الكتاب: كتاب الطهارة (ط.ق)
المؤلف: الشيخ الأنصاري
الجزء: ١
الوفاة: ١٢٨١
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام للطباعة والنشر
ردمك:
ملاحظات: طبعة حجرية

كتاب الطهارة
للشيخ الأعظم الشيخ مرتضى الأنصاري قدس سره
المتوفي سنة 1281 ه‍
مؤسسة آل البيت (ع)
للطباعة والنشر
1

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم اجمعن إلى يوم الدين
الركن الأول الماء المطلق
وهو من أوضح المفاهيم العرفية الا ان تعريف المصنف قدس سره كغيره له بأنه ما يستحق اطلاق اسم الماء عليه من غير إضافة لأجل الإشارة إلى امتياز
افراده من افراد غيره عند الاشتباه وان الماء من كون حقيقا باطلاق الاسم المجرد عليه بمعنى بطلان سلبه عنه فتقييده أحيانا لبيان الفرد
لا لقبح الاطلاق ثم لو شك في تحقق الضابط المذكور وللشك في الصدق أو المصداق عمل بالأصول وكله طاهر مزيل للحدث والخبث مع اجتماع
شروط مفصلة في محالها ولو شك في شئ منها على عمل أصالة العدم بناء على عدم ثبوت عموم يرجع إليه عدا اطلاق قوله في رواية السكوني الماء
يطهر ولا يطهر ولا عموم له من حيث حذف المتعلق لوروده في مقام الاهمال في مقابل السلب الكلى المستفاد من قوله ولا يطهر كما في قولك زيد يحكم ولا
يحكم عليه ويعطى ولا بل ولا من حيث كيفية التطهير بالماء لعدم سوقه لبيان ذلك نعم لو ثبت الأمر الأول أمكن دعوى كون كيفية التطهير بالماء مبنية عند
العرف وحصوله عندهم بغلبة الماء على المحل بحيث يزيل عين القذارة عن المحل القذر واما طهارة المايعات النجسة بالاستهلاك فيه ففي
عده تطهيرا في العرف تأمل هذا كله حكم الماء بحسب أصل الخلقة واما حكمه باعتبار وقوع النجاسة فيه فيظهر بعد أن ينقسم إلى ثلاثة أقسام جار
ومحقوف وماء بئر وتتلبت الأقسام بماء البئر عند القد ماء واضح واما عند غيرهم فباعتبار بعض الأحكام المختصة به بعد وقوع النجاسة فيه
إما الجاري وهو السائل عن مادة لا النابع مطلقا ولا السائل كذلك خلافا في الأول لصريح شيخنا الشهيد الثاني قده والمبسوط جماعة من جعل النابع
مطلقا محكوما عليه بحكم الجاري مع حصر الماء في الأقسام الثلاثة فيكون وصفه بالجريان للغلبة أو لجريان الاصطلاح عليه وفيه ان الغلبة لا يوجب
مخالفة العرف واللغة خصوصا في مقام حضر الأقسام واما جريان الاصطلاح ففيه ان عبارات أكثر من تقدم على المحقق الثاني كالمقنعة والمبسوط و
السرائر والغنية والوسيلة والكافي وشرح الجمل والمعتبر وأكثر كتب العلامة والدروس طاهرة بملاحظة عنواناتهم واستدلالاتهم على دفع النجاسة
ورفعها عن الجاري في اعتبار السيلان فلا حظ واما ما ذكر من أن النابع غير البئر عندهم بحكم فلم يعلم ذلك من المشهور فيحتمل ان يكون عندهم في
حكم البئر وهو ط المحقق حيث حكم بعدم تطهير القليل بالنبع من تحتة معللا بان النابع ينجس بالملاقات وجعله كاشف اللثام أوضح الاحتمالين وفى
المقنعة كما في التهذيب انفعال القليل من الغدير النابع وتطهيره بالنزح وعدم انفعال الكثير منه بل في مفتاح الكرامة عن المح البهبهاني ان النابع الراكد
عند الفقهاء في حكم البئر لكن الانصاف ان دخول هذا القسم في الجاري أشبه بكلماتهم من دخوله في البئر وابعد منهما كونه قسما ثالثا لكنه غير مجد بعد اختصاص
أدلة احكام الجاري عرفا ولغة بالسائل نعم لو ثبت حكم لذي المادة عموما تعين جريانه فيه كما أنه لو قلنا بدلالة صحيحة بن بزيع الآتية في حكم ماء البئر
على عدم انفعال مطلق ذي المادة بما عدا التغيير أو على ارتفاع النجاسة الحاصلة من التغيير عنه بمجرد زواله مط أو باختلاطه بما يخرج من المادة وكذا
لو ثبت طهارة ماء البئر أمكن الحاق هذا الفرد به بالاجماع المركب وان لم يكن بئرا إما طهارته على تقدير النجاسة بالنزح فلم يثبت الالحاق فيه
وان جزم به بعض المعاصرين نافيا عنه الريب لكنه مستند في ذلك إلى عموم التعليل بالمادة في صحيحة ابن بزيع لا إلى عدم التفصيل بينه وبين البئر
واما كفاية مطلق السيلان ولولا عن مادة فهو المحكي عن بعض متأخري المتأخرين مستندين إلى صدق الجاري على المياه الجارية عن ذوبان الثلج خصوصا
2

إذا لم ينقطع في السنة ويرده ان الاطلاق مجاز لمشابهة تلك المياه بمياه الشطوط النابعة ولذا لا يطرد عرفا في كل ما تلبس بالجريان ولو كان قليلا
للقطع بصحة سلب الجاري عن الماء المنصب من الكوز وغيره من الا نية ولذا جعل في الاخبار ماء الحمام إذا كانت له مادة بمنزلة الجاري مع أنه جار من المادة
حقيقة ومنه يظهر ان توصيف ماء الحمام في بعض اخباره بالجريان باعتبار المعنى اللغوي وقد اغرب بعض من انتصر هذا القول حيث استدل برواية
الميزابين الجارتين أحدهما بول والاخر ماء المطر نظر إلى شموله لماء المطر بعد انقطاعه ثم لو شك في صدق الجاري لأجل الخلاف في كفاية
مجرد النبع أو السيلان أو الخفاء صدق النبع المفسر عن جماعة بالخروج من عين عمل بعمومات احكام القليل والكثير أو البئر وقد يمنع شمول الأولين لان
المتيقن منهما ما لم يكن له مادة فيبقى المشكوك تحت عمومات عدم الانفعال الا بالتغير وكذا شمول الثالث لمنع صدق البئر أو انصرافه ولذا حكى
في الحدائق عن والده عدم تطهيره مثل هذه الا بار بالنزح بل بالقاء الكر الأخير حسن مع الشك في الصدق أو الانصراف وعدم عموم صحيحة ابن
بزيع الآتية لجواز تطهير كل ذي مادة بالنزح والأول ممنوع جاد للاطلاق بل العموم في تلك الأدلة ولم يخرج منه الا الفرد المتيقن من الجاري
فهو الذي اختص عند المش بأنه لا ينجس كثيره ولا قليله بمجرد الملاقاة بل ادعى الاجماع على عدم الفرق صريحا في الغنية وشرح الجمل القاضي و
وكالصريح في المعتبر وظاهرا كما عن ظاهر الخلاف وحواشي التحرير للمحقق الثاني ومصابيح العلامة الطباطبائي واستدل عليه تبعا للخلاف والتهذيب
بما دل على نفس البأس عن البول في الماء الجاري وبصحيحة ابن مسلم الواردة في الثوب الذي يصيبه البول وان غسلته في ماء جار فمرة واحدة بناء على أنه
يشرط في الغسل بالماء المنفعل بالملاقات ورود الماء على النجاسة وط الصحيحة ايراد الثوب على الجاري وان ماء الحمام بمنزلة الجاري فإنه ظاهر
في خصوصية لمطلق الجاري على غيره وكذا قوله ماء الحمام كماء النهر يطهر بعضه بعضا بناء على شموله
للنهر الصغير وصحيحة ابن يزيع ماء البئر
واسع لا يفسده شئ الا ان يتغير ريحه أو طعمه فينزح حتى يذهب الريح ويطيب الطعم لان له مادة بناء على أن التعليل إما راجع إلى الفقرة
الأولى فيدل على عدم انفعال كل ذي مادة بما عدا التغير واما راجع إلى الفقرة الثانية فيدل على أن كل ذي مادة متغيرة ترتفع نجاسة
بزوال تغيره بتجدد الماء عليه من المادة بل بمطلق الزوال وهذا لا يجتمع مع انفعال قليله بالملاقات ولو عورضت هذه بظواهر انفعال
الماء القليل لزم على تقدير التكافؤ الرجوع إلى عموم خلق الله الماء طهور الا ينجسه شئ الا ما غير الخ وخصوص المرسل المحكي عن نوادر
الراوندي الماء الجاري لا ينجسه شئ وعن دعائم الاسلام عن أمير المؤمنين (ع) قال في الماء الجاري يمر بالجيف والعذرة والدم يتوضأ
ويشرب وليس ينجسه شئ ما لم يتغير أو صافه طعمه لونه وريحه وصريح المحكي عن الفقه الرضوي المنجبر جميع ذلك بما عرفت مضافا إلى استصحاب
الطهارة وقاعدتها وقد يضاف إلى ذلك أيضا عدم الخلاف ظاهرا في أن طريق تطهير الجاري المتغير بتكاثر الماء من المادة عليه والنابع
تحتها لا يبلغ الكر غالبا والصبر إلى أن يبلغه لا يجدى كما لا يخفى وفى أكثر هذه الوجوه نظر لقصورها دلالة أو سندا لولا الاجماعات المعتضدة
بالشهرة إما اخبار نفى البأس عن البول في الجاري فلو رودها في حكم البول في الماء لا الماء بعد البول بل الرواية ساكتة عنه كما أن قوله (ع)
في بعض هذه الأخبار بعد قوله لا بأس ان يبول الرجل في الماء الجاري وكره ان يبول في الماء الراكد لا ينافي انقسام الماء الراكد الذي يبال فيه
إلى ما ينفعل والى مالا ينفعل والانصاف ان الظ من الماء الجاري والراكد في هذه الأخبار ما لا ينفعل وان الحكم بالكراهة بعد فرض عدم
انفعالهما نعم لو تمسك برواية سماعة عن الماء الجاري يبال فيه قال لا باس به أم يخل من وجه بناء على ظهورها في السؤال عن الماء لا عن البول
فيه فتأمل واما صحيحة ابن سرحان ان ماء الحمام بمنزلة الجاري فهى أدل على خلاف المطلب بناء على اشتراط بلوغ المادة المعتبرة في ماء الحمام
ولو بضميمة ما في الحياض كرا لان مقتضى التنزيل تساوى الشيئين في الحكم نعم لو قيل إن ماء الحمام بعد تقييده بالكرية نازل منزلة
مطلق الجاري لثبت به المطلوب لكنه خلاف ظ اطلاق اللفظ ودليل اشتراط الكرية في ماء الحمام لا يوجب ملاحظة التقييد فيه في هذا
التنزيل بل لا وقع للتنزيل بعد اخذ الكرية فيه فكأنه قال الكريه بمنزلة الجاري فالانصاف حمل الرواية بناء على اعتبار الكرية في ماء الحمام على
تنزيله بمنزلة الجاري في تجدد الماء النظيف منه تدريجا فيرتفع القذارة المتوهمة من ملاقاة بعضه للنجاسة فان الماء الراكد ولو كان كرا
مورد لتوهم استقرار القذارة المتوهمة من الملاقاة فيه فهذا التنزيل لدفع ما في النفس من الاستقذار الناشئ من ملاقاة النجاسات
فليس الكلام مسوقا لبيان حكم الجاري من حيث اعتبار الكثرة فيه وعدمه ومنه يعلم عدم صحة الاستدلال برواية ابن أبي يعفور المرسلة
ماء الحمام كماء النهر يطهر بعضه بعضا فان السؤال فيها عن حكم ماء الحمام مع اغتسال اليهودي وشبهه فيه فالمراد بالتطهير فيه إما رفع القذارة
المتوهمة منه من الملاقاة واما دفع القذارة الشرعية واعتصامه عن الأنفال فالمراد بالتطهير حفظ الطهارة كما في أية التطهير واية تطهير مريم
لا رفع النجاسة المتحققة واما ما ذكره بعض الفحول من أن المراد الرفع ويعلم حكم السؤال أعني الدفع من الفحوى فيما الذوق السليم مع أن
رفع النجاسة المتحققة في بعض النهر أو بعض ماء الحمام لا يكون بأي بعض وعلى أي وجه على ما هو ظاهر عموم الرواية بخلاف دفعها فان كل بعض
3

منه معتصم بالبعض الأخر ومنه يظهر ان الرواية أدل على خلاف المطلوب حيث إن طاهرها اعتصام ماء النهر بعضه ببعض الا بالمادة فيدل على اعتبار
كثرته في اعتصامه وأيضا فمقتضى المماثلة المساواة من الطرفين ومن المعلوم ان رفع النجاسة المتحققة في ماء الحمام لا يكون الا بالمادة البالغة
كرا فمقتضى المماثلة اعتبار ذلك في الجاري وإذا تنجس بعضه وهذا عين مذهب العلامة في الجاري هذا مع أن في اختصاص لفظ النهر بالنابع ثم في شموله
لما دون الكر تأملا أو منعا واما صحيحة ابن بزيع فيحتمل فيها رجوع التعليل إلى ترتب ذهاب الريح وطيب الطعم على النزح لان هذا الترتيب
مستند إلى المادة فيكون كما ذكره شيخنا البهائي في الحبل المتين بمنزلة قول الرجل لازم غريمك حتى يوفيك حقك فإنه يكره ملازمتك و
دعوى ظهوره في الرجوع إلى ما ذكر في الاستدلال عرية عن الشاهد واما ما ذكر في طريق تطهير الجاري إذا تنجس فهو شئ لم يذكره عدا من
نص على عدم انفعال القليل من الجاري بالملاقات فلا يكون فيه حجة على من خالفهم نعم قد ذكره مه أيضا في المنتهى مع قوله بانفعال قليل الجاري
ولابد من حمل كلامه على ما إذا علم كرية الطاهر الغالب على المتنجس المتغير ولو بضميمة ما في المادة فان الظاهر أنه يكفي عنده مشترط الكثرة في
الجاري بلوغه مع ما في المادة كرا لكن عليه ان يراعى ما يعتبر في اعتصام الكر من تساوى سطح الماء أو كون العالي كرا واما صحيحة ابن مسلم فالاستدلال
بها مبنى على الفرق بين الورودين وسيأتي الاشكال فيه مع أنها على تقدير التسليم كالمحكى عن النوادر والدعائم والرضوي معارضة باطلاق
أدلة إناطة الاعتصام بالكثرة والتقييد في اطلاقات الجاري اخرج للفرد النادر لان مالا يبلغ مع ما في المادة بل بنفسه كرا قليل بخلاف
تقييد الماء بغير الجاري في أدلة إناطة الاعتصام فإنه اخراج للفرد المتعارف ودعوى ان الخارج عن أحد الاطلاقين هو الجاري القليل ولا
يتفاوت الحال بين خروجه عن اطلاقات الجاري أو عن تلك الاطلاقات مدفوعة بان الخارج من أدلة إناطة الاعتصام بالكثرة في
مثل قوله ع بعد السؤال عن الماء الذي لا ينجسه شئ انه الكر من الماء وقوله إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ ونحو ذلك هو مطلق لجاري فيكون
المقسم في هذه الأدلة هو الماء الراكد وهذا أبعد من تقييد الجاري بما يبلغ الكر كما لا يخفى على المنصف هذا مضافا إلى شهادة الاعتبار بان المعيار
في عدم تأثير النجاسة في الماء هي غلبة الماء واستهلاكه لها والنبع عن مادة لا يدخل له في ذلك لكن يوهن هذا الاعتبار ملاحظة حكم ماء المطر
الروضة، واما ما ذكره من الرجوع إلى عموم خلق الله الماء طهور الا ينجسه شئ وانه المرجع بعد التكافؤ فهو مبنى على عدم كون الانفعال من مقتضيات نفس
الملاقاة وكون الجريان كالكرية عاصما مانعا من النجاسة لكن فيه تأمل من ظهور قوله ص خلق الله طهورا لا ينجسه شئ الا ما غير لونه الخ في أن
الماء بنفسه غير قابل للانفصال خرج من ذلك الراكد حيث دل أدلة الكرية على أن اعتصامه وعدم انفعاله لأجل كريته لا لنفسه ومن ضعف الرواية
فيجب العمل بمقتضى أدلة الكرية الظاهرة في كون الماء بنفسه قابلا للانفعال بالملاقات الا إذا كان كرا فان الكرية يوجب عدمه ومنه يظهر عدم
التكافؤ الموجب الرجوع إلى الأصل ثم إن الشهيد قده قال في الدروس ولا يشترط فيه أي في الجاري الكرية على الأصح نعم يشترط دوام النبع انتهى ولم
تضح لمن تأخر عنه مقصوده من دوام النبع لان ظاهره غير مراد قطعا فيحتمل ان يحترز بذلك عن العيون التي تجرى في الشار وتجف في الصيف
وان يحترز به عن مثل الأبار حيث إنها تنبع حتى تعلو الماء إلى مقابل النبع فيقف فإذا نقص منه اخذ في النبع وان يحترز به عما ينقطع زمانا لعارض من سند
المادة ونحوه فيعتبر الجريان حين ملاقاة النجاسة وان يحترز به عن العيون الصغار التي يرشح انا فانا بحيث لا يتصل نبعه والقابل للإرادة والمحتاج إلى البيان
هو الاحتمال الثاني فيكون العيون الراكدة عنده غير ملحقة بالجاري ويكون الجريان فعلا معتبر أو هو الحق على تقدير عدم اعتبار الكرية لأنه المتيقن
من الأدلة السابقة ومن معقد الشهرة والاجماعات المتقدمة لما عرفت ان الجاري عندهم هو السائل عن نبع نعم لو كان مدرك الحكم صحيحة ابن بزيع
عم الحكم لمطلق ذي المادة بشرط اتصاله بها وكيف كان فالجاري لا ينجس الا باستيلاء اثر عين النجاسة ولو في ضمن متنجس على ما هو الغالب من تغير الجزء
البعيد من الماء بالجزء القريب المتغير بعين النجاسة الواقعة فيه بل ولو لم يقع في الماء الا المتنجس المتغير بعين النجاسة كالماء المتلون من الدم و
دعوى عدم شمول الاخبار لذلك واختصاصها بما إذا وقع عين النجاسة فغير به ولو بالواسطة يدعها ان المناط تغير الماء باثر النجاسة لا
تغيير عين النجاسة للماء يشهد به صحيحة ابن بزيع لا يفسده شئ الا ان يتغير ريحه أو طعمه وصحيحة حريز كلما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضأ واشرب
وإذا تغير الماء وتغير الطعم فلا تتوضأ ولا تشرب واحترز بعين النجاسة عن اثر المتنجس فإنه لا يوجب الانفعال الظهور والأدلة في الاختصاص فان ط بالشئ
في قوله ص لا ينجسه شئ الا ما غير لونه هو نجس العين لان المتنجس انما ينجس ما يلاقيه بواسطة نجس العين مع أن بعض الأخبار مشتمل على القرينة لذلك
مثل قوله ع في صحيحة ابن بزيع لا يفسده شئ الا ما غير لونه أو طعمه فينزح حتى يطيب الطعم ويذهب اللون فان طيب الطعم قرينة على إرادة
نجس العين من الموصول وظاهر المبسوط والمعتبر والتحرير ان المضاف المتنجس إذا اختلاط بالماء المطلق الكثير وبقى أحد أوصاف المضاف لم يطهر واستفيد من ذلك
حكمهم بان التغير بالمتنجس ينجس وفى الاستفادة تأمل لكن هذا القول المشهور عن الشيخ وكيف كان فيكفي في الحكم بالطهارة أصالة عدم الانفعال ولو عورضت
في بعض الموارد كما إذا القى مايع متنجس في الماء بأصالة بقاء نجاسة رجع بعد التساقط إلى قاعدة طهارة الماء كما في الماء المتنجس المتمم كرا بطاهر ثم إن
4

الانفعال بالاستيلاء على أحد أوصافه المعهودة في النص والفتوى وهي الطعم والريح واللون مما لا ريب ولا خلاف فيه والاخبار بالأولين متواترة وفى الثالث
مستفيضة وان تأمل فيه بعض لعدم عثوره فيه على خبر صحيحة وفيه ان غير الصحيح قد يبلغ بالجبر مرتبة الصحيح فيكفي ما تقدم عن دعائم الاسلام مضافا
إلى غير ففي الصحيح المحكي عن بصائر الدرجات بسنده عن شهاب بن عبد ربه قال أتيت أبا عبد الله (ع) أسأله فابتدأني فقال إن شئت فاسئله يا شهاب
وان شئت أخبرناك بما جئت قال قلت أخبرنا جعلت فداك وساق السائل إلى أن قال جئت تسئلني عن الماء الراكد الغدير يكون فيه الجيفة أتوضأ
منه أو لا قال نعم توضأ من الجانب الآخر الا ان يغلب على الماء الريح فينتن وجئت تسئلني عن الماء الراكد من البئر قال فما لم يكن فيه تغير أو ريح غالبة قلت
فما التغير قال الصفرة فتوضأ ومتى كلما غلب عليه كثرة الماء فهو طاهر الخبر وذكر خصوص الصفرة لبيان اللون الحاصل من الجيفة وفى رواية العلاء بن
فضيل عن الحياض يبال فيها قال لا بأس إذا غلب لون الماء لون البول وليس فيه الا محمد بن سنان وقد ذكر بعض المتأخرين قراين للاعتماد على روايته مثل رواية
الاجلاء عنه خصوصا صفوان الذي لا يروى الا عن ثقة مع انجبار الضعف على تقديره بالاجماعات المستفيضة وما دل على الانفعال بمطلق
التغير ففي رواية أبي بصير عن الماء النقيع تبول فيه الدواب فقال إن تغير الماء فلا تتوضأ منه وان لم يتغير بأبوالها فتوضأ منه وكل الدم إذا وكذلك في الماء
وأشباهه ثم إن مقتضى اطلاق بعض الأخبار وإن كان كفاية مطلق التغير ولو بالمجاورة مثل صحيحة ابن بزيع ماء البئر واسع لا يفسده شئ الا ان يتغير ريحه
أو طعمه وغيرها الا ان الظ منها ومن غيرها وقوع الاستثناء عما يلاقى الماء لا عن كل شئ فان الظ التبادر المركوز في أذهان المتشرعة من قول القائل
هذا ينجس الماء أو الثوب حصول ذلك بالملاقات ولذا لم يحتمل أحد في مفهوم إذا كان الماء قدر كر لا ينجسه شئ حصول الانفعال للقليل بمجاورة النجاسة
ولو خرج بعض الجيفة عن الماء وعلم استناد التغير إلى مجموع الداخل والخارج فالظاهر انفصاله لصدق تغيره بما قوع فيه ولو شك في استناده إلى
خصوص أحدهما فالأصل الطهارة ولا عبرة بغير الأوصاف الثلاثة وان خالف اطلاق اخبار مطلق التغير للاجماع الظاهر المصرح به في محكى الدلايل و
شرح المفاتيح واستظهر من كل من اقتصر في معقد اجماعه على الأوصاف الثلاثة مضافا إلى الحصر المستفاد من عموم الاخبار المتضمنة لبيان الثلاثة
أو بعضها ولو تغير ما لا ينفعل بالملاقات كالسطح العالي المتغير بسبب وقوع النجاسة المغيرة في السافل ففي انفعاله للعمومات وعدم لأن الظاهر أن
التغير انما ينجس ما يقبل الانفعال لو كان قليلا والعالي ليس كل فكأنه تغير بالمجاورة وجهان أقواهما الأول بناء على صدق الماء الواحد على
المجموع وعدم انفعال بعضه العالي بملاقات السافل للنجاسة انما هو باجماع فت ثم اعلم أن المراد من صفة الماء
المتغيرة أعم من صفة نوعه أعني
اللون والطعم والريح الثابتة لطبيعة الماء وإن كانت طبيعة خالية عنها أو عن بعضها لكن المراد بصفاتها الطبيعة مقابل الصفات العارضة
له ومن صفة صنفه كماء النفط والزاج والكبريت ومن صفة شخصه كالماء الأحمر فإذا زالت حمرته بسبب ملاقاة عين النجاسة وصار ماء صافيا
فالأظهر نجاسة لحصول التغير عرف فان هذا الصفاء هو صفاء النجاسة الواقعة فيه كالبول الصافي مثلا خلافا لبعض فلم يعتد بالصفات العارضية
للماء فزوالها بالنجاسة لا يوجب عنده تغيره بها حتى ينجس ووجودها لا يمنع من تنجس الماء بالنجاسة إذا كانت مغيرة له لولا هذه الصفات كما سيأتي
منه والأظهر عندنا ان المستفاد من الاخبار إناطة نجاسة الماء بظهور اثر النجاسة فيه لموجب للتغيير والاستقذار وإن كان بإزالة صفاته العارضة
وإناطة طهارته بعدم ظهور اثر النجاسة ولو للمانع العارضي فيه كما لو فرضت مثل الحناء الذي لونه أخضر قبل الرطوبة واحمر بعدها ومن ذلك
ما لو وقعت على لون فأحدت لونا اخر كما إذا وقع لون الزرقة على الصفرة فيصير أخضر فان هذا المحسوس هي الزرقة القائمة بجسم أصفر ومن هذا القبيل
الصفرة الحاصلة للماء من قليل الدم فان لو في الحمرة والبياض إذا تأثر كل منهما بالآخر فيحدث الصفرة فالاستهلاك يحصل من الطرفين توضيح ذلك أن
الماء إذا خالف النجاسة في نوع اللون أو شخصه فتلونه بلونها ليس بانتقال نفس العرض منها إليه وانما هو بتلاشي اجزاء ذي اللون في الماء
فترى تلك الأجزاء كالمتصل الواحد فيحصل التأثير والتاثر من الطرفين لكن قد يحصل الاستهلاك من أحدهما لغلبة اللون فيه والحاصل
من تأثير الأخر ليس الا التخفيف في اللون الغالب لا إلى حد الاستهلاك فإن كان الغالب فهو ظاهر وإن كان النجاسة فهو نجس وقد يحصل
الاستهلاك من الطرفين فيحصل لون ثالث كالخضرة في المثالين المذكورين وان أبيت عن صدق الاستهلاك من الطرفين سمه
تأثير أو تأثر أو إما إذا ساواه في اللون نوعا وشخصا فلا يحصل استهلاك أصلا فان زيادة اللبن لا يوجب تفاوتا في البياض
لاستحالة الترجيح بلا مرجح فلون كل جزء قائم بنفسه لاستهلاكه الأجزاء المساوية في اللون ثم المساواة بينهما قد يكون من جهة عدم اللون
العرفي لأحدهما كما في النجاسة والماء الفاقدين اللون وإن كان الجسم لانج عن لون ولو باعتبار الأجزاء الترابية الواقعة في الماء وقد يكون من جهة
ثبوت اللون العرفي المساوى وللون الأخر سواء كان اللون فيهما أو في أحدهما بحسب أصل الخلقة أو العروض عارض وحكم هذه الصور انه ان قلنا إن
المعتبر في نجاسة الماء استهلاك النجاسة له بحيث يتأثر الماء فعلا تأثيرا عرفيا إذا الحقيقي لابد منه عقلا أخص الحكم بالنجاسة بالصورة الأولى
أعني الاستهلاك المطلق للماء وان قلنا إن المناط تأثر الماء بالنجاسة وذهاب صفته السابقة سواء اثر هو أيضا في النجاسة وذهب بصفته السابقة
5

كالخضرة والصفرة في المثالين السابقين أم بقيت عرفا واما البقاء الحقيق فغير ممكن لحصول الضعف فيها لا محالة لحقت الصورة الثانية أعني الاستهلاك
من الطرفين بالأولى وان قلنا إن المناط تأثر الماء عن النجاسة بالقوة بمعنى كونها بحيث لو خالف لونها لون النجاسة لاستهلكته وعدم المخالفة
بين الطرفين وتارة لعدم اللون لها واخرى لتوافق اللونين عم الحكم الصورة الثالثة بقسميها واما الفرق بين قسميها بان التغير في القسم الثاني
محسوس لكنه مستور فلم يفهم محصله فان الجسم الواحد لا يتصف بلونين إذا عرفت ما ذكرنا فاعلم أن الاظهر في معنى الروايات هو المعنى الثاني وعليه فلا
يعتبر التغير التقديري باقسامه المتقدمة أعني ما لو كان النجاسة فاقدة أو كانت ذات صفة في الماء صفة مانعة عن تأثيرها ذاتية كانت كماء
الزاج والكبريت أو عرضية كالمصبوغ بطاهر احمر وهذا هو كل من اطلق التغير غلافا للمنتهى وعد حيث قال فيهما لو وافقت النجاسة الماء في صفاته
فالأقرب الحكم بنجاسة الماء إن كان يتغير بمثلها على تقدير المخالفة والا فلا ويحتمل عدم التنجيس لعدم المقتضى وهو التغير انتهى ولعل الوجه في ذلك
ما اختاره في موضع اخر من أن التغيير كاشف عن مؤثر التنجيس لا انه نفس المؤثر ولازم ذلك أنه إذا حصل ما يكون علة تامة للتغير لا مانع منه
الأسبق الماء بعلة أخرى له فتخلف المؤثر لقصور المتأثر عن التأثر لا لنقص في المؤثر فيحصل النجاسة وفيه أولا منع كون التغير كاشفا وطاهر
الاخبار كونه نفس المؤثر نعم قد يتراءى من بعض الأخبار إناطة الحكم بالغلبة والاستيلاء الظاهر بن في اعتبار النجاسة من حيث الكمية لكن الظاهر
منها بعد التأمل إرادة الغلبة من حيث الوصف مع أن اعتبار الغلبة من حيث الكم يوجب عدم الحكم بالنجاسة الا مع استهلاك الماء وخروجه
عن حقيقته لكثرة النجاسة ولم يقل به أحد وثانيا منع تحقق المؤثر فيما نحن فيه لعدم الكاشف عنه غير التغير المفقود بالفرض ثم إن ظاهر العبارة
صيرورة النجاسة كالماء في كيفية الأصلية الغالبة فيها من عدم الوصف لا صيرورة لماء كالنجاسة في وجود الصفة الثابتة لها غالبا فلا وجه لما
اورده عليه جامع المقاصد من أن حق العبارة أن يقول لو وقعت نجاسة مسلوبة الصفات لان موافقة النجاسة الماء في الصفات صادق على نحو الماء
المتغير بطاهر احمر إذا وقع فيه دم فيقتضى ثبوت التردد في تقدير المخالفة في هذه الصورة وينبغي القطع بوجوب التقدير المصباح لان التغير هنا تحقيقي غاية الأمر
انه مستور عن الحس انتهى ولا يخفى عدم صدق العبارة المذكورة على الصورة التي ذكرها كما لا يخفى على العارف التأمل ثم الظاهر من جامع المقاصد انه
لا ينبغي التأمل في التقدير فيما ذكره من صورة عروض وصف للماء مانع من ظهور التغير لما ادعاه من كون التغير تحقيقا مستورا وحكى نحوه عن المدارك
والعالم وسبقهم إليه الشهيد قده في البيان قال إن الماء إذا كان مشتملا على ما يمنع من ظهور التغير فح يكفي التقدير وعن الحدائق انه قطع به متأخروا
الأصحاب من غير خلاف معروف بينهم في هذا الباب وعن المصابيح إما إذا كانت النجاسة موافقة في صفته الأصلية كما في المياه الزاجية والكبريتية أو العارضة
كما لو وقع في الماء المتغير بطاهر احمر دم فان الماء ينجس قطعا الظهور وصف النجاسة عليه حقيقة بل قد يقال إنه لا بد ان تؤثر النجاسة فيه اشتداد التحقق
التغير حسا انتهى أقول لا خفاء في امتناع لون محل واحد شخصي بلونين وقد عرفت ان لون الماء بالنجاسة لا يكون الا مع تأثيرها فيه فعلا وانه لو فرض ممازجة
جسمين متساويين في اللون لم يصر أحدهما منفعلا بلون الأخر بل كان جزء من المجموع مركب من جزئين لون كل منهما قائم بنفسه غير مؤثر في الأخر لامتناع
الترجيح بلا مرجح فلا أجد معنى لظهور وصف النجاسة وتحقق التغير والاستيلاء ودعوى استتاره عن الحس ولا لما ذكر من أنه لابد من تأثير النجاسة
اشتداد في الون الماء الموافق له وقد مثلنا لك ان زيادة اللبن على اللبن لا يؤثر في بياضه ولأجل ما ذكرنا اعترف العلامة والشهيد قده فيما تقدم
من كلامهما بان التغير هنا تقديري ثم الفرق بين صورتي التوافق مشكل كما يظهر من الحدائق ومحكى حاشية المدارك بل جزم في الروض بعدمه وهو
الظاهر لاشتراكهما في كون التغيير الفعلي معلقا غاية الا متوقفه في أحدهما على وجود المقتضى وفى الأخرى على انتفاء المانع بل الظاهر كونه من قبيل
الثاني في كليهما لأن الماء وإن كان فاقد للصفة عرفا كالنجاسة الا انهما لا يخلون عن لون قطعا ولذا قد يستهلك الفاقد الواجد ويسلبه صفته
فيقال انه صار بصفة ما استهلكته فالتأثير المصباح يتوقف على عدم هذا الوصف الذي يطلق عليه مسامحة عدم الصفة ويتلوا الفرق المذكور في الاشكال
بل الضعف ما عن المحقق الخونساري في المشارق من الفرق في صورة وجدان الماء للصفة المانعة بين كونها أصلية كالمياه الزاجية والكبريتية وكونها
عارضية كالمصبوغ بطاهر فيعتبر التقدير في الثاني دون الأول ولعله يعتبر استيلاء النجاسة على أوصاف الماء الأصلية ولو من حيث الصف لا
من حيث خصوص النوع ولا يعمهما والشخص ثم إن بعض من اعترف بعدم تحقق التغير الصنفي في صورة عروض الصفة المانعة من التغير للماء اختار
الحاقه به في الحكم وبنى على أن المراد بصفات الماء صفاته الأصلية لا الصفة الطارية بمغير عن صفته الأصلية ومرجعه إلى كفاية كمال التأثير في النجاسة
وان قصر الماء عن التأثر لتأثره قبلها وذكر لذلك وجوها نذكرها ملخصا مع الجواب عنها الأول ان التأثير المذكور لا يكون الا مع اثر للنجاسة
صالح للتغير لو فرض وهذا الأثر يجب ازالته في تطهير الماء لو فرض تغيره حسا بنجاسة أخرى كما يشهد به اخبار البئر فهو مؤثر في التنجيس أيضا وفيه ان
المتيقن من أدلة الانفعال الأثر المغير فعلا واما الأثر الصالح للتغير فمشكوك التأثير فيرجع في حكمه إلى الأصول ومقتضاها الحكم بعدم النجاسة مع الشك
في حدوثها بسبب هذا الأثر وببقائها مع الشك في ارتفاعها إذا لم يرتفعا ذلك الأثر مع أنه قد يمنع وجوب ازالته لمنع الاستصحاب في مثله أو لقيام
6

الدليل على الطهارة بعد استهلاك التغير المحسوس وملاقات الكر الثاني انه لو زالت الصفة أولا بالنجاسة ثم ورد عليه الطاهر المغير لولا سبق
النجاسة فلا اشكال في النجاسة فكل العكس لأنا نعلم أن زوالها بالطاهر أولا لا يوجب قوة للماء لو لم يوجب ضعفا وفيه ان العلم بذلك لا وجه له إذ لا يبعد ان يكون.
المناط في النجاسة ظهور صفة النجاسة الموجب التنفر والاستقذار فإذا قهر الماء النجاسة ولم يظهر فيه اثرها ولو من جهة صفته الشخصية بقى على الطهارة
الثالث انه لو القى في الماء طاهر ونجس بحيث استند تغيره إليهما معا وكان النجس صالحا للتغير فهذا الماء نجس قطعا ولا وجه لذلك الا وقوع ما
هو صالح لتغيره وفيه امكان منع نجاسته ولا سند للقطع بها بعد ظهور الأدلة في استناد التغير إلى نفس النجاسة ولو سلمنا فغاية
الامر كفاية مدخلية النجاسة في التغير الفعلي وهو مفقود فيما نحن فيه فلا وجه للمقايسة عليه بعد تسليم الحكم في الأصل الرابع انه لو فرض وقوع
نجاسة مغيرة إلى صفة ثم وقوع نجاسة مغيرة عنها إلى أخرى فالماء نجس يقينا ولا وجه لمنع كون تغير الثاني غير مندرج في التغير المعتبر الواجب ازالته في
التطهير والمفروض ان النجاسة الثانية لم يتغير صفة الماء المذكور في النص والفتوى ولذا لا يكفي إعادة الصفة أولي لو فرض امكانها فتعين اعتبار
الصفة الذاتية للماء وتقدير وقوع النجاسة حال وجوها ان وردت حال زوالها وجعل توارد المغير بمنزلة توارد الناقص فإذا توارد طاهر ونجس اثر النجس
اثره وهو المط وفيه ان المعتبر في نجاسة الماء وجود اثر النجاسة فيه فعلا فلا يضر تبادل افراد الأثر ولا يعتبر في النجاسة كونها هي المزيلة لصفة الماء
كما يشهد به قولهم (ع) وإذا غلب لون الماء لون البول نعم يبقى الكلام بناء على أن النجس في أن نجاسة الماء بهذا المغير الفعلي أم بالتغير الأول الزايل الظاهر
هو الثاني لكن هذا الكلام جاز في تغير صفتين من الماء على التعاقب فعلا ولا دخل له فيما نحن فيه الخامس انه لو تغير الماء بطاهر احمر ثم بالدم ثم
صفى الماء عن حمرة الطاهر فظهر لون الدم فان الماء نجس قطعا ولا وجه له الا ما قلنا لعدم بقاء عين النجاسة حين ظهور صفتها وعدم تجدد تأثيرها في
الماء فيلزم الحكم بتنجسها من حين وقوعها وفيه منع اعتبار كون حدوث التغير حين وجود العين السادس انه لو القى بالماء طاهر احمر حتى استعد لان يحمر لقليل من الدم فالقى فيه فتغير فلا سبيل إلى الحكم بنجاسته كما هو الظاهر فعلم أن الملحوظ في فط الشارع حال الماء قبل حدوث الطوارى فلا
عبرة بتغيره باعداد الطوارى ولا بعدمها لمنعها وفيه منع عدم انفعال الماء المذكور ولا مخرج له عن عمومات التغير الا استبعاد كون هذا القليل مؤثر أولا
عبرة به كاستبعاد كون كثير من النجاسة المسلوب الصفة غير مؤثر فلعل المناط عند المشهور تأثر الماء فعلا بصفة النجاسة الموجب للاستقذار وتنفر الطباع كما أن
أصل النجاسة في الأعيان غالبا لأجل الاستقذار السابع ان اعتبار الصفات الثلاث كما استفيد من مجموع اخبار الباب كذلك المحصل منها بعد الجمع
بينها ان المعتبر في طهارة الماء غلبته على النجاسة وقهره لصفاتها بحيث لا يوجد شئ منها في الماء على وجه يصلح لتغيره أصلا وفيه انه لم يظهر لنا بعد ملاحظة
الاخبار هذا المعنى وانما المتيقن من اخبار النجاسة بالتغير غلبة النجاسة على الماء بحيث يظهر اثرها عليه فيرجع في غير هذه الصورة إلى الأصل والعمومات
الثامن انه كما لا يعتبر في النجاسة الا صفاتها الأصلية المستندة إليها لا صفاتها العارضة المستندة إلى غيرها وإن كانت هي الموجودة بالفعل
فلا تكون معتبرة في صفات الماء أيضا لدلالة الإضافة على اعتبار الحيثية في الموضعين وفيه ان المعتبر في النجاسة صفتها الذاتية ولو لخصوص
شخصها في مقابل صفة الطاهر الممازج معها كالبول الواقع فيه شئ من الزعفران أو المعزة الطين الأحمر الذي يصبغ به مجمع والمراد بلون الماء أيضا هذا و ح فإذا كان في النجاسة مانع
من تأثيرها بلونها الأصلي في الماء كما لو كان في العذرة مسك يمنع من ظهور العفونة في الماء أو كان في الماء ما يمنع من تأثره بلون الأصلي من النجاسة كما
في مسئلتنا فهما خارجان عن مورد الاخبار فلا دليل على التقدير في الموضعين فدلالة الإضافة الحيثية في الموضعين وظهور
الاخبار في اللون الأصلي لكل من الماء والنجاسة انما ينفع في ثبوت النجاسة مع استناد التأثر والتأثير الفعلين إليهما لا في ثبوتهما مع صلاحيتهما
للتأثير والتاثر لو قدر عدم الطارئ ومن هنا يعلم أن بناء المسألة على اعتبار الصفات الأصلية الماء واستظهار الاخبار في ذلك لا ينفع في مطلوبه
بعد ظهورها في تأثر الماء فعلا المفقود فيما نحن فيه ومن هنا يظهر ما ذكره من وجه تاسع ذكره ثالث الا وجه التسعة طوينا ذكرها للعلم بجوابه من
أجوبة ما تأخر عنه
(ويطهر) المتغير (بكثرة الماء الطاهر) الجاري من مادته (عليه) متدافعا حتى (يزول التغير) ولو زال قبله كفى التدافع الموجب للامتزاج ولا
يكفي مجرد الزوال في ظاهر كل من اعتبر كظاهر الكتاب تدافع الماء عليه من المادة وتكاثره كالمبسوط والسراير والوسيلة والمعتبر (والتذكرة) واحتمال ذكر التدافع
والتكاثر في كلماتهم لكونه أسهل أسباب زوال التغير وأغلبها في الجاري والا فيطهر بمجرد زوال التغير لاتصاله بالمادة في غاية البعد عن القيود المذكورة
في كلمات العلماء بل المتعين ح التعبير كما في اللمعة والجعفرية بأنه يطهر بزوال التغير مع أن الاستدلال عليه في المعتبر والتذكرة بان مع زوال التغير
بغلبة الجاري ولا يقبل الطارئ الانفعال والمتغير مستهلك فيه فيظهر صريح عدم كفاية الزوال واليه يرجع استدلال الشيخ أيضا في الخلاف على طهارة
المتغير إذا زال تغيره بالقاء الكر عليه كما سيجئ والقول بكفاية مجرد زوال التغير لم يعرف ممن تقدم على الشهيد في اللمعة نعم ربما يلزم العلامة حيث
اكتفى في تطهير النجس القليل بمجرد اتصاله بالكر وقد وافق الشهيد المحقق والشهيد الثاني ان وجماعة إما لكفاية اتصال النجس بما لا ينفعل كالمادة والكر
وماء المطر وعدم اعتبار الامتزاج كما سيجئ في تطهير القليل واما للاكتفاء بذلك هنا وان قيل في غيره باعتبار الامتزاج لخصوص ما دل في المقام
على كفاية وجود المادة في النابع بعد زوال تغيره مثل قوله (ع) في صحيحة ابن بزيع ماء البئر واسع لا يفسده شئ الا ان تغير ريحه أو طعمه فينزح حتى يذهب
7

اللون ويطيب الطعم لان له مادة بناء على كون ذهاب الريح والطعم علة غائية للنزح لكون حتى تعليلية أو للانتهاء مع استظهار كون مدخوله علة
غائية مثل قولك كرر النظر في العبارة إلى أن تفهمها فيدل على أن المقصود من النزح ليس الا زوال التغير وإذا تعدينا إلى البئر إلى كل ذي مادة بمقتضى
النص على علية المادة دل على أن كل ذي مادة يطهر بزوال تغيره ويؤيده اطلاق قوله (ع) ماء الحمام كماء البئر يطهر بعضه بعضا حيث إن ظاهره ان
وجود بعضه يرفع خبث الأخر ولو لم يحصل الامتزاج خرجت صورة وجود التغير وما دل على كفاية ايصال ماء المطر بالماء المنفعل مثل قوله (ع) في مرسلة
الكاهلي كل شئ يراه ماء المطر فقد طهر فيكفي الاتصال بمادة الجاري أيضا لان المطر بمنزلة الجاري وفى الجميع نظر لمنع كفاية مجرد اتصال المنفعل
بما لا ينفعل بل قد يقال بعدم كفايته هنا وان قلنا بها في غير الجاري لان شرط كفاية الاتصال علو المطهر أو مساواته المفقودان في المقام فيعتبر
التدافع وتكاثر الماء واما الصحيحة فليست ظاهرة في رجوع التعليل بالمادة إلى الفقرة الأخيرة ولا في كون حتى تعليلية أو داخلة على العلة الغائية بل
الظاهر منه اعتبار كون الذهاب بالنزح الموجب لتدافع الماء من المادة ليزول بذلك تغيره واما رواية ماء النهر فقد تقدم ظهورها في الدفع والعصمة
لا الرفع مع أنه لا اطلاق فيها من حيث كيفية التطهير بل المركوز في كيفية اختلاط المطهر بالنجس واستهلاكه له واما المرسلة فلا يدل الا
على طهارة الجزء الملاقى للمطر كما سيجئ إن شاء الله فظهر من ذلك أن الأقوى ما هو المشهور بين من تقدم على الشهيد قده ثم إنه لا يعتبر فيما يمتزج من المادة مع التغير
كونه كرا بناء على المشهور لكون النجس مستهلكا فيما لا ينفعل وسيأتي كفاية ذلك كما هو ظاهر الدليل المتقدم عن المعتبر والتذكرة نعم على قول العلامة قده من
اعتبار الكرية في الجاري لو استهلك المتغير بأقل من الكر فان خرج من المادة ما يعلم به كون الممتزج جزء امن كر جامع لشرائط الاعتصام من تساوى السطوح
على القول باعتباره في اعتصام الكر حكم بطهارة المتغير من أول الامتزاج وان علم عدم ذلك حكم بنجاسة المجموع وان شك فالأصل عدم الكرية ويظهر من
كاشف اللثام انه لابد على القول بالامتزاج الصبر إلى أن يخرج الكر من المادة ويمتزج فيحكم بالطهارة من هذا الزمان نعم بناء على القول بكفاية
ملاقاة الكثير يحكم بعدم خروج الكر بالطهارة من أول زمان الخروج والاتصال وفيه ما عرفت من أن العبرة بما لا ينفعل سواء القول بالامتزاج و
الاتصال ثم إن النابع الواقف لو قلنا بكونه جاريا أو كالجاري فان تغير بعضه طهر بتموج الباقي عليه حتى يزول تغيره وان تغير جمعه وزال تغيره من قبل
نفسه فعلى المختار لا اشكال في بقاء النجاسة وعلى القول الآخر فهل يكفي مجرد وجود المادة وان لم يخرج منه شئ ظاهر الاستدلال بالصحيحة المتقدمة
ذلك ويجب عليه طهارة البئر المتغير بمجرد زوال التغير لكنك عرفت حال الصحيحة نعم على المختار لو نزح من النابع حتى قل مائه فخرج من المنبع ما استهلك
به تغير الباقي فينبغي القول بالطهارة لحصول الامتزاج بما لا ينفعل واستهلاك المتغير فيه لكن سيجئ من جماعة عدم طهارة القليل المتنجس بالنبع
من تحته وفصل في الذكرى بين كون النبع بقوة كالفوارة وكونه رشحا وسيجئ في تطهير القليل إن شاء الله ويلحق به أي الجاري في عدم الانفصال القليل منه
ماء الحمام وهو المختص به اختصاصا معهود الا بجميع انحاء الاختصاص والملابسة المسوغة للإخافة فلا عموم في الاختصاص وان عم الطرفان والمراد به
ما في حياضه المصروفة في الغسل المستمدة من المادة لصحيحة داود بن سرحان هو بمنزلة الجاري ورواية قرب الإسناد ماء الحمام لا ينجسه شئ لكن يجب تقييده
برواية بكر بن حبيب ماء الحمام لا بأس به إذا كانت له مادة وليس في سنده سوى ابن حبيب المرمى في المدارك بالجهالة لكن الظاهر أنه بكر بن محمد بن حبيب الذي ظاهر المحكي عن
النجاشي وصريح الخلاصة انه من علماء الإمامية وحكى ابن داود عن الكشي انه ثقة مع أن في الطريق صفوان ابن يحيى والمضمون مجبور بالعمل وموافق للرضوي
فينهض لتقييد الصحيحة وغيرها مع أن في تنزيله منزلة الجاري دون الكر إشارة إلى كونه مستمدا من مادة بل دلالة على احتياجه في الاعتصام إلى المادة
ومنه جميع ذلك يظهر اعتبار الاتصال بالمادة ثم مقتضى الاطلاق عدم اعتبار كرية المجموع ومن المادة والحوض فضلا عن خصوص المادة الا ان يمنع الاطلاق
لغلبة الكرية في المادة حتى في أواخر أوقات نزح الناس من الحياض الصغار وشبهه بمطلق الجاري لا يقتضى الغاء الكرية في مادته كما قيل لان الغالب
في الجاري أيضا يلوغه مع مادته كر أو لو فرض نقصان مادته عن الكر عند قرب انقطاعه خرج عن افراد المشبه به فتدبر هذا كله مع أن في رواية ابن أبي يعفور
ماء الحمام كماء النهر يطهر بعضه بعضا إشارة بل دلالة على أن العاصم له هي الكثرة لا مجرد المادة مضافا إلى عدم نهوض الاطلاقات المذكورة للخروج
بها عن قاعدة انفعال القليل بالملاقات وإن كانت التشبه بينهما عموما من وجه ويرجع في مثله إلى أصالة الطهارة وعموماتها الا ان التقييد في اخبار الحمام أقوى
لكون الاطلاق فيها أضعف وقد يذكر لها مرجحات لا يخفى على المصنف حالها نعم قد يقال بعدم التعارض في المقام بناء على اختصاص أدلة الانفعال
بصورة ورود النجاسة على المأمون مثل المقام وفيه ان الكلام في انفعال الموجود في الحوض الصغير بورود النجاسة عليه لا فيما يرد عليه ثم إنه لم يعلم
مصرح من الأصحاب بعدم اعتبار كرية المجموع وانما ينسب ذلك إلى اطلاقاتهم وما يظهر من الاستدلال الفاضلين بلزوم جرح الظاهر في كون الحكم رخصة
مع قيام مقتضى المنع ومن افراد الكل له عنوانا مستقلا خصوصا عقيب الجاري كما في المبسوط وغيره من أن له خصوصية على غيره ولا يكون الا بالغاء الكرية فيه ولكن
الاطلاقات كالاخبار منزلة على المتعارف والافراد بالعنوان المتابعة النص كما في افرادهم لكثير من افراد القواعد تبعا للنص الوارد فيها مع احتمال
الفرق بينه وبين غيره من الراكد بما سيجئ باعتبار الكرية في المادة ولا دلالة في الاستدلال بالجرح بعد تصريح المستدل باعتبار كرية المادة كالعلامة
8

في المنتهى نعم صرح المحقق قده بعدم اعتبار كرية المادة لكن لم يعلم منه عدم اعتبارها في المجموع فيمكن موافقته فيما لا يلزم منه مخالفة أدلة انفعال
القليل كما لو فرض عدما في الحياض مع المادة ماء واحد التساوي السطحين أو قلنا بأنه لا يعتبر في عدم انفعال الكر سوى اتصال الماء بعضه ببعض
إما مع كرية المادة فلا ضير في الخروج عن قاعدة الانفعال لو فرض القليل على ما في الحوض حتى حال اتصاله بالمادة على وجه لا يوجب الاتحاد
لأنه كالمتيقن من اطلاق النص والفتوى فان تقييده بصورة اتحاد المادة معه عرفا ليدخل المجموع تحت الكثير في غاية البعد ولعل هذه المزية هي الخصوصية
الداعية لافراد ماء الحمام عن الواقف والحاقه بالجاري وربما يخدشه ان ظاهر بعض كشارح الدروس على ما سيجئ في مسألة الكر الاتفاق على اعتصام القليل
بالعالي الكثير مطلقا فلم يختص بماء الحمام لكن يمكن منع الاجماع لان العلامة في التذكرة والمنتهى مع تصريحه باعتبار الكرية في مادة الحمام استشكل في الحاق غير ماء
الحمام به في الحكم والانصاف انه لم يعلم الاجماع على اعتصام الا سفل بالأعلى في غير ماء الحمام فيما لو كان وأراد غليه بميزاب وشبهه كما هو الغالب في مادة
الحمام ثم إن العلامة في السراير اعتبر زيادة المادة على الكر ولعله لاعتبار ذلك في تطهيرها للحوض الصغير عند تنجسه كما صرح به الشهيد والمحقق الثانيان والا فلم اعرف
وجها لاعتبارها في الاعتصام الا ان يؤل الكلام بإرادة الكر فما زاد كما في قوله تعالى وان كن نساء فوق اثنتين وفى الرضوي وكل غدير فيه من الماء أكثر من كر لم
ينجسه شئ ويشهد بذلك تعبيره بنظير ذلك في الجاري فراجع وطريق تطهير ما في الحوض لا يمتاز عن غيره إذ لا خصوصية هنا وما تخيل من استفادة
ذلك من قوله (ع) في الرواية السابقة ماء الحمام كماء النهر يطهر بعضه بعضا مع ما فيه ضعف الرواية سندا بالارسال وغيره ودلالة بظهورها في الدفع ان المطهر
للبعض النجس من النهر ليس مجرد وجود بعضه الأخر وانما هو امتزاجه به فليلتزم ذلك في ماء الحمام وهذه أيضا قرينة أخرى على إرادة الدفع حيث إن ظاهر الرواية
كون وجود البعض مطهرا فالتطهير هنا يراد به العصمة عن الانفعال كما أشرنا سابقا (ولو مازجه) أي الجاري بل مطلق الماء وانما ذكره في ذيل الجاري بمناسبة التغير
(طاهر فغيره) عن أحد أوصافه الثلاثة أو غيرها (أو تغير من قبل) نفسه (لم يخرج عن كونه مطهرا) ضرورة من العامة والخاصة (ما دام اطلاق الاسم عليه باقيا) بلا
خلاف منا وان أوهمه نسبة الحكم في الذكرى إلى الشهرة وعبارة المقنعة بل المبسوط الا ان ظاهر هما في غير مقام وصريح غيرهما عدم العبرة بالتغير ولذا ادعى في
الغنية والمنتهى وغيرهما الاجماع على المسألة لإناطة الحكم بالاسم فلا وجه لما حكى عن المشارق من الاشكال والاحتياط في التطهير بالمياه المغيرة ولعل وجهه
ظهور بعض الأخبار في المنع عن التوضي بما تغير ببول الدواب وللرضوي كل ماء مضاف أو مضاف إليه فلا يجوز التطهير به مثل ماء الورد ماء الرياحين والعصير و
الخل وماء الباقلا وماء الزعفران وماء الخلوق هو كرسول على ما قيل طيب مركب يتخذ من الزعفران وغيره من أوج الطيب والغالب عليه الصفرة والحمرة ومنه الحديث وتحشوها القابلة بالخلوق وغيره وما يشبهها وكل ذلك لا يجوز استعمالها الا الماء القراح أو التراب ومثل للمضاف في المبسوط أيضا بماء
الباقلي وماء الزعفران وماء الورد وماء الأس وماء الأشنان وأشباه ذلك حتى يكون الماء خالصا بما يغلب عليه وإن كان طاهرا انتهى لكن المسألة واضحة
في الغاية
(واما المحقون) وهو المحبوس وان سال لعارض (فما كان منه دون الكر) وزنا ومساحة (ينجس بملاقات النجاسة) والمتنجس على المشهور بل عن الشهيدين
والشيخ الاجماع عليه وربما يذكر في المقام اجماعات لا يدل على الاجماع في المسألة ولا حاجة إلى الكل بعد استفاضة الاخبار بل تواترها كما قيل و
قيل إنها تبلغ ثلاثمائة ولنذكر منها ما اتضح دلالته بحيث يستهجن تأويله منها قول الصادق (ع) في صحيحة ابن مسلم قال قلت له الغدير فيه ماء تجمع تبول فيه
الدواب وتلغ فيه الكلاب ويغتسل فيه الجنب قال إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ ورواية معاوية بن عمار في الصحيح أيضا دل بمفهومه بعد تخصيص المنطوق
بما عدا التغير على أن القليل ينجسه شئ سوى التغير ولا حاجة لنا إلى اثبات عموم الشئ لكفاية الايجاب الجزئي في المقام ومنها صحيحة إسماعيل بن جابر عن الماء
الذي لا ينجسه شئ قال كر قلت وما الكر الخبر وفى مصححة أخرى له عن الماء الذي لا ينجسه شئ قال ذراعان عمقه في ذراع وشبر سعته ويستفاد منها كون
انقسام الماء ما لا ينفعل والى ما ينفعل مركوزا في أذهان الرواة (ومنها) صحيحة البقباق الواردة في سؤر
الكلب قال (ع) انه رجس نجس لا يتوضأ بفضله واصب
ذلك الماء واغسل الاناء بالتراب أول مرة ثم بالماء وصحيحة علي بن جعفر في خنزير يشرب من اناء قال يغسل سبع مرات وصحيحة محمد بن مسلم عن الكلب يشرب
من الاناء قال اغسل الاناء وصحيحة البزنطي سئلت أبا الحسن (ع) عن الرجل يدخل يده في الاناء وهي قذرة قال يكف الاناء وصحيحة ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي
عبد الله (ع) عن الرجل الجنب يجعل الزكاة أو التور بالفتح والسكون انا صغير من صفر أو خزف يشرب منه ويتوضأ فيه فيدخل إصبعه فيه قال إن كانت قذرة فأهرقه وإن كان لم يصبها قذر فليغتسل منه هذا مما قال الله
عز وجل ما جعل عليكم في الدين من حرج هذا ما حضرني من الصحاح واما غيرها فأكثر من أن يحصى وسيجئ بعضها في معارضة اخبار عدم الانفعال
التي استدل بها للعماني والمحدث الكاشاني والشيخ المحدث الغتوني فقد استدل لهم مضافا إلى الأصل وعموم الرواية المشهور خلق الله الماء طهورا
لا ينجسه شئ الا ما غيراه باخبار كثيرة ظاهرة في عدم الانفعال منها حسنة محمد بن ميسر سئل أبا عبد الله (ع) عن الرجل الجنب ينتهى إلى الماء القليل في الطريق
بريدان يغتسل منه وليس معه اناء يغترف به ويداه قذرتان قال يضع يده ويتوضأ ويغتسل هذا مما قال الله عز وجل ما جعل عليكم في الدين من
حرج وفيه ان الاصطلاح الشرعي غير ثابت في لفظ القليل فغاية الامر كونه من الأخبار المطلقة القابلة للتقييد بالكر مع امكان دعوى ذلك في لفظ القذرة
كما قيل ويؤيد ان ادخال اليدين قبل غسلهما ولو لم يكونا نجسين مورد توهم المنع كما يستفاد من الاخبار الآتية والاستشهاد باية نفى الا حرج لا ينافي ذلك كما في صحيحة أبي بصير
المتقدمة ثم الاظهر منها في هذا المطلب ما عن قرب الإسناد وكتاب المسائل لعلي بن جعفر قال سئلت عن جنب أصاب يده جنابة فمسحه بخرقة ثم ادخل يده هل
9

يجزيه ان يغتسل من ذلك الماء قال إن وجد ماء غيره فلا يجزيه ان يغتسل وان لم يجد غيره أجزئه لكنهما معارضان في خصوص مورد هما بما دل من الأخبار المستفيضة
على عدم جواز الاغتسال إذا ادخل الجنب يده القذرة في الاناء مثل رواية شهاب بن عبد ربه عن أبي عبد الله (ع) عن الرجل الجنب يسهو فيغمس يده
في الاناء قبل ان يغسلهما قال لا باس إذا لم يكن أصاب يده شئ وموثقة سماعة إذا أدخلت يدلك في الاناء قبل ان يغسلها فلا باس الا ان يكون
أصابها قذر بول أو جنابة فان أدخلت يدك في الماء وفيها شئ من ذلك فأهرق ذلك الماء وموثقة سماعة إذا أصاب الرجل جنابة فادخل يديها
الاناء فلا باس إذا لم يكن أصابهما شئ من المنى وموثقته الأخرى وإن كان اصابته جنابة فادخل يده في الماء فلا باس به ان لم يكن أصاب يده شئ من المنى فان
أصاب يده شئ فإنه دخل في الماء قبل ان يفرغ على كفه فليهرق الماء إلى غير ذلك مما ورد في هذا المضي مثل روايتي زرارة في كيفية الوضوء والغسل حيث
اشترط في غس اليد في الماء طهارتها وأي فقيه يأخذ بظاهر حسنة ابن ميسرة ويحكم بعدم انفعال ماء الغسل بادخال اليد النجسة فيه ويطرح هذه الأخبار
مع كونها أكثر وأظهر ومنها رواية أبى مريم الأنصاري قال كنت مع أبي عبد الله (ع) في حايط له فحضرت الصلاة فنزح دلوا للوضوء من ركى له فخرج عليه
قطعة من عذرة يابسة وأكفأ رأسه وتوضأ بالباقي وظهورها في عدم الانفعال لا ينكر بناء على ظهور العذرة في عذرة الانسان أو مطلق غير
المأكول الا ان أحد لا يرض بتوضأ الإمام (ع) من هذا الماء مع ما علم من اهتمام الشارع في ماء الطهارة بما لا يهتم في غيره ومع ذلك فهى معارضة بما دل
على عدم التوضي بمثل هذا الماء ففي مرسلة علي بن حديد عن بعض أصحابه قال كنت مع أبي عبد الله (ع) في طريق مكة فصرنا إلى بئر فاستقى غلام أبى عبد الله (ع)
دلوا فخرج فيه فأرتان فقال له أبو عبد الله (ع) ارقه فاستقى آخر فخرج فيه فارة فقال أبو عبد الله (ع) ارقه فاستقى الثالث فلم يخرج فيه شئ قال صبه في الاناء
فصبه في الاناء الامر بالإراقة لا يكون الا مع النجاسة ومنها خبر زرارة عن أبي جعفر (ع) قلت له راوية من ماء فسقطت فيها فارة أو جرذ أو صعوة ميتة
قال إن تفسخ فيها فلا تشرب من مائها ولا تتوضأ وصبها وإن كان غير متفسخ فاشرب منه وتوضأ واطرح الميتة إذا أخرجتها طرية وكذلك الجرة وحب الماء
والقربة وأشباه ذلك من أوعية الماء وظهوره لا ينكر الا انه معارض بما هو أكثر وأظهر من المستفيضة مثل موثقة سعيد الأعرج قال سئلت أبا عبد الله (ع)
عن الجرة يسع مائة رطل من الماء يقع فيه أوقية من الدم أتوضأ منه واشرب قال لا وحمله على التغير يعلم بعده من نسبة الا وقية إلى مائة رطل وخبر أبي بصير
وما يبل الميل ينجس حبا من ماء وما ينجس من النبيذ ينجس حبا من ماء وخبر عمر بن حنظلة في المسكر وفيه لا قطرة قطرت منه في حب الا أهريق ذلك الحب و
رواية قرب الإسناد عن حب ماء يقع فيه أوقية بول هل يصلح شربه أو الوضوء قال لا يصلح وموثقة عمار عن الصادق (ع) في ماء شرب منه باز أو صقرا وعقاب
أو دجاجة فقال كل شئ من الطير يتوضأ بما يشرب منه الا ان ترى في منقاره دما وان رأيت في منقاره دما فلا تتوضأ منه ولا تشرب وما ورد في الإنائين المشتبهين من أنه
يهريقهما ويتمم إلى غير ذلك ولم اقف لهم على خبر خاص اخر نعم قد استدل لهم بما يعم القليل ولكن يخصصه عمومات طهارة الماء بما تقدم وغيره والله العالم
ثم إن في كيفية نجاسة مجموع الماء القليل بل جميع المايعات بملاقات النجاسة بعضه بخلاف غيرها من الجوامد الرطبة وجوها أحدها السراية من حيث الحكم
بان يلاقى الجزء الأول للنجس فينجس وينجس ملاقيه مما يليه وهكذا لان كل جزء ملاق بالفعل لما يليه فينجس جميع الأجزاء في زمان واحد لحصول
الملاقاة بينهما قيل نجاسة شئ منها ففي زمان الحكم بنجاسة الجزء الأول ينجس جميع ما عده الحصول الملاقاة بينه وبين الجزء الأول فلا يتوقف الحكم
بنجاسة كل جزء على أزيد من الحكم بنجاسة ما يلاقيه بينه وبين النجس ويبطل هذا الوجه مضافا إلى النقض عليه بما أجمع على عدم السراية كالثوب الرطب إذا لاقي
جزء منه النجاسة وكالدهن الجامد ونحوه مما لا يتعدى النجاسة إلى غير محلها وكالعالي من الماء المطلق إذا تنجس السافل منه ان ملاقاة كل جزء لما
يليه ممنوعة لاستحالة ذلك فان المتلاقي من الجزئين سطحاهما لا تمامهما ومن المعلوم عدم ملاقاة أحد السطحين الملاقى للنجس للسطح الأخر فلا وجه
لتنجسه حتى يتنجس به ما يلاقيه من سطح جزء اخر ودعوى ان نجاسة السطح الملاقى عبارة عن نجاسة الأجزاء اللطيفة من الماء لأن النجاسة تعرض
الجسم لا العرض ولا يفرض في نظر العرف لذلك الجزء سطحان حتى يختص بالتنجيس أحدهما وان أمكن ذلك واقعا بناء على بطلان الجزء الغير المتجزي رجوع
إلى حكم العرف تنجيس الجسم وان لم يلاقى النجاسة الا بعضه ولا حاجة معه إلى دعوى السراية من حيث التلاقي (الثاني) السراية من حيث نفس المتنجس فان الجزء الملاقى
للنجس يسرى بنفسه إلى ما حوله من الأجزاء كما يظهر للحس مع كون ذلك الجزء النجس ذا كيفية سريعة النفوذ كما للون أو الطعم وقد اعتنى الشارع
بهذه السراية وان دقت وخفيت ما لم يبلغ الماء كرا فإذا بلغه لم يعتن بها وان ظهر من غير جهة من الأوصاف الثلاثة كالحرارة والبرودة وهذا
أكثر نقضا من الوجه الأول لانتقاضه بالكر مع احساس السراية فيه وبما ذكر في الوجه السابق ويلزم عليه ان يكون انفعال مجموع الماء على
التدريج وان يتفاوت زمان السراية بالنسبة إلى المايع الرقيق والغليظ مع أن التدريج باطل اجماعا فضلا عن تفاوت المايعات في ذلك (الثالث) ان
يكون الوجه تعبد الشارع بذلك في المايعات دون غيرها فالساري إلى ما عدا الجزء الملاقى للنجس من الأجزاء النجاسة الشرعية لا غير وليس في الحقيقة
سراية وفى المصباح فالمتبع هو الدليل الشرعي المتبادر عرفا من الدليل الشرعي وهو قوله (ع) إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ ان ما دون الكر ينجسه شئ وينجسه
ظاهر في تنجس جميعه من غير فرق بين الجزء العالي منه والسافل والمساوي وكما أن المتبادر من نسبة التنجيس إلى النجاسة كون الواسطة هي مطلق الملاقاة
10

والاتصال من غير فرق بين وروده على النجاسة وورودها عليه كما أنه لا فرق بين النجاسات كما هو المستفاد من الروايات خصوصا مفهوم الصحاح إذا كان
الماء قدر كر لم ينجسه شئ والقول باهماله ضعيف في الغاية منشئه توهم كون كرية الماء علة لعدم تنجسه بجميع النجاسات لا لعدم تنجسه بكل فرد لكن ظاهر السياق
هو الثاني فانتفاء الكرية يوجب تنجسه بكل فرد لأن النفي عن كل فرد يفرض من النجاسة إذا استند إلى الكرية انتفى بانتفائها وليس هذا من قبيل إذ أصبحت زيدا
فلا تخف أحدا لقيام القرينة في المثال فكيف كان فقد خرج عن عموم قاعدة انفعال القليل بالملاقات مورد ان اجماعا وموارد على الخلاف فاحد الموردين ماء
الاستنجاء وسيجئ المشهور وثانيهما الجزء العالي من الماء إذا كان جاريا إلى السافل واستدل عليه في الروض بان سراية النجاسة إلى الاعلى غير معقول وفيه
مالا يخفى فالأولى التمسك بالاجماع كما ادعاه هو قدس سره وبعض متأخري المتأخرين كالعلامة الطباطبائي في مصابيحه وبعض أفاضل تلامذته في مقابيسه و
هو في الجملة مما لا ريب فيه الا ان الاشكال في تعيين مقدار العلو والسفل فان مسمى العلو المتوقف عليه الجريان لا يمنع عن السراية وكلمات الأصحاب
مطلقة والمتيقن من الاجماع صورة التسنيم وما تشبهه من التسريح وللتأمل في غير ذلك مجال والتمسك بالعموم أوضح وفاقا لظاهر كاشف الغطاء ره لصدق
وحدة الماء فيدخل في عموم تنجيسه ولذا لو كان الماء على هذه الهيئة كرا لم ينفعل شئ منه بالملاقات واما موارد الاختلاف فأحدها ماء الغسالة وسيأتي (الثاني)
ما ذكره الشيخ ره من عدم انفعال القليل بما لا يدركه الظرف من الدم ولعل المراد ما يحتاج ادراكه إلى دقة النظر وفى المبسوط ما لا يمكن التحرز منه مثل روس الإبر
من الدم وغيره فإنه معفو عنه لأنه لا يمكن التحرز عنه انتهى وتعليله بعدم تيسر الاحتراز كما ترى نعم قد بدل خصوص الدم مصححة علي بن جعفر عن أخيه (ع) في رجل
رعف فامتخط فصار الدم قطعا صغارا فأصاب انائه هل يصح الوضوء منه فقال إن لم يكن شئ شيئا يستبين في الماء فلا باس وإن كان شيئا بينا فلا تتوضأ منه ودلالتها
مبنيه على إرادة السايل إصابة الماء من الاناء تسمية باسم المحل لان إرادة خصوص الظرف لا يناسب السؤال نعم يحتمل ان يراد الأعم من الظرف والمظروف
فيكون وصول الدم إلى الأعم منها معلوما وشك في وصوله إلى خصوص الماء أو الاناء ومعنى الجواب انه إن كان الدم المفروض اصابته شيئا يستبين في الماء أي شيئا
معلوما فيه فلا باس فيكون الاستبانة في الماء كناية عن العلم بوصوله إليه لا صفة زائدة على العلم بالوصول ويقوى هذا الاحتمال على تقدير كون الشئ مرفوعا
كما في بعض النسخ هذا ولكن الانصاف ان الرواية أظهر في مطلب الشيخ مما احتملناه لكن الخروج بهذا المقدار عن الاخبار التي عرفت قليلا منها مشكل مع دعوى
الحلى الاجماع على خلافه (الثالث) ما نسب إلى السيد المرتضى قدس سره في الناصريات من عدم انفعال القليل الوارد على النجاسة نسبه إليه المحقق في المعتبر في مسألة إزالة.
الخبث بالمضاف نسب إلى الحلى في السرائر ناسبا له إلى فتاوى الأصحاب وهذه النسبة إليهما قد اشتهرت فلنذكر العبارة المحكية عن السيد ره في السراير قال الحلى في
باب إزالة النجاسات ان اصابه من الماء الذي يغسل به الاناء من الولوغ فإن كان من الغسلة الأولى وجب غسله وإن كان من الغسلة الثانية أو الثالثة فلا يجب
غسله ثم ذكر الخلاف في ذلك ثم قال وما اخترناه هو المذهب قال السيد المرتضى في الناصريات قال الناصر ولا فرق بين ورود الماء على النجاسة على الماء قال السيد
وهذه المسألة لا اعرف لها نصا لأصحابنا ولا قولا صريحا والشافعي يغرق بين ورود الماء عليها وورودها عليه فيعتبر القلتين في ورود النجاسة على الماء ولا يعتبر في
ورود الماء على النجاسة وخالفه ساير الفقهاء في هذه المسألة والذي يقوي في نفسي عاجلا إلى أن يقع التأمل فيه صحة ما ذهب إليه الشافعي والوجه فيه انا لو حكمنا
بنجاسة ماء القليل الوارد على النجاسة لادى ذلك إلى أن الثوب لا يطهر من النجاسة الا بايراد كر من الماء عليه وذلك يشق فدل على أن الماء الوارد على النجاسة
لا يعتبر فيه القلة والكثرة كما يعتبر فيما يرد عليه النجاسة قال محمد بن إدريس وما قوى في نفس السيد هو الصحيح المستمر على أصل المذهب وفتاوى الأصحاب
انتهى ولعل حكمه بنجاسة الماء في الأولى من غسلات الولوغ لامتزاجه بالتراب المتنجس ويمكن استظهار هذا القول من الشيخين أيضا قال في المقنعة بعد الحكم
بطهارة ما يرجع من ماء الوضوء إلى بدن المتوضى وثيابه وكذلك ما يقع على الأرض الطاهرة من الماء الذي يستنجى به ثم يرجع عليه لا يضره ولا ينجس شيئا من ثيابه و
بدنه الا ان يقع على نجاسة ظاهرة فيحملها في رجوعه فيجب غسل ما اصابه منه انتهى وقال في المبسوط لو كان على جسد المغتسل نجاسة أزالها ثم اغتسل فان خالف
واغتسل ارتفع حدث الجنابة وعليه ان يزيل النجاسة إن كان لم تزل بالاغتسال انتهى وهو مبنى على اشتراط طهارة ماء الغسل هذا ولكن الظاهر من السيد ره
في بعض كلماته المحكية عنه موافقه المشهور حيث حكى في السراير عنه في مسألة المستعمل في رفع الحدث الا صغر والأكبر انه يجوز ان يجمع الانسان وضوئه من الحدث أو
غسله عن الجنابة في اناء نظيف ويتوضأ به ويغتسل به مرة أخرى بعد أن لا يكون على بدنه شئ من النجاسة انتهى فان الظاهر أن تقييد الاناء بالنظيف لانفعال
الماء لو كان الاناء نجسا وكذا قوله بعد أن يكون بناءه على أن المراد خلو البدن عن النجاسة في الطهارة الأولى
لكن حيث كان المنقول عنه طهارة الغسالة فيمكن
ان يكون التقييد لأجل كون الغسالة لا ترفع الحدث على ما هو المشهور بل المجمع عليه وكذا الظاهر من الحلى في مواضع من كلامه نجاسة الماء الوارد على النجاسة (منها)
قوله في أول السراير والماء المستعمل في تطهير الأعضاء والبدن الذي لا نجاسة عليه إذا جمع في اناء نظيف كان طاهرا مطهرا سواء كان مستعملا في الطهارة الكبرى
أو الصغرى على الصحيح من المذهب انتهى واحتمال ان يكون قيد خلو البدن عن النجاسة ونظافة الاناء لكون الماء الوارد عنده غير مطهر وإن كان طاهرا خلاف
لظاهر كلماته لان المستفاد منه ان الماء الطاهر مطهر وهذا كله رد على الشيخ المانع من التطهير بالمستعمل في رفع الحدث الأكبر (ومنها) في مسألة ماء الاستنجاء وماء
الاغتسال من الجنابة فقال إنه متى انفصل ووقع على نجاسة ثم رجع إليه وجب ازالته (ومنها) انه قد ادعى الاجماع والاخبار على نجاسة غسالة الحمام مع أنها
11

غالبا من المياه الواردة على النجاسة ومنها انه رد القول تبعدي النجاسة عن ملاقي الميت إلى ما يلاقيه كما هو المشهور بأنه لو كان كذلك لزم نجاسة الماء
الذي يستعمله ماس الميت في غسل المس مع أن المستعمل في رفع الاحداث طاهر اجماعا واما ما حكى عن الشيخين فلا ظهور له في المطلوب لاحتمال ان يكون مراد المقنعة
من حمل الماء النجاسة تنجسه كما في قوله لم يحتمل خبثا لأحمله جزءا من النجاسة الظاهرة الشيخ فتحمل على الاغتسال فيما لا ينفعل واما كلام السيد قدس سره
فيحتمل اختصاصه بالغسالة كما يظهر من استدلاله المتقدم ولذا حكى عنه ذلك في التذكرة في ذلك المقام بل الظاهر الشهيد في الذكرى ان كلامه وكلام الحلى كلاهما في الغسالة
قال والعجب خلو كلام أكثر القدماء عن حكم الغسالة مع عموم البلوى بها واعترف المرتضى (ره) بعدم النص على الفرق بين ورود الماء على النجاسة وعكسه وقواه
فحكم بعدم نجاسة الماء الوارد والا لما طهر المحل ويلزمه ان لا ينجس بخروجه بطريق أولي وفهم الفاضلان منه ذلك وتبعه الحلى انتهى وعلى أي تقدير فالقول بالفرق
في الانفعال بين الورودين ضعيف مخالف للمشهور بل للكل بناء على عموم الاجماعات المنقولة على نجاسة القليل بملاقات النجاسة ومخالطتها ودعوى عدم
شمولها لورود الماء على النجاسة كدعوى العكس في بداهة الفساد ولذا لا يتأمل أحد في شمول ما دل على النجاسة المضاف بالملاقات لوروده على النجاسة أو
ورودها أو تواردها من ميزابين ونحوهما ويشهد لذلك جعله ماء الاستنجاء وماء الغسالة من مستثنيات هذه الكلية فقال في الذكرى استثنى الأصحاب
من انفعال ماء القليل ثلاثة مواضع ومما ذكرنا يطهر انه لا تأمل في عموم المفهوم في قوله (ع) إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ لما نحن فيه بعد البناء على أن
المستفاد من نسبة التنجيس إلى النجاسة كون ذلك باعتبار ملاقاتها وقد يتوهم ان شموله له لما نحن فيه يستفاد من عموم الشئ في المفهوم فيمنع عمومه
لكونها نكرة في سياق الاثبات وقد يذب عن ذلك بعد تسليم المنع بعموم لفظ الماء وفي كليهما نظر لان الورود من الأحوال لكل من الماء والشئ بالنسبة إلى
الأجزاء لا من افرادهما وإذا كان نسبة التنجيس إلى الشئ يستفاد منها عرفا أو لا فسال أهل المتشرعة بكيفية تنجس النجاسات لما عد الماء من المايعات والجوامد
الرطبة كون هذا التأثير لأجل مجرد وصولها إليه لم يفرقوا بين كيفيات الوصول والحاصل ان مجرد الخلاف في المسألة الشرعية لا يوجب الوهن في المحكمات
العرفية فإذا فرضنا حدوث الخلاف في انفعال الماء بالنجاسة إذا تواردا من ميزابين فلا يوجب ذلك تزلزلا في فهم العموم من أدلة الملاقاة هذا كله مضافا
إلى الاجماعات المستفيضة كالاخبار على ما هو الظاهر في المطلوب فان الحلى ادعى الاجماع والاخبار للمعتمدة على نجاسة غسالة الحمام مع أنها تجتمع غالبا من المياه
الواردة على النجاسات كما لا يخفى وقد ادعى المحقق ره في مسألة غسل مس الميت الاجماع على نجاسة الماء الذي يغتسل به الجنب إذا كان قبل غسل موضع النجاسة
وكذلك غيره من ذوي الاحداث وادعى العلامة (ره) في السراير والمنتهى في مسألة الماء المستعمل في رفع الاحداث الكبيرة الاجماع على نجاسة إذا كان على بدن
المغتسل نجاسة ومنها عدم الخلاف في أن الماء القليل الوارد على الماء المتنجس لا يطهره فلو لم ينفعل لطهره كما يطهره الكثير لان دليل تطهير الكثير جار
في القليل المصباح وربما اعتذر بعض الفحول عن هذا وشبهه بان القايل بعدم الانفعال لا يقول به مع استقرار الماء على النجاسة وفيه مع أن الحلى بنى طهارة
غسالة الولوغ على هذا مع استقرار الماء في الاناء انه ان أريد الاستقرار في الجملة فهو حاصل في كل غسالة وان أريد دائما فلا محصل له واما الاخبار فكثيرة
جدا (منها) ما ورد في النهى عن غسالة الحمام معللا باغتسال اليهودي والنصراني وان صب فيه ومنها مفهوم ما دل على اشتراط طهارة ماء المطر الواقع
على النجاسة بالجريان (ومنها) رواية علي بن جعفر عن أخيه (ع) عن الكنيف يصب فيه الماء فينضح على الثياب قال إن كان جافا فلا باس فان الظاهران اشتراط الجفاف
لحصول العلم بالنجاسة مع الرطوبة غالبا (ومنها) ما دل على وجوب تطهير اناء الخمر في جواز جعل الماء فيه فلو لم ينفعل الماء لم يشترط تطهيره (ومنها)
ما سيأتي في نجاسة الغسالة (ومنها) خبر الأحول الدال على عمد الباس بماء الاستنجاء معللا بان الماء أكثر من القذر فان العلة على هذا القول ورود الماء على
النجاسة وبالجملة فأظن هذا القول أضعف من قول العماني وان قال به أو مال النية جماعة من متأخري المتأخرين والله العالم (ويطهر) الماء القليل إذا انفعل
(بالقاء كر) عليه مزيل لتغيره إن كان متغيرا (دفعة) عرفية إما اعتبار الكرية فموضع وفاني لان ما دونه ينفعل بالملاقات وإن كان واردا على ما تقدم لكن
لا يعلم أن القايل بعدم انفعال القليل مطلقا بالملاقات قايل بطهارة الماء القليل الواقع فيه ماء متنجس امتزج معه مع بقاء النجس على نجاسة أو يحكم بطهارته
بالامتزاج أو بمجرد الاتصال على الخلاف أو بنجاسة الجميع لا للملاقات بل لاشتمال كل جزء منه على جزء نجس بناء على منع بطلان تبعض ماء واحد في الطهارة والنجاسة
ولكل وجه ضعيف والمحكى عن فخر الاسلام في شرح الارشاد تفريع الوجه الثاني على مذهبهم حيث قال بعد حكايته ويتفرع على ذلك أنه لو تغير بعض أقل من
الكر ثم زال التغير من قبل نفسه طهر عند العماني ومن وافقه انتهى وظاهر اكتفاء العماني باتصال النجس بالقليل الطاهر وان لم يمتزج به واما القاء الكر فالجمود
على ظاهره كما فعله بعضهم يقتضى علو المطهر فلا يطهر الماء النجس بالقائه في الكر ولا بوصله بكر طاهر ومساله مع أن الطهارة في الصورتين في الجملة اجماعية مع أنه
لا دليل على اعتبار العلو وبل لا المساواة لان المعيار في التطهير ملاقاة الماء المعتصم للماء النجس على وجه لا ينفعل المعتصم ولا يمكن الحكم بمغائرته مع ما لاقي في
الطهارة والنجاسة فان تطهر المتنجس المصباح قطعي ومن المعلوم ان مجرد علو سطح المعتصم على سطح الماء النجس في زمان متصل بزمان الملاقاة لا مدخل له في
المقدمات المذكورة وان أريد العلو أو التساوي حين الملاقاة فهو حاصل على كل تقدير بناء على المختار من الامتزاج واما على القول بكفاية مجرد الاتصال
فلاعتبار أحد الامرين وجه من حيث إن مناط عدم اختلاف الماء المعتصم والماء المتنجس في الطهارة والنجاسة هو الاتحاد وهو لا يصدق مع كون المعتصم
12

سافلا لان السافل لا يدفع النجاسة عن العالي فهو أولي بان لا يرفع عنه واما مع علو المطهر فلو فرض عدم الاتحاد لم يقدح لان الرفع بالعالي كالدفع اتفاقي
لأنه أولي من المساواة لكن من عرف منه القول بعدم تقوى السافل بالعالي ظاهره اعتبار الامتزاج وقد عرفت انه لا فرق على الامتزاج بين علو المطهر وعكسه
ومن هنا علم أن نسبة شارح اللمعتين هذا القول إلى كل من عبر بالقاء كر وايراده محل نظر لان جماعة من المعبرين بالالقاء والايراد كالشيخ والمحقق والعلامة في التذكرة
والشهيد في الذكرى يعتبرون الامتزاج ومعه لا وجه لاعتبار العلو أو التساوي فاعتباره لا وجه له وبالجملة فاعتبار أحد الامرين انما يتجه على قول من اكتفى
في التطهير بمجرد الاتصال الموجب الاتحاد مع منعه من اتحاد السافل بالعالي إما القايل بالامتزاج أو القايل بحصول الاتحاد ولو مع السفل أو القايل بكفاية
مجرد الاتصال في التطهير وان لم يحصل الاتحاد فلا محصل عندهم لهذا الشرط ثم إن الشيخ قدس سره في المبسوط ذكر انه لا فرق في طهارة الماء المتنجس بوصول كر
إليه بين كونه نابعا من تحته أو يجرى إليه أو تغلب فيه فإنه إذا بلغ ذلك مقدار الكر طهر النجس انتهى ورد في الخلاف على الشافعي القابل بكفاية النبع بان الطهارة بالنبع
حكم مختص بالبئر وحصر التطهير بايراد كر عليه وفى المعتبر ان هذا أشبه بالمذهب لان النابع ينجس بملاقات النجاسة وان أراد بالنابع ما يوصل إليه من تحته لا ان
يكون نبعا من الأرض فهو صواب انتهى وفى المنتهى بعد نقل ما في المبسوط فان أراد بالنابع ما يكون نبعا من الأرض ففيه اشكال من حيث إنه ينجس بالملاقات فلا
يكون مطهر أو ان أراد ما يوصل إليه من تحته فهو حتى انتهى وفى الذكرى ولو نبع الكثير من تحته كالفوارة فامتزج طهره واما لو كان رشحا فلا لعدم الكثرة
الفعلية انتهى وهذه الكلمات كلها كما ترى أجنبيته عن حديث علو المطهر بل ما عد الكلام الشهيد ناظر إلى نجاسة النابع وكلام الشهيد ناظر إلى عدم حصول
استهلاك الموجب للتطهير والذي أظن أن التعبير بالالقاء والورود والوقوع انما وقع لفرض كون المطهر ماء خارجيا على ما هو الغالب في تطهير المياه القليلة
الباقية في الحياض المنفعلة بالملاقات ويشهد له مضاف إلى اتفاقهم على كفاية المساواة دعوى العلامة (ره) في المنتهى الاتفاق على أن تطهير النجس بالقاء كر عليه
مع حكمه بكفاية مجرد الاتصال قال في المنتهى في مسألة الغديرين لو كان أحدهما نجسا فوصل بغدير بالغ كرا قال بعضا الأصحاب الأولى بقاؤه على النجاسة و
ذكر دليله إلى أن قال عندي فيه نظر لان الاتفاق واقع على أن تطهير ما ينقص عن الكر بالقاء كر عليه ولا شك ان المداخلة ممتنعة فالمعتبر إذا الاتصال الموجود
هنا فان الجمع بين دعويه وحكمه لا يمكن الا بان يراد من الالقاء في معقد الاتفاق مجرد الاتصال أو يراد به خصوص صورة العلو لكن يكون مراده الاتفاق على
التطهير به لا انحصار المطهر فيه أو يراد الانحصار ويكون واردا في الفروض الغالبة من تطهير المياه القليلة المنفعلة في الحياض فإنه الذي يعم به البلوى واما
اعتبار الدفعة فقد نسب في الروضة إلى المشهور والمراد بها يحتمل ان يكون ما يقابل الدفعات بان يلقى عليه الماء القليل دفعات إلى أن تبلغ المجموع كرا وان يراد
به ما يقابل وقوع الكر المتصل الواحد فيه تدريجا كما لو فرض علو سطح الكر يسيرا وان يراد منه عدم انقطاع الكر إلى أن يقع بتمامه فيه وإن كان تدريجا
فلو قطع الكر بعد ارساله ثم ارسل لم يحصل التطهير إما الدفعة بالمعنى الأول فلا اشكال ولا كلام في اعتبارها على القول بنجاسة القليل وعلى غيره أيضا
مع أن اعتبار الكرية في الملقى يعنى عن اعتبارها بهذا المعنى مع تصريح بعضهم بما ينافي هذا المعنى واما بالمعنى الثاني فقد حكى عن جماعة اعتبارها ولم يعلم
منهم تصريح بوجه الاعتبار فيحتمل ان يكون ذلك لأجل تحصيل الامتزاج فان الوقوع دفعة يوجب ذلك غالبا بل دائما ولذا اقتصر عليها القائلون بالامتزاج
كالمحقق في الشرايع والعلامة في التذكرة والشهيد في الدروس وذكر جمال المحققين في حاشية الروضة ان في صورة القاء الكر دفعة يتحقق الممازجة وانما الخلاف في
اشتراط الممازجة فيما لم يلق دفعة وعلى هذا فبين الدفعة وعلو المطهر عموم من وجه لكن مع المقاصد مع قوله بعدم اعتبار الامتزاج قال بالدفعة وزاد دعوى
النص وفتوى الأصحاب بها ويحتمل ان يكون اعتبار ذلك مختصا بصورة الالقاء فالغديران المواصلان يطهر الكثير منهما المتنجس منهما فحيث عبر العلماء بالالقاء
اعتبروا الدفعة تحرزا عن اختلاف سطح المطهر فينفعل السافل منه بالملاقات ولا يتقوى الجزء العالي منه وهذا المحذور غير لازم مع عدم الالقاء كما في صورة
المساواة ويشهد لهذا الوجه ان مع المقاصد بعد ذكره قول الشهيد (ره) بان القليل يطهر بالقاء كر متصل عليه قال إنه ان لم يشترط الدفعة وفيه تسامح لان
وصول أول جزء منه إلى النجس يقتضى نقصانه عن الكر فلا يطهر انتهى ولا يخفى ان الملازمة المذكورة لا يتم الابعد القول بعدم تقوى السافل بالعالي
ويشهد له أيضا ما ذكره شارح اللمعتين من التعجب ممن جمع بين القول باعتبار الدفعة والقول بالممازجة كالفاضل في التذكرة فإنه انما اعتبر الدفعة لئلا يزول
وحدة الكر باختلاف سطوحه مع أن اختلاف السطوح لازم مع الممازجة ولا يفرق العقل بين الاختلاف الحاصل بالماء والحاصل في الهواء انتهى لكن
ينبغي على هذا ان لا يعتبر الدفعة فيما إذا زاد الملقى على بحيث يبقى منه في العالي مقدار بعد نزول شئ منه إلى الماء النجس لان السافل متقو بالعال
إذا كان العالي كرا كما سيجئ دعوى عدم الخلاف فيه وإن كان للتأمل فيها بل للمنع مجال والمصباح فما ذكره مع المقاصد من مسامحة في كلام الذكرى راجع إلى الاكتفاء
بالاتصال مع عدم اعتبار الزيادة على الكر ويحتمل ان يكون الوجه فيه ما ذكره مع المقاصد من ورود النص بالدفعة وتصريح الأصحاب بها ويحتمل ان يكون
الوجه فيه استصحاب النجاسة ولزوم الاحتياط في ازالتها بعد ذهبا جماعة إلى الدفعة كما اعتمده جمال الدين في حاشية الروضة والذي يقتضيه
التأمل في الأدلة ان اعتبار الدفعة بذلك المعنى إن كان لتحصيل الامتزاج فلا كلام فيه بناء على ما سنختاره من اعتباره الا ان الملازمة بين الدفعة والامتزاج غير
ظاهرة وإن كان الوجه فيه اختلاف سطح الماء عند نزول شئ منه إلى النجس ففيه منع عدم تقوى السافل بالعالي
في هذه الصورة لحكم العرف باتحاد
13

الماء وإن كان ربما يقوى العدم فيما كان كل من السافل والعالي ماء مستقلا فوصل بينهما واما الماء الواحد الملقى على النجس فلا يخرج عن الاتحاد
بمجرد نزول بعض اجزائه واما ما اورده شارح اللمعتين على العلامة (ره) من النقض بحصول اختلاف السطح للماء عند الامتزاج ففيه ان ذلك غير
معلوم الأصل عدمه مع أن التطهير بالامتزاج اجماعي فلا باس بخروجه عن مسألة اشتراط تساوى سطوح الكر مع أن الامتزاج يحصل في أول
زمان الالقاء دفعة بين الكر الملقى وبين مقدار كثير من الماء النجس فيطهر ويزيد المطهر عن الكر بكثير وإن كان الوجه فيه ما ادعاه مع المقاصد من النص و
تصريح الأصحاب فاعترف غير واحد بعد العثور عليه ولا على من ادعاه واما الأصحاب فلم يصرح بها منهم الا المحقق والعلامة والشهيد قدس الله اسرارهم
في الشرايع والتذكرة والدروس ونقضه في المدارك بتصريح العلامة في المنتهى والسراير بطهارة النجس من الغديرين باتصاله بالطاهر الكثير منهما ويمكن ان يقال كما تقدم باختصاص
اعتبار الدفعة بصورة الالقاء والا فقد صرح الشيخ في المبسوط والمحقق والعلامة بطهارة القليل باتصال الماء الكثير إليه من تحته كما عرفت سابقا وصرح
في الذكرى بطهارة القليل بنبع الكثير من تحته إذا كان بقوة كالفوارة ويشهد أيضا لما ذكرنا اعتراف مع المقاصد بالطهارة بفوران الجاري من تحت القليل
وبالجملة فلا ارى للنقص المذكور موقعا واما ما ذكره جمال المحققين من اعتبار الدفعة للاجماع على طهارة معها والشك بدونها ففيه ان ذلك مسلم
مع حصول الممازجة واما بدونها فلا اجماع على الطهارة معها وإن كان ربما يتخيل ذلك ويقال ان الخلاف في اعتبار الامتزاج مع عدم الدفعة لا معها
لكنه فاسد هذا ولصاحب (لم) هنا كلام لا باس بنقله وهو انه لا يخلو إما ان يشترط في عدم انفعال الكر استواء السطوح أم لا وعلى الثاني فاما ان يشترط في التطهير
الامتزاج أولا وعلى تقدير عدم الاشتراط إما ان يكون النجاسة لحصول التغير أولا فهنا صور أربع الأولى ان يعتبر في عدم انفعال الكر استواء السطوح
والمتجه المصباح اشترط الدفعة في الالقاء لان وقوعه تدريجا يقتضى خروجه عن المساواة فينفصل الأجزاء التي يصيبها النجس وينقص الطاهر عن
الكر أو قل هذا انما يصح فيما لم يبق من الملقى مقدار الكر بعد نزول بعضه إلى الماء النجس والا فعلى القول بعدم اشتراط الامتزاج يحصل الطهارة بمجرد
الاتصال فلا ينفعل بعده شئ بالنزول مع أنه قد نفرض تمام الكر الملقى كعمود في الهواء اتصل بعضه بالنجس ولا مجال للحكم بانفعال بعضه المتصل للقطع باتحاد
الماء في هذا الفرض وعدم قدح علو بعض اجزائه بقيامه على بعض اخر قال الصورة الثانية ان يهمل اعتبار المساواة لكن يشترط الامتزاج والوجه المصباح عدم اعتبار
الدفعة بل ما يحصل به ممازجة الطاهر النجس واستهلاكه له حتى لو فرض حصول ذلك قبل القاء تمام الكر لم يحتج إلى الباقي أقول ما ذكره في غاية الجودة
وهو الذي اخترناه وسنختاره قال الصورة الثالثة ان لا يشترط الممازجة ولا يعتبر المساواة ويكون نجاسة الماء بمجرد الملاقاة والمتجه المصباح الاكتفاء بمجرد الاتصال
فإذا حصل بأقل مسماه كفى ولا يحتاج إلى الزايد (الرابعة) الصورة بحالها ولكن النجاسة التغير والمعتبر المصباح اندفاع التغير كما في صورة اشتراط الامتزاج ومع فرض
تمايز التغير في بعض الأجزاء يتعين الدفعة وما جرى مجراها انتهى واما الدفعة بالمعنى الثالث فان أريد اعتبارها في التطهير مطلقا فلا وجه لاعتبارها
لا على القول باشتراط الامتزاج كما تقدم التصريح به عن صاحب لم؟ وسيجئ اختياره والتصريح بخلافه عن كاشف اللثام ولا على القول بكفاية
الاتصال كما اعترف به كاشف اللثام وقد تقدم كفاية تواصل الغديرين من العلامة (ره) وغيره إذا بعد الحكم بطهارة النجس بالاتصال لا فرق بين بقائها
على الاتصال أو انقطاعها وان أريد اعتبارها في صورة إرادة التطهير بالالقاء فله وجه للحذر عن اختلاف سطوح الكر إذا انقطع بعضه عن بعض
لكن هذا من لوازم الدفعة بالمعنى الثاني ثم إن العلامة (ره) في التذكرة في (الكريه هنا بناء على انفعال النابع القليل بملاقات النجاسة أو انتفاء وقوع
الكر بناء على اشتراط علو المطهر أو انتفاء الدفعة والأظهر بناء) في قول الشافعي بطهارة النجس بالنبع من تحته ورده بان نشترط في المطهر وقوع كر دفعة ولم
يعلم أن مراده انتفاء على مذهبه هو الأول ولذا ذكر في المنتهى في رد هذا القول تبعا للمعتبر ان النابع ينجس بملاقات النجاسة هذا واما اعتبار الامتزاج فيظهر من
أكثر من تعرض لهذه المسألة كالشيخ في الخلاف والمحقق في المعتبر والعلامة في التذكرة والشهيد في الذكرى قال في الخلاف في الاستدلال على الكثير المتنجس بالتغير بان يرد عليه من
الكثير ما يزيل تغيره ان البالغ الوارد لو وقع فيه عين النجاسة لم ينجس والماء المتنجس ليس بأكثر من عين النجاسة ثم ذكر في القليل النجس انه لا يطهر الا بورود كر عليه لما ذكرنا
من الدليل انتهى ولا ريب ان تمسكه بأولوية المتنجس بالطهارة من عين النجاسة لا يصح الا مع امتزاجه بالكر واستهلاكه إذ مع الامتياز لا يطهر عن النجاسة
حتى يقاس المتنجس عليه وفى المعتبر استدل على طهارة القليل النجس بورود كر من الماء عليه بان الوارد لا يقبل النجاسة والنجس مستهلك انتهى وهو
كالصريح في الاعتبار الامتزاج وقال أيضا لو نقص الغدير عن كر فوصل بغدير اخر فيه كر ففي طهارته تردد والأشبه بقائه على النجاسة لأنه ممتاز عن
الطاهر والنجس لو غلب الطاهر ينجسه مع ممازجة فكيف مع مباينته انتهى وفى التذكرة في المسألة المذكورة ان الأقرب بقائه على النجاسة مع الاتصال و
انتقاله إلى الطهارة مع الممازجة لان النجس لو غلب الطاهر ينجس فمع التميز يبقى على حاله وفى الذكرى ويطهر يعنى القليل بمطهر الكثير ممازجا فلو وصل
بكر يماسه لم يطهر وقال أيضا لو نبع الكثير من تحته كالفوارة فامتزج طهره لصيرورتهما ماء واحدا إما لو كان رشحا لم يطهر لعدم الكثرة الفعلية
ومراده من الكثرة الفعلية ما يحصل به الامتزاج لا بلوغ الكرية إذ لا يعتبر عنده الكرية في النابع ولو فرض النابع في كلامه بئرا أو كونه قائلا بانفعال مطلق
النابع القليل كان اللازم تعليل الحكم بنجاسة النابع بالملاقات كما في المعتبر والمنتهى وقد تقدم كلاهما وهذا القول ظاهر كل من ذكر في الجاري المتغير انه
يطهر بتدافع الماء من المادة وتكاثرها حتى يزول التغير كما في المقنعة والمبسوط والسراير والوسيلة فان اعتبار زوال التغير بالتدافع والتكاثر
14

لا يكون الا لاعتبار الامتزاج إذ لو كفى الاتصال كان التطهير بمجرد زوال التغير كما في اللمعة والجعفرية ولذا جعل المحقق الثاني في مع المقاصد تعبير القواعد
بالعبارة المذكورة منيبا على اعتبار الامتزاج ومما ذكرنا ظهر ان ما في شرح الروضة من أنه لم يعرف القول بالامتزاج من قبل المحقق في المعتبر لا
يخرج عن نظر هذا ولكن يمكن دعوى استقرار فتوى الأكثر على خلاف ذلك لان ظاهر الشيخ في المبسوط والمحقق في الشرايع وصريح العلامة في السراير والشهيد في اللمعة الرجوع
عما في كتبهم السابقة والاكتفاء بمجرد الاتصال كصريح المحقق والشهيد الثاني وأكثر من تأخر عنهم واما من عبر تطهير الجاري بالتدافع والتكاثر فيمكن
حمله على ما هو الغالب من زوال تغير الجاري بذلك ومن المعلوم ان زوال تغير الجاري بالتدافع أغلب وأسهل وأسرع فذكره لذلك لا لاعتباره في
التطهير ولذا عبر به من صرح بعدم اعتبار الممازجة كما في الموجز بل صرح به جماعة ممن يرى طهارة الماء بالاتمام كرا فان لازمه كما ذكره الفاضلان طهارة
الكثير المتغير جاريا أو راكدا من دون اعتبار اتصاله بماء معتصم فضلا عن امتزاجه به وكيف كان فالأقوى هو اعتبار الامتزاج لأصالة النجاسة وعدم
الدليل على الطهارة الا بالممازجة لضعف ما تمسك به على الطهارة بدونه إما الطهارة مع الامتزاج فيدل عليه وجوه الأول الاجماع كما ادعى الثاني
ان الكر إذا فرض عدم قبوله للانفعال بالملاقات وامتزج مع المتنجس فان طهره فهو المطلوب والا فان تنجس به لزم خلاف الفرض وان اختص بالطهارة
لزم تعدد حكم المائين الممتزج أحدهما بالآخر بل يلزم عدم جواز استعمال الكر فيما يشترط فيه الطهارة لاشتمال كل جزء منه على جزء من المتنجس فهذا
حقيقة في معنى انفعاله إذ لا يجوز شربه ولا التوضي عنه ولا تطهير الثوب به نعم لو فرضنا ان جبنا ارتمس في الحوض المذكور فقد يقال بارتفاع
حدثه وان صار بدنه متنجسا الا ان يقال إن هذا مانع عرضي عن الانتفاع بالكر في الشرب والوضوء والتطهير فلا ينافي اعتصامه في ذاته نظير ما إذا وضع
فيه اجزاء لطيفة من نجس العين ولم تستهلك (الثالث) ما تقدم عن الخلاف من فحوى ما دل على طهارة نجس العين بالاستهلاك مثل ما دل على أنه لا باس
بما يقع من البول في الكر إذا لم يبلع في الكثرة حد التغير الرابع إذ وقوع النجاسة العينية في الكر يستلزم تغير ما اكتفها من اجزاء الماء فينجس وقد
حكم الشارع بنفي الباس عن ذلك وليس الا لامتزاجه ينافي اجزاء الكر فدل على حصول الطهارة بالامتزاج وكيف كان فلا اشكال في الحكم المذكور
لكن الاشكال في أنه هل يعتبر استهلاك المتنجس في الطاهر على الوجه المعتبر في تطهير المضاف أو يكفي مطلق الامتزاج بحيث لو فرض للنجس لون مغاير للماء الطاهر
ولو ضعيفا لزال فيطهر كروا حدا كرارا متعددة إذا امتزج ولو استهلك فيها وعلى الأول فلا يطهرها الا إذا استهلكها جزءا فجزء أو جهان من الأصل
والمتيقن الطهارة بالاستهلاك لظهور كلمات من تقدم من القائلين بالامتزاج في الاستهلاك واختصاص الأدلة المتقدمة بهذه الصورة ومن أن
ملاحظة كلمات القائلين بالامتزاج في مقام اخر تقضى بعدم اعتبار الاستهلاك بالمعنى المتقدم لا نهم ذكروا في الجاري المتنجس انه يطهر بتكاثر الماء من
المادة عليه حتى يزول تغيره ومن المعلوم ان زوال اخر مراتب التغير يحصل بقليل من الماء الجاري مستهلك في جنب الماء النجس ولم يقل أحد منهم باعتبار ما
زاد على ما يزيل التغير فإذا ما اكتفى في المتغير بمجرد الامتزاج المزيل المتغير اكتفى به في غيره لاتحاد الدليل الذي استدلوا به للطهارة في المقامين فان الفاضلين
(ره) عبرا في المتغير أيضا بالاستهلاك فيعلم ارادتهم منه مجرد الامتزاج وفى التذكرة وفى طهارة الكثير المتغير بوقوع كر في أحد جوانبه بحيث علم عدم
شياعه فيه تردد انتهى فان مفهومه عدم التأمل في الطهارة مع العلم بالشياع والمفروض في كلامه كون الكر أقل بمراتب من الكثير المتغير واما الفحوى
التي تمسك بها الشيخ (ره) في الخلاف فهى وان لم تستقم الا بإرادة الغلبة الا ان حكمه في عنوان المسألة بطهارة الكثير المتغير بالكر فما زاد زال به التغير ظاهر أيضا
بل صريح في كفاية كر لتطهير كر متغير إذا زال تغيره ومن المعلوم ان أحد المتساويين في المقدار لا يستهلك الأخر فلا بد من توجيه دليله بان المراد
من الاستهلاك هو الامتزاج الموجب لعدم تمايز اجزاء كل منهما وهذا المعنى مطهر لعين النجاسة وللماء المتنجس ومما يشهد على إرادة هذا المعنى انه
استدل في المنتهى على طهارة المضاف بالقاء الكر عليه بما حاصله ان الكر لا ينفعل مع عدم استهلاك النجاسة له ولا يمكن الإشارة إلى عين نجسة فوجب
الجزم بطهارة الجميع فعبر عن مناط الطهارة بعدم تمايز الأجزاء واما الشهيد فظاهره وإن كان اعتباره الكثرة الفعلية الا ان هذا الكلام منه معارض
بما هو كالصريح في عدم اعتبار الاستهلاك بمعنى الغلبة فإنه قال (ره) بعد ذلك لو غمس الكوز بمائه النجس في الكثير الطاهر طهر مع الامتزاج ولا يكفي
المماسة ولا اعتبار بسعة الرأس وضيقه ولا يشترط أكثرية الطاهر نعم يشترط المكث ليتحقق الامتزاج انتهى وقال أيضا قبل ذلك فيما لو تغير بعض الكثير
الراكد انه يطهر بتموجه ان بقى كر فصاعدا غير متغير والا فبالقاء كر متصل فكر حتى يزول التغير ثم قال ولو قدر بقاء الكر الطاهر متميزا وزوال التغير.
بتقوية بالناقص عن الكر اجزاء انتهى فان ظاهر هذه الفقرة الأخيرة كفاية مقدار قليل من الماء مزيل التغير المتغير وإن كان كثيرا مع اعتصام ذلك القليل
بالكر الباقي غير متغير ولو كان هذا القليل ملقى من الخارج والحاصل انه لم يعلم فتوى أحد من الأصحاب باعتبار الاستهلاك بمعنى الغلبة ومن هنا
صح للمحقق الثاني عند الاستدلال على كفاية مطلق الاتصال دعوى الاجماع على أنه لا يعتبر في المطهر وراء الامتزاج شئ وللفاضل المقداد الشهيد
الثاني في الروضة دعوى الاجماع على طهارة الماء المتنجس بماء المطر مع أنه لا يستهلكه غالبا ولشارح الروضة دعوى الاجماع في غير موضع من كلامه على أن الكر
الواحد يطهر أكرارا كثيرة ومن ذلك ظهر ما فهمه صاحب الحدائق في ظاهر كلامه من إرادة القائلين بالامتزاج الاستهلاك حيث قال في موضع ان مما يعلم به
15

عدم الامتزاج بقاء ماء الكوز النجس على وصفه السابق إن كان كذلك كعذوبته مع ملوحة المطهر وحرارته مع برودة المطهر أو بالعكس فيها انتهى ولا
يخفى ان مجرد بقاء الصفة قد تجتمع مع استهلاك المضاف النجس في المطلق مع ما عرفت ان أحدا من أهل الامتزاج لم يظهر منه اعتبار الامتزاج المعتبر في
تطهير المضاف فضلا عن المطلق ومما يدل على ذلك ما ذكرنا في الوجه الرابع من أدلة الامتزاج فان زوال تغير الأجزاء المكتنفة بالنجاسة الواقعة
في الكثير يحصل باختلاطه بقليل مما يتحرك إليه من أطرافه هذا مضافا إلى قوله (ع) في مرسلة الكاهلي كل
شئ يراه ماء المطر فقد طهر فان الرؤية كناية عن
الملاقاة فملاقات ماء المطر لاجزاء الماء النجس موجبة لطهارتها ولا يعتبر استهلاكه لها لغلبة عليها بل سيأتي استدلال بعضهم بهذه المرسلة على كفاية
ملاقاة المطر وما جرى مجراه من الكثير والجاري لجزء من الماء النجس لكن سيأتي ضعفه ويؤيده أيضا رواية الميزابين السائلين أحدهما بول والاخر ماء المطر
فان البول المستحيل في ماء المطر يغيره أو لا ويزول تغيره بجزء اخر من ماء المطر لا يستهلكه فتحصل من جميع ما ذكرنا انه يكفي في المطهر مطلق الامتزاج وان لم
يحصل الغلبة واما ضعف ما تمسكوا به على كفاية الاتصال وعدم اعتبار الممازجة فلا انهم ذكروا لذلك وجوها يظهر ضعفها بعد ذكرها أحدها الأصل
ذكره بعض الأفاضل وفيه انه يقتضى النجاسة الثاني عمومات مطهرية الماء بقول مطلق أو خصوص المعتصم منه كماء المطر وماء النهر منها قوله (ع) في رواية
السكوني الماء يطهر ولا يطهر وفيه بعد تسليم السند انه مجمل من حيث المتعلق لكونها قضية مهملة في مقابل قوله لا يطهر أي لا يطهر بغيره كما في قولك
زيد يعطى ولا يعطى ومن حيث كيفية التطهير بل الظاهر المركوز في الأذهان ان الماء يطهر بالاستيلاء على مجموع والقدر لا بتلاقي جزئين منهما ومنها قوله (ع)
ماء الحمام كماء النهر يطهر بعضه بعضا وفيه مع ضعف سنده جدا ان الظاهر منه إرادة حفظ الطهارة لا احداثها بعد أن لم يكن كما ذكرنا ذلك موضحا في
مسألة انفعال القليل من الجاري هذا مع ما ذكرا خيرا في الرواية السابقة ومنها قوله (ع) في مرسلة الكاهلي كل شئ يراه ماء المطر فقد طهر فإنه يصدق على ماء المطر
الواقع على سطح الحوض انه رأى الحوض فطهر وفيه ان الروية كناية عن الملاقاة ورؤية كل جزء توجب طهارته لا طهارة ما عداه أو دعوى صدق ملاقاة
المجموع بملاقات جزء منه فيطهر المجموع بعد تسليم كونه على وجه الحقيقة دونه المسامحة معارضة بأنه يصدق على الجزء الآخر انه لم يره المطر فلم يطهر فان
ظاهر الرواية إناطة الطهارة وجود أو عدما بالرؤية فان المبتدأ متضمن لمعنى الشرط فلا يرد ان هذا من باب مفهوم الصفة ومنها قول أبى جعفر (ع) فيما أرسله في
أول المختلف عن بعض العلماء عن أبي جعفر (ع) مشير إلى غدير من الماء ان هذا لا يصيب شيئا الا طهره وتقريب دلالته وردها كما في المرسلة ومنها قوله (ع) في صحيحة ابن
بزيع ماء البئر واسع لا يفسده شئ الا ما غير طعمه أو ريحه فينزح حتى يذهب الريح ويطيب الطعم لان له مادة بناء على أن التعليل خاص بالفقرة الأخيرة أعني قوله
فينزح أو الجميع ما قبله فيشمل الأخيرة وعلى كل تقدير فيدل على كفاية زوال التغير في طهارة ما ينجس بالتغير وله مادة من غير اعتبار امتزاجه بشئ من المادة
أو ماء معتصم اخر فإذا اكتفى بالاتصال في المتغير ذي المادة اكتفى في غيره من المياه النجسة بغير التغير باتصاله بماء معتصم وفى ما مر في تطهير الجاري من اجمال الرواية
واحتمال رجوع العلة إلى ذهاب الوصف بالنزح الثالث اقتضاء الاتصال الاتحاد والماء الواحد لا يختلف حكمه وفيه ان أريد بالاتحاد اتحاد السطح
فالكبرى ممنوعة وان أريد الاتحاد في الإشارة إليهما فالصغرى ممنوعة الرابع الاتصال يوجب اختلاط بعض اجزاء الكر ببعض اجزاء المتنجس فاما ان يرتفع النجاسة
من النجس أو يتنجس جزء الكر والثاني مخالف لأدلة عدم انفعال الكر فتعين الأول فإذا طهر الجزء طهر الجميع لعين ما ذكر وفيه منع الملازمة الأخيرة فان طهارة
الجزء المختلط بالاختلاط المنفى في الباقي لا يوجب طهارته وان أريد بالاختلاط مطلق الاتصال كان الاكتفاء به عين النزاع وما الفرق بينه وبين ما لو
تغير بعض الكثير دون بعضه الباقي على الكثرة هذا خلاصة ما ذكر والكفاية الاتصال وقد ذكر شارح الروضة وجوها لابطال اعتبار الامتزاج لتعين
بذلك كفاية الاتصال والأصل في ذلك قول المنتهى فيما تقدم من كلامه في الغديرين المتواصلين ان في بقاء النجس منهما على نجاسة نظر للاتفاق على
طهارة النجس بالقاء كر والمداخلة ممتنعة والاتصال موجد هنا انتهى وعمدة تلك الوجوه ما اخذه بعض الأفاضل من كلامه أحدها انه لو اعتبرت
الممازجة فاما ان يراد امتزاج الكل بالكل أو البعض بالبعض إما الأول ففيه أو لا انه غير ممكن وثانيا انه غير ممكن الاطلاع عليه فالأصل بقاء النجاسة
وثالثا ان جماعة من معتبري الامتزاج كالعلامة والشهيد وغيرهم حكموا بطهارة حياض الصغار المتصلة باستيلاء الماء من المادة عليها وبغمس كوز
الماء النجس في الكثير ولو بعد مضى زمان وطهارة القليل بماء المطر بل ادعى السيوري والشهيد الثاني الاجماع على الثالث مع أن الامتزاج الكلى لا
يحصل في شئ ورابعا ان الامتزاج ليس كاشفا عن الطهارة حين الملاقاة قطعا بل يتوقف عليه والمفروض ان الماء المعتصم يخرج عن كونه كرا أو جاريا أو ماء
غيث قبل تمام الامتزاج الكلى وخامسا انه إذا القى النجس الكثير في المطهر القليل بحيث يستهلك فيه فاما ان يحكم بالنجاسة وهو خلاف الأصل
والاجماع أو بالطهارة وهو المطلق وكذلك عكسه إذا سبق المطهر من مجارى متعددة بل دفعة وغاية ما يمكن ان يقال إنه يطهر اجزائه المخالطة
له وهكذا بالتدريج وفيه مع استلزامه المنع عن استعمال الماء قبله بلا دليل واختلاف الماء الواحد في السطح الواحد انه انما يتم إذا اجتمع الأجزاء المختلطة
بحيث لا يتوسط بين الكر منها النجس وعلم ذلك والمعلوم مع الاستهلاك خلافه واما الثاني فان أريد بالبعض مسماه فهو المطلق أو القدر المعين فلا بد
من أن يبين أو الأكثر بالأكثر تقريبا فلا دليل عليه مع أن الفرق بين الابعاض غير معقول مضافا إلى ورود كثير مما ذكر في الأول هنا والجواب انا نختار امتزاج
16

الكل من النجس بالبعض من الطاهر بحيث لو فرض للمتنجس أقل لون زال بالماء الطاهر على ما ذكرناه في الاستدلال من دلالة النص والاجماع على طهارة المتغير
من الجاري والكثير إذا زال تغيره بممازجة بعضه الأخر والتغير قد يكون خفيفا بل يكون دائما كذلك في اخر ان منه وجوده المشرف على الزوال ومن المعلوم
ان هذا التغير يحصل بامتزاج شئ قليل من الماء المعتصم فيكفي لتطهر الاكرار المتنجسة ما يكون نسبة إليها كنسبة الجزء المعتصم الطاهر الممازج
إلى المتغير في المثال المذكور ولو فرض عدم العلم بهذا فلا مانع عن التزام بقاء النجاسة ومما ذكرنا يظهر ان طهارة الكوز من الماء النجس بالغمس أو
طهارة ما في الحياض باستيلاء الماء من المادة عليها وحصول التطهر بماء الغيث لا يرد نقضا على القائل بالامتزاج واما خروج الماء المعتصم عن
عنوانه أعني الكرية والجريان قبل الامتزاج التام فغير مسلم للاجماع على عدم انفعاله ما لم ينقطع عن الكر بالمرة وقد حكموا بطهارة الحبوب النجسة إذا
انتقعت في الكر مع أن اجزاء الكر المتخللة بين اجزاء الحبوب ليست بأشد اتصالا بالكر من الأجزاء المتخللة من الكر في الماء المتنجس مع أن انفعال المطهر
بالتطهير لا يمنع عن التطهير به كما في الماء القليل الذي يقع على موضع في الثوب النجس ينتقل منه إلى موضع اخر منه فان المعتبر الطهارة قبل التطهير مع أن
الماء سريع النفوذ في الماء فيطهر الجزء النجس الملاقى له قبل التخلل بين اجزاء الكل وانما اختلاف الماء في السطح الواحد فلم نجد دليلا شرعيا على امتناعه
والثابت من النص والاجماع امتناع اختلاف المائين مع شيوع أحدهما في الأخر وقد ذكر في شرح الروضة وجوها اخر لرد القول بالامتزاج لا
يخفى ضعفها على ما ذكرناه في الجواب عن الوجه المذكور بقى هنا أمور الأول ان من لم يقل بالامتزاج بين معتبر لصدق الاتحاد العرفي على مجموع الطاهر
والنجس كما هو ظاهر الروضة وبين مكتف بمجرد الملاقاة كظاهر اللمعة ولازمه طهارة الكوز من الماء النجس يصب منه شئ في الكر فضلا عن غمسه فيه و
ليس بأبعد من التزام طهارة النجس الكثير بقطرة أو قطرات من المطر وقد يذكر هنا تفصيل بين الجاري وماء الحمام وبين غيرهما فيشترط الامتزاج في الأولين
ونسب إلى ظاهر المنتهى والنهاية والتحرير والموجز وشرحه حيث حكموا بالطهارة بتواصل الغديرين وعبروا في الجاري بأنه يطهر بالتدافع والتكاثر
واعتبروا في طهارة ماء الحمام استيلاء الماء من المادة عليه إما مطلقا كما في كتب العلامة أو مع عدم تساوى السطح الطاهر والنجس كما في الأخيرين وفيه
ان الظاهر أنه لا قائل بكون حكم ماء الحمام أغلظ من غيره واما الجاري فليس له عند العلامة عنوان مستقل بل الاعتبار عنده بالكرية وقد صرح في المنتهى
بان تطهر الجاري باكثار الماء الواقع حتى يزول التغير ويطهر الكثير المتغير بالقاء كر عليه دفعة من المطلق بحيث يزول تغيره واستدل في المسئلتين
بان الطارئ لا يقبل النجاسة والتغير مستهلك واما الموجز وشرحه فصريحهما عدم الفرق بين ماء الحمام وغيره من الحياض الصغار وقد
يعكس بعض المعاصرين هذا التفصيل فيختص الامتزاج بغير الجاري وماء الحمام ولم يعتبره فيه لأجل صحيحة بن بزيع المتقدمة الواردة في ماء البئر
ومرسلة الكاهلي كل ماء تراه ماء المطر وقوله (ع) ماء الحمام كماء النهر يطهر بعضه بعضا وهو ضعيف أيضا لما عرفت من عدم تمامية هذه الوجوه الثاني
قد يقال إن اشتراط الامتزاج عند القائلين به مختص بما إذا لم يلق الكر دفعة والا فالقاء الكر دفعة مغن عن الامتزاج لدعوى الاجماع أو
الاتفاق كما في المنتهى وعن المختلف على حصول التطهر بالقاء الكر دفعة ويؤيدها فعوى الاجماع على كفاية كر لا كرار متعددة بناء على أن الغالب
عدم تحقق الامتزاج وفيه ان هذا تخرص إذ لا دليل على ذلك بعد ظهور كلامهم في أن الامتزاج شرط اخر غير الدافعة ومقتضى استدلالهم
عليه باستهلاك النجس كما عرفت ظاهر في عدم الاستغناء عنه بالدفعة وما ذكر من الاجماعات على شرط الطهارة بالقاء الكر دفعة وارد
إما في القليل النجس واما في الكثير المغير ولا ريب انهم اعتبروا في الثاني زوال التغير بالالقاء ولا يكون ذلك الا بالامتزاج واما الأول
فلا ينفك عن الامتزاج أيضا ويؤيده ما تقدم من تردد العلامة قدس سره في التذكرة في الكر الواقع في أحد جوانب الكثير النجس مع عدم شياعه
فيه مع أن الظاهر أن اعتبار الدفعة إما لأجل عدم اختلاف سطوح الكر الملقى كما يشهد به بعض من تقدم كلامه وظهر من كثير من كلمات القائلين
بها واما لأجل حصول الامتزاج بها واما لأجل النص وفتوى الأصحاب وعدم اغنائها عن الامتزاج ظاهر على الأولين واما الأخير فقد عرفت
انها دعوى غيره مسموعة نعم يمكن بل يجب ان يقال بالعكس وهو ان الامتزاج بالماء المعتصم مغن عن الدفعة على القول باشتراطها لا لأجل تحصيل
الامتزاج الثالث انك قد عرفت ان المعتبر امتزاج جميع النجس مع المسمى الكثير الطاهر ولو أقل قليل منه لان دليل الطهارة جاز فيه ويظهر
من كاشف اللثام في مسألة تطهير الجاري انه لا بد على القول بالامتزاج من امتزاج النجس بتمام الكر وفيه نظر لان مناط الطهارة امتزاج النجس بماء
معتصم سواء كان كرا أم جزء كر واعلم أن الماء القليل لا يطهر باتمامه كرا على الأشهر بين المتأخرين بل المشهور لا أصالة بقاء النجاسة السالمة عما يرد
عليه عدا ما يتخيل من أن الأصل المذكور معارض باستصحاب طهارة المتمم بالكسر المستلزمة لطهارة النجس للاجماع على اتحاد حكم المائين فيرجح
عليه لاعتضاده بقاعدة الطهارة أو يرجع إليها بعد تساقطهما وما اشتهر حتى ادعى الاجماع عليه من قوله (ع) إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا وما ذكره
علم الهدى (قده) من الاجماع على أن الماء المعلوم وقوع النجاسة فيه المشكوك في سبقها على الكرية ولحوقها محكوم بالطهارة فلو لا طهارة النجس باتمامه
كرا لم يكن لذلك وجه وفى الكل نظر إما استصحاب طهارة للتيمم ففيه أولا انه ان أريد الاجماع على عدم تبعض الماء المتصل من حيث الطهارة و
17

النجاسة فقد عرفت منعه في مسألة اعتبار الامتزاج وان أريد الاجماع على عدمه مع امتزاج المائين ففيه ان امتزاج فيما نحن فيه غير مؤثر في
التطهير والتنجيس باتفاق الكل وان أريد عدم تبعض حكم المائين القليلين ففيه ان نظيره موجود في الماء القليل الوارد على الماء
النجس إذا لم يجعله كرا فان الوارد على النجاسة لا ينفعل بمذهب السيد والحلى مع أنه لا يوجب طهارة ما ورد عليه باعترافهما وما اعتذر به
بعضهم عن ذلك بأنهم يعتبرون في بقاء الوارد على الطهارة عدم استقراره قد عرفت ما فيه سابقا وكذا الماء الملاقى للماء النجس ولو لم يكن واردا
بناء على مذهب العماني ومن تبعه فان الظاهر أنهم لا يقولون بتطهر النجس بمجرد ذلك وان أريد الاجماع على عدم تبعض في نفس هذه المسألة لان
العلماء بين قولين ففيه انه لم يثبت الاجماع على بطلان القول الثالث فلا مانع منه إذا اقتضاه القواعد والأصول كما بين في الأصول واما ثانيا فلانه
لو سلم الاجماع على الاتحاد كان المسلم منه ذلك مع الامتزاج إذ مع فرض التمايز قد عرفت في تطهير القليل انه لا مانع من تعدد حكم المائين المتواصلين
والمفروض ان الامتزاج هنا ملقى وغير مؤثر في التطهير والتنجيس اجماعا والمدعى تأثير مجرد تواصلهما في التطهير واما ثالثا فلانه لا مسرح للأصل
مع مفهوم قوله (ع) إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ فإنه صادق على الماء المتمم انه قليل لاقي نجسا
ودعوى ان ملاقاة القليل لهذا الماء وإن كانت متنجسة
بحكم المفهوم الا انها علة لعدم الانفعال لحصول الكرية بمجرد الملاقاة فلا مرجح لاحد معلولي الملاقاة أعني الانفعال على الأخر وهو (عدمه) مدفوعة
بان الملاقاة ليست علية لعدم الانفعال بل علة للكرية المانعة من الانفعال وإذا كان الشئ علة تامة للشئ استحال ان يكون علة لمانعه
إذ بمجرد وجودها يحصل المعلول فلا مسرح لوجود المانع فلابد من رفع اليد عن مانعيه الكر في هذا المقام وتخصيص مانعيتها بما إذا يحصل
بالملاقات بل كانت قبلها وان شئت قلت إن ظاهر الرواية سبق الكرية على الملاقاة ومما ذكرنا يظهر انه لا وجه لمنع كون القليل ملاقيا للنجس
إذ بمجرد الملاقاة يزول النجاسة فان الملاقاة بنفسها لا يزيل النجاسة بل باعتبار حدوث الكرية والمفروض ان الملاقاة علة تامة بلا واسطة
لتنجس الماء الطاهر فيصير المجموع نجسا (واما) الحديث ففيه أولا ضعف السند ودعوى الحلى اجماع المؤالف والمخالف عليه موهونه بما ذكره
المحقق قدس سره من أنه لم يذكره من الخاصة الا جماعة مرسلين له ولم يعمل به من المخالفين الا ابن حي وفى التذكرة ان هذا الخبر لم يثبت عندنا وفى الذكرى انه
عامي ولم يعمل به غير ابن حي (واما) الاجماع الذي ادعاه الحلى فهو أيضا قاصر عن جبر سند الخبر لان هذا القول لم يعرف ممن قبل السيد ولا ممن بعده
الا جماعة نعم عمل المنكرين الاخبار الآحاد به يوجب جبرا له لكنه لا يبلغ حدا يطرح مع عمومات انفعال الماء القليل وثانيا ضعف دلالته على المدعى
فان الظاهر من قوله لم يحمل خبثا بمقتضى كونها جملة فعلية تجدد الحمل وحدوثه فكأنه قال لم يحدث فيه حمل الخبث لأنه ينتفى عنه صفة الحاملية
وإن كانت موجودة سابقا فيتحد معناه مع الروايات الصحيحة المشهورة إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شئ ولذا فسر الشيخ في موضع من التهذيب والاستبصار
قوله (ع) إذا كان الماء أكثر من راوية لم ينجسه شئ بقوله لم يحمل خبثا وذكر أيضا في مسألة ان الجاري لم ينفعل بعد الاستدلال عليه بما دل على جواز
البول فيه انه لا يحمل خبثا وثالثا بمعارضته مع ما دل على تنجس القليل بملاقات النجاسة الشامل للقليل المتمم فان تخصيصه بما إذا لم يمكن ملاقاته سببا
لبلوغ الكرية ليس بأولى من اطراح هذا الفرد من عموم الرواية إما بحمل قوله (ع) لم يحمل على عدم حدوث النجاسة فيه فلا يشمل عدم بقائه لو كان حادثا
من قبل أو بتقييد الماء بالطاهر هذا بناء على اعتبار طهارة المتمم واما من لا يعتبرها فهو وان لم يرد عليه عمومات انفعال القليل لكنه يرد عليه في
مقام المعارضة ما دل على نجاسة ما يجتمع في الحمام من غسالة اليهود والنصارى وأولاد الزناء ومن هو شر منهم المعتضد بسيرة المسلمين على الاجتناب عن
ما اجتمع من المياه النجسة وعموم قوله (ع) في رواية السكوني الماء يطهر ولا يطهر خرج منه تطهيره بماء معتصم يتصل به أو يمتزج معه وقوله (ع) سبحان الله
كيف يطهر من غير ماء واما الثالث فقد أجاب عنه في المعتبر بان الماء المشار إليه نحكم بطهارته لا لان البلوغ كرا يرفع ما ان فيه من النجاسة بل لأنه
في الأصل طاهر والنجاسة المشاهدة كما يحتمل ان يكون منجسة لوقوعها قبل الكرية يحتمل ان لا يكون منجسة بان يقع بعد البلوغ فالنجاسة مشكوك فيها
فالترجيح بجانب اليقين انتهى فان قلت هذا الماء البالغ كرا الذي يوجد فيه النجاسة لم يكن مسبوقا بالطهارة انما المسبوق بها الماء المتردد بين هذا
الكر والأقل منه وقد ثبت من الأدلة مثل قوله (ع) إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه وقوله (ع) في الماء الذي يقع فيه النجاسة انه لا يتوضأ منه الا ان يكون
كثيرا قدر كر ان ملاقاة الماء للنجاسة مقتضية لتنجسه والكرية مانعة مع أن الكرية شرطا كان للطهارة أو مانعة عن النجاسة أمر وجود ى والأصل
القلة فكما ان الماء المشكوك في كرية إذا اصابه نجاسة حكم بنجاسته على ما اعترف به المحقق قده في المعتبر في الفرع التاسع من فروع مسألة القليل
مستدلا بان الأصل القلة فكذلك فيما نحن فيه حