الكتاب: كتاب المكاسب
المؤلف: الشيخ الأنصاري
الجزء: ٢
الوفاة: ١٢٨١
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق: تحقيق : مجمع الفكر الإسلامي / لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: صفر المظفر ١٤١٧
المطبعة: مؤسسة الهادي - قم
الناشر: المؤتمر العالمي بمناسبة الذكرى المئوية الثانية لميلاد الشيخ الأنصاري
ردمك:
ملاحظات:

كتاب المكاسب
1

كتاب المكاسب
للشيخ الأعظم أستاذ الفقهاء والمجتهدين
الشيخ مرتضى الأنصاري (قدس سره)
1214 - 1281 ه‍
الجزء الثاني
اعداد
لجنة تحقيق تراثنا الشيخ الأعظم
3

أنصاري، مرتضى بن محمد أمين 1214 - 1281 ق.
المكاسب / المؤلف مرتضى الأنصاري: إعداد لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم. -
قم: مجمع الفكر الإسلامي 1420 ق = 1378.
6 ج.
فهرستنويسي بر أساس اطلاعات فيپا (فهرستنويسي پيش از انتشار).
عربي.
فهرست نويسي بر أساس جلد أول، 1420 ق = 1378.
أين كتاب به مناسبت دويستمين سالگرد تولد شيخ أنصاري منتشر شده است.
كتابنامه:
1 - معاملات (فقه). ألف: مجمع الفكر الاسلامي. لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم
ب. مجمع الفكر الاسلامي. ج. كنگره جهانى بزرگداشت دويستمين سالگرد تولد شيخ
أنصاري. د. عنوان.
7 م 8 ألف / 1 / BP 1901 - 372 / 297
ألف ى 1300
كتابخانه ملي إيران - 1937 - 78 م
قم - ص. ب 3654 - 37185 - ت: 744810
كتاب المكاسب / ج 2
المؤلف: الشيخ الأعظم الشيخ مرتضى الأنصاري قدس سره
تحقيق: لجنة التحقيق
الطبعة: الثالثة / ربيع الأول 1420 ه‍. ق
صف الحروف: مجمع الفكر الإسلامي
الليتوغراف: نگارش - قم
المطبعة: باقري - قم
الكمية المطبوعة: 2000 نسخة
جميع الحقوق محفوظة
للأمانة العامة لمؤتمر العالمي
بمناسبة الذكرى المئوية الثانية لميلاد الشيخ الأنصاري قدس سره.
4

بسم الله الرحمن الرحيم
5

[المسألة] السابعة عشر
القيافة حرام في الجملة، نسبه في الحدائق إلى الأصحاب (1)، وفي
الكفاية: لا أعرف خلافا (2)، وعن المنتهى: الإجماع (3).
والقائف - كما عن الصحاح والقاموس والمصباح -: هو الذي
يعرف الآثار (4).
وعن النهاية ومجمع البحرين زيادة: أنه يعرف شبه الرجل بأخيه
وأبيه (5).
وفي جامع المقاصد والمسالك - كما عن إيضاح النافع والميسية -:

(1) الحدائق 18: 182.
(2) الكفاية: 87.
(3) المنتهى 2: 1014، وفيه: نفي الخلاف. وحكى الاجماع عنه المحقق الأردبيلي
في مجمع الفائدة 8: 80.
(4) الصحاح 4: 1419، مادة: " قوف "، القاموس المحيط 3: 188، مادة:
" قوف "، ولم نقف في المصباح على التعبير المذكور، انظر المصباح المنير: 519.
(5) النهاية، لابن الأثير 4: 121، مجمع البحرين 5: 110، والعبارة للأول.
7

أنها إلحاق الناس بعضهم ببعض (1). وقيد في الدروس وجامع المقاصد
- كما عن (2) التنقيح - حرمتها بما إذا ترتب عليها محرم (3)، والظاهر أنه
مراد الكل، وإلا فمجرد حصول الاعتقاد العلمي أو الظني بنسب شخص
لا دليل على تحريمه، ولذا نهي في بعض الأخبار عن إتيان القائف
والأخذ بقوله.
ففي المحكي عن الخصال: " ما أحب أن تأتيهم " (4). وعن مجمع
البحرين: أن في الحديث: " لا آخذ بقول قائف " (5).
وقد افترى بعض العامة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أنه
قضى بقول القافة (6).
وقد أنكر ذلك عليهم في الأخبار، كما يشهد به ما عن الكافي

(1) جامع المقاصد 4: 33، المسالك 3: 129، والعبارة للثاني مع اختلاف يسير،
وأما إيضاح الفوائد والميسية: فلا يوجدان عندنا، نعم حكاه عنهما السيد العاملي
في مفتاح الكرامة 4: 82.
(2) كذا في " ف "، وفي سائر النسخ: في.
(3) الدروس 3: 165، جامع المقاصد 4: 33، ولم نقف على التقييد المذكور في
التنقيح. نعم، حكاه عنه السيد العاملي في مفتاح الكرامة 4: 82، وانظر التنقيح
2: 13.
(4) الخصال 1: 20، باب الواحد، الحديث 68، وعنه الوسائل 12: 109،
الباب 26 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 2.
(5) مجمع البحرين 5: 110.
(6) صحيح البخاري 8: 195.
8

عن زكريا بن يحيى بن نعمان المصري (1)، قال: " سمعت علي بن جعفر
يحدث الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين، فقال: والله لقد نصر الله
أبا الحسن الرضا عليه السلام.
فقال الحسن: إي والله جعلت فداك! لقد بغى عليه إخوته.
فقال علي بن جعفر: إي والله! ونحن عمومته بغينا عليه.
فقال له الحسن: جعلت فداك! كيف صنعتم، فإني لم أحضركم؟
قال: فقال له إخوته - ونحن أيضا -: ما كان فينا إمام قط حائل
اللون!
فقال لهم الرضا عليه السلام: هو ابني.
فقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قضى بالقافة، فبيننا وبينك
القافة.
فقال: ابعثوا أنتم إليهم، وأما أنا فلا، ولا تعلموهم لما دعوتموهم
إليه، وليكونوا في بيوتكم.
فلما جاءوا وقعدنا في البستان واصطف عمومته وإخوته وأخواته
وأخذوا الرضا عليه السلام وألبسوه جبة من صوف وقلنسوة [منها] (2)،

(1) كذا في " ش "، وفي سائر النسخ: " زكريا بن يحيى العري "، إلا أنه صحح
في " ن " و " ص " بما في " ش "، وفي " خ " و " ع " كتب فوق كلمة " العري ":
" الصيرفي (خ ل) ". هذا حال النسخ، وأما المصدر: ففي الطبعة الحديثة من
الكافي: " زكريا بن يحيى بن النعمان الصيرفي "، وفي معجم رجال الحديث
(7: 289) ما يلي: في الطبعة القديمة " المصرفي " بدل " الصيرفي "، وفي الوافي:
" المصري ".
(2) من المصدر.
9

ووضعوا على عنقه مسحاة، وقالوا له: ادخل البستان كأنك تعمل فيه.
ثم جاءوا بأبي جعفر عليه السلام وقالوا: ألحقوا هذا الغلام بأبيه.
فقالوا: ما له هنا أب، ولكن هذا عم أبيه، وهذا عمه، وهذه
عمته، وإن يكن له هنا أب فهو صاحب البستان، فإن قدميه وقدميه
واحدة.
فلما رجع أبو الحسن عليه السلام قالوا: هذا أبوه.
فقال علي بن جعفر: فقمت فمصصت ريق أبي جعفر عليه السلام
وقلت: أشهد أنك إمامي " (1). الخبر نقلناه بطوله تيمنا.

(1) أوردنا هذا الحديث طبقا لنسخة " ش "، لكونها أقرب إلى المصدر، وهناك
اختلافات عديدة وردت في النسخ لم نتعرض لها، انظر الكافي 1: 322،
الحديث 14.
10

[المسألة] الثامنة عشر
الكذب حرام بضرورة العقول والأديان، ويدل عليه الأدلة
الأربعة، إلا أن الذي ينبغي الكلام فيه مقامان:
أحدهما - في أنه من الكبائر.
الثاني (1) - في مسوغاته.
[الكلام في المقام الأول]
أما الأول - فالظاهر من غير واحد من الأخبار - كالمروي في
العيون بسند (2) عن الفضل بن شاذان لا يقصر عن الصحيح (3)، والمروي
عن الأعمش في حديث شرائع الدين (4) - عده من الكبائر.

(1) في " خ "، " ع "، " ص " و " ش ": والثاني.
(2) في " ش ": بسنده.
(3) عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 127، والوسائل 11: 261، الباب 46 من
أبواب جهاد النفس، الحديث 33.
(4) الوسائل 11: 262، الباب 46 من أبواب جهاد النفس، الحديث 36.
11

وفي الموثقة بعثمان بن عيسى: " إن الله تعالى جعل للشر
أقفالا، وجعل مفاتيح تلك الأقفال الشراب، والكذب شر من
الشراب " (1).
وأرسل عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " ألا أخبركم بأكبر
الكبائر؟ الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقول الزور " (2) أي الكذب.
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: أن " المؤمن إذا كذب بغير عذر لعنه سبعون
ألف ملك، وخرج من قلبه نتن حتى يبلغ العرش، وكتب الله عليه
بتلك الكذبة سبعين زنية، أهونها كمن يزني مع أمه " (3).
ويؤيده ما عن العسكري صلوات الله عليه: " جعلت الخبائث كلها في
بيت واحد، وجعل مفتاحها الكذب... الحديث " (4)، فإن مفتاح الخبائث
كلها كبيرة لا محالة.
ويمكن الاستدلال على كونه من الكبائر بقوله تعالى: * (إنما يفتري
الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله) * (5)، فجعل الكاذب غير مؤمن
بآيات الله، كافرا بها.

(1) الوسائل 8: 572، الباب 138 من أبواب أحكام العشرة، الحديث 3.
(2) المحجة البيضاء 5: 242.
(3) البحار 72: 263، الحديث 48، ومستدرك الوسائل 9: 86، الباب 120
من أبواب تحريم الكذب، الحديث 15.
(4) البحار 72: 263، الحديث 46.
(5) النحل: 105.
12

ولذلك كله أطلق جماعة كالفاضلين (1) والشهيد الثاني (2) - في ظاهر
كلماتهم - كونه من الكبائر، من غير فرق بين أن يترتب على الخبر
الكاذب مفسدة أو لا يترتب عليه شئ أصلا.
ويؤيده ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في وصيته
لأبي ذر رضوان الله عليه: " ويل للذي يحدث فيكذب، ليضحك القوم، ويل
له، ويل له، ويل له (3) " (4)، فإن الأكاذيب المضحكة لا يترتب عليها
غالبا إيقاع في المفسدة.
نعم، في الأخبار ما يظهر منه عدم كونه على الإطلاق كبيرة، مثل
رواية أبي خديجة، عن أبي عبد الله عليه السلام: إن " الكذب على الله
تعالى ورسوله من الكبائر " (5). فإنها ظاهرة في اختصاص (6) الكبيرة بهذا
الكذب الخاص، لكن يمكن حملها على كون هذا (7) الكذب الخاص من
الكبائر الشديدة العظيمة، ولعل هذا أولى من تقييد المطلقات المتقدمة.
وفي مرسلة سيف بن عميرة، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: " كان

(1) لم نقف عليه في كتب المحقق والعلامة قدس سرهما، نعم في القواعد (2: 236):
أن الكبيرة ما توعد الله فيها بالنار. ومثله التحرير (2: 208).
(2) الروضة البهية 3: 129.
(3) محل " ويل له " الثالث بياض في " ش ". وفي سائر النسخ: ويل له، وويل
له، وويل له.
(4) الوسائل 8: 577، الباب 140 من أبواب أحكام العشرة، ذيل الحديث 4.
(5) الوسائل 8: 575، الباب 139 من أبواب أحكام العشرة، الحديث 3.
(6) كذا في " ش "، وفي سائر النسخ: باختصاص.
(7) لم ترد " هذا " في " ف ".
13

يقول علي بن الحسين عليهما السلام لولده: اتقوا الكذب، الصغير منه والكبير،
في كل جد وهزل، فإن الرجل إذا كذب في الصغير اجترأ على
الكبير... الخبر " (1). ويستفاد منه: أن عظم الكذب باعتبار ما يترتب
عليه من المفاسد.
وفي صحيحة ابن الحجاج: " قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الكذاب
هو الذي يكذب في الشئ؟ قال: لا، ما من أحد إلا ويكون منه
ذلك، ولكن المطبوع (2) على الكذب " (3)،
فإن قوله: " ما من
أحد... الخبر " يدل على أن الكذب من اللمم الذي يصدر من كل
أحد، لا من الكبائر.
وعن الحارث الأعور، عن علي عليه السلام، قال: " لا يصلح من
الكذب جد و [لا] (4) هزل، ولا يعدن (5) أحدكم صبيه ثم لا يفي له، إن
الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار، وما زال أحدكم
يكذب حتى يقال: كذب وفجر... الخبر " (6). وفيه أيضا إشعار بأن مجرد
الكذب ليس فجورا.
وقوله: " لا يعدن أحدكم صبيه ثم لا يفي له "، لا بد أن يراد به

(1) الوسائل 8: 577، الباب 140 من أبواب أحكام العشرة، الحديث الأول.
(2) كذا في " ص "، وفي سائر النسخ: المطوع.
(3) الوسائل 8: 573، الباب 138 من أبواب أحكام العشرة، الحديث 9.
(4) من الوسائل.
(5) في الوسائل: ولا أن يعد.
(6) الوسائل 8: 577، الباب 140 من أبواب أحكام العشرة، الحديث 3.
14

النهي عن الوعد مع إضمار عدم الوفاء، وهو المراد ظاهرا بقوله تعالى:
* (كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) * (1)، بل الظاهر عدم كونه
كذبا حقيقيا، وأن إطلاق الكذب عليه في الرواية لكونه في حكمه من
حيث الحرمة، أو لأن الوعد مستلزم للإخبار بوقوع الفعل،
كما أن سائر
الإنشاءات كذلك، ولذا ذكر بعض الأساطين: أن الكذب وإن كان من
صفات الخبر، إلا أن حكمه يجري في الإنشاء المنبئ عنه، كمدح
المذموم، وذم الممدوح، وتمني المكاره (2)، وترجي غير المتوقع، وإيجاب
غير الموجب، وندب غير النادب، ووعد غير العازم (3).
وكيف كان، فالظاهر عدم دخول خلف الوعد في الكذب، لعدم
كونه من مقولة الكلام، نعم، هو كذب للوعد، بمعنى جعله مخالفا للواقع،
كما أن إنجاز الوعد صدق له، بمعنى جعله مطابقا للواقع، فيقال:
" صادق الوعد " و " وعد غير مكذوب ".
والكذب بهذا المعنى ليس
محرما على المشهور وإن كان غير واحد من الأخبار ظاهرا في
حرمته (4)، وفي بعضها الاستشهاد بالآية المتقدمة.
ثم إن ظاهر الخبرين الأخيرين - خصوصا المرسلة - حرمة الكذب
حتى في الهزل، ويمكن أن يراد به: الكذب في مقام الهزل، وأما نفس

(1) الصف: 3.
(2) في " ف ": وتمني ما يكره الكاره.
(3) شرح القواعد (مخطوط): الورقة 20.
(4) انظر الوسائل 8: 515، الباب 109 من أبواب أحكام العشرة، الحديث 2
و 3، وأيضا 11: 270، الباب 49 من أبواب جهاد النفس، الحديث 6 و 11.
15

الهزل - وهو الكلام الفاقد للقصد إلى تحقق مدلوله - فلا يبعد أنه
غير محرم مع نصب القرينة على إرادة الهزل كما صرح به بعض (1)،
ولعله (2) لانصراف الكذب إلى الخبر المقصود، وللسيرة.
ويمكن حمل الخبرين على مطلق المرجوحية، ويحتمل غير بعيد
حرمته، لعموم ما تقدم، خصوصا الخبرين الأخيرين، والنبوي في وصية
أبي ذر رضي الله عنه (3)، لأن الأكاذيب المضحكة أكثرها من قبيل الهزل.
وعن الخصال بسنده عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " أنا زعيم
بيت في أعلى الجنة، وبيت في وسط الجنة، وبيت في رياض الجنة لمن
ترك المراء وإن كان محقا، ولمن ترك الكذب وإن كان هازلا، ولمن
حسن خلقه " (4).
وقال أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام: " لا يجد الرجل طعم الإيمان حتى
يترك الكذب هزله وجده " (5).
ثم إنه لا ينبغي الإشكال في أن المبالغة في الادعاء وإن بلغت
ما بلغت، ليست من الكذب.

(1) لم نعثر على من صرح بذلك، انظر مفتاح الكرامة 4: 67، والجواهر 22:
72.
(2) لم ترد: " كما صرح به بعض، ولعله " في " ف ".
(3) تقدم في الصفحة 13.
(4) الخصال 1: 144، الحديث 170، والوسائل 8: 568، الباب 135 من
أبواب أحكام العشرة، الحديث 8.
(5) الوسائل 8: 577، الباب 140 من أبواب أحكام العشرة، الحديث 2.
16

وربما يدخل فيه إذا كانت في غير محلها، كما لو مدح إنسانا (1)
قبيح المنظر وشبه وجهه بالقمر، إلا إذا بنى على كونه كذلك في نظر
المادح، فإن الأنظار تختلف في التحسين والتقبيح كالذوائق في
المطعومات.
وأما التورية، وهي (2): أن يريد بلفظ معنى مطابقا للواقع وقصد
من إلقائه أن يفهم المخاطب منه خلاف ذلك، مما هو ظاهر فيه عند
مطلق المخاطب، أو المخاطب الخاص - كما لو قلت في مقام إنكار ما قلته
في حق أحد: " علم الله ما قلته "، وأردت بكلمة " ما " الموصولة،
وفهم المخاطب النافية، وكما لو استأذن رجل بالباب فقال الخادم له:
" ما هو ها هنا " وأشار إلى موضع خال في البيت (3)، وكما لو قلت:
" اليوم ما أكلت الخبز "، تعني بذلك حالة النوم أو حالة الصلاة،
إلى غير ذلك - فلا ينبغي الإشكال في عدم كونها من الكذب.
ولذا صرح الأصحاب فيما سيأتي من وجوب التورية عند
الضرورة (4)، بأنه يوري (5) بما يخرجه من الكذب، بل اعترض جامع
المقاصد على قول العلامة في القواعد - في مسألة الوديعة إذا طالبها
ظالم، بأنه " يجوز الحلف كاذبا، وتجب التورية على العارف بها " -: بأن

(1) في " ش ": إنسان.
(2) كذا في نسخة بدل " ص "، وفي النسخ: وهو.
(3) في ظاهر " ف ": في البيت خال.
(4) ستأتي تصريحاتهم في الصفحة 22 و 23.
(5) في " ش ": يؤدي.
17

العبارة لا تخلو من (1) مناقشة، حيث تقتضي ثبوت الكذب مع التورية،
ومعلوم أن لا كذب معها (2)، انتهى.
ووجه ذلك: أن الخبر باعتبار معناه - وهو المستعمل فيه كلامه -
ليس مخالفا للواقع، وإنما فهم المخاطب من كلامه أمرا مخالفا للواقع
لم يقصده المتكلم من اللفظ.
نعم، لو ترتب عليها مفسدة حرمت من تلك الجهة، اللهم إلا أن
يدعى أن مفسدة الكذب - وهي الإغراء - موجودة فيها، وهو ممنوع،
لأن الكذب محرم، لا لمجرد الإغراء.
وذكر بعض الأفاضل (3): أن المعتبر في اتصاف الخبر بالصدق
والكذب هو ما يفهم من ظاهر الكلام، لا ما هو المراد منه، فلو قال:
" رأيت حمارا " وأراد منه " البليد " من دون نصب قرينة، فهو متصف
بالكذب وإن لم يكن المراد مخالفا للواقع، انتهى موضع الحاجة.
فإن أراد اتصاف الخبر في الواقع، فقد تقدم أنه دائر مدار موافقة
مراد المخبر ومخالفته للواقع، لأنه معنى الخبر والمقصود منه، دون ظاهره
الذي لم يقصد.
وإن أراد اتصافه عند الواصف، فهو حق مع فرض جهله بإرادة
خلاف الظاهر.
لكن توصيفه - حينئذ - باعتقاد أن هذا هو مراد المخبر ومقصوده،

(1) في غير " ش ": عن.
(2) جامع المقاصد 6: 38.
(3) هو المحقق القمي في قوانين الأصول 1: 419.
18

فيرجع الأمر إلى إناطة الاتصاف بمراد المتكلم وإن كان الطريق إليه
اعتقاد المخاطب.
ومما يدل على سلب الكذب عن التورية ما روي في الاحتجاج:
" أنه سئل الصادق عليه السلام عن قول الله عز وجل - في قصة
إبراهيم على نبينا وآله وعليه السلام -: * (بل فعله كبيرهم هذا فسئلوهم إن كانوا
ينطقون) * (1)، قال: ما فعله (2) كبيرهم وما كذب إبراهيم، قيل: وكيف
ذلك؟ فقال: إنما قال إبراهيم: * (إن كانوا ينطقون) *، أي: إن نطقوا
فكبيرهم فعل، وإن لم ينطقوا فلم يفعل كبيرهم شيئا، فما نطقوا
وما كذب إبراهيم.
وسئل عليه السلام عن قوله تعالى: * (أيتها العير إنكم لسارقون) * (3).
قال: إنهم سرقوا يوسف من أبيه، ألا ترى أنهم قالوا: * (نفقد صواع
الملك) * (4) ولم يقولوا: سرقتم صواع الملك.
وسئل عن قول الله عز وجل حكاية عن إبراهيم عليه السلام: * (إني
سقيم) * (5) قال: ما كان إبراهيم سقيما وما كذب، إنما عنى سقيما في
دينه، أي: مرتادا " (6).

(1) الأنبياء: 63.
(2) في " خ ": ما فعل.
(3) يوسف: 70.
(4) يوسف: 72.
(5) الصافات: 89.
(6) الإحتجاج 2: 105 مع اختلاف يسير، والمرتاد: الطالب للشئ.
19

وفي مستطرفات السرائر من كتاب ابن بكير، قال: " قلت
لأبي عبد الله عليه السلام: الرجل يستأذن عليه، فيقول (1) للجارية: قولي:
ليس هو ها هنا، فقال: لا بأس، ليس بكذب " (2)، فإن سلب الكذب
مبني على أن المشار إليه بقوله: " ها هنا " موضع خال من الدار، إذ
لا وجه له سوى ذلك.
وروي في باب الحيل من كتاب الطلاق للمبسوط: أن واحدا من
الصحابة صحب واحدا آخر، فاعترضهما في الطريق أعداء المصحوب،
فأنكر الصاحب أنه هو، فأحلفوه، فحلف لهم أنه أخوه، فلما أتى
النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له: " صدقت، المسلم أخو المسلم " (3).
إلى غير ذلك مما يظهر منه ذلك (4).

(1) كذا في " ص " والمصدر، وفي سائر النسخ: يقول.
(2) مستطرفات السرائر (السرائر) 3: 632، والوسائل 8: 580، الباب 141
من أبواب أحكام العشرة، الحديث 8.
(3) المبسوط 5: 95.
(4) راجع الوسائل 8: 578، الباب 141 من أبواب أحكام العشرة.
20

أما الكلام في المقام الثاني
وهو مسوغات الكذب
فاعلم أنه يسوغ الكذب لوجهين:
أحدهما - الضرورة إليه: فيسوغ معها بالأدلة الأربعة، قال الله
تعالى: * (إلا من أكره قلبه مطمئن بالإيمان) * (1). وقال تعالى: * (لا يتخذ
المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في
شئ إلا أن تتقوا منهم تقية) * (2).
وقوله عليه السلام: " ما من شئ إلا وقد أحله الله لمن اضطر
إليه " (3). وقد اشتهر أن الضرورات تبيح المحظورات. والأخبار في ذلك
أكثر من أن تحصى، وقد استفاضت أو تواترت بجواز الحلف كاذبا لدفع
الضرر البدني أو المالي عن نفسه أو أخيه (4).
والإجماع أظهر من أن يدعى أو يحكى.
والعقل مستقل بوجوب ارتكاب أقل القبيحين مع بقائه على قبحه،
أو انتفاء قبحه، لغلبة الآخر عليه، على القولين (5) في كون القبح العقلي

(1) النحل: 106.
(2) آل عمران: 28.
(3) الوسائل 4: 690، الباب الأول من أبواب القيام، الحديث 6 و 7، مع
اختلاف في بعض الألفاظ.
(4) الوسائل 16: 134، الباب 12 من أبواب كتاب الأيمان.
(5) تعرض لهما القوشجي في شرح التجريد: 338.
21

- مطلقا، أو في خصوص الكذب - لأجل الذات، أو بالوجوه والاعتبارات.
ولا إشكال في ذلك كله،
إنما الإشكال والخلاف في أنه هل يجب
حينئذ التورية لمن يقدر عليها، أم لا؟
ظاهر المشهور هو الأول،
كما يظهر من المقنعة (1) والمبسوط (2) والغنية (3) والسرائر (4) والشرائع (5)
والقواعد (6) واللمعة وشرحها (7) والتحرير (8) وجامع المقاصد (9) والرياض (10)
ومحكي مجمع البرهان (11) في مسألة جواز الحلف لدفع الظالم عن الوديعة.
قال في المقنعة: من كانت عنده أمانة فطالبه ظالم فليجحد، وإن
استحلفه ظالم على ذلك فليحلف، ويوري في نفسه بما يخرجه عن
الكذب - إلى أن قال (12) -: فإن لم يحسن التورية وكان نيته حفظ

(1) المقنعة: 556.
(2) لم نقف عليه فيه.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): 538.
(4) السرائر 3: 43.
(5) الشرائع 2: 163 و 3: 32.
(6) القواعد 1: 190.
(7) اللمعة الدمشقية وشرحها (الروضة البهية) 4: 235.
(8) التحرير 1: 266.
(9) جامع المقاصد 4: 27.
(10) الرياض 1: 622.
(11) مجمع الفائدة 10: 300.
(12) وردت هذه العبارة في " ش " مضطربة.
22

الأمانة أجزأته النية وكان مأجورا (1)، انتهى.
وقال في السرائر في هذه المسألة - أعني مطالبة الظالم الوديعة -:
فإن قنع الظالم منه بيمينه، فله أن يحلف ويوري في ذلك (2)، انتهى.
وفي الغنية - في هذه المسألة -: ويجوز له أن يحلف أنه ليس
عنده وديعة ويوري في يمينه بما يسلم به من الكذب، بدليل إجماع
الشيعة (3)، انتهى.
وفي النافع: حلف موريا (4).
وفي القواعد: ويجب التورية على العارف بها (5)، انتهى.
وفي التحرير - في باب الحيل من كتاب الطلاق -: لو أنكر
الاستدانة خوفا من الإقرار بالإبراء، أو القضاء جاز الحلف مع صدقه،
بشرط التورية بما يخرجه عن الكذب (6)، انتهى.
وفي اللمعة: يحلف عليه فيوري (7). وقريب منه في شرحها (8).
وفي جامع المقاصد - في باب المكاسب -: يجب التورية بما يخرجه
عن (9) الكذب (10)، انتهى.

(1 - 3) تقدم التخريج عنها في الصفحة السابقة.
(4) المختصر النافع 1: 150.
(5 - 8) تقدم التخريج عنها في الصفحة السابقة.
(9) كذا في " ف "، وفي سائر النسخ: من.
(10) لم نقف في باب المكاسب من جامع المقاصد (4: 27) إلا على ما يلي:
" ولو اقتضت المصلحة الكذب وجبت التورية "، نعم في باب الوديعة (6: 38)
ما يلي: " وتجب التورية على العارف بها بأن يقصد ما يخرجه عن الكذب ".
23

ووجه ما ذكروه: أن الكذب حرام، ولم يحصل الاضطرار إليه مع
القدرة على التورية، فيدخل تحت العمومات (1)، مع أن قبح الكذب
عقلي، فلا يسوغ إلا مع تحقق عنوان حسن في ضمنه يغلب حسنه على
قبحه، ويتوقف تحققه على تحققه، ولا يكون التوقف إلا مع العجز عن
التورية.
وهذا الحكم جيد، إلا أن مقتضى إطلاقات أدلة الترخيص في
الحلف كاذبا لدفع الضرر البدني أو المالي عن نفسه أو أخيه، عدم
اعتبار ذلك.
ففي رواية السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام:
" قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إحلف بالله كاذبا ونج أخاك من
القتل " (2).
وصحيحة إسماعيل بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام:
" سألته عن رجل يخاف على ماله من السلطان، فيحلف له لينجو به
منه. قال: لا بأس. وسألته: هل يحلف الرجل على مال أخيه كما يحلف
على مال نفسه (3)؟ قال: نعم " (4).
وعن الفقيه، قال: " قال الصادق عليه السلام: اليمين على وجهين - إلى
أن قال -: فأما اليمين التي يؤجر عليها الرجل إذا حلف كاذبا

(1) المتقدمة في أول البحث.
(2) الوسائل 16: 134، الباب 12 من أبواب كتاب الأيمان، الحديث 4.
(3) في الوسائل ونسخة بدل " ش ": ماله.
(4) الوسائل 16: 134، الباب 12 من أبواب كتاب الأيمان، الحديث الأول.
24

و (1) لم تلزمه الكفارة، فهو أن يحلف الرجل في خلاص امرئ مسلم،
أو خلاص ماله من متعد يتعدى عليه من لص، أو غيره " (2).
وفي موثقة زرارة بابن بكير: " إنا نمر على هؤلاء القوم،
فيستحلفونا على أموالنا وقد أدينا زكاتها؟ فقال: يا زرارة إذا خفت
فاحلف لهم بما شاؤوا " (3).
ورواية سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام: " إذا حلف الرجل تقية (4)
لم يضره إذا هو (5) أكره، أو اضطر (6) إليه. وقال: ليس شئ مما (7) حرم
الله إلا وقد أحله لمن اضطر إليه " (8).
إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في هذا الباب (9) وفيما يأتي (10)،

(1) " الواو " غير موجودة في " خ "، " م " و " ع ".
(2) الفقيه 3: 366 - 367، الحديث 4297، وفيه: ولا تلزمه الكفارة،
والوسائل 16: 135، الباب 12 من أبواب كتاب الأيمان، الحديث 9.
(3) الوسائل 16: 136، الباب 12 من أبواب كتاب الأيمان، الحديث 14، وفيه:
" ما شاؤوا "، نعم وردت عبارة " بما شاؤوا " في جواب السؤال عن الحلف بالطلاق
والعتاق.
(4) لم ترد " تقية " في غير " ص " و " ش ".
(5) لم ترد " هو " في " ف "، " ن "، " خ "، " م " و " ع ".
(6) في الوسائل: واضطر.
(7) في " ف "، " ن "، " م " و " ص ": فيما.
(8) الوسائل 16: 137، الباب 12 من أبواب كتاب الأيمان، الحديث 18.
(9) الوسائل 16: 137، الباب 12 من أبواب كتاب الأيمان.
(10) يأتي في الصفحة 31، (الثاني من مسوغات الكذب).
25

من جواز الكذب في الإصلاح، التي يصعب على الفقيه التزام تقييدها
بصورة عدم القدرة على التورية.
وأما حكم العقل بقبح الكذب في غير مقام توقف تحقق المصلحة
الراجحة عليه، فهو وإن كان مسلما إلا أنه يمكن القول بالعفو عنه
شرعا، للأخبار المذكورة، كما عفي عن الكذب في الإصلاح، وعن السب
والتبري مع الإكراه، مع أنه قبيح عقلا أيضا، مع أن إيجاب التورية
على القادر لا يخلو عن التزام ما يعسر (1) كما لا يخفى، فلو قيل بتوسعة
الشارع على العباد بعدم ترتيب الآثار على الكذب في ما نحن فيه وإن
قدر على التورية، كان حسنا، إلا أن الاحتياط في خلافه، بل هو
المطابق للقواعد لولا استبعاد التقييد في هذه المطلقات، لأن النسبة بين
هذه المطلقات، وبين ما دل - كالرواية الأخيرة وغيرها - على اختصاص
الجواز بصورة الاضطرار المستلزم للمنع مع عدمه مطلقا، عموم من
وجه، فيرجع إلى عمومات حرمة الكذب، فتأمل.
هذا، مع إمكان منع الاستبعاد المذكور، لأن مورد الأخبار عدم
الالتفات إلى التورية في مقام الضرورة إلى الكذب، إذ مع الالتفات
فالغالب اختيارها، إذ لا داعي إلى العدول عنها إلى الكذب.
ثم إن أكثر الأصحاب مع تقييدهم جواز الكذب بعدم القدرة (2)
على التورية (3)، أطلقوا القول بلغوية ما أكره عليه، من العقود

(1) كذا في " ف " ومصححة " م " ونسخة بدل " ش "، وفي النسخ: بالعسر.
(2) في " ف ": " بالقدرة " بدل " بعدم القدرة ".
(3) راجع الصفحة 22.
26

والإيقاعات والأقوال المحرمة كالسب والتبري، من دون تقييد بصورة
عدم التمكن من التورية (1)، بل صرح (2) بعض هؤلاء كالشهيد في
الروضة (3) والمسالك (4) - في باب الطلاق (5) - بعدم اعتبار العجز عنها،
بل في كلام بعض ما يشعر بالاتفاق عليه (6)، مع أنه يمكن أن يقال: إن
المكره على البيع إنما أكره على التلفظ بالصيغة، وأما إرادة المعنى فمما
لا تقبل الإكراه، فإذا أراده مع القدرة على عدم إرادته (7) فقد اختاره،
فالإكراه على البيع الواقعي يختص بغير القادر على التورية، لعدم المعرفة
بها، أو عدم الالتفات إليها، كما أن الاضطرار إلى الكذب يختص
بغير القادر عليها.
ويمكن أن يفرق بين المقامين: بأن الإكراه إنما يتعلق بالبيع
الحقيقي، أو الطلاق الحقيقي، غاية الأمر قدرة المكره على التفصي عنه
بإيقاع الصورة من دون إرادة المعنى، لكنه غير المكره عليه. وحيث إن
الأخبار خالية عن اعتبار العجز عن التفصي بهذا الوجه، لم يعتبر ذلك

(1) انظر النهاية: 510، والسرائر 2: 665، والشرائع 2: 14، و 3: 12،
والمختصر 1: 197، والتنقيح 3: 294، والكفاية: 198، والرياض 2: 169،
وغيرها.
(2) في " ف ": " وبعض هؤلاء "، بدل: " بل صرح بعض هؤلاء ".
(3) الروضة البهية 6: 21.
(4) المسالك (الطبعة الحجرية) 2: 3.
(5) في " ف ": بل صرح في باب الطلاق.
(6) راجع الجواهر 32: 15.
(7) في " ف ": على العدم.
27

في حكم الإكراه.
وهذا بخلاف الكذب، فإنه لم يسوغ إلا عند الاضطرار إليه،
ولا اضطرار مع القدرة.
نعم، لو كان الإكراه من أفراد الاضطرار - بأن كان المعتبر في
تحقق موضوعه عرفا أو لغة العجز عن التفصي كما ادعاه بعض (1)،
أو قلنا باختصاص رفع حكمه بصورة الاضطرار، بأن كان عدم ترتب
الأثر على المكره عليه من حيث إنه مضطر إليه لدفع الضرر المتوعد عليه
به عن النفس والمال - كان ينبغي فيه اعتبار العجز عن (2) التورية، لعدم
الاضطرار مع القدرة عليها.
والحاصل: أن المكره إذا قصد المعنى مع التمكن من التورية،
صدق على ما أوقع أنه مكره عليه، فيدخل في عموم " رفع ما أكرهوا
عليه " (3).
وأما المضطر، فإذا كذب مع القدرة على التورية، لم يصدق أنه
مضطر إليه، فلا يدخل في عموم " رفع ما اضطروا إليه " (4).
هذا كله على مذاق المشهور من انحصار جواز الكذب بصورة
الاضطرار إليه حتى من جهة العجز عن التورية، وأما على ما استظهرناه

(1) لم نعثر عليه، نعم في الحدائق (25: 159)، من شرائط الإكراه: عجز المكره
عن دفع ما توعد به.
(2) كذا في " ف "، وفي سائر النسخ: من.
(3) راجع الوسائل 11: 295، الباب 56 من أبواب جهاد النفس.
(4) راجع الوسائل 11: 295، الباب 56 من أبواب جهاد النفس، الحديث 1 و 3.
28

من الأخبار (1) - كما اعترف به جماعة (2) - من جوازه مع الاضطرار إليه
من غير جهة العجز عن التورية، فلا فرق بينه وبين الإكراه. كما أن
الظاهر أن أدلة نفي الإكراه راجعة إلى الاضطرار، لكن (3) من غير جهة
التورية، فالشارع رخص في ترك التورية في كل كلام مضطر إليه
للإكراه عليه أو دفع الضرر به. هذا، ولكن الأحوط التورية في
البابين.
ثم إن الضرر المسوغ للكذب هو المسوغ لسائر المحرمات.
نعم، يستحب تحمل الضرر المالي الذي لا يجحف، وعليه يحمل
قول أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة: " علامة الإيمان أن تؤثر
الصدق حيث يضرك، على الكذب حيث ينفعك " (4).
ثم إن الأقوال الصادرة عن أئمتنا صلوات الله عليهم في مقام التقية في بيان
الأحكام، مثل قولهم: " لا بأس بالصلاة في ثوب أصابه خمر " (5) ونحو
ذلك، وإن أمكن حمله على الكذب لمصلحة - بناء على ما استظهرنا

(1) كما تقدم في الصفحة 24 عند قوله: إلا أن مقتضى إطلاقات أدلة
الترخيص...
(2) لم نقف عليه.
(3) كلمة " لكن " مشطوب عليها في " ف ".
(4) نهج البلاغة - الحكمة: 458، وانظر الوسائل 8: 580، الباب 141 من
أبواب أحكام العشرة، الحديث 11، لكن لم ترد كلمة " علامة " في نهج
البلاغة.
(5) الوسائل 2: 1055، الباب 38 من أبواب النجاسات، الأحاديث 2 و 10 - 13
وغيرها.
29

جوازه من الأخبار - (1)، إلا أن الأليق بشأنهم عليهم السلام هو الحمل على
إرادة خلاف ظواهرها من دون نصب قرينة، بأن يريد من جواز
الصلاة في الثوب المذكور جوازها عند تعذر الغسل والاضطرار إلى
اللبس، وقد صرحوا بإرادة المحامل البعيدة في بعض الموارد، مثل أنه
ذكر عليه السلام: " أن النافلة فريضة "، ففزع المخاطب، ثم قال: " إنما أردت
صلاة الوتر على النبي صلى الله عليه وآله وسلم " (2).
ومن هنا يعلم أنه إذا دار الأمر في بعض المواضع بين الحمل على
التقية والحمل على الاستحباب، كما في الأمر بالوضوء عقيب بعض
ما قال العامة بكونه حدثا (3)، تعين الثاني، لأن التقية تتأدى بإرادة
المجاز وإخفاء القرينة.

(1) في الصفحة 24 عند قوله: إلا أن مقتضى إطلاقات أدلة الترخيص...
(2) الوسائل 3: 49، الباب 16 من أبواب أعداد الفرائض، الحديث 6.
(3) راجع الوسائل 1: 189، الباب 6 من أبواب نواقض الوضوء، الحديث 12
و 13، والصفحة 198، الباب 12 من أبواب نواقض الوضوء، الأحاديث 12
و 14 و 16 و 17 وغيرها.
30

الثاني من مسوغات الكذب - إرادة الاصلاح:
وقد استفاضت الأخبار بجواز الكذب عند إرادة الإصلاح، ففي
صحيحة معاوية بن عمار: " المصلح ليس بكذاب " (1). ونحوها رواية
معاوية بن حكم (2)، عن أبيه، عن جده، عن أبي عبد الله عليه السلام (3).
وفي رواية عيسى بن حنان (4)، عن الصادق عليه السلام: " كل كذب
مسؤول عنه صاحبه يوما، إلا كذبا في ثلاثة: رجل كايد (5) في حربه
فهو موضوع عنه، و (6) رجل أصلح بين اثنين، يلقى هذا بغير ما يلقى (7)
هذا، يريد بذلك الإصلاح، و (8) رجل وعد أهله (9) وهو لا يريد أن يتم
لهم " (10).
وبمضمون هذه الرواية في استثناء هذه الثلاثة، روايات (11).
وفي مرسلة الواسطي، عن أبي عبد الله عليه السلام: " قال: الكلام

(1) الوسائل 8: 578، الباب 141 من أبواب أحكام العشرة، الحديث 3.
(2) كذا في النسخ، وفي المصادر: معاوية بن حكيم.
(3) الوسائل 8: 580، الباب 141 من أبواب أحكام العشرة، الحديث 9.
(4) في المصادر الحديثية: عيسى بن حسان.
(5) في الوسائل: كائد.
(6) في الوسائل وهامش " ص ": أو.
(8) في الوسائل وهامش " ص ": أو.
(7) في الوسائل: يلقى به.
(9) في الوسائل وهامش " ص " زيادة: شيئا.
(10) الوسائل 8: 579، الباب 141 من أبواب أحكام العشرة، الحديث 5.
(11) نفس المصدر، الأحاديث 1 و 2 و 5.
31

ثلاثة: صدق، وكذب، وإصلاح بين الناس (1). قيل له: جعلت فداك
وما (2) الإصلاح بين الناس؟ قال: تسمع من الرجل كلاما يبلغه
فتخبث (3) نفسه، فتقول: سمعت فلانا قال فيك من الخير كذا وكذا،
خلاف ما سمعته " (4).
وعن الصدوق - في كتاب الإخوان - بسنده عن أبي الحسن
الرضا عليه السلام: " قال: إن الرجل ليصدق على أخيه فيصيبه عنت من
صدقه فيكون كذابا عند الله، وإن الرجل ليكذب على أخيه يريد به
نفعه فيكون عند الله صادقا " (5).
ثم إن ظاهر الأخبار المذكورة عدم وجوب التورية، ولم أر من
اعتبر العجز عنها في جواز الكذب في هذا المقام.
وتقييد الأخبار المذكورة بصورة العجز عنها في غاية البعد، وإن
كان مراعاته مقتضى الاحتياط.
ثم (6) إنه قد ورد في أخبار كثيرة جواز الوعد الكاذب مع
الزوجة، بل مطلق الأهل (7)، والله العالم.

(1) في الوسائل وهامش " ص " زيادة: قال.
(2) في الوسائل: ما.
(3) في " ن "، " خ "، " م " و " ع ": فتخبت.
(4) الوسائل 8: 579، الباب 141 من أبواب أحكام العشرة، الحديث 6.
(5) الوسائل 8: 580، الباب 141 من أبواب أحكام العشرة، الحديث 10 مع
اختلاف.
(6) العبارة من هنا إلى كلمة " الأهل " لم ترد في " ف ".
(7) راجع الوسائل 8: 578، الباب 141 من أبواب أحكام العشرة، الأحاديث
1 و 2 و 5.
32

[المسألة] التاسعة عشر
الكهانة حرام، وهي (1): من كهن يكهن ككتب يكتب كتابة - كما في
الصحاح - إذا تكهن، قال: ويقال كهن - بالضم -، كهانة - بالفتح -: إذا
صار كاهنا (2).
وعن القاموس أيضا: الكهانة - بالكسر (3) -، لكن عن المصباح:
كهن يكهن - كقتل - كهانة - بالفتح - (4).
وكيف كان، فعن النهاية: أن الكاهن من يتعاطى الخبر عن
الكائنات في مستقبل الزمان.
وقد كان في العرب كهنة، فمنهم: من كان يزعم أن له تابعا من
الجن يلقي إليه الأخبار. ومنهم: من كان يزعم أنه يعرف الأمور
بمقدمات وأسباب يستدل بها على مواقعها من كلام من سأله، أو فعله،

(1) عبارة " حرام وهي " من " ش ".
(2) الصحاح 6: 2191، مادة: " كهن ".
(3) القاموس 4: 264، مادة: " كهن ".
(4) المصباح المنير: 543، مادة: " كهن ".
33

أو حاله، وهذا يخصونه باسم " العراف " (1).
والمحكي (2) عن الأكثر في تعريف الكاهن ما في القواعد، من أنه:
من كان له رئي من الجن يأتيه الأخبار (3).
وعن التنقيح: أنه المشهور (4)، ونسبه في التحرير (5) إلى القيل (6).
ورئي - على فعيل - من رأى، يقال: فلان رئي القوم، أي صاحب
رأيهم، قيل: وقد يكسر راؤه اتباعا (7).
وعن القاموس: والرئي (8) كغني: جني يرى فيحب (9).
وعن النهاية: يقال للتابع من الجن رئي بوزن كمي (10).
أقول: روى الطبرسي في الاحتجاج في جملة الأسئلة التي سأل

(1) النهاية، لابن الأثير 4: 214، مادة: " كهن ".
(2) حكاه السيد العاملي في مفتاح الكرامة 4: 74.
(3) القواعد 1: 121، وفيه: بالأخبار.
(4) التنقيح الرائع 2: 13.
(5) كذا في " ف "، وفي غيره: ئر، وهو سهو، لأنه لم يتعرض في السرائر
لتعريف الكهانة.
(6) انظر التحرير 1: 161، وليس فيه النسبة إلى القيل، نعم حكى السيد
العاملي في مفتاح الكرامة (4: 74) النسبة إلى القيل عن التحرير.
(7) قاله ابن الأثير في النهاية 2: 178، مادة: " رأى ".
(8) كذا في " ص "، وفي سائر النسخ: رأي.
(9) كذا في " ص " والمصدر، وفي سائر النسخ: فيخبر. انظر القاموس المحيط
4: 331، مادة: " الرؤية "
(10) النهاية، لابن الأثير 2: 178.
34

الزنديق عنها أبا عبد الله عليه السلام:
قال الزنديق: فمن أين أصل الكهانة، ومن أين يخبر الناس
بما يحدث؟
قال عليه السلام: " إن الكهانة كانت في الجاهلية في كل حين فترة من
الرسل، كان الكاهن بمنزلة الحاكم يحتكمون إليه فيما يشتبه عليهم من
الأمور بينهم، فيخبرهم بأشياء (1) تحدث، وذلك في (2) وجوه شتى:
فراسة العين، وذكاء القلب، ووسوسة النفس، وفطنة الروح، مع قذف في
قلبه، لأن ما يحدث في الأرض من الحوادث الظاهرة فذلك يعلم (3)
الشيطان ويؤديه إلى الكاهن، ويخبره بما يحدث في المنازل والأطراف.
وأما أخبار السماء، فإن الشياطين كانت تقعد مقاعد استراق
السمع إذ ذاك، وهي لا تحجب ولا ترجم بالنجوم، وإنما منعت من
استراق السمع لئلا يقع في الأرض سبب يشاكل (4) الوحي من خبر
السماء، فيلبس (5) على أهل الأرض ما جاءهم عن الله تعالى لإثبات
الحجة ونفي الشبهة، وكان الشيطان يسترق الكلمة الواحدة من خبر

(1) في " ف " وهامش " ن " و " م ": بأسباب، وفي المصدر ونسخة بدل " ش "
و " خ ": عن أشياء.
(2) في المصدر ونسخة بدل " ش ": من.
(3) في مصححة " ن ": يعلمه.
(4) في " ش " والمصدر: سبب تشاكل.
(5) كذا في " ش " والمصدر، وفي سائر النسخ: ويلبس.
35

السماء بما يحدث الله (1) في خلقه فيختطفها، ثم يهبط بها إلى الأرض،
فيقذفها إلى الكاهن، فإذا قد زاد كلمات من عنده، فيخلط الحق
بالباطل، فما أصاب الكاهن من خبر مما كان (2) يخبر به (3) فهو (4) ما أداه
إليه شيطانه مما سمعه، وما أخطأ فيه فهو من باطل ما زاد فيه،
فمنذ منعت الشياطين عن استراق السمع انقطعت الكهانة.
واليوم إنما تؤدي الشياطين إلى كهانها أخبارا للناس (5) مما (6)
يتحدثون به وما يحدثونه (7)، والشياطين تؤدي إلى الشياطين ما يحدث
في البعد من الحوادث، من سارق سرق، ومن (8) قاتل قتل، ومن (9)
غائب غاب، وهم أيضا بمنزلة الناس (10) صدوق وكذوب... الخبر " (11).
وقوله عليه السلام: " مع قذف في قلبه " يمكن أن يكون قيدا للأخير،
وهو " فطنة الروح "، فتكون الكهانة بغير قذف الشياطين، كما هو ظاهر

(1) في المصدر وهامش " ص " و " خ ": من الله.
(2) عبارة: " مما كان " من " ص " والمصدر وهامشي " م " و " ش ".
(3) لم ترد " به " في " ف "، " ن " و " م ".
(4) في " ن "، " م " و " ش ": هو.
(5) كذا في " ف "، " ن "، " خ " و " ع " والمصدر، وفي " ص ": أخبار الناس،
وفي " ش ": أخبار للناس.
(6) في " ش ": بما.
(7) لم ترد " وما يحدثونه " في " ن " و " ص "، وشطب عليها في " ف ".
(8) لم ترد " من " في " ف "، " ن "، " م " و " ص ".
(9) لم ترد " من " في " ف "، " ن "، " م " و " ص ".
(10) في " ص " والمصدر: وهم بمنزلة الناس أيضا.
(11) الإحتجاج 2: 81.
36

ما تقدم عن النهاية (1).
ويحتمل أن يكون قيدا لجميع الوجوه المذكورة، فيكون المراد
تركب أخبار الكاهن مما يقذفه الشيطان، وما يحدث (2) في نفسه، لتلك
الوجوه وغيرها، كما يدل عليه قوله عليه السلام بعد ذلك: " زاد كلمات من
عنده فيخلط الحق بالباطل ".
وكيف كان، ففي قوله: " انقطعت الكهانة " دلالة على ما عن
المغرب من أن الكهانة في العرب كانت قبل المبعث (3)، قبل منع
الشياطين (4) عن استراق السمع (5).
لكن (6) قوله عليه السلام: " إنما تؤدي الشياطين إلى كهانها أخبارا
للناس " (7)، وقوله عليه السلام قبل ذلك: " مع قذف في قلبه... الخ " دلالة
على صدق الكاهن على من لا يخبر إلا بأخبار الأرض، فيكون المراد
من الكهانة المنقطعة: الكهانة الكاملة التي يكون الكاهن بها حاكما في
جميع ما يتحاكمون إليه من المشتبهات، كما ذكر في أول الرواية.
وكيف كان، فلا خلاف في حرمة الكهانة.

(1) تقدم في الصفحة 33 - 34.
(2) كذا في " ش "، وفي " ف ": ومما يحدثه، وفي سائر النسخ: وما يحدثه.
(3) في " ش ": البعث.
(4) في " ع " و " ص ": الشيطان.
(5) المغرب 2: 237، ونقله عنه السيد العاملي في مفتاح الكرامة 4: 74.
(6) كذا في النسخ، والظاهر سقوط كلمة " في ".
(7) في " م "، " ص " و " ش ": أخبار الناس.
37

وفي المروي عن الخصال: " من تكهن، أو تكهن له فقد برئ
من دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم " (1).
وقد تقدم رواية: " أن الكاهن كالساحر "، و " أن تعلم النجوم
يدعو إلى الكهانة " (2).
وروي في مستطرفات السرائر، عن كتاب المشيخة للحسن بن
محبوب، عن الهيثم، قال: " قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن عندنا
بالجزيرة رجلا ربما أخبر من يأتيه يسأله عن الشئ يسرق، أو شبه
ذلك، فنسأله؟ (3) فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من مشى إلى
ساحر أو كاهن أو كذاب يصدقه فيما يقول (4)، فقد كفر بما أنزل الله
من كتاب، الخبر (5) " (6).
وظاهر هذه الصحيحة أن الإخبار عن الغائبات على سبيل الجزم
محرم مطلقا، سواء كان بالكهانة أو بغيرها، لأنه عليه السلام جعل المخبر
بالشئ الغائب بين الساحر والكاهن والكذاب، وجعل الكل حراما.

(1) الخصال: 19، الحديث 68، والوسائل 12: 108، الباب 26 من أبواب
ما يكتسب به، الحديث 2.
(2) راجع المكاسب 1: 205 - 206.
(3) لم ترد " فنسأله " في " ف "، " ن "، " خ "، " م " و " ع "، وفي المصدر: أفنسأله؟
(4) في المصدر: بما يقول.
(5) كذا في النسخ، والظاهر زيادة " الخبر " إذ الحديث مذكور بتمامه.
(6) مستطرفات السرائر (السرائر) 3: 593، والوسائل 12: 109، الباب 26
من أبواب ما يكتسب به، الحديث 3.
38

ويؤيده النهي في النبوي المروي في الفقيه في حديث المناهي
أنه صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن إتيان العراف، وقال: " من أتاه وصدقه
فقد برئ مما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وآله وسلم " (1).
وقد عرفت من النهاية أن المخبر عن الغائبات في المستقبل كاهن
ويخص باسم العراف (2).
ويؤيد ذلك: ما تقدم في رواية الاحتجاج من قوله عليه السلام:
" لئلا يقع في الأرض سبب يشاكل الوحي... الخ " (3)، فإن ظاهره كون
ذلك مبغوضا للشارع من أي سبب كان، فتبين من ذلك أن الإخبار
عن الغائبات بمجرد السؤال عنها من غير النظر (4) في بعض ما صح
اعتباره - كبعض الجفر والرمل - محرم.
ولعله لذا عد صاحب المفاتيح من المحرمات المنصوصة: الإخبار
عن الغائبات على سبيل الجزم لغير نبي، أو وصي نبي، سواء كان
بالتنجيم، أو الكهانة، أو القيافة، أو غير ذلك (5).

(1) الفقيه 4: 6، ضمن حديث المناهي، والوسائل 12: 108، الباب 26 من
أبواب ما يكتسب به، الحديث الأول.
(2) راجع الصفحة 33 - 34.
(3) راجع الصفحة 35.
(4) كذا في " ف " و " خ "، وفي غيرهما: نظر.
(5) مفاتيح الشرائع 2: 23.
39

[المسألة] العشرون
اللهو حرام، على ما يظهر من المبسوط (1) والسرائر (2) والمعتبر (3)
والقواعد (4) والذكرى (5) والجعفرية (6) وغيرها، حيث عللوا لزوم الإتمام في
سفر الصيد بكونه محرما من حيث اللهو.
قال في المبسوط: السفر على أربعة أقسام - وذكر الواجب
والندب، والمباح -، ثم قال: الرابع سفر المعصية، وعد من أمثلتها من
طلب الصيد للهو والبطر (7)، ونحوه بعينه عبارة السرائر (8).
وقال في المعتبر: قال علماؤنا: اللاهي بسفره كالمتنزه بصيده بطرا،

(1) المبسوط 1: 136.
(2) السرائر 1: 327.
(3) المعتبر 2: 471.
(4) القواعد (الطبعة الجديدة) 1: 325.
(5) الذكرى: 258.
(6) الرسالة الجعفرية (رسائل المحقق الكركي) 1: 123.
(7) تقدم التخريج عنه.
(8) تقدم التخريج عنه.
41

لا يترخص، لنا أن اللهو حرام فالسفر له معصية (1)، انتهى.
وقال في القواعد: الخامس من شروط القصر: إباحة السفر،
فلا يرخص العاصي بسفره كتابع الجائر والمتصيد لهوا (2)، انتهى.
وقال في المختلف في كتاب المتاجر: حرم الحلبي الرمي عن (3)
قوس الجلاهق (4)، قال: وهذا الاطلاق ليس بجيد، بل ينبغي تقييده
باللهو والبطر (5).
وقد صرح الحلي - في مسألة اللعب بالحمام بغير رهان - بحرمته،
وقال: إن اللعب بجميع الأشياء قبيح (6). ورده بعض: بمنع حرمة مطلق
اللعب (7).
وانتصر في الرياض للحلي بأن ما دل على قبح اللعب، وورد
بذمه من الآيات والروايات، أظهر من أن يخفى، فإذا ثبت القبح (8) ثبت
النهي، ثم قال: ولولا شذوذه بحيث كاد أن يكون مخالفا للإجماع لكان
المصير إلى قوله ليس بذلك البعيد (9)، انتهى.
ولا يبعد أن يكون القول بجواز خصوص هذا اللعب، وشذوذ

(1) تقدم التخريج عنه.
(2) تقدم التخريج عنه.
(3) كذا في " ف " والمصدر، وفي سائر النسخ: من.
(4) راجع الكافي في الفقه: 282.
(5) المختلف 5: 18.
(6) السرائر 2: 124.
(7) راجع المسالك (الطبعة الحجرية) 2: 323، والمستند 2: 636.
(8) في " ش " والمصدر: القبح والذم.
(9) الرياض 2: 430.
42

القول بحرمته مع دعوى كثرة الروايات، بل الآيات على حرمة مطلق
اللهو، لأجل النص على الجواز فيه في قوله عليه السلام: " لا بأس بشهادة
من يلعب بالحمام " (1).
واستدل في الرياض أيضا - تبعا للمهذب (2) - على حرمة المسابقة
بغير المنصوص على (3) جوازه بغير عوض، بما دل على تحريم اللهو
واللعب، قال: لكونها منه بلا تأمل (4)، انتهى.
والأخبار الظاهرة في حرمة اللهو كثيرة جدا.
منها: ما تقدم من قوله (5) في رواية تحف العقول: " وما يكون منه
وفيه الفساد محضا، ولا يكون منه ولا فيه (6) شئ من وجوه الصلاح،
فحرام تعليمه وتعلمه والعمل به وأخذ الأجرة عليه " (7).
ومنها: ما تقدم من رواية الأعمش، حيث عد في الكبائر
الاشتغال بالملاهي التي تصد عن ذكر الله كالغناء وضرب الأوتار (8)،

(1) الوسائل 13: 349، الباب 3 من أبواب السبق، الحديث 3.
(2) لم يتعرض القاضي للاستدلال في المهذب، نعم تعرض له الحلي في المهذب
البارع 3: 82.
(3) في " ن " بدل " على ": " وعدم ".
(4) الرياض 2: 41.
(5) لم ترد " من قوله " في " ف ".
(6) كذا في " ش "، وفي " م ": وفي، وفي غيرهما: وفيه.
(7) تحف العقول: 335 - 336، وراجع المكاسب 1: 11.
(8) الوسائل 11: 262، الباب 46 من أبواب جهاد النفس، الحديث 36، وراجع
المكاسب 1: 290.
43

فإن الملاهي جمع " الملهى " مصدرا، أو " الملهي " (1) وصفا، لا " الملهاة "
آلة، لأنه لا يناسب التمثيل بالغناء.
ونحوها - في عد الاشتغال بالملاهي من الكبائر - رواية العيون
الواردة في الكبائر (2)، وهي حسنة كالصحيحة بل صحيحة.
ومنها: ما تقدم في روايات القمار في قوله عليه السلام: " كل ما ألهى
عن ذكر الله فهو الميسر " (3).
ومنها: قوله عليه السلام في جواب من خرج في السفر يطلب (4) الصيد
بالبزاة والصقور: " إنما خرج في لهو، لا يقصر " (5).
ومنها: ما تقدم في رواية الغناء في حديث الرضا عليه السلام في
جواب من سأله عن السماع، فقال (6): " إن لأهل الحجاز فيه رأيا وهو
في حيز اللهو " (7).

(1) في " خ " و " ع ": والملهى. ووردت العبارة في " ف " هكذا: جمع " الملهى "
مصدرا، أو " الملهى " و " الملهى " وصفا.
(2) عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 127، ذيل الحديث الأول، والوسائل 11:
261، الباب 46 من أبواب جهاد النفس، الحديث 33.
(3) الوسائل 12: 235، الباب 100 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 15،
وراجع المكاسب 1: 373.
(4) في " ف " و " ن ": لطلب.
(5) الوسائل 5: 511، الباب 9 من أبواب صلاة المسافر، الحديث الأول.
(6) في ما عدا " ف " زيادة: قال.
(7) الوسائل 12: 229، الباب 99 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 19،
وراجع المكاسب 1: 289.
44

وقوله عليه السلام - في رد من زعم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رخص في
أن يقال: جئناكم جئناكم (1)... الخ -: " كذبوا، إن الله يقول: * (لو أردنا
أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا...) * إلى آخر الآيتين " (2).
ومنها: ما دل على أن اللهو من الباطل (3) بضميمة ما يظهر منه
حرمة الباطل، كما تقدم في روايات الغناء (4).
ففي بعض الروايات: " كل لهو المؤمن من الباطل (5) ما خلا ثلاثة:
المسابقة، وملاعبة الرجل أهله... الخ " (6).
وفي رواية علي بن جعفر عليه السلام، عن أخيه، قال: " سألته عن
اللعب بالأربعة عشر وشبهها، قال: لا نستحب (7) شيئا من اللعب غير
الرهان والرمي " (8).

