه زاد في نافلته فيحتمل ان يكون المراد بكونها زيادة في المكتوبة كونها عملا زائدا خارجيا واقعا في خلالها مخلا بهيئتها الاتصالية المعتبرة لدى الشارع
في المكتوبة كما أنه يحتمل ان يكون المراد به الزيادة الحكمية رعاية للصورة أو تبعيتها للعزيمة المنوي بها الجزئية وكيف كان فالرواية من هذه الجهة لا تخلو
من تشابه يشكل التخطي عن موردها نعم يفهم منها حكم زيادة السجدة في الفريضة واما زيادتها في غير الفريضة أو زيادة غيرها في الفريضة أو السجود
الذي لا يتحقق به عنوان الزيادة كسجود السهو أو الشكر فلا ونحوها خبر علي بن جعفر المروي عن كتابه وعن قرب الإسناد انه سئل أخاه موسى عليه السلام عن الرجل
يقرء في الفريضة سورة والنجم أيركع بها أو يسجد ثم يقوم فيقرء بغيرها قال يسجد ثم يقوم فيقرء فاتحة الكتاب ويركع وذلك زيادة في الفريضة ولا يعود
يقرء في الفريضة بسجدة وقد تقدم توجيه هذه الرواية في مبحث القراءة واستدل أيضا لمبطلية الزيادة بتوقيفية العبادة وانها تغيير لهيئتها وانها مع
العمد تشريع محرم والنهي في العبادة يقتضي فسادها إلى غير ذلك مما تقدمت الإشارة إليه والى ضعفه في مبحث القراءة هذا ولكن الانصاف انه وان تطرق
الخدشة إلى كل واحد واحد من الأدلة المزبورة ولكنه ربما يستنبط من مجموعها منضما إلى بعض مؤيدات خارجية كايجاب سجدتي السهو للزيادة سهوا وعطف
النقصان عليها من مرسلة سفيان المتقدمة وتكاثر السؤال في الأخبار عن حكم زيادة بعض الاجزاء سهوا المشعر بمعروفية كون الزيادة في الصلاة عمدا
من المحاذير لديهم كون الزيادة العمدية مطلقا من المبطلات فالقول به مع أنه أحوط لا يخلو من قوة واما زيادة ما عدى الأركان جهلا فالأظهر عدم بطلان
الصلاة بها خصوصا إذا كانت ناشئة من اجتهاد أو تقليد كما لو زعم استحباب قنوت في الركعة الأولى أو قبل القراءة أو استحباب قنوتين في صلاة الوتر
ولم يكن كذلك في الواقع أو اعتقد ان القيام المتصل بالركوع هو قيام اخر وراء القيام الحاصل في ضمن القراءة إذ غاية ما يمكن دعوى استفادته من الأدلة
بالتقريب المزبور انما هي مبطلية الزيادة العمدية دون ما صدرت خطا أو جهلا أو نسيانا كما يؤيد ذلك اقتصار الإمام عليه السلام في خبر علي بن جعفر المتقدم على النهي
عن أن يعود يقرء في الفريضة بسجدة من غير أن يأمره بإعادة ما مضى فليتأمل نعم لو جوزنا الاخذ باطلاق رواية أبي بصير مقتصرا في تقييده على زيادة
ما عدى الأركان سهوا لاقتضى ذلك الالتزام بالبطلان مع الجهل أيضا كما أن قضية ذلك عدم جواز الاحتياط فيما يحتمل جزئيته الا بتكرير الصلاة ولا
المسامحة في دليله على تقدير كونه جزء مستحبا مع أن المعروف من طريقة الأصحاب خلافه فليتأمل هذا هو الكلام في حكم الزيادة واما موضوعها فقد
أشرنا فيما سبق إلى أن معنى الزيادة في الصلاة على ما ينسبق إلى الذهن من مفهومها هو ان يجعل اجزائها أزيد مما اعتبره الشارع فيها سواء كان الزائد
من جنس سائر الأجزاء أم مباينا لها ذاتا أو صفة فلو رأى مثلا ان النبي صلى الله عليه وآله اتى بفعل خارجي في أثناء الصلاة كشرب الماء مثلا فزعم أنه من
افعال الصلاة فأوقعه في أثناء صلاته بهذا الوجه فقد زاد في صلاته إذ الصلاة لدى التحليل مركبة عن عدة افعال متباينة فلو أضاف إليها فعلا اخر وراء
تلك الأفعال وأوقع الجميع بعنوان كونه صلاة صدق عليه اسم الزيادة سواء كان مماثلا لتلك الأجزاء أم لا نعم يعتبر في صيرورة الزائد جزء من
صلاته كي يتحقق بذلك مفهوم الزيادة ايقاعه بهذا الوجه والا فهو فعل خارجي واقع في خلالها كما هو الشان في سائر اجزاء الصلاة فإنها ما لم تنبعث
عن إرادة فعل الصلاة اي لم توجد بداعي الجزئية للصلاة لا تعد منها بل فعلا خارجيا وان صادفت محلها كما عرفته في محله وكيف كان فهل يعتبر في
صدق اسم الزيادة في الصلاة اعتداده بالجزء الزايد بان يعده من اجزاء صلاته فلو اتى بجزء ثم رفع اليد عنه واعاده أو اتى ببدله بنية الإجادة أو احتياطا
539

لاحتمال خلل في الأول أو لوقوعه فاسدا لم تصدق الزيادة أم تصدق مطلقا أو يفصل بين ما لو وقع الأول صحيحا فالثاني يقع زائدا دون عكسه أو
يفصل فيما لو وقع الأول صحيحا أيضا بين ما لو رفع اليد عنه بعد الفراغ منه أو في أثنائه كما لو عدل من سورة قبل الفراغ منها إلى أخرى لغرض ديني
كالأفضلية أو دنيوي كاستعجال ونحوه فلا يعد ذلك زيادة في الصلاة أو بعده فزيادة وجوه من أن تركيب الصلاة وكذا غيرها من العبادات كالوضوء
ونحوه تركيب اعتباري يدور مدار اختيار الفاعل وارادته فمتى رفع اليد عما أوجده بقصد الجزئية واتى ببدله فقد اختار التام صلاته مما عداه فلا
يتحقق بالنسبة إلى ما اختاره زيادة فرفع اليد عن الجزء في مثل هذه المركبات لدى العرف بمنزلة الهدم والاسقاط في المركبات الخارجية ومن
انه وجد بعنوان الجزئية فلا ينقلب عما وجد عليه ودعوى ان رفع اليد عنه كهدم البناء والاسقاط في المركبات الخارجية ممنوعة إذ لا اثر لرفع اليد في
انتقاضه كي يكون بمنزلة الهدم والاسقاط لأنه ليس من المبطلات فهو باق على صفة الجزئية فيتحقق بإعادته مفهوم الزيادة لا محالة ومن أن هذا انما
يتجه فيما لو وقع الأول صحيحا لاستلزامه سقوط التكليف به وعدم بقاء امره كي يقع الثاني امتثالا له فيقع زائدا وتوهم العرف ان رفع اليد عنه بمنزلة
هدم البناء لزعمهم جواز الامتثال عقيب الامتثال وانه برفع اليد عن الأول يقع الثاني امتثالا والا فلو علموا بأنه لا اثر له في بطلان الأول وصيرورته
لغوا لا ينكرون صدق اسم الزيادة عليه وهذا بخلاف ما لو وقع الأول فاسدا كما لو اتى به رياء أو بلا طمأنينة مثلا فإنه حال حدوثه لم يكن يصدق عليه
اسم الزيادة كي يؤثر في ابطال الصلاة لوقوعه مكان الجزء الصحيح فلو اكتفى به ومضى في صلاته تبطل صلاته من حيث الاخلال بشرط هذا الجزء (من حيث الزيادة) فهو غير موجب
لسقوط امره فإذا رفع اليد عنها وتداركه صحيحا فقد وقع الثاني موافقا لامره فلا يقع زائدا نعم قد يقال بان تداركه صحيحا موجب لأن يلحق الأول صفة
الزيادة وفيه نظر فان لحوق وصف الزيادة به موقوف على بقاء اعتباره في صلاته إلى حين اعادته وهو ليس كذلك لأن جزئيته لم تكن متأصلة
اي ممضاة شرعا بل كانت بجعله فإذا رفع يده عنه ولم يعتد به سقط اعتباره وعلى تقدير تسليم الصدق فلا شبهة في انصراف النصر عن مثل هذه الزيادة التي
لحقها وصف الزيادة بعد حدوثه ويمكن الالتزام بان العدول عن الجزء الصحيح قبل اكماله أيضا كذلك حيث إن الامر المتعلق به لا يسقط الا بعد الاكمال
فالمعدول إليه هو الذي يقع امتثالا لامره ومؤثرا في صيرورة الأول لغوا ومصداقا للزيادة ولكن هذا انما يتجه فيما لو عدل إلى غيره مما كان له اختياره في
مقام الإطاعة كالعدول من سورة إلى أخرى أو من الفاتحة إلى التسبيح أو عكسه في الأخيرتين دون ما لو استأنف ذلك الجزء بعينه فهو كما لو وجد الجزء بتمامه
صحيحا في وقوع ما يكرره زائدا ودعوى انصراف اخبار الزيادة عن مثل هذه الزيادة التي حصلت بإعادة الجزء بعنوان وقوعه مكان الأول لا كونه جزء
اخر قابلة للمنع فالتفصيل بين ما لو وقع الثاني زائدا وبين ما لو وقع صحيحا وان اثر في اتصاف الأول بصفة الزيادة والله العالم ثم لو سلمنا صدق الزيادة
وبطلان الصلاة بها في جميع الصور المزبورة فليس تدارك الأغلاط التي يسبق إليها اللسان من ذلك فإنه صدر منه لا عن قصد فلا يوصف
بالزيادة لما أشرنا إليه من أن صدق الزيادة موقوف على الاتيان به بقصد الجزئية وهو لم يقصد جزئية هذا الذي صدر منه بل الصحيح منه فما قصده
لم يتحقق ما لم يأت بالفرد الصحيح وما صدر منه لم يقصد جزئيته وهكذا سائر الأفعال التي تقع على غير وجوهها الا باختياره كما لو أراد ان يركع فيقع على الأرض
أو يقوم فيسقط وهكذا وقيل لو شك في الركوع فركع ثم ذكر انه كان قد ركع ارسل نفسه ذكره الشيخ وعلم الهدى وابن إدريس وابنا حمزة وزهرة
وفاقا لثقة الاسلام الكليني في الكافي على ما حكى عنهم بل عن الغنية دعوى الاجماع عليه وعن الشهيد في الذكرى أنه قال وهو قوي لأن ذلك وان كان
بصورة الركوع الا انه في الحقيقة ليس بركوع لتبين خلافه والهوى إلى السجود مشتمل عليه وهو واجب فيؤدي الهوى إلى السجود به فلا يتحقق الزيادة
حينئذ بخلاف ما لو ذكر بعد رفع رأسه من الركوع فان الزيادة حينئذ متحققه لافتقاره إلى هوى السجود انتهى وفي المدارك بعد نقل عبارة الذكرى قال ولا
يخفى ضعف هذا التوجيه نعم يمكن توجيهه بان هذه الزيادة لم تقتض تغيير الهيئة الصلاة ولا خروجا عن الترتيب الموظف فلا تكون مبطلة
وان تحقق مسمى الركوع لانتفاء ما يدل على بطلان الصلاة بزيادته على هذا الوجه من نص أو اجماع انتهى أقول ويمكن ان يوجه كلام الشهيد رحمه الله
بان مراده بقوله انه في الحقيقة ليس (بركوع انه ليس) بركوع صحيح ممضي شرعا بحيث يقع بهذا العنوان جزء من صلاته لا انه لا يتحقق به مسمى الركوع عرفا كي يتوجه عليه النقض
بسائر الموارد التي يتحقق فيها زيادة الركوع فغرضه ان فعله الذي اتى به بعنوان كونه ركوعا قد انكشف عدم صحته بهذا العنوان ولكنه من حيث هو لا
بهذا العنوان كان واجبا عليه لكونه بعضا من الهوى الواجب وحيث إن وجوب الهوى مقدمي لا يتوقف صحته على القصد فله ان بصرف الانحناء الذي قصد
به الركوع عند انكشاف استغنائه عن الركوع ما لم يرفع الرأس عنه إلى الهوى ومتى صرفه إليه لا يتحقق الزيادة في صلاته إذ الزيادة انما هي في الافعال لا
بمحض القصد ولم يتحقق هنا فعل زائد على ما وجب عليه عدى انه أوقع بعضه على غير وجهه بان قصد الركوع ببعض هوى السجود وهو غير مانع عن صحته هويا
فالانصاف ان ما حققه الشهيد رحمه الله لا يخلو عن وجه وان كان الأوجه ما ذكره في المدارك من انتفاء ما يدل على بطلان الصلاة بزيادته على
هذا الوجه لما عرفت فيما سبق من أن عمدة المستند لبطلان الصلاة بزيادة الركوع سهوا هو الاجماع وهو غير حاصل في المقام بل قد سمعت عن الغنية
دعوى الاجماع على خلافه وقد تلخص مما ذكر ان الأشبه ما حكاه عن السيد والشيخ لا البطلان كما قواه في المتن ووافقه غير واحد ممن تأخر عنه والله العالم
وان نقص ركعة فما زاد سهوا فان ذكر بعد التسليم قبل فعل ما يبطل الصلاة حتى السكوت الطويل المخل بالهيئة
الاتصالية أتم ولو كانت ثنائية بلا خلاف
540

فيه على الظاهر كما اعترف به في المدارك والحدائق ويدل عليه جملة من الأخبار منها ما عن الشيخ في الصحيح عن الحرث بن المغيرة النضري قلت لأبي عبد الله عليه السلام
انا صلينا المغرب فسهى الامام فسلم في ركعتين فأعدنا الصلاة قال ولم أعدتم أليس قد انصرف رسول الله صلى الله عليه وآله في ركعتين فأتم بركعتين الا أتممتم وما عن
الكافي والتهذيب عن أبي بكر الحضرمي قال صليت بأصحابي المغرب فلما ان صليت ركعتين فقال بعضهم انما صليت ركعتين فأعدت (فأخبرت أبا عبد الله عليه السلام فقال لعلك أعدت فقلت نعم فضحك ثم قال انما يجزيك ان تقوم وتركع ركعة وزاد) في التهذيب ان رسول الله صلى الله عليه وآله
سهى فسلم في ركعتين ثم ذكر حديث ذي الشمالين فقال ثم قام فأضاف إليها ركعتين وعن الشيخ في الصحيح عن العيص قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي ركعة
من صلاته حتى فرغ منها ثم ذكر انه لم يركع قال يقوم فيركع ويسجد سجدتين وعنه في موضع اخر انه رواه بتغيير في السند وفيه ويسجد سجدتي السهو وخبر
الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت أجئ إلى الامام وقد سبقني بركعة في الفجر فلما سلم وقع في قلبي اني أتممت فلم أزل اذكر الله تعالى حتى
طلعت الشمس فلما طلعت الشمس نهضت فذكرت ان الامام قد سبقني بركعة قال فان كنت في مقامك فأتم بركعة وان كنت قد انصرفت فعليك الإعادة و
موثقة عمار قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل صلي ثلاث ركعات وهو يظن أنها اربع فلما سلم ذكر انها ثلاث قال يبني على صلاته متى ذكر ويصلي ركعة
ويتشهد ويسلم ويسجد سجدتي السهو وقد جازت صلاته إلى غير ذلك من الأخبار الآتية واستدل له أيضا مع الغض عن الاجماع والاخبار بالأصل السالم
عن المعارض وفيه ان النصوص الدالة على حصول الانصراف قهرا بفعل السلام ولو في أثناء الصلاة حاكم على هذا الأصل ولكنه يرفع اليد عما يقتضيه تلك
النصوص بالاجماع والاخبار المزبورة ونظائرها مما يدل على أن تخلل التسليم في المقام بمنزلة صدوره سهوا غير مانع عن الانضمام فليتأمل وان ذكر
بعد ان (فعل ما) يبطلها عمدا وسهوا كالحدث أعاد على المشهور بل لم ينقل الخلاف فيه عن أحد من قدماء أصحابنا عدى ما حكاه غير واحد عن الصدوق في كتابه المقنع
من أنه قال إن صليت ركعتين من الفريضة ثم قمت فذهبت في حاجة لك فأضف إلى صلاتك ما نقص ولو بلغت الصين ولا تعد الصلاة فان إعادة الصلاة
في هذه المسألة مذهب يونس بن عبد الرحمن واستدل للمشهور مضافا إلى ما دل على انقطاع الصلاة وبطلانها بالحدث ونحوه بجملة من الأخبار منها
ما عن الشيخ في الصحيح عن جميل قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صلى ركعتين ثم قام قال يستقبل قلت فما يروي الناس فذكر له حديث ذي الشمالين فقال إن
رسول الله صلى الله عليه وآله لم يبرح من مكانه ولو برح استقبل وعن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهم السلام قال سئل عن رجل دخل مع الامام في صلاته وقد سبقه بركعة فلما
فرغ الامام خرج مع الناس ثم ذكر انه قد فاتته (ركعة قال يعيد) ركعة واحدة يجوز له ذلك إذا لم يحول وجهه عن القبلة فإذا حول وجهه عن القبلة فعليه ان يستقبل
صلاته استقبالا وعن أبي بصير في الموثق قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صلى ركعتين ثم قام فذهب في حاجة قال يستقبل الصلاة قلت فما بال رسول الله صلى الله عليه وآله
لم يستقبل حين صلى ركعتين فقال إن رسول الله صلى الله عليه وآله لم ينتقل من موضعه وعن سماعة في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال قلت أرأيت من صلى ركعتين
وظن أنها اربع فسلم وانصرف ثم ذكر بعد ما ذهب انه صلى ركعتين قال يستقبل الصلاة من أولها قلت فما بال رسول الله صلى الله عليه وآله لم يستقبل الصلاة وانما أتم
لهم ما بقي من صلاته فقال إن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يبرح من مجلسه فإن كان لم يبرح من مجلسه فليتم ما بقي من صلاته إذا كان قد حفظ الركعتين الأولتين و
يدل عليه أيضا خبر الحسين بن أبي العلاء المتقدم ويشهد للقول المحكى عن الصدوق اخبار كثيرة منها صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال سئل
عن رجل دخل مع الامام في صلاته وقد سبقه بركعة فلما فرغ الامام خرج مع الناس ثم ذكر بعد ذلك أنه فاتته ركعة (قال يعيدها ركعة) واحدة وتقييده بما إذا لم
يصدر منه فعل كثير ولم يحول وجهه عن القبلة بعيد وصحيحة عبيد بن زرارة قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صلى ركعة من الغداة ثم انصرف وخرج في
حوائجه ثم ذكر انه صلى ركعة قال يتم ما بقي وموثقة عبيد بن زرارة قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي الغداة ركعة ويتشهد ثم ينصرف ويذهب
ويجيئ ثم يذكر بعده انه انما صلى ركعة قال يضيف إليها ركعة ونقل عن الشيخ انه حمل هذه الأخبار على ما إذا لم يحصل الاستدبار ولا يخفى ما فيه من البعد
وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سئلته عن رجل صلى بالكوفة ركعتين ثم ذكر وهو بمكة أو بالمدينة أو بالبصرة أو ببلدة من البلدان انه صلى ركعتين قال
يصلي ركعتين وعن الشيخ انه حمله على من لم يذكر يقينا بل ظنا وحمل الاتمام على الاستحباب وجوز حمله على النوافل ولا يخفى ما فيهما من البعد وموثقة عمار
عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يذكر بعد ما قام وتكلم ومضى في حوائجه انه انما صلى ركعتين من الظهر والعصر والعتمة والمغرب قال يبني على صلاته فيتمها ولو
بلغ الصين وفي المدارك بعد ان نقل جل هذه الأخبار ونسب إلى ابن بابويه في كتابه المقنع الافتاء بمضمون موثقة عمار قال ما لفظه وأجاب الشيخ
رحمه الله تعالى في كتابي الأخبار عن هذه الروايات بالحمل على النافلة أو على أنه لم يتيقن الترك وهو بعيد جدا ويمكن الجمع بينهما بحمل هذه على الجواز وما تضمن الاستيناف
على الاستحباب انتهى وحكى عن جملة ممن تأخر عنه متابعته في هذا التوجيه اي حمل هذه الروايات على الجواز وما تضمن الاستيناف على الاستحباب وفي
الحدائق حكى عن جملة من المتأخرين منهم المحدث المجلسي انه احتملوا حمل هذه الأخبار على التقية ثم قال وهو جيد لما عرفت من أن الحمل على ذلك لا يتوقف
على وجود القائل به من المخالفين انتهى ما في الحدائق وربما يستشعر من كلامه مخالفة هذه الرواية لمذهب المخالفين أيضا ولكنه مع ذلك استجود حمله على التقية
بناء على ما أصله في مقدمات كتابه من أن التقية هي الأصل في اختلاف الأخبار ولا يشترط في حمل الرواية عليها موافقتها للعامة وكيف كان فالحق هو
ان الأخبار الواردة في هذه المسألة من الأخبار المتعارضة التي أمرنا فيها باعمال قاعدة التراجيح لا الجمع كي نتكلف في تويجهها عمل هذه الأخبار على الجواز وما
تضمن الاستيناف على الاستحباب إذ لا يكفي في جواز الجمع بين الأخبار مجرد امكانه بأي وجه حصل ولو بالتصرف في ظاهر كل من المتعارضين بلا شاهد داخلي
541

أو خارجي يساعد عليه الفهم العرفي والا لا يكاد يوجد خبران لا يمكن الجمع بينهما بوجه من الوجوه كي يحمل
عليه الأخبار الكثيرة الواردة في علاج المتعارضين
بل المدار في جواز الجمع المقدم على الترجيح امكانه عرفا بان يكون المتعارضان بحيث لو سمعهما أهل العرف من متكلم أو نسباهما شخص إلى مجتهدهم مثلا لم يروهما
متناقضين بل جعلوا بعضهما قرينة على ما أريد من الآخر على حسب ما يساعد عليه أفهامهم في تشخيص مقاصدهم العرفية وتلبس هكذا الأخبار الواردة
في الباب فان قوله عليه السلام في خبر محمد بن مسلم بعد الحكم بجواز إعادة ركعة واحدة إذا لم يحول وجهه عن القبلة (فإذا حول وجهه عن القبلة) فعليه ان يستقبل صلاته استقبالا يعد
في العرف مناقضا لقوله عليه السلام في موثقة عمار يبني على صلاته فيتمها ولو بلغ الصين والحاصل ان الأخبار بظاهرها متناقضة فيجب في مثلها
الرجوع إلى المرجحات والترجيح مع المشهور للشهرة والموافقة لعمومات أدلة القواطع واحتمال كون تدارك النقص بعد ايجاد المنافي فرضا مستأنفا
كقضاء التشهد والسجدتين المنسيتين فلا ينافيه عمومات أدلة القواطع مدفوع بمخالفته لظواهر أغلب الأخبار التي هي مستندة لهذا القول واما ما تضمنه
أغلب الروايات الموافقة للمشهور من قضية سهو النبي صلى الله عليه وآله المتعين حملها على التقية فليس موهنا لحجيتها بالنسبة إلى ما تضمنته من الاستيناف بل يؤكد
الوثوق بذلك ويورث الوهن فيما يعارضه مما يدل على البناء والاتمام فإنه أوفق بما تقتضيه هذه القضية ولذا وقع الاعتراض من الرواة على
الإمام عليه السلام حيث حكم بالاستيناف بأنه ما بال رسول الله صلى الله عليه وآله لم يستقبل وحيث لم يكن للإمام عليه السلام بدا لي انكار هذه القضية لأجل اشتهارها بين العامة
التجأ إلى تقريرها من باب التقية وصرفها إلى غير المورد الذي حكم بالاستقبال فهذه الجهة أيضا من المرجحات للروايات الموافقة للمشهور هذا كله
كله مع امكان ان يقال إن اعراض المشهور عن تلك الأخبار أسقطها عن الاعتبار إذ لم ينقل القول بمضمونها الا عن الصدوق في المقنع مع أنه حكى غير
واحد عنه في المقنع موافقته للمشهور فهذه الأخبار في حد ذاتها غير ناهضته للحجية فضلا عن صلاحيتها للمعارضة وان كان ما وقع بعد السلام قبل
تذكر النقص مما يبطلها عمدا لا سهوا كالكلام فقد اختلف الأصحاب في حكمه فعن النهاية والجمل والعقود والوسيلة والاقتصار والمهذب والغنية
انه يجب عليه الإعادة بل عن الأخير الاجماع عليه وعن الشيخ في المبسوط انه قوى في لإعادة وحكى عن بعض أصحابنا قولا بوجوب الإعادة في غير
الرباعية والمشهور كما ادعاه غير واحد الصحة وكيف كان ففيه تردد منشأه عدم كونه في الحقيقة ساهيا في الكلام بل هو بشهادة العرف مندرج
في الموضوع الذي خرج من الصلاة بالتسليم الذي جعله الشارع انصرافا وخاتمة للصلاة وتلبس بعدها بالافعال المنافية لها عن قصد وشعور ولكن
حيث كان خروجه من الصلاة مسببا عن السهو في عدد الركعات لم يعتد الشارع بخروجه وأوجب عليه العود إلى صلاته والبناء عليها ما لم يصدر منه ما
ينافيه والتكلم عمدا بعدها من المنافي فإنه كالتكلم عمدا في أثنائها مانع عن الحاق شئ بها ولذا لو تكلم عمدا بعد الصيغة الأولى من السلام المخرج يقع
كلامه خارجا ومانعا عن أن يلحق مها الصيغة الثانية ودعوى ان سلامه وقع في غير محله سهوا فلا يتحقق به الخروج من الصلاة فهو بعد في الصلاة
والكلام الصادر منه واقع في أثناء الصلاة غافلا عن وقوعه بهذا الوجه فهو ملحق بالكلام السهوي الغير المانع عن الحاق الباقي إليها يكذبها شهادة
العرف بتعلق السهو بترك الركعة لا بوقوع الكلام أو السلام في أثناء الصلاة هذا مع امكان ان يقال بانمحاء صورة الصلاة وخروجها عن
قابلية الالحاق عرفا بالانصراف عنها والتلبس بسائر الاعمال المنافية لها كالتكلم مع زيد أو السعي في بعض حوائجه أو نحو ذلك فان مثل هذه الأشياء
وان لم يكن بنفسها مما لو وقع في أثناء الصلاة سهوا مبطلا لها ولكن متى تلبس بها بعد رفع اليد عن صلاته بزعم بطلانها الانصراف عنها بالتسليم
ونحوه يعد في العرف من الافعال الماحية لصورة الصلاة المنافية لانضمام الباقي إليها كما هو مناط مبطلية الفعل الكثير الذي لا يختص مبطليته
بالعمد على ما صرح به غير واحد ومن ورود اخبار مستفيضة قاضية بالصحة منها صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في رجل صلى ركعتين من المكتوبة
فسلم وهو يرى أنه قد أتم الصلاة وتكلم ثم ذكر انه لم يصل ركعتين فقال يتم ما بقي من صلاته ولا شئ عليه وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يسهو
في الركعتين ويتكلم قال يتم ما بقي من صلاته تكلم أو لم يتكلم ولا شئ عليه إذ الظاهر أن المراد بها السهو في عدد الركعات وانه يزعم في الركعتين انه اخر
صلاته فيخرج منها ويتكلم لا في وقوع التكلم في أثناء الصلاة ومضمرة الشحام قال سئلته عن الرجل ثم ساق الحديث إلى أن قال عليه السلام وان هو استيقن صلى
ركعتين أو ثلاثا ثم انصرف فتكلم فلا يعلم أنه لم يتم الصلاة فإنما عليه ان يتم الصلاة ما بقي منها فان نبي الله صلى الله عليه وآله صلى بالناس ركعتين ثم نسي حتى انصرف فقال
له ذو الشمالين يا رسول الله احدث في الصلاة شئ فقال أيها الناس أصدق ذو الشمالين فقالوا نعم لم نصل الا ركعتين فقام فأتم ما بقي من صلاته و
نحوه صحيحة سعيد الأعرج المتضمنة حكاية سهو النبي صلى الله عليه وآله عن أبي عبد الله عليه السلام مع اختلاف في التعبير وخبر علي بن نعمان الرازي قال كنت مع أصحاب
لي في سفر وانا معهم وصليت بهم المغرب فسلمت في الركعتين الأولتين فقال أصحابي انما صليت بنا ركعتين فكلمتهم وكلموني فقالوا اما نحن فنعيد فقلت
لكني لا أعيده (وأتم بركعة) أتممت بركعة ثم سرنا فاتيت أبا عبد الله فذكرت الذي كان من أمرنا فقال لي أنت كنت أصوب منهم فعلا انما يعيد الصلاة من لا يدري
ما صلى وربما يؤيده أيضا بعض الأخبار المتقدمة ولا يخفى عليك انه لا ينبغي الاعتناء بشئ مما ذكر وجها للبطلان في مقابل النصوص الخاصة المصرحة
بالصحة المعتضدة بالشهرة بل عدم معروفية الخلاف فيه بين المتأخرين إذ غاية ما يلزم في الباب الالتزام بعدم كون ما حي الصورة سهوا في خصوص المقام
مانعا عن الانضمام بعد تسليم الصغرى بالتقريب المزبور ولا محذور فيه بعد مساعدة الدليل وقد احتمل شيخ مشائخنا المرتضى رحمه الله عدم كون
542

الفصل الطويل أو الفعل الكثير سهوا ولو كان ماحيا لصورة الصلاة مبطلا في المقام اخذا بظاهر صحيحة محمد بن مسلم ورواية الحسين بن أبي العلاء
المتقدمتين الواردة في أوليهما فيمن سبقه الامام بركعة فلما فرغ الامام خرج مع الناس ثم ذكر انه فاتته ركعة حيث علق الإمام عليه السلام بطلان صلاته
بما إذا حول وجهه عن القبلة مع أن ما صدر منه من أوضح ما يتحقق به في العرف محو الصورة وثانيتهما فيمن بقي بعد صلاته معقبا حتى طلعت الشمس ثم
ذكر نقص صلاته بركعة فاجابه الإمام عليه السلام بقوله ان كنت (في مقامك فأتم بركعة وان كنت) قد انصرفت فعليك الإعادة فلم يجعل الفصل الطويل مانعا عن الاتمام ولكن يمكن ان يقال إن
الفصل الذي يتحقق في ضمنه ليس بماحي للصورة وان طال بل يجوز الاتيان بمثله في أثناء الصلاة وكيف كان فليس شئ من مثل هذه المحاذير مقتضيا
لطرح النصوص المعتبرة المعمول بها لدى الأصحاب الا ان اقتحام قضية ذي الشمالين في البين والاستشهاد بها في أغلب الأخبار الواردة بالاتمام
في كل من الفروع الثلاثة المفروضة فيمن نقص ركعة سهوا حتى سلم جعل الجميع محلا للريبة خصوصا مع ظهور بعضها كخبر علي بن نعمان الرازي ومضمرة
شحام في أن التكلم عمدا بعد تبين النقص أيضا غير قادح في الاتمام وهذا مما يشكل الالتزام به الا على القول بجواز البناء مع تخلل المنافي مطلقا
فمن هنا قد يغلب على الظن ان هذه الروايات بأسرها من واد واحد فلا يبقى الوثوق بها وعن الشيخ انه حمل خبر علي بن نعمان الذي يظهر منه جواز التكلم عمدا
بعد تبين النقص على جهل المسألة وقال بان الجاهل هنا في حكم الناسي وعن الشهيد في الذكرى انه حمله على مثل حديث النفس ولكن شئ من هذين
التوجيهين لا يتمشى في المضمرة والصحيحة المتضمنتين لحكاية سهو النبي الدالتين بظاهرهما على جواز التكلم بعد التنبه حيث نسب ذلك إلى رسول الله
صلى الله عليه وآله الا انه لا حاجة إلى توجيه هذين الخبرين من هذه الجهة بل في أصل الحكاية فالانصاف ان المسألة موقع تردد وان كان الأشبه
بالقواعد الصحة إذ لا يجوز رفع اليد بمثل الموهنات المزبورة عن الأخبار المعتبرة السليمة عن المعارض مع سلامة بعضها كصحيحة محمد بن مسلم عن
مثل هذه الخدشات والله العالم واما القول الذي نسبه في المبسوط إلى بعض أصحابنا من وجوب الإعادة في غير الرباعية فلعل مستنده النصوص
الدالة على وجوب حفظ الأوليين والثنائية والثلاثية عن السهو وفيه ما ستعرف من أن المراد بها الشك في عدد الركعات هذا مع شذوذ
القول بالتفصيل وعدم معروفية قائله فهو في غاية الضعف فرع لو نقص ركعة فما زاد من صلاته ناسيا وسلم ثم شرع في أخرى فذكر النقص
فهل تبطل الصلاتان أم تصحان أم تبطل الأولى وتصح الأخيرة فعليه حينئذ العدول إلى الأول مع بقاء محله والمضي في صلاته عند تجاوزه
أو بالعكس وعلى تقدير صحتهما معا هل عليه اتمام اللاحقة ثم السابقة أو بالعكس وجوه من اشتراط تنجز التكليف بالثانية بالفراغ من الأولى ولم
يتحقق بعد فتقع الثانية فاسدة ومفسدة اما كونها فاسدة فلوقوعها بلا امر وكونها مفسدة فلأنها زيادة في الأولى مع أنها تعد في العرف
من الفعل الكثير المخل بالهيئة المعتبرة في الصلاة ومن منع وقوع الثانية بلا امر لأن اعتبار الترتيب بين الصلاتين انما هو لدى التنبه واما
عند عدم تنجز التكليف بالأولى لسهو أو غفلة ونحوها فلا ولذا لو لم يذكر حتى فرغ من الثانية صحت الثانية ولم يجب عليه اعادتها فهي حين حدوثها
وقعت صحيحة جزما وليس تذكر نقص الأولى في أثنائها من حيث هو من المبطلات فلا مقتضى لبطلانها ودعوى كونها مفسدة للأولى أيضا قابلة للمنع
إذ لم يقصد بها الجزئية لها كي تعد زيادة فيها وقد عرفت في محله ان قصد الجزئية شرط في حصول الزيادة المبطلة وليس تخلل مثل هذه الأفعال المجانسة
لافعال الصلاة التي هي من قبيل الذكر والدعاء مخلا بصورتها ولا مانعا عن تدارك النقص الواقع في الصلاة سهوا بعد انكشافها كالتعقيب وان كثر و
طال فلا مقتضى لبطلان الأولى أيضا فعليه حينئذ اتمام السابقة ثم اللاحقة رعاية الترتيب المعتبر بين الصلاتين بعد التنبه ومن امكان تسليم احدى
الدعويين وهي كون الافتتاح بالثانية زيادة في الأولى اخذا بمفهوم العلة الواقعة في خبر زرارة الناهي عن قراءة العزيمة في الصلاة المعلل بان
السجود زيادة في المكتوبة ومنع الأخرى وهي وقوع الثانية بلا امر فتبطل الأولى للزيادة دون الثانية ومن امكان العكس بتسليم الثانية ببعض
التقريبات التي لا يخفى على المتأمل ومنع الأولى كما عرفته في محله والأوجه هو صحة احدى الصلاتين فإن كان بينهما ترتب كالظهرين والعشائين أو كانت
الأولى فريضة والثانية نافلة يجب عليه رفع اليد عن الثانية واتمام الأولى والا بان كانتا نافلتين أو فريضتين لا ترتب بينهما فله المضي في
الثانية أو رفع اليد عنها واتمام الأولى اما عدم صحتهما معا فلتوقف كل منهما على السلام المخرج وهو بالنسبة إلى ما يقع جزء منها شرط لصحتها وبالإضافة
إلى الأخرى التي يقع هذا السلام في أثنائها ملحق بكلام الآدميين المبطل كما يظهر وجهه مما مر في مبحث التسليم فيمتنع صحتهما معا ولا مانع عن صحة إحديهما
فإن كان بينهما ترتب أو كانت الثانية نافلة يجوز قطعها تعين اتمام الأولى والا فهو مخير ومما يؤيد ما ذكرناه عن الطبرسي في الاحتجاج انه كتب
عبد الله بن جعفر الحميري إليه اي إلى صاحب الامر عجل الله فرجه يسئله عن رجل صلى الظهر ودخل في العصر فلما ان صلى من صلاة العصر ركعتين استيقن
انه صلى الظهر ركعتين كيف يصنع فأجاب عليه السلام ان كان احدث بين الصلاتين حادثة يقطع بها الصلاة أعاد الصلاتين وإذا لم يكن احدث حادثة
جعل الركعتين الأخيرتين تتمة لصلاة الظهر وصلى العصر بعد ذلك إذ الظاهر أن المراد بالركعتين الأخيرتين الركعتين الباقيتين من العصر كما
فهمه في الحدائق فمعناه انه يرفع اليد عن العصر ويتم الظهر ويحتمل ان يكون المراد بالركعتين الأخيرتين الركعتين اللتين اتى بهما أخيرا بنية العصر كما
فهمه الشهيدان على ما يظهر من كلامهما وجعلاه على وفق القاعدة فعن الشهيد الأول في قواعده قال لو ظن أنه سلم فنوى فريضة أخرى ثم ذكر نقص
543

الأولى فالمروي عن صاحب الامر عجل الله فرجه الاجزاء عن الفريضة الأولى والسر فيه ان صحة التحريم بالثانية موقوف على التسليم من الأولى في موضعه
أو الخروج منها ولم يحصل فجرى التحريمة مجرى الأذكار المطلقة التي لا تخل بالصلاة ونية الوجوب في الثانية لغو لعدم مصادفته محلا وحينئذ هل تجب
نية العدول إلى الأولى الأقرب عدمه لعدم انعقاد الثانية فهو بعد في الأولى نعم يجب العقد إلى أنه في الأولى من حين الذكر انتهى وعن الشهيد
الثاني في الروض أنه قال لو سلم على بعض من صلاته ثم شرع في فريضة أو ظن أنه سلم فشرع في فريضة
أخرى ولما يأت بينهما بالمنافي فان المروي عن صاحب
الامر عجل الله فرجه الاجزاء عن الفريضة الأولى واغتفار ما زيد من تكبيرة الاحرام وهل يفتقر إلى العدول إلى الأولى يحتمله لأنه في غيرها وان كان سهوا
كما لو صلى العصر ظانا انه صلى الظهر ثم تبين العدم في الأثناء وعدمه وهو الأصح لعدم انعقاد الثانية لأن صحة التحريم بالثانية موقوفة على التسليم
من الأولى في موضعه أو الخروج بغيره ولم يحصلا نعم ينبغي ملاحظة كونه في الأولى من حين الذكر بناء على تفسير الاستدامة الحكمية بأمر وجودي وعلى التفسير الأصح
يكفي في الافعال الباقية عدم ايقاعها بنية الثانية انتهى ولا يخفى عليك ان احتساب ما اتى به بنية العصر عما بقي من الظهر في غاية الاشكال كما يظهر وجهه
مما مر في مبحث النية والرواية المزبورة لا تنهض باثباته إذ لو لم نقل بأنها ظاهرة في المعنى الأول فلا أقل من اجمالها وعدم ظهورها في هذا المعنى وربما
يظهر من عبارة العلامة المحكية عن المنتهى التردد فيه وربما قال في محكى المنتهى ولو نقص من عدد صلاته ناسيا وسلم ثم ذكر تدارك اكمال صلاته وسجد للسهو
سواء فعل ما يبطلها عمدا كالكلام أو لا اما لو فعل المبطل عمدا وسهوا كالحدث والاستدبار ان ألحقناه به فإنه تبطل لعدم مكان الاتيان بالفائت من غير
خلل في هيئة الصلاة ولقول أحدهما إذا حول وجهه عن القبلة استقبل الصلاة استقبالا ولو فعل المبطل عمدا ساهيا وتطاول الفصل فالأقرب عدم
البطلان ويحتمل لخروجه عن كونه مصليا فحينئذ يرجع في حد التطاول إلى العرف ولو ذكر بعد ان شرع في أخرى وتطاول الفصل صحت الثانية وبطلت الأولى
ان لم يطل عاد إلى الأولى وأتمها وهل تبني الثانية على الأولى فيه احتمال فيجعله ما فعله من الثانية تمام الأولى ويكون وجود التسليم كعدمه لأنه سهو
معذور فيه والنية والتكبير ليستا ركنا في تلك الصلاة فلا تبطلها ويحتمل بطلان الثانية لأنها لم تقع بنية الأولى فلا يعتبر بعد عدة منها ولو كان ما
شرع فيه ثانيا نفلا فالأقرب في لبناء لأنه لا يتأدى الفريضة بنية النفل انتهى والأشبه ما عرفت وكذا اي مثل ما لو نقص ركعة سهوا في التفصيل المتقدم
لو ترك التسليم بناء على وجوبه وجزئيته كما هو الأظهر ثم ذكر فإن كان تذكره بعد فعل ما يبطلها عمدا وسهوا أعاد الصلاة (والا اتى بالتسليم ولكن قد يشكل ذلك أولا بمنافاته لعموم ما دل على في عادة الصلاة) بترك شئ نسيانا مما عد الأركان
مثل قوله عليه السلام في صحيحة زرارة لا تعاد الصلاة الا من خمسة (الخ) ودعوى ان المبطل هو وقوع المنافي وهو الحدث ونحوه في أثناء الصلاة لا نسيان
التسليم كي ينافيه ما دل على عدم بطلان الصلاة بنسيان ما عدى الأركان حيث إنه لا مخرج من الصلاة ما لم يسلم مدفوعة بشهادة العرف بخلو صلاته
من التسليم نسيانا لا وقوع الحدث في أثنائها كما هو حال نسيان الجزء الأخير من سائر المركبات الخارجية التدريجية وحيث إن اعتبار ما عدى الأركان في الصلاة
مخصوص بحال الالتفات والتذكر فالصلاة المطلوبة من ناسي التسليم هي الصلاة المتركبة مما عدى السلام وقد حصل الفراغ منها ووقع الحدث بعدها مع امكان
ان يقال إنه لا يكاد يفهم من أدلة المنافيات عدى كونها قاطعة للصلاة اي مانعة عن انضمام الأجزاء الباقية إلى سابقتها وهذا انما يستلزم البطلان إذا كان الباقي
ركنا أو كان المنافي صادرا عن عمد كي يستند الاخلال به إلى اختياره والا فيعمه عموم لا تعاد ونحوه فليتأمل وثانيا بمخالفته للمستفيضة المتقدمة في مبحث
السلام المصرحة بعدم بطلان الصلاة بالحدث قبل التسليم المنصرفة أو المصروفة إلى الحدث الغير الاختياري جمعا بين الأدلة ويمكن التفصي عن هذا
بما عرفته في محله من قوة احتمال ان يكون المراد بالسلام في تلك الأخبار هي الصيغة الأخيرة التي التزمنا باستحبابها فلا يتعين فيها التوجيه المزبور فالأولى
الاستشهاد له بخبر عبيد بن زرارة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل يحدث بعد ما يرفع رأسه من السجود الأخير قال تمت صلاته وانما التشهد سنة في الصلاة
فيتوضأ ويجلس مكانه أو مكانا نظيفا فيتشهد بعد حمله بحكم الاجماع على الحدث السهوي فيفهم منه حينئذ حكم الحدث قبل التسليم بالفحوى وصحيحة زرارة في
الرجل يحدث بعد ان يرفع رأسه من السجدة الأخيرة وقبل ان يتشهد قال ينصرف ويتوضأ فان شاء رجع إلى المسجد وان شاء ففي بيته وان شاء حيث شاء
قعد فيتشهد ثم يسلم وان كان الحدث بعد الشهادتين فقد مضت صلاته وما فيهما من الامر بفعل التشهد فهو بحسب الظاهر على جهة القضاء فليس منافيا
للمطلوب وكيف كان فالقول بعدم بطلان الصلاة بنسيان السلام كما قواه شيخنا المرتضى أشبه ولو ترك سجدتين سهوا ثم علم بذلك ولم يرد انهما من ركعة
كي يكون تاركا للركن أو من ركعتين رجحنا جانب الاحتياط كما في المتن وغيره بل عن الكفاية انه المشهور وعن تأمل في دليله وكأن تأمله نشا من مخالفته
ايجاب الاحتياط لما يقتضيه اصالة الصحة وقاعدة الشك في الشئ بعد تجاوز المحل وهو في غير محله لأنه اما ان يحصل له العلم بالترك بعد الفراغ من الصلاة
أو في الأثناء وعلى الثاني اما ان يكون بعد تجاوز المحل بحيث لو لم يكن شكه المتعلق بكل من طرفي علمه الاجمالي مقرونا بالعلم لم يكن يلتفت إليه كما لو ذكر بعد
التشهد أو بعد تلبسه بالركعة الثالثة بوقوع الترك في الأوليين أو قبل تجاوز المحل كما لو ذكره قبل التشهد اما هذه الصورة فهي خارجة عن منصرف كلماتهم
التي حكموا فيها بترجيح جانب الاحتياط وكيف كان ففي هذه الصورة اما ان يكون ترك السجدتين الذي علمه بالاجمال مرددا بين احتمالات ثلاثة بان احتمل كونه
مجموعهما من الأولى أو من الثانية أو كل سجدة من ركعة أو بين احتمالين بان علم اجمالا بأنه اما ترك من كل منهما سجدة أو السجدتين معا (من خصوص الثانية أو) من خصوص الأول اما إذا
احتمل كونهما من الثانية سواء احتمل معه كونهما معا من الأولى أيضا أم لا فقد يقوي في النظر ان عليه ان يأتي بالسجدتين ويمضي في صلاته ولا ينسى احتمال
544

وقوع خلل في الأولى بترك سجدة أو سجدتين لأن الشك بالنسبة إليها شك في الشئ بعد تجاوز محله وبالنسبة إلى احتمال كونهما من هذه الركعة شك
في الشئ قبل تجاوز المحل والمرجع فيه اصالة عدم فعل المشكوك فيه وبقاء التكليف به وليس علمه الاجمالي في هذا الفرض مانعا عن اجراء الأصول في
مجاريها إذ لا يلزم منها مخالفة قطعية لما علمه بالاجمال اللهم الا ان يمنع جريان قاعدة الشك بعد التجاوز في مثل المقام الذي علم اجمالا بفوات
شئ مردد بين ما بقي محله وما تجاوز عنه كما ليس بالبعيد بالنظر إلى منصرف أدلته ومن هنا احتمل شيخنا المرتضى رحمه الله في هذه الصورة وجوب قضاء
سجدة واحدة بعد الصلاة لتحصيل البراءة اليقينية من المنسي ولكنه لم يوجب عليه إعادة الصلاة وان احتمل
كونهما من الأولى نظرا إلى أن قاعدة الشك
بعد التجاوز إذا منعنا جريانها في المقام يكون المرجع اصالة بقاء التكليف بالمنسي وعدم فعله في محله فعليه تداركه بعد الصلاة ولا يثبت بمثل هذه
الأصول فوات السجدتين من الأولى فأصالة عدم تحقق المبطل سليم عن المزاحم لا يقال فعلى ما ذكر يجب عليه قضاء السجدتين بعد الصلاة لأن احتمال
فواتهما من الأولى وان لم يلتفت إليه من حيث كونه مبطلا ولكنه يجب الالتفات إليه من حيث كونه جزء لأنا نقول فوات سجدتين معا مبطل للصلاة
فلا يشرع قضائهما فكيف يمكن اثبات امر يعلم بعدم شرعيته بالأصول هذا ولكن الأصل الذي بنوا عليه الحكم بصحة الصلاة أعني اصالة عدم تحقق المبطل
مما لا أصل له في مثل المقام الذي ينشأ البطلان من في يجاد تمام الاجزاء المقومة لها فان مقتضى الأصل في مثل المقام في لاتيان بالمأمور به
وبقاء التكليف ما لم يكن هناك أصل حاكم كقاعدة الشك بعد الفراغ أو بعد تجاوز المحل والمفروض عدم جريان شئ منهما في المقام فالأظهر بناء
على عدم جريان قاعدة الشك بعد تجاوز المحل وجوب الإعادة لقاعدة الشغل وهل يجوز له القطع والاستيناف أم عليه الاتمام وقضاء سجدة (ثم الإعادة) وجهان من أن
كونه في الصلاة غير معلوم حتى يتنجز في حقه حرمة القطع ومن امكان استصحاب الكون في الصلاة المتفرع عليه حرمة المنافيات وان لم يثبت
به موافقة الماتى به للمأمور به كما تقرر في محله ولكنه لا يخلو عن تأمل فليتأمل واما إذا لم يحتمل كونهما من الثانية بل اما من الأولى أو كون كل سجدة من ركعة
فحكمه بناء على صحة التمسك بأصالة في لمبطل في مثل المقام هو ان يأتي بسجدة ويمضي في صلاته ثم يقضي سجدة بعد الصلاة ولكنك عرفت ضعف المبني
فمقتضى الأصل في المقام حيث علم اجمالا بوقوع خلل في الأولى اما بترك سجدة أو سجدتين الاحتياط لكونه شكا في المكلف به ولا يقاس ذلك بما لو علم
اجمالا بفوات ركن من الأولى أو القراءة ونحوها مما لا اثر لفواته سهوا حيث إن علمه الاجمالي في المثال غير منجز للتكليف بخلاف ما نحن فيه فإنه يعلم
اجمالا بتنجز تكليف في حقه اما باستيناف الصلاة أو قضاء سجدة للأولى بعد الصلاة فعليه الاحتياط وقضية ذلك اتمام الصلاة بالاتيان بسجدة
للثانية لوقوع الشك فيها قبل تجاوز محلها والمضي في الصلاة وقضاء سجدة للأولى بعدها ثم الإعادة وهل يجوز له القطع والاستيناف فيه
وجهان كما عرفت واما ان ذكره بعد التشهد بناء على أن الدخول فيه موجب لعدم الالتفات إلى الشك أو بعدم الدخول في الثالثة قبل التلبس بركوع
الثالثة فالأقوى البطلان إذ ليس له ترجيح أحد الاحتمالات كي يعمل بمقتضاه من استيناف الصلاة ان كانتا من الأولى أو تداركهما في الصلاة ان كانتا من الثانية
أو تدارك إحديهما في الصلاة وقضاء الأخرى بعدها ان كان كل واحدة منهما من كل من الركعتين إذ الاحتمالات متعارضة والشك بالنسبة إلى الجميع شك
بعد تجاوز المحل فلو عمل بالقاعدة في الجميع لزم منه طرح العلم الاجمالي والمضي في صلاته مع أنه يعلم تفصيلا بمخالفته لما هو تكليفه من الاستيناف أو
الرجوع وتدارك السجدتين أو إحديهما في الصلاة نعم لو شك في أن كلتيهما من الثانية أو كون كل منهما من كل من الركعتين أمكن الالتزام بكونه
بمنزلة ما لو ذكره قبل تجاوز المحل فعليه الاتيان بالسجدتين والمضي في صلاته حيث إن عليه الغاء الزائد والرجوع التدارك المنسي المعلوم اجمالا تحققه في
هذه الركعة فليتأمل واما ان ذكره بعد التلبس بركوع الثالثة فهو كما لو ذكره بعد الفراغ من الصلاة واما في هذه الصورة اي فيما لو ذكره
بعد الفراغ فقد يقال بصحة صلاته وعدم وجوب قضاء السجدتين (لقاعدة الشك مد الفراغ وتجاوز لمحل وأصالة براءة اللازمة عن التكليف بقضاء السجدتين) وعلمه اجمالا بان صلاته اما باطلة وان عليه قضاء المنسي غير مانع عن اجراء الأصول
في مجاريها لأن مخالفة الاحكام الظاهرية للواقعية إذا اقتضتها الأصول والقواعد في الشبهات الموضوعية غير عزيزة وفيه ما تقرر في محله
من أن العلم الاجمالي كالتفصيلي منجز للتكليف وحيث انه يعلم اجمالا بأنه في الواقع اما مكلف بإعادة الصلاة أو قضاء المنسي وجب عليه الاحتياط
بالجمع بينهما وما يقال من جواز مخالفة الحكم المعلوم بالاجمال في الشبهات الموضوعية مما لا ينبغي الاصغاء إليه والموارد الواردة في الشرع
لموهمة للجواز لابد من توجيهها ثم انا قد أشرنا إلى أن مقتضى الاحتياط في المقام هو الجمع بين قضاء السجدتين والإعادة ولكن قد يلوح من
كلام بعض ان مراد المصنف وغيره ممن رجح جانب الاحتياط في المسألة خصوص الإعادة لا الجمع وهو لا يخلو من وجه لأن الأصل براءة ذمته
عن التكليف بقضاء السجدتين ولا يعارضه اصالة براءة ذمته عن التكليف بالإعادة لأنها من اثار بقاء الأمر الأول وعدم حصول امتثاله وهو
موافق للأصل فعلمه الاجمالي بان عليه اما قضاء السجدتين أو الإعادة غير موجب للاحتياط بعد ان كان مقتضى الأصل في أحد طرفيه الاشتغال وفي
الآخر البراءة فليتأمل ولو علم أن السجدتين كانتا من ركعتين ولكن لم يدر أيهما هي قيل كما عن الشيخ وجماعة يعيد لأنه لم تسلم الأوليان يقينا
والأظهر انه لا إعادة لما ستعرف من أن الأظهر عدم الفرق بين الأوليين وغيرهما في احكام ما عدى عدد الركعات وعليه سجدتا السهو لنسيان السجدة
كما ستعرفه عند التعرض لموجبات سجدتي السهو بل المتجه تكريرهما إذ المفروض ترك سجدتين من ركعتين وهو لا يكون الا لسهوين وقضية الأصل عدم
545

تداخل موجبهما وان أخل بواجب غير ركن لم تبطل صلاته اجماعا كما ادعاه في الجواهر وغيره ويدل عليه مضافا إلى ذلك صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام
قال لا تعاد الصلاة الا من خمسة الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود ويدل أيضا جملة من الأخبار الآتية الدالة على أنه إذا حفظ الركوع والسجود
فقد تمت صلاته فمنه ما تتم معه الصلاة من غير تدارك ولا سجود للسهو ومنه ما يتدارك من غير سجود ومنه ما يتدارك مع سجدتي السهو فالأول من
نسي القراءة حتى ركع كما يدل عليه صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال إن الله عز وجل فرض الركوع والسجود وجعل القراءة سنة فمن ترك القراءة متعمدا
أعاد الصلاة ومن نسي القراءة فقد تمت صلاته ولا شئ عليه وموثقة منصور بن حازم قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام اني صليت المكتوبة فنسيت ان اقرأ في
صلاتي كلها فقال أليس قد أتممت الركوع والسجود قلت بلى قال تمت صلاتك إذا كان نسيانا وصحيحة معاوية بن
عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قلت الرجل يسهو
في القراءة في الركعتين الأوليين فيذكر في الركعتين الأخيرتين انه لم يقرء قال أتم الركوع والسجود قلت نعم قال إني اكره ان اجعل اخر صلاتي أولها
وموثقة أبي بصير قال إذا نسي ان يقرء في الأولى والثانية اجزئه تسبيح الركوع والسجود وان كان الغداة فنسي ان يقرء فيها فليمض في صلاته وخبر
الحسين بن حماد عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له أسهو عن القراءة في الركعة الأولى قال اقرأ في الثانية قلت أسهو في الثانية قال اقرأ في الثالثة
قلت أسهو في صلاتي كلها قال إذا حفظت الركوع والسجود فقد تمت صلاتك والجهر والاخفات في موضعهما كما عرفته في محله بل قد عرفت فيما سبق
انه لا يجب تداركهما وان ذكره قبل الركوع كما نقل عن كثير التصريح به بل وان ذكره في الأثناء بل لو تجاوز كلمة ودخل في كلمة أخرى ثم ذكر لم يرجع لاختصاص
اعتبارها بحال العمد والالتفات على ما يظهر من دليله فما عن ظاهر بعض أو صريحة من أنه يرجع ما لم يركع ضعيف أو قراءة الحمد جميعها أو بعضها أو قراءة
السورة كذلك حتى ركع كما يدل عليه الأخبار المزبورة بالفحوى أو الذكر في الركوع كما يدل عليه مضافا إلى عموم بعض الأخبار المزبورة خصوص خبر القداح
عن جعفر عليه السلام عن أبيه عليه السلام ان عليا عليه السلام سئل عن رجل ركع ولم يسبح ناسيا قال تمت صلاته وخبر علي بن يقطين قال سئلت أبا الحسن عليه السلام الأولى عن رجل نسي تسبيحة
في ركوعه وسجوده قال لا باس بذلك أو الطمأنينة فيه حتى رفع رأسه بحيث خرج عن مسمى الركوع ولزم من تداركه زيادة الركن لا لعموم خبر لا
تعاد وغيره مما دل على أن ملاك الصحة حفظ الركوع والسجود فإنه قاصر عن أن يعم الاخلال بشرائط الركوع الذي هو أحد الخمسة التي تعاد الصلاة منها
بل لقصور ما دل على شرطية الطمأنينة للركوع عن إفادتها في غير حال التذكر كما تقدم تحقيقه في محله وعرفت فيما تقدم ضعف ما حكى عن الإسكافي من القول
بركنيتها فراجع أو رفع رأسه أو الطمأنينة فيه بلا خلاف فيهما على الظاهر ويدل عليهما مضافا إلى ذلك عموم خبر لا تعاد وغيره حتى سجد ويفهم
من ذكر الغاية انه يجب تدارك الطمأنينة لو تذكر قبل السجود وفيه نظر يظهر وجهه مما مر عند التعرض لوجوبها أو الذكر في السجود كما يدل عليه مضافا
إلى عموم الصحيحة المتقدمة خصوص خبر علي بن يقطين المتقدم أو السجود على الأعضاء السبعة من غير فرق بين الجبهة وغيرها على ما يظهر من المتن وغيره ولكن
صرح غير واحد بان هذا فيما عدى الجبهة واما فيها فنسيان السجود عليها في السجدتين معا يوجب فوات الركن وفي الواحدة فوات الواحدة فيدخل في
القسم الثالث وهو مبني على أن وضع الجبهة من مقومات مفهوم السجود وبدونه لا يتحقق مسماه وقد تأمل فيه في الجواهر بل قوى في لفرق بين الجبهة
وغيرها بدعوى تحقق مفهومه عرفا بوضع مقدم رأسه ونحوه وهو لا يخلو عن تأمل وعدم سقوط السجود على الذقن أو مقدم الرأس مثلا لدى تعذر السجود
على الجبهة لا يدل على كونه مصداقا حقيقيا للسجود حتى مع سلامة الجبهة والتمكن من وضعها على الأرض وكيف كان فالظاهر في لخلاف في أن الركن الذي
تبطل الصلاة بالاخلال به سهوا هو مسمى السجود وما زاد على ذلك ككونه على سبعة أعظم مطمئنا باقيا بمقدار أداء الذكر الواجب فهي أمور اعتبرها
الشارع لدى التمكن والتذكر لا مطلقا فهذا هو عمدة المستند لذلك والا فاستفادته من عموم خبر لا تعاد أو الروايات الدالة على صحة الصلاة مع
حفظ الركوع والسجود لا يخلو من اشكال لامكان ان يكون المراد بالركوع والسجود فيها صحيحتهما شرعا لا مجرد مسماهما فليتأمل أو الطمأنينة فيه حتى رفع رأسه
كما عرفته في الركوع أو رفع رأسه من السجود اي اكماله كما فسره في الجواهر والا فلا يتحقق نسيان الرفع مع تحقق السجدتين كما هو المفروض في عبارة المتن
بقرينة قوله حتى سجد اللهم الا ان يريد به مجرد النية وقصد كون ما تلبس به هو السجدة الثانية كي يمكن اجتماعه مع نسيان الرفع فيما بين السجدتين أو الطمأنينة
فيه اي في رفع الرأس من السجدة الأولى حتى سجد للثانية كما يظهر وجهه مما من أو الذكر في السجود الثاني أو السجود على الأعضاء السبعة أو الطمأنينة فيه حتى
رفع رأسه على نحو ما مر في السجود الأول الثاني ما يتدارك من غير سجود للسهو من نسي قراءة الحمد حتى قرء السورة استأنف الحمد بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن
بعض دعوى الاجماع عليه صريحا ويدل عليه مضافا إلى اطلاق ما دل عليه وجوب قراءة الحمد السالم عن ورود مقيد عليه بالنسبة إلى مثل الفرض الذي
الذي لم يفت محل تداركه خصوص خبر أبي بصير قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي أم القران قال إن كان لم يركع فليعد أم القران وموثقة سماعة قال
سئلته عن الرجل يقوم في الصلاة فينسي فاتحة الكتاب قال فليقل أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ان الله هو السميع العليم ثم ليقرئها ما دام لم يركع
فإنه لا صلاة له حتى يبدء بها في جهر أو اخفات فإنه إذا ركع اجزئه إن شاء الله واما خبر علي بن جعفر عن أخيه المنقول عن قرب الإسناد قال سئلته عن الرجل
افتتح الصلاة فقرء سورة قبل فاتحة الكتاب ثم ذكر بعد ما فرغ من السورة قال يمضي في صلاته ويقرء فاتحة الكتاب فيما يستقبل فلابد من حمله على ما لا ينافي
ما عرفت أورد علمه إلى أهله ويحتمل قويا ان يكون قوله عليه السلام ويقرء فاتحة الكتاب فيما يستقبل مسوقا لبيان كيفية المضي دفعا لتوهم الاكتفاء بما مضى
546

بانيا على مضي محل الفاتحة فكأنه قال مبتدء من الفاتحة وقد تقدم مزيد توضيح لذلك في مبحث القراءة وعرفت فيما تقدم هناك انه ليس له ان يجتزي
بالسورة التي قرأها قبل الفاتحة بل عليه ان يقرء سورة بعد الفاتحة ولا يتعين عليه إعادة السورة التي قراها للأصل واستصحاب بقاء التخيير خلافا لما حكى عن ظاهر المبسوط
والارشاد من وجوب اعادتها بعينها ولعله للرضوي وان نسيت الحمد حتى قرأت السورة ثم ذكرت قبل ان تركع فاقرء الحمد واعد السورة وفيه بعد الغض عن سنده انه يمكن الخدشة
في دلالته أيضا بان معهودية كفاية اي سورة بعد الحمد في الشريعة واستبعاد كون السهو سببا لتعين اختيار ما قرئها أولا مانعة عن ظهور اللام في إرادة الشخص بل
النوع فليتأمل وكذا لو نسي الركوع وذكر قبل ان يسجد قام وركع اجماعا كما عن جماعة نقله لأصالة بقاء التكليف به وعدم وجود مانع عن فعله وتوهم ان نسيان
الركوع من حيث هو من مبطلات الصلاة نصا واجماعا وقد تحقق موضوعه بمجرد التجاوز عن محله والهوى إلى السجود مدفوع بما تقدمت الإشارة إليه في صدر المبحث
من منع كون نسيان شئ من اجزاء الصلاة أو شرائطها من حيث هو من المبطلات وانما البطلان ينشأ من خلو الصلاة عن المنسي إذا كان من مقوماتها لا غير فمتى نسي
شيئا منها يكون البطلان مراعى إلى أن يفوت محل تداركه بالتلبس بركن أو حدوث قاطع أو حصول فصل ونحوه ليس شئ من النصوص بل وكذا فتاوي الأصحاب منافيا
لذلك كما لا يخفى عن المتأمل وربما يستدل له أيضا بصحيح عبد الله بن سنان إذا نسيت شيئا من الصلاة ركوعا أو سجودا أو تكبيرا فاقض الذي فاتك سهوا بحمله على
إرادة ما لو ذكره قبل فوات المحل للاجماع على عدم مشروعيته قضاء مثل الركوع والتكبير بعد الصلاة وفيه ان رد علمه إلى أهله أولى من ارتكاب مثل هذا
التوجيه ثم إن مقتضى اطلاق المتن وغيره في لفرق بين ما لو حصل النسيان حال القيام فهوى للسجود من القيام أو حصل حين هويه للركوع (فنسي بان هوى أولا للركوع) ونسي
في الأثناء وجعله هوى السجود فعليه حينئذ أيضا ان يقوم ويركع خلافا لما حكى عن بعضهم من تقييده بما إذا حصل النسيان حال القيام واما إذا حصل بعد
الوصول إلى حد الراكع فلا يقوم منتصبا بل منحنيا إلى حد الراكع وفي الجواهر بعد ان نقل هذا القول قال والمراد على الظاهر أنه وصل إلى حد بحيث لو تجاوز
صدق عليه اسم الراكع لا انه وصل إلى حد الراكع حقيقة إذ لا يتصور نسيان الركوع بل هو نسيان الرفع والطمأنينة انتهى وفيما استظهره نظر إذ لا يكفي
في صدق اسم الركوع عرفا مجرد وصوله إلى حد الراكع ما لم ينته انحنائه إليه ولذا لا يقال للهاوي للسجود انه ركع وتوهم ان هذا لأجل اعتبار القصد في مفهومه
مدفوع بأنه ان سلم ففي الركوع الشرعي الذي اعتبره الشارع جزء من الصلاة لا في مثل قولهم ركع الشيخ ونحوه مما لا يتوقف صدق اسمه على القصد
فلا يقال عرفا على ما لو وقع على وجهه انه ركع بخلاف ما لو انتهى انحنائه إلى حد الراكع ولذا توهم بعض ان الطمأنينة في الركوع في الجملة من مقومات اسمه
وبها يمتاز عن هوى السجود ولكنك عرفت في محله اندفاع هذا التوهم وعدم انحصار المائز بذلك بل قد يحصل الفرق بينه وبين هوى السجود ونحوه برفع رأسه عند انتهائه
إلى حد الركوع من غير استقرار أو مكثه في الجملة ولو متزلزلا وكيف كان فالظاهر مباينة الهوى عرفا للركوع وانما يصدق اسمه عرفا لو انتهى الهوى إلى حده فلا منافاة
بين نسيانه وحصول الهوى بقصده ولكن ما ذكروه من أنه عند عروض النسيان بعد الوصول إلى حد الراكع يقوم منحنيا إلى حد الراكع لا يخلو عن اشكال لما عرفت في
محله من أن الركوع اسم للانحناء الحاصل عن اعتدال قيامي أو جلوسي فلو نهض منحنيا لا يقال إنه ركع فلا يجدي ذلك في تدارك المنسي اللهم الا ان يدعى مساعدة
العرف على الغاء ما صدر منه سهوا أو قهرا وعدم احتسابه من عمله فمتى عاد منحنيا إلى الحد الذي عرضه النسيان أو القهر فهو بحكم ما لو انتهى انحنائه الاختياري إليه عن قيام
في صدق اسم الراكع عليه وهو غير بعيد الا ان الأحوط ان لم يكن أقوى هو ان يقوم منتصبا ويركع وتوهم استلزامه زيادة القيام المتصل بالركوع الذي تسالموا
على ركنيته مدفوع بما عرفته في محله من أن الركن هو القيام المتصل بالركوع الذي لا يعقل زيادته الا بزيادة الركوع بل قد أشرنا فيما سبق إلى أن الركن هو
وقوع الركوع عن قيام واما كون القيام المتصل به من حيث هو ركنا مستقلا فلا يخلو عن تأمل وكذا من ترك السجدتين أو إحديهما وذكر قبل ان
يركع رجع فتلافاها ثم قام واتى بما يلزمه من قراءة أو تسبيح وهذا الحكم في السجدة الواحدة موضع وفاق كما نقله غير واحد ويدل عليه مضافا إلى الاجماع
وموافقته لأصالة بقاء التكليف بالمنسي وعدم عروض مانع عن فعله صحيحة إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل نسي ان يسجد سجدة من الثانية حتى
قام فذكر وهو قائم انه لم يسجد قال فليسجد ما لم يركع فإذا ركع وذكر بعد ركوعه انه لم يسجد فليمض على صلاته حتى يسلم ثم يسجدها فإنها قضاء وصحيحة أبي بصير قال
سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي ان يسجد واحدة فذكرها وهو قائم قال يسجدها إذا ذكرها ولم يركع فإن كان قد ركع فليمض على صلاته فإذا انصرف قضاها
وحدها وليس عليه سهو ويستفاد من التعليل الواقع في الصحيحة الأولى لتأخير السجدة حتى يسلم فيما ذكرها بعد الركوع بأنها قضاء ان تداركها قبل الركوع ليس كذلك
بل هو من باب الاتيان بالشئ قبل فوات محله ويتفرع على ذلك ان عليه حذف ما اتى به من قراءة أو تسبيح قبل تذكر النقص واعادته بعد تدارك المنسي حتى يضع
كل شئ في موضعه كما أن هذا هو الذي يقتضيه الأدلة الدال على وجوب الاتيان باجزاء الصلاة مترتبة بضميمة اصالة عدم مبطلية مثل هذه الزيادة الواقعة
سهوا وكيف كان فهذا مما لا شبهة بل لا خلاف فيه بالنسبة إلى السجدة الواحدة واما في السهو عن السجدتين فالمشهور على ما نسب إليهم انه أيضا كذلك في وجوب
الرجوع ما لم يركع لأصالة بقاء التكليف به وعدم وجود مانع عن فعله مضافا إلى امكان دعوى استفادته من الخبرين المتقدمين بالفحوى فليتأمل خلافا لما استظهر
من غير واحد من القدماء كالمفيد في المقنعة وأبي الصلاة وابن إدريس من القول بالبطلان واستدل له بالروايات الدالة على بطلان الصلاة بنسيان السجود
خرج منها نسيان سجدة واحدة نصا واجماعا وبقى بالباقي وفيه ما مر في المسألة السابقة من أنه ليس في شئ من النصوص اشعار بان نسيان السجود من حيث هو من المبطلات
نعم يفهم من صحيحة زرارة الحاصرة لما يوجب إعادة الصلاة بالخمسة ان نسيان السجود الذي هو أحد الخمسة موجب لإعادتها لكن لا من حيث هو نسيان بل من حيث
547

كون السجود معتبرا في مهية الصلاة ويكون الاخلال به اخلالا بالمهية ولا اخلال مع التدارك بلا تخلل المنافي فالقول بالبطلان بمجرد طر والنسيان على
تقدير تحققه في غاية الضعف ثم إنه لا اشكال في عدم وجوب الجلوس قبل السجود المتدارك حيث يكون المنسي السجدتين بل وكذا إذا كان سجدة واحدة وكان
قد جلس بعد رفع رأسه من السجود الجلسة الواجبة واحتمال اعتبار كون السجدة الثانية حاصلة عن جلوس مدفوع بالأصل واما إذا جلس بنية انه للاستراحة لزعمه
الفراغ من السجدتين فقد يقال بعدم الاعتداد به لوقوعه على غير وجهه فلا يكون مجزيا عن الواجب لا لمجرد اختلافهما في الوجوب والندب وان قصد الندب يمنعه عن وقوعه
بصفة الوجوب كي يتوجه عليه ما تقرر في محله من عدم مدخلية صفتي الوجوب والندب في قوام ذات المطلوب كي يكون قصدهما معتبرا أو قصد الخلاف مضرا بل لأن الواجب
هو الجلوس بين السجدتين وهو بهذا العنوان لم يقع بل بعنوان اخر معروض لطلب ندبي مدفوع بأنه لم يثبت اعتبار هذا العنوان قيدا في مطلوبية وانما القدر
المتيقن الذي دل عليه الدليل هو وجوب الجلوس مطمئنا بين السجدتين بقصد جزئية من الصلاة المنوي بها التقرب وقد حصل كذلك وقصد كونه للاستراحة لا
يغيره عما هو عليه من حصوله عقيب الأولى فيقع مصداقا للواجب بعد فرض في خذ العنوان قيدا في مطلوبته كما هو مقتضى الأصل فالقول بالاجتزاء به كما قواه
في الجواهر وغيره أشبه واما إذا لم يكن جلس فالذي صرح به بعض وجوب الجلوس حينئذ لكونه فعلا من افعال
الصلاة يجب تداركه وحكى عن الشيخ وصرح العلامة في المنتهى
وظاهر غيره عدم الوجوب للأخبار المتقدمة الامرة بالسجود من غير استفصال وربما استدل لهم أيضا بان الواجب الفصل بين السجدتين وقد تحقق بالقيام بل قد
يقال بأنه خرج بالقيام عن قابلية التدارك لأنه مقيد بوقوعه بين السجدتين وقد تعذر حصوله كذلك وفيه ان ترك الاستفصال انما هو لأن السؤال عن
السجدة دون غيرها فلا يكشف ذلك عن أن غيرها على تقدير كونه أيضا منسيا لا يجب تداركه واما دعوى ان الواجب هو الفصل بين السجدتين وقد تحقق ففيها
ان مقتضى الجمود على ظاهر دليله هو الفصل بالجلوس لا مطلقه كي يدعى تحققه واما ما قيل من فوات محله بتعذر محله ففيه انه لم يثبت تقييده بما بين السجدتين بحيث
ينافيه القيام قبله أو بعده ولذا لا مانع عن الالتزام بجواز القيام اختيارا قبله أو بعده لأن يتناول شيئا مثلا مما لا يتحقق به فعل كثير مبطل للصلاة فالقول
بوجوب تداركه أوفق بالقواعد ولو شك في الجلوس بنى على عدمه للأصل ولا يجري فيه قاعدة الشك في الشئ بعد تجاوز المحل لا لما قيل من أنه بعد الرجوع لتدارك
السجدة يرجع شكه إلى الشك فيه وهو في محله إذ العبرة بالمحل الذي يتحقق به التجاوز وعدمه هو المحل الذي يعرض فيه الشك لا المحل الذي يرجع إليه لتدارك
خلل اخر معلوم إذ العود إلى المحل لا ينفي صدق الخروج منه بل يؤكده ودعوى انه متى عاد إليه صدق عليه انه شاك في الشئ وهو في محله مدفوعة بان المدار
في الاعتداد بالشك على في لخروج منه لا على الكون فيه فلو شك في السجود مثلا ثم ذكر ان قيامه للثالثة صدر منه سهوا بزعم انها ثانية فلم يتشهد عليه
ان يجلس ويتشهد ولا يرجع بذلك شكه في السجود إلى الشك فيه قبل تجاوز محله كما قد يتوهم إذ الشئ لا ينقلب عما وجد عليه هذا مع أن جلوسه لتدارك التشهد
جلوس اخر غير الجلوس الأول الذي خرج بالتجاوز عنه عن محل سجود الثانية فهو بنفسه كالقيام للقرائة مما به يتحقق التجاوز كما لا يخفى على المتأمل بل لأن قاعدة الشك
بعد التجاوز مجريها على ما هو المنساق من أدلتها انما هو فيما لو شك في شئ بعد ان تلبس بما هو مترتب عليه ولم يعلم بان تلبسه به بعنوانه المترتب على هذا الشئ
صدر منه خطأ واما مع علمه بذلك فلا عبرة بتلبسه به فإذا علم بان قيامه إلى الثانية صدر منه سهوا قبل اكمال الأولى ولكن تردد في أن سهوه هل
تعلق به حين رفع رأسه من الركوع أو بعده السجدة الأولى أو بعد الجلسة الواقعة عقيبها لا يصح ان يقال إنه بالنسبة إلى ما عدى السجدة الأخيرة التي هي
معلومة الفوات انه شاك في الشئ بعد تجاوز محله إذ ليس لقيامه الذي علم بصدوره منه سهوا قبل فراغه من الأولى مرتبة مقررة حتى يتحقق به مفهوم التجاوز
بل القيام لدى التحقيق صدر منه قبل ان يحل محله والفرق بينه وبين المثال الذي تقدمت الإشارة إليه وهو ما لو قام إلى الثالثة سهوا قبل التشهد ثم ذكر
نسيان التشهد وشك في السجود هو ان القيام إلى ركعة من حيث هو سواء كانت ثانية أو ثالثة أو رابعة بل ولو كانت زائدة له محل مقرر وهو بعد الفراغ من
سابقتها الذي لا يتحقق الا بالرفع من السجدة الأخيرة والتلبس بها سهوا قبل التشهد لتوهم كونها ثانية أو رابعة مثلا لا يستلزم الغفلة عن مرتبتها من حيث كونها
بعد ركعة فلم يحرز في المثال خطأه من هذه الجهة حتى ينافي ذلك صدق اسم التجاوز عن المحل واما فيما نحن فيه فقد علم بخطأه من هذه الجهة وصدور الركعة
منه سهوا في أثناء سابقتها فلاحظ وتدبر أو التشهد وذكر قبل ان يركع رجع فتلافاه ثم قام واتى بما يلزم من قراءة أو تسبيح ثم ركع وان كان قد قرء سابقا إذ لا
اعتداد بما سبق لوقوعه في غير محله الموظف فعليه اعادته بعد تدارك التشهد لأصالة بقاء التكليف به وعدم سقوطه بقرائته السابقة نعم لو استمر
نسيانه إلى أن تجاوز محل تدارك التشهد بان تلبس بالركوع كشف ذلك عن صحة المقرو ووقوعه في محله لأن اعتبار التشهد في الصلاة انما هو في غير مثل الفرض
ويشهد لوجوب تدارك التشهد ما لم يركع مضافا إلى الأصل وعدم الخلاف فيه على الظاهر كما ادعاه غير واحد جملة من الأخبار منها صحيحة سليمان بن خالد قال سئلت
أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي ان يجلس في الركعتين الأولتين فقال إن ذكر قبل ان يركع فليجلس وان لم يذكر حتى يركع فليتم صلاته حتى إذا فرغ فليسلم ويسجد سجدتي السهو
وصحيحة عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الرجل يصلي ركعتين من المكتوبة فلا يجلس فيهما فقال إن ذكر وهو قائم في الثالثة فليجلس وان لم يذكر
حتى ركع فليتم صلاته ثم يسجد سجدتين وهو جالس قبل ان يتكلم وحسنة الحلبي أو صحيحته عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا قمت في الركعتين من الظهر ومن غيرها ولم
تتشهد فيهما فذكرت ذلك في الركعة الثالثة قبل ان تركع فاجلس وتشهد وقم فأتم صلاتك وان لم تذكر حتى تركع فامض في صلاتك حتى تفرغ فإذا فرغت
فاسجد سجدتي السهو بعد التسليم قبل ان تتكلم إلى غير ذلك من الروايات الدالة عليه واعلم أنه ليس في كلام المصنف رحمه الله التعرض لحكم نسيان السجود
548

في الركعة الأخيرة وكذا التشهد الأخيرة والأجود تدارك الجميع إذا ذكر قبل التسليم ولو على القول باستحبابه أو كونه واجبا خارجيا لأصالة بقاء التكليف وعدم
وجود مانع عن فعله ودعوى انه على القول باستحبابه يتحقق الفراغ من الصلاة بالتشهد فلو كان المنسي سجدتين ولم يذكرهما حتى فرغ من التشهد فقد أخل بالركن
سهوا إلى أن فرغ من صلاته فعليه اعادتها كما هو الشان في سائر الأركان مدفوعة بما تقدمت الإشارة إليه غير مرة من أن نسيان السجود من حيث هو ليس من المبطلات
بل من حيث خلو الصلاة عنه فالبطلان مراعى بفوات محل تداركه ولا يفوت محل تداركه الا بحصول مانع عن الرجوع إليه وليس مجرد الفراغ من الصلاة من حيث هو
مانعا عن ذلك ما لم يتحقق به فصل طويل أو مانع اخر عن الرجوع والكل منتف في الفرض ولو لم يذكر الا بعد التسليم بعن غير واحد من الأصحاب كالشهيد في الذكرى
وصاحبي المدارك والرياض بل عن الأخير اني لم أجد في الحكم خلافا التصريح بأنه ان كان المنسي السجدتين بطلت صلاته لفوات الركن وان كان واحدة قضاها
منفردة وعلله في المدارك باطلاقه قوله عليه السلام في صحيحة ابن سنان إذا نسيت شيئا من الصلاة ركوعا أو سجودا أو تكبيرا فاقض الذي فاتك سهوا وصحيحة ابن مسلم
عن أحدهما عليهما السلام في الرجل يفرغ من صلاته وقد نسي التشهد حتى ينصرف فقال إن كان قريبا رجع إلى مكانه فتشهد والا طلب مكانا نظيفا فتشهد فيه وقد يستدل
له أيضا بصحيحة حكم بن حكيم قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل ينسى من صلاته ركعة أو سجدة أو الشئ منها ثم يذكر بعد ذلك قال يقضي ذلك بعينه فقلت أيعيد
الصلاة فقال لا وشمول صحيحتي ابن سنان وحكم بن حكيم لكثير مما لا يقول به الأصحاب لا يخرجهما عن الحجية فيما بقي على ما قيل بل قيل إنه لا يقدح وان كان الخارج أكثر من الداخل لأن
منع ذلك مختص بالعموم اللغوي دون الاطلاق وفيه ما لا يخفى فان دلالة الخبرين على حكم سائر اجزاء الصلاة بالعموم وعلى خصوص الركوع والركعة والتكبير
بالنصوصية ولا يمكن العمل بظاهرهما في شئ منها حتى السجود الذي وقع التصريح به فيهما فان ذكره جار مجرى التمثيل فلا يمكن تنزيلهما على إرادة خصوص السجدة فالأولى رد
مثل هذه الأخبار إلى أهله ويحتمل ان يكون المراد بالقضاء في الخبرين التلافي كما في ناسي الركعة لا القضاء المصطلح والله العالم واما صحيحة ابن مسلم فمع امكان
ان يكون المراد بها أيضا التلافي لا القضاء يتوجه على الاستدلال بها ان المراد بالانصراف فيها على الظاهر معناه اللغوي لا التسليم كما يشعر بذلك جواب الإمام عليه السلام
فلا يفهم منه حينئذ كفاية قضاء التشهد وعدم وجوب التلافي فيما لو ذكره بعد التسليم قبل ان ينصرف عن مكانه كما ربما يظهر من الجواهر الميل إليه فإنه بعد نقل القول المزبور
ودليله قال اما صحة الصلاة حيث يكون المنسي واحدة فهو مما لا ينبغي الاشكال فيه نعم قد يقال هنا ان لم يكن اجماع بوجوب التلافي لا القضاء لبقاء المحل و
وقوع التسليم منه لا يخرجه عن الصلاة بل هو من قبيل من سلم ساهيا في غير محله بل قد يقال بوجوب التلافي ما دام باقيا على هيئة المصلى ولم يطل الفصل ولم يحصل
ما يفسدها وان كان الفائت السجدتين لتوقف الخروج عن المحل على الشروع في ركن اخر ولم يحصل كما يرشد إلى ذلك كله حكم ناسي الركعة انتهى وهو لا يخلو من جودة
ولكن قد يقال بان مقتضاه الالتزام بما ذهب إليه الحلى من أنه لو أخل بالتشهد الأخير حتى سلم واحدث عليه إعادة الصلاة إذا السلام ساهيا ليس بمخرج فيقع
الحدث في الأثناء ولا ينافيه الأخبار الدالة على عدم بطلان الصلاة بنسيان التشهد وان التشهد وان التشهد ستة إذ البطلان مستند إلى وقوع الحدث في الصلاة لا إلى نسيان
التشهد فهو بمنزلة ما لو احدث بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة قبل التشهد ويمكن الجواب بان اعتبار التشهد والتسليم في الصلاة بمقتضى حديث لا تعاد وغيره انما
هو في حال الذكر ووقوع الحدث قبل تذكرة للنقص كاشف عن عدم اعتبارهما في هذه الصلاة ووقوع الحدث بعد الفراغ منها ولكن يتوجه عليه النقض حينئذ بما
لو احدث قهرا بعد التذكر قبل ان يتلبس بالتدارك فإنه حينئذ بحكم ما لو احدث قهرا بعد رفع الرأس من الأخيرة وكيف كان فالحق في الجواب ان يقال إن السلام من حيث
هو لم يصدر منه عن سهو بل اتى به بنية الخروج من الصلاة فله ما نواه فهو بعد خروجه من الصلاة بالتسليم ليس بمصل عرفا ولا شرعا فما يقع بعده يقع خارجا من الصلاة
الا ان خروجه إذا كان ناشئا من سهو لا يكون بنفسه من حيث هو مانعا عن أن يعود إليها ويتدارك ما نقص منها ما لم يترتب عليه مفسدة أخرى من حصول فصل أو تخلل
حدث ونحوه وليس نفس التسليم من حيث هو في مثل الفرض مانعا لأن مانعيته عن انضمام بعض اجزاء الصلاة ببعض على ما يظهر من أدلتها انما هي من حيث كونه ملحقا
بكلام الآدميين وهو ليس بمانع فيما صدر خطأ بزعم الفراغ كما يؤيد ذلك بل يشهد له الأخبار الواردة في ناسي الركعة بل يمكن الاستشهاد للمدعى مضافا
إلى موافقته للأصول كما في الفرض السابق بفحوى تلك الأخبار خصوصا في مسألة نسيان السجدة حتى سلم فليتأمل وكيف كان فلا ينبغي ترك الاحتياط بالركوع
والتلافي ناويا بفعله الاحتياط من غير تعرض للأدائية والقضائية في نسيان السجدة والتشهد وإعادة الصلاة بعده في نسيان السجدتين والله العالم
ولا يجب في هذين الموضعين الذين ذكرهما المصنف رحمه الله سجدتا السهو وقيل يجب والأول أظهر للأصل وعموم بعض الأخبار الدالة على عدم وجوب سجدتي السهو
على من حفظ سهوه وأتمه مثل قوله عليه السلام في موثقة سماعة من حفظ سهوه وأتمه فليس عليه سجدتا السهو انما السهو على من لم يدر أزاد أم نقص وظهور المستفيضة الواردة
في ناسي التشهد التي وقع فيها التفصيل بين ما لو ذكر قبل الركوع أو بعده في اختصاص سجدتي السهو بالتنافي وأوضح منها دلالة عليه خبر الحلبي قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام
عن الرجل سهو في الصلاة فينسى التشهد قال يرجع فيتشهد قلت أيسجد سجدتي السهو قال ليس في هذا سجدتا السهو وخبر أبي بصير قال سئلته عمن نسي ان يسجد
سجدة واحدة فذكرها وهو قائم قال يسجدها إذا ذكرها ما لم يركع فإن كان ركع فليمض على صلاته فإذا انصرف قضاها وحدها وليس عليه سهو وقد يشكل الاستدلال بهذه
الرواية بناء على وجوبهما فيما لو لم يذكر حتى ركع كما هو المشهور كما ستعرف مع أن الرواية كالنص في خلافه وكيف كان فلا يعارضها خبر المعلى بن خنيس قال سئلت
أبا الحسن الماضي عليه السلام في الرجل ينسى السجدة من صلاته قال إذا ذكرها قبل ركوعه سجدها وبنى على صلاته ثم سجد سجدتي السهو بعد انصرافه وان ذكرها بعد ركوعه
أعاد الصلاة ونسيان السجدة في الأولتين والأخيرتين سواء الامكان حمله على الاستحباب كما يؤيد ذلك امره بإعادة الصلاة لو ذكرها بعد الركوع مع أنها
549

لا تجب جزما نصا وفتوى هذا مع ما فيه من ضعف السند وعدم صلاحيته بنفسه دليلا الا للاستحباب ولو ترك الصلاة على النبي وآله عليهم السلام قضاها
بعد التسليم على ما حكى عن الشيخ وجمع من الأصحاب واستدل عليه في محكى المختلف بأنه مأمور بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله ولم يأت به فيبقى في عهدة التكليف
إلى أن يخرج منه بفعله فتعين فعله وبان التشهد يقضي بالنص فكذا ابعاضه تسوية بين الكل والجزء ونوقش في الأول بان الصلاة على النبي وآله عليهم السلام
انما تجب في التشهد وقد فات والقضاء فرض مستناف فيتوقف على الدليل وهو منتف وعلى الثاني منع الملازمة مع أنه لا يقول بالتسوية بين الكل والجزء
مطلقا وهو جيد وربما قيل في توجيه القضاء بان مقتضى الأصل بطلان الصلاة بنسيان الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله عليهم السلام لقاعدة انتفاء الكل بانتفاء
جزئه ولكن ثبت بالاجماع صحتها مع القضاء فالصلاة الخالية عنها وعن قضائها لم يعلم بكونها مبرئة للذمة فمقتضى الأصل حينئذ وجوب القضاء بقاعدة الشغل وبتبعية
القضاء للأداء وبقاعدة الميسور ونحوه ويتوجه على دعوى التبعية منعها وان القضاء فرض مستناف كما ذكره المعترض والاستدلال لها بقاعدة الميسور ونحوها مما
لا ينبغي الاصغاء إليها كما تقرر في محله واما قاعدة انتفاء المركب بانتفاء جزء فهي محكومة في باب الصلاة بخبر لا تعاد وغيره مما دل على عدم بطلان الصلاة بنسيان
ما دعى الأركان فإنها تدل على عدم بطلان الصلاة بنسيان التشهد من أصله كما هو صريح الخبر المزبور فضلا عن شئ من اجزائه ولولا ورود النص بقضاء التشهد
لكان حاله حال القراءة ونحوها مما لا نقول ببطلان الصلاة بنسيانه ولا بقضائه بعد الصلاة والنص انما ورد بقضاء التشهد دون ابعاضه فلا يفهم منه وجوب
قضاء ابعاضه كما في سائر العبادات التي ورد الامر بقضائها من الصلاة والصوم ونحوه اللهم الا ان يدعى انه يفهم عرفا من الامر بقضاء التشهد بملاحظة ان
ابعاضه من حيث هي عبادات مستقلة ان مطلوبية ابعاضه أيضا كجملته من قبيل تعدد المطلوب بمعنى عدم فوات
مطلوبيتها بفوات محله ولكنه لا يخلو من نظر بل منع
وربما يستدل له بعموم صحيحة حكم بن حكيم المتقدمة بدعوى ان مقتضى عمومها وجوب قضاء كل شئ نسيه من الصلاة وخروج كثير من موارده بالاجماع لا يخرجه عن
الحجية فيما بقي وفيه ما عرفت من في مكان العمل بظاهر هذه الصحيحة ووجوب رد علمها إلى أهله فالقول بعدم وجوب القضاء كما قواه في المدارك وغيره وفاقا
لما حكى عن الحلي في السرائر أشبه بالقواعد ولكن الاحتياط مما لا ينبغي تركه والله العالم الثالث اي ما يتدارك مع سجدتي السهو من ترك سجدة أو
التشهد ولم يذكر حتى ركع قضاهما أو إحديهما اما قضاء السجدة فيدل عليه جملة من الأخبار منها صحيح إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل
نسي ان يسجد السجدة الثانية حتى قام فذكر وهو قائم انه لم يسجد فليسجد ما لم يركع فإذا ركع فذكر بعد ركوعه انه لم يسجد فليمض على صلاته حتى يسلم ثم يسجدها
فإنها قضاء وخبر أبي بصير قال سئلته عمن نسي ان يسجد سجدة واحدة فذكرها وهو قائم قال يسجدها إذا ذكرها ما لم يركع فإن كان قد ركع فليمض على صلاته فإذا
انصرف قضاها وليس عليه سهو وعن الصدوق في الصحيح عن أبي بصير قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام وذكر مثله وموثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث انه سئله عن
رجل نسي سجدة فذكرها بعد ما قام وركع قال يمضي في صلاته ولا يسجد حتى يسلم فإذا سلم سجد مثل ما فاته قلت فإن لم يذكر الا بعد ذلك قال يقضي ما فاته إذا
ذكره وخبر علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن الرجل يذكر ان عليه السجدة يريد ان يقضيها وهو راكع في بعض صلاته كيف يصنع قال يمضي في
صلاته فإذا فرغ سجدها ويحتمل ان يكون المراد بالسجدة في هذه الرواية غير سجدة الصلاة فتكون أجنبية عما نحن فيه واطلاق هذه الأخبار يقتضي في لفرق
بين أن تكون السجدة من الركعتين الأولتين أو الأخيرتين بل هي كالنص في شمولها للأولتين لأنها وردت فيما عدى الأخيرة التي نفينا البعد عن الالتزام فيها
بوجوب التلافي قبل الاتيان بالمنافي لا القضاء بشهادة ما فيها من التفصيل بين تذكرة قبل الركوع وبعده فينحصر موردها في الأولى من الثنائية والأوليين من الثلاثية
ومع الثالثة في الرباعية وحملها على إرادة خصوص الثالثة من الرباعية بعيد فما حكى عن الشيخ في التهذيب من أنه قال إن كان الاخلال من الركعتين الأولتين
أعاد مستدلا عليه بما رواه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سئلت أبا الحسن عليه السلام عن رجل صلى ركعتين ثم ذكر في الثانية وهو راكع انه ترك سجدة
في الأولى قال كان أبو الحسن عليه السلام يقول إذا تركت السجدة في الركعة الأولى فلم تدر واحدة أو اثنتين استقبلت حتى يصح لك ثنتان وإذا كان في الثالثة أو الرابعة
فتركت سجدة بعد أن تكون قد حفظت الركوع أعدت السجود ضعيف لقصور الخبر المزبور عن معارضة ما عرفت مضافا إلى ما عرفت في مسألة ما لو أخل بالركوع
حتى سجد عند تضعيف القول بالتفصيل بين الأوليين والأخيرتين توجيه هذه الرواية وكونها أجنبية عن مدعاهم فراجع ونظيره في الضعف ما عن العماني
وثقة الاسلام من القول ببطلان الصلاة ولعل مستنده خبر المعلى بن خنيس قال سئلت أبا الحسن الماضي عليه السلام في الرجل ينسى السجدة من صلاته قال إذا ذكرها
قبل ركوعه سجدها وبنى على صلاته ثم سجد سجدتي السهو بعد انصرافه وان ذكرها بعد ركوعه أعاد الصلاة ونسيان السجدة في الأولتين والأخيرتين سواء
لامكان حملها على الاستحباب مع ما فيها من الضعف فضلا عن صلاحية المعارضة للمعتبرة المستفيضة المتقدمة المعتضدة بالشهرة وغيرها من الأخبار الآتية
واما محل قضاء السجدة فيعد التسليم لدى المشهور على ما نسب إليهم ويشهد له المستفيضة المتقدمة ولكن يظهر من بعض الروايات ان محله قبل التسليم كصحيحة
ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا نسي الرجل سجدة وأيقن انه قد تركها فليسجد بعد ما يقعد قبل ان يسلم وان كان شاكا فليسلم ثم يسجدها وخبر جعفر
بن بشير المروي عن المحاسن قال سئل أحدهم عليهم السلام عن رجل ذكر انه لم يسجد في الركعتين الأولتين الا سجدة وهو في التشهد الأول قال فليسجدهما ثم لينهض وإذا ذكره
وهو في التشهد الثاني قبل ان يسلم فليسجدها ثم يسلم ثم يسجد سجدتي السهو ولعل الامر بفعله قبل ان ينهض
لو ذكره وهو في التشهد الأول لعدم فوات محله وكيف كان فهاتان الروايتان بظاهرهما
550

لما سمعت ولولا اعراض المشهور عنهما لم يكن الجمع بينهما وبين تلك الأخبار بالحمل على التخيير بعيدا الا ان اعراض الأصحاب عنهما بحيث لم ينقل القول بمضمونهما
عن أحد أسقطهما عن الاعتبار نعم حكى عن الإسكافي ما يوافقه في الجملة فإنه قال على ما حكى عنه اليقين بترك احدى السجدتين أهون من اليقين بترك الركوع
فان أيقن بتركه إياها بعد ركوعه في الثالثة سجدها قبل سلامه والاحتياط ان كانت في الأولتين الإعادة ان كانت في وقت وهذا لا يخرجه عن الشذوذ هذا
مع أن المتجه هو الرجوع إلى المرجحات لا الجمع في مثل هذه الأخبار التي يحتاج الجمع بينها إلى ارتكاب التأويل في الجميع بحملها على الجواز والوجوب التخييري
والترجيح مع المشهور ومما يؤيد أيضا ان محلها بعد التسليم رواية محمد بن منصور قال سئلته عن الذي ينسى السجدة الثانية من الركعة الثانية أو شك فيها
فقال إذا خفت لا تكون وضعت وجهك الا مرة واحدة فإذا سلمت سجدت سجدة واحدة وليس عليك سهو والظاهر أن المراد بقوله عليه السلام إذا خفت (الخ) بقرينة
السؤال مطلق في لاطمينان الا بفعل سجدة الغير المنافي للاطمينان بترك واحدة وحكى عن المفيد رحمه الله ان قال إذا ذكر بعد الركوع فليسجد ثلاث سجدات واحدة
منها قضاء وعن علي بن بابويه في رسالته على ما نقله عنه في محكى الذكرى أنه قال فان نسيت سجدة من الركعة الأولى فذكرتها في الثانية من قبل ان تركع فأرسل
نفسك فاسجدها ثم قم إلى الثانية وابتدء القراءة فان ذكرت بعد ما ركعت فاقضها في الركعة الثالثة وان نسيت سجدة من الركعة الثانية وذكرتها في الثالثة
قبل الركوع فأرسل نفسك واسجدها فان ذكرتها بعد الركوع فاقضها في الركعة الرابعة وان كانت سجدة من الركعة الثالثة وذكرتها في الرابعة فأرسل نفسك
واسجدها ما لم تركع وان ذكرتها بعد الركوع فامض في صلاتك واسجدها بعد التسليم انتهى وعن الذكرى انه بعد ان نقل قول المفيد وابن بابويه قال
وكأنهما عولا على خبر لم يصل الينا أقول اما قول المفيد رحمه الله فقد اعترف غير واحد بعدم العثور له على دليل واما ما حكى عن ابن بابويه فهو موافق
للمنقول عن كتاب الفقه الرضوي ففي الرضوي على ما نقل عنه قال فان نسيت السجدة من الركعة الأولى ثم ذكرت في الثانية من قبل ان تركع فأرسل نفسك
واسجدها ثم قم إلى الثانية واعد القراءة فان ذكرتها بعد ما ركعت فاقضها في الركعة الثالثة وان نسيت السجدتين جميعا من الركعة الأولى فأعد صلاتك
فإنه لا تثبت صلاتك ما لم تثبت الأولى وان نسيت سجدة من الركعة الثانية وذكرتها في الثالثة قبل الركوع فأرسل نفسك واسجدها (وان ذكرتها بعد الركوع فاقضها في الركعة الرابعة وان كان السجدة من الركعة الثالثة وذكرتها في الرابعة فأرسل نفسك واسجدها) ما لم تركع فان ذكرتها
بعد الركوع فامض في صلاتك واسجدها بعد التسليم انتهى فربما يغلب على الظن اعتماده على هذا الكتاب ولكنك خبير بأنه على تقدير صحة الاعتماد
عليه لا يصلح لمعارضة المعتبرة المستفيضة المشهورة فما ذهب إليه المشهور هو الأقوى واما وجوب قضاء التشهد فهو المشهور أيضا كما صرح به في
الحدائق وغيره ولكن في الحدائق قول كلماتهم على التشهد الأول للتفصيل الواقع في كلامهم بكون الذكر قبل الركوع أو بعده كما في المتن وغيره لكن
صرح بعض بعدم الفرق بين التشهد الأول والأخير بل ربما استظهر من كلماتهم في لقائل بالفرق بينهما ولكنك عرفت فيما سبق انه لا يبعد الالتزام بالتلافي في الثاني
ما لم يأت بالمنافي بعد التسليم وحكى عن الصدوقين والمفيد في الغرية القول بأنه يجزي التشهد الذي في سجدتي السهو عن القضاء واختار هذا القول صريحا في الحدائق
واستدل عليه بما في الفقه الرضوي من قوله عليه السلام وان نسيت التشهد في الركعة الثانية فذكرت في الثالثة فأرسل نفسك وتشهد ما لم تركع فان ذكرت بعد ما ركعت فامض في
صلاتك فإذا سلمت سجدت سجدتي السهو وتشهدت فيهما ما قد فاتك وأيده أيضا ببعض المؤيدات التي سيأتي الإشارة إليها وعن الصدوق في الفقيه التعبير بعبارة
الرضوي المتقدم وهو ظاهر في التوظيف لا الترخيص كما يوهمه نسبة القول بالاجتزاء إليه واستدل للمشهور بما عن الخلاف والغنية والمقاصد العلية من
دعوى الاجماع عليه وفيه منع حجيته وبعموم صحيحتي ابن سنان وحكم بن حكيم المتقدمتين الدالتين على وجوب قضاء كل ما فاته مقتصرا في تخصيصه على القدر الثابت
وفيه ما عرفته من الاشكال في الاخذ بهذا العموم وبصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما في الرجل يفرغ من صلاته وقد نسي التشهد حتى ينصرف فقال إن كان قريبا رجع إلى مكانه فتشهد
والا طلب مكانا نظيفا فيه وقال انما التشهد سنة في الصلاة وخبر علي بن أبي حمزة قال قال أبو عبد الله عليه السلام إذا قمت في الركعتين الأولتين ولم تتشهد فذكرت
قبل ان تركع فاقعد فتشهد وان لم تذكر حتى تركع فامض في صلاتك كما أنت فإذا انصرفت سجدت سجدتين لا ركوع فيها ثم تشهد التشهد الذي فاتك وناقش في الحدائق
في الاستدلال بالصحيحة بان موردها التشهد الأخير ومحل البحث في الأخبار وكلام الأصحاب انما هو التشهد الأول للتفصيل الواقع في الأخبار وكلامهم
بكون الذكر قبل الركوع أو بعده وفي خبر علي بن أبي حمزة بان موردها وان كان التشهد الأول الا ان ظاهرها ان هذا التشهد الذي بعد الفراغ انما هو
تشهد سجدتي السهو انه يقصد به التشهد الذي فاته فهو بالدلالة على خلاف مرادهم انسب مع أن المفهوم من كلامهم ان الواجب هو الاتيان بالاجزاء
المنسية أولا ثم سجود السهو لها ومقتضى هذه الرواية بناء على ما يدعونه هو تقديم سجود السهو على قضاء الاجزاء فلا يتم الاستناد إليها من هذه الجهة
أقول دعوى ان الصحيحة موردها التشهد الأخير قابلة للمنع فإنه (مجرد دعوى والا فندرة تحقق الفراغ مع نسيان التشهد الأخير لو لم تكن صالحة لصرفها إلى إرادة الأول فلا أقل من كونها) موجبة لعدم انصراف السؤال إلى خصوص الثاني كي ينزل عليه اطلاق الجواب ولو سلم
ان موردها خصوص الأخير لكان الخدشة في دلالتها بامكان إرادة التلافي دون القضاء أولى كي لا يتوجه عليه دعوى تمامية الاستدلال بها للتشهد الأول بعدم
القول بالفصل فليتأمل واما خبر علي بن أبي حمزة فظهوره في وجوب تدارك التشهد المنسي غير قابل للانكار ولكنه مشعر وظاهر في إرادة الاتيان به مكان
التشهد السجدتين حسبما وقع التصريح به في الرضوي فالانصاف ان تنزيله على مذهب الخصم أوفق بظاهره من تطبيقه على مذهب المشهور الذين لا يلتزمون مما تضمنه
من تأخير القضاء عن السجود ومما يشهد لهم أيضا موثقة أبي بصير قال سئلته عن الرجل ينسى ان يتشهد قال يسجد سجدتين يتشهد فيهما وخبر الحسن الصيقل عن أبي عبد الله عليه السلام
قال قلت له الرجل يصلي ركعتين من الوتر ثم يقوم فينسى التشهد حتى يركع فيذكر وهو راكع قال يجلس من ركوعه يتشهد ثم يقوم فيتم قال قلت أليس قلت في الفريضة إذا
551

ذكره بعد ما ركع مضى في صلاته ثم سجد سجدتي السهو بعد ما ينصرف يتشهد فيهما قال ليس النافلة مثل الفريضة ويؤيده أيضا بل يشهد له خلو الأخبار المستفيضة
الواردة في مقام البيان من الامر بقضائه مع التعرض فيها السجود السهو على وجه يستشعر منه عدم وجوب غيره مثل صحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال
سئلته عن الرجل يصلي ركعتين من المكتوبة فلا يجلس فيهما فقال إن كان ذكره وهو قائم في الثالثة فليجلس وان لم يذكر حتى يركع فليتم صلاته ثم يسجد سجدتين وهو
جالس قبل ان يتكلم وخبر الحسين بن أبي العلاء قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي الركعتين من المكتوبة لا يجلس فيهما حتى يركع في الثالثة قال فليتم صلاته ثم
يسلم ويسجد سجدتي السهو وهو جالس قبل ان يتكلم إلى غير ذلك من الروايات التي سيأتي بعضها هذا كله مع أنه لا دليل يعتد به على وجوب القضاء عدى صحيحة محمد بن
مسلم الغير الابية عن الحمل على إرادة التدارك في السجدة الأخيرة أو الاستحباب كما ربما يستشعر ذلك مما في ذيلها من قوله عليه السلام انما التشهد سنة في الصلاة أو التقييد
بكونه عقيب السجدتين جمعا كما أن المتجه على تقدير صحة الاستدلال بعموم صحيحتي ابن سنان وحكم بن حكيم تقييدهما بذلك جمعا بين الأدلة فالانصاف ان القول بالاجتزاء
عن القضاء بتشهد السجدتين لا يخلو من قوة من حيث المستند الا ان الالتزام به مع شذوذه لا يخلو من اشكال فما ذهب إليه المشهور من وجوب قضائه مستقلا ان
لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط وحكى عن الكاتب القول بإعادة الصلاة نسيان التشهد ويشهد له موثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن نسي الرجل التشهد
في الصلاة ذكر أنه قال بسم الله وبالله فقط فقد جازت صلاته وان لم يذكر شيئا من التشهد أعاد الصلاة وخبر علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته
عن رجل ترك التشهد حتى سلم كيف يصنع قال إن ذكر قبل ان يسلم فليتشهد وعليه سجدتا السهو وان ذكر أنه قال أشهد أن لا إله إلا الله أو بسم الله اجزئه
في صلاته وان لم يتكلم بقليل ولا كثير حتى يسلم أعاد الصلاة وفيه ان المتعين حمل الإعادة في الخبرين على الاستحباب أورد علمهما إلى أهله لعدم صلاحيتهما
لمعارضة المعتبرة المستفيضة ان لم تكن متواترة المصرحة بعدم بطلان الصلاة بنسيان التشهد وان التشهد سنة وهي لا تنقض الفريضة وسجد سجدتي السهو
لكل من نسيان السجدة والتشهد اما الأول ففي الجواهر انه هو المشهور شهرة كادت تكون اجماعا بل عن الخلاف والغنية والمنتهى والتذكرة دعوى الاجماع عليه
واستدل له بمرسلة سفيان بن السمط عن أبي عبد الله عليه السلام قال تسجد سجدتي السهو في كل زيادة تدخل
عليك أو نقصان وقوله عليه السلام في ذيل خبر جعفر بن بشير
المتقدم الوارد في ناسي السجدة وإذا ذكره وهو في التشهد الثاني قبل ان يسلم فليسجدها ثم يسلم ثم يسجد سجدتي السهو وخبر منهال القصاب قال سئلت أبا عبد
الله عليه السلام أسهو في الصلاة وانا خلف الإمام فقال إذا سلم فاسجد سجدتين ولا تهب فان تعليقه الحكم على مطلق السهو يشتمل ما نحن فيه وربما استدل عليه
أيضا بصحيحة الفضيل بن يسار انه سئل أبا عبد الله عليه السلام عن السهو فقال من حفظ سهوه فأتمه فليس عليه سجدتا السهو وانما السهو على من لم يدر أزاد في صلاته أم
نقص منها ونحوها موثقة سماعة اما لأن المراد منه الشك في الخصوصية بعد معلومية أحدهما كما لعله المعنى الحقيقي لهذه العبارة فيجب حينئذ هنا لعدم القول
بمدخلية هذا الشك أو لأنه إذا وجب للشك في الزيادة والنقيصة فمع المتيقن بطريق أولى وفيه ما لا يخفى فإنه على خلاف المطلوب أدل كما سنشير إليه مع أن
دعوى في لقول بمدخلية هذا الشك مدفوعة بما ستسمعه عند التكلم في موجبات السهو من نقل القول بمضمون الخبر عن بعض خلافا للمحكى عن الصدوقين و
المفيد في الغرية والعماني وغير واحد من المتأخرين بل في المستند نسبته إلى أكثرهم فلم يوجبوا السجود بنسيان السجدة للأصل وخلو النصوص الواردة في
مقام البيان الامرة بقضاء السجدة عن التعرض لسجود السهو وحصر ما يوجب السهو في جملة من الأخبار كصحيحة الفضيل وموثقة سماعة المتقدمتين فيما عداه
مع امكان اندراء المورد في موضوع ما هو المذكور في صدر الخبرين وخصوص صحيحة أبي بصير قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي ان يسجد واحدة فذكرها
وهو قائم قال يسجدها إذا ذكرها ولم يركع فإن كان قد ركع فليمض على صلاته فإذا انصرف قضاها وحدها وليس عليه سهو وخبر محمد بن منصور قال سئلته عن
الذي ينسى السجدة الثانية من الركعة الثانية أو شك فيها فقال إذا خفت الا تكون وضعت وجهك الا مرة واحدة فإذا سلمت سجدت سجدة واحدة وتضع وجهك
مرة واحدة وليس عليك سهو وقد أشرنا فيما سبق إلى أن المراد بالخوف بحسب الظاهر مطلق في لامن بوقوع الفعل كي يعم صورة العلم بنسيان واحدة
بقرينة السؤال وموثقة عمار قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام وساق الخبر إلى أن قال وسئل عن الرجل ينسى الركوع أو ينسى سجدة هل عليه سجدتا السهو قال
لا قد أتم الصلاة وترك العمل بجزء منه لمعارضته بما هو أقوى أو مخالفته للاجماع لا يسقطه عن الحجية فيما عداه وهذه الروايات أخص مطلقا من مرسلة
سفيان وخبر منهال فيخصص بها عمومهما ولا يصلح لمعارضتها خبر جعفر بن بشير لجواز حمله على الاستحباب مع أنه بظاهره غير معمول به (وارتكاب التأويل) في فقرته الأخيرة كما في فقرته
الأولى بحمله على التذكر قبل فوات محل التدارك يخرجه عن محل الكلام كما أن خبر منهال في حد ذاته لا يخلو عن اجمال ومرسلة سفيان أيضا مما يشكل الاعتماد
على ظاهرها لمخالفته لظواهر جل الروايات الواردة في أحكام السهو في باب القراءة وغيرها الخالية عن التعرض لذكر سجود السهو مع وقوع التصريح في كثير
منها بأنه لا شئ عليه أو تمت صلاته أو نحو ذلك ووقوع التصريح في كثير من مواضع الزيادة والنقصان كالروايات المتقدمة ونظائرها بنفيه والالتزام باهمال
تلك الأخبار التي لم يقع التعرض فيها لذكره من هذه الجهة وكون الروايات المصرحة بعدمه مخصصة لعموم المرسلة مع كون بعضها كصحيحة الفضيل الحاصرة
لسجود السهو في الشك في الزيادة والنقيصة منافيا له في الظاهر ليس بأهون من حمل المرسلة على الاستحباب بل هذا أولى خصوصا بعد الالتفات إلى عدم التزام
الأكثر بل المشهور كما اعداه غير واحد ولا سيما القدماء بظاهر المرسلة من وجوبه لكل زيادة ونقيضة فدعوى انجبار ضعف المرسلة لو كان في خصوص المقام بالشهرة
والاجماعات المنقولة كدعوى سقوط صحيحة أبي بصيرة وغيرها من الأخبار المتقدمة النافية للوجوب بالشذوذ عن الحجية بعد ما سمعت من وجود القول به قديما وحديثا
552

لا يخلو عن نظر فالقول بعدم الوجوب كما نسب إلى أكثر المتأخرين أشبه بالقواعد الا ان الالتزام به مع استفاضة نقل الاجماع على خلافه واعتضاده بالشهرة لا يخلو
عن اشكال فما ذهب إليه المشهور ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط واما وجوبهما لنسيان التشهد فهو المشهور بل عن الخلاف والغنية دعوى الاجماع عليه و
يشهد له المعتبرة المستفيضة التي تقدم ذكر جملة منها لدى البحث عن قضائه فما عن ظاهر ابن أبي عقيل والشيخ في الجمل والاقتصاد وأبي الصلاح حيث لم يذكروه
فيما يوجب سجدتي السهو ضعيف وما عن صاحب الذخيرة من التردد فيه لزعمه عدم ظهور الامر الوارد في اخبارنا في الوجوب في غير محله (كما تقرر في محله) والظاهر أنه لا فرق بين الأول
والثاني لاطلاق بعض أدلته ولكن الأحوط في التشهد الأخير عند عدم تخلل المنافي التلافي بنية الاحتياط من غير تعرض للأدائية والقضائية ثم السجود للسهو كما
ظهر وجهه فيما مر والله العالم واما الشك ففيه مسائل الأولى من شك في عدد الواجبة الثانية أعاد كالصبح وصلاة السفر وصلاة العيدين إذا كانت
فريضة والكسوف على المشهور بل عن المعتبر والتذكرة والمنتهى نسبته إلى علمائنا واستثنى في الأخير ابن بابويه فحكى عنه التخيير بين البناء على الأقل والإعادة
وفى الحدائق نفي الخلاف فيه بين الأصحاب وخطاء من نسب الخلاف إلى ابن بابويه فقال بعد ان نقل عن المنتهى نسبته إلى علمائنا أجمع الا ابن بابويه ما لفظه قد اشهر
في كلام الأصحاب من العلامة فمن دونه نقل الخلاف عن ابن بابويه في مواضع من الشكوك كما ستمر بك انشاء الله تعالى مع أنه لا أصل له وهو من أعجب العجائب
عند ذوي الألباب والسبب في ذلك هو تقليد المتأخر للمتقدم من غير مراجعته كلام ابن بابويه والنظر فيه بعين التأمل والتحقيق كما يظهر لك انشاء الله فيما
نشرحه لك من البيان الرشيق ومن جملتها هذا الموضع فان كلامه فيه جار على ما جرى عليه الأصحاب ودلت عليه الأخبار في هذا الباب ثم نقل عنه في الفقيه
والمقنع ما يظهر من مواقة المشهور وكيف كان فيدل على المشهور مضافا إلى الاجماعات المنقولة المعتضدة بالشهرة جملة من الأخبار منها صحيحة محمد بن مسلم
قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي ولا يدري واحدة صلى أم ثنتين قال يستقبل حتى يستيقن انه قد أتم وفي الجمعة وفي المغرب وفي الصلاة في السفر و
خبر زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال قلت له رجل لا يدرى واحدة صلى أو اثنتين قال يعيد ورواية إسماعيل الجعفي وابن أبي يعفور عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام
قالا إذا لم تدر أواحدة صليت أم اثنتين فاستقبل وخبر عبد الله بن الفضل الهاشمي عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن رجل لم يدر أواحدة صلى أو اثنتين فقال له
يعيد الصلاة فقال له فأين ما روى أن الفقيه لا يعيد الصلاة قال انما ذلك في الثلاث والأربع ومضمرة سماعة قال سئلته عن السهو في صلاة الغداة قال
إذا لم تدر واحدة صليت أم اثنتين فأعد الصلاة من أولها والجمعة أيضا إذا سهى فيها الامام فعليه ان يعيد الصلاة لأنها ركعتان والمغرب إذا سهى فيها
فلم يدر كم ركعة صلى فعليه ان يعيد الصلاة ويفهم من التعليل الوارد (في هذه الرواية) ان كل فريضة ثنائية حكمه حكم صلاة الغداة في وجوب الإعادة إذا تعلق الشك بها وان
مناط هذا الحكم هو كونها ثنائية لا كونها غداة أو جمعة كما أنه يفهم من تعليق الحكم على مطلق السهو في الجمعة عدم اختصاصه بالشك بين الواحدة الاثنتين
كما وقع عنه السؤال في الغداة بل يعم مطلق الشك المتعلق بعدد الركعات ولو بين كونها اثنتين (أو ثلاثا فما زاد كما يؤيد ذلك) مضافا إلى اطلاق كلمات الأصحاب في فتاويهم
ومعاقد اجماعاتهم المحكية المستفيضة الدالة على بطلان الغداة بالشك في عددها على الاطلاق مثل ما عن الشيخ في الصحيح عن الحلبي وحفص بن البختري وغير واحد
عن أبي عبد الله عليه السلام إذا شككت في المغرب فأعد وإذا شككت في الفجر فأعد ومرسلة يونس عن أبي عبد الله عليه السلام في المغرب والفجر سهو إلى غير ذلك من الروايات
الدالة عليه وربما يشهد له أيضا المستفيضة الدالة على أن الفرائض التي فرضها الله تعالى في أصل الشرع ركعتان (وهاتان الركعتان) يجب حفظهما عن السهو مثل ما رواه الصدوق
باسناده عن زرارة قال قال أبو جعفر عليه السلام كان الذي فرض الله على العباد عشر ركعات وفيهن القراءة وليس فيهن وهم يعني سهوا فزاد رسول الله صلى الله عليه وآله سبعا
وفيهن الوهم وليس فيهن قراءة فمن شك في الأولتين أعاد حتى يحفظ ويكون على يقين ومن شك في الأخيرتين عمل بالوهم وخبر عبد الله بن سليمان عن أبي
جعفر عليه السلام قال لما عرج برسول الله صلى الله عليه وآله نزل بالصلاة عشر ركعات فلما ولد الحسن عليه السلام والحسين عليه السلام زاد رسول الله صلى الله عليه وآله سبع ركعات وانما يجب السهو فيما زاد رسول الله صلى الله عليه وآله
فمن شك في أصل الفرض الركعتين الأولتين استقبل صلاته إلى غير ذلك من الروايات الدالة عليه وقد أشرنا انفا إلى أن قضية التعليل الوارد في خبر
سماعة كاطلاق سائر الروايات المتقدمة عليه ومفهوم الحصر الوارد في خبر الهاشمي اطراد الحكم في كل ثنائية حتى العيدين والكسوفين فعدم ورود نص خاص فيهما
غير قادح خصوصا مع اعتضاده بنقل الاجماع وعدم القول بالفصل ولكن مورد هذا الحكم هي الصلوات المفروضة دون النوافل بشهادة النص والاجماع
بعدم بطلان النافلة بالشك في عددها كما ستعرف مع امكان دعوى انصراف الروايات في حد ذاتها بواسطة ما فيها من الامر بالإعادة إلى الفرائض كما ربما يؤيد
ذلك الطائفة الأخيرة من الأخبار بل لا يبعد دعوى انصراف المطلقات عن العيدين والكسوفين أيضا الا ان فيما عداها مما عرفته غنى وكفاية مضافا إلى
موافقة وجوب الإعادة للأصل وهي قاعدة الاشتغال فإنه وان كان مقتضى الأصل الأولى في مثل المقام هو البناء على الأقل لأصالة عدم فعل المشكوك
فيه وبقاء التكليف به وعدم الاعتناء باحتمال حصول الزيادة المبطلة بفعله لمخالفته للأصل كما هو الشان في سائر الأركان عند الشك فيها قبل تجاوز محلها و
دعوى ان المعتبر في الفريضة الثنائية وقوعها بلا زيادة ولا يحرز وقوعها كذلك بالأصل فإنه لا يجدي في اثبات الاتصاف مدفوعة بمنع اعتبار الاتصاف
بالعدم قيدا في المهية حتى يشكل احرازه بالأصل وانما المسلم أو انحصار المأمور به في الركعتين وكون الزيادة مبطلة كما في سائر الأركان مع أن الاتصاف
في حد ذاته مجرى للأصل لحصوله بعد اتمام الركعتين وارتفاعه بلحوق الزيادة غير معلوم فلا حاجة إلى احرازه بأصل اخر كي يكون ذلك الأصل بالنسبة
إليه مثبتا اللهم الا ان يقال إن مرجع اخذ العدم قيدا إلى اعتبار صفة وجودية ملازمة له كاستقلال الركعتين بالفردية والانقطاع عليهما ونحوه
553

فالأصل بالنسبة إليه مثبت لا محالة ولكنه يتوجه على الأصل المزبور اي اصالة عدم فعل المشكوك فيه انه علم من استقراء احكام الشكوك ان الشارع
لم يعتد بهذا الأصل في عدد الركعات أصلا بل أوجب احراز سلامتها في الفرائض من الزيادة والنقصان حتى بالنسبة إلى الأخيرتين من الرباعية فيما عدى
صورة الشك بين الأربع والخمس ولكن جعل بالنسبة إلى الأخيرتين قاعدة تعبدية لحفظهما عن الاختلال بزيادة أو نقصان وهي الاتيان بما يشك فيه مفصولا
كي يتدارك به النقص على تقدير الحاجة ولا يتحقق به الزيادة على تقدير الاستغناء بل قد ورد هذا النحو من العلاج في بعض الأخبار في الثنائية أيضا كخبر عمار
الساباطي قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عليه السلام عن رجل لم يدر صلى الفجر ركعتين أو ركعة قال يتشهد وينصرف ثم يقوم فيصلي ركعة فإن كان صلى ركعتين كانت هذه تطوعا
وان صلى ركعة كانت هذه تمام الصلاة ولكنه لا ينبغي الالتفات إليه كما نبه عليه الشيخ في محكى الاستبصار حيث قال إنه خبر شاذ مخالف للاخبار كلها وأجمعت
الطائفة على ترك العمل به انتهى كبعض الأخبار المتضمنة للبناء على الركعة للشاك في الواحدة والثنتين كخبر عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم عليه السلام
قال في الرجل لا يدري صلى ركعة أم ثنتين قال يبنى على الركعة وموثقة عبد الله بن أبي يعفور قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل لا يدري أركعتين صلى أم
واحدة قال يتم بركعة وخبر الحسين بن أبي العلاء قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل لا يدري أركعتين صلى أم واحدة قال يتم لقصورها عن مكافئة ما عرفت وعن
الشيخ في الاستبصار انه أجاب عن هذه الأخبار أولا بأنها اخبار قليلة وما تضمن الإعادة كثيرة جدا ولا يجوز العدول عن الأكثر إلى الأقل وثانيا بالحمل على
النافلة إذ لا تصريح فيها بكون الشك في الفريضة وفي المدارك بعد نقل ذلك عنه قال وهذا الحمل وان كان بعيدا الا انه لا باس بالمصير إليه لضعف هذه الروايات
من حيث السند ولو صح سندها لأمكن القول بالتخيير بين البناء على الأقل والاستيناف كما اختاره ابن بابويه رحمه الله انتهى وفيه انه ان كان الحكم بالتخيير لأجل كونه حكما عمليا
في المتعارضين فهو فرع المكافئة وهي منتفية كما هو واضح وان كان من باب الجمع من حيث الدلالة كما هو الظاهر ففيه بعد الغض عن احتياجه في مثل المقام إلى شاهد
خارجي ان كثيرا من الروايات الدالة على وجوب الإعادة مثل ما وقع فيها التفصيل بين الأولتين والأخيرتين في وجوب الحفظ والخلوص من السهو يأبى عن هذا
الحمل فالمتجه رد علم هذه الأخبار إلى أهله ويحتمل قويا جريها مجرى التقية كما نبه عليه في الحدائق لموافقته لاخبار العامة وأقوالهم ففي الحدائق نقل عن مسلم
في صحيحه باسناده عن عبد الرحمن بن عوف قال سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول إذا سهى أحدكم في صلاته فلم يدر واحدة صلى أو اثنتين فليبن على واحدة وان لم يدر اثنتين صلى
أم ثلاثا فليبن على ثنتين وان لم يدر ثلاثا صلى أم أربعا فليبن على ثلاث ويسجد سجدتين قبل ان يسلم ثم قال قال البغوي في شرح السنة بعد نقل الخبر المذكور هذا
الحديث يشتمل على احكام أحدها انه إذا شك في صلاته فلم يدر كم ركعة صلى يأخذ بالأقل والثاني ان محل سجدتي السهو قبل السلام اما الأول
فأكثر العلماء على أنه يبني على الأقل ويسجد للسهو انتهى وهيهنا فوائد الأولى هل تبطل الصلاة بنفس الشك من حيث هو فيكون الشك كالحدث
قاطعا للصلاة فلا يجدي زواله بعد تحققه أم لا فلو تروى وزال الشك مضى في صلاته ما لم يفت التوالي قولان حكى أولهما عن بعض اخذا بظاهر الأخبار
التي علق فيها الإعادة على الشك كقوله عليه السلام إذا شككت في المغرب فأعد وإذا شككت في الفجر فأعد وفيه انه يظهر بالتدبر في النصوص ان هذا انما هو لحفظ
الصلاة وسلامتها عن الزيادة والنقصان كما يفصح عن ذلك قوله عليه السلام في صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة التي وقع فيها السؤال عمن لا يدري واحدة صلى أم ثنتين يستقبل
حتى يستيقن انه قد أتم وقوله عليه السلام في خبر ابن أبي يعفور الواردة فيمن لا يدري كم صلى فأعد ولا تمض على الشك وفي خبر زرارة فمن شك في الأولتين أعاد حتى
يحفظ ويكون على يقين وفي خبر أبي بصير إذا سهوت في الأولتين فأعدهما حتى تثبتهما فما هو صريح غير واحد وظاهر آخرين من عدم عروض البطلان بحدوث
الشك من حيث هو هو الأظهر وهل يجب التردي إلى أن يتحقق الفصل الطويل أو يكفي مسماه أم لا يجب أصلا وجوه أوجهها أوسطها إذ المتبادر من الشك في
النصوص والفتاوي وهو التحير الحاصل للنفس بعد اعمال الروية في الجملة اي الشك المستقر لا التردد البدوي الحاصل بمجرد التفات الذهن ومن هنا يتجه على القول
بكون الشك بنفسه من القواطع تخصيصه أيضا بالشك المستقر واما بعد حصول الاستقرار فيجوز له الاستيناف وأم لم نقل بكونه بنفسه سببا للبطلان الاطلاق
النصوص الامرة بالإعادة الغير القاصرة عن شموله واحتمال وجوب التروي إلى أن يتحقق الفصل الطويل المخل بناء على عدم عروض البطلان بنفس الشك
للنهي عن ابطال العمل واستصحاب حرمة القطع مدفوع بالاطلاق ودعوى ورود المطلقات مورد حكم اخر وهو في لاعتداد مع الشك فلا ينافيه اشتراط
جواز الاستيناف بحصول الفصل الطويل الموجب للبطلان مدفوعة بظهور أغلب النصوص في كونها مسوقة لبيان الحكم الفعلي الثابت للشاك عند تحيره في ما
يقتضيه تكليفه فصرفها إلى إرادة الإعادة بعد حصول الفصل أو مبطل اخر بعيد ولا يشكل ذلك باستلزامه وقوع الافتتاح بلا امر فيقع فاسدا ومفسدا
كما عرفته في مسألة ما لو كبر ثانيا ونوى به الافتتاح فان قضية الرخصة في الاستيناف جواز رفع اليد عن هذا الفرد الذي تلبس به واختيار فرد اخر امتثالا
للامر بطبيعة الصلاة فيقع ذلك الفرد بجميع اجزائه موافقا للمأمور به بل هذا هو مقتضى الأصل في كل عبادة لم يثبت حرمة قطعها فان الامر بالاجزاء منتزع
من التكليف بالكل فما دام التكليف بالكل باقيا يكون مأمورا باجزائه وتلبسه بفرد من افراد المأمور به لا يعين عليه اختياره في مقام الامتثال فلو بدا له ان يأتي
بفرد اخر جاز له ذلك كما تقدم التنبيه عليه في مسألة العدول من سورة إلى أخرى ومن التسبيح إلى القراءة أو عكسه في الأخيرتين فسقوط الامر الغيري المتعلق باجزاء
المركب عنه تلبسه بفرد منها مراعى بحصول ذلك الفرد الذي تلبس به فلو رفع اليد عنه واتى بفرد اخر وقع ذلك الفرد الآخر مصداقا للمأمور به ويتحقق بافتتاحه
امتثال الامر الغيري المتعلق بالافتتاح لهذا الفرد من الصلاة التي رخص في اختيارها في مقام الامتثال الثانية لو أوقع بعض الأفعال
554

حال الشك ثم زال شكه هل يجتزي بما اتى به حال الشك أم عليه اعادته لو لم يكن من الأركان ولم نقل باندراج مثله في الزيادة المبطلة والا فإعادة الصلاة
وجهان مبنيان على اعتبار الجزم في النية حال التلبس بالفعل في صحة العبادة وعدمه فيكفي الاتيان به مع الشك بقصد الاعتداد به على تقدير زوال الشك
وتمكنه من الاتمام وقد تقدم في مبحث النية من كتاب الطهارة تحقيقه وعرفت فيما تقدم ان الأول وان كان مشهورا الا ان الأخيران لم ينعقد الاجماع على
خلافه أقوى اللهم الا ان يستدل في خصوص المقام بالنهي عن المضي على الشك في بعض الأخبار المتقدمة فليتأمل الثالثة لو عرض للفرائض وصف الندب
كالمعادة جماعة استحبابا أو القضاء عن الغير تبرعا أو العيدين عند اختلال شرائط الوجوب من الجماعة أو الحضور واما المعادة احتياطا والمأتي به لدى الشك فيه
بعد خروج الوقت من باب الاحتياط فليس مثالا لما نحن فيه وان قلنا بكون الاحتياط مستحبا شرعيا إذ الماتى به على تقدير صحته لا تقع الا مصداقا للفريضة الواجبة
بل يمكن الخدشة أيضا في الماتى به تبرعا عن الغير فإنه يتبرع بالخروج عن عهدة ما وجب على الغير ففعله من حيث صدوره منه وان كان موصوفا بالاستحباب ولكن
يجب ان يتحقق به امتثال الامر الوجوبي المتوجه إلى الغير فهو بالفعل موصوف بالوجوب ولكن على من يتبرع عنه لا على العامل فليتأمل أو عرض للنوافل وصف
الوجوب بنذر وشبهه فالظاهر بقاء حكمهما اما الأول فلان المنساق من الأدلة المتقدمة الدلة على اعتبار سلامة الثنائية من السهو خصوصا فيما كان الحكم
فيها معلقا على الاسم كالمغرب والغداة كون هذا الحكم من احكام ذات الفرائض من حيث هي لا من حيث كونها واجبة واما النافلة التي عرضهما وصف الوجوب
بنذر وشبهه فلان النذر وشبهه انما يتعلق بها على حسب مشروعيتها فلا يغير حكمها فليتأمل الرابعة لو شك المسافر في مواضع التخيير بعد اكمال السجدتين
فعن العلامة الطباطبائي انه يتعين عليه اختيار التمام للنهي عن ابطال العمل وامتناع التخيير بين الصحيح والفاسد وهذا انما يتجه بناء على ما قويناه في مبحث
النية من أن القصرية والتمامية ليستا من المقومات للمهية ولذا لا يجب التعرض لهما في النية فتخييره بينهما مرجعه إلى أن له الاجتزاء بالركعتين
والانصراف عنها بالتسليم أو المضي في الصلاة إلى أن يتم الأربع ركعات فجواز الاكتفاء بالركعتين حينئذ موقوف على امكانه وعدم التجاوز عنه والشاك
بين الاثنتين والثلاث في الرباعية بحكم الآتي بالثالثة فلا يجوز له البناء على الركعتين ولا رفع اليد عن صلاته للنهي عن ابطالها واما بناء على أنهما
ماهيتان كالظهر والعصر وان جواز العدول عن إحديهما إلى الأخرى حكم تعبدي على خلاف الأصل فالمتجه بطلان صلاته إذا كان شكه مسبوقا بقصد القصر
لكونه شكا في ثنائية والعمل بموجب الشك إذا كان مسبوقا بقصد التمام فليس له حينئذ العدول إلى القصر لما عرفت كما أنه ليس له العدول إلى التمام في
الأول لأنه فرع بقاء المعدول عنه على وصف الصحة إلى حين العدول وهو ليس كذلك لطرو الفساد عليه حين دخله الشك (قبل ان يعدل عنه ولذا أجاب في الجواهر عن الدليل المزبور بأنه بطلان لا ابطال ولا تخيير بين الصحيح والفاسد بل هو) فاسد محض فلا محل للعدول
بعده ولكن قد يشكل ذلك بما قويناه تبعا له من أن الشك في الثنائية بنفسه ليس من المبطلات وانما البطلان ينشأ من منافاته لاحراز سلامتها عن الزيادة
والنقصان فلا يصلح الشك بنفسه حينئذ مانعا عن العدول إلى الرباعية التي لا ينافسه هذا الشك واحتمال صيرورتها باطلة بالزيادة المحتملة فلا موقع
للعدول بعدها منفي باستحباب الصحة وعدم عروض المبطل وعدم حصول الزيادة وعدم اعتناء الشارع بهذه الأصول في عدد الثنائية المتوقف صحتها
على احراز سلامتها عن الزيادة غير مانع عن التعويل عليها بالنسبة إلى سائر الأحكام الثابتة لها ما لم يتحقق الخروج منها اما بالفراغ عنها أو عروض مبطل
كجواز العدول ونحوه اللهم الا ان يقال إن جواز العدول فرع احراز صحة المعدول عنه وموافقته لامره بحيث لو لم يعدل عنه لاعتد به في تفريغ ذمته
عن التكليف بالمعدول عنه والا فكيف يعتد به جزء للمعدول إليه فلا يجديه الأصول المتقدمة بعد فرض عدم كفايتها لاثبات الصحة بهذا المعنى مع امكان
ان يقال بقصور ما دل على جواز العدول عن شمول مثل الفرض فليتأمل الخامسة حكى عن جمع من الأصحاب في صلاة الكسوف التصريح بأنه متى تعلق الشك
بعددها بطلت ومتى تعلق بركوعاتها فإن كان في المحل جاء بالمشكوك فيه والا لم يلتفت الا إذا تعلق شكه بالركوع بما يرجع إلى الشك في الركعات كما إذا شك
في أنه هل هو في الخامس أو في السادس فإن كان في الخامس كان في الأولى وان كان في السادس كان في الثانية وهيهنا قولان آخران مبنيان على كونها عشر
ركعات نقلهما الشهيد في محكى الذكرى أحدهما عن قطب الدين الراوندي وهو انه إذا لم يتعلق شكه بما يزيد على الاحتياط المعهود فإنه يحتاط لدوران الشك
في اليومية مع الركوع ولا تضر زيادة السجود في الاحتياط لأنه تابع فكأن مراده انه لو كان متعلق شكه مما يمكن جبره بصلاة الاحتياط المعهودة في الشريعة
اي الركعة من قيام أو الركعتين عن جلوس أو قيام عمل بموجب شكه من البناء على الأكثر وتدارك المشكوك فيه بفعل الاحتياط بعد الصلاة وزيادة السجود
في الاحتياط كزيادة الافتتاح والتسليم غير ضائر لأنه تابع واما لو كان متعلق شكه ما لا يمكن جبره بذلك كما لو شك بين الاثنين والخمس حيث إن الاحتياط
فيه بثلاث ركعات وهو زائد على الاحتياط المعهود (فلا تعرض له في كلامه ولو كان شكه بين الأربع والخمس تلافى بركعة لأنه غير زائد على الاحتياط المعهود) كما أنه لو كان شكه بين الواحد والاثنين فكذلك مع امكان التزامه بالبطلان في ذلك كما في الفرائض
اليومية وثانيهما عن صاحب البشرى وهو معاملة ركوعات الأولى معاملة اليومية فمتى وقع الشك بين الأول والثاني بطل وفي غيره يصح إلى أن قال
اما إذا وقع بين الرابع والخامس فنهاية ما يلزمه سجدتا السهو وهل يسجد عند ذلك بناء على أنه صلى خمسا أم لا وجوه ثلاثة الأول البناء اخذا برواية عمار
انه يبني على الأكثر ثم يتلافى ما نقص بعض الصلاة الثاني التخيير بين الركوع وعدمه جمعا بين الرواية السابقة وبين قاعدة من شك في الركوع وهو قائم
اتى به الثالث البناء على الأقل ثم قال وحكم ما بعد الخمسة حكم الخامسة وان قلنا إن الحكم في الخمس الثانية مثل الخمس الأولى كان له وجه انتهى وفيهما
ما لا يخفى فإنه وان صح ان يطلق عليها انها عشر ركعات باعتبار ركوعاتها كما ورد في جملة من الأخبار ولكن المراد بالركعة التي امر بغيرها لدى الشك فيها
555

بصلاة الاحتياط هي الركعة التامة المشتملة على السجدتين كما لا يخفى على من راجعها واما الشك في ركوع هذه الصلاة كالشك في ركوع سائر الصلوات مندرج تحت
الكلية التي أثبتتها صحيحة زرارة وغيرها من في لاعتناء بالشك في كل فعل من افعال الصلاة من قراءة أو ركوع أو سجود أو غير ذلك بعد التجاوز عنه والالتفات إلى
شكه ما لم يجزه فما حكى عن جمع من الأصحاب من تداركه ما دام في المحل وعدم الاعتناء بشكه بعد التجاوز عنه هو الصحيح الا ان ما استثنوه من ذلك وهو ما لو تعلق شكه
بها يرجع إلى الشك في الركعة كالمثال المزبور لا يخلو من تأمل إذ الشك في عدد الثنائية انما يوجب البطلان إذا تعلق الشك بركعة تامة لا بابعاضها فلو فرض
تعلق مثل هذا الشك بفريضة الصبح فضلا عن صلاة الآيات التي قد يتأمل في اجراء حكم الثنائية عليها كما لو تردد بعد ان فرغ من القراءة في الأولى في أن قيامه هذا هل
هو قبل الركوع أو بعد رفع الرأس من السجدتين أو وجد نفسه بعد ان قرء الفاتحة مشغولا بالبسملة فشك في أنها هل هي للسورة أو الفاتحة من الثانية يشكل الجزم بكونه
مندرجا في موضوع الأخبار الواردة فيمن لا يدري انه واحدة صلى أم اثنتين بل الظاهر اندراجه في موضوع ما دل على الالتفات إلى الشك في الشئ قبل التجاوز عنه
كما هو مقتضى الأصل فالأظهر في مثل الفرض وجوب تدارك المشكوك والمضي في صلاته ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط بإعادتها بعد الاتمام والله العالم وكذا
المغرب فتبطل بالشك فيها على المشهور بل اجماعا كما عن جماعة نقله بل عن الصدوق في الأمالي انه من دين الإمامية الذي يجب الاقرار به ولكن نسب إليه والى والده
القول بجواز البناء على الأقل فيها وفي الثنائية كما سمعته في المسألة السابقة ولكنه لم يتحقق هذه النسبة بل في الحدائق التصريح بمخالفتها للواقع كما تقدم نقل كلامه
فيما سبق ويؤيده ما نقل عنه في الأمالي من نسبة القول بوجوب الإعادة إلى دين الإمامية وكيف كان فعلى تقدير تحقق خلافه فهو ضعيف محجوج بالاجماع والنصوص
المستفيضة المصرحة بخلافه منها صحيحتا محمد بن مسلم والحلبي وخبر ابن البختري ومرسلة يونس المتقدمات في المسألة السابقة وصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما قال سئلته
عن السهو في المغرب قال يعيد حتى يحفظ انها ليست مثل الشفع وصحيحة العلاء بن زرين عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الرجل يشك في الفجر قال يعيد قلت المغرب قال نعم
والوتر والجمعة من غير أن أسئله وفي مضمرة سماعة قال والمغرب إذا سهى فيها فلم يدر كم ركعة صلى فعليه ان يعيد الصلاة وخبر محمد بن مسلم المروي عن الخصال
عن الصادق عن ابائه عن علي عليهم السلام قال لا يكون السهو في خمس في الوتر والجمعة والركعتين الأولتين من كل صلاة مكتوبة وفي الصبح وفي المغرب وخبر العلاء
المروي عن قرب الإسناد عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلت عن الرجل يصلي الفجر فلا يدري أركعة صلى أو ركعتين قال يعيد قال له بعض أصحابنا وانا حاضر والمغرب قال
والمغرب قلت له انا والوتر قال نعم والوتر والجمعة ولا يعارضها خبر عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل شك في المغرب فلم يدر ركعتين صلى أم ثلاثة قال يسلم ثم يقوم
فيضيف إليها ركعة ثم قال هذا والله مما لا يقضي ابدا وخبره الآخر قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل لم يدر صلى الفجر ركعتين أو ركعة قال يتشهد وينصرف
ثم يقوم فيصلي ركعة فإن كان قد صلى ركعتين كان هذه تطوعا وان كان قد صلى ركعة كان هذه تمام الصلاة قلت فصلى المغرب فلم يدر اثنتين صلى أم ثلاثا قال
يتشهد وينصرف ثم يقوم فيصلي ركعة فإن كان صلى ثلاثا كانت هذه تطوعا وان كان صلى اثنتين كانت هذه تمام الصلاة وهذا والله مما لا يقضي لقصورهما عن المكافئة
من وجوه وما في ذيلهما من الحلف والاتيان بكلمة متشابهة مشعر بجريهما مجرى التقية كما يؤيد ذلك ما في الوسائل من دعوى موافقتهما لجميع العامة ثم إن
ظاهر خبري الخصال وقرب الإسناد وكذا صحيحة العلاء ان الشك في الوتر أيضا يوجب البطلان وقضية الجمع بينها وبين ما دل على عدم بطلان النافلة
بالسهو ارتكاب التخصيص في عموم النافلة ولكنه خلاف ما هو المعروف من كلمات الأصحاب وقيل في توجيه هذه الأخبار انه لما كان الوتر يطلق غالبا على
الثلاث فتحمل على الشك بين الاثنتين والثلاث إذ الشك بين الواحدة والاثنتين شك في الشفع حقيقة والشك بين الثلاث والأربع نادر فيعود شكه
إلى أنه علم ايقاع الشفع وشك في أنه أوقع الوتر أم لا ولما كانت الوتر صلاة برأسها فإذا شك في ايقاعها يلزمه الاتيان بها وليس من قبيل الشك في الركعات
انتهى وهو لا يخلو من جودة قوله والشك بين الثلاث والأربع نادر يعني في خصوص المقام حيث إن استقلال الثالثة بالملاحظة وكونها نافلة مستقلة
مانعة من أن يتطرق الشك إلى عددها إذ لا يكاد يتفق عروض الشك في عدد الوحدانية ولو اتفق فلا ينبغي ترك الاحتياط بإعادتها بعد استفاضة الأخبار
بذلك والله العالم * (المسألة الثانية) * إذا شك في فعل شئ من افعال الصلاة فإن كان في موضعه اتى به واتتم وان انتقل عنه مضى في صلاته سواء
كان ذلك الفعل ركنا أو غيره بلا خلاف فيه على الظاهر كما اعترف به في الحدائق وسواء كان في الأولتين أو الأخيرتين على الأظهر الأشهر بل المشهور وعن
الشيخ المفيد في المقنعة أنه قال وكل سهو يلحق الانسان في الركعتين الأولتين من فرائضه فعليه الإعادة وعن المصنف في المعتبر انه حكى عن الشيخ قولا بوجوب
الإعادة بلك شك يتعلق بكيفية الأولتين كاعدادهما ويشهد لوجوب الاتيان بالمشكوك فيه قبل التجاوز عن محله مضافا إلى موافقته للأصل جملة من الأخبار
منها ما عن الشيخ في الصحيح عن عمران الحلبي قال قلت الرجل يشك وهو قائم فلا يدري ركع أم لا قال فليركع وعن عبد الرحمن بن أبي عبد الله في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام
رجل رفع رأسه من السجود فشك قبل ان يستوي جالسا فلم يدر اسجد أم لم يسجد قال يسجد قلت فرجل نهض من سجوده فشك قبل ان يستوي قائما فلم يدر اسجد أم لم يسجد
قال يسجد وخبر أبي بصير قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل شك وهو قائم فلم يدر ركع أم لم يركع قال يركع ويسجد وخبر الحلبي قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل
سهى فلم يدر سجد سجدة أم ثنتين قال يسجد أخرى وليس عليه بعد قضاء الصلاة سجدتا السهو وخبر أبي بصير المروي عن الكافي قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل
شك فلم يدر سجد سجدة أم سجدتين قال يسجد حتى يستيقن انهما سجدتان وخبر شحام عن أبي عبد الله عليه السلام عن رجل شبه عليه فلم يدر واحدة سجد أو اثنتين قال
فليسجد أخرى ورواية أبي بصير والحلبي جميعا عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل لا يدري اركع أم لم يركع قال يركع ويدل عليه أيضا صحيحة زرارة وغيرها من الأخبار
556

الآتية وما في بعضها من الاطلاق يجب تقييده بما إذا لم يتجاوز المحل جمعا بينه وبين غيره مما ستعرف ولا يعارضها ما عن الشيخ في الصحيح عن الفضيل بن يسار
قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام استقم قائما فلا أدري ركعت أم لا قال بلى قد ركعت فامض في صلاتك فان ذلك من الشيطان لقصورها عن المكافئة فيجب رد علمها إلى
أهله وقد حملها الشيخ على إرادة القيام من السجود إلى ركعة أخرى والأولى حملها على كثير الشك بقرينة ذيلها فكان الإمام عليه السلام علم من حاله أو سؤاله
بلحاظ اشعاره في كونه عادة له ان منشأ شكه الوسوسة كما يفصح عن ذلك قوله عليه السلام انما ذلك من الشيطان والله العالم ويدل على في لالتفات إلى شكه
بعد الانتقال عن موضعه صحيحة زرارة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل شك في الأذان وقد دخل في الإقامة قال يمضي قلت رجل شك في الأذان والإقامة وقد
كبر قال يمضي قلت رجل شك في التكبير وقد قرء قال يمضي قلت رجل شك في القراءة وقد ركع قال يمضي قلت شك في الركوع وقد سجد قال يمضي على صلاته
ثم قال يا زرارة إذا خرجت من شئ ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشئ وصحيحة إسماعيل بن جابر قال قال أبو عبد الله عليه السلام ان شك في الركوع بعد ما سجد فليمض
وان شك في السجود بعد ما قام فليمض كل شئ شك فيه وبما جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه ورواه الشيخ أيضا بسند اخر عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام مثله
وصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال سئلته عن رجل شك بعد ما سجد انه لم يركع قال يمضي في صلاته وصحيحة حماد بن عثمان قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام
أشك وانا ساجد فلا أدري ركعت أم لا فقال قد ركعت امضه وموثقة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت كلما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو
ويمكن الخدشة في دلالة هذه الرواية بان المتبادر منها بقرينة قوله عليه السلام فامضه كما هو وظهور قوله مما قد مضى في كون التلبس به في الجملة محرزا هو الشك في الصحة
لا في أصل الوجود كما هو محل الكلام فهذه الرواية لا تصلح مستندة الا لقاعدة الشك بعد الفراغ اي اصالة الصحة في العمل الذي فرغ منه وهي غير قاعدة
الشك في الشئ بعد تجاوز المحل ونحوها خبره الآخر قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول كلما مضى من صلاتك وطهورك فذكرته تذكرا فامضه كما هو ولا
إعادة عليك فيه وقد تقدم في باب الوضوء تنقيح مجرى هذه القاعدة وبيان الفرق بينها وبين القاعدة الأولى فراجع ثم إن مقتضى اطلاق
الرواية المزبورة وصريح الصحيحة الأولى شمول حكم الشك للأولتين وعدم الفرق بين الركن وغير الركن ويدل أيضا صريحا على شمول الحكم للأولتين
خبر محمد بن منصور قال سئلته عن الذي ينسى السجدة الثانية من الركعة الثانية أو شك فيها فقال إذا خفت ان لا تكون وضعت وجهك الا مرة واحدة
فإذا سلمت سجدت سجدة واحدة وتضع وجهك مرة واحدة وليس عليك سهو فما ورد في جملة من الأخبار من عدم دخول السهو والشك في الأولتين
أو في صلاة الغداة والمغرب ووجوب الحفظ فيها وسلامتها من الشك والسهو يتعين حمله على ما عدى ما ذكر بل على الشك في عدد الركعات كما يشهد لذلك
جملة من المرجحات الداخلية والخارجية كما لا يخفى على المتأمل فما حكى عن المفيد وغيره من القول بالبطلان بكل سهو أو شك يتعلق بالأولتين ضعيف
وكذا ما حكى عن ابن حمزة في الوسيلة من أنه قال تبطل بالشك في الركوع من الأولتين بعد الفراغ من السجود أو في السجود في واحدة منهما بعد الفراغ من
الركوع ودعوى ان مرجعه لدى التحقيق إلى الشك في أصل الركعة كما حكى عن العلامة في التذكرة حيث قال
وليس ببعيد من الصواب الفرق بين
الركن وغيره فتبطل ان شك في الأولتين في ركن لأن الشك في الحقيقة شك في الركعة بخلاف ما إذا كان المشكوك فيه غير ركن ممنوعة وعلى تقدير التسليم
فهي غير مجدية في مقابلة النص الخاص المصرح بعدم البطلان وهي الصحيحة المتقدمة التي كادت تكون صريحة في شمولها للأولتين مع اعتضادها بالشهرة
وندرة القول بالخلاف على تقدير تحققه فهذا مما لا ينبغي الارتياب فيه وانما الاشكال في تشخيص ما هو المناط في في لالتفات إلى الشك من أنه
هل هو التجاوز والانتقال عن موضع المشكوك فيه كما هو ظاهر المتن فيكون اعتبار الدخول في الغير الذي ورد في اخبار الباب بلحاظ كونه من مقومات
صدق اسم التجاوز فلا يتفاوت الحال حينئذ بين كون ذلك الغير من الافعال التي لها استقلال بالملاحظة في مرتبة الجزئية كالقراءة والركوع والسجود
ونحوه وبين غيرها مما لا استقلال لها بالملاحظة كالكلمات والآيات بل وان لم يكن جزء كمقدمات الافعال مثل الهوى إلى السجود والنهوض إلى القيام
ضرورة كفاية التلبس بمطلق ما هو مترتب على ذلك الشئ الذي شك فيه في صدق اسم التجاوز عنه والخروج من موضعه أو ان الدخول في الغير أيضا من حيث
هو له دخل في ثبوت هذا الحكم فيقع الحاجة حينئذ إلى تشخيص ذلك الغير الذي اخذ قيدا في موضوع هذا الحكم من أنه هل هو مطلق الغير فلا يترتب على النزاع حينئذ
ثمرة مهمة أو ان المراد به ما كان مثل الركوع والسجود ونحوه مما له عنوان مستقل أو خصوص الواجبات منها لا مثل القنوت أو خصوص الأركان كما ذهب
إلى كل بعض فنقول استدل للقول باعتبار الدخول في الغير الذي له عنوان استقلالي بوقوع التعليق على الدخول في الغير في صحيحتي إسماعيل وزرارة
المتقدمتين المسوقتين لبيان الضابط والمنساق إلى الذهن من الغير في مثل هذه الموارد إرادة فعل اخر من افعال الصلاة مما له استقلال بالملاحظة
لا مطلق الغير كما يؤيد ذلك وقوع التمثيل في صدر صحيحة إسماعيل بالشك في الركوع بعد ما سجد وفي السجود بعد ما قام فلو كان الهوى إلى السجود و
النهوض إلى القيام أو جلسة الاستراحة كافيا لكان أولى بالتمثيل في مقام التحديد واعطاء الضابط فيستكشف من ذلك ان المراد بالغير المذكور
في ذيلها ليس مطلقه بل ما كان من هذا القبيل لشهادة السياق بان المراد بالذيل اعطائه قاعدة كلية ينطبق عليها حكم المثالين المذكورين في الصدر
فما حكى عن بعض من الالتزام بعموم الغير وارتكاب التخصيص فيه بالنسبة إلى الهوى والنهوض بمفهوم المصدر ليس على ما ينبغي ويؤيده أيضا
وقوع العطف بثم الظاهرة في التراخي إذ لو كان مطلق الدخول في الغير كافيا لكان ذلك من لوازم الخروج عن محل الشئ فلم يكن يناسبه العطف
557

بثم ولكن يرد على أصل الاستدلال أولا منع ظهور الصحيحتين في الاشتراط فضلا عن الدلالة على إرادة قسم خاص من الغير لجواز ان يكون قوله عليه السلام في صحيحة إسماعيل
كل شئ شك فيه مما قد جاوزه ودخل في غيره من قبيل عطف التفسير بل لعل هذا هو المتبادر منه بعد الالتفات إلى أن الدخول في الغير من مقومات صدق
التجاوز عن محل الشكوك فيه عادة واما وقوع العطف بثم في صحيحة زرارة فلا يكاد يشعر بإرادة قسم خاص من الغير اي ما كان منفصلا عن المشكوك فيه فضلا
عن الدلالة عليه كيف مع أنه لا فاصل بين القراءة والتكبير الذي وقع في صدر الحديث التصريح بحكمه بل ولا بين الركوع والسجود بما يعد فاصلا في العرف بحيث
يصحح ارادته بثم فالتعبير به باعتبار المباينة الذاتية لا التراخي بحسب الزمان ولعله وقع بملاحظة ان الشك في وجود الشك لا يتحقق غالبا الا مع الفصل
فقوله عليه السلام ثم دخلت في غيره توطئه لقوله فشككت فلا يفهم منه مدخليته من حيث هو في ثبوت الحكم وثانيا سلمنا ظهورهما في الاشتراط ولكن دعوى ان
المتبادر من الغير إرادة الافعال التي لها عناوين مستقلة ممنوعة ولو سلم فهو انصراف بدوي منشأه انصراف لفظ الشئ في قوله كل شئ شك فيه أو إذا خرجت
من شئ في بادي الرأي إلى الأشياء التي لها عناوين مستقلة فينسبق إلى الذهن من لفظ الغير أيضا بقرينة المقابلة ما يماثلها نظير ما لو قيل إذا خرجت من بلد
ودخلت في غيره أو من دار ودخلت في غيرها وهكذا فلا ينسبق إلى الذهن من لفظ الغير الا ما يماثل الشئ الذي جعل مقايلا له فبعد التفات الذهن إلى عدم
قصور لفظ الشئ المذكور في الخبرين عن شمول ابعاض القراءة والتشهد من نحو اية أو شهادة بل وكلمة أو كلمتين فضلا عن مجموع الفاتحة وان انصرافه عن مثلها
بدوي منشأه التفات الذهن إليها ابتداء من غير أن يقتصر عليها في فهم الحكم يرى أن لفظ الغير أيضا كان تابعا له في هذا الانسباق والحاصل ان مقتضى
عموم الغير شموله لمطلق ما يغائر المشكوك ودعوى انصرافه إلى ماله عنوان مستقل محتاجه إلى البينة وهي منتفية واما قوله عليه السلام في صدر صحيحة إسماعيل ان شك
في الركوع بعد ما سجد فليمض فلا يدل على أنه ان شك قبله يجب الاعتناء به إذ لا اعتداد بمفهوم اللقب خصوصا مع وروده مورد الغالب وتوهم انه من باب
مفهوم الشرط كما صدر من غير واحد مدفوع بان الشرطية مسوقة لبيان تحقق الموضوع فلا مفهوم لها والا فمفهومها ان لم يشك بعد ما سجد فلا يمض وهو غير
مراد جزما فدلالته على في لمضي لو شك قبل الركوع بحيث يعم حال الهوى لو سلمت فبمفهوم القيد وهو في حيز المنع ودعوى ورود القيد في مقام التحديد فيكون
القيد احترازيا ممنوعة بل هو جار مجرى التمثيل فلا يصلح ان يكون صارفا للكلام المسوق في ذيل الخبر في مقام اعطاء الضابط عن ظاهره فالأظهر ما ذهب
إليه غير واحد من المتأخرين من كفاية الدخول في الغير مطلقا واما ان اعتبار الدخول في الغير هل هو باعتبار كونه محققا للانتقال من موضعه كما يقتضيه
استدلالهم له بقوله عليه السلام في خبر محمد بن مسلم كلما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو أو ان له من حيث هو دخلا في الحكم فلا يكاد يفهم من اخبار الباب و
اما الخبر المزبور ونظائره فقد أشرنا فيما تقدم إلى أنه من أدلة قاعدة الشك بعد الفراغ فلا يتم الاستشهاد به لما نحن فيه ولكن قد أشرنا انفا إلى أنه لا يترتب
على تحقيقه ثمرة مهمة عدى ما سنشير إليه وربما يؤيد أيضا بل يشهد بكفاية مطلق الغير صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل اهوى إلى
السجود فلا يدري ركع أم لم يركع قال قد ركع ولكن قد ينافيه صحيحته الأخرى قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل رفع رأسه من السجود فشك قبل ان يستوي جالسا فلم
يدر اسجد أم لم يسجد قال يسجد قلت فرجل نهض من سجوده فشك قبل ان يستوي قائما فلم يدر اسجد أم لم يسجد قال يسجد واستجود غير واحد من المتأخرين كصاحب
المدارك وغيره العمل بكل من الصحيحتين في موردهما وهو جيد إذ ليس قاعدة الشك بعد تجاوز المحل قاعدة عقلية غير قابلة للتخصيص فمقتضي القاعدة جعل هذه الصحيحة
مخصصة لعموم الغير كما انا لو قلنا بان المراد بالغير خصوص الافعال المستقلة اتجه الالتزام بكون هوى السجود أيضا بمنزلتها اخذا بالصحيحة الدالة على السليمة عما
يصلح لمعارضتها عدى الأصول والقواعد الغير الصالحة لمعارضة النص الخاص القاضي بخلافها ودعوى ان المراد بقوله عليه السلام اهوى إلى السجود فلا يدري ركع أم لم
يركع عروض الشك بعد ان سجد مدفوعة بمخالفته للظاهر خصوصا اطلاق الجواب من غير استفصال وكيف كان فقد ظهر بما قررناه ضعف ما نسب إلى المشهور
من أنه لو شك في القراءة أو في ابعاضها ولو في اية أو كلمة من أول الفاتحة وجب التلافي ما لم يركع بل عن بعضهم التصريح بعدم الاعتداد بالقنوت أيضا لما
عرفت من أنه تخصيص لعموم الغير بلا مقتضى والعجب ممن استدل للمشهور بمفهوم تقييد المضي بالركوع في صحيحة زرارة بدعوى انه وان ورد في كلام السائل
ولكن تقرير الامام يجعله بحكم كلامه في إفادة المفهوم وفيه ما لا يخفى وكذا ما عن الذكرى والروضة من الرجوع فيما لو شك في الركوع وهو هاو إلى السجود
فإنه مع كونه تخصيصا بلا مخصص محجوج بالصحيحة المتقدمة واضعف منهما ما عن الشيخ والفاضل في نهايتهما من أنه لو شك في السجود بعد ما قام وجب عليه الرجوع
ما لم يركع فإنه يتوجه عليه مضافا إلى ما عرفت والى ما عن الحلي من دعوى الاجماع على خلافه وقوع التصريح بخلافه في صحيحة إسماعيل المتقدمة ونظيره في الضعف
القول بالرجوع إلى التشهد ول شك فيه وهو في القيام ما لم يركع كما حكى عن بعضهم وعن بعض القول بالرجوع إلى السجود لو شك فيه وهو في التشهد ولعل
مستند هذا القول اطلاق الصحيحة الأخيرة وفيه ان المتبادر من قوله عليه السلام نهض من سجوده إرادة النهوض من السجود فلا يتناول الفرض نعم لو شك في التشهد
حال النهوض لا يبعد دعوى استفادته منها بتنقيح المناط الا ان عمدته على مدعيه فليتأمل تنبيهات الأول وجوب التلافي في المحل على وفق الأصول
فلا يجوز الاخلال به واما عدمه بعد تجاوز المحل على خلاف الأصل ولكنه ثبت بالدليل فهل هو عزيمة كما قواه في الجواهر أم رخصته كما عن الشهيد في الذكرى
احتمالها وجهان من ظهور اخبارها في وجوب المضي وعدم الالتفات إلى الشك ومن امكان دعوى ورودها مورد توهم الحظر فلا يفهم منها أزيد من الجواز
ولكن يتوجه على هذا الوجه بعد تسليم أصل الدعوى ان كونه عزيمة لا يتوقف على كون الامر بالمضي للوجوب بل يكفي في ذلك كونه متفرعا على حكم الشارع بان شكه
558

ليس بشئ كما في صحيحة زرارة التي وقع فيها الامر بالمضي متفرعا على هذه القاعدة فان مقتضاها كون التلافي بقصد المشروعية تشريعا وملحقا بالزيادة العمدية
نعم لو كان ذلك الشئ مثل القراءة والتشهد ونحوه مما يجوز فعله في أثناء الصلاة مطلقا ما لم ينويه التشريع جاز الاتيان به برجاء المطلوبية من
باب الاحتياط في موارد الخلاف أو بنية القربة المطلقة برجاء إصابة الواقع وان لم يكن امره منجزا عليه بخلاف مثل الركوع والسجود الذي لا يجوز زيادته
عمدا حتى مع نية الاحتياط الثاني من كان فرضه الصلاة جالسا مثلا فشك بعد ان جلس بقصد القراءة للثانية قبل ان يتلبس بها في أنه هل سجد سجدة
أو سجدتين أو تشهد أم لا فهل هو بمنزلة ما لو شك فيها بعد ان قام وجهان أوجههما العدم إذ لا اثر لمحض النية في صدق اسم التجاوز والدخول في الغير ولا يختلف
الحال في ذلك بين القول ببدلية الجلوس ونحوه عن القيام الواجب على القادر أو القول بسقوط التكليف بالقيام إذ لا اثر لوجوبه شرعا وكونه منزلا
منزلة القيام في اجراء هذا الحكم الذي يدور مدار صدق اسم التجاوز والخروج عن محل الشئ بحيث لو ذكر النقص وعاد إليه وتداركه صدق عليه اسم الرجوع
وكون الجلوس حال القراءة واجبا بدلا عن القيام لا يجعله كذلك إذ غاية الأمر انه حينئذ يصير كالجلوس حال التشهد من واجبات الصلاة ولكنه لا يؤثر وجوبه
في صدق اسم الخروج عن محل السجدة ما لم يتلبس بنفس التشهد أو القراءة كما لا يخفى على المتأمل الثالث ان التجاوز عن محل المشكوك فيه متوقف على
التلبس بما هو متأخر عنه في الرتبة فلا يكفي مجرد تلبسه بفعل اخر مما لا ترتب بينهما كما لو قام بعد رفع الرأس من السجود لغرض اخر غير افعال الصلاة ثم
شك في أن قيامه هل كان عن سجدة أو سجدتين فإنه حينئذ شك في الشئ قبل التجاوز عنه بل وكذا لو تلبس بما هو متأخر عنه سهوا كما لو قام إلى الثانية سهوا
قبل اكمال الأولى فشك في أنه هل كان ذلك بعد رفع الرأس من الركوع أو السجدة الأولى فإنه ليس مندرجا في موضوع هذه القاعدة كما تقدم التنبيه
عليه في مسألة نسيان السجدة فراجع ثم انا قد أشرنا إلى أن اخبار الباب قاصرة عن اثبات كفاية مجرد التجاوز عن محل المشكوك فيه من حيث هو
فلابد من اعتبار الدخول في الغير ولكن مقتضى عموم الغير شموله لمطلق افعال الصلاة حتى الكلمة والكلمتين بل الهوى ونحوه من الافعال التبعية على تردد
في ذلك وهل يعم سائر الأفعال الخارجية المترتبة على افعال الصلاة شرعا أو عرفا أو عادة فيه تأمل بل منع خصوصا في الأخير لانصراف النص عن مثله
فمن اعتاد مثلا تحويل خاتمه من اليمنى إلى اليسرى بعد القراءة أو رفع الرأس من السجدتين لتذكر عدد الركعات فشك في السجدة أو القراءة بعد ان حول
خاتمة قبل ان يدخل في فعل اخر من افعال الصلاة لا يتصرف إليه لفظ الغير المذكور في الأخبار جزما واما في لاعتناء بالشك في الجزء الأخير من
الصلاة اي التسليم بعد التلبس بالتعقيب الذي هو مترتب عليه شرعا أو شئ اخر من الافعال العادية التي لا يتلبس بها الا بعد الصلاة فإنما هو لقاعدة
الفراغ والا فاستفادته من اخبار الباب لا يخلو عن اشكال الرابع هل الشك في الصحة والبطلان كالشك في أصل الوقوع وعدمه فيتلافى في المحل
ولا يلتفت إذا خرج فمن شك قبل القراءة في التكبير مثلا انه هل جاء بتكبيرة الاحرام على وجه صحيح أولا أعاد وان كان بعد القراءة مضى أو انه ليس كذلك
ربما يظهر من بعضهم الأول لرجوع الشك فيه إلى الشك في وجود الشئ الصحيح فيجري عليه الحكم وفي الجواهر بعد ان ذكر هذا الوجه ناسبا إلى ظاهر بعضهم قال
ويحتمل العدم لظهور الأخبار في الشك في أصل الوقوع فيقتصر عليه ويحكم بالصحة في محل البحث لأصالتها في كل فعل يقع من المسلم ولعله الأقوى انتهى
أقول اما ظهور الأخبار في الشك في أصل الوقوع فلبس قابلا للانكار ولكن هذا فيما عدى قوله عليه السلام في ذيل صحيحة زرارة في مقام اعطاء الضابط
إذا خرجت من شئ ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشئ فإن هذه الفقرة في حد ذاتها ظاهرة في الشك في الصحة
إذ الخروج من الشئ لا يتحقق حقيقة ما لم يتلبس به
ولكن يرفع اليد عن هذا الظاهر بقرينة المورد وهو لا يصلح قرينة الا لحملها على ما يتناول الشك في الوجود بان يحمل الخروج منه على إرادة ما يتناول التجاوز
عن محله بضرب من التوسع ويراد من قوله عليه السلام فشكك ليس بشئ مطلق الشك المتعلق بذلك الشئ سواء تعلق بصحته أو وجوده ولو نوقش في دلالة هذه
الصحيحة أيضا لاتجه دعوى استفادة في لاعتناء بالشك في صحة شئ بعد التجاوز عنه والدخول في غيره مما دل عليه لدى الشك في أصل وجوده بالفحوى
مع أنه لا يظن بأحد الالتزام بالتفصيل بعدم الاعتناء بالشك في أصل الوجود والالتفات إليه لدى الشك في صحته ولو نوقش في جميع ذلك لاشكل الاستدلال
عليه بأصالة الصحة الجارية في ساير الأعمال الصادرة من المسلم لما عرفت في مبحث الوضوء ان هذا الأصل انما يجري لدى الشك في صحة العمل الصادر
من نفسه بعد الفراغ من ذلك العمل الذي يعد مجموعة في العرف عملا واحدا كالوضوء ونحوه لا في أثنائه فمقتضى الأصل حينئذ الحاق الشك في صحته شئ من افعال
الصلاة قبل الفراغ منها بصورة العلم بترك ايجاده صحيحا في وجوب تداركه مع الامكان والحكم ببطلان الصلاة لدى تعذره الا إذا كان ذلك الشئ
مما لا يقدح الاخلال به سهوا في الصحة ولكن قد أشرنا إلى أن هذا التفصيل بحسب الظاهر مما لا يلتزم به أحد وكيف كان فقد تلخص مما ذكر ان عمدة
المستند لالحاق الشك في الصحة بالشك في الوجود انما هي دعوى استفادته من الأخبار المزبورة اما بالأولوية أو بارجاعه إلى الشك في وجود الشئ الصحيح الذي
اعتبره الشارع جزء من الصلاة المعتضدة بعدم القول بالفصل على الظاهر وحيث إن الأخبار المزبورة قاصرة عن اثبات إناطة الحكم بمجرد التجاوز و
الخروج من الشئ ما لم يتلبس بغيره من الاجزاء المترتبة عليه كما تقدمت الإشارة إليه فيما سبق يجب الاقتصار في الحكم بالصحة أيضا على ذلك كما هو واضح
تفريع إذا تحقق نية الصلاة وانتقل عن محلها وشك في أنه هل نوى ظهرا أو عصرا مثلا أو فرضا أو نفلا استأنف فإنه ما لم يحرز عنوان الفعل
المتلبس به لا يتأتى منه القصد إلى إطاعة امره ولكنه لا يخلو من تأمل كما سنشير إليه ولكن عن غير واحد تقييده بما إذا لم يعلم ما قام إليه والا بنى عليه وعن القواعد
559

أنه قال بنى على ما هو فيها وعن التذكرة أنه قال بنى على ما علم عليه فعله فيحتمل قويا ان يكون مرادهم بهذا التقييد اخراج ما لو كان الداعي له على فعل الصلاة
إرادة صلاة خاصة ولكنه شك في أن الصورة التفصيلية التي يعتبرونها مقارنة الأول الصلاة هل صدرت مطابقة لإرادته الأصلية التي دعته إلى
ايقاع الفعل أم مخالفة له سهوا كما يتفق كثيرا ما عند إرادة الاخطار بالبال فالحكم بالبناء عليه حينئذ على وفق القاعدة لأنه شك في الشئ بعد تجاوز محله
مع أن مقتضى الأصل والظاهر عدم حصول السهو والخطأ ويحتمل ان يكون مراد من حكم بالبناء على ما قام إليه أعم من هذه الصورة (ومما إذا احتمل عدوله عن ذلك القصد الامكان ان يلتزم في مثل الفرض أيضا بالبناء على ما قام إليه) وعدم الاعتناء بهذا الاحتمال
تعويلا على الأصل وربما يستدل للبناء على ما قالم إليه لدى العلم به بخبر عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام سئلته عن رجل قام في صلاة فريضة فصلى
ركعة وهو ينوي انها نافلة فقال هي التي قمت فيها ولها وقال إذا قمت وأنت تنوي الفريضة فدخلك الشك بعد فأنت في الفريضة على الذي قمت له وان كنت
دخلت فيها وأنت تنوي نافلة ثم انك تنويها بعد فريضة فأنت في النافلة انما يحسب للعبد من صلاته التي ابتدء في أول صلاته وفيه ان المراد بهذه الرواية
بحسب الظاهر هو ما لو تلبس بفريضة أو نافلة ثم غفل عن ذلك فنوى بها صلاة أخرى فهي على ما افتتحت والمراد بالشك فيها على الظاهر السهو فهي نظير خبر عبد الله بن
المغيرة المروي عن كتاب حريز قال إني نسيت اني في صلاة فريضة حتى ركعت وانا أنويها تطوعا قال فقال عليه السلام هي التي قمت فيها إذا كنت وأنت تنوي فريضة ثم
دخلك الشك وأنت في الفريضة وان كنت دخلت في نافلة فنويتها فريضة فأنت في النافلة وان كنت دخلت في فريضة ثم ذكرت نافلة كانت عليك مضيت في الفريضة
وخبر يونس بن معاوية قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل قام في الصلاة فسهى فظن أنها نافلة أو قام في النافلة فظن أنها مكتوبة قال هي على ما افتتح عليه فهذه الأخبار
أجنبية عما نحن فيه وقد عرفت في مبحث النية عدم مخالفتها لقواعد وكيف كان فمتى تلبس بصلاة بداعي الظهر أو غيرها ثم شك في موافقة الصورة
التي أخطرها بباله في ابتدائها للداعي أو مخالفتها له لا يعتني بشكه بل قد عرفت في محله ان العبرة بالداعي لا بالصورة المحظرة فلا يضره العلم بمخالفتها له خطأ
فضلا عن الشك في ذلك واما لو شك في أصل النية الباعثة له على فعل الصلاة التي لا تتشخص الصلاة الا بها بان شك في أنه هل دخل في هذه الصلاة
بقصد كونها نافلة أو فريضة ظهرا أو عصرا أو غير ذلك فحينئذ يتجه الحكم بالاستيناف فان عنوان عمله غير محرز حتى يمكنه المضي فيه بداعي امره خصوصا على ما هو
المشهور من اعتبار الجزم في النية مع الامكان وهو متعذر في حقه الا بالاستيناف ولكن الانصاف انا لو لم نقل باعتبار الجزم لاتجه عند مساواتهما
في الكم والكيف كنافلة الصبح وفريضته الحكم بالصحة وجواز المضي بقصد امتثال امرها الواقعي الذي قصد امتثاله حين الشروع ثم يأتي بصلاة أخرى مثلها
قاصدا بها امتثال الامر الذي تنجز في حقه وان لم يعرفه بعينه فإنه غير قادح في مقام الإطاعة بعد البناء على عدم اعتبار معرفته تفصيلا بل قد يجب المضي أو
يستحب ولو على القول باعتبار الجزم في الموارد التي يجب أو يستحب فيها العدول عن اللاحقة إلى سابقتها كما لو تردد المنوي بين حاضرتين أو فائتتين مترتبتين
كالظهرين والعشائين أو بين حاضرة وفائتة فعليه حينئذ ان ينوي بها السابقة ويتمها بهذا العنوان سواء كان ناويا حين التلبس بها السابقة أو اللاحقة
وتوهم ان أدلة جواز العدول قاصرة عن شمول مثل الفرض مما لا ينبغي الالتفات إليه فتلخص مما ذكر ان الحكم بالاستيناف كما في المتن وغيره على اطلاقه
محل نظر هذا كله فيما لو حصل الترديد في الأثناء واما لو تردد بعد الفراغ في كون ما صدر منه نافلة أو فريضة ظهرا أو عصرا قضاء أو أداء مثلا فهو
ممن يعلم اجمالا بسقوط أحد التكليفين وبقاء الآخر فعليه العمل بما يقتضيه قاعدة الشغل من الاتيان بكل فريضة لم يعلم بسقوط التكليف بها وهل يكتفي عند
ترددها بين المتشابهتين كالظهرين أو الظهر والعشاء برباعية مطلقة وجهان أوجههما ذلك كما تقدم تحقيقه في مسألة مر عليه فائتة مرددة بين الفرائض
الخمس فراجع * (المسألة الثالثة) * إذا شك في اعداد الرباعية فإن كان في الأولتين بان لم يدر ان ما صلاه
ركعة أو ركعتين أعاد على المشهور
بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه وربما نسب إلى الصدوق القول بجواز البناء على الأقل وفي الحدائق انكر هذه النسبة وادعى موافقة الصدوق للمشهور
وان المسألة مما لا خلاف فيه ويدل على المشهور جملة من الأخبار منها خبر عبد الملك قال قال لي إذا لم تحفظ الركعتين الأولتين فأعد صلاتك ورواية
أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا سهوت في الركعتين الأولتين فأعدهما حتى تثبتهما وصحيحة رفاعة قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل لا يدري صلى ركعة
أم ثنتين قال يعيد وخبر زرارة عن أحدهما قال قلت له رجل لا يدرى أواحدة صلى أم ثنتين قال يعيد وحسنة الحسن بن علي الوشاء قال قال أبو الحسن الرضا عليه السلام
الإعادة في الركعتين الأولتين والسهو في الركعتين الأخيرتين وصحيحة محمد بن مسلم قال سئلت أبا جعفر عليه السلام عن رجل شك في الركعة الأولى قال يستأنف
وخبر عنبسة بن مصعب قال قال لي أبو عبد الله عليه السلام إذا شككت في الركعتين الأولتين أعد وموثقة سماعة قال قال إذا سهى الرجل في الركعتين الأولتين
من الظهر والعصر فلم يدر واحدة صلى أم ثنتين فعليه ان يعيد وخبر إسماعيل الجعفي وابن أبي يعفور عن أبي جعفر عليه السلام وأبي عبد الله عليه السلام انهما قالا إذا لم تدر واحدة
صليت أم ثنتين فاستقبل ويشهد له أيضا المستفيضة التي تقدم بعضها في مسألة الشك في عدد الثنائية المصرحة بعدم دخول السهو في العشر ركعات التي
هي الفرائض الأصلية وانما السهو في الأخيرتين اللتين أضافهما رسول الله صلى الله عليه وآله وقد ورد بإزاء هذه الأخبار بعض الروايات الدالة على
البناء على الأقل وعدم بطلان الصلاة بالشك في عدد الأوليين كخبر الحسين بن أبي العلاء وموثقة ابن أبي يعفور ورواية عبد الرحمن بن الحجاج وقد تقدم
نقل هذه الأخبار والجواب عنها في مسألة الشك في عدد الثنائية وتبين فيما تقدم عدم صلاحية هذه الأخبار لمعارضة ما عرفت وانها من الروايات التي
يجب رد علمها إلى أهله فما نسب إلى الصدوق من التخيير بين البناء على الأقل والاستيناف ضعيف واضعف منه ما حكى عن والده من التفصيل فوافق المشهور في المرة
560

الأولى من الشك فحكم بالإعادة وفي المرة الثانية حكم بالبناء على الأقل وصلاة الاحتياط قال فبما حكاه عنه في محكى الذكرى إذا شك في الركعة الأولى أو الثانية
أعاد وان شك ثانيا وتوهم الثانية بنى عليها ثم احتاط بعد التسليم بركعتين قاعدا وان توهم الأولى بنى عليها وتشهد في كل ركعة فان تيقن بعد التسليم
الزيادة لم يضر لأن التسليم حائل بين الرابعة والخامسة وان تساوى الاحتمالان تخير بين ركعة قائما وركعتين جالسا ومراده بالتشهد بحسب الظاهر
ما يعم التسليم كما يفصح عن ذلك قوله لأن التسليم حائل ولكن في بعض النسخ التي وقع فيها التعرض لنقل كلامه ذكر بدل التسليم التشهد وكيف كان فلم
يعرف مستند لهذا التفصيل عدى ما عن الفقه الرضوي ففيه على ما نقل عنه ان شككت في الركعة الأولى والثانية فأعد صلاتك وان شككت مرة أخرى
فيهما وكان أكثر وهمك إلى الثانية فابن عليها واجعلها ثانية فإذا سلمت صليت ركعتين من قعود بأم الكتاب وان ذهب وهمك إلى الأولى جعلتها
الأولى وتشهدت في كل ركعة وان استيقنت بعد ما سلمت ان التي بنيت عليها واحدة كانت ثانية وزدت في صلاتك ركعة لم يكن عليك شئ لأن
التشهد حائل بين الرابعة والخامسة وان اعتدل وهمك فأنت بالخيار ان شئت صليت ركعة من قيام والا ركعتين وأنت جالس انتهى وفيه ما لا يخفى
من عدم صلاحية الرضوي بعد تسليم سنده لمعارضة غيره (مما عرفت) خصوصا بعد شذوذ القول به أو مخالفته للاجماع تنبيه هل الحكم المذكور للأوليين يعم
أولتي صلاة الاعرابي كما عن العلامة الطباطبائي في مصابيحه الجزم به وجهان أوجههما العدم لأن مورد هذا الحكم في النصوص والفتاوي انما هو الأوليين
من الفرائض فالمرجع لدى الشك في الأوليين من صلاة الاعرابي بل وكذا في الأخيرتين منها عموم ما ورد في النوافل ان لم نقل بانصرافه عنها والا فإلى الأصل
والله العالم وكذا الحال في وجوب الإعادة إذا لم يدر كم صلى كما يدل عليه مضافا إلى عموم ما دل على وجوب حفظ الأولتين وبطلان الصلاة بالشك
فيهما الشامل باطلاقه للفرض خصوص خبر صفوان عن أبي الحسن عليه السلام ان كنت لا تدري كم صليت ولم يقع وهمك على شئ فأعد الصلاة وخبر ابن أبي يعفور
عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا شككت ولم تدر أفي ثلاث أنت أم في اثنتين أم في واحدة أو في اربع فأعد ولا تمض على الشك وخبر أبي بصير قال قلت له
الرجل يشك كثيرا في صلاته حتى لا يدري كم صلى ولا ما بقي عليه قال يعيد قلنا يكثر عليه ذلك كلما أعاد شك قال يمضي في شكه الحديث وخبر علي بن نعمان الرازي
في حديث قال انما يعيد من لم يدر ما صلى وخبر علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن الرجل يقوم في الصلاة فلا يدرى صلى شيئا أم لا قال
يستقبل وحكى عن علي بن بابويه أنه قال فان شككت فلم تدر واحدة صليت أم اثنتين أم ثلاثا أم أربعا صليت ركعة من قيام وركعتين من جلوس واستدل
له بصحيحة علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه السلام عن الرجل لا يدري كم صلى واحدة أم اثنتين أو ثلاثا قال يبنى على الجزم ويسجد سجدتي السهو ويتشهد فيهما تشهدا خفيفا بحمل
الجزم على إرادة البناء على الأكثر وصلاة الاحتياط وفيه ان ظاهره البناء على الأقل وسجود السهو كما هو مذهب العامة على ما حكى عنهم ونحوها رواية
سهل بن اليسع في ذلك عن الرضا عليه السلام أنه قال يبنى على يقينه ويسجد سجدتي السهو ورواية عنبسة بن مصعب قال سئلته عن الرجل لا يدري ركعتين ركع
أم واحدة أم ثلاثا قال يبنى صلاته على ركعة واحدة يقرء فيها بفاتحة الكتاب ويسجد سجدتي السهو وأقرب المحامل في توجيه هذه الأخبار هو الحمل على التقية
ولا يصلح قوله عليه السلام في الخبر الأخير يقرء فيها بفاتحة الكتاب قرينة لإرادة البناء على الأكثر والاتيان بركعة الاحتياط إذ لا معنى لإرادة صلاة الاحتياط من
قوله عليه السلام يبني على ركعة مع أن الركعة غير مجدية في الاحتياط في مثل المقام فمرجع الضمير بحسب الظاهر الصلاة لا الركعة وربما استدل له أيضا بقوله عليه السلام في
رواية عمار إذا سهوت فابن على الأكثر وفيه انها مخصصة بغيرها مما عرفت وان تيقن الأولتين أو ظن بناء على مساواته له في المقام كما ستعرف إن شاء الله
وشك في الزائد وجب عليه الاحتياط للآتية ومسائله التي تعم بها البلوى اربع الأولى إذا شك بين الاثنتين والثلاث بعد ان احرز
الاثنتين بما ستعرف تحقيقه كانت صلاته صحيحة ولا إعادة عليه اجماعا كما عن جماعة نقله وبين على الثلاث وأتم وتشهد وسلم ثم استأنف ركعة من قيام أو ركعتين
من جلوس على المشهور فالكلام ههنا يقع في مواضع الأولى فيما لو عرض هذا الشك قبل اكمال الثانية بان شك حال القيام أو الركوع مثلا في أنه هل
هو في الثانية أو الثالثة وهذا بحكم الشك في أنه هل صلى ركعة أو ركعتين في وجوب الإعادة بل قد يقال باندراجه فيه موضوعا إذ الركعة اسم للمجموع فهو
في الحقيقة لا يدري انه صلى ركعة أو ركعتين فيعمه الأخبار الواردة فيه المتضمنة للامر بالإعادة وفيه تأمل والأولى الاستدلال له بالروايات الدالة
على وجوب حفظ الأوليين وسلامتهما من أن يدخلهما سهو مثل قوله عليه السلام في صحيحة زرارة من شك في الأوليين أعاد حتى يحفظ ويكون على يقين وفي الأخرى
عشر ركعات إلى أن قال لا يجوز الوهم فيهن ومن وهم في شئ منهن استقبل الصلاة والمراد بالوهم اما خصوص الشك أو الأعم منه ومن غيره كما يفصح عن ذلك
التدبر في النصوص الواردة بهذا المضمون وفي رواية العامري من شك في أصل الفرض في الركعتين الأوليين استقبل صلاته وفي صحيحة ابن أذينة ومن اجل
ذلك صارت الركعتان كلما احدث فيهما حدثا كان على صاحبهما اعادتهما وفي صحيحة البقباق إذا لم تحفظ الركعتين الأوليين فأعد صلاتك الثاني
فيما إذا عرض الشك بعد اكمال الثانية والأظهر الأشهر بل المشهور انه يبني على الشك ويتم ثم يأتي بصلاة الاحتياط الآتية وفي المسألة أقوال أخر
منها البناء على الأقل نقل هذا القول عن السيد في المسائل الناصرية حيث قال من شك في الأولتين استأنف ومن شك في الأخيرتين بنى على اليقين
وحكى عن انتصاره موافقة المشهور بل قد يظهر من بعض الكلمات المحكية عن السيد في لتنافي بين ايجاب البناء على اليقين وموافقة المشهور كما سيأتي توضيحه
إن شاء الله ومنها ما حكى عن والد الصدوق رحمه الله من أنه قال وان ذهب وهمك إلى الثالثة فأضف إليها رابعة فإذا سلمت صليت ركعة بالحمد وحدها وان
561

ذهب وهمك إلى الأقل فابن عليه وتشهد في كل ركعة ثم اسجد سجدتين بعد التسليم فان اعتدل وهمك فأنت بالخيار ان شئت بنيت على الأقل وتشهدت وان شئت
بنيت على الأكثر وعلمت على ما وصفناه انتهى ومنها ما نسب إلى الصدوق من تجويزه البناء على الأقل ومنها ما نسب إليه في كتاب المقنع من القول بالابطال
متى عرض هذا الشك حيث قال سئل الصادق عليه السلام عمن لا يدري اثنتين صلى أم ثلاثا قال يعيد قيل فأين ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله الفقيه لا يعيد الصلاة قال
انما ذلك في الثلاث والأربع والتقريب فيه ان من عادته في هذا الكتاب الافتاء بمتون الأخبار ولهذا نقل جملة من الأصحاب القول بذلك عنه في هذا الكتاب
المذكور الا ان الفاضلين على ما حكى عنهما نقلا الاجماع على في لإعادة ونقل عن الذكرى أنه قال (واما الشك بين) الثنتين والثلاث فاجراه معظم الأصحاب مجرى الشك
بين الثلاث والأربع ولم نقف فيه على رواية صريحة ثم نقل عن ابن أبي عقيل دعوى تواتر الأخبار بذلك أقول ومما يدل على المشهور موثقة عمار عن أبي
عبد الله عليه السلام أنه قال له يا عمار اجمع لك السهو كله في كلمتين متى شككت فخذ بالأكثر فإذا سلمت فأتم ما ظننت انك نقصت وموثقته الأخرى قال
سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن شئ من السهو في الصلاة فقال الا أعلمك شيئا إذا فعلته ثم ذكرت انك أتممت أو نقصت لم يكن عليك شئ قلت بلى قال إذا
سهوت فابن على الأكثر فإذا فرغت وسلمت فقم فصل ما ظننت انك نقصت فان كنت قد أتممت لم يكن عليك في هذه الشئ وان ذكرت انك كنت نقصت
كان ما صليت تمام ما نقصت وموثقة الثالثة قال قال لي أبو عبد الله عليه السلام كلما دخل عليك من الشك في صلاتك فاعمل على الأكثر قال فإذا انصرفت
فأتم ما ظننت انك نقصت ويؤيده أيضا بل يشهد له رواية قرب الإسناد الآتية الواردة في خصوص المقام بدعوى انجبار ضعفه بما عرفت ويمكن
ان يكون الكيفية المذكورة في هذه الأخبار لتدارك النقص على وجه يحصل معه اليقين بالفراغ هو المراد بالبناء على اليقين في موثقة إسحاق بن عمار
عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال إذا شككت فابن على اليقين قال قلت هذا أصل قال نعم ويحتمل ان يكون المراد البناء على كون المشكوك متيقنا اي
الغاء الشك والبناء على الأكثر كما في الخبر المروي عن قرب الإسناد في رجل صلى ركعتين وشك في الثالثة قال يبنى على اليقين فإذا فرغ تشهد وقام
وصلى ركعة بفاتحة الكتاب بشهادة الامر بصلاة الاحتياط ويحتمل أيضا ان يكون المراد في الموثقة البناء على الأقل بل لعل هذا هو المتبادر منها ولكن
يتعين على هذا التقدير حملها على التقية لا لمجرد معارضتها بالاخبار المتقدمة التي هي أرجح منها من وجوه بل لأن جعل هذا أصلا لا يستقيم على مذهبنا
لورود اخبار خاصة بخلافه في جل موارده بحيث لا يمكن ارتكاب التخصيص فيه بالنسبة إلى تلك الموارد فضلا عن معارضته بالعمومات كما لا يخفى ثم إن
قضية عموم الأخبار المزبورة اطراد الحكم حتى في الأوليين ولكن يجب تقييدها بما عدى الأوليين جمعا بينها وبين المستفيضة الدالة على أن لا سهو
في الأوليين وانما السهو في الأخيرتين فإنها حاكمة على مثل هذه المطلقات كما أنه يجب تخصيصها بالفريضة الرباعية دون الثنائية والثلاثية جمعا
بين الأدلة واستدل للمشهور أيضا بخبر زرارة عن أحدهما قال قلت له رجل لا يدري واحدة صلى أم اثنتين قال يعيد قلت رجل لا يدري اثنتين صلى أم ثلاثا
قال إن دخله الشك بعد دخوله في الثالثة مضى في الثالثة ثم صلى الأخرى ولا شئ عليه ويسلم إذا الظاهر أن الشرطية جارية مجرى الغالب أريد بها
الاحتراز عما لو دخله هذا الشك قبل اكمال الثانية فكأنه قال إن دخله هذا الشك بعد احراز الأولين فالمراد بالثالثة هي الركعة المرددة بين
كونها ثالثة أو رابعة والمراد بقوله ثم صلى الأخرى صلاة الاحتياط كما يفصح عن ذلك العطف بثم واطلاق الصلاة عليها الظاهرة في الاستقلال
هذا غاية ما يمكن ان يقال في تقريب الاستدلال والانصاف ان الرواية لو لم نقل بظهورها في البناء على الأقل والاتيان بالرابعة متصلة بها وايقاع
التسليم الذي يتحقق به الانصراف بعد الجمع فلا أقل من الاجمال فلا تنهض شاهدة للمدعى كما انها لا تصلح دليلا لاثبات البناء على الأقل إذ بعد تسليم
ظهورها فيما يدعيه الخصم فهي غير أبية عن تقييد قوله عليه السلام صلى الأخرى بكونه بعد تشهد وتسليم جمعا بينها وبين غيرها مما دل على وجوب الاحتياط باتيان
الركعة المشكوكة مفصولة كي لا تضر بصلاته على تقدير زيادتها والذي يغلب على الظن كون المقصود بهذه الرواية إرادة الابهام والاجمال من باب التقية
ككثير من اخبار الباب الموهمة لإرادة البناء على الأقل حيث يلوح من أكثرها امارات التقية والتورية كما لا
يخفى على المتأمل وربما سنشير إلى بعضها والله
العالم ومما يؤيد المشهور بل يدل عليه المستفيضة الآتية الواردة في الشك بين الاثنتين والثلاث والأربع وبين الاثنتين والأربع فإنه يفهم
منها ما يعالج به الثالثة المشكوكة بتنقيح المناط مع اعتضادها بالعمومات المتقدمة الواردة في كيفية تدارك المشكوك فليتأمل واستدل للقول
بالبناء على الأقل بموثقة إسحاق بن عمار المتقدمة وقد عرفت ما فيه ورواية سهل بن اليسع قال سئلت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل لا يدري أثلاثا صلى أم
اثنتين قال يبنى على النقصان ويأخذ بالجزم ويتشهد بعد انصرافه تشهدا خفيفا كذلك في أول الصلاة واخرها وفيه ان قوله عليه السلام كذلك في أول
الصلاة واخرها بحسب الظاهر مسوق لتعميم الحكم بالنسبة إلى جميع موارد الشك وعدم اختصاصه بخصوص مورد السؤال فيعارضه جميع الروايات الواردة
في شكوك الصلاة المنافية لهذا الحكم عموما وخصوصا فلابد من رد علمها إلى أهله مع امكان ان يكون المقصود بقوله ويأخذ بالجزم الامر برعاية الاحتياط
باتيان الركعة المشكوكة مفصولة كما هو مذهب المشهور ولا يتفاوت الحال حينئذ بين تسميته بناء على الأقل أو الأكثر ونظيره في الضعف الاستدلال
له بخبر عبد الرحمن بن الحجاج وعلى عن أبي إبراهيم عليه السلام في السهو في الصلاة فقال يبنى على اليقين وتأخذ بالجزم وتحتاط في الصلوات كلها إذ الغالب
على الظن ان المقصود بمثل هذه الأخبار إرادة فعل الاحتياط على وجه يوافق مذهب الخاصة والتعبير بالبناء على اليقين أو نحوه من الألفاظ الموهمة
562

لخلاف المقصود منشأه التقية ولو أريد منها البناء على الأقل كما يريده المستدل لعارضه المستفيضة العامة المصرحة بخلافه بل الأخبار الخاصة الواردة
في الموارد الجزئية الدالة على خلافه لاستلزام ارتكاب التخصيص فيها بالنسبة إلى تلك الموارد تخصيص الأكثر المستهجن فظهر بما ذكرنا ضعف القول بالبناء
على الأقل مع أنه لم يتحقق وجود قائل به فإنه لم ينقل الا عن ظاهر السيد في ناصرياته وعبارته المحكية عنه قابلة للتأويل بما يوافق المشهور كما ربما يشهد
لذلك عبائرة المحكية عنه ونظيره في الضعف القول بالتخيير بين البناء على الأقل والأكثر كما قواه غير واحد من المتأخرين وفاقا لما نسب إلى الصدوق
من تجويزه البناء على الأقل جمعا بين الأخبار وفيه انه ان أريد الجمع من حيث الدلالة فهذا النحو من الجمع يحتاج إلى شاهد خارجي وهو مفقود مع أن
اخبار البناء على الأقل قابلة للتأويل بما لا ينافي الأخبار التي هي نص في خلافه كما تقدمت الإشارة إليه فيما سبق وعلى تقدير ابائها عن ذلك
وجب الرجوع إلى المرجحات لا الجمع فان قوله عليه السلام إذا سهوت فابن على الأكثر مع قوله عليه السلام إذا شككت فابن على اليقين بناء على إرادة الأقل من أوضح
مصاديق الخبرين المتعارضين الذين ورد فيهما الامر بالرجوع إلى المرجحات والترجيح مع المشهور كما هو واضح ومن هنا يظهر عدم صحة الالتزام بالتخيير
لكونه أصلا في تعارض الخبرين لأنه فرع المكافئة وهي منتفية واضعف منه القول المحكى عن والد الصدوق من التخيير وايجاب التشهد لدى اختيار الأقل
مع كل ركعة إذ لم يعرف له ما يمكن الاستناد إليه عدى ما حكى من الفقه الرضوي حيث قال فان شككت فلم تدر اثنتين صليت أم ثلاث وذهب وهمك إلى الثالثة
إلى اخر العبارة التي نقلناها عن والد الصدوق وفيه بعد تسليم حجية الرضوي فلا ينهض حجة في مقابل ما عرفت حجة القول بالبطلان الذي
نسب إلى الصدوق في المقنع صحيحة عبيد بن زرارة عن الصادق عليه السلام قال سئلته عن رجل لم يدر ركعتين صلى أم ثلاثا قال يعيد قلت أليس يقال لا يعيد
الصلاة فقيه فقال انما ذلك في الثلاث والأربع وعن الشيخ انه حمل هذه الرواية على الشك في المغرب وربما حمل على الشك قبل اكمال السجدتين
والأولى رد علمها إلى أهله بعد شذوذها ومخالفتها للروايات المتظافرة الواردة في باب الشكوك الدالة بأسرها على عدم بطلان الصلاة بالشك في
الأخيرتين ووجوب البناء فيهما اما على الأكثر كما هو المشهور أو الأقل كما هو مفاد بعضها واباء الجميع عن الحمل على إرادة خصوص الشك بين الثلاث و
الأربع مضافا إلى معارضتها في خصوص موردها برواية قرب الإسناد وخبر سهل بن اليسع المتقدمين فتلخص مما ذكرنا ان الأقوى ما هو المشهور
من وجوب البناء على الأكثر وصلاة الاحتياط الموضع الثالث في أن له الخيار بين ان يأتي بصلاة الاحتياط ركعة من قيام أو ركعتين
جالسا كما هو المشهور شهرة كادت تبلغ الاجماع على ما في الجواهر بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه ونقل عن ابن أبي عقيل والجعفي انهما لم يذكرا
التخيير وانما ذكرا الركعتين من جلوس في هذه الصورة وكذا في صورة الشك بين الثلاث والأربع وحكى عن الكاتب والمفيد والقاضي عكسه من تعيين
الركعة قائما في الصورتين وفي الحدائق بعد ان نسب إلى المشهور القول بالتخيير ونقل عن ابن أبي عقيل والجعفي الاقتصار على الركعتين عن جلوس
قال والموجود في حسنة زرارة التي هي مستند هذا الحكم انما هو الركعة من قيام وكذا في رواية قرب الإسناد ونحوهما في عبارة كتاب الفقه الرضوي
على تقدير البناء على الأكثر وهو فتوى الشيخ علي بن الحسين ابن بابويه كما عرفت والمعتمد ما دلت عليه هذه الأخبار واما القولان الآخران فلم
أقف لهما على دليل انتهى ولكنك عرفت عدم صحة الاستناد في هذا الحكم إلى حسنة زرارة بل وكذا الفقه الرضوي وانما العمدة في هذا الباب
هي العمومات الدالة على عدم بطلان الصلاة بالشك في الأخيرتين ووجوب البناء على الأكثر واتمام ما نقص بجبره بصلاة الاحتياط المعتضدة بفتوى
الأصحاب وخبر قرب الإسناد المتقدم الوارد فيه بالخصوص والمتبادر من الأخبار الامرة بجبر النقصان بصلاة الاحتياط وان كان إرادة فعلها من
قيام على حسب مشروعيتها في الأصل على تقدير وقوعها تتمة للصلاة مع ما في بعضها من الامر بالقيام كما أن ظاهر خبر قرب الإسناد أيضا تعيينه ولكن يرفع
اليد عن ذلك بالمستفيضة الآتية المصرحة بركعتين جالسا في الشك بين الثلاث والأربع الشاملة باطلاقها البعض صور الشك بين الاثنتين والثلاث فإنها
كاشفة عن أن الامر باتمام ما نقص قائما للوجوب التخييري لا العيني اي لبيان أحد مروي الواجب لا تعينه فإنه أوفق بسوق الأخبار من التفكيك بين الموارد بإرادة
الوجوب العيني في بعض والتخييري في غيره مع ظهور كلماتهم في الاتفاق على اتحاد حكم المسئلتين اي الشك بين الاثنتين والثلاث وبين الثلاث والأربع كما
من بعض ادعائه فكان تسالمهم على اتحاد حكم المسئلتين واشتمال معظم الأخبار المعتبرة الواردة في تلك المسألة على الامر بركعتين جالسا هو الذي دعى المصنف
فيما حكى عن معتبره من الحكم في هذه الصورة التي هي محل البحث أولا بالركعتين جالسا ثم قال ولو صلى قائما لم استبعد صحته كما أن هذا بحسب الظاهر هو السر في اقتصار
بن أبي عقيل والجعفي على الركعتين جالسا في كلتا المسئلتين ولكنك ستعرف في تلك المسألة ان الأقوى التخيير بين الركعتين عن جلوس وبين الركعة قائما فكذلك
في المقام لشهادة سوق النصوص وفتاوي الأصحاب مضافا إلى نقل اجماعهم المعتضد بالشهرة وعدم نقل الخلاف صريحا عن أحد من القدماء باتحاد الحكم في المسئلتين
فلا ينبغي الاستشكال فيه وان كان الاقتصار على الركعة قائما أحوط والله العالم الموضع الرابع في أن اكمال الركعتين هل هو برفع الرأس من السجدة
الثانية كما نسب إلى المشهور أو باكمال الذكر الواجب كما قواه بعض أو بالركوع كما عن بعض أو بوضع الجبهة في السجدة الثانية وجوه بل أقوال أقواها ما هو المشهور
إذ الفراغ من الركعة لا يتحقق الا يرفع الرأس من السجدة الأخيرة وما لم يتحقق الفراغ يكون شاكا في أن ما بيده هل هي ثانية أم ثالثة تبطل بمقتضى النصوص الدالة على
من العشر ركعات التي فرضها الله تعالى في أصل الشرع لا يدخلهن وهم اي شك فلو صحت الصلاة في الفرض صدق انه دخلها الوهم وربما يظهر من شيخنا المرتضى رحمه الله
563

تقوية القول الثاني فإنه بعد ان نسب القول بتوقف حصول الأولتين على رفع الرأس من السجدة الأخيرة إلى المشهور قال وفي تحققه باكمال الذكر الواجب
فيها وجه قوي لا لخروجه به عن الركعتين فان كونه في الركعتين مما لا ينكر عرفا لكن لا ينافي ذلك صدق تحقق الركعتين وتيقنهما الذي هو مناط الصحة كما
يستفاد من الأخبار ولا منافاة بين تحقق المهية وعدم الفراغ من الشخص نعم لو ثبت من الأدلة ابطال الشك في العدد في الأولتين توجه ما ذكروه
انتهى وفيه ما أشرنا إليه من أن مناط البطلان دخول الشك في الأولتين وهو حاصل ما لم يتحقق الفراغ منهما ولا يتحقق الفراغ منهما الا بالفراغ
من الشخص الذي هو متلبس به فمتى عرض الشك قبل ان يفرغ منها يصير شاكا في أن هذه الركعة التي هو مشغول بها بالفعل هل هي ثانية أو ثالثة كما لو عرض
هذا الشك في حال القيام واما لو عرض بعد رفع رأسه من السجدة الأخيرة فلا يتعلق شكه حينئذ بالأوليين بل بأنه هل صلى الثالثة أم لا فلا يقدح في
صلاته ومما يؤيد ذلك بل يشهد له أيضا قوله عليه السلام في صحيحة زرارة المتقدمة أو حسنته ان دخله الشك بعد دخوله في الثالثة مضى في الثالثة (الخ) فان
ظاهره كون احراز التلبس بالثالثة أيضا شرطا في المضي في الصلاة وعدم الإعادة فضلا عن الفراغ من الأوليين غاية الأمر انا اما نلتزم بان الشرطية
جارية مجرى الغالب أريد بها الاحتراز عما لم يتحقق الفراغ من الثانية أو نقول بواسطة الاجماع وغيره من القرائن ان المراد بالدخول في الثالثة أعم من
التلبس بمقدماتها بحيث يعم الرفع من السجدة والنهوض إليها وكيف كان فهي تدل على اعتبار تحقق الخروج من الثانية في جواز المضي في الصلاة وعدم
الاستيناف فالقول بكفاية الفراغ من الذكر الواجب ضعيف واضعف منه القول بكفاية الدخول في السجدة الثانية نظرا إلى أن الذكر ليس من عرفات؟
مهية السجود الذي يتحقق به كمال الركعتين وفيه ان تمامية الركعة انما هي بتمامية السجدة التي اعتبرها الشارع جزء منها وهي السجدة المشتملة على الذكر
وعدم بطلان الصلاة بالاخلال به سهوا لا يوجب تمامية الركعة بدونها في حال الالتفات والا لاتجه الالتزام بكفاية مسمى السجود كما يظهر من بعض
متأخري المتأخرين الالتزام به وهو قول خامس في المسألة ويظهر ضعفه مما مر ونظيرهما في الضعف القول بكفاية الدخول في الركوع نظرا إلى أن
الركعة لغة وشرعا اسم للركوع كما يفصح عن ذلك ما في بعض الأخبار الواردة في صلاة الآيات من أنها عشر ركعات فالحفظ المعتبر في الأوليين
من الرباعيات عبارة عن حفظ ركوعهما وفيه بعد الغض عن أن المتبادر عرفا من اطلاق الركعة أو الركعتين المجموع انه لا مجال للارتياب في أنه لم يقصد
من الركعة في الأخبار الواردة في أن الصلاة التي فرضها الله تعالى في أصل الشرع عشر ركعات ليس فيهن وهم وكذا في غيرها من الروايات الواردة
في باب الشكوك خصوص الركوع بل مجموع الركعة كما لا يخفى على المتأمل * (المسألة الثانية) * من شك بين الثلاث والأربع في اي حال كان ولو في
حال القراءة بنى على الأربع وتشهد بعد رفع الرأس من السجدتين وسلم على المشهور شهرة كادت تكون اجماعا كما ادعاه في الجواهر بل عن غير واحد دعوى
الاجماع عليه ويدل عليه مضافا إلى عموم الموثقات المتقدمة في المسألة السابقة خصوص صحيحة عبد الرحمن بن سبابه وأبي العباس عن أبي عبد الله عليه السلام
قال إذا لم تدر ثلاثا صليت أم أربعا ووقع رأيك على الشك فابن على الثلاث وان وقع رأيك على الأربع فابن على الأربع فسلم وانصرف وان اعتدل وهمك
فانصرف وصل ركعتين وأنت جالس وخبر الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال وان كنت لا تدري ثلاثا صليت أم أربعا ولم يذهب وهمك إلى شئ فسلم ثم
صل ركعتين وأنت جالس تقرء فيهما بأم الكتاب فان ذهب وهمك إلى الثلاث فقم فصل الرابعة ولا تسجد سجدتي السهو (وان ذهب وهمك إلى الأربع فتشهد وسلم ثم اسجد سجدتي السهو) وخبر الحسين بن أبي العلاء عن أبي
عبد الله عليه السلام قال إذا استوى وهمه في الثلاث والأربع سلم وصلى ركعتين وأربع سجدات بفاتحة الكتاب وهو جالس يقصر في التشهد وعن بعض النسخ
يقصد في التشهد يدل يقصر وعن الفقه الرضوي وان شككت فلم تدر ثلاثا صليت أم أربعا وذهب وهمك إلى الثالثة فأضف إليها ركعة من قيام وان
اعتدل وهمك فصل ركعتين وأنت جالس ومرسلة جميل عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال فيمن لا يدري ثلاثا صلى أم أربعا ووهمه في ذلك
سواء قال فقال إذا اعتدل الوهم في الثلاث والأربع فهو في الخيار ان شاء صلى ركعة وهو قائم وان شاء ركعتين وأربع سجدات وهو جالس وفي رواية
محمد بن مسلم المروية عن المقنع ان ذهب وهمك إلى الثالثة فصل ركعة واسجد سجدتي السهو بغير قراءة وان اعتدل وهمك فأنت بالخيار ان شئت صليت
ركعة من قيام والا ركعتين من جلوس فان ذهب وهمك مرة إلى ثلاث ومرة إلى اربع فتشهد وسلم وصل ركعتين وأربع سجدات وأنت قاعد تقرء
فيهما بأم القرآن (الخ) قوله فان ذهب وهمك (الخ) بحسب الظاهر تفصيل لما أجمله ببيان المراد من اعتدال الوهم وان صلاة الاحتياط صلاة مستقلة
يتعين فيها قراءة الفاتحة ويؤتى بها بعد التشهد والتسليم والاقتصار على ذكر الركعتين من جلوس من باب
الاختصار والجرى مجرى التمثيل ولكن في نسخة
الوسائل ذكره بالعطف بالواو فيشكل فيه هذا التوجيه لأن ظاهر حينئذ انه فرض مغائر لسابقه فيحتمل كون المراد بالفقرة الأولى صورة الشك بين
الاثنتين والثلاث (لا الثلاث) والأربع ثم إن قد ورد في خصوص المورد بعض الروايات المتشابهة التي قد يستظهر منها البناء على الأقل منها ما عن الكافي في
الصحيح عن محمد بن مسلم قال انما السهو بين الثلاث والأربع وفي الاثنين والأربع بتلك المنزلة ومن سهى فلم يدر ثلاثا صلى أو أربعا واعتدل شكه قال
بقوم فيتم ثم يجلس فيتشهد ويسلم ويصلي ركعتين وأربع سجدات وهو جالس وان كان أكثر وهمه إلى الأربع تشهد وسلم ثم قرء فاتحة الكتاب وركع
وسجد ثم قرء وسجد سجدتين وتشهد وسلم وان كان أكثر وهمه إلى الثنتين نهض وصلى ركعتين وتشهد وسلم وهذه الرواية في حد ذاتها لا تخلو من
الاشكال ووجهه انه حكم فيمن شك بين الثلاث والأربع واعتدل شكه بأنه يقوم فيتم ثم يجلس فيتشهد ويسلم ويصلي ركعتين وأربع سجدات وهو
564

جالس وهو ظاهر في أنه يبنى على الأقل ويتم صلاته ومع ذلك يحتاط بركعتين جالسا وهذا مع أنه لا قائل به يشكل بان المقتضى للاحتياط هو البناء
على الأكثر لا الأقل اللهم الا ان يحمل على محض التعبد وهو بعيد وكذا الاشكال في قوله وان كان أكثر وهمه إلى الأربع تشهد وسلم ثم قرء فاتحة الكتاب
وركع وسجد (الخ) فان ظاهره إرادة ركعتين من جلوس احتياطا مع ظن الأربع مع أنه لا اشكال ولا خلاف في أنه مع ترجيح أحد الطرفين وظنه يبنى عليه
زيادة ونقصانا ولا احتياط ويمكن التفصي عن الاشكال الأخير بالالتزام بان الركعتين جالسا مع ظن الأربع على سبيل الاستحباب من باب حسن الاحتياط
ومراعاة الواقع ولا ينافيه عدم معروفية الفتوى به بعد وضوح حسن الاحتياط ومراعاة الواقع مهما أمكن واما الاشكال الأول فقد حكى عن الوافي
أنه قال في دفعة الظاهر أن أو بدل الواو في قوله ويصلي ركعتين أقول فعلى هذا تكون هذه الرواية بظاهرها دليلا لما اختاره في المسألة وفاقا لما
نسب إلى الصدوق وابن الجنيد من القول بالتخيير بين الأقل الأكثر وتصلح شاهدة للجمع بين الأخبار الامرة بالبناء على الأقل والبناء على الأكثر ولكن لا
عبرة بما استظهره من كون الرواية بلفظة أو بدل الواو بعد كونها مضراته؟ بالواو اللهم الا ان يقال إنه يجب حمل الواو على إرادة التنويع بمعنى أو
بعد ان علم بعدم إرادة الجمع منها بشهادة القرائن الخارجية والداخلية ولكنه يتوجه إلى أصل الاستدلال انه لا يمكن اثبات مثل هذا القول مع شذوذه
بمثل هذه الرواية المتشابهة مع أن جعلها شاهدة لحمل الأخبار الكثيرة العامة والخاصة المتضمنة للامر بالبناء على الأكثر المشهورة بين الأصحاب
فتوى ورواية ليس بأهون من تقييد الامر بان يقوم ويتم صلاته في هذه الرواية بكونه بعد تشهد وتسليم كما ربما يؤمى إلى ذلك ما في بعض تلك الأخبار من أن
هذا هو طريقة الاحتياط الواجب رعايته في مثل المقام الدائر امره بين محذورين بل ربما يؤيده أيضا الصحيحة الآتية بالتقريب الآتي ومنها
صحيحة زرارة عن أحدهما قال قلت له من لم يدر في اربع هو أو في اثنتين وقد احرز الثنتين قال يركع ركعتين وأربع سجدات وهو قائم بفاتحة الكتاب و
يتشهد ولا شئ عليه وان لم يدر في ثلاث هو أو في اربع وقد احرز الثلاث قام فأضاف إليها أخرى ولا شئ عليه ولا ينقض اليقين بالشك ولا يدخل الشك في
اليقين ولا يخلط أحدهما بالاخر ولكن ينقض الشك باليقين ويتم على اليقين فيبنى عليه ولا يعتد بالشك في حال من الحالات وهذه الصحيحة وان كان
ظاهرها في بادي الرأي إرادة البناء على الأقل مبنيا على قاعدة عدم نقض اليقين بالشك اي الاستصحاب كما هو مذهب العامة على ما حكى عنهم ولكن الذي
يغلب على الظن ان المقصود بالركعة والركعتين المذكورتين في هذه الرواية هي صلاة الاحتياط والمقصود بذكر عدم جواز نقض اليقين بالشك والمبالغة
فيه بايراده بعبائر مختلفة تعريض على العامة بالتنبيه على مخالفة مذهبهم لهذه القاعدة وان فيه اختلاط الشك باليقين إذ لا يامن معه من الزيادة
المبطلة والشاهد على إرادة صلاة الاحتياط هو قوله عليه السلام في الشك بين الاثنتين والأربع يركع ركعتين وأربع سجدات وهو قائم بفاتحة الكتاب إذ لو
لم يكن المقصود به صلاة الاحتياط بل تتمة صلاته بعد البناء على الأقل لم يكن وقع للتصريح بكونه قائما لعدم كونه موقعا لتوهم خلافه ولا وجه لتعين الفاتحة
فيهما فهو كالنص في إرادة صلاة مستقلة يتدارك بها النقص على تقدير النقص وسوق الرواية يشهد بعدم اختلاف حكم الشك في الصورتين وانطباقه
في الجميع على القاعدة المذكورة في الذيل التي هي في قوة التعليل لذلك اي قاعدة عدم جواز نقض اليقين بالشك فالمقصود باليقين المنهى عن نقضه بالشك
اما اليقين باشتغال ذمته بفريضة رباعية والشك في فراغ الذمة عنها أو اليقين بعدم الاتيان بالركعة التي شك في فعلها ومقتضاه على كل من التقديرين
وجوب الاتيان بالركعة المشكوك فيها على وجه يحصل معه اليقين بتفريغ ذمته عنها ولكن مقتضى الأصل على الوجه الثاني حصول الفراغ عنها بالاتيان
بها موصولة بسابقتها ولكن الشارع أوجب عليه الاتيان بها مراعيا للاحتياط في جانب الزيادة بان يأتي بها مفصولة كي لا يتطرق إليها احتمال خلل من
جهة الزيادة كما يشهد لذلك صدر الخبر بالتقريب المزبور مضافا إلى أنه هو الذي يقتضيه الجمع بينه وبين ما دل على وجوب البناء على الأكثر مع تدارك
النقص بفعل الاحتياط كما يؤيده المبالغة والاهتمام الواقع في الرواية في النهي عن الاعتداد بالشك في حال من حالاته فليتأمل وعلى تقدير تسليم ظهور
الرواية في وجوب الاتيان بالركعة أو الركعتين المشكوك فيهما موصولة بسابقتها كي يكون مرجعه البناء على الأقل فالمتعين حملها على التقية كغيرها من
الروايات المشعرة أو الظاهرة في كون الأصل في هذا الباب هو ذلك كما عرفته في المسألة السابقة تنبيه ظاهر معظم النصوص الخاصة الواردة في هذا
الباب كون المفروض موضوعا فيها هو وقوع الشك بعد كمال مسمى الركعة لأنه هو المتبادر من مثل قوله إذا لم تدر ثلاثا صليت أم أربعا مضافا إلى ما في
جملة منها من القرائن المرشدة إلى ارادته في هذا الحال كما لا يخفى على المتأمل فلا تتناول النصوص الخاصة بظاهرها حكم ما لو حصل الشك في حال القيام
الا بارجاعه إلى صورة متقدمة عليه في الرتبة فلو حصل الشك في حال القيام في أن ما في يده ثالثة أم رابعة لا يتناوله الأخبار الخاصة الواردة في هذه المسألة
مما وقع فيه التعبير بنحو ما تقدم حيث ينصرف عنه قوله لم تدر ثلاثا صليت أو أربعا ولكنه يصدق عليه لا يدري انه صلى اثنتين أو ثلاثا وقد احرز الثنتين فيتناوله
حكمه ان لم يكن هناك مانع اخر عن ذلك كما لو شك بعد الركوع أو في أثنائه في أن ما في يده رابعة أو خامسته فان ارجاعه إلى مسألة الشك بين الثلاث
والأربع مقتضاه ان يهدم ما بيده ويجلس ويتشهد ويسلم ثم يأتي بصلاة الاحتياط وهو مستلزم لزيادة الركن بل قد يشكل ذلك فيما لو حصل حال القيام
أيضا فإنه وان لم يكن حينئذ مانع عن أن يهدم قيامه ويجلس بعود شكه بين الثلاث والأربع ولكن لا يبعد دعوى انصراف النص عن مثل هذا الغرض المستلزم
لوقوع زيادة في صلاته وكيف كان ففي عموم الموثقات الامرة بالبناء على الأكثر غنى وكفاية لاثبات الحكم في جميع الفروض المصورة للشك بين الثلاث
565

والأربع مضافا إلى امكان استفادته من الأخبار الخاصة بالتقريب المزبور قد تلخص مما ذكر ان من شك بين الثلاث والأربع في اي حال يكون بنى على الأربع و
احتاط كالأولى بركعة من قيام أو ركعتين من جلوس مخيرا بينهما كما عن المشهور بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه لأنه هو الذي يقتضيه الجمع ين المستفيضة
الامرة بركعتين من جلوس والموثقة التي ورد فيها الامر بالقيام واتمام ما ظن نقصه وكذا صحيحة زرارة المتقدمة المصرحة بذلك بناء على كون المراد
بها صلاة الاحتياط كما هو الظاهر وربما يشهد لهذا الجمع مضافا إلى مساعدة العرف عليه مرسلة جميل بل وكذا رواية محمد بن مسلم المتقدمتين فيما
عن ظاهر بعض القدماء من تعيين القيام وعن ظاهر العماني والجعفي من تعيين الجلوس مما لا ينبغي الالتفات إليه * (المسألة الثالثة) *
من شك بين الاثنتين والأربع بعد احراز الاثنتين على حسب ما مر في المسألة الأولى بنى على الأربع وتشهد وسلم واتى بركعتين من قيام على المشهور
ويدل عليه مضافا إلى عموم الأخبار الامرة بالبناء على الأكثر وتدارك ما ظن نقصه بصلاة الاحتياط خصوص صحيحة محمد بن مسلم قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام
عن رجل صلى ركعتين فلا يدرى ركعتان هي أو اربع قال يسلم ثم يقوم فيصلي ركعتين بفاتحة الكتاب فيتشهد وينصرف وليس عليه شئ وصحيحة الحلبي
عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا لم تدر ثنتين صليت أم أربعا ولم يذهب وهمك إلى شئ فسلم ثم صل ركعتين وأربع سجدات تقرء فيهما بأم القرآن ثم تشهد
وتسلم فان كنت انما صليت ركعتين كانتا هاتان تمام الأربع وان كنت صليت أربعا كانتا هاتان نافلة وخبر ابن أبي يعفور قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام
عن رجل لا يدرى صلى ركعتين أو اربع قال يتشهد ويسلم ثم يقوم فيصلي ركعتين وأربع سجدات يقرء فيهما بفاتحة الكتاب ثم يتشهد ويسلم فإن كان
أربعا كانتا هاتان نافلة وان كان صلى ركعتين كانت هاتان تمام الأربع وان تكلم فليسجد سجدتي السهو وفي صحيحة زرارة المتقدمة قال قلت له من
لم يدر في اربع هو أو في ثنتين وقد احرز الثنتين قال يركع ركعتين وأربع سجدات وهو قائم بفاتحة الكتاب ويتشهد ولا شئ عليه وقد تقدم توجيه
هذه الرواية وتقريب دلالتها على المدعى في المسألة السابقة ولا ينافيها خبر أبي بصير عن الصادق عليه السلام قال إذا لم تدر أربعا صليت أم ركعتين
فقم واركع ركعتين ثم سلم واسجد سجدتين وأنت جالس ثم سلم بعدهما وخبر بكير بن أعين المروي عن محاسن البرقي عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له رجل شك
فلم يدر أربعا صلى أم اثنتين وهو قاعد قال يركع ركعتين وأربع سجدات ويسلم ثم يسجد سجدتين وهو جالس لوجوب تقييد الركعتين بكونهما مفصولتين
اي بعد التشهد والتسليم جمعا بين الأخبار وما في هذين الخبرين من الامر بسجدتين بعد التسليم مما لم ينقل القول به بظاهره عن أحد وقد حكى عن جملة من
المتأخرين حمله على الاستحباب وهو لا يخلو من وجه لأنه هو الذي يقتضيه الجمع بينه وبين صحيحتي محمد بن مسلم وزرارة المتقدمتين المصرحتين بأنه لا
شئ عليه وكذا مفهوم قوله عليه السلام في خبر ابن أبي يعفور وان تكلم فليسجد سجدتي السهو فإنه كالنص في عدم وجوب السجدتين عند انتفاء التكلم و
قد يقال بان قضية الجمع بينه وبين هذه الرواية تقييد اطلاق الامر بالسجدتين بما إذا تكلم سهوا بشهادة هذه الرواية وفيه ان تنزيل اطلاق الخبرين
الذين ورد فيهما الامر بالسجدتين بعد السلام على هذا الفرض الذي هو خارج عن منصرف اطلاقه في غاية البعد فحمله على الاستحباب أولى ولكن قد
يشكل ذلك أيضا باشعار الخبرين أو ظهورهما في إرادة الاتيان بالركعتين موصولة بسابقتهما كما تقدمت الإشارة إليه فهما من اخبار البناء على الأقل
التي تضمن جملة منها الامر بسجود السهو وقد عرفت فيما سبق موافقتها لمذهب العامة فيغلب على الظن جريها مجرى التقية ولكن مع ذلك حمله على
الاستحباب أوفق بالقواعد مع كونه محلا للمسامحة وقد ظهر بما أشرنا إليه من موافقة اخبار البناء على الأقل للتقية ضعف القول بالتخيير بين البناء
على الأقل والأكثر كما مال إليه أو قال به بعض كما تقدم التنبيه عليه فيما سبق ونقل عن الصدوق في المقنع أنه قال يعيد الصلاة ويمكن ان يكون مستنده
في ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سألته عن الرجل لا يدري صلى ركعتين أم أربعا قال يعيد الصلاة ولكن حكى عنه انه بعد القول المزبور
قال وروى أنه يسلم فيقوم فيصلي ركعتين فمن هنا استظهر منه القول بالتخيير بين الإعادة والبناء على الأكثر وهو متجه بالنظر إلى ما يقتضيه الجمع بين الصحيح
المزبور والاخبار الامرة بالبناء على الأكثر فان الصحيح الامر بالإعادة وان كان ظاهره وجوب رفع اليد عن الصلاة التي وقع الشك فيها واستينافها
عينا ولكن يتعين صرفه عن هذا الظاهر بالحمل على الجواز اي الوجوب التخييري جمعا بينه وبين النصوص المصرحة بالبناء على الأكثر وليس لهذه الأخبار
ظهور في الوجوب العيني كي يقال بان هذا النحو من الجمع الموقوف على التصرف في ظاهر كل من المتعارضين يحتاج إلى شاهد خارجي وهو مفقود فإن هذه الأخبار وان وردت بصيغة الامر لكنها مسوقة لبيان علاج الخلل الواقع في الصلاة فلا يفهم منها أزيد من جواز المضي في صلاته بهذه الكيفية واما
انه لا يجوز رفع اليد عنها واستينافها فلا يكاد يفهم من هذه الأخبار ولذا وقع الكلام فيه وقد حكى عن الشهيد في الذكرى والعلامة في النهاية انهما احتملا
كون البناء على الأكثر وصلاة الاحتياط من باب الرخصة والتخفيف وكون الإعادة أيضا مجزية وهو في محله لو لم نقل بحرمة قطع الصلاة فالمانع عن الالتزام
بجواز الاستيناف هو دليل حرمة القطع لا الأخبار الامرة بالبناء على الأكثر ومن الواضح ان دليل حرمة الابطال لا يصلح معارضا للنص الخاص المصرح
بالإعادة فتلخص مما ذكر ان قضية الجمع بين الأخبار هو الالتزام بما احتمله العلامة والشهيد من جواز الإعادة وكون البناء على الأكثر من باب الرخصة ولكن
يشكل الاعتماد على الصحيح المزبور بعد شذوذ واعراض الأصحاب في ظاهر كلماتهم عنه مع ما فيه من الاضمار فما هو ظاهر المشهور من كون البناء على الأكثر
عزيمة لا رخصة ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط وقد حكى عن الشيخ توجيه الصحيح بالحمل على صلاة الصبح أو المغرب وحمله غير واحد على الشك قبل اكمال
566

السجدتين ولا يخفى ما فيها من البعد * (المسألة الرابعة) * من شك بين الاثنتين بعد احرازهما على حسب ما تقدم والثلاث والأربع بنى على الأربع
وتشهد وسلم ثم اتى بركعتين من قيام وركعتين من جلوس على المشهور بل عن الانتصار والغنية الاجماع عليه وقد حكى الخلاف في هذه المسألة في موضعين أحدهما
في وجوب البناء على الأكثر فقد حكى عن ابن الجنيد انه جوز البناء على الأقل ما لم يخرج الوقت ولم نقف له على دليل في خصوص المقام ولعل مستنده الجمع بين أدلة البناء
على الأكثر واخبار البناء على الأقل فلا يختص كلامه بخصوص المقام بل يلتزم به في جميع المسائل الأربع كما ربما يظهر ذلك من بعض المتأخرين وقد ظهر ضعفه فيما مر
ثانيهما في كيفية الاحتياط فالمشهور فيه ما عرفت من أنه يأتي بركعتين من قيام وركعتين من جلوس ويدل على ذلك مرسلة ابن أبي عمير عن الصادق عليه السلام في رجل
صلى فلم يدر اثنتين صلى أم ثلاثا أم أربعا قال يقوم فيصلي ركعتين من قيام ثم يسلم ثم يصلي ركعتين من جلوس ويسلم فان كانت أربع ركعات كانت الركعتان
نافلة والا تمت الأربع وعن الصدوقين وأبي على القول بأنه يصلي ركعة من قيام وركعتين من جلوس وعن الذكرى انه قوى من حيث الاعتبار لأنهما تنضمان
حيث تكون الصلاة اثنتين ويجتزي بأحدهما حيث تكون ثلاثا الا ان النقل والاشتهار يدفعه وربما استدل له بصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم
قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل لا يدري اثنتين صلى أم ثلاثا أم أربعا فقال يصلي ركعة من قيام ثم يسلم ثم يصلي ركعتين وهو جالس وعن الفقه الرضوي قال
وان شككت فلم تدر اثنتين صليت أم ثلاثا أم أربعا فصل ركعة من قيام وركعتين من جلوس وفيه ان الرضوي لم تثبت حجيته واما الصحيحة وان كانت صريحة في
المدعى ولكنها لم تثبت بهذا المتن فان نقل عن بعض نسخ التهذيب ان فيها بدل الركعة ركعتين من قيام فهي حينئذ موافقة لفتوى المشهور وربما يؤيد صحة هذه
النسخة ان الصدوق على ما روى عنه في الوسائل روى هذه الرواية باسناده عن عبد الرحمن بن الحجاج وروى أيضا باسناده عن سهل بن اليسع عن الرضا عليه السلام في
ذلك أنه قال يبنى على يقينه ويسجد سجدتي السهو بعد التسليم ويتشهد تشهدا خفيفا وقال وقد روى أنه يصلي ركعة من قيام وركعتين وهو جالس ثم قال
ليست هذه الأخبار بمختلفة وصاحب السهو بالخيار باي خبر منها اخذ فهو مصيب انتهى فان ظاهره ان ما رواه مرسلا يغاير مضمونه مع كل من الخبرين
الذين رواهما مسندا فيكشف ذلك عن صحة النسخة التي فيها لفظ الركعتين وربما نقل اختلاف النسخ في سندها أيضا فعن بعضها انه رواها عن أبي إبراهيم عليه السلام
بدون ذكر أبي عبد الله وكيف كان فلا يصح الاعتماد على هذه الرواية في اثبات القول المزبور بعد ان اختلف نقلها والأولى الاستدلال له بعموم
القاعدة المستفادة من قوله عليه السلام في موثقة عمار الا أعلمك شيئا إذا فعلته ثم ذكرت انك أتممت ونقصت لم يكن عليك شئ فقال بلى قال إذا سهوت
فابن على الأكثر فإذا فرغت وسلمت فقم فصل ما ظننت انك نقصت فان كنت قد أتممت لم يكن عليك في هذه شئ وان ذكرت انك كنت نقصت كان ما صليت
تمام ما نقصت وكذا غيرها من الروايات الدالة بظاهرها على أن صلاة الاحتياط على تقدير نقص الصلاة تقع تتمة لها حقيقة فان مقتضاها انه بعد
الاتيان بركعة من صلاة الاحتياط قائما انحصار شكه في الثلاث والأربع لأنه يعلم بان صلاته لو كانت تامة لم يكن عليه في هذه شئ لكون التسليم حائلا ولو كانت
ناقصة وقعت هذه تتمة لها فلو كان نقصها ركعة فقد تمت بهذه الركعة ولو كان ركعتين فعليه الاتيان بركعة أخرى فهو حينئذ على يقين من الثلاث
؟ الأربع لأنه يعلم بان صلاته لو كانت تامة لم يكن عليه في هذه شئ تكون التسليم حائلا ولو كانت ناقصة وقعت هذه تتمة لها فلو كان نقصها ركعة فقد
تمت بهذه الركعة ولو كان ركعتين فعليه الاتيان بركعة أخرى فهو حينئذ على يقين من الثلاث وشاك في الرابعة فعليه يعمل بموجبه من البناء على الأكثر
والاتيان بركعتين من جلوس أو ركعة قائما ولكن ظاهر المحكى عن القائلين بهذا القول تعين الركعتين من جلوس فهو لا يناسب التوجيه المزبور اللهم
الا ان يلتزموا به في مطلق الشك بين الثلاث والأربع ودعوى ان الأدلة الواردة في الشك بين الثلاث والأربع منصرفة عما صار كذلك بعد الاتيان
بركعة من صلاة الاحتياط إذا المتبادر منها الشك المتعلق بالركعات الأصلية الماتى بها قبل الاحتياط مدفوعة بان ركعة الاحتياط بعد ان بين الشارع
صيرورتها جزء من الصلاة على تقدير الحاجة إليها تصير جزء من صلاته الأصلية فالشك المتعلق بالصلاة حينئذ شك في ركعاتها الأصلية وانصراف النصوص
عنه بدوي يرتفع بعد الالتفات إلى كونها من قبيل القضايا الطبيعية وان مناط هذا الحكم هو انه مهما احتمل نقص الصلاة أوجب الشارع تدارك
النقص بتخلل التسليم صونا عن أن يتطرق إليها الزيادة والتكبير صونا عن لغوية عمله على تقدير الاستغناء وكيف كان فالاستدلال المزبور وان لا يخلو
من وجه ولكن المرسلة المتقدمة يدفعه إذ لا عبرة بالقواعد العامة في مقابل النص الخاص فما ذهب إليه المشهور من الاتيان بركعتين من قيام وركعتين من جلوس
أقوى وهل يجوز ان يصلي ركعة من قيام بدل الركعتين من جلوس فيه أقوال أحد بما تعين الجلوس ولعله المشهور بل عن الذكرى نسبته إلى الأصحاب
ثانيهما تعين الركعة قائما كما عن ظاهر المفيد في الغرية والديلمي في المراسم وأبي العباس في الموجز وثالثها التخيير كما عن العلامة والشهيدين اختياره للجمع
بين أوامر الجلوس في الأخبار الواردة في خصوص المسألة وظاهر قوله عليه السلام أتمم ما ظننت انك نقصت ولأن هذا الشك مركب من البسائط فلا يزيد على ما
وجب لكل واحد لو كان مستقلا وهو لا يخلو من من وجه ولكن الأحوط ان لم يكن أوجه تعين الجلوس جمودا على ظواهر النصوص الخاصة الواردة فيه واما
القول بتعين القيام ويتحقق فلعل منشأه في لالتفات إلى الأخبار الخاصة والعامة الواردة في مطلق الشك بين الثلاث والأربع والاخذ بظاهر
الأخبار العامة الامرة باتمام ما ظن نقصه وفيه ما لا يخفى وهل يجب تقديم الركعتين من قيام فيه أقوال أحدها
ذلك كما نسب إلى الشيخ المفيد في المقنعة
والسيد في أحد قوليه ثانيهما التخيير كما نقل عن ظاهر السيد في الانتصار ثالثها تحتم تقديم الركعتين جالسا كما نسب القول به إلى بعض الأصحاب والرابع تحتم
567

تقديم الركعة من قيام كما عن المفيد في الغرية ولم يعرف لهذا القول بل ولا لسابقه وجه يعتد به والأوجه هو القول الأول لظهور المرسلة بل وكذا صحيحة عبد
الرحمن بن الحجاج في اعتبار الترتيب بتقديم الركعتين من القيام لما في الخبرين من وقوع لعطف بثم الظاهرة في الترتيب والله العالم ثم إنه قد يتصور
للشك في عدد الرباعيات صور كثيرة لم يتعرض المصنف رحمه الله ككثير من الأصحاب لحكمها لندرة الابتلاء بها واما الشك بين الأربع والخمس فهو مما يعم الابتلاء
به مع ورود النص فيه وقد تعرضوا لحكمه ولكن المصنف رحمه الله لم يتعرض له ههنا لأن غرضه ههنا بيان الشكوك الموجبة للاحتياط وذلك لا يوجب الاحتياط
بل سجود السهو فذكره في موجبات السهو وكيف كان فنقول من شك فلم يدر أربعا صلى أم خمسا يتشهد ويسلم ويسجد سجدتي السهو على المشهور وعن الصدوق
في المقنع أنه قال إذا لم تدر أربعا صليت أم خمسا أو زدت أو نقصت فتشهد وسلم وصل ركعتين بأربع سجدات وأنت جالس بعد تسليمك وفي حديث اخر
تسجد سجدتين بغير ركوع ولا قراءة وحكى عن خلاف الشيخ القول بالبطلان ويدل على المشهور رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا كنت
لا تدري أربعا صليت أو خمسا فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك ثم سلم بعدهما وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا لم تدر أربعا صليت أم خمسا فاسجد سجدتي
السهو بعد تسليمك وأنت جالس ثم سلم بعدهما وصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا لم تدر أربعا صليت أو خمسا أم زدت أم نقصت فتشهد وسلم و
اسجد سجدتين بغير ركوع ولا قراءة تتشهد فيهما تشهدا خفيفا وربما استدل له أيضا بصحيحة زرارة أو حسنته قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول قال رسول الله صلى الله عليه وآله
إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر زاد أم نقص فليسجد سجدتين وهو جالس وسماهما رسول الله صلى الله عليه وآله المرغمتين إذ الظاهر أن المراد بها الشك في الزيادة أو
في النقيصة لا وقوع الشك فيهما معا كما يؤيد ذلك قوله عليه السلام في صحيحة الحلبي المتقدمة أم زدت أم نقصت فإنه كالنص في ذلك واحتمال كون أم زدت
أم نقصت معطوفا على الشرط فيكون المراد بهما صورة تيقن الزيادة والنقص مدفوع بمخالفته الظاهر ومنافاته لما يقتضيه وضع أم العاطفة من ملازمتها
للشك وقضية اطلاق هذين الخبرين ثبوت هذا الحكم لدى الشك بين الأربع والست أو السبع مثلا أيضا وعدم اختصاصه بالشك بين الأربع والخمس
كما أن مقتضى ظاهرهما ثبوت سجود السهو في جميع موارد الشك في الزيادة أو النقيصة كما التزم به بعض وسيأتي تمام الكلام فيه عند التكلم في موجبات السهو
انشاء الله واما القول المحكى عن الصدوق فيمكن ان يكون مستنده مضمرة الشحام قال سئلته عن رجل صلى العصر ست ركعات أو خمس ركعات قال إن
استيقن انه صلى خمسا أو ستا فليعد وان كان لا يدري أزاد أم نقص فليكبر وهو جالس ثم ليركع ركعتين يقرء فيهما بفاتحة الكتاب في اخر صلاته ثم يتشهد الحديث
إذ الظاهر أن المقصود بقوله وان كان لا يدري بيان حكم مفهوم القضية الأولى فقوله أم نقص اما جرى مجرى العادة في مقام التعبير أريد منها في لزيادة
فكأنه قال لا يدري أزاد أم نقص أم لم يزد أو ان المقصود به بيان عموم الحكم لصورة الشك في النقيصة أيضا ولكن بالنسبة إليه يقيد بما إذا كان الشك في نقص
ركعة كما هو الغالب جمعا بين الأدلة وقد جزم في الحدائق بان مستنده كتاب الفقه الرضوي فان عبارته موافقة لعبارة الرضوي ففي الرضوي على ما نقل عنه قال
وان لم تدر أربعا صليت أم خمسا وزدت أو نقصت فتشهد وسلم وصل ركعتين وأربع سجدات وأنت جالس بعد تسليمك وفي حديث اخر يسجد سجدتين
بغير كوع ولا قراءة ويتشهد فيهما تشهدا خفيفا انتهى وقد مر مرارا الإشارة إلى أنه لم يثبت لدينا كون الرضوي من مصنفات الإمام عليه السلام ولكن يفهم منه
في المقام وكذا من عبارة الصدوق المتقدمة ورود خبر بهذا المضمون أرجح عند مصنفيهما مما هو مستند المشهور فهما لا يقصران عن ارسال خبر بذلك و
لكن الخبر المرسل كالمضمرة المتقدمة لا يصلح معارضا للمعتبرة المستفيضة المعمول بها لدى الأصحاب التي هي كالنص في عدم وجوب الركعتين جالسا والا لكان
أولى بالتعرض من ذكر سجود السهو نعم لو صح سندهما ولم يتحقق الاعراض عنهما لاتجه الجمع بينهما وبين تلك الأخبار بالحمل عن كون صلاة ركعتين
أفضل فردي الواجب ولكن لبس كذلك فالمتجه رد علم المضمرة وكذا المرسل المستنبط من الكتابين إلى أهله وأوجه من ذلك الالتزام باستحباب ركعتين جالسا
من باب المسامحة ولا يخفى عليك انها ليست بصلاة الاحتياط بل كسجدتي السهو يرغم بهما انف الشيطان فلا يتوجه على هذا القائل الاعتراض بان الركعتين جعلتا
تماما لما نقص من الصلاة والتقدير انه شك في الزيادة بعد حفظ الكمال فلا يجب عليه بدل الماتى به وربما يتكلف في توجيه كلام الصدوق بارجاعه إلى
المشهور بالحمل على إرادة الشك في حال القيام قبل ان يركع فيجب عليه حينئذ ان يهدم القيام ويتم صلاته ويأتي بركعتين جالسا أو ركعة قائما احتياطا لرجوع
شكه حينئذ إلى الثلاث والأربع وفيه ان عبارته المحكية عنه كالنص في خلافه لأنه انما ذكر ذلك في المورد الذي صرح بأنه ورد فيه حديث اخر انه يسجد
سجدتين بغير ركوع فلا يصح حمله على م ذكر كما لا يخفى ثم إن ظاهر النصوص والفتاوي وجوب سجدتي السهو في هذا الموضع وحكى عن جملة من الأصحاب
منهم الشيخ المفيد والشيخ في الخلاف والصدوقان وسلار وأبو الصلاح القول بعدم الوجوب والأخبار المتقدمة بظاهرها حجة عليهم وان كان قد يستأنس
لعدم الوجوب بما في صحيحة الحلبي من عطف وله أم زدت أم نقصت عليه مع أنك ستعرف ان الامر بالنسبة اليهما ليس للوجوب ولكن لا يقتضي ذلك صرف الطلب
عن ظاهره في الخبرين الأولين الذين ليس فيهما هذا العطف بل ولا في هذه الرواية بالنسبة إلى ما لم تثبت الرخصة في مخالفته كما تقدم تحقيقه في توجيه موثقة
ابن بكير الواردة في لباس المصلي وليعلم ان للشك بين الأربع والخمس صورا عديدة أحدهما ان يشك بعد اكمال الركعة وهذا هو القدر
المتيقن من مورد النصوص والفتاوي بل قد يقال إن المتبادر من قوله عليه السلام لا يدري أصلي أو خمسا ليس الا هذا الفرض وقد عرفت حكمه انه يتشهد ويسلم
ويسجد سجدتي السهو ثانيها ان يشك قبل الركوع فقد صرح غير واحد بل في الحدائق ففي الاشكال والخلاف في أنه يجلس فينقلب شكه إلى الثلاث والأربع
568

فيعمل فيه على ما تقدم في تلك المسألة ويزيد مع ذلك سجدتي السهو لمكان القيام أقول اما الكلام في سجدتي السهو لزيادة القيام فسيأتي واما انه يهدم
القيام ويعمل عمل الصورة الثانية اي الشك بين الثلاث والأربع فربما علل بأنه بعد الهدم ينقلب شكه كما تقدمت الإشارة إليه ونوقش في ذلك بأنه
لا دليل على الهدم وقلب الشك بل لا بد من تشخيص حكم الموضوع حال حدوث الشك وقد منع شيخنا المرتضى رحمه الله ابتنائه على انقلاب الشك فإنه بعد ان
حكم بأنه يهدم القيام ويعمل عمل الصورة الثانية قال لا لرجوعه إليها حتى يتوجه عليه ما ذكر بل لدخوله حال القيام في عمومات البناء على الأكثر يعني ان
مقتضى هذه العمومات البناء على أنها خامسة وحيث لم يدخل في ركوعها عليه ان يرفع اليد عنها ويتم صلاته على الأربع ولكنه حيث يحتمل مع هذا البناء
نقصا في صلاته وجب عليه ان يأتي بعد التسليم بما يحتمل انه نقص كما وقع التصريح بذلك في ذيل (هذه الأخبار فلا حاجة إلى ارجاعه تلك الصورة بل يفهم حكمه بنفسه منها وفيه ان المقصود الشك في تلك) الأخبار بحسب الظاهر هو الشك في عدد الركعات المعتبرة
في الصلاة لا في زيادة شئ عليها فالشك بين الأربع والخمس خارج عن موردها كما يفصح عن ذلك ما فيها من تفريع الاتيان بما يظن نقصه على بنائه عليه
الأكثر فالحق ابتناء الحكم على اندراجه في موضوع تلك المسألة ولا يتوقف ذلك على دعوى انقلاب شكه بعد الهدم كي يتوجه عليها ما ذكر بل لأنه حال كونه
شاكا في أن ما بيده رابعة أو خامسة يصدق عليه انه لا يدري انه صلى ثلاثا أو أربعا فعليه ان يتشهد ويسلم ويحتاط بركعة من قيام أو ركعتين من جلوس لعموم
ما دل عليه وتخصيصه بخصوص الشك الحادث قبل التلبس بالخامسة يحتاج إلى دليل ودعوى انصراف الأدلة إليه بخصوصه قابلة للمنع مع امكان ان يقال بأنه
يكفي دليلا لجواز الهدم والعمل بما يرجع إليه شكه بعد الهدم خبر حمزة بن حمران عن أبي عبد الله عليه السلام قال ما أعاد الصلاة فقيه قط حتى بخيال لها ويدبرها
حتى لا يعيدها إذ المتبادر منه إرادة المعالجة بارجاعها إلى موضوع لا يجب معه الإعادة كما في المقام ولا ينافيه ما ورد في عدة من الأخبار من تفسير ما روى أن
الفقيه لا يعيد الصلاة بالشك بين الثلاث والأربع إذ المفروض انه يندرج بالعلاج في موضوع الثلاث والأربع فليتأمل ثالثها ان يشك
بعد الدخول في الركوع والأقوى فيه البطلان لخروجه عن المنصوص وعدم قبوله للعلاج فإنه وان صدق عليه بملاحظة الركعات التي فرغ منها انه لا يدري
ثلاثا صلى أم أربعا كما لو عرض له هذا الشك قبل الركوع ولكن الأخبار الواردة في تلك المسألة منصرفة عن مثل هذا الفرض الذي يلتزم فيه من معاملة الشك
بين الثلاث والأربع الغاء الركوع الموجب للعلم اجمالا بوقوع خلل في صلاته اما بزيادة الركوع سهوا أو ينقص السجدتين عمدا مع أن المقصود بتلك الأخبار
ليس الا الالزام بالاخذ بالطرف الزائد وتدارك النقص الذي يحتمله مفصولا حذرا من وقوع الزيادة في الصلاة فكيف يريده فيما يلزم منه القطع بزيادة
الركوع نعم قد يقال في مثل الفرض بان عليه المضي في صلاته واتمام هذه الركعة تعويلا على اصالة في لاتيان بالرابعة وانما لا يعول على هذا
الأصل ما لم يركع لوجود النص بخلافه والمفروض قصور النص عن شموله بعد الركوع فلا مقتضى بالنسبة إليه لرفع اليد عما يقتضيه أصل العدم نعم
بعد اكمال الركعة يندرج في موضوع من لم يدر انه صلى أربعا أو خمسا فيعمل بموجبه وفيه ما تقدم في صدر المبحث (من سقوط) هذا الأصل عن الاعتبار في هذا الباب
ووجوب احراز سلامة الصلاة عن الزيادة في عدد ركعاتها كما ربما يؤمي إلى ذلك صحيحة زرارة المتقدمة الناهية عن نقض اليقين بالشك وعدم خلط
أحدهما بالاخر بالتقريب الذي تقدمت الإشارة إليه وان شئت قلت إنه يستفاد بالتدبر في النصوص والفتاوي ان خصوصية الاعداد المعتبرة في الصلاة
ملحوظة قيدا في مطلوبيتها وهذا مما لا يمكن احرازه بالأصل الا على القول بالأصل المثبت وهو باطل كما تقرر في محله فعليه استيناف الصلاة لقاعدة
الشغل وقد يقرر البطلان بتقريب اخر وهو ان الامر دائر بين محذورين اكمال الركعة الذي هو معرض للزيادة والهدم الذي هو معرض للنقيصة فلا
يحصل معه يقين البراءة وهذا أيضا انما يتجه بعد البناء على عدم جريان الأصل المزبور كما لا يخفى وربما أورد على الاحتجاج المزبور بان المبطل انما
هو يقين الزيادة لا احتمالها ولو اثر ذلك لاثر فيما لو عرض الشك بعد السجود أيضا مع أنهم اتفقوا هناك (على الصحة وفيه ان المبطل على ما يقتضيه ظواهر أدلته انما هو نفس الزيادة لا يقينها فاليقين طريق لاحراز المبطل) من غير أن يكون له دخل في مبطليته فمتى شك
في تحقق الزيادة يشك في صحة صلاته فعليه اعادتها ما لم يكن له أصل أو دليل يحرز به عدمها كما في المقام إذ لا أصل يقضي بان ما يأتي به مكملة لهذه الركعة
المرددة بين كونها خامسة أو رابعة لا يقع زيادة ومن هنا يظهر فساد قياس ما نحن فيه بما لو حدث الشك في الزيادة بعد رفع الرأس من السجدتين لأن الشك حينئذ
يتعلق بحدوث الزيادة فمقتضى الأصل عدمها وفي المقام تعلق بان ما يريد ان يوقعهما فيما بعد مكملة لهذه الركعة هل تقع زائدة أم لا وليس هذا عدمه موافقا
للأصل مع أنه يكفي فارقا بين المقامين النص والاجماع القاضيان بالصحة وانه لا اثر للشك بعد الفراغ من عدد الركعات كالشك بعد الفراغ من العمل عدى
كونه موجبا لسجود السهو تعبدا مضافا إلى امكان دعوى اندراج الشك بعد رفع الرأس من السجدتين في حد ذاته في موضوع قاعدة الشك بعد تجاوز المحل
فليتأمل وكيف كان فقد تلخص مما ذكر ان الأظهر فيما لو عرض الشك بعد الدخول في الركوع البطلان لخروجه عن المنصوص وعدم صحة ارجاع إلى الشك
بين الثلاث والأربع وهكذا الكلام فيما لو عرض الشك بعد رفع الرأس منه أو الدخول في السجود أو بين السجدتين أو في السجدة الثانية قبل الفراغ من
الذكر الواجب بل بعده أيضا قبل رفع الرأس بناء على أن الركعة لا تكمل الآية فإنه ما لم يتم الركعة لا يقال إنه لا يدري
اتى بخمس أو اربع الا مسامحة فيشكل استفادته من النصوص الواردة فيه ولكن ربما نسب إلى المشهور الحكم بالصحة في جميع الصور المزبورة وانه قبل دخوله في
الركوع يهدم القيام ويعامل معاملة الشك بين الثلاث والأربع وبعده يمضي ويعامل معاملة الأربع والخمس ولم يتحقق هذه النسبة وقد عرفت ما في المضي
من الاشكال نعم قد يقال إن الركعة اسم للركوع فلو عرض الشك بعد رفع الرأس منه يندرج في موضوع النصوص حقيقة وقد يقال إن الركعة
569

وان قلنا إنها اسم لتمامها ولكن معظمها الركوع فبعد رفع الرأس منه فضلا عما بين السجدتين أو السجود الثانية
يطلق عرفا انه لا يدري صلى خمسا أو أربعا ويتوجه
على الأول ان إرادة خصوص الركوع من اطلاق الركعة في مثل هذه الموارد خلاف ما يتبادر منها وعلى الثاني ان الاطلاق مبني على المسامحة فيشكل تنزيل النص
عليها نعم قد يقوي الصحة فيما لو عرض الشك بعد دخوله في السجدة الثانية وان لم يأت بالذكر الواجب لا لدعوى شمل النص له نظرا إلى غلبة حصول
الشك حاله ومساعدة العرف على المسامحة في ارادته من الاطلاق وان لم تكن بعيدة بل لقبوله للعلاج بادخاله في مورد النص إذ الشك بنفسه ليس من المبطلات
كما تقرر في محله فله ان يأتي بالذكر من باب الارتباط ويرفع رأسه كذلك فإذا رفع رأسه فان ترجح بنظره أحد طرفي الشك عمل بما يقتضيه والا فبموجب شكه
وليس كذلك فيما لو عرض الشك قبل ان يسجد لأن زيادة السجدة عمدا مبطلة فليس له الاتيان بها من باب الاحتياط لأن امرها دائر بين محذورين اللهم
الا ان يقال إن احتمال حرمتها الذاتية منتفية واحتمال حرمتها من حيث المبطلية أيضا كذلك إذ لو كانت زائدة لكانت مسبوقة بزيادة الركن فلا يستند
البطلان إليها كي يدور امره بين محذورين فليس فيها الا احتمال الوجوب وكون تركها موجبا للبطلان فمقتضى الاحتياط المضي في صلاته لاحتمال كون
ما بيده رابعة فبعد اكمال الركعة ان قلنا باندراجها في موضوع النصوص الواردة فيمن لم يدر انه صلى أربعا أو خمسا حكمنا بالصحة وان ادعينا انصرافها
عن مثله كما ليس بالبعيد فعليه إعادة الصلاة بعد اتمامها احتياطا لقاعدة الشغل وقد ظهر بذلك ان ما نسب إلى المشهور من الحكم بالصحة في جميع هذه الصور لا
يخلو من وجه ولكنه لا يخلو من تأمل فالأحوط عند عروض الشك بعد دخوله في الركوع الجمع بين الاتمام وسجود السهو ثم الإعادة وان كان الأقوى جواز القطع
والاستيناف فيما عدى الصورة الأخيرة التي لم نستبعد كونها بنفسها مشمولة للنص والله العالم تتمة هل يلحق بالشك بين الأربع والخمس الشك بين الأربع
والست أو السبع ونحوه ربما استظهر من المشهور العدم وحكى عن ابن أبي عقيل في ظاهر كلامه الالحاق وعن العلامة في المختلف احتماله وعن الشهيدين وجملة من المتأخرين
الميل إليه وربما استدل لذلك بأصالة عدم الزيادة التي قد أشرنا فيما سبق إلى انها غير مجدية لاحراز وقوع عدد الركعات المعتبرة في الصلاة بلا زيادة و
أقوى ما يتمسك به له اطلاق قوله عليه السلام في صحيحة الحلبي المتقدمة أم زدت أم نقصت وفي صحيحة زرارة المتقدمة إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر زاد أم
نقص فليسجد سجدتين وهو جالس بالتقريب الذي تقدمت الإشارة إليه فيما سبق ولكنه لا يخلو من تأمل إذا الانصاف عدم خلو الخبرين عن التشابه فيشكل
الاعتماد عليهما في اثبات مثل هذا الحكم المخالف للمشهور فلا ينبغي ترك الاحتياط باتمام الصلاة وسجود السهو ثم الإعادة والله العالم تنبيه قد مر
في مطاوي كلماتنا السابقة تصريحا وتلويحا التنبيه على أن مقتضى الأصل في كل ما لم يرد نص بصحته من الشكوك المتعلقة بعدد الركعات البطلان ولكن لو
تعلق الشك بعدد لم يرد فيه من حيث نص بصحته ولكنه انحل إلى شكين أو شكوك صحيحة كما لو شك بين الاثنتين والأربع والخمس بعد اكمال السجدتين
أو بين الثلاث والأربع والخمس فهل يحكم هيهنا بصحة الصلاة ووجوب العمل بموجب الشكين وجهان بل قولان ولعل أشهرهما بل المشهور بين من تعرض له
الصحة بل عن العلامة الطباطبائي دعوى الاجماع على عدم تأثير الهيئة الاجتماعية في الشكوك بالنسبة للصحة والبطلان فالشك في المركب تابع لبسائطه
فيهما وفي البناء على الأقل والأكثر وما تقتضيه من صلاة الاحتياط وسجود السهو ومستنده اطلاق أدلة الشكوك فإنه يصدق على من شك بين الثلاث والأربع
والخمس انه لا يدري ثلاثا صلى أم أربعا فيعمه النصوص الواردة فيه ودعوى اختصاصها بما إذا لم يجامع معه شك اخر مدفوعه بعرائها عن الشاهد حجة القول
بالبطلان دعوى انصراف النصوص الواردة في كل من الشكوك إلى صورة انفراده وعدم مجامعته مع شك اخر اي صورة الجزم بوقوع أحد طرفي الشك على
سبيل الترديد كما يؤيد ذلك وقوع العطف في أكثرها بلفظة أم الظاهرة في ذلك فالحاق صورة الاجتماع به قياس لا نقول به ومنع الانصراف المزبور مكابرة للوجدان
وهذا هو الأقوى وان كان الجمع بين مقتضيات البسائط ثم الإعادة أحوط وهنا مسائل الأولى لو غلب على ظنه اي ترجح في نظره أحد طرفي ما شك
فيه في الصور الأربع وغيرها مما تقدم حتى الشك في الأولتين والثنائية والثلاثية بنى على الظن وكان كالعلم على المشهور بل اجماعا فيما عدى الأوليين
والثنائية والثلاثية على ما عن غير واحد ادعائه وقضية اطلاق عبائرهم في فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم كصريح بعضهم وجوب البناء على الظن وان
تعلق بالمبطل فمن غلب على ظنه الخمس يجري عليه حكم من زاد خامسة ويدل على المشهور مضافا إلى عموم النبوي إذا شك أحدكم في الصلاة فلينظر أخرى
ذلك إلى الصواب وليبن عليه والنبوي الاخر إذا شك أحدكم فليتحر خصوص صحيحة صفوان عن أبي الحسن عليه السلام قال إن كنت لا تدري كم صليت ولم يقع وهمك
على شئ فأعد الصلاة والمستفيضة الواردة في الموارد الخاصة من المسائل المتقدمة المشعرة باعتبار الظن في هذا الباب من غير مدخلية لخصوص المورد
منها قوله عليه السلام في خبر عبد الرحمن بن سبابة وأبي العباس إذا لم تدر ثلاثا صليت أو أربعا ووقع رأيك على الثلاث فابن على الثلاث وان وقع رأيك على
الأربع فسلم وانصرف وان اعتدل وهمك فانصرف وصل ركعتين وأنت جالس وفي خبر الحلبي وان كنت لا تدري ثلاثا صليت أم أربعا ولم يذهب وهمك إلى
شئ فسلم ثم صل ركعتين وأنت جالس (الخ) وفي صحيحة الحلبي إذا لم تدر ثنتين صليت أم أربعا ولم يذهب وهمك إلى شئ فسلم ثم صلى ركعتين الحديث إلى
غير ذلك من الأخبار الدالة عليه مفهوما أو منطوقا وقبضة ظاهر النصوص وفتاوى الأصحاب ان لم يكن صريحها انه يعامل مع الظن معاملة العلم فلا
يجب عليه معه صلاة احتياط أو سجود سهو خلافا لما تقدمت حكايته عن علي ابن بابويه في مسألة الشك في الأوليين أنه قال وان شككت في الركعة الأولى
والثانية فأعد صلاتك وان شككت مرة أخرى فيهما وكان أكثر وهمك إلى الثانية فابن عليها واجعلها ثانية فإذا سلمت صليت ركعتين من قعود بأم الكتاب
570

وان ذهب وهمك إلى الأولى جعلتها الأولى وتشهدت في كل ركعة (الخ) وفي مسألة الشك بين الاثنتين والثلاث انه إذا حصل الظن بالثلاث يبنى عليه ويتم ويصلي
صلاة الاحتياط ركعة قائما ويسجد سجدتي السهو وهو ضعيف كما عرفته فيما سبق ونظيره في الضعف ما حكى عن ولده الصدوق من ايجاب سجدتي السهو على من شك
بين الثلاث والأربع وظن الأربع وان كان قد يشهد لذلك خبر الحلبي عن الصادق عليه السلام قال إذا كنت لا تدري ثلاثا صليت أم أربعا ولم يذهب وهمك إلى شئ فسلم ثم
صل ركعتين وأنت جالس تقرء فيهما بأم الكتاب وان ذهب وهمك إلى الثلاث فقم فصل الركعة الرابعة ولا تسجد سجدتي السهو فان ذهب وهمك إلى الأربع فتشهد وسلم
ثم اسجد سجدتي السهو ولكن المتجه بعد اعراض الأصحاب عن ظاهر هذه الرواية ومخالفته لظاهر بعض الأخبار الواردة فيه مما ليس فيه تعرض لسجود السهو حمله على الاستحباب
واما ما في الصحيح عن محمد بن مسلم قال انما السهو بين الثلاث والأربع وفي الاثنتين والأربع بتلك المنزلة ومن سهى فلم يدر ثلاثا صلى أو أربعا واعتدل شكه قال فيتم ثم يجلس
فيتشهد ويسلم ويصلي ركعتين وأربع سجدات وهو جالس وان كان أكثر وهمه إلى الأربع تشهد وسلم ثم قرء فاتحة الكتاب وركع وسجد ثم قرء وسجد سجدتين وتشهد
وسلم وان كان أكثر وهمه إلى الثنتين نهض وصلى ركعتين وتشهد وسلم فمع ما فيه من القطع والاضطراب والمخالفة لغيره من الروايات يمكن حمله على الاستحباب
كما تقدمت الإشارة إليه عند التكلم في توجيه الرواية فيم سبق ثم انا قد أشرنا إلى في لفرق في اعتبار الظن بعدد الركعات بين مواردها كما نسب
إلى المشهور بل عن غير واحد دعوى عدم الخلاف فيه الا من ابن إدريس فلم يعتبر الظن في عدد الأولتين بل ولا في كل فريضة ثنائية أو ثلاثية ووافقه في الحدائق مستدلا
عليه بالمستفيضة الدالة على وجوب حفظ الأولتين وسلامتهما عن السهو منها صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال كان الذي فرض الله على العباد عشر ركعات
وفيهن القراءة وليس فيهن وهم يعني سهوا فزاد رسول الله صلى الله عليه وآله سبعا وفيهن الوهم وليس فيهن قراءة فمن شك في الأولتين أعاد حتى يحفظ ويكون على يقين ومن شك في الأخيرتين
عمل بالوهم نظرا إلى أن هذه الأخبار أخص من رواية صفوان وكذا من النبوي بعد تسليم سنده والغض عن كونه عاميا فيخصص بها عمومهما واما ما عداهما من الأخبار الدالة
على اعتبار الظن بالركعات فهي اخبار خاصة واردة في الأخيرتين فلا تصلح لمعارضتها وفيه أولا ان اعتبار اليقين بعدد الأوليين على ما يظهر من أدلته ليس
لخصوص وصف اليقين بل لكونه طريقا لاحراز الأوليين فإذا دل دليل على اعتبار الظن في عدد الركعات بكون ذلك الدليل مثل ما دل على حجية البينة حاكما على
مثل هذه الأخبار وثانيا بان مثل هذه بالاخبار لا تصلح مخصصة لصحيحة صفوان بل يجب اما طرح الصحيحة أو الغاء مفهومها أو جعلها حاكمة على هذه الأخبار بيان ذلك ان الصحيحة دلت بمنطوقها
على وجوب الإعادة عليه إذا لم يدر كم صلى فالمراد بها اما الصورة التي لم يحفظ شيئا من عدد الركعات فاحتمل كون ما بيده الأولى فما زاد فمفهومها انه في هذا
الغرض إذا ذهب وهمه إلى شئ عمل بوهمه فيتم المطلوب إذ لا قائل بالفصل بين هذا الشك وبين سائر الشكوك المتعلقة بالأوليين أو ان المقصود مطلق الشك
المتعلق بعددها بحيث تعم سائر صور الشكوك المتعلقة بها فالرواية على هذا وان كانت عامة ولكن لا يمكن تخصيصها بالأخيرتين إذ لا يجب فيهما الإعادة ولا بالفرائض
الثنائية والثلاثية إذ الخصم لا يرضى بذلك ويعترف بان حكمهما حكم الأوليين من الرباعية فلا قائل بالفصل بينهما مع أن الروايات الدالة على وجوب حفظ الأوليين
وعدم تطرق الوهم اليهما تدل عليه في الفريضة الثنائية وفي الأوليين من المغرب أيضا كما عرفت في محله والحاصل انه لا يصح تنزيل الصحيحة على الأخيرتين
إذ لا يجب فيهما الإعادة بل يجب تخصيصها بما عداهما جمعا بينها وبين الأخبار الخاصة الواردة فيهما الامرة بالمضي مع الشك وجبره بالاحتياط فلا يمكن صرف
مفهومهما اليهما إذ المفهوم يتبع المنطوق فيجب اما الغاء المفهوم أو الالتزام بكفاية الظن في شئ من الموارد التي يمكن الالتزام فيها بكون الشك فيها موجبا للإعادة
مما يصلح تنزيل الصحيحة عليه نعم لو قيل بان الحكم بالمضي لدى الشك في الأخيرتين رخصة لا عزيمة كما احتمله بعض أمكن صرف الصحيحة إليه والالتزام بكون الامر
بالإعادة للاستحباب ولكنه مع الغض عن مخالفته للمشهور أو المجمع عليه ليس بأولى من جعلها حاكمة على الاخبار المزبورة بل هذا أولى وهل يلحق الظن بالفعال
بالظن بعدد الركعات المشهور ذلك على ما ادعاه شيخنا المرتضى رحمه الله بل عن المحقق الثاني انه لا خلاف فيه ويشهد له عموم النبوي المتقدم وهو وان كان عاميا ولكن
اعتناء الخاصة به وايراده في كتب الفتاوي على وجه الاعتماد يصلح جابر الضعفة مع اعتضاده بالشهرة ونقل الاجماع بل عدم معروفية الخلاف فيه مضافا إلى أن
الاكتفاء بالامتثال الظني في عدد الركعات يوجب الاكتفاء به في اجزائها بطريق أولى فليتأمل وربما يستدل له أيضا بان الصلاة عمل كثيرة الاجزاء و
الشرائط فلو لم يعتبر الشارع الظن فيها للزم منه الحرج وأيضا ان رفع حكم الشك عن كثير الشك معللا بان التشكيك من الشيطان والنهي عن تعويد الخبيث
بترتيب اثر الشك عليه مع كثرته من نقض الصلاة واعادتها يستلزم اعتبار الظن في هذا الباب إذ لو وجب تحصيل العلم بافعالها وأقوالها وعدد ركعاتها
لاحتاج أغلب المكلفين في غالب أحوالهم إلى التكرير وإعادة الصلاة لان عروض الظن للغالب غالبي فيلزم ان يكون اما جل الناس محكومين بحكم كثير الشك
أو واجبا عليهم ترتيب اثر الشك من نقض الصلاة ونحوه وكلاهما خلاف ما علم من مذاق الشارع وسيرة المتشرعة فيجب ان يكون الظن معتبرا في هذا الباب
ويمكن الخدشة فيهما بان شيئا منهما لا يصلح الا مؤيدا لاعتبار الظن في الركعات وقد فرغنا من ذلك واما في غيرها فعدم كون الظن معتبرا وكونه بحكم الشك
بعد ان الغي الشارع حكى الشك في الشئ بعد التجاوز عنه أوفق بسهولة الملة وسماحتها وعدم كونه موجبا لنقض الصلاة واعادتها كي يندرج في موضوع النهي عن
تعويد الخبيث إذ قد يحصل له الظن بالاخلال بركن بعد التجاوز عن محله فإن كان ظنه حجة وجبت عليه الإعادة والا بنى على (صحة) صلاته فليتأمل * (المسألة
الثانية) * هل يتعين في صلاة الاحتياط الفاتحة أو يكون مخيرا بينها وبين التسبيح قيل بالأول بل هذا هو المشهور على ما صرح به في الجواهر لأنها على
ما يظهر من النصوص والفتاوي صلاة منفردة روعى في شرعيتها جهتا الجزئية والاستقلال كي تقع مكملة على تقدير الحاجة إليها ونافلة على تقدير الغناء
571

فوجب ان يتعين فيها الفاتحة والا لا تصلح لان تقع نافلة إذ لا صلاة الا بها بل لو قلنا بجواز التسبيح في النافلة أيضا اتجه المنع هيهنا لما في غير واحد من اخبار
الباب من التصريح بان يقرء فيها فاتحة الكتاب وظاهرها التعين وقيل بالثاني لأنها قائمة مقام ثالثة ورابعة فيثبت فيها التخيير كما يثبت في المبدل والأول أشبه
بل الثاني يشبه ان يكون اجتهادا في مقابل النص وقد ظهر بما أشرنا إليه من كون الاستقلال وصلاحيتها للوقوع نافلة مرعية في شرعها انه لابد فيها
من النية وتكبيرة الاحرام كما صرح به غير واحد بل عن بعض دعوى الاجماع عليه ولكن حكى عن القطب
الراوندي التصريح بكون المسألة خلافية بل ربما يستشعر
من العبارة المحكية عنه كون القول بالخلاف اشهر حيث نقل عنه في شرح النهاية الطوسية أنه قال من أصحابنا من قال إنه لو شك بين اثنتين والأربع أو غيرهما
من تلك الأربعة فإذا سلم وانصرف قام ليضف ما شك فيه إلى ما يتحقق قام بلا تكبيرة الاحرام ولا تجديد نية ويكتفي في ذلك بعلمه وارادته وأقول ولا
تصح نية مترددة بين الفريضة والنافلة على الاستيناف وان صلاة واحدة تكفيها نية واحدة وليس في كلامهم ما يدل على خلافه وقيل ينبغي ان ينوي انه
يؤدى ركعات الاحتياط قربة إلى الله ويكبر ثم يصلي انتهى وفي الحدائق بعد نقل العبارة المزبورة قال وهذا القول وان لم يشتهر نقله بين الأصحاب
الا ان اطلاق الأخبار المتقدمة في الامر بالاحتياط بعضده فان أقصى ما تضمنته تلك الأخبار انه يقوم ويركع ركعة أو ركعتين من قيام أو جلوس وليس
فيها على تعددها وكثرتها تعرض لذكر تكبيرة الاحرام كما لا يخفى على من راجعها مع اشتمالها على قراءة الفاتحة والتشهد والتسليم والمقام مقام البيان لأنها
مسوقة لتعليم المكلفين فلو كان ذلك واجبا لذكر ولو في بعض كما ذكر غيره مما أشرنا إليه انتهى أقول لا يخفى على من راجع الأخبار الخاصة التي ورد فيها
الامر بصلاة الاحتياط ان جلها ان لم يكن كلها ظاهرة في كونها صلاة منفردة شرعت لتدارك النقص الذي يحتمله فليس حالها الا حال سائر الموارد التي
لا تحصى كثرة مما ورد فيها الامر بان يصلي ركعتين من قيام أو جلوس من غير تعرض في شئ منها لذكر النية والتكبير تعويلا على ما تقرر في الشريعة من أنه لا
صلاة بغير افتتاح ولا عمل الا بنية واما ما ذكره قطب الدين من أنه لا تصح نية مترددة بين الفريضة والنافلة ففيه ان هذا الترديد ذاتي للمأمور به
بمقتضى شرعه فلا يعقل ان يكون قصده مانعا عن صحته واما قوله ان صلاة واحدة تكفيها نية واحدة ففيه ان الوحدة ممنوعة فتلخص مما ذكر ان الحق ما
هو المشهور من أنها صلاة منفردة روعى فيها جانب الجزئية وتوهم ان تخلل التكبير ينافي رعاية الجزئية إذ على تقدير الحاجة تقع تكبيرة الاحرام زائدة وهي
ركن تبطل الصلاة بزيادتها ولو سهوا مدفوع أولا بان ايقاع التكبير فاتحة الصلاة الاحتياط الراجع لدى التحليل إلى قصد الاتيان به تحرزا عن وقوع
عمله لغوا على تقدير كون صلاته تامة لا تعد زيادة في الفريضة كما يظهر وجهه مما مر في محله وثانيا انه بعد ما أشرنا إليه من ظهور النصوص والفتاوي
في كونها صلاة منفردة شرعت لجبر النقص على تقدير الحاجة لا يبقى مجال لهذا التوهم إذ القواعد العامة لا تعارض الأدلة الخاصة ثم إنه يظهر مما أشرنا إليه
من كون الجزئية مرعية في شريعتها كما يفصح عن ذلك جملة من الروايات الواردة فيها انه لابد من الاتيان بها على وجه يصلح وقوعها تتمة للنقص بان يراعى فيها
الشرائط المعتبرة في الأخيرتين من الفريضة من الاستقبال والاستقرار والاخفات بالقراءة ونحوها عدى ما ثبتت الرخصة في مخالفته مثل الاتيان بركعتين
من جلوس بدلا من الركعة من قيام فلو صلى الفريضة لدى اشتباه القبلة إلى جهة وجب ان يصلى الاحتياط أيضا إلى تلك الجهة كما عن بعضهم التصريح به رعاية
لهذه القاعدة كما أن قضية كونها صلاة منفردة احتياجها إلى التشهد والتسليم كالتحريم مضافا إلى دلالة الاخبار بذلك مع كون التشهد والتسليم محتاجا اليهما
على تقدير النقص أيضا لوقوعهما في الأصل في غير محلها و (هل) تبطل بتخلل الحدث قولان كما أشار اليهما المصنف رحمه الله بقوله الثالثة لو فعل ما يبطل الصلاة
قبل الاحتياط قبل تبطل الصلاة ويسقط الاحتياط وربما نسب هذا القول إلى الأكثر كما عن المفاتيح بل إلى المشهور كما عن المصابيح لأنها معرضة لان
تكون تماما كما يفصح عن ذلك الامر باتمام ما نقص في موثقة عمار والحدث ونحوه يمنع من ذلك فان مقتضى وقوع الاحتياط تتمة للصلاة كما هو ظاهر النص
حصول الحدث في الأثناء فتبطل وكونه مسبوقا بالتسليم غير مجد لوقوعه في غير محله فيكون ملحقا بالسهو والا لكان مانعا عن انضمام اللاحق بسابقة و
يشهد له أيضا انه قد امر بسجدتي السهو مع التكلم بين صلاة الأصل والاحتياط في خبر ابن أبي يعفور الوارد فيمن لا يدرى صلى ركعتين أم أربعا فقال يتشهد
وينصرف ثم بقوم فيصلي ركعتين وأربع سجدات يقرء فيهما بفاتحة الكتاب ثم يتشهد ثم يسلم فان كانت أربعا كانت هاتان نافلة وان كان صلى ركعتين كان هاتان
تمام الأربع وان تكلم فليسجد سجد في السهو بناء على إرادة التكلم بين الصلاتين وقيل لا تبطل كما عن الحلي والفاضل في بعض كتبه والشهيدين وجماعة من متأخري
المتأخرين وقواه شيخنا المرتضى رحمه الله فإنها صلاة منفردة فالامر بالاتمام في الموثقة كناية عن فعل المتمم بصلاة مبتدئة يجب فيها الافتتاح ويتعين الفاتحة
ويجوز الجلوس فهي ليست بجزء حقيقي لتلك الصلاة بحيث يصدق معه وقوع الحدث في الأثناء بل هي بدل من النقص بحكم الشارع وكونها بدلا لا يوجب
مساواتها للمبدل في كل حكم ودعوى ان التسليم وقع في غير محله (فيكون) ملحقا بالسهو ولا يتحقق به الانصراف مدفوعة بان التسليم وقع بأمر الشارع بعد البناء على
الأكثر فهو واقع في محله وقد تحقق به الانصراف ووقع الحدث بعده لا في أثناء الصلاة وان سلم وقوعها جزء منها حقيقة كما لعله أوفق بظواهر
النصوص فنقول ان الشارع لم يعتبر الاتصال في هذا الجزء بل أوجب الاتيان به بعد الانصراف عن صلاة الأصل بتحريم مستأنف فيكون افتتاحها
لصلاة الاحتياط بمنزلة الرجوع إلى تلك الصلاة التي وقع النقص بعد خروجه منها فالزمان المتخلل بين التسليم والتحريم لا يعد من أكوان الصلاة فالحدث
الواقع فيه يقع في خارج الصلاة لا في أثنائها واما الخبر الذي ورد فيها الامر بسجود السهو ففي دلالته على المدعى نظر إذ لا شاهد على إرادة التكلم بين الصلاتين
572

فيحتمل ان يكون المراد به التكلم حين عروض الشك قبل ان يتلبس بما هو وظيفته من التشهد والتسليم ثم الاحتياط أو يكون المراد به التكلم سهوا في أثناء
الاحتياط فيكون المقصود به بيان انها بحكم صلاة الأصل في كون السهو فيها موجبا للسجود ولعل هذا المعنى أوفق بظاهره ولكن الالتزام به مشكل لما
ستعرف من أنه لا سهو في سهو اللهم الا ان يحمل على الاستحباب وعلى تقدير تسليم ظهوره في إرادة التكلم بين الصلاتين قد يناقش أيضا في دلالته بان
ايجاب السجود بالكلام سهوا لا يدل الا عدم جواز عمده وهو أعم من المدعى لجواز كونه حكما تعبديا كما ورد في سجود السهو من أنه بعد التسليم قبل ان يتكلم
وكيف كان فالرواية لا تخلو من اجمال والمسألة محل اشكال وان كان القول بالجواز لا يخلو من قوة ولكن الأحوط ان لم يكن أقوى ترك ايجاد المنافي
عمدا وعلى تقدير حصوله قهرا أو سهوا فالجمع بين فعل الاحتياط وإعادة الصلاة وعن الشهيد في الدروس التفصيل بين تبين النقصان وعدمه فلا يقدح
الحدث ونحوه في الثاني دون الأول ولم يتضح وجهه والكلام في تخلل المنافي بين الصلاة والأجزاء المنسية كما في تخلله بين الصلاة والاحتياط وربما قيل
بالبطلان هنا وان قلنا بالصحة هناك للحكم بالجزئية هنا وأجيب بخروجها عن محض الجزئية ووجوب الاتيان بها بعد الصلاة حكم اخر ثبت امر جديد
لا يقال إنه وان كان بأمر جديد ولكن الامر الجديد كشف عن عدم فوات مطلوبيتها بفوات محلها لا انه تكليف تعبدي محض لأنا نقول امر الشارع بالاتيان
بعد الخروج من الصلاة دليل على في رادة ضمها إلى سائر الأجزاء كي يحتل بها نظم الصلاة بل أوجب فعلها بعد الانصراف من الصلاة بعنوان كونها
قضاء فاشتراطها بعدم تخلل الحدث ونحوه بينها وبين الصلاة يحتاج إلى دليل وهو مفقود وانعقاد الاجماع على وجوبها فورا بعد الصلاة كما
ادعى لا يصلح دليلا لاثبات هذا الشرط خصوصا بعد العلم بان الشارع لم يعتبر اقحامها في الصلاة بل أوجب تأخيرها عن التسليم وعدم اقحامها في
الصلاة معللا بصيرورتها قضاء كما ورد ذلك في السجدة المنسية التي لم يذكرها حتى ركع ومن هنا يظهر ان المتجه الالتزام بعدم البطلان هيهنا و
ان قلنا به ثمة لامكان ان يدعى هناك ان التسليم لأجل وقوعه في غير محله لم يكن موجبا للانصراف حقيقة بخلافه هيهنا ودعوى ان ايجاب الشارع تدارك
السجدة مثلا بعد التسليم كاشف عن انه لم بلغ جزئيتها للصلاة ولكنه أوجب تأخيرها عن سائر الأجزاء فاخر الصلاة بالنسبة إلى غير ناسي السجدة
التسليم وبالنسبة إليه السجدة فما لم يأت بها لم يخرج من الصلاة مدفوعة أولا بان الامر بقضائها بعد الصلاة لا يكشف عن كون صفة الجزئية ملحوظة في
ذلك لجواز ان يكون ذلك بلحاظ مصلحتها الذاتية التي لا تفوت بفوات هذه الخصوصية وثانيا ان كون هذه الجبهة مرعية في ايجابها غير مجدية في اثبات
المدعى بعد ان جعل محلها بعد الخروج من الصلاة ودعوى ان ناسي الجزء لا يخرج من الصلاة بالتسليم بل بفعل هذا الجزء مخالفة لجميع ما ورد في التسليم
مما دل على أن الشارع انما اعتبره في الصلاة تحليلا وخاتمة وان علة وجوبه كونه كلام الآدميين وبه يتحقق الانصراف من الصلاة فلا مقتضى لايجابه في
أثناء الصلاة بل فيه اقتضاء العدم لكونه من القواطع كما عرفته في محله هذا كله مع شهادة كثير من الروايات الواردة في قضاء الأجزاء المنسية التي هي
السجدة والتشهد بنفسها على عدم اعتبار اتصالها بالصلاة كموثقة عمار عن الصادق عليه السلام في الرجل نسي سجدة فذكرها بعد ما قام وركع قال
يمضي في صلاته ولا يسجد حتى يسلم فإذا سلم سجد مثل ما فاته قلت فإن لم يذكر الا بعد ذلك قال يقضي ما فاته إذا ذكر وصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليه السلام
في الرجل يفرغ من صلاته وقد نسي التشهد حتى ينصرف فقال إن كان قريبا رجع إلى مكانه فتشهد والا طلب مكانا نظيفا فتشهد فيه وقال انما التشهد
سنة في الصلاة فان ظاهرهما وجوب قضاء السجدة والتشهد ولو مع الفصل الطويل أو الفعل الكثير الماحي للصورة بل باطلاقهما يعمان ما لو لم يتذكر
الا بعد تخلل الحدث واختصاص موردهما بالناسي غير قادح بالاستدلال لعموم المدعى لعدم اختصاص قاطعية الحدث بالعمد وهل يجب تقديم قضاء
الأجزاء المنسية على الركعات الاحتياطية أو عكسه أو هو مخيرا ويجب تقديم السابق فواتا فلو فاته سجدة من الركعة الأولى وركعة احتياط قدم السجدة
ولو كانت من الأخيرة قدم الاحتياط وجوه أوجههما التخيير ولكن الأحوط تأخير قضاء الاجزاء عن الاحتياط لما عرفت من أن احتمال كونها جزءا حقيقيا
بحيث يعتبر بالصلاة بحيث يكون الاحتياط على تقدير وقوعها نافلة مانعا عن صحتها مما لا ينبغي الالتفات إليه بل قي قضاء للمنسي ومحلها بعد
الخروج من الصلاة وفعل الاحتياط على تقدير وقوعها نافلة ليس مانعا الا عن فوريتها التي ادعى الاجماع عليها وهي في غير مثل المقام الذي عارضها
واجب فوري اخر وهو فعل الاحتياط الذي ادعى أيضا على فوريتها الاجماع واما لو قدمها على الاحتياط ففيه مخالفة الاحتياط من وجهين
أحدهما ما تقدمت الإشارة إليه من أن محلها بعد الفراغ من الصلاة وهو غير محرز لاحتمال النقيصة ووقوع الاحتياط متمما لها وثانيهما
انها على هذا التقدير تقع في أثناء الفريضة وهي متى وقعت في غير محلها عمدا تكون من المنافيات وان كان الأقوى ان شيئا من الوجهين ليس مانعا عن جوازها
فان الامر بقضائها بعد التسليم والنهي عن أن يوقعها قبله ليس لتحديد محل القضاء بما بعد الفريضة بل لأجل ان لا يوقعها في الأثناء كي تخل بهيئة الصلاة
كما يفصح عن ذلك ما في بعض الأخبار من تعليل ذلك بأنه قضاء فان هذا انما يصلح علة الامر بالمضي وتأخير السجدة حتى يسلم لا لتوقيت محلها بما بعد التسليم
كما لا يخفى واما وقوعها في الأثناء على تقدير النقيصة فغير قادح إذ السجدة بنفسها ليست من منافيات الصلاة بل من حيث الاخلال بالهيئة أو حصول
الزيادة بفعلها وشئ من ذلك لا يصلح مانعا في المقام إذ الزيادة لا يتحقق في مثل الفرض إذ بها يتدارك الجزء المتروك فلا يصدق عليها اسم الزيادة
وصلاة الأصل والاحتياط صلاتان في الصورة والتسليم بينهما حاجز ووقوع الثانية تتمة للأولى على تقدير النقص لا يجعلها صلاة واحدة في الصورة
573

كي يكون تخلل السجدة بينهما مغيرا لصورتها كما لا يخفى فروع منها انه لو تذكر الشاك بعد البناء على الأكثر والتسليم نقص الصلاة فاما ان
(يتذكر النقص المحتمل أو غيره وعلى التقديرين اما ان) يكون قبل صلاة الاحتياط أو بعده أو في أثناء الاحتياطين أو في أثناء احتياط واحد وعلى الأخيرين فاما ان يكون المأتى به مطابقا للمنقوص كما وكيفا
أو مخالفا له فيهما أو في أحدهما فإن كان قبل صلاة الاحتياط دخل في مسألة نقص الركعة أو أزيد لا لشمول الأخبار الواردة فيها له فان موردها صورة
ما لو صدر منه التسليم بزعم الفراغ فهي غير ما نحن فيه بل لموافقة الحكم للأصل بعد قيام النص والاجماع على أن التسليم المأتي به في المقام كما في تلك
المسألة غير موجب للبطلان اي غير مانع عن الاتمام كما تقدمت الإشارة إليه فيما سبق وان كان بعد فعل الاحتياط فان تذكر النقص المحتمل فالأقوى
الصحة لقاعدة الاجزاء مضافا إلى أن هذا هو ثمرة شرع الاحتياط كما يفصح عن ذلك خبر عمار قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن شئ من السهو فقال الا
أعلمك شيئا إذا فعلت ثم ذكرت انك أتممت أو نقصت لم يكن عليك شئ قلت بلى قال إذا سهوت فابن على الأكثر
فإذا فرغت وسلمت فقم فصل ما ظننت
انك نقصت فان كنت قد أتممت لم يكن عليك في هذه شئ وان ذكرت انك كنت نقصت كان ما صليت تمام ما نقصت إلى غير ذلك من الروايات المتقدمة
التي وقع فيها التصريح بوقوع الاحتياط على تقدير النقص جابرا له وتوهم ان هذا فيما لو بقي بحاله شاكا دون ما لو حصل له الجزم بالنقصان
مدفوع بمخالفته لصريح الخبر المزبور وظاهر غيره مما تقدمت الإشارة إليه فان ظاهرها كون الاحتياط متمما واقعيا على تقدير النقص وان زال الشك
بعده ولا فرق في ذلك بين تخلل المبطل بين صلاة الأصل والاحتياط وعدمه بناء على عدم كون ذلك مانعا عن فعل الاحتياط فما عن الدروس من التفصيل
بينهما مما لم يتضح وجهه كما تقدمت الإشارة إليه فيما سبق وكذا لا فرق بين مخالفة الاحتياط للمتروك كركعتين من جلوس بدل ركعة من قيام أو موافقته
إذ الشارع أقام الركعتين مقام الركعة فلا يضر حينئذ المخالفة فما عن الموجز من القول بالبطلان على تقدير المخالفة ضعيف ويتلوه في الضعف ما عن بعض
من الاستشكال في ذي الاحتياطين إذا وقع ثانيهما جابرا كما في الشك بين الاثنتين والثلاث والأربع بل عن الدروس التصريح بان ذا الاحتياطين يراعي
المطابقة للمتقدم نظرا إلى استلزام وقوع الجبر بالثاني حصول الفصل بينهما بأركان وفيه انه انما شرع كذلك لذلك فلا يبقى معه مجال للاشكال
مع أن صدق اسم زيادة الأركان أو كون الفصل بالركعتين الماتى بهما من باب الاحتياط من المنافيات لا يخلو من نظر مضافا إلى ما في أصل اشتراط عدم تخلل
الفصل بالمنافي من التأمل كما عرفت وان تذكر نقصا لم يحتمله عند الشك فإن كان أزيد من الاحتياط اتى بالقدر الزائد كما لو تذكر بعد الاحتياط للثلاث
والأربع ان صلاته كانت ركعتين فيقوم ويصلي ركعة أخرى والأحوط خصوصا مع اختيار الجلوس للاحتياط الركوع بعده إلى حكم من تذكر نقص
ركعتين باتيان الركعتين متصلتين ثم الإعادة فان استفادة وقوع الاحتياط تتمة لدى الحاجة إليها مطلقا ولو في ضمن الأكثر من النقص الذي كان يحتمله
من اخبار الباب لا يخلو من جفاء كما أن الجزم بصلاحية الركعتين المتصلتين الماتى بهما أخيرا للانضمام إلى الأوليين على تقدير فساد الركعتين المنفصلتين
المتخلل بينهما لا يخلو من اشكال وان كان انقص منه كما لو احتياط للثنتين والأربع ثم ذكر انها ثلاث فالظاهر وجوب الاتيان بالرابعة فيكون الاحتياط نافلة
مع احتمال كون الفصل بهما مانعا عن الالحاق ووقوعها بنفسها أيضا باطلة لان الشارع حكم في هذه الصورة بوقوعها نافلة لو حصلت بعد اكمال
الفريضة لا في أثنائها فالأحوط إعادة الصلاة معه وان كان بين الاحتياطين فان وافق النقص الذي ذكره الاحتياط الذي فرغ منه كما لو صلى ركعتين
من قيام في الشك بين الاثنتين والثلاث والأربع ثم ذكر نقص ركعتين تمت صلاته واحتمال كون مجموع الاحتياط عملا واحدا جعله الشارع تداركا للنقص
المحتمل في هذا الشك فصحة الركعتين ووقوعهما تداركا للنقص الكائن في هذه الصلاة تتوقف على مجموع الاحتياطين مما لا ينبغي الالتفات إليه ولو ذكر
نقص ركعة تداركها ووقعت الركعتان نافلة وتخللهما غير قادح كما في صورة بقاء الشك فان الشارع لم يجعلهما مانعا عن الاتمام بل هذا هو مقتضى شرعهما
كما تقدمت الإشارة إليه ولو ذكر نقص ثلاث ركعات أضاف إلى الاحتياط الذي فرغ منه ما يتم به الأربع واحتاط بإعادة الصلاة كما يظهر وجهه مما مر
بل الاحتياط هيهنا أشد إذ لم يشرع تدارك الأوليين بالاحتياط فليتأمل وان كان في أثناء احتياط واحد مطابق لما احتمله من النقص مع مساواته له
في الكم والكيف أتم الاحتياط وصحت صلاته ولكن لو تخلل بينهما المنافى وقلنا بعدم مانعية عن صحة الاحتياط قد يتجه الالتزام بمانعية هيهنا لرجوع
ما بقي من الاحتياط (بعد) تذكر النقص المحتمل إلى الجزئية المحضة ولعل ما تقدمت حكايته عن الدروس من التفصيل في تخلل المنافي بين تذكر النقص وعدمه
إرادة في مثل الفرض فليتأمل واما مع المخالفة كما لو اتى بركعتين من جلوس في الشك بين الثلاث والأربع مثلا فذكر في الأثناء نقص الركعة فإن كان
بعد الفراغ عما يختلف فيه القاعد والقائم أئمة على الأظهر وان كان قبله فقد يقوى فيه أيضا ذلك لأنه دخل فيه بأمر الشارع وقد جعله الشارع
مقام ركعة على تقدير نقصها فحصول العلم في أثناء الاحتياط يكون هذا التقدير محققا غير قادح في ذلك اللهم الا ان يقال إن الشارع انما رفع اليد
عن اعتبار القيام وجعل الركعتين مقام ركعة رعاية لاحتمال وقوعه نافلة ولدى انكشاف النقص تمحض للجزئية فلا مقتضى لالغاءه فمن هنا قد يقال
بوجوب اتمامه قائما مطابقا مع الامكان فلو كان في الركعة الأولى قام وأتمها ركعة من قيام وان كان في الثانية قام ومضى فيها رعاية لشرطية القيام مع الامكان
أو يقال حينئذ بالغاء الاحتياط والرجوع إلى حكم من تذكر النقص والأشبه ما عرفت فان قيام ركعة ملفقة من الجلوس والقيام أو ركعتين كذلك مقام ركعة
لم يثبت وان كان النقص الذي ذكره في الأثناء مخالفا لما احتمله فإن كان أكثر بان كان ركعتين مثلا والاحتياط ركعة أتمه ركعتين وان كان أكثر كما في عكسه
574

سلم على الركعة مع الامكان بان لم يدخل في ركوع الثانية والا الغى الاحتياط ورجع إلى حكم من تذكر النقص كما أن الامر كذلك مع مخالفة الاحتياط له في
الكيف والأحوط في جميع الصور المزبورة إعادة الصلاة أيضا ومنها انه لو نسي الاحتياط ودخل في صلاة أخرى ثم ذكر في الأثناء فان كانت الثانية من نية
على الأولى أو كانت الثانية نافلة رفع اليد عنها وتدارك الاحتياط وما صدر منه سوا غير مانع عن صحة الاحتياط ولو قلنا بعدم جواز الفصل بالمنافي لما أشرنا
إليه في مسألة ناسي الركعة ان التلبس بصلاة أخرى سهوا ليس من المنافي واحتمال ان عليه العدول إلى الاحتياط مع بقاء محله مدفوع بمخالفة العدول للأصل
ووجوب الاقتصار فيه على موارد ثبوته وهي غير المقام وكيف كان فإن لم يتدارك الاحتياط ومضى في صلاته فان كانت مرتبة على الأولى بطلت لعدم احراز
شرطها وهو فراغ الذمة من سابقتها والا بنى على مسألة الضد والمختار فيها الصحة بل قد يشكل الحكم بالبطلان في المترتبين أيضا نظرا إلى أن الترتب شرط
لدى التذكر فمتى شرع في اللاحقة بزعم الفراغ من سابقتها ولم يتفطن الا بعد الفراغ أو بعد ان تجاوز محل العدول لم تبطل اللاحقة وفيما نحن في بعد ان
بنينا على عدم جواز العدول فهو بحكم ما لو لم يتذكر الا بعد تجاوز محله بل قد يشكل جواز رفع اليد عنها لتدارك الاحتياط لما فيه من قطع الفريضة اختيارا
ولا يعارضه ان الاخلال بالاحتياط أيضا اخلال بالسابقة التي هي متقدمة عليها في الرتبة لان مانعية هذه الصلاة عن فعل الاحتياط الذي
يتدارك به النقص الذي يحتمله في السابقة غير معلومة واشكل من ذلك ما لو كانت الثانية فريضة غير مترتبة على السابقة كالخسوفين بل قد يقوى هيهنا وجوب
المضي فيها وتدارك الاحتياط بعدها وان كان الأقوى خلافه فان ما دل على حرمة قطع الصلاة لا يتناول ما إذا اشتغلت ذمته بواجب مضيق كما عرفته في محله و
الاحتياط واجب مضيق إذ لا خلاف على الظاهر في وجوبه فورا كما لعله هو المنساق من أدلته فلا يعارضه حرمة قطع الصلاة فوجوب رفع اليد عن الثانية
وتدارك الاحتياط خصوصا في المترتبتين ان لم يكن أقوى فهو أحوط ولكن هذا فيما إذا لم يكن تدارك الاحتياط مزاحما للثانية في وقتها المختص بها واما لو كان كذلك
بان يكون تداركه مانعا عن ادراكها في الوقت ولو بادراك ركعة منها فلا شبهة في وجوب المضي فيها وعدم صلاحيته وجوب الاحتياط لمزاحمتها في هذا الوقت
وهل يكون الفصل بها مانعا عن صحة الاحتياط وجهان مبنيان على مسألة الفصل بالمنافي فليتأمل ويظهر بالتدبر فيما أسلفناه حال ما لو ذكر في أثناء صلاة
ان عليه قضاء جزء من سابقتها حيث إنك عرفت ان الأظهر ان الأجزاء المنسية التي وجب قضائها بعد الصلاة غير باقية بصفة الجزئية الحقيقية على أوجه
يعتبر فيها الاتصال بسائر الاجزاء بحيث يكون الفصل بالمنافي مانعا عن صحتها ويكون تفريغ الذمة عنها شرطا في جواز الدخول في اللاحقة فليس اشتغال
الذمة بها مانعا عن المضي في الصلاة التي تلبس بها الا من حيث فوريتها وهي في مثل المقام غير مسلمة لان مستندها ان كان الاجماع فهو ان تحقق ففي غير مثل
الفرض وان كان الاخبار فلا يكاد يفهم من الروايات التي ورد فيها الامر بقضاء السجدة أو التشهد ارادته فورا حتى حال كونه مشغولا بصلاة ونحوها كما لا يخفى
فالأظهر ان عليه المضي في صلاته وقضاء الجزء المنسي بعد الفراغ من الصلاة وهكذا الكلام في سجود السهو لو ذكره في أثناء صلاة والله العالم ومنها
انه لو نقلب شكه في أثناء الاحتياط أو قبله إلى شك اخر كما لو كان شاكا فيما يوجب الركعتين مثلا فانقلب شكه إلى ما يوجب الواحدة فهل هو بحكم ما لو صار
كذلك بعد الفراغ من الاحتياط فلا يلتفت إلى شكه الطاري لكونه شكا في الشئ بعد الفراغ من العمل أو انه بحكم ما لو صار كذلك في صلاة الأصل قبل ان يسلم
فيعمل بموجب شكه اللاحق فيقتصر في المثال على ركعة واحدة كما أنه لو فرض عكس هذا المثال بان كان شاكا فيما يوجب الركعة فانقلب إلى ما يوجب الركعتين وجب
عليه ان يتمه ركعتين لو لم يكن اثباته من جلوس والا فيلغيه ويأتي بركعتين من قيام كما هو وظيفة الشاك بين الاثنتين والأربع وجهان أوجههما الثاني فان ما
دل على في لاعتناء بالشك في الشئ بعد الخروج منه لا يتناول مثل هذا الخروج الذي اختاره لا لزعم الفراغ بل تعبدا صونا للصلاة من أن يلحقها زيادة بفعل
ما يحتمل كونه تتمة لها فما لم يتحقق الفراغ من الاحتياط لا يعلم بحصول الفراغ من الصلاة فضلا عن أن ينصرف إليه ما دل على في لاعتناء بشكه ودعوى ان ما دل
على الاعتناء بالشك قبل الفراغ من الشئ أيضا منصرف عن مثله مدفوعة بان هذا على وفق الأصل غير محتاج إلى الدليل فالشاك بين الاثنتين والأربع مثلا وجب
ان يعمل بموجب شكه بحيث يقطع بفراغ ذمته من الصلاة الا ان يدل دليل على كون شكه ملغى وهو مفقود في الفرض نعم كون العمل بالاحتياط موجبا للقطع
بتفريغ ذمته مبني على استفادته من اخبار الاحتياط ولو بتنقيح المناط أو بالتقريب الذي عرفته في حكم من ذكر النقص في أثناء الاحتياط فليتأمل فما ذكره
شيخنا الأكبر قدس سره في نجاة العباد من أنه لو كان شاكا فيما يوجب الركعتين مثلا فانقلب شكه إلى ما يوجب الواحدة في أثناء الاحتياط أو بعد الفراغ
منه لم يلتفت وأتم ما في يده نافلة في الأول انتهى لا يخلو من نظر مع أن هذا لو تم فإنما يتم فيما إذا انقلب شكه السابق بين الاثنتين والأربع إلى الثلاث و
الأربع لا إلى الاثنتين والثلاث كما نبه على ذلك شيخنا المرتضى رحمه الله في هامش الكتاب فإنه يندرج حينئذ في مسألة تذكر النقص في أثناء الاحتياط ولكن
النقص الذي ذكره مردد بين ركعة وركعتين فعلى ما اخترناه في تلك المسألة يجعل ما بيده من الاحتياط رابعة لصلاته ثم يحتاط بركعة من قيام أو ركعتين
من جلوس ومع التعذر يلغي الاحتياط ويعمل بوظيفته من الاتيان بركعة بانيا على أنها رابعة ثم الاحتياط والله العالم * (المسألة الرابعة) *
من سهى في سهو لم يلتفت وبنى على صلاته وقد اشتهر في السنة الفقهاء حتى نسب إلى جميعهم انه لا سهو في سهو والأصل في هذا الحكم ما عن الشيخ في الصحيح
أو الحسن عن حفص البختري عن أبي عبد الله عليه السلام قال ليس على الامام سهو ولا على من خلف الامام سهو ولا على السهو سهو ولا على الإعادة إعادة و
عن الصدوق باسناده عن إبراهيم بن هاشم في نوادره انه سئل أبا عبد الله عليه السلام امام يصلي بأربع نفر أو بخمس فيسبح اثنان على أنهم صلوا ثلاثا ويسبح ثلاثة
575

على أنهم صلوا أربعا يقول هؤلاء قوموا وهؤلاء اقعدوا والامام مائل مع أحدهما أو معتدل الوهم فما يجب عليهم قال ليس على الامام سهو إذا حفظ عليه
من خلفه سهوه باتفاق منهم وليس على من خلف الامام سهو إذا لم يسه الامام ولا سهو في سهو الحديث وعن الكليني عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن
رجل عن أبي عبد الله عليه السلام نحوه والمراد بالسهو في هذه الأخبار على ما يظهر من سياقها الشك بل وكذا في كلمات الأصحاب والمقصود بهذه القضية على الظاهر أنه
لا اثر للشك فيما يوجبه الشك اي في صلاة الاحتياط قال العلامة في محكى المنتهى ومعنى قول العلماء لا سهو في سهو اي لا حكم للسهو في الاحتياط الذي
يوجبه السهو كمن شك بين الاثنتين والأربع فإنه يصلي ركعتين احتياطا فلو سهى فيهما ولم يدر صلى واحدة أم ثنتين لم يلتفت إلى ذلك وقيل إن معناه
ان من سهى فلم يدر هل سهى أم لا لا يعبأ به ولا يجب عليه شئ والأول أقرب انتهى أقول قد أشرنا إلى أن المتبادر من الاخبار بالنظر إلى سائر الفقرات
التي تضمنتها وكذا من كلمات الأصحاب المتعرضين لذكر هذا الحكم بعد بيان الاحتياط انما هو إرادة المعنى المزبور والا فنفس هذه العبارة المشهورة
بنفسها عبارة مجملة قابلة لان يراد منها معاني عديدة فإنه يمكن ان يكون المراد بالسهو في كل من الموضعين معناه المتعارف الذي هو عبارة عن نسيان شئ
ويمكن ان يراد به الشك في الموضعين وان يراد به مطلق السهو الشامل لكلا المعنيين فيهما وان يراد من السهو الأول بعض هذه المعاني ومن الاخر
بعض اخر فيحصل من المجموع تسع صور حاصلة من ضرب الثلاث في الثلاث وعلى كل من هذه التقادير
يمكن ان يكون المراد بالسهو الثاني نفسه من دون حذف مضاف
وحذفه على أن يكون المراد موجبة بالفتح اي صلاة الاحتياط وسجود السهو واما السهو المنفي فالمراد به اثره لا ذاته لان نفي حقيقته غير مستقيم ولكن
أغلب هذه الصور مما لا ينبغي الارتياب في عدم ارادته من النصوص والفتاوي ولكنه ينبغي التعرض لحكمها على حسب ما يقتضيه القواعد فنقول
من شك في شك أو سهو بان تردد في أنه هل كان قد شك في السجود مثلا أم لا أو انه هل تركه سهوا أم لا فإن كان بعد التجاوز عن محل ذلك الشئ
لا يلتفت إلى شكه ويبني على صحة ما مضى وان كان قبل التجاوز عنه فان وجد نفسه بالفعل شاكا في الاتيان بذلك الشئ تداركه والا فلا اثر لكون ذلك
الشئ في السابق مشكوكا ولو مع العلم بكونه كذلك فضلا عن الشك فيه وهكذا الكلام فيما لو علم بحدوث حالة له فيما سبق فشك في كون تلك الحالة
ظنا أو شكا فإنه لو كان بعد تجاوز محل ذلك الشئ يمضي في صلاته ولا يلتفت إلى شكه وان كان قبله عمل على حسب ما يجده بالفعل من نفسه من الشك أو الظن
ولو علم اجمالا بحدوث شك أو سهو ولكن شك في أن متعلق شكه أو سهوه هل هو هذا الشئ أم ذاك وكان له على كل تقدير اثر عملي كما لو شك في أن
المنسي هل هو السجدة أو التشهد مثلا أو ان شكه هل كان بين لاثنتين والأربع أو الثلاث والأربع اندرج في الشك في المكلف به ووجب عليه الاحتياط
وان كان على أحد التقديرين شكه بعد تجاوز المحل دون الاخر فبالنسبة إلى ما تجاوز محله لا يلتفت إلى شكه وبالنسبة إلى ما لم يتجاوز عنه يبنى على عدمه فيتداركه
ولو لم يكن لشكه على أحد التقديرين اثر عملي كما لو تردد سهوه الذي علمه بالاجمال بين القراءة والركوع بعد ان تجاوز محلهما يمضي في صلاته ولا يعتني بشكه
كما تقدمت الإشارة إليه في أوائل المبحث ولو شك في أن شكه الذي كان بين الاثنتين والثلاث مثلا هل كان قبل اكمال السجدتين فتبطل الصلاة أو بعده
فتصح فإن كان بعد الفراغ من الاحتياط لا يلتفت إلى شكه وان كان قبل الاحتياط أو في أثناء الصلاة التفت إلى حالته بالفعل وعمل على حسب ما يجده من نفسه
من الشك ولا يعتني باحتمال كون شكه حادثا قبل الامكان لأنه من هذه الجهة شك في الشئ بعد التجاوز عنه فليتأمل ومن سهى في شك أو سهو بان غفل عن شكه
أو سهوه ولم يرتب اثره عليه كما لو شك في شئ قبل ان يتجاوز محله فغفل عن شكه فمضى في صلاته من غير أن يتدارك ذلك الشئ أو نسي شيئا فذكره قبل
ان يتجاوز محل تداركه ثم غفل عن ذلك ومضى فإن كان ذلك الشئ ركنا استأنف الصلاة وكون الاخلال به مشكوكا على التقدير الأول غير مجد بعد ان كان
تركه موافقا للأصل وقد تنجز عليه التكليف به وتركه سهوا وان كان ذلك الشئ مما يقضي قضاه بعد الصلاة والا فلا شئ عليه ولا يكاد ينسبق إلى
الذهن إرادة شئ من الصور المزبورة من الأخبار المتقدمة كي برفع اليد بها عن مقتضيات القواعد العامة ولو شك فيما أوجبه الشك وهو
أمران صلاة الاحتياط وسجود السهو واما وجوب تدارك الجزء الذي يشك فيه قبل فوات محله فهو ليس من موجبات الشك من حيث هو بل من مقتضيات
الأمر الأول المنجز عليه بحكم الاستصحاب وقاعدة الاشتغال وكيف كان فالشك في موجب الشك اما في أصل وجوده (كما لو شك في أنه هل صلى الاحتياط أم لا أو في شئ من اجزائه وشرائطه أو في عدد ركعاته اما لو شك في أصل وجوده) فمقتضى الأصل عدم فعله وبقاء التكليف
به ولكن قد يشكل ذلك فيما لو حصل هذا الشك بعد حصول المنافي بناء على عدم صحة الاحتياط معه إذ لا يشرع له حينئذ فعل الاحتياط فالتكليف به حينئذ غير باق قطعا
وبدونه لا يحصل الجزم بفراغ الذمة عن الفريضة التي توقف القطع بالفراغ منها على فعل الاحتياط اللهم الا ان يقال إن الشك فيه على هذا التقدير شك في الشئ
بعد تجاوز محله (فلا يلتفت إليه لان محله) على هذا التقدير بعد فعل الصلاة بلا فصل وقد جاوزه ودخل في غيره أو يقال بشمول قوله عليه السلام ليس على السهو سهوا ولا سهو في سهو
لمثله بناء على ما ادعيناه من ظهوره في إرادة نفي اثر الشك فيما أوجبه الشك فهو باطلاقه يعم المقام ولكن يتوجه عليه ان الشك في أصل الوجود خارج عن مصرف
اطلاقه كما يشهد لذلك التدبر في سائر الفقرات التي تضمنتها الاخبار واما اندراج المورد في موضوع قاعدة الشك في الشئ بعد تجاوز المحل فلا يخلو من نظر
خصوصا مع عدم حصول فصل طويل كما لو احدث بعد التسليم ثم شك في أن هذا التسليم هل كان للاحتياط أو لصلاة الأصل فالأحوط في مثل الفرض ان لم يكن أقوى
هو إعادة الصلاة والله العالم واما ان شك في شئ من اجزاء صلاة الاحتياط وشرائطها فمقتضى الأصل وجوب تداركه ما دام في المحل وعدم الاعتناء بالشك
بعد التجاوز عنه كغيرها من الصلوات اللهم الا ان يدعى شمول النص له وهو لا يخلو من تأمل لامكان ان يدعى ان المتبادر منها إرادة الشك في عدد ركعاتها
576

كما في سائر الفقرات مضافا إلى ما تقدمت الإشارة إليه من امكان منع كون تدارك المشكوك من اثار الشك من حيث هو فيشكل رفع اليد عما يقتضيه القواعد بمثل هذه
العبارة المتشابهة بل قد يتأمل في شمولها للشك في عدد سجدتي السهو أيضا نظرا إلى ما عرفت مضافا إلى امكان ان يدعى ان المتبادر من قوله عليه السلام ليس على السهو سهو انه
ليس ما أوجبه السهو الذي هو عبارة عن الاحتياط وسجود السهو موجبا لمثله لان السهو المتعلق به ملغى رأسا ولعله إلى هذا التفسير أومى في الجواهر بقوله ولولا
وحشته الانفراد لأمكن القول بان المراد من النص في لحكم لخصوص كل من السهو والشك في كل من موجبهما فلا يلتفت للشك في موجب الشك ولا للسهو في
موجب السهو خاصة دون الشك في موجب السهو والسهو في موجب الشك فيكون المراد كل واحد بالنسبة إلى مجانسة وكيف كان فشمول النص للشك في
عدد السجدتين لا يخلو من تأمل فالقول بوجوب البناء فيه على الأقل لا يخلو من وجه كما أن المتجه فيما نسي احدى السجدتين أو شيئا من التشهد والتسليم المعتبرين فيهما
تداركه قبل فوات التوالي والإعادة بعده لأصالة بقاء التكليف وعدم حصول الامتثال الا ان يدعى شمول النص له وهو محل نظر كما يظهر وجهه مما مر
ولو زاد سجدة سهوا فلا شئ عليه لأصالة عدم مبطلية الزيادة وقد تلخص مما ذكر ان القدر المتيقن الذي يمكن استفادته من قوله عليه السلام لا سهو في سهو انما هو نفيه
في عدد ركعات الاحتياط لا غير ولكن نفي السهو فيه بنفسه لا يقتضي الحكم بصحته كما يفصح عن ذلك أنه عطف عليه في خبر إبراهيم بن هاشم قوله عليه السلام وليس في المغرب
سهو ولا في الفجر سهو ولا في الركعتين الأولتين من كل صلاة سهو ولا سهو في نافلة الحديث ولكنه يفهم ذلك من المناسبات والقرائن الخارجية كما ربما يؤيده
بل يشهد له ما في الخبر الأول من التعبير عنه بلفظة على الظاهرة في إرادة نفي الوقوع في الكلفة بسبب السهو
وسوقه في عداد ما ليس لسهوه اثر فالمقصود بقوله عليه السلام
ليس على السهو سهو على الظاهر في لاعتناء بالسهو والبناء على صحة صلاته كما يؤيد ذلك فهم الأصحاب وفتواهم فان ظاهر الأصحاب على ما في الحدائق
الاتفاق على في لاعتناء بالشك في صلاة الاحتياط والبناء على المصحح فيبني على الأكثر ما لم يستلزم الزيادة والا فعلى الأقل عدى انه حكى عن المحقق الأردبيلي الميل
إلى البناء على الأقل معللا له بعدم صراحة النص فيه والأصل بقاء شغل الذمة وقد ذكر في الحدائق انما ذكر ذلك على جهة الايراد والمناقشة للأصحاب
والا فهو لم يجزم به حتى يتحقق منه الخلاف ومما يؤيد أيضا إرادة البناء على المصحح لا خصوص الأقل ما تقدمت الإشارة إليه مرارا من أن الشارع لم يعتد
بأصل العدم في ركعات الصلاة رعاية للاحتياط في جانب الزيادة ودعوى ان ذلك انما هو في الركعات الأصلية لا الاحتياطية بعد تسليم أصل الحضر
مدفوعة بان وجه وجوب الاحتياط احتمال وقوعه تتمة للركعات الأصلية فالشك في ركعاته راجع لدى التحليل إلى الشك في الركعات الأصلية التي شرع
الاحتياط لأجل حفظها عن الزيادة والنقصان وهو ينافي جواز الاعتماد على الأصل في الاحتياط وان شئت قلت إن مفاد الأدلة الشرعية على ما تقدمت
الإشارة إليه في مسألة ما لو ذكر النقص في أثناء الاحتياط هو ان الركعات الاحتياطية على تقدير نقص الصلاة في الواقع تقع مكملة لها حقيقة فلو لا حكم
الشارع بأنه لا سهو في سهو لكان مقتضى القاعدة اجراء احكام الشكوك الجارية في الأخيرتين بالنسبة إليها فمن شك بين الاثنتين والأربع وبنى على
الأربع ثم اتى بركعتي الاحتياط فشك في أثناء الاحتياط بين الواحدة والاثنتين كان عليه ان يعامل معاملة الشك بين الثلاث والأربع بالبناء على الأكثر
والاتيان بركعة مفصولة تحرزا عن احتمال الزيادة على تقدير الاتصال كما يدل عليه موثقة عمار الواردة في مقام اعطاء الضابط ولو كان شكه بين الاثنتين
والثلاث لكان عليه ان يعامل معاملة الشك بين الأربع والخمس من التشهد والتسليم وسجود السهو لان شكه في الحقيقة راجع إلى ذلك وتوهم قصور ما
دل على الاحتياط للشك في ركعات الصلاة عن شمول حكم الشك في ركعات الاحتياط لامتناع ان يعم الكلام حكم الموضوع الذي يثبت بنفس هذا
الكلام مدفوع بان موثقة عمار التي هي بمنزلة الأصل في هذا الباب بمنزلة القضية الطبيعية الغير القاصرة عن الشمول مع ما فيه من التصريح بعلة
الحكم المقتضية للاطراد ولكن حكم الشارع بأنه لا سهو في السهو حاكم على ذلك فإنه يدل على أن الشك المتعلق بركعات الاحتياط ملغى شرعا ولا
معنى لالغائه الا عدم ترتيب الأثر الذي لولا هذا الحكم لوجب ترتيبه عليه وهو الاحتياط لدى الشك في النقيصة وسجود السهو عند الشك في (الزيادة ولازمه البقاء على صحة عمله وعدم الاعتناء باحتمال خلل فيه من حيث النقيصة أو) الزيادة
فليتأمل وقد ظهر بما أشرنا إليه من عدم وضوح دلالة النص على حكم ما عدى الشك في عدد ركعات الاحتياط ان المتجه فيما عداه من الفروض والفروع التي
يمكن ارادتها منه فضلا عما لا يحتمل ذلك فيه هو الرجوع إلى مقتضيات القواعد العامة التي تقدمت الإشارة إليها في جملة من الصور المتصورة في المقام فلا يهمنا
الإطالة في ايضاح الجميع مفصلة بعد امكان استفادة حكمها بالتدبر فيما مر هيهنا وفي نظائرها مما أسلفناه في أوايل الباب وكذا إذا سهى اي شك
المأموم لم يلتفت إلى شكه ولكن ليس له البناء على الأقل أو الأكثر بل عول على صلاة الامام وكذا لا شك على الامام إذا حفظ عليه من خلفه بلا خلاف
في شئ منهما على الظاهر في الجملة ويدل عليه مضافا إلى ذلك قوله عليه السلام في خبر حفص المتقدم ليس على الامام سهو ولا عن من خلف الامام سهو
وفي رواية إبراهيم بن هاشم المتقدمة المروية عن الكافي والتهذيب عن يونس عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام ليس على الامام سهوا إذا حفظ عليه من خلفه
سهوه باتفاق منهم وليس على من خلف الامام سهو إذا لم يسه الامام ولا سهو في سهو وليس في المغرب سهو ولا في الركعتين الأوليين من كل صلاة
سهو ولا سهو في نافلة فإذا اختلف على الامام من خلفه فعليه وعليهم في الاحتياط الإعادة والاخذ بالجزم وصحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى
عليه السلام قال سئلته عن رجل يصلي خلف الامام لا يدري كم صلى هل عليه سهو قال لا ومقتضى اطلاق النص والفتوى في لفرق بين كون المأموم
متحدا أو متعددا ذكرا أو أنثى عدلا أو فاسقا بل عن الدرة نسبة الأخير إلى الأصحاب بل مقتضى عموم النص شموله للصبي المميز بناء على شرعية عبادته
577

والاستشكال فيه بكونه من الافراد الخفية وعدم قبول خيرة يدفعه مضافا إلى امكان منع الخفاء بان شمول النص له بالعموم اللغوي لا بالاطلاق كي يضره
الخفاء هكذا قيل ولكن لقائل ان يقول إن كلمة من الموصولة التي استظهر منها العموم انما وردت في الرواية الأخيرة وهي في هذه الرواية استعملت بمعنى
الجمع بشهادة ما بعدها فهذه الرواية قاصرة عن إفادة حكم المأموم المتحد ولو كان عادلا فضلا عما لو كان صبيا واحدا أو امرأة اللهم الا ان يقال إنها تعم
المرأة والصبي على تقدير التعدد فيتم في فرض الاتحاد بعدم القول بالفصل والا لاشكل استفادة حكم المنجد ولو كان رجلا مما عداها أيضا نظرا إلى أن
الصحيحة الأخيرة لا تعرض لها لحال سهو الامام والرواية الأولى وان كانت متعرضة لحال الامام وقضية اطلاقها انه لا سهو عليه أصلا ولكن يجب تقييدها
بالرواية الثانية المقيدة له بما إذا حفظ عليه من خلفه وقد أشرنا إلى أن الموصول في هذه الرواية بمعنى الذين فيشكل حينئذ الرجوع إلى حكم الاطلاق فيما
عدى مورد القيد بعد ان علم أن الاطلاق غير مراد منه اللهم الا ان يقال إن ورود هذه الرواية المقيدة في المتعدد لا يقتضي قصر الحكم عليه وما فيها
من فرض التعدد انما هو لأجل التوطئة لبيان الحكم في صورة الاختلاف كما هو مورد السؤال فليس فيها اشعار باعتبار التعدد وان كان ذلك مفروضا في
موردها فلا تصلح هذه الرواية مقيدة لاطلاق الخبر الأول الا باعتبار دلالتها على اشتراط نفي السهو عن كل من الإمام والمأموم بحفظ الاخر واما
كون المأموم متعددا فلا بل المتبادر من اطلاق نفي السهو عن الامام أو المأموم في الخبر الأول في حد ذاته انما هو ارادته مع حفظ الآخر سواء كان ذلك
الآخر واحدا أم متعددا رجلا أم امرأة كبيرا أم صغيرا فهذا مما لا ينبغي الاستشكال فيه فما عن بعض المتأخرين من في لجواز في الصبي الا إذا أفاد
ظنا فحينئذ يعتمد على ظنه ضعيف الا ان يكون مبنيا على عدم شرعية عبادته فيكون حينئذ متجها إذ لا جماعة
حقيقة على هذا التقدير كي يلحقها احكامها وكذا ما عن
بعض اخر من الاستشكال فيما إذا كان امرأة في غير محله وانما الاشكال في هذه المسألة في مواقع اخر أحدها في تشخيص المراد من السهو والحفظ فقد
اختلفت الكلمات في ذلك فربما نسب إلى المشهور انهم حكموا بأن الظان يرجع إلى المتيقن أو الشاك إلى الظان كما صرح به في المسالك فقال ما لفظه ثم إن كان
الحافظ عالما رجع إليه الآخر وان كان ظانا بخلافه وان كان الحافظ بانيا على ظن رجع الآخر إليه مع الشك خاصة انتهى وهذا بظاهره مشكل فإنه ان
أريد بالحفظ الذي أنيط به الحكم في النص اليقين وبالسهو ما يقابله فلا دليل على رجوع الشاك إلى الظان وان أريد به ما يقابل الشك فلا مقتضى لرجوع
الظان إلى غيره لأنه أيضا حافظ ومتعبد بظنه وكون القاطع احفظ بزعمه غير مقتض لرجوع الظان إليه مع كونه ظانا بخطائه وما ابعد ما بين الحكم
برجوع الظان بالخلاف إلى الحافظ وبين ما حكى عن بعض من الاستشكال في رجوع الشاك إليه ما لم يؤثر حفظه في إفادة الظن نظرا إلى ورود قوله عليه السلام
لا سهو على الامام إذا حفظ من خلفه مجرى الغالب من كونه مورثا للظن فيكون التعويل عليه فإذا لم يفد الظن يشكل الاعتماد عليه ويندفع هذا الاشكال بان
المتبادر من اطلاق النصوص والفتاوي انما هو إرادة اختصاص احكام الشكوك من الاحتياط أو الاستيناف ونحوهما بغير الإمام والمأموم فهي كالنص في
عدم اعتناء كل من الإمام والمأموم بشكه مع حفظ الآخر سواء حصل له الظن بعد الالتفات إلى حفظ الآخر أم لا وكون الغالب حصول الظن ليس
موجبا لصرف العموم إليه لعدم كون هذه الخصوصية على الظاهر ملحوظة في الاطلاق لا لمجرد ظهور الكلام في نفي الطبيعة من دون ملاحظة خصوصيات
الافراد بل لان ملاحظة هذه الخصوصية توجب حمل القضية على كونها سالبة بانتفاء الموضوع وهو خلاف الظاهر إذ المتبادر من النصوص إرادة
نفي اثار السهو عن السهو الصادر من الإمام والمأموم لا بيان انتفاء موضوعها كما يؤيد ذلك مضاف إلى أن ذلك ذكرهم هذا الحكم بالخصوص والا فلو كان
المدار على الظن لم يكن له مزية فالأظهر هو رجوع الشاك إلى الحفاظ مطلقا سواء حصل له الظن أم لا واما الظان بالخلاف فيشكل الغاء ظنه
والتعويل على حفظ الآخر اما أولا فليعد اطلاق اسم الساهي على الظان عرفا لعدم المناسبة إذ السهو لغة بمعنى الغفلة والنسيان قال في القاموس
سهى في الامر كدعا سهو أو سهوا نسيه وغفل عنه وذهب قلبه فهو مقابل الذكر والالتفات لا مقابل العلم فاطلاق على الشاك اما بملاحظة كونه
ناسيا لصورة ما وقع أو باعتبار كونه مسببا عن الغفلة من باب تسمية المسبب باسم سببه ولا علاقة ظاهر بينه وبين الظان عرفا وثانيا سلمنا صحة الاطلاق
ومساعدة العرف عليه ولكن المراد منها في النصوص بحسب الظاهر خصوص الشاك لشهادة سوق الاخبار بإرادة معنى واحد من السهو في جميع فقراتها
وهو فيما عدى هذه الفقرة ليس شاملا للظن جزما مضافا إلى ما تقدمت الإشارة إليه من أن المتبادر منه هو السهو الذي جعله الشارع موضوعا لأحكامه الشرعية
(في سائر الأدلة) بحيث لولا حكم الشارع بنفيه عن الإمام والمأموم لكان حكمهما حال صدور السهو منهما حال غيرهما في كونه موجبا لان يلحقه احكامه من استيناف
الصلاة لو تعلق بالأوليين والبناء على الأكثر لو كان في الأخيرتين إلى غير ذلك من الأحكام الثابتة للسهو والسهو الذي هو موضوع للآثار الشرعية
هو السهو بمعنى الشك لا الأعم منه ومن الظن سلمنا صحة اطلاقه على الأعم كلفظ الوهم وظهور النصوص في ارادته بهذا المعنى ولكن نقول إن
ما دل على اعتبار الظن في عدد الركعات حاكم على مثل هذه الأدلة لكون اعتباره بحسب الظاهر من باب الطريقية كما أشرنا إليه عند بيان حكومتها على
المستفيضة الدالة على أنه ليس في الأوليين وهم وانه يعتبر فيهما الحفظ واليقين فيكون حال ما دل على حجية الظن مع الروايات الدالة على أن الساهي
يعول على حفظ الغير حال ما دل على حجية خبر الواحد مع ما دل على وجوب البناء على اليقين السابق في باب الاستصحاب وقد تقرر في محله حكومة
أدلة الامارات على مثل الأدلة التي اعتبر في موضوعها في لعلم فلاحظ هذا كله مع امكان ان يقال الحكم برجوع كل منهما إلى الآخر في ظاهر
578

النص والفتوى معلق على أن يكون الآخر حافظا أو غير ماه؟ لا على كونه معتقدا الحفظ فإذا اعتقد المأموم خلاف ما يعتقده الامام أو ظن بذلك فهو
يعتقد أو يظن كونه ساهيا فكيف يرجع إليه مع أن الشرط الرجوع إليه احراز كونه حافظا ولا يتوجه علينا النقص بالشاك الذي لا يظن بصحة حفظه إذ لا رأى
للشاك فيحمل حفظه على الصحيح تعويلا على اصالة الصحة في اعتقاده واما مع الظن بالخطأ فيشكل الاعتماد على هذا الأصل إذ لا يساعد عليه دليل
فليتأمل وربما يتمسك لرجوع الظان ان الحافظ بما في الخبر من أن الامام يحفظ أوهام من خلفه بدعوى ان الوهم شامل للظن لا طاقة عليه شرعا ومعنى
حفظه للأوهام ان المأموم يترك وهمه ويرجع إلى يقين الامام فإذا ثبت ذلك فيه ثبت في الاخر لعدم تعقل الفرق مع أنه لا قائل به انتهى وفيه أولا
انا لم نجد في الوسائل وغيره خبرا بهذا المتن ولعله نقل بالمعنى أريد به خبر محمد بن سهل عن الرضا عليه السلام قال الامام يحمل أوهام من خلفه الا تكبيرة الافتتاح
وقد استدل في المستند بهذا الخبر للمدعى بالتقريب المزبور فقال بعد ان ادعى ان الوهم يشمل الظن ما لفظه ومعنى يحمل أوهامهم انهم يتركون أوهامهم
ويرجعون إلى يقين الامام وإذا ثبت الحكم فيه ثبت في العكس أيضا بالاجماع المركب انتهى وفيه ما لا يخفى من البعد بل وكذا الخبر الأول لو ثبت كونه رواية أخرى
فهي أيضا لا تخلو من تشابه كما ستعرفه عند الاستدلال به لعد سجود السهو على المأموم وعلى تقدير تسليم ظهوره فيما ادعى فما دل على حجية ظنه حاكم على مثل
هذه الأخبار كما لا يخفى على المتأمل وقد يقال إنه يمكن الاستدلال له بمرسلة يونس السابقة المشتمل سؤالها على كون الامام مائلا إلى أحدهما أو معتدل
الوهم بدعوى ظهور الجواب في أنه إذا حفظ من خلفه باتفاق منهم رجع إليهم وان كان مائلا وفيه ان صدر الجواب مبني على الاغماض عن مورد السؤال
والتعرض لبيان الموارد التي لا سهو فيها التي منها صلاة الامام مع حفظ المأمومين باتفاق منهم واما مع اختلافهم كما هو مورد السؤال فقد
تعرض لبيانه في ذيل الخبر بقوله فإذا اختلف على الامام (الخ) فالمراد بالسهو المنفي عن الامام في الصدر بحسب الظاهر ليس الا ما أريد منه في سائر فقرائه
وهو الشك بل هذه الفقرة التي وقع فيها التعرض للجواب عن خصوص ما وقع عنه السؤال لم يقصد بها على الظاهر أيضا الا بيان الحكم فيما لو صار
اختلافهم منشا لتحير الجميع وزوال اعتقادهم كما سنوضحه فظهر بما قررناه ان المتجه هو تعويل الظان على ظنه لا على حفظ الغير بقي الكلام في أن المراد
بالحافظ الذي يرجع إليه الشاك هل هو خصوص الجازم أو الأعم منه ممن بنى على ظنه فقد يقال بالأول بدعوى ان الظاهر من الحفظ الموجود في المرسلة
الذي قيدت به باقي الأخبار المشتملة على نفي حكم السهو العلم اي التذكر لصورة الفعل على سبيل الجزم ودعوى ان الظن بعد ان اعتبره الشارع يكون
بمنزلة العلم ولذا جعلنا الدليل الدال على اعتبار الظن حاكما على ما دل على اعتبار الحفظ في الأوليين مدفوعة بان ما دل على اعتبار ظنه لم يدل
عليه الا بالنسبة إلى نفس الظان دون غيره ممن كلف برجوعه إلى الحافظ اللهم الا ان يدعى ان المتبادر من الامر بالرجوع إلى الحافظ ما كان حافظا بمقتضى
تكليفه ولو بامارة ظنية اي مطلق الحفظ أعم من كونه على سبيل الجزم أو الظن في مقابل الشاك بل قد يقال بأنه لا يمكن إرادة اليقين إذ كيف يعرف
ذلك من الامام أو المأموم مع أنه لا يرى الامام من المأموم ولا المأموم من الامام سوى البناء على الفعل المحتمل كونه مبنيا على الظن فالامر بالرجوع
مع غلبة عدم معرفة الحال دليل على ذلك وأجيب عن ذلك بان أقصى ما يقضي به ذلك أنه لا يجب احراز يقينه باليقين بل يكفي الظن به بل احتماله أيضا تعويلا
على اصالة عدم عروض الشك أو الظن وبقاء صورة ما صدر منه محفوظة لديه وهذا غير كفاية الحفظ الظني في جواز الرجوع إليه ويظهر الثمرة فيما
لو استظهر ذلك من حاله في أثناء الصلاة أو علم به بعدها فالانصاف ان تعويل الشاك على حفظ الظان ما لم يكن موجبا لحصول الظن له كي يكون
اعتماده على ظنه من حيث هو لا على حفظ الاخر لا يخلو من اشكال خصوصا مع ما عن الكافي والتهذيب من ابدال قوله عليه السلام في مرسلة يونس باتفاق منهم
كما عن الفقيه بقوله بايقان منهم فالأحوط ما لم يكن الرجوع إليه موجبا للظن إعادة الصلاة بعد اتمامها أو جبرها بصلاة الاحتياط ان أمكن بان
كان شكه متعلقا بالأخيرتين وكان ظن من رجع إليه موافقا مع البناء على الأكثر والله العالم الثاني من الموارد التي أشكل فيها الأمر هو ان
هذا الحكم هل هو مخصوص بعدد الركعات أم يعم الافعال ففي الجواهر قال ما لفظه ويظهر من صاحب المدارك بل هو المنقول عن جده أيضا بل ربما
تبعه عليه بعض من تأخر عنه انه لا فرق في الحكم بين الافعال والركعات بل نسبه في المدارك إلى الأصحاب وهو لا يخلو من تأمل للشك في شمول الأدلة
له انتهى وهو في محله فان عمدة الدليل عليه هو الاجماع والاخبار المزبورة اما الاجماع فلم يتحقق بالنسبة إلى محل الكلام واما الاخبار فهي أيضا
لا تخلو من قصور اما رواية البختري فهي في حد ذاتها متشابهة وغاية ما يمكن استفادته منها ببعض القرائن الداخلية والخارجية انما هو إرادة للشك
في الركعات كما عرفته في المسألة السابقة واما ما عداها وهي مرسلة يونس وصحيحة علي بن جعفر فموردهما الشك في الركعات والجواب الوارد في المرسلة
وان كان مطلقا فالعبرة باطلاقه لا بخصوصية المورد ولكن ذكره في عداد الأمثلة التي لم يرد منها الا الشك في عدد الركعات بصرفه عن الظهور في العموم
اللهم الا ان يدعى انه يفهم من تعليق نفي السهو على الامام يكون من خلفه حافظا عليه سهوه ان مناط هذا الحكم قيام حفظ المأمومين مقام حفظ
الامام وكذا حفظ الامام مقام حفظ المأمومين فيما يتبعونه من غير فرق بين الركعات واجزائها أو يقال بأنه يستفاد من ذلك حكم الاجزاء بالأولوية
كاستفادة اعتبار الظن في افعال الصلاة مما دل عليه في عدد الركعات والانصاف انه لا بعد في شئ من الدعويين ولكن الأحوط مع عدم حصول الظن؟
تدارك المشكوك ما لم يتجاوز المحل ولم يكن المشكوك مما يوجب زيادته البطلان كالتشهد ونحوه والا فاتمام الصلاة معه ثم الإعادة ولكن هذا كله
579

فيما إذا كان شكه متعلقا بفعل الجميع بحيث يكون حفظ أحدهما امارة على فعل الآخر واما لو كان مستقلا بشكه كما لو احتمل تخلفه عن الامام فيما شك
فيه فعليه العمل بوظيفته من حيث هو سواء كان في عدد الركعات أو اجزائها فلو شك في عدد ركعاته لأجل الشك في لحوقه بثانية الامام أو ثالثته
مثلا أو شك في الركوع مثلا قبل تجاوز المحل أو شك في الأذكار التي ليس فعله تابعا لفعل الامام مع علمه بفعل الامام أو شكه في ذلك أيضا و
احتمال تخلفه عنه على تقدير الفعل عمل بموجب شكه اخذا بعموم أدلة الشكوك السليمة عن ورود دليل حاكم عليها ثالثها ما لو وقع الاختلاف
بين المأمومين أو بينهم وبين الامام في الحفظ أو كان بعض المأمومين حافظا وبعضهم شاكا فههنا صور وقد عرفت فيما سبق ان الأظهر عدم
رجوع الظان إلى المتيقن فضلا عن رجوع المتيقن إلى المتيقن بخلافه أو الظان إلى الظان وما عن بعضهم من أنه لو قيل في المتيقنين أو الظانين
بوجوب متابعة المأموم للامام كان له وجه فمما لا ينبغي الالتفات إليه خصوصا في المتيقنين إذ لا وجه لجواز ترك ركعة أو زيادتها مثلا عمدا تبعا لامام
يعتقد ببطلان صلاته لذلك وهل يجب عليه من حين العلم بمخالفة اعتقاد الامام (لاعتقاده) في حفظ عدد الركعات على سبيل الجزم أو الظن ان ينفرد أم
يجوز له البقاء على الايتمام إلى أن يصل محل الافتراق وجهان من أن المأموم إذا أدرك باعتقاده خطأ الامام رأى أن الامام عازم على أن يصلي
الظهر مثلا ثلاثا أو خمسا خطأ فما يأتي به لا يقع صحيحا كي يصح الايتمام به ومن أن العزم على القطع على الثلاث بزعم حصول الفراغ به وكونه رابعة
وكذا العزم على الاتيان بالخامسة بزعم الحاجة إليها ووقعوها رابعة للظهر لا يؤثر في بطلان ما صدر منه مقرونا بهذا العزم ما لم يتحقق منه زيادة
الركعة أو نقصها ولذا لو تبين خطائه قبل تحقق الزيادة أو النقيصة الغير القابلة للتدارك لا يقدح ذلك في صلاته إذ لا اثر لهذا القصد الذي نشأ
خطأ في انقلاب ما اتى به بقصد الجزئية للظهر التي هي أربع ركعات عن وقوعه بهذا الوجه الذي هو مناط صحته فما لم يعرضه البطلان لا مانع عن بقاء
المأموم على ايتمامه إلى أن يصل محل الافتراق ثم ينفرد ويعمل على حسب تكليفه وهذا الوجه لعله أوجه ولكن الأول أحوط وكذا لا رجوع لأحدهما إلى
الآخر فيما لو كان كلا منهما شاكا في اتحاد شكهما كما لو شكا جميعا بين الثلاث والأربع مثلا فعلى الجميع
العمل بموجب ذلك الشك واما لو اختلفا في
نوع الشك فإن لم يكن بينهما رابطة اي قدر مشترك بينهما في كونه طرقا لشكه كما لو شك أحدهما بين الاثنتين والثلاث والآخر بين الأربع والخمس
انفرد كل منهما بحكم شكه حيث إن كلا منهما قاطع بخطأ الآخر فلا يصح رجوعه إليه واما ان كان بينهما رابطة كما لو شك أحدهما بين الاثنتين والثلاث
والآخر بين الثلاث والأربع فربما نسب إلى المشهور الحكم برجوعهما إلى الرابطة وهي الثلاث في المثال المزبور لأنهما متفقان في تجويز الثلاث والامام
موقن بأنها ليست برابعة والمأموم موقن بأنها ليست بثانية أو بالعكس فيرجع كل منهما إلى يقين الآخر فيتعين عليهم اختيار الثلاث فيبنون عليها
ويتمون الصلاة من غير احتياط ولا فرق في ذلك بين كون الشكين أو أحدهما موجبا للبطلان كما لو كان في عدد المغرب أو كان شاكا بين الاثنتين
والثلاث والآخر بين الثلاث والخمس وبين عدمه كما في المثال المفروض بل ولا بين كون الرابطة عددا معينا كما في المثال أو كونها شكا كما لو شك
المأموم بين الاثنتين والثلاث والأربع والامام بين الثلاث والأربع إذ يسقط حكم الاثنتين عن المأموم برجوعه إلى يقين الامام بأنها
ليست بثانية ويرجع شكهما معا بين الثلاث والأربع وربما تأمل غير واحد في الرجوع إلى الرابطة في الصور المزبورة بل ربما نسب إلى القيل التصريح
بعدمه وانفراد كل منهما بشكه لخروج مثل هذه الفروض عن منصرف النصوص فيشكل رفع اليد عن عمومات أدلة الشكوك ابطالا أو حكما بتخريج
غير ظاهر من النصوص والفتاوي بل الظاهر من قوله عليه السلام إذا لم يسه الامام وإذا حفظ من خلفه حفظ عدد الصلاة غير غافل عنها لا انه حافظ قدرا
مشتركا وان كان ساهيا بالنسبة إلى شئ اخر بل بناء الامام على الثالثة في المثال لم يكن ليقين منه ولا ليقين من المأموم فكونها ثالثة غير محفوظ (منهما) اللهم
الا ان يقال إن انصراف النصوص عن مثله بدوي منشأه ندرة الوجود والا فمقتضى المناسبة بين الموضوع والحكم إرادة نفي السهو عن الامام فيما حفظ عليه
من خلفه مطلقا وكذا رجوع الامام فيما لو يسه مطلقا فكونها ثالثة وان لم يكن محفوظا لكل منهما ولكن عدم كونها ثانية محفوظ لأحدهما وعدم
كونها رابعة محفوظ للاخر ولذا لا يتوقف أهل العرف في استفادته من النص بعد الالتفات إليه وهو لا يخلو من وجه إذ الحكم ليس تعبديا محضا كي يقتضي
الجمود على منصرف اطلاقه وربما أورد أيضا على القول بالرجوع إلى الرابطة بالنقض بما إذا لم يكن بينهما رابطة فان مقتضى ما ذكروه وجها للرجوع من
كون كل منهما حافظا لسهو الآخر بالنسبة إلى مورد الآخر هو انه فيما لو شك أحدهما بين الاثنتين والثلاث والآخر بين الأربع والخمس ان يبني الأول على الثلاث
والآخر على الأربع إذ الشاك بين الأربع والخمس كما أنه حافظ للأربع حافظ للثلاث أيضا في ضمن الأربع وكذا الشاك بين الاثنتين والثلاث موقن بنفي
الخامسة في ضمن يقينه بعدم زيادته على الثلاث وتخطئه كل منهما الآخر في بعض ما حفظاه لا يقتضي الغاء حفظهما رأسا وفيه انه لو كان لكل منهما حفظ مستقل
متعلق بخصوص ما يحتمله الآخر لكان للنقض المزبور وجه ولا يجب ان يكون الشاك بين الأربع والخمس موقنا بالثلاث كذلك فمن الجائز ان يكون يقينه بالثلاث
في ضمن الأربع بحيث لو زال يقينه بالأربع لم يكن له يقين بالثلاث فكيف يصح للشاك بين الاثنتين والثلاث ان يعول على اليقين الضمني الحاصل للاخر في
ضمن اليقين بالأربع الذي عليم بخطائه مع أنه لا بعلم ببقاء هذا اليقين لنفس من رجع على تقدير انكشاف خطاه في الاعتقاد بالأربع لديه فتدبر وان تعدد
المأمومون فاما ان يكون الجميع شاكين أو حافظين متفقين فيما حفظوه أو مختلفين أو كان بعضهم شاكا وبعضهم حافظا اما إذا كان الجميع حافظين متفقين
580

رجع الامام في شكه إليهم كما هو صريح مرسلة يونس وان كانوا في الحفظ فبعضهم يزعم أنهم صلوا ثلاثا والآخر أربعا عمل كل منهما على ما يراه والامام
بموجب شكه لعدم تمكنه من الرجوع إلى حفظ من خلفه بعد حصول المعارضة مضافا إلى شهادة المرسلة المتقدمة التي وقع فيها السؤال عن مثل الفرض
بذلك وان كان الجميع شاكين فإن كان الامام حافظا رجوا إليه كما هو واضح وان كان الامام أيضا شاكا وكان شك الجميع متحدا بالنوع كأن كان شك
الجميع بين الثلاث والأربع مثلا عملوا بموجبه كما عرفت وان كان شك المأمومين متحدا بالنوع ومختلفا مع شك الامام فإن كان بينهما رابطة رجعوا
إلى الرابطة على المشهور وان لم يكن بينهما رابطة انفرد كل بحكم شكه وان اختلف شك المأمومين وكان شك بعضهم متحدا بالنوع مع شك الامام كما لو
شك بعض المأمومين بين الاثنتين والثلاث وبعض آخرين الثلاث والأربع والامام أيضا بين الثلاث والأربع رجع الشاك بين الاثنتين والثلاث في
نفي احتمال الاثنتين إلى حفظ الامام بناء على المشهور من الرجوع إلى الرابطة وكذلك الامام يرجع إلى هذا البعض في نفي احتمال الأربع فيبني على الثلاث
بناء على ما ستعرف من أن الأظهر عدم اعتبار حفظ الجميع وكفاية حفظ البعض في رجوع الامام إليه واما البعض الآخر الموافق له في شكه فيشكل رجوعهم
إلى الرابطة إذ لم يدل دليل على كون حفظ بعض المأمومين مرجعا لغير الامام وصيرورة الامام بالرجوع إلى ذلك البعض بمنزلة الحافظ لا يجدي في
جواز رجوع الشاك إليه لان ذلك مشروط بعدم سهو الامام وصيرورته بالرجوع إلى الغير بحكم الحافظ مشروط بكونه بنفسه ساهيا اللهم الا ان
يقال إن قوله عليه السلام ليس على الامام سهو إذا حفظ عليه من خلفه حاكم على ما دل على اشتراط عدم سهوه في رجوع المأموم إليه فليتأمل ولو كان شك
الامام مختلفا مع الجميع كما لو شك أحد المأمومين بين الاثنتين والثلاث والآخر بين الأربع والخمس والامام بين الثلاث والأربع رجع كل من المأمومين
إلى الرابطة بينه وبين الامام فان الامام حافظ عليهما انه ليس بأقل من الثلاث ولا بأكثر من الأربع والامام يعمل بموجب شكه فإنه وان كان بينه وبين كل
من المأمومين رابطة ولكن حفظ المأمومين بالنسبة إليه متعارضان نعم لو كان بينه وبين بعض المأمومين رابطة دون بعض رجع الامام
وهذا البعض إلى الرابطة وانفرد البعض الآخر بحكم شكه كما لو شك أحدهما بين الواحدة والاثنتين والامام بين الاثنتين والثلاث والمأموم الآخر
بين الأربع والخمس لا يقال إن المأمومين المختلفين في الشك من غير رابطة بمنزلة الحافظين المختلفين في الحفظ فعلى الامام الانفراد بحكم شكه وعدم الاعتماد على
حفظ أحدهما لأنا نقول الشاك الذي لا رابطة بينه وبين الامام يعتقد الامام بخطائه فلا يرى حافظا لسهوه بل يراه بنفسه ساهيا فوجوده لديه
كالعدم وانما الحافظ عليه سهوه الذي يمكن ان يكلف بالرجوع إليه ليس الا ما كان بينهما رابطة وبهذا ظهر لك ان الحكم بانفراد الامام بحكم شكه في
صورة اختلاف المأمومين في الحفظ انما يتجه فيما لو وقعت المعارضة بين حفظهم واما لو علم الإمام بخطائه بعضهم فعليه الرجوع إلى حفظ الآخر الذي لا
يعلم بخطائه كما لو كان الامام شاكا بين الاثنتين والثلاث واحد المأمومين موقن بالاثنتين أو الثلاث والاخر موقن بالأربع فحيث ان الامام يعتقد
بخطائه الموقن بالأربع لا يعتني بحفظه بل يرجع إلى حفظ الآخر السالم بنظره عن المعارض ولو كان الامام شاكا وبعض المأمومين حافظا وبعضهم
شاكا ففي الحدائق قال في هذه الصورة ما لفظه والأشهر الأظهر رجوع الامام إلى الموقن من المأمومين ورجوع الشاك من المأمومين إلى الامام
الا ان مقتضى مرسلة يونس المتقدمة عدم رجوع الامام إلى المأمومين مع اختلافهم وعدم متابعة المأموم للامام والحال كذلك قال بعض مشائخنا
المحققين من متأخري المتأخرين ويمكن حملها على أن المراد بقوله إذا حفظ عليه من خلفه بايقان أعم من يقين الجمعي بأمر واحد ويقين بعض مع عدم معارضة
يقين آخرين وحمل قوله فإذا اختلف على الامام من خلفه على الاختلاف في اليقين وبالجملة يشكل التعويل على المرسلة المزبورة لضعفها مع معارضة
النصوص المعتبرة وان كان الاحتياط يقتضي العمل بما قلناه ثم اعاده الجميع) لا سيما مع نسخ الفقيه من قوله باتفاق منهم انتهى أقول ما ذكره هذا البعض في توجيه
الرواية وجيه بل بعد الالتفات إلى ندرة الاطلاع بل تعذره أو تعسره مع كثرة المأمومين على حفظ جميعهم خوصا في أثناء الصلاة لا ينبغي الارتياب
في في رادة اعتبار اليقين من الجميع بل الظاهر أن المراد من قوله عليه السلام باتفاق منهم كما عن الفقيه في مقابل اختلافهم في الحفظ كما هو مورد الخبر والمنساق
إلى الذهن ارادته من قوله فإذا اختلف (الخ) لا الأعم منه ومما لو كان بعضهم حافظا وبعضهم غير حافظ كما أن الظاهر أنه على تقدير كونه بلفظ ايقان
منهم كما عن الكافي والتهذيب أريد منه ما يقابل الحفظ الظني لا اعتبار قيام وصف اليقين بكل واحد واحد منهم بل كون من خلفه حافظا على سبيل
الجزم واليقين وا كان واحدا والاتيان بصيغة الجمع للجري مجرى الغالب من تعددهم أو كون المفروض في المورد المتعدد والا فلا يعتبر تعدد
المأموم جزما ومع تعددهم لو كان بعضهم شاكا وبعضهم موقنا فليس شك ذلك البعض معارضا ليقين الآخر كي يكون مانعا عن الرجوع إلى حفظ
الموقن بل حاله حال ما إذا لم يكن ذلك البعض مأموما وكون وجوده مانعا تعبديا محضا بعيد لا يكاد يفهم ارادته من النص تنبيهات الأول
كل مورد حكمنا بعدم رجوع بعض من الامام أو المأموم إلى حفظ الآخر انما هو فيما إذا لم يكن حفظ الآخر موجبا لحصول الظن لشاك والا فعليه
العمل بظنه من اي سبب حصل كما عرفته فيما تقدم الثاني قوله عليه السلام في ذيل مرسلة يونس التي وقع فيها السؤال عن امام يصلي بأربعة
أنفس أو خمسة أنفس وقد اختلف مامومية في حفظ عدد الركعات فإذا اختلف على الامام من خلفه فعليه وعليهم في الاحتياط الإعادة والاخذ
بالجزم بظاهره مناف لجملة مما ذكرنا في حكم صور الاختلاف فإنه بظاهره يدل على أنه متى اختلف المأمومون في عدد الركعات وجب على الجميع إعادة الصلاة
581

وهذا مما لا يمكن الالتزام به فإنه على الظاهر مخالف للاجماع وساير الأصول والقواعد الشرعية التي لا يمكن الخروج عنها بمثل هذه الرواية فان اختلاف
المأمومين ليس موجبا لبطلان صلاتهم ولا لبطلان صلاة الامام خصوصا مع ما في السؤال من التعميم لصورة ما لو كان الامام مائلا إلى أحدهما
فعلى كل منهم العمل بما يعتقده أو يظنه فلا مقتضى لإعادة الجميع اللهم الا ان تنزل الرواية على جريها مجرى العادة من صيرورة الاختلاف موجبا لعروض
الشك للجميع وعلى هذا أيضا لا يتجه الحكم بالإعادة على الاطلاق بل لو كان شكهم فيما عدى الأخيرتين الا ان يلتزم بجواز الإعادة لدى الشك في الأخيرتين
أيضا وكون الجبر بصلاة الاحتياط من باب التوسعة والتسهيل ولكنه خلاف المشهور وكيف كان فيشكل الاعتماد على هذه الفقرة من الرواية ولكن
نقل عن بعض نسخ الفقيه انه رواها بتقديم العاطف على قوله في الإعادة فقال فعليه وعليهم في الاحتياط والإعادة الاخذ بالجزم ولعل هذا هو
الصحيح ومعناه حينئذ على الظاهر أن على الامام وعلى كل من المأمومين في صورة اختلافهم ان يعمل كل منهم على ما يقتضيه شكه أو يقينه من الاحتياط والإعادة
حتى يحصل له الجزم ببراءة الذمة كما هو مقتضى الأصول والقواعد فينطبق حينئذ على ما قدمناه من الفروع وليس كلامه عليه السلام مقصورا على الحكم المسؤول عنه
حتى يقال إنه لا يلزم الإعادة في الصورة الذكورة على أحد منهم بل هو حكم عام يشمل جميع صور الاختلاف بين الجميع فيشمل ما إذا شك الامام أو بعض
المأمومين بين الواحدة والاثنتين وكذا غيره من الصور التي يجب فيها الإعادة كمالا يخفى ويمكن توجيه ما حكى عن الكافي والتهذيب من اسقاط العاطف
بارجاعه أيضا إلى هذا المعنى بل لعل هذا هو الظاهر منه بعد التأمل إذا الظاهر أنه عليه السلام بعد ان بين انه ليس على الامام سهو إذا حفظ عليه من خلفه
باتفاق منهم وليس على المأموم سهو ما لم يسه الامام أراد ان ينبه على أنه على تقدير اختلاف المأمومين في الحفظ لا يرجع أحد منهم إلى الآخر بل
كل يعمل على حسب تكليفه من حيث هو فقوله عليه السلام فعليه وعليهم في الاحتياط يعني في حكم السهو الذي هو الاحتياط وتحصيل القطع ببراءة الذمة
الإعادة والاخذ بالجزم الذي هو عبارة عن البناء على الأكثر وصلاة الاحتياط اي الاستقلال بحكم شكه لا رجوع بعضهم إلى بعض وكون المفروض
في المورد عدم شك المأمومين بل اختلافهم في الحفظ غير مناف إذ لا يجب مع اختلافهم ان لا يوجد شاك فيما بينهم والمقصود بهذا الحديث اعطاء
الحكم على سبيل الكلية وبيان ان سهو الإمام والمأموم في هذه الصورة غير ملغى فكل منهم يجب عليه ان يعمل في الاحتياط الموجب للقطع بتفريغ
ذمته ما يقتضيه تكليفه من الإعادة والاخذ بالجزم فيفهم من ذلك تكليف الموقن من غير حاجة إلى التصريح به لكونه اخذا بالجزم من غير حاجة إلى الإعادة
أو البناء على الأكثر فليتأمل الثالث كلما ذكرناه من الاحكام لسهو الامام أو المأموم انما هو للسهو بمعنى الشك
واما السهو بالمعنى
المتعارف فهو اما ان يختص بالامام أو بالمأموم أو يشتركان فيه اما الأول فلا اشكال بل لا خلاف على الظاهر في جريان جميع الأحكام المتقدمة
سابقا بالنسبة إلى المنفرد عليه لاطلاق أدلته السالم عن ورود دليل حاكم عليها فإذا سهى عن ركن زيادة أو نقيصة بطلت صلاته أو سهى عن شئ
وهو في المحل تداركه وان تجاوزه وكان مما يقضي قضاه وان كان مما يوجب سجود السهو سجد للسهو وما في بعض العبارات من اطلاق انه لا سهو
على الامام كاطلاق بعض الأخبار يراد منه الشك كما لا يخفى على المتدبر ولكن وقع الخلاف في أنه إذا صدر من الامام ما يوجب سجود السهو عليه
فهل يكون ذلك موجبا للسجود على المأموم أيضا تبعا لسهو الامام فعن الشيخ في المبسوط وكذا عن الوسيلة والسرائر انه يجب على المأموم متابعته
في سجود السهو وان لم يفعل موجبه بل عن المبسوط انه ان سبقه الامام للسجود بنقص صلاته جاء به المأموم بعده بل ذكر انه ان تركه الامام عمدا أو
سهوا وجب على المأموم الاتيان به وصرح أيضا بأنه ان دخل المأموم في صلاة الامام وقد كان قد سبقه بالركعة أو الركعتين فإن كان سهو الامام
فيما قد مضى من صلاته التي لم يأتم بها المأموم فلا سجود للسهو على المأموم وان كان سهوه فيما ائتم به وجب على المأموم ونسب إلى الأشهر بين المتأخرين
بل المشهور اختصاص سجود السهو بالامام وعدم وجوبه على المأموم وهو الأقوى للأصل من غير معارض عدى ما قيل من عموم ما دل على وجوب متابعة المأموم
للامام الممنوع شموله لذلك مع جريانه في بعض الصور المزبورة مما لا يتحقق فيه المتابعة والموثق عن عمار الساباطي قال سئلته عن رجل
يدخل مع الامام وقد سبقه الامام بركعة أو أكثر فسهى الامام كيف يصنع فقال إذا سلم الامام فسجد سجدتي السهو فلا يسجد الرجل الذي دخل معه
وإذا قام وبنى على صلاته وأتمها وسلم يسجد الرجل سجدتي السهو وهذا مع مخالفته للمشهور بين أصحابنا وموافقته للمشهور بين العامة على ما قيل بل عن
المنتهى انه مذهب فقهاء الجمهور كافة لا يبعد جريها مجرى العادة من تبعية المأموم للامام كثيرا ما في سهوه ولذا استدل العلامة به في محكى المنتهى
على وجوب سجود السهو عليه عند حصول سببه وتخصيص الامام بالذكر للجري مجرى الغالب في مقام التعبير فلا يكاد ينسبق إلى الذهن إرادة وجوبه
عليه بلا حصول سببه منه تعبدا من اطلاق النص وكيف كان فلا تنهض هذه الرواية حجة لاثبات المدعى بعد ما عرفت واما إذا اختص المأموم
بالسهو ففي الحدائق قال لا خلاف ولا اشكال في عدم وجوب شئ لذلك على الامام انما الخلاف بالنسبة إلى المأموم في أنه هل يجب عليه الاتيان
بموجب ذلك السهو أم والأشهر الأظهر انه يجب عليه الاتيان بموجبه وذهب الشيخ رحمه الله في الخلاف والمبسوط إلى أنه لا حكم لسهو المأموم هنا ولا يجب
عليه سجود السهو بل ادعى عليه الاجماع واختاره المرتضى رحمه الله ونقله عن جميع الفقهاء الا مكحول انتهى أقول الخلاف ههنا على ما يظهر بالتدبر
في كلام صاحب الحدائق وغيره انما هو فيما يوجبه السهو من سجود السهو وقضاء الأجزاء المنسية واما ما عداهما من أحكام السهو فالظاهر في لخلاف
582

في جريانه عليه فلو أخل بواجب سهوا وذكر قبل ان يتجاوز محل التدارك تداركه وان تجاوز محله وكان ركنا أو زاد ركعة بل ركوعا أو سجدتين في غير ما
استثنى للتبعية بطلت صلاته لعموم أدلتها السليمة عما يصلح لمعارضتها عدى اخبار متشابهة أو معارضة بالأرجح مثل قوله عليه السلام في خبر البختري ليس على الامام
سهوا بناء على أن المراد به السهو بالمعنى المتعارف أو الأعم منه ومن الشك وخبر محمد بن سهل عن الرضا عليه السلام قال الامام يحمل أوهام من خلفه الا تكبيره الاحرام
وعن محمد بن يحيى رفعه عن الرضا عليه السلام نحوه الا أنه قال الا تكبيرة الافتتاح وموثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن رجل سهى خلف الامام بعد
ما افتتح الصلاة فلم يقل شيئا ولم يكبر ولم يسبح ولم يتشهد حتى سلم فقال قد جازت صلاته وليس عليه شئ إذا سهى خلف الامام ولا سجدتا السهو لان
الامام ضامن لصلاة من خلفه اما خبر البختري فقد مر غير مرة الإشارة إلى اجماله وان غاية ما يمكن استفادته من بمعونة القرائن الداخلية والخارجية
انما هو إرادة نفي السهو بمعنى الشك عن كل من الإمام والمأموم مع حفظ الاخر لا مطلقا واما بهذا المعنى بحيث يتناول سائر أحكام السهو فغير
منفي عن الامام جزما فكذا بالنسبة إلى المأموم والا للزم التفكيك بين فقرات الرواية وهو خلاف الظاهر مع أنه لا يناسبه سائر فقراتها كما
تقدمت الإشارة إليه فيما مر واما الخبر المروي عن الرضا عليه السلام فقد قيل فيه أيضا بالاجمال وقبوله للصرف إلى وجوه أحدهما حمل الوهم على
إرادة ما يقابل الجزم واليقين كما يؤيد ذلك شيوع اطلاقه عليه في الاخبار كالمستفيضة الواردة في أنه ليس في الأوليين وهم فيكون المراد بالرواية
انه لا عبرة بشك المأموم في شئ من افعال الصلاة وركعاتها الا في تكبيرة الاحرام التي يتوقف احراز عنوان تحقق الايتمام على احرازها وفيه
ان المنساق إلى الذهن خصوصا بقرينة استثناء تكبيرة الاحرام إرادة منسياته من الأوهام فظاهرها ضمان الامام لكل خلل يتطرق إلى صلاة المأموم نسيانا
بعد تحقق الايتمام حتى نقص الركعة فضلا عن اجزائها نعم لا يتناول ما لو ذكر المنسي قبل فوات محله فتركه لان البطلان حينئذ مستند إلى الترك
عمدا لا نسيانا وهل يتناول الزيادة السهوية فيه تأمل لامكان دعوى انصرافه إلى الترك بقرينة الاستثناء لا مطلق ما يصدر نسيانا بحيث يعلم الزيادة
أو النواقض وغيرها من منافيات الصلاة وثانيها ان يكون المراد من الوهم أعم من الشك والسهو ويكون المقصود بيان فضيلة الجماعة و
فوائدها فإنه لا يقع من الإمام والمأموم سهو وشك غالبا في الركعات (والافعال) لتذكير الامام له وفيه ما لا يخفى من البعد وثالثها ان يكون المراد منه
ما يسهو عنه من الأذكار غير تكبيرة الاحرام إذ ليس فيها ركن غيرها وفيه انه بظاهره يعم الأركان أيضا فتخصيصه بالأذكار يحتاج إلى مخصص مع أنه
في غير الأركان لا حاجة إلى أن يتحمله الامام لعدم كون سهوا الأذكار موجبا للبطلان في المنفرد أيضا اللهم الا ان يراد بذلك استحقاق الأجر والثواب
ببدلية فعل الامام عن فعله وكيف كان فهذا المعنى أيضا مخالفا للظاهر بل الظاهر منه مع قطع النظر عن القرائن الخارجية المانعة عن الاخذ
بظاهره هو المعنى المزبور كما أن هذا المعنى هو الظاهر أيضا من موثقة عمار وان كان مورد السؤال في الموثقة هو نسيان الأذكار الا ان مقتضى
اطلاق الجواب مع ما فيه من التعليل العموم ولا قد يناقض هذا التعليل الذي علل به هذا الحكم ما في بعض الأخبار من التصريح بنفي ضمان الامام
مع ما في بعضها من الإشارة إلى أن القول بالضمان من أقاويل العامة المخالفة للواقع منها خبر زرارة قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الامام يضمن
صلاة القول قال لا وصحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت أيضمن الامام الصلاة قال لا ليس بضامن وصحيحة معاوية بن وهب قال
قلت لأبي عبد الله عليه السلام أيضمن الامام صلاة الفريضة فان هؤلاء يزعمون بأنه يضمن فقال لا يضمن اي شئ يضمن الا ان يصلي بهم جنبا أو على غير طهر
أقول الظاهر أن المقصود بضمان الام الذي وقع السؤال عنه في خبري زرارة وأبي بصير ونسبه السائل في الخبر الأخير إلى هؤلاء هو كونه حاملا
لأوهام من خلفه اي كون صلاته جابرة للخلل الذي يتطرق إلى صلاتهم نسيانا كما يؤمي إليه التعليل الواقع في موثقة عمار فهذه الروايات صريحة
في نفيه وانه لا يضمن شيئا عدى ان يصلي بهم جنبا أو على غير ظهر فكل خلل يتطرق إلى صلاتهم سهوا يلحقه حكمه الا الايتمام بغير المتطهر فان اشتراط
كون الامام متطهرا ضمانه على الامام لا يتطرق من اختلاله خلل إلى صلاة من خلفه ولعل تخصيص الجنابة وفقد الطهارة بالذكر من باب التمثيل
أريد به سائر الأمور المعتبرة في صحة صلاة الامام مما يكون الامام مكلفا باحرازها ويحتمل ان يكون الاستثناء منقطعا فكأنه بعد ان نفي ضمان
الامام استدرك وقال ولكن لو صلي بهم جنبا أو على غير طهر يكون ضامنا لهم اي حاملا لأوزارهم فليتأمل وقد وقع التصريح بنفي ضمان الامام أيضا
في صحيحة زرارة قال سئلت أحدهما عليهما السلام عن رجل صلى بقوم فأخبرهم انه لم يكن على وضوء قال يتم القوم صلاتهم فإنه ليس على الامام ضمان وفي هذه
الصحيحة إشارة إلى أنه كما أن مقتضى الضمان الذي كان متوهما في المقام هو عدم بطلان صلاة المأموم بتطرق خلل إليها كذلك مقتضاه سراية
البطلان من صلاة الامام إلى صلاة المأموم وحيث لا ضمان فلا بطلان في مثل الفرض فتأمل ولا يصح حمل الضمان المنفي في هذه الأخبار على
ارادته في حال العمد كي لا يكون منافيا للخبرين الأولين كما في رواية الحسين بن بشير على ما عن التهذيب أو ابن كثير على ما عن الفقيه عن أبي عبد الله عليه السلام
انه سئله رجل عن القراءة خلف الإمام فقال عليه السلام لا ان الامام ضامن للقرائة وليس يضمن الامام صلاة الذين هم من خلفه انما يضمن القراءة إذ لا موقع
لتوهم ضمان الامام لصلاة من خلفه بالمعنى الذي أريد منه بالنسبة إلى القراءة كي يقع عنه السؤال فالضمان المسؤول عنه في الأخبار المتقدمة بحسب
الظاهر ليس الا بالمعنى الذي جعله في الموثقة علة للحكم بأنه لا شئ عليه إذا سهى خلف الامام فالاخبار بظاهرها متعارضة والترجيح مع الروايات
583

النافية للضمان كما هو واضح مضافا إلى ما تقدمت الإشارة إليه من أن ظاهرهم في لخلاف في جريان سائر أحكام السهو على المأموم فيما عدى سجود السهو
قضاء الأجزاء المنسية اما قضاء الاجزاء فالمشهور فيه أيضا على ما نسب إليهم القول بوجوبه لاطلاق دليله خلاف (خلافا لظاهر المرسلة) لما عن المصنف رحمه الله في المعتبر من القول
بعدمه لعموم الأخبار المتقدمة وفيه ما عرفت مع أن تخصيصها بخصوص قضاء الاجزاء أو سجود السهو تأويل يحتاج إلى دليل فالقول بالوجوب هو الأقوى
واما سجود السهو فقد اختلفت الكلمات فيه فعن بعض نسبة القول بوجوبه إلى المشهور وعن الرياض انه هو الأشهر بين المتأخرين وعن بعض دعوى
الشهرة على خلافه بل عن الخلاف وغيره دعوى الاجماع على في لوجوب وعن كشف الالتباس انه لم يقل بالوجوب الا العلامة وحده وكيف كان
فقد صرح بالوجوب غير واحد من متأخري المتأخرين وهو الأقوى لعموم أدلته مضافا إلى خصوص صحيح عبد الرحمن بن الحجاج قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام
عن الرجل يتكلم ناسيا في الصلاة يقول أقيموا صفوفكم قال يتم صلاته ثم يسجد سجدتين والظاهر أن الرجل مأموم وخبر منهال القصاب قال قلت
لأبي عبد الله عليه السلام أسهو في الصلاة وانا خلف الإمام قال فقال إذا سلم فاسجد سجدتين ولا تهب واستدل للقول بعدم الوجوب برواية حفص البختري
والخبر المروي عن الرضا عليه السلام وموثقة عمار المتقدمات وقد وقع في الأخيرة منها التصريح بأنه ليس عليه شئ إذا سهى خلف الامام ولا سجدتا السهو
وموثقته الأخرى عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن رجل ينسى وهو خلف الامام ان يسبح في الركوع أو في السجود أو نسي ان يقول شيئا بين
السجدتين فقال ليس عليه شئ فإنه بعمومه يشمل سجود السهو ولكن الاستدلال بهذه الموثقة انما يتجه على القول بأنه لكل زيادة ونقيصة وهو
خلاف المشهور على ما ادعاه في الحدائق بل خلاف التحقيق هذا مع عدم صلاحيته لمعارضة الخبرين المتقدمين المصرحين بخلافه واما الأخبار المتقدمة
فقد تقدم ما في الاستشهاد بها من الضعف هذا مع معارضتها في خصوص المقام بالخبرين المتقدمين الذين هما أخص مطلقا من خبري البختري والمروي
عن الرضا عليه السلام ومعارضان للموثقة ولو بضميمة في لقول بالفصل بين الكلام سهوا وبين غيره فالمتجه رد علمها إلى أهله أو حملها على التقية
وما في ذيل خبر منهال أيضا مما يؤيد ذلك لما فيه من الاشعار بكونه معرضا للخوف من حيث مخالفته للعامة ويؤيده أيضا ما حكى عنهم من اتفاقهم مما عدى
مكحول على أنه ليس على المأموم سجود السهو فتلخص مما ذكر ان الأظهر وجوب سجود السهو على المأموم بصدور سببه منه خاصة ولو اشترك السهو
بينه وبين الامام فلا ينبغي الاستشكال في أنه يجب على كل منهما ان يعمل بموجبه وعدم سقوطه عن أحدهما بفعل الآخر ولكن قيل إن المأموم مخير بين اتيانه به
مع الامام بنيه الايتمام وبين الانفراد أقول في الايتمام اشكال إذ لم يثبت شرعيته فيه وما دل على شرعيته في الصلاة قاصر عن شموله لخروجه
منها كما هو واضح ولا حكم للسهو مع كثرته كما صرح به الأصحاب رضوان الله عليهم من غير خلاف يعرف على ما ذكره في الحدائق ويشهد له جملة من الاخبار
منها صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك فإنه يوشك ان يدعك انما هو من الشيطان وعن الفقيه فدعه
مكان فامض في صلاتك ومنها خبر ابن سنان عن غير واحد عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا كثر عليك
السهو فامض في صلاتك وموثق
عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يكثر عليه الوهم في الصلاة فيشك في الركوع فلا يدري اركع أم لا ويشك في السجود فلا يدري اسجد أم لا فقال لا
يسجد ولا يركع يمضي في صلاته حتى يستيقن يقينا وعن الصدوق مرسلا عن الرضا عليه السلام قال إذا كثر عليك السهو فامض على صلاتك
وخبر علي بن أبي حمزة عن رجل صالح عليه السلام قال عن رجل يشك فلا يدري أواحدة صلى أو اثنتين أو ثلاثا أو أربعا يلتبس عليه صلاته قال كل ذلك
قال قلت نعم قال فليمض في صلاته ويتعوذ بالله من الشيطان الرجيم فإنه يوشك ان يذهب عنه وعن الشيخ انه حمل هذه الرواية على النافلة أولا
ثم حمله ثانيا على كثير الشك أقول والثاني أولى كما يؤيده ذيله وحسنة زرارة وأبي بصير أو صحيحتهما قالا قلنا له الرجل يشك كثيرا في صلاته
حتى لا يدري كم صلى ولا ما بقي عليه قال يعيد قلنا فإنه يكثر عليه ذلك كلما أعاد شكه قال يمضي في شكه ثم قال لا تعودوا الخبيث من أنفسكم نقض
الصلاة فتطمعوه فان الشيطان خبيث معتاد لما عود فليمض أحدكم في وهمه ولا يكثر نقض الصلاة فإنه إذا فعل ذلك مرات لم يعد إليه الشك قال
زرارة ثم قال انما يريد الخبيث ان يطاع فإذا عصى لم يعد إلى أحدكم قوله الرجل يشك كثيرا في صلاته (الخ) يعني انه كثيرا ما يعرض للرجل الشك فلا
يجب ان يكون كثيرا الشك كي يكون منافيا للمطلوب ويحتمل أيضا ان يكون المراد الكثرة باعتبار متعلقة بحيث لا يدري كم صلى كما يناسبه اطلاق الحكم بالإعادة
وعن المحقق الأردبيلي قدس سره انه احتمل حمل قوله في صدر الخبر يشك كثيرا على كثرة افراد الشك اي يقع منه الشك كثيرا حتى يبلغ إلى حد لا يعرف عدد ركعاته
ووجهه على ما اختاره في كثير الشك من التخيير بين المضي وعدم الالتفات أو العمل بمقتضى الشك فهو عنده مخير بين العمل بالشك وعدم الالتفات إليه ولذا
امره أولا بالإعادة من باب كونها أحد طرفي التخيير ثم لما بالغ في الكثرة امره بعدم الالتفات إليه وفيه ان هذا الترتيب لا يناسب التخيير اللهم الا ان يلتزم
بان الالتفات إليه قبل حصول المبالغة في الكثرة أولى والا لم يتجه اطلاق الامر بالإعادة مع ما فيها من زيادة الكلفة فلو لم يكن الامر بها للوجوب فلا أقل
من كونه للاستحباب وهو يناقض سائر الروايات الامرة بالمضي لدى حصول وصف الكثرة المشتملة على التعليل الذي يجعله نصا في رجحان في لاعتناء حيث
(تدل على كونه أطلقه للشيطان فلا يصح ان يتعلق به الامر الذي أدنى مراتبه
الاستحباب فالتوجيه المزبور ضعيف واما ما حكى عنه عن القول بالتخيير وكون
الحكم بالمضي من باب التوسعة والتسهيل فهو خلاف ظاهر الأصحاب عدى انه نقل عن
الشهيد في الذكرى انه احتمله حيث)
قال فيما نقل عنه انه لو اتى بعد الحكم بالكثرة بما شك فيه فالظاهر بطلان صلاته لأنه في حكم الزيادة في الصلاة متعمدا الا ان يقال هذا رخصة لقول الباقر
عليه السلام فامض في صلاتك فإنه يوشك ان يدعك الشيطان إذ الرخصة هنا غير واجبة انتهى أقول ولولا مخالفته لظاهر الفتاوي لم يكن الالتزام به بعيدا
584

فان الامر بالمضي الوارد في الاخبار لوروده في مقام توهم الحظر يشكل استفادة الوجوب منه وما فيها من النهي عن تعويد الخبيث والحث على معصيته مشعر
بالكراهة كما لا يخفى على العارف بلسان الاخبار ولكن الجمود على ما يترائى من لفظ الأمر والنهي واتباع الأصحاب فيما يظهر من كلماتهم ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط
ثم إن المراد بالمضي وعدم الاعتناء بالشك كما صرح به غير واحد هو البناء على وقوع المشكوك ما لم يكن مفسدا كما يفصح عن ذلك مضافا إلى أنه هو
المتبادر من الامر بالمضي في شكه لدى تعلقه بفعل ما يجب عليه فعله وقوع التصريح به في موثقة عمار المتقدمة واما لدى الشك في حصول الزيادة فينسى على عدمها
ويمضي في صلاته اي لا يعتني باحتمال طرو المفسد كما يؤمي إليه النهي عن تعويد الخبيث وإطاعته بترتيب اثر الشك ينقض الصلاة مضافا إلى أن المتبادر من
الامر بالمضي في شكه هو الاخذ باحتمال الصحة اي البناء على المصحح فإن كان المشكوك محتاجا إليه يبنى على وقوعه وان كان مفسدا يبنى على عدمه كما لا يخفى
وهل المراد بالسهو المأخوذ في موضوع هذا الحكم خصوص الشك أو الأعم منه ومن النسيان قولان صرح غير واحد بالأول بل عن بعض نسبته إلى الأكثر و
اختار في الحدائق الثاني ونسبه إلى ظاهر الشيخ وابن إدريس وغيرهم بل قال والظاهر أنه هو المشهور وعن صاحب الذخيرة أيضا انه جعل التعميم بالنسبة إلى
كلمات الأصحاب اظهر وادعى انه هو أيضا ظاهر النصوص أقول وفيما استظهره من المشهور نظر فان ظاهرهم على ما يظهر من غير واحد الاتفاق على جريان
سائر أحكام السهو على كثير السهو فيما عدى سجود السهو وخلافهم انما هو في خصوص السجود فالقائل بالتعميم إرادة بالنسبة إلى خصوصه فمن المستبعد تنزيل اطلاق
المشهور المعبرين بأنه لا حكم لمن كثر سهوه على إرادة الأعم مع استلزامه ارتكاب التخصيص في الناسي بخصوص السجود الذي سنشير إلى خروجه عن منصرف هذا الاطلاق
ومن هنا يظهر لك ان حمل السهو الوارد في اخبار الباب على الأعم أو خصوص النسيان لا يخلو من اشكال كما أومى إليه المحدث المجلسي فيما نقله عنه في الحدائق حيث
حكى عن انه بعد ان اختار حمل الاخبار جميعها على الشك قال ما صورته بل الأصوب ان يقال شمول لفظ السهو في تلك الأخبار للسهو المقابل للشك غير
معلوم وان سلم كونه بحسب أصل اللغة حقيقة فيه إذ كثرة استعماله في المعنى الاخر بلغت حدا لا يمكن فهم أحدهما منه الا بالقرينة وشمولها للشك
معلوم بمعونة الاخبار الصريحة فيشكل الاستدلال على المعنى الآخر بمجرد الاحتمال مع أنه حمله عليه يوجب تخصيصات كثيرة تخرجه عن الظهور لو كان ظاهرا
فيه إذ لو ترك بعض الركعات والافعال سهوا يجب عليه الاتيان به في محله اجماعا ولو ترك ركنا سهو أو فات محله تبطل صلاته اجماعا ولو كان غير ركن يأتي
به بعد الصلاة لو كان مما يتدارك فلم يبق للتعميم فائدة الا سقوط سجود السهو وتحمل تلك التخصيصات الكثيرة ابعد من حمل السهو على خصوص الشك لو كان بعيدا
مع أن مدلول الروايات المضي في الصلاة وهو لا ينافي وجوب سجود السهو إذ هو خارج عن الصلاة فظهر ان من عمم النصوص لا يحصل له في التعميم
فائدة انتهى ما نقله في الحدائق عن المجلسي رحمه الله وهو في غاية المتانة وان اعترض عليه في الحدائق بعد ان نقله بما لفظه لا يخفى عليك ان ما ذكره وارد على
من قال بهذه الاجماعات ووافق عليها وجعلها حججا شرعية ومع ذلك كله يقول بالعموم واما من لا يعتبر هذه الاجماعات ولا يجعلها دليلا شرعيا
وانما يعتمد على الروايات ويجعل البحث منوطا بها ومعلقا عليها من غير نظر إلى خلاف أو وفاق فلا ريب ان الحق عنده في المسألة هو ما قدمناه كما قدمناه
في سابق هذا المورد وأوضحناه انتهى وأشار بقوله ما قدمناه إلى ما ذكره سابقا وهو ان اخبار المسألة منها ما ورد بلفظ الشك ومنها ما ورد بلفظ
السهو والقول بالعموم جامع للعمل بالاخبار كملا واما التخصيص بالشك فيحتاج إلى التأويل في اخبار السهو بالحمل على الشك واخراجه عن ظاهر الحقيقة
اللغوية التي هي النسيان وهو يحتاج إلى دليل مع أنه لا ضرورة تلجي إليه ويؤيد ما قلناه ما تشير إليه الأخبار المذكورة من أن العلة في هذا الحكم
هو رفع الحرج والتخفيف على المكلفين لان الإعادة موجبة للزيادة حيث إن ذلك من الشيطان وهو معتاد لما عود وهذا مما يجري في السهو والشك
انتهى أقول انا وان لم نجعل هذه الاجماعات دليلا شرعيا ولكن نراها مانعة عن الاستبداد بالرأي في تشخيص مداليل ألفاظ الرواية التي لا
يختفي على العوام فضلا عن الجم الغفير من العلماء الأعلام فلو كان ظاهر قوله إذا كثير عليك السهو فامض في صلاتك هو إرادة ترك افعال الصلاة
نسيانا أو كان هذا الظاهر مرادا لم يكن يختفي على الأصحاب فعدم فهم الأصحاب منه ذلك كاشف عن عدم ارادته من اللفظ هذا مع أن دعوى ظهور الأخبار الواردة
بلفظ السهو في خصوص النسيان ناشئة من الجمود على ما ينصرف إليه اطلاق لفظ السهو مع الغفلة عن خصوصيات المورد المقتضية لصرفها إلى
إرادة كثرة الشك ككون كثرة الشك هي التي يعم به البلوى ويكون منشأها غالبا الوسوسة التي هي من الشيطان فتكون أولى بالتعرض لحكمها وأنسب
بالتعليل ويكون ترك الاعتناء موجبا لزوالها والاعتناء مؤثرا في ازديادها بخلاف كثرة النسيان فان شدة الاهتمام بتدارك المنسي ونقض
الصلاة وكثرة الإعادة لأجله لو لم تكن مؤثرة في زوال هذا المرض الذي ربما ينشأ من المسامحة فلا أقل من عدم كونها مؤثرة في زيادتها مع ما في ترخيص
الشارع من الاكتفاء بصلاة ناقصة مع العلم بالنقص والتمكن من تداركه من الاستبعاد الموجب لانصراف النص عنه خصوصا بعد الالتفات إلى أن إطاعة
الشيطان التي أنيط بها هذا الحكم في بعض اخباره انما تحصل فيما لو عرضه السهو بعد صدور أصل الفعل أولا امتثالا لامره ثم حصل له التشكيك فيه فأعاده
اعتدادا بشكه مع عدم كونه في الواقع مأمورا به كما هو الغالب في الشكوك الناشئة من الوسوسة دون ما لو تركه نسيانا ثم ذكر فان أصل النسيان و
ان كان من الشيطان ولكن ذكره لم يكن منه وتداركه وقع إطاعة لامره رغما لانف الشيطان وان أبيت عن ذلك كله فعليك بمراجعة العرف فهل ترى
أحد القى إليه هذا الكلام ممن يكثر عليه النسيان انه لو جلس للتشهد بزعم الفراغ من الصلاة فذكر نقص ركعة أو سجدة أو سجدتين يفهم من ذلك ان عليه المضي
585

في صلاته من غير تدارك النقص مع أنه من اظهر مصاديق هذا العموم على تقدير ظهوره في إرادة المعنى المزبور كما لا يخفى فظهر بما ذكرنا انه لا ينبغي التشكيك
في أن الاخبار المزبورة موردها خصوص كثير الشك لا الأعم منه ومن كثير النسيان فضلا عن خصوص الثاني ومن زعم أن المراد به الأعم ولكن لم يلتزم
بمفادها في الناسي الا في سجود السهو فقد أخطأ فان سجود السهو ليس مشمولا للنص كي يكون مقصودا بخصوصه من التعميم كما نبه عليه المحدث المجلسي في ذيل
عبارته المتقدمة إذ لا يفهم من امر الناسي بالمضي في صلاته الا في لرجوع لتدارك المنسي والاكتفاء بالصلاة الفاقدة له في مقام الخروج عن عهدة
التكليف بها واما الآثار الثابتة لنفس النسيان من حيث هو كسجود السهو ونحوه (فهو أجنبي عن مفاد هذا الدليل ولا يقاس ذلك بصلاة الاحتياط التي نلتزم باستفادة سقوطها من الامر) بالمضي في شكه إذ لا معنى للامر بالمضي مع الشك الا الاكتفاء بما
يشك معه في تفريغ ذمته فالمقصود بالامر هو ترك تحصيل الجزم بالفراغ على حسب ما كان يقتضيه قاعدة الاشتغال اما باستيناف الصلاة أو تدارك
المشكوك بالرجوع إليه مع الامكان أو بفعل الاحتياط الذي جعله الشارع مبرء يقينيا لا يقدح معه احتمال الزيادة فهذه كلها من مقتضيات
قاعدة الشغل التي يكون الامر بالمضي في الصلاة مع الشك واردا عليها نعم لا يفهم من الامر بالمضي في شكه سقوط سجود السهو الذي
يوجبه الشك بين الأربع والخمس الا بملاحظة التعليل الواقع في الاخبار حيث يفهم منها ان المقصود بالامر بالمضي ترك الاعتناء بالشك وكون
الاعتناء به إطاعة للشيطان وتعويد الخبيث مع امكان دعوى انصراف دليله عن كثير الشك كما أنه قد يتجه الالتزام بعدم وجوب سجود السهو لكثير النسيان
أيضا لذلك فليتأمل ولو كثر شكه في فعل بعينه كالركوع مثلا جرى عليه حكمه وهل يجري بالنسبة إلى غيره من الافعال والاعداد أو يقتصر عليه فقط
وجهان اختار أولهما غير واحد على ما حكى عنهم للاطلاق المؤيد بالتعليل بان ذلك من الشيطان والأقوى هو الثاني كما صرح به في الجواهر إذ المتبادر
من النصوص انما هو في لالتفات إلى سهوه فيما كثر فيه سهوه وما ذكر من التعليل فهو للثاني أولى كما لا يخفى ولا يجب على كثير السهو ضبط صلاته ينصب
قيم أو بالحصى أو بالخاتم ونحوه للأصل مضافا إلى اطلاق الاخبار الامرة بالمضي في سهوه وما في بعض الأخبار من الامر بالادراج أو التخفيف لكثير السهو
كما في خبر الحلبي قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن السهو قلت فإنه يكثر على فقال ادرج صلاتك ادراجا قلت واي شئ الادراج قال ثلاث تسبيحات في الركوع
والسجود وفي خبره الاخر عن أبي عبد الله عليه السلام قال ينبغي تخفيف الصلاة من اجل السهو أو الامر بالاحصاء بالحصى كما في خبر حبيب الخثعمي قال شكوت إلى
أبي عبد الله عليه السلام كثرة السهو في الصلاة فقال احص صلاتك بالحصى أو قال احفظها بالحصى أريد به على الظاهر الارشاد وبيان ما هو الأصلح بحاله لا
الالزام كما يشهر بذلك التعبير بلفظ ينبغي في الخبر الثاني ونفي الباس في خبر المعلى سئل أبا عبد الله عليه السلام فقال له اني رجل كثير السهو فما احفظ صلاتي
الا بخاتمي أحوله من مكان إلى مكان فقال لا باس به وربما الحق بعض بكثير الشك كثير الظن أو القطع وهو بالنسبة إلى كثير القطع في غير محله إذ لا
يعقل ان يكلف القاطع بالعمل على خلاف ما يعتقد كونه مشروعا في حقه وربما قيده بعض بما إذا علم القاطع بحصول قطعه مما ليس سببا للقطع في
المتعارف وفيه ان علمه بكون قطعه حاصلا من سبب غير عادي لا يجدي في تجويز عقله العمل بما يعتقد مخالفته للمشروع بان تقتصر مثلا في امتثال
الامر بصلاة الصبح التي يعلم بكونها ثنائية على ما يعتقد كونها ركعة أو ثلاث ركعات واما بالنسبة إلى كثير الظن أيضا فلا يخلو من اشكال فإنه
وان أمكن ان يدعى انصراف ما دل على اعتبار الظن في الصلاة عمن خرج عن العادة في ظنه بان حصل له غالبا الظن من أسباب غير مورثة للظن
في المتعارف بحيث لولا كونه كذلك لكان شاكا أو جازما بالعدم ولكن هذا الا يقتضي الحاقه بكثير الشك الذي حكمه المضي في صلاته اخذ باحتمال
الصحة بعد خروجه عن موضوعه عرفا بل عدم حجية ظنه فعليه حينئذ الرجوع في موارد ظنه على ما تقتضيه الأصول والقواعد الجارية في تلك الموارد
فليتأمل ويرجع في تحقيق مسمى الكثرة إلى ما يسمى في العادة كثيرا كما صرح به غير واحد وقيل إن يسهو ثلاثا في فريضة وقيل إن يسهو مرة في ثلاث
فرائض ولكن لم ينقل في المدارك وغيره هذين القولين صريحا عن أحد بل نقلوا في مقابل القول الأول عن ابن حمزة القول بان حده ان يسهو
ثلاث مرات متوالية وهو بظاهره أعم من أن يسهو في فريضة واحدة أو فرائض متوالية وعن ابن إدريس القول بان حده ان يسهو في شئ واحد أو فريضة
واحدة ثلاث مرات أو في أكثر الخمس اي الثلاث منها فيسقط في الفريضة الرابعة فيحتمل ان يكون ما في المتن إشارة إلى هذين القولين من باب
المسامحة (في التعبير) ويمكن ارجاع هذين القولين أيضا إلى الأول بالحمل على إرادة بيان ما به يتحقق مسماه عرفا لا انحصاره في ذلك إذا الظاهر تحققه عرفا بمثل السهو
ثلاثا في فريضة واحدة أو ثلاثا فرائض متواليات أو في أكثر الخمس ما لم يكن ذلك من باب الاتفاق لعوارض خارجية موجبة لتشويش الذهن فيعود النزاع
لفظيا وكيف كان فالأول اظهر إذ العرف هو المحكم فيما لم يرد فيه تحديد شرعي وتحديده بالثلاث في الصحيح عن محمد بن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه السلام
أنه قال وإذا كان الرجل ممن يسهو في كل ثلاث فهو ممن يكثر عليه السهو فهو غير مناف لما ذكر فان سوق الرواية يشهد بإرادة بيان ما يتحقق به مسماة
لا الحصر وما تضمنته ليس منافيا للعرف فإنه وان لا يخلو من اجمال الا ان اظهر ما يحتمل ارادته منه هو ان لا
يسلم من السهو في كل ثلاث صلوات متتالية وهذا مما يتحقق به مسمى الكثرة عرفا سواء اتحد محل سهوه أم اختلف فان غالب الناس قد لا يصدر منهم السهو
في شئ من الفرائض الخمس في أغلب أيامهم كما لا يخفى وحكى عن الشهيد في الذكرى انه احتمل حصول الكثرة بالثانية فقال ويظهر من قوله عليه السلام في حسنة ابن البختري ولا
على الإعادة إعادة ان السهو يكثر بالثانية الا ان يقال يختص بموضع وجوب الإعادة انتهى واعترض عليه في الحدائق بان الأظهر في معنى هذه العبارة هو انه
586

لو صدر منه شك أو سهو موجب لإعادة الصلاة ثم حصل في الصلاة المعادة ما يوجب الإعادة أيضا فإنه لا يبعد ولا يلتفت إليه بل يتم الصلاة ولا
منافاة بينه وبين التحديد بالثلاث الواقع في الصحيحة إذ لا يلزم ان يكون في لإعادة في الصلاة المعادة لحصول الكثرة بل هما حكمان بينهما عموم وخصوص
من وجه أقول ظهور الرواية فيما ذكره غير خفي إذ ليس فيه اشعار بإرادته في كثير السهو الا ان هذا المعنى بظاهره على الظاهر مخالف للاجماع كما أومى
إليه في المدارك حيث قال بعد نقل هذه العبارة وهو كذلك الا اني لا اعلم بمضمونها قائلا ولكن يظهر مما حكى عن المحدث المجلسي الميل إليه فإنه بعد ان نقل ذلك
عنه قال أقول لم نعلم تحقق اجماع على خلافه والرواية المعتبرة دلت عليه فلا مانع من القول به ولذا مال إليه والدي العلامة قدس الله روحه والأحوط
الاتمام والإعادة رعاية للمشهور بين الأصحاب انتهى فكان الشهيد رحمه الله رأى في مكان الاخذ بهذا الظاهر بعد عدم معروفية الفتوى به عن أحد وجهه
بالحمل على كثير السهو واستظهر من اطلاقه حصول الكثرة بالثانية ولا يخفى عليك ان توجيه الرواية بالحمل على كثير السهو وجيه إذ الغالب عدم حصول موجب
الإعادة في المعادة الا ممن يكثر عليه السهو ولكن هذا ينافي التمسك بإطلاقه لاثبات وصف الكثرة بالثانية كما لا يخفى والحاصل انه لا يجوز رفع اليد عن
اطلاقات أدلة الاجزاء والشرائط والأصول القاضية بوجوب تفريغ الذمة عما اشتغلت به يقينا بمثل هذا الظاهر بعد اغراض المشهور وامكان جريه
مجرى الغالب من وروده في كثير السهو والله العالم * (المسألة الخامسة) * من شك في عدد النافلة بنى على الأكثر أو الأقل مخيرا بينهما كما
صرح به غير واحد بل عن المعتبر وغيره دعوى الاجماع عليه وان بنى على الأقل كان أفضل وفي المدارك قال في شرح العبارة ما لفظه لا ريب في أفضلية
البناء على الأقل لأنه المتيقن واما جواز البناء على الأكثر فقال المصنف رحمه الله في المعتبر انه متفق عليه بين الأصحاب واستدل عليه بان النافلة لا يجب بالشروع
فكان؟ للمكلف الاقتصار على ما أراد وهو استدلال ضعيف إذ ليس الكلام في جواز القطع وانما هو في تحقق الامتثال بذلك وهو يتوقف على الدليل
إذ مقتضى الأصل عدم وقوع ما تعلق به الشك انتهى وقال في الحدائق بعد ان نقل عبارة المدارك واستجوده ما لفظه أقول يمكن ان يستدل لأفضلية
البناء على الأقل هنا بما رواه ثقة الاسلام في الكافي مرسلا قال وروى إذا سهى في النافلة بنى على الأقل والظاهر من ايراده هذا الخبر هو تنبيه على الفرق
بين الفريضة والنافلة فان حكم الفريضة كما قدمنا تحقيقه هو البناء على الأكثر مطلقا وما ورد فيها من البناء على الأقل فقد بينا وجهه واما النافلة فان الحكم
فيها هو البناء على الأقل لهذا الخبر واما ما ذكره أصحابنا من جواز البناء على الأكثر فالظاهر أنه لا مستند له الا ما يدعونه من الاتفاق كما سمعت من عبارة
المعتبر انتهى أقول فيما استظهر من الكافي نظر فإنه على ما يظهر من الوسائل والجواهر ان الكليني رحمه الله روى المرسلة المزبورة بعد ان روى عن محمد بن مسلم
في الصحيح عن أحدهما قال سئلته عن السهو في النافلة فقال ليس عليك شئ أو سهو كما عن بعض النسخ فكأنه رحمه الله استظهر من هذا الصحيح ان حكمه المضي
في شكه اي البناء على المصحح وعدم الاعتناء بشكه كما في كثير الشك فقوله بعد ذلك وروى (الخ) مشعر بإرادة التنبيه على عدم تعينه وجواز البناء على الأقل و
كيف كان فقد استدل بعض لجواز البناء على الأكثر بالصحيحة المزبورة وكذا بقوله عليه السلام في حسنة ابن البختري ولا سهو في نافلة إذ الظاهر منه أيضا إرادة عدم
الالتفات إلى سهوه والمضي في صلاته بالبناء على المصحح اي الأكثر الا إذا كان مفسدا فعلى الأقل فيجتمع بينه وبين المرسلة المتقدمة بالحمل على التخيير وقد جعل
بعض الصحيحة المزبورة بنفسها دليلا للتخيير بدعوى ان التخيير لازم للنفي المذكور فيها ضرورة اندراج ما
عداه من البطلان أو تعين الأكثر أو الأقل في المنفي
على النسختين سيما الأولى منهما لصدق وجوب شئ حينئذ عليه وكونه حكما للسهو ويمكن الخدشة في الاستدلال بالصحيحة من أصله بأنه لا شاهد فيها على إرادة
الشك من السهو فحملها على السهو المعروف المنسبق إلى الذهن من اطلاقه أولى ويمكن دفعها بان شيوع إرادة الشك من مثل هذه العبارة في الاخبار لو لم
يجعلها ظاهرة فيه فلا أقل من الاحتمال المحوج إلى الاستفصال فاطلاق الجواب من غير استفصال يفيد العموم ويمكن الخدشة في دلالة الحسنة أيضا بأنه
وان كان المراد بالسهو فيها الشك كما عرفته فيما سبق ولكن لابد من حمل نفي السهو فيها على معنى يناسب سائر فقراتها ومن المعلوم في رادة البناء
على المصحح منه في سائر فقراتها فلا يعلم منها ارادته بهذا المعنى في هذه الفقرة ويكمن دفعها بأنه يستفاد منها ذلك بضميمة الاجماع وغيره مما دل على عدم
بطلان النافلة بالشك فيها كخبر الخصال الآتي الحاصر لما يبطله السهو في خمس صلوات فإنه إذا انضم إلى ذلك ما استفيد من هذه الرواية من أنه لا حكم
لسهوه يستنتج من المطلوب وهو ان تكليفه في لاعتناء بسهوه والاخذ بالاحتمال الذي يصح معه الصلاة لا الرجوع إلى أصل العدم أو قاعدة
الشغل أو غيرهما من القواعد المفردة للشاك وهذا وان اقتضى بظاهره تعين البناء على الأكثر ما لم يكن مفسدا كما في كثير الشك والشاك في ركعات
صلاة الاحتياط ولكن يرفع اليد عن ذلك بالاجماع المستفيض نقله ان لم يكن متواترا على عدم تعينه بل كون البناء على الأقل أفضل كما يشهد لذلك أيضا
مضافا إلى الاجماعات المنقولة المرسلة المتقدمة المروية عن الكافي التي ورد فيها الامر بالبناء على الأقل وضعفها بالارسال غير قادح بعد كون المقام
محلا للمسامحة وبما أشرنا إليه من عدم صحة التعويل على مثل هذه المرسلة في اثبات حكم شرعي لولا المسامحة ظهر ضعف الاستشهاد بها للقول بتعين
البناء على الأقل خصوصا مع مخالفته للمشهور لو لم يكن مجمعا عليه ويمكن الاستدلال للتخيير أيضا بعد الغض عن الاجماعات المنقولة المعتضدة بالشهرة
وعدم نقل خلاف فيه عن أحد من المتقدمين بما نبه عليه المصنف رحمه الله في عبارته المتقدمة المحكية عن المعتبر وان طعن عليه جملة ممن تأخر عنه ورأوه أوهن
من بيت العنكبوت توضيحه انك عرفت فيما سبق ان الأظهر ان الشك في عدد ركعات الصلاة بنفسه ليس من المبطلات وانما نحكم بالبطلان
587

لدى الشك في الأوليين أو غيره من الشكوك التي لم يثبت العلاج لها لعدم جريان أصل العدم بالنسبة إلى عدد الركعات اما تعبدا أو لكون خصوصية
الاعداد المعتبرة في الصلاة ملحوظة على جهة الاشتراط وهي مما لا يمكن احرازه بالأصل فيدور الامر بين المحذورين لما في البناء على الأقل من احتمال
الزيادة وعلى الأكثر من احتمال النقيصة فيمتنع حصول الجزم بالفراغ بالمضي مع الشك فلابد من الاستيناف تحصيلا للجزم بالفراغ فيكون مضيه
مع الشك عبثا ولكن هذا انما هو في الصلوات الواجبة التي ليس له الاقتصار في الخروج عن عهدتها على الموافقة الاحتمالية واما النافلة فحيث
يجوز قطعها ولا يجب الخروج عن عهدتها فلا يصلح الشك فيها مانعا عن المضي فيها بالبناء على أحد طرفي الشك لاحتمال مطابقته للواقع غاية الأمر
انه لا يحصل معه الجزم بالإطاعة ولا محذور فيه بعد ان جاز تركها رأسا فضلا عن الاقتصار على الامتثال الاحتمالي ودعوى اعتبار الجزم في
النية في صحة العبادة فينافيها المضي مع الشك مدفوعة بمنع اعتبار هذا الشرط خصوصا في امتثال الأوامر المستحبة ولا سيما في مثل المقام الذي
يتوقف تحصيل الجزم فيه على ابطال العمل كما تقدم تحقيقه في نية الوضوء هذا ولكن ظاهر كلمات الأصحاب كون التخيير أصلا شرعيا عمليا يرجع إليه الشاك
في النافلة لا من باب كونه موافقة احتمالية فان تم اجماعهم عليه أو قلنا باستفادته من الاخبار بالتقريب المزبور كما نفينا البعد عنه فهو والا
اتجه الالتزام به أيضا من باب الموافقة الاحتمالية ويظهر ثمرة الالتزام بالحكم الظاهري في مسألة الجزم في النية وكذا في الحكم بفراغ الذمة عن
أداء النافلة فيما لو عرضها وصف الوجوب بإجارة أو نذر وشبهه بخلاف ما لو قلنا بكون البناء على الأقل أو الأكثر (من باب الموافقة الاحتمالية كما لا يخفى ثم انا ان قلنا بكون التخيير أصلا شرعيا
تعبديا فالأوجه تخصيصه بالنوافل الأصلية دون ما صار نفلا بالعرض كالمعادة جماعة وصلاة العيدين عند اختلال شرائط وجوبها لانصراف ما دل عليه عن ذلك واما بناء على كونه) من باب الموافقة الاحتمالية
فلا يتفاوت الحال في مواردها نعم لو قلنا بحرمة قطعها لاتجه الالتزام لدى الشك في الأخيرتين من المعادة ونحوها بوجوب البناء على الأكثر
لما عرفت في محله من عدم قصور ما دل على احكام الشكوك عن شمول الفرائض التي عرضها وصف النفل بل قد يتجه الالتزام بوجوب صلاة الاحتياط
أيضا بعد البناء على حرمة ابطالها لأنها على تقدير النقص تبطل بدونها ولكنه لا يخلو من تأمل لاستقلال صلاة الاحتياط صورة فلا يصدق بالاخلال
بها اسم القطع وكون تركها موجبا للابطال غير معلوم لاحتمال صحتها بدون الاحتياط وأصالة عدم الاتيان بالرابعة لا يجدي في اثبات حصول
عنوان الابطال الذي بنينا على حرمته إذ لا اعتداد بالأصول المثبتة ومن هنا قد يتأمل في وجوب البناء على الأكثر أيضا وان قلنا بأن الأصل
الشرعي المجعول فيه ذلك لان هذا الأصل انما وضعه الشارع رعاية لجانب الاحتياط بالبناء على الأكثر واتيان المشكوك منفصلا صونا للصلاة
عن احتمال الزيادة فهو لدى التحقيق من اثار قاعدة الشغل لا من مقتضيات حرمة القطع وحيث إن الامر بأصل الصلاة التي وقع الشك فيها ندبي
لا يجب عليه تفريغ الذمة عنها كي يجب رعاية الاحتياط فيها غاية الأمر انه ثبت تعبدا حرمة ابطالها ولم يعلم كون إضافة ركعة إليها ابطالا كي يتنجز
في حقه النهي عن ابطال العمل ولعل ما حكى عن المصابيح وغيره من التصريح بجريان احكام النافلة على ما عرضه وصف النفل مطلقا يومية كانت أم
غيرها مبني على هذا الوجه فمرادهم بذلك جواز الاقتصار على الموافقة الاحتمالية بالبناء على كل من طرفي الشك برجاء الموافقة لا ان الأصل العملي الذي
يرجع إليه في مقام الشك هو التخيير والا فهو ضعيف كما عرفت تنبيهات الأول مورد حكم الأصحاب بالتخيير على الظاهر هو فيما إذا كان كل من
طرفي الشك صالحا للبناء عليه واما إذا كان البناء على الأكثر موجبا للحكم بالبطلان تعين البناء على الأقل الا ان لا يريد فعل النافلة فيرفع اليد عنها
بناء على جواز قطعها فبهذه الملاحظة وان جاز ان يطلق عليه أيضا اسم التخيير ولكنه خلاف المتبادر من عبائرهم خصوصا مع تصريحهم بأفضلية البناء
على الأقل فإنه بظاهره لا يتناول الفرض إذ لا فضل في مقابله كما هو واضح الثاني الظاهر اختصاص الحكم المزبور بالشك في عدد الركعات واما الثلاث
في عدد السجدات أو غيره من الاجزاء والشرائط فهو على حسب ما عرفته في الفريضة من وجوب تدارك المشكوك ما لم يتجاوز عن محله تعويلا على اصالة عدمه وما
دل على أنه ليس في النافلة سهو فهو غير مناف لذلك كما يظهر وجهه مما مر في صلاة الاحتياط وبعد التجاوز لا يلتفت إليه لعموم ما دل عليه الثالث
مقتضى اطلاق النص وفتاوي الأصحاب في لفرق في النافلة بين كونها ثنائية كما هو الغالب أو ثلاثية كصلاة الوتر بناء على كون مجموعها صلاة واحدة
من غير تخلل التسليم بين ركعتي الشفع والوتر أو رباعية كصلاة الاعرابي أو وحدانية كمفردة الوتر فله التخيير في الجميع بين الأقل والأكثر الا ان يكون البناء على
الأكثر موجبا للحكم بالبطلان فيبني على الأقل ولكن يظهر من بعض الأخبار بطلان الوتر بالشك فيها مثل ما عن الشيخ في الصحيح عن العلا عن أبي عبد الله عليه السلام قال
سألته عن الرجل يشك في الفجر قال يعيد قلت المغرب قال نعم والوتر والجمعة من غير أن أسئله وفي حديث الأربعمائة المروي عن الخصال قال لا يكون السهو في خمس
في الوتر والجمعة والركعتين الأوليين من كل صلاة مكتوبة وفي الصبح والمغرب وفي الوسائل بعد نقل الصحيحة المزبورة قال إعادة الوتر مع الشك محمول
على الاستحباب أقول ويمكن كونها منزلة على الغالب من عدم تعلق الشك بالركعة المفردة الا في أصل وجودها وكيف كان فاستينافها أو اعادتها بعد
الاتمام جمودا على ظاهر الخبرين ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط مع أنه انسب بما يقتضيه المقام من المسامحة والله العالم الرابع لو سهى في النافلة
بان زاد فيها أو نقص منها شيئا نسيانا فهل يلحقه أحكام السهو التي عرفتها فيما سبق من البطلان وسجود السهو وقضاء المنسي على التفصيل الذي عرفته فيما تقدم
أم هي مخصوصة بالسهو في الفريضة وجهان لا يخلو ثانيهما من وجه لظهور قوله عليه السلام في الصحيحة المتقدمة التي وقع فيها السؤال عن السهو في النافلة في شموله ولو
من باب ترك الاستفصال ان لم نقل بظهوره في حد ذاته في خصوصه أو في مطلق الغفلة المجامعة للشك والنسيان كما ليس بالبعيد ويمكن الاستدلال له أيضا
588

بقوله عليه السلام في حسنة ابن البختري ولا سهو في نافلة محمله على مطلق الغفلة كما هو معناه لغة ولكن يتوجه عليه ما تقدمت الإشارة إليه لدى الاستشهاد بهذه
الرواية للمسائل السابقة من أن الظاهر أن المراد بالسهو فيها خصوص الشك كما في سائر فقراتها فليتأمل وكيف كان فليس تدارك المنسي لدى تذكره ما لم يمنع
عنه مانع من أحكام السهو حتى يتجه الالتزام برفعه بل هو من مقتضيات الأمر الأول المتعلق بذلك الشئ سواء تجاوز محله الأصلي أم لم يتجاوز كما تقدم توضيحه
فيما سبق بل قد يستفاد من خبر الصيقل عن الصادق عليه السلام في الرجل يصلي الركعتين من الوتر فيقوم فينسي التشهد حتى يركع ويذكر وهو راكع قال يجلس
من ركوعه فيتشهد ثم يقوم فيتم قال قلت أليس قلت في الفريضة إذا ذكر بعد ما يركع مضي ثم يسجد سجدتين بعد ما ينصرف فيتشهد فيهما قال ليس النافلة كالفريضة
عدم كون التلبس بالركوع في النافلة مانعا عن تلافي المنسي كخبر الحلبي قال سئلته عن رجل سهى عن ركعتين من النافلة فلم يجلس بينهما حتى قام فركع في الثالثة
قال يدع ركعة ويجلس ويتشهد ويسلم ثم يستأنف الصلاة كما أنه يستفاد من هذين الخبرين أيضا عدم بطلان النافلة بزيادة الركوع ويمكن الخدشة
في دلالة الخبر الأخير بأنه بظاهره ورد فيمن أراد ان يصلي عدة ركعات كالثمان ركعات نافلة الزوال مثلا التي هي ركعتان ركعتان فتلبسه بالثالثة لا يكون
الا بزعم فراغه من الأولتين اللتين هما نافلة مستقلة فحاله حال من تلبس بالعصر بزعم فراغه من الظهر ثم ذكر في أثناء العصر عدم فراغه من الظهر وقد عرفت
فيما مضى انه قد يتجه الالتزام في مثل الفرض بالغاء ما في يده وتدارك المنسي ومنع استلزامه للزيادة المبطلة كما تقدم تحقيقه فعلى هذا ليس الحكم المستفاد من
هذا الخبر مخالفا لحكم الفريضة بل قد يتجه خبر الحمل الأول أيضا على هذا بناء على لزوم التشهد والتسليم في ركعتي الشفع وعدم جواز الاتيان بالركعات الثلاث
موصولة نعم بناء على جواز الاتيان بها موصولة كما يعطيه ظاهر هذه الرواية كغيرها من الروايات المذكورة في محلها يتم الاستشهاد بها للمدعى ولكن
في خصوص موردها وهو نسيان التشهد لا غير اقتصارا في الحكم المخالف للأصل على مورد النص فلو نسي سجدة أو القراءة من الأولى مثلا حتى دخل في الركوع
لم يجز له الغاء الركوع لتدارك المنسي فان اعتبار ما عدى الأركان في النافلة أيضا كالفريضة مخصوص بحال التذكر وقضية ذلك صحة الركوع الواقع عن
نسيان القراءة أو السجدة فلا يؤثر رفع اليد عنه في لغويته فلا يجوز اعادته بعد تدارك المنسي لاستلزامه زيادة الركن عمدا ولا الاقتصار على الأول
لاستلزامه الاخلال بالترتيب ولا يرد النقض بالتشهد بعد ورود النص فيه الفارق بين المقامين بل قد يتجه الاقتصار على خصوص التشهد الأول من صلاة الوتر
دون مثل صلاة الاعرابي لاحتمال كون منشأ الحكم شده الاهتمام بالتشهد الأول من الوتر بلحاظ كون الأولتين منها في الحقيقة نافلة مستقلة ولكن الشارع
اكتفى بالفصل بينهما بالتشهد فليتأمل وقد ظهر بما ذكر ان أحكام السهو التي يصح دعوى استفادة رفعها من الصحيح المزبور انما هي مبطلية الزيادة السهوية و
وجوب سجود السهو وقضاء السجود والتشهد المنسيين ومبطلية النقص السهوي الذي لا يمكن تداركه ولو بحذف الزائد كما لو ترك ركنا ولم يذكر الا بعد الخروج
من الصلاة وايجاد ما ينافيها عمدا وسهوا من حدث ونحوه ويمكن الاستدلال أيضا لنفي مبطلية الزيادة والقضاء وسجود السهو بالأصل لامكان دعوى
اختصاص ما دل على هذه الأحكام المخالفة للأصل ولو من باب الانصراف بالفريضة كما لا يخفى على المتأمل ودعوى ان مقتضى الأصل بطلان الصلاة
بالزيادة السهوية فيما ثبت بطلانها بزيادته عمدا ولا خلاف على الظاهر في بطلان النافلة بزيادة الأركان عمدا مدفوعة بما بيناه في محلة من أن هذا الأصل
غير أصيل فراجع ومما يؤيد نفي سجود السهو مضافا إلى ما عرفت ما عن بعض من نفي الخلاف فيه والله العالم خاتمة في سجدتي السهو وهما واجبان
حيث ذكرنا وهو فيما لو نسي التشهد أو السجدة على تردد في الأخير كما عرفته فيما سبق وفيمن تكلم ساهيا ولو لزعم الخروج منها أو سلم في غير موضعه كذلك عن
المشهور فيهما بل عن صريح بعض وظاهر آخرين دعوى الاجماع عليه فيهما ويدل عليه في الأول صحيحة عبد
الرحمن بن الحجاج قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل
يتكلم ناسيا في الصلاة يقول أقيموا صفوفكم قال يتم صلاته ثم يسجد سجدتين فقلت سجدتا السهو قبل التسليم هما أو بعد قال بعد وفي رواية ابن أبي يعفور
الواردة في الشك بين الاثنتين والأربع عن الصادق عليه السلام وان تكلم فليسجد سجدتي السهو وموثقة عمار عن الصادق عليه السلام عن الرجل إذا أراد ان
يقعد فقام ثم ذكر من قبل ان يقدم شيئا أو يحدث شيئا قال ليس عليه سجدتا السهو حتى يتكلم بشئ فإنها تدل على ثبوتهما بالتكلم ولكن يمكن المناقشة فيه بأنه
يحتمل قويا ان يكون المراد بالتكلم في هذا الخبر الأذكار التي هي (من افعال الصلاة التي) من شانها الاتيان بها بعد القيام أو القعود فتنهض الرواية حينئذ شاهدة للقول بثبوتهما
لكل زيادة فليتأمل وخبر سعيد الأعرج المشتمل على قصة ذي الشمالين وفيه وسجد سجدتين لمكان الكلام ومنه يظهر دلالة غيره من الاخبار المشتمل على
فعل رسول الله صلى الله عليه وآله إياهما فقط من دون بيان انه للكلام أو للسلام أولهما ويمكن الخدشة في هذه الأخبار بمخالفتها لأصول المذهب
ومعارضتها بموثقة عبد الله بن بكير عن زرارة قال سئلت أبا جعفر عليه السلام هل سجد رسول الله صلى الله عليه وآله سجدة السهو قط قال لا ولا يسجدهما فقيه فيشكل الاعتماد عليها
لغلبة الظن بجريها مجرى التقية مع أنه لا دلالة فيها على الوجوب وكيف كان ففيما عداها غنى وكفاية ونسب إلى الصدوق ووالده القول بعدم الوجوب
حيث إنهما اقتصرا عند بيان ما يوجب سجدتي السهو على ذكر ما عداه بل حكى عن الصدوق التصريح بالانحصار فقال لا تجب سجدتا السهو الا على من قعد في حال
قيام أو قام في حال قعود أو ترك التشهد أو لم يدر زاد أو نقص ولكن في الحدائق بعد نقل هذه العبارة عنه قال ثم قال في موضع اخر وان تكلمت في
صلاتك ناسيا فقلت أقيموا صفوفكم فأتم صلاتك واسجد سجدتي السهو انتهى فيحتمل كون الحصر المذكور في كلامه إضافيا اي بالإضافة إلى ما يتعلق
بنفس الصلاة دون الكلام الذي هو فعل خارجي كما أنه يحتمل ان يكون الامر بسجدتي السهو للكلام استحبابيا فلم يتحقق مخالفته للمشهور وحكى عن صاحب الذخيرة
589

أيضا الميل إلى في لوجوب لصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يسهو في الركعتين ويتكلم قال يتم ما بقي من صلاته تكلم أو لم يتكلم ولا شئ عليه و
صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في رجل صلى ركعتين من المكتوبة فسلم وهو يرى أنه قد أتم الصلاة وتكلم ثم ذكر انه لم يصل غير ركعتين فقال يتم
ما بقي من صلاته ولا شئ عليه وصحيحة الفضيل بن يسار قال قلت لأبي جعفر عليه السلام أكون في الصلاة فأجد في بطني غمزا أو إزاء أو ضربانا فقال انصرف ثم
توضأ وابن علي ما مضى من صلاتك ما لم تنقض الصلاة بالكلام متعمدا وان تكلمت ناسيا فلا شئ عليك فهو بمنزلة من تكلم في الصلاة ناسيا و
أجيب بحمل هذه الأخبار على نفي الإعادة أو الاثم جمعا بينها وبين الأخبار المتقدمة المصرحة بسجود السهو أقول اما الخبر الأخير فحمله على نفي الإعادة
غير بعيد بل لعل هذا هو المنساق إلى الذهن منه حيث إن المراد به بيان ان الكلام السهوي الصادر منه بعد الانصراف بمنزلة الكلام السهوي
الصادر في أثناء الصلاة غير موجب لانقطاعها فلا ينسبق إلى الذهن إرادة نفي السجود الذي هو من اثار نفس السهو واما الخبران الأولان
فالانصاف ان حملهما على نفي الاثم أو الإعادة ليس بأهون من صرف الامر بسجود السهو الوارد في رواية ابن الحجاج وغيرها على الاستحباب إذ لا موقع
لتوهم الاثم بعد فرض وقوعه سهوا كي يكون نفيه مقصودا بالبيان وكذا توهم وجوب الإعادة بعد الامر باتمام صلاته الأظهر في الصحة ووقوع
التصريح بالتسوية بين التكلم وعدمه اللهم الا ان يحمل التصريح بنفي شئ عليه على إرادة التأكيد وهو بعيد بل ظاهره إرادة نفي شئ اخر وراء اتمام الصلاة
من الأشياء التي يتوهم ترتبها على الأمور السهوية الواقعة في الصلاة الغير المؤثرة في بطلانها كسجود السهو وصلاة الاحتياط ونحوهما ولكن الفرد
الواضح الذي يتوهم ثبوته في مثل المقام انما هو سجود السهو فصرف عموم الشئ عنه إلى ما عداه ليس بأهون من حمل الامر المتعلق به على الاستحباب
كما ربما يؤيده أيضا رواية عقبة بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل دعاه رجل وهو يصلي نهى فاجابه بحاجته كيف يصنع قال يمضي في صلاته ويكبر تكبيرا
كثيرا وعن الصدوق أنه قال روى أن من تكلم في صلاته ناسيا كبر تكبيرات ومن تكلم متعمدا فعليه إعادة الصلاة فان ظاهرهما ولو بمقتضى السكوت
في مقام البيان انه لا يجب عليه سجود السهو وما فيهما من الامر بالتكبير يتعين حمله على الاستحباب إذ لا قائل بوجوبه مع أن عدم تعين مقداره من
الامارات المرشدة إليه هذا ولكن رفع اليد عن ظاهر الأخبار المتقدمة المعتضدة بفتاوي الأصحاب واجماعاتهم المنقولة المعتضدة بعدم معروفية
خلاف محقق بمثل هذه الأخبار المنافية له الغير الابية عن التأويل مشكل فما ذهب إليه المشهور ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط ولولا ظهور
كلماتهم في في لفرق بين التكلم سهوا في الأثناء وبين التكلم خطأ بزعم الفراغ لاتجه (الالتزام) بالتفصيل لورود الاخبار الامرة بالسجدتين في الأول و
صحيحتي زرارة ومحمد بن مسلم المصرحتين بأنه لا شئ عليه في الثاني كما هو صريح مورد ثانيتهما والمنساق إلى الذهن من أوليهما فلا معارضة بينها
نعم خبر سعيد الأعرج وكذا غيره من الروايات المشتملة على قضية سهو النبي صلى الله عليه وآله موردها التكلم بزعم الفراغ ولكن قد أشرنا إلى أنه لا دلالة
فيها على الوجوب حتى يتحقق التنافي مضافا إلى ما في الاعتماد عليها من الاشكال فليتأمل واستدل لوجوب السجدتين للسلام في غير موضعه
باندراجه في كلام الآدميين كما يشهد لذلك بعض الروايات المتقدمة في محلها فيعمه ما دل عليه للكلام وفيه ان المتبادر من الكلام في الأخبار المتقدمة
إرادة الكلام الذي هو أجنبي عن الصلاة كما لا يخفى على من لاحظها بل ظاهر التعليل الوارد في خبر سعيد الأعرج انتفائه للسلام إذ
المتبادر من قوله عليه السلام لمكان الكلام إرادة الكلام الخارجي الذي صدر منه صلى الله عليه وآله بعد التسليم فيفهم منه انه لولا ذلك لم يكن
السلام بنفسه موجبا له فليتأمل واستدل له أيضا بعموم ما دل على ثبوتهما لكل زيادة ونقيصة وفيه انه ان تم فلا دخل له بخصوص المقام و
سيأتي التكلم فيه واستدل له أيضا بموثقة عمار قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صلى ثلاث ركعات وهو يظن أنها اربع فلما سلم ذكر
انها ثلاث قال يبنى على صلاته متى ذكر ويصلي ركعة ويتشهد ويسلم ويسجد سجدتي السهو وقد جازت صلاته وصحيحة العيص قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام
عن رجل نسي ركعة من صلاته حتى فرغ منها ثم ذكر انه لم يركع قال يقوم فيركع ويسجد سجدتين وعن الفقه الرضوي أنه قال كنت يوما عند
العالم عليه السلام ورجل سئله عن رجل سهى في ركعتين من المكتوبة ثم ذكر انه لم يتم صلاته قال فليتمها ويسجد سجدتي السهو فان الظاهر أن المراد بالسهو
في الركعتين هو التسليم على ركعتين فيدل الجواب حينئذ على وجوب السجدتين للسلام وفيه انه لا شاهد في شئ من هذه الأخبار على ارادته لخصوص
التسليم فلعله لأجل حصول القعود في موضع القيام (أو لأجل زيادة التشهد) أو لأجل زيادة السلام من حيث كونها زيادة سهوية لا لخصوصية السلام اللهم الا ان يقال إن
ظهورها في الوجوب بعين ارادته لخصوص السلام لما ستعرف من أن الأظهر عدم وجوبهما لشئ مما ذكر بل استحبابهما ولكن يتوجه عليه ان
ثبوت استحبابهما لسائر العناوين المتصادقة في المقام مانع عن ظهور هذه الأخبار في إرادة تكليف وجوبي مغاير له فالانصاف قصور الاخبار
المزبورة عن إفادة المدعى ولذا مال بعض المتأخرين وفاقا لما عن صريح الكليني رحمه الله والصدوقين وظاهر غيرهم كالعماني والسيد والديلمي و
ابني حمزة وزهرة إلى القول بعدم الوجوب كما ربما يؤيده أيضا صحيحتا زرارة ومحمد بن مسلم المتقدمتان المصرحتان بأنه لا شئ عليه ولكنك
عرفت ان الاعتماد على ظاهر هذين الخبرين بعد اعراض المشهور عنهما وامكان حملهما على نفي الإعادة لا يخلو من اشكال كما أن مخالفة المشهور في مسألة
السلام أيضا كذلك لامكان ان يدعى انه يستفاد من مجموع الأخبار الواردة في الكلام وغيره ولو بمعونة الشهرة ان مطلق الكلام الخارجي
590

الذي يكون عمده قاطعا للصلاة سهوه موجب للسجدتين وقد عرفت في محله ان السلام في غير محله مندرج في ذلك ومن هنا يمكن ان يقال إن انصراف قوله عليه السلام
في خبر ابن أبي يعفور وان تكلم فليسجد سجدتي السهو عن ذلك انصراف بدوي منشأه مقايسة السلام على سائر الأجزاء فيرتفع بعد الالتفات إلى ما بينهما من المغايرة
الذاتية التي عرفتها في محله وكيف كان فالحكم موقع تردد وسبيل الاحتياط غير خفي والله العالم أو شك بين الأربع والخمس كما تقدم الكلام فيه مفصلا
وعرفت فيما تقدم ضعف القول بعدم الوجوب فراجع وقيل تجبان في كل زيادة ونقيصة إذا لم يكن مبطلا وهذا القول نسبه الشيخ فيما حكى عن خلافه إلى بعض
أصحابنا ولكن في الدروس بعد ان نقل ذلك عن الشيخ قال ولم نظفر بقائله ولا مأخذه الا رواية الحلبي السالفة يعني روايته الصحيحة عن الصادق عليه السلام قال
إذا لم تدر أربعا صليت أو خمسا أم نقصت أم زدت فتشهد وسلم واسجد سجدتين بغير ركوع ولا قراءة تتشهد فيها تشهدا خفيفا ثم ناقش فيه بأنها ليست صريحة
في ذلك لاحتمالها الشك في زيادة الركعات ونقصانها أو الشك في زيادة فعل أو نقصانه وذلك غير المدعى الا ان يقال بأولوية المدعى من المنصوص
انتهى فكأنه أراد بعدم الظفر بقائله من القدماء الذين تعرض الشيخ لنقل أقوالهم والا فهو بنفسه على ما حكى عنه نقله في كتاب الذكرى الذي صنفه قبل
الدروس عن الفاضل واختاره كما أنه هو مختاره أيضا في اللمعة فالظاهر أن مستنده في اختياره لهذا القول في الكتابين ما أشار إليه في الدروس من
دعوى دلالة الصحيحة عليه بالأولوية كما أن مستند الفاضل أيضا عن ما يظهر مما حكى عن مختلفه في مسألة القيام سهوا في موضع القعود هو هذا الوجه وكيف
كان فقد حكى هذا القول عن الفاضل في المختلف والشهيد في الكتابين وتبعهما غير واحد من المتأخرين ونسبه الشهيد الثاني في شرح اللمعة إلى الصدوق أيضا و
استدلوا عليه بمرسلة سفيان بن السمط عن أبي عبد الله عليه السلام قال تسجد سجدتي السهو في كل زيادة تدخل عليك أو نقصان وعن ابن الجنيد انه روى مرسلا عن
النبي صلى الله عليه وآله أنه قال من ترك شيئا من صلاته فليسجد سجدتي السهو ويؤيده أيضا صحيحة سعد بن سعد الأشعري قال قال الرضا عليه السلام في سجدتي
السهو إذا نقصت فقبل التسليم وإذا زدت فبعده وصحيحة صفوان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن سجدتي السهو فقال إذا نقصت فقبل التسليم وإذا زدت
فبعده فإنهما وان وردتا مورد حكم اخر فليس لهما اطلاق يفيد عموم المدعى ولكن يفهم منهما ثبوتهما لكل من الزيادة والنقيصة ولو في الجملة وهذا ينافي حصر
ما يجب فيه السجدتان بالمواضع المزبورة كما عن المشهور إذ ليس من جملة تلك المواضع زيادة شئ عدى التسليم في غير موضعه ولكن المشهور لم يلتزموا بوجوب
السجدتين له لصدق عنوان الزيادة عليه بل لخصوص لفظه مع أن إرادة خصوص السلام من اطلاق قوله إذا زدت فبعد التسليم لا يخلو من بعد نعم
لا دلالة في الخبرين على كون ذلك على سبيل الوجوب فمن الجائز كون شرعيتهما على سبيل الاستحباب وصحيحة الحلبي المتقدمة بجعل قوله أم نقصت أم زدت
معطوفا على فعل الشرط لا معمول دري أو بالتقريب الذي أشار إليه في الدروس اي دعوى أولوية المتيقن من المشكوك وبهذا التقريب قد يستدل أيضا بصحيحة
زرارة قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر زاد في صلاته أم نقص فليسجد سجدتين وهو جالس وسماهما
رسول الله صلى الله عليه وآله المرغمتين وصحيحة الفضيل بن يسار سأل أبا عبد الله عليه السلام عن السهو فقال من حفظ سهوه فأتمه فليس عليه سجدتا السهو وانما السهو على من لم يدر
زاد في صلاته أم نقص وموثقة عمار سئل الصادق عليه السلام عن السهو ما يجب فيه سجدتا السهو قال إذا أردت ان تقعد فقمت أو أردت ان تقوم فقعدت
أو أردت ان تقرء فسبحت أو أردت ان تسبح فقرات فعليك سجدتا السهو وليس في شئ مما تتم به الصلاة سهو بضميمة عدم القول بالفصل بين القراءة والتسبيح
وغيرهما ويتوجه على الاستدلال بهذه الموثقة معارضتها بما وقع فيها بعد هذا السؤال وجوابه فإنه قال بعد ذلك وعن الرجل إذا أراد ان يقعد
فقام ثم ذكر من قبل ا يقدم شيئا أو يحدث شيئا فقال ليس عليه سجدتا السهو حتى يتكلم بشئ فإنه يدل على عدم وجوب السجدتين فيتعارضان ولكن قد
أشرنا فيما سبق إلى أنه يحتمل قويا ان يكون المراد بالتكلم في هذا الخبر الأذكار التي هي من افعال الصلاة لا الكلام الخارجي فيندفع حينئذ المعارضة ولكن
يكون هذا الجواب مقيدا لاطلاق القيام في موضع القعود وعكسه بما إذا تلبس حاله بقراءة أو تسبيح ونحوه الا ان القائلين بوجوبهما لكل زيادة ونقيصة
لا يلتزمون بالتقييد مع أن ما في الرواية من جعل القيام في محل القعود وعكسه قسيما لإرادة القراءة والتسبيح قد
يأبى عن التقييد المزبور فليتأمل هذا
مع أن قوله عليه السلام في ذيل الجواب عن سؤاله الأول وليس في شئ مما تتم به الصلاة سهو قد ينافي أيضا ظاهر صدره إذا الظاهر أن المقصود بالذيل انه لو نسي شيئا
من الصلاة ثم ذكر وتداركه في الصلاة لا يكون ذلك موجبا لسجود السهو كما أن هذا المعنى بحسب الظاهر هو المراد بقوله في الصحيحة المتقدمة وكذا في خبر
سماعة من حفظ سهوه فأتمه فليس عليه سجدتا السهو انما السهو على من لم يدر أزاد أم نقص شيئا فقضيته دلت انه لو نسي السجدة أو التشهد مثلا وذكر قبل
ان يركع فتداركهما لم يجب عليه سجدتا السهو كما أن هذا هو ظاهر غير واحد من الاخبار بل كاد ان يكون صريح بعضها مثل صحيحة الحلبي قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام
عن الرجل بسهو في الصلاة فينسى التشهد قال يرجع فيتشهد قلت ليسجد سجدتي السهو فقال لا ليس في هذا سجدتا السهو وحملها على ما إذا تدارك ولما يصدر ما
يحصل بسببه زيادة في الصلاة كما ترى وخبره الآخر عنه أيضا قال إذا قمت في الركعتين من ظهر أو غيرها فلم تتشهد فيهما فذكرت ذلك في الركعة الثالثة قبل
ان تركع فاجلس وتشهد وقم فأتم صلاتك وان لم تذكر حتى تركع فامض في صلاتك حتى تفرغ فإذا فرغت فاسجد سجدتي السهو بعد التسليم قبل ان تتكلم فان ظاهرهما
اختصاص سجود السهو بصورة في لتذكر قبل الركوع ونحوها صحيحة الفضيل بن يسار الواردة أيضا في ناسي التشهد قال فليجلس ما لم يركع وقد تمت صلاته (وان لم يذكر حتى ركع فليمض في صلاته)
فإذا سلم سجد سجدتين وهو جالس ورواية عمار قال في حديث وسئل عن الرجل ينسى الركوع أو ينسى سجدة هل عليه سجدتا السهو قال لا قد أتم الصلاة بناء على
591

حملها على صورة التدارك بقرينة قوله عليه السلام قد أتم الصلاة وغيره من القرائن الخارجية إلى غير ذلك من الروايات الواردة في باب القراءة وغيرها مما يظهر
منه عدم وجوب سجود السهو بالزيادات الحاصلة بواسطة التدارك فيتحقق المعارضة حينئذ بين هذه الأخبار وبين قوله عليه السلام إذا أردت ان تقعد فقمت (الخ)
اللهم الا ان يحمل هذه الفقرة على إرادة ما لو استمر السهو إلى أن فات محل التدارك كما نبه عليه الشهيد رحمه الله في محكى الذكرى فيكون السجود حينئذ في الحقيقة
لنقص القعود مثلا لا لزيادة القيام بل ليس هذا الوجيه لدى التأمل منافيا لظاهر الخبر إذ لا دلالة فيه على أن السبب للسجدتين هل هو فعل القيام في محل
القعود سهوا أو ترك القعود في محله كما هو مقتضى التوجيه المزبور فتلخص مما ذكر ضعف الاستشهاد بالموثقة المزبورة لاثبات المدعى واضعف منه
الاستدلال له بالروايات الامرة بالسجدتين لدى الشك في الزيادة والنقيصة ضرورة كونها أجنبية عن المدعى ودعوى أولوية المدعى عن المنصوص
مدفوعة بظهور النص خصوصا صحيحة فضيل في إناطة الحكم بنفس الشك في الزيادة والنقيصة كما في الشك بين الأربع والخمس لا بذات الوصفين كي يدعى ان القطع
بتحققهما سهوا أولى بالسببية (للسجدتين) من احتمال حصولهما فلا يقاس أحدهما بالاخر فضلا عن أن يكون أولى فهذه الصحيحة على خلاف المطلوب أدل فعمدة ما يصح
الاستشهاد به لهذا القول هي مرسلة سفيان المتقدمة ونوقش فيها بضعف السند والأولى الجواب عنها بان حمل هذه الرواية على الاستحباب أولى
من ارتكاب الطرح أو التأويل في الأخبار الكثيرة المنافية لها منها صحيحة فضيل وغيرها من الروايات الحاصرة للسهو فيما عدى مورد المرسلة أو المصرحة
بأنه ليس في هذا سجود سهو ومنها الروايات المتقدمة الدالة على نفي سجود السهو للزيادات الحاصلة بالرجوع لتدارك المنسي ومنها الروايات
الكثيرة الواردة في باب القراءة والذكر في الركوع وغير ذلك مما لم يقع التعرض في شئ منها لذكر سجود السهو مع كونها في مقام البيان مع ما فيها من التصريح
بتمامية صلاته الظاهرة في فراغ ذمته من تبعة هذا التكليف وانه لا شئ عليه بل في بعضها التصريح بذلك بل بنفي سجود السهو كخبر أبي بصير قال سئلته
عمن نسي ان يسجد سجدة واحدة فذكرها وهو قائم قال يسجدها إذا ذكرها ما لم يركع فإن كان قد ركع فليمض على صلاته فإذا انصرف قضاها وليس عليه سهو
وفي خبر محمد بن منصور الآتية الواردة أيضا في ناسي السجدة التصريح بأنه ليس عليك سهو ولكن قد يعارض هذين الخبرين بعض الروايات الخاصة والجمع
بينهما بالحمل على الاستحباب ممكن وقد تقدم الكلام فيه مشروحا في محله وموثقة منصور بن حازم قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام اني صليت المكتوبة فنسيت
ان اقرأ في صلاتي كلها فقال أليس قد أتممت الركوع والسجود قلت بلى قال قد تمت صلاتك إذا كان نسيانا وفي صحيحة زرارة من ترك القراءة متعمدا
أعاد الصلاة ومن نسي فلا شئ عليه وفي صحيحة محمد بن مسلم ومن نسي القراءة فقد تمت صلاته ولا شئ عليه وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له رجل
نسي القراءة في الأولتين فذكرها في الأخيرتين فقال يقضي القراءة والتكبير والتسبيح الذي فاته في الأولتين ولا شئ عليه ومن المعلوم ان عموم لا شئ عليه
لسجود السهو في مثل هذه الصحيحة التي لا موقع لتوهم غيره أقوى من ظهور المرسلة في الوجوب وتوهم أولوية ارتكاب التخصيص فيها بالنسبة إلى هذا المورد
ونظائره من حملها على الاستحباب مدفوع بعد الغض عن عدم نقل القول بذلك بان أولوية التخصيص أو بعض التأويلات التي يمكن ارتكابه في سائر الأخبار
من حمل المرسلة على الاستحباب كحمل لا شئ عليه على نفي الإعادة والاثم وحمل الحكم بتمامية الصلاة على ارادتها من حيث هي الغير المنافية لوجوب
السجدتين بناء على ما هو الأظهر من كونهما تكليفا مستقلا لا متمما للصلاة أو غير ذلك من المحامل لو سلمت فإنما هي فيما إذا لوحظت المرسلة مع كل واحدة
من واحدة الروايات المنافية لها لا بالنسبة إلى جميعها هذا مع مخالفة المرسلة بظاهرها مع ما فيها من ضعف السند للمشهور وما عن بعض من دعوى
شهرة القول بوجوب سجود السهو لكل زيادة ونقيصة مما لا ينبغي الالتفات إليه بعد انا نرى ان المشهور بين العلماء قديما وحديثا حصر موارده في
مواضع خاصة وكيف كان فالقول به ضعيف وحكى عن الصدوق والسيد وسلار وغير واحد ممن تأخر عنهم القول بوجوبهما للقيام في موضع القعود
وعكسه ويظهر مستنده مع ما فيه مما مر وحكى عن العلامة في المختلف القول بوجوبهما للشك في الزيادة والنقيصة وعن الشهيد في الروض الميل
إليه وعن المفيد رحمه الله في الغرية القول بوجوبهما فيما إذا لم يدر زاد سجدة أو نقص سجدة أو زاد ركوعا أو نقص ركوعا ولم يتيقن ذلك وكان الشك بعد
تقضي وقته وهو في الصلاة واستدل للقول به للشك في الزيادة والنقيصة مطلقا بصحيحة فضيل وموثقة سماعة المتقدمتين وخبر زرارة قال سمعت
أبا جعفر عليه السلام يقول قال رسول اله صلى الله عليه وآله إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر زاد أم نقص فليسجد سجدتين وهو جالس وسماهما رسول الله صلى الله عليه وآله المرغمتين وصحيحة الحلبي
عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا لم تدر أربعا صليت أم خمسا أم نقصت أم زدت فتشهد وسلم واسجد سجدتين بغير ركوع ولا قراءة تشهد فيهما تشهدا خفيفا
ويمكن الخدشة في دلالة الرواية الأخيرة بانسباقها إلى إرادة الركعة واما ما عداها من الأخبار المتقدمة فمقتضى اطلاقها إرادة الأعم من الاعداد والافعال
من غير فرق بين تجاوز المحل وعدمه ولا يجدي تدارك المشكوك ما دام في محله في زوال شكه فإنه قبل التدارك كان شاكا في النقيصة وبعده في الزيادة بل
قضية الاطلاق شموله لابعاض القراءة والتشهد وغيرهما مرأة ذكار حتى في مثل الكلمة والكلمتين اللهم الا ان يدعى انصراف اطلاق اسم الزيادة و
النقيصة عن الابعاض وهو لا يخلو من تأمل وكيف كان فيعارضها بالنسبة إلى الافعال جملة من الاخبار منها ما عن الشيخ باسناده عن محمد بن منصور
قال سئلته عن الذي ينسي السجدة الثانية من الركعة الثانية أو شك فيها فقال إذا خفت ان لا تكون وضعت وجهك الا مرة واحدة فإذا سلمت سجدت
سجدة واحدة وتضع وجهك مرة واحدة وليس عليك سهو وعن الكليني رحمه الله باسناده عن الحلبي قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل سهى فلم يدر سجد سجدة
592

أم ثنتين قال يسجد أخرى وليس عليه بعد انقضاء الصلاة سجدتا السهو وهاتان الروايتان أخص من تلك الأخبار فيجب الجمع بينهما اما بتخصيص المرسلة
بالنسبة إلى الشك في السجدة فيعم في ساير الافعال بعدم القول بالفصل أو بحملها على الاستحباب ومنها الروايات الدالة على أن الشك بعد
تجاوز المحل كالشك بعد الفراغ من الصلاة ملغى شرعا كقوله عليه السلام في صحيحة زرارة الواردة في الشك في افعال الصلاة بعد التجاوز عن محلها يا زرارة
إذا خرجت من شئ ثم دخلت في غيره فشككت ليس بشئ ويؤيده أيضا ترك التعرض له في الروايات التي وقع فيها التعرض لحكم الشك في الافعال مع
كونها في مقام البيان فالقول بوجوبهما للشك في الافعال زيادة أو نقصا ضعيف بل وكذا في الشك في عدد الركعات فإنه وان ورد في جملة من
موارده الامر بسجدتي السهو ولكنك عرفت في محله انه مع شذوذ القول به لا يصلح لمعارضة الروايات الدالة على خلافه فالمتجه حملها بالنسبة إلى
عدد الركعات أيضا على الاستحباب وحكى عن الصدوق القول بوجوب سجدتي السهو للشك بين الثلاث والأربع مع غلبة الظن بالأربع وعن
الذكرى انه نسب إلى الصدوقين القول بوجوبهما في كل شك ظن الأكثر وبنى عليه واستدل لهذا الحكم برواية إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال
إذا ذهب وهمك إلى التمام ابدا في كل صلاة فاسجد سجدتين بغير ركوع أفهمت قلت نعم وبالنسبة إلى خصوص الشك بين الثلاث والأربع بصحيحة
الحلبي أو حسنته عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال وان كنت لا تدري ثلاثا صليت أو أربعا ولم يذهب وهمك إلى شئ فسلم ثم صل ركعتين وأنت
جالس تقرء فيهما بأم الكتاب وان ذهب وهمك إلى الثلاث فقم فصل الركعة الرابعة ولا تسجد سجدتي السهو وان ذهب وهمك إلى الأربع فتشهد
وسلم ثم اسجد سجدتي السهو وفيه انه لا يصح الاعتماد على ظاهر مثل هذين الخبرين بعد اعراض الأصحاب عنهما في مثل هذا الحكم العام الابتلاء الذي
يقضي العادة بأنه لو كان تكليفا الزاميا لاشتهر في الشريعة من صدر الاسلام فالأولى حمل الخبرين على الاستحباب كما ربما يشهد له ظهور بعض الروايات
الواردة في باب الشكوك مما وقع فيه التعرض لصورة ترجيح أحد الطرفين على الآخر ولو من باب السكوت في مقام البيان في نفي الوجوب والله العالم
ويسجد المأموم مع الامام واجبا إذا عرض له السبب على الأصح ولا يسقط عنه بسبب عروضه للامام كما تقدم الكلام في ذلك مفصلا في
المسألة الرابعة ولعل هذا هو المراد بالمعية لا فعله بنية الايتمام لعدم ثبوت مشروعيته فضلا عن وجوبه ولو انفرد أحدهما بعروض السبب له خاصة
كان له حكم نفسه خلافا لمن أوجبه على المأموم بمجرد عروضه للامام وهو ضعيف كما عرفته فيما تقدم ومحلهما اي السجدتين بعد التسليم سواء كانتا للزيادة
أو النقصان على المشهور بين أصحابنا رضي الله عنهم شهرة كادت تكون اجماعا بل عن بعض دعوى الاجماع عليه وقيل على ما في المتن وغيره قبله ولكن لم يصرحوا بقائله
بل صرح غير واحد بعدم العثور عليه وقيل بالتفصيل بينهما فالأول للأول والثاني للثاني وقد نسب هذا القول في محكى المعتبر إلى قوم من أصحابنا
ونقله في المختلف على ما حكى عنه عن ابن الجنيد ولكن عن الذكرى انه نقل كلام ابن الجنيد ثم قال وليس في هذا كله تصريح بما يرويه بعض الأصحاب ان ابن
الجنيد قائل بالتفصيل نعم هو مذهب أبي حنيفة من العامة انتهى وكيف كان فمستند القول المشهور اخبار مستفيضة منها صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج
عن أبي عبد الله عليه السلام عن الرجل يتكلم ناسيا في الصلاة يقول أقيموا صفوفكم قال يتم صلاته ثم يسجد سجدتين فقلت سجدتا السهو قبل التسليم هما أم بعد
قال بعد وخبر القداح عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليه السلام قال سجدتا السهو بعد التسليم وقبل الكلام وصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا
كنت لا تدري أربعا صليت أم خمسا فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك ثم سلم بعدهما وصحيحة ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي الركعتين من المكتوبة
فلا يجلس فيهما حتى يركع قال يتم صلاته ثم يسلم ويسجد سجدتي السهو وهو جالس قبل ان يتكلم وصحيحة الفضيل عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يصلي الركعتين من المكتوبة
ثم ينسى فيقوم قبل ان يجلس بينهما قال فليجلس ما لم يركع وقد تمت صلاته وان لم يذكر حتى ركع فليمض في صلاته فإذا سلم سجد سجدتين وهو جالس وصحيحة الحلبي
عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا أقمت في الركعتين من ظهر أو غيرها فلم تتشهد فيهما فذكرت ذلك في الركعة الثالثة قبل ان تركع فاجلس فتشهد وقم فأتم صلاتك
وان لم تذكر حتى تركع فامض في صلاتك حتى تفرغ فإذا فرغت فاسجد سجدتي السهو بعد التسليم قبل ان تتكلم ويشهد للقول بان محلهما قبل التسليم ما رواه
الشيخ عن محمد بن سنان عن أبي الجارود قال قلت لأبي جعفر عليه السلام متى اسجد سجدتي السهو قال قبل التسليم فإنك إذا سلمت فقد ذهبت حرمة صلاتك وفيه منا لا يخفى من عدم
صلاحية هذه الرواية مع ما فيها من الضعف والشذوذ بل عدم معروفية القائل بها لمعارضة المعتبرة المستفيضة المتقدمة وغيرها مما ستعرف واستدل
للقول بالتفصيل بصحيحة سعد بن سعد الأشعري قال قال الرضا عليه السلام في سجدتي السهو إذا نقصت قبل
التسليم وإذا زدت فبعده (وصحيحة صفوان
بن مهران الجمال عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن سجدتي السهو فقال إذا نقصت فقبل التسليم وإذا زدت فعبده) وفيه ان الصحيحتين معارضتان بالمعتبرة
المستفيضة الواردة في ناسي التشهد الذي هو من موارد النقص المصرحة بأنهما بعد التسليم وكونها أخص من الصحيحتين غير مجد بعد ان لا قائل بالفرق بين نسيان
التشهد وغيره والترجيح مع تلك الأخبار المعتضدة بالشهرة والعمومات وأبعديتها عن التقية فالمتجه حمل الصحيحتين وكذا رواية أبي الجارود على التقية لموافقته
لكثير من العامة على ما صرح به الشيخ في محكى الاستبصار وما عن بعض متأخري المتأخرين من الجمع بين الاخبار بالحمل على التخيير ففيه مع مخالفته لفتاوي الأصحاب
ان مثل هذا الجمع المستلزم لارتكاب التأويل في الجميع يحتاج إلى شاهد خارجي وهو مفقود مع اباء بعضها عن هذا الجمع كما لا يخفى على المتأمل وقد تلخص مما
ذكر ان القول الأول وهو ما ذهب إليه المشهور اظهر وصورتهما ان يكبر مستحبا ثم يسجد ثم يرفع رأسه ثم يسجد ويرفع ويتشهد تشهدا خفيفا ثم يسلم
ناويا بهما القربة اي الخروج عن عهدة التكليف بهما اما اشتراط النية فيما فواضح ضرورة كونهما كالصلاة ونحوها من الافعال التي قصد بها التقرب والتعبد
593

لا مجرد حصول صورتهما في الخارج كيفما اتفقت وقد عرفت في مبحث نية الوضوء والصلاة انه لا يعتبر في صحة الافعال العبادية عدى تشخيص نوع المأمور به واتيانه
بقصد التقرب وحيث إن السجود لله تعالى يقع على وجوه فلابد من تمييز نوعه بان يقصد به سجدتي السهو واما تعيين سببه كتعيين كونه واجبا أو مندوبا
أداء أو قضاء فالأظهر عدم اعتباره كما يظهر وجهه مما أسلفناه في المبحث المشار إليه ولكن لو عين سببا فسجد بداعي امتثال امره فانكشف مخالفته للواقع فقد
يقوى في النظر البطلان حيث إن الامر الذي دعاه إلى فعله لم يكن له تحقق وما كان محققا لم ينو امتثاله نعم لو دعاه ذلك السبب المعين إلى فعله بداعي
القربة وامتثال امره الواقعي من غير تقييد بخصوص ذلك السبب صح ثم إن مقتضى اطلاق أدلة موجبات السجدتين وعدم تقييد سببيتهما بما إذا لم يكن
مسبوقا بسبب اخر تنجز التكليف بهما عند حدوث كل فرد منها وقضية ذلك تعدد التكليف بعدد أسبابها وعدم كفاية إطاعة واحدة في سقوط التكاليف
المسببة عن الجميع كما تقدم تحقيق ذلك بما لا مزيد عليه في مبحث تداخل الأغسال من كتاب الطهارة فيجب تكرير السجدتين بتكرر أسبابه ولكن لا يجب عليه
حين إرادة الامتثال تعيين السبب كما تقدمت الإشارة إليه والى وجهه من أنه لا يعتبر في حصول الإطاعة عدى تشخيص مهية المأمور به وايجاده بداعي الامر
والفعل الخاص الواقع في حيز الطلب لا يتقيد بسببه كي يعتبر قصده وكذا لا يجب تعيين الامر الذي يقصد امتثاله فان الأوامر المتعددة المتعلقة بعده
افراد من مهية لدى التحليل يؤل إلى الامر بايجاد تلك الافراد فهي بمنزلة امر واحد متعلق بالجميع فيكفي قصد امتثاله اجمالا ولو أراد التعيين جاز ولم يجب عليه
تعيين الأسبق فالأسبق فله ان يجسد أولا للسهو الذي صدر منه أخيرا وتوهم ان قضية فورية السجود عدم صلاحية السبب الثاني للتأثير في ايجابه الا بعد
فعله أولا للسبب الأول مدفوع بما تقدمت الإشارة إليه من أن الأوامر المتعددة المتعلقة بعدة افراد من طبيعة واحدة بمنزلة امر واحد متعلق بالجميع
فهو بعد الصلاة مكلف بالاتيان بعدة افراد من هذه الطبيعة من دون ان يكون لبعض خصوصية مقتضية لايجاده قبل الآخر هذا مع امكان منع نهوض
دليل على هذه المرتبة من الفورية لسجود السهو فليتأمل وهل يجب قصد السجود من حين الهوى له أم يكفي قصد امتثال امره بعد وضع جبهته على الأرض
وجهان من أن المتبادر من الامر بالسجود إرادة احداث الوضع على الأرض فيجب ان يكون حين هوية ناويا له ومن أن السجود بحسب الظاهر اسم لمطلق الوضع
فهو ما دام واضعا جبهته على الأرض بقصد الخضوع ساجد فكما انه باحداثه يتحقق مسمى السجود فكذا بإدامته فله ان يديمه بداعي الامتثال وانسباق
احداثه إلى الذهن بدوي منشأه غلبة الوجود وهذا الوجه لا يخلو من قوة ولكن الأول ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط واما ما ذكره المصنف رحمه الله
من استحباب التكبير فيهما ففي الحدائق نسبه إلى المشهور في كلام الأصحاب مستدلين عليه بموثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن سجدتي السهو هل فيهما
تسبيح وتكبير فقال لا انما هما سجدتان فقط فإن كان الذي سهى هو الامام كبر إذا سجد وإذا رفع رأسه ليعلم من خلفه انه قد سهى وليس عليه ان يسبح فيهما
ولا فيهما تشهد بعد السجدتين وفيه ما لا يخفى إذ الرواية على خلاف المطلوب أدل وما فيها من امر الامام بالتكبير عند الوضع والرفع فإنما هو لاعلام
المأمومين كما هو صريح النص لا كونه من اجزاء السجود هذا مع كونه أخص من المدعى لاختصاصه بالامام فالأولى الاستدلال له بفتوى المشهور من باب
المسامحة بناء على اندراج مثلها في موضوع أدلة التسامح كما ليس بالبعيد ولا ينافيه ما في الخبر المزبور من نفي التكبير لجواز حمله على إرادة نفي الوجوب فلا
ينافيه الاستحباب وكيف كان فما عن ظاهر الشيخ في المبسوط من القول بوجوبه في غاية الضعف إذ لا دليل على استحبابه أيضا لولا المسامحة فضلا
عن الوجوب واما اعتبار رفع الرأس من السجود فمما لا ينبغي التأمل فيه بالنسبة إلى السجدة الأولى لتوقف تحقق الاثنينية عليه وتوهم كفاية التعفير ونحوه
في تحقيق مفهوم الاثنينية من غير حاجة إلى الرفع كما في سجدتي الشكر بعد تسليم تحقق الصدق عرفا مدفوع بمخالفته لما ينسبق إلى الذهن من الامر بالسجدتين
بل قد يقال بان المتبادر من امر المصلى بالسجدتين لتدارك سهوه إرادة الاتيان بهما على حسب ما هو المعهود (في سجود الصلاة فيجب فيها ما يجب) في سجود الصلاة من الطهارة والستر والاستقبال و
كونه على الأعضاء السبعة ووضع الجبهة على ما يصح السجود عليه والجلوس فيما بينهما مطمئنا والرفع من الثانية أيضا وغير ذلك مما هو معتبر في سجود
الصلاة كما صرح به بعض ولكنه لا يخلو من تأمل خصوصا بالنسبة إلى بعض ما ذكر كالستر والاستقبال والطهارة والجلوس بين السجدتين ونحوها مما لم
يثبت اعتباره في السجود من حيث هو بل من حيث شرطيته للصلاة أو كونه واجبا مستقلا ولذا توقف غير واحد من المتأخرين في اعتبار شئ زائد فيهما على ما يتوقف
عليه مفهوم السجدتين كما أومى إليه في الجواهر حيث قال بعد نقل جملة من أقوال الاعلام ما لفظه ولكن الانصاف ان للتوقف أو المنع فيما زاد على ما يتحقق
به مسمى السجود عرفا أو شرعا لعدم ظهور أو انصراف معتد به في شئ من الأدلة فيبقى الاطلاق سليما مجالا انتهى واستدل جملة منهم لاعتبار الأمور المزبورة
بقاعدة الاشتغال مع الاعتراف بانحصار المستند فيها وفيه ما تقرر في محله من أن المرجع لدى الشك في الشرطية والجزئية هو قاعدة البراءة لا الاشتغال
خصوصا في مثل المقام الذي يمكن التمسك لنفي اعتباره لشك في اعتباره باطلاق أدلة السجود اللهم الا ان يناقش في ذلك بورود الاطلاق مورد حكم آخر
أو بجريه مجرى العادة من فعلهما بعد الصلاة على النحو المتعارف المعهود في سجود الصلاة من قبل ان يحدث حدثا فلا يصح حينئذ التعلق لنفي اعتبار الشئ من
الأمور المزبورة بأصالة الاطلاق بعد قضاء العادة بعدم تخلف السجدتين عن شئ منها في الغالب فليتأمل ويمكن التمسك لاثبات اعتبار كونه على الأعضاء
السبعة باطلاق الروايات الواردة في أن السجود على سبعة أعظم بدعوى انها بظاهرها مسوقة لبيان مهية السجود المطلوب شرعا لا خصوص سجود الصلاة و
كذا الاعتبار وقوع الجبهة على ما يصح السجود عليه باطلاق الروايات الدالة على أنه لا يصح السجود الا على الأرض ونباتها المتقدمة في محلها ولكنه لا يخلو
594

من نظر لان معهودية السجود في الصلاة مانعة عن ظهور مثل هذه الأخبار في إرادة الجنس ولذا لم نلتزم باعتبار الشرطين في سجود التلاوة ونحوه كما عرفته في محله
واستدل أيضا الشرطية الطهارة بأنهما مكملتان وجابرتان للصلاة التي يشترط فيها ذلك وبالأمر بهما قبل الكلام فالحدث أولى أو ان ذلك مشعر باتصالهما
بالصلاة اتصال الجزء وفيهما ما لا يخفى بعد ما ستعرف من أن الأظهر انهما تكليف مستقل يرغم بهما انف الشيطان ولا يجب الاخلال بهما ابطال الصلاة فلابد حينئذ
من حمل الامر بفعلهما قبل ان يتكلم اما على الاستحباب أو الوجوب تعبدا أو جعله كناية عن وجوب المبادرة إلى فعلهم اقبل التلبس بالافعال الخارجية التي أدناه التكلم
فيكون دليلا للفورية كما استدل به غير واحد لذلك فلا يصح مقايسة الحدث الحاصل حال التشاغل بهما على التكلم الواقع قبلهما بعد فرض كونهما واجبا تعبديا
مغايرا للصلاة فضلا عن أن يكون أولى واما اعتبار الجلوس بين السجدتين مطمئنا فعن مجمع البرهان لعله لا خلاف فيه وعن مفتاح الكرامة نسبته إلى الفاضل
وجمهور من تأخر عنه وربما استدل له مضافا إلى ما عرفته مع ما فيه موقف الاثنينية عليه ونوقش فيه بمنع توقف الاثنينية على الجلوس فضلا عن الطمأنينة
فيه وهو في محله فتلخص مما ذكر ان مقتضى الأصل كفاية مسمى السجدتين وعدم اعتبار شئ زائد على ذلك ولكن الالتزام به في غاية الاشكال بعد مخالفته لظاهر
كلماتهم وعدم كون دعوى انصراف اطلاق الامر بهما إلى إرادة فعلهما على النحو المتعارف المعهود في الصلاة بعيدة عن الصواب فاعتبار التفاصيل المزبورة خصوصا
بعضها كوضع المساجد الذي قد يقال بكونه من مقومات مفهوم السجود لدى المتشرعة ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط واما التشهد بعدهما فربما نسب القول
بوجوبه إلى المشهور بل عن التذكرة والذكرى نسبته إلى علمائنا وعن المعتبر والمنتهى دعوى الاجماع عليه ويشهد له اخبار مستفيضة منها قول الصادق
عليه السلام في صحيحة الحلبي الواردة فيمن لا يدرى أربعا صلى أو خمسا واسجد سجدتين بغير ركوع ولا قراءة تتشهد فيهما تشهدا خفيفا وموثقة أبي بصير قال سئلته عن الرجل
ينسى ان يتشهد قال يسجد سجدتين يتشهد فيهما وصحيحة علي بن يقطين قال سئلت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل لا يدري كم صلى واحدة أو اثنتين أو ثلاثا قال قال عليه السلام يبنى على الجزم
ويسجد للسهو ويتشهد تشهدا خفيفا ورواية سهل بن اليسع عن الرضا عليه السلام أنه قال يبنى على يقينه ويسجد سجدتي السهو بعد التسليم ويتشهد تشهدا خفيفا
ورواية الحسن الصيقل عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يصلي الركعتين من الوتر فيقوم فينسى التشهد حتى يركع فيذكر وهو راكع قال يجلس من ركوعه فيتشهد
ثم يقوم فيتم قال قلت له أليس قلت في الفريضة إذا ذكر بعد ما ركع مضى ثم سجد سجدتين بعد ما ينصرف يتشهد فيهما قال ليس النافلة مثل الفريضة وحكى عن
العلامة في المختلف القول باستحباب التشهد والتسليم وقواه بعض متأخري المتأخرين جمعا بين الاخبار المزبورة وبين موثقة عمار قال سئلته عن سجدتي السهو
هل فيهما تسبيح أو تكبير فقال لا انما هما سجدتا فقط إلى أن قال وليس عليه ان يسبح فيهما ولا فيهما تشهد بعد السجدتين ويؤيده أيضا الأصل واطلاق الأخبار الواردة
في مقام البيان الخالية عن ذكر التشهد والتسليم ويتوجه على الاستدلال بالأصل والاطلاق عدم قابليتهما لمعارضة الاخبار المزبورة مع امكان
الخدشة في الاطلاقات بورودها مورد حكم اخر لا بيان الكيفية فليتأمل واما الموثقة فهي بظاهرها معارضته للاخبار المزبورة المصرحة بان فيهما
التشهد وارتكاب التأويل في الجميع باخراج كل منها عن ظاهره من غير شاهد خارجي خلاف ما يقتضيه قاعدة التراجيح إذ لو بنى على ارتكاب مثل هذا الجمع في الاخبار
المتناقضة صورة قلما يوجد للاخبار العلاجية الامرة بالرجوع إلى المرجحات عند تعارض الاخبار مورد فالأظهر في مثل المقام اعمال قاعدة التراجيح
لا الجمع ومن الواضح عدم صلاحية الموثقة التي قد ترمى بالشذوذ لمعارضة المعتبرة المستفيضة المشهورة وحكى عن بعض الأصحاب حمل الموثقة على التقية
لموافقة ما اشتملت عليه لجملة من العامة وقد أجيب عنها أيضا بحمل ما فيها من نفي التشهد على إرادة التشهد المتعارف في تلك الاعصار المشتملة على جملة من
المستحبات فلا ينافيها التشهد الخفيف الذي أثبته تلك الروايات وفيه ان سوق الموثقة بقرينة صدرها كالنص في إرادة جنس التشهد فالحق في الجواب ما عرفت
ثم إنه قد ورد في جملة من الاخبار التقييد التشهد بالخفيف فهل هو رخصة أو عزيمة وجهان أوجههما الأول لورود القيد مورد توهم وجوب الزيادات
المتعارفة في تشهد الصلاة فلا يتبادر من الامر بالتشهد الخفيف الا إرادة بيان أقل المجزي فلا ينافيه جواز الاتيان بالأكثر والمراد بالخفيف هو الاقتصار
على الواجب منه الخالي من الأذكار الطويلة المستحبة كما ذكره بعض الأصحاب اي الشهادتين والصلاة على النبي وآله عليه وعليهم السلام واحتمال إرادة الاقتصار
على مجرد الشهادتين من دون الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله لعدم اندراجها في اطلاق التشهد فضلا عن الخفيف منه مما لا ينبغي الالتفات إليه ولذا لم ينقل الخلاف في
الصلاة على النبي عن أحد بل عن المصنف في المعتبر دعوى الاجماع على وجوبها حيث قال الواجب السجدتان والشهادتان والصلاة على النبي باجماع علمائنا
فترك التصريح بها في النصوص وبعض الفتاوي لاندراجها لدى المتشرعة في مفهوم التشهد والا فلفظ التشهد من حيث هو لولا المعهودية في الشريعة كلمة
مجملة فكما يفهم منه إرادة الشهادة بالوحدانية والرسالة بواسطة المعهودية فكذلك الصلاة على النبي التي هي من اجزاء التشهد المعهود ولاجل ما أشرنا
إليه من أن التشهد في مصطلح أهل الشرع اسم للشهادة المعهودة التي يتبعها الصلاة على النبي صلى الله عليه
وآله وغيرها من الزيادات الغير المقومة لاسمه قد يقوى في
النظر اعتبار الاتيان به بالصيغة التي نفينا البعد عن اعتبار صورتها في تشهد الصلاة وهي أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا
عبده ورسوله اللهم صلى على محمد وآل محمد ومن اكتفى هيهنا في الشهادتين بلفظ أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فلعله يكتفي بذلك
في تشهد الصلاة أيضا والا فيشكل الالتزام بكفايته في خصوص المقام إذ لا شاهد له عدى توصيف التشهد بالخفيف وهو لا ينهض شاهدا لذلك
بعد فرض مخالفته صورة لما تعارف اطلاق اسم التشهد عليه في الشرع وهو الذي اعتبره الشارع جزء من الصلاة وهو في حد ذاته قابل للاتصاف بالخفيف
595

والطويل فالأحوط ان لم يكن أقوى هو الاتيان بالصيغة المزبورة التي هي أدنى ما يجزي في تشهد الصلاة واما التسليم فالمشهود أيضا وجوبه بل عن المعتبر
والمنتهى دعوى الاجماع عليه ويشهد له صحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا كنت لا تدري أربعا صليت أم خمسا فاسجد سجدتي السهو بعد
تسليمك (ثم سلم بعدهما وصحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا لم تدر خمسا صليت أم أربعا فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك) وأنت جالس ثم سلم بعدهما وعن العلامة في المختلف القول باستحبابه كما في التشهد وقواه بعض من تأخر عنه جمعا بين ما دل على الوجوب وبين
موثقة عمار المتقدمة وغيره مما عرفته في التشهد وفيه ما عرفت فالقول بوجوبه كما هو المشهور أقوى ثم إن المراد من التسليم في النصوص والفتاوي
على الظاهر هو التسليم الذي يخرج به عن الصلاة بل الظاهر خصوص السلام عليكم لما عرفت في مبحث التسليم من أن هذا هو الذي ينصرف إليه اطلاق الامر التسالم
فالأحوط ان لم يكن أقوى تعينه ولكن حكى عن أبي الصلاح انه بعد ان امر بالتشهد الخفيف بعد رفع الرأس من السجدتين قال وينصرف منهما بالتسليم على محمد
وآله صلى الله عليه وآله ولم نعرف مستنده فلعله لم يقصد تعينه بل بيان حصول الانصراف به كصيغة السلام عليكم اخذا باطلاق دليله وفيه ما عرفت من
الانصراف وهل يجب فيهما الذكر كما هو المشهور على ما صرح به في الحدائق وغيره فيه تردد ينشأ من الأصل واطلاق الامر بالسجدتين في الأخبار الكثيرة الواردة
في مقام البيان الخالية عن التعرض فيها للذكر مضافا إلى خصوص الموثقة المزبورة المصرحة بانحصارهما في السجدتين عن غير تكبير وتسبيح ومن انصراف الامر
بالسجود إلى السجود المعهود في الصلاة المشتمل على الذكر وما عن الكافي والتهذيب في الصحيح (عن الحلبي) عن أبي عبد الله عليه السلام قال تقول في سجدتي السهو بسم الله وبالله
اللهم صل على محمد وآل محمد قال الحلبي وسمعته مرة أخرى يقول فيهما بسم الله وبالله السلام عليك أيها النبي ورحمه الله وبركاته هكذا رواه في الحدائق
والمستند ورواه في الوسائل وغيره نحوه باسقاط لفظ فيهما وعن الصدوق في الفقيه في الصحيح عن الحلبي الحديث الا ان فيه وصلى الله على محمد وآل محمد
وعن بعض نسخ الفقيه مثل ما نقل عن الكافي أيضا وعن الشيخ عن عبيد الله الحلبي في الحسن عن أبي عبد الله عليه السلام مثل ما نقل عن الفقيه لكن فيه والسلام بإضافة
الواو وعن كتاب الفقه الرضوي تقول في سجدتي السهو بسم الله وبالله وصلى الله على محمد وآل محمد وسلم وسمعته من طريق أخرى يقول بسم الله
وبالله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله ويتوجه على الاستدلال بالرضوي عدم ثبوت حجيته واما الصحيحة فعن المصنف في المعتبر انه ناقش فيها بأنها
منافية للمذهب من حيث تضمنها وقوع السهو من الامام وقال لو سلمناه لما وجب فيهما ما سمعه لاحتمال ان يكون ما قاله على وجه الجواز لا اللزوم و
أجيب عنه بان سماع ذلك من الامام لا يستلزم وقوع السهو منه لجواز كونه اخبارا عما يقال فيهما بل الظاهر أنه هو المراد كما يشهد لذلك ما رواه أولا أنه قال
تقول في سجدتي السهو الحديث أقول إن ثبت كون هذه الرواية التي رواها أولا بصيغة الخطاب فهي بنفسها شاهدة على المدعى وظاهرها
الوجوب فلا حاجة معها إلى اثبات كون الثانية اخبارا عما يقال لا حكاية عما قاله في السجدتين إذ غاية الأمر كون الرواية الثانية بظاهرها من حيث
استلزامها وقوع السهو من الامام مخالفة للمهذب وهذا لا يوجب سقوط ما رواه أولا عن الاعتبار ولكن يحتمل كونها بصيغة الغيبة كما هي مرسومة
كذلك في بعض النسخ فعلى هذا يجوز ان يكون فاعل قال في الأول أيضا الحلبي وضمير يقول راجعا إلى الإمام عليه السلام يعني انه كان يقول كما يؤيد هذا
الاحتمال قوله بعد ذلك وسمعته مرة أخرى يقول بل يعينه رواية التهذيب على ما نقلها في المدارك حيث قال وروى الشيخ في الصحيح عن عبيد الله الحلبي
قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول في سجدتي السهو بسم الله وبالله وصلى الله على محمد وعلى آل محمد وقال وسمعته مرة أخرى يقول الحديث وكونه بظاهره
منافيا للمذهب لا يعين حملها على إرادة الاخبار عما يقال فيهما لجواز صدور سجود السهو منه أحيانا لدى الايتمام بجابر تقية تبعا لامامهم أو غير ذلك
من دواعي التقية وكيف كان فاستفادة الوجوب من هذه الصحيحة التي قد يستظهر منها كونها حكاية للفعل الذي لم يعلم وجهه لا يخلو من اشكال
فضلا عن صلاحيتها لمعارضة الموثقة التي هي كالنص في في لوجوب وتوهم ان الموثقة انما ينفي وجوب التسبيح لا مطلق الذكر فلا ينافيها وجوب
الذكر المخصوص مدفوع بان وقوع قوله عليه السلام لا انما هما سجدتان فقط جوابا عن السؤال عن انه هل فيهما تكبير أو تسبيح يجعله كالنص في إرادة تجرده
عن مطلق الذكر لا خصوص التسبيح هذا كله مضافا إلى ما ستعرف من قصور الصحيحة في حد ذاتها مع الغض عن المناقشات المزبورة عن اثبات الوجوب واما
ادعاء ان المتبادر من الامر بالسجود هو السجود المشتمل على الذكر كما في سجود الصلاة فمما لا شاهد عليه فالقول بعدم الوجوب كما لعله الأشهر بل
المشهور بين المتأخرين لا يخلو من قوة ولو وجب هل يتعين بلفظ مخصوص الأشبه لا كما عن المبسوط وغيره فيجزي جميع ما سمعته في الصحيح وغيره
مما يجتزى به في سجود الصلاة إذ غاية ما يمكن الالتزام به تنزيل المطلقات الامرة بالسجدتين على السجود المشتمل على الأذكار المتعارفة في سجود الصلاة
ونحوها لمعهوديتها واما تقييدها بخصوص الذكر الذي تضمنته صحيحتا الحلبي كما يلتزم به القائلون بالذكر المخصوص فلا لعدم جواز ارتكاب التقييد في
المطلقات الكثيرة الواردة في مقام البيان في مثل هذا الحكم العام الابتلاء الا بنص صحيح صريح غير قابل للتأويل فكيف بصحيحتي الحلبي اللتين علم من
معارضة كل منهما الأخرى في رادة الوجوب من كل منهما عينا فحملهما على الوجوب التخييري بين خصوص
الذكرين المذكورين في الصحيحتين المستلزم
لارتكاب التقييد في المطلقات ليس بأولى من حمل الخصوصتين على الأفضلية بل هذا أولى بل لو منعنا انصراف المطلقات إلى السجود المشتمل على
الذكر وقلنا بانحصار دليل وجوبه في صحيحتي الحلبي لأمكن أيضا الالتزام بوجوب جلسة لا خصوص الفردين بتقريب ان يقال إنه يستفاد من الصحيحتين وجوب
الذكر في السجدتين ولكن بعد ملاحظة دلالة كل منهما على عدم اعتبار خصوص ما تضمنته الأخرى مع ما في إرادة خصوص السجود المشتمل على الذكر الذي تضمنته الروايتين
596

من الأوامر المطلقة من الاستبعاد بحيث يكاد يقطع بعدمها يرفع اليد عن ظاهرهما بالنسبة إلى الخصوصيتين لا أصل الوجوب ولكنه لا يخلو من نظر فليتأمل ثم إن
بعض من قال بوجوب الاقتصار على خصوص ما ورد في الصحيحتين جوز الاتيان بكل ما تضمنته الصحيحتان مع ما فيهما من اختلاف النسخ فكأنه يرى أن الرواية التي
اختلفت النسخ في نقلها بمنزلة اخبار مختلفة صادرة من المعصوم وفيه ما لا يخفى بعد وضوح كونها رواية واحدة وقد وقع الاختلاف في نقلها فان من الواضح
ان وقوع الاختلاف في نقل الرواية لا يوجب تعميم موضوع الحكم الذي تضمنته فمقتضى قاعدة الشغل اما اختيار الصورة الثانية اي المشتملة على التسليم
لاتفاق رواة الصحيح عليها الا بزيادة الواو التي ينبغي الجزم اما بزيادتها أو كونها عاطفة على القول فكأنه قال سمعته مرة أخرى ذكر البسملة مع التسليم لا
الصلاة واما الجمع بين صورتي الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله اللهم الا ان يرجح رواية الكافي بالأوثقية كما ليس بالبعيد ثم لو قلنا بحجية الفقه الرضوي صح الالتزام
بجواز الاتيان بالصلاة بصورة صلى الله على محمد وآل محمد وسلم لورودها فيه بهذه الصيغة كما سمعت فائدتان الأولى المشهور بين الأصحاب
على ما في الحدائق وغيره ان وجوب سجدتي السهو فوري واستدل عليه بكون الامر للفور وأجيب بمنع دلالة الامر على الفور كما صرح به محقق الأصوليين
واستدل أيضا بالاخبار الدالة على ايقاعهما بعد التسليم وهو جالس قبل ان يتكلم وأورد عليه بان غاية ما تدل عليه هذه الأخبار كون ايقاعهما قبل
الكلام ولا تلازم بينه وبين الفورية وأجيب بان المتبادر من الامر بالاتيان بهما بعد السلام وقبل الكلام هو البعدية القريبة والمتبادر منها الفورية
وفيه تأمل لجواز ان يكون ذلك لأجل حرمة الاتيان بالمنافيات قبلهما كما حكى القول به عن ظاهر جملة من الأصحاب مستشهدين له بهذه الأدلة كما ستعرف
واما ما قيل من أن المتبادر من البعدية هو البعدية القريبة ففيه انه لم سلم فهو فيما لو اطلق لفظ بعد ولم يحدده بفعل أو حال ونحوه والا فظاهره
التوقيت كما في أغلب اخبار الباب ولكن حيث علم عدم فواتهما بفوات هذا الوقت كما ستعرف وجب الحمل على حمرة التأخير عنه اختيارا وهو غير الفورية
هذا ولكن الانصاف اشعار الاخبار المزبورة بإرادة المبادرة إلى فعل السجدتين بعد الفراغ من الصلاة قبل ان يتحول من مكانه أو يشتغل بالافعال
المباينة لها التي أدناها التكلم مع الغير فيستفاد منها الفورية العرفية فيكون التحديد بما قبل ان يتكلم أو بكونه جالسا للجري مجرى الغالب من ضيق هذا
الوقت المستلزم لحصولهما فورا عرفا فليتأمل وحكى عن ظاهر العلامة في النهاية والشهيدين في الألفية والشرح القول باستحباب الفورية واختاره
صريحا بعض متأخري المتأخرين للأصل بعد تضعيف دلالة الاخبار المشار إليها عن إفادة الوجوب وموثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الرجل
يسهو في صلاته فلا يذكر ذلك حتى يصلي الفجر كيف يصنع قال لا يسجد سجدتي السهو حتى تطلع الشمس ويذهب شعائها وفي الحدائق بعد نقل هذه الموثقة
قال والظاهر أنه لا قائل به من الأصحاب رضوان الله عليهم أقول لولا اعراض الأصحاب عن الموثقة لاتجه العمل بها في خصوص موردها بعد حملها على الكراهة كما يؤيد
ذلك الأخبار المستفيضة الناهية عن الصلاة في هذا الوقت لما فيها من التشبه بعبدة الشمس حيث يسجدون لها في هذا الوقت كما في بعض تلك الأخبار الإشارة
إلى هذه العلة وكيف كان فالاتيان بها فورا مطلقا حتى بعد صلاة الفجر ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط ولكنك عرفت في محله ان الأحوط تقديم
الركعات الاحتياطية بل وكذا قضاء الأجزاء المنسية عليهما والله العالم الثانية نسب في الحدائق إلى ظاهر جملة من الأصحاب القول بحرمة
سائر المنافيات قبلهما ثم قال وربما كان التفاتهم إلى أن الامر بهما بعد السلام وقبل الكلام الذي هو من المنافيات وتخصيصه بالذكر حيث إنه الغالب وقوعه
بعد الفراغ وذكره انما خرج مخرج التمثيل لذلك وبه يظهر ما في رد بعض المتأخرين لما ذكروه بأنه غير مستفاد من الاخبار وكيف كان فالاحتياط يقتضيه البتة
انتهى أقول إن كان المقصود بقوله عليه السلام فاسجد سجدتي السهو قبل ان تتكلم التوقيت اي تحديد الاتيان بهما بما قبل الكلام ونظائره بحيث يكون الاتيان بالمنافي
موجبا لفواتهما أو فوات وقتهما الاختياري اتجه ما ذكر حيث فعل المنافي بنفسه على هذا التقدير سبب للاخلال بواجب مطلق فيحرم ولكن لا يفهم منه حينئذ
الفورية كما تقدمت الإشارة إليه بل يفهم منه جواز التراخي ما لم يأت بالمنافي وقد اعترفنا تبعا لصاحب الحدائق وغيره باشعار الاخبار المزبورة
بإرادة الفورية وقضية ذلك جعل قبل الكلام أو الجلوس الواردين في الاخبار كناية عن وقتهما العادي وهو الزمان المتصل بالصلاة الذي جرت
العادة في الغالب بعدم تلبس المصلي بالكلام أو الانتقال من مجلسه نظير قول القائل لا تبرح عن هذا المكان حيت يؤذن المؤذن فلا مدخلية حينئذ
الفعل المنافي من حيث هو في الحرمة وانما الحرام ترك السجدتين في الزمان المتصل بالصلاة سواء تلبس حاله بكلام أم لا الا من باب مسألة الضد التي هي
على خلاف التحقيق مع أنه لا مضادة بين مطلق الكلام وبين الفورية خصوصا لو لم نقل بحرمة التكلم في السجود والحاصل انه لا يصح الجمع بين المعنيين نعم
حمل الاخبار على خصوص المعنى الأول المستلزم للحكم بحرمة المنافيات قبلهما أو حالهما دون الفورية ليس بالبعيد بل أوفق بظاهر اللفظ لولا دعوى
الانصراف إلى الكناية عرفا كما تقدمت الإشارة إليه فلا ينبغي ترك الاحتياط بالنسبة إليه أيضا والله العالم وليعلم ان المشهور بين الأصحاب
رضوان الله عليهم كما في الجواهر وغيره ان سجدتي السهو واجب نفسي مستقل وان نشأ وجوبهما من خلل في الصلاة فلو اهملهما عمدا لم تبطل الصلاة فضلا
عن السهو وحكى عن الشيخ في الخلاف القول بأنهما شرط في صحة الصلاة كما عن بعض العامة وقواه المحقق البهبهاني في حاشية المدارك وشرحه على المفاتيح
على ما حكى عنه بل عن الشرح نسبته إلى ظاهر غيره من الأصحاب أيضا هو لهم يجب السجدتان لكذا واستدل عليه بظاهر النصوص التي يستفاد الشرطية غالبا
من أمثالها خصوصا ما جعل فيها تداركا لسهو إذا المتبادر من ايجاب شئ عند وقوع خلل كونه تداركا وعلاجها فإذا لم يأت بهما لم يكن اتيا بالمأمور به على وجهه
597

وخصوصا بعد زيادة التأكيد فيهما في المبادرة إلى فعلهما وانهما بعد السلام وقبل الكلام وأنت جالس وإذا سلمت ونحو ذلك مما هو ظاهر في أن وقتها
هذا لا مدة العمر ويتوقف البراءة اليقينية عن الشغل اليقيني على فعلهما ويتوجه على ما استظهره من الأصحاب انه لا يظهر من قولهم تجبان لكذا الذي هو
كناية عن موجبات السجدتين الا إرادة بيان ما يوجبهما واما كون وجوبهما نفسيا أو شرطية للصلاة فلا يكاد يستشعر من ذلك واما النصوص فهي أيضا كذلك
لا يظهر منها الشرطية كما يفصح عن ذلك عدم فهم المشهور منها ذلك نعم في بعضها اشعار بذلك كرواية عمار الواردة فيمن ذكر بعد الصلاة انه صلى ثلاثا
حيث أنه قال عليه السلام في الجواب يبني على صلاته متى ما ذكر ويصلي ركعة ويتشهد ويسلم ويسجد سجدتي السهو وقد جازت صلاته فإنها مشعرة بان للسجدتين أيضا
دخلا في جواز صلاته ولكن لا ينبغي الالتفات إلى مثل هذه الاشعارات في اثبات حكم مخالف للقواعد وهي اصالة في لاشتراط وبرائة الذمة عن
التكليف بالإعادة لدى الاخلال بالسجدتين وما قيل من ظهور مثل هذه النصوص في الشرطية ففيه ان ذلك في الأوامر المتعلقة بكيفيات عمل أو بايجاد شئ
في خلاله دون ما لو تعلق بايجاد شئ بعد الانصراف عنه كما فيما نحن فيه الا ترى الفرق بين ما لو تعلق الامر بتسبيح ونحوه في السجود أو بين السجدتين مثلا
وبين ما لو تعلق الامر بايجاده بعد الانصراف من الصلاة حيث يفهم من الأول كونه (من اجزاء الصلاة بخلاف الثاني هذا مع ما في تسميتهما بالمرغمتين من الإشارة إلى وجه وجوبهما وكونهما) تكليفا نفسيا شرعت ارغاما لانف الشيطان الذي أوقعه في السهو
وكيف كان فلا ينبغي الالتفات إلى شئ مما ذكر في مقابل الأصول المعتبرة وما قيل من توقف البراءة اليقينية عن الشغل اليقيني على فعلهما ففيه ما تقرر
في محله من أن المرجع لدى الشك في الشرطية والجزئية هو قاعدة البراءة لا الاشتغال بل لو قلنا بقاعدة الشغل في تلك المسألة اتجه أيضا الرجوع إلى
أصل العدم في نظائر المقام مما ينتزع الشرطية من ايجاب شئ خارج عن مسمى الصلاة عرفا وشرعا مقيدة لاطلاق الامر بها ولذا لم يتمسك أحد من القائلين
بالاشتغال في الموارد التي وقع الخلاف في وجوب سجود السهو أو قضاء جزء منسي لدى الخدشة في دليله اللفظي بقاعدة الشغل ولا ينافي ذلك الالتزام
بكون الصلاة اسما للصحيحة إذ الصلاة على هذا التقدير تكون جزء من المكلف به والعبرة في صدق الاسم بصحتها في مرتبة جزئيتها وهي كونها بحيث لو
تعقبها السجود أو قضاء جزئها المنسي مثلا لأجزأت كما لا يخفى على المتأمل ولكن لقائل ان يقول إن الرجوع إلى أصل العدم الذي مرجعه إلى اصالة
الاطلاق انما يتجه فيما لو شك في التقييد ولم يكن هناك دليل يصلح ان يكون مقيدا للاطلاق كما لو شك في أصل وجوب قضاء الجزء أو سجود السهو
بخلاف ما لو ثبت وجوبه وشك في شرطية كما فيما نحن فيه فلابد فيه من الرجوع إلى الأصول العملية فليتأمل وكيف كان فقد تلخص مما ذكر ان الأقوى
ما هو المشهور من كونهما واجبا مستقلا لا يوجب اهمالهما ابطال الصلاة وعليه الاتيان بهما وان طالت المدة وما ورد في جملة من النصوص المتقدمة
من توقيتهما بما بعد التسليم وقبل التكلم فهو من باب تعدد المطلوب كما يفصح عن ذلك موثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الرجل إذا سهى في الصلاة
فينسى ان يسجد سجدتي السهو قال يسجدها متى ذكر فإنها تدل على عدم فوات مطلوبيتهما بالتأخر واختصاص موردها بالناسي غير قادح فان جعل هذه الرواية
كاشفة عن إرادة الحكم التكليفي من اخبار التوقيت أعني وجوب المبادرة إلى فعلهما بعد الصلاة مهما أمكن أولى من حملها على إرادة الحكم الوضعي في حق
غير الناسي وعلى تقدير تكافؤ الاحتمالين فالمرجع اصالة بقاء التكليف الحاكمة على قاعدة البراءة مضافا إلى عدم نقل القول بالتفصيل ممن قال بكونهما
تكليفا مستقلا بل هو خرق للاجماع على ما قيل والله العالم * (الفصل الثاني) * من الركن الرابع في قضاء الصلوات اي تدارك ما فات
منها في وقتها الموظف بعد خروج وقتها وحيث إن ترك الصلاة في وقتها قد يكون بأسباب لا يجب معها القضاء وجب معرفة تلك الأسباب فالكلام يقع
ههنا في سبب الفوات وحكم القضاء ولواحقه اما السبب فمنه ما يسقط معه وجوب القضاء وهو سبعة الصغر اجماعا كما في الجواهر بل لعله من
ضروريات الدين ومثله في ذلك الجنون بآفة سماوية ويدل عليه مضافا إلى ذلك اندراجه تحت القاعدة الواردة في المغمى عليه التي هي من
الأبواب التي يفتح منها الف باب وهي كلما غلب الله عليه فهو أولى بالعذر واما إذا كان من فعله فعن الشهيد في الذكرى ان عليه القضاء مسندا
له إلى الأصحاب مشعرا بدعوى الاجماع عليه القول ولعل نسبة إلى الأصحاب مع اطلاق كلامهم في المقام بعدم القضاء على المجنون كالصغير
نشأت من حكمهم بوجوب القضاء في مسألة ما لو زال عقله بشئ من قبله كالمسكر وشرب المرقد كما في المتن وغيره معللا بكونه سببا غالبيا لزوال العقل فإنه
مشعر بكون الكبرى مسلما عندهم حتى في الجنون وكيف كان فقد استدل أيضا لنفي القضاء على الصبي والمجنون مطلقا ولو كان الجنون بفعله بحديث رفع القلم
(عن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق ونوقش بان الحديث انما يدل على انتفاء التكليف بالأداء حال الصغر والجنون وهذا لا ينافي ثبوت القضاء بعد البلوغ والإفاقة كما في النائم الذي هو ممن رفع القلم)
عنه حتى يستيقظ فالأولى الاستدلال له بالأصل إذ القضاء على ما يقتضيه التحقيق بأمر جديد وهو مفقود في المقام هكذا قبل القول لو قيل بتبعية
القضاء للأداء وانه بالامر الأول لتم الاستدلال أيضا إذ الأمر الأول لم يتوجه اليهما حتى يتبعه القضاء ولكن هذا فيما إذا لم نقل بشمول قوله عليه السلام
من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته لمثل المقام والا فيشكل رفع اليد عنه بالنسبة إلى المجنون الذي حصل جنونه بفعله مع ظن ترتبه عليه لما
عرفت من أن عمدة المستند في التخصيص الاجماع المخصوص بغير مثل القرض وحديث كلما غلب الله عليه الغير المتناول لمثله حيث يستند الفعل حينئذ
إلى نفسه نعم مع جهله بترتبه على فعله عمه هذا العموم حيث إن فعله حينئذ كفعل غيره بمنزلة الأسباب السماوية الحاصلة بغير اختياره ولعل
القائل بوجوب القضاء فيما لو كان بفعله لم يقصده أيضا الا مع ظن الترتب كما هو صريح غير واحد منهم والا فهو محجوج بالعموم فتلخص مما ذكر
ان المتجه بناء على شمول من فاتته فريضة لمثل المقام هو القول بالتفصيل ولكن شموله لمثله لا يخلو من تأمل فإنه لا يقال عرفا فإنه الشئ الفلاني الا
598

إذا كان تحصيل ذلك الشئ مصلحة له وكان من شانه احرازها فلا يقال للمجنون كالصبي الغير المميز الذي ليس اهلا للتكليف انه فاتته الفرائض خصوصا مع عدم
اتصافها بالنسبة اليهما بالفريضة ولا أقل من انصراف النص عنه وقياسه على المريض والنائم والناسي ونحوهم قياس مع الفارق فان مثل هذه العوارض
غير مانع عن بقاء الأهلية بل عن ايجاد الفعل بخلاف الجنون هذا مع عدم سلامة سند الحديث عن الخدشة فإنه ينوي مرسل يدعى انجبار ضعفها بالقبول
وكيف كان فالأقوى ما هو المشهور من في لقضاء على المجنون مطلقا ولو بفعله اطباقيا كان أم أدواريا وكذا يسقط القضاء مع الاغماء المستوعب للوقت
على الأظهر الأشهر بل المشهور بل عن الغنية دعوى الاجماع عليه خلافا لظاهر الصدوق في المقنع حيث قال على ما نقل عنه ما لفظه اعلم أن المغمى عليه يقضي
جميع ما فاته من الصلاة وروى ليس على المغمى عليه ان يقضى الا صلاة اليوم الذي افاق فيه والليلة التي افاق فيها (وروى أنه يقضي صلاة ثلاثة أيام وروى أنه يقضي الصلاة التي افاق فيها) في وقتها وهو كما ترى ظاهر في اختياره قضاء جميع
ما فاته ولكن نقل عنه في الفقيه موافقة المشهور ويمكن ارجاع الأول أيضا إليه إذ الظاهر أن الصدوق يرى جواز العمل بجميع ما يرويه في كتابه ولو على
سبيل الاجمال وقضية ذلك حمل ما عدى الرواية الدالة على اختصاص القضاء بما افاق في وقتها على الاستحباب كما التزم به كثير من المتأخرين كما ستعرف
ويؤيده عبارته الآتية المحكية عن الفقيه وكيف كان فيدل على المشهور اخبار كثيرة منها ما عن الشيخ في الصحيح عن أيوب بن نوح قال كتبت إلى أبي
الحسن عليه السلام عن المغمى عليه يوما أو أكثر هل يقضي ما فاته من الصلاة أم لا فكتب لا يقضي الصوم ولا يقضي الصلاة وعن الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته
عن المريض هل يقضي الصلاة إذا أغمي عليه قال لا الا الصلاة التي افاق فيها وعن حفص في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال يقضي الصلاة التي افاق فيها وعن
علي بن مهزيار في الصحيح قال سئلته عن المغمى عليه يوما أو أكثر هل يقضى ما فاته من الصلاة أم لا فكتب لا يقضي الصوم ولا يقضي الصلاة ورواه الصدوق
في الفقيه في الصحيح عن علي بن مهزيار أيضا وزاد فيه وكلما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر ثم قال فاما الاخبار التي رويت في المغمى عليه انه يقضي جميع ما
فاته وما روى أنه يقضي صلاة شهر وما روى أنه يقضي ثلاثة أيام فهي كلها صحيحة ولكنها على الاستحباب لا على الايجاب وعن أبي بصير قال سئلته عن المريض
يغمى عليه ثم يفيق كيف يقضي الصلاة قال يقضي الصلاة التي أدرك وقتها وعن أبي أيوب عن أبي عبد الله قال سئلته عن المريض يغمى عليه أياما لم يصل
ثم افاق أيصلي ما فاته قال لا شئ عليه وعن معمر بن عمر قال سئلت أبا جعفر عليه السلام عن المريض يقضي الصلاة إذا أغمي عليه قال لا وعن (علي بن) سليمان قال كتبت
إلى الفقيه أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام أسئله عن المغمى عليه يوما أو أكثر هل يقضي ما فاته من الصلاة أم لا فكتب لا يقضي (الصوم ولا يقضي) الصلاة وعن الكليني والشيخ في
الصحيح عن الحسن بن جعفر البختري عن أبي عبد الله قال سمعته يقول في المغمى عليه ما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر وعن الشيخ عن محمد بن مسلم في
الرجل يغمى عليه الأيام قال لا يعيد شيئا من صلاته وعن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال كلما غلب الله عليه فليس على صاحبه شئ وعن العلا
بن الفضيل قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يغمى عليه يوما إلى الليل قال إن افاق قبل غروب الشمس فعليه قضاء يومه هذا فان أغمي عليه أياما ذوات عدد
فليس عليه ان يقضي الا اخر أيامه ان افاق قبل غروب الشمس والا فليس عليه قضاء إذ الظاهر أن المراد به قضاء الصلاة التي أدرك وقتها لا مطلقها
حتى صلاة الصبح ونحوه خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الرجل يغمى عليه نهارا ثم يفيق قبل غروب الشمس قال يصلي الظهر والعصر ومن
الليل إذا افاق قبل الصبح قضى صلاة الليل وعن الصدوق في العيون والعلل في الصحيح عن فضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في حديث قال وكذلك كلما
غلب الله عليه مثل المغمى عليه يغمى عليه في يوم وليلة فلا يجب عليه قضاء الصلوات كما قال الصادق عليه السلام كلما غلب الله على العبد فهو اعذر له وعن الصدوق
في الخصال بسنده عن موسى بن بكير قال قلت لأبي عبد الله الرجل يغمى عليه اليوم واليومين والثلاث والأربع وأكثر من ذلك كم يقضي من صلاته فقال
الا أخبرك بما يجمع لك هذا وأشباهه كلما غلب الله عز وجل من امر فالله اعذر لعبده قال وزاد فيه غيره ان أبا عبد الله عليه السلام قال وهذا من الأبواب التي يفتح
كل باب منها الف باب وما في بعض الأخبار من أنه يقضي صلاة يوم افاقته كخبر علي بن جعفر المروي عن قرب الإسناد عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن
المريض يغمى عليه أياما ثم يفيق ما عليه من قضاء ما ترك من الصلوات قال يقضي صلاة ذلك اليوم وخبر عبد الله بن محمد الحجال قال كتبت إليه جعلت
فداك روى عن أبي عبد الله عليه السلام في المريض يغمى عليه أياما فقال بعضهم يقضي صلاة يومه الذي افاق فيه وقال بعضهم يقضى ثلاثة أيام ويدع ما سوى ذلك
وقال بعضهم لا قضاء عليه فكتب يقضي صلاة يومه الذي يفيق فيه يمكن ارجاعه إلى المشهور بحمله على إرادة الصلاة التي أدرك وقتها بعد الإفاقة
بشهادة ما سبق ولكن قد يأبى عن ذلك ما في الخبر الأخير من جعل القول بقضاء يوم افاقته في كلام السائل مقابلا للقول بنفيه رأسا وكيف كان فقد
ورد بإزاء الاخبار المزبورة اخبار اخر يظهر منها خلاف ما ذكر منها ما عن الشيخ في الصحيح عن حفص عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن المغمى عليه يوما
إلى الليل قال يقضي صلاة يومه وعن سماعة في الموثقة قال سئلته عن المريض يغمى عليه إذا جاز عليه ثلاثة أيام فليس عليه قضاء وان أغمي عليه
ثلاثة أيام فعليه قضاء الصلاة فيهن وعن حفص بن البختري في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال المغمى عليه يقضي صلاة ثلاثة أيام وعن حفص في الصحيح عن
أبي عبد الله عليه السلام قال يقضي المغمى عليه ما فاته وعن حفص في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال يقضي صلاة يوم وعن أبي بصير قال قلت لأبي جعفر عليه السلام رجل أغمي
عليه شهرا يقضي شيئا من صلاته قال يقضي منها ثلاثة أيام وعن أبي كهمش قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام وسئل عن المغمى عليه أيقضي ما تركه من الصلاة
فقال اما انا وولدي وأهلي فنفعل ذلك وخبر منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئله عن المغمى عليه شهرا أو أربعين ليلة قال إن شئت أخبرتك
599

بما امر به نفسي وولدي ان تقضي كلما فاتك وفي الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال كل شئ تركته من صلاتك لمرض أغمي عليك فيه فاقضه
إذا أفقت وفي الحسن عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال سئلته عن الرجل يغمى عليه ثم يفيق قال يقضي ما فاته يؤذن في الأولى ويقيم في البقية وفي الصحيح
عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام في المغمى عليه قال يقضى كلماته وعن رفاعة في الصحيح قال سئلته عن المغمى عليه شهرا ما يقضي من الصلاة قال
يقضيها كلها ان امر الصلاة شديد وعن الذكرى عن إسماعيل بن جابر قال سقطت عن بعيري فانقلبت على أم رأسي فمكثت سبعة عشر ليلة مغمى علي
فسئلته عن ذلك فقل اقض مع كل صلاة صلاة وقضية الجمع بين الاخبار حمل هذه الأخبار التي ورد فيها الامر بالقضاء على الاستحباب كما حكى عن
الصدوق والشيخ وغيرهما التصريح به بل في الحدائق نسبته إلى المشهور وربما يشهد له أيضا بعض الأخبار المتقدمة كرواية أبي كهمش وخبر منصور
بن حازم الأول وما في هذه الأخبار من الاختلاف ينزل على اختلاف مراتب الاستحباب واحتمال جري هذه الأخبار جميعها أو بعضها مجرى التقية
مما لا ينبغي الالتفات إليه بعد مخالفته للأصل وكون حمل الامر على الاستحباب أيضا مخالفا للأصل غير قادح إذ الأول كاصالة في لسهو و
نظائرها بمنزلة الأصل الموضوعي المتقدم في الرتبة على اصالة الظهور كما لا يخفى وجهه على المتأمل ثم إن مقتضى اطلاق بعض النصوص والفتاوي
كصريح بعض عدم الفرق في المغمى عليه بين ان كان بآفة سماوية أو بفعله خلافا للذكرى على ما حكى عنه فأوجب القضاء في الثاني دون الأول بل
نسبه إلى الأصحاب مشعرا بدعوى الاجماع عليه ووافقه صريحا بعض من تأخر عنه بل ربما استظهر ذلك من السرائر أيضا حيث قيد عدم وجوب القضاء
بما إذا لم يكن هو السبب في دخوله عليه بمعصية يرتكبها وكيف كان فمستنده على الظاهر دعوى انصراف الاطلاق إلى الغالب المتعارف سيما مع
اشتمال جملة من نصوص الاغماء على قوله عليه السلام كلما غلب الله عليه فهو أولى بالعذر الذي هو بمنزلة التعليل للحكم فيستشعر منه اختصاصه بمورد
ثبوت هذه العلة وهو كون العذر الموجب لفوات الصلاة في وقته من قبل الله تعالى دون المكلف نفسه بل ادعى في الحدائق دلالته على ذلك
فجعل الأخبار المشتملة على هذه القضية مخصصة للمطلقات الواردة في هذا الباب بل في باب الحائض والنفساء وغيرهما (أيضا فالتزم بثبوت القضاء على الحايض والنفساء) أيضا إذا حصل العذر
بفعلهما اخذا بعموم المفهوم وفيه منع ظهوره في العلية المنحصرة بل هي قضية كلية مسوقة لبيان نفي القضاء وغيره من المؤاخذات المترتبة على ترك
الواجبات في وقتها إذا كان ذلك باغماء ونحوه من الأسباب الخارجية عن اختيار المكلف واما انحصار العذر بذلك كي يلزمه ثبوت القضاء عند
انتفاء كونه مما غلب عليه فلا يكاد يفهم منه اي لا ظهور له في السببية المنحصرة في مورده فضلا عن أن يتعدى عنه إلى الحائض ونحوها مما لا مساس
لهذا التعليل به لأنه انما يتمشى هذه القضية فيما إذا كان ترك الصلاة محتاجا إلى الاعتذار بان كانت الصلاة بالذات مطلوبة منه ففاتته لعذر
خارج عن اختياره بخلاف ما لو كانت الصلاة محرمة عليه كما في الحائض والنفساء فان فعلها حينئذ يكون موجبا للمؤاخذة لو لم يكن مما غلب عليه لا تركها
الذي يجب عليه اختياره طاعة الله نعم لو كان ادراج المكلف نفسه تحت هذا الموضوع الذي حرم عليه فعل الصلاة مبغوضا لدى الشارع
صح الاستشهاد بهذا الحديث لنفي المؤاخذة عليه عند حصوله لا باختياره لا لنفي قضاء الصلاة التي تركها اختيارا بعد الاندراج كما أن حصوله لو كان
اختياريا له كان يصحح المؤاخذة على نفسه لا على ترك الصلاة الحاصلة حاله طاعة لله تعالى وكيف كان فعمدة المستند للقول بوجوب القضاء فيما لو كان الاغماء
بفعله عموم قوله صلى الله عليه وآله من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته بعد دعوى انصراف الروايات النافية للقضاء الواردة في المغمى عليه بنفسها أو بواسطة اشتمالها
على القضية المزبورة عن مثل الفرض وفيه ان دعوى الانصراف بالنسبة إلى أغلب الأخبار الواردة في هذا الباب وان كانت في محلها الا انها بالنسبة
إلى بعضها قابلة للمنع ولكنها غير بعيدة الا ان منشأه ندرة الوجود ومثله غير قادح بالاطلاق فليتأمل وفي الجواهر نقل عن الرياض انه استحسن القول
المزبور لولا ما يظهر من الفوات من تحقق الخطاب بالفعل ثم يفوت وهو مفقود في المقام ثم أورد عليه بما لفظه وفيه أولا منع عدم تحقق
الخطاب في الفرض أو بعض افراده لان الممتنع بالاختيار لا يقبح معاملته معاملة المقدور المتعلق به الاختيار وثانيا منع توقف صدق اسم الفوات
على تحقق الخطاب في نحو ما نحن فيه بل أقصاه توقفه على في لنهي كما في الحائض ونحوها على اشكال فالأولى في رد الشهيد حينئذ اطلاق النصوص
بعد منع الانصراف المزبور الا ان يثبت اجماع كما أشعرت به عبارته السابقة انتهى وهو لا يخلو من جودة وقد تقدم في أول كتاب الطهارة توجيه
تحقق الخطاب في مثل الفرض ولذا التزمنا بحرمة الاخلال بالمقدمات الوجودية الموجب لفوات الواجبات الموقتة في أوقاتها كترك التعلم أو
إراقة الماء قبل الوقت ومثله اختيار النوم أو الاغماء الموجب للاخلال بالواجبات المطلوبة منه ولو قبل حضور أوقاتها ولو لم نلتزم بذلك
فلا أقل من الالتزام بتحقق الخطاب في بعض افراد المسألة وهو ما لو صبر نفسه عاجزا عن الامتثال عن عمد واختيار بنوم أو اغماء بعد دخول الوقت
وتنجز الخطاب بالفعل فإنه يصدق حينئذ تفويت التكليف بلا شبهة ويستحق المؤاخذة عليه وان لم يتعد من أول الوقت بمقدار أداء الصلاة كما هو
واضح مع أن القائل بنفي القضاء لم يفصل بين الموارد ولو سلم عدم تحقق الخطاب فنقول يكفي في صدق الفوت وصحة اطلاق تفويت التكليف
تحقق مقتضيه واختيار المكلف ما يمنعه عن توجيه الخطاب إليه من نوم أو اغماء ونحوهما من الاعذار المانعة عن توجه الخطاب والفرق بين النوم والاغماء
وغيرهما من الاعذار وبين الجنون الذي لم نلتزم معه بصدق الفوات وان كان حاصلا بفعله هو ان العقل كالحياة من اجزاء المقتضي للتكاليف فهو من قبيل
600

المقدمات الوجوبية للواجبات المشروطة التي لا يتحقق بالاخلال بها صدق تفويت التكليف بخلاف سائر الاعذار
فتلخص مما ذكر ان القول بثبوت القضاء
في الفرض لا خلو من قوة لولا ورود الاطلاقات عليه وهو أيضا لا يخلو من تأمل فان دعوى الانصراف فيها غير بعيدة فهذا القول مع أنه أحوط لا يخلو عن قوة
ولا يذهب عليك ان محل الاشكال انما هو فيما لو حصل بفعله مع الظن بترتبه عليه واما بدونه فلا اشكال في اندراجه تحت اطلاقات الأدلة كما
تقدم التنبيه عليه في الجنون وكذا لا يجب القضاء إذا كان السبب الحيض أو النفاس اجماعا بل كاد يكون من ضروريات المذهب ويدل عليه اخبار
مستفيضة كما عرفته في كتاب الطهارة وما يظهر من الحدائق من وجوب القضاء عليهما لو حصلا بفعله ضعيف كما يظهر وجهه مما مر والكفر الأصلي أي
ما فاته بسبب الكفر لا يجب قضائها بعد ان اسلم بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن المنتهى وغيره الاجماع عليه بل عن المفاتيح نسبته إلى ضرورة الدين
للنبوي المشهور الاسلام يجب ما قبله ويهدم فهذا مما لا شبهة فيه كما أنه لا شبهة في أنه لو اسلم في دار الحرب وترك الصلاة أو لم يأت بها بحدودها لجهله بها
أو بحدودها وشرائط وجب عليه قضائها بعد العلم وان كان معذورا في تركها الذي عدم التمكن من معرفتها كغيره من افراد الجاهل القاصر الذي
فاتته الفرائض لقصوره لعموم أدلة القضاء الغير القاصر عن شمول مثل هذه الفروض وتقييد الفكر بالأصلي لاخراج المرتد فإنه يجب عليه قضاء ما فاته
في زمانه ردته أو قيله بلا خلاف فيه على الظاهر كما اعترف به في الحدائق لعموم أدلة قضاء الفوائت المقتصر في تخصيصها على الكافر الأصلي الذي
اسلم بالاجماع وحديث الجب المتقدم ولا يتناول الحديث للمرتد فإنه منزل على الغالب المتعارف في عصر صدوره أي زمان النبي صلى الله عليه وآله
الذي كان يتعارض فيه صيرورة الكفار مسلمين مع أن المتبادر من قوله عليه وآله السلام الاسلام يجب ويهدم ما قبله وروده فيمن كان قبل الاسلام
كافرا على الاطلاق لا في الجملة حتى يتناول المرتد كما يؤيده فهم الأصحاب وكذلك الكلام في كل من انتحل الاسلام من الفرق المخالفة حتى المحكوم بكفرهم
منها فان الظاهر وجوب القضاء عليهم ما لم يأتوا بالفعل موافقا لمذهبهم واما لو اتوا به على وفق مذهبهم لم يجب عليهم القضاء كما عن جملة من الأصحاب
التصريح به بل عن بعضهم نسبة إلى المشهور بل عن الروض نسبته إلى الأصحاب مشعرا بدعوى الاجماع عليه للأخبار المستفيضة الدالة على ذلك
منها رواية الفضلاء عن أبي جعفر عليه السلام وأبي عبد الله عليه السلام انها قالا في الرجل يكون في بعض هذه الأهواء الحرورية والمرجئة والعثمانية والقدرية
ثم يتوب ويعرف هذا الامر ويحسن رأيه أيعيد كل صلاة صلاها أو صوم أو زكاة أو حج أوليس عليه إعادة شئ من ذلك قال ليس عليه إعادة شئ
من ذلك غير الزكاة لا بد ان يؤديها لأنه وضع الزكاة في غير موضعها وانما موضعها أهل الولاية ورواية ابن أذينة قال كتب إلى أبو عبد الله عليه السلام
ان كل عمل عمله الناصب في حال ضلاله أو حال نصبه ثم من الله عليه وعرفه هذا الامر فإنه يوجر عليه ويكتب له الا الزكاة فإنه يعيدها لأنه وضعها في
غير موضعها وانما موضعها أهل الولاية واما الصلاة والصوم فليس عليه قضائها وصحيحة بريد بن معاوية العجلي عن أبي عبد الله عليه السلام قال وسئلته
عن رجل وهو في بعض هذه الأصناف من أهل القبلة ناصب متدين ثم من الله عليه فعرف هذا الامر يقضى حجة الاسلام فقال عليه السلام يقضى أحب
إلى وكل عمل عمله وهو في حال نصبه وضلالته ثم من الله عليه وعرفه الولاية فإنه يوجر عليه الا الزكاة فإنه يعيدها لأنه وضعها في غير مواضعها
لأنها لأهل الولاية واما الصلاة والحج والصيام فليس عليه قضاء بل قد يظهر من خبر عمار المنقول عن الكشي ان المخلف إذا استبصر لم يجب عليه
قضاء الفائتة أيضا قال قال سليمان بن خالد لأبي عبد الله عليه السلام وانا جالس انى منذ عرفت هذا الامر اصلى في كل يوم صلاتين اقضي ما فاتني قبل
معرفتي قال لا تفعل فان الحال التي كنت عليها أعظم من ترك ما تركت من الصلاة ولكن لم ينقل عن أحد من الأصحاب القول بذلك وقد حكى
عن الشهيد في الذكرى انه نقل هذا الخبر من كتاب الرحمة عن عمار ما نقلناه ثم قال وهذا الحديث مع ندوره وضعف سنده لا ينهض مخصصا
للعموم مع قبوله التأويل بان يكون سليمان كان يقضى صلاته التي صلاها وسماها فائتة بحسب معتقده الآن لأنه اعتقد انه بحكم من لم يصل
لمخالفتها في بعض الأمور ويكون قول الإمام عليه السلام من ترك ما تركت من شرائطها وأفعالها وحينئذ لا دلالة فيه على عدم قضاء الفائتة حقيقة في الحال
الأول انتهى وهو جيد وكيف كان فلا مجال للارتياب في أنه لا يجب عليهم قضاء الصلاة التي اتوا بها صحيحة لديهم بل وكذا سائر العبادات ما
عدى الزكاة كما هو صريح الأخبار المتقدمة فما عن العلامة في التذكرة من الاستشكال في الحكم بسقوط القضاء عمن صلى وصام منهم لاختلال
الشرائط والأركان في غير محله بعد ورود المعتبرة المستفيضة بذلك فهو تفضل من الله تعالى لا ينافيه عدم كون الفعل حال حصوله مجزيا نعم لو
أخلوا بشرائطه المعتبرة عندهم أيضا بحيث يرون في مذهبهم أيضا وجوب قضائه فهو كما لو تركوه رأسا وجب تداركه بلا خلاف فيه على الظاهر
لخروج مثل الفرض عن منصرف الاخبار مع أنها واردة مورد حكم اخر فليس لها اطلاق بحيث يعم الفاسدة لديهم أيضا فرجع في حكمها إلى عمومات
أدلة القضاء ولو اتى بها على وفق مذهبنا على وجه تأتى منه قصد القربة كما لو جهل بشئ فسئل المفتى مثلا فأرشده إلى ما يوافق الحق فعمل به بقصد
التقرب فهل يلحق بالفاسدة في وجوب قضائها لكونها فاسدة عندهم من حيث المخالفة لمذهبهم وعندنا أيضا لكونها فاقدة لشرط الولاية
المعتبرة لدينا في قبول الاعمال وجهان أوجههما العدم فان ما دل على مضى أعمالهم بعد الاسلام يدل عليه في مثل الفرض بالفحوى بل شمول
قوله عليه السلام في صحيحة الفضلاء ورواية ابن أذينة وكل عمل عمله إلى آخره فلمثل الفرض أوضح من شموله للعبادات الفاسدة الواقعة على وفق مذهبهم
601

مع أن شرطية الولاية لقبول الاعمال على الظاهر ليس على وجه يكون منافيا لذلك فلا ينبغي الاستشكال فيه وكذا لا يجب القضاء إذا كان
سبب الترك في لتمكن من فعل ما يستبيح به الصلاة من وضوء أو غسل أو تيمم لدى بعض كالمفيد في رسالته إلى ولده على ما نسب إليه وعن (هي) (وير)
أيضا اختياره وقيل يقضى عند التمكن وقد تقدم الكلام في هذه المسألة مفصلا في كتاب الطهارة وظهر فيما تقدم ان القول بوجوب القضاء هو الأشبه بالقواعد لا
الأول فراجع هذا كله في السبب الذي يسقط معه القضاء وما عداه أي ما عدى التقدم يجب معه القضاء كالاخلال بالفريضة عمدا أو سهوا نصا واجماعا عدى الجمعة
التي قد عرفت انها بعد فوات وقتها تؤدى ظهر أداء أو قضاء وعدى صلاة العيدين التي لم يثبت لها قضاء وان ورد في صلاة الفطر انها تؤدى في اليوم
الثاني من شوال إذا ثبت الهلال بعد الزوال وتمام الكلام في ذلك في محله وكذا يجب مع الاخلال بها بالنوم ولو استوعب الوقت زاد على المتعارف أم لا
لصدق اسم الفوات على الجميع مضافا إلى اطلاق بعض الروايات الخاصة الدالة عليه ولعله لذا اطلق الأصحاب ولم يفصلوا بين الموارد نعم عن الشهيد
في الذكرى انه بعد ان ذكر مما يوجب القضاء النوم المستوعب وشرب المرقد قال لو كان النوم على خلاف العادة فالظاهر التحاقه بالاغماء وقد نبه عليه في
المبسوط انتهى وفيه ما عرفت لا يقال إن القضاء بأمر جديد وهو في غير مثل الفرض فان مستندا لحكم اما الاجماع أو عموم ما دل على قضاء الفوائت وشئ منها
لا يجدي في المقام اما الاجماع فواضح لعدم تناوله محل الخلاف مع امكان دعوى انصراف اطلاق كلماتهم عن مثله واما العمومات فشمولها له موقوف على صدق
اسم الفوات وهو محل نظر لتوقفه على توجه الخطاب بالفعل في وقته وهو لا يتحقق مع استيعاب النوم واما الروايات الخاصة فهي منصرفة إلى النوم
المتعارف لأنا نقول بعد الغض عن امكان دعوى عدم كون مثل هذا الخلاف قادحا بالاجماع وعدم سماع دعوى الانصراف في كلماتهم ان منع صدق اسم
الفوات في مثل المقام في غير محله كما يظهر وجهه مما مر في المغمى عليه وكذا دعوى انصراف النصوص الخاصة عنه فان حصول النوم على خلاف العادة ليس موجبا
لانصراف اطلاق اسم النوم عنه بل قد يكون من أوضح مصاديقه وندرة الوجود ليس موجبا للانصراف خصوصا بالنسبة إلى بعض الروايات مثل
صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سئلته عن رجل صلى ركعتين بغير طهور أو نسي صلاة لم يصلها أو نام عنها قال يقضيها إذا ذكرها في أي ساعة ذكرها
من ليل أو نهار الحديث فان ذكر النوم في كلام السائل جار مجرى التمثيل لبيان سبب الفوات فلا ينسبق إلى الذهن من ذلك الا إرادة مهية النوم
من حيث هي من غير التفات إلى عرف أو عادة كما يؤيد ذلك تتمة الحديث وهى قوله (عليه السلام) فإذا دخل وقت صلاة ولم يتم ما قد فاته فليقض ما لم يتخوف
ان يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت وهذه أحق فليقضها فإذا قضاها فليصل ما فاته مما قد مضى إلى آخره فإنه مشعر بإناطة الحكم على مجرد
الفوات من غير مدخلية لسببه نعم قد يتوهم شمول قوله عليه السلام كلما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر للنوم القهري الحاصل بغير اختياره
سواء خرج عن العادة أم لا وقضية ذلك تحكيمه على اطلاقات أدلة القضاء ولكن لم ينقل هذا التفصيل عن أحد مع امكان دعوى انصراف هذا
الحديث إلى مثل الجنون والاغماء ونحوهما من الاعذار الاتفاقية لا مثل النوم أو السهو والنسيان ونحوها من الاعذار العادية الجارية على مقتضى
الطبع مما علم اجمالا سببيته للقضاء بالضرورة من الشرع هذا مع أن الأخبار الواردة في نوم النبي صلى الله عليه وآله أخص مطلقا من
قوله عليه السلام كلما غلب الله عليه لورودها في النوم القهري الحاصل من قبل الله تعالى كما وقع التصريح بذلك فيها فيخصص بها عمومه على اشكال فليتأمل
وكيف كان فالقول بوجوب القضاء مطلقا كما هو المشهور مع أنه أحوط أقوى ثم إن المراد من الاخلال بالفريضة في المتن بحسب الظاهر أعم من
تركها رأسا أو الاخلال بشئ من اجزائها أو شرائطها المعتبرة فيها بل الظاهر في لخلاف في سببية الاخلال بشئ من الاجزاء والشرائط المعتبرة
في الصلاة كتركها رأسا لوجوب القضاء فان من أخل بشرط أو جزء عمدا أو سهوا مما لم يدل دليل على اغتفار سهوه غير آت بالمأمور به فعليه
تداركه في الوقت مع بقائه والا ففي خارجه والمراد بالفوت الذي علق عليه الحكم في النصوص والفتاوى وليس الا ترك الاتيان بالفريضة المأمون به
المتحقق في مثل الفرض نعم ربما فصل بعض بين الاجزاء والشرائط التي ثبت اعتبارها بقاعدة الشغل وبين ما ثبت بدليل اجتهادي فأوجب
القضاء في الاخلال بالثاني دون الأول نظرا إلى أن القضاء بأمر جديد لا يتنجز التكلف به الا بعد احراز الفوت الذي أنيط به الحكم وهو في
الأول مشكوك فان بما ثبت اعتباره بقاعدة الشغل انما حكم بوجوبه من باب الاحتياط تحصيلا للجزم بالخروج عن عهدة الفريضة الواقعية فلا يكون
الاخلال به موجبا للجزم بحصول الفوت حتى يتنجز التكلف بالقضاء وأصالة عدم الاتيان بالفريضة الواقعية كاستصحاب بقاء التكليف بها
ما دام بقاء وقتها انما يجدى في ايجاب اعادتها في الوقت لا القضاء في خارجه إذ لا يحرز بمثل هذه الأصول عنوان الترك أو الفوت الذي أنيط به وجوب
القضاء الا على القول بالأصل المثبت وهو خلاف التحقيق ويتوجه عليه ان المراد بالترك أو الفوت الذي أنيط به الحكم في النصوص والفتاوى
بحسب الظاهر هو في لاتيان بالمأمور به في وقته وهذا موافق للأصل لا العدم الخاص الذي هو من قبيل العدم والملكة ويطلق عليه عنوان
الترك والفوت حتى يكون الأصل بالنسبة إليه مثبتا هذا مع انا وان قلنا بان القضاء بأمر جديد ولكن الامر الجديد كشف عن أن المطلوب بالامر
الأول من باب تعدد المطلوب فيكون وجوب الاتيان به بعد خروج الوقت كإعادته في الوقت متفرعا على اصالة عدم الاتيان به في الوقت و
استصحاب بقاء التكلف المتعلق به كما لا يخفى على المتأمل ولو زال عقل المكلف بشئ يزيل العقل غالبا ولكن لا على وجه يندرج عرفا في موضوع
602

اسم المجنون أو المغمى عليه وكان ذلك من قبله عالما بترتب الزوال عليه غير مكره ولا مضطر كالمسكر وشرب المرقد وجب عليه القضاء بلا خلاف فيه على الظاهر
بل عن الذكرى نسبته إلى الأصحاب مشعرا بدعوى الاجماع عليه لصدق اسم الفوات وعدم شمول ما دل على السقوط من عموم قوله عليه السلام كلما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر لمثله
لأنه أي الشرب مثلا سبب في زوال العقل غالبا فيكون ترك الصلاة الحاصل حاله ناشئا من اختياره باعتبار اختيارية سببه فلا يندرج تحت هذا العموم بل ربما يستشعر
منه خلافه كما تقدمت الإشارة إليه في المغمى عليه واما لو لم يكن الفعل سببا عاديا لذلك ولكن حصل ذلك من
باب الاتفاق أو كان ولكن لم يكن المكلف عالما بذلك أو
كان عالما ولكن اكره أو اضطر إلى شربه فقد يقال بعدم وجوب القضاء عليه اخذا بعموم القاعدة المزبورة وهو متجه لو لم ندع انصرافه عن شارب المسكر والمرقد ونحوه
مما لا يراه العرف عذرا كالجنون والاغماء من الآفات السماوية كما ليس بالبعيد فثبوت القضاء فيما لا يندرج من مثل هذه الاعذار تحت اسم المجنون والاغماء وان لم يكن بفعله أيضا
ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط واما لو حصل بفعله الجنون فالأظهر عدم وجوب القضاء عليه كما لو كان بآفة سماوية كما عرفت واما الاغماء فقد يتجه فيه التفصيل بين ما لو حصل
بفعله اختيارا وبين ما إذا لم يكن كذلك كما ظهر وجهه فيم مر وعلى هذا فلو اكل غذاء مؤذيا فال إلى الاغماء من باب الاتفاق أو مع الجهل بسببية له أو كان مضطرا إليه لم يقض
ولو اكله اختيارا مع الظن بكونه موجبا له قضى وإذا ارتد المسلم أو اسلم الكافر ثم ارتد وجب على قضاء زمان ردته لصدق اسم الفوات وانتفاء ما يدل على سقوطه عنه
كما عرفته فيما سبق والقول بعدم قبول توبة المرتد الفطري ظاهرا أو باطنا المستلزم لسقوط التكليف بالقضاء عنه لكونه تكليفا بالمحال لاشتراط بالاسلام الممتنع في حقه ضعيف في
الغاية بل قد عرفت في كتاب الطهارة ان الأظهر قبول اسلامه ظاهرا أو باطنا وما دل على عدم قبول توبته غير مناف لذلك فراجع واما حكم القضاء فإنه يجب قضاء الفائتة
إذا كانت واجبة اجماعا كما ادعاه في الجواهر وغيره وفي المدارك قال اجمع العلماء كافة على أن من ترك الصلاة الواجبة مع استكمال الشرائط أو أخل بها النوم أو نسيانا
يلزمه القضاء انتهى وظاهر كلماتهم في فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم المحكية كصريح بعضهم في لفرق في الصلاة الواجبة بين اليومية وغيرها مع اجتماع شرائط القضاء
مما عدى الجمعة والعيدين كما عرفت والأصل في ذلك بعد الاجماع عموم قوله عليه السلام من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته بناء على شموله لمطلق الواجب وما روى أيضا عنه
صلى الله عليه وآله أنه قال من نام عن صلاة أو نسيها فليقضها إذا ذكرها وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سئلته عن رجل صلى ركعتين بغير طهور أو نسي
صلاة لم يصلها أو نام عنها قال يقضيها إذا ذكرها في أي ساعة ذكرها من ليل أو نهار إذ المتبادر من كلام السائل إرادة الصلاة الواجبة فترك الاستفصال في
الجواب يفيد العموم اللهم الا ان يدعى انصرافه إلى اليومية وهو لا يخلو من تأمل وكيف كان فهذا في الجملة مما لا شبهة فيه بعد انعقاد الاجماع عليه مع أن الصلاة
الواجبة غير ما عرفت استثنائه أي الجمعة والعيدين منحصرة في اليومية والطواف والآيات وقد ورد في خصوص كل منها ما يفي بحكمه كما تقرر في محله واما صلاة الأموات
فهي غير مرادة بهذا الحكم وخارجة عن منصرف كلماتهم واما الصلوات الواجبة بنذر وشبهه فالأشبه عدم وجوب قضائها خصوصا إذا كانت من حيث هي مما لم يشرع له قضاء
لانصراف العمومات المثبتة للقضاء عن مثلها وانتفاء ما يدل عليه بالخصوص فما استظهره في الجواهر من اندراج المنذورة فيما يجب قضائها لا يخلو من نظر ويستحب قضاء
الفائتة إذا كانت نافلة موقتة ولعل المراد بها الرواتب خاصة فلا يقضى غيرها وان وقت الشارع لها وقتا كصلاة أول الشهر مثلا لقصور النصوص الواردة
في قضاء النوافل عن شموله استحبابا مؤكدا كما يدل عليه خبر عبد الله بن سنان قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل عليه من من صلاة النوافل ما لا يدرى ما هو من كثرته كيف يصنع
قال فليصل حتى لا يدرى كم صلى من كثرته فيكون قد قضى بقدر علمه قلت فإنه لا يقدر على القضاء من كثرة شغله فقال إن كان شغله في طلب معيشة لابد منها أو حاجة لأخ
مؤمن فلا شئ عليه وان كان شغله لدنيا تشاغل بها عن الصلاة فعليه القضاء والا لقى الله تعالى مستخفا متهاونا مضيعا لسنة رسول الله صلى الله عليه وآله الحديث ويأتي تمامه انشاء الله تعالى
ويشهد له أيضا الاخبار الآتية وان فاتت بمرض لا يزيل العقل لم يتأكد الاستحباب كما يدل عليه خبر مرازم قال سئل إسماعيل بن جابر أبا عبد الله عليه السلام فقال أصلحك الله
ان على نوافل كثيرة فكيف اصنع فقال اقضها فقال إنها أكثر من ذلك قال اقضها قلت لا أحصيها قال توخ قال مرازم وكنت مرضت أربعة اشهر لم أتنفل فيها فقلت
أصلحك الله وجعلت فداك انى مرضت أربعة اشهر لم أصل فيها نافلة فقال ليس عليك قضاء ان المريض ليس كالصحيح كلما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر فيه
وقوله عليه السلام ليس عليك قضاء محمول على نفى تأكد الاستحباب كما يشهد لذلك رواية محمد بن مسلم قال قلت له رجل مرض فترك النافلة فقال يا محمد ليس بفريضة ان قضاهما
فهو خير يفعله وان لم يفعل فلا شئ عليه وان لم يقدر على القضاء يستحب ان يتصدق بقدر طوله وأدنى ذلك لكل ركعتين من صلاة الليل والنهار مد فإن لم
يقدر على ذلك فلكل أربع ركعات من صلاة الليل ومن صلاة النهار مد وان لم يقدر فمدان مد لصلاة الليل ومد لصلاة النهار وان لم يتمكن فعن كل يوم بمد
ويشهد لما عدى الأخير مما ذكر ما رواه عبد الله بن سنان في تتمة الخبر المتقدم قال قلت فإنه لا يقدر فهل يجزى ان يتصدق فسكت مليا ثم قال فليتصدق بصدقه قلت فما
يتصدق قال بقدر طوله وأدنى ذلك مد لمسكين مكان كل صلاة قلت وكم الصلاة التي يجب فيها مد لكل مسكين فقال لكل ركعتين من صلاة الليل مد ولكل ركعتين من صلاة
النهار مد فقلت لا يقدر فقال مد إذا لكل أربع ركعات من صلاة النهار ولكل أربع ركعات من صلاة الليل مد فقلت لا يقدر فقال مد لكل صلاة الليل ومد لصلاة النهار
والصلاة أفضل والصلاة أفضل والصلاة أفضل ولا يخفى عليك قصور عبارة المتن عن إفادة مضمون الرواية من اشتراط الصدقة بالعجز عن القضاء هذا مع عدم انطباقها
لما تضمنته الرواية فالمتجه العمل بما في الخبر واما ما ذكره المصنف (ره) من الصدقة عن كل يوم بمد فلا يبعد الالتزام به في اخر مراتب العجز بقاعدة الميسور بل قد يتجه بهذه القاعدة
الالتزام بما يظهر من المتن من عدم اشتراط استحباب الصدقة بالعجز عن القضاء ولا الصدقة عن كل يوم بمد بالعجز عن الأكثر بالترتيب الذي تضمنه الخبر بناء على كون هذه القاعدة
كاشفة عن كون المهيات التي تعلق بها طلب شرعي إذا كان لها مراتب مترتبة عرفا بجميع مراتبها مجنونة بالذت شرعا ولكن إذا كان الطلب المتعلق بها الزاميا لا يجوز
603

الانتقال من المرتبة التي تعلق بها الطلب إلى ما دونها بلا ضرورة مسوغة لذلك بخلاف ما لو كان ندبيا فإنه حيث يجوز تركها رأسا يجوز الاقتصار على بعض مراتبها الناقصة
لدى عدم إرادة الاتيان بالأكمل فإنه أولى من الترك رأسا فليتأمل ويجب قضاء الفريضة الفائتة وقت الذكر ما لم يتضيق وقت فريضة حاضرة وقد اختلفت كلمات
الأصحاب وتشتت آرائهم في هذه المسألة في أنه هل يجب قضاء الفائتة فورا أم يجوز التراخي وانه هل يعتبر الترتيب بينها وبين الحاضرة بان يأتي بالفائتة أولا مع الامكان
ثم الحاضرة أو بالعكس أم لا ترتيب بينهما أصلا وفي الجملة كما ستعرف تفصيله ههنا مسئلتان الأولى انه هل يجب المبادرة إلى فعل القضاء أي الاتيان بها فورا
أم لا وبعبارة أخرى هل الامر فيها مبنى على المضايقة أم المواسعة الثانية في اعتبار الترتيب وقد اختلط الكلمات في هاتين المسئلتين فربما يستدلون للقول
بالمضايقة بما يدل على الترتيب أو بالعكس وكذا للموسعة بما يدل على عدم اعتبار الترتيب أو بالعكس ومن هنا زعم بعض اتحاد المسئلتين وابتناء القول بالترتيب على المضايقة
وعدمه على عدمها وهو لا يخلو من نظر إذ لا ملازمة بين الامرين فيجوز الالتزام بالترتيب من جهة النصوص الآتية دون المضايقة وان أفضى إليها أحيانا اما لكثرة الفوائت
أو لعدم تذكرة الا في ضيق الوقت وكذا يجوز القول بالمضايقة بدون الترتيب لأجل بعض الأدلة الآتية كما حكى عن صاحب هدية المؤمنين نعم لازم هذا القول الالتزام
بالترتيب بناء على اقتضاء الامر بالشئ النهى عن ضده الخاص وكون المراد بالمضايقة المضايقة الحقيقية بحيث ينافيها التشاغل بسائر الاعمال بمقدار أداء صلاة ما لم يغسل؟ إليها
وكل من المبنيين محل نظر أو منع وكيف كان فالأولى افراد كل من المسئلتين واتباع ما يقتضيه دليلها فأقول حكى عن جملة من الأصحاب منهم السيد والحلي والحلبي وظاهر المفيد
والديلمي القول بوجوب القضاء الفائتة فورا أو عدم جواز التأخير حتى أنه حكى عنهم المنع عن الأكل والشرب والنوم والتكسب الا بمقدار الضرورة وعن بعض منهم التصريح ببطلان
الفريضة في أول الوقت ويظهر من المحكى عن ابن حمزة في الوسيلة القول بالمضايقة في الفائتة نسيانا وبالمواسعة فيما تركها قصدا حيث قال اما قضاء الفرائض فلم يمنعه
وقت الا تضيق وقت وهو ضربان اما فاتته نسيانا أو تركها قصدا اعتمادا فان فاتته نسيانا وذكرها فوقتها حين ذكرها الا عند وقت تضيق وقت الفريضة
فان ذكرها وهو في فريضة حاضرة عدل بنيته إليها ما لم يتضيق الوقت وان تركها قصدا جاز له الاشتغال بالقضاء إلى اخر الوقت والأفضل تقديم الحاضرة عليه وان
لم يشتغل بالقضاء واخر الأداء إلى اخر الوقت كان مخطئا انتهى فان ظاهره بقرينة التفريع وجوب العدول من الحاضرة إلى الفائتة من حيث وجوب المبادرة إلى المنسية وقت
الذكر لا من حيث اعتبار الترتيب ويحتمل كونه من القائلين بالمضايقة مطلقا ولكنه يجعل مقدار زمان يسع الحاضرة اما مستثنى من وجوب المبادرة ببعض التقريبات الآتية
أو انه يلتزم بالمضايقة العرفية التي لا ينافيها مثل الصلاة التي هي من الضروريات في أول وقتها كما ربما يؤيد هذا الاحتمال قوله وان لم يشتغل بالقضاء واخر الأداء إلى اخر
الوقت كان مخطئا اللهم الا ان يكون حكمه بكونه مخطئا لا لأجل عدم اشتغاله بالقضاء في هذا الحين بل لتأخيره الصلاة بلا عذر فإنه على ما نسب إليه ممن لا يجوز التأخير إلى اخر
الوقت اختيارا الا لأولي الأعذار فيكون مراده بصدر العبارة بيان كون التشاغل بالقضاء من الاعذار المسوغة له وكيف كان فقد استدل للقول بالمضايقة بأمور الأول
اصالة الاحتياط اما من حيث الفورية فإنه مع المبادرة يا من من العقوبة ولدى التأخير لا يامن من ذلك خصوصا مع احتمال طر والعجز واما من حيث تيقن الخروج عن عهدة الحاضرة إذ لو
قدمها يشك في صحتها ما لم يتضيق الوقت فلا يحصل معه يقين البراءة عما اشتغلت الذمة به يقينا وفيه ان الاحتياط الجهة الأولى غير لازم المراعاة جزما لكونها
شبهة وجوبية والشك فيها شك في تكليف اصلى وهو وجوب القضاء فورا ومقتضى الأصل عدمه اتفاقا كما ادعاه شيخنا المرتضى رحمه الله وكذا من الجهة الثانية
إذ البحث فيها من هذه الجهة راجع إلى مسألة الشك في الشرطية والمختار فيها أيضا البراءة خصوصا لو كان الشك فيها ناشئا من الشك في الفورية لا وجوبه تعبدا إذ المتجه
على هذا التقدير القول بالبراءة وان قلنا بالاحتياط في تلك المسألة إذ المرجع حينئذ هو الأصل الجاري في الشك السببي أي اصالة في لفورية دون المسببى لحكومته عليه كما
تقرر في محله ثم على تقدير تمامية اصالة الاحتياط من هذه الجهة فهي من أدلة الترتيب لا الفورية كما لا يخفى الثاني اطلاق أو امر القضاء بدعوى ظهورها لغة أو شرعا
أو عرفا في الفور والجواب المنع إذ لا دلالة للامر على الفور لا لغة ولا شرعا ولا عرفا الثالث الأدلة الخاصة من الكتاب والسنة فالأول قوله تعالى أقم الصلاة لذكرى بناء
على ما نسب إلى كثير من المفسرين من أنه في الفائتة فعن الذكرى أنه قال قال كثير من المفسرين انه في الفائتة لقول النبي صلى الله عليه وآله من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها
إذا ذكرها ان ا لله تعالى يقول أقم الصلاة لذكرى وفي رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال إذا فاتتك صلاة فذكرتها في وقت أخرى فان كنت تعلم انك ان صليت
التي فاتتك كنت من الأخرى في وقت فابدء بالتي فاتتك ان الله عز وجل يقول وأقم الصلاة لذكرى انتهى وعن الطبرسي بعد ذكر جملة من معانيه وقيل معناه أقم الصلاة
متى ذكرت ان عليك صلاة كنت في وقتها أم لم تكن عن أكثر المفسرين وهو المروى عن أبي جعفر عليه السلام وعن القمي (ره) إذا نسيت صلاة ثم ذكرتها فصلها ومثل خبر زرارة المتقدم
في تفسير الآية صحيحة الأخرى الواردة في حكاية نوم النبي صلى الله عليه وآله وفيها من نسي شيئا من الصلاة فليصله إذا ذكرها ان الله تعالى يقول وأقم الصلاة لذكرى ويتوجه على
الاستدلال بالآية انه ان أريد بذلك الاستدلال بنفس الآية مع قطع النظر عن الرايات في تفسيرها ففيه مالا يخفى من عدم دلالتها بنفسها عليه بل مخالفته لظاهرها
خصوصا بعد الالتفات إلى كون الخطاب بها بظاهرها متوجها إلى موسى عليه السلام الذي يمتنع ان يفوته الصلاة نسيانا وقد قبل في تفسيرها وجوه أوفق بمداليل ألفاظها
من إرادة خصوص قضاء الفائتة فقيل معناها أقم الصلاة لتكون ذاكر إلى غير ناس وقيل لأجل ذكرى لأنها مشتملة على التحميد والتسبيح والتعظيم وقيل لأوقات ذكرى و
هي مواقيت الصلاة وقيل لان أذكرك بالمدح والثناء عليك وان أريد الاستدلال بها بمعونة الاخبار ففيه أولا أنه لا يكاد يفهم من الاخبار إرادة خصوص قضاء الفائتة
من الآية خصوصا بعد الالتفات إلى اباء سوق الآية عن ذلك إذ لا مناسبة في عطف الامر بقضاء الفائتة لدى التذكر على الامر بالعبادة الواقعة في قوله تعالى انني انا الله لا
اله الا انا فاعبدني قبل الامر بأدائها بل المناسب له الامر بإقامة الصلاة على الدوام كي لا يعرضه فتورا ونسيان في العبودية كما هو بعض المعاني المزبورة ولا منافاة بينه وبين تلك
604

الروايات كي تكون صارفة لها عن إرادة هذا المعنى فان قضية ما ذكر مطلوبيتها على الاطلاق وعدم فواتها بفوات وقتها فيصح حينئذ الاستشهاد بها لاثبات وجوب
قضاء الفائتة بعد التذكر فلا يفهم من الاخبار ان المراد بلفظ ذكرى في الآية ذكر الصلاة حتى يحتاج توجيهه إلى التكلف وعلى تقدير إرادة هذا المعنى من الآية
فلا مقتضى لتخصيصها بالفائتة بل تعم الحاضرة أيضا فيكون المراد بها الامر بإقامة الفرائض عند ذكرها سواء كان في الوقت أو في خارجه كما يؤيد ذلك ما تقدم نقله
عن الطبرسي في تفسيرها ناسبا له إلى أكثر المفسرين من أن معنى الآية أقم الصلاة متى ذكرت ان عليك صلاة كنت في وقتها أم لم تكن ومن الواضح الامر بإقامتها متى ذكرها
في وقتها ليس للفور ضرورة عدم وجوبها فورا ما دام الوقت واسعا فالمقصود بذلك ايجاب ايجادها بعد التذكرة لا ايجاب المبادرة إلى فعلها في أول أوقات الذكر إذ
لا يستقيم ذلك بالنسبة إلى الحاضرة فيكشف ذلك عن أن المراد بقوله فليصلها إذا ذكرها في الروايات التي ورد فيها الاستشهاد لوجوب الفائتة بالآية انما هو إرادة
هذا المعنى اي عدم فواتها بالنسيان في الوقت ووجوب الاتيان بها بعد التذكر لا الفورية والا لم يتم الاستشهاد
بالآية وثانيا ان الاخبار المزبورة بنفسها قاصرة عن
إفادة وجوب المبادرة لان الرواية الأولى عامية لا اعتداد بها والصحيحة الأخيرة مع ما فيها من حيث اشتمالها على قضية نوم النبي صلى الله عليه وآله من الاشكال صددها شاهد على
في رادة الفورية من قوله فليصلها إذا ذكرها بل مجرد ايجاب القضاء بعد التذكر لاشتمال صدرها على حكاية قول النبي صلى الله عليه وآله وفعله مما ينافي الفورية بل يدل على
المواسعة كما سيأتي نقله في أدلة المواسعة واما رواية زرارة الأولى فان تمت دلالتها فعلى وجوب الترتيب في الفائتة الواحدة كما هو أحد الأقوال الآتية دون الفورية
وما فيها من الاستشهاد بالآية لعله لدفع توهم عدم جواز فعل الفائتة بعد دخول وقت الحاضرة حتى يراعى بينهما الترتيب هذا ولكن الانصاف ظهور الرواية
في كون ما فيها من الاستشهاد بالآية لاثبات وجوب البدئة بالفائتة وهو لا يتم الا على تقدير إرادة الفور من الآية ولكن الرواية ليست مسوقة لبيان التفسير كي
يكون العبرة بظاهرها وان كان بعيدا عن ظاهر الآية بل في مقام الاستشهاد فصرف التعليل إلى ما يناسب ظاهر العلة يجعله علة لبيان الجواز لدفع توهم المنع أولى من
ارتكاب التأويل في العلة بتخصيص الصلاة بخصوص الفائتة كي يناسب الاستدلال للوجوب هذا مع أنه يحتمل قويا ان يكون المراد بقوله إذا فاتتك صلاة فذكرتها في
وقت أخرى هي أولى الظهرين والعشائين فالمراد بفوتها هو فوتها في وقتها الذي كان معهودا لديهم في تلك الأزمنة كما ورد نظير ذلك في سائر الأخبار وربما يؤمى
إليه تتمة الرواية وهي قوله عليه السلام وان كنت تعلم انك إذا صليت التي فاتتك فاتتك التي بعدها فابدء بالتي أنت في وقتها واقض الأخرى وربما يؤيده أيضا رواية العيص
بن القاسم المروية عن كتاب الحسين بن سعيد قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي أو نام عن الصلاة حتى دخل وقت صلاة أخرى فقال إن كانت صلاة الأولى فليبدء
بها وان كانت صلاة العصر صلى العشاء ثم صلى العصر فعلى هذا لا دلالة فيها الا على الفورية ولا على الترتيب فيما هو محل الكلام فليتأمل واما السنة فهي اخبار كثيرة منها
الروايات الواردة في تفسير الآية وقد عرفت الجواب عنها ومنها الرويات التي ورد فيها الامر بالقضاء عند ذكره كالنبوي الذي ادعى في محكى السرائر انه من المجمع عليه بين
الأمة من نام عن صلاة أو نسيها فوقتها حين يذكرها وخبر نعمان الرازي سأل الصادق عليه السلام عن رجل فاته شئ من الصلاة فذكر عند طلوع الشمس وعند غروبها قال
فليصل حين ذكر وصحيحة زرارة عن الباقر عليه السلام اربع صلوات يصليها الرجل في كل ساعة صلاة فاتتك فمتى ما ذكرتها أديتها وصلاة ركعتي الطواف الفريضة و
صلاة الكسوف والصلاة على الميت فهذه يصليهن الرجل في الساعات كلها وصحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال خمس صلوات لا تترك على حال إذا طفت
بالبيت وإذا أردت ان تحرم وصلاة الكسوف وإذا نسيت فصل إذا ذكرت وصلاة الجنازة وخبر يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل ينام عن
الغداة حتى تبزغ الشمس أيصلي حين يستيقظ أو ينتظر حتى تنبسط الشمس فقال يصلي حين يستيقظ؟ الوتر أو يصلي الركعتين قال بل يبدء بالفريضة وموثقة
سماعة بن مهران قال سألته عن رجل نسي ان يصلي الصبح حتى طلعت الشمس قال يصليها حين يذكرها إلى غير ذلك من الروايات الدالة عليه وتقريب الاستدلال بها
ان توقيت فعل الصلاة بوقت الذكر ظاهر في وجوب ايقاعها في ذلك الوقت كما في قول القائل ادخل السوق عند طلوع الشمس أو الزوال أو افعل كذا حين قدوم زيد
ونحو ذلك وحملها على الاستحباب خلاف الظاهر ومنها الروايات الدالة على عدم جواز الاشتغال بغير القضاء مثل صحيحة أبي ولاد الواردة في حكم المسافر القاصد
للمسافة الراجع عن قصده قبل تمامها وفي اخرها فان كنت لم تسر في يومك الذي خرجت فيه بريدا فان عليك ان تقضي كل صلاة صليتها في يومك ذلك بالتقصير بتمام من قبل
ان تريم من مكانك ذلك لأنك لم تبلغ الموضع الذي يجوز فيه التقصير حتى رجعت فوجب عليك قضاء ما قصرت وعليك إذا رجعت ان تتم الصلاة حتى تصير إلى منزلك
وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام انه سئل عن رجل صلى بغير طهور أو نسي صلاة لم يصلها أو نام عنها فقال يقضيها إذا ذكرها في اي ساعة ذكرها من ليل أو نهار فإذا
دخل وقت صلاة ولم يتم ما قد فاته فليقض ما لم يتخوف ان يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت وهذه أحق بوقتها فليصلها فإذا قضاها فليصل ما قد فاته مما قد
مضى ولا يتطوع بركعة حتى يقضى الفريضة كلها ومنها الروايات الآتية الدالة على الترتيب بدعوى في لقول بالفصل بينه وبين الفور وفيها ما عرفت من المنع
ويتوجه على الاستدلال بسائر الاخبار ما عدى الخبرين الأخيرين أعني صحيحتي أبي ولاد وزرارة انها ما بين مسوق لبيان عدم اختصاص القضاء بوقت دون وقت
في مقام توهم مرجوحيته في بعض الأوقات كما في جملة من الاخبار الايماء إليه ومسوق لبيان أصل وجوب قضاء المتروك لعذر من نوم أو نسيان وتوقيته بحين الاستيقاظ
أو الذكر جار مجرى التعبير عند إرادة بيان عدم سقوطه ووجوب الاتيان به بعد زوال العذر فلا ينسبق من مثل هذا التعبير إرادة الفورية ولذا لا ترى تهافتا بين
الفقرات التي تضمنتها صحيحة زرارة المتقدمة الواردة في نوم النبي صلى الله عليه وآله المشتملة على الامر بالصلاة إذا ذكرها مع أن صدرها وذيلها ما ينافي الفورية فإنه روى
زرارة في الصحيح ان أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا حضر وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة نافلة حتى يبدء بالمكتوبة قال فقدمت الكوفة فأخبرت الحكم بن عيينة
605

وأصحابه فقبلوا ذلك مني فلما كان في القابل لقيت أبا جعفر عليه السلام فحدثني ان رسول الله صلى الله عليه وآله عرس في بعض أسفاره وقل من يكلؤنا فقال بلال انا فنام بلال وناموا حتى
طلعت الشمس فقال يا بلال ما أرقدك فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله الذي اخذ بأنفاسكم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله قوموا فتحولوا عن مكانكم الذي أصابكم فيه
الغفلة وقال يا بلال اذن فاذن فصلى رسول الله صلى الله عليه وآله ركعتي الفجر وامر أصحابه فصلوا ركعتي الفجر ثم قام فصلى بهم الصبح وقال من نسي شيئا من الصلاة فليصلها إذا ذكرها
فان الله عز وجل يقول وأقم الصلاة لذكري قال زرارة فحملت الحديث إلى الحكم وأصحابه فقالوا نقضت حديثك الأول فقدمت على أبي جعفر عليه السلام فأخبرته بما قال القوم
فقال يا زرارة الا أخبرتهم انه قد فات الوقتان جميعا وان ذلك كان قضاء من رسول الله صلى الله عليه وآله فلو كان التبادر من قوله فليصلها إذا ذكرها إرادة المبادرة إلى
فعل القضاء في أول زمان التذكر لكان ذلك منافيا لما حكاه من حكم رسول الله عليه وآله وكيف كان فهذه الصحيحة بملاحظة صدرها وذيلها صريحة
في جواز النافلة في الجملة لمن عليه فائتة وكذا الانتقال من مكان إلى مكان اخر تحرزا على الصلاة في الأماكن المكروهة وكذا الاتيان بالاذان والإقامة ونحوهما من مستحبات
الصلاة فان أراد القائلون بالمضايقة ما ينافي ذلك كما هو صريح كلمات كثير منهم فهذه الصحيحة حجة عليهم وان أرادوا الفورية العرفية فهو غير منافية لها فتأمل
ولكن ربما نوقش في هذه الصحيحة المنافاة ما تضمنته من نوم النبي صلى الله عليه وآله عن الصلاة الواجبة المرتبة النبوة فلابد من حملها على التقية وأجيب بأن النوم ليس
كالسهو نقصا كي يجب تنزه الأنبياء عنه خصوصا مع ما في بعض الأخبار الواردة في نوم النبي صلى الله عليه وآله من الإشارة إلى كونه من قبل الله تعالى رحمة بالعباد
وفيه تأمل وربما أجيب أيضا بغير ذلك مما لا يهمنا الإطالة فيه بعد عدم انحصار المدرك في ذلك واما صحيحتا أبي ولاد وزرارة فالانصاف ظهورهما في وجوب
المبادرة ولكن الاستشهاد بصحيحة أبي ولاد لذلك انما يتجه لو صح الالتزام به في مورده وهو مع مخالفته لفتوى الأصحاب حيث لم ينقل عن أحد القول بوجوب قضاء
الصلوات المقصورة إذا بدا له عن السفر قبل اتمام المسافة مخالف لنص صحيح صريح بخلافه كما تعرفه في محله انشاء الله فالمتجه حملها على الاستحباب فلا تدل حينئذ على وجوب
المبادرة فعمدة ما يصح الاستشهاد به للقول بالمضايقة هي صحيحة زرارة الأخيرة التي اعترفنا بظهورها في المدعى وهي أيضا لا تصلح مكافئة لغيره مما ستعرف مما هو نص
أو اظهر دلالة على في لوجوب وبهذا ظهر لك الجواب عن جميع الأخبار المتقدمة على تقدير تسليم ظهورها في المدعى فان قضية الجمع بينها وبين غيرها مما
ستعرف الحمل على الاستحباب واستدل للقول بالمواسعة بأمور منها اصالة البراءة عن التعجيل فان وجوب التعجيل وان لم يكن تكليفا مستقلا بل هو من انحاء
وجوب الفعل الثابت في الجملة ولكن فيه كلفة زائدة عما يقتضيه التكليف بأصل الفعل الذي علم اجمالا فينفيه أدلة البراءة فإنها على ما تقرر في محله لا تقصر عن شمول مثل
المقام ولكن الرجوع إلى الأصل انما يتجه لو لم يتم شئ من أدلة القول بالمضايقة وقد أشرنا إلى أن انكار دلالة بعض منها خلاف الانصاف ومنها لزوم العسر و
الحرج المنفيين في الشريعة بل التكليف بما لا يطاق عادة في بعض الأحيان وفيه ان هذا ان سلم فمع كثرة الفوائت لا مطلقا مع أن أدلة نفي الحرج تنفي المضايقة إلى
حد يكون تحملها تكليفا حرجيا وهذا مما لا يظن بالقائلين بالمضايقة انكاره وان حكى عن بعضهم المنع عن الأكل والشرب والنوم والتكسب ونحوه الا بمقدار الضرورة
ولكن لا يبعد ان يكون مراده المنع عما زاد على ما يتوقف عليه تعينه في العادة اي الاقتصار على الضرورة العرفية الغير المنافي لأدلة نفي الحرج والا فهو مردود على قائله
لحكومة أدلة نفي الحرج على عموم أدلة سائر التكاليف واطلاقها كما تقرر في محله ومنها سيرة المسلمين من السلف والخلف إذ قل من لم يتعلق ذمته بفائتة ولو
لاخلال شرط أو ترك تقليد سيما في أوائل بلوغه ومع ذلك ينامون ويجلسون ويصلون في أوائل الأوقات مع أن المشهور عندهم ان الامر بالشئ نهي عن ضده وفيه انه يشكل
الاعتماد على مثل هذه السيرة التي ربما يكون منشأها المسامحة وقلة المبالاة بالدين لجريان هذا الكلام حرفا بحرف في حقوق الناس التي لا كلام في فوريتها إذ قل من
لم يتعلق بذمته شئ من الحقوق من الأخماس والزكوات والديون والغرامات وسائر الحقوق التي يجب الاستحلال من صاحبها من ايذاء أو غيبة أو قذف وسب و
نحوها مع أنه أقل من يبادر من المسلمين إلى تفريغ ذمته من جميع ذلك فورا واما ما قيل من أن المشهور عندهم ان الامر بالشئ نهى عن ضده ففيه ما لا يخفى فان هذا ان
كان مشهورا فهو بين الأصوليين والا فعامة الناس لا يعرفونه بل وكذلك أغلب الفقهاء إذ لا يعهد عنهم الالتزام بما يتفرع على هذه المسألة الأصولية في سائر
أبواب الفقه بل حكى عن فقيه عصره وفريد دهره صاحب كشف الغطاء التصريح بان مسألة الضد شبهة في مقابلة الضرورة وهو في محله ومنها الاخبار وهي
طوائف منها المستفيضة الواردة في نوم النبي صلى الله عليه وآله كصحيحة زرارة المتقدمة وصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول إن رسول الله صلى الله عليه وآله رقد
فغلبته عيناه فلم يستيقظ حتى أذاه حر الشمس ثم استيقظ فعاد ناديه ساعته وركع ركعتين ثم صلى الصبح وخبر سعيد الأعرج قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إن
الله أنام رسوله عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس ثم قام فبدء فصلى الركعتين قبل الفجر ثم صلى الفجر ومضمرة سماعة قال سألته عن رجل نسي ان يصلي الصبح حتى
طلعت الشمس قال يصليها حين يذكرها فان رسول الله صلى الله عليه وآله رقد عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس ثم صلاها حين استيقظ ولكنه تنحى عن مكانه ذلك ثم صلى ولكنك
عرفت فيما سبق ان الاعتماد على هذه الأخبار لا يخلو من اشكال فالأولى رد علمها إلى أهله ومنها الروايات الآتية الدالة على جواز تقديم الحاضرة على الفائتة
بدعوى ان كل من قال بذلك قال بالمواسعة وفيه تأمل بل قد عرفت حكاية القول بالمضايقة وجواز تقديم الحاضرة عن صاحب هدية المؤمنين ومنها قوله عليه السلام
في ذيل صحيحة زرارة الآتية التي هي عمدة الدليل للقول بالترتيب وان كانت المغرب والعشاء قد فاتتاك جميعا إلى أن قال فان خشيت ان تفوتك الغداة
ان بدأت بالمغرب فصل الغداة ثم صل المغرب والعشاء ابدأ بأولهما لأنهما جميعا قضاء أيهما ذكرت فلا تصلهما الا بعد شعاع الشمس قال قلت ولم
ذلك قال لأنك لست تخاف فوتها بل ربما يستشعر المواسعة من صدر هذه الصحيحة أيضا وهو قوله عليه السلام إذا نسيت الصلاة أو صليتها بغير وضوء وكان عليك قضاء
606

صلوات فابدء بأولاهن الحديث فإنه مشعر بعدم كونه عاصيا بتأخير ما عليه من قضاء الصلوات إلى حين تذكره لهذه الصلاة وكون الامر موسعا عليه من هذه الجهة و
انما الواجب عليه رعاية الترتيب لا الفورية كما أن ذيلها ناطقة بذلك وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن قام رجل ولم يصل صلاة المغرب والعشاء أو نسي فان
استيقظ قبل الفجر قدر ما يصليهما كلتيهما فليصلهما وان خشي ان تفوته إحداهما فليبدء بالعشاء الآخرة وان استيقظ بعد الفجر فليبدء فليصل الفجر ثم المغرب ثم العشاء
الآخرة قبل طلوع الشمس فان خاف ان تطلع الشمس فتفوته احدى الصلاتين فليصل المغرب ويدع العشاء الآخرة حتى تطلع الشمس ويذهب شعاعها ثم ليصلها وحكى نحوها
عن رسالة السيد بن طاوس عن كتاب الحسين بن سعيد والمرسل المحكى عن الفقه الرضوي انه سئل العالم عن رجل نام أو نسي فلم يصل المغرب والعشاء قال إن استيقظ قبل
الفجر يقدر ما يصليهما جميعا يصليهما وان خاف ان تفوته إحديهما بدء بالعشاء الآخرة فان استيقظ بعد الصبح فليصل الصبح ثم المغرب ثم العشاء وقبل طلوع الشمس فان خاف
ان تطلع الشمس فتفوته احدى الصلاتين فليصل المغرب ويدع العشاء الآخرة حتى تنبسط الشمس ويذهب شعاعها وان خاف ان يعجله طلوع الشمس ويذهب عنهما
جميعا فليؤخرهما حتى تطلع الشمس ويذهب شعاعها ونوقش في هذه الأخبار وبدلالتها على امتداد وقت العشائين إلى الفجر وهو مخالف للمشهور وموافق للجمهور فيغلب
على الظن جريها مجرى التقية وكذا ما فيها من الامر بتأخير الفائتة عن طلوع الشمس حتى يذهب شعاعها الذي هو محل الاستشهاد مما لا يمكن الاخذ بظاهره من وجوب
التأخير لمخالفة للاجماع والاخبار المعتبرة المستفيضة المصرحة بعدم المنع عن قضاء الفريضة متى ما ذكرها
في اي ساعة ذكرها من ليل أو نهار عند طلوع الشمس وغروبها
فالأولى حمل هذه الأخبار على التقية وأجيب عن شذوذها وندرة العامل بها بما تضمنته من امتداد وقت العشائين إلى الفجر بالمنع فان القول بذلك لأولي الأعذار
والناسي كما هو مورد هذه الأخبار معروف بين الأصحاب ذهب إليه كثير منهم على ما نسب إليهم ويدل عليه أيضا صحيحة ابن سنان الآتية فليس ذلك موجبا لطرح
الاخبار مع أن حمل هذه الفقرة على التقية لأجل ابتلائها بمعارض ونحوه لا يوجب طرحها رأسا كما تقرر في محله هذا مع أنه لا يتمشى هذه الخدشة في صحيحة زرارة
لعدم اشتمالها على هذا الحكم واما المناقشة فيما هو محل الاستشهاد بما ذكر فمدفوعة بحمل النهي على الكراهة جمعا بينها وبين غيرها من الاخبار التي هي نص في الجواز
بل التعليل الواقع للنهي في ذيل الصحيحة المزبورة يصلح شاهدا لذلك لأنه يناسب الكراهة دون الحرمة كما لا يخفى على المتأمل ودعوى ان الكراهة أيضا مخالفة
للنصوص والفتاوى لان ظاهرها انه لا مرجوحية أصلا مما لا ينبغي الاصغاء إليها إذا الفتاوى غالبا وقعت تابعة للنصوص والنصوص لأجل ورودها مورد توهم
الحظر لا يكاد يفهم منها أزيد من الجواز الغير المنافي في المرجوحية بالإضافة كما هو معنى الكراهة في مثل المقام وعلى تقدير تسليم ظهورها في خلافه يرفع اليد عن هذا
الظاهر بقرينة ما ذكر ولا ينافيه ما في تلك الأخبار من التفصيل بين قضاء الفوائت وغيرها مما نلتزم فيها أيضا بالكراهة لجواز تنزيل التفصيل على اختلاف المراتب و
بما ذكرنا ظهر لك جواز الاستشهاد أيضا برواية عمار بن موسى عن الصادق عليه السلام في حديث فان صلى ركعة من الغداة ثم طلعت الشمس فليتم وقد جازت صلاته وان طلعت
الشمس قبل ان يصلي ركعة فليقطع الصلاة ولا يصلي حتى تطلع الشمس ويذهب شعاعها فليتأمل ومنها صحيحة محمد بن مسلم قال سألته عن الرجل يفوته صلاة
النهار قال يصليها ان شاء بعد المغرب وان شاء بعد العشاء وصحيحة الحلبي قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل فاتته صلاة النهار متى يقضيها قال متى شاء ان شاء بعد
المغرب وان شاء بعد العشاء ودعوى ان المراد بصلاة النهار وفي الصحيحتين النوافل النهارية عرية عن الشاهد وقياسه على صلاة الليل التي ينصرف اطلاقها إلى نافلة
الليل قياس مع الفارق حيث إن صلاة الليل صارت حقيقة عرفية في النافلة المعهودة بحيث ينصرف عما عداها من النوافل الليلية أيضا فكيف يقاس عليه صلاة النهار
التي لم يتعارف استعمالها في خصوص النافلة وما قيل من أن الشايع التعبير عن الفريضة باسمها الا بصلاة الليل ففيه ان هذا إذا قصد فريضة خاصة لا مطلقها
فضلا عن مطلق الصلاة النهارية فريضة كانت أم نافلة كما يقتضيه اطلاق السؤال لو لم تدع انصرافها إلى الأول كما ليس بالبعيد هذا مع أن يكفي في تمامية الاستدلال
بالخبرين قيام احتمال إرادة السائل خصوص الفريضة أو الأعم منها ومن النافلة ضرورة عدم كون السؤال ظاهرا في إرادة خصوص النافلة على وجه لم يكن محتاجا إلى الاستفصال
لو كان الحكم مخصوصا بها وربما يؤيد بالخبرين أيضا صحيحة ابن أبي يعفور قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول صلاة النهار يجوز قضائها اي ساعة شئت من ليل أو نهار وصحيحة الحسين
بن أبي العلاء عن أبي عبد الله عليه السلام قال اقض صلاة النهار اي ساعة شئت من ليل أو نهار كل ذلك سواء وهاتان الروايتان بحسب الظاهر مسوقتان لدفع توهم اعتبار المماثلة
بين زماني القضاء والأداء وفي تعليق الحكم على المشية اشعار يكون الامر مبنيا على التوسعة كما لا يخفى ومنها ما في الوسائل عن علي بن موسى بن طاووس في كتاب غياث
سلطان الورى عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له رجل عليه دين من صلاة قام يقضيه فخاف ان يدركه الصبح ولم يصل صلاة ليلته تلك قال يؤخر القضاء ويصلي صلاة
ليلته تلك إذ المراد بالدين على الظاهر اما خصوص الفريضة أو الأعم ولا أقل من عدم ظهوره وفي خصوص النافلة فيتم معه أيضا الاستدلال من باب ترك الاستفصال
القاضي بالعموم ودعوى ان المراد به خصوص النافلة مجازفة ومنها ما عن السيد بن طاوس أيضا في رسالة المواسعة والمضايقة عن امالي السيد بن طالب الحسني
باسناده إلى جابر بن عبد الله قال قال رجل يا رسول الله صلى الله عليه وآله كيف اقضي قال صلى الله عليه وآله مع كل صلاة صلاة مثلها قال يا رسول الله صلى الله عليه وآله قبل أم بعد قال قبل ونوقش فيه بان الامر
بالصلاة ليس للوجوب قطعا فيمكن ان يكون ارشادا لكيفية قضاء ذلك الشخص فلعله كان القضاء مستحبا في حقه كما في المغمى عليه على ما قويناه فيما سبق وبهذا ظهر ضعف
الاستشهاد له أيضا بما عن الذكرى عن إسماعيل بن جابر قال سقطت عن بعيري فانقلبت على أم رأسي فمكثت سبعة عشر ليلة مغمى على فسألته عن ذلك قال اقض مع كل صلاة
صلاة أقول والأولى الخدشة فيهما بضعف السند مع ما في ثانيهما من الاضمار ولكن مع ذلك كله لا بأس بذكرهما في مقام التأييد فان فيهما الارشاد
إلى ما هو الأوفق بحال السائل في مقام تفريغ ذمته عما اشتغلت به من القضاء مع الإشارة إلى كون الامر مبنيا على التوسعة ويؤيده أيضا خبر عمار المروي عن الذكرى
607

وغيره قال قال سليمان بن خالد لأبي عبد الله عليه السلام وانا جالس اني منذ عرفت هذا الامر أصلي في كل يوم صلاتين اقضي ما فاتني قبل معرفتي قال لا تفعل فان الحال التي كنت
عليها أعظم من ترك ما تركت من الصلاة فإنه عليه السلام بين خطائه في اعتقاد وجوب القضاء ولم يبين خطائه في كيفيته فيستشعر من ذلك امضاء فعله من هذه الجهة ومنها
رواية عمار المشتملة على مسائل متفرقة ففيها قال سألته عن الرجل يكون عليه صلاة في الحضر هل يقضيها وهو مسافر قال نعم يقضيها بالليل على الأرض فاما على الظهر
فلا ويصلي كما يصلي في الحضر إذ الظاهر أن المقصود بالجواب هو المنع عن القضاء على الظهر سواء كان في الليل أم في النهار فهو جار مجرى الغالب المتعارف لدى الاعراب
من كون سيرهم في النهار فتخصيص الليل بالرخصة لكونه في الغالب هو وقت استقرار المسافر وفراغة باله فيستفاد من ذلك عدم كون الامر مبنيا على المضايقة و
الا لامر بالمسارعة إلى القضاء مهما حصل له الاستقرار ولو في أثناء اليوم إذ العادة وان جرت بالسير في اليوم ولكنها لم تجر باستيعابه فكثيرا ما يحصل له الفرصة في أثناء
اليوم أيضا ولو بمقدار صلاة أو صلاتين فلم يكن يجوز له التأخير إلى الليل وهذا خلاف ما لو كان الامر موسعا فان الراجح حينئذ في الغالب تأخيره إذ قلما ينفك المسافر في
النهار عن الاشغال المنافية للتوجه والاقبال وقد يقال في تقريب الاستدلال بهذه الرواية بأنه لو كان القضاء على الفور لوجب على الظهر أيضا كما يجب الحاضرة كذلك
لدى ضيق وقتها وفيه ما لا يخفى إذ القائل بالفور انما يوجب المبادرة إلى فعلها جامعة للاجزاء والشرائط في أول أزمنة القدرة على الاتيان بها كذلك لا انه
يخل باجزائها وشرائطها الاختيارية لأجل وجوب المبادرة وقد يقال أيضا بأنه لو كان البناء على المضايقة لكان على الامام الاستفصال عن كون السفر ضروريا أو غير
ضروري ومنعه عن غير الضروري وفيه ان السؤال وقع عن جواز ان يقضي المسافر ما فاته في الحضر فالجواب وقع لبيان هذا الحكم من الجهة التي وقع عنه السؤال لا لسائر ما
يتعلق به حتى يحتاج إلى الاستفصال فالمتجه في تقريب الاستدلال هو ما ذكرناه وبهذا التقريب يمكن الاستشهاد أيضا برواية أخرى لعمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته
عن الرجل ينام عن الفجر حتى تطلع الشمس وهو في السفر كيف يصنع أيجوز له ان يقضي بالنهار قال لا يقضي صلاة نافلة ولا فريضة بالنهار ولا تجوز ولا تثبت له ولكن يؤخرها
فيقضيها بالليل على ارادته حال السير كما هو الغالب في النهار ولكن قد يشكل هذا التوجيه بالنسبة إلى النافلة إذ الظاهر جواز قضائها ولو حال السير اللهم الا ان
يحمل النهي على مطلق المرجوحية الشاملة للكراهة فليتأمل ومنها ما دل على جواز النافلة لمن عليه فائتة من الأخبار السابقة وغيرها كصحيح أبي بصير عن الصادق عليه السلام
قال سألته عن رجل نام عن الغداة حتى طلعت الشمس فقال يصلي ركعتين ثم يصلي الغداة وموثق عمار عنه أيضا قال لكل صلاة مكتوبة لها نافلة ركعتين الا العصر فإنه
يقدم نافلتها فتصيران قبلها وهي الركعتان اللتان تمت بهما الثمان بعد الظهر فإذا أردت ان تقضي شيئا من الصلاة مكتوبة أو غيرها فلا تصل شيئا حتى تبدء فتصلي
قبل الفريضة التي حضرت ركعتين نافلة لها ثم اقض ما شئت إلى اخره ويمكن الجواب عن مثل هذين الخبرين بالالتزام بالفورية العرفية الغير المنافية لمثل الركعتين و
لكن القائلون بها على الظاهر كما هو صريح كثير منهم لا يلتزمون بذلك هذا مع أنك عرفت ان عمدة ما يصح الاستشهاد به للقول بالمضايقة هي صحيحة زرارة التي وقع
في ذيلها النهي ان يتطوع بركعة حتى يقضي الفريضة كلها وهي منافية لهذا التوجيه ولا يمكن الجمع بينها وبين الخبرين ونظائرهما بارتكاب التخصيص فان سياق
الصحيحة أبية عن التخصيص فالمتجه الجمع بين الصحيحة وغيرها مما ينافيها من الاخبار المزبورة وغيرها مما أوردناها في مبحث المواقيت لدى البحث عن جواز التطوع لمن عليه
فريضة هو حمل النهي في هذه الصحيحة على الارشاد كما عرفته في المبحث المشار إليه وقد تقدم في ذلك المبحث ما له ربط بالمقام من توجيه الاخبار وغيره فراجع وربما
يؤيد المواسعة أيضا اخبار اخر لا يهمنا استقصائها وربما يؤيده أيضا بعض الروايات الآتية في مسألة الترتيب كما ستعرف وقد تلخص مما ذكر ان الأقوى ما هو
المشهور فيما بين المتأخرين من القول بالمواسعة ولعله هذا القول لدى المتقدمين أيضا كان اشهر وان نسب إليهم في كلام غير واحد شهرة القول بالمضايقة وعلى
تقدير تحقيق النسبة فالشهرة المتأخرة أبلغ في إفادة الوثوق في مثل المقام كما لا يخفى وجهه * (المسألة الثانية) * في اعتبار الترتيب بين الحاضرة والفائتة
وليعلم أولا انه لا خلاف يعتد به على الظاهر في أن الفرائض اليومية الفائتة تترتب بعضها على بعض في الجملة بمعنى انه يعتبر لدى التنبه وعدم الغفلة ان
تتقدم السابقة فوأتا على اللاحقة كالظهر على العصر والعصر على المغرب والمغرب على العشاء والعشاء على الصبح لو حصل الفوات بهذا الترتيب والا فكما فاتت
سواء كان ذلك ليوم حاضر أو صلوات يوم فاتت وربما تحمل العبارة على إرادة بيان اعتبار الترتيب في الفوائت والحواضر وهو خلاف سوق العبادة وكيف كان
فلا شبهة في اعتبار الترتيب بين الحاضرتين المشتركتين اي الظهرين أو العشائين في وقتهما المشترك كما عرفته في المواقيت واما الترتيب بين فائتة هذا اليوم وحاضرته فهو
من جزئيات المسألة الآتية والغرض بالبحث هاهنا هو بيان اعتبار الترتيب بين الفوائت وقد تقدم التعرض له في مبحث المواقيت وعرفت فيما تقدم انه مما لا يخفى الاستشكال
فيه قد استفيض نقل الاجماع عليه من غير نقل خلاف يعتد به فيه ويشهد له صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا نسيت صلاة أو صليتها بغير وضوء وكان عليك
قضاء صلوات فابدء بأولهن فاذن لها وأقم ثم صلها ثم صل ما بعدها بإقامة إقامة لكل صلاة ومرسلة جميل عن الصادق عليه السلام قال قلت له يفوت الرجل الأولى
والعصر والمغرب وذكرها عند العشاء الآخرة قال يبدء بالوقت الذي هو فيه فإنه لا يأمن الموت فيكون قد ترك صلاة فريضة في وقت قد دخلت ثم يقضي ما فاته الأولى
فالأولى والمتبادر من عليه السلام قوله يبدء بالوقت الذي هو فيه بقرينة السؤال إرادة فعل العشاء ابتداء مع أن ظاهره بقرينة التعليل بعدم الامن من الموت ارادته في
سعة الوقت وهو ينافي مشاركة العشائين في الوقت الا بمقدار أداء الأخيرة من اخره كما حققناه في محله فان مقتضاها تقديم المغرب على العشاء في الفرض لتقدمها عليها
في الرتبة نصا واجماعا فلا يبعد ان يكون العدول عن تسمية الفريضة الحاضرة التي أريد الابتداء بها إلى قوله عليه السلام بالوقت الذي هو فيه لأجل التقية ويكون المراد به
انه يأتي أولا بما هو وظيفة الوقت على اجماله اي العشائين ثم يقضي ما فاته الأولى فالأولى وكيف كان فما في ظاهر الرواية من الاشكال غير قادح في دلالتها
608

على المدعى ويدل عليه أيضا في الجملة صحيحة زرارة ورواية أبي بصير والمرسل المحكى عن الفقه الرضوي المتقدمات في المسألة السابقة الدالة بظاهرها على وجوب
تقديم المغرب على العشاء الفائتتين فيتم فيما عداهما بعدم القول بالفصل واستدل أيضا بصحيحة محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صلى الصلاة وهو
جنب اليوم أو اليومين والثلاثة ثم ذكر بعد ذلك قال يتطهر ويؤذن ويقيم في أولهن ثم يصلي في أولهن ثم يصلي ويقيم بعد ذلك في كل صلاة الحديث وبالنبوي المشهور من فاتته
فريضة فليقضها كما فاتته وبالتأسي بما حكى عن فعل النبي صلى الله عليه وآله يوم الخندق وفي الجميع نظر فان صحيحة محمد بن مسلم بحسب الظاهر مسوقة لبيان وجوب قضاء
ما صلاها في تلك الحال وجواز الاكتفاء بأذان واحد للجميع وتخصيصه بأولهن جار مجرى العادة من البدأة بأولهن لدى إرادة الخروج عن عهدة الجميع في مجلس واحد
فلا يفهم من ذلك شرطية الترتيب وبهذا ظهر ضعف الاستشهاد بالتأسي بفعل النبي صلى الله عليه وآله إذ الفعل على تقدير ثبوته جار مجرى العادة وفي مثله لا يجب
التأسي جزما واما النبوي فمع الغض عن سنده قاصر من حيث الدلالة إذ المتبادر من التشبيه ارادته بالنسبة إلى نفس الفريضة من حيث هي كما وكيفا من مثل القصر
والاتمام والجهر والاخفات ونحوها لا الأمور الإضافية الخارجية ككونها متأخرة عن فائتة أخرى أو متقدمة عليها اللهم الا ان يقال هذا انما هو في الفرائض
التي لا ترتب بينها في الأصل الا من حيث الزمان كغائبة هذا اليوم مع فائتة أخرى في الأزمنة السابقة واما الفوائت التي بينها في الأصل ترتب شرعا كالعشائين
أو الظهرين من يوم واحد فالترتيب بالنسبة إليها كغيره من الشرائط المعتبرة فيها شرعا مما يعمه التشبيه ودعوى الانصراف عنه غير مسموعة فيتم فيما عداها بعدم
القول بالفصل ولكنه لا يخلو من تأمل وكيف كان فما عن بعض مشائخ الوزير العلقمي من القول باعتبار الترتيب في غير الفرائض اليومية أيضا كصلاة الآيات و
كذا بينها وبين اليومية لعموم هذا الدليل في غاية الضعف إذ بعد تسليم سنده والغض عن انصراف لفظ الفريضة إلى اليومية ما عرفت من أنه ان سلمت دلالتها
على الترتيب فهو بالنسبة إلى مثل الظهرين والعشائين المشتركين في الوقت اللتين بينهما ترتيب في الأصل
وبالنسبة إلى ما عداها لا يتم الا بعدم القول بالفصل
وهو في اليومية دون غيرها كما هو واضح وهل يختص اعتبار الترتيب في الفوائت اليومية بصورة العلم بالترتيب أو يعم حال الجهل أيضا فيجب من باب المقدمة العلمية
الاتيان بما يقطع معه بحصول الترتيب مع الامكان وجهان بل قولان ربما نسب أولهما إلى الأكثر وهو لا يخلو من قوة فان عمدة مستند هذا الحكم هي الأخبار المتقدمة
كما عرفت وهي قاصرة عن إفادة الاطلاق بحيث يعم حال الجهل لان موردها بحسب الظاهر هو صورة العلم اما ما عدى الصحيحة الأولى فواضح لوقوع
السؤال فيها عن فوائت معلومة كالعشائين والظهرين واما الصحيحة فهي أيضا كذلك إذ الظاهر أن الخطاب بقوله عليه السلام ابدأ بأولهن انما توجه بعد فرض تمكنه
من الاتيان بقضاء الصلوات التي عليه مرتبة مبتدأ بأولاهن باذان وإقامة ثم بإقامة إقامة حتى يأتي إلى اخرها ولا يكون ذلك الا مع العلم التفصيلي بها وبترتيبها
والا فلا يتمكن من الاتيان بها مرتبة الا في ضمن محتملات كثيرة من باب المقدمة العلمية من غير أن يميز سابقها عن لاحقتها أصليتها عن مقدمتيها وهذا أجنبي عن مدلول
هذه الرواية الا ترى انه لو القى هذا الكلام في جواب من سئل انه فاتته صلاة الصبح من هذا اليوم وعليه قضاء صلوات سابقة لو لم يكن عارفا بترتيبها لا
يقنع بهذا الجواب بل يرى ذلك تكليف العالمين بالترتيب ويسئل ثانيا عن تكليفه وانه لا يعلم بترتيبها حتى يبدء بأولهن فلاحظ وقد يقال إن هذه الأخبار وان
كان ظاهر مواردها هنا العلم لكنه ليس ظهور شرطية وفيه ان التخطي عن مورد النص الذي ليس له اطلاق يتوقف على القطع بعدم مدخلية الخصوصية في الحكم و
الا فهو قياس لا يجوز التعويل عليه فمقتضى الأصل في غير مورد النص اي صورة الجهل الرجوع إلى اصالة البراءة من التكليف بالترتيب ولا يخفى عليك ان ما ادعيناه من
ظهور الاخبار المزبورة في حال العلم ليس مبنيا على ما قد يدعى من اعتبار العلم في كل حكم وضعي استفيد من الامر والا يلزمه التكليف بالمحال كي يتوجه عليه فساد المبنى
بما تقرر في محله كما تقدمت الإشارة إليه في غير مرة في مطاوي كلماتنا السابقة وانما ادعيناه في خصوص المقام للخصوصيات التي
تقدمت الإشارة إليها واستدل عليه أيضا في محكى الذكرى بامتناع التكليف بالمحال واستلزام التكرار المحصل له الحرج المنفي يعني ان ايجاب الترتيب لدى الجهل
به تكليف بما لا طريق للمكلف إلى العلم بحصوله الا من باب الاحتياط بالتكرار والمستلزم له وهو حرج منفي في الشريعة وأجيب بمنع الحرج في التكرار المحصل له
ضرورة كونه كمن فاتته مقدار ذلك العدد الذي يحصل به الجزم بالترتيب يقينا الذي من المعلوم عدم سقوط القضاء عنه لمشقته بل قد يقال بعد تسليم الحرج بعدم شمول
دليل نفي الحرج لمثله إذ المراد نفيه في الدين اي في الأحكام الشرعية لا فيما يوجبه العقل لدى الاشتباه مقدمة للقطع بالامتثال مع أن الحرج ان سلم فهو فيما إذا كثرت
الفوائت بحيث تعسر في العادة تكريرها بمقدار يحصل العلم بوقوعها مرتبة بخلاف ما لو قلت كفائتتين أو ثلاث أو اربع فيتجه حينئذ التفصيل بين ما لو توقف الجزم
بحصول الترتيب على التكرير بمقدار يشق تحمله في العادة وما لا يبلغ إلى هذا الحدود دعوى في لقول بالفصل كما صدرت من بعض مما لا ينبغي الاصغاء إليها إذ لا وثوق
بإرادة القائلين بالترتيب لاطلاقه حتى مع الحرج بل عن صريح كاشف الغطاء أو ظاهره القول بالتفصيل أقول اما منع استلزام الجزم بحصول الترتيب الحرج
على اطلاقه فمجازفة فان من بلغ عمره ثمانين سنة مثلا وعلم ببطلان جل صلواته أو كلها لجهله بشئ من شرائطها مثلا فعليه قضاء جميعها من حين بلوغه فلو علم اجمالا
بأنه قد فاتته في طول هذه المدة صلاة مقصورة من غير أن يميز وقتها فلا يمكنه الجزم بوقوعها مرتبة الا ان يصلي مع كل رباعية من تلك الصلوات الكثيرة ثنائية فأي مشقة أعظم
من أن يتوقف الخروج عن عهدة فريضة واحدة على هذا المقدار من التكرار وهل وجد له نظير في الشرعيات وقياسه على الفرائض الكثيرة المعلومة الفوات في غير محله
إذ التكليف بالخروج عن عهدة الفوائت المتيقنة وان كثرت لا يعد في العرف تكليفا حرجيا خصوصا على القول بالمواسعة بخلاف ما لو امر بصلوات كثيرة لأجل الخروج
عن عهدة التكليف بواحدة الا ترى انه لو كان عليه ألف درهم لألف فأمره الشارع بدفع الألف درهم إليهم لا يعد ذلك تكليفا حرجيا ولا ضررا بخلاف ما لو كان
609

عليه درهم لواحد مردد بين الألف فأمره باعطاء كل واحد من الألف درهما تحصيلا للجزم بفراغ الذمة عما عليه من الدرهم فان هذا مما يشق على النفوس تحمله في العادة و
أضعف من المنع المزبور منه شمول دليل الحرج لمثله فان مفاد الأدلة اختصاص الأحكام الشرعية بغير الموارد التي يلزم من التدين بها وقوع المكلف في الحرج من غير
فرق بين كونها بنفسها حرجية وبين كونها متوقفة على مقدمة حرجية أو كون العلم بحصولها كذلك كما فيما نحن فيه فالمتجه بعد تسليم شمول دليل الترتيب لحال الجهل و
عدم اختصاصه بصورة العلم هو الالتزام بالتفصيل بين موارد الحرج وغيرها كما حكى عن كاشف الغطاء ولكنك عرفت ان الأظهر اختصاص الأدلة بصورة العلم فالأوجه
نفي اعتبار الترتيب حال الجهل مطلقا للأصل واستدل للقول باعتباره باطلاقات أدلة الترتيب الظاهرة في كونها مسوقة لبيان الحكم الوضعي الذي لا يختلف فيها الحال بين
صورتي العلم والجهل واطلاق معاقد بعض الاجماعات المحكية واستصحاب وجوبه الثابت له قبل عروض النسيان ولو فرض عدم كونه مسبوقا بالعلم بالترتيب بان حصل له
العلم ببطلان جملة من صلواته على سبيل الاجمال من غير أن يعلم بترتيبها فيتم فيه بعدم القول بالفصل لا يقال لنا ان قلب الدليل فانا ننفي وجوبه فيما عدى موارد جريان الاستصحاب
بأصل البراءة ونلحق به تلك الموارد بعدم القول بالفصل لأنا نقول كما أن الاستصحاب الجاري في مورد حاكم على البراءة في ذلك المورد كذلك الاستصحاب الجاري في مورد
اخر لم يكن قائل بالتفصيل بينه وبين هذه المورد كما لا يخفى وجهه على المتأمل ويتوجه على التمسك باطلاقات الأدلة انه ليس لنا دليل يصح الاعتماد عليه يعم باطلاقه
صورة الجهل كما عرفت انفا تفصيله واما اطلاق معاقد الاجماعات فلا ينبغي الالتفات إليه بعد ثبوت القول باختصاصه بصورة العلم كما نسب إلى الأكثر بل عن بعض
نسبته إلى ظاهر المذهب واما الاستصحاب فهو من قبيل الشك في المقتضى إذ الشك نشأ من احتمال مدخليته الوصف الزائل في ثبوت الحكم فاستصحاب بقاء الوجوب
بعد زوال العلم نظير استصحاب نجاسة الكر المتغير بالنجس بعد زوال تغيره وهو ليس بحجة كما تقرر في محله هذا ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط برعاية الترتيب مهما أمكن و
هو يحصل فيما لو كان الفائت فريضتين كالظهرين مثلا من يومين مع جهل السابقة ان يصلي ظهرا بين عصرين أو عكسه ولو جامعهما مغرب صلى الثلاث قبل المغرب
وبعدها ولو كان معها عشاء من ليلة أخرى صلى السبع قبلها وبعدها ولو انضم إليها صبح صلى الخمس عشرة قبلها وبعدها وهكذا كلما زيدت واحدة يتضاعف التكرير
بزيادة الواحدة على النهج المزبور فيحصل الترتيب حينئذ لا محالة ولكن لا يخفى عليك ما في تحصيل الترتيب بهذه الكيفية وان ذكره غير واحد لدى كثرة الفوائت من الحرج بل الاستحالة
فإنه إذا بلغ عددها الألف مثلا لو عاش اضعاف ما مضى من عمره واشتغل كله بالصلاة لا يكاد يخرج عن عهدته كما لا يخفى على من له أدنى التفات إلى ما يقتضيه
المضاعفة وأيسر طرق تحصيل الترتيب انه إذا بلغ الفوائت خمسا فما زاد ان يصلي عن كل فريضة صلاة يوم فمن كان عليه خمس فرائض يقضي صلاة خمسة أيام وهي خمس و
عشرون فريضة وثلاثون لمن عليه ست وخمس وثلاثون لمن عليه سبع وهكذا فيحتاط لكل فائتة بالفرائض الخمس اليومية فتصح منها واحدة لا محالة وربما يمكن تحصيل
الجزم بحصول الترتيب بأقل من ذلك كما لو تمكن من حصر زمان فواتها بما دون ذلك كما لو علم مثلا ان عليه خمسين فائتة وقد فاتته جميعها في سفر لا تزيد مدتها عن شهر
فيقضي حينئذ شهرا احتياطا فيحصل له الجزم بوقوع الجميع مرتبة ضرورة انه لو فاتته جميع صلواته في تلك المدة لم يكن مقتضيا الأزيد من ذلك فكيف مع وقوع بعضها
في وقتها صحيحة فما وقعت في وقتها صحيحة يقع قضائها لغوا وما فاتته يتداركه القضاء كما فاتته مرتبة كما لا يخفى وهل يجوز بناء على المختار من عدم وجوب مراعاة
الترتيب حال الجهل مخالفته عمدا كما لو كان عليه صلوات كثيرة تامة ومقصورة أو ثنائية وثلاثية ورباعية فقدم نوعا منها جميعها على الاخر مع علمه بعدم كون مجموع
ما فاتته من هذا النوع متقدما على الاخر في الفوات وجهان من خروج مثل هذه الفروض عما هو المنساق من مورد النصوص الامرة بالترتيب فمقتضى الأصل عدم
اعتباره وقضية ذلك جواز مخالفته عمدا ومن امكان دعوى ان المتبادر من النصوص كونها مسوقة لبيان اعتبار الترتيب بين الفوائت وعدم جواز تقديم اللاحقة
على السابقة غاية الأمر انها منصرفة في صورة العلم بالترتيب لا مطلقا فبالنسبة إلى ما يعلمه لا يجوز اهماله وكيف لا مع أن الوارد في الاخبار هو الامر بالبدأة
بالسابقة وقد فهم منه المشهور ازادة الترتيب وانه لو عكس تبطل اللاحقة فمرجعه لدى التحليل إلى الامر بتأخير اللاحقة ويكون الامر بالبدأة بالسابقة توطئة لذلك
فمتى عرف اللاحقة لم يجز تقديمها على السابقة سواء عرف السابقة تفصيلا أم لا فإذا علم بان الفائتة المقصورة مثلا كانت اخر الفوائت أو في الأثناء لم يجز ان يأتي بها
في الابتداء فله لذي الجهل بالترتيب رأسا ان يأتي بعدة افراد من نوع كفريضة الصبح مثلا ما لم يعلم بحصول المخالفة فإذا بلغ إلى حد يعلم بالمخالفة وجب الشروع في
نوع اخر حتى لا يقدم ما يعلم بتأخره عن غيره في الفوات وهذا الوجه ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط كما أن الأقوى فيما لو علم بترتيب بعضها دون بعض وجوب
رعاية الترتيب فيما يعلم سواء كان علمه تفصيليا بان علم أن أول ما فاتته هي فريضة الصبح مثلا أو هي مع الظهر أو مجموع الفرائض الخمس مرتبة ثم فرائض اخر غير معلومة
الترتيب أو اجمالا بان علم أن كل عصر فاتته كانت مسبوقة بظهر فلا يجوز له حينئذ تقديم عصر على ظهر لعلمه بمخالفة الترتيب تفصيلا وأما لو علم اجمالا بوقوعهما في يوم أو
يومين كذلك أو بفوات الفرائض الخمس مرتبة في يوم مثلا من غير أن يميزه من سائر الأيام التي حصل فيها الفوات فالأظهر كونه كصورة الجهل بالترتيب رأسا فإنه حال
تشاغله بالفعل لا يميز اللاحقة عن سابقتها حتى يتنجز في حقه التكليف بتأخير بعضها عن بعض فهو من أصناف الجاهل الذي ادعينا قصور الامر بالترتيب عن شموله نعم
لو قلنا بان مستند نفي الترتيب حال الجهل دليل الحرج اتجه الالتزام في مثل الفرض بوجوب مراعاته في الجملة بان يأتي بمقدار ما يعلمه بالاجمال وبذلك الترتيب الذي علمه
اجمالا في أثناء تشاغله بالقضاء بحيث احتمل موافقته للواقع فان دليل نفي الحرج انما يقتضي في مثل المقام نفي لزوم الموافقة القطعية المتوقفة على التكرار الموجب
للحرج دون حرمة المخالفة القطعية التي لا حرج في تركها كما تقرر في محله. فرع هل يجب مراعاة الترتيب على القاضي عن الغير قال في الجواهر ما لفظه ثم إن الظاهر عدم
الفرق في مراعاة الترتيب في القضاء مع العلم به بين ان يتولاه بنفسه وبين ان يتولاه عنه وليه بعد موته أو متبرع أو مستأجر ضرورة تأدية هؤلاء تكليفه عنه وتحملهم
610

إياه عنه والفرض انه كان عليه ذلك مرتبا فمن أداه عنه غير مرتب لم يكن مجزيا كما صرح بذلك في القواعد قال ولو استأجر ولي الميت عنه لصلاة الفائتة وجب على
الأجير الاتيان بها على ترتيبها في الفوات خلافا للاسناد في كشفه فلم يعتبره للأصل بعد قصر ما دل على اعتباره على المتيقن وهو القاضي عن نفسه واطلاق ما دل على
القضاء لكنه قد يناقش فيه بان النائب ليس الا مؤديا تكليف غيره الذي من الترتيب كالقصر والاتمام والجهر والاخفات فلو استأجر أجيرين حينئذ كل واحد
عن سنة لم يجز عنه لو أوقعاها دفعة فضلا عن عكس الترتيب بل يصح منهما خاصة كما صرح به في القواعد والحواشي المنسوبة للشهيد والمحكي عن الايضاح و
جامع المقاصد أيضا انتهى ما في الجواهر واختار في الحدائق تبعا لما حكاه عن المحدث الجزائري العدم وفرع على ذلك جواز استنابة اشخاص متعددين عن ميت واحد
في زمان واحد وعمدة مستندهما ما حكاه في الجواهر عن كاشف الغطاء في عبارته المتقدمة من الأصل بعد قصور ما دل على اعتباره عن شموله للنائب واطلاق أدلة
القضاء عن الغير وفيه ما نبه عليه في الجواهر من أن النائب ليس مكلفا بالصلاة من حيث هي حتى يفتقر لاثبات ما هو تكليفه من اجزاء الصلاة وشرائطها إلى ادراج نفسه
في موضوع أدلتها بل هو مكلف بتفريغ ذمة المنوب عنه عما كلف به بان يأتي بالفعل بدلا عنه على وجه يوافق طلبه ولكن قد يقال بأن النائب انما يجب عليه ان يأتي
بالفعل على وجه يقع تداركا للفريضة الفائتة بان يقع موافقا لطلبها الابتدائي المتعلق بها من حيث هو لا الامر الثانوي المتعلق بقضائها بعد فواتها توضيحه
ان الشارع أوجب على ولي الميت ان يقضي عنه ما فاته من صلاة أو صيام كما أنه أوجب ذلك على نفسه على تقدير بقائه حيا وتمكنه من ذلك فالقضاء سواء كان على الولي
أو على نفسه انما يجب بأمر جديد ولكن متعلق هذا الامر هو الفعل الذي يتعلق به الأمر الأول في خارج وقته وان شئت قلت إن الامر الجديد كاشف عن عدم فوات
مطلوبية ذلك الفعل بفوات وقته فيجب على القاضي سواء كان نفسه أو نائبه ان يأتي بالفعل على وجه يقع إطاعة للامر الأول بعد فرض بقائه وعدم تقيده بوقته
فيجب عليه مراعاة جميع ما يعتبر فيه من الاجزاء والشرائط المعتبرة فيه ما عدى خصوصية الوقت والخصوصيات الناشئة من خصوصية الأدائية ككون بعضها متقدما على بعض
باعتبار تقدم وقته لا من حيث هو واما سائر الخصوصيات التي يثبت في القضاء لا من حيث كونها من مقتضيات نفس الامر بالقضاء من حيث هو بل بدليل خارجي فليقتصر على
مقدار دلالته فإن كان مخصوصا بالقاضي عن نفسه اقتصر عليه والحاصل انه يجب على النائب ان ينوب عنه في تدارك ما فاته بمخالفته الامر الابتدائي المتعلق بالفريضة
الفائتة دون الامر القضائي المتنجز عليه بعد الفوات فالخصوصيات المعتبرة في امتثال هذا الامر دون الامر
الأصلي لم يجب عليه رعايتها الا ان يدل عليه دليل من هذا القبيل
مسألة الترتيب فانا لم نستفد وجوبه من نفس الامر بالقضاء حتى في المترتبتين بالأصل لاحتمال كون ترتبهما الأصلي ناشئا من ترتب وقت أدائهما فلا يجب رعايته لدى
الاتيان بهما في خارج الوقت بل للاخبار الخاصة المتقدمة التي اعترفنا بعدم شمولها لغير القاضي عن نفسه اللهم الا ان يدعي ان المنساق منها كونها مسوقة لبيان كيفية
قضاء الفوائت من حيث هو من دون مدخلية لأشخاص الفاعلين كما ليس بالبعيد ولكن قد يشكل مع ذلك اعتباره بالنسبة إلى المتبرع نظرا إلى أن الترتيب ليس
شرطا واقعيا (على الاطلاق بل شرطيته في كل مورد ثبتت) حتى في المؤداتين فهو في حال تنجز التكليف بالسابقة على وجه لم يعذر في تركها واما إذا كان معذورا في ذلك بان غفل عن السابقة أو نسيها أو زعم
فعلها أو اتى بها على وجه فاسد في الواقع وبنى على صحتها بمقتضى الأصل فاتى باللاحقة صحت اللاحقة بلا شبهة من غير فرق في ذلك بين النائب والأصيل فشرطية تقديم
السابقة لصحة اللاحقة من قبيل شرطية تقديم الواجب المضيق في صحة الموسع لدى القائلين باقتضاء الامر بالشئ النهى عن ضده فهي مخصوصة بصورة تنجز التكليف بالسابقة
على وجه لم يجز له مخالفته وهو بالنسبة إلى المتبرع ليس كذلك فإنه لا يجب عليه شئ منهما وكونه نائبا عمن وجبت عليه الصلاة مرتبة غير مجد في ذلك إذ العبرة في الشرائط المعتبرة
في الصلاة بحال فاعل الصلاة وهو النائب دون المنوب عنه ولا ينافي ذلك كونه نائبا عنه في امتثال الامر بالصلاة المتوجه إليه إذ المدار في ذلك على أن يأتي بصلاة صحيحة
مسقطة للامر بالصلاة التي قصد بهذا الفعل امتثاله سواء كان ذلك الامر متوجها إلى نفسه أو غيره وهي مما يختلف صحة وفسادا بالنسبة إلى أحوال الفاعلين واشخاصهم فتصح
مع التيمم بلا ستر واستقبال من فاقد الماء الغير المتمكن من الستر والاستقبال ولا تصح من القادر على تحصيل هذه الشرائط وكذا تصح من الغافل عن وجوب سابقة عليه و
لا تصح من الملتفت وحيث لم نستفد من أدلة الترتيب الا شرطيته لدى تنجز التكليف بالسابقة كشرطية تقديم إزالة النجاسة عن المسجد لصحة الصلاة لدى القائلين بمسألة
الضد أشكل الالتزام به بالنسبة إلى المتبرع الذي لم يتنجز عليه تكليف الزامي بفعل السابقة بل وكذا بالنسبة إلى المستأجر لو كان أجيرا على خصوص الأخيرة كما لو عزم الولي مثلا
على أن يباشر بنفسه قضاء الأولى فاستأجر غيره على قضاء الثانية من غير أن يشترط في متن العقد الترتيب اللهم الا ان يقال إن المنساق من أدلة الترتيب كونها مسوقة لبيان
الحكم الوضعي اي اعتبار الترتيب في قضاء الصلوات الواجبة عند فواتها غاية الأمر انها بواسطة المناسبات منصرفة إلى صورة العلم بها وبترتيبها واما كون قضائها في حد
ذاته واجبا عليه بحيث لا يجوز له تركه فغير ملحوظ في المقام فليتأمل فليتأمل وكيف كان فاشتراط الترتيب لدى العلم به مطلقا حتى بالنسبة إلى المتبرع ان لم يكن أقوى فلا ريب
في أنه أحوط هذا كله مع علمه بالترتيب واما مع الجهل به فالأظهر كونه كالقاضي عن نفسه في أن المتجه سقوطه مع الجهل على تأمل فيما لا يبلغ حد الحرج فلا ينبغي ترك الاحتياط
فيه برعايته وقد يقال بوجوب الترتيب على القاضي عن الغير مع الجهل أيضا فيما لو علم بكون الميت عالما بالترتيب أو احتمله نظرا إلى كونه مؤديا تكليف الغير الذي ربما كان
الترتيب واجبا عليه وفيه بعد الغض عما تقدمت الإشارة إليه من أن العبرة في شرائط الصلاة قضاء كانت أم أداء بحال من تلبس بفعلها اي المصلي وهو النائب دون
من توجه إليه الامر اي المنوب عنه ما عرفت من أن أدلة وجوب القضاء عن الميت قاصرة الا عن اثبات نفس القضاء دون الترتيب الذي ثبت اعتباره في القضاء بأدلة اخر
ان تمت دلالتها عليه بالنسبة إلى القاضي عن الغير كما نفينا البعد عنه فهو لدى كونه معلوما لديه كما في القاضي عن النفس لا مطلقا وهل يجوز مع الجهل بالترتيب ان ينوب عنه
شخصان أو أكثر في زمان واحد بان يصليا معها وجهان مبنيان على أنه مع الجهل بالترتيب هل يسقط اعتباره رأسا بحيث يجوز مخالفته عمدا أم لا وقد عرفت فيما سبق
611

ان تأتيهما هو الأشبه والله العالم واما الترتيب بين الفائتة والحاضرة فهي مسألة معضلة وقد اختلفوا فيها في أنه هل يجب تقديم الفائتة على الحاضرة ما لم يتضيق وقتها
على أقوال فقيل بعدم الوجوب مطلقا فان فاتته صلاة واحدة أو صلوات متعددة لم يعتبر ان تترتب بمعنى تتقدم على الحاضرة سواء كانت ليوم حاضرا أم فائت وقد ذهب إلى هذا القول
كثير من القدماء والمتأخرين ولعله هو المشهور بين المتأخرين كما ادعاه غير واحد بل ربما نسب إلى المشهور بين المتقدمين أيضا ثم إن هؤلاء مع اتفاقهم على جواز تقديم
الحاضرة بين من يظهر منه وجوبه كما عن ظاهر جماعة من القدماء وبين من يظهر منه استحبابه بل عن بعضهم التصريح بهذا وبين من صرح باستحباب تقديم الفائتة ومن نص
على استحباب تأخير الحاضرة وقيل يعتبر ان تترتب اي تتقدم الفائتة على الحاضرة مطلقا ما لم يتضيق وقت الحاضرة فلو قدم الحاضرة والحال هذه لم تصح وربما نسب هذا
القول إلى كل من قال بالمضايقة في المسألة الأولى ولكنك سمعت فيما سبق حكاية خلافه عن صاحب هدية المؤمنين من أنه قال بالفورية وأجاز تقديم الحاضرة على
الفوائت دون فائتة واحدة وكيف كان فقد حكى هذا القول عن الشيخ والإسكافي والسيدين والحلبي والحلي بل ربما نسب هذا القول إلى أكثر القدماء بل عن غير واحد نسبته إلى
المشهور بينهم بل عن الخلاف والغنية ورسالتي المفيد والحلي الاجماع عليه وربما ذهب إليه أيضا بعض متأخري المتأخرين وعن المصنف رحمه الله في المعتبر وغيره كظاهر المتن
بقرينة الفرع الآتي التفصيل بين فائتة واحدة وفوائت متعددة فاعتبر الترتيب في الأول دون الثاني وعن العلامة في المختلف التفصيل بين ما لو قضاها في يوم الفوات
وغيره فقال ما لفظه الأقرب انه إذا ذكر الفائتة في يوم الفوات وجب تقديمها على الحاضرة ما لم يتضيق وقت الحاضرة سواء اتحدت أو تعددت ويجب الابتداء بسابقتها على
لاحقتها وان لم يذكرها حتى يمضي ذلك اليوم جاز له فعل الحاضرة في أول وقتها ثم اشتغل بالقضاء سواء اتحدت الفائتة أو تعددت ويجب الابتداء بسابقتها على لاحقتها
والأولى تقديم الفائتة ما لم يتضيق وقت الحاضرة انتهى والظاهر أن مراده بيوم الفوات هو ما يشمل الليل إذ النهار فقد لا يمكن ان يكون ظرفا لفوات الصلوات المتعددة
وربما نقل في المسألة تفاصيل اخر لا يهمنا استقصائها والمتبع هو الدليل. احتج القائلون بجواز تقديم الحاضرة على الفائتة مطلقا بأمور وعمدتها الروايات الدالة عليه
منها صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن نام رجل أو نسي ان يصلي المغرب والعشاء الآخرة فان استيقظ قبل الفجر قدر ما يصليهما كلتيهما فليصلهما وان
خاف ان تفوته إحديهما فليبدء بالعشاء وان استيقظ بعد الفجر فليصل الصبح ثم المغرب ثم العشاء قبل طلوع الشمس ونحوها خبر أبي بصير والمرسل المروي عن الفقه الرضوي
المتقدمان في المسألة الأولى والمناقشة في هذه الأخبار باشتمالها على امتداد وقت العشائين إلى طلوع الفجر واشتمال الأخيرين منها على المنع عن القضاء عند طلوع الشمس
وهما مخالفان للمشهور أو المجمع عليه قد عرفت ضعفها في المسألة الأولى وهذه الأخبار صريحة في المدعى ولكن لا تنفى التفصيل المنقول عن المصنف رحمه الله اي التفصيل بين فائتة
واحدة وأكثر كما لا يخفى وصحيحة الحلبي قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل فاتته صلاة النهار متى يقضيها قال متى شاء ان شاء بعد المغرب وان شاء بعد العشاء وصحيحة
محمد بن مسلم قال سألته عن الرجل يفوته صلاة النهار قال يصليها يقضيها ان شاء بعد المغرب وان شاء بعد العشاء ودعوى ان المراد بصلاة النهار في الخبرين النوافل النهارية
عرية عن الشاهد كما تقدمت الإشارة إليه في المسألة الأولى ومرسلة جميل عن الصادق عليه السلام قال قلت له يفوت الرجل الأولى والعصر والمغرب وذكرها عند العشاء
الآخرة قال يبدء بالوقت الذي هو فيه لا يأمن الموت فيكون قد ترك صلاة فريضة في وقت قد دخلت ثم يقضي ما فاته الأولى فالأولى وقد تقدم في المسألة السابقة
تقريب دلالة الرواية على المدعى ودفع ما يتوجه عليه من الاشكال فراجع ورواية العيص بن القاسم المروية عن كتاب الحسين بن سعيد قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
رجل نسي أو نام عن الصلاة حتى دخل وقت صلاة أخرى فقال إن كانت صلاة الأولى فليبدء بها وان كانت صلاة العصر صلى العشاء ثم صلى العصر وعن ابن طاوس وغيره
عن النسخ المعتمدة من قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن عن جده عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال وسألته عن رجل نسي المغرب حتى دخل وقت العشاء الآخرة قال
يصلي العشاء ثم يصلي المغرب وسألته عن رجل نسي العشاء فذكر بعد طلوع الفجر قال يصلي العشاء ثم يصلي الفجر وسألته عن رجل نسي الفجر حتى حضرت الظهر قال يبدء بالظهر
ثم يصلي الفجر كذلك كل صلاة بعدها صلاة فان صدرها وذيلها كالصريح في جواز تقديم الحاضرة على الفائتة وما فيها من الحكم بتقديم العشاء المنسية على الفجر فهو من باب
الأولوية كما أن الحكم بتقديم الحاضرة في الصورتين أيضا من هذا الباب كما يفصح عن ذلك الضابط المذكور في ذيل الرواية حيث يشعر بان حكمة الامر بالتقديم أو التأخير
رعاية أولوية صاحبة الوقت بالبدء بها في وقتها والتحرز عن الصلاة في الأوقات المكروهة فكل صلاة لا يكره بعدها صلاة كالظهر والعشائين يكون البدأة بها أولى
وكل صلاة يكره الصلاة بعدها كالصبح والعصر يقدم عليها الفائتة كراهته ان يؤتى بها في الوقت الذي يكره الصلاة فيه ولكن في الحدائق وغيره روى هذه الرواية عن
قرب الإسناد نحوه الا أنه قال يبدء بالفجر ثم بالظهر فعلى هذا على خلاف المطلوب أدل ولكن الظاهر كونه من سهو قلم الناسخ إذ لا يناسبه الضابط المذكور في ذيله
وكيف كان ففي الرواية اشكال اخر وهو ان ظاهرها فوات وقت المغرب للناسي مع سعة الوقت وهو خلاف المشهور بل مخالف للأدلة المعتبرة كما عرفته في محله و
حملها على إرادة اخر وقت العشاء بعيد عن مساقها وهذا الاشكال وارد على موثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام التي استدلوا بها أيضا للمدعى قال سألته عن الرجل
تفوته المغرب حتى تحضر العتمة فقال إذا حضرت العتمة وذكر ان عليه صلاة المغرب فان أحب ان يبدء بالمغرب بدء وان أحب بدء بالعتمة بدء ثم صلى المغرب بعد وما قيل في توجيهها
من حمل المغرب على المغرب من ليلة أخرى خلاف الظاهر ويمكن توجيهها على القول بانتهاء وقت المغرب إلى ثلث الليل حيث يتسع على هذا القول الوقت المختص بالعشاء فلا
ينافي حينئذ سوق التعبير ولكنك عرفت في محله ضعف هذا القول فالأوجه رد علمها إلى أهله وكيف كان ففيما عدى هذه الرواية غنى وكفاية وما في بعضها من ضعف السند
غير قادح بعد استفاضتها واعتضاد بعضها ببعض واستدل له أيضا بالأصل واطلاق قوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس ومثل قوله عليه السلام إذا زالت الشمس
دخل وقت الظهر والعصر وقوله عليه السلام إذا دخل الوقت عليك فصلهما فإنك لا تدري والروايات الواردة في الحث على المبادرة إلى فعل الفريضة في أول وقتها مع أن
612

الغالب عدم فراغ الذمة عن الاشتغال بفوائت خصوصا في أوائل بلوغه وفي الجميع مالا يخفى من عدم صلاحية شئ منها لمعارضة النصوص الآتية الدالة بظاهرها
على وجوب الترتيب احتج القائلون بوجوب تقديم الفائتة بالاجماع المنقول وقاعدة الاشتغال وطريقة الاحتياط المطلوب في العبادات وبجميع الأدلة
المتقدمة التي استدلوا بها للقول بالمضايقة بناء على اقتضاء الامر بالشئ النهي عن ضده مع ما عن غير واحد من دعوى الاجماع المركب وعدم القول بالفصل بينها
وبين القول بوجوب تقديم الفائتة وبالمرسل المروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لا صلاة لمن عليه صلاة فإنه يصدق على المكلف قبل تنجيز الحاضرة ومشروعيتها له ان عليه
صلاة فينفي مشروعية الحاضرة وتعلقها في ذمته بمقتضى الرواية هذا كله مضافا إلى الأخبار الخاصة المستفيضة الدالة عليه أقول اما نقل الاجماع فمما لا
ينبغي الالتفات إليه بعد معروفية الخلاف وكذا قاعدة الاشتغال والاحتياط في العبادة بعد ما تقرر في محله من أن المرجح في مثل المقام البراءة واما أدلة القول
بالمضايقة فقد عرفت الجواب عنها وان الأقوى في تلك المسألة القول بالمواسعة مع أن المقدمتين اللتين يتوقف تمامية الاستدلال بهما اي الاجماع المركب
أو كون الامر بالشئ مقتضيا للنهي عن ضده محل نظر أو منع كما تقدمت الإشارة إليه فيما مر واما النبوي فمع الغض عن سنده ففيه ان المراد بالصلاة التي نفيت
على الظاهر الصلاة التي لا يجب عليه فعلها اي النافلة والا فيصدق على المكلف بالنسبة إلى كل من الفائتة والحاضرة ان عليه صلاة فان جميعها عليه فليس الاستشهاد
لوجوب تقديم الفائتة على الحاضرة أولى من عكسه وما قيل في تقريب الأول من أن تنجز التكليف بالفائتة قبل تنجز الحاضرة تمنع عن تعلق الحاضرة بذمته بمقتضى
الرواية ففيه انا لو سلمنا وجوب تقديم الفائتة فهو شرط لصحة الحاضرة كالطهارة لا لوجوبها المصحح لاطلاق ان عليه هذه الصلاة التي حضر وقتها فهو غير مانع عن
تعلق الحاضرة بذمته كي يتجه الاستشهاد وكيف كان فالأظهر ما ذكرناه من أن المراد بالخبر انه لا تطوع لمن عليه فريضة فيحمل النهي على المختار من الجواز على الكراهة
كما عرفته في المواقيت واما الأخبار الخاصة فمنها صحيحة زرارة أو حسنته عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا نسيت صلاة أو صليتها بغير وضوء وكان عليك قضاء
صلوات فابدأ بأولهن فاذن لها وأقم ثم صلها ثم صل ما بعدا بإقامة إقامة لكل صلاة وقال قال أبو جعفر عليه السلام وان كنت قد صليت الظهر وقد فاتتك الغداة
فذكرتها فصل الغداة اي ساعة ذكرتها ولو بعد العصر ومتى ما ذكرت صلاة فاتتك صليتها وقال إذا نسيت الظهر حتى صليت العصر فذكرتها وأنت في الصلاة
أو بعد فراغك فانوها الأولى ثم صل العصر فإنما هي اربع مكان اربع وان ذكرت انك لم تصل الأولى وأنت في صلاة العصر وقد صليت منها ركعتين فانوها
الأولى ثم صل الركعتين الباقيتين وقم فصل العصر وان كنت قد ذكرت انك لم تصل العصر حتى دخل وقت المغرب ولم تخف فوتها فصل العصر ثم صل المغرب فان
كنت قد صليت المغرب فقم فصل العصر وان كنت قد صليت من المغرب ركعتين ثم ذكرت العصر فانوها ثم قم فأتمها ركعتين ثم تسلم ثم تصلى المغرب فان كنت
قد صليت العشاء الآخرة ونسيت المغرب فقم فصل المغرب وان كنت ذكرتها وقد صليت من العشاء ركعتين أو
قمت في الثالثة فانوها المغرب ثم سلم ثم قم فصل
العشاء الآخرة فان كنت قد نسيت العشاء الآخرة حتى صليت الفجر فصل العشاء الآخرة وان كنت قد ذكرتها وأنت في الركعة الأولى أو في الثانية من الغداة فانوها
العشاء ثم قم فصل الغداة واذن وأقم وان كانت المغرب والعشاء قد فاتتاك جميعا فابدأ بهما قبل ان تصلي الغداة ابدء بالمغرب ثم العشاء فان خشيت ان تفوتك
الغداة ان بدأت بهما فابدأ بالمغرب ثم صل الغداة ثم صل العشاء وان خشيت ان تفوتك الغداة ان بدأت بالمغرب فصل الغداة ثم صل المغرب والعشاء ابدأ بأولهما
لأنهما جميعا قضاء وأيهما ذكرت فلا تصلهما الا بعد شعاع الشمس قال قلت ولم ذلك قال لأنك لست تخاف فوتها وصحيحته الأخرى عن أبي جعفر عليه السلام قال
إذا فاتتك صلاة فذكرتها في وقت أخرى فان كنت تعلم انك إذا صليت التي فاتتك كنت من الأخرى في وقت فابدأ بالتي فاتتك فان الله عز وجل يقول أقم الصلاة
لذكري وان كنت تعلم انك إذا صليت التي فاتتك فاتتك التي بعدها فابدء بالتي أنت في وقتها واقض الأخرى ورواية البصري قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي
صلاة حتى دخل وقت صلاة أخرى فقال إذا نسي صلاة حتى دخل وقت صلاة أخرى فقال إذا صلاة أو نام عنها صلاها حين يذكرها فإذا ذكرها وهو في صلاة بدء بالتي نسي وان ذكرها مع امام في صلاة
المغرب أتمها بركعة ثم صلى المغرب ثم صلى العتمة بعدها الحديث ورواية صفوان بن يحيى عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن رجل نسي الظهر حتى غربت الشمس وقد
كان صلى العصر قال كان أبو جعفر أو كان أبي يقول إن أمكنه ان يصليها قبل ان يفوته المغرب بدء بها والا صلى المغرب ثم صلاها ورواية أبي بصير قال سألته عن رجل
نسي الظهر حتى دخل وقت العصر قال يبدء بالظهر وكذلك الصلوات تبدء بالتي نسيت الا ان تخاف ان يخرج وقت الصلاة فتبدء بالتي أنت في وقتها ثم تقضي التي نسيت
ورواية معمر بن يحيى قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صلى على غير القبلة ثم تبين له القبلة وقد دخل وقت صلاة أخرى قال يعيدها قبل ان يصلي هذه التي دخل وقتها الا ان يخاف فوت التي
دخل وقتها وعن دعائم الاسلام مرسلا قال روينا عن جعفر بن محمد عليه السلام أنه قال من فاتته صلاة حتى دخل وقت صلاة أخرى فإن كان في الوقت سعة بدء بالتي فاتت
وصلى التي هو منها في وقت وان لم يكن من الوقت الا مقدار ما يصلي التي هو في وقتها بدء بها وقضى بعدها التي فاتت وقد أجاب شيخنا المرتضى رحمه الله عن الصحيحة
الأولى بما لفظه والجواب اما عن صحيحة زرارة الطويلة فبأن مواضع الدلالة فيها فقرات إحديهما قوله عليه السلام وان كنت قد ذكرت انك لم تصل العصر حتى دخل
وقت المغرب ولم تخف فوتها فصل العصر ثم صل المغرب ولا يخفى على المتأمل فيها ظهورها في تضيق وقت المغرب وفواتها بزوال الحمرة والا لم يناسب التفصيل في
فرض نسيان العصر إلى دخول المغرب بين خوف فوات المغرب وعدمه وحينئذ فلا ينهض الرواية دليلا على المضايقة بناء على ما هو المشهور بين المتأخرين من كون زوال
الحمرة اخر وقت الفضيلة دون الاجزاء فيتعين حمل الامر على الاستحباب وكون ادراك فضيلة المغرب أولى من المبادرة إلى الفائتة بحكم مفهوم القيد في قوله
عليه السلام ولم تخف الثانية قوله عليه السلام وان كنت قد صليت من المغرب ركعتين والظاهر أن الحكم بالعدول في هذه الفقرة مقيد كالحكم السابق بعدم خوف فوات وقت المغرب
613

وحاصل الحكمين انه إذا لم يخف فوت المغرب قدم العصر ابتداء وعدل إليها في أثناء المغرب فيكون مفهوم القيد في قوله عليه السلام ولم يخف فوتها مقيدا لانتفاء الحكمين
عند خوف فوت وقت فضيلة المغرب فيكون الراجح عند خوف فوت وقت الفضيلة تقديم الحاضرة وهذا مخالف للقول بالمضايقة فلا محيص عن حمل الامر بالعدول على
الاستحباب الثالثة قوله عليه السلام وان كنت قد ذكرتها يعني العشاء الآخرة وأنت في الركعة الأولى أو الثانية من الغداة إلى اخره والانصاف ظهور دلالة هذه الفقرة
بنفسها على وجوب العدول لكنه لا ينفع بعد وجوب حمل الامر بالعدول عن المغرب إلى العصر على الاستحباب إذ يتعين حينئذ من جهة في لقول بالفصل حمل الامر بالعدول
من الفجر إلى العشاء أيضا على الاستحباب
(اللهم الا ان يقال إن الاستحباب بعيد عن السياق من جهة ان الامر في الصحيحة
بالعدول من العصر إلى الظهر ومن العشاء إلى المغرب للوجوب قطعا فرفع اليد عن
الظهور المتقدم في وقت المغرب أولى الرابعة قوله عليه السلام وان كانت المغر
ب والعشاء فاتتاك إلى قوله عليه السلام فابدء بالمغرب وحاله كحال الامر
بالعدول ومن الغداة إلى العشاء في حمله على الاستحباب بقرينة ما سبق لعدم القول)
بالفصل بين تذكر فوات العصر في اخر وقت فضيلة المغرب وبين تذكر العشاء فقط أو مع المغرب في وقت صلاة الفجر و
حاصل الجواب عن هذه الصحيحة ان الاستدلال بها مبني على القول بكون اخر وقت اجزاء المغرب زوال الحمرة فإذا لم نقل بهذا سقط الاستدلال بجميع الفقرات الأربع
فتأمل انتهى كلامه رفع مقامه وكأنه أشار بقوله فتأمل إلى ما نبه عليه فيما سبق من امكان دعوى ان الاستحباب بعيد عن السياق فرفع عن الظهور المتقدم أولى
وكيف كان فمنشأ ظهور الرواية في تضييق وقت المغرب اشعارها بكونها جارية على حسب ما كان متعارفا في تلك الاعصار من تخميس أوقات الفرائض وحيث إن
الوقت المحدود للمغرب كان مخصوصا بما قبل زوال الحمرة وهو مضيق ناسبة تقييد تقديم المنسية عليها بعدم خوف فواتها بخلاف مثل صلاة العصر ونحوها مما وقتها
موسع فان خوف الفوات فيها فرض نادر ولذا لم يقع التقييد بعدمه فيها وربما يستشعر من كلام شيخنا المتقدم ان منشأه ظهور قوله عليه السلام فان كنت قد ذكرت انك لم تصل
العصر حتى دخل وقت المغرب إلى آخره في كون تذكرة من حين دخول الوقت فلو لم يكن الوقت مضيقا لا يناسبه التقييد وفيه نظر فان كلمة حتى جعلت في الرواية غاية
لترك العصر لا لنسيانه فلا ينافيه عدم تذكره الا في اخر الوقت نعم قد جعلت كلمة حتى غربت الشمس غاية لنسيان الظهر في خبر صفوان فيتجه الجواب عنه بالتقريب
المزبور واما الصحية فالانصاف انه لا ظهور لها في تضيق وقت المغرب الا بملاحظة ما ذكرناه وهو بعد تسليمه ليس على وجه يصلح لصرف سائر الفقرات عن ظهورها
في الوجوب ولكن يمكن ان يناقش في دلالة الصحيحة بوجه أخرى وهو ان سوقها يشهد بأن ما ذكر فيها من الترتب من أوله إلى آخره انما ذكر تفريعا على الامر بالمبادرة
إلى فعل الفائتة متى ذكرها في أي ساعة ذكرها سواء كان قبل دخول وقت الحاضرة أو بعده قبل أدائها أو في أثنائها مع امكان العدول أو بعدها فليس محط النظر
فيها بيان وجوب الترتيب بين الحاضرة والفائتة من حيث هو تعبدا مع قطع النظر عن مسألة المضايقة فالترتيب المذكور فيها على ما يشهد به سوقها انما هو بلحاظ
كونه من مقتضيات المضايقة (المأمور بها في هذه الرواية وقد حققنا فيما سبق ان المضايقة) انما هي على سبيل الاستحباب بشهادة ذيل هذه الرواية فضلا عن غيره مما عرفت فكذا ما يتفرع عليه من الترتيب واما كون
الترتيب بنفسه واجبا تعبديا
لا من حيث ابتنائه على المضايقة فلا يكاد يفهم من هذا الخبر ووجوبه بين الظهرين والعشائين ثبت من دليل خارجي لا من هذه الرواية وبما ذكرنا ظهر لك
امكان الخدشة في صحيحته الثانية أيضا حيث إن ما تضمنته من تعليل الامر بالبدأة بالفائتة بقوله تعالى وأقم الصلاة لذكرى بجعله طاهرا في ابتنائه على المضايقة
لا كونه من حيث هو شرطا تعبديا لصحة الحاضرة بل هي بملاحظة التعليل كالنص في أن الامر بالبدأة بالفائتة انما هو بملاحظة حال الفائتة إلى مطلوبية الاتيان
بها قبل الحاضرة لا كونه توطئة لبيان مطلوبية تأخر اللاحقة عنها كي يكون مسوقا لبيان شرطية تأخر اللاحقة عنها في صحة اللاحقة كما هو مطلوب المستدل بل و
كذا رواية البصري مشعرة أو ظاهرة في ابتناء ما تضمنته من الامر بالبدأة بالتي نسي على مسألة المضايقة التي التزمنا فيها بالاستحباب فلا ينعقد معه حينئذ ظهور في
شرطيته تعبدا كما لا يخفى على المتأمل واما رواية صفوان فقد ظهر الجواب عنها مما حققه شيخنا المرتضى (ره) في عبارته المتقدمة جوابا عن الصحيحة الأولى بالتقريب الذي
عرفته فيما سبق فإنه جار في المقام من غير أن يتطرق إليه المناقشة التي أوردناها هناك كما تقدمت الإشارة إليه وكذا الجواب عن رواية أبي بصير فان الظاهر من قوله
نسي الظهر حتى دخل وقت العصر ابتناء الجواب على تعدد أوقات الظهرين والعشائين وحينئذ فقوله عليه السلام تبدء بالتي نيست الا ان تخاف ان يخرج وقت الصلاة أريد
منه خروج الوقت المختص بها المغائر لوقت الأخرى فتدل على جواز تقديم المغرب على العصر المنسية لو ذكرها عند خوف خروج وقت المغرب المغائر لوقت العشاء أي ما
فاقبل زوال الحمرة وهو بناء على كون هذا الوقت وقتا للفضيلة لا للاجزاء كما هو المختار ينافي وجوب الترتيب كما عرفت واما رواية معمر بن يحيى فقد عرفت في مبحث
القبلة انها مع ضعف سندها معارضة بمعتبرة مستفيضة دالة على عدم وجوب إعادة الصلاة الواقعة على غير القبلة لو تبين خطائه بعد خروج الوقت فيجب اما طرحها
أو ارتكاب التأويل فيها بالحمل على إرادة وقت العصر العشاء من الصلاة الأخرى لا مطلقا أو الاستحباب فلم يبق الا مرسلة الدعائم وهى غير ناهضة للحجية الا لاثبات
الاستحباب من باب المسامحة ومع الغض عن جميع ما ذكر وتسليم دلالة الروايات المزبورة جميعها على المدعى فهي معارضة بما تقدم من الاخبار الظاهرة أو الصريحة
في عدم اعتبار الترتيب المشتمل جملة منها على الامر بتقديم الحاضرة وهى أكثر عددا وأصح سندا واظهر دلالة لامكان حمل هذه الأخبار على الاستحباب وليس تلك الأخبار
مثل هذا الحمل في القرب مع أبعدية تلك الأخبار عن التقية بناء على ما عن العلامة في التذكرة من نسبة القول بالترتيب إلى أكثر العامة وحكى انه مذهب الأربعة عدى الشافعي
بل له أيضا بناء على أن المحكى عنه أولوية الترتيب ان لم يقل بوجوبه فالأخبار الدالة على رجحان تقديم الحاضرة مخالف لفتوى الأربعة ولو سلم التكافؤ بالمرجع اطلاقات
الأدلة والأصول النافية لشرطية الترتيب على ما ذكره شيخنا المرتضى (ره) ولكن يرد عليه ان الأصل في تعارض الخبرين كما حققه في أصوله هو التخيير لا الأصول العملية النافية
للشرطية واما الاطلاقات فيمكن المناقشة فيها بوروده مورد حكم اخر فيشكل الرجوع إليها لنفى شرطية الترتيب وكيف كان ففي التخيير الذي هو الأصل في تعارض الخبرين
أيضا غنى وكفاية فإنه مساوق للقول بنفي الاشتراط في مقام العمل حيث يجوز له تقديم أيهما شاء اخذ بالرواية الدالة عليه اللهم الا ان قال يكون التخيير ابتدائيا
فمتى اخذ بأحد المتعارضين لم يجز له العدول وهو خلاف التحقيق كما تقرر في محله وقد تلخص مما مر ان الأظهر عدم اعتبار الترتيب بين الحاضرة والفائتة فله تقديم أيهما
614

شاء وهل الأولى تقديم الفائتة أو الحاضرة لكل منهما وخبر ينزل عليه اختلاف الاخبار ولو قيل بأولوية المبادرة إلى فعل الفائتة ما لم يتضيق وقت فضيلة الحاضرة
وعكسه لدى تضيق وقت الفضيلة لعله أوفق بما يقتضيه الجمع بين شتات الاخبار واما سائر الأقوال التي تقدمت الإشارة إليها في صدر المبحث كالقول بوجوب تقديم
فائتة واحدة مطلقا أو من خصوص يوم الفوات أو مطلق فائتة اليوم والليلة أو استحباب تقديم الفائتة مطلقا ما لم يتضيق وقت أداء الحاضرة أو عكسه مطلقا فلا
يكاد يمكن الالتزام بشئ منها من غير أن يستلزم طرح شئ من النصوص المعتبرة كما لا يخفى على المتأمل هذا مع أن بعضها في حد ذاته كالتفصيل بين فوائت يومه واحدة كانت
أم متعددة وبين غيرها مما لا دليل يعتد به عليه عدى صحيحة زرارة الطويلة بناء على أن يكون المراد باليوم اليوم مع ليله أعم من سابقه أو لاحقه والا فلو أريد مع خصوص
الليلة السابقة أو اللاحقة فهذه الصحيحة بعد تسليم دلالتها على الوجوب حجة عليه كما لا يخفى ودعوى ان الفرائض الخمس اليومية جميعها في كل يوم مترتبة بخلاف فرائض
الأيام المختلفة غير ثابتة ثم إن هيهنا فروعا كثيرة مشتملة على فوائد نفيسة متفرعة على القول بالمضايقة وشرطية الترتيب وحيث تبين لدينا ضعف المبنى لا يترتب على
تحقيقها كثير فائدة فكان الاشتغال بما هو الأهم أولى هذا كله فيما لو تعمد فعل الحاضرة مع سعة الوقت قبل الفائتة واما لو كان عليه صلاة فنسيها وصلى الحاضرة ولم يذكرها
حتى فرغ فلا خلاف على الظاهر كما صرح به في الجواهر في أنها مضت ولم يعده بل لا اشكال فيه أيضا ضرورة ثبوت الصحة على المختار من المواسعة وعدم وجوب ترتب
الحاضرة على الفائتة بل وعلى المضايقة وشرطية الترتيب أيضا بناء على أن مدرك الفساد النهى عن الضد المعلوم عدم اقتضاء الفساد لدى عدم تنجزه فعلا على المكلف
بحيث يكون معاقبا على مخالفته كما في صورة النسيان ونحوه حسبما تقرر في محله بل وكذا لك لو كان مستنده الاخبار ضرورة ان الاخبار على تقدير تسليم دلالتها على المدعى
لم تدل الا على وجوب البدأة بالفائتة ما لم يتضيق الحاضرة مفرعة ذلك على أن وقتها وقت ذكرها فهي قاصرة عن إفادة الشرطية بالنسبة إلى غير حال التذكر كما أن الامر
كذلك بالنسبة إلى الحاضرتين أو الفائتتين والفوائت التي التزمنا فيها بوجوب الترتيب حيث إن شرطية الترتيب في الجميع مخصوصة بصورة التذكر كما عرفته في محله
واما ما في صحيحة زرارة الطويلة من الامر بالعدول من العصر إلى الظهر المنسية بعد الفراغ منها فهو غير مناف لصحتها بل مؤكد لها فيحتمل ابتنائه على اتحاد مهية الظهرين
الواقعين في الوقت المشترك وعدم المغائرة بينهما الا بالسبق واللحوق فيقع ما نواه عصر الذي نسيانه للظهر ظهرا في الواقع فتبقى ذمته مشغولة العصر ولكن هذا خلاف
المنساق من قوله ينويها الأولى إذ المتبادر منه ان للقصد دخلا في الاجتزاء بها عن الظهر فما لم ينوها الظهر لم يسقط امرها فلو بقي كذلك عمدا حتى خرج الوقت
يكون معاقبا على ترك الظهر دون العصر وكيف كان فهذه الفقرة من الرواية المشتملة على الامر بالعدول من العصر إلى الظهر بعد الفراغ منها بظاهرها مخالفة للاجماع
كما ادعاه غير واحد فيشكل الاعتماد عليها وان حكى عن غير وحد من المتأخرين تجويز العمل به فعن المفاتيح انه بعد ذكر ورود جواز العدول في الصحيح قال وهو حسن وعن
بعض شراحه أنه قال ولعله الصحيح وعن المحقق الأردبيلي أنه قال ولو كان به قائلا لكان القول به متعينا ويظهر من صاحب المدارك أيضا الميل إليه ولكنك خبير
بان هذا كله لا يخرجها عن الشذوذ فيشكل التعويل عليها في اثبات مثل هذا الحكم المخالف للقواعد ولكن طرحها بالنسبة إلى خصوص هذه الفقرة مع صحتها وكونه معمولا
بها في سائر فقراتها أيضا لا يخلو من اشكال مع أنه قد يؤيدها رواية الحلبي قال سألته عن رجل نسي ان يصلى الأولى حتى صلى العصر قال فليجعل صلاته التي صلى الأولى
ثم ليستأنف العصر وعن الفقه الرضوي عن رجل نسي الظهر حتى صلى العصر قال يجعل صلاة العصر التي صلى الظهر ثم يصلى العصر بعد ذلك ولكن يمكن حمل هذين الخبرين
على إرادة التذكر بعد التلبس بصلاة العصر وكيف كان فلا ينبغي ترك الاحتياط بالعدول من العصر بعد الفراغ عنها أيضا إلى سابقتها ثم اعادتها مع العصر بنية
الاحتياط والله العالم ولو ذكرها في أثنائها وكان العدول ممكنا بان لم يتجاوز محله وكان الوقت واسعا عدل من الحاضرة إلى الفائتة السابقة وجوبا عند
من قال بوجوب تقديم الفائتة على الحاضرة كما عن كثير منهم التصريح به بل عن غير واحد دعوى اجماعهم عليه واستحبابا أو جوازا عند القائلين بالمواسعة وعدم
اشتراط الترتيب والأصل في هذا احكم هي صحيحة زرارة الطويلة المتقدمة ورواية عبد الرحمن البصري قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي صلاة حتى دخل وقت صلاة
أخرى فقال إذا نسي الصلاة أو نام عنها صلى حين يذكرها فإذا ذكرها وهو في صلاة بدء بالتي نسي وان ذكرها مع امام في صلاة المغرب أتمها بركعة ثم صلى المغرب ثم
صلى العشاء بعدها وان كان صلى العتمة وحده فصلى منها ركعتين ثم ذكر انه نسي المغرب أتمها بركعة فيكون صلاته للمغرب ثلث ركعات ثم يصلى العتمة بعد ذلك و
هاتان الروايتان صريحتان في العدول من الحاضر إلى سابقتها حاضرة كانت السابق أم فائتة ويفهم منهما جواز العدول من لفائتة إلى سابقتها فواتا أيضا بالتقريب
الذي تقدم تحقيقه في مبحث المواقيت ثم إن ظاهر الخبرين كعبارة المتن وجوب العدول عن الحاضرة إلى الفائتة ولكن يتعين صرفه عن ذلك بحمله على الاستحباب أو بيان
الجواز بناء على المختار من التوسعة وعدم اعتبار الترتيب بقرينة ما عرفت لا يقال لا منافاة بين الالتزام بوجوب العدول فيما لو ذكر في الأثناء وجواز تأخيره عمدا
فيما لو كان متذكرا قبل الشروع إذ لا استحالة فيه عقلا فلا يجوز رفع اليد عن ظاهر الدليل بمحض الاستبعاد لأنا نقول بعد الغض عن في لقول بالفصل على
الظاهر أن سوق الخبرين يعطى ظهورهما في كون الامر بالعدول من الحاضرة إلى الفائتة وكذا إلى الحاضرة السابقة ليس لمحض التعبد بل لمراعاة الترتيب ومطلوبية البدأة
بالمنسية وان وقتها وقت ذكرها فيكون مطلوبية العدول متفرعة على مطلوبية الترتب والفورية فليس له مطلوبية مستقلة كي يحمل على الوجوب كما لا يخفى على
المتأمل وربما يؤيد في لوجوب أيضا بل يشهد له لولا ضعف السند ما عن الواسطي في كتابه مرسلا عن الصادق عليه السلام أنه قال عن كان في صلاة ثم
ذكر صلاة أخرى فائتة أتم التي هو فيها ثم قضى ما فاته وحكى عنه أيضا في موضع اخر من كتابه نسبة هذا إلى أهل البيت عليهم السلام فليتأمل ثم إن المراد بالعدول
كما عن صريح بعض بل هو ظاهر الصحيح المزبور أيضا ان ينوى بقلبه وقوع ما صدر منه من هذه الصلاة بضميمة ما يصدر منه امتثالا للامر المتعلق بالسابقة بان
615

يجعل المجموع في قصده كونه تلك الصلاة إطاعة لأمرها فهو موقوف على أن يكون تذكرة الفائتة في حال يمكنه ذلك عقلا وشرعا بأن لم يتجاوز محله وكان الوقت
واسعا فاطلاق المتن وغيره كإطلاق بعض الأخبار الدالة عليه مقيد بذلك كما هو واضح نعم قضية هذا الاطلاق كظاهر غيره أو صريحه صحة العدول أي
بقاء محله في المتساويتين في العدد وكذا فيما لو كان المعدول إليه أكثر عددا إلى أن يتحقق الفراغ عن الحاضرة بالتسليم فما لم يتحقق الفراغ صح العدول ولو في أثناء السلام
المخرج بناء على المختار من جزئيته للصلاة واما فيما إذا كان المعدول إليه أقل كما لو عدل من الظهر إلى الصبح فإلى ان يركع للثالثة فإنه ما لم يركع يمكنه ان يتممه صبحا حتى
بعدم قيامه للثالثة بهدم القيام والتشهد والتسليم غايته انه يلزم منه زيادة القيام وهى غير مانعة عن صحتها صبحا ما لم يحدث القيام من أصله موصوفا بصفة الزيادة
عمدا بل ومع حدوثه كذلك أيضا قد يتأمل في مبطليته كما تقدم الإشارة إليه في محله فليس مطلق التجاوز عن المحل المشترك بين الفريضتين مانعا عن العدول ما لم
يصل إلى الركوع خلافا لما عن ظاهر المنتهى من الاكتفاء بزيادة القيام في تجاوز محل العدول ولعل مستنده دعوى قصور الأدلة عن إفادة جوازه في مثل الفرض مع
مخالفة الحكم للأصل وكيف كان فيدل على بقاء محل العدول في المتساويتين في العدد إلى اخر الصلاة اطلاق الجواب في صحيحة الحلبي التي ورد فيها الامر بالعدول من العصر
إلى الظهر من غير استفصال عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل أم قوما في العصر فذكر وهو يصلى بهم انه لم يكن صلى الأولى قال فليجعلها الأولى التي فاتته ويستأنف
بعد العصر وقد قضى اليوم صلاتهم وقوله عليه السلام في صحيحة زرارة المتقدمة وإذا نسيت الظهر حتى صليت العصر فذكرتها وأنت في الصلاة أو بعد فراغك فانوها الأولى
وطرح ما تضمنته من العدول إلى الظهر بعد الفراغ لكونه بظاهره مخالفة للمشهور أو المجمع عليه لا يوجب طرحها بالنسبة إلى غيره مما تضمنته وهو فيما لو ذكرها وهو
في الصلاة فهذه الفقرة باطلاقها تدل على المدعى وكذا قوله عليه السلام في خبر عبد الرحمن فإذا ذكرها في صلاة بدء بالتي نسي وحمله على إرادة وقت الصلاة تأويل بلا دليل فان ظاهره
إرادة نفس الصلاة فالمراد بقوله بدء بالتي نسي انه يؤخر تلك الصلاة ويذم المنسية بالعدول إليها وحيث إن هذا في المتساويتين في العدد لم يكن محتاجا إلى التوضيح
لم يتعرض له وفسره بالنسبة إلى المختلفتين بقوله وان ذكرها مع امام الحديث وقضية اطلاق وهذه الفقرة أيضا بقاء العدول في المختلفتين أيضا إذا كان المعدول و
إليه أكثر إلى اخر الصلاة كما أن مقتضاه عدم كون مطلق التجاوز عن المحل المشترك والاتيان بواجب اخر مما عدى الأركان مانعا عن العدول فإنه باطلاقه يعم ما لو
ذكرها في أثناء التشهد الأخير بل مقتضى اطلاق صدره جواز العدول عن كل فريضة إلى ما ذكره في أثنائها متساوية كانت أم مختلفة لدى امكانه وهو ما إذا لم يستلزم
زيادة ركن فيعم بإطلاقه ما لو ذكر بعد أن قام لثالثة الظهر ان عليه صبحا فائتة ودعوى ان مورد هذه الرواية هي الفائتة الرباعية بقرينة قوله عليه السلام وان ذكرها مع
امام في صلاة المغرب أتمها بركعة مدفوعة بان المقصود بهذه الفقرة بحسب الظاهر إرادة بيان عدم كون العدول إلى صلاة أخرى منافيا للايتمام بل يبقى على ايتمامه
حتى يفرغ الامام ثم يأتي ببقية صلاته ان كانت رباعية لا انه عليه السلام أراد بيان حكم من فاتته خصوص صلاة الرباعية كما لا يخفى على المتأمل هذا كله مع أن سوق
الصحيحة وكذا خبر عبد الرحمن يشهد بان المقصود بهما بيان مراعاة الترتيب والبدأة بالمنسية لدى تذكرها ولو
في أثناء الحاضرة بالعدول عنها إلى المنسية مهما أمكن من غير فرق بين كون المنسية التي ذكرها في
أثناء المغرب مثلا صلاة عصر هذا اليوم أو غيرها من صلوات هذا اليوم أو سائر الأيام وما جرى ذكره في الاخبار من فرض حصول التذكر لفائتة خاصة بعد ان
صلى ركعتين من الحاضرة فهو جار مجرى التمثيل لم يقصد به الخصوصية ولذا لم يفهم أحد من الأصحاب اعتباره بالخصوص فالمدار في جواز العدول على ما ينسبق إلى الذهن من
الاخبار وكلمات علمائنا الأبرار انما هو على امكان العدول بان لم يلزم منه زيادة الأركان الموجبة لتغيير هيئة الصلاة دون زيادة مثل التشهد والقيام والقراءة
ونحوها مما لا مانع عن فعله اختيارا في أثناء الصلاة ما لم يستلزم زيادة تشريعية كما لا يخفى على المتأمل ولو ذكر بعد ان عدل من الحاضرة إلى الفائتة التي ذكرها في الأثناء
ان عليه فائتة أخرى سابقة اندرج في موضوع مسألة العدول الفائتة إلى من الفائتة التي استقصينا البحث عنها في مبحث المواقيت وتعرضنا هناك لحكم ترامى العدول فراجع ولو
كانت الفائتة التي ذكرها في الأثناء مرددة بين صلاتين أو أكثر فإن كان المحتملات متساوية في العدد كما لو كانت مرددة بين الظهر والعصر والعشاء وقلنا بكفاية
رباعية مطلقة في مثل الفرض كما هو الأظهر عدل إليها بلا اشكال إذ الرباعية المطلقة تقع حينئذ مصداقا للفائتة التي ذكرها في
الأثناء فلا يكون تردده مانعا عن تمكنه من العدول إليها بعينها كما لا يخفى واما لو لم نقل بكفاية رباعية مطلقة بل بوجوب الاتيان بجميع المحتملات من باب المقدمة
العلمية أو كانت المحتملات غير متساوية بان كانت مرددة بين ثنائية وثلاثية ورباعية فعلى المختار من صحة الحاضرة في سعة الوقت وعدم وجوب ترتبها على الفائتة بل
استحبابه أو جوازه يشكل الالتزام بجوازه في مثل الفرض فإنه لا يعلم بكون ما يعدل إليه من المحتملات هي الفائتة الأصلية الواجبة عليه حتى يسوغ له رفع اليد عن الحاضرة
بالعدول إليها أو مجرد احتمالها لا يكفي في جواز ابطال عمله واما على القول بوجوب الترتيب وعدم صحة الحاضرة في السعة ما دامت الذمة مشغولة بفائتة فالمتجه كونها
كالفريضة المعينة في وجوب العدول إليها واحتمال كون ما يعدل إليه من المقدمات العلمية دون الفائتة الواقعية الواجبة عليه غير مانع عن جواز العدول في الفرض
أو وجوبه فإنه ان لم يعدل يختل شرط الحاضرة فليس له المضي فيها بهذا القصد واما مع العدول فيصح عمله بمعنى انه يقع المأتى به جزء مما عدل إليه سواء كان المعدول إليه
هي الفائتة الأصلية أو من مقدماتها العلمية إذ الاتيان بالمقدمة العلمية ليس الا لاحتمال مصادفتها للفائتة الأصلية وهو يعلم بأنه على تقدير المصادفة يقع جزء
منها فلا حاجة إلى استينافها بل ليس له ذلك بان يقطع الحاضرة ويستأنف جميع المحتملات لأنه ابطال للفريضة اختيارا وهو لا يجوز اللهم الا ان نلتزم بجوازه
فيما يؤتي به من باب المقدمة العلمية فإنه بعد ان تعين عليه العدول إليها تكون بحكمها في ذلك ولكن الظاهر عدم التزام أحد بذلك فليتأمل ثم إن ظاهر المتن ان لم يكن صريحه
التفصيل بين الفائتة الواحدة والفوائت المتعددة فلم يعتبر الترتيب في الثاني كما صرح به فيما سبق واعتبره في الأول أي الفائتة الواحدة كما ينصح عن ذلك حكمه هيهنا
616

بالعدول إليها لو ذكرها في أثناء الحاضرة وانه لو صلى الحاضرة في سعة الوقت مع الذكر أعاد ولكنك عرفت ان الأظهر عدم اعتباره مطلقا فلا يجب إعادة الحاضرة
سواء ذكر الفائتة في أثنائها أو قبل التلبس بها والله العالم ولو دخل في نافلة وذكر ان عليه فريضة استأنف الفريضة بمعنى انه لم يجز العدول منها إليها بلا نقل خلاف
بل عن القواعد دعوى الاجماع عليه لمخالفته للأصل وعدم مساعد دليل عليه فما في المفاتيح من أن الأظهر جوازه لمطلق طلب الفضيلة لاشتراك العلة الواردة
مدفوع بعد الغض عن مخالفته للاجماع ظاهرا بانا لم نعثر في اخبار العدول على علة مناسبة لهذا الحكم أو للتعميم عدى ما في رواية الحسن بن زياد الصيقل قال سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي الأول حتى صلى ركعتين من العصر قال فليجعلها الأولى وليستأنف العصر قلت فإنه نسي المغرب حتى صلى ركعتين من العشاء ثم ذكر قال
فليتم صلاته ثم ليقض المغرب قال قلت له جعلت فداك قلت حين نسي الظهر ثم ذكر وهو في العصر يجعلها الأولى ثم يستأنف وقلت لهذا يتم صلاته ثم يقضى بعد المغرب
فقال ليس هذا مثل هذا ان العصر ليس بعدها صلاة (والعشاء بعدها) بدعوى انه يفهم من التعليل ان مناط الامر بالعدول من العصر هو التحرز عن فعل الظهر في الوقت المرجوح و
قضية ذلك جوازه لمطلق طلب الفضيلة وفيه بعد الغض عن وجوب رد علم هذه الرواية إلى أهله ان هذه العلة انما يناسب الفرق بين المقامين من حيث عدم
الامر بفعل الظهر بعد العصر بحيث لولاها لكان يأمر بذلك كما في المغرب فهي ليست علة للامر بالعدول من حيث إنه عدول فمن الجائز ان يكون لصلاحية المحل أيضا
دخل في ذلك بحيث لولا ها لكان يأمر بالقطع واستيناف الصلاتين مرتبتين كما لا يخفى على المتأمل وقوله عليه السلام في صحيحة زرارة فإنما هي اربع مكان اربع
تعليلا للعدول من العصر إلى الظهر لو ذكرها في الأثناء أو بعد الفراغ والظاهر أن هذا هو مراده بالعلة الواردة فإنه كما تقدمت الإشارة إليه فيما سبق ممن حكى عنه
تجويز العمل بهذه الفقرة من الرواية فكأنه رأى أن مقتضى ما فيها من التعليل جواز العدول من كل صلاة إلى ما يساويها لغرض راجح شرعا سواء كانتا فريضتين
أو نافلتين أو مختلفتين وفيه بعد تجويز العمل به في مورده والاغماض عما ادعاه غير واحد من مخالفته للاجماع انه لا يجوز التخطي عنه إلى المختلفتين بالنوع
إذ ليس مجرد المساواة في العدد علة تامة لجواز العدول والا لاطرد مع العمد أيضا فإنه متى اتى بعد الظهر مثلا بفائتة رباعية مثلا ثم بداله بعد الفراغ منها أو في
أثنائها ان يجتزي بها عن الحاضرة أو عكسه صدق عليها انها اربع مكان اربع كما أنه يصح ان يقال فيما لو اتى بنافلة الصبح مثلا ثم بداله ان يجعلها الفريضة أو عكسه
انهما ركعتان مكان ركعتين فيلزم الأطراف فيه أيضا ولو مع العمد حتى بعد الفراغ كما هو مورد العلة المنصوصة وهذا خصوصا في النافلة بعد الفراغ لا يبعد ان يكون
مخالفا للضرورة فضلا عن الاجماع فيكشف ذلك عن أن مجرد المشابهة الصورية بين الصلاتين غير كافية في جواز العدول بل لخصوصية السهو الذي ورد فيه
النص مدخلية في ذلك فيجوز ان يكون لغيره من الخصوصيات كالظهرية والعصرية أو مشاركتهما في الفرضية أو في الوقت مدخلية في ذلك ولا يصلح التعليل دافعا لهذا
الاحتمال بعد ان علم بعدم كونه علة مستقلة كما لا يخفى على المتأمل هذا مع أن هذا التعليل بحسب الظاهر تعليل المعدول بعد الفراغ لا في الأثناء كما هو محل الكلام
فلا يصح التعلق به لما نحن فيه فليتأمل وهل يجب عليه بعد ان ذكر ان عليه فريضة ان يقطع النافلة كما يستشعر من المتن أم يجوز المضي فيها اما على ما قوينا في المواقيت
من جواز التطوع لمن عليه فريضة فلا اشكال في جواز المضي بل وجوبه بناء على حرمة قطع النافلة اختيارا ولكنك عرفت في محله ضعف المبنى واما على القول
بحرمة التطوع لمن عليه فريضة فان قلنا بجواز قطع النافلة اختيارا كما هو الأظهر اتجه الالتزام بوجوبه في المقام ودعوى انصراف الأخبار الناهية عن التطوع لمن
عليه فريضة إلى فعل النافلة ابتداء لا اتمام ما تلبس بها قبل التذكر قابلة للمنع فان قوله عليه السلام في بعض تلك الأخبار ولا يتطوع بركعة حتى يقضى الفريضة كلها بمنزلة
القضايا المعللة الابية عن الانصراف واما ان قلنا بحرمة قطع النافلة فالمتجه هو القول بأنها تخرج بالشروع فيها عن كونها تطوعا فلا يعمها الأخبار الناهية بل تبقى
على حكمها وهو وجوب المضي نعم لو عمه تلك الأخبار خرجت عن موضوع ما دل على حرمة القطع لان مقتضى عمومها بعد تسليم دلالتها على الحرمة حصول الانقطاع
لا القطع كما لا يخفى على المتأمل ويقضى صلاة السفر قصرا ولو في الحضر وصلاة الحضر تماما ولو في السفر في المدارك قال إنه مذهب العلماء كافة الا من شذ وكأنه أشار
إلى ما نقله في محكى الذكرى عن المزني من علماء العامة من القول بان ما فاتته في الحضر يقضيها في السفر قصرا اعتبار بحالة الفعل والا فالظاهر كما صرح به غير واحد
عدم الخلاف في الحكمين عندنا وكيف كان فيدل على الحكم المزبور النبوي المشهور من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته وصحيحة زرارة أو حسنة قال قلت له رجل فاتته من
صلاة السفر فذكرها في الحضر فقال يقضى ما فاته كما فاته ان كانت صلاة السفر أداها في الحضرة مثلها وان كانت صلاة الحضر فليقض في السفر صلاة الحضر وخبره الاخر
عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا نسي الرجل صلاة أو صليها بغير ظهور وهو مقيم أو مسافر فذكرها فليقض الذي وجب عليه لا يزيد على ذلك ولا ينقص من نسي أربعا
فليقض أربعا مسافرا كان أو مقيما أو نسي ركعتين صلى ركعتين إذا ذكر مسافرا كان أو مقيما ورواية عماد عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال سألته عن الرجل
يكون عليه صلاة في الحضر هل يقضيها وهو مسافر قال نعم يقضيها بالليل على الأرض فاما على الظهر فلا يصلى كما يصلى في الحضر وروايته الأخرى قال سألت أبا عبد
الله عليه السلام عن المسافر يمرض ولا يقدر ان يصلى المكتوبة قال يقضى إذا أقام مثل صلاة المسافر بالتقصير ولو حصل الفوات في أماكن التخيير فهل يثبت التخيير في القضاء أيضا
مطلقا أو بشرط ان يوقعه في تلك الأماكن أم يتعين القصر احتمالات من أنه يصدق عليه انه فاتته صلاة كان له ان يصليها رباعية وثنائية فكذا قضائها اخذا
بعموم قوله عليه السلام من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته مع أنه هو مقتضى تبعية القضاء للأداء في الأحكام الثابتة له كما يقتضيه الأصل بناء على ما حققنا في أوائل الكتاب
من أن القضاء وان ان بأمر جديد ولكن الامر الجديد كشف عن أن المطلوب بالامر الأول من قبيل تعدد المطلوب وان مطلوبيته لا تنتفى بفوات وقته فالصلاة
المقتضية بعينها هي الماهية التي وجب الاتيان بها في الوقت فيجب ان يراعى فيها جميع ما ثبت لها من الشرائط والاجزاء والاحكام عدى ما نشأ من خصوصية الوقت
617

ومن هنا يظهر جواز التمسك باستصحاب التخيير الثابت له حال أدائها وعدم تطرق الخدشة إليه بتبدل الموضوع ومن امكان الخدشة في العموم بان لا فائتة انما هي
صلاة السفر التي شرعت بالذات مقصورة وجواز الاتمام حكى شرعي ثابت لها حال أدائها ناش من خصوصية المكان فلا مدخلية له بأوصاف الفعل كما وكيفا
حتى يعمه عموم التشبيه واما تبعية القضاء للأداء في الاحكام ان تمت فهي غير مقتضية الا لثبوت التخيير فيما لو أوقعها في تلك الأماكن لا مطلقا فإنه لم يثبت لأدائها
هذا الحكم الا على هذا التقدير ومن هنا يظهر حال استصحابه أيضا فإنه ان جرى فلا يقتضى الا جواز الاتيان بقضائها تماما في تلك الأماكن كما في أدائها بل مقتضى
الاستصحاب التقديري عدمه في غير تلك الأماكن ولا أقل من كون استصحاب التخيير بالنسبة إلى ما لو أوقعها في غير تلك الأماكن من قبيل الشك في المقتضى بل وكذا
فيما لو أوقعه في تلك الأماكن إذ الشك ناش من احتمال مدخلية خصوصية الوقت كالمكان في ذلك فلا يصح التمسك بالاستصحاب ولو بالنسبة إلى تلك الأماكن
فاحتمال ثبوت التخيير مطلقا ضعيف واما التخيير في تلك الأماكن فمنشأ احتماله ما تقدمت الإشارة إليه من اتحاد مهية الأداء والقضاء ومساواتهما في الحكم
ولكن ليس ذلك منشأ للجزم بمساواتهما في هذا الحكم لاحتمال ان يكون لخصوصية الوقت مدخلية فيه وليس لدليله اطلاق أحوالي بحيث يتناول حكمها بعد
خروج الوقت فليتأمل وقد ينشأ الاحتمال المزبور من احتمال ان يكون جواز اتمام الفريضة مطلقا اذائية كانت أم قضائية من مقتضيات تلك الأماكن ولكن
لا يعتنى بهذا الاحتمال بالنسبة إلى قضاء ما فاتته في غير تلك الأماكن اخذا بإطلاق ما دل على أن صلاة السفر تقضى قصرا ولو في الحضر فضلا عن مواضع التخيير
ولكن الأدلة الدالة على ذلك منصرفة عن الصلاة التي كان المكلف مخيرا في أدائها فلا تكون رادعة عن هذا الاحتمال بالنسبة إليها ولكن لا يساعد على اثباته دليل
ولذا ربما مال بعض أو قال بتعين القصر نظرا إلى أن فرض المسافر القصر في الصلاة وقد ثبت له الرخصة في الاتمام في تلك المواطن أداء لا قضاء وفيه ما
تقدمت الإشارة إليه من قصور الأدلة عن إفادة كيفية القضاء بالنسبة إلى هذا المورد كما لا يخفى على المتأمل نعم قد يتجه الاستدلال لتعين القصر بقاعدة
الشغل بناء على جريانها في دوران الامرين التعيين والتخيير ولكن قد يناقض في ذلك أيضا بقيام احتمال تعين التمام أيضا فمقتضى قاعدة الاشتغال الجمع ومنشأ
هذا الاحتمال هو كون التمام أصلا في الصلاة والقصر تخفيفا من الشارع يجب الاقتصار على مورد ثبوته وفيه ان كون التمام أصلا انما هو في حق المقيم دون
المسافر مع أن هذا الأصل مما لا يكاد يرجع إلى محصل ما لم يرجع إلى عموم أو اطلاق يرجع إليه في مقام الشك وقد أشرنا إلى أنه ليس لنا عموم أو اطلاق يصلح
للرجوع إليه ونظيره في الضعف احتمال استقلال القضاء بالملاحظة ولحوقه في كل مورد حكم ذلك المورد بأن يتعين فيه القصر في السفر والتمام في الحضر والتخيير في
مواطن التخيير نظرا إلى أنه بعد قصور الأدلة عن إفادة حكمه من حيث كونه قضاء يجب الرجوع إلى ما دل على قصر الصلاة في السفر والتمام في الحضر والتخيير في مواطنه
وفيه ما لا يخفى من أن تلك الأدلة موردها الأدائية فالمرجع في المقام ليس الا الأصول العملية وهى قاعدة الشغل القاضية بالجمع ان احتملنا تعين التمام أيضا
والا فالقصر ان قلنا بالاحتياط عند دوران الامر بين التعيين والتخيير وان قلنا بأصالة البراءة عن التعيين كما لا يخلو من قوة فالتخيير ثم إن مقتضى عموم التشبيه الواقع في قوله صل الله عليه وآله
من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته وجوب مساواة القضاء للفائتة في الكيف أيضا بان يأتي بها في خارج الوقت مثل ما أريد منه في الوقت فيجب ان يقضى الصلاة
الاخفاتية اخفاتا ولو في الليل والجهرية جهرا ولو في النهار كما صرح به غير وحد بل عن الخلاف وغيره دعو الاجماع عليه ثم لا يخفى عليك ان العبرة في هيئات الصلاة
التي يجب رعايتها في القضاء هي الهيئات الأصلية المعتبرة في الصلاة من حيث هي لدى القدرة عليها من
الطهارة والقيام والاستقبال والاستقرار ونحوها دون الثانوية
التي سوغته الضرورة كالصلاة مع التيمم أو جالسا أو ماشيا ونحوها لان من ترك صلاة في وقتها فقد فاتته طبيعة تلك الصلاة بجميع اجزائها وشرائطها المعتبرة
فيها من حيث هي فعلية تداركها كذلك سناء كان في الوقت متمكنا من الاتيان بها كذلك أو عاجزا الا عن الاتيان ببعض مراتبها الناقصة الممضاة شرعا لدى الضرورة
إذ الضرورة لا توجب الا عدم سقوط الميسور بالمعسور وكون صلاته الناقصة ما دام كونه عاجزا مجزية في حقه ولكن ذلك فيما لو اتى بالناقصة في وقتها واما لو تركها
فقد فاتته طبيعة الصلاة المفروضة عليه اتى حكمها وجوب الاتيان بها عن قيام مثلا ولدى القدرة وجالسا مع العجز فعليه قضائها على ما شرعت والحاصل ان الهيئات
التي تجب رعايتها في القضاء انما هي الهيئات الأصلية المعتبرة في الصلاة دون الهيئات العارضية التي سوغتها الضرورة فالمريض الذي لا يقدر الا على الصلاة مستلقيا
مؤميا لو فاتته يجب عليه بعد ان برء من مرضه ان يقضيها صلاة المختار وهل له ان يقضى في حال المرض والعجز عن الصلاة الاختيارية ما فاتته في حال صحته و
تمكنه من الصلاة الاختيارية اما مع استمرار العجز وعدم رجاء زواله فلا شبهة فيه إذ الصلاة لا تسقط بحال فمتى تنجز التكليف بشئ منها أدائية كانت أم قضائية من
الفرائض الخمس أو من غيرها لا يسقط ميسورها بمعسورها وليس قوله صلى الله عليه وآله فليقضها كما فاتته الا كغيره من الأدلة الدالة على اعتبار سائر الشرائط والاجزاء في مهية الصلاة
المقيدة بحال القدرة بقاعدة الميسور ونحوها كما لا يخفى واما مع رجاء زوال العذر فهو مندرج في موضوع مسألة أولي الأعذار التي وقع الكلام فيها في أنه هل يجوز
لهم البدار أم يجب الانتظار وانه على تقدير الجواز هل تكون صحة عملهم مراعاة بعدم ارتفاع العذر في تمام الوقت وهو طول العمر بالنسبة إلى القضاء أم يكفي الضرورة
حال الفعل وقد تقدم تحقيقها في بعض المباحث المناسبة له من التيمم والوضوء الاضطراري من كتاب الطهارة وقد عرفت فيما تقدم ان المتجه اعتبار استيعاب
العذر فيما عدى الموارد التي ورد فيها أدلة خاصة ظاهرة في ابتنائها على التوسعة والتسهيل والاكتفاء بالضرورة حال الفعل كما في باب التيمم والتقية ونظائرهما
فما عن جملة من الأصحاب من التصريح بجواز القضاء لأولي الأعذار ما دام العذر على اطلاقه محل نظر خصوصا فيما إذا كان العذر مشرفا على الزوال هذا ولكن لا يذهب
عليك ان الصلاة مع التيمم ليست بصلاة اضطرارية بل هي صلاة اختيارية وانما التيمم طهور اضطراري دون الغايات الواقعة معه فمتى صح التيمم يستباح به
618

جميع غاياته وان لم يضطر إليها فيجوز له القضاء عن نفسه وعن غيره وغير ذلك كما عرفته في محله فروع الأول من فاتته صلاة في حال شدة الخوف
فقد حكى عن غير واحد التصريح بأنه يقضيها قصرا وظاهرهم انه يأتي بصلاة المختار كذلك بمعنى انه يراعى في القضاء لمساواة في الكم أي في عدد الركعات فيأتي بها قصرا
نظرا إلى عموم الأخبار المتقدمة الدالة على أن من نسي ركعتين يصلى ركعتين واما في ما عداه من الاجزاء والشرائط التي كان له الاخلال بها حال شدة الخوف فيراعى
حال الفعل دون حال الفوات لما عرفت وهو لا يخلو من اشكال فان قضية ما عرفت مراعاة حال الفعل حتى في عدد الركعات إذا الظاهر أن شدة الخوف من قبيل الاعذار
المسوغة للقصر لا الأسباب الموجبة لتبدل الموضوع كالسفر ولذا يشكل الالتزام بجوازها اختيارا بتأخير الصلاة عمدا لدى العلم بحصول موجبها أو تقديمها لدى العلم
بزوال الخوف في سعة الوقت أو الاتيان بها في محل الخوف مع التمكن حال الصلاة من الانتقال إلى موضع الامن والحاصل ان صلاة الخوف بحسب الظاهر صلاة
اضطرارية سوغت الضرورة تخفيفها كما وكيفا فيشكل حينئذ استفادة التقصير في قضائها من الأخبار الواردة في أن من فاتته صلاة مقصورة يقضيها قصرا فان تلك الأخبار
وردت في صلاة السفر التي لا مقتضى حال أدائها للاتمام كما لا يخفى وليس لتلك الأخبار اطلاق أو عموم صالح للاستناد إليه فيما نحن فيه كما لا يخفى على المتأمل فوجوب
التمام ان لم يكن أقوى فلا أقل من وجوب رعاية الاحتياط فيه بالجمع بين القصر والتمام إذ المورد من قبيل الشك في المكلف به الذي يجب فيه الاحتياط الثاني
لو كان أول الوقت مثلا حاضرا أو اخره مسافرا أو بالعكس ففاتته الصلاة فهل يقضيها تماما مطلقا أو يراعى اخر الوقت فإن كان في اخر الوقت مسافرا قضاها
قصرا والا فتماما قولان استظهر في الجواهر عن غير واحد من الأصحاب الأول بل حكى عن الشهيد التصريح بان التمام متى تعين في وقت من أوقات الأداء كما هو المراعى في
القضاء ثم قال ولعله لان الأصل في الصلاة التمام وفيه بحث ان لم يكن منع بل في المفتاح ان الأكثر على مراعاة حال الفوات بالنسبة للسفر والحضر لا الوجوب
ويؤيده انه الفائت حقيقة لا الأول الذي قد ارتفع وجوبه في الوقت عن المكلف برخصة الشارع له في التأخير انتهى ما في الجواهر أقول فيما ذكره
وجها لكون العبرة بأخر الوقت من أنه الفائت حقيقة لا يخلو أيضا من بحث إذ الفوت وان لم يتحقق صدق اسمه الا في اخر الوقت عند تضيقه عن أداء الفعل و
لكن الملحوظ في صدقه هو ترك الفعل في مجموع الوقت المضروب له لا خصوص جزئه الاخر فالذي فاته في الحقيقة هو فعل الصلاة في هذا الوقت المضروب له الذي
كان في بعضه حاضرا وفي بعضه مسافرا وليس اجزاء الوقت موضوعات متعددة لوجوبات متمايزة كي يصح ان يقال إن الجزء الأول ارتفع وجوبه في الوقت برخصة
الشارع له في التأخير بل هو وجوب واحد متعلق بطبيعة الصلاة في وقت موسع فليس لها بالمقايسة إلى شئ من اجزاء الوقت من حيث هو وجوب شرعي وانما يتعين
فعله في اخر الوقت بواسطة تركه فيما سبق لا لكونه بخصوصه موردا لوجوب فلو قيل بكون المكلف مخيرا بين مراعاة كل من حالتيه في القضاء لكان وجه ولكن
الأحوط مراعاة الاخر وأحوط منه الجمع بينه وبين التمام ان كان في اخر الوقت مسافرا هذا كله بناء على أن العبرة في الأداء بحال الفعل كما هو الأقوى لا مجال
الوجوب والا فهذا البحث ساقط من أصله كما لا يخفى الثالث يجوز الاحتياط بقضاء صلاة احتمل اشتمالها على خلل ولو مع وجود دليل اجتهادي قاض
بصحتها أو احتمل بعد خروج الوقت فوقها أو شك في صحتها بعد الفراغ فان رعاية الاحتياط بتحصيل القطع بالفراغ عما هو تكليفه في الواقع وان كان معذورا
في مخالفته في مرحلة الظاهر راجح عقلا وشرعا جزما وتوهم كونه موجبا للتشريع المحرم لكونه اتيا بما لم يثبت مطلوبية شرعا بعنوان العبادة مدفوع بما مرت الإشارة
إليه في كثير من المقامات المناسبة له من أن التشريع لا يتأتى مع قصد الاحتياط والاتيان بالشئ برجاء مطلوبيته شرعا فهذا مما لا ينبغي الاستشكال فيه وانما
الاشكال في جواز الاحتياط بقضاء ما اتى بها صحيحة في الواقع بحسب تكليفه من الصلاة الاضطرارية المأتى بها في حال مرض أو سفر أو ضرورة أخرى مقتضية للاخلال
بشئ من اجزائها أو شرائطها الاختيارية أو مع الطهارة الترابية لدى تعذر المائية ومنشأ الاشكال انه مع الجزم بصحة الفعل وسقوط التكليف بحصول الامتثال
في ضمن الفرد الاضطراري لا يبقى احتمال مطلوبية الفعل حتى يتحقق موضوع الاحتياط المعلوم رجحانه عقلا وشرعا ولكن مع ذلك قد يقوى في النظر جوازه لامكان
ان يكون الخصوصية الفائتة الموجبة لكون المأتى به فردا اضطراريا للمأمور به من الخصوصيات القابلة للتدارك بإعادته في ضمن فرد اختياري ولو في خارج الوقت كما
ثبت ذلك بالنسبة إلى الصلاة الأدائية في كثير من الموارد منها إعادة المنفرد صلاته جماعة إلى غير ذلك من الموارد الكثيرة التي ورد فيها الامر بإعادة الصلاة المحمول على
الاستحباب حيث إن هذا الاحتمال قائم في كل مورد اتى بصلاة ناقصة جازت اعادتها برجاء تدارك نقصها الذي يحتمل جواز تداركه شرعا كغيره من الموارد التي
دل الدليل عليه فإنه نوع من الاحتياط ولذا صح للشهيد (ره) تقوية هذا القول مستشهدا له بأدلة الاحتياط قال في محكى الذكرى ما لفظه قد اشتهر بين متأخري
الأصحاب قولا وفعلا الاحتياط بقضاء صلاة يتخيل اشتمالها على خلل بل جميع العبادات الموهوم فيها ذلك وربما تداركوا ما لا يدخل الوهم في صحته وبطلانه
في الحياة وبالوصية بعد الوفاة ولم نظفر بنص في ذلك بالخصوص وللبحث فيه مجال إذ يمكن ان يقال بشرعية لوجوه منها قوله تعالى فاتقوا الله ما استطعتم واتقوا الله
حق تقاته وجاهدوا في سبيل الله حق جهاده والذي جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا والذين يؤتون ما اتوا وقلوبهم وجلة وقول النبي صلى الله عليه وآله ما يريبك إلى ما لا يريبك
وانما الأعمال بالنيات ومن اتقى الشبهات استبرى عرضه وقوله عليه السلام للمتيمم لما أعاد صلاته لوجود الماء في الوقت لك الاجر مرتين والذي لم يعد أصبت السنة
وقول الصادق عليه السلام في الخبر السابق انظروا إلى عبدي يقض ما لم افترض وقول العبد الصالح في مكاتبة عبد الله بن وضاح أرى لك ان تنتظر حتى تذهب الحمرة وتأخذ بالحائطة
لدينك وربما يخيل المنع لوجوه منها قوله تعالى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وما جعل عليكم في الدين من حرج وفتح باب الاحتياط يؤدى إليه وقول النبي صلى الله عليه وآله
بعثت بالحنيفية السمحة وروى حمزة بن عمران ما أعاد الصلاة فقيه يحتال فيها ويدبرها حتى لا يعيدها والأقرب الأول لعموم قوله تعالى أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى
619

وقول النبي صلى الله عليه وآله الصلاة خير موضوع فمن شاء استقل ومن شاء استكثر ولان الاحتياط المشروع في الصلاة من هذا القبيل فان غايته التجويز ولهذا قال أبو عبد الله عليه السلام وان كان
صلى أربعا كانت هاتان نافلة ولان اجماع شيعة عصرنا وما راهقه عليه فإنهم لا يزالون يوصون بقضاء العبادات مع فعلهم إياها ويعيدون كثيرا منها أداء وقضاء
والنهى عن إعادة الصلاة مر في الشك الذي يمكن فيه البناء انتهى كلامه رفع مقامه وكان استشهاده بقوله تعالى أرأيت الذي ينهى وبقوله صلى الله عليه وآله الصلاة
خير موضوع لابداء احتمال محبوبية الإعادة شرعا كسائر الموارد التي شرع فيها الاحتياط في الصلاة كما نبه عليه في كلامه فليتأمل واما اللواحق فمسائل
الأولى من فاتته فريضة من الخمس غير معينة قضى صبحا ومغربا وأربعا عما في ذمته كما عن الشيخين وابني بابويه وابن الجنيد وابن إدريس بل في الجواهر دعوى
الشهرة عليه بين الأصحاب قديما وحديثا بل عن (ئر) و (ف) وظاهر المختلف الاجماع عليه وقيل كما عن أبي الصلاح وابن حمزة يقضى صلاة يوم والأول مروى في مرفوعة
الحسين بن سعيد قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل نسي صلاة من الصلوات لا يدرى أيتها هي قال يصلى ثلاثة وأربعة وركعتين فان كانت الظهر أو العصر أو العشاء كان
قد صلى أربعا وان كانت المغرب أو الغداة فقد صلى ومرسلة علي بن أسباط عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال من نسي من صلاة يومه واحدة
لم يدر أي صلاة هي صلى ركعتين وثلثا وأربعا واما القول الأخير فمستنده بعد القدح في الخبرين بضعف السند وجوب تعيين نوع المأمور به في مقام الإطاعة و
عدم كفاية القصد إلى جنسه بداعي وقوعه إطاعة لامر مردد بين تعلقه بهذا النوع أم بذاك فعلى تقدير كون الفائتة من الرباعيات لا يكفي القصد إلى رباعية
مطلقة في إطاعة امرها بعد كون المأمور به هو خصوص احدى الرباعيات المختلفة بالنوع المتقومة بالقصد ما لم يدل دليل تعبدي عليه والمفروض انتفائه خصوصا مع
اختلاف العشاء والظهرين في الكيفية أي الجهر والاخفات وربما يناقش في ذلك بان تعينها في الواقع وفي علم الله تعالى كاف في القصد إليها ووقوعها امتثالا لأمرها
ولذا قوينا صحة صوم يوم الشك بداعي وقوعه امتثالا لامره الواقعي المعلوم عند الله المردد عنده بين كونه ندبيا أو وجوبيا فلو فاتته فريضة مرددة بين كونها
ظهرا أو عصرا فاتى برباعية قاصدا بها تدارك تلك الفريضة على ما هي عليه علم تفصيلا بوقوعها مطابقة لأمرها وان لم يعرفها بعنوان الظهرية أو العصرية وهذا
غير قادح في مقام الإطاعة بعد ان كان له طريق اخر لتشخيصها عما يشاركها في الجنس كما في الفرض ومن هنا قد يقال بناء على المشهور من اعتبار الجزم في النية مع
الامكان انه لو احتاط في المثال بفعل الصلاتين لم يجز لاستلزامه الاخلال بالجزم بخلاف ما لو اقتصر على رباعية واحدة قاصدا به الاتيان بالفريضة التي فاتته
التي هي واجبة عليه بالفعل فإنه لا يتطرق إليها حينئذ الترديد هذا إذا ترددت الفائتة بين الظهرين واما إذا ترددت بين الفرائض الخمس كما فيما نحن فيه فالاتيان برباعية
مطلقة وان لم يكن موجبا لارتفاع أصل الترديد حيث إن الفائتة مرددة بين الرباعيات وغيرها ولكنه موجب لتقليل المحتملات وحصول الجزم بالصحة على تقدير
كونها من الرباعيات فعلى المشهور من وجوب مراعاة الجزم في النية مهما أمكن ولو من بعض الجهات اتجه الالتزام بوجوب الاقتصار على صبح ومغرب ورباعية مطلقة
بناء على عدم وجوب الجهر والاخفات في الرباعيات بل استحبابهما والا فأربع صلوات صبح ومغرب وعشاء ورباعية مطلقة اخفاتا اللهم الا ان يدعى ان تعيين نوع
المأمور به تفصيلا لدى التمكن منه أولى من مراعاة الجزم بالنية في باب الإطاعة ولكنه لا يخلو من تأمل وكيف كان فالقول الأول هو الأشبه فان ضعف الخبرين ان كان
فمجبور بما عرفت وقضية اطلاق النص والفتاوى كون المكلف مخيرا بين الجهر والاخفات في الرباعية المرددة بين العشاء والظهرين بل سقوط اعتبارهما رأسا فله ان
يجهر ويخفت ولو في صلاة واحدة على تأمل في ذلك إذ لا يبعد ان يدعى ان استلزامه المخالفة القطعية موجب لانصراف الاطلاق عنه مع امكان الخدشة فيه بوروده
مورد حكم اخر فلا يكاد يفهم منه ولو من باب السكوت في مقام البيان أزيد من التخيير المستلزم الرخصة في المخالفة الاحتمالية لا اهمالهما رأسا كي يجوز المخالفة القطعية فليتأمل
وربما يفهم من الخبرين بتنقيح المناط المصرح به في أولهما أطراف الحكم أي الاجتزاء بصلاة واحدة عن المحتملات المتعددة المتساوية في العدد وان اختلفت من حيث الجهرية
والاخفاتية فمن فاتته فريضة مرددة بين الخمس إذا كان مسافرا أجزأه مغرب وثنائية مطلقة فلو ترددت بين ما
عدى المغرب اكتفى بثنائية مرسلة وان كان حاضرا وترددت
بين ما عدى المغرب اكتفى بصبح ورباعية وان ترددت بين ما عدى الصبح فمغرب ورباعية وقد تقدم في اخر مبحث الوضوء من كتاب الطهارة نظير المقام مشروحا مفصلا فراجع
ولو ترددت المنسية بين حاضرة وفائتة بان علم اجمالا بأنه اما فاتته احدى الفرائض الخمس مثلا من اليوم السابق أو هذه الفريضة التي لم يخرج وقتها وجب عليه فعل الحاضرة
ولم يجب رعاية الاحتياط بالنسبة إلى سائر المحتملات لأنها مجرى قاعدة الشك بعد خروج الوقت بخلاف ما لم يخرج وقتها فإنه مورد لقاعدة الشغل ولا يصلح علمه
الاجمالي مانعا عن جريان الأصلين في موردهما إذ لا يلزم من اعمال الأصلين مخالفة قطعية لما علمه بالاجمال والعلم الاجمالي انما يصلح مانعا عن اجزاء الأصول الجارية
في أطرافه إذا كان ذلك مستلزما للمخالفة القطعية لما علمه بالاجمال والا فلا ممانعة في البين كما لأي خفى وجهه على المتأمل ولو فاتته من ذلك الذي ذكرناه وهو
فوات فريضة من الخمس مرات لا يعلمها قضى كذلك حتى يغلب على ظنه انه وفي أي حتى يصير الوفاء مظنونا إذ لا معنى لغلبة الوفاة على الظن الا هذا وقيل حتى حصل
له القطع بالوفاء وقيل يجوز الاقتصار على القدر المتيقن الذي لا يحتمل كونه أقل من ذلك وهكذا الكلام في المسئلتين الآتيتين وستعرف تحقيق الحال في الجمع انشاء
الله الثانية إذا فاتته صلاة معينة كصبح مثلا ولم يعلم كم مرة كرر من تلك الصلاة حتى يغلب عنده الوفاء ولو فاتته صلوات لا يعلم كميتها ولا عينها صلى
أياما متوالية حتى يعلم أن الواجب دخل في الجملة وربما يوهم عبارة المتن انه يعتبر هيهنا العلم بالوفاء ويكفى في المسئلتين السابقتين الظن مع أن جميعها من واد واحد
وربما يضر العلم بغلبة الظن بل في المدارك بعد ان أورد الاشكال على التفصيل المزبور قال ولا يمكن الجواب عنه الا بحمل العلم هنا على ما يتناول الظن انتهى واحتمال
في الجواهر ان يريد بغلبة الظن في الأولتين العلم الذي هو في أيدي الناس في جميع أمورهم الذي لا يقدح فيه بعض الاحتمالات التي يقدح في العلم المصطلح عليه عند
620

أرباب المعقول وهو ليس بالبعيد وكيف كان فقد نسب شيخنا المرتضى ره في أصوله إلى المشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم بل المقطوع به من المفيد إلى الشهيد الثاني
انه لو لم يعلم كمية ما فات قضى حتى يظن الفراغ ومستندهم كما يظهر من تصريح كثير منهم انما هو قاعدة الاشتغال قال الشيخ في التهذيب على ما حكى عنه اما ما يدل على أنه
يجب ان يكثر منها ما ثبت ان قضاء الفرائض واجب وإذا ثبت وجوبها ولا يمكنه ان يتخلص من ذلك الا بان يستكثر منها وجب انتهى وعن العلامة في التذكرة أنه قال
لو فاتته صلوات معلومة العين غير معلومة العدد صلى من تلك الصلوات إلى أن يغلب في ظنه الوفاء لاشتغال الذمة بالفائت فلا يحصل البراءة قطعا الا بذلك ولو كانت
واحدة ولم يعلم العدد صلى تلك الصلاة مكررا حتى يظن الوفاء ثم احتمل في المسئلتين احتمالين أحدهما تحصيل العلم لعدم البراءة الا باليقين والثاني الاخذ بالقدر المعلوم
لأن الظاهر أن المسلم لا يفوت الصلاة ثم نسب كلا الوجهين إلى الشافعية انتهى أقول اختار جملة من متأخري أصحابنا أيضا هذين الوجهين فعن الشهيدين وغيرهما
التصريح بوجوب تحصيل العلم مع الامكان وعن المحقق الأردبيلي وصاحبي المدارك والذخيرة اختيار الوجه الأخير أي الاخذ بالقدر المتيقن وقواه شيخنا المرتضى ره
وفاقا لغير واحد من متأخري المتأخرين بل لعله الأشهر أو المشهور بينهم لا لما قيل من أن الظاهر أن المسلم لا يفوت الصلاة لامكان المناقشة في ذلك من وجوه بل لموافقته
للأصل فان القدر المتيقن هو الذي علم اشتغال ذمته به والبراءة اليقينية عنه يحصل بفعله وما زاد عليه لم يعلم اشتغال الذمة به حتى يجب الفراغ عنه فيعمل فيه
على ما حسب ما يقتضيه أصل البراءة والحاصل ان العلم الاجمالي بان عليه فوائت كثيرة ينحل إلى علم تفصيلي بوجوب الأقل الذي هو القدر المتيقن والشك البدوي المتعلق
بما زاد عليه فله بالنسبة إلى الزائد العمل بأصالة البراءة وعدم تعلق التكليف به لا يقال هذا انما يتجه لو قلنا بان التكليف بالقضاء تكليف مغائر للتكليف بالأداء
فمتى شك فيه ينفى وجوبه بالأصل وهو ليس كذلك لان القضاء وان قلنا إنه بأمر جديد ولكن الامر الجديد كشف عن أن المطلوب بالامر الأدائي لا ينتفى مطلوبيته
بفوات وقته فمتى شك فيه فقد شك في سقوط التكليف الذي علم بتنجزه عليه حال كونه أداء ومقتضى الأصل بقاء التكليف به وعدم سقوطه لأنا نقول يتوجه
عليه أولا النقض بما لو شك في الفوات من غير أن يكون مقرونا بعلم اجمالي وحله ان قاعدة الشك بعد خروج الوقت حاكمة على مثل هذه الأصول ودعوى
انصراف ما دل على في لاعتناء بالشك بعد خروج الوقت عن مثل هذا الشك المقرون بعلم اجمالي بعد فرض انحلال العلم الاجمالي إلى علم تفصيلي وشك بدوي
غير مسموعة فان حاله حينئذ حال ما لو علم تفصيلا بان أمس مثلا فاتته صلاة العصر واحتمل فوات صلاة أخرى أيضا في ذلك اليوم أو غيره من الأيام ولا شبهة ان
القاعدة غير قاصرة عن شمول ما عدى مورد اليقين والحاصل انه بعد تسليم امتياز معروض اليقين عن مورد الشك وصدق قول القائل انى اعلم بأنه فاتتني
عشر صلوات مثلا واشك في الحادية عشرة لا وجه لدعوى انصراف الأدلة عنه ولكن الصغرى لا تخلو من تأمل إذ العلم الاجمالي بان عليه فوائت كثيرة يتصور على قسمين
قسم منه ينحل بعد التدبر في أطرافه إلى علم تفصيلي وشك بدوي كما لو تأمل بعد علمه الاجمالي فذكر فوات عدة صلوات مفصلة وشك فيما زاد عليها فلا يبقى بعد ذلك
اجمال في متعلق علمه ويصير حاله حال من علم تفصيلا بفوات صلاة معينة وشك فيما عداها وقد أشرنا إلى أن هذا مما لا ينبغي الارتياب في كونه مجرى للقاعدة و
قسم منه مالا يزيده التأمل في أطرافه الا مزيد تحير كما لو حصل له العلم ببطلان كثير من صلواته في الأزمنة المطاولة لجهله ببعض المسائل كالصلاة الصادرة في طول
عمره مع التيمم لكونه مخلا بالترتيب المعتبر فيه أو كونه مكلفا بالجبيرة في تلك الموارد مثلا فإنه لا يسعه في مثل هذه الموارد تشخيص متعلق علمه عما عداه بحيث يحدده بحد فإنه
وان علم اجمالا بأنها ليست بأقل من خمس ولا بأكثر من الألف مثلا ولكن ليس له ان يفصل علمه ويجعل الخمس الذي هو القدر المتيقن حدا له بحيث يخبر عن علمه بأنه فاتته خمس
صلوات لا ترى انه لو سئلت من كان هذا حاله عن عد ما تيقن من الصلوات التي صليها مع التيمم يجيبك بلا ادرى ولا يعين لمعلومه الاجمالي حدا ولا يجعل القدر
المتيقن بخصوصه موردا لعلمه والظاهر أن هذا القسم هو مورد حكم الأصحاب بوجوب تحصيل الظن أو العلم بالفراغ وكيف كان فالاقتصار على القدر المتيقن في الخروج
عن عهدة ما علمه بالاجمال في مثل هذه الموارد التي لا انحلال حقيقة في غاية الاشكال فوجوب الاحتياط فيها كما ذهب إليه المشهور قوى ولكن مع ذلك الرجوع
فيما زاد عن المتيقن إلى اصالة البراءة وقاعدة الشك بعد خروج الوقت أقوى إذ غاية الأمر صيرورته من قبيل التكليف بالمجمل المردد بين الأقل والأكثر وقد تقرر
في محله ان الأقوى جريان الأصول النافية للتكليف حتى في الارتباطي منه كالصلاة والصوم فضلاء عن غير الارتباطي منه كما فيما نحن فيه لسلامتها عن معارضة
جريانها في الأقل فليتأمل وقد أشار إلى التفصيل المزبور بعض المحققين في ذيل كلامه المحكى عنه في رد صاحب الذخيرة القائل بان مقتضى القاعدة في المقام الرجوع
إلى البراءة ما لفظه ان المكلف حين علم بالفوائت صار مكلفا بقضاء هذه الفائتة قطعا وكذلك الحال في الفائتة الثانية والثالثة وهكذا ومجرد عروض
النسيان كيف يرفع الحكم الثابت من الاطلاقات والاستصحاب بل الاجماع أيضا واي شخص يحصل منه التأمل في أنه على ما قبل صدور النسيان كان مكلفا وبمجرد
عروض النسيان يرتفع التكليف الثابت وان انكر حجية الاستصحاب فهو يسلم ان الشغل اليقيني يستدعى البراءة اليقينية إلى أن قال نعم في الصورة التي يحصل للمكلف
علم اجمالي باشتغال ذمته بفوائت متعددة يعلم قطعا تعددها لكن لا يعلم مقدارها فإنه يمكن حينئذ ان يقال لا نعم تحقق الشغل بأزيد من المقدار الذي تيقنه إلى أن
قال والحاصل ان المكلف إذا حصل القطع باشتغال ذمته بمتعدد والتبس عليه ذلك كما وأمكنه الخروج عن عهدته فالامر كما أفتى به الأصحاب وان لم يحصل ذلك
بان يكون ما علم به خصوص اثنتين أو ثلث واما أزيد من ذلك فلا بل احتمال احتمله فالامر كما ذكره في الذخيرة ومن هنا لو لم يعلم أصلا بمتعدد في فائتة و
علم أن صلاة صبح يومه فاتت واما غيرها فلا يعلم ولا يظن فوته أصلا فليس عليه الا الفريضة الواحدة دون المحتمل لكونه شكا بعد خروج الوقت والمفروض
انه ليس عليه قضائها بل لعله المفتى به انتهى كلامه فان ما ذكره والحاصل إلى اخره مرجعه إلى التفصيل المتقدم واما ما ذكره قبل ذلك من التفصيل بين سبق
621

العلم التفصيلي وعدمه فلا يكاد يرجع إلى محصل إذ لا يدعى أحد ان عروض النسيان موجب لارتفاع التكليف الثابت وانما المدعى جريان الأصل بالنسبة إلى ما يشك
في كونه مما ثبت فيه التكليف وهو الزائد عن القدر المتيقن فان كون تلك الفوائت التي كانت معلومة لديه في السابق تفصيلا أزيد من العشرين مثلا الذي هو القدر
المتيقن غير معلوم كما هو واضح واستدل أيضا لوجوب القضاء حتى يغلب على ظنه الوفاء وعدم جواز الاقتصار على القدر المتيقن تبعا للشيخ في التهذيب بصحيحة
عبد الله بن سنان الواردة في قضاء النوافل قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أخبرني من رجل عليه من صلاة النوافل ما لا يدرى ما هو من كثرتها كيف يصنع قال فليصل
حتى لا يدرى كم صلى من كثرتها فيكون قد قضى بقدر علمه من ذلك فإنها مشعرة بل ظاهرة بواسطة ما فيها من التعليل في أن ذلك طريق لتدارك ما لا يحصيه من
الفوائت فريضة كانت أم نافلة مع أن الاهتمام في النافلة بمراعاة الاحتياط يوجب ذلك في الفريضة بطريق أولى وفيه منع الأولوية فان في قضاء الواجب
كلفة والزام بخلاف المندوب فإنه مبنى على التوسعة والترخيص والامر بالاحتياط فيه ارشاد إلى ما هو الأصلح بحاله من غير الزام فهذا لا يدل على أن القضاء
في الواجب الذي لم يرد المكلف من قضائه الا التخلص من تبعته لا يتحقق الا بذلك هذا مع ما في دلالتها على المدعى من النظر بل المنع ضرورة ان الاتيان
بالصلاة حتى لم يدر كم صلى من كثرتها لا يستلزم القطع بالمساواة ولا الظن بها بل هو محقق للاحتمال الذي لا ينكر أحد وجوبه في الفريضة وقد ظهر بذلك
ان تسليم كون الرواية مشعرة أو ظاهرة في كون ذلك طريقا لتدارك الفوائت التي لا تحصى على الاطلاق غير مجد في اثبات المدعى واستدل له أيضا بخبر علي بن جعفر
المروى عن قرب الإسناد عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل ينسى ما عليه من النافلة وهو يريد ان يقضى كيف يقضى قال يقضى حتى يرى أنه قد زاد على ما عليه وأتم
بدعوى أولوية الفريضة بذلك منها وفيه ما عرفته من المنع وكيف كان فالعمدة ما عرفت من قاعدة الشغل ولا يخفى عليك ان مقتضى هذه القاعدة هو وجوب
تحصيل القطع بالفراغ مع الامكان ولكن ظاهر كلمات المشهور الاكتفاء بالظن وهو يحتاج إلى دليل لمخالفته للأصل وربما استدل به بالاجماع المستظهر
من كلماتهم وبقاعدة نفى الحرج بدعوى ان الالزام بتحصيل القطع بالفراغ تكليف حرجي وبالمرسل الدائر على ألسنتهم من أن المرء متعبد بظنه وخبر مرازم
قال سئل إسماعيل بن جابر أبا عبد الله عليه السلام فقال أصلحك الله ان على نوافل كثيرة فكيف اصنع فقال اقضها فقال إنها أكثر من ذلك قال اقضها قلت لا أحصيها قال
توخ وخبر إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الصلاة تجتمع على قال تحر واقضها وفي الجميع ما لا يخفى اما الاجماع فالمحصل منه غير حاصل والمنقول ليس
بحجة خصوصا مع اشتهار الخلاف فيه بين المتأخرين وقوة احتمال إرادة كثير ممن عبر بغلبة الظن إرادة الوثوق والاطمينان كما تقدمت الإشارة إليه واما
لزوم العسر والحرج فهو في الغالب ممنوع وفي موارد تحققه وجب الاقتصار في رفع اليد عما يقتضيه قاعدة الشغل على ما يندفع به الحرج فلو تيسر تحصيل مرتبة
كاملة من الظن لم يجز الاقتصار على ما دونها كما تقرر في محله فضلا عن الاكتفاء بمطلق الظن في سائر الموارد التي لا حرج فيه واما المرسل ففي دلالته مع الغض
عن سنده تأمل واما خبر مرازم فمورده النافلة فلا يلزم من الاكتفاء فيها بالظن الاكتفاء به في الفريضة التي لا تحتمل المسامحة مع أن إرادة تحصيل الظن من
الامر بالتوخي لا يخلو من تأمل بل الظاهر أن خبر إسماعيل أيضا موردها النافلة مع ما فيها من ضعف السند فالانصاف ان الاكتفاء بالظن لدى التمكن من تحصيل
العلم بعد تسليم كون المورد مجرى لقاعدة الشغل في غاية الاشكال المسألة الثالثة من ترك الصلاة مرة مستحلا قتل لان الصلاة مما علم ثبوتها
من دين الاسلام ضرورة فيكون انكارها من المسلم ارتداد اما لم يكن عن شبهة كما عرفته في مبحث النجاسات ومن حكم المرتد انه يقتل ان كان ارتداده عن فطرة بان ولد
أو انعقد وكان أحد أبويه مسلما على ما يأتي من الوجهين أو القولين في تفسير المرتد الفطري انشاء الله هذا إذا كان ذكرا واما المرأة فلا تقتل بالارتداد بل تستتاب
فان تابت والا حبست وضربت أوقات الصلاة حتى تتوب أو تموت كما يأتي تحقيقه انشاء الله والخنثى المشكل كالأنثى في عدم جواز قتلها لأصالة حقن دمه واحتمال
كونه كالذكر لاطلاق ما دل على قتل المرتد المقتصر في رفع اليد عنه على ما علم أنوثيته مدفوع بخروج المرأة عن هذا العموم والمرجع في الشبهات المصداقية الأصول
العملية لا اصالة العموم أو الاطلاق كما تقرر في محله واستتيب المرتد ان كان ارتداده عن ملة بان كان اسلم عن كفر ولو لتبعية أبويه ثم ارتد فان امتنع قتل فان
ادعى الشبهة المحتملة في حقه لقرب عهده بالاسلام أو سكناه في بادية يمكن في حقه عدم علم وجوبها درئ عنه الحد لان الحدود تدرأ بالشبهات بل وكذا
لو ادعى النسيان في اخباره عن الاستحلال أو الغفلة أو تأويل الصلاة بالنافلة أو غير ذلك من الدعاوى المخالفة
للظاهر فان الاحتمالات المخالفة للأصول
والظواهر وان لم تكن معتنى بها من حيث هي ولكن دعويها مع امكان صحتها مسموعة ولذا قد يطالب مدعيها بالبينة فهي في باب الحدود وتوجب الشبهة الدارئة
للحد على الأصح وان لم يكن التارك للصلاة مستحلا بل كان للعصيان عزر فان عاد عزر فان عاد ثالثة قتل كما
هو الشأن في سائر أصحاب مرتكبي الكبائر وقيل في أصحاب الكبائر انها لا تقتل في الثالثة بل
في الرابعة وهذا هو الأحوط للدماء ولكن الأول لا يخلو من قوة ولذا قد
يشكل مراعاة الاحتياط في الدماء بالتأخير إلى الرابعة لاستلزامه
تعطيل الحد فليتأمل وتمام الكلام في شرح هذا المسائل
كلها موكول إلى محلها قد حصل الفراغ من مباحث قضاء
الفوائت من الكتاب المسمى بمصباح الفقيه في شهر شوال
سنة 1314
622

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
الفصل الثالث في الجماعة والنظر في أطراف الأول الجماعة مستحبة في الفرائض كلها يومية كانت أم غيرها حاضرة كانت أم فائتة مما عدى
الجمعة والعيدين فإنها واجبة فيهما عند اجتماع شرائطه كما عرفت واما استحبابها بالنسبة إلى الفرائض الحواضر اليومية فهو من ضروريات الدين كما لا يخفى ذلك
على من تدبر الآثار الواردة في شرعها وفضلها وفي الاحكام المتعلقة بها مضافا إلى الأخبار الخاصة الواردة في الحث على الجماعة في خصوص كل واحدة منها أو
جميعها كما سيأتي نقل جملة منها انشاء الله بل قضية اطلاق تلك الأخبار شمولها للفوائت أيضا اللهم الا ان يدعى انصرافها إلى الحواضر كما ليس بالبعيد و
لكن مع ذلك لا يبعد دعوى استفادة شرعيتها في الفوائت أيضا من ذلك لما تقدمت الإشارة إليه غير مرة من أن المستفاد من أدلة القضاء انما هو مطلوبية
الصلاة المأمور بها في الوقت بعينها لدى فوتها في الوقت في خارجه فيلحقها جميع الأحكام الثابتة لها من حيث هي التي منها جواز فعلها جماعة من غير حاجة
إلى ورود دليل فيه في خصوص القضاء مع أنه على الظاهر مما لا خلاف فيه بل عن ظاهر الذكرى دعوى اجماع المسلمين عليه ويشهد له أيضا مضافا إلى ذلك
المستفيضة الحاكية لفعل رسول الله صلى الله عليه وآله في قضاء صلاة الصبح والاستشكال فيها بأنه كيف يصح ان ينام رسول الله صلى الله عليه وآله عن
فريضة الصبح لا يسوغ طرحها رأسا فان ارتكاب التوجيه في أصل صدور الفعل من النبي صلى الله عليه وآله ببعض الوجوه الغير المنافية لمقامه صلى الله عليه وآله كما وقع
في بعض تلك الأخبار الإشارة إليه أهون من طرح مثل هذه المعتبرة المستفيضة كما لا يخفى على المتأمل ورواية إسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام تقام الصلاة
وقد صليت فقال صل واجعلها لما فات ويشهد له أيضا بعض الروايات المتقدمة في مسألة العدول من الحاضرة إلى الفائتة كقوله عليه السلام في خبر عبد الرحمن
وان ذكرها مع امام في صلاة المغرب أتمها بركعة ثم صلى المغرب إلى غير ذلك من الشواهد والمؤيدات التي لا يبقى معها مجال للارتياب فيه واما استحبابها
فيما عداها من الفرائض فعن المنتهى نسبته إلى علمائنا وعن الذكرى أيضا كذلك مصرحا بالتعميم حتى المنذورة وهذا بالنسبة إلى صلاة الآيات والأموات
مما لا ريب فيه إذ الأخبار الخاصة الواردة فيهما وفي بيان احكام كل منهما وافية باثباته واما بالنسبة إلى ما عدى ما ذكر من الصلوات الواجبة
كصلاة الطواف وركعات الاحتياط وما عرضه الوجوب بنذر وشهبه فان ثبت اجماع على مشروعية الجماعة في شئ منها فهو والا كان للنظر فيه
مجال كما اعترف في الجواهر وغيره والاستدلال عليه بالاطلاقات الواردة في باب الجماعة مثل قوله عليه السلام في صحيحة ابن سنان الصلاة جماعة تفضل
على صلاة الفذ بأربع وعشرين درجة وصحيحة زرارة والفضيل قالا قلنا له الصلاة في جماعة فريضة هي فقال الصلوات فريضة وليس الاجتماع بمفروض
في الصلوات كلها ولكنه سنة من تركها رغبة عنها وعن جماعة المؤمنين من غير علة فلا صلاة له وقوله صلى الله عليه وآله في حديث المناهى ومن مشى إلى مسجد يطلب
فيه الجماعة كان له بكل خطوة سبعون الف حسنة الحديث إلى غير ذلك من المطلقات مقتصرا في تخصيصها على القدر الثابت وهو خصوص النافلة ضعيف
فان المطلقات واردة مورد حكم آخر غير مسوقة لبيان الحكم من هذه الجهة فلا يصح الاستشهاد بها لاثبات أصل المشروعية في موارد الشك خصوصا
بالنسبة إلى المنذورة وشبهها مما هي في الأصل نافلة بل الأظهر في ذلك خلافه إذ المتبادر من الروايات الدالة على أنه لا جماعة في نافلة وانها بدعة
وكل بدعة ضلالة إرادة ما كانت نافلة من حيث هي فعروض وصف الوجوب لها بنذر أو إجارة ونحوها لا يخرجها عن كونه كذلك والعجب ممن
استدل بمفهوم هذه الأخبار لعموم المدعى بدعوى انه يفهم من تعليق المنع على النافلة دوران الحكم مدار صفة النفلية إذ بعد الغض عما تقرر
في محله من في لاعتداد بمفهوم الصفة خصوصا إذا لم يكن معتمدا على موصوف مذكور فإنه حينئذ أشبه شئ بمفهوم اللقب ما عرفت من ظهورها
في إرادة النافلة من حيث هي الغير المنافية لكونها معروضة للوجوب من جهات خارجية هذا مع وقوع التصريح بمناط المنع في الاخبار وان علته
في لمشروعية وكونها بدعة دون مبدء اشتقاقها أي وصف النفلية فلو سلم حينئذ الملازمة بينهما فهو من باب الاتفاق دون العلية كما هو مناط
استفادة المفهوم من الصفة فلو فرض إرادة المفهوم من مثل هذه الأخبار فليس الا من باب مفهوم اللقب إذ بعد ان علم أن علة المنع امر اخر وراء
مبدأ اشتقاقه وهو كونها بدعة لا يتفاوت الحال فيما يتفاهم من الكلام بين ان يعبر عن الموضوع الذي تعلق به الحكم باسم جامد أو مشتق فقال؟
لا جماعة في النافلة لأنها بدعة بعد وقوع التصريح لعلة المنع الا كقولك لا جماعة في صلاة جعفر مثلا كما لا يخفى ودعوى كون الحكم استحبابيا فيكفي
في دليله الشهرة ونقل الاجماع غير مجدية للمأموم في الاجتزاء بصلواته الفاقدة للقرائة عن الصلاة الواجبة عليه لطوافه مثلا فان ما ثبت استحبابه
بقاعدة المسامحة لا يترتب عليه الآثار الخاصة المترتبة على مطلوبية ذلك الشئ من حيث هو في الواقع فان اخبار من بلغه ثواب على عمل التي هي مدرك
هذه القاعدة لا تدل على محبوبية العمل بمضمون ما بلغه عن النبي صلى الله عليه وآله برجاء كونه صادرا منه من باب التسليم والانقياد لا التعبد
بصدقه حتى يترب عليه لوازمه وهو وقوعه مصداقا للفريضة الواجبة عليه فقياسها على أدلة حجية الخبر كما
صدر من بعض في غير محله وتتأكد الجماعة أي
استحبابها في الصلوات الخمس المفروضة المترتبة اليومية سيما الصبح والعشائين قال الشهيد الثاني في شرح اللمعة الجماعة مستحبة في الفريضة متأكدة
في اليومية حتى أن الصلاة الواحدة منها تعدل خمسا أو سبعا وعشرين صلاة مع غير العالم ومعه ألفا ولو وقعت في مسجد تضاعف بمضروب عدده
في عددها ففي الجامع الجماعة مع غير العالم الفان وسبعمأة ومعه مأة الف قال وروى أن ذلك مع اتحاد المأموم فلو تعدد تضاعف في كل بقدر
623

المجموع في سابقه وعن الصدوق باسناده عن انس عن النبي صلى الله عليه وآله قال من صلى الفجر في جماعة ثم جلس يذكر الله عز وجل حتى تطلع الشمس كان
له في الفردوس سبعون درجة بعد ما بين كل درجتين كحضر الفرس الجواد المصمر سبعين سنة ومن صلى الظهر في جماعة كان له في جنات عدن خمسون درجة
بعد ما بين كل درجتين كحضر الفرس الجواد خمسين سنة ومن صلى العصر في جماعة كان له كأجر ثمانية من ولد إسماعيل كلهم رب بيت يعتقهم ومن صلى
المغرب في جماعة كان له كحجة مبرورة وعمرة مقبولة ومن صلى العشاء في جماعة كان له كقيام ليلة القدر وعنه أيضا مرسلا قال قال من صلى الصلوات الخمس
جماعة فظنوا به كل خير وعنه أيضا قال قال الصادق عليه السلام من صلى الغداة والعشاء الآخرة في جماعة فهو في ذمة الله عز وجل ومن ظلمه فإنما يظلم الله
ومن حقره فإنما يحقر الله عز وجل وخبر أبي بصير عن الصادق عليه السلام عن ابائه عليهم السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من صلى المغرب والعشاء الآخرة وصلاة الغداة في المسجد
في جماعة فكأنهما أحيى الليل إلى غير ذلك من الروايات الدالة عليه بل ربما يظهر من كثير من الاخبار كراهة ترك حضور الجماعة في اليومية خصوصا لجار المسجد
ولمن يسمعون ندائها ففي الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر قال قال أمير المؤمنين من سمع النداء فلم يجبه من غير علة فلا صلاة له وعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال لا صلاة
لمن لم يشهد الصلاة من جيران المسجد قال وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لتحضرن المسجد أو لأحرقن عليكم منازلكم وخبر عبد الله بن ميمون عن الصادق عن آبائه قال
اشترط رسول الله صلى الله عليه وآله على جيران المسجد شهود الصلاة وقال لينتهن أقوام لا يشهدون الصلاة أو لآمرن مؤذنا يؤذن ثم يقيم ثم امر رجلا من أهل بيتي وهو
علي عليه السلام فليحرقن على قوم بيوتهم بحزم الحطب لأنهم لا يأتون الصلاة وخبر ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام قال انما جعلت الجماعة والاجتماع إلى الصلاة لكي
يعرف من يصلى ممن لا يصلى ومن يحفظ مواقيت الصلاة ممن يضيع ولولا ذلك لم يكن أحد ان يشهد على أحد بالصلاح لان من لم يصل في جماعة فلا صلاة
له بين المسلمين لان رسول الله صلى الله عليه وآله قال لا صلاة لمن لم يصل في المسجد مع المسلمين الا من علة وخبره الآخر عن الصادق عليه السلام قال هم رسول الله صلى الله عليه وآله باحراق
قوم كانوا يصلون في منازلهم ولا يصلون الجماعة فاتاه رجل أعمى فقال يا رسول الله انى ضرير البصر وربما اسمع النداء ولا أرى من يقودني إلى الجماعة
والصلاة معك فقال النبي صلى الله عليه وآله شد من منزلك إلى المسجد حبلا وخبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول إن أناسا كانا على عهد رسول
الله صلى الله عليه وإله ابطأوا عن الصلاة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ليوشك قوم يدعون الصلاة في المسجد ان نأمر بحطب فيوضع على أبوابهم فيوقد عليهم نار فتحرق عليهم بيوتهم
وما في هذه الأخبار من الامر باحراقهم أو احراق بيوتهم فلعله لأجل مخالفة النبي صلى الله عليه وآله بعد ان كان قد شرط عليهم ذلك والا فترك المستحب
أو فعل المكروه من حيث هو ليس موجبا لاستحقاق العقوبة كما أن انه يحتمل كون القوم الذين هم رسول الله صلى الله عليه وآله باحراقهم أو احراق بيوتهم من جملة
المنافقين الذين كانوا يتركون الجماعة رغبة عنها وعن جماعة المسلمين فان هذه الجهة أيضا كمعصية الرسول من الجهات المحسنة للعقوبة وقد ورد في كثير من
الاخبار الايماء إلى كونهم من المنافقين مثل ما رواه الشيخ باسناده عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول صلى رسول الله صلى الله عليه وآله الفجر فاقبل بوجهه
على أصحابه فسئل عن أناس يسميهم بأسمائهم فقال هل حضروا الصلاة فقالوا لا يا رسول الله قال أعيب هم قالوا لا قال اما انه ليس من صلاة أشد على
المنافقين من هذه الصلاة والعشاء ولو علموا أي فضل فيهما لاتوهما ولو حبوا وبما أشرنا إليه من لزوم جعل العقوبة على عنوان اخر محرم متصادق مع الترك كمعصية
الرسول واستخفاف الجماعة واستحقارها وعدم المبالاة بالشريعة ونحوها لا على نفس الترك من حيث هو ظهر لك امكان الخدشة في دلالة مثل هذه الأخبار
المتضمنة للعقوبة على الكراهة اللهم الا ان يقال إن هذا لا ينفى ظهور مثل هذه الأخبار عرفا في كراهة الترك الذي دلت الاخبار بظاهره على كونه سببا للعقوبة
وان امتنع عقلا كونه تمام السبب بعد كونه مرخصا فيه شرعا ولذا استقرت سيرة الأصحاب على الحكم بالكراهة في الموارد التي ورد فيها التوعيد بالعذاب و
دل دليل اخر على عدم حرمتها هذا مع عدم انحصار وجه دلالة هذه الأخبار على الكراهة في ذلك فإنه قد ورد في بعض تلك الأخبار انه لا صلاة لمن لم يشهد
الصلاة من جيران المسجد وفي بعضها لا صلاة لمن لم يصل في المسجد مع المسلمين الا من علة ونحوه قوله عليه السلام
في صحيحة زرارة من سمع النداء فلم يجبه من غير علة فلا صلاة له فان ظاهر مثل هذا التركيب سببية الشرط بنفسه للجزاء ومرجوحية اختياره سواء أريد بالجزاء حقيقته
كما هو مقتضى ظاهر اللفظ أو نفي الكمال كما هو الشايع ارادته من مثله في محاورات الشارع وما في بعض الأخبار من تقييد السبب بكون رغبة عنها كما في صحيحة
زرارة حيث ورد فيها من ترك الجماعة رغبة عنها وعن جماعة المسلمين فلا صلاة له فهو غير مقتض لارتكاب التقييد في سائر الأخبار العارية عن هذا القيد
لعدم التنافي بينه وبين المطلقات فيحمل ذلك على تأكد الكراهة مع أن أغلب تلك الأخبار أيضا لها جهة خصوص لاختصاصها بجيران المسجد أو بمن سمع النداء
فكل من هذه العناوين سبب للكراهة بمقتضى ظاهر دليله وتتأكد الكراهة في مورد اجتماعها ولا تجب الجماعة بالأصل لا شرعا ولا شرطا الا في الجمعة والعيدين
مع الشرائط التي تقرر في محلها كما يدل عليه صحيحة زرارة والفضيل المتقدمة وغيرها من الروايات الواردة في الجمعة الدالة على عدم وجوب الجماعة فيما عداها
من الفرائض اليومية المذكورة في محلها وقد تجب بالعارض كالنذر وعدم معرفته القراءة ونحوهما ولا تجوز في شئ من النوافل على المشهور على ما في الجواهر
بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه عدا الاستسقاء والعيدين مع اختلال شرائط الوجوب ويدل على عدم جوازها في النوافل مضافا إلى كونه تشريعا لقصور
الاطلاقات الواردة في الجماعة عن اثباتها في النافلة كما عرفت وعدم سلامة بعض الأخبار الخاصة الدالة عليه عن المعارض كما ستعرف اخبار كثيرة منها خبر
الأعمش المروى عن الخصال عن جعفر بن محمد عليهما السلام في حديث شرايع الدين قال ولا يصلى التطوع في جماعة لان ذلك بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة
624

في النار وخبر الفضل بن شاذان المروى عن العيون عن الرضا عليه السلام في كتابه إلى المأمون قال ولا يجوز ان يصلى تطوع في جماعة لان ذلك بدعة و
كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وخبر محمد بن سليمان قال إن عدة من أصحابنا اجتمعوا على هذا الحديث منهم يونس بن عبد الرحمن عن عبد الله بن سنان
عن أبي عبد الله عليه السلام وصباح الحذاء عن إسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه السلام وسماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليه السلام قال محمد بن سليمان وسألت الرضا عليه السلام عن هذا الحديث
فأخبرني به وقال هؤلاء جميعا سألنا عن الصلاة في شهر رمضان كيف هي وكيف فعل رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا جميعا انه لما دخلت أول ليلة من شهر رمضان
إلى أن قال فلما كان من الليل قام يصلى فاصطف الناس خلفه فانصرف إليهم فقال أيها الناس ان هذه الصلاة نافلة ولن يجتمع للنافلة فليصل كل
رجل منكم وحده وليقل ما علمه الله من كتابه واعلموا انه لا جماعة في نافلة الحديث وصحيحة زرارة ومحمد بن مسلم والفضيل انهم سألوا أبا جعفر الباقر عليه السلام
وأبا عبد الله الصادق عليه السلام عن الصلاة في نافلة رمضان بالليل في جماعة فقالا ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا صلى العشاء الآخرة انصرف إلى منزله ثم يخرج من
اخر الليل إلى المسجد فيقوم فيصلى فخرج في أول ليلة من شهر رمضان ليصلى كما كان يصلى فاصطف الناس خلفه فهرب منهم إلى بيته وتركهم ففعلوا
ذلك ثلث ليال فقام في اليوم الرابع على منبره فحمد الله واثنى عليه ثم قال أيها الناس ان الصلاة في شهر رمضان من النافلة في جماعة بدعة وصلاة الضحى
بدعة الا فلا تجتمعوا ليلا في شهر رمضان لصلاة الليل ولا تصلوا صلاة الضحى فان ذلك معصية الا وان كل بدعة ضلالة وكل ضلالة سبيلها إلى
النار ثم نزل وهو يقول قليل في سنة خير من كثير في بدعة قوله صلى الله عليه وآله من النافلة يحتمل ان يكون بيانا للصلاة وخبرها قوله صلى الله عليه وآله بدعة فمفاد الكلام حينئذ ان نافلة
شهر رمضان في جماعة بدعة ويحتمل ان يكون خبرا عن الصلاة المعهودة الواقعة في رمضان ويكون قوله عليه السلام في جماعة خبر المبتدء محذوف أي هي في
جماعة بدعة فعلى هذا التقدير يفيد العموم بخلاف المعنى الأول والاحتمال الأول وان كان انسب بسوق العبارة بل هو المتعين بناء على ما في بعض النسخ
من نقلها باسقاط لفظة من ولكن قد يقرب الاحتمال الأخير ويؤيد صحة النسخة المشتملة على لفظة من الرواية السابقة المتضمنة لحكاية هذه القضية بعينها
عن رسول الله صلى الله عليه وآله بهذا الشكل حيث ورد فيها انه صلى الله عله وآله قال أيها الناس ان هذه الصلاة نافلة ولن يجتمع للنافلة الحديث وموثقة عمار عن
الصادق عليه السلام قال سئلته عن الصلاة في رمضان في المساجد فقال لما قدم أمير المؤمنين عليه السلام الكوفة امر حسن بن علي عليه السلام ان ينادى في الناس لا صلاة في شهر
رمضان في المساجد جماعة فنادى الناس الحسن بن علي عليه السلام بما امره به أمير المؤمنين فلما سمعوا الناس مقالة الحسن بن علي صاحوا واعمراه واعمراه فلما رجع
الحسن عليه السلام إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال له ما هذا الصوت قال يا أمير المؤمنين الناس يصيحون واعمراه واعمراه فقال أمير المؤمنين قل لهم صلوا ورواية سليم
بن قيس الهلالي قال خطب أمير المؤمنين عليه السلام فحمد الله واثنى عليه ثم صلى على النبي صلى الله عليه وآله ثم قال إن أخوف ما أخاف عليكم خلتان اتباع الهوى وطول الامل إلى أن
قال بعد ان أشار إلى حدوث اعمال وبدع بعد النبي مخالفة للسنة ولو حملت الناس على تركها فتفرق عنى جندي حتى أبقى وحدي أو قليل من شيعتي إلى أن قال و
الله لقد أمرت الناس ان لا يجتمعوا في شهر رمضان الا في فريضة وأعلمتهم ان اجتماعهم في النوافل بدعة فتنادى بعض أهل عسكري ممن يقاتل معي يا أهل الاسلام
غيرت سنة عمر نهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوعا وقد خفت ان يثوروا في ناحية جانب عسكري الحديث وعن مستطرفات السرائر نقلا
من كتاب ابن قولويه عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قالا لما كان أمير المؤمنين عليه السلام بالكوفة اتاه الناس فقالوا له اجعل لنا اماما يؤمنا في رمضان فقال
لا ونهاهم ان يجتمعوا فيه فلما أمسوا جعلوا يقولون ابكوا رمضان وا رمضاناه فاتى الحرث الأعور في أناس فقال يا أمير المؤمنين ضج الناس وكرهوا قولك
قال فقال عند ذلك دعوهم وما يريدون ليصل بهم من شاء واثم قال ومن يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وسائت مصيرا أو بإزاء هذه
الروايات اخبار اخر تدل على الجواز كصحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن الصادق عليه السلام قال صل باهلك في رمضان الفريضة والنافلة فانى افعله و
صحيحة هشام بن سالم سأل أبا عبد الله عليه السلام عن المرأة تؤم النساء قال تؤمهن في النافلة اما المكتوبة فلا وصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال تؤم المرأة
النساء في الصلاة وتقوم وسطا منهن ويقمن عن يمينها وشمالها تؤمهن في النافلة ولا تؤمهن في المكتوبة وصحيحة سليمان بن خالد قال سئلت أبا عبد
الله عليه السلام عن المرأة تؤم النساء فقال إذا كن جميعا امتهن في النافلة فاما المكتوبة فلا الحديث ولكنك خبير بعدم جواز الاعتماد على هذه الأخبار
بعد اعراض الأصحاب عنها وكون المقام موردا للتقية بحيث لم يسع الأمير الانكار والتجأ إلى الرخصة في أن يصلوا فيها جماعة فما يظهر من المدارك من
الميل إلى الجواز استنادا إلى هذه الأخبار حيث إنه بعد ان أورد بعض الروايات المتقدمة الدالة على المشهور وناقش فيما عدى الصحيحة منها بضعف السند
وفيها بقصورها عن إفادة العموم قال وقد ورد بالجواز روايات وساق الروايات ثم قال ومن هنا يظهر ان ما ذهب إليه بعض الأصحاب من استحباب
الجماعة في صلاة الغدير جيد وان لم يرد فيها نص على الخصوص مع أن العلامة نقل في التذكرة عن أبي الصلاح انه روى استحباب الجماعة فيها ولم نقف على
ما ذكره انتهى ضعيف خصوصا مع أن العمدة في اخبار الجواز هي الصحيحة الأولى الواردة في صلاة رمضان التي وقع التصريح في الأخبار الناهية
بأسرها صحيحها وغير صحيحها بكون الجماعة فيها بدعة واما ما عدى الصحيحة الأولى فهي لا تدل الا على جواز الجماعة في النافلة في الجملة لان اطلاقها وارد
مورد حكم آخر فيكفي في صحتها شرعية الجماعة في شئ من النوافل ولو صلاة الاستسقاء أو يوم الغدير وكون مثل النوافل التي يندر الابتلاء بها مرادا
بمثل هذه الأخبار المستفيضة وان كان في حد ذاته بعيدا في الغاية ولكن يقرب احتماله كون المقام مقاما للتقية
ومناسبا للتورية وكيف كان فالمتجه رد
625

علم مثل هذه الأخبار إلى أهله واما صلاة الغدير فعن جملة من الأصحاب القول باستحباب الجماعة فيها بل عن بعض نسبته إلى المشهور واستدل عليه
بما حكى عن أبي الصلاح من نسبته إلى الرواية وما عن المقنعة من حكاية ما وقع للنبي صلى الله عليه وآله يوم الغدير ومن جملته انه امر ان ينادى الصلاة جامعة فاجتمعوا
وصلوا ركعتين ثم رقى المنبر وكفى بمثلهما دليلا لاثبات مثله من باب المسامحة ولكن في الجواهر منع التعويل عليها في المقام وقال انا وان قلنا بالتسامح
في دليل المستحب لكن حيث لا يعارضه ما يقتضى الحرمة أقول هذا فيما إذا اقتضى حرمته ذاتا لا من حيث التشريع وكونه بدعة والا فبعد ورود النص
على جوازه انتفى موضوعهما سواء كان ذلك النص بنفسه حجة أو دل دليل اخر على حجيته أو على جواز العمل به لا من باب الحجية لاثبات متعلقه بل من جهة
أخرى كما فيما نحن فيه فإنه بعد تعلق الامر بالعمل به ولو بعموم اخبار من بلغ صار فعله سنة ولذا التزمنا
باستحبابه ان قلت انما يصح المسامحة في الاخذ بالخبر الضعيف ما لم يكن الخبر الضعيف الذي يتسامح فيه معارضا بأدلة معتبرة على خلافه كما في المقام إذ لا
وجه لرفع اليد عن الأدلة الدالة على عدم مشروعية الجماعة في النافلة والاخذ بالخبر الضعيف الدال على مشروعيتها قلت بعد الغض عن أن الأدلة الاجتهادية
ما لم تكن قطعية من جميع الجهات ولم يكن مفادها حكما الزاميا ايجابيا أو تحريميا من غير جهة التشريع غير مانعة عن الاخذ بما يعارضها من باب المسامحة أو
الاحتياط ان الرواية الواردة في استحباب الجماعة في صلاة يوم الغدير أخص مطلقا مما دل على عدم مشروعية الجماعة في النافلة فإذا جاز العمل بها لم
يعارضها عموم أدلة عدم المشروعية لحكومتها على اصالة العموم لا يقال هذا فيما إذا كان الخاص حجة إذ لا معنى لحجية الا ترك الاعتناء باحتمال كذبه
المسوغ للرجوع إلى اصالة العموم فإذا قال الشارع مثلا خبر الثقة حجة يدل بالالتزام على عدم اعتبار الأصول العملية أو اللفظية المنافية له الجارية
في مورده فإذا كان الخاص حجة لا يبقى اعتبار لأصالة العموم فلا يتحقق المعارضة واما فيما نحن فيه فليس الخاص حجة حتى يتحكم على اصالة العموم لما
أشرنا إليه انفا من أن مفاد أدلة التسامح هو محبوبية الاتيان بما يتسامح فيه برجاء الاجر وإصابة السنة لا الطريقية لاثبات متعلقه التي هي معنى الحجية
فلا تنهض الخاص حينئذ صارفا للعام عن ظاهره فكيف يصح معه الحكم باستحباب الخاص مع قضاء العام لعمومه بكونه بدعة وضلالة لأنا نقول العبرة بحكومة
الخاص على العام جواز العمل به لا كونه مثبتا لمتعلقه فان امر الشارع بالعمل بالخاص أو ترخيصه في ذلك يلزمه الغاء الأصول المنافية له لفظية كانت
أو عملية ان قلت هذا فيما إذا صرح الشارع بالعمل بالخاص وفيما نحن فيه لم يثبت ذلك الا بعموم أدلة التسامح فليس تخصيص عموم لا جماعة في
نافلة بغير مورد هذا الخبر أولى من تخصيص عموم أدلة التسامح بغير هذا المورد قلت لا تنافى بين هذين العامين حتى يتخصص أحدهما بالاخر لامكان
صدقهما معا فعموم لا جماعة في نافلة ليس مانعا عن شمول اخبار من بلغ للنافلة التي ورد فيها رواية ضعيفة إذ غاية ما يقتضيه عموم لا جماعة في
نافلة عدم كون الامر كما بلغ وقد ورد في اخبار من بلغ التصريح باستحقاق الاجر على هذا التقدير أيضا فلا يصلح ذلك العموم مانعا عن شمول اخبار من
بلغ لهذا المورد ومتى عمه هذه الأخبار لزمه سقوط اصالة العموم في لا جماعة في نافلة عن الاعتبار ان قلت قضية ما ذكرت تحكيم الخبر الخاص الضعيف
على العمومات المثبتة للتكاليف الالزامية الوجوبية أو التحريمية أيضا وهو كما ترى قلت عمومات أدلة التسامح منصرفة إلى الموارد التي لا حرج في فعلها
وتركها من حيث هو من غير جهة التشريع ولذا لا تعم مورد جريان استصحاب الحرمة أو قاعدة الاشتغال ونحوهما أيضا بخلاف موارد جريان اصالة عدم
المشروعية ونحوها كما لا يخفى على المتأمل واما جواز الجماعة في صلاة الاستسقاء فيدل على الاجماع والنصوص الواردة فيها المذكورة في محلها
واما جوازها في العيدين مع اختلاف شرائط الوجوب فقد تقرر في محله بل لا ينبغي استثناء صلاة العيدين من ذلك لأنها فريضة بالأصل والمتبادر
من النافلة التي نهى عن الجماعة فيها ما كانت نافلة بالأصل لما تقدم الإشارة إليه فيما مر ومنه يظهر انه لا ينبغي استثناء اليومية التي عرضها وصف
النفل كالمعادة لادراك الجماعة أو التبرعية عن الميت ونحوهما أيضا عن هذا العموم كما سيأتي لذلك مزيد توضيح انشاء الله وتدرك الصلاة جماعة
بادراك الركوع بل وبادراك الامام راكعا على الأشبه كما هو المشهور بل عن السرائر انه مذهب ما عدى الشيخ من الفقهاء بل عن مجمع الفائدة ان الشيخ
عدل إلى مذهب المشهور في مسألة استحباب تطويل الامام الركوع ليلحق المأموم ولعله لذا ادعى الاجماع في محكى الخلاف على طبق المشهور ويدل عليه اخبار
مستفيضة منها صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال إذا أدركت الامام وقد ركع فكبرت وركعت قبل ان يرفع رأسه فقد أدركت الركعة وان
رفع الامام رأسه قبل ان تركع فقد فاتتك الركعة وصحيحة سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل إذا أدرك الامام وهو راكع فكبر الرجل وهو مقيم
صلبه ثم ركع قبل ان يرفع الامام رأسه فقد أدرك الركعة إلى غير ذلك من الروايات الدالة عليه مثل ما ورد في انتظار الامام الراكع للمأموم الداخل
وما دل على جواز الايتمام واللحوق بالصف لمن دخل المسجد والامام راكع وما دل على اجزاء تكبيرة واحدة للاحرام والركوع إذا وجده راكعا خلافا
لما حكى عن الشيخين والقاضي من أنهم اعتبروا ادراك تكبيرة الركوع وانه إذا ادركه راكعا فقد فاتت الركعة ويظهر من التوقيع الآتي وجود هذا القول
بين أصحاب الحديث أيضا ولكن التوقيع بنفسه حجة عليهم ومستنده روايات محمد بن مسلم المصححة في إحداها إذا لم تدرك تكبيرة الركوع فلا تدخل معهم
في تلك الركعة وفي أخرى لا تعتد بالركعة التي لم تشهد تكبيرها مع الامام وفي ثالثة إذا أدركت التكبيرة قبل ان يركع الامام فقد أدركت الصلاة
ورواية الحلبي الواردة في الجمعة إذا أدركت الامام قبل ان يركع الركعة الأخيرة فقد أدركت الصلاة فان أنت أدركت بعد ما ركع فهي الظهر اربع وقد
626

تقدم في مبحث صلاة الجمعة نقل اخبار المسألة مفصلا والجواب عن هذه الروايات بما ملخصه ان النصوص السابقة صريحة في المدعى ولا أقل من كون ارتكاب
التأويل فيها ابعد منه في هذه الأخبار إذ غاية ما يمكن ادعائه في هذه الأخبار ظهورها في نفى الصحة فيرفع اليد
عما عدى الخبر الأخير بالحمل على الكراهة أي كراهة
اللحوق في هذه الركعة ورجحان تأخير الايتمام إلى ما بعدها ولو في حال التشهد ان أراد ادراك فضيلة الجماعة أو نفى الاعتداد بها في ادراك فضيلة الجماعة
بالنسبة إلى خصوص هذه الركعة إلى غير ذلك من المحامل وعلى تقدير تسيلم المعارضة فهي قاصرة عن مكافئة تلك الأخبار المتكاثرة المتظافرة المشهورة
فتوى ورواية الواردة في الأبواب المتفرقة وهذه الأخبار وان تعددت وصحت أسانيدها ولكن أصلها محمد بن مسلم فيغلب على الظن كونها رواية
واحدة وقد حصل الاختلاف في متنها بواسطة النقل بالمعنى أو غير ذلك من أسباب الاختلال والرواية الواحدة وان كانت قطعية الصدور أيضا لا
تصلح مكافئة لتلك الأخبار فإنه يتطرق في الخبر الواحد احتمالات لا يتطرق مثلها في الاخبار المتكثرة الواردة في الموارد المختلفة كما لا يخفى و
اما الرواية الأخيرة فليس لها في حد ذاتها ظهور يعتد به في مخالفة المشهور فضلا عن صلاحيتها لمعارضة تلك الأخبار فان قوله بعد ما ركع من حيث
هو قابل لان يراد منه بعد ما تلبس بالركوع أو بعد ما فرغ منه وكذا قوله عليه السلام في صدر الخبر قبل ان يركع الركعة الأخيرة قابل لان يراد منه قبل ان يتمها أو
قبل ان يشرع فيها نعم المنساق من الصدر في بادي الرأي إرادة قبل التلبس ومن الذيل إرادة بعد الفراغ ولكنه انسباق بدوي ولا يستقر بعد
ملاحظة المجموع كما لا يخفى على من لاحظ نظائره في العرفيات فإنه لا يكاد يفهم حكم حال التلبس من مثل هذا التركيب فليتأمل ثم إن مقتضى اطلاق
النصوص والفتاوى عدم الفرق في إدراك الركعة جماعة بادراك الامام راكعا بين ادراك المأموم ذكرا قبل رفع الامام وعدمه خلافا للمحكى عن
التذكرة ونهاية الاحكام فاشترطا ادراك المأموم ذكرا قبل رفع الامام ولعل مستنده الخبر المروى عن الاحتجاج عن عبد الله بن جعفر الحميري عن صاحب
الامر عجل الله فرجه انه كتب إليه يسئله عن الرجل يلحق الامام وهو راكع فيركع معه ويحتسب بتلك الركعة فان بعض أصحابنا قال إن لم يسمع تكبيرة الركوع
فليس له ان يعتد بتلك الركعة فأجاب عليه السلام إذا لحق مع الامام من تسبيح الركوع تسبيحة واحدة اعتد بتلك الركعة وان لم يسمع تكبيرة الركوع و
فيه بعد تسليم السند ان ظهور صحيحتي الحلبي وسليمان بن خالد في الاطلاق وكون الرفع سببا للفوات وحدا للادراك أي إناطة الحكم وجودا وعدما
بادراكه راكعا وعدمه أقوى من ظهور هذه الشرطية المسوقة لنفى اعتبار سماع التكبير في المفهوم فيحتمل أن تكون الشرطية جارية مجرى العادة من عدم
حصول الجزم بادراكه راكعا في الغالب الا في مثل الفرض أو أريد به التمثيل بالفرد الواضح الذي لا يتطرق إليه شبهة عدم اللحوق المانعة عن الاعتداد
به كما ستعرف هذا مع أن المنساق إلى الذهن من هذا الخبر إرادة ادراك تسبيحة مع تسبيح الامام لا تسبيحة معه راكعا كما هو المتبادر من العبارة المحكية
عنهم فليتأمل ويحتمل ان يكون المفهوم مرادا من الشرطية فيكون المراد من نفى الاعتداد به من حيث فضيلة الجماعة لا الاجزاء والله العالم ثم إن المتبادر
من النصوص والفتاوى إناطة ادراك الركعة بادراكه الامام راكعا بان وصل إلى الحد الذي انتهى إليه هو به للركوع قبل ان يرفع الامام رأسه
بان يأخذ في النهوض فما عن غير واحد من المتأخرين من التردد أو الجزم بكفاية وصوله حال هويه إلى حد الراكع قبل ان يتجاوز الامام عن هذا الحد في
نهوضه ضعيف فرع لو كبر وركع ثم شك في أن الامام هل كان راكعا أو رافعا رأسه فإن كان شكه بعد فراغه من الركوع لم يلتفت إلى شكه كما عرفته في
مباحث الخلل وان كان قبله بنى على عدم الادراك كما هو المشهور على ما نسب إليهم بل عن المنتهى دعوى الاجماع عليه للأصل وقاعدة الاشتغال
ولا يجديه استصحاب بقاء الامام راكعا إلى حين ركوع المأموم أو اصالة عدم رفع رأسه إلى هذا الحين فإنه لا يثبت بذلك ادراكه الامام راكعا
لأنه من اللوازم العقلية الغير المترتبة على المستصحبات الا على القول بحجية الأصول المثبتة وهو خلاف التحقيق وقياسه على استصحاب عدالة الامام وايمانه
وغيرهما من الشرائط المعتبرة في الامام قياس مع الفارق لان كون الامام راكعا حال ركوعه ليس كالعدالة والايمان من الشرائط المعتبرة في صحة صلاته
من حيث هو حتى يمكن احرازه بالأصل بل من حيث كونه سببا لحصول اللحوق بالامام وادراكه راكعا الذي هو مناط ادراك الركعة فالعبرة في صحة الصلاة
بتحقق هذا المفهوم الذي هو امر إضافي يتوقف حصوله في الخارج على تحقق المنتسبين والا فمقتضى الأصل عدمه لأنه بنفسه حادث مسبوق بالعدم
هذا مع أن استصحاب بقاء الامام راكعا في حد ذاته محل مناقشة لان بقائه راكعا تابع لاختياره وارادته فالشك فيه ليس ناشئا من الشك في حصول
رافعه مع قيام ما يقتضيه بل في مقدار اقتضاء المقتضى والاستصحاب فيه ليس بحجة كما يظهر وجهه مما حققناه في مسألة الشك في وجود الحاجب في مواضع
الوضوء من كتاب الطهارة ودعوى ظهور الأدلة في مانعية رفع الامام رأسه من الركوع عن الايتمام لا شرطية الركوع حتى يناقش في احرازه
بالأصل مما لا ينبغي الالتفات إليها ضرورة ظهور النصوص والفتاوى بل صراحتهما في إناطة الحكم بلحوقه بالامام في ركوعه وما في ذيل صحيحة الحلبي
من قوله عليه السلام وان رفع الامام رأسه قبل ان تركع فقد فاتتك الركعة تعبير عما يفهم من صدرها من اشتراط ادراك الركعة بلحوقه بالامام قبل ان يرفع
رأسه كما لا يخفى على المتأمل ثم انا لو جوزنا الاعتماد على اصالة عدم رفع الامام رأسه أو اصالة بقائه راكعا إلى زمان ركوع المأموم في احراز
شرط صحة الايتمام فلا يتفاوت الحال في ذلك بين ان يشك بعد ان ركع في أنه هل كان راكعا أو رافعا وبين ان يكون حال دخوله في الصلاة شاكا
في أنه بالفعل هل هو راكع أو رافع فله مع الشك في ذلك ان يكبر ويركع ويمضى في صلاته تعويلا على الأصل ولكن لم ينقل الالتزام به في هذا الفرض
627

عن أحد نعم صرح غير واحد بان له مع الشك في لحوقه بالامام في الركوع الدخول في الصلاة بنية الايتمام تعويلا على استصحاب بقائه راكعا إلى أن يركع فإنه
طريق شرعي لاحراز الجزم بالنية المعتبر في صحة العبادة وحكى عن بعض منع جواز الدخول ما لم يحصل له من قرائن الأحوال الوثوق بادراكه راكعا نظرا إلى أن
الاستصحاب غير موجب للجزم بالنية حتى يتأتى منه قصد القربة وأجيب عن ذلك بان الاستصحاب طريق شرعي لذلك فهو بحكم الشارع بمنزلة
من تيقن بقائه راكعا حتى يلحقه في الركوع فلا يبقى معه التردد المانع عن صحة العبادة وفيه ما عرفت من أن الأصل لا يثبت كونه مدركا للركوع فهو
غير مجد في احراز شرط الصحة كي يقال بان معه يتحقق الجزم بالنية شرعا كما في سائر الموارد التي يحرز شرطها بالاستصحاب فالمنع عن الدخول ما لم يثق بادركم
راكعا بناء على ما هو المشهور من اعتبار الجزم في النية في صحة العبادة وجيه ولكن المبنى محل مناقشة إذ لو سلم اعتبار الجزم بالنية فهو بالنسبة إلى الاجزاء
والشرائط المنوطة باختياره دون الأمور التي يعتبر مقارنتها للفعل مما هو خارج عن الاختيار كالسلامة عن طرو النواقض والقواطع أو المنوطة
باختيار الغير كما فيما نحن فيه فان الأقوى في مثله جواز التلبس بالعمل برجاء وقوعه مطابقا لامره كما يؤيده في خصوص المقام السيرة القطعية والله
العالم وأقل ما تنعقد الجماعة المندوبة باثنين الامام أحدهما بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه بل كاد يكون من ضروريات
الدين ويدل عليه اخبار كثيرة منه حسنة زرارة أو صحيحته قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما يروى الناس ان الصلاة في جماعة أفضل من صلاة
الرجل وحده بخمسة وعشرين صلاة فقال صدقوا فقلت الرجلان يكونان جماعة فقال نعم ويقوم الرجل عن يمين الامام وصحيحة محمد بن مسلم عن
أحدهما قال الرجلان يأم أحدهما صاحبه يقوم عن يمينه ورواية الحسن الصيقل عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته كم أقل ما تكون الجماعة قال رجل
وامرأة وخبر أبي البختري عن جعفر قال إن عليا قال الصبي عن يمين الرجل في الصلاة إذا ضبط الصف جماعة وخبر محمد بن يوسف عن أبيه قال سمعت
أبا جعفر عليه السلام يقول إن الجهني اتى النبي صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله انى أكون في البادية ومعي أهلي وولدي وغلمتي فأؤذن وأقيم واصلي بهم أفجماعة
نحن قال نعم إلى أن قال فان ولدى يتفرقون في الماشية فأبقى انا وأهلي فأؤذن وأقيم واصلي بها أفجماعة نحن فقال نعم فقال يا رسول الله ان المرأة تذهب في
مصلحتها فأبقى انا وحدي فأؤذن وأقيم أفجماعة انا فقال نعم المؤمن وحده جماعة فكأنه أراد بذيل الرواية حصول فضلها عند ارادتها وعدم تيسرها له ويحتمل ارادتها
فيما لو اذن واقام كما هو مورد السؤال فإنه قد روى أنه متى اذن واقام صلى خلفه صفان من الملائكة ومتى أقام ولم يؤذن صلى خلفه صف واحد وعن
العيون باسناده عن الرضا عليه السلام عن ابائه عن النبي صلى الله عليه وآله قال الاثنان فما فوقها جماعة إلى غير ذلك من الروايات الدالة عليه التي سيأتي نقل بعضها
انشاء الله في مسألة استحباب وقوف المأموم الواحد عن يمين المصلى ما لم يكن امرأة ولا فرق في انعقاد الجماعة باثنين بين كونهما رجلين ورجلا وامرأة وامرأتين
بل ولا بين كونهما بالغين وبالغا وصبيا وصبيين بناء على شرعية عبادة الصبي وجواز إمامته لمثله وكذا جواز إمامة المرأة لمثلها كما ستعرف تحقيق
ذلك كله في محله وما في خبر الصيقل من جعل أقل ما يكون الجماعة رجلا وامرأة فلعله بملاحظة ان المرأة في كثير من الاحكام بمنزلة نصف الرجل
وقضية ذلك كون انعقادها بامرأتين أقل عن ذلك فيمكن ان يكون العدول عنه للجري مجرى العادة من عدم تعارف امامة النساء أو عدم جوازها
شرعا ولو لمثلها أو مرجوحيتها كما ستعرفه انشاء الله ولا تصح مع حائل بين الإمام والمأموم غير الصفوف يمنع المشاهدة بلا خلاف فيه على الظاهر بل
عن جملة من الأصحاب دعوى الاجماع عليه والأصل فيه صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال إن صلى قوم وبينهم وبين الامام ما لا يتخطى فليس ذلك
الامام لهم بامام واي صف كان أهله يصلون بصلاة امام بينهم وبين الصف الذي يتقدمهم قدر ما لا يخطى فليس تلك لهم بصلاة فإن كان بينهم
سترة أو جدار فليس تلك لهم بصلاة الا من كان حيال الباب قال وهذه المقاصير لم يكن في زمن أحد من الناس وانما أحدثها الجبارون وليس
لمن صلى خلفها مقتديا بصلاة من فيها صلاة قال وقال أبو جعفر عليه السلام ينبغي أن تكون الصفوف تامة متواصلة بعضها إلى بعض لا يكون بين الصفين
مالا يتخطى يكون قدر ذلك مسقط جسد الانسان إذا سجد قال وقال أيما امرأة صلت خلف امام وبينها وبينه ما لا يتخطى فليس لها تلك بصلاة قال قلت
فان جاء انسان يريد ان يصلى كيف يصنع وهى إلى جانب الرجل قال يدخل بينها وبين الرجل وتنحدر هي شيئا وحمل الفقرة الأولى المتضمنة للتحديد
بما لا يتخطى على الاستحباب والمبالغة في نقض فضيلة الجماعة على المشهور من إحالة القرب والبعد إلى العرف كما ستعرف لا يوجب رفع اليد عن ظهور
الفقرة الثانية في المدعى خصوصا مع اعتضاده بما عرفت ولا يعارضه خبر ابن الجهم قال سئلت الرضا عليه السلام عن الرجل يصلى بالقوم في مكان ضيق
ويكون بينهم وبينه ستر أيجوز ان يصلى بهم قال نعم بعد اعراض الأصحاب عنه وموافقته بظاهره للتقية مع ما فيه من اضطراب المتن حيث حكى عن بعض نسخ
الوافي بالشين المعجمة والباء الموحدة ولعل هذا هو الصحيح فإنه انسب بفرض كون المكان ضيقا فيحتمل كون الأول تصحيفا وكيف كان فلا بد من رد علم
هذه الرواية إلى أهله بعد ما عرفت ثم إن الظاهر كما نبه عليه شيخنا المرتضى رحمه الله ان ما في الصحيح من جعل الجدار مقابلا للسترة انما هو باعتبار
ذات الساتر بمعنى ان الساتر قد يكون جدارا وقد يكون غيره لا باعتبار أصل الستر كي يكون الجدار بنفسه من حيث هو مناطا للحكم سواء تحقق به الستر
أم لا فيعتبر في مانعية الجدار أيضا كالسترة الستر والمنع عن المشاهدة فالجدار المصنوع من الزجاج الغير المانع عن مشاهدة ما ورائه غير مانع عن الايتمام
ودعوى ان الزجاج أيضا كغيره مانع عن وقوع حسن البصر على شخص الامام بعينه وانما المرئى صورته المرتسمة فيه مما لا ينبغي الاصغاء إليها هذا مع أن
628

اطلاق الجدار ينصرف عن مثله جزما وهكذا الكلام في الشبابيك المانعة عن الاستطراق دون المشاهدة فهي غير مانعة عن جواز الايتمام كما نسب إلى
معظم الأصحاب خلافا للمحكى عن الشيخ في الخلاف فمنع عن الاقتداء خلف الشبابيك واستدل له غير واحد بعموم المقاصير في الصحيحة المتقدمة المعتضد
بدعوى الاجماع المحكى عن الغنية حيث قال فيم حكى عنه ولا يجوز ان يكون بين الامام والمأمومين ولا بين الصفين ما لا يتخطى مثله من مسافة أو بناء أو
نهر بدليل الاجماع الماضي ذكره فان ظاهره إناطة المنع في الحائل أيضا بكونه مما لا يتخطى لا كونه حاجبا وقد يستدل له أيضا بعموم ما لا يتخطى الوارد
في الصحيح المزبور كما ربما يؤيده تفريع السترة والجدار عليه فإنه مشعر بإرادة الأعم من لفظ ما لا يتخطى
كما في عبارة الغنية المتقدمة وتوهم ان هذا يستلزم استعمال
اللفظ في أكثر من معنى فإنه على تقدير إرادة الحائط يكون معنى ما لا يتخطى ما لا يمكن المرور عليه ماشيا وعلى تقدير إرادة المسافة معناه عدم صلاحية جعله
خطوة أي مسافة يقطعها قدم إذ الخطوة قد تستعمل بمعنى المشي وقد يراد منها البعد الواقع بين القدمين وهما معنيان متغايران لا يصح ارادتهما من عبارة
واحدة مدفوع بامكان إرادة الأعم فان ما يمتنع ان يصير خطوة قد يكون لأجل طول المسافة زائدا عما يقطعها قدم وقد يكون بواسطة مانع خارجي من جدار
ونحوه فلا امتناع في إرادة القدر المشترك منه ولكنه خلاف الظاهر المتبادر منه انما هو ارادته من حيث المسافة خصوصا في الفقرة الثانية التي وقع
فيها التعبير بقدر ما لا يتخطى فإنه كالنص في ذلك فقوله فإن كان بينهم سترة أو جدار ليس تفريعا على سابقه بل هو حكم مستقل مع أنه حكى عن بعض نسخ الوافي
بالواو فلا ينبغي الارتياب في عدم ظهور الرواية في العموم بل في خصوص المسافة كما تقدمت الإشارة إليه واما الاجماع المحكى فموهون بمسير المعظم على
خلافه بل لم ينقل القول به الا عن الشيخ في الخلاف خلافا لما حكى عن مبسوطه من موافقة المشهور ولكن عبارته المحكية عن المبسوط لا يخلو من مدافعة ولعله
لذا ربما نسب إليه في مبسوطه أيضا الخلاف قال في المبسوط على ما حكاه في الحدائق ما هذا لفظه الحائط وما يجرى مجراه مما يمنع من مشاهدة الصفوف يمنع
من صحة الصلاة والاقتداء بالامام وكذلك الشبابيك والمقاصير تمنع من الاقتداء بامام الصلاة الا إذا كانت مخرمة لا تمنع من مشاهدة الصفوف
انتهى فان الشبابيك كالمقاصير المخرمة غير مانعة من المشاهدة مع أنه جعلها مانعة من صحة الصلاة من هذه الجهة ووجهه غير واحد بحمل الشبابيك على معناه
اللغوي وهو ما يعمل بادخال بعضه في بعض من مثل الحصر والبواري مما يمنع من المشاهدة دون ما يتعارف ارادته منها في المحاورات من الأشياء المخرمة فيتجه
حينئذ جعل الاستثناء استثناء عن الجميع أقول فمن هنا قد يشك في ارادته في الخلاف أيضا ما يخالف المشهور فان عبارته المحكية عن المبسوط كالنص في
كون مراده بالشبابيك ما يمنع من المشاهدة كالحائط فليتأمل ويتوجه على الاستدلال بعموم المقاصير للقول المزبور منع العموم فإنها إشارة إلى المقاصير
الموجودة في ذلك الزمان وكونها مشبكة غير معلومة وربما يتوجه الاستدلال بإطلاق المنع عن الصلاة خلف تلك المقاصير فإنه يعم باطلاقه حال جعلها
مشبكة مع أن الظاهر أن الإشارة وقعت على جنس المقاصير لا خصوص افرادها الموجودة ولم يكن لجنسها نوع معهود ينصرف إليه الاطلاق لعدم تعارفها
سابقا واختراعها في زمن الجبارين فالضمير في قوله لمن خلفها راجع
إلى جنس المقاصير المخترعة لا أفرادها الخاصة هكذا قيل وفيه تأمل إذ لو سلم ظهورها في الإشارة إلى الجنس فهي بملاحظة افرادها التي أحدثها الجبارون فلا يتبادر منه الا ما كان من سنخ ما تعارف حدوثها في عصرهم مع أن هذا الكلام سيق تفريعا
على مسألة الجدار وقد أشرنا إلى أن المتبادر منه ليس الا أراد الجدار الحائل المانع من المشاهدة فلا عبرة حينئذ بعموم المقاصير أو اطلاقها بعد كونها متفرعة
على تلك المسألة كما لا يخفى فالأقوى ما هو المشهور من الصحة لا لاطلاق أدلة الجماعة كي يدعي عدم كونها مسوقة لبيان الاطلاق بالنسبة إلى مثل هذه الجهات
بل لأصالة عدم الاشتراط وبرائة الذمة عن التكليف بهذا الشرط كسائر الشرائط التي يشك اعتبارها في صلاة الجماعة نعم على القول بالاحتياط
لدى الشك في شرطية شئ للعبادة يتجه المنع فليتأمل ثم إن المتبادر من قوله صلى الله عليه وآله فإن كان بينهم سترة أو جدار إرادة ما يمنع من المشاهدة على الاطلاق
بان لا يرى الامام في سائر أحوال الصلاة روية يعتد بها فلو كان الحائل قصيرا لا يمنع من المشاهدة الا في حال الجلوس أو السجود مثلا لم يقدح كما عن
كثير من الأصحاب التصريح به بل في الجواهر لا أحد فيه خلافا ولا اشكالا ممن عدى من عرفت بينهم مشيرا بقوله من عرفت إلى ما حكاه في صدر كلامه عن
المصابيح من التوقف فيه لصدق السترة والجدار وفيه ما لا يخفى من منع صدق السترة وانصراف اطلاق بينهم جدار عن مثله فلا ينبغي الاستشكال فيه نعم
قد لا يكون مشاهدة بعض أعضاء الامام أو جميعه في الجملة مانعا عن صدق اسم بينهما سترة أو جدار كما لو شاهد رأسه حال القيام من أعلى السترة أو شاهدة
حال هو به للركوع أو السجود من ثقب في وسطه إذ لا اعتداد بمثل هذه المشاهدة في منع صدق الاسم أو حصول انصراف الاطلاق عنه كما لا يخفى ولا يخفى
عليك ان المدار في صحة الايتمام ليس على المشاهدة من حيث هي والا لم يصح مع الظلمة والعمى بل ولا على أن لا يكون هناك
جسم خارجي مانع عن مشاهدة المأموم الامام إذ لو كان بحيال وجهه فقط جسم كذلك لا يكون ذلك مانعا عن الايتمام بل على أن لا يكون بين جسديهما
حائل يحجب ما ورائه من جدار ونحوه فلو صلى المأموم بحيال باب مثلا والامام بحذائه ولكن منعهما أطراف الباب عن المشاهدة ولو في جميع أحوال
الصلاة لا طولية قامتهما عن مقدار مسافة الباب لم يقدح ذلك في صحة صلاته بعد ان لا يصدق عرفا ان بينهما سترة أو جدار على الاطلاق تنبيهات
الأول لو كان الحائل بين الامام وبعض المأمومين أو بين بعض الصف اللاحق والصف السابق الا ان من هو خلف الحائل منهم متصل بفائدة
ولو بوسائط فقد اختلفت فيه أقوال الأصحاب وتشتتت فيه كلماتهم فعن المحقق البهبهاني في شرح المفاتيح التصريح بعدم كفايته ووجوب مشاهدة الامام
629

أو الصف المتقدم عليه ناسبا له إلى النص كلام الأصحاب وقد أشرنا إلى أن كلمات الأصحاب بظاهرها مختلفة فربما يظهر من جملة منهم في مسألة المحراب الداخل
ذلك ففي القواعد قال لو صلى الامام في محراب داخل صحت صلاة من يشاهده من الصف الأول خاصة وصلاة الصفوف الباقية اجمع لأنهم يشاهدون
من يشاهده ول كان الحائل مخرما صح انتهى وفي الدروس قال في شروط الجماعة تاسعها امكان مشاهدة المأموم الامام ولو بوسائط إلى أن قال ولو
صلى في محراب داخل بطلت صلاة الجناحين من الصف الأول خاصة انتهى وقال المصنف في النافع إذا كان الامام في محراب داخل لم يصح صلاة من إلى
جانبيه في الصف الأول وقال في الكتاب فيما يأتي إذا وقف الامام في محراب داخل فصلاة من يقابله ماضية دون صلاة من إلى جانبيه إذا لم يشاهدوه
وتجوز صلاة الصفوف الذين وراء الصف الأول لأنهم يشاهدون من يشاهد انتهى وعن ظاهر كثير منهم أو صريحهم خلافه وانه يكفي مشاهدة من يشاهد
صلاة الامام ولو بوسائط سواء كان في صفه أو في الصف المتقدم عليه بل لعل هذا القول هو المشهور بينهم بل لم يثبت القول بخلافه ممن عدى المحقق البهبهاني
فان كلمات من عرفت ممن يظهر منه ذلك قد يدعي كونها مؤنة القرائن داخلية أو خارجية بحمل الصف الأول في العبائر المزبورة على القطعتين المنعقدتين
في جناحي المحراب محاذيا له بناء على أنهما مع الامام المتوسط بينهم صف واحد كما صنعه في الرياض وغيره مستشهدين لذلك بكون الجانب حقيقة في المحاذي
للمنكب دون المتأخر عنه الواقف في سمت جانبيه وجعل في الرياض المراد بمن يشاهد الامام من الصف الأول في عبارة القواعد هو من دخل في المحراب
مع الامام معترفا بأنه فرض نادر مدعيا انه لا يبعد تعرض الفقيه للفروض النادرة وفي المسالك حمل من يقابله في عبارة الكتاب على الصف الواقع خلف
المحراب قال شيخنا المرتضى رحمه الله بعد ان حكى عن الرياض وغيره ارتكاب التأويل في العبائر المذكورة ما لفظه وكان الداعي لهم على توجيه العبائر المذكورة
مضافا إلى تعليل صحة الصفوف الباقية في عبارتي الشرائع والقواعد بما يوجب صحة تمام الصف الذي بعضه مقابل المحراب وهو انهم يشاهدون من
يشاهد الامام ان الحكم بصحة صلاة تمام الصف المذكور مفروغ عنه عندهم فلابد من توجيه ما يوهم خلافه من كلماتهم ولعل الامر كذلك كما ينبئ عنه
ان الحكم المذكور بعد ما ذكره الشيخ على ما حكى عنه لم يصرح أحد ممن تأخر عنه بمخالفته أو بحكاية مخالف له ولذا قال في الكافية الحكم المذكور لا أحد
فيه خلافا وقريب منه ما في الرياض نعم عن الذخيرة الاستشكال في الحكم المذكور ان لم يثبت اجماع عليه من جهة ظاهر الصحيحة المتقدمة وكيف كان فلم يظهر
في المسألة مخالف إلى زمان المحقق الوحيد البهبهاني كما تقدم مخصصا للحكم بالصحة بصاحبي المنتهى والمدارك مع أن عبارة الشيخ المحكية في الذكرى و
عبارة الوسيلة وعبائر الشهيدين والمحقق الثاني في الذكرى والجعفرية والمسالك كالصريح في القول المذكور بل يمكن نسبة ذلك إلى كل من تعرض
لهذه الشرائط أعني اعتبار المشاهدة وعدم الحائل بين الإمام والمأموم وكذا بين الصفوف حيث إنهم ذكروا عنوانا واحدا بالنسبة إلى مشاهدة الامام
ومشاهدة من يشاهده ولم يجعلوا مشاهدة الامام ومشاهدة المأموم المشاهد للامام شرطين متغايرين معتبرين على سبيل البدلية يعتبر في الأولى تحققها
كيفما اتفق وفي الثانية تحققها من قدام المصلى بل الظاهر أن المقدار الكافي في إحديهما كاف في الأخرى ومن المعلوم بالاجتماع والسيرة صحة صلاة
الصف المشتمل على الامام باعتبار مشاهدة الجانبين للامام بأطراف أعينهم فيكفي مثله في مشاهدة المصلي للامام إلى أن قال ويؤيد
ما ذكرنا من كون الحكم بالصحة مفروغا عنه بينهم ان المتعرضين لحكم استدارة الصف حول الكعبة المختلفين فيه قد ادعى مجوزهم كالشهيد في الذكرى والاجماع
عليه في الاعصار وتمسك مانعهم كالعلامة في بعض كتبه باعتبار اتحاد الجهة فكان هذا في قوة الاجماع منهم على أن عدم مشاهدة المأمومين المستورين
عن الامام للمأموم المشاهد للامام من قدامهم غير مانع عن الاقتداء انتهى وكيف كان فمستند القول باعتبار مشاهدة الصف المتقدم دعوى ظهور قوله
عليه السلام فإن كان بينهم سترة أو جدار في أن الجدار بين الصفين مبطل لصلاة أهل الصف المتأخر اجمع الا من كان منهم بحيال الباب إذا كان في الجدار باب
يشاهد بعض أهل الصف من تقدمهم من الامام أو المأموم وفيه ان ظهوره في ذلك مبني على اختصاص مورده بالحائل الواقع بين الصفين بان يكون المراد
به بقرينة سابقة واي صف كان أهله يصلون بصلاة امام وبينهم وبين الصف الذي يتقدمهم سترة أو جدار الحديث فعلى هذا لا يفهم منه حكم ما إذا كان
بين الامام وبينهم سترة أو جدار مع أن هذا الفرض أيضا مراد بالرواية جزما سواء كانوا خلف الامام أو جانبيه كما يفصح عن ذلك قوله عليه السلام وهذه المقاصير
إلى اخره فإنه بحسب الظاهر مسوق لدفع ما كان يرد على الحكم المذكور من الاشكال من كونه منافيا لما كان متعارفا بين المسلمين من الصلاة خلف المقاصير
وكيف كان فالظاهر أن لم يكن مقطوعا به ان المقصود بهذه الفقرة بيان اعتبار ارتباط المأمومين بالامام ولو بوسائط بان لم يكن بينهم سترة أو جدار
قاطع لعلاقة الارتباط بل وكذا المقصود بسابقتها ليس الا ذلك فالمقصود بمجموع الفقرات بيان اعتبار ارتباط المأموم بالامام في صحة صلاته بان
لا يتخلل بينه وبين الامام أو المأمومين المربوطين به الفصل بقدر ما لا يتخطى أو بوجود حائل بينهم من سترة أو جدار ونحوه فتخصيص الصف الذي يتقدمهم
بالذكر في الفقرة السابقة جار مجرى التمثيل بلحاظ الفرد الغالب المحتاج معه إلى الفصل في الجملة ولذا لا يكاد يرتاب أحد في دلالة هذه الصحيحة على عدم
جواز ان يتباعد بعض أهل صف واحد عن بعض بأكثر مما يتخطى إذا لم يكن بين يديه صف اخر كما في الصف الأول أو طرف سائر الصفوف إذا كانت
أطول مما تقدمها والحاصل انه ليس لخصوصية الصف الذي يتقدمهم في الفقرة التي تضمنته مدخلية في الحكم فضلا عن كون ذكره في تلك الفقرة قرينة
على احتمال مثله في هذه الفقرة فالمراد بقوله فإن كان بينهم سترة أو جدار بحسب الظاهر هو المنع من الايتمام مع الحائل سواء كان الحائل واقعا بين
630

الصفين أو بين أهل صف واحد والصفوف المتعددة من الجنوب إلى الشمال أو بين الامام ومأموميه من خلفه أو أحد جانبيه فضمير الجمع في قوله بينهم اما
راجع إلى الجمع فلا حاجة حينئذ إلى اضمار معادل للمذكور ولكن يجب صرف قوله عليه السلام فليس لهم بصلاة إلى إرادة بعضهم المصلين وراء الحائل لوضوح عدم
تأثير الحائل في بطلان صلاة الامام ومن معه من غير حائل فيما ليست الجماعة شرطا لصحتها أو راجع إلى القوم المريدين للايتمام فتقدير الكلام حينئذ فإن كان
بينهم وبين غيرهم من أهل الجماعة اي الامام ومن اتصل سترة أو جدار فليس تلك لهم بصلاة وعلى اي التقديرين فقوله عليه السلام الا من كان حيال الباب لدفع توهم كون الفصل بالجدار
من حيث هو قاطعا لعلاقة الارتباط مطلقا حتى بالنسبة إلى من لم يمنعه عن المشاهدة كما قد يتوهم نظيره لدى الفصل بنهر وطريق ونحوه واستثناء هذا
الفرد ممن حكم ببطلان صلاته يستلزم خروج من اتصل به من جانبيه أو خلفه لخروجه عن موضوع هذا الحكم إذ أليس بينه وبين من اتصل بالامام وهو هذا الشخص
المصلي حيال الباب سترة أو جدار كما أنه بناء على إرادة المعنى الأول يستلزم خروجه خروج كل من يصلي ورائه وان كان صفا مستطيلا إذ ليس بينهم وبين
الصف الذي يتقدمهم (سترة أو جدار وبطلان صلاة من عدى الشخص المقابل للبناء من الصف المتقدم غير قادح
بصحة صلاة الصفوف المتأخرة فإنه يكفي
في صحة صلاة كل صف وجود واحد يعد بصلاته في الصف الذي يتقدمهم) نعم على هذا البناء يشكل الامر بالنسبة إلى من وقف جانبي الباب مع مشاهدته للصف الذي يتقدمهم كما هو الغالب بالنسبة
إلى رجل أو رجلين أو أكثر ممن هو عن يمين الباب أو شماله فان مقتضى تخصيص الصحة في النص بخصوص من كان حيال الباب الالتزام ببطلان صلاة من
على جانبيه مطلقا سواء شاهد الصف المتقدم عليه أم لم يشاهد مع أنه بحسب الظاهر مما لا يلتزم به أحد فيمكن ان يجعل اجماع الأصحاب كاشفا عن أن المراد
بمن كان حيال الباب أعم من خصوص هذا الشخص وعن هو بمنزلته في عدم كون الجدار مانعا عن مشاهدة من يتقدمهم في الجملة فليتأمل مما ذكر ان الأظهر
في معنى الخبر هو انه صلى قوم بامام وبينهم وبين غيرهم من أهل الجماعة سترة أو جدار فليس تلك لهم بصلاة الا من كان بحيال الباب فتصح صلاته ويتفرع
عليه صحة صلاة كل من يتصل به من أحد جانبيه أو خلفه فمورد البطلان ما إذا لم يكن بحيال الباب أحد أو كان ولكن لم يتصلوا به بل بعدوا عنه أو صلوا في
صف اخر عن يمين الباب أو يساره بين يدي هذا الصف والله العالم وقد يقال في توجيه مذهب المشهور بان سوق الرواية يشهد بكون الحكم منزلا
على الصفوف كما ينبأ عن ذلك قوله عليه السلام واي صف إلى اخره فالمراد بقوله الا من كان حيال الباب استثناء الصف الكائن بحيال الباب في مقابل الصفوف
الواقعة عن جانبيه لا خصوص الشخص الواقف بحياله وفيه نظر إذ المتبادر من لفظ من الموصولة إرادة الشخص دون الصف والمستثنى منه هو أهل
الصف لا الصفوف فان تقدير الكلام على ما زعموه واي صف كان أهله يصلون بصلاة امام بينهم وبين الصف الذي يتقدمهم سترة أو حائل فليس تلك
لهم بصلاة الا من كان حيال الباب فالمستثنى منه هو الضمير المجرور والراجع بحسب الظاهر إلى أهل الصف لا نفسه فليتأمل والانصاف ظهور الرواية في بادي
الرأي فيما ذهب إليه المحقق البهبهاني كما اعترف به غير واحد ولكنه ظهور بدوي يرتفع بعد الالتفات إلى المناسبة المقتضية للحكم وهو انقطاع عدالة الارتباط
بحيلولة السترة والجدار وعدم اختصاص مفاد الرواية على ما يتفاهم منها عرفا بخصوص الجدار الواقع بين الصفين واستبعاد كون رؤية شئ من
الصف المتقدم ولو من بعيد شرطا تعبديا بالصحة صلاتهم كما لا يخفى فما ذهب إليه المشهور لا يخلو من قوة ولكن الاحتياط مما لا ينبغي تركه والله العالم
لا يقدح حيلولة بعض المأمومين بعضا عن مشاهدة الامام أو الصف المتقدم بناء على اعتباره إذ المنساق من النص والفتوى انما هو
المنع عن حائل خارجي نعم لو فرض فساد صلاة الحائل اتجه الحاقه بالحائل الخارجي كما صرح به في الجواهر وغيره لأنه حينئذ ليس في الواقع مصليا
فيكون بمنزلة شخص أجنبي واقف بينهما مانع عن المشاهدة ويمكن الخدشة فيه بان اندراجه عرفا في زمرة المصلين كاف في بقاء علاقة الارتباط وعدم
صحة مقايسته على الحائل الخارجي ولعله لذا قيد في المسالك الحاقه بالأجنبي بصورة العلم بفساد صلاته قال ولا يقدح حيلولة بعض المأمومين
امامهم عن بعض مشاهدة المانع للامام أو مشاهدة من يشاهده من المأمومين وان تعددت الوسائط ويشترط عدم علم الممنوع من المشاهدة
بفساد صلاة الحائل والا بطلت صلاته لان المأموم حينئذ كالأجنبي انتهى إذ لا يبعد ان يدعى ان اندراجه عرفا في عداد المصلين انما هو فيما إذا لم يعلم
بفساد صلاته تفصيلا والا جرى عليه حكم الأجنبي بشهادة العرف فليتأمل ويحتمل ان يكون فقط نظره اختصاص الحكم بفساد الصلاة بهذه الصورة لا لدعوى
اختصاص مانعية الحائل بصورة العلم كي تدفع بمخالفتها لظاهر النص والفتوى بل لما استشير إليه في جملة من الفروع الآتية التي هي من نظائر المقام من أن
الأظهر ان الاخلال بشرائط الايتمام فيما ليست الجماعة شرطا لصحتها غير موجب لبطلان أصل الصلاة بل اجزاء احكام المنفرد عليه وهو غير مقتض للحكم
بالبطلان في مثل هذه الموارد لدى الجهل بالموضوع كما سيأتي لذلك مزيد توضيح إن شاء الله تعالى في محله الثالث ظاهر النص والفتوى كون عدم الحيلولة
وكذلك عدم البعد الوارد في النص شرطا في صحة الايتمام من حيث هو فما دام مأموما يجب ان لا يكون بينه وبين الامام حائل فهو شرط ابتداء واستدامة
ولكن قد يقال بان هذا الظهور بدوي والا فالتأمل الصادق يشهد بعدم دلالتها على اعتباره استمرارا لان قوله عليه السلام فليس تلك بصلاة إشارة إلى الصلاة
التي صليت مع الستر والحائل وهي ظاهرة في المجموع والحكم ببطلان الصلاة التي صليت تمامها مع الحائل لا يستلزم الحكم ببطلان ابعاضها إذا وقعت
كذلك أو ببطلان الكل إذا وقع البعض كذلك وفيه ان قوله فليس تلك لهم بصلاة لا يصلح رافعا للظهور الذي ادعى كونه بدويا لوقوعه جزاء عن
الشرط الذي نشأ منه هذا الظهور إذ المشار إليه بتلك هي الصلاة التي أخل بشرطها الذي تكفل الشرطية لبيانه وحيث إن الشرطية ظاهرة في الاطلاق
وكونها قضية طبيعية مقتضاها صدق الجزاء عند حصول مسمى الشرط ومن المعلوم ان القوم الذين يصلون بصلاة امامهم من أول تلبسهم بالصلاة بينه
631

الايتمام إلى أن يفرغوا منها يصدق عليهم انهم يصلون بصلاة هذا الامام فإذا حصل في شئ من هذه المدة الفصل بما لا يتخطى أو وجود حائل بينهم صدق
عليهم حال حصوله انهم يصلون بصلاة هذا الامام وبينهم الفصل والحائل فمقتضى اطلاق القضية ان هذا الامام في هذا الحين ليس لهم بامام ولا هذه الصلاة
لهم بصلاة فلا ينبغي الاستشكال في اعتبار عدم الحيلولة في صحة الاقتداء مطلقا نعم قد لا يعتد بحيلولة بعض الأشياء التي لا اعتداد بزمانه عرفا كمرور
شخص انساني بين يديه مانع عن مشاهدة الامام حال فإنه لا يفهم قادحية مثله من قوله فإن كان بينهم سترة أو جدار وان علم بجريهما مجرى التمثيل إذا المفروض
ليس مثالا لما يتبادر من اطلاق بينهم سترة أو جدار في العرف كما لا يخفى الرابع نقل عن أبي الصلاة وابن زهرة المنع من حيلولة النهر بين الإمام والمأموم
وعن أبي حنيفة المنع من الحيلولة الطريق والنهر قياسا على الجسم الحائل وهو مع بطلانه لدينا مع الفارق وربما نزل كلام الحلبي وابن زهرة على ما هو الغالب
من استلزامه الفصل بما لا يتخطى واستدل عليه بصحيحة زرارة المتقدمة وناقشه في محكي الذكرى بكون الصحيحة محمولة على الاستحباب وأجيب عن ذلك بان
مذهب هذين الفاضلين تحديد البعد المخل بالجماعة بما لا يتخطى فلا يتوجه عليهما هذه المناقشة فليتأمل الخامس قال شيخنا المرتضى رحمه الله الظاهر من النص
والفتوى كون هذا الشرط يعني عدم الحيلولة شرطا واقعيا فلو انكشف الستر بينهما بعد الصلاة بطلت الجماعة والصلاة كما هو ظاهر قوله ليس لمن صلى خلف
المقاصير صلاة نعم لو اتفق ذلك مع عدم الاخلال بوظيفة المنفرد من ترك القراءة وترك تعدد الركوع عند التقدم على الامام سهوا فلا يبعد الصحة بناء على
تنزيل اطلاق بطلان الصلاة في الصحيحة المذكورة على الغالب من ترك القراءة فلو فرضنا الاقتداء به في الركعتين الأخيرتين ولم يحصل ما يبطل مع الانفراد
لم تبطل أقول استظهار كونه شرطا واقعيا من اطلاق قوله عليه السلام فإن كان بينهم سترة أو جدار إلى اخره أوضح من استظهاره من قوله ليس لمن صلى خلفها اي
المقاصير مقتديا بصلاة من فيها صلاة إذ لا يبعد ان يدعي اشعار هذه الفقرة التي وقع فيها اسناد الفعل المقيد إلى الفاعل المختار بإرادته مع العمد والاختصاص
كما هو الغالب في مورده وكيف كان فالرواية ظاهرة في المدعى ولكن قوله عليه السلام في الصحيح لا تعاد الصلاة الا من خمسة إلى اخره حاكم على مثل هذا الطلقات
ومقتضاه عدم بطلان الصلاة بالاخلال به سهوا أولا بالقراءة أو بالجهر فيها في الأخيرتين لشبهة المأمومية فان عموم الصحيح النافي للإعادة لا يقصر عن شمول
مثل هذا الترك الناشئ من السهو وان لم يكن هو بنفسه سهويا كما لا يخفى على من لاحظ نظائره فالأظهر كونه شرطا واقعيا بالنسبة إلى الجماعة دون أصل الصلاة
إذ لا صارف له عن ظهوره في ذلك بالنسبة إلى نفس الجماعة خصوصا مع ما في صدر الرواية من التعبير بقوله ليس ذلك الامام لهم بامام من الاطلاق السليم
عما يصلح مقيدا له واما بالنسبة إلى أصل الصلاة فهو شرط لما عرفت بل الأظهر عدم كونه شرطا لنفس الصلاة من حيث هي لعدم وفاء النص باثباته فان مقتضى
الجمع بينه وبين خبر لا تعاد اما حمل قوله عليه السلام ليس تلك بصلاة على إرادة الصلاة التي قصدوها اي الصلاة جماعة أو صرفه إلى صورة العلم فعلى
الأول ان لا يدل على شرطيته للصلاة كما هو واضح وعلى الثاني أيضا كذلك لما أشار إليه شيخنا المرتضى رحمه الله في عبارته المتقدمة من امكان جريه مجرى الغالب من
الاخلال بالقراءة وشبهه فليتأمل وكيف كان فلا تصح الجماعة مع الحائل الا ان يكون المأموم امرأة والامام رجلا فيجوز لها ان تأتم به من خلف السترة و
الجدار على المشهور بل لم ينقل الخلاف فيه الا من الحلي فساوى بينها وبين الرجال في ذلك بناء على أصله من عدم العمل بخبر الواحد الذي هو عمدة ما يصح الاستناد
إليه للمشهور وهو موثقة عمار قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي بالقوم وخلفه دار فيها نساء هل يجوز لهن ان يصلين خلفه قال نعم ان كان الامام
أسفل منهن قلت فان بينهن وبينه حائطا أو طريقا قال لا بأس وكذا لا تنعقد الجماعة والامام أعلى من المأمومين بما يعتد به كالأبنية علوا دفعيا لا
انحداريا على الأشهر بل المشهور بل عن غير واحد الاجماع عليه ويدل عليه موثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الرجل يقوم وهم
في موضع أسفل من موضعه الذي يصلي فيه فقال إن كان الامام على شبه الدكان أو على موضع ارفع من موضعهم لم تجز صلاتهم وان كان ارفع منهم بقدر
إصبع أو أكثر أو أقل إذا كان الارتفاع ببطن مسيل فإن كان أرضا مبسوطة وكان في موضع منها ارتفاع فقام الامام في الموضع المرتفع وقام من خلفه أسفل
منه والأرض مبسوطة الا انهم في موضع منحدر فلا بأس قال وسئل فان قام الامام أسفل من موضع من يصلي خلفه قال لا بأس وقال إن كان رجلا فوق
بيت أو غير ذلك دكانا أو غيره وكان الامام يصلي على الأرض أسفل منه جاز للرجل ان يصلي خلفه ويقتدي بصلاته وان كان ارفع منه بشئ كثير قوله عليه السلام إذا
كان الارتفاع ببطن مسيل مروي وعن الكافي وبعض نسخ التهذيب وعن بعض أخرى بقطع مسيل وعن ثالثة بقدر يسير ورابعة بقدر شبر وعن الفقيه بقطع سيل
وكيف كان فهذه الفقرة مع ما فيها من اختلاف النسخ لا تخلو من تشابه بل وكذا الشرطية التي قبلها وهي قوله عليه السلام وان كان ارفع منهم إلى اخره لاحتمال كون كلمة ان
ان فيها وصليته وكونها شرطية مستقلة محذوفة الجزاء يعني فلا بأس وان كان الاحتمال الأول يبعده عدم امكان الالتزام به بظاهره للقطع باغتفار مقدار إصبع
فما دون وعدم ملائمة عطف أو أكثر عليه بعد فرض كونها وصليته مسوقة للتنبيه على الفرد الخفي مع أنه ورد في بعض النسخ بالفاء فاحتمال كونها مستقلة أقوى
كما أن احتمال كون قوله عليه السلام إذا كان الارتفاع ببطن مسيل مربوطا بسابقة أقوى من احتمال كونه شرطية مستقلة جزائها ما بعدها والا لناسبه سبق عطف
مع عدم استقامته من حيث المفاد الا على بعض التقادير التي تقدمت الإشارة إليها كما لا يخفى على المتأمل وفي المدارك بعد ان استدل بهذه الموثقة
لمذهب المشهور طعن فيها بأنها ضعيفة السند متهافتة المتن قاصرة الدلالة فلا يسوغ التعويل عليها في اثبات حكم مخالف للأصل قال ومن ثم تردد
المصنف رحمه الله وذهب الشيخ في الخلاف إلى كراهة كون الامام أعلى من المأمومين بما يعتد به كالأبنية وهو متجه انتهى كلامه رفع مقامه وأجيب عن ضعف
632

السند بأنها موثقة وهي حجة كما تقرر في محله واما التهافت فهو في غير الفقرة التي هي محل الاستشهاد فلا يقدح بالاستدلال واما الخدشة فيها بقصور الدلالة ففي
غير محلها فإنها كادت تكون صريحة في المنع عن مثل الدكان وشبهه مما كان علوه دفعيا بمقدار معتد به نعم هي بالنسبة إلى العلو الغير المعتد به من مثل شبر
فما دون إذا كان دفعيا اي في الأرض المبسوطة لا تخلو من تشابه كما عرفت وان كان احتمال إرادة نفي البأس عنه منن الرواية لا يخلو من قوة كما تقدمت
الإشارة إليه ويدل أيضا على المدعى اي المنع عن العلو المعتد به مفهوم قوله عليه السلام في موثقة عمار المتقدمة نعم ان كان الامام أسفل منهم فإنه
يفهم منه عدم الجواز إذا لم يكن أسفل وهو ان عم صورة التساوي أيضا ولكن علم بدليل خارجي نفي البأس مع التساوي أيضا فيكون الكلام بعد
ملاحظة ذلك الدليل في قوة ان يقال نعم ان كان الامام أسفل منهن أو مساويا واستدل له أيضا في محكى الذكرى بما روى من أن عمار رضي الله عنه
تقدم للصلاة على دكان والناس أسفل منه فقدم حذيفة فاخذ بيده حتى أنزله فلما فرغ من صلاته قال له حذيفة ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول إذا
أم الرجل القوم فلا يقومن في مكان ارفع من مقامهم قال عمار فلذلك اتبعتك حين اخذت على يدي قال وروى أن حذيفة أم على دكان بالمدائن فاخذ
عبد الله بن مسعود بقميصه فجذبه فلما فرغ من صلاته قال ألم تعلم أنهم كان ينهون عن ذلك قال بلى فذكرت حين جذبتني وفي الحدائق بعد نقل الخبرين عن
الذكرى قال إن هذين الخبرين من روايات العامة أو من الأصول التي وصلت إليه ولم تصل الينا أقول ضعف
سند الخبرين مانع عن الاعتماد عليهما
في مقام الاستدلال فالأولى ذكرهما في مقام التأييد وربما استدل له أيضا بصحيحة زرارة المتقدمة الدالة على المنع عن أن يكون بين الامام والمأمومين
أو بين الصفين ما لا يتخطى بدعوى شموله للمقام وفيه ما عرفته فيما سبق عن انها ظاهرة في البعد المبسوط على الأرض وكيف كان فلا ينبغي الاستشكال في
الحكم خصوصا مع عدم معروفية خلاف يعتد به فيه إذ لم ينقل الخلاف الا عن الشيخ في الخلاف حيث حكى عنه القول بالكراهة مدعيا عليه الاجماع و
وافقه في ذلك بعض متأخري المتأخرين كصاحبي المدارك والذخيرة ولكن يحتمل قويا ان يكون مراد الشيخ من الكراهة الحرمة إذ القدماء كثيرا ما يطلقون
الكراهة بهذا المعنى خصوصا مع ما قيل من أن في عبارة الخلاف ما يعرب عن ذلك وكيف كان فما ذهب إليه المشهور أقوى فما في المتن من عدم الجزم
بذلك حيث قال على تردد لعله في غير محله وحكى عن أبي على التفصيل بين المأمومين الاضراء والبصراء فقال لا يكون الامام أعلى في مقامه بحيث لا يرى
المأموم فعله الا ان يكون المأمومون اضراء فان فرض البصراء الاقتداء بالنظر وفرض الاضراء الاقتداء بالسماع إذا صح لهم التوجه فكأنه لا يرى العلو من
حيث هو مانعا وانما يعتبر في حق البصراء مشاهدة افعال الامام فالعلو المنافي له مانع عن صحة الاقتداء لذلك لا من حيث هو وكيف كان فالموثقة باطلاقها
حجة عليه بقي الكلام في تحديد العلو المانع فقد اختلفت كلماتهم في ذلك فربما نسب إلى الأكثر ارجاعه إلى العرف وقدره جملة منهم بما لا يتخطى
مستندا إلى الصحيحة المزبورة وفيه ما عرفت وعن بعض اخر تحديه بشبر اما غاية للجواز أو بداية للمنع قال الشهيد رحمه الله في محكى الذكرى لا تقدير
للعلو الا بالعرف وفي رواية عمار ولو كان ارفع منهم بقدر إصبع إلى شبر فإن كان أرضا مبسوطة وكان في موضع فيه ارتفاع فقام الامام في المرتفع
وقام من خلفه أسفل منه الا انه في موضع منحدر فلا بأس وهي تدل بمفهومها على أن الزائد على شبر ممنوع واما الشبر فيبنى على دخول الغاية في المغيا
عدمه انتهى أقول لم نجد في سائر النسخ المتكفلة لنقل الرواية كونها مروية بهذه المتن فلعله قدس سره نقل مضمونها بمقتضى ما فهمه منها وهو وان
لا يخلو من نظر حيث إنه جعل قوله فإن كان أرضا مبسوطة إلى اخره جزاء للشرطية الأولى وهو غير مستقيم لاقتضائه اختصاص هذا التحديد بالعلو الانحداري
في الأرض المبسوطة وكون مطلق الارتفاع ولو أقل من إصبع في العلو الدفعي مانعا وكلاهما مخالفا للاجماع والسيرة القطعية مع أنه موجب لخروج
الحد المزبور عن محل الكلام انما هو في المقدار المغتفر من العلو الدفعي كما لا يخفى ولكن ما استفاده منها من التحديد بالشبر لا يخلو من جودة اما على
ما عن بعض نسخ التهذيب من التصريح بما إذا كان الارتفاع بقدر شبر فواضح واما على سائر النسخ فلان المنساق من قوله عليه السلام وان كان ارفع بقدر إصبع أو أكثر أو
أقل إرادة المقدار اليسير الذي يقرب من إصبع غايته إلى شبر لا أزيد والا لقدره عادة بشبر وما يقرب منه لا بالإصبع وكيف كان فهذه الرواية بظاهرها تدل
على المنع عما زاد على الشبر وما فيها من الاختلاف والاضطراب انما يوجب تشابهها بالنسبة إلى الشبر وما دونه فالقول بالمنع عما زاد على الشبر بل عن الشبر أيضا
مع أنه أحوط لا يخلو من قوة واما ما دونه فهو مما لا يعتد به عرفا بحيث يرون المباينة بين موضع الامام وموقف المأمومين من حيث العلو وأدلة المنع
قاصرة عن شموله مع أنه لا خلاف على الظاهر في نفي الباس عنه فلا ينبغي الارتياب فيه والله العالم هذا كله فيما إذا كان العلو دفعيا والا فيجوز ان يقف
الامام على علو من ارض منحدرة بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن بعض دعوى الاجماع عليه ولكن ينبغي تقييده بما إذا لم يكن الانحدار شبيها بالتسنيم بل
على وجه لم تخرج الأرض به عن صدق كونها أرضا مبسوطة عرفا إذ لا مخصص لعموم ما دل على المنع عدى ما في ذيل الموثقة المزبورة من قوله عليه السلام
فإن كان أرضا مبسوطة وكان في موضع منها ارتفاع فقام الامام في الموضع المرتفع وقام من خلفه أسفل منه والأرض مبسوطة الا انهم في موضع منحدر
فلا بأس وهي تدل على اشتراط نفي البأس عن قيام الامام في الموضع المرتفع ومن خلفه أسفل منه بكونهما في ارض مبسوطة وحصول الاختلاف بين موقفيهما
من انحدار الأرض وقيام الامام في أعلاها والمأموم في الموضع المنحدر فلاحظ ولو كان المأموم على بناء عال كان جائزا بلا خلاف فيه على الظاهر
بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه وما عن السرائر من تقييده بان لا ينتهى إلى حد لا يمكنه الاقتداء لعله ليس خلافا في المسألة ضرورة
633

خروج ذلك عن محل البحث نعم عن جملة من المتأخرين تقييده بما إذا لم يؤد إلى العلو المفرط بل عن النجيبية الاجماع عليه ولعل مرجعه إلى ما سمعته من السرائر
وكيف كان فيدل على المدعى قوله عليه السلام في ذيل موثقة عمار المتقدمة ان كان رجل فوق بيت أو غير ذلك دكانا كان أو غيره وكان الامام يصلي على الأرض أسفل
منه جاز للرجل ان يصلي خلفه ويقتدي بصلاته وان كان ارفع منه بشئ كثير وموثقته الأخرى قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي بالقوم وخلفه دار
فيها نساء هل يجوز لهن ان يصلين خلفه قال نعم ان كان الامام أسفل منهن الحديث وخبر علي بن جعفر المروي عن كتاب المسائل عن أخيه موسى عليه السلام قال
سئلته عن الرجل هل يحل له ان يصلي خلف الامام فوق دكان قال إذا كان مع القوم في الصف فلا بأس أقول يحتمل ان يكون التقييد بكونه مع القوم للتحرز عن
كراهة الانفراد بالصف أو الاحتراز عن كونه بعيدا عنهم ولا يعارضهما رواية محمد بن عبد الله عن الرضا عليه السلام قال سئلته عن الامام يصلي في موضع والذين
خلفه يصلون في موضع أسفل منه أو يصلي في موضع ارفع منه قال يكون مكانهم مستويا لوجوب حمل هذه الرواية على الأفضلية جمعا والله العالم ولا يجوز
تباعد المأموم عن الامام بما يكون كثيرا في العادة إذا لم تكن بينهما صفوف متصلة لا تباعد بينها كذلك اما إذا توالت الصفوف فلا بأس اما اشتراط عدم
التباعد الا مع اتصال الصفوف فمما لا خلاف فيه على اجماله بين الأصحاب كما أنه لا خلاف بينهم بل ولا اشكال في في لبأس بالبعد مع الاتصال للأصل
مضافا إلى السيرة والاجماع ولكنهم اختلفوا في تحديد البعد المانع فعن الحلبي والسيد بن زهرة تحديده بما لا يتخطى مدعيا ثانيهما الاجماع قال لا يجوز ان
يكون بين الامام والمأموميين ولا بين الصفين ما لا يتخطى من بناء ومسافة أو نهر ثم ادعى الاجماع على ذلك وحكى عن غير واحد من المتأخرين أيضا اختياره
بل عن السيد في المصباح أنه قال ينبغي ان يكون بين كل صفين قدر مسقط الانسان إذا سجد أو مربض عنز فان تجاوز ذلك إلى القدر الذي لا يتخطى لم يجز انتهى
وفي المدارك نقل عن الشيخ في الخلاف أنه قال حده مع عدم اتصال الصفوف ما يمنع من مشاهدته والاقتداء بأفعاله ثم قال ويظهر منه في المبسوط جواز البعد
بثلاثمائة ذراع انتهى واعترضه غير واحد بمخالفة هذه النسبة للواقع إذ لا يظهر من المبسوط اختيار هذا القول بل ربما يظهر منه خلافه فان عبارة المبسوط
على ما نقلها في الحدائق وغيره ما صورته وحد البعد ما جرت العادة بتسميته بعدا وحد قوم ذلك بثلاثمائة ذراع وقالوا على هذا ان وقف وبينه وبين
الامام ثلاثمائة ذراع ثم وقف اخر وبينه وبين هذا المأموم ثلاثمائة ذراع ثم على هذا الحساب والتقدير بالغا ما بلغوا صحت صلاتهم قالوا وكذلك
إذا اتصلت الصفوف في المسجد ثم اتصلت بالأسواق والدروب والدور بعد ان يشاهد بعضهم بعضا ويرى الأولون الامام صحت صلاة الكل وهذا قريب على
مذهبنا أيضا انتهى قال العلامة على ما حكى عنه ان مراده بالقوم هنا بعض الجمهور إذ لا قول لعلمائنا في ذلك وكيف كان فعبارته ظاهرة في عدم كون التحديد
بثلاثمائة ذراع مختارا له اللهم الا ان يجعل قوله وهذا قريب إلى مذهبنا إشارة إلى جميع ما تقدم وهو لا يخلو من بعد إذ لا ينبغي الارتياب في أن ما جرت
العادة بتسميته بعدا بالنظر إلى الصلاة في جماعة لا يقرب من هذا الحد بل ولا عشره واما ما نسبه إليه في الخلاف ففي الجواهر نقل عن موضع من الخلاف ما هو
صريح في خلافه فإنه حكى عن موضع منه أنه قال الثاني من صلى خارج المسجد وليس بينه وبين الامام حائل وهو قريب من الامام والصفوف متصلة به
صحت صلاته وان كان على بعد لم تصح صلاته وان علم بصلاة الامام وبه قال جميع الفقهاء الا عطاء فإنه قال إذا كان عالما بصلاته صحت صلاته وان كان
على بعد من المسجد دليلنا على أن ما اعتبرناه مجمع عليه وما ادعاه ليس عليه دليل نعم بعد ان ذكر ان الماء ليس بحائل قال مسألة إذا قلنا إن الماء ليس بحايل
فلا حد في ذلك إذا انتهى إليه يمنع من الايتمام به الا ما يمنع من مشاهدته والاقتداء بافعاله وقال الشافعي يجوز ذلك إلى ثلاثمائة ذراع فان زاد على
ذلك لا يجوز دليلنا ان تحدد ذلك يحتاج إلى شرع وليس فيه ما يدل عليه وهذه العبارة ظاهرة فيما نسب إليه ولكن قد يقال بان المتجه حملها على ارادته في
خصوص مورده بقرينة ما سمعت فعلى هذا لو انعقدت الجماعة في سفينتين لم يعتبر في لتباعد بينهما وكيف كان فعلى تقدير تحقق النسبة لا ينبغي الارتياب
في ضعفه إذ لا مجال للتشكيك في اعتبار عدم تباعد المأموم عن الامام أو الصفوف المتصلة به بما يكون كثيرا في العادة بحيث يعد في العرف أجنبيا عن الجماعة
فإنه مع في لخلاف فيه ظاهرا واستفاضة نقل الاجماع عليه ربما يستفاد من تضاعيف الآثار الواردة في الجمعة والجماعة كالاخبار الواردة في فضلها
وفضيلة السعي إليها والنهي عن ترك الحضور إليها وما دل على اعتبار تقديم الامام ووقوف المأموم خلفه أو جانبه وما ورد في حكمه تشريعها إلى
غير ذلك من الاخبار المشعرة أو الظاهرة في كون الاجتماع في مكان مأخوذا في قوام ذاتها مما لا يخفى على المتتبع وكفاك شاهدا عليه قوله عليه السلام
في الصحيح عن زرارة والفضيل قالا قلنا له الصلاة في جماعة فريضة هي فقال الصلوات فريضة وليس الاجتماع بمفروض في الصلوات كلها ولكنه سنة
من تركها رغبة عنها وعن جماعة المؤمنين من غير علة فلا صلاة له وما عن المفيد في المقنعة مرسلا قال إن الرواية جاءت عن الصادقين ان الله جل
جلاله فرض على عباده من الجمعة إلى الجمعة خمسا وثلاثين صلاة ولم يفرض فيها الاجتماع الا في صلاة الجمعة خاصة فلا شبهة في كون الاجتماع الذي هو
حقيقة في المعية مكانا معتبرا في ماهية الجماعة ولكنك خبير بان مفهوم المعية والاجتماع الذي يمكن الاستفادة اعتباره من مثل هذه الأخبار مهية مقولة
بالتشكيك فربما يختفي صدقها على بعض المصاديق كما لو تخلل بينهما نهر أو طريق أو حائط أو كان أحدهما أعلى والاخر أسفل أو كان بينهما مسافة يشك في
كون مثلها يعد بعدا في العادة ففي مثل هذه الموارد لو لم يرد نص خاص يمكن استفادة حكمه منه وجب العمل بما يقتضيه الأصل من البراءة أو الاشتغال
كما سنحققه إن شاء الله حجة القول باعتبار ان لا يكون بقدر ما لا يتخطى قوله عليه السلام في صحيحة زرارة المتقدمة في المسألة السابقة ان صلى قوم وبينهم
634

وبين الامام ما لا يتخطى فليس ذلك الامام لهم بامام واي صف كان أهله يصلون بصلاة امام وبينهم وبين الصف الذي يتقدمهم قدر ما لا يتخطى
فليس تلك لهم بصلاة إلى أن قال وقال أبو جعفر عليه السلام ينبغي ان يكون الصفوف تامة متواصلة بعضها إلى بعض لا يكون بين الصفين ما لا يتخطى يكون
قدر مسقط جسد الانسان إذا سجد قال وقال أيما امرأة صلت خلف امام وبينها وبينه ما لا يتخطى فليس لها تلك بصلاة قال قلت فان جاء انسان
يريد ان يصلي كيف يصنع وهي إلى جانب الرجل قال يدخل بينها وبين الرجل وتنحدر هي شيئا وأجيب عنه باجمال الموصول في قوله عليه السلام ما لا يتخطى
وتردده بين البعد الذي لا يتخطى وبين العلو الذي لا يتخطى أو الحائل الذي لا يتخطى فلا يتم الاستدلال وفيه ما عرفته في مسألة الحائل من أن
الأظهر في معنى الخبر انما هو إرادة المعنى الأول الذي عليه يبتني الاستدلال مع أن ما وقع التعرض له في ذيل الخبر يجعله كالنص في ذلك بل ما ورد
في حكم المرأة كاد يكون صريحا في ذلك فهو بنفسه حجة كافية لاثبات المدعى وأجيب أيضا بان المتجه حمل النفي في قوله عليه السلام ليس لهم بإمام أو تلك
لهم بصلاة على نفي الكمال جمعا بينه وبين قوله ينبغي أن تكون الصفوف تامة إلى اخره فان هذه الكلمة ظاهرة في الاستحباب بل لا شبهة في ارادته بالنسبة
إلى كون الصفوف تامة الذي اتبع بسائر الفقرات فإرادة الوجوب حينئذ من قوله لا يكون بين الصفين ما لا يتخطى لا يخلو من بعد ولا يصلح لمكافئة
هذا الظاهر ظهور النفي في ليس تلك لهم بصلاة في نفي الصحة لشيوع إرادة نفي الكمال من مثل ذلك التركيب في محاورات الأئمة عليهم السلام وفيه
بعد تسليم المقدمات ان مقتضى وحدة السياق انه لم يرد من قوله عليه السلام ليس تلك لهم بصلاة في الفقرة المزبورة الا ما أريد منه في الفقرة المذكورة بعدها
في حكم الحائل وقد عرفت في تلك المسألة انه في هذه الفقرة محمول على نفي الصحة فيشكل حينئذ التفكيك فليتأمل والذي يقتضيه الانصاف ان كلمة ينبغي
وان كان لها ظهور قوي عرفا في الاستحباب بحيث لم نستبعد ادعاء كونه أقوى من ظهور النفي في نفي الصحة
ولكن هذا فيما إذا تعلق الحكم بخصوص
ما وقع في حيز النفي والا فهي في حد ذاتها كلمة جامعة يحسن التعبير عند بيان احكام متعددة مختلفة بالوجوب والاستحباب فليس لها بالنسبة
إلى كل واحد من القضايا المتتابعة الواقعة في حيزها خصوصا بالنسبة إلى ما عدى أوليها ظهور يعتد به في نفي الوجوب فضلا عن صلاحيتها لصرف
النفي عن ظاهره خصوصا مع اعتضاده بإرادة نفي الصحة من الفقرة الواردة في الحائل ولكن إرادة الوجوب من تحديد البعد فيما بين الصفين بما لا
يتخطى في حد ذاته بعيد بل ينبغي القطع بعدمه ان أريد ذلك بالنسبة إلى موقف الصفين كما هو قضية اطلاق النص خصوصا بملاحظة ما وقع في
ذيله من قوله عليه السلام يكون ذلك قدر مسقط جسد الانسان إذا سجد إذ الظاهر كونه بيانا لما لا يتخطى فان مقتضاه اعتبار شدة التواصل بين الصفوف
بحيث يتصل رأس المتأخر عند سجوده بعقب المتقدم وهذا مما لا يمكن الالتزام بوجوبه وان التزم به صاحب الحدائق وطعن على الأصحاب بمخالفتهم للنص
من غير معارض لوضوح مخالفته للسيرة الجارية بين المسلمين من في لتزامهم بهذا النحو من التواصل في صفوف الجماعة فكأنه إلى هذا نظر المصنف رحمه الله
في محكى المعتبر حيث أجاب عن الصحيحة بان اشتراط ذلك مستبعد فتحمل على الأفضل أقول وربما يؤيده أيضا ما في الصحيحة من الاستثناء بقوله الا
من كان حيال الباب فان الواقف حيال الباب مقابل الامام أو المأمومين يكون بينه وبينهم ما لا يتخطى في العادة اللهم الا ان يخصص الباب بباب
المقصورة ونحوها مما لا يمنع عن وقوف المأموم خلف الامام أو الصف المتقدم عليه متصلا بهم وليس للرواية اطلاق من هذه الجهة كي ينافيه
ذلك لورود اطلاقها مورد حكم اخر وهو بيان فقد المانع في حيال الباب من جهة المشاهدة فليتأمل وقد يشهد له أيضا موثقة عمار المتقدمة في
مسألة الحائل المصرحة بأنه يجوز للنساء ان يصلين خلف الامام في دار بينهن وبينه حائط أو طريق فإنه يستلزم الفصل بما لا يتخطى جزما حتى لو
اعتبرناه بالنسبة إلى مسجدها وموقف الصف المتقدم إذ الغالب حصول الفصل في مثل الفرض بأكثر من ذلك فلا يصح تنزيل اطلاق الجواب على إرادة
ما إذا لم يكن بينها وبينه ما لا يتخطى مع ما فيه من ترك الاستفصال ولا يصح الالتزام باختصاص هذا الحكم بالمرأة كما في الحائل إذ لا قائل بالفصل بينها وبين
الرجل في مسألة البعد مع أن الصحيحة المزبورة الدالة على هذا الحد صريحة في ارادته بالنسبة إلى المرأة أيضا لما في ذيلها من التصريح بقوله عليه السلام وانما
امرأة صلت بصلاة بإمام إلى اخره فلابد اما من طرح الموثقة أو حمل الصحيحة على الاستصحاب وما يقال من أن ارتكاب التقييد في الموثقة أولى من حمل الفقرات الثلاث الواردة في الصحيحة على الاستحباب ففيه ما تقدمت الإشارة إليه من اباء الموثقة عن هذا
النحو من التقييد ولا أقل من كونه ابعد من حمل تلك الفقرات على الاستحباب خصوصا مع اعتضاد هذا الحمل بالشهرة وغيرها من القرائن الداخلية
والخارجية التي تقدمت الإشارة إليها مع أن ارتكاب التقييد في الموثقة لو جوزناه فهو فيما لو اعتبر التحديد المزبور بالنسبة إلى مسجد المتأخر
وموقف المتقدم وهو خلاف ظاهر الصحيحة كما تقدمت الإشارة إليه وما قيل من أن المراد بالصف صف المصلين بوصف كونهم مصلين فالمانع
هو ان يكون ما لا يتخطى بينهم في جميع أحوال صلاتهم حتى حال السجود كما أن المراد بالساتر بينهم الساتر في جميع أحوال الصلاة على ما اعترفوا به فالمراد البعد
ما بين مسجد الصف المتأخر وموقف المتقدم ففيه ان المتبادر من قوله ان صلى قوم وبينهم وبين الامام ما لا يتخطى وكذا المتبادر من قوله واي
صف كان أهله يصلون بصلاة امام وبينهم وبين الصف الذي يتقدمهم قدر ما لا يتخطى انما هو إرادة المسافة الواقعة بينهم وبين الامام أو الصف
المتقدم ما داموا مصلين اي في جميع أحوال صلاتهم التي أظهرها حال الوقوف الذي قد لا يلتفت الذهن عند ملاحظة النسبة بين الصفين الا إليه كما
في قوله عليه السلام في ذيل الراوية لا يكون بين الصفين ما لا يتخطى يكون ذلك قدر مسقط جسد الانسان واما الساتر فإنما اعتبرنا في مانعيته الستر في جميع الأحوال
635

لا في خصوص حال السجود لا بلحاظ كون الصلاة اسما للمجموع من حيث المجموع أو كون مجموع أحوالها ملحوظا في ذلك بل بدعوى ان اطلاق بينهم سترة
أو جدار ينصرف عما كان ارتفاعه بمقدار يسير بحيث لا يمنع أحدهما عن مشاهدة الاخر الا في حال سجوده فتلخص مما ذكر ان الأظهر حمل الحد الوارد في الصحيحة
على الاستحباب ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط برعايته بالنسبة إلى مسجد المتأخر وموقف المتقدم إذ الظاهر أن المقصود بما لا يتخطى ما لا يمكن قطعه بخطوة
فلا يبعد ان يدعى ان هذا المقدار من الفصل يعد بعيدا في العادة وليس للصحيحة المزبورة في فقراتها الثلاث الدالة بظاهرها على البطلان ظهور يعتد به في
خلافه اي إرادة ما بين القدمين فلا يبعد حملها عليه ابقاء للنفي على ظاهره من البطلان نعم ارادته من قوله لا يكون بين الصفين ما لا يتخطى الواقع
في حيز كلمة ينبغي بعيدة في الغاية فإنه بقرينة ما بعده كالنص في إرادة ما بين موقف الصفين ولكن يمكن ان يكون هذه الفقرة بنفسها رواية مستقلة مسوقة
لبيان استحباب التواصل بين الصفوف فيشكل حينئذ جعلها شاهدة لصرف النفي الواردة في تلك الفقرات عن ظاهره بعد امكان تنزيل مورده على ما بين مسجد
المتأخر وموقف المتقدم كما أنه يشكل أيضا بعد الاعتراف بكون هذا المقدار من البعد مخلا بهيئة الجماعة في العادة الالتزام بنفي البأس عنه اخذا باطلاق
الموثقة لوجوب تقييد الموثقة بما لا ينافي مانعية البعد الكثير وان كان بعيدا إذ لا يمكن الالتزام بعدم مانعية البعد في حق المرأة بعد ان لا قائل بالفصل
بينها وبين الرجل في ذلك ولكن لقائل ان يقول إن غاية ما ثبت بالاجماع وغيره من الأدلة التي تقدمت الإشارة إليه في صدر المبحث هو مانعية
البعد في الجملة والقدر المتيقن من ذلك ما إذا تفاحش بحيث عد المأموم عرفا أجنبيا عن الجماعة غير مرتبط بها لا مجرد كونه بعيدا بمقتضى العادة المتعارفة
بين الناس في الفصل بمقدار ذراعين أو ثلاثا أو أربعا كما هو الغالب المتعارف لدى الفصل بالطريق لا يجعله كذلك فيشكل رفع اليد عما يقتضيه
اطلاق الموثقة بالنسبة إلى افراده المتعارفة فليتأمل وقد يستدل أيضا للتحديد بما لا يتخطى بصحيحة عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام قال أقل ما يكون
بينك وبين القبلة مربض غنم وأكثر ما يكون مربض فرس بناء على أن المراد بالقبلة الصف الذي قبلك أو الامام
كما عن المجلسي وغيره في شرح الحديث فان
مربض فرس قريب مما لا يتخطى وفيه بعد تسليم المقدمات ان هذه الصحيحة ظاهرها الاستحباب إذ لا يجب رعاية ما ذكر فيها في طرف الأقلية جزما فكذا في طرف
الأكثر بشهادة السياق مع أن مربض فرس بنفسه بحسب الظاهر مما لا يتخطى فهذه الصحيحة من مؤيدات المشهور فليتأمل واستدل له أيضا بان الجماعة
عبادة توقيفية مخالفة للأصل والثابت منها ذلك لا أزيد فمقتضى الأصل عدم جواز الأزيد وعدم سقوط القراءة عن المأموم وعدم جريان
ساير احكام الجماعة الصحيحة عليه من الغاء احكام الشكوك واغتفار الزيادة لأجل المتابعة ونحوها وفيه ان المرجع لدى الشك في شرطية شئ أو
جزئيته للعبادة قاعدة البراءة واصل العدم لا الاحتياط وليس توقيفية العبادة مانعة عن ذلك كما تقرر في محله واما سقوط القراءة وغيره من الاحكام
المخالفة للأصل فهي من الآثار الشرعية المتفرعة على امتثال الامر بالجماعة فمتى امتثل هذا الامر بحسب ما يقتضيه تكليفه في مرحلة الظاهر تفرع عليه احكام
كما يتفرع على الصلاة بدون السورة التي بني على صحتها بواسطة اصالة البراءة وعدم وجوب السورة جميع اثار الصلاة الصحيحة من حرمة الاتيان بالمنافيات
في أثنائها وجواز الايتمام به وتحمله القراءة عن المأموم وغير ذلك من الآثار المترتبة على الصلاة الصحيحة من غير التفات إلى الأصول الجارية في نفس
تلك الآثار من حيث هي كأصالة إباحة فعل المنافيات وجواز القطع وعدم سقوط القراءة عمن يأتم به فيها كما لا يخفى على المتأمل هذا مع أنك قد
عرفت ان مقتضى اطلاق الموثقة المتقدمة عدم اعتبار هذا الحد فلا يصح معه الرجوع إلى الأصول العملية المتقضية لخلافه وربما يتمسك أيضا في المقام
ونظائره مما يشك في شرطية شئ للجماعة باطلاقات أدلة الجماعة والصلاة خلف امام مرضي ونحوه وفيه انه ليس لتلك المطلقات اطلاق من هذه الجهة
لورودها مورد حكم اخر كما لا يخفى على من لاحظها فتأمل ثم إن الظاهر عدم اختصاص هذا الشرط اي عدم تباعد المأموم عن الامام أو الصفوف المتصلة
به بابتداء الصلاة بل هو شرط ابتداء واستدامة كما هو مقتضى اطلاق كلمات الأصحاب في فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم المحكية بل صريح غير واحد منهم خلافا
لما حكى عن الشهيد رحمه الله في قواعده وبعض من تأخر عنه كصاحبي المدارك والحدائق فخصوه بالابتداء ففي المدارك قال والأصح ان في لتباعد انما
يعتبر في ابتداء الصلاة خاصة دون استدامتها كالجماعة والعدد في الجمعة تمسكا بمقتضى الأصل السالم عن المعارض انتهى وفي الحدائق في مسألة ما لو
انتهى صلاة الصفوف المتخللة قال ولعل الأظهر ان اشتراط في لبعد انما هو في ابتداء الصلاة خاصته دون استدامتها ثم نظره على الجماعة والعدد
في صلاة الجمعة والعيد أقول ويتوجه على صاحبي المدارك والحدائق انهما اعتمدا في اثبات هذا الشرط على صحيحة زرارة المتقدمة والصحيحة
بظاهرها تدل على اعتباره ما دام مأموما كما تقدمت الإشارة إليه انفا نعم بناء على حمل تلك الصحيحة على الاستحباب كما هو الأظهر يمكن ان يوجه هذا
القول بأن عمدة مستند اعتبار هذا الشرط هو الاجماع والقدر المتيقن من معقده انما هو اعتباره في الابتداء لا مطلقا ولكن يتوجه عليه ان الظاهر عدم
خلاف يعتد به فيه لما أشرنا إليه من أن كلماتهم في فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم مطلقة وهي في مثل هذه الموارد كالنص في إرادة الاطلاق مع أن
عمدة المستند لاعتبار هذا الشرط ما تقدمت الإشارة إليه من استفادته من النصوص المتظافرة الواردة في باب الجماعة المشعرة أو الظاهرة في كون اجتماع المصلين في المكان الذي أقيم فيه الصلاة وائتمام بعضهم ببعض على اجماله مأخوذ في قوام ذات الجماعة
وينافيه البعد الذي يجعله أجنبيا عن الامام بنظر العرف من غير فرق بين كونه في الابتداء أو في الأثناء فهذا اجمالا مما لا ينبغي الاستشكال فيه و
انما الاشكال في مقامين الأول في أنه لو عرض البعد في الأثناء بانتهاء صلاة الصفوف المتخللة مثلا فهل يتدارك هذا الشرط بلحوقه بالصف
636

المتصل بالامام من دون تراخ أو بعود من انتهت صلاته إلى الجماعة بنية صلاة أخرى بلا فصل يعتد به أم تبطل القدوة بمجرد حصول الفصل وعلى تقدير
البطلان فهل له ان يلحق بالصف ويجدد نية الايتمام وجوه لا يخلو أولها من قوة فان كونه من أهل الجماعة وتوجهه إليهم لدى عروض البعد مع بقاء عزمه على
الايتمام واللحوق بالصف موجب لحفظ علاقة الارتباط وعدم كونه لدى العرف أجنبيا عن الجماعة بل معدودا في عدادهم كما يؤيده الروايات الواردة
فيمن دخل المسجد فرأى الامام راكعا وخاف عن فوات الركعة بلحوقه بالصف بناء على عدم كونها منافية لاشتراط في لتباعد بالتقريب المزبور كما سنوضحه
إن شاء الله نعم بناء على الاخذ بظاهر الصحيحة المحددة للبعد بما لا يتخطى قد يتجه الالتزام بالبطلان بمجرد حصوله لاطلاق النص اللهم الا ان يدعى
انصرافه عن مثل الفرض كما ليس بالبعيد ثم إن ان التزمنا ببطلان القدوة بمجرد حصول التباعد فان جوزنا لمن دخل في الصلاة بنية الانفراد الايتمام
في الأثناء كما سيأتي تحقيقه إن شاء الله فله ان يلحق بالصف ويجدد نية الايتمام بلا شبهة واما ان لم نجوز ذلك فيمكن ان نقول بجوازه هاهنا بدعوى انه
يفهم من الأخبار الواردة فيما لو عرض للامام مانع عن اتمام الصلاة من حدث أو موت أو انتهاء صلاته قبل صلاة المأمومين انه لا يجوز للمأموم تحصيل
شرط الجماعة إذا فقده في الأثناء حتى في مثل المقام ولكنها لا تخلو من تأمل الثاني في أنه لدى اتصال صفوف الجماعة وتهيأهم للصلاة هل
يجوز للبعيد ان يحرم قبل القريب كما صرح به أغلب من تعرض له أم لا كما قد يلوح من عبائر بعضهم كصاحبي المدارك والمسالك نظرا إلى أن من
لم يفتتح الصلاة بمنزلة الأجنبي فلا يتحقق بواسطته الارتباط بين المصلين وفيه نظر فان تهيأهم للصلاة بنية الايتمام كاف في حصول علاقة الارتباط
والاعتداد بصفوفهم وعدهم من أهل الجماعة والا للزم ان لا يجوز لكل من أهل الجماعة ممن كان بعيدا عن الامام الدخول في الصلاة الا بعد
اطلاعه على حصول الاحرام ممن كان واسطة بينه وبين الامام وهو يستلزم صدور التكبير مرتبا فيؤدي في الجماعات الكثيرة إلى امتناع لحوق الجميع بالامام
غالبا في الركعة الأولى بل وكذا في الثانية والثالثة والرابعة أيضا بمقتضى ما جرت عادة الناس من التوقف والتصور التفصيلي في افتتاح الصلاة
وهو مخالف للسيرة القطعية المستمرة من زمان النبي صلى الله عليه وآله في صلاة الجماعة كما لا يخفى ويكره
ان يقرء المأموم خلف الامام المرضي الا
إذا كانت الصلاة جهرية ثم لا يسمع ولا همهمة وقيل يحرم وقيل يستحب ان يقرء الحمد فيما لا يجهر فيه والأول أشبه وفي المدارك قال في شرح العبارة ما
لفظه اختلف الأصحاب في هذه المسألة على أقوال منتشرة حتى ذكر جدي قدس سره في روض الجنان انه لم يقف في الفقه على خلاف في مسألة تبلغ ما في هذه
المسألة من الأقوال وليس في التعرض لها كثير فائدة لضعف أدلتها والأصح تحريم قرائتها على المأموم مطلقا الا إذا كانت الصلاة جهرية ولم يسمع ولا
همهمة فإنه يستحب له القراءة حينئذ انتهى أقول الكلام في هذه المسألة يقع في مواضع الأول في الأوليين من الاخفاتية الثاني في الأوليين
من الجهرية والثالث في الأخيرتين من الاخفاتية والرابع في الأخيرتين من الجهرية وقد وقع الخلاف بين الاعلام في حكم كل من هذه
المواضع ومنشأه اختلاف الروايات الواردة فيها فالأولى نقل الأخبار الواردة في المسألة وتحقيق ما يقتضيه الجمع بين شتاتها فأقول وبالله الاستعانة
روى عن الصدوق في الصحيح عن الحلبي وعن الكليني والشيخ في الصحيح أو الحسن عن الحلبي أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال إذا صليت خلف امام تأتم به فلا تقرأ
خلفه سمعت قرائته أو لم تسمع الا ان يكون صلاة يجهر فيها بالقراءة ولم تسمع فاقرء وهذه الصحيحة ظاهرها الحرمة الا ان يدعى ورود النهي مورد توهم
الوجوب كما ليس بالبعيد ونحوها صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة خلف الامام اقرأ خلفه فقال اما الصلاة التي لا يجهر فيها
بالقراءة فان ذلك جعل إليه فلا تقرأ خلفه واما الصلاة التي يجهر فيها فإنما امر بالجهر لينصت من خلفه فان سمعت فانصت وان لم تسمع فاقرء وصحيحة زرارة
عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال وان كنت خلف امام فلا تقرأن شيئا في الأولتين وانصت لقرائته ولا تقرأن شيئا في الأخيرتين فان الله عز وجل يقول للمؤمنين وإذا
قرأ القران يعني في الفريضة خلف الامام فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون والأخيرتان تبعان للأولتين وفي بعض النسخ تبع للأولتين بصيغة الافراد وصحيحته الأخرى أو حسنته عن أحدهما قال إذا كنت خلف امام تأتم به
فانصت وسبح في نفسك وخبر علي بن جعفر المروي عن قرب الإسناد عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن الرجل يكون خلف الامام يجهر بالقراءة
وهو يقتدي به هل له ان يقرء من خلفه قال لا ولكن يقتدى به وعن علي بن جعفر في كتابه نحوه الا أنه قال ولكن ينصت للقران وصحيحة قتيبة وهاتان
الروايتان موردهما على الظاهر الجهرية كصحيحة قتيبة أو حسنته عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا كنت خلف امام ترضى به في صلاة يجهر فيها بالقراءة
فلم تسمع قرائته فاقرء أنت لنفسك وان كنت تسمع الهمهمة فلا تقرء ويستفاد من هذه الرواية ان المراد بسماع قراءة الإمام الواردة في غير واحد من الاخبار ما يعم الهمهمة كما ربما يشهد لذلك أيضا بعض الأخبار الآتية وصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام
قال إذا كنت خلف امام في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة حتى يفرغ وكان الرجل مأمونا على القران فلا تقرأ خلفه فلا الأوليين وقال يجزيك التسبيح في الأخيرتين
قلت اي شئ تقول أنت قال اقرأ فاتحة الكتاب وخبر علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن الرجل يكون خلف امام يقتدي به في الظهر و
العصر يقرء قال لا ولكن يسبح ويحمد ربه ويصلي على نبيه صلى الله عليه وآله وما عن المشايخ الثلاثة باسنادهم عن زرارة ومحمد بن مسلم قالا قال أبو جعفر عليه السلام كان أمير
المؤمنين عليه السلام يقول من قرء خلف امام يأتم به فمات بعث على غير الفطرة وموثقة يونس بن يعقوب قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة خلف من
ارتضي به اقرأ خلفه قال من رضيت به فلا تقرأ خلفه وخبر الحسين بن كثير عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئله رجل عن القراءة خلف الإمام فقال لا ان الامام
ضامن للقرائة وليس يضمن الامام صلاة الذين هم من خلفه انما يضمن القراءة ورواه الشيخ باسناده عن الحسين بن بشير نحوه وبإسناده عن سماعة
637

عن أبي
عبد الله نحوه بأدنى اختلاف في اللفظ ورواية عبد الرحيم القصير قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول إذا كان الرجل تعرفه يأم الناس فقرء القران
فلا تقرء عند قرائته وهذه الروايات هي التي استدل بها في الحدائق للقول بالحرمة كما هو مختاره لما فيها من النهي الذي هو حقيقة في التحريم وان من قرء خلف
امام يأتم به بعث على غير الفطرة وقضية الجمع بينها تقييد اطلاق الخبرين الأخيرين الناهيين عن القراءة خلف الإمام مطلقا بغير ما إذا كانت الصلاة جهرية
ولا يسمع قرائته لما في غير واحد من الاخبار من التصريح بخروج هذا الفرض عن مورد النهي والمراد بسماع قرائته ما يعم همهمته أيضا اي مجرد صوته من غير أن
يميز بين كلماته كما يدل عليه رواية قتيبة المتقدمة ويشهد له أيضا ما عن الفقيه بأسناده عن عبيد بن زرارة عنه عليه السلام انه ان سمع همهمة فلا يقرء وموثقة سماعة
قال سألته عن الرجل يؤم الناس فيسمعون صوته ولا يفقهون ما يقول فقال إذا سمع صوته فهو يجزيه وإذا لم يسمع صوته قرء لنفسه ويرد على الاستدلال
المزبور ان غاية ما يمكن ادعائه انما هو ظهور الروايات المزبورة في الحرمة فيرفع اليد عنه بالنسبة إلى الاخفاتية جمعا بينها وبين ما رواه الشيخ باسناده عن إبراهيم
المرافقي وعمر بن الربيع البصري عن جعفر بن محمد انه سئل عن القراءة خلف الإمام فقال إن كنت خلف امام تتولاه وترضى به فإنه يجزيك قرائته وان أحببت
ان تقرأ فاقرأ فيما يخافت فيه فإذا جهر فانصت قال الله تعالى وانصتوا لعلكم ترحمون وضعف سنده منجبر بالشهرة وغيرها من المؤيدات التي سنشير إليها وهذا
مع كونه نصا في الجواز له نوع حكومة على الاخبار المزبورة وقضية الجمع بينها وبين العمومات الدالة بظاهرها على الحرمة اما تقييد تلك الأخبار بالجهرية التي
يسمع فيها صوت الامام أو حمل العمومات على الكراهة بالقرائن الداخلية والخارجية التي سنشير إليها وخبر سليمان بن خالد أيقرء الرجل في الأولى والعصر
خلف الامام وهو لا يعلم أنه يقرء فقال لا ينبغي له ان يقرء يكله إلى الامام فان ظهور كلمة لا ينبغي في الكراهة أقوى من ظهور تلك الأخبار في الحرمة وفي
الحدائق بعد ان ذكر هذه الرواية قال قوله وهو لا يعلم أنه يقرء ليس المراد به الشك في قراءة الإمام وعدمها لان فيه طعن على الامام بالاخلال بالواجب فلا يجوز
الاقتداء به حينئذ وانما المراد بهذا الكلام الكناية عن عدم سماع قرائته فكأنه قال وهو لا يسمع انه يقرء وكأنه ظن أنه انما يترك القراءة فيما إذا جهر الامام
لوجوب الانصات واما مع الاخفات وعدم السماع يجوز القراءة انتهى ولا يخفى ما فيه من البعد وابعد منه حملها على خصوص الأخيرتين اللتين يكون
الامام فيهما مخيرا بين القراءة والتسبيح إذ مع بعده في حد ذاته يتوجه عليه انه لا مقتضى لقصر مورد السؤال على خصوص الظهرين بعد مشاركة جميع الفرائض
في الأخيرتين من حيث الاخفات الذي ينشأ منه الجهل بحال الامام انه يقرء أو لا يقرء فالأولى ابقاء السؤال على ظاهره وما قيل من أن فيه طعنا على الامام
ففيه ان عدالة الامام مانعة عن الاخلال بالواجب عمدا والا فكثيرا ما يشتبه عليه عدد الركعات فيأتي في الأوليين بوظيفة الأخيرتين مع امكان ان
يكون قوله وهو لا يعلم كناية عن لحوقه به في حال اشتبه عليه انه في الأوليين أو الأخيرتين فيكون المقصود بالسؤال معرفة حكم المأموم المسبق الذي لا يعلم أن
الامام في اي ركعة حتى يعمل بوظيفته ولكن يتطرق على هذا التقدير الخدشة في دلالتها على المدعى بان كراهة القراءة عليه لدى الجهل بان الركعة التي
أدركها مع الامام من الأوليين أو الأخيرتين لا تنافي حرمتها عليه لدى العلم بأنها من الأوليين كما لا تنافى وجوبها أو استحبابها لدى العلم بأنها من الأخيرتين
بل ربما يؤكدها لامكان أن يكون منشأها أولوية رعاية الاحتياط في جانب الحرمة فليتأمل ويحتمل بعيدا ان يكون الضمير في قوله وهو لا يعلم راجعا إلى
الامام فكأن السائل كان يعلم بأن المأموم وظيفته في الجهرية الانصات وانه ليس ينبغي له أن يسمع ما يقوله الامام فسئل عن أنه هل للمأموم في الاخفاتية التي
ليس وظيفته الانصات ولا الامام يسمع قرائته ان يقرء فليتأمل وصحيحة علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الركعتين اللتين يصمت فيهما الامام ايقرء
بالحمد وهو اما يقتدى به قال إن قرأت فلا بأس وان سكت فلا بأس بناء على ما فهمه غير واحد من أن المراد بها الأوليين من الاخفاتية وفيه
ان الظاهر أن المراد بها الأخيرتين كما أوضحناه في مبحث القراءة وسيأتي بعض الكلام فيه في حكم الأخيرتين ومما يؤيد الجواز أيضا ما عن السيد والحلي عند تعرضهما
لبيان اختلاف الروايات في القراءة خلف الإمام من أنهما قالا وروى أنه بالخيار فيما خافت فيه الامام وقالا أيضا بأدنى اختلاف في اللفظ وروى أنه لا
لا يقرء فيما جهر فيه الامام ويلزمه القراءة فيما خافت فيه هذا مع أنه ليس للأخبار الناهية ظهور يعتد به في الحرمة خصوصا بالنسبة إلى الاخفاتية لورود النهى
فيها مورد توهم الوجوب ولذا لا يفهم منه الا إرادة ترك القراءة بعنوان المطلوبية أي بقصد جزئيتها للصلاة لا حرمتها من حيث هي والحاصل انه لا يستفاد
من النهى المتعلق بما هو واجب لولا النهى أزيد من الرخصة في تركه لا لزومه فلا يستفاد من نهى المأموم عن القراءة خلف الإمام أزيد من سقوط التكليف
بالقراءة عنه واما حرمتها عليه فلا بل هذا هو مقتضى تفريع النهى عن القراءة على قوله فان ذلك جعل إليه لان كون ذلك التكليف مصروفا إلى الامام لا يقتضى
الا سقوطه عن المأموم لا حرمته عليه لكن لقائل ان يقول إن سقوط التكليف بالقراءة أي الرخصة في تركها كاف في اثبات مدعى الخصم وهو حرمة الاتيان بها
بقصد الجزئية لأنها عبادة فجواز فعلها بهذا العنوان موقوف على الامر به والا فتشريع محرم والمفروض سقوط الامر الالزامي المتعلق بالقراءة عنه ولم يثبت
امر اخر يقتضى جوازها فمقتضى الأصل عدم شرعيتها له ويمكن دفعه بأنه يستفاد من التلويحات الواقعة في الاخبار بان سقوطها عن المأموم لا لفقد المقتضى
بل لاجتزائه بفعل الامام وايكال امره إليه وضمان الامام له بالقراءة فكان القراءة معتبرة في الصلاة مطلقا كما هو مقتضى عموم قوله صلى الله عليه وآله لا صلاة الا بفاتحة
الكتاب ولكن المأموم يجتزى بقراءة الامام فمقتضى الأصل حينئذ كون ذلك رخصة له لا عزيمة كما يؤمى إلى ذلك قوله عليه السلام في خبر سليمان بن خالد المتقدم
لا ينبغي له ان يقرء يكله إلى الامام فإنه مشعر بصحة صدوره منه ولكن لا يصلح له ان يباشره بنفسه ولا يكله إلى الامام فعدم الصلاحية الذي ينشأ منه الكراهة الشرعية
638

لدى التحليل ينشأ من ترك ايكاله إلى الامام لا مباشرته بنفسه لأداء التكليف والا امتنع وقوعه عبادة وقد ظهر مما ذكرنا انه لولا هذه الرواية المشتملة
على كلمة لا ينبغي والرواية الوارد فيها انه بعث على غير الفطرة لاشكل استفادة الكراهة أيضا بالنسبة إلى الصلاة الاخفاتية فضلا عن الحرمة فعمدة ما يصح
الاستشهاد به للحرمة انما هو الخبر الحاكي لقول الأمير عليه السلام انه بعث على غير الفطرة وهذه الرواية أيضا غير أبيه عن الحمل على الكراهة بل قد يدعى ان وقوع هذا
اللعن أو هذا النوع من التهديدات في عرف أهل البيت عليهم السلام من امارات الكراهة وهو ليس بالبعيد ويحتمل ان يكون المراد بالرواية القراءة
بقصد التعيين واللزوم كما حكى عن جماعة من العامة فلا يبعد حينئذ ان يكون الموصول إشارة إلى نفس هؤلاء الذين لا شبهة في أنهم يبعثون على غير
الفطرة وكيف كان فليس ظهور هذه الرواية في الحرمة أقوى من ظهور لا ينبغي الوارد في خبر سليمان في الكراهة فضلا عن معارضته لخبر المرافقي الذي هو
نص في الجواز فالقول بالكراهة كما هو المشهور أقوى ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالترك مع أنه أولى ثم انا قد أشرنا إلى أن العبادة (من حيث هي) يمتنع كونها مكروهة
ولكن قد يلحقها ذلك بالعوارض المكتنفة بها ففي المقام يمكن ان يكون وجهها كون ترك الوكول إلى الامام الذي هو من الجهات الملازمة له مرجوحة شرعا
لما فيه من المهانة والاستحقار وعدم الاعتماد على قراءة الإمام أو غير ذلك من الجهات المختفية علينا فيكون حالها حال الوضوء بالماء المسخن
بالشمس وغير ذلك من العبادات التي تصادق عليه عنوان مكروه وقد تقدم توجيه هذا القسم من العبادات ودفع ما يتوجه عليه من الاشكال في المسألة
المشار إليها من كتاب الطهارة ويمكن ان يكون بملاحظة ان الوكول إلى الامام أفضل فاطلاق الكراهة عليها حينئذ باعتبار كونها مرجوحة بالإضافة إلى
الوكول وكونها أقل ثوابا منه ولكن الكراهة بهذا المعنى ليست كراهة حقيقية ولا يناسبها التهديد فلا يصح ان يوجه الرواية المزبورة بالحمل على الكراهة بهذا
المعنى فمن يرى توجيه العبادات المكروهة منحصرا بهذا الوجه ثم يجيب عن الاستدلال بهذه الرواية بالحرمة بحملها على الكراهة قياسا على الأخبار الكثيرة الواردة
في المكروهات المشتملة على اللعن والتوعيد بالعقوبة يتوجه عليه انه قياس مع الفارق فليتأمل ثم إن المراد بالقراءة التي تعلق النهي بها في الاخبار المزبورة
هي القراءة المعهودة المأتى بها بقصد الجزئية كما تقدمت الإشارة إليه فلو قرء لا بهذا القصد بل بقصد القربة أو الذكر والدعاء فلا ينبغي الاستشكال
في جوازه كما أنه يجوز بل يستحب له التسبيح وسائر الأذكار والأدعية بل يكره له السكوت كما يدل عليه صحيحة الأزدي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إني اكره للمؤمن
ان يصلى خلف الامام في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة فيقوم كأنه حمار قال قلت جعلت فداك يضع ماذا قال يسبح
والظاهر أن ذكر التسبيح جار مجرى التمثيل أو
باعتبار كونه أفضل افراد الذكر كما يؤيد مضافا إلى مناسبة لصدر الخبر خبر علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل يكون خلف الامام يقتدى
به في الظهر أو العصر قرء خلفه قال لا ولكن يسبح ويحمد ربه ويصلى على نبيه وخبر أبي خديجة عن أبي عد الله عليه السلام قال إذا كنت امام قوم فعليك ان تقرء في
الركعتين الأوليين وعلى الذين خلفك ان يقولوا سبحان الله والحمد الله ولا إله إلا الله والله أكبر وهم قيام فإذا كان في الركعتين الأخيرتين فعلى الذين
خلفك ان يقرؤا فاتحة الكتاب وعلى الامام ان يسبح مثل ما يسبح القوم في الركعتين الأخيرتين وقد تقدم توجيه ذيل الرواية في مبحث القراءة وسيأتي التنبيه
عليه أيضا عند التكلم في حكم الأخيرتين واما حكم القراءة في الأوليين من الجهرية فهو ان المأموم اما ان يسمع قراءة الإمام أو لا يسمع فان سمعها فلا خلاف نصا وفتوى
على الظاهر في مرجوحية القراءة للمأموم وانما الخلاف في حرمتها أو كراهتها له والأشهر على ما نسبه إليهم في محكى الدروس القول بالكراهة وعن
ظاهر جماعة من القدماء كصريح غير واحد من المتأخرين الحرمة وربما التزم بالحرمة في هذه المسألة بعض من لا يقول بها في المسألة السابقة أي الأوليين من
الاخفاتية لسلامة أدلة التحريم بالنسبة إلى الجهرية عن المعارض فان عمدة ما عارضها في تلك المسألة هي رواية المرافقي وهى بالنسبة إلى الجهرية كالنص
في التحريم فان قوله وان أحببت ان تقرء فاقرأ فيما يخافت فيه بناء على أن المراد به مجرد الاذن الغير المنافى للكراهة كالصريح في انتفائه في الجهرية مضافا إلى
ظهور قوله عليه السلام في ذيل الرواية فإذا جهر فانصت الحديث وكذا غيره من الروايات المتقدمة المشتملة على الامر بالانصات في ذلك خصوصا صحيحة زرارة
التي وقع فيها التصريح بالنهي عن القراءة بصيغة التأكيد ولكن هذه الروايات مشعرة بل بعضها ظاهرة في أن مناط النهى عن القراءة كونها منافية للاستماع
والانصات المأموم بهما في الآية الشريفة بحيث لولاها لكانت القراءة مطلوبة كقوله عليه السلام في صحيحة الحلبي المتقدمة واما الصلاة التي يجهر فيها فإنما امر
بالجهر لينصت من خلفه فان سمعت فانصت وان لم تسمع فاقرأ وكذا التعليل الواقع في صحيحة زرارة للنهي عن القراءة بقوله تعالي وإذا قرأ القران فاستمعوا
له وانصتوا وقضية العلة المنصوصة عدم اختصاص القراءة المنهى عنها بما لو اتى بها بقصد الجزئية بل وان قصد بها الذكر والدعاء بل مقتضاها عدم
اختصاص النهى بالقراءة بل مطلق التكلم ولو بالتسبيح والأدعية والأذكار ولكن دلالتها على الحرمة موقوفة على أن يكون الامر بالانصات الذي علل به النهى عن
القراءة للوجوب والا امتنع ان يكون علة لحرمة القراءة إذ لا مناسبة بينهما كما لا يخفى ولكن هذا أي وجوب الاستماع والانصات خلاف ظاهر الأصحاب
فإنهم على ما نبه عليه شيخنا المرتضى رحمه الله لم يتعرضوا الحكم استماع قراءة الإمام في واجبات الجماعة عدى ظاهر عبارة ابن حمزة في الوسيلة حيث جعل من واجبات
الاقتداء الانصات لقرائة الامام بل عن التنقيح والنجيبة دعوى الاجماع على استحباب الانصات قال في محكى التنقيح ان ابن حمزة أوجب الانصات والباقي سنوه فعلى
هذه تكون هذه الصحيحة من أقوى الأدلة على ما نسب إلى المشهور من القول بالكراهة فإنه مقتضى المناسبة كون مطلوبية ترك القراءة الذي يتوقف عليه
الانصات على حسب مطلوبية الانصات غير مانعة عن النقيض وهو معنى الكراهة كما ربما يؤيد أيضا قوله عليه السلام بعد النهى عن القراءة في الأوليين ولا تقران
639

شيئا في الأخيرتين فان النهى في هذه الفقرة للكراهة جزما كما ستعرف ووحدة السياق يشهد بإرادة معنى واحد من النهى في كلتا الفقرتين وحيث ما دلت
الصحيحة على الكراهة لا يصلح لمعارضتها سائر الروايات الدالة بظاهرها على الحرمة لكون الصحيحة بمنزلة المفسر للنهي الوارد في تلك الأخبار لاشتمالها على
بيان مناط النهى وان علته هو هذا الامر الغير المقتضى الا الكراهة ودعوى ان التعليل الواقع في الصحيحة من قبيل بيان المناسبات والحكم المقتضية للحكم لا العلة
الحقيقة المنصحرة كي يجرى على منوالها مما لا ينبغي الاصغاء إليها بعد مخالفتها لظاهر النص ان قلت تبعية النهى عن القراءة للامر بالانصات في كونه
الزاميا أو غير الزامي انا يتجه لو كان الاستدلال الواقع في الآية من باب اقتضاء الامر بالشئ النهي عن ضده وهو غير معلوم كيف وقد منعنا في محله الاقتضاء
فلا بد حينئذ اما من حمل التعليل على كونه من باب اقتضاء الامر بشئ في لامر بضده المستلزم لكون فعله بقصد التعبد تشريعا محرما فلا يتفاوت الحال حينئذ بين
كون الامر ندبيا أو وجوبيا أو الالتزام بكونه من العلل التعبدية التي لا نعقل وجهها فلا يصح حينئذ أيضا رفع اليد عن ظاهر النهى بعد ان لم نتعقل مناطه قلت
ظاهر التعليل كونه تعليلا لنفس النهى لا لعلته وليس حال القراءة بالنسبة إلى الانصات حال سائر الأضداد الخاصة التي نمنع دلالة الامر به على النهى
عنها عرفا أو عقلا بل ترك التكلم الذي هو أعم من القراءة مأخوذ في مفهوم الانصات فان الانصات كما صرح به غير واحد ويتبادر منه عرفا هو السكوت
مع الاستماع أي توجيه الذهن نحو كلام الغير ليسمعه بل المتبادر عفا من الامر بالاستماع أيضا إرادة هذا المعنى فيكون العطف حينئذ للتأكيد كما صرح به
بعض فترك التكلم الذي هو عبارة أخرى عن السكوت مأخوذ في مفهوم المأمور به كما ربما يؤيده أيضا ما نقل في شأن نزول الآية من أن المسلمين كانوا
يتكلمون في أثناء الصلاة حتى نزلت الآية ومما يؤيده أيضا صحيحة ابن الحجاج وغيرها من الروايات التي وقع فيها الامر بالانصات جوابا عن السؤال
عن القراءة خلف الإمام مع أن المقصود بها على ما يشهد به سوقها النهى عن القراءة لا مجرد الامر بالاستماع الغير المنافى للقرائة سرا كما لا يخفى على من
تدبرها بل الصحيحة المزبورة كالنص في ذلك فلو لم يكن الامر بالسكوت مفهوما من الامر بالانصات لم يكن يحسن الاقتصار عليه في تلك الأخبار واما ما يترائى من
صحيحة زرارة أو حسنة عن أحدهما عليه السلام من عدم التنافي بين الانصات والتكلم سرا حيث قال عليه السلام إذا كنت خلف امام تأتم به فانصت وسبح في نفسك فلا بد من توجيهه
بما لا ينافي ما عرفت اما بحمله على إرادة ما كان مثل حديث النفس الذي لا ينافيه صدق اسم السكوت والاستماع وان لا يخلو من بعد أو حمله على إرادة
بيان ما هو وظيفة المأموم حال كونه مأموما لا خصوص ما هو تكليفه حال قراءة الإمام في خصوص الجهرية فأريد بالرواية الامر بالانصات فيما
من شأنه ان ينصت للامام أي حال قرائته في الأولتين من الجهرية والتسبيح سرا فيما عداه مما كان وظيفته فيه التسبيح وهو الأخيرتان من كل صلاة والأوليان
من الاخفاتية فليتأمل وقد تلخص مما ذكر ان المتجه بناء على كون الامر بالانصات في الآية الشريفة استحبابيا هو الالتزام بكراهة القراءة دون الحرمة
فالشأن انما هو في اثبات ذلك أي كون الامر بالانصات استحبابيا فأقول ربما استدل لذلك بالاجماع والسيرة والروايات الدالة على جواز القراءة خلف الإمام
الغير المرضى سمعت قرائته أم لم تسمع وفيه ان القدر المتيقن من معقد الاجماع والسيرة وكذا مورد الروايات التي يستفاد منها جواز ترك الانصات انما
هو ما عدى محل الكلام أي المصلى خلف امام مرضى وقد شهدت الصحيحة المتقدمة بظاهرها على أن الآية وردت في هذا المورد فمطلوبية الانصات في سائر الموارد على
هذا التقدير مستفادة من السنة فلا منافاة بين كونه مستحبا في غير حال الصلاة وواجبا في حالها واما ما يظهر عن بعض من دعوى الاجماع والسيرة على
نفى لزومه في خصوص الصلاة فلا يخلو من تأمل إذ الاجماع لم يتحقق خصوصا بعد نقل الخلاف من ابن حمزة بل ربما يظهر ذلك من كل من استدل للحرمة بالآية
والروايات التي ورد فيها الامر بالانصات واستكشاف رضاء المعصوم من مثل هذه السيرة على تقدير تحققها لا يخلو من اشكال ويمكن الاستدلال بها بما عن الصدوق عن
ابن المعزا حميد بن المثنى قال كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فسئله حفص الكلبي فقال أكون خلف الامام وهو يجهر بالقراءة فأدعو وأتعوذ قال نعم فادع والمتبادر
من الامر في مثل المقام أراد الرخصة الغير المنافية لا فضلية الانصات فهو كاشف عن أن الامر بالانصات للاستحباب وما قيل في توجيه الرواية من
حملها على صورة عدم سماع صوت الامام جمعا بين الاخبار ففيه ما لا يخفى من البعد إذ لو لم نقل بان المنساق من السؤال انما هو ارادته في صورة سماع صوته بالخصوص
فلا أقل من شموله له فاطلاق الجواب من غير استفصال مع كون صورة السماع من أوضح ما وقع عنه السؤال يجعله كالنص في ذلك كما لا يخفى وابعد منه حملها
على إرادة مثل حديث النفس الغير المنافى لصدق السكوت ويتلوه في البعد جعلها قرينة على أن المراد بالانصات المأمور به هو مجرد الاستماع الغير المنافى
للتكلم سرا كيف والا لم يتجه الاستدلال به في الأخبار المستفيضة لترك القراءة مع أن صرف اطلاق الدعاء إلى خصوص ما جرى على اللسان على وجه لا يشغل الفكر
عن أن يتوجه نحو كلام الغير لا يخلو أيضا من بعد ومن هنا يظهر انه لا يصح جعلها كاشفة عن أن المراد بالانصات المأمور به هو السكوت في مقابل القراءة
لا مطلق ترك التكلم فيكون المراد به ترك القراءة والاصغاء لقرائة الامام لان منافاة الدعاء للانصات ليس لمحض كونه تكلما بل هو كالقراءة في الغالب
مانع عن حصول الاستماع أيضا نعم يمكن الجمع بينهما بجعل الرواية مخصصة لاطلاق الامر بالانصات بان يقال يجب عليه الانصات الا ان يتعوذ أو يدعو
ولكن الأوجه حينئذ الاقتصار على الدعاء بما يناسب في الموارد المناسبة له بان يسأل الله عند مرور الامام باية فيها مسألة أو تخويف خير ما يرجوا من امر اخرته
ودنياه ويسأل العافية من النار والعذاب لامكان دعوى انصراف السؤال إلى إرادة هذا النحو من الدعاء الذي هو من آداب قراءة القرآن لا مطلقه كما يدل
أيضا على جواز ذلك للمأموم مضافا إلى ذلك صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل يكون مع الامام فيمر بالمسألة أو باية فيها ذكر جنة أو نار قال
640

لا بأس ان يسأل عند ذلك ويتعوذ من النار ويسئل الله الجنة ولكن جعل الصحيحة أيضا كالخبر السابق شاهدة على كون الامر بالانصات استحبابيا خصوصا
بعد اعتضاده بالشهرة ونقل الاجماع وثبوت كونه كذلك في غير حال الصلاة وشهادة سوق الصحيحة بكون النهى عن القراءة في الأوليين المستفادة من
الامر بالانصات على حد النهى المتعلق بالقراءة في الأخيرتين المعلوم كونه للكراهة لعله أولى وان كان ارتكاب التخصيص فيما دل على وجوب الانصات بالنسبة إلى حال التلبس بالدعاء الذي دعاه إلى فعله الانصات والتدبر فيما
سمعه من القران أيضا من أهون التصرفات فالانصاف ان المسألة لا تخلو من اشكال فترك القراءة بل مطلق التكلم بغير ما شهدت الصحيحة المزبورة على
جوازه والاصغاء إلى ما يقوله الامام ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط واستدل أيضا لعدم حرمة القراءة بقوله عليه السلام في موثقة سماعة المتقدمة إذا سمع صوته فهو يجزيه وإذا لم يسمع صوته قرء لنفسه فان لفظ يجزيه مشعر بالجواز وفيه ان هذا الكلام وقع جوابا عن السؤال عن أن الرجل يأم بالناس
فيسمعون صوته ولا يفقهون ما يقول فالظاهر أن المراد بالجواب ان سماع الصوت يجزيه في الاكتفاء به عن القراءة وان لم يفقه ما يقول واما ان
الاكتفاء رخصة أم عزيمة فلا يكاد يستفاد من ذلك مع أنه لا يعتنى بمثل هذا الاشعار في صرف الأخبار الناهية عن ظواهرها الا ان يدعى اعتضاده بغيره
من المناسبات التي تقدمت الإشارة إليها فليتأمل واضعف منه الاستدلال له بالروايات الناهية عن القراءة خلف الإمام الشاملة باطلاقها للاخفاتية
التي قد عرفت ان الأظهر فيها الكراهة بدعوى انه يلزم من حملها على الحرمة في الجهرية والكراهة في الاخفاتية استعمال اللفظ في معنيين فيجب حملها اما
على القدر المشترك أو خصوص الكراهة والثاني أشيع فهو أولى وفيه ما أشرنا إليه مرارا وحققناه في مبحث لباس المصلي في توجيه موثقة ابن بكير الناهية
عن الصلاة في اجزاء ما لا يؤكل لحمه من أن ثبوت الرخصة في مخالفة النهى بدليل منفصل بالنسبة إلى بعض موارده الموجب لحمل النهى بالنسبة إلى
تلك الموارد على الكراهة لا يقتضى رفع اليد عن ظاهره بالنسبة إلى سائر الموارد فضلا عن صيرورته قرينة لصرف سائر الروايات الواردة في خصوص
الجهرية عن ظواهرها مع أن ترجيح الحمل على الكراهة على الحمل على القدر المشترك ان سلم فهو فيما لم يستلزم ذلك مخالفة أصل اخر كما في القيام حيث يلزم
من حملها على الكراهة ارتكاب التجوز في سائر الأخبار الواردة في خصوص الجهرية مما ظاهره الحرمة فمقتضى الأصل ابقاء تلك الروايات على ظاهرها و
جعلها شاهدة لإرادة القدر المشترك من هذه الأخبار لا خصوص الكراهة هذا كله مع أنه ليس للأخبار الناهية على الاطلاق ظهور يعتد به في المنع
لورودها في مقام توهم الوجوب فهي بذاتها غير منافية للحرمة ولا للكراهة فليتأمل ثم انا ان قلنا بحرمة القراءة فهل تبطل بها الصلاة أم لا وجهان
مبنيان على أن الكلام المحرم مبطل للصلاة مطلقا وان كان قرانا أو دعاء أم لا وقد تقدم تحقيقه في مبحث القراءة
وعرفت فيما تقدم ان الأخير لا يخلو من قوة بل وكذا لو قلنا بوجوب الانصات فالظاهر عدم بطلان الصلاة بالاخلال به إذ الظاهر كونه واجبا
نفسيا في الصلاة لا شرطيا كما يشعر بذلك الآية الدالة عليه مع موافقة للأصل ثم إن حرمة القراءة أو كراهتها انما هي فيما إذا سمع صوت الامام وقد
عرفت فيما تقدم ان المراد بسماع الصوت أعم من الهمهمة واما ان لم يسمع أصلا فلا ينبغي الاستشكال في جوازها بل عن الرياض انه أطبق الكل على
الجواز لورود الامر بها في جملة من الروايات المتقدمة فما عن ظاهر بعض من عدم الجواز اغترارا بعموم بعض الأخبار الناهية عن القراءة خلف الإمام
المرضى وانه ضامن للقرائة ضعيف جدا ضرورة عدم صلاحية العمومات لمعارضة النصوص الواردة بصيغة الامر التي أقلها الحمل على الرخصة دفعا
لتوهم المنع الناشئ من العمومات وهل هي على سبيل الاستحباب كما عن المشهور أو الوجوب كما عن ظاهر جماعة أم على الإباحة كما عن ظاهر القاضي وجوه أوجههما
الأول لأنه هو الذي يقتضيه الجمع بين الروايات المشتملة على الامر بالقراءة وبين صحيحة علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن الأول عليه السلام عن الرجل يصلى
خلف امام يقتدى به في صلاة يجهر فيها بالقراءة فلا يسمع القراءة قال لا بأس له ان صمت وان قرء ويمكن الخدشة فيه بان الصحيحة المزبورة ظاهرها الإباحة
والامر بالقراءة الوارد في الروايات المشار إليها لوقوعه عقيب الحظر لا يفهم منه أزيد من الرخصة فلا يصلح قرينة لصرف هذه الصحيحة عن ظاهرها
فيتجه حينئذ القول المحكى عن القاضي ويدفعه عدم كون الامر في جميع تلك الأخبار مسبوقا بالنهي عن القراءة حتى يتطرق إليه هذه المناقشة فان منها موثقة سماعة
التي وقع فيها قوله عليه السلام إذا سمع صوته فهو يجزيه وإذا لم يسمع صوته قرء لنفسه وهذا كما تراه ظاهر في وجوب القراءة عليه مع في لسماع بل وكذا صحيحة
عبد الرحمن فإنه لم يرد فيها التصريح بالنهي وانما فهم ذلك من الامر بالانصات والمنساق إلى الذهن من قوله في تلك الصحيحة واما الصلاة التي يجهر فيها
إلى آخره كونه مسوقا لبيان ما هو وظيفته في الجهرية وان تكليفه مع سماع صوت الامام الانصات ومع عدمه القراءة وظاهره كظاهر الموثقة الوجوب ولكن
يتعين صرفه عن هذا الظاهر بالحمل على الاستحباب بشهادة الصحيحة السابقة التي هي نص في جواز الترك فالقول بالوجوب أيضا كالقول بالإباحة ضعيف
ويتلوه في الضعف القول بوجوب القراءة فيما لا يسمع أصلا ووجوب الترك فيما لو سمع قراءة الإمام بحيث يفقه ما يقول والتخيير فيما لو سمع الهمهمة
بدعوى ان ظاهر قوله عليه السلام في صحيحة علي بن يقطين فلا يسمع القراءة عدم سماع الكلمات والحروف فهو يعم صورة سماع الهمهمة والروايات الامرة بالقراءة
لدى في لسماع مخصوصة بما إذا لم يسمع أصلا كما في بعضها التصريح بذلك فمقتضى الجمع بينهما ارتكاب التخصيص في الصحيحة بحملها على صورة سماع الهمهمة
641

وفيه بعد تسليم شمول لا تسمع القراءة باطلاقها لهذه الصورة فهي من افرادها الخفية التي يكون صرف الاطلاق إلى ارادتها بالخصوص ابعد من
حمل الامر بالقراءة على الاستحباب والصحيحة على بيان الرخصة في الترك الغير المنافية له بلا شبهة نعم لا يبعد ان يدعى انصراف الأخبار المشتملة على
الامر بالانصات التي اعترفنا بظهورها من حيث هي في وجوب الانصات وترك القراءة إلى ما إذا سمع الكلمات دون مجرد الصوت وتنزيل النهى عن القراءة مع
سماع الهمهمة على الرخصة في الترك دون الحرمة فيتجه حينئذ هذا التفصيل فليتأمل تنبيهان الأول مقتضى اطلاق النص والفتوى بل صريح بعض
عدم الفرق في في لسماع بين كونه لبعد المأموم وغيره من الموانع كصمم فيه أو مزاحمة أصوات تزاحم صوت الامام ونحوهما والله العالم الثاني
لو سمع بعض قراءة الإمام دون بعض فهل الراجح في حق المأموم القراءة مطلقا أو تركها كذلك أو القراءة في حال في لسماع والانصات عند السماع
وجوه من امكان دعوى انصراف الأخبار الناهية عن القراءة مع السماع إلى سماع الكل فعند انتفائه يثبت مطلوبية القراءة اخذا بمفهوم تلك الأخبار
المصرح به في جملة منها ومن قبول هذه الدعوى للمنع خصوصا بالنسبة إلى ما علق فيه النهى على سماع الهمهمة الذي لا يكون في الغالب الا كذلك
فلا يبعد ان يدعى ان المنساق من ذلك مطلوبية الترك على الاطلاق لدى السماع في الجملة بحيث يعم الفرض بل وكذا من مثل صحيحة الحلبي التي ورد
فيها النهى عن القراءة خلف الإمام الا في صلاة يجهر فيها ولم تسمع إذ لا يبعد ان يقال بانصراف الاستثناء إلى صورة في لسماع رأسا ومن في لاعتناء
بمثل هذه الدعاوى والاخذ بظهور الشرطية في سببية السماع لمطلوبية الانصات على الاطلاق وعدمه للقرائة كذلك وهذا هو الأشبه فعلى هذا
لو سمع من أول الفاتحة إلى نصفها دون النصف الأخير أو بالعكس اجتزى بما سمع وقرء ما لم يسمع ولكن قد يشكل ذلك فيما إذا حصل منه الاخلال بالترتيب
ونظم الآي كما لو قرء مثلا الآية الأولى من الفاتحة ثم سمع ان الامام يقرء الخامسة مثلا ثم خفى عليه صوت الامام فهل يقرء حينئذ من حيث قطع قرائته أو
من حيث خفى عليه صوت الامام وجهان لا تخلو أولهما من قوة بناء على وجوب القراءة عليه على تقدير في لسماع إذ الواجب عليه القراءة المعتبرة في
الصلاة المراعى فيها الترتيب فيجب رعايته مع الامكان واما على المختار من الاستحباب فالامر موسع عليه إذ كما أن له ترك القراءة رأسا كذلك الاكتفاء
بالبعض والاتيان من الموضع الذي خفى عله صوت الامام أو من موضع القطع ولكن الأحوط ان لا يقصد على الأول التوظيف بل القربة المطلقة و
الله العالم واما حكم المأموم في الأخيرتين من الاخفاتية والجهرية فقد اختلفت فيه كلمات الأصحاب غاية الاختلاف فعن الحلى انه لا شئ عليه في الأخيرتين
من كل صلاة جهرية كانت أم اخفاتية لا القراءة ولا التسبيح وان سقوطهما عنه عزيمة وعن ظاهر غير واحد من القدماء أيضا القول بسقوطهما ولكن
على سبيل الجواز لا اللزوم واختاره صريحا بعض متأخري المتأخرين وعن ظاهر غير واحد القول بحرمة خصوص القراءة مطلقا أو في خصوص الجهرية مع استحباب
التسبيح أو لزومه وصرح غير واحد بعدم السقوط وبقاء حكم المنفرد من التخيير بين القراءة والتسبيح وهذا لا يخلو من قوة ولكن الأولى له بل الأحوط اختيار
التسبيح كما أن الأولي للامام اختيار القراءة وهما بالنسبة إلى المنفرد على السواء على ما استفدناه من الجمع بين الاخبار على ما شرحناه في مبحث القراءة
خلافا لما هو المشهور بين المتأخرين من أفضلية التسبيح للجميع فراجع واستدل للقول بأنه لا شئ عليه بعموم الأخبار الناهية عن القراءة خلف الإمام
وان الامام ضامن لقرائة من خلفه وخصوص قوله عليه السلام في صحيحة زرارة المتقدمة ولا تقرأن شيئا في الأخيرتين وقوله عليه السلام في صحيحة علي بن يقطين
المتقدمة التي وقع فيها السؤال عن الركعتين اللتين يصمت فيهما الامام ان قرأت فلا بأس وان سكت فلا بأس
وقوله عليه السلام في خبر سليمان بن خالد جوابا
عن السؤال عن انه أيقرء الرجل في الأولى والعصر خلف الامام وهو لا يعلم أنه يقرء لا ينبغي له ان يقرء يكله إلى الامام بدعوى شهادة سوق السؤال
بقرينة قوله وهو لا يعلم أنه يقرء على إرادة القراءة في الأخيرتين ومفهوم صحيحة زرارة لا تقرأن في الركعتين الأخيرتين من الأربع ركعات المفروضات
شيئا اماما كنت أو غير امام قلت فما أقول قال إن كنت اماما أو وحدك فقل سبحان الله والحمد الله ولا إله إلا الله ثلث مرات تكمله تسع تسبيحات
ثم تكبر وتركع وما رواه السيد والحلي مرسلين فعن السيد أنه قال واما الاخريان فالأولى ان يقرء فيهما أو يسبح وروى أنه ليس عليه ذلك وعن الحلى
أنه قال فاما الركعتان الاخريان فقد روى أنه لا قراءة فيهما ولا تسبيح وروي انه يقرء فيهما أو يسبح والأول أظهر ويتوجه على الاستدلال بالمرسلين
انهما من أضعف انحاء الارسال فلا ينهضان للحجية خصوصا مع معارضتهما بالمثل في عبارة المرسل وغيرها مما ستعرف واضعف منه الاستدلال
بالعمومات خصوصا عموم ضمان الامام للقرائة إذ بعد الغض عن انصرافها إلى القراءة في الأوليين اللتين يتعين فيهما القراءة دون الأخيرتين اللتين لم
يتعلق الوجوب فيهما بخصوص القراءة كي يضمنها الامام ان غاية ما يقتضيه العمومات هو النهى عن القراءة خلف الإمام مطلقا حتى في الأخيرتين وهذا لا
يقتضى رفع التكليف الثابت في الأخيرتين المتعلق بالأعم من القراءة والتسبيح ان قلت إن الثابت من أدلة التسبيح هو الوجوب التخييري فإذا انتفى ذلك
بهذه العمومات ينفى تعيينه بالأصل قلت مقتضى الأصل في الواجب التخييري عند تعذر بعض أطرافه أو تعلق النهى به تعين الاخر كما تقرر في محله هذا مع أن
الأخبار الدالة على وجوب التسبيح في الأخيرتين أغلبها ظاهرة في الوجوب العيني وانما رفعنا اليد عن ذلك بالحمل على الوجوب التخييري جمعا بينها وبين
الروايات الدالة على جواز القراءة في الأخيرتين فليقتصر في الحكم بالتخيير على مقدار ما دل الدليل على جواز القراءة فيه بل قد حققنا في مبحث القراءة ان وظيفة
الأخيرتين هي الذكر والتسبيح دون القراءة من حيث هي لاستفاضة النصوص بان السبع ركعات التي سنها رسول الله صلى الله عليه وآله أي ثالثة المغرب
642

والأخيرتين من الرباعيات ليس فيهن قراءة وانما هي تسبيح وتهليل ودعاء ولكن الشارع رخص في الاجتزاء عما هي وظيفتهما بقراءة الفاتحة لأنها ذكر و
دعاء كما نطق بذلك صحيحة عبيد بن زرارة قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الركعتين الأخيرتين من الظهر قال تسبح وتحمد الله وتستغفر لذنبك وان شئت فاتحة
الكتاب انها ذكر ودعاء فيندفع بهذه الصحيحة التنافي بين الروايات الكثيرة الدالة بظاهرها على عدم مشروعية القراءة في الأخيرتين وما دل على جواز قراءة
الفاتحة فيهما كما شرحناه في محله ومن هنا يظهر ان الروايات الدالة على ضمان الامام للقرائة على عكس المطلوب أدل لما فيها من التصريح بأنه ليس يضمن الامام
شيئا مما عدى القراءة فإذا ضم ذلك إلى الصغرى التي تضمنتها تلك الأخبار من أن الأخيرتين لا يقرء فيهما انما هو تسبيح وتهليل ودعاء وليس فيهما القراءة انتج ان
الامام لا يضمن شيئا مما شرع في الأخيرتين لأنه ليس فيهما قراءة ولا منافاة بينه وبين شرعية الاجتزاء بالفاتحة كما عرفت وقد ظهر أيضا بما ذكرناه ضعف الاستشهاد
بقوله عليه السلام في صحيحة زرارة الأولى ولا تقرأن شيئا في الأخيرتين فإنه لا يقتضى سقوط التسبيح والذكر الذي هو الأصل فيما شرع في الأخيرتين كما عرفت
واما صحيحة علي بن يقطين فيتوجه على الاستدلال بها انه وان استظهرنا منها بواسطة بعض التقريبات المذكورة في مبحث القراءة إرادة الأخيرتين
من الرباعيات ولكنه لا وثوق بذلك لقوة احتمال إرادة الأوليين من الاخفاتية كما جزم به غير واحد فيشكل الاعتماد عليه في مقابل ما ستعرف مع أنه
يحتمل قويا ان يكون المراد بقوله وان شاء سكت بقرينة المقابلة هو السكوت عن القراءة أي تركها لا السكوت على الاطلاق كي ينافيه وجوب التسبيح بل يتعين
صرفه إلى ذلك لو لم نقل بانصرافه إليه جمعا بينه وبين ما سيأتي مما ظاهره وجوب التسبيح واما خبر سليمان فالمتبادر منه خصوصا بقرينة قوله يكله
إلى الامام انما هو إرادة الأوليين من الاخفاتية وقول السائل وهو لا يعلم أنه يقرء لا يصلح صارفا له عن هذا الظهور لامكان توجيهه بوجوه أضعفها
احتمال وروده في المسبوق كما تقدمت الإشارة إليها في حكم الأوليين فراجع واما صحيحة زرارة الثانية التي استدل بمفهومها على المدعى فتقريب
دلالتها على المدعى هو انه لو لم يكن التكليف ساقطا عن المأموم لكان مشاركا مع الامام والمنفرد في مطلوبية التسبيح منه عند نهيه عن القراءة إذ لا
يجب عليه شئ اخر اجماعا فلم يكن مقتض لإطالة الكلام وتقييد موضوع طلب التسبيح منه بما إذا كان اماما أو وحده مع كونه في الواقع أعم و
فيه انه يمكن ان يكون التقييد بملاحظة القيد الواقع في خير الطلب وهو كونه ثلث مرات فإنه بالنسبة إلى المأموم غير محدود بهذا الحد إذ الراجح في حقه
التشاغل بالتسبيح والذكر ما لم يركع الامام ولحوقه به إذا ركع سواء أكمل التسع تسبيحات أم زاد أو نقص هذا مع امكان عدم كون حال المأمومية
ملحوظا في الرواية وكون المراد غير الامام في قوله اماما كنت أو غير امام حالة الانفراد كما أنه يحتمل عكسه بان يكون المراد بقوله وحدك ما يقابل
الإمامة بقرينة الصدور وانه لولا إرادة الأعم للزم ترك التعرض لحكمه حال المأمومية وهو بعيد وكيف كان فغاية ما يمكن ادعائه انه يستشعر من ترك
التعرض لحكم المأموم وتخصيص الامام والمنفرد بالذكر انه لا شئ عليه واما الدلالة فلا وعلى تقدير تسليمه فلا يصلح معارضا لصحيحة ابن سنان غيرها
من الروايات الآتية الدالة بظاهرها على عدم سقوط التكليف عنه رأسا حجية القول يتعين التسبيح وسقوط القراءة مطلقا سواء كانت
الصلاة جهرية أم اخفائية عموم الروايات الناهية عن القراءة خلف الإمام عموما وخصوص صحيحة زرارة الأولى المصرحة بالنهي عن القراءة في
الأخيرتين خلف الامام واما صحيحته الثانية الناهية عن القراءة في الأخيرتين على الاطلاق اما ما كان أو غيره فالنهي فيها غير مستعمل في حقيقته جزما
فلا يصح الاستشهاد بها للمعدى ورواية جميل بن دراج قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عما يقرء الامام في الركعتين في اخر الصلاة فقال الامام يقرء
بفاتحة الكتاب ولا يقرء من خلفه ويقرء الرجل فيهما إذا صلى وحده بفاتحة الكتاب بضميمة الأصل الذي تقدمت الإشارة إليه القاضي بتعين التسبيح
عند سقوط الفاتحة وخصوص صحيحة معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن القراءة خلف الإمام في الركعتين الأخيرتين قال الامام يقرء فاتحة
الكتاب ومن خلفه يسبح فإذا كنت وحدك فاقرء فيهما وان شئت فسبح وفيه ان الروايات الناهية عن القراءة خلف الإمام منصرفة إلى الأوليين كما
تقدمت الإشارة إليه مع أن النهى فيها محمول على الكراهة خصوصا بالنسبة إلى الاخفاتية كما عرفت ومن هنا ظهر لك امكان الخدشة في صحيحة زرارة
حيث إنه علل فيها النهى عن القراءة في الأخيرتين بتعيينهما للأولتين فلا تزيدان على الأصل قضية للتبعية مع أن موردها بحسب الظاهر الجهرية فهي
أخص من المدعى واما صحيحة معاوية فسوقها يشهد بان مطلوبية التسبيح من المأموم على نسق مطلوبية قراءة الفاتحة من الامام وحيث علم أن ذلك
بالنسبة إلى الامام من باب الأفضلية لا يبقى له ظهور بالنسبة إلى المأموم أيضا في إرادة الوجوب عينا وعلى تقدير التسليم يجب رفع اليد عنه
بالحمل على الأفضلية بالنسبة إلى الصلاة الاخفاتية جمعا بينه وبين صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا كنت خلف الامام في
صلاة لا يجهر فيها بالقراءة حتى يفرغ وكان الرجل مأمونا على القران فلا تقرء خلفه في الأوليين وقال يجزيك التسبيح في الأخيرتين قلت أي شئ تقول
أنت قال اقرأ فاتحة الكتاب فان قوله يجزيك التسبيح خصوصا بعد تقييد النهى عن القراءة بالأوليين ظاهر في عدم تعين التسبيح عليه وجواز الاتيان
بالفاتحة بل قد يستشعر من أفضلية الفاتحة وكون التسبيح أدنى ما يجزى ولكنه لا يلتفت إلى مثل هذا الاشعار في مقابل الصحيحة السابقة وغيرها مما هو
كالنص في أفضلية التسبيح ولا ينافيه قوله عليه السلام بعد ان سئله عما يقوله عليه السلام اقرأ فاتحة الكتاب إذ الإمام عليه السلام لم يكن يصلى مأموما الا صورة من باب
التقية فلم يكن التسبيح في حقه أفضل وما احتمله بعض من أن يكون قوله أي شئ تقول أنت سؤالا عما يراه راجحا في حقه فيكون قوله عليه السلام اقرأ فاتحة الكتاب
643

بصيغة الامر واستدل أيضا لجواز القراءة برواية أبى خديجة عن الصادق عليه السلام قال إذا كنت امام قوم فعليك ان تقرء في الركعتين الأولتين وعلى الذين
خلفك ان يقولوا سبحان الله والحمد الله ولا إله إلا الله والله والله أكبر وهم قيام فإن كان في الركعتين الأخيرتين فعلى الذين خلفك ان يقرء فاتحة الكتاب و
على الامام ان يسبح مثل ما يسبح القوم في الركعتين الأخيرتين وفيه ان المراد بقوله فإن كان إلى آخره بحسب الظاهر قرينة ذيلها انه ان كانت إمامتك للقوم
في الأخيرتين فعلى المأموم حينئذ القراءة لكونهما أوليين بالنسبة إليه فهو خارج عما نحن فيه ولا أقل من الاجمال المانع عن الاستدلال وعن المعتبر
انه روى عن أبي خديجة عن الصادق عليه السلام أنه قال إذا كنت في الأخيرتين فقل للذين خلفك يقرؤن فاتحة الكتاب والذي يغلب على الظن انه نقل لمضمون
الرواية السابقة بالمعنى بحسب فهم الراوي وكيف كان فلا وثوق بهذه الرواية فلا ينبغي ايرادها الا من باب التأييد مثل ما عن السرائر مرسلا
قال وروى أنه يقرء في الأخيرتين أو يسبح وربما يؤيده أيضا بل يدل عليه قوله عليه السلام في صحيحة علي بن يقطين المتقدمة ان قرأت فلا بأس وان سكت
فلا بأس بناء على أن يكون المراد بالركعتين اللتين يصمت فيهما الامام الأخيرتين كما لعله الأظهر دون الأولتين من الاخفاتية وكيف كان فقد ظهر
مما حررناه مستند ما حكى عن بعض من العول بتعين التسبيح في الجهرية والتخيير في الاخفاتية إذ قد عرفت ان أقوى ما يمكن ان يستدل به لحرمة القراءة
هي صحيحة زرارة الواردة بحسب الظاهر في الجهرية مع أنه على تقدير إرادة العموم يجب رفع اليد عن ظهورها في الحرمة بالنسبة إلى الاخفاتية بصحيحة ابن سنان
التي هي اظهر منها في الدلالة على الجواز مع ما في ذيل تلك الصحيحة من الإشارة إليه كما تقدم الإشارة إليه وحكى عن بعض عكس هذا القول ولم يظهر وجهه
وعلله بعض بالاخبار الناهية عن القراءة خلف الإمام المستثنى فيها الجهرية التي لا يسمع فيها صوت الامام بدعوى شمول المستثنى والمستثنى منه باطلاقهما
للأخيرتين وفيه ما لا يخفى والذي ينبغي ان يقال انا ان التزمنا بحرمة القراءة ووجوب الانصات في الأولتين من الجهرية اتجه الالتزام بوجوب ترك القراءة
في الأخيرتين منها أيضا اخذا بظاهر صحيحة زرارة السليمة بالنسبة إليها عن المعارض ولكنك عرفت فيما سبق ان الالتزام بذلك مشكل فالقول بالتخيير
مطلقا مع أفضلية التسبيح بل كراهة القراءة هو الأشبه والله العالم ولو كان الامام لا يقتدى به فصلى خلفه تقية وجبت القراءة بلا خلاف فيه في
الجملة على الظاهر لانتفاء القدوة المعتبرة في ضمان الامام القراءة فهو منفرد حقيقة بصورة المؤتم فلا يسقط عنه القراءة كما يدل عليه أيضا مضافا
إلى ذلك جملة من الاخبار منها صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا صليت خلف امام لا تقتدي به فاقرء خلفه سمعت قرائته أو لم تسمع و
صحيحة علي بن يقطين قال سئلت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يصلى خلف من لا يقتدى بصلاته والامام يجهر بالقراءة قال اقرأ لنفسك وان لم تسمع نفسك
فلا بأس وخبر زرارة قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن الصلاة خلف المخالفين قال ما هم عندي الا بمنزلة الجدر وخبر الفضيل الذي حكاه علي بن سعد البصري
قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام انى نازل في بنى عدى ومؤذنهم وامامهم وجميع أهل المسجد عثمانية يبرؤون منكم ومن شيعتك وانا نازل فيهم فما ترى في الصلاة
خلف الإمام قال صل خلفه قال وقال احتسب بما تسمع ولو قدمت البصرة لقد سئلك الفضيل بن يسار وأخبرته بما أفتيتك فتأخذ بقول الفضيل
وتدع قولي قال على فقدمت البصرة وأخبرت فضيلا بما قال فقال هو اعلم بما قال ولكني قد سمعته وسمعت أباه يقولان لا تعتد بالصلاة خلف
الناصب واقرء لنفسك كأنك وحدك قال فأخذت بقول الفضيل وترك قول أبي عبد الله عليه السلام وفي هذه الرواية ايماء إلى أن الروايات التي يظهر منها
الاعتداد بالصلاة معهم من حيث ترتيب اثار الجماعة عليه صادرة عن علة فلعل منها خبر زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال لا بأس ان يصلى خلف الناصب
ولا يقرء خلفه فيما يجهر فيه فان قرائته تجزيك إذا سمعها وخبر بكير قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الناصب يؤمنا ما تقول في الصلاة معه فقال
اما إذا جهر فانصت للقران واسمع ثم اركع واسجد أنت لنفسك فهاتان الرايتان ونظائرهما من الروايات التي يظهر منها الاعتداد بصلاتهم من حيث
ترتيب اثار الايتمام في الجملة يجب اما رد علمها إلى أهله بعد اعراض الأصحاب عنها كما ادعاه في الجواهر
مع معارضتها بالاخبار المتقدمة أو حملها على
ما إذا لم تتأد التقية الا بذلك كما إذا كانت القراءة خفية أيضا منافية للتقية إذ لم تجز القراءة حينئذ فهل يعتد هذه الصلاة أم عليه اعادتها ما لم يستوعب
العذر الوقت وجهان أوجههما الأول كما يظهر وجهه مما حققناه في مبحث الوضوء تقية من كتاب الطهارة فراجع ولعل من هذا الباب ما في رواية
أحمد بن عايد قال قلت لأبي الحسن عليه السلام انى ادخل مع هؤلاء في صلاة المغرب فيجعلوني إلى ما أؤذن وأقيم فلا اقرأ شيئا حتى إذا ركعوا واركع معهم فيجزيني
ذلك قال نعم ويحتمل ان يكون المراد بنفي قرائته شيئا مما عدى فاتحة الكتاب فيكون حال هذه الرواية حينئذ حال الرواية الآتية الدالة على جواز
ترك السورة واللحوق بهم في ركوعهم وكيف كان فما ورد في الأخبار السابقة من الأمر بالقراءة مورده صورة التمكن منه وعدم كونه منافيا
للتقية والا لم يجب ذلك جزما بل لا يجوز كما ربما يؤمى إلى ذلك خبر سعد المتقدم حيث امر الإمام عليه السلام بان يصلى معهم ويعتد بها حتى يخبره الفضيل
بخلافه وأوضح منه دلالة على ذلك خبر إسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام انى ادخل المسجد فأجد الامام قد ركع وقد ركع القوم فلا يمكنني ان
أؤذن وأقيم وأكبر فقال لي فإذا كان ذلك فادخل معهم في الركعة واعتد بها فإنها من أفضل ركعاتك قال اسحق فلما سمعت اذان المغرب و
انا على بابى قاعد قلت للغلام انظر أقيمت الصلاة فجائني فقال نعم فقمت مبادرا فدخلت المسجد فوجدت الناس قد ركعوا فركعت مع أول صف
أدركت واعتدت بها ثم صليت بعد الانصراف أربع ركعات ثم انصرفت فإذا خمسة أو ستة من جيراني من المخروميين والأمويين فأقعدوني
644

ثم قالوا يا أبا هاشم جزاك الله عن نفسك فقد والله رأيناك خلاف ما ظننا بك وما قيل فيك فقلت واي شئ ذلك قالوا اتبعناك حين قمت إلى
الصلاة ونحن نرى أنك لا تقتدي بالصلاة معنا وقد وجدناك قد اعتدت بالصلاة معنا وصليت بصلاتنا فرضى الله عنك وجزاك الله خيرا قال قلت
لهم سبحان الله المثلى يقال هذا قال فعلمت ان أبا عبد الله لم يأمرني الا وهو يخاف على هذا وشبهه وملخص الكلام في المقام انه وان ورد في كثير من الاخبار
الحث على الصلاة مع المخالفين حتى ورد في بعضها ان من صلى معهم في الصف الأول كمن صلى خلف رسول الله في الصف الأول وفي اخران المصلى معهم
بالصف الأول كالشاهر سيفه في سبيل الله وفي أخر إذا صليت معهم غفر لك بعدد من خالفك ولكن الظاهر أنه لم يقصد بها الايتمام حقيقة لانتفاء
شرائط القدوة بل صورة بحسب ما يقتضيه مصلحة الوقت ويناسبه التقية فمن صلى خلفهم بحكم ما لو صلى وحده وجب عليه ان يراعى جميع الأجزاء و
الشرائط المعتبرة في الصلاة حتى الجهر والاخفات فضلا عن القراءة ونحوها ما لم يكن منافيا للتقية والا اتى بها على حسب ما يقتضيه التقية فربما تقتضي
التقية ترك القراءة رأسا كما لو دخل المسجد ووجد الامام راكعا ولم يكن له بد من اللحوق بهم في ركوعهم كما هو مورد الخبر المتقدم وقد أشرنا إلى أن الأظهر
في هذه الصورة هو الاجتزاء بصلاته وعدم وجوب اعادتها خلافا لما ذهب إليه غير واحد من وجوب الإعادة اخذا بعموم لا صلاة الا بفاتحة الكتاب
المعتضد بمفهوم المرسل الآتي وفيه ان الروايات الكثيرة الدالة على جواز الصلاة معهم المعلوم عدم إرادة الصلاة معهم الا على وفق ما يناسبه التقية
بأسرها ظاهرة في صحة الصلاة المأتى بها كذلك وكونها مجزية عن الواقع فهي حاكمة على جميع الأدلة المثبتة للاجزاء والشرائط الواقعية ولا
ينافيها الاخبار الامرة بالقراءة خلفه لما أشرنا إليه من أن ذلك فيما إذا لم يكن منافيا للتقية هذا مضافا إلى أن اعتبار الفاتحة في الصلاة انما هو مع
الامكان فتسقط اعتبارها لدى الضرورة ومن أعظم الضرورات وأوسعها لدى الشارع التقية وقد تقدم في مبحث الوضوء من كتاب الطهارة ماله
ربط بالمقام فراجع واما مفهوم المرسل فستعرف الجواب عنه وأوضح من ذلك صحة فيما لو اقتضت التقية ترك السورة دون الفاتحة إذ السورة مما
تجوز تركها لدى الاستعجال ومطلق الضرورات العرفية فضلا عن مثل التقية التي تبيح كل محظور وربما يشهد لذلك مضافا إلى ذلك خبر محمد بن أبي
نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال قلت له اتى ادخل مع هؤلاء في صلاة المغرب فيجعلونني إلى ما ان أؤذن وأقيم ولا اقرأ الا الحمد حتى يركع
أيجزيني قال نعم يجزيك الحمد وحدها وخبر ابن عذافر عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن دخولي مع من اقرأ خلفه في الركعة الثانية فيركع عند فراغي
من قراءة أم الكتاب قال تقرء في الأخراوين كي يكون قد قرأت في الركعتين وفي نسخة الوسائل عند فراغه يدل عند فراغي وما في ذيله من الاجمالي لا ينفى
دلالتها على المدعى وهى صحة الصلاة عند تركه للسورة في الركعة التي لحق فيها بالامام ومرسلة علي بن أسباط عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام في الرجل
يكون خلف الامام لا يقتدى به فيسبقه الامام بالقراءة قال إذا كان قد قرء أم الكتاب اجزاء يقطع ويركع وما يفهم من هذه الرواية من لزوم اتمام الفاتحة
وعدم جواز ان يقطعها ويركع فإنما هو فيما إذ التمكن من ذلك على وجه لا ينافي التقية اما بتأخير الركوع بمقدار لا ينافي التبعية الصورية أو اتمامها في
الركوع كما ذهب إليه بعض وان كان الأظهر خلافه إذا القراءة انما شرعت في حال القيام لا في حال الركوع وكيف كان فلو توقف التقية على قطع
الفاتحة جاز بل وجب ولا يصلح مثل هذا المفهوم الضعيف لتخصيص عمومات أدلة التقية وخصوصاتها الواردة في باب الصلاة الدالة بظاهرها على
صحة الصلاة الواقعة على وفق التقية فالمقصود بالشرطية الواقعة في الخبر المزبور على الظاهر التنبيه على في لاهتمام بقراءة السورة لدى الشارع كالاهتمام
بالفاتحة فيكفي في جواز ترك السورة أو قطعها أدنى ضرورة بخلاف الفاتحة فإنه لا بد من مراعاته مهما أمكن هذا مع ما في الخبر من ضعف السند ومما
يؤيد بل يدل على جواز قطع الفاتحة أيضا لدى توقف التقية عليه صحيح أبي بصير قال قلت لأبي جعفر عليه السلام من لا اقتدى به في الصلاة قال افرغ قبل ان يفرغ فإنك
في حصار فان فرغ قبلك فاقطع القراءة واركع معه فإنه باطلاقه شامل لقطع الفاتحة ولا مقتضى لتقييده بما عدى الفاتحة فان اطلاقه جارى مجرى العادة من
كون ترك القطع منافيا للتقية وقد عرفت ان عمومات الأدلة أيضا قاضية بذلك وما دل بظاهره على خلاف ذلك لواجب طرحه أو تأويله والله العالم
تنبيهات الأول لا يعتبر في صحة الصلاة وكذا غيرها من العبادات الواقعة على وفق التقية في لمندوحة في مجموع الوقت على الأقوى فلو تمكن
من تأخيرها إلى أن يزول السبب أو المضي إلى مكان اخر لا تقية فيه بان خرج من المسجد مثلا وصلى في بيته بلا تقية لم يجب عليه ذلك نعم يعتبر حال الفعل عدم
التمكن من الاتيان بها مراعيا لشرائطها الواقعية على وجه لا ينافي التقية فلو تمكن مثلا لدى الصلاة معهم من السجود على الأرض أو القراءة في نفسه أو
غير ذلك من الشرائط لم يجز له اهمالها إذ لا مقتضى لتقييد الأوامر الواقعية بغير الفرض إذ المفروض ان التقية لا تنافيها ولعل اعتبار في لمندوحة
بهذا المعنى أي حال الفعل في جواز التقية مما لا خلاف فيه بل هو بحسب الظاهر من مقومات موضوع التقية وقد تقدم تحقيق المقام وما يتعلق به من
النقض والابرام في باب الوضوء من كتاب الطهارة وعرفت فيما تقدم ان الأشبه اختصاص أوسعية الامر في التقية من سائر الضرورات وعدم اشتراط
جوازها بعدم المندوحة في مجموع الوقت بالتقية من المخالفية لكونها منصرف أدلتها واما التقية من فساق الشيعة أم غيرهم من الكفار فهي على حد سائر
الضرورات التي لم يدل خاص على توسعة امرها والأقوى فيها اشتراط في لمندوحة في مجموع الوقت وهل يجوز معها البدار أم يجب انتظار اخر
الوقت أو التفصيل بين رجاء زوال العذر وعدمه وجوه تقدم شرحها وتحقيقها في باب التيمم فراجع الثاني هل يعتبر في القراءة خلف المخالف الاتيان
645

بأقل ما يجزى من الاخفات في الصلة بان يشتمل على صوت خارج من مقاطع الحروف قابل لان يسمعه القريب أم يكفي دون ذلك وجهان من أن القراءة
لا يتحقق حقيقة بلا صوت كذلك ومن ظهور بعض الأخبار في الاكتفاء بما دونه ولو مثل حديث النفس ففي صحيحة علي بن يقطين المتقدمة قال اقرأ
لنفسك وان لم تسمع نفسك فلا بأس ومرسلة ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه السلام قال يجزيك إذا كنت معهم من القراءة مثل حديث النفس وصحيحة علي بن
جعفر عن أخيه موسى قال سئلته عن الرجل يصلح له ان يقرء في صلاته ويحرك لسانه بالقراءة في لهواته من غير أن يسمع نفسه قال لا بأس ان لا يحرك لسانه
يتوهم توهما بناء على إرادة الصلاة خلف المخالف كما عن الشيخ حملها عليه ونحوها ما عن قرب الإسناد بسنده عن علي بن جعفر عن الرجل يقرء في صلاته
هل يجزيه ان لا يحرك لسانه يتوهم توهما قال لا بأس قال شيخنا المرتضى (ره) بعد نقل الاخبار المزبورة ما لفظه والتحقيق ان التمثيل بحديث النفس ما لغته
إذ لا يصدق القراءة مع حديث النفس فالتصرف في التمثيل أولى من التصرف في لفظ القراءة نعم اسماع النفس الذي هو المعتبر في الصلاة الاخفاتية
غير معتبر فيكفي تقليب اللسان في مخارج الحروف وان لم يظهر منه صوت وكذا في حروف الشقة والحلق انتهى أقول حصول مفهوم القراءة بتقليب
اللسان على مخارج الحروف ما لم يظهر منه صوت أصلا محل نظر بل الظاهر توقف حصول ألفاظ القراءة على ظهور صوت ناشئ من قطع الحروف
على مخارجها وان لم يكن بحيث يمسع نفسه بل دونه والا فهو محض التوهم ومجرد تحريك اللسان لا يجعله كلاما ملفوظا ما لم يتكون منه صوت ولو في غاية
الخفاء فالأقوى عدم الاجتزاء بما دونه لدى التمكن منه والا فهو ممن يتعذر في حقه القراءة وما في الخبرين الأخيرتين من الاكتفاء بمحض التوهم فهو مما
يجب رد علمه إلى أهله فان ما حكى عن الشيخ من جمله على القراءة خلف المخالف فلا دليل عليه فلعله أريد منها القراءة خلف الإمام المرضى في الموارد
التي يستحب له القراءة كالجهرية التي لا يسمع فيها صوت الامام فهما من الاخبار المتشابهة التي أمرنا بردها إلى أهله واما الخبران الأولان فلم يظهر منهما
ما ينافي ذلك فإنهما لم يدلا على كفاية حديث النفس بل القراءة التي يماثلها وهى ما لم يطلع عليها الحاضرون من شدة خفائها فليتأمل الثالث
ذكر شيخنا المرتضى ره بعد ان قوى ما اخترناه من صحة الصلاة التي اضطر فيها إلى ترك الفاتحة أو بعضها تقية ما لفظه وعلى المختار فهل عليه اتمام الفاتحة
في حال الركوع مع الامكان قولان من اطلاق ما مر يعنى صحيحة أبي بصير وخبر اسحق الدالين على جواز قطع القراءة أو تركها ومن أن الضرورات تتقدر بقدرها
فان المتعذر هو القيام حال القراءة لا نفسها وكذلك لو لم يمكن التشهد جالسا فان وجوبه قائما لا يخلو عن قوة وفاقا للمحكى عن ابني بابويه والعلامة في
المختلف والشهيد في الذكرى وغيرهم ويدل عليه بعد عمومات وجوب التشهد وعدم ارتفاع وجوبه بعدم التمكن من الجلوس لرواية جندب المحكية عن
محاسن البرقي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام انى اصلى المغرب مع هؤلاء وأعيدها فأخاف ان يتفقدوني قال إذا صليت الثالثة فمكن أليتيك ثم انهض وتشهد و
أنت قائم ثم اركع واسجد فإنهم يحسبون انها نافلة ونحوها المحكى عن الفقه الرضوي فيمن صلى ركعة ثم جاء الامام المخالف وفيه فإذا صليت الرابعة وقام الامام
إلى رابعته فقم معه وتتشهد من قيام وتسلم من قيام وفي حكم القراءة في الركوع التسبيحات في الركعتين الأخيرتين انتهى كلامه رفع مقامه أقول اتمام القراءة
في الركوع أو السجود إتمامها بعد الصلاة أجنبي عن مهية المأمور به فان القراءة محلها قبل الركوع وليس في الركوع قراءة وقياسه على التشهد قائما مع
الفارق لا لمجرد النص بل لسقوط شرطية الجلوس للتشهد لدي الضرورة والقيام حال القراءة أيضا وان كان كذلك فمن كان منحنيا خلقة أو لعارض يقرء
وهو بهذه الحالة ولكن عليه ان يقوم ويركع بعده عن قيام لدى التمكن والا فما هو الأقرب إليه فالأقرب والا فيزيد في انحنائه للركوع على حسب ما عرفته في
محله ومن المعلوم ان الصلاة تقية أوسع من ذلك وانه مهما ركع الامام عليه ان يركع لا ان يأتي بصورة الركوع بدلا عن القيام ثم يركع بعده ضرورة انه
لو أراد الركوع بعده عن قيام فهو مناف للتقية ولو اكتفى في ذلك بمجرد القصد كما في الراكع خلقة الذي لا يتمكن من الرفع ولا من زيادة الانحناء فيلزم
منه حينئذ الاخلال بالقيام المتصل بالركوع الذي هو أهم من اتمام القراءة كما في صحيحة أبي بصير المتقدمة التنبيه على ذلك حيث ورد فيها انك في حصار فان فرغ
قبلك فاقطع القراءة واركع معه فلا ينبغي الاستشكال فيه والله العالم وتجب على المأموم المتابعة للامام في الافعال أي الركوع والسجود والرفع منهما
والقيام بعد السجود بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه ويستدل عليه مضافا إلى الاجماع وظاهر الآية بالنبويين المرويين عن مجالس الصدوق
وغيره من كتب أصحابنا المنجبرين بالشهرة أحدهما انما جعل الامام اماما ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا وإذ سجد
فاسجدوا وعن بعض طرق العامة نحوه الا أنه قال
فإذا كبر فكبروا وإذا ركع الحديث والاخر اما يخشى الذي يرفع رأسه والامام ساجد ان يحول الله رأسه رأس حمار ويمكن الخدشة في دلالة الأخير بعدم
ظهوره في الحرمة واما الأول فلا يبعد ان يدعى ان المنساق منه إرادة نفى التأخر الفاحش دون المتابعة بمعنى في لتقدم أو المقارنة أيضا اللهم الا ان
يقال إنه يفهم ذلك من قوله ليؤتم به مفرعا عليه قوله فإذا ركع فاركعوا إلى آخره إذا المنساق من الايتمام إرادة المتابعة عرفا كما يفصح عن ذلك التفريع المزبور
ومن هنا يظهر لك صحة الاستشهاد للمدعى أيضا بتوقف صدق الايتمام والقدوة والمعية المعتبرة في مفهوم الجماعة عرفا كما صرح بذلك شيخنا المرتضى ره
حيث إنه بعد ان ذكر الاستدلال بالاجماع والخبرين المزبورين قال هذا كله مضافا إلى أن التبعية مأخوذة في مفهوم الايتمام والاقتداء والمعية بل جميع ما
يعتبر في الجماعة شرطا لانعقادها خارج عن مفهومها الا هذا الامر حيث إنه مأخوذ في مفهومها انتهي وربما يؤيده أيضا بل يدل عليه الاخبار الامرة بالعود
لو رفع رأسه قبل الامام من الركوع أو السجود وما صرح بانتظار الامام لو فرغ المأموم عن القراءة إلى غير ذلك من الاخبار المشعرة بذلك فهذا ممالا ينبغي
646

الارتياب فيه والمراد بالمتابعة على ما صرح به بعض بل ربما نسب إلى المشهور ان لا يتقدم المأموم على الامام وقضية ذلك جواز المقارنة كما عن الفاضل
والشهيدين وغيرهم التصريح بذلك بل عن ظاهر المفاتيح الاجماع عليه نظرا إلى أن المفهوم منها عرفا هو ربط المأموم فعله فعل الامام بحيث يلتزم ان
لا يتقدم عليه فيراقبه في الافعال ولا يتوقف صدقها على تأخر فعل المأموم حسا كما يقال لرجلين أحدهما يتحرك بإرادة مستقلة والاخر يتحرك كحركته مراقبا
إياه مجتنبا عن التقدم عليه ان الأول متبوع والثاني تابع وان تقارنا في الحركة ولكن قد يقال بان ظاهر النبوي الأول التأخر من جهة قوله فإذا كبر فكبروا
إلى اخر الرواية لا لأجل إفادة الفاء التعقيب والتأخر الزماني بل لان الامر بالتكبير والركوع والسجود مترتب على تحقق هذه الأفعال من الامام كما يستفاد من
اتيان الشرط بصيغة الماضي في هذا وأمثاله واما مثل قوله تعالى وإذا قرء القران فاستمعوا وقوله صلى الله عليه وآله في تلك الرواية بناء على بعض الروايات بعد قوله فإذا
كبر فكبروا وإذا قرء فانصتوا فهو ليس نقضا على ما ذكرنا كما توهم إذ ليس المراد بالقراءة قراءة المجموع بل مطلق القراءة أي التلبس بها وهو متقدم ذاتا ووجودا على
الاسماع وبعد التنزل فالقرينة هنا قائمة على خلاف الظاهر هذا مضافا إلى ما سيأتي من أن افتتاح المأموم لابد وأن يكون متأخرا عن الامام لدى المشهور
فتعين إرادة التأخر من قوله فإذا كبر فكبروا ويتعين حينئذ إرادة ذلك أيضا من الفقرتين الأخيرتين اما لوحدة السياق واما لأنه فرع الحكم بالتأخر في التكبير
على وجوب الايتمام فيحكم به في غير التكبير أيضا مما ذكر في الرواية ومما لم يذكر سواء في ذلك الافعال والأقوال الا ما خرج بالدليل بمقتضى هذا التفريع
فتصير الرواية حينئذ قاعدة في وجوب تأخر افعال المأموم وأقواله عن الامام اللهم الا ان يقال إن الرواية مسوقة لبيان عدم جواز التقدم فيكون
المقصود ان لا يكبر قبل تكبيره ولا يركع قبل ركوعه ولا يسجد قبل سجوده والتعبير عن مثل هذا بهذا انما هو من جهة ان مراعاة في لتقدم الواجب لا يحصل
غالبا الا بالتأخر كما يدل على ذلك تفريع هذه الأحكام على الاتيمام الذي قد عرفت انه يحصل عرفا بمجرد البناء على ربط فعله بفعل غيره بحيث لا يسبقه في
الفعل ولا يتعدى عنه وحينئذ فحكم التكبير وانه لا يكتفى فيه بمجرد في لتقدم كما ستعرف يستفاد من الخارج هكذا قيل في الجواب عن الاستدلال بظاهر الرواية
للمدعى والأولى الجواب عنه بما تقدمت الإشارة اليه من أنه لا يبعد ان يدعى ان المنساق من الرواية إرادة نفى التأخر وانما يستفاد عدم جواز التقدم من مفهوم
الايتمام هذا ولكن الانصاف ان صدق التبعية والايتمام مع المقارنة الحقيقة لا يخلو من خفاء ولذا أنكره غير واحد من المتأخرين ففي الحدائق قال ما لفظه
وفسرت المتابعة في كلامهم بأنها عبارة عن عدم تقدم المأموم على الامام وعلى هذا فتصدق مع المساواة ولم نجد لهم على هذا التفسير دليلا مع أن
المتبادر عن اللغة والعرف ان المتابعة هي التأخر انتهى وربما يؤيده عبارة الصدوق الآتية التي جعل فيها متابعة الامام في الافعال قسيما للمقارنة
الا ان الظاهران انصرافه إلى التأخر بدوي منشأه ندرة حصول الفعل بقصد التبعية الا مع التأخر والا فالعرف لا يأبى عن اطلاق المتابعة مع المقارنة
على النهج المزبور مع أنه لا دليل يعتد به على اعتبار مفهوم المتابعة عدى وقوع هذه الكلمة في فتاوى الأصحاب ومعاقد اجماعاتهم المحكية ومن المعلوم في رادة
كثير منهم لولا جلهم منها الا بالمعنى الذي فسروها فالقدر المتيقن الذي يمكن دعوى استفادته من الفتاوى والنصوص انما هو وجوب المتابعة بمعنى في لتقدم
لا التأخر ولكن مع ذلك كله فالتأخر أحوط بل أفضل كما صرح به غير واحد من المتأخرين وربما يظهر ذلك أيضا من كلام الصدوق حيث قال على ما
حكى عنه ان من المأمومين من لا صلاة له وهو الذي يسبق الامام في ركوعه وسجوده ورفعه ومنهم من له صلاة واحدة وهو المقارن له في ذلك ومنهم
من له اربع وعشرون ركعة وهو الذي يتبع الامام في كل شئ ويركع بعده ويسجد بعده وكفى بصدور هذا الكلام عن مثل الصدوق لاثبات المدعى من
باب المسامحة فإنه لا يقصر عن مراسيله إذ من المعلوم من عادته انه لا يتفوه بمثل هذا الكلام من غير عثوره على نص بذلك بل عن الخصال روايته كذلك ثم لا
يخفى عليك انه كما يعتبر في تحقق المتابعة عرفا عدم التقدم كذلك يعتبر في لتأخر الفاحش فكلما دل على وجوب المتابعة من الاجماعات المتقدمة والنبوي
المتقدم يدل على ذلك وربما استدل له أيضا بما ورد في المأموم المسبوق من أنه إذا أعجله الامام عن قراءة السورة ترك السورة وركع مع الامام
فلو لم يكن اللحوق واجبا لما جاز ترك السورة لأجله ونوقش فيه بامكان كون اللحوق بالامام عذرا في ترك السورة
كالاستعجال وغيره من الضرورات العرفية حسبما عرفته في محله نعم مقتضى اطلاق الخبر المحكى عن دعائم الاسلام
عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام إذا أدركت الامام وقد صلى ركعتين فاجعل ما أدركت معه أول صلاتك فاقرء لنفسك بفاتحة الكتاب وسورة ان
امهلك الامام أو ما أدركت ان تقرء جواز قطع الفاتحة أيضا فلا يخلو الاستشهاد به حينئذ من وجه فليتأمل واستدل له أيضا بصحيحة معاوية عن الصادق
عليه السلام في الرجل يدرك اخر صلاة الامام وهى أول صلاة الرجل فلا يمهله حتى يقرء فيقضى القراءة في اخر صلاته قال نعم ونوقش فيه بأنه ظاهر في الركوع
الأول المتوقف انعقاد الجماعة عليه وهو خارج عن محل البحث وفيه ان الظاهر أن ادراك الركوع نهاية ما به يتحقق ادراك الركعة لا انه يتوقف عليه
انعقاد الجماعة فحال الركوع الأول بعد فرض تحقق الايتمام قبله على الظاهر ليس الا كحال سائر الركوعات فليتأمل وكيف كان فعمدة المستند لاثبات
المدعى كون التأخر الفاحش أيضا كالتقدم منافيا للمتابعة المعتبرة في مفهوم الايتمام كما يفصح عن ذلك النبوي المزبور المعتضد بما يستشعر أو يستظهر
من الروايات التي تقدمت الإشارة إليها فهذا اجمالا مما لا ينبغي الاستشكال فيه وانما الاشكال في ما جزم به كثير من الأصحاب بل عن الذكرى نسبته
إلى المتأخرين بل عن جماعة نسبته إلى الأصحاب من أن الاخلال بالمتابعة عمدا فضلا عن السهو غير مبطل للجماعة فضلا عن الصلاة بل هو واجب
647

مستقل يترتب على مخالفته عمدا الاثم دون الابطال وهذا بظاهره مناف لما ذكرناه من كون المتابعة مأخوذة عرفا في مفهوم الايتمام والاقتداء
ولعله لذا ذهب الشيخ في المبسوط على ما حكى عنه إلى القول بأنه لو فارق الامام لا لعذر بطلت صلاته وربما يظهر من عبارة الصدوق المتقدمة
أيضا ذلك ويحتمل قويا ان يكون مراد الشيخ بالمفارقة الانفراد بلا عذر لا التخلف عنه بركن أو أكثر مع كونه ناويا للايتمام كما هو محل الكلام و
عن الموجز أنه قال ويجوز التخلف عن الامام بركن كامل والمتابعة أفضل واستظهر من هذه العبارة انه لا يرى المتابعة واجبة في الجماعة لا
شرطا ولا شرعا وفيه تأمل فان تقييده التخلف بركن يشعر بعدم تجويزه له على الاطلاق فكأنه يرى أن المتابعة التي يجب رعايتها في الجماعة أعم مما
حكم بكونه أفضل وربما نسب إلى صريح الشهيد في الذكرى والمحقق الثاني في الجعفرية أيضا القول بجواز التخلف عن الامام بلا عذر و
أورد على هذه النسبة بأنه لا تعرض في كلامهما الا لكون التخلف غير مبطل للقدوة فعن الجعفرية أنه قال ولو تخلف بركن أو أزيد لم تنقطع
القدوة انتهى وعن الذكرى أنه قال لو سبق الامام المأموم اتى بما عليه ولحق بالامام سواء فعل ذلك عمدا أو سهوا أو لعذر وقد مر نظيره
في الجمعة ولا يتحقق فوات القدوة بفوات ركن أو أكثر عندنا وفي التذكرة توقف في بطلان القدوة بالتأخر بركن والمروى بقاء القدوة رواه
عبد الرحمن عن أبي الحسن عليه السلام فيمن لم يركع ساهيا حتى انحط الامام للسجود انتهى وربما يظهر من بعض الميل أو القول ببطلان الجماعة دون
الصلاة ويتوجه على ما نسب إلى المشهور مضافا إلى مخالفته لظاهر النبوي الموافق لما استظهرناه من مفهوم الاقتداء المعتبر في مهية الجماعة ان
استحقاق الاثم على الاخلال بالمتابعة بتقدم أو تأخر لا ينفك غالبا عن وقوع الفعل الذي حصل به الاخلال كالركوع مثلا منهيا عنه فيفسد ويترتب
على فساده فساد الكل لأنه ان اقتصر عليه لزم منه بطلان صلاته من حيث النقيصة ولو تداركه فمن حيث الزيادة العمدية ودعوى رجوع النهى إلى امر خارج
عن مهية الصلاة وهو ترك القدوة مدفوعة بان مغايرتهما انما هو من حيث المفهوم والا فترك القدوة انما يتحقق بهذا الفعل الذي قصد به التقرب
فهو فعل واحد يتصادق عليه عنوان الواجب والحرام فلا يصح وقوعه عبادة اللهم الا ان يقال إن حرمة المخالفة نشأت من جهة وجوب المتابعة فهي مبنية
على كون الامر بالشئ مقتضيا للنهي عن ضده الخاص وهو ممنوع حسبما قررناه في محله هذا مع أنه بعد البناء على عدم اعتبار المتابعة في مفهوم
الايتمام يشكل اثبات حرمته تعبدا والذي يقتضيه التحقيق هو انه لا بد في تحقق مفهوم الايتمام عرفا وشرعا من المتابعة الا ترى انه لو سبق المأموم
الامام في مجموع صلاته أو تأخر عنه كذلك لا يعد مؤتما به ولكنه قد يلاحظ الايتمام بالنظر إلى مجموع الصلاة على سبيل الاجمال وبهذه الملاحظة
يصح ان يقال لمن صلى خلف زيد الظهر مثلا بنية الايتمام إذا تابعه في معظم افعالها انه صلى الظهر مقتديا بزيد وان تخلف عنه في بعض افعالها بتقديم
أو تأخير (وقد يلاحظ كونها فعلا تدريجيا حاصلا بمتابعة الامام في افعالها المندرجة ففي كل جزء تخلف عنه بتقديم أو تأخير) لا يحقق بالنسبة إليه الاقتداء ولكن لا ينفى ذلك صدق كونه مقتديا في أصل الصلاة عند ملاحظتها على سبيل الاجمال فلا تبطل به الايتمام من
أصله ما لم يكن ذلك مقرونا بنية الاعراض عن الجماعة أو بالعزم على الاتيان به كذلك من أول الأمر بحيث يكون هذا الجزء بنفسه مستقلا بالملاحظة
فمن نوى الايتمام بشخص في صلاته مقتضاه ان يتابعه في جميع الهيئات الصادرة منه من القيام والقعود والركوع والسجود فلو خالفه في شئ منها وهو
على هذا العزم فقد تعدى عما هو وظيفته من المتابعة فهو اثم لكونه مشرعا ولكن لا تبطل قدوته بذلك ما لم يكن التخلف بمقدار ينقطع به علاقة الايتمام
عرفا وان شئت قلت إن الاخلال بالمتابعة في جزء موجب لبطلان قدوته في خصوص ذلك الجزء دون غيره من الأجزاء السابقة واللاحقة التي
اتى بها مقتديا بامامه فتصح الجماعة فيما عداه من الاجزاء إذ لا دليل على اشتراط صحة الجماعة
في كل جزء بصحتها في سابقه أولا حقه بل الأدلة قاضية بخلافه ولا يقاس ذلك بما لو انفرد في الأثناء ثم جدد نية الايتمام كي يستشكل في صحته إذ لا تجديد هيهنا
بل الاقتداء في الجميع من اثر تلك الإرادة التي دعته إلى الفعل من أول الأمر بل هو حين الاتيان بذلك الجزء أيضا باعتبار بقاء عزمه وعدم انقطاع علاقته
بالمرة يوصف عرفا بالمأمومية كما تقدمت الإشارة إليه نعم ربما يكون التخلف إلى حد لا يبقى معه العلاقة العرفية فيتجه حينئذ الحاقه بما لو انفرد في
الأثناء ثم جدد الايتمام كما أن المتجه ذلك فيما لو حصل الاختلال في غير ذلك من الشرائط المعتبرة في الجماعة كعدم الحيلولة أو البعد الكثير أو علو الامام و
نحوها فليتأمل وقد ظهر بما ذكرنا ان ما ذهب إليه المشهور وهو الذي يقتضيه التحقيق ولا يلزم منه الالتزام بكون المتابعة واجبا تعبديا بل هي مأخوذة في
مفهوم الاقتداء ولكن فواته في جزء لا يستلزم بطلان الجماعة فيما عداه ولا ينافيه الالتزام بترتب الاثم عليه فيما لم تجب الجماعة فيه من باب التشريع ولم
نجد في كلمات المشهور اشعارا بوجوبها تعبدا فكان نسبة القول به إليهم كما في كلمات غير واحد من المتأخرين نشأ من زعمهم الملازمة بين القول بصحة
الجماعة مع الاثم وبين كونه واجبا تعبديا وهى ممنوعة كما عرفت نعم لو أراد المشهور من حكمهم بصحة
الجماعة فيما لو تخلف عن الامام بركن أو أكثر صحتها
مطلقا حتى فيما لو استمر على المخالفة كذلك في جل صلاته أو كلها فالحق خلافه ولكن لا يظن بأحد الالتزام بذلك فضلا عن أن يكون مشهورا فليتأمل
هذا كله في المتابعة في الافعال واما في الأقوال اما في تكبيرة الاحرام فقد صرح غير واحد بوجوب المتابعة فيها بل عن جملة منهم دعوى الاجماع عليه
وهو بظاهره لا يخلو من مناقشة لأنهم ان أرادوا بذلك انه لا يجوز الدخول في الصلاة بنية الايتمام قبل ان يتلبس الامام بها فهو حق ولكن لا لأجل انه
يجب عليه المتابعة في تكبيرة الاحرام والا لم يجز له التأخر الفاحش أيضا كالتقدم كما في سائر الأفعال التي يجب عليه المتابعة فيها بل لامتناع حصول
648

القدوة بالمصلى من قبل ان يتلبس الامام بالصلاة واما بعد تلبسه بالصلاة جاز للمأموم من أول صلاة الامام إلى اخرها ان يفتتح الصلاة ويلحق به
بنية الايتمام وهذا لا دخل له بوجوب متابعته في تكبيرة الاحرام من حيث هي وكيف كان فلا شبهة في عدم جواز التقدم على الامام في تكبيرة الاحرام
وهل يجوز المقارنة في الشروع فيها أم يعتبر التأخر فيه أم لا يجوز الشروع الا بعد فراغ الامام وجوه مبناه بعد تسليم تحقق المتابعة بالمقارنة انه هل
يكفي في صدق الاقتداء بصلاة الامام مجرد ربط صلاته بصلاته من غير فرق بين الابتداء والأثناء أو يعتبر تلبس الامام بالصلاة وصدق اسم المصلى عليه
ليصح الاقتداء إذ لا معنى للاقتداء بغير المصلى وعلى هذا فهل يتحقق الدخول في الصلاة واقعا بالشروع في التكبير أم لا يتحقق الا بالفراغ منه أو يكون مراعى
إلى أن يتحقق الفراغ فيكشف الفراغ عن الدخول من أوله وعلى الأخير فهل يعتبر في جواز الشروع للمأموم احراز دخول الامام بفراغه من التكبير تحصيلا للجزم
بالنية أم يكفي في ذلك البناء على ظاهر حاله من أنه يتمه والأرجح من هذه الاحتمالات هو الأول بعد البناء على حصول المتابعة بالمقارنة إذ العبرة
بان يقتدى بالامام في صلاته لا بأن يكون مصليا قبل الايتمام ولا معنى للاقتداء بالامام في صلاته الا متابعته في فعل الصلاة والمفروض حصول المتابعة
مع المقارنة فلا ينبغي الاستشكال فيه ولكن يشكل الاعتماد على هذا البناء وان قويناه فيما سبق فان دعوى صدق المتابعة مع المقارنة الحقيقة خصوصا
بالنسبة إلى الجزء الأول الذي يتحقق به التلبس بالصلاة قابلة للمنع فالقول بعدم جواز المقارنة الحقيقة في التكبير كما نسب إلى المشهور بل المعظم لا يخلو
من قوة ولا ينافيه خبر علي بن جعفر المروى عن قرب الإسناد عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل يصلى اله ان يكبر قبل الإمام قال لا يكبر الا مع الامام
فان كبر قبله أعاد التكبير بناء على إرادة تكبيرة الاحرام منه كما لعله المنساق إلى الذهن ولا أقل من شموله لها لجريه مجرى العادة من عدم حصول المعية الاختيارية
الا بالاخذ فيه بعد احراز تلبس الامام به فيكون متأخرا عنه في الشروع لا محالة فالمراد بالمعية مطلق المصاحبة الغير المنافية لاعتبار كون شروعه بعد
شروع الامام كما يقتضيه العادة وقد يجاب عن هذه الرواية بمخالفة ظاهره للاجماع إذ لم يقل أحد بوجوب المقارنة إذ لا خلاف في جواز التأخير وفيه
انها مسوقة لنفى جواز التقدم لا اعتبار المقارنة فلا ينافيه جواز التأخير كما لا يخفى وكيف كان فهذه الرواية بظاهرها تدل على ما قويناه من جواز
الاتيان بالتكبير حل تلبس الامام به وعدم وجوب التأخير إلى أن يتحقق الفراغ منه كما قواه في الجواهر بدعوى انه يستظهر من الأدلة انحصار الاقتداء بالمصلى
الذي يمكن منع تحققه الا بعد انتهاء التكبير الذي جعله الشارع افتتاح الصلاة واحتمال حصول الصدق بمجرد الشروع فيه لأنه جزء من الصلاة قطعا
فجزئه جزء منها بدفعه امكان منع صدق الاقتداء بالمصلى قبل الاتمام وان صدق عليه انه شرع في الصلاة بمجرد الشروع فيه على أنه لا أقل من عدم انصراف
الاطلاق إليه انتهى وفيه ما تقدم الإشارة إليه انفا من أن الذي يظهر من الأدلة انه يستحب أو يجب ان يقتدى بالامام في صلاته فلا يعتبر في صحته
الا حصول الاقتداء به في الصلاة لا صدق اسم المصلى عليه عرفا كي يقع النزاع في حصول الصدق عرفا حال تلبسه بالتكبير أو يدعى الانصراف عنه بعد تسليم
الصدق واضعف من ذلك الاستدلال له بظهور قوله صلى الله عليه وآله في النبوي المتقدم فإذا كبر فكبروا في التأخر إذ بعد تسليم هذا لا ظهور فهو في الافعال التدريجية
الحصول بالنسبة إلى حال التلبس به دون الفراغ خصوصا بعد الالتفات إلى وقوعه تفريعا على وجوب المتابعة التي اظهر مصاديقه ذلك كما لا يخفى
على المتأمل واضعف من ذلك الاستدلال له بخبر أبي سعيد الخدري المروى عن مجالس الصدوق مسندا عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال
إذا قمتم إلى الصلاة فاعدلوا صفوفكم وأقيموها وسووا الفرج وإذا قال امامكم الله كبر فقولوا الله أكبر وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم
ربنا ولك الحمد فإنه يرد على الاستدلال بهذه الرواية مضافا إلى ما يرد على الاستدلال بالنبوي المزبور ظهور سوق هذه الرواية في الاستحباب كما لا يخفى
وهل يجوز الفراغ من التكبير قبل الامام أو معه أم يجب التأخر فيه أيضا كالشروع اما قبله فلا ينبغي الارتياب في عدم جوازه بل قد يقوى عدم جواز المقارنة
أيضا فان تكبيرة الاحرام حيث جعلت فاتحة للصلاة يكون فراغ المأموم منها قبل الامام بمنزلة ما لو دخل في الصلاة قبله فكما ان التبس بالتكبيرة قبل الامام
ينافي الايتمام كذلك الفراغ قبله بعد ملاحظة ان الشارع اعتبر مجموعها افتتاحا وانه ما لم يتم التكبيرة كأنه لم يدخل في الصلاة والله العالم واما الكلام
في غير التكبيرة من الأقوال فربما نسب إلى ظاهر المشهور في لوجوب وعن جماعة وفاقا للدروس والجعفرية التصريح بالوجوب بل ربما احتمل أو استظهر من
كلام كل من اطلق المتابعة في الافعال بناء على شمولها للأقوال أو ترك ذكر الافعال وأطلق وجوب المتابعة كما في عبارة المتن وغيره واستدل لهذا
القول بعموم صدر النبوي المتقدم وذكر الركوع والسجود في ذيله من باب المثال مع ذكر التكبير أيضا في بعض رواياته وفيه انه لا يكاد يفهم من النبوي
أزيد مما هو المغروس في أذهان المتشرعة في باب الجماعة من أن الامام انما جعل اماما ليؤتم به فهو من باب الارشاد والمغروس في أذهان أهل الشرع انما
هو متابعته في الهيئات الملحوظة في الجماعة المعتبرة في الصلاة من القيام والقعود والركوع والسجود دون الأذكار التي هي مرددة بين ما يتحمله الامام وحده
كالقراءة وبين ما يكون الراجح فيها مخالفة المأموم الامام كما في وظيفة الأخيرتين حيث إن المأموم فيهما التسبيح وللامام القراءة على ما حققناه فيما
سبق وبين ما هو مخبر في اختيار خصوص الفرد الذي اختاره الامام أو غيره كما في سائر الأذكار الواجبة في الصلة ما عدى تكبيرة الاحرام وبين ما لا
يجب من أصله كما عدى ما ذكر من الأذكار الخاصة المستحبة فهي بحسب الظاهر غير مرادة من الامر بالايتمام في النبوي لا يقال لا منافاة بين عدم وجوب أصل
الذكر أو خصوصية ما اختاره الامام وبين وجوب المتابعة على تقدير اختياره أو في أصل الذكر الواجب شروعا وفراغا دون خصوصياته لأنا نقول
649

هذا وان جاز عقلا ولكنه خارج عن منصرف النص فإنه ان شمل النص الأقوال فظاهره إرادة المتابعة في نفس ما بقوله الامام لا في جنسه كما أن ظاهره
على تقدير شموله للمستحبات وجوب المتابعة فيها على الاطلاق لا مشروط باختيار فعلها وحيث لم يجب عليه الأذكار المستحبة ولا خصوص الأذكار الواجبة
التي اختارها الامام بواسطة الايتمام جزما كشف ذلك عن عدم كونها ملحوظة في هذا الباب ان قلت مقتضى ظاهر النص وان كان ما ذكر ولكن رفعنا
اليد عنه بالنسبة إلى المستحبات وكذا خصوصيات الأذكار الواجبة بالاجماع دون المتابعة في أصل طبيعة الذكر الواجب بل ولا في خصوص فرده
أيضا لدى اختياره لما اختاره الامام قلت جعل الاجماع كاشفا عن عدم ملحوظية الأذكار في العموم أولى من جعله مخصصا له بالنسبة إلى الموارد التي
لا يمكن الالتزام فيها بوجوب المتابعة مع أن المتابعة في جنس الذكر ليست فردا اخر للعام في مقابل المتابعة في خصوصيات افرادها كي يقال إنه خرجت
المتابعة في الخصوصيات دون الجنس نعم لا يبعد ان يدعى ان المتابعة في أصل الذكر الواجب كالمتابعة في الافعال امر مستقل بالملاحظة فيما ينسبق
إلى الذهن من الامر بالايتمام فلا يكشف عدم ملاحظتها بالنسبة إلى الخصوصيات عن الغائها بالمرة فليتأمل وربما يؤيد المشهور أيضا انه كثيرا ما يختفى
على المأموم صوت الامام خصوصا مع كثرة الجماعة فلا يحصل له العلم بما يقوله الامام كما وكيفا شروعا واختتاما فلا يمكنه المتابعة فيه ورعاية الاحتياط
بالتأخير مع مخالفته للسيرة قد يوجب فوات المتابعة بالتأخير فإنه كثيرا ما لا يحصل له الجزم باشتغال الامام بذكر الركوع والسجود مثلا حتى يرفع
رأسه فيختل بالصبر إليه لأجل تحصيل الجزم بالمتابعة في الذكر نظم الايتمام ودعوى كون الظن حجة في هذا الباب عارية عن الدليل ولكن لا يثبت بهذا
الدليل الا نفى اعتبار المتابعة فيما خفى عليه صوت الامام ولم يطلع عليه من قرائن الأحوال لا مطلقا ولذا جعلناه مؤيدا لا دليلا ويؤيده أيضا
التدبر في الاخبار فان من أمعن النظر فيها لا يكاد يرتاب في أن المتابعة في الأقوال لم تكن ملحوظة في هذا الباب والا لوقع العرض لحكم الاخلال بها
في شئ من الأذكار في الاخبار نعم ورد في بعض الأخبار السؤال عما لو رفغ عن القراءة قبل الامام ولكن لا من حيث المتابعة بل لمعرفة حكمه فيما بعده
إلى غير ذلك من الشواهد والمؤيدات هذا كله مع أن عمدة المستند لاثبات كيفية الجماعة وما يعتبر فيها من المتابعة هو الاجماع والسيرة وهى انما تدل عليها في
الافعال لا غير فما ذهب إليه المشهور هو الأقوى ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالمتابعة فيما يسمعه أو يطلع عليه بقرائن الأحوال من الأذكار الواجبة ثم إن
من جملة الأقوال التسليم فيجرى فيه البحث المزبور كما هو قضية عموم الأقوال في كلماتهم ولكن لا يبعد ان يدعى خروجه عن منصرف هذا العموم لخصوصية
فيه وهى حصول الانصراف به فهو بهذه الملاحظة يكون ملحقا بالافعال في كون المتابعة فيه ملحوظة في تحقق الايتمام ولذا احتمل غير واحد من المتأخرين
عدم جواز السبق فيه وان قلنا بجوازه في غيره من الأقوال ولكن دفعه في الجواهر بظاهر صحيح الحلبي عن الصادق عليه السلام في الرجل يكون خلف الامام فيطيل الامام
التشهد فقال يسلم من خلفه ويمضى لحاجته ان أحب إذ لا ظهور فيه بحصول عذر يقضى بجواز ترك الواجب بل هو ظاهر في عدمه كما أنه لا ظهور فيه
بوجوب قصد الانفراد قبل سبقه وصحيح أبى المعزا عنه أيضا المعمول به بين الأصحاب كما في الروض في الرجل يصلى خلف امام فيسلم قبل الإمام قال ليس بذلك
بأس وصحيحة الاخر سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون خلف الامام فيسهو فيسلم قبل ان يسلم الإمام قال لا بأس إذ لو أن المتابعة واجبة لوجب عليه
تكرار السلام مع الامام كالأفعال على ما ستعرف أقول ويمكن الخدشة في دلالة هذه الأخبار على المدعى اما الرواية الأخيرة فموردها السهو بل و
كذا سابقتها إذ الظاهر أن ناوي الايتمام لا يتعمد بذلك ومن الواضح ان المراد بالسهو في مثل المقام هو الغفلة عما هو وظيفته من متابعة الامام بتأخير
التسليم إلى أن يسلم الامام لا صدور أصل السلام سهوا بحيث لا يعتد به في مقام جزية لصلوته من حيث هي ضرورة ان الداعي له إلى فعل السلام هي الإرادة
الاجمالية المغروسة في نفسه الباعثة له على الاتيان باجزاء الصلاة شيئا فشيئا فيقع في حد ذاته باعتبار كونه جزء من صلاته صحيحا كما هو الشأن في سائر الأفعال
التي يأتي بها قبل الامام سهوا من ركوع أو سجودا ورفع ونحوها ولذا نلتزم في مثل هذه الفروع كما ستعرف بأنه لو بدا له ان ينفرد يعتد بما
فعل ولا يجب عليه اعادته بل لا يجوز وانما يجب عليه اعادته مع بقائه على نية الايتمام لأجل المتابعة ومن المعلوم انه يجب عليه المتابعة ما دام مصليا
فإذا اسلم فقد انصرف عن الصلاة وخرج عن كونه مصليا فلا يشرع له بعد المتابعة ومن هنا قد يقوى عدم جواز الرجوع إلى السجود أيضا لو زعم أن الامام
رفع رأسه من السجدة الأخيرة فرفع رأسه وتشهد وسلم ثم انكشف ان الامام بعد لم يرفع وكيف كان فقياس السلام على سائر الأفعال التي نلتزم فيها بوجوب
الرجوع لأجل المتابعة قياس مع الفارق واما الصحيح الأول فمفاده ان له ان ينفرد بالتسليم ويمضى لحاجته ان أحب ولا معنى لنية الانفراد الا اختياره
عن قصد وإرادة كما هو لازم من يتعمد التقدم على الامام بالتسليم ومن هنا قد يقوى في النظر عكس ما احتمل في المسألة وهو جواز السبق في السلام وان
قلنا بعدمه في سائر الأقوال لأنه ان وقع سهوا فلا باس به وان كان عمدا فلا ينفك ذلك عن قصد الانفراد فليتأمل وكيف كان فقد ظهر مما مر ان
المتابعة وان كانت من مقومات مفهوم الايتمام ولكن الاخلال بها في جزء غير موجب لبطلان الجماعة فضلا عن الصلاة فلو رفع المأموم رأسه عامدا
من ركوع أو سجود استمر كما عن غير واحد التصريح به بل هو المشهور على الظاهر بل في المدارك قال والحكم بوجوب الاستمرار مع العمد مذهب الأصحاب
لا اعلم فيه مخالفا صريحا نعم قال المفيد رحمه الله في المقنعة ومن صلى مع امام يأتم به فرفع رأسه قبل الامام
فليعد إلى الركوع حتى يرفع رأسه معه وكذلك
إذا رفع رأسه من السجود قبل الامام فليعد إلي سجوده ليكون ارتفاعه مع الامام واطلاق كلامه يقتضي في لفرق في ذلك الناسي والعامد
650

أقول نوقش في نسبة هذا الكلام إلى المفيد في المقنعة بخلو عبارة المقنعة عنه بل هو عبارة الشيخ في التهذيب فتوهم صاحب المدارك وزعم أنه من عبارة
المقنعة فليراجع ثم قال احتج القائلون بوجوب الاستمرار ربما رواه الشيخ في الموثق عن غياث بن إبراهيم قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الرجل يرفع رأسه من الركوع
قبل الامام أيعود فيركع إذا أبطأ الامام ويرفع رأسه معه قال لا وبانه لو عاد إلى الركوع أو السجود بعد الرفع منه يكون قد زاد ما ليس من الصلاة وهو
مبطل إذ لا عذر معه يسقط اعتبار الزيادة ويشكل بضعف الرواية من حيث السند وعدم دلالتها على أن الرفع وقع على سبيل العمد وبان الفعل المتقدم
على فعل الامام وقع منهيا عنه كما هو المفروض لترتب الاثم عليه اجماعا فلا يكون مبرء للذمة ولا مخرجا عن العهدة واعادته يستلزم زيادة الواجب وهو
مبطل عندهم فيحتمل بطلان الصلاة لذلك ويحتمل وجوب الإعادة هنا كما في الناسي ان لم يثبت بطلان الصلاة بمثل هذه الزيادة كما هو ظاهر عبارة المقنعة
لاطلاق الروايات المتضمنة للإعادة أقول اما الرواية فهي موثقة فالخدشة في سندها ضعيفة واما المناقشة في دلالتها ففي محلها فان حملها
على خصوص العامد مع كون التعمد بعيدا عن ظاهر من ينوي الايتمام بعيد وانما حملها الأصحاب على ذلك تفاديا عن طرحها لمعارضتها بالأخبار الآتية
المصرحة بالرجوع وسيأتي الكلام فيه واما ما احتمله من بطلان الصلاة لبطلان جزئها باعتبار وقوعه منهيا عنه وعدم امكان تداركه لاستلزامه الزيادة
المبطلة ففيه بعد الغض عما تقدمت الإشارة إليه من أن النهي متعلق بترك المتابعة لا بالفعل المأتي به قبل الامام الا على القول باقتضاء الامر بالشئ المنهي
عن أضداده الوجودية وهو خلاف التحقيق منع كون رفع الرأس من الركوع والسجود من الواجبات الأصلية بل هو مقدمة للاعتدال الواقع بعدهما
ومن هنا قد يتجه التفصيل على القول بالاقتضاء بين الهوي للركوع والرفع منه فتبطل الصلاة بالأول دون الثاني ولكن المبنى فاسد فالحق انه
لا تبطل الصلاة بشئ منهما ولكن لو عاد إلى المتابعة يتحقق به الزيادة العمدية فتبطل بها الصلاة لذلك كما هو المشهور واما ما قواه في المدارك
من وقوع ما فعله أولا باطلا يكون اعادته ثانيا موجبا للحوق وصف الزيادة بالأول الذي كان حال صدوره موصوفا بالبطلان لا بالزيادة فمن
هنا قد يتأمل في شمول ما دل على مبطلية الزيادة لمثلة فليتأمل وكيف كان فقد وافق صاحب المدارك في مخالفة المشهور جملة من المتأخرين كالمحدث الكاشاني
والمحقق السبزواري وصاحب الحدائق فالتزموا اما بوجوب الرجوع أو جوازه اخذا بإطلاق بعض الروايات الدالة عليه كخبر محمد بن سهل الأشعري
عن أبيه عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته عمن يركع مع امام يقتدى به ثم يرفع رأسه قبل الإمام قال يعيد ركوعه معه وخبر علي بن يقطين قال سألت
أبا الحسن عليه السلام في الرجل يركع مع امام يقتدي به ثم يرفع رأسه قبل الإمام قال يعيد ركوعه معه وصحيحة الفضيل بن يسار انه سئل أبا عبد الله
عليه السلام عن رجل صلى مع امام يأتم به ثم رفع رأسه من السجود قبل ان يرفع الامام رأسه من السجود قال فليسجد وموثقة محمد بن علي بن فضال عن
أبي الحسن عليه السلام قال قلت له اسجد مع الامام وارفع رأسي قبله أعيد قال أعد واسجد وفيه ان جرى الاطلاق مجرى الغالب من عدم رفع المأموم رأسه
قبل الامام عمدا بل خطأ بزعم انه رفع رأسه لو لم يكن موجبا لانصراف الاطلاق إليه فلا أقل من كونه مانعا عن ظهوره في العمد ولذا لم يفهم الأصحاب
منه ذلك بل ربما يظهر من بعض دعوى الاجماع على عدم وجوب الرجوع مع العمد ويؤيدها عدم نقل خلاف محقق فيه عن أحد من المتقدمين الذين يعتد
بخلافهم كما ربما يؤيد المدعى أيضا اطلاق النهي الوارد في خبر غياث لو لم ندع انصرافه أيضا كسائر الاخبار المزبورة إلى صورة السهو وكيف كان
فقد تلخص مما ذكر ان ما ذهب إليه المشهور من وجوب الاستمرار مع العمد هو الأقوى واما لو كان الرفع من الركوع والسجود ناسيا للمأمومية أو بزعم
ان الامام رفع رأسه أعاد كما يدل عليه الاخبار المزبورة ولا يعارضها عموم ما دل على مبطلية الزيادة لأن هذه الأخبار أخص مطلقا من ذلك بل
لها نوع حكومة عليه بل لا يبعد ان يدعي عدم صدق اسم الزيادة عرفا في مثل الفرض الذي وقع الرفع خطاء فألغاه وعاد إلى ركوعه أو سجوده لتدارك
ما أخل به فليتأمل نعم يعارضها خبر غياث المتقدم الذي ورد فيه النهي عن الإعادة وما عن الشيخ وغيره من الجمع بينها بحمل خبر غياث على صورة
العمد وتلك الأخبار على السهو لا يخلو من اشكال فان هذا النحو من الجمع المتوقف على ارتكاب التأويل في كلا المتعارضين يحتاج إلى شاهد خارجي
وهو مفقود ولا يصلح ان يكون الشهرة أو الاجماع على الرجوع في السهو وعدمه مع العمد شاهدا لذلك وان كان قد يورث الظن أو القطع
بعدم إرادة صورة العمد من الروايات الامرة بالرجوع كما تقدمت الإشارة إليه ولكنه لا يورث الوثوق بأنه لم يرد من خبر غياث الا صورة العمد فلعله
صدر عن علة أو سيق لبيان الجواز دفعا لتوهم الوجوب والحاصل ان فتوى الأصحاب بخلاف ظاهر الرواية لا يكشف عن انه لم يرد من هذه الرواية
الا ما يوافق فتوى الأصحاب اي إرادة خصوص صورة العمد ولذا لم نجد من أنفسنا الوثوق بذلك بل المظنون عدمه فان إرادة خوص هذه الصورة التي هي فرض نادر يمكن دعوى انصراف السؤال عنه مستبعد لا يقال كفى بجعل الاجماع
شاهدا للجمع كشفه عن في رادة صورة العمد من الاخبار الامرة بالإعادة كما اعترفت به فان تلك الأخبار حينئذ بضميمة الاجماع بحكم الخاص المطلق يخصص
بها عموم خبر غياث لأنا نقول إن الاجماع من قبيل المخصص الذي يجب ملاحظة النسبة بين المتعارضين قبل التخصيص به لا بعده كما تقرر في
محله فهما في حد ذاتهما من قبيل المتباينين ولكن خبر غياث لأجل ورود النهي فيه مورد توهم الوجوب لا يظهر منه الحرمة بل مجرد الاذن في الترك الغير
المنافي لاستحباب العود فيمكن الجمع بينه وبين الاخبار الامرة بالإعادة بحمل تلك الأخبار على الاستحباب وهو من الجمع المقبول الذي لا يحتاج إلى
شاهد خارجي الا ان الالتزام به مشكل من حيث مخالفته للمشهور فان جعلنا الشهرة مسقطة لخبر غياث عن
الحجية فهو والا فالقول بعدم الوجوب كما عن
651

التذكرة ونهاية الاحكام بل الاستحباب جمعا بين الاخبار وهو الأشبه ثم انا ان قلنا بوجوب العود على الناسي فان أخل به عمدا فهل تبطل صلاته وجهان
بل قولان أقواهما الأول فان وجوب العود انما هو لأجل المتابعة التي قد عرفت ان الأقوى ان الاخلال بها في جزء غير قادح في صحة الجماعة فضلا عن
الصلاة اللهم الا ان يدعى ان ظاهر الامر في هذه الموارد هو الوجوب الشرطي اي كون المأمور به معتبرا في ماهية الصلاة المأتي بها بقصد الجماعة
ولا منافاة بينه وبين كون أصل المتابعة من حيث هي واجبا تعبديا أو مستحبا شرعيا كي يرفع اليد بسببه عن ظاهر الامر وفيه ان المتبادر من الامر في مثل
المقام ليس الا بيان ما هو وظيفته من حيث كونه مقتديا لا من حيث كونه مصليا فمخالفته غير موجبة لبطلان الصلاة بل ولا أصل الجماعة كما عرفت
واضعف منه دعى ان رفعه نسيانا لم يكن هو المطلوب منه فيحتاج إلى الإعادة كي يحصل الرفع المطلوب منه مع الامام إذ الرفع ليس من الواجبات
الأصلية كي يتوهم ان وقوعه نسيانا غير مجز مضافا إلى أن النسيان متعلق بترك المتابعة لا بالرفع كما تقدمت الإشارة إليه في نظائر المقام هذا كله في
السبق في الرفع من حيث كونه رفعا واما إذا كان قد رفع رأسه عمدا قبل ان يذكر الذكر الواجب بطلت صلاته لا للسبق بل لاخلاله بالذكر
عمدا واما إذا كان ناسيا فلا ريب في في لبطلان لكن لو عاد اليهما تحصيلا للمتابعة فهل يجب عليه الذكر لرجوعه إلى محله أم لا لخروجه عنه و
حصول ركوع الصلاة الذي كان يجب فيه الذكر ولذا لو لحقه الامام ليس له ان يرجع لتدارك الذكر فرجوعه ثانيا تكليف مستقل شرع لمحض المتابعة
فهو ركوع اخر غير الركوع الذي وجب فيه الذكر وجهان أولهما مع أنه أحوط لا يخلو من قوة لان المتبادر من الامر بالعود والرجوع والإعادة و
نحوها انما هو إرادة الغاء الزائد والعود على ما كان لا حدوث تكليف مستقل بركوع زائد للمتابعة والله العالم وكذا الحكم لو اهوى المأموم
إلى ركوع أو سجود قبل امامه فيستمر مع العمد ويرجع إلى متابعة الامام مع السهو كما هو المشهور فيهما اما انه يستمر مع العمد فيظهر وجهه مما مر وما
عن بعض متأخري المتأخرين من التردد في صحة الصلاة معه أو جزمهم بالعدم بدعوى وقوع الفعل منهيا عنه فلا تقع جزء من العبادة ولا يمكن تداركه
لاستلزامه الزيادة المبطلة قد عرفت ضعفه فيما مر نعم عن التذكرة والذكرى وجملة ممن تأخر عنهما تقييد الصحة مع السبق إلى الركوع بما إذا لم
يكن قبل فراغ الامام من القراءة والا فسدت الصلاة بل عن الذكرى التصريح بالبطلان حتى فيما إذا كان قد قرء المأموم بنفسه في صورة يستحب له ذلك
بناء على في جزاء الندب عن الفرض وفي الجواهر بعد نقل ذلك عنه قال وهو جيد ان لم يثبت ضمان الامام لها على جميع أحوال المأموم كما لعله الظاهر
من اطلاق الأدلة والفتاوي في المقام وغيره فلا يعتبر في المأموم حينئذ ما يعتبر في القاري حال القراءة من الطمأنينة والانتصاب ونحوهما بل قد يؤمي إليه
زيادة على ذلك ايتمامه في أثناء القراءة أو بعدها مع اكتفائه بقراءة الامام بل وظاهر اتفاقهم في صورة السبق سهوا على في لقرائة عليه
بعد رجوعه إلى متابعة الامام إذا كان قد ركع في أثنائها على أنه يجب تقييدها ذكروه بما إذا لم يكن ذلك غفلة عن القراءة وان كان هو قد تعمد السبق
انتهى أقول إن كان مبني التقييد المزبور الالتزام بأنه يجب على المأموم حال قراءة الإمام مراعاة الشرائط المعتبرة حال القراءة بدعوى ان غاية ما
ثبت بالأدلة انما هو قيام قراءة الإمام مقام قرائته فعليه الاتيان بسائر ما يجب عليه حال القراءة عدى النطق بألفاظها فيرد عليه مضافا إلى ما أورد
عليه في الجواهر انه لا دليل على اعتبار شئ من ذلك في حق غير المتلبس بالقراءة فهي من شرائط صحة القراءة لا تتعدى إلى غير القاري نعم القيام بنفسه
مع قطع النظر عن شرطيته للقرائة بحسب الظاهر من افعال الصلاة فيجب على المأموم متابعة الامام فيه من حيث كون الامام متشاغلا
بالقراءة حاله فلو تخلف عنه بتقدم أو تأخر فاحش بلا عذر لا يترتب عليه عدى الاثم على حد غيره من الافعال حسبما عرفت لا يقال إنه متى سبقه عمدا إلى الركوع فقد أخل بالقيام
لأنا نقول القيام المعتبر في ماهية الصلاة من حيث هي غير محدود بحد غاية ما يمكن الالتزام به كونه بمقدار ما يمكنه من القراءة الواجبة في الصلاة على تقدير
كونها مطلوبة منه لا بمقدار قراءة الإمام كما لا يخفى ولكن يمكن ان يكون مبنى التقييد المزبور على ادعاء عدم تنجز التكليف بالركوع في حق المأموم ما لم يفرغ الامام
من قرائته لأن مرتبة الركوع بعد القراءة وفعل الامام مسقط لها عن المأموم فما لم يفرغ الامام عنها لم يسقط التكليف بها عن المأموم ولذا لو نوى
الانفراد في أثناء القراءة وجب عليه الاتيان بما بقي وكون الامام ضامنا لقرائة من خلفه معناه ان المأموم يكل القراءة إليه ويكتفي بقرائته لا
ان الصلاة شرعت في حقه بالذات بلا قراءة كي يكون الركوع الصادر منه قبل تلبس الامام بالقراءة أو في أثنائها من حيث جزئيته لصلاته واقعا في
محله غير فاقد الا التبعية للامام بل هو ركوع صادر منه قبل فعل القراءة أو حصول مسقطها عمدا فلا يصح ولا يرد عليه حينئذ شئ من التعويض المزبور إذ
لا منافاة بينه وبين جواز اللحوق بالامام في أثناء القراءة أو بعدها ولا بينه وبين عدم وجوب القراءة عليه بعد رجوعه إلى متابعة الامام في صورة
السبق سهوا كما هو واضح نعم قد يتوهم التنافي بالنسبة إلى صورة السبق سهوا بين ما ذكرناه وبين ما سنذكره من أن الأظهر صحة ما صدر منه أولا
وانه لو استمر عليه لم يبطل صلاته فان هذا ينافي عدم كون التكليف بالركوع متنجزا في حقه ويدفعه ان حاله مع السهو حال المنفرد في أنه لو ركع سهوا
قبل اكمال القراءة صح ركوعه ووقع في محله لان اعتبار القراءة في الصلاة مخصوص بحال الالتفات فتلخص مما ذكر ان التقييد المزبور لا يخلو من وجه
فليتأمل واما انه يجب عليه الرجوع مع السهو فقد استدل عليه بمكاتبة ابن فضال إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام في الرجل كان خلف امام يأتم به فيركع قبل
ان يركع الامام وهو يظن أن الامام قد ركع فلما رآه لم يركع رفع رأسه ثم أعاد الركوع مع الامام أيفسد ذلك صلاته أم تجوز تلك الركعة فكتب
652

يتم صلاته ولا تفسد صلاته بما صنع وعدم دلالتها على حكم الناسي وعدم وجوب العود بل جوازه غير ضائر بعد في لقول بالفرق بين الظان والناسي و
مساواتهما في المعذورية بل أولوية الناسي بها وعدم القول بجواز العود والاستمرار وعدم القول بالفرق بين هذه المسألة وسابقتها اي الرفع سهوا
هكذا قيل وهو وجيه ان تحققت الاجماعات المزبورة والا فالجواز أشبه بل قد عرفت في المسألة السابقة ان الالتزام بذلك وحمل الاخبار الامرة بالرجوع
على الاستحباب لو لم يكن مخالفا للاجماع أوفق بما يقتضيه الجمع بين الاخبار وقد يستدل أيضا الوجوب الرجوع بعموم قوله صلى الله عليه وآله انما جعل الامام اماما
ليؤم به فإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا وفيه ان المنساق من الخبر إرادة ايجاب ربط المأموم صلاته بصلاة الامام بان يأتي بافعاله تبعا لفعل
الامام لا تشريع نفس التبعية من حيث هي حتى فيما لم يكن بنفسه مشروعا كزيادة ركعة أو نقصها أو نقص شئ من واجباتها وانما ثبت جواز ذلك في
الموارد التي تلتزم فيها بالأدلة الخارجية لا بهذا الدليل فالعمدة في جواز الرجوع أو وجوبه هو ما عرفت وكيف كان فقد حكى عن بعض المتأخرين
التفصيل بين الركوع والسجود فيرجع في الأول وتفسد الصلاة أو يستمر في الثاني اقتصارا في جواز الرجوع المخالف لأصالة مبطلية الزيادة على مورد
النص وفيه بعد الغض عما ادعى من الاجماع على في لفرق والقطع باتحاد المناط ما تقدمت الإشارة إليه فيما مر من امكان شمول أدلة
الزيادة أو انصرافها عن مثل هذه الزيادة التي اتى بها بقصد تدارك المتابعة التي فاتته سهوا فمقتضى الأصل عدم بطلان الصلاة بالرجوع
في مثل الفرض وجوازه برجاء المطلوبية لو لم ندع القطع بها ثم انك قد عرفت في المسألة السابقة ان المتجه بناء على وجوب الرجوع إلى المتابعة انه لو أخل بذلك واستمر
على ركوعه لا يترتب عليه الا الاثم فكذلك الكلام في المقام عدى انه قد يتخيل اختصاص ذلك بما إذا لم يكن الامام في حال القراءة والا بطلت الصلاة بترك
اللحوق به كما عن الغرية وفوائد الشرائع التصريح به إذ هو حينئذ كالركوع عمدا قبل فراغ الامام من القراءة ويدفعه انه ان قلنا بان الركوع الذي يعتد به و
يقع جزء من صلاته هو الركوع الذي يأتي به ثانيا مع الامام دون الأول الذي صدر قبل الامام سهوا فمقتضاه بطلان الصلاة بالاخلال به بترك
الرجوع مطلقا سواء وقع قبل اكمال القراءة أم بعده بل قضية ذلك اعتبار إعادة الركوع حتى مع نية الانفراد فضلا عن بقائه مأموما وان قلنا بصحة
الأول ووقوعه جزء من الصلاة وان الثاني شرع لمحض المتابعة فلا يتفاوت الحال حينئذ بين وقوعه قبل اكمال القراءة أو بعده لسقوط اعتبار القراءة
بتلبسه بالركوع سهوا كما تقدمت الإشارة إليه انفا فليس الرفع منه الا كركوعه ثانيا لمحض المتابعة والا فله نية الانفراد والاجتزاء بما وقع اللهم الا
ان يقال إن الأول يقع صحيحا ولكن صحته مراعاة بعدم الغائه والرجوع إلى متابعة الامام والا فيصح الثاني ويلغو الأول نظير العبادات التي شرعت اعادتها
لتدارك بعض الآداب التي أخل بها فعلى هذا لا يبعد ان يقال إن سقوط القراءة التي هي من أهم اجزاء الصلاة موقوف على فعلها أو تحمل الامام أو فوات
محلها اما الأولان فلم يتحققا بعد في الفرض واما فوات محلها وان تحقق بدخوله في الركوع ولكن حيث يجوز له الغاء الركوع والعود إلى محلها فكأنه لم
يفت فيشكل معه رفع اليد عما يقتضيه عموم لا صلاة الا بفاتحة الكتاب ما لم يتحقق مسقطها وهو قراءة الإمام فالقول بالبطلان حينئذ موافقته للاحتياط
لا يخلو من وجه كما أن المتجه على تقدير الالتزام بصيرورة الأول لغوا بالغائه جواز الاخلال بالذكر الواجب فيه والمسارعة إلى الرفع لأجل المتابعة كما يقضيه
اطلاق فتاواهم ويؤيده اطلاق الجواب في الموثقة من غير استفصال فالقول به لا يخلو من قوة مقتضيا الالتزام بوجوب الذكر والطمأنينة وغير ذلك مما يعتبر
في ركوع الصلاة في الركوع الذي يعيده مع الامام فلو أخل بشئ منها عمدا أو بالقيام المتصل به ولو سهوا بطلت صلاته اللهم الا ان يقال إن رفع اليد
عن الركوع السابق انما يؤثر في لغويته لو تداركه صحيحا والا فلو أخل بشئ من واجباته وكان رجوعه إلى المتابعة بعد الاتيان بالذكر الواجب لم يؤثر ذلك
في لغوية الأول بل الثاني الذي لم يأت به بشرائطه يقع كذلك فالاخلال بالواجبات في الثاني غير موجب لبطلان الصلاة على الاطلاق بل فيما إذا لم
يكن الأول جامعا لشرائطه كما هو الشأن في سائر ما شرعت اعادته بنية الإجادة فليتأمل ولا يجوز ان يقف المأموم قدام الامام بلا خلاف فيه على الظاهر
بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه ويدل عليه مضافا إلى الاجماع المستفيض نقله ان يكون متواترا المعتضد بالسيرة المستمرة الجارية على الالتزام بعدم
تقدم المأموم على الامام في الموقف ان الجماعة امر توقيفي متلقى من الشارع بكيفية مخصوصة على وجه علم كون هذه الكيفية من الخصوصيات الملحوظة في الشريعة
لا من باب محض الاتفاق أو العادة كما يفصح عن ذلك الروايات الآتية الدالة بظاهرها على أن وظيفة الامام ان يتقدم على المأمومين كما يؤمي إليه لفظه
فضلا عن أن يتقدموا عليه هذا مضافا إلى معروفية الحكم لدى المتشرعة من الصدر الأول على وجه كاد ان يلحق لديهم بالضروريات وربما يستدل له أيضا
بخبر محمد بن عبد الله المروي عن التهذيب قال كتبت إلى الفقيه اسئله عن الرجل يزور قبور الأئمة عليهم السلام هل يجوز ان يسجد على القبر أم لا وهل يجوز لمن صلى
عند قبورهم ان يقوم وراء القبر ويجعل قبلة ويقوم عند رأسه ورجليه وهل يجوز ان يتقدم القبر ويصلي ويجعله خلفه أم لا فأجاب وقرأت التوقيع و
منه نسخت واما السجود على القبر فلا يجوز في نافلة ولا فريضة ولا زيارة بل يضع خده الأيمن على القبر واما الصلاة فإنها خلفه ويجعله الامام ولا يجوز ان
يصلي بين يديه لان الامام لا يتقدم ويصلى عن يمينه وشماله وعن الطبرسي في الاحتجاج عن محمد بن عبد الله الحميري عن صاحب الزمان عليه السلام مثله الا
أنه قال ولا يجوز ان يصلي بين يديه ولا عن يمينه ولا عن شماله لان الامام لا يتقدم ولا يساوى وتقريب الاستدلال انه عليه السلام جعل القبر الشريف بمنزلة
امام الجماعة في الاحكام ثم أشار إلى عدم جواز الصلاة بين يدي القبر وعلله بان الامام لا يتقدم وفيه انه لا وثوق بإرادة هذا المعنى من الرواية كما تقدم
653

التنبيه عليه في مبحث المكان فراجع واضعف منه الاستدلال بقوله صلى الله على وآله انما جعل الامام اماما ليؤتم به إذ المتبادر منه بشهادة ما فيه من التفريع إرادة
الايتمام به في افعال الصلاة لا في مكانها فليتأمل وكيف كان فلا اشكال في أصل الحكم وانما الاشكال فيما نسب إلى المشهور بل عن التذكرة دعوى الاجماع
عليه من جواز المساواة فإنها أيضا خلاف الكيفية المعهودة المتلقاة من الشارع المستكشفة بالسيرة وغيرها من
الروايات الآتية المشعرة أو الظاهرة بان وظيفة
الامام التقدم والمأموم التأخر كما حكى القول به عن الحلي وقواه غير واحد من المتأخرين واستدل للمشهور بعد الأصل واطلاق أدلة الجماعة ونقل الاجماع
المحكى عن التذكرة باطلاق الروايات الآتية في محلها التي ورد فيها الامر بوقوف المأموم الواحد عن يمين الامام والاذن له بالوقوف حذاء الامام
إذا لم يجد في الصف مكانا واشعار حكم أمير المؤمنين عليه السلام بصحة صلاة المختلفين في دعوى كل منهما الامام إذ لا يكاد يصدر هذه الدعوى منهما الا مع المساواة والا
فلا يصغى إلى دعوى الإمامة من المتأخر وكذا الامر بقيام المرأة وسطا لو صلت جماعة في النساء في عدة اخبار مع ما في جملة منها من التصريح بأنها لا تتقدمهن
كمرسلة ابن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث المرأة تؤم النساء قال نعم تقوم وسطا بينهن ولا تتقدمهن وغيرها مما ستعرفه في محله إن شاء الله تعالى وما ورد في كيفية
امامة العاري العراة وخبر الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام قال الرجلان صف فإذا كانوا ثلاثة تقدم الامام وفي خبر أبي علي الوارد عن
الصادق عليه السلام في منع الجماعة الذين دخلوا المسجد قبل ان يتفرق جميع من فيه عن الاذان ثم قال فيه ان أرادوا ان يصلوا جماعة فليقوموا في ناحية المسجد ولا يبدو
بهم امام ونوقش في الجميع اما في الاجماع فبعدم العثور على مصرح بذلك من القدماء بل ولا حكى عنهم عدى انه نسب إلى ظاهر الشيخ وابن حمزة
والمصنف مع أنه في مفتاح الكرامة قال قد يظهر من جمل العلم والعمل موافقة الحلي في المنع فلا ظن حينئذ بالاجماع بل لعل المظنون خلافه وفي الأصل بأنه
ان لم يكن مقتضاه العكس باعتبار التوقيفية فهو مقطوع بما تقدمت الإشارة إليه واما اطلاقات أدلة الجماعة فهي واردة مورد احكام اخر كما لا يخفى
على المتأمل بل وكذا اطلاق اليمين والحذاء والصف الواحد حيث إن المراد بها ما يقابل الخلف والصفين فلا ينافيه اعتبار التقدم بمقدار يسير
بحيث لا يخرج به عن مصداق هذه الأسامي واما مسألة المتداعيين في الإمامة فهي سؤال عن قضية صدرت من باب الاتفاق فيمكن ان يكون منشأ الاشتباه
غفلة كل منهما عن مراقبة حال الاخر أو كون المتأخر منهما أو كلاهما أعمى فالتبس عليهما الامر إلى غير ذلك من أسباب الاشتباه كما هو الشأن في سائر
افعال الصلاة مما يعتبر فيه تأخر المأموم ولو بمقتضى العادة واما الاخبار التي ورد فيها الامر بقيام المرأة وسطا فالمنساق منها إرادة ما يقابل
التقدم على النهج المتعارف في صلاة الجماعة بان يكون الامام بين يدي المأمومين فالتقدم بهذا النحو هو المتبادر من النهي عن أن تتقدمهن كما أن
المتبادر من الامر بتقدم الامام فيما إذا كانوا ثلاثة فما زاد في خبر الحسين ونحوه انما هو ذلك فالمراد بالصف الواحد فيما إذا انحصر الجماعة في رجلين
ما يقابله واما ما ورد في كيفية امامة العاري العراة فعلى عكس المطلوب أدل كما ستعرف واما خبر أبي علي ففيه مع امكان الخدشة فيه بنحو ما عرفته في
نظائره في بعض النسخ المعول عليه ولا يبدر بهم امام بالراء المهملة لا بالواو فعلى هذا يكون باب المناقشة فيه أوسع كما لا يخفى واستدل للقول
بوجوب التأخر مضافا إلى ما تقدمت الإشارة إليه من الاقتصار على الثابت المعلوم من فعل النبي والأئمة والصحابة والتابعين وسائر المسلمين بما في خبر
محمد بن عبد الله الحميري المتقدم المروي عن الاحتجاج من النهي عن أن يصلي عن يمينه وشماله معللا بان الامام لا يساوى وصحيحة ابن مسلم عن الباقر عليه السلام
عن الرجل يؤم الرجلين قال يتقدمهما ولا يقوم بينهما والروايات الكثيرة المشتملة على الامر بتقديم امام في مسألة ما لو مات الامام في أثناء الصلاة أو
حدث له مانع عن اتمام صلاته أو ذكر انه على غير وضوء ونظائرها فلم لم يكن وظيفته ما لم يكن على الامام مثلا ان يأخذ بيد واحد ويقدمه بل كان يأمر القوم بان
يأتموا به من غير حاجة إلى أن يحوله من مكانه وما ورد في كيفية امامة العاري العراة كصحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن قوم صلوا
جماعة وهم عراة قال يتقدمهم الامام بركبتيه ويصلي بهم جلوسا وهو جالس وموثقة إسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام قوم قطع عليهم الطريق و
اخذت ثيابهم فبقوا عراة وحضرت الصلاة كيف يصنعون قال يتقدمهم امامهم فيجلس ويجلسون خلفه فيؤمئ ايماءا للركوع والسجود وهم يركعون و
يسجدون وعلى وجوههم مع المحافظة على عدم بدو عورته ويمكن الخدشة في هذه الأدلة أيضا اما في الاقتصار الثابت من فعل الحجج عليهم السلام فبان
مرجعه إلى اصالة الاحتياط والا فليس حال الجماعة الا حال سائر العبادات المجملة التي قد حققنا في محله من أن المرجع لدى الشك في شرطية شئ لها
أو جزئية البراءة دون الاحتياط واما استقرار سيرة المتشرعة على التأخر فليس مبنيا على التزامهم بعدم جواز المساواة على حد التزامهم بعدم جواز
التقدم بحيث يحصل منه الوثوق بكون الحكم كذلك متلقيا من الحجة خصوصا مع مخالفته معظم الأصحاب واما المكاتبة المروية عن الاحتجاج فهي
مع الغض عن سندها ودلالتها معارضة برواية الفقيه التي هي أوثق منها كما لا يخفى واما صحيحة ابن مسلم فالمراد بالتقدم فيها ما يقابل اليمين
الذي ورد الامر بقيام الواحد إليه في جملة من الاخبار فهذا الامر محمول على الاستحباب باعتراف الخصم كما ستعرف وبهذا يظهر لك الجواب عن
الروايات التي ورد فيها الامر بتقديم امام إذ المنساق إلى الذهن إرادة تقديمه على المأمومين على النهج المعهود في الجماعات فهو للاستحباب جزما
واما ما ورد في كيفية العاري فلا تدل الا على عدم سقوط هذه الوظيفة عن العراة وكونها مرعية في حقهم واما انها على سبيل الوجوب أو في الاستحباب
أو لأجل تميز الامام عن غيره كي يقتدى بافعاله فلا يكاد يفهم منه هذا ولكن الانصاف ان انكار ظهور الخبرين الواردين في العراة في الوجوب لا يخلو من
654

مجازفة خصوصا ثانيهما إذ الظاهر أن امر الامام بالايماء لعدم الامن من المطلع بلحاظ تقدمه على من خلفه فلو جازت المساواة لامر الجميع بان يصلوا في
صف واحد بركوع وسجود ولم يكن الإمامة مقتضية لتجويز الايماء في حقه فالقول بوجوب التأخر في الجملة مع أنه أحوط لا يخلو من قوة وخصوصا
في المأموم المتعدد بل في الحدائق أوجب التأخر في المتعدد والمساواة في الواحد مستدلا على مختاره بتكاثر الاخبار واستفاضتها بأنه متى كان
المأموم متحدا فموقفه عن يمين الامام والمتبادر منه المحاذاة وان كان أكثر فموقفهم خلفه ثم قال وحينئذ فحكمهم بالاستحباب في كل من الموقفين مع دلالة
ظواهر الاخبار على الوجوب من غير معارض سوى مجرد الشهرة تحكم محض انتهى وفيه ما تقدمت الإشارة إليه من أن المراد بقيام المتعدد خلفه
هو ان يجعلوا الامام بين أيديهم بحيث يصلون ورائه فهو ليس للوجوب جزما كما أن الامر بقيام الواحد عن يمينه أيضا كذلك إذ لا شبهة في أنه
يجوز للمأموم الواحد ان يقف خلف الامام وعن يساره وكذا لا شبهة في أنه يجوز للمتعدد ان يقفوا عن يمين الامام أو شماله إذا تأخروا عنه بقليل كما
يدل عليه مضافا إلى عدم خلاف يعتد به في شئ من الروايات الدالة على استحباب ان يحول الامام المأموم الواحد الذي يصلي على يساره إلى
يمينه فإنه تدل على صحة تلبسه بالصلاة وانه لو لم يحوله الامام إلى يمينه ولو لجهله بالحكم أو الموضوع أو غفلته عنه مضت صلاته كما ربما يؤيد
ذلك أيضا ما ورد في المتداعيين في الإمامة أو المأمومية فتأمل والأخبار النافية للبأس عن أن يقوم الرجل في الصف وحده معللا بان الصف
يبدء واحد بعد واحد فإنها باطلاقها تعم الواحد الذي يدخل المسجد أول القوم فيقف خلف الامام في الصف الأول ويصلي بصلاته وما دل
على كراهة ان يقف المأموم وحده خلف الصفوف وانه إذا لم يجد في الصفوف مكانا يقف بحذاء الامام لا خلفهم فإنه يدل على جواز
القيام بحذاء الامام مع تعدد المأمومين وربما يؤيد ذلك أيضا ما ورد في كيفية الجماعة للنساء وفي امامة العاري العراة إلى غير ذلك من الشواهد
والمؤيدات مما يقف عليه المتتبع فلا ينبغي الارتياب في شئ من ذلك ثم إن مقتضى اطلاق كلمات الأصحاب في فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم المحكية
كإطلاق الخبرين الواردين في العاري الذين اعترفنا بظهورهما في شرطية التأخر في الجملة كون عدم تقدم المأموم على الامام شرطا واقعيا لا علميا
فلو أخل به ولو سهوا بطلت قدوته بلا اشكال فيه لدى استمراره على ذلك وأما لو عاد إلى موقفه فهل تعود قدوته أم تحتاج إلى تجديد
النية ان جوزناها للمنفرد أم يفصل بين العمد والسهو ففي الأول تتوقف على التجديد دون الثاني وجوه أومى إليها الشهيد في محكي الذكرى فقال
لو تقدم المأموم في أثناء الصلاة متعمدا فالظاهر أنه يصير منفردا لاخلاله بالشرط ويحتمل ان يراعى باستمراره أو عوده إلى موقفه فان عاد أعاد
نية الاقتداء ولو تقدم غلطا أو سهوا ثم عاد إلى موقفه فالظاهر بقاء القدوة للحرج ولو جدد نية الاقتداء هنا كان حسنا وكذا الحكم لو تقدمت
سفينة المأموم على سفينة الامام فلو استصحب نية الايتمام بعد التقدم بطلت صلاته وقال الشيخ في الخلاف لا تبطل لعدم الدليل انتهى والأحوط ان
لم يكن أقوى في كلتا الصورتين اما اتمام صلاته منفردا أو إعادة نية الاقتداء ان جوزناها بعد الانفراد واما ما استدل به لبقاء القدوة مع
السهو من الحرج فلم يتضح وجهه وما ذكره في ذيل كلامه من الحكم ببطلان صلاته لو استصحب نية الايتمام مع التقدم ينبغي تقييده بما لو أخل بوظيفة
المنفرد من ترك قراءة أو زيادة ركن ونحوه للمتابعة والا فالحق ان مجرد هذه النية غير مؤثر في البطلان لما حققناه في مبحث النية من أن الجماعة ليست من
الفصول المنوعة لماهية الصلاة في مقابل الفرادى بل هي خصوصية موجبة لتأكد مطلوبية الطبيعة ولحوق احكام خاصة بها فلا يكون قصدها منافيا لقصد
أصل الطبيعة بل متوقف عليه ولا يتوقف وقوعها فرادى على قصد حصولها كذلك بل على عدم قصد الجماعة أو عدم سلامتها له فمتى لم تصح جماعة وقعت
بنفسها فرادى وان لم يقصدها كذلك ما لم يخل بشئ مما يعتبر فيها حال الانفراد ولعل ما حكاه عن الشيخ من الحكم بعدم البطلان أريد به في مثل هذا الفرض لا
مطلقا فليتأمل وربما استظهر من المشهور القول ببطلان أصل الصلاة مع التقدم لا خصوص الجماعة وفيه تأمل وكيف كان فالأقوى ما عرفت والله العالم
ثم إن المدار في التقدم والمساواة العرف كما صرح به غير واحد من المتأخرين إذ لم يتحقق فيهما حقيقة شرعية ولا تحديد شرعي فكان ما وقع للأصحاب من
تقديرهما في حال القيام أو هو مع الركوع بالأعقاب أو بها والأصابع معا أو بالمناكب خاصة وبأصابع الرجل في حال السجود وبمقاديم الركبتين
والاعجاز في حال التشهد والجلوس وبالجنب في حال الاضطجاع لإرادة ضبط مفهومها عرفا والا فليس في نصوص المقام تعرض لشئ من ذلك عدى
انه ورد في كيفية صلاة العراة ان الامام يتقدمهم بركبتيه ولا يبعد ان يدعى ان المقصود بذلك أدنى ما يجزي مما يتحقق معه اطلاق اسم التقدم في العرف
وكيف كان فيشكل الاقتصار على الأقل مما ينسبق ارادته من هذه الرواية وهو مجموع الركبة إذ المتبادر من هذه الرواية إرادة الاقتصار على أدنى ما
يجزي مما يتأدى به وظيفة الإمامة من التقدم كما أن الأحوط ان لم يكن الأقوى حفظ مثل هذا النسبة في سائر أحوال الصلاة حتى حال السجود بالنسبة
إلى مسجده وموضع ابهامه والله العالم ولابد في صحة الجماعة للمأموم وترتب احكامها عليه من نية الايتمام بلا خلاف فيه ولا اشكال لان عنوان
الاقتداء الذي هو مناط ترتب الآثار من سقوط القراءة ونحوه لا يتحقق الا بها فلو لم ينوه كان منفردا فعليه رعاية احكامه فلو مضى على احكام الجماعة
والحال هذه بطلت صلاته وعليه يحمل ما عن بعض من الحكم بأنه لو أخل بنية الاقتداء بطلت صلاته فان معناه انه لو صلى جماعة من دون نية الايتمام
كانت صلاته باطلة لا انها تبطل مطلقا حتى فيما إذا راعى فيها وظيفته إذ لا مقتضى حينئذ لبطلانها أصلا حتى فيما إذا الزم نفسه بمتابعة الامام صورة وصيرورته
655

كالمأموم إذ ليس فيه عدى انه قرن فعله بفعل غيره وهو ليس من منافيات الصلاة لانحصار المنافيات بمقتضى الأصول والقواعد فيما عداه مما عرفته
في محله خلافا للمحكى عن الشافعية في أصح وجهيها لأنه وقف صلاته على صلاة الغير لا لاكتساب فضيلة الجماعة ولما فيه من ابطال الخشوع وشغل القلب
وفيه ما لا يخفى لا يقال إنه متى الزم نفسه على في لتخلف عن الامام فقد نوى الايتمام إذ لا معنى للايتمام الا المتابعة وهي حاصلة في الفرض فعليه الالتزام
باحكام الجامع لأنا نقول الايتمام والتبعية ربط معنوي لا يحصل بمجرد الالتزام بعدم المفارقة الا ترى ان من الزم نفسه بان يمشي وراء زيد بقصد ممانعته
عن الفرار أو غير ذلك من الاغراض المباينة لقصد المتابعة لا يعد من خدمه واتباعه ولا مقتديا به في مشيه فكذا من الزم نفسه بمتابعة الامام لا بقصد
الايتمام بل لحفظ عدد ركعاته وافعاله عن السهو مثلا فلا ينبغي الاستشكال فيه ولا في صحة صلاته ما لم يؤد
ذلك إلى الاخلال بشئ من واجبات
الصلاة من قراءة ونحوها أو الآيتان بشئ من منافياتها من زيادة ركوع أو سجود أو حصول سكوت طويل ونحوه أو اتى بها كذلك رياءا أو لغير ذلك
من الاغراض المؤثرة في حرمة عمله المنافية لوقوعه عبادة والا بطلت لذلك لا من حيث هو فتخلص مما ذكر ان قصد الايتمام شرط في انعقاد الصلاة جماعة
لا في صحتها من حيث هي نعم قد يتجه الحكم بفسادها من حيث هي لدى الاخلال بنية الايتمام فيما كانت الجماعة شرطا في صحتها كالجمعة والفريضة المعادة
لادراك الجماعة بناء على عدم شرعيتها الا بهذا الوجه فليتأمل ثم إن في عبارة المصنف إشارة إلى أنه لا يعتبر في الامام نية الإمامة وسيأتي في كلامه التصريح
بذلك وهو حق بل لو صلى بنية الانفراد جاز لغيره ان يأتم به فيلحقه وصف الإمامة ويرجع كل منهما إلى الاخر في شكه بلا خلاف فيه على الظاهر ولا اشكال لان
افعال الامام مساوقة لما يفعله المنفرد فلا وجه لاعتبار تمييز أحدهما عن الاخر بالقصد كما عرفته في محله نعم استحقاق الاجر عليها موقوف على قصدها
الا ان يكون من باب التفضل والرحمة الواسعة كما لا يخفى هذا كله في الجماعة المستحبة واما الواجبة فقد يقال بوجوب قصدها على الامام أيضا قال شيخنا المرتضى
رحمه الله ما صورته ثم إنهم قد ذكروا وجوب نية الجماعة على الامام فيما تجب فيه الجماعة من الصلوات إذ الجماعة مقومة لها فيلزم من انتفائها انتفاء الصلاة
وهو حسن لو أخل بنية الجماعة تفصيلا واجمالا اما لو نواها اجمالا في ضمن نية أصل نوع الصلاة التي اخذ فيها الجماعة فلا وجه لبطلان الجماعة ولا الصلاة
فتغني حينئذ نية الجمعة عن الجماعة كما تغني عن سائر شروطها وهو الذي رجحه صاحبا المدارك والذخيرة تبعا للمحكى عن المحقق الأردبيلي قدس الله اسرارهم
اللهم الا ان يقال إن الجماعة إذا كانت مأخوذة في الجمعة فلابد في تحققها من قصدها وليس من قبيل سائر الشروط إذ ليس فيها ما يعتبر في تحققه قصده كما لا
يخفى فالأجود ما عليه جماعة تبعا للشهيد والمحقق الثاني من وجوب القصد إلى الإمامة ظاهرا انتهى. أقول الظاهر أن مفهوم الجماعة بل وكذا الإمامة كسائر
الشروط المعتبرة فيها غير متوقف على القصد فما رجحه في المدارك غيره من عدم اعتبار قصد الإمامة لا يخلو من قوة اللهم الا ان يقال إن العلم بشرعية الصلاة التي
قصد التلبس بها موقوف على أن يقصد اما الإمامة أو الايتمام والا فلا يتأتي منه قصد التقرب فليتأمل وكذا لابد من القصد إلى امام متحد معين بلا
خلاف فيهما على الظاهر بل اجماعا كما ادعاه غير واحد فلو كان بين يديه اثنان مثلا فنوى الايتمام بهما أو بأحدهما ولم يعين بان قصد الايتمام بأحدهما
على سبيل الاجمال والابهام الصادق على كل واحد منهما اي أحدهما لا بعينه لم تنعقد الجماعة كما يدل على الأول مضافا إلى الاجماع انه لم يشرع الجماعة كذلك
فلا يترتب عليه احكامها الثابتة في الشريعة بل وكذلك الثاني مع أن الايتمام علاقة خارجية لا يعقل تعلقها بالمبهم الذي ليس له وجود الا في الذهن اي
مفهوم أحدهما نعم يمكن ان يتعلق بواحد معين مردد عنده بين شخصين أو أكثر كما لو صلوا جميعا بين يديه وتوافقوا في الافعال وكان أحدهم زيد الذي
يعتقد بعدالته فنوي الاقتداء به واحرز متابعته بفعله في ضمن فعل الجميع أو وقف بين جماعتين يعلم اجمالا بان إحديهما تقتدي بزيد والأخرى بعمرو فنوى
الايتمام بزيد حال اشتغال الامامين بالقراءة وهو يعلم بأنه لدى افتراق أحدهما عن الاخر يميز مقتداه بصوت مؤذنه مثلا ويتمكن من متابعته في افعاله إلى
غير ذلك من الفروض التي يتمكن فيها من الايتمام بأحدهما المعين في الواقع المردد عنده ففي مثل هذه الموارد لا مانع عن الالتزام بالصحة لحصول الاقتداء
بمعين في الواقع وتردده عنده بين شخصين أو أكثر مع علمه اجمالا بوجوده بين يديه وكونه مقتديا بافعاله غير قادح في ذلك إذ لا دليل على اعتبار تمييز شخص
الامام عما عداه مفصلا بل الأصل قاض بعدمه ولم يظهر من حكم الأصحاب بوجوب القصد إلى امام معين إرادة ما ينافيه بل كثيرا ما لدى كثرة الجماعة يشتبه
شخص الامام على من بعد عنه ويتردد بين متعدد أو بينه وبين شبح اخر يراه من بعيد فغاية ما يلزم في فرض وقوفه بين الجماعتين مثلا انه لا يعلم بمكان امامه
الذي هو زيد وان اتصاله به هل هو من جانبه الأيمن أو الأيسر فليتأمل ولو نوى الاقتداء بزيد فظهر انه عمرو بطلت صلاته وان كان عمروا أيضا اهلا للإمامة
على ما صرح به غير واحد بل ربما يظهر من كلماتهم التسالم عليه وعللوه بان من قصد الاقتداء به لم يقتد به ومن اقتدى به لم يقصده بالاقتداء وقد صرح في الجواهر
بعدم الفرق في ذلك بين ظهور ذلك بعد الفراغ أو في الأثناء إذ نية الانفراد هنا كعدمها لعدم وقوع ما نواه وعدم نية ما وقع عنه وفائدة التعيين
التوصل به إلى الواقع لا انه يكفي وان خالف الواقع انتهى أقول إن تم اجماعهم عليه فهو والا فللنظر فيه مجال كما اعترف به شيخنا المرتضى رحمه الله اما
أولا فإنهم اعترفوا بأنه لو اقتدى بهذا الحاضر معتقدا انه زيد فبان انه عمرو لم يقدح ذلك في صحة اقتدائه لكون مقتداه متعينا لديه بالإشارة واعتقاد كونه
زيدا لا يخرجه عن كونه بعينة مقصودا بالاقتداء فحينئذ نقول إن ما نحن فيه لا محالة يؤل إلى ذلك لما أشرنا إليه انفا من أن الايتمام علاقة خارجية لا يعقل
تعلقه بمفهوم زيد بل بالشخص الخارجي الذي اعتقده زيدا وهو هذا الحاضر فاعتقاد صدق عنوان زيد على هذا الحاضر سبب لقصد الايتمام بهذا الشخص الحاضر
656

بعينه لا غير والحاصل ان الايتمام لا يتعلق قصده الا بهذا الشخص الخارجي الحاضر بين يدي المصلين المربوط افعالهم بفعله غاية الأمر انه قد يكون
الداعي إلى الايتمام به حضوره بحيث لو كان غيره مكانه ممن شأنه ان يصلى في هذا المكان لكان يأتم به من غير أن يكون لوصف كونه مسمى بزيد الذي
اعتقده فيه مدخلية في ذلك بل هو لديه كسائر عوارضه المشخصة ككونه ابيض أو اسود أو غير ذلك مما لا مدخلية له في الايتمام وقد يكون الداعي
إليه هو هذا الاعتقاد فيكون اعتقاد كونه زيدا علة لاختيار الايتمام بهذا الشخص فالمنوى ليس الا الايتمام بهذا الحاضر ولكن منشأه الخطاء في اعتقاد
كونه مصداقا لمفهوم زيد وثانيا سلمنا عدم مدخلية وصف الحضور فيما تعلق به قصد الاقتداء وانما المقصود الاقتداء بزيد من حيث هو المتصادق
على هذا الحاضر بزعمه ولكن نقول إنه إذا اعتقد ان زيدا هو هذا الشخص الحاضر فقد قصد الاقتداء بزيد أولا وبالذات وقصد الاقتداء بهذا الشخص ثانيا
وبالعرض فان قصد ايقاع فعل على عنوان يستتبع قصد ايقاعه على عنوان اخر صادق عليه باعتقاد الفاعل فان من قصد إهانة زيد من حيث هو
مع علمه بأنه ابن عمرو فأهان ابن عمرو فيصدق انه قصد إهانة ابن عمرو ولو من حيث إنه زيد لا من حيث هو فإذا تبين ان ابن عمرو لم يكن زيدا يصدق انه أهانه عن
قصد ومثل هذا القصد التبعي كاف في صحة الاقتداء إذ لا دليل على اعتبار أزيد من ذلك كما صرح بذلك كله شيخنا المرتضى رحمه الله وثالثا سلمنا ذلك
كله ولكن الدليل المزبور لا يستدعى الا فساد القدوة لا بطلان أصل الصلاة فالوجه اجراء احكام المنفرد عليه لما عرفت في مبحث النية من أن الجماعة به
والفرادى ليستا مهيتين مختلفتين بالنوع حتى يتوقف تمييز كل منهما عن الأخرى بالقصد بل هي كيفية خاصة اعتبرها الشارع موجبة لتأكد مطلوبية
الصلاة الواجبة عليه من حيث هو ويلحقها احكام خاصة تبعا لتلك الخصوصية فلو أخل بها فاتته الجماعة دون أصل الصلاة الا ان يخل بشئ من
واجباتها كما تقدم التنبيه عليه مرارا فعلى هذا لو لحق بالامام في الركعة الثالثة والرابعة واتى بما هو وظيفة المنفرد أو من أول الصلاة ولكنه
انفرد قبل الركوع فتدارك القراءة أو انه اتى بها حال الايتمام بناء منه على كون الترك رخصة لا عزيمة لم تبطل صلاته بل وكذا لو ترك القراءة
أيضا لعموم قوله عليه السلام في صحيحة زرارة لا تعاد الصلاة الا من خمسة الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود وخصوص قوله (ع) في ذيل تلك
الصحيحة القراءة سنة والتشهد سنة ولا تنقض السنة الفريضة لا يقال إن الرواية مخصوصة بغير العامد وهيهنا ترك القراءة عمدا بزعم صحة ايتمامه
لأنا نقول هذا فيما إذا لم يكن عمده مسببا عن خطأ أو نسيان والا فتعمه الرواية جزما كما لو زعم خطاء فراغه من القراءة فركع أو زعم كونه في الثالثة
فترك القراءة لذلك إلى غير ذلك من الموارد وتوهم استفادة البطلان فيما نحن فيه من النص الخاص الوارد في مسألة ما لو نوى كل منهما الايتمام
بصاحبه محل نظر بل منع فإنه قياس مع الفارق كما لا يخفى فتلخص مما ذكر ان الأقوى في المقام ان لم يكن اجماع على خلافه هو الصحة وأولى منه في ذلك
ما لو نوى الاقتداء بهذا الحاضر على أنه زيد فبان عمر ولعدم تجرد الاقتداء بالشخص عن القصد إليه وربما قيل في هذا الفرع بابتنائه على ترجيح
الإشارة أو الاسم في مقام المعارضة ولذا تردد فيه بعض ولم يرجح أحدهما وحكى عن العلامة وجملة ممن تأخر عنه الحكم بالبطلان وعن
صاحب الذخيرة الصحة وفي الجواهر بعد ان استقرب البطلان قال بل ينبغي الجزم به لو كان عمرو عنده غير عادل وان استشكل فيه المولى الأعظم في
شرح المفاتيح من ظهور عدم الاقتداء بعادل ومما ورد من صحة صلاة من اقتدى يهودي باعتقاد عدالته ثم ظهر فساده لكنه لا يخفى عليك ضعف
الوجه الثاني لوضوح الفرق بين تخلف الاعتقاد في الصفة بين تشخيص الذات وبين تخلفه بالنسبة للموصوف انتهى أقول سوق العبارة يعطى
اختصاص استشكال المولى الأعظم بما إذا كان عمرو عنده غير عادل فتخلف الذات عنده بحسب الظاهر غير قادح في الصحة وانما نشأ اشكاله في الفرض
من انتفاء صفة العدالة فيه فتنهض الرواية المشار إليها حينئذ دليلا للصحة فإنها تدل عليه بالفحوى كما سيأتي التنبيه عليه في محله هذا مع أن الاختلال
الذي انكشاف كونه يهوديا ليس بمحض تخلف وصف العدالة إذ اليهودي ليس بمصلى في الواقع فتشخيص ذاته بعد ان لم يكن مصليا في الواقع غير مجد في الفرق المزبور
لان صحة الصلاة التي اقتدى فيها بشخص يصلى واقعا وان أخطأ في تشخيص مقتداه أولى من صحتها لدى الاقتداء بمن لا يصلى في الواقع ولكنه يأتي بصورتها
هزء فليتأمل ثم إن ما ذكره من بناء المسألة على ترجيح الإشارة على الاسم أو عكسه لا يخلو من نظر إذا الظاهر أن تلك المسألة من القواعد اللفظية التي يرجع
إليها في مقام تشخيص ما قصده اللافظ أو لا وبالذات موضوعا لحكمه فقد يقوى هناك ترجيح الإشارة نظرا إلى أن القصد أولا وبالذات يتعلق بذات ما تصوره
المتكلم موضوعا لحكمه قبل ان يصدر منه إشارة أو لفظ والإشارة تقع عليها وهذا بخلاف الأسماء والصفات فإنها مفاهيم تصدق عليها باعتقاده فيأتي
بذكرها معرفا لبيان المقصود فإذا تخلف اعتقاده عن الواقع لا يتخلف تلك الذات عن كونها مقصودة بالموضوعية فإنه لا يرى لموضوع حكمه مصداقا وراء
ما أشار إليه حتى يتعلق به قصده فيدور الامر بين ان يكون مناط اثبات الحكم لتلك الذات كونه مسمى بذلك الاسم فيكون مخطئا في تشخيص مصداقه
وبين ان يكون نفس الذات فيكون مخطئا في اطلاق ذلك الاسم عليه ولا ترجيح فمقتضى الأصل ابقاء القضية على ظاهرها من كون الذات المشار إليها
مقصودة له من حيث هي في الواقع اللهم الا ان يدعى ان الغالب إناطة الحكم بمسميات الأسامي ويدفعه ان الغلبة في مثل المقام على تقدير تسليمها لا تورث
الظن باللحوق لانتفاء الجامع هذا مع أن الإشارة نص في مدلولها بخلاف الاسم ولكن مع ذلك كله فالحق اجمال الكلام وصلاحية الاسم لصرف
الاسناد إلى إرادة مسماه من حيث هو وعدم الوثوق في استكشاف المرادات بمثل هذه الترجيحات الصناعية وكيف كان فترجيح الإشارة أو الاسم انما يحسن
657

لدي الشك في المقصود واما مع العلم به كما في مفروض كلامنا فلا وجه له نعم قد يتجه هيهنا الترجيح باقوائية القصد وأصالته بان يقال إن
كان القصد أولا وبالذات متعلقا بمسمى الاسم ثم بهذا الحاضر باعتبار كونه مصداقا فالوجه البطلان وان كان بعكسه فالصحة وان تساويا فوجهان
أوجههما الصحة إذا العبرة بقصد الاقتداء بهذا الحاضر وهو حاصل لا بعدم قصد الايتمام بشخص غائب حتى يكون قصده مقتضيا للبطلان كما قد يتوهم
ولكن لا يخفى عليك ان التفصيل المزبور انما يتجه لو قلنا بالبطلان في الفرع السابق وقد عرفت انه ان لم يكن اجماعيا محل نظر بل منع فالأقوى في المقام
هو الصحة مطلقا والله العالم ولو شك في أنه هل نوى الايتمام أم لا بنى على عدمه الا ان يكون مشغولا بافعال الجماعة مثل التسبيح في الاخفاتية والانصات
في الجهرية ومتابعته للامام في القنوت وسائر افعاله فلا يلتفت حينئذ إلى شكه لكونه شكا في الشئ بعد تجاوز محله ويكفى في حصول نية الايتمام دخوله
في المسجد مثلا بقصد الجماعة وقيامه إليها وان لم يلتفت حين تلبسه بالصلاة إلى وجه عمله لما عرفت في مبحث النية من كفاية الداعي الباقي في النفس المسمى في
عرف الفقهاء بالاستدامة الحكمية الذي هو من اثر الإرادة السابقة المقتضية لايقاع الفعل تدريجا على حسب ما اراده في صحة العبادة فلو قام إلى الصلاة
بهذا العزم ثم وجد نفسه حال تلبسه بالصلاة مشغولا بوظيفة المنفرد كالقراءة ونحوها فإن لم يحتمل انفساخ عزمه
السابق حين دخوله في الصلاة بنى
على ما قام إليه ولا يعتد بما يفعله من وظيفة المنفرد وان احتمل ذلك فهل يبنى على كونه جامعا أو منفردا وجهان من اصالة عدم انفساخ عزمه المستلزم
لصدور هذا الفعل منه خطاء أو بإرادة غير منافية لقصد الجماعة ومن اصالة عدم صدور وظيفة المنفرد منه خطاء ومخالفة كونه بإرادة أخرى
غير منافية لنية الجماعة للأصل والظاهر ولعل الأول أقوى إذ لا يثبت بأصالة عدم انفساخ عزمه السابق حتى يرفع اليد عن اثره ولكن الأحوط
تجديد نية الانفراد واتمام صلاته كذلك ان جوزناها اختيارا كما هو المختار أو تجديد نية الاقتداء ان قلنا بجوازه للمنفرد والا فاتمام صلاته مأموما
ثم الإعادة ولو نوى الايتمام بأحد الامامين معينا ثم شك في أثناء الصلاة في أنه هل نوى الايتمام بهذا أم ذاك فان تمكن من متابعة ذلك المعين على
سبيل الاجمال كما فيما لو عرضه الشك بعد رفع الامامين رأسهما من السجدة الأخيرة أو قبلهما مع توافقهما فيما بقي من صلاتهما مضى في صلاته
مؤتما بمن نواه والا انفرد ولو لم نقل بجوازه اختيارا لأنه من مواقع الضرورة ولو صلى اثنان فقال كل منهما كنت اماما صحت صلاتهما بلا خلاف
فيه على الظاهر بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه لاتيانه بما وجب عليه من القراءة وغيرها ويدل عليه أيضا رواية السكوني الآتية نعم
لو اتفق في الأثناء شك واعتمد أحدهما على فعل صاحبه اتجه البطلان اما لكونه اثر الشك في غير الإمام والمأموم كما لو كان في الأوليين مثلا أو لعدم
العمل بوظيفته لو كان في الأخيرتين كما أنه قد يتجه ذلك فيما لو كانت الصلاة معادة لادراك فضيلة الجماعة فان فرض نية كل منهما الإمامة يوجب
انفرادهما وهو مقتضى للبطلان بناء على عدم مشروعية اعادتها الا بهذا الوجه ولو قال كل منهما كنت مأموما بحيث حصل الوثوق بقولهما لم تصح صلاتهما
في الجواهر بلا خلاف أجده فيه بل ظاهر جماعة الاجماع عليه بل هو صريح التذكرة وعللوه بالاخلال بالقراءة الواجبة أقول بل ربما قيل بذلك
وان قرء بنية الندب بناء على أن الندب يجزي عن الواجب ولكنه نوقش في ذلك اما أولا فبان الامر الندبي بالقراءة ليس على أنها مستحب مستقل بل معناه انه يستحب مع
عدم سماع الهمهمة ان لا يجتزى بقراءة الامام بل يقرأ لنفسه على أنه قراءة الصلاة فيرجع حاصله إلى أن القراءة التي هي جزء لصلواته له ان يكلها إلى الامام
وله ان يتولاها بنفسه فهذه القراءة بعينها هي من اجزاء الصلاة وليست مستحبة برأسها واما ثانيا فلمنع إجزاء الندب عن الواجب أقول اما المناقشة
الأولى ففي محلها واما الثانية وهى منع في جزاء الندب فلا تخلو من نظر لان كونها جزء مستحبيا موقوف على مغايرتها بالذات لما هو معروض للوجوب
ببعض الوجوه والاعتبارات التي لا إحاطة لنا بها كمغايرة فريضة الصبح ونافلته بالذات والا لرجع إلى الوجه الأول وهو كون سقوطها عنه رخصة لا
عزيمة وعلى تقدير المغايرة يكون الاجتزاء بها عن القراءة الواجبة مخالفا للأصل فيتأمل وربما يناقش في أصل الاستدلال بان الحكم بالبطلان بمجرد
ترك القراءة الواجبة مشكل إذ لا مستند له عدى عموم قوله (ع) لا صلاة الا بفاتحة الكتاب وهو مخصص بقوله (ع) لا تعاد الصلاة الا من خمسة اللهم الا ان
يدعى انصرافه إلى السهو ولكنه لا يخلو من نظر كما يظهر وجهه مما مر في المسألة السابقة فظهر بما ذكرناه ان الاعتماد على الدليل المزبور في اثبات الحكم المذكور كما
هو ظاهر غير واحد أو صريحه لا يخلو من اشكال واضعف منه الاستدلال له بأن ما نواه وهو ايتمام كل منهما بالاخر غير واقع والانفراد غير منوى فلا يصح
سواء اتى بوظيفة المنفرد كما لو يسمع صوت الامام فقرء في نفسه بنية الوجوب بزعم وجوبها في هذا الحال أو نوى الايتمام في الاخرتين كما لو كانا في
الأوليين مؤتمين بثالث فحدث للامام حدث أو فرغ من صلاته فنوى كل من المأمومين الايتمام بالاخر في بقية صلاته أو قصد الانفراد بعد دخوله في
الصلاة أم اتى بوظيفة الجامع لما تقدمت الإشارة إليه من أن هذا الدليل انما يتجه لو قلنا بان الجماعة والفرادى نوعان من الصلاة لم يجز العدول
عن أحدهما إلى الاخر الا بدليل تعبدي وهو خلاف التحقيق بل الحق ان بطلان القدوة لا يستلزم بطلان أصل الصلاة بل يلحقها احكام الفرادى فعمدة
ما يصح الاستناد إليه في المقام هو النص الخاص الوارد فيه وهو خبر السكوني عن أبي عبد الله (ع) عن ابائه (ع) عن علي عليه السلام أنه قال في رجلين اختلفا
فقال أحدهما كنت امامك وقال الآخر كنت امامك ان صلاتهما تامة قال قلت فان قال كل واحد منهما كنت ائتم بك قال فصلاتهما فاسدة ليستأنفا
وعن المحقق الشيخ على رحمه الله انه استشكل في البطلان قال لان إخبار كل منهما بالايتمام بالاخر يتضمن الاقرار على الغير فلا يقبل كما لو اخبر الامام بعد الصلاة
658

بفسادها بغير ذلك وأجيب عنه بأنه غير مسموع في مقابلة النص الدال على البطلان قال في المدارك وهو جيد لو كانت الرواية صالحة لاثبات الحكم لكنها
ضعيفة جدا أقول اما ضعف الرواية فمجبور باشتهارها بين الأصحاب فتوى ورواية على وجه يغلب على الظن انها هي الأصل في تدوين هذا الفرع في
كتبهم والا فهو من الفروع الفرضية التي لا يكاد يتفق الابتلاء بها عادة كي يهتم الفقهاء بالتعرض له لولا متابعة النص ولكن المنساق إلى الذهن من الرواية
كفتاوى الأصحاب انما هو إرادة بيان الحكم الواقعي المتفرع على نية كل منهما الإمامة أو المأمومية من حيث هي المستكشفة باخبار كل منهما عما في ضميره بعد الصلاة
فاقحام لفظ القول في البين لكونه طريقا عاديا لاحراز القصد الذي هو مناط الحكم بالفساد في الصورة الأخيرة لا كونه ملحوظا على سبيل الموضوعية كي يكون
الكلام مسوقا لبيان حجية قوله تعبدا وان لم يحصل الوثوق بصدقه كي يتمسك باطلاقه لرفع اليد عما يقتضيه قاعدة الشك بعد الفراغ كما يؤمي إلى ذلك اشعار
الجواب بإرادة تمامية صلاتهما أو فسادها في الواقع لا في مرحلة الظاهر من باب التعبد وما وقع في السؤال من التعبير بلفظ الاختلاف الموهم لوقوع
النزاع وعدم اذعان كل منهما بما يدعيه صاحبه انما هو للجري مجرى العادة في التعبير في مثل المقام لا إرادة المشاجرة حقيقة نعم لا نتحاشى عن الالتزام
بحجية قولهما تعبدا بناء على عموم حجية خبر الثقة خصوصا فيما لا يعرف الا من قبله كما في المقام ولا ينافي ذلك الحكم بصة صلاة المأموم لو اخبر الامام بعد
الصلاة ببطلان صلاته بغير هذا الوجه ككونه جنبا مثلا لان ذلك ليس لعدم الاعتداد بقول الامام بل لو جزمنا بصدقه أيضا لحكمنا بذلك كما ستعرف فتنظير المقام
عليه تشييدا لنفي اعتبار قوله في غير محله والحاصل ان الالتزام بحجية قولهما في نظائر المقام غير بعيد ولكن الرواية غير مسوقة لذلك كي يتمسك باطلاقها
لدفع ما استشكله المحقق المزبور فليتأمل وكيف كان فالرواية كادت تكون صريحة في المدعى ولكن القدر المتيقن من موردها وكذا من كلمات الأصحاب
انما هو ما لو اتيا لصلاة الجامع تاركين فيها القراءة كما يؤمي إلى ذلك ما في كلماتهم من تعليل الافساد بالاخلال بالقراءة فالأظهر فيما عداه مما لم يخل بوظيفة
المنفرد كما في الفروض المتقدمة هو الصحة وكذا قد يقوى الصحة فيما لو شكا فيما أضمراه كما قواه غير واحد من المتأخرين سواء عرض هذا الشك بعد الفراغ
من الصلاة أم في الأثناء وسواء تعلق شك كل منهما بما أضمره هو في نفسه بان لم يدر بأنه دخل في الصلاة بقصد كونه مؤتما بالاخر أو اماما له أو منفردا
أم شك كل منهما مع علمه بأنه بنفسه قصد الايتمام في أن الاخر أيضا هل دخل في الصلاة بهذا القصد حتى يفسد صلاتهما أم لا اما إذا حصل الشك بعد
الفراغ فلقاعدته واما إذا كان في الأثناء فلجريان اصالة الصحة بالنسبة إلى ما مضى فعليه ان يبني على صحة ما قد جاوزه ويعمل فيما بقي على حسب ما يقتضيه تكليفه
من اتمامها بنية الانفراد وتجديد نية الاقتداء على تقدير حصول شرائط القدوة خلافا لما في المتن وغيره من الجزم بالبطلان وظاهرهم على ما يقتضيه
اطلاق كلماتهم في لفرق بين عروضه في الأثناء أم بعدها لقاعدة الشغل القاضية بلزوم تحصيل الجزم بصدور الصلاة منه جامعة لشرائط الصحة وفيه ما
تقدمت الإشارة إليه من حكومة اصالة الصحة وقاعدة الشك بعد الفراغ على قاعدة الاشتغال ويجوز ان يأتم المفترض وان اختلف الفرضان عددا
كالقصر والتمام ونوعا كالظهر والعصر والمغرب والعشاء وصنفا كالأداء والقضاء على المشهور بل لم ينقل الخلاف في شئ من ذلك عدى ما حكى عن
والد الصدوق من منع اقتداء المسافر بالحاضر وعكسه وعن الصدوق من منع الاقتداء في العصر بظهر الامام الا ان يتوهمها العصر ثم يعلم أنها كانت
الظهر ولكن لم يثبت ما نسب اليهما من الخلاف كما صرح به غير واحد على تقدير صدق النسبة فقولهما شاذان على ما ادعاه بعض بل ربما أورد عليهما
بمخالفة الاجماع وعن الذكرى انه بعد ان نقل عن الصدوق القول المزبور قال ولا اعلم مأخذه الا ان يكون نظر إلى أن العصر لا تصح الا بعد الظهر
فإذا صلاها خلف من يصلى الظهر فكأنه قد صلى العصر مع الظهر مع أنها بعدها وهو خيال ضعيف لان عصر المصلي مترتبة على ظهر نفسه لاعلى ظهر امامه انتهى
وهو جيد ولكن من المستبعد ان يكون الصدوق ناظرا إلى هذا الوجه الاعتباري ويمكن ان يكون محط نظره توقيفية الجماعة وقصور اطلاقات الأدلة عن اثبات
شرعيتها في مثل الفرض لورودها مورد حكم اخر فلا يصح الاخذ بإطلاقها لاثبات شرعيتها في مثل الفرض والنصوص الخاصة الواردة في الباب جلها وردت
في غير مثل الفرض ولكن ستسمع شهادة بعض النصوص عليه وربما يستدل له بصحيحة علي بن جعفر انه سئل أخاه موسى عليه السلام عن امام كان في الظهر فقامت
امرأة بحياله تصلي معه وهي تحسب انها العصر هل يفسد ذلك على القوم وما حال المرأة في صلاتها معهم وقد كانت صلت الظهر قال لا يفسد ذلك على القوم
وتعيد المرأة صلاتها وفيه ان مدلول الرواية مخالف لما نقل عن الصدوق من الحكم بالصحة لو توهم انها العصر كما هو مورد الرواية وفي الوسائل بعد
نقل هذه الرواية قال يمكن ان يكون كون المانع هنا محاذاتها للرجال وتكون الإعادة مستحبة لما مر في مكان المصلي أو ظنها انها العصر فتكون نوت
الصلاة التي نواها الامام على أن الحديث موافق للتقية بل لأشهر مذاهب العامة انتهى. أقول سوق السؤال يشعر بان محط نظر السائل أولا هو
السؤال عن حال القوم بلحاظ انهم يصلون وبين يديهم امرأة تصلي وثانيا عن حال المرأة بنفسها في صلاتها معهم بملاحظة انها قد كانت صلت الظهر فلا
يبعد دعوى ظهور الرواية في حد ذاتها بهذه الملاحظة في بطلان صلاتها من هذه الجهة لا من حيث محاذاتها للامام أو تقدمها على المأمومين أو غير ذلك
من المحتملات ولكن حيث يتطرق إليها احتمال ان يكون وجه الامر بالإعادة سائر الجهات المشار إليها يشكل الاعتماد على هذا الظهور بعد تسليمه في
اثبات مثل هذا الحكم المخالف للمشهور أو المجمع عليه إذ لم ينقل القول بمضمونها عن أحد حتى الصدوق كما عرفت مع موافقتها للتقية على ما سمعت ومعارضتها
للخبرين الآتيين فالأولى حملها على التقية أو استحباب الإعادة أو الالتزام بمضمونها في خصوص موردها اعتناء باحتمال مدخلية خصوصيات المورد كما ليس
659

بالبعيد ومما يدل على المشهور من جواز الايتمام في العصر بظهر الامام مضافا إلى عدم خلاف يعتد به فيه صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا
صلى المسافر خلف قوم حضور فليتم صلاته ركعتين ويسلم وان صلى معهم الظهر فليجعل الأوليتين الظهر والأخيرتين العصر وموثقة الفضل بن عبد الملك عن
أبي عبد الله عليه السلام قال لا يؤم الحضري المسافر ولا المسافر الحضري فان ابتلى بشئ من ذلك فأم قوما حضريين فإذا أتم الركعتين سلم ثم اخذ بيد بعضهم فقدمه فأمهم و
إذا صلى المسافر خلف قوم حضور فليتم صلاته ركعتين ويسلم وان صلى معهم الظهر فليجعل الأوليتين الظهر والأخيرتين العصر ويدل على عكسه صحيحة حماد قال
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل امام قوم صلى العصر وهي لهم ظهر قال أجزأت عنه وأجزأت عنهم ولا يعارضها رواية سليم قال سألته عن الرجل يكون مؤذن قوم
وامامهم يكون في طريق مكة أو غير ذلك فيصلي بهم العصر في وقتها فيدخل الرجل الذي لا يعرف فيرى انها الأولى أفتجزيه انها العصر قال لا إذ الظاهر أن المقصود
بها انها لا تجزيه عن العصر بمجرد نية الامام كما نبه عليه في الوسائل ومرسلة الكليني في حديث فان علم أنهم في صلاة العصر ولم يكن صلى الأولى فلا يدخل معهم
فإنها مع ما فيها من ضعف السند واحتمال التقية قابلة للحمل على الدخول بنية العصر ويظهر من الخبرين الأوليين ضعف القول المحكى عن والد الصدوق من
منع اقتداء المسافر بالحاضر وعكسه كما يدل عليه أيضا جملة من الاخبار الآتية في محلها وما في بعض الروايات من المنع عنه كقوله عليه السلام في صدر موثقة فضل لا
يؤم الحضري إلى اخره محمول على الكراهة وبشهادة ذيلها وكذا قوله عليه السلام في خبر أبي بصير لا يصلي المسافر مع المقيم فان صلى فلينصرف في الركعتين وربما يستشعر من التفريع الواقع
في هذا الخبر ان المراد بالنهي المنع عن متابعته في الايتمام لا عن أصل الايتمام كما لا يخفى ومما يدل على مشروعية الجماعة في جميع الصلوات الواجبة قوله عليه السلام
في الصحيح أو الحسن عن زرارة والفضيل قالا قلنا له الصلاة في جماعة فريضة هي فقال الصلاة فريضة
وليس الاجتماع بمفروض في الصلوات كلها ولكنه
سنة من تركها رغبة عنها وعن جماعة المؤمنين من غير علة فلا صلاة له فان مفادها استحباب الجماعة في جميع الصلوات المفروضة خصوصا لو حملنا القضية
السالبة على سلب العموم لا عموم السلب كما يؤيده وجوبها في الجمعة والعيدين فان الاستدارك حينئذ كالنص على إرادة العموم ولكن لا يخفى عليك ان عمومه انما هو بالنسبة
إلى أنواع الفرائض دون أحوالها إذ ليس له اطلاق أحوالي فلا ينافيه اشتراط صحة الجماعة في كل فريضة بوقوع الايتمام بمثله لا بما يخالفه في العدد فهي حجة
لاثبات مشروعيتها في الجملة في كل صلاة مفروضة حاضرة كانت أم فائتة يومية كانت أم غيرها كالآيات وغيرها ومن هنا يقوى جوازها في صلاة الطواف
الواجبة اخذا بعموم الرواية اللهم الا ان يدعى انصرافها إلى الصلوات المعهودة التي يتعارف فيها الجماعة كما ليس بالبعيد فليتأمل ويدل أيضا على جوازها
في مثل صلاة الآيات والجنازة النصوص الخاصة الواردة فيها وعلى جوازها في الفائتة ما ورد في الصحيح من فعل النبي صلى الله عليه وآله قضاء ما فاته بالنوم
جماعة والخدشة فيه بمنافاته لمرتبة النبوة مدفوعة بامكان توجيهه بوجوه غير منافية لها فلا مقتضى لطرحه بالنسبة إلى هذا الحكم وخبر إسحاق بن عمار قال قلت
لأبي عبد الله عليه السلام تقام الصلاة وقد صليت قال صل واجعلها لما فات وهذه الرواية كما تدل على جواز الاقتداء في الفائتة كذلك تدل على أن الاختلاف بين
الفريضتين من هذه الجهة غير قادح هذا كله مع أن جواز ايتمام المفترض بالمفترض مطلقا ولو مع اختلاف الفرضين مما لا مجال للارتياب فيه بعد استفاضة
نقل الاجماع عليه وكونه من المسلمات عندهم واستقرار السيرة على فعله ولكن هذا بالنسبة إلى ما عدى صلاة الطواف فان تجويز الجماعة فيها لا يخلو من اشكال
كما تقدمت الإشارة إليه واشكل منه تجويزها في صلاة الاحتياط المردد امرها من حيث هي بين كونها مكملة للفريضة أو نافلة ووجوبها عليه بالفعل في الظاهر
غير مجد في استفادة شرعية الجماعة فيها من اطلاق النص والفتوى إذ المنساق إلى الذهن من الاطلاق ما كانت مفروضة بالذات لا لعارض كما أن المنساق مما دلت
على حرمة الجماعة في النافلة ما كانت نافلة كذلك فعروض وصف الوجوب لها بنذر وشبهه غير موجب لتبدل حكمها خلافا لصريح بعض من تجويزه الجماعة
في النافلة المنذورة وشبهها نظرا إلى اتصافها فعلا بالوجوب فيعمها الاطلاقات وفيه ما عرفت وليس المقام مما يتسامح في دليله كي يقال يكفي في اثبات
شرعيتها فتوى الفقيه إذ الجماعة وان كانت مستحبة فهي من هذه الجهة وان كانت قابلة للمسامحة ولكن يترتب عليها احكام مخالفة للأصول كسقوط القراءة و
رجوع كل من الإمام والمأموم في شكه إلى الاخر فلا يصح المسامحة في دليلها بهذه الملاحظة وتوهم ان الجماعة مهما شرعت ولو بأدلة التسامح ترتبت عليها هذه الأحكام فلا يصح ان يكون ترتب هذه الأحكام المخالفة للأصول عليها مانعة عن كونها مشمولة لأدلة المسامحة مدفوع
بان هذه الأحكام على ما يتبادر من أدلتها انما هي في الصلاة التي شرعت الجماعة فيها من حيث هي لا من باب المسامحة كما لا يخفى على المتأمل ثم لا يخفى عليك
انه يعتبر في صحة الجماعة لدى اختلاف الفريضتين موافقتهما في الكيفية فلا تصح الاقتداء مع اختلاف النظم كالاقتداء في اليومية بالآيات والجنائز
ونحوهما أو عكسه بلا خلاف فيه على الظاهر كما يظهر ادعائه من بعض لعدم تمكنه من المتابعة لأنه ان تابع الامام في افعاله انمحى صورة صلاة المأموم وان
تخلف عنه في موضع الاختلاف انتفى حقيقة الايتمام عرفا واما ما قيل من امكان المتابعة بنية الانفراد عند محل الاختلاف أو الانتظار إلى محل الاجتماع
والايتمام بالركوع العاشر مثلا من صلاة الكسوف كما عن النجيبية احتماله وعن أحد قولي الشافعي جوازه حتى في صلاة الجنازة ففيه ان شيئا منهما ليس
من حقيقة الايتمام في صلاته من شئ اما الأخير فواضح فان من اقتدى في صبحه بكسوف الامام مثلا وتخلف عنه في ركوعاته مما عدى الخامس والعاشر لا يصدق
عليه انه مقتد به في هذا الفعل كما لا يخفى واما الأول فهو مقتد به في جزء من الصلاة وهو مخالف للمشروع إذ المشروع هو ان يقتدي في صلاته بصلاة الامام
لا في كل جزء جزء من اجزائها بحياله ولا ينافي ذلك تجويز الانفراد اختيارا في جميع أحوال الصلاة ولو مع العزم عليه من أول الأمر لان هذا فيما إذا كان
الايتمام في الصلاة التي هي اسم لجملتها مشروعا في حقه حيث ينتزع العقل من الامر المتعلق به - بعد العلم بعدم كون الايتمام من مقومات أصل الصلاة كي لا يجوز
660

رفع اليد عنه في الأثناء وعدم كون التكليف به ارتباطيا كي لا يجوز الاقتصار على امتثال طلبه في بعض مدلوله - أوامر جزئية متعلقة بالايتمام في ابعاضها
وهذا بخلاف مثل المقام الذي لم يشرع له الايتمام بهذه الصلاة كي يتسرى الحكم إلى ابعاضها هذا مع أنه يكفي في المنع عنه اصالة في لمشروعية كما أن
هذا هي عمدة المستند للمنع عن الاقتداء بالاستسقاء ونحوه أو عكسه أو الاستسقاء بالعيدين أو بصلاة الغدير بناء على شرعية الجماعة فيها
أو عكسه ولا يصح الرجوع إلى البراءة لنفي اعتبار ما يشك في شرطيته إذ الجماعة من حيث هي ليست عبادة مستقلة كي يقال إنه يقتصر في تشخيص موضوعها
على القدر المتيقن بالتقريب المقرر في محله بل ولا الصلاة جماعة كذلك بناء على ما هو التحقيق من أنها ليست مغايرة بالذات لصلاة المنفرد بل الجماعة كيفية
في الصلاة اعتبرها الشارع موجبة لتأكد مطلوبيتها ورتب عليها احكام خاصة من سقوط القراءة ونظائرها فيجب الاقتصار على القدر المتيقن في رفع
اليد عما يقتضيه عموم لا صلاة الا بفاتحة الكتاب ونحوه والله العالم وكذا يجوز ان يأتم المتنفل بالمفترض وبالمتنفل والمفترض بالمتنفل في أماكن الجار
متعلق بكلمة يجوز المتقدمة في عبارة المتن فيكون بظاهره قيدا في الصور الأربع فمكان اقتداء المفترض بالمفترض قد تبين فيما سبق ومكان اقتداء المتنفل
بالمفترض إعادة الفريضة ندبا احتياطا أداءا وقضاءا ولادراك فضيلة الجماعة أو تبرعا عن ميت أو غير ذلك من الموارد التي ورد امر استحبابي بإعادة
الصلاة وفعل الصبي الآتي بوظيفة الوقت تطوعا بلا خلاف في شئ منها على الظاهر ويدل عليه مضافا إلى الاجماع ان المنساق إلى الذهن مما ورد في
باب الجماعة انما هو شرعيتها في ذوات الصلاة المفروضة لا بوصف كونها فريضة فهي كسائر الأحكام الثابتة لتلك الذوات من حيث هي كوجوب القيام
والاستقبال والاستقرار وعدم دخول الشك في الثلاثية والثنائية والأوليين منها ولحوق احكام الشك في اخرييها مطردة فيها ما دامت مشروعة
سواء اتصفت فعلا بالوجوب أو الاستحباب ولا يتفاوت الحال في ذلك بين صيرورته اماما أو مأموما فمتى
شرعت له إعادة فريضة صح له فعلها جماعة اماما
كان أو مأموما فمكان اقتداء المفترض بالمتنفل ما إذا كان المأموم مؤديا فرضه والامام معيدا صلاته اما لادراك فضيلة الجماعة كما ستعرفه مفصلا
أو لغير ذلك من الوجوه المسوغة لإعادة صلاته استحبابا أو قضاءا عن ميت تبرعا أو بإجارة ونحوها ومكان اقتداء المتنفل بالمتنفل ما إذا كان المأموم
أيضا كذلك بلا اشكال بل ولا خلاف على الظاهر في شئ من ذلك عدى ما إذا كان إعادة الامام من باب الاحتياط أو كانت ثابتة بدليل ضعيف
من باب المسامحة فان الايتمام بمثل هذه الصلاة لا يخلو من اشكال إذ على تقدير عدم مصادفة الاحتياط للواقع وعدم كون ما ورد فيه الامر بالإعادة
كما بلغ لا يكون المأتى به صلاة واقعية بل هي صورة صلاة فيشكل سقوط القراءة عن المأموم بالاقتداء بها وان قلنا باستحبابها من حيث هي من باب
حسن الاحتياط أو قاعدة المسامحة لما تقدمت الإشارة إليه من أن ما ثبت استحبابه بهذا الوجه لا يترتب عليه الآثار المترتبة على مشروعية ذلك الشئ
من حيث هي اللهم الا ان يقال إن صحة الايتمام وسقوط القراءة عن المأموم بل وكذا سائر الأحكام التي تقدمت الإشارة إليها من الآثار المجعولة لذوات
تلك الصلوات المسميات بأساميها المعروفة المتقدمة في الرتبة على الطلب الايجابي أو الندبي المتعلق بها ولكن حيث إن تلك الذوات من العبادات
تتوقف صحتها وصيرورتها منشأ لهذه الآثار على وقوعها طاعة لله تعالى فمتى وقعت في الخارج إطاعة لامر شرعي متعلق بها فقد صحت ولحقتها هذه الآثار
من غير فرق بين ان يكون الامر الشرعي الذي قصد بهذه الافعال متعلقا بها بعناوينها الخاصة أم بعنوان الاحتياط أو المسامحة الحاصلة بفعلها و
لكن هذا الكلام انما يتجه بناء على صيرورة الفعل بطرو هذين العنوانين عليه مستحبا كما ليس بالعبيد والا فالمتجه عدم جواز الاقتداء بما يأتي به من باب الاحتياط
أو المسامحة ومن أماكن جواز اقتداء المتنفل بالمتنفل أيضا صلاة الاستسقاء اجماعا وصلاة العيدين عند انتفاء شرائط وجوبهما كما عرفت فيما سبق
وصلاة الغدير على القول بجواز الجماعة فيها وقيل على ما يظهر من المتن بجواز الاقتداء مطلقا اي كل متنفل بكل مفترض ومتنفل وكل مفترض بكل مفترض
ومتنفل بعد توافق النظم ويحتمل ان يكون مراده بالاطلاق في خصوص المتنفل فكيف كان فلم يعرف قائله وهو محجوج بما دل على المنع عن الجماعة في النافلة المقتصر
في تخصيصه على القدر المتيقن والله العالم ويستحب ان يقف المأموم عن يمين الامام لا خلفه ولا يساره ان كان رجلا وخلفه لا يمينه ولا يساره ان
كانوا جماعة على المشهور فيهما بل عن صريح بعض وظاهر آخرين دعوى الاجماع عليهما خلافا لظاهر المحكى عن أبي على من ايجاب الوقوف المزبور في
الواحد والجماعة في صحة الصلاة وفي الجواهر بعد نقل ذلك عنه قال ولم أجد من وافقه عليه بل ولا حكى عنه عدى ما في مفتاح الكرامة انه قد يلوح
من الجمل والعقود وجمل العلم والعمل وجوب الوقوف عن اليمين مع أن الذي أظنه ارادتهما الندب ثم احتمل في كلام أبي علي أيضا إرادة الكراهة
من قوله لا يجوز صلاته لو خالف أقول وهو في محله لشيوع هذا النحو من التعبير في المكروهات في عبائر القدماء كالاخبار فلم يعرف من أحد
منهم خلاف محقق في شئ من الموقفين عدى ما سمعته فيما سبق من صاحب الحدائق من القول بالوجوب في كلا الوقوفين مستدلا عليه بظهور
الأخبار الواردة فيهما في ذلك اما الاخبار المشار إليها فمن جملتها صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال الرجلان يؤم أحدهما صاحبه يقوم عن يمينه
فان كانوا أكثر من ذلك قاموا خلفه وصحيحته الأخرى عن أبي جعفر عليه السلام انه سأله عن الرجل يؤم الرجلين قال يتقدمهما ولا يقوم بينهما وعن الرجلين
يصليان جماعة قال نعم يجعله على يمينه وخبر زرارة في حديث قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجلان يكونان جماعة قال نعم ويقوم الرجل عن يمين
الامام وخبر أحمد بن زياد عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له لأي علة إذا صلى اثنان صار التابع عن يمين المتبوع قال لأنه امامه وطاعة للمتبوع
661

وان الله جعل أصحاب اليمين المطيعين فلهذه العلة يقوم على يمين الامام دون يساره وخبر أبي البحتري عن جعفر عليه السلام ان عليا عليه السلام قال الصبي عن يمين الرجل
إذا ضبط الصف جماعة والمريض والقاعد عن يمين الصبي جماعة وخبره الاخر عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهم السلام قال رجلان صف فإذا كانوا
ثلاثة تقدم الامام ومضمرة الكافي عن الحسين بن سعيد انه امر من يسئله عن رجل صلى إلى جانب رجل فقام عن يساره وهو لا يعلم ثم علم وهو في صلاته
كيف يصنع قال يحوله عن يمينه وخبر الحسين بن يسار المدايني انه سمع من يسئل الرضا عليه السلام عن رجل صلى إلى جانب رجل فقام عن يساره وهو لا يعلم كيف
يصنع ثم علم وهو في الصلاة قال يحوله عن يمينه وخبر الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام انه كان يقول المرأة خلف الرجل صف ولا
يكون الرجل خلف الرجل صفا انما يكون الرجل إلى جنب الرجل عن يمينه وقد عرفت فيما مر ضعف القول المزبور وان الاخبار بعد تسليم ظهورها في الوجوب
يتعين صرفها عن هذا الظاهر بالحمل على الاستحباب بشهادة القرائن الداخلية والخارجية التي من جملتها فهم المشهور وفتاويهم فراجع ثم لا يخفى عليك انه لا
منافاة بين ما سمعته هنا من استحباب قيام الجماعة خلف الامام وبين ما حكى عن الفاضل من استحباب قيام الامام وسط الجماعة لتساوي نسبته إلى المأمومين
ليتمكنوا من المتابعة ولما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال وسطوا الامام وسدوا الخلل ضرورة ان المراد بالوسط لا ينافي الخلف ولكن قد
يناقش في أصل هذا الحكم بعدم صلاحية ما ذكروه دليلا له اما الأول فواضح لأنه اعتبار محض واما المرسلة فهي مع كونها عامية معارضة بما دل على
استحباب اليمين عموما وخصوص مرفوع علي بن إبراهيم الهاشمي المروي عن الكافي قال رأيت أبا عبد الله عليه السلام يصلي بقوم وهو إلى زاوية في بيته بقرب الحائط
وكلهم عن يمينه وليس على يساره أحد وربما يستدل بهذه الرواية لتضعيف ما سمعته من الحدائق من وجوب قيام المتعدد خلف الامام بدعوى ظهورها
في المحاذاة وفيه نظر إذ لا ينسبق من اليمين في مثل المقام الا إرادة جهة اليمين الغير المنافية لتأخرهم عن الامام في الموقف ويتوجه على المناقشة في أصل
الحكم بان المرسلة المزبورة كافية في اثباته لكونها من أوضح مصاديق قاعدة المسامحة الثابتة بالأدلة المعتبرة وعموم ما دل على استحباب اليمين غير مناف
له لامكان كونهما من قبيل المستحبات المتزاحمة واما المرفوعة فهي حكاية في واقعة خاصة مجملة الوجه غير صالحة لمعارضة القول خصوصا بعد الالتفات
إلى أن الظاهر استقرار سيرة النبي صلى الله على وآله وكذا وصيه عليه السلام على الوقوف وسط الجماعة لا في الزاوية كما يفصح عن ذلك محرابيهما في مسجد
الرسول صلى الله عليه وآله ومسجد الكوفة فمن هنا يظهر انه لو اغمض عن المرسلة المزبورة أيضا أمكن الالتزام باستحباب التوسط من غير مسامحة لأجل التأسي
ثم إن ما ذكرناه من استحباب قيام المأموم الواحد عن يمين الامام والمتعدد خلفه انما هو فيما إذا كان كلا من الإمام والمأموم ذكرا واما لو كان الامام
ذكرا والمأموم أنثى فالمشهور بين الأصحاب على ما في محكى المفاتيح استحباب وقوفها خلفه مطلقا متعددة كانت أو امرأة واحدة للامر به في خبر أبي العباس
قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يؤم المرأة في بيته قال نعم تقوم ورائه ومرسل ابن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يؤم المرأة قال نعم تكون خلفه
ومضمر القسم بن الوليد قال سألته عن الرجل يصلي مع الرجل الواحد معهما النساء قال يقوم الرجل إلى جنب الرجل ويتخلفن النساء خلفهما وصحيحة هشام
بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال الرجل إذا أم المرأة كانت خلفه عن يمينه سجودها مع ركبتيه وصحيحة الفضيل بن يسار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أصلي المكتوبة
بأم على قال نعم قال تكون عن يمينك تكون سجودها بحذاء قدميك إلى غير ذلك من الاخبار التي تقدم بعضها ويؤيده أيضا الروايات الناهية عن أن
يصلي الرجل وبحذائه امرأة تصلي بل بعضها باطلاقه شامل للمقام فلو قلنا بالحرمة هناك لزمه الالتزام بها هاهنا أيضا اي في باب الجماعة لكونه أولى بذلك لورود
اخبار خاصة فيه ظاهرة في ذلك كالروايات المتقدمة مضافا إلى شمول بعض الاطلاقات له بل قد يشكل الالتزام بجواز المحاذاة هاهنا وان قلنا بكراهتها
في غير الجماعة لا لكون التأخر في الجملة من مقتضيات الجماعة على ما نفينا البعد عنه فيما سبق إذ القدر المعتبر من التأخر المصحح للايتمام ليس بمقدار ينافي صدق المحاذاة
التي نقول بحرمتها أو كراهتها بل لعدم صلاحية القرائن المذكورة هناك للكراهة للشهادة على ارادتها من الروايات الخاصة الواردة هاهنا الظاهرة في
المنع عن المحاذاة ووجوب تأخرها عن الامام ولا ملازمة بين المقامين لامكان ان يكون للجماعة مدخلية في مطلوبية تأخرهن عن الرجال وامتياز
صفوفهن عن صفوفهم فيتجه حينئذ القول بالتفصيل بين الجماعة والفرادى ولكن قد يلوح من كلماتهم التسالم على في لفرق بين المقامين بل عن غير واحد
صريحا دعوى في لقول بالفصل فان تم الاجماع عليه فهو والا فالقول بوجوب تأخرها في الجماعة لا يخلو من قوة كما يؤيده ما في صحيحة علي بن جعفر المتقدمة
الواردة في المرأة التي صلت بحيال الامام بزعم انه العصر فبان ظهرا من امر الإمام عليه السلام بإعادة صلاتها بل قد يستدل له بهذه الصحيحة ولكنك عرفت
فيما سبق ضعفه هذا ولكن مع ذلك كله فما قواه في المتن بل لعله المشهور من الاستحباب لعله أقوى لما في نفس هذه الأخبار من الاختلاف في تحديد ما يعتبر
من التأخر فان صحيحة هشام نص في الاكتفاء بكون سجودها مع ركبتيه ومقتضى الجمع بينها وبين غيرها مما يظهر منه اعتبار أزيد من ذلك كصحيحة فضيل
الامرة بكون سجودها بحذاء قدميه وكذا الروايات الامرة بوقوفها خلفه أو ورائه أو في صف متأخر عن الامام أو عن صفوف الرجال إلى غير ذلك من
الروايات الظاهرة أو الصريحة في إرادة تأخرها عنه بجميع جسدها حمل تلك الأخبار على الأفضلية أو اختلاف جهات الفضل واما نفس هذه الصحيحة
فهي أيضا لابد من حملها على الاستحباب بالنسبة إلى القيود التي اعتبرها في المأمور به ككونها عن يمينه وكون سجودها مع ركبتيه فلا يبقى لها مع ذلك
ظهور في كون نفس التأخر بهذا المقدار واجبا وان له مطلوبية وراء المطلوبية الناشئة من كراهة المحاذاة ولو كان الامام امرأة وقلنا
662

بجواز امامتها وقف النساء إلى جانبيها فتقوم وسط الصف لا امامه كما يدل عليه اخبار مستفيضة سيأتي التعرض لنقلها مفصلا في مسألة جواز
امامتها للنساء إن شاء الله تعالى منها قول الصادق عليه السلام في مرسل ابن بكير جوابا عن السؤال عن أن المرأة تؤم النساء نعم تقوم وسطا بينهن ولا تتقدمهن إلى غير
ذلك من الأخبار الواردة بهذا المضمون وظاهرها من حيث اشتمالها على الامر بالقيام وسطهن والنهي عن أن تتقدمهن الوجوب ولكنه لم ينقل عن أحد التصريح به
بل ظاهر كلماتهم كما في المتن وغيره إرادة الندب فكأنهم لم يفهموا من هذه الأخبار بملاحظة ورودها مورد توهم رجحان التقدم وجوبا أو استحبابا وكذا من
عدم مناسبة كون الحكم بالتوسط وترك التقدم الزاميا في مقابل اطلاقات أدلة الجماعة وغير ذلك من القرائن الداخلية والخارجية الا إرادة استحباب التوسط
وهو ليس بالبعيد وكيف كان فالمنساق إلى الذهن من ذلك إرادة المنع عن التقدم بمقدار يعتد به على النهج المتعارف في أئمة الجماعات مما يخرجه عرفا عن
صدق اسم القيام وسطهن ويصدق عليه القيام بين أيديهن وهذا غير مناف لاعتبار تقدمها في الجملة في صحة الجماعة كما نفينا البعد عنه في محله وكذا لو صلى العاري
بالعراة جلس وجلسوا في سمته ولا يبرز الا بركبتيه كما يدل عليه صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن قوم صلوا جماعة وهم عراة قال
يتقدمهم الامام بركبتيه ويصلي بهم جلوسا وهو جالس ولا يعارضها موثقة إسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام قوم قطع عليهم الطريق واخذت ثيابهم
فبقوا عراة وحضرت الصلاة كيف يصنعون قال يتقدمهم امامهم فيجلس ويجلسون خلفه فيؤمي ايماء للركوع والسجود وهم يركعون ويسجدون خلفه على وجوههم
فان مقتضى الجمع بينهما تقييد اطلاق قوله عليه السلام يتقدمهم امامهم في الموثقة بالصحيحة ولكن قد يشكل ذلك بظهور قوله عليه السلام في الموثقة فيجلس ويجلسون خلفه
في إرادة الجلوس بين أيديهم وحمله على مالا ينافي التقييد المزبور بإرادة تأخرهم في الجملة من الجلوس خلفه بعيد فالأولى الجمع بينهما بتنزيل الموثقة على
الجري مجرى العادة من كون الامام بين يدي المأمومين كما هو المتعارف في صلاة الجماعة والصحيحة على الأفضلية بلحاظ كونها جامعة بين وظيفة الامام و
التستر وكيف كان فقد تقدم شرح هذه المسألة مفصلا في مبحث لباس المصلي وعرفت فيما تقدم ان الأقوى جواز الجماعة للعراة وان ما دل بظاهره على المنع
عنه وهو قوله عليه السلام في خبر أبي البختري المروي عن قرب الإسناد فان كانوا جماعة تباعدوا في المجالس ثم صلوا كذلك فرادى مطروح أو مأول وان الأظهر
في كيفيتها ما ورد التصريح به في الموثقة من أن الامام يؤمي ايماء للركوع والسجود والمأمومين يركعون
ويسجدون فلا نطيل بالإعادة ويستحب ان يعيد
المنفرد صلاته التي صلاها إذا وجد من يصلي تلك الصلاة جماعة اماما كان أو مأموما بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه
ويدل عليه صحيحة هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يصلي الصلاة وحده ثم يجد جماعة قال يصلي معهم ويجعلها الفريضة ان شاء وصحيحة ابن بزيع
قال كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام اني احضر المساجد مع جيراني وغيرهم فيأمرونني بالصلاة بهم وقد صليت قبل ان اتيهم وربما صلى خلفي من يقتدي
بصلاتي والمستضعف والجاهل فأكره ان أتقدم وقد صليت لحال من يصلي بصلاتي ممن سميت لك فمرني في ذلك بأمرك انتهي إليه واعمل به إن شاء الله فكتب
صل بهم وصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا صليت صلاة وأنت في المسجد وأقيمت الصلاة فان شئت فأخرج وان شئت فصل معهم واجعلها تسبيحا وموثقة عمار قال سألت أبا عبد الله عن الرجل يصلي الفريضة ثم يجد قوما يصلون جماعة أيجوز ان يعيد الصلاة معهم قال نعم وهو أفضل قلت فإن لم
يفعل قال ليس به بأس وخبر أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أصلي ثم ادخل المسجد فتقام الصلاة وقد صليت قال صل معهم يختار الله أحبهما إليه
وخبر حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يصلي الصلاة وحده ثم يجد جماعة قال يصلي معهم ويجعلها الفريضة وخبر زرارة عن أبي جعفر عليه السلام
في حديث قال لا ينبغي للرجل ان يدخل مع قوم في صلاتهم وهو لا ينويها صلاة بل ينبغي ان ينويها وان كان قد صلى فان له صلاة أخرى وعن الصدوق مرسلا
قال وقال رجل للصادق عليه السلام أصلي في أهلي ثم اخرج إلى المسجد فيقدموني فقال تقدم لا عليك وصل بهم قال وروى أنه له يحسب أفضلهما وأتمهما
وخبر داود قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل يكون مؤذن مسجد في المصر وامامه فإذا كان يوم الجمعة صلى العصر في وقتها كيف يصنع بمسجده قال صلى العصر في
في وقتها فإذا كان ذلك الوقت الذي يؤذن فيه أهل المصر فاذن وصل بهم في الوقت الذي يصلي بهم أهل مصرك ثم إن جملة من هذه الروايات كصحيحة ابن
بزيع وخبري زرارة وأبي بصير موردها على الظاهر الحضور جماعة المخالفين فيشكل الاستشهاد بها للمدعى وهو استحباب الإعادة لمحض ادراك الجماعة الا ان ايرادها لا
يخلو من تأييد مع ما فيها من الدلالة على مشروعية الجماعة في موردها الذي هو أيضا من جزئيات المقام صورة وكيف كان ففيما عداها غني وكفاية ولكن
لا يخفى عليك ان المنساق من مورد هذه الأخبار كما هو صريح بعض منه هو ما لو صلى منفردا في وقتها اي صلاة أدائية فأعادها مع قوم لم يصلوا بالايتمام
بإمامهم أو بالإمامة لهم في تلك الصلاة التي صلاها فهذه الصورة هي القدر المتيقن الذي تطابقت النصوص والفتاوى على شرعيتها واما ما عداها من الصور
المتصورة في المقام مثل ما لو صلى جماعة فأعادها مع من لم يصل أو صلى كل منهم منفردا فأعادوها لتحصيل فضيلة الجماعة أو صلى منفردا أو جامعا فأعادها
جماعة في غير تلك الصلاة كما لو أعاد عصرها مقتديا بمن يصلي الظهر أو اماما له أو بعصر مقضية مثلا إلى غير ذلك من الفروض فلا يخلو الجزم باستحباب الإعادة فيها
من اشكال لخروجها عن منصرف النصوص فمقتضى الأصل عدم مشروعية الإعادة فيها نعم قد يتمشى في بعض الصور منها قاعدة التسامح كما ستعرف
وفي بعض اخر منها كصورة اختلاف الصلاتين في الأدائية والقضائية أو في الظهرية والعصرية مثلا أو كونهما مقضيتين يمكن منع الانصراف فيها أو ادعاء كونه
بدويا على تقدير التسليم مع امكان ان يدعى انه يستفاد من الاخبار المزبورة عدم ارتفاع مطلوبية الجماعة شرعا بحصول الاجزاء بفعل الصلاة معراة عن
663

هذه الخصوصية كما هو الشأن في أغلب الفروض المتقدمة فما دام تداركها ممكنا بنحو من الانحاء المزبورة صح له اعادتها فينحصر الاشكال حينئذ فيما لو صلى أولا
جماعة حيث إنه لم يفته حينئذ الخصوصية التي ادعى شرعية تداركها مع الامكان ففي هذا الفرض ان أراد اعادتها مع تلك الجماعة التي صلاها بعينها فلا ينبغي الاستشكال
في عدم جوازه لانتفاء ما يدل عليه بل عن بعض دعوى الاجماع عليه بل وكذا ان أراد اعادتها مع غير هذه الجماعة ممن صلاها جماعة خصوصا إذا كان مأموما في الجماعة
الثانية واماما في الأولى نعم قد يتوهم الجواز في عكسه نظرا إلى كون المعادة أكمل فيمكن حينئذ استفادة شرعيتها من قوله عليه السلام فيما ارسله الصدوق ثانيا انه له يحسب
أفضلهما وأتمهما وفيه تأمل وان أعادها مع مفترض اي مع من لم يصل فقد يقوى في النظر جوازه خصوصا مع إمامته له بل صرح شيخنا المرتضى رحمه الله في هذا الفرض بأنه
لا اشكال ولا خلاف في جوازه مستشهدا له بما روى أن معاذا كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وآله ثم يرجع فيصلي بقومه وعن ابن أبي جمهور في غوالي اللئالي بأسناده
عن فخر المحققين عن والده العلامة أنه قال روى أن اعرابيا جاء إلى المسجد وقد فرغ النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه من الصلاة فقال الا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه فقام شخص فأعاد صلاته
وصلى به ويستفاد من هذه الرواية جواز ايتمام من صلى جماعة بمن لم يصل لكونه أبلغ في ايصال الخير إليه وكونه صدقة عليه فيكون أولى بالجواز كما ربما يؤيد ذلك ما عن
الكتاب المزبور مرسلا عن النبي صلى الله عليه وآله انه رأى رجلا يصلي وحده فقال الا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه ولكن يشكل الاعتماد على مثل هذه الأخبار مع ما فيها
من ضعف السند واشكل من ذلك الاعتماد على نقل عدم الخلاف فيه مع أن ظاهر عبارة المتن كصريح جملة ممن تأخروا عنه القول بالمنع بل في الحدائق نسبه إلى الأشهر فقال ما لفظه لا خلاف ولا اشكال في صحة الإعادة
ومشروعيتها لمن صلى الفرض أولا منفردا وان الاشكال والخلاف فيما لو صلى جماعة فهل يستحب الإعادة جماعة مرة أخرى الأشهر الأظهر العدم وفي المدارك بعد ان ذكر انه يستفاد من عبارة المصنف رحمه الله ان من صلى
الفريضة في جماعة ثم وجد جماعة أخرى لا تشرع له الإعادة قال وهو كذلك للأصل وادراك فضيلة الجماعة بالأولى ثم قال وحكم الشهيد في الذكرى باستحباب الإعادة
للمنفرد والجامع لعموم الأدلة وهو غير واضح لان أكثر الروايات مخصوصة بمن صلى وحده وما ليس بمقيد بذلك فلا عموم فيه ومن هنا يظهر عدم تراسل الاستحباب وجوزه الشهيدان
انتهى. أقول منع العموم فيما ليس بمقيد انما يتجه بدعوى انصرافها إلى المنفرد والا فهي اخبار مطلقة وقضية اطلاقها العموم خصوصا بملاحظة ما في بعضها الذي وقع جوابا
عن سؤال مجمل كصحيحة ابن يزبع التي اعترف الخصم بدلالتها على المدعى من ترك الاستفصال وقد حكى عن صاحب الذخيرة انه نفى البعد عما ذكره الشهيدان مستندا إلى عدم الاستفصال
في صحيحة محمد بن إسماعيل ثم قال والأحوط الأول لعدم ما يدل عليه صريحا وتوقف الصلاة على توقيف الشارع وقد روى عنه لا تصلي صلاة في يوم مرتين انتهى ولكنك عرفت
امكان الخدشة في دلالة الصحيحة على المدعى فالأولى الاستدلال له بإطلاق صحيحة الحلبي وترك الاستفصال الواقع في موثقة عمار لو لم ندع انصرافهما إلى المنفرد كما ليس بالبعيد بل
لعل انكاره مكابرة ولكن لا يبعد ان يدعى كونه بدويا يرتفع بعد الالتفات إلى شيوع صلاة الجماعة في تلك الاعصار وحصول الايتمام بغالب من يرونه مصليا وانه مهما
كان الرجل يصلي في منزله أو في المسجد ربما يوجد واحد يأتم به فليس هذا الانصراف بحيث يحسن اطلاق الجواب من غير استفصال وأوضح من ذلك دلالة على المدعى خبر
داود فإنه كالنص في خصوص الجامع إذ الظاهر أن المقصود بالسؤال هو انه كان يوم الجمعة يصلي العصر في جماعة مع امام الجمعة في وقتها الذي هو في يوم الجمعة
بعد الفراغ من الجمعة فسئل عن حال مسجده في ذلك اليوم من أنه هل يبقى معطلا أو انه يعيد صلاته في وقت العصر من سائر الأيام مع الذين لم يشهدوا الجمعة من أولي الأعذار
ولكن يمكن الخدشة فيه بأن الجمعة في تلك الاعصار لم يكن يقيمها الا المخالفون والصلاة مع امامهم ليست بجماعة حقيقة بل هي بحكم الفرادى بل هي
هي حقيقة فلا تدل حينئذ على المدعى فليتأمل وربما يستدل له أيضا بقاعدة التسامح فإنه يكفي في تحقق موضوعها خبر الغوالي وحكاية فعل معاذ الدالة بالالتزام
عادة على تقرير النبي صلى الله عليه وآله وفيه انها وان كانت مجدية في اثبات شرعية الإعادة من حيث هي مسامحة ولكنها غير مجدية في ترتيب الآثار المخالفة للأصل
المترتبة على الجماعة في الواقع من سقوط القراءة عن المأموم ورجوع كل من الإمام والمأموم إلى الاخر في شكه كما تقرر في محله فهي مجدية فيما إذا لم يترتب
على الجماعة اثر مخالف للأصل عدى حرمتها التشريعية التي ينفيها أدلة المسامحة كما لو أعاد الجامع صلاته مأموما بمفترض بقصد التصدق المستفاد استحبابه من النبوي
المتقدم وأعاد المنفرد ان صلاتهما جماعة اخذا بفتوى بعض باستحبابه بناء على كفاية فتوى الفقيه في تحقق موضوع القاعدة إلى غير ذلك من الفروض التي لا يترتب عليها
مخالفة أصل اخر فليتأمل. تنبيهات الأول: حكى عن الشهيدين وبعض من تأخر عنهما تجويز تكرير إعادة الصلاة ثانيا وثالثا وهكذا واستدل عليه بعمومات
الأدلة وفيه ان العمومات قاصرة عن افادته فمقتضى الأصل عدم مشروعيته والاستدلال له بقاعدة التسامح بناء على كفاية فتوى الفقيه في تحقق موضوعها قد ظهر
ما فيه فيما مر مع أن في الاكتفاء بفتوى الفقيه خصوصا مع وضوح مستنده اشكال. الثاني: هل يتعين في المعادة نية الندب أم يجوز نية الوجوب قولان ظاهر
الأكثر الأول وصريح الشهيدين على ما حكى عنهما الثاني فعن الشهيد الثاني في محكى الروض أنه قال وأولى الصلاتين أو الصلوات هي فريضة فينوي بالباقي
الندب لامتثاله المأمور به على وجهه فخرج من العهدة ولو نوى الفرض في الجميع جاز لرواية هشام بن سالم ثم نقل الرواية ثم قال ولما روى أن الله يختار أحبهما
إليه وروى أفضلهما وأتمهما انتهى. وعن الذكرى والدروس أيضا تجويزه مستدلا عليه بالرواية المذكورة واعترض شيخنا المرتضى رحمه الله على هذا القول بعد
نقله عن الشهيدين بقوله وفيه نظر لان الفعل الأول قد وقع على جهة الوجوب مستجمعا لشرائط اسقاط الواجب فلا يعقل نفي الوجوب عنه ولا وجوب اخر حتى يقع
الفعل الثاني عليه ويمكن توجيه القول المذكور بأن المراد نية الفرض على وجه التوصيف بان يقصد كون هذا الذي يأتي به هو الذي يسقط به امتثال الامر السابق
ولا عيب في ذلك بعد اذن الشارع ورخصته في أن يجعلها الفريضة ان شاء كما في مصححتي حفص وهشام بن سالم واخباره بأنه يختار الله أحبهما كما في رواية أبي بصير
أو أفضلهما وأتمهما كما في ثالث مرسل نعم في بعض الأخبار انها لك نافلة وفي اخر اجعلها تسبيحا انتهى. أقول توجيه القول المزبور بما ذكر لا يخلو من بعد لان
نية الفرض على هذا الوجه من مقومات مفهوم الإعادة التي تطابقت الفتاوى والنصوص على استحبابها فلو كان هذا مراد القائلين بجواز نية الفرض لكان الأولى لهم الاستدلال له
664

بموثقة عمار التي وقع فيها التصريح بجواز إعادة الفريضة كما لا يخفى فالظاهر أن مقصود القائلين بجواز نية الفرض ان له رفع اليد عما اتى به أولا والقصد إلى وقوع
المعادة إطاعة للامر الوجوبي الذي كان متوجها إليه نظير ما لو قلنا بجواز الإعادة للإجادة فان معناه انه لو اتى بفرد غير كامل في مقام امتثال الامر بطبيعة الصلاة
كالصلاة بلا خضوع مثلا له الغاء هذا الفرد ما دام الوقت باقيا واختيار إطاعتها في ضمن فرد كامل كما له شواهد في الأوامر العرفية المتوجهة إلى عبيدهم فلا يبعد ان
يدعى ان إعادة المنفرد صلاته جماعة هي من هذا الباب فانا وان لم نلتزم بمشروعية الإعادة للإجادة على الاطلاق في الاحكام التعبدية التي لا إحاطة لنا بمناطاتها
ولكن لا ننكر جوازها بعد مساعدة الدليل عليها فلا يبعد ان يقال إن المنساق إلى الذهن من قوله في خبري هشام والبختري ويجعلها الفريضة انما هو إرادة هذا المعنى
فعلى هذا له ان يقصد امتثال الامر الوجوبي المتعلق بفريضة الظهر مثلا بالغاء ما فعله أولا واختيار اطاعته في ضمن فرد أكمل أو إطاعة الامر الندبي الذي تضمنته
هذه الأخبار ولعل الأول أولى لما في الخبرين من الامر به بناء على إرادة هذا المعنى منهما كما هو الظاهر وقوله ان شاء يحتمل ان يكون مربوطا بقوله يجعلها الفريضة
مسوقا لبيان عدم لزوم هذا الجعل ويحتمل ان يكون مربوطا بقوله عليه السلام يصلي معهم والله العالم الثالث مقتضى ما أشرنا إليه من اتحاد الفريضة ومعادتها ذاتا
حصول الاجزاء بفعل المعادة عند انكشاف فساد الأولى ووقوعها فريضة وان اتى بها بنية الندب كما يؤمي إليه قوله عليه السلام يختار الله أحبهما إليه وقصد الندبية غير
قادح في صحة الفعل ووقوعه امتثالا للامر الوجوبي المتعلق به بعد فرض وحدة الطبيعة وحصولها بقصد الإطاعة وان أخطأ في تشخيص طلبها خصوصا إذا كان خطأه
ناشئا من توهم خروجه عن عهدة الطلب الالزامي المتعلق به كما فيما نحن فيه وقد تقدم في مبحث النية من كتاب الطهارة والصلاة ما ينكشف به حقيقة الحال في مثل
هذه الموارد فراجع ويستحب ان يسبح المأموم الذي يقرء خلف الامام وجوبا كما في الصلاة مع المخالف أو المأموم المسبوق أو جوازا كما في غيره حيث جوزناها
حتى يركع الامام إذا أكمل القراءة قبله وله أيضا ان يبقي آية ليقرأها عند فراغ الامام ليركع عن قراءة كما صرح به غير واحد ويدل على الأول موثقة عمر بن
أبي شعبة عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له أكون مع الامام فافرغ قبل ان يفرغ من قرائته قال فأتم السورة ومجد الله واثن عليه حتى يفرغ وعلى الثاني موثقة
زرارة قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الامام أكون معه فافرغ من القراءة قبل ان يفرغ قال فامسك آية ومجد الله واثن عليه فإذا فرغ فاقرأ الآية واركع وربما
يستشعر من الوسائل تنزيل الخبرين على خصوص الصلاة مع المخالف حيث أوردهما في هذا الباب وفيه انه لا مقتضى للتخصيص مع مخالفته للأصل واعتضاد اطلاقهما بالعمومات
الدالة على استحباب الذكر وكراهة السكوت في الصلاة نعم قد ورد أيضا نحو ذلك في خصوص الصلاة خلف المخالف في الموثق عن إسحاق بن عمار عمن سئل أبا عبد الله عليه السلام
قال أصلي خلف من لا اقتدي به فإذا فرغت عن قرائتي ولم يفرغ هو قال فسبح حتى يفرغ وخبر صفوان الجمال
المروي عن محاسن البرقي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ان عندنا
مصلى لا نصلي فيه وأهله نصاب وامامهم مخالف فأئتم به قال لا فقلت ان قرء اقرأ خلفه قال نعم قلت فان نفدت السورة قبل ان يفرغ فقال سبح وكبر انما هو بمنزلة القنوت
وكبر وهلل وعن كتاب الفقه الرضوي بعد ذكر الصلاة خلف المخالف تقية فان فرغت قبله من القراءة ابق آية منها حتى تقرء وقت ركوعه والا فسبح إلى أن يركع
ويستحب ان يكون في الصف الأول أهل الفضل كما صرح به غير واحد بل في المدارك هذا موضع وفاق بين العلماء بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه واستدل له
بخبر جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال ليكن الذين يلون الامام أولى الأحلام منكم والنهى فان نسي الامام أو تعايا قوموه وأفضل الصفوف أولها وأفضل أولها ما
قرب من الامام ومن طريق العامة قوله صلى الله عليه وآله ليلين منكم أولوا الأحلام ثم الذين يلونهم ثم الصبيان ثم النساء في المدارك الأحلام جمع حلم بالكسر وهو العقل ومنه
قوله تعالى أم تأمرهم أحلامهم بهذا والنهى بالضم العقل أيضا وتعايا اي لم يهتد لوجه مراده أو عجز عنه ولم يطق احكامه وقد يناقش في دلالة الخبر بأنه أخص من
المدعى فان ولاء الامام أخص من تمام الصف وربما عللوه بوجه اعتباري وهو ان الصف الأول أفضل الصفوف كما يدل عليه مضافا إلى ما في ذيل الخبر المزبور وما روى
من أن الصلاة فيه كالجهاد في سبيل الله فيكون الأفضل للأفضل وفيه انه مجرد اعتبار لا يصلح ان يكون مستندا لاثبات حكم شرعي اللهم الا ان يدعى استفادته من الخبر
المزبور بدعوى شهادة سوقه بكون ما في ذيل الخبر من قوله عليه السلام وأفضل الصفوف أولها الحديث بمنزلة تعليل اخر للحكم المذكور في الصدر لا جملة مستقلة غير مرتبطة بسابقتها
فليتأمل ويمكن الاستدلال له أيضا بما روى من طريق العامة انه صلى الله عليه وآله قال ليليني منكم أولو الأحلام ثم الذين يلونهم ثم الصبيان ثم النساء إذ الظاهر من هذه الرواية إرادة
الترتيب في الصفوف على حسب مراتبهم في الفضل وكفى بمثله دليلا لاثبات مثل المدعى مسامحة تنبيه: كلما كان من نظائر المقام مما فهم من دليله محبوبية حصوله
في الخارج من غير أن يكون التكليف متوجها إلى شخص خاص يكون من قبيل التكاليف الكفائية المطلوب حصولها من اي شخص يكون فيستحب لكل من له مرتبة خاصة حفظ
مرتبته ولغيره وضع صاحب المرتبة في مرتبته فأهل الفضل مثلا وظيفتهم التقدم وغيرهم وظيفتهم تقديم صاحب الفضل فكل من اتى بوظيفته فقد اتى بالمستحب ويكره
تمكين الصبيان منه وفي المدارك قال في شرح العبارة بل تمكين غير أهله منه ويكره لهم التأخر أيضا انتهى. أقول مراده بأهله أولو الفضل فكأنه بنى المسألة على أن
ترك المستحب مكروه وهو محل نظر بل منع وقد حكى عن الروض التصريح بالحاق المجانين والعبيد بالصبيان بناء منه على ما سمعت وفيه ما عرفت فالأشبه في لكراهة
في تمكين من عدى الصبيان لانتفاء ما يدل عليه واما تمكين الصبيان فهو أيضا مما لم يثبت كراهته بدليل معتبر ولكن قال في الجواهر انه يفهم من الروض وجود نص بذلك
فلا بأس بالالتزام به من باب المسامحة ويكره أيضا ان يقف المأموم في صف وحده ان كان ذكرا الا ان تمتلي الصفوف فلا يجد فيها مقاما بل في هذا الفرض أيضا
الأولى ان يقف بحذاء الامام ولا ينفرد بصف لخبر السكوني عن جعفر عن أبيه قال قال أمير المؤمنين عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا تكونن في العثكل قلت وما العثكل قال إن تصلي
خلف الصفوف وحدك فإن لم يمكن الدخول في الصف قام حذاء الامام أجزأه فان هو عاند الصف فسد عليه صلاته وعن كتاب دعائم الاسلام مرسلا عن علي عليه السلام
665

قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله يا علي لا تقومن في العثكل قلت وما العثكل يا رسول الله قال تصلي خلف الصفوف وحدك ثم قال في الكتاب المذكور يعني والله أعلم انه إذا
كان ذلك وهو يجد موضعا في الصفوف فاما ان لم يجد فلا شئ عليه ان يصلي خلف الصفوف وحده لأنا روينا عن أبي عبد الله عليه السلام جعفر بن محمد انه سئل عن رجل دخل مع القوم في جماعة
فقام وحده وليس معه في الصف غيره والصف الذي بين يديه متضايق قال إذا كان صلى وحده فهو معهم وقال قم في الصف ما استطعت وإذا ضاق المكان فتقدم أو
تأخر فلا بأس وعن علي عليه السلام أنه قال إذا جاء الرجل ولم يستطع ان يدخل الصف فليقم حذاء الامام فان ذلك يجزيه ولا يعاند الصف انتهى. أقول تشابه كلمة عثكل
الواردة في الخبرين لفظا ومعنا حيث لم يعلم أنها هل هي بالثاء المثلثة أو التاء المثناة الفوقانية أو التحتانية كما في بعض النسخ أو فسكل بالفاء والسين المهملة كما عن
بعض آخر المعتضد بمعروفية معناه لغة حينئذ ومناسبته للمقام غير قادح بعد ورود تفسيرها في النص إذ العبرة حينئذ بما روى في تفسيرها لا بالمفسر وما في ذيل خبر السكوني
من الحكم بفساد صلاته ان هو عاند الصف يحتمل قويا جريه مجرى التقية لموافقته لما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وإله انه صلى فابصر رجلا خلف الصفوف
وحده فأمره ان يعيد الصلاة وربما يؤيده أيضا تشابه هذه الفقرة كما هو الشأن في جل الاخبار الصادرة تقية فإنه كما يحتمل ان يكون المراد بمعاندة الصف خروجه
عنه وانفراده بصف اخر كذلك يحتمل ان يكون المراد بها مضايقة أهله بالدخول فيهم غضبا كما لعله هو المنساق مما ارسله في الدعائم عن علي عليه السلام في ذيل كلامه المتقدم
الذي هو بحسب الظاهر ليس الا نقلا لما في ذيل خبر السكوني بالمعنى فكان صاحب الدعائم لم يكن يره من تتمة هذا الخبر وكيف كان فلا بد من حمل هذه الفقرة على ما لا ينافي
الكراهة ولو بحمل الفساد على مطلق المنقصة الغير المنافية للكراهة أورد علمها إلى أهله كما أنه لا بد من حمل النهى عن وقوفه وحده خلف الصفوف على ذلك والا
لعارضه اخبار اخر صريحة في الجواز كصحيحة أبى الصباح قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يقوم في الصف وحده فقال لا بأس انما يبدء واحد بعد واحد وخبر موسى بن
بكير انه سئل أبا الحسن موسى بن جعفر عن الرجل يقوم في الصف وحده قال لا بأس انما يبدء الصف واحد بعد واحد وصحيحة سعيد الأعرج المروية عن التهذيب
قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يدخل المسجد ليصلى مع الامام فيجد الصف متضايقا بأهله فيقوم وحده حتى يفرغ الامام من الصلاة يجوز ذلك له قال
نعم لا بأس به ولا يصح الجمع بين الاخبار بتخصيص خبر السكوني بهذه الصحيحة بحمله على ما إذا لم يتضايق الصفوف ثم تخصيص الخبرين النافيين للباس على الاطلاق بخبر
السكوني بحمل الخبرين على خصوص ما إذا لم يمكنه الدخول في صف لا لمجرد ما قد يقال من أن النسبة بين الاخبار المتعارضة لا بد وان تلاحظ قبل تخصيص بعضها بقرينة منفصلة
بل لان خبر السكوني كالنص في عموم المنع لصورة الضيق لما فيه من التصريح بعد ان اطلق النهى عن أن يصلى خلف الصفوف وحده بأنه ان لم يمكن الدخول في الصف
أجزأه القيام بحذاء الامام فلم يرخصه في هذه الصورة أيضا مع ملحوظيتها بالخصوص في أن يصلى وحده خلف الصفوف فشمول النص لها ليس من باب اصالة العموم
بل بالنصوصية فهو يعارض الصحيحة المزبورة فضلا عن الخبرين النافيين للبأس على الاطلاق ولكن الظاهر اتحاد هذه الصحيحة مع ما رواها في الكافي عن سعيد
الأعرج انه سئل أبا عبد الله عن الرجل يأتي الصلاة فلا يجد في الصف مقاما ايقوم وحده حتى يفرع من صلاته قال نعم لا بأس يقوم بحذاء الامام فعلى هذا لا
معارضة بين هذه الصحيحة وبين خبر السكوني بل هي مؤكدة لعمومه لاشعارها بانحصار نفى البأس فيما إذا قام بحذاء الامام والمراد بالقيام بحذاء الامام الوارد
في هذه الأخبار على الظاهر هو ان يقف جناحا له فلا يلزم من الرخصة فيه ارتكاب تخصيص في النهى الوارد في خبر السكوني المتعلق بأن يصلى وحده خلف الصفوف
أصلا فيبقى النسبة بينه وبين الخبرين الدالين على جوازه على الاطلاق بحالها من المباينة فوجب اما الجمع بحمل النهى على الكراهة أورد علمه إلى أهله لقصوره
عن معارضة الخبرين من جميع الوجوه نعم بناء على ما جزم به في الحدائق من أن المراد من القيام بحذاء الامام هو ان يقف وحده خلف الصفوف محاذيا للامام
في الموقف بقرينة السؤال يكون هذا الفرد خارجا عن عموم النهى فيصير خبر السكوني أخص مطلقا من الخبرين الدالين على الجواز لاختصاص مورد النهى بما عدى هذا
الفرد ولكن لا يجدى ذلك في امكان الجمع بينهما لتعذر حمل الخبرين على إرادة خصوص هذا الفرد أي الوقوف محاذيا للامام مشروطا بعدم امكان الدخول في
الصف والحاصل ان مقتضى الجمع بين الاخبار مع الغض عن امكان الخدشة في دلالة خبر السكوني على الحرمة بدعوى استشعار الكراهة من هذا النوع من الأخبار الواردة
في الموارد المناسبة للكراهة كما ليس بالبعيد أو المناقشة في سندها بالضعف كما صدرت من غير واحد هو حمل هذه الرواية على الكراهة مع أنه لم ينقل القول
بالمنع عن القيام في صف واحد ولو مع امكان الدخول في الصف عن أحد من أصحابنا عدى ما حكى عن ابن الجنيد أنه قال إن أمكنه الدخول في الصف من غير
أذية غيره لم يجز قيامه وحده بل في التذكرة ادعى اجماع علمائنا على الصحة ونقل الخلاف فيه عن بعض العامة فلا مجال لارتياب فيه ولا يخفى عليك ان مقتضى حمل خبر
السكوني على الكراهة هو الالتزام بها مطلقا ولو مع امتلاء الصفوف الا إذا وقف خلف الصفوف محاذيا بالامام على تقدير في لتمكن من الدخول في الصف على احتمال
ولكن قد يستشعر أو يستظهر من كلمات غير واحد في لخلاف في انتفاء الكراهة مع الضيق وربما يؤيده أيضا اطلاق بعض الأخبار المعتبرة النافية للبأس عن
التقدم أو التأخر مع الضيق بل قد يشهد له المرسلتان اللتان رواهما في الدعائم عن أبي عبد الله عليه السلام ولعل ما في ذيل الخبر من التعبير بمعاندة الصف للإشارة إلى اختصاص
مورد الكراهة بما إذا وقع ذلك بغير داع يقضيه من ضيق ونحوه فالقول به لا يخلو من وجه وان كان الالتزام بالعموم اخذا بظاهر خبر السكوني من غير الالتفات إلى
منافياته أوفق بالقواعد وأنسب بما يقتضيه قاعدة التسامح والله العالم ويكره ان يصلى المأموم نافلة مطلقا راتبة أم غيرها إذا أقيمت الصلاة لصحيحة عمر بن يزيد
انه سئل أبا عبد الله عليه السلام عن الرواية التي يروون انه لا ينبغي ان يتطوع في وقت فريضة ما حد هذا الوقت قال إذا اخذ المقيم في الإقامة فقال له ان الناس يختلفون
في الإقامة قال المقيم الذي تصلى معه وظاهره الشروع في الإقامة ونقل عن ابن حمزة والشيخ في النهاية انهما منعا من التنفل بعد الإقامة أقول ولعل مستندهما
666

الروايات الناهية عن التطوع في وقت فريضة بعد صرفها إلى خصوص المورد بشهادة الصحيحة المزبورة فهو لا يخلو من وجه وان كان الأوجه ما عرفت كما يتضح شرحه
مما حققناه في المواقيت ووقت القيام إلى الصلاة أي صلاة الجماعة إذا قال المؤذن قد قامت الصلاة على الأظهر كما هو المشهور علي ما ادعاه غير واحد لخبر
معاوية بن شريح عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا قال المؤذن قد قامت الصلاة ينبغي لمن في المسجد ان يقوموا على أرجلهم ويقدموا بعضهم وعن الشيخ في المبسوط
أنه قال وقت القيام إلى الصلاة عند فراغ المؤذن من كمال الاذان والظاهر أن مراده من كمال الاذان ما يعم الإقامة كما يؤمى إلى ذلك ما حكى عنه من أنه
حدد وقت الاحرام أيضا بذلك وكيف كان فلم يعلم مستنده وعن العلامة في المختلف انه نقل عن بعض علمائنا قولا بأن وقت القيام إلى الصلاة
عند قوله حي على الصلاة لأنه دعاء إليها فاستحب القيام عنده وأجيب عنه بالمعارضة بالاذان فان هذا اللفظ موجود فيه ولا يستحب القيام عنده وبان
هذا اللفظ دعاء إلى الاقبال إلى الصلاة وقد قامت صيغة اخبار بمعنى الامر بالقيام فكان القيام عنده أولى ثم إنه قد يستشعر من ذكر المصنف ره لهذا
الفرع عقيب قوله ويكره ان يصلى نافلة إذا أقيمت الصلاة ان غرضه من تحديد وقت القيام بيان مورد كراهة النافلة وقد عرفت ان ظاهر صحيحة عمر بن يزيد
كراهتها من حين الاخذ في الإقامة ولا منافاة بينه وبين ان يكون الوقت الذي ينبغي القيام إلى الصلاة هو عند قول المؤذن قد قامت الصلاة فلا
ربط لاحد الفرعين بالآخر كما يوهمه عبارة المتن وغيره الطرف الثاني يعتبر في الامام الايمان أي كونه مواليا للأئمة الاثني عشر عليهم السلام
بلا خلاف فيه عندنا بل لعله من ضروريات المذهب ويدل عليه صحيحة البرقي قال كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام أيجزي جعلت فداك الصلاة خلف من وقف على
أبيك وجدك صلوات الله عليهم فأجاب لا تصل ورائه وفي خبر الفضل بن شاذان المروى عن العلل عن الرضا عليه السلام في كتابه إلى المأمون قال لا
يقتدى الا بأهل الولاية وفي رواية الأعمش المروية عن الخصال في حديث شرائع الدين ولا صلاة خلف الفاجر ولا يقتدى الا بأهل الولاية إلى غير ذلك من
الروايات الناهية عن الصلاة خلف المخالفين والغلاة والمجبرة والمجسمة وغيرهم ممن يخالف شيئا من الاعتقادات الحقة مما لا يخفى على المتتبع والعدالة
بلا خلاف فيه في الجملة بل اجماعا كما ادعاه كثير من الأصحاب وأرسلوه ارسال المسلمات علي وجه كاد تعد لديهم من ضروريات الفقه وهذا هو عمدة المستند لاثبات
اعتباره وصف العدالة بالمعنى الذي نعتبره في الشاهد والحاكم ونحوهما في امام الجماعة ويدل عليه أيضا مضافا إلى ذلك جملة من الاخبار منها ما رواه الشيخ
بأسناده عن علي بن راشد قال قلت لأبي جعفر عليه السلام ان مواليك قد اختلفوا فاصلي خلفهم جميعا فقال لا تصل الا خلف من تثق بدينه وأمانته إذ المتبادر منه إرادة
من تطمئن بتدينه وصلاحه وهو معنى العدالة كما ستعرف ولكن عن الكافي نقلها بإسقاط قوله وأمانته وعلى هذا أيضا لا يبعد دعوى دلالتها على المدعى إذ الظاهر أن
المراد بالوثوق بدينه هو الاطمينان بالتزامه وتدينه بما دان به وعدم التعدي عن الحدود الشرعية التي دان بها باتباع هواه لا الوثق بكونه اماميا ونحوها في
الدلالة عليه بالتقريب المزبور رواية يزيد بن حماد المروى عن رجال الكشي عن أبي الحسن عليه السلام قال قلت له اصلى خلف من لا اعرف قال لا تصل الا خلف من تثق بدينه
ورواية زيد بن علي عن ابائه عن علي عليه السلام قال الأغلف لا يؤم القوم وان كان أقرأهم لأنه ضيع من السنة
أعظمها ولا يقبل له شهادة ولا يصلى عليه الا ان يكون ذلك
خوفا على نفسه ومفهوم خبر المرافقي والبصري عن جعفر بن محمد عليه السلام انه سئل عن القراءة خلف الإمام فقال إذا كنت خلف امام تتولاه وتثق به فإنه يجزيك قرائته
ومضمرة سماعة قال سئلته عن رجل كان يصلى فخرج الامام وقد صلى الرجل ركعة من صلاة فريضة قال إن كان اماما عدلا فليصل ركعة أخرى وينصرف ويجعلها
تطوعا وليدخل مع الامام في صلاته وان لم يكن امام عدل فليبن على صلاته كما هو ويصلى ركعة أخرى ويجلس قدر ما يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له واشهد ان محمد عبده ورسوله ثم ليتم صلاته معه على ما استطاع فان التقية واسعة إلى آخره وعن الفقه الرضوي مرسلا عن العالم عليه السلام قال ولا تصل خلف
أحدا لا خلف رجلين أحدهما من تثق به وبدينه وورعه واخر من تتقى سيفه وسوطه وشره وبوابقه وشنيعته فصل خلفه على سبيل التقية والمداراة واذن لنفسك
وأقم واقرأ فيها فإنه غير مؤتمن به ولا ينبغي الالتفات في مثل هذه الأخبار إلى ضعف السند بعد استفاضتها وانجبارها بما عرفت واستدل له أيضا بما عن مستطرفات
السرائر نقلا من كتاب أبي عبد الله السياري صاحب موسى والرضا عليهما السلام قال قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام قوم من مواليك يجتمعون فتحضر الصلاة فيقدم بعضهم
فيصلى بهم جماعة فقال إن كان الذي يؤمهم ليس بينه وبين الله طلبة فليفعل قال وقلت له مرة أخرى ان قوما من مواليك يجتمعون فتحضر الصلاة فيؤذن
بعضهم ويتقدم أحدهم فيصلى بهم فقال إن كانت قلوبهم كلها واحدة فلا بأس قال ومن لهم بمعرفة ذلك قال فدعوا الإمامة لأهلها أقول ولعل
غرض الإمام عليه السلام منع مواليه عن الاجتماع وعقد جماعة مستقلة كي لا يعرفوا فيؤخذ برقابهم فتعلق امامة امامهم في جواب سؤاله الأول على شرط يختص
باهل العصمة وفي الثاني على ما يتعذر الاطلاع عليه فكان مراده بقوله ان كانت قلوبهم واحدة خلوصهم من النفاق الموجب لعدم الامن من إذاعة سرهم
وكيف كان فهذان الخبران مع الغض عما فيهما من ضعف السند لا يمكن الالتزام باشتراط ما تضمناه لصحة الجماعة بل لكمالها وعن الصدوق في المقنع مرسلا
قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ان سركم ان تزكوا صلاتكم فقدموا أخياركم أقول هذه الرواية سوقها يشهد بإرادة الاستحباب ومفادها رجحان تقديم الأفضل
وان كان الجميع عدولا فهي أجنبية عما نحن فيه ورواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له ان أناسا رووا عن أمير المؤمنين عليه السلام انه صلى أربع ركعات بعد
الجمعة لم يفصل بينهن بتسليم فقال يا زرارة ان أمير المؤمنين عليه السلام صلى خلف فاسق فلما سلم وانصرف قام أمير المؤمنين عليه السلام فصلى أربع ركعات لم يفصل بينهن بتسليم
فقال له رجل إلى جنبه يا أبا الحسن صليت أربع ركعات لم تفصل بينهن فقال اما انها أربع ركعات مشبهات وسكت فوالله ما عقل ما قال له وفي خبر الأعمش
667

المتقدم قال لا صلاة خلف الفاجر أقول المتبادر من اطلاق الفاسق والفاجر من كان له ملكة الفسق والفجور لا مطلق من باشر معصية فحال هذا النوع من الاخبار
حال مرسلة الصدوق قال قال الصادق ثلاثة لا يصلى خلفهم المجهول والغالي ان كان يقول بقولك والمجاهر بالفسق وان كان مقتصدا ورواية سعد بن إسماعيل عن أبيه قال
قلت للرضا عليه السلام رجل يقارف الذنوب وهو عارف بهذا الامر اصلى خلفه قال لا فلا يستفاد من مثل هذه الأخبار عدم جواز الصلاة خلف من يرتكب الذنب أحيانا من غير أن
يكون له ملكة المعصية فهي أخص من المدعى كما ستعرف بل قد يستشعر من تخصيص المجاهر بالذكر في المرسلة نفى البأس عمن ليس متجاهرا ولكنه لا ينبغي الالتفات إلى مثل هذه
الاشعارات في مقابل ما عرفت واما صحيحة عمر بن يزيد قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن امام لا بأس به في جميع أموره غير أنه يسمع أبويه الكلام الغليظ الذي يغيظهما اقرأ خلفه
قال لا تقرء خلفه ما لم يكن عاقا قاطعا فالظاهر عدم منافاته لشرطية العدالة كما سنوضحه عند شرح العدالة وربما يستشعر من كلام السائل كون اشتراط عدالة الامام
لديه على اجماله مفروغا عنه ولذا استشكل في الايتمام بمن كان له ملكة الورع والتقوى عدى انه لا يتجنب هذه الخطيئة التي ليست من الكبائر ما لم تبلغ مرتبة العقوق
فليتأمل ثم إن المحصل من مجموع الاخبار انه يشترط في الامام ان لا يكون فاسقا فاجرا بل ممن يوثق بدينة وأمانته كما في خبر علي بن راشد أو به وبدينه وورعه كما في
المرسل المنقول عن الفقه الرضوي وكونه كذلك مساوق المفهوم العدالة ولم يرد في شئ من الاخبار المزبورة التصريح بلفظ العدالة عدى مضمرة سماعة ومعاقد
الاجماعات المحكية وكيف كان فهي معتبرة في جواز الايتمام بلا شبهة وهل هي معتبرة في صحة الإمامة أيضا بمعنى ان عدالة الامام هل هي شرط واقعي لصحة الجماعة
فلا يجوز للامام أيضا ما لم يحرز من نفسه العدالة فضلا عما لو احرز فسق نفسه الاعتداد بجماعته بالرجوع في شكه مثلا إلى حفظ المأموم أو البناء على صحة صلاته
فيما إذا كانت الجماعة شرطا لصحته كالجمعة والمعادة أم الشرط في صحة الجماعة ليس الا كونه عادلا بنظر المأموم وجهان أوجههما الثاني لقصور الاخبار المزبورة
عن إفادة شرطيتها في أصل الجماعة من حيث هي بحيث تتعدى إلى الامام أيضا اما الروايات الناهية عن الصلاة الا خلف من يوثق بدينة وأمانته وورعه
فواضح فإنها لا تدل الا على اعتبار الوثوق بعدالة الامام في صحة الايتمام فمتى تحقق الوثوق فقد حصل الشرط سواء كان عدلا في الواقع أم لم يكن ولا ينافي
ذلك ما سنشير إليه من أن الظاهر أن شرطية الوثوق ليست بملاحظة كونه صفة خاصة حاصلة للنفس بل من حيث كونه طريقا لاحراز العدالة ولذا يصح ان يقوم
البينة مقا مه لان هذا لا يقتضى الا التعميم في الشرط بأن يكون المراد من مثل قوله لا تصل الا خلف من تثق بدينه ان لا تصل الا خلف من تثبت عدالته عندك باي
طريق يكون فالمدار على ما يقتضيه ظاهر اللفظ على ثبوت عدالته لدى المأموم لا على كونه في الواقع عدلا ودعوى ان المتبادر من تعليق الحكم على الوثوق بشئ كتعليقة على العلم
به ليس الا ارادته من باب محض الالية لترتيب احكام متعلقه من غير أن يكون له من حيث هو مدخلية في ذلك ان سلمت ففي خصوص لفظ العلم دون غيره
من لفظ اليقين والاعتقاد والوثوق ونحوها إذ لا شاهد عليها بل الشواهد بخلافها والحاصل انه لا يفهم عرفا من مثل قوله لا تصل الا خلف من تثق بدينه
شرطية العدالة الواقعية لصحة الايتمام بل كونه عدلا لدى المأموم ولو سلم ظهوره في ذلك لوجب صرفه عن هذا الظاهر جمعا بينه وبين ما ستسمعه مما يدل على أنه
لو تبين بعد الصلاة فسق الامام أو كفره لا يقدح ذلك في صحة صلاته فإنه كاشف عن أن ما هو شرط لصحة الصلاة خلفه هو ظهور عدالته عند المأموم لا كونه
عدلا في الواقع لا يقال إن ما دل على مضى صلاته التي انكشف بعدها كون امامه فاسقا لا يكشف عن أن شرط صحة الايتمام هو ظهور العدالة عند المأموم لا كونه
عدلا في الواقع لامكان ان يكون ذلك لعدم اخلاله بأركان الصلاة وان كان الايتمام في نفسه باطلا لأنا نقول قضية النهى عن الصلاة خلفه بعد فرض كونه
مسوقا لبيان الحكم الوضعي هي بطلان الصلاة خلفه لا نفس الايتمام من حيث هو وبهذا ظهر لك الجواب عن الاستدلال بمثل قوله عليه السلام في خبر الأعمش لا صلاة خلف
الفاجر فإنه يجب حمله على إرادة الفاجر الذي لم يعتقد المأموم عدالته أو علم بفجوره جمعا بينه وبين ما عرفت واما خبر السياري وان كان ظاهرا في
شرطية العدالة بل وفوقها للامام ولكنك عرفت في مكان الالتزام بما تضمنه مع ما فيه من قصور السند وكذا رواية زيد بن علي الناهية عن امامة الأغلف
فإنها أيضا ظاهرة في ذلك ولكنها غير ناهضة للحجية مع قوة احتمال ان يكون الملحوظ في النهى منع القوم عن الايتمام به لا نهيه عن الإمامة لهم فليتأمل ثم لو قلنا بالاشتراط فهل يجوز
له من حيث الحكم التكليفي إذا اعتقد المأمومون عدالته ان يؤم بهم من غير أن يترتب عليه بالنسبة إلى نفسه اثر الجماعة الصحيحة وجهان أشبههما ذلك للأصل وكونه إعانة
علي البر والتقوى لان فسقه الواقعي لا يقدح بصلاة المأمومين بل ولا بجماعتهم لما أشرنا إليه من أن الشرط بالنسبة إليهم ليس الا ظهور عدالته عندهم كما أن
ايتمام المأمومين به وتبعيتهم له في افعاله غير قادح بصلاته فلا يترتب على إمامته ما لم يترتب عليه اثار الجماعة ولم يقصد به التشريع مفسدة مقتضية للحرمة
لا سيما فيما لو قصد بذلك عنوانا راجحا كإيصال النفع إلى الغير أو تعظيم الشعائر وإقامة المعروف وغير ذلك من العناوين الراجحة اللهم الا ان يدعى ظهور
النهى عن امامة الأغلف في الحرمة التكليفية لا محض الارشاد إلى عدم أهليته للإمامة فليتأمل واما مهية العدالة فهي عرفا ولغة الاستقامة والاستواء والمراد
بها في اطلاقات الشارع وعرف المتشرعة هي الاستقامة على جادة الشرع فرجل عدل أي مستقيم على الجادة غير خارج عنا بارتكاب المعاصي وانما يطلق ذلك
فيما إذا صار صفة الاستقامة خلقا له ناشئا من تدينه نظير قولنا هذه الخشبة عدلة فإنه لا يكفي في اتصافها بهذه الصفة على الاطلاق مجرد عروض هذا الوصف
له ولو بقسر قاسر ومن هنا اشتهر بين المتأخرين انها كيفية نفسانية باعثة على ملازمة التقوى أو عليها مع المروة وان اختلفوا في التعبير عنها بلفظ الكيفية أو
الحالة أو الهيئة أو الملكة وكيف كان فهذا التعريف لا يخلو من غموض ونقوض والأولى ان يقال في تعريفها بأنها عبارة عن كون الرجل مباليا بدينه بحيث تبعثه
تدينه في العادة على فعل الواجبات وترك المحرمات والتقييد بالعادة للإشارة إلى أن صدور المخالفة أحيانا على خلاف ما يقتضيه عادته وديانته بحيث يكون من
668

قبيل ان الجواد قد يكبو والصارم قد ينبو غير مناف لاتصافه بكونه مستقيما في تدينه الذي هو معنى العدالة في الدين لا عرفا ولا شرعا اما عرفا فواضح واما شرعا
فأوضح ضرورة انه لم يقصد بمثل قوله تعالى واشهدوا ذوى عدل منكم وغير ذلك من الاحكام المعلقة على العدالة في باب الشهادات والمرافعات والحدود و
الأمانات من كان أعلى مرتبة من ذلك لندرته فيما بين الأنام بحيث يوجب اعتباره تعطيل الاحكام ولا يخفى عليك ان من لوازم حصول هذه المرتبة من الخوف
والاعتناء بالدين بل ما دونها أيضا عروض الندامة له لو صدر منه ذنب بعد انقضاء مدته وانقطاع شهوته على تقدير الالتفات إليه والا لم يعقل امتناعه
منه لدى تجدد ما يقتضيه ففعل التوبة أي الندامة على الذنب وتداركه بالاستغفار مثلا لو توقف عليه لدى الالتفات إليه من لازم أدنى مرتبة الاعتناء بالدين
فضلا عن بلوغه إلى حد يبعثه على ملازمة التقوى والصلاح عادة والى ما ذكرنا يؤل كلام من فسرها بملكة التقوى إذ لم يقصد بالملكة ما يمتنع معها الانفكاك
كما هو واضح ان قلت مقتضى ما ذكرت في تفسير العدل من أنه عبارة عن الاستقامة في الدين بان يكون اعتنائه بدينة وخوفه من المعصية بالغا إلى حد يبعثه في
العادة على الخروج عن عهدة تكاليفه الشرعية وأم تخلف عنه أحيانا هو الالتزام بعدالته بعد احراز هذه المرتبة من التدين وان وجدناه بالفعل يرتكب الذنب
مع أنه بحسب الظاهر مخالف للاجماع قلت لا مانع عن الالتزام بخروجه بمقارفة الذنب عن حد الاستقامة والاعتدال بالفعل ولكن حيث يكون خروجه
الفعلي على خلاف ما يقتضيه حاله وشدة اعتنائه بالدين يزول اثره بعد انقضاء مدته وعروض الندامة له نعم قد يورد هذا المثال نقضا على من فسرها
بالملكة ولكن يجاب عنه أيضا بان مرادهم بالملكة ليس مجرد القابلية بل بشرط مانعيتها بالفعل فهي عندهم عبارة عن الحالة النفسانية المانعة عن ارتكاب
المعصية فمتى وجدت هذه الحالة في شخص لو خلى ونفسه فهو عدل ما دام كذلك ومتى عرضه داع قوى مانع عن تأثير تلك الحالة في المنع الفعلي انتقضت
عدالته فإذا زال العارض عاد إلى ما هو عليه وقد ظهر بما ذكرنا اندفاع ما قد يورد عليهم من أنه لا خلاف على الظاهر في زوال العدالة بارتكاب كبيرة
وعودها بالتوبة فلو كانت العدالة ملكة لامتنع عودها بسرعة بعد زوالها توضيح الاندفاع ان زوالها لم يكن الا لعارض منع ما في نفسه من الحالة المقتضية
لترك المعصية عن تأثيرها فيما يقتضيها فإذا زال العارض عاد إلى ما هو عليه من غير حاجة إلى التوبة أيضا الا بلحاظ وجوبها من حيث هي وكون تركها معصية
والا فلو غفل عنها لم يقدح تركها في عدالته بعد فرض كونه بالفعل كما قبل صدور الذنب عنه موصوفا بكونه ذا ملكة تعصمه عن ارتكاب المعاصي فليتأمل
وكيف كان فالعدالة التي هي عبارة عن الاستقامة في الدين أي الالتزام بما دان به قولا وفعلا واعتقادا من الأوصاف الغير القابلة للاحساس وانما يستكشف وجودها
بوجود اثارها كشدة المواظبة على فعل الطاعات والتجنب عن المعاصي الظاهرية ومنافيات المروة ونحوها ولكن هذه الامارات امارات ظنية قد يتخلف عن
الواقع إذ رب شخص في الظاهر في غاية التقوى والصلاح وفي الباطن من أهل الشرك والنفاق وهذا مما لا يعلمه الا الله تعالى فلا يجب في الموارد التي اعتبرها
الشارع موضوعا لحكم كما في الشاهد والامام ونحوهما احرازها بالعلم لتعذره في العادة وهل يعتبر تحصيل الوثوق بكونه عدلا في الواقع أم يكفي الاعتماد على حسن
ظاهره مطلقا أو بشرط افادته الظن بالواقع أو يكفي مجرد ظهور الاسلام أي الايمان في كونه ملتزما في مقام عمله بما أقربه واعترف من حقية دينه واحكام شريعته
ما لم يعلم منه فسق وجوه بل أقوال وربما يوهم بعض كلماتهم ان هذه الأقوال انما هي في نفس العدالة ولكن التأمل الصادق يعطى ظهورها فيما عرفت وكيف كان
فمما يدل على اعتبار الوثوق وعدم كفاية ما دونه مضافا إلى الأصل قوله عليه السلام في خبر علي بن راشد المتقدم لا تصل الا خلف من تثق بدينه وأمانته وفي
المرسل المروى في الفقه الرضوي المتقدم ولا تصل خلف أحد الا خلف رجلين أحدهما من تثق به وبدينه
وورعه وقوله عليه السلام في خبر المرافقي المتقدم إذا كنت خلف
امام تتولاه وتثق به إلى آخره ولا يعارضها خبر عبد الرحمن القصير قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول إذا كان الرجل لا تعرفه يؤم الناس فيقرء القران فلا تقرء خلفه واعتد بصلاته
لوجوب حمله على ما لو أفاد ايتمام الناس به الوثوق بعدالته أو حمله على التقية لعدم صلاحيته لمعارضة ما عرفت مضافا إلى الروايات الخاصة الناهية عن الصلاة
خلف من لا يعرفه كخبر حماد المروى عن رجال الكشي عن أبي الحسن عليه السلام قال قلت له اصلى خلف من لا اعرف فقال لا تصل الا خلف من تثق بدينة وعن خلف بن حماد
عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تصل خلف الغالي وان كان يقول بقولك والمجهول والمجاهر بالفسق وان كان مقتصدا وعن الصدوق مرسلا قال قال الصادق
ثلاثة لا يصلى خلفهم المجهول والغالي وان كان يقول بقولك والمجاهر بالفسق وان كان مقتصدا ولا يمكن الجمع بينها بحمل سائر الأخبار المعارضة له على ما إذا لم
يقرء القران أو لم يحرز منه ذلك لابائها عن ذلك كما هو واضح ومما يدل على كفاية حسن الظاهر صحيحة ابن أبي يعفور المسوقة لبيان ما يعرف به عدالة الرجل
قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام بم تعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتى تقبل شهادته لهم وعليهم فقال إن تعرفوه بالستر والعفاف وكف البطن والفرج واليد واللسان ويعرف
باجتناب الكبائر التي أوعد الله عليها النار من شرب الخمر والزنا والربا وعقوق الوالدين والفرار من الزحف وغير ذلك والدلالة على ذلك كله ان يكون سائرا
لجميع عيوبه حتى يحرم على المسلمين تفتيش ما وراء ذلك من عثراته وعيوبه ويجب عليهم تزكيته واظهار عدالته في الناس ويكون منه التعاهد للصلوات الخمس إذا واظب
عليهن وحفظ مواقيتهن بحضور جماعة المسلمين وان لا يتخلف عن جماعتهم في مصلاهم الا من علة فإذا كان كذلك لازما لمصلاه عند حضور الصلوات الخمس
فإذا سئل عنه في قبيلته ومحلته قالوا ما رأينا منه الا خيرا مواظبا على الصلوات متعاهدا لأوقاتها في مصلاه فان ذلك يجيز شهادته وعدالته بين المسلمين وذلك أن
الصلاة ستر وكفارة للذنوب وليس يمكن الشهادة على الرجل بأنه يصلى إذا كان لا يحضر مصلاه ويتعاهد جماعة المسلمين وانما جعل الجماعة والاجتماع إلى
الصلاة لكي يعرف من يصلى ممن لا يصلى ومن يحفظ مواقيت الصلاة ممن يضيع ولولا ذلك لم يكن أحدا ان يشهد على اخر بصلاح لان من لا يصلى لا صلاح له
669

بين المسلمين فان رسول الله صلى الله عليه وآله هم بان يحرق قوما في منازلهم لتركهم الحضور في جماعة المسلمين وقد كان فيهم من يصلى في بيته فلم يقبل منه ذلك وكيف يقبل شهادة
أو عدالة بين المسلمين ممن جرى الحكم من الله عز وجل ومن رسوله صلى الله عليه وآله فيه الحرق في جوف بيته بالنار وقد كان يقول الصلاة لمن لا يصلى في المسجد مع المسلمين الا من
علة وفي الوسائل رواه عن الصدوق كما نقلنا ثم قال ورواه الشيخ بأسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن موسى عن الحسن بن علي عن أبيه عن علي بن عقبة
عن موسى بن أكيل النميري عن ابن أبي يعفور نحوه الا انه اسقط قوله فإذا كان كذلك لازما لمصلاه إلى قوله ومن يحفظ مواقيت الصلاة ممن يضيع واسقط
قوله عليه السلام فان رسول الله صلى الله عليه وآله هم بان يحرق إلى قوله بين المسلمين
وزاد وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لا غيبة الا لمن صلى في بيته ورغب عن جماعتنا ومن رغب عن جماعة المسلمين وجب علي المسلمين غيبته وسقطت بينهم عدالته ووجب هجرانه وإذا رفع إلى الامام المسلمين انذره وحذره فان حضر جماعة المسلمين والا احرق عليه بيته
ومن لزم جماعتهم حرمت عليه غيبته وثبتت عدالته بينهم انتهى وفي الخبر المزبور مواضع للدلالة على المدعى كما لا يخفى على المتأمل وخبر يونس عن بعض
رجاله عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن البينة إذا أقيمت على الحق أيحل للقاضي ان يقضى بقول البينة فقال خمسة أشياء يجب على الناس الاخذ بظاهر
الحكم الولايات والمناكح والذبائح والشهادات والأنساب فإذا كان ظاهر الرجل ظاهرا مأمونا جازت شهادته ولا يسئل عن باطنه ورواه الشيخ على ما في
الوسائل باسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن عيسى عن يونس الا أنه قال يقضى بقول البينة من غير مسألة إذا لم يعرفهم وترك الأنساب وذكر بدلها المواريث
وخبر سماعة عن الصادق عليه السلام قال من عامل الناس فلم يظلمهم وحدثهم فلم يكذبهم ووعدهم فلم يخلفهم كان ممن حرمت غيبته وكمل مروته وظهر عدله
ووجبت اخوته وعن العيون بسنده روايته عن الرضا عليه السلام وعن أمالي الصدوق وبسنده عن الكاظم عليه السلام من صلى خمس صلوات في اليوم
والليلة في جماعة فظنوا به خيرا وأجيزوا شهادته وخبر عبد الله بن سنان المروى عن الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام ثلث من كن فيه أوجبت له أربعة على الناس إذا
حدثهم لم يكذبهم وإذا واعدهم لم يخلفهم وإذا خالطهم لم يظلمهم وجب ان يظهروا في الناس عدالته ويظهر فيهم مروته وان يحرم عليهم غيبته وان يجب
عليهم اخوته إلى غير ذلك من الاخبار التي سيأتي الإشارة إليها واستدل للقول بكفاية مجرد الاسلام مع عدم ظهور الفسق بأمور عمدتها اخبار
مستفيضة منها صحيحة حريز عن أبي عبد الله عليه السلام في أربعة شهدوا على رجل محصن بالزنا فعدل منهم اثنان ولم يعدل الآخران فقال إذا كانوا
أربعة من المسلمين ليس يعرفون بشهادة الزور أجيزت شهادتهم جميعا وأقيم الحد على الذي شهدوا عليه انما عليهم ان يشهدوا بما أبصروا وعلموا وعلى
الوالي ان يجيز شهادتهم الا ان يكونوا معروفين بالفسق ورواية علقمة المروية عن أمالي الصدوق وقال قال الصادق وقد قلت له يا بن رسول الله أخبرني عمن
تقبل شهادته ومن لا تقبل فقال يا علقمة كل من كان على فطرة الاسلام جازت شهادته قال فقلت له تقبل شهادة مقترف بالذنوب فقال يا علقمة لو لم تقبل شهادة
المقترفين الذنوب لما قبلت الا شهادة الأنبياء والأوصياء عليهم السلام لأنهم المعصومون دون سائر الخلق فمن لم (تره بعينك) يرتكب ذنبا ولم يشهد عليه بذلك شاهدان
فهو من أهل العدالة والستر وشهادته مقبولة وان كان في نفسه مذنبا (ومن اغتابه بما فيه فهو خارج من ولاية الله داخل في ولاية الشيطان) الحديث وخبر عبد الرحمن القصير قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول إذا كان الرجل
لا تعرفه يؤم الناس يقرء القران فلا تقرء خلفه واعتد بصلاته أقول قد تقدم الجواب عن هذه الرواية فيما مر ورواية العلا بن سبابة قال سئلت
أبا عبد الله عليه السلام عن شهادة من يلعب بالحمام قال لا بأس به إذا لم يعرف بفسق وما روى عن علي عليه السلام أنه قال لشريح واعلم أن المسلمين عدول بعضهم
على بعض الا محدودا بحد لم يتب منه أو معروف بشهادة زور أو ظنين وخبر عبد الله بن المغيرة قال قلت للرضا رجل طلق امرأته واشهد شاهدين ناصبيين
قال كل من ولد علي الفطرة وعرف بالصلاح في نفسه جازت شهادته وحسنة البزنطي عن أبي الحسن عليه
السلام قال جعلت فداك كيف طلاق السنة قال يطلقها إذا
إذا طهرت من حيضها قبل أن يغشاها بشاهدين عدلين كما قال الله تعالى في كتابه فان خالف ذلك رد إلى كتاب الله عز وجل فقلت له فان اشهد رجلين
ناصبيين على الطلاق أيكون طلاقا فقال من ولد على الفطرة أجيزت شهادته على الطلاق بعد ان يعرف منه خير إلى غير ذلك من الروايات التي أوردها
في الجواهر وغيره شاهدة له ولكنها لا تخلو من نظر كما لا يخفي علي من لاحظها بل وكذا جل الروايات التي أوردناها شاهدة لهذا القول بل كلها فإنها أيضا
لا تسلم عن الخدشة اما الخبران الأخيران الموهمان لجواز شهادة الناصب فواضح فإنه يتوجه عليهما مع الغض عن شوبهما بالتقية انه اعتبر في أولهما
معروفية الشاهد بالصلاح الذي هو عبارة أخرى عن التقوى وحسن الظاهر فهو على خلاف مطلوبه أدل وفي ثانيهما اعتبر ان يعرف منه خير والمراد
به أيضا بحسب الظاهر الصلاح وتنكيره للتنبيه على كفاية معروفية بذلك في الجملة وان لم يبلغ أقصى مراتبه فليتأمل واما ما روى عن علي عليه السلام فلا
يخلو من اجمال لما فيه من استثناء بالظنين المحتمل عمومه لكل فاسق كما يشهد لذلك صحيحة أبي بصير عن الصادق عليه السلام انه سئل عما يرد من الشهود فقال
الظنين والمتهم والخصم قال قلت فالفاسق والخائن قال كل هذا يدخل في الظنين والحاصل انه لا يكاد يفهم من شئ من الروايات التي عثرنا عليها مما عدى
الصحيحة الأولى وجوب ترتيب اثر العدالة من قبول الشهادة ونحوه بمجرد الاسلام مع عدم ظهور الفسق نعم وقع في رواية علقمة التصريح بقبول
شهادة المقترفين للذنوب ولكن يظهر من ذيلها فضلا عن غيرها من الروايات الدالة على اعتبار حسن الظاهر عدم ارادته على الاطلاق بل بشرط ان لا يكون
الشاهد متجاهرا بالذنب بل متسترا به بحيث لو سئل عن أهله ومحلته يقال في حقه لا نعلم منه الا خيرا فلم يقصد بقوله عليه السلام فمن لم تره بعينك يرتكب ذنبا إلى آخره
ما يعم صورة انتفاء أصل الرؤية بل المقصود به عدم مشاهدته بعد المخالطة والمعاشرة مرتكبا للذنوب فهو كناية عن كونه بظاهره صالحا عفيفا صائنا
670

لدينه ساترا لعيوبه كما وقع التعبير بهذه العبائر في سائر الأخبار بل الظاهر أنه لم يقصد بالصحيحة الأولى أيضا الا ذلك إذا الظاهر أن المراد بعدم معروفيته بالفسق
عدم معروفيته بذلك على الاطلاق ولو عند المخالطين له وهذا لا ينفك عن كونه من أهل الستر والعفاف اللهم الا ان يقال إن المتبادر من قوله الا ان يكونوا
معروفين بالفسق اشتهارهم بهذا الوصف ولا يكونون كذلك الا ان يكون لهم ملكة ارتكاب المعاصي فلا يلزم من انتفائه عادة كونهم من أهل الستر والصلاح
وكيف كان فعلى تقدير تسليم ظهور هذه الصحيحة بل وكذا غيرها من الاخبار المزبورة فيما يدعيه الخصم وجب صرفها عن هذا الظاهر بالحمل على مالا ينافي اعتبار كون الشاهد
بظاهره صالحا عفيفا ساترا لعيوبه أي حسن الظاهر جمعا بينها وبين غيرها من الروايات المستفيضة الدالة عليه واستدل أيضا للقول بكفاية مجرد الاسلام
عدم ظهور الفسق بأمور الأول الاجماع القولي والعملي كما ادعاهما الشيخ في محكى الخلاف حيث قال على ما نقل عنه ما لفظه إذا شهد عند الحاكم
شاهدان يعرف اسلامهما ولا يعرف فيهما جرحا حكم بشهادتهما ولا يقف على البحث الان يجرح المحكوم عليه فيهما بان يقول هما فاسقان فحينئذ يجب عليه البحث إلى أن
قال دليلنا اجماع الفرقة واخبارهم وأيضا الأصل في الاسلام العدالة والفسق طار عليه يحتاج إلى دليل وأيضا نحن نعلم أنه ما كان البحث في أيام النبي
صلى الله عليه وآله ولا في أيام الصحابة ولا أيام التابعين وانما هو شئ أحدثه شريك بن عبد الله القاضي ولو كان شرطا ما اجمع أهل الاعصار على تركه انتهى
الثاني اصالة في لفسق كما أشار إليه الشيخ في عبارته المتقدمة الثالث اصالة الصحة في افعال المسلمين وأقوالهم وهي مستلزمة للحكم بأنه
لم يقع منه ما يوجب الفسق فيكون عدلا لعدم الواسطة بينها وقد يفسر هذه الأصل بالظهور فيقال ان الظاهر من حال المسلم ان لا يترك الواجبات ولا يفعل
المحرمات الرابع انه لو لم يقتصر على ظهور الاسلام وعدم ظهور الفسق لم ينتظم الاحكام للحكام خصوصا في المدن الكبيرة والقاضي القادم إليها من
بعد مع عدم خلطته واختباره لهم ضرورة اقتضاء اعتبار غيره تعطيل كثير من الاحكام حتى يختبرهم أو يكون عنده من هو مختبرهم ومخالطهم ولا ريب في كونه حرجا
وعسرا وتعطيلا كيف والناس في كثير من الأمكنة لا يتمكنون من ذلك في طلاقهم وديونهم وغير ذلك مما يحتاجون فيه إلى العدل الخامس اطلاق قوله تعالى
واستشهدوا شهيدين من رجالكم حيث لم يقيده بشئ ولا ينافيه قوله تعالى في اية أخرى واشهدوا ذوى عدل منكم إذ لا كلام في لزوم كون الشاهد ذا عدل
وانما الكلام في أنه هل يحكم بعدالة المسلم حتى يظهر خلافه أم لا ولا تعرض في الآية الثانية لذلك فيبقى اطلاق الأولى سليما عن المعارض أقول توضيح
هذا الدليل انه إذا ورد عام أو مطلق وعلم من دليل خارجي عقلي أو نقلي منفصل ان موضوع القضية في الواقع مقيد بقيد مشكوك التحقق في بعض مصاديق العام
وجب البناء على ثبوت الحكم حتى يثبت انتفاء القيد اخذا بأصالة العموم فلو ورد مثلا انه ان كان عندك مال اليتيم فلا تدفعه إلى أحد حتى يشهد عليه رجلان
من أهل المدرسة وعلم بدليل منفصلا انه يعتبر في الشاهد العدالة وشك (في فسق) بعض أهل المدرسة لا يعتنى بهذا الشك بل يبنى على كون جميعهم واجدا للأوصاف
المعتبرة في الشاهد حتى يثبت خلافه لأصالة عدم التخصيص فكذلك الكلام فيما نحن فيه فان ثبوت اعتبار العدالة في الشاهد بالآية الثانية أو غيرها من القرائن
المنفصلة غير مقتض لرفع اليد عما يقتضيه اطلاق الآية الأولى في موارد الشك هذا ولكن يتوجه عليه أولا ان قوله تعالى في ذيل هذه الآية ممن توضون من الشهداء
شاهد على في رادة الاطلاق من رجالكم فلا يبقى معه مجال للتوهم المزبور وثانيا ان القاعدة المزبورة انما تتمشى فيما إذا لم يكن اعتبار القيد في الواقع
مانعا عن الاخذ بأصالة العموم بان احتمل جميع مصاديقه ولو مسامحة واجدا للشرط كي يجوز ابقاء اللفظ على ظاهره كما في المثال دون مثل المقام
الذي علم بكون كثير من موارده أو أكثرها فاقد للشرط وثالثا ان الآيتين من قبيل المطلق والمقيد فمقتضى القاعدة الجمع بينهما بحمل المطلق على المقيد فلا
يبقى معه موقع لأصالة الاطلاق كما لا يخفى ويتوجه على الاستدلال بالاجماع ان محصله غير حاصل بل خلافه مظنة الاجماع ومنقوله ليس بحجة خصوصا مع العلم
بمخالفته للواقع واما السيرة العملية في عصر الصحابة والتابعين لو تحققت فهي غير ناهضة للحجية لعدم كون قضائهم في تلك الاعصار غالبا منوطا برضاء الحجة
وامضائه بل بخلافه واما في عصر النبي صلى الله عليه وآله فلم تثبت بل المروى عن حال النبي صلى الله عليه وآله على ما عن هداية الشيخ حر العاملي مرسلا انه كان إذا
اختصم إليه رجلان إلى أن قال وإذا جاؤوا بشهود لا يعرفهم بخير ولا شر بعث رجلين من خيار أصحابه يسئل كل منهما من حيث لا يشعر الاخر عن حال الشهود في
قبائلهم ومحلاتهم فإذا أثنوا عليهم قضى حينئذ على المدعى عليه وان رجعا بخبر شين وثناء قبيح لم يفضحهم ولكن يدعو الخصمين إلى الصلح وان لم يعرف لهم قبيلة سئل
عنهما الخصم فان قال ما علمت منهما الأخير انفذ شهادتهما واماما قيل من أن الأصل في الاسلام العدالة والفسق طار عليه يحتاج إلى دليل ففيه انه ان
أريد بالأصل ظهور الحال فمرجعه إلى الدليل الثالث وستعرف ما فيه وان أريد به الاستصحاب ففيه ان العدالة وصف زائد على الاسلام يتوقف حصوله بعد
الاسلام على أسباب وجودية مخالفة للأصل كالمواظبة على الطاعات وأداء الواجبات ولا يجدى في الحكم بتحققه اجراء اصالة عدم طرو الفسق إذ لا اعتداد
بالأصول المثبتة مع أن هذا الأصل أيضا على اطلاقه مما لا أصل له إذا الفسق كما يحصل بارتكاب المعاصي كذلك يحصل بترك الواجبات وهذا موافق
للأصل لا مخالف له فظهر بذلك ضعف الاستدلال للمدعى بأصالة عدم الفسق واما اصالة الصحة في افعال المسلمين وأقوالهم فليس معناها الحكم بأنه
لم يقع منه ما يوجب الفسق بل في لحكم بكون ما وقع منه موجبا للفسق توضيحه ان لأصالة الصحة الجارية في فعل الغير معنيان أحدهما انه متى صدر منه
فعل قابل للاتصاف بالصحيح والفاسدة من عبادة أو معاملة ان يحمل على الصحيح وهى بهذا المعنى مما لا دخل له بما نحن فيه ولا يختص مورده بالمسلم ولذا يقدم
قول مدعى الصحة في مقام الخصومة مطلقا وان كان كافرا وثانيهما ان يحمل افعاله وأقواله على الوجه الحسن بمعنى انك لو رأيت منه فعلا أو سمعت قولا قابلا
671

لكونه واقعا على وجه قبيح لا تتهمه بذلك بل احمله على أحسنه ما دمت تجد لفعله محملا صحيحا قابلا لان يحمل عليه كما نطق بذلك جملة من الاخبار ولكن المقصود بتلك الأخبار
على الظاهر ليس الا ما أشير إليه من في تهام المؤمن وسوء الظن به مهما صح توجيه عمله بالحمل على محمل حسن لا الالتزام بتنزهه في الواقع عن ارتكاب الصحيح
الذي من جملته ترك الواجبات المستلزم للحكم بوثاقته وعدالته تعبدا كما لا يخفى على من لاحظها وان أريد بأصالة الصحة ظهور الحال بدعوى ان الظاهر من حال المسلم
وقوفه على جادة الشرع وعدم ميله عنه ففيه ان هذا الظهور لو كان فمنشأه الغلبة وهي ممنوعة بل الغالب في المسلمين عدم استقامتهم على الطريقة على الاطلاق ولو
سلمت الغلبة على وجه أفادت الظن به في المجهول حاله فلا دليل على اعتبار هذا الظن المعبر عنه بظهور الحال وان أريد بها قاعدة المقتضى والمانع بدعوى ان الاسلام
الذي هو عبارة عن الاقرار بالشهادتين والتصديق بجميع ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله مقتض للتدين بشريعته في مقام العمل أي الخروج عن عهدة تكاليفه
ما لم يمنعه مانع فالفسق الذي هو عبارة عن الخروج عن الطاعة لابد وأن يكون عن سبب مانع للاسلام عما يقتضيه من الطاعة فلا يعتنى باحتماله ما لم يتحقق ففيه
بعد تسليم القاعدة ان الاعتراف بصدق النبي وصحة شريعته ليس بنفسه مقتضيا لعدم مخالفته في مقام العمل وانما المقتضى له خوف المؤاخذة المترتبة (على المخالفة) فليس مجرد العلم
بوجوب شئ أو حرمته تفصيلا فضلا عن التصديق الاجمالي بصدق النبي صلى الله عليه وآله الذي تتوقف عليه الاسلام كافيا في البعث على الخروج عن عهدته
ما لم يكن في نفسه مرتبة من الخوف داعية إليه كما لا يخفى واما الدليل الرابع فيتوجه عليه المنع من عدم انتظام الاحكام للحكام الا بالاقتصار في معرفة الشهود على
مجرد ظهور الاسلام وعدم ظهورا لفسق فان معرفة كونهم بظاهر حالهم من أهل المروة والصلاح امر ميسور في الغالب خصوصا لو اكتفينا في ذلك بالمعرفة الظنية
الحاصلة من حضور جماعة المسلمين في صلواتهم الخمس ونظائره ودعوى لزوم الاختلال وابطال الحقوق مقلوبة فإنه لو اقتصرنا في اثبات الحقوق واحقاقها على
مجرد اخبار من لم يظهر منه الا مجرد الاسلام لزم منه تضييع الحقوق وتلفها لشيوع من يشهد بالزور فيما بين المسلمين فكيف يجوز أن يوثق في امر دين الخلق ودنياهم
وفروجهم وأموالهم وأغراضهم ودمائهم بمن لم يستوثق منه الأمانة والصدق والصلاح وكيف كان فهذا القول بظاهره ضعيف والأقوى هو القول بكفاية
حسن الظاهر وعدم اعتبار تحصيل الوثوق (كما نسب) إلى المشهور لاستفاضة الروايات الدالة عليه وعدم صلاحية شئ من الروايات التي أوردناها دليلا لاعتبار
الوثوق لمعارضتها لحكومة هذه الروايات على تلك الأخبار الدلالة هذه الأخبار على ثبوت عدالة الشخص بحسن ظاهره كما وقع التصريح به في صحيحة ابن أبي يعفور
على ما رواها الشيخ حيث قال ومن لزم جماعتهم حرمت عليه غيبته وتثبت عدالته بينهم وفي رواية علقمة التصريح بان من لم تره بعينك يرتكب ذنبا ولم يشهد بذلك
شاهدان فهو من أهل العدالة والستر وتوهم جرى هذه الأخبار مجرى الغالب من إفادة حسن الظاهر الوثوق بالعدالة مدفوع بان الامارات التي أشير إليها في الاخبار من
حضور الجماعة أو حسن المعاشرة مع الناس بعدم التعدي عليهم في المعاملة وخلف الوعد وكذب الحديث أو عدم تظاهره بالفسق ونحوها لا تفيد غالبا أزيد من
الظن بل قد لا تفيد الظن أيضا فهي امارات نوعية قد لا تفيد الظن أيضا ولكن الشارع اعتبرها طريقا للحكم بالعدالة مطلقا على ما يقتضيه اطلاق أدلته وان
لم تفد الظن في خصوص المورد فضلا عن الوثوق ويشهد لذلك مضافا إلى ذلك قوله عليه السلام في خبر الأمالي من صلى خمس صلوات في اليوم والليلة
في جماعة فظنوا به خيرا وأجيزوا شهادته وفي خبر اخر من صلى خمس صلوات في اليوم والليلة في جماعة فظنوا به كل خير إذا الظاهر أن المراد به الامر بالمعاملة معه
معاملة الظن والا فنفس الظن عند حصول هذا السبب ليس امرا اختياريا قابلا لان يتعلق به التكليف فيدل الرواية بالالتزام على أن الظن بكون الرجل من
أهل الخير والصلاح سبب لترتب احكامه عليه وان حضوره للجماعة في الفرائض الخمس بمنزلته فليتأمل والحاصل ان مفاد هذه الأخبار هو ان العدالة تثبت شرعا
بهذه الامارات وقضية ذلك تحكيم هذه الروايات على الأخبار المتقدمة الواردة في باب الجماعة الدالة بظاهرها على اعتبار الوثوق بدين الامام وأمانته
وورعه التي استظهرنا منها اعتبار العدالة وتنزيل ما ورد في تلك الأخبار من التعبير بالوثوق على الجرى مجرى العادة من كونه كالعلم طريقا عاريا لاحراز العدالة
كتحكيم أدلة الاستصحاب والبينة وغيرها من الامارات عليها وعلى غيرها مما اخذ فيه العلم أو الوثوق من باب الطريقة من مثل قوله عليه السلام كل شئ فيه حلال وحرام
فهو لك حلال حتى تعرف انه حرام ونظائره والا لوجب الالتزام بان لوصف الوثوق من حيث هو مدخلية في
جواز الايتمام وعدم كون مجرد ثبوتها شرعا باي
طريق يكون ما لم يكن مفيدا للوثوق كافيا في صحة الايتمام فيشكل حينئذ الاعتماد على البينة أيضا ما لم تفد الوثوق فضلا عن الاستصحاب ونحوه من الأمور التعبدية
الا ان يدل عليه دليل خاص تعبدي غير عمومات أدلة هذه الأمور وهذا بحسب الظاهر ممالا يلتزم به أحد وملخص الكلام انه لا معارضة بين الاخبار لأنه ان اخذ
الوثوق في تلك الأخبار من باب الطريقية فهذه الأخبار حاكمة عليها والا فلا تنافى بينها ولكن مقتضاها الالتزام بالتفصيل بين باب الجماعة وغيرها بالالتزام
باعتبار الوثوق في الأول وكفاية حسن الظاهر فيما عداه ولكن الظاهر في لقول بالتفصيل فيتعين حملها على الطريقة كما لعله هو الظاهر منها فتلخص مما ذكرناه
ان الأقوى ما ذهب إليه المشهور من كفاية حسن الظاهر في الحكم بالعدالة وان لم تحصل الوثوق بها حتى في باب الجماعة وهل يشترط افادته للظن أم يكفي مطلقا
وجهان بل قولان أشبههما الثاني لاطلاق الروايات الدالة عليه بل ظهور بعضها بالخصوص في ذلك كما عرفته انفا وربما نسب إلى المشهور الأول بدعوى ورود
الاخبار مورد الغالب وهى صورة افادته للظن بل قد يظهر من بعضهم إناطة الحكم بالظن من أي سبب يكون لتسالمهم على قيام الظن مقام العلم فيما لا سبيل للعلم
به غالبا وهو لا يخلو من اشكال خصوصا في مثل المقام الذي ثبت فيه عرفا وشرعا طريق خاص وهو حسن الظاهر والله العالم ثم إنه قد يترائى من بعض النصوص
والفتاوى ان الاستقامة الظاهرية التي يعبر عنها بحسن الظاهر بنفسها هي العدالة كما قواه في الجواهر ناسبا له إلى كثير من القدماء بل عن المحقق البهبهاني في حاشية المعالم
672

دعوى الاجماع عليه ولكن التأمل الصادق يعطى ظهورها فيما اخترناه من أنها هي الاستقامة الواقعية قد يعبر عنها بالحالة النفسانية أو الملكة أو غير ذلك من
العبائر التي تقدمت الإشارة إليها في صدر المبحث وعمدة ما يصح الاستشهاد به للأول هو قوله عليه السلام في رواية علقمة فمن لم تره بعينك يرتكب ذنبا ولم يشهد
عليه بذلك شاهدان فهو من أهل العدالة والستر وشهادته مقبولة وان كان في نفسه مذنبا فإنه صريح في عدم كون مقارفة الذنب متسترا به منافية للعدالة
فالعبرة في عدالة الرجل يكون ظاهره ظاهرا مأمونا كما وقع التعبير بهذه العبارة في مرسلة يونس المتقدمة حيث ورد فيها فإذا كان ظاهر الرجل ظاهرا مأمونا جازت
شهادته ولا يسئل عن باطنه ولكن ظاهر هذه المرسلة ان اعتبار حسن الظاهر في المقام كاعتبار ظاهر الحال فيما عداه مما عداه في الرواية من باب الطريقية
كما أن ظاهر سائر الروايات التي أوردناها دليلا لاعتبار حسن الظاهر ليس الا ذلك فيمكن الجمع بينها بالالتزام بان العدالة هي الاعتدال والاستقامة الواقعية
ولكن لا يعتبر بلوغها إلى حد ينتهى درجة العصمة أو قريبة منها بل الاستقامة العرفية الموجبة لاتصاف الشخص لدى العرف والعقلاء بكونه من أهل الخير والديانة
والصلاح كما هو المنساق من اطلاق قوله تعالى ذوى عدل منكم وكذا الروايات الواردة في باب الشهادة من مثل قوله عليه السلام في خبر أبي بصير لا باس بشهادة الضيف
إذا كان عفيفا صائنا وفي رواية العلاء بن سبابة عن الملاح والمكارى والجمال لا بأس بهم تقبل شهادتهم إذا كانوا صلحاء ضرورة انه لم يقصد من اطلاق
الآية ومثل هذه الأخبار المرتبة الكاملة التي يعز وجودها في الأنام بل المرتبة المتعارفة الشايعة فيما بين المسلمين المبالين بالدين وهى غير منافية لصدور
الذنب منهم أحيانا ولا يكاد يفهم من رواية علقمة ما ينافي ذلك بل المتأمل في هذه الرواية يراها أبلغ في إفادة اعتبار حسن الظاهر من باب الطريقية لا
الموضوعية من غيرها من الاخبار فان قوله عليه السلام فمن لم تره بعينك يرتكب ذنبا ولم يشهد بذلك شاهدان لا يصلح ان يكون سببا لثبوت وصف العدالة له من حيث
هو بل لثبوته عندك في مرحلة الظاهر كما لا يخفى على المتأمل فالقول بأن حسن الظاهر الذي هو عبارة عن الاستقامة الظاهرية هي العدالة الواقعية ضعيف
لا يقال حيث يمتنع عادة احراز العدالة الواقعية الا بحسن الظاهر لا ينسبق إلى الذهن من الأدلة التي ورد فيها تعليق حكم على العدالة الا إرادة من كان
عدلا بحسب الظاهر نظير ما لو امر المولى عبده باكرام هاشمي فإنه لا يتبادر منه الا إرادة واحد من المعروفين بالهاشمية لا الهاشمي الواقعي الذي لا سبيل له
إلى احرازه عادة فيصح حينئذ ان يقال إن العدالة التي اعتبرها الشارع موضوعا لأحكامه عبارة عن حسن الظاهر لأنا نقول إن ذلك لا يقتضى اخذ العدالة
الظاهرية مناطا لحكمه بل الاكتفاء بهذا الظاهر في مقام الإطاعة ما لم يعلم بمخالفته للواقع ففي المثال لم يقصد المولى من لفظ الهاشمي من كان معروفا بالهاشمية
تجوزا بل الهاشمي الذي هو أحد هذه الاشخاص بمقتضى ظاهر حالهم فظاهر الحال في مثل هذه الموارد طريق عقلائي لاحراز الموضوع حيث لا طريق
أوثق منه لا انه بنفسه مناط التكليف نفيا واثباتا ولذا لو علم في مورد بتخلفه عن الواقع لا يجوز له الاكتفاء به في مقام الإطاعة فتلخص مما ذكر ان العدالة
هي الاستقامة الواقعية فيعتبر في كون الرجل عدلا كونه في الواقع مواظبا على الطاعات ومجتنبا عن المعاصي الظاهرية والباطنية كالكبر والحسد والشرك و
النفاق والرياء في العبادات وغير ذلك من الأمور الخفية التي لا يطلع عليها غالبا الاعلام الغيوب ولكن الشارع اكتفى في الحكم بثبوتها بظاهر حاله فقال إن
كان ظاهره ظاهرا مأمونا أجيزت شهادته ولا يسئل عن باطنه كما في بعض الأخبار المتقدمة ولم يعتبر في احراز حسن ظاهره الاستقراء التام المفيد للقطع الذي
يتعذر أو يتعسر عادة في غالب موارد الحاجة إلى معرفة العدل بل اكتفى في الحكم بثبوته واظهار عدالته بين الناس أي الشهادة به احراز مواظبته على الطاعات في
الجملة كحضور الجماعة ونحوها من غير أن يشاهد منه ذنب أو يشهد بذلك شاهدان أو كان بحيث لو سئلت حاله عن أهل محلته وقبيلته لقيل في حقه لا نعلم
منه الا خيرا كما يدل على جميع ذلك الاخبار المزبورة المعتضدة بدليل الانسداد الجاري في مثل هذه الموضوعات التي يتوقف على احرازها نظام امر المعاش
والمعاد ومن هنا يظهر الوجه فيما اشتهر بين الأصحاب من تقديم بينة الجرح على التعديل إذ لا يظهر من قول المعدل فلان عدل إرادة أزيد من كونه عدلا في
نظره بمقتضى ظاهر حاله المستكشف له بالأمارات الظنية فهو بمنزلة ما لو قال لا اعلم منه الا خيرا فاخبار الجارح بمشاهدة صدور المعصية منه غير مناف له بل حاكم
عليه حيث لا يبقى معه لحسن ظاهره الذي هو مستند شاهد التعديل عادة اعتبار لاشتراطه بعدم مشاهدة صدور الذنب منه أو شهادة شاهدين به بل لو صرح
شاهد التعديل بعلمه بكونه عدلا في الواقع لا يثبت به ذلك على وجه يعارض بينة الجرح لان اخباره بالواقع على سبيل الجزم لا يكون عادة الا عن حدس غير
مستند إلى مبادي محسوسة ملزومة له في العادة ولا عبرة بمثل هذه الشهادة كما تقرر في محله نعم قد يتحقق المعارضة بين الشهادتين كما لو اخبر الجارح
بصدور الذنب منه في زمان أو مكان ينافيه قول المعدل كما لا يخفى ولتمام الكلام فيما يتعلق بمثل هذه المباحث مقام اخر ثم إنه اعتبر غير واحد في تحقق مفهوم
العدالة الاجتناب عن منافيات المروة بل نسبه شيخنا المرتضى ره إلى المشهور بين من تأخر عن العلامة حيث عرفوها بأنها هيئة راسخة تبعثه على ملازمة التقوى
والمروة والمراد بالمروة على ما قيل إن لا يفعل ما تنفر النفوس عنه عادة ويختلف ذلك باختلاف الاشخاص والأزمنة والأمكنة وربما يستدل له بان منافيات
المروة منافية لمعنى العدالة التي هي عرفا ولغة الاستواء والاستقامة فإذا كان الرجل بحيث لا يبالي بالأشياء المنكرة عرفا لا يعد من أهل الاستقامة لديهم
فينصرف اطلاق مثل قوله تعالى ذوى عدل منكم وقوله عليه السلام في صحيحة ابن أبي يعفور المتقدمة ان يعرفوه بالستر والعفاف بناء على أن يكون المراد منه
ستر العيوب الشرعية والعرفية وفيها أيضا وكف البطن والفرج واليد واللسان بناء على أن منافيات المروة غالبا من شهوات الجوارح وفيها أيضا والدلالة
على ذلك كله ان يكون ساترا لجميع عيوبه فان ارتكاب منافيات المروة عيب في العرف وفي الجميع نظر فان المنساق من اطلاق العدل في كلمات الشارع ليس
673

الا إرادة الاستقامة والاعتدال في الدين دون العرف والعادة وكذا المراد بالستر والعفاف بحسب الظاهر هو التعفف باجتناب المحارم وعدم التجاهر بالفسوق والعصيان
وان شئت قلت يكفي في صدق هذين العنوانين كونه مشغولا بعيوبه عن عيوب الناس غير متظاهر بشئ من المعاصي وكذا المراد بكف البطن والفرج واللسان هو
الكف عن المحارم لا مطلق مشتهياتها حتى المباحات وكذا المراد بعيوبه على الظاهر ما يعد منقصة في الشرع أي ما يورث نقصا في دينه لا مطلق ما يراه العرف
منقصة فيه ولو في نظم معاشه ومعاشرته مع الناس والا للزم منه تخصيص الأكثر إذا المنقصة غير منحصرة في منافيات المروة كما لا يخفى وان أبيت عن ذلك كله
فنقول قوله عليه السلام في رواية علقمة فمن لم تره بعينك يرتكب ذنبا ولم يشهد عليه بذلك شاهدان فهو من أهل العدالة والستر وشهادته مقبولة حاكم على
جميع ذلك وشاهد على أن المراد بالستر والعفاف المأخوذ في تعريف العدالة ليس الا عدم تظاهره بالفسوق والعصيان وربما يؤيده اطلاق جملة من الروايات
الواردة في باب الشهادة التي ليس فيها اشعار بشرطية الاجتناب عن منافيات المروة في قبول الشهادة مثل ما ورد من نفى البأس عن شهادة المكارى والجمال و
الملاح إذا كانوا صلحاء وفي صحيحة حريز إذا كانوا أربعة من المسلمين ليس يعرفون بشهادة الزور أجيزت شهادتهم إلى غير ذلك من الروايات المتقدمة فالقول
باعتبار الاجتناب عن منافيات المروة في مفهوم العدالة ضعيف نعم لا يبعد ان يدعى ان ارتكابها مخل عرفا بحسن ظاهره وبكاشفيته عن ملكة التقوى
والصلاح كما يؤمى إليه قوله عليه السلام والدلالة على ذلك كله ان يكون ساتر الجميع عيوبه بناء على أن يكون المراد بالعيوب ما يعمها والله العالم بقي الكلام فيما اشتهر
بينهم من التفصيل بين الكبيرة والصغيرة وان الكبيرة فعلها مناف للعدالة مطلقا وان الصغيرة لا تنافيها الا مع الاصرار وهذا لا يخلو من الاشكال موضوعا
وحكما إذ الكبيرة مما اختلفت الكلمات في تفسيرها وتشخيصها غاية الاختلاف فعن جملة من الأصحاب القول بأن المعاصي كلها كبائر لكن بعضها أكبر من بعض وليس
في الذنوب صغيرة بل عن بعض منهم دعوى الاجماع عليه فعن السرائر بعد نقل كلام الشيخ في المبسوط الظاهر في أن الذنوب على قسمين صغائر وكبائر أنه قال
هذا القول لم يذهب إليه ره الا في هذا الكتاب ولا ذهب إليه أحد من أصحابنا لأنه لا صغائر عندنا في المعاصي الا بالإضافة إلى غيرها انتهى وقيل إن الكبيرة
كل ذنب توعد الله تعالى عليه بالعذاب في كتابه العزيز بل ربما نسب هذا القول إلى المشهور وعن مفتاح الكرامة في تعداد الأقوال قال قيل إنها كل ذنب رتب عليه الشارع
حدا أو صرح فيه بالوعيد وقيل هي كل معصية تؤذن بقلة اعتناء فاعلها بالدين وقيل كلما علمت حرمته بدليل قاطع وقيل كلما توعد عليه توعدا شديدا في الكتاب
أو السنة إلى غير ذلك من الأقوال المتشتة التي أشار إليها في الجواهر وأوثق ما في هذا الباب ما افاده شيخنا المرتضى ره حيث قال كون المعصية كبيرة تثبت
بأمور الأول النص المعتبر على أنها كبيرة كما ورد في بعض المعاصي وقد عد منها في الحسن كالصحيح المروى عن الرضا من نيف وثلثين فإنه كتب إلى المأمون من
محض الايمان اجتناب الكبائر وهى قتل النفس التي حرم الله والزنا والسرقة وشرب الخمر وعقوق الوالدين والفرار من الزحف واكل مال اليتيم ظلما أو اكل الميتة
والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به من غير ضرورة واكل الربا بعد البينة والسحت والميسر وهو القمار والبخس في المكيال والميزان وقذف المحصنات واللواط
وشهادة الزور واليأس من روح الله والامن من مكر الله والقنوط من رحمة الله ومعونة الظالمين والركون إليهم واليمين الغموس وحبس الحقوق من غير عسرة
والكذب والكبر والاسراف والتبذير والخيانة والاستخفاف بالحج والمحاربة لأولياء الله والاشتغال بالملاهي والاصرار علي الذنوب الثاني
النص المعتبر على أنها مما أوجب الله عليه النار سواء أوعد في الكتاب أو اخبر النبي صلى الله عليه وآله أو الإمام عليه السلام بأنه مما يوجب النار بدلالة الصحاح
المروية في الكافي وغيرها على أنها ما أوجب الله عليه النار ولا ينافيه ما دل على أنها مما أوعد الله عليه النار بناء على أن ايعاد الله انما هو في كلامه المجيد
فهو مقيد لاطلاق ما أوجب الله أقول الظاهر عدم سلامة قوله ولا ينافيه اه إلى اخره من الغلط ولعل قوله ولا ينافيه أصله ولكن ينافيه إلى آخره فوقع
التحريف من سهو النساخ ثم قال الثالث النص في الكتاب الكريم على ثبوت العقاب عليه بالخصوص يعنى لا من حيث عموم المعصية ليشمله قوله تعالى ومن يعص
الله ورسوله فان له نار جهنم ونحو ذلك ما إذا كشف السنة عن ايعاد الله تعالى مثل قوله عليه السلام من قال في مؤمن ما رأت عيناه أو سمعت أذناه فهو من الذين
قال الله تعالى الذين يحبون إلى آخره والدليل على ثبوت الكبيرة بما ذكر في هذا الوجه صحيحة عبد العظيم بن عبد الله الحسنى المروية في الكافي عن أبي جعفر الثاني عن
أبيه عن جده عليه السلام يقول دخل عمر وبن عبيد على أبي عبد الله عليه السلام فلما سلم وجلس تلا هذه الآية الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش ثم امسك فقال
له أبو عبد الله عليه السلام ما امسكك قال أحب ان اعرف الكبائر من كتاب الله عز وجل فقال عليه السلام نعم يا عمر وأكبر الكبائر الاشراك بالله يقول الله من يشرك بالله فقد حرم
عليه الجنة وبعده اليأس من روح الله لان الله تعالى يقول لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون ثم الامن من
مكر الله لان الله عز وجل يقول فلا
يأمن من مكر الله الا القوم الخاسرون ومنها عقوق الوالدين لان الله تعالى جعل العاق جبارا شقيا وقتل النفس التي حرم الله الا بالحق لان الله تعالى
يقول فجزائه جهنم خالدا فيها الآية وقذف المحصنة لان الله تعالى يقول لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم واكل مال اليتيم لان الله تعالى يقول انما يأكلون
في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا والفرار من الزحف لان الله تعالى يقول ومن يولهم يومئذ دبره الا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله
وماوية جهنم وبئس المصير واكل الربا لان تعالى يقول الذين يأكلون الربا لا يقومون الا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس والسحر لان الله تعالى عز وجل يقول ولقد علموا لمن
اشتراه ماله في الآخرة من خلاق والزنا لان الله تعالى يقول ومن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف له العذاب يوم القيمة ويخلد فيه مهانا واليمين الغموس الفاجرة لان
الله تعالى يقول الذين يشترون بعهد الله وايمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة والغلول لان الله عز وجل يقول ومن يغلل يأت بما غل يوم القيمة ومنع
674

الزكاة المفروضة لان الله عز وجل يقول فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم وشهادة الزور وكتمان الشهادة لان الله عز وجل يقول من يكتمها فإنه اثم
قلبه وشرب الخمر لان الله عز وجل نهى عنه كما نهى عن عبادة الأوثان وترك الصلاة متعمدا أو شيئا مما فرضه الله لان رسول الله صلى الله عليه وآله قال من ترك
الصلاة متعمدا فقد برء من ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وآله ونقض العهد وقطعية الرحم لان الله تعالى يقول لهم اللعنة ولهم سوء الدار قال فخرج عمر وله صراخ في بكائه
وهو يقول هلك من قال برأيه ونازعكم في الفضل والعلم أقول في شهادة هذه الصحيحة على المدعى تأمل فالأولى ذكرها كالحسن السابق بيانا لما ثبت كونها كبيرة
بالنص المعتبر فليتأمل ثم قال الرابع دلالة العقل والنقل على أشدية معصية مما ثبت كونها من الكبيرة أو مساواتها لها كما في قوله تعالى والفتنة أكبر من القتل وفي الكذب
شر من الشراب وكما ورد في الغيبة انه أشد من الزنا ومثل حبس المحصنة للزنا فإنه أشد من القذف بحكم العقل ومثل إعلام الكفار بما يوجب غلبتهم على المسلمين فإنه أشد
من الفرار من الزحف الخامس ان يرد النص بعدم قبول شهادته أو الصلاة خلفه كما ورد النهى عن الصلاة خلف العاق لوالديه أقول استفادة كون الذنب
كبيرة من هذا القسم من النص مبنى على ما تسالموا عليه من عدم كون الصغيرة قادحة بالعدالة المعتبرة في الشاهد وامام الجماعة وسيأتي البحث عنه واما ما ذكروه
من أن فعل الكبيرة مخل بالعدالة مطلقا دون الصغيرة فعمدة ما يصح الاستناد له إليه قوله عليه السلام في صحيحة ابن أبي يعفور ويعرف باجتناب الكبائر التي أوعد الله عليها
النار وهو انما يتم لو كان هذا الكلام في حد ذاته معرفا مستقلا للعدالة وهو خلاف الظاهر بل غير مستقيم فإنه لا يجتمع مع ما ذكر أولا معرفا للعدالة حيث إن الأول
أخص مطلقا من الثاني فيحصل التنافي بين المعرفين اللهم الا ان يلتزم بارجاع الأول إلى الثاني بحمل قوله ان يعرفوه بالستر والعفاف وكف البطن والفرج واليد
واللسان على إرادة الاتصاف بهذه الأوصاف بالإضافة إلى خصوص الكبائر وهو لا يخلو من بعد فالظاهر أنه من تتمة المعرف الأول فهو من قبيل ذكر الخاص بعد العام
اما لشدة الاهتمام به أو بلحاظ ان اجتناب الكبائر من حيث هو له ملحوظية في باب العدالة عرفا وشرعا نظرا إلى صيرورة حرمتها لدى المتشرعة من الضروريات على
وجه لا يمكن عادة صدورها من شخص الا بعد الالتفات تفصيلا إلى حرمتها الا ان لا يكون مباليا بالدين أصلا بحيث يختفي عليه ضروريات الدين أو يغفل عنها حين
ابتلائه بمواردها كما لو صار مثلا شرب الخمر لديه من مشروبه المتعارف بحيث لا يلتفت حين شربه إلى حرمته وهذا بخلاف صغائر الذنوب فإنها ربما تصدر من
المتدينين جهلا بحرمتها أو غفلة عنها حال الارتكاب بحيث لو علم بحرمتها والتفت إليها تفصيلا لتركه فلا ينافي ذلك صدق اتصافه بكونه ممتنعا عن فعل المحرمات
الذي هو معنى كف البطن والفرج إلى آخره أو ان المراد بالفقرة الأولى ملكة الأمور المزبورة الغير المنافية عرفا لصدور ما يخالف مقتضاها أحيانا وبالفقرة الثانية
الفعلية فيكون محصل مفاد الرواية في تعريف الرجل العدل هو من كان له ملكة العفة والستر وحفظ جوارحه عن ارتكاب ما نهى عنه خصوصا الكبائر فإنه يعتبر
فيها مع ذلك الاجتناب الفعلي وهذا ينطبق في الخارج على ما ذهب إليه المشهور وان لا يخلو تطبيق كلماتهم عليه عن تكلف وكيف كان فعلى هذا التقدير أيضا قد يتجه
الاستدلال بالرواية للمدعى حيث إن مفادها ان فعل الكبيرة مخل بالعدالة مطلقا دون الصغيرة ولكن يتوجه عليه أو لا انه لم يتعين إرادة هذا المعنى من الرواية اللهم
الا ان يدعى انه أقرب محتملاتها كما ليس بالبعيد وثانيا ان مقتضاها عدم كون الصغيرة قادحة فيما إذا أصدرت ممن كان له ملكة الاجتناب عنها وكان صدورها
منه على خلاف ما يقتضيه شأنه لا مطلقا كما يقتضيه ظاهر كلماتهم فليتأمل والذي يقوى في النظر ان صدور الصغيرة أيضا إذا كان عن عمد والتفات تفصيلي إلى حرمتها
كالكبيرة مناف للعدالة ولكن الذنوب التي ليست في انظار أهل الشرع كبيرة قد يتسامحون في امرها فكثيرا ما لا يلتفون إلى حرمتها حال الارتكاب أو يلتفتون إليها و
لكن يكتفون في ارتكابها باعذار عرفية مسامحة كترك الامر بالمعروف أو النهى عن المنكر أو الخروج عن مجلس الغيبة ونحوها حياء مع كونهم كارهين لذلك في نفوسهم فالظاهر
عدم كون مثل ذلك منافيا لاتصافه بالفعل عرفا بكونه من أهل الستر والعفاف والخير والصلاح وغير ذلك من العناوين المعلق عليها قبول شهادته في اخبار
الباب وهذا بخلاف مثل الزنا واللواط وشرب الخمر وقتل النفس ونظائرها مما يرونها كبيرة فإنها غير قابلة عندهم للمسامحة ومانعة عن اتصاف فاعلها بالاستقامة
والاعتدال مطلقا فهذا هو الفارق بين ما يراه العرف صغيرة وكبيرة فان ثبت بدليل شرعي ان بعض الأشياء التي يتسامح فيها أهل العرف ولا يرونها كبيرة كالغيبة
مثلا حاله حال الزنا والسرقة لدى الشارع في كونها كبيرة كشف ذلك عن خطاء العرف في مسامحتهم وان هذا أيضا كالزنا مناف للعدالة مطلقا فالذي
يعتبر في تحقق وصف العدالة ان يكون الشخص من حيث هو لو خلى ونفسه كافا نفسه عن مطلق ما يراه معصية ومجتنبا بالفعل عن كل ما هو كبيرة شرعا أو في انظار أهل العرف
والدليل على ما قويناه ما تقدمت الإشارة إليه مرارا من أن المتبادر من اطلاق كون الرجل عدلا في الدين ليس الا إرادة كونه ملازما للتقوى والصلاح بأداء الواجبات
وترك المحرمات ولم يظهر من صحيحة ابن أبي يعفور ولا من غيرها من الروايات إرادة ما ينافي ذلك فمن شهد أهل العرف الذين القى إليهم الخطاب باشهاد ذوى عدل منهم
بكونه موصوفا بهذه الصفة جرى عليه حكمه وان كانت شهادتهم بذلك مبتنية على بعض المسامحات المغتفرة لديهم كسائر الموضوعات التي تعلق بها حكم شرعي مما يتحمل
المسامحات العرفية كإطلاق الصاع من الحنطة على الحنطة المدفوعة فطرة المشتملة على شئ يسير من تراب أو تبن ونحوه مما يتسامح فيه فحكمهم متبع في تشخيص موضوعات
الاحكام وان كان مبنيا على هذا النحو من المسامحات الغير الموجبة لكون الاطلاق اطلاقا مجازيا في عرفهم اللهم الا ان يدل دليل شرعي على خطائهم في مسامحتهم و
ان الذنب الفلاني الذي يستصغره العرف ويتسامحون في امره ليس كما يرونه بل هو عظيم في الواقع بحيث لو اطلع العرف على عظمته لرأوا كون مرتكبه خارجا عن حد
الاعتدال خروجا بينا غير قابل للمسامحة نظير ما لو دل الدليل في المثال على أن ما يرونه من التبن المختلط ليس كما يرونه بل هو جسم تقبل كقطع الحديد له مقدار معتد به
من الوزن غير قابل للمسامحة فليتأمل فإنه لا يخلو من دقة وكذا يعتبر في الامام العقل حال الإمامة كما يدل عليه مضافا إلى أنه لا عبادة للمجنون صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام
675

قال قال أمير المؤمنين عليه السلام لا يصلين أحدكم خلف المجنون وولد الزنا وصحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال خمسة لا يؤمون الناس على كل حال وعد منهم المجنون وولد
الزنا واما الجنون في غير حال الصلاة كما لو كان أدواريا فغير قادح لانصراف النص عنه ولكن حكم العلامة في التذكرة بالكراهة فقال ما لفظه ولو كان الجنون يعتوره
أدوارا صحت الصلاة خلفه حال افاقته لحصول الشرائط فيه لكن يكره لامكان ان يكون قد احتلم حال جنونه ولا يعلم ولئلا يعرض الجنون في الأثناء انتهى وكذا يعتبر
فيه طهارة المولد أي عدم كونه ولد الزنا بلا نقل خلاف فيه على الظاهر بل اجماعا كما ادعاه بعض ويشهد له اخبار مستفيضة منها صحيحتا زرارة وأبى بصير المتقدمتان
وصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال خمسة لا يؤمون الناس ولا يصلون بهم صلاة فريضة في جماعة الأبرص والمجذوم وولد الزنا والأعرابي حتى
يهاجر والمحدود وخبر اصبغ بن نباته قال سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول ستة لا ينبغي ان يؤم الناس ولد الزنا والمرتد والأعرابي بعد الهجرة وشارب الخمر والمحدود
والأغلف ولفظ لا ينبغي في هذه الرواية أريد بها الحرمة كما يشهد بذلك الستة المذكورة فيها واما ما عداها من الاخبار المزبورة فيشكل استفادة الحرمة منها
حيث عد فيها من جملة ما لا يؤمون الناس الأبرص والمجذوم وغيرهما مما لابد من حمل النهى بالنسبة إليها على الكراهة فلا ينبغي لها حينئذ ظهور في الحرمة في خصوص ابن
الزنا اللهم الا ان يقال إن رفع اليد عن ظاهر النهى الوارد في تلك الأخبار بالنسبة إلى بعض ما تضمنته بقرينة خارجية غير موجب لصرفه عن ظاهره بالنسبة إلى
ما عداه كما أوضحناه في باب لباس المصلي فليتأمل ثم إن الظاهر أن المراد بطهارة المولد التي اعتبروها في الامام هو ان لا يعرف كونه من سفاح فان من لم يعرف كونه
كذلك محكوم شرعا وعرفا بكونه طاهر المولد لأصالة الصحة والسلامة في نسبه فإنه أصل معول عليه شرعا وعرفا في هذا الباب مع امكان ان يدعى ان المنساق من النهى
عن امامة ابن زنا أو الايتمام به انما هو إرادة افراده المعلومة نظرا إلى ما أشرنا إليه من عدم جريان احكام ابن الزنا شرعا وعرفا الاعلى من علم كونه كذلك فلا ينسبق
إلى الذهن من النهى الا ارادته فليتأمل وكذا يعتبر فيه البلوغ على الأظهر الأشهر بل المشهور بل عن كتاب الصوم من المنتهى نفى الخلاف فيه اما على القول بعدم
شرعية عبادة الصبي فواضح واما على القول بالشرعية كما هو الأظهر فللأصل بعد دعوى انصراف أدلة الجماعة إلى المكلفين وخبر إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه ان
عليا عليه السلام كان يقول لا بأس ان يؤذن الغلام قبل ان يحتلم ولا يؤم فان أم جازت صلاته وفسدت صلاة من خلفه المنجبر ضعفه بما عرفت واستدل له أيضا بفحوى ما دل على
اعتبار العدالة حيث إن الفاسق مع ما فيه حاجزا عن معصية الله عز وجل في الجملة لا يجوز له الايتمام فالصبي العالم بعدم معاقبته أولى بالمنع مع أن لا يؤمن من
اخلاله ببعض ما يعتبر في الصلاة شرطا أو شطرا مع أن صلاته نافلة فلا يجوز الايتمام به مع أن المستفاد من اشتراط العدالة اشتراط بلوغه لأنها فرعه وفي الجميع
ما لا يخفى فالعمدة هي الرواية المتقدمة المعتضدة بالشهرة وعدم نقل خلاف يعتد به في المسألة عدى ما عن الشيخ في الخلاف من تجويز امامة المراهق مدعيا عليه الاجماع
وعن السيد أيضا في بعض كتبه موافقته ويشهد له خبر طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام قال لا بأس ان يؤذن الغلام الذي لم يحتلم وان يؤم وخبر غياث بن
إبراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا بأس بالغلام الذي لم يبلغ الحلم أن يؤم القوم وان يؤذن وموثقة سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال يجوز صدقة الغلام وعتقه ويؤم الناس
إذا كان له عشر سنين وأجيب عن الاجماع بمخالفته لفتوى الكل حتى مدعيه في جملة من كتبه واما الخبران الأولان فبضعف السند العاري عن الجابر واما الرواية المجوزة
لعتقه وصدقته فبمخالفتها هنا لفتوى الكل حتى القائل بالجواز حيث إنه لم يحدده بهذا الحد وفي باب الصدقة والعتق لفتوى المعظم المطابقة للأصول والأدلة فيشكل
الاعتماد عليها في اثبات مثل هذا الحكم المخالف للأصل في مقابل ما عرفت فالقول بالمنع ان لم يكن أقوى فلا ريب انه أحوط وعن الشهيد في الدروس
انه جوز إمامته لمثله مطلقا ولغيره في النفل واستقرب غير واحد ممن تأخر عنه جوازه لمثله وهو لا يخلو من وجه لامكان دعوى انصراف النهى عن إمامته إلى ارادته للبالغين فيكون
حال إمامته لمثله حال سائر عباداته التي التزمنا بشرعيتها له وان قلنا بخروجه عن منصرف أدلتها كما في الوجبات والمحرمات المعلوم عدم شمول أدلتها له بدعوى
تنقيح المناط أو غيره من التقريبات المذكورة في محلها وربما حمل بعضهم الأخبار الدالة على الجواز عليه وهو بالنسبة إلى ما عدى الأول منها بعيد مع عرائه عن الشاهد
واما إمامته للبالغين في النافلة فلا يخلو من اشكال إذ لا قصور فيما ذكرناه وجها للمنع عن إمامته عن شموله فليتأمل وكذا يعتبر فيه ان لا يكون قاعدا بقيام على
المشهور بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه ويشهد له ما عن الصدوق مرسلا قال قال أبو جعفر عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله صلى بأصحابه جالسا فلما فرغ قال لا يؤمن أحدكم
بعدي جالسا ورواية السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه قال قال أمير المؤمنين عليه السلام لا يوم المقيد المطلقين ولا يؤم صاحب الفالج الأصحاء ولا صاحب التيمم المتوضئين ورواية الشعبي
قال قال علي عليه السلام في حديث لا يؤم المقيد المطلقين وضعف اسناده بل ودلالة الأخيرتين منها أيضا مجبور بما عرفت وما في الخبر الأول من الاطلاق وجب
تقييده بما إذا كان المأموم قائما لو لم نقل بانصرافه في حد ذاته إلى ذلك بشهادة الاجماع والنص الوارد في جماعة العراة الدالة على جواز ان يأم الجالس بالجالسين
ويدل على المدعى أيضا الدليل الآتي وهل يتعدى منه إلى المنع عن امامة المضطجع بالقاعد وجهان أشهرهما بل المشهور الأول قال شيخنا المرتضى ره بعد ان ذكر اشتراط
ان لا يكون قاعدا بقيام مستدلا عليه بالروايات الواردة في المسألة ما لفظه وهل يتعدى منه إلى المنع عن امامة المضطجع بالقاعد الظاهر ذلك لوحدة المناط خلافا
للمحكى عن الشيخ فاقتصر على موضع النص وفي المنع عن امامة القائم المستند بالمستقل تردد وكذا في
المضطجع على الجنب الأسير بالمضطجع على الأيمن وكذا في جواز امامة
القاعد المتمكن من القيام للركوع والسجود بالقائم المؤمى وفي الايضاح الأصح عندي انه كلما اشتملت صلاة الامام على رخصة في ترك واجب أو فعل محرم
بسبب اقتضاها وخلى المأموم عن ذلك السبب لم يجز الايتمام من رأس لان الايتمام هيئة اجتماعية يقتضى أن تكون الصلاة مشتركة بين الإمام والمأموم وان صلاة
الامام هي الأصل وهذا متفق عليه انتهى أقول الظاهر أن المشار إليه في قوله هذا متفق عليه هو ما ذكره من الوجهين للاستدلال والا فاصل الكلية التي ادعاها ليست
676

اتفاقية لما تقدم من مخالفة الشيخ وغيره في غير المقام انتهى كلام شيخنا المرتضى قدس سره أقول إن أراد صاحب الايضاح بصلاة الامام المشتملة على رخصة في
ترك واجب أو فعل محرم مطلق الصلاة الاضطرارية المشتملة على الاخلال بشئ من الاجزاء والشرائط الاختيارية ولو لم يكن له تعلق بصلاة المأموم كما لو صلى
في ثوب نجس أو لم يحسن بعض الأذكار الواجبة مما عدى القراءة التي يتحملها عن المأموم إلى غير ذلك من الشرائط والاجزاء التي لا ربط لها بصلاة المأموم ولا
يوجب الاخلال بها تغيير الصورة التي يجب على المأموم المتابعة فيها فيشكل إقامة الدليل على ما ادعاه إذ غاية ما يمكن ان يستدل به لهذه الكلية دعوى استفادتها
من استقراء الموارد الجزئية أو دعوى انصراف أدلة الجماعة إلى الايتمام بمن لا يكون صلاته من حيث هي انقص من صلاة المأموم وكلتا الدعويان ولا سيما أوليهما
في حيز المنع واما ما ذكره في الايضاح من أن الايتمام هيئة اجتماعية يقتضى ان يكون الصلاة مشتركة بين الإمام والمأموم وان صلاة الامام هي الأصل فان أراد
بهذا ان قضية الاجتماع في الصلاة هي مشاركة الجميع في الاتيان بفرد من الصلاة مسمى بصلاة الجماعة مشتركة بين الجمع صادرة منهم بمباشرة الامام وتبعية المأمومين
له في الافعال فيكون المصلى حقيقة هو الامام ولكن فعله يقوم مقام فعل الجميع فيتجه حينئذ دعوى اعتبار ان لا يكون صلاته انقص مما يجب على المأمومين حتى يصلح
ان يقوم مقام صلاتهم ولكن المبنى فاسد لما عرفت في مبحث الخلل من أن كلا من الإمام والمأموم مستقل بصلاته وليس يضمن الامام شيئا من صلاة المأموم مما
عدى القراءة فالهيئة الاجتماعية الحاصلة بالايتمام لا تقتضي وقوع صلاة مشتركة بين الجميع بل اشتغال الجميع بفعل الصلاة المطلوبة من كل واحد منهم مجتمعا يربط
صلاته بصلاة الامام بتبعيته له في حركاته وسكناته فالهيئة الاجتماعية لا تقتضي الا موافقة الجميع في الافعال التي يتقوم بها هيئة الجماعة بحيث يكون الامام أصلا
ومن عداه تبعا له دون الشرائط التي لا مدخلية لها بهيئة الجماعة ومن هنا يظهر انه ان أراد بعبارته المزبورة هذا المعنى كما ليس بالبعيد فهو حق ولكنها غير
مثبتة لمدعاه اللهم الا ان يكون مراده بالصلاة المشتملة على الرخصة في ترك واجب أو فعل محرم خصوص ما كانت مشتملة على نقص موجب لتغير صورتها التي
يجب المتابعة فيها مع الامكان ككونه جالسا أو مؤميا أو مضطجعا أو مستلقيا لا مطلق الصلاة الاضطرارية فينطبق حينئذ دليله على مدعاه فيكون ملخص مرامه انه متى
رخص الامام في ترك فعل من افعال الصلاة كالقيام مثلا أو فعل محرم كالاضطجاع والاستلقاء أو الجلوس حال القراءة لم يجز لمن لا يكون مرخصا في الاتيان بصلاته
بهذه الهيئة الايتمام به لأنه ان وافقه في ذلك فقد أخل بالواجب وإلا لم يتحقق الايتمام لان الايتمام شرعا وعرفا عبارة عن المتابعة وهى منتفية بالنسبة إلى هذا الجزء
لا يقال إن انتفاء التبعية بالنسبة إلى جزء لا يقتضى بطلان أصل الايتمام بالإضافة إلى أصل الصلاة التي اتى بها بهذا القصد على سبيل الاجمال كما اعترفنا به في
أوائل المبحث لأنا نقول معنى الايتمام بالغير في صلاته هو أن يأتي بافعاله مربوطا بافعال الامام بان يقوم بقيامه ويركع بركوعه ويسجد بسجوده وهكذا كما يشهد
بذلك النبوي المشهور انما جعل الامام اماما ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا ولا ملازمة بينه وبين الالتزام ببطلان الاقتداء رأسا بمطلق المخالفة كما تقدم تحقيقه
في أوائل المبحث فإذا تعلق امر ندبي بفعل الصلاة جماعة لا ينسبق الا إرادة هذا المعنى فيختص جوازه بما إذا لم يستلزم الاخلال بواجب فلو لم يكن لنا دليل خاص على جواز
الايتمام للمأموم المسبوق الذي يحتاج إلى التخلف عن الامام لفعل التشهد لم يكن يمكن استفادة شرعيته من اطلاقات أدلة الجماعة فمقتضى الأصل في كل مورد يلزم من
متابعة الامام في جميع افعاله الاخلال بشئ من اجزاء الصلاة وشرائطه عدم شرعية الجماعة في تلك الصلاة الا ان يدل دليل خاص اما على سقوط اعتبار ذلك الشئ
في الصلاة في مثل الفرض كسقوط القراءة عمن أدرك الامام راكعا واغتفار زيادة الركن فيما لو رفع رأسه من الركوع قبل الامام مثلا أو جواز التخلف عنه لتداركه
كما في المأموم المسبوق في جماعة العراة التي ورد فيها ان الامام يؤمى برأسه ومن خلفه يركعون ويسجدون فتلخص مما ذكر ان الالتزام بالكلية المزبورة وهى المنع عن امامة
كل ناقص بمن هو فوقه في المرتبة إذا كان نقصه موجبا للاخلال بالهيئة المعتبرة في الجماعة ما لم يدل دليل خاص على جوازه كما لعله المشهور لا يخلو من وجه ان قلت مقتضى
هذا الوجه عدم جواز العكس أيضا أي ايتمام الناقص بالكامل كالقاعد بالقائم مع أنه لا خلاف في جوازه على الظاهر قلت مضافا إلى كفاية الاجماع دليلا على
جواز العكس انه يمكن الفرق بينهما بجريان قاعدة الميسور بالنسبة إلى المأموم العاجز إذ لا شبهة في أنه مهما عمل العاجز بوظيفته تبعا لافعال الامام بان جلس حال
قيام الامام وأومى للركوع والسجود حين ركوعه فقد تبعه بقدر وسعه فهو بشهادة العرف ميسور المتابعة التي لا تسقط بمعسوره وربما يشهد له أيضا في الجملة
خبر أبي البختري عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام قال المريض القاعد عن يمين المصلى جماعة فلا ينبغي الاستشكال فيه ولو حدث للامام في الأثناء ما يوجب الجلوس مثلا
انفرد المأموم ما لم يستنب الامام غيره كما عن التذكرة التصريح به لظهور النص والفتوى في اعتبار ذلك ابتداء واستدامة كما أن هذا هو مقتضى القاعدة التي قوينا اعتبارها
في هذا الباب ولو تجدد للعاجز القدرة على القيام في الأثناء فقام جاز الاقتداء به في بقية صلاته لزوال المانع ودعوى اعتبار كونه قادرا على القيام في تمام الصلاة
في صحة الاقتداء به مطلقا ضعيفة فان ما دل على اعتبار هذا الشرط لم يدل الا على اعتباره حال كونه اماما لا في أصل صلاته حتى في جزئها التي اتى به منفردا نعم
قد يتجه ذلك على القول بعدم جواز الاقتداء بمطلق الصلاة المشتملة على نقص وان لم يكن موجبا لتغيير هيئتها ولكنك عرفت ضعف هذا القول وعدم مساعدة دليل
عليه في مقابل اطلاقات أدلة الجماعة ولو علم بعجز الامام عن اتمام صلاته قائما وانه لا يقدر الا على القيام في الأوليين مثلا فهل له ان يأتم به بانيا على أن ينفرد عنه
حين عروض العجز له وجهان أوجههما ذلك على تردد فيما لو علم بحصول العجز قبل اكمال ركعة كما سيأتي توضيحه انشاء الله تعالى عند التكلم في جواز الايتمام مع العزم على أن ينفرد في بعض
صلاته وكذا يعتبر في الامام ان لا يكون أميا أي لا يحسن قراءة الفاتحة والسورة أو ابعاضهما كما عن غير واحد التصريح به بمن ليس كذلك بلا خلاف فيه بيننا على الظاهر
بل عن جماعة دعوى الاجماع عليه ففي التذكرة قال لا يجوز ان يأتم القاري بالأمي في الجهرية والاخفاتية عند علمائنا أجمع وبه قال أبو حنيفة ومالك واحمد والشافعي
677

في أحد أقواله ونعني بالأمي من لا يحسن قراءة الحمد أو ان لا يحسن القراءة وقال الشافعي الأمي من لا يحسن الفاتحة أو بعضها ولو كلمة واحدة وقالت الحنفية الأمي من لا يحسن
من القران ما يصلى به لان القراءة واجبة مع القدرة ومع الايتمام بالأمي تخلو الصلاة عن القراءة وقال عليه السلام لا صلاة الا بفاتحة الكتاب ولان الامام يتحمل القراءة
عن المأموم ومع عجزه لا يتحقق التحمل ثم نقل عن جملة من العامة القول بالجواز مطلقا منهم الشافعي في القديم ثم نقل عن الشافعي قولا ثالثا وهو الجواز في صلاة الاخفات دون
الجهر والفرق ان المأموم عنده لا يجب عليه القراءة في الجهرية وتجب في الاخفاتية انتهى ملخصا أقول واستدل له أيضا بان صلاة الامام حينئذ ناقصة فلا يجوز الايتمام بها
وفيه ما عرفت انفا من أنه لا دليل على اعتبار ان لا تكون صلاة الامام من حيث هي انقص من صلاة المأموم على الاطلاق فالعمدة بعد الغض عن الاجماع ما أشار إليه العلامة
في عبارته المتقدمة وشرحه هو انه يستفاد من مثل الروايات الدالة على أن الامام ضامن القراءة من خلفه وانه يجزيك قرائته وان المأموم يكل القراءة إلى الامام ان
الأخبار الناهية عن القراءة خلف الإمام ليست مخصصة لعموم قوله عليه السلام لا صلاة الا بفاتحة الكتاب بل من باب ان الامام يتحمل القراءة عنه ومع عجزه لا يتحقق التحمل
فتفسد صلاة المأموم لخلوه عن القراءة الواجبة مع قدرته عليها وعدم تحمل الامام عنه ان قلت هذا فيما إذا أوكل القراءة إلى الامام واما إذا قرء بنفسه بناء
على أن سقوطها عنه رخصة لا عزيمة كما لا يخلو من وجه خصوصا في الجهرية التي لا يسمع الهمهمة فلا إذ لا تحمل حينئذ فكونه أميا بالنسبة إلى القراءة بعد فرض مباشرة المأموم
بنفسه للقرائة ليس الا ككونه كذلك بالنسبة إلى ما عداها من الأذكار الواجبة التي لا يتحملها الامام في عدم كونه مانعا عن الايتمام به قلت سقوط القراءة عن المأموم
في الأولتين اما على جهة العزيمة أو الرخصة ولو بشرط سماع الصوت في الجهرية هو من اثار الجماعة الصحيحة بحيث يستكشف من انتفائه عدم صحتها كما يؤمى إلى ذلك ما شاع
في الاخبار من الكناية عن صحة الايتمام بشخص أو فساده بالامر بالقراءة خلفه أو النهى عنها فصحة الجماعة لا تتخلف عن أن تكون قراءة الإمام صالحة لان يجتزى المأموم
بها كما يشهد بذلك اطلاق ما دل على أن الامام ضامن لقرائة من خلفه والنهى عن القراءة خلف الإمام المرضي وان من قرء خلف امام يأتم به فمات بعث على
غير الفطرة والحاصل انه لا خلاف نصا وفتوى في أن من احكام الجماعة الصحيحة سقوط القراءة عن المأموم في الأوليين اما وجوبا أو جوازا حتى في الجهرية التي لا يسمع
الهمهمة فإنه وان أوجب بعض القراءة في هذه الصورة الا ان وجوبها لديه مشروط بعدم السماع فله ان يقرب من الامام بحيث يسمع صوته فيترك القراءة وحيث إن
سقوطها عن المأموم ليس تخصيصها لعموم لا صلاة الا بفاتحة الكتاب بل من باب ان الامام متعهد بفعلها لزم من ذلك اعتبار قدرة الامام على الاتيان بالقراءة المطلوبة
من مأمومه في صحة إمامته له وربما يؤيده أيضا مفهوم قوله عليه السلام في خبر أبي البختري لا بأس ان يؤم المملوك إذا كان قاريا وقد ظهر مما ذكرناه ان الأشبه عدم جواز إقامة
اللاحن أيضا بالمتقن فضلا عمن لا يحسن أصل القراءة كلا أو بعضا فإنه لا بد ان يكون الضامن متمكنا من أداء المضمون عن المضمون عنه على النحو المطلوب منه فلا يكفي
في ذلك مجرد صدق اسم كونه قاريا بعد ان لا تكون قرائته مجزية لنفسه الا بقاعدة الميسور ونحوها فكيف يصح ضمانه لقرائة الغير الذي هو بنفسه قادر على القراءة الصحيحة
بل كيف يجوز لذلك الغير ان يكل قرائته إلى هذا الشخص الذي لا يتمكن الا من الاتيان بقراءة لو اتى بها نفس ذلك الشخص لا يجديه اللهم الا ان يدعى ان اجتزاء اللاحن
بقرائته لدى عجزه عن الاتيان بالقراءة الصحيحة ليس من باب قاعدة الميسور بل قرائته بالمقايسة إليه بملاحظة عجزه تعد في العرف مصداقا حقيقيا لمهية المأمور به
بنوع من المسامحة العرفية ولذا يفهم وجوبها من اطلاق الامر بقراءة الفاتحة مثلا بشهادة العرف من غير توسيط قاعدة الميسور ولكنه يتوجه عليه منع كون ما ينطق
به اللاحن مصداقا حقيقيا لمهية الكلمة الملحونة بل هو مصداق مسامحي يصح سلب اسمها عنه حقيقة واستفادة وجوبه من اطلاق الامر بقراءة تلك الكلمة منشأها مغروسية
جريان قاعدة الميسور في مثلها في النفس ولذا قد يفهم من الاطلاق وجوب الإشارة القائمة مقامها على الأخرس العاجز عن النطق مع أنه لا شبهة في عدم كون الإشارة
مصداقا حقيقيا للقرائة فما عن الشيخ في المبسوط وجماعة من المتأخرين من تجويز الإمامة اللاحن بالمتقن تمسكا بصدق اسم القراءة عليه وكذا ما عن الحلى من تجويزه ذلك فيما إذا
لم يكن اللحن مغيرا للمعنى لا مطلقا لا يخلو من نظر فليتأمل ولو تشاركا في الأمية أو اللحن جاز لكل منهما الايتمام بالاخر مع التساوي واتحاد المورد لاطلاقات أدلة
الجماعة واما لو اختلفا بالزيادة والنقصان جاز لمن كانت أميته أكثر أن يأتم بالاخر من غير عكس ولو اختلف المورد لم يجز لأحدهما الايتمام بالاخر الا ان ينوى
المأموم الانفراد عند بلوغ الامام إلى ما لا يحسنه بناء على جواز الايتمام مع هذا القصد من أول الأمر وهو على اطلاقه لا يخلو من اشكال تنبيه حكى عن بعض
العامة القول بأنه لو أم الأمي بالقاري بطلت صلاتهما جميعا اما القاري فلما عرفت واما الأمي فلانه بدخوله في الصلاة بنية الإمامة وجبت عليه القراءة يعنى من
باب التحمل فتفسد صلاته من هذه الجهة ففيه ما لا يخفى فإنه متى تعذر ايجابها عليه في صلاته كيف يجب عليه ان يتحملها عن غيره حتى تفسد صلاته من حيث اخلاله بهذا
الواجب هذا مع أن ذلك غير مقتضى لفساد أصل الصلاة بل الإمامة كما لا يخفى نعم ربما التزم غير واحد من أصحابنا بذلك فيما إذا كان القاري مرضيا صالحا
لان يأتم به أو يكون متمكنا من الايتمام بثالث قار بناء على وجوب الايتمام عليه مع الامكان لكونه فردا اختياريا من الصلاة قائما مقام الصلاة مع القراءة الصحيحة
فلا يجوز لدى التمكن منه الاجتزاء بالصلاة مع القراءة الناقصة أو الابدال الاضطرارية القائمة مقامها وان شئت قلت مقتضى عموم قوله عليه السلام لا صلاة الا بفاتحة
الكتاب بعد ان علم بجواز ايكالها إلى من يأتم به وقيام فعل الامام مقام فعله في اسقاط هذا التكليف عدم جواز الاخلال بها بالاقتصار على القراءة الناقصة
أو غيرها من الابدال الاضطرارية لدى التمكن من الخروج عن عهدتها بهذا الوجه ولكن المبنى على اطلاقه محل نظر فإنه ان تم فهو فيما إذا نشأ عجزه عن التقصير بترك
التعلم حيث تنجز في حقه التكيف بالصلاة مع القراءة الصحيحة مخيرا في الخروج عن عهدتها بين الايتمام والمباشرة فمع التمكن من أحد الامرين لا يسقط ذلك التكليف
عنه الا بفعله واما مع العجز عن التعلم فهو كالأخرس لم يعتبر الشارع القراءة الصحيحة جزء من صلاته بل ما
تمكن منها كما أنه جعل إشارة الأخرس بمنزلة قرائته جزء
678

من صلاته فإذا ائتم بغيره يقوم قراءة الغير مقام القراءة المطلوبة منه في اسقاط ما وجب عليه لا القراءة الصحيحة (التي لم يكلفه الله بها والى ما ذكرناه من أن الشارع لم يعتبر القراءة الصحيحة) جزء من صلاة العاجز حتى يتكلف في الاتيان
بمسقطه أشير في رواية مسعدة بن صدقة المروية عن قرب الإسناد قال سمعت جعفر بن محمد عليه السلام يقول انك قد ترى ان المحرم من العجم لا يراد منه ما يراد من العالم
الفصيح وكذلك الأخرس في القراءة والصلاة والتشهد وما أشبه ذلك فهذا بمنزلة العجم المحرم لا يراد منه ما يراد من العاقل المتكلم الفصيح ويؤيده أيضا
الروايات الواردة في بيان تكليف العاجز عن القراءة مثل صحيحة عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد الله عليه السلام ان الله فرض من الصلاة الركوع والسجود الا ترى لو أن
رجلا دخل في الاسلام لا يحسن ان يقرء القران أجزأه ان يكبر ويسبح ويصلى وخبر السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال تلبية الأخرس وتشهده وقرائته القران في الصلاة
تحريك لسانه واشارته بإصبعه هذا مع ما في لزوم الايتمام على العاجز من الحرج والضيق المنافى لسهولة الملة وسماحتها كما لا يخفى ولا يشترط في الامام الحرية
على الأظهر كما هو المشهور شهرة كادت تكون اجماعا على ما ادعاه في الجواهر ويدل عليه مضافا إلى عمومات أدلة الجماعة خصوص صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليه السلام و
عن أبي عبد الله عليه السلام أيضا انه سئل عن العبد يأم القوم إذا رضوا به وكان أكثرهم قرأنا قال لا بأس به وخبر أبي البختري عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام في حديث قال لا بأس
ان يؤم المملوك إذا كان قاريا وصحيحة زرارة أو حسنة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له الصلاة خلف العبد فقال لا بأس به إذا كان فقهيا ولم يكن هناك أفقه منه و
يفهم من هذه الصحيحة المنع عن إمامته إذا كان هناك أفقه منه وأوضح من ذلك دلالة على ذلك موثقة سماعة المضمرة قال سألته عن المملوك يؤم الناس فقال لا
الا ان يكون هو أفقههم واعلمهم ولكنه لابد من حمل المنع على الكراهة لعدم القول بالفصل بين الأفقه وغيره كما اعترف به في الجواهر وكيف كان فلا يعارضها خبر
السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام أنه قال لا يؤم العبد الا أهله للزوم ارتكاب التأويل فيه بالحمل على الكراهة أو على ما إذا كان خروجه من أهله منافيا لما هو
وظيفته من القيام بخدمة سيده أو غير ذلك من المحامل جمعا بينه وبين غيره من الأخبار المتقدمة التي هي كالنص في إرادة الأعم من أهله هذا مع ما في الخبر المزبور من
ضعف السند فما عن المقنع من الافتاء بمضمونه ضعيف واضعف منه ما عن الشيخ في المبسوط والنهاية من أنه لا يجوز ان يأم العبد الأحرار ويجوز ان يأم بمواليه
إذا كان أقرأهم إذ لم نجد في الاخبار ما يشهد بهذا التفصيل عدى ما حكى عن الشيخ في الخلاف من أنه بعد ان اطلق جواز إمامته قال وفي بعض روايتنا لا يؤم العبد الا مولاه
ولعله أشار إلى خبر السكوني بحمل الأهل على إرادة مولاه فليتأمل واضعف من الكل ما عن أبن حمزة من المنع عن امامة العبد مطلقا كما لا يخفى وكذا يشترط في الامام الذكورة
إذا كان المأموم ذكرانا أو ذكرانا وإناثا فلا يجوز إمامة المرأة لهم بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن جملة من الأصحاب دعوى الاجماع عليه واستدل عليه بما روى
عن النبي صلى الله عليه وآله قال لا تأم امرأة رجلا وعنه أيضا قال اخروهن من حيث اخرهن الله وعن كتاب دعائم الاسلام مرسلا عن علي عليه السلام قال لا تأم المرأة
الرجال ولا تأم الخنثى الرجال ولا الأخرس المتكلمين ولا المسافر المقيمين وعن موضع اخر منه أيضا قال لا تأم المرأة الرجال وتصلى بالنساء ولا تتقدمهن تقوم
وسطا منهن ويصلين بصلاتها وضعف اسناده مجبور بما عرفت فما في الحدائق من الخدشة في الاستدلال بالخبرين الأولين بأن الظاهر أنهما ليسا من
طريقنا إذ لم أقف عليهما في اخبارنا ضعيف لان اشتهارهما بين الخاصة واعتمادهم عليهما في كتبهم الاستدلالية كاف في جواز التعويل عليهما خصوصا في مثل
هذا الفرع الذي لم ينقل الخلاف فيه من أحد ويدل عليه أيضا الأخبار الناهية عن أن يصلى الرجل وبحذائه أو بين يديه امرأة تصلى على القول بحرمة المحاذاة أو التقدم
واما على القول بالكراهة كما هو المختار فيشكل الاستدلال بهذه الاخبار للمنع لما عرفت في مبحث الوضوء بالماء المسخن بالشمس من كتاب الطهارة من أن اشتمال العبادة
على جهة مقتضية لكراهتها غير مانعة عن صحتها ووقوعها عبادة ومن هنا يظهر أيضا ضعف الاستدلال له بان المرأة مأمورة بالستر والحياء والإمامة للرجال يقتضى
خلافه نعم لا بأس بذكر مثل هذه الوجوه في مقام التأييد كما صنعه الأصحاب حيث ذكروا الوجه الأخير بل وكذا كراهة المحاذاة والتقدم من باب التأييد ويؤيده
أيضا المستفيضة الآتية التي وردت في إمامة المرأة للنساء فإنها بأسرها مشعرة سؤالا وجوابا بالمفروغية عن عدم جواز امامتها للرجال هذا كله مع قصور اطلاقات أدلة
الجماعة عن اثبات جواز امامتها حتى للنساء فضلا عن الرجال كما لا يخفى على المتأمل ويجوز ان تام المرأة النساء في الفريضة والنافلة التي يجوز فيها الاجتماع على المشهور
بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه وحكى عن أبي على وعلم الهدى والجعفي المنع في الفريضة والجواز في النافلة وقد مال إلى هذا القول أو قال به غير واحد من المتأخرين
بل ربما استظهر ذلك من الكليني والصدوق أيضا لاقتصارهما على ذكر صحاح سليمان بن خالد وهشام وزرارة الآتية المشتملة على التفصيل المزبور ومنشأ الخلاف
المذكور اختلاف الاخبار فمما يدل على المشهور موثقة سماعة قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن المرأة تؤم النساء قال لا بأس به وموثقة ابن بكير عن بعض أصحابنا عن
أبي عبد الله عليه السلام انه سئله عن المرأة تؤم النساء قال نعم تقوم وسطا بينهن ولا تتقدمهن وخبر الحسن بن زياد الصيقل قال سئل أبو عبد الله عليه السلام كيف تصلى النساء على
الجنائز إذا لم يكن معهن رجل قال يقمن جميعا في صف واحد ولا تتقدمهن امرأة قيل ففي صلاة المكتوبة ايأم بعضهن بعضا قال نعم وخبر علي بن جعفر المروى عن كتاب
قرب الإسناد عن أخيه عليه لسلام قال سألته عن المرأة تأم النساء ما حد رفع صوتها بالقراءة قال قدر ما تسمع وسألته عن النساء هل عليهن الجهر بالقراءة في الفريضة
والنافلة قال لا الا أن تكون مرأة تأم النساء فتجهر بقدر ما تسمع قرائتها وعن الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه قال سألته عن المرأة تأم النساء ما حد رفع صوتها
بالقراءة قال قدر ما تسمع وخبر علي بن يقطين عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال سألته عن المرأة تؤم النساء ما حد رفع صوتها بالقراءة والتكبير فقال بقدر ما تسمع
وهذه الأخبار وان كانت واردة مورد حكم اخر فلا يصح التمسك باطلاقها لعموم المدعى ولكنها مشعرة بالمفروغية عن جواز امامتها لمثلها والمنساق منها ارادتها
في الفريضة التي يعم بها الابتلاء دون صلاة الاستسقاء ونحوها من النوافل التي يجوز الاجتماع فيها التي قد لا يتفق ابتلاء النساء بها واستدل له أيضا بالنبوي
679

المروى في كتب الفروع لأصحابنا مستدلا به على المطلوب وهو انه صلى الله عليه وآله امر أم ورقه ان تؤم
أهل دارها وجعل لها مؤذنا إذا الظاهر ارادته في الفريضة كما يؤمى إليه
جعل المؤذن لها وبإزاء هذه الأخبار اخبار اخر تدل على المنع منها صحيحة هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام عن المرأة هل تؤم النساء قال تؤمهن في النافلة واما في
المكتوبة فلا ولا تتقدمهن ولكن تقوم وسطهن وصحيحة سلميان بن خالد قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المرأة تؤم النساء فقال إذا كن جميعا امتهن في النافلة فاما
المكتوبة فلا ولا تتقدمهن ولكن تقوم وسطا منهن وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له المرأة تؤم النساء قال لا الا على الميت إذا لم يكن أحد أولى منها
تقوم وسطهن معهن في الصف فتكبر ويكبرن ورواية الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال تؤم المرأة النساء في الصلاة وتقوم وسطا منهن ويقمن عن يمينها وشمالها تؤمهن
في النافلة ولا تؤمهن في المكتوبة وأجاب المصنف ره في محكى المعتبر عن روايتي سليمان بن خالد والحلبي بأنهما نادرتان ولا عمل عليهما واعترضه في المدارك بأنه
غير جيد لوجود القائل بمضمونهما وموافقتهما لصحيحة هشام المتقدمة مع أن الصدوق أوردها في كتابه ومقتضى كلامه في أول كتابه الافتاء بمضمونها وفي الوسائل بعد
نقل الروايات الدالة على المنع قال ما تضمن المنع من إمامة المرأة فالمراد به الكراهة بدلالة التصريح في باقي الأحاديث ذكره الشيخ وغيره ثم نقل عن العلامة في المنتهى
أنه قال يحتمل ان يكون ذلك راجعا إلى من لم تعرف فرائض الصلاة وواجباتها منهن فلا تؤم غيرها في الواجب وخصصهن بالذكر لأغلبية الوصف فيهن ثم قال واما ما
تضمن الجماعة في النافلة هنا وفيما يأتي فيجب حمله اما على التقية أو على مجرد المتابعة أو على إعادة الفريضة أو النافلة التي يجوز فيها الجماعة بدلالة ما تقدم أي الأخبار الناهية
عن صلاة التطوع في جماعة وقد جمع في الحدائق بين الاخبار بجعل النافلة والمكتوبة صفة للجماعة لا للصلاة فقال ما لفظه فالمراد بالنافلة والمكتوبة انما هو الجماعة المستحبة
والجماعة الواجبة فتكون كل من النافلة والمكتوبة صفة للجماعة لا للصلاة كما فهموه وحينئذ فالمراد بالجماعة النافلة أي المستحبة كالصلاة اليومية لاستحباب الجماعة
فيها والمراد بالجماعة الواجبة كالجمعة والعيدين فإنه لا يجوز إمامة المرأة فيهما اتفاقا نصا وفتوى وعلى هذا تجمع الاخبار وتكون الأخبار الأخيرة راجعة إلى الاخبار
الأولة الدالة على القول المشهور والاستدلال بهذه الاخبار على ما ادعوه مبنى على جعل كل من النافلة والمكتوبة صفة للصلاة وهو غير متعين بل كما يجوز الحمل على ذلك
يجوز الحمل على جعلها صفة للجماعة اي الجماعة المستحبة والجماعة الواجبة ولا ينافي ذلك اطلاق المكتوبة فان المكتوبة بمعنى المفروضة كما في قوله عز وجل كتب عليكم الصيام
أي فرض وقوله كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت أي فرض وقوله ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا فان الكتاب هنا مصدر بمعنى المفعول أي مكتوبا يعنى
مفروضا وبالجملة فان المكتوبة بمعنى المفروضة وهى كما يمكن جعلها صفة للصلاة يمكن ان يكون صفة للجماعة ثم ذكر وجوها لترجيح الحمل المذكور عمدتها ان فيه جمعا بين
الاخبار أقول هذا الحمل وان كان بعيدا في الغاية لكنه مع ذلك ليس بأبعد من حمل النافلة على إرادة الفريضة التي عرضها وصف النفل كالمعادة ونحوها مما
ينصرف عنه اطلاق اسم النافلة أو النافلة التي ثبتت شرعية الجماعة فيها التي هي خصوص الاستسقاء فالانصاف انه ان أمكن الالتزام بجواز الجماعة للنساء في النافلة
ولو في الجملة ولكن في افرادها المتعارفة التي يعم الابتلاء بها كالرواتب أو نوافل شهر رمضان التي يتعارف عند العامة الاجتماع فيها اتجه العمل بهذه الاخبار والا
وجب رد علم هذه الفقرة منها إلى أهله واما فقرتها الأخرى الدالة بظاهرها على المنع (ما منها في المكتوبة فهي بظاهرها معارضة برواية الصيقل التي هي نص في جواز) امامتها للنساء في المكتوبة وكذا بغيرها من الروايات المتقدمة الدالة على الجواز
لتعذر ارتكاب التخصيص في تلك الأخبار بحملها على إرادة غير المكتوبة بعد البناء على عدم جواز الجماعة فيما عداها أيضا الا في خصوص صلاة الاستسقاء التي هي فرد يندر
الابتلاء به ولا أقل من عدم كون ارتكاب التأويل فيها بالحمل على ارادتها بالخصوص أولى من حمل النهى على الكراهة بل هذا أولى فما ذهب إليه المشهور من جواز
امامتها للنساء مطلقا فيما شرعت الجماعة فيها فريضة كانت أم نافلة أقوى وان كان تركها مطلقا الا في صلاة الجنازة التي هي ليست بصلاة حقيقة إذا لم يكن أحد
أولى منها كما دلت عليه صحيحة زرارة التي هي ابعد عن التقية أحوط والله العالم وكذا يجوز ان يؤم الخنثى النساء لأنه اما رجل أو امرأة وكل منهما يجوز إمامته لهن
نعم لو قلنا بعدم جواز إمامة المرأة للنساء اتجه المنع (عن أن يؤمهن الخنثى أيضا كما أن المتجه المنع) عن أن يؤم الخنثى الرجال لان احتمال أنوثيته مانع عن صحة الايتمام به إذ لا يحصل معه القطع بالفراغ عما
اشتغلت الذمة به أي الصلاة مع القراءة أو مؤتما برجل عدل وتوهم انه لا دلالة في النصوص على اشتراط الذكورة في الامام كي يحتاج إلى العلم باحرازها بل غايتها
المنع عن أن تؤم امرأة رجلا أو مطلقا فيخصص به عموم ما دل على جواز الصلاة خلف كل من تثق بدينة وحيث لم يعلم باندراج الخنثى تحت عنوان المخصص جاز لكل من
الرجل والأنثى الايتمام به اخذا بأصالة العموم مدفوع بما تقرر في محله من عدم جواز التمسك بالعمومات في الشبهات المصداقية وان اصالة الظهور انما يرجع إليها لدى
الشك فيما اراده المتكلم من لفظه دون ما إذا قطع بأن مراده من العموم ما عدى هذا الصنف وشك في فرد انه هل هو من هذا الصنف المعلوم عدم كونه مرادا من
اللفظ أو من غيره فإنه يجب في مثل الفرض الرجوع إلى سائر الأصول والامارات المقررة لتشخيص المصاديق كما لا يخفى وجهه على المتأمل وقد ظهر مما مر انه لا تؤم امرأة
رجلا ولا خنثى لاحتمال كونه رجلا فلا يصح ايتمامه بالمرأة بل ولا الخنثى خنثى لاحتمال كون المأموم رجلا والامام امرأة فلا يحصل الجزم بصحة صلاة المأموم لدى
اخلاله بشئ من وظيفة المنفرد من ترك القراءة ونحوه فلا يحصل له القطع بفراغ ذمته عن الفريضة الواجبة عليه فما عن ابن حمزة من تجويز إمامة الخنثى بمثله ضعيف
ولو كان الامام يلحن في قرائته لم يجز إمامته بمتقن على الأظهر كما عرفته فيما تقدم في مبحث الأمي بل وكذا من يبدل الحرف كالتمتام وشبهه من الفافاء وغيره فإنه
أيضا نوع من اللحن وان لم يطلق عليه اسمه عرفا ولكن هذا في التمتام وشبهه مبنى على ما ذكر في المتن من تفسيره واما بناء على تفسيره بمن يردد الحرف ثم يأتي به فالمتجه صحة
إمامته كما صرح به في التذكرة وغيره ففي التذكرة بعد ان صرح بعدم جواز امامة اللاحن بالمقتن ولا مؤف اللسان بصحيحة ولا من ابدل حرفا بغيره بمن ليس كذلك ولا
من لا يفصح ببعض الحروف كالصاد والقاف بالمفصح قال تكره امامة التمتام وهو الذي يردد التاء ثم يأتي بها والفافاء وهو الذي يردد الفاء ثم يأتي بها
680

لأنهما يأتيان بالحروف على الكمال والزيادة لا تضرهما لأنهما مغلوبان عليها ولكن يكره تقديمها لمكان هذه الزيادة انتهى وتوهم كون هذه الزيادة مخلة بالصورة
المعتبرة في نظم الكلام وبالتوالي المعتبر بين حروفها مدفوع بما أشار إليه العلامة في عبارته المذكورة من أنه لا
اثر لهذه الزيادة في ابطال الهيئة المعتبرة في نظم الكلام
واخراجه عن حقيقته عرفا إذا كانا مغلوبين عليها ولكن يبقى الكلام حينئذ فيما حكم به العلامة وغيره من كراهة تقديمهما إذ لا دليل يعتد به عليها بعد البناء على صحة
قرائتهما ولو على القول بكفاية فتوى الفقيه في اثباتها من باب المسامحة لان هذا ان سلم ففيما إذا لم يعلم مستنده والا فالعبرة بمستنده وقد عللوها في المقام
بهذه الزيادة وهى غير صالحة لاثبات الكراهة شرعا نعم لا يبعد الالتزام برجحان ترك التقديم من باب حسن الاحتياط خروجا عن شبهة الخلاف واما ما ذكره
في التذكرة من عدم جواز ايتمام المفصح بمن لا يفصح ببعض الحروف فغرضه من لم يتمكن من أداء ماهية الحرف صحيحا والا فليس مطلق عدم الافصاح قادحا جزما
فالعبرة في هذا الباب بقدرة الامام على الاتيان بالقراءة الواجبة التي يتحملها عن المأموم صحيحة إذا كان المأموم متقنا والا ففيما يتقنه كما تقدم تفصيله في مبحث
الأمي فلا نطيل بالإعادة ولا يشترط في صحة الجماعة وترتب احكامها بالنسبة للامام والمأموم ان ينوى الامام الإمامة فلو صلى بنية الانفراد فأتم به
غيره انعقدت الجماعة ولحقها احكامها وان لم يقصدها بل وان لم يشعر بها حتى فرغ من صلاته نعم قد يقال بوجوب قصدها في الجماعة التي
تكون الجماعة شرطا لصحتها كالجمعة والمعادة نفلا وهو لا يخلو من وجه وقد تقدم شرح هذه المسألة لدى التكلم في أنه لابد في صحة الجماعة من نية الاقتداء فراجع
وصاحب المسجد الراتب فيه والامارة من قبل الإمام العادل والمنزل الساكن فيه أولى من غيرهم بالتقدم بلا خلاف في شئ منها على الظاهر بل عن غير واحد
ظاهرا وصريحا دعوى الاجماع عليها ويدل على الأول منها مضافا إلى ذلك ما عن موضع من كتاب الفقه الرضوي قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال صاحب الفراش
أحق بفراشه وصاحب المسجد أحق بمسجده وعنه أيضا في باب صلاة الجماعة قال اعلم أن أولى الناس بالتقدم في الجماعة اقرأهم إلى أن قال وصاحب المسجد أولى بمسجده
وعن كتاب دعائم الاسلام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يؤمكم أكثركم نورا والنور القران وكل أهل مسجد أحق بالصلاة في مسجدهم الا ان يكون أمير حضر فإنه أحق
بالإمامة من أهل المسجد وعن جعفر بن محمد عليه السلام قال يؤم القوم أقدمهم هجرة إلى الايمان إلى أن قال صاحب المسجد أحق بمسجده ويدل على الثاني والثالث مضافا
إلى ما سمعت خبر أبي عبيدة عن الصادقة عليه السلام ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يتقدم القوم أقرأهم للقران فان كانوا في القراءة سواء فأقدمهم هجرة فان كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنا فان
كانوا في السن سواء فليؤمهم اعلمهم بالسنة وأفقههم في الدين ولا يتقدمن أحدكم الرجل في منزله وصاحب سلطان في سلطانه ويدل على الثاني أيضا ما سمعته
من خبر الدعائم ثم إن الظاهر كما صرح به في الجواهر وغيره كون أولوية هذه الثلاثة سياسية أدبية ناشئة من مراعاة حقهم الذي هو أشبه شئ بحق السبق والأحقية
الثابتة لأولياء الميت بالنسبة إلى تجهيزاته لا لفضيلة ذاتية فلو أذنوا لغيرهم جاز وانتفت الكراهة المستفادة من الخبر الأخير وغيره كما عن الشهيدين وغيرهما التصريح
بذلك بل عن المنتهى التصريح مع ذلك بان الغير حينئذ أولى من غيره نافيا معرفة الخلاف فيه لكن عن الذخيرة تبعا للمدارك انه اجتهاد في مقابلة النص وفيه ما أشرنا
إليه من أن المنساق من النص بواسطة مناسبات الموارد ليس الا الأحقية التي هي من قبيل أحقية ولى الميت الغير المقتضية لمنع الغير مع الاذن فلا يعم الكراهة
المستفادة من النص حال الاذن بل قد يظهر من بعضهم القول باستحباب اذنهم للأكمل منهم مع حضوره معهم جمعا بين مراعاة حقهم بارجاع الامر إليهم وبين
ما دل على استحباب تقديم الأفضل والأكمل كقوله عليه السلام من أم قوما وفيهم من هو اعلم منه لم يزل امرهم إلى السفال إلى يوم القيمة وهو لا يخلو من وجه فليتأمل ثم إن
مقتضى اطلاق النصوص والفتاوى ثبوت هذه الأحقية وعدم سقوطها بعدم حضور صاحبها في أول الوقت ومن هنا صرح في التذكرة والذكرى وغيرهما بانتظار
الراتب ففي التذكرة قال ما لفظه لو حضر جماعة المسجد استحب ان يراسل امامه الراتب حتى يحضر أو يستنيب ولو كان الموضع بعيدا وخافوا فوات أول الوقت و
امنوا الفتنة صلوا جماعة انتهى وعن الذكرى أنه قال ولو تأخر الامام الراتب استحب مراسلته ليحضر أو يستنيب ولو بعد منزله وخالفوا فوات وقت الفضيلة قدموا
من يختارونه إلى أن قال ولو حضر بعد صلاتهم استحب اعادتها معه لما فيه من اتفاق القلوب مع تحصيل الاجتماع مرتين انتهى وما ذكره أخيرا من استحباب
الإعادة معه بعد حضوره مبنى على استحباب إعادة الجامع صلاته جماعة وقد عرفت في محله انه لا يخلو من تأمل اللهم الا ان يلتزم به في مثل المقام الذي لا
يترتب عليه الاخلال بواجب من باب المسامحة
كما لا يخلو من وجه وكيف كان فربما يظهر من بعض الأخبار ما ينافي ما ذكرناه من عدم سقوط الأولوية المزبورة بعد حضور صاحبها في الوقت كخبر
حفص بن سالم انه سئل أبا عبد الله عليه السلام إذا قال المؤذن قد قامت الصلاة يقوم القوم على أرجلهم أو يجلسون حتى يجيئ امامهم قال لا بل يقومون على
أرجلهم فان جاء امامهم والا فليؤخذ بيد رجل من القوم فيقدم وخبر معاوية بن شريح عن أبي عبد الله في حديث قال إذا قال المؤذن قد قامت
الصلاة ينبغي لمن في المسجد ان يقوموا على أرجلهم ويقدموا بعضهم ولا ينتظروا الإمام قال قلت وان كان الامام هو المؤذن قال وان كان فلا ينتظرونه
ويقدموا بعضهم وربما نزل هذان الخبران على الضيق أي صورة خوف فوات وقت الفضيلة والأولى تخصيص الخبرين بموردهما وهو ما لو حصلت الإقامة
برجاء لحوق الامام فابطاء الامام فحينئذ ينبغي لأهل المسجد العمل بما يقتضيه الإقامة من القيام على أرجلهم والتلبس بأداء الصلاة بتقديم من يصلى بهم تحرزا عن
اختلال الإقامة بطول الانتظار هذا مع امكان ان يدعى عدم التنافي بين الاخبار أصلا فان المنساق مما دل على أحقية الامام الراتب بامامة مسجده ليس الا المنع عن
معاوضته في الإمامة وهو منصرف عن ايتمام بعض مأموميه ببعض عند تأخير الامام عن وقته فإنه لا يعد بنظر العرف منافيا لحقه بل بمنزلة ما لو صلى كل واحد
681

منفردا لأجل الاستعجال أو لتدارك فضل أول الوقت كما لا يخفى على المتأمل وفي الحدائق بعد ان استظهر من الأخبار المتقدمة أحقية الامام مطلقا المقتضية
لاستحباب الانتظار أجاب عن معارضة الخبرين بما لفظه ان الخبرين المذكورين غير خاليين من الاشكال وان لم يتنبه له أحد من علمائنا الابدال وذلك فان
الظاهر من الاخبار وكلام الأصحاب ان الأذان والإقامة في الجماعة من وظائف صلاة الامام ومتعلقاتها ولا تعلق لصلاة المأمومين بشئ منهما غاية الأمر
انه قد يقوم بهما الامام كلا أو بعضا وقد يقوم بهما بعض المأمومين كلا أو بعضا وحينئذ فإن لم يكن الامام
حاضرا فلمن يؤذن هذا المؤذن ويقيم المقيم
واشكل من ذلك في رواية معاوية بن شريح بعد ذكر ما تقدم قلت فإن كان الامام هو المؤذن قال وان كان فلا ينتظرونه ويقدموا بعضهم وكيف يستقيم هذا
وهو الذي قد اذن واقام وعند قوله قد قامت الصلاة قام الناس على أرجلهم فأين ذهب بعد ذلك حتى ينتظرونه أو لا ينتظرونه وبالجملة فجميع ما ذكرنا
من وجوه هذه الاشكالات ظاهر لا ريب فيه والاعتماد على هذين الخبرين بعد ما عرفت من ثبوت أحقية الامام الراتب بالاخبار المتقدمة مضافا إلى اتفاق
الأصحاب مشكل غاية الاشكال انتهى. أقول دعوى اتفاق الأصحاب على استحباب الانتظار في الفرض مع عدم تعرض أكثرهم له بخصوصه غير مسموعة مع أنه
حكى عن ظاهر المنتهى العمل بظاهر الخبرين والحكم بعدم الانتظار وطرح الخبرين بتوهم التنافي بينهما وبين الاخبار المزبورة مع كونهما أخص مطلقا مما لا وجه له
وما ذكره من الاشكالين مما لا ينبغي الالتفات اليهما اما ما ذكره أولا من عدم تعلق الأذان والإقامة بصلاة المأمومين واختصاصهما بالامام ففيه انهما
بحسب الظاهر يتعلقان بالصلاة التي يؤتى بها جماعة ولذا صرحوا في باب الأذان والإقامة بأنه لو اذن واقام بنية الانفراد فبدا له ان يصلي جماعة يعيدها
إذ الظاهر جواز الاتيان بهما بقصد الجماعة قبل ان يعينون امامهم كما أن الظاهر جواز الاتيان بهما قبل حضور الامام وإذا أذنوا وأقاموا والامام حاضر
أو غائب ثم بدا لهم ان يقدموا غيره لم يبطل اذانهم فلا يتوجه على الروايتين اشكال من هذه الجهة واما الاشكال الأخير فهو ايراد على السائل حيث فرض الحاجة
إلى الانتظار في هذا الفرض النادر التحقق مع امكان ان يكون مراده بكون المؤذن هو الامام كون وظيفته الاذان بمقتضى عادته لا في خصوص هذه الصلاة فليتأمل
والهاشمي أولى من غيره بالتقدم إذا كان بشرائط الإمامة اكراما لأجداده الكرام والا فلا دليل يعتد به عليه عدى انه نسبه غير واحد إلى المشهور ولعله كاف في
اثبات مثله من باب المسامحة ولكن ينبغي الاقتصار في الترجيح بهذا وشبهه على ما إذا لم يوجد بينهم من هو أولى منه بمقتضى اطلاقات الأدلة المعتبرة الواردة
في الترجيح ككونه اقرأ أو أفقه أو غير ذلك مما ستعرفه وإذا تشاح الأئمة في الإمامة بان أراد كل منهم التقدم فالأولى ترك الايتمام بجميعهم إذ قلما يبقى معه
الوثوق بخلوص امامتهم عن قصد الرياسة وكيف كان فإن لم يكن ذلك بظاهره على وجه ينافي العدالة فمن قدمه المأمومون فهو أولى وان كان مفضولا كما
يقتضيه اطلاق المتن وغيره بل عن بعضهم التصريح به لما فيه من اجتماع القلوب وحصول الاقبال المطلوب في العبادة وربما يشهد له خبر الحسين بن زيد عن الصادق عليه السلام
عن ابائه في حديث المناهي قال ونهى عن أن يؤم الرجل قوما الا باذنهم وقال من أم قوما باذنهم وهم به راضون فاقتصد بهم في حضوره وأحسن صلاتهم
بقيامه وقرائته وركوعه وسجوده فله مثل اجر القوم ولا ينقص عن أجورهم شئ ويؤيده أيضا خبر زكريا صاحب السابري عن أبي عبد الله عليه السلام قال
ثلاثة في الجنة على المسك الأذفر مؤذن احتسابا وامام أم قوما وهم به راضون ومملوك يطيع الله ويطيع مواليه والمروي عن مستطرفات السرائر نقلا
عن كتاب أبي عبد الله السياري قال قلت لأبي جعفر الثاني ان قوما من مواليك يجتمعون فتحضر الصلاة فيؤذن بعضهم ويتقدم أحدهم فيصلي بهم فقال إن كانت
قلوبهم كلها واحدة فلا بأس قال ومن لهم بمعرفة ذلك قال فدعوا الإمامة لأهلها بناء على أن يكون المراد باتحاد قلوبهم رضاء جميعهم بإمامته كما فهمه
في الوسائل وغيره ويؤيده أيضا الاخبار الآتية الدالة على كراهة امامة من يكرهه المأمومون ولكن قد يقال بان تقديم المأمومين ورضاء الامام
انما يكون مرجحا فيما إذا كان ذلك لامر ديني ككونه أوثق لديهم أو أشد مواظبة لحفظ أوقات الصلاة ونحوها والا فلا عبرة باختيار السواد الناشي من أغراضهم
الدنيوية الفاسدة وهو لا يخلو من نظر إذ المفروض أهلية الجميع في حد ذاتهم للإمامة فلا مانع حينئذ من أن يكون رضاء المأمومين بامامة أحدهم أو كراهتهم
للاخر من اي سبب يكون ملحوظا لدى الشارع في مقام الترجيح كما يؤيده اطلاق المستفيضة الآتية الدالة على كراهة من يكرهه المأمومون فان اختلفوا
اي المأمومون قدم الأقرء فالأفقه فالأقدم هجرة فالأسن فالأصبح ويشهد لذلك كله على الترتيب المزبور ما عن الفقه الرضوي قال إن أولى الناس
بالتقدم في الجماعة أقرأهم للقران فان كانوا في القراءة سواء فأفقههم وان كانوا في الفقه سواء فأقربهم هجرة وان كانوا في الهجرة سواء فأسنهم فان كانوا
في السن سواء فأصبحهم وجها وصاحب المسجد أولى بمسجده انتهى ولكن قد يظهر من بعض الأخبار خلاف هذا الترتيب كخبر أبي عبيدة المروي عن الكافي قال
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن القوم من أصحابنا يجتمعون فتحضر الصلاة فيقول بعضهم لبعض تقدم يا فلان فقال إن رسول الله صلى الله عليه وآله يتقدم القوم أقرأهم للقران
فان كانوا في القراءة سواء فأقدمهم هجرة فان كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنا فان كانوا في السن سواء فليؤمهم اعلمهم بالسنة وأفقههم في الدين ولا
يتقدمن أحدكم الرجل في منزله ولا صاحب سلطان في سلطانه وعن الصدوق في العلل باسناده عن الحسن بن محبوب مثله ثم قال وفي حديث اخر فان كانوا
في السن سواء فأصبحهم وجها وعن دعائم الاسلام عن جعفر بن محمد قال يؤم القوم أقدمهم هجرة فان استووا فاقرأهم فان استووا فأفقههم فان
استووا فأكبرهم سنا وحكى عن جملة من المتأخرين كالعلامة وجماعة ممن تأخر عنه القول بتقديم الأفقه على الأقرأ مستدلا عليه بالعقل والنقل من
الكتاب والسنة اما الدليل العقلي فهو قبح تقديم المفضول على الفاضل كما هو مفروغ عنه بين الامامية واما النقل فمن الكتاب قوله تعالى هل يستوي
682

الذين يعلمون والذين لا يعلمون وقوله تعالى أفمن يهدي إلى الحق أحق ان يتبع امن لا يهدي الا ان يهدى فما لكم كيف تحكمون واما السنة فمنها ما رواه في الفقيه
مرسلا قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله امام القوم وافدهم فقدموا أفضلكم وقال قال علي عليه السلام ان سركم ان تزكوا صلاتكم فقدموا خياركم وعن الصدوق في الفقيه مرسلا
والشيخ في كتاب الاخبار مسندا قال قال النبي صلى الله عليه وآله من أم قوما وفيهم من هو اعلم منه لم يزل امرهم إلى السفال إلى يوم القيامة وفي حسنة زرارة عن أبي جعفر قال
قلت أصلي خلف الأعمى قال نعم إذا كان من يسدده وكان أفضلهم وفيها أيضا في الصلاة خلف العبد قال لا بأس به إذا كان فقيها ولم يكن أفقه منه وفي
موثقة سماعة عن المملوك يؤم الناس قال لا الا ان يكون أفقههم واعلمهم ويؤيده الروايات الواردة في الصلاة خلف العالم فعن الذكرى مرسلا
عن النبي صلى الله عليه وآله قال من صلى خلف عالم فكأنما صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وآله ويؤيده أيضا الأخبار العامة مثل قوله ان العلماء ورثة الأنبياء وقوله عليه السلام ان علماء
أمتي كأنبياء بني إسرائيل ولا سيما إذا كان جامعا لشرائط الفتوى فإنه مقدم أيضا بحق النيابة ويؤيده أيضا تقديم العالم على الهاشمي في المروي
عن الرضا عليه السلام أنه قال للهاشمي انكم سادات الناس والعلماء ساداتكم إلى غير ذلك من الشواهد والمؤيدات التي لا تحصى والذي يقوى في النظر انه لم يقصد
بالاخبار المتقدمة ما ينافي هذه الأدلة إذ الظاهر أن المقصود بتلك الأخبار بيان المرجحات التي ينبغي رعايتها فيما إذا دار الامر بين اشخاص يصلح كلهم للإمامة
بان كان كل منهم من شأنه ان يقال له تقدم يا فلان وهذا لا يكون فيما إذا كان أحدهما عاميا والاخر فقيها كاملا فان عدم مساواة العالم للجاهل وقبح تقديم
مفضول على الفاضل من الفطريات التي لا يبقى معه مجال لتوهم المكافئة حتى يلتفت إلى المرجحات فمورد الترجيح بحسب الظاهر فيما إذا اشترك الجميع في الجهات
المقتضية للإمامة من الفقاهة والزهد والصلاح فلا مانع حينئذ من الامر بتقديم أكبرهم سنا أو أكثرهم قراءة وغير ذلك من الجهات المقتضية للترجيح فان
كلا من هذه الجهات أيضا جهة فضل ربما يترجح شرعا وعرفا على جهة الأفقهية خصوصا في زمان النبي صلى الله عليه وآله الذي كان الفضل كله في حفظ
القران وبسابقتهم في الاسلام ولم يكن يحفظ الرجل منهم شيئا من القران الا عن بصيرة فلم يقصد النبي صلى الله عليه وآله بالأقرأ الذي امر بتقديمه على الظاهر من كان
أجود قراءة ولا أكثرهم حفظا لألفاظ القران من غير تعقل مفاهيمها بل الأكثر حفظا عن بصيرة كما هو الغالب في عصره فالأفضل في ذلك الزمان في الحقيقة
لم يكن الا الأقرء بهذا المعنى وكيف كان فالظاهر في لتنافي بين تلك الأخبار وبين ما دل على فضل العالم وفضيلة الصلاة خلفه وعدم أهلية غيره للتقدم عليه و
على تقدير تسليم المعارضة يجب رد علمها إلي أهله أو حملها على التقية كما قواه في الحدائق لموافقتها لمذاهب العامة ورواياتهم واما ما في نفس هذه الأخبار
من الاختلاف فيمكن كونها منزلة على اختلاف جهات الفضل كسائر المستحبات المتزاحمة والله العالم ويستحب للامام ان يسمع من خلفه الشهادتين بل كلما يقول
من الأذكار الواجبة مما يسوغ له الاجهار به ويدل عليه في خصوص التشهد صحيحة حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام قال ينبغي للامام ان يسمع من خلفه التشهد ولا يسمعونه هم شيئا ويدل عليه مطلقا رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال ينبغي للامام ان يسمع من خلفه كلما
يقول ولا ينبغي لمن خلف الامام ان يسمعه شيئا مما يقول ولكن هذا فيما إذا لم يكن اسماعهم متوقفا على المبالغة في اعلان صوته كما يشهد بذلك ما عن الكليني
باسناده عن عبد الله بن سنان قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام على الامام ان يسمع من خلفه وان كثروا فقال ليقرء قراءة وسطا يقول الله تبارك وتعالى ولا تجهر بصلاتك
ولا تخافت بها وعن الشيخ بأسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال ينبغي للامام ان يسمع من خلفه وان كثروا قال ليقرأ قراءة وسطا ان الله يقول ولا تجهر
بصلاتك ولا تخافت بها وإذا مات الامام أو أغمي عليه في الأثناء استنيب من يتم الصلاة بهم بلا خلاف يعتد به بل اجماعا في الموت كما عن جماعة التصريح به
بل في التذكرة دعواه في الاغماء أيضا بل عن الذكرى وغيرها الاجماع في مطلق العذر الشامل للموت وغيره ويشهد له صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن
رجل أم قوما فصلى بهم ركعة ثم مات قال يقدمون اخر ويعتدون بالركعة ويطرحون الميت خلفهم ويغتسل من مسه ومكاتبة الحميري للقائم عجل
الله فرجه المروية عن احتجاج الطبرسي انه كتب إليه عليه السلام انه روى لنا عن العالم عليه السلام انه سئل عن امام قوم صلى بهم بعض صلاتهم وحدثت عليه حادثة كيف يعمل من
خلفه فقال عليه السلام يؤخر ويقدم بعضهم ويتم صلاتهم ويغتسل من مسه التوقيع ليس على من نحاه الا غسل اليد وإذا لم يحدث حادثة تقطع الصلاة تمم صلاته مع القوم
والروايتان وان وردتا في خصوص الموت ولكن يفهم منهما حكم مطلق العذر الموجب لخروج الامام عن أهلية الإمامة كالاغماء والنوم والجنون
ونحوها إذ لا مدخلية لخصوصية الامام في ذلك كما يفصح عن ذلك مضافا إلى فهم الأصحاب وفتاويهم التدبر في سائر الأخبار الآتية الواردة في سائر الاعذار
الطارية للامام في الأثناء من الحدث والرعاف وغير ذلك وكذا فيما ورد في حكم الحاضر المؤتم بمسافر فان المتدبر في مجموع الاخبار لا يكاد يرتاب في عدم
اختصاص الاستنابة بعذر دون عذر فما في الحدائق من التأمل أو المنع في الاغماء ونحوه من الاعذار المخرجة للامام عن الاختيار مما عدى الموت لخروجه عن مورد
النص في غير محله وكذا لا ينبغي الارتياب في في رادة الشرطية في صحيحة الحلبي من قوله عليه السلام يقدمون رجلا اخر وكذا بقوله له يطرحون الميت خلفهم بحيث لو تقدم بعضهم
من غير أن يقدموه أو لم يطرحوا الميت خلفهم بل إلى أحد جانبيهم أو القوة في مكانه وقام النائب موضعا اخر من بين أيديهم لم يصح ايتمامهم به لوضوح
جري مثل هذه القيود مجرى العادة من باب الارشاد فلا يفهم منها الاشتراط مضافا إلى أن المتأمل في مجموع الروايات التي تقدمت الإشارة إليها لا يكاد
يرتاب في عدم إناطة الحكم بشئ من مثل هذه الخصوصيات بل يستفاد منها عدم اعتبار كون النائب منهم بل يجوز كونه أجنبيا وكذا إذا عرض للامام ضرورة بان سبقه الحدث أو الرعاف أو الأذى
683

في بطنه أو ذكر انه كان على غير طهارة أو تمت صلاته لسفر جاز ان يستنيب عنه من يتم الصلاة بالمأمومين بلا خلاف في شئ منها على الظاهر بل الظاهر
عدم خلاف يعتد به في جواز الاستخلاف عند عروض مانع عن الاتمام مطلقا وان لم يكن شئ من المذكورات بل عن الذكرى دعوى الاجماع عليه فقال يجوز الاستخلاف
عند علمائنا أجمع للامام إذا احدث أو عرض له مانع وفي الحدائق قال الظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب رضي الله عنهم في الاستنابة في الأثناء لو عرض للامام عارض ما يمنع
من اتمام الصلاة فإنه يستنيب من يتم بهم الصلاة والا استناب المأمومون وكذا يستنيب لو كان مقصرا والمأموم متما انتهى ويدل عليه جملة من الاخبار منها
صحيحة معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يأتي المسجد وهم في الصلاة وقد سبقه الامام بركعة أو أكثر فيعتل الامام فيأخذ بيده ويكون أدنى القوم إليه
فيقدمه فقال يتم صلاة القوم ثم يجلس حتى إذا فرغوا من التشهد يومي إليهم بيده عن اليمين والشمال فكان الذي أومى إليهم بيده التسليم وانقضاء صلاتهم
وأتم هو ما كان فاته أو بقي عليه وخبر طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه قال سألته عن رجل أم قوما فأصابه رعاف بعدما صلى ركعة أو ركعتين فقدم رجلا ممن
قد فاته ركعة أو ركعتان قال يتم بهم الصلاة ثم يقدم رجلا فيسلم بهم ويقوم هو فيتم صلاته ويستفاد من ذيل هذه الرواية جواز الاستنابة في خصوص التسليم أيضا
وانه لا يختص هذا الحكم بما لو عرض للامام مانع عن اتمام صلاته بل عن إمامته لهم فيما بقي من صلاتهم وعن الصدوق مرسلا قال قال أمير المؤمنين عليه السلام ما كان من
امام يقدم في الصلاة وهو جنب ناسيا أو احدث حدثا أو رعافا أو اذى في بطنه فليجعل ثوبه على انفه ثم لينصرف وليأخذ بيد رجل فليصل مكانه ثم ليتوضأ
وليتم ما سبقه به من الصلاة وان كان جنبا فليغتسل وليصل الصلاة كلها أقول ما في هذه الرواية من الامر باتمام ما سبقه قد تقدم الكلام فيه في القواطع
ورواية حفص عن أبي عبد الله عليه السلام ان عليا عليه السلام كان يقول لا يقطع الصلاة الرعاف ولا القئ ولا الدم فمن وجد إذا فليأخذ بيد رجل من القوم من الصف
فليقدمه يعني إذا كان اماما وصحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام عن امام احدث فانصرف ولم يقدم أحدا ما حال القوم قال لا صلاة لهم الا بامام
فليتقدم بعضهم فليتم بهم ما بقي منها وقد تمت صلاتهم وفي نسخة الوسائل فليقدم بدل فليتقدم وموثقة أبي العباس البقباق عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا
يؤم الحضري المسافر ولا المسافر الحضري فإذا ابتلي بشئ من ذلك فأم قوما حاضرين فإذا أتم الركعتين سلم ثم اخذ بيد بعضهم فقدمه فأمهم الحديث وصحيحة جميل
بن دراج عن الصادق عليه السلام في رجل أم قوما على غير وضوء فانصرف وقدم رجلا ولم يدر المقدم ما صلى الامام قبله قال يذكره من خلفه وخبر زرارة
قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن امام أم قوما فذكر انه لم يكن على وضوء فانصرف واخذ بيد رجل وادخله وقدمه ولم يعلم الذي قدم ما صلى القوم قال يصلي بهم
فان أخطأ سبح القوم به وبنى على صلاة الذي كان قبله ويدل عليه أيضا المستفيضة الآتية الدالة على كراهة استنابة المسبوق وغيرها مما لا يخفى على المتتبع
والذي يظهر بالتدبر في الاخبار انه لا مدخلية لشئ من مثل هذه الخصوصيات التي جرى ذكرها في الاسئولة والأجوبة الواردة فيها في صحة النيابة وانه مهما خرج الامام
عن أهليته للإمامة جاز للمأموم ان يأتم بغيره في بقية صلاته سواء كانت ذلك بتذكر كونه جنبا أو على غير وضوء أو بانقضاء صلاته اما لكونه مسافرا والمأموم
حاضرا أو كون المأموم مسبوقا أو مؤتما رباعية بثلاثية الامام أو ثنائيته مثلا أو لعروض مانع للامام في الأثناء عن الاتمام من حدث أو رعاف أو مسكر
أو اغماء أو موت ونحوها أو مانع عن إمامته لا عن أصل الصلاة كما لو عجز عن القيام مثلا أو غير ذلك من الاعذار المانعة عن صلاة المختار فما في الحدائق من
قصر مواضع جواز الاستنابة في خمسة أحدها موت الامام والثاني دخوله في الصلاة على غير طهارة نسيانا والثالث ما لو احدث الامام في الصلاة و
الرابع ما لو اصابه الرعاف ولم يمكن غسله الا بالمنافي والخامس فيما لو كان الامام مسافرا بزعم ان النصوص وردت في خصوص هذه المواضع فلا يصح التعدي
عنها مع اعترافه باتفاق الأصحاب على التعدي إلى الاغماء وسائر الاعذار ليس على ما ينبغي هذا مع أنه لا مجال للارتياب في عدم مدخلية خصوصية الحدث والرعاف
وغير ذلك من المذكورات في صحة الاستنابة وانما جرى ذكرها في كلمات السائلين أو الإمام عليه السلام مجرى العادة أو التمثيل كما يستشعر ذلك من سياقها الا ترى إلى التفريع
الواقع في قوله عليه السلام لا يقطع الصلاة الرعاف والقئ ولا الدم فمن وجد إذا فليأخذ بيد رجل إلى اخره فإنه كالنص في أن الأشياء المذكورة في الصدر لو كان
موجبا للقطع لكان مقتضيا لثبوت هذا الحكم وكذا قوله عليه السلام ما كان من امام يقدم في الصلاة وهو جنب ناسيا أو احدث حدثا أو رعافا أو اذى في بطنه
الحديث فان سوقه يشهد بإرادة التمثيل من المذكورات لا الخصوصية فلا ينبغي الاستشكال فيه خصوصا بعد ما سمعت من دعوى الاتفاق عليه بل الظاهر كما
هو صريح بعض عدم اعتبار كون النائب من المأمومين بل يجوز كونه أجنبيا كما لعله هو المنساق إلى الذهن من الخبرين الأخيرين ويشهد له أيضا اطلاق بعض الأخبار
المتقدمة كما أنه لا فرق على الظاهر بين ان يستخلفه الامام أو يقدمه المأمومون أو يتقدم بنفسه كما لا يخفى على من لاحظ مجموع الاخبار خصوصا صحيحة علي بن جعفر
المتقدمة مضافا إلى وضوح المناط والمراد باستخلاف الأجنبي هو ان يجعله في مكانه ليربط المأمومون ما بقي من صلاتهم بصلاته بعد دخوله في الصلاة كما في
استنابة المسبوق لا ما يوهمه اطلاق اسم الاستنابة والاستخلاف من اقامته مقامه في الاتيان بما بقي من صلاته من غير زيادة ونقيصة وان كان قد يؤكد هذا الوهم
ما ذكروه عند التعرض لبيان تكليف النائب من أنه هل عليه ان يبتدء من حيث قطع الامام ولو من أثناء سورة أو عليه ان يستأنف القراءة أو السورة ولكنه وهم
فاسد إذ الأجنبي لو اتى بخصوص التتمة لا يقع منه صلاة ولا يظن بأحد من الخاصة والعامة ان يلتزم بصحة الايتمام بما ليست بصلاة صحيحة كما لا يخفى على من لاحظ
كلماتهم المحكية في باب الجمعة والجماعة في المسبوق وغيره ويظهر من صاحب الحدائق انه فهم من كلام الأصحاب المصرحين بجواز استنابة من لم يكن من المأمومين إرادة
هذا المعنى واستظهر من رواية زرارة وصحيحة جميل المتقدمتين أيضا إرادة هذا المعنى فجعلهما دليلا لهذا القول ولكنه مع ذلك لم يلتزم به لغرابته فقال
684

بعد ان نقل عن العلامة في المنتهى أنه قال لو استناب من جاء بعد حدث الامام فالوجه الجواز بناء على الأصل ولأنه جاز استنابة التابع فغيره أولى ما لفظه
لا يخفى ما في هذا التعليل العليل وكأنه غفل عن الأخبار الواردة من هذا القبيل وهي الرواية التاسعة والعاشرة اي خبر زرارة وجميل فان ظاهر الخبرين
المذكورين ما ذكرناه فان قوله اخذ بيد رجل فأدخله وقدمه يدل على أنه ليس من المأمومين وانما ادخله الامام بعد اعتلاله ولهذا انه لم يعلم ما صلى
القوم وظاهره انه يصلى من حيث قطع الامام كما يدل عليه قوله في الخبر العاشر وبنى على صلاة الذي كان قبله وانه انما يصلى بهم ذلك القدر الناقص خاصة
وهو حكم غريب لم يوجد له في الاحكام نظير فان هذه الصلاة بالنسبة إلى هذا الداخل انما هي عبارة عن مجرد الأذكار وان اشتملت على ركوع وسجود والا
فإنها ليست بصلاة حقيقة ثم ذكر جملة من القرائن المؤيدة لما استظهره إلى أن قال فان هذا كله انما يبتنى على رجل خارج من الصلاة لم يدخله الامام الا بعد
اعتلاله وهو صريح عبارة العلامة المتقدمة فهو انما يبتدئ بالصلاة من حيث قطع الأول فلو فرضنا ان الأول انصرف عن ركعتين أتم هذا الرجل الداخل
بالمأمومين الركعتين الأخيرتين خاصة وهكذا قال في المنتهى أيضا لو استخلف من لا يدري كم صلى فالوجه انه يبني على اليقين فان وافق الحق والا سبح القوم
فيرجع إليهم ثم نقل أقوالا عديدة عن العامة ثم احتج برواية زرارة المتقدمة وبالجملة فالحكم المذكور في غاية الغرابة ولم أقف على من أوضح عن الكلام
فيه ولا تنبه لما ذكرناه انتهى أقول اما حكم الأصحاب بجواز استخلاف الأجنبي فمرادهم ليس الا ما أوضحناه
واستدلال العلامة له بالأصل والأولوية
أيضا مؤيد لذلك ضرورة ان الأجنبي إذا لم يكن مصليا حقيقة لا مجال لتوهم جريان الأصل والأولوية بالنسبة إلى غير المصلي واما حكمهم في مقام بيان
تكليف النائب من أنه يبتدء من موضع القطع أو من أول السورة فإنما هو فيمن كان مأموما قبل الاستنابة فعند صيرورته اماما يقع الاشكال في أنه هل
يجتزي بما تحمله الامام عنه حال مأموميته فيأتي عند صيرورته اماما من موضع القطع أم عليه استيناف القراءة كما يتأتى هذا الاشكال فيما لو نوى الانفراد
في أثناء القراءة والأولى بناء هذا الفرع على تلك المسألة إذ الظاهر أنه بعد صيرورته اماما يكون بالنسبة إلى عمل نفسه بمنزلة من نوى الانفراد وستعرف ما هو الحق
فيه إن شاء الله تعالى واما الفرع الذي ذكره العلامة من أنه لو استخلف من لا يدري كم صلى فالظاهر أن موضوع كلامه ما لو استخلف بعض المأمومين الذي لم يحفظ عدد
الركعات فهو ما دام مأموما لم يكن يلتفت إلى شكه تعويلا على حفظ الامام فمتى صار اماما يتأتى الاشكال في أن حفظ المأمومين هل هو معتبر في حقه بالنسبة
إلى هذا الشك الذي لم يكن يعول فيه على حفظهم قبل ان يصير اماما أم لا وعلى تقدير اعتماده على حفظهم كما هو الظاهر ولو لأجل كونه مورثا للظن عادة فكيف
يمضي في صلاته قبل ان ينكشف الحال فهل يبني على الأقل فان وافق الحق فهو والا سبح القوم به فيرجع إليهم أو انه ينظر ما يصنع من خلفه فيبني عليه أو يتضح
اي يحتال بان يهم إلى القيام مثلا فان سبحوا به جلس وعلم أنها الرابعة أو انه يصلي بهم ركعة لأنه يتيقن بقاء ركعة ثم يتأخر ويقدم رجلا يصلي ما بقي من صلاتهم
وجوه بل أقوال اختار أولها العلامة في المنتهى مستدلا عليه بالأصل وخبر زرارة المتقدمة ونسب ثانيها إلى النخعي وابطله بأن الامام تابع فيكون فعله مقدما
فكيف ينتظر ما يتأخر عن فعله وثالثها إلى الشافعي وابطله بان ما يتصنع به فعل في الصلاة كثير وهو غير سايغ ورابعها إلى الأوزاعي وابطله بأنه شك في عدد
الركعات فلا يجوز الاستخلاف لذلك كغير المستخلف يعني كما أنه ليس للامام الغير المستخلف لو شك في عدد الركعات ان يتأخر ويستخلف بعض مأموميه لذلك فكذلك
في المستخلف وهذه الكلمات كما تراها صريحة الدلالة في كون المستخلف مصليا حقيقة وهو لا يحفظ عدد ركعاته لا انه يأتي بما بقي من صلاة الامام نيابة عنه
وهو لا يدري كم صلى الامام الذي ناب عنه كما توهم وكيف كان فما قواه العلامة في المسألة المفروضة في كلامه لا يخلو من وجه ولكن ما نقله عن الشافعي من
التصنع والاحتيال حتى يستكشف الحال لعله أوجه فان هذا النحو من الافعال المجانسة لافعال الصلاة لا يعد فعلا كثيرا منافيا للصلاة كما اتضح لك ذلك
في محله وأما رواية زرارة فليست بواضحة الدلالة على إرادة هذا الفرع وان لم تكن أبية عن الحمل عليه بان يكون المراد بالسؤال انه انصرف من الصلاة واخذ
بيد رجل ممن كان في المسجد من المأمومين وادخله في المحراب ولم يكن ذلك الرجل حافظا لعدد ركعاتهم فأجيب بأنه يصلي بهم يعني بحسب ما يؤدي إليه وهمه أو
بحسب ما يقتضيه الأصل من في لاتيان بالمشكوك فيه فان أخطأ رجع عن ذلك وبنى على صلاة الامام ولكن الأوفق بظواهر ألفاظ الرواية إرادة استنابة الأجنبي
كما أشرنا إليه انفا ولكن لا كما فهمه صاحب الحدائق من استنابته في الاتيان بخصوص ما بقي من صلاة الامام بل اقامته مقامه في أن يأم بهم فأريد بالجواب بمقتضى
ظاهره انه يصلي بهم يعني على حسب ما يقتضيه تكليفه من صلاة الظهر مثلا فان وافق صلاة المأمومين بأن كان الاستخلاف في الأولى مضى في صلاته
وان أخطأ بان كانت الاستنابة فيما عدى الأولى سبح القوم به وبنى على صلاة من كان قبله فهو بظاهره موافق لما نقله في التذكرة عن الشافعي في كيفية امامة
المسبوق من أنه يتم صلاته على نظم صلاة الامام فلو استخلفه في الثانية فإذا صلى ركعة يقعد للتشهد وان لم يكن موضع قعوده وإذا صلى الثانية لا يقعد
لأنها الثالثة من صلاة الامام وإذا صلى الثالثة جلس إلى أن يفرغوا من التشهد فيومئ إليهم بالسلام ثم يقوم فيتم لنفسه وربما يستشعر من صحيحة معاوية
بن عمار المتقدمة إرادة هذه الكيفية كما لا يخفى على المتأمل ولكن الالتزام به مع موافقته للتقية لا يخلو من اشكال وسيأتي لذلك مزيد توضيح في
شرح المسألة الثانية عشر المذكورة اخر المبحث إن شاء الله تعالى وقد ظهر بما مر انه لو فعل الامام ذلك اي فعل المبطل اختيارا جاز أيضا الاستنابة لما عرفت
من عدم مدخلية شئ من مثل هذه الخصوصيات في صحة الاستنابة وفي المدارك قال ورد المصنف رحمه الله بقوله ولو فعل ذلك يعني المبطل اختيارا جاز أيضا على
أبي حنيفة حيث منع من الاستخلاف إذا تعمد فعل المبطل وأوجب على المأمومين الاتمام فرادى وبنى ذلك على أصل فاسد ذكره وهو ان سبق الحدث
685

لا يبطل الصلاة وإذا بقي حكمها بقي حكمها على الجماعة في جواز الاستخلاف بخلاف ما إذا احدث متعمدا فان الصلاة تبطل بذلك فيبطل حكمها وهو جواز الاستخلاف
والأصل عندنا باطل والفرع أوضح بطلانا انتهى وهو جيد وقد فسرت عبارة المتن في المسالك وغيره أيضا بهذا التفسير فكان معهودية الخلاف من أبي حنيفة في
هذا الفرع أرشدتهم إلى ارادته والا فسوق العبارة يعطي ظهورها في إرادة الاستنابة اختيارا كما لو بدا له ان يستخلف غيره ويعتزل عن القوم ويتم صلاته منفردا
ولكن الجزم بالجواز اي بصحة ايتمام المأمومين بالمستخلف في هذه الصورة كصورة عدولهم اختيارا عن امام إلى امام اخر بلا ضرورة يقتضيه لا يخلو من اشكال
والله العالم بحقيقة الحال ويكره ان يأتم حاضر بمسافر وبالعكس على المشهور كما ادعاه في الجواهر بل عن الخلاف وظاهر الغنية دعوى الاجماع عليه وحكى عن
والد الصدوق أنه قال لا يجوز امامة المقصر للمتمم ولا العكس وعن الصدوق في المقنع أنه قال لا يجوز ان يصلي المسافر خلف المقيم وعن جملة من الأصحاب انهم
لم يعدوا في قسم المكروه ايتمام المسافر بالحاضر واقتصروا على الحكم بكراهة ايتمام الحاضر بالمسافر كعبارة المتن وهو مشعر بعدم التزامهم بالكراهة في عكسه و
يدل على المشهور فيهما موثقة أبي العباس البقباق عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يؤم الحضري المسافر ولا المسافر الحضري فان ابتلى بشئ من ذلك فأم قوما
حاضرين حضريين فإذا أتم الركعتين سلم ثم اخذ بيد بعضهم فقدمه فأمهم وإذا صلى المسافر خلف هو حضور فليتم صلاته بركعتين ويسلم وان صلى معهم الظهر فليجعل
الأولتين الظهر والأخيرتين العصر والنهي في هذه الرواية وان كان متوجها إلى الامام ولكن المنساق من مثل هذه النواهي إرادة الحكم الوضعي لا محض التكليف
كما في النهي عن امامة ولد الزنا والأغلف ونظائرها فيكشف ذلك عن خلل في الجماعة المنعقدة بمثل هذا الامام فيؤل النهي عن إمامته إلى النهي عن عقد هذه
الجماعة سواء حصل ذلك بفعل الامام أو المأموم كما يؤيد ذلك قوله عليه السلام وإذا صلى المسافر إلى اخره إذ الظاهر سوق هذه الفقرة كسابقتها في مقام بيان تكليفه فيما لو
ابتلى بشئ من ذلك سواء حصل بالإمامة لهم أو بالايتمام بهم فيكون المقصود بالنهي ان لا يصلي المسافر مع المقيم اماما كان أم مأموما كما وقع التعبير عن النهي بذلك
في الخبر الآتي وقوله فان ابتلى بشئ من ذلك إلى اخره شاهد على أن النهي عنه تنزيهي لا تحريمي كما لا يخفى وصحيحة أبي بصير قال قال أبو عبد الله عليه السلام لا يصلي المسافر
مع المقيم فان صلى فلينصرف في الركعتين وقوله فان صلى إلى اخره كقوله عليه السلام في الخبر السابق فان ابتلى بشئ من ذلك قرينة على أن المراد بالنهي الكراهة لا الحظر ويمكن ان
يكون المراد بالنهي حقيقة بان يكون القصود به المنع عن المتابعة في مجموع الصلاة لا عن أصل الايتمام فلا يفهم منه حينئذ الكراهة ولكن الأول أوفق بالسياق
وعن الفقه الرضوي قال واعلم أن المقصر لا يجوز له ان يصلي خلف المتمم ولا يصلي المتمم خلف المقصر وان ابتليت بقوم لا تجد بدا من أن تصلي معهم فصل معهم
ركعتين وامض لحاجتك ان تشاء إلى أن قال وان كنت متما صليت خلف المقصر فصل معه ركعتين فإذا سلم فقم وأتم صلاتك انتهى وقد يترائى من صدر هذه
العبارة إرادة الحرمة ولكن ذيلها شاهد على إرادة الكراهة إذ الظاهر أن المقصود بقوله وان ابتليت بقوم لا تجد بدا الخ إلى اخره إرادة الضرورة العرفية كانحصار
إقامة الجماعة فيهم ونحوه لا الخوف من مخالفتهم والا لا نحصر مورده في التقية مع أن ما فيه من الامر بالتسليم والمضي لحاجته مخالف للتقية وعلى تقدير تسليم ظهورها
في الحرمة فهي لا تنهض حجة الا لاثبات الكراهة من باب المسامحة ومما يشهد أيضا بعدم إرادة الحرمة من النهي الوارد في هذه الأخبار مضافا إلى ما عرفت جملة من الروايات
المعتبرة منها صحيحة حماد قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المسافر يصلي خلف المقيم قال يصلي ركعتين ويمضي حيث شاء وصحيحة محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام إذا صلى المسافر
خلف قوم حضور فليتم صلاته ركعتين ويسلم وان صلى معهم الظهر فليجعل الأولتين الظهر والأخيرتين العصر وخبر عمر بن يزيد قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المسافر
إذا دخل في الصلاة مع المقيمين قال فليصل صلاته ثم يسلم ويجعل الأخيرتين سبحة ومرسلة ابن أبي عمير عن أحدهما في مسافر أدرك الامام ودخل معه في صلاة
الظهر قال فيجعل الأولتين الظهر والأخيرتين السبحة وان كانت صلاة العصر فليجعل الأولتين السبحة والأخيرتين العصر وخبر محمد بن النعمان الأحول عن أبي عبد الله عليه السلام
قال إذا دخل المسافر مع أقوام حاضرين في صلاتهم فان كانت الأولى فليجعل الفريضة في الركعتين الأولتين وان كانت العصر فليجعل الأولتين نافلة والأخيرتين فريضة في
الوسائل بعد نقل هذه الرواية قال وعلله الشيخ اي جعل الأخيرتين العصر بكراهة الصلاة بعد العصر الا القضاء أقول ولكن يبقى بعد في هذه الرواية
وكذا في سابقتيها الاشكال من جهة أخرى فان ظاهرها جواز الايتمام في النافلة هنا مع أن المشهور بين الأصحاب المنع عن الجماعة في النافلة مطلقا فيما
عدى ما استثنى ولم يعدوا هذا الموضع في جملة ما خصوه بالاستثناء كما نبه عليه في الحدائق فيشكل حينئذ الاعتماد على هذا الظاهر في مقابل العمومات الناهية عن الجماعة
في النافلة بعد اعراض المشهور عنه واحتمال ورود مثل هذه الأخبار في الجماعة مع المخالفين التي لا بد فيها من اظهار المتابعة لهم صورة إلى اخر صلاتهم وكيف كان
فهذه الأخبار بأسرها واضحة الدلالة على جواز اقتداء المسافر بالحاضر في الجملة بل يظهر من سياقها كون جوازه لديهم على اجماله مفروغا عنه فما عن الصدوق من القول
بالمنع عنه وعن والده القول بالمنع عنه وعن عكسه أيضا ضعيف في الغاية خصوصا أولهما إذ لم يعرف له مستند عدى خبر أبي بصير الذي هو على الجواز أدل واما ما
استظهر من المتن وغيره من اختصاص الكراهة بايتمام الحاضر بالمسافر فيمكن ان يكون مستنده جعل الخبر الدال على الكراهة فيهما بالنسبة إلى ايتمام المسافر بالحاضر
معارضا بالاخبار المتقدمة الدالة على الجواز وسلامته عن المعارض في عكسه وفيه ما لا يخفى ويحتمل قويا ان يكون مراد المصنف وغيره ممن عبر كعبارته الإشارة إلى
صورة اختلاف الفرضين قصرا وتماما وترك تعرضهم لصورة العكس من باب الاختصار كما يؤيد ذلك ما حكى عن معتبره من التصريح بالكراهة فيهما والله العالم
ثم إن المنساق من الأخبار الناهية عن أن يصلي المسافر مع المقيم بقرينة ما فيها من التفريغ انما هو ارادته فيما يختلف فرضهما من حيث القصر والاتمام أعني الرباعيات
فان أتم أحدهما بالاخر في الصبح أو المغرب أو قضاء الصبح بظهر مقصورة مثلا فلا كراهة وحيث إن الحكم تعبدي لا يتعدى عن مورده إلى سائر الموارد التي يختلف
686

صلاة الإمام والمأموم في العدد كالايتمام في المغرب أو الصبح المقضية بالعشاء مثلا لأنه قياس مستنبط العلة لا يصح التعويل عليه عندنا والله العالم وكذا
يكره من يستناب المسبوق ولو بالإقامة فضلا عن ركعة فصاعدا كما يدل عليه خبر معاوية بن ميسرة عن الصادق عليه السلام قال لا ينبغي للامام إذا احدث ان يقدم الا من أدرك
الإقامة وخبر معاوية بن شريح قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إذا احدث الامام وهو في الصلاة لم ينبغ ان يقدم الا من شهد الإقامة ويدل عليه أيضا في المسبوق
بركعة صحيحة سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يؤم القوم فيحدث ويقدم رجلا قد سبق بركعة كيف يصنع فقال لا يقدم رجلا قد سبق بركعة و
لكن يأخذ بيد غيره فيقدمه وهي محمولة على الكراهة جمعا بينها وبين المستفيضة الدالة على الجواز كصحيحة معاوية بن عمار ورواية طلحة بن زيد المتقدمتين في مسألة جواب
الاستنابة وصحيحة عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام في امام قدم مسبوقا بركعة قال إذا أتم صلاة القوم فليؤم إليهم يمينا وشمالا فلينصرفوا ثم ليكمل هو
ما فاته من صلاته وتوهم في لتنافي بين هذه الأخبار وبين حرمة الاستنابة التي هي فعل الامام الأول مدفوع بان المنساق من النهي في مثل هذه الموارد
إرادة نفي الصحة لا مجرد الحكم التكليفي فالأخبار الدالة على الجواز بصرفه إلى نفي الكمال مع أنه لو كان أصل الاستنابة حراما شرعيا لوقع التنبيه عليه في شئ من هذه الأخبار
لئلا يقوم منها الاغراء بالجهل هذا مع أنه لم ينقل القول بالحرمة صريحا عن أحد فلا ينبغي الاستشكال فيه وكذا يكره ان يؤم الأجذم والأبرص
على المشهور بين المتأخرين على ما صرح به بعض بل عن ظاهر الانتصار أو صريحه الاجماع عليه وحكي عن ظاهر جملة من القدماء وبعض المتأخرين القول بالمنع
للمعتبرة المستفيضة الدالة عليه كصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال خمسة لا يؤمون الناس ولا يصلون بهم صلاة فريضة في جماعة الأبرص والمجذوم وولد
الزنا والأعرابي حتى يهاجر والمحدود وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال خمسة لا يؤمون الناس على كل حال المجذوم والأبرص والمجنون وولد الزنا و
الاعرابي وصحيحة زرارة أو حسنته عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال قال أمير المؤمنين لا يصلين
أحدكم خلف المجذوم والأبرص والمجنون والمحدود وولد
الزنا والأعرابي لا يؤم المهاجرين والمتجه حمل هذه الأخبار على الكراهة جمعا بينها وبين خبر عبد الله بن يزيد قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المجذوم والأبرص
يؤمان المسلمين قال نعم قلت هل يبتلى الله بهما المؤمن قال نعم وهل كتب الله البلاء الا على المؤمن وعن محاسن البرقي بأسناده عن الحسين بن أبي العلاء
نحوه بأدنى اختلاف في التعبير وضعف سندهما منجبر بما عرفت وتشتد كراهة امامتهما لو كان اثر البرص والجذام في وجههما كما يدل على رواية إبراهيم
بن عبد الحميد عن أبي الحسن عليه السلام قال لا يصلي بالناس من في وجه اثار فان اظهر مصاديقه اثر الجذام والبرص بل لا يبعد انصرافها إليه وكذا يكره ان يؤم
المحدود بعد توبته اما قبلها فلا يجوز لأنه فاسق إذ الحد لا يجعله عادلا وان ورد انه مكفر للذنوب واما بعد التوبة فالمشهور بين المتأخرين على ما ادعاه
في الجواهر جوازه على كراهة وعن ظاهر جماعة من القدماء كصريح بعض متأخري المتأخرين المنع للنهي عنه في صحيحتي محمد بن مسلم وزرارة المتقدمتين و
خبر عبد الله بن طلحة الهندي عن الصادق عليه السلام قال لا يؤم الناس المحدود وولد الزنا والأغلف والأعرابي والمجنون والأبرص والعبد ورواية الأصبغ
بن نباتة قال سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول ستة لا ينبغي ان يؤم الناس ولد الزنا والمرتد والأعرابي بعد الهجرة وشارب الخمر والمحدود والأغلف الحديث واستدل
للمشهور بالأصل وعموم نحو يؤمكم أقرئكم ومفهوم بعض الأخبار الواردة في خمسة لا يؤمون وليس منهم المحدود وأولويته من الكافر إذا اسلم فتكون
عمومات أدلة الجماعة المعتضدة بمثل هذه المؤيدات قرينة على أن المراد بالنهي الكراهة وأجيب عن الأدلة المزبورة بان الأصل والعموم مدفوع ومخصص بما مر والمفهوم
عددي لا حجية فيه والأولوية ممنوعة سيما مع أنهم لا يقولون بها فإنهم بحسب الظاهر لا يقولون بالكراهة في الكافر ويلتزمون بها في المحدود وهو مناف لهذا
الدليل وقد يقال في تقريب الاستدلال للمشهور بان النسبة بين ما دل على المنع وما دل على جواز الصلاة خلف كل من تثق بدينه العموم من وجه لا ريب ان
الرجحان في جانب أدلة الجواز فيقيد النهي بما إذا لم يكن عدلا ولكن بناء على هذا يكون مستند الكراهة احتمال إرادة العدل حينئذ من ذلك النهي ومثله كاف في اثباتها
دون الحرمة والانصاف انه لا ينبغي الاصغاء إلى شئ من مثل هذه الدعاوى وفي مقابل النص الخاص خصوصا بعد الالتفات إلى أنه ليس فيما وصل الينا من الاخبار
عموم أو اطلاق يعتد به صالح للمعارضة نعم لا يبعد ان يقال إن المناسبة بين الحكم وموضوعه يوجب انصراف النهي إلى إرادة ما قبل التوبة كما أنه على
تقدير تسليم ظهوره في الأعم أو إرادة خصوص ما بعد التوبة حتى بعد صيرورته عدلا مرضيا يشكل استفادة الحرمة منه لعدم المناسبة خصوصا بعد الالتفات
إلى كونه معدودا في سياق المجذوم والأبرص الذين لم يقصد من النهي بالنسبة اليهما الا الكراهة ولكن مع ذلك كله الجمود على ما يترائى من النهي ان لم يكن
أقوى فأحوط ويكره ان يؤم الناس الأغلف المعذور في تركه الختان لا غيره ممن هو مقصر في تركه فإنه لا يجوز الايتمام به حينئذ لفسقه كما صرح به غير واحد واما
لدى معذوريته في ترك الختان فالمشهور بين المتأخرين كراهة إمامته بل في الرياض نسبتها إلى عامتهم خلافا للمحكى عن السيد والشيخ في المبسوط من القول
بالمنع وكيف كان فمستند هذا الحكم جملة من الاخبار كروايتي اصبغ بن نباتة وعبد الله بن طلحة الهندي المتقدمتين وخبر عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن ابائه
عن علي عليه السلام قال الأغلف لا يؤم القوم وان كان أقرأهم لأنه ضيع من السنة أعظمها ولا تقبل له شهادة ولا يصلى عليه الا ان يكون ترك ذلك خوفا على نفسه
ولكن هذه الرواية كادت تكون صريحة في اختصاص المنع بالمقصر وان علته الاخلال بترك الختان الموجب لفسقه فالنهي الوارد فيه محمول على حقيقته من الحرمة
وقضية الجمع بينه وبين روايتي اصبغ وعبد الله تخصيص تلك الروايتين أيضا بالمقصر وحمل المنع المستفاد منهما على الحرمة كما يؤيدها وقوع التعبير في ثانيتهما بصيغة
النهي الظاهرة في ذلك واشتمال أوليهما على المرتد وغيره مما يتعين حملها بالنسبة إليه على الحرمة فعلى هذا يشكل الحكم بالكراهة في غير المقصر فضلا عن الحرمة لانتفاء
687

ما يدل عليها اللهم الا ان يقال إن خبر عمرو بن خالد لقصور سنده لا تنهض حجة لارتكاب التخصيص في الروايتين وهما أيضا لما فيهما من ضعف السند والدلالة مع امكان
دعوى انصرافهما بملاحظة الغلبة والمناسبة إلى المقصر لا تنهضان حجة الا لاثبات الكراهة من باب المسامحة مع أنه يكفي في الحكم بها الخروج عن شبهة الخلاف
من باب حسن الاحتياط ويكره أيضا امامة من يكرهه المأموم كما صرح به في المتن وغيره بل عن بعض نسبته إلى المشهور لما عن الصدوق مرسلا قال قال النبي صلى الله عليه وآله ثمانية
لا يقبل الله لهم صلاة العبد الآبق حتى يرجع إلى مولاه والناشز عن زوجها وهو عليها ساخط ومانع الزكاة وامام قوم يصلي بهم وهم له كارهون وتارك الوضوء
والمرأة المدركة تصلي بغير خمار والزبين وهو الذي يدافع البول والغائط والسكران وخبر عبد الملك المروي عن الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام قال أربعة
لا تقبل لهم صلاة الامام الجابر والرجل يؤم القوم وهم له كارهون والعبد الآبق من مولاه من غير ضرورة والمرأة تخرج من بيت زوجها بغير اذنه و
رواية عبد الله بن أبي يعفور المروي عن الأمالي عن أبي عبد الله عليه السلام قال ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاة عبد ابق عن مواليه حتى يرجع إليهم فيضع يده في
أيديهم ورجل أم قوما وهم له كارهون وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط وحكى عن المنتهى نفي الكراهة عنه نظرا إلى أن المؤاخذة واللوم انما يتوجه على من
يكرهه لا على الامام فكأنه نزل هذه الأخبار على الفاسق الذي لا يجد القوم بدا من الصلاة خلفه تقية فلا يتناول حينئذ ما لو كان من حيث هو عدلا مرضيا جامعا
لشرائط الإمامة ولكن القوم يكرهون إمامته لأغراض خارجية دينية أو دنيوية كمزاحمته لامامة من هو أفضل منه أو أحب إليهم ولو لأمور دنياهم ولكنك خبير
بان ابقائها على العموم بحيث يتناول مثل الفرض وحملها على الكراهة أولى من تخصيصها بالفاسق الذي يصلى خلفه تقية الذي لا يبعد دعوى انصراف
الاطلاق عنه كما يؤيده أيضا قول عليه السلام في حديث المناهى ونهى ان يؤم الرجل قوما الا بإذنهم وقال من أم قوما بإذنهم فاقتصد بهم في حضوره
وأحسن صلاتهم بقيامه وقرائته وركوعه وسجوده وقعوده فله مثل اخر القوم ولا ينقص عن أجورهم شئ وخبر زكريا صاحب السابري عن أبي عبد الله عليه السلام قال
ثلثه في الجنة على المسك الأذفر مؤذن اذن احتسابا واماما أم قوما وهم به راضون ومملوك يطيع الله ويطيع ماليه وكذا يكره ان يؤم الاعرابي الجامع لشرائط
الإمامة بالمهاجرين على المشهور بين المتأخرين وعن ظاهر جماعة من القدماء القول بالمنع بل في الرياض نسبة إلى أكثرهم ونقل عن الشيخ في الخلاف دعوى
الاجماع عليه ثم قال بل لا خلاف أجده بينهم صريحا الا من الحلي فأفتى بالكراهة وتبعه الماتن والمتأخرون قاطبة انتهي والمراد بالمهاجرين على ما فسره في الرياض
ونسبه إلى تصريح حملة منهم بذلك هم سكان الأمصار المتمكنين من تحصيل شرائط الإمامة ومعرفة الاحكام وبالاعرابي المنسوب إلى الاعراب الذين هم
سكان البادية واستدل للمنع بالنهي الوارد في جملة من الأخبار المتقدمة في المباحث السابقة ولكن مورده فيها لا يخلو من اختلاف ففي بعضها اطلاق
الاعرابي كخبري أبي بصير وعبد الله بن طلحة الهندي وفي بعض تقييده بقوله حتى يهاجر كما في صحيحة محمد بن مسلم وفي صحيحة زرارة أو حسنته والأعرابي لا يؤم
المهاجرين وفي رواية الأصبغ والأعرابي بعد الهجرة والمراد به في الخبر الأخير بحسب الظاهر هو التعرب بعد الهجرة الذي عدوه من الكبائر الموجبة
للفسق فهذه الرواية أجنبية عن المدعى بل الظاهر أن المراد به في الصحيحة التي قيد فيها بقوله حتى يهاجر إرادة الاعرابي الذي يجب عليه الهجرة إلى دار الاسلام
ويفسق بتركها لا مطلق ساكن البادية وان كان جامعا لشرائط الإمامة واما ما عداهما من الاخبار خصوصا الروايات الناهية عن إمامته مطلقا فلا يبعد دعوى
انصرافه إلى ما هو الغالب فيهم من عدم جامعيتهم لشرائط الإمامة ولو من باب القصور لا التقصير الموجب للفسق كعدم اتقانهم للقرائة ونحوها فيكون النهى حينئذ
محمولا على حقيقته كما أنه لا يبعد ان يكون عدم اتقانهم للقرائة وقلة معرفتهم بوظائف الصلاة واحكامها حكمة لاطلاق النهى عن امامتهم مطلقا أو بالمهاجرين
ولكن المتجه حينئذ حمل النهى على الكراهة كما فهمه المشهور والحاصل انا لن حملنا النهى على ظاهره من الحرمة اتجه قصر مورده على ما إذا كان الاعرابي فاقد الشرائط
الإمامة لان اقتران المطلق في غالب افراده بعلة مقتضية للمنع مانعة عن ظهور اطلاق النهى المتعلق به في ارادته بالنسبة إلى الافراد الغير الغالبة المفارقة
لهذه العلة كما يؤيده خبر أبي البختري المروى عن قرب الإسناد عن جعفر عن أبيه ان عليا عليه السلام كره ان يؤم الاعرابي لجفائه عن الوضوء والصلاة فان قضية التعليل
الواقع فيه انتفاء الكراهة لدي جامعيته لشرائط الإمامة واسباغه للوضوء والصلاة فيحتمل ان يكون المراد بالكراهة الواردة فيها الحرمة كما يناسبه التعليل
ان أريد بالجفاء الاخلال بواجباتهما كما لعله المنساق من اطلاقه ويحتمل ان يكون المراد بها الكراهة المصطلحة فتعين حينئذ حمل الجفاء على إرادة ترك مراعاة
الآداب الموظفة فيهما الغير المنافى لصحتهما فتدل على هذا التقدير على انتفاء الكراهة أيضا
فيما إذا فرض كونه ورعا تقيا مراعيا للآداب الموظفة فيهما على ما ينبغي ولا مانع عن الالتزام به فان الأخبار الناهية عن إمامته مطلقا على الظاهر منصرفة عن
مثله بل لا يبعد دعوى انصراف الفتاوى أيضا عن ذلك فتلخص مما ذكر ان استفادة كراهة امامة الاعرابي بالمهاجرين بالمعنى الذي ذكروه لهما من الاخبار
على اطلاقه لا يخلو من اشكال اللهم الا ان يدعى ظهور قوله عليه السلام في حسنة زرارة والأعرابي لا يؤم المهاجرين بواسطة المناسبات الخارجية في ذلك كما ليس بالبعيد
والله العالم وكذا يكره امامة المتيمم بالمتطهرين وضوء كانت الطهارة أم غسلا وما وقع في عبائر كثير منهم وكذا في الخبرين الآتيين الذين هما الأصل في
هذا الحكم من التعبير بالمتوضين فهو على الظاهر جار مجرى التمثيل وكيف كان فهذا الحكم على ما في الحدائق وغيره هو المشهور بين الأصحاب بل عن العلامة في
المنتهى انا لا نعرف فيه خلافا الا ما حكى عن محمد بن الحسن الشيباني من المنع واستدلوا عليه بالنهي عنه في خبر عباد بن صهيب قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول لا يصلى المتيمم بقوم متوضين وعن السكوني عن جعفر عن أبيه قال لا يئوم صاحب التيمم المؤضين وهو محمول على الكراهة بشهادة المعتبرة المستفيضة الدالة
688

على الجواز كصحيحة جميل قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن امام قوم اصابته جنابة في السفر وليس معه من الماء ما يكفيه للغسل أيتوضأ
بعضهم ويصلى بهم فقال لا ولكن يتيمم الجنب ويصلى بهم فان الله عز وجل جعل الأرض طهورا كما جعل الماء طهورا وموثقة عبد الله بن بكير قال سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أجنب ثم تيمم فأمنا ونحن طهور فقال لا بأس به وخبره الاخر أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له رجل أم قوما وهو جنب وقد تيمم
وهم على طهور فقال لا بأس وعن أبي اسامة عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يجنب وليس معه ماء وهو امام القوم قال نعم يتيمم ويأمهم وفي الحدائق بعد ان نقل
الاخبار المزبورة وما سمعته من عبارة المنتهى قال ما لفظه والأقرب عندي في الجمع بين الاخبار هو حمل الاخبار الأولة على التقية لاتفاق المخالفين الا الشاذ
النادر منهم على الحكم المذكور كما عرفت من كلام العلامة وان وافقهم أصحابنا رضي الله عنه في ذلك وجعلوه وجه جميع بين هذه الأخبار الا ان المجوزة لا إشارة فيها إلى
ذلك فضلا عن التصريح ويؤيده ان رواة الخبرين الأولين من العامة انتهى وفيه ما لا يخفى مضافا إلى ما تقرر في محله من أن الحمل على الكراهة مهما أمكن أولى
من طرح الرواية أو حملها على التقية تتمة ويكره أيضا امامة المفضول بمن هو اعلم منه بما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال من أم قوما وفيهم من
هو اعلم منه لم يزل امرهم إلى السفال وعنه أيضا امام القوم واقدهم فقدموا افضلكن وعنه أيضا ان سركم ان تزكوا صلاتكم فقدموا أخياركم ويحتمل
قويا ان يكون المراد بالإقامة في الخبر الأول الرياسة المطلقة لا في خصوص الصلاة والله العالم ويكره أيضا الايتمام بالحائك والحجام والدباغ للمروى
عن الفوائد الملية عن كتاب الإمام والمأموم لجعفر بن أحمد القمي مسندا إلى الصادق عليه السلام قال لا تصلوا خلف الحائك وان كان عالما ولا الحجام وان كان
زاهدا ولا الدباغ وان كان عابدا وعن جماعة الحكم بكراهة امامة السفيه ويدل عليه ما عن الفقيه باسناده إلى أبي ذر ره أنه قال امامك شفيعك إلى الله
فلا تجعل شفيعك سفيها ولا فاسقا فإنه وان لم يسنده إلى المعصوم ولكن لا يبعد ان يقال إن صدوره من أبي ذر الذي لا يظن أن يفتى برأيه كان لاثبات
مثله مسامحة وعن الشهيد في البيان الحكم بكراهة امامة الكامل للأكمل مطلقا ولم نقف على مستنده فيشكل الالتزام به اللهم الا ان يجعل فتواه كافيا لاثبات
مثله من باب المسامحة وهو لا يخلو من أشكال نعم الأولى ترك ايتمام الكامل بمن يصلى صلاة مشتملة على منقصة غير منافية لشئ من الشرائط التي
اعتبرناها في صحة الايتمام خروجا عن شبهة الخلاف لما سمعت حكايته في مسألة اشتراط ان لا يؤم القاعدة بقائم عن فخر المحققين في الايضاح من أنه قال
كلما اشتملت صلاة الامام على رخصة في ترك واجب أو فعل محرم بسبب اقتضاها وخلا المأموم من ذلك السبب لم يجز الايتمام من رأس لان الايتمام هيئة
اجتماعية يقتضى أن تكون الصلاة مشتركة بين الإمام والمأموم وان صلاة الامام هي الأصل وهذا متفق عليه انتهى وقد تقدم نقل هذه العبارة وما يتوجه
على ظاهرها من الاشكال وعرفت فيما تقدم ان الأظهر اختصاص المنع بما إذا أخل الامام بالقراءة الواجبة التي يتحملها عن المأموم أو بشئ من الأركان التي
يعتبر المتابعة فيها أو دل دليل على المنع عنه بخصوصه كإمامة القاعد بالقائمين بل في الجواهر نفى البعد عن جواز ايتمام المجتهد أو مقلده بأخر أو مقلده المخالف
له في الفروع مع استعماله محل الخلاف في الصلاة كما لو تستر الامام بسنجاب ونحوه مما يرى المأموم عدم جوازه وهو على اطلاقه في غاية الاشكال بل الذي
يقتضيه التحقيق هو انه ان كان محل الخلاف مما يعذر فيه الامام من حيث حكمه الوضعي بمقتضى عموم لا تعاد الصولة الا من خمسة ونحوه بناء على شموله لمثله كما قويناه
في مبحث الخلل ولم يكن استعماله لمحل الخلاف موجبا للاخلال بالقراءة الواجبة التي يتحملها عن المأموم ولا بسائر الافعال التي يعتبر المتابعة فيها اتجه الالتزام بجواز
الاقتداء به كالصلاة في السنجاب ونحوه كما هو الشأن في جاهل الموضوع الذي يعذر بجهله وان كان من قبيل الشرائط والاجزاء التي تبطل الصلاة بالاخلال بها
مطلقا من غير فرق بين العامد وغيره لم يجز الايتمام به إذ العبرة في جواز الاقتداء بشخص في صلاته ان يراه مصليا ولو بمقتضى اصالة الصحة في عمله واما بعد ان ثبت
عنده ان ما يأتي به بزعم كون صلاة ليت بصلاة في الواقع بل هو مخطئ في اعتقاده لم يجز له ان يأتم به بلا شبهة فإنه لم يشرع الاقتداء الا بالمصلى وهو ليس
بمصل حقيقة باعتقاد المأمور من غير فرق في ذلك بين ان ثبت بطلان صلاته لديه بدليل قطعي أو ظني معتبر ولا بين ان كان خطائه في حكم شرعي كتوهم جواز
إزالة الحدث بالمضاف أو في موضوع خارجي كما لو اعتقد بقاء طهارته أو شك فيها فاستصحابها علم المأموم بانقاضها أو شهدت عنده البينة بذلك وقد يفصل
بين ما لو ثبت خطاء الامام بدليل علمي وبين ما لو كان بدليل ظني فلا يجوز في الأول للقطع ببطلان صلاته دون الثاني فإنه يحتمل صحة صلاته في الواقع
فيحملها على الصحيح لأصالة الصحة في فعل الغير وكون ظنه حجة انما هو فيما يتعلق بعمل نفسه لا يعمل الغير لعدم الدليل عليه فبالنسبة إلى عمل الغير بعمل على حسب ما يقتضيه
اصالة الصحة وفيه ما لا يخفى على من لاحظ أدلة اعتبار الامارات مضافا إلى أن جواز الاقتداء به مما يتعلق بعمل نفسه كما هو واضح وربما بنى بعض المسألة على أن
الحكم الظاهري الذي أدى إليه ظن المجتهد المخطئ في اجتهاد هل هو واقعي ثانوي أو تكليف عذوى فعلى الأول يصح الايتمام به دون الثاني وفيه انه
ان أريد بالواقعي الثانوي انقلاب التكليف وصيرورة الماتى به باعتبار تعلق الاجتهاد به مصداقا عذريا للصلاة المأمور بها كما في مواقع التقية والضرورة
فالبناء وان كان صحيحا ولكن المبنى فاسد لاستلزامه التصويب الذي لا نقول به ان أريد به وقوعه بدلا عن المأمور به في حصول الاجزاء به وان لم يكن
فردا حقيقيا للصلاة المطلوبة شرعا كما التزم به القائلون بالاجزاء فهو غير مقتض لجواز الايتمام به كما لا يخفى الطرف الثالث في احكام الجماعة
وفيه مسائل الأولى إذا ثبت ان الامام فاسق أو كافر أو على غير طهارة من الحدث الأصغر أو الأكبر بعد الصلاة لم تبطل صلاة المؤتم على المشهور ونقل
عن السيد وابن الجنيد انهما أوجبا الإعادة وربما قيل إن خلافهما انما هو في الأولين واما في الأخير وهو ما لو تبين كونه على غير طهارة فلا خلاف في
689

في لإعادة واستدل للمشهور بأنه صلى صلاة مأمورا بها والامر يقتضى الاجزاء ولا نعنى بقاعدة الاخر المدعاة في المقام ما أنكرناها في جل مواردها وهى كون امتثال
الامر الظاهر مجزيا عن الواقع فانا نمنع ثبوت امر واقعي هيهنا وراء ما تحقق امتثاله فان المنساق من أدلة الجماعة انما هو الحث على الصلاة خلف من يثق بدينه و
أمانته ويراه مصليا بظاهر حاله واما كونه عدلا واقعيا وكونه صلاته صحيحة في الواقع فهو بشئ لا يعلمه الا الله ولا يكاد يفهم ارادته من اطلاقات أدلة الجماعة لا لام
يلزم من شرطية صحتها الواقعية لاتى لا طريق للمأموم إلى احرازها التكليف بما لا يطاق كي يتوجه عليه الاعتراض بإمكان اكتفاء الشارع في احراز هذا الشرط
بالظاهر الذي هو طريق ظني له ما لم ينكشف مخالفته للواقع بل لما أشرنا إليه من أن كونه كذلك موجب لعدم انصراف الذهن إلى إرادة الايتمام بمن احرز كونه
مصليا بظاهر حاله فليتأمل ويدل عليه أيضا مرسلة ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام في قوم خرجوا من خراسان أو بعض الجبال وكان
يؤمهم رجل فلما صاروا إلى الكوفة علموا انه يهودي قال لا يعيدون فإنه يدل على حكم ما لو تبين كونه فاسقا أو غير متطهر بطهارة حديثية أو خبثية بالأولوية القطعية
وعدم القول بالفصل ويدل عليه أيضا في خصوص الأخير صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن الرجل يؤم القوم وهو على غير طهر فلا يعلم حتى تقتضي
صلاتهم صلاته قال يعيد ولا يعيد من صلى خلفه وان اعلمهم انه كان على غير طهر وصحيحته الأخرى عن الصادق عليه السلام عن الرجل أم قوما وهو على غير طهر فأعلمهم بعد ما صلوا
فقال يعيد هو ولا يعيدون وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه اللام قال سألته عن قوم صلى بهم امامهم وهو غير طاهرا يجوز صلاتهم أم يعيدونها فقال لا إعادة عليهم تمت
صلاتهم وعليه الإعادة وليس عليه ان يعلمهم هذا عنه موضوع وصحيحته الأخرى عن أحدهما قال سألته عن رج صلى بقوم ركعتين ثم أخبرهم انه على غير وضوء
قال يتم القوم صلاتهم فإنه ليس على الامام ضمان وصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال من صلى بقوم وهو جنب أو على غير وضوء فعليه الإعادة
وليس عليهم ان يعيدوا وليس عليه ان يعلمهم ولو كان عليه ذلك لهلك قال قلت كيف كان يصنع بمن قد خرج إلى خراسان وكيف كان يصنع بمن لا يعرف قال هذا
عنه موضوع وموثقة عبد الله بن بكير قال سئل حمزة بن حمران أبا عبد الله عليه السلام عن رجل امنا في السفر وهو جنب وقد علم ونحن لا نعلم قال لا بأس ورواية ابن
أبي يعفور قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الرجل أم قوما وهو على غير وضوء فقال ليس عليهم إعادة وعليه هو ان يعيد ولا ينافيها صحيحة معاوية بن وهب قال
قلت لأبي عبد الله عليه السلام أيضمن الامام صلاة الفريضة فان هؤلاء يزعمون أنه يضمن فقال لا يضمن أي شئ يضمن الا ان يصلى بهم جنبا أو على غير طهر فإنها لا تدل
على أنه إذا صلى بهم على غير طهر تبطل صلاتهم بل في الوسائل بعد نقل هذه الصحيحة قال الحكم بضمان الامام يدل على وجوب الإعادة وعليه وعدم وجوب الإعادة على
المأمومين وهو لا يخلو من جودة إذ الظاهر أن هؤلاء كانوا يزعمون أن المأمومين يكلون صلاتهم إلى الامام
ويتابعونه في الافعال من باب التبعية فالمصلى
حقيقة هو الامام وهو يحمل أوهام من خلفه فأريد بالرواية التعرض عليهم وبيان ان الامام لا يتحمل عنهم الصلاة فعل يكل منهم ان يؤدى ما عليه من الصلاة مقتديا
بامامه والامام ليس متعهدا بشئ لهم عدى ان يصلى بهم صلاة صحيحة فإذا صلى بهم جنبا وعلى غير وضوء فقد أخل بما تعهد به فعليه اثمه ان كان عامدا والا فلا شئ عليه أيضا
الا إعادة صلاته واما خبر عبد الرحمن العزرمي عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال صلى علي عليه السلام بالناس على غير طهر وكانت الظهر ثم دخل فخرج مناديه ان أمير المؤمنين عليه السلام صلى
على غير طهر فأعيدوا فليبلغ الشاهد الغائب فلا بد من رد علمه إلى أهله كما نبه عليه الشيخ حيث قال بعد نقل الرواية هذا خبر شاذ مخالف للأحاديث كلها وهو ينافي
العصمة فلا يجوز العمل به أقول ولولا منافاته للعصمة لكان الأوجه حمله على الاستحباب بشهادة ما عرفت كما ربما يؤيده ما عن البحار عن نوارد الراوندي بسنده
فيه عن موسى بن إسماعيل عن أبيه عن جده موسى بن جعفر عن ابائه من صلى بالناس وهو جنب أعاد وأعاد الناس وعن دعائم الاسلام مرسلا عن علي عليه السلام قال صلى عمر
بالناس صلاة الفجر فلما قضى الصلاة اقبل عليهم فقال أيها الناس ان عمر صلى بكم الغداة وهو جنب فقال له الناس فماذا ترى فقال على الإعادة ولا إعادة عليكم
فقال له علي عليه السلام بل عيك الإعادة وعليهم ان القوم بامامهم يركعون ويسجدون فإذا فسد صلاة الامام فسد صلاة المأمومين وربما يناقش في الأخير بامكان
ان يكون الامر فيه بالإعادة لخصوصية المورد وما وقع فيه من التعليل جاز ان يكون على ضرب من التورية وليس بالبعيد كما أنه لا يبعد جرى الامر بالإعادة في
الخبرين المتقدمين عليه مجرى التقية لموافقته لمذهب جملة من العامة على ما حكى عنهم هذا مع ما في جميع هذه الروايات من ضعف السند وعدم صلاحيتها في
ذاتها الا لاثبات الاستحباب من باب المسامحة فالقول بوجوب الإعادة كما سمعت حكايته عن السيد وابن الجنيد في غاية الضعف واضعف منه ما عن الصدوق
انه حكاه عن جماعة من مشائخه من حكمهم بوجوب إعادة المأموم الاخفاتية دون الجهرية إذا لم يعرف ما يصلح ان يكون مستندا لهذا التفصيل أصلا كما اعترف
به غير واحد ومما يدل أيضا على المشهور عموم قوله عليه السلام في صحيحة زرارة لا تعاد الصلاة الا من خمسة الحديث فان انكشفا بطلان صلاة الامام كإخلال
المأموم بالقراءة الواجبة بزعم كونه مقتديا بمن يصح الايتمام به ليس من الخمسة المستثناة في هذه الحديث فيندرج في عموم المستثنى منه ومن هنا يظهر عدم اختصاص
الحكم المزبور بالمورد والمزبورة بل هو مطرد في كل مورد تبين بعد الفراغ من الصلاة بطلان صلاة الامام لاختلال شئ من شرائطها أو أركانها الموجب
البطلان أو انتفاء شئ من شرائط إمامته ككونه ابن زنا أو امرة أو غير بالغ مثلا أو كون صلاته مما لا يجوز الاقتداء به ككونه متطوعا وربما يستدل له أيضا
بعدم وجوب الإعادة عليه في شئ من هذه الموارد بالاخبار المتقدمة الواردة في غير المتطهر والكافر بدعوى استفادته منها بالأولوية تنقيح المناط وبمفهوم
التعلى لا واقع في صحيحة زرارة المتقدمة من قوله عليه السلام فإنه ليس على الامام ضمان إذا المنساق منه إرادة ان الامام غير ملتزم بشئ للمأمومين حتى يترتب على
كونه فاقدا للطهارة خلل في صلاة من يأتم به ويدل عليه أيضا في الجملة صحيحة زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام رجل دخل مع قوم في صلاتهم وهو لا ينويها
690

صلاة واحدث امامهم فاخذ بيد ذلك الرجل فقدمه فصلى بهم أتجزيهم صلاتهم بصلاته وهو لا ينويه صلاة فقال لا ينبغي للرجل ان يدخل مع قوم في
صلاتهم وهو لا ينويها صلاة بل ينبغي له ان ينويها صلاة وان كان قد صلى فان له صلاة أخرى ولا فلا يدخل معهم وقد تجزى عن القوم صلاتهم فلا ينبغي الاستشكال
في اطراد الحكم وعدم مدخلية خصوصيات الموارد في ذلك ولكن استفادة ذلك من الأخبار الخاصة بالتقريبات المزبورة كما هي مقتضى الانصاف انما هي بالنسبة إلى المورد
التي تحققت الجماعة في الظاهر بان أمهم الامام في الظاهر كما هو الشأن في موارد هذه الأخبار واما لو انتفى أصل الإمامة كما لو توهم المأموم امامة شخص
فائتم به في صلاته ثم انكشف كونه شبحا وشخصا اخر مثلا يتحرك بحركات الصلاة أو رأى امامه مثلا مشغولا بالصلاة فزعم كونه مفترضا فائتم به ثم انكشف خلافه
فيشكل استفادته من تلك الأخبار كما لا يخفى نعم قد يتجه الالتزام بنفي الإعادة في مثل هذه الموارد أيضا بمقتضى عموم خبر لا تعاد ولكن قد يشكل ذلك
بعدم تعويل الأصحاب على هذا العموم في هذا الباب كما يظهر ذلك من حكمهم بإعادة الصلاة فيما لو صلى خلف شخص بزعم كونه زيدا فبان انه عمرو كما عرفته فيما سبق
فكان سره ان الأصحاب رضوان الله عليهم لم يعلموا بهذا العام بالنسبة إلى شرائط الصلاة وخصوه بأجزائها كما نبه عليه شيخنا المرتضى رحمه الله وتعجب من ذلك حيث إن
الرواية بمقتضى ما فيها من استثناء الوقت والطهور كالنص في شمولها للشرائط وكيف كان فان منعنا استفادة اطراد الحكم من الأخبار الخاصة وقلنا بانحصار دليله
في عموم خبر لا تعاد وجوزنا الاخذ بهذا العموم في مثل هذه الموارد كما هو الأشبه اتجه تخصيص الحكم بنفي الإعادة بما إذا لم يرتكب المأموم من اثار الجماعة ما
يوجب بطلان صلاته على تقدير كونه منفردا من زيادة ركن أو الرجوع في شكه إلى حفظ الامام وعدم الاعتناء بشكه في عدد الثنائية والثلاثية والأوليين من
الرباعيات كما لا يخفى وجهه واما ان قلنا باستفادته من الأخبار الخاصة فمقتضى اطلاق تلك الأخبار كفتاوى الأصحاب نفى الإعادة مطلقا حتى في مثل الفرض
ولكن لا يبعد دعوى انصراف اطلاق الاخبار عنه لندرته فان رجوع المأموم إلى الامام في شكه وان كان كثيرا ولكنه غالبا بل عادة موجب لحصول الظن الفعلي
الذي هو حجة في هذا الباب من أي سبب حصل كما عرفته في مبحث الخلل واما زيادة الركن تبعا للامام فهي في حد ذاتها نادرة التحقق مع أن كون مثل هذه الزيادة
التي اتى بها لأجل التبعية ممتثلا فيها الامر الشرعي الظاهري المتنجز عليه مشمولة لأدلة مبطلية الزيادة محل نظر فليتأمل ولو كان المأموم عالما من أول الأمر بفساد
صلاة الامام أو اختلال شئ من شرائط إمامته أعاد ولو مع جهل الامام بالحال وبنائه على صحة صلاته وامامته اعتمادا على الأصول الجارية في حقه لما أشرنا
إليه انفا من عدم كفاية الصحة عند الامام في جواز الايتمام به بل العبرة بصحتها في الواقع بنظر المأموم ولو بمقتضى اصالة الصحة في فعله لان المتبادر من أدلة الجماعة
انما هو الحث على الايتمام بالمصلى لا مطلق من يعمل عملا يزعم أنه صلاة وان علم المأموم بخطائه فلو ائتم به والحال هذه وجبت عليه الإعادة بلا شبهة بل قد يقال
بوجوب العادة عليه ولو مع نسيانه له حال الصلاة لانصراف الاخبار المزبورة عنه وهو جيد لو لم نعول في مثل هذه الفروع بعموم خبر لا تعاد والا فالقول بعدم
الإعادة اخذا بهذا العموم هو الأشبه ولو علم بذلك في أثناء الصلاة قيل يستأنف واستدل له بان الجماعة من مقومات الصلاة المنوية ومقتضى الأصل بطلانها
باختلال شرائط الإمامة فتفسد الصلاة المتقومة بها خرج من ذلك ما بعد الفراغ بالنصوص السابقة واستدل له أيضا بما عن المنتهى والذكرى من أن في
رواية حماد عن الحلبي يستقبلون صلاتهم إذا أخبرهم الامام في الأثناء انه لم يكن على طهارة وقيل ينوى الانفراد ويتم صلاته وهو أشبه فإنه يتوجه على الدليل الأول
الذي ذكره الخصم بعد الغض عن أن الجماعة ليست من مقومات الصلاة المنوية بل من الخصوصيات الموجبة لتأكد مطلوبيتها فلا يقتضى بطلانها فساد أصل
الصلاة بل اجراء احكام المنفرد عليها كما تقدم التنبيه عليه مرارا ان الأخبار السابقة تدل على حكم ما لو علم به في الأثناء أيضا لا لدعوى استفادته منها بالأولوية
إذ الأولوية ان سلمت فهي ظنية لا يلتفت إليها في الاحكام التعبدية بل لشمول بعض ما ورد منها في الجنب له بالاطلاق ودلالة بعض اخر منها عليه بالصراحة
كصحيحة زرارة المشتملة على التعليل بأنه ليس على الامام ضمان الدالة بمقتضى ما فيه من التعليل على اطراد الحكم في سائر الموارد أيضا مضافا إلى في لقول
بالفصل بين الموارد على الظاهر واما ما في المنتهى والذكرى من أن في رواية حماد عن الحلبي يستقبلون صلاتهم ففيه انه لم يثبت وجود هذه الرواية في الكتب
المعتبرة التي يصح التعويل عليها كما نبه عليه في الحدائق فإنه بعد ان نقلها عن الذكري قال ما لفظه واما ما نقله هنا في الذكرى من رواية حماد عن الحلبي الدالة
على الاستقبال فلم أقف عليها فيما حضرني من كتب الاخبار ولا سيما ما جمع الكتب الأربعة وغيرها من الوسائل والبحار انتهى أقول فهي في حد ذاتها
لا تنهض للحجية فضلا عن صلاحيتها لمعارضة ما عرفت وربما يشهد له أيضا جملة من الروايات المتقدمة في مسألة الاستنابة فراجع مثلا يخفى عليك ان
غاية ما يستفاد من النصوص والفتاوى انما هي صحة صلاة المأموم من حيث هي واما صحة الجماعة بالنسبة إليه بحيث يجتزى بقراءة الامام إذا انكشف له فساد
إمامته قبل الركوع بناء على الاجتزاء بقراءة الامام في الجماعة الصحيحة لو انفرد قبل الركوع فلا فيجب عليه بعد انكشاف بطلان صلاة الامام أو إمامته الاتيان
بالقراءة الواجبة عليه ما دام محلها باقيا لقصور ما دل على تحمل الامام عنه عن شمول مثله نعم قد يتجه ذلك فيما لو حدث سبب لبطلان أي الكفر والفسق
والجنابة ونحوها في الأثناء بعد فراغه من القراءة حيث إن الجماعة على هذا التقدير كانت قبل حدوث السبب صحيحة في الواقع كما هو واضح المسألة الثانية
إذا دخل موضعا انعقد فيه الجماعة والامام راكع وخاف فوت الركوع ان لحق بالصف احرم بنية الايتمام وركع في مكانه ويجوز له ان يمشى في ركوعه
حتى يلتحق بالصف بلا خلاف فيه في الجملة على الظاهر بل عن ظاهر التذكرة وصريح الخلاف والمنتهى دعوى الاجماع عليه ويدل عليه صحيحة محمد بن مسلم
عن أحدهما عليه لسلام انه سئل عن الرجل يدخل المسجد فيخاف ان تفوته الركعة فقال يركع قبل ان يبلغ القوم ويمشي وهو راكع حتى يبلغهم ويجوز أيضا ان يتم
691

ركوعه وسجوده في مكانه ثم يلحق بالصف بعد ان قام إلى الثانية كما يدل عليه صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام إذا دخلت المسجد والامام راكع فظنت انك ان
مشيت إليه رفع رأسه قبل ان تدركه فكبر واركع فإذا رفع رأسه فاسجد مكانك فإذا قام فالحق بالصف فإذا جلس فاجلس مكانك فإذا قام فالحق بالصف وخبر إسحاق بن
عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ادخل المسجد وقد ركع الامام فاركع بركوعه وانا وحدي واسجد فإذا رفعت رأسي أي شئ اصنع قال قم فاذهب إليهم و
ان كانوا جلوسا فاجلس معهم وصحيحة معاوية بن وهب قال رأيت أبا عبد الله عليه السلام يوما دخل المسجد الحرام لصلاة العصر فلما كان دون الصفوف ركعوا فركع
وحده ثم سجد سجدتين ثم قال فمضى حتى لحق الصف ونوقش في الأخير بأنه غير ما نحن فيه لمعلومية كون الايتمام منه عليه السلام بهم تقية فهو في الحقيقة منفرد وأجيب
بأنه وان كان تقية الا ان الظاهر مراعاة احكام الجماعة كي لا ينكر عليه أقول ولكن على حسب ما يناسب التقية بمعنى انه عليه السلام بحسب الظاهر كان يراعى احكام
الجماعة على وفق مذهب المخالفين فلا يستكشف حينئذ من فعله الذي اتى به تقية جوازه من حيث هو لولا التقية وكيف كان فهذا الحكم على اجماله مما لا اشكال فيه
بل قد يقال بعدم الحاجة لاثباته في الجملة إلى الأخبار الخاصة بل يكفي فيه العمومات ولكن الكلام يقع فيه في مواضع أحدها انه هل يختص جواز الدخول في الصلاة في
مكانه بما إذا لم يكن هناك مانع من الاقتداء كالبعد الذي لا يصح معه الاقتداء وعدم الحائل وعدم كون المكان أسفل من مكان الامام أو مقدما عليه وجهان
بل قولان حكى أولهما عن صريح بعض وظاهر آخرين بل قد يلوح ذلك من عبارة المتن حيث يستشعر منه كون اللحوق بالصف عنه رخصة لا عزيمة فيستكشف
من ذلك ان المفروض موضوعا للحكم في كلامه هو ما إذا دخل موضعا يجوز له الايتمام اختيارا فيكون هذا الحكم لديهم على هذا التقدير مستثنى من كراهة
الانفراد بالصف لا التباعد ونحوه وقد استظهر في الجواهر عن بعض مشائخه دعوى اتفاق الأصحاب عليه والمبالغة في تشييده والانكار على من زعم استثنائه
من التباعد ونحوه وربما يؤيده ما نقله عن المنتهى من أنه قال عند تعرضه لهذا الفرع لو فعل ذلك من غير ضرورة ولا عذر ولا خوف فوات فالظاهر الجواز
خلافا لبعض العامة لان للمأموم ان يصلي منفردا وان يتقدم بين يديه وقيل بالثاني اخذا بإطلاق نصوص المسألة ولكن لم اعرف قائله مفصلا وقال
شيخنا المرتضى رحمه الله بعد نقل القولين في المسألة ولا يبعد التفصيل بين البعد وغيره من الموانع فيجوز الأول دون الثاني اما الجواز مع البعد فلان الظاهر من
صحيحة عبد الرحمن هو بعد المأموم عن أهل الجماعة وكون هذا الحكم من باب الرخصة في الاقتداء مع البعد المانع في غير المقام ويؤيده الامر بالمشي حتى
يلحق بالصف ويبلغ القوم في الصحيحتين إذ لولا البعد المانع من الاقتداء لم يجب المشي بل جاز ان يصلي في مكانه ومن هنا يمكن ان يستدل بهاتين الصحيحتين
عن كون البعد الكثير مانعا عن الاقتداء إذ لولا منعه عنه لم يؤمر بالمشي وحمل الامر على الاستحباب وارجاعه إلى الامر باتمام الصفوف خلاف الظاهر اللهم الا ان
يجعل الامر لرفع توهم حظر المشي فتأمل ثم قال واما في لجواز في غيره من الموانع فلعموم أدلة منعها الا ان يقال إن غاية الأمر وقوع التعارض بينها وبين اطلاقات
المسألة فيرجع إلى اطلاقات الجماعة السليمة عن مزاحمة أدلة الاشتراط لكنه مبني على وجود مثل هذه الاطلاقات بحيث تدل على صحة الجماعة بقول مطلق ولم أعثر
من ذلك على ما تطمئن به النفس انتهى أقول ما ذكره من التفصيل بين البعد وغيره من الموانع جيد جدا فان سوق
الصحيحتين الأوليين ويشهد بكونهما مسوقتين
لبيان عدم مانعية البعد في مثل الفرض عن الدخول في الصلاة بنية الاتمام ثم اللحوق بالقوم في أثناء الركوع أو بعد الرفع من السجدتين فلهما نوع حكومة على ما دل
على اعتبار الاجتماع في الجماعة خصوصا على القول باعتبار ان لا يكون الفصل في الجماعة بأكثر مما يتخطى فان الصحيحتين كالنص في إرادة الأكثر من ذلك واما ما عدا امر الموانع كالحائل أو
أسفلية المكان ونحوهما فلا ينسبق إلى الذهن ملحوظيتها في هذه الأخبار وانما المتبادر منها إرادة بعده عن الجماعة لا غير فهي منصرفة عن صورة وجود سائر الموانع ولو سلم ظهورها في الشمول
لم يبعد الالتزام بتقديمها على اطلاقات أدلة الموانع لما أشرنا إليه من أن سياقها سياق الحكومة وبيان الرخصة فيما لم يكن من شأنه لو خلى ونفسه ذلك فليتأمل ثم إن
مقتضى ما قويناه من كون هذا الحكم مستثنى من مانعية البعد لا من كراهة الانفراد بالصف كون اللحوق اي البلوغ بالقوم اي البلوغ لا موضع يصح الايتمام اختيارا عزيمة لا
رخصة كما يؤيده الامر به في الاخبار المزبورة ومقتضى ظاهر الصحيحة الأولى وجوب المبادرة إليه في الركوع وعدم جواز التأخير عنه ولكن قضية الجمع بينها وبين غيرها مما ورد
فيه الامر به بعد القيام من السجود والجلوس الذي يعده التخيير وحيث يجوز له التأخير إلى ما بعد السجدتين يفهم من ذلك جوازه بعد رفع الرأس من الركوع أيضا وان لم يتبع التصريح
به في الاخبار لعموم ما دل على جواز التقدم والمشي في الجملة والله العالم ثانيها انه هل يجوز المشي إلى الصف حال الاشتغال بالذكر الواجب في الركوع أو القراءة في
القيام وجهان بل قولان فعن ظاهر بعض وصريح آخرين انهم قيدوه بغير حال الذكر والقراءة جمعا بينه وبين ما دل على اعتبار الطمأنينة فيهما ونوقش فيه بان تقييد اطلاق
المشي بدليل الطمأنينة ليس بأولى من العكس بل لعله أولى لضعف دليلها عن تناول مثل المقام فان عمدته الاجماع المخصوص بغير محل الكلام وفيه أولا ان اعتبار الطمأنينة
في الذكر ليس تقييدا لاطلاق قوله بمشي وهو راكع لان مقتضى هذه الاطلاق ليس الا جواز المشي واللحوق بالصف مطلقا ولو حال تشاغله بالذكر واما صحة الذكر
الواقع حاله فهي تابعة لاطلاق دليله وعدم اشتراط الطمأنينة فيه في الغرض والا وجب عليه اعادته مطمئنا فلو أخل بذلك بطلت صلاته من حيث اخلاله بشرط
الذكر لا من حيث لحوقه بالصف في خلاله من حيث هو على تقدير الشك في شرطيتها له في مثل الفرض وقصور دليل اعتبارها عن شموله لكونه لبيا كاجماع ونحوه يرجع
إلى اطلاق دليل الذكر لو كان لدليله اطلاق والا فإلى الأصول العملية من البراءة أو الاحتياط على الخلاف في مسألة الشك في الشرطية لا اطلاق الامر بالمشي في ركوعه
الوارد في هذه الصحيحة فإنه أجنبي عن ذلك اللهم الا ان يقال إنه يفهم عرفا من اطلاق الامر بالمشي في الركوع ولو من باب السكوت في مقام البيان عدم اشتراط الذكر
الواجب في الركوع بوقوعه في غير حال المشي مع امكان ان يدعى ظهوره عرفا بعد تسليم شموله باطلاقه لحال الذكر في عدم مانعيته عن صحة الذكر الواقع حاله فليتأمل
692

وثانيا سلمنا ان مقتضى اطلاق المشي في الركوع عدم كون الطمأنينة شرطا فيه حال الذكر ولكن هذا انما هو في الصحيحة الأولى التي وقع فيها الامر بالمشي في الركوع حتى
يبلغ القوم دون سائر الروايات التي وقع فيها الامر باللحوق بالامام بعد قيام الامام من السجدتين إذ فرق بين ما لو قال إذا قام الامام قم فاذهب إليه وبين ما لو
قال إذا قمت للثانية التي يجب عليك فيها القراءة الحق ففي الثاني يمكن ان يدعى ان مقتضى اطلاقه جوازه في حال القراءة دون الأول كما هو وراد في الاخبار
فليتأمل وثالثا سلمنا ظهور هذه الأخبار أيضا بمقتضى اطلاقها في جواز القراءة حال المشي ولكن ما دل على اعتبار السكون حالها حاكم على مثل هذا الاطلاق لعدم
انحصار دليله بالاجماع ونحوه بل قد دل عليه خبر السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في الرجل يصلي في موضع ثم يريد ان يتقدم قال يكف عن القراءة في مشيه حتى يتقدم إلى
الموضع الذي يريد ثم يقرء والنسبة بين هذه الرواية وبين الروايات الامرة باللحوق بالصف وان كانت عموما من وجه ولكن تقييد تلك الأخبار بهذه الرواية أهون
من ارتكاب التخصيص في هذه الرواية بغير مريد اللحوق بالصف من أن هذه الرواية بمدلولها اللفظي صالحة لصرف تلك الأخبار عن ظاهرها من الاطلاق وبخلاف العكس
الا ترى انهما لو جمعتا في عبارة واحدة لم يبق للتشكيك فيه مجال فالقول بعدم جواز المشي حال القراءة بل وكذا الذكر الواجب في الركوع مع أنه أحوط لا يخلو من
قوة ثالثها ان مقتضى اطلاق النصوص والفتاوى جواز المشي المتعارف للالتحاق بالصف ولكن حكى عن جملة من الأصحاب التصريح بأنه يستحب له ان
يجر رجليه وربما يشهد له من عن الفقيه مرسلا من أنه قال وروى أنه يمشي في الصلاة يجر رجليه ولا يتخطى وعن ظاهر غير واحد أو صريحه القول بوجوبه وهو
ضعيف لضعف مستنده ودعوى محو غير هذه الكيفية لصورة الصلاة ممنوعة كما ظهر ذلك فيما مر في مبحث القواطع المسألة الثالثة إذا اجتمع خنثى
مشكل وامرأة وقف الخنثى خلف الامام لاحتمال كونها امرأة والمرأة ورائه اي الخنثى لاحتمال كونه ذكرا وجوبا كما حكى عن ابن حمزة وظاهر عبارة المبسوط وهو
متجه على القول بتحريم المحاذاة والا كان على الندب كما عن غير واحد من القدماء والمتأخرين ولكن قد يشكل الالتزام بوجوب هذا الترتيب وان قلنا بحرمة المحاذاة
إذ المحاذاة على تقدير الالتزام بحرمتها من قبيل الموانع الذي يرجع لدى الشك فيها إلى أصل العدم كما عرفته في مبحث المكان ولا يتفاوت الحال في ذلك بين ان
يكون الشك متعلقا بأصل وجود المانع أو ناشئا من مانعيته الموجود كما في المقام لان صحة صلاة الرجل مثلا متفرعة على أن لا تصلي المرأة بحياله وهو موافق
للأصل فلا حاجة له إلى احراز ان من يصلي بحياله ليس بامرأة كي يقال بان هذا مما لا يمكن احرازه بالأصل إذ ليس له حالة سابقة معلومة كما هو واضح وتمام التحقيق فيه
موكول إلى محله فللمرأة ان تصلي بحذاء الخنثى تعويلا على اصالة ان لا يصلي رجل بحيالها كما أن للامام أيضا ان يصلي وهو إلى جنبه يصلي تعويلا على اصالة ان لا يصلي امرأة
بحياله واما الخنثى فحيث يعلم اجمالا بحرمة محاذاتها في الصلاة اما للامام أو المرأة التي تصلي خلفه اتجه الالتزام بوجوب الاحتياط اما بترك الايتمام أو بوقوفه
بينهما على النحو المزبور فلعل حكمهم بالوجوب انما وقع بملاحظته والا فالمتجه عدم كون مراعاة هذا الترتيب في حق من عداه الا على جهة الاستحباب من باب حسن الاحتياط
كما أن الحكم باستحبابه مطلقا على القول بكراهة المحاذاة انما يتجه بهذا الوجه والا فكما يكره على تقدير كونه رجلا محاذاته للمرأة كذلك يكره على تقدير كونه امرأة
انفراد كل منهما بصف بل على تقدير رجوليته أيضا يكره له الوقوف خلف الامام بل يستحب له ان يقف إلى جنبه فيتعارض الجهات الا ان رعاية الأولى اي عدم محاذاته
لغير مجانسة أولى لما فيها من قوة احتمال المانعية والله العالم المسألة الرابعة إذا وقف الامام في محراب داخل فصلاة من يقابله ماضية دون صلاة
من إلى جانبيه إذا لم يشاهدوه بواسطة حيلولة جدران المحراب وتجوز صلاة الصفوف الذين وراء الصف الأول لأنهم يشاهدون من يشاهده وقد
تقدم شرحه والإشارة إلى ما ذكره في المسالك وغيره في تفسيره وما يقتضيه التحقيق فيه مفصلا عند ذكر المصنف عدم جواز الجماعة مع الحايل مفصلا فلا نطيل
بالإعادة المسألة الخامسة لا يجوز للمأموم مفارقة الامام في الافعال بسبقه في الفعل من أنه لا يترتب على عمدة في مثل الفرض الا الاثم وحيث اتى
كان معذورا في ذلك لا يترتب عليه الاثم أيضا فكما لا يبطل أصل الاقتداء لو كان بلا عذر فكذلك مع العذر بل هو أولى فالأظهر كما هو مقتضى اطلاق المتن وغيره إلى أنه
لا فرق في المفارقة بعذر بين انحائه فتجوز مطلقا مع كونه باقيا على عزمه من الايتمام ولكن يشرط ان لم تكن قاطعة لعلاقة الارتباط وتأخره عنه تأخرا فاحشا
ما دام باقيا على نية الايتمام بغير عذر كما تقدم تحقيقه مفصلا عند التكلم في وجوب المتابعة واما مع العذر فيجوز وان لم ينو الانفراد سواء كان عقليا كما لو
وجد ثقلا في بدنه فعجز عن اللحوق بالامام في ركوعه أو منعه الزحام مثلا عن فعل الركوع أو السجود معه أو شرعيا كما في المأموم المسبوق الذي يتخلف عن الامام
لتدارك التشهد أو ناسي السجود مثلا عند تذكره قبل ان يفوت محل تداركه وليس له في مثل هذه الفروض الاخلال بشئ مما وجب عليه من مثل التشهد والسجدة
المنسية أو الممنوعة عن فعلها بواسطة الزحام مثلا لأجل تحصيل المتابعة الا ان يدل دليل شرعي عليه كما ورد في ترك السورة مثلا خصوصا في الجماعة المستحبة لا لما
قد يقال من أن عمدة دليل وجوب المتابعة في كل جزء هي الاجماع وهو في غير محل الكلام فيبقى اطلاق ما دل على وجوب الاجزاء سليما عن المزاحم لامكان الحادث
فيه بما عرفت في محله من أن عمدة الدليل عليه كون المتابعة مأخوذة في مفهوم الاقتداء والايتمام المعتضد بالنبوي المشهور وانما جعل الامام اماما ليؤم به الحديث
بل لان الجماعة المشروعة وجوبا أو ندبا هي ان يأتي بصلاته مقتديا بالامام بان يجعل افعال صلاته تابعا لافعال امامه فلا يصلح ان يجعل اطلاق دليلها أو دليل وجوب
المتابعة في الافعال دليلا لتقييد اطلاق مطلوبية الافعال بصورة التمكن من الاتيان بها متابعا للامام لتأخره في الرتبة ومقتضاه سقوط مطلوبية المتابع
لدى العجز عنها لا جزئية الجزء الذي تعذرت المتابعة فيه كما لا يخفى على المتأمل خصوصا في الجماعة المستحبة حيث إن مطلوبيتها على سبيل الاستحباب فلا يصلح ان
يخصص باطلاق دليلها أدلة الواجبات فيجب عليه مفارقة الامام والاتيان بما وجب عليه من الاجزاء التي تعذرت المتابعة فيها ومتى فارقه لعذر
693

فإن كان ذلك في فعل أو فعلين بحيث تمكن من الاتيان بهما واللحوق بالامام على وجه لا يخل ذلك بصدق الايتمام به في صلاته عند ملاحظتها على سبيل الاجمال بحيث
ينمحي به هيئة الجماعة عرفا بقي على عرفه ولحق بالامام من غير حاجة إلى تجديد نية الايتمام عند لحوقه به كما ربما يشهد له بعض الروايات الواردة في المأموم
المسبوق ومن منعه الزحام حال الركوع أو السجود وغير ذلك مما لا يخفى على المتتبع بل لا يبعد ان يدعى ان مثل هذه المفارقة إذا كانت لعذر لا تعد منافية
في العرف لما هو وظيفة المؤتم من متابعة الامام في افعاله ولكن هذا فيما إذا كان التخلف عنه بالتأخر في ركن أو ركنين مثلا أو لتدارك جزء منسي
على وجه لا تنمحي عرفا صورة الجماعة واما مع السبق عمدا ولو لعذر فهو خارج عن حد التبعية جزما فمن هنا قد يقوى في النظر وجوب قصد الانفراد لدى اضطراره
إلى السبق تقصيا عن حرمة ترك المتابعة التي هي من مقتضيات الجماعة ولكن الأقوى فيه أيضا خلافه ما لم موجبا لانقطاع علاقة الايتمام بالمرة لما عرفت
في محله من أنه لا يترتب على عمده في مثل الفرض الا الاثم وحيث كان معذورا في ذلك لا يترتب عليه الاثم أيضا فكما لا يبطل أصل الاقتداء لو كان بلا عذر فكذلك مع العذر بل هو أولى
فالأظهر كما هو مقتضى اطلاق المتن وغيره انه لا فرق في المفارقة العذر بين انحائه فتجوز مطلقا مع كونه باقيا على عزمه من الايتمام ولكن بشرط ان لم تكن قاطعة لعلاقة الارتباط والا انفرد من غير
حاجة إلى قصده نعم لو بقي في هذا الحال اي عند حصول المفارقة في جملة من الافعال بحيث انقطع بها علاقة الارتباط على قصد الايتمام
لمكان مشرعا ولكن لا تبطل بذلك صلاته الا ان يرتب عليه اثر الجماعة من ترك القراءة ونحوه فيبطل لذلك لا غير فان بطلان الجماعة لا يوجب بطلان أصل الصلاة
ما لم يخل بوظيفة المنفرد كما مرت الإشارة إليه غير مرة فان لحق بعده بالامام احتاج إلى تجديد نية الايتمام فيما بقي من صلاته ان جوزناه كما سيأتي التكلم فيه والا
أتم صلاته منفردا ولو علم قبل الصلاة بعروض عذر في الأثناء مانع من بقائه مقتديا فهل له ان يدخل في هذه الصلاة بقصد الايتمام وجهان أوجههما ذلك
كما ستعرف ان شاء تعالى عند البحث عن صحة الاقتداء مع العزم من أول الأمر على المفارقة في الأثناء اختيارا وكيف كان فقد ظهر لك انه لا يجوز المفارقة عمدا
بلا عذر ما دام باقيا على الايتمام فان نوى الانفراد في الجماعة المندوبة جاز مطلقا لعذر كان أو غيره على الأظهر الأشهر بل المشهور عن غير واحد دعوى
الاجماع عليه للأصل فان مقتضى الأصل في المستحب جواز دفع اليد عنه وعدم صيرورته واجبا بالشروع فيه وتوهم كون الجماعة من مقومات الصلاة التي اتى
بها بهذا القصد فالعدول عنها إلى الفرادى كالعدول من العصر إلى الظهر أو النافلة إلى الفريضة على خلاف الأصل يقتصر فيه على مورد الثبوت مدفوع بما مرت
الإشارة إليه مرادا من أن الأظهر كونها من قبيل الخصوصيات الموجبة لتأكده مطلوبية الفرد كايقاع الصلاة في المسجد ونحوه فلا يوجب الاخلال بها أو رفع اليد
عنها خللا في أصل الصلاة كما هو مقتضى الأصل مضافا إلى امكان استفادته من الأدلة الشرعية الواردة فيها كما تقدم التنبيه عليه في مبحث النية فما عن ظاهر الشيخ
في المبسوط ومال إليه غير واحد من متأخري المتأخرين كصاحبي المدارك والحدائق من الحكم ببطلان الصلاة لو فارقه لعذر وتمم صلاته منفردا ضعيف و
استدل أيضا للجواز بفعل النبي صلى الله عليه وآله منه انه صلى الله عليه وآله صلى بطائفة يوم ذات الرقاع ركعة ثم خرجت من صلاته وأتمت منفردة وما ورد من جواز مفارقة
الامام عند اطالته في التشهد والأخبار المستفيضة المجوزة للتسليم قبل الامام ونوقش في الأول والثاني بان موردهما صورة العذر ولا كلام فيه وفي الأخير
بالالتزام بموجبه ومنع التعدي من أن مورد الأخيرين المتابعة فلا الأقوال التي لا يقال بوجوبها فكيف يتعدى عنهما إلى المتابعة فلا الافعال فليتأمل
ثم إن الظاهر جواز الانفراد مطلقا حتى في الركعة الأولى قبل الركوع لو دخل معه من أول الركعة أو في أثناء القراءة مثلا وما تقدم في محله من اعتبار ادراك الركوع
في ادراك الركعة فالمراد به ابتداء الايتمام بمعنى انه لو لم يلحق بالامام إلى أن يرفع الامام رأسه فقد فاتته
الركعة لا ان ادراك الركوع شرط في انعقاد الجماعة كما صرح
به في الجواهر وغيره ويشهد له مضافا إلى عمومات الأدلة الدالة على جريان احكام الجامع عليه من حين لحوقه بالامام الأخبار الواردة في الجمعة أو مطلقا فيمن منعه
الزحام أو سهى فلم يلحق بالركوع في الركعة الأولى أو مطلقا كصحيحة ابن الحجاج عن أبي الحسن عليه السلام في رجل صلى في جماعة يوم الجمعة فلما ركع الامام ألجأه الناس
إلى جدار أو أسطوانة فلم يقدر على أن يركع ثم يقوم في الصف ولا يسجد حتى رفع القوم رؤسهم أيركع ثم يسجد ويلحق بالصف وقد قام القوم أم كيف يصنع
قال يركع ويسجد لا بأس بذلك وما رواه عبد الرحمن عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن الرجل يصلي مع امام يقتد به فركع الامام وسهى الرجل وهو خلفه لم
يركع حتى رفع الامام رأسه وانحط للسجود أيركع ثم يلحق بالامام والقوم في سجودهم أم كيف يصنع قال يركع ثم ينحط ويتم صلاته معهم ولا شئ عليه
ثم إنه إذا نوى الانفراد فإن كان قبل القراءة قرء وان كان بعدها فالظاهر أنه يجزيه قراءة الإمام لعموم أدلة ضمانه الحاكمة على اصالة في لسقوط ومن
هنا يظهر حكم ما لو حصل الانفراد في أثناء القراءة فان الظاهر أنه يجتزي بما قرأه الامام ويأتي بالباقي اللهم الا ان يدعى انصراف الاخبار عن مثل هذه الفروض
وفيه نظر لان الاحتياط فيه بالاستيناف بل وفي سابقه أيضا بإعادة القراءة مما لا ينبغي تركه وحكى عن التذكرة وتعلق الارشاد والمسالك وغيرها القول بأنه
يعيد السورة التي فارقه فيها بل عن الذكرى انه استوجه استيناف القراءة مطلقا لأنه نوى الانفراد في محل القراءة فوجبت عليه لأصالة عدم سقوطها وفيه ما عرفت
وان كان أحوط ولا يخفى عليك ما ذكرناه من جواز الانفراد اختيارا انما هو مع استحباب الجماعة واما مع وجوبها اصالة كالجمعة فلا ريب في عدم جواز الانفراد
فيها وكذا فيما يتوقف شرعيتها على الجماعة كالمعادة لتحصيل فضيلة الجماعة إذ الظاهر أن نية الانفراد يبطلها إذ لا امر لها بدونها فليتأمل واما الجماعة المنذورة
فلو نوى فيها الانفراد فالظاهر عدم بطلان الصلاة به وان فعل حراما بمخالفة النذر وتوهم ان مخالفة النذر تحصل بمفارقة الامام اي الاتيان بصلاته منفردا
فلا يصح وقوعها عبادة مدفوع بان المحرم انما هو ترك المتابعة لا فعل الصلاة منفردا فلا مقتضى لبطلانها نعم لو قلنا بكون الامر بالشئ مقتضيا للنهي عن
ضده الخاص اتجه الالتزام بالبطلان في مثل المقام ولكن المبنى فاسد كما تقرر في محله وهل يجوز الدخول في الجماعة المستحبة مع الزم من أول الأمر على أن ينفرد في
الأثناء اختيارا أو لدى علمه بأنه يعرضه حاجة ملجئة إلى ذلك وجهان أوجههما ذلك فإنه يفهم بالتدبر في احكام الجماعة والأدلة الواردة في المسبوق في ايتمام المتم
694

بالمقصر والاقتداء في الرباعية بالثلاثية والثنائية وشرعية صلاة ذات الرقاع ونحو ذلك كون مطلوبية الجماعة من قبيل تعدد المطلوب وعدم توقف مطلوبيتها في الركعة
الأولى مثلا ببقائه مأموما إلى اخر الصلاة وورود هذه الأحكام في مقام الضرورة أو انتهاء صلاة الامام الموجب لحصول المفارقة قهرا غير مانع عن الاستفادة
المزبورة ولو بملاحظة المجموع حيث إن الضرورة ونحوها انما يصلح عذرا لمفارقته في الأثناء لا لجواز الاقتداء في ركعة أو ركعتين مثلا لو لم يكن له في حد دائم
مرتبة من المطلوبية وربما يؤيده أيضا الرواية المحكية عن كتاب الإمام والمأموم من أن تكبيرة مع الامام تعدل كذا وركعة تعدل كذا وسجده تعدل كذا فان ظاهرها كون الجماعة
مطلوبة في كل جزء جزء من حيث هو ثم إنه كما يجوز الانفراد بعد الايتمام فيها يجوز الايتمام بعد الانفراد قولان حكى عن الشيخ في الخلاف في التصريح بالأول مستدلا
عليه بالاجماع والاخبار وعن الذكرى الميل إليه وفي ظاهر التذكرة انه ليس بعيدا من الصواب وحكى عن جماعة المنع عنه لتوقيفية العبادة وقال شيخنا
المرتضى رحمه الله بعد نقل القول بالجواز أو الميل إليه عمن سمعت ما لفظه ولعله لعموم أدلة الجماعة ولاستلزام العدول عن امام إلى امام اخر في صورة الاختلاف
العدول عن الانفراد إلى الايتمام لأنه يصير منفردا بمجرد العدول وتحقق العذر للامام الأول فنية الاقتداء اقتداء بعد الانفراد ويؤيده عموم قوله عليه السلام في صحيحة علي بن
جعفر المتقدمة في مسألة الاستخلاف لا صلاة لهم الا بامام فليتقدم بعضهم فان قوله عليه السلام لا صلاة لهم معناه نفي الفضيلة لما تقدم من عدم وجوب ايتمام الجماعة
عند الانفراد القهري واستحباب الاستخلاف ولا ريب ان قوله فليتقدم تفريع على فضيلة الجماعة ولا ريب ان الحاصل يتقدم بعضهم هي الفضيلة فيما بقي من
الصلاة فعلم أن هذا المقدار أيضا مستحب ودعوى انه مستحب لمن اتى بأول الصلاة جماعة خلاف ظاهر اطلاق التعليل مع أن عموم قوله فليتقدم بعضهم يظهر منه
مطلوبية ذلك ولو بعد المضي في بعض الصلاة على الانفراد اختيارا زائدا على المقدار اللازم بمجرد بطلان صلاة الامام مع أن العدول عن الانفراد إلى الإمامة
جائز اتفاقا وهو أيضا عدول إلى الجماعة لان الجماعة صفة مشتركة بين الإمام والمأموم ويلحقها احكامها ومع هذا كله الخروج عن عمومات وجوب القراءة
نظرا إلى انصراف أدلة الجماعة في الصلاة إلى افتتاح الصلاة على الجماعة لا مجرد تحصيلها فيها كيفما كان وعدم نهوض ما عدى العمومات واردا على الأصل مضافا إلى
اصالة بقاء احكام المنفرد وعدم كون العدول مؤثرا ويؤيده ما ورد وافتى به من استحباب نقل الفريضة إلى النافلة إذ اتفقت الجماعة إذ لو جاز العدول
لما ارتكب ذلك من اجل ادراك الجماعة الا ان يقال إنه لادراك أول الصلاة جماعة انتهى ما افاده شيخنا المرتضى رحمه الله وهو جيد. المسألة
السادسة: الجماعة جائزة في السفينة الواحدة وفي سفن عديدة سواء اتصلت بشد بعضها ببعض ونحوه أو انفصلت مع الجمع للشرائط المعتبرة
في الجماعة المتقدمة سابقا بلا خلاف فيه على ما صرح به في الجواهر ولا اشكال لاطلاق الأدلة وخصوص صحيحة يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه السلام
قال لا بأس بالصلاة جماعة في السفينة ورواية إبراهيم بن أبي ميمون انه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في جماعة في السفينة فقال لا بأس وصحيحة
علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن قوم صلوا جماعة في السفينة أين يقوم الامام وان كان معهم نساء كيف يصنعون قياما يصلون أم جلوس
قال يصلون قياما فإن لم يقدروا على القيام صلوا جلوسا ويقوم الامام امامهم والنساء خلفهم وان ضاقت السفينة قعدن النساء وصلى الرجال ولا بأس
ان يكون النساء نجيا لهم وحكى عن بعض العامة المنع عن الجماعة في السفن المتعددة مع الانفصال بناء منه على أن الماء مانع عن الاستطراق وكلما كان
كذلك فهو مانع عن الجماعة وفيه منع الكبرى لانتفاء ما يدل عليه مع في طراد الصغرى قال العلامة في التذكرة الماء ليس بمانع عندنا خلافا لأبي
حنيفة انتهى وعن غير واحد من أصحابنا انه اعتبر في السفن المتعددة الامن من اختلال بعض الشرائط المعتبر في الجماعة من مثل في لتباعد والتقدم على
الامام وفيه انه ان سلمنا اعتبار الجزم في النية بهذا المعنى اي الوثوق بالسلامة عن طرد الطواري في أصل الصلاة فلا نسلمه بالنسبة إلى الايتمام ونحوه مما هو من أوصافها
الكمالية بل قد عرفت ان الأظهر جواز الدخول في الجماعة مع العزم على الانفراد أو الجزم بطرد المانع في الأثناء فضلا عن احتماله ثم إنه لو تقدمت سفينة
المأموم على سفينة الامام أو تباعدت عنها بأكثر مما يغتفر مثله فهل يبطل الاقتداء به بمجرده فلا يجديه التدارك الا بتجديد نية الايتمام ان جوزناه بعد الانفراد
أم مراعى بعدم تداركه قبل ان تنمحي صورة الجماعة رأسا وجهان لا يخلو ثانيهما من وجه والله العالم. المسألة السابعة: إذا شرع المأموم في نافلة
فاحرم الامام قطعها واستأنف مع الامام الفريضة ان خشي الفوات والا أتم ركعتين استحبابا بلا خلاف على الظاهر في استحباب قطع النافلة لادراك
الجماعة عند خوف فواتها بل عن غير واحد دعوى ظهور اتفاق الأصحاب عليه والمنساق من كلماتهم إرادة خوف فوت اخر ما يجزي في انعقاد أول الجماعة بان خشي
في دراك ركوع الركعة الأولى كما اعترف به في الجواهر لا مطلق ادراك فضيلة الجماعة ولو بادراك ركعة من اخرها كما احتمله بعض ولا مطلق فوت شئ
منها حتى الجزء الأول من الفاتحة كما عن بعض أيضا احتماله وعن جملة من الأصحاب الحكم باستحباب القطع بعد ان أحرم الامام من غير تقييده بخوف الفوات و
عن جماعة من القدماء الحكم به إذا أقيمت الصلاة وربما يشهد لذلك اما عن الفقه الرضوي وان كنت في صلاة نافلة وأقيمت الصلاة فاقطعها وصل الفريضة مع
الامام وصحيح عمر بن يزيد انه سئل أبا عبد الله عليه السلام عن الرواية التي يرون انه لا يتطوع في وقت فريضة ما حد هذا الوقت قال إذا اخذ المقيم في الإقامة
فقال له ان الناس يختلفون في الإقامة فقال المقيم الذي يصلي معه بناء على إرادة الأعم من الابتداء والاستدامة من التطوع واستدل أيضا
لاستحباب القطع عند خوف الفوات بأهمية الجماعة في نظر الشارع من النافلة ونوقش في الأخير بأنه اعتبار محض وفي سابقة بظهوره في إرادة الابتداء
ولذا خص الأصحاب الاستدلال به على كراهة الشروع في النافلة بعد الإقامة وفي الأول بضعف السند ويتوجه على الأول ان من تدبر في الأخبار الواردة
695

في فضل الجماعة وان صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بخمس وعشرين درجة أو اربع وعشرين درجة بل في بعضها ان فضل الجماعة على الفرد بكل ركعة ألفا ركعة
مع أن الظاهر أن المراد بمثل هذه الأخبار بيان تضاعف اجر الفريضة المأتي بها جماعة اضعافا مضاعفة فكيف يزاحمها التطوع المعلوم عدم بلوغه مرتبة
الفريضة في الفضل فلا مجال للارتياب في أهمية الجماعة من فعل النافلة ولكن لا يصلح ذلك دليلا لاستحباب القطع لو قلنا بان الأصل فيه الحرمة واما بناء على
المختار من الجواز فلا ينبغي الاستشكال في أفضلية تحصيل الجماعة من الاشتغال بها ابتداء واستدامة ولا نعني باستحباب القطع الا هذا ويتوجه على الثاني
ان المنساق من الرواية وكذا من الروايات الناهية عن التطوع في وقت الفريضة التي أريد بهذه الرواية تفسيرها ليس الا إرادة بيان الوقت الذي ينبغي تخصيصه
بالفريضة وترك الاشتغال عنها في ذلك الوقت بالتطوع من غير فرق بين الاستدامة والابتداء فدعوى ظهورها في الابتداء ممنوعة بل هي ظاهرة في المنع عن مطلق
التلبس بها ولذا لا يكاد يرتاب أحد في دلالتها على رجحان تخفيف النافلة التي تلبس بها لو لم يجز قطعها ومرجوحية اطالتها بحيث يزاحم بها الفريضة في وقتها الذي
أريد من هذه الأخبار ويندفع الخدشة في الأول أيضا بقاعدة المسامحة بعد البناء على جواز قطع النافلة وكون اتمام النافلة في حد ذاته مستحبا ليس مانعا
عن المسامحة في ما دل على استحباب قطعها مقدمة لتحصيل فضيلة الجماعة من أول الصلاة فان مألها لدى التحليل إلى ترجيح أحد المستحبين على الاخر لدى المزاحمة
بواسطة الخبر الضعيف الدال عليه المشمول لأدلة التسامح كما لا يخفى فالقول باستحباب القطع إذا أقيمت الصلاة كما حكى عن الحسين بن بابويه والقاضي والنهاية و
السرائر لا يخلو من قوة والله العالم وان كانت الصلاة التي شرع فيها فريضة نقل نيته إلى النفل على الأفضل وأتم ركعتين على المشهور بل عن بعض نفي خلاف
صريح فيه ويدل عليه صحيحة سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل دخل المسجد فافتتح فبينما هو قائم يصلي إذ اذن المؤذن واقام الصلاة
قال فليصل ركعتين ثم ليستأنف الصلاة مع الامام ولتكن الركعتان تطوعا وموثقة سماعة قال سألته عن رجل كان يصلي فخرج الامام وقد صلى الرجل
ركعة من صلاة فريضة قال إن كان اماما عدلا فليصل أخرى وينصرف ويجعلهما تطوعا وليدخل مع الامام في صلاته كما هو وان لم يكن امام عدل فليبن
على صلاته كما هو ويصلي ركعة أخرى ويجلس قدر ما يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله ثم ليتم صلاته معه على ما
استطاع فان التقية واسعة وليس شئ من التقية الا وصاحبها مأجور عليها إن شاء الله وعن الفقه الرضوي وان كنت في فريضتك وأقيمت الصلاة فلا تقطعها و
اجعلها نافلة وسلم في الركعتين ثم صل مع الامام وان كان ممن لا يقتدى فلا تقطع صلاتك ولا تجعلها نافلة ولكن أخط إلى الصف وصل معه وإذا صليت أربع ركعات
وقام الامام إلى رابعة فقم معه وتشهد من قيام وسلم عن قيام والمناقشة في دلالة هذه الأخبار على الأفضلية كما هو صريح المتن وغيره بل استظهر بعض الاتفاق
عليه بورود الامر به في الاخبار المزبورة في مقام توهم الحضر فلا يفهم منه الا الجواز مما لا ينبغي الالتفات إليها نعم لو اغمض عن بعض الخصوصيات المرشدة
إلى إرادة الأفضلية من هذه الأخبار لتطرق هذه المناقشة إلى عبارة الرضوي حيث وقع فيها الامر بجعلها نافلة عقيب الحظر واما ما عداها مما ذكر فليس الامر
بالعدول فيه واقعا عقيب الحظر ولا مورد توهمه الا من حيث مخالفة العدول للأصل وهي ليست صارفة للفظ الامر عن ظاهره كما في غيره من الموارد التي ورد
فيها الامر بالعدول وغيره من الأشياء المخالفة للأصل ولكن لم نقل هاهنا بالوجوب لوضوح كون الطلب المتعلق به ارشاديا أريد به بيان العلاج لان يتوصل إلى
ادراك أفضلية الاتيان بالفريضة جماعة فيكون تابعا لطلب الجماعة في اللزوم والجواز الا ترى انه لو ورد مثله في الجمعة التي يكون الجماعة فيها واجبة
لفهم منه الوجوب هذا مع أنه يكفي في الحكم بالأفضلية بعد الاغماض عن دلالة الأخبار المتقدمة عليه ما دل على أفضلية الجماعة من الفرادى بعد ثبوت أصل
الجواز بهذه الاخبار مع أن فيه الجمع بين ادراك فضيلة النافلة والفريضة جماعة نعم يبقى الكلام حينئذ في أنه
هل هذا العمل أفضل أو اتمام الفريضة
واعادتها مع الامام نفلا إذ لا يستفاد ترجيح أحدهما على الاخر بهذا الدليل وهذا بخلاف ما لو عولنا في اثباتها على ظواهر الاخبار المزبورة فان مقتضى
اطلاقها اطراد الحكم حتى في الثنائية والثلاثية التي يتمكن معها من اتمام الفريضة اعادتها مع الامام فليتأمل ثم لا يخفى عليك انه بعد ان عدل بنيته إلى النفل
يجوز له قطعها واستيناف الفريضة مع الامام لا لعموم الخبرين المتقدمين الذين استظهرنا منهما أفضلية قطع النافلة واللحوق بالامام من أول الصلاة لعدم صلاحيتها
لمعارضة النصوص الخاصة الواردة في المقام الامرة باتمام الركعتين بل للأصل وانتفاء ما يدل على حرمة قطعها كغيرها من النوافل والله العالم ثم إن مقتضى ظاهر
المتن وغيره بل صريح بعضهم انحصار الرخصة في قطع الفريضة بالطريق المخصوص فليس له قطع الفريضة ابتداء ولا العدول إلى النافلة لدى علمه بعدم التمكن من
اتمامها ركعتين وادراك الجماعة لخروجه عن مورد النص ولكن حكى عن بعض تجويز قطعها عند خوف الفوات معللا بان الفريضة تقطع بما هو أدون من ذلك
كتدارك الأذان والإقامة عند نسيانهما وأورد عليه بحرمة القياس وهو في محله ولكن قد يوجه ذلك بانتفاء ما يدل على حرمة القطع بحيث يعم المقام فان عمدة
دليلها الاجماع كما عرفته في محله وهو في غير مثل المقام والاستدلال عليها في المقام بالاستصحاب مدفوع بكونه من قبيل الشك في المقتضى كما لا يخفى على المتأمل
وقد حققنا في محله ان الاستصحاب في مثله ليس بحجة وقد اتجه بما ذكرناه ما صرح به غير واحد بل عن بعض نسبته إلى المشهور بل عن البيان نفي الخلاف فيه من أنه
لو كان امام الأصل قطع واستأنف الصلاة معه ولكن لا يخفى عليك انه مع حضوره والتمكن من السؤال عنه لا يجوز العمل بالأصول قبل الفحص والسؤال عنه
فترك التعرض لبيان الحكم في مثل هذا الفرع مع خروجه عن مورد الابتلاء أولى. المسألة الثامنة: إذا فاته مع الامام شئ من الركعات صلى
ما يدركه وجعله أول صلاته وأتم ما بقي عليه على حسب ما اقتضاه تكليفه لو كان منفردا من أول صلاته بلا خلاف معتد به فيه بيننا بل عن غير واحد دعوى الاجماع
696

عليه خلافا للمحكى عن أبي حنيفة وبعض العامة وأبي علي من الخاصة فقالوا بأنه يتبع الامام في ذلك ثم يتدارك ما فاته من الأول محتجين بما روره عنه صلى الله عليه وآله أنه قال ما أدركتم
فصلوا وما فاتكم فاقضوا وهذه الرواية على تقدير صحتها لا تأبى عن الحمل على ما يوافق مذهبنا وقد ورد في جملة من اخبارنا الطعن والتعريض على هذا المذهب كما
ستسمعه ويدل على الحكم المذكور جملة من الاخبار منها صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا فاتك شئ مع الامام فاجعل أول صلاتك ما استقبلت منها
ولا تجعل أول صلاتك اخرها وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا أدرك الرجل بعض الصلاة وفاته بعض خلف امام يحتسب بالصلاة خلفه جعل أول ما أدرك أول
صلاته ان أدرك من الظهر أو من العصر أو من العشاء ركعتين وفاتته ركعتان قرأ في كل ركعة مما أدرك خلف الامام في نفسه بأم الكتاب وسورة فإن لم يدرك السورة
تامة أجزأته أم الكتاب فإذا سلم الامام قام فصلى ركعتين لا يقرأ فيهما لان الصلاة انما يقرء فيها في الأوليتين في كل ركعة بأم الكتاب وسورة وفي الأخيرتين لا يقرأ
فيهما انما هو تسبيح وتهليل ودعاء ليس فيهما قراءة وان أدرك ركعة قرء فيها خلف الامام فإذا سلم الامام قام فقرء بأم الكتاب وسورة ثم قعد فتشهد ثم قام فصلى
ركعتين ليس فيهما قراءة وقد تقدم توجيه هذه الرواية في مبحث القراءة وعرفت فيما تقدم عدم التنافي بينها وبين كونه مخيرا في الأخيرتين بين قراءة الفاتحة وغيرها فراجع
وصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يدرك الركعة الثانية من الصلاة مع الامام وهي له الأولى كيف يصنع إذا جلس الإمام قال
يتجافى ولا يتمكن من القعود فإذا كانت الركعة الثالثة للامام وهي له الثانية فليلبث قليلا إذا قام الامام بقدر ما يتشهد ثم يلحق بالامام قال وسألته عن الرجل الذي
يدرك الركعتين الأخيرتين من الصلاة كيف يصنع بالقراءة فقال اقرأ فيهما فإنهما لك الأولتان فلا تجعل أول صلاتك اخرها وخبر طلحة بن زيد عن جعفر عن
أبيه عن علي عليه السلام قال يجعل الرجل ما أدرك مع الامام أول صلاته قال جعفر عليه السلام وليس نقول كما تقول الحمقى ومرسل أحمد بن النضر عن أبي جعفر عليه السلام قال قال لي اي
شئ يقول هؤلاء في الرجل إذا فاته مع الامام ركعتان قال قلت يقولون يقرء في الركعتين بالحمد وسورة فقال هذا يقلب صلاته فيجعل أولها اخرها قلت فكيف
يصنع فقال يقرء بفاتحة الكتاب في كل ركعة ورواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله البصري عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا سبقك الامام بركعة فأدركت القراءة الأخيرة قرأت
في الثانية من صلاته وهي ثنتان لك فإن لم تدرك معه الا ركعة واحدة قرأت فيها وفي التي تليها وان سبقك ركعة جلست في الثانية لك والثالثة له حتى تعتدل
الصفوف قياما الحديث وموثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل يدرك الامام وهو يصلي أربع ركعات وقد صلى الامام ركعتين قال يفتتح الصلاة
فيدخل معه ويقرء معه في الركعتين وعن كتاب دعائم الاسلام عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال إذا سبق الامام أحدكم بشئ من الصلاة فليجعل ما يدرك مع الامام
أول صلاته وليقرأ فيما بينه وبين نفسه ان أمهله الامام وإذا دخل في صلاة العشاء الآخرة وقد سبقه بركعة وأدرك القراءة في الثانية فقام الامام
في الثالثة قرء المسبوق في نفسه كما كان يقرء في الثانية واعتد بها لنفسه انها الثانية وروي فيه عن جعفر بن محمد عليه السلام نحوه وروى عن أبي جعفر محمد بن علي عليهم السلام قال إذا
أدركت الامام وقد صلى ركعتين فاجعل ما أدركت معه أول صلاتك فاقرء لنفسك بفاتحة الكتاب ان أمهلك الامام أو ما أدركت ان تقرء واجعلها أول صلاتك وعن الفقه الرضوي فان سبقك بركعة أو ركعتين فاقرء في الركعتين الأولتين من
صلاتك بالحمد وسورة فإذا لم تلحق السورة أجزأتك الحمد وعن موضع اخر منه وإذا فاتك مع الامام الركعة الأولى التي فيها القراءة فانصت للامام في
الثانية التي أدركت ثم اقرأ أنت في الثالثة وهي لك ثنتان وهذه الأخبار واضحة الدلالة على المدعى وقد اشتمل جلها على الامر بالقراءة وظاهره الوجوب كما
ربما يؤيده عموم ما دل على وجوب القراءة في الأولتين وانه لا صلاة الا بفاتحة الكتاب بل قد يستشعر من سوق غير واحد منها ان المقصود من الامر بجعل ما
ادركه أول صلاته انما هو إرادة القراءة فيه ان كان من الأخيرتين وما دل على ضمان الامام للقرائة قاصر عن شمول المقام فضلا عن صلاحية المعارضة لما
عرفت إذ المنساق منه ارادته حال الايتمام به في الأولتين فلولا الأدلة الخارجية الدالة على جواز اللحوق بالامام في الركوع من غير قراءة لم يكن يفهم
من تلك الأدلة سقوطها عمن لحق بالامام بعد فراغه من القراءة في الأولتين أيضا فضلا عن الأخيرتين كما لا
يخفى فما عن غير واحد من القول بجواز تركها ضعيف
وان بالغوا في تشييده ففي المدارك بعد ايراد صحيحتي زرارة وعبد الرحمن بن الحجاج المتقدمتين قال ما لفظه ومقتضى الروايتين ان المأموم يقرء خلف الامام
إذا ادركه في الركعتين الأخيرتين وكلام أكثر الأصحاب خال من التعرض لذلك وقال العلامة رحمه الله في المنتهى الأقرب عندي ان القراءة مستحبة ونقل عن بعض فقهائنا
الوجوب لئلا تخلو الصلاة عن قراءة إذ هو مخير في التسبيح في الأخيرتين وليس بشئ فان احتج بحديث زرارة و عبد الرحمن حملنا الامر فيهما على الندب لما ثبت من
عدم وجوب القراءة على المأموم هذا كلامه رحمه الله ولا يخلو من نظر لان ما تضمن سقوط القراءة باطلاقه لا ينافي هذين الخبرين المفصلين لوجوب حمل الاطلاق عليهما
وان كان ما ذكره من الحمل لا يخلو من قرب لان النهي في الرواية الأولى عن القراءة في الأخيرتين للكراهة قطعا وكذا الامر بالتجافي وعدم التمكن من القعود في
الرواية الثانية محمول على الاستحباب ومع اشتمال الرواية على استعمال الامر في الندب والنهي في الكراهة يضعف الاستدلال بما وقع فيهما من الأوامر على
الوجوب أو النواهي على التحريم مع أن مقتضى الرواية الأولى كون الامر بالقراءة في النفس وهو لا يدل صريحا على وجوب التلفظ بها وكيف كان فالروايتان
قاصرتان عن اثبات الوجوب انتهى ما في المدارك وقد أكثر في الجواهر من ذكر المؤيدات لهذا القول ثم اعترف في ذيل كلامه بان شيئا منها ليس بشئ يلتفت إليه
في مقابل ما سمعت كما أنه لا ينبغي الالتفات إلى ما ذكره في المدارك وجها للخدشة في دلالة الصحيحتين على الوجوب بعد وضوح عدم كون إرادة الكراهة من
النهي عن القراءة في الأخيرتين بعد تسليمها والغض عما ذكرناه في محله في توجيه النهي موهنة لإرادة الوجوب من الامر الوارد في الفقرة السابقة عليه أو اللاحقة
به وكذا عدم صلاحية إرادة الاستحباب من الامر بالتجافي في صحيحة ابن الحجاج قرينة لإرادة الاستحباب من الامر الاخر الوارد في الجواب عن مسألة أخرى لا ربط لها
697

بالأولى كما هو واضح فتلخص مما ذكرنا ان القول بوجوب القراءة على المسبوق على النهج الذي ورد في الاخبار المزبورة مشروحا كما حكى عن جماعة من أعيان القدماء كالشيخ في
التهذيبين والنهاية والسيد والحلبي بل الصدوقين والكليني وغير واحد من المتأخرين هو الأشبه. فروع الأول: لو ضاق الوقت عن قراءة الحمد والسورة بان كان
بحيث لو قرأهما لم يلحق بالركوع اكتفى بالحمد خاصة كما نص عليه في صحيحة زرارة وعبارة الرضوي المتقدمتين بل قد يفهم أيضا من مرسلة الدعائم المتقدمة ولو تمكن من الاتيان
ببعض سورة هل عليه ذلك قد يترائى من الصحيحة المزبورة عدمه ولكن لا يبعد ان يكون المقصود بقوله عليه السلام فإن لم يدرك السورة تامة أجزأته أم الكتاب بيان في لحاجة إلى
سورة كاملة لدى عدم التمكن من الاتيان بها تامة والركوع مع الامام لا سقوط التكليف عنها رأسا بحيث ينافيه قاعدة الميسور فالقول بوجوب الاتيان بما تيسر
قبل ان يركع الامام لا يخلو من وجه كما ربما يؤيده أيضا قوله عليه السلام في ذيل موثقة عمار المتقدمة يقرء خلفه في الركعتين يقرء في الأولى الحمد وما أدرك من سورة الجمعة و
يركع مع الامام وفي الثانية الحمد وما أدرك من سورة المنافقين ويركع مع الامام ولو ضاق عن قراءة الفاتحة أيضا وعن اتمامها واللحوق بالركوع فهل يقرئها
ويلحق بالسجود أو يتبع الامام في الركوع وجهان بل قولان صرح بعض متأخري المتأخرين بالأول لوجوب القراءة عليه بالأدلة المتقدمة وعدم كون التخلف لعذر
مانعا عن صحة الاقتداء كما تقدم تحقيقه فيما سبق بل قد عرفت فيما تقدم عدم صلاحية وجوب المتابعة لان يكون دليلا لجواز الاخلال بشئ من واجبات الصلاة لو لم
يدل عليه دليل خارجي وربما يؤيده أيضا قوله عليه السلام في الصحيحة المتقدمة فإن لم يدرك السورة تامة أجزأته أم الكتاب فإنه مشعر بعدم جواز الاخلال بالفاتحة وعدم
صحة الاجتزاء بما دونها ورجح في الجواهر القول الثاني لصحيحة معاوية بن وهب قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يدرك اخر صلاة الامام وهي أول صلاة الرجل
فلا يمهله حتى يقرء فيقضي القراءة في اخر صلاته قال نعم ولعل المراد بقضاء القراءة في اخر صلاته اختيارها في الأخيرتين على التسبيح وكيف كان فاجمال هذه الفقرة
أو كونها بظاهرها غير معمول بها غير قادح في دلالة صدرها على المدعى ومفهوم قوله عليه السلام في الخبر المتقدم المحكى عن دعائم الاسلام مرسلا عن أمير المؤمنين عليه
السلام وليقرأ فيما بينه وبين نفسه ان أمهله الامام وعن أبي جعفر عليه السلام فاقرء لنفسك بفاتحة الكتاب ان أمهلك الامام أو ما أدركت ان تقرء الحديث وربما
يؤيده أيضا النصوص الامرة بالجماعة حال ركوع الامام ونوقش في ذلك بتوقف ادراك الركعة حينئذ على لحوقه بالامام راكعا فلا يستكشف من الرخصة في تركها
لذلك جواز تركه في مثل المقام الذي قد عرفت انه لا يترتب على فعلها الا فوات المتابعة في ركن لعذر وهو غير قادح بصحة الايتمام ولكنك خبير بأن هذا مما يقدح
في الاستدلال به لا ذكره من باب التأييد ونوقش في مرسلة الدعائم أيضا بضعف السند وفي الصحيحة بعدم امكان العمل بظاهرها إذ لم يقل أحد بوجوب قضاء القراءة
عليه وقد عرفت ان الخدشة في الصحيحة في غير محلها واما المرسلتان وان قصرتا عن الحجية ولكنهما قويتان في مقام التأييد كما يؤيده أيضا الروايات الدالة على جواز
الايتمام عند ادراكه تكبير الركوع بل في بعض تلك الأخبار النهي عن اللحوق به أو الاعتداد بالركعة التي لم يشهد تكبيرها إذ المنساق من مثل هذه الأخبار إرادة
اللحوق به قبل ان يركع ومتابعته في الركوع على حسب ما جرت عليه السيرة في كيفية الجماعة فالقول بجواز الاقتصار على ما أدرك منها وتركها رأسا عند عدم ادراك
شئ منها قبل ان يركع الامام لا يخلو من قوة الا ان الاتيان بها بنية القربة المطلقة واللحوق بالامام في السجود لا يبعد ان يكون أحوط وان كان الغالب على الظن
مخالفته لما جرت عليه السيرة من صدر الشريعة في كيفية الجماعة ولكنك عرفت ان التخلف في ركن لعذر ولو لتدارك ما يحتمل وجوبه ليس موجبا لانفساخ القدرة
فلا محذور فيه من هذه الجهة بل لا ينبغي ترك هذه الاحتياط فيما لو تمكن معه من اللحوق قبل ان يرفع الامام رأسه من الركوع كما أن الأحوط ان لم يكن الأقوى انه
لو انفرد قبل ان يركع ولو لعروض مانع عن الايتمام إعادة ما قرأه حال ركوع الامام كما لا يخفى وجهه الثاني الأظهر انه يجب عليه ان يقرء اخفاتا وان كانت
الصلاة جهرية لقوله عليه السلام في صحيحة زرارة المتقدمة قرء في كل ركعة مما أدرك خلف الامام في نفسه بأم الكتاب وفي مرسلة الدعائم الأولى وليقرء فيما بينه و
بين نفسه ان أمهله الامام وفي مرسلته الثانية فاقرء لنفسك بفاتحة الكتاب إلى اخره إذ الظاهر أن المراد بالقراءة في نفسه أو لنفسه أو فيما بينه وبين نفسه هو القراءة
سرا لا مجرد الاخطار بالبال فإنه لا يسمى قراءة مع أن مقتضى الجمع بينها وبين غيرها من الروايات الامرة بالقراءة هو حملها على هذا المعنى لو لم نقل بظهورها
في حد ذاتها في ذلك لعدم امكان صرف الامر بالقراءة الوارد في سائر الأخبار إلى إرادة حديث النفس بقرينة هذه الروايات لابائها عن ذلك بخلاف العكس
اي جعل تلك الأخبار قرينة على إرادة الاخفات من هذه الروايات كما لا يخفى وذهب بعض إلى القول بالاستحباب تضعيفا لمستنده دلالة أو سندا وفيه ما لا
يخفى. الثالث: لا خلاف على الظاهر في سقوط القراءة عمن لم يدرك الامام قبل الركوع بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه ويشهد له أيضا النصوص
الواردة فيمن أدرك الامام راكعا كما لا يخفى على المتأمل وقضية اطلاق النص والفتوى سقوطها حتى مع الوثوق بتمكنه من قراءة الفاتحة واللحوق بركوعه
اللهم الا ان يدعى انصرافهما عن ذلك وفيه تأمل. الرابع: لو لحق المسبوق بالركعة الثانية يستحب له متابعة الامام في القنوت كما عن جماعة من الأصحاب التصريح
به ويشهد له موثقة عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يدخل الركعة الأخيرة من الغداة مع الامام فقنت الامام أيقنت معه قال نعم
ويجزئه من القنوت لنفسه وكذا ينبغي المتابعة في التشهد وان لم يكن موضع تشهد للمأموم كما يدل عليه ما عن الشيخ في الموثق عن الحسين بن المختار وداود بن
الحصين قال سئل عن رجل فاتته ركعة من المغرب مع الامام وأدرك الثنتين فهي الأولى له والثانية للقوم يتشهد فيها قال نعم قلت والثانية أيضا
قال نعم قلت كلهن قال نعم فإنما هو بركة وعن إسحاق بن يزيد قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام جعلت فداك يسبقني الامام بركعة فتكون لي واحدة وله ثنتان أفأتشهد
كلما قعدت قال نعم وانما التشهد بركة فما عن أبي الصلاح من أنه قال يجلس مستوفزا ولا يتشهد ضعف ويمكن ان يكون مستنده صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج
698

قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يدرك الركعة الثانية من الصلاة مع الامام وهي له الأولى كيف يصنع إذا جلس الإمام قال يتجافى ولا يتمكن من القعود الحديث
وصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال ومن اجلسه الامام في موضع يجب ان يقوم فيه تجافى واقعي اقعاء ولم يجلس متمكنا بدعوى ان المنساق من هذين
الخبرين إرادة المنع عن المتابعة في التشهد والجلوس كزي الاخذ في النهوض الذي منعه عن القيام انتظار متابعة الامام وفيه ان غاية ما يمكن ادعائه
اشعار الخبرين المزبورين بما ذكر فلا ينبغي الالتفات إليه في مقابل ما عرفت وهل يجب عليه متابعة الامام في الجلوس للتشهد الذي ليس فرضه من حيث هو أم لا و
انما يجب عليه ان لا يسبقه في القيام فيجوز بقائه ساجدا مثلا إلى أن يقوم الامام وجهان بل قولان ظاهر كلمات بعض ان لم يكن صريحها الأول ويظهر من بعض
كلمات شيخنا المرتضى رحمه الله الذي سيأتي نقله في المسألة الآتية الثاني واستدل للأول بوجوب المتابعة في الافعال التي منها الجلوس والقيام ويؤيده أيضا الاخبار
المزبورة المشعرة بكون المتابعة في الجلوس من الأمور المسلمة المفروغ عنها لديهم ورواية علي بن جعفر المروية عن قرب الإسناد عن أخيه موسى عليه السلام قال
سألته عن الرجل يدرك الركعة من المغرب كيف يصنع حين يقوم يقضي أيقعد في الثانية والثالثة قال يقعد فيهن جميعا ويرد على الأول ما تقدمت الإشارة
إليه في مبحث وجوب المتابعة من أن القدر المسلم الذي يمكن دعوى استفادته من الاجماع وغيره انما هو وجوب ان يربط المأموم صلاته بصلاة الامام
بان يجعل افعال صلاته تابعة لافعال الامام لا ان يتابعه في كل ما يفعله في صلاته وان لم يكن واجبا على المأموم كالمتابعة في القنوت والتشهد ونحوه
واما الاخبار المزبورة فهي قاصرة عن اثبات الوجوب بل الصحيحتان الآمرتان بالتجافي مشعرة بخلافه وقوله عليه السلام في الخبر الأخير يقعد فيهن جميعا مسوق لدفع
توهم سقوطه عنه في الركعتين الباقيتين واما كون ما اتى به تبعا للامام واجبا فلا يكاد يفهم منه كما يؤيد ذلك تعبير السائل عما يأتي به حين يقوم
بالقضاء فإنه مشعر بأنه كان يزعم أن ما ادركه مع الامام هي الأخيرة من صلاته وان ما يأتي به بعد حصول الانفراد قضاء الأوليين فمن هنا توهم انه ليس
عليه ان يقعد في الثانية فدفعه الإمام عليه السلام بقوله يقعد فيهن جميعا كما لا يخفى فظهر بما ذكرنا ان القول بعدم الوجوب لا يخلو من قوة وهل يجوز
عند متابعته للامام في الجلوس للتشهد الذي ليس فرضه ان يجلس متمكنا أم يجب عليه ان يقعد متجافيا قولان نسب إلى الصدوق الثاني بل ربما استظهر ذلك
عن جملة من القدماء وقواه صريحا غير واحد من متأخري المتأخرين اخذا بظاهر صحيحتي ابن الحجاج والحلبي المتقدمتين ونسب إلى الأكثر القول باستحبابه بل قد يلوح
من عبارة المدارك المتقدمة كونه مفروغا عنه لديهم وهو لا يخلو من وجه فان حمل الخبرين على إرادة الوجوب الشرعي أو الشرطي لا يخلو من بعد اما الأول
اي الوجوب التعبدي الشرعي فواضح لان المنساق من مثل هذه الأوامر إرادة الحكم الوضعي لا الوجوب الشرعي واما الثاني فلان حمل هذين الخبرين على الندب
أقرب من رفع اليد عما هو المنساق من سائر الروايات المزبورة من إرادة الجلوس على النهج المعهود المتعارف في الجلوس للتشهد على تردد فالأحوط ان لم يكن
أقوى عدم ترك التجافي أو عدم قصد التوظيف بمتابعته في الجلوس والله العالم ولو ادركه اي الامام في الرابعة دخل معه فإذا سلم قام فصلى ما بقي
عليه ويقرء في الثانية له بالحمد وسورة وفي الاثنتين الأخيرتين بالحمد وان شاء سبح بلا اشكال ولا خلاف على الظاهر في التخير بين قراءة الفاتحة والتسبيح
في الأخيرتين في هذه الصورة كما اعترف به في المدارك وانما الخلاف فيما إذا أدرك معه الركعتين الأخيرتين وسبح الامام فيهما فالمشهور في هذه الصورة
أيضا كما في الحدائق وغيره على بقاء التخيير له وان سبح الامام فيهما ولم يقرء بل عن المنتهى نسبته إلى علمائنا ونقل عن بعض الأصحاب القول بوجوب القراءة
هنا في ركعة لئلا تخلو الصلاة عن فاتحة الكتاب التي لا صلاة بدونها وهو مشعر باختصاص الخلاف فيما إذا لم يقرء المأموم اما لعدم وجوبها
عليه أو لعدم تيسرها له وفي الحدائق بعد ان نقل هذا القول عن البعض وتعليله بما سمعت قال والأظهر الاستدلال له برواية أحمد بن النضر المتقدمة حيث إنه
بعد ان منع من قراءة الحمد والسورة في الأخيرتين لاستلزامه قلب الصلاة امر بقراءة فاتحة الكتاب في كل ركعة وما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن وهب قال
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل يدرك اخر صلاة الامام وهي أول صلاة الرجل فلا يمهله حتى يقرء فيقضي القراءة في اخر صلاته قال نعم فان المراد بهذا الخبر
كما ذكره في الاستبصار ان يأتي بالقراءة في الأخيرتين إلى أن قال وبذلك يظهر ان ما استدل به للقول المشهور من عموم أدلة التسبيح الشاملة لموضع البحث
مدخول بأنه يمكن تخصيص العموم المذكور بهذه الرواية كما أنه خصص أيضا باخبار ناسي القراءة في الأولتين
كما هو أحد القولين حسب ما تقدم تحقيق البحث
في ذلك في الفصل الثامن انتهى وفيه ما لا يخفى فان شيئا من الخبرين بظاهرهما لا ينطبق على القول المزبور اما الرواية الأولى فظاهرها وجوب القراءة عليه في
جميع الركعات سواء قرء الامام إلى أخيرتيه أم سبح وهو أجنبي عما نقل عن البعض المشار إليه لأنه خص الحكم بما إذا لم يقرأ الإمام بل ولا المأموم في الركعتين
اللتين أدركهما مع الامام وقد تقدم في مبحث القراءة توجيه الرواية واتضح فيما تقدم قصورها عن إفادة الوجوب العيني بالنسبة إلى الأخيرتين فراجع واما الرواية
الأخيرة فموردها على ما ينسبق إلى الذهن من السؤال ما لو أدرك اخر صلاة الامام اي الركعة الأخيرة منها وقد عرفت انه لا قائل بتعين التسبيح عليه في شئ من
الأخيرتين في هذه الصورة وعلى تقدير ان يكون المراد باخر صلاة الامام الأخيرتين فلا يخلو ما أريد من قضاء القراءة في اخر صلاته من تشابه بل الغالب على
الظن جريه مجرى التقية وحمله على إرادة اختيار القراءة على التسبيح انما هو من باب ابداء الاحتمال في مقام التوجيه تفاديا على طرحها أو حملها على التقية والا
فليست الرواية في حد ذاتها دالة عليه بحيث يصح الاستدلال بها في مقابل ما دل على التخيير خصوصا صحيحة زرارة المتقدمة في صدر المسألة المصرحة بحكم من أدرك مع
الامام ركعة أو ركعتين واما الاستدلال له بلا صلاة الا بفاتحة الكتاب فقد تبين ضعفه مما حققناه في مبحث القراءة كما تبين في ذلك المبحث ضعف القول
699

بتعين الفاتحة في الأخيرتين لمن نسي القراءة في الأوليين فظهر بما ذكرناه ان القول بتعين الفاتحة في الصورة المفروضة من شذوذه في غاية الضعف تنبيه: قال
في الجواهر قد يشعر ما في المتن بعدم جواز قيام المسبوق قبل التسليم كما هو ظاهر المحكى عن السرائر ولعله لظاهر صحيح زرارة السابق وغيره مما تقدم ويأتي ولا ريب في أنه أحوط
وأولى وان كان الجواز أقوى حتى قبل التشهد فضلا عن التسليم إذا نوى الانفراد بناء على جوازه اختيارا إذ احتمال عدم مشروعيته في خصوص المقام لهذه الاخبار التي
لم تسق لبيان ذلك كما ترى بل قيل وان لم ينو الانفراد بناء على عدم وجوب المتابعة في الأقوال أو على ندبية التسليم وان اختص الجواز حينئذ على الأخير بما بعد التشهد لكن فيه
ان عدم وجوب المتابعة أو الندبية لا يخرجانه عن حكم الايتمام والا لم يجز له الانتظار وان طال وهو معلوم الفساد فالأقرب حينئذ وجوب نية الانفراد ولو أراد مفارقته
قبل التشهد أو بعده قبل التسليم انتهى. أقول: لا ينبغي الارتياب في جوازه مع نية الانفراد بناء على جوازها اختيارا كما هو المختار وانما الكلام في جواز مفارقته
لا مع هذا القصد فإنه قد يقوى في النظر ذلك لما أشرنا إليه انفا من عدم وجوب المتابعة فيما ليس بواجب عليه ما لم يدل عليه دليل تعبدي بخصوصه كما صرح به شيخنا المرتضى
رحمه الله في باب وجوب المتابعة حيث قال انما يجب متابعة الامام في الأفعال الواجبة عليهما فلو اتي الامام سهوا بفعل في غير محله لم يجب متابعته وكذا لو اتى بما يجب عليه
دون المأموم كالتشهد في الركعة الثانية التي هي الأولى للمأموم وكالتسليم في أخيرته بل يقوم المأموم عند تسليمه أو بعده ويتم صلاته انتهى فوجوب المتابعة أو
ندبه انما هو في الافعال والأقوال المشتركة بينهما فإذا قام المسبوق بركعة مثلا إلى الرابعة بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة للامام فقد فارقه بعد انقضاء افعال
صلاته التي كان عليه الاتيان بها متابعا للامام فيكون قيامه بعد رفع الرأس من السجدتين كقيامه بعد انقضاء صلاة الامام انفرادا قهريا وان لم ينوه. نعم:
حيث ثبت جواز متابعته في الجلوس للتشهد والتسليم بمقتضى صحيحة زرارة وغيره جاز له ذلك وصار بمنزلة الزيادات المستحبة التي تكون صيرورتها جزء من عمله دائرا
مدار فعله والا فالعمل من حيث هو مجز بدونه فعند قيامه إلى الرابعة ليس في اتيانه بالرابعة من حيث هو اثما قطعا لأنه مأمور بايتانها منفردا وقد امتثل بذلك
امره فان ترتب على عمله اثم فعلى تركه للمتابعة في الجلوس وحيث لا دليل على وجوب المتابعة فيه فلا محذور في فعله ولو على القول بعدم جواز المفارقة لا لعذر
لان هذا فيما لو بقي عليه شئ مما يجب المتابعة فيه على تقدير عدم انفساخ عزمه هذا مع أن قيامه للرابعة التي يعلم بعدم مشاركة الامام له فيها مساوق لنية الانفراد
فلا وقع للحكم بعدم جوازه عند تخلفه عن هذا القصد اللهم الا ان يقال إن القيام للرابعة بعد السجدتين لا بقصد الانفراد ليس انفرادا قهريا بل هو من قبيل المفارقة لعذر فله
ان يلحق بالامام في تشهده وتسليمه كما في صلاة الخوف فعلى هذا لا مقتضى للحكم بحرمته كما لا يخفى على المتأمل فليتأمل. المسألة التاسعة: إذا أدرك
المأموم الامام بعد رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة أو غيرها كبر وسجد معه السجدتين كما صرح به غير واحد بل عن بعض نسبته إلى المشهور وعن اخر نفي
الخلاف فيه الا من الفاضل في المختلف فتوقف فيه لرواية معلى بن خنيس عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا سبقك الامام بركعة فأدركته وقد رفع رأسه فاسجد معه
ولا تعتد بها وخبر معاوية بن شريح عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا جاء الرجل مبادرا والامام راكع أجزأته تكبيرة واحدة لدخوله في الصلاة والركوع ومن أدرك الامام
وهو ساجد كبر وسجد معه ولم يعتد بها ومن أدرك الامام وهو في الركعة الأخيرة فقد أدرك فضل الجماعة ومن ادركه وقد رفع رأسه من السجدة الأخيرة وهو
في التشهد فقد أدرك الجماعة وليس عليه اذان ولا إقامة ومن ادركه وقد سلم فعليه الأذان والإقامة وعن الوافي انه احتمل كون قوله عليه السلام ومن أدرك الامام إلى اخره
من كلام الصدوق وهو مخالف للظاهر وعن مجالس الحسن بن محمد الطوسي بسند متصل إلى أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا جئتم إلى الصلاة ونحن في سجود
فاسجدوا ولا تعدوها شيئا ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة وربما يؤيده أيضا بل يشهد له صحيحة محمد بن مسلم قال قلت له متى يكون يدرك الصلاة مع
الإمام قال إذا أدرك الامام وهو في السجدة الأخيرة من صلاته فهو مدرك الصلاة مع الامام إذ المنساق من قوله عليه السلام إذا أدرك الامام وهو في السجدة كما
في قوله عليه السلام في خبر المعلى إذا سبقك الامام بركعة إلى اخره انما هو إرادة الدخول في الصلاة معه ومتابعته في الفعل لا مجرد الحضور والامام في هذا الحال أو مجرد متابعته
فيما يجده متلبسا به من السجود ونحوه وأوضح منهما دلالة على ذلك خبر معاوية بن شريح المتقدم حيث وقع فيه التصريح بالتكبير واحتمال ان يكون المراد به تكبير الركوع
لا الافتتاح بعيد ويظهر من هذه الرواية جواز اللحوق بالامام في التشهد الأخير أيضا وانه يدرك به فضيلة الجماعة وربما يشهد لهذا أيضا موثقة عمار الساباطي
عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يدرك الامام وهو قاعد للتشهد وليس خلفه الا رجل واحد عن يمينه قال لا يتقدم الامام ولا يتأخر الرجل ولكن يقعد الذي يدخل معه
خلف الامام فإذا سلم الامام قام الرجل فأتم صلاته ويدل عليه أيضا خبر عبد الرحمن البصري الآتي ولا يعارضها موثقة عمار الأخرى قال سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن رجل أدرك الامام وهو جالس بعد الركعتين قال يفتتح الصلاة ولا يقعد مع الامام حتى يقوم فان مورد هذه الرواية هو التشهد الأول الذي يتمكن
معه من ادراك فضيلة الجماعة بمتابعة الامام فيما بقي من صلاته مع أنه لو اغمض عن ذلك فمقتضى الجمع بين هذه الموثقة وغيرها من الروايات الدالة على رجحان
متابعة الامام في الجلوس والتشهد مطلقا كرواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله البصري عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال إذا وجدت الامام ساجدا فاثبت
مكانك حتى يرفع رأسه وان كان قاعدا قعدت وان كان قائما قمت وغيرها من الروايات المتقدمة في المسألة السابقة الدالة على جواز الجلوس تبعا للامام التي منها
ما دل على استحباب متابعته في التشهد حيث إن المتبادر منها إرادة فعل على ما شرع من الاتيان به جالسا مع ما فيها من الإشارة إلى حكمة الحكم التي نجعلها كالنص في إرادة
العموم انما هو حمل الموثقة على الرخصة في ترك المتابعة بل لعل هذا هو المتبادر منها في حد ذاتها لورودها في مقام توهم الوجوب فهذه الموثقة أيضا
من مؤيدات ما قويناه في تلك المسألة من عدم وجوب المتابعة في التشهد الذي ليس فرضه كما أنه يؤيده أيضا قوله عليه السلام في خبر البصري إذا وجدت
700

الامام ساجدا فاثبت مكانك فان أجمل وجوه الجمع بين الروايات هو حمل هاتين الروايتين على الرخصة في ترك المتابعة في التشهد والسجود الذين ليسا
بواجبين عليه وتلك الروايات التي ورد فيها الامر بالمتابعة فيهما على الاستحباب كما ذهب إليه الشيخ في مسألة المتابعة في السجود على ما حكى عنه حيث قال لو أدرك
الامام وقد رفع رأسه من الركوع استفتح الصلاة وسجد معه السجدتين ولا يعتد بهما وان وقف حتى يقوم إلى الثانية كان له ذلك انتهى ويمكن ان يحمل
النهى عن القعود في الموثقة على إرادة الجلوس متمكنا بشهادة الصحيحتين المتقدمتين الآمرتين بالتجافي دون الجلوس متمكنا كما أنه يمكن الجمع بين خبر البصري
وغيره من الروايات الامرة بالسجود معه بحمل خبر البصري على ارادته فيما عدى السجدة في الركعة الأخيرة التي لو لم يتابعه فيها لا يبقى معه شئ يعتد به يحصل بمتابعته
فيه ادراك فضل الجماعة وحمل تلك الروايات على ما لو ادركه في السجود من الركعة الأخيرة كما هو مورد صحيحة محمد بن مسلم أو لحق به بعد رفع رأسه من
الركوع حيث يلزم من ترك المتابعة في السجود مخالفات كثيرة بهيئة الجماعة كما هو مورد خبر المعلى واما ما عدى هاتين الروايتين مما يأبى عن أحد هذين
التوجيهين فهو غير ناهض للحجية متنا أو سندا كما لا يخفى أو بإبقاء خبر البصري على ظاهره من كونه ارشادا إلى ما يصح معه الصلاة جماعة وحمل تلك الأخبار
على بيان ادراك فضيلة الجماعة بالدخول في الصلاة بنية الايتمام ومتابعة الامام في السجود من غير أن يعتد بهذا الفعل ويجعله جزء من الصلاة المفروضة
عليه فيكون قوله عليه السلام ولا يعتد بها الوارد في تلك الأخبار إشارة إلى ذلك فعلى هذا يتجه ما نسبه في المدارك وغيره إلى الأكثر بل عن الرياض نفى الخلاف فيه من أنه
لا يعتد المأموم بتلك النية والتكبير والسجود فلو أدرك الامام في الركعة الأخيرة مثلا بعد رفع رأسه من الركوع كبر وسجد معه فإذا سلم الامام
قام فاستأنف الصلاة بتكبير مستأنف ولكن يتوجه عليه ان المتبادر من تلك الأخبار هو الامر بمتابعة الامام في السجود عند لحوقه بالامام بعد رفع
رأسه من الركوع أو في أثناء السجدة من غير أن يعتد بما اتى به من تتمة الركعة التي لحق فيها بالامام بان يحتسبه كادراكه في الركوع ركعة من صلاته لا بأصل ادركه
للامام الذي هو كناية عن التلبس بالصلاة معه فالضمير في قوله ولا يعتد بها اما راجع إلى الركعة كما هو الظاهر من خبر المعلى أو إلى السجدة التي لحق بها بالامام
كما في غيره فتكون هذه الأخبار بظاهرها مخصصة لما دل على أن زيادة السجدة مبطلة للصلاة بل واردة عليه حيث إن مقتضى مشروعية المتابعة كسائر
الزيادات المشروعة في الجماعة صيرورة الزائد جزء تبعيا للصلاة زائدا على اجزائها الأصلية فيخرج ح عن موضوع أدلة الزيادة فما عن غير واحد من الاستدلال
للمشهور بمبطلية الزيادة لا يخلو من نظر وفى المدارك بعد ذكر دليل المشهور والمناقشة فيه قال ويظهر من العلامة ره في المختلف التوقف في هذا الحكم من
أصله للنهي عن الدخول في الركعة عند فوات تكبيرها في رواية محمد بن مسلم الصحيحة عن الباقر عليه السلام وهو في محله لا لما ذكره من النهى فإنه محمول على الكراهة
بل لعدم ثبوت التعبد بذلك انتهى أقول قد عرفت عدم قصور الأدلة المتقدمة عن اثبات شرعية خصوصا مع عدم معروفية الخلاف فيه من أصله
من أحد واما صحيحة محمد بن مسلم الناهية عن الدخول في الركعة التي لم يشهد تكبيرها فقد عرفت الجواب عنها في مسألة ادراك الركعة بادراك الامام راكعا
فراجع وقد ظهر بما ذكرنا وجاهة ما قيل كما عن ظاهر الشيخ والحلي من أنه يبنى على التكبير الأول وقد بالغ في الجواهر في تشييد هذا القول واستظهره من كثير
من القدماء بل منع شهرة القول بخلافه ولكن مع ذلك كله لا وثوق بما أريد من الاخبار فيشكل الجزم به فلا ينبغي ترك الاحتياط اما بترك الدخول في
الصلاة قبل أن يرفع الامام رأسه من السجدتين أو ترك متابعته في السجود أو المضي في صلاته ثم الإعادة وكيف كان فقد تلخص مما حررناه ان ما رجحه في المتن حيث
قال والأول أشبه ليس على ما ينبغي والله العالم ولو ادركه بعد رفع رأسه من السجدة الأخيرة كبر وجلس معه كما عرفته فيما سبق فيما في المدارك من حصر أقصى
ادراك الجماعة بادراك الامام في السجدة الأخيرة لظاهر صحيح محمد بن مسلم السابق ضعيف فان غاية ما يصح ادعائه انما هو اشعار الصحيح المزبور بذلك فلا
ينبغي الالتفات إليه في مقابل موثقة عمار ورواية معاوية بن شريح الصريحتين في خلافه فيحمل تخصيص السجدة الأخيرة بالذكر لكونها اخر الافعال التي يراعى
فيها التبعية والايتمام أو بلحاظ كونها حدا للادراك الكامل أو غير ذلك من المحامل هذا مع أن المقام قابل للمسامحة فإذا سلم الامام قام فاستقبل صلاته
ولا يحتاج هنا إلى استيناف تكبير جزما بل لم ينقل الخلاف فيه صريحا عن أحد بل عن المهذب البارع ومفتاح الكرامة دعوى الاجماع عليه ويدل عليه قوله عليه
السلام في موثقة عمار المتقدمة فإذا سلم الامام قام الرجل فأتم صلاته مضافا إلى في لمقتضى لبطلان صلاته الموجب للاستيناف ولذا لم يخالف هنا من حكم في
الفرع السابق بالاستيناف مع أنك عرفت في تلك المسألة أيضا ان الأظهر في لحاجة إلى استيناف التكبير نعم ربما استظهر من عبارة النافع الخلاف
في هذا الفرع أيضا حيث إنه بعد ان ذكر في الفرع السابق انه إذا سلم الامام استقبل هو قال وكذا فيما لو ادركه بعد السجود ولكن يحتمل قويا ان يكون مراده
باستقبال الصلاة مثل ما في عبارة الكتاب مما عدى التكبير الذي يتحقق به الافتتاح ليكون على هذا التقدير في تلك
المسألة أيضا موافقا لما قويناه على تقدير
ارادته الخلاف في المقام فهو واضح الضعف والاستدلال له بكون الجلوس والتشهد الماتى بهما تبعا للامام زيادة مبطلة مما لا ينبغي الالتفات إليه فان
مثلهما على تقدير في لامر بهما أيضا ليسا من مبطلات الصلاة كما عرفته في مبحث القواطع فضلا عن ثبوت شرعيتهما في حق المسبوق مط كما عرفت واضعف منه
الاستدلال له بما عن الفقيه عن عبد الله بن المغيرة قال كان منصور بن حازم يقول إذا اتيت الامام وهو جالس قد صلى ركعتين فكبر ثم اجلس فإذا قمت فكبر
فإنه مع كونه مقطوعا يحتمل قويا ان يراد به التكبير بعد القيام من التشهد الأول الذي وقع في بعض الأخبار الإشارة إليه ونقل عن الشافعي القول به فيحتمل جريه
مجرى التقية والله العالم المسألة العاشرة يجوز ان يسلم المأموم قبل الامام وينصرف لضرورة وغيرها كما صرح به غير واحد بل في المدارك
701

هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب حتى في كلام القائلين بوجوب التسليم ويدل عليه روايات منها صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يكون
خلف الامام فيطيل الامام التشهد فقال يسلم من خلفه ويمضى في حاجته ان أحب وصحيحة أبى المعزا عنه أيضا في الرجل يصلى خلف الامام فيسلم قبل الإمام قال
ليس بذلك بأس وصحيحة الأخرى قال سألت أبا عبد الله ع عن الرجل يكون خلف الامام فيسهو فيسلم قبل ان يسلم الإمام قال لا باس وصحيحة علي بن جعفر عن
أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل يكون خلف امام فيطول في التشهد فيأخذه البول أو يخاف على شئ ان يفوت أو يعرض له وجع كيف يصنع قال يسلم وينصرف
ويدع الامام وقد تقدم بعض الكلام فيما يتعلق بالمقام لدى البحث عن وجوب المتابعة في الأقوال فراجع المسألة الحادية عشرة إذا وقف النساء
في الصف الأخير فجاء رجال للصلاة جماعة وجب أي اعتبر في صحة صلاتهم ان يتأخرن عنهم إذا لم يكن للرجال موقف امامهن بناء على عدم جواز المحاذاة و
التقدم ولو في خصوص الجماعة كما عن ظاهر المعتبر أو في خصوص مثل الفرض كما يظهر من المصنف ره في الكتاب حيث رجح في مبحث المكان لقول بالكراهة وحكم لدى
التعرض لبيان الموقف في مبحث الجماعة في مسألة ما لو كان الامام رجلا والمأموم امرأة باستحباب تأخرها عنه وصرح هيهنا بوجوب تأخرهن عن الرجال وقد عرفت
في شرح المسألة المشار إليها ان القول بالتفصيل بين الجماعة وغيرها لا يخلو من قوة ولكن ترك التفصيل والالتزام بكراهة المحاذاة أو تقدمهن مطلقا حتى في الجماعة
لا يبعد ان يكون أقوى ويمكن ان يكون مستندا المصنف ره في الحكم بوجوب تأخرهن عن الرجال في المقام دعوى استفادته من صحيحة زرارة الطويلة المتقدمة في مسألة
اشتراط ان لا يكون بين الإمام والمأموم حائل عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال وأيما امرأة صلت خلف امام وبينها وبينه مالا يتخطى فليس لها تلك بصلاة قال قلت فان جاء
انسان يريد ان يصلى كيف يصنع وهى إلى جانب الرجل قال يدخل بينها وبين الرجل وتنحدر هي شيئا فإنها مشعرة بالمفروغية عن عدم جواز وقوفه خلفها أو بحذائها في صف
واحد في الجماعة فليتأمل المسألة الثانية عشرة إذا استنيب المسبوق فإذا انتهت صلاة المأمومين اومأ إليهم ليسلموا ثم يقوم فيأتي بما بقي عليه
من الصلاة كما يشهد له صحيحة معاوية بن عمار قال قال سألت أبا عبد الله ع عن الرجل يأتي المسجد وهم في الصلاة وقد سبقه الامام بركعة أو أكثر فيعتل فيأخذ بيده
ويكون أدنى القوم إليه فيقدمه قال يتم صلاة القوم ثم يجلس حتى إذا فرغوا من التشهد يؤمى إليهم بيده عن اليمين والشمال فكان الذي أومى إليهم بيده التسليم وانقضاء
صلاتهم وأتم هو ما كان فاته أو بقي عليه وصحيحه عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام في امام قدم مسبوقا بركعة قال إذا أتم صلاة القوم فليؤم إليهم يمينا وشمالا
فليصرفوا ثم ليكمل هو ما قاله من صلاته ولو استناب واحدا منهم ليسلم بهم جاز أيضا كما يدل عليه خبر طلحة بن يزيد عن جعفر عن أبيه ع قال سألته عن رجل أم قوما فأصابه
رعاف بعد ما صلى ركعة أو ركعتين فقدم رجلا ممن قد فاته ركعة أو ركعتان قال يتم بهم الصلاة ثم يقدم رجلا فيسلم بهم ويقوم هو فيتم بقية صلاته و
قضية الجمع بين هذه الرواية وبين الصحيحتين الآمرتين بالايماء إليهم الحمل على التخيير والالتزام بأداء وظيفة الإمامة بكل من الامرين كما أن مقتضى ندبية الجماعة في
الغالب وعدم تعين نية الإمامة على الامام وجواز مفارقته عن المأمومين والمضي في صلاته بنية الانفراد ولو في أثناء الركعة فضلا عما بعد انقضاء القدر
المشترك بينه وبين المأمومين انما هو حمل الامر المتعلق بكل من الامرين وكذا بالجلوس إلى أن يفرغوا من التشهد كما في الصحيحة الأولى على الاستحباب خاتمة
تتعلق بالمساجد والمراد بالمسجد على ما ينسبق إلى الذهن في اطلاقات الشارع وعرف المتشرعة المكان الموقوف على كافة المسلمين للصلاة فيه فهو بهذا المعنى على
الظاهر موضوع للأحكام الشرعية الآتية دون ما لو وقفه على أن يصلى فيه خصوص طائفة كأولاده نسلا بعد نسل أو الفقهاء مثلا أو وضع موضعا من داره
لان يصلى فيه ويكون مسجد بيته من غير أن يوقفه على المسلمين فإنه خارج عما أريد منه في مثل المقام وان صدق عليه اسم المسجد لغة وكيف كان فلا شبهة في أنه
يستحب اتخاذ المساجد في المدارك قال اما استحباب اتخاذ المساجد فهو من ضروريات الدين وفضله متفق عليه بين المسلمين قال الله تعالى انما يعمر مساجد الله
من آمن بالله واليوم الآخر الآية وروى الكليني ره في الحسن عن أبي عبيدة الحذاء قال سمعت أبا عبد الله ع يقول من بنى مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة قال أبو عبيدة فمر
بي أبو عبد الله ع في طريق مكة وقد سويت بأحجار مسجدا فقلت له جعلت فداك نرجو ان يكون هذا من ذاك فقال نعم انتهى أقول استفادة المدعى أي استحباب بناء
المساجد بمعنى انشائها منم الآية الشريفة انما هي بالفحوى والا فالمتبادر منها بمقتضى مدلولها اللفظي هو الحث على عمارة المسجد السابق مسجديته كما لا يخفى وربما
يستشعر من الرواية المزبورة عدم اعتبار سبق الملكية في صحة المسجدية بل يكفي في ذلك تنجيز المباحات بهذا القصد كما أنه يستشعر منه كفاية بنائه بهذا العنوان وتخليته لان
يصلى فيه المسلمون في صيرورته مسجدا من غير احتياجه إلى اجراء صيغة الوقفية كما ليس بالبعيد بالنسبة إلى الأوقاف العامة التي هي من قبيل التحريريات كالمساجد والقناطر
ونحوهما كما يأتي تحقيقه في محله انشاء الله ومما ورد أيضا في الحث على بناء المساجد؟ النبوي المروى عن كتاب الاعمال من بنى مسجدا في الدنيا أعطاه الله بكل شبر منه
أو قال بكل ذراع منه مسيرة أربعين الف عام مدينة من ذهب وفضة ودر وياقوت وزمرد وزبرجد ولؤلؤ الحديث وما رواه الصدوق باسناده عن أبي عبيدة
الحذاء عن أبي جعفر ع أنه قال من بنى مسجدا كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة قال أبو عبيدة ومر بي وانا بين مكة والمدينة أضع الأحجار فقلت هذا من ذلك فقال نعم
وخبر هاشم الجلال المروى عن محاسن البرقي قال دخلت انا وأبو الصباح على أبي عبد الله ع فقال له أبو الصباح ما تقول في هذه المساجد التي بنتها الحاج في طريق
مكة فقال بخ بخ تيك أفضل المساجد من بنى مسجدا كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة في المدارك قال المفحص كمقعد هو الموضع الذي تكشفه القطاة في الأرض وتبنيه
لجؤجؤها فتبيض فيه وهذا التشبيه مبالغة في الصغر ويمكن ان يكون وجهه عدم الاحتياج في حصول المسجدية إلى بناء الجدران بل يكفي رسمه كما ينبه عليه فعل أبى عبيدة
انتهى ويستحب أن تكون المساجد مكشوفة غير مسقفة بل يكره كونها مسقفة كما يدل عليه جملة من الروايات منها حسنة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام
702

قال سمعته يقول إن رسول الله صلى بنى مسجده بالسميط ثم إن المسلمين كثروا فقالوا يا رسول الله ص لو أمرت بالمسجد فزيد فيه فقال نعم فامر به فزيد فيه وبناه بالسعيدة
ثم إن المسلمين كثروا فقالوا يا رسول الله لو أمرت بالمسجد فزيد فيه فقال نعم فامر به فزيد فيه وبنى جداره بالأنثى والذكر ثم اشتد عليهم الحر فقالوا يا رسول الله لو
أمرت بالمسجد فظلل فقال نعم فامر به فأقيمت فيه سواري من جذوع النخل ثم طرحت عليه العوارض والخصف والإذخر فعاشوا فيه حتى اصابتهم الأمطار فجعل المسجد يكف
عليهم فقالوا يا رسول الله لو أمرت بالمسجد فطين فقال لا عريش كعريش موسى ع فلم يزل كذلك حتى قبض رسول الله ص وكان جداره قبل ان يظلل قامة قال وكان إذا
كان الفئ ذراعا وهو قدر مريض عنز صلى الظهر فإذا كان ضعف ذلك صلى العصر وقال السميط لبنة لبنة والسعيدة لبنة ونصف والأنثى والذكر لبنتان متخالفتان
أقول الظاهر أن قوله صلى الله عليه وآله لا حرف جواب وقوله ص عريش كعريش موسى كلام مستأنف في المجمع العريش ما يستظل به بيني من سعف النخل مثل الكوخ فيقيمون
فيه مده إلى أن يصرم النخل ومنه عريش كعريش موسى ع في حديث مسجد الرسول حين ظلل ويستفاد من هذه الرواية اختصاص الكراهة بالتسقيف دون التظليل
بغيره وانها لا تزول بالاحتياج إلى التسقيف ويؤكد ذلك ما عن الصدوق مرسلا عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال أول ما يبدؤ به قائمنا ص سقوف المساجد فيكسرها ويأمرها
فنجعل عريشا كعريش موسى ع وحكى عن بعض الأصحاب التصريح بكراهة التظليل بل عن مفتاح الكرامة نسبة إلى الشيخ ومن تأخر عنه وعن الذخيرة إلى الأصحاب ولعل
مستندهم في ذلك حسنة الحلبي أو صحيحة قال سئل أبو عبد الله ع عن المساجد المظلة أتكره الصلاة فيها قال نعم ولكن لا يضركم اليوم ولو قد كان العدل لرأيتم كيف
يصنع في ذلك ويشكل ذلك بما في الحسن السابق من امر النبي صلى الله عليه وآله بتظليل مسجده وفي المرسل السابق وغيره من أنه عند ظهور القائم عجل الله فرجه
الذي يظهر به العدل يكسر سقوف المساجد ويجعل عريشا كعريش موسى فيستكشف من ذلك ان المراد بالمساجد المظللة التي هي مورد الحكم بالكراهة ليس مطلقه
بحيث يتناول التظليل بالعريش بل المتبادر إرادة العهد أي الإشارة إلى المساجد المتعارفة التي يكون تظليلها بالتسقيف وعن الذكرى انه احتمل كراهة تظليل
جميع المسجد أو تظليل خاص أو في بعض البلدان وربما التزم بعض بكراهة مطلق التظليل حتى العرش لغير الحاجة ونفى البأس عنه فيما لو كان عرشا مع وجود الحاجة
واما غير العرش فيكره وان مست الحاجة إليه وجعله وجها للجميع بين الاخبار وهو لا يخلو من بعد فالأوجه الحكم بعدم كراهة العريش مطلقا نعم لا يبعد الالتزام
بأولوية تركه ما لم تمس الحاجة إليه تأسيا بفعل النبي صلى الله عليه واليه وتعويلا على ما دل على أن من أسباب قبول الصلاة وإجابة الدعاء في لحائل بين المصلى
والسماء فليتأمل وكذا يستحب ان يكون الميضاة على أبوابها والميضاة بكسر الميم لغة كما في القاموس الموضع يتوضأ فيه ومنه والمطهرة وفى المدارك قال المراد
بالميضاة هنا المطهرة وانما استحق جعلها على أبواب المساجد لما فيه من المصلحة للمترددين إليها ولرواية إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي إبراهيم ع قال قال رسول
الله ص جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وبيعكم وشرائكم واجعلوا مطاهركم على أبواب مساجدكم أقول الظاهر أن المراد بالمطهرة في كلامهم الموضع المعد
للتخلي والاستنجاء أي بيت الخلاء كما هو المنساق إلى الذهن من الرواية المزبورة ونقل عن الحلى المنع عن جعل الميضاة في وسط المسجد وهو جيدان سبقت مسجدية
محلها لا مطلقا وأن تكون المنارة في المساجد مع الحائط لا في وسطها كما هو المشهور على ما نسب إليهم ولعله كاف في اثبات مثله من باب المسامحة وعلله العلامة في
محكى نهايته بما فيه من التوسعة ورفع الحجاب بين المصلين وصرح غير واحد بكراهة تطويل المنارة زيادة على سطح المسجد لما رواه السكوني عن جعفر ع عن أبيه ع عن
ابائه ان عليا ع مر على منارة طويلة فامر بهدمها ثم قال لا يرفع المنارة الا مع سطح المسجد وان يقدم الداخل إليها رجله اليمنى والخارج رجله اليسرى لما رواه
الكليني ره بأسناده عن يونس عنهم ع قال الفضل في دخول المسجد ان تبدء برجلك اليمنى إذا دخلت وباليسرى إذا خرجت وان بتعاهد نعله أي يستعلم حاله عند باب
المسجد لخبر عبد الله بن ميمون القداح عن جعفر ع عن أبيه ع ان عليا ع قال قال رسول الله ص تعاهدوا نعالكم عند أبواب مساجدكم والمروى عن مكارم الأخلاق للطبرسي
عن النبي ص في قوله تعالى خذوا زينتكم عند كل مسجد قال تعاهدوا نعالكم عند أبواب مساجدكم وان يصلى على النبي صلى الله عليه وآله ويدعو عند دخوله وعند خروجه
منه للتأسي بفعلي النبي صلى الله عليه وآله المحكى في خبر عبد الله بن الحسن عن أمه فاطمة عن جدته فاطمة ع المروى عن مجالس الطوسي قالت كان رسول الله ص إذا دخل
المسجد صلى الله على النبي ص وقال اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك وإذا خرج من الباب صلى على النبي ص وقال اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب
فضلك وخبر عبد الله بن سنان عن الصادق ع قال إذا دخلت المسجد فصل على النبي ص وإذا خرجت فافعل ذلك وموثقة سماعة قال إذا دخلت المسجد فقل بسم
الله وبالله والسلام على رسول الله صلى الله وملائكته على محمد وآل محمد والسلام عليهم ورحمة الله وبركاته رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك وإذا خرجت
فقل مثل ذلك ويجوز نقض ما استهدم أي اشرف على الانهدام دون غيره اما جواز نقض ما استهدم فلانه في الحقيقة اصلاح للوقف ووقاية له عن أن يطرء عليه
أو على الأمة أو المارين فيه ضرر بواسطة الانهدام وفي المدارك بعد ان نفى الريب عن جواز نقض المستهدم قال بل قد يجب إذا خيف من انهدامه على أحد من المترددين
أقول كون خوف وقوعه على أحد سببا لوجوب نقضه على اطلاقه لا يخلو من نظر بل منع إذ النقض انما يجب مقدمة لحفظ النفس المحترمة فيما إذا ترتب على بقائه
كذلك تلفها ولا يتنجز التكليف به الا إذا احرز كونه كذلك كسائر الشبهات الموضوعية نعم قد يقال بحجية الظن في مثل المقام كغيره من الموارد التي يظن فيها
الضرر فليتأمل واما غير المستهدم فلا يجوز نقضه جزما لمنافاته للوقفية الا إذا ترتب عليه مصلحة للوقف
كتوسعته أو اتقانه أو غير ذلك من المصالح وحكى عن
الشهيدين التوقف في جواز نقضه للتوسعة ونحوها وفيه ان فعل النبي المحكى في الخبر المتقدم وغيره حجة عليهما وتمام الكلام في ذلك موكول إلى محله ويستحب
اعادته لعموم ما دل على استحباب عمارة المساجد ويجوز استعمال الآلة في غيره من المساجد مقتضى اطلاق العبارة في لفرق بين ما إذا كانت تلك الآلة
703

فاضله عن ذلك المسجد أو غير فاضلة وهو في غاية الاشكال ولذا قيده في المسالك باستغنائه عنها أو تعذر استعمالها فيه لاستيلاء الخراب عليه أو كون الاخر اخرج
إليها منه لكثرة المصلين ونحو ذلك أقول كون أحوجية الاخر إليها منه مسوغا لجواز استعماله فيه أيضا لا يخلو من اشكال كما صرح به غير واحد بل ربما جزم بعض
بالعدم فإنه خلاف وما يقتضيه الوقفية واما ما قد يقال من أن المساجد كلها لله فيجوز استعمال الآلات بعضها في بعض لان مالكها واحدا ففيه ان المساجد موقوفة على أن
يصلى لله تعالى فهي موقوفة على الجهة لا انها موضوعه الله تعالى كي يقال إن مالكها واحد مع أن كونها كذلك لا يقتضى جواز التصرف فيها بغير اذنه وقد حكم الشارع
بان الوقوف على حسب ما أوقفها أهلها فلم يرخص التصرف فيها كيفما أريد وما يقال من أن ما كان لله فهو لوليه كما نطق به بعض الأخبار الواردة في الخمس فله التصرف فيه
ح حسبما أدى إليه نظره ففيه ان المراد بولي الله هو الامام عليهم السلام ولا كلام في أن للامام عليهم السلام جواز تغيير المساجد وهدمها فإنه اعرف بتكليفه وانما
الكلام في جواز التصرف في الاتها لسائر الناس والحاصل انه لا ينبغي الاصغاء إلى مثل هذه الكلمات وانما المتبع ما يقتضيه قاعدة الوقفية السارية في سائر مواردها
فالتصرف في عينها مع امكان استعمالها على الوجه الذي تعلقت الوقفية بها من كونها الة لهذا المسجد في غاية الاشكال نعم مع استغناء ذلك المسجد عن تلك الآلة
أو تعذر وضعها فيه ولو لاستيلاء الخراب عليه لا ينبغي الارتياب في جوازه لان ترك التصرف فيها ح تضيع لها بل يحكم اتلافها بخلاف صرفها إلى مسجد اخر فإنه حفظ
لوقفيتها على الجهة التي تعلق بها غرض الواقف فلا شبهة في أنه أولى من ابقائها معطلة وأوفق بغرض الواقف ولذا اتفقت كلمتهم في هذه الصورة على ما يظهر منها على
الجواز ولا فرق فيما ذكر بين كون الآلات من قبيل الأحجار والأخشاب والأبواب وغير ذلك مما هو من اجزاء المسجد وبين كونها من قبيل الفرش والأسرج ونحوها بعد
فرض كونها موقوفة لمسجد خاص أو مشتراة من مال مخصوص بهذا المسجد كما لا يخفى ويستحب كنس المساجد وهو جمع كناستها بضم الكاف وهى القمامة واخراجها من
المسجد لما فيه من تعظيم الشعائر وترغيب المترددين الموجب لحفظها عن الاندراس وخبر سلام بن عاصم غانم المروى عن أمالي الصدوق ومحاسن البرقي عن الصادق ع عن ابائه
ان رسول الله ص قال من قم مسجدا كتب الله له عتق رقبة ومن اخرج منه ما يقذى عينا كتب الله عز وجل له كفلين من رحمته ويتأكد استحبابه يوم الخميس وليلة الجمعة لما رواه
الشيخ بأسناده عن عبد الحميد عن أبي إبراهيم ع قال قال رسول الله ص من كنس المسجد يوم الخميس وليلة الجمعة فأخرج من التراب ما يذر في العين غفر الله له هكذا رواها
في المسالك والمدارك ثم قالا بأدنى اختلاف في اللفظ والظاهر أن الواو بمعنى أو وتقدير القلة بكون التراب يذر في العين مبالغة في المحافظة على كنسها وان كانت
نظيفة وعلى فعل ما يتيسر وان لم يستوعبها ولكن في نسخ الوسائل روى بحذف الواو فيكون على هذا أوضح في ارادته في أحد الوقتين اللهم الا ان يجعل ليلة الجمعة تأكيدا
بيانا ليوم الخميس كما ليس بالبعيد فإنه يطلق عرفا على يوم الخميس ليلة الجمعة والله العالم وكذا يستحب الاسراج فيها رفعا لحاجة المصلين ووحشة الظلمة ولما رواه
الشيخ عن انس قال قال رسول الله ص من اسرج في مسجد من مساجد الله سراجا لم يزل الملائكة وحملة العرش يستغفرون له ما دام في ذلك المسجد ضوء من ذلك
السراج ويحرم زخرفتها على المشهور على ما ادعاه بعض ولكنه اعترف كثير من المتأخرين بعدم العثور على دليل يعتد به صالح لاثباته وعن جماعة من المتأخرين القول
بالكراهة وعد في الدروس من جملة المستحبات ترك الزخرفة والتصوير ونسب حرمتهما إلى القيل والزخرفة على ما في المدارك وغيره النقش بالزخرف وهو
الذهب وعن غير واحد اللغويين تفسيرها بمطلق التزيين وربما علل حرمتها بالاسراف وعن المعتبر وغيره الاستدلال بأنها بدعة لم تكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله
وفيهما ما لا يخفى ضرورة ان الغالب تعلق غرض عقلائي بها كتعظيم الشعائر ونحوه مما لا يصدق معه اسم الاسراف وعدم حرمة البدعة بمعناها اللغوي الصادق
على جميع الأشياء المستحدثة بعد النبي صلى الله عليه وآله ولكن اعتماد مثل المصنف هذه الأدلة التي لا تخفى قصورها على من دونهم بمراتب ينبئ عن كون الحكم من
حيث هو مفروغا عنه عندهم اما لاستنباطه من مذاق الشرع في بناء المساجد المطلوب فيها ان يكون عريشا كعريش موسى عليه السلام أو لمعروفية الحكم لديهم في
الشريعة من الصدر الأول ولكنهم تشبثوا بمثل هذه الأدلة في مقام الاستدلال حفظا للموازين فعمدة ما يصح الاستناد إليه في هذا الحكم في الحقيقة هي الشهرة إذا الغالب
على الظن ان اشتهار مثل هذا الحكم التعبدي بين الأصحاب ناش من معروفية في الشريعة من الصدر الأول ولكن لا دليل على اعتبار مثل هذا الظن الا ان مخالفة المشهور
في مثل هذه الموارد في غاية الاشكال ولكن اتباعهم بلا دليل أشكل فالحكم موقع تردد والاحتياط مما لا ينبغي تركه وهكذا الكلام في حرمة نقشها بالصور كما في المتن
وغيره بل في كشف اللثام فنسبة إلى المشهور وهذا أيضا على اطلاقه بحيث يعم صورة غير ذوات الأرواح كما يقتضيه اطلاق المتن وغيره مما لا دليل عليه عدى التعليل
بالبدعة الذي عرفت ما فيه وخبر عمر بن جميع قال سألت أبا عبد الله ع عن الصلاة في المساجد المصورة فقال اكره ذلك ولكن لا يضركم اليوم ولو قام العدل لرأيتم
كيف يصنع في ذلك وفيه بعد الغض عن سنده منع دلالته الا على مطلق المرجوحية الغير المنافية للكراهة مع امكان كون المشار إليه بالسؤال المساجد المشتملة على
صورة ذوات الأرواح بل لا يبعد ان يدعى انصراف اطلاق الصورة إليها فلا يدل الجواب ح على مرجوحية مطلقا أيضا فضلا عن حرمته والثرم غير واحد من
المتأخرين بالتفصيل بين صورة ذوات الأرواح وغيرها فالتزم بحرمة الأولى دون الثانية بناء منهم على حرمة اعمال صورة ذوات الأرواح وهو وجيه بعد تسليم
المبنى ولكن لا اختصاص له ح بالمساجد بل ولا بمكان المصلى بل هو كسائر الأعمال المحرمة التي لا دخل لها باحكام المساجد من حيث هي فلا وجه لتخصيصه هيهنا بالذكر
ويمكن ان يوجه حرمة تصوير المساجد أو دفن ميت بها أو غير ذلك مما يوجب كراهة الصلاة فيها ولو في جزء منها بالنسبة إلى المساجد المسبوق مسجديتها بكونه تصرفا
غير مأذون فيه في الوقف مورثا لمنقصته فيه بلحاظ الجهة الملحوظة للواقف في وقفيتها أي مسجديته حيث يوجب صيرورة الصلاة الواقعة فيه ذات منقصه فهو
مضر بحال الوقف والموقوف عليهم وبما تعلق به غرض الواقف فلا يجوز ولا يرد النقض بالافعال الغير القارة الواقعة في المسجد المورثة لكراهة الصلاة فيها
704

ما دام فعلها كاضرام النار في المسجد أو وقوفه قبالة المصلين أو مروره بين أيديهم للفرق بين التصوير ونحوه من التصرفات الموجبة لخروج المكان من حيث هو عن صلاحية
ان يصلى فيه صلاة بلا منقصة وبين التصرفات الخارجية الغير الموجبة لصيرورة المكان من حيث هو كذلك فان هذا لا يضر بنفس المسجد ولا بما تعلق به غرض
الواقف من كونه معبدا للناس فان ترتب على هذا النوع من التصرفات ضرر فعلى خصوص المصلين في ذلك الوقت حيث يرد على صلاتهم منقصة بواسطتها فان رضوا
بذلك فلا محذور والا يشكل جواز هذا النحو من التصرفات أيضا الا ان يدل عليه دليل بالخصوص فليتأمل ويحرم بيع آلتها كما عن غير واحد التصريح به وظاهرهم
عدم الجواز مطلقا حتى مع المصلحة بل عن بعضهم التصريح بأنه لا يجوز بيعها بحال فهو كالصريح في الاطلاق فتكون حالها ح حال ارض المسجد التي ستعرف
انه لا يجوز بيعها بحال لأصالة حرمة التصرف في الوقف إذا الوقوف على حسب ما يقفها أهلها ولكن في كشف اللثام بعد ان نقل عن جملة منهم التصريح بالمنع
قال يعنون حرمة ما جرى عليه الوقف من الآلات الا ان تقضيه المصلحة كسائر الوقوف وظاهره كصريح جملة منهم جواز بيعها مع المصلحة بل في المدارك
قال انما تثبت مع انتفاء المصلحة والا جاز قطعا بل قد يجب ويتولاه الناظر انتهى وفي الجواهر بعد نقل ما سمعته من المدارك وغيره قال ما لفظه قلت
لا ريب في اصالة الحرمة ولا دليل على كفاية مطلق المصلحة نعم لا يبعد الجواز إذا تعذر استعمالها والانتفاع بها فيما قصده الواقف أو قرب منه ضرورة أو لوشه
من التلف اما مع امكان أحدهما فلا انتهى وهو جيد ولتمام الكلام فيه مقام اخر وكذا يحرم ان يؤخذ منها في الطرق أو الاملاك بحيث ينمحي عنه اثار
المسجدية أو يبطل استعماله فيما أعد له ضرورة منافاته لما يقتضيه وقفيته على الجهة المخصوصة فمن اخذ منها شيئا فهو غاصب وجب عليه ان يعيده إليه أو
إلى مسجد اخر مع تعذر الإعادة إلى الأول اما بدونه فمشكل خصوصا إذا حصل بسببه نقص في هذا المسجد بل لا ينبغي الاستشكال في عدم جوازه في هذا
الفرض والظاهر اختصاص التكليف بإعادته إليه بمن تصرف فيه وادخله في الطريق مثلا لأنه هو الغاصب دون دون غيره ولكن في المدارك صرح بأنه لا يختص
الوجوب بالمغير بل يعمه وغيره وفى الجواهر بعد ان نقل ذلك عن المدارك قال ولا بأس به ان كان المراد حسبته لكن لكن لا يبعد وجوب المؤنة لو احتيج إليها من المتخذ فيجبر عليها
وتؤخذ من ماله قهرا كغيره من مؤنة رد المغصوب أقول الظاهر أن حاله ليس الا حال سائر الأموال المغصوبة من الأوقاف وغيرها ولا دليل على كون تخليصها من
الغصب من الواجبات الكفائية على سائر المكلفين نعم قد يجب عليهم كفاية من باب النهى عن المنكر الزام الغاصب بردها إلى مستحقها لا انه يجب عليهم ابتداء
ان يتحملوا كلفة الرد خصوصا لو كان لها ناظر مخصوص فليتأمل وإذا زالت اثار المسجدية لا تزول بذلك مسجديته لان قوام المسجدية في الحقيقة انما هو بأرض المسجد
لا بالآثار بل لو خرجت ارضه عن صلاحية ان يصلى فيه بالفعل باستيلاء الماء عليها أو استيجامها مثلا لم يحل لاحد تملكه بل ولا فعل ما ينافي مسجديته فان هذا
أيضا كزوال الآثار غير مقتض لزوال مسجديته فضلا عن بطلان وقفية المانعة عن صحة تملكه إذ لا معنى للمسجدية الا كون المكان موقوفا للصلاة بحيث لو أراد أحد
ان يصلى فيه ولو بان يتكلف في اصلاح الأرض وإزالة الموانع أو بعد ان أزيلت الموانع بفعل أي شخص يكون لم يكن لاحد مزاحمته في ذلك فعروض الموانع عن
الصلاة فيه بالفعل غير مقتض لذهاب ماهية المسجدية وتمام الكلام في هذه المباحث وما بها من الفروع موكول إلى محله نسئل الله التوفيق لتنقيحها ولا يجوز ادخال
النجاسة إليها إذا كانت مسيرته إلى المسجد لا مطلقا على الأظهر ولا إزالة النجاسة فيها إذا كانت موجبة لتلويث المسجد لا مطلقا على الأشبه ولو اصابته نجاسة وجبت
ازالته فورا سواء كان بفعله أم بفعل غيره وهل يختص هذه الأحكام بظاهر المسجد أم تعم باطنه فيه تردد وقد تقدم تحقيق هذه المسائل مفصلا في كتاب الطهارة فلا
نطيل بالإعادة ولا اخراج الحصى منها أي اخذه بحيث ينقطع علاقة اختصاصه بالمسجد والا فليس مجرد الاخراج من حيث هو حتى مع العزم على ارجاعه إلى مكانه محرما وكيف
كان فقد صرح غير واحد منهم المصنف والعلامة والشهيد في بعض كتبهم بحرمة اخراج الحصى من المسجد وانه ان فعل ذلك وجب رده إليه أو إلى مسجد اخر وذهب
آخرون إلى القول بكراهته منهم المصنف ره في المعتبر والعلامة في عدة من كتبه والشهيد في الذكرى والدروس والبيان على ما حكى عن بعضها واستدل للقول
بالحرمة بكونه من اجزاء الوقف وقضية ذلك حرمة اتلافه ووجوب اعادته إلى الوقف قضاء لوقفية وبخبر وهب بن وهب عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال إذا
اخرج أحدكم الحصاة من المسجد فليردها مكانها أو في مسجد اخر فإنها تسبح وما رواه الشيخ بأسناده عن زيد الشحام قال قلت لأبي عبد الله ع اخرج من المسجد حصاة قال
فردها أو اطرحها في مسجد وعن الكليني بأسناده عن زيد الشحام نحوه الا أنه قال وفى ثوبي حصاة وخبر معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله ع انى اخذت سكا من
سك المقام وترابا من تراب البيت وسبع حصيات فقال بئس ما صنعت اما التراب والحصى فرده وفي كشف اللثام بعد ان نقل كلا من القول بالكراهة والوجوب عن جملة
منهم قال ولعل المحرم اخراج ما هي من اجزاء ارض المسجد التي جرى عليه المسجدية والمكروه اخراج ما خصت المسجد بعد المسجدية فلا خلاف واما الحصى الخارجة عن القسمين
فينبغي قمها واخراجها مع القمامة انتهى وفي الجواهر بعد نقل عبارة كاشف اللثام قال وكأنه اخذ ذلك من تقييد جماعة منهم الثانيان الحرمة بما إذا كانت جزء من
المسجد وفيه مع أنه تقييد لاطلاق النصوص والفتاوى المنصرف إلى غير المقيد من دون شاهد انه لا معنى للحكم بالكراهة في الثانية أيضا بعد فرض تخصيصها بالمسجد
أدهى ح كسائر فرشه وآلاته المعلوم حرمة اخراجها من المسجد ومن هنا الحق في الروضة بالحصى الذي هو جزء في الحرمة الحصى المتخذ فرشا بل في حاشية الارشاد انه
ربما يخص التحريم به انتهى أقول ما نبه عليه من تعذر تنزيل اطلاق النوص وفتاوى الأصحاب القائلين بالكراهة على خصوص ما خص بالمسجد وانه لا فرق بين
اجزاء المسجد وما خص به في عدم جواز اخذ شئ منه وجيه بل لعل الثاني أولى بهذا الحكم كما سنوضحه ولكن للتأمل في اقتضاء وقفية الأرض المنع عن اخذ شئ من
اجزائها مطلقا حتى مما لا يعتد عرفا بجزئيته ويلتحق بعد الانفصال منه بالقمامة كما فيما نحن فيه مجال خصوصا إذا كان من توابع الانتفاع بها كالتراب الممتزج بالحنطة
705

المتخذة من الأرض الموقوفة أو الطين المتلاصق بباطن النعل من ارض المسجد في أيام المطر أو التراب
والرمل والحصاة التي تدخل في ثياب من يصلى فيها كما هو مورد
خبر شحام أو ينفصل من ارض المسجد بكنسها بل لا ينبغي الارتياب في عدم اقتضاء الوقفية لذلك خصوصا في الأوقاف الخاصة بالنسبة إلى الموقوف عليهم كما
يقضى بذلك السيرة القطعية وتوهم ان القاضي بجواز اتلاف هذا المقدار من اجزاء العين الموقوفة هي السيرة والضرورة والا فمقتضى الوقفية المأخوذ في
مفهومها تحبيس العين خلافه مدفوع بان العرف لا يرونه منافيا لقوله وقفت هذه الأرض على أولادي أو جعلتها مسجدا مثلا ولكن لقائل ان يقول إن هذا فيما
إذا وقع هذا النحو من التصرفات تبعا لسائر الانتفاعات السايغة حيث لا يلاحظ ح الاجزاء التالفة مستقلة حتى يلحقها احكام الوقفية نظير التراب الممتزج بصاع من
الحنطة المدفوعة فطرة فإنه غير قادح عند عدم استقلاله بالملاحظة بخلاف ما لو مزجه في حنطة صافية ليكمل به الصاع كما لا يخفى فالاشكال في المقام انما هو في
جواز اخذ مثل هذه الاجزاء استقلالا لا تبعا لسائر الانتفاعات السائغة كأخذ مقدار يسير من تراب الأرض الموقوفة للتبرك إذا كانت من المشاهد أو
للتيمم منه أو استعماله في غسل الأواني وتنظيفها أو غير ذلك من المقاصد العقلائية أو عبثا مثلا فأقول اما في الأوقاف الخاصة بالنسبة إلى الموقوف عليهم
فالظاهر أن الامر فيها أوسع من ذلك بل لا يبعد ان يقال إن هذا النحو من التصرفات يعد عرفا من أنواع الانتفاع الذي قصده الواقف بوقفه عليهم فينحصر
الاشكال في مثل المشاهد والمساجد والقناطر ونحوها من الأوقاف العامة والذي يقوى في النظر ان ذلك بالنسبة إلى الأوقاف العامة أيضا غير مناف لما
قصده الواقف بتحبيسها فان المتبادر من قول القائل وقفت هذه الدار على أن يصلى فيها المسلمون كقوله وقفتها على أولادي نسلا بعد نسل ليس الا إرادة حبس
مسماه الذي لا يقدح فيه الاختلافات اليسيرة العارضة له فكل جزء جزء من اجزاء الوقف مما لا يعتد به عرفا ولا يؤثر نقصه اخلالا بما تعلق به غرض
الواقف وان اندرج فيما تعلق به الوقفية على سبيل الاجمال لكنه غير ملحوظ بالوقفية كما هو الشأن في التغيرات الجزئية اللاحقة لصورتها أو الحاصلة باختلاف
أوضاعها كنقل عن اجزائها من موضع إلى موضع اخر إلى غير ذلك من التصرفات المتعلقة بمادتها أو صورتها الشخصية الغير المنافية لما تعلق به غرض
الواقف من وقفها ولعل من خص التحريم بما خص بالمسجد على ما أومى إليه في حاشية الارشاد نظر إلى كونه بخصوصه ملحوظا بالوقفية لدى واضعه في هذه الصورة
بخلاف ما لو كان بالذات من اجزاء المسجد ولكنه لا يخلو من نظر وكيف كان فكأن ما ذكرناه هو السر في عدم تشبث معظم الأساطين في المقام لاثبات الحرمة
أو الكراهة الا بالاخبار الخاصة المزبورة التي استشهدنا بها للحرمة ونوقش في الاستدلال بالرواية الأولى للحرمة بضعف السند واشتمالها على التعليل
المناسب للكراهة بل قد يؤمى قوله فيه إذا اخرج إلى اخره إلى جوازه وان كان مرجوحا ولذا استدل غير واحد منهم المصنف ره في محكى المعتبر بهذه الرواية للكراهة
واما خبر الشحام فقد أشرنا إلى أن مورده كما وقع التصريح به في رواية الكافي هي الحصاة الداخلة في ثيابه التي قلما ينفك عنها من يفرش ثيابه على الحصى
لان يصلى عليها خصوصا إذا كانت ثيابه ممزقة وهذه مما لا ينبغي الارتياب في عدم وجوب ردها إلى المسجد لمخالفته للسيرة القطعية فالامر به ليس الا للاستحباب
كما يؤيد ذلك التخيير بين ردها وطرحها في مسجد اخر مع أن العادة قاضية بان الحصاة التي تطرح في مسجد تلحق بقمامته التي يجوز ازالتها بالكنس فيستكشف من
ذلك ان لحصاة المسجد من حيث هي حرمة شرعا مقتضية لحسن ابقائها في المسجد مط وان عدت من القمامة كما ربما يشهد لذلك التعليل الواقع في خبر ابن وهب
من أنها تسبح ولا منافاة بينه وبين استحباب كنس المساجد واخراج قمامته مط وان اشتملت على الحصاة المنفصلة من الأرض بكنس ونحوه كما يشهد به السيرة القطعية
إذ لا مانع من أن يكون بعض اجزاء القمامة التي يستحب اخراجها بحيث لو استقلت بالملاحظة لكان ابقائه أو اعادته بعد الاخراج راجحا نعم لو صارت هي بنفسها
قمامة تزاحمت الجهتان الا ان الأظهر ح ترجيح ما دل على استحباب إزالة القمامة لخروج مثل الفرض عن منصرف ما دل على استحباب ردها وعدم صلاحية عموم العلة
لاثبات رجحان الابقاء أو الرد حتى في مثل الفرض كي يتحقق المعارضة بينه وبين عموم ما دل على استحباب الكنس كما لا يخفى على المتأمل واما خبر معاوية فقد وقع فيه
التفصيل بين السك المخصوص بالمقام المفسر في مجمع البحرين بالمسمار وبين تراب البيت والحصيات فلعل منشأه خصوصية البيت والا فالسك كان أولى بالرد لو كان
الملحوظ فيما امر برده جهة المسجدية اللهم الا ان يكون بلحاظ كون التراب والحصى من اجزائه الأصلية بخلاف السك أو لخصوصية فيها مقتضية لوجوب ردهما
بالخصوص وهو لا يخلو من بعد مع أنه قد يستشعر من كلمة لا ينبغي الواردة في خبر محمد بن مسلم عن الصادق عليه السلام قال سمعته يقول لا ينبغي لاحد ان يأخذ من تربة
ما حول الكعبة وان اخذ من ذلك شيئا رده كراهة الاخذ من تربة ما حول الكعبة الذي أريد منه بحسب الظاهر ما حولها من ارض المسجد وليس ما فيه من الامر
برده صالحا لصرف كلمة لا ينبغي عن ظهورها في الكراهة إذا الظاهر كونه بمنزلة التفريع عليها وكيف كان فالانصاف ان اثبات حرمه اخراج الحصى من المسجد ووجوب
رده إليه كما التزم به القائلون بالحرمة بهذه الاخبار لا يخلو من اشكال فالحكم موقع تردد والقول بالمنع ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط ويكره تعليتها كما
نص عليه كثير من الأصحاب ولعله كاف في اثبات مثله من باب المسامحة وربما علل بمخالفته للسنة فان حائط مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله على ما في المعتبرة
المستفيضة كان قامة ولكونها معرضا للاطلاع على عورات الناس وان يعمل لها شرف وهو بضم الشين وفتح الراء جمع الشرفة بسكونها ما يبنى في أعلى الجدران
ويدل على كراهته خبر طلحة بن زيد عن جعفر ع عن أبيه ع عن آبائه ع عن علي ع انه رأى مسجدا بالكوفة وقد شرف فقال كأنه بيعة وقال إن المساجد لا تشرف بل
تبنى جما أو محاريب داخلة في الحائط كلمة أو بمعنى الواو وقد صرح بكراهتها غير واحد بل عن الذكرى نسبة إلى الأصحاب ولكن العبارة لا تخلو من اجمال فيحتمل ان
يكون المراد بها الداخلة في حائط المسجد بل لعل هذا هو المتبادر منه ومرادهم بدخوله في الحائط دخولا كثيرا على ما صرح به بعضهم لا مط واستدل له بخبر
706

طلحة بن زيد عن جعفر بن أبيه ع عن علي ع انه كان يكسر المحاريب إذا رآها في المساجد ويقول كأنها مذابح اليهود وفيه ما لا يخفى فان التعبير بالكسر لا يناسب إرادة
المحاريب الداخلة في الحائط بل وكذا التشبيه بمذابح اليهود فانا وان لم نعهد مذابحهم لكن من المستبعد كونها بشكل المحاريب الداخلة في الحائط ويحتمل ان يكون
مرادهم بالمحاريب الداخلة في الحائط الداخلة في حائط غير حائط المسجد أي المقاصير وأشباهها مما له جدران مستقلة في المسجد كما فهمه كاشف اللثام حيث
فسر المحاريب الداخلة في الحائط الواقعة في عبارة القواعد بما لفظة الداخلة في داخل الحائط وهى كما أحدثها العامة في المسجد الحرام واحدا للحنفية واخر للمالكية وثالثا
للحنابلة للاخبار والامر يكسرها انتهى فكأنه فهم من الخبر المزبور وأيضا إرادة ذلك كما أومى إليه في ذيل عبارته المزبورة وكيف كان فالظاهر كراهة المقاصير وهذا
النوع من المحاريب بل مطلق المحاريب الداخلة في الحائط دخولا يمنع من على جانبيها مشاهدة الامام اما المقاصير فيدل على كراهتها التوبيخ الوارد في صحيحة
زرارة المتقدمة في احكام الجماعة من قوله عليه السلام وهذه المقاصير لم تكن في زمن أحد من الناس وانما أحدثها الجبارون الحديث واما المحاريب الداخلة في
الحائط على النحو المزبور فكأنها هي القدر المتيقن مما يتناوله حكم الأصحاب بكراهتها فلا يبعد الالتزام بها من باب المسامحة مع امكان كونها مرادة بالخبر المزبور
أيضا كما تقدمت الإشارة إليه والله العالم وان يجعل المسجد طريقا أي استطراقه مع بقاء هيئة المسجدية لا اخذه طريقا فان هذا حرام كما عرفت ومما يشهد
بكراهة استطراقه قول النبي صلى الله عليه وآله في خبر المناهى لا تجعلوا المساجد طرقا حتى تصلوا فيها ركعتين وظاهرا ارتفاع الكراهة بصلاة ركعتين كما اعترف
به في الجواهر ولكنه استشكل في الاعتماد عليه لعدم ثبوت اعتبار هذا الخبر وكون الكراهة قابلة للمسامحة في رافعه وهو لا يخلو من جودة فليتأمل ويستحب
ان يجتنب البيع والشراء فيها والمجانين وانفاذ الاحكام وتعريف الضوال وإقامة الحدود وانشاد الشرع ورفع الصوت وعمل الصنائع لرواية علي بن أسباط عن
بعض رجاله قال قال أبو عبد الله ع جنبوا مساجدكم البيع والشراء والمجانين والصبيان والاحكام والضالة والحدود ورفع الصوت وخبر عبد الحميد
عن أبي إبراهيم قال قال رسول الله ص جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وشرائكم وبيعكم وعن المجالس باسناده إلى أبي ذر عن رسول الله ص في وصيته
له يا أبا ذر الكلمة الطيبة صدقة وكل خطوة تخطوها إلى الصلاة صدقة يا أبا ذر من أجاب داعى الله وأحسن عمارة مساجد الله كان ثوابه من الله الجنة قلت كيف
يعمر مساجد الله قال لا ترفع فيها الأصوات ولا يحاض فيها الباطل ولا يشترى فيها ولا يباع واترك اللغو ما دمت فيها فإن لم تفعل فلا تلومن يوم القيمة الا
نفسك وعن الصدوق في الفقيه مرسلا قال ع جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم ورفع أصواتكم وشرائكم وبيعكم والضالة والحدود والاحكام و
عن العلل باسناده عن محمد بن أحمد دفعه قال رفع الصوت في المساجد يكره وعن الفقيه مرسلا قال سمع النبي ص رجلا ينشد ضالة في المسجد فقال قولوا له لا إله إلا الله
عليك فإنها لغير هذا بنيت وفى حديث المناهى عن الصادق ع قال نهى رسول الله ص ينشد الشعر أو تنشد الضالة في المسجد وخبر جعفر بن إبراهيم
عن علي بن الحسين ع قال قال رسول الله ص من سمعتموه ينشد الشعر في المساجد فقولوا فض الله فاك انما نصبت المساجد للقرآن ولا يخفى عليك ان مرجع الحكم
باستحباب الاجتناب عن الأشياء المزبورة إلى الحكم بكراهة ايجاد هذه الأفعال في المسجد ولذا عبر بعضهم كما في المتن وغيره باستحباب الاجتناب عنها واخرون بكراهتها
وكذا ورد في بعض الأخبار المزبورة الامر ترك المستحب من حيث مكروه كي يتوجه عليه المنع بل لان المنساق من الامر بالاجتناب عن شئ ليس الا كراهة وجود ذلك
ويشهد لكراهة عمل الصنائع مط صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما ع قال نهى رسول الله ص عن سل السيف وعن يرى النبل في المسجد وقال انما بنى لغير ذلك ومرفوعة
محمد بن أحمد المروية عن العلل قال إن رسول الله ص مر برجل يبرى مشاقص له في المسجد فنهاه وقال إنها لغير هذا بنيت فان مقتضى التعليل الواقع في الخبرين بل
وكذا مرسل الفقيه المتقدم المشتمل على هذا التعليل كراهة عمل الصنائع مط ثم إنه قد ورد في جملة من الاخبار الامر بتجنيب الصبيان ولم يذكره المصنف هنا و
ذكره هو في المعتبر على ما حكى عنه كغيره من الأصحاب مطلقين للحكم فيهم كالنصوص ولكن قيده بعضهم بمن يخاف منهم التلويث دون غيرهم ممن يوثق بهم فإنه
يستحب تمرينهم على اتيانها وفي الجواهر بعد نقل ذلك عنهم قال ولا بأس به الا انه ينبغي إضافة مخافة ما ينافي توقير المسجد من اللعب ونحوه أو أذية المصلين و
نحو ذلك إلى التلويث انتهى وهو جيد فان المنساق من الامر بتجفيهم ليس الا ارادته في مثل هذه الموارد كما لا يخفى واستدل لكراهة انفاذ الاحكام الذي هو
أحد الأشياء المزبورة مضافا إلى الامر بتجنب المساجد عنه في مرسلة علي بن أسباط المتقدمة بعموم العلة المذكورة في جملة من النصوص المزبورة من أنها بنيت
لغيرها ولان الترافع يقضى إلى التشاجر ورفع الأصوات والخوض في الباطل وقد نهى عن جميع ذلك فيها بالخصوص وعن السرائر والمختلف وقضاء المبسوط
والخلاف نفى كراهة انفاذ الاحكام فيها للأصل وضعف الخبر وعن الشيخ أنه قال ولان النبي ص لا خلاف انه كان يقضى في المسجد ولو كان مكروها ما فعله وكذلك
كان أمير المؤمنين ع يقضى بالكوفة في الجامع ودكة القضاء معروفة إلى ومنا هذا وهو اجماع الصحابة انتهى أقول لا يصلح الفعل لمعارضة القول لامكان وقوعه
على جهات مرجحة له مختفية علينا فليس لنا في مقام المعارضة الا اتباع ما أمرنا به وعدم مقايسة فعلنا بأفعالهم اللهم الا ان يناقش في الرواية الناهية بقصورها
عن الحجية فيشكل ح الالتزام بكراهته من باب المسامحة فإنه ليس بأولى من الحكم باستحبابه من باب التأسي مع معارضتها بما في كشف اللثام عن بعض الكتب مرسلا
انه بلغ أمير المؤمنين عليه السلام ان شريحا يقضى في بيته فقال يا شريح اجلس في المسجد فإنه عدل بين الناس ولأنه وهن بالقاضي ان يجلس في بيته ولكن مع ذلك
كله الالتزام بكراهته اخذا بظاهر الخبر المزبور الممكن دعوى انجبار ضعفه بالعمل لعله هو الأشبه واما تعريف الضالة الذي وقع التعبير به في المتن وغيره
فالمتبادر من اطلاقه إرادة ذكرها ليعرف صاحبها كما أن هذا المعنى بحسب الظاهر هو المراد بانشادها الذي عبر به كثير منهم ولكنهم صرحوا بكراهة نشدانها
707

أيضا أي طلبها فيحتمل ان يكون المراد بعبارة المتن وغيره ممن عبره بمثلها مقتصرا عليها إرادة الأعم من الانشاد والنشدان من تعريفها وكيف كان فالظاهر كراهة كل
منهما كما يدل عليه العليل الوارد في مرسل الفقيه الأول الذي مورده بحسب الظاهر نشدانها بشهادة الدعاء المأمور به عليه ولكن قد يمنع عموم العلة لان
الانشاد من أعظم الطاعات والأولى به المجامع والمواضع التي يكثر اختلاف الناس إليها وأعظمها المساجد ويمكن أيضا الاستدلال للعموم باطلاق الضالة
في مرسلة علي بن أسباط بدعوى ان المنساق منها إرادة مطلق اظهارها في المسجد انشادا كان أو نشدانا فإنها
غير بعيدة واما مرسل الفقيه الثاني المشتمل على النهى
عن أن تنشد الضالة فهو يحتمل لان يكون مشتقا من الانشاد الظاهر في إرادة تعريفها أو الأعم أو من النشدان الذي هو بمعنى طلبها على ما ذكروه في تفسير
اللفظين فهو مجمل وان كان قد يدعى ان الأول أسبق إلى الذهن فتأمل واما إقامة الحدود فلم ينقل عن أحد منا الخلاف في كراهته ويشهد له بعض الأخبار المتقدمة
فلا ينبغي الاستشكال فيه واما الضالة فهي على ما يظهر من بعض اللغويين تطلق على ما ضل من البهيمة للذكر والأنثى ولا تطلق على اللقطة من غيرها و
لكن عن النهاية انها هي الضايعة من كل ما يقتنى من الحيوان وغيره وكأنها بهذا المعنى هي المرادة من اطلاقاتهم في هذا المقام ويدل على عموم الكراهة في الكل التعليل
الوارد في النص بأنها لغير هذا بنيت فليتأمل واما انشاد الشعر فالمراد به على الظاهر مطلق قرائته كما فسره به في القاموس ويناسبه التعليل الوارد في الخبر المزبور
لا خصوص رفع الصوت به كما نقله في كشف اللثام عن جملة من اللغويين وكيف كان ففي كشف اللثام بعد ان ذكر كراهة انشاد الشعر قال ما لفظه وقد يستثنى منه ما كان
عبادة كمدحهم ومراثيهم وهجاء أعدائهم وشواهد العربية ويؤيده صحيح علي بن يقطين انه سئل أبا الحسن عليه السلام عن انشاد الشعر في الطواف فقال ما كان
من الشعر لا باس به فلا بأس به وسئله ع علي بن جعفر عن الشعر أيصلح ان ينشد في المسجد فقال لا بأس به فاما المراد ففي الحرمة أو شعر لا باس به انتهى وهو جيد و
يؤيده ما عن الذكرى وغيره من أن من المعلوم استقرار سيرة النبي صلى الله عليه وآله انه كان ينشد بين يديه البيت أو البيت أو الأبيات من الشعر في المسجد ولم يكن ينكر
ذلك واما رفع الصوت الذي دل بعض الأخبار على كراهته فينبغي تقييده بغير ما علم استحباب الاعلان به كالاذان وقراءة الإمام بحيث يسمعه كل من خلفه
وغير ذلك من الموارد التي ثبت رجحان رفع الصوت فيها بل لا يبعد دعوى انصراف ما دل على الكراهة عن مثله هذا مع ما في سنده من الضعف وعدم صلاحيته
لان يتصرف به في أدلة سائر المستحبات فليتأمل ويكره أيضا النوم في المساجد خصوصا المسجدين على ما حكى عن الشيخ والحلي وجملة ممن تأخر عنهما بل في المدارك
نسبة الكراهة إلى قطع أكثر الأصحاب وعن حاشية إلى المشهور وربما عللوه بمنافاته التوقير ومخافة خروج الخبث منه ومفهوم التعليل الواردة في النصوص
السابقة من أنها بنيت لغير هذا وخبر زيد الشحام قال قلت لأبي عبد الله ع قول الله عز وجل ولا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى قال سكر النوم بناء على أن المراد
مواضع الصلاة التي هي المساجد وفي الجميع تأمل فعمدة ما يصح الاستناد إليه لاثبات كراهته فيما عدى المسجدين هي الشهرة من باب المسامحة على اشكال واما في
المسجدين فيدل على كراهة النوم فيهما صحيحة زرارة قال قلت لأبي جعفر ع ما تقول في النوم في المساجد فقال لا بأس الا في المسجدين مسجد النبي ص والمسجد الحرام قال وكان
يأخذ بيدي في بعض الليل فينتحي ناحية ثم يجلس فيحدث في المسجد الحرام فربما نام هو ونمت فقلت له في ذلك فقال انما يكره ان ينام في المسجد الذي كان على عهد رسول الله
فاما في هذا الموضع فليس به باس ولا يبعد ان يكون كراهته في مسجد النبي صلى الله عليه وآله أشد كما
يشهد بذلك خر علي بن جعفر المروى عن قرب الإسناد قال سألته عن النوم في المسجد الحرام فقال لا بأس وسألته عن النوم في مسجد رسول الله فقال لا يصلح فان
مقتضى الجمع بينه وبين الصحيح السابق حمل نفى البأس على خفة الكراهة وربما يشهد لشدة كراهته في خصوص مسجد النبي ص خبر محمد بن حمران عن أبي عبد الله ع في
حديث قال وروى أصحابنا ان رسول الله ص قال لا ينام في مسجدي أحد بل هذه الرواية ظاهرها الحرمة ولكنه يتعين حملها على الكراهة بشهادة غيرها من الروايات
ككلمة لا يصلح الواردة في الخبر المتقدم الظاهرة في ذلك وخير معاوية قال سألت أبا عبد الله ع عن النوم في المسجد الحرام ومسجد الرسول ص فقال نعم فأين ينام الناس
وخبر أبي البختري المروى عن قرب الإسناد عن جعفر ع بن محمد ع عن أبيه ع ان المساكين كانوا يبيتون في المسجد على عهد رسول الله ص ويدل على جوازه في المسجد الحرام
مضافا إلى ما عرفت خبر إسماعيل بن عبد الخالق المروى عنه أيضا قال سألت أبا عبد الله ع عن النوم في المسجد الحرام فقال هل للناس بد ان يناموا في المسجد الحرام
لا بأس به قلت الريح تخرج من الانسان قال لا باس به هذا كله مع أنه لا خلاف على الظاهر في في لحرمة في شئ من المساجد بل عن بعض دعوى الاجماع عليه ثم إن
ظاهر صحيحة زرارة خصوصا بضميمة ما في ذيلها من فعل الإمام عليه السلام نفى الكراهة فيما عدى المسجدين وقد أشرنا إلى عدم صلاحية شئ مما ذكروه دليلا للكراهة
لمعارضته فالقول بنفي الكراهة فيما عداهما كما استجوده في المدارك وغيره لا يخلو من قوة والله العالم وكذا يكره دخول من في فمه رائحة بصل أو فوم بالقاء
وفي بعض النسخ بالثاء المثلثة وهما بمعنى أو كراث أو غيرها من الروائح المؤذية كما يشهد له خبر أبي بصير عن الصادق عن آبائه عن علي ع قال من اكل شيئا من المؤذيات
ريحها فلا يقربن المسجد وروايته الأخرى عنه أيضا انه سئل عن اكل الثوم والبصل والكراث قال لا بأس بأكله نيا وفي القدور ولا بأس بان يتداوى بالثوم ولكن
إذا أكل ذلك فلا يخرج إلى المسجد وصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع قال سألته عن الثوم فقال انما نهى رسول الله ص عنه لريحه وقال من اكل هذه البقلة الخبيثة
فلا يقرب مسجدنا فاما من اكله ولم يأت المسجد فلا بأس وخبر الحسن بن الزيات في حديث انه قصد أبا جعفر ع إلى ينبع فقال يا حسن اتيتني إلى هيهنا قلت نعم قال إني
اكلت عن هذه البقلة يعنى الثوم فأردت ان أتنحى عن مسجد رسول الله ص ورواية داود بن فرقد عن أبي عبد الله ع قال من اكل هذه البقلة فلا يقربن
مسجدنا ولم يقل انه حرام وخبر ان سنان المروى عن المحاسن قال سألت أبا عبد الله ع عن الكراث فقال لا بأس بأكله مطبوخا ولكن ان اكل منه شيئا له
708

اذى فلا يخرج إلى المسجد كراهته أذاه من يجالس والمرسل المروى عن المجازات النبوي للسيد الرضى قده قال قال ع من اكل هاتين البقلتين فلا يقربن مسجدنا
يعنى الثوم والكراث فليمتهما طبخا وفي رواية فليمتها طبخا ويظهر من هذه الرواية وسابقها وكذا من صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة وكذا من تعليق النهى في خبر أبي
بصير على اكل شئ من المؤذيات ريحها اختصاص الكراهة بما إذا برز من فيه رائحتها الكريهة فلو عولجت بطبخ ونحوه بحيث ذهبت رائحتها أو اكل بعدها شيئا قطع ريحها
ارتفعت الكراهة فما احتمله بعض من تعلق الكراهة بأكل ذوات هذه البقول وان ذهبت رائحتها لبعض الاطلاقات المتعين صرفها عن ذلك بقرينة ما عرفت
لو لم نقل بانصرافها في حد ذاتها عنه لأجل الغلبة والمناسبة ضعيف في الغاية بل ظاهر خبر ابن سنان بل وكذا خبر أبي بصير المعلق فيه الحكم على وصف المؤذيات
إناطة الكراهة بما إذا كان هناك من يتأذى برائحتها فلو دخل المسجد في زمان لا يدخل فيه غيره أو جلس ناحية
بعيدة عن الناس بحيث لا يصل إليهم رائحتها أو جلس
مع من لا يتأذى برائحتها اما لكونه فاقدا لشم أو مستأنسا بمثل هذه الرائحة أو كون الجميع اكلا للثوم والبصل فلا يتأذى بعضهم من بعض فلا كراهة الا ان
هذا بظاهره مخالف لاطلاق الفتاوى وسائر النصوص اللهم الا ان يدعى انصرافها عنه وفيه تأمل فالأوفق بالقواعد بالنظر إلى ما يقتضيه الجمع بين الاخبار هو
ما عرفت ولكن الاخذ باطلاقات الفتاوى والنصوص المطلقة انسب بما يقتضيه قاعدة التسامح والله العالم ثم إن مقتضى ظاهر النهى الوارد في جل الروايات
المزبورة الحرمة ولكن يتعين حمله على الكراهة كما فهمه الأصحاب لا لمجرد عدم نقل القول بالحرمة عن أحد بل الاستقرار سيرة المتشرعة على في لتزامهم بترك حضور
المساجد والمشاهد إذا كان في فمهم رائحة شئ من هذه المؤذيات وعدم كونه لديهم من المنكرات نعم في خصوص الثوم ربما ينكرون على من اكله و
دخل المسجد لا لكونه لديهم كسائر المحرمات من المستنكرات شرعا بل لكونه موجبا لأذية أهل المسجد فلو كان دخوله في المسجد كدخول الجنب والحائض من المحرمات
الشرعية لصار بواسطة عموم الابتلاء به من ضروريات الدين فضلا عن أن يشتهر خلافه بين المسلمين فلا يصح الاغترار بمثل هذه الظواهر في الالتزام بحرمة مثل
هذا الفعل العام الابتلاء لدى عدم معهودية حرمته في الشريعة فضلا عن معروفية خلافها تنبيه ورد في بعض الأخبار الامر بإعادة الصلاة
مع اكل الثوم وهو ما رواه الشيخ في محكى الاستبصار بأسناده عن زرارة قال حدثني من أصدق أصحابنا قال سألت أبا عبد الله ع عن الثوم فقال أعد كل
صلاة صليتها ما دمت تأكله قال الشيخ والوجه في هذا الخبر ان نحمله على ضرب من التغليظ في كراهته دون الحظر الذي يكون من اكل ذلك يقتضى استحقاق
الذم والعقاب بدلالة الاخبار الأولة والاجماع الواقع على أن اكل هذه الأشياء لا يوجب إعادة الصلاة انتهى وهو وجيه فان الرخصة في اكلها
الذي لا يتخلف عادة عن بقاء رائحته في الفم حتى يستوعب وقت صلاة بل صلاة متعددة كما دلت عليها الأخبار المتقدمة تنافى بطلان الصلاة الواقعة
ما دام بقاء اثره كما هو المراد بحسب الظاهر من قوله عليه السلام ما دمت تأكله الا فإعادة الصلاة الواقعة ما دام تشاغله بأكله لا يختص بالنوم
كما عرفته في مبحث القواطع وكذا يكره التنخم والبصاق وقتل القمل فان فعل ستره بالتراب يحتمل عود الضمير إلى كل واحد من الثلاثة كما جزم به في المدارك ويساعد
عليه الدليل اما كراهة التنخم فيدل عليها خبر الحسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن ابائه ع في حديث المناهى قال نهى رسول الله ص عن التنخع في المساجد والمرسل
المروى عن المجازات النبوية للسيد الرضى عنه ص قال إن المسجد لينزوي من النخامة كما تنزوي الجلدة من النار إذا انقبضت واجتمعت والمرسل في مجمع البحرين
النخاعة في المسجد خطيئة ويدل عليه أيضا الروايات الدالة على استحباب ردها إلى الجوف وصيانة المسجد عنها وازالتها عن المسجد كخبر عبد الله بن سنان
قال سمعت أبا عبد الله ع يقول من تنخع في المسجد ثم ردها إلى جوفه لم يمر بداء في جوفه الا أبرأته وعن الصدوق مرسلا نحوه الا أنه قال من تنخم وخبر إسماعيل من
مسلم الشعيري عن جعفر عن أبيه عن آبائه ع قال من وقر بنخامته المسجد لقى الله يوم القيامة ضاحكا قد اعطى كتابه بيمينه وما رواه الصدوق مرسلا قال رأى
رسول الله ص نخامة في المسجد فمشى إليها بعرجون من عراجين ابن طاب فحكها ثم رجع القهقرى فبنى على صلاته ويدل على كراهة البصاق خبر غياث بن إبراهيم
عن جعفر عن أبيه ع ان عليا ع قال البزاق في المسجد خطيئة وكفارته دفنه وخبر طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه ع قال قال رسول الله ص من رد ريقه تعظيما لحق
المسجد جعل الله ريقه صحة في بدنه وعوفى من بلوى في جسده وخبر السكوني عن جعفر عن أبيه ع قال من رد ريقه تعظيما لحق المسجد جعل الله ذلك قوة
في بدنه وكتب له بها حسنة وحط عنه بها سيئة وقال لا تمر بداء في جوفه الا أبرأته ولا ينافيها خبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال قلت له الرجل يكون في المسجد في
الصلاة فيريد ان يبزق فقال عن يساره وان كان في غير صلاة فلا يبزق حداء القبلة ويبزق عن يمينه ويساره فإنه لا يدل الا على الجواز الغير المنافى للكراهة
بل وكذا بعض الأخبار الدالة على صدوره من الإمام عليه السلام كخبر عبيد بن زرارة قال سمعت أبا عبد الله ع يقول كان أبو جعفر ع يصلى في المسجد فيبصق امامه وعن
يمينه عن شماله وخلفه على الحصى ولا يغطيه وخبر علي بن مهزيار قال رأيت أبا جعفر الثاني يتفل في المسجد الحرام فيما بين الركن اليماني والحجر الأسود ولم يدفنه
فإنه قد يعرض للمكروهات جهات خارجية مقتضية لحسنها فلا يصح ان يجعل الفعل معارضا للقول ومما يدل على أنه ان فعل ذلك يستحب له ان يستره بتراب ونحوه
خبر غياث المتقدم الذي وقع فيه التصريح بأن كفارته دفنه وهو وان ورد في البصاق لكن لا يبعد ان يقال إنه يفهم منه في مثل المقام إرادة الأعم منه ومن النخامة
مع امكان ان يقال إنه على تقدير ارادته بالخصوص يفهم حكم النخامة منه بتنقيح المناط ويؤيده أيضا المضمر المرفوع المروى عن محاسن البرقي قال انما جعل
الحصى في المسجد للنخامة والروايات المتقدمة الدالة على استحباب تنزيه المسجد عنها فان دفنه بالتراب أيضا كالحك ونحوه نوع من الإزالة واما قتل القمل فقد
حكى عن جماعة من الأصحاب الحكم بكراهته وانه ان فعل ذلك ستره بالتراب كما هو صريح المتن وغيره ولم نقف على ما يصح الاستناد إليه لاثبات شئ من الحكمين
709

بالخصوص نعم ربما يستشعر كراهة قتله من صحيحة محمد بن مسلم قال كان أبو جعفر ع إذا وجد قملة في المسجد دفنها بالحصى إذا المنساق منه إرادة دفنها بغير قتل فلو
لم يكن قتلها مرجوحا لم يكن يواظب على دفنها كذلك ويحتمل إرادة دفنها بعد القتل فيكون ح شاهدة لاستحباب انه ان فعله ستره بالتراب وفي كشف اللثام
بعد ان نقل عن جماعة الحكم بكراهة قصع القمل وفسره بقتله على ارضها علله بالاستخفاف والاستقذار وعلل الدفن بأنه يزول به استقذار المصلين وهو لا يخلو من وجه
الا ان صرف اطلاق كلامهم إلى خصوص ما لو حصل بفعله الاستقذار المحوج إلى ازالته بالدفق كما هو مقتضى التعليل لا يخلو من بعد والله العالم وكذا يكره كشف
العورة في المسجد مع الامن من المطلع كما صرح به غير واحد بل في الجواهر بلا خلاف أجده بين من تعرض له لمنافاته للتوقير الذي ورد الحث عليه في بعض الأخبار بل
في خبر يونس ملعون ملعون من لم يوقر المسجد واشعار خبر السكوني عن جعفر عن أبيه ان النبي ص قال كشف السرة والفخذ والركبة في المسجد من العورة ويستفاد من
هذا الخبر ان العورة التي يكره كشفها في المسجد أعم مما يجب سترها في الصلاة كما حكى عن جماعة التصريح به وكذا يكره الرمي بالحصاة في المسجد حذفا كما في القواعد و
غيره لخبر السكوني عن جعفر عن آبائه ان النبي ص أبصر رجلا يحذف بحصاة في المسجد فقال ما زالت تلعنه حتى وقعت ثم قال الحذف في النادي من اخلاق قوم
لوط ثم تلا ع وتأتون في ناديكم المنكر قال هو الحذف والحذف على ما في المجمع بالحاء المهملة الرمي بأطراف الأصابع وبالمعجمة في المجمع قال قد جاء بحذف الحصاة في
الحديث والمشهور في تفسيره ان تضع الحصاة على بطن ابهام يد اليمنى وتدفعها بظفر السبابة وهو من باب ضرب وفى ص الحذف بالحصاة الرمي بها بالإصبع ثم
قال وفي المص حذفت الحصاة خذه فارميتها بطرفي الابهام والسبابة وكيف كان فهو أخص من مطلق الرمي فما يظهر من المتن من كراهته مطلقا يمكن ان يكون
مستنده كونه من العبث المعلوم مرجوحية ايقاعه في المسجد والله العالم مسائل ثلث الأولى إذا انهدمت الكنائس والبيع فإن كان لأهلها
ذمة لم يجز التعرض لها كما انها كذلك حال عمارتها فإنه مناف لاحترام ما في أيديهم حال الذمة واقرارهم عليها على حسب ما يقتضيه عقد الذمة وكونها خارجة
عن ملكهم يوقفهم إياها لا يقتضى جواز استنقاذها من أيديهم والا لجاز ذلك حال عمارتها أيضا وهو لا يجوز جزما فان الوقوف على حسب ما وقفها أهلها
وان كانت في ارض الحرب أو باد أهلها جاز استعمالها في المساجد خاصة كما صرح به في المسالك وغيره وربما توهم العبارة اختصاص هذا الحكم بما
إذا انهدمت البيع والكنائس وليس كذلك بل يجوز في مثل الفرض استعمالها في المساجد ولو كانت عامرة بل يجوز نقض عمارتها كلا أو بعضا لو احتاج
مسجديتها إليه اما جواز استعمالها في المساجد أي جعلها مسجدا فمما لا شبهة بل لا خلاف فيه على الظاهر فإنه احسان محض وحفظ لوقفيتها على الجهة التي
تعلق بها غرض الواقف بقدر الامكان وهى كونها موقوفة للعبادة ويدل عليه أيضا مضافا إلى ذلك صحيحة العيص بن القاسم قال سألت أبا عبد الله ع
عن البيع والكنائس هل يصلح نقضها لبناء المساجد فقال نعم والمنساق من السؤال إرادة نقضها لان تبنى مساجد لا ان تنقل الاته لبناء مسجد اخر كما قد يتوهم
مع أنه على هذا التقدير أيضا يفهم جواز استعمال رقبتها في بناء المساجد بالفحوى وقد يستدل له أيضا بصحيحة الأخرى قال سألت أبا عبد الله عن
البيع والكنائس يصلى فيها قال نعم وسألته هل يصلح بعضها مسجدا قال نعم إذا الظاهر وقوع السؤال عن صلاحية ان يجعل شئ منها مسجدا فقوله هل يصلح
بعضها مسجدا معناه هل يصلح شئ من البيع والكنائس للمسجدية واحتمال إرادة ما يسجد عليه من المسجد بلحاظ ما فيه من شبهة النجاسة لا يخلو من بعد فليتأمل
وقضية اطلاق النص كفتاوى بعض كالفاضل في القواعد ومحكى المنتهى جواز نقضها لبناء المساجد مطلقا وخصه غير واحد بما لا بد من نقضه للمسجدية
ولا يبعد ان يدعى انصراف اطلاق النص والفتاوى أيضا إلى إرادة نقض ما يحتاج مسجديتها إليه ولو لكونه اصلح بنائها مسجدا أو لإزالة النجاسة عنها و
لو لم نقل بانصرافه إلى ذلك لتعين صرفه إليه جمعا بينه وبين ما دل على حرمة التصرف في الوقف بغير هذا الوجه وتوهم بطلان وقف الكنائس والبيع فيلحقها
احكام سائر أراضيهم مدفوع بظهور النصوص والفتاوى في صحة وقفها إذا صدر من أهلها كما لا يخفى على المتتبع واشتراط قصد القربة في الوقف ان
قلنا به فهو غير مناف لذلك لتأتيه من اليهود والنصارى الذين هم أهلها ومن هنا يظهر انه لا يجوز استعمالها ولا استعمال شئ من الاتها وفرشها في غير
المساجد بل ولا في مسجد اخر مع احتياجها إليه كما هو الشأن في احكام سائر المساجد وغيرها من الأوقاف العامة ثم لا يخفى عليك انه بعد اتخاذها مسجدا للمسلمين
يجرى عليها احكام المساجد من وجوب إزالة النجاسة عن كل موضع علم بنجاسته مع الامكان وحرمة لبث الجنب والحائض فيها وغير ذلك من أحكام المساجد
بل في الجواهر بعد ان حكم بوجوب تطهيرها مع الامكان قال بل الظاهر وجوبه وان لم يتخذها مساجد لنا لما عرفت من صحة وقفهم إياها وصيرورتها به محلا
للعبادة كباقي محاله نعم لا يجب تطهيرها علينا حال استعمالهم إياها وتعبدهم فيها لظهور الأدلة في اقرارنا لهم حال الذمة على معتقدهم اما بعد الاندراس
مثلا كما هو المفروض أو كانت في ارض الحرب وقد فتحها المسلمون أو بالجملة آل امرها الينا فالظاهر جريان حكم المساجد عليها ح بل قد يقال بحرمة تنجيسنا لها
حال استعمالهم إياها أيضا وبوجوب إزالة النجاسة التي ليست من توابع استعمالاتهم علينا انتهى ولكنه ضعيف فإنها لا تسمى مساجد حتى يتناولها احكامها
فضلا عن انصراف اطلاقات أدلة الاحكام إليها وكون الاختلاف بينها وبين المساجد في مجرد التسمية والا فالكل موقوف لعبادة الله غير مجد في تسربه احكام
المساجد إليها بعد حرمة القياس ووجود الفارق من حيث الإضافة إلى الكفار خصوصا بالنسبة إلى حكم النجاسة التي عمدة مستنده الاجماع
الغير المتناول للمقام وعموم قوله جنبوا مساجدكم النجاسة بناء على تمامية الاستدلال به الغير الشامل للبيع والكنائس بديهة فالأظهر عدم حرمة لبث الجنب
والحائض فيها أيضا ما لم تندرج في مسمى المساجد عرفا فضلا عن وجوب إزالة النجاسة عنها والله العالم المسألة الثانية صلاة المكتوبة
710

للرجال في المسجد أفضل من المنزل بلا خلاف بين المسلمين كما اعترف به في الجواهر وغيره بل لعله من ضروريات الدين والأخبار الدالة عليه فوق حد الاحصا
وكفاك شاهدا على ذلك بعض الروايات التي ستسمعها في المسألة الآتية والنافلة بالعكس أي فعلها في المنزل أفضل من المسجد على ما صرح به في المتن و
غيره بل في المدارك نسبة إلى الأكثر وفي الجواهر إلى المشهور بل عن المعتبر والمنتهى نسبة إلى فتوى علمائنا لان فعلها في السر أبلغ في الاخلاص وابعد من
وساوس الشيطان ولما روى عن النبي ص أنه قال أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته الا المكتوبة وعنه صلى الله عليه وآله أيضا في الوصية المروية في
المجالس باسناده بعدما ذكر فضل الصلاة في المسجد الحرام ومسجده ص وأفضل من هذا كل صلاة يصليها الرجل في بيته حيث لا يراه الا الله عز وجل يطلب بها
وجه الله إلى أن قال يا أبا ذر ان الصلاة النافلة تفضل في السر على العلانية كفضل الفريضة على النافلة واستشكل غير واحد من المتأخرين بل رجح خلافه
ففي المدارك بعد ان استدل للمشهور بأنه أبلغ في الاخلاص وابعد من الوساوس وبالسوي الأول قال ورجح جدي قدس سره في بعض فوائده رجحان فعلها
في المسجد أيضا كالفريضة وهو حسن خصوصا إذا امن على نفسه الرياء ورجى اقتداء الناس به ورغبتهم في الخير ويدل عليه روايات كثيرة منها ما رواه
الشيخ في الصحيح عن معاوية بن وهب عن الصادق ع ان النبي ص كان يصلى صلاة الليل في المسجد وفى
الصحيح عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه قال قلت لأبي عبد الله ع
انى لأكره الصلاة في مساجدهم فقال لا تكره فما من مسجد بنى الا على اثر نبي قتل فأصاب تلك البقعة رشة من دمه فأحب الله ان يذكر فيها أفاد فيها الفريضة
والنوافل واقض فيها ما فاتك وفي الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ع أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله الصلاة في مسجدي كالف
في غيره الا المسجد الحرام فان الصلاة في المسجد الحرام تعدل الف صلاة في مسجدي وعن هارون بن خارجة عن أبي عبد الله ع أنه قال في مسجد الكوفة ان
الصلاة المكتوبة تعدل الف صلاة وان النافلة لتعدل خمسمأة وعن عبد الله بن يحيى الكاهلي عن أبي عبد الله ع أنه قال في مسجد الكوفة أيضا ان
الصلاة المكتوبة فيه حجة مبرورة والنافلة عمرة مبرورة وما رواه ابن بابويه رضى الله تعالى عنه في كتاب من لا يحضره الفقيه بعدة أسانيد عن
أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر ع أنه قال له المساجد الأربعة المسجد الحرام ومسجد الرسول ص ومسجد بيت المقدس ومسجد الكوفة يا أبا حمزة الفريضة فيها تعدل
حجة والنافلة تعدل عمرة انتهى ما في المدارك وهو جيد ويؤيده زيادة على ما ذكر قصور أدلة المشهور عن إفادة المطلوب فان غاية ما يمكن استفادته
من تلك الأدلة بعد الغض عن سندها انما هو أفضلية الاتيان بالنافلة سرا والفريضة علانية وهى جهة أخرى للفضيلة لا مدخلية لخصوصية المكان
فيها فلا ينبغي الارتياب في أن فعل الصلاة في المسجد من حيث هو أفضل من فعلها في البيت ولكن فعل النافلة سرا أفضل من الاتيان بها علانية فان اجتمع
العنوانان في مورد فهو نور على نور وان تعارضا فهما كغيرهما من المستحبات المتزاحمة نظير ما لو دار الامر بين ان يصلى في المسجد مع تشتت البال وفي بيته
مع الخلوص والاقبال والترجيح في مثل هذه الموارد يحتاج إلى لطف قريحة فإنه قد يختلف باختلاف الأحوال والاشخاص والعوارض الجزئية التي
لا يمكن الإحاطة بها هذا كله في صلاة الرجال في المسجد واما النساء فمقتضى اطلاق بعض الأصحاب كأغلب النصوص الواردة في الحث على الصلاة
في المسجد وعمومها وكذا قضية قاعدة المشاركة كونها أيضا كذلك ولكن قد يستشعر من كلماتهم بل في الجواهر قال لا تعرف خلافا بينهم بل ظاهرهم
الاتفاق عليه في أفضلية صلاتها في المنزل من صلاتها فيها رعاية للستر المطلوب منهن وحذرا من الافتتان بهن والفتنة بسبهن لو خرجن إليها مجتمعة
مع الرجال وعن توصلهن إلى كثير من القبائح التي هن مظنتها باعتبار نقص عقولهن وغلبه شهواتهن مضافا إلى قول الصادق ع في خبر يونس بن
ظبيان خير مساجد نسائكم البيوت بل عنه أيضا صلاة المرأة في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها وصلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في الدار أقول
ويؤيده أيضا ما عن مكارم الأخلاق للطبرسي مرسلا قال قال النبي ص صلاة المرأة وحدها في بيتها كفضل صلاتها في الجمع خمسا وعشرين درجة المسألة
الثالثة الصلاة في الجامع الأعظم الذي يكثر اختلاف عامة أهل البلد إليه بمأة صلاة وفي مسجد القبيلة بخمس وعشرين صلاة وفي مسجد
السوق باثني عشرة صلاة والمستند فيه ما عن الصدوق في الفقيه مرسلا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال
صلاة في بيت المقدس تعدل الف صلاة وصلاة في المسجد الأعظم تعدل مأة صلاة وصلاة في مسجد
القبيلة تعدل خمسا وعشرين صلاة وصلاة في مسجد السوق تعدل اثنى عشرة صلاة
وصلاة الرجل في بيته صلاة واحدة قد فرغ من تصنيف هذا الجزء
من كتاب الصلاة من الكتاب المسمى بمصباح الفقيه مصنفه الأحقر الجاني محمد رضا
الهمداني في أوائل العشر الثاني من شهر صفر المظفر
من شهور السنة السابعة عشرة بعد الألف
وثلاثمأة من الهجرة النبوية
على مهاجرها الف صلاة
وتحية
711

الفصل الرابع في صلاة الخوف والمطاردة صلاة الخوف ثابتة بالكتاب والسنة والاجماع من علمائنا وجمهور علماء الجمهور على ما ادعاه في الحدائق
قال الله عز وجل وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة الآية وهى مقصورة في الكم سفرا جماعة وفرادى قولا واحدا وفي الحضر إذا صليت جماعة فان صليت
فرادى قيل يقصر كما عن السيد والشيخ في الخلاف وابن الجنيد وابن أبي عقيل وابن البراج وغيرهم بل ربما نسب هذا القول إلى الأكثر بل المشهور وقيل لا كما
عن الشيخ في المبسوط وعن الشهيد انه نسبه إلى ظاهر جماعة من الأصحاب وعن المصنف في المعتبر انه نقل عن بعض الأصحاب قولا بأنها انما تقصر في السفر
خاصة ولعله لشذوذه وضعف مستنده لم يلتفت إليه في هذا الكتاب وكيف كان فالقول الأول أي القول بكونها مقصورة مطلقا سفرا وحضرا جماعة
وفرادى أشبه لما رواه ابن بابويه في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له صلاة الخوف وصلاة السفر تقصران جميعا قال نعم وصلاة الخوف أحق
ان تقصر من صلاة السفر الذي لا خوف فيه ومقتضى اطلاق النص بل عموم الأحقية المذكورة فيه التي هي بمنزلة التعليل للحكم في لفرق بين الاتيان بها جماعة أو
فرادى واستدل له أيضا بقوله تعالى وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة ان خفتم ان يفتنكم الذين كفروا بدعوى ان ليس المراد بالسفر
فيها على الظاهر سفر القصر والا لم يكن في التقييد بالخوف فائدة أو يقال إن الشرطين أعني السفر والخوف ان كانا على سبيل الجمع في جواز التقصير وجب الاتمام لو فقد
أحدهما التالي باطل بالاجماع فيبطل المقدم وإذا لم يكونا شرطين على سبيل الجمع وجب ان يكونا شرطين على البدل فأيهما حصل وجب القصر وأيضا بقوله تعالى
فإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم الآية وهى مطلقة في الاقتصار على الركعتين شاملة باطلاقها الا حضر والسفر و
أجيب عن الآية الأولى بان حمل الضرب في الأرض على غير سفر القصر مع أنه عدول عن الظاهر غير نافع فان مجرد الخوف كاف للقصر على قولهم من غير توقف على
الضرب في الأرض فالظاهر أن المراد بالضرب هو سفر القصر والشرطية الثانية جارية مجرى الأعم الأغلب في أسفارهم فإنهم كانوا يخافون الأعداء في عامتها بل قد
يدعى كون الخوف من العدد لازما عاديا في تلك الأزمنة ومن هنا يظهر ضعف ما قيل ثانيا في تقريب الاستدلال من أن قيام الاجماع على عدم اعتبار الاجتماع
كاشف عن أن كلا من الشرطين سبب مستقل لثبوت الجزاء إذا الاجماع انما قام على في رادة التقييد من الشرطية
الثانية كما يقتضيه ظاهر اللفظ فهو لا يكشف
الا عن انه لا بد ان يكون لذكرها نكتة غير إرادة التقييد لا انها بنفسها سبب تام مستقل لثبوت جزاء اخر مماثل للجزاء المترتب على السبب الأول وكفى نكتة لذلك
غلبة ملازمة الخوف للموضوع الذي أنيط به الحكم وشدة مناسبته لان يكون حكمة لذلك ويمكن الخدشة في الجواب بان الغاء الشرطية الثانية بأجرائها مجرى
الغالب ليس بأولى من الغاء الأولى وحملها على كونها مسوقة لبيان تحقق الموضوع حيث إن الغالب عدم حصول الخوف الموجب لقصر الصلاة ما داموا مستقرين
في أوطانهم فالآية بحسب الظاهر مسوقة لبيان مشروعية التقصير لدى الخوف من العدو الذي لا يتحقق في الغالب الا لدى الضرب في الأرض كما يؤيد ذلك بل
يشهد له الآية الثانية المعلوم كونها مسوقة لبيان كيفية صلاة الخوف مع أنه ليس فيها تعرض لذكر الخوف وانما فهم ذلك من ارجاع الضمير إلى المذكورين في الآية الأولى
فيكشف ذلك عن أن المفروض موضوعا للحكم بشرعية القصر في الآية الأولى هم الخائفون من العدو وان ذكر قوله تعالى في تلك الآية ان خفتم ليس من باب الجرى على
العادة بل لمدخلية في الحكم كما يقتضيه ظاهر اللفظ وقضية ذلك اما الغاء الشرطية الأولى وتنزيلها على الجرى مجرى العادة أو جعل كل منهما سببا مستقلا والا للزم اعتبار
كليهما في مشروعية القصر وهو مخالف للاجماع وغيره من الأدلة فالانصاف امكان استفادة المدعى من مجموع الآيتين بهذا التقريب والا فكل واحدة منهما بنفسها
غير ناهضة بذلك كما لا يخفى ثم إن المتبادر هن اطلاق الفتاوى والنصوص وكذا المنساق من تعليق القصر على الخوف في الآية الشريفة انما هو مشروعية التقصير في المواضع
التي يناسبها الخوف بان كان مقتضيا لتخفيف الصلاة فلا يكفي فيه مجرد كونه في محل الخوف من غير أن يكون خوفه مقتضيا للتخفيف كما لو التجأ إلى البقاء في مسبعة أو مسيل أو
منزل ينزل فيه الأعداء ولم يكن يتفاوت الحال ما دام كونه في ذلك المكان بين اشتغاله بالصلاة وعدمه من حيث التحرز عما يخاف منه خلافا لما قد يترائى من كلمات بعضهم
من كون الخوف كالسفر حكمة لوجوب القصر فيجب عليه في مثل الفرض التقصير تعبدا وهو بعيد لانتفاء ما يدل عليه وتوهم كونه من مقتضيات اطلاق الفتاوى والنصوص مدفوع
بما تقدمت الإشارة إليه من انصرافها عن مثله والله العالم ثم إن المراد بالقصر هيهنا هو الذي يراد منه في حق المسافر من الاقتصار في الرباعيات على ركعتين دون ما عداها
من الثنائية والثلاثية كما ينبئ عن ذلك الاخبار الآتية الواردة في كيفية الاتيان بها جماعة بل في الصحيحة المزبورة أيضا ايماء إليه ولكن في المدارك بعد ان صرح بما ذكرناه
في تفسير القصر قال وقال ابن بابويه في كناية سمعت شيخنا محمد بن الحسن يقول رويت انه سئل الصادق ع عن قول الله عز وجل وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح ان
تقصروا من الصلاة ان خفتم ان يفتنكم الذين كفروا فقال هذا تقصير كان وهو ان يرد الرجل الركعتين إلى الركعة وقد روى ذلك الشيخ في الصحيح عن حريز عن أبي عبد الله ع في قول الله
عز وجل ليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة ان خفتم ان يفتنكم الذين كفروا قال في الركعتين ينقص منهما واحدة ونقل عن ابن الجنيد أنه قال بهذا المذهب وهو نادر والرواية وان كانت
صحيحة لكنها معارضة بأشهر منها ويمكن حملها على التقية أو على أن كل طائفة انما يصلى مع الامام ركعة فكأن صلاتهما ردت إليها انتهى أقول وعبادة ابن الجنيد
التي استظهر منها هذا القول على ما حكاها في الحدائق وغيره صورتها فان كانت الحالة الثانية وهى مضافة الحرب والمواقفة والتعيية والتهيأ للمناوشة من غير بداية
صلى الامام بالفرقة الأولى ركعة وسجد سجدتين ثم انصرفوا وسلم القوم بعضهم على بعض في مصافهم وقد روى عن أبي جعفر محمد بن علي ع ان رسول الله ص صلى كذلك بعسفان
وروى ذلك أيضا حذيفة بن اليمان وجابر وابن عباس وغيرهم وقال بعض الرواة وكانت لرسول الله ص ركعتان ولكل طائفة ركعة ركعة انتهى وربما يؤيده أيضا
ما رواه في الوسائل عن العياشي في تفسيره عن إبراهيم بن عمر عن أبي عبد الله ع قال فرض الله على المقيم أربع ركعات وفرض على المسافر ركعتين تمام وفرض على الخائف
ركعة وهو قول الله عز وجل لا جناح عليكم ان تقصروا من الصلاة ان خفتم ان يفتنكم الذين كفروا يقول من الركعتين فيصير ركعة وعن الذخيرة بعد ذكر هذا القول
712

قال وهو المحكى عن جماعة من الصحابة والتابعين في تفسير التقصير المذكور في الآية ولكن مع ذلك كله لا ينبغي الالتفات إليه بعد شذوذه ومعارضة مستنده
بالمستفيضة الآتية الواردة في كيفية صلاة الخوف المشتمل بعضها على حكاية فعل رسول الله صلى الله عليه وآله التي نص في فعلها ركعتين أو ثلثا ان كانت
مغربا هذا مع أن عمدة ما يصح الاستناد إليه لهذا القول هي الصحيحة المزبورة وهى بظاهرها مخالفة لما حكاه من فعل رسول الله صلى الله عليه وآله بعسفان حيث إنه صلى
الله عليه وآله بنفسه لم يرد الركعتين إلى ركعة اللهم الا ان يحمل ذلك أي ترك الرد بالنسبة إلى الامام رخصة في ترك التقصير رعاية لحال الطائفتين وفي الحدائق
قال في توجيه الصحيحة المزبورة ومن المحتمل قريبا تخصيص الرواية بحال الخوف من اتمام الركعتين بمعنى ان الحال أضيق والخوف أشد من الحالة الموجبة للركعتين فيقتصر
على الركعة فيكون هذه المرتبة أول مراتب الانتقالات الآتية في هذه الصلاة والأظهر هو الحمل على التقية أقول وربما يضعف الاحتمال المزبور ما
ستعرفه من أن شدة الخوف توجب القصر في الكيفية لا عدد الركعات والله العالم وإذا صليت جماعة فلها كيفيات ثلث مأثورة صلاة بطن النخل وصلاة ذات
الرقاع وصلاة عسفان ولم يتعرض المصنف للثالثة ولعله لضعف مستندها وعدم ثبوتها لديه واما الأوليان فقد أشار اليهما بقوله فالامام بالخيار
ان شاء صلى بطائفة ثم بأخرى وكانت الثانية له ندبا وتسمى هذه الصلاة بصلاة بطن النخل بالخاء المعجمة تسمية باسم الموضع الذي روى أن رسول الله صلى الله
عليه وآله صلى فيه بأصحابه وبهذه الكيفية ولكن الرواية لم تثبت مسندة من طرقنا كما اعترف به في المدارك وغيره بل رواها الشيخ في مبسوطه على ما نقل عنه على
سبيل الاجماع من طرقهم فقال فيما حكى عنه مشيرا إلى هذه الصلاة رواها الحسن عن أبي بكر عن فعل النبي ص ثم قال وهذا يدل على جواز صلاة المفترض خلف المتنفل
أقول وحيث لم يثبت ذلك بطريق معتبر فيشكل الالتزام بصحتها بل يتجه بنائها على القول بجواز اقتداء المفترض بالمتنفل حتى في مثل الفرض أي فيما لو اتى بالفريضة
جماعة فأعادها نفلا وقد عرفت في محله انه في هذه الصورة لا يخلو من اشكال وان لم يكن بعيدا فعليه يثبت للامام في المقام الخيار فان شاء صلى بالطائفتين
كما عرفت وان شاء يصلى كما صلى رسول الله صلى الله عليه وآله بذات الرقاع بالراء المهملة والقاف قال في محكى الذكرى واختلف في التسمية بذلك فقيل إن
القتال كان في صفح جبل فيه جدد حمر وصفر كالرقاع وقيل كانت الصحابة حفاة فلفوا على أرجلهم الجلود والخرق لئلا تحترق قال صاحب المعجم وقيل سميت برقاع
كان في ألويتهم وقيل الرقاع اسم شجر كانت في موضع الغزوة قال وفسرها مسلم في الصحيح بان الصحابة نقيت أرجلهم من الشجر فلفوا عليها الخرق وهى على ثلاثة أميال
من المدينة عند بئر اروما هكذا نقله صاحب معجم البلدان بآلاف قال وبين الهجرة وبين هذه الغزوة أربع سنين وثمانية أيام وقيل مر بذلك الموضع ثمانية
حفاة فنقبت أرجلهم وتساقطت أظفارهم فكانوا يلفون عليها الخرق انتهى ثم يحتاج هذه الصلاة إلى النظر في شروطها وكيفيتها واحكامها اما الشروط
فاحدها ان يكون الخصم في غير جهة القبلة في المدارك قال هذا الشرط مقطوع به في كلام أكثر الأصحاب واستدلوا عليه بان النبي صلى الله عليه وآله انما صلاها
كذلك فيجب متابعته ثم قال واستوجه العلامة في التذكرة عدم اعتباره لعدم المانع من فعلها بدونه قال وفعل النبي ص وقع اتفاقا لا انه كان شرطا أقول
وهو جيد إذ لا مقتضى لارتكاب التقييد في الأدلة الدالة عليه من الكتاب والروايات الآتية بل ستعرف امكان الالتزام بجواز الجماعة بهذه الكيفية اختيارا
وثانيها ان يكون فيه قوة لا يؤمن ان يهجم على المسلمين في أثناء صلاتهم والا انتفى الخوف المسوغ للكيفية المزبورة بناء على عدم جوازها اختيارا وثالثها
ان يكون في المسلمين كثرة يمكن ان يفترقوا طائفتين تكفل كل طائفة بمقاومة الخصم إذ من الواضح لدى قصور المسلمين عن ذلك لا يجوز لهم الجماعة بهذه الكيفية المستلزمة
للاختلال بحراستهم ورابعها ان لا يحتاج الامام إلى تفريقهم أكثر من فرقتين تصليان معه على التناوب بان كان كل منهما كافيا في حراسته ولو لدى احتياجهم
إلى تفريق الحرسة فرقا عديدة في مقابل ما لو احتاج مثلا إلى تثليث المسلمين وجعل كل ثلث طائفة يصلى بها ويقوم الآخران بحفظه في المدارك قال اشتراط
ذلك في الثنائية واضح لتعذر التوزيع بدونه اما في الثلاثية فقد قطع الشهيدان بجواز تفريقهم ثلث فرق وتخصيص كل فرقة بركعة وهو انما يتم إذا جوزنا الانفراد
اختيارا والا اتجه المنع منه لان المروى انه يصلى في الثلاثية ركعة يقوم وركعتين بأخرين انتهى وهو جيد اللهم الا ان يدعى القطع بان المقصود من شرع هذه
الصلاة ادراك الجميع فضيلة الجماعة من غير مدخلية خصوصية كيفية التفريق وتثنيته في ذلك كما ليس بالبعيد فيتجه ح تجويز التربيع أيضا لو كانت الفريضة رباعية
وقيل باختصاص التقصير في صلاة الخوف بالسفر كما هو واضح واما كيفيتها فان كانت الصلاة ثنائية صلى بالطائفة الأولى ركعة وقام إلى الثانية فينوي من خلفه
الانفراد واجبا أي يجب على من خلفه الانفراد في الثانية رعاية لحق الفرقة الأخرى ويحتمل ان يكون المقصود بالعبارة كما فهمه الشراح انه يجب عليهم نية الانفرادي
لا يجوز لهم الاتيان بما بقي من صلاتهم من غير احداث ووجهه انه يجب عليهم مفارقة الامام عند قيامهم للثانية كما ستعرف ولا يجوز لهم المفارقة ما لم يرجعوا
عن قصد الايتمام وهو لا يحصل الا بنية الانفراد واستوجه غير واحد تبعا للشهيد في الذكرى عدم وجوب نية الانفراد نظرا إلى أن صلاة الخوف انما شرعت
كذلك فهو في ابتداء صلاته لا ينوى الايتمام بركعة وعدن انقضاء الركعة يأتي تتمة صلاته جريا على ما اقتضته الأولى من غير حاجة إلى تجديدها ولكنك
عرفت في محله ان اختيار مفارقة الامام فيما بقي من صلاته كما هو مقتضى تكليفه في المقام لا يتخلف عن نية الانفراد بل لا معنى لنية الانفراد الا ذلك فلا يترتب على
تحقيق ما هو الحق من القولين بعد الالتزام بوجوب مفارقة الامام واتيان كل منهم بنفسه ببقية صلاته فائدة يعتد بها وانما المهم بيان وجوب أصل المفارقة
وان المفارقة الواجبة عليهم يجب كونها مقرونة بنية الانفراد فكاد يكون مستدركا كما أوضحناه في محله وكيف كان فعند قيامهم للثانية ينفردون ويتمون صلاتهم
فرادى وجوبا رعاية لحق الآخرين كما يدل عليه الاخبار الآتية ثم يستقبلون العدو وتأتي الفرقة الأخرى فيحرمون ويدخلون معه في ثانيته وهى أولاهم فإذا
713

جلس الامام للتشهد أطال ونهض من خلفه فاتموا الركعة الثانية وجلسوا فتشهد بهم الامام وسلم في المدارك قال هذه الكيفية متفق عليها بين الأصحاب و
الأخبار الواردة بها كثيرة أقول ومن جملة الروايات الواردة فيها صحيحة الحلبي أو حسنته قال سألت أبا عبد الله ع عن صلاة الخوف قال يقوم الامام ويجئ
طائفة من أصحابه فيقومون خلفه وطائفة بإزاء العدو فيصلى بهم الامام ركعة ثم يقوم ويقومون معه فيمثل الامام قائما ويصلون هم الركعة الثانية ثم يسلم
بعضهم على بعض ثم ينصرفون فيقومون في مقام أصحابهم ويجئ الآخرون فيقومون خلف الامام فيصلى بهم الركعة الثانية ثم يجلس الامام فيقومون هم فيصلون
ركعة أخرى ثم يسلم عليهم فينصرفون بتسليمه وفي المغرب مثل ذلك يقوم الامام ويجئ طائفة فيقومون خلفه ثم يصلى بهم ركعة ثم يقوم ويقومون فيمثل
الامام قائما فيصلون ركعتين فيتشهدون ويسلم بعضهم على بعض ثم ينصرفون فيقومون في موقف أصحابهم ويجيئ الآخرون ويقومون في موقف أصحابهم خلف
الامام فيصلى بهم ركعة يقرء فيها ثم يجلس فيتشهد ثم يقوم ويقومون معه ويصلى بهم ركعة أخرى ثم يجلس ويقومون هم فيتمون ركعة أخرى ثم يسلم عليهم
وظاهر هذه الصحيحة ان الامام لا ينتظر الفرقة الثانية الا بالتسليم وهو خلاف ما يظهر من المتن من أنه ينتظرهم في التشهد أيضا ويحتمل ان يكون المراد بالتسليم
في الصحيحة ما يعم التشهد ولكنه لا يخلو من بعد وكيف كان فالظاهر جواز ان ينتظرهم في التشهد أيضا خصوصا إذا كان مشغولا بالذكر والتسبيح والتحيات وغير ذلك مما
يندفع معه توهم حصول الفصل المخل للأصل كما عن بعضهم التصريح به وربما يشهد له أيضا رواية الحميري المروية عن قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن عن جده علي
بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن صلاة الخوف كيف هي فقال يقوم الامام فيصلى ببعض أصحابه ركعة ثم يقوم أصحابه ويصلون الثانية ويخفون وينصرفون
ويأتي أصحابهم الباقون فيصلون معه الثانية فإذا اقعد في التشهد قاموا فصلوا الثانية لأنفسهم ثم يقعدون فيتشهدون معه ثم يسلم ثم ينصرفون ومنها صحيحة
عبد الرحمن بن أبي عبد الله المروية عن الفقيه عن أبي عبد الله ع قال صلى النبي ص بأصحابه في غزوة ذات الرقاع ففرق أصحابه فرقتين فأقام فرقة بإزاء العدو وفرقة خلفه
فكبر وكبروا فقرأ وانصتوا فركع فركعوا فسجد فسجدوا ثم استمر رسول الله ص قائما فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلم بعضهم على بعض ثم خرجوا إلى أصحابهم فقاموا
بإزاء العدد وجاء أصحابهم فقاموا خلف رسول الله ص وكبر فكبروا فقرء وانصتوا وركع فركعوا فسجد فسجدوا ثم جلس رسول الله ص فتشهد ثم سلم عليهم فقاموا
ثم قضوا لأنفسهم ركعة ثم سلم بعضهم على بعض الحديث وعن الكافي نحوه إلى قوله فقاموا خلف رسول الله ص ثم قال فصلى بهم ركعة ثم تشهد وسلم عليهم
فقاموا وصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلم بعضهم على بعض وما في رواية الفقيه من أنه صلى الله عليه وآله كبر في
قيامه للثانية فيمكن ان يكون المقصود به تعليم الفرقة
الثانية وتنبيههم على أن يجعلوا ما أدركوه معه أول صلاتهم ويفتتحوها بالتكبير كما لو كانوا يأتمون به في الأولى ويحتمل ان يكون تجديد صورة الافتتاح التي
هي في الحقيقة ليس الا التلفظ بالتكبير الذي هو مستحب مط مشروعا في المقام لان يأتم به المأمومون في افتتاحهم ولكنه ليس بواجب جزما إذ لم ينقل القول به عن
أحد ولم يقع التعرض له في سائر الروايات الواردة في بيان كيفية هذه الصلاة وما نقل من فعل النبي صلى الله عليه وآله مجمل وجهه فهو لا ينهض دليلا الا لاثبات
استحباب التلفظ بالتكبير في هذا المقام من باب التأسي ولا مانع عن الالتزام به وان لم يتعرض الأصحاب له فإنه غير مناف لذلك خصوصا مع معلومية رجحانه
من حيث هو من باب مطلق الذكر وكون المحل قابلا للمسامحة وكيف كان فهذه الصحيحة وكذا الخبر الآتي وبعض الروايات الآتية الواردة في المغرب تدل على أنه لا
يجب على الامام ان ينتظرهم في التسليم وقضية الجمع بينها وبين الصحيحة السابقة وغيرها مما ورد فيه الامر بالانتظار حمله على الاستحباب أو لبيان محض الرخصة في
التأخير فيكون الامام مخيرا بين الامرين بل لولا معارضة تلك الأخبار بهذه الروايات لكان المتعين فيها أيضا في ذلك الجماعة المستحبة التي هي المنساق من مورد الاخبار
إذ لا يجب عليه الإمامة فله مفارقة المأمومين في أثناء صلاته فضلا عن الخروج عنها بالتسليم بعد انقضاء صلاته ومنها ما عن العياشي في تفسيره عن زرارة
ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا حضرت الصلاة في الخوف فرقهم الامام فرقتين فرقة مقبلة على عدوهم وفرقة خلفه كما قال الله تعالى فيكبر بهم ثم يصلى
بهم ركعة ثم يقوم بعد ما يرفع رأسه من السجود فيمثل قائما ويقوم الذين خلفه ركعة فيصلى كل انسان منهم لنفسه ركعة ثم يسلم بعضهم على بعض ثم يذهبون
إلى أصحابهم فيقومون مقامهم ويجيئ الآخرون والامام قائم فيكبرون ويدخلون في الصلاة خلفه فيصلى بهم ركعة ثم يسلم فيكون للأولين استفتاح الصلاة
بالتكبير وللآخرين التسليم من الامام فإذا سلم الامام قام كل انسان من الطائفة الأخيرة فيصلى لنفسه ركعة واحدة فتمت للامام ركعتان ولكل من القوم ركعتان
واحدة في جماعة والأخرى وحدانا الحديث فتحصل المخالفة بين هذه الصلاة وبين صلاة الجماعة بلا خوف في ثلاثة أشياء الأول انفراد المؤتم بناء على عدم جوازه
اختيارا واما على القول بالجواز كما هو المختار فلا مخالفة من هذه الجهة الا من حيث الحكم حيث إنه يجب في هذه الصلاة ولا يجب في غيرها والثاني توقع الامام للمأموم
في التسليم بناء على عدم جواز مثله اختيارا وهو محل نظر بل منع إذ لا مانع عن إطالة التشهد أو تأخيره والتشاغل بسائر الأذكار بقدر أداء ركعة خصوصا إذا كانت
مخففة كما هو مقتضى تكليفه بل لا يبعد الالتزام بجواز بقاء هذا المقدار ساكتا في أثناء الصلاة اختيارا إذ لم يثبت كون هذا المقدار من السكوت من الفصل الطويل المخل
بالتوالي المعتبر في الصلاة والماحي لصورتها فمقتضى الأصل جوازه وقد عرفت انفا ان توقع الامام للمأموم ليس بواجب هيهنا أيضا فالأظهر انه لا مخالفة من هذه الجهة
ولو من حيث الحكم ويحتمل ان يكون المراد يتوقع الامام انتظاره لحضور الفرقة الثانية بدعوى ان مقتضى اطلاقات الأدلة جوازه وان طال مكثه بأكثر مما يجوز ذلك
للمختار ولكن يتوجه عليه ان طول بقائه قائما لا ينافي في فعل الصلاة على الاطلاق وانما ينافيه لو بقي ساكنا ولم يتشاغل حاله بقراءة أو ذكر أو دعاء وليست الاطلاقات
واقية بأثبات جواز السكوت حاله إلى هذا الحد لورودها مورد حكم اخر كما هو واضح والثالث امامة القاعد بالقائم بناء على بقاء اقتداء الفرقة الثانية في الركعة
714

الثانية حكما وان استقلوا بالقراءة والافعال كما التزم به غير واحد منهم العلامة في المختلف على ما حكى عنه مستدلا عليه بقوله ع في صحيحة زرارة فصار للأولين التكبير و
افتتاح الصلاة وللآخرين التسليم قال ومع الانفراد لا يحصل لهم ذلك وفي المدارك بعد ان حكى عن المختلف الاستدلال المزبور وقال وهو احتجاج ضعيف للتصريح في
تلك الرواية بعينها بان الامام توقع السلام بعد فراغه من التشهد من غير انتظارهم وعلى هذا فيكون معنى قوله ع وللآخرين التسليم انهم حضروه مع الامام ثم قال و
الأصح انفراد الفرقة الثانية عند مفارقة الامام كالأولى كما هو ظاهر الشيخ في المبسوط وابن حمزة في الوسيلة لقوله ع في صحيحة عبد الرحمن المتقدمة ثم تشهد وسلم عليهم فقاموا
فصلوا لأنفسهم ركعة وسلم بعضهم على بعض ولأنه لا معنى للقدوة مع الاستقلال بالقراءة والافعال الا حصول ثواب الايتمام وسقوط السهو عنهم في الركعة الثانية
ان قلنا بسقوطه عن المأموم وليس في الأدلة النقلية ما يدل على ذلك فكان منفيا بالأصل انتهى وهو جيد بل لو قلنا ببقاء القدوة أيضا قد يتجه منع المخالفة من هذه
الجهة أيضا لان ما دل على المنع عن امامة القاعد بالقائم غير متناول لمثل المقام الذي يفارقه المأموم لتدارك ما نقص من صلاته بل الأدلة في مثل المقام ناهضة
بخلافه كما لا يخفى على من أحاط خيرا بما مر في محله فتلخص مما ذكر ان الأظهر انه ليس في هذه الصلاة مخالفة لصلاة المختار كما صرح به كثير من الأصحاب بل ربما نسب إلى
أكثرهم وان كانت أي الصلاة ثلاثية فهو بالخيار ان شاء صلى بالأولى ركعة وبالثانية ركعتين وان شاء بالعكس كما صرح به غير واحد بل لم ينقل أحد التصريح
بخلافه بل عن المنتهى نسبة إلى علمائنا لورود الاخبار بكل من الكيفيتين وقضية الجمع بينها القول بالتخيير فمما يدل على الأولى قوله عليه السلام في صحيحة الحلبي المتقدمة وفى
المغرب مثل ذلك يقوم الامام الحديث وما عن الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال صلاة الخوف المغرب يصلى بالأولين ركعة ويقضون ركعتين
ويصلى بالآخرين ركعتين ويقضون ركعة وخبر علي بن جعفر المروى عن كتاب وكتاب قرب الإسناد عن أخيه موسى عليه السلام قال وسألته عن صلاة المغرب في الخوف
قال يقوم الامام ببعض أصحابه فيصلى بهم ركعة ثم يقوم الامام في الثانية ويقومون فيصلون لأنفسهم ركعتين ويخففون وينصرفون ويأتي أصحابه الباقون فيصلون
معه الثانية ثم يقوم إلى الثالثة فيصلى بهم فيكون للامام الثالثة وللقوم الثانية ثم يقعدون ويتشهد ويتشهدون معه ثم يقوم أصحابه الامام قاعد فيصلون
الثالثة ويتشهدون معه ثم يسلم ويسلمون وخبر أبان بن تغلب المروى عن تفسير العياشي عن جعفر بن محمد ع قال صلاة المغرب في الخوف قال يجعل أصحابه طائفتين واحدة
بإزاء العدو والأخرى خلفه فيصلى بهم ثم ينتصب قائما ويصلون هم تمام ركعتين ثم يسلم بعضهم على بعض ثم يأتي الطائفة الأخرى خلفه فيصلى بهم ركعتين ويصلون
هم ركعة فيكون للأولين قراءة وللآخرين قراءة وعن الذكرى وغيره مرسلا ان أمير المؤمنين عليه السلام صلى المغرب بهذه الكيفية ليلة الهرير ومما يدل على الثانية
صحيحة زرارة عن الباقر عليه السلام أنه قال إذا كانت صلاة المغرب في الخوف فرقهم فرقتين فيصلى بفرقة ركعتين ثم جلس بهم ثم أشار إليهم بيده فقام كل انسان منهم
فيصلى ركعة ثم سلموا وقاموا مقام أصحابهم وجائت الطائفة الأخرى فكبروا ودخلوا في الصلاة وقام الامام فصلى بهم ركعة ثم سلم ثم قام كل رجل منهم فصلى ركعة فيشفعها
بالتي صلى مع الامام ثم قام فصلى ليس فيها قراءة فتمت للامام ثلث ركعات وللأولين ركعتان في جماعة وللآخرين وحدانا فصار للأولين التكبير وافتتاح الصلاة
وللآخرين التسليم وعن العياشي في تفسيره انه رواه عن زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر ع مثله وبإسناده عن الحسين بن سعيد عن محمد بن أبي عمير عن عمر بن أذينة
عن زرارة وفضيل ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر مثل ذلك وهل الأفضل اختيار الكيفية الأولى أو الثانية قولان صرح غير واحد بل ربما نسب إلى الأكثر الأول
لكثرة الروايات الواردة فيه والتأسي بالمحكى من فعل أمير المؤمنين عليه السلام ليلة الهرير وكونه أوفق بالعدل والانصاف في ادراك كل من الطائفتين ركعة من الأولتين
اللتين هما الأصل في الصلاة وفيهما القراءة ووقوع تفضيل الطائفة الثانية بالأخيرة جبرا لتأخيرهم وفوات ادراك فضل التبعية في الافتتاح وقبل بالثاني لما
فيه من التخفيف المطلوب في هذه الصلاة إذ على الأول يكون على الفرقة الثانية الجلوس عقيب الركعة الأولى من صلاتهم تبعا للامام وهذا بخلاف ما لو لحقوه بالثانية
فعند جلوس الامام للتشهد الأخير ينفردون فلا يحصل به زيادة تعطيل على ما يحتاجون إليه في افعال صلاتهم ولا يخفى عليك عدم صلاحيته هذا الوجه لاثبات الأفضلية
شرعا بعد تظافر الاخبار الامرة بخلافه بل قد يكون ذلك من مؤيدات القول الأول إذ لولا أن تلك الكيفية أفضل لما ورد الامر بها في معظم الاخبار مع استلزامها
زيادة تعطيل بالنسبة إلى الطائفة الثانية هذا مع أن الصحيحة التي هي مستند الصلاة بهذه الكيفية ورد فيها الامر بقيامهم للثانية بعد تسليم الامام فعلى هذا لا تكون
هذه الكيفية أخف وكيف كان فاختيار تلك الكيفية لعله أولى بل أحوط إذ قد يستظهر من كثير من الأصحاب بل ربما نسب إلى أكثرهم القول بتعينها حيث لم يذكروا في
كيفية الاقتداء في المغرب الا تلك الكيفية فيستشعر من ذلك عدم تجويزهم الكيفية الثانية بل قد يدعى ظهوره في ذلك وهذا بخلاف الكيفية الثانية فإنه لا قائل
بتعينه على ما قيل والله العالم ويجوز ان يكون كل فرقة واحدا إذا حصل به الحراسة لوضوح المناط واما بيان احكامها ففيه مسائل الأولى كل سهو يلحق
المصلين في حال متابعتهم لا حكم له في المدارك قال هذا مبنى على قول الشيخ من تحمل الامام أوهام من خلفه والمصنف ره لا يقول به ولا خصوصية لصلاة الخوف
بحيث يخالف غيرها من الصلوات والذي أفتى به المصنف ره فيما سبق ان كلا من الإمام والمأموم إذا انفرد بالسهو كان له حكم نفسه وهو المعتمد انتهى واحتمل في
المسالك ان يكون المراد بالسهو هنا الشك أقول ويؤيد هذا الاحتمال انه أطلقه بهذا المعنى عند بيان هذا الحكم في باب الشكوك تبعا للنص الذي هو الأصل
فيه والمراد بأنه لا حكم له انه يعول على حفظ الامام حسبما عرفته في محله فالمقصود بايراد هذه المسألة التنبيه على أن المصلين في حال متابعتهم حكمهم في السهو حكم
الجامع وفي حال الانفراد يكون الحكم ما قدمناه في باب السهو ولو على القول بعدم انفساخ قدوتهم عند توقع الامام لهم في التسليم أو مط وكونهم بحكم المأموم
المتخلف لعذر لما تقدمت الإشارة إليه من أن ما دل على أنه ليس على من صلى خلف الامام سهو لا يتناول مثل المقام مما لا ربط لعمله يعمل الامام المسألة الثانية
715

اخذ السلاح كالسيف والخنجر وغير ذلك من الات الدفع واجب في الصلاة لدى الشيخ وأكثر الأصحاب على ما نسب إليهم تمسكا بظاهر الامر في قوله تعالى وليأخذوا حذرهم
وأسلحتهم وحكى عن ابن الجنيد أنه قال يستحب اخذ السلاح حملا للامر على الارشاد لما في اخذ السلاح من الاستظهار في التحفظ من العدو وفي المدارك بعد نقل كلام
ابن الجنيد وتوجيهه بما ذكر قال وهو غير بعيد وفي الحدائق أيضا نفى عنه البعد أقول إن أريد من حمل الامر على الارشاد جعله كأوامر الطبيب معرا عن الطلب للولوى
فهو بعيد اللهم الا ان يدعى وروده في مقام توهم الحظر وهو أيضا ممنوع مع أنه يشكل ح استفادة الاستحباب منه أيضا وان أريد منه كونه مسوقا للبعث على تحصيل
هذه المصلحة التي هي راجح عقلي ففيه ان هذا لا يقتضى صرفه عن ظاهره من الوجوب اللهم الا ان يدعى عدم مناسبته الا للاستحباب وفيه منع ظاهر فإنه منزلة ما لو امر
رئيس العسكر جنده بان لا يفارقوا سلاحهم حتى في حال النوم استظهارا في التوقي من كيد أعدائهم فان المتبادر منه ليس الا الوجوب نعم وضوح المناط يوجب
قصر الحكم على المواضع التي يكون للاستظهار فيها موقع وكيف كان فما ذهب إليه المشهور من القول بالوجوب أوفق بظاهر اللفظ مع أنه أحوط ولكن الوجوب
بمقتضى المناسبة مضافا إلى كونه مقتضى الأصل هو الوجوب الشرعي لا الشرطي فلو أخل به لم تبطل صلاته ولكنه اثم بترك ما هو الواجب عليه حالها نظير ما لو نذر
ان يتصدق بخاتمه في أثناء صلاته ولم يفعل ولو كان على السلاح نجاسة لم يجز اخذه على قول لم يعرف قائله بالخصوص ولعله ممن يقول بعدم جواز حمل المتنجس في الصلاة
مطلقا وان كان مما لا تتم فيه الصلاة وحده فيرى السلاح من المحمول فيتجه ح المنع عنه على هذا المبنى ولكنك عرفت في محله ضعف هذا القول خصوصا بالنسبة إلى
ما لا تتم فيه الصلاة وحده مع أن الظاهر أن السلاح ان كان مثل السيف والخنجر يعد من الملبوس الذي دلت المعتبرة المستفيضة على نفى البأس عن الصلاة فيه إذا كان
مما لا تتم الصلاة فيه وحده وليس في خصوص السلاح ما يدل على المنع عن حمله أو لبسه إذا كان نجسا كي يكون حاكما على الأصول والعمومات النافية للبأس عن
الصلاة فيما لا تتم الصلاة فيه وحده الشاملة بعمومها للسلاح وغيره نعم قد يفهم المنع عن ليس خصوص السيف من رواية وهب بن وهب عن جعفر بن أبيه
ان عليا ع قال السيف بمنزلة الرداء تصلى فيه ما لم ترفيه دما والقوس بمنزلة الرداء ولكن هذه الرواية مع الغض عما فيها من ضعف السند لا تصلح مخصصة للروايات
النافية لليأس عن مثله كخبر عبد الله بن سنان عمن اخبره عن أبي عبد الله ع قال كلما كان على الانسان أو معه مما لا تجوز فيه الصلاة وحده فلا بأس ان يصلى فيه وان
كان فيه قذر مثل القلنسوة والتكة والكمرة والنعل والخفين وما أشبه ذلك فان ظهور مثل هذه الرواية في إرادة العموم أقوى من ظهور تلك الرواية في إرادة
الحرمة فالجمع بينهما بالحمل على الكراهة أولى من التخصيص هذا مع عدم معروفية القول بالتفصيل بين السيف وغيره عن أحد وقد تلخص مما ذكر ان الجواز أشبه
بالقواعد اللهم الا ان يكون السلاح مما لا تتم فيه الصلاة وحده كما لو كان درعا كذلك فيكون المنع ح متجها ولو كان السلاح ثقيلا يمنع شيئا من واجبات الصلاة
لم يجز اخذه لانصراف الآية الامرة باخذ السلاح إلى ما هو الغالب المتعارف الذي كانوا يتمكنون مع اخذه من إقامة الصلاة بحدودها ولولا هذا الانصراف
لكان مقتضى القاعدة عند مزاحمته لشئ من واجبات الصلاة ملاحظة الأهمية لو لم نقل بان واجبات الصلاة لأجل
ثبوت البدل لها واختصاص وجوبها بحال التمكن
والاختيار لا تصلح ان تعارض واجبا اخر كما أن هذا هو الشأن فيما لو وجب عليه حمل السلاح لا بهذا الدليل بل بظن الضرر أي غلبة العدو مثلا بمفارقته فإنه متى
ظن بذلك وجب عليه اخذه تحرزا عن الضرر المظنون والصلاة بحسب الامكان المسألة الثالثة إذا سهى الامام سهوا يوجب السجدتين ثم دخلت
الثانية معه فإذا سلم وسجد لم يجب عليها اتباعه ولو على قول الشيخ بوجوب متابعة المأموم للامام في سجود السهو وان لم يفعل موجبه لأنها لم تكن مؤتمة حال
سهوه وقد حكى عن الشيخ التصريح بنفي السجود عليه على هذا التقدير فقال ما لفظه المحكى عنه ان دخل المأموم في صلاة الامام وقد كان سبقه بالركعة أو الركعتين
فإن كان سهو الامام فيما قد مضى من صلاته التي لم يأتم بها المأموم فلا سجود للسهو على المأموم وان كان سهوه فيما اسم به وجب على المأموم السجود انتهى نعم
مقتضى تعليل بعضهم ذلك بعموم ما دل على وجوب المتابعة الالتزام بوجوبها هيهنا على الثانية وكيف كان فقد عرفت في محله ضعف هذا القول من أصله وان
الأصح ان كلا من الإمام والمأموم يعمل بما هو وظيفته من حيث هو في سهوه بقي الكلام في الكيفية الثالثة من صلاة الخوف وهى الصلاة المسماة بصلاة عسفان
على وزن عثمان موضع بينه وبين مكة ثلاث مراحل كما عن المصباح أو مرحلتين كما عن القاموس في هذه الصلاة قد نقلها الشيخ في المبسوط فقال على ما حكى عنه ما
لفظه ومتى كان العدو في جهة القبلة ويكون في مستوى الأرض لا يسترهم شئ ولا يمكنهم امر يخافون منه ويكون في المسلمين كثرة لا تلزمهم صلاة الخوف ولا صلاة شدة
الخوف وان صلوا كما صلى رسول الله ص بعسفان جاز فإنه قام مستقبل القبلة والمشركين امامه نصف خلف رسول الله ص صف وصف بعد ذلك الصف صف اخر فركع
رسول الله ص وركعوا جميعا ثم سجد ص وسجد الصف الذين يلونه وقام الاخر يحرسونه فلما سجد الأولون السجدتين وقاموا سجد الآخرون الذين كانوا خلفهم ثم تأخر
الصف الذين يلونه إلى مقام الآخرين وتقدم الصف الاخر إلى مكان الصف الأول ثم ركع رسول الله ص وركعوا جميعا في حالة ثم سجد فسجد الصف الذي يليه
وقام الآخرون يحرسونه فلما جلس رسول الله ص والصف الذي يليه سجد الآخرون ثم جلسوا جميعا وسلم بهم جميعا وصلى بهم هذه الصلاة يوم بنى سليم انتهى
وعن المنتهى رواية ذلك عن أبي عباس الزرقي قال كنا مع النبي ص بعسفان وعلى المشركين خالد بن الوليد فصلينا الظهر فقال المشركون لقد أصبنا غرة لو حملنا
عليهم في الصلاة فنزلت آية القصر بين الظهر والعصر فلما حضر العصرة قام رسول الله ص مستقبل القبلة والمشركون امامه وساق الحديث كما روى الشيخ لكنه مع ذلك
قال بعد ان حكى عن الشيخ الفتوى به ونحن نتوقف في هذا لعدم ثبوت النقل عندنا عن أهل البيت ع وعن المصنف في المعتبر أيضا التوقف فيه معللا بعدم ثبوت النقل
عن أهل البيت ولكن حكى عن الذكرى القول بشرعيتها معللا ذلك بأنها صلاة مشهورة في النقل فهي كسائر المشهورات الثابتة وان لم تنقل بأسانيد صحيحة وقد
716

ذكرها الشيخ مرسلا لها غير مسند ولا محيل على سند فلو لم تصح عنده لم يتعرض لها حتى ينبه على ضعفها فلا تقصر فتواه عن روايته ثم ليس فيها مخالفة الافعال الصلاة
غير التقدم والتأخر والتخلف بركن وكل ذلك غير قادح في صحة الصلاة اختيارا فكيف عند الضرورة انتهى وانكر عليه ذلك صاحب الحدائق من وجوه أشد
الانكار والحق انه ان سلمنا جواز مثل هذه الأفعال اختيارا فلا خرج في فعلها والا فكون روايتها صحيحة عند الشيخ أو كونها مشهورة في النقل غير مجد في اثباتها
إذ لم يثبت حجية شئ من ذلك لدينا اللهم الا ان يقال إن ارسال الشيخ لها وجزمه بصحة نقلها واشتهار هذه الصلاة في النقل كما ادعاه في الذكرى واعتضاده
بنقل أبى عباس المحكى في المنتهى يورث الوثوق بصحة النقل فيكون حاله حال سائر الروايات الضعيفة المنجبرة الشهرة وغيرها من امارات الوثوق فالانصاف
ان الاعتماد على هذا النقل في اثبات هذه الصلاة بدعوى انجباره بما سمعت ليس بالبعيد والعجب من مبالغة صاحب الحدائق في الانكار على الشهيد فيما سمعت
مع أنه ممن يرى وجوب العمل بكل ما أودعه الشيخ في التهذيب وكذا الصدوق في الفقيه من المراسيل والاخبار الضعيفة اعتمادا على تعهدهما في الكتابين بان لا يودعا فيهما
الا ما كان حجة بينهما وبين الله فهل يقصر عن ذلك ما نقله في المبسوط من فعل النبي وتعويله عليه في الفتوى فليتأمل واما صلاة المطاردة وتسمى صلاة شدة الخوف
مثل ان ينتهى الحال إلى الموافقة والمنازلة والمعانقة والمسايفة والمراد؟ ونحو ذلك يصلى على حسب امكانه واقفا أو ماشيا أو راكبا أو غير ذلك ويستقبل
القبلة بتكبيرة الاحرام ثم يستمر ان أمكنه الاستمرار والا استقبل ما أمكن وصلى مع التعذر للاستقبال حتى بالتكبيرة إلى أي الجهات أمكن لما عرفت في مبحث القيام
والاستقبال وغيرهما من الافعال المعتبرة في الصلاة من أن اعتبارها انها هو في حال التمكن والا فالصلاة لا تسقط بحال ولا يسقط الميسور بالمعسور وما لا يدرك
كله لا يترك كله مضافا إلى خصوص المعتبرة المستفيضة الواردة في المقام مثل ما عن الصدوق في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال الذي يخاف اللصوص والسبع تصلى
صلاة الموافقة ايماء على دابته قلت أرأيت ان لم يكن المواقف على وضوء كيف يصنع ولا يقدر على الرسول قال ليتيمم من كبد سرجه ومعرفة دابته فان فيها غبارا و
يصلى ويجعل السجود اخفض من الركوع ولا يدور إلى القبلة ولكن أينما دارت به دابته غير أنه يستقبل القبلة بأول تكبيرة حين يتوجه وعن الكليني باسناده عن زرارة
عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له أرأيت ان لم يكن المواقف على وضوء الحديث أقول وكان المراد بالمواقف في هذه الصحيحة على ما يستشعر من السؤال والجواب
من كان كخائف اللصوص ونحوه متمكنا من الصلاة مع الايماء ولكن يشق عليه النزول والاستقرار والاستقبال فهو بمقتضى العادة متمكن من أن يتوجه إلى القبلة بأول
تكبيرة ولذا امره به والا فلو بلغ الحال به إلى أن يشق عليه ذلك كما هو الغالب فيما لو كان بالفعل مشغولا بالمسايفة والمعانقة لم يعتبر ذلك أيضا كما يدل عليه
مضافا إلى ما تقدمت الإشارة إليه صحيحة زرارة وفضيل ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال في صلاة الخوف عند المطاردة والمناوشة يصلى كل انسان منهم بالايماء
حيث كان وجهه وان كانت المسايفة والمعانقة وتلاحم القتال فان أمير المؤمنين ع ليلة صفين وهى ليلة الهرير لم يكن صلاتهم الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة
عند وقت كل صلاة الا التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد والدعاء فكانت تلك صلاتهم لم يأمرهم بإعادة الصلاة قوله عليه السلام فان كانت المسايفة الخ مسوق
لبيان انه إذا بلغ الحال إلى هذا الحد سقط اعتبار الايماء أيضا كما في ليلة الهرير إلى غير ذلك من الروايات الآتية ويظهر بالتدبر في نفس هذه الأخبار فضلا
عما يقتضيه الجمع بينها وبين غيرها من القواعد الكلية ان التخفيف المرعى في هذا الباب من الاكتفاء بالايماء أو غيره مما ستعرف مبناه الضرورة فهي تقدر بقدرها
فلو فرض تمكنه من بعض الأفعال دون بعض كالركوع مثلا دون السجود أو الاستقرار في بعض صلاته أو الاستقبال كذلك من غير أن يكون ذلك حرجا عليه ولا منافيا
نعمله لم يجز له اهماله فلا يجوز له الانتقال إلى مرتبة من مراتب الضرورة الأول قد تعسر عليه ما فوقها كما عرفته في المريض فما ورد في بعض اخبار الباب من اطلاق الامر
بالايماء وفي جملة منها الامر بالتكبير أو مع التهليل والتسبيح من غير ايماء فيها إلى الايماء للركوع والسجود انما أريد منها ذلك لدى الضرورة بقرينة موردها فهي
منصرفة عمار لو تمكن من فعل الركوع أو السجود بلا حرج ومشقة أصلا كما أن ما ورد فيه الامر ببدلية التكبير عن الركعة منصرف عما لو تمكن من الاتيان بصلاة تامة مع
الايماء فمن تمكن مثلا من النزول عن راحلته والصلاة على الأرض ولو في حال السجود بلا مشقة أو ضرورة مقتضية لتركه وجب عليه ذلك وإذا لم يتمكن من النزول
صلى راكبا وسجد على قربوس فرسه مثلا لدى التمكن بلا خلاف فيه على الظاهر لما أشرنا إليه من عدم سقوط الميسور بالمعسور وما في اخبار الباب من اطلاق الامر بالايماء جار
مجرى الغالب من تعسر السجود عليه وهو بهذا الحال واما تخصيص القربوس بالذكر فهو بحسب الظاهر جار مجرى العادة فلو لم يكن لفرسه قربوس أو كان ولم يسجد
عليه بل على عرف دابته أجزء جزما نعم عليه مراعاة ما يصح السجود عليه مع الامكان ما لم يكن حرجا عليه كما عن بعضهم التصريح به للقاعدة المزبورة وإذا لم
يتمكن من ذلك أيضا أي لم يتيسر له نعله ولو لكونه موجبا لصرف حواسه والفتور في المحارسة على نفسه اومى ايماء كما يدل عليه الصحيحتان المتقدمتان وغيرهما مما عرفت
وخبر سماعة انه سئل الصادق ع عن صلاة القتال فقال إذا التقوا فاقتتلوا فإنما الصلاة ح تكبير وإذا كانوا وقوفا لا يقدرون على الجماعة فالصلاة ايماء وموثقة
أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إذا التقوا فاقتتلوا فإنما الصلاة ح بالتكبير فإذا كانوا وقوفا فالصلاة ايماء وليكن الايماء بالرأس فإنه هو المنساق
إلى الذهن في مثل المقام الذي جعل بدلا عن الركوع والسجود مضافا إلى وقوع التصريح به صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله ع قال صلاة الزحف على الظهر ايماء
برأسك وتكبير والمسايقة تكبير بغير ايماء والمطاردة يصلى كل رجل بحياله وصحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سئلت أبا عبد الله ع عن قول الله عز وجل
فان خفتم فرجالا أو ركبانا كيف يصلى وما يقول إن خاف من سبع أو لص قال يكبر ويؤمى برأسه ايماء وغير ذلك مما سيأتي وفي المسالك قال فان تعذر
أي الايماء بالرأس فبعينيه كالمريض وفيه تأمل نظرا إلى أن بدلية الايماء عن الركوع والسجود ثبتت بالأدلة الخاصة لا بقاعدة الميسور كي ينتقل من كل مرتبة
717

عند تعذرها إلى ما دونها فان الايماء بالرأس فضلا عن مطلقه أجنبي عرفا عن تهية السجود بل الركوع أيضا فلو لم يكن نص خاص يدل عليها لم يكن القاعدة
كافية في اثباتها والنص انما ورد هيهنا في الايماء بالرأس وما في بعض الروايات من الاطلاق وجب صرفه لو لم نقل بانصرافه في حد ذاته إلى ذلك جميعا بين الأدلة
وثبوت بدلية التغميض عند تعذر الايماء بالرأس في المريض الذي قد يشق عليه أصل الفعل من حيث هو لا يصلح ان يكون دليلا لاثباته هيهنا الا بتنقيح المناط وهو غير
واضح ولعله لذا لم يعتبره الأصحاب هيهنا اللهم الا ان يكون مرادهم بالايماء ما يعمه وترك تعرضهم له مفصلا اتكالا على ما بينوه في حكم المريض فليتأمل وكيف كان فان خشي من
الايماء ولو لأجل كون صرف الذهن إليه موجبا لتشويش باله المؤثر في الفتور في المحارسة على نفسه صلى بالتسبيح ويسقط الركوع والسجود ويقول بدل كل ركعة سبحان الله
والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وهذا أي الاتيان بهذه الصيغة بدلا عن كل ركعة مجز قطعا بل الظاهر في لخلاف فيه بل ادعى غير واحد في كلماتهم الاجماع
عليه ولكن الاشكال في تعينه وعدم جواز الاجتزاء بأقل منها كما يستشعر بل يستظهر من المتن وغيره مع أن الروايات الواردة في هذا الباب مع تظافرها لم يتضمن شئ
منها لذكر هذه الصيغة بهذا الترتيب بل ظاهر جملة منها عدم اعتبارها عدى التكبير فالأولى نقل الروايات الواردة فيه والتعرض لما يقتضيه الجمع بين مفادها
فمنها صحيحة الفضلاء المتقدمة الحاكية لفعل أمير المؤمنين عليه السلام ليلة الهرير وفيها لم يكن صلاتهم الظهر والعصر والمغرب والعشاء عند وقت كل صلاة الا
التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد والدعاء فكانت تلك صلاتهم وهذه الصحيحة بظاهرها تدل على كون جميع المذكورات المعتبرة في صلاتهم حتى الدعاء ولكن لا
دلالة لها على أن هذه الأمور كانت تصدر منهم عند وقت كل صلاة مرة أو مرتين أو أكثر كما أنه لا دلالة لها على وقوعها بترتيب خاص وصحيحة عبد الرحمن
بن أبي عبد الله عن الصادق عليه السلام في صلاة الزحف قال يكبر ويهلل يقول الله عز وجل فان خفتم فرجالا أو ركبانا وهذه الصحيحة ظاهرها كفاية التكبير و
التهليل وعدم وجوب ما عداهما مما تضمنته الصحيحة السابقة فيمكن الجمع بينهما بحمل ما عداهما مما تضمنته تلك الصحيحة على كونه جزء مستحبا من صلاتهم كما أن هذا هو المتعين
بالنسبة إلى الدعاء الذي تضمنته إذ لا خلاف على الظاهر في عدم وجوبه مع أنه لا ظهور يعتد به لتلك الصحيحة في اعتبار كل واحد واحد من تلك الأفعال بخصوصه
وعن كتاب الفقه الرضوي أنه قال وروى أنه فات مع علي ع يوم صفين صلاة الظهر والمغرب والعشاء فامر علي ع فكبروا وهللوا وسبحوا ثم قرء هذه الآية فان خفتم فرجالا
أو ركبانا فامرهم علي ع فصنعوا ذلك رجالا وركبانا فهذه المرسلة تدل على وجوب التسبيح أيضا ويحتمل ان يكون المراد بالتكبير والتسبيح والتهليل في هذه المرسلة
وكذا بالتهليل في الصحيحة السابقة جنسها الشامل للتحميد أيضا وفي خبري سماعة وأبى بصير المتقدمين إذا التقوا فاقتتلوا فالصلاة ح تكبير وفي صحيحة الحلبي والمسابقة
تكبير بغير ايماء وخبر محمد بن عذافر عن أبي عبد الله ع قال إذا جالت الخيل تضطرب بالسيوف أجزأه تكبيرتان فهذا تقصير اخر ومرسلة عبد الله بن المغيرة عن
الصادق عليه السلام قال أقل ما يجزى في حد المسايفة من التكبير تكبيرتان لكل صلاة الا المغرب فان لها ثلاثا ويظهر من هذه الرواية كفتاوى الأصحاب كون عدد
الركعات ملحوظة في هذه الصلاة وانه يؤتى عن كل ركعة بتكبيرة ولكن لا يفهم منها انحصار المأتى به بالتكبير إذ لا منافاة بينها وبين ان يكون ما عدى التكبير أيضا
كفاتحة الكتاب مثلا معتبرا في هذه الصلاة نعم ظاهر خبر عذافر انه لا يجب عليه حال المسايفة وجولان الخيل الا تكبيرتان ولولا شهادة المرسلة وغيرها من القرائن
الخارجية على إرادة بدلية كل تكبيرة عن الركعة كي يختص موردها بالثنائية لكان من المحتمل إرادة تكبيرة الاحرام بإحدى التكبيرتين وبأخريهما البدلية عن جملة الصلاة
المفروضة عليه أي صلاة كانت ولكن القرائن المزبورة شهدت بخلافها وكيف كان فهذه الرواية ظاهرها انه لا
يجب غير التكبير بل وكذا وروايتا سماعة وأبى بصير أيضا
قد يترائى منهما ذلك فان المنساق من قوله عليه السلام فإنما الصلاة ح تكبير كما في أوليهما أو بالتكبير كما في ثانيتهما انما هو كون التكبير ح تمام مهية الصلاة ولكن الذي
يظهر النظر إلى ما بعد هذه الفقرة من قوله وإذا كانوا وقوفا فالصلاة ايماء ان الحصر المقصود به إضافي أريد به بيان ما اعتبر فيها بدلا عن الركوع والسجود لا
بيان تمام ما اعتبر في هذه الصلاة واما صحيحة الحلبي فسوقها يشهد بعدم كونها مسوقة لبيان تمام المهية بل لبيان المائز بين الصلوات في الأحوال الثلث
المذكورة فيها فلم يبق ما يصح ان يدعى ظهوره في كفاية مجرد التكبير عدى خبر محمد بن عذافر وهو أيضا غير أبية عن الحمل على إرادة القصر الإضافي كقوله ع في صحيحة الحلبي
صلاة الزحف على الظهر ايماء برأسك وتكبير الحديث مع امكان الالتزام بمضمونه وتخصيصه بمورده فتكون هذه اخر المراتب التي ينتهى إليها التقصير كما صرح به
بعض ويحتمل أيضا ان يكون المراد بالتكبير في جملة من هذه الأخبار جنسه الشامل للتسبيحات الأربع كما أومى إليه بعضهم حيث حكم بوجوب الاتيان عن كل ركعة تكبيرة
ثم فسرها بالصيغة المذكورة في المتن فالانصاف ان الاخبار بأسرها لا تخلو من اجمال وفى المدارك بعد ان أورد بعض الأخبار المزبورة قال وليس فيما وقفت
عليه من الروايات في هذه المسألة دلالة على ما اعتبره الأصحاب في كيفية التسبيح بل مقتضى رواية زرارة ومحمد بن مسلم انه يتخير في الترتيب كيف شاء لكن قال في
الذكرى ان الأجود وجوب تلك الصيغة يعنى سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله والله أكبر للاجماع على اجزائها وعدم تيقن الخروج من العهدة بدون الاتيان
بها ولا ريب ان ما ذكره أحوط وينبغي إضافة شئ من الدعاء إلى هذه التسبيحات كما تضمنته الرواية وصرح العلامة ومن تأخر عنه بأنه لا بد مع هذا التسبيح
من النية وتكبيرة الاحرام والتشهد والتسليم وعندي في وجوب ما عدى النية اشكال لعدم استفادته من الروايات بل ربما كانت ظاهرة في خلافه وان كان
المصير إلى ما ذكروه أحوط انتهى ما في المدارك وهو جيد مع أن مشاركة هذه الصلاة لصلاة المختار انما هي بالجنس كصلاة الأموات مع اليومية فهي بنظر
العرف مهية أخرى أجنبية عن تلك المهية غاية الأمر انه علم من اعتبار العدد في التكبير كون عدد ركعاتها على سبيل الاجمال ملحوظا في هذه الصلاة واما سائر
اجزائها وهيئاتها بخصوصياتها الشخصية فغير ملحوظة فيها حتى يراعى بالنسبة إليها قاعدة الميسور وما لا يدرك كله لا يترك كله فما عن بعض من الحكم بوجوب
718

الاتيان بما تيسر من القراءة كلا أو بعضها وكذا أذكار الركوع والسجود وغيرها لقاعدة الميسور منظور فيه مع أن اطلاق النصوص ينفيه وفرض عدم تمكن
أصحاب صفين الذين كانت صلاتهم التسبيحات من الاتيان بشئ من القراءة والأذكار الواجبة في صلاة المختار كلا أو بعضها مخالف للواقع بمقتضى العادة ودعوى
ان المقصود بالروايات كون هذه التسبيحات منضمة إلى ما تيسر لهم من الأجزاء الأصلية هي صلاتهم كما ترى ويظهر مما ذكرناه ان اثبات شرعية الجماعة في هذه
الصلاة اخذا بالاستصحاب أو بعموم أدلتها لا يخلو من اشكال إذ الموضوع متبدل عرفا والعمومات منصرفة عنها فليتأمل فروع الأول إذا صلى
مؤميا فامن في الأثناء أتم صلاته بالركوع والسجود فيما بقي على حسب ما يقتضيه تكليفه بعد حصول الامن فيأتي بها تامة ان ارتفع أصل الخوف وكان حاضرا و
ان لم يرتفع أصل الخوف أو كان مسافرا فمقصورة ولا يستأنف الصلاة لان الامر يقتضى الاجزاء كما عرفته في المريض الذي برء أو حصل له خفه في الامناء في
مبحث القيام وقيل يتم ما لم يستدبر القبلة في أثناء صلاته والا استأنفها وهذا القول منقول عن الشيخ وهو ضعيف لعدم كون الاستقبال شرطا في حقه
ولا الاستدبار مانعا كي يكون مقتضيا للاستيناف وقد ظهر بما أشرنا إليه انفا من أن الصلاة بالتسبيح مغائرة بالنوع لصلاة المختار الوجه في تخصيص المصنف ره
عنوان الموضوع بالصلاة مؤميا فإنه لو اتى بتسبيحة ثم امن وضم إليها ركعة أو ركعتين لا يتالف منهما صلاة ذات ركعتين أو ركعات كي يقع امتثالا للامر
المتعلق بها إذا التسبيحة ليست بركعة بل مباينة لها عرفا فالامر بتكبيرتين عوض كل صلاة ثنائية ليس الا كالأمر بالتصدق بدينارين كذلك فكما ان الصلاة لا
تلتئم من دينار وركعة فكذا من تكبيرة وركعة ولا ينافي ذلك ما تقرر في محله من قاعدة الاجزاء بالنسبة إلى التكاليف الاضطرارية ولو في اجزائها فليتأمل
وكذا لو صلى بعض صلاته ثم عرض له الخوف أتم صلاة خائف كما وكيفا على حسب ما هو تكليفه في هذا الحال ولا يستأنف على اشكال فيما لو انتقل فرضه
إلى التسبيح ينشأ مما تقدمت الإشارة إليه من عدم اندراج المؤلف منهما في موضوع صلاة ذات ركعتين أو ركعات عرفا حتى يقع امتثالا للامر بها ولا
في موضوع صلاة التسبيح التي جعلت بدلا عنها لدى الضرورة ومن أن الضرورة المؤثرة في الاجتزاء عن كل ركعة بتسبيحة غير مقتضية لابطال الركعة الماتى
بها تامة بل اتمامها بحسب ما يقتضيه تكليفه حال الضرورة فيفهم من اجتزاء الشارع بتسبيحتين عن الركعتين الاجتزاء بأحديهما منضمة إلى ركعة تامة في
مثل الفرض بالأولوية القطعية فان الركعة التامة أوفى وأكمل في تحصيل ما هو المقصود من الامر بالتسبيح فهذا هو الأقوى بل لعله مما لا خلاف فيه وان
كان الأحوط استيناف صلاة بالتسبيح بعد اتمام تلك الصلاة بتسبيحة أو تسبيحتين والله العالم الفرع الثاني من رأى سودا فظنه عدوا فقصر
وصلى مؤميا ثم انكشف بطلان خياله لم يعد وكذا لو اقبل العدو فصلى مؤميا لشدة خوفه ثم بان هناك حائل بمنع العدو إذا السبب المسوغ لهذه
الصلاة على ما يظهر بالتدبر في أدلتها هو الخوف وهو حاصل في المقامين فتكون الصلاة مأمورا بها وهو يقتضى الاجزاء نعم قد يقال بان هذا
فيما إذا لم يستند الخوف إلى التقصير في الاطلاع وعدم التأمل أو غلبة الوهم والا وجب عليه الإعادة وبه قطع في الذكرى على ما حكى عنه وهو لا يخلو من
وجه إذ المنساق من الأدلة انما هو الخوف الحاصل المتعارف الناس من الامارات المورثة له في العادة لا الخوف الحاصل للجبان من الأوهام السوداوية
والخيالات السوفسطائية الغير الملتفت إليها في العرف والعادة فليتأمل الفرع الثالث إذا خاف من سيل أو سبع أو حية أو غير ذلك جاز
ان يصلى صلاة شدة الخوف فيقصر ح عددا وكيفية لعدم الفرق في أسباب الخوف المجوزة لذلك على ما صرح به غير واحد بل في الحدائق نسبته إلى المشهور
بل عن المعتبر أنه قال كل أسباب الخوف يجوز معها القصر والانتقال إلى الايماء مع الضيق والاقتصار على التسبيح ان خشي مع الايماء وان كان الخوف من لص
أو سبع أو غرق وعلى ذلك فتوى علمائنا ثم استدل عليه بقوله تعالى وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة ان خفتم ان يفتنكم الذين
كفروا قال وهو دال بمنطوقه على خوف العدو وبفحواه على ما عداه من المخوفات واستدل أيضا بصحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألت أبا عبد الله
عن قول الله عز وجل فان خفتم فرجالا أو ركبانا كيف يصلى وما يقول إن خاف من سبع أو لص كيف يصلى قال يكبر ويؤمى برأسه وصحيحة زرارة قال قال أبو
جعفر ع الذي يخاف اللصوص والسبع يصلى صلاة المواقفة ايماء على دابته الحديث وصحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن
الرجل يلتقى السبع وقد حضرت الصلاة ولا يستطيع المشي مخافة السبع فان قام يصلى خاف في ركوعه وسجوده السبع والسبع امامه على غير القبلة فان توجه
إلى القبلة خاف ان يثب عليه الأسد فكيف يصنع قال فقال يستقبل الأسد ويؤمى برأسه ايماء وهو قائم وان كان الأسد على غير القبلة ويدل عليه أيضا
رواية إسحاق بن عمار عمن حدثه عن أبي عبد الله ع في الذي يخاف السبع أو يخاف عدوا يثب عليه أو يخاف اللصوص يصلى على دابته ايماء الفريضة ودوابة
عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن الصادق عليه السلام في حديث قال ومن تعرض له سبع وخاف فوت الصلاة استقبل القبلة وصلى صلواته ايماء فان خشي
السبع وتعرض له فليدر معه كيف دار وليصلي بالايماء وفي المدارك بعد نقل كلام المصنف في المعتبر وما استدل به من الآية وبعض الروايات المزبورة
قال وهذه الروايات انما تدل على مساواة صلاة خائف الأسد لخائف العدو في الكيفية اما قصر العدد فلا دلالة لها عليه بوجه وما ادعاه من دلالة الآية
الشريفة عليه بالفحوى غير واضح ومن ثم تردد في ذلك المنتهى وحكى عن بعض علمائنا قولا بان التقصير في عدد الركعات انما يكون في صلاة الخوف من العدو خاصة
والمصير إليه متعين إلى أن يقوم على قصر العدد دليل يعتد به انتهى وفى الحدائق نقل كلام المدارك واستجوده وهو لا يخلو من جودة اللهم الا ان يقال إن
المنساق من قوله في الصحيحة المتقدمة الذي يخاف اللصوص والسبع يصلى صلاة الموافقة الإشارة إلى الصلاة المعهودة التي شرعت مقصورة فقوله ايماء على دابته
719

بيان لبعض احكامها لا الكيفية التي أرادها من صلاة المواقفة ولكنه لا يخلو من تأمل إذ لا يبعد ان يقال إن صلاة المواقفة اسم لصلاة المحارب حال وقوفه
في مقابل العدو قبل ان يصل الحال إلى حد المسايفة وشبهها كما أشير إلى ذلك في خبري أبي بصير وسماعة المتقدمين بقوله ع فإذا كانوا وقوفا فالصلاة إيماء
فهي أخص من مطلق صلاة الخوف وكونها مقصورة من اثار كونها صلاة لا صلاة المواقفة من حيث هي والمفروض ان دليل القصر غير متناول للخوف من غير العدو
فالقول بلزوم الاتمام من حيث العدد لا يخلو من قوة مع أنه أحوط ان قلنا بكون التقصير الناشئ من الخوف رخصة لا عزيمة كما يشعر بذلك التعبير بالجواز
في المتن وغيره نظرا إلى قصور ما دل عليه عن إفادة الوجوب وابتنائه على التخفيف الناشئ من الضرورة التي يناسبها الجواز لا اللزوم الا مع الضيق
والا فالأحوط الجمع بين القصر والاتمام كما أن الأحوط لدى في لقدرة الا من ركعتين مع الايماء فعلها كذلك واعادتها أو قضائها في خارج
الوقت بعد زوال العذر ثم إن الاخبار المزبورة انما دلت على أن خائف السبع ونحوه يصلى مؤميا واما انه لو تعذر عليه ذلك ينتقل فرضه إلى
الصلاة بالتسبيح كما يقتضيه اطلاق المتن وغيره فلا يكاد يفهم من هذه الأخبار اللهم الا ان يدعى استفادته من اطلاق صلاة المواقفة عليه في الخبر المتقدم
بدعوى كون الصلاة بالتسبيح من مراتبها ولكنه لا يخلو من نظر كما عرفت ويمكن الاستشهاد له بما عن الصدوق في الفقيه من أنه قال رخص في صلاة الخوف من
السبع إذا خشيه الرجل على نفسه ان يكبر ولا يؤمى رواه محمد عن أحدهما عليهما السلام بدعوى انجبار ضعف سنده كدلالته بما عرفت وكيف كان فلا ينبغي ترك الاحتياط
بإعادة هذه الصلاة بعد زوال الخوف ولو في خارج الوقت والله العالم وهل يجوز المبادرة إلى هذه الصلاة في السعة وان غلب على ظنه زوال العذر
وتمكنه من الصلاة تامة في الوقت أم يجب التأخير إلى أن يتضيق الوقت أو يخاف فوت الصلاة بعروض الهلاك ونحوه وجهان بل قولان فعن ظاهر جماعة بل ربما
نسب إلى المشهور الأول لاطلاق الأدلة كتابا وسنة وعن ظاهر غير واحد من القدماء كالسيد وسلار وأبى الصلاح الثاني لعدم صدق الاضطرار مع سعة
الوقت وللاقتصار في سقوط الشرائط والاجزاء على محل اليقين وظاهر قوله ع في خبر عبد الرحمن المتقدم ومن تعرض له سبع وخاف فوت الصلاة استقبل
القبلة وصلى بالايماء وصريح المحكى عن كتاب الفقه الرضوي حيث قال إذا كنت راكبا وحضرت الصلاة وتخاف ان تنزل من سبع أو لص أو غير ذلك فليكن
صلواتك على ظهر دابتك وتستقبل القبلة وتؤمى ايماء ان أمكنك الوقوف والا استقبل القبلة بالافتتاح ثم امض في طريقك الذي تريد حيث توجهت
به راحلتك مشرقا ومغربا وتومى للركوع والسجود ويكون السجود اخفض من الركوع وليس لك ان تفعل ذلك الا في اخر الوقت وعنه أيضا في اخر الباب قال
وإذا تعرض لك سبع وخفت ان تفوت الصلاة فاستقبل القبلة وصل صلاتك بالايماء فان خشيت التبع يتعرض لك فدر معه كيف دار وصل بالايماء
كيف ما يمكنك انتهى وهذا هو الأحوط وان كان القول بجواز البدار ما لم يثق بتجدد القدرة من فعلها تامة في الوقت لا يخلو من قوة إذا المنساق من
اخبار الباب بل من سائر الأخبار الخاصة الواردة في ساير التكاليف العذرية انما هو إرادة الضرورة حال الفعل إذ لو كان جواز التلبس بها مشروطا بما إذا لم
يبق من اخر الوقت الا بمقدار أدائها أو بما إذا لم يحتمل ارتفاع العذر في مجموع الوقت لكان التنبيه عليه عند بيان شرع هذا الحكم لازما فان هذا؟ النحو من التقييد مما لا يتقيد به أحد ممن سمع لمشرع هذا الحكم ولو على سبيل الاجمال ما لم ينبه
عليه فضلا عما لو كان لدليله ظهور في إرادة الضرورة حال الفعل كما هو الشأن في الروايات التي وقع فيها السؤال عن ابتلاء الرجل عند حضور وقت الصلاة بما
لا يتمكن معه من أدائها تامة بشرائطها فإنها مشعرة بل ظاهرة في ابتلائه بذلك في سعة الوقت بل في أوله ولكن حيث يكون التكليف عذريا ومناطه الضرورة ينصرف
اطلاق دليله عما لو علم بتجدد القدرة عن أداء الفريضة تامة قبل فوات وقتها كما نبها على ذلك في باب التيمم ومن هنا يظهر عدم صحة الاستشهاد للقول بالمضايقة
بمفهوم القيد الوارد في خبر عبد الرحمن المتقدم إذ لم ننكر عدم جواز المبادرة إلى فعل الصلاة الناقصة لدى الوثوق بزوال العذر وتمكنه من أدائها تامة قبل
فوات وقتها بل نقول بجواز المبادرة إلى فعلها في السعة ولو مع رجاء زوال العذر الذي لا ينافيه صدق اسم الخوف فالرواية المزبورة غير منافية لذلك بل مقررة
له واما الرضوي فلم تثبت حجيته لدينا وربما يؤيد الجواز أيضا الصحيحة الحاكية لفعل أمير المؤمنين ع وأصحابه بصفين الشعرة أو الظاهرة في فعل صلاة التسبيح في المواقيت
الخمسة بل في أولها كما لا يخفى تتمة المرتحل والغريق كغيرهما من أولي الأعذار الذين لا يتمكنون من الاتيان بصلاة اختيارية يصليان بحسب الامكان
لان الصلاة لا تسقط بحال ويوميان لركوعهما وسجودهما كما عرفته في مبحث القيام في حكم المريض ولا يقصر واحد منهما عدد صلاته الا في سفر أو خوف إذ الأصل
في الصلاة الاتمام فلا يرفع اليد عنه الا بالدليل ولا دليل هيهنا على جواز التقصير فمقتضى الأصل عدمه كما في المريض وحكى عن الشهيد في الذكرى أنه قال لو خاف من اتمام
الصلاة استيلاء الغرق ورجا عند قصر العدد سلامته وضاق الوقت فالظاهر أنه يقصر العدد أيضا أقول ولعل مستنده دعوى عموم الخوف الموجب للتقصير لمثله
أو استفادة حكمه منه بتنقيح المناط وفيهما نظر إذ لا قطع بالمناط في مثل هذا الحكم التعبدي واما تعميم الخوف فان سلمناه بالنسبة إلى سائر الأسباب فهو فيما إذا كان
من قبيل اللص والسبع ونحوهما مما يمكن جعل اللص والسبع الواردين في النصوص مثالا لها لا مثل خوف فوات الوقت أو حدث الموت بوقوع حائط ونحوه كما لا يخفى و
في المسالك بعد نقل ما حكيناه عن الذكرى قال وهو حسن حيث إنه يجوز له الترك فقصر العدد أولى قال لكن في سقوط القضاء بذلك نظر لعدم النص على جواز
القصر هنا فوجوب القضاء أجود انتهى وفى المدارك بعد ان نقل عبارة المسالك قال وما ذكره قدس سره من وجوب القضاء جيد الا انه لا يلائم ما استحسنه من
جواز قصر العدد إذ مقتضاه وجوب الاتيان بالصلاة على هذا الوجه وإذا ثبت الأداء سقط القضاء مع ذلك فما استدل به على جواز القصر ضعيف جدا و
بالجملة فاللازم مما اعترف به من انتفاء دليل القصر مساواة حكم التمكن من الركعتين لحكم التمكن من الركعة الواحدة خاصة في عدم وجوب الاتيان بها منفردة
720

انتهى ما في المدارك وهو جيد ولكن قد يستشعر من صدر عبارة المسالك وذيلها ان حكمه بأولوية الاتيان بها مقصورة من تركها رأسها من باب كونه احتياطا
لا كونه كذلك في الواقع حتى يثبت بذلك شرعيته في الواقع والا لتوجه عليه مضافا إلى ما ذكر ان الأولوية ان سلمت فهي ظنية فلا يلتفت إليها في الأحكام الشرعية
وكيف كان فلا شبهة في أن الأحوط هو الاتيان بها مقصورة في الوقت وقضائها في خارجه بل قد يتوهم وجوبه لكونه شكا في المكلف به ويدفعه عدم كون التكليف
بالأداء والقضاء في مرتبة واحدة كي يتردد التكليف المعلوم بالاجمال بينهما حتى يكون اثره وجوب الاحتياط إذ القضاء
على تقدير ترك الصلاة في وقتها ليس مجرى للأصل بل هو معلوم الوجوب والأداء غير ثابت في
حقه لأنه ان كان تكليفه في الواقع الرباعية فقد سقط بالتعذر وان كان
ثنائية فلم يتنجز في حقه بواسطة الجهل فأصالة عدم شرعيتها و
وجوبها عليه سليمة عن المعارض
والله العالم
رب يسر ولا تعسر
في صلاة المسافر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين الفصل الخامس
في صلاة المسافر وهى في الفرائض اليومية الرباعية مقصورة على الركعتين بلا خلاف فيه فتوى ونصا كتابا وسنة فعن الصدوق في الصحيح عن زرارة ومحمد بن مسلم
انهما قالا قلنا لأبي جعفر ع ما تقول في الصلاة في السفر كيف هي وكم هي فقال إن الله عز وجل يقول وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة فصار
التقصير في السفر واجبا كوجوب التمام في الحضر قالا قلنا انما قال الله عز وجل ليس عليكم جناح ولم يقل افعلوا فكيف أوجب ذلك كما أوجب التمام في الحضر فقال ع
أوليس قد قال الله عز وجل ان الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه ان يطوف بهما الا ترون ان الطواف بهما واجب مفروض
لان الله عز وجل ذكره في كتابه وصنعه بنبيه ص وكذلك التقصير شئ صنعه النبي ص وذكره الله تعالى في كتابه قالا قلنا فمن صلى في السفر أربعا أيعيد أم لا فقال إن
كان قد قرأت عليه اية التقصير وفسرت له فصلى أربعا أعاد وان لم تكن قرأت عليه ولم يعلمها فلا إعادة عليه والصلاة في السفر الفريضة ركعتان الا المغرب فإنها
ثلث ليس فيها تقصير تركها رسول الله ص في السفر والحضر ثلث ركعات وقد سافر رسول الله ص إلى ذي خشب وهى مسيرة يوم من المدينة يكون إليها بريدان
أربعة وعشرون ميلا فقصر وافطر فصارت سنة وقد سمى رسول الله ص قوما صاموا حين افطر العصاة قال فهم العصاة إلى يوم القيامة وانا لنعرف أبنائهم و
أبناء أبنائهم إلى يومنا هذا إلى غير ذلك من الروايات الدالة عليه فهذا اجمالا مما لا شبهة فيه بل من الضروريات والنظر في هذا المبحث انما هو في الشروط
والقصر ولواحقه اما الشروط فستة الأول اعتبار المسافة بلا خلاف فيه بين الفريقين على ما صرح به شيخنا المرتضى ره وغيره عدى ما حكى عن
داود الظاهري من أنه لم يعتبرها بمعنى انه لم يجعلها محدودة بحد بل اكتفى بحصول مسمى السفر قليلا كان أم كثيرا ويحتمل ان يكون المراد باعتبار المسافة احرازها
بل لعل هذا المعنى انسب بسوق التعبير والا لكان ذكر لفظ الاعتبار مستدركا وهى على ما ذهب إليه علمائنا أجمع كما صرح به في المدارك وغيره مسير يوم
بريدان أربعة وعشرون ميلا ويدل عليه روايات كثيرة منها صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم المتقدمة وصحيحة أبى أيوب عن أبي عبد الله ع قال سألته عن
التقصير فقال في بريدين أو بياض يوم وصحيحة علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن الأول عن الرجل يخرج في سفره وهو مسيرة يوم قال يجب عليه التقصير
إذا كان مسيرة يوم وان كان يدور في علمه ورواية أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله ع في كم يقصر الرجل قال في بياض يوم أو بريدين وخبر أبي أيوب عن
أبي عبد الله ع قال سألته عن التقصير قال في بريدين أو بياض يوم وخبر عبد الله بن يحيى الكاهلي قال سمعت أبا عبد الله ع يقول التقصير في الصلاة بريد في
بريد أربعة وعشرون ميلا ومضمرة سماعة قال سألته عن المسافر في كم يقصر الصلاة قال في مسيرة يوم وذلك بريدان وهما ثمانية فراسخ الحديث و
رواية عيض بن القاسم عن أبي عبد الله ع قال والتقصير حده أربعة وعشرون ميلا وخبر الفضل بن شاذان
المروى عن الفقيه والعلل والعيون عن الرضا ع
قال وانما يجب التقصير في ثمانية فراسخ لا أقل من ذلك ولا أكثر لان ثمانية فراسخ مسيرة يوم للعامة والقوافل والأثقال فوجب التقصير في مسيرة يوم ولو
لم يجب في مسيرة يوم لما وجب في مسيرة الف سنة وذلك لان كل يوم بعد هذا اليوم فإنما هو نظير هذا اليوم فلو لم يجب في هذا اليوم لما وجب في نظيره
وخبر عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله ع قال قلت له كم أدنى ما يقصر فيه الصلاة فقال جرت السنة ببياض يوم فقلت له ان بياض يوم يختلف يسير الرجل
خمسة عشر فرسخا في يوم ويسير الآخر أربعة فراسخ وخمسة فراسخ في يوم قال فقال إنه ليس إلى ذلك بنظر اما رأيت سير هذه الأثقال بين مكة والمدينة ثم اوتى
بيده أربعة وعشرين ميلا يكون ثمانية فراسخ إلى غير ذلك من الروايات الدالة عليه ولا يعارضها ما عن الصدوق في الصحيح عن زكريا بن آدم انه سئل أبا الحسن
الرضا ع عن التقصير في كم يقصر الرجل إذا كان في ضياع أهل بيته وأمره جاير فيها يسير في الضياع يومين وليلتين وثلاثة أيام ولياليهن فكتب التقصير في مسيرة يوم
وليلة وصحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا ع قال وسألته عن الرجل يريد السفر في كم يقصر قال في ثلاثة برد وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال
721

لا بأس للمسافر ان يتم الصلاة في سفره مسيرة يومين لقصورها عن المكافئة من وجوه وقد حملها في الحدائق على التقية ونقل عن الشيخ أيضا الجواب عن الخبرين
بالحمل على التقية لموافقتهما للعامة أقول حكى عن بعض العامة القول باعتبار كون المسافة يوما وليلة فالخبر الأول أيضا لا يأبى عن هذا الحمل مع امكان
ان يكون كلمة الواو فيه بمعنى أو وكذا ما في خبر سليمان بن المروزي من تفسير البريد بستة أميال وهو فرسخان لا بد من طرحه أو تأويله بحمل الفرسخ على الخراساني الذي
هو ضعف الشرعي على ما قيل كما يؤيده كون الراوي خراسانيا لعدم صلاحية لمعارضة ما عرفت والمتبادر من بياض اليوم الذي وقع التعبير به في جملة من الاخبار
المزبورة إرادة يوم الصوم أي من أول طلوع الفجر كما نسب إلى الأصحاب ولكن المراد بالسير الواقع فيه بحسب الظاهر هو ما تعارف وقوعه فيه عند سير القوافل و
الأحمال والأثقال لا استيعاب السير من أول طلوع الفجر إلى ذهاب الحمرة لان ع لسير على هذا النحو غير متعارف مع أن العبرة بمقدار المسافة التي وقع التصريح به في
عدة من الروايات المزبورة إذ لم يقصد بمسيرة يوم اعتبار تحققها بالفعل بل تحديد المسافة الموجبة للقصر بمقدارها وهذا مما يختلف في العادة غاية الاختلاف
كما أشير إليه في بعض الأخبار المزبورة فكشف الشارع عن أن المراد بها بريدان وهما ثمانية فراسخ فإذا قطع هذا المقدار من المسافة في يوم واحد بالسير المتعارف
فقد شغل يومه فهذا هو حد التقصير وهما مما لا يزيد ولا ينقص وما في بعض الأخبار المتقدمة من تحديده بمسيرة يوم من غير تصريح فيه بإرادة هذا المقدار منه
فهو تحديد تقريبي والا فالعبرة بذلك المقدار الذي لا يزيده ولا ينقص كما شهد بذلك رواية الفضل بن شاذان وخبر عبد الرحمن ومضمرة سماعة بل وكذا صحيحة
زرارة ومحمد بن مسلم المتقدمات فما وقع في بعض الأخبار المزبورة من الترديد بين بريدين وبياض يوم فهو بملاحظة ان كلا منهما مما يعرف به بلوغ الحد
فرعا لا يتسر له معرفة مقداره من حيث الفرسخ فيشخصه بمسيرة يوم وقد يكون الامر بالعكس فما في المدارك من أنه لو اعتبرت المسافة بهما فالأظهر الاكتفاء في لزوم القصر
ببلوغ المسافة بأحدهما لا يخلو من نظر وكذا ما نقله عن جده في بعض كتبه من أنه احتمل تقديم السير عكس ما حكاه عن الذكرى لما عرفت من أن مال التحديدين إلى
شئ واحد وهو كون المسافة أربعة وعشرون ميلا من غير زيادة ونقصان ولكن قد يحرز ذلك بالسير المتعارف للإبل بياض يوم فالعبرة ببلوغ هذا الحد سواء
قطعها في يوم أو أقل أو أكثر فالحد في الحقيقة هو يريدان أربعة وعشرون ميلا وهما ثمانية فراسخ كما وقع التصريح به في جملة من الأخبار المتقدمة مضافا إلى في لخلاف
فيه على الظاهر كما أنه لا خلاف على الظاهر بل في المدارك اتفق العلماء كافة على أن الفرسخ ثلاثة أميال كما يدل عليه الاخبار المزبورة والميل أربعة آلاف ذراع بذراع
اليد من لدن المرفق إلى أطراف الأصابع الوسطى من مستوى الخلقة الذي طوله أربعة وعشرون إصبعا تعويلا على للشهور بين الناس من غير خلاف يعرف كما في الحدائق
بل المقطوع به بين الأصحاب كما في صريح المدارك وظاهر غيره وفي كلام بعض أهل اللغة أيضا دلالة عليه ففي القاموس الميل قدر مد البصر ومنار يبنى للمسافر
أو مسافة من الأرض متراخية بلا حد أو مأة الف إصبع الا أربعة آلاف إصبع أو ثلاثة وأربعة آلاف ذراع بحسب اختلافهم في الفرسخ هل هو تسعة آلاف
بذراع القدماء أو اثنى عشر الف ذراع بذراع المحدثين انتهى وعن أحمد بن محمد الفيومي في كتاب المصباح المنير الميل بالكسر في كلام العرب مقدار مد البصر من
الأرض ثم نقل عن الأزهري أنه قال والميل عند القدماء من أهل الهيئة ثلاثة آلاف ذراع وعند المحدثين أربعة آلاف ذراع والخلاف لفظي فإنهم ألقوا على أن
مقداره ست وتسعون الف إصبع والإصبع سبع شعيرات بطن كل واحدة إلى ظهر الأخرى ولكن القدماء يقولون الذراع اثنان وثلاثون إصبعا والمحدثون أربعة و
عشرون إصبعا فإذا قسم الميل على رأى القدماء كل ذراع اثنين وثلثين كان المتحصل ثلاثة آلاف ذراع وان قسم على رأى المحدثين أربعا وعشرين كان المتحصل
أربعة آلاف ذراع والفرسخ عند الكل ثلاثة أميال انتهى أقول وربما يستفاد من عبارة القاموس أيضا لفظية النزاع فإنه وان كان قد يستشعر من ذيل
عبارته الاختلاف في مقدار الفرسخ ولكن يظهر بالتدبر في مجموع كلامه عدمه إذ لا خلاف بينهم في أن الفرسخ ثلاثة أميال وقد فسر في صدر كلامه الميل الذي يراد به
مقدار معين من المسافة بمأة الف إصبع الا أربعة آلاف إصبع ولم يقصد بقوله أو ثلاثة أو أربعة آلاف ذراع بيان معنى مبائن لذلك المعنى إذ الظاهر أنه لم
يقصد بذكر هذه المعاني المتباينة ان لفظ الميل يستعمل في نفس هذه المفاهيم والا فالعرف اعدل حاكم بخلافه بل في المسافة التي ينطبق عليها هذه الحدود و
هي متحدة في الجميع لأنها متساوية في الصدق فان أربعة آلاف إصبع إذا وزع على الذراع الذي طوله اثنان وثلاثون إصبعا كان المتحصل ثلاثة آلاف ذراع وإذا وزع
على الذراع الذي طوله أربعة وعشرون كان المتحصل أربعة آلاف كما لا يخفى وفى السرائر عن المسعودي في كتاب مروج الذهب أنه قال الميل أربعة آلاف
ذراع بذراع الأسود وهو الذراع الذي وضعه المأمون لذرع الثياب ومساحة البناء وقسمة المنازل والذراع أربعة وعشرون إصبعا انتهى أقول
ظاهره كون ذلك الذراع أربعة وعشرون إصبعا فكان مأخوذا من ذراع اليد مصنوعا من الحديد صونا عن أن يتطرق إليه الاختلاف باختلاف الاشخاص
فان هذا المقدار هو مقدار ذراع اليد على رأى المحدثين المطابق لما هو المشاهد المحسوس إذا الذراع بحسب المتعارف حده ست قبضات واما ما نسب إلى
رأى القدماء من تحديده باثنين وثلثين إصبعا فلعل مرادهم غير ذراع البديل من حديد وشبهه والا فهو خطأ بشهادة الحس واحتمال كون ذراع القدماء
نوعا أطول بحيث كان بقبضهم ثمان قبضات بعيد في العادة وكيف كان فما استقر عليه رأى المحدثين أوفق بالصواب مع أنك قد عرفت من تصريح الأزهري وتلويح
صاحب القاموس لفظية هذا النزاع فلا ينبغي الاستشكال في معروفية هذا التحديد للميل في العرف واللغة فيحمل عليه لفظ الميل الواردة في الاخبار المزبورة
ولا ينافيه ما في كلام الأزهري من نسبة إلى أهل الهيئة فإنه وان كان قد يوهم ذلك في بادي الرأي كون استعمال الميل بهذا المعنى مخصوصا بعرفهم أي من
مصطلحاتهم فلا يجدى ذلك في صرف اطلاق الاخبار إليه ولكن بدفعه انه لم ينسب أصل الاستعمال إليهم بل ذكر خلافهم في تحديد المسافة المعينة التي مقدارها
722

ست وتسعون الف إصبع التي يطلق عليها اسم الميل عرفا بحسب الأذرع فكلامه مشعر بكون أصل الاستعمال معروفا حتى في القديم فهو أيضا مؤيد للمطلوب
مع امكان ان يكون أهل الهيئة أصلا في هذا الاستعمال إذ الغالب في مثل هذه التحدث كون اشتهارها في العرف ناشيا عن مأخذ وكون أهل الهيئة الذين
هم المرجع في تشخيص مقدار بعد المسافات أصلا في ذلك غير بعيد واما المعنى الاخر الذي أشار إليه المصنف ره بقوله أو مد البصر من الأرض فهو وان كان
بالنظر إلى كلام اللغويين اشهر ولكنه امر مقول بالتشكيك فلا يناسب ارادته في مقام تحديد مقدار مسافة البريد ونحوه بل الغالب على الظن كون التحديد
الأول تحقيقا للمقدار التقريبي الذي يراد من اللفظ عند استعماله في هذا المعنى على سبيل الابهام فكأن العرف لما جرت عادتهم على تحديد المسافات بقدر مد البصر
التجأوا إلى تشخيص الوسط منه الذي هو منصرف اطلاقاته فضبطوه بأربعة آلاف ذراع حتى اشتهر ذلك فيما بينهم بشهادة العلماء واللغويين فلا ينبغي الاستشكال
فيه الا انه قد يشكل ذلك بما عن الكليني بسنده عن محمد بن يحيى الحراز عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال بينا نحن جلوس وأبى عند وال لبني أمية على الحديثة
إذ جاء أبى فجلس فقال كنت عند هذا قبيل فسألهم عن التقصير فقال قائل منهم في ثلث وقال قائل منهم يوم وليلة وقال قائل منهم روحة فسألني فقلت له ان رسول الله
لما نزل عليه جبرئيل ع بالتقصير فقال له النبي ص في كم ذلك قال في بريد قال واي شئ البريد قال ما بين ظل عير إلى فيئ وعير ثم عبرنا زمانا ثم رأى بنو أمية يعملون اعلاما
على الطريق وانهم ذكروا ما تكلم به أبو جعفر ع فذرعوا ما بين ظل عير إلى فيئ وعير ثم جزؤه على اثنى عشر ميلا فكانت ثلاثة آلاف وخمسمائة ذراع كل ميل فوضعوا
الاعلام فلما ظهر امر بني هاشم غيروا امر بنى أمية غيرة لان الحديث هاشمي فوضعوا إلى جنب كل علم علما ويدفعه انه لم يعلم من هذه الرواية ارادته بذراع
اليد بل الظاهر المتعارف في ذرع مثل هذه المسافة كونه بذراع الأسود التي يتعارف عند التجار في ذرع الأقمشة وهذا مما قد يختلف في البلدان وقد يتغير
باختلاف الاعصار وقد حكى ان ذراع بعض الأكاسرة كان سبع قبضات ثمانية وعشرون ذراع وفي الدولة العباسية أو هي والأموية سبع وعشرون إصبعا
ولعل المراد بالميل الهاشمي الذي ذكره في القاموس تحديد الفرسخ حيث قال وهو ثلاثة أميال هاشمية هو هذا الميل الذي دلت الرواية عليه وعلى وجه
تسميته هاشميا وهذا أيضا يؤيد ما استظهرناه من عدم كون المراد بالذراع المذكور فيها ذراع اليد إذ الظاهر أن مراده بالميل الهاشمي هو الميل الذي
شاع في النصوص والفتاوى ومحاورات أهل العرف تحديد الفرسخ به من أنه ثلاثة أميال فان هذا مما لا خلاف فيه نصا وفتوى عرفا ولغة فيكشف ذلك عن أن
الميل الموصوف بهذا الوصف هو الميل الذي يراد من اطلاقاته في محاوراتهم عند تحديد الفرسخ به وانه هو الذي حدده في القاموس عند تفسيره للميل في عبارته
المتقدمة انفا بمأة الف إصبع الا أربعة آلاف إصبع التي هي أربعة آلاف ذراع بذراع اليد وربما يؤيد كون الميل الهاشمي هو هذا الميل الذي قدروه بأربعة
آلاف ذراع ما حكاه في الجواهر عن المهذب من أنه قال الميل الهاشمي أربعة آلاف خطوة واثنى عشر الف قدم لان كل خطوة ثلاثة اقدام منسوب إلى هاشم جد النبي
إذ المتعارف تقدير الخطوة المتعارفة بالذراع فما ذكره من أنه اثنى عشر الف قدم معللا بان كل خطوة ثلاثة اقدام على الظاهر اشتباه منه أو من النساخ إذ الخطوة
المتعارفة تقدر بقدمين لا بالثلاثة وكيف كان فمن نلاحظ العرف واللغة وامعن النظر في الشواهد الداخلية والخارجية لا يكاد يرتاب في أن الميل الذي يراد منه
مقدار معين من المسافة منحصر فيما قدروه بأربعة آلاف ذراع نعم لو ثبت ان البعد ما بين الاعلام الذي وضعها بنو أمية أو بنو هاشم ما بين ظل عير وفيئ
وعير أقل من هذا المقدار لكان المتعين الرجوع إليه في تحديد الفرسخ وان كان مخالفا للعرف واللغة لاستفاضة النقل بان ما بين ظل عير وفيئ وعير بريد وهو حد التقصير
وهو اربع فراسخ فإنه يدل عليه مضافا إلى الرواية المزبورة ما عن الكافي في الصحيح عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله ع قال سئل عن حد الأميال التي يجب فيها
التقصير فقال أبو عبد الله ع ان رسول الله ص جعل حد الأميال من ظل عير إلى ظل وعير وهما جبلان بالمدينة فإذا طلعت الشمس وقع ظل عير إلى ظل وعير وهو الميل
الذي وضع رسول الله عليه التقصير وعن الصدوق مرسلا قال قال الصادق ان رسول الله ص لما نزل عليه جبرئيل ع بالتقصير قال له النبي ص في كم ذلك فقال في
بريد فقال وكم البريد قال ما بين ظل عير إلى فيئ وعير فذرعته بنو أمية ثم جزؤه على اثنى عشر ميلا فكان كل ميل ألفا وخمسمأة ذراع وهو أربعة فراسخ ولعل المراد بالذراع
في هذه الرواية أيضا ذراع خاص من حديد ونحوه كان متعارفا في تلك الأزمنة يقرب طوله من ثلاثة أذرع بذراع اليد والا فما فيها من التحديد بألف و
خمسمأة ذراع اما تحريف من سهو قلم النساخ أو من الراوي والا لعارضه الخبر المتقدم مضافا إلى مخالفته لما هو المشاهد المحسوس من البعد فيما بين الجبلين من كونه
أكثر من ذلك بكثير على ما قيل ومنافاته للأخبار المستفيضة ان لم تكن متواترة الدالة على أن البريدين مسيرة يوم وانه إذا ذهب بريدا ورجع بريدا فقد شغل
يومه إذ لو كان كل ميل ألفا وخمسمأة ذراع لكان مجموع الاثني عشر ميلا فرسخا ونصفا بالفرسخ المتعارف فلم يكن ذهابه ورجوعه شاغلا لنصف اليوم أيضا فضلا
عن تمامه كما هو واضح بقي المقام أمور ينبغي التنبيه عليها الأول ان الشروط الستة المذكورة في المتن انما هي شروط في سبية السفر للتقصير فيعتبر في تحقق
موضوع الحكم اندراجه في مسمى المسافر عرفا فلو اجتمع هذه الشرائط في مورد ولم يندرج في مسمى هذا
الاسم لا يتحقق سبب التقصير كما لو كان خارج بلدة إلى عشرين
فرسخا مكان مشتمل على أشجار وانها فقصد التنزه في ذلك المكان مدة شهر أو شهرين مستقصيا في سيره وتنزهه جميع حدوده فان هذا وان كان من مبدء مسيره قاصدا
لان يسير عشرين فرسخا ولكن لا على وجه يسمى مسافرا إلى منتهى هذه المسافة بل متنزها في طولها فكان مجموع تلك المسافة بجملتها يعد ح مقصدا له فلا يلاحظ جزئه
الاخر الذي ينتهى إليه سيره مستقلا كي يقال إنه سافر إلى هذا المكان الذي يبلغ المسافة فلاحظ الثاني مبدء اعتبار المسافة من اخر بلده على ما صرح به غير
واحد بل المشهور على ما نسب إليهم وربما قيدوه بما إذا لم يكن خارق المعتاد والا فاخر محلته ونسب إلى الصدوق القول بأنه من منزله ولعل النسبة نشأت
723

من حكمه بالتقصير بمجرد الاخذ في الضرب نظرا إلى أن هذا يقتضى الالتزام باندراجه في موضوع المسافر بمجرد تلبسه بالمشي فمتى كان من مبدء سيره إلى مقصده ثمانية
فراسخ صدق على سفره انه مسيرة يوم وانه بريدان وثمانية فراسخ وقيل مبدئه من محل الترخص بدعوى انه يندرج في مسمى المسافر ببلوغه هذا الحد والا لوجب عليه
القصر من حين صدق هذا الاسم عليه وفيه ان اعتبار بلوغ حد الترخص انما هو لأدلته خاصته فلا مانع عن الالتزام بصدق كونه مسافرا من حين تلبسه بالسير وعدم
جواز القصر له الا بعد بلوغ حد الترخص ولكن الانصاف ان دعوى اعتبار غيبوبته عن البلد الذي هو لازم بلوغه حد الترخص في مفهوم اسم السفر عرفا ليس أبعد
من دعوى اعتبار خروجه عن سور البلد في صدق هذا الاسم كما ربما بنى على هذا توجيه مذهب المشهور وكيف كان فما نسب إلى المشهور لعله أقوى لا لدعوى
عدم صدق اسم المسافر عليه عرفا الا بعد خروجه من البلد فإنه ما دام في البلد يعد حاضرا لا مسافرا الامكان منع ذلك إذا العرف لا يأبى عن اطلاق انه شرع في
السفر من حين تلبسه بالسير بهذا القصد بل لان المنساق من الامر بالتقصير في بريدين أو ثمانية فراسخ انما هو ارادته على النهج المعهود لدى العرف في تحديد المنازل
بالفراسخ والأميال والعرف لا يتلفتون في تحديداتهم الا إلى البعد الواقع بين البلد الذي يخرج منه ويدخل فيه فإذا قيل لهم التقصير في ثمانية فراسخ فأراد والمسافرة
من النجف الأشرف إلى الحلة مثلا يسئلون عن مقدار بعد الحلة عن النجف فإذا قيل لهم انه سبع فراسخ ونصف يرون سفر كل من يسافر من النجف إلى الحلة سبعة فرسخ
ونصفا من غير التفات إلى منازل الاشخاص الواقعة في البلدين والا فربما كان مبدء سير بعضهم أول عمارة النجف ومسكنه الذي يقصده في الحلة اخر عمارتها
بحيث لو لوحظ من أول اخذه في السير إلى خصوص المكان الذي ينزل فيه لبلغ المجموع الثمانية فما زاد ومع ذلك لا يعد سفره في العرف الا سبع فراسخ ونصفا كما
يؤيد ذلك بل يشهد له قوله ع في صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم المتقدمة وقد سافر رسول الله ص إلى ذي خشب وهى مسيرة يوم من المدينة يكون إليها بريدان أربعة و
عشرون ميلا فقصر وافطر فصارت سنة الخ فإنه بظاهره يدل على جريان السنة باعتبار كون البريدين بين البلد الذي يخرج منه ويدخل فيه لا بين المكان الذي
يخرج منه ويدخل فيه وقوله ع في موثقة عمار لا يكون مسافرا حتى يسير من منزله أو قريته ثمانية فراسخ إذ الظاهر أن الترديد بملاحظة ان المنزل قد لا يكون في بلد أو
فرية كما في كلام السائل ايماء إليه وكيف كان فما ادعيناه من مساعدة العرف والشرع على ملاحظة مقدار المسافة الواقعة بين البلدين الذين ينشأ من أحدهما
السير وينتهى إلى الاخر عند تحديد مقدار السير في سفره من غير اعتداد بجزئه الواقع في نفس البلدين انما هو في البلاد المتعارفة التي لا يعتد بما يقع من السير
فيها في احتسابه جزء من السفر واما البلاد الواسعة الخارجة عن المعتاد التي تكون المسافة الواقعة فيها بنفسها ملحوظة لدى العرف بحيث يقولون من محلة كذا
إلى محلة كذا فرسخ أو نصف فرسخ أو ميل بحيث يكون محلاتها ملحوظة على سبيل الاستقلال في تحديداتهم فلا بل العبرة فيها بالخروج من محلته كما صرح به غير واحد
فما استشكله في الجواهر في مثل هذه البلاد بناء منه على عدم اندراجه في موضوع المسافر عرفا ما لم يخرج عن البلد لا يخلو من نظر لما أشرنا إليه من عدم ابتناء
المسألة على هذا والا فلم نستبعد صدق تلبسه بالسفر عرفا من حين تشاغله بالسير بهذا القصد فضلا عن خروجه عن محلته في مثل هذه البلاد التي قد لا يتحاشى العرف
عن اطلاق اسم السفر على الخروج من محلة منها إلى محلة أخرى إذا كان بينهما مسيرة يوم أو أكثر وكيف كان فلا ينبغي الاستشكال في صدق تلبسه بالسفر من حين خروجه من
محلته ولا في اندراجه في اطلاقات أدلة التقصير من مثل قوله إذا ذهب بريدا ورجع بريدا فقد شغل يومه فان تقييد مثل هذه المطلقات بما إذا ذهب بريدا بعد
خروجه من البلد خصوصا في مثل هذه البلاد يحتاج إلى دليل ودعوى انه لا يصدق عليه اسم المسافر ما لم يخرج عن البلدان سلمت فهي غير مجدية في ارتكاب التقييد في
مثل هذه المطلقات لأنها مسوقة لبيان ما به يتحقق السفر الموجب للتقصير لا ما يعتبر من المسافة بعد اندراجه في مسمى المسافر فلو لم يساعد العرف أو الشرع على تسميته
مسافرا الا بعد قطعه مقدارا معتدا به من هذه المسافة بل جميعه فليس منافيا لاطلاق هذه المطلقات نعم لو لم يندرج بقطعه مجموع هذه المسافة
في مسمى المسافر كان وقع جميعه في البلد وقلنا بأن خروجه من البلد شرط في تحقق موضوع السفر عرفا لاتجه الالتزام بعدم شرعية القصر له لوضوح اختصاصه
بالسفر ولكن هذا ليس تقيدا في تلك المطلقات لجريها مجرى الغالب من تحقق موضوع السفر عرفا بقطعه هذا المقدار من المسافة فالفرض المزبور خارج عن منصرفها
فلا ينافيه اطلاقها واما ما ادعيناه تبعا للمشهور ان مبدء المسافة من خطة سور البلد في البلاد المتعارفة فقد أشرنا إلى أنه ليس تقييدا لهذه المطلقات بل عمل
بما يتبادر من اطلاقها كما عرفت الثالث يشرط في التقصير العلم بالمسافة أي الوثوق والاطمينان الذي يطلق عليه العلم في العادة فلا يكفي الظن وان
حصل من الشياع على الأشبه للأصل وما عن الروض من احتمال العمل هنا بمطلق الظن القوى لأنه مناط العمل في كثير من العبادات فهو مجرد احتمال لم يساعد
عليه دليل واما البينة فالأقوى قبولها كما في غيره من الموضوعات الخارجية التي تثبت بها فان المتتبع فيما دل على اعتبار البينة إذا معن النظر فيها لا يكاد يرتاب في
عدم مدخلية خصوصيات الموارد في ذلك بل قد يقوى في النظر قبول قول العدل الواحد بل مطلق الثقة كما يظهر وجهه مما حققناه في مبحث النجاسات من كتاب الطهارة
وهل يثبت بالشياع قال شيخنا المرتضى ره الأظهر اعتبار الشياع هنا وان احتمل منعه بناء على الأصل أقول وقد يشكل ذلك بأن ما دل على اعتبار الشياع
انما دل عليه في مواضع معدودة ليس هذا منها فالقول باعتباره ما لم يكن مورثا للوثوق والاطمينان الذي هو بحكم العلم عرفا لا يخلو من اشكال ولو تعارضت البينتان
فهل تقدم بينة الاثبات أو النفي أو التخيير أو التساقط والرجوع إلى اصالة التمام وجوه بل أقوال فعن المصنف والشهيد في الذكرى الأول لان شهادة النفي غير مسموعة
وأجيب عن ذلك بان فيما إذا لم يرجع النفي إلى الاثبات كما في المقام حيث إن النافي مخبر عن اطلاعه بكونه أقل من ثمانية كسبعة أو ستة ونحوهما فيتجه ح تقديم بينة
النفي لموافقته للأصل بناء على جواز الترجيح بها في البينات ولكنه لا يخلو من نظر بل منع ومن هنا قد يقال بان الأقوى فيه التخيير وهو أيضا لا يخلو من اشكال إذ البينة
724

ليس اعتبارها من باب السببية المحضة كي يتجه الحكم بالتخيير عند المعارضة فالأشبه الحكم بتساقطهما والرجوع إلى الأصل الذي ستعرفه ولو جهلها ولم يكن هناك
ما يصح الاعتماد عليه في معرفتها من بينة ونحوها أتم كما صرح به غير واحد بل في الجواهر بلا خلاف أجده فيه لأصالة عدم تحقق الموجب للقصر ولكن قد يشكل ذلك
بان هذا الأصل انما يتفرع عليه انه لا يجب عليه القصر واما انه يجب عليه الاتمام فهو مبنى على أن لا يكون المقصد ثمانية فراسخ وهذا مما لا يمكن احرازه بالأصل
لأنه من قبيل تعيين الحادث بالأصل فمقتضى علمه اجمالا بأنه مكلف بصلاة الظهر مثلا اما قصرا ان كانت المسافة ثمانية أو تماما ان كانت أقل وجوب الاحتياط بالجمع
بينهما تحصيلا للجزم بفراغ الذمة عما اشتغلت به يقينا وأصالة عدم حدوث ما يوجب القصر لا يجدى في احراز ان المسافة ليست بثمانية كي يتعين عليه فعل التمام إذ لا تعويل
على الأصول المثبتة ويدفعه ان بقاء التكليف بالتمام أيضا كعدم حدوث التكليف بالقصر متفرع على الأصل المزبور أي عدم حدوث ما يوجب انقلاب تكليفه لان مقتضى
عمومات أدلة التكاليف وجوب الاتيان بصلاة الظهر مثلا رباعية على كل مكلف ما لم يسافر كما أن مقتضاها وجوب الفرائض الخمس في أوقاتها على كل امرأة ما لم تحض
فيكون السفر كالحيض رافعا للتكليف الثابت بالعمومات فمتى شك في تحققه سواء كان شكه ناشيا عن أصل وجود الرافع أو رافعية الموجود كما فيما نحن فيه يبنى على
عدمه بحكم الأصل فلا يتوقف تنجز التكليف بالتمام على احراز ان السفر الصادر منه لا يبلغ حد المسافة كي يقال إنه لا يجرى فيه الأصل أو ان الأصل بالنسبة إليه مثبت
فما ذكر في تقرير الاشكال من أن وجوب الاتمام مبنى على عدم كون المقصد مسافة لا يخلو من مغالطة فان هذا ليس شرطا في تنجز التكليف بالتمام بل عدم حدوث
السفر البالغ ذلك الحد وهو على وفق الأصل ومعه لا يبقى لعلمه الاجمالي اثر في ايجاب الاحتياط إذ لا يلزم من اعمال الأصول الجارية في طرفيه مخالفة قطيعة للحكم
المعلوم بالاجمال فلا يصلح مانعا عن اعمالها في مواردها كما تقرر في محله ولا تتوهم ان اثبات الأحكام الثابتة بالعمومات في مثل المقام ونظائره من الشبهات الموضوعية
من باب التمسك بالعمومات في الشبهات المصداقية الذي أنكرناه في غير مورد فإنه ليس كذلك بل من باب احراز موضوع العام بالأصل كما لا يخفى على المتأمل
الرابع هل يجب الفحص مع الامكان أم يجوز الرجوع إلى الأصل بدونه وجهان قد يقوى في لوجوب نظرا إلى ما تقرر في محله من عدم وجوب الفحص في الشبهات
الموضوعية حتى الوجوبية منها كما في المقام وقيل بالأول مستدلا عليه بتعليق الحكم بالقصر على المسافة النفس الامرية فيجب مع الشك رعاية التحصيل الواقع اما الجمع
أو الفحص الأول منتف هنا اجماعا فتعين الثاني وربما فصل بعض بين صورة تعسر الفحص وعدمه فلم يوجبه مع التعسر لأدلة نفى الحرج وفيه ان المسافة النفس
الامرية المعلق عليها القصر مشكوكة التحقق فهي منفية بالأصل وليس علمه الاجمالي بوجوب أحد الامرين عليه في الواقع مانعا عن اعمال الأصول الجارية في أطرافه في
مثل المقام أي مقتضيا لوجوب الاحتياط كما عرفته انفا والا لم يكن يرتفع اثره بالفحص الغير المفيد في استكشاف الواقع كما في الشبهة المحصورة وغيرها مما يكون العلم الا
مقتضيا لوجوب الاحتياط والحاصل ان العلم الاجمالي ان كان مقتضيا لوجوب الاحتياط فلا يكون الفحص رافعا لاثره والا فليس مقتضيا للفحص أيضا اللهم الا ان يقال إن العلم الاجمالي في مثل المقام وان لم يكن مؤثرا في تنجيز التكليف
بالواقع على كل تقدير كي يكون اثره وجوب الاحتياط وسقوط الأصول المنافية له عن الاعتبار ولكنه مانع عن الرجوع إلى الأصول قبل الفحص كما في الشبهات الحكمية
فان ما دل على معذورية العامل بالأصول النافية للتكليف قبل الفحص شموله لمثل المقام لا يخلو من تأمل فالقول بوجوب الفحص ما لم يكن حرجا لعله أقوى والله العالم
ولو كانت المسافة أربعة فراسخ فصاعدا إلى ما دون الثمانية وأراد العود ليومه فقد كمل مسير يوم بذهابه ورجوعه ووجب عليه التقصير بلا خلاف معتد به
في خصوص الفرض أي فيما لو أراد الرجوع ليومه بل عن الأمالي انه من دين الإمامية وعن الشيخ في كتابي الاخبار القول بالتخيير بين القصر والاتمام وعن ابن أبي
عقيل أنه قال كل سفر كان مبلغه بريدان وهما ثمانية فراسخ أو بريد ذاهبا وبريد جائيا وهو أربعة فراسخ في يوم واحد أو فيما دون عشرة أيام فعلى من سافره
عند ال الرسول إذا خلف حيطان مصره أو قريته وراء ظهره وخفى صوت الاذان ان يصلى صلاة السفر ركعتين أقول الظاهر أن تخصيص العشرة بالذكر من باب التمثيل
ومقصوده ان المسافة المعتبرة في التقصير أعم من الثمانية الممتدة والملفقة من الأربعة فصاعدا من غير تقييده بالرجوع ليومه وقد جنح إلى هذا القول بل قواه صريحا
غير واحد من متأخري المتأخرين ونسب إلى جماعة القول بالتخيير في الملفقة مطلقا حتى فيما لو رجع في يومه ولعل الشيخ في كتابي الاخبار قائل بهذا القول فان من
المستبعد ارادته في خصوص ما لو رجع ليومه كما سيتضح وجهه لدى الإشارة إلى مستنده وفي الجواهر قال المشهور بين الأصحاب نقلا وتحصيلا بل عن الأمالي انه من
دين الإمامية التخيير بين القصر والاتمام إذا لم يرد الرجوع ليومه غير أن الشيخ وابن حمزة منهم نصا على وجوب الصوم وعدم جواز الافطار خلافا للمرتضى والحلي فأوجبا
التمام واختاره الفاضلان في بعض كتبهما انتهى وعن ظاهر الكليني في الكافي القول بتحتم القصر بمجرد الأربعة وان لم يرد الرجوع أصلا حيث اقتصر على ايراد
اخبار الأربعة ومنشأ تشتت الأقوال اختلاف الاخبار فإنها على انحاء منها المعتبرة المستفيضة ان لم تكن متواترة المشتملة على تحديدها بثمانية فراسخ أو
بريدين أو مسيرة يوم أو بياض يوم وقد تقدم نقل كثير منها وعرفت فيما تقدم ان مرجع هذه التحديدات المختلفة إلى شئ واحد بنص الروايات المزبورة وفى
جملة من الروايات التي كادت تكون أيضا متواترة تحديدها بأربعة فراسخ ولكن في عدة منها تقييدها بما لو أراد العود لا مط فمنها مرسلتا ابن أبي عمير ومحمد بن
يحيى الخزاز المتقدمتان في تحديد الميل (في صحيحة زرارة عن أبي جعفر ع قال التقصير في بريد والبريد أربعة فراسخ وصحيحة زيد الشحام قال
سمعت أبا عبد الله ع يقول بتقصير الرجل في مسيرة) اثنى عشر ميلا وصحيحة إسماعيل بن الفضيل قال سألت أبا عبد الله ع عن التقصير فقال في أربعة فراسخ ورواية الجارود
قال قلت لأبي جعفر ع فكم التقصير قال في بريد وموثقة ابن بكير قال سألت أبا عبد الله ع عن القادسية اخرج إليها أتم أم اقصر قال وكم هي قلت هي التي رأيت
قال فصر في الحدائق نقل عن البحار انه نقل عن المغرب أنه قال القادسية موضع بينه وبين الكوفة خمسة عشر ميلا ثم قال وهو يدل على وجوب القصر في أربعة فراسخ
لعدم القول بالفصل انتهى وصحيحة معاوية بن وهب أنه قال لأبي عبد الله ع ان أهل مكة يتمون الصلاة بعرفات فقال ويحهم أو ويلهم واي سفر أشد منه لا تتم
725

وعن بعض النسخ لا تتموا وصحيحته الأخرى عن أبي عبد الله عليه السلام قال أهل مكة إذا زاروا البيت ودخلوا منازلهم أتموا وإذا لم يدخلوا منازلهم قصروا إذا الظاهر أن
المراد بالرواية بيان حكمهم إذا رجعوا من عرفات وصحيحة الحلبي أو حسنة عن أبي عبد الله ع قال إن أهل مكة إذا خرجوا حجاجا قصروا وإذا زاروا ورجعوا إلى منازلهم
أتموا وموثقة معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله ع في كم اقصر الصلاة فقال في بريد الا ترى ان أهل مكة إذا خرجوا إلى عرفة كان عليهم التقصير ورواية إسحاق بن
عمار قال قلت لأبي عبد الله ع في كم التقصير فقال في بريد ويحهم كأنهم لم يحجوا مع رسول الله ص فقصروا وعن المفيد في المقنعة مرسلا قال قال الصادق ع
ويل هؤلاء القوم الذين يتمون بعرفات اما يخافون الله فقيل له وهو سفر فقال واي سفر أشد منه وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال حج النبي ص فأقام بمنى
ثلثا فصلى ركعتين ثم صنع ذلك أبو بكر وصنع ذلك عمر ثم صنع ذلك عثمان ست سنين ثم اكملها عثمان أربعا فصلى الظهر أربعا ثم تمارض ليشد بذلك بدعته
فقال للمؤذن اذهب إلى علي ع فقل له فليصل بالناس العصر فاتى المؤذن عليا ع فقال له ان أمير المؤمنين عثمان يأمرك ان تصلى بالناس العصر فقال اذن لا اصلى الا
ركعتين كما صلى رسول الله فرجع المؤذن فأخبر عثمن بما قال علي ع فقال اذهب إليه وقل له انك لست من هذا في شئ اذهب فصل كما تؤمر فقال علي ع لا والله لا
افعل فخرج عثمان فصلى بهم أربعا فلما كان في خلافة معاوية واجتمع الناس عليه وقتل أمير المؤمنين ع حج معاوية فصلى بالناس بمنى ركعتين الظهر ثم سلم فنظر بنو أمية
بعضهم إلى بعض وثقيف ومن كان من شيعة عثمان ثم قالوا قد قضى على صاحبكم وخالف واشمت به عدوه فقاموا فدخلوا عليه فقالوا أتدري ما صنعت ما زدت
على أن قضيت على صاحبنا واشمت به عدوه ورغبت عن صنيعه وسنته فقال ويلكم اما تعلمون ان رسول الله ع صلى في هذا المكان ركعتين وأبو بكر وعمر وصلى صاحبكم
ست سنين كذلك فتأمروني ان ادع سنة رسول الله ص وما صنع أبو بكر وعمر وعثمان قبل ان يحدث فقالوا لا والله ما نرضى عنك الا بذلك قال فاقبلوا فانى متبعكم
وراجع إلى سنة صاحبكم فصلى العصر أربعا فلم يزل الخلفاء والامراء على ذلك إلى اليوم وصحيحته الأخرى عن أبي جعفر ع أيضا قال من قدم قبل التروية بعشرة أيام وجب
عليه اتمام الصلاة وهو بمنزلة أهل مكة فإذا خرج إلى عرفات وجب عليه التقصير فإذا زار البيت أتم الصلاة وعليه اتمام الصلاة إذا رجع إلى منى حتى ينفر وصحيحة عمران
بن محمد قال قلت لأبي جعفر الثاني جعلت فداك ان لي ضيعة على خمسة عشر ميلا خمسة فراسخ فربما خرجت إليها فأقيم فيها ثلاثة أيام أو خمسة أيام أو سبعة أيام فأتم
الصلاة أم اقصر قال قصر في الطريق وأتم في الضيعة ويدل عليه أيضا بعض الأخبار الآتية في مسألة اعتبار استمرار القصد وهذه الأخبار بظاهرها تنافي الأخبار السابقة
الدالة على أن التقصير حدها بريدان مع ما فيها من التصريح بأنه لا يكون في أقل من ذلك ولكن هيهنا طائفة أخرى من الاخبار هي بمنزلة المفسر لهذه
الروايات بحيث لا يبقى بملاحظتها معارضة بين هذه الروايات منها خبر إسحاق بن عمار المروى عن العل قال سألت أبا الحسن موسى بن جعفر ع عن قوم خرجوا في سفر لهم فلما
انتهوا إلى الموضع الذي يجب عليهم فيه التقصير قصروا من الصلاة فلما ان صاروا على رأس فرسخين أو ثلاثة فراسخ أو أربعة تخلف منهم رجل لا يستقيم لهم سفرهم
الا به فأقاموا ينتظرون مجيئه إليهم وهم لا يستقيم لهم السفر الا بمجيئه إليهم فأقاموا على ذلك أياما لا يدرون هل يمضون في سفرهم أو ينصرفون هل ينبغي لهم ان
يتموا الصلاة أم يقيموا على تقصيرهم فقال ع ان كان بلغوا مسيرة أربعة فراسخ فليقيموا على تقصيرهم أقاموا أم انصرفوا وان كانوا ساروا أقل من أربعة فراسخ فليتموا
الصلاة ما أقاموا فإذا امضوا فليقصروا ثم قال هل تدرى كيف صار هكذا قلت لا ادرى قال لان التقصير في بريدين ولا يكون التقصير أقل من ذلك فلما كانوا قد ساروا
بريدا وأرادوا ان ينصرفوا بريدا كانوا قد ساروا سفر التقصير وان كانوا قد ساروا أقل من ذلك لم يكن لهم الا اتمام الصلاة وصحيحة زرارة قال سألت أبا عبد الله ع عن التقصير فقال بريد ذاهب وبريد جائى وكان
رسول الله إذا اتى ذبابا قصر وذباب على بريد وانما فعل ذلك لأنه إذا رجع كان سفره بريدين ثمانية فراسخ هكذا رواها في الوسائل عن الصدوق في الحدائق
رواها عنه في الفقيه نحوه الا أنه قال سألت أبا جعفر الحديث وموثقة محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع قال سألته عن التقصير فقال في بريد قال قلت بريد قال إنه
إذا ذهب بريد ع ورجع بريدا فقد شغل يومه وصحيحة معاوية بن وهب قال قلت لأبي عبد الله أدنى ما يقصر فيه المسافر قال بريد ذاهبا وبريد جائيا ورواية سليمان
بن حفص المروى قال قال الفقيه التقصير في الصلاة بريدان أو بريد ذاهبا وبريد جائيا والبريد ستة أميال وهو فرسخان والتقصير في أربعة فراسخ فإذا خرج الرجل
من منزله يريد اثنى عشر ميلا وذلك أربعة فراسخ ثم بلغ فرسخين ونيته الرجوع أو فرسخين آخرين قصر وان رجع عما نوى عند بلوغ فرسخين وأراد المقام فعليه التمام
وان كان قصر ثم رجع عن نيته أعاد الصلاة أقول ولعل المراد بالفرسخ والميل فيه اصطلاح اخر كالخراساني الذي قيل إنه ضعف الشرعي كما يؤيد ذلك كون
الراوي خراسانيا ومرسلة صفوان قال سألت الرضا عن رجل خرج من بغداد يريد ان يلحق رجلا على رأس ميل فلم يزل يتبعه حتى بلغ النهروان وهى أربعة فراسخ
من بغداد أيفطر إذا أراد الرجوع ويقصر قال لا يقصروا لا يفطر لأنه خرج من منزله وليس بريد السفر ثمانية فراسخ انما يريد ان يلحق صاحبه في بعض الطريق فتمادى به
السير إلى الموضع الذي بلغه ولو أنه خرج من منزله يريد النهروان ذاهبا وجائيا لكان عليه ان ينوى من الليل سفرا والافطار فان هو أصبح ولم ينو السفر فبدا له بعد ان أصبح
في السفر قصر ولم يفطر يومه ذلك وصحيحة أبى ولاد قال قلت لأبي عبد الله ع انى كنت خرجت من الكوفة في سفينة إلى قصر أبى هبيرة وهو من الكوفة على نحو من عشرين فرسخا
في الماء فسرت يومى ذلك اقصر الصلاة ثم بدا لي في الليل الرجوع إلى الكوفة فلم أدر اصلى في رجوعي بتقصير أم بتمام فكيف كان ينبغي ان اصنع فقال إن كنت سرت في
يومك الذي خرجت فيه بريدا فكان عليك حين رجعت ان تصلى بالتقصير لأنك كنت مسافرا إلى أن تصير إلى منزلك قال وان كنت لم تسر في يومك الذي خرجت فيه بريد
فان عليك ان تقضى كل صلاة صليتها في ذلك اليوم بالتقصير بتمام من قبل ان تريم من مكانك ذلك لأنك لم تبلغ
الموضع الذي يجوز فيه التقصير حتى رجعت فوجب
عليك قضاء ما قصرت وعليك إذا رجعت ان تتم الصلاة حتى تصير إلى منزلك ورواية الفضل بن شاذان المروية عن كتاب العلل والعيون عن الرضا عليه السلام
726

قال انما وجبت الجمعة على من يكون على رأس فرسخين لا أكثر من ذلك لان ما تقصر فيه الصلاة بريد ذاهبا وبريد جائيا والبريد أربعة فراسخ فوجبت الجمعة على من
هو على نصف البريد الذي يجب فيه التقصير وذلك لأنه يجيئ فرسخين ويرجع فرسخين وذلك أربعة فراسخ وهو نصف طريق المسافر وعن الحسن بن علي بن شعبة في كتاب
تحف العقول عن الرضا ع في كتابه إلى المأمون قال والتقصير في أربعة فراسخ بريد ذاهبا وبريد جائيا اثنى عشر ميلا وإذا قصرت أفطرت وهذه الأخبار كما تراها
واضحة الدلالة على أن السفر الموجب للتقصير حده بريدان امتدادية كانت أم ملفقة من بريد ذاهبا وبريد جائيا فهي كاشفة عن أن المراد بالا خبار التي وقع فيها
التحديد بالبريدين جنس البريدين الصادق على كل من القسمين وان المراد بالروايات التي ورد فيها التحديد بالبريد السفر الذي يقصد به العود من غير تخلل إقامة العشرة
أو غيرها من القواطع كما هو الغالب في مثل هذه الاسفار بل المتيقن من مورد أغلبها فلا منافاة ح بين شئ من الروايات المزبورة عدى ما في صحيحة عمران بن محمد المتقدمة
من الامر بالاتمام في ضيعته التي هي على خمسة عشر ميلا والتقصير في طريقه فإنه ان كانت ضيعته بمنزلة وطنه وجب ان يكون خمسة فراسخ التي لم يقصد فيها الرجوع مسافة
التقصير وهو مخالف لصريح الروايات الدالة على أن التقصير لا يكون في أقل من بريدين أو بريد ذاهبا وجائيا وان لم تكن بمنزلة الوطن فلا يجب عليه الاتمام فيها
بل القصر كما في الطريق وقد وجه غير واحد الامر بالاتمام في الضيعة بالحمل على التقية لموافقة لمذهب العامة نعم بناء على ما نسب إلى المشهور من التخيير لغير بريد الرجوع
ليومه المتجه حمل التفصيل الواقع في هذه الصحيحة بين الضيعة وطريقها على الأولوية والفضل فتنهض ح هذه الرواية مؤيدة لهذا القول الا ان الالتزام به في حد ذاته في
غاية الاشكال إذ لا دلالة بل ولا اشعار في شئ من الأخبار المعتبرة بالتخيير ولا الجمع بينها مقتض لذلك لما عرفت من أن مقتضى الجمع بينها بل مفاد مجموعها عند ملاحظة
المجموع ان المسافة الموجبة للتقصير أعم من الثمانية الممتد لم والملفقة وبهذا يرتفع التنافي بين الاخبار من غير حاجة إلى التصرف في اخبار الأربعة بحملها على الرخصة
وحمل اخبار الثمانية على الوجوب بل الجمع المزبور بظاهره مقتض لاتحاد حكم الجميع من حيث الوجوب مع أن جملة من الروايات الامرة بالتقصير في الأربع كأخبار
عرفات كادت تكون صريحة في وجوب التقصير واستحقاق المذمة والعقوبة بمخالفته فتلخص مما ذكر ان الذي يظهر من ملاحظة مجموع الاخبار بعد ضم بعضها إلى بعض على
وجه لا يبقى مجال للتشكيك فيه هو ان المسافة الموجبة للتقصير حده ثمانية فراسخ سواء كانت امتدادية أم ملفقة وظاهرها اتحاد الحكم في الجميع من حيث تحتم التقصير
ولذا اشتهر القول بوجوب التقصير في الملفقة أيضا بين متأخري المتأخرين حتى اعترف جلهم لولا كلهم بقوته من حيث الدليل ولكن مع ذلك لم يجزم جملة منهم بذلك
لوهنه لديهم بأعراض الأصحاب عنه من زمن العماني إلى زمان المحدث الكاشاني وصاحب البحار على ما صرح به شيخنا المرتضى ره بل قال لم ينقل بعضهم هذا الخلاف
في عداد الأقوال بل عن الحلى وغيره دعوى الاجماع وعدم الخلاف على عدم تحتم القصر في المقام وقد اعترف شيخنا المرتضى ره في موضع من المؤلفات المنسوبة إليه في
صلاة المسافر بذلك ولكن قد يلوح من موضع اخر منها الميل أو القول بوجوب القصر فيما لو رجع ليومه والاتمام في غيره كما لعله هو اشهر الأقوال في المسألة
وان نسب في الجواهر القول بالتخيير في غير مريد الرجوع ليومه إلى المشهور ولكن لم نتحققه وكيف كان فعمدة مستند هذا القول مضافا إلى اصالة التمام الروايات الدالة
بظاهرها على عدم جواز التقصير في أقل من بريدين مقتصرا في رفع اليد عن ظاهرها على القدر المتيقن مما ثبت فيه التلفيق وهو ما إذا رجع ليومه لا غير نظرا إلى أن
ما دل على كفاية التلفيق طوائف من الاخبار إحداها ما دل على أن المسافة بريد ذاهبا وبريد جائيا وأجيب عنه أولا بان المتبادر من هذا الصنف من
الاخبار إرادة الرجوع ليومه وعلى تقدير تسليم ظهورها في الاطلاق وجب تقييدها بموثقة ابن مسلم المعللة للقصر في البريد بأنه إذا رجع بريدا فقد شغل يومه الثانية
ما دل على أن قاصد الثمانية إذا رجع عن قصده قصران سار بريدا وهى رواية إسحاق بن عمار الواردة في منتظر الرفقة ورواية المروى المشتملة على أربعة فراسخ
المحمول على الفراسخ الخراسانية ومرسلة صفوان الواردة فيمن بلغ النهروان من دون قصد ورواية أبى ولاد الواردة فيمن قصد قصر أبى هبيرة فبدا له في
الليل الرجوع والأوليان ضعيفتان سندا والأخيرتان يمكن حملهما على الرجوع ليومه أو ليلته جمعا بينهما وبين الروايات الظاهرة في في لقصر مع طي ما دون الثمانية
وان رجع بعد اليوم مثل ما عن الشيخ باسناده عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله ع قال سألته عن التقصير في الصلاة فقلت له ان لي ضيعة قريبة من الكوفة و
هي بمنزلة القادسية من الكوفة فربما عرضت لي حاجة انتفع بها أو يضرني القعود منها في رمضان فأكره الخروج إليها لأني لا أدرى أصوم أو أفطر فقال لي فأخرج
وأتم الصلاة وصم فانى قد رأيت القادسية الحديث إذ الغالب في مثل الفرض في رادة الرجوع ليومه ولا العزم على الإقامة في ذلك المكان ولا أقل من ظهور
الرواية بمقتضى اطلاقها في في لتقصير ولو مع قصده الرجوع قبل العشرة والقادسية على ما تقدم نقله عن المغرب خمسة عشر ميلا من الكوفة ورواية عمار عن
أبي عبد الله ع قال سألته عن الرجل يخرج في حاجة فيسير خمسة فراسخ ويأتي قرية فينزل فيها ثم يخرج منها فيسير خمسة فراسخ أخرى أو ستة فراسخ لا يجوز ذلك ثم ينزل
في ذلك الموضع قال لا يكون مسافرا حتى يسير من منزله أو قريته ثمانية فراسخ فليتم الصلاة أقول يعنى حتى يسير بقصد ثمانية فراسخ كما صرح به في الوسائل
وغيره وظاهرها إرادة الامتدادية خصوصا بملاحظة ما فيها من ترك الاستفصال مع أن الغالب في مثل ما وقع عنه السؤال عدم انفكاكه عن قصد الرجوع و
لكن لا ليومه فهذه الرواية بملاحظة ما فيها من ترك الاستفصال كالنص في وجوب الاتمام لغير مريد الرجوع ليومه ومرسلة عبد الله بن بكير عن بعض أصحابنا عن
أبي عبد الله ع في الرجل يخرج من منزله يريد منزلا له اخر أو ضيعته له أخرى قال إن كان بينه وبين منزله أو ضيعته التي يؤم بريدان قصر وان كان دون ذلك أتم
فهذه الروايات بظاهرها تدل على وجوب التمام وان رجع لغير يومه فتعارض الروايات المتقدمة فيرجع بعد الاغماض عن الترجيح إلى اطلاق في لقصر فيما دون الثمانية
الظاهرة بل الصريحة في الذهابية واما اطلاقات التلفيق فقد عرفت انها مقيدة بموثقة ابن مسلم والثالثة الأخبار الدالة على وجوب القصر على أهل مكة إذا اذهبوا
727

إلى عرفات وفيها أيضا انها معارضة بما دل على تعين التمام مع في لرجوع ليومه فيرجع بعد الاغماض عن الترجيح إلى عمومات اخبار التحديد بالثمانية الذهابية
ولو حصل التعارض معها أيضا وجب الرجوع إلى اصالة التمام هذا غاية ما يمكن ان يقال بل قيل في تشييد القول بوجوب الاتمام وفيه أولا ان عمدة المستند للقول
بالتلفيق كونه أجمل وجوه الجمع بين الاخبار المختلفة الواردة في الباب على وجه لا يلزم منه طرح شئ منها بل ارتكاب تأويل قريب لا يأبى عنه شئ منها مع وجود شواهد
له اما الاخبار التي ورد فيها التحديد بالثمانية أو بريدين أو مسيرة يوم فظاهرها وان كان إرادة المسافة الواقعة بين المكان الذي ينشأ منه السفر وبين مقصده
أي لامتدادية ولكن جملها على إرادة تحديد مطلق سيره الذي ينتهى إليه سفره أعم من أن يكون امتداديا أو ملفقا من بريد ذاهبا وبريد جائيا أو تقييدها بما إذا لم
يقصد الرجوع قبل إقامة العشرة وما بحكمها غير بعيد خصوصا بعد ان علم بعدم كون ظاهرها مرادا على الاطلاق إذا القاصد للرجوع من يومه غير معتبر في حقه هذا الحد
جزما ان كان المقصود به خصوص الامتدادية فكما جاز تخصيصها بالنسبة إلى هذا الفرد كذلك جاز تقييدها بغير مريد الرجوع بعد مساعدة الدليل عليه وهو اخبار
عرفة وغيرها مما هو نص في ذلك واما الاخبار التي ورد فيها التحديد بالأربعة أو البريد على الاطلاق فهي أيضا غير أبية عن ذلك بل بالنسبة إليها لا يعد هذا التقييد
تأويلا إذ المنساق من تحديد السفر بالبريد مثلا ارادته من منزله الذي قصده الرجوع إليه في الغالب بحيث لو كان مدرك الحكم منحصرا في هذه الأخبار لكان الحكم
بكفاية مجرد الأربعة وان لم يقصد الرجوع اخذا باطلاق هذه الأخبار في غاية الاشكال كما هو الشأن في سائل المطلقات الواردة مورد الغالب فما عن ظاهر الكليني
من القول بكفاية الأربعة مطلقا في غاية الضعف مع أن منشأ الاستظهار ليس الا اقتصاره على نقل اخبار الأربعة التي قد عرفت انه ليس لها ظهور يعتد به في
ذلك فمخالفته للقائلين بالتلفيق مط غير معلومة وكيف كان فتنزيل اخبار الأربعة أيضا على مريد الرجوع لو لم نقل بانصرافها في حد ذاتها إليه من اهوان التصرفات
واما تقييد الرجوع بكونه ليومه فهو مستلزم لطرح أغلب الروايات التي ورد فيها التحديد بالبريد كأخبار عرفات وغيرها من الروايات الآتية عن هذا
النحو من التقييد بل هو بالنسبة إلى ما عداها من الروايات المطلقة أيضا لا يخلو من بعد لكونه تخصيصا بالفرد النادر إذ ليس المقصود بالبريد خصوصه من غير زيادة
كي لا يكون رجوعه ليومه نادرا بل المقصود به البريد فيما زاد واشتراط الرجوع معتبر في ما دون الثمانية مط مع أنه قلما يتفق الرجوع ليومه في الاسفار البالغة إلى
ستة أو سبعة فراسخ هذا مع أنه لا مقتضى لهذا التقييد إذ لا شاهد عليه عدى يترائى من التعليل بشغل اليوم الواقع في الموثقة المزبورة وهو لدى التدبر فيه على
خلافه أدل حيث إن المقصود بالتعليل على ما يشهد به سوق السؤال رفع استبعاد السائل وتعجبه من تحديد التقصير بالبريد ببيان اندراجه برجوعه الذي هو
جزء من سفره في الموضوع الذي كان معهودا لديهم كونه حدا للتقصير وهو مسيرة يوم بالسير المتعارف للقوافل المحدودة شرعا بالبريدين وثمانية فراسخ فقوله ع
انه إذا ذهب بريدا ورجع بريدا فقد شغل يومه في قوة ان يقال لأنه إذا ذهب ورجع فقد بلغ سفره الحد الذي عرف في الشريعة كونه حدا للتقصير فشغل يومه الذي
وقع التعبير به في التعليل وان كان موقوفا على رجوعه ليومه ولكن لا مدخلية لفعليته فيما هو مناط التقصير الا من حيث الكاشفية عن كون مقدار سيره بالغا إلى
هذا الاحد كما عرفته في صدر المبحث ولو أريد منه اعتباره بالفعل في العلية في خصوص المورد كما عليه مبنى الاستدلال للزم حمله على كونه علة تعبدية في خصوص مورد
وهو في غاية البعد عن مساق التعليل مع أن مقتضاه عدم حصول المسافة المعتبرة في التقصير بذهابه ورجوعه ليومه في سعة الوقت خصوصا قبل الزوال حيث إنه لا يصدق
عليه انه شغل يومه بل بعض يومه مع أنه لا يلتزم به القائلون بالتقييد هذا مع أنه لا بد من حمل قوله عليه السلام فقد شغل يومه على ارادته من باب الفرض لا التحقيق
فان من الواضح ان الإمام عليه السلام لم يقصد باطلاق قوله ع في بريد في جواب سؤاله عن التقصير خصوص السفر المقيد بوقوع مجموع ذهابه ورجوعه في اليوم بحيث
لو ذهب بريدا ورجع في تلك الليلة أو ذهب في اخر هذا اليوم ورجع في أول الليل لكان خارجا عن مورد هذا الحكم فكونه شاغلا ليومه مبنى على فرض كون ذهابه
ورجوعه واقعا في يوم لا على تحققه فكما يصدق على ما لو فرض حصول مجموع سيره في ليلة أو في الملفق من اليوم والليلة انه لو كان هذا السفر حاصلا في يوم لكان شاغلا
ليومه كذلك يصدق عليه ذلك لو كان حاصلا في ليالي أو أيام متعددة ودعوى ان المنساق منه اتصال رجوعه بذهابه وان لم يكن واقعا في اليوم عرية عن الشاهد ثم
لو سلم ظهور هذه الرواية بل صراحتها في اعتبار شغل يومه بالفعل لا فرضا في جواز التقصير لوجب رد علمها إلى أهله لعدم صلاحيتها لمعارضة النصوص المستفيضة الواردة
في أهل مكة وغيرها مما هو نص في جواز التقصير لغير مريد الرجوع ليومه وتوهم وهن تلك لاخبار بأغراض المشهور مدفوع بعدم تحقق الاغراض عنها كيف وقد
نسب إلى المشهور القول بالتخيير جميعا بين هذه الأخبار واخبار الثمانية كما سيأتي التكلم فيه وقد ظهر بما ذكر ضعف الاستدلال لوجوب الاتمام على مريد الرجوع لا
ليومه بخبر عبد الرحمن بن الحجاج وغيره مما ذكر فان غاية ما يمكن ادعائه انما هو ظهور هذه الأخبار بملاحظة ما فيها من ترك الاستفصال في ذلك فهي غير صالحة لمعارضة
الروايات الصريحة في خلافه مع أن من المحتمل قويا ان يكون الامر بالاتمام في خبر عبد الرحمن لكون ضيعته بحكم الوطن اما مط أو في الجملة كما يأتي التكلم فيه انشاء الله أو
لعدم كون الرجوع ملحوظا في السؤال لعدم كونه مضطرا إليه من غير إقامة فلعله كان عازما على الإقامة هناك ولو لأجل ان لا ينتقص صومه فليس لهذه الرواية من حيث
هي ظهور يعتد به في المدعى فضلا عن مكافئة اخبار أهل مكة وغيرها مما هو نص في خلافه هذا مع معارضتها بالخصوص لموثقة ابن بكير المتقدمة التي ورد فيها الامر بالتقصير
لمن خرج من الكوفة إلى القادسية وهكذا الكلام في رواية عمار فان غايتها الظهور فبما ذكر فلا تصلح لمعارضة النص الخاص المصرح بالتقصير واما ما ورد فيمن خرج من
منزله يريد منزلا اخر أو ضيعة أخرى فهو بظاهره وارد فيمن يريد البقاء في ذلك المنزل فلا دلالة فيه على حكم مريد الرجوع فضلا عن المعارضة لما عرفت فظهر بما ذكر
ضعف ما قيل في تضعيف الاستدلال بأخبار أهل مكة من أنها معارضة بما دل على تعين التمام على مريد الرجوع لغير يومه إذ لم نقف على نص خاص وارد بذلك
728

صالح لمعارضها عدى للروايات المزبورة التي عرفت حالها ولكن قد تحمل اخبار أهل مكة ونظائرها مما دل بظاهره على تحتم التقصير على مريد الرجوع لغير يومه على
التخيير لما عن ظاهر غير واحد كالسرائر والأمالي والمختلف وبعض رسائل الشهيد الثاني من دعوى الاجماع
على عدم تعين التقصير المعتضدة بالشهرة المحققة وربما علل أيضا
بالجمع بين هذه الأخبار وبين ما دل بظاهره على تعين الاتمام وأورد على هذا الجمع بأنه ان حصل التكافؤ بينها وبين ما دل على تعين التمام مع في لرجوع ليومه كان
اللازم الرجوع إلى عمومات اخبار التحديد بالثمانية الذهابية ولو حصل التعارض معها أيضا وجب الرجوع إلى اصالة التمام لا اخراج جميع المعارضات عن
ظاهرها بحملها على الوجوب التخيرى بل لو لم يكن هناك هناك أصل أو عموم يرجع إليه كان اللازم الاخذ بأحدهما تخيير الا اخراجهما عن ظاهرهما لما تقرر في محله من أن
الجمع إذا كان بإخراج طرفي التعارض عن ظاهرهما من دون شهادة ثالث كان الطرح أولى واما الشهرة وحكاية الاجماع فان صلحت للاستناد أو الترجيح كان
اللازم طرح اخبار أهل مكة انتهى أقول أولوية الطرح من الجمع المستلزم لاخراج كل من المتعارضين عن ظاهرهما بلا شاهد خارجي انما هي في الاخبار
الظنية الصدور القابلة للطرح وأنت خبير بان الاخبار الامرة بالتقصير لغير مريد الرجوع ليومه لتظافرها وتكاثرها لا يتطرق إليها بالنظر إلى مجموعها احتمال في لصدور
فصدور شئ ههنا اجمالا مما لا مجال للارتياب فيه فلا يجوز طرحها رأسا القدر المتيقن من مفادها جواز التقصير وظاهرها تعينه وحيث لا يمكن طرح هذه الأخبار
من حيث السند وجب جعلها شاهدة على في رادة الظاهر مما دل بظاهره على وجوب الاتمام فما دل بظاهره على ذلك وجب ارتكاب التأويل فيه لا محالة
بقرينة تلك الأخبار سواء أريد من تلك الأخبار الوجوب أم الجواز واما تلك الأخبار فان أمكن الاخذ بظاهرها من الوجوب العيني بان لم يلزم منه مخالفة اجماع و
نحوه وجب والا تعين ارتكاب التأويل فيها أيضا بالحمل على الوجوب التخييري فما قيل من أن الشهرة وحكاية الاجماع ان صلحت للاستناد أو الترجيح كان اللازم طرح
اخبار أهل مكة لا يخلو من نظر لما عرفت من أن اخبار أهل مكة غير قابلة للطرح بل للتأويل فتلخص مما ذكر ان القول يتحتم التقصير أوفق بما يقتضيه الجمع بين الاخبار ولكن لو
تعذر ذلك بمخالفة لاجماع ونحوه اتجه الالتزام بالتخيير بل قد يتجه الالتزام بالتخيير بملاحظة نفس الاخبار من حيث هي كما اعترف به غير واحد نظرا إلى عموم الابتلاء بالسفر
الذي هو أقل من ثمانية فراسخ فلو كان التقصير واجبا على من ذهب بريد أو رجع قبل العشرة كما هو الغالب في موارده للزم من تحديد ما يجب فيه التقصير بمسيرة يوم أو
بياض يوم أو بريدين أو غير ذلك مما كان ظاهره إرادة الامتدادية كما ورد في كثير من الاخبار بحيث لا يكاد يخطر بذهن السامع إرادة الأعم من الملفقة ايقاع
المكلف في مخالفة تكليفه الواقعي في الحكم الذي يعم به البلوى وهو قبيح اللهم الا ان يكون ذلك لحكمة مقتضية لاظهار خلاف الواقع أو يكون تلك الأخبار محفوفة
بقرائن حالية أو مقالية مرشدة لإرادة الأعم وليس شئ من هذه الاحتمالات بأقوى من احتمال إرادة الرخصة أو الوجوب التخييري من الروايات الامرة بالتقصير
بل لعل هذا الاحتمال أقوى خصوصا بعد اعتضاده بالشهرة والاجماعات المحكية على عدم تحتم التقصير وبصحيحة عمران بن محمد المتقدمة الامرة بالاتمام في ضيعته التي هي
على خمسة عشر ميلا والتقصير في طريقه بالتقريب الذي عرفته فيما سبق فالانصاف ان القول به ليس بالبعيد خصوصا لغير مريد الرجوع ليومه ولا ينافيه ما في اخبار عرفات
من المبالغة في الانكار على أهل مكة والدعاء عليهم بالويل حيث أتموا في عرفات لامكان ان يكون ذلك لالتزامهم بالاتمام ورغبتهم عن سنة النبي صلى الله عليه وآله
كما أشير إليه في صحيحة زرارة الطويلة المتقدمة فليتأمل وربما يؤيده أيضا بالنسبة إلى مريد الرجوع لغير يومه ما عن الفقه الرضوي من أنه قال فيه فإن كان سفرك
بريدا واحدا واردت ان ترجع من ذلك قصرت لان ذهابك ومجيئك بريدان إلى أن قال فإن لم ترد الرجوع ليومك فأنت بالخيار ان شئت تممت وان شئت
قصرت ولو تردد يوما في ثلاثة فراسخ مثلا ذاهبا وجائيا وعائدا لم يجز له القصر وان كان ذلك من نيته سواء وصل في تردده إلى حيث يسمع الاذان ويرى
الجدران أم لا اما الأول فواضح لانقطاع المسافة ح فلا مجال للارتياب فيه بل وكذا الثاني إذ لم يشرع التقصير في السفر الذي هو أقل من بريدين أو بريد
ذاهبا وبريد جائيا كما شهدت بذلك النصوص المتقدمة على كثرتها مع ما في بعضها من التصريح بعدم مشروعية التقصير فيما دون ذلك وما في موثقة ابن مسلم
من التعليل بشغل اليوم انما هو بيان لبلوغ سفره إلى الحد الذي وجب فيه التقصير لا كونه بنفسه موجبا للقصر ولو لم يكن حدا لسفره كما لو تردد في نصف ميل
أو ربع ميل مثلا حول بلده مأة مرة ذاهبا وجائيا كما هو واضح فما عن العلامة من الحكم بالتقصير لمن لم يصل في تردده إلى محل الترخص على اشكال ضعيف ولو
كان لبلد طريقان والأبعد منهما مسافة فسلك الا بعد قصر وان كان سلوكه له ميلا إلى الرخصة لاطلاق الأدلة أو عمومها خلافا للمحكى عن القاضي فأوجب
التمام على من كان سلوكه ميلا إلى الرخصة لكونه كاللاهي بسفره وفيه ما لا يخفى ضرورة ان هذا القصد لا يجعل سفره سفر لهو حتى فيما لو لم يكن له داع إلى أصل
السفر الا الميل إلى الرخصة فضلا عما لو كان هذا القصد داعيا له إلى اختيار ابعد الطريقين إذ كثيرا ما يتعلق غرض صحيح عقلائي بنفس الرخصة في قصر الصلاة و
ترك الصيام كما ربما يتفق ذلك في شهر رمضان لمن يشق عليه الصيام أو يخاف من ضرره أو يقصد التخلص من صوم يوم بظن كونه عيدا فيختار السفر لأجله و
الحاصل ان اختيار ابعد الطريقين ميلا إلى الرخصة لا يجعل السفر سفر لهو ولا محرما جزما كي يخصص به عمومات أدلة التقصير ولو سلك الأقرب وكان دون
الأربعة أو كان أربعة ولكن لم يقصد الرجوع ليومه بناء على اعتباره في القصر لم يقصر وان رجع من الابعد ولو ليومه لما ستعرف من اعتبار كون المسافة
مقصودة له من أول خروجه واما لو كان قصده الرجوع من الابعد من أول خروجه ففي الجواهر قال فلا يبعد في لقصر أيضا اقتصارا في المعتبر من التلفيق
على المتيقن منه وهو البريد الذهابي دون غيره فيبقى على اصالة التمام وقال شيخنا المرتضى ره ولو سلك الأقرب وكان أربعة وأراد الرجوع ليومه قصر و
ان لم يكن أربعة أتم وان قصد الرجوع بالأبعد ليومه بناء على المشهور من عدم كفاية التلفيق ما لم يبلغ الذهاب أربعة بل حكى دعوى الاجماع عليه فان تم
729

فهو والا فالقول بكفاية مطلق التلفيق قوى لما دل من إناطة الحكم بحصول الثمانية مع التلفيق مطلقا كصحيحة زرارة كان رسول الله ص إذا اتى ذبابا قصر وذباب أربعة
فراسخ من المدينة قال قال وانما فعل ذلك لأنه إذا رجع كان سفره ثمانية فراسخ ونحوها غير واحد من الاخبار وان كان أربعة ولم يرد الرجوع ليومه بنى على
المسألة السابقة في كفاية مطلق الرجوع قبل تخلل الإقامة انتهى أقول وربما يشهد أيضا لما قواه من كفاية مطلق التلفيق مفهوم التعليل بشغل اليوم
في موثقة ابن مسلم المتقدمة ولا ينافي في ذلك ما أنكرناه في المسألة السابقة من عدم اقتضائه التقصير فيما إذا لم يبلغ مقدار سفره ذهابا ورجوعا بريدين
وان تردد في طريقه بأكثر من ذلك كما لا يخفى وقوله ع في خبر إسحاق بن عمار المروى عن العلل الوارد في منتظر الرفقة بعد الحكم بالتقصير ان كانوا بلغوا أربعة
فراسخ هل تدرى كيف صار هكذا قلت لا ادرى قال لان التقصير في بريدين ولا يكون التقصير أقل من ذلك فلما كانوا قد ساروا بريدا وأرادوا ان ينصرفوا
بريدا كانوا قد ساروا سفر التقصير الحديث وهذه الروايات ظاهرها بواسطة ما فيها من التعليل انه لا مدخلية للبريد من حيث هو في التقصير وان المدار
على كون المسافة التي يقطعها في سفره بريدين فإذا ذهب بريدا ورجع بريدا فقد تحقق بمجموع ذهابه ورجوعه ما هو مناط التقصير وقضية العلة المنصوصة
ثبوت هذا الحكم في كل مورد تحقق هذا المناط كما لو ذهب ثلاثة فراسخ ورجع خمسة أو بالعكس ولكن قد ينافي ذلك الاخبار التي وقع فيها تحديد التقصير
بالبريد وانه أدنى ما يقصر فيه المسافر وانه لما نزل جبرئيل بآية التقصير قال له رسول الله ص في كم ذلك فقال في بريد فقال وكم البريد قال ما بين ظل عير إلى
فيئ وعيرران رسول الله صلى الله عليه وآله جعل حد الأميال الذي وضع عليها التقصير من ظل عير إلى ظل وعير إلى غير ذلك من الروايات التي يظهر منها ان
البريد من حيث هو له ملحوظية في التحديد بل هو الأصل في ذلك بملاحظة ان من سافر بريدا إذا رجع إلى منزله يكون سفره شاغلا ليومه فيكون كونه كذلك حكمة
في هذا الحكم لا علة بحيث يدور الحكم مداره فحد التقصير في الحقيقة هو السفر المحدود بالبريد بشرط كونه عازما على العود أو ما قام مقامه وهو بريد اخر ذاهبا كما
أومى إلى ذلك قوله عليه السلام التقصير في الصلاة بريدان أو بريد ذاهبا وبريد جائيا وأوضح من ذلك دلالة على ملحوظية خصوصية البريد حدا في التقصير قوله
عليه السلام في رواية الفضل بن شاذان انما وجبت الجمعة على من يكون على فرسخين لا أكثر من ذلك لان ما تقصر فيه الصلاة بريد ذاهبا وبريد جائيا والبريد
أربعة فراسخ فوجبت الجمعة على من هو على نصف البريد الذي يجب فيه التقصير وذلك لأنه يجيئ فرسخين ويرجع فرسخين وذلك أربعة فراسخ وهو نصف
طريق المسافر إلى غير ذلك من الروايات المشعرة أو الظاهرة في أن لخصوصية كون البريد ذاهبا وجائيا مدخلية في سفر التقصير ولكن مع ذلك كله لا يبعد
ان يدعى ان ظهور الروايات المتقدمة المشتملة على التعليل بالبريدين وشغل اليوم في إناطة الحكم بمجموع البريدين من حيث المجموع أقوى من ظهور هذه الأخبار
في اعتبار خصوصية البريد لقوة احتمال جرى الخصوصية مجرى الغالب حيث إن الغالب اتحاد طريق الذهاب والعود أو تقاربهما من حيث المسافة ولكن قد
يوهن ظهور التعليل أيضا كون خصوص البريد مفروضا في مورده في جميع تلك الروايات فهذا أيضا مما يؤيد ظهور اخبار البريد في ملحوظية الخصوصية وعدم
كون العلة مستقلة بالعلية من دون ملاحظة خصوصيات موردها خصوصا بعد مخالفته لظاهر فتاوى الأصحاب وصريحها فيشكل رفع اليد عن اصالة التمام تعويلا
على هذا الظهور بعد معارضته بما عرفت فالانصاف ان الحكم موقع تردد فلا ينبغي ترك الاحتياط بالجمع بين القصر والاتمام في جميع موارد التلفيق الذي يكون
ذهابه أو عوده أقل من أربعة فراسخ وان رجع ليؤمه ثم إن في المسالك بعد ان حكم بعدم الترخص في الفرض قال ومن هذا الباب ما لو سلك مسافة مستديرة فان
الذهاب ينتهى فيها بالمقصد وان لم يسامت قطر الدائرة بالنسبة إلى محل المسافر والعود هو الباقي سواء زاد أم نقص هذا مع اتحاد المقصد ولو تعدد كان
منتهى الذهاب اخر المقاصد ان لم يتحقق قبله صورة الرجوع إلى بلده عرفا والا فالسابق وهكذا ويحتمل كونه اخر المقاصد مطلقا انتهى وهو جيد ولكن هذا
فيما إذا كان له مقصد أو مقاصد في أثناء هذه المسافة المستديرة واما لو فرض انه لم يقصد بمسافرته الا طي نفس هذه المسافة كما لو تعلق غرضه بمعرفة مقدار
مساحتها ليبنى حولها بناء مثلا ففي هذه الصورة حيث لم يتعلق غرضه بالسير إلى موضع مخصوص منها بحيث يقال عرفا سار إليه ورجع عنه بل كل جزء من اجزائها
على حد سواء في كونه مقصودا بالسير إليه والتعدي منه تبعا لمقصده الأصلي الذي هو الإحاطة بمجموعها في السير فقد يقوى في النظر كونها ملحقة بالمسافة الامتدادية
في الحكم فيجب التقصير فيها إذا بلغ مجموعها ثمانية فراسخ وان لم يرجع ليومه سواء اعتبرنا الرجوع في اليوم في الملفقة أم لا إذ ليس لها رجوع مستقل بالملاحظية لدى
العرف كي ينقل عندهم بحدين مجموعها عرفا وعقلا مسافة واحدة محدودة بثمانية فراسخ فيعمها الروايات الدالة على وجوب التقصير في الثمانية أو بريدين أو بياض
يوم وانصرافها إلى المسافة الممتدة ان سلم فبدوى منشأه عليته الوجود والله العالم الشرط الثاني قصد المسافة وهذا مما لا شبهة بل لا خلاف فيه
بل قد يقال بان هذا هو معنى اعتبار المسافة هنا إذ لا يعتبر قطعها اجمع نصا وفتوى في صحة التقصير كما ستعرف فالمدار على قصدها فلو قصد ما دون المسافة لم تجدد له واي
فقصد أخرى مثلها وهكذا لم يقصر ولو زاد المجموع على مسافة التقصير بلا خلاف فيه على الظاهر بل اجماعاه كما ادعاه في المدارك وغيره ويدل عليه رواية صفوان
المتقدمة في المسألة السابقة الواردة في رجل خرج من بغداد يريد ان يلحق رجلا على رأس ميل وقوله عليه السلام في موثقة عمار المتقدمة الواردة في الرجل يخرج في
حاجة فيسير خمسة فراسخ ثم يسير خمسة أخرى أو ستة لا يكون مسافرا حتى يسير من منزله أو قريته ثمانية فراسخ بالتقريب المتقدم فان عاد وقد كملت المسافة فما زاد قصر
بلا خلاف فيه على الظاهر لتحقق القصد الذي ثبت بالنص والاجماع شرطية للتقصير فيعمه العمومات الدالة على وجوب القصر في بريد أو مسيرة يوم أو ثمانية فراسخ المقتصر
في تقييدها على القصد المفروض حصوله في المقام ودعوى انصراف الذهابية من النصوص مما لا ينبغي الاصغاء إليها خصوصا بعد قضاء الضرورة بشرعية التقصير لبريد الرجوع
730

إلى بلده بعد انقطاع سفره بإقامة أو غيرها من القواطع وخصوص موثقة عمار قال سألت أبا عبد الله ع عن الرجل يخرج في حاجة وهو لا يريد السفر فيمضى
في ذلك يتمادى به المضي حتى مضى ثمانية فراسخ كيف يصنع في صلاته قال يقصر ولا يتم الصلاة حتى يرجع إلى منزله وكذا الحكم لو طلب دابة شردت أو غريما أو ابقاء
في الذهاب والاياب لاتحاد الجميع في المدرك ولو خرج ينتظر رفقه ان تيسروا سافر معهم فإن كان ما أراد انتظارهم فيه على حد مسافة ولو التلفقية على المختار
قصر في سفره وموضع توقفه وان كان دونها أتم حتى تيسر له الرفقة ويسافر كما لا يخفى شئ من ذلك بعد ما عرفت من أن المدار في التقصير على قصد المسافة
فمهما تحقق قصدها قصر ومتى انتفى أتم وهيهنا مسائل الأولى انه كما يعتبر القصد ابتداء يعتبر استمراره إلى
بلوغ المسافة بمعنى عدم العدول في أثنائها عن
قصد أصل السفر أو التردد فيه واما خصوص السفر الشخصي فلا يعتبر قصده بل يكفي قصد نوع المسافة على سبيل الاجمال بل لو قصد مسافة معينة فسلك فرسخين مثلا
ثم بدا له ان يسير إلى موضع اخر يبلغ ذلك الموضع أيضا من مبدء خروجه المسافة قصر وان لم يبلغ من ذلك المكان الذي بداله السير إليه مسافة كما عن غير واحد
التصريح به فان غاية ما دلت الأدلة المتقدمة التي عمدتها الاجماع انما هو اشتراط كون الثمانية فراسخ التي علق عليها وجوب التقصير مقصودة له من حين اخذه في
السير في مقابل ما لو سلكها معراة عن قصد هذا المقدار من السير فانفساخ عزمه عن خصوص السفر الذي نواه أولا مع بقاء عزمه على اكمال الثمانية في ضمن
فرد اخر من المسافة غير قادح فما عن الروض من احتمال عدم الترخص اقتصارا على المتيقن من المسافة الشخصية ضعيف فان رفع اليد عن اطلاق الآية والروايات
الواردة بان الصلاة في السفر الذي هو مسيرة يوم الفريضة ركعتان الا المغرب كما في صحيحة زرارة وغيرها هو الذي يحتاج إلى الدليل ويجب الاقتصار فيه
على القدر المتيقن دون عدم الترخص الذي هو خلاف مقتضى عمومات أدلة التقصير بل الظاهر الاكتفاء في الترخص ببقاء عزمه على طي المسافة ولو في ضمن
الملفقة كما لو قصد مسافة خاصة ثم بداله في الأثناء الرجوع إلى محله بعد ان بلغ في مسيره بريدا فيقصر ان رجع ليومه بناء على اشتراطه في الملفقة ومطلقا ما
لم يتخلل الفصل بإقامة ونحوها على المختار بل عن الشيخ في النهاية وجوب القصر على منتظر الرفقة إذا قطع اربع فراسخ وان لم يرد الرجوع ليومه مع أن مذهبه في الملفقة
التي كان عازما عليها في مبدء سفره على ما نسب إليه عدم وجوب التقصير بل التخيير لغير مريد الرجوع ليومه ولعل التزامه بالوجوب هيهنا لأجل النصوص الخاصة الآتية
وعن الرياض أيضا الميل إليه لذلك وكيف كان فيدل على المدعى مضافا إلى ما عرفت قوله عليه السلام في صحيحة أبى ولاد المتقدمة الواردة فيمن خرج قاصدا قصر أبى
هبيرة فبدا له في الليل الرجوع ان كنت سرت في يومك الذي خرجت فيه بريدا فكان عليك حين رجعت ان تصلى بالتقصير لأنك كنت مسافرا إلى أن تصير إلى منزلك
الحديث وقوله ع في خبر إسحاق بن عمار المتقدم الوارد في القوم الذين تخلف عنهم في أثناء الطريق من لا يستقيم لهم السفر الا بمجيئه ان كان بلغوا مسيرة أربعة فراسخ
فليقيموا على تقصيرهم أقاموا أم انصرفوا وان كانوا ساروا أقل من أربعة فراسخ فليتموا الصلاة ما أقاموا فإذا مضوا فليقصروا الحديث وخبر المروى المتقدم
المشتمل على تحديد البريدين بأربعة فراسخ المحمولة على الخراسانية الذي هو أيضا كسابقيه صريح الدلالة على المدعى وهذه الروايات بواسطة ما فيها من التعليل
والتفريع كالنص في أن الحكم بالتقصير هيهنا ليس لخصوصية مواردها بل لتحقق مناط التقصير وهو بريد ذاهبا وجائيا فالقول باشتراط الرجوع ليومه في سببية البريد
لشرعية التقصير أو وجوبه فيما إذا كان ذلك من قصده في ابتداء سفره دون ما لو عدل إليه عن قصد الامتدادية استنادا إلى ظواهر هذه الأخبار ضعيف وقد
يقال في توجيه هذا التفصيل بأن وجه العدول عن قول العماني الذي قد عرفت قوته من حيث المستند الاجماع المنقول عن الحلبي وغيره المعتضد بالرضوي والشهرة العظيمة
المطلقة على عدم تحتم التقصير على غير مريد الرجوع ليومه في المسافة الملفقة وهذا كله مختص بما إذا أراد التلفيق لغير يومه من أول الأمر فيبقى ما إذا رجع إليه بعد قصد
الثمانية مسكوتا عنه في معقد الاجماع وكلام أكثر القدماء وان تعرض لها المتأخرون عن الشيخ فلا مانع عن العمل
فيه بظواهر الاخبار الامرة بالتقصير في الملفقة وفيه ما عرفت من انا ان عولنا على نقل الاجماع وغيره من المذكورات فلازمه اما طرح الروايات الدالة على تحتم التقصير
لغير مريد الرجوع ليومه التي معظمها اخبار أهل مكة أو حملها على الرخصة لورودها في مقام توهم المنع وليس شئ منها قابلا لان يصرف ظاهره إلى خصوص المسافة
الملفقة التي عدل القصد إليها بعد ان ذهب بريدا بقصد الامتدادية عدى صحيحة أبى ولاد وروايتي اسحق والمروى المتقدمات الواردات في هذا الفرض وقد عرفت
ان هذه الروايات أيضا بواسطة ما فيها من التعليل والتفريع كالنص بخلافه فليتأمل واضعف من ذلك الاستشهاد للقول المزبور باستصحاب وجوب القصر لأنه
من قبيل الشك في المقتضى فالاستصحاب فيه ليس بحجة كما تقرر في محله وحكى عن السيد الكاظمي القول بعدم جواز التقصير لدى عدوله عن المسافة الامتدادية إلى
الملفقة وان رجع ليومه فضلا عن غيره مستدلا عليه باطلاق والأصحاب في لتقصير فيه وفي المتردد ومنتظر الرفقة الا إذا كان ذلك منهم وقد قطعوا مسافة تامة
ثمانية فراسخ لعدم اعتبار التلفيق من الاياب هنا إذا لم يكن مقصودا من قبل بل انما تعلق به القصد عند إرادة الرجوع بل هو في المتردد والمنتظر لم يتعلق به
القصد أصلا وقصد الاياب ولو بعد أيام أو سنين وأعوام غير مجد في تحقق المسافة عند الأصحاب كي يقال إنه كان قبل رجوعه أو تردده للمسافة سببان قصد
الامتدادية والتلفقية فلما بطل السبب الأول بقي الثاني وفيه انه لا يصح رفع اليد عن محكمات النصوص المستفيضة القاضية بسبب المسافة الملفقة للتقصير خصوصا
فيما إذا رجع ليومه مضافا إلى الروايات الخاصة المتقدمة المصرحة بالتقصير في خصوص المقام باطلاق الفتاوى الواردة مورد احكام اخر الموهمة باطلاقها في بادي
الرأي ما ينافيه والا فلا يكاد يرتاب المتأمل في كلماتهم ان مرادهم بالمسافة التي جعلوا التردد والانتظار أو قصد الرجوع قبل بلوغها موجبا للاتمام ليس الا ما
بينوه عند تحديد المسافة نعم حيث إن التردد والانتظار بعد بلوغ الأربعة لا يجتمع غالبا مع العزم على إرادة الرجوع ليومه لا ينسبق إلى الذهن من كلمات
731

المشهور القائلين باشتراط الرجوع ليومه في الملفقة الا إرادة الثمانية الامتدادية وكيف كان فالمتبع هو الدليل وقد عرفت ان غاية ما ثبت اعتباره في
سببية المسافة للتقصير مطلق قصدها الذي لا يقدح فيه العدول من شخص إلى شخص أو من نوع إلى اخر وتوهم ان المنساق من مثل قولهم عليهم السلام التقصير في بريدين
أو بريد ذاهبا وبريد جائيا كون كل منهما نوعا مستقلا من المسافة الموجبة للتقصير فيعتبر في سببية كل منهما قصده من مبدء سيره مع امكان الفرق بين ما لو قصد من
أول الأمر ان يذهب بريدا ويرجع وبين ما لو قصد بريدين فانفسخ عزمه بعد ان ذهب بريدا فرجع فإنه يعد رجوعه في الأول جزء من سفره عرفا بخلاف الثاني
فإنه بنظر العرف ابطال للمسافرة مدفوع بما في الأخبار المعتبرة من التصريح بان البريد انما يكون موجبا للتقصير لأنه إذا ذهب ورجع يبلغ حد التقصير فهو ليس حد
مستقل في عرض البريدين بل هو قسم منه فالعدول إليه من الامتدادية ليس الا كالعدول من امتدادية إلى امتدادية أخرى مع أن لنا ان نقول إن المدار على
مطلق قصد المسافة ولو في ضمن جنسها الشامل لكلا النوعين لانتفاء ما يدل على اعتبار أزيد من ذلك واما ما ذكر من أن الرجوع عن عزم المسافة الامتدادية
يعد في العرف ابطالا للمسافرة ففيه ان هذا انما هو بالنسبة إلى السفر الذي تعلق به قصده والا فهو مسافر حتى يرجع إلى منزله ويصدق عليه عرفا انه ذهب بريدا
ورجع بريدا بلا شبهة هذا كله مع أنه الاصغاء إلى شئ من مثل هذه الدعاوى في مقابل النصوص الخاصة المتقدمة الثانية الحكم بوجوب التمام
على من خرج ينتظر الرفقة فيما دون المسافة انما هو فيما إذا لم يكن جازما بمجيئ الرفقة وعازما على السفر على تقدير عدم تيسر الرفيق أيضا كما هو واضح وهل يلحق
الظن بمجيئهم بالجرم به وجهان أقواهما عدم الترخص للأصل كالظن بالسفر بدونهم خلافا للمحكى عن الذكرى فجعل غلبة الظن بذلك كالجزم وفيه انه يحتاج إلى الدليل
وهو منتف ولو تيسر له الرفقة فعزم على السفر اعتبر في جواز الترخص له بلوغ ما بقي من الذي أراد قطعه مع الرفيق مسافة لعدم اعتبار ما قطعه أولا حال خلوة
عن الجزم كما صرح به في الجواهر بل قد يلوح من كلماتهم التسالم عليه حيث جعلوه كطالب الآبق والهائم على وجهه الذي يجب عليه التمام وان قطع مسافاة فان تم
اجماعهم عليه كما ليس بالبعيد فهو والا ففي بعض صوره لا يخلو من اشكال وهو فيما إذا كان مقصوده من حين اخذه في السير قطع هذه المسافة التي لا يستقيم له قطعها
الا مع الرفيق برجاء ان يلحقه رفيق عند رأس فرسخين مثلا فإنه بعد ان تيسر له الرفيق وقطعها صدق عليه انه قطع مجموعها عن قصد كما أنه لو احتمل كون زيد ملفوفا
باللحاف فعده نصفين بقصد قتل زيد على تقدير وجوده تحت اللحاف وصادف الاحتمال للواقع فإنه يصدق عليه انه قتل زيدا عن قصد نعم قبل ان يتيسر له الرفيق
لم يكن واثقا بوصوله إلى مقصده والحاصل ان السير الواقع على هذا الوجه ليس عاريا عن قصد المسافة بل عن الجزم بتحققها وكون الجزم أيضا كالقصد شرطا في سببية
البريدين للتقصير بحيث يعتبر في جواز الترخص بلوغ ما بقي من الذي أراد قطعه مع الرفيق مسافة يحتاج إلى دليل ولم نقف على ما يدل عليه عدى ما تقدمت
الإشارة إليه من ظهور كلماتهم في التسالم عليه فهذا هو عمدة المستند له والا فلا يخلو من تأمل نعم لا تأمل في أنه لا يجوز له التقصير ما لم يكن جازما على
قطعها لان احراز الموضوع الذي هو عبارة عن كونه مشغولا بسفر هو ثمانية فراسخ شرط في تنجز التكليف بحكمه ويدل عليه أيضا ما في ذيل رواية إسحاق بن
عمار المتقدمة قال قلت أليس قد بلغوا الموضع الذي لا يسمعون فيه اذان مصرهم الذي خرجوا منه منه قال بلى انما قصروا في ذلك الموضع لأنهم لم يشكوا في مسيرهم
وان السير سيجد بهم في السفر فلما جاءت العلة في مقامهم دون البريد صاروا هكذا فليتأمل الثالثة لو قصد مسافة ثم تردد في أثنائها ثم عاد إلى الحزم
فهل يعتبر كون الباقي بنفسه مسافة أم يكفي بلوغها بضمه إلى السابق وجهان من ذهاب حكم ما قطعه بالتردد فإنه يجب عليه ح التمام كما وقع التصريح به في خبر إسحاق
بن عمار المتقدم ومن أن هذا لا يقتضى سقوط ما قطعه عن الاعتبار بل ذهاب حكمه بعروض التردد فإذا عاد إلى الجزم زال اثر تردده وهذا هو الأظهر كما جزم به في
الجواهر وغيره إذ لا دليل على اعتبار استمرار القصد بحيث لا يتخلل في أثنائه تردد بل مقتضى اطلاقات أدلة التقصير في بريدين خلافه ويدل عليه أيضا اطلاق قوله
في ذيل خبر اسحق فإذا مضوا فليقصروا ولو قطع شيئا من الطريق مع التردد ففي الجواهر قوى الاكتفاء ببلوغ ما قطعه حال الجزم وما بقي مسافة واسقاط ما تخلل منها
مما قطعه حال التردد وربما يظهر من شيخنا المرتضى ره أيضا الميل إليه حيث قال ولو قطع شيئا مع التردد فلا يبعد عدم احتسابه في الضم مع احتمال الاحتساب
أقول قد عرفت انفا قوة هذا الاحتمال ولكن فيما إذا كان ما قطعه حال التردد واقعا بعنوان جزئيته من هذه المسافة كما لو سلكه بقصد ان لا يتخلف عن
رفيقه على تقدير استقرار عزمه على المسير لا لغرض اخر كتحصيل ماء ونحوه واما في هذه الصورة أو في صورة العزم على ترك السفر وقطع بعض المسافة لغرض اخر ثم عوده
إلى قصده فقد يقوى عدم الاحتساب إذا المنساق من خبر صفوان بل وكذا رواية عمار كون مجموع المسافة صادرا عن قصد قطعها ان قلت فعلى هذا يشكل انضمام
اللاحق إلى السابق الذي قطعه حال الجزم إذا المنساق من الخبرين إرادة مسافة متصلة هي ثمانية فراسخ قلت الخبران المزبوران بحسب الظاهر ليسا مسوقين الا لنفى
الاعتداد بقطع المسافة التي وقعت بلا قصد أو بقصدين مستقلين فلا يفهم منهما عدى انه يعتبر في السفر الموجب للقصر ان يسير ثمانية فراسخ مع القصد واما إذا
كان السفر الذي قصده من حين خروجه من منزله أكثر من ثمانية فراسخ كعشرين فرسخا مثلا فقطع مقدار ثمانية فراسخ من هذه المسافة بهذا القصد وما زاد
عليها مع التردد أو العزم على الخلاف فالروايتان المزبورتان غير ناف سببيته للتقصير سواء وقع ما قطعه حال التردد أو العزم على العدم في خلال الثمانية
أو بعدها كما لا يخفى على المتأمل الرابعة لا فرق في اعتبار قصد المسافة بين التابع وغيره سواء كانت التبعية واجبة كما في الزوجة والعبد أم غير
واجبة اختيارية كانت كالخادم أم اضطرارية كالأسير والمكره ونحوهما مما اخذ ظلما فان عملوا قصد المتبوع وجزمه على قطع المسافة فان كانوا عازمين على
متابعته ولو كرها قصروا واما ان لم يكونوا عازمين على المتابعة بل على الرجوع مهما تيسر لهم ذلك بعتق أو طلاق أو إباق أو نشوز واحتملوا ذلك فعن
732

ظاهر جماعة وجوب التقصير عليهم مط لعدم الاعتناء بمثل هذا الاحتمال المخالف للأصل بل ربما يظهر من المحكى عن المنتهى في لخلاف فيه الا من الشافعي
حيث حكى عنه أنه قال لو اخرج مكرها إلى المسافة كالأسير قصر لأنه مسافر سفرا بعيدا غير محرم فأبيح له التقصير كالمختار والمرأة مع الزوج والعبد مع السيد إذا عزما
على الرجوع مع زوال اليد عنهما خلافا للشافعي قال لأنه غيرنا وللسفر ولا جازم به فان نيته مهما خلا رجع والجواب بالعبد والمرأة انتهى وهذا كما تراه ظاهره
في لخلاف فيه الا من العامة مع أنه حكى عنه في نهايته أنه قال لو عزم العبد على الرجوع متى اعتقه مولاه والزوجة متى طلقها الزوج أو على الرجوع وان
كان على سبيل التحريم كالإباق والنشوز لم يترخصوا لعدم القصد انتهى وعن الشهيد في الذكرى أنه قال ولو جوز العبد العتق والزوجة الطلاق وعزما على
الرجوع متى حصلا فلا ترخص قاله الفاضل وهو قريب ان حصلت امارة لذلك والا فالطاهر البناء على بقاء الاستيلاء وعدم رفعه بالاحتمال البعيد انتهى
أقول إن أراد بالاحتمال البعيد الاحتمال الغير المعتد به عرفا بحيث لا ينافي الوثوق والاطمينان بقطع المسافة فهو وجيه والا فما نقله عن الفاضل أوجه
فان الأصول والقواعد لا تؤثر في تحقق القصد الذي هو مناط التقصير بعد فرض كون أصل القصد في المقام
تبعيا ناشئا من قصد التبعية المفروض في لجزم
ببقائها حتى يقطع المسافة كي يلزم قصد قطعها بالتبع وأصالة بقاء التبعية وعدم حدوث سبب تمكنه من المفارقة غير مجدية في اثبات لوازمها العارية
أو العقلية كما هو واضح ومن هنا يظهر ضعف مقايسة ما نحن فيه بما لو عزم على قطع مسافة يحتمل عروض الموانع في أثناء الطريق عن قطعها فان احتمال
طرد المانع مانع عن الجزم بحصول المقصود لا عن أصل القصد الداعي له إلى السير نحو المقصود بخلاف المقام الذي لم يتعلق قصده لا بقطع المسافة ولا ببقائه
على صفة التبعية الملازمة له نعم بقاء أصل التبعية موافق للأصل ولكنه غير مجد في حصول قصده فضلا عن قصد ما هو ملزوم له فليتأمل وهل
يجب على التابع تعرف قصد المتبوع بالسؤال عنه ونحوه وجهان أشبههما العدم لان قصد المسافة من المقدمات الوجوبية للتقصير فلا يجب تحصيله بمقتضى
الأصل كما هو الشان في سائر الشرائط الوجوبية للواجبات المشروطة فلا يقاس ذلك بما لو قصد مكانا معينا يشك في كونه مسافة حيث نفينا البعد في
تلك المسألة عن وجوب اختيارها مع الامكان لان تشخيص مقدار المسافة المعينة التي أراد قطعها طريق لمعرفة ما هو تكليفه في الواقع من القصر أو الاتمام
فيمكن الالتزام بوجوب تحصيله مع الامكان بخلافه هيهنا فإنه لا يجب عليه التقصير في الواقع ما لم يجزم بكونه قاطعا للمسافة ولا يجب عليه تحصيل الجزم بذلك
وان تمكن منه لما عرفت الخامسة الظاهر أن مرادهم بالقصد هيهنا كقصد إقامة العشرة ليس خصوص القصد الحقيقي الذي هو عبارة عن الإرادة
المنبعثة عن قصور الغاية المرتبة على قطع المسافة الداعية إلى اختيار قطعها بل ما يعم الجزم بقطعها وان لم يكن عن ارادته النفسانية بل قسر قاسر كما ينبئ
عن ذلك ما يظهر بالتدبر في كلماتهم من التسالم على أن الأسير في أيدي المشركين إذا علم مقصدهم وانهم يسيرون به المسافة لا محالة ولا يتمكن من الهرب من
أيديهم يجب عليه التقصير مع أنه ليس بقاصد حقيقة لا للسير ولا لمتابعتهم فيه بل هو مجبور عليهما نعم ربما يظهر من المستند نوع تردد في ذلك
حيث قال ما لفظه المكره في السفر كالتابع إذا لم يسلب الاكراه الاختيار ولو سلبه كان يشد يداه ورجلاه وحمل إلى السفر وعلم حمله إلى المسافة فقد يختلج
بالبال فيه الاشكال إذا القصد انما يكون على العمل ولا يصدر عنه عمل حتى يكون قاصدا له ولعدم شمول كثير من اخبار القصر لمثله وعدم تبادره من شئ من اخباره
واجمال نحو قوله التقصير في بريدين لاحتمال إرادة قصد بريدين أو سيره ومثل ذلك لا يقصد ولا يسير الا ان الظاهر الاجماع على وجوب القصر عليه ويمكن الاستدلال
له أيضا بقوله سبحانه وان كنتم على سفر فعدة من أيام أخر فان ذلك كائن في السفر وان لم يكن مقصودا له ولا معارض فيجب عليه التقصير أيضا انتهى وأولى بالاشكال ما
لذا لم يكن هناك قصد أصلا كما لو كان سيره بأمر سماوي كما لو دخل في سفينة مربوطة في ساحل بحر متصل ببلده بقصد التنزه أو اخذ متاع مثلا فاخذها الريح و
علم بمقتضى العادة انها لا نتف الا بعد قطع مسافات إذ لا يبعد ان يدعى في الفرض الأول ان علمه بإرادة المكره وعدم تمكنه من التخلف عن ارادته بجعله بحكم بريد
المسافة بخلاف هذا الفرض الذي ليس الفعل مستندا إلى إرادة أصلا ولكن الأظهر في الجميع التقصير فإنه يدل عليه مضافا إلى ما استظهره من الاجماع واطلاق قوله
تعالى ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر اطلاق الروايات الدالة على أن صلاة الفريضة في السفر ركعتان الا المغرب فإنها ثلث ركعات المقتصر في تقييدها
بكونه جازما يقطع المسافة حال تلبسه بالسير ولو من غير اختياره لقصور ما دل على اعتبار القصد عن اثبات أزيد من ذلك كما لا يخفى على المتأمل السادسة
قد عرفت انه لو تمادى به السير إلى أن قطع ثمانية فراسخ يقصر في الرجوع إلى منزله بلا خلاف فيه على الظاهر لحصول القصد إلى المسافة ح بنية الرجوع فلو بدا له
بعد ان قطع الثمانية بلا قصد ان يذهب إلى ما دون المسافة ثم الرجوع فهل يضم ما قصده من الذهاب أيضا إلى الاياب فيقصر في الجمع وجهان بل قولان نسب إلى
المشهور في لضم الا ان يكون ما قصده عن الذهاب اربع فراسخ وأراد الرجوع ليومه بناء على اشتراطه في المسافة الملفقة كما هو المشهور وحكى عن الوافي القول
بالضم مطلقا وان كان فرسخا أو فرسخين ووافقه بعض من تأخر عنه فالأظهر بناء هذه المسألة على ما هو المختار في مسألة ما لو كان لبلد طريقان والأبعد منهما
مسافة فسلك الأقرب بانيا على الرجوع من الابعد لما عرفت من أن ما سلكه بلا قصد المسافة وجوده كالعدم نصا وفتوى فيتحد الحكم ح في المسئلتين وقد عرفت في
تلك المسألة ان الأقوى ثبوت التقصير إذا كان الأقرب أربعة وان لم يرد الرجوع ليومه بل وان لم يكن الا بعد بنفسه أيضا مسافة بناء على ما اخترناه من عدم اشتراط
الرجوع ليومه في الثمانية الملفقة واما إذا كان أقل من أربعة فقد عرفت ان ضمه إلى الاياب ح في غاية الاشكال وعلى تقدير الالتزام به فلا يتفاوت ح بين كون
الاياب وحده مسافة أو بضم ما بقي من الذهاب إليه فيتجه ح التقصير حتى فيما لو ذهب سنة بلا قصد ثم قصد ان يسير فرسخا ويرجع إلى بلده حيث يحصل بضم الذهاب
733

إلى الاياب ثمانية مع القصد واما ان اشترطنا في التلفيق عدم كون كل من الذهاب والاياب أقل من بريد فلا يجدى ح كون الاياب بنفسه مسافة إذ المفروض عدم صلاحية
الذهاب للضم إليه والا لكان كافيا في حصول التقصير والعزم على قطع الثمانية الايابية بعد بلوغ مقصده لا يسوغ التقصير قبل تلبسه بالمسافة التي وضع عليها التقصير أعني
الثمانية الايابية ولكن حكى في الحدائق عن المحدث الكاشاني أنه قال في شرح موثقة عمار عن أبي عبد الله ع قال سألته عن الرجل يخرج في حاجة فيسير خمسة فراسخ
أو ستة فراسخ فيأتي قرية فينزل فيها ثم يخرج منها فيسير خمسة فراسخ أخرى أو ستة لا يجوز ذلك ثم ينزل في ذلك الموضع قال لا يكون مسافرا حتى يسير من منزله أو قريته ثمانية فراسخ فليتم الصلاة ما لفظه حمله في التهذيبين على من
خرج من بيته من غير نية السفر فتمادى به السير إلى أن صار مسافرا مسافة من غير نية وانما الاعتبار في التقصير بقصد المسافة لا بقطعها واستدل عليه بالخبر الآتي وأصاب
وانما لا يكون مسافرا حتى يسير من منزله أو قريته ثمانية فراسخ لأنه في ذهابه أولا ليس بمسافر لخلوه عن قصد المسافة المعتبرة وانما يصير مسافرا بنية الاياب إذا
بلغ ايابه المسافة المعتبرة فإذا بلغها صار في ذهابه أيضا مسافرا لانضمام ما يقطعه إلى مسافة الاياب المنوي المعتبرة فليتم الصلاة يعنى في مسيرة الأول والثاني
حتى يبلغ ثمانية فراسخ فإذا بلغها قصر والذي يبين ما قلناه ويوضحه خبر الفطحية الآتي انتهى وظاهر هذه العبارة اختيار الضم على تقدير كون الاياب وحده مسافة
وأشار بالخبر الآتي الذي استدل به الشيخ كما نبه عليه في الحدائق إلى خبر صفوان المتقدم وأشار بخبر الفطحية
الآتي إلى موثقة عمار الأخرى قال سألت أبا عبد الله ع
عن الرجل يخرج في حاجة وهو لا يريد السفر فيمضى في ذلك يتمادى به المضي حتى يمضى ثمانية فراسخ كيف يصنع في صلاته قال يقصر ولا يتم الصلاة حتى يرجع
إلى منزله قال في محكى الوافي في ذيل هذا الخبر أيضا وذلك لأنه صار ح مسافرا ناويا لقطع المسافة المعتبرة في التقصير وان لم يكن قصد من الأول ذلك كذا في التهذيب
انتهى أقول اما الموثقة الأولى فحملها على المعنى المزبور في غاية البعد إذ ليس في كلام السائل اشعار بعدم كون الخمسة فراسخ أو الستة التي سلكها أولا و
ثانيا صادرة عنه أيضا بلا قصد بل من باب تمادى السير كي يصح تنزيل اطلاق السؤال عليه مع ندرته حتى يتجه إرادة المعنى المزبور إذ لو كانت الخمسة مقصودة له
لكان من حين خروجه من منزله ناويا للمسافة الملفقة ومن حين اخذه في السير الثاني قاصدا للمسافة الملفقة والايابية الامتدادية فلا بد في توجيه الرواية
بالمعنى المزبور من تنزيل اطلاق السؤال على من كان قطعه للثمانية من قبيل طالب الآبق والهائم على وجهه وهو بعيد فالمنساق من السؤال ليس الا الاستفهام
عن حكم من قطع المسافة لا عن عزم سابق بل بقصدين مستقلين فلا يتبادر من الجواب بعد كون قطع المسافة لا عن قصد مفروضا في السؤال الا إرادة بيان
نفى الاعتداد بقطع المسافة بهذا الوجه وانه انما يصير مسافرا إذ تلبس من منزله أو من قريته يسير الثمانية فراسخ بان يكون بانيا على قطعها من حين تلبسه بالسير و
من هنا فهم الأصحاب من هذه الرواية اعتبار القصد هذا مع ما في حمل الامر باتمام الصلاة على ما قبل بلوغ الثمانية ما لا يخفى من البعد لا يقال قد
اعترف انفا بان تنزيل اطلاق السؤال على خصوص من تمادى به السير بعيد نظرا إلى أن الغالب صدور الفعل بالعنوان المستند إليه أي الخروج إلى الخمسة أو الستة
مقصودا له وهو لا يتخلف عن قصد المسافة الملفقة على المختار من عدم اشتراط الرجوع ليومه فكيف اطلق في الجواب الحكم بالاتمام من غير استفصال لأنا نقول
ندرة تخلفه عن قصد المسافة الملفقة انما هو على مبنى الخصم من كون نية الرجوع الذي يتحقق بها المسافة المعتبرة ملحوظة في الجواب والا فقد أشرنا إلى أن السؤال
وقع عمن قطع المسافة بهذا الوجه وأريد بالجواب بيان عدم كونه كافيا في التقصير وانه يعتبر فيه كون مقدار المسافة مقصودا من حين خروجه من منزله لكونه
ناويا للرجوع من غير إقامة أو غير ناو له غير ملحوظ في هذا الحكم فليتأمل واما الموثقة الثانية فهي بظاهرها غير معمول بها لان مقتضى اطلاقها وجوب التقصير عند بلوغ
الثمانية ولو لم يتلبس بعد يقطع مسافة منوية ذهابية كانت أو ايابية أو ملفقة بل باقيا في مكانه يوما أو يومين وهذا مما لم ينقل القول به من أحد بل صرح
بعض بالاجماع على خلافه نعم حكى في التذكرة عن الشافعي في الأسير في أيدي المشركين الذي لا يعرف مقصدهم انهم ان ساروا به المسافة قصر معللا بأنه
يتقن طول سفره فيحتمل جرى الرواية مجرى التقية كما أنه يحتمل إرادة التقصير عند تلبسه بالمسافة المعتبرة المنوية وهى الايابية أو الأعم منه ومما يضم إليه من
الذهابية على القول به ولا يصح الاخذ بإطلاق هذه الرواية لاثبات صحة هذا القول بعد كونها مأولة مع ما في السؤال الواقع فيها من الاشعار بانتهاء الذهاب
عند الثمانية فليتأمل الشرط الثالث لصلاة المسافر أي التقصير في الصلاة ان لا يقطع السفر بإقامة في أثنائه وهذا الشرط قد يراعى في أصل مشروعية
التقصير وقد يلاحط بالنسبة إلى استمراره على القصير وكان المراد بذكره هيهنا هو الأول بشهادة السياق فالمراد به ح هو ان لا ينوى القطع بإقامة في أثناء المسافة
المعتبرة في التقصير والمراد بالإقامة كما نبه عليه في المدارك الإقامة الشرعية الموجبة التوجه الخطاب بالتمام المتحققة بنية إقامة العشرة أو الوصول إلى وطنه وفي عد الإقامة
قاطعة للسفر ايماء إلى أن عوده إلى التقصير بعد الإقامة يحتاج إلى استيناف مسافة جديدة وانه لا يضم ما قبلها إلى ما بعدها ولا ما بعدها إلى ما قبلها فلو عزم على
مسافة وفى طريقه ملك له قد استوطنه فيما مضى من الزمان ستة اشهر فصاعدا بناء على تحقق الوطنية به كما هو المشهور على ما صرح به غير واحد وسيأتي تحقيقه
انش أتم في طريقه وفي ملكه وكذا لو نوى الإقامة في بعض المسافة فإنه يتم في طريقه وفي محل الإقامة بلا خلاف في شئ من ذلك على الظاهر بل عن جماعة دعوى
الاجماع في الجميع واستدل له بالأخبار المستفيضة الآتية الامرة بالاتمام لدى المرور بوطنه أو في محل إقامته وأورد عليه في المستند بأنه غير واف بتمام
المدعى لأنه لا يثبت الا وجوب التمام في نفس أحد الموضعين اما قبله وبعده فلا ولذا استدل لهما بعضهم بالاجماعات المنقولة وبان ما دل على القصر في المسافة
يدل عليه إذا كانت المسافة سفرا واحدا وهى هنا يسار في سفرين وباستصحاب وجوب التمام الثابت في البلد في الأول وفي أحد الموضعين في الثاني مدعيا انه
ليس في اطلاق ما دل على وجوب القصر في المسافة عموم يشمل نحو هذه المسافة المنقطعة بالتمام في أثنائها لاختصاصه بحكم التبادر بغيرها ثم قال أقول
734

يضعف الأول بعدم حجية الاجماع المنقول والثاني بمنع تعدد السفر عرفا فإنه لا وجه لكون المسافة المتخللة في أثنائها إقامة تسعة أيام ونصف سفرا واحدا وإقامة
عشرة أيام سفرين عرفا وكذا لا يفرق العرف بين ما إذا مر بمنزله الذي يتوطنه سيما إذا مر راكبا سيما عن حواليه وبين ما إذا لم يمر والثالث بعدم امكان منع شمول
أكثر اخبار التقصير لمثل ذلك بل الظاهر شمول الأكثر سيما على القول بكون مطلق الملك وطنا حيث إنه يكثر افراده أيضا وتسليم شمولها للمقيم في الأثناء تسعة أيام
ومنعه للمقيم عشرة لا وجه له ولذا قال في الذخيرة بعد ذكر هذا الحكم وقوله لا اعرف فيه خلافا لكن إقامة حجة واضحة عليه لا يخلو عن اشكال وهو كذلك الا ان
يستدل للاتمام في المسافة التي بعد المنزل بقوله لأنه خرج من منزله لا يريد السفر ثمانية فراسخ في رواية صفوان السابقة وله في التي قبل ما يريد الإقامة فيه
عشرة أيام بعموم نحو صحيحة الخراز ان حدث نفسه إقامة عشرة أيام فليتم الصلاة خرج عنه ما اخرج فيبقى الباقي ومنه المورد ولتمام المطلوب بالاجماع المركب انتهى
ما في المستند أقول السفر عرفا ولغة ضد الحضر فمن كان من أهل الكوفة وقد سار إلى البصرة لتجارة ونحوها ثم بداله ان يحج من البصرة ويجعل طريقه على الكوفة فهو
في اليوم الذي ينزل في الكوفة أو يمر فيها مجتازا ما دام هو فيها لا يصدق عليه حقيقة انه في هذا الحين على سفر إذ الغيبوبة عن الوطن مأخوذ في صدق اسمه وهو ليس
بغائب عنه في هذا الحين بالضرورة فليس بالفعل مندرجا في موضوع قوله تعالى ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وتوجه هذا الخطاب إليه قبل هذا
اليوم وبعده موقوف على كونه في كل مما قبله وما بعده متلبسا بسفر جامع لشرائط التقصير بان لم يكن أقل من ثمانية فراسخ وكون مجموعه بالغا هذا الحد غير مجد بعد
تخلله بجزء كان حاضرا في ذلك الجزء ضرورة ان هذا الحد حد للسفر الذي اخذ في مفهومه التغرب عن الوطن فهو في مجموع هذه المسافة بل في طرفيها فهما سفران
حقيقة وتسمية المجموع سفرا واحدا عرفا انما هي بضرب من المسامحة والتأول ولذا لا يكاد يتوهم أحد كون الامر بالاتمام ولا صيام لدى وصول المسافر في أثناء
الطريق إلى وطنه أو نزوله في منزله الذي استوطنه كما ورد في الاخبار تخصيصا في ما دل على شرع التقصير في السفر وكفاك شاهدا على ذلك مضافا إلى ذلك
الروايات التي وقع فيها الاستشهاد لكفاية بريد ذاهبا وجائيا بان رسول الله صلى الله عليه وآله ومن معه قصروا حين خرجوا من مكة إلى عرفات فلولا
انقطاع سفرهم بنزولهم في مكة اما لكونها وطنا لهم أو بنية الإقامة التي هي أيضا بمنزلته كما ستعرف لم يكن للاستشهاد به وقع كما هو واضح وكيف كان فلا ينبغي
الاستشكال في كون الوصول إلى الوطن العرفي من قواطع السفر واما الوطن الشرعي ان سلمناه كما سيأتي التكلم فيه فهو بمنزلته أهل مكة فإذا خرج إلى منى وجب
عليه التقصير فإذا زار البيت أتم الصلاة وعليه اتمام الصلاة إذا رجع إلى منى حتى ينفر ويؤيده أيضا صحيحة صفوان عن إسحاق بن عمار قال سألت أبا الحسن ع عن
أهل مكة إذا زاروا عليهم اتمام الصلاة قال نعم والمقيم إلى شهر بمنزلتهم ولعل اعتبار الإقامة إلى شهر في تنزيله منزلتهم في هذا الحكم وعدم الاقتصار بقدومه قبل
التروية بعشرة أيام كما في الصحيحة الأولى بلحاظ اشتراطه بإقامة جديدة بعد انصرافهم للزيادة فليتأمل بل قد يقال كما ادعاه المحقق البهبهاني في حاشيته على المدارك
بان ما دل على اشتراط المسافة للقصر ومقدار تلك المسافة المشترطة ظاهر في كون المسافة المشترطة بأجمعها يقصر فيها وانها ليست بحيث يقصر في بعضها ويتم في
بعضها فإذا احكم الشارع بوجوب الاتمام في موضع من مسافة لم تكن تلك المسافة هي المسافة المشترطة بأجمعها يقصر فيها وانها ليست بحيث يقصر في بعضها ويتم في
بعضها فإذا حكم الشارع بوجوب الاتمام في موضع من مسافة لم تكن تلك المسافة هي المسافة المشترطة الا ان يتحقق بعد ذلك الموضع مسافة يقصر في جميع اجزائها و
لكنه لا يخلو من تأمل وكيف كان فالعمدة ما عرفت مع أن الحكم بحسب الظاهر مما لا خلاف فيه بل عن جماعة دعوى الاجماع عليه والمناقشة في الاستدلال بالاجماعات
المنقولة بعدم الحجية بعد اعتضادها بالشهرة وعدم نقل الخلاف في مثل هذا الفرع العالم الابتلاء المعنون في كلماتهم لعلها في غير محلها والله العالم ثم إنه قد صرح
في الجواهر وغيره بالحاق التردد ثلثين يوما في موضع بإقامة العشرة والمرور بالوطن في قاطعيته للسفر واحتياج العود إلى التقصير بعده إلى مسافة جديدة والظاهر أن هذا
أيضا مما لا خلاف فيه كما يفصح عن ذلك ما في كلماتهم من ارساله ارسال المسلمات وعدم نقل الخلاف فيه الا عن ظاهر المحقق البغدادي أو صريحه فزعم أن وجوب
الاتمام بعد مضى الثلثين من الاحكام اللاحقة للمسافر كالاتمام في مواضع التخيير فلا ينقطع قصد المسافة ح ولا يحتاج في تجدد الترخص إلى مسافة جديدة
محتجا بعدم ذكر الأصحاب له من القواطع للسفر بل اقتصروا على الامرين المزبورين وكان نظره إلى نحو عبارة المتن في المقام وقد اعتذر؟ في الجواهر عن اقتصار المصنف وغيره في المقام على الامرين المزبورين أي اشتراط في لمرور بالوطن أو نية الإقامة دون التردد ثلثين يوما لان المراد
هنا بيان شرائط أصل التقصير وهو يتم في الأولين فان القصد إلى فعلهما في أثناء المسافة مانع عن أصل التقصير وهذا بخلاف التردد ثلثين يوما فإنه لا يتصور
ان يكون مسبوقا بعزم حتى يكون يكون قصده مانعا عن أصل التقصير بل يعرض في الأثناء فيمنع عن الاستمرار على القصر لا عن أصله وكيف كان فقد استدل له مضافا إلى النصوص
الامرة بالاتمام بما عن ظاهر الروض أو صريحه بمساواته لمحل الإقامة في حكاية الاجماعات عليه في عبائر الجماعة وذكره في النصوص مع الإقامة التي علم كونها من
القواطع وقوله عليه السلام في الصحيحة المتقدمة والمقيم إلى شهر بمنزلتهم فإنه باطلاقه يعم المتردد وفيه ان تنزيل هذه الصحيحة على المتردد لا يخلو من بعد إذ المراد به بحسب
الظاهر المقيم بمكة إلى شهر في أزمنة تلبسه بأعمال الحج لا مطلق اقامته إلى شهر في سائر البلاد أو في مكة في غير أوان الحج إذ لا مناسبة ح في تنزيلهم منزلة أهل مكة في
الحكم الذي وقع عنه السؤال فان أريد منه الإقامة إلى شهر قبل خروجه إلى عرفات أي قبل يوم عرفة فهو مع كون فرض عدم حصول نية الإقامة ممن حضر مكة قبل الحج
فرضا نادرا ربما ينصرف عنه اطلاق لفظ المقيم إلى شهر لا يصحح تنزيله منزلة أهل مكة في اتمام الصلاة عند انصرافه من عرفات لزيارة البيت وتنزيل من قدم قبل التروية
بعشرة أيام منزلة أهل مكة في ذلك لا بد من توجيهه كما ستعرف وان أريد منه الإقامة ثلثين يوما مع التردد بعد رجوعه من عرفات فهو لا يجدى في تنزيله منزلة أهل مكة
في اتمام الصلاة عند منصرفه من عرفات للزيارة كما لا يخفى فالمراد بهذه الصحيحة بحسب الظاهر ليس الا ما تقدمت الإشارة إليه انفا والله العالم واما ذكره في النصوص مع
735

الإقامة التي علم كونها من القواطع على نسق واحد فغايته الاشعار بمساواتهما في الجهة المقتضية للاتمام أي القاطعية للسفر واما الدلالة فلا هذا ولكن الانصاف
ان المنساق إلى الذهن من الامر بالاتمام مع نية الإقامة أو البقاء مع التردد ثلثين يوما في بلد بواسطة المناسبة المغروسة في الذهن ليس الا انقطاع اثر السفر
بطول مكثه وإقامته في ذلك البلد نظير انسباق النجاسة من الامر بغسل الثوب الملاقى للخمر مثلا فان بقاء المسافر على التقصير والافطار بعد استقراره وإقامته في
بلد مدة مديدة هو في حد ذاته امر مستبعد لا يكاد يفهم ارادته من الأوامر المطلقة بالتقصير ولذا كثر السؤال في الاخبار عن المسافر الذي أقام في بلد عدة أيام حتى أنه
ربما يستشعر من صحيحة معاوية انه تعجب من امر الامام ع ببقائه على التقصير ما بينه وبين شهر ما لم يجمع على عشرة فقال دخلت بلدا أول يوم من شهر رمضان و
لست أريد ان أقيم عشرا قال قصر وافطر قلت له فانى مكثت كذلك أقول غدا أو بعد غد فأفطر الشهر كله واقصر قال نعم الحديث وفي الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر قال قلت
أرأيت من قدم بلدة إلى متى نبغي له ان يكون مقصرا ومتى ينبغي له ان يتم قال إذا دخلت أرضا فأيقنت ان لك بها مقام عشرة أيام فأتم الصلاة فإن لم تدر ما مقامك
بها تقول غدا اخرج أو بعد غد اخرج فقصر ما بينك وبين ان يمضى شهر الحديث فإنه ينسبق إلى الذهن من الامر بالاتمام في مثل هذه الموارد انقطاع اثر السفر ومن الامر
بالتقصير بقائه ولذا اشتهر بين الأصحاب الاستدلال بمثل هذه الأخبار لاثبات القاطعية ولم يناقش فيها عدى بعض المدققين من المتأخرين هذا كله مع أن الأدلة
الامرة بالتقصير في السفر قد خصصت بنية الإقامة والبقاء مترددا ثلثين يوما وليس لها عموم أحوالي بحيث يفهم منه حكمة بعد خروجه عن محل الإقامة ما لم يتلبس
بمسافة تكون هي بنفسها بالغة حد التقصير فيجب الرجوع في حكمه ح إلى اصالة التمام فلا ينبغي الاستشكال في ذلك مع أنه بحسب الظاهر مما لا خلاف يعتد به
فيه والله العالم ولو كان مترددا من حين تلبسه بالسير في المرور بوطنه أو إقامة العشرة في أثناء المسافة أو احتمل بقائه إلى ثلثين يوما قهرا لانتظار رفيق ونحوه
قبل بلوغ المسافة مع جزمه بأصل السفر فهل يجب عليه التقصير أم الاتمام وجهان نفى في الجواهر البعد عن عدم الترخص في الأولين وعلله بوضوح في لقصد إلى
المسافة في الأول بل وفي الثاني أيضا لعدم الجزم بالمسافة المستمرة واما الثالث فلم يتعرض لذكره وهو أيضا كالثاني من هذه الجهة اللهم الا ان يفرق بينهما بان المدار
في التقصير على العزم على قطع المسافة بلا تخلل قاطع اختيارا واحتمال بقائه في مكان ثلثين يوما قهرا بحيث يقول في كل يوم غدا اخرج أو بعد غد كاحتمال طرو
غيره من الاعذار المانعة عن أصل السفر غير قادح في ذلك وهذا بخلاف ما لو كان من أول الأمر مترددا في نية الإقامة في الأثناء فان هذا مانع عن أصل العزم
على قطع مسافة متصلة وكيف كان فالأظهر عدم مانعية التردد في نية الإقامة عن التقصير فضلا عن احتمال عروض الانقطاع بمضي الثلثين إذا المانع عن
التقصير انما هو الجزم بإقامة العشرة في مكان أو البقاء في مكان ثلثين يوما لا عن جزم فنية الإقامة مانعة عن التقصير وهى مع فعلية الإقامة أو أداء صلاة تامة
قاطعة للسفر كما ستعرف واما التردد فيها أو في نيتها فلا اثر له شرعا فمن خرج من منزله وهو يريد ان يسير ثمانية فراسخ فقد وجب عليه التقصير ما لم يجمع على أن يقيم
عشرة أيام في مكان أو يمضى عليه ثلاثون يوما لا مع الجزم فالمدار في التقصير على قصد المسافة مجردا عن العزم على الإقامة في أثنائها لا مقرونا بالعزم على عدمها
كي يكون التردد في الإقامة منافيا لتحقق شرط التقصير وليس اتصال المسافة ووحدتها شرطا متأصلا اعتبره الشارع قيدا في مهية المسافة التي اعتبر قصدها بل هو منتزع
من قاطعية نية الإقامة التي يتوقف قاطعيتها على تحققها لا التردد فيها كيف ولو كان التردد في الإقامة مانعا عن حصول القصد المعتبر في التقصير لكان حصوله في
الأثناء كعروض التردد في أصل السفر قبل بلوغ المسافة مانعا عن استمرار القصر مع أنه لو تردد عند رأس فرسخين مثلا في أن يعزم في ذلك المكان على أن يقيم
عشرة بل شهرا أو شهرين لا اثر لهذا التردد في رجوعه عن التقصير ما لم يتحقق العزم على الإقامة أو يمضى عليه ثلاثون يوما مع أنه حال تردده ليس عازما على قطع مسافة
متصله لو لم يكن الباقي بنفسه مسافة بل وان كان فان هذا غير مجد في التقصير لأنه يشترط في التقصير ان يكون حال تلبسه بصلاة مقصورة يرى نفسه متلبسا بسفر جامع لشرائط
التقصير ولذا لو تردد في ذلك المكان في أصل السفر أو في العود إلى وطنه وجب عليه الاتمام وهذا بخلاف ما لو تردد في نية الإقامة كما هو واضح واما المرور بالوطن
فحيث انه قاطع للسفر حقيقة فلا يبعد ان يقال إن التردد فيه كالتردد في الرجوع إلى منزله مانع عن أصل التقصير وعن استمراره فلو تردد عند رأس فرسخين في المرور
إلى وطنه فهو كما لو تردد في العود إلى منزله في عدم جواز القصر له حال تردده ولكن مع ذلك قد يقوى في النظر خلافه ولكن فيما إذا كان الوطن خارجا عن طريق
مقصده الذي أراد من منزله المسافرة إليه لان هذا التردد لا يرفع صدق قولنا انه خرج من منزله بقصد المسافرة إلى المكان الفلاني البالغ حد التقصير غاية الأمر
انه تردد في أن يحدث في أثناء المسافة ما يقطعها ويجعلها سفرين وقد أشرنا إلى أن هذا غير قادح إذ لا دليل على اشتراطه بقصد ايجاد المسافة بصفة الاتصال
بل على قصد السفر مجردا عن قصد قطعه بالمرور بوطنه أو بإقامة العشرة نعم لو كان للمقصد طريقان يمر في أحدهما بوطنه جزما أو ينوى فيه الإقامة كذلك دون
الاخر فسلك القدر المشترك مرددا في اختيار أيهما أحب لم يبعد الالتزام بعدم الترخص لان الطريق الذي يوصله إلى وطنه أو المحل الذي يجزم بالإقامة فيه ليس بسفر
التقصير لان من شرط التقصير ان لا ينوى الإقامة في أثناء المسافة أو يمر باهله والطريق الاخر ليس بعينه متعلقا لقصده فليتأمل ولو قصد موضعا يبلغ المسافة وهو
يحتمل وقوع وطنه في أثناء هذه المسافة التي أراد قطعها فهل يبقى على اصالة التمام لعدم احراز كونه في مجموع هذه المسافة التي قصدها مسافرا أم يجب عليه التقصير
؟ والاعتناء بمثل هذا الاحتمال بعد صدق اسم المسافر عليه بالفعل في العرف وكون المرور بالوطن لديهم بمنزلة القواطع التي لا يعتنون باحتمالها ما لم
يتحقق أو الاحتياط بالجمع بين القصر والاتمام لتردد تكليفه في الواقع بينهما وجوه ثالثها ان لم يكن أقوى فأحوط ولو كأن بينه وبين ملكه أو ما نوى الإقامة
فيه مسافة التقصير قصر في طريقه خاصة وقد عرفت في صدر المبحث ان مسافة التقصير ثمانية فراسخ فلو لم يبلغ ما بينهما هذا الحد لم يقصر في الطريق أيضا كما
736

يدل عليه مضافا إلى عمومات الأدلة المتقدمة خصوص مرسلة ابن بكير عن الصادق عليه السلام في الرجل يخرج من منزله يريد منزلا له اخر أو ضيعة قال إن كان بينه وبين
منزله أو ضيعته التي يؤم بريدان قصر وان كان دون ذلك أتم واما ما في الصحيح عن عمران بن محمد قال قلت لأبي جعفر الثاني ع جعلت فداك ان لي ضيعة على
خمسة عشر ميلا خمسة فراسخ فربما خرجت إليها فأقيم فيها ثلاثة أيام أو خمسة أيام أو سبعة أيام فأتم الصلاة أم اقصر قال قصر في الطريق وأتم في الضيعة فلا بد من رد
علمه إلى أهله نعم على القول بالتخيير في المسافة الملفقة من الذهاب والاياب اتجه حمل الامر بالتقصير في الطريق والاتمام في الضيعة الواردين في هذه الرواية
على الاستحباب كما نفينا البعد عنه وجعلنا هذه الصحيحة مؤيدة له وان كان الالتزام به لا يخلو من اشكال كما تقدم تحقيقه مفصلا فراجع وقد ظهر بما مر انه لو كان
له عدة مواطن اعتبر ما بينه وبين الأول فإن كان مسافة قصر في طريقه وينقطع سفره بموطنه فيتم فيه ثم يعتبر المسافة التي بين موطنيه فإن لم تكن مسافة التقصير
أتم في طريقه أيضا لانقطاع سفره بالوصول إلى وطنه الأول وعدم كون الثاني بنفسه مسافة وان كان ما بينهما مسافة قصر في طريقه الثانية أيضا حتى يصل
إلى وطنه هذه الأحكام كلها معلومة مما سبق وكما يعتبر المسافة بين كل موطنين كذا يعتبر بين اخر المواطن رعاية مقصده فإن كان مسافة ولو ملفقة من الذهاب
والاياب وقصد الرجوع ليومه بل مطلقا ما لم يتخلل بإقامة ونحوها قصر كما عرفته في محله وانما الاشكال في المقام في تشخيص الوطن الذي يجب الاتمام فيه فقد
اضطربت كلمات الاعلام في ذلك وتشتت أقوالهم من جهات على وجه لا يكاد يحصل الوثوق بمراد كثير منهم من عبائرهم وان كان قد يترائى من كلماتهم التسالم
على أن المراد به حيثما يعدونه من قواطع السفر معنى ربما لا يساعد العرف على اطلاق اسم الوطن عليه حتى اشتهر بين المتأخرين ان الوطن له معنيان عرفي و
شرعي وان ما ذكره الأصحاب في تفسيره انما هو لبيان معناه شرعا ولكن المتتبع في كلماتهم يرى عدم كونه مسلما عند الجميع وكيف كان فالوطن عرفا ولغة كما في
القاموس منزل الإقامة كالموطن ووطن به يطن وأوطن أقام وأوطنه ووطنه واستوطنه اتخذه وطنا واطلاق وطن
الانسان ينصرف عرفا إلى منزل اقامته
على الاطلاق كما أن اطلاق استوطنه ينصرف إلى ما اتخذه دار اقامته كذلك بعد ان لم يكن وفى السرائر في شرح مفهوم السفر قال والسفر خلاف الاستيطان و
المقام فان لا بد من ذكر حد الاستيطان وحده ستة اشهر فصاعدا سواء كانت متفرقة أو متوالية فعلى هذا التقرير والتحرير من نزل في سفره قرية أو مدينة و
له فيها منزل أو مملوك استوطنه ستة اشهر أتم وان لم يقم المدة التي توجب على المسافر الاتمام أو لم ينو المقام عشرة أيام وان لم يكن كذلك قصر انتهى فان أراد بتحديده
بالستة اشهر شرعا فسيأتي الكلام فيه وان أراد تحديده بذلك عرفا ولغة كما يعطيه سوق كلامه ففيه نظر ظاهر وقال المصنف الوطن الذي يتم فيه هو كل موضع
له فيه ملك قد استوطنه ستة اشهر فصاعدا متوالية كانت أو متفرقة وربما نسب هذا القول إلى المشهور بل عن بعض دعوى الاجماع عليه والمنساق
من عبارة الكتاب في هذا المقام كصريح عبارته المتقدمة كون الضمير المنصوب عائدا إلى الملك لا إلى الموضع فظاهرها اعتبار حصول الاستيطان في ملكه وهو لا
يتخلف عن كونه منزلا له ولكن استظهر في المدارك من العبارة خلاف ذلك فقال في شرحها اطلاق العبارة يقتضى في لفرق في الملك بين المنزل وغيره وبهذا
التعميم جزم العلامة ومن تأخر عنه حتى صرحوا بالاكتفاء في ذلك بالشجرة الواحدة واستدلوا عليه بما رواه الشيخ في الموثق عن عمار بن موسى عن أبي عبد الله
عليه السلام في الرجل يخرج في سفر فيمر بقربه له أو دار فينزل فيها قال يتم الصلاة ولو لم يكن له الا نخلة واحدة لا يقصر وليصم إذا حضره الصوم وهذه الرواية ضعيفة السند
باشتماله على جماعة من الفطحية والأصح اعتبار المنزل خاصة كما هو ظاهر اختيار الشيخ في النهاية وابن بابويه وابن البراج وأبى الصلاح والمصنف في النافع لإناطة
الحكم به في الأخبار الصحيحة انتهى فالوطن على ما استظهرناه من المتن هو كل موضع له فيه منزل مملوك له قد استوطن ذلك المنزل ستة اشهر فصاعدا كما هو ظاهر كثير
من القدماء والمتأخرين خلافا لمن اكتفى بمجرد الملك كما سمعت حكايته عن العلامة ومن تأخر عنه فالوطن عند أرباب هذا القول هو كل موضع قد استوطنه ستة اشهر
وكان له في ذلك الموضع ملك ولو نخلة واحدة واكتفى بعضهم في ظاهر كلامه أو صريحه بخصوص المنزل من غير اشتراطه بالملك وحكى عن جماعة من القائلين باعتبار المنزل
انهم اشترطوا فعلية الاستيطان فيه ودوامه ولم يقيدوه بإقامة الستة اشهر كالشيخ في النهاية وموافقية بخلاف القائلين باعتبار الإقامة ستة اشهر فان ظاهرهم بل صريح
بعضهم الاكتفاء بحصوله مرة واحدة ولو فيما مضى من الزمان فلا يؤثره الاعراض عنه في رفع حكمه بعد ان استوطنه ستة اشهر ما دام بقاء ملكه أو منزله وحكى عن ظاهر
الصدوق انه اعتبر ان يقيم فيه في كل سنة ستة اشهر بان يكون له في ذلك الموضع منزل معد لذلك وقد اختار صريحا هذا القول غير واحد من متأخري المتأخرين ثم إنه
قد يلوح من بعض كلماتهم ان مرادهم بالاستيطان ستة اشهر هو مطلق الإقامة فيه في هذه المدة وان لم يكن يقصد التوطن على الاطلاق بل إلى غاية ولكن صرح بعضهم
باشتراط كونه بهذا القصد والا فلا يصدق عليه اسم المستوطن المعلق عليه الحكم في النصوص والفتاوى وملخص الكلام ان كلماتهم في هذا الباب مضطربة ومنشأه بحسب
الظاهر اختلاف انظارهم في ما يقتضيه الجمع بين الاخبار ولا يخفى عليك ان مقتضى القاعدة الأولية التي شرعت عليه الصلاة هو الاتمام والقصر انما يجب بعروض السفر
الجامع لشرائط التقصير فالمكلف ما لم يكن مسافرا لم يشرع في حقه التقصير وانما يصير مسافرا بالتباعد من منزله الذي هو دار اقامته وإذا وصل إلى منزله من سفره
عاد حاضرا الذي هو ضد المسافر ويسمى ذلك الموضع الذي هو موضع اقامته في العرف وطنا ولا يشترط في صدق هذا الاسم الملك ولا المنزل بل ولا إقامة الستة
اشهر أصليا كان ذلك الوطن أم مستحدثا مع أن الحكم بالتمام لدى وصوله إلى مستقره ليس منوطا بصدق كونه وطنا بل بخروجه عن كونه مسافرا فالبدوي الطالب
للماء والكلاء الذي بيته معه إذا نزل في مكان ثم سافر من منزله متى عاد إليه خرج عن كونه مسافرا وان لم ينو إقامة العشرة بل ولو مر به في أثناء طريقه فإنه حين وصوله
إلى منزله صدق عليه انه حضر أهله ومستقره الذي هو ضد المسافرة فوجب عليه الاتمام ح سواء قلنا بتسميته في العرف وطنا له أم لم نقل لما أشرنا إليه من
737

ان المدار على خروجه عن حد المسافر لا دخوله في حد المقيم في وطنه كي يكون التشكيك في صدق اسم الوطن عليه عرفا موجبا للتشكيك في حكمه فهذا مما لا اشكال فيه بل
هو بحسب الظاهر خارج عن موضوع كلماتهم وانما الاشكال فيما إذا كان وراء دار اقامته التي أنشأ السفر منها منزل اخر يقع في أثناء طريقه فهذا مما يختلف
حاله في تسميته وطنا له في العرف إذ قد يكون أعد لنفسه منزلا في أثناء الطريق كي ينزل فيه لدى المرور به في أسفاره أو يبقى فيه يوما أو يومين أو أيام لقضاء بعض
اشغاله المتعلقة بذلك المكان على وجه لا يخرج به عرفا عن موضوع المسافر وقد يكون اتخذ مقرا لنفسه على أن يقضى بعض عمره في ذلك المكان فربما أعد لنفسه هناك
أيضا زوجة ومتعلقات من أثاث بيت ونحوه بحيث مهما حل فيه يرى نفسه حالا في مستقره فهذا أيضا كوطنه الأصلي في خروجه لدى الحلول فيه عن موضوع المسافر
ولكن هذا مما يختلف حاله عرفا باعتبار كثرة العلاقة وقلتها وطول البقاء وعدمه فلو فرضنا له في ذلك المكان زوجة دائمية مع ما هو من لوازمه التعيش والاستقرار
فيه وخلفها هناك لان يحل عندها مهما مهما تيسر له حلول المقيم في مستقره فقد يعد هذا في العرف بملاحظة ما فيه من الشأنية مقرا له بالفعل قبل ان يصل إليه ويستقر
فيه فمتى وصل إليه يرى نفسه مسافرا كي يحتاج في اتمام صلاته إلى نية الإقامة وقد لا تكون علاقته بهذه المثابة فلا يخرج عرفا عن كونه مسافرا بمجرد الوصول إليه
الا إذا كثر تردده وإقامته فيه بمقدار معتد به عرفا وقد يكون وطنا له في وقت دون وقت كما إذا اتخذ مقرا لنفسه في أوقات الحر في قلل الجبال ونحوها من الأماكن
الباردة التي لا تصلح للاستيطان بها الا في تلك الأوقات فإذا نزل في ذلك المنزل عند مروره به في الشتاء لا يخرج بذلك عن مصداق المسافر وان كان ذلك
المكان مملوكا له وقد اتخذه وطنا لنفسه على سبيل الدوام في كل سنة ستة اشهر فما زاد ولكن في غير هذا الفصل وربما لم يتخذه مقرا لنفسه على الاطلاق بل إلى مدة
طويلة كسنة أو ستين أو عشر سنوات مثلا لتجارة أو لتحصيل علم ونحوه كالطلاب المجتمعة في النجف الأشرف بقصد تحصيل العلم فان هذه الاشخاص ما دام استقرارهم
في هذا البلد على الظاهر لا يعدون لدى العرف متلبسين بالمسافرة بل مقيمين بحيث لو سئل عن حالهم حتى في أوطانهم يقال في حقهم انهم سافروا إلى النجف الأشرف
وأقاموا هناك للتحصيل كما أنهم لو خرجوا من النجف لزيارة الحسين عليه السلام يرون مبدء سفرهم ومنتهاه من النجف إلى النجف فهذا الصنف أيضا لا يبعد ان
يدعى كونهم بمنزلة أهل البلد في خروجهم عن موضوع المسافر لدى حضورهم فيه ويحتمل قويا ان يكون قوله عليه السلام جوابا عن السؤال الوارد في صحيحة
صفوان عن أن أهل مكة إذا زاروا البيت هل عليهم اتمام الصلاة نعم والمقيم إلى شهر بمنزلتهم إشارة إلى ذلك كما أنه يحتمل قويا ان يكون أغلب من فسر الاستيطان
بإقامة ستة اشهر مرادهم انه إذا أقام ستة اشهر فما زاد في بلد فهو ما لم يعرض عن اقامته بمنزلة أهل ذلك البلد في خروجه عن موضوع المسافر بمجرد حضوره وهو
ليس بالبعيد وان كان الجزم به لا يخلو من اشكال وسيأتي الكلام فيه في مبحث الإقامة انشاء الله وكيف كان فمهما وصل المسافر إلى موضع يراه العرف في ذلك الموضع
واصلا إلى أهله ومستقره وجب عليه التمام والا فالقصر الا ان يدل دليل على خلافه وقد ورد في جملة من الاخبار الامر بالاتمام في ملكه وضيعته من غير تقييد
بكونه منزلا له كصحيحة إسماعيل بن الفضل قال سألت أبا عبد الله ع عن رجل سافر من ارض إلى ارض وانما ينزل قراه وضيعته قال إن نزلت قراك وضيعتك فأتم
الصلاة وان كنت في غير أرضك فقصر ورواية البزنطي قال سألت الرضا ع عن الرجل يخرج إلى ضيعته فيقيم اليوم واليومين والثلاثة أيقصر أم يتم قال يتم الصلاة
كلما اتى ضيعة من ضياعه وصحيحة المروية عن قرب الإسناد قال سألت الرضا ع عن الرجل يخرج إلى الضيعة فيقيم اليوم واليومين والثلاثة أيتم أم يقصر قال يتم
فيها وصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال قلت لأبي عبد الله ع الرجل يكون له الضياع بعضها يقرب من بعض يخرج ليقيم فيها يتم أو يقصر قال يتم هكذا نقل لفظ
الخبر عن الكافي ونقل عن الفقيه والتهذيب أنه قال يطوف بدل يقيم وصحيحة عمران بن محمد قال قلت لأبي جعفر الثاني ع جعلت فداك ان لي ضيعة على خمسة عشر
ميلا خمسة فراسخ ربما خرجت إليها فأقيم فيها ثلاثة أيام أو خمسة أيام أو سبعة أيام فأتم الصلاة أو اقصر قال قصر في الطريق وأتم في الضيعة بل قد يظهر من موثقه
عمار المتقدمة كفاية مطلق الملك في وجوب التمام ولو نخلة واحدة ولكن هذه الأخبار معارضته برواية موسى بن حمزة بن بزيع قال قلت لأبي الحسن ع جعلت فداك
ان لي ضيعة دون بغداد فأخرج من الكوفة أريد بغداد فأقيم في تلك الضيعة اقصر أم أتم فقال إن لم تنو المقام عشرا فقصر ورواية عبد الله بن سنان عن أبي
عبد الله ع قال من اتى ضيعة له ثم لم يرد المقام عشرا قصر وان أراد المقام عشرة أيام أتم الصلاة وصحيحة علي بن يقطين قال قلت لأبي الحسن ع الرجل يتخذ المنزل
فيمر به أيتم أم يقصر فقال كل منزل لا تستوطنه فليس لك بمنزل وليس لك ان تتم فيه وصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله ع في الرجل يسافر فيمر بالمنزل له في الطريق يتم
الصلاة أو يقصر قال يقصر انما هو المنزل الذي توطنه وصحيحة سعد بن أبي خلف قال سأل علي بن يقطين أبا الحسن الأول ع عن الدار يكون للرجل بمصر أو
الضيعة فيمر بها قال إن كان مما سكنه أتم الصلاة فيه وان كان مما لم يسكنه فليقصر وصحيحة علي بن يقطين قال قلت لأبي الحسن الأول ع ان لي ضياعا ومنازل
بين القرية والقرية الفرسخ والفرسخان والثلاثة فقال كل منزل من منازلك لا تستوطنه فعليك فيه التقصير وصحيحة أخرى لعلي بن يقطين أيضا قال سألت أبا الحسن
الأول ع عن الرجل يمر ببعض الأمصار وله بالمصر دار وليس المصر وطنه أيتم الصلاة أم يقصر قال يقصر الصلاة والضياع مثل ذلك إذا مر بها وصحيحة محمد بن إسماعيل بن
بزيع عن أبي الحسن الرضا ع قال سألته عن الرجل يقصر في ضيعته قال لا باس ما لم ينو مقام عشرة أيام الا ان يكون له فيها منزل يستوطنه فقلت ما الاستيطان فقال إن
يكون له فيها منزل يقيم فيه ستة اشهر فإذا كان كذلك يتم متى يدخلها وربما قيل في توجيه الأخبار الدالة على وجوب الاتمام في ضيعته وملكه مطلقا تقييدها
بنية الإقامة أو الاستيطان ستة اشهر جمعا بينها وبين غيرها من الاخبار المزبورة وفيه ما لا يخفى من ابائها عن هذا التقييد وكون بعضها نصا في عدم نية الإقامة
وكالنص في عدم كونها وطنا له مع أن المتبادر من الاخبار الامرة بالاتمام كونها مسوقة لبيان ان الملكية من حيث هي موجبة للاتمام فهي مناقضته للروايات
738

الامرة بالتقصير فالاخبار بظاهرها متعارضة والترجيح مع الروايات الامرة بالتقصير الموافقة للشهرة وعمومات الكتاب والسنة مع ما في تلك الأخبار من احتمال
التقية لنسبة القول بمضمونها من كفاية مطلق الملك إلى مذهب مالك مع أنه لا اثر لهذا التقييد إذ المتبع على هذا التقدير أيضا ليس الا ظواهر الاخبار الامرة بالتقصير
فلا يتفاوت الحال ح في مقام العمل بين تسميته تقييدا أو ترجيحا وحكى عن المحدث الكاشاني في الوافي وغيره في غيره انهم احتملوا حمل ما دل على الاتمام في الملك صورتي الإقامة
والاستيطان على التخيير وقد أجاب المحدث المزبور بذلك أي يحمل الاخبار على التخيير عن الاشكال التوجه على صحيحة عمران بن محمد الامرة بالاتمام في ضيعته التي يقيم فيها
أقل من العشرة والتقصير في طريقها التي هي خمسة فراسخ إذ المرور بالضيعة على هذا التقدير ليس قاطعا للسفر فليس تخلله مانعا عن ضم الذهاب إلى الاياب في المسافة الملفقة
فلا يمنع عن وجوب التقصير في طريقها إذا رجع ليومه بل مطلقا ما لم يتخلل قاطع كما قوينا فيما سبق وفاقا للمحدث المزبور وليس في الروايات الامرة بالاتمام في ملكه دلالة
بل ولا اشعار بالقاطعية كي يتوجه عليه الاشكال من هذه الجهة الا ان حمل الاخبار على التخيير في حد ذاته مشكل لاستلزامه ارتكاب التأويل في جميع الأخبار
المتعارضة وهذا النحو من الجمع يحتاج إلى شاهد خارجي وهو مفقود مع اباء بعضها عن ذلك فالأوجه رد علم الروايات الامرة بالاتمام إلى أهله لابتلائها
بمعارض أقوى أي الروايات الدالة في ظاهرها على وجوب التقصير ولكن قد وقع في هذه الروايات التعرض لاختصاص هذا الحكم أي وجوب التقصير بما إذا لم
ينو المقام في ملكه عشرا أو؟ فيه منزل استوطنه وقد عرفت ان معنى الاستيطان عرفا ولغة هو ان يتخذ مقرا لنفسه غير وطنه الأصلي الذي نشأ فيه فالمنزل الذي
استوطنه عبارة عن المكان؟؟ لان يحل فيه لا على سبيل المسافرة بل حلول الشخص في مستقره وقد أشرنا فيما سبق إلى أن امر المسافر بالاتمام عند نزوله في أثناء
سفره منزلا كذلك كأمره بالاتمام عند مروره بوطنه الأصلي ليس منافيا لما دل على وجوب التقصير على المسافر فإنه حال نزوله في ذلك المنزل لا يصدق عليه عرفا انه
على سفر ولذا علل العلامة في التذكرة الحكم المزبور بخروج المسافر عن كونه مسافرا عند مروره بمنزله الذي يستوطنه ولم يظهر من الروايات الدالة على وجوب
الاتمام في المنزل الذي يستوطنه إرادة معنى مغائر لذلك بل ظاهرها إرادة معناه العرفي كما هو مقتضى الأصل في كلماتهم وليس في الروايات المزبورة ما يوهم خلافه
عدى ما وقع في صحيحة ابن بزيع المتقدمة من تفسير الاستيطان بان يكون له فيها منزل يقيم فيها ستة اشهر حيث إن تحديد مفهوم الاستيطان بخصوص هذا الحد ليس
معهودا في العرف فلذا التزم المشهور بكونه حدا شرعيا له بل نسب إلى كثير منهم بل أكثرهم أو المشهور فيما
بينهم الالتزام بان له حقيقة شرعية وان معناه شرعا هو ان
يكون له ملك أقام فيه بل ولو قريبا منه كما صرح به بعضهم فيما مضى ستة اشهر ولو متفرقة ولم يكن بالفعل وطنا له بل معرضا عنه وهذا المعنى كما تراه مما لا ينطبق
عليه شئ من ألفاظ الرواية فان ظاهرها بل وكذا ظاهر غيرها من الروايات الواردة في هذا الباب خصوصا ما وقع فيه التعبير بصيغة المضارع كما في هذه الصحيحة
من قوله ع الا ان يكون له فيها منزل يستوطنه كما سمعت وفي صحيحة علي بن يقطين الأولى كل منزل لا تستوطنه فليس لك بمنزل وفي صحيحة الثانية كل منزل من منازل
لا تستوطنه فعليك فيه التقصير فإنه كالنص في إرادة الفعلية بل وكذا ما وقع فيه التعبير بلفظ المضي كقوله عليه السلام في صحيحة الحلبي انما هو المنزل توطنه وفي
صحيحة سعدان كان سكنه أتم الصلاة إذ المنساق من هذين الخبرين أيضا ليس الا إرادة ما اتخذه وطنا ومسكنا لنفسه على الاطلاق لا في زمان من الأزمنة الماضية
فالتعبير بالمضي باعتبار مبده حدوثه لا زمان انقطاعه وعلى فرض شموله للأعم فلا بد من تخصيصهما بصورة فعلية السكون والتوطن لتلك الصحاح التي هي كالنص في
في رادة المضي مع أنه ربما قيل في صحيحة الحلبي انه مضارع من التفعيل لان توطن لم يجيئ بمعنى اتخذه وطنا لكونه لازما مطاوعا ولكن نوقش في هذا القول بمجيئ الفعل
بهذا المعنى كما في تبناه وتولاه فكونه مضارعا من التفعل مع ما فيه من الالتفات من الغيبة إلى الخطاب لا يخلو من بعد وكيف كان فالاخبار ظاهرها إرادة فعلية
الاستيطان كما اعترف به غير واحد وما في صحيحة ابن بزيع من تحديد الاستيطان بان يكون له منزل يقيم فيه ستة اشهر على الظاهر جار مجرى التمثيل بيان فرد واضح
يرتفع به استبعاد السائل عن أن يكون له وطن اخر غير وطنه الأصلي الذي سافر عنه لا التعبد كي نلتزم بان له حدا شرعيا تعبديا فإنه مع بعده في حد ذاته مخالف
لسوق الرواية إذ المنساق منها انه لولا سؤاله ثانيا عن معنى الاستيطان لاكتفى الإمام عليه السلام في جوابه بما ذكره أولا من اطلاق الاستيطان وهذا انما يتجه فيما
لو أريد به معناه العرفي كما في غيره من الروايات التي وقع فيها التعرض لهذا الحكم من غير إشارة فيها إلى إرادة معنى اخر من لفظ الاستيطان أو التوطن أو السكنى الواردة فيها
غير معناها العرفي واحتمال معروفية ذلك المعنى لديهم على وجه لم يكن محتاجا إلى البيان في غاية البعد فهذا يكشف عن أن ما في هذه الصحيحة من تحديده بإقامة الستة
اشهر جار مجرى التمثيل وان المقصود به حصوله على سبيل الاعتياد والاستمرار ولو شأنا بمقتضى اتخاذه وطنا لا مرة واحدة فيما يأتي أو ما مضى من باب الاتفاق لما
أشرنا إليه من أن خصوصية الستة اشهر من حيث هي غير معتبرة في مفهومه عرفا كما أن تحققها مرة من باب الاتفاق غير كافية في ذلك والحاصل ان الامر دائر في المقام
بين رفع اليد عن ظهور التفسير في اعتبار خصوصية هذا الحد فيما أريد من الاستيطان وظهور المقسر في إرادة معناه العرفي ومقتضى الأصل وان كان تحكيم ظهور
التفسير على ظهور المفسر ولكن ذلك في غير مثل المقام الذي شهد والقرائن الخارجية والداخلية بكون المفسر بنفسه وافيا في إفادة المرام والا لم يكن يحسن الاقتصار
عليه في مقام الجواب فحمل التفسير ح على التمثيل أولى مع أنه لو أريد به الحد الشرعي أي اعتبار إقامة الستة اشهر تعبدا فان أريد حصولها على سبيل الاعتبار والاستمرار
كما فهمه الصدوق في ظاهر عبارته المحكية عنه واستظهره غير واحد من المتأخرين تلزم كون الاستيطان شرعا أخص من الاستيطان العرفي الذي يخرج المسافر
عرفا عند حلوله فيه عن كونه مسافرا فإنه لو كان له في ضيعته دار أعدها مقرا لنفسه واسكن فيها بعض زوجاته وأهاليه ولم يزل يتردد إليهم ويقيم عندهم شهرا و
شهرين أو ثلثا بعد ذلك وطنا له في العرف وان لم يكن مجموع اقامته لديهم في كل سنة بالغا هذا الحد فيجب على تقدير الالتزام باعتبار هذا الحد تعبده الالتزام
739

بوجوب التقصير عليه عند نزوله في هذا المنزل مع خروجه عرفا عن كونه مسافرا وهو لا يخلو من الاشكال وان أريد حصولها مرة واحدة فمعناه على هذا التقدير
ان يكون في المكان الذي يمر به منزل أعد لإقامته في ذلك المكان ستة اشهر فما زاد كما في التاجر وطالب العلم الذي يتخذ في بلد تجارته لإقامته في ذلك البلد
ستة اشهر فما زاد منزلا فهذا أيضا مما لا يطلق عليه اسم الاستيطان عرفا وارادته من الرواية أيضا لا يخلو من بعد وان كان الحكم بالاتمام فيه والمعاملة معه معاملة
الوطن ما دام اقامته في ذلك البلد وعدم اعراضه عنه غير بعيد كما تقدمت الإشارة إليه وسيأتي تمام الكلام فيه في نية الإقامة فتلخص مما ذكرنا انه لم يثبت عندنا
وطن شرعي وان المدار على تحقيق مفهوم الاستيطان عرفا من غير تقييده بستة اشهر كما هو ظاهر الشيخ في نهايته حيث قال على ما حكى عنه ومن خرج إلى ضيعة له وكان
له موضع ينزله ويستوطنه وجب عليه التمام وان لم يكن له فيها مسكن فإنه يجب عليه التقصير وعن ابن البراج في الكامل أنه قال من كانت له قرية له فيها
موضع يستوطنه وينزل فيه وخرج إليها وكانت عدة فراسخ سفره على ما قدمناه فعليه التمام وان لم يكن فيها مسكن ينزل به ولا يستوطنه كان له التقصير انتهى
عن أبي الصلاح قال وان دخل مصرا له فيه وطن فنزل فيه فعليه التمام ولو صلاة واحدة وهذه العبائر كما تراها ظاهرها إرادة الوطن العرفي ولعل
ما في النصوص وهذه الفتاوى من اعتبار المنزل مع إناطة الحكم على الظاهر يتحقق مفهوم الاستيطان من دون اعتبار شئ زائد عليه انما هو يتوقف تحقق
علاقة الوطنية عرفا بالنسبة إلى من كان له بالفعل وطن اصلى غير معرض عنه على ذلك كما ليس بالبعيد كما أن اعتبار كونه مملوكا أو بمنزلته في كونه دائميا أيضا
كذلك والله العالم ثم إن شيخنا المرتضى ره في موضع من المصنفات المنسوبة إليه قد تكلف في توجيه الصحيحة على ما نسب إلى المشهور من ثبوت الوطن الشرعي و
هو كل موضع استوطن فيه فيما مضى ستة اشهر مطلقا ولولا مع قصد الوطنية بتقريبات لا تسلم عن خدشات مع اعترافه في موضع اخر بعدم انطباقها عليه
فلا يهمنا التعرض لنقل كلامه وبيان ما يتوجه عليه من المناقشات من أراد فليراجع الشرط الرابع من شرائط القصر ان يكون السفر سايغا واجبا
كان كحجة الاسلام أو مندوبا كزيارة النبي صلى الله عليه وآله أو مباحا كالأسفار للمتاجر ولو كان السفر معصية لم يقصر كاتباع الجائر وصيد اللهو بلا خلاف فيه
في الجملة بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه ويدل عليه صحيحة حماد بن مروان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول من سافر قصر وافطر الا ان يكون رجلا سفره
إلى صيد أو في معصية الله أو رسولا لمن يعصى الله عز وجل أو في طلب شحناء أو سعاية أو ضرر على قوم مسلمين وموثقة عبيد بن زرارة قال سألت أبا عبد الله ع
عن الرجل يخرج إلى الصيد أيقصر أم يتم قال يتم لأنه ليس بمسير حق وراية أبي سعيد الخراساني قال دخل رجلان على أبى الحسن الرضا ع بخراسان فسئلاه عن
التقصير فقال لأحدهما وجب عليك التقصير لأنك قصدتني وقال للاخر وجب عليك التمام لأنك قصدت السلطان ومرسلة ابن أبي عمير عن أبي عبد الله ع لا يفطر
الرجل في شهر رمضان الا في سبيل حق وخبر حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل فمن اضطر غير باغ ولا عاد قال الباغي باغي الصيد والعادي
السارق ليس لهما ان يأكلا الميتة إذا اضطر إليها هي حرام عليهما ليس هي عليهما كما هي على المسلمين وليس لهما ان يقصرا في الصلاة وخبر إسماعيل بن أبي زياد عن جعفر
عن أبيه قال سبعة لا يقصرون الصلاة إلى أن قال والرجل يطلب الصيد يريد لهو الدنيا والمحارب الذي يقطع السبيل وموثقة سماعة قال سألته عن المسافر
إلى أن قال ومن سافر قصر الصلاة وافطر الا ان يكون رجلا مشيعا لسلطان جائر أو خرج إلى صيد وخبر ابن بكير قال سألت أبا عبد الله ع عن الرجل يتصيد اليوم
واليومين والثلاثة أيقصر الصلاة قال لا الا ان يشبع الرجل أخاه في الدين فان التصيد مسير باطل لا تقصر الصلاة فيه وقال يقصر إذا شيع أخاه وخبر عمران بن
محمد بن عمران القمي عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع قال قلت له الرجل يخرج إلى الصيد مسيرة يوم أو يومين أو ثلاثة يقصر أو يتم قال إن خرج لقوته وقوت عياله
فليفطر وليقصر وان خرج لطلب الفضول فلا ولا كرامة وصحيحة زرارة عن أبي جعفر ع قال سألته عمن يخرج من أهله بالصقورة والبزاة والكلاب يتنزه الليلة والليلتين
والثلث هل يقصر من صلاته أم لا يقصر قال انما خرج في لهو لا يقصر قلت الرجل يشيع أخاه اليوم واليومين في شهر رمضان قال يفطر ويقصر فان ذلك حق عليه و
مقتضى ظاهر النصوص والفتاوى ومعاقد الاجماعات المحكية بل صريح بعض النصوص ككثير من الفتاوى في لفرق في وجوب التمام بين كون السفر بنفسه محرما
كالفرار من الزحف واباق العبد ونحوه وبين كونه لغاية محرمة كالسفر لقطع الطريق أو نيل المظالم والمناصب من السلطان أو سعاية مؤمن ونحوها اما ما يدل بظاهره
على وجوب التمام في كل من القسمين فمنها الصحيحة الأولى فان قوله عليه السلام أو في معصية الله ظاهر في إرادة السفر المحرم مطلقا سواء كانت حرمته لذاته لغايته التي
قصد به التوصل إليها وما يقال من أن مقدمة الحرام ليست بمحرمة فكون الغاية محرمة غير موجبة لحرمة نفس السفر كي يصدق عليه انه سفر في معصية الله مدفوع بان هذا
فيما لم يقصد بها التوصل إلى الحرام والا فهي محرمة جزما بشهادة العرف والعقل مضافا إلى وفاء الأدلة السمعية بذلك كما تقرر في محله وكيف كان فظهور هذه الفقرة
في وجوب الاتمام في القسم الأول أي فيما كان السفر بنفسه معصية غير قابل للانكار واحتمال ان يكون كلمة في بمعنى إلى أو اللام أو السببية كي يكون المقصود بها ما كان
لغاية محرمة مخالف للظاهر فما في كلمات بعضهم من المناقشة في دلالتها عليه بابداء مثل هذه الاحتمالات مما لا ينبغي الالتفات إليه بل قد يستشعر من مقابلتها بسائر الفقرات
اللاحقة لها التي هي بظاهرها من أمثلة القسم الثاني كون هذا القسم أي ما كان السفر بنفسه معصية بخصوصه مرادا من هذه الفقرة لا غير فليتأمل ويدل عليه
أيضا مفهوم التعليل الوارد في الموثقة بأنه ليس بمسير حق وفي مرسلة ابن بكير فان التصيد مسير باطل فان مقتضى العلة المنصوصة اطراد الحكم أي وجوب الاتمام في
كل سفر محرم بذاته أو لغايته فان صدق هذه العلة على ما كان مجرما بذاته أو لغاية محرمة أوضح من صدقه على ما كان بقصد الصيد الذي قد يتأمل في حرمته كما سيأتي الكلام
فيه وكذا يدل عليه أيضا مفهوم الحصر الوارد في مرسلة ابن أبي عمير المتقدمة ويحتمل قويا ان يكون المراد بسبيل حق في هذه الرواية الحج الواجب ونحوه فيكون المقصود بها
740

النهى عن السفر الموجب للافطار في شهر رمضان الا في الحج ونحوه كما ورد في بعض الأخبار التصريح بذلك فيحمل عل الكراهة والله العالم ويدل عليه أيضا في خصوص
القسم الأول قوله ع في موثقة سماعة الا ان يكون رجلا مشيعا لسلطان لان التشييع يتحقق بنفس السفر فيكون السفر بهذا القصد كالسفر بقصد الفرار من الزحف
بنفسه محرما لا انه مقدمة لفعل اخر يكون ذلك الفعل حراما كي يندرج في القسم الثاني ويدل عليه في خصوص القسم الثاني سائر الأخبار التي وقع فيها التصريح بحكم
قاطع الطريق والمحارب وقاصد السلطان وغير ذلك مما هو مندرج في هذا القسم فيتم في سائر الموارد بتنقيح المناط وعدم القول بالفصل مضافا إلى شهادة
سوق الاخبار خصوصا الصحيحة الأولى بان ما جرى ذكره فيها انما هو من باب التمثيل للغاية المحرمة لا لخصوصها فليتأمل وقد ظهر بما ذكرناه من دلالة الاخبار على
وجوب الاتمام في السفر الذي قصد به التوصل إلى الحرام كدلالتها على وجوب الاتمام في سفر الصيد والسفر الذي هو بنفسه معصية انه لا حاجة إلى تحشم الاستدلال
لاثبات ان السفر لغاية محرمة محرم كي يتطرق إليه الخدشة بمنع حرمة مقدمة الحرام وان كانت هي في مثل المقام الذي قصد به التوصل إلى الحرام في غير محلها كما
تقدمت الإشارة إليه كما أنه لا حاجة إلى اثبات ان إباق العبد أو نشوز الزوجة بسفرها أو غير ذلك من الأمثلة التي وقع الكلام فيها انها من القسم الأول أو الثاني
فليتأمل تنبيهات الأول في المدارك بعد ان مثل للسفر الذي هو بنفسه معصية بالفار من الزحف والهارب من غريمه مع قدرته على وفاء
الحق وتارك الجمعة بعد وجوبها عليه قال ما لفظه قال جدي قدس سره في روض الجنان وادخال هذه الافراد يقتضى المنع من ترخص كل تارك للواجب بسفره
لاشتراكهما في العلة الموجبة لعدم الترخص إذ الغاية مباحة فإنه المفروض وانما عرض العصيان بسبب ترك الواجب فلا فرق ح بين استلزام سفر التجارة
ترك صلاة الجمعة ونحوها وبين استلزامه ترك غيرها كتعلم العلم الواجب عينا أو كفاية بل الامر في هذا الوجوب أقوى وهذا يقتضى عدم الترخص الا لاوحدي
الناس لكن الموجود من النصوص في ذلك لا يدل على ادخال هذا القسم بل ولا على مطلق العاصي وانما دل على السفر الذي غايته المعصية هذا كلامه ره و
يشكل بان رواية عمار بن مروان التي هي الأصل في هذا الباب يتناول مطلق العاصي بسفره وكذا التعليل المستفاد من رواية عبيد بن زرارة والاجماع المنقول
من جماعة لكن لا يخفى ان تارك الواجب كالتعلم ونحوه انما يكون عاصيا بنفس الترك لا بالسفر الا إذا كان مضادا للواجب وقلنا باقتضاء الامر بالشئ النهى
عن ضده الخاص وقد تقدم الكلام في ذلك مرارا وان الظاهر في لاقتضاء كما هو اختياره قدس سره مع أن التضاد بين التعلم والسفر غير متحقق في أكثر الأوقات
فما ذكره قده من أن ادخال هذا القسم يقتضى عدم الترخص الا لأوحدي الناس غير جيد انتهى ما في المدارك وهو جيد بل لو قلنا باقتضاء الامر بالشئ المنهى
عن ضده الخاص لاتجه أيضا دعوى خروج هذا القسم من الحرام الذي نشأت حرمته من مزاحمته لواجب لا من حيث كونه سفرا عن منصرف النصوص المزبورة
كما أومى إليه في الجواهر حيث قال بعد ان ضعف ما نقل عن الشهيد الثاني من منع دلالة الاخبار على وجوب
الاتمام في السفر الذي هو نفسه معصيته ما لفظه نعم
لا يخلو أي منع الدلالة من وجه بالنسبة إلى القسم الأخير أي ما كان ضد الواجب لامكان دعوى عدم صدق السفر في معصية الله عليه عرفا أو انسباق غيره
منه ولا كونه ليس بحق إذ المراد به ما قابل الباطل لا المعصية كالسفر لصيد اللهو لا للقوت ونحوه خصوصا على ما ستسمعه من في لمعصية في سفر صيد اللهو
وان أوجبنا فيه التمام للدليل على أحد الوجهين ولا ريب ان السفر للتجارة فضلا عن الحج والزيادة ليس بباطل بهذا المعنى وان كان محرما لاستلزامه ترك الواجب
الفوري بناء على اقتضائه ذلك ولاستلزامه وجوب الاتمام على سائر الناس الا لاوحدي لاستلزامه سفرهم غالبا لترك واجب من الواجبات لا أقل من ترك
تعلم العلم الواجب ونحوه ولكن مع ذلك قد قوى خلافه بدعوى ان هذا ان لم يندرج في منطوق النصوص ولم يقطع بمساواته لما اشتملت النصوص عليه فهو مندرج
في الفتاوى ومعاقد الاجماعات التي هي كالصريحة في دوران الترخص وعدمه على إباحة السفر بالمعنى الأعم وعدمها ومن المعلوم انه بناء على النهى عن الضد يثبت
عدم اندراج مثل هذا السفر في السايغ المباح واندراجه في غير السائغ انتهى أقول الظاهر أن مستند الفتاوى هي الاخبار الامرة بالاتمام في سفر المعصية
التي ادعينا انصرافها عن مثل الفرض فلا وثوق بالتزام المجمعين بوجوب الاتمام على تقدير التزامهم بمسألة الضد ولذا لا نجد من أنفسنا لجزم بالتزام جميع القائلين
بالضد بوجوب الاتمام في الاسفار المباحة التي بترتب عليها الاخلال بواجب كأداء دين أو نفقة واجبة عليه أو تعلم مسألة أو قراءة واجبة أو غير ذلك من الواجبات
بالضد بوجوب الاتمام في الاسفار عن لزوم الاخلال بشئ منها والحاصل انه لا وثوق بانعقاد الاجماع على اعتبار الإباحة المطلقة في التقصير على وجه ينافيها النهى
التبعي الناشئ من مقدمية تركه لأداء واجب على القول بها فالأقوى خروج هذا القسم عن مورد الحكم بالاتمام ولو على القول بمقدمية ترك الضد لفعل ضده نعم
لو قصد بسفره الفرار عن ذلك التكليف اندرج في موضوع هذا الحكم حيث إن الفرار من التكليف بذاته امر قبيح لدى العقل والعقلاء مع اندراجه في الغالب فيما كان
لغاية محرمة كما هو واضح الثاني قد أشرنا إلى أن المدار على اطلاق كون السفر سفر معصية أو لغاية محرمة لا على مطلق حصول المعصية حال السفر فشرب الخمر
وفعل الفاحشة ونحوها حاله من غير أن يكون غاية له غير قادح في الترخص ضرورة عدم تأدية مثل هذه الأفعال إلى حرمة السفر نفسه واما لو حصلت المعصية بنفس
السفر ولكن لا من حيث كونه سفرا بل من جهة أخرى ملازمة له كما لو استصحب مال الغير أو لبس ثوبا مغصوبا أو ركب دابة مغصوبة فسافر فإنه يتحقق بسفره التصرف في
مال الغير فيصدق ح على الحركات الخاصة الصادرة منه التي يتقوم بها مفهوم المسافرة انه تصرف في مال الغير وانه محرم فمن هنا قد يقوى في النظر وجوب الاتمام
عليه لصدق كون سفره الذي هو عبارة عن الحركات الخاصة الصادرة منه في معصية الله تعالى كما جزم به في الجواهر في ظاهر كلامه حتى التزم به فيما إذا كان
نعل دابته مغصوبة حيث إنه يؤدى إلى حرمة قطعه للمسافة ولكن الأقوى خلافه فان شيئا من المذكورات لا يؤثر في اتصاف السفر من حيث هو بكونه سفر معصية
741

بل ولا بكونه مسير باطل اما الدابة المغصوبة ونظائرها فالتصرف فيها من مقدمات تباعده من أهله ووطنه وقطعه للمسافة الذي هو فعل قائم بنفس المسافر
متقوم به مفهوم سفره فحرمتها غير مؤثرة في حرمة سفره خصوصا مع عدم انحصار مقدمته في الحرام واما ما استصحبه من المغصوب من لباس أو محمول ونحوه فالتصرف
فيه يحصل بلبسه وحمله بلبسه وحمله ونقله من هذا المكان إلى ذلك المكان اما ما عدى الأخير فحرمته كحرمة النظر إلى الأجنبية أجنبي عن مفهوم السفر واما الأخير أي نقل المغصوب من
هذا المكان إلى ذلك المكان وان كان بواسطة الحركات الخاصة المؤثرة في بعده من بلده وانتقاله من هذا المكان إلى ذلك المكان الا ان مفهوم السفر بحسب الظاهر
معنى منتزع من انتقال شخص المسافر من هذا المكان إلى ذلك المكان بواسطة الخطوات الصادرة منه فتلك الخطوات أسباب لنقل جثته وما معها من الثياب وغيرها من
هذا المكان إلى ذلك المكان فيتولد من تلك الخطوات فعلان أحدهما نقل جثته الذي ينتزع منه مفهوم المسافرة وهو في حد ذاته فعل سايغ والاخر نقل مال الغير
الذي هو حرام فسفره من حيث هو ليس بحرام وان أبيت الا عن كون السفر أو المسير المتصف بكونه حقا أو باطلا اسما لخصوص هذه الحركات المسماة بالمشي الذي يتحقق به
التصرف في المغصوب قلت إن سلمنا ذلك فندعى انصراف اطلاق السفر في معصية الله أو مسير باطل عن مثله جزما نعم لو سلك طريقا مغصوبا اتجه الالتزام بحرمة
سفره ووجوب الاتمام عليه فان قطعه لهذه المسافة من حيث هو حرام بشهادة العرف والله العالم الثالث مقتضى اطلاق النصوص والفتاوى عدم الترخص
في سفر المعصية مطلقا حتى في الاياب ورجوعه إلى أهله إذا عد عرفا رجوعه من تتمة سفره الذي قصد به الصيد أو السرقة أو تشييع السلطان مثلا كما صرح به المحقق
القمي ره في أجوبة مسائله واما لو استقل رجوعه بالملاحظة عرفا كما لو ارتدع في أثناء الطريق عن قصده فرجع أو ندم على عمله وتاب ثم رجع أو بقي مدة في مقصده ثم رجع إلى غير ذلك من الفروض
التي يلاحظ رجوعه فيها لدى العرف مسافة مستقلة فيراعى ح ما يقتضيه هو بنفسه من التقصير ان كان بالغا حده كما لا يخفى الرابع لا فرق في وجوب الاتمام في
سفر المعصية بين الابتداء والاستمرار فلو خرج بقصد الطاعة ثم عدل إلى قصد المعصية أتم وان كان ما قطعه بقصد الطاعة بالغا حد المسافة فإنه متى عدل إلى
قصد المعصية صار سفره في معصية الله تعالى فوجب عليه التمام وتوهم ان السفر المباح الصادر منه كان صدوره منه سببا لوجوب التقصير إلى أن يحصل القاطع
وما قطعه على وجه المعصية غايته ان يكون وجوده كعدمه في عدم تتميم المسافة به لو احتيج إلى التتميم كما أنه لا يوجب القصر لو كان بنفسه مسافة فهو غير مؤثر
في رفع وجوب التقصير الثابت بسبب سابق مدفوع بان ما دل على التقصير في السفر قد خصص بما دل على وجوب الاتمام في السفر الغير السائغ لا يقال إن المنساق
من الاخبار المزبورة ما لو كان خروجه من منزله بقصد الحرام فلا يتناول ما لو عدل إلى قصده في الأثناء ولكنا نلتزم به للاجماع والقدر المتيقن من معقده هو
ما لو كان عدوله إليه قبل بلوغ المسافة لأنا نقول بعد الغض عن أن كلمات المجمعين كالنص في إرادة الأعم ان الاخبار بواسطة ما فيها من التعليل والمناسبة
بين الحكم وموضوعه أيضا كالنص في ذلك كما لا يخفى على المتأمل وهل يجب عليه الاتمام بمجرد عدوله عن قصد الطاعة ولو لم يتلبس بعد بالسير أي الضرب
في الأرض بقصد الغاية المحرمة بل بقي ساكنا في منزله الذي وصل إليه بالسفر المباح كما يقتضيه اطلاق كلماتهم بأنه لو عدل إلى المعصية انقطع الترخص أم يعتبر
التلبس بالسير وجهان من أنه متى عدل إلى قصد المعصية خرج سفره الذي هو بالفعل متلبس به عن كونه في طاعة الله بل هو بالفعل لغاية محرمة ومن أن اتصافه
بكونه مسافرا حال نزوله في منزله ليس باعتبار كونه بالفعل مشغولا بايجاد فعل السفر حتى يتصف سفره بملاحظته بكونه في حق أو باطل بل باعتبار قيام وصف
المسافرة به بخروجه من أهله ووصوله إلى هذا المكان الذي هو فيه بعيد عن أهله ومحله فما لم يسافر من هذا المكان القصد الطاري لا يصدق على سفره انه
في معصية الله فإنه ما لم يتلبس بالسير لهذه الغاية لم يصدر منه مسير باطل ولا سفر محرم بذاته أو لغاية محرمة واتصافه بالفعل بكونه مسافرا انما هو بعروض هذا
الوصف له بفعله السابق الواقع على وجه سائغ واتصاف مجموع المسافة التي تلبس بقطعها بكونه سفرا واحدا لا يصحح اتصافه بأحد الوصفين أي كونه سفر
طاعة أو معصية على الاطلاق بعد اختلاف ابعاضه في الحكم وهذا الوجه هو الأقوى ومقتضاه بقائه على التقصير حتى يتلبس بالسير الباطل ان كان ما قطعه مسافة
والا أتم من حين عدوله عن قصده لزوال شرط التقصير أي الاستمرار على قصد قطع المسافة بوجه سايغ بناء على عدم احتساب ما يقطعه بوجه غير سايغ جزء
من المسافة الموجبة للتقصير كما سيأتي تحقيقه انش وقد ظهر بما ذكرنا الحكم في صورة العكس أيضا أي فيما لو سافر من منزله بقصد الحرام ثم عدل في الأثناء إلى قصد
الطاعة من أنه لا يكفي في ثبوت التقصير له مجرد عدوله عن قصد الحرام بل يعتبر تلبسه بالسير لغاية محللة ويعتبر فيه أيضا كون الباقي مسافة بلا خلاف فيه على الظاهر و
لكن نقل في الجواهر عن بعضهم التصريح هنا بالاكتفاء بالتلفيق مما بقي من المقصد بعد العدول إلى الطاعة ومن العود بل نفى الخلاف عنه اخر ثم قال وكأنه مناف فما
ذكروه في نظائره كغير قاصد المسافة ابتداء ونحوه من عدم ضم ما بقي من الذهاب إلى الرجوع وان كان هو في نفسه مسافة بل جعلوا للرجوع حكما مستقلا عما بقي من
الذهاب بلا فرق بين قصد الرجوع ليومه وغيره والفرق بين المقامين مشكل انتهى أقول كأنه فهم من كلام هذا البعض الاكتفاء بالتلفيق مطلقا وان كان
أقل من أربعة فراسخ ذهابية فجعله خلاف ما هو المشهور في نظائره من عدم الاكتفاء بمطلق التلفيق ولكن لا يبعد ان يدعى انسياق كلام من صرح بكفاية التلفيق إلى
ارادته بشرائطه التي بينوها في محله وكيف كان فلا خلاف بينهم على الظاهر في عدم كفاية كونه بانضمامه إلى ما قطعه بوجه غير سايغ مسافة لعدم الاعتداد بما قطعه بهذا
الوجه شرعا لكونه فاقد الشرط التقصير فهو بمنزلة ما لو قطعه بلا قصد كما سيأتي تحقيقه انش ولو سافر من منزله بقصد الطاعة ثم عدل في الأثناء إلى قصد المعصية
فقطع شيئا من المسافة بهذا القصد ثم عاد إلى قصد الطاعة فهل يعتبر كون الباقي بنفسه مسافة أم يكفي بلوغه بضمه إلى ما مضى من المباح باسقاط المتخلل قولان
نسب أولهما إلى العلامة في القواعد وجماعة ممن تأخر عنه وحكى ثانيهما عن الصدوقين والشيخ والمحقق والشهيد في الذكرى وجماعة ممن تأخر عنه وفي المصنفات
742

المنسوبة إلى شيخنا المرتضى ره بعد ان نقل حكاية هذا القول عمن سمعت قال وهو الأقوى لصدوق التلبس بالسفر المباح بمجرد العدول كما تقدم فيما لو عاد إلى
قصد المسافة بعد تجدد قصد الرجوع أو التردد وقصد المعصية المتخلل بين القصدين المباحين لا يوجب سلب الصدق ومنه يظهر فساد التمسك بالاستصحاب
لان وجوب التمام عند قصد المعصية لعدم دخوله في عنوان المتلبس بالسفر المباح بل لدخلوه في عنوان المتلبس بالسفر الباطل كما عرفت وليس هذا العنوان
مما يقبل ان يكون حدوثه كافيا في بقاء الحكم وان ارتفع لأنه عنوان الموضوع فكما ان عنوان المسافر موضوع للحكم يرتفع بارتفاعه فكذلك هذه الخصوصية
وهى كونه مسافرا بسفر حق ومتلبسا به أو مسافرا بسفر باطل ومتلبسا به موضوعان للقصر والاتمام يدوران مدارهما وجودا وارتفاعا فان قلت فعلى هذا لو
كان تمام الماضي معصيته فعدل إلى الطاعة يصدق انه متلبس بالسفر المباح ولو بعد اشتغاله بجزء من السير مع أن الظاهر الاتفاق على توقف القصر على التلبس
بمسافة مستقلة جديدة قلت قد علم من الاجماع ومن أدلة ان سفر المعصية لا يوجب الترخص ان شيئا منه ولو يسيرا لا يصح ان يكون مؤثرا في الرخصة فنفى سببيته
المقصر إذا كان مجموع المسافة معصية يوجب نفى تأثير منه وعدم مدخليته في التقصير انتهى كلام شيخنا المرتضى ره وفي المستند بعد ان ذكر ان في المسألة قولين أحدهما اعتبار
كون الباقي بنفسه مسافة والاخر كفاية بلوغ مجموع ما قبل المعصية وما بعدها المسافة قال والأظهر الثاني لأنه قصد أولا الثمانية فكان عليه القصر في جميع هذه المسافة
خرج عنه ما خرج بقصد المعصية فيبقى الباقي ومنه يظهر القصر لو لم يكن الباقي مع ما قبل المعصية مسافة أيضا إذا كان المجموع مسافة فتأمل أقول مقتضى ما ذهب إليه
الالتزام بالتقصير في الفرع السابق أيضا أي فيما إذا خرج من منزله بقصد المعصية ثم عدل إلى الطاعة وان لم يكن الباقي بنفسه مسافة بل بضميمة ما قطعه بقصد المعصية
مع أنه صرح في هذا الفرع باعتبار كون الباقي بنفسه مسافة من غير خلاف يعرف فيه من الأصحاب وعلله بأنه ابتداء سفر سايغ فيعتبر كونه مسافة ومتوجه عليه انه ان كانت الإباحة
شرطا فيما هو سبب للتقصير أي السفر البالغ حد المسافة فلا فرق بين وقوع الحرام في مبدء سيره وبين وقوعه في الأثناء في في لاعتداد به في احتسابه جزء من المسافة الموجبة للقصر
وان لم تكن شرطا في السفر البالغ حد المسافة بل في ثبوت القصر له لدى تلبسه بالسفر الذي هو بالغ هذا الحد فلا فرق أيضا بين الصورتين والحاصل انا ان قلنا بكفاية
بلوغ المجموع ثمانية فراسخ ولو بضميمة ما قطعه بقصد الحرام اتجه الالتزام به في كلا الفرضين ومظنة مخالفة الاجماع أيضا مشتركة بينهما إذ لم ينقل القول باحتساب
ما قطعه بقصد الحرام جزء من المسافة من أحد من الأصحاب في شئ منهما والذي يقتضيه التحقيق هو انه يفهم من تعليل الاتمام في سفر الصيد بان التصيد مسير باطل وانه
ليس بمسير حق انه يعتبر في المسير الموجب للتقصير ان لا يكون مسير باطل وأن يكون مسير حق وقضية الجمع بينه وبين ما دل على أن التقصير في مسيرة يوم مثلا كما في اخبار مستفيضة
تقييد مسيرة يوم بما إذا كانت بحق ولا توصف بهذا الوصف الا إذا كانت بجميع اجزائها حقا كما يؤيده فهم الأصحاب حيث فهموا من اخبار الباب اشتراط الإباحة في جميع
المسافة الموجبة للتقصير الذي هو عبارة عن مسيرة يوم أو ثمانية فراسخ أو بريدين لا في خصوص الجزء الذي يقع فيه أداء الصلاة كما هو مقتضى مذهب الخصم فليتأمل وقد
تلخص مما ذكر ان الأظهر ما هو المشهور ان لم يكن مجمعا عليه من عدم احتساب ما قطعه بقصد الحرام جزء من المسافة الموجبة للتقصير واما ما قبله وما بعده فلا مانع عن
انضمام أحدهما إلى الاخر كما يتضح ذلك بمراجعة ما أسلفناه في مسألة ما لو عدل في أثناء المسافة عن قصد المسافة ثم عاد إليه بعد قطع شئ منها بلا قصد فراجع و
ربما يستدل له أيضا باطلاق مرسل السياري عن أبي الحسن عليه السلام ان صاحب الصيد يقصر ما دام على
الجادة أتم وإذا رجع إليها قصر وفيه نظر لان
محل الكلام في المقام انما هو فيما إذا عدل بنية إلى المعصية وبدل الغاية الأولى المباحة بغاية محرمة ثم عاد ثانيا إلى قصد المباح والرواية بظاهرها لا تنطبق على ذلك
إذ الظاهر أن المراد بها ان من كان شغله التصيد إذا أنشأ سفرا مباحا ما دام في طريق مقصده يقصر وإذا مال عن طريقه بقصد التقيد يتم حيت يرجع إلى طريقه فيعود إلى التقصير
كما حكى عن والد الصدوق الافتاء بمضمونه فهذا فرع اخر ليس فيه عدول عن قصد الأصلي فلا ملازمة بين الالتزام بعدم بطلان حكم ما سبق أي احتسابه جزء من المسافة
بخروجه عن الجادة بقصد الصيد دون الفرع السابق المفروض فيه عدوله عن ذلك القصد وكيف كان فالحكم بكفاية بلوغ مجموع ما قبل المعصية وما بعدها حد المسافة في
هذا الفرع أولى واماما تضمنته الرواية من الاتمام بمجرد عدوله عن الجادة فهو على اطلاقه بحيث يعم ما لو لم يكن خروجه من الجادة بمقدار يعتد به بحيث يعد عرفا حال
تلبسه به بكونه مشغولا بسفر الصيد مما يشكل الالتزام به لأنه ح ليس الا بمنزلة ما لو خرج عند نزوله في بعض المنازل الواقعة في طريقه إلى بعض البيوتات والنواحي الواقعة
في حدودها لسرقة ونحوها مما لا يؤثر في تبديل عنوان سفره المتلبس به بالفعل بسفر الباطل بل يكون كغيره من المحرمات التي يرتكبها في أثناء مسيره التي قد أشرنا في صدر المبحث إلى
عدم اقتضائها لرفع التقصير الذي اقتضاه عمومات أدلته وارتكاب التخصيص فيها في خصوص المقام بالرواية المزبورة مع ما فيها من ضعف السند وعدم وضوح دلالتها
على المدعى مشكل فالأحوط في مثل الفرض هو الجمع بين القصر والاتمام الخامس ظاهر المتن كصريح غيره اندراج سفر صيد اللهو في سفر المعصية ولكن حكى عن المقدس
البغدادي انه انكر حرمته أشد الانكار وجعله كالتنزه بالمناظر البهيجة والمراكب الحسنة ومجامع الانس ونظائرها مما قضت السيرة القطعية باباحتها وأورد عليه بكونه
اجتهادا في مقابلة النصوص والفتاوى أقول اما مخالفته لظاهر الفتاوى أو صريحا فمما لا خفاء فيه واما النصوص فدلالتها على الحرمة غير واحضة نعم ربما يستشعر
ذلك من التعبيرات الواقعة فيها كتوصيفه بأنه مسير باطل وانه ليس بحق وانه في لهو وتفسير الباغي الممنوع عن اكل الميتة مع الاضطرار بباغي الصيد ويؤيده أيضا ما عن
المقدس البغدادي انه حكاه عن أصل زيد النرسي قال قد وجدت فيه انه سئل بعض أصحابنا أبا عبد الله ع عن طلب الصيد وقال له انى رجل ألهو بطلب الصيد وضرب
الصوالج وألهو بلعب الشطرنج قال فقال قال أبو عبد الله ع اما الصيد فإنه مبتغى باطل وانما أحل الله الصيد لمن اضطر إلى الصيد فليس المضطر إلى طلبه سعيه فيه
باطلا ويجب عليه التقصير في الصلاة والصوم إذا كان مضطرا إلى اكله وان كان ممن يطلبه للتجارة وليس له حرفة الا من طلب الصيد فان سعيه حق وعليه التمام الصلاة في
743

والصيام لان ذلك تجارته فهو بمنزلة صاحب الدور الذي يدور في الأسواق في طلب التجارة أو كالمكارى والملاح ومن طلبه لاهيا وأشرا وبطرا فان سعيه
ذلك سعى باطل وسفر باطل وعليه التمام في الصلاة والصيام وان المؤمن لفي شغل عن ذلك شغله طلب الآخرة عن الملاهي واما الشطرنج فهو الذي قال الله عز وجل
اجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور والغناء وان المؤمن عن جميع ذلك لفي شغل ماله وللملاهي فان الملاهي تورث قساوة القلب وتورث النفاق و
اما ضربك بالصوالج فان الشيطان معك يركض والملائكة يتنفر عنك وان أصابك شئ لم توجر ومن عثر به دابته فمات دخل النار بل لا يبعد دعوى ظهور صدر
هذه الرواية بملاحظة الحصر المذكور فيها في الحرمة الا ان ضعف سندها مانع عن الاعتماد عليها فالانصاف ان الاخبار المزبورة بنفسها قاصرة عن اثبات الحرمة اللهم
الا ان يدعى انجبار قصورها بفتوى الأصحاب وفهمهم وهو لا يخلو من تأمل نعم ان قلنا بحرمة اللهو مطلقا كما ربما ظهر من كلماتهم التسالم عليه اتجه الاستدلال
على حرمة سفر الصيد الذي قصد به التنزه المسمى في عرفهم بصيد اللهو بأنه لهو كما يشهد بذلك قوله ع في صحيحة زرارة المتقدمة انما خرج في لهو ولكن حرمة مطلق
اللهو بحيث يعم مثل التنزه بالصيد لا تخلو من تأمل وكيف كان فلا تأمل في وجوب الاتمام في سفر الصيد وان لم نقل بحرمته للنصوص المستفيضة التي تقدمت جملة منها
وسيأتي أيضا بعض ما يدل عليه ولكن يجب تقييده بصيد اللهو لوقوع التعليل به القاضي بقصر الحكم على مورد علته كما في قول القائل لا تأكل الرمان لأنه حامض حيث
يفهم من اختصاص النهى بالافراد الحامضة ثم إن مقتضى اطلاق النصوص والتعليلات الواردة فيها التي تجعلها كالنص في إرادة الاطلاق في لفرق في وجوب
الاتمام في سفر الصيد بين تجاوزه عن ثلاثة أيام وعدمه ولا بين دوره حول البلد أو تباعده عنه فما يظهر من بعض الأخبار مما ينافي ذلك كرواية أبي بصير عن أبي عبد الله ع
قال ليس على صاحب الصيد تقصير ثلاثة أيام وإذا جاوز الثلاثة لزمه وخبر عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله ع عن الرجل يصيد فقال إن كان يدور حوله
فلا يقصر وان كان تجاوز الوقت فليقصر يجب رد علمه إلى أهله لقصوره عن المكافئة خصوصا مع شذوذ الخبرين واعراض الأصحاب عنهما المسقط لهما عن الحجية فضلا
عن صلاحيتهما للمعارضة ويحتمل قويا شوبهما بالتقية عن أولى الشوكة الذين لا يسع الإمام عليه السلام التصريح بحرمة افعالهم كما يؤيد ذلك تشابه ألفاظ الرواية
الأخيرة والله العالم وقد ظهر بما ذكرناه من اختصاص الحكم بصيد اللهو انه لو كان الصيد لقوته وقوت عياله قصر كما صرح به في المتن وغيره بل في الجواهر بلا
خلاف أجده بل هو مجمع عليه نقلا ان لم يكن تحصيلا ويدل عليه أيضا مضافا إلى ذلك قوله ع في خبر عمران بن محمد المتقدم ان خرج لقوته وقوت عياله فليفطر و
ليقصر وان خرج لطلب الفضول فلا ولا كرامة ومقتضى اطلاق ذيل هذه الرواية عدم الترخص فيما لو كان لتجارة غير محتاج إليها في معاشه لا في التقصير ولا في الافطار و
هذا مما لم ينقل القول به من أحد عدى ما ستسمعه في عبارة الرضوي الآتية فلا بد من حمل طلب الفضول على إرادة تحصيل الصيد الغير المحتاج إليه في قوته وقوت عياله
السارق لصيد اللهو كما لعله المنساق إلى الذهن من الرواية فالصيد للتجارة خارج عن موضوع هذا الحكم والله العالم ولو كان للتجارة قيل يقصر الصوم دون الصلاة
بل في الحدائق نسبة إلى المشهور بين المتقدمين ونسب إلى المشهور بين المتأخرين القول بالتقصير فيهما وفي المدارك بعد ان ذكر انه
يجب التقصير إذا كان الصيد لقوته وقوت عياله قال والأصح الحاق صيد التجارة به كما اختاره المرتضى ره وجماعة للإباحة بل قد يكون راجحا والقول بان من
هذا شأنه يقصر صومه ويتم صلاته للشيخ في النهاية والمبسوط واتباعه قال في المعتبر ونحن تطالبه بدلالة الفرق ونقول ان كان مباحا قصر فيهما وان لم يكن أتم فيهما و
هو جيد ويدل على ما اخترناه من التسوية بين قصر الصوم والصلاة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن وهب عن أبي عبد الله ع قال إذا قصرت أفطرت وإذا
أفطرت قصرت انتهى ما في المدارك وفي الحدائق حكى عن العلامة في المختلف انه نقل القول بالتفصيل عن جملة من اجلاء أصحابنا المتقدمين منهم الشيخ في النهاية
والمبسوط والشيخ المفيد والشيخ علي بن الحسين بن بابويه وابن البراج وابن حمزة وابن إدريس وقال قال ابن إدريس روى أصحابنا بأجمعهم انه يتم الصلاة ويفطر الصوم
وكل سفر أوجب التقصير في الصوم وجب تقصير الصلاة فيه الا هذه المسألة فحسب للاجماع عليه ونقل فيه أيضا عن المبسوط أنه قال وان كان التجارة دون الحاجة روى
أصحابنا انه يتم الصلاة ويفطر الصوم ثم نقل عن السيد المرتضى ره فقال وأوجب المرتضى وابن أبي عقيل وسلار التقصير على من كان سفره طاعة أو مباحا ولم يفصلوا
بين الصيد وغيره انتهى ما نقله في الحدائق عن المختلف واستدل للقول بالتفصيل بالاجماع المنقول في عبارة الحلى المتقدمة وبما في كلامه وكلام الشيخ من نسبة إلى
رواية أصحابنا فإنه رواية مرسلة يجبرها شهرة القول بمضمونها بين القدماء ولا يوهنها الشهرة المتأخرة فان مبناها القواعد والعمومات فلا يرتفع به الظن الحاصل
من الشهرة فيما بين القدماء بوصول رواية إليهم بهذا المضمون كما يؤيده أيضا روايته مرسلا في عبارة الرضوي الآتية وفيه ما تقرر في محله من عدم حجية نقل الاجماع
وعدم صلاحية مثل هذا المرسل المجهول الأصل لاثبات حكم شرعي مخالف للعمومات والشهرة الفتوائية غير صالحة لجبره خصوصا مع جهالة أصلها ولذا اشتهر بين
المتأخرين خلافه واستدل له أيضا بما عن كتاب الفقه الرضوي في باب صلاة الجماعة من أنه قال وإذا كان صيده للتجارة فعليه التمام في الصلاة والقصر في
الصوم وفيه بعد تسليم حجيته انه معارض بما حكى عنه أيضا في كتاب الصوم من أنه قال وإذا كان صيده للتجارة فعليه التمام في الصلاة وروى أن عليه الافطار في الصوم وإذا كان صيده مما يعود على عياله فعليه التقصير في الصلاة والصوم انتهى والذي يقتضيه
الانصاف ان شيئا من المذكورات وان لم ينهض حجة لاثبات حكم شرعي الا انه قد يحصل من مجموعها الظن القوى باستنادهم في هذا الحكم إلى رواية واصلة إليهم صالحة
للاستناد إليها أي جامعة لشرائط الحجية فيشكل الحكم بخلافه الا ان ارتكاب التخصيص في عمومات أدلة التقصير وخصوص الصحيح المتقدم الدال على عدم انفكاك الافطار عن
التقصير بمثل هذا الظن الذي لم يدل دليل على اعتباره أشكل ولعله لذا قال المصنف ره وفيه تردد فالاحتياط بالجمع بين القصر والاتمام مما لا ينبغي تركه و
ان كان ما اشتهر بين المتأخرين من القول بالتقصير أشير بالقواعد والله العالم والمراد باتباع الجاير في المتن على الظاهر المسافرة معا تبعا كعساكره وأعوانه
744

الذين يتبعونه في السفر والحضر ممن يتقوى بهم ظهور ويزيد بهم شوكته فان سفرهم معه والحال هذه معصية وان كان الجائر بنفسه سفره سايغا الشرط الخامس
ان لا يكون السفر عمله فان من كان السفر عمله وصنعته يتم في سفره وحضره بلا خلاف فيه في الجملة الا عن ظاهر العماني كما صرح به بعض بل عن الانتظار والسرائر والتذكرة
ونهاية الاحكام دعوى الاجماع عليه ولا يوصف بهذا الوصف في الغالب الا من كان سفره أكثر من حضره ولذا عبر به في المتن وغيره كالبدوي الذي يطلب القطر
ومنبت الشجر والمكارى والملاح والتاجر الذي طلب الأسواق والبريد ومدرك هذا الحكم اخبار مستفيضة منها صحيحة زرارة قال قال أبو جعفر ع أربعة قد
يجب عليهم التمام في سفر كانوا أو حضر المكارى والكرى والراعي والاشتقان لأنه عملهم أقول المراد بالكرى على الظاهر الذي يكرى نفسه للسير كالبريد واجبر
الكارى الذي يتبع دوابه والاشتقان في مجمع البحرين بالألف والشين المعجمة والتاء المشاة من فوق والقاف قيل هو الأمير الذي بعثه السلطان على حفظ البيادر
وقيل الاشتقان البريد وفي الذكر وأمير البيدر انتهى أقول تفسيره بالبريد نقل عن الصدوق في الفقيه وفي الحدائق بعد ان نقل هذا التفسير عن الفقيه قال والمذكور في
اللغة وكلام الأصحاب انما هو امين البيادر ويذهب من بيدر إلى اخر ولا يقيم في مكان قالوا وهو معرب شيئان أي امين البيادر انتهى وخبر ان أبى عمير المروى عن الخصال
مرفوعا إلى أبي عبد الله عليه السلام قال خمسة يتمون في سفر كانوا أو حضر المكارى والكرى والاشتقان وهو البريد والراعي والملاح لأنه عملهم أقول ولعل
هذا الخبر هو مستند الصدوق فيما حكى عنه في الفقيه من تفسير الاشتقان بالبريد ويحتمل قويا ان يكون التفسير الوارد في هذا الخبر أيضا من كلام الصدوق وصحيحة
هشام بن الحكم عن أبي عبد الله ع قال المكارى والجمال الذي يختلف وليس له مقام يتم الصلاة ويصوم شهر رمضان وصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما ليس على الملاحين
في سفينتهم تقصير ولا على المكارى والجمال ورواية إسحاق بن عمار قال سألته عن الملاحين والاعراب هل عليهم تقصير قال لا بيوتهم معهم ومرسلة سليمان
بن جعفر الجعفري عن أبي عبد الله ع قال الاعراب لا يقصرون وذلك أن منازلهم معهم ومكاتبة محمد بن جزك قال كتبت إلى أبي الحسن الثالث ع إن لي مالا ولى
قواما عليها ولست اخرج فيها الا في طريق مكة لرغبتي في الحج أو في الندرة إلى بعض المواضع فما يجب على إذا انا خرجت معهم ان اعمل أيجب على التقصير في الصلاة
والصيام في السفر أو التمام فوقع ع إذا كنت لا تلزمها ولا تخرج معها في كل سفر الا في طريق مكة فعليك القصر والافطار وخبر علي بن جعفر عن أخيه موسى عن
أبي عبد الله ع قال أصحاب السفن يتمون الصلاة في سفنهم ورواية إسماعيل بن أبي زياد عن جعفر عن أبيه قال سبعة لا يقصرون الصلاة الجابي الذي يدور في
جبايته والأمير الذي يدور في امارته والتاجر الذي يدور في تجارته من سوق إلى سوق والراعي والبدوي الذي يطلب مواضع القطر ومنبت الشجر والرجل الذي
يطلب الصيد يريد لهو الدنيا والمحارب الذي يقطع السبيل إلى غير ذلك من النصوص الدالة عليه والذي يظهر من هذه الأخبار ويساعد عليه العرف ان عدم
تقصير الاعراب ليس لاندراجهم في عنوان كثير السفر بل باعتبار ان بيوتهم معهم وعدم مقر معلوم لهم متخذ على الوطنية فهذا الابعد سفرا في حقهم بل هو وضعهم الذي عزموا
عليه ما عاشوا في الدنيا وانما سفرهم ان يفارقوا منازلهم ويتباعدوا عنها لزيارة أو تجارة ونحوها فعليهم ح التقصير كما يفهم ذلك من تعليل الاتمام بان منازلهم
معهم مضافا إلى عمومات أدلته نعم لو كان للبدوي الذي يطلب مواضع القطر وطن معين يستقر فيه في فصل الشتاء مثلا ثم يسافر عنه في بقية الأشهر طلبا
لمواضع القطر اتجه ادراجه في موضوع كثير السفر وكيف كان فقد اختلفت عبارات الأصحاب في تأوية هذا الشرط فمنهم من غير بمثل ما صدرنا به العنوان أي بان لا يكون
السفر عمله ومنهم من عير بان لا يكون كثير السفر كما عن جملة منهم ومنهم من عبر كعبارة المتن أي بأن لا يكون سفره أكثر من حضره كما نسب إلى كثير منهم بل أكثرهم بل المشهور
وعن جملة تعليق الحكم بالاتمام على أصناف خاصة ممن وقع التصريح به في الاخبار المزبورة فعن الصدوق في المقنع والأمالي تعليقه على خمسة المكارى والكرى و
الاشتقان والراعي والملاح وعن بعض تعليقه على الخمسة المذكورة في رواية إسماعيل المتقدمة وعن ابن حمزة تعليقه على هؤلاء الخمسة والمكارى والملاح وللبريد
وعن البيان على هؤلاء بالثمانية والجمال والظاهر أن اختلافهم انما هو في التعبير وان اقتصار بعضهم على الأصناف المخصوصة جار مجرى التمثيل كما يؤيده دعوى غير واحد
الاجماع على العناوين العامة وصدور المناقشات في طرد كل من هذه التعابير أو عكسه وفي مفتاح الكرامة بعد ان نقل جملة من عبائرهم المختلفة قال وقيل إن لا يكون
السفر عمله ومن كان منزله وبيته معه قال الأستاذ قده في المصابيح هذا أولى لأنه سالم من الايراد ملحوظ فيه العلية أي العلة بالمنصوص عليها في الاخبار وتلك العبارات
مورد الاعراضات وليست مورد النص ويمكن ارجاعها إلى هذه العبارة انتهى وهو جيد فالمدار في وجوب الاتمام على ما يستفاد من الاخبار اما بان يكون السفر
عملهم وصنعتهم كالمكارى ونحوه أو بان يكون مثل الاعراب الذين بيوتهم معهم واما سائر العناوين المذكورة في كلماتهم ان رجع إلى هذا فهو والا فلا عبرة بها
وهيهنا فروع الأول يعتبر في اتصافه بكون السفر عمله اتخاذه حرفة وصنعة له كالمكارى وشبهه فلا يكفي في ذلك صدور أسفار متتابعة متوالية فيه من باب
الاتفاق وان بلغ ما بلغ ما لم يتخذه حرفة له بحيث يصدق عليه انه عمله كما صرح به بعض متأخري أصحابنا ويكفى في وجوب الاتمام على الظاهر اتخاذه حرقة له ولو في بعض
السنة كما لو كان عمله في الصيف مثلا الحياكة وفي الشتاء المكاراة فإنه حال تلبسه بعمل المكاراة في الزمان الذي يعد هذا الفعل شغله وعمله يتم كما يشهد له مضافا
إلى عموم التعليل عد الاشتقان في عداد من يجب عليهم الاتمام معللا بأنه عمله مع أن تلبسه بهذا العمل عادة مخصوص بأوقات معينة ولكن فرق بين ان يكون عمله
في الشتاء السفر بان الخذة صنعة له على وجه يتكرر صدوره منه في ظرف النسية ولو تقديرا كما في التاجر الذي يدور في تجارته والجابي الذي يدور في جبايته
والأمير الذي يدور في امارته فان تعدد مقاصدهم يجعل انتقالاتهم من مكان إلى مكان بمنزلة أسفار متتابعة متوالية وبين ان يكون عمله الذي اتخذه صنعة
له سفرا خاصا؟ زمانه طول الشتاء كالذين يحملون الحجيج من العراق أو الشام في اشهر الحج أو يوجرون أنفسهم في كل سنة للاستنابة في الحج والتجار الذين يحملون
745

أمتعتهم إلى سوق مكارة ويتسوقون فيها ثم يرجعون إلى أهاليهم فإنه وان صدق على مثل هذه الاشخاص أيضا لدى تلبسهم بالسفر الذي اتخذوه صنعة ان هذا السفر
عملهم لكن لا يبعد دعوى انصراف اطلاق قوله عليهم السلام لأنه عملهم عن عمل مثل هذه الاشخاص الذين لا يتكرر صدوره منهم ولا يواظبون عليه الا في كل سنة مرة والا
فلا فرق بين من كان شغله وكسبه حمل الحجيج أو الاستيجار للحج وبين ان يكون شغله وكسبه ان يسافر من بغداد في كل سنة إلى زيارة الحسين عليه السلام في يوم عرفة الا من حيث
طول مدة السفر في الأول وقصره في الثاني فيصدق على هذا السفر أيضا انه شغله وعمله في كل سنة ولكن لا يطلق على هذا الشخص ان عمله السفر ما لم يتخذه حرفة له على سبيل
المداومة والمزارعة كسائر أرباب الصنائع وهذا هو السر في فهم الأصحاب من هذه الأخبار اعتبار الكثرة والتكرر في موضوع هذا الحكم ولو سلم ظهور التعليل
فيما يعم مثل هذه الاشخاص الذين عملهم السفر في بعض السنة على النحو المزبور لوجب صرفه عن ذلك بالحمل على إرادة عمله الذي يتكرر صدوره منه لا مطلق عمله
بحيث يتناول مثل الفرض جمعا بينه وبين قوله عليه السلام في صحيحة هشام الجمال الذي يختلف وليس له مقام الذي هو كالنص في خروج الجمال الذي ليس له الا
سفر واحد في طول السنة ثم يستقر في وطنه عن موضوع الحكم بالتمام وقوله ع في المكاتبة المتقدمة إذا كنت لا تلزمها ولا تخرج معها في كل سفر الا إلى مكة فعليك
تقصير وفطور فإنه يدل على أنه يعتبر في رفع التقصير الملازمة والخروج معها في كل سفر ويؤيده أيضا توصيف الجابي والأمير والتاجر في خبر إسماعيل يوصف
الدوران في عملهم الذي هو بمنزلة التكرر والاختلاف الوارد في صحيحة هشام المشعر بعليته للحكم هذا كله مع أنه لا خلاف على الظاهر في وجوب التقصير في مثل الفرض كما ستعرفه فالله العالم الثاني المنساق من الفتاوى والنصوص الدالة على وجوب
الاتمام على من كان عمله السفر إرادة السفر البالغ حد المسافة الذي لولا العملية لكان مقتضيا للتقصير فمن كان عنده بعض الدواب واستعملها في الاحتطاب
أو نقل الجص والاجر من مسافة فرسخ أو فرسخين خارج عن موضوع هذه الأدلة ولا أقل عن منصرفها بل قد ينصرف اطلاق قولنا فلان عمله السفر عن الاسفار القصرة
التي ينقضي أمدها في يوم أو يومين أو ثلاثة ولكن انصرافه في مثل المقام عما بلغ حد المسافة بدوي يرتفع بعد الالتفات إلى المناسبة بين الموضوع وحكمه كما لا يخفى
ولا يبعد ان يكون التردد إلى ما دون المسافة هو المراد بالاختلاف الوارد في خبر إسحاق بن عمار قال سألت أبا إبراهيم ع عن الذين يكرون الدواب يختلفون كل
الأيام أعليهم التقصير إذا كانوا في سفر قال نعم وخبره الاخر عنه أيضا قال سألته عن المكارين الذين يكرون يختلفون كل الأيام كلما جائهم شئ اختلفوا فقال عليهم
التقصير إذا سافروا فليتأمل الثالث من كان عمله السفر كالمكارى ونحوه إذا أنشأ سفرا اخر من حج أو زيارة أو غير ذلك مما لا ربط له بعمله فهل يقصر في
ذلك السفر وجهان بل قولان أوجههما ذلك إذ المنساق من التعليل بأنه عملهم بل المتبادر من اطلاقات الأدلة أيضا انما هو إرادة بيان الحكم لدى تلبسه بالسفر
الذي يعد حال تلبسه به كونه مشغولا بعمله ولو بغير صنفه مما ليس من شأنه الاشتغال به لا مطلق السفر بحيث يعم ما لا ربط له بعمله كما يؤيده بل يشهد له قوله عليه السلام
في خبر علي بن جعفر المتقدم أصحاب السفن يتمون الصلاة في سفنهم وفي صحيحة محمد بن مسلم ليس على الملاحين في سفينتهم تقصير وما في رواية إسحاق بن عمار من تعليل
الاتمام على الملاحين كالاعراب بان بيوتهم معهم وقوله ع في الخبر الآتي إذا كان مختلفهم فليصوموا وليتموا الصلاة فإنها مشعرة بل ظاهرة في إرادة الاختصاص بما إذا
كانوا مشغولين بعملهم بل ربما يستشعر من الخبر الأخير اعتبار الاختلاف والتردد في خصوص هذا الطريق ولكنه لا ينبغي الالتفات إلى مثل هذا الاشعار في مقابل الاطلاقات
والله العالم الرابع قد ورد في عدة روايات ان المكارى إذا جد به السير يقصر منها صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال المكارى والجمال إذا
جدبهما السير فليقصرا وصحيحة البقباق قال سألت أبا عبد الله ع عن المكارين الذين يختلفون فقال إذا جدوا السير فليقصروا ومرسلة عمران بن محمد عن أبي عبد الله ع
قال الجمال والمكارى إذا جدبهما السير فليقصرا فيما بين المنزلين ويتمافى المرسل وعن الكليني مرسلا قال وفي رواية أخرى المكارى إذا جدبه السير فليقصر قال ومعنى
جدبه السير جعل المنزلين منزلا وخبر علي بن جعفر المروى عن كتابه عن أخيه ع قال سألته عن المكارين الذين يختلفون إلى النيل هل عليهم اتمام الصلاة قال إذا كان مختلفهم
فليصوموا وليتموا الصلاة الا ان يجد بهم السير فليقصروا وليفطروا ومعنى الجد بالسير الاسراع فيه والاهتمام بشأنه جد بسيره إذا اجتهد فيه هكذا في مجمع البحرين وهو المتبادر
منه عرفا واليه يؤل على الظاهر ما عن الشيخ في التهذيب من أنه بعد نقل الصحيحتين الأولين قال الوجه في هذين الخبرين ما ذكره محمد بن يعقوب الكليني ره وقال هذا محمول على
من يجعل المنزلين منزلا فيقصر في الطريق ويتم في المنزل والذي يكشف عن ذلك ما رواه سعد بن عبد الله عن أحمد عن عمران بن محمد عن بعض أصحابنا يرفعه إلى أبي عبد الله ع
قال المكارى والجمال إذا جدبهما السير فليقصرا فيما بين المنزلين ويتما في المنزل انتهى إذا الغالب على الظن ان قوله من يجعل المنزلين منزلا جار مجرى التمثيل للاسراع والعنف
في السير الذي هو معنى الجد به وما في كلامه من الاستشهاد برواية عمران لعله لاثبات انه يقصر في الطريق ويتم في المنزل لا لأصل المعنى الذي ذكره كي يتوجه عليه ما أورده
في الحدائق وغيره من أنه لا دلالة لها على ذلك وفي المدارك نقل عن الشهيد في الذكرى انه حمل الصحيحتين الآمرتين بالتقصير إذا جد بهما السير على ما إذا أنشأ المكارى
والجمال سفرا غير صنعتهما قال ويكون المراد بجد السيران يكون مسيرهما متصلا كالحج والاسفار التي لا يصدق عليها انه صنعته واستقر به في المدارك وقال لا يعد
استفادة الحكم من تعليل الاتمام في صحيحة زرارة بأنه عملهم ثم نقل عن الذكرى أيضا انه احتمل ان يكون المراد ان المكارين يتمون ما داموا مترددين في أقل من المسافة أو في
مسافة غير مقصودة فإذا قصدوا مسافة قصروا ولكن هذا لا يختص المكارى والجمال به بل كل مسافر وعن العلامة في المختلف أنه قال الأقرب عندي حمل الحديثين على أنهما
إذا قاما عشرة أيام قصرا وعن الشهيد الثاني في روض الجنان انه حملهما على ما إذا قصد المكارى والجمال المسافة قبل تحقق الكثرة أقول ولا يخفى ما في
جميع هذه التوجيهات من البعد وكان الذي دعاهم إلى ارتكاب مثل هذه التوجيهات مخالفة هذه الأخبار بظاهرها للمشهور كما صرح به في مفتاح الكرامة فقال
ما لفظه واعلم أنه قد ورد صحيحان صرح فيهما بان المكارى إذا جدبه السير قصر فأفتى جماعة من متأخري المتأخرين كصاحب والمنتقى والمدارك والذخيرة والمفاتيح
746

والحدائق بظاهرهما وقالوا المتجه الوقوف مع ظاهر اللفظ وهو زيادة السير عن القدر المتعارف بحيث يشتمل على مشقة شديدة فتخص بهما الأخبار الدالة على أن
فرضهم التمام وفيه ان هذا الظاهر ما وقف أحد من الأصحاب معه ولا عليه فظاهرهما شاذ مأمورون بتركه كما أمرنا بترك الخبر الضعيف هذا الكليني والشيخ قد حملاهما على
من يجعل المنزلين منزلا ووافقهما على ذلك جماعة وحملهما الشهيد تارة على ما إذا سافرا سفرا غير صنعتهما كسفر الحج واستقر به في المدارك وفيه ان الحكم قريب لا التوجيه
وأخرى على أن المراد يتمون ما داموا يترددون في أقل من مسافة أو مسافة غير مقصودة وحملهما الشهيد الثاني على ما إذا قصد المسافة قبل تحقق الكثرة والمصنف في المختلف
على ما إذا قاما عشرة أيام في الوطن أو الموضع الذي يذهبان إليه انتهى أقول قد أشرنا انفا إلى أن الشيخ واتباعه لم يعلم تخطيهم عن ظاهر الخبرين كما أنه لم يعلم التزام
المتأخرين الذين صرحوا بان المتجه الوقوف مع ظاهر اللفظ بالتقصير فيما دون ذلك أي فيما إذا لم يبلغ سيره إلى حد يجعل المنزلين منزلا فاق هذا أدنى ما به يتحقق زيادة
السير عن القدر المتعارف زيادة معتد بها موجبة لاشتمال السير على مشقة شديدة مع أن ارتكاب التأويل في الرواية لقرينة داخلية أو خارجية أرشدتهم إليه
بزعمهم كما أومى إليه الشيخ في عبارته المتقدمة لا يجعلها من الشاذ الذي أمرنا بطرحه فما استوجهه الجماعة من المتأخرين من الوقوف مع ظاهر اللفظ وهو الزيادة عن
القدر المعتاد في أسفارهم غالبا كما هو صريح العبارة المحكية عن المنتقى أشبه بالقواعد ولكن ينبغي تقييد المطلقات الامرة بالتقصير بخبر عمران بن محمد كما أشار إليه الشيخ
في عبارته المتقدمة بل لا يبعد دعوى انصراف المطلقات بنفسها عن حال استقرارهما في المنزل والله العالم الخامس قد عرفت ان المدار في وجوب الاتمام ليس
على صدق عنوان كثير السفر ولا على اطلاق اسم المكارى أو الجمال أو غير ذلك من الألفاظ الواردة في النصوص والفتاوى بل على أن يصدق عليه ان السفر عمله ولا يتوقف
صدق هذا العنوان بل ولا صدق اسم المكارى وشبهه على أن يكون مسبوقا بتكرر صدور الفعل منه مرة بعد أخرى بل على اتخاذه حرفة بتهيئة حرفة له بتهيئة أسبابه وتلبسه بالفعل
بمقدار يعتد به في العرف فمن اشترى دوابا واستعملها في المكاراة بقصد التحرف بها والمواظبة عليها صدق عليه انه صار مكاريا واندرج فيمن عمله السفر ولكنك
ستعرف ان هذا بمجرده لا يكفي في وجوب الاتمام عليه بل قد يشترط بان لا يكون سفره المتلبس به بالفعل مسبوقا بإقامة العشرة ومن هنا قد يتجه ما ذكره في المتن
وغيره من أن ضابطه ان لا يقيم في بلده عشرة أيام وان لم تخلو العبارة عن مناقشة وكيف كان فلو أقام أحدهم عشرة أيام في بلده ثم أنشأ سفرا قصر بل في المدارك
هذا الشرط مقطوع به في كلام الأصحاب بل عن المعتبر نفى الخلاف في وجوب القصر على من كان سفره أكثر من حضره مع الإقامة عشرا وظاهره بمقتضى اطلاقه عدم
الفرق بين الإقامة في بلده أو بلد اخر وقد صرح بهذا التعميم كثير ممن تأخر عنه ولكنهم اعتبروا في الإقامة في غير بلده النية ففي القواعد قال والضابط ان لا يقيم أحدهم
في بلده عشرة أيام فلو أقام عشرة في بلده مطلقا أو في غيره مع النية قصر إذا سافر وحكى عن بعضهم التصريح بان المقيم في غير بلده يقصر من غير ذكر لاشتراط النية لكن
عن الشهيد الثاني في الروض والمحدث المجلس دعوى الاجماع على اشتراط النية في إقامة العشرة في غير بلده وانه لا اثر لوقوعها بلا نية وحكى عن كثير من المتأخرين
انهم الحقوا العشرة الحاصلة بعد التردد ثلثين يوما بإقامة العشرة في بلده وعن بعضهم الاكتفاء بثلثين يوما مترددا في انقطاع حكم كثرة السفر وتوقف في هذا
الحكم من أصله جماعة من متأخري المتأخرين كصاحبي المدارك والذخيرة والمحدث الكاشاني وصاحب الحدائق واستدل الأصحاب على أصل الحكم أي انقطاع
اتمام كثير السفر بإقامة العشرة بما رواه الشيخ باسناده عن يونس بن عبد الرحمن عن بعض رجاله عن أبي عبد الله ع قال سألته عن حد المكارى الذي يصوم ويتم قال
أيما مكار أقام في منزله أو في البلد الذي يدخله أقل من عشرة أيام وجب عليه الصيام والتمام ابدا وان كان مقامه في منزله أو في البلد الذي يدخله أكثر من عشرة أيام فعليه
التقصير والافطار والمراد بأكثر من العشرة بقرينة المقابلة ما يعم العشرة فما زاد ويحتمل جرى التعبير مجرى الغالب من ندرة تحقق إقامة العشرة بلا زيادة أصلا وتعذر نقصان القطع
به عادة على تقدير تحققه وعن عبد الله بن سنان بسند غير صحيح عن أبي عبد الله ع قال المكارى ان لم يستقر في منزله الا خمسة أيام وأقل قصر في سفره بالنهار وأتم بالليل
وعليه صوم شهر رمضان وان كان له مقام في البلد الذي يذهب إليه عشرة أيام وأكثر قصر في سفره وافطر وعن الصدوق في الفقيه انه روى هذه الرواية في الصحيح
بنحو اخر قال المكارى إذا لم يستقر في منزله الا خمسة أيام أو أقل قصر في سفره بالنهار وأتم صلاة الليل
وعليه صوم شهر رمضان فإن كان له مقام في البلد الذي
يذهب إليه عشرة أيام أو أكثر وينصرف إلى منزله ويكون له مقام عشرة أيام أو أكثر قصر في سفره وافطر ومفهوم قوله ع في صحيحة هشام المتقدمة المكارى والجمال الذي
يختلف وليس له مقام يتم الصلاة وبصوم شهر رمضان بدعوى ان المراد بالمقام فيه إقامة العشرة لأنها هي المتبادر من مثل هذه اللفظة في النص والفتوى بشهادة التتبع
والاستقراء ونوقش في الجميع اما الرواية الأولى فبضعف السند مع أن ظاهرها في لفرق بين إقامة العشرة في منزله وبلد اخر من حيث اعتبار النية وعدمه فهي
بظاهرها مخالفة للمشهور واما خبر ابن سنان على ما رواه الشيخ فاورد عليه بضعف السند واشتماله على ما لا يقول به أحد من الأصحاب من التقصير بإقامة أقل من
خمسة وانه انما تضمن إقامة العشرة في البلد الذي يذهب إليه والمدعى إقامة العشرة في بلدة وان ظاهره انه إذا كان له إرادة الإقامة في البلد الذي يذهب إليه قصر
في سفره إليه واللازم من ذلك التقصير قبل الإقامة واما على ما رواه الصدوق فهو وان كان صحيحا ولكن يتوجه عليه مضافا إلى الاشكالات المزبورة ان مقتضاه
اعتبار إقامة العشرة في منزله أيضا مضافا إلى العشرة في بلد الإقامة فظاهره ترتب القصر على الإقامتين ولا قائل به واما الصحيحة الأخيرة فيتوجه على الاستدلال
بها ان المنساق من قوله ع وليس له مقام إرادة الإقامة العرفية التي هي شد المسافرة فهو بمنزلة التأكيد لقوله الجمال الذي يختلف فكأنه أريد بذكر الوصفين
الاحتراز عمن لم يتخذه شغلا له على سبيل المواظبة والاستمرار وما قيل من أنه لو لم يحمل على الإقامة المعهودة في الشريعة أي إقامة العشرة للزم حمله على مطلق
المقام الصادق على إقامة يوم أو بعض يوم فيلزمه ان لا يوجد كثير سفر يكون عمله التمام الا نادرا ففيه ان الإقامة العرفية بالمعنى المزبور لا تتحقق بإقامة يوم
747

أو يومين بل ولا بإقامة عشرة أو عشرين إذا لم يكن بقصد ترك المسافرة بل لعروض الموانع أو الاشتغال بتهيئة أسبابه من إجارة دوابه وجمع حموله وتفريق محاميا؟
وغير ذلك من مقدمات عمله ويمكن الجواب اما عن رواية يونس فبأن ضعف سندها مجبور بالعمل إذ الظاهر أن عمدة مستند الأصحاب في هذا الحكم هي هذه الرواية
وما بعدها أي رواية عبد الله بن سنان مع أن يونس على ما قيل من أصحاب الاجماع واما دعوى ظهورها في في لفرق بين الإقامة في منزله أو بلد اخر من حيث اعتبار
النية وعدمه فممنوعة لأنا ان قلنا بان المنساق من قوله ع أقام في منزله أو بلد اخر الإقامة مع النية فليس فيه تعرض لحكم ما لو تحققت بلا نية كي يكون التفصيل
فيها ح بين بلده وغيره مخالفا لظاهر الرواية وانما ثبت عدم اعتبار النية في الإقامة في بلده بالاجماع ان تحقق كما ليس بالبعيد كما أنه لو قلنا بان مقتضى اطلاقه
كفاية مطلق الإقامة نلتزم بتقييدها بالنسبة إلى غير بلده بالاجماعين المنقولين المعتضدين بالشهرة وعدم نقل خلاف صريح فيه مع امكان دعوى ان معهودية
اعتبار النية في إقامة العشرة في غير بلده في رفع حكم السفر مانعة عن ظهور الكلام في ارادتها بالنسبة إلى غير بلده على الاطلاق لصيرورته بالنسبة إلى هذه المعهودية
من قبيل الكلام المحفوف بما يصلح ان يكون قرينة على إرادة المقيد فليتأمل واما الرواية الثانية فهي أيضا كالأولى لا ينبغي الالتفات إلى ضعف سندها مع أنها
مروية بطريق صحيح كما عرفت واما الخدشة في دلالتها فيمكن دفعها أيضا بان قوله ع فإن كان له مقام في البلد الذي يذهب إليه عشرة أيام وأكثر الخ بحسب الظاهر
مسوق في مقابل الشرطية الأولى فالمراد به انه ان أقام في منزله الذي يسار إليه عشرة أيام فما زاد قصر وافطر في سفره الذي يصدر منه بعد ذلك في مقابل ما لو
أقام فيه خمسة أيام أو أقل فتخصيص خمسة أيام فما دون بمنزله وعشرة أيام فما زاد بالبلد الذي يذهب إليه جار مجرى التمثيل لم يقصد بشئ منهما اعتبار الخصوصية
وتخصيص الخمسة بالذكر في الفقرة الأولى لعله للجري مجرى الغالب من عدم استقرار المكارى الذي لا زال مشغولا بعمله بأكثر من ذلك والا فالمدار على أن لا يستقر
عشرة فما زاد بقرينة المقابلة وشهادة غيرها من الروايات الدالة عليه وعدم كون ما تضمنته الفقرة الأولى من التقصير بالنهار في الأقل من خمسة أيام معمولا به
بظاهره غير موجب لسقوط الرواية عن الاعتبار كما تقرر في محله واما ما في رواية الفقيه من زيادة قوله وينصرف إلى منزله فهو أيضا مثال اخر فيكون
الواو بمعنى أو كما في قوله خمسة وأقل بشهادة الاجماع على عدم اعتبار إقامة عشرتين في رفع حكم الكثرة ويحتمل ان يكون المقصود بهذه الرواية ان المكارى إذا لم
يكن شغله المكاراة على سبيل الاتصال والاستمرار بل من شأنه انه متى سافر إلى مكان أو رجع إلى منزله أقام فيه عشرة أيام فما زاد قصر وكيف كان فما في هذه
الرواية وكذا في سابقتها من تحديد الإقامة الرافعة لحكم الكثرة بالعشرة نافع لها في لفظ المقام الوارد في صحيحة هشام من الاجمال حيث يفهم من هاتين الروايتين
ان المقام الذي اعتبر الشارع عدمه شرطا في وجوب الاتمام على المكارى ونحوه هي إقامة العشرة فما زاد فلا يبقى معه اجمال في تلك الصحيحة فيستفاد من مجموع هذه
الروايات ولو باعتضاد بعضها ببعض ان إقامة العشرة في بلده أو بلد اخر موجبة للقصر والافطار على المكارى في الجملة فلا ينبغي الاستشكال في ذلك خصوصا مع
عدم معروفية خلاف محقق فيه عن أحد وانما الاشكال في مواقع الأول في التفصيل بين بلده وغيره في اعتبار النية وعدمه كما هو المشهور فان مقتضى اطلاق
النص عدم اعتبارها مطلقا وبما استدل على اعتبارها في غير بلده بما عن الشهيد الثاني في الروض والمحدث المجلسي من دعوى الاجماع على عدم اعتبار
العشرة المتردد فيها في غير البلد وبان اعتبار هذه الإقامة للاخراج عن كثير السفر وهو يحصل بقطع السفر والعشرة الغير المنوية في غير بلده سفر أيضا وفي المستند
بعد ذكر الدليلين قال ما لفظه ويضعف الأول بعدم حجية الاجماع المنقول والثاني بمنع كون الاعتبار لما ذكر بل هو تعبدي نعم لو ثبت الاجماع
على ذلك لكان متبعا وفي ثبوته كلام كيف وظاهر اطلاق كلام النافع المساوي البلدين وعدم اشتراط النية في شئ من الإقامتين ونسب بعض الحاق العشرة
المنوية بالعشرة البلدية إلى الفاضلين ومن تأخر عنهما المشعر بعدم ذكر لها فيمن تقدم عليهم فكيف يثبت الاجماع فالقول بكفاية إقامة العشرة مطلقا ولو في
غير بلده قوى غايته انتهى أقول كأن الأصحاب بواسطة المناسبة بين الحكم وموضوعه فهموا من هذه الأخبار ان المراد من المقام الوارد في هذه الأخبار
ليس مطلق المكث والبقاء في مكان كيف ما كان بل الإقامة التي هي عبارة عن ترك المسافرة فمعنى قوله ع ان كان مقامه في منزله أو في البلد الذي يدخله أكثر من عشرة أيام
انه ان كان ترك تلبسه بالسفر الذي هو عمله عشرة أيام فما زاد فعليه التقصير وهذا المعنى يتحقق بالإقامة في بلده مطلقا وفي غيره مع النية أو بعد مضى ثلثين يوما ترددا
بناء على ما هو المشهور من كون قصد الإقامة أو البقاء ثلثين يوما قاطعا للسفر لا رافعا لحكمه تعبدا هذا ولكنك خبير بان دعوى انسياق هذا المعنى من الروايات
لا مطلق الإقامة المشاملة للبقاء مترددا قابلة للمنع نعم لا يبعد ان يقال إن معهودية اعتبار النية في إقامة العشرة في غير بلده في دفع حكم السفر المناسب
لهذا الحكم موجبة للتشكيك في إرادة الإقامة الغير المنوية التي لا اثر له شرعا من الاطلاق فيشكل ح رفع اليد بالنسبة إليه عما يقتضيه اطلاق ما دل على وجوب
الاتمام على المكارى وغيره ممن عمله السفر فما ذهب إليه المشهور من اعتبار النية في الإقامة في غير البلد أو مضى ثلثين يوما مع التردد اقتصارا في رفع اليد عن اطلاق
أدلة التمام على القدر المتيقن استفادته من النص الخاص لا يخلو من وجه ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالجمع بين القصر والاتمام وهل يعتبر في إقامة العشرة القاطعة
لحكم كثرة السفر عدم خروجه عن حدود البلد أم لا فلا ينافيها التردد إلى ما دون المسافة أو التفصيل بين الإقامة في بلده وبين غيره فلا يشترط في الأول وبشرط
في الثاني وجوه أوجههما إناطة الحكم بصدق اسم الإقامة في البلد وهذا مما يختلف باختلاف الموارد وكثرة التردد والتباعد عن البلد وقلته ولكن هذا فيما لو التزمنا
بكفاية الصدق المزبور في حصول إقامة العشرة القاطعة للسفر كما سيأتي تحقيقه واما لو اعتبرنا في الإقامة القاطعة للسفر في لخروج عن حدود البلد أو عن حد
الترخص تعبدا ولو لم يكن منافيا لصدق الإقامة فيه عرفا فقد يتجه الالتزام به هيهنا أيضا بالنسبة إلى غير بلده أي القول بالتفصيل بالتقريب الذي وجهنا به التفصيل
748

في اعتبار النية بين بلده وغيره فليتأمل الثاني إذا وجب التقصير والافطار على كثير السفر بإقامة العشرة فهل هو في السفرة الأولى خاصة فيتم في الثانية أم
يقصر في الثانية أيضا فلا يعود حكمه أي الاتمام والصيام الا في الثالثة قولان نسب أولهما إلى الحلى وكثير من المتأخرين وثانيهما إلى الشهيد وجماعة ممن تأخر عنه والأول
لا يخلو من قوة فان غاية ما يمكن استفادته من الاخبار المزبورة هي ان إقامة العشرة تخرجه عن حكم كثير السفر في السفرة الأولى خاصة فيبقى ما عداها مندرجا في عموم ما
دل على وجوب الاتمام على من كان عمله السفر بل هذا هو الذي يستفاد من مرسلة يونس التي وقع فيها السؤال عن حد المكارى الذي يصوم ويتم بل وكذا رواية عبد الله
بن سنان المتقدمتين إذا الظاهر كونهما مسوقتين لبيان ضابطة يعرف بها المكارى الذي عمله السفر تكليفه في جميع أسفاره وهى ان المكارى إذا حل في بلده أو البلد
الذي يدخله لنقل المتاع إليه أو منه فان أقام فيه أقل من عشرة أيام وجب عليه عند المسافرة عنه الصيام والاتمام وان أقام فيه عشرة فما زاد قصر في سفره وافطر فالمراد
بقوله في الرواية الأولى ان أقام في بلده أو البلد الذي يدخله أقل من عشرة أيام وفي الرواية الثانية ان لم يستقر في منزله الا خمسة أيام وأقل وكذا من مقابلة انما هي الإقامة
الحاصلة له قبل الاخذ في سفره الذي هو متلبس به بالفعل لا مطلقها أو في شئ من الأزمنة الماضية في الجملة فليتأمل واستدل له أيضا باستصحاب وجوب التمام الثالث
له حال كونه في منزله أو ما هو في حكمه كالمحل الذي انقطع فيه سفره بنية إقامة العشرة ولم يقمها وفيه ان وجوب الاتمام الثابت في حقه حال كونه في منزله لم يكن الا لأجل
كونه حاضرا فإذا سافر فقد تبدل موضوع ذلك الحكم فلا يصح استصحابه مع أنه قد يقال بمعارضته باستصحاب وجوب القصر الثابت في حقه سابقا على سبيل التعليق بل حكومة
هذا الاستصحاب على الأول لأنه حال كونه في منزله كان هذا الاستصحاب جاريا في حقه فلا يبقى معه مجال للتشكيك في حكمه بعد صيرورته مسافرا ولكن فيه أيضا انه من
باب الشك في المقتضى فلا تعويل عليه واستدل للقول الثاني باستصحاب وجوب القصر الثابت في حقه بعد الإقامة الحاكم على اصالة التمام كما تقدمت الإشارة إليه
وفيه بعد الغض عما عرفت من أن مقتضى الأصل هو الاخذ باطلاق ما دل على وجوب الاتمام على من عمله السفر مقتصرا في تقييده على القدر المتيقن وهى السفرة الأولى لو لم
نقل بظهور الأخيار المقيدة أيضا في حد ذاتها أيضا في خلافه ما سبقت الإشارة إليه من أنه شك في المقتضى كما هو الشأن في سائر الأحكام الشرعية الكلية التي نشأ
الشك في بقائها عن تبدل وصف أو حال يحتمل مدخليته في بقاء الحكم وعن الشهيد في الذكرى انه استدل عليه بزوال الاسم واحتياج عوده إلى سفرات ثلث كالمبتدأ
بناء على أصله من اعتبار ذلك في العنوان المعلق عليه الحكم فقال ما لفظه وربما قيل إذا كان الاسم صادقا عليهم يعنى على المكارى والملاح والتاجر ونحوهم فخرجوا
بمقام عشرة ثم عادوا إلى السفر اكتفى بالمرتين وان كانوا مبتدئين فلا بد من الثلاثة وهو ضعيف لان الاسم قد زال فهو الان كالمبتدأ لأنه لو لم يزل وجب الاتمام في
السفرة الأولى عقيب العشرة انتهى وفيه ما لا يخفى فان إقامة العشرة ليست منافية لصدق شئ من العناوين المعلق عليها هذا الحكم في الفتاوى والنصوص الدالة
عليه سواء قلنا بان المدار على صدق اسم المكارى ونحوه أو عنوان كثير السفر أو أكثرية سفره من حضره أو عملية السفر ولكن رفعنا اليد عن عمومات أدلته في السفر الأولى
للنصوص الخاصة الدالة عليه فلا يقاس عليها غيرها نعم استظهر شيخنا المرتضى ره من القيد الوارد في صحيحة هشام بن الحكم المكارى والجمال الذي يختلف و
ليس له مقام يتم الصلاة ويصوم شهر رمضان إناطة الحكم بتحقق سفرات ثلث من غير تخلل إقامة نظرا إلى أن وصف الاختلاف الذي اعتبره الشارع قيدا في موضوع
هذا الحكم بظاهر هذه الصحيحة لا يتحقق الا بتكرر الذهاب والمجيئ أي بتكرر السفر فالتمام لا يكون الا في السفرة الثالثة التي هي بعد تحقق
وصف الاختلاف دون الأوليين اللتين يتحقق بهما هذا الوصف فالاقامة على هذا التقدير رافعة للموضوع المعلق عليه هذا الحكم إذ لا يصدق عليه بعد حصول
الإقامة انه مكار ليس له مقام بل يصدق عليه انه مكار له مقام فرجوعه على ما كان يتوقف على أن يصدر منه سفرات ثلث غير متخللة بالإقامة كالمبتدأ وفيه ان وصف
الاختلاف للمكارى والجمال من اللوازم العادية التي لا يفهم من ذكرها إرادة الاحتراز بل هو بحسب الظاهر توطئة لتقييد موضوع الحكم بقوله ليس له مقام فلا يفهم
من الرواية الا إرادة بيان وجوب التمام على المكارى والجمال المواظب على عمله سبيل الاستمرار من غير أن يكون له حالة توقف واستقرار واما انه إذا حصل له
الاستقرار في بلد بإقامة العشرة فهل يزول حكمه رأسا ان في خصوص السفرة الأولى أو الأعم منها ومن الثانية فلا تعرض لها كما لا يخفى على المتأمل الثالث
ان الروايات الدالة على وجوب التقصير بعد إقامة العشرة مختصة بالمكارى ومن هنا قد يقوى ما قيل من أن ذلك مختص بالمكارى ولكن المشهور كما ادعاه غير واحد
التعدي عنه إلى كل من عمله السفر من الأصناف المزبورة بل في الجواهر بعد ان صرح بعدم الفرق بين المكارى وغيره قال بلا خلاف محقق أجده فيه وان اختص النص بالأول
لعموم معقد الاجماع والقطع بعدم الفرق بعد ان كان المناط عملية السفر المنقطع حكمها بإقامة العشرة انتهى أقول
ويؤيده أيضا ما في رواية إسماعيل من توصيف
الجابي بالذي يدور في جبايته والأمير بالذي يدور في امارته والتاجر بالذي يدور في تجارته فان المنساق منه ليس الا ما يتبادر من توصيف الجمال في صحيحة هشام
بالذي يختلف وليس له مقام فما ذهب إليه المشهور من كون الإقامة رافعة لحكم كثرة السفر فيمن عمله السفر مط لعله أقوى ولكن الاحتياط بالجمع بين القصر والاتمام
في غير مورد النص مما لا ينبغي تركه ثم على القول باختصاصه بالمكارى قيل إنه بمعناه الأعم فيدخل في جملته الملاح والأجير وهو لا يخلو من اشكال إذ لو سلم صحة
اطلاق اسمه عليهما فلا أقل من خروجهما خصوصا الثاني منهما عن منصرف اطلاقه ولذا اختار في المستند هذا القول وخصه بخصوص المكارى بمعناه المعروف دون
الملاح والأجير وهو لا يخلو من وجه وان كان الأول أظهر كما يظهر وجهه مما مر الا ان يدعى القطع بالمناط وعهد على مدعيه ولو أقام خمسة أيام قيل يتم بل هذا
هو المشهور كما صرح به غير واحد بل عن الحلى دعوى الاجماع عليه وقيل يقصر صلاته نهارا دون صومه ويتم ليلا وقد حكى هذا القول عن الشيخ وابني حمزة والبراج
لقوله عليه السلام في صحيحة ابن سنان المتقدمة المكارى ان لم يستقر في منزله الا خمسة أيام أو أقل قصر في سفره بالنهار الحديث وفيه بعد الغض عن شذوذ هذه الفقرة بل
749

عدم نقل القول بظاهرها من وجوب التقصير بالنهار في الأقل من الخمسة عن أحد عدى بعض متأخري المتأخرين كصاحب الذخيرة وبعض من تأخر عنه ممن لا يؤثر عمله
في خروج الرواية عن الشذوذ عدم صلاحيتها التخصيص العمومات الكثيرة الواردة في محل الحاجة التي ربما يأبى بعضها عن التخصيص كقوله في مرسلة يونس أيما مكار أقام
في منزله أو في البلد الذي يدخله أقل من عشرة أيام وجب عليه الصيام والتمام؟ المعتضد بعموم المعتبرة الدالة على الملازمة بين التقصير والافطار نعم لو لم يكن مخالفا
للاجماع لامكن الجمع بين الاخبار بحمل هذه الرواية على الرخصة في التقصير بالنهار الا انه لم ينقل القول به عن أحد عدى انه ربما يظهر من المستند اختياره وكيف كان
فالأولى رد علم هذه الرواية إلى أهله وحكى عن الإسكافي انه جعل إقامة الخمسة كالعشرة موجبة للتقصير والافطار مط ولم يعرف مستنده وقد ظهر بما ذكر ان القول
الأول أشبه بالقواعد والله العالم الشرط السادس لا يجوز للمسافر التقصير حتى يتوارى عنه جدران البلد الذي يخرج منه أو يخفى عليه الاذان
فأيهما حصل كفى في وجوب القصر على الأشهر بل المشهور بين القدماء بل مطلقا على ما ادعاه بعض وعن كثير من المتأخرين بل ربما نسب إلى أكثرهم تبعا للمحكى عن
السيد والشيخ في الخلاف اعتبارهما معا وعن المقنع اعتبار خصوص الأول وعن المفيد والديلمي والحلي خصوص الثاني ونسب إلى والد الصدوق انه لم يعتبر حد الترخص
بل أوجب التقصير بمجرد الخروج من منزله كما سيأتي في عبارة المصنف الإشارة إليه ومنشأ الخلاف اختلاف الاخبار وانظارهم فيما يقتضيه الجمع بينهما اما ما يدل على
اعتبار أحد الامرين المزبور في جواز التقصير فمنها صحيحة محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد الله ع رجل يريد السفر متى يقصر قال إذا توارى من البيوت وصحيحة ابن
سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن التقصير قال إذا كنت في الموضع الذي تسمع الاذان فأتم وإذا كنت في الموضع الذي لا تسمع الاذان فيه فقصر وإذا
قدمت من سفرك فمثل ذلك والمروى عن محاسن البرقي في الصحيح عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله ع قال إذا سمع الاذان أتم المسافر وموثقة إسحاق بن عمار
المتقدمة في تحديد مقدار المسافة وفيها أليس قد بلغوا الموضع الذي لا يسمعون فيه اذان مصرهم الذي خرجوا منه قال بلى الحديث ويظهر من هذه الموثقة معروفية
هذا التحديد لديهم وعن الفقه الرضوي أنه قال فإن كان أكثر من بريد فالتقصير واجب إذا غاب عنك اذان مصرك وان كنت في شهر رمضان فخرجت من منزلك
قبل طلوع الفجر إلى السفر أفطرت إذا غاب عنك اذان مصرك وهذه الأخبار بأسرها متفقة الدلالة على في لرخصة في التقصير ما لم يبلغ شيئا من الحدين ولا
يعارضها بعض الروايات المشعرة أو الظاهرة في ثبوت التقصير بمجرد الخروج من منزله مثل ما عن الصدوق مرسلا عن الصادق عليه السلام أنه قال إذا خرجت من
منزلك فقصر إلى أن تعود ورواية علي بن يقطين عن أبي الحسن ع في الرجل يسافر في شهر رمضان أيفطر في منزله قال إذا حدث نفسه في الليل السفر افطر إذا خرج من
منزله ومرسلة حماد عن أبي عبد الله ع في الرجل يخرج مسافرا قال يقصر إذا خرج من البيوت لوجوب تقييدها بالوصول إلى محل الترخص أورد علمها إلى أهله لقصورها
عن المكافئة ويحتمل جريها مجرى التقية لحكاية القول بمضمونها عن بعض العامة فما نسب إلى والد الصدوق من كفاية مجرد الخروج من منزله استنادا إلى ظواهر هذه الأخبار
ضعيف وانما الاشكال في المقام هو في رفع التنافي بين الحدين فنقول اما صحيحة محمد بن مسلم فهي مستند اعتبار توارى الجدران ولكن دلالتها عليه لا يخلو من
خفاء إذ الصحيحة بظاهرها تدل على اعتبار تواريه من البيوت الذي هو عبارة عن الغيبوبة عنها التي هي من مقومات مفهوم المسافرة عنها في مقابل حضورها الذي
يطلق عليه ما دام كونه عنها بمرئى ومسمع لا توارى البيوت عنه ولا ملازمة بين الامرين فإنه إذا بعد من البيوت التي خرج منها حتى وصل إلى مكان لم لم يره أهلها
صدق عليه عرفا انه توارى من البيوت أو غاب عنها ولا يصدق على البيوت ولا على جدرانها انها توارت منه أو غابت عمن سافر عنه حتى يبلغ المسافر موضعا لم ير شيئا
منها كما أنه لا يصدق عليه انه توارى من البيوت الا بعد استتار جثته وبينهما اختلاف بين فان البيوت يرى في العرف والعادة من مسافة فرسخ أو فرسخين ولا يرى
الشخص من ربع هذه المسافة مثلا فكان الأصحاب لما رأوا ورود هذه الرواية في مقام التحديد ولا طريق لمن غاب عن البيوت إلى معرفة غيبوبته عنها في العادة الا
بالمقايسة إلى ما يختفي عليه من تفاصيل اشكال البيوت والجدران المائزة بين قبابها بعضها عن بعض وغير ذلك من التفاصيل التي لا يختلف استتارها عن الشخص
عن استتار الشخص من البيوت فهموا ان المراد بهذا التحديد تعرف حاله باختفاء تفاصيل جدران البلد عليه فجعلوه مناطا للحكم فمرادهم باختفاء الجدران هو هذا المعنى
الذي لا ينفك عن تواريه كما يظهر ذلك بالتدبر في كلماتهم لا ما ينصرف إليه اطلاق توارى جدران البلد وكيف كان فظاهر هذه الصحيحة بمقتضى التحديد الواقع فيها
انتفاء التقصير ما لم يتوار من البيوت سواء سمع الاذان أم لم يسمع فيتحقق المعارضة بين مفهوم هذه الصحيحة ومنطوق الفقرة الثانية من صحيحة ابن سنان وغيرها مما
دل على سببية خفاء الاذان للتقصير مط كما أن مقتضى اطلاق الفقرة الأولى من هذه الصحيحة وهى قوله إذا كنت في الموضع الذي تسمع الاذان فأتم وغيرها مما دل
على وجوب الاتمام لدى سماع الاذان في لفرق في ذلك بين ان يكون ذلك قبل توارى الجدران أو بعده فيعارضها على تقدير خفاء الجدران قبل ان يختفي صوت
الاذان منطوق تلك الصحيحة فقد يقال ح بان مقتضى الجمع بينهما وقع اليد عن مفهوم الصحيحة الأولى بمنطوق الفقرة الثانية من الصحيحة الثانية وتخصيص الفقرة الأولى
من هذه الصحيحة التي هي في قوة التصريح بمفهوم فقرئها الثانية بمنطوق الصحيحة الأولى فيصير محل المجموع ما فهمه المشهور من سببية كل منهما لترتب الجزاء بشرط ان لا يسبقه
الاخر واعترض على هذا الجمع شيخنا المرتضى ره بما لفظه وهذا الجمع حسن لو كان المقام مقام بيان السبب للتقصير فيحمل على تعدد السبب كما في نظائره لكن المقام
مقام بيان التجديد والحمل على تعدد الحد غير مستقيم بين الأقل والأكثر ولعله لذا عكس المتأخرون الجمع بين الصحيحين فاعتبروا خفاء الامرين انتهى أقول فكان المتأخرين
لما رأوا عدم استقامة تحديد شئ واحد بحدين مختلفين فهموا من هذين الحدين ان المدار في ثبوت التقصير لدى الشارع على غيبوبته عن البلد بحيث لا يرى جدرانه
ولا يسمع أصوات أهله والا فهو بحكم الحاضر وحيث إن الامرين لا يتخلف أحدهما عن الاخر في الغالب اكتفى الشارع باحراز أحدهما عن الاخر ما لم يعلم بتخلفه
750

عنه هذا ولكن إلى يقتضيه التحقيق انه لا معارضة بين الصحيحة الأولى والثانية إذ العادة قاضية بان توارى الشخص من البيوت فضلا عن توارى جدران البلد عنه أخص من خفاء الاذان
وهذه الصحيحة لا تدل على انتفاء التقصير ما لم يبلغ هذا الحد الا بالمفهوم الذي غايته الظهور فلا يصلح معارضا للصحيحة الثانية التي هي نص في إناطة الحكم وجودا وعد ما بسماع الاذان
وعدمه فقضية الجمع بينهما حمل الصحيحة الأولى على إرادة بيان تحديد تقريبي ببيان الموضوع الذي يتحتم عنده التقصير من غير أن يقصد به الانتفاء عند الانتفاء على الاطلاق فالحد الحقيقي
هو بلوغه إلى موضع لا يسمع فيه الاذان واما خفاء الجدران فمهما تحقق فقد وجب حاله التقصير ولكن لا من حينه بل من حين خفاء الاذان المتحقق قبله في العادة اللهم الا ان يعمم
توارى الجدران بحيث يعم ما لو كان لمانع من حايل ونحوه فربما يجتمع ح مع سماع الاذان ولكن المنساق من النص والفتوى انما هو إرادة الغيبوبة الناشئة من تباعده عن البلد زائدا عن مد
البصر لا مطلقا كما لا يخفى على المتأمل والمدار في السماع وكذا الرؤية ان اعتبرناها على السمع والبصر المعتادين دون الخارقين وفاقدهما أو فاقد أحدهما يقدرهما كما أنه يقدر عدم الحايل لو كان
هناك حايل وهل يعتبر في سماع الاذان ان يسمع فصوله بحيث يميزها عن سائر الأصوات أم يكفي مجرد سماع صوته وجهان أوجههما الثاني إذا الظاهر إرادة التمثيل من الاذان لكل صوت رفيع
يشبهه فالمدار في التقصير على وصوله إلى موضع لا يسمع فيه الأصوات المرتفعة في البلد التي ارفعها بمقتضى العادة اذان مصرهم فتخصيص الاذان بالذكر على الظاهر لذلك لا لإرادته بالخصوص
كي يتجه الالتزام باعتبار سماعه على وجه يتميز عن غيره والمنساق إلى الذهن وصوله إلى موضع من شأنه ذلك وان لم يكن فيه بالفعل اذان ولا صوت رفيع كما هو واضح واما الجدان فان اعتبرنا خفائها
فالعبرة بخفاء صورتها مفصلة لا مجرد سوادها كما صرح به غير واحد بل لا يظن بأحد الالتزام باعتبار غيبوبتها بالمرة والا فهو محجوج بما في بعض الأخبار من أن النبي صلى الله عليه وآله
وكذا الوصي إذا سافر فرسخا قصر فليتأمل وكيف كان فالمدار على مطلق الاذان والجدران حتى من الناحية التي خرج منها لا خصوص ما في محلته حتى في البلاد العظيمة على اشكال فيما إذا كانت
خارجة عن المعتاد خصوصا مع انفصال محالها فلا ينبغي ترك الاحتياط في مثل هذه الموارد بتأخير الصلاة أو الجمع بين القصر والاتمام والله العالم هذا كله في المسافر من بلده ومنزله
اما غيره كالهايم والعاصي بسفره ونحوهما فلا محل ترخص له بل يقصر بمجرد قصد المسافة والضرب في الأرض لاطلاق الأدلة من غير معارض بعد ظهور أدلة المقام في غير ذلك بل المتبادر
منها غير محل الإقامة أيضا كما اعترف به في الجواهر وصرح به أيضا شيخنا المرتضى ره فقال ما لفظه ولو خرج المقيم ناويا لمسافة جديدة فالظاهر أنه يقصر بمجرد الخروج عن محل الإقامة وان
لم يبلغ إلى حد الخفاء لعمومات القصر القاطعة لاستصحاب عدمه السليمة عن أدلة اعتبار حد الترخص المختصة عند التأمل بمن خرج من وطنه وان كان ظاهر صحيحة ابن مسلم يوهم الشمول لمطلق
الخارج انتهى خلافا للمحكى عن السرائر وظاهر التذكرة وغيرهما من اعتباره في محل الإقامة أيضا بل قيل على ما حكاه في الجواهر انه يستفاد من كلام الأكثر في مواضع بل هو صريح كلامهم في
مسألة ناوي الإقامة في بلد حيث ذكروا هناك انه لا يضل التردد في نواحيها ما لم يبلغ محل الترخص متسالمين عليه انتهى وفي المدارك استوجه هذا القول واستدل عليه بان محمد بن مسلم
سال الصادق عليه السلام فقال له رجل يريد السفر فيخرج متى يقصر فقال إذا خرج من البيوت وهو يتناول من خرج من موضع الإقامة كما يتناول من خرج من بلده انتهى وفيه ان المتبادر
من السؤال إرادة انشاء السفر من منزله كما أشار إليه شيخنا المرتضى ره في عبارته المتقدمة واستدل عليه أيضا بما دل على أن المقيم في بلد عشرا بمنزلة أهل ذلك البلد فان مقتضاه مساواته له في
احكامه التي منها ذلك ومنه يظهر اعتبار محل الترخص في المسافر من المحل الذي بقي فيه بعد التردد ثلثين يوما لتشبيهه بالمنزل أيضا وفي الجواهر بعد نقل هذا الدليل قال لكن قد يشك في
شمول التشبيه لمثل ذلك بل قد يدعى ان المنساق منه غيره من الاتمام في البلد ونحوه انتهى وهو جيد ولكن الالتزام بالتقصير بمطلق الضرب في الأرض ما لم يخرج عن حدود والبلد خصوصا
فيما لواحد في الضرب ثم بداله ان يبقى يوما أو يومين في بعض بيوتاته الغير الخارجة عن حدودها لا يخلو من اشكال بل لا يبعد ان يدعى ظهور ما دل على وجوب الاتمام على من نوى الإقامة
في بلد وصلى صلاة تامة حتى يخرج من محل إقامته في خلافه ولعل القائل بعدم اعتبار حد الترخص فيه أيضا لا ينكر ذلك كما يشعر به عبارة شيخنا المرتضى المتقدمة وكيف كان فان أمكن الالتزام
باعتبار الخروج عن حدود محل الإقامة دون حد الترخص فهو لا يخلو من وجه ولكنه لا ينبغي ترك الاحتياط بتأخير الصلاة حتى يبلغ حد الترخص أو الجمع بين القصر والاتمام والله العالم و
قد ظهر بما مر من اشتراط جواز التقصير بخفاء الاذان انه لا يجوز له الترخص قبل ذلك وان نوى السفر ليلا وربما يستشعر من تعرض المصنف لذلك وجود الخلاف فيه ولعله من العامة و
يمكن ان يكون بملاحظة وروده في خبر علي بن يقطين المتقدم الموهم لخلافه حيث قال فيه إذا حدث نفسه في الليل بالسفر افطر إذا خرج من منزله وقد عرفت فيما تقدم من أنه لا بد من حمل مثل
هذه الأخبار على ما لا ينافي ما دل على اعتبار البلوغ إلى حد الترخص وكذا في عوده من سفره يقصر حتى يبلغ سماع الاذان من مصره أو رؤية الجدران على المشهور بين الأصحاب شهرة
عظيمة كما ادعاه بعض بل عن الذكرى انها كادت تكون اجماعا واستدل عليه بانقطاع صدق السفر عرقا عليه واندراجه في الحاضر عند أهله وفي منزله ووطنه بالوصول إلى الحد المزبور
وبقوله عليه السلام في صحيحة ابن سنان المتقدمة وإذا قدمت من سفرك فمثل ذلك الظاهر في إرادة القصر قبل سماعه الاذان والاتمام بعد سماعه بناء على أن تخصيص الاذان بالذكر
ليس لاعتباره بالخصوص بل باعتبار كونه احدى الامارتين اللتين يعرف بهما حد الترخص ولعل اقتصار المصنف ره هيهنا على خصوص سماع الاذان مع تصريحه فيما سبق بكفاية تحقق
أحد الامرين المزبورين في حد الترخص بناء منه على أنهما متلازمان في العادة كما هو مقتضى جعلهما حد المحدود معين فيكون اشتراط أحدهما في قوة اشتراط خفائهما معا فاكتفائه
فيما سبق بكل منهما لا لأجل امكان تخلفه عن الاخر وكون كل منهما من حيث هو مناطا للتقصير بل لكون كل منهما لدى احرازه طريقا لمعرفة وصوله إلى الحد الذي رخص فيه في التقصير
كما أنه يحتمل ان يكون ذلك بناء منه على ما ادعيناه من أن خطأ الجدران أخص مطلقا من خفاء الاذان عادة
فالحد الحقيقي هو خفاء الاذان ولكنه متى لم يعرف ذلك يستكشف حصوله
بخفاء الجدران الذي هو أخص منه فيصح ح ان يقال لا يجوز للمسافر التقصير حتى يتوارى جدران البلد الذي يخرج منه أو يخفى عليه الاذان وأيهما حصل يثبت في حقه التقصير إلى أن
يعود من سفره ويصل إلى محل سماع الاذان من مصره لا غير ويحتمل بعيدا التزامه بالتفصيل بين الذهاب والرجوع بان يكتفى بأحد الامرين في الذهاب ويعتبر في الاياب خصوص السماع
بل في المدارك جزم بإرادة هذا التفصيل من العبارة وقواه فقال ما لفظه ما اختاره المصنف ره في حكم العود اظهر الأقوال في المسألة لقوله ع في رواية ابن سنان المتقدمة وإذا قدمت
من سفرك مثل ذلك وانما لم يكتف المصنف هنا بأحد الامرين كما اعتبره في الذهاب لانتفاء الدليل هنا على اعتبار رؤية الجدران انتهى ووافقه في ذلك بعض من تأخر عنه
751

وكيف كان فقد يتوجه الاشكال على ما نسب إلى ظاهر المشهور بين القدماء من الاكتفاء بحصول أحد الامرين مطلقا في الذهاب والاياب بأنه إذا كان أحدهما كافيا لوجوب القصر في الذهاب
فلا بد من رفعهما معا في الاياب إذ القصر لا يرتفع الا يرفع موجبه ولا يرتفع موجبه الا برفعهما فمن هنا قد يغلب على الظن ان حكمهم بكفاية كل منهما لم يكن الا بلحاظ كون كل منهما
لديهم طريقا شرعيا لاثبات بلوغه حد الترخص من غير التفات إلى صورة تحقق المعارضة بينهما على تقدير انفكاك أحدهما عن الاخر لندرة حصول العلم بذلك في مورد ابتلائه في
العادة فليتأمل وذهب بعض متأخري المتأخرين كصاحب الحدائق وغيره إلى التفصيل في اعتبار حد الترخص بين الذهاب والاياب فاعتبره في الأول دون الثاني ففي الحدائق
قال ما لفظه والأظهر عندي بالنسبة إلى الذهاب ما تقدم من التخيير عملا بالروايتين المتقدمتين ومعا بينهما بذلك واما في الاياب فهو ما ذهب إليه الشيخ علي بن بابويه ومن تبعه لنا
على الأول وما عرفت على الثاني الاخبار المتكاثرة التي قدمناها في التنبيه الذي في اخر المقام الثاني من مقامات الشرط الرابع انتهى وأشار بالاخبار المتقدمة إلى موثقة إسحاق بن عمار عن
أبي عبد الله ع قال سألت عن الرجل يكون مسافرا ثم يقدم فيدخل بيوت الكوفة أيتم الصلاة أم يكون مقصرا حتى يدخل أهله قال بل يكون مقصرا حتى يدخل أهله وصحيحة العيص بن
القاسم عن أبي عبد الله ع قال لا يزال المسافر مقصرا حتى يدخل بيته وعن الصدوق في الفقيه مرسلا عن أبي عبد الله ع قال إذا خرجت من منزلك فقصر إلى أن تعود إليه وموثقة
ابن بكير قال سألت أبا عبد الله ع عن الرجل يكون بالبصرة وهو من أهل الكوفة له فيها دار أو منزل وانما هو مجتاز لا يريد المقام الا بقدر ما يتجهز يوما أو يومين قال يقيم في جانب
المصر ويقصر قلت فان دخل منزله قال عليه التمام وصحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ع قال إن أهل مكة إذا زاروا البيت ودخلوا منازلهم أتموا وإذا لم يدخلوا منازلهم قصروا
وصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله ع قال إن أهل مكة إذا خرجوا حجاجا قصروا وإذا زاروا البيت ورجعوا إلى منازلهم أتموا وربما مال أو قال غير واحد من المتأخرين بالتخيير منهم
صاحبا المدارك والذخيرة وقد سبقهما إلى ذلك المحقق الأردبيلي فقال ما لفظه على ما نقل عنه لو وجد القائل بالجواز والاستحباب فهو حسن والا فمشكل فان القول بغير المشهور
مع في لقائل وخلاف ظواهر بعض الأخبار الصحيحة يحتاج إلى جرأة والقول بما قاله السيد وابن الجنيد وابن بابويه لا يخلو عن اشكال ان كان مرادهم الوجوب يعنى وجوب القصر
نعم لو كان مذهبهم غير الوجوب لكان القول به جيدا انتهى وعن الرياض لولا الشهرة العظيمة المرجحة لأدلة المشهور لكان المصير إلى هذا القول في غاية القوة لاستفاضة
نصوصه وصحة أكثرها وظهور دلالة جملة منها بل صراحة كثير منها لبعد ما يقال في توجيهها جدا وهو ان المراد من البيت والمنزل ما يحكمهما وهو ما دون الترخص لان سباقها يأبى هذا ظاهرا
وان أمكن بعيدا سيما في الموثق المتضمن لدخول البلد والحكم فيه مع ذلك بالقصر إلى دخول الأهل وحمله على أن ذلك انما هو لسعة الكوفة فلعل البيوت التي دخلها محل الترخص المعتمر
في مثلها وهو اخر محلته يدفعه عموم الجواب الناشئ من ترك الاستفصال انتهى أقول ما ذكروه من بعد ارتكاب التأويل في بعض هذه النصوص بل أغلبها فهو حق بل كاد
يكون متعذرا إذ لا يعد دعوى الجزم بعدم كون ما ذكروه في توجيهها مرادا من بعض تلك الأخبار كإرادة ما قبل حد الترخص من جانب المصر الذي يريد ان يتجهز فيها مع قضاء
العادة بان حاجته لا تقضى الا بالدخول في أسواق البلد وشبهها فالانصاف ان هذه الأخبار كالنص في أن المسافر لا يزال مقصرا حتى يدخل بيته ولكن ليس في شئ منها اشعار
بان لخصوصية العود الذي هو مورد هذه الأخبار مدخلية في ذلك بل لعدم خروجه عن حد المسافر الذي به ينقطع حكمه الا بذلك فالالتزام بوجوب التقصير في خصوص الاياب مع مخالفته
للشهرة والاجماع ووضوح إناطة الحكم بالتقصير باندراجه في موضوع المسافر الذي لا يختلف فيه الحال بين الذهاب والاياب بشهادة العرف ودلالة جملة من النصوص عليه في
غاية الاشكال ومما يدل عليه من النصوص قوله عليه السلام في المرسل المتقدم إذا خرجت من منزلك فقصر إلى أن تعود إليه فإنه يدل بالالتزام على اتحاد حد الترخص في الذهاب والعود
وانه هو الخروج من منزله وقوله عليه السلام في صحيحة ابن سنان وإذا قدمت من سفرك فمثل ذلك فهذه الصحيحة أيضا كالنص في وحدة الحد وان كانت مخالفة للأولى بظاهرها في أصل
التحديد فيستفاد من مثل هذين الخبرين المعتضدين بما عرفت انه لا مدخلية لخصوصية الذهاب والعود فيما هو مناط التقصير فالروايات الدالة على اعتبار حد الترخص في التقصير و
ان وردت معظمها في خصوص الذهاب والروايات النافي اعتبار في خصوص الاياب ولكن اختلاف موردها غير مجد في رفع التنافي بعد ما عرفت من اتحاد المناط نصا وفتوى
مضافا إلى معارضتها بخصوص صحيحة ابن سنان التي وقع فيها التصريح بحكم العود وقوله عليه السلام في خبر حماد إذا سمع الاذان أتم المسافر إذ لو لم نقل بان المنساق منه إرادة خصوص العود
فلا أقل من اباء سياقه عن تخصيصه بخصوص الذهاب فارتكاب التأويل فيه بذلك كارتكاب التأويل في قوله في الصحيحة إذا قدمت من سفرك فمثل ذلك بالحمل على إرادة التشبيه في أصل التقصير لا التحديد بالسماع من
التأويلات البعيدة التي قد يقطع بعدم ارادته من الرواية والحاصل ان الاخبار متعارضة والترجيح مع الروايات الدالة على اعتبار حد الترخص لاشتهار العمل بها بين الأصحاب و
ندرة العامل بما يعارضها بل اعراض المشهور عنها وأوفقيتها بمذهب العامة مع أن عمدة ما في تلك الأخبار مما يأبى عن التأويل قد وردت فيمن يمر بوطنه في أثناء السفر الذي قصده
لا في انتهائه فيمكن الالتزام بعدم قاطعية المرور بالوطن ما لم يدخل أهله ومنزله إذا وقع في أثناء طريقه كما قد لا يأبى عنه أهل العرف بخلاف ما لو رجع من سفره وبلغ إلى حد الترخص
فإنه ينتهى ح سفره عرفا وشرعا ان لم ينعقد الاجماع على خلافه فليتأمل وقد ظهر مما ذكرناه ضعف ما قيل من أنه يقصر عند الخروج من منزله ولا يتم الا عند دخوله أو انه يقصر في ذهابه
من محل الترخص ولا يتم في ايابه الا عند دخوله في منزله بل وكذا القول بالتخيير على تقدير تحققه لاستلزامه ارتكاب التأويل في مجموع الاخبار المتعارضة من غير شاهد وان القول
الأول أظهر والله العالم وإذا نوى المسافر الإقامة في مكان من قرية أو بادية أو بلد غير بلده عشرة أيام كاملة أتم صلاته كما يدل عليه معتبرة مستفيضة ان لم تكن متواترة منها
صحيحة زرارة المروية عن الكافي والتهذيب عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له أرأيت من قدم بلدة إلى متى ينبغي له ان يكون مقصرا ومتى ينبغي له ان يتم قال إذا دخلت أرضا فأيقنت ان
لك بها مقام عشرة أيام فأتم الصلاة وان لم تدر ما مقامك بها تقول غدا اخرج فقصر ما بينك وبين ان يمضى شهر فإذا تم لك شهر فأتم الصلاة وان أردت ان
تخرج من ساعتك وخبر أبي أيوب الخراز قال سئل محمد بن مسلم أبا عبد الله ع وانا اسمع عن المسافر ان حدث نفسه بإقامة عشرة أيام قال فليتم الصلاة وان لم يدر ما يقيم يوما أو أكثر
فليعد ثلثين يوما ثم ليتم وان كان أقام يوما أو صلاة واحدة فقال له محمد بلغني عنك انك قلت خمسا قال قد قلت ذلك قال الخزاز فقلت انا جعلت فداك يكون أقل من خمس قال لا
752

وصحيحة منصور بن حازم عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول إذا اتيت بلدة فازمعت المقام عشرة أيام فأتم الصلاة فان تركه جاهلا فليس عليه شئ وصحيحة معاوية بن وهب
عن أبي عبد الله ع أنه قال إذا دخلت بلدا وأنت تريد المقام عشرة أيام فأتم الصلاة حين تقدم وان أردت المقام دون عشرة أيام فقصر وان أقمت تقول غدا اخرج أو بعد
غد ولم تجمع على عشرة فقصر ما بينك وبين شهر فإذا تم الشهر فأتم الصلاة قال قلت إن دخلت بلدا أول يوم من شهر رمضان ولست أريد ان أقيم عشرة أيام قال فقصر وافطر قلت
فان مكنت كذلك أقول غدا أو بعد غد فأفطر الشهر كله واقصر قال نعم هذا واحد إذا قصرت أفطرت وإذا أفطرت قصرت وصحيحة محمد بن مسلم قال سألت عن مسافر يقدم الأرض
فقال إن حدثته نفسه ان يقيم عشرا فليتم وان قال اليوم اخرج أو غدا اخرج ولا يدرى فليقصر ما بينه وبين شهر وان مقضى شهر فليتم ولا يتم في أقل من عشرة أيام الا بمكة والمدينة
وان أقام بمكة والمدينة خمسا فليتم وصحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل يدركه شهر رمضان في السفر فيقيم الأيام في المكان عليه صوم قال
لا حتى يجمع على مقام عشرة أيام وان اجمع على مقام عشرة أيام صام وأتم الصلاة قال وسألته عن الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان وهو مسافر يقضى إذا أقام الأيام في المكان قال لا حتى يجمع
على مقام عشرة أيام إلى غير ذلك من الروايات الدالة عليه فهذا الحكم اجمالا مما لا شبهة فيه ولكن شرحه موقوف على بسط الكلام في مواضع الأول المراد بنية
الإقامة ليس خصوص العزم الناشئ عن اختيار المكلف بل مطلق الجزم بالبقاء ولو بأسباب قهرية خارجة عن اختياره فالتغيير بالنية ونحوها مما يعتبر في تحقق مفهومها
الاختيار في النصوص والفتاوى للجري مجرى الغالب من كونه باختياره والا فالمدار على ما عرفت كما يفصح عن ذلك مضافا إلى وضوحه قوله عليه السلام في صحيحة زرارة
إذا دخلت أرضا فأيقنت ان لك بها مقام عشرة أيام الحديث كما أن ما في هذه الصحيحة من اطلاق الأرض شاهد على أن ما في غيرها من الروايات التي وقع فيها تخصيص
البلد أو الضيعة ونحوها بالذكر جار مجرى التمثيل والا فلا مدخلية لخصوصية شئ منها في ذلك ولا يعتبر في حصول الجزم المعتبر في هذا الباب كالجزم يقطع المسافة المعتبر
في ثبوت التقصير اليقين يتحققه على الاطلاق بل بمقتضى عزمه الحاصل بالفعل أو بحسب الأسباب الخارجية المقتضية له وان احتمل في نفسه تجدد ما يوجب انفساخ عزمه أو زوال
الأسباب المقتضية لذلك فالمدار على أن يجد الانسان نفسه بالفعل بانيا على البقاء عشرة أيام أو واثقا بأنه يبقى إلى تلك المدة ولو اضطرارا لو لم يتجدد ما يقتضى خلافه
واحتمال تجدد ما يقتضى الخلاف لمخالفته للأصل غير مانع عن صدق حصول العزم أو الجزم المعتبر في هذا الباب الثاني المنساق من النصوص والفتاوى بل صريح الأخيرة
منهما اعتبار قصد الإقامة في مكان معين من بلدة أو قرية أو ضيعة أو مجتمع بيوت في بادية ونحوها فلو نوى ان يقيم خمسة أيام مثلا في هذا البلد وخمسة في بلد اخر قريب منه
كالكاظمين وبغداد مثلا لا يرتفع به حكم التقصير كما أشار إليه في محكى المنتهى حيث قال لو عزم على إقامة طويلة في وستاق ينتقل فيه من قرية إلى قرية ولم يعزم على الإقامة
في واحدة منها المدة التي يبطل حكم السفر فيها لم يبطل حكم السفر لأنه لم ينو الإقامة في بلد بعينه فكان كالمنتقل في سفره من منزل إلى منزل انتهى ولا ينافيه ما عن الصدوق والشيخ باسناد
عن عبد الرحمن بن الحجاج قال قلت لأبي عبد الله ع الرجل له الضياع بعضها قريب من بعض فيخرج فيطوف فيها يتم أم يقصر قال يتم وعن الكليني باسناده عن محمد بن أبي عمر نحوه
الا أنه قال فيقيم فيها اما على رواية الشيخ والصدوق فواضح إذ ليس فيها تصريح بالإقامة فوجب ان يكون الامر بالاتمام لامر اخر ككونها ضيعة له أو عدم كونه حال خروجه قاصدا للمسافة
أو غير ذلك واما رواية الكليني أيضا فكذلك فإنه وان وقع فيها التعبير بالإقامة ولكن لا يظهر منها ان الامرة بالاتمام الوارد فيها لذلك مع أن الظاهر اتحادها مع ما رواها الشيخ و
الصدوق الذي وقع فيه التعبير بلفظ يطوف بدل يقيم فيكون متنه بالنظر إلى هذه الفقرة مضطربا والله العالم الثالث في المدارك قال وهل يشترط في العشرة التوالي بحيث
لا يخرج بينها إلى محل الترخص أم لا الأظهر اشتراطه لأنه المتبادر من النص وبه قطع الشهيد في البيان وجدي قدس سره في جملة من كتبه وقال في بعض فوائده بعد ان صرح باعتبار ذلك
وما يوجد في بعض القيود من أن الخروج إلى خارج الحدود مع العود إلى موضع الإقامة ليومه أو ليلته لا يؤثر في نية الإقامة وان لم ينو إقامة عشرة مستأنفة لا حقيقة له ولم نقف
عليه مسندا إلى أحد من المعتبرين اللذين يعتبر فتواهم فيجب الحكم باطراحه حتى لو كان ذلك في نيته من أول الإقامة بحيث صاحب هذه النية نية إقامة العشرة لم يعتد بنية الإقامة و
كان باقيا على القصر لعدم الجزم بإقامة العشرة المتوالية فان الخروج إلى ما يوجب الخفاء بقطعها ونيته في ابتدائها يبطلها انتهى كلامه ره وهو جيد لكن ينبغي الرجوع في صدق الإقامة إلى
العرف فلا يقدح فيها الخروج إلى بعض البساتين والمزارع المتصلة بالبلد مع صدق الإقامة فيها عرفا انتهى ما في المدارك أقول لا يخفى ان الشهيدين اعتبرا التوالي بحيث لا يخرج
في طرف العشرة إلى خارج موضع الإقامة أصلا الا إلى ما دون حد الترخص وقد اعترف في المدارك في صدر عبارته بان هذا هو المتبادر من النص فما ذكره في ذيل كلامه من الرجوع إلى
العرف في صدق الإقامة في البلد فان أراد بذلك تقييد اطلاق ما يفهم من كلام الشهيدين من جواز التردد فيما دون حد الترخص مطلقا بتخصيصه بما إذا كان ذلك من قبيل البساتين و
المزارع المتصلة بالبلد لا مطلقا أو الرجوع إليهم في تعميم موضع الإقامة والحاق البساتين والمزارع المتصلة بالبلد وشبههما مما هو من توابع البلدية في عدم كون الخروج إليها
خروجا من البلد لديهم فليس منافيا لما دعاه من التبادر واما ان كان مراده الرجوع إليهم في صدق الإقامة في البلد يحمل الإقامة على الإقامة العرفية التي يكفي في تحققها اتخاذه ذلك البلد
في تلك المدة منزله ومحط رجله وموضع نومه واستقراره من غير اشتراطه بعدم خروجه عن حدود البلد كما هو الشايع في اطلاقات العرف في محاوراتهم حيث يقولون أقمنا عند
مسيرنا إلى الحج مثلا في المنزل الفلاني أو البلد الفلاني خمسة أيام أو عشرة أو شهرا مثلا ولا يريدون منه الا المعنى المزبور فهو مناف لما ادعاه في صدر كلامه ومتباين لما حكاه من جده
واستجوده كما لا يخفى وكيف كان فقد فسر غير واحد من محققي متأخري المتأخرين الإقامة المعتبرة في هذا الباب بالإقامة بهذا المعنى أي الإقامة العرفية التي لا ينافيها الخروج
في زمان يسير أو مقدار يسير لقضاء حوائجه مثلا والعود إليه قال للمحقق الأردبيلي في شرح الارشاد على ما حكى عنه ما لفظه وهل يشترط في نية الإقامة ان يكون في بلد بحيث لا
يخرج إلى محل الترخص أو يكفي في لسفر إلى مسافة أو يحال إلى العرف بحيث قال مقيم في هذه البلدة فلا
يضر السير في البساتين والأسواق البعيدة من منزله وغير ذلك وقد صرح الشهيد
في البيان بالأول إلى أن قال الظاهر من الاخبار هو الاطلاق من غير قيد ولو كان مثل ذلك شرطا لكان الأولى بيانه في الاخبار والا يلزم التأخير والاغراء بالجهل فيمكن تنزيله على
753

العرف بمعنى انه جعل نفسه في هذه العشرة من المقيمين في البلد بان هذا موضعه ومكانه ومحله مثل أهله فلا ينصره السير في الجملة إلى البساتين والتردد في البلد وحواليه ما لم يصل إلى
موضع بعيد بحيث يقال إنه ليس من المقيمين في البلد وكذا لو تردد كثيرا أو دائما في المواضع البعيدة في الجملة ولا يبعد عدم ضرر الخروج إلى محل الترخص أحيانا لغرض من الاغراض
مع كون المسكن والمنزل في موضع معين لصدق إقامة العشرة عرفا المذكورة في الروايات انتهى واستجوده كثير ممن تأخر عنه واما القول الذي أشار إليه بقوته أو يكفي في لسفر إلى
مسافة فربما نسب إلى فخر المحققين ومنشأ النسبة ما عن الشهيد الثاني في نتائج الأفكار أنه قال وفي بعض الحواشى المنسوبة إلى الامام فخر الدين بن المطهر قدس سره عدم قطع نية
الخروج إلى القرى المتقاربة والمزارع الخارجة عن الحدود لنية الإقامة بل يبقى على التمام سواء قارنت النية الأولى أم تأخرت وسواء نوى بعد الخروج إقامة عشرة مستأنفة أم لا انتهى
وفي مفتاح الكرامة بعد ان ذكر نسبة هذا القول إلى فخر الاسلام قال وهو خيرة الوافي والاسناد قدس سره في المصابيح انتهى ولكن يظهر من صدر كلامه عند تعداد الأقوال في
المسألة ان القائلين بهذا القول يشترطون الرجوع إلى محل إقامته ليومه أو ليلته فيغلب على الظن رجوع هذا القول إلى القول الثاني أي الاكتفاء بالصدق العرفي الذي اختاره للمحقق
الأردبيلي وغيره فكان هؤلاء الجماعة يرون عدم كون الخروج إلى ما دون المسافة مع الرجوع ليومه أو ليلته منافيا لصدق الإقامة في البلد عرفا فلو كان لهم نزاع مع المحقق الأردبيلي
وغيره ممن نسب إليهم القول بالإقامة العرفية ففي الصغرى لكن في حاشيته المدارك للمحقق البهبهاني بعد اختياره القول بالإقامة العرفية قال ومن الفقهاء من اكتفى في قصد الإقامة
في لسفر إلى المسافة المعتبرة ثم علله بالروايتين الآتيتين اللتين لو تمت دلالتهما لدلتا على عدم اعتبار الصدق العرفي أيضا وكيف كان فالذي يمكن ان يستدل به لهذا القول
أمران أحدهما دعوى انصراف الإقامة الواردة في النصوص بقرينة مقابلتها في جملة منها بقوله غدا اخرج أو بعد غد أو يقوله ارتحل غدوة كما في بعضها إرادة التوقف وترك الارتحال
من ذلك المكان بالمضي في سفره لا الإقامة الحقيقية وفيه ان المقابلة الواقعة في هذه الروايات لأجل جريها مجرى الغالب لا تصلح قرينة لصرف الإقامة الواردة في هذه الروايات عن
ظاهرها فضلا عن غيرها من الروايات المتضمنة البيان هذا الحكم الخالية عن هذه المقابلة ثانيهما بعض الروايات الواردة في الإقامة لخبر محمد بن إبراهيم الحضيني قال استأمرت
أبا جعفر ع في الاتمام والتقصير قال إذا دخلت الحرمين فانو عشرة أيام وأتم الصلاة فقلت له انى اقدم مكة بيوم أو يومين أو ثلاثة قال انو مقام عشرة أيام وأتم الصلاة وفيه بعد
تسليم سنده ان الاستدلال به انما يتم بناء على عدم كون الخروج إلى عرفات مسافة التقصير والا فلا خلاف على الظاهر في أن الخروج إلى المسافة مبطل للإقامة وقد عرفت ان القول بكون
الخروج إلى عرفات مسافة التقصيرة يخلو من قوة فالأولى رد علم هذه الرواية إلى أهله وصحيحة زرارة عن الصادق عليه السلام قال من قدم قبل التروية بعشرة أيام وجب عليه
اتمام الصلاة وهو بمنزلة أهل مكة فإذا خرج إلى منى وجب عليه التقصير فإذا زار البيت أتم الصلاة وعليه اتمام الصلاة إذا رجع إلى منى حتى ينفر فإنه ع حكم بوجوب الاتمام على من
قدم مكة قبل التروية بعشرة أيام مطلقا سواء خرج من مكة أم لا وان حاله حال أهل مكة ثم قال ع فإذا خرج إلى منى وجب عليه التقصير الحديث وهذا يدل على أن سفر عرفات موجب
للمقصر ومع ذلك لا يبطل قصد الإقامة ولذا أوجب عليه الاتمام حين رجوعه لزيارة البيت وخروجه إلى منى كما هو الشأن في أهل مكة وعدم هدم سفر عرفات للإقامة لعله لكون
هذا السفر ليس مسافة القصر على سبيل الوجوب العيني وعلى تقدير ان يكون هذه المسافة أيضا هادمة للإقامة أو يكون القصر فيها على الوجوب العيني فلا بد من تقدير نية الإقامة في
الرجوع أيضا تنزيلا له على الافراد الغالبة هكذا قيل في تقريب الاستدلال وفيه ما لا يخفى ضرورة ورود اطلاق قوله من قدم قبل التروية بعشرة أيام الخ مورد الغالب من
كونه ناويا للإقامة إلى يوم التروية والا فلا يكفي مجرد قدومه ما لم يكن من قصده الإقامة في مكة جزما وتحقق قصد الإقامة مع الخروج إلى ما دون المسافة بل إلى حد الترخص أول الكلام
واما تنزيله منزلة أهله فإنما هو بعد تحقق الإقامة والكلام انما هو فيما به تتحقق الإقامة فعدم كون الخروج إلى عرفات مبطلا للإقامة السابقة ان سلم فهو غير مجد في المقام فإنه مسألة أخرى
أجنبية عن هذه المسألة سيأتي التكلم فيه عند تعرض المصنف له انشاء الله مع أن ما في الصحيحة من تقييد القدوم قبل التروية بعشرة أيام في قوة التصريح يكون الخروج في أثناء العشرة إلى
عرفات منافيا للإقامة التي يعتبر قصدها التي هي محل الكلام كما لا يخفى واما توجيه ما فيه من الامر بالاتمام عند رجوعه لزيارة البيت وعوده إلى منى بعد الالتزام ببطلان اقامته السابقة
بخروجه إلى عرفات بحمله على الغالب من قصد إقامة مستأنفة فيه انه تأويل لا يصح التعويل عليه في اثبات مثل هذا الحكم المخالف للمشهور واضعف منه الاستشهاد له بموثقة إسحاق بن عمار
قال سألت أبا الحسن ع عن أهل مكة إذا زاروا عليهم اتمام الصلاة قال نعم قال المقيم يمكنه إلى شهر بمنزلتهم بحملها على إرادة ما لو نوى الإقامة قبل خروجه إلى عرفات وبعده فيكون تخصيص
الشهر بالذكر لاشتماله على الإقامتين اللتين يتم بهما التشبيه باهله في وجوب الاتمام عليه متى حضرها توضيح الضعف ما تقدمت الإشارة إليه من كونه تأويلا يتسع بابه ولا ينحصر الوجه
فيه فالقول بالاكتفاء بعدم السفر إلى المسافة المعتبرة مطلقا على تقدير تحققه ضعيف نعم قد يتجه ذلك فيما إذا لم يكن منافيا للصدق المعرفى كما لو خرج إلى ما دون
المسافة لقضاء حاجة ورجع إلى مستقره في وقت قراره ونومه من يومه وليلته بناء على الاكتفاء بالإقامة العرفية كما سيأتي تحقيقه بل قد يتجه على هذا البناء في مثل هذه الأزمنة التي يمكن
قطع المسافة في زمان يسير والرجوع إلى مستقره في وقت قراره ونومه بالمراكب الدخانية ونحوها الالتزام بعدم قادحيته بالإقامة لعدم كونه في مثل الفرض مانعة عن الصدق العرفي
فليتأمل حجة القول باعتبار في لخروج إلى حد الترخص ان هذا هو معنى الإقامة في البلد حقيقة واطلاق إقامة العشرة على من خرج في أثنائها إلى حد الترخص الذي يتحقق
به الغيبوبة عن البلد مبنى على المسامحات العرفية التي لا يصح حمل اللفظ عليها مع امكان ابقائه على حقيقة وفيه ان مقتضى الجمود على مدلول لفظ الإقامة في البلد الالتزام باعتبار
في لخروج عن خطة سور البلد لان البلد اسم لمجتمع دوره وما أحاط به سوره ولم ينقل القول بذلك الا عن الفاضل؟ بل ربما يظهر منهم مخالفته للاجماع وقد شنع عليه في
الحدائق في ذيل كلامه حيث قال ما لفظه المشهور في كلام الأصحاب اشتراط التوالي في هذه العشرة بمعنى ان لا يخرج من ذلك المحل إلى محل الترخص واما الخروج إلى ما دون ذلك فالظاهر أنه
لا خلاف ولا اشكال في جوازه فان المستفاد من الاخبار وكلام علمائنا الأبرار على وجه لا يتداخله الشك والانكار والا ممن لم يعض على المسألة بضرس قاطع ولم يعط التأمل
حقه في هذه المواضع ان الحدود الشرعية لكل بلد عبارة عن منتهى سماع اذانها ورؤية من وراء جدرانها وهو الذي يحصل به الترخص من جميع أطرافها وما اشتهر في هذه الأوقات
754

المتأخرة والأزمنة المتغيرة من أن من أقام في بلد أو قرية مثلا فلا يجوز له الخروج من سورها المحيط بها أو عن بنيانها ورودها فهو ناش عن الغفلة وعدم اعطاء النظر حقه من
التأمل في الاخبار وكلام الأصحاب انتهى ومستنده في هذا التشنيع ما ادعاه من أن المستفاد من الاخبار وكلام الأصحاب ان لكل بلد حدود شرعية وهى الحدود التي يحصل به الترخص
من جميع أطرافها وأنت خبير بأنه ليس في شئ من الاخبار ولا في كلمات الأصحاب اشعار بان البلد له حقيقة شرعية أو حد شرعي وانما اعتبر الشارع خفاء الاذان والجدران حدا للترخص عند
خروجه من البلد بقصد المسافرة وقطع المسافة وهذا مما لا مدخلية له بتحديد أصل البلد نعم ربما يستشعر من ذلك ان المسافر ما لم يصل إلى هذا الحد لا يندرج في مسمى المسافر
الذي شرع في حقه التقصير وانه متى وصل إلى هذا الحد عند رجوعه من سفره خرج عن موضوع المسافر واندرج في مسمى الحاضر ولكن الحاضر الذي هو قسيم المسافر عبارة عمن لم يتباعد
عن البلد بمقدار يعتد به بحيث يعد في العرف غائبا عن البلد وهو أعم من كونه في داخله أو خارجه الغير البالغ إلى حد الخفاء وكيف كان فتوجيه حكم الأصحاب بان التردد إلى ما دون
حد الترخص غير مناف لصدق الإقامة في البلد بدعوى كون ما دون حد الترخص داخلا في مسمى البلد حقيقة شرعا أو عرفا فاسد وانما مبناه دعوى عدم كونه منافيا لما يتبادر من اطلاق
لفظ الإقامة في البلد عرفا اما لعدم اعتداد أهل العرف بالخروج الغير البالغ حد الخفاء بحيث يرونه خروجا من البلد فيكون اطلاق الإقامة في البلد على الإقامة في مجموع المدة التي وقع
الخروج في بعضها من قبيل اطلاق المن من الحنطة على الممتزج بشئ يسير من التراب الغير المستقل بالملاحظة أو لان المنساق من الإقامة في مثل هذه الموارد ليس الا الإقامة العرفية التي
يكفي في تحققها اتخاذه ذلك البلد في تلك المدة مقره على حد استقراره في بلده في الأزمنة التي لا يعد في العرف مسافرا وغائبا عن بلده والذي يقتضيه التحقيق هو ان اطلاق أهل العرف
على من حل في بلد شهرا مثلا وان خرج عن حدوده أحيانا لتشيع جنازة أو حيازة حطب أو تحصيل طعام أو شراب ونحوها من العود إلى مقره لنومه واستقراره انه أقام في هذه المدة
في ذلك البلد ليس من باب المسامحة في المصدق أو في لاعتداد بهذا الخروج كما في التراب الممتزج بالحنطة على ما يشهد به الوجدان وانما مبناه المسامحة في لفظ الإقامة وعدم ارادتهم
منها الا الإقامة العرفية فلا يتبادر من اطلاقها في مثل هذه الموارد الا ذلك كما اعترف به غير واحد من المتأخرين فتقييدها بما دون حد الترخص على هذا لا يخلو من اشكال إذ العرف لا
يتقيدون بهذا القيد بل قد لا يرون الخروج إلى ما دون المسافة مع الرجوع ليومه أو ليلته منافيا لذلك بل قد لا يكون الخروج إلى المسافة أيضا في مثل هذه الاعصار عند قطعها بسكة
الحديد المتعارفة في هذه الأزمنة في مدة يسيرة منافيا له كما يشهد بذلك ملاحظة حال الإقامة في البلاد المتجددة في هذه الاعصار في وسط البحر التي تعارف تقل أطعمتها وأمتعتها
من البر الذي بينه وبينها مسافة بالمراكب الدخانية في مدة يسيرة بحيث صار البر بواسطة هذه الأسباب بمنزلة السوق لها فان من سافر إلى بعض تلك البلاد ما لم يرتحل عنها يقال له عرفا انه
أقام بذلك البلد في هذه المدة وان جرت عادته بان يخرج كل يوم إلى البر ويشترى طعامه وشرابه ولكن لا يجدى هذا الصدق في اجراء حكم إقامة العشرة على مثل هذه الإقامة الا لمجرد دعوى
الاجماع على أن الخروج إلى المسافة مطلقا مبطل للإقامة أو ان المتبادر من النصوص الامرة بالاتمام في المكان الذي عزم على أن يقيم فيه عشرة أيام هو ان لا يسافر عن ذلك المكان
في خلال العشرة لامكان الخدشة في الاجماع والانسباق المزبور بخروج مثل الفرض لعدم تعارف مثل هذا السفر الغير المخل بصدق الإقامة عرفا في الاعصار السابقة عن موردهما بل
لعدم معهودية مثل هذه الإقامة المتخللة بسفر غير مخل بصدقها في تلك الاعصار أيضا كي يتناولها اطلاق لفظها فيرجع في حكمها إلى عموم ما دل على التقصير في السفر المقتصر في تخصيصها على
القدر المتيقن مما يستفاد من نصوص الإقامة ولكن الحكم مع ذلك لا يخلو من تردد كما أن الجزم بعدم قادحية الخروج إلى ما دون المسافة في الفرض السابق مع مخالفته للمشهور
لا يخلو من اشكال فلا ينبغي ترك الاحتياط بالجمع بين القصر والاتمام في جميع صور الخروج عن حد الترخص الغير المنافى للصدق العرفي سواء كان ذلك من نيته في الابتداء
أم بداله قصده في الأثناء ما لم يصل صلاة تامة والا فستعرف حكمه والله العالم الرابع المنساق من إقامة العشرة المعتبرة في النصوص والفتاوى هي العشرة التامة المتوالية
بليالها المتوسطة دون الليلة الأخيرة والأولى فإنه يصدق إقامة عشرة أيام حقيقة من غير مسامحة عرفية على ما إذا حصلت الإقامة من ابتداء اليوم الأول إلى غروب اليوم العاشر
وهل المتبادر من اليوم في مثل المقام هو يوم الصوم كي يكون ابتدائه من طلوع الفجر أو يوم الأجير حتى يكون من طلوع الشمس فيه تردد وان كان الأول أشبه وكيف كان فلا يجزى
الناقص ولو يسير العدم الصدق حقيقة فما قد يقال من احتساب يوم الدخول والخروج حتى لو كان الأول قبل الغروب بساعة أو ساعتين والثاني بعد طلوع الفجر كذلك قياسا
على بعض الأفعال الواقعة في اليوم من مثل الاكل والنوم والضيافة ونحوها أو إذا كان الذاهب من الأول يسيرا والباقي من الثاني كذلك ضعيف جدا لوضوح بين الأمثلة
المزبورة وبين مثل المقام الذي أريد بذكر اليوم تحديد مقدار امتداد الفعل الواقع فيه بزمانه والتسامح العرفي في الاطلاق عند نقصانه يسير الا يصحح حمل الخطابات الشرعية
عليه في مثل هذه الموارد التي لا يظهر منها الا إرادة حقيقته ولذا نفى الخلاف والاشكال في الحدائق عن ذلك غدى انه حكى عن بعض مشايخه أنه قال والذي يظهر من اطلاق الاخبار
وعدم ورود تحديد في هذا الامر مع عموم بلواه وكثرة وروده في الروايات ان المرجع في ذلك إلى العرف كما أنه كذلك في سائر الأمور الغير المحدودة في الشرع ومن المعلوم ان
العرف لا ينظر إلى نقص شئ من الليل أو النهار كساعة أو ساعتين مثلا في احتسابه من التمام فلا يلزم القول بالتلفيق ولا اخراج يومى الدخول والخروج من العداد كليته نعم
لو فرض دخوله عند الزوال مثلا وكذا الخروج بعده بقليل فظاهر العرف عدم عده تاما انتهى وفيه ما أشرنا إليه من أن الاطلاق مبنى على المسامحة كما ينبئ عن ذلك صحة استثناء
الساعة والساعتين عن مطلقه فإذا وقع إقامة عشرة أيام في حيز الطلب أو متعلقا لعقد إجارة أو تحديد الامر أو غير ذلك من الموارد الغير المناسبة للمسامحة فلا يتبادر منها الا
إرادة معناه الحقيقي أي اليوم الكامل كما هو واضح وهل يجزى الملفق كما لو نوى الإقامة من ظهر هذا اليوم إلى ظهر اليوم الحادي عشر أم يعتبر عشرة أيام تامة كاملة من غير تكسير و
وتلفيق فلا يحتسب يومى الدخول والخروج من العدد إذا لم يكونا من أول الطلوع وجهان بل قولان أظهرهما وأشهرهما بل المشهور كما ادعاه بعض الأول واختار في المدارك
الثاني فقال ما لفظه وفي الاجتزاء باليوم الملفق من يومى الدخول والخروج وجهان أظهرهما العدم لان نصفي اليومين لا يسمى يوما فلا يتحقق إقامة العشرة التامة بذلك انتهى
واعترض عليه شيخنا المرتضى ره بقوله وهو وان كان تصديقا للحقيقة الا انه تكذيب للعرف حيث يفهمون من مثل المقام إرادة المقدار كما في التحديد بالأشهر انتهى وهو حسن
755

كما يتضح ذلك بمراجعة العرف في باب الإجارات والخيارات وغير ذلك من الموارد التي تقدر في العرف والشرع بالأيام والشهور ولكن الاحتياط بالجمع بين القصر والاتمام لدى
إرادة التلفيق مما لا ينبغي تركه وإذا نوى ان يقيم دونها أي دون عشرة أيام يقصر على المشهور بل عن ظاهر
المنتهى دعوى الاجماع عليه ونقل عن ابن الجنيد انه اكتفى بإقامة
خمسة فقال في كتابه المختصر الأحمدي لو نوى المسافر عند دخوله البلد أو بعد مقامه خمسة أيام فصاعدا تم ويشهد له رواية أبى أيوب الخزاز قال سئل محمد بن مسلم أبا عبد الله
وانا اسمع عن المسافر ان حدث نفسه بإقامة عشرة أيام قال فليتم الصلاة وان لم يدر ما يقيم يوما أو أكثر فليبعد ثلثين يوما ثم ليتم وان كان أقام يوما أو صلاة واحدة فقال له
محمد بلغني عنك انك قلت خمسا قال قد قلت ذلك قال الخزاز فقلت انا جعلت فداك يكون أقل من خمس قال لا وفيه انه لا تصلح هذه الرواية لمعارضة المعتبرة المستفيضة المتقدمة
المعمول بها لدى الأصحاب الظاهرة أو الصريحة في أنه ان أراد المقام دون العشرة فليقصر فالأولى رد علم هذه الرواية بعد اعراض الأصحاب عنها وقوة احتمال كونها مشوبة
بالتقية واشعار قوله ع قد قلت ذلك بصدور هذا القول عن علة وعدم صلاحية لمعارضته لما يقوله بالفعل ومعارضتها بما عرفت إلى أهله وقد حكى عن الشيخ انه حملها
على الإقامة بأحد الحرمين أو على الاستحباب أقول حملها على الاستحباب أو التخيير كما قواه بعض لولا مخالفته للاجماع مستلزم لارتكاب التصرف في ظاهر مجموع الروايات
المتعارضة بغير شاهد خارجي وهو مشكل واما حملها على الإقامة في الحرمين فهو وان كان بعيدا في حد ذاته ولكن ربما يقربه استشعار التورية والتقية من سوق العبارة
كما يؤيده أيضا الخبر الآتي مضافا إلى حكاية القول بها عن بعض العامة فلا يبعد ان يكون المراد بالمشار إليه ولو من باب التورية ما رواه محمد بن مسلم في ذيل صحيحة المتقدمة
أنه قال ولا يتم في أقل من عشرة أيام الا بمكة والمدينة وان أقام بمكة والمدينة خمسا فليتم وعن الصدوق في العلل في الصحيح عن معاوية بن وهب قال قلت لأبي عبد الله ع مكة
والمدينة كسائر البلدان قال نعم قلت روى عنك بعض أصحابنا انك قلت لهم أتموا بالمدينة لخمس فقال أصحابكم هؤلاء كانوا يقدمون فيخرجون من المسجد عند الصلاة
فكرهت ذلك لهم فلذا قلته وهذه الصحيحة بنفسها مع الغض عما ذكر صالحة قرينه الارتكاب التأويل في الرواية المزبورة كما انها شاهدة على في رادة الوجوب من الامر
بالاتمام لمن أقام خمسا في مكة والمدينة الوارد في صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة بل ولا الاستحباب أيضا لوقوع التصريح بوجهه في هذه الصحيحة من أنه هو كراهة خروجهم من
المسجد عند الصلاة ولكن لو كان وجهه منحصرا في ذلك لما كان ذلك مقتضيا لتخصيصه بمن أقام خمسا مع كون الحرمين في حد ذاتهما من مواضع التخيير كما ستعرف فالأظهر حمل
الامر بالاتمام الوارد في الصحيحة على تأكد الاستحباب الغير المنافى للالتزام بان الاتمام في مواضع التخيير مطلقا أفضل مع أنه أوفق بقاعدة التسامح ولا ينافي ذلك ما في
هذه الصحيحة من تخصيص وجه قوله لهم بالاتمام كراهة خروجهم من المسجد فان من الجائز ان لم يكن يأمرهم بذلك لولا هذه الجمة كغيره من الاحكام المستحبة التي لم يبينوه لكل أحد و
كيف كان فلا خفاء ولا اشكال في أصل الحكم أي في عدم انقطاع حكم السفر بإقامة ما دون العشرة حتى في مكة والمدينة كما سيأتي لذلك مزيد توضيح انشاء الله وان تردد عزمه فلم
يعلم متى خروجه غدا أو بعد غد مثلا أو عزم على الخروج ولكن لم يتهيأ له قصر ما بينه وبين شهر وهو ثلاثون يوما ثم يتم ولو يوما أو صلاة واحدة كما وقع التصريح به في صحيحة
محمد بن مسلم وغيرها من الروايات المتقدمة في صدر المبحث ولا يعارضها خبر حنان عن أبيه عن الباقر عليه السلام قال إذا دخلت البلدة فقلت اليوم اخرج أو غدا اخرج فاستتمت عشرا فأتم
لقصوره عن المكافئة من وجوه مع قوة احتمال وقوع التحريف فيه كما يؤيد ذلك أنه بعد ان روى الشيخ هذه الرواية عن حنان كما سمعت قال وفي رواية أخرى بهذا الاسناد
فاستتمت شهرا فأتم فيغلب على الظن اتحاد الروايتين في الأصل ووقوع التحريف في أوليهما ثم إن تعليق الحكم في المتن على الشهر هو الموجود في أكثر النصوص وكثير من الفتاوى بل
الأكثر على ما قيل وعبر في النافع بثلثين يوما بل في مفتاح الكرامة حكى التعبير بثلثين يوما عن النهاية وأكثر كتب المتأخرين بل عن التذكرة التصريح بان العبرة بها الا بما بين الهلالين
وان نقص عنها وتبعه في ذلك غير واحد ممن تأخر عنه فلو كان ح ابتداء تردده من أول يوم من الشهر الهلالي إلى هلال الاخر واتفق نقصانه
لم يتم صلاته حتى يكمله من الشهر الاخر وربما علل ذلك بان لفظ الشهر وان عبر به في كثير من النصوص الا انه هو اما مشترك لفظي بين الهلالين والثلثين أو معنوي أو حقيقة
في أحدهما مجاز في الاخر وعلى كل حال يجب حمله على إرادة الثلثين هنا لحسنة محمد بن مسلم المتقدمة التي وقع فيها التصريح بأنه ان لم يدر ما يقيم يوما أو أكثر فليعد ثلثين يوما ثم ليتم
فهي اما بيان له أو تقييد أو قرينة تجوز بل قد يقال بوجوب تنزيله على ذلك ولو مع قطع النظر عن هذه القرينة الندرة وقوع التردد في أول الشهر الهلالي فيحمل المطلق أو المشترك على
الفرد الغالب من وقوع التردد في غير أول الشهر ولا خلاف ح في اعتبار الثلثين وعدم تلفيقه هلاليا بان يحسب من ذلك اليوم إلى مثله من الشهر المقبل شهر فيبقى ح تلك الصورة خاصة
وهى ما إذا اتفق وقوع التردد في أول الشهر على مقتضى اطلاق أدلة القصر واستصحابه ونوقش في ذلك بناء على اشتراك لفظ الشهر بينهما
اشتراكا معنويا لم يصلح الحسنة المزبورة لتقييده لورود القيد مورد الغالب فلا يصلح مقيدة لاطلاق الشهر الوارد في سائر الأدلة ودعوى ان الغلبة كما تمنع المقيد عن إرادة التقييد
كذلك تمنع المطلق عن ظهوره في الاطلاق بل توجب انصرافه إلى الافراد كما تقدمت دعواه في تقريب الاستدلال مدفوعة بان هذه الغلبة هي غلبة الوجود لا الاستعمال وهى
غير موجبة لصرف الاطلاق عن ظاهره ولكنها صالحة نكتة لتخصيص موردها بالذكر في الرواية المقيدة مع أن كون وقوع التردد في أول الشهر نادرا انما هو بالمقايسة إلى
مجموع ما عداه من الشهر والا فالتردد في أوله ليس الا كالتردد في ثانيه ورابعه وهكذا فكما ان الاطلاق ليس منصرفا عن شئ من ذلك فكذا عن الأول واختلاف مصداق
عدد أيام المطلق بالنسبة إلى هذا الفرد غير مقتض لصرف الاطلاق عنه بعد فرض كونه من الافراد الواضحة الفردية للمطلق بل من أظهرها وقد ظهر بذلك قوة ما حكى عن المحقق الأردبيلي
من الاكتفاء بما بين الهلالين وان كان ناقصا لو اتفق وقوع التردد في أول الشهر وتعيين الثلثين لو كان التردد في غيره ولكن الأقوى خلافه فان لفظ الشهر عرفا وشرعا اسم لقطعة
من الزمان مقدرة بما بين الهلالين كما أن اليوم اسم مختلفة منه محدودة بما بين طلوع الشمس وغروبها فمتى حدد شئ بشهر أو شهرين أو ثلاثة فما زاد في باب الإجازات وضبط الآجال أو تحديدها لا يتبادر منه الا إرادة هذا المعنى
من غير فرق بين ما لو كان مبدء التحديد أول الشهر أو وسطه فيراد من اطلاقه ما يعم الملفق فيعد من هذا اليوم إلى مثله من الشهر المقبل شهرا من غير التفات إلى عدد أيامه ولكن
756

ربما يطلق الشهر ويراد منه عدد الأيام التي يتم بها الشهر من غير أن يكون لعنوان الشهرية من حيث هو مدخلية في الحكم فيراد منه ح ثلاثون يوما لأنه هو عدد أيام الشهر الذي
ليس بناقص فهما معنيان مشاينان يصح إرادة كل منهما من اطلاق مثل قوله اجرتك هذه الدار إلى ستة اشهر في أي وقت يكون سواء كان في أول شهر أو وسطه وليس بين المعنيين
قدر مشترك صالح لان يكون لفظ الشهر موضوعا بإزائه كالسنة الشمسية والقمرية فدعوى كونه مشتركا معنويا
كي يتوجه به القول المزبور ضعيفة جدا بل هو اما من قبل الحقيقة
والمجاز كما هو الظاهر أو مشترك لفظي فلا يصح ارادتهما من عبارة واحدة وقد علم إرادة هذا المعنى أي خصوص الثلثين بالنسبة إلى ما عدى أول الشهر بواسطة الاجماع المتقدم
إليه الإشارة فكذا بالنسبة إلى أول الشهر لعدم جواز التفكيك هذا مع قطع النظر عن الحسنة والا فهي نص في اعتبار العدد فهي رافعة لما في لفظ الشهر من الاجمال ان قلنا فيه بالاشتراك
والا فقرينة المجاز مع ما في نفس تلك الأخبار التي وقع فيها التعبير بالشهر من الاشعار بملحوظية عدد الأيام في هذا الباب المناسب لإرادة الثلثين لا عنوان الشهر من حيث هو
كائنا ما كان فليتأمل ثم لا يخفى عليك ان ما هو المفروض موضوعا لهذا الحكم أي انقطاع حكم السفر بالتردد ثلثين يوما في الفتاوى والنصوص الدالة عليه هو بعينه المورد الذي لولا
تردده بل كان جازما بالبقاء لكان عليه الاتمام فيعتبر في محل التردد أيضا كموضع الإقامة الاتحاد فلا يكفي بقائه ثلثين يوما مترددا في بلدين مثلا ولا في حال تلبسه بالسير من غير
إقامة وان طالت مدته ولا فرق في محل التردد بين كونه بلدا أو قرية ونحوهما وبين كونه مفازة كما عرفته في موضع الإقامة ولو نوى الإقامة ثم بدا له فعدل عن قصده قبل ان يصلى فريضة
تماما رجع إلى التقصير بلا خلاف فيه في الجملة على الظاهر بل اجماعا كما ادعاه غير واحد اقتصارا في الخروج عما يقتضيه اطلاق أدلته على مقدار دلالة الدليل وهو صورة تلبسه بنية الإقامة
فان هذا هو المنساق من مثل قوله إذا دخلت أرضا وأيقنت ان لك بها مقام عشرة أيام وقوله إذا قدمت أرضا وأنت تريد ان تقيم بها عشرة أيام فصم وأتم الخ وغير ذلك من
الروايات الدالة على انقطاع حكم السفر بنية الإقامة إذ المتبادر من جميع هذه الروايات ليس الا إرادة بيان وجوب الاتمام والصيام على المسافر حال كونه ناويا للإقامة في مكان ولا
أقل من عدم ظهور شئ منها في الاطلاق بحيث يتناول مثل المقام ولو سلم وجود طلق كذلك لكان الصحيحة الآتية حاكمة عليه ولو صلى صلاة واحدة بنية الاتمام لم يرجع بلا
خلاف فيه أيضا على الظاهر بل عن جماعة دعوى الاجماع عليه ويدل عليه وعلى سابقه أيضا مضافا إلى ما عرفت صحيحة أبى ولاد الحناط قال قلت لأبي عبد الله ع انى كنت نويت
حين دخلت المدينة ان أقيم بها عشرة أيام فأتم الصلاة ثم بدأ لي بعدان لا أقيم بها فما ترى لي أتم أم اقصر فقال إن كنت دخلت المدينة وصليت بها صلاة فريضة بتمام فليس لك ان تقصر
حتى تخرج منها وان كنت حين دخلتها على نيتك المقام ولم تصل فيها صلاة فريضة بتمام حتى بدأ لك ان لا تقيم فأنت في تلك الحال بالخيار ان شئت فانو المقام عشرا وأتم وان لم تنو المقام
عشرا فقصره ما بينك وبين شهر فإذا مضى لك شهر فأتم الصلاة ولا يعارضها خبر حمزة بن عبد الله الجعفري قال لما نفرت من منى نويت المقام بمكة فأتممت الصلاة ثم جائني خبر من
المنزل فلم أجد بدا من المصير إلى المنزل ولم أدر أتم أم اقصر وأبو الحسن ع يومئذ بمكة فاتيته وقصصت عليه القصة فقال ارجع إلى التقصير لعدم نهوضه للحجية بعد اعراض الأصحاب عن ظاهره
فضلا عن صلاحيته للمكافئة للصحيحة المعمول بها لدى الأصحاب فالأولى رد علمه إلى أهله وقد وجهه في الحدائق بان المراد من الجواب انما هو الامر بالتقصير بعد السفر والخروج فهو كناية عن
الامر بالسفر بمعنى سافر ونصر إذ الظاهر أن مراد السائل انما هو الاستفهام عمن نوى الإقامة هل يجوز له ابطالها والخروج والقصر فيه أم لا بد من الاتمام ولو في الطريق إلى أن يتم أيام الإقامة
كما يتوهمه كثير ممن لم يقف على حكم المسألة ينتهى وهو محمل حسن لا بأس بإبداء احتماله في مقام التوجيه تفاديا عن الطرح والا فهو مخالف للظاهر ولا شاهد على ارادته من اللفظ كما لا يخفى
ولا يكفي فعل نافلة الحضر ولا التلبس بالصوم الواجب وغير ذلك من الافعال المشروط صحتها بالإقامة في بقاء اثر النية لاختصاص النص بما إذا صلى صلاة فريضة بتمام والتعدي عنه يحتاج
إلى دليل وهو مفقود ودعوى ورود الصلاة التامة في النص مورد التمثيل فهي كناية عن مطلق التلبس بما يشترط بالإقامة عرية عن الشاهد عدى انه قد يلوح من كلماتهم التسالم
على أنه انما رتب الشارع احكام الحاضر على ناوي الإقامة باعتبار كون الإقامة لديه كالمرور بالوطن قاطعة للسفر فإذا تحقق شئ من تلك الآثار وأمضاه الشارع كشف ذلك عن صحة اقامته
وانقطاع سفره بنيتها المستلزم لاحتياج العود إلى التقصير إلى قطع مسافة جديدة فلا يعقل ح التفكيك بين اثارها فإذا صلى نافلة الظهر مثلا ثم عدل عن قصده نقول اما ان نحكم بعد العدول
بصحة تلك النافلة الصادرة منه حال كونه ناويا للإقامة أو ببطلانها لا سبيل إلى الثاني لأنها حال صدورها كانت مأمورا بها والامر يقتضى الاجزاء وحمل الامر المتعلق بها على كونه امرا ظاهريا
مراعى بعدم عدوله عن قصده خلاف الطاهر فإذا صحت النافلة لزمها كون المكلف حال اشتغاله بأداء النافلة خارجا عن موضوع المسافر والا يلزمه عدم كون النافلة مشروعة له لأنها غير مشروعة للمسافر الا في مواضع ليس هذا منها فإذا لم يكن
في ذلك الوقت مسافرا شرعا لا يؤثر رجوعه عن قصده في صيرورته مسافرا كي يلحقه احكامه ضرورة عدم كون العدول عن قصد الإقامة سفرا فيبقى على ما هو عليه من وجوب الاتمام والصيام حتى
يستأنف سفرا جديدا ان قلت مقتضى هذا الدليل انقطاع السفر بمجرد العزم على إقامة العشرة لأنه سبب لصيرورته مكلفا بالاتمام والصيام وفعل النوافل والمفروض انه لا يتوجه عليه الخطاب
بشئ من ذلك الا على تقدير انقطاع سفره مع انا لا نقول به قلت لو خلينا وهذه الأدلة الامرة بالاتمام بمجرد العزم على مقام عشرة أيام لا التزمنا بذلك ولكن منعنا عن ذلك صحيحة
أبى ولاد الدالة على أنه ان رجع عن قصده قبل ان يصلى فريضته بتمام عاد إلى التقصير فإنها تكشف عن أن تنجز هذه الأوامر في حقه مراع في الواقع بعدم رجوعه عن قصده قبل ان يصلى صلاة تامة
ولكن حيث يمكن ان يكون تخصيص الصلاة التامة بالذكر جاريا مجرى الغالب أو لوقوع التعرض لذكرها في السؤال لا لإرادتها بالخصوص فلا يكاد يفهم منه أزيد من اعتبار الاتيان بشئ مما
يشترط بالإقامة من الفريضة التامة ونحوها في ذلك وقد بالغ الشهيد الثاني في الروض في تشييد هذا الدليل والتعويل عليه في جل الفروع المتفرعة عليه حتى أنه استدل على الحاق الصوم
الواجب لو رجع عن نيته بعد الزوال بالفريضة التامة بالروايات الدالة على أن من سافر في شهر رمضان بعد الزوال وجب عليه اكمال الصوم كصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام انه سال
عن الرجل يخرج من بيته وهو يريد السفر وهو صائم قال إن خرج قبل ان ينتصف النهار فليفطر وان خرج بعد الزوال فليتم يومه وصحيحة محمد بن مسلم عنه ع إذا سافر الرجل في شهر رمضان
فخرج بعد نصف النهار عليه صيام ذلك اليوم بدعوى شمول مثل هذه الأخبار باطلاقها أو عمومها لمثل هذا الصائم لو سافر بعد الزوال ومقتضاه انعقاد صومه صحيحا وعدم طرو البطلان
عليه بالعدول عن قصده ولازمه عدم بطلان اقامته أيضا بذلك والا يلزمه وقوع الصوم الواجب بلا نية الإقامة يعنى بلا نية صحيحة قاطعة للسفر وهو مخالف للاجماع ولا يخفى عليك
757

ما في الاستدلال على صحة صوم هذا الصايم بعموم تلك الأخبار مع خروج هذا الفرد عن موضوعها وعدم امكان استفادة حكمه منها الا بدعوى تنقيح المناط الذي لا يصح ادعائه الا بعد فرض
صحة صومه وعدم بطلانه بعدوله عن قصده وكيف كان فيتوجه على أصل المبنى انه لم يظهر من شئ من الأدلة كون نية الإقامة بنفسها قاطعة للسفر بحيث يحتاج العود إليه بعدها على قطع
مسافة مستأنفة ولا توقف ترتب شئ من الآثار الثابتة لها على كونها كذلك ودعوى الاجماع عليه غير مسموعة بل غاية ما دلت الأدلة عليه ان المسافر إذا دخل أرضا وأيقن
ان له بها مقام عشرة أيام وجب عليه الصيام والتمام وترتيب احكام الحاضر ما دام باقيا على عزمه لا انه يندرج
في موضوع الحاضر حقيقة بمجرد هذا العزم بحيث يتوقف اندراجه
في موضوع المسافر ثانيا إلى قطع مسافة أخرى نعم قد اعترفنا فيما سبق بأن يستشعر من ترتيب هذه الأحكام على نية الإقامة بواسطة المناسبات المغروسة في الأذهان ان
الشارع انما رتب هذه الأحكام على من أراد ان يقيم في بلد عشرة أيام فما زاد بلحاظ كون البقاء في مكان بهذا المقدار عن عزم وإرادة سابقة مؤثرة في ضعف علاقة المسافرة وصيرورته
بواسطة استقراره وطول مكثه في ذلك البلد بمنزلة أهله في انقطاع سفره فكونه كذلك حكمه للحكم بترتيب اثر الإقامة على نيتها لا علة له بحيث يكون ثبوته مراعى باتمام الإقامة هذا مع أنه
مجرد اشعار لا يعول عليه في صرف الأدلة عن ظاهرها وانما العمدة فيما جزمنا به من كون إقامة العشرة قاطعة للسفر هي الصحيحة الناطقة بان من قدم مكة قبل التروية بعشرة أيام هو بمنزلة
أهلها المتممة بالنسبة إلى من نوى الإقامة وصلى صلاة تامة بعدم القول بالفصل مع اشعار صحيحة أبى ولاد المتقدمة أيضا بذلك من حيث دلالتها على لزوم حكم الإقامة بذلك حتى يسافر
من ذلك المكان فتلخص مما ذكر انه لا دليل على انقطاع السفر بمحض نية الإقامة بل هي سبب لتنجز التكليف بالصيام والتمام ما دام بقائها فإذا زالت عاد إلى ما يقتضيه عمومات أدلة التقصير الا ان
يصلى صلاة فريضة بتمام كما يقتضيه صحيحة أبى ولاد والمنساق مما في هذه الصحيحة من قوله ع وصليت صلاة فريضة بتمام هي الفريضة التامة المأتى بها كذلك من حيث كونه ناويا للإقامة فلا يكفي
الفريضة الغير المقصودة ولا قضاء التامة الا ان يكون قضاء ما فاتته حين يكون ناويا للإقامة كما لو نوى الإقامة في الظهر فنسي صلاتها ثم ذكرها في الليل وقضاها تامة ثم عدل عن قصده فان الظاهر
كفايتها في لزوم حكم الإقامة لعموم النص وانصرافه إلى الحاضرة ان سلم فبدوي ولو صلى في أحد مواضع التخيير كفى لان التمام بعد النية صارت عزيمة على تردد فيما لو كان اختبار التمام غفلة عن
كونه ناويا للإقامة بل لكونه أفضل بل قد يقوى كفايته ح لخروجه عن منصرف النص ولو دخل في الصلاة بنية القصر ثم بدأ له في الأثناء الإقامة فأتمها فالظاهر كفايته لعدم قصور النص عن
شموله وانصرافه عن مثله لو كان فهو بدوي لا يلتفت إليه ولو دخل في الصلاة بعد ان نوى الإقامة بنية التمام ثم بدأ له في الأثناء فالأظهر بطلان اقامته وان كان قبل التسليم فضلا عما لو كان
في الأولين اللتين يتمكن معهما من التقصير إذا المنساق من الصحيحة الدالة على لزوم حكم الإقامة بفعل الصلاة تامة انما هو فيما لو كان رجوعه عن قصده بعد أداء الصلاة تامة لا في أثنائها كما
اعترف به غير واحد وهل يجب عليه اتمام هذه الصلاة التي تلبس بها بنية التمام مطلقا أم يجب قطعها واستينافها قصرا كذلك أو يفصل بين ما لو كان رجوعه قبل ان يقوم للثالثة
وبعده فيقصر في الأول ويتم في الثاني أو بين ما لو كان قبل دخوله في ركوع الثالثة فيقصر وبعده فيستأنف أو يتم وجوه بل أقوال وسيأتي التعرض لتحقيق ما هو الحق منها عند تعرض المصنف
له انشاء الله ولو نوى الإقامة وترك الصلاة عمدا أو نسيانا حتى خرج وقتها ثم بدا له قبل قضائها فالظاهر تأثير البداء في بطلان اقامته كما صرح به غير واحد لما عرفت من تعليق الحكم
المخالف للأصل في ظاهر النص بفعل الصلاة تامة لا بمضي وقتها خلافا للمحكى ممن آخرين فاكتفوا بخروج الوقت في العامد وترددوا في الناسي هو تعد عن ظاهر النص بلا دليل كما عرفت
ويجب قضائها على التمام لأنها فاتت كذلك خلافا للمحكى عن المنتهى فأوجب قضائها قصرا فلعله يرى كشف البداء عن بطلان اقامته من أصله وفيه ان ظاهر النصوص والفتاوى وسببيته نية
الإقامة لوجوب الاتمام ما دام بقائها فهو ما دام كونه ناويا للإقامة مكلف بالاتمام والصيام كالحاضر وفعل صلاة تامة موجب لبقاء هذا الحكم وعدم ارتفاعه بزوال قصده ما دام في ذلك
المكان لا انه مؤثر في صحة النية وسببيتها لوجوب الاتمام كما تقدم تحقيقه آنفا واما القصر فإنه عزيمة لا رخصة بلا خلاف فيه بيننا على الظاهر بل لعله من ضروريات المذهب وقد وقع التصريح
بوجوب التقصير في السفر كالاتمام في الحضر في صحيحة زرارة المتقدمة في صدر الباب وغيرها مما لا حاجة إلى استقصائه بعد وضوح الحكم ودلالة جل الروايات الواردة في هذا الباب التي تقدم كثير منها في
طي المباحث السابقة عليه كما لا يخفى على المتتبع الا ان يكون المسافة أربعا فما زاد ولم تبلغ الثمانية ولم يرد الرجوع ليومه أو ليلته فإنه مخير ح بين القصر والاتمام على قول ربما نسب
إلى المشهور بين القدماء وقد تقدم البحث فيه مفصلا فراجع والا ان يكون قد سافر بعد دخول الوقت فإنه يتخير ح بينهما على قول محكى عن خلاف الشيخ وستعرف الحال فيه أو يكون المسافر
في أحد المواطن الأربعة مكة والمدينة والمسجد الجامع بالكوفة والحاير فإنه مخير في هذه المواطن والاتمام أفضل كما هو المشهور على ما نسب إليهم وحكى عن الصدوق أنه قال يقصر
ما لم ينو المقام عشرة أيام والأفضل ان ينوى المقام بها ليوقع صلاته تماما وعن السيد المرتضى ره في الجمل على أنه قال لا تقصير في مكة ومسجد النبي ص ومشاهد القائمين مقامه والمعتمد الأول
للأخبار المستفيضة الدالة عليه الشاهدة للجمع بين ما يظهر منه وجوب الاتمام ووجوب التقصير فما يدل على أفضلية الاتمام صحيحة حماد بن عيسى قال قال أبو عبد الله ع ان من مخزون علم الله
الاتمام في أربعة مواطن حرم الله وحرم رسوله ص وحرم أمير المؤمنين وحمر الحسين بن علي وخبر مسمع عن أبي إبراهيم عليه السلام قال كان أبى يرى لهذين الحرمين ما لا يراه لغيرهما
ويقول إن الاتمام فيهما من الامر المذخور ورواية معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ع قال من الامر المذخور الاتمام في الحرمين وعن الصدوق مرسلا عن الصادق عليه السلام قال من الامر
المذخور اتمام الصلاة في أربعة مواطن مكة والمدينة ومسجد الكوفة وحائر الحسين وصحيحة علي بن مهزيار المروية عن التهذيب قال كتبت إلى أبى جعفر الثاني ان الرواية قد اختلفت
عن ابائك في الاتمام والتقصير للصلاة في الحرمين فمنها بان يتم الصلاة ولو صلاة واحدة ومنها ان يقصر ما لم ينو عشرة أيام ولم أزل على الاتمام فيهما إلى أن صدرنا في حجنا في عامنا هذا فان
فقهاء أصحابنا أشاروا على بالتقصير إذا كنت لا أنوي مقام عشرة أيام فصرت إلى التقصير وقد ضقت بذلك حتى اعرف رأيك فكتب إلى ع بخطه قد علمت يرحمك الله فضل الصلاة في
الحرمين على غيرهما فانا أحب لك إذا دخلتهما ان لا تقصر وتكثر فيهما من الصلاة فقلت له بعد ذلك بسنتين مشافهة انى كتبت إليك بكذا وأجبتني بكذا فقال نعم فقلت أي شئ تعنى
بالحرمين فقال مكة والمدينة ومتى إذا توجهت من منى فقصر الصلاة فإذا انصرفت من عرفات إلى منى وزرت البيت ورجعت إلى منى فأتم تلك الثلاثة أيام وقال بإصبعه ثلثا
قال المحقق الأردبيلي في شرح الارشاد بعد نقل هذه الرواية وليس من قوله ومتى إلى اخره موجودا في الكافي وعدمه اظهر ويمكن حمل قوله ع فأتم على قصد الإقامة في مكة فيدل على
758

عدم اشتراط في لخروج إلى محل الترخص لنية الإقامة انتهى أقول الجمع بين لفظ متى بالمثناة الفوقانية وإذا لحن فهو بحسب الظاهر محرف منى وهو معطوف على البلدين كما يفصح
عن ذلك قوله ع بعد ذلك إذا توجهت من منى إلى عرفات إلى اخره حيث جعل مبدء تحتم التقصير من حين خروجه من منى وأمره بالاتمام في منى بعد رجوعه من الزيارة فلا حاجة
في توجيهه بالحمل على نية الإقامة مع ما فيه من التكلف والاشكال بل هو باعتبار كون منى أيضا من توابع مكة أو كونه بنفسه مثل مكة جزء مستقلا من الحرم كما يؤيده التفكيك
بينه وبين مكة فالمراد يحرم بمقتضى هذه الصحيحة جزئان من الحرم اللذان علم فضل الصلاة فيهما وهما مكة ومتى ولكن حيث لم يذكر هذه الفقرة في الكافي مع ما فيها من
التهافت يشكل الالتزام بمضمونها من الاتمام في منى مع مخالفته للشهرة وعمومات التقصير وكيف كان فيظهر من كلام ابن مهزيار ان العمل باختيار التقصير في تلك الاعصار كان لدى
فقهاء أصحابنا أرجح ويشهد لذلك مضافا إلى ذلك ما حكى عن الشيخ الجليل جعفر بن محمد بن قولويه في كتاب كامل الزيارات عن أبيه عن سعد بن عبد الله قال سألت أيوب بن
نوح عن تقصير الصلاة في هذه المشاهد مكة والمدينة والكوفة وقبر الحسين ع والذي يروى فيها فقال انا اقصر وكان صفوان يقصر وابن أبي عمير وجميع أصحابنا يقصرون و
رواية أبى شبل قال قلت لأبي عبد الله ع أزور قبر الحسين ع قال نعم زر الطيب وأتم الصلاة عنده قلت بعض أصحابنا يرى التقصير قال انما يفعل ذلك الضعفة ومما يدل أيضا على أفضلية التمام
صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا عبد الله ع عن التمام بمكة والمدينة قال أتم وان لم تصل فيهما الا صلاة واحدة ورواية عثمان بن عيسى قال سألت أبا عبد الله ع عن
اتمام الصلاة والصيام في الحرمين فقال أتمها ولو صلاة واحدة وعن الحميري في قرب الإسناد انه رواها عن محمد بن علي بن النعمان بن عيسى مثله الا أنه قال عن اتمام الصلاة في الحرمين مكة
والمدينة فقال أتم الصلاة ولو صلاة واحدة ورواية خالد الحناط المروية عن كتاب كامل الزيارات لابن قولويه عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال سألته عن الصلاة في الحرمين
قال أتم ولو مررت به مارا وصحيحة مسمع عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال لي إذا دخلت مكة فأتم يوم تدخل ورواية عمر بن رياح قال قلت لأبي الحسن ع اقدم مكة أتم أم اقصر قال
أتم قلت وامر على المدينة فأتم الصلاة أم اقصر قال أتم وصحيحه عبد الرحمن بن الحجاج قال قلت لأبي الحسن ع ان هشاما روى عنك انك امرته بالتمام في الحرمين وذلك من اجل الناس
قال لا كنت انا ومن مضى من ابائي إذا وردنا مكة أتممنا الصلاة واستترنا من الناس ورواية إبراهيم بن شيبة قال كتبت إلى أبى جعفر ع أسئله عن اتمام الصلاة في الحرمين فكتب إلى
كان رسول الله ص يحب اكثار الصلاة في الحرمين فأكثر فيهما وأتم ورواية سماعة بن مهران المروية في البحار نقلا من كتاب عبد الله بن يحيى الكاهلي عن العبد الصالح ع قال قال أتم
الصلاة في الحرمين مكة والمدينة ورواية عمر بن مرزوق قال سألت أبا الحسن ع عن الصلاة في الحرمين وعند قبر الحسين ع قال أتم الصلاة فيها ورواية أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال
سمعته يقول أتم الصلاة في أربعة مواطن في المسجد الحرام ومسجد الرسول ومسجد الكوفة وحرم الحسين ع ورواية عبد الحميد خادم إسماعيل بن جعفر عن أبي عبد الله ع قال تتم الصلاة في أربعة
مواطن في المسجد الحرام ومسجد الرسول ومسجد الكوفة وحرم الحسين ع ورواية الحسين بن سعيد عن إبراهيم بن أبي البلاد وعن رجل من أصحابنا عن أبي عبد الله ع قال تتم الصلاة في
ثلاثة مواطن في المسجد الحرام ومسجد الرسول وعند قبر الحسين ع وخبر حذيفة بن منصور عمن سمع أبا عبد الله ع يقول تتم الصلاة في المسجد الحرام ومسجد الرسول ص ومسجد الكوفة و
حرم الحسين ع ورواية زياد القندي قال قال أبو الحسن ع يا زياد أحب لك ما أحب لنفسي واكره لك ما اكره لنفسي أتم الصلاة بالحرمين وبالكوفة وعند قبر الحسين ع وهذه الأخبار كما
تريها واضحة الدلالة على أفضلية الاتمام في هذه المواطن بل ظاهر كثير منها الوجوب ولكن يتعين صرفها عن هذا الظاهر بشهادة غيرها مما هو نص في خلافه كخبر علي بن يقطين قال سألت
أبا إبراهيم ع عن التقصير بمكة فقال أتم وليس بواجب الا انى أحب لك ما أحب لنفسي ورواية عمران بن حمران قال قلت لأبي الحسن ع اقصر في المسجد الحرام أو أتم قال إن قصرت فذاك وان أتممت
فهو خير وزيادة الخير خير ورواية الحسين بن مختار عن أبي إبراهيم قال قلت له انا إذا دخلنا مكة والمدينة تتم أو نقصر قال إن قصرت فداك وان أتممت فهو خير يزاد وصحيحة علي بن يقطين
عن أبي الحسن ع في الصلاة بمكة قال من شاء أتم ومن شاء قصر هذا مع ما في كثير من الروايات المتقدمة من القرائن المشعرة بذلك بل الظاهرة فيه مضافا إلى معارضتها ح مع الروايات
الامرة بالتقصير وكيف كان فقد ورد بإزاء هذه الأخبار اخبار اخر ظاهرة في وجوب التقصير كما وقعت الإشارة إليها في صحيحة ابن مهزيار المتقدمة فمنها صحيحة معاوية بن وهب قال سألت أبا
عبد الله ع عن التقصير في الحرمين والتمام فقال لا تتم حتى تجمع على مقام عشرة أيام فقلت ان أصحابنا رووا عنك انك امرتهم بالتمام فقال أصحابك كانوا يدخلون المسجد فيصلون
ويأخذون نعالهم ويخرجون والناس يستقبلونهم يدخلون المسجد للصلاة فأمرتهم بالتمام ورواية محمد بن إبراهيم الحضيني قال استأمرت أبا جعفر ع في الاتمام والتقصير قال إذا
دخلت الحرمين فانو عشرة أيام وأتم الصلاة قلت انى اقدم مكة قبل التروية بيوم أو يومين أو ثلاثة أيام قال انو عشرة أيام وأتم الصلاة في الوسائل ذكر هذه الرواية بعد ان نقل
جملة من الروايات الدالة على أفضلية الاتمام قال ما لفظه هذا موافق لما مضى فان النية مع علم في لإقامة غير معتبرة وقد حكم الشيخ باعتبارها هنا خاصة ولا يخفى ان تحتم الاتمام
مع نية الإقامة المعتبرة وترجيحه مع مطلق النية لا ينافي التخيير بدون نية بل ولا ترجيح الاتمام ح وارتكاب الحمل البعيد الذي لا ضرورة إليه غير جائز انتهى أقول فكان مراده
انه لا مانع عن الالتزام بأرجحية الاتمام مع نية الإقامة ولو مثل هذه الأوقات المتخللة بقطع المسافة الغير المعتبرة شرعا في القاطعية للسفر من الاتمام لا معها وان كان هو في حد ذاته سايغا بل راجحا وهو لا
يخلو من جودة ولعل حكم الشيخ باعتبارها هنا خاصة ليس الا بهذا المعنى والا فلم ينقل عن الشيخ الخلاف في جواز الاتمام بلا نية فليتأمل وقد جعل في الحدائق الامر بنية الإقامة ثانيا
بمنزلة التأكيد للأول وبيان عدم صحة الاتمام بدونها فالمقصود بقوله ع انو عشرة أيام وأتم الصلاة بيان تعليق الاتمام على نية الإقامة لا ان مراده ع الامر بالإقامة والاتمام على
تلك الحال كما فهموه وهو لا يخلو من بعد وصحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع قال سألت الرضا ع عن الصلاة بمكة والمدينة بتقصير أو اتمام قال قصر ما لم تعزم على مقام عشرة ورواية
علي بن حديد قال سألت الرضا ع فقلت ان أصحابنا اختلفوا في الحرمين فبعضهم يقصر وبعضهم يتم وانا ممن يتم على رواية قد رواها أصحابنا في التمام وذكرت عبد الله بن جندب و
انه كان يتم قال رحم الله ابن جندب ثم قال لي لا يكون الاتمام الا ان يجمع على إقامة عشرة أيام وصل النوافل ما شئت قال ابن حديد وكأن محبتي ان يأمرني بالاتمام وصحيحة معاوية بن
عمار قال سألت أبا عبد الله ع عن رجل قدم مكة فأقام على احرامه قال فليقصر الصلاة ما دام محرما وصحيحة معاوية بن وهب المروية عن العلل قال قلت لأبي عبد الله ع مكة والمدينة
759

كسائر البلدان قال نعم قلت روى عنك بعض أصحابنا انك قلت لهم أتموا بالمدينة لخمس فقال إن أصحابكم هؤلاء كانوا يقدمون فيخرجون من المسجد عند الصلاة فكرهت ذلك لهم
فلذا قلته ورواية عمار بن موسى المروية عن كامل الزيارات لابن قولويه قال سألت أبا عبد الله ع عن الصلاة في الحائر قال ليس الصلاة الا الفرض بالتقصير ولا تصل النوافل
ويدل عليه أيضا صحيحة أبى ولاد الحناط المتقدمة في المسألة السابقة ولا يمكن الجمع بين هذه الروايات وبين الأخبار السابقة بتقييد تلك الأخبار بنية الإقامة كما التزم به الصدوق
واتباعه لاباء جملة منها بل جلها عن ذلك لما في جملة منها من التصريح بالاتمام وان لم يصل فيها الا صلاة واحدة أو كان مارا فيها أو من يوم يدخلها إلى غير ذلك من الألفاظ التي
يجعلها نصا في إرادة العموم ووقوع الإشارة أو التصريح في كلمات السائلين بان الذي أوقعهم في التحير الداعي لهم إلى السؤال عن الصلاة في هذه المواطن انما هو اختلاف الروايات
الواردة فيها وان مورد كلامهم انما هو فيما إذا لم ينو إقامة العشرة إلى غير ذلك من الشواهد التي لا حاجة إلى استقصائها بعد وضوح في رادة المعنى المفيد من تلك الأخبار ولو من بعضها
الذي تقدمت الإشارة إليه وكذا لا يمكن الجمع بينها بالحمل على التخيير وأفضلية التمام وان شهد بذلك جل
الروايات المزبورة ولكن الروايات التي ورد فيها الامر بالتقصير جلها لولا كلها
أبية عن الحمل على إرادة بيان مجرد الجواز كيف قد ورد في بعضها الاعتذار عما صدر منهم من الامر بالاتمام بأنه انما صدر ذلك لعلة مناسبة للتقية الا ان هذا الاعتذار بحسب الظاهر عذر
صوري أو مخصوص بمورده والا فقد علل ذلك في جملة من تلك الأخبار بعلة غير هذه العلة وكيف كان فهذه الروايات بظاهرها منافية لتلك الأخبار ولكن تلك الروايات تدل بالصراحة
على أفضلية الاتمام في تلك الأماكن من حيث هي فيمكن الجمع بينها وبين هذه الروايات بحمل الامر بالتقصير الوارد في هذه الأخبار على أن صدوره انما هو بملاحظة حال المخاطبين المبتلين
بمخالطة العامة الذين لا يرون خصوصية لهذه الأماكن كما يؤيده الامارات الداخلية والخارجية المشعرة بكونها مشوبة بالتقية ولو سلمت المعارضة بينها فالترجيح مع تلك الروايات
الموافقة للمشهور المخالفة للجمهور كما هو واضح فلا مجال للارتياب في أصل الحكم وانما الاشكال في تعيين خصوص المواطن لاختلاف النصوص في ذلك إذ هي بين مشتمل على لفظ بالحرم
في الأربعة مع الإضافة إلى الله تعالى ورسوله ص وأمير المؤمنين ع والحسين ع وبين مشتمل على لفظ المسجد في الثلاثة وحرم الحسين ع وبين مبدل فيه بعند قبره عليه السلام واخر بالحائر والحرمين
بمكة والمدينة ومسجد الكوفة بالكوفة ولا ريب في أن قضية الضوابط ثبوت الحكم في الأوسع مكانا من هذه الألفاظ لدى صحة مستنده ضرورة عدم منافاة ثبوته في الاضيق له بل ربما
يكون مؤكدا شبه التنصيص على الحكم في بعض افراد العام مع في لمخالفة في الباقي هكذا قيل وهو صحيح لو لم يكن ما دل على ثبوته في الأضيق دالا على أن هذا من خصايص ذلك المكان
وليس كذلك إذ المنساق من مثل قوله ع تتم الصلاة في أربعة مواطن في المسجد الحرام ومسجد الرسول ص ومسجد الكوفة وحرم الحسين ع إرادة بيان مخالفة حكم المسافر في هذه الأماكن
لحكمه في غيرها فظاهره اختصاص هذه الأماكن بهذا الحكم وعدم تعديه عنها فلا بد ح في مقام الجمع بينه وبين ما دل على ثبوته في الأوسع مما وقع فيه التعبير عن تلك المواطن بلفظ
مكة والمدينة والكوفة اما من رفع اليد عن ذلك الظهور وجعل النكتة في تخصيص المساجد بالذكر شرفها وكونها معدة للصلاة وعلية وقوع الصلاة فيها ونحوها أو تقييد
اطلاق مكة والمدينة والكوفة بمساجدها وليس الأول أولى من الثاني بل لعل الثاني أولى بالنظر إلى ما يقتضيه الجمع بين الاخبار مضافا إلى موافقته للأصل وهو الاقتصار في رفع
اليد عن عموم القصر في السفر على المتيقن ولكن ربما يؤيد الأول أي رفع اليد عن ظهور ما وقع فيه تخصيص المساجد بالذكر في الاختصاص بالنسبة إلى مسجد الحرام ومسجد الرسول
صلى الله عليه وآله اشتهار تعليق هذا الحكم في الاخبار بالحرمين وتفسيرهما بمكة والمدينة كما نص عليه في صحيحة ابن مهزيار التي هي في حد ذاتها ظاهرة في إرادة مطلق الحرم المفسر بهذا التفسير
وكذا ترك الاستفصال في جواب السؤال عن التمام بمكة والمدينة كما في صحيحة ابن الحجاج الأولى أو في الحرمين كما في غير واحد من الاخبار فالقول بعدم اختصاصه بالمسجدين بل ثبوته
في مجموع البلدين كما هو ظاهر المتن وغيره بل ربما نسب إلى الأكثر أو المشهور لا يخلو من قوة وان كان الأحوط الاقتصار على نفس المسجدين خصوصا بالنسبة إلى ثانيهما أي مسجد النبي ص؟؟ ثم؟ واما مسجد الكوفة فقد اختلف في اختصاص الحكم به أيضا وقد تعرض في الحدائق لنقل جملة
من أقوالهم المختلفة فقال ما لفظه نقل جمع من متأخري أصحابنا عن الشيخ أنه قال إذا ثبت في الحرمين من غير اختصاص بالمسجد يكون الحكم كذلك في الكوفة لعدم القائل بالفصل ونقل
الشهيد في الدروس عن المحقق انه حكم في كتاب له في السفر بالتخيير في البلدان الأربعة حتى الحاير ورجح المحقق الأردبيلي في شرح الارشاد عموم الاتمام في الكوفة وصرح جمع من المتأخرين
باختصاص الحكم بالمسجد قال في المعتبر ينبغي تنزيل حرم أمير المؤمنين ع على مسجد الكوفة خاصة اخذا بالمتيقن انتهى وظاهر الشيخ في المبسوط تعدية الحكم إلى الغري أيضا حيث أنه قال ويستحب الاتمام
في أربعة مواطن في السفر والمدينة ومسجد الكوفة والحائر على ساكنه السلام وقد روى الاتمام في حرم الله وحرم الرسول وحرم أمير المؤمنين وحرم الحسين فعلى هذه الرواية يجوز الاتمام خارج مسجد
الكوفة والنجف انتهى وقال شيخنا المجلسي عطر الله مرقده بعد نقل ذلك عنه وكأنه نظر إلى أن حرم أمير المؤمنين ع صار محترما بسببه واحترام الغري به أكثر من غيره ولا يخلو من وجه ويؤمى إليه بعض الأخبار انتهى ما
نقلناه عن الحدائق والذي ينبغي ان يقال هو انه قد ورد في عدة من الروايات المزبورة الحاصرة للمواطن في الأربع تخصيص المسجد الذكر على وجه يظهر منها ارادته بالخصوص بالتقريب المتقدم وليس في شئ من تلك الروايات
ما ينافي ذلك عدى ما في خبر زياد القندي من التعبير بالكوفة الظاهر في ارادتها على الاطلاق وفي صحيحة حماد من التعبير بحرم أمير المؤمنين ع وقد فسر حرم أمير المؤمنين ع في بعض الأخبار بالكوفة ففي رواية حسان بن مهران قال
سمعت أبا عبد الله ع يقول قال أمير المؤمنين ع مكة حرم الله والمدينة حرم رسول الله ص والكوفة حرمي لا يريدها جبار بحادثة الا قصمه الله وخبر عاصم بن عبد الواحد المروى عن امالي الشيخ قال سمعت أبا عبد الله ع يقول مكة حرم الله
والمدينة حرم محمد ص والكوفة حرم علي بن أبي طالب وفي رواية القلانسي الكوفة حرم الله وحرم رسوله ص وحرم أمير المؤمنين ع فعلى هذا التفسير يكون حال هذه الصحيحة أيضا حال خبر زياد في ظهوره في إرادة مجموع البلد ولكنك عرفت انفا
ان رفع اليد عن ظهور الروايات المتضمنة لذكر المسجد في ارادته بالخصوص خصوصا مع استفاضتها واعتضاد بعضها ببعض بظهور خبر زياد ونحوه في إرادة مجموع البلد لا يخلو من اشكال بل لا يبعد كون ظهور الأول في إرادة الخصوصية
أقوى ولا أقل من المكافئة الموجبة للاقتصار في رفع اليد عن عموم أدلة التقصير في السفر على القدر المتيقن اللهم الا ان يدعى انه يستشعر من الصحيحة التي وقع فيها التعبير بالحرم في جميع تلك المواطن ان عنوان الموضوع المعلق عليه الحكم في
الواقع هو الحرمية ويؤيده بالنسبة إلى حرم أمير المؤمنين عليه السلام الذي هو محل الكلام ما تقدم نقله عن الشيخ من دعوى في لقول بالفصل بين الحرمين وبين الكوفة ولكن يضعفه التفكيك الواقع في مرسلة الصدوق التي وقع
فيها التعبير عن الحرمين بمكة والمدينة وعن الآخرين بمسجد الكوفة والحاير فإنه مشعر بالتفصيل وعدم ثبوت الحكم لمجموع البلد في الأخيرين فلا يبقى معه وثوق بإرادة مجموع البلد من حرم أمير المؤمنين الواردة في الصحيحة التي قد يغلب
على الظن انه لم يرد منها الا ما أريد من هذه المرسلة هذا مع امكان ان يكون المراد بحرم أمير المؤمنين ع ما يطلق عليه هذا الاسم في عرف المتشرعة وهى البقعة المباركة التي وقع فيها ضريحه المنوب وعدم امكان الالتزام بثبوت
760

التقصير فيها بالخصوص حيث لم ينقل القول به عن أحد لا يورث الجزم بعدم ارادته من هذه الرواية في الواقع والحاصل انه لا يكاد يحصل الوقوف بما أريد من الحرم في هذا الخبر فالمتجه ما ذكره المصنف ره في محكى المعتبر من أنه
ينبغي تنزيله على مسجد الكوفة خاصة اخذا بالمتيقن أي بالمتيقن مما ثبت جواز التقصير فيه لا ارادته من هذه الرواية والله العالم واما الحاير فلم يقع التعبير به في شئ من الاخبار المزبورة الا في مرسلة الصدوق
بل عبر عنه في جل الروايات بحرم الحسين ع وفي بعضها بعند قبر الحسين ع وعند الحسين عليه السلام وكل من هذه الألفاظ لا يخلو من اجمال اما عند قبر الحسين فهي كلمة مجملة والقدر المتيقن منه ما حول القبر الشريف واما الحائر
الشريف ففي السرائر انه ما زار سور المشهد والمسجد عليه دون ما دار سور البلد عليه لان ذلك هو الحائر حقيقة لان الحائر في لسان العرب الموضع المطمئن الذي يحار فيه الماء قد ذكر ذلك المفيد في الارشاد في مقتل الحسين عليه السلام
لما ذكر من قتل معه من أهله فقال الحائر محيط بهم الا العباس ع فإنه قتل على المسناة فتحقق ما قلنا والاحتياط يقتضى ما بيناه لأنه مجمع عليه وغيره غير مجمع عليه انتهى ما في السرائر وحكى عن كثير من الأصحاب موافقته بل ربما يستشعر
من كلماتهم ان هذا هو القدر المتيقن مما يطلق عليه اسم الحائر وحكى عن العلامة في المنتهى والشهيد وغيره بعد نقل كلام السرائر انهم قالوا إن في هذا الموضع حار الماء لما امر المتوكل باطلاقه على قبر الحسين ليعفيه وعن
البحار بعد نقل ما في السرائر قال إن بعضهم ذهب إلى أن الحائر مجموع الصحن المقدس وبعضهم انه القبة السامية بعضهم إلى أنه الروضة المقدسة وما أحاط بها من العمارات القديمة من الرواق أو المقتل والخزانة وغيرها ثم قال
والأطهر عندي مجموع الصحن القديم لا ما تجدد في الدولة الصفوية انتهى واما الحرم الشريف فقد اختلفت الاخبار في تحديده ففي بعضها تقديره لخمسة فراسخ من اربع جوانبه وفي مرسلة محمد بن إسماعيل البصري فرسخ في فرسخ
من اربع جوانب القبر ولذا وقع الخلاف في تحديده وعن الشيخ نجيب الدين أنه قال الكل حرم وان تفاوت في الفضيلة وعن مجمع البرهان أنه قال ليس بمعلوم اطلاق حرم الحسين ع على غير الحائر وهو ما دار عليه سور المشهد والحضرة
الشريفة ولعله لعدم الوثوق الروايات الواردة في تحديده ويحتمل ان يكون مراده عدم معلومية بالنسبة إلى الروايات الواردة في المقام حيث يجوز ان يكون المراد به في هذه الروايات ما يطلق عليه اسمه في عرف المتشرعة وهو ما ما دار عليه سور
المشهد والمسجد فيتجد ح ما ذكره الحلى وغيره في تفسير الحائر وكيف وكيف كان فالأحوط ان لم يكن أقوى في لتعدى عن ذلك بل الأحوط الاقتصاد على نفس الحضرة الشريفة دون المسجد أيضا والله العالم فروع الأول لا يتعدى
الحكم المزبور إلى سائر المشاهد الشريفة لانتفاء ما يدل عليه خلافا للمحكى عن السيد والإسكافي ولعله لما يظهر من بعض الأخبار من أن حكمه هذا الحكم سرف تلك البقاع وفضل الصلاة فيها فيعم سائر المشاهد وفيه انه مجرد
اشعار لا يصلح ان يكون مستندا لاثبات حكم شرعي مخالف للأصول الثاني الظاهر كما هو صريح غير واحد اختصاص جواز الاتمام بالصلاة دون الصوم لاختصاص أدلته بذلك بل اشعار بعضها بنفيه في الصوم كما هو مقتضى
عمومات أدلته واما ما دل على الملازمة بين الافطار والتقصير فهو منصرف عن مثل المقام إذ المتبادر منه ارادته بالمقايسة إلى نفس السفر من حيث هو فلا ينافيه ثبوت جواز الاتمام في بعض الموارد لخصوصيات خارجة عما يقتضيه
نفس السفر من حيث هو الثالث هل تسقط النوافل اليومية عن المسافر في هذه الأماكن أيضا مط أم لا تسقط مط أو التفضيل بين ما لو صلى الفريضة خارجا عنها وبين ما لو صليها فيها فتسقط في
الأول دون الثاني أو هي تابعة للفريضة فان اختار اتمام الفريضة جاز الاتيان بنافلتها والا لم يجز وجوه بل أقوال أحوطها ان لم يكن أقوى السقوط مط فالأولى الاتيان بها لا بقصد التوظيف وقد تقدم تفضيل
الكلام فيه في صدر الكتاب عند بيان عدد النوافل فراجع الرابع لو فاتته فريضة في هذه الأماكن فهل هو مخير في قضائها أيضا كأدائها مط أو بشرط ايقاعها في تلك الأماكن أم يتعين القصر مط وجوه قد
تقدم الكلام فيه مفصلا في مبحث القضاء فلا نطيل بالإعادة الخامس لو لم يبق من الوقت الا مقدار أربع ركعات فالظاهر وجوب قصر الصلاتين لتقعا في الوقت وكذا لو بقيت بمقدار خمس ركعات
فان عموم من أدرك ركعة لا يدل على جواز ذلك تعمدا كما عرفته في محلة فما عن بعض من احتماله اخذه بعموم من أدرك ضعيف واضعف منه احتمال جواز اتمام العصر وقضاء الظهر في الصورة الأولى فان أدلة التخيير لا تنصرف
إلى مثل المقام ولو سلم فالتخيير الذاتي الذي هو مفاد تلك الأدلة لا ينافي التعين العرضي كما في سائر موارد التخيير هكذا قرره شيخنا المرتضى ره والأولى ان يقال إن جواز التلبس بأداء العصر في هذا الوقت
موقوف على عدم صحة فعل الظهر قبلها وليس كذلك لأنه لو اتى بظهر مقصورة قبلها تقع صحيحة جزما فلم يسقط عنه التكليف بأدائها كي يتنجز في حقه الامر بالعصر قبل الخروج عن عهدتها فلا يجوز له فعل
العصر تامة كانت أو مقصورة حتى يخرج عن عهدة الظهر أو يختص الوقت بالعصر بحيث لا يصح أداء الظهر قبلها وهو في حق المسافر الذي يجوز له التقصير ليس الا بمقدار أداء ركعتين من
اخر الوقت لا غير وأدلة التخيير لا تقتضي وسعة وقت الاختصاص كما لا يخفى وإذا تعين القصر على المسافر فأتم عالما عامدا أعاد على كل حال في الوقت وخارجه بلا خلاف فيه على الظاهر
بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه لمخالفة المأتى به للمأمور به ولا يتفاوت الحال في ذلك بين القول بوجوب التسليم وتديه كما قد يتوهم فان هذا غير مؤثر في دفع صدق اسم الزيادة
المبطلة للصلاة كما عرفته في مبحث الخلل ويدل عليه في خصوص المقام قوله عليه السلام في خبر الأعمش المروى عن الخصال ومن لم يقصر في السفر لم تجز صلاته لأنه قد زاد في فرض الله عز
وجل ويدل عليه أيضا صحيحة الحلبي قال قلت لأبي عبد الله ع صليت الظهر أربع ركعات وانا في سفر قال أعد وانصرافه إلى غير العامد غير قادح لدلالته على المدعى ح بطريق
أولى وصحيحة زرارة ومحمد بن مسلم عن الباقر ع قالا قلنا فمن صلى في السفر أربعا أيعيد أم لا قال إن كان قرئت عليه اية التقصير وفسرت له فصلى أربعا أعاد وان لم يكن قرئت عليه ولم
يعلمها فلا إعادة ويستفاد من هذه الصحيحة ان وجوب الإعادة انما هو فيما إذا علم بحكم السفر واما ان كان جاهلا بالتقصير الذي هو حكم المسافر فلا إعادة ولو كان الوقت باقيا كما
هو المشهور بل عن بعض دعوى الاجماع عليه وحكى عن الإسكافي والحلبي القول بأنه يعيد في الوقت لا في خارجه واستدل له بصحيحة العيص عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن رجل
صلى وهو مسافر فأتم الصلاة قال إن كان في وقت فليعد وان كان الوقت قد مضى فلا وفيه انه ان لم نقل بانصراف هذه الصحيحة في حد ذاتها إلى الناسي كما يستشعر ذلك من
الجواب لتعين صرفها إلى ذلك جمعا بينها وبين الصحيحة السابقة فان دلالة تلك الصحيحة على نفى الإعادة في الوقت التي قد يقال بأنها هي القدر المتيقن مما يطلق عليه لفظ الإعادة
أقوى من شمول خبر العيص للجاهل مع اعتضاده بالشهرة العظيمة وحكاية الاجماع والأخبار المستفيضة الآتية الواردة في الصوم الذي قد يظن بمساواته للصلاة في هذا الحكم فما
ذهب إليه المشهور هو الأقوى واضعف من القول المزبور ما حكى عن العماني من وجوب الإعادة مطلقا اخذا بعموم ما دل على مبطلية الزيادة المقتضية للإعادة في الوقت وخارجه
وخصوص الخبر المروى عن الخصال المتقدم المعتضد باطلاق الجواب في صحيحة الحلبي المتقدمة من غير استفصال وفيه ان الصحيحة النافية للإعادة في خصوص المقام أخص مطلقا من تلك
العمومات حتى الخبر المروى عن الخصال فلا يصلح شئ منها لمعارضتها ولكن في المقام اشكال وهو انه كيف يعقل اختصاص الحكم أي وجوب التقصير بالعالمين به مع أنه بظاهره
دور صريح مع أن مقتضاه معذورية الجاهل من حيث المؤاخذة أيضا لا في خصوص الحكم الوضعي وهو خلاف ظاهر كلماتهم بل ربما صرح بعضهم يكون انما تبرك التقصير فمن هنا يتولد
اشكال اخر وهو انه كيف يجتمع الرخصة في ترك الإعادة في سعة الوقت مع صحة المؤاخذة عليه وقد تقدم شرح ما يتوجه عليه من الاشكال وحله في مسألة الجهر والاخفات بما لا مزيد
761

عليه فلا تطيل بالإعادة ثم إن الظاهر مشاركة الصوم للصلاة في الحكم المزبور أي بطلانه مع العمد وصحته لدى الجهل بحكمه كما نص عليه غير واحد ويدل عليه صحيحة الحلبي قال قلت
لأبي عبد الله ع رجل صام في السفر فقال إن كان بلغه ان رسول الله ص نهى عن ذلك فعليه القضاء وان لم يكن بلغه فلا شئ عليه وصحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي
عبد الله ع قال سألته عن رجل صام شهر رمضان في السفر فقال إن كان لم يبلغه ان رسول الله ص نهى عن ذلك فليس عليه القضاء وقد أجزء عنه الصوم إلى غير ذلك من الروايات
الدالة عليه المخصصة للعمومات الدالة على أن من صام شهر رمضان في السفر لم يجزه وعليه الإعادة ثم إن المنساق من الصحيحة المتقدمة الواردة في الصلاة وكذا الصحيحتين المزبورتين الواردتين
في الصوم انما هو إرادة الجاهل بأصل الحكم أي وجوب التقصير والافطار على المسافر فلو أتم أو صام لا لجهله بأصل الحكم بل ببعض مسائل القصر كما لو أتم أو صام بعد العدول عن نية
الإقامة قبل ان يصلى صلاة تامة بزعم ان نية الإقامة كالمرور بالوطن قاطعة للسفر مط اتجه الالتزام بوجوب الإعادة عليه اقتصارا في الحكم المخالف للأصل على القدر المتيقن لكن
قد ورد في باب الصوم بعض الروايات المطلقة التي يمكن دعوى شمولها لمطلق الجهل مثل ما رواه الكليني ره باسناده عن عيص بن القاسم عن أبي عبد الله ع قال من صام في السفر بجهالة
لم يقضه وعن ليث المرادي عن أبي عبد الله ع إذا سافر الرجل في شهر رمضان افطر وان صامه بجهالة لم يقضه فالقول بمعذورية الجاهل ببعض الخصوصيات كما في المثال بالنسبة إلى الصوم
لا يخلو من قوة والتعدي عنه إلى الصلاة موقوف على دعوى القطع بالمساواة تنقيح المناط أو عدم القول بالفصل وعهدتها عل مدعيه فالأحوط في باب الصلاة ان لم يكن
أقوى هو الاقتصار في الحكم بالمعذورية على الجهل بأصل الحكم نعم قد يتجه الالتزام به في جاهل الموضوع الذي هو مكلف شرعا بالاتمام ما دام جهله كما لو قصد بلدا لا
يعلم ببلوغه حد المسافة فأتم بمقتضى تكليفه المتنجز في حقه بالفعل ثم انكشف كونه مسافة فإنه أولى بالمعذورية من جاهل الحكم قطعا مضافا إلى ما قد يقال بكون الامر الشرعي المتوجه إليه
حال الفعل مقتضيا للاجزاء ولكن يتوجه على دعوى الأولوية عدم الجزم بإناطة الحكم بمحض المعذورية كي يتجه دعوى الأولوية كيف مع أن الناسي أولى بالمعذورية من الجاهل المقصر
قطعا وليس له هذا الحكم كما ستعرف واما الامر المتوجه إليه حال الغسل فهو امر ظاهري ناش من استصحاب وجوب الاتمام ونحوه فيشكل كونه مجزيا عن الواقع لدى انكشاف
خلافه كما تقرر في محله ولذا أوجب بعض الإعادة عليه في الوقت ولكن نفاه في خارجه بناء منه على أنه لا يتحقق معه صدق اسم الفوات المعلق عليه وجوب القضاء ولكنك قد عرفت
في محله ان المراد بالفوت الموجب للقضاء هو ترك الصلاة الواجبة عليه في الواقع في وقتها فالتفصيل ضعيف ولكن لمانع ان يمنع كون تكليفه بالاتمام عند جهله بمقدار المسافة
تكليفا ظاهريا بدعوى انه لا يكاد ينسبق إلى الذهن من مثل قوله التقصير في بريدين أو مسيرة يوم الا إرادة ايجابه لدى احراز كون المقصد بالغا هذا الحد لا مطلقا فليتأمل و
هل الجاهل بكون القصر عزيمة كالجاهل بأصل الحكم فلا يعيد لو أتم يزعم جوازه وجهان من انصراف النص عنه ومن امكان منع الانصراف بل دعوى ظهور قوله وفسرت له
في إرادة العلم بكونه عزيمة فان هذا هو الذي يحتاج إلى التفسير فما لم يعلمه يصدق انه لم يفسر له الآية ولم يعلمها فلا يجب عليه الإعادة بنص الرواية ولعل هذا هو الأظهر خصوصا
في الصوم الذي يصدق عليه انه صامه بجهالة وانه لم يبلغه نهى رسول الله صلى الله عليه وآله ثم إن المشهور على ما نسب إليهم اختصاص المعذورية بما إذا أتم المسافر جهلا بحكمه
واما لو قصر لذلك كما لو لم يعلم بان كثرة السفر أو نية الإقامة أو المرور بالوطن ونحوها مانعة عن التقصير فقصر جهلا بحكمه فعليه الإعادة في الوقت وخارجه وكذا لو فعل ذلك
نسيانا لمخالفة الماتى به للمأمور به خلافا للمحكى عن جامع ابن سعيد فلم يوجب الإعادة على الجاهل هيهنا أيضا وعن مجمع البرهان نفى البعد عنه لصحيحة منصور بن حازم عن أبي عبد
الله ع قال إذا أتيت بلدة وأزمعت المقام بها عشرة فأتم الصلاة وان تركه رجل جاهلا فليس عليه الإعادة ويدل عليه أيضا خبر محمد بن إسحاق عن أبي الحسن ع قال
سئلته عن امرأة كانت معنا في السفر وكانت تصلى المغرب ركعتين ذاهبة وجائية قال ليس عليها قضاء ولكن لم ينقل القول بمضمون هذه الرواية صريحا عن أحد أي في لإعادة
فيما لو قصر في صلاة المغرب جهلا عدى ما في الحدائق من حكايته عن بعض مشايخه والا ففي الدروس وغيره رموها بالشذوذ فيشكل الاعتماد عليها بل وكذا الصحيحة الأولى لندرة
العامل بها فيشكل رفع اليد بها عن مقتضيات القواعد فما هو المشهور ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط وعلى تقدير تجويز العمل بهما فالمتجه الاقتصار على موردهما وعدم التعدي إلى سائر
موارد الجهل فضلا عن التخطي عنه إلى الناسي كما نسب إلى ابن سعيد في جامعه والله العالم وان كان ناسيا أعاد في الوقت ولا يقضى ان خرج الوقت على المشهور بل عن غير
واحد دعوى الاجماع عليه ويشهد له قوله ع في صحيحة العيص المتقدمة ان كان في وقت فليعد وان كان الوقت قد مضى فلا إذا الناسي هو القدر المتيقن من مورده كما عرفت
ورواية أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال سألته عن الرجل ينسى فيصلى بالسفر أربع ركعات قال إن ذكر في ذلك اليوم فليعد وان لم يذكر حتى يمضى ذلك اليوم فلا إعادة عليه
قوله ع في ذلك اليوم بحسب الظاهر كناية عن عدم خروج الوقت كما يناسبه اطلاق السؤال ويشهد له الصحيحة المتقدمة فيفهم منه حكم العشاء أيضا وعلى تقدير ان يكون المراد به خصوص
اليوم فيستفاد منه حكم العشاء أيضا بضميمة الاجماع المركب ادعاه بعض مضافا إلى كفاية الصحيحة المتقدمة في اثباته وحكى عن الصدوق ووالده والعماني والشيخ في المبسوط
القول بالإعادة مطلقا واستدل له بعموم المستفيضة الحاكمة ببطلان الصلاة بالزيادة واطلاق صحيحة الحلبي المتقدمة الامرة بإعادة الظهر التي صلاها أربعا وفيه انه
يجب تخصيص مثل هذه العمومات والاطلاقات بعد تسليم شمولها للإعادة في خارج الوقت بما عرفت فما ذهب إليه المشهور هو الأقوى ثم إن المنساق من الناسي في النص والفتوى
هو ناسي الموضوع واما ناسي الحكم فهل هو ملحق بجاهله فيه تردد والأحوط ان لم يكن أقوى الإعادة في الوقت وخارجه اقتصارا في الحكم المخالف للأصل على موضع اليقين ولو
قصر المسافر اتفاقا بان لم يكن مقصودة التقصير بل الاتمام اما لجهله بالحكم أو بالموضوع ككون المقصد مسافة مثلا أو لنسيانه شيئا منهما أو تعمده في ذلك تشريعا ولكن سهى
فسلم عقيب الثانية بزعم كونها رابعة لم يصح وأعاد قصرا اما على الأخير أي صورة التعمد فواضح لعدم كونه قاصدا بفعله إطاعة امره الواقعي المتوجه إليه بل هذه الصورة بحسب
الظاهر خارجة عما هو المفروض موضوعا لهذه المسألة في كلماتهم إذ الظاهر أن مقصودهم بهذا الفرع
التعرض لحكم من زعم لشبهة من جهل أو سهو أو نسيان انه مكلف بالاتمام
فقصد يفعله الخروج عن عهدة ما يراه واجبا عليه وهو التمام بزعمه ولكنه صدر منه القصر لا عن قصد بل من باب الاتفاق كما لو سلم بزعم كونه عقيب الرابعة وكان في الواقع
762

عقيب الثانية وكيف كان فالظاهر في لخلاف في مثل المقام في بطلان صلاته ووجوب اعادته لعدم كون الفعل الصادر منه بوجهه الواقع في حيز الطلب أي الصلاة المقصورة
اختياريا له فلا يقع إطاعة لامره كي يصح عبادة ولا ينافي ذلك ما قويناه من اتحاد مهية القصر والاتمام ذاتا وعدم اعتبار تعيينهما بالقصد في ابتداء العمل إذ المراد
بذلك مشاركتهما في الأوليين في عدم امتياز أحدهما عن الاخر الا بالاعتبارات اللاحقة للأوليين لا في ذاتهما والا فمن الواضح اشتراط المقصورة بالاقتصار على
الأوليين والخروج عنهما بالتسليم والتامة بخلافه فلا بد في حصول إطاعة الامر المتعلق بكل منهما من وقوع الفعل على الوجه الذي تعلق به طلبه عن اختياره ولكن قد أشرنا
فيما قدمناه في مبحث نية الوضوء إلى أنه لولا ظهور كلماتهم في التسالم على بطلان العبادة فيما هو من نظائر المقام لم يبعد الالتزام بكفاية كون الامر الواقعي داعيا إلى حصول
متعلقه بقصد اطاعته في صحته ووقوعه عبادة وان كان المكلف مخطئا في تشخيص الواجب وتعيين متعلقه كما لو امره باحضار زيد فالتبس عليه الامر وزعم أنه طلب منه احضار
عمرو فدعاه هذا الطلب إلى احضار عمرو واتفق خطائه في تشخيص عمرو ومصادفته لزيد فان حصول احضار زيد في مثل الفرض لم يكن الا بداعي الطلب المتعلق به وان كان المأمور
مخطئا في ذلك وكذا فيما نحن فيه فان الداعي إلى فعل الصلاة المقصورة الصادرة منه لم يكن الا الامر الواقعي المتعلق به وان كان المكلف معتقدا تعلقه بشئ اخر وكون
المأتى به هو ذلك الشئ الذي اعتقد تعلق الامر به فان هذا لا يؤثر في خروج ذات المأتى به عن كونه مأتيا به بداعي امره الواقعي المتعلق به الذي هو ملاك صحته و
وقوعه عبارة فليتأمل ثم إنه بعد البناء على بطلان صلاته كما هو المشهور فلا شبهة في أنه يجب عليه ان يعيدها قصرا ان علم بذلك قبل خروج وقتها إذ المفروض عدم سقوط طلبها
بالفعل الأول واما ان علم بذلك بعد خروج وقتها ففي وجوب قضائها قصرا مطلقا أو تماما كذلك أو التفصيل بين الناسي وغيره فالناسي يقضيها قصرا وغيره تماما
أو بين الجاهل بكون المقصد مسافة وبين غيره فالأول يقضى تماما وغيره قصرا وجوه أوجههما الأول إذ الفريضة المطلوبة منه في الواقع هي الصلاة المقصورة فهي التي فاتته
وان كان حال جهل أو نسيانه معذورا في مخالفة الواقع بحيث لو كان اتيا في ذلك الوقت بصلاة تامة لوقعت مجزية في بعض فروضه كما عرفته فيما سبق وكونه في حال جهله
أو غفلته مأمورا بأمر ظاهري شرعي أو عقلي بالاتمام ان سلمناه فغير مجد في بقاء اثره بعد ارتفاع موضوعه إذ غاية ما يمكن الالتزام به من الأثر للامر الظاهري انما هو
حصول الاجزاء بفعل متعلقه أي قيامه مقام الواقع في اسقاط طلبه وعدم وجوب تداركه في الوقت وخارجه لا انقلاب التكليف إليه بحيث لو فاته لكان الفائت في حقه هو
الفعل المطلوب منه بهذا الطلب الظاهري دون الواقعي فان هذا هو التصويب الذي ينافيه القول بثبوت حكم واقعي في حق الجاهل كما هو الحق لدينا فان مقتضى ذلك بقاء ذلك
الحكم ما لم يتحقق مسقطه والمفروض عدم حصول ما يسقطه فيجب الخروج عن عهدته لدى انكشافه للمكلف سواء كان في الوقت أو في خارجه كما لا يخفى وقد ظهر بذلك ضعف ما قيل
وجها للقول بالتمام مطلقا من أنه كان في الوقت الذي فاتته الصلاة مأمورا بأمر ظاهري شرعي أو عقلي بالاتمام فقد فاتته كذلك مع أنه ان سلم فبالنسبة إلى الجاهل
الذي كان مكلفا شرعا بالاتمام في ذلك الوقت أو هو مع الجاهل بالحكم الذي لو كان يصلى في ذلك الوقت صلاة تامة لكانت مجزية في حقه دون الناسي الذي لم يكن الامر
بالاتمام متوجها عليه لا ظاهرا ولا واقعا بل شبهة امر ولذا فصل بعض بينه وبين غيره وان كان هذا أيضا محلا للمناقشة حيث إن الناسي أيضا لو كان اتيا بصلاة تامة في وقتها
وكان باقيا على نسيانه يفوته الوقت كما هو المفروض في المقام لكان حاله حال الجاهل في كون صلاته مسقطة للقضاء فهذا التفصيل أيضا فاسد نعم قد يتجه التفصيل
بين جاهل الموضوع وغيره ان قلنا بان العلم بالمسافة شرط لأصل وجوب التقصير لا لتنجزه عليه في مرحلة الظاهر كما نفينا البعد عنه في المسألة السابقة ويظهر من المقدس البغدادي
على ما حكى عنه اختياره حيث أوجب على الجاهل بالموضوع القضاء تماما وعلله بأنه لم يخاطب الا بالتمام لان جهله انما كان في الموضوع لا بالحكم الذي كان خطاب الجاهل
به في الواقع القصر وان عذر في اعتقاده انتهى فهذا التفصيل حسن لو سلم مقدمته ولكنها محل نظر فليتأمل وإذا دخل الوقت وهو حاضر ثم سافر والوقت باق قيل يتم
بناء على اعتبار وقت الوجوب والقائل الصدوق في المقنع والعماني وجماعة ممن تأخر عنهما على ما حكى عنهم وقيل يقصر اعتبارا بحال الأداء وقد حكى هذا القول عن
الشيخ المفيد وابن إدريس والسيد في المصباح وابن بابويه وكثير من المتأخرين وقيل كما عن الشيخ في الخلاف يتخير بينهما جمعا بين الأدلة وقيل يتم في السعة ويقصر مع الضيق
وقد حكى هذا القول عن الشيخ في نهايته والصدوق في فقيه ومنشأ الخلاف اختلاف الاخبار والانظار فيما يقتضيه الجمع بينها فمما يدل على أن الاعتبار بحال الأداء
صحيحة إسماعيل بن جابر قال قلت لأبي عبد الله ع يدخل على وقت الظهر وانا في السفر فلا اصلى حتى ادخل أهلي فقال صل وأتم الصلاة قلت فدخل على وقت الصلاة وانا في
أهلي أريد السفر فلا اصلى حتى اخرج فقال فصل وقصر فإن لم تفعل فقد خالفت والله رسول الله أقول وربما يستشعر من ذيل هذه الصحيحة ان المخالفين كانوا
يخالفون في ذلك وصحيحة محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد الله ع الرجل يريد السفر فيخرج حين تزول الشمس قال إذا خرجت فصل ركعتين وخبر الوشا قال سمعت الرضا ع
يقول إذا زالت الشمس وأنت في المصر وأنت تريد السفر فأتم فإذا أخرجت بعد الزوال قصر العصر بناء على إرادة اتمام الظهر في المصر بقرينة ما بعده وعن الفقه الرضوي
فان خرجت من منزلك وقد دخل عليك وقت الصلاة في الحضر ولم تصل حتى خرجت فعليك التقصير وان دخل عليك وقت الصلاة في السفر ولم تصل حتى تدخل أهلك فعليك
التمام وبإزاء هذه الأخبار اخبار اخر يظهر منها اعتبار حال الوجوب منها صحيحة محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله ع عن رجل يدخل عن سفره وقد دخل وقت
الصلاة وهو في الطريق قال يصلى ركعتين وان خرج إلى سفره وقد دخل وقت الصلاة فليصل أربعا وخبر بشير النبال قال خرجت مع أبي عبد الله ع حتى اتينا الشجرة
فقال لي أبو عبد الله ع يا نبال قلت لبيك قال إنه لم يجب على أحد من أهل هذا العسكران يصلى أربعا غيرى وغيرك وذلك أنه دخل وقت الصلاة قبل ان تخرج وموثقه
عمار عن أبي عبد الله ع قال سئل إذا زالت الشمس وهو في منزله ثم خرج في سفره قال يبدأ بالزوال فيصليها ثم يصلى الأولى بتقصير ركعتين لأنه خرج من منزله قبل ان
تحضره الأولى وسئل فان خرج بعد ما حضرت الأولى قال يصلى أربع ركعات ثم يصلى بعد النوافل ثمان ركعات لأنه خرج من منزله بعد ما حضرت الأولى فإذا حضرت
763

العصر صلى العصر بتقصير وهى ركعتان لأنه خرج في السفر قبل ان تحضر العصر أقول الظاهر أن الثمان ركعات التي امر بفعلها بعد أداء الظهر تامة هي نافلة الظهر
التي فاتته في الحضر ولكنه عليه السلام امر بفعلها بعد الفريضة لان الفريضة بعد حضور وقتها أحق بالتقديم كما عرفته في المواقيت وهذه الموثقة بظاهرها تدل على اعتبار
وقت الفضيلة وهذا مما لم ينقل القول به من أحد فيشكل الاعتماد عليها وصحيحة زرارة المروية عن مستطرفات السرائر عن أحدهما ع أنه قال في رجل سافر نسي الظهر و
العصر في السفر حتى دخل أهله قال يصلى أربع ركعات وقال إن نسي الضهر والعصر هو مقيم حتى يخرج قال يصلى أربع ركعات في سفره وقال إذا دخل على الرجل وقت صلاة وهو مقيم ثم سافر صلى تلك الصلاة التي دخل وقتها وهو مقيم أربع ركعات
في سفره أقول هذه الصحيحة مشتملة على فقرات ثلث اما الأوليان منها فلا تخلوان من اجمال اما أولا فلا دلالة فيهما على كون المنسى فريضة ذلك اليوم فضلا عن كونه قبل
فوات وقتها فان من المحتمل ان يكون المقصود بهاتين الفقرتين السؤال عمن فاتته صلاة السفر حتى حضر وعكسه فيكون المراد بقوله في الفقرة الأولى يصلى أربع ركعات انه يصلى
الظهرين بأربع ركعات ومن الفقرة الثانية يصلى كلا منها أربع ركعات وهما على ما في الوسائل روايتان مستقلتان لا رواية واحدة كي يقال إن التفكيك بين الفقرتين خلاف
ظاهر السياق وعلى تقدير ان يكون المراد بالفقرة الأولى نسيان الظهرين حتى حضر بلده قبل فوات وقتهما وبالثانية عكسه تكون الفقرة الثانية شاهدة للمدعى ولكن قوله يصلى
أربع ركعات قابل لان يراد به يصلى كلا منهما أربع ركعات كي يكون العبرة بحال الوجوب أو كليهما باعتبار حال الأداء ولكن الفقرة الثالثة رافعة لهذا الاجمال لأنها كالنص
في ارادتها بالنسبة إلى صلاة واحدة ولكن بناء على أن يكون المراد بالفقرتين الأوليين السؤال عن كيفية قضاء صلاة السفر في الحضر وعكسه يمكن ان يكون المراد بالفقرة الثالثة
أيضا بيان حكم ما تضمنته الفقرة الثانية على سبيل الكلية وهو ان اية صلاة من الرباعيات حضر وقتها وهو مقيم فلم يصلها ثم سافر قضى تلك الصلاة رباعية فليتأمل
وعن المحدث المجلسي في البحار من كتاب محمد بن المثنى الحضرمي انه روى فيه عن جعفر بن محمد بن شريح عن ذريح المحاربي قال قلت لأبي عبد الله ع إذا خرج الرجل مسافرا وقد دخل
وقت الصلاة كم يصلى قال أربعا قال قلت وان دخل وقت الصلاة وهو في السفر قال يصلى ركعتين قبل ان يدخل أهله وان وصل العصر فليصل أربعا هكذا رواها في الحدائق و
غيره على ما في النسخة الموجودة عندي ولكن نقل عن البحار وكذا عن كتاب محمد بن المثنى الحضرمي الذي هو الأصل في نقلها انه رواها نحوه الا أنه قال بدل قوله وان وصل العصر
فان دخل المصر فالظاهر أن الأول من تحريف النساخ وكيف كان فهذه الرواية ظاهرها ان العبرة بحال الوجوب ان كان أول الوقت حاضرا ثم سافر وبحال الأداء
في عكسه كما أن صحيحة زرارة المتقدمة أيضا ان سلمنا تمامية الاستدلال بالفقرتين الأولتين منها على حكم هذين الفرعين لكان مفادها ذلك ويحتمل ان يكون المراد بقوله
أربعا في الرواية الأخيرة الكناية عن عدم تأخيرها حتى يسافر ثم إن هذه الطائفة من الاخبار ما عدى الموثقة منها ظاهرها اعتبار حال الوجوب وانه إذا دخل الوقت وهو حاضر
ثم سافر صلى أربعا ولكن قيده القائلون به على ما في الجواهر وغيره بما إذا مضى من الوقت بمقدار يتمكن فيه من أداء الصلاة تامة جامعة للشرائط بل في الروض دعوى الاتفاق
عليه فإنه بعدان قيد اطلاق قول الماتن ولو سافر بعد الوقت قبل ان يصلى الظهرين أعم بما إذا كان قد مضى عليه حاضرا من الوقت مقدار فعلهما مع الشرائط المفقودة قال ما
لفظه وكان على المصنف ره ان يبين ذلك لأنه شرط لازم اتفاقا أقول فكأنهم زعموا انه لا يصح التكليف بالاتمام عند قصور زمان حضوره عن الخروج عن عهدته وهو
؟ فيما لو كان الحضور شرطا لصحته كما في حق الحائض والنفساء واما إذا لم يكن الحضور شرطا لصحته كما هو مدعى المستدل حيث يرى التكليف بالاتمام باقيا بعد صيرورته مسافرا
إذا كان أول الوقت حاضرا فلا مانع ح عن الالتزام بان الحضور عند دخول الوقت سبب لتنجز الخطاب بالاتمام في حقه سواء سافر بعده بلا فصل أو بعد مضى مقدار أداء صلاة تامة
فتقييده بهذا القيد كما وقع التصريح به في كلماتهم مما لا دليل عليه نعم مقتضى الجمع بينها وبين موثقة عمار الدالة على اعتبار وقت الفضيلة تنزيل الوقت الوارد فيها على إرادة
وقت الفضيلة في تلك الأخبار ولكنك عرفت انه لم ينقل القول بذلك عن أحد فيشكل الاعتماد عليها في صرف المطلقات عن ظاهرها وكيف كان فهذه الأخبار بظاهرها معارضة لصحيحة إسماعيل بن جابر
وغيرها من الروايات المتقدمة الدالة على اعتبار حال الأداء وقد جمع العلامة في التذكرة بينهما بحمل خبر إسماعيل على ما خرج بعد الزوال قبل مضى زمان يسع الطهارة والصلاة تامة
ونقل عن الشيخ أنه قال في الجمع بينها وإذا اختلفت الأخيار حملناه أي خبر إسماعيل على الاستحباب والأول على الاجزاء ويرد على ما ذكره الشيخ أولا اباء الصحيحة عن ذلك وثانيا ان مثل
هذا يحتاج إلى شاهد خارج وهو مفقود وعلى ما ذكره العلامة أيضا انه تصرف في ظاهر كل من الدليلين بلا شاهد مع أن قوله ع في صحيحة إسماعيل فلا اصلى حتى اخرج مشعر بتمكنه من أدائها
قبل خروجه كما في عكسه الذي وقع السؤال عنه أولا فالحق عدم جواز التصرف في ظاهر صحيحة إسماعيل بشئ من الروايات المزبورة وهى أرجح من تلك الرويات لكونها ابعد عن التقية إذ لم
ينقل القول بتحتم التقصير عنهم وموافقتها لظاهر الكتاب والسنة المتواترة الدالة على أن الصلاة في السفر ركعتان الشاملة باطلاقها كاطلاق الكتاب للمقام جزما هذا مع أن عمدة ما يدل
على اعتبار حال الوجوب هي صحيحة محمد بن مسلم وهى أيضا غير أبية عن التأويل لامكان ان يكون المراد بقوله عليه السلام وان خرج إلى سفره وقد دخل وقت الصلاة فليصل أربعا انه إذا أراد
الخروج إلى السفر بعد دخول الوقت فليقدم الصلاة تامة على الخروج نظير قوله تعالى وإذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وكذا قوله عليه السلام يصلى ركعتين في جواز السؤال عمن يدخل
من سفره وقد دخل وقت الصلاة في الطريق يحتمل ان يكون المراد به انه يصلى في الطريق ركعتين دفعا لتوهم وجوب التأخير حتى يدخل من سفره ويصلى أربعا وربما يؤيد هذا
التوجيه مضافا إلى كونه في حد ذاته مجازا شايعا صحيحة الأخرى عن أحدهما أيضا أنه قال في الرجل يقدم من الغيبة فيدخل عليه وقت الصلاة فقال إن كان لا يخاف ان يخرج الوقت
فليدخل وليتم وان كان يخاف ان يخرج الوقت قبل ان يدخل فليصل وليقصر فتلخص مما ذكر ان الصحيحة المزبورة التي هي أوضح ما يستدل به للقول باعتبار حال الوجوب سندا ودلالة
فضلا عن غيرها مما لا يسلم عن الخدشة اما في سنده أو في دلالته أو في صحة الاعتماد عليه لا تكافؤ صحيحة إسماعيل بن جابر التي هي نص في اعتبار حال الأداء فالقول باعتبار حال
الوجوب استنادا إلى الروايات المزبورة ضعيف وعلى تقدير تجويز العمل بهذه الاخبار فالمتجه الالتزام بكفاية حضوره في البلد عند دخول الوقت مطلقا سواء مضى عليه مقدار
أداء الصلاة تامة بشرائطها أم لا كما عرفت ودعوى الاتفاق على لزوم هذا الشرط كما سمعتها عن الروض غير مسموعة بعد خلو عبارة كثير منهم عن التعرض له وعلى تقدير ثبوته
764

فهو موهن اخر لهذه الاخبار حيث إنها بظاهرها غير معمول بها فليتأمل واضعف من القول المزبور القول بالتخيير جمعا بين الأدلة لما أشرنا إليه من اباء صحيحة إسماعيل عن
هذا الجمع مع احتياجه إلى شاهد خارجي وهو مفقود وربما يستشهد له بصحيحة منصور بن حازم قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إذا كان في سفر فدخل وقت الصلاة قبل ان يدخل
أهله فسار حتى يدخل أهله فان شاء قصر وان شاء أتم وان أتم فهو أحب وفيه ان هذه الصحيحة موردها الفرع الآتي وهى صورة العكس ولا ملازمة بين المسئلتين مع أن المتجه حمل
هذه الصحيحة على إرادة انه ان شاء قصر في الطريق عند حضوره وقتها وان شاء اخرها حتى يدخل أهله ويتم جمعا بينها وبين الروايات الدالة على تعين الاتمام بعد حضور أهله كما
ربما يشهد له صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة وربما يوجه القول بالتخيير بحمله على التخيير الناشئ من تعارض الخبرين وفيه انه فرع المكافئة وهى منتفية واما القول بالتفصيل
بين سعة الوقت للاتمام وضيقه فمستنده أيضا الجمع بين الاخبار بشهادة موثقة إسحاق بن عمار قال سمعت أبا الحسن ع يقول في الرجل يقدم من سفره في وقت الصلاة فقال إن
كان لا يخاف فوت الوقت فليتم وان كان يخاف خروج الوقت فليقصر وفيه ما في الخبر السابق من أن مورده الفرع الآتي ومجمله انه ان كان لا يخاف فوت الوقت يؤخر
الصلاة حتى يدخل أهله فيتم والا فيقصر في أثناء الطريق بشهادة غيره مما عرفت وستعرف مع اباء جل الاخبار عن هذا الجمع كما لا يخفى على المتأمل وقد ظهر بما قررناه
ان القول بالتقصير أشبه الأقوال بالقواعد وكذا الخلاف لو دخل الوقت وهو مسافر فحضروا الوقت باق وقد اتضح بما قررناه في الفرع السابق وجه الاختلاف في
هذا الفرع أيضا وان الاتمام هيهنا اعتبارا بحال الأداء أيضا كالتقصير هناك أشبه بل الامر هيهنا أوضح ولذا التزم بعض من قال برعاية حال الوجوب هناك
باعتبار حال الأداء هيهنا كالعلامة والشهيدين بل عن غير واحد الاعتراف بعدم معروفية القائل بتعين القصر وان نسبه في المتن وغيره إلى القيل بل عن السرائر انه لم
يذهب إلى ذلك أحد ولم يقل به فقيه ولا مصنف ذكره في كتابه لا منا ولا من مخالفينا انتهى وما يظهر من بعض الأخبار المتقدمة من التخيير مراعاة حال الوجوب أو سعة
الوقت يجب رد علمه إلى أهله أو حمله على ما لا ينافي ذلك بشهادة غيره كما عرفت وربما يشهد له أيضا مضافا إلى ذلك صحيحة العيص بن القاسم قال سألت أبا عبد الله ع عن
الرجل يدخل عليه وقت الصلاة في السفر ثم يدخل بيته قبل ان يصليها قال يصليها أربعا وقال لا يزال يقصر حتى يدخل بيته ويستحب ان يقول عقيب كل فريضة مقصورة
ثلثين مرة سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر جبرا للنقصان العارض للفريضة لخبر سليمان بن حفص المروزي قال قال الفقيه العسكري يجب على المسافر
ان يقول في دبر كل صلاة يقصر فيها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ثلثين مرة لتمام الصلاة وفي خبر رجا بن أبي الضحاك الذي صحب الرضا عليه السلام
في سفره إلى خراسان انه ع كان يقول في دبر كل صلاة يقصرها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ثلثين مرة ويقول هذا تمام الصلاة وما في الخبر الأول
من التعبير بالوجوب محمول على إرادة مطلق الثبوت أو تأكد الاستحباب إذ لا يصح اثبات مثل هذا الحكم العام الابتلاء الا بنص صحيح صريح غير قابل للطرح أو التأويل
خصوصا مع قضاء السيرة القطعية من صدر الشريعة بعدم لزومه وعدم نقل الخلاف فيه من أحد ويظهر من بعض الروايات الواردة في باب التعقيب استحباب الاتيان
بالتسبيحات الأربع عقيب كل صلاة ومقتضى اطلاق تلك الأخبار حصول امتثال الامر الوارد فيها بالثلثين الذي يؤتى بها جبرا للمقصورة كما يظهر وجهه بما شرحناه في بيان
النسبة بين نافلة المغرب وبين النوافل الخاصة التي ورد الامر بفعلها في ذلك الوقت كصلاة الغفيلة وان أراد الاحتياط بالتكرير فالأحوط الاتيان بالأول بقصد
مطلق التعقيب وبالثاني الجبر لا العكس أو ترك قصد التوظيف بل القربة المطلقة كما ظهر وجه ذلك كله في ذلك المبحث فراجع ولا يلزم المسافر متابعة الحاضر إذا
ائتم به بل يقتصر على فرضه ويسلم منفردا كما عرفته في فصل الجماعة واما اللواحق فمسائل الأولى إذا خرج من منزله إلى مسافة فمنعه مانع عن قطعها اعتبر فإن كان بحيث
يخفى عليه الاذان قصر إذا لم يرجع عن نية السفر بتردد عزم أو جزم على العدم أو يحصل شئ اخر من قواطع السفر كنية الإقامة أو مضى ثلثين يوما بلا قصد بلا خلاف على الظاهر
ولا اشكال فإنه لا يخرج بذلك عن كونه مسافرا كما أنه لا شبهة في أنه لو رجع عن قصده قبل بلوغ المسافة أو حصل شئ اخر من القواطع عاد إلى الاتمام والمناقشة
في كون البقاء ثلثين يوما بلا قصد إذا كان مستندا إلى وجود المانع لا تردد المسافر نفسه رافعا لحكم السفر بدعوى ان المنساق من أدلته ما كان التردد من نفسه
بحيث يقول غدا اخرج أو بعد غد مدفوعة بان الانسياق المزبور ان سلم فبدوى وما في أغلب الأخيار من التعبير بقوله غدا اخرج أو بعد غد كناية عن عدم جزمه ببقاء
العشرة وتجويزه الخروج قبل اكمالها وكيف لا مع أن الغالب عدم بقاء المسافر في مكان ثلثين يوما الا لأمور قهرية خارجة عن اختياره فلا يتفاوت الحال بالنظر إلى الانسياق
المزبور ان سلم بين ان يكون بقائه مسببا عن وجود المانع أو عدم حصول بعض ما يتوقف خروجه عليه في عدم كون تردده (من نفسه بل هو نفسه عازم على الخروج في
كلتا الصورتين مهما تيسر له مع أنه لم يناقش في الآخرة مناقش وان كان بحيث يسمعه أي الاذان أو بدا له عن نية السفر ولو لتردده) فيه اثم لفقدان الشرط أي استمرار القصد في الأخير
وعدم وصوله إلى حد الترخص في الأول ويستوى في ذلك كله المسافر في البر والبحر لاشتراكهما في الأدلة المسألة الثانية لو خرج إلى مسافة
فردته الريح فان بلغ سماع الاذان أتم لأنه في بلده والا قصر ما دام باقيا على عزمه كما هو واضح المسألة الثالثة إذا عزم المسافر على الإقامة في
غير بلد عشرة أيام وصلى صلاة تامة ثم خرج عنه إلى ما دون المسافة فان عزم على العود والإقامة أي إقامة عشرة مستأنفة أتم ذاهبا وعائدا وفي البلد بلا خلاف
يعتدى به فيه بل اجماعا مستفيضا نقله ان لم يكن متواترا لانقطاع سفره الأول بنية الإقامة وعدم حدوث سبب اخر موجب للتقصير أي عدم حدوث قصد قطع مسافة غير
متخللة بالإقامة ومن هنا يظهر انه لا فرق بين ان ينوى العشرة الثانية في بلد الإقامة وغيرها مما هو دون المسافة ولا بين تعليق اقامتها على وصوله إلى ذلك المكان أو
بعد تردده إليه أو إلى غيره مما هو دون المسافة مرة أو مرارا الاشتراك الجميع في المقتضى كما صرح به بعض وربما نسب إلى بعض المتأخرين القول بالتقصير الخروج عن
محل الإقامة مطلقا سواء عزم على العود والإقامة أو على مجرد العود دون الإقامة أم لم يعزم على شئ منهما ووافقه بعض أفاضل العصر بناء منه على أن نية الإقامة قاطعة لحكم السفر بمعنى انها
موجبة للاتمام في المقام لا لنفس السفر حتى لا ينضم الواقع بعدها إلى ما قبلها لعدم الدليل على ذلك بل مقتضى عمومات القصر في السفر وظاهر اطلاق صحيحة أبى ولاد
765

المتقدمة في مسألة من رجع عن نية الإقامة بعد ان صلى صلاة تامة وجوبه بمجرد الخروج وفيه بعد الغض عن مخالفته للاجماع على قاطعية الإقامة للسفر واحتياج
العود إلى التقصير إلى قطع مسافة جديدة كما ادعاه غير واحد ما عرفت في محله من دلالة صحيحة زرارة
الواردة فيمن قدم قبل التروية بعشرة أيام على ذلك بل هي بملاحظة
التفريع الواقع من الاتمام بمكة ومنى كالنص في ذلك الا انه قد يقال بمخالفة هذه الفقرة بظاهرها للاجماع فيشكل الاعتماد عليها وسيأتي بعض الكلام فيه انشاء الله
واما صحيحة أبى ولاد فعلى خلاف مطلوبه أدل إذ المتبادر من قوله وان كنت دخلت المدينة وصليت بها صلاة فريضة واحدة بتمام فليس لك ان تقصر حتى تخرج عنها إرادة
المفارقة والارتحال عنها لا مطلق الخروج بل مقتضى اطلاقها عدم ككون الخروج الذي لا يتحقق به صدق اسم الارتحال والمسافرة عنها قادحا كما لا يخفى على المتأمل وكيف كان فهذا مما لا اشكال فيه وانما الاشكال
فيما إذا عزم على العود دون الإقامة فان هذا مما اختلفت الأقوال فيه ولكن صرح غير واحد بان هذه المسألة لم تكن معنونة في كلمات القدماء وانما وقع التعرض له في كلمات
الشيخ ومن تأخر عنه قال في مفتاح الكرامة وأول من تعرض لهذه المسألة الشيخ في المبسوط إذ لم أجده في كلام من تقدمه بعد فضل التتبع وتوفر الكتب وقد اعترف بذلك
الصيمري في كشف الالتباس والشهيد الثاني في نتايج الأفكار وصاحب الحدائق قال في المبسوط ما نصه إذا خرج حاجا إلى مكة وبينه وبينها مسافة تقصير فيها الصلاة ونوى
ان يقيم بها عشرة قصر في الطريق فإذا وصل إليها أتم وان خرج إلى عرفة يريد قضاء نسكه لا يريد مقام عشرة أيام إذا رجع إلى مكة كان عليه التقصير لأنه نقض مقامه بسفر
بينه وبين بلده يقصر في مثله وان كان يريد إذا قضى نسكه مقام عشرة أيام بمكة أتم بمنى وعرفة ومكة حتى يخرج من مكة مسافرا فيقصر هذا على قولنا بجواز التقصير بمكة فاما ما
روى من الفضل في التمام فإنه يتم على كل حال غير أنه يقصر فيما عداها من عرفات ومنى وغير ذلك الا ان ينوى المقام عشرا فيتم ح على ما قدمناه انتهى ولا يذهب عليك ان
ايجابه الاتمام على تقدير قصد الإقامة في الرجوع يدفع ما عساه يقال إن الخروج إلى عرفة لا يدخل في الخروج إلى ما دون المسافة وان خلا عن قصد الرجوع ليومه لأنها
أربعة فراسخ إذ لو كان كذلك لما كان للتفرقة وجه انتهى عبارة مفتاح الكرامة وظاهر الكلام المحكى عن الشيخ وجوب التقصير عليه ما لم يعزم على إقامة مستأنفة مطلقا
في ذهابه وايابه ومقصده وموضع اقامته وقد وافقه في ذلك غير واحد ممن تأخر عنه بل عن الذكرى بعد نقل كلام الشيخ قال وقد تبعه عليه المتأخرون وان عمم
بعضهم العبارة من غير تخصيص بمكة زادها الله شرفا خلافا لصريح آخرين فخصوا التقصير بالإياب وموضع الإقامة دون الذهاب والمقصد نظرا إلى أن تلبسه بقطع المسافة
المعتبرة شرعا انما هو من حين اخذه في الاياب واما الذهاب والمقصد فإنما يتجه التقصير فيه لو صح ضمه إلى الاياب مع أن ظاهرهم الاتفاق على عدم ضم الذهاب إلى الاياب
الا في الأربعة مع قصد الرجوع ليومه أو مطلقا على الخلاف المتقدم ولكن قد يظهر من بعض متأخري المتأخرين موافقة الشيخ اما بناء منه على كفاية المسافة الملفقة
مطلقا اخذا باطلاق أدلته والمنع عن تحقق اجماع أو قيام دليل مقتض فتقييده بخصوص الأربعة أو مع تسليمه الاجماع ولكن في المسافة الابتدائية دون مثل المقام
الذي يكون الذهاب بنفسه مسافة ولكنه انقطع لاحقه عن سابقه بإقامة ونحوها فلم يسلم الاجماع هيهنا أو التزم بعدم جواز التلفيق مطلقا فيما دون الأربعة أو في الأربعة
أيضا ما لم يرجع ليومه ولكن في سببية المجموع للتقصير لا في ثبوت حكم السفر له فأوجب عليه التقصير في الذهاب أيضا إذا كان الاياب بنفسه مسافة لا بضميمة ما بقي من الذهاب
بدعوى ان المدار في التقصير على تلبسه بسفر مشتمل على قطع ثمانية امتدادية عن قصد سواء كانت الثمانية في ذهابه أو ايابه فكما انه لو قصدان يسير إلى بلد يبلغ
الثمانية ويرجع عنه بمقدار فرسخ أو فرسخين ثم يقيم لا يلاحظ الرجوع مسافة مستقلة بل جزء من سفره البالغ حد التقصير فكذا في عكسه ولكنك عرفت في محله ضعف
هذه المباني كلها وان المدار في التقصير على التلبس بقطع مسافة بالغة حده الذي هو عبارة عن الثمانية الامتدادية أو الملفقة من أربعة ذاهبا وجائيا واما ما عداها
من صور التلفيق فهي خارجة عن منصرف أدلته والمرجع فيها اصالة التمام واما ما قيل من كفاية التلبس سفر مشتمل على الثمانية ولو في ايابه ففيه ان المنساق مما دل
على أن التقصير في بريدين انما هو ارادته لدى التلبس بقطع المسافة التي هي سبب للتقصير أي الثمانية لا مطلق السفر المشتمل على قطع ثمانية ولو في ايابه وقياسه على صورة العكس
قياس مع الفارق فإنه بعد حصول قطع الثمانية لا يزال مقصرا حتى يرجع إلى وطنه أو ينوى إقامة العشرة فما لم يتحقق أحد الامرين يجب البقاء على ما هو عليه من التقصير ولو
لم يتلبس بسير أصلا أو تردد في مقصده لقضاء سائر اشغاله مما لا يعد جزء من سفره فضلا عما لو تلبس بالرجوع الذي هو من اجزاء سفره فلا يقاس عليه مبدء سيره الذي لم
يتلبس بعد بقطع المسافة المعتبرة كما لا يخفى وقد تتلخص مما ذكر ان القول بالتقصير مطلقا حتى في الذهاب والمقصد ضعيف نعم قد يتجه ذلك في بعض الفروض الذي سنشير إليه
واما المقصد فهو تابع للذهاب فان أوجبنا التقصير فيه يجب في المقصد أيضا والا فلا كما لا يخفى وجهه واما التقصير في الاياب فيظهر من بعضهم التسالم عليه بل عن بعض نفى الخلاف
فيه بل عن ظاهر غير واحد أو صريحه دعوى ان القول بالاتمام في رجوعه مخالف للاجماع ولكنك قد عرفت ان هذا الفرع لم يكن مغبونا في كلمات القدماء وانما وقع التعرض
لحكمه في كلام الشيخ ومن تأخر عنه على سبيل التفريع والتخريج على القواعد الكلية المسلمة عندهم فلا اعتداد بمثل هذا الاجماع على تقدير تحققه بعد وضوح مستند المجمعين ولذا
لم يعتد به غير واحد من متأخري المتأخرين فأوجبوا التمام في الاياب أيضا وفاقا للمحكى عن العلامة في جواب المسائل المهنائية وذلك أن الشريف العلوي سئله عمن نوى
المقام في الحلة ثم زار الحسين عليه السلام في عرفة ثم عاد إلى الحلة يريد التوجه إلى زيارة أمير المؤمنين ع في يوم الثامن عشر من ذي الحجة هل يقصر في الحلة أم يتم فأجاب عنه بما
نصها جعل الشارع الاتمام على من نوى المقام في بلاد الغربة عشرة أيام فقد جعل حكم ذلك البلد حكم بلده فالمقيم عشرة أيام في الحلة يجب عليه الاتمام فإذا خرج إلى
مشهد الحسين ع فقد خرج إلى ما دون المسافة فلا يجوز له القصر فإذا نوى العود إليه كان كما لو نوى العود إلى بلده من دون مسافة القصر فإذا عزم على السفر إلى مشهد أمير المؤمنين ع
وجب عليه القصر بالشروع فيه انتهى وقد نسب أيضا إلى ولده فخر المحققين في بعض الحواشى المنسوبة إليه وربما فصل بعض بين صور المسألة كما ستعرف وكيف كان
فمستند الحكم بالتقصير في ايابه ان هذا الشخص حال رجوعه قاصد للمسافة لأنه عازم على الرجوع إلى بلده اما الان أو بعد مروره وتوقفه في محل إقامته ايابا دون العشرة
766

فالبلد الذي قد كان ناويا للإقامة فيه بخروجه عنه ساوى غيره بالنسبة إليه وفيه انه بعد البناء على كون الإقامة قاطعة للسفر واحتياج العود إلى التقصير إلى استيناف
سفر جديد جامع لشرائط التقصير لا بد في تحقق التقصير من تلبسه بقطع مسافة يعد عرفا من اجزاء سفره الجديد البالغ حد التقصير وليس الخروج إلى ما دون المسافة ممن هو
مقيم في بلد لا بنية الارتحال من ذلك البلد بل لقضاء بعض مقاصده المتعلقة بذلك المكان والعود إلى محل إقامته معدودا في العرف جزء من سفره الذي قصد انشائه
بعد العود إلى محل إقامته فمن نوى الإقامة شهر رمضان في النجف الأشرف مثلا ثم بداله ان يستجير ليلة الأربعاء في مسجد السهلة أو يزور مسلما مثلا لا يعد خروجه إلى مسجد السهلة أو الكوفة
عرفا ولا شرعا من حيث هو سفرا ولا جزء من سفره الذي هو عازم على انشائه بعد انقضاء الشهر سواء تخلل بين رجوعه من السهلة أو الكوفة وبين ذلك السفر إقامة عشرة أم لا
فهو حركة خارجية واقعة في أثناء اقامته كذهابه إلى السوق لشراء اللحم لا يعد في العرف جزء من سفره سواء قلنا بمنافاته لصدق اسم الإقامة في البلد أم لا إذا المنافاة للصدق
مانعة عن حصول الإقامة لو كان عازما على ايجاده في أثناء العشرة لا انها موجبة لصيرورته مسافرا بعد انقطاع سفره السابق بنية الإقامة كما لا يخفى فما يقال من أنه
بعد وصوله إلى ذلك المكان أي مسجد السهلة مثلا يصدق عليه انه عازم على أن يسير من هذا المكان إلى النجف ومنه إلى أهله فإذا كان مجموعه مسافة صدق عليه انه عازم على قطع
المسافة من دون تخلل إقامة فيثبت حكمه وهو التقصير مدفوع بان التقصير هو حكم السفر البالغ هذا الحد لا مطلق السير ولو لم يعد في العرف سفرا ولا جزء من سفر ولذا اعترف
غير واحد بأنه لو تكرر خروجه إلى ما دون المسافة بان صار عزمه ما دام باقيا في هذا البلد ان يخرج كل يوم أو كل أسبوع إلى ما دون المسافة لا يحتسب جزء من سفره الذي
هو عازم عليه من غير تخلل إقامة الا الفرد الأخير الذي يتعقبه الخروج إلى المسافة دون ما تقدمه لعده ارتباطه عرفا بسفره بل في مفتاح الكرامة نقل عن الفاضل الصيمري في
كشف الالتباس أنه قال إن كثيرا من الناس جهلوا مراد المصنفين بقولهم فان عاد لا بنية الإقامة قصر وصلوا عن الطريق الواضح المستبين فزعموا أن مرادهم انه إذا خرج بعد
الإقامة إلى ما فوق الخفاء ودون المسافة بنية العود إلى موضع الإقامة لا يجوز له الاتمام الا مع نية الإقامة عشرة أخرى مستأنفة ولو عاد بغير نية إقامة عشرة مستأنف عزمه
الخروج ثانيا إلى فوق الخفاء ودون المسافة لا يجوز له الاتمام ويجب عليه التقصير وهو جهل وضلالة بمراد المصنفين لان مرادهم بذلك القول هو ما إذا كان قصده بعد
الرجوع الخروج إلى مسافة ولو كان قصده الخروج ولو كل يوم إلى ما دون المسافة لم يجز له التقصير باجماع المسلمين لما عرفت من أن نية الإقامة عشرا مع الصلاة تماما ولو فريضته
واحدة تقطع السفر وتوجب الاتمام حتى يقصد مسافة أخرى وقد صرح به الأصحاب في مصنفاتهم قال الشهيد في دروسه لو خرج بعد عزم الإقامة وقد صلى تماما اشترط مسافة
أخرى وقال في بيانه ولو خرج بعدها اعتبرت المسافة وقال العلامة في تذكرته ونهايته لو نوى مقام عشرة أيام في بعض المسافة انقطع سفره فان خرج إلى نهاية السفر فإن كان
بين موضع الإقامة ونهاية السفر مسافة قصر والا فلا ثم قال فعلى هذا لو خرج كل يوم إلى ما فوق الخفاء ودون المسافة فهو باق على الاتمام حتى يخرج بقصد مسافة فإنه يقصر
عند الخفاء ولو عاد بقصد الخروج قبل العشرة إلى مسافة قصر عند الشهيد والمصنف وعند الخروج على مذهب العلامة والمحقق فقد تحقق الصواب وزال الارتياب انتهى ولكن في
مفتاح الكرامة بعد نقل هذا الكلام عنه قال فليقض العجب منه إذ هذا التفصيل لم يعرف لاحد قبله وهو قريب من قول الأردبيلي وأعظم شئ نقله اجماع المسلمين على مذهب شاذ نادر
لم نعرف قائلا به سواه انتهى وأشار بقول الأردبيلي إلى ما نقله عنه من أنه قال في مجمع البرهان وان لم يقصد مسافة بل أقل فمع نية الإقامة هناك أيضا فلا شك في وجوب الاتمام و
اما مع عدمها فيكون قاصدا للرجوع مع في لإقامة المستأنفة أو مترددا أو ذاهلا فالظاهر وجوب الاتمام مطلقا الا ان يكون في نفسه السفر إلى بلد يكون مسافة بعد العود
وقبل الإقامة ويكون بالخروج عن بلد الإقامة قاصدا ذلك البلد بحيث يقال إنه مسافر إلى ذلك البلد الا ان له شغلا في موضع فيقضى شغله ثم يرجع إلى بلد الإقامة فح يكون
مقصرا بمجرد الخروج إلى محل الترخص مع نية العود ثم قال وبالجملة الحكم تابع لقصده فان صدق عليه عرفا انه مسافر وتحققت شرائط القصر قصر والا أتم انتهى أقول
قد ظهر بما مر ان ما حققه المحقق الأردبيلي من دوران التقصير مدار تلبسه بما يعد عرفا جزء من المسافة المقصودة التي بها يصير المسافر مسافرا شرعا وعرفا هو الذي يقتضى التحقيق
وان كان فيما ذكره من المثال مناقشة في الصغرى نعم قد يتحقق الصدق العرفي بخروجه من بلد الإقامة فيما إذا كان خروجه من بلد الإقامة بقصد الرجوع إلى بلده
مثلا ولكن يجعل طريقه على ذلك المقصد على وجه يكون مروره إلى مقصده وعوده إلى محل إقامته على سبيل الاستطراق في أثناء المسافة الدورية مثلا بحيث لا يعد ذهابا
وايابا ولا سيرا مستقلا غير مربوط بما بعده كما أنه قد يتحقق الصدق العرفي من حين اخذه في الاياب إذا تعلق قصده بالمسافرة من مقصده إلى مسافة يقع محل إقامته في أثناء طريقه
أو يجعل طريقه على محل إقامته ليأخذ رحله ومتاعه مثلا والحاصل ان صور المسألة مختلفة ففي بعضها يتحقق الصدق العرفي من حين الخروج وفي بعضها من حين الاياب وفى
بعضها من محل الإقامة بعد العود وهذا هو الغالب الذي ينصرف إليه اطلاق كلماتهم في عنوان المسألة ولعله لذا اطلق بعض متأخري المتأخرين على ما نسب إليهم
القول بالاتمام حتى يخرج بعد العود من محل الإقامة بقصد المسافة ولعله إلى ما قويناه من التفصيل أشار شيخنا المرتضى ره في حاشية نجاة العباد حيث قال المسألة ملتبسه
جدا والاحتياط في جميع صور عدم قصد الإقامة بعد العود الجمع في الذهاب والمقصد والعود وان كان الاتمام في بعض الصور والقصر في بعضها الاخر لا يخلو عن قوة انتهى
ولا يخفى عليك ان ما اخترناه من التفصيل وان كان مخالفا بظاهره للمشهور الا ان المخالفة انما هو في الصغرى لا في أصل الحكم كما نبه عليه الشهيد الثاني فيما حكى من نتائج أفكاره
بعد ان وافق القائلين بالاتمام في ذهابه ومقصده وفصل في القصر في الرجوع من المقصد إلى محل الإقامة بين ما إذا كان المقصد الخارج إليه في الجهة المقابلة لجهة بلده أو
مخالفة حيث لا يتحقق بالذهاب إليه القرب من بلده وفي الرجوع منه إلى محل الإقامة البعد من بلده فوافق المشهور ح في التقصير وبين ما إذا كان المقصد في طريق الرجوع إلى
بلده أو في غير طريقه لكن في جهة يقرب بالذهاب إليه من بلده ويبعد بالعود منه إلى محل الإقامة من بلده فيتم ح في العود من بلده لان العود إلى موضع الإقامة ح لا يعد
رجوعا إلى البلد قال ما حاصله انه لو قيل هذا التفصيل خرق للاجماع المركب من قولين المتقدم ذكره قلنا ممنوع خرقه بل القائل به أكثر من أهل القولين لأنهم اسلقونا
767

قاعدة كلية هي ان كل من نوى إقامة عشرة وصلى تماما ثم بدا له في الإقامة يبقى على التمام إلى أن يقصد مسافة جديدة وما ذكرناه من افرادها وان كان ظاهرهم انها مسألة برأسها
فالمخالف هنا موافق لنا في المعنى انتهى ويدل أيضا على ما قويناه من عدم انقطاع حكم الإقامة حتى يخرج بعد العود بقصد قطع المسافة اطلاق قوله عليه السلام في صحيحة أبى ولاد
المتقدمة فليس لك ان تقصر حتى تخرج عنها بناء على ما ادعيناه من أن المنساق من الرواية إرادة الخروج بقصد المفارقة والارتحال لا مطلقا فليتأمل وصحيحة
زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال من قدم قبل التروية بعشرة أيام وجب عليه اتمام الصلاة وهو بمنزلة أهل مكة فإذا خرج إلى عرفات وجب عليه التقصير فإذا زار البيت أتم
الصلاة وعليه اتمام الصلاة إذا رجع إلى منى حتى ينفر وموثقة إسحاق بن عمار قال سئلت أبا الحسن ع عن أهل
مكة إذا زاروا عليهم اتمام الصلاة قال ع نعم والمقيم بمكة
إلى شهر بمنزلتهم بل ظاهر الخبرين الأخيرين ان لم يكن صريحهما ان الخروج إلى عرفات أيضا مع كونه مسافة كما هو صريح أوليهما غير مبطل لحكم الإقامة فهو بمنزلة المستوطن في مكة حتى
يرتحل منها ولكن هذا الظاهر على ما صرح به المحدث المجلس في حاشيته على التهذيب مخالف للمشهور بل قد يظهر من بعض كلماتهم الاتفاق على كون الخروج إلى المسافة ناقضة للإقامة
الا انه لا وثوق بإرادة ميعهم ناقضيته حتى في مثل هذا الفرض خصوصا بالنسبة إلى المسافة الملفقة التي لا يقول المشهور بتعين التقصير فيها كما هو مورد الخبرين وكيف كان فرفع
اليد عن ظاهر الخبرين مع اعتبار سندهما وقوة دلالتهما من غير معارض بمجرد مخالفتهما للمشهور مشكل والاعتماد عليهما مع كونهما كذلك أشكل فالأحوط لدى رجوعه
بعد قطع المسافة لا بنية الاعراض بل بقصد العود إلى محل إقامته الجمع بين القصر والاتمام بل لا ينبغي ترك الاحتياط بالجمع في جميع صور المسألة عند في لقصد على إقامة
مستأنفة حتى في الذهاب والمقصد فضلا عن الاياب وموضع الإقامة خصوصا في الاياب المتعقب للخروج إلى المسافة على تقدير تكرره وان كان الأقوى ما عرفت
والله العالم ثم لا يخفى عليك ان محل الكلام في هذا الفرع انما هو فيما كان من حين خروجه عازما على الرجوع إلى بلده أو بلد اخر يبلغ المسافة بغير قصد إقامة مستأنفة
في محل إقامته أو محل اخر في أثناء المسافة فاطلاق كلامهم ان ناوي الإقامة إذا خرج إلى ما دون المسافة ولم يعزم على إقامة مستأنفة منزل على هذا كما يفصح عنه تعليلاتهم
فلا يتناول ما لو كان مترددا في أصل الارتحال من بلد الإقامة أو الاستيطان فيه بعد رجوعه أو معلقا سفره على قصده غير الذي لا يعلم قصده أصلا كالزوجة ونحوها
أو ذاهلا عن أصل المسافرة أو غير ذلك من الصور التي لا يتحقق معها قصد قطع المسافة وربما الحق بعض بذلك صورة ما لو كان عازما على أصل السفر ومترددا في
إقامة العشرة بعد عوده نظرا إلى أنه حال خروجه ليس عازما على قطع مسافة غير متخللة بإقامة العشرة الذي هو شرط التقصير وفيه ما عرفت في محله من أن شرط التقصير هو
قصد قطع المسافة واما قصد الإقامة في أثنائها أو التردد ثلثين يوما فهما من قبيل الموانع التي لا يعتنى باحتمالها ما لم تتحقق فراجع المسألة الرابعة
من دخل في صلاة بنية القصر ثم عن له الإقامة أتم بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه ويدل عليه مضافا إلى الأصل واطلاقات أدلة الإقامة
خصوص صحيحة علي بن يقطين انه سئل أبا الحسن الأول ع عن الرجل يخرج في السفر ثم يبدؤ له في الإقامة وهو في الصلاة قال يتم إذا بدت له الإقامة ورواية سهل عن
أبيه قال سألت أبا الحسن ع عن الرجل يخرج في سفر تبدو له الإقامة وهو في صلاته أيتم أم يقصر قال يتم إذا بدت له الإقامة ولو نوى الإقامة عشرا ودخل في صلاته فعن
له السفر قبل ان يتم صلاته فالأظهر بطلان اقامته وان كان بعد ركوع الثالثة بل قبل التسليم كما عرفته فيما مر وهل يجب عليه اتمام هذه الصلاة التي تلبس بها بنية الاتمام
مطلقا كما يظهر من اطلاق حكم المصنف ره بأنه لم يرجع إلى التقصير وفاقا للشيخ على ما حكى عنه لان الصلاة على ما افتتحت وانه دخل فيها دخولا مشروعا على حسب ما
كان مكلفا به في الواقع حال تلبسه بهذا الفعل وهو يقتضى الاجزاء أم يجب قطعها واستينافها قصرا مطلقا لتبدل موضوع ذلك الحكم بموضوع اخر حكمه التقصير فلا
يعقل بقاء ذلك الحكم بعد ارتفاع موضوعه ولا وقوع ما صدر منه بقصد امتثال ذلك الامر إطاعة للامر بالتقصير الذي تنجز في حقه بعد بطلان اقامته ولكن هذا الوجه
انما يتجه بناء على اختلاف ماهية القصر والاتمام بالنوع وان العدول عن كل منهما إلى الأخرى مخالف للأصل وهو غير ثابت ولعله لذا قال المصنف وفيه تردد بل قد عرفت
في مبحث النية ان الأظهر خلافه فلا ينبغي التردد في وجوب رجوعه إلى التقصير ما لم يتجاوز محله بان لم يعم إلى الثالثة واما إذا قام إلى الثالثة ودخل في ركوعه فليس له الرجوع
في هذه الصلاة إلى التقصير جزما لاستلزامه الزيادة المبطلة وهل يجب المضي فيها واتمامها كما عن غير واحد التصريح به بل عن جامع المقاصد احتماله بمجرد القيام إلى الثالثة
وان لم يدخل في ركوعها بل عن الروض الميل إليه بل قال إنه موافق لظاهر كثير من العبارات أم يجب القطع والاستيناف لو كان بعد الركوع وقبله العود إلى التقصير كما قواه بعض وجهان
من عموم دليل القصر ووضع الأخيرتين في السفر الموجب لتعذر أمثال ما تنجز في حقه بعد اندراجه في موضوع المسافر بهذا الفرد المتجاوز عن حد يمكن تقصيره ومن
امكان دعوى انصراف العمومات عمن تلبس بأداء الأخيرتين حال تنجز التكليف بهما فكما ان عمومات التقصير لا يتناول من صلى في بيته ثم سافر كذا لا يتناول من دخل في الأخيرتين
قبل صيرورته مسافرا ولعل هذا أوجه ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالاتمام ثم اعادتها قصرا والله العالم اما لو جدد العزم بعد الفراغ من الصلاة التي دخل فيها بنية
الاتمام لم يجز التقصير ما دام مقيما بل ما لم يتلبس بقطع مسافة مستأنفة كما عرفته فيما سبق المسألة الخامسة الاعتبار في القضاء بحال فوات الصلاة
أي اخر الوقت الذي يتحقق عنده صدق اسم القوت لا بحال وجوبها فإذا فاتت قصرا قضيت كذلك على المشهور خصوصا بين المتأخرين على ما نسب إليهم وقيل الاعتبار
في القضاء بحال الوجوب والقائل به الإسكافي على ما حكى عنه والحلي في سرائره حاكيا له عن ابن بابويه في رسالته والسيد المرتضى في مصباحه والشيخ المفيد في بعض أقواله و
الشيخ في مبسوطه بل قال إنه هو الموافق للأدلة واجماع أصحابنا مع تصريحه باعتبار حال الأداء في فعلها في الوقت واستدل عليه في السرائر بما لفظه لان العبادات
تجب بدخول الوقت ويستقر بامكان الأداء كما لو زالت الشمس على المرأة الطاهرة فأمكنها الصلاة فلم تفعل حتى حاضت استقر القضاء ثم قال فان قيل الاخبار ناطقة متظاهرة
متواترة والاجماع معقد على أن من فاتته صلاة في الحضر فذكرها في السفر وجب عليه قضائها صلاة الحاضر أربعا كما فاتته ومن فاتته صلاة في السفر فذكرها في الحضر وجب عليه
768

قضائها صلاة السفر اثنتين كما فاتته وهذا بخلاف ما ذهبتم إليه قلنا ما ذهبنا إلى خلاف ما سئل السائل عنه بل إلى وفاق ما قاله وانما يقضى ما فاته في حال الحضر ولو صلاها في
الحضر قبل خروجه كان يصلى الرباعية أربع ركعات فيجب عليه ان يقضيها كما فاتته في حال الحضر وكذلك كان يجب عليه ان يصلى الرباعية في حال السفر ركعتين فأخل بها إلى أن
خرج الوقت وصار حاضرا فيقضى ما فاته كما فاته وهى صلاة السفر ركعتان فهي الفائتة فلو صلاها في سفره لما كان يصلى الا ركعتين ففاتته صلاة الركعتين فيجب ان يقضيها
كما فاتته انتهى وأجاب عنه في الجواهر بعدم اقتضاء تأديتها كذلك لو فعل في أول وقت الوجوب ذلك بعد سقوطه عنه والانتقال إلى بدله واغرب من ذلك قياسه على المرأة
التي وجب عليها الصلاة وتمكنت من أدائها ثم حاضت إذ لا انتقال فيها إلى بدل بخلاف ما نحن فيه انتهى وقد ظهر بما أجاب به في الجواهر عن كلام الحلى وجه ما ذهب إليه المشهور
وهو ان الفائت حقيقة هو الفعل الذي تنجز الخطاب به على المكلف في اخر الوقت لا الأول الذي قد ارتفع وجوبه برخصة الشارع له في التأخير وفيه ان الفوت وان لم يتحقق صدق
اسمه الا في اخر الوقت عند تضيقه عن أداء الفعل ولكن الملحوظ في صدقه هو ترك الفعل في مجموع الوقت المضروب له لا خصوص جزئه الاخر فالذي فاته في الحقيقة هو فعل الصلاة في هذا
الوقت المضروب له الذي كان في بعضه حاضرا وفي بعضه مسافرا وليس اجزاء الوقت موضوعات متعددة لوجوبات متمائزة كي يصح ان يقال إن الجزء الأول ارتفع وجوبه في الوقت برخصة
الشارع له في التأخير بل هو وجوب واحد متعلق بطبيعة الصلاة في وقت موسع يختلف كيفية أدائها باختلاف أحوال المكلف سفرا فليس لها بالمقايسة إلى شئ من اجزاء الوقت
من حيث هو وجوب شرعي وانما يتعين فعله في اخر الوقت بواسطة تركه فيما سبق لا لكونه بخصوصه مورد للوجوب فلو قيل يكون المكلف مخيرا بين مراعاة كل من حالتيه لكان وجها كما
ربما يؤيده بل يشهد له خبر موسى بن بكير عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام انه سئل عن رجل دخل وقت الصلاة وهو في السفر فاخر الصلاة حتى قدم وهو يريد يصليها إذا قدم إلى أهله
فنسي حين قدم إلى أهله ان يصليها حتى ذهب وقتها قال يصليها ركعتين صلاة المسافر لان الوقت دخل وهو مسافر كان ينبغي ان يصلى عند ذلك وربما استدل بهذه الرواية
أيضا للقول باعتبار حال الوجوب واجب عنه بضعف السند بل وقصور الدلالة أيضا لاحتمال دخوله مع ضيق الوقت عن أدائها أربعا كما عن المعتبر توجيهه بذلك وفي القدح
في دلالته بابداء الاحتمال المزبور ما لا يخفى واما تضعيف سنده فقد يجاب عنه أيضا بأنه غير قادح مع عمل من عرفت بمضمونه وما قيل من حسن سنده لان موسى بن بكير وان كان
واقفيا وغير موثق في كتب الرجال الا ان له كتابا يرويه عنه جماعة من الفضلاء منهم من اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه كأبن أبى عمير وصفوان فيشكل رفع اليد عنه من غير
معارض الا ان دلالته على لزوم مراعاة وقت الوجوب كما هو المدعى لا تخلو من تأمل فان ما فيه من التعليل مشعر بإرادة الأفضلية فيكون ح مؤيدا لما نفينا البعد عنه من القول
بالتخيير ولكن لم ينقل القول به عن أحد فيشكل الالتزام به واشكل منه الالتزام بوجوب مراعاة حال الوجوب بخصوصه مع عدم وضوح دلالة الرواية عليه وعدم كون إضافة القوت
إلى حاله في أول الوقت أولى من اضافته بالنسبة إلى حاله في اخر الوقت إذ غاية ما أمكننا الالتزام به عدم الفرق بين اجزاء الوقت الذي تمكن في كل جزء منه من احراز المصلحة الفائتة
باختيارها في ضمن الفرد اللايق بحاله من حيث السفر والحضور في اصالة الفوت إليها لأنه متى فاتته فريضة الوقت فقد فاتته في جميع اجزائه لا في خصوص الجزء الأول والاخر فليس
حاله في أول الوقت أولى بالمراعاة من عكسه بل العكس أولى فان ما ادعيناه من التسوية بين اجزاء الوقت من حيث تحقق الفوات فيها انما هو بالتدقيق العقلي فلا يبعد ان يقال عدم ابتناء
الأحكام الشرعية على مثل هذه التدقيقات بل على ما ينسبق إلى الذهن عرفا من اطلاق مثل قوله ص من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته والعرف لا يلاحظون في مثل الفرض الا
حالته الأخيرة التي تحقق عنده الفوت ولذا استدل المشهور بهذه الرواية لاثبات مذهبهم وتكلف الحلى في اثبات عدم كون ما يدعيه مخالفا لذلك بإقامة الدليل عليه بالتقريب
الذي أشير إليه في خبر زرارة المتقدمة فليتأمل وقد ظهر بذلك ان القول الأول أي مراعاة اخر الوقت ان لم يكن أشبه فأحوط وأحوط منه الجمع بين القصر والاتمام و
الله العالم المسألة السادسة إذا نوى المسافة وخفى عليه الاذان وقصر فبدا له لم يعد صلاته على المشهور لأنه صلى صلاة مأمورا بها والامر يقتضى
الاجزاء ويدل عليه أيضا صحيحة زرارة قال سألت أبا عبد الله ع عن الرجل يخرج مع القوم في سفر يريده فدخل عليه الوقت وقد خرج من القرية على فرسخين فصلوا وانصرفوا وانصرف
بعضهم في حاجة له فلم يقض له الخروج ما يصنع بالصلاة التي كان صلاها ركعتين قال تمت صلاته ولا يعيد ولا يعارضها خبر سليمان بن حفص المروى عن الفقيه ع قال التقصير في
الصلاة بريدان أو بريد ذاهبا وبريد جائيا إلى أن قال وان كان قصر ثم رجع عن نيته أعاد الصلاة وقوله عليه السلام في صحيحة أبى ولاد الواردة فيمن رجع عن قصده قبل بلوغ المسافة وان
كنت لم تسر في يومك الذي خرجت بريدا فان عليك ان تقضى كل صلاة صليتها في يومك ذلك بالتقصير بتمام من قبل ان تريم من مكانك ذلك لأنك لم تبلغ الموضع الذي يجوز فيه التقصير حتى
رجعت فوجب عليك قضاء ما قصرت لقصورهما عن المكافئة بعد اعراض المشهور عن ظاهرهما وامكان ارتكاب التأويل فيهما بالحمل على الاستحباب مضافا إلى ما عن بعض من ابداء احتمال
التقية فيهما فما عن الشيخ في الاستبصار من القول بالإعادة مع بقاء الوقت مستدلا عليه برواية سليمان المتقدمة ضعيف وان كان الاحتياط مما لا ينبغي تركه والله العالم المسألة
السابعة إذا دخل وقت نافلة الزوال مثلا فلم يصل وسافر استحب له قضائها ولو في السفر كما أنه يستحب له فعلها فيه أداء مع بقاء وقتها كما يدل عليه مضافا إلى عموم ما دل على
استحباب قضاه النوافل ولو في السفر خصوص موثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئل إذا زالت الشمس وهو في منزله ثم خرج في سفره قال يبدء بالزوال فيصليها ثم يصلى الأولى بتقصير
ركعتين لأنه خرج من منزله قبل ان تحضر الأولى وسئل فان خرج بعد ما حضرت الأولى قال يصلى أربع ركعات ثم يصلى بعد النوافل ثمان ركعات لأنه خرج من منزله بعد ما حضرت الأولى
الحديث والمراد بالثمان ركعات التي امر بفعلها بعد أداء الظهر تامة بحسب الظاهر هي نافلتها التي فات وقتها بحضور وقت الفريضة والله العالم قد فرغ من المباحث المتعلقة بصلاة المسافر
مصنفه الأحقر الجاني محمد رضا الهمداني في ليلة الثلاثاء ليلة التاسع والعشرين من شهر جمادى الثانية من ستة
ثماني عشرة وثلاثمأة بعد الألف من الهجرة النبوية ويتلوه كتابه كتاب الزكاة
وفقنا الله تعالى لاتمامه بمحمد واله صلوات الله عليه وآله
سنة 1318
769