(1) في " خ "، " م "، " ع " و " ص ": حياكم حياكم.
(2) الوسائل 12: 228، الباب 99 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 15،
وتقدم في المكاسب 1: 288، والآيتان من سورة الأنبياء: 17 - 18.
(3) كرواية عبد الأعلى وغيرها المومئ إليها في أول البحث عن الغناء، راجع
المكاسب 1: 288 - 290.
(4) راجع المكاسب 1: 288 - 289.
(5) في " ف " و " خ " ونسخة بدل " ع " و " ش ": باطل.
(6) الوسائل 13: 347، الباب الأول من أبواب السبق، الحديث 5، وفيه: كل لهو
المؤمن باطل إلا في ثلاث: في تأديبه الفرس، ورميه عن قوسه، وملاعبته امرأته.
(7) في " ف " و " ص ": لا تستحب.
(8) مسائل علي بن جعفر: 162، الحديث 252، والوسائل 12: 235، الباب
100 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 14، وتقدم في المكاسب 1: 383.
45

إلى غير ذلك مما يقف عليه المتتبع.
ويؤيده أن حرمة اللعب بآلات اللهو الظاهر أنه من حيث اللهو،
لا من حيث خصوص الآلة.
ففي رواية سماعة: " قال أبو عبد الله عليه السلام: لما مات آدم شمت
به إبليس وقابيل، فاجتمعا في الأرض فجعل إبليس وقابيل المعازف
والملاهي شماتة بآدم على نبينا وآله وعليه السلام، فكل ما كان في الأرض من هذا
الضرب الذي يتلذذ به الناس فإنما هو من ذلك (1) " (2) فإن فيه إشارة
إلى أن المناط هو مطلق التلهي والتلذذ.
ويؤيده ما تقدم (3) من أن المشهور حرمة المسابقة على ما عدا
المنصوص بغير عوض، فإن الظاهر أنه لا وجه له عدا كونه لهوا وإن
لم يصرحوا بذلك عدا القليل منهم، كما تقدم (4).
نعم، صرح العلامة في التذكرة بحرمة المسابقة على جميع الملاعب
كما تقدم نقل كلامه في مسألة القمار (5).

(1) في " خ "، " م "، " ع " و " ص " بدل " فإنما هو من ذلك " ما يلي: " من
الزفن والمزمار والكوبات والكبرات "، وفي هامش " ن " بعد كلمة " الكبرات ":
فإنما هو من ذلك - صح، والظاهر أن ما ورد في هذه النسخ مأخوذ من رواية
أخرى وردت ذيل هذا الحديث في الوسائل.
(2) الوسائل 12: 233، الباب 100 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 5.
(3) راجع المكاسب 1: 380.
(4) راجع المكاسب 1: 383.
(5) التذكرة 2: 354، وراجع المكاسب 1: 381.
46

هذا، ولكن الإشكال في معنى اللهو، فإنه إن أريد به مطلق اللعب
كما يظهر من الصحاح (1) والقاموس (2)، فالظاهر أن القول بحرمته شاذ
مخالف للمشهور والسيرة، فإن اللعب هي (3) الحركة لا لغرض عقلائي (4)،
و (5) لا خلاف ظاهرا في عدم حرمته على الاطلاق.
نعم، لو خص اللهو بما يكون عن (6) بطر - وفسر بشدة الفرح -
كان الأقوى تحريمه، ويدخل في ذلك الرقص والتصفيق، والضرب
بالطشت بدل الدف، وكل ما يفيد فائدة آلات اللهو.
ولو جعل مطلق الحركات التي لا يتعلق بها غرض عقلائي (7) مع
انبعاثها عن القوى الشهوية، ففي حرمته تردد.
واعلم أن هنا عنوانين آخرين: " اللعب " و " اللغو ".
أما اللعب، فقد عرفت أن ظاهر بعض ترادفهما (8)، ولكن مقتضى (9)

(1) صحاح اللغة 6: 2487، مادة: " لها ".
(2) القاموس المحيط 4: 388، مادة: " لها ".
(3) في غير " ش ": وهي.
(4) في " خ "، " م "، " ع " و " ص ": عقلاني، وفي " ف "، " ن "، " خ "، " م "
و " ع " زيادة: لعب.
(5) " الواو " مشطوب عليها في " ص ".
(6) في غير " ف ": من.
(7) في " خ "، " م "، " ع "، و " ص ": عقلاني.
(8) كما تقدم عن الصحاح والقاموس.
(9) في " خ ": يقتضي، وفي " ن "، " م "، " ع " و " ص ": يقضي.
47

تعاطفهما في غير موضع من الكتاب العزيز (1) تغايرهما. ولعلهما من قبيل
الفقير والمسكين (2) إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا. ولعل اللعب
يشمل مثل حركات الأطفال الغير المنبعثة عن القوى الشهوية. واللهو
ما تلتذ به النفس، وينبعث عن القوى الشهوية.
وقد ذكر غير واحد أن قوله تعالى: * (إنما الحياة الدنيا لعب ولهو
وزينة) * (3) الآية، بيان ملاذ الدنيا على ترتيب تدرجه في العمر،
وقد جعلوا لكل واحد منها ثمان سنين (4).
وكيف كان، فلم أجد من أفتى بحرمة اللعب عدا الحلي على
ما عرفت من كلامه (5)، ولعله يريد اللهو، وإلا فالأقوى الكراهة.
وأما اللغو، فإن جعل مرادف اللهو - كما يظهر من بعض
الأخبار - كان في حكمه.
ففي رواية محمد بن أبي عباد المتقدمة (6) عن أبي الحسن
الرضا عليه السلام: " أن السماع في حيز اللهو والباطل، أما سمعت قول الله

(1) كما في سورة الأنعام: 32، والعنكبوت: 64، ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم: 36،
والحديد: 20 وغيرها.
(2) من هنا إلى أول بحث النميمة ساقط من " ف ".
(3) الحديد: 20.
(4) لم نعثر عليه بعينه، انظر تفسير الصافي 5: 137، والتفسير الكبير 30: 233،
ذيل الآية المذكورة.
(5) في الصفحة 42.
(6) تقدمت في المكاسب 1: 289.
48

تعالى: * (وإذا مروا باللغو مروا كراما) * (1) " (2).
ونحوها رواية أبي أيوب (3)، حيث أراد باللغو الغناء مستشهدا
بالآية.
وإن أريد به مطلق الحركات اللاغية، فالأقوى فيها الكراهة.
وفي رواية أبي خالد الكابلي، عن سيد الساجدين، تفسير الذنوب
التي تهتك العصم ب‍: شرب الخمر، واللعب بالقمار، وتعاطي ما يضحك
الناس من اللغو والمزاح، وذكر عيوب الناس (4).
وفي وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأبي ذر رضي الله عنه: " إن الرجل
ليتكلم بالكلمة فيضحك الناس فيهوي ما بين السماء والأرض " (5).

(1) الفرقان: 72.
(2) الوسائل 12: 229، الباب 99 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 19.
(3) الوسائل 12: 236، الباب 101 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 2.
(4) الوسائل 11: 520، الباب 41 من أبواب الأمر والنهي، الحديث 8.
(5) الوسائل 8: 577، الباب 140 من أبواب أحكام العشرة، الحديث 4، وفيه:
" إن الرجل ليتكلم بالكلمة في المجلس ليضحكهم بها فيهوي في جهنم ما بين
السماء والأرض ".
49

[المسألة] الحادية والعشرون
مدح من لا يستحق المدح، أو يستحق الذم.
ذكره العلامة في المكاسب المحرمة (1)، والوجه فيه واضح من جهة
قبحه عقلا.
ويدل عليه من الشرع قوله تعالى: * (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا
فتمسكم النار) * (2).
وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم - فيما رواه الصدوق -: " من عظم
صاحب دنيا (3) وأحبه طمعا في دنياه، سخط الله عليه، وكان في درجته
مع قارون في التابوت الأسفل من النار " (4).
وفي النبوي الآخر الوارد في حديث المناهي: " من مدح سلطانا

(1) التذكرة 1: 582، والقواعد 1: 121، والتحرير 1: 161.
(2) هود: 113.
(3) في " ش ": الدنيا.
(4) عقاب الأعمال: 331، والوسائل 12: 131، الباب 42 من أبواب
ما يكتسب به، الحديث 14 مع اختلاف.
51

جائرا، أو تخفف و (1) تضعضع له طمعا فيه، كان قرينه في النار " (2).
ومقتضى هذه الأدلة حرمة المدح طمعا في الممدوح، وأما لدفع
شره فهو واجب، وقد ورد في عدة أخبار: " أن شرار الناس الذين
يكرمون اتقاء شرهم " (3).

(1) كذا في " ن " والمصدر، وفي سائر النسخ: أو.
(2) الوسائل 12: 133، الباب 43 من أبواب ما يكتسب به، الحديث الأول،
وانظر الفقيه 4: 11 " حديث المناهي ".
(3) راجع الوسائل 11: 326، الباب 70 من أبواب جهاد النفس، الحديث 7
و 8، والخصال 1: 14، الحديث 49، والمستدرك 12: 77، الباب 70
من أبواب جهاد النفس، الحديث 1، 2، 4 و 6.
52

[المسألة] الثانية والعشرون
معونة الظالمين في ظلمهم حرام بالأدلة الأربعة، وهو (1) من الكبائر،
فعن كتاب الشيخ ورام بن أبي فراس، قال: " قال عليه السلام: من مشى
إلى ظالم ليعينه وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج عن الإسلام ".
قال: " وقال عليه السلام: إذا كان يوم القيامة ينادي مناد: أين الظلمة،
أين أعوان الظلمة، أين أشباه الظلمة حتى من برى لهم قلما أو لاق
لهم دواة، فيجتمعون في تابوت من حديد، ثم يرمى بهم في جهنم " (2).
وفي النبوي صلى الله عليه وآله وسلم: " من علق سوطا بين يدي سلطان
جائر جعلها (3) الله حية طولها سبعون (4) ألف ذراع، فيسلطها (5) الله عليه

(1) في " ن ": وهي.
(2) تنبيه الخواطر (مجموعة ورام) 1: 62، والوسائل 12: 131، الباب 42 من
أبواب ما يكتسب به، الحديث 15 و 16.
(3) في عقاب الأعمال: جعله الله.
(4) في عقاب الأعمال: ستون.
(5) في " ن "، " خ "، " م "، " ع " و " ص ": فيسلط. وفي الوسائل ونسخة بدل
" ش ": فيسلطه.
53

في نار جهنم خالدا فيها مخلدا " (1).
وأما معونتهم في غير المحرمات، فظاهر كثير من الأخبار حرمتها
أيضا كبعض ما تقدم، وقول الصادق عليه السلام - في رواية يونس بن
يعقوب -: " لا تعنهم على بناء مسجد " (2)، وقوله عليه السلام: " ما أحب أني
عقدت لهم عقدة، أو وكيت لهم وكاء وأن لي ما بين لابتيها، لا (3)
ولا مدة بقلم، إن أعوان الظلمة يوم القيامة في سرادق من نار حتى
يفرغ الله من الحساب (4) " (5).
لكن المشهور عدم الحرمة، حيث قيدوا المعونة المحرمة بكونها في
الظلم.
والأقوى التحريم مع عد الشخص من الأعوان، فإن مجرد إعانتهم
على بناء المسجد ليست محرمة، إلا أنه إذا عد الشخص معمارا للظالم
أو بناء له ولو في خصوص المساجد - بحيث صار هذا العمل منصبا له
في باب السلطان - كان محرما.
ويدل على ذلك: جميع ما ورد في ذم أعوان الظلمة (6)، وقول

(1) الوسائل 12: 131، الباب 42 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 14،
وراجع عقاب الأعمال: 284.
(2) الوسائل 12: 129، الباب 42 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 8.
(3) لم ترد " لا " في " ن "، " خ " و " ع ".
(4) في المصدر ونسخة بدل " ش ": حتى يحكم الله بين العباد.
(5) الوسائل 12: 129، الباب 42 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 6.
(6) راجع الوسائل 12: 127، الباب 42 من أبواب ما يكتسب به.
54

أبي عبد الله عليه السلام - في رواية الكاهلي -: " من سود اسمه في ديوان
ولد سابع (1) حشره الله يوم القيامة خنزيرا " (2).
وقوله عليه السلام: " ما اقترب عبد من سلطان جائر (3) إلا تباعد من
الله " (4).
وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " إياكم وأبواب السلطان وحواشيها فإن
أقربكم من أبواب السلطان وحواشيها أبعدكم عن الله تعالى " (5).
وأما العمل له في المباحات لأجرة أو تبرعا، من غير أن يعد
معينا له في ذلك، فضلا من أن يعد من أعوانه، فالأولى عدم الحرمة،
للأصل وعدم الدليل
عدا ظاهر بعض الأخبار، مثل رواية ابن أبي
يعفور، قال: " كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه رجل من
أصحابنا (6) فقال له: جعلت فداك (7)، ربما أصاب الرجل منا الضيق
والشدة فيدعى إلى البناء يبنيه، أو النهر يكريه، أو المسناة يصلحها،
فما تقول في ذلك؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: ما أحب أني عقدت

(1) مقلوب " عباس ".
(2) الوسائل 12: 130، الباب 42 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 9.
(3) لم ترد " جائر " في " ن "، " خ "، " م " و " ع "، ووردت في " ص " في
الهامش.
(4) الوسائل 12: 130، الباب 42 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 12.
(5) الوسائل 12: 130، الباب 42 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 13.
(6) لم ترد " من أصحابنا " في " خ "، " م "، " ن "، " ع " و " ص ".
(7) لم ترد " جعلت فداك " في " خ "، " م "، " ن "، " ع " و " ص ".
55

لهم عقدة أو وكيت لهم وكاء وأن لي ما بين لابتيها... إلى آخر
ما تقدم (1) ".
ورواية محمد بن عذافر عن أبيه، قال: " قال لي أبو عبد الله عليه السلام:
يا عذافر بلغني أنك تعامل أبا أيوب وأبا الربيع، فما حالك إذا نودي
بك في أعوان الظلمة؟ قال: فوجم (2) أبي، فقال له (3) أبو عبد الله عليه السلام
- لما رأى ما أصابه -: أي عذافر إنما خوفتك بما خوفني الله عز وجل به.
قال محمد: فقدم أبي فما زال مغموما مكروبا حتى مات " (4).
ورواية صفوان بن مهران الجمال، قال: " دخلت على أبي الحسن
الأول (5) عليه السلام، فقال لي: يا صفوان كل شئ منك حسن جميل
ما خلا شيئا واحدا، فقلت: جعلت فداك، أي شئ؟ قال عليه السلام:
إكراؤك جمالك من هذا الرجل - يعني هارون (6) -، قلت: والله
ما أكريته أشرا ولا بطرا ولا لصيد (7) ولا للهو (8)، ولكن أكريته لهذا
الطريق - يعني طريق مكة - ولا أتولاه بنفسي ولكن أبعث معه غلماني.

(1) في الصفحة 54.
(2) في " خ "، " م "، " ع " و " ص ": ففزع.
(3) لم ترد " له " في " ن "، " خ "، " م " و " ع ".
(4) الوسائل 12: 128، الباب 42 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 3.
(5) لم ترد " الأول " في " خ "، " م " و " ع ".
(6) في " ش " زيادة: الرشيد.
(7) في الوسائل: للصيد.
(8) في " ع " و " ص ": ولا لهو.
56

فقال لي: يا صفوان، أيقع كراؤك عليهم؟ قلت: نعم، جعلت فداك.
قال: أتحب بقاءهم حتى يخرج كراؤك؟ قلت: نعم. قال: من (1) أحب
بقاءهم فهو منهم، ومن كان منهم كان وروده إلى النار.
قال صفوان: فذهبت وبعت (2) جمالي عن آخرها، فبلغ ذلك إلى (3)
هارون، فدعاني فقال لي: يا صفوان، بلغني أنك بعت جمالك؟ قلت:
نعم. قال: ولم؟ قلت: أنا شيخ كبير، وأن الغلمان لا يقومون (4)
بالأعمال. فقال: هيهات هيهات، إني لأعلم من أشار عليك بهذا (5)،
إنما أشار عليك (6) بهذا موسى بن جعفر. قلت: ما لي (7) ولموسى بن
جعفر. قال: دع هذا عنك، والله لولا (8) حسن صحبتك لقتلتك " (9).
وما ورد في تفسير الركون إلى الظالم: من أن الرجل يأتي
السلطان فيحب بقاءه إلى أن يدخل يده في كيسه فيعطيه (10)، وغير
ذلك مما ظاهره وجوب التجنب عنهم.

(1) في " ص ": فمن.
(2) في " ش " والوسائل: فبعت.
(3) لم ترد " إلى " في " ن "، " خ "، " م " و " ع ".
(4) في الوسائل ونسخة بدل " ص " و " ش ": لا يفون.
(5) عبارة: " إني لأعلم من أشار إليك بهذا " من " ش " والمصدر.
(6) كذا في " ش " والمصدر، وفي سائر النسخ: إليك.
(7) في " خ ": فمالي.
(8) في " ص " والوسائل: فوالله لولا، وفي " خ "، " ن "، " م " و " ع ": فلولا.
(9) الوسائل 12: 131، الباب 42 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 17.
(10) راجع الوسائل 12: 133، الباب 44 من أبواب ما يكتسب به، الحديث الأول.
57

ومن هنا لما قيل لبعض: إني رجل أخيط للسلطان ثيابه، فهل
تراني بذلك داخلا في أعوان الظلمة؟ قال له: المعين من يبيعك الإبر
والخيوط، وأما أنت فمن (1) الظلمة أنفسهم (2).
وفي رواية سليمان الجعفري - المروية عن تفسير العياشي -: " أن
الدخول في أعمالهم، والعون لهم، والسعي في حوائجهم عديل الكفر،
والنظر إليهم على العمد من الكبائر التي يستحق (3) بها النار " (4).
لكن الإنصاف: أن شيئا مما ذكر لا ينهض دليلا لتحريم العمل
لهم على غير جهة المعونة.
أما الرواية الأولى (5)، فلأن التعبير فيها - في الجواب بقوله:
" ما أحب " - ظاهر في الكراهة.
وأما قوله عليه السلام: " إن أعوان الظلمة... الخ "، فهو من باب التنبيه
على أن القرب إلى الظلمة والمخالطة معهم مرجوح، وإلا فليس من
يعمل لهم الأعمال المذكورة في السؤال - خصوصا مرة أو مرتين،
خصوصا مع الاضطرار - معدودا من أعوانهم.

(1) في " ن "، " خ "، " م " و " ع ": من.
(2) حكاه الشيخ البهائي في الأربعين حديثا: 239.
(3) كذا في " ن " والوسائل، وفي سائر النسخ: تستحق.
(4) الوسائل 12: 138، الباب 45 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 12.
وانظر تفسير العياشي 1: 238، الحديث 110.
(5) لم ترد " الأولى " في " خ "، " م "، " ع " و " ص "، ووردت في " ن "
تصحيحا.
58

وكذلك يقال في رواية عذافر، مع احتمال أن تكون (1) معاملة
عذافر مع أبي أيوب وأبي الربيع على وجه يكون معدودا من أعوانهم
وعمالهم.
وأما رواية صفوان، فالظاهر منها أن نفس المعاملة معهم ليست
محرمة، بل من حيث محبة بقائهم وإن لم تكن معهم معاملة، ولا يخفى
على الفطن العارف بأساليب الكلام أن قوله عليه السلام: " ومن أحب
بقاءهم كان منهم " لا يراد به من أحبهم مثل محبة صفوان بقاءهم حتى
يخرج كراؤه، بل هذا من باب المبالغة في الاجتناب عن مخالطتهم حتى
لا يفضي ذلك إلى صيرورتهم من أعوانهم، وأن يشرب القلب حبهم،
لأن القلوب مجبولة على حب من أحسن إليها.
وقد تبين مما ذكرنا: أن المحرم من العمل للظلمة قسمان:
أحدهما - الإعانة لهم على الظلم.
والثاني - ما يعد معه (2) من أعوانهم، والمنسوبين إليهم، بأن يقال:
هذا خياط السلطان، وهذا معماره.
وأما ما عدا ذلك فلا دليل معتبر على تحريمه.

(1) كذا في " ص "، وفي سائر النسخ: يكون.
(2) في " ش ": معهم.
59

[المسألة] الثالثة والعشرون
النجش - بالنون المفتوحة والجيم الساكنة، أو المفتوحة - حرام،
لما في النبوي (1) - المنجبر بالاجماع المنقول عن جامع المقاصد (2)
والمنتهى (3) - من لعن الناجش والمنجوش له (4)، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم:
" ولا تناجشوا " (5).
ويدل على قبحه: العقل، لأنه غش وتلبيس وإضرار.
وهو كما عن جماعة (6): أن يزيد الرجل في ثمن السلعة وهو
لا يريد شراءها، ليسمعه غيره فيزيد لزيادته، بشرط المواطاة مع

(1) الوسائل 12: 337، الباب 49 من أبواب آداب التجارة، الحديث 2.
(2) جامع المقاصد 4: 39.
(3) منتهى المطلب 2: 1004.
(4) لم ترد " له " في " خ "، " م "، " ع " و " ص ".
(5) الوسائل 12: 338، الباب 49 من أبواب آداب التجارة، الحديث 4.
(6) انظر: جامع المقاصد 4: 39، ومجمع الفائدة 8: 136، والجواهر 22: 476.
61

البائع، أو لا بشرطها، كما حكي عن بعض (1).
وحكي (2) تفسيره - أيضا - بأن يمدح السلعة في البيع لينفقها
ويروجها، لمواطاة بينه وبين البائع، أو لا معها.
وحرمته بالتفسير الثاني - خصوصا لا مع المواطاة - يحتاج إلى
دليل، وحكي الكراهة عن بعض (3).

(1) جامع المقاصد 4: 39.
(2) حكاه كاشف الغطاء في شرح القواعد (مخطوط): الورقة 31، وفيه: وفسر
أيضا بأن يمدح السلعة في البيع....
(3) حكاه السيد العاملي في مفتاح الكرامة (4: 106) عن المحقق والعلامة
وغيرهما، انظر الشرائع 2: 21، والمختصر النافع 1: 120، والإرشاد 1: 359،
والتنقيح 2: 40 - 41.
62

[المسألة] الرابعة والعشرون
النميمة محرمة بالأدلة الأربعة.
وهي نقل قول الغير إلى المقول فيه، كأن يقول: تكلم فلان فيك
بكذا وكذا.
قيل: هي من نم الحديث، من باب قتل وضرب، أي سعى به
لإيقاع فتنة أو وحشة (1).
وهي من الكبائر، قال الله تعالى: * (ويقطعون ما أمر الله به أن
يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار) * (2)،
والنمام قاطع لما أمر الله بصلته ومفسد.
قيل (3): وهي المرادة (4) بقوله تعالى: * (والفتنة أكبر من القتل) * (5).

(1) راجع المصباح المنير 2: 626، مادة: " نم "، ومجمع البحرين 6: 180،
مادة: " نمم ".
(2) الرعد: 25.
(3) قاله كاشف الغطاء في شرح القواعد (مخطوط): الورقة 20، وفيه: " وهي
المعنية بقوله تعالى: * (والفتنة أكبر من القتل) * ". وانظر الجواهر 22: 73.
(4) كذا في " ف "، وفي سائر النسخ: المراد.
(5) البقرة: 217.
63

وقد تقدم في باب السحر (1) قوله عليه السلام - في ما رواه في الاحتجاج
في وجوه السحر -: " وإن من أكبر السحر النميمة، يفرق بها بين
المتحابين " (2).
وعن عقاب الأعمال، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " من مشى في نميمة
بين اثنين (3) سلط الله عليه في قبره نارا تحرقه، وإذا خرج من قبره
سلط الله عليه تنينا أسود ينهش لحمه حتى يدخل النار " (4).
وقد استفاضت الأخبار بعدم دخول النمام الجنة (5).
ويدل على حرمتها - مع كراهة المقول عنه لإظهار القول عند
المقول فيه - جميع ما دل على حرمة الغيبة، ويتفاوت عقوبته بتفاوت
ما يترتب عليها من المفاسد.
وقيل: إن حد النميمة بالمعنى الأعم كشف ما يكره كشفه، سواء
كرهه المنقول عنه أم المنقول إليه، أم كرهه ثالث، وسواء كان الكشف
بالقول أم بغيره من الكتابة والرمز والإيماء، وسواء كان المنقول من
الأعمال أم من الأقوال، وسواء كان ذلك عيبا ونقصانا على المنقول عنه

(1) راجع المكاسب 1: 265.
(2) الإحتجاج 2: 82.
(3) في " ش ": الاثنين.
(4) عقاب الأعمال: 335، (باب مجمع عقوبات الأعمال)، والوسائل 8: 618،
الباب 164 من أبواب أحكام العشرة، الحديث 6.
(5) الوسائل 8: 616، الباب 164 من أبواب أحكام العشرة، والمستدرك 9: 149
الباب 44 من أبواب أحكام العشرة.
64

أم لا، بل حقيقة النميمة إفشاء السر، وهتك الستر عما يكره كشفه (1)،
انتهى موضع الحاجة.
ثم إنه قد يباح ذلك (2) لبعض المصالح التي هي آكد من مفسدة
إفشاء السر، كما تقدم في الغيبة (3)، بل قيل: إنها قد تجب لإيقاع الفتنة
بين المشركين (4)، لكن الكلام في النميمة على المؤمنين.

(1) راجع المحجة البيضاء 5: 277.
(2) في " ف ": بعض ذلك.
(3) راجع المكاسب 1: 351 (الصور التي رخص فيها الغيبة لمصلحة أقوى).
(4) قاله صاحب الجواهر في الجواهر 22: 73، والسيد العاملي في مفتاح الكرامة
4: 68.
65

[المسألة] الخامسة والعشرون
النوح بالباطل، ذكره في المكاسب المحرمة الشيخان (1) وسلار (2)
والحلي (3) والمحقق (4) ومن تأخر عنه (5).
والظاهر حرمته من حيث الباطل، يعني الكذب، وإلا فهو في
نفسه ليس بمحرم، وعلى هذا التفصيل دل غير واحد من الأخبار (6).

(1) المقنعة: 588، والنهاية: 365.
(2) المراسم: 170.
(3) السرائر 2: 222.
(4) الشرائع 2: 10.
(5) كالعلامة في الإرشاد 1: 357، والقواعد: 121 وغيرهما، والشهيد في
الدروس 3: 162 - 163.
(6) راجع الوسائل 12: 90، الباب 17 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 6
و 9، والمستدرك 13: 93، الباب 15 من أبواب ما يكتسب به، الحديث
الأول.
67

وظاهر المبسوط (1) وابن حمزة (2) التحريم مطلقا كبعض الأخبار (3)،
وكلاهما محمولان على المقيد، جمعا.

(1) المبسوط 1: 189.
(2) الوسيلة: 69.
(3) راجع الوسائل 12: 91، الباب 17 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 12.
68

المسألة السادسة والعشرون
الولاية من قبل الجائر - وهي صيرورته واليا على قوم منصوبا
من قبله - محرمة، لأن الوالي من أعظم الأعوان.
ولما تقدم (1) في رواية تحف العقول، من قوله: " وأما وجه الحرام
من الولاية: فولاية الوالي الجائر، وولاية ولاته، فالعمل (2) لهم والكسب
لهم بجهة الولاية معهم حرام محرم، معذب فاعل ذلك على قليل من
فعله أو كثير، لأن كل شئ من جهة المعونة له (3) معصية كبيرة من الكبائر،
وذلك أن في ولاية الوالي الجائر دروس الحق كله، وإحياء الباطل كله،
وإظهار الظلم والجور والفساد، وإبطال الكتب، وقتل الأنبياء،
وهدم المساجد، وتبديل سنة الله وشرائعه، فلذلك حرم العمل معهم
ومعونتهم، والكسب معهم إلا بجهة الضرورة، نظير الضرورة إلى الدم

(1) راجع المكاسب 1: 6 و 7.
(2) كذا في " ش " ومصححة " ن "، وفي غيرهما: والعمل.
(3) في هامش " م ": لهم.
69

والميتة... الخبر " (1).
وفي رواية زياد بن أبي سلمة: " أهون ما يصنع الله عز وجل بمن
تولى لهم عملا، أن يضرب عليه (2) سرادق (3) من نار إلى أن يفرغ الله
من حساب الخلائق (4) " (5).
ثم إن ظاهر الروايات كون الولاية محرمة بنفسها مع قطع النظر
عن ترتب معصية عليها (6) من ظلم الغير، مع أن الولاية عن الجائر
لا تنفك عن المعصية.
وربما كان في بعض الأخبار إشارة إلى كونه من جهة الحرام
الخارجي، ففي صحيحة داود بن زربي، قال: " أخبرني (7) مولى لعلي
ابن الحسين عليه السلام، قال: كنت بالكوفة فقدم أبو عبد الله عليه السلام
الحيرة، فأتيته، فقلت له: جعلت فداك لو كلمت داود بن علي أو
بعض هؤلاء، فأدخل (8) في بعض هذه الولايات، فقال: ما كنت لأفعل،
فانصرفت إلى منزلي فتفكرت (9): ما أحسبه أنه منعني إلا مخافة أن

(1) تحف العقول: 331، والوسائل 12: 55 الباب 2 من أبواب ما يكتسب به.
(2) في غير " ش ": أن يضرب الله عليه.
(3) ما أثبتناه من المصادر الحديثية، وفي النسخ: سرادقا.
(4) في نسخة بدل " ش ": الخلق.
(5) الوسائل 12: 140، الباب 46 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 9.
(6) في النسخ: عليه.
(7) في " ف ": خبرني.
(8) في غير " ن " و " ش ": فأدخلت.
(9) في " ص " والمصدر زيادة: فقلت.
70

أظلم أو أجور، والله لآتينه وأعطينه (1) الطلاق والعتاق والأيمان المغلظة (2)
أن لا أجورن على أحد، ولا أظلمن، ولأعدلن.
قال: فأتيته، فقلت: جعلت فداك إني فكرت في إبائك علي،
وظننت أنك إنما منعتني (3) مخافة أن أظلم أو أجور، وإن كل امرأة لي
طالق، وكل مملوك لي حر (4) إن ظلمت أحدا، أو جرت على أحد (5)،
وإن (6) لم أعدل. قال: فكيف (7) قلت؟ فأعدت عليه الأيمان، فنظر (8)
إلى السماء، وقال: تنال هذه (9) السماء أيسر عليك من ذلك (10) " (11)،
بناء على أن المشار إليه هو العدل، وترك الظلم، ويحتمل أن يكون
هو الترخص في الدخول.

(1) في " ص " والمصدر: ولأعطينه.
(2) في " ف ": الغليظة.
(3) في هامش " ص " والمصدر زيادة: وكرهت ذلك.
(4) في " ش " زيادة: وعلي، وفي الوسائل: وعلي وعلي، وفي الكافي: علي وعلي.
(5) في المصدر ونسخة بدل " ش ": عليه.
(6) كذا في " ف " والمصدر، وفي سائر النسخ: بل إن.
(7) في المصدر: كيف.
(8) في المصدر ونسخة بدل " ش ": فرفع رأسه.
(9) في المصدر ونسخة بدل " ش ": تناول، ولم ترد " هذه " في المصدر.
(10) في غير " ش " زيادة: الخبر.
(11) الكافي 5: 107، الحديث 9، وعنه الوسائل 12: 136، الباب 45 من
أبواب ما يكتسب به، الحديث 4، مع حذف بعض فقراته.
71

ثم إنه يسوغ الولاية المذكورة أمران:
أحدهما - القيام بمصالح العباد، بلا خلاف، على الظاهر المصرح به
في المحكي (1) عن بعض، حيث قال: إن تقلد الأمر من قبل الجائر جائز
إذا تمكن معه من إيصال الحق لمستحقه، بالاجماع والسنة الصحيحة،
وقوله تعالى: * (اجعلني على خزائن الأرض) * (2).
ويدل عليه - قبل الاجماع -: أن الولاية إن كانت محرمة لذاتها،
كان (3) ارتكابها لأجل المصالح ودفع المفاسد التي هي أهم من مفسدة
انسلاك الشخص في أعوان الظلمة بحسب الظاهر، وإن كانت لاستلزامها
الظلم على الغير، فالمفروض عدم تحققه هنا.
ويدل عليه: النبوي الذي رواه الصدوق في حديث المناهي، قال:
" من تولى عرافة قوم أتي به يوم القيامة ويداه مغلولتان إلى عنقه، فإن
قام فيهم بأمر الله تعالى أطلقه الله، وإن كان ظالما يهوى به في نار
جهنم، وبئس المصير " (4).
وعن عقاب الأعمال: " ومن تولى عرافة قوم ولم يحسن فيهم

(1) في " م ": والمحكي.
(2) فقه القرآن، للراوندي 2: 24، (باب المكاسب المحظورة والمكروهة)، والآية
من سورة يوسف: 55.
(3) كذا في النسخ، وفي هامش " ش ": جاز - ظ.
(4) الفقيه 4: 18، ذيل الحديث 4968، والوسائل 12: 136 الباب 45 من
أبواب ما يكتسب به، الحديث 6، وفيهما: هوي به.
72

حبس على شفير جهنم بكل (1) يوم ألف سنة، وحشر ويداه مغلولتان (2)
إلى عنقه، فإن كان (3) قام فيهم بأمر الله أطلقه الله، وإن كان ظالما
هوي به في نار جهنم سبعين خريفا " (4).
ولا يخفى أن العريف - سيما في ذلك الزمان - لا يكون إلا من قبل
الجائر.
وصحيحة زيد الشحام، المحكية عن الأمالي، عن أبي عبد الله عليه السلام:
" من تولى أمرا من أمور الناس فعدل فيهم، وفتح بابه ورفع ستره،
ونظر في أمور الناس، كان حقا على الله أن يؤمن روعته يوم القيامة
ويدخله الجنة " (5).
ورواية زياد بن أبي سلمة عن موسى بن جعفر (6) عليه السلام:
" يا زياد لئن أسقط من شاهق (7) فأتقطع (8) قطعة قطعة أحب إلي من

(1) كذا في " ش " والمصدر، وفي سائر النسخ: لكل.
(2) كذا في النسخ، وفي المصدر: ويده مغلولة.
(3) لم ترد " كان " في " م " و " ش ".
(4) عقاب الأعمال: 288 (باب مجمع عقوبات الأعمال)، والوسائل 12: 137،
الباب 45 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 7.
(5) أمالي الصدوق: 203، المجلس 43، وعنه الوسائل 12: 140، الباب 46 من
أبواب ما يكتسب به، الحديث 7.
(6) كذا في " ش "، وفي غيره: عن الصادق.
(7) كذا في النسخ، وفي الوسائل ونسخة بدل " ش ": حالق، وفي الكافي: جالق.
(8) كذا في " ن "، " ش " والمصدر، وفي سائر النسخ: فانقطع.
73

أن أتولى لأحد منهم (1) عملا أو أطأ بساط رجل منهم، إلا لماذا؟
قلت: لا أدري، جعلت فداك. قال: إلا لتفريج كربة عن مؤمن (2)،
أو فك أسره، أو قضاء دينه " (3).
ورواية علي بن يقطين: " إن لله تبارك وتعالى مع السلطان
أولياء يدفع (4) بهم عن أوليائه " (5).
قال الصدوق (6): وفي خبر آخر: " أولئك عتقاء الله من النار " (7).
قال: وقال الصادق عليه السلام: " كفارة عمل السلطان قضاء حوائج
الإخوان " (8).
وعن المقنع (9): " سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل يحب آل محمد
وهو في ديوان هؤلاء، فيقتل (10) تحت رايتهم، قال: يحشره الله على

(1) كذا في " ف " والمصدر ونسخة بدل " ص "، وفي سائر النسخ: أتولى لهم.
(2) كذا في مصححة " ص " والمصدر، وفي سائر النسخ: كربة مؤمن.
(3) الوسائل 12: 140، الباب 46 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 9.
(4) كذا في " ف " ونسخة بدل " م " والمصدر، وفي سائر النسخ: من يدفع.
(5) الوسائل 12: 139، الباب 46 من أبواب ما يكتسب به، الحديث الأول،
وانظر الفقيه 3: 176، الحديث 3664.
(6) لم ترد " الصدوق " في غير " ن " و " ش ".
(7) الفقيه 3: 176، الحديث 3665، والوسائل 12: 139، الباب 46 من أبواب
ما يكتسب به، الحديث 2.
(8) المصدران السابقان، الفقيه: الحديث 3666، والوسائل: الحديث 3.
(9) في " ف " زيادة: قال.
(10) كذا في " ن " والمصدر، وفي سائر النسخ: يقتل.
74

نيته " (1)... إلى غير ذلك.
وظاهرها إباحة الولاية من حيث هي مع المواساة والإحسان
بالإخوان، فيكون نظير الكذب في الإصلاح.
وربما يظهر من بعضها (2) الاستحباب، وربما يظهر من بعضها أن
الدخول أولا غير جائز إلا أن الإحسان إلى الإخوان كفارة له،
كمرسلة الصدوق المتقدمة.
وفي ذيل رواية زياد بن أبي سلمة المتقدمة: " فإن (3) وليت شيئا
من أعمالهم فأحسن إلى إخوانك يكون (4) واحدة (5) بواحدة " (6).
والأولى أن يقال: إن الولاية الغير المحرمة:
منها: ما يكون (7) مرجوحة، وهي ولاية من (8) تولى لهم لنظام
معاشه قاصدا الإحسان في خلال ذلك إلى المؤمنين ودفع الضر عنهم،
ففي رواية أبي بصير: " ما من جبار إلا ومعه مؤمن يدفع الله به عن

(1) المقنع (الجوامع الفقهية): 31، والوسائل 12: 139، الباب 46 من أبواب
ما يكتسب به، الحديث 6.
(2) كصحيحة زيد الشحام، ورواية علي بن يقطين المتقدمتين.
(3) في " ش ": وإن.
(4) كلمة " يكون " مشطوب عليها في " ص "، ولم ترد في المصدر.
(5) في " ص " والمصدر: فواحدة.
(6) الوسائل 12: 140، الباب 46 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 9.
(7) كذا في النسخ، وهكذا في ما يليه.
(8) كذا في " ش "، وفي سائر النسخ: وهو من.
75

المؤمنين، وهو أقلهم حظا في الآخرة، لصحبة الجبار " (1).
ومنها: ما يكون مستحبة، وهي ولاية من (2) لم يقصد بدخوله
إلا الإحسان إلى المؤمنين، فعن رجال الكشي في ترجمة محمد بن
إسماعيل بن بزيع عن أبي الحسن الرضا عليه السلام: " قال: إن لله تعالى في
أبواب الظلمة من نور الله به البرهان، ومكن له في البلاد، ليدفع (3) بهم
عن أوليائه، ويصلح الله (4) بهم أمور المسلمين، إليهم (5) ملجأ المؤمنين
من الضر (6)، وإليهم مرجع ذوي الحاجة (7) من شيعتنا، بهم يؤمن الله
روعة المؤمنين في دار الظلمة (8)، أولئك المؤمنون حقا، أولئك أمناء (9) الله
في أرضه، أولئك نور الله في رعيته يوم القيامة، ويزهر (10) نورهم لأهل

(1) الوسائل 12: 134، الباب 44 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 4.
(2) كذا في " ش "، وفي سائر النسخ: وهو من.
(3) كذا في " ش " والمصدر، وفي سائر النسخ: فيدفع.
(4) من " ش " والمصدر.
(5) كذا في " ش " والمصدر، وفي سائر النسخ: لأنهم.
(6) كذا في " ش " والمصدر، وفي سائر النسخ: الضرر.
(7) في " ف ": يرجع ذو الحاجة، وفي نسخة بدل " ش " والمصدر: يفزع
ذو الحاجة.
(8) كذا في " ش " والمصدر، وفي سائر النسخ: الظلم.
(9) كذا في " ف " و " ش " والمصدر، وفي سائر النسخ: منار.
(10) كذا في " ش " والمصدر، وفي سائر النسخ: أولئك نور الله في رعيتهم
ويزهر.
76

السماوات كما يزهر نور الكواكب الدرية (1) لأهل الأرض، أولئك من (2)
نورهم يوم القيامة (3) تضئ القيامة (4)، خلقوا - والله - للجنة، وخلقت (5)
الجنة لهم فهنيئا لهم (6)، ما على أحدكم أن لو شاء لنال هذا كله.
قلت: بماذا، جعلت فداك؟ قال: يكون معهم فيسرنا بإدخال السرور
على المؤمنين من شيعتنا (7)، فكن منهم (8) يا محمد " (9).
ومنها: ما يكون واجبة، وهي ما توقف الأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر الواجبان عليه، فإن ما لا يتم الواجب إلا به واجب مع
القدرة.
وربما يظهر من كلمات جماعة عدم الوجوب في هذه الصورة أيضا:
قال في النهاية: تولي الأمر من قبل السلطان العادل جائز

(1) لم ترد " الدرية " في غير " ش " والمصدر، وفي " ف ": يزهر الكواكب
الزهر.
(2) لم ترد " من " في " ش ".
(3) كذا في النسخ، وفي المصدر: نور القيامة.
(4) في " ش ": منه القيامة، وفي المصدر: يضئ منهم يوم القيامة.
(5) كذا في " ش " والمصدر، وفي سائر النسخ: وخلق.
(6) عبارة " فهنيئا لهم " من " ش " والمصدر.
(7) كذا في " ش " والمصدر، وفي سائر النسخ: بإدخال السرور على شيعتنا.
(8) كذا في " ش " والمصدر، وفي سائر النسخ: معهم.
(9) لم نقف عليه في رجال الكشي، ونسبه إليه في الجواهر (22: 161) أيضا،
نعم ورد الحديث في رجال النجاشي: 331، ذيل ترجمة محمد بن إسماعيل
ابن بزيع (رقم 893)، مع اختلاف في بعض الألفاظ.
77

مرغب فيه، وربما بلغ حد الوجوب، لما في ذلك من التمكن من الأمر (1)
بالمعروف والنهي عن المنكر، ووضع الأشياء مواقعها، وأما سلطان الجور،
فمتى علم الإنسان أو غلب على ظنه أنه متى تولى الأمر من قبله،
أمكنه (2) التوصل إلى إقامة الحدود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وقسمة الأخماس والصدقات في أربابها وصلة الإخوان، ولا يكون
[في] (3) جميع ذلك (4) مخلا بواجب، ولا فاعلا لقبيح، فإنه يستحب (5) له
أن يتعرض لتولي الأمر من قبله (6)، انتهى.
وقال في السرائر: وأما السلطان الجائر، فلا يجوز لأحد أن يتولى
شيئا من الأمور مختارا من قبله إلا أن يعلم أو يغلب على ظنه... إلى
آخر عبارة النهاية بعينها (7).
وفي الشرائع: ولو أمن من ذلك - أي اعتماد ما يحرم - وقدر على
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (8) استحبت (9).

(1) كذا في " ف " و " ش " والمصدر، وفي سائر النسخ: من التمكن بالأمر.
(2) كذا في " ف " والمصدر ومصححة " م "، وفي سائر النسخ: أمكن.
(3) من المصدر.
(4) في " ش ": مع ذلك. وكتب في " ص " فوق " جميع ": " مع ".
(5) كذا في المصدر، وفي " ف ": المستحب، وفي " ن "، " خ "، " م "، " ع "
و " ص ": استحب، وفي " ش ": ليستحب.
(6) النهاية: 356.
(7) السرائر 2: 202.
(8) عبارة " والنهي عن المنكر " من " ش " والمصدر.
(9) الشرائع 2: 12.
78

قال في المسالك - بعد أن اعترف أن مقتضى ذلك وجوبها -:
ولعل وجه عدم الوجوب كونه بصورة النائب عن الظالم (1)، وعموم
النهي عن الدخول معهم، وتسويد الاسم في ديوانهم، فإذا لم يبلغ حد
المنع فلا أقل من عدم الوجوب (2).
ولا يخفى ما في ظاهره من الضعف كما اعترف به غير واحد (3)،
لأن الأمر بالمعروف واجب، فإذا لم يبلغ ما ذكره - من كونه بصورة
النائب... إلى آخر ما ذكره - حد المنع، فلا مانع من (4) الوجوب المقدمي
للواجب.
ويمكن توجيهه بأن نفس الولاية قبيح محرم، لأنها توجب إعلاء
كلمة الباطل وتقوية شوكته، فإذا عارضها قبيح آخر وهو ترك الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر، وليس أحدهما أقل قبحا من الآخر،
فللمكلف فعلها، تحصيلا لمصلحة الأمر بالمعروف، وتركها دفعا لمفسدة
تسويد الاسم في ديوانهم الموجب لإعلاء كلمتهم وقوة شوكتهم.
نعم، يمكن الحكم باستحباب اختيار أحدهما لمصلحة لم تبلغ حد
الإلزام حتى يجعل أحدهما أقل قبحا، ليصير واجبا.
والحاصل: أن جواز الفعل والترك هنا ليس من باب عدم جريان

(1) لم ترد " عن الظالم " في " ف ".
(2) المسالك 3: 138 - 139.
(3) منهم صاحب المسالك نفسه، حيث قال بعد التوجيه المذكور: " ولا يخفى
ما في هذا التوجيه "، والسيد المجاهد في المناهل: 316.
(4) في " ف ": عن.
79

دليل قبح الولاية، وتخصيص دليله بغير هذه الصورة (1)، بل من باب
مزاحمة قبحها بقبح ترك الأمر بالمعروف، فللمكلف ملاحظة كل منهما
والعمل بمقتضاه، نظير تزاحم الحقين في غير هذا (2) المقام. هذا ما (3)
أشار إليه الشهيد بقوله: لعموم النهي... الخ (4).
وفي الكفاية: أن الوجوب في ما نحن فيه حسن لو ثبت كون
وجوب الأمر بالمعروف مطلقا غير مشروط بالقدرة، فيجب عليه
تحصيلها من باب المقدمة، وليس بثابت (5).
وهو ضعيف، لأن عدم ثبوت اشتراط الوجوب بالقدرة الحالية
العرفية كاف، مع إطلاق أدلة الأمر بالمعروف السالم عن التقييد بما عدا
القدرة العقلية المفروضة في المقام.
نعم، ربما يتوهم انصراف الإطلاقات الواردة (6) إلى القدرة
العرفية الغير المحققة في المقام، لكنه تشكيك ابتدائي لا يضر
بالإطلاقات.
وأضعف منه ما ذكره بعض (7) - بعد الاعتراض على ما في المسالك

(1) في " ش " زيادة: الخ.
(2) لم ترد " هذا " في " ف ".
(3) في " ف ": كما.
(4) تقدم في الصفحة السابقة بلفظ: " وعموم النهي ".
(5) الكفاية: 88.
(6) لم ترد " الواردة " في " ف ".
(7) هو صاحب الجواهر.
80

بقوله: ولا يخفى ما فيه - قال: ويمكن توجيه (1) عدم الوجوب بتعارض
ما دل على وجوب الأمر بالمعروف، وما دل على حرمة الولاية عن
الجائر، بناء على حرمتها في ذاتها، والنسبة عموم من وجه، فيجمع
بينهما (2) بالتخيير المقتضي للجواز، رفعا (3) لقيد المنع من الترك من أدلة
الوجوب، وقيد المنع من (4) الفعل من أدلة الحرمة.
وأما الاستحباب فيستفاد حينئذ من ظهور الترغيب فيه في (5)
خبر محمد بن إسماعيل (6) وغيره (7)، الذي هو أيضا شاهد للجمع،
خصوصا بعد الاعتضاد بفتوى المشهور، وبذلك يرتفع إشكال عدم
معقولية الجواز بالمعنى الأخص في مقدمة الواجب، ضرورة ارتفاع (8)
الوجوب للمعارضة، إذ عدم (9) المعقولية مسلم في ما لم يعارض فيه

(1) كذا في " ف " و " ش "، وفي سائر النسخ: تقوية، وفي نسخة بدلها:
توجيه.
(2) في غير " ف " و " ن ": ما بينهما.
(3) كذا في " ف " و " خ " والمصدر ومصححة " ن "، وفي سائر النسخ: دفعا.
(4) في " ف ": عن.
(5) كذا في " ش " والمصدر، وفي سائر النسخ: فيستفاد من خبر... الخ.
(6) المتقدم في الصفحة 76.
(7) كصحيحة زيد الشحام، المتقدمة في الصفحة 73، ورواية علي بن يقطين،
المتقدمة في الصفحة 74.
(8) في " ف "، " ن "، " خ "، " م " و " ع ": ضرورة أن ارتفاع.
(9) كذا في " ش " ومصححة " ص " و " ن "، وفي سائر النسخ: أو عدم.
81

مقتضى الوجوب (1)، انتهى.
وفيه: أن الحكم في التعارض بالعموم من وجه هو التوقف
والرجوع إلى الأصول لا التخيير، كما قرر في محله (2)، ومقتضاها إباحة
الولاية، للأصل، ووجوب الأمر بالمعروف، لاستقلال العقل به كما ثبت
في بابه.
ثم على تقدير الحكم بالتخيير، فالتخيير الذي يصار إليه عند
تعارض الوجوب والتحريم هو التخيير الظاهري، وهو الأخذ بأحدهما
بالتزام الفعل أو الترك، لا التخيير الواقعي.
ثم المتعارضان بالعموم من وجه، لا يمكن إلغاء ظاهر كل منهما
مطلقا، بل (3) بالنسبة إلى مادة الاجتماع، لوجوب إبقائهما على ظاهرهما
في مادتي الافتراق، فيلزم (4) استعمال كل من الأمر والنهي في أدلة الأمر
بالمعروف، والنهي عن الولاية (5)، في الإلزام والإباحة.
ثم دليل الاستحباب أخص - لا محالة - من أدلة التحريم،
فتخصص به، فلا ينظر بعد ذلك في أدلة (6) التحريم، بل لا بد بعد ذلك

(1) راجع الجواهر 22: 164.
(2) انظر فرائد الأصول: 757 و 762.
(3) عبارة " مطلقا، بل " من " ش " فقط، ولم ترد في سائر النسخ.
(4) كذا في " ف "، وفي غيره: فيلزمك.
(5) كذا في " ف "، " ن " و " ش " ومصححة " ع " ونسخة بدل " خ " و " ص "،
وفي سائر النسخ: عن المنكر.
(6) في " ف ": فلا ينظر إلى أدلة.
82

من ملاحظة النسبة بينه وبين أدلة وجوب الأمر بالمعروف.
ومن المعلوم المقرر في غير مقام (1) أن دليل استحباب الشئ الذي
قد يكون مقدمة لواجب (2) لا يعارض (3) أدلة وجوب ذلك الواجب،
فلا وجه لجعله شاهدا على الخروج عن مقتضاها، لأن دليل الاستحباب
مسوق لبيان حكم الشئ في نفسه، مع قطع النظر عن الملزمات (4)
العرضية، كصيرورته مقدمة لواجب أو مأمورا به لمن يجب إطاعته،
أو منذورا وشبهه.
فالأحسن في توجيه كلام من عبر بالجواز (5) مع التمكن من الأمر
بالمعروف (6): إرادة الجواز بالمعنى الأعم.
وأما من عبر بالاستحباب (7)، فظاهره إرادة الاستحباب العيني
الذي لا ينافي الوجوب الكفائي، لأجل الأمر بالمعروف الواجب كفاية،
نظير قولهم: يستحب تولي القضاء لمن يثق من نفسه (8)، مع أنه واجب

(1) في " ص ": المقام.
(2) في " م "، " ع " و " ص ": الواجب.
(3) كذا في " ن "، وفي غيره: لا تعارض.
(4) كذا في " ش " ومصححة " ن "، وفي سائر النسخ: الملزومات.
(5) كذا في " ص " و " ش "، وفي سائر النسخ: الجواز.
(6) كالعلامة في القواعد 1: 122.
(7) كالمحقق في الشرائع 2: 12.
(8) قاله المحقق في الشرائع 4: 68، والعلامة في التحرير 2: 179، والقواعد
2: 201، والمحقق السبزواري في الكفاية: 262، وغيرهم.
83

كفائي (1)، أو يقال: إن مورد كلامهم ما إذا لم يكن هنا معروف متروك
يجب فعلا الأمر به، أو منكر مفعول يجب النهي عنه كذلك، بل يعلم
بحسب العادة تحقق مورد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعد ذلك،
ومن المعلوم أنه لا يجب تحصيل مقدمتهما قبل تحقق موردهما، خصوصا
مع عدم العلم بزمان تحققه.
وكيف كان، فلا إشكال في وجوب تحصيل الولاية إذا كان هناك
معروف متروك، أو منكر مركوب، يجب فعلا الأمر بالأول، والنهي عن
الثاني.

(1) وردت هذه العبارة في النسخ بصور مختلفة، وما أثبتناه مطابق ل‍ " ف "
ومصححة " م ".
ووردت العبارة في " ش " هكذا: ومن عبر بالاستحباب فظاهره إرادة
الاستحباب العيني الذي لا ينافي الوجوب الكفائي، نظير قولهم: يستحب تولي
القضاء لمن يثق من نفسه، مع أنه واجب كفائي، لأجل الأمر بالمعروف الواجب
كفاية.
وفي " م "، " خ "، " ع " و " ص " كما يلي: وأما من عبر بالاستحباب - نظير
قولهم: يستحب تولي القضاء لمن يثق من نفسه، مع أنه واجب كفائي - إرادة
الاستحباب العيني الذي لا ينافي الوجوب الكفائي، لأجل الأمر بالمعروف
الواجب كفاية.
ووردت في " ن " نفس هذه العبارة بزيادة كلمة: " فظاهره " قبل كلمة:
" إرادة ".
84

الثاني مما يسوغ الولاية - الإكراه عليه بالتوعيد (1) على تركها من
الجائر بما يوجب ضررا بدنيا أو ماليا عليه، أو على من يتعلق به
بحيث يعد الإضرار به إضرارا به، ويكون تحمل الضرر عليه شاقا على
النفس كالأب والولد ومن جرى مجراهما.
وهذا مما لا إشكال في تسويغه ارتكاب الولاية المحرمة في نفسها،
لعموم قوله تعالى: * (إلا أن تتقوا منهم تقية) * في الاستثناء عن عموم
* (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء) * (2).
والنبوي: " رفع عن أمتي ما أكرهوا عليه " (3).
وقولهم عليهم السلام: " التقية في كل ضرورة " (4).
و " ما من شئ إلا وقد أحله الله لمن اضطر إليه " (5).
إلى غير ذلك مما لا يحصى كثرة من العمومات وما يختص
بالمقام (6).

(1) في " ف " و " ن ": بالوعيد.
(2) آل عمران: 28.
(3) الوسائل 11: 295، الباب 56 من أبواب جهاد النفس، الحديث 1 و 2.
(4) الوسائل 11: 468 و 469، الباب 25 من أبواب النهي والأمر، الحديث 1 و 8.
(5) الوسائل 4: 690، الباب الأول من أبواب القيام، الأحاديث 6 و 7.
(6) راجع الوسائل 12: 145، الباب 48 من أبواب ما يكتسب به.
85

وينبغي التنبيه على أمور:
الأول
أنه كما يباح بالإكراه نفس الولاية المحرمة، كذلك يباح به
ما يلزمها من المحرمات الأخر وما يتفق في خلالها، مما يصدر الأمر به
من السلطان الجائر، ما عدا إراقة الدم إذا لم يمكن التفصي عنه،
ولا إشكال في ذلك،
إنما الإشكال في أن ما يرجع إلى الإضرار بالغير
- من نهب الأموال وهتك الأعراض، وغير ذلك من العظائم -
هل يباح (1) كل ذلك بالإكراه ولو كان الضرر المتوعد به على ترك
المكره عليه أقل بمراتب من الضرر المكره عليه (2)، كما إذا خاف
على عرضه من كلمة خشنة لا تليق به (3)، فهل يباح بذلك أعراض
الناس وأموالهم ولو بلغت ما بلغت كثرة وعظمة، أم لا بد من ملاحظة
الضررين والترجيح بينهما؟ وجهان:
من إطلاق أدلة الإكراه، وأن الضرورات تبيح المحظورات (4).
ومن أن المستفاد من أدلة الإكراه تشريعه لدفع الضرر، فلا يجوز (5)
دفع الضرر بالإضرار بالغير ولو كان ضرر الغير أدون، فضلا عن أن

(1) في النسخ: تباح.
(2) شطب في " ف " على كلمة: " عليه ".
(3) كذا في " ن "، وفي سائر النسخ: لا يليق به.
(4) المتقدمة في الصفحة 85.
(5) في " ف ": ولا يجوز.
86

يكون أعظم.
وإن شئت قلت: إن حديث رفع الإكراه ورفع الاضطرار، مسوق
للامتنان على جنس الأمة، ولا حسن في الامتنان على بعضهم بترخيصه
في الإضرار بالبعض الآخر، فإذا توقف دفع الضرر عن نفسه على
الإضرار (1) بالغير لم يجز ووجب تحمل الضرر.
هذا، ولكن الأقوى هو الأول، لعموم دليل نفي الإكراه لجميع
المحرمات حتى الإضرار بالغير ما لم يبلغ الدم، وعموم نفي الحرج (2)،
فإن إلزام الغير تحمل الضرر وترك ما أكره عليه حرج.
وقوله عليه السلام: " إنما جعلت التقية لتحقن بها (3) الدماء، فإذا بلغ الدم
فلا تقية " (4)، حيث إنه دل على أن حد التقية بلوغ الدم، فتشرع
لما عداه.
وأما ما ذكر من استفادة كون نفي الإكراه لدفع الضرر، فهو
مسلم، بمعنى دفع توجه الضرر وحدوث مقتضيه، لا بمعنى دفع الضرر
المتوجه بعد حصول مقتضيه.
بيان ذلك: أنه إذا توجه الضرر إلى شخص بمعنى حصول
مقتضيه، فدفعه عنه بالإضرار بغيره غير لازم، بل غير جائز في الجملة،
فإذا توجه ضرر على المكلف بإجباره على مال (5) وفرض أن نهب

(1) في غير " ش ": بالاضرار.
(2) المستفاد من قوله تعالى: * (ما جعل عليكم في الدين من حرج) * الحج: 78.
(3) في النسخ: به.
(4) الوسائل 11: 483، الباب 31 من أبواب الأمر والنهي.
(5) لم ترد " بإجباره على مال " في " ف ".
87

مال الغير دافع له، فلا يجوز للمجبور نهب مال غيره لدفع الجبر (1)
عن نفسه، وكذلك إذا أكره على نهب مال غيره، فلا يجب تحمل الضرر
بترك النهب لدفع الضرر المتوجه إلى الغير.
وتوهم أنه كما يسوغ النهب في الثاني لكونه مكرها عليه فيرتفع حرمته،
كذلك يسوغ في الأول لكونه مضطرا إليه، ألا ترى أنه لو توقف دفع الضرر
على محرم آخر غير الإضرار بالغير كالإفطار في شهر رمضان أو ترك
الصلاة أو غيرهما، ساغ له ذلك المحرم، وبعبارة أخرى: الإضرار بالغير
من المحرمات، فكما يرتفع حرمته بالإكراه كذلك ترتفع بالاضطرار،
لأن نسبة الرفع إلى " ما أكرهوا عليه " و " ما اضطروا إليه " على حد سواء،
مدفوع: بالفرق بين المثالين في الصغرى بعد اشتراكهما في الكبرى المتقدمة
- وهي أن الضرر المتوجه إلى شخص لا يجب دفعه بالإضرار بغيره -
بأن الضرر في الأول متوجه إلى نفس الشخص، فدفعه عن نفسه
بالإضرار بالغير غير جائز، وعموم رفع ما اضطروا إليه لا يشمل
الإضرار بالغير المضطر إليه، لأنه مسوق للامتنان على الأمة، فترخيص
بعضهم في الإضرار بالآخر لدفع الضرر عن نفسه وصرف الضرر (2)
إلى غيره، مناف للامتنان، بل يشبه الترجيح بلا مرجح، فعموم
" ما اضطروا إليه " في حديث الرفع مختص بغير الإضرار بالغير من
المحرمات.
وأما الثاني: فالضرر فيه أولا وبالذات متوجه إلى الغير بحسب

(1) في نسخة بدل " ش ": الضرر.
(2) في غير " ش " زيادة: عن نفسه.
88

إلزام المكره - بالكسر - وإرادته (1) الحتمية، والمكره - بالفتح - وإن كان
مباشرا إلا أنه ضعيف لا ينسب إليه توجيه الضرر إلى الغير حتى
يقال: إنه أضر بالغير لئلا يتضرر نفسه.
نعم، لو تحمل الضرر ولم يضر بالغير فقد صرف الضرر عن
الغير إلى نفسه عرفا، لكن الشارع لم يوجب هذا، والامتنان بهذا على
بعض الأمة لا قبح فيه، كما أنه لو أراد ثالث الإضرار بالغير لم يجب
على الغير تحمل الضرر وصرفه عنه إلى نفسه.
هذا كله، مع أن أدلة نفي الحرج (2) كافية في الفرق بين المقامين،
فإنه لا حرج في أن لا يرخص الشارع دفع (3) الضرر عن أحد
بالإضرار بغيره، بخلاف ما لو ألزم الشارع الإضرار على نفسه لدفع
الضرر المتوجه إلى الغير، فإنه حرج قطعا.

(1) في " ن "، " م " و " ع ": وإرادة.
(2) من الكتاب قوله تعالى: * (وما جعل عليكم في الدين من حرج) * الحج:
78، ومن السنة ما ورد في الوسائل 10: 14، الباب 39 من أبواب الذبح،
الحديث 4 و 6، وغير ذلك.
(3) في " ش ": في دفع.
89

الثاني
أن الإكراه يتحقق بالتوعد بالضرر على ترك المكره عليه، ضررا
متعلقا بنفسه أو ماله أو عرضه أو بأهله، ممن يكون ضرره راجعا
إلى تضرره وتألمه، وأما إذا لم يترتب على ترك المكره عليه إلا الضرر
على بعض المؤمنين ممن يعد أجنبيا من المكره - بالفتح - فالظاهر أنه
لا يعد ذلك إكراها عرفا، إذ لا خوف له يحمله على فعل ما أمر به.
وبما ذكرنا - من اختصاص الإكراه بصورة خوف لحوق الضرر
بالمكره نفسه، أو بمن يجري مجراه كالأب والولد - صرح في الشرائع (1)
والتحرير (2) والروضة (3) وغيرها (4).
نعم، لو خاف على بعض المؤمنين جاز له قبول الولاية المحرمة، بل
غيرها من المحرمات الإلهية التي أعظمها التبري من أئمة الدين صلوات الله عليهم أجمعين،
لقيام الدليل على وجوب مراعاة المؤمنين وعدم تعريضهم للضرر، مثل
ما في الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام: قال: " ولئن تبرأ (5) منا
ساعة بلسانك وأنت موال لنا بجنانك لتبقي على نفسك روحها التي بها (6)

(1) الشرائع 3: 13.
(2) التحرير 2: 51.
(3) الروضة البهية 6: 19.
(4) كنهاية المرام 2: 11، والحدائق 25: 159، والرياض 2: 169.
(5) في المصدر: ولئن تبرأت.
(6) كذا في " ص " والمصدر، وفي سائر النسخ: الذي هو.
90

قوامها، ومالها الذي بها قيامها (1)، وجاهها الذي به تمسكها (2)، وتصون
من عرف بذلك من أوليائنا وإخوانك (3)، فإن ذلك أفضل من أن
تتعرض للهلاك، وتنقطع به عن عملك في الدين (4) وصلاح إخوانك
المؤمنين.
وإياك ثم إياك أن تترك التقية التي أمرتك بها، فإنك شائط
بدمك ودماء إخوانك، معرض بنعمتك ونعمهم (5) للزوال، مذل لهم في
أيدي أعداء دين الله، وقد أمرك الله (6) بإعزازهم، فإنك إن خالفت
وصيتي كان ضررك على إخوانك ونفسك (7) أشد من ضرر الناصب لنا،
الكافر بنا... الحديث " (8).
لكن لا يخفى أنه لا يباح بهذا النحو من التقية الإضرار بالغير،
لعدم شمول أدلة الإكراه لهذا، لما عرفت من عدم تحققه مع عدم لحوق
ضرر بالمكره ولا بمن يتعلق به، وعدم جريان أدلة نفي الحرج، إذ
لا حرج على المأمور، لأن المفروض تساوي من أمر بالإضرار به ومن

(1) كذا في " ص " والمصدر، وفي سائر النسخ: نظامها.
(2) في المصدر: تماسكها.
(3) في المصدر ونسخة بدل " ص ": إخواننا.
(4) في المصدر: عمل الدين.
(5) كذا في " ن " والمصدر، وفي سائر النسخ: نعمتهم.
(6) لفظة الجلالة من " ص " والمصدر.
(7) في " ص " والمصدر: نفسك وإخوانك.
(8) الإحتجاج 1: 355، ضمن حديث طويل، وعنه الوسائل 11: 479، الباب
29 من أبواب الأمر والنهي، الحديث 11.
91

يتضرر بترك هذا الأمر، من حيث النسبة إلى المأمور (1)، مثلا لو أمر
الشخص بنهب مال مؤمن، ولا يترتب على مخالفة المأمور به إلا نهب
مال مؤمن آخر، فلا حرج حينئذ في تحريم نهب مال الأول، بل
تسويغه لدفع النهب عن الثاني قبيح، بملاحظة ما علم من الرواية
المتقدمة من الغرض في التقية، خصوصا مع كون المال المنهوب للأول
أعظم بمراتب، فإنه يشبه بمن فر من المطر إلى الميزاب، بل اللازم في
هذا المقام عدم جواز الإضرار بمؤمن ولو لدفع الضرر الأعظم عن (2)
غيره. نعم، إلا لدفع ضرر النفس في وجه، مع ضمان ذلك الضرر.
وبما ذكرنا ظهر: أن إطلاق جماعة (3) لتسويغ ما عدا الدم من
المحرمات بترتب ضرر مخالفة المكره عليه على نفس المكره وعلى أهله
أو على الأجانب من المؤمنين، لا يخلو من (4) بحث، إلا أن يريدوا
الخوف على خصوص نفس بعض المؤمنين، فلا إشكال في تسويغه
لما عدا الدم من المحرمات، إذ لا يعادل (5) نفس المؤمن شئ، فتأمل.
قال في القواعد: وتحرم الولاية من الجائر إلا مع (6) التمكن من

(1) في " ف ": المأمور به.
(2) في غير " ف ": من.
(3) راجع التحرير 1: 163، والشرائع 2: 12، والدروس 3: 174، والرياض
1: 510.
(4) في " ف ": عن.
(5) في النسخ: تعادل.
(6) في " خ "، " ع "، " ص " و " ش " زيادة: عدم.
92

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو مع الإكراه بالخوف على النفس
أو المال أو الأهل، أو على بعض المؤمنين، فيجوز (1) ائتمار (2) ما يأمره
إلا القتل (3)، انتهى.
ولو أراد ب‍ " الخوف على بعض المؤمنين " الخوف على أنفسهم دون
أموالهم وأعراضهم، لم يخالف ما ذكرنا، وقد شرح العبارة بذلك بعض
الأساطين، فقال: إلا مع الإكراه بالخوف على النفس من تلف أو ضرر
في البدن، أو المال المضر بالحال من تلف أو حجب، أو العرض من
جهة النفس أو الأهل، أو الخوف فيما عدا الوسط على بعض المؤمنين،
فيجوز حينئذ ائتمار ما يأمره (4)، انتهى.
ومراده ب‍ " ما عدا الوسط " الخوف على نفس بعض المؤمنين
وأهله.
وكيف كان، فهنا عنوانان: الإكراه، ودفع الضرر المخوف عن نفسه
وعن غيره من المؤمنين من دون إكراه.
والأول يباح به كل محرم (5).
والثاني إن كان متعلقا بالنفس جاز له كل محرم حتى الإضرار
المالي بالغير، لكن الأقوى استقرار (6) الضمان عليه إذا تحقق سببه، لعدم

(1) لم ترد " فيجوز " في " ف ".
(2) في " ف " والمصدر: اعتماد.
(3) القواعد 1: 122.
(4) شرح القواعد (مخطوط): الورقة 36.
(5) في " ن " زيادة: إلا القتل.
(6) لم ترد " استقرار " في " ف ".
93

الإكراه المانع عن الضمان، أو استقراره. وأما الإضرار بالعرض بالزنا
ونحوه، ففيه تأمل، ولا يبعد ترجيح النفس عليه.
وإن كان متعلقا بالمال، فلا يسوغ معه الإضرار بالغير أصلا حتى
في اليسير من المال، فإذا توقف دفع السبع عن فرسه بتعريض حمار
غيره للافتراس لم يجز.
وإن كان متعلقا بالعرض، ففي جواز الإضرار بالمال مع الضمان
أو العرض الأخف من العرض المدفوع عنه، تأمل.
وأما الإضرار بالنفس، أو العرض الأعظم، فلا يجوز بلا إشكال.
هذا، وقد وقع في كلام بعض تفسير الإكراه بما يعم لحوق الضرر.
قال في المسالك: ضابط الإكراه المسوغ للولاية: الخوف على النفس
أو المال أو العرض عليه، أو على بعض المؤمنين (1)، انتهى.
ويمكن أن يريد بالإكراه مطلق المسوغ للولاية، لكن صار هذا
التعبير منه رحمه الله منشأ لتخيل غير واحد (2) أن الإكراه المجوز لجميع
المحرمات هو بهذا المعنى.

(1) المسالك 3: 139.
(2) انظر الرياض 1: 510، والمستند 2: 351، والجواهر 22: 168 وغيرها.
94

الثالث
أنه قد ذكر بعض مشايخنا المعاصرين (1): أنه يظهر من الأصحاب
أن (2) في اعتبار عدم القدرة على التفصي من المكره عليه وعدمه،
أقوالا، ثالثها: التفصيل بين الإكراه على نفس الولاية المحرمة فلا يعتبر،
وبين غيرها من المحرمات فيعتبر فيه العجز عن التفصي.
والذي يظهر من ملاحظة كلماتهم في باب الإكراه: عدم الخلاف
في اعتبار العجز عن التفصي إذا لم يكن حرجا ولم يتوقف على ضرر،
كما إذا أكره على أخذ المال من مؤمن، فيظهر أنه أخذ المال وجعله
في بيت المال، مع عدم أخذه واقعا، أو أخذه جهرا ثم رده إليه سرا
كما كان يفعله ابن يقطين، وكما إذا أمره بحبس مؤمن فيدخله في دار
واسعة من دون قيد، ويحسن ضيافته ويظهر أنه حبسه وشدد عليه.
وكذا لا خلاف في أنه لا يعتبر العجز عن التفصي إذا كان فيه
ضرر كثير، وكأن منشأ زعم الخلاف ما ذكره في المسالك في شرح
عبارة الشرائع مستظهرا منه خلاف ما اعتمد عليه (3).

(1) لعل المراد به السيد المجاهد، لكنه لم يسند الأقوال الثلاثة إلى ظاهر
الأصحاب، بل قال - بعد طرح المسألة -: " فيه أقوال - إلى أن قال: - الثاني:
ما استظهره في المصابيح من كلام بعض الأصحاب من التفرقة بين التولية وفعل
المحرم... " انظر المناهل: 318، وانظر المصابيح (مخطوط): 53.
(2) لم ترد " أن " في " ف "، " ن "، " خ "، " م " و " ع ".
(3) راجع المسالك 3: 139.
95

قال في الشرائع - بعد الحكم بجواز الدخول في الولاية، دفعا
للضرر اليسير مع الكراهة والكثير بدونها -: إذا أكرهه الجائر على
الولاية جاز له الدخول والعمل بما يأمره (1) مع عدم القدرة على التفصي
منه (2) (3)، انتهى.
قال في المسالك ما ملخصه: إن المصنف قدس سره ذكر في هذه المسألة
شرطين: الإكراه، والعجز عن التفصي، وهما متغايران، والثاني أخص.
والظاهر أن مشروطهما (4) مختلف، فالأول شرط لأصل قبول الولاية،
والثاني شرط للعمل بما يأمره.
ثم فرع عليه: أن الولاية إن أخذت مجردة عن الأمر بالمحرم
فلا يشترط في جوازه الإكراه، وأما العمل بما يأمره من المحرمات
فمشروط بالإكراه خاصة (5)، ولا يشترط فيه الإلجاء إليه (6) بحيث لا يقدر
على خلافه، وقد صرح به الأصحاب في كتبهم، فاشتراط (7) العجز عن
التفصي غير واضح، إلا أن يريد به أصل الاكراه - إلى أن قال: - إن

(1) كذا في " ش " والمصدر ومصححة " م "، وفي " ف "، " ن "، " خ "، " م "
و " ع ": واعتماد ما يأمره، وفي " ص ": وائتمار ما يأمره.
(2) في " ش " زيادة ما يلي: إلا في الدماء المحرمة، فإنه لا تقية فيها.
(3) الشرائع 2: 12.
(4) في " ع " و " ص " وظاهر " م ": شروطهما.
(5) في " ف " ومصححة " م " ونسخة بدل " ع ": بإكراه صاحبه.
(6) في " ف "، " خ "، " م "، " ع " و " ص ": فيه.
(7) في " ف "، " م "، " ع " و " ص ": واشتراط.
96

الإكراه مسوغ لامتثال ما يؤمر به وإن قدر على المخالفة مع خوف
الضرر (1)، انتهى موضع الحاجة من كلامه.
أقول: لا يخفى على المتأمل أن المحقق رحمه الله لم يعتبر شرطا زائدا
على الإكراه، إلا أن الجائر إذا أمر الوالي بأعمال محرمة في ولايته
- كما هو الغالب - وأمكن في بعضها المخالفة واقعا ودعوى الامتثال
ظاهرا كما مثلنا لك سابقا (2)، قيد امتثال ما يؤمر به بصورة العجز عن
التفصي.
وكيف كان، فعبارة الشرائع واقعة على طبق المتعارف من تولية
الولاة وأمرهم في ولايتهم بأوامر كثيرة يمكنهم التفصي عن بعضها،
وليس المراد بالتفصي المخالفة مع تحمل الضرر، كما لا يخفى.
ومما ذكرنا يظهر فساد ما ذكره (3) من نسبة الخلاف (4) المتقدم إلى
الأصحاب من أنه على القول باعتبار العجز عن التفصي لو توقف
المخالفة على بذل مال كثير لزم على هذا القول، ثم قال: وهو أحوط،
بل وأقرب (5).

(1) راجع المسالك 3: 139 - 140.
(2) في الصفحة 95.
(3) أي صاحب المناهل في أول هذا التنبيه، فإنه وإن لم يصرح بوجود الخلاف،
لكن مجرد ذكر أقوال ثلاثة في المسألة دال عليه.
(4) في " ش ": من نسب عدم الخلاف.
(5) المناهل: 318.
97

الرابع
أن قبول الولاية مع الضرر المالي الذي لا يضر بالحال رخصة،
لا عزيمة، فيجوز تحمل الضرر المذكور، لأن الناس مسلطون على
أموالهم، بل ربما يستحب تحمل ذلك الضرر للفرار عن تقوية شوكتهم.
الخامس
لا يباح بالإكراه قتل المؤمن ولو توعد على تركه بالقتل إجماعا،
على الظاهر المصرح به في بعض الكتب (1)، وإن كان مقتضى عموم نفي
الإكراه والحرج الجواز، إلا أنه قد صح عن (2) الصادقين صلوات الله عليهما أنه:
" إنما شرعت التقية ليحقن بها الدم، فإذا بلغت الدم فلا تقية " (3).
ومقتضى العموم أنه (4) لا فرق بين أفراد المؤمنين من حيث الصغر
والكبر، والذكورة والأنوثة، والعلم والجهل، والحر والعبد وغير ذلك.
ولو كان المؤمن مستحقا للقتل لحد ففي العموم وجهان: من
إطلاق قولهم: " لا تقية في الدماء "، ومن أن المستفاد من قوله عليه السلام:
" ليحقن بها الدم (5) فإذا بلغ الدم فلا تقية " أن المراد الدم المحقون دون

(1) صرح به في: الرياض 1: 510، والجواهر 22: 169.
(2) كذا في " ف "، وفي سائر النسخ: من.
(3) الوسائل 11: 483، الباب 31 من أبواب الأمر والنهي، الحديث 1 و 2.
(4) في غير " ش ": أن.
(5) في غير " ش ": به الدماء.
98

المأمور بإهراقه، وظاهر المشهور الأول.
وأما المستحق للقتل قصاصا فهو محقون الدم بالنسبة إلى غير ولي
الدم.
ومما ذكرنا يظهر سكوت الروايتين عن حكم دماء أهل الخلاف،
لأن التقية إنما شرعت لحقن دماء الشيعة، فحدها بلوغ دمهم، لا دم
غيرهم.
وبعبارة أخرى: محصل (1) الرواية لزوم نقض الغرض من تشريع
التقية في إهراق الدماء، لأنها شرعت لحقنها فلا يشرع لأجلها إهراقها.
ومن المعلوم أنه إذا أكره المؤمن على قتل مخالف فلا يلزم من شرعية
التقية في قتله إهراق ما شرع التقية لحقنه.
هذا كله في غير الناصب، وأما الناصب فليس محقون الدم، وإنما
منع منه حدوث الفتنة، فلا إشكال في مشروعية قتله للتقية.
ومما ذكرنا يعلم حكم دم الذمي وشرعية التقية في إهراقه.
وبالجملة، فكل دم غير محترم (2) بالذات عند الشارع خارج عن
مورد الروايتين، فحكم إهراقه حكم سائر المحرمات التي شرعت التقية
فيها.
بقي الكلام في أن الدم يشمل (3) الجرح وقطع الأعضاء، أو يختص

(1) كذا في " ف "، " خ "، " ص "، " ش " ونسخة بدل " ع " و " ن " ومصححة
" م "، وفي " ن "، " م " و " ع " ونسخة بدل " خ ": محل.
(2) في " ن "، " خ " و " ع " وظاهر " ف ": محرم.
(3) في " ف ": يشتمل.
99

بالقتل؟ وجهان:
من إطلاق الدم، وهو المحكي عن الشيخ (1).
ومن عمومات التقية ونفي الحرج والإكراه، وظهور الدم المتصف
بالحقن في الدم المبقي للروح، وهو المحكي (2) عن الروضة (3) والمصابيح (4)
والرياض (5)، ولا يخلو عن قوة.

(1) حكاه الشهيد الثاني في المسالك 3: 141، فقال: " وبه صرح الشيخ رحمه الله
في الكلام "، انظر كتاب الإقتصاد: 240.
(2) حكاه السيد المجاهد في المناهل: 317.
(3) الروضة البهية 2: 420.
(4) المصابيح (مخطوط): 52.
(5) الرياض 1: 510.
100

خاتمة
في ما ينبغي للوالي العمل به في نفسه وفي رعيته
روى شيخنا الشهيد الثاني رحمه الله في رسالته المسماة بكشف الريبة
عن أحكام الغيبة، بإسناده عن شيخ الطائفة، عن مفيدها (1)، عن جعفر
ابن محمد (2) بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن
محمد بن عيسى عن أبيه محمد بن عيسى (3) الأشعري، عن عبد الله بن
سليمان النوفلي، قال:
كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فإذا بمولى لعبد الله النجاشي
قد (4) ورد عليه فسلم (5) وأوصل إليه كتابا، ففضه وقرأه، فإذا أول سطر
فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم، أطال الله تعالى (6) بقاء سيدي، وجعلني

(1) كذا في " ف " ومصححة " ن "، وفي " ش ": المفيد، وفي سائر النسخ: مفيد.
(2) عبارة " جعفر بن محمد " من " ش " والمصدر.
(3) عبارة " عن أبيه محمد بن عيسى " من " ش " والمصدر ومصححة " ص ".
(4) كلمة " قد " من " ش " والمصدر ومصححة " ص ".
(5) في " ف "، " ن "، " خ "، " م " و " ع ": وسلم.
(6) كلمة " تعالى " من " ص " والمصدر.
101

من كل سوء فداه، ولا أراني فيه مكروها، فإنه ولي ذلك والقادر عليه.
اعلم سيدي ومولاي (1)، أني بليت بولاية الأهواز، فإن رأى
سيدي ومولاي أن يحد لي حدا، ويمثل (2) لي مثالا لأستدل (3) به على
ما يقربني إلى الله عز وجل وإلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ويلخص (4) في كتابه
ما يرى لي العمل به، وفي ما أبذله (5)، وأين أضع زكاتي، وفي من
أصرفها (6)، وبمن آنس، وإلى من أستريح، وبمن أثق وآمن وألجأ إليه في
سري، فعسى أن يخلصني الله تعالى بهدايتك وولايتك (7)، فإنك حجة
الله على خلقه وأمينه في بلاده، لا (8) زالت نعمته عليك.
قال عبد الله بن سليمان، فأجابه أبو عبد الله عليه السلام:
بسم الله الرحمن الرحيم (9)، حاطك (10) الله بصنعه، ولطف بك
بمنه، وكلأك برعايته، فإنه ولي ذلك.

(1) كلمة " ومولاي " من " ش " والمصدر.
(2) في " خ " و " ص " والوسائل: أو يمثل.
(3) كذا في " ش " وهامش " ص " والمصدر، وفي سائر النسخ: استدل.
(4) في " خ " و " ش " زيادة: لي.
(5) في نسخة بدل " ش ": ابتذله، وفي المصدر: ابتدله وابتذله.
(6) كذا في " ص " و " ش " والمصدر، وفي سائر النسخ: أصرف.
(7) في المصدر: بهدايتك ودلالتك وولايتك.
(8) كذا في " ش " والمصدر، وفي سائر النسخ: ولا.
(9) التسمية من " ش " والمصدر وهامش " ن "، " خ " و " ص " في الهامش.
(10) في نسخة بدل " ص ": صالحك.
102

أما بعد، فقد جاءني (1) رسولك بكتابك، فقرأته وفهمت جميع ما ذكرته
وسألت عنه، وذكرت أنك بليت بولاية الأهواز، فسرني (2) ذلك وساءني،
وسأخبرك بما ساءني من ذلك وما سرني إن شاء الله تعالى.
فأما (3) سروري بولايتك (4)، فقلت: عسى أن يغيث الله بك ملهوفا
خائفا (5) من أولياء آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ويعز بك ذليلهم، ويكسو
بك عاريهم، ويقوي بك ضعيفهم، ويطفئ بك نار المخالفين عنهم.
وأما الذي ساءني من ذلك، فإن أدنى ما أخاف عليك أن تعثر
بولي لنا فلا تشم رائحة (6) حظيرة القدس، فإني ملخص لك جميع
ما سألت عنه، فإن (7) أنت عملت به ولم تجاوزه، رجوت أن تسلم
إن شاء الله تعالى.
أخبرني - يا عبد الله - أبي، عن آبائه، عن علي عليه السلام، عن
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أنه قال: " من استشاره أخوه المؤمن (8)

(1) في " ف "، " ن "، " خ "، " م " و " ع ": جاء إلي.
(2) في " ش ": وسرني.
(3) في " ش ": وأما.
(4) لم ترد " بولايتك " في " ف "، " خ "، " م " و " ع ".
(5) لم ترد " خائفا " في " ف "، " ن "، " خ "، " م " و " ع ".
(6) لم ترد " رائحة " في " ف "، " ن "، " م " و " ع ".
(7) في " ص " والمصدر: إن.
(8) في نسخة بدل " ن "، " خ "، " م " و " ع ": المسلم، وفي " ش ": المؤمن
المسلم.
103

فلم يمحضه النصيحة، سلب (1) الله لبه (2) ".
واعلم، أني سأشير عليك برأي (3) إن أنت عملت به تخلصت
مما أنت تخافه (4)، واعلم أن خلاصك، ونجاتك في حقن الدماء، وكف
الأذى عن أولياء الله، والرفق بالرعية، والتأني وحسن المعاشرة، مع
لين في غير ضعف، وشدة في غير عنف، ومداراة صاحبك ومن يرد
عليك من رسله.
وأرفق برعيتك (5) بأن توقفهم على ما وافق الحق والعدل إن شاء
الله تعالى،
وإياك والسعاة وأهل النمائم، فلا يلزقن (6) بك منهم أحد،
ولا يراك (7) الله يوما وليلة وأنت تقبل منهم صرفا ولا عدلا فيسخط
الله عليك ويهتك سترك، واحذر مكر خوزي (8) الأهواز، فإن أبي
أخبرني (9) عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليه السلام، قال (10): " إن الإيمان

(1) في " ص " والمصدر ونسخة بدل " ش ": سلبه.
(2) في " ش " ومصححتي " م " و " ع ": لبه عنه، وفي " خ ": عنه لبه.
(3) كذا في الوسائل، وفي " ف "، " خ "، " م " و " ع ": رأيي، وفي " ن "
و " ش " والمصدر: برأيي.
(4) في المصدر: متخوفه، وفي " ف ": تخوفه.
(5) في " خ " والمصدر، ونسخة بدل " ص " و " ش ": وارتق فتق رعيتك.
(6) في المصدر ونسخة بدل " ش ": يلتزقن.
(7) في " ف ": ولا رآك، وفي " م " و " ع ": ولا أراك.
(8) في " ف ": خوازي، وفي المصدر: خوز.
(9) في غير " ش " زيادة: عن أبيه.
(10) في " ص " والمصدر: أنه قال.
104

لا يثبت (1) في قلب يهودي ولا خوزي أبدا ".
وأما (2) من تأنس به وتستريح إليه وتلجئ أمورك إليه، فذلك
الرجل الممتحن المستبصر الأمين الموافق لك على دينك. وميز أعوانك،
وجرب الفريقين، فإن رأيت هنالك رشدا فشأنك وإياه.
وإياك أن تعطي درهما أو تخلع (3) ثوبا أو تحمل على دابة في غير
ذات الله، لشاعر أو مضحك أو ممتزح (4)، إلا أعطيت مثله في ذات
الله.
ولتكن (5) جوائزك وعطاياك وخلعك للقواد والرسل والأحفاد
وأصحاب الرسائل وأصحاب الشرط والأخماس، وما أردت أن تصرف
في وجوه البر والنجاح والصدقة والفطرة (6) والحج والشرب (7) والكسوة
التي تصلي فيها وتصل بها، والهدية التي تهديها إلى الله عز وجل وإلى
رسوله (8) من أطيب كسبك.

(1) في " ف "، " ن " ونسخة بدل " خ ": لا ينبت.
(2) في " ص " والمصدر: فأما.
(3) كذا في " ش " والمصدر، وفي سائر النسخ: وتخلع.
(4) كذا في " ف "، " ص " والمصدر ومصححة " خ "، وفي سائر النسخ: ممزح.
(5) كذا في " ص " والمصدر، وفي سائر النسخ: وليكن.
(6) لم ترد " والفطرة " في " ف "، " خ "، " م "، " ع " و " ص ". وكتب في " ص "
فوق " الصدقة ": والعتق والفتوة. ووردت العبارة في المصدر هكذا: "... والنجاح
والفتوة والصدقة والحج ".
(7) في " ص " والمصدر ومصححة " ن ": والمشرب.
(8) كذا في " ص " والمصدر، وفي سائر النسخ: ورسوله.
105

وانظر (1) يا عبد الله أن لا تكنز ذهبا ولا فضة فتكون من أهل
هذه الآية: * (الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله
فبشرهم بعذاب أليم) * (2) ولا تستصغرن من حلو أو فضل طعام (3) تصرفه
في بطون خالية تسكن بها غضب الله رب العالمين.
واعلم، أني سمعت أبي يحدث عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلام:
" أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (4) قال يوما لأصحابه: ما آمن بالله
واليوم الآخر من بات شبعانا وجاره جائع، فقلنا: هلكنا يا رسول
الله، فقال: من فضل طعامكم، ومن فضل تمركم ورزقكم وخلقكم
وخرقكم تطفئون بها غضب الرب تعالى.
وسأنبئك بهوان (5) الدنيا وهوان شرفها على من مضى من السلف
والتابعين، فقد حدثني أبي (6)، محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام، قال:
" لما تجهز الحسين عليه السلام إلى الكوفة (7) أتاه ابن عباس فناشده الله
والرحم أن يكون هو المقتول بالطف، فقال: أنا أعرف (8) بمصرعي منك،

(1) في المصدر ومصححة " ص ": يا عبد الله اجهد.
(2) التوبة: 34.
(3) في " ص ": ولا فضل طعام.
(4) في المصدر ونسخة بدل " ش ": أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بدل: أن
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
(5) كذا في " ش " والمصدر، وفي سائر النسخ: على هوان.
(6) لم ترد " أبي " في المصدر.
(7) عبارة " إلى الكوفة " من " ص "، " ش " والمصدر.
(8) عبارة " أنا أعرف " من " ش " والمصدر.
106

وما وكدي من الدنيا إلا فراقها، ألا أخبرك يا بن عباس بحديث
أمير المؤمنين عليه السلام والدنيا؟ فقال له (1): بلى لعمري إني أحب أن
تحدثني بأمرها.
فقال أبي: قال علي بن الحسين عليه السلام: سمعت أبا عبد الله
الحسين عليه السلام يقول: حدثني أمير المؤمنين عليه السلام، قال: إني كنت
بفدك (2) في بعض حيطانها وقد صارت لفاطمة عليها السلام، فإذا أنا بامرأة
قد قحمت علي وفي يدي مسحاة وأنا أعمل بها، فلما نظرت إليها طار
قلبي مما تداخلني من جمالها، فشبهتها ببثينة (3) بنت عامر الجمحي (4)
وكانت من أجمل نساء قريش.
فقالت: يا بن أبي طالب، هل لك أن تتزوج بي فأغنيك (5) عن
هذه المسحاة، وأدلك على خزائن الأرض فيكون لك [الملك] (6) ما بقيت
ولعقبك من بعدك؟
فقال لها: من أنت حتى أخطبك من أهلك؟
فقالت: أنا الدنيا.

(1) كلمة " له " من " ش " والمصدر.
(2) في " ش ": إني بفدك.
(3) كذا في المصدر، واختلفت النسخ في ضبط الكلمة من حيث تقديم بعض
الحروف وتأخيرها.
(4) كذا في " ف " والمصدر، واختلفت سائر النسخ في ضبط الكلمة كسابقتها.
(5) في " ن "، " خ "، " م " و " ع ": فأغنيتك.
(6) من المصدر.
107

قال: [قلت] (1) لها: فارجعي واطلبي زوجا غيري فلست من
شأني (2)، فأقبلت على مسحاتي وأنشأت أقول:
لقد خاب من غرته دنيا دنية * وما هي أن غرت قرونا بنائل (3)
أتتنا على زي العزيز بثينة (4) * وزينتها في مثل تلك الشمائل
فقلت لها: غري سواي فإنني * عزوف عن (5) الدنيا ولست بجاهل
وما أنا والدنيا فإن محمدا * أحل صريعا بين تلك الجنادل
وهيهات أمني بالكنوز وودها (6) * وأموال قارون وملك القبائل
أليس جميعا للفناء مصيرنا (7) * ويطلب من خزانها بالطوائل؟
فغري سواي إنني غير راغب * بما فيك من ملك وعز (8) ونائل
فقد قنعت نفسي بما قد رزقته * فشأنك يا دنيا وأهل الغوائل
فإني أخاف الله يوم لقائه * وأخشى عذابا دائما غير زائل
فخرج من الدنيا وليس في عنقه تبعة (9) لأحد، حتى لقي الله

(1) من المصدر.
(2) عبارة " فلست من شأني " من " ش " والمصدر.
(3) في المصدر ونسخة بدل " ش " و " م ": بطائل.
(4) اختلفت النسخ في ضبط الكلمة هنا أيضا كما تقدم.
(5) في " ن "، " خ "، " م "، " ع " و " ش ": من.
(6) في المصدر: وهبها أتتنا بالكنوز ودرها، وكذا في مصححة " ص " إلا أن
فيها: أتتني.
(7) في مصححة " ص ": مصيرها.
(8) كذا في " ف " والمصدر، وفي سائر النسخ: من عز وملك.
(9) في " ف "، " خ "، " م " و " ع ": بيعة.
108

تعالى محمودا غير ملوم ولا مذموم، ثم اقتدت به الأئمة من بعده بما قد
بلغكم، لم يتلطخوا بشئ من بوائقها ".
وقد وجهت إليك بمكارم الدنيا والآخرة عن (1) الصادق (2) المصدق
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإن أنت عملت بما نصحت لك في كتابي
هذا، ثم كانت عليك من الذنوب و (3) الخطايا كمثل أوزان الجبال
وأمواج البحار، رجوت الله أن يتجافى (4) عنك جل وعز بقدرته.
يا عبد الله، إياك (5) أن تخيف مؤمنا، فإن أبي (6) حدثني عن أبيه،
عن جده (7) علي بن أبي طالب عليه وعليهم السلام، أنه كان يقول: " من نظر
إلى مؤمن نظرة ليخيفه بها، أخافه الله يوم لا ظل إلا ظله، وحشره
على (8) صورة الذر لحمه وجسده وجميع أعضائه، حتى يورده مورده ".
وحدثني أبي (9)، عن آبائه، عن علي عليه السلام، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم،
قال: " من أغاث لهفانا من المؤمنين (10) أغاثه الله يوم لا ظل إلا ظله،

(1) كذا في مصححتي " ن " و " خ "، وفي سائر النسخ والمصدر: وعن.
(2) لم ترد " الصادق " في " ف ".
(3) عبارة " الذنوب و " من " ص "، " ش " والمصدر.
(4) في نسخة بدل " م ": يتجاوز، وفي نسخة بدل " ش ": يتحامى.
(5) كذا في " ص "، " ش " والمصدر، وفي سائر النسخ: وإياك.
(6) في " ص " والمصدر: فإن أبي، محمد بن علي.
(7) في غير " ش " زيادة: عن.
(8) في " ش " والمصدر: في.
(9) في غير " ش " زيادة: عن أبيه.
(10) عبارة " من المؤمنين " من " ص " و " ش " والمصدر.
109

وآمنه من الفزع الأكبر، وآمنه من سوء المنقلب.
ومن قضى لأخيه المؤمن حاجة قضى الله له حوائج كثيرة،
إحداها (1) الجنة.
ومن كسا أخاه المؤمن (2) جبة (3) عن (4) عري، كساه الله من
سندس الجنة واستبرقها وحريرها، ولم يزل يخوض في رضوان الله
ما دام على المكسو منها سلك.
ومن أطعم أخاه من جوع، أطعمه الله من طيبات الجنة، ومن
سقاه من ظمأ، سقاه الله من الرحيق المختوم.
ومن أخدم أخاه، أخدمه الله من الولدان المخلدين، وأسكنه مع
أوليائه الطاهرين.
ومن حمل أخاه المؤمن على راحلة (5)، حمله الله على ناقة من
نوق الجنة، وباهى به الملائكة المقربين يوم القيامة.
ومن زوج أخاه [المؤمن] (6) امرأة يأنس بها وتشد (7) عضده

(1) في " ف "، " ن "، " خ "، " م " و " ع ": أحدها.
(2) كلمة " المؤمن " من " ش " والمصدر ومصححة " ص ".
(3) لم ترد " جبة " في المصدر، وكتب فوقها في " ن "، " خ " و " ع ": خ ل.
(4) في " ف " و " ن " وهامش " ص ": من.
(5) في نسخة بدل " ش ": رحله.
(6) من المصدر.
(7) في " ف "، " خ "، " م "، " ع " و " ش ": ويشد.
110

ويستريح إليها، زوجه الله من الحور العين وآنسه بمن أحبه (1) من
الصديقين من أهل بيت نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وإخوانه، وآنسهم به.
ومن أعان أخاه المؤمن (2) على سلطان جائر، أعانه الله على
إجازة (3) الصراط عند (4) زلة الأقدام.
ومن زار أخاه المؤمن في منزله لا لحاجة منه إليه، كتب (5) من
زوار الله، وكان حقيقا على الله أن يكرم زائره ".
يا عبد الله، وحدثني أبي، عن آبائه، عن علي عليه السلام، أنه سمع
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لأصحابه يوما: " معاشر الناس إنه
ليس بمؤمن من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه، فلا تتبعوا عثرات المؤمنين،
فإنه من تتبع (6) عثرة مؤمن يتبع (7) الله عثرته (8) يوم القيامة، وفضحه
في جوف بيته ".
وحدثني أبي، عن آبائه، عن علي عليه السلام أنه (9) قال: " أخذ الله

(1) في " ف " والمصدر: أحب.
(2) كذا في " ش " والمصدر، وفي سائر النسخ: المسلم.
(3) في " ف ": إجادة.
(4) كذا في " ش " والمصدر ومصححة " ص "، وفي سائر النسخ: يوم.
(5) كذا في " ش " والمصدر ومصححة " ص "، وفي سائر النسخ: كتبه.
(6) في " ص ": يتبع، وفي المصدر: اتبع.
(7) في " ف " و " م ": تتبع، وفي " ص " والمصدر ونسخة بدل " ش ": اتبع.
(8) في " ص " والمصدر: عثراته.
(9) " أنه " من " ص " والمصدر.
111

ميثاق المؤمن على (1) أن لا يصدق في مقالته، ولا ينتصف من عدوه،
وعلى أن لا يشفى غيظه إلا بفضيحة نفسه، لأن المؤمن (2) ملجم، وذلك
لغاية قصيرة وراحة طويلة، أخذ (3) الله ميثاق المؤمن على أشياء
أيسرها عليه (4) مؤمن مثله يقول بمقالة (5) يبغيه ويحسده، وشيطان (6)
يغويه ويمقته، وسلطان (7) يقفو إثره ويتبع عثراته، وكافر بالذي هو
مؤمن به يرى سفك دمه دينا، وإباحة حريمه غنما، فما بقاء المؤمن بعد
هذا؟ ".
يا عبد الله، وحدثني أبي، عن آبائه عن علي عليه السلام (8) عن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: " نزل جبرئيل عليه السلام، فقال: يا محمد إن الله
يقرؤك (9) السلام ويقول: اشتققت (10) للمؤمن اسما من أسمائي، سميته
مؤمنا، فالمؤمن مني وأنا منه، من استهان بمؤمن (11) فقد استقبلني

(1) " على " من " ف " و " ش ".
(2) في " ص " والمصدر ونسخة بدل " ش ": لأن كل مؤمن.
(3) في " ف " و " ص ": وأخذ.
(4) كلمة " عليه " من المصدر ومصححة " ص ".
(5) في المصدر ومصححة " ص ": بمقالته.
(6) في " ص " والمصدر ومصححة " خ " ونسخة بدل " ش ": والشيطان.
(7) كذا في " ش " و " ن "، وفي سائر النسخ والمصدر: والسلطان.
(8) عبارة " عن علي عليه السلام " من " ش " والمصدر ونسخة بدل " ص ".
(9) في المصدر ونسخة بدل " ش ": يقرأ عليك.
(10) كذا في " خ "، " ص "، " ش " والمصدر، واختلفت سائر النسخ فيها.
(11) في نسخة بدل " ش ": مؤمنا.
112

بالمحاربة ".
يا عبد الله، وحدثني أبي، عن آبائه، عن علي عليه السلام عن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال يوما (1): " يا علي، لا تناظر رجلا حتى
تنظر في سريرته، فإن كانت سريرته حسنة فإن الله عز وجل لم يكن
ليخذل وليه، وإن كانت (2) سريرته ردية فقد يكفيه مساويه، فلو جهدت
أن تعمل به أكثر مما (3) عمل به من معاصي الله عز وجل ما قدرت عليه ".
يا عبد الله، وحدثني أبي (4)، عن آبائه، عن علي (5) عليهم السلام، عن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أنه قال: " أدنى الكفر أن يسمع الرجل من (6) أخيه
الكلمة فيحفظها عليه يريد أن يفضحه بها، أولئك لا خلاق لهم ".
يا عبد الله، وحدثني أبي (7)، عن آبائه، عن علي عليه السلام، أنه
قال: " من قال في مؤمن ما رأت عيناه وسمعت أذناه ما يشينه ويهدم
مروته فهو من الذين قال الله عز وجل: * (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة
في الذين آمنوا لهم عذاب أليم) * (8) ".

(1) من " ش " والمصدر ومصححة " ص ".
(2) كذا في " ف "، " ش " والمصدر ومصححة " ص "، وفي سائر النسخ: كان.
(3) في " ف "، " ن "، " م "، " ع " و " ش ": ما.
(4) في غير " ص " و " ش " زيادة: عن أبيه.
(5) لم ترد " عن علي " في " ص ".
(6) في " ص " والمصدر: عن.
(7) في غير " ش " زيادة: عن أبيه.
(8) النور: 19.
113

يا عبد الله، وحدثني أبي، عن آبائه، عن علي عليه السلام، أنه قال:
" من روى عن (1) أخيه المؤمن رواية يريد بها هدم مروته وشينه (2)،
أوثقه (3) الله بخطيئته يوم القيامة حتى يأتي بالمخرج (4) مما قال، ولن يأتي
بالمخرج منه أبدا.
ومن أدخل على أخيه المؤمن سرورا فقد أدخل على أهل بيت
نبيه صلى الله عليه وآله وسلم (5) سرورا، ومن أدخل على أهل بيت نبيه صلى الله عليه وآله وسلم
سرورا فقد أدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سرورا، ومن أدخل
على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سرورا فقد سر الله، ومن سر الله فحقيق
على الله أن يدخله جنته ".
ثم إني (6) أوصيك بتقوى الله، وإيثار طاعته، والاعتصام بحبله،
فإنه من اعتصم بحبل الله فقد هدي إلى صراط مستقيم.
فاتق الله ولا تؤثر أحدا على رضاه وهواه (7)، فإنه وصية الله عز وجل
إلى خلقه لا يقبل منهم غيرها، ولا يعظم سواها.

(1) في " ف "، " ن "، " خ "، " م " و " ع ": على.
(2) في " ص " والمصدر ونسخة بدل " ش ": ثلبه.
(3) في " خ "، " ص " والمصدر ونسخة بدل " ش ": أوبقه.
(4) في " ص " والوسائل ومصححة " ش ": بمخرج.
(5) في المصدر ونسخة بدل " ش ": أهل البيت عليهم السلام.
(6) من " ص "، " ش " والمصدر.
(7) من " ف "، " ص "، " ش " والمصدر.
114

واعلم، أن الخلق (1) لم يوكلوا بشئ أعظم من تقوى الله (2)، فإنه
وصيتنا أهل البيت، فإن استطعت أن لا تنال من الدنيا شيئا يسأل الله
عنه (3) غدا فافعل.
قال عبد الله بن سليمان: فلما وصل كتاب الصادق عليه السلام إلى
النجاشي نظر فيه، فقال: صدق - والله الذي لا إله إلا هو - مولاي،
فما عمل أحد بما في هذا الكتاب إلا نجا. قال: فلم يزل عبد الله يعمل
به أيام حياته (4) (5).

(1) في المصدر ونسخة بدل " ش ": الخلائق.
(2) في المصدر ونسخة بدل " ش ": التقوى.
(3) في المصدر: تسأل عنه.
(4) في غير " ش " زيادة: الخبر.
(5) كشف الريبة: 122 - 131، ورواه في الوسائل 12: 150، الباب 49
من أبواب ما يكتسب به.
115

المسألة السابعة والعشرون
هجاء المؤمن حرام بالأدلة الأربعة، لأنه همز ولمز وأكل اللحم
وتعيير وإذاعة سر، وكل ذلك كبيرة موبقة، فيدل (1) عليه فحوى جميع
ما تقدم في الغيبة (2)، بل البهتان أيضا (3)،
بناء على تفسير الهجاء بخلاف
المدح كما عن الصحاح (4)، فيعم ما فيه من المعايب وما ليس فيه،
كما عن القاموس (5) والنهاية (6) والمصباح (7)، لكن مع تخصيصه فيها
بالشعر.
وأما تخصيصه بذكر ما فيه بالشعر كما هو ظاهر جامع المقاصد (8)،

(1) في " ص ": ويدل.
(2) راجع المكاسب 1: 315 - 318.
(3) راجع المكاسب 1: 325.
(4) صحاح اللغة 6: 2533، مادة: " هجا ".
(5) القاموس المحيط 4: 402، مادة: " هجا ".
(6) النهاية، لابن الأثير 5: 248، مادة: " هجا ".
(7) المصباح المنير: 635، مادة: " هجا ".
(8) جامع المقاصد 4: 26.
117

فلا يخلو عن تأمل، ولا فرق في المؤمن بين الفاسق وغيره.
وأما الخبر: " محصوا ذنوبكم بذكر الفاسقين " (1) فالمراد به الخارجون
عن الإيمان أو المتجاهرون بالفسق.
واحترز بالمؤمن عن المخالف، فإنه يجوز هجوه لعدم احترامه،
وكذا يجوز هجاء الفاسق (2) المبدع، لئلا يؤخذ ببدعه (3)، لكن بشرط
الاقتصار على المعائب الموجودة فيه، فلا يجوز بهته بما ليس فيه، لعموم
حرمة الكذب، وما تقدم من الخبر في الغيبة من قوله عليه السلام في حق
المبتدعة: " باهتوهم كيلا (4) يطمعوا في إضلالكم " (5) محمول على اتهامهم
وسوء الظن بهم بما يحرم اتهام المؤمن به، بأن يقال: لعله زان،
أو سارق (6). وكذا إذا زاده (7) ذكر ما ليس فيه من باب المبالغة.
ويحتمل إبقاؤه على ظاهره بتجويز الكذب عليهم لأجل المصلحة،

(1) لم نقف عليه في المصادر الحديثية، لكن حكاه السيد العاملي في مفتاح
الكرامة (4: 64) عن حواشي الشهيد على القواعد، وفيه: " محصوا ذنوبكم
بغيبة الفاسقين ".
(2) لم ترد " الفاسق " في " ف ".
(3) في نسخة بدل " ش ": ببدعته.
(4) كذا في " ف " والمصدر، وفي سائر النسخ: لكيلا.
(5) الوسائل 11: 508، الباب 39 من أبواب الأمر والنهي وما يناسبهما، الحديث
الأول. وقد تقدم في المكاسب 1: 353.
(6) في " ف ": وسارق.
(7) في " ف ": وكذا إرادة، وفي " ص ": وكذا إذا زاد.
118

فإن مصلحة تنفير (1) الخلق عنهم أقوى من مفسدة الكذب.
وفي رواية أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام، قال: " قلت له: إن
بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم، فقال: الكف عنهم أجمل.
ثم قال لي: والله يا أبا حمزة إن الناس كلهم أولاد بغايا ما خلا
شيعتنا. ثم قال: نحن أصحاب الخمس، وقد حرمناه على جميع الناس
ما خلا شيعتنا " (2).
وفي صدرها دلالة على جواز الافتراء وهو القذف على كراهة، ثم
أشار عليه السلام إلى أولوية قصد الصدق بإرادة الزنا من حيث استحلال
حقوق الأئمة عليهم السلام.

(1) في " خ "، " م "، " ع " و " ص ": تنفر.
(2) الوسائل 11: 331، الباب 73 من أبواب جهاد النفس، الحديث 3.
119

المسألة الثامنة والعشرون
الهجر - بالضم - وهو الفحش من القول وما استقبح التصريح به
منه، ففي صحيحة أبي عبيدة: " البذاء من الجفاء، والجفاء في النار " (1).
وفي النبوي: " إن الله حرم الجنة على كل فحاش بذئ قليل
الحياء، لا يبالي بما قال ولا ما قيل فيه " (2).
وفي رواية سماعة: " إياك أن تكون فحاشا " (3).
وفي النبوي: " إن من أشر (4) عباد الله من يكره مجالسته
لفحشه " (5).
وفي رواية: " من علامات شرك الشيطان الذي لا شك (6) فيه:

(1) الوسائل 11: 330، الباب 72 من أبواب جهاد النفس، الحديث 3.
(2) الوسائل 11: 329، الباب 72 من أبواب جهاد النفس، الحديث 2.
(3) الوسائل 11: 328، الباب 71 من أبواب جهاد النفس، الحديث 7.
(4) كذا في " ف "، " م " والمصدر، وفي سائر النسخ: شر.
(5) الوسائل 11: 328، الباب 71 من أبواب جهاد النفس، الحديث 8.
(6) في المصدر ونسخة بدل " ش ": لا يشك.
121

أن يكون فحاشا لا يبالي بما قال ولا ما قيل فيه " (1).
إلى غير ذلك من الأخبار (2).
هذا آخر ما تيسر تحريره من المكاسب المحرمة.

(1) الوسائل 11: 327، الباب 71 من أبواب جهاد النفس، الحديث الأول.
(2) الوسائل 11: 327، الباب 71 من أبواب جهاد النفس، الأحاديث 3 و 4
وغيرهما.
122

النوع الخامس
مما يحرم التكسب به (1)

(1) العنوان زيادة منا.
123

النوع الخامس (1)
مما يحرم التكسب به
ما يجب على الإنسان فعله عينا أو كفاية تعبدا أو توصلا على
المشهور كما في المسالك (2)، بل عن مجمع البرهان: كأن دليله الإجماع (3).
والظاهر أن نسبته إلى الشهرة في المسالك، في مقابل قول السيد (4)
المخالف في وجوب تجهيز الميت على غير الولي، لا في حرمة أخذ
الأجرة على تقدير الوجوب عليه.
وفي جامع المقاصد: الاجماع على عدم جواز أخذ الأجرة على
تعليم صيغة النكاح، أو إلقائها على المتعاقدين (5)، انتهى.

(1) كذا في " ص "، وفي سائر النسخ: الخامس.
(2) المسالك 3: 130.
(3) مجمع الفائدة 8: 89.
(4) لم نقف عليه في ما بأيدينا من كتب السيد ورسائله، نعم حكاه عنه الشهيد
في الدروس 3: 172.
(5) جامع المقاصد 4: 37، ولم يذكر إلا إلقاء الصيغة على المتعاقدين.
125

وكأن لمثل هذا ونحوه (1) ذكر في الرياض: أن على هذا الحكم
الاجماع في كلام جماعة، وهو الحجة (2)، انتهى.
واعلم أن موضوع هذه المسألة: ما إذا كان للواجب (3) على
العامل منفعة تعود إلى من يبذل بإزائه المال، كما لو كان كفائيا وأراد
سقوطه منه فاستأجر غيره، أو كان عينيا على العامل ورجع نفع (4) منه
إلى باذل المال، كالقضاء للمدعي إذا وجب عينا.
وبعبارة أخرى: مورد الكلام ما لو فرض مستحبا لجاز
الاستئجار عليه، لأن الكلام في كون مجرد الوجوب على الشخص مانعا
عن أخذه (5) الأجرة عليه، فمثل فعل الشخص صلاة الظهر عن نفسه
لا يجوز أخذ الأجرة عليه، لا لوجوبها، بل لعدم وصول عوض المال
إلى باذله، فإن النافلة أيضا كذلك.
ومن هنا يعلم فساد الاستدلال على هذا المطلب بمنافاة ذلك
للإخلاص في العمل (6)، لانتقاضه طردا وعكسا بالمندوب والواجب
التوصلي.
وقد يرد ذلك (7) بأن تضاعف الوجوب بسبب الإجارة يؤكد

(1) في " م ": أو نحوه.
(2) الرياض 1: 505.
(3) كذا في " ف " و " ن "، وفي سائر النسخ: الواجب.
(4) كذا في " ف "، وفي سائر النسخ: نفعه.
(5) كذا في " ف "، وفي سائر النسخ: أخذ.
(6) استدل عليه السيد الطباطبائي في الرياض 1: 505.
(7) رده السيد العاملي في مفتاح الكرامة 4: 92.
126

الإخلاص.
وفيه - مضافا إلى اقتضاء ذلك، الفرق بين الإجارة والجعالة،
حيث إن الجعالة لا توجب العمل على العامل - (1) أنه إن أريد أن
تضاعف الوجوب يؤكد اشتراط الاخلاص، فلا ريب أن الوجوب
الحاصل بالإجارة توصلي لا يشترط في حصول ما وجب به قصد
القربة، مع أن غرض المستدل منافاة قصد أخذ المال لتحقق الاخلاص
في العمل، لا لاعتباره في وجوبه.
وإن أريد أنه يؤكد تحقق الاخلاص من العامل، فهو مخالف
للواقع قطعا، لأن ما لا يترتب عليه أجر دنيوي أخلص مما يترتب
عليه ذلك بحكم الوجدان.
هذا، مع أن الوجوب الناشئ من الإجارة إنما يتعلق بالوفاء بعقد
الإجارة، ومقتضى الاخلاص المعتبر في ترتب الثواب على موافقة هذا
الأمر - ولو لم (2) يعتبر في سقوطه - هو إتيان الفعل من حيث استحقاق
المستأجر له (3) بإزاء ماله، فهذا المعنى ينافي وجوب إتيان العبادة لأجل
استحقاقه تعالى إياه، ولذا لو لم يكن هذا العقد واجب الوفاء - كما في
الجعالة - لم يمكن قصد الإخلاص مع قصد استحقاق العوض،
فلا إخلاص هنا حتى يؤكده وجوب الوفاء بعد الإيجاب بالإجارة،
فالمانع حقيقة هو عدم القدرة على إيجاد الفعل الصحيح بإزاء العوض،

(1) لم يرد قوله " مضافا - إلى - العامل " في " ف ".
(2) في " ف ": وإن لم.
(3) في " م ": المستأجر به، وفي الهامش: المستأجر له.
127

سواء كانت المعاوضة لازمة أم جائزة.
وأما تأتي القربة في العبادات المستأجرة، فلأن الإجارة إنما تقع
على الفعل المأتي به تقربا إلى الله، نيابة عن فلان.
توضيحه: أن الشخص يجعل نفسه نائبا عن فلان في العمل متقربا
إلى الله، فالمنوب عنه يتقرب إليه تعالى بعمل نائبه وتقربه، وهذا الجعل
في نفسه مستحب، لأنه إحسان إلى المنوب عنه وإيصال نفع إليه، وقد
يستأجر الشخص عليه فيصير واجبا بالإجارة وجوبا توصليا لا يعتبر
فيه التقرب.
فالأجير إنما يجعل نفسه - لأجل استحقاق الأجرة - نائبا عن الغير
في إتيان العمل الفلاني تقربا إلى الله، فالأجرة في مقابل النيابة في
العمل المتقرب به إلى الله التي مرجع نفعها إلى المنوب عنه، وهذا
بخلاف ما نحن فيه، لأن الأجرة هنا في مقابل العمل تقربا إلى الله
لأن العمل بهذا الوجه لا يرجع نفعه إلا إلى العامل، لأن المفروض
أنه يمتثل ما وجب على نفسه، بل في مقابل نفس العمل، فهو يستحق
نفس العمل، والمفروض أن الإخلاص إتيان العمل لخصوص أمر الله
تعالى (1)، والتقرب يقع للعامل دون الباذل، ووقوعه للعامل يتوقف على
أن لا يقصد بالعبادة سوى امتثال أمر الله تعالى.
فإن قلت: يمكن للأجير أن يأتي بالفعل مخلصا لله تعالى، بحيث
لا يكون للإجارة دخل في إتيانه فيستحق الأجرة، فالإجارة غير مانعة

(1) شطب في " ف " على عبارة " لأن العمل - إلى - تعالى "، وكتب عليها في
" ن "، " خ "، " م "، " ع " و " ش ": نسخة.
128

عن (1) قصد الإخلاص.
قلت: الكلام في أن مورد الإجارة لا بد أن (2) يكون عملا قابلا
لأن يوفى به بعقد (3) الإجارة، ويؤتى به لأجل استحقاق المستأجر إياه
ومن باب تسليم مال الغير إليه، وما كان من قبيل العبادة غير قابل
لذلك.
فإن قلت: يمكن أن يكون غاية الفعل التقرب، والمقصود من
إتيان هذا الفعل المتقرب به استحقاق الأجرة، كما يؤتى بالفعل تقربا إلى
الله ويقصد منه حصول المطالب الدنيوية، كأداء الدين وسعة الرزق
وغيرهما من الحاجات الدنيوية.
قلت: فرق بين الغرض الدنيوي المطلوب من الخالق الذي يتقرب
إليه بالعمل، وبين الغرض الحاصل من غيره وهو استحقاق الأجرة،
فإن طلب الحاجة (4) من الله تعالى سبحانه ولو كانت دنيوية محبوب
عند الله، فلا يقدح في العبادة، بل ربما يؤكدها (5).
وكيف كان، فذلك الاستدلال حسن في بعض موارد المسألة وهو
الواجب التعبدي في الجملة، إلا أن مقتضاه جواز أخذ الأجرة في

(1) كذا في " ف "، وفي غيرها: من.
(2) في " ص ": وأن.
(3) في " ص ": عقد.
(4) كتب في " ش " على عبارة: " فإن طلب الحاجة ": نسخة.
(5) لم ترد عبارة " فإن طلب الحاجة - إلى - يؤكدها " في " ف "، وكتب عليها في
" ن "، " خ "، " م " و " ع ": نسخة.
129

التوصليات، وعدم جوازه في المندوبات التعبدية، فليس مطردا
ولا منعكسا.
نعم، قد استدل على المطلب بعض الأساطين في شرحه على
القواعد بوجوه، أقواها: أن التنافي بين صفة الوجوب والتملك ذاتي،
لأن المملوك والمستحق (1) لا يملك ولا يستحق ثانيا (2).
توضيحه: أن الذي يقابل المال لا بد أن يكون كنفس المال
مما يملكه المؤجر حتى يملكه المستأجر (3) في مقابل تمليكه المال إياه، فإذا
فرض العمل واجبا لله ليس للمكلف تركه، فيصير نظير العمل المملوك
للغير، ألا ترى أنه إذا آجر نفسه لدفن الميت لشخص لم يجز له أن
يؤجر نفسه ثانيا من شخص آخر لذلك العمل، وليس إلا لأن الفعل
صار مستحقا للأول ومملوكا له، فلا معنى لتمليكه ثانيا للآخر مع فرض
بقائه على ملك الأول، وهذا المعنى موجود فيما أوجبه الله تعالى،
خصوصا فيما يرجع إلى حقوق الغير، حيث إن حاصل الإيجاب هنا
جعل الغير مستحقا لذلك العمل من هذا العامل، كأحكام تجهيز الميت
التي جعل الشارع الميت مستحقا لها على الحي، فلا يستحقها غيره
ثانيا.
هذا، ولكن الإنصاف أن هذا الوجه أيضا لا يخلو عن الخدشة،
لإمكان منع المنافاة بين الوجوب الذي هو طلب الشارع الفعل، وبين

(1) كذا في " ش " والمصدر، وفي سائر النسخ: المملوك المستحق.
(2) شرح القواعد (مخطوط): الورقة 27.
(3) في " ف ": للمستأجر.
130

استحقاق المستأجر له، وليس استحقاق الشارع للفعل وتملكه المنتزع
من طلبه من قبيل استحقاق الآدمي وتملكه الذي ينافي تملك الغير
واستحقاقه.
ثم إن هذا الدليل باعتراف المستدل يختص بالواجب العيني،
وأما الكفائي، فاستدل (1) على عدم جواز أخذ الأجرة عليه: بأن الفعل
متعين له (2) فلا يدخل في ملك آخر، وبعدم (3) نفع المستأجر فيما يملكه
أو يستحقه غيره، لأنه بمنزلة قولك: استأجرتك لتملك منفعتك المملوكة
لك أو لغيرك.
وفيه: منع وقوع الفعل له بعد إجارة نفسه للعمل للغير، فإن آثار
الفعل حينئذ ترجع إلى الغير، فإذا وجب إنقاذ غريق كفاية أو إزالة
النجاسة عن المسجد، فاستأجر واحد (4) غيره، فثواب الإنقاذ والإزالة
يقع للمستأجر دون الأجير المباشر لهما.
نعم، يسقط الفعل عنه، لقيام المستأجر به ولو بالاستنابة، ومن
هذا القبيل الاستئجار للجهاد مع وجوبه كفاية على الأجير والمستأجر.
وبالجملة، فلم أجد دليلا على هذا المطلب وافيا بجميع أفراده عدا
الإجماع الذي لم يصرح به إلا المحقق الثاني (5)، لكنه موهون بوجود

(1) المستدل هو كاشف الغطاء في شرح القواعد (مخطوط): الورقة 27.
(2) في " ف ": " بأن الفعل يتعين له "، وفي " ن ": " بأنه بالفعل يتعين له "، وفي
المصدر: " فلأنه بفعله يتعين له ".
(3) كذا في " ش " والمصدر، وفي سائر النسخ: ولعدم.
(4) في " ف "، " خ "، " م " و " ع ": واحدا.
(5) جامع المقاصد 4: 36 - 37.
131

القول بخلافه من أعيان الأصحاب من القدماء والمتأخرين، على ما يشهد به
الحكاية والوجدان.
أما الحكاية، فقد نقل المحقق والعلامة رحمهما الله وغيرهما القول بجواز
أخذ الأجرة على القضاء عن بعض.
فقد قال في الشرائع: أما لو أخذ الجعل من المتحاكمين، ففيه
خلاف (1)، وكذلك العلامة رحمه الله في المختلف (2).
وقد حكى العلامة الطباطبائي في مصابيحه (3) عن فخر الدين
وجماعة (4) التفصيل بين العبادات وغيرها (5).
ويكفي في ذلك ملاحظة الأقوال التي ذكرها في المسالك في باب
المتاجر (6)، وأما ما وجدناه، فهو أن ظاهر المقنعة (7)، بل النهاية (8)
ومحكي القاضي (9) جواز الأجر على القضاء مطلقا وإن أول بعض (10)

(1) الشرائع 4: 69.
(2) المختلف 5: 17.
(3) المصابيح (مخطوط): 59.
(4) لم ترد " وجماعة " في " ف ".
(5) لم نعثر على هذا التفصيل في الإيضاح، نعم سيأتي عنه التفصيل في الكفائي
بين العبادي والتوصلي.
(6) المسالك 3: 132.
(7) المقنعة: 588.
(8) النهاية: 367.
(9) انظر المهذب 1: 346، وحكاه عنه النراقي في المستند 2: 350.
(10) راجع مفتاح الكرامة 4: 96.
132

كلامهم بإرادة الارتزاق.
وقد اختار جماعة (1) جواز أخذ الأجر عليه إذا لم يكن متعينا،
أو تعين وكان القاضي محتاجا.
وقد صرح فخر الدين في الإيضاح بالتفصيل بين الكفائية
التوصلية وغيرها، فجوز أخذ الأجرة في الأول، قال في شرح عبارة
والده في القواعد - في الاستئجار على تعليم الفقه - ما لفظه: الحق عندي
أن كل واجب على شخص معين لا يجوز للمكلف أخذ الأجرة عليه.
والذي وجب كفاية، فإن كان مما لو أوقعه بغير نية لم يصح ولم يزل
الوجوب، فلا يجوز أخذ الأجرة عليه، لأنه عبادة محضة، وقال الله
تعالى: * (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) * (2)، حصر غرض
الأمر في انحصار غاية الفعل في الإخلاص، وما يفعل بالعوض لا يكون
كذلك، وغير ذلك يجوز أخذ الأجرة عليه إلا ما نص الشارع على
تحريمه كالدفن (3)، انتهى.
نعم، رده في محكي جامع المقاصد بمخالفة (4) هذا التفصيل لنص (5)

(1) منهم: العلامة في المختلف 5: 18 وغيره، والمحقق في الشرائع 4: 69، وراجع
مفتاح الكرامة 4: 98.
(2) البينة: 5.
(3) إيضاح الفوائد 2: 264.
(4) في " ع " و " ص ": لمخالفة.
(5) في " ف ": نص.
133

الأصحاب (1).
أقول: لا يخفى أن الفخر أعرف بنص الأصحاب من المحقق الثاني،
فهذا والده قد صرح في المختلف بجواز أخذ الأجر (2) على القضاء إذا
لم يتعين (3)، وقبله المحقق في الشرائع (4)، غير أنه قيد صورة عدم التعيين
بالحاجة، ولأجل ذلك اختار العلامة الطباطبائي في مصابيحه (5) ما اختاره
فخر الدين من التفصيل، ومع هذا فمن أين الوثوق على إجماع
لم يصرح به إلا المحقق الثاني (6)، مع ما طعن به الشهيد الثاني على
إجماعاته بالخصوص في رسالته في صلاة الجمعة (7)؟!
فالذي (8) ينساق إليه النظر: أن مقتضى القاعدة في كل عمل
له منفعة محللة مقصودة، جواز أخذ الأجرة والجعل عليه وإن كان
داخلا في العنوان الذي أوجبه الله على المكلف، ثم إن صلح ذلك الفعل
المقابل بالأجرة لامتثال الإيجاب المذكور أو إسقاطه به أو عنده، سقط
الوجوب مع استحقاق الأجرة، وإن لم يصلح استحق الأجرة وبقي

(1) جامع المقاصد 7: 182، وحكاه عنه السيد العاملي في مفتاح الكرامة
4: 93.
(2) كذا في " ف "، وفي غيرها: الأجرة.
(3) المختلف 5: 18.
(4) انظر الشرائع 4: 69.
(5) المصابيح (مخطوط): 59 - 60.
(6) جامع المقاصد 4: 36 - 37.
(7) رسالة في صلاة الجمعة، (المطبوعة ضمن رسائل الشهيد): 92.
(8) كذا في " ف " و " ش "، وفي سائر النسخ: والذي.
134

الواجب في ذمته لو بقي وقته، وإلا عوقب على تركه.
وأما مانعية مجرد الوجوب عن (1) صحة المعاوضة على الفعل، فلم
تثبت على الإطلاق، بل اللازم التفصيل:
فإن كان العمل واجبا عينيا تعيينيا (2) لم يجز أخذ الأجرة، لأن
أخذ (3) الأجرة عليه مع كونه واجبا مقهورا من قبل الشارع على فعله،
أكل للمال بالباطل، لأن عمله هذا لا يكون محترما، لأن استيفاءه منه
لا يتوقف على طيب نفسه، لأنه يقهر عليه مع عدم طيب النفس
والامتناع.
ومما يشهد بما ذكرناه: أنه لو فرض أن المولى أمر بعض عبيده
بفعل لغرض، وكان مما يرجع نفعه أو بعض نفعه إلى غيره، فأخذ العبد
العوض من ذلك الغير على ذلك العمل عد أكلا للمال مجانا بلا عوض.
ثم إنه لا ينافي ما ذكرنا حكم الشارع بجواز أخذ الأجرة على
العمل بعد إيقاعه، كما أجاز للوصي أخذ أجرة المثل أو مقدار الكفاية،
لأن هذا حكم شرعي، لا من باب المعاوضة.
ثم لا فرق فيما ذكرناه بين التعبدي من الواجب والتوصلي، مضافا
في التعبدي إلى ما تقدم من منافاة أخذ الأجرة على العمل للإخلاص،
كما نبهنا عليه سابقا، وتقدم عن الفخر رحمه الله (4) وقرره عليه بعض من

(1) كذا في " ف "، وفي سائر النسخ: من.
(2) في " ن "، " م "، " ع "، " ص " ونسخة بدل " ش ": تعينيا.
(3) في " ف ": أكل.
(4) تقدم في الصفحة 133.
135

تأخر عنه (1).
ومنه يظهر عدم جواز أخذ الأجرة على المندوب إذا كان عبادة
يعتبر فيها التقرب.
وأما الواجب التخييري، فإن كان توصليا فلا أجد مانعا عن
جواز أخذ الأجرة على أحد فرديه بالخصوص بعد فرض كونه مشتملا
على نفع محلل للمستأجر، والمفروض أنه محترم لا يقهر المكلف عليه،
فجاز أخذ الأجرة بإزائه.
فإذا تعين دفن الميت على شخص، وتردد الأمر بين حفر أحد
موضعين، فاختار الولي أحدهما بالخصوص لصلابته أو لغرض آخر،
فاستأجر ذلك لحفر ذلك الموضع بالخصوص، لم يمنع من ذلك كون مطلق
الحفر واجبا عليه، مقدمة للدفن.
وإن كان تعبديا، فإن قلنا بكفاية الإخلاص بالقدر المشترك وإن
كان إيجاد خصوص بعض الأفراد لداع غير الإخلاص، فهو كالتوصلي.
وإن قلنا بأن اتحاد وجود القدر المشترك مع الخصوصية مانع عن
التفكيك بينهما في القصد، كان حكمه كالتعييني.
وأما الكفائي، فإن كان توصليا أمكن أخذ الأجرة على إتيانه
لأجل باذل الأجرة، فهو العامل في الحقيقة، وإن كان تعبديا لم يجز
الامتثال به وأخذ الأجرة عليه.
نعم، يجوز النيابة إن كان مما يقبل النيابة، لكنه يخرج عن محل
الكلام، لأن محل الكلام أخذ الأجرة على ما هو واجب على الأجير،

(1) وهو العلامة الطباطبائي في مصابيحه، كما تقدم في الصفحة 134.
136

لا على النيابة فيما هو واجب على المستأجر، فافهم.
ثم إنه قد يفهم من أدلة وجوب الشئ كفاية كونه حقا لمخلوق
يستحقه على المكلفين، فكل من أقدم عليه فقد أدى حق ذلك المخلوق،
فلا يجوز له أخذ الأجرة منه ولا من غيره ممن وجب عليه أيضا
كفاية، ولعل من هذا القبيل تجهيز الميت وإنقاذ الغريق، بل ومعالجة
الطبيب لدفع الهلاك.
ثم إن هنا إشكالا مشهورا، وهو أن الصناعات التي يتوقف
النظام عليها تجب كفاية، لوجوب إقامة النظام، بل قد يتعين بعضها على
بعض المكلفين عند انحصار المكلف القادر فيه، مع أن جواز أخذ
الأجرة عليها مما لا كلام لهم فيه، وكذا يلزم أن يحرم على الطبيب
أخذ الأجرة على الطبابة، لوجوبها عليه كفاية، أو عينا كالفقاهة.
وقد تفصي منه (1) بوجوه (2):
أحدها - الالتزام بخروج ذلك بالاجماع والسيرة القطعيين.
الثاني - الالتزام بجواز (3) أخذ الأجرة على الواجبات إذا لم تكن
تعبدية، وقد حكاه في المصابيح عن جماعة (4)، وهو ظاهر كل من جوز
أخذ الأجرة على القضاء بقول مطلق يشمل (5) صورة تعينه عليه،

(1) في " ف ": عنها، وفي " ن "، " خ "، " م "، " ع " و " ص ": منها.
(2) انظر مجمع الفائدة 8: 89.
(3) في " ف ": التزام جواز.
(4) المصابيح (مخطوط): 59.
(5) في " ف ": ليشمل.
137

كما تقدم حكايته في الشرائع والمختلف عن بعض (1).
وفيه: ما تقدم سابقا (2) من أن الأقوى عدم جواز أخذ الأجرة
عليه.
الثالث - ما عن المحقق الثاني من اختصاص جواز الأخذ بصورة
قيام من به الكفاية، فلا يكون حينئذ واجبا (3).
وفيه: أن ظاهر العمل والفتوى جواز الأخذ ولو مع بقاء
الوجوب الكفائي، بل ومع (4) وجوبه عينا للانحصار.
الرابع - ما في مفتاح الكرامة من أن المنع مختص بالواجبات
الكفائية المقصودة لذاتها، كأحكام الموتى وتعليم الفقه، دون ما يجب
لغيره كالصنائع (5).
وفيه: أن هذا التخصيص إن كان لاختصاص معاقد اجماعاتهم
أو عنوانات كلامهم، فهو خلاف الموجود منها، وإن كان لدليل (6) يقتضي
الفرق فلا بد من بيانه.
الخامس - أن المنع عن أخذ الأجرة على الصناعات الواجبة
لإقامة النظام يوجب اختلال النظام، لوقوع أكثر الناس في المعصية

(1) تقدم في الصفحة 132.
(2) في الصفحة 135.
(3) جامع المقاصد 7: 182.
(4) في " ش ": بل مع.
(5) مفتاح الكرامة 4: 85 و 92.
(6) كذا في " ف " و " ن "، وفي سائر النسخ: الدليل.
138

بتركها أو ترك الشاق منها والالتزام بالأسهل، فإنهم لا يرغبون
في الصناعات الشاقة أو الدقيقة إلا طمعا في الأجرة وزيادتها على
ما يبذل لغيرها من الصناعات، فتسويغ أخذ الأجرة عليها لطف
في التكليف بإقامة النظام.
وفيه: أن المشاهد بالوجدان أن اختيار الناس للصنائع الشاقة
وتحملها ناش عن الدواعي الآخر غير زيادة الأجرة، مثل عدم قابليته
لغير ما يختار، أو عدم ميله إليه، أو عدم كونه شاقا عليه، لكونه ممن
نشأ في تحمل المشقة، ألا ترى أن أغلب الصنائع الشاقة من الكفائيات
كالفلاحة والحرث والحصاد وشبه ذلك لا تزيد أجرتها على الأعمال
السهلة؟
السادس - أن الوجوب في هذه الأمور مشروط بالعوض.
قال بعض الأساطين - بعد ذكر ما يدل على المنع عن أخذ
الأجرة على الواجب -: أما ما كان واجبا مشروطا فليس بواجب قبل
حصول الشرط، فتعلق الإجارة به قبله لا مانع منه ولو كانت هي
الشرط في وجوبه، فكل ما وجب كفاية من حرف وصناعات لم تجب
إلا بشرط العوض بإجارة أو جعالة أو نحوهما، فلا فرق بين وجوبها
العيني، للانحصار، ووجوبها الكفائي، لتأخر (1) الوجوب عنها وعدمه
قبلها، كما أن بذل الطعام والشراب للمضطر إن بقي على الكفاية أو تعين
يستحق (2) فيه أخذ العوض على الأصح، لأن وجوبه مشروط، بخلاف

(1) في " ن "، " خ "، " م "، " ع " و " ص ": لتأخير.
(2) في " ف ": فيستحق.
139

ما وجب مطلقا بالأصالة كالنفقات، أو بالعارض كالمنذور ونحوه (1)،
انتهى كلامه رفع مقامه.
وفيه: أن وجوب الصناعات ليس مشروطا ببذل العوض، لأنه
لإقامة النظام التي هي من الواجبات المطلقة، فإن الطبابة والفصد
والحجامة وغيرها - مما يتوقف عليه بقاء الحياة في بعض الأوقات -
واجبة، بذل له العوض أم لم يبذل.
السابع - أن وجوب الصناعات المذكورة لم يثبت من حيث ذاتها،
وإنما ثبت من حيث الأمر بإقامة النظام، وإقامة النظام غير متوقفة على
العمل تبرعا، بل تحصل به وبالعمل بالأجرة، فالذي يجب على الطبيب
لأجل إحياء النفس وإقامة النظام هو بذل نفسه للعمل، لا بشرط
التبرع به، بل له أن يتبرع به، وله (2) أن يطلب الأجرة، وحينئذ فإن
بذل المريض الأجرة وجب عليه العلاج، وإن لم يبذل الأجرة
- والمفروض أداء ترك العلاج إلى الهلاك - أجبره الحاكم حسبة على بذل
الأجرة للطبيب، وإن كان المريض مغمى عليه دفع عنه وليه، وإلا جاز
للطبيب العمل بقصد الأجرة فيستحق الأجرة في ماله، وإن لم يكن له
مال ففي ذمته، فيؤدى في حياته أو بعد مماته من الزكاة أو غيرها.
وبالجملة، فما كان من الواجبات الكفائية ثبت من دليله وجوب
نفس ذلك العنوان، فلا يجوز أخذ الأجرة عليه، بناء على المشهور،
وأما ما أمر به من باب إقامة النظام، فإقامة النظام تحصل ببذل النفس

(1) شرح القواعد (مخطوط): الورقة 27.
(2) لم ترد " له " في " ف ".
140

للعمل به في الجملة، وأما العمل تبرعا فلا، وحينئذ فيجوز طلب
الأجرة من المعمول له إذا كان أهلا للطلب منه، وقصدها إذا لم يكن
ممن يطلب منه، كالغائب الذي يعمل في ماله عمل لدفع الهلاك عنه،
وكالمريض المغمى عليه.
وفيه: أنه إذا فرض وجوب إحياء النفس ووجوب (1) العلاج،
لكونه (2) مقدمة له، فأخذ الأجرة عليه غير جائز.
فالتحقيق على ما ذكرنا سابقا (3): أن الواجب إذا كان عينيا
تعينيا (4) لم يجز أخذ الأجرة عليه ولو كان من الصناعات، فلا يجوز
للطبيب أخذ الأجرة على بيان الدواء أو تشخيص الداء (5)،
وأما أخذ
الوصي الأجرة على تولي أموال الطفل الموصى عليه، الشامل بإطلاقه
لصورة تعين العمل عليه، فهو من جهة الاجماع والنصوص المستفيضة
على أن له أن يأخذ شيئا (6)، وإنما وقع الخلاف في تعيينه، فذهب جماعة

(1) في " ش " ومصححة " ن ": ووجب.
(2) كذا في " ش " ومصححة " ن "، وفي " ف "، " خ "، " م "، " ع " و " ص ":
كونه، ولكن شطب عليها في " ص ".
(3) في الصفحة 135.
(4) في نسخة بدل " ص ": تعيينيا.
(5) في " خ "، " م "، " ع " و " ص ": أو بعد تشخيص الداء، لكن شطب في
" ص " على " أو "، وفي " خ " كتب فوق " أو بعد تشخيص الداء ": خ ل.
(6) راجع الوسائل 12: 184، الباب 72 من أبواب ما يكتسب به وغيره من
الأبواب.
141

إلى أن له أجرة المثل (1)، حملا للأخبار على ذلك، ولأنه إذا فرض
احترام عمله بالنص والاجماع فلا بد من كون العوض أجرة المثل.
وبالجملة، فملاحظة النصوص والفتاوى في تلك المسألة ترشد إلى
خروجها عما نحن فيه.
وأما باذل المال للمضطر فهو إنما يرجع بعوض المبذول، لا بأجرة
البذل، فلا يرد نقضا في المسألة.
وأما رجوع الأم المرضعة بعوض إرضاع اللبأ مع وجوبه عليها
- بناء على توقف حياة الولد عليه - فهو إما من قبيل بذل المال
للمضطر، وإما من قبيل رجوع الوصي بأجرة المثل من جهة عموم
آية (2): * (فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن) * (3)، فافهم.
وإن كان كفائيا جاز الاستئجار عليه، فيسقط الواجب بفعل
المستأجر عليه، عنه وعن غيره وإن لم يحصل الامتثال.
ومن هذا الباب أخذ الطبيب الأجرة على حضوره عند المريض
إذا تعين عليه علاجه، فإن العلاج وإن كان معينا عليه، إلا أن الجمع
بينه وبين المريض مقدمة للعلاج واجب كفائي بينه وبين أولياء المريض،
فحضوره أداء للواجب الكفائي كإحضار الأولياء، إلا أنه لا بأس بأخذ
الأجرة عليه.

(1) كالشيخ في النهاية: 362، والمحقق في الشرائع 2: 258، والعلامة في القواعد
1: 355، والشهيد في الدروس 2: 327، واللمعة: 181.
(2) في غير " ش ": الآية.
(3) الطلاق: 6.
142

نعم، يستثنى من الواجب الكفائي ما علم من دليله صيرورة ذلك
العمل حقا للغير يستحقه من المكلف، كما قد يدعى (1) أن الظاهر من
أدلة وجوب تجهيز الميت أن للميت حقا على الأحياء في التجهيز، فكل
من فعل شيئا منه في الخارج فقد أدى حق الميت، فلا يجوز أخذ
الأجرة عليه، وكذا تعليم الجاهل أحكام عباداته الواجبة عليه
وما يحتاج إليه، كصيغة النكاح ونحوها، لكن تعيين هذا يحتاج إلى لطف
قريحة.
هذا تمام الكلام في أخذ الأجرة على الواجب، وأما الحرام فقد
عرفت عدم جواز أخذ الأجرة عليه (2).
وأما المكروه والمباح فلا إشكال في جواز أخذ الأجرة عليهما.
وأما المستحب - والمراد منه ما كان له نفع قابل لأن يرجع إلى
المستأجر، لتصح الإجارة من هذه الجهة - فهو بوصف كونه مستحبا على
المكلف لا يجوز أخذ الأجرة عليه، لأن الموجود من هذا الفعل في
الخارج لا يتصف بالاستحباب إلا مع الاخلاص الذي ينافيه إتيان
الفعل، لاستحقاق المستأجر إياه، كما تقدم في الواجب (3).
وحينئذ، فإن كان حصول النفع المذكور منه متوقفا على نية القربة
لم يجز أخذ الأجرة عليه، كما إذا استأجر من يعيد صلاته ندبا ليقتدي
به، لأن المفروض بعد الإجارة عدم تحقق الإخلاص، والمفروض مع

(1) لم نقف عليه.
(2) في " ف ": عدم جواز الأخذ عليه.
(3) تقدم في الصفحة 127 - 128.
143

عدم تحقق الإخلاص عدم حصول نفع منه عائد إلى المستأجر،
وما يخرج بالإجارة عن قابلية انتفاع المستأجر به لم يجز الاستئجار
عليه، ومن هذا القبيل الاستئجار على العبادة لله تعالى أصالة،
لا نيابة، وإهداء ثوابها إلى المستأجر، فإن ثبوت الثواب للعامل موقوف
على قصد الإخلاص المنفي مع الإجارة.
وإن كان حصول النفع غير متوقف على الإخلاص جاز
الاستئجار عليه كبناء المساجد وإعانة المحاويج، فإن من بنى لغيره
مسجدا عاد إلى الغير نفع بناء المسجد - وهو ثوابه - وإن لم يقصد البناء
من عمله إلا أخذ الأجرة.
وكذا من استأجر غيره لإعانة المحاويج والمشي في حوائجهم، فإن
الماشي لا يقصد إلا الأجرة، إلا أن نفع المشي عائد إلى المستأجر.
ومن هذا القبيل استئجار الشخص للنيابة عنه في العبادات التي
تقبل النيابة، كالحج والزيارة ونحوهما، فإن نيابة الشخص عن غيره في
ما ذكر وإن كانت مستحبة (1) إلا أن ترتب الثواب للمنوب عنه
وحصول هذا النفع له لا يتوقف على قصد النائب الإخلاص في نيابته،
بل متى جعل نفسه بمنزلة الغير وعمل العمل بقصد التقرب الذي هو
تقرب المنوب عنه بعد فرض النيابة انتفع المنوب عنه، سواء فعل النائب
هذه النيابة بقصد الإخلاص في امتثال أوامر النيابة عن المؤمن أم
لم يلتفت إليها أصلا ولم يعلم بوجودها، فضلا عن أن يقصد امتثالها.
ألا ترى أن أكثر العوام الذين يعملون الخيرات لأمواتهم

(1) كذا في مصححة " ص "، وفي غيرها: وإن كان مستحبا.
144

لا يعلمون ثبوت (1) الثواب لأنفسهم في هذه النيابة، بل يتخيل (2) النيابة
مجرد إحسان إلى الميت لا يعود نفع منه إلى نفسه (3)، والتقرب الذي
يقصده النائب بعد جعل نفسه نائبا، هو تقرب المنوب عنه، لا تقرب
النائب، فيجوز أن ينوب لأجل مجرد استحقاق الأجرة عن فلان، بأن
ينزل نفسه منزلته في إتيان الفعل قربة إلى الله، ثم إذا عرض هذه
النيابة الوجوب بسبب الإجارة فالأجير غير متقرب في نيابته، لأن
الفرض عدم علمه أحيانا بكون النيابة راجحة شرعا يحصل بها التقرب،
لكنه متقرب بعد جعل نفسه نائبا عن غيره، فهو متقرب بوصف كونه
بدلا ونائبا عن الغير، فالتقرب يحصل للغير.
فإن قلت: الموجود في الخارج من الأجير ليس إلا الصلاة عن
الميت مثلا، وهذا هو (4) متعلق الإجارة والنيابة، فإن لم يمكن الإخلاص
في متعلق الإجارة لم يترتب على تلك الصلاة نفع للميت، وإن أمكن
لم يناف الإخلاص لأخذ الأجرة (5) كما ادعيت، وليست النيابة عن
الميت في الصلاة المتقرب بها إلى الله تعالى شيئا ونفس الصلاة شيئا
آخر حتى يكون الأول متعلقا للإجارة والثاني موردا للإخلاص.
قلت: القربة المانع اعتبارها عن (6) تعلق الإجارة، هي المعتبرة في

(1) في " ف ": بثبوت.
(2) في نسخة بدل " ش ": " يتخيلون "، وهو الأنسب.
(3) كذا في النسخ، والأنسب: " إلى أنفسهم ".
(4) لم ترد " هو " في غير " ف ".
(5) في " ش " ومصححة " ن ": " وإن أمكن الإخلاص لم يناف لأخذ الأجرة ".
(6) كذا في " ف "، وفي سائر النسخ: من.
145

نفس متعلق الإجارة وإن اتحد خارجا مع ما لا يعتبر (1) فيه القربة
مما لا (2) يكون متعلقا للإجارة، فالصلاة الموجودة في الخارج على جهة
النيابة فعل للنائب من حيث إنها نيابة عن الغير، وبهذا الاعتبار ينقسم
في حقه إلى المباح والراجح والمرجوح، وفعل للمنوب عنه بعد نيابة
النائب - يعني تنزيل نفسه منزلة المنوب عنه في هذه الأفعال - وبهذا
الاعتبار يترتب عليه الآثار الدنيوية والأخروية لفعل المنوب عنه الذي
لم يشترط فيه المباشرة، والإجارة تتعلق به بالاعتبار الأول، والتقرب
بالاعتبار الثاني، فالموجود في ضمن الصلاة الخارجية فعلان، نيابة
صادرة عن الأجير النائب، فيقال: ناب عن فلان، وفعل كأنه صادر
عن المنوب عنه، فيمكن أن يقال على سبيل المجاز: صلى فلان،
ولا يمكن أن يقال: ناب فلان، فكما جاز اختلاف هذين الفعلين في
الآثار فلا ينافي اعتبار القربة في الثاني جواز الاستئجار على الأول
الذي لا يعتبر فيه القربة.
وقد ظهر مما قررناه وجه ما اشتهر بين المتأخرين فتوى (3) وعملا
من جواز الاستئجار على العبادات للميت، وأن الاستشكال في ذلك
بمنافاة ذلك لاعتبار التقرب فيها ممكن الدفع، خصوصا بملاحظة ما ورد
من الاستئجار للحج (4).

(1) كذا في " ص " و " ش "، وفي غيرهما: ما يعتبر.
(2) كلمة " لا " مشطوب عليها في " ص ".
(3) راجع القواعد 1: 228، والذكرى: 75، وجامع المقاصد 7: 152 و 153،
ومفتاح الكرامة 7: 164.
(4) الوسائل 8: 115، الباب الأول من أبواب النيابة في الحج.
146

ودعوى خروجه بالنص فاسدة، لأن مرجعها إلى عدم اعتبار
القربة في الحج.
وأضعف منها: دعوى أن الاستئجار على المقدمات، كما لا يخفى،
مع أن ظاهر ما ورد في استئجار مولانا الصادق عليه السلام للحج عن ولده
إسماعيل (1) كون الإجارة على نفس الأفعال.
ثم اعلم أنه كما لا يستحق الغير بالإجارة ما وجب على المكلف
على وجه العبادة، كذلك لا يؤتي على وجه العبادة لنفسه ما استحقه
الغير منه بالإجارة، فلو استؤجر لإطافة صبي أو مغمى عليه فلا يجوز
الاحتساب في طواف نفسه، كما صرح به في المختلف (2)، بل وكذلك
لو استؤجر (3) لحمل غيره في الطواف، كما صرح به جماعة (4) تبعا
للإسكافي (5)، لأن المستأجر يستحق الحركة المخصوصة عليه، لكن ظاهر
جماعة جواز الاحتساب في هذه الصورة، لأن استحقاق الحمل غير
استحقاق الإطافة به كما لو استؤجر لحمل متاع.
وفي المسألة أقوال:
قال في الشرائع: ولو حمله حامل في الطواف أمكن أن يحتسب

(1) الوسائل 8: 115، الباب الأول من أبواب النيابة في الحج، الحديث الأول.
(2) المختلف 4: 186.
(3) كذا في " ن "، وفي " ش ": بل كذلك لو استؤجر، وفي سائر النسخ: بل
لو استؤجر.
(4) لم نعثر على المصرح بعدم الاحتساب مطلقا.
(5) انظر المختلف 4: 185.
147

كل منهما طوافه عن نفسه (1)، انتهى.
وقال في المسالك: هذا إذا كان الحامل متبرعا أو حاملا بجعالة
أو كان مستأجرا للحمل في طوافه، أما لو استؤجر للحمل مطلقا
لم يحتسب للحامل، لأن الحركة المخصوصة قد صارت مستحقة عليه
لغيره، فلا يجوز صرفها إلى نفسه، وفي المسألة أقوال هذا أجودها (2)،
انتهى.
وأشار بالأقوال إلى القول بجواز الاحتساب مطلقا، كما هو ظاهر
الشرائع وظاهر القواعد (3) على إشكال.
والقول الآخر: ما في الدروس، من أنه يحتسب لكل من الحامل
والمحمول ما لم يستأجره للحمل لا في طوافه (4)، انتهى.
والثالث - ما ذكره في المسالك من التفصيل (5).
والرابع - ما ذكره بعض محشي الشرائع (6) من استثناء صورة
الاستئجار على الحمل.

(1) الشرائع 1: 233.
(2) المسالك 2: 177.
(3) انظر القواعد 1: 411.
(4) الدروس 1: 322.
(5) المتقدم في الصفحة السابقة.
(6) لم نقف عليه، ولعله يشير إلى ما ذكره الشهيد الثاني في حاشيته على
الشرائع (مخطوط): 182، أو المحقق الكركي في حاشيته على الشرائع
(مخطوط): 70.
148

والخامس - الفرق بين الاستئجار للطواف به، وبين الاستئجار
لحمله في الطواف، وهو ما اختاره في المختلف (1).
وبنى فخر الدين في الإيضاح جواز الاحتساب في صورة
الاستئجار للحمل - التي استشكل والده رحمه الله فيها (2) - على أن ضم نية
التبرد إلى الوضوء قادح أم لا (3)؟ والمسألة مورد نظر وإن كان ما تقدم
من المسالك (4) لا يخلو عن وجه.
ثم إنه قد ظهر مما ذكرناه (5) من عدم جواز الاستئجار على
المستحب إذا كان من العبادات، أنه لا يجوز أخذ الأجرة على أذان
المكلف لصلاة نفسه إذا كان مما يرجع نفع منه إلى الغير يصح لأجله
الاستئجار كالإعلام بدخول الوقت، أو الاجتزاء به في الصلاة، وكذا
أذان المكلف للإعلام عند الأكثر كما عن الذكرى (6)، وعلى الأشهر (7)
كما في الروضة (8)، وهو المشهور كما في المختلف (9)، ومذهب الأصحاب

(1) المختلف 4: 186.
(2) تقدم آنفا.
(3) إيضاح الفوائد 1: 278.
(4) في الصفحة السابقة.
(5) في الصفحة 143.
(6) الذكرى: 173.
(7) كذا في " ف "، وفي سائر النسخ: الأشبه.
(8) الروضة البهية 3: 217.
(9) المختلف 2: 134.
149

إلا من شذ، كما عنه (1) وعن جامع المقاصد (2)، وبالاجماع كما عن محكي
الخلاف (3)، بناء على أنها عبادة يعتبر فيها وقوعها لله فلا يجوز أن
يستحقها الغير.
وفي رواية زيد بن علي (4) عن آبائه عن علي عليه السلام: " أنه أتاه
رجل، فقال له: والله إني أحبك لله، فقال له: لكني أبغضك لله، قال:
ولم؟ قال: لأنك تبغي في الأذان أجرا، وتأخذ على تعليم القرآن
أجرا " (5).
وفي رواية حمران الواردة في فساد الدنيا واضمحلال الدين،
وفيها قوله عليه السلام: " ورأيت الأذان بالأجر (6) والصلاة
بالأجر " (7).
ويمكن أن يقال: إن مقتضى كونها عبادة عدم حصول الثواب
إذا لم يتقرب بها، لا فساد الإجارة مع فرض كون العمل مما ينتفع به
وإن لم يتقرب به.

(1) حكاه عنه السيد العاملي في مفتاح الكرامة 2: 274 - 275، ولم نقف عليه فيه.
(2) حكاه عنه السيد العاملي في مفتاح الكرامة 2: 274 - 275، ولم نقف عليه فيه.
(3) الخلاف 1: 291، كتاب الصلاة، المسألة 36.
(4) كذا في " ش "، وفي سائر النسخ والمصادر الحديثية زيادة: " عن أبيه ".
(5) الوسائل 4: 666، الباب 38 من أبواب الأذان، الحديث 2، مع اختلاف في
بعض الألفاظ.
(6) كذا في " ف " و " ص " والمصادر الحديثية، وفي سائر النسخ: بالأجرة.
(7) الوسائل 11: 518، الباب 41 من أبواب الأمر والنهي، الحديث 6.
150

نعم، لو قلنا بأن الإعلام بدخول الوقت المستحب كفاية لا يتأتى
بالأذان الذي لا يتقرب به، صح ما ذكر، لكن ليس كذلك.
وأما الرواية فضعيفة، ومن هنا استوجه الحكم بالكراهة في الذكرى (1)
والمدارك (2) ومجمع البرهان (3) والبحار (4) بعد أن حكى عن علم الهدى رحمه الله.
ولو اتضحت دلالة الروايات أمكن جبر سند الأولى بالشهرة، مع
أن رواية حمران حسنة على الظاهر بابن هاشم.
ومن هنا (5) يظهر وجه (6) ما ذكروه في هذا المقام من حرمة أخذ
الأجرة على الإمامة (7)، مضافا إلى موافقتها للقاعدة المتقدمة (8) من أن
ما كان انتفاع الغير به موقوفا على تحققه على وجه الاخلاص
لا يجوز (9) الاستئجار عليه، لأن شرط العمل المستأجر عليه قابلية
إيقاعه لأجل استحقاق المستأجر له حتى يكون وفاءا بالعقد، وما كان
من قبيل العبادة غير قابل لذلك.

(1) الذكرى: 173.
(2) المدارك 3: 276.
(3) مجمع الفائدة 8: 92.
(4) بحار الأنوار 84: 161.
(5) في مصححة " ن ": ومنها.
(6) لم ترد " وجه " في " ف "، " ن "، " ح "، " م " و " ع ".
(7) راجع النهاية: 365، والسرائر 2: 217، والشرائع 2: 11، ونهاية الإحكام
2: 474، وغيرها.
(8) راجع الصفحة 144.
(9) كذا في " ص "، وفي سائر النسخ: فلا يجوز.
151

ثم إن من الواجبات التي يحرم أخذ الأجرة عليها (1) عند المشهور
تحمل الشهادة، بناء على وجوبه كما هو أحد الأقوال في المسألة، لقوله
تعالى: * (ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا) * (2) المفسر في الصحيح بالدعاء
للتحمل (3)، وكذلك أداء الشهادة، لوجوبه عينا أو كفاية.
وهو مع الوجوب العيني واضح، وأما مع الوجوب الكفائي، فلأن
المستفاد من أدلة الشهادة كون التحمل والأداء حقا للمشهود له على
الشاهد، فالموجود في الخارج من الشاهد حق للمشهود له (4) لا يقابل
بعوض، للزوم مقابلة حق الشخص بشئ من ماله، فيرجع إلى أكل
المال بالباطل.
ومنه يظهر أنه كما لا يجوز أخذ الأجرة من المشهود له، كذلك (5)
لا يجوز من بعض من وجبت عليه كفاية إذا استأجره لفائدة إسقاطها
عن نفسه.
ثم إنه لا فرق في حرمة الأجرة بين توقف التحمل أو الأداء على
قطع مسافة طويلة، وعدمه. نعم، لو احتاج إلى بذل مال فالظاهر عدم
وجوبه، ولو أمكن إحضار الواقعة عند من يراد تحمله للشهادة، فله أن
يمتنع من الحضور ويطلب الإحضار.

(1) في " ف "، " خ "، " م " و " ع ": عليه.
(2) البقرة: 282.
(3) الوسائل 18: 225، الباب الأول من أبواب الشهادات.
(4) لم ترد " له " في " ف ".
(5) لم ترد " كذلك " في " ف ".
152

بقي الكلام في شئ، وهو أن كثيرا من الأصحاب (1) صرحوا في
كثير من الواجبات والمستحبات (2) التي يحرم أخذ الأجرة عليها (3) بجواز
ارتزاق مؤديها من بيت المال المعد لمصالح المسلمين.
وليس المراد أخذ الأجرة أو الجعل من بيت المال، لأن ما دل
على تحريم العوض لا فرق فيه بين كونه من بيت المال أو من غيره (4)،
بل حيث استفدنا من دليل الوجوب كونه حقا للغير يجب أداؤه إليه
عينا أو كفاية، فيكون أكل المال بإزائه أكلا له بالباطل، كان (5) إعطاؤه
العوض من بيت المال أولى بالحرمة، لأنه تضييع له وإعطاء مال
المسلمين بإزاء ما يستحقه المسلمون على العامل.
بل المراد أنه إذا قام المكلف بما يجب عليه كفاية أو عينا،
مما يرجع إلى مصالح المؤمنين (6) وحقوقهم - كالقضاء والإفتاء والأذان
والإقامة ونحوها - ورأي ولي المسلمين المصلحة في تعيين شئ من بيت

(1) كالشيخ في المبسوط 8: 160، والحلي في السرائر 1: 215، و 2: 217،
والمحقق في الشرائع 2: 11، و 4: 69 و 70، والعلامة في القواعد 1: 121،
و 2: 202، والشهيد في الدروس 3: 172، وراجع تفصيل ذلك في مفتاح
الكرامة 4: 95 - 99.
(2) في " ف "، " ن "، " خ "، " م " و " ع ": أو المستحبات.
(3) في " ن "، " خ "، " م " و " ع ": عليهما.
(4) في " ص ": " ومن غيره ".
(5) في " م "، " ع " و " ص ": كأنه، وفي " خ ": وكأن، وفي هامش " ص ":
" كان ".
(6) في نسخة بدل " ن "، " خ "، " م "، " ع "، " ص " و " ش ": المسلمين.
153

المال له في اليوم أو الشهر أو السنة، من جهة قيامه بذلك الأمر،
لكونه (1) فقيرا يمنعه القيام بالواجب المذكور عن تحصيل ضرورياته،
فيعين (2) له ما يرفع حاجته وإن كان أزيد من أجرة المثل أو أقل
منها (3).
ولا فرق بين أن يكون تعيين الرزق له بعد القيام أو قبله، حتى
أنه لو قيل له: " إقض في البلد وأنا أكفيك مؤونتك من بيت المال "
جاز، ولم يكن جعالة.
وكيف كان، فمقتضى القاعدة عدم جواز الارتزاق إلا مع الحاجة
على وجه يمنعه القيام بتلك المصلحة عن اكتساب المؤونة، فالارتزاق مع
الاستغناء ولو بكسب لا يمنعه القيام بتلك المصلحة، غير جائز.
ويظهر من إطلاق جماعة (4) في باب القضاء خلاف ذلك، بل
صرح غير واحد (5) بالجواز مع وجدان الكفاية.

(1) في " ف "، " خ "، " م "، " ع " و " ص ": إما لكونه.
(2) في " ف ": فيتعين، وفي " خ "، " م " و " ع ": فتعين.
(3) في غير " ش ": منه.
(4) منهم الشيخ في المبسوط 8: 160، والحلي في السرائر 2: 217، والمحقق في
الشرائع 4: 69.
(5) منهم المحقق السبزواري في الكفاية: 262، والشهيد الثاني في المسالك (الطبعة
الحجرية) 2: 285، لكن مع تقييدهما بصورة عدم التعين عليه، وأما مع عدم
التعين فقالا: بأن الأشهر المنع.
154

خاتمة تشتمل على مسائل
الأولى
صرح جماعة - كما عن النهاية (1) والسرائر (2) والتذكرة (3) والدروس (4)
وجامع المقاصد (5) - بحرمة بيع المصحف. والمراد به - كما صرح به (6) في
الدروس (7) - خطه. وظاهر المحكي عن نهاية الإحكام اشتهارها بين
الصحابة، حيث تمسك على الحرمة بمنع الصحابة (8)، وعليه تدل ظواهر
الأخبار المستفيضة:
ففي موثقة سماعة: " لا تبيعوا المصاحف، فإن بيعها حرام، قلت:

(1) النهاية: 368.
(2) السرائر 2: 218.
(3) التذكرة 1: 582.
(4) الدروس 3: 165.
(5) جامع المقاصد 4: 33.
(6) لم ترد " به " في غير " ش ".
(7) الدروس 3: 165.
(8) نهاية الإحكام 2: 472، وحكاه عنه السيد العاملي في مفتاح الكرامة
4: 82.
155

فما تقول في شرائها؟ قال: اشتر منه الدفتين والحديد والغلاف، وإياك
أن تشتري منه الورق وفيه القرآن مكتوب، فيكون عليك حراما،
وعلى من باعه حراما " (1).
ومضمرة عثمان بن عيسى، قال: " سألته عن بيع المصاحف
وشرائها (2)؟ قال (3): لا تشتر كلام الله، ولكن اشتر الجلد والحديد
والدفة، وقل: أشتري منك هذا بكذا وكذا " (4).
ورواه في الكافي عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي
عبد الله عليه السلام (5).
ورواية جراح المدائني في بيع المصاحف: " قال: لا تبع الكتاب
ولا تشتره، وبع الورق والأديم والحديد " (6).
ورواية عبد الرحمن بن سيابة (7)، قال: " سمعت أبا عبد الله عليه السلام

(1) الوسائل 12: 116، الباب 31 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 11.
(2) لم ترد " شراءها " في " ف "، " ن "، " خ "، " م " و " ع ".
(3) في " ص " وهامش " ش ": فقال.
(4) الوسائل 12: 114، الباب 31 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 3. مع
اختلاف في بعض الألفاظ.
(5) رواه في الكافي 5: 121، الحديث 2، وعنه في الوسائل 12: 114، الباب
31 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 2.
(6) الوسائل 12: 115، الباب 31 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 7.
(7) كذا في " خ " و " ص "، وفي " ف "، " ن "، " م " و " ع ": عبد الله بن
سبابة، وفي " ش ": عبد الله بن سيابة، وفي نسخة بدل " ص " والكافي: عبد
الرحمان بن سليمان.
156

يقول: إن المصاحف لن تشترى، فإذا اشتريت فقل: إنما أشتري منك
الورق وما فيه من الأديم (1)، وحليته وما فيه من عمل يدك، بكذا
وكذا " (2).
وظاهر قوله عليه السلام: " إن المصاحف لن تشترى " أنها لا (3) تدخل
في ملك أحد على وجه العوضية عما بذله من الثمن (4)، وأنها أجل من
ذلك، ويشير إليه تعبير الإمام في بعض الأخبار ب‍ " كتاب الله " و " كلام
الله " (5)، الدال على التعظيم.
وكيف كان، فالحكم في المسألة واضح بعد الأخبار وعمل من
عرفت، حتى مثل الحلي الذي لا يعمل بأخبار الآحاد.
وربما يتوهم هنا ما يصرف هذه الأخبار عن ظواهرها، مثل
رواية أبي بصير، قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن بيع المصاحف
وشرائها. قال: إنما كان يوضع (6) عند القامة والمنبر. قال: وكان بين
الحائط والمنبر قدر (7) ممر شاة أو رجل وهو (8) منحرف، فكان الرجل

(1) في " ص " ونسخة بدل الوسائل: من الأدم.
(2) الوسائل 12: 114، الباب 31 من أبواب ما يكتسب به، الحديث الأول.
(3) كذا في " ش " ومصححة " ن "، " م " و " ع "، وفي سائر النسخ: لن.
(4) لم ترد عبارة " على وجه - إلى - الثمن " في " ف ".
(5) مثل مضمرة عثمان بن عيسى، ورواية الكافي المتقدمتين آنفا.
(6) في " ش ": يوضع الورق.
(7) في " ص " والمصادر الحديثية: قيد.
(8) " وهو " من " ش " والمصدر.
157

يأتي فيكتب السورة (1)، ويجئ آخر فيكتب السورة (2) كذلك كانوا، ثم
إنهم (3) اشتروا بعد ذلك. قلت: فما ترى في ذلك؟ قال: أشتريه أحب
إلي من أن أبيعه " (4).
ومثله رواية روح بن عبد الرحيم (5)، وزاد فيه: " قلت: فما ترى
أن أعطي على كتابته أجرا؟ قال: لا بأس، ولكن هكذا كانوا يصنعون " (6)،
فإنها تدل على جواز الشراء من جهة حكايته عن المسلمين بقوله:
" ثم إنهم اشتروا بعد ذلك "، وقوله: " أشتريه أحب إلي من أن أبيعه "،
ونفي البأس عن الاستئجار لكتابته، كما في أخبار أخر غيرها (7)، فيجوز
تملك الكتابة بالأجرة، فيجوز وقوع جزء من الثمن بإزائها عند بيع
المجموع المركب منها ومن القرطاس، وغيرهما.
لكن الإنصاف: أن لا دلالة فيها على جواز اشتراء خط
المصحف، وإنما تدل على أن تحصيل المصحف في الصدر الأول كان
بمباشرة كتابته، ثم قصرت الهمم فلم يباشروها بأنفسهم، وحصلوا

(1) في " ص " والمصدر ونسخة بدل " ش ": البقرة.
(2) كذا في " ف "، " ص " والمصدر، وفي سائر النسخ زيادة: ويجئ آخر فيكتب
السورة.
(3) كلمة " إنهم " من " ش " والمصدر ومصححة " م " و " ص ".
(4) الوسائل 12: 115، الباب 31 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 8.
(5) في " ف "، " ن "، " خ "، " م " و " ع ": عبد الرحمن.
(6) الوسائل 12: 116، الباب 31 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 9.
(7) الوسائل 12: 115 - 116، الباب 31 من أبواب ما يكتسب به، الأحاديث
4، 12 و 13.
158

المصاحف بأموالهم شراء واستئجارا، ولا دلالة فيها على كيفية الشراء،
وأن الشراء والمعاوضة لا بد أن لا يقع إلا على ما عدا الخط، من
القرطاس وغيره.
وفي بعض الروايات دلالة على أن الأولى مع عدم مباشرة الكتابة
بنفسه أن يستكتب بلا شرط ثم يعطيه ما يرضيه، مثل رواية عبد
الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله عليه السلام، " قال: إن أم
عبد الله بنت الحسن (1) أرادت أن تكتب مصحفا فاشترت ورقا من
عندها، ودعت رجلا فكتب لها على غير شرط، فأعطته حين فرغ
خمسين دينارا، وأنه لم تبع المصاحف إلا حديثا " (2).
ومما يدل على الجواز: رواية عنبسة الوراق، قال: " قلت
لأبي عبد الله عليه السلام: إني رجل أبيع المصاحف فإن نهيتني لم أبعها.
قال: ألست تشتري ورقا وتكتب فيه؟ قلت: نعم (3) وأعالجها. قال:
لا بأس بها " (4).
وهي وإن كانت ظاهرة في الجواز إلا أن ظهورها من حيث
السكوت عن كيفية البيع، في مقام الحاجة إلى البيان، فلا تعارض
ما تقدم من الأخبار المتضمنة للبيان.

(1) في " ف "، " ن "، " خ "، " م "، " ع "، و " ص ": عبد الله بن الحارث.
(2) الوسائل 12: 116، الباب 31 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 10.
(3) في " ص " والمصدر: بلى.
(4) الوسائل 12: 115، الباب 31 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 5.
159

وكيف كان، فالأظهر في الأخبار (1) ما تقدم من الأساطين المتقدم
إليهم الإشارة (2).
بقي الكلام في المراد من حرمة البيع والشراء، بعد فرض أن
الكاتب للمصحف في الأوراق المملوكة مالك للأوراق وما فيها من
النقوش، فإن النقوش:
إن لم تعد من الأعيان المملوكة (3)، بل من صفات المنقوش الذي (4)
تتفاوت (5) قيمته بوجودها وعدمها، فلا حاجة إلى النهي عن بيع الخط،
فإنه لا يقع بإزائه جزء من الثمن حتى يقع في حيز البيع.
وإن عدت من الأعيان المملوكة (6)، فإن فرض بقاؤها على ملك البائع
بعد بيع الورق والجلد، فيلزم شركته مع المشتري، وهو خلاف الاتفاق،
وإن انتقلت إلى المشتري، فإن كان بجزء من العوض فهو البيع المنهي
عنه، لأن بيع المصحف المركب من الخط وغيره ليس إلا جعل جزء من
الثمن بإزاء الخط. وإن انتقلت إليه قهرا تبعا لغيرها (7)، لا بجزء (8) من

(1) في " ص ": الاختيار.
(2) راجع أول البحث عن بيع المصحف.
(3) في " ش " زيادة: عرفا.
(4) في " خ " و " ع ": صفات النقش التي، وفي " م " و " ص ": صفات المنقش
التي.
(5) في غير " ص ": يتفاوت.
(6) في " ش " زيادة: عرفا.
(7) كذا في " ص "، وفي سائر النسخ: لغيره.
(8) كذا في " ف "، وفي سائر النسخ: لا لجزء.
160

العوض - نظير بعض ما يدخل في المبيع - فهو خلاف مقصود المتبايعين.
مع أن هذا - كالتزام كون المبيع هو الورق المقيد بوجود هذه النقوش
فيه، لا الورق والنقوش، فإن النقوش (1) غير مملوكة بحكم الشارع -
مجرد تكليف صوري، إذ لا أظن أن تعطل أحكام الملك، فلا تجري
على الخط المذكور إذا بنينا على أنه ملك عرفا قد نهي عن المعاوضة
عليه، بل الظاهر أنه إذا لم يقصد بالشراء إلا الجلد والورق كان الخط
باقيا على ملك البائع فيكون شريكا بالنسبة، فالظاهر أنه لا مناص
من (2) التزام التكليف الصوري، أو يقال: إن الخط لا يدخل في الملك
شرعا وإن دخل فيه عرفا، فتأمل.
ولأجل ما ذكرناه التجأ بعض (3) إلى الحكم بالكراهة، وأولوية
الاقتصار في المعاملة على ذكر الجلد والورق بترك إدخال الخط فيه
احتراما، وقد تعارف إلى الآن تسمية ثمن القرآن " هدية ".
ثم إن المشهور بين العلامة رحمه الله ومن تأخر عنه (4) عدم جواز بيع

(1) في " ف "، " ن "، " خ " و " ص ": وإن النقوش، وفي " م " و " ع ": وإن
المنقوش.
(2) في غير " ف ": عن.
(3) هو العلامة الطباطبائي في مصابيحه (مخطوط): 62 - 63، وتبعه صاحب
الجواهر، انظر الجواهر 22: 128.
(4) انظر القواعد 1: 121، وإيضاح الفوائد 1: 407، والدروس 3: 175،
وجامع المقاصد 4: 33، والمسالك 3: 88.
161

المصحف من الكافر على الوجه الذي يجوز بيعه (1) من المسلم، ولعله
لفحوى ما دل على عدم تملك الكافر للمسلم (2)، وأن الإسلام يعلو
ولا يعلى عليه (3)، فإن الشيخ رحمه الله قد استدل به على عدم تملك الكافر
للمسلم (4)،
ومن المعلوم أن ملك الكافر للمسلم إن كان علوا على
الإسلام فملكه للمصحف أشد علوا عليه، ولذا لم يوجد هنا قول بتملكه
وإجباره على البيع، كما قيل به في العبد المسلم (5).
وحينئذ، فلو كفر المسلم انتقل مصحفه إلى وارثه ولو كان الوارث
هو الإمام.
هذا، ولكن ذكر في المبسوط في باب الغنائم: أن ما يوجد في دار
الحرب من المصاحف والكتب التي ليست بكتب الزندقة والكفر داخل
في الغنيمة ويجوز بيعها (6). وظاهر ذلك تملك الكفار للمصاحف،
وإلا لم يكن وجه لدخولها في الغنيمة، بل كانت من مجهول المالك
المسلم، وإرادة غير القرآن من المصاحف بعيدة.

(1) لم ترد " بيعه " في " ف ".
(2) كقوله تعالى: * (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) * النساء: 141،
ورواية حماد بن عيسى المروية في الوسائل 12: 282، الباب 28 من أبواب
عقد البيع، والإجماع المدعى في الغنية (الجوامع الفقهية): 523.
(3) الوسائل 17: 376، الباب الأول من كتاب الفرائض والمواريث، الحديث 11.
(4) راجع المبسوط 2: 167 و 168.
(5) حكاه المحقق في الشرائع 2: 16، ولم نقف على القائل به بعينه.
(6) المبسوط 2: 30.
162

والظاهر أن أبعاض المصحف في حكم الكل إذا كانت مستقلة (1)،
وأما المتفرقة في تضاعيف غير التفاسير من الكتب، للاستشهاد بلفظها
أو معناها (2)، فلا يبعد عدم اللحوق، لعدم تحقق الإهانة والعلو (3).
وفي إلحاق الأدعية المشتملة على أسماء الله تعالى - كالجوشن
الكبير - مطلقا، أو مع كون الكافر ملحدا بها دون المقر بالله المحترم
لأسمائه، لعدم الإهانة والعلو، وجوه.
وفي إلحاق الأحاديث النبوية بالقرآن وجهان، حكي الجزم بهما (4)
عن الكركي وفخر الدين قدس سرهما، والتردد بينهما (5) عن التذكرة (6).
وعلى اللحوق، فيلحق اسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بطريق أولى، لأنه
أعظم من كلامه صلى الله عليه وآله وسلم، وحينئذ فيشكل أن يملك الكفار الدراهم
والدنانير المضروبة في زماننا، المكتوب عليها اسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم،

(1) في غير " ص " و " ش ": كان مستقلا.
(2) كذا في " ص "، وفي غيرها: بلفظه أو معناه.
(3) لم ترد " والعلو " في " ش ".
(4) كذا في " ف " ومصححتي " ن " و " ص "، وفي " خ "، " م " و " ع ": بها،
وفي " ش ": به. والصحيح ما أثبتناه، لرجوع الضمير إلى الوجهين، حيث حكى
السيد العاملي - في مفتاح الكرامة - القول بالتحريم عن المحقق الكركي، والجواز
عن فخر الدين في شرح الإرشاد، انظر مفتاح الكرامة 4: 83، وحاشية
الشرائع للمحقق الكركي (مخطوط): الورقة 97، وأما شرح الإرشاد فهو مخطوط
ولا يوجد لدينا، نعم استقرب الكراهة في الإيضاح 1: 396.
(5) كذا في " ن " و " ص "، وفي " ف ": فيها، وفي سائر النسخ: بينها.
(6) انظر التذكرة 1: 463.
163

إلا أن يقال: إن المكتوب فيها غير مملوك عرفا، ولا يجعل بإزاء الاسم
الشريف المبارك من حيث إنه اسمه صلى الله عليه وآله وسلم جزء من الثمن، فهو
كاسمه المبارك المكتوب على سيف أو على باب دار أو جدار، إلا أن
يقال: إن مناط الحرمة التسليط، لا المعاوضة، بل ولا التمليك (1).
ويشكل أيضا من جهة مناولتها الكافر مع العلم العادي بمسه إياه (2)
خصوصا مع الرطوبة.

(1) في " ف ": ولا التكسب.
(2) في " ف ": إياها.
164

[المسألة] الثانية
جوائز السلطان وعماله، بل مطلق المال المأخوذ منهم مجانا
أو عوضا، لا يخلو عن أحوال:
لأنه إما أن لا يعلم أن (1) في جملة أموال هذا الظالم مال محرم
يصلح لكون المأخوذ هو (2) من ذلك المال، وإما أن يعلم.
وعلى الثاني: فإما أن لا يعلم أن ذلك المحرم أو شيئا منه هو (3)
داخل في المأخوذ، وإما أن يعلم ذلك.
وعلى الثاني: فإما أن يعلم تفصيلا، وإما أن يعلم إجمالا، فالصور
أربع:
أما الأولى، فلا إشكال فيها في جواز الأخذ وحلية التصرف،
للأصل والإجماع والأخبار الآتية، لكن ربما يوهم بعض الأخبار أنه
يشترط في حل مال الجائر ثبوت مال حلال له، مثل ما عن

(1) لم ترد " أن " في " ش ".
(2) شطب على " هو " في " ف " و " ن ".
(3) شطب على " هو " في " ن ".
165

الاحتجاج عن الحميري، أنه كتب إلى صاحب الزمان عجل الله فرجه يسأله
عن الرجل يكون من وكلاء الوقف مستحلا (1) لما في يده، ولا يتورع (2)
عن (3) أخذ ماله، ربما نزلت في قرية (4) وهو فيها، أو أدخل (5) منزله
وقد حضر طعامه، فيدعوني إليه، فإن لم آكل (6) عاداني عليه (7)، فهل
يجوز لي أن آكل من طعامه، وأتصدق بصدقة؟ وكم مقدار الصدقة؟
وإن أهدى هذا الوكيل هدية إلى رجل آخر (8) فيدعوني إلى أن أنال
منها، وأنا أعلم أن الوكيل لا يتورع عن أخذ ما في يده، فهل علي
فيه (9) شئ إن أنا نلت منه؟ (10).
الجواب: " إن كان لهذا الرجل مال أو معاش غير ما في يده،

(1) في الوسائل ونسخة بدل " ش ": مستحل.
(2) في المصدر ونسخة بدل " ش ": ولا يرع.
(3) في " ف ": من.
(4) في المصدر و " ص ": قريته.
(5) في " خ ": وأدخل.
(6) في المصدر و " ص " ونسخة بدل " ش " زيادة: من طعامه، وفي مصححة
" م ": طعامه.
(7) لم ترد " عليه " في غير " ش ".
(8) ورد في " ف "، " ن "، " خ "، " م " و " ع " بدل عبارة: " وإن أهدى - إلى -
آخر " العبارة التالية: وإن أهدى إلي هذا الوكيل.
(9) لم ترد " فيه " في " ف "، " خ "، " م " و " ع ".
(10) عبارة: " إن أنا نلت منه " من " ش " والمصدر.
166

فاقبل بره (1)، وإلا فلا " (2)، بناء على أن الشرط في الحلية هو وجود
مال آخر، فإذا لم يعلم به لم يثبت الحل، لكن هذه الصورة قليلة (3)
التحقق.
وأما الثانية،
فإن كانت الشبهة فيها غير محصورة، فحكمها
كالصورة الأولى، وكذا إذا كانت محصورة بين ما لا يبتلي المكلف به
وبين ما من شأنه الابتلاء به، كما إذا علم أن الواحد المردد بين هذه
الجائزة وبين أم ولده المعدودة من خواص نسائه مغصوب، وذلك
لما تقرر في الشبهة المحصورة (4) من اشتراط (5) تعلق التكليف فيها بالحرام
الواقعي بكون كل من المشتبهين بحيث يكون التكليف بالاجتناب عنه
منجزا لو فرض كونه هو المحرم الواقعي، لا مشروطا بوقت الابتلاء
المفروض انتفاؤه في أحدهما (6) في المثال، فإن التكليف - حينئذ (7) -
غير منجز بالحرام الواقعي على أي تقدير، لاحتمال كون المحرم في المثال
هي أم الولد، وتوضيح المطلب في محله.

(1) في المصدر: فكل طعامه وأقبل بره.
(2) الإحتجاج 2: 306، والوسائل 12: 160، الباب 51 من أبواب ما يكتسب به،
الحديث 15.
(3) كذا في " ص "، وفي سائر النسخ: قليل.
(4) راجع فرائد الأصول: 419 (التنبيه الثالث).
(5) في " ش " زيادة: تنجز.
(6) شطب في " ف " على عبارة: " المفروض انتفاؤه في أحدهما " وكتب بدله: إذا
فرض عدم ابتلائه بأحدهما.
(7) من " ف " فقط.
167

ثم إنه صرح جماعة (1) بكراهة الأخذ، وعن المنتهى (2) الاستدلال
له باحتمال الحرمة، وبمثل قولهم عليهم السلام (3): " دع ما يريبك " (4)، وقولهم:
" من ترك الشبهات نجا من المحرمات... الخ " (5).
وربما يزاد على ذلك: بأن أخذ المال منهم يوجب محبتهم، فإن
القلوب مجبولة على حب من أحسن إليها، ويترتب عليه (6) من المفاسد
ما لا يخفى.
وفي الصحيح: " إن أحدكم لا يصيب من دنياهم شيئا إلا أصابوا
من دينه مثله " (7).
وما (8) عن الإمام الكاظم من (9) قوله عليه السلام: " لولا أني أرى من

(1) كالعلامة في المنتهى 2: 1026، والشهيد الثاني في المسالك 3: 141، والمحقق
الأردبيلي في مجمع الفائدة 8: 86، والمحدث البحراني في الحدائق 18: 261،
والسيد الطباطبائي في الرياض 1: 509، والسيد المجاهد في المناهل: 303.
(2) تقدم التخريج عنه.
(3) في " ف ": ولمثل قولهم، وفي " ن ": وبمثل قوله، وفي سائر النسخ: ولمثل
قوله.
(4) الوسائل 18: 127، الباب 12 من أبواب صفات القاضي، الحديث 56.
(5) الوسائل 18: 114، الباب 12 من أبواب صفات القاضي، الحديث 9.
(6) في " ف " على ذلك.
(7) الوسائل 12: 129، الباب 42 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 5.
(8) شطب على " ما " في " ف ".
(9) شطب على " من " في " ف ".
168

أزوجه بها (1) من عزاب آل (2) أبي طالب - لئلا ينقطع نسله -
ما قبلتها (3) أبدا " (4).
ثم إنهم ذكروا ارتفاع الكراهة بأمور:
منها: إخبار المجيز بحليته (5)، بأن يقول: هذه الجائزة من تجارتي
أو زراعتي، أو نحو ذلك مما يحل للآخذ التصرف فيه.
وظاهر المحكي عن الرياض (6) تبعا لظاهر الحدائق (7) أنه
مما لا خلاف فيه. واعترف ولده قدس سره في المناهل (8) بأنه لم يجد (9) له
مستندا، مع أنه (10) لم يحك التصريح به إلا عن الأردبيلي (11)، ثم عن (12)
العلامة الطباطبائي (13).

(1) من " ش " والمصدر.
(2) في المصدر ونسخة بدل " ش ": بني.
(3) كذا في " ش " ومصححة " ن " والمصدر، وفي سائر النسخ: ما قبلته.
(4) الوسائل 12: 159، الباب 51 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 11.
(5) في " ش ": بحلية.
(6) الرياض 1: 509، وحكاه السيد العاملي في مفتاح الكرامة 4: 117.
(7) الحدائق 18: 261.
(8) المناهل: 303.
(9) كذا في " ف "، وفي غيرها: لم نجد.
(10) في " ف " شطب على " مع أنه " وكتب فوقه: و.
(11) مجمع الفائدة 8: 86.
(12) في " ف " شطب على " ثم عن "، وكتب فوقه: و.
(13) حكاه السيد المجاهد في المناهل: 303.
169

ويمكن أن يكون المستند ما دل على قبول قول (1) ذي اليد (2)
فيعمل بقوله، كما لو قامت البينة على تملكه، وشبهة الحرمة وإن لم ترتفع
بذلك، إلا أن الموجب للكراهة ليس مجرد الاحتمال، وإلا لعمت (3)
الكراهة أخذ المال من كل أحد، بل الموجب له: كون الظالم مظنة الظلم
والغصب وغير متورع عن المحارم، نظير كراهة سؤر من لا يتوقى
النجاسة، وهذا المعنى يرتفع بإخباره، إلا إذا كان خبره ك‍ " يده " مظنة
للكذب، لكونه ظالما غاصبا، فيكون خبره حينئذ ك‍ " يده وتصرفه "
غير مفيد إلا للإباحة الظاهرية الغير المنافية للكراهة، فيخص (4) الحكم
برفع الكراهة بما إذا كان مأمونا في خبره، وقد صرح الأردبيلي قدس سره
بهذا القيد في إخبار وكيله (5). وبذلك يندفع ما يقال (6): من أنه لا فرق
بين يد الظالم وتصرفه، وبين خبره، في كون كل منهما مفيدا للملكية
الظاهرية غير مناف للحرمة الواقعية المقتضية للاحتياط، فلا وجه
لوجود الكراهة الناشئة عن حسن الاحتياط مع اليد، وارتفاعها مع
الأخبار، فتأمل.

(1) لم ترد " قول " في " ن "، وكتب عليها في " خ ": زائد.
(2) انظر الوسائل 18: 214، الباب 25 من أبواب كيفية الحكم وآداب القاضي.
(3) في " ص ": عمت.
(4) في مصححة " ن " ونسخة بدل " ص " و " ش ": فيختص.
(5) راجع مجمع الفائدة 8: 86.
(6) لم نقف على القائل.
170

ومنها: إخراج الخمس منه، حكي عن المنتهى (1) والمحقق
الأردبيلي قدس سره (2)، وظاهر الرياض (3) هنا أيضا عدم الخلاف، ولعله
لما ذكر في المنتهى - في وجه استحباب إخراج الخمس من هذا المال -:
من أن الخمس مطهر للمال المختلط يقينا بالحرام، فمحتمل الحرمة أولى
بالطهر به (4)، فإن مقتضى الطهارة بالخمس صيرورة المال حلالا واقعيا،
فلا يبقى حكم الشبهة كما لا يبقى في المال المختلط يقينا بعد إخراج
الخمس.
نعم (5)، يمكن الخدشة في أصل الاستدلال: بأن الخمس إنما يطهر
المختلط بالحرام، حيث إن بعضه حرام وبعضه حلال، فكأن الشارع جعل
الخمس بدل ما فيه من الحرام، فمعنى تطهيره تخليصه بإخراج الخمس
مما فيه من الحرام، فكأن المقدار الحلال طاهر (6) في نفسه إلا أنه
قد تلوث - بسبب الاختلاط مع الحرام (7) - بحكم الحرام وهو وجوب

(1) المنتهى 2: 1025.
(2) مجمع الفائدة 8: 87.
(3) الرياض 1: 509.
(4) كذا في " ف " و " ن "، وفي " خ "، " م "، " ع " و " ص ": بالطهرية، وفي
" ش ": بالتطهير به.
(5) في نسخة بدل " ش ": " لكن "، وشطب في " ف " على " نعم " وكتب بدله:
" لكن ".
(6) كذا في " ف "، وفي غيرها: فكان المقدار الحلال طاهرا.
(7) في هامش " ص " زيادة: فصار محكوما - صح.
171

الاجتناب، فإخراج الخمس مطهر له عن هذه القذارة (1) العرضية،
وأما المال المحتمل لكونه بنفسه حراما وقذرا ذاتيا فلا معنى لتطهره (2)
بإخراج خمسه، بل المناسب لحكم الأصل - حيث جعل الاختلاط قذارة
عرضية - كون الحرام قذر العين، ولازمه أن المال المحتمل الحرمة غير
قابل للتطهير فلا بد من الاجتناب عنه.
نعم، يمكن أن يستأنس أو يستدل على استحباب الخمس - بعد
فتوى النهاية (3) التي هي كالرواية، ففيها (4) كفاية في الحكم بالاستحباب (5)،
وكذلك فتوى السرائر (6) مع عدم العمل فيها إلا بالقطعيات - بالموثقة
المسؤول فيها عن عمل السلطان يخرج فيه الرجل، قال عليه السلام:
" لا، إلا أن لا يقدر على شئ يأكل ويشرب (7) ولا يقدر على حيلة (8)
فإن فعل فصار في يده شئ فليبعث بخمسه إلى أهل البيت عليهم السلام " (9)،
فإن موردها وإن كان ما يقع في يده بإزاء العمل إلا أن الظاهر عدم
الفرق بينه وبين ما يقع في اليد على وجه الجائزة.

(1) في " ن "، " خ "، " م " و " ع ": القذرة.
(2) في " ص " و " ش ": لتطهيره.
(3) النهاية: 357 - 358.
(4) في " ف ": ففيه.
(5) عبارة " في الحكم بالاستحباب " مشطوب عليها في " ف ".
(6) السرائر 2: 203.
(7) في الوسائل: ولا يشرب.
(8) عبارة " على شئ - إلى - على حيلة " من " ش " والمصدر.
(9) الوسائل 12: 146، الباب 48 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 3.
172

ويمكن أن يستدل له أيضا بما دل على وجوب الخمس في الجائزة
مطلقا، وهي عدة أخبار مذكورة في محلها (1)، وحيث إن المشهور غير
قائلين بوجوب الخمس في الجائزة حملوا تلك الأخبار على
الاستحباب (2).
ثم إن المستفاد مما تقدم (3) من اعتذار الكاظم عليه السلام من قبول
الجائزة بتزويج عزاب الطالبيين لئلا ينقطع نسلهم، ومن غيره: أن
الكراهة ترتفع بكل مصلحة هي أهم في نظر الشارع من الاجتناب عن
الشبهة، ويمكن أن يكون اعتذاره عليه السلام إشارة إلى أنه لولا صرفها
فيما يصرف فيه المظالم المردودة لما قبلها، فيجب أو ينبغي أن يأخذها
ثم يصرفها في مصارفها (4).
وهذه الفروع كلها بعد الفراغ عن إباحة أخذ الجائزة، والمتفق
عليه من صورها: صورة عدم العلم بالحرام في ماله أصلا، أو العلم

(1) الوسائل 6: 350، الباب 8 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث 5 و 7.
(2) لم نجد التصريح به في كلمات الأصحاب، نعم مقتضى فتوى المشهور بعدم
وجوب الخمس في الجوائز والهدايا حمل تلك الأخبار على الاستحباب، قال
المحقق السبزواري قدس سره في الذخيرة (483): " المشهور بين الأصحاب وجوب
الخمس في جميع أنواع التكسب: من تجارة وصناعة وزراعة وغير ذلك عدا
الميراث والصداق والهبة "، ومثله في الحدائق 12: 351 و 352.
(3) في الصفحة 170 - 171.
(4) العبارة في غير " ش " هكذا: " ثم يصرفها في مصارف الحرام "، لكن شطب
عليها في " ف "، وورد في هامش " ن "، " م " و " ص " بعد كلمة " الحرام ":
" المجهول المالك - صح ".
173

بوجود الحرام مع كون الشبهة غير محصورة، أو محصورة ملحقة بغير
المحصورة، على ما عرفت.
وإن كانت الشبهة محصورة بحيث تقتضي قاعدة الاحتياط لزوم
الاجتناب عن الجميع، لقابلية تنجز التكليف بالحرام المعلوم إجمالا،
فظاهر جماعة - المصرح به في المسالك وغيره - الحل وعدم لحوق حكم
الشبهة المحصورة هنا.
قال في الشرائع: جوائز السلطان الظالم (1) إن علمت حراما بعينها
فهي حرام (2)، ونحوه عن نهاية الإحكام (3) والدروس (4) وغيرهما (5).
قال في المسالك: التقييد بالعين إشارة إلى جواز أخذها وإن علم
أن في ماله مظالم، كما هو مقتضى حال الظالم، ولا يكون حكمه حكم
المال المختلط بالحرام في وجوب اجتناب الجميع، للنص على ذلك (6)،
انتهى.
أقول: ليس في أخبار الباب ما يكون حاكما على قاعدة
الاحتياط في الشبهة المحصورة، بل هي مطلقة أقصاها كونها من قبيل

(1) في " ش ": جوائز السلطان الجائر، وفي المصدر: جوائز الجائر.
(2) الشرائع 2: 12.
(3) نهاية الإحكام 2: 525.
(4) الدروس 3: 170.
(5) كالكفاية: 88، والرياض 1: 509.
(6) المسالك 3: 141، وراجع النص في الوسائل 12: 156، الباب 51 من
أبواب ما يكتسب به.
174

قولهم عليهم السلام: " كل شئ لك حلال " (1)، أو " كل شئ فيه حلال
وحرام فهو لك حلال " (2).
وقد تقرر (3) حكومة قاعدة الاحتياط على ذلك، فلا بد حينئذ من
حمل الأخبار على مورد لا تقتضي القاعدة لزوم الاجتناب عنه،
كالشبهة الغير المحصورة أو المحصورة التي (4) لم يكن كل من محتملاتها (5)
موردا لابتلاء المكلف، أو على أن ما يتصرف فيه الجائر بالإعطاء يجوز
أخذه، حملا لتصرفه على الصحيح، أو لأن تردد الحرام بين ما ملكه
الجائر وبين غيره (6)، من قبيل التردد بين ما ابتلي به المكلف،
وما لم يبتل به، وهو ما لم يعرضه الجائر لتمليكه (7)، فلا يحرم قبول
ما ملكه، لدوران الحرام بينه وبين ما لم يعرضه لتمليكه، فالتكليف
بالاجتناب عن الحرام الواقعي غير منجز عليه كما أشرنا إليه سابقا (8)،

(1) الوسائل 12: 60، الباب 4 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 4،
وفيه: هو لك حلال.
(2) الوسائل 12: 59، الباب 4 من أبواب ما يكتسب به، الحديث الأول.
(3) انظر فرائد الأصول: 403.
(4) في غير " ش ": المحصور الذي.
(5) في غير " ش ": محتملاته.
(6) شطب في " ف " على " غيره "، وكتب بدله بخط مغاير لخط المتن:
" ما لم يعرضه الجائر لتمليكه ".
(7) شطب في " ف " على عبارة: " وهو ما لم يعرضه الجائر لتمليكه "، وكتب عليه
في " م "، " خ " و " ش ": نسخة.
(8) في الصفحة 169.
175

فلو فرضنا موردا خارجا عن هذه الوجوه المذكورة، كما إذا أراد أخذ
شئ من ماله مقاصة، أو أذن له الجائر في أخذ شئ من أمواله على
سبيل التخيير (1)، أو علم أن المجيز قد أجازه من المال المختلط في
اعتقاده بالحرام - بناء (2) على أن اليد لا تؤثر في حل ما كلف (3) ظاهرا
بالاجتناب عنه (4)، كما لو علمنا أن الشخص أعارنا أحد الثوبين
المشتبهين في نظره، فإنه لا يحكم بطهارته - فالحكم في هذه الصور (5)
بجواز أخذ بعض ذلك مع العلم بالحرام فيه (6)، وطرح قاعدة الاحتياط
في الشبهة المحصورة في غاية الاشكال، بل الضعف.
فلنذكر النصوص الواردة في هذا المقام، ونتكلم في مقدار شمول
كل واحد منها بعد ذكره (7) حتى يعلم عدم نهوضها للحكومة على
القاعدة.
فمن الأخبار التي استدل بها في هذا المقام: قوله عليه السلام: " كل
شئ فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه

(1) وردت عبارة: " أو أذن له - إلى - التخيير " في " خ "، " م "، " ع " و " ص "
بعد قوله: " أو علم أن المجيز قد أجازه ".
(2) من " ش " ومصححة " ن ".
(3) كذا في " ش " ومصححة " ف " و " ن " ونسخة بدل " ص "، والعبارة في
" خ "، " م "، " ع " و " ص " هكذا: لا تؤثر فيه لما كلف.
(4) " عنه " من " ش " ومصححة " ن ".
(5) كذا في " ش " ومصححة " ف " و " ن "، وفي غيرها: الصورة.
(6) في نسخة بدل " ش ": عنه.
(7) " بعد ذكره " مشطوب عليها في " ف ".
176

فتدعه " (1)، وقوله عليه السلام: " كل شئ لك حلال حتى تعرف الحرام منه
بعينه " (2).
ولا يخفى أن المستند في المسألة لو كان مثل هذا لكان الواجب
إما التزام أن القاعدة في الشبهة المحصورة عدم وجوب الاحتياط مطلقا،
كما عليه شرذمة من متأخري المتأخرين (3)، أو أن مورد الشبهة المحصورة
من جوائز الظلمة خارج عن عنوان الأصحاب، وعلى أي تقدير فهو
على طرف النقيض مما تقدم عن المسالك (4).
ومنها: صحيحة أبي ولاد، قال: " قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
ما ترى في رجل يلي أعمال السلطان ليس له مكسب إلا من أعمالهم،
وأنا أمر به وأنزل عليه فيضيفني ويحسن إلي، وربما أمر لي بالدراهم
والكسوة، وقد ضاق صدري من ذلك؟ فقال لي: كل وخذ منها (5)،
فلك المهنأ (6)، وعليه الوزر (7) " (8).
والاستدلال به على المدعى لا يخلو عن نظر، لأن الاستشهاد إن

(1) الوسائل 12: 59، الباب 4 من أبواب ما يكتسب به، الحديث الأول.
(2) الوسائل 12: 60، نفس الباب، الحديث 4، وفيه: " حتى تعلم أنه حرام
بعينه ".
(3) لم نقف عليهم.
(4) راجع الصفحة 176.
(5) في مصححة " ص " والمصدر: منه.
(6) في نسخة بدل " م " و " ش " ونسخة بدل المصدر: الحظ.
(7) في غير " ش " زيادة: الخبر، والظاهر أنه لا حاجة إليه، لأن الخبر مذكور بتمامه.
(8) الوسائل 12: 156، الباب 51 من أبواب ما يكتسب به، الحديث الأول.
177

كان من حيث حكمه عليه السلام بحل مال العامل المجيز للسائل، فلا يخفى أن
الظاهر من هذه الرواية ومن غيرها من الروايات: حرمة ما يأخذه
عمال السلطان بإزاء عملهم له، وأن العمل للسلطان من المكاسب
المحرمة، فالحكم بالحل ليس إلا من حيث احتمال كون ما يعطي من
غير أعيان ما يأخذه من السلطان، بل مما اقترضه أو اشتراه في الذمة،
وأما من حيث إن ما يقع من العامل بيد السائل لكونه من (1) مال
السلطان حلال لمن وجده، فيتم الاستشهاد.
لكن فيه - مع أن الاحتمال الأول مسقط للاستدلال على حل
المشتبه المحصور الذي تقضي (2) القاعدة لزوم الاحتياط فيه، لأن الاعتماد
حينئذ على اليد، كما لو فرض مثله في غير الظلمة -: أن الحكم بالحل
على هذا الاحتمال غير وجيه، إلا على تقدير كون المال المذكور من
الخراج والمقاسمة المباحين للشيعة، إذ لو كان من صلب مال السلطان
أو غيره لم يتجه حله لغير المالك بغير رضاه، لأن المفروض حرمته
على العامل، لعدم احترام عمله.
وكيف كان، فالرواية إما من أدلة حل مال السلطان، المحمول (3)
بحكم الغلبة إلى (4) الخراج والمقاسمة، وإما من أدلة حل المال المأخوذ من
المسلم، لاحتمال كون المعطي مالكا له، ولا اختصاص له بالسلطان

(1) لم ترد " من " في " ف ".
(2) في مصححة " ص ": تقتضي.
(3) في " خ ": المحمولة.
(4) في مصححة " ن ": على.
178

أو عماله أو مطلق الظالم أو غيره، وأين هذا من المطلب الذي هو
حل ما في يد الجائر مع العلم إجمالا بحرمة بعضه، المقتضي مع حصر
الشبهة للاجتناب عن جميعه؟
ومما ذكرنا يظهر الكلام في مصححة (1) أبي المغرا (2): " أمر بالعامل
فيجيزني بالدراهم آخذها؟ قال: نعم، قلت: وأحج بها؟ قال: (3) نعم،
وحج بها " (4).
ورواية محمد بن هشام: " أمر بالعامل فيصلني بالصلة (5) أقبلها؟
قال: نعم. قلت: وأحج بها (6)؟ قال: نعم و (7) حج بها (8) " (9).
ورواية (10) محمد بن مسلم وزرارة عن أبي جعفر عليه السلام: " جوائز
السلطان ليس بها بأس " (11).

(1) في " م ": صحيحة.
(2) في " ف "، " ع "، " ش " وظاهر " ص ": المعزا.
(3) عبارة " نعم، قلت: وأحج بها؟ قال: " من " ش " والمصدر.
(4) الوسائل 12: 156، الباب 51 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 2 وذيله.
(5) كذا في " ش " ومصححة " م "، وفي " ف "، " ن "، " خ "، و " ع ": الصلة.
(6) في المصدر ومصححة " ص ": منها.
(7) عبارة " نعم و " من " ش " ومصححة " م ".
(8) في المصدر ومصححة " ص ": منها.
(9) الوسائل 12: 157، الباب 51 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 3.
(10) كذا في " ش " ومصححة " ن "، وفي سائر النسخ: وأما رواية.
(11) الوسائل 12: 157، الباب 51 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 5،
والرواية مضمرة، وفيها: " جوائز العمال... ".
179

إلى غير ذلك من الإطلاقات التي لا تشمل من صورة العلم
الإجمالي بوجود الحرام إلا الشبهة غير المحصورة.
وعلى تقدير شمولها لصورة العلم الإجمالي مع انحصار الشبهة،
فلا تجدي، لأن الحل فيها مستند إلى تصرف الجائر بالإباحة والتمليك،
وهو محمول على الصحيح، مع أنه لو أغمض النظر عن هذا أو رد
بشمول (1) الأخبار لما إذا أجاز الجائر من المشتبهات في نظره بالشبهة
المحصورة - ولا يجري هنا أصالة الصحة في تصرفه - يمكن (2) استناد الحل
فيها إلى ما ذكرنا سابقا (3)، من أن تردد الحرام بين ما أباحه الجائر
أو ملكه وبين ما بقي تحت يده من الأموال التي لا دخل فيها للشخص
المجاز، تردد بين ما ابتلى به المكلف من المشتبهين وبين ما لم يبتل به،
ولا يجب الاجتناب حينئذ عن شئ منهما، من غير فرق بين هذه
المسألة وغيرها من موارد الاشتباه، مع كون أحد المشتبهين مختصا
بابتلاء المكلف به.
ثم لو فرض نص مطلق في حل هذه الشبهة مع قطع النظر عن
التصرف وعدم الابتلاء بكلا المشتبهين، لم ينهض للحكومة على قاعدة
الاحتياط في الشبهة المحصورة، كما لا ينهض ما تقدم من قولهم عليهم السلام:
" كل شئ حلال... الخ ".

(1) كذا في " ش " ومصححة " ن "، وفي سائر النسخ: لشمول.
(2) كذا في " ف "، " ش " ومصححة " ن "، وفي مصححة " ص ": فيمكن، وفي
سائر النسخ: ويمكن.
(3) في غير " ش ": ما ذكر سابقا.
180

ومما ذكرنا يظهر: أن إطلاق الجماعة (1) لحل ما يعطيه الجائر مع
عدم العلم بحرمته عينا: إن كان شاملا لصورة العلم الإجمالي بوجود
حرام في الجائزة مردد بين هذا وبين غيره مع انحصار الشبهة، فهو
مستند إلى حمل تصرفه على الصحة أو إلى عدم الاعتناء بالعلم
الإجمالي، لعدم ابتلاء المكلف بالجميع، لا لكون هذه المسألة خارجة
بالنص عن (2) حكم الشبهة المحصورة.
نعم، قد يخدش في حمل تصرف الظالم على الصحيح من حيث إنه
مقدم على التصرف فيما في يده من المال المشتمل على الحرام على وجه
عدم المبالاة بالتصرف في الحرام، فهو كمن أقدم على ما في يده من
المال المشتبه المختلط عنده بالحرام، ولم يقل أحد بحمل تصرفه حينئذ
على الصحيح.
لكن الظاهر أن هذه الخدشة غير مسموعة عند الأصحاب، فإنهم
لا يعتبرون في الحمل على الصحيح احتمال تورع المتصرف عن التصرف
الحرام لكونه حراما، بل يكتفون باحتمال صدور الصحيح منه ولو لدواع
أخر.
وأما عدم الحمل فيما إذا أقدم المتصرف على الشبهة المحصورة
الواقعة تحت يده، فلفساد تصرفه في ظاهر الشرع، فلا يحمل على
الصحيح الواقعي، فتأمل، فإن المقام لا يخلو عن إشكال.
وعلى أي تقدير، فلم يثبت من النص ولا الفتوى - مع اجتماع

(1) المتقدم ذكرهم في الصفحة 176.
(2) كذا في " ف " ونسخة بدل " م "، وفي سائر النسخ: من.
181

شرائط إعمال قاعدة الاحتياط في الشبهة المحصورة - عدم وجوب
الاجتناب في المقام، وإلغاء (1) تلك القاعدة.
وأوضح ما في هذا الباب من عبارات الأصحاب ما في السرائر،
حيث قال: إذا كان يعلم أن فيه شيئا مغصوبا إلا أنه غير متميز العين،
بل هو مخلوط في غيره من أمواله أو غلاته التي يأخذها على جهة
الخراج، فلا بأس بشرائه منه وقبول صلته، لأنها صارت بمنزلة
المستهلك، لأنه غير قادر على ردها بعينها (2)، انتهى.
وقريب منها ظاهر عبارة النهاية (3) بدون ذكر التعليل، ولا ريب
أن الحلي لم يستند في تجويز أخذ المال المردد إلى النص، بل إلى
ما زعمه من القاعدة، ولا يخفى عدم تماميتها (4)، إلا أن يريد به الشبهة
الغير المحصورة بقرينة الاستهلاك، فتأمل (5).
الصورة الثالثة: أن (6) يعلم تفصيلا حرمة ما يأخذه، ولا إشكال (7) في
حرمته حينئذ على الآخذ (8)، إلا أن الكلام في حكمه إذا وقع في يده،

(1) كذا في " ش " ومصححة " ن "، وفي سائر النسخ: إبقاء.
(2) السرائر 2: 203.
(3) النهاية: 358.
(4) في " ف ": تمامها.
(5) لم ترد " فتأمل " في " ف ".
(6) وردت العبارة في " ش " هكذا: وأما الصورة الثالثة: فهو أن.
(7) في " ش ": فلا إشكال.
(8) العبارة في " ف " هكذا: ولا إشكال حينئذ في حرمته على الآخذ.
182

فنقول: علمه بحرمته إما أن يكون قبل وقوعه في يده، وإما أن يكون بعده.
فإن كان قبله لم يجز له أن يأخذه بغير نية الرد إلى صاحبه،
سواء أخذه اختيارا أو تقية، لأن أخذه بغير هذه النية (1) تصرف لم
يعلم رضا صاحبه به، والتقية تتأدى (2) بقصد الرد، فإن أخذه بغير هذه
النية كان غاصبا ترتب عليه أحكامه. وإن أخذه بنية الرد كان محسنا،
وكان في يده أمانة شرعية.
وإن كان العلم به بعد وقوعه في يده كان كذلك أيضا، ويحتمل
قويا الضمان هنا، لأنه أخذه بنية التملك، لا بنية الحفظ والرد، ومقتضى
عموم " على اليد " (3) الضمان.
وظاهر المسالك عدم الضمان رأسا مع القبض جاهلا، قال: لأنه
يد أمانة فيستصحب (4). وحكي موافقته عن العلامة الطباطبائي رحمه الله في
مصابيحه (5)، لكن المعروف من المسالك (6) وغيره (7) في مسألة ترتب
الأيدي على مال الغير، ضمان كل منهم ولو مع الجهل، غاية الأمر

(1) عبارة " بغير هذه النية " مشطوب عليها في " ف " ظاهرا.
(2) كذا في " ن " و " ص "، وفي " ف "، " خ "، " م " و " ع ": تنادي، وفي
" ش ": تتنادى.
(3) عوالي اللآلي 1: 224، الحديث 106، والصفحة 389، الحديث 21.
(4) المسالك 3: 142.
(5) حكاه صاحب الجواهر في الجواهر 22: 179، وانظر المصابيح (مخطوط): 55.
(6) المسالك (الطبعة الحجرية) 2: 205.
(7) راجع جامع المقاصد 6: 225.
183

رجوع الجاهل على العالم إذا لم يقدم على أخذه مضمونا، ولا إشكال
عندهم ظاهرا في أنه لو استمر جهل القابض المتهب إلى أن تلف في
يده كان للمالك الرجوع عليه، ولا رافع (1) يقينيا (2) لهذا المعنى مع
حصول العلم بكونه مال الغير، فيستصحب الضمان لا عدمه.
وذكر في المسالك في من استودعه الغاصب مالا مغصوبا: أنه
لا يرده إليه مع الإمكان، ولو أخذه منه قهرا ففي الضمان نظر، والذي
يقتضيه قواعد الغصب أن للمالك الرجوع على أيهما شاء وإن كان قرار
الضمان على الغاصب (3)، انتهى.
والظاهر أن مورد كلامه: ما إذا أخذ الودعي المال من الغاصب
جهلا بغصبه ثم تبين له، وهو الذي حكم فيه هنا بعدم الضمان
لو استرده الظالم المجيز أو تلف بغير تفريط.
وعلى أي حال، فيجب على المجاز رد الجائزة بعد العلم
بغصبيتها (4) إلى مالكها أو وليه، والظاهر أنه لا خلاف في كونه فوريا (5).
نعم، يسقط بإعلام صاحبه به، وظاهر أدلة وجوب أداء الأمانة
وجوب الإقباض، وعدم كفاية التخلية، إلا أن يدعى أنها في مقام
حرمة الحبس ووجوب التمكين، لا تكليف الأمين بالإقباض، ومن هنا

(1) في " ص ": ولا دافع.
(2) من " ش " فقط.
(3) المسالك 5: 99 - 100.
(4) في " ف ": بغصبها.
(5) كذا في " ف " و " ش " ومصححة " ن "، وفي سائر النسخ: ضامنا.
184

ذكر غير واحد (1) - كما عن التذكرة (2) والمسالك (3) وجامع المقاصد (4) -:
أن المراد برد الأمانة رفع يده عنها والتخلية بينه وبينها.
وعلى هذا فيشكل حملها إليه، لأنه تصرف لم يؤذن فيه، إلا إذا
كان الحمل مساويا لمكانه الموجود فيه أو أحفظ، فإن الظاهر جواز نقل
الأمانة الشرعية من مكان إلى ما لا يكون أدون من الأول في الحفظ.
ولو جهل صاحبه وجب الفحص مع الإمكان، لتوقف الأداء
الواجب - بمعنى التمكين وعدم الحبس - على الفحص، مضافا إلى الأمر به
في الدين المجهول المالك (5)، ثم لو ادعاه مدع، ففي سماع قول من يدعيه
مطلقا، لأنه لا معارض له، أو مع الوصف، تنزيلا له منزلة اللقطة،
أو يعتبر الثبوت شرعا، للأصل، وجوه.
ويحتمل غير بعيد: عدم وجوب الفحص، لإطلاق غير واحد من
الأخبار (6) (7).

(1) راجع الحدائق 21: 426، والرياض 1: 622، والكفاية: 133، وغيرها.
(2) التذكرة 2: 205.
(3) المسالك 5: 97.
(4) جامع المقاصد 6: 43.
(5) راجع الوسائل 17: 583، الباب 6 من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه،
الحديث 1 و 2.
(6) راجع الوسائل 12: 144، الباب 47 من أبواب ما يكتسب به، الحديث
الأول. و 17: 357، الباب 7 من أبواب اللقطة، الحديث 2.
(7) في هامش " ف " زيادة عبارة: " وإمكان الفرق بينه وبين الدين "، والظاهر
أن محلها بعد قوله: "... من الأخبار ".
185

ثم إن المناط صدق اشتغال الرجل بالفحص نظير ما ذكروه في
تعريف اللقطة (1).
ولو احتاج الفحص إلى بذل مال، كأجرة دلال صائح عليه،
فالظاهر عدم وجوبه على الآخذ (2)، بل يتولاه الحاكم ولاية عن
صاحبه، ويخرج من (3) العين أجرة الدلال ثم يتصدق بالباقي إن
لم يوجد (4) صاحبه، ويحتمل وجوبه عليه، لتوقف الواجب عليه.
وذكر جماعة (5) في اللقطة: أن أجرة التعريف على الواجد، لكن
حكي عن التذكرة: أنه إن قصد الحفظ دائما يرجع أمره إلى الحاكم،
ليبذل أجرته من بيت المال، أو يستقرض على المالك، أو يبيع بعضها
إن رآه أصلح (6)، واستوجه ذلك جامع المقاصد (7).
ثم إن الفحص لا يتقيد بالسنة، على ما ذكره الأكثر هنا (8)،
بل حده اليأس وهو مقتضى الأصل، إلا أن المشهور - كما في

(1) راجع مفتاح الكرامة 6: 160، والجواهر 38: 359 - 361.
(2) في غير " ش ": الواجد.
(3) كذا في " ف " و " ن "، وفي غيرهما: عن.
(4) في نسخة بدل " ص ": يجد.
(5) منهم العلامة في القواعد 1: 198، والشهيد في الدروس 3: 89،
والسبزواري في الكفاية: 238.
(6) التذكرة 2: 258.
(7) جامع المقاصد 6: 162.
(8) لم نعثر على مصرح بهذا، ولعله يظهر من إطلاق من أوجب الاجتهاد،
كما استظهره في المناهل: 305، راجع: السرائر 2: 203، والمنتهى 2: 1027.
186

جامع المقاصد (1) - على أنه إذا أودع الغاصب مال الغصب لم يجز الرد
إليه، بل يجب رده إلى (2) مالكه، فإن جهل عرف سنة ثم يتصدق به
عنه مع الضمان،
وبه رواية حفص بن غياث، لكن موردها في من
أودعه رجل من اللصوص دراهم أو متاعا واللص مسلم، فهل يرد
عليه؟ فقال: " لا يرد (3)، فإن أمكنه أن يرده على صاحبه فعل،
وإلا كان في يده بمنزلة اللقطة يصيبها، فيعرفها حولا، فإن أصاب
صاحبها ردها عليه (4)، وإلا تصدق بها، فإن جاء صاحبها بعد ذلك
خيره (5) بين الغرم والأجر، فإن اختار الأجر فالأجر له (6)، وإن اختار
الغرم غرم له وكان الأجر له (7) " (8).
وقد (9) تعدى الأصحاب من اللص إلى مطلق الغاصب، بل الظالم (10)،
ولم يتعدوا من الوديعة المجهول مالكها إلى مطلق ما يعطيه الغاصب
ولو بعنوان غير الوديعة، كما فيما نحن فيه.

(1) جامع المقاصد 6: 46.
(2) في " ف ": على.
(3) في " ص ": يردها.
(4) عبارة " ردها عليه " من " ص " والمصدر.
(5) كذا في " ص " والمصدر، وفي سائر النسخ: خير.
(6) في " ص " والمصدر: فله الأجر.
(7) في غير " ص " و " ش " زيادة: الخبر.
(8) الوسائل 17: 368، الباب 18 من أبواب اللقطة.
(9) في " ش ": وقد تقدم.
(10) عبارة " بل الظالم " من " ش " ومصححة " ن ".
187

نعم، ذكر في السرائر - في ما نحن فيه -: أنه روي: أنه بمنزلة
اللقطة (1)، ففهم التعدي من الرواية.
وذكر في التحرير: أن إجراء حكم اللقطة في ما نحن فيه ليس
ببعيد (2)، كما أنه عكس في النهاية والسرائر (3)، فألحقا الوديعة بمطلق
مجهول المالك (4).
والإنصاف: أن الرواية يعمل بها في الوديعة أو مطلق ما أخذ من
الغاصب بعنوان الحسبة للمالك، لا مطلق ما أخذ منه حتى لمصلحة
الآخذ،
فإن الأقوى فيه تحديد التعريف فيه باليأس، للأصل بعد
اختصاص المخرج عنه بما عدا ما نحن فيه.
مضافا إلى ما ورد من الأمر بالتصدق بمجهول المالك مع عدم
معرفة المالك، كما في الرواية الواردة في بعض عمال بني أمية - لعنهم
الله - من الأمر بالصدقة بما لا يعرف صاحبه مما وقع في يده من
أموال الناس بغير حق (5).
ثم الحكم بالصدقة هو المشهور في ما نحن فيه، أعني جوائز
الظالم، ونسبه في السرائر (6) إلى رواية أصحابنا، فهي مرسلة مجبورة

(1) السرائر 2: 204.
(2) التحرير 1: 163.
(3) في " ش "، " ع " و " م " ورد الرمز هكذا: " ير ".
(4) النهاية: 436، والسرائر 2: 204 - 205 و 435.
(5) الوسائل 12: 144، الباب 47 من أبواب ما يكتسب به، الحديث الأول.
(6) السرائر 2: 204.
188

بالشهرة المحققة، مؤيدة بأن التصدق أقرب طرق الإيصال.
وما ذكره الحلي (1): من إبقائها أمانة في يده والوصية (2)، معرض
المال (3) للتلف، مع أنه لا يبعد دعوى شهادة حال المالك، للقطع برضاه
بانتفاعه بماله في الآخرة على تقدير عدم انتفاعه به في الدنيا.
هذا، والعمدة: ما أرسله في السرائر (4)، مؤيدا بأخبار اللقطة (5)
وما في حكمها (6)، وببعض الأخبار الواردة في حكم ما في يد بعض
عمال بني أمية، الشامل بإطلاقها (7) لما نحن فيه من جوائز بني أمية،
حيث قال عليه السلام له (8): " أخرج من جميع ما اكتسبت في ديوانهم، فمن
عرفت منهم رددت عليه ماله، ومن لم تعرف تصدقت " (9).
ويؤيده أيضا: الأمر بالتصدق بما يجتمع عند الصياغين من أجزاء
النقدين (10)، وما ورد من الأمر بالتصدق بغلة الوقف المجهول أربابه (11)،

(1) في السرائر 2: 204.
(2) كذا، والمناسب: والوصية بها.
(3) في " ش ": للمال.
(4) السرائر 2: 204.
(5) الوسائل 17: 349 و 389، الباب 2 و 18 من أبواب اللقطة.
(6) في " ش " ومصححة " ن ": وما في منزلتها.
(7) في نسخة بدل " ص ": بإطلاقه.
(8) في " ع " و " ش ": قال له عليه السلام.
(9) الوسائل 12: 144، الباب 47 من أبواب ما يكتسب به، الحديث الأول.
(10) الوسائل 12: 484، الباب 16 من أبواب الصرف، الحديث 1 و 2.
(11) الوسائل 13: 303، الباب 6 من أبواب أحكام الوقوف والصدقات، الحديث الأول.
189

وما ورد من الأمر بالتصدق بما يبقى في ذمة الشخص لأجير
استأجره (1). ومثل (2) مصححة يونس: " فقلت: جعلت فداك (3) كنا مرافقين
لقوم بمكة، فارتحلنا عنهم وحملنا بعض متاعهم بغير علم، وقد ذهب
القوم ولا نعرفهم ولا نعرف أوطانهم وقد بقي المتاع عندنا، فما نصنع
به؟ قال: تحملونه حتى تلحقوهم بالكوفة. قال يونس: قلت له: لست
أعرفهم، ولا ندري كيف نسأل عنهم؟ قال: فقال عليه السلام (4): بعه واعط
ثمنه أصحابك. قال: فقلت (5): جعلت فداك، أهل الولاية؟ قال: فقال:
نعم (6) " (7).
نعم، يظهر من بعض الروايات: أن مجهول المالك مال
الإمام عليه السلام، كرواية داود بن أبي يزيد (8) عن أبي عبد الله: " قال:
قال له رجل: (9) إني قد أصبت مالا، وإني قد خفت فيه (10) على نفسي،

(1) الوسائل 17: 585، الباب 6 من أبواب ميراث الخنثى، الحديث 11.
(2) كذا في " ف "، وفي غيرها: ومثله.
(3) عبارة " فقلت: جعلت فداك " من " ش " والمصدر.
(4) لم ترد " فقال عليه السلام " في غير " ش ".
(5) في غير " ش " بدل " قال فقلت ": قلت.
(6) في غير " ش ": " قال: نعم ".
(7) الكافي 5: 309، الحديث 22، وانظر الوسائل 17: 357، الباب 7 من
أبواب اللقطة، الحديث 2.
(8) كذا في " ص " و " ش " والمصدر، وفي سائر النسخ: أبي زيد.
(9) عبارة " عن أبي عبد الله قال: قال له رجل " من " ش " والمصدر.
(10) كذا في " ف " والمصدر ونسخة بدل " ص "، وفي سائر النسخ: منه.
190

فلو أصبت صاحبه دفعته إليه وتخلصت منه (1). قال: فقال له (2)
أبو عبد الله عليه السلام: لو أصبته كنت تدفعه إليه؟ فقال: إي والله.
فقال عليه السلام: والله (3) ما له صاحب غيري. قال: فاستحلفه أن يدفعه
إلى من يأمره. قال (4): فحلف. قال: فاذهب وقسمه (5) بين (6) إخوانك
ولك الأمن مما خفت (7). قال: فقسمه بين إخوانه (8) " (9).
هذا، وأما باقي (10) ما ذكرناه في وجه التصدق من أنه إحسان،
وأنه أقرب طرق الإيصال، وأن الإذن فيه حاصل بشهادة الحال،
فلا يصلح شئ منها للتأييد، فضلا عن الاستدلال، لمنع جواز كل
إحسان في مال الغائب، ومنع كونه أقرب طرق الإيصال، بل الأقرب
دفعه إلى الحاكم الذي هو ولي الغائب.

(1) في غير " ش ": عنه.
(2) في غير " ش " بدل " قال فقال له ": فقال.
(3) في الفقيه ومصححة " ص ": " فلا والله "، وفي الكافي والوسائل: " فأنا
والله ".
(4) لم ترد " قال " في غير " ص " و " ش ".
(5) في " ص " والمصادر: فاقسمه.
(6) في المصادر ونسخة بدل " ص ": في.
(7) في " ص ": خفت منه، وفي " ش ": خفته.
(8) كذا في " ش " والفقيه، وفي الكافي والوسائل ومصححة " ن ": فقسمته بين
إخواني، وفي سائر النسخ: فقسمه بين أصحابه.
(9) الوسائل 17: 357، الباب 7 من أبواب اللقطة، الحديث الأول.
(10) لم ترد " باقي " في " خ "، " م "، " ع " و " ص ".
191

وأما شهادة الحال، فغير مطردة، إذ بعض الناس لا يرضى
بالتصدق، لعدم يأسه عن وصوله إليه، خصوصا إذا كان المالك مخالفا
أو ذميا يرضى بالتلف ولا يرضى بالتصدق على الشيعة.
فمقتضى القاعدة - لولا ما تقدم من النص (1) -: هو لزوم الدفع إلى
الحاكم، ثم الحاكم يتبع شهادة حال المالك، فإن شهدت برضاه بالصدقة
أو بالإمساك، عمل عليها (2)، وإلا تخير (3) بينهما، لأن كلا منهما تصرف
لم يؤذن فيه من المالك ولا بد من أحدهما، ولا ضمان فيهما (4).
ويحتمل قويا تعين (5) الإمساك، لأن الشك في جواز التصدق
يوجب بطلانه، لأصالة الفساد.
وأما بملاحظة ورود النص بالتصدق، فالظاهر عدم جواز الإمساك
أمانة، لأنه تصرف لم يؤذن فيه من المالك ولا الشارع، ويبقى الدفع
إلى الحاكم والتصدق (6).
وقد يقال: إن مقتضى الجمع بينه، وبين دليل ولاية الحاكم هو

(1) تقدم في الصفحة 191 وما بعدها.
(2) في " ش ": عليهما.
(3) في " م "، " ع " و " ش ": يخير.
(4) في غير " ن " و " ش ": فيها، وفي هامش " ص ": فيهما.
(5) في " ف "، " خ " و " ع ": تعيين.
(6) شطب على عبارة " ويبقى الدفع إلى الحاكم والتصدق " في " ف " - هنا -
وكتبت في الهامش مشيرا إلى محلها بعد قوله: " لم يؤذن فيه من المالك "، قبل
خمسة أسطر.
192

التخيير بين الصدقة والدفع إلى الحاكم، فلكل منهما الولاية.
ويشكل بظهور النص في تعيين التصدق. نعم، يجوز الدفع إليه من
حيث ولايته على مستحقي الصدقة وكونه أعرف بمواقعها.
ويمكن أن يقال: إن أخبار التصدق واردة في مقام إذن
الإمام عليه السلام بالصدقة، أو محمولة على بيان المصرف، فإنك إذا تأملت
كثيرا من التصرفات الموقوفة على إذن الحاكم وجدتها واردة في
النصوص على طريق الحكم العام، كإقامة البينة والإحلاف والمقاصة.
وكيف كان، فالأحوط - خصوصا بملاحظة ما دل (1) على أن
مجهول المالك مال الإمام عليه السلام - مراجعة الحاكم في الدفع إليه
أو استئذانه، ويتأكد ذلك في الدين المجهول المالك، إذ الكلي لا يتشخص
للغريم إلا بقبض الحاكم الذي هو وليه وإن كان ظاهر الأخبار الواردة
فيه (2) ثبوت الولاية للمديون.
ثم إن حكم تعذر الإيصال إلى المالك المعلوم تفصيلا حكم جهالة
المالك وتردده بين غير محصورين في التصدق استقلالا أو بإذن الحاكم،
كما صرح به جماعة، منهم المحقق في الشرائع (3) وغيره (4).
ثم إن مستحق هذه الصدقة هو الفقير، لأنه المتبادر من إطلاق

(1) الوسائل 17: 357، الباب 7 من أبواب اللقطة، الحديث الأول.
(2) انظر الصفحة 192 وما بعدها.
(3) الشرائع 2: 13.
(4) مثل العلامة في التحرير 1: 163، والسبزواري في الكفاية: 88، والطباطبائي
في الرياض 1: 509، وولده المجاهد في المناهل: 304.
193

الأمر بالتصدق.
وفي جواز إعطائها للهاشمي قولان: من أنها صدقة
مندوبة على (1) المالك وإن وجب على من هي بيده إلا أنه نائب
كالوكيل والوصي، ومن أنها (2) مال تعين صرفه بحكم الشارع، لا بأمر
المالك حتى تكون مندوبة، مع أن كونها من المالك غير معلوم فلعلها
ممن تجب عليه.
ثم إن في الضمان - لو ظهر المالك ولم يرض بالتصدق - وعدمه
مطلقا أو بشرط عدم ترتب يد الضمان - كما إذا أخذه من الغاصب
حسبة لا بقصد التملك - وجوها (3)، من أصالة براءة ذمة المتصدق،
وأصالة لزوم الصدقة بمعنى عدم انقلابها عن الوجه الذي وقعت عليه،
ومن عموم " ضمان من أتلف ".
ولا ينافيه إذن الشارع، لاحتمال أنه أذن في التصدق على هذا
الوجه كإذنه في التصدق باللقطة المضمونة - بلا خلاف - وبما استودع من
الغاصب، وليس هنا أمر مطلق بالتصدق ساكت عن ذكر الضمان حتى
يستظهر منه عدم الضمان مع السكوت عنه.
ولكن يضعف هذا الوجه: أن ظاهر دليل الإتلاف (4) كونها علة
تامة للضمان، وليس كذلك ما نحن فيه وإيجابه للضمان مراعى بعدم
إجازة المالك يحتاج إلى دليل آخر، إلا أن يقال: إنه ضامن بمجرد

(1) في مصححة " خ " ونسخة بدل " ع ": عن.
(2) في غير " ش ": أنه.
(3) في غير " ش ": وجوه.
(4) مثل ما في الوسائل 18: 239، الباب 11 من أبواب الشهادات، الحديث 2 و 3.
194

التصدق، ويرتفع بإجازته، فتأمل.
هذا، مع أن الظاهر من دليل الإتلاف اختصاصه بالإتلاف على
المالك، لا الإتلاف له والإحسان إليه، والمفروض أن الصدقة إنما قلنا
بها (1)، لكونها إحسانا وأقرب طرق (2) الإيصال بعد اليأس من وصوله
إليه.
وأما احتمال كون التصدق مراعى - كالفضولي - فمفروض الانتفاء،
إذ لم يقل أحد برجوع المالك على الفقير مع بقاء العين، وانتقال الثواب
من شخص إلى غيره حكم شرعي.
وكيف كان، فلا مقتضى للضمان وإن كان مجرد الإذن في الصدقة
غير مقتض لعدمه، فلا بد من الرجوع إلى الأصل، لكن الرجوع إلى
أصالة البراءة إنما يصح فيما لم يسبق يد الضمان، وهو ما إذا أخذ المال
من الغاصب حسبة. وأما إذا تملكه منه ثم علم بكونه مغصوبا فالأجود
استصحاب الضمان في هذه الصورة، لأن المتيقن هو ارتفاع الضمان
بالتصرف الذي يرضى به المالك بعد الاطلاع، لا مطلقا.
فتبين: أن التفصيل بين يد الضمان وغيرها أوفق بالقاعدة، لكن
الأوجه الضمان مطلقا، إما تحكيما للاستصحاب، حيث يعارض البراءة
ولو بضميمة عدم القول بالفصل، وإما للمرسلة المتقدمة (3) عن السرائر،

(1) لم ترد " بها " في " ف ".
(2) في " ن "، " ع " و " ص ": طريق.
(3) في الصفحة 190.
195

وإما لاستفادة ذلك من خبر الوديعة (1) إن لم نتعد (2) عن (3) مورده إلى
ما نحن فيه من جعله بحكم اللقطة، لكن يستفاد منه أن الصدقة بهذا
الوجه حكم اليأس عن المالك.
ثم الضمان، هل يثبت بمجرد التصدق وإجازته رافعة، أو يثبت
بالرد من حينه، أو من حين التصدق؟ وجوه: من دليل الإتلاف،
والاستصحاب، ومن أصالة عدم الضمان قبل الرد، ومن ظاهر الرواية
المتقدمة (4) في أنه بمنزلة (5) اللقطة.
ولو مات المالك، ففي قيام وارثه مقامه في إجازة التصدق ورده
وجه قوي، لأن ذلك من قبيل الحقوق المتعلقة بالأموال (6)، فيورث
كغيره من الحقوق، ويحتمل العدم، لفرض لزوم التصدق بالنسبة إلى
العين، فلا حق لأحد فيه، والمتيقن من الرجوع إلى القيمة هو المالك.
ولو مات المتصدق فرد المالك، فالظاهر خروج الغرامة من تركته،
لأنه من الحقوق المالية اللازمة عليه بسبب فعله.

(1) المتقدم في الصفحة 189.
(2) في " ف ": وإن لم نتعد.
(3) في " ف " و " خ ": من.
(4) وهي رواية حفص بن غياث المتقدمة في الصفحة 189.
(5) عبارة " أنه بمنزلة " من " ش ".
(6) كذا في " ش " ومصححة " ن "، وفي " ص ": بتلك الأموال، وفي " خ "، " م "
و " ع ": بذلك الأموال، وفي " ف ": المتعلقة بذلك، وشطب على " بذلك " وكتب
فوقه: بالأموال.
196

هذا كله على تقدير مباشرة المتصدق له. ولو دفعه إلى الحاكم
فتصدق به بعد اليأس، فالظاهر عدم الضمان، لبراءة ذمة الشخص بالدفع
إلى ولي الغائب، وتصرف الولي كتصرف المولى عليه.
ويحتمل الضمان، لأن الغرامة هنا ليست (1) لأجل ضمان المال وعدم
نفوذ التصرف الصادر من المتصدق حتى يفرق بين تصرف الولي
وغيره، لثبوت الولاية للمتصدق في هذا التصرف (2) كالحاكم، ولذا
لا يسترد العين من الفقير إذا رد المالك، فالتصرف لازم، والغرامة
حكم شرعي تعلق بالمتصدق كائنا من كان، فإذا كان المكلف بالتصدق
هو من وقع في يده - لكونه هو المأيوس - والحاكم وكيلا، كان الغرم
على الموكل، وإن كان المكلف هو الحاكم - لوقوع المال في يده قبل
اليأس عن مالكه، فهو المكلف بالفحص ثم التصدق - كان الضمان عليه.
وأما الصورة الرابعة: وهو (3) ما علم إجمالا اشتمال الجائزة على
الحرام، فإما أن يكون الاشتباه موجبا لحصول الإشاعة والاشتراك (4)،
وإما أن لا يكون.
وعلى الأول: فالقدر والمالك إما معلومان أو مجهولان أو مختلفان.
وعلى الأول: فلا إشكال. وعلى الثاني: فالمعروف إخراج الخمس على

(1) كذا في " ص "، وفي سائر النسخ: ليس.
(2) في النسخ زيادة: " لأن المفروض ثبوت الولاية له "، ولكن شطب عليها في " ف ".
(3) العبارة في " ف " هكذا: القسم الرابع فحكمه حكم الحلال المختلط بالحرام،
وهو... وكتب فوق القسم الرابع: الصورة الرابعة.
(4) لم ترد " والاشتراك " في " ش ".
197

تفصيل مذكور في باب الخمس (1). ولو علم القدر فقد تقدم في القسم
الثالث. ولو علم المالك وجب التخلص معه بالمصالحة.
وعلى الثاني: فيتعين القرعة أو البيع والاشتراك في الثمن، وتفصيل
ذلك كله في كتاب الخمس (2).
واعلم، أن أخذ ما في يد الظالم ينقسم باعتبار نفس الأخذ إلى
الأحكام الخمسة،
وباعتبار نفس المال إلى المحرم والمكروه والواجب.
فالمحرم ما علم كونه مال الغير مع عدم رضاه بالأخذ. والمكروه
المال المشتبه. والواجب ما يجب استنقاذه من يده من حقوق الناس،
حتى أنه يجب على الحاكم الشرعي استنقاذ ما في ذمته من حقوق
السادة والفقراء ولو بعنوان المقاصة، بل يجوز ذلك لآحاد الناس،
خصوصا نفس المستحقين مع تعذر استئذان الحاكم.
وكيف كان، فالظاهر أنه لا إشكال في كون ما في ذمته من قيم
المتلفات غصبا من جملة ديونه، نظير ما استقر في ذمته بقرض أو ثمن
مبيع أو صداق أو غيرها.
ومقتضى القاعدة كونها كذلك بعد موته، فيقدم جميع ذلك على
الإرث والوصية، إلا أنه ذكر بعض الأساطين: أن ما في يده من المظالم
تالفا لا يلحقه حكم الديون في التقديم على الوصايا والمواريث،
لعدم انصراف الدين إليه - وإن كان منه - وبقاء عموم الوصية والميراث
على حاله، وللسيرة المأخوذة يدا بيد من مبدأ الإسلام إلى يومنا هذا،

(1) راجع كتاب الخمس (للمؤلف قدس سره): 256.
(2) راجع كتاب الخمس (للمؤلف قدس سره): 243، المسألة 16.
198

فعلى هذا لو أوصى بها بعد التلف أخرجت من الثلث (1).
وفيه: منع الانصراف (2)، فإنا لا نجد بعد مراجعة العرف فرقا بين
ما أتلفه هذا الظالم عدوانا وبين ما أتلفه نسيانا، ولا بين ما أتلفه
عدوانا هذا الظالم (3) وبين ما أتلفه شخص آخر من غير الظلمة، مع أنه
لا إشكال في جريان أحكام الدين عليه في حال حياته من جواز
المقاصة من ماله كما هو المنصوص (4)، وتعلق (5) الخمس والاستطاعة
وغير ذلك، فلو تم الانصراف لزم إهمال الأحكام المنوطة بالدين
وجودا وعدما (6) من غير فرق بين حياته وموته.
وما ادعاه من السيرة، فهو ناش من قلة مبالاة الناس كما هو
ديدنهم في أكثر السير التي استمروا عليها، ولذا لا يفرقون في ذلك بين
الظلمة وغيرهم ممن علموا باشتغال ذمته بحقوق الناس من جهة حق
السادة والفقراء، أو من جهة العلم بفساد أكثر معاملاته، ولا في إنفاذ
وصايا الظلمة وتوريث ورثتهم بين اشتغال ذممهم بعوض المتلفات
وأرش (7) الجنايات، وبين اشتغالها بديونهم المستقرة عليهم من معاملاتهم

(1) شرح القواعد (مخطوط)، الورقة: 37.
(2) كذا في النسخ، ولعل الأولى: عدم الانصراف، كما في هامش " ش ".
(3) كذا في " ف "، وفي غيرها: ما أتلفه هذا الظالم عدوانا.
(4) انظر الوسائل 12: 202، الباب 83 من أبواب ما يكتسب به، الحديث الأول.
(5) في " ش ": ولعدم تعلق، وفي نسخة بدل " ن ": وعدم تعلق.
(6) في " ف ": أو عدما.
(7) في " ف ": وأروش.
199

وصدقاتهم الواجبة (1) عليهم، ولا بين ما علم المظلوم فيه تفصيلا، وبين
ما لم يعلم، فإنك إذا تتبعت أحوال الظلمة وجدت ما استقر في ذممهم
- من جهة المعاوضات والمداينات مطلقا، أو من جهة (2) خصوص (3)
أشخاص معلومين تفصيلا، أو مشتبهين في محصور - كافيا (4) في استغراق
تركتهم المانع من التصرف فيها بالوصية أو الإرث.
وبالجملة، فالتمسك بالسيرة المذكورة أوهن من دعوى الانصراف
السابقة، فالخروج بها عن القواعد المنصوصة المجمع عليها غير متوجه.

(1) كذا في مصححة " ص "، وفي غيرها: الواجب.
(2) لم ترد " جهة " في " ف ".
(3) في " ش ": وجود.
(4) كذا في نسخة بدل " ص "، وفي النسخ: كافية.
200

[المسألة] الثالثة
ما يأخذه السلطان المستحل لأخذ الخراج والمقاسمة من الأراضي
باسمهما ومن الأنعام باسم الزكاة، يجوز أن يقبض منه مجانا أو بالمعاوضة،
وإن كان مقتضى القاعدة حرمته، لأنه غير مستحق لأخذه، فتراضيه مع
من عليه الحقوق المذكورة في تعيين شئ من ماله لأجلها فاسد، كما إذا
تراضى الظالم مع مستأجر دار الغير في دفع شئ إليه عوض الأجرة،
هذا مع التراضي. وأما إذا قهره على أخذ شئ بهذه العنوانات ففساده
أوضح.
وكيف كان، فما يأخذه الجائر باق على ملك المأخوذ منه، ومع
ذلك يجوز قبضه عن الجائر بلا خلاف يعتد به بين الأصحاب، وعن
بعض حكاية الإجماع عليه:
قال في محكي التنقيح: لأن الدليل على جواز شراء الثلاثة من
الجائر وإن لم يكن مستحقا له: النص الوارد عنهم عليهم السلام، والإجماع
وإن لم يعلم مستنده، ويمكن أن يكون مستنده أن ذلك حق للأئمة عليهم السلام
وقد أذنوا لشيعتهم في شراء ذلك، فيكون تصرف الجائر كتصرف
201

الفضولي إذا انضم إليه إذن المالك (1)، انتهى.
أقول: والأولى أن يقال (2): إذا انضم إليه إذن متولي الملك،
كما لا يخفى.
وفي جامع المقاصد: أن عليه إجماع فقهاء الإمامية، والأخبار
المتواترة عن الأئمة الهداة عليهم السلام (3).
وفي المسالك: أطبق عليه علماؤنا، ولا نعلم فيه مخالفا (4).
وعن المفاتيح: أنه لا خلاف فيه (5).
وفي الرياض: أنه (6) استفاض نقل الإجماع عليه (7).
وقد تأيدت دعوى هؤلاء بالشهرة المحققة بين الشيخ ومن تأخر عنه.
ويدل عليه - قبل الإجماع، مضافا إلى لزوم الحرج العظيم في
الاجتناب عن هذه الأموال، بل اختلال النظام، وإلى الروايات
المتقدمة (8) لأخذ الجوائز من السلطان، خصوصا الجوائز العظام التي
لا يحتمل عادة أن تكون من غير الخراج، وكان الإمام عليه السلام يأبى عن

(1) التنقيح الرائع 2: 19.
(2) في " ف ": يقول.
(3) جامع المقاصد 4: 45.
(4) المسالك 3: 142.
(5) مفاتيح الشرائع 3: 10.
(6) لم ترد " أنه " في " ف ".
(7) الرياض 1: 508.
(8) المتقدمة في الصفحة 178 وما بعدها.
202

أخذها أحيانا، معللا بأن فيها حقوق الأمة - روايات:
منها: صحيحة الحذاء عن أبي جعفر عليه السلام قال: " سألته عن
الرجل منا يشتري من السلطان (1) من إبل الصدقة وغنمها، وهو يعلم
أنهم يأخذون منهم أكثر من الحق الذي يجب عليهم. قال (2): فقال:
ما الإبل والغنم إلا مثل الحنطة والشعير وغير ذلك، لا بأس به حتى
يعرف الحرام بعينه فيجتنب (3). قلت: فما ترى في مصدق يجيئنا فيأخذ
منا (4) صدقات أغنامنا، فنقول: بعناها، فيبيعنا إياها (5)، فما ترى في
شرائها (6) منه؟ فقال: إن كان قد أخذها وعزلها فلا بأس، قيل له:
فما ترى في الحنطة والشعير، يجيئنا القاسم فيقسم لنا حظنا، ويأخذ
حظه، فيعزله (7) بكيل، فما ترى في شراء ذلك الطعام (8) منه؟ فقال:
إن كان قد قبضه بكيل وأنتم حضور فلا بأس بشرائه منه من
غير كيل (9) " (10).

(1) في " ش ": من عمال السلطان، وفي " ن "، " م " و " ع ": عن السلطان.
(2) لم ترد " قال " في غير " ص " و " ش ".
(3) في " ف ": فليجتنب، ولم ترد الكلمة في المصدر.
(4) لم ترد " منا " في " ف "، " ن "، " خ "، " م " و " ع ".
(5) في " ص " والمصدر: فيبيعناها.
(6) في غير " ش ": في شراء ذلك.
(7) كذا في " ش " والمصدر ومصححتي " ن " و " ص "، وفي سائر النسخ: فنأخذه.
(8) لم ترد " الطعام " في " ف "، " ن "، " خ "، " م " و " ع ".
(9) عبارة " شرائه منه من غير كيل " من " ن " و " ش " والمصدر.
(10) الوسائل 12: 161 - 162، الباب 52 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 5.
203

دلت هذه الرواية على أن شراء الصدقات من الأنعام والغلات
من عمال السلطان كان مفروغ الجواز عند السائل، وإنما سأل أولا: عن
الجواز مع العلم الإجمالي بحصول الحرام في أيدي العمال، وثانيا: من
جهة توهم الحرمة أو الكراهة في شراء ما يخرج في الصدقة، كما ذكر في
باب الزكاة (1)، وثالثا: من جهة كفاية الكيل الأول.
وبالجملة، ففي هذه الرواية - سؤالا وجوابا - إشعار بأن الجواز
كان من الواضحات الغير المحتاجة إلى السؤال، وإلا لكان أصل الجواز
أولى بالسؤال، حيث إن ما يأخذونه باسم الزكاة معلوم الحرمة تفصيلا،
فلا فرق بين أخذ الحق الذي يجب عليهم، وأخذ أكثر منه.
ويكفي قوله عليه السلام: " حتى يعرف الحرام منه " في الدلالة على
مفروغية حل ما يأخذونه من الحق، وأن الحرام هو الزائد، والمراد
بالحلال هو الحلال بالنسبة إلى من ينتقل إليه وإن كان حراما بالنسبة
إلى الجائر الآخذ له، بمعنى معاقبته على أخذه وضمانه وحرمة التصرف
في ثمنه.
وفي وصفه عليه السلام للمأخوذ بالحلية دلالة على عدم اختصاص
الرخصة بالشراء، بل يعم جميع أنواع الانتقال إلى الشخص، فاندفع
ما قيل: من أن الرواية مختصة بالشراء فليقتصر في مخالفة القواعد
عليه (2).

(1) راجع كتاب الزكاة (للمؤلف قدس سره): 222، المسألة 25.
(2) لم نقف على القائل.
204

ثم الظاهر من الفقرة الثالثة (1): السؤال والجواب عن حكم المقاسمة،
فاعتراض الفاضل القطيفي - الذي صنف في الرد على رسالة المحقق
الكركي المسماة ب‍ " قاطعة اللجاج في حل الخراج " رسالة زيف فيها
جميع ما في الرسالة من أدلة الجواز - بعدم دلالة الفقرة الثالثة (2) على
حكم المقاسمة، واحتمال كون القاسم هو مزارع (3) الأرض أو وكيله (4)،
ضعيف جدا.
وتبعه على هذا الاعتراض المحقق الأردبيلي، وزاد عليه ما سكت
هو عنه: من عدم دلالة الفقرة الأولى على حل شراء الزكاة، بدعوى:
أن قوله عليه السلام: " لا بأس حتى يعرف الحرام منه " لا يدل إلا على
جواز شراء ما كان حلالا بل مشتبها، وعدم جواز شراء ما كان
معروفا أنه حرام بعينه، ولا يدل على جواز شراء الزكاة بعينها صريحا.
نعم ظاهرها ذلك، لكن لا ينبغي الحمل عليه، لمنافاته العقل والنقل،
ويمكن أن يكون سبب الإجمال منه (5) التقية، ويؤيد عدم الحمل على
الظاهر: أنه غير مراد بالاتفاق، إذ ليس بحلال ما أخذه الجائر،
فتأمل (6)، انتهى.

(1) في " ف "، " خ "، " م "، " ع " و " ص ": الثانية.
(2) في " ف "، " خ "، " م "، " ع " و " ص ": الثانية.
(3) في " خ "، " ن "، " م "، " ع " و " ص ": زارع.
(4) راجع السراج الوهاج (المطبوع ضمن الخراجيات): 109.
(5) في نسخة بدل " ش ": فيه.
(6) مجمع الفائدة 8: 101 - 102.
205

وأنت خبير بأنه ليس في العقل ما يقتضي قبح الحكم المذكور،
وأي فارق بين هذا وبين ما أحلوه عليهم السلام لشيعتهم مما فيه حقوقهم؟
ولا في النقل إلا عمومات قابلة للتخصيص بمثل هذا الصحيح وغيره
المشهور بين الأصحاب رواية وعملا مع نقل الاتفاق عن جماعة (1).
وأما الحمل على التقية، فلا يجوز بمجرد معارضة العمومات،
كما لا يخفى.
ومنها: رواية إسحاق بن عمار، قال: " سألته عن الرجل يشتري
من العامل وهو يظلم. قال: يشتري منه ما لم يعلم أنه ظلم فيه أحدا " (2).
وجه الدلالة: أن الظاهر من الشراء من العامل شراء ما هو
عامل فيه، وهو الذي يأخذه من الحقوق من قبل (3) السلطان.
نعم، لو بني على المناقشة احتمل أن يريد السائل شراء أملاك
العامل منه، مع علمه بكونه ظالما غاصبا، فيكون سؤالا عن معاملة
الظلمة، لكنه خلاف الإنصاف وإن ارتكبه صاحب الرسالة (4).
ومنها: رواية أبي بكر الحضرمي، قال: " دخلت على
أبي عبد الله عليه السلام وعنده ابنه إسماعيل، فقال: ما يمنع ابن أبي سماك (5)

(1) الذين تقدم ذكرهم في الصفحة 203.
(2) الوسائل 12: 163، الباب 53 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 2.
(3) لم ترد " قبل " في " ن " و " م "، ووردت نسخة بدل في " خ "، " ع "
و " ص ".
(4) راجع السراج الوهاج (المطبوع ضمن الخراجيات): 107 - 108.
(5) في الوسائل: السمال، وفي نسختي بدله: السماك، الشمال.
206

أن يخرج شباب الشيعة فيكفونه ما يكفي الناس، ويعطيهم ما يعطي
الناس. قال: ثم قال لي (1): لم تركت عطاءك؟ قلت: مخافة على ديني.
قال: ما منع ابن أبي سماك (2) أن يبعث إليك بعطائك، أما علم أن لك
في بيت المال نصيبا؟ " (3).
فإن ظاهره (4) حل ما يعطى من بيت المال عطاء أو أجرة للعمل
في ما يتعلق به، بل قال المحقق الكركي: إن هذا الخبر نص في الباب،
لأنه عليه السلام بين أن لا خوف على السائل في دينه، لأنه لم يأخذ
إلا نصيبه من بيت المال، وقد ثبت في الأصول تعدي الحكم بتعدي
العلة المنصوصة (5)، انتهى. وإن تعجب منه الأردبيلي وقال: أنا ما فهمت
منه (6) دلالة ما، وذلك لأن غايتها ما ذكر، و (7) قد يكون شئ (8) من
بيت المال ويجوز (9) أخذه وإعطاؤه للمستحقين، بأن يكون منذورا
أو وصية لهم بأن يعطيهم ابن أبي سماك، وغير ذلك (10)، انتهى.

(1) كذا في " ش " و " ص "، وفي غيرهما: ثم قال.
(2) في الوسائل: السمال، وفي نسختي بدله: السماك، الشمال.
(3) الوسائل 12: 157، الباب 51 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 6.
(4) كذا، والمناسب: ظاهرها.
(5) قاطعة اللجاج (رسائل المحقق الكركي) 1: 272.
(6) كذا، والمناسب: " منها " كما في المصدر.
(7) في مصححة " ن ": وذلك، كما في المصدر.
(8) لم ترد " شئ " في " ش " والمصدر.
(9) في " ن " و " ش " والمصدر: بيت مال يجوز.
(10) مجمع الفائدة 8: 104، مع تفاوت.
207

وقد تبع في ذلك صاحب الرسالة، حيث قال: إن الدليل
لا إشعار فيه بالخراج (1).
أقول: الإنصاف أن الرواية ظاهرة في حل ما في بيت المال
مما يأخذه الجائر.
ومنها: الأخبار الواردة في أحكام تقبل الخراج من السلطان (2)
على وجه يستفاد من بعضها كون أصل التقبل مسلم الجواز عندهم.
فمنها: صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام - في جملة
حديث - قال: " لا بأس بأن يتقبل الرجل الأرض وأهلها من
السلطان. وعن مزارعة أهل الخراج بالنصف والربع والثلث (3)؟ قال:
نعم، لا بأس به، وقد قبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خيبرا أعطاها (4)
اليهود، حيث (5) فتحت عليه بالخبر (6)، والخبر هو النصف " (7).

(1) السراج الوهاج (المطبوع ضمن الخراجيات): 105.
(2) انظر الوسائل 13: 261، الباب 21 من أبواب أحكام الإجارة، الحديث 3،
4 و 5 وغيرها.
(3) في " ش ": بالنصف والثلث والربع.
(4) كذا في " ش " والمصدر ومصححة " ن "، وفي سائر النسخ: أعطاه.
(5) في المصدر ونسخة بدل " ص ": حين.
(6) الخبر بفتح الخاء وكسرها وسكون الباء بمعنى المخابرة، وهي المزارعة ببعض
ما يخرج من الأرض. (لسان العرب 4: 13، مادة " خبر ").
(7) الوسائل 13: 214، الباب 18 من أبواب أحكام المزارعة، الحديث 3،
والصفحة 200، الباب 8 من أبواب أحكام المزارعة، الحديث 8، وفيه: أنه
سئل عن مزارعة أهل الخراج بالربع والنصف والثلث.
208

ومنها: الصحيح عن إسماعيل بن الفضل عن أبي عبد الله عليه السلام،
قال: " سألته عن الرجل يتقبل بخراج الرجال وجزية رؤوسهم وخراج
النخل والشجر والآجام والمصائد والسمك والطير وهو لا يدري، لعل
هذا لا يكون أبدا، أيشتريه، وفي أي زمان يشتريه ويتقبل؟ قال: إذا
علمت من ذلك شيئا واحدا قد أدرك فاشتره وتقبل به " (1).
ونحوها الموثق المروي في الكافي (2) والتهذيب (3) عن إسماعيل بن
الفضل (4) الهاشمي بأدنى تفاوت.
ورواية الفيض بن المختار، قال: " قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
جعلت فداك، ما تقول في الأرض أتقبلها من السلطان ثم أواجرها من
أكرتي (5) على أن ما أخرج الله تعالى منها من شئ لي من ذلك النصف
أو الثلث بعد حق السلطان؟ قال: لا بأس، كذلك أعامل أكرتي " (6).
إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في باب قبالة الأرض
واستئجار أرض الخراج من السلطان ثم إجارتها للزارع بأزيد من ذلك (7).

(1) الفقيه 3: 224، الحديث 3832.
(2) الكافي 5: 195، الحديث 12.
(3) التهذيب 7: 124، الحديث 544، وانظر الوسائل 12: 264، الباب 12 من
أبواب عقد البيع، الحديث 4.
(4) كذا في " ص " والمصادر الحديثية، وفي سائر النسخ: الفضيل.
(5) في " ص ": لأكرتي، وفي المصدر: أواجرها أكرتي.
(6) الوسائل 13: 208، الباب 15 من أبواب أحكام المزارعة، الحديث 3.
(7) الوسائل 13: 207، الباب 15 من أبواب أحكام المزارعة، و 260، الباب
21 من أبواب أحكام الإجارة، وغيرهما.
209

وقد يستدل بروايات أخر (1) لا تخلو عن قصور في الدلالة:
منها: الصحيح عن جميل بن صالح، قال: " أرادوا بيع تمر عين
أبي زياد (2) وأردت أن أشتريه، فقلت: لا حتى أستأمر (3) أبا عبد الله عليه السلام،
فسألت معاذا أن يستأمره، فسأله، فقال: قل له: يشتره، فإنه إن
لم يشتره اشتراه غيره " (4).
ودلالته مبنية على كون عين زياد من الأملاك الخراجية، ولعله
من الأملاك المغصوبة من الإمام أو غيره الموقوف اشتراء حاصلها على
إذن الإمام عليه السلام، ويظهر من بعض الأخبار أن عين زياد كان ملكا
لأبي عبد الله عليه السلام (5).
ومنها: صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج، قال: " قال لي
أبو الحسن عليه السلام: ما لك لا تدخل مع علي في شراء الطعام، إني
أظنك ضيقا؟ قلت: نعم، وإن شئت وسعت علي. قال: اشتره " (6).
وبالجملة، ففي الأخبار المتقدمة غنى عن ذلك.

(1) كذا في " ص " و " ش "، وفي سائر النسخ: أخرى.
(2) اختلفت المصادر الحديثية في هذه العبارة، ففي بعضها: عين أبي زياد، وفي
بعضها الآخر: عين أبي ابن زياد، وفي ثالث: عين ابن زياد، وفي رابع: عين
زياد. والظاهر أنها كانت لأبي عبد الله عليه السلام فغصبت منه، انظر الكافي 3: 569.
(3) في " ص ": أستأذن.
(4) الوسائل 12: 162، الباب 53 من أبواب ما يكتسب به، الحديث الأول.
(5) الوسائل 6: 140، الباب 18 من أبواب زكاة الغلات، الحديث 2.
(6) الوسائل 12: 161، الباب 52 من أبواب ما يكتسب به، الحديث الأول.
210

وينبغي (1) التنبيه على أمور:
الأول
إن ظاهر عبارات الأكثر، بل الكل: أن الحكم مختص بما يأخذه
السلطان، فقبل أخذه للخراج لا يجوز المعاملة عليه بشراء ما في ذمة
مستعمل الأرض أو الحوالة عليه ونحو ذلك، وبه صرح السيد العميد
فيما حكي عن شرحه (2) على النافع (3)، حيث قال: إنما يحل ذلك
بعد قبض السلطان أو نائبه، ولذا قال المصنف: يأخذه، انتهى.
لكن صريح جماعة (4): عدم الفرق، بل صرح المحقق الثاني
بالإجماع على عدم الفرق بين القبض وعدمه (5)، وفي الرياض صرح
بعدم الخلاف (6).

(1) كذا في " ف "، " خ " و " ص "، وفي سائر النسخ: ينبغي.
(2) في " ف ": من شرحه.
(3) لم نقف في الفهارس على شرح للسيد عميد الدين الأعرجي للنافع. نعم، قال
الفاضل القطيفي في السراج الوهاج (المطبوع ضمن الخراجيات: 115): " قال
الفاضل السيد ابن عبد الحميد الحسيني في شرحه للنافع... "، ولعل منشأ
ما نسبه المؤلف قدس سره هو ما ذكره السيد العاملي في مفتاح الكرامة 4: 247.
(4) منهم: الشهيد الأول في الدروس 3: 170، والفاضل المقداد في التنقيح
2: 19، والشهيد الثاني في المسالك 3: 143، وراجع المناهل: 310.
(5) جامع المقاصد 4: 45.
(6) الرياض 1: 508.
211

وهذا هو الظاهر من الأخبار المتقدمة (1) الواردة في قبالة الأرض
وجزية الرؤوس، حيث دلت على أنه يحل ما في ذمة مستعمل الأرض
من الخراج لمن تقبل الأرض من السلطان.
والظاهر من الأصحاب (2) في باب المساقاة - حيث يذكرون أن
خراج السلطان على مالك الأشجار إلا أن يشترط خلافه -: إجراء
ما يأخذه الجائر منزلة ما يأخذه العادل في براءة (3) ذمة مستعمل
الأرض الذي استقر عليه أجرتها بأداء غيره، بل ذكروا في المزارعة
- أيضا -: أن خراج الأرض كما في كلام الأكثر (4) أو الأرض الخراجية
كما في الغنية (5) والسرائر (6) على مالكها، وإن كان يشكل توجيهه من
جهة عدم المالك للأراضي الخراجية.
وكيف كان، فالأقوى أن المعاملة على الخراج جائزة ولو قبل قبضها.
وأما تعبير الأكثر (7) بما يأخذه، فالمراد به إما الأعم مما يبني على

(1) في الصفحة 209 وما بعدها.
(2) منهم الشيخ المفيد في المقنعة: 638، والحلبي في الكافي: 348، والشيخ
الطوسي في النهاية: 442، والحلي في السرائر 2: 452.
(3) في " ف "، " خ " و " ص " ومصححة " ع ": إبراء.
(4) انظر الشرائع 2: 153، والقواعد 1: 238، والكفاية: 122، والحدائق
21: 336، وغيرها.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): 540.
(6) السرائر 2: 443.
(7) كالشيخ في النهاية: 358، والقاضي في المهذب 1: 348، والحلي في السرائر
2: 204، والمحقق في الشرائع 2: 13.
212

أخذه و (1) لو لم يأخذه فعلا، وإما المأخوذ فعلا، لكن الوجه في تخصيص
العلماء العنوان به جعله كالمستثنى من جوائز السلطان، التي حكموا
بوجوب ردها على مالكها إذا علمت حراما بعينها، فافهم.
ويؤيد الثاني: سياق كلام بعضهم، حيث يذكرون هذه المسألة
عقيب مسألة الجوائز، خصوصا عبارة القواعد، حيث صرح بتعميم
الحكم بقوله: وإن عرف (2) أربابه (3).
ويؤيد الأول: أن المحكي عن الشهيد قدس سره - في حواشيه على
القواعد - أنه علق على قول العلامة: " إن الذي يأخذه الجائر... إلى
آخر قوله ": وإن لم يقبضها الجائر (4)، انتهى.

(1) لم ترد " و " في " خ "، " م " و " ع "، ووردت في " ن " مصححة.
(2) في " ش ": عرفت.
(3) القواعد 1: 122.
(4) حاشية القواعد، لا يوجد لدينا، وحكاه المحقق الثاني في قاطعة اللجاج
(رسائل المحقق الكركي) 1: 277.
213

الثاني
هل يختص حكم الخراج من حيث الخروج عن قاعدة كونه مالا
مغصوبا محرما بمن ينتقل إليه، فلا استحقاق للجائر في أخذه أصلا،
فلم يمض الشارع من هذه المعاملة إلا حل ذلك للمنتقل إليه، أو يكون
الشارع قد أمضى سلطنة الجائر عليه، فيكون منعه عنه أو عن بدله
المعوض عنه في العقد معه حراما،
صريح الشهيدين (1) والمحكي عن
جماعة ذلك.
قال المحقق الكركي في رسالته: ما زلنا نسمع من كثير ممن
عاصرناهم لا سيما شيخنا الأعظم الشيخ علي بن هلال قدس سره، أنه
لا يجوز لمن عليه الخراج سرقته ولا جحوده ولا منعه ولا شئ منه،
لأن ذلك حق واجب عليه (2)، انتهى.
وفي المسالك - في باب الأرضين -: وذكر الأصحاب أنه لا يجوز
لأحد جحدها ولا منعها، ولا التصرف فيها بغير إذنه، بل ادعى بعضهم
الاتفاق عليه، انتهى. وفي آخر كلامه أيضا: إن ظاهر الأصحاب أن
الخراج والمقاسمة لازم للجائر حيث يطلبه أو يتوقف على إذنه (3)، انتهى.
وعلى هذا عول بعض الأساطين في شرحه على القواعد، حيث
قال: ويقوى حرمة سرقة الحصة وخيانتها، والامتناع عن تسليمها وعن

(1) انظر الدروس 3: 170، والمسالك 3: 55 و 143.
(2) قاطعة اللجاج (رسائل المحقق الكركي) 1: 285.
(3) المسالك 3: 55 - 56.
214

تسليم ثمنها (1) بعد شرائها إلى الجائر وإن حرمت عليه، ودخل تسليمها
في الإعانة على الإثم في البداية أو الغاية، لنص الأصحاب على ذلك
ودعوى الإجماع عليه (2)، انتهى.
أقول: إن أريد منع الحصة مطلقا فيتصرف في الأرض من دون
أجرة، فله وجه، لأنها ملك المسلمين، فلا بد لها من أجرة تصرف في
مصالحهم، وإن أريد منعها من خصوص الجائر، فلا دليل على حرمته،
لأن اشتغال ذمة مستعمل الأرض بالأجرة لا يوجب دفعها إلى الجائر،
بل يمكن القول بأنه لا يجوز مع التمكن، لأنه غير مستحق فيسلم إلى
العادل أو نائبه الخاص أو العام، ومع التعذر يتولى صرفه في المصالح
حسبة.
مع أن في بعض الأخبار ظهورا في جواز الامتناع،
مثل صحيحة
زرارة: " اشترى ضريس بن عبد الملك وأخوه (3) أرزا من هبيرة
بثلاثمائة ألف درهم. قال: فقلت له: ويلك - أو ويحك - انظر إلى خمس
هذا المال فابعث به إليه واحتبس الباقي، فأبى علي وأدى المال وقدم
هؤلاء فذهب أمر بني أمية. قال: فقلت ذلك لأبي عبد الله عليه السلام،
فقال مبادرا للجواب: هو له، هو له (4)، فقلت له: إنه أداها، فعض على

(1) كذا في " ش " والمصدر، وفي سائر النسخ: والامتناع من تسليم ثمنها.
(2) شرح القواعد (مخطوط): الورقة 38.
(3) لم ترد في " ف "، " خ "، " م " و " ع ".
(4) كذا في " ف "، " ن " و " ص "، ولم ترد " هو له " الثانية في سائر النسخ.
215

إصبعه " (1).
فإن أوضح محامل هذا الخبر أن يكون الأرز من المقاسمة،
وأما حمله على كونه مال الناصب أعني " هبيرة " أو بعض بني أمية،
فيكون دليلا على حل مال الناصب بعد إخراج خمسه كما استظهره في
الحدائق (2)، فقد ضعف في محله بمنع هذا الحكم، ومخالفته لاتفاق أصحابنا
كما تحقق (3) في باب الخمس (4) وإن ورد به غير واحد من الأخبار (5).
وأما الأمر بإخراج الخمس في هذه الرواية، فلعله من جهة
اختلاط مال المقاسمة بغيره (6) من وجوه الحرام فيجب تخميسه، أو من
جهة احتمال اختلاطه بالحرام فيستحب تخميسه (7) كما تقدم في جوائز
الظلمة (8).
وما روي من أن علي بن يقطين قال له الإمام عليه السلام: " إن كنت
ولا بد فاعلا، فاتق أموال الشيعة. وأنه كان يجبيها من الشيعة علانية

(1) الوسائل 12: 161، الباب 52 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 2.
(2) الحدائق 18: 270.
(3) في " ص ": حقق.
(4) انظر كتاب الخمس (للمؤلف قدس سره): 23.
(5) الوسائل 6: 340، الباب 2 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث 6، 7 و 8.
(6) كذا في " ص " ومصححة " ن "، وفي سائر النسخ: لغيره.
(7) في " ف " شطب على " تخميسه "، ووردت الكلمة في هامش " ن "، " خ "،
" م " و " ع " بصورة نسخة بدل، وفي " خ " و " ع " زيادة: فيجتنب، وفي
هامشهما: فيجب - خ ل.
(8) راجع الصفحة 173 وما بعدها.
216

ويردها (1) عليهم سرا " (2).
قال المحقق الكركي في قاطعة اللجاج: إنه يمكن أن يكون المراد به
ما يجعل عليهم من وجوه الظلم المحرمة، ويمكن أن يراد به وجوه
الخراج والمقاسمات والزكوات، لأنها وإن كانت حقا عليهم، لكنها ليست
حقا للجائر، فلا يجوز جمعها لأجله إلا عند الضرورة، وما زلنا نسمع
من كثير ممن عاصرناهم لا سيما شيخنا الأعظم... إلى آخر ما تقدم
نقله عن مشايخه (3).
أقول: ما ذكره من الحمل على وجوه الظلم المحرمة مخالف لظاهر
العام في قول الإمام عليه السلام: " فاتق أموال الشيعة "، فالاحتمال الثاني
أولى، لكن بالنسبة إلى ما عدا الزكوات، لأنها كسائر وجوه الظلم
المحرمة، خصوصا بناء على عدم الاجتزاء بها عن الزكاة الواجبة،
لقوله عليه السلام: " إنما هؤلاء قوم غصبوكم أموالكم وإنما الزكاة لأهلها " (4)،
وقوله عليه السلام: " لا تعطوهم شيئا ما استطعتم، فإن المال لا ينبغي أن
يزكى مرتين " (5).

(1) في " ش ": ويرد.
(2) الوسائل 12: 140، الباب 46 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 8.
(3) في الصفحة 216، وانظر قاطعة اللجاج (رسائل المحقق الكركي) 1: 285.
(4) الوسائل 6: 175، الباب 20 من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث 6،
وفيه: إنما الصدقة لأهلها.
(5) الوسائل 6: 174، الباب 20 من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث 3،
وفيه: فإن المال لا يبقى على هذا أن يزكيه مرتين.
217

وفيما ذكره (1) المحقق من الوجه الثاني دلالة على أن مذهبه ليس
وجوب دفع الخراج والمقاسمة إلى خصوص الجائر وجواز منعه عنه،
وإن نقل بعد (2) عن مشايخه في كلامه المتقدم (3) ما يظهر منه خلاف
ذلك، لكن يمكن - بل لا يبعد - أن يكون مراد مشايخه: المنع عن سرقة
الخراج أو جحوده رأسا حتى عن نائب العادل، لا منعه عن خصوص
الجائر مع دفعه إلى نائب العادل أو صرفه حسبة في وجوه بيت المال،
كما يشهد لذلك تعليل المنع بكونه حقا واجبا عليه، فإن وجوبه عليه
إنما يقتضي حرمة منعه رأسا، لا عن خصوص الجائر، لأنه ليس حقا
واجبا له.
ولعل ما ذكرناه هو مراد المحقق، حيث نقل هذا المذهب عن
مشايخه رحمهم الله بعدما ذكره من التوجيه المتقدم بلا فصل من دون إشعار
بمخالفته لذلك الوجه (4).
ومما يؤيد ذلك: أن المحقق المذكور بعدما ذكر أن هذا - يعني حل
ما يأخذه الجائر من الخراج والمقاسمة - مما وردت به النصوص وأجمع
عليه الأصحاب، بل المسلمون قاطبة، قال:
فإن قلت: فهل يجوز أن يتولى من له النيابة حال الغيبة ذلك،

(1) في غير " ف ": وفيما ذكر.
(2) لم ترد " بعد " في " ف ".
(3) في الصفحة 216.
(4) راجع قاطعة اللجاج (رسائل المحقق الكركي) 1: 285، وراجع الصفحة
السابقة.
218

أعني الفقيه الجامع للشرائط؟ قلنا: لا نعرف للأصحاب في ذلك
تصريحا، لكن من جوز للفقهاء حال الغيبة تولي استيفاء الحدود
وغير ذلك من توابع منصب الإمامة، ينبغي له تجويز ذلك بطريق أولى،
لا سيما والمستحقون لذلك موجودون في كل عصر. ومن تأمل في
أحوال (1) كبراء علمائنا الماضين قدس الله أسرارهم - مثل علم الهدى وعلم
المحققين نصير الملة والدين وبحر العلوم جمال الملة والدين (2)
العلامة رحمه الله وغيرهم - نظر متأمل منصف لم يشك في أنهم كانوا (3)
يسلكون هذا المسلك، وما كانوا يودعون في كتبهم إلا ما يعتقدون
صحته (4)، انتهى.
وحمل ما ذكره من تولي الفقيه، على صورة عدم تسلط الجائر،
خلاف الظاهر.
وأما قوله: " ومن تأمل... الخ " فهو استشهاد على أصل المطلب،
وهو حل ما يؤخذ من السلطان من الخراج على وجه الاتهاب، ومن
الأراضي على وجه الاقتطاع (5)، ولا دخل له بقوله: " فإن قلت "
و " قلنا " (6) أصلا، فإن علماءنا المذكورين وغيرهم لم يعرف منهم

(1) كذا في " ش " والمصدر، وفي سائر النسخ: أقوال.
(2) كذا في " ش " والمصدر، وفي سائر النسخ: جمال الدين.
(3) لم ترد " كانوا " في غير " ش ".
(4) قاطعة اللجاج (رسائل المحقق الكركي) 1: 270.
(5) في " ع "، " ص " و " ش ": الانقطاع، وفي مصححة " ص ": الاقتطاع.
(6) كذا في مصححة " ص "، وفي سائر النسخ: قلت وقلته.
219

الاستقلال على أراضي الخراج بغير إذن السلطان.
وممن يتراءى منه القول بحرمة منع الخراج عن خصوص الجائر
شيخنا الشهيد رحمه الله في الدروس، حيث قال رحمه الله: يجوز شراء ما يأخذه
الجائر باسم الخراج والزكاة والمقاسمة وإن لم يكن مستحقا له. ثم قال:
ولا يجب رد المقاسمة وشبهها على المالك، ولا يعتبر رضاه، ولا يمنع
تظلمه من الشراء. وكذا لو علم أن العامل يظلم، إلا أن يعلم الظلم
بعينه، نعم، يكره معاملة الظلمة ولا يحرم، لقول الصادق عليه السلام: " كل
شئ فيه حلال وحرام فهو حلال حتى تعرف الحرام بعينه " (1). ولا فرق
بين قبض الجائر إياها أو وكيله وبين (2) عدم القبض، فلو أحاله بها
وقبل الثلاثة، أو وكله في قبضها، أو باعها وهي في يد المالك (3) أو في
ذمته، جاز التناول، ويحرم على المالك المنع. وكما يجوز الشراء يجوز
سائر المعاوضات، والوقف، والهبة (4)، والصدقة، ولا يحل تناولها بغير
ذلك (5)، انتهى.
لكن الظاهر من قوله: " ويحرم على المالك المنع " أنه عطف على
قوله: " جاز التناول "، فيكون من أحكام الإحالة بها والتوكيل والبيع،

(1) الوسائل 12: 59، الباب 4 من أبواب ما يكتسب به، الحديث الأول، مع
اختلاف يسير.
(2) لم ترد " بين " في غير " ش ".
(3) في غير " ش ": البائع.
(4) لم ترد " الهبة " في غير " ش ".
(5) الدروس 3: 169 - 170.
220

فالمراد: منع المالك المحال والمشتري عنها (1)، وهذا لا إشكال فيه، لأن
اللازم من فرض صحة الإحالة والشراء تملك المحال والمشتري فلا يجوز
منعهما عن ملكهما.
وأما قوله رحمه الله: " ولا يحل تناولها بغير ذلك "، فلعل المراد به
ما تقدم (2) في كلام مشايخ المحقق الكركي من إرادة تناولها بغير إذن
أحد حتى الفقيه النائب عن السلطان العادل (3)، وقد عرفت أن هذا
مسلم فتوى ونصا، وأن الخراج لا يسقط من مستعملي (4) أراضي
المسلمين.
ثم إن ما ذكره من جواز الوقف لا يناسب ذكره في جملة
التصرفات فيما يأخذه الجائر. وإن أراد وقف الأرض المأخوذة منه إذا
نقلها السلطان إليه لبعض مصالح المسلمين، فلا يخلو عن إشكال.
وأما ما تقدم (5) من المسالك من نقل الاتفاق على عدم جواز
المنع عن الجائر (6) والجحود، فالظاهر منه أيضا ما ذكرناه من جحود
الخراج ومنعه رأسا، لا عن خصوص الجائر مع تسليمه إلى الفقيه
النائب عن العادل، فإنه رحمه الله - بعد ما نقلنا عنه من حكاية الاتفاق،

(1) كذا في " ف " و " ش " ومصححة " ن "، وفي غيرها: عنهما.
(2) في الصفحة 216.
(3) في " ش ": العارف.
(4) في " ف ": عن مستعمل.
(5) في الصفحة 216.
(6) لم ترد " عن الجائر " في " ش ".
221

قال بلا فصل: وهل يتوقف التصرف في هذا القسم (1) على إذن الحاكم
الشرعي إذا كان متمكنا من صرفها على وجهها (2)، بناء على كونه نائبا
عن المستحق عليه السلام (3) ومفوضا إليه ما هو أعظم من ذلك؟ الظاهر
ذلك، وحينئذ فيجب عليه صرف حاصلها في مصالح المسلمين، ومع
عدم التمكن أمرها إلى الجائر.
وأما جواز التصرف فيها كيف اتفق لكل واحد من المسلمين،
فبعيد جدا، بل لم أقف على قائل به، لأن المسلمين بين قائل بأولوية
الجائر وتوقف التصرف على إذنه، وبين مفوض الأمر إلى الإمام عليه السلام،
ومع غيبته يرجع الأمر إلى نائبه، فالتصرف بدونهما لا دليل عليه (4)،
انتهى.
وليس مراده رحمه الله من " التوقف " التوقف على إذن الحاكم بعد
الأخذ من الجائر، ولا خصوص صورة عدم استيلاء الجائر على
الأرض، كما لا يخفى.
وكيف كان، فقد تحقق مما ذكرناه: أن غاية ما دلت عليه
النصوص والفتاوى كفاية إذن الجائر في حل الخراج، وكون تصرفه
بالإعطاء والمعاوضة والإسقاط وغير ذلك نافذا.
أما انحصاره بذلك، فلم يدل عليه دليل ولا أمارة، بل لو نوقش

(1) في " ش " زيادة: " منها "، كما في المصدر.
(2) في " ش " هكذا: متمكنا في صرفها في وجهها.
(3) التسليم من " ف ".
(4) المسالك 3: 55.
222

في كفاية تصرفه في الحلية وعدم توقفها على إذن الحاكم الشرعي مع
التمكن - بناء على أن الأخبار الظاهرة في الكفاية (1) منصرفة إلى الغالب
من عدم تيسر استئذان الإمام عليه السلام أو نائبه - أمكن ذلك، إلا أن
المناقشة في غير محلها، لأن المستفاد من الأخبار الإذن العام من
الأئمة عليهم السلام، بحيث لا يحتاج بعد ذلك إلى إذن خاص في الموارد
الخاصة منهم عليهم السلام، ولا من نوابهم.
هذا كله مع استيلاء الجائر على تلك الأرض والتمكن من
استئذانه، وأما مع عدم استيلائه على أرض خراجية، لقصور يده عنها،
لعدم انقياد أهلها له ابتداء، أو طغيانهم عليه بعد السلطنة عليهم،
فالأقوى - خصوصا مع عدم الاستيلاء ابتداء - عدم جواز استئذانه
وعدم مضي إذنه فيها، كما صرح به بعض الأساطين، حيث قال - بعد
بيان أن الحكم مع حضور الإمام عليه السلام مراجعته، أو مراجعة الجائر مع
التمكن -: وأما مع فقد سلطان الجور، أو ضعفه عن التسلط، أو عدم
التمكن من مراجعته، فالواجب الرجوع إلى الحاكم الشرعي (2)، إذ ولاية
الجائر إنما ثبتت على من دخل في قسم رعيته حتى يكون في سلطانه،
ويكون مشمولا لحفظه من الأعداء وحمايته، فمن بعد عن سلطانهم،
أو كان على الحد فيما بينهم، أو تقوى (3) عليهم فخرج عن مأموريتهم،

(1) انظر الوسائل 12: 161 - 162، الباب 52 و 53 من أبواب ما يكتسب به،
وراجع الصفحة 204 وما بعدها.
(2) شرح القواعد (مخطوط): الورقة 81، مع اختلاف في الألفاظ.
(3) في " خ "، " م "، " ع " و " ص ": يقوى، وفي " ش ": قوي.
223

فلا يجري عليه (1) حكمهم، اقتصارا على المقطوع به من الأخبار وكلام
الأصحاب في قطع الحكم بالأصول (2) والقواعد، وتخصيص ما دل على
المنع عن الركون إليهم والانقياد لهم.

(1) كذا في " ف " و " ش " ومصححة " ن " و " ص "، وفي سائر النسخ: عليهم.
(2) شطب في " ف " على كلمة " الحكم "، والباء الجارة، فصارت العبارة: في قطع
الأصول...، وكذا في مصححة " ن ".
224

الثالث
أن ظاهر الأخبار (1) وإطلاق الأصحاب: حل الخراج والمقاسمة
المأخوذين من الأراضي التي يعتقد الجائر كونها خراجية وإن كانت
عندنا من الأنفال، وهو الذي يقتضيه نفي الحرج.
نعم، مقتضى بعض أدلتهم وبعض كلماتهم هو الاختصاص، فإن
العلامة قدس سره قد استدل في كتبه على حل الخراج والمقاسمة بأن هذا مال
لا يملكه (2) الزارع ولا صاحب الأرض، بل هو حق لله (3) أخذه
غير مستحقه، فبرأت ذمته وجاز شراؤه (4).
وهذا الدليل وإن كان فيه ما لا يخفى من الخلل إلا أنه كاشف
عن اختصاص محل الكلام بما كان من الأراضي التي (5) لها حق على
الزارع، وليس الأنفال كذلك، لكونها مباحة للشيعة.
نعم، لو قلنا بأن غيرهم يجب عليه أجرة الأرض - كما لا يبعد -
أمكن تحليل ما يأخذه منهم الجائر بالدليل المذكور لو تم.
ومما (6) يظهر منه الاختصاص: ما تقدم (7) من الشهيد ومشايخ

(1) المتقدمة في الصفحات 204 - 211.
(2) في " ش ": ما لم يملكه، بدل: مال لا يملكه.
(3) كذا في " ش " والمصدر، وفي سائر النسخ: حق الله.
(4) التذكرة 1: 583، ولم نعثر عليه في غير التذكرة.
(5) لم ترد " التي " في غير " ش ".
(6) في " ف ": وممن.
(7) في الصفحة 216.
225

المحقق الثاني من حرمة جحود الخراج والمقاسمة، معللين ذلك بأن ذلك
حق عليه، فإن الأنفال لا حق ولا أجرة في التصرف فيها. وكذا
ما تقدم (1) من التنقيح (2) - حيث ذكر بعد دعوى الإجماع على الحكم -:
أن تصرف الجائر في الخراج والمقاسمة من قبيل تصرف الفضولي إذا أجاز
المالك.
والإنصاف: أن كلمات الأصحاب بعد التأمل في أطرافها ظاهرة
في الاختصاص بأراضي المسلمين، خلافا لما استظهره المحقق الكركي قدس سره (3)
من كلمات الأصحاب وإطلاق الأخبار، مع أن الأخبار (4) أكثرها
لا عموم فيها ولا إطلاق.
نعم، بعض الأخبار الواردة في المعاملة على الأراضي الخراجية
التي جمعها صاحب الكفاية (5) شاملة لمطلق الأرض المضروب عليها
الخراج من السلطان.
نعم، لو فرض أنه ضرب الخراج على ملك غير الإمام، أو على
ملك الإمام لا بالإمامة، أو على الأراضي التي أسلم أهلها عليها طوعا،
لم يدخل في منصرف الأخبار قطعا، ولو أخذ الخراج من الأرض
المجهولة المالك معتقدا لاستحقاقه إياها، ففيه وجهان.

(1) في " ن "، " خ "، " م "، " ع " و " ص ": ما تقدم فيها، لكن شطب في " ن "
على " فيها ".
(2) في الصفحة 203.
(3) قاطعة اللجاج (رسائل المحقق الكركي) 1: 258.
(4) التي تقدم شطر منها في الصفحات: 209 - 211.
(5) الكفاية: 77.
226

الرابع
ظاهر الأخبار ومنصرف كلمات الأصحاب: الاختصاص بالسلطان
المدعي للرئاسة العامة وعماله، فلا يشمل من تسلط على قرية أو بلدة
خروجا على سلطان الوقت فيأخذ منهم حقوق المسلمين.
نعم، ظاهر الدليل المتقدم (1) عن (2) العلامة شموله له، لكنك عرفت
أنه قاصر عن إفادة المدعى، كما أن ظاهره عدم الفرق بين السلطان
المخالف المعتقد لاستحقاق أخذ الخراج، والمؤمن والكافر وإن اعترفا
بعدم الاستحقاق، إلا أن ظاهر الأخبار الاختصاص بالمخالف.
والمسألة مشكلة:
من اختصاص موارد الأخبار بالمخالف المعتقد لاستحقاق أخذه (3)،
ولا عموم فيها لغير المورد، فيقتصر في مخالفة القاعدة عليه.
ومن لزوم الحرج، ودعوى الاطلاق في بعض الأخبار المتقدمة،
مثل قوله عليه السلام في صحيحة الحلبي: " لا بأس بأن يتقبل الرجل
الأرض وأهلها من السلطان " (4)، وقوله عليه السلام - في صحيحة محمد بن
مسلم -: " كل أرض دفعها إليك سلطان فعليك فيما أخرج الله منها

(1) في الصفحة 227.
(2) كذا في " ف "، وفي غيرها: من.
(3) في " ف ": الأخذ.
(4) الوسائل 13: 214، الباب 18 من أبواب المزارعة، الحديث 3.
227

الذي قاطعك عليه " (1). وغير ذلك.
ويمكن أن يرد لزوم الحرج بلزومه على كل تقدير، لأن المفروض
أن السلطان المؤمن - خصوصا في هذه الأزمنة - يأخذ الخراج عن كل
أرض ولو لم تكن خراجية، وأنهم يأخذون كثيرا من وجوه الظلم
المحرمة منضما إلى الخراج، وليس الخراج عندهم ممتازا عن سائر
ما يأخذونه ظلما من العشور وسائر ما يظلمون به الناس، كما لا يخفى
على من لاحظ سيرة عمالهم، فلا بد إما من الحكم بحل ذلك (2) كله،
لدفع الحرج، وإما من الحكم بكون ما في يد السلطان وعماله، من
الأموال المجهولة المالك.
وأما الإطلاقات، فهي - مضافا إلى إمكان دعوى انصرافها إلى
الغالب كما في المسالك (3) - مسوقة لبيان حكم آخر، كجواز إدخال أهل
الأرض الخراجية في تقبل الأرض في صحيحة الحلبي (4)، لدفع توهم
حرمة ذلك كما يظهر من أخبار أخر (5)، وكجواز أخذ أكثر مما (6) تقبل
به الأرض من السلطان في رواية الفيض بن المختار (7)، وكغير ذلك من

(1) الوسائل 6: 129، الباب 7 من أبواب زكاة الغلات، الحديث الأول.
(2) عبارة " بحل ذلك " ساقطة من " ش ".
(3) المسالك 3: 144.
(4) المتقدمة في الصفحة 209.
(5) مثل صحيح إسماعيل بن فضل المتقدم في الصفحة 210.
(6) كذا في " ف " ومصححة " ن "، وفي سائر النسخ: ما.
(7) المتقدمة في الصفحة 210.
228

أحكام قبالة الأرض واستئجارها فيما عداها من الروايات.
والحاصل: أن الاستدلال بهذه الأخبار على عدم البأس بأخذ
أموالهم، مع اعترافهم بعدم الاستحقاق مشكل.
ومما (1) يدل على عدم (2) شمول كلمات الأصحاب: أن عنوان
المسألة في كلامهم " ما يأخذه الجائر لشبهة (3) المقاسمة أو الزكاة " كما في
المنتهى (4)، أو " باسم الخراج أو المقاسمة " (5) كما في غيره (6).
وما يأخذه الجائر المؤمن ليس لشبهة الخراج والمقاسمة، لأن المراد
بشبهتهما: شبهة استحقاقهما الحاصلة في مذهب العامة، نظير شبهة تملك
سائر ما يأخذون مما لا يستحقون، لأن مذهب الشيعة: أن الولاية في
الأراضي الخراجية إنما هي للإمام عليه السلام، أو نائبه الخاص، أو العام،
فما يأخذه الجائر المعتقد (7) لذلك إنما هو شئ يظلم به في اعتقاده،
معترفا بعدم براءة ذمة زارع الأرض من أجرتها شرعا، نظير ما يأخذه
من الأملاك الخاصة التي لا خراج عليها أصلا.
ولو فرض حصول شبهة الاستحقاق لبعض سلاطين الشيعة من

(1) كذا في " ف "، " ش " ومصححة " ن "، وفي سائر النسخ: وما.
(2) كلمة " عدم " ساقطة من " ش ".
(3) في " ف "، " خ "، " م " و " ع ": لشبه.
(4) منتهى المطلب 2: 1027.
(5) في " ف ": والمقاسمة.
(6) الشرائع 2: 13، والقواعد 1: 122، والدروس 3: 169 وغيرها.
(7) كذا في " ف " و " ن "، وفي غيرهما: الجائر والمعتقد.
229

بعض الوجوه، لم يدخل بذلك في عناوين الأصحاب قطعا، لأن مرادهم
من الشبهة: الشبهة من حيث المذهب التي أمضاها الشارع للشيعة،
لا الشبهة في نظر شخص خاص، لأن الشبهة الخاصة إن كانت عن
سبب صحيح، كاجتهاد أو تقليد، فلا إشكال في حليته له واستحقاقه
للأخذ بالنسبة إليه، وإلا كانت باطلة غير نافذة في حق أحد.
والحاصل: أن آخذ الخراج والمقاسمة لشبهة الاستحقاق في كلام
الأصحاب ليس إلا الجائر المخالف، ومما (1) يؤيده أيضا: عطف الزكاة
عليها، مع أن الجائر الموافق لا يرى لنفسه ولاية جباية الصدقات.
وكيف كان، فالذي أتخيل: أنه (2) كلما ازداد (3) المنصف التأمل في
كلماتهم يزداد (4) له هذا المعنى وضوحا، فما أطنب به بعض (5) في دعوى
عموم النص وكلمات الأصحاب مما لا ينبغي أن يغتر به.
ولأجل ما ذكرنا وغيره فسر صاحب إيضاح النافع (6) - في
ظاهر كلامه المحكي - الجائر في عبارة النافع (7): بمن تقدم (8) على

(1) في " ن "، " خ "، " م "، " ع " و " ص ": وما.
(2) لم ترد " أنه " في " ش ".
(3) في " ف ": أزاد.
(4) في " ف ": يزاد.
(5) الظاهر أنه صاحب الجواهر قدس سره، انظر الجواهر 22: 190 - 195.
(6) مخطوط، ولا يوجد لدينا. نعم، حكاه السيد العاملي في مفتاح الكرامة 4: 247.
(7) المختصر النافع: 118.
(8) في مصححة " ن ": يقدم.
230

أمير المؤمنين عليه السلام واقتفى أثر الثلاثة، فالقول بالاختصاص
- كما استظهره في المسالك (1)، وجزم به في إيضاح النافع (2) - وجعله
الأصح في الرياض (3) - لا يخلو عن قوة.
فينبغي في الأراضي التي بيد الجائر الموافق، في المعاملة على عينها
أو على ما يؤخذ عليها مراجعة الحاكم الشرعي.
ولو فرض ظهور سلطان مخالف لا يرى نفسه مستحقا لجباية تلك
الوجوه، وإنما أخذ ما يأخذ نظير ما يأخذه (4) على غير الأراضي
الخراجية من الأملاك الخاصة، فهو أيضا غير داخل في منصرف
الأخبار، ولا في كلمات الأصحاب، فحكمه حكم السلطان الموافق.
وأما السلطان الكافر، فلم أجد فيه نصا، وينبغي لمن تمسك
بإطلاق النص والفتوى (5) التزام دخوله فيهما، لكن الإنصاف انصرافهما (6)
إلى غيره، مضافا إلى ما تقدم (7) في السلطان الموافق من اعتبار كون
الأخذ بشبهة الاستحقاق. وقد تمسك في ذلك بعض (8) بنفي السبيل
للكافر على المؤمن، فتأمل.

(1) المسالك 3: 144.
(2) مخطوط، ولا يوجد لدينا.
(3) الرياض 1: 507.
(4) في غير " ش " و " ص ": يأخذ.
(5) مثل صاحب الجواهر، كما تقدم في الصفحة السابقة.
(6) في غير " ش ": انصرافها.
(7) في الصفحة 231.
(8) لم نقف عليه.
231

الخامس
الظاهر أنه لا يعتبر في حل الخراج المأخوذ أن يكون المأخوذ
منه ممن يعتقد استحقاق الآخذ للأخذ، فلا فرق حينئذ بين المؤمن
والمخالف والكافر، لإطلاق بعض الأخبار المتقدمة (1) واختصاص بعضها
الآخر بالمؤمن، كما في روايتي الحذاء وإسحاق بن عمار (2) وبعض
روايات قبالة الأراضي الخراجية (3).
ولم يستبعد بعض (4) اختصاص الحكم بالمأخوذ من معتقد استحقاق
الآخذ، مع اعترافه بأن ظاهر الأصحاب التعميم، وكأنه أدخل هذه
المسألة - يعني مسألة حل الخراج والمقاسمة - في القاعدة المعروفة، من:
إلزام الناس بما ألزموا به أنفسهم، ووجوب المضي معهم في أحكامهم (5)،

(1) في الصفحة 204 وما بعدها.
(2) تقدمتا في الصفحة 204 و 207، ولكن ليس في رواية إسحاق ما يدل على
الاختصاص، فراجع.
(3) الوسائل 13: 214، الباب 18 من أبواب أحكام المزارعة، الحديث 4.
(4) هو الفاضل القطيفي في رسالة السراج الوهاج (المطبوعة ضمن الخراجيات):
124 - 125.
(5) هذه القاعدة مستفادة من روايات عديدة، انظر الوسائل 15: 320، الباب
30 من أبواب مقدمات الطلاق، و 17: 485، الباب 4 من أبواب ميراث
الإخوة والأجداد، الحديث 5.
232

على ما يشهد به تشبيه بعضهم (1) ما نحن فيه باستيفاء الدين من الذمي
من ثمن (2) ما باعه من الخمر والخنزير.
والأقوى: أن المسألة أعم من ذلك، وإنما (3) الممضى في ما نحن
فيه تصرف الجائر في تلك الأراضي مطلقا.

(1) لم نقف عليه، نعم شبه الفاضل القطيفي - في رسالة السراج الوهاج (المطبوعة
ضمن الخراجيات): 124 - ما نحن فيه بجواز ابتياع عوض الخمر من اليهود.
(2) في " ف " و " خ ": من عين.
(3) في " ف "، " ن "، " خ "، " م " و " ص ": وأن، وفي نسخة بدل " ص ": إنما.
233

السادس
ليس للخراج قدر معين، بل المناط فيه ما تراضى فيه السلطان
ومستعمل الأرض، لأن الخراج هي أجرة الأرض، فينوط (1) برضى
المؤجر والمستأجر.
نعم، لو استعمل أحد الأرض قبل تعيين الأجرة تعين عليه أجرة
المثل، وهي مضبوطة عند أهل الخبرة، وأما قبل العمل فهو تابع لما يقع
التراضي عليه، ونسب ما ذكرناه إلى ظاهر الأصحاب (2).
ويدل عليه قول أبي الحسن عليه السلام في مرسلة حماد بن عيسى:
" والأرض التي أخذت عنوة بخيل وركاب، فهي موقوفة متروكة في يد
من يعمرها ويحييها على صلح ما يصالحهم الوالي على قدر طاقتهم من
الخراج: النصف، أو الثلث، أو الثلثان، على قدر ما يكون لهم صالحا
ولا يضر بهم... الحديث " (3).
ويستفاد منه: أنه إذا جعل (4) عليهم من (5) الخراج أو المقاسمة

(1) في هامش " ن ": فيناط - خ ل، وفي هامش " ص ": فيناط - ظ.
(2) لم نعثر عليه.
(3) التهذيب 4: 130، الحديث 366، وانظر الوسائل 11: 85، الباب 41 من
أبواب جهاد العدو، الحديث 2.
(4) في " ف "، " خ "، " م "، " ع " و " ص ": جعلت.
(5) لم ترد " من " في " ن "، " خ "، " م "، " ع " و " ص ".
234

ما يضر بهم لم يجز ذلك، كالذي يؤخذ من بعض مزارعي (1) بعض
بلادنا، بحيث لا يختار الزارع الزراعة من كثرة الخراج، فيجبرونه على
الزراعة، وحينئذ ففي حرمة كل ما يؤخذ أو المقدار الزائد على
ما تضر (2) الزيادة عليه، وجهان.
وحكي (3) عن بعض: أنه يشترط أن لا يزيد على ما كان يأخذه
المتولي له - الإمام العادل - إلا برضاه.
والتحقيق: أن مستعمل الأرض بالزرع والغرس إن كان مختارا في
استعمالها فمقاطعة الخراج والمقاسمة باختياره واختيار الجائر، فإذا تراضيا
على شئ فهو الحق، قليلا كان أو كثيرا، وإن كان لا بد له من
استعمال الأرض - لأنها كانت مزرعة له مدة سنين (4) ويتضرر بالارتحال
عن تلك القرية إلى غيرها - فالمناط ما ذكر في المرسلة، من عدم كون
المضروب عليهم مضرا، بأن لا يبقى لهم بعد أداء الخراج ما يكون
بإزاء ما أنفقوا على الزرع من المال، وبذلوا له من أبدانهم الأعمال.

(1) في غير " ش ": مزارع.
(2) في غير " ص ": يضر.
(3) حكاه السيد العاملي في مفتاح الكرامة 4: 247 عن السيد عميد الدين.
(4) في " ف " و " م ": مد سنين، وصحح في " ن " ب‍ " مدة "، ولعله كان في
الأصل: مذ سنين.
235

السابع
ظاهر إطلاق الأصحاب: أنه لا يشترط في من يصل إليه الخراج
أو الزكاة من السلطان على وجه الهدية، أو يقطعه الأرض الخراجية
إقطاعا، أن يكون مستحقا له، ونسبه الكركي رحمه الله في رسالته (1) إلى
إطلاق الأخبار والأصحاب، ولعله أراد إطلاق ما دل على حل جوائز
السلطان وعماله (2) مع كونها غالبا من بيت المال، وإلا فما استدلوا به
لأصل المسألة إنما هي الأخبار الواردة في جواز ابتياع الخراج والمقاسمة
والزكاة (3)، والواردة في حل تقبل (4) الأرض الخراجية من السلطان (5).
ولا ريب في عدم اشتراط كون المشتري والمتقبل مستحقا لشئ من
بيت المال، ولم يرد خبر في حل ما يهبه السلطان من الخراج حتى
يتمسك بإطلاقه عدا أخبار جوائز السلطان، مع أن تلك الأخبار واردة
أيضا في أشخاص خاصة، فيحتمل كونهم ذوي حصص من بيت المال.
فالحكم بنفوذ تصرف الجائر على الاطلاق في الخراج - من حيث
البذل والتفريق - كنفوذ تصرفه على الاطلاق فيه بالقبض والأخذ
والمعاملة عليه، مشكل.

(1) قاطعة اللجاج (رسائل المحقق الكركي) 1: 283.
(2) المتقدم في الصفحة 178 وما بعدها.
(3) راجع الصفحة 204 وما بعدها.
(4) في غير " ص ": تقبيل.
(5) انظر الصفحة 209 وما بعدها.
236

وأما قوله عليه السلام - في رواية الحضرمي السابقة -: " ما يمنع ابن
أبي سماك أن يبعث إليك بعطائك، أما علم أن لك نصيبا من بيت
المال " (1)، فإنما يدل على أن كل من له نصيب في بيت المال يجوز له
الأخذ، لا أن كل من لا نصيب له لا يجوز أخذه.
وكذا تعليل العلامة قدس سره فيما تقدم من دليله: بأن الخراج حق
لله أخذه غير مستحقه (2)، فإن هذا لا ينافي إمضاء الشارع لبذل الجائر
إياه كيف شاء، كما أن للإمام عليه السلام أن يتصرف في بيت المال كيف
شاء.
فالاستشهاد بالتعليل المذكور في (3) الرواية المذكورة (4)، والمذكور (5)
في كلام العلامة رحمه الله على اعتبار استحقاق الآخذ لشئ (6) من بيت
المال، كما في الرسالة الخراجية (7)، محل نظر.
ثم أشكل من ذلك تحليل الزكاة المأخوذة منه لكل أحد، كما هو

(1) الوسائل 12: 157، الباب 51 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 6،
وتقدمت في الصفحة 208.
(2) تقدم في الصفحة 227.
(3) في " م ": وفي.
(4) لم ترد " المذكورة " في " ف " و " ن ".
(5) لم ترد " المذكور " في " ص "، ولم ترد: " والمذكور " في " خ "، " م " و " ع ".
(6) في غير " ف " و " ص ": بشئ.
(7) رسالة قاطعة اللجاج (رسائل المحقق الكركي) 1: 283.
237

ظاهر إطلاقهم (1) القول بحل اتهاب ما يؤخذ باسم الزكاة.
وفي المسالك: أنه يشترط أن يكون صرفه لها على وجهها (2)
المعتبر عندهم، بحيث لا يعد عندهم غاصبا (3)، إذ (4) يمتنع الأخذ منه
عندهم أيضا. ثم قال: ويحتمل الجواز مطلقا، نظرا إلى إطلاق النص
والفتوى. قال: ويجئ (5) مثله في المقاسمة والخراج، فإن مصرفهما (6) بيت
المال، وله أرباب مخصوصون عندهم أيضا (7)، انتهى.

(1) كالمحقق في الشرائع 2: 13، والعلامة في القواعد 1: 122، والشهيد في
الدروس 3: 170، والفاضل المقداد في التنقيح الرائع 2: 19 وغيرهم.
(2) في غير " ش ": وجهه.
(3) في " ص " و " ش ": عاصيا.
(4) في غير " ص " و " ش ": أو.
(5) في " خ "، " م "، " ع " و " ص ": ويجوز.
(6) كذا في المصدر ومصححة " ن " وهامش " ص "، وفي النسخ: مصرفها.
(7) المسالك 3: 143.
238

الثامن
أن كون الأرض خراجية (1)، بحيث يتعلق بما يؤخذ منها ما تقدم
من أحكام الخراج والمقاسمة، يتوقف على أمور ثلاثة:
الأول: كونها مفتوحة عنوة، أو صلحا على أن تكون (2) الأرض
للمسلمين، إذ ما عداهما (3) من الأرضين لا خراج عليها.
نعم، لو قلنا بأن حكم (4) ما يأخذه الجائر من الأنفال حكم
ما يأخذه من أرض الخراج، دخل ما يثبت كونه من الأنفال في
حكمها.
فنقول: يثبت الفتح عنوة بالشياع الموجب للعلم، وبشهادة عدلين،
وبالشياع المفيد للظن المتاخم للعلم، بناء على كفايته في كل ما يعسر
إقامة البينة عليه، كالنسب، والوقف، والملك المطلق، وأما ثبوتها
بغير ذلك من الأمارات الظنية حتى قول من يوثق به من المؤرخين
فمحل إشكال، لأن الأصل عدم الفتح عنوة، وعدم تملك المسلمين.
نعم، الأصل عدم تملك غيرهم أيضا، فإن فرض دخولها بذلك في
الأنفال وألحقناها بأرض الخراج في الحكم فهو، وإلا فمقتضى القاعدة
حرمة تناول ما يؤخذ قهرا من زراعها. وأما الزراع فيجب عليهم

(1) كذا في " ف " ومصححة " ن "، وفي سائر النسخ: الخراجية.
(2) في غير " ص ": يكون.
(3) في " ف "، " خ "، " خ "، " ع " و " ص ": عداها.
(4) لم ترد " حكم " في " ف "، " خ "، " م " و " ع ".
239

مراجعة حاكم الشرع، فيعمل فيها معهم على طبق ما يقتضيه القواعد
عنده: من كونه مال الإمام عليه السلام، أو مجهول المالك، أو غير ذلك.
والمعروف بين الإمامية - بلا خلاف ظاهر - أن أرض العراق
فتحت عنوة، وحكي ذلك عن التواريخ المعتبرة (1).
وحكي عن بعض العامة أنها فتحت صلحا (2).
وما دل على كونها ملكا للمسلمين يحتمل الأمرين (3).
ففي صحيحة الحلبي: " أنه سئل أبو عبد الله عليه السلام عن أرض
السواد ما منزلته؟ فقال: هو لجميع المسلمين، لمن هو اليوم (4)، ولمن
يدخل في الإسلام بعد اليوم، ولمن لم يخلق بعد " (5).
ورواية أبي الربيع الشامي: " لا تشتر من أرض السواد شيئا
إلا من كانت له ذمة، فإنما هي فئ للمسلمين " (6). وقريب منها صحيحة
ابن الحجاج (7).
وأما غير هذه الأرض مما ذكر أو اشتهر (8) فتحها عنوة، فإن

(1) حكاه المحقق السبزواري في الكفاية: 79، وانظر تأريخ الطبري 3: 87.
(2) حكاه العلامة في التذكرة 1: 428 عن أبي حنيفة وبعض الشافعية.
(3) في " خ "، " م "، " ع " و " ص ": أمرين.
(4) كذا في " ف "، وفي سائر النسخ: اليوم مسلم.
(5) الوسائل 12: 274، الباب 21 من أبواب عقد البيع، الحديث 4.
(6) نفس المصدر، الحديث 5.
(7) الوسائل 17: 330، الباب 4 من أبواب إحياء الموات، الحديث 3.
(8) في " ش ": واشتهر.
240

أخبر به عدلان (1) يحتمل حصول العلم لهما من السماع أو الظن المتاخم
من الشياع أخذ به، على تأمل في الأخير كما في العدل الواحد.
وإلا فقد عرفت (2) الإشكال في الاعتماد على مطلق الظن.
وأما العمل بقول المؤرخين - بناء على أن قولهم في المقام نظير
قول اللغوي في اللغة وقول الطبيب وشبههما - فدون إثباته خرط القتاد.
وأشكل منه إثبات ذلك باستمرار السيرة على أخذ الخراج من
أرض، لأن ذلك إما من جهة ما قيل: من كشف السيرة عن ثبوت
ذلك من الصدر الأول من غير نكير، إذ لو كان شيئا حادثا لنقل في
كتب التواريخ، لاعتناء أربابها بالمبتدعات والحوادث (3)، وإما من جهة
وجوب حمل تصرف المسلمين وهو أخذهم الخراج على الصحيح.
ويرد على الأول - مع أن عدم التعرض يحتمل كونه لأجل عدم
اطلاعهم الذي لا يدل على العدم -: أن هذه الأمارة (4) ليست (5) بأولى
من تنصيص أهل التواريخ الذي عرفت حاله.
وعلى الثاني: أنه إن أريد بفعل المسلم تصرف السلطان بأخذ
الخراج، فلا ريب أن أخذه حرام وإن علم كون الأرض خراجية،
فكونها كذلك لا يصحح فعله.

(1) في " خ "، " م " و " ع ": أخبره عدلان، وصحح في " ع " بما في المتن.
(2) في الصفحة 237.
(3) قاله المحقق السبزواري في الكفاية: 79.
(4) في غير " ف ": الأمارات.
(5) كذا في " ف "، وفي غيرها: ليس.
241

ودعوى: أن أخذه الخراج من أرض الخراج أقل فسادا من
أخذه من غيرها، توهم، لأن مناط الحرمة في المقامين واحد، وهو أخذ
مال الغير من غير استحقاق، واشتغال ذمة المأخوذ منه بأجرة الأرض
الخراجية وعدمه في غيرها لا يهون الفساد.
نعم، بينهما فرق من حيث الحكم المتعلق بفعل غير السلطان، وهو
من يقع في يده شئ من الخراج بمعاوضة أو تبرع، فيحل في الأرض
الخراجية دون غيرها، مع أنه لا دليل على وجوب حمل الفاسد على
الأقل فسادا إذا لم يتعدد عنوان الفساد - كما لو دار الأمر بين الزنا
مكرها للمرأة، وبين الزنا برضائها، حيث إن الظلم محرم آخر غير الزنا،
بخلاف ما نحن فيه - مع أن أصالة الصحة لا تثبت الموضوع، وهو كون
الأرض خراجية.
إلا أن يقال: إن المقصود ترتب آثار الأخذ الذي هو أقل
فسادا، وهو حل تناوله من الآخذ وإن لم يثبت كون الأرض خراجية
بحيث يترتب عليه الآثار الأخر، مثل وجوب دفع أجرة الأرض إلى
حاكم الشرع ليصرفه في المصالح إذا فرض عدم السلطان الجائر، ومثل
حرمة التصرف فيه من دون دفع أجرة أصلا، لا إلى الجائر ولا إلى
حاكم الشرع.
وإن أريد بفعل المسلم تصرف المسلمين فيما يتناولونه من الجائر
من خراج هذه الأرض، ففيه: أنه لا عبرة بفعلهم إذا علمنا بأنهم
لا يعلمون حال هذه الأراضي، كما هو الغالب في محل الكلام، إذ نعلم
بفساد تصرفهم من جهة عدم إحراز الموضوع. ولو احتمل تقليدهم لمن
242

يرى تلك (1) الأرض خراجية (2) لم ينفع. ولو فرض احتمال علمهم بكونها
خراجية كان اللازم من ذلك جواز التناول من أيديهم لا من يد
السلطان، كما لا يخفى.
الثاني: أن يكون الفتح بإذن الإمام عليه السلام، وإلا كان المفتوح مال
الإمام عليه السلام، بناء على المشهور، بل عن المجمع: أنه كاد يكون
إجماعا (3)، ونسبه في المبسوط إلى رواية أصحابنا، وهي مرسلة العباس
الوراق، وفيها: " أنه إذا غزى قوم بغير إذن الإمام فغنموا كانت الغنيمة
كلها (4) للإمام " (5).
قال في المبسوط: وعلى هذه الرواية يكون جميع ما فتحت بعد
النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا ما فتحت في زمان الوصي عليه السلام من مال
الإمام عليه السلام " (6)، انتهى.
أقول: فيبتني حل المأخوذ منها خراجا على ما تقدم من حل
الخراج المأخوذ من الأنفال (7).
والظاهر أن أرض العراق مفتوحة بالإذن كما يكشف عن ذلك

(1) في " ن "، " خ "، " م "، " ع " و " ص ": تملك.
(2) في " ن "، " خ "، " م "، " ع " و " ص ": الخراجية.
(3) مجمع الفائدة 7: 473.
(4) لم ترد " كلها " في غير " ش ".
(5) الوسائل 6: 369، الباب الأول من أبواب الأنفال، الحديث 16.
(6) المبسوط 2: 34، نقلا بالمعنى.
(7) تقدم في الصفحة 227.
243

ما دل على أنها للمسلمين (1)،
وأما غيرها مما فتحت في زمان خلافة
الثاني، وهي أغلب ما فتحت، فظاهر بعض الأخبار كون ذلك - أيضا -
بإذن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام وأمره،
ففي الخصال - في أبواب
السبعة، في باب أن الله تعالى يمتحن أوصياء الأنبياء في حياة الأنبياء
في سبعة مواطن، وبعد وفاتهم في سبعة مواطن -، عن أبيه وشيخه، عن
سعد بن عبد الله، عن أحمد بن الحسين بن سعيد، عن جعفر بن محمد
النوفلي، عن يعقوب بن الرائد (2)، عن أبي عبد الله جعفر بن أحمد بن
محمد بن عيسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب،
عن يعقوب بن عبد الله الكوفي، عن موسى بن عبيد (3)، عن عمرو (4)
ابن أبي المقدام، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام: أنه " أتى
يهودي أمير المؤمنين عليه السلام في منصرفه عن وقعة النهروان فسأله عن
تلك المواطن، وفيه قوله عليه السلام: وأما الرابعة - يعني من المواطن
الممتحن بها بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم -: فإن القائم بعد صاحبه - يعني
عمر بعد أبي بكر - كان يشاورني في موارد الأمور (5)، فيصدرها
عن أمري، ويناظرني في غوامضها فيمضيها عن رأيي (6) لا أعلم

(1) الوسائل 12: 274، الباب 21 من أبواب عقد البيع، الحديث 4 و 5.
(2) في " ش ": يعقوب الرائد، وفي المصدر: يعقوب بن يزيد.
(3) في المصدر: موسى بن عبيدة.
(4) في غير " ش ": عمر.
(5) في " ش " زيادة: ومصادرها.
(6) في غير " ش ": رأي.
244

أحدا (1)، ولا يعلمه أصحابي، يناظره في ذلك غيري (2)... الخبر " (3).
والظاهر أن عموم الأمور إضافي بالنسبة إلى ما لا يقدح في
رئاسته مما يتعلق بالسياسة، ولا يخفى أن الخروج إلى الكفار ودعاءهم
إلى الإسلام من أعظم تلك الأمور، بل لا أعظم منه.
وفي سند الرواية جماعة تخرجها عن حد الاعتبار، إلا أن اعتماد
القميين عليها وروايتهم لها، مع ما عرف من حالهم - لمن تتبعها - من
أنهم لا يخرجون (4) في كتبهم رواية في راويها (5) ضعف إلا بعد احتفافها
بما يوجب الاعتماد عليها، جابر لضعفها في الجملة.
مضافا إلى ما اشتهر من حضور أبي محمد الحسن عليه السلام في بعض
الغزوات (6)، ودخول بعض خواص أمير المؤمنين عليه السلام من الصحابة
كعمار في أمرهم (7).

(1) ما أثبتناه مطابق للمصدر، وفي " ش ": لا يعلمه أحد، وفي " ص ": لا علمه
أحد، وفي سائر النسخ: لا أعلمه أحد.
(2) ما أثبتناه مطابق للمصدر، وفي مصححة " ن " ظاهرا: ولا يناظر في ذلك
غيري، وفي النسخ: ولا يناظرني غيره.
(3) الخصال: 374، باب السبعة، الحديث 58.
(4) كذا في " ف " و " خ " ونسخة بدل " ن "، " ع " و " ش "، وفي " ن "، " م "،
" ع "، " ص " و " ش " ونسخة بدل " خ ": لا يثبتون.
(5) كذا في " ش "، وفي غيرها: راوية.
(6) راجع تأريخ الطبري 3: 323، والكامل في التأريخ لابن الأثير 3: 109،
لكنهما ذكرا حضور أبي محمد الحسن وأبي عبد الله الحسين عليهما السلام.
(7) راجع أسد الغابة 4: 46 (ترجمة عمار بن ياسر رضي الله عنه).
245

وفي صحيحة محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: " سألته
عن سيرة الإمام في الأرض التي فتحت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟
فقال: إن أمير المؤمنين عليه السلام قد سار في أهل العراق بسيرة، فهي إمام
لسائر الأرضين... الخبر " (1).
وظاهرها أن سائر الأرضين المفتوحة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم حكمها
حكم أرض العراق، مضافا إلى أنه يمكن الاكتفاء عن إذن الإمام المنصوص
في مرسلة الوراق (2) بالعلم بشاهد الحال برضى أمير المؤمنين عليه السلام
وسائر الأئمة بالفتوحات (3) الإسلامية الموجبة لتأيد هذا الدين.
وقد ورد: " أن الله تعالى يؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم
منه " (4).
مع أنه يمكن أن يقال بحمل الصادر من الغزاة من فتح البلاد على
الوجه الصحيح (5)، وهو كونه بأمر الإمام عليه السلام.
مع أنه يمكن أن يقال: إن عموم ما دل من الأخبار الكثيرة على

(1) الوسائل 11: 117، الباب 69 من أبواب جهاد العدو، الحديث 2.
(2) الوسائل 6: 369، الباب الأول من أبواب الأنفال، الحديث 16.
(3) في " ف "، " ن "، " خ "، " م " و " ع ": بالمفتوحات.
(4) الوسائل 11: 28، الباب 9 من أبواب جهاد العدو، الحديث الأول، وفيه:
ينصر هذا الدين.
(5) كذا في " ص "، وفي " ف ": على الصحيح، وفي سائر النسخ: على وجه
الصحيح.
246

تقيد الأرض المعدودة من الأنفال بكونها مما لم يوجف (1) عليه بخيل
ولا ركاب (2)، وعلى أن ما أخذت بالسيف من الأرضين يصرفها في
مصالح المسلمين (3)، معارض بالعموم من وجه لمرسلة الوراق (4)، فيرجع
إلى عموم قوله تعالى: * (واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه
وللرسول ولذي القربى) * الآية (5)، فيكون الباقي للمسلمين، إذ ليس لمن
قاتل (6) شئ من الأرضين نصا وإجماعا.
الثالث: أن يثبت كون الأرض المفتوحة عنوة بإذن الإمام عليه السلام
محياة حال الفتح، لتدخل في الغنائم ويخرج منها الخمس - أولا - على
المشهور ويبقى الباقي للمسلمين، فإن كانت حينئذ مواتا كانت للإمام،
كما هو المشهور، بل المتفق عليه، على الظاهر المصرح به عن الكفاية (7)
ومحكي التذكرة (8)، ويقتضيه إطلاق الإجماعات المحكية (9) على أن الموات

(1) في " ن "، " خ "، " م "، " ع " و " ش ": لا يوجف.
(2) انظر الوسائل 6: 364، الباب الأول من أبواب الأنفال.
(3) انظر الوسائل 11: 119، الباب 72 من أبواب جهاد العدو، و 12: 273،
الباب 21 من أبواب عقد البيع وشروطه.
(4) الوسائل 6: 369، الباب الأول من أبواب الأنفال، الحديث 16.
(5) الأنفال: 41.
(6) كذا في " ص "، وفي سائر النسخ: قابل، وفي نسخة بدل أكثرها: قاتل.
(7) انظر كفاية الأحكام: 239، وفيه: بلا خلاف.
(8) التذكرة 2: 402، وفيه: عند علمائنا.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): 540، وانظر الخلاف 3: 525 - 526، كتاب
إحياء الموات، المسألة 3، وجامع المقاصد 7: 9.
247

من الأنفال، لإطلاق الأخبار الدالة على أن الموات بقول مطلق
له عليه السلام (1). ولا يعارضها إطلاق الاجماعات (2) والأخبار (3) الدالة على
أن المفتوحة عنوة للمسلمين (4)، لأن موارد الاجماعات هي (5) الأرض
المغنومة (6) من (7) الكفار - كسائر الغنائم التي يملكونها منهم ويجب فيها
الخمس - وليس الموات من أموالهم (8)، وإنما هي مال الإمام. ولو فرض
جريان أيديهم عليه كان بحكم المغصوب لا يعد في الغنيمة، وظاهر
الأخبار خصوص المحياة، مع أن الظاهر عدم الخلاف.
نعم، لو مات المحياة حال الفتح، فالظاهر بقاؤها على ملك
المسلمين، بل عن ظاهر الرياض (9) استفادة عدم الخلاف في ذلك من
السرائر (10)، لاختصاص أدلة الموات بما إذا لم يجر عليه ملك مسلم، دون
ما عرف صاحبه.

(1) انظر الوسائل 6: 364، الباب الأول من أبواب الأنفال.
(2) انظر الخلاف 2: 67 - 70، كتاب الزكاة، المسألة 80، والغنية (الجوامع
الفقهية): 522، والمنتهى 2: 934، والرياض 1: 495.
(3) انظر الوسائل 12: 273، الباب 21 من أبواب عقد البيع.
(4) في " ف ": للإمام.
(5) في غير " ش ": هو.
(6) في " ف ": المفتوحة.
(7) في " ش ": عن.
(8) العبارة في " ف " هكذا: والموات ليس من أموالهم.
(9) الرياض 1: 496.
(10) انظر السرائر 1: 481.
248

ثم إنه يثبت الحياة حال الفتح بما كان يثبت به الفتح عنوة، ومع
الشك فيها فالأصل العدم وإن وجدناها الآن محياة، لأصالة عدمها حال
الفتح، فيشكل الأمر في كثير من محياة أراضي البلاد المفتوحة عنوة.
نعم، ما وجد منها في يد مدع للملكية حكم بها له. أما (1) إذا
كانت بيد السلطان أو من أخذها منه فلا يحكم لأجلها بكونها
خراجية، لأن يد السلطان عادية على الأراضي الخراجية أيضا.
وما لا يد لمدعي الملكية عليها كان مرددا بين المسلمين ومالك
خاص مردد بين الإمام عليه السلام - لكونها تركة من لا وارث له - وبين
غيره، فيجب مراجعة حاكم الشرع في أمرها، ووظيفة الحاكم في الأجرة
المأخوذة منها: إما القرعة، وإما صرفها في مصرف مشترك بين الكل،
كفقير يستحق الإنفاق من بيت المال، لقيامه ببعض مصالح المسلمين.
ثم اعلم أن ظاهر الأخبار (2) تملك المسلمين لجميع أرض العراق
المسمى بأرض السواد من غير تقييد بالعامر، فينزل على أن كلها كانت
عامرة حال الفتح.
ويؤيده أنهم ضبطوا أرض الخراج - كما في المنتهى (3) وغيره (4) -
بعد المساحة (5) بستة أو اثنين وثلاثين ألف ألف جريب، وحينئذ فالظاهر

(1) لم ترد " أما " في " ف ".
(2) الوسائل 12: 274، الباب 21 من أبواب عقد البيع، الحديث 4 و 5.
(3) المنتهى 2: 937.
(4) المبسوط 2: 34.
(5) في " ع " و " ص ": المسامحة.
249

أن البلاد الإسلامية المبنية في العراق هي مع ما يتبعها (1) من القرى، من
المحياة حال الفتح التي تملكها (2) المسلمون.
وذكر العلامة رحمه الله في كتبه (3) - تبعا لبعض ما عن المبسوط (4)
والخلاف (5) - أن حد سواد العراق ما بين منقطع الجبال بحلوان (6) إلى
طرف القادسية (7) المتصل بعذيب (8) من أرض العرب عرضا، ومن تخوم
الموصل إلى ساحل البحر ببلاد عبادان طولا.
وزاد العلامة رحمه الله قوله: من شرقي دجلة، فأما الغربي الذي يليه
البصرة فإنما هو إسلامي، مثل شط عثمان بن أبي العاص وما والاها،

(1) كذا في " ف " ومصححة " ص "، وفي " ش " ومصححة " ن ": هي
وما يتبعها، وفي سائر النسخ: وهي ما يتبعها.
(2) في " ف ": يملكها.
(3) المنتهى 2: 937، والتحرير 1: 142، والتذكرة 1: 428.
(4) المبسوط 2: 34.
(5) الخلاف 4: 196، كتاب الفئ وقسمة الغنائم، المسألة 19.
(6) في معجم البلدان 2: 290 مادة " حلو ": حلوان العراق، وهي في آخر
حدود السواد مما يلي الجبال من بغداد.
(7) قرية قرب الكوفة، من جهة البر، بينها وبين الكوفة خمسة عشر فرسخا،
وبينها وبين العذيب أربعة أميال. (مراصد الاطلاع 3: 1054، معجم البلدان 4:
291 مادة " قادس ").
(8) العذيب: يخرج من قادسية الكوفة إليه، وكانت مسلحة للفرس، بينها وبين
القادسية حائطان متصلان، بينهما نخل، وهي ستة أميال، فإذا خرجت منه
دخلت البادية. (معجم البلدان 4: 92 مادة " عذب ").
250

كانت سباخا (1) فأحياها عثمان.
ويظهر من هذا التقييد أن ما عدا ذلك كانت محياة، كما يؤيده
ما تقدم من تقدير الأرض المذكورة بعد المساحة بما ذكر من الجريب.
فما قيل: من أن البلاد المحدثة (2) بالعراق - مثل بغداد، والكوفة
والحلة، والمشاهد المشرفة - إسلامية بناها المسلمون ولم تفتح عنوة،
ولم يثبت أن أرضها تملكها (3) المسلمون بالاستغنام، والتي فتحت عنوة
وأخذت من الكفار قهرا قد انهدمت (4)، لا يخلو عن نظر، لأن المفتوح
عنوة لا يختص بالأبنية حتى يقال: إنها انهدمت، فإذا كانت البلاد
المذكورة وما يتعلق بها من قرأها غير مفتوحة عنوة، فأين أرض
العراق المفتوحة عنوة المقدر (5) بستة وثلاثين ألف ألف جريب؟
وأيضا من البعيد عادة أن يكون بلد " المدائن " (6) على طرف
العراق، بحيث يكون الخارج منها مما يليه البلاد المذكورة مواتا

(1) كذا في " ف " ونسخة بدل " ن "، " خ "، " م "، " ع "، " ص " و " ش "، وفي
سائر النسخ: مماتا، وفي المصدر: سباخا ومواتا.
(2) كذا في " ص " و " ش " ومصححة " ن "، وفي سائر النسخ: المحدث.
(3) كذا في " ص "، وفي غيرها: يملكها.
(4) لم نقف على القائل.
(5) كذا، والمناسب: المقدرة.
(6) في معجم البلدان (5: 75، مادة " مدائن "): المسمى بهذا الاسم بليدة شبيهة
بالقرية، بينها وبين بغداد ستة فراسخ، وأهلها فلاحون يزرعون ويحصدون،
والغالب على أهلها التشيع على مذهب الإمامية. وبالمدينة الشرقية قرب الإيوان
قبر سلمان الفارسي رضي الله عنه، وعليه مشهد يزار إلى وقتنا هذا.
251

غير معمورة وقت الفتح (1) والله العالم، ولله الحمد أولا وآخرا وظاهرا
وباطنا.

(1) من هنا إلى آخر العبارة لم ترد في " ف ".
252

إلى هنا تم
الجزء الثاني من
المكاسب المحرمة
ويليه
الجزء الثالث في
البيع
253

معجم
المفردات الغريبة (1)

(1) يحتوي هذا المعجم على شرح لمعاني بعض المفردات، مستفيدا من عدة وسائل للتبسيط
والإيضاح، منها ما يلي:
1 - اختيار ما يناسب مراد المؤلف قدس سره من بين المعاني الكثيرة لكل مفردة.
2 - اعتماد هيئة الكلمة لا مادتها ضابطا لترتيب المعجم وفقا لحروف الهجاء.
3 - الكلمة التي يتعلق إيضاح معناها بشرح معنى مفردة أخرى: إما أن يشرح معنى المفردة
الثانية في ترتيب الأولى ويحال إليها عندما يصل دور المفردة الثانية إذا كانت موجودة في
المكاسب، وإما أن يوضع معنى المفردة الثانية بين قوسين منقولا من المعاجم المختصرة، أو تذكر
الكلمة بالفارسية ويشار إلى مصدرها.
4 - نقل المعنى بدقة من كتب اللغة المعتمدة، وإلحاق المصطلحات الفقهية والأصولية بما
يناسبها من المعنى الاصطلاحي.
5 - في الموارد التي لا يوجد فيها نص للكلمة المختارة في معاجم اللغة يستفاد من تجزئة
العبارة وإرجاع المفردة الغامضة إلى أصلها، وإيجاد علاقة (تشبيه، استعارة،...) بين الأصل
اللغوي والمعنى المراد في المكاسب أو المعنى الاصطلاحي.
6 - ختم كل فقرة بمظان وجود المعنى، بالرموز أو تصريحا بذكر عنوان الكتاب في غير
معاجم اللغة العربية.
رموز المعاجم المعتمدة كالآتي: ص = صحاح اللغة، ف = الإفصاح في فقه اللغة، ق = محيط
المحيط (المشتمل على القاموس المحيط)، ل = لسان العرب، ن = النهاية لابن الأثير، و = المعجم
الوجيز، تا = تاج العروس، لا = لاروس، مج = مجمع البحرين، مص = المصباح المنير، مع =
معجم مقاييس اللغة، مل = الملحق بلسان العرب، من = المنجد.
255

" أ "
آذان الفؤاد: الظاهر أنها: أذينتا
القلب، وهما زائدتان تكونان في
الجهة العليا من الأذين الأيمن
والأذين الأيسر.
(لا: 53 و 54، مل 1: 11 - 12)
آكل الرجل: أكل معه. وآكل الرجل
شاة: أطعمه إياها، وآكل في
الحديث الشريف: " رجل آكل
وأصحاب له شاة... " بمعنى
المشارطة على أكل ما يصعب أكله
عادة، على أنه لو أكله الآكل فهو له،
وإن لم يقدر على أكله فعليه كذا
وكذا.
(ل 1: 171)
الابداع: إيجاد الشئ من عدم،
فهو أخص من الخلق. والمبتدع:
من ابتدع، وهو اسم مفعول معناه:
المنشأ على هيئة غير مألوفة.
(ل 1: 341 و 342، مل 1: 50)
الأبرص: المصاب بالبرص.
والبرص: بياض يظهر في ظاهر
البدن لعلة، يقال له بالفارسية:
" پيسي ".
(ل 1: 377، مج 4: 163،
فرهنگ معين 1: 905)
إثارة الفتنة: تهييجها، وأثرت فلانا:
إذا هيجته لأمر، والثوران: الهيجان.
(مج 3: 238، ل 2: 148)
257

اجترأ على القول: أسرع بالهجوم عليه
من غير ترو.
(مج 1: 84، ل 2: 227)
الأجذم: المصاب بالجذام، والجذام:
علة رديئة تنتشر في البدن فتفسد
مزاج الأعضاء وهيئتها، ويظهر معها
يبس الأعضاء وتناثر اللحم وربما
تنتهي إلى تآكل الأعضاء وسقوطها
من شدة التقرح، يقال لها
بالفارسية: " خوره ".
(مج 6: 27، ل 2: 222،
ف 1: 548، فرهنگ معين 1: 1220)
الأجرب: المصاب بالجرب: والجرب:
مرض جلدي ربما يسبب للمصاب
الهزال. يقال له بالفارسية:
" زردزخم ".
(مل 1: 110 و 176،
ل 2: 227، فرهنگ معين 2: 1733)
الأجرة: الكراء، والجمع: أجر،
والأجير: المستأجر، والجمع:
أجراء، وآجر فلانا: استأجره
واتخذه أجيرا، والاسم من آجر هو:
الإجارة. وأجرة المثل: الأجرة
المتعارفة التي تبذل بإزاء عمل ما.
(ص 2: 576، ل 1: 78، و: 7،
مج 3: 200، مص: 5)
أجرة التعريف: الأجرة على إنشاد
الضالة.
(لا: 310)
الأجمة: البقعة الكثيرة الأشجار،
أو الكثيرة القصب، وقد تطلق
على الشجر والقصب الكثير الملتف،
والجمع: أجم وأجمات، وجمع
الجمع: آجام.
(مج 6: 6، ل 1: 81، لا: 27)
احتفاف الخبر بما يوجب الاعتماد عليه:
وجود قرائن حالية أو مقالية توجب
الوثوق به، وهو مصدر احتف،
من حف القوم بالشئ وحواليه:
إذا أحدقوا به وأطافوا به وعكفوا
واستداروا.
(ل 3: 244)
أحجم عن الأمر: كف أو نكص هيبة.
(ل 3: 67)
258

الأحول: من كان به حول في عينه،
والحول: انحراف العين عن مركزها
الأصلي.
(ل 3: 403، من: 163)
الاختلاج: الحركة والاضطراب،
مصدر اختلج، وقيل: إنه حركة
سريعة متواترة غير عادية تعرض
بجزء من البدن، كالجلد ونحوه.
(مج 2: 295)
الإدام: ما يؤتدم به، فيخلط مع الخبز
مائعا كان أو جامدا ليطيبه، وجمعه:
أدم. (ص 5: 1858 و 1859)
الأداء: القيام بالعمل وقضاء ما يلزم،
وأدى تأدية الشئ: أوصله.
(ل 1: 101، من: 6)
الأديم: الجلد المدبوغ، والجمع: أدم.
(مج 6: 6، ل 1: 96)
إذاعة السر: إفشاؤه، يقال: أذعت
السر إذاعة: إذا أفشيته وأظهرته.
(مج 4: 328)
إراقة الدماء: سفكها، كناية عن
القتل. (ق: 360)
أرباب الخمس والزكاة: أصحابهما
المستحقون لهما، ورب كل شئ:
مالكه ومستحقه.
(ل 5: 95، ق: 318)
الأربعة عشر: لعلها صفان من النقر
يوضع فيها شئ يلعب به، في كل
صف سبع نقر محفورة.
(مج 3: 406)
الأرز والآرز والأرز والرز والرنز:
عشب حولي يحب الماء ويحمل
سنابل متدلية، وثماره تقشر عن
حب أبيض صغير يطبخ، ويقال له
بالفارسية: " برنج ".
والأرز: شجر من فصيلة
الصنوبريات.
(مل 1: 13، فرهنگ معين 1: 513)
الأرش: هو دية الجراحة لغة، وشرعا
هو مال يؤخذ بدلا عن نقص
مضمون في مال أو بدن، ولم يقدر له
في الشرع مقدر.
(مص: 12،
المكاسب " طبعة الشهيدي ": 271)
259

الأرمص: الذي في عينه رمص،
والرمص: وسخ يجمد في مجرى
الدمع من العين.
(مص: 238، من: 279)
الإزاحة: تنحية الشئ عن موضعه،
وتأتي بمعنى الإزالة.
(ل 6: 109، مج 2: 366)
الإزراء: الاستذلال والاستهانة وهو
مصدر أزرأ، وأزرأ به إزراء: إذا أذله
واستهان به.
(ق: 369)
الأزلام: جمع الزلم، وهي السهام التي
كان أهل الجاهلية يستقسمون بها،
والاستقسام: نوع من الاقتراع.
(ل 6: 75، لا: 86)
الإستبرق: الديباج الغليظ، معرب،
ويقال: هو أغلظ من الحرير
والإبريسم، و " السندس " رقيقه.
(مج 5: 137)
الاسترقاق: الادخال في الرق،
والرق: الملك والعبودية.
(ق: 346، ل 5: 288)
الاستنقاذ: التخليص، وهو مصدر
استنقذ، يقال: أنقذه من فلان
واستنقذه منه: إذا نجاه وخلصه.
(ص 2: 572، ق: 911)
استنقع الماء: ثبت واجتمع وطال
مكثه. (مج 4: 399)
الاستنكاف: الأنفة والامتناع
والاستكبار، وهو مصدر استنكف.
يقال: نكفت من الشئ،
واستنكفت منه: أي أنفت منه
وعدلت عنه.
(مج 5: 126، ل 14: 286)
استوشمت المرأة: أرادت الوشم
أو طلبته، والوشم: هو غرز ظاهر
الجلد بإبرة حتى يؤثر فيه ثم حشوه
بالكحل أو النؤور (وهو دخان
الشحم) فيزرق أثره أو يخضر.
(ل 15: 311، مج 6: 184)
الاستهتار: الولوع بالشئ والإفراط
فيه، حتى كأنه اهتر، أي خرف،
ومنه: " المستهتر بالسماع " أي المولع
به. (ل 15: 24 و 25، مج 3: 514)
260

الأشتر: من به شتر، والشتر انقلاب
جفن العين، أو انشقاق الشفة
السفلى، أو النقص والعيب.
(ل 7: 27 - 28،
مج 3: 341، ق: 451)
الأصنام: جمع الصنم، وهو ما اتخذ إلها
من دون الله، وينحت من خشب
أو يصاغ من فضة ونحاس، وقيل:
هو ما كان له جسم أو صورة، فإن
لم يكن له جسم أو صورة فهو
" وثن "، والوثن معرب " شمن ".
(ل 7: 424، ق: 521)
الاطباق: الإجماع والاتفاق على
الشئ، يقال: أطبق القوم على
كذا: إذا أجمعوا عليه، ومنه: إطباق
الأصحاب، أي اتفاقهم على أمر ما.
(ل 8: 121، من: 460)
الاطراد: مصدر اطرد، واطرد الشئ:
تبع بعضه بعضا وجرى، ويقال:
علة مطردة، إذا كانت سارية
وجارية في مواردها.
(ص 2: 502،
اصطلاحات الأصول: 63)
الإطراء: مصدر أطرى، وهو مجاوزة
الحد في المدح، وأطراه إطراء:
مدحه بما ليس فيه.
(مج 1: 274، ل 8: 160)
أطنب في الكلام: بالغ فيه وأكثر،
ومنه: كلام مطنب: أي أكثر من
المدح أو الذم فيه.
(مج 2: 110، ل 8: 206)
الاعتصام بحبل الله: الالتجاء إلى الله
بطاعته، وحبل الله - هنا -: القرآن.
(مج 6: 116)
أعزب ثم أعزب عن الأمر: أي أبعد
نفسك عنه ثم أبعد، وهو أمر عزب،
أي: بعد.
(مج 2: 120، ل 9: 183)
الأعمش: من بعينيه عمش. والعمش:
ضعف رؤية العين مع سيلان دمعها
في أكثر أوقاتها.
(مج 4: 143، ل 9: 398)
الأعور: المصاب بالعور. والعور:
ذهاب حس إحدى العينين.
(ل 9: 466)
261

الإغاثة: مصدر أغاث، وهي الإعانة
والنصر، وإغاثة اللهفان
(الملهوف): إعانة المظلوم
المستغيث.
(ق: 669، مج 2: 260، و 5: 121)
إغواء الشيطان: إضلاله، وهو مصدر
أغوى من غوي. والاسم منه:
الغواية.
(ل 10: 149، مج 1: 322)
الاقتحام: الدخول في الشئ بشدة،
وهو مصدر اقتحم، وقحم الرجل
في الأمر: رمى بنفسه فيه من غير
روية.
(مج 6: 134، ل 11: 47)
الاقتراح: مصدر اقترح، وهو ابتداع
الشئ من النفس من غير أن يسمع
من أحد. والسؤال من غير روية.
(ل 11: 90، مج 2: 404)
الاقتفاء: مصدر اقتفى من قفو، واقتفاء
الأثر: اتباعه، والقائف: الذي يتتبع
الآثار ويعرفها، ومن يعرف النسب
بفراسته ونظره إلى أعضاء المولود،
والقائف اسم فاعل (جمعه قافة)
من قاف، يقال: قاف الرجل الأثر
إذا تبعه.
(ل 11: 263،
مج 1: 349، من: 662)
الاقتناء: مصدر اقتنى، واقتناء المال:
جمعه واتخاذه قنية للنفس،
لا للتجارة.
(مج 1: 351، ل 11: 332)
الإقطاع: الإفراز، وعند الفقهاء:
منح الإمام لشخص حق العمل في
مصدر من مصادر الثروة الطبيعية
التي يعتبر العمل فيها سببا لتملكها
أو اكتساب حق خاص فيها. وقد
يطلق في العرف الفقهي على منح
الإمام للفرد الحق في السيطرة على
خراج أرض محدودة من الأراضي
الخراجية في مقابل ما يقوم به من
عمل.
(ف: 744،
اقتصادنا 2: 450 و 454،
مفتاح الكرامة 7: 28)
262

الاكتراث: الاهتمام والمبالاة،
ولا يستعمل إلا في النفي، يقال:
ما اكترثت به: أي لم أبال به،
واكترث له: حزن له.
(مج 2: 262، ل 12: 61)
الأكرة: الذين يزرعون الأرض
ويعمرونها، واحده: أكار، وهو
حراث الأرض، مأخوذ من الاكرة،
أي الحفرة يجتمع فيها الماء فيغرف
صافيا.
(ل 1: 169، ق: 12)
الألية: العجيزة، أو ما ركب العجز من
لحم، ولا يقال: ألية ولا لية.
(ل 1: 194)
الأمارة: العلامة لغة، ومنه " أمارات
الحوادث "، واصطلاحا: ما يحصل
من العلم أو الظن به العلم أو الظن
بشئ آخر. والأمارات الظنية:
ما يحصل من العلم أو الظن بها الظن
بشئ آخر.
(ل 1: 207،
اصطلاحات الأصول: 56)
الإمارة: منصب الأمير.
(ل 1: 206، من: 18)
الأمرد: الشاب الذي طر (طلع) شاربه
ولم تنبت لحيته، ويقال: غلام أمرد،
لخلو وجهه من الشعر.
(ق: 547 و 845، مج 3: 145)
الامضاء: الانفاذ، ومنه: إمضاء
الشارع: إنفاذه وتجويزه.
(ل 13: 130، مج 1: 394)
الأمان والأمن: الاطمئنان وعدم
الخوف، وآمنه: أعطاه الأمان أي
العهد والحماية، فهو آمن: إذا وثق به
وأركن إليه.
(مج 6: 207، ق: 17)
الإناء: الوعاء، وكل ما يوضع فيه
شئ، وقيل: هو خاص بوعاء
الماء، وقيل: هو ما يعد لإحراز
المأكول والمشروب ونحو ذلك،
الجمع: آنية، وجمع الجمع:
أوان.
(الموسوعة الفقهية الميسرة 1: 115،
من: 20)
263

الانتقاض: مصدر انتقض، من نقض،
والنقض: هو الفسخ وفك التركيب،
وإفساد ما أبرم من عقد أو بناء،
ومنه أخذ الانتقاض بمعنى:
الانتكاث والبطلان والفساد.
(مج 4: 232، ق: 912)
انتهاك الحرمة: تناولها بما لا يحل،
والمبالغة في خرقها.
(مج 5: 296، ل 14: 309)
الأنصاب: حجارة كانت حول الكعبة
تنصب، فيهل عليها ويذبح لغير الله
تعالى فتحمر بالدم، وقيل: هي
أحجار كانوا ينصبونها في الجاهلية
ويتخذونها أصناما فيعبدونها.
(ق: 895، مج 2: 172)
الإنفاذ: الإمضاء، وهو مصدر أنفذ
من نفذ، يقال: نفذ الأمر: مضى
وجرى. وأمره نافذ: أي مطاع.
(مج 3: 191، ق: 907)
الانقياد: الخضوع والاتباع والإذعان،
مصدر انقاد.
(مج 3: 133، ق: 761)
الإهراق: الإراقة والصب، وإهراق
الدماء: سفكها، مصدر أهرق،
وهراق أصله أراق. (ل 15: 78)
أهل العاهات: المصابون بها.
(مج 5: 314، ق: 646)
أهل الفسوق: الخارجون عن الدين
والميالون إلى المعاصي.
(مج 5: 228، ل 10: 262)
الأوتار: جمع الوتر، وهو شرعة
القوس، وضرب الأوتار: تحريكها
بالأصابع لإحداث الأنغام في بعض
آلات الطرب. انظر: " بربط ".
(ق: 765 و 956، لا: 977)
الأوقية: مقدار وزنه كان فيما مضى
أربعين درهما، فأما اليوم فالأوقية
تختلف باختلاف الأعراف.
(ق: 982، مج 1: 453،
ل 15: 379 و 380)
الإيجاف: الاسراع في السير، مصدر
أوجف من وجف، وقولهم ما حصل
بإيجاف، أي بإعمال الخيل والركاب
في تحصيله. (مص: 649، ل 15: 222)
الإيمان: التصديق. (مج 6: 204، ق: 18)
264

" ب "
الباز: لغة في البازي وهو ضرب من
الصقور، أزرق أحوى (فيه سواد
مائل إلى الخضرة أو حمرة مائلة
إلى السواد) أرقط قصير الجناحين،
أشد الجوارح تكبرا وأضيقها خلقا.
(ل 1: 402، ج 1: 52،
ف 2: 871، من: 164)
البالوعة: بئر ضيقة الرأس تحفر في
وسط الدار، يجري فيها ماء المطر.
(مج 4: 302، ل 1: 485)
البدعة: ما كان مخترعا على غير مثال،
وفي الاصطلاح: فعل قرره غير
الشارع شرعا لغيره من دون دليل
شرعي، غلبت على ما هو زيادة
أو نقصان في الدين من الأهواء
والأعمال، والجمع: بدع.
(ل 1: 342، ق: 31،
عوائد الأيام: 112 و 113)
البذاء: الفحش والكلام القبيح، من
بذو عليهم يبذو بذاءة وبذاوة
(لغتان): إذا تكلم بما يقبح ذكره.
(ل 1: 353 و 354)
برئ من الدين: صار بريئا منه،
والبرء من المرض: الشفاء منه.
(مج 1: 51، ل 1: 395، ق: 32)
البربط: العود، معرب، من ملاهي
العجم. (ل 1: 357، مج 4: 238،
فرهنگ معين 1: 497)
بري القلم والنبل: نحتهما، والبراية:
النحاتة وما بريت من القلم،
والمبراة: الحديدة التي يبرى بها.
(مج 1: 52، ل 1: 395)
بغاث الطير: ما عظم منها وليس له
مخلاب معقف، أي معوج، وربما
جعل النسر من البغاث، وبغاث
الطير: شرارها وما لا يصيد منها،
والرخم والحدأة، وهو الذي
لا يصطاد عند العرب، سواء كان
مأكول اللحم أو غير مأكول اللحم.
(الدروس 3: 11، السرائر 2: 222،
مج 2: 238، ل 1: 451)
265

البغاء: الفجور، يقال: بغت المرأة
تبغي بغاء إذا زنت، فهي بغي،
والجمع: بغايا.
(مج 1: 53،
ص 6: 2282، ل 1: 457)
البغي: مجاوزة الحد، وبغى الشئ:
طلبه، واستبغى القوم الشئ:
طلبوه.
(مج 1: 54، ص 6: 2281)
البلادة: مصدر بلد، وهي ضد الذكاء
والفطنة، والبليد: الغبي.
(مج 3: 17،
ل 1: 480، 10: 16)
البلد: كل موضع من الأرض، عامر
أو غير عامر، وجمعها: بلاد،
تستعمل بمعنى القطر والوطن
الواحد، وبلدان تستعمل بمعنى
مجموع الأقطار أو الأوطان.
(ل 1: 479، مج 3: 17، من: 47)
البنادق: جمع بندقة، وهي طينة مدورة
مجففة يرمى بها عن قوس الجلاهق.
راجع: " الجلاهق ".
(مج 5: 141، ل 1: 502)
البنج: نبت مسبت مخدر، معرب
" بنگ " بالفارسية.
(تا 2: 10، فرهنگ معين 1: 593)
البنفسج: نبات من نجوم الأرض،
طيب الرائحة معرق، وهو من
الأدوية الصدرية، ومنه يؤخذ دهن
البنفسج، وهو معرب " بنفشه ".
(مج 2: 278، ق: 56،
فرهنگ معين 1: 590)
البهت: مصدر بهت، وبهته: قال عليه
ما لم يفعله، ومنه البهتان، أي:
الباطل الذي يتحير من بطلانه،
وباهته: استقبله بأمر يقذفه به،
وهو منه برئ.
(مج 2: 192، ل 1: 513)
266

" ت "
التأدي: مصدر تأدى، يقال: تأديت
له وإليه من حقه، أي: أديته
وقضيته، ومنه أخذ التأدي بمعنى:
حصول الشئ وتحققه في مرحلة
العمل، ومنه: تأدي المستحبات،
وتأدي التقية.
(ل 1: 101، تا 10: 13)
التبرع: التطوع، والتفضل بما لا يجب
على المرء فعله من غير أن يندب
إليه، وتبرع بالأمر: فعله غير طالب
عوضا.
(مج 4: 299، ق: 36، مص: 44)
التبرم: والتضجر، وهو مصدر تبرم
من برم، يقال برم بالأمر إذا
سئمه.
(مج 6: 16، ل 1: 391)
التبكيت: التقريع والتوبيخ، كما يقال:
يا فاسق أما استحييت؟ ويقال:
بكته بالحجة: إذا غلبه.
(مج 2: 192)
التترس بالشئ: جعله كالترس
للوقاية، والترس (من السلاح):
ما يتوقى به، وهي صفحة من الفولاذ
مستديرة، تحمل في اليد للوقاية من
السيف ونحوه.
(مج 4: 56، ل 2: 28، ق: 69)
التثليث: مصدر ثلث، يقال: ثلث
الاثنين، أي جعل لهما ثالثا، والمثلث
من الشراب: ما طبخ حتى ذهب
ثلثاه وبقي ثلثه.
(مج 2: 241، ل 2: 120)
التجري: مصدر تجرأ من جرؤ، يقال:
جرؤ عليه، أي أقدم عليه وهجم،
والجرأة: الشجاعة. ورجل جرئ:
مقدم، وفي الاصطلاح: إقدام
المكلف على أمر يقطع أو يتخيل
كونه مخالفة للمولى، مع عدم المخالفة
واقعا.
(ل 2: 227، من: 84،
اصطلاحات الأصول: 94)
267

تجهيز الميت: إعداد ما يحتاج إليه من
الغسل والكفن وحفر القبر.
(ل 2: 400، ق: 132)
التحري: القصد والاجتهاد في طلب
ما هو الأحرى، أي الأولى
والأحق، وهو مصدر تحرى. يقال:
تحرى الأمر إذا توخاه وقصده.
(مج 1: 98، ل 3: 147)
تحمل الضرر: حمله وتكلفه، ومنه:
تحمل الشهادة، أي مشاهدة الواقعة
للإدلاء بالشهادة. (ل 3: 335)
التخرص: التقدير وأصله التظني فيما
لا تستيقنه، ومنه: خرص النخل إذا
حزرت التمر، لأن الحزر إنما هو تقدير
بظن لا إحاطة. والخرص: الحزر.
(ل 4: 62)
التخمير: نقع الأجزاء الدوائية التي يراد
تقطيرها في الماء وغيره، ومنه:
تخمير العنب: تصييره وجعله خمرا،
وهو مصدر خمر من خمر.
(ق: 255)
التخمين: مصدر خمن الشئ: إذا قال
فيه بالحدس والظن، وهي كلمة
أصلها فارسية من قولهم: خمان
(گمان).
(مج 6: 243، ل 4: 224،
فرهنگ معين 1: 1054)
التدليس: مصدر دلس، ومنه:
المدالسة أي المخادعة، والتدليس في
البيع: كتمان عيب السلعة عن
المشتري، ومنه: تدليس الماشطة
بإظهار الصفة المفقودة في من يراد
التدليس بها.
(مج 4: 71، ل 4: 387)
ترتب الأيدي: مصدر ترتب من رتب
إذا جعل الشئ في مرتبته، ومنه
أخذ المعنى في ترتب الأيدي، أي
تعاقبها على الشئ، وتسلط إحداها
عليه بعد الأخرى. (ق: 322)
ترجيع الصوت: ترديده في الحلق
كقراءة أصحاب الألحان: آ آ آ آ،
والترجيع في الأذان: أن يكرر قول:
" أشهد أن لا إله إلا الله " " أشهد أن
محمدا رسول الله ". وقيل هو تكرار
التكبير والشهادتين في أول الأذان.
(مج 4: 334، ل 5: 148)
268

الترقوة: عظم يصل بين ثغرة النحر
والعاتق من الجانبين، والجمع:
التراقي، وسمي مقدم الحلق في أعلى
الصدر به، لأنه يترقى (يصعد) فيه
النفس.
(ق: 70، 347)
تزويق البيوت: تزيينها وتنقيشها،
وهو مصدر زوق من زوق، وكلام
مزوق: أي محسن.
(ل 6: 115)
التسميد: جعل السماد في الأرض،
والسماد: ما يصلح به الزرع ويسمد،
من سرجين ورماد وتراب قوي.
(مج 3: 70، ل 6: 357)
تسويد الاسم في ديوانهم: كناية عن
كتابة الاسم في الديوان، ليكون من
أشياع صاحبه، والديوان: هو
الدفتر الذي يكتب فيه أسماء الجيش
وأهل العطاء. ومنه: المسودة، عند
الكتاب والطباعين: أي ما يكتب أو
يطبع ابتداء بقصد المراجعة.
(ن 5: 150، من: 362)
التسويل: تحسين الشئ وتزيينه
وتحبيبه إلى الإنسان ليفعله أو يقوله،
ومنه: تسويلات الشيطان: غواياته
ووساوسه وتزييناته.
(ل 6: 439)
التصاوير: راجع: " الصورة ".
(ق: 534)
التصفيق: هو الضرب بباطن الراحة
(باطن اليد) على الأخرى، وهو
مصدر صفق. (ف 1: 233)
تضاعيف الكتب وأضعافها: أثناء
سطور الكتب وحواشيها.
(ق: 536)
تضاغن القوم واضطغنوا: انطووا على
الأحقاد والضغائن من ضغن،
والضغن: الحقد.
(مج 6: 275، ل 8: 68)
التضعضع: الخضوع والتذلل.
(ل 8: 61، مج 4: 365)
تطرق إلى الأمر: ابتغى إليه طريقا،
ومنه تطرق الاحتمال: عروضه.
(ق: 549، ل 8: 155)
269

التطفيف في المكيال: أن لا يملأ المكيال
إلى أصباره، أي تمامه، وجعله أنقص
قليلا. أو يؤخذ أعلاه ولا يتم كيله.
(مج 5: 90، ل 8: 173)
التعاطي: التناول، وتناول ما ليس له
بحق، والخوض في شئ.
(مع 4: 353، ق: 612)
التعبير: الإفصاح عما في الضمير
باللفظ، ومنه قولهم: " عبر
بالاستحباب ".
(من: 484)
التعريض: الكلام الذي يفهم به السامع
المراد من غير تصريح، والتعريض:
جعل الشئ أو الشخص عرضة
لأمر ما، والتعرض: التصدي
للشئ وطلبه، ومساس الشخص
لحق من حقوق الآخرين.
(مج 4: 214،
ق: 590، مص: 403)
التعيير: نسبة الشئ إلى العار
وتقبيحه، والفعل منه: عير.
(ل 9: 495)
التغرير: حمل النفس على الغرر، ومنه:
تغرير الجاهل، وهو تعريضه للهلكة.
(مج 3: 423، ق: 655)
التفتيش: الطلب والبحث، وفتشت عن
الشئ: سألت واستقصيت في طلبه.
(مج 4: 146، ل 10: 175)
التفجع: التوجع للرزية، وتفجعت له:
أي توجعت، والفجيعة الرزية،
والفاجعة مثلها. (ل 10: 190)
التفحص: مصدر فحص من فحص،
والفحص: شدة الطلب خلال كل
شئ، وفحص عنه: بحث.
(ل 10: 193)
التفصي: التخلص والتفلت، وتفصى
من الشدة تفصيا: تخلص وتفلت،
ومن الديون: خرج منها.
(مج 1: 330، ق: 693)
التفكه: التعجب والتندم والتمازح،
وتفكه بالشئ: تمتع به، وهو
فكه بأعراض الناس: أي متلذذ
باغتيابهم. (ق: 699،
مج 6: 356، ل 10: 310)
270

التفويض: تصيير الأمر إلى غيره
وجعله الحاكم فيه، والمفوض:
من أوكل إليه الأمر، والمفوضة:
قوم قالوا: إن الله خلق محمدا
وفوض إليه أمر الدنيا، والمفوضة
- أيضا -: من قال: إن الله تعالى
فوض أفعال العباد إليهم.
(مج 4: 223،
ل 10: 348 و 349)
التفؤل: ضد التطير والتشاؤم، من
الفأل، وهو أن يكون الرجل مريضا
فيسمع آخر يقول: يا سالم،
فيستبشر بالسلامة، أو يكون طالب
ضالة فيسمع آخر يقول: يا واجد،
فيقول: تفألت، ويتوجه في ظنه
أنه يجد ضالته.
(ل 10: 167، ق: 675)
التقبيل والتقبل: هو الإلزام والالتزام
بعقد خاص.
(مص: 489، ق: 713)
التقلب في الأمور: التصرف فيها.
(ل 11: 269)
التلوث: التلطخ، ومنه: تلوث ثوبه
بالطين تلوثا: إذا تلطخ به.
(ق: 830، مج 2: 263)
التمحل: طلب الشئ بحيلة وتكلف،
من المحل، وهو الكيد.
(مج 5: 473، ق: 840 و 841)
التمكن: القدرة على الشئ والظفر به،
مصدر تمكن، ومنه: الحاكم
المتمكن: القادر المبسوط اليد.
(مج 6: 317، ق: 859)
التمويه: التلبيس، مصدر موه، يقال:
موهت الشئ إذا طليته بفضة أو
ذهب وتحت ذلك نحاس أو حديد،
فهو مموه. ومنه قيل للمخادع: مموه،
وقد موه فلان باطله: إذا زينه
وصوره بصورة الحق.
(مج 6: 363، ل 13: 226)
التنفير: التبعيد، ونفر القوم ينفرون
نفرا: تفرقوا، وكل جازع من شئ:
نفور.
(ق: 907،
مج 3: 500، ل 14: 231)
271

التنكيل: الإصابة بنازلة، وتنكيل
المولى بعبده: أن يجدع أنفه أو
يقطع أذنه أو غير ذلك، يقال:
نكلت بفلان: إذا عاقبته في جرم
أجرمه.
(مج 5: 486 و 487،
ل 14: 287، ق: 917)
التنين: الحية العظيمة، مأخوذ من تن
بمعنى امتد، والجمع: تنانين.
(ق: 74)
التهاتر: من تهاتر، يقال: تهاتر
الرجلان: ادعى كل على صاحبه
باطلا، وتهاترت البينات: إذا
تساقطت.
(ق: 929)
تهاون به: استخف به واستحقره.
(مج 6: 331، ل 15: 164)
التهجين: مصدر هجن، يقال:
هجن الأمر: قبحه وعابه،
وتهجين المطلب: إدخال العيب فيه
وتقبيحه.
(ق: 931)
التواطؤ: التوافق، وتواطأنا عليه
وتوطأنا: توافقنا، وتواطؤوا عليه:
توافقوا.
(ل 15: 333،
مج 1: 442)
التورية: الستر، ومنه يقال: وريت
الخبر، إذا سترته وأظهرت غيره،
كأنه مأخوذ من وراء الإنسان،
حيث لا يظهر، وتتحقق التورية
حيث يكون للفظ معنيان، أحدهما
أشيع من الآخر فتنطق به وتريد
الخفي.
(مج 1: 436، ل 15: 283)
التوسد: جعل الشئ تحت الرأس
كالوسادة.
(ل 15: 292)
272

" ج "
جباية الصدقات: جمعها وتحصيلها،
والجابي: الذي يدور في الجباية،
ويجبي الفئ ويجمع الخراج،
وأصل المادة كلها: الجمع.
(مج 1: 80، ل 2: 174)
الجذام: راجع: " الأجذم ".
الجراب: الوعاء مطلقا، أو هو وعاء
من إهاب الشاء لا يوعى فيه إلا
يابس، وجراب المسك: وعاؤه.
(مج 2: 23، ل 2: 228)
الجرذ: الذكر من الفأر، وقيل: الضخم
من الفيران.
(مج 3: 179، مص: 96)
الجريب: وحدة لقياس المساحة يقدر
بستين ذراعا في ستين، وعشر هذا
الجريب يسمى: قفيزا، وجريب
الطعام: أربعة أقفزة، وجمع
الجريب: جربان وأجربة.
(مج 2: 22 و 23،
ق: 99، ل 2: 228)
الجزية: خراج الأرض وما يؤخذ منها
للسلطان، وجزية الرؤوس:
ما يؤخذ من أهل الذمة، قيل:
لأنها تجزي عنهم، أي تكفيهم
معاملة الحربيين. (ق: 108)
الجصاص: صانع الجص ومتخذه،
والجص: ما يبنى به، وهو معرب
" گچ " بالفارسية. (مج 4: 165،
ل 2: 291، فرهنگ معين 3: 3195)
الجعلان: جمع الجعل، وهي دويبة
كالخنفساء، لجوجة، شديدة
السواد، في بطنها لون حمرة.
(مج 5: 338، ل 2: 302)
الجعل: الوضع والتصيير. (ل 2: 300)
الجعل: ما يجعل للعامل من الأجر على
عمله، والجعالة: الرشوة، والجعالة
في الشرع: صيغة ثمرتها تحصيل
المنفعة بعوض مع عدم اشتراط العلم
في العمل والعوض. (مج 5: 338،
ل 2: 301، الروضة البهية 4: 440)
273

الجفر: علم يبحث فيه عن الحروف
من حيث هي بناء مستقل بالدلالة،
ويسمى " علم الحروف " و " علم
التكسير ".
(ق: 113)
الجلاب والجلاب: ماء الورد، فارسي
معرب، من " گل " أي الورد
و " آب " أي الماء. (مج 2: 25،
ل 2: 318، فرهنگ معين 3: 3353)
الجلالة من الحيوان: التي تأكل الجلة
والعذرة، والجلة: البعر، فاستعير
ووضع موضع العذرة، والجمع:
جلالات. (مج 5: 340،
مص: 106، ل 2: 336)
الجلاهق: البندق من الطين ويرمى به،
ومنه: قوس الجلاهق: للقوس الذي
يرمى به البندق، فارسي معرب.
وأصله: " جله " أي كبة الغزل.
(مج 5: 143 و 144، ق: 119،
ل 2: 342، فرهنگ معين 1: 1239)
الجلباب والجلباب: القميص، وهو
ثوب واسع للمرأة، دون الملحفة،
أو هو ما تغطي به المرأة ثيابها
من فوق كالملحفة، أو هو الخمار،
والجمع: جلابيب.
(مج 2: 23 و 24، ل 2: 317)
الجنادل: جمع الجندل: الحجارة،
والمكان الغليظ. (ل 2: 382)
" ح "
الحائر: مجمع الماء، والمراد هنا: الحائر
الحسيني، وهو ما حواه سور المشهد
الحسيني على مشرفه السلام.
(مج 3: 280)
الحائط: ما أحاط بالشئ، والحائط:
الجدار، لأنه يحوط ما فيه، جمعه:
حيطان، وهو - أيضا - البستان من
النخيل إذا كان عليه حائط، وفي
الحديث الشريف: " كان بين الحائط
والمنبر قيد ممر شاة " يراد به حائط
المسجد النبوي الشريف.
(ل 3: 396، هامش الوسائل 12: 115)
274

حاطك الله: صانك وحفظك ورعاك.
(مج 4: 243، ق: 205)
الحافر: اسم فاعل، من حفر الأرض
فهو حافر، ومنه حافر الدابة
(واستعمل الحافر للفرس ثم لمطلق
الدابة بعد لحوق التاء بها: الحافرة)
لحفره الأرض، وهو بمنزلة القدم
للإنسان. (مج 5: 49، ل 3: 237)
الحجا: العقل والفطنة، وأولي الحجا:
أصحاب العقول. (مج 1: 95، 96)
الحدأة: طائر خبيث يصطاد الفئران.
(مج 1: 96، مص: 125)
حدو وحداء الإبل: سوقها والغناء لها،
وحدا يحدو: رفع صوته بالحداء.
(مج 1: 96، ل 3: 89)
الحدة: ما يعتري الإنسان من الغضب
والنزق. (مج 3: 35)
حديث المناهي: الحديث الذي حوى
ما نهى عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، من
إضافة لفظ " الحديث " إلى المناهي،
وهو جمع لاسم المفعول من الفعل
نهي. (ل 14: 312)
الحديد: معدن معروف، القطعة منه:
حديدة، والجمع: حدائد، والمراد
- هنا - ما يصنع منها ما يربط
الأوراق ويضم بعضها إلى بعض في
المصاحف وغيرها.
(ق: 154)
الحسم: القطع، حسمه يحسمه حسما
فانحسم: قطعه.
(مج 6: 41، ل 3: 176)
الحصر: التضييق والقصر والإحاطة،
يقال: حصر الانتفاع والفائدة في
شئ، أي: قصرها عليه.
والشبهة المحصورة: الشبهة المرددة
بين أطراف قليلة معينة أو معدودة،
ويقابلها: الشبهة غير المحصورة.
راجع: " الشبهات ". (مص: 138،
اصطلاحات الأصول: 150)
حظيرة القدس: الجنة.
(مج 3: 274)
الحفدة والحفد: الأعوان والخدم،
واحدهم: حافد.
(مج 3: 38، ل 3: 235)
275

حقن الدماء: حفظها وحبسها عن أن
تراق، ويراد: إنقاذ أصحابها من
القتل. (ل 3: 265)
الحمولة: ما يحتمل عليه الناس من
الدواب، سواء كانت عليها الأحمال
أو لم تكن، كالركوبة. والحمولة من
الإبل: التي تحمل الأحمال على
ظهرها، والحمل على الراحلة:
إركاب الشخص، أو وضع الشئ
على ظهر الإبل الصالحة لأن ترحل.
(ل 3: 334، من: 253)
الحوالة: صرف الدين من ذمة إلى ذمة
أخرى مشغولة بمثله أو غير مشغولة،
على اختلاف فيه، بشرط رضا
المحيل والمحتال.
(مج 5: 360، ق: 206)
الحول: راجع: " الأحول ".
الحياكة: مصدر حاك، يقال: حاك
الثوب حوكا وحياكة: نسجه، فهو
حائك، وعمله الحياكة: فهي
صناعته.
(ص 4: 1582، مج 5: 263)
الحيرة: بلدة قرب الكوفة، والنسبة
إليها حيري.
(ق: 209،
مراصد الاطلاع 1: 441)
الحيز: كل ناحية (مكان)، ومنه:
حيز النفي وحيز الباطل، والحيازة:
الجمع، وضم الشئ إلى النفس،
مصدر حاز، والحائز: اسم الفاعل
منه، وهو من يقوم بالحيازة.
(مج 4: 17، ق: 203، 204)
الحيل: جمع الحيلة، وهي تحويل
الأمور في جودة نظر، والقدرة
على التصرف بدهاء ومكر.
وعلم الحيل: هو علم يبحث في
موازنة الأجسام وتحريكها، يعرف
بالميكانيك.
(ق: 207، من: 163)
الحيلولة: الحجز بين شيئين، وحول
الجامد من الدهن، ما يحيط به
ويكتنفه، يقال: قعد حوله، أي في
الجهات المحيطة به.
(مص: 157)
276

" خ "
الخبائث: جمع خبيثة وهي الأفعال
المذمومة والخصال الرديئة.
مذكرها: خبيث، والخبيث: ضد
الطيب، وهو الردئ والمستكره
طعمه أو ريحه.
(مج 2: 252، مص: 162)
الخبر: شق الأرض للزراعة، ومنه:
المخابرة، وهي المزارعة على بعض
ما يخرج من الأرض.
(مص: 162، مج 3: 282)
الخبرة والخبرة: العلم والمعرفة ومنه:
أهل الخبرة: المتخصصون في الفن،
وأهل العلم والمعرفة والتجربة
والاختبار، والواقفون على حقيقة
الشئ.
(ق: 214، ل 4: 12)
الخدش: الأثر الذي يتركه الظفر
أو غيره في الجلد، ومنه: الخدشة،
وهو الإيراد على الشئ والاشكال
في موضوع أو مسألة ما، وهو
مستعار من خدش فلان فلانا:
إذا جرحه في ظاهر الجلد،
يقال: خدش في المسألة، إذا عابها.
(من: 170، لا: 484)
الخديعة: الاسم من الخداع، وهو الختل
وإرادة المكروه بالآخرين من حيث
لا يعلمون.
(مج 4: 320)
الخراج والخرج: واحد: وهو شئ
يخرجه القوم في السنة من مالهم بقدر
معلوم. والخراج غلة العبد والأمة،
وأما الخراج الذي وظفه عمر على
السواد وأرض الفئ فإن معناه الغلة
أيضا، لأنه أمر بمساحة السواد
ودفعها إلى الفلاحين الذين كانوا فيه
على غلة يؤدونها كل سنة، ولذلك
سمي خراجا، ثم قيل بعد ذلك للبلاد
التي افتتحت صلحا ووظف
ما صولحوا عليه على أراضيهم:
خراجية، لأن تلك الوظيفة أشبهت
277

الخراج الذي ألزم به الفلاحون،
والخراج هو الجزية التي ضربت
على رقاب أهل الذمة، لأنها كالغلة
الواجبة عليهم، كما تطلق على الفئ
أيضا، وخراج المقاسمة: أن يوظف
الإمام في الخارج من الأرض شيئا
مقدرا، عشرا أو ثلثا أو ربعا،
وخراج الوظيفة: أن يوظف على
الأرض دراهم أو دنانير مقدرة.
(ل 4: 54، مج 2: 294، ق: 735)
الخرص: راجع: " التخرص ".
خرط القتاد: الخرط: انتزاع الورق
من الشجر اجتذابا، والقتاد:
شجر صلب له شوك كالإبر، وهو
الأعظم، وفي المثل: " من دونه
خرط القتاد " أي إن خرط القتاد
أسهل منه، أو أنه لا ينال إلا بمشقة
عظيمة كخرط القتاد.
(مج 3: 124،
ق: 225، 714 و 715)
خرق العادة: الإتيان بخلاف ما جرى
في العادة، مصدر خرق، يقال:
خرق الثوب والجدار: إذا شقه،
والخرق: جمع خرقة، وهي القطعة
من الثوب. (مج 5: 153 و 154،
ل 4: 72 و 73)
الخطفة: المرة الواحدة من الخطف،
وهو الأخذ في سرعة واستلاب،
وخطف الشئ خطفا: اجتذبه
بسرعة، والشيطان يخطف السمع:
أي يسترقه.
(مج 5: 47، ل 4: 141 و 142)
الخف: مجمع فرسن البعير والناقة،
وهولهما بمنزلة القدم للإنسان.
(مج 5: 49،
ل 4: 156، مص: 141)
الخفة: ضد الثقل، مصدر خف،
وتكون في الجسم والعقل والعمل،
يقال: هو خفيف اليد، أي سريع
العمل.
(من: 188)
الخلاق: الحظ والصلاح والنصيب من
الخير، ومنه: " أقوام لا خلاق لهم ".
(ل 4: 197، ق: 251)
278

الخلخال: حلية تلبسها النساء في
الرجل كالسوار في اليد.
(من: 190)
الخلعة: ما يعطيه الإنسان غيره من
الثياب منحة، والجمع خلع.
(مص: 178)
الخلة: الحاجة والفقر، والخلة: الفرجة
التي يتركها الإنسان بعد وفاته
من الخلل الذي يظهر في أموره،
ومنه الدعاء: " اللهم اسدد خلته "
يقال لمن مات له ميت.
(ل 4: 201، مج 5: 365)
الخنافس: جمع خنفساء، وهي دويبة
سوداء أصغر من الجعل، منتنة الريح،
وذكورها تسمى " الجعلان ".
(ق: 258)
الخوارج: فرقة من فرق الإسلام، سموا
خوارج لخروجهم على أمير المؤمنين
علي (عليه السلام) بعد صفين.
(مج 2: 294، تا 2: 30)
الخيار: الاسم من الاختيار، أي
الاصطفاء وطلب خير الأمرين،
وخيار المال: أفضله، وخيار
الصحابة: أفاضلهم وأحاسنهم
والمنتجب منهم من حيث الصلاح،
وخيار التدليس: ما يوجب تزلزل
العقد من جهة التدليس.
(مج 3: 295 و 296)
" د "
الدبس: عسل التمر وعصارته، وقيل:
هو ما يسيل من الرطب.
(ل 4: 285 و 286)
الدخنة: مادتها: دخن، يقال: دخنت
النار: إذا ارتفع دخانها. أما الدخنة
فهي بخور كالذريرة تدخن بها
البيوت. والمراد هنا بخور خاص
يستعمله السحرة. والدخن:
(مصدر) أي الدخان. ومنه: الدخن
المسكر: الذي يستعمل في الأعمال
السحرية.
(مج 6: 247، من: 209)
279

الدرع: وهي ثوب ينسج من زرد
الحديد، يلبس في الحرب وقاية من
سلاح العدو.
(ق: 277)
الدروس: المحو والزوال وانعفاء الأثر،
ودروس الحق: انمحاؤه وانعفاء
أثره، من اندرس الرسم فهو دارس:
إذا انمحى وانطمس أثره.
(ق: 276، ل 4: 329)
الدس: إدخال الشئ من تحته، وهو
الإخفاء، ومنه: دس يده في الطعام:
إذا أدخلها فيه وأخفاها.
(ل 4: 344، مج 4: 70)
الدف والدفة: الجنب من كل شئ،
ودفتا المصحف: جانباه وضمامتاه
من جانبيه، وهو ما يدعى بالغلاف.
(ق: 285، ل 4: 371)
الدقيق: الطحين، ويقال له بالفارسية:
" آرد ". والدقيق: خلاف الغليظ،
والأمر الغامض الذي يحتاج إلى
تأمل.
(مج 5: 162، ق: 286،
فرهنگ معين 1: 42)
الدلال: المتوسط بين البائع
والمشتري، ومن ينادي على السلعة
لتباع بالمساومة. (لا: 539)
الدنانير المصبوبة: أي المكومة.
والصب: الإراقة، وصببت الماء
سكبته، ويقال: صب الدنانير: إذا
جمعها وألقى بعضها فوق بعض.
(ل 7: 267 و 268، مج 2: 96، من: 704)
دهن اللوز: ما يسيل منه عند العصر.
ودهن الشئ: زيته.
(ق: 830، من: 227)
الدواب: جمع دابة، وهو اسم لكل ما
يدب (يمشي ويتحرك) على الأرض
من الحيوان. (مص: 188، ل 4: 276)
ديدان القز: ديدان الحرير، وهي
دويبات صغيرة مستطيلة تغزل
حولها نسيجا خاصا يصنع منه
الحرير، والقز ما يسوى منه
الإبريسم أو ضرب منه، معرب
ابريشم، ويقال لدودة القز: " كرم
ابريشم ". (ق: 297 و 733،
فرهنگ معين 3: 2951)
الديدن: الدأب والعادة. (من: 231)
280

" ذ "
الذر: صغار النمل، واحدته: ذرة،
وقيل: الذرة ليس لها وزن، ويراد
بها ما يرى في شعاع الشمس
الداخل في النافذة.
(ل 5: 33)
الذمة: العهد، وأهل الذمة: الداخلون
في ضمان المسلمين وعهدهم.
(مج 6: 66)
الذميم: المذموم، غير المحمود.
(ق: 311، من: 237)
" ر "
الرئي: الجني يراه الإنسان، وقيل:
الرئي: جني يتعرض للرجل يريه
كهانة وطبا. (ل 5: 89)
الربا: النمو والزيادة، والربا - أيضا -:
زيادة على أصل المال يأخذه
الدائن، من المدين من غير عقد
تبايع. (ل 5: 126)
الرب: المالك، والسيد، والمدبر،
والمربي، والقيم، والمنعم، ولا يطلق
غير مضاف إلا على الله عز وجل،
وإذا أطلق على غيره أضيف، فقيل:
رب كذا.
(مج 2: 64، ل 5: 95)
الرحيق المختوم: الرحيق: من أسماء
الخمر (خمر الجنة)، وقيل: هو
الشراب الخالص الذي لا غش فيه.
والمختوم: المصون الذي لم يبتذل
لأجل ختامه. وقيل: المختوم: يختم
أوانيه بمسك.
(ل 5: 168، مج 5: 167)
الرخصة: خلاف التشديد، ورخص له
في الأمر: أذن له فيه بعد النهي عنه.
(ل 5: 178)
الرخمة: طائر أبقع على شكل
النسر، إلا أنه مبقع بسواد وبياض،
يأكل العذرة، وهو من الخبائث
281

وموصوف بالغدر والموق (الحمق في
غباء)، وقيل: بالقذر، ومنه قولهم:
رخم السقاء إذا أنتن، والجمع: رخم
ورخم. (ل 5: 180،
مص: 224، من: 780)
الرشوة: الجعل: وهي ما يعطيه
الشخص للحاكم أو غيره ليحكم له
أو يحمله على ما يريد.
(مج 1: 184، ل 5: 223)
الرق: راجع: " الاسترقاق ".
الرقية: العوذة التي يرقى بها صاحب
الآفة، كالحمى والصرع.
(ل 5: 293)
الرمل: نوع من التراب، الحبة منه
" رملة " جمعه: رمال، وعلم الرمل:
علم يبحث فيه عن المجهولات لقصد
استعلامها، وموضوعه: الأشكال
الستة عشر، تستخرج من النقط
التي يرسمونها على قرطاس صفوفا
منثورة، تشبه حب الرمل، ولذلك
يسمون هذا العلم به.
(من: 282، ق: 352)
الرهان والمراهنة: المخاطرة.
وتراهن القوم: أخرج كل واحد
رهنا ليفوز السابق بالجميع إذا
غلب، وتكون في المسابقة على
الخيل وغيرها، والرهن: ما وضع
عند الإنسان مما ينوب مناب ما أخذ
منه، يقال: رهنت فلانا دارا رهنا،
وارتهنه إذا أخذه رهنا، والجمع:
رهون ورهان.
(ل 5: 348 و 349، مص: 242)
الروث: رجيع ذي الحافر، والجمع:
أرواث، ويقال له بالفارسية:
" سرگين ".
(مج 2: 225،
ل 5: 355، فرهنگ معين 2: 1872)
الروعة: الفزعة، المرة الواحدة من
الروع، أي الفزع، وفي الدعاء:
" اللهم آمن روعتي "، ويجئ الروع
للإعجاب، يقال: راعني الشئ:
أي أعجبني.
(مج 4: 340، ل 5: 371)
282

الريب: الشك والظنة والتهمة،
والجمع: ريب. والريب: ما رابك
من أمر، وقد رابني الأمر وأرابني.
وأربت الرجل: جعلت فيه ريبة،
وحقيقة الريبة: قلق النفس
واضطرابها.
(ل 5: 384 و 385، مج 2: 77)
الريش: كسوة الطائر وزينته، والريش
للطائر بمنزلة الشعر لغيره من الحيوان.
(ل 5: 388 و 389، ق: 362)
" ز "
الزاخر: الطامي (المرتفع) المتملئ،
يقال: بحر زاخر، إذا مد وكثر ماؤه
وارتفعت أمواجه.
(ل 6: 30، ق: 369 و 557)
الزبل: السرقين وما تقذفه الحيوانات
من أوساخ جوفها.
(لا: 619، مج 5: 386،
ل 6: 15)
زف العروس: إهداؤها إلى زوجها.
(مج 5: 67، ل 6: 57)
الزمر: التغني بالنفخ في القصب
ونحوه.
(ق: 377)
الزنديق: المشهور عند الناس: أنه
الذي لا يتمسك بشريعة ويقول
ببقاء الدهر، والعرب تعبر عنه
بقولهم: ملحد، والجمع: زنادقة،
وفي الحديث: " الزنادقة: الذين
يقولون: لا رب... وما يهلكنا
إلا الدهر ".
(مج 5: 177 و 178)
الزيت: عصارة الزيتون، ودهنة
معروفة، وإن أريد غيره قيد
بالإضافة، كزيت السمك، أو
الوصف كالزيت الحار، وهو زيت
الكتان، والجمع: زيوت.
(ق: 386، مج 2: 202،
ل 6: 122)
283

زيف: من الزيف: وهو وصف
للدراهم. يقال: زافت عليه دراهمه
أي صارت مردودة لغش فيها،
وقد زيفت إذا ردت. وزيف الرأي:
رده. (ل 6: 127)
الزينة: ما يتزين به الإنسان من حلي
ولبس وأشباه ذلك.
(مج 6: 262)
" س "
السائغ: ما سهل مدخله ونزل في
الحلق من الشراب والطعام،
واستعير للجائز المحلل.
(ل 6: 432)
السابري من الثياب: نوع من الثياب
الرقيقة الجيدة، تعمل بسابور، وهي
اسم موضع بفارس، سمي باسم
ملك، معرب " شاپور ". (ق: 392،
مج 3: 322، فرهنگ معين 2: 2006)
الساذج: وهو ما لا نقش فيه، ومنه
الساذج عند المولدين للبسيط
السهل. معرب " ساده " بالفارسية،
ومنه: الأرواح الساذجة.
(ق: 404، فرهنگ معين 2: 1788)
الساقية: النهر الصغير، وهو فوق
الجدول ودون النهر. (ق: 416)
السباع: جمع سبع، وهو ما له ناب
ويعدو على الناس والدواب
فيفترسها، مثل الأسد والذئب والنمر
والفهد.
(مج 4: 343، ل 6: 157)
السب: الشتم، ومثله: السباب، ومنه:
" سباب المؤمن فسوق... ".
(مج 2: 80)
الستر والستار: ما يستر به، وهو ما
أسدل من قماش أو غيره على نوافذ
البيت وأبوابه حجبا للنظر أو
للشمس، والستر - أيضا -: الحياء
والعقل. والستير: العفيف،
والمتستر: طالب الستر، والذي
يحاول إخفاء معايبه.
(ل 6: 169، لا: 649، ق: 396)
284

السحت: ما خبث من المكاسب
وحرم، فلزم عنه العار وقبيح الذكر،
كثمن الكلب والخمر والخنزير.
(ل 6: 186)
السراج: المصباح الزاهر الذي يسرج
بالليل ليستضاء به، الجمع: سرج.
(ل 6: 228)
السراج: بائع السروج وصانعها
والسراجة حرفته، والسروج جمع
السرج: رحل الدابة.
(ل 6: 228)
السرادق: كل ما أحاط بالشئ
كالحائط، والفسطاط الذي يمد فوق
صحن البيت، والغبار الساطع
والدخان المرتفع المحيط بالشئ.
(ق: 406، ل 6: 234)
السرجين: الزبل، كلمة أعجمية،
وأصلها " سرگين " فعربت.
(مص: 273)
سفك الدم: صبه، والسفك: الإراقة
والإجراء لكل مائع.
(ل 6: 275)
السفلة: نقيض العلوة، وسفالة كل
شئ أسفله، والمراد من السفلتين
- هنا -: العورتان.
(ق: 414، ل 6: 285)
السمن: سلاء الزبد (ما طبخ وصفي من
الزبد)، وما يخرج من اللبن بالمخض،
ويكون لألبان البقر، وقد يكون
للمعزى وغيرها، وقيل: السمن:
هو ما يكون من الحيوان، والدهن
ما يكون من غيره.
(ق: 430، مج 6: 268، من: 343)
السواد: لون معروف. والعرب تسمي
الأخضر أسود لأنه يرى كذلك على
بعد، ومنه سواد العراق، لخضرة
أشجاره وزروعه.
(مص: 294)
السوقة: خلاف الملك، يستوي فيه
الواحد والجمع، والمؤنث والمذكر.
(ل 6: 437)
السيرة: الطريقة، والسنة، لأنها تكون
سائرة في الناس.
(مج 3: 340، ل 6: 454)
285

السيوف السريجية: نسبة إلى سريج،
وهو قين (أي حداد) تنسب إليه
السيوف، ويمكن أن تكون وصفت
بذلك لكثرة مائها وبريقها ورونقها،
حتى كأن فيها سراجا.
(ق: 404، ل 6: 229)
" ش "
الشائع: الذائع المنتشر، يقال: حديث
شائع: أي ذائع فاش. (من: 411)
شاط بدمه فهو شائط: أذهبه وأبطله
وجعله هدرا، أو عمل في هلاكه،
أو عرضه للقتل.
(ق: 492، ل 7: 257)
الشاهق: الجبل المرتفع، وكل ما ارتفع
من بناء أو غيره وطال، فهو شاهق.
(ل 7: 229)
الشبهات: جمع الشبهة: اسم من
الاشتباه، وهي ما بين الحلال
والحرام والخطأ والصواب، وقيل:
الشبهة: الالتباس وما يشتبه على
الإنسان أمره لأنها تشبه الحق.
وأمور مشتبهة: أي مشكلة، يشبه
بعضها بعضا. (مج 6: 349 و 350،
ل 7: 23، ق: 450)
الشتر: راجع: " الأشتر ".
الشحم: ما ابيض وخف من لحم
الحيوان، كالذي يغشى الكرش
والأمعاء، جمعه: شحوم.
(ق: 454)
الشرذمة: القليل من الناس، وقيل:
الجماعة القليلة من الناس.
(ل 7: 77)
الشعوذة: خفة في اليد وأخذ كالسحر،
يري المشعوذ الشئ بغير ما عليه
أصله في رأي العين، أو يوهم وجود
مناظر غير موجودة في الحقيقة.
(ق: 470)
الشفير: شفير كل شئ: حرفه،
وشفير الوادي: ناحيته من أعلاه،
ومنه: شفير جهنم.
(ل 7: 149)
286

الشوكة: السلطة والقدرة، يقال: فلان
ذو شوكة، ومنه يقال للسلطان:
ذو شوكة.
(ق: 489)
الشيرج: معرب " شيره "، وهو دهن
السمسم، وربما قيل للدهن الأبيض
وللعصير قبل أن يتغير: شيرج،
تشبيها به، لصفائه.
(مص: 308)
الشين: خلاف " الزين "، وقد شانه
يشينه شينا: عابه.
(مج 6: 273)
" ص "
الصاع: المكيال الذي يكال به وتدور
عليه أحكام المسلمين، ويختلف
مقدار الصاع الحجازي عن العراقي.
(ق: 524، ل 7: 442، مج 4: 362)
الصب: راجع: " الدنانير المصبوية ".
الصبرة: ما جمع من الطعام بلا كيل
ولا وزن بعضه فوق بعض.
(ل 7: 277)
الصف: السطر المستوي من كل شئ،
وصففت القوم فاصطفوا: إذا أقمتهم
في الحرب صفا، وصف القوم يصفون
صفا، واصطفوا وتصافوا: صاروا
صفا. والمتصافون: المتوافقون الذين
ارتفع النزاع من بينهم.
(ق: 512، ل 7: 363)
الصقر: الطائر الذي يصاد به، من
الجوارح، وقيل: الصقر: كل شئ
يصيد من البزاة والشواهين،
والجمع: أصقر وصقور.
(مج 3: 368، ل 7: 372)
الصلة: الجائزة والعطية.
(ل 15: 318)
الصليب: كل ما كان على شكل
خطين متقاطعين من نقش أو تصوير
أو خشب أو غير ذلك، ومنه:
الصليب عند النصارى، لما كان
على هيئة العود الذي يدعون أنه
صلب عليه المسيح، جمعه صلب
وصلبان.
(ق: 514)
287

الصناعة: حرفة الصانع، والجمع:
صناعات وصنائع، وقيل: الصناعة
عند العامة: هي العلم الحاصل
بمزاولة العمل كالخياطة والحياكة
ونحوهما مما يتوقف على المزاولة
والممارسة، وعند الخاصة: هي العلم
المتعلق بكيفية العمل، سواء حصل
بمزاولة العمل، كالخياطة ونحوها،
أولا، كعلم الفقه والمنطق والنحو
والحكمة العملية ونحوها، مما
لا يحتاج في تحصيله إلى مزاولة
الأعمال. وقيل: كل علم مارسه
الإنسان حتى صار كالحرفة له
يسمى: صناعة. (ق: 520)
الصواع: إناء يشرب فيه، وقيل: إنه
كان من ورق، فكان يكال به،
وربما شربوا به. (ل 7: 442)
الصورة: الشكل، وكل ما صور
مشبها بخلق الله تعالى من ذوات
الأرواح وغيرها. وتطلق الصورة
على ترتيب المعاني التي ليست
محسوسة، فيقال: صورة المسألة،
وتطلق عند العامة على التمثال.
(ق: 524)
الصولجان: المحجن، وهي العصا
المنعطفة الرأس، والجمع: صوالجة،
ومحجن الطائر: منقاره.
(ق: 515 و 151،
من: 120)
الصياغة: حرفة الصائغ، وهو من
حرفته معالجة الذهب والفضة بأن
يعمل منها حلي وأواني، وجمع
الصائغ: الصياغ والصواغ.
(ق: 524)
" ض "
ضرب الخراج: وضعها وإيجابها
والإلزام بها. والضرب: المثل
والشكل، والضرب: الإصابة
والصدمة، وأصله: إيقاع شئ على
شئ.
(مج 2: 107، ق: 532)
288

الضغائن: جمع الضغينة: وهي الحقد،
وما يستكن في القلب من العداوة.
(مج 6: 275)
الضيق: جمع الضيقة، وهي الفقر وسوء
الحال، وضاق الرجل: بخل، ومنه:
" إنك لضيق " أي لبخيل. (مج 5: 203)
" ط "
الطائل: الطول، وهو الفضل والقدرة
والغنى والسعة. وقولهم: لا طائل
فيه: أي لا فائدة فيه.
(مج 5: 413، ق: 561)
الطبول: جمع الطبل: وهي آلة
موسيقية تتكون من أسطوانة جوفاء
من الخشب أو المعدن، يشد على
جنبيها الجلد وينقر عليها باليد
أو بعصا خاصة، وهو ذو الوجه
الواحد والوجهين.
(ل 8: 124، لا: 782)
الطحال: عضو يقع بين المعدة
والحجاب الحاجز في يسار البطن،
وظيفته تكوين الدم وإتلاف القديم
من كرياته.
(مل 2: 125)
الطروء: المفاجأة والحدوث، يقال:
طرأ عليه عنوان كذا، أي حدث له
وفاجأه. (لا: 783)
الطشت لغة في الطست: إناء كبير
مستدير من نحاس أو نحوه يغسل
فيه، وهو يؤنث ويذكر، جمعه:
طسوت. معرب " تشت "
بالفارسية.
(لا: 786، فرهنگ معين 1: 1084)
الطغيان: تجاوز الحد، والغلو في الكفر،
والمبالغة في العصيان.
(ل 8: 169، مج 1: 276)
الطفرة: الوثبة، والطفر: وثبة في
ارتفاع، كما يطفر الإنسان حائطا،
أي يثبه.
(ل 8: 172)
289

الطلاء: ما طبخ من عصير العنب حتى
ذهب ثلثاه.
(مج 1: 277)
الطلسمات: جمع الطلسم أو الطلسم،
وهو عبارة عن تمزيج القوى
السماوية الفعالة بالقوى الأرضية
المنفعلة بواسطة خطوط مخصوصة
يستخدمها من يتعاطى هذا الفن
لدفع الأذى، وربما يطلق الطلسم
على الخطوط ذاتها، وهو معرب
" تالسما " باليونانية ومعناها:
جزية، أو تالسمس ومعناها:
تكميل.
(ق: 554)
طلي الدواب: تلطيخ الدواب بالهناء،
وهو القطران، والقطران والقطران:
سائل دهني يتخذ من بعض
الأشجار كالصنوبر والأرز، وطلي
الأجرب: لطخه بالقطران، للعلاج.
راجع: " الأجرب ". (ق: 556،
من: 471، 638 و 874)
الطنفسة: البساط، والحصير،
والثوب، والنمرقة فوق الرحل،
وقيل: هي البساط الذي له خمل
رقيق. (مج 4: 82، ل 8: 208)
الطوع: الإذعان والانقياد، ودخل
الإسلام طوعا، أي أسلم عن رغبة
وانقياد. (مج 4: 373، من: 475)
" ع "
العارية: مؤنث العاري، وقيل:
العارية مشتقة من العرية وهي
العطية، وقيل: سميت عارية
لتعريتها عن العوض، وشرعا هي:
عقد جائز، ثمرته جواز التصرف
في العين بالانتفاع مع بقاء الأصل
غالبا. والمعار والمستعار: ما أخذ
بالعارية.
(ق: 597 و 643،
الروضة البهية 4: 255)
290

العاهة: الآفة والتشويه في الجسم،
وأصلها: عوهة، والجمع: عاهات.
(مج 6: 354، ق: 646)
العبرة: الدمعة، وقيل: هو أن ينهمل
الدمع ولا يسمع البكاء، وقيل:
هي تردد البكاء في الصدر، وقيل:
هي الحزن بغير بكاء، والعبرة:
العظة والاتعاظ، وهي الاسم من
الاعتبار، ومنه قولهم: " لا عبرة
بفعلهم ".
(مج 3: 393 و 394،
ل 9: 18)
العبور: قطع النهر أو الوادي وجوازه.
(من: 484)
العثرة: الزلة والخطيئة، والعثرة: المرة
من العثار في المشي، والجمع:
عثرات.
(مج 3: 396)
العذر: الحجة التي يعتذر بها، جمعه:
أعذار.
(من: 493)
العذرة: الغائط، وأردأ ما يخرج من
الطعام. (من: 494)
العراف: المنجم والكاهن، وقيل
العراف: يخبر عن الماضي،
والكاهن: يخبر عن الماضي
والمستقبل.
(مص: 404)
العرض: الجانب الذي يصان من
النفس والحسب أن ينتقص أو
يثلب، سواء كان في نفسه أو من
يلزمه أمره، والعرض - أيضا -:
موضع المدح والذم من الإنسان.
يقال: هو نقي العرض، أي برئ من
أن يشتم أو يعاب.
(من: 497، ق: 591)
العرف: وهو ما استقر في النفوس من
جهة شهادات العقول وتلقته الطباع
السليمة بالقبول. وعرف الشرع: ما
فهم منه حملة الشرع وكان متعارفا
بينهم.
(ق: 593)
291

العرفان: العلم، وهو و " المعرفة " من
مصادر عرف. ويطلق " العرفان "
على علم معرفة الله. والعرفاء:
العلماء، والذين يسلكون مسلك
العرفان، ومفرده: عارف، وعريف.
والعريف: القيم والسيد العارف
بسياسة القوم، ويقال العريف:
النقيب (من ينقب عن أمور القوم)،
وهو دون الرئيس.
(ل 9: 154، ق: 593، من: 828)
العري: حالة العريان، وهو الذي خلع
ملابسه، والعري: مصدر عرى
يعرى عريا: نقيض لبس، فهو عار
وعريان، والقوم عراة.
(ق: 597، مج 1: 289)
العزاب: الذين لا أزواج لهم، مفرده
عزب. (ل 9: 182)
العزوف عن الدنيا: على وزن فعول
بمعنى فاعل: المنصرف عن الدنيا
الزاهد فيها، الذي لا يشتهيها
ولا يميل إليها.
(ل 9: 190، ق: 598)
العزيمة: الإرادة المؤكدة، والعزيمة:
الرقية والعوذة، وهي ما يرقى بها
الإنسان من فزع أو جنون لأنه يعاذ
بها، جمعها: عزائم.
(ل 9: 465، ق: 599)
العسب: النسل، وطرق الفحل، أي
ضرابه، وقيل: العسب: ماء
الفحل، والعسيب: العسب.
(مج 2: 121، ل 9: 197)
العشور: جمع العشر، وهو جزء من
عشرة، وهو ضريبة خاصة تؤخذ
من بعض الأموال، والعشار: آخذ
العشر وجابيه وملتزمه.
(لا: 832، ق: 603)
العصم: جمع عصمة، أي ما يعصم (يمنع
ويحفظ) من العقاب أو من المهالك
يوم القيامة، والذنوب التي تهتك
العصم: شرب الخمر، واللعب
بالقمار، وفعل ما يضحك الناس من
المزاح، واللهو، وذكر عيوب الناس.
والعصمة بين اثنين: ما يمنع من لحوق
الأذى بأحدهما، تقول العرب:
292

أعصمت فلانا، أي هيأت له شيئا
يعتصم به، أي يلتجئ إليه ويتمسك
به، فانقطاع العصمة بين اثنين: زوال
المنعة.
(مج 6: 116،
ن 3: 249، مع 4: 331)
العصير: على وزن فعيل بمعنى المفعول،
وهو اسم للماء المعصور من العنب
ونحوه، والعصارة: ما سال من
الشئ المعصور، وما بقي من الشئ
بعد العصر.
(مج 3: 407، من: 509)
العقاقير: جمع عقار: الدواء.
(مص: 421)
العقدة: هي المكان الكثير الماء
والكلأ، وهي موضع العقد في الخيط
والحبل، وعقدة القصب: المفصل
بين الأنبوبتين، جمعها: عقد، وعقود
القصب: يراد بها - هنا -: عقد
القصب، والعقود - أيضا -: جمع
العقد، وهو ما يشتمل على الايجاب
والقبول بالشرائط المعتبرة.
(لا: 842، من: 688،
ق: 618)
علم الحيل: راجع: " الحيل ".
علم الرمل: راجع: " الرمل ".
العمش: راجع: " الأعمش ".
العنوة: أخذ الشئ قهرا، وكذلك إذا
أخذه صلحا، فهي من الأضداد،
ويراد بها هنا الأول.
(ق: 640)
العوائق: الشواغل التي تعيق وتمنع من
إنجاز العمل.
(مج 5: 220)
العور: راجع: " الأعور ".
العورة: الخلل في الثغر وغيره وكل
مكمن للستر، وكل أمر يستحيا منه،
والسوأة وكل شئ يستره الإنسان
من أعضائه أنفة وحياء.
(ق: 643)
293

" غ "
الغائلة: الحقد الباطن والفساد والشر،
ومنه: غائلة السم: أذاه وضرره.
(مج 5: 438، ق: 672)
الغدد: جمع غدة، وهي كل عقدة في
الجسد أطاف بها شحم، والغدة كل
قطعة لحم صلبة تحدث عن داء بين
الجلد واللحم وتتحرك بالتحريك.
(ق: 652، مج 3: 117)
الغربان: جمع الغراب، وهو طائر كبير
يسمى الأسود منه الحاتم، والعرب
يتشاءمون به، ولذلك اشتقوا من
اسم الغراب: الغربة والاغتراب.
(مج 2: 132، ق: 652)
الغرم: الغرامة، ما يلزم أداؤه من الدية
والدين، وغرم الرجل الدية: أداها.
(مج 6: 126، ل 10: 59)
الغش: مصدر غش، وغشه يغشه:
لم يمحضه النصح أو أظهر له خلاف
ما أضمره وزين له غير المصلحة.
المغشوش: غير الخالص.
(مج 4: 145، ق: 659)
غطى الشئ: ستره وعلاه.
(مج 1: 318، ق: 662)
غلا السعر: ارتفع، ضد: رخص،
فهو غال، والاسم: الغلاء، والغلو:
التشدد ومجاوزة الحد.
(مج 1: 319، ق: 665)
الغلول: الخيانة، وخصه بعضهم
بالخيانة في الفئ والمغنم، وغل من
الإمام: أخذ من الإمام خفية عنه
على وجه الخيانة. والغل: الحقد
والغش.
(مج 5: 435 و 436، ق: 665)
غلى العصير: يغلي غليانا: فار فورانا
بالحرارة. (ق: 666، 705)
الغمد: غلاف السيف وجفنه، وجمعه:
أغماد.
(مج 3: 118، ل 10: 115)
الغي: الضلال والخيبة والفساد،
وغوى يغوى: انهمك في الجهل،
وهو خلاف الرشد.
(ل 10: 149، مج 1: 322)
294

" ف "
الفأرة: حيوان صغير يفسد في البيوت،
تصطاده الهرة، مذكره: فأر،
وجمعه: فئران، وفئرة، وفأرة
المسك: نافجته، أي وعاؤه،
والجلدة التي يجتمع فيها المسك،
وقيل: هي سرة ظبي المسك.
(ق: 674،
ل 10: 166، من: 823)
الفترة من الرسل: السكون والانقطاع،
أو ما يكون بين كل رسولين
من رسل الله - سبحانه وتعالى -
من الوقت الذي انقطعت فيه
الرسالة.
(مج 3: 433،
ل 10: 174)
الفجيعة: راجع: " التفجع ".
الفحص: راجع: " التفحص ".
الفسح: التوسيع، ومنه: الفسح
بالبذل: التوسع في العطاء.
(ق: 689)
الفسق: العصيان والخروج عن الطاعة
والترك لأمر الله، والفاسق: الفاعل
للفسق، جمعه: فساق، والمصدر:
الفسوق.
(مج 5: 228، ل 10: 262)
الفصد: شق العرق وقطعه، والفصد
عند الأطباء: تفريق اتصال في
العرق، والعروق المفصودة أربعة
عشر، منها في الرأس وما يجاوره،
وفي اليد، وفي الرجل.
(ق: 692، مج 3: 121)
الفطن: الفهم والحذق والمدرك
لدقائق الأمور، والفطنة: الحذق
والفهم، وقد تفسر بجودة تهيؤ
النفس لتصور ما يرد عليها من
الآخرين، ويقابلها: الغباوة.
(ق: 696)
الفقاع: شراب يتخذ من الشعير، سمي
به لما يعلوه من الزبد.
(ل 10: 304)
295

" ق "
القائف: راجع: " الاقتفاء ".
القبالة: اسم من تقبل العمل من
صاحبه: إذا التزمه بعقد، وتطلق
على ما يلتزمه الإنسان من عمل
ودين وغير ذلك، وقيل: كل من
تقبل شيئا مقاطعة، وكتب عليه
بذلك كتابا، فالكتاب الذي يكتب
هو القبالة والعمل: قبالة.
وقبالة الأرض: أن يتقبلها الإنسان
فيقبلها الإمام (أي يعطيها إياه)
مزارعة أو مساقاة، ويكون ذلك في
الأرض الموات أو أرض الصلح كما
كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقبل خيبر من
أهلها. وقبل الشئ: أخذه، وقبل
القول: صدقه.
(مص: 489،
مج 5: 448، من: 607)
القدح: من قدح، يقال: قدح قدحا في
عرضه، إذا طعن فيه وعابه وتنقصه.
(من: 611)
القدوة - مثلثة القاف -: الاسم من
اقتدى به: إذا فعل مثل فعله تأسيا،
والقدوة: ما يستن ويقتدى به
والأسوة. (من: 614، مج 1: 335)
القذارة: ضد النظافة، والنجاسة
البينة، وعين النجس، وهي مصدر
قذر، والقذر: الوسخ، والمتنجس.
(مج 3: 453، ل 11: 73)
القذف: الرمي، وقذف الشيطان:
إيقاعه الشر في القلب، وقذف
المحصنة: رمي المرأة بالزنا أو بما كان
في معناه، وقذف بقوله: تكلم من
غير تدبر ولا تأمل.
(ل 11: 75، من: 615)
القراح: صفة للماء الخالص الذي
لا يخالطه شئ من كافور ونحوه.
(مج 2: 403، ل 11: 92)
القرامل: ما تشده المرأة في شعرها، من
ضفائر الشعر أو الصوف أو الإبريسم
ونحوها. (ل 11: 135، مج 5: 453)
296

القرع: الصلع، الأقرع: الذي لا شعر له
على رأسه.
(ل 11: 118)
القريحة: الطبيعة التي جبل عليها
الإنسان، والجمع: قرائح، لأنها
أول خلقته، ومنه قولهم: لفلان
قريحة جيدة: يراد استنباط العلم
بجودة الطبع.
(ل 11: 90)
القصارة: حرفة القصار، وهو المحور
للثياب ومبيضها.
(ق: 738، مج 3: 460،
من: 633)
القصاص: اسم للاستيفاء والمجازاة عن
قتل أو قطع أو ضرب، وأصله:
اقتفاء الأثر، فكأن المقتص يتبع أثر
الجاني فيفعل مثل فعله.
(مج 4: 180)
القصر: الحصر. والحبس، ومنه:
قصرت الشئ على كذا: إذا لم
أتجاوز به إلى غيره، وقصر نفسه
على كذا: لم يطمح إلى سواه،
والقصر - أيضا -: التقصير.
وقصور الهمة: تقصيرها، ومنه
تقاصر عن الأمر: أمسك عنه مع
القدرة عليه.
(مج 3: 459 و 460،
من: 633)
القطع: الإبانة والفصل، والقطع
- أيضا -: الجزم بالشئ.
(ق: 744)
القلنسوة: ضرب من ملابس الرأس،
تكون على هيئات متعددة، وهي
بالفارسية: " كلاه ".
(ق: 754،
فرهنگ معين 3: 3021)
القمقام: السيد الكثير العطاء، رومي
معرب، والجمع: قماقم، والقمقام:
الماء الكثير، وقمقام البحر: معظمه،
لاجتماع مائه، وقيل: هو البحر كله.
(مج 6: 141،
ل 11: 309، ق: 757)
297

" ك "
الكبائر من الذنوب: جمع الكبيرة،
وهي كل ذنب توعد الله عليه
بالعقاب في كتابه العزيز. وقيل:
الكبيرة، كل ذنب رتب الشارع
عليه حدا أو صرح فيه بالوعيد.
وقيل: هي كل معصية تؤذن بتهاون
فاعلها بالدين، وقيل غير ذلك.
(مج 3: 466 و 467)
الكبر: طبل له وجه واحد، والجمع:
كبار. راجع: " الطبول ".
(مص: 524)
الكراء: أجرة المستأجر، والاكراء:
الإيجار. (من: 683)
كري النهر: شقه، وهو مختص بالنهر
بخلاف الحفر.
(ق: 778)
الكعاب: جمع كعب، وهو العظم الناشز
فوق القدم، والعظمان الناشزان من
جانبي القدم، والعظم الذي يلعب به
- وهو المراد هنا - ويجمع على:
كعوب وأكعب أيضا.
(ق: 783، من: 688)
الكلأ - مهموز مقصور -: ما يرعى،
وقيل: الكلأ: العشب، رطبه
ويابسه، وهو اسم للنوع، ولا واحد
له. (ل 12: 134)
الكن: وقاء كل شئ وستره: والكن
- أيضا -: البيت، والجمع: أكنان
وأكنة.
(ل 12: 172)
الكواكب السفلية: السفلية: نقيض
العلوية، وعند المنجمين: الزهرة
وعطارد، وقد تسمى الزهرة
وعطارد والقمر بالسفلية.
(ق: 414)
الكيل: مصدر كال الطعام: إذا حقق
كميته أو مقداره بواسطة آلة معدة
لذلك، كالصاع وأمثاله. والكيال:
من كانت حرفته كيل الطعام.
(ق: 800 و 801، ل 12: 203)
298

" ل "
لابتا المدينة: بتخفيف الباء، حرتان
تكتنفان المدينة المنورة. والحرة هي
الأرض التي قد ألبستها حجارة
سود، وجمعها: لابات.
(ص 1: 220، مادة: " لوب "،
ل 12: 350)
لاق الدواة: جعل لها ليقة، وأصلح
مدادها، فلاقت: أي لصق المداد
بصوفها. والليقة: صوفة الدواة
إذا بلت. (ق: 834)
اللبأ: أول اللبن عند الولادة، وأكثر
ما يكون ثلاث حلبات، وأقله حلبة
في النتاج.
(مج 1: 371)
اللبن: ما يعمل من الطين ويبنى به،
الواحدة: لبنة، واللبن من الآدمي
وغيره: سائل أبيض في الإناث
يتحلب في الضرع من غدد
اسفنجية، ويغتذى به. (مج 6: 306،
ق: 807، ل 12: 229)
اللقطة: ما التقطه الإنسان من مال
ضائع.
(مع 5: 262)
اللمز: العيب، وقيل: اللمز، ما يكون
باللسان والعين والإشارة، ورجل
لماز: أي عياب. راجع: " الهمز ".
(مج 4: 34، ل 12: 326)
اللمم: ما دون الكبائر من الذنوب،
وقيل: اللمم، مقاربة الذنب قبل أن
يقع فيه.
(مج 6: 163، ل 12: 332)
اللهفان: المكروب المضطر، والمظلوم
المستغيث.
(ل 12: 344، مج 5: 121)
اللهو: ما لهوت به ولعبت به وشغلك،
من هوى وطرب ونحوهما. واللهو:
اللعب، وقيل: اللهو: كل ما تلهي
به، ولهو الحديث: باطله وما يلهي
عن ذكر الله.
(ل 12: 347، مج 1: 384)
299

اللوز: ثمر شجر يقارب الرمان، منه
بري ومنه بستاني، وكله إما حلو
أو مر، والثمر إما رقيق القشر يفرك
باليد أو غليظ يكسر، الواحدة:
لوزة. يقال له بالفارسية: " بادام ".
(ق: 830، فرهنگ معين 1: 437)
" م "
الماشطة: التي تحسن المشط،
وحرفتها: المشاطة.
(ل 13: 114)
الماشية: الإبل والغنم، والجمع:
المواشي، وكل ما يكون سائمة
للنسل والقنية من إبل وشاء وبقر
فهي ماشية، وأكثر ما يستعمل
في الغنم، والأصل في ذلك:
المشاء، وهو النماء والكثرة
والتناسل.
(ل 13: 118)
المبالاة: الاهتمام والاكتراث،
وتستعمل في المفاخرة وهو الأصل
فيها، وقد تستعمل في الاستهانة
بالشئ، وتستعمل في النفي غالبا،
فيقال: عدم المبالاة وقلة المبالاة.
(ق: 55)
المباينة: المفارقة، وتباين القوم:
تهاجروا، وبان الشئ عن الشئ:
انقطع عنه، وتباينا: تهاجرا،
والبين: الفرقة والوصل، وهو من
الأضداد.
(ق: 65، ل 1: 559)
المترفون: جمع المترف، وهو من أبطرته
النعمة وسعة العيش، والمتنعم
المتوسع في ملاذ الدنيا.
(مج 5: 30، ل 2: 30)
المجان: عطية الشئ بلا منة ولا ثمن،
وقولهم: أخذه مجانا: أي بلا بدل.
(ل 13: 33)
المجرب: الذي أحكمته الأمور، اسم
مفعول من جرب، والتجربة:
الاختبار.
(مص: 95، ل 2: 229)
300

المجن والمجنة: الترس، والميم
زائدة، فهو من الجنة، أي السترة،
لأن صاحبه يستتر به، والجمع:
مجان، والمجنة: الموضع الذي
يستتر فيه.
(ل 2: 387)
المحاباة: النصر والاختصاص والميل
إلى الشئ، وبيع المحاباة: أن يباع
شئ بأدون من ثمن المثل، فيكون
الزائد من قيمة المبيع عن الثمن
عطية، يقال: حابيته في البيع
محاباة.
(مج 1: 94، ق: 146)
المحجن والمحجنة: العصا المنعطفة
الرأس كالصولجان، ويطلق على كل
معطوف معوج: محجن. راجع:
" الصولجان ".
(ق: 151)
المخابرة: راجع: " الخبر ".
المخاريق: هو إما من المخرقة، أي
اختلاق الكذب وإلقاء الفساد
وتهييج الفتن بين الناس، أو من
الخرق: وهو التحير والدهش،
والأخير أنسب بسياق عبارة
الكتاب.
(ق: 841، مع 2: 173)
المخمن: من يقدر قيمة الأشياء
ومقاديرها، والعامة تقول: المقدر
والمثمن.
(ق: 256)
المخنث: المسترخي المنثني، ومن
يوطأ في دبره، لما فيه من الانخناث،
وهو التثني.
(مج 2: 253، ق: 257)
المراء: الاعتراض والنزاع والطعن في
القول، تصغيرا للقائل، قيل:
لا يكون المراء إلا اعتراضا،
بخلاف " الجدال " فإنه يكون ابتداء
واعتراضا. (ق: 848)
المروءة أو المروة: تنزيه النفس عن
الدناءة التي لا تليق بأمثالها،
والمروءة: كمال الرجولية
والإنسانية.
(ل 13: 61، مج 1: 391)
301

المزاح: مصدر مازح، وهو: الدعابة،
وضد الجد، والمازح: الخارج من
طبع الثقلاء.
(مج 2: 411، ل 13: 92)
المزارعة: مصدر زارع، من زرع
الأرض: إذا ألقى فيها البذر،
وشرعا: معاملة على الأرض بحصة
من حاصلها إلى أجل معلوم.
(ق 3: 370، مص: 252،
الروضة البهية 4: 236)
المزاولة: المباشرة، زاول الشئ
مزاولة: باشره ومارسه.
(لا: 617)
المزق: شق الثياب ونحوها، ومزقه
فانمزق تمزيقا وتمزق: خرقه.
(ل 13: 95)
المزمار: الآلة التي يزمر بها،
والمزامير: جمع المزمار.
(ل 6: 79)
المساحة: ذرع الأرض وقسمتها
بالمقياس وتقدير قيمتها.
(ق: 489)
المساغ: المدخل، ومنه: ليس للعيب
فيها مساغ، أي مدخل، بمعنى أنها
غير ذات عيب.
(ل 6: 433)
المساقاة: مصدر من ساقى، يقال:
ساقى فلان فلانا نخله أو كرمه:
إذا دفعه إليه واستعمله فيه على أن
يعمره ويسقيه، وشرعا: معاملة
على أصول الشجر كالنخيل والرمان
بحصة من ثمرها. (ل 6: 302،
الروضة البهية 4: 309 و 310)
المستهتر: من لا يبالي بما قيل فيه
ولا بما قيل له ولا ما شتم به.
(ل 15: 24)
المسحاة: المجرفة من الحديد، والميم
زائدة، لأنه من السحو بمعنى الكشف
والإزالة. وهي ما تسمى بالفارسية:
" بيل ". (ل 13: 102،
فرهنگ معين 1: 632)
المسفوح: اسم مفعول من سفح بمعنى
أراق، ودم مسفوح: دم مراق.
(ق: 412)
302

المسفورات: جمع المسفور، وهو
المكتوب، مأخوذ من السفر:
الكتاب الذي يسفر عن الحقائق.
(ق: 413،
ل 6: 279، مج 3: 332)
المسناة: ما يبنى لرد السيل، والجمع:
مسنوات، وهو شاذ، والقياس:
مسنيات. (ق: 435)
المسوح: جمع المسح، وهو الثوب
من الشعر، ومنه يقال لما يلبس
من نسيج الشعر على البدن تقشفا
وقهرا للجسد: مسح، جمعه:
أمساح ومسوح. (ق: 849)
المسوخ: جمع مسخ، وهو ما تحولت
صورته إلى صورة أخرى أقبح
من الأولى، ومنه: مسخه الله قردا،
أي حوله إلى صورة قرد.
(مج 2: 443، ل 13: 102)
المص: الرشف والشرب رفيقا أو مع
جذب النفس، وعبارة: " فمصصت
ريق أبي جعفر (عليه السلام) " المراد به هنا:
التقبيل. (من: 764، لا: 1121)
المصدق: الذي يأخذ الحقوق من
الإبل والغنم، ومنه: " لا تشترى
الصدقة حتى يعقلها المصدق "
أي يقبضها. (ل 7: 309)
المصرع: موضع الصرع، وهو الطرح
بالأرض، وقد يراد به مكان القتل،
ومنه مصارع الشهداء: أمكنتهم
التي قتلوا فيها.
(مج 4: 359، ل 7: 326)
المعازف: الملاهي وآلات الطرب
كالطنبور والعود والقيثارة، واحدها
معزف ومعزفة.
(مج 5: 99، ق: 598)
المعاطاة: المناولة، واصطلاحا:
أن يعطي كل من اثنين عوضا
عما يأخذه من الآخر. (مج 1: 297،
المكاسب " طبعة الشهيدي ": 81)
المغفر: زرد (حلق صغار من نحاس)
ينسج من الدرع على قدر الرأس،
يلبس تحت القلنسوة، وحلق يتقنع
بها المتسلح، الجمع: مغافر.
(ق: 662)
303

المقاسمة: مصدر قاسم، يقال:
قاسمه مقاسمة: إذا اقتسم ما كان
مشتركا بينهما فأخذ كل قسمه،
وقسمت الشئ: إذا أفرزته أجزاء.
(ق: 735)
المقاصة: مصدر قاص، وقاصه في
حساب وغيره مقاصة وقصاصا:
قاطعه، أي كان عليه دين مثل
ما عليه له فجعل الدين في مقابلة
الدين. (ق: 739)
المكابرة: المنازعة في مسألة ما
لا لإظهار الصواب، بل لإلزام
الخصم. (ق: 768)
المكاشرة: التبسم، من كاشره: إذا
تبسم في وجهه وانبسط معه،
والمكاشرة: من الكشر وهو بدو
الأسنان عند التبسم. (مج 3: 474)
الملهوف: الحزين الذي ذهب ماله
أو فجع بحميم.
(ل 12: 344)
المموه: المطلي بالذهب أو الفضة.
راجع: " التمويه ".
المناطحة: مصدر ناطح من نطح بمعنى
أصاب بقرنه، وتناطح الكبشان
وانتطحا: إذا نطح كل منهما صاحبه.
(ق: 899)
المناط للحكم: العلة للحكم.
(ق: 923)
المنجنيق: آلة ترمى بها الحجارة،
فارسيتها: " من چه نيك "، أي:
أناما أجودني. (مج 5: 144)
المنطقة: كل ما يشد به الوسط.
(ل 14: 188)
المهارشة: المخاصمة، وهو مستعار من
هراش الكلاب: وهو تحرش بعضها
على بعض وتواثبها، ومنه:
مهارشة الديكة. (ق: 935)
المهنأ: ما أتى بلا مشقة، ومنه: " لك
المهنأ وعليه الوزر " أي يكون أكلك
هنيئا لك لا تؤاخذ به، ووزره على
من كسبه. راجع: " الوزر ".
(ل 15: 141)
الموبقة من الكبائر: المهلكة، وموبقات
الذنوب: مهلكاتها، من إضافة
الصفة إلى الموصوف، أي: الذنوب
المهلكة. (مج 5: 243، ل 15: 201)
304

" ن "
النامصة: المرأة التي تزين النساء
بالنمص، وهو نتف الشعر من الوجه،
والمنتمصة: التي تفعل ذلك
بنفسها.
(ل 14: 293)
ناهض قرنه مناهضة: قاومه.
(ق: 930)
النبذ: طرحك الشئ من يدك أمامك
أو وراءك.
(مج 3: 188، ل 14: 17)
النبيذ: ما يعمل من الأشربة من التمر
والزبيب والعسل والحنطة والشعير،
وربما يقال للخمر المعتصر من
العنب: نبيذ.
(مج 3: 189)
النرد: لعبة وضعها بعض ملوك الفرس،
شبه رقعته بوجه الأرض، والتقسيم
الرباعي بالكعاب الأربعة، والرقوم
المجعولة ثلاثين بالأيام، والسواد
والبياض بالليل والنهار، والبيوت
الاثنتي عشرة بالشهور، والكعاب
بالأقضية السماوية.
(مج 3: 150)
النزهة: الاسم من التنزه، وهو التباعد
عن الاشتغال وترك الاهتمام، بإلهاء
العقل والحواس، والإلتهاء بالمناظر
الحسنة، يقال: أرض ذات نزهة،
أي نزيهة وبعيدة عما يفسد هواءها.
(ق: 889)
النسر: طائر حاد البصر وأشد الطيور
وأرفعها طيرانا وأقواها جناحا،
تخافه كل الجوارح، وهو شره نهم،
وليس في سباع الطير أكبر جثة منه،
ويسمى نسرا، لأنه ينسر الشئ
ويقتنصه، الجمع: أنسر ونسور.
(ق: 890)
النصل: حديدة السهم والرمح،
والسيف ما لم يكن له مقبض،
الجمع: نصول وأنصال.
(مج 5: 484)
305

النفث: شبيه بالنفخ، وهو أقل من
التفل، لأن " التفل " لا يكون إلا معه
شئ من الريق، والنفاثات:
السواحر حين ينفثن في العقد.
(ل 14: 223، مج 2: 266)
النقض: راجع: " الانتقاض ".
النكبات: مصائب الدهر، واحدها:
نكبة، وهو ما يصيب الإنسان من
الحوادث.
(مج 2: 176، ل 14: 277)
النكير: الإنكار، وأنكر الشئ:
لم يقبله قلبه ولم يعترف به
بلسانه.
(مع 5: 476، ل 14: 282)
النهب: الأخذ خلسة والغارة
والسلب.
(مج 2: 178، ل 14: 299)
النهش: تناول الشئ بالفم عضا،
يقال: نهشه نهشا: إذا عضه فأثر
فيه من غير أن يجرحه، وكذلك
نهش الحية. (ل 14: 305 و 306)
النهوض: البراح من الموضع والقيام
عنه. (ل 14: 307)
النوح: مصدر ناح ينوح، وناحت
المرأة الميت وعليه: بكت عليه
بصياح وعويل وجزع، والاسم:
النياحة. والنائحة: من تتولى
النياحة. (ق: 922)
النيرنجات: جمع النيرنج، وهو
أخذ كالسحر وليس به، معرب
" نيرنگ " بالفارسية، يعتقد
المجوس أن لها تأثيرات خارقة
لدفع المضار.
(ق: 926، فرهنك معين 4: 4881)
" ه‍ "
هاج الشئ يهيج هيجا: ثار،
لمشقة أو ضرر، وهاج الإبل
هيجا: حركها بالليل إلى المورد
والكلأ، وهاجت الإبل: إذا
عطشت.
(ل 15: 174 و 175)
306

الهبة: العطية، واتهب الشئ اتهابا:
مطاوع " وهب "، يقال: وهبه له
فاتهبه، أي: قبله.
(مج 2: 182، ق: 987)
هتك الستر: خرقه وجذبه فقطعه
من موضعه، أو شق منه جزءا فبدا
ما وراءه.
(ق: 929)
الهجر: الفحش من القول، وهجره
هجرانا: صرمه وقطعه، ضد
وصله، وهجر الشئ: تركه
وأعرض عنه.
(ق: 930)
الهجنة في الكلام: ما يلزم منه العيب.
(ل 15: 44)
الهدنة: المصالحة والدعة والسكون،
والهدنة عند أرباب السياسة:
توقيف الحرب إلى حين بأمر الولاة،
لأجل عقد الصلح أو مقصد آخر.
(ق: 933)
الهرم: كبر السن، وأقصى الكبر.
(ل 15: 81، مج 6: 186)
الهمز: الغمز والوقيعة في الناس وذكر
عيوبهم، والهماز: العياب، ويقال:
الهماز: العيابون في الغيب،
واللمازون: المغتابون بالحضرة.
راجع: " اللمز ".
(ل 15: 132، مج 4: 41)
الهوام: جمع الهامة، وهو المخوف من
الأحناش (جمع حنش، وهو كل
ما أشبه رأسه الحيات)، كالحية
ونحوها، وقد تطلق على ما لا يقتل
من الحيوان كالحشرات. (مج 6: 189،
ص 5: 2062، من: 158)
الهوان: الذل والضعف، والهون: نقيض
العز، واستهان به، استحقره.
(مج 6: 331، ل 15: 163 و 164)
الهوي: السقوط من فوق إلى أسفل.
(ل 15: 167)
الهوى - بالقصر -: من هوى النفس
وجمعه: أهواء، والعمل به باطل
شرعا، وعليه الحديث: " ليس
لأحد أن يأخذ بهوى ولا رأي ولا
مقاييس ". (مج 1: 483، ل 15: 168)
307

الهيكل: الضخم من كل شئ، والبناء
المشرف، وبيت للنصارى فيه صورة
تنسب إلى مريم، والدير، والبيعة.
والهيكل في الكنيسة الشرقية:
موضع في صدر الكنيسة يقرب فيه
القربان، والجمع: هياكل. (ق: 951)
" و "
الواصلة من النساء: التي تصل شعرها
بشعر غيرها، والمستوصلة: الطالبة
لذلك، أو التي يفعل بها ذلك.
(مص: 662، ل 15: 317)
الوتر: الفرد أو ما لم يتشفع من العدد،
وصلاة الوتر: إما الصلاة التي تؤدى
بعد صلاة الليل وهي ركعة واحدة،
أو الركعتان من جلوس بعد العشاء
الآخرة، لأنهما تعدان بركعة وهي
وتر. (ل 15: 205، مج 3: 508)
الوجع: اسم جامع لكل ألم يحدث من
المرض وغيره، والجمع: أوجاع.
(مج 4: 399، ل 15: 221)
وجف وجفا ووجيفا الفرس: عدا وسار
سريعا، وأوجف الفرس: جعله
يعدو عدوا سريعا.
راجع: " الايجاف ".
الوجوم: السكوت على غيظ،
والواجم: الذي اشتد حزنه حتى
أمسك عن الكلام.
(ل 15: 223)
الورع: الكف عن محارم الله والتحرج
منها.
(مج 4: 401، ق: 966)
الوزر: الحمل الثقيل، وكثيرا ما يطلق
في الحديث على الذنب والإثم،
جمعه: أوزار، ومنه الحديث: " لك
المهنأ وعليه الوزر ". راجع:
" المهنأ ". (مج 3: 511،
ص: 657، ل 15: 284)
الوزنة: وحدة لقياس المقدار، تختلف
باختلاف الأعراف، والوزنة: الزنة
وهي قدر وزن الشئ.
(مع 6: 107، ق: 968)
308

الوسادة: - مثلثة الواو - ما يجعل
تحت الرأس، والمتكأ والمخدة،
والجمع وسائد.
(مج 3: 160 و 161)
الوسخ: ما يعلو الثوب والبدن من
الدرن، من جهة قلة التعهد بالماء،
الجمع: أوساخ. (ل 15: 292)
الوشر: أن تحدد المرأة أسنانها وترققها،
وتفعله المرأة الكبيرة تتشبه
بالشواب، وفي الحديث: " لعن الله
الواشرة والموتشرة " الواشرة:
المرأة التي تحدد الأسنان وترقق
أطرافها، والموتشرة: التي تأمر من
يفعل بها ذلك. (ل 15: 306)
الوشم: راجع: " استوشمت ".
الوفاء: الاتمام، وهو مصدر وفى،
يقال: وفى بالوعد وفاء إذا أتمه
وحافظ عليه، وهو ضد " الغدر "،
ووفى الشئ وفيا: تم وكثر، فهو وفي
وواف، وقولهم: هذا الشئ لا يفي
بذلك: أي يقصر عنه ولا يوازيه.
(ق: 979، مج 1: 446)
الوقاية بالكسر: الحفظ، ووقيت
الشئ أقيه: إذا صنته وسترته عن
الأذى، ووقاه الله وقاية: أي
حفظه.
(ل 15: 377، مج 1: 453)
الوقيعة في الناس: الغيبة، ووقع
فيهم وقوعا ووقيعة: اغتابهم،
وقيل: هو أن يذكر في الإنسان
ما ليس فيه.
(ل 15: 371)
الوكاء: كل سير أو خيط يشد به فم
السقاء أو الوعاء، ورباط القربة
وغيرها الذي يشد به رأسها.
(ل 15: 389)
الوكد: السعي والجهد، ووكد يكد
وكدا: أصاب، وقولهم: ما زال ذاك
وكدي: أي مرادي وهمي.
(ق: 983، ل 15: 383)
الولاية: السلطان، وقيل: الولاية
بالفتح: المصدر، وبالكسر: الاسم،
مثل: الإمارة والنقابة.
(ص 6: 2530)
309

" ي "
اليد العادية: اليد الظالمة المعتدية،
والعادية: مؤنث العادي، وهو
المعتدي والمتجاوز الحد، من عدا
عليه إذا ظلمه.
(ق: 583، من: 493)
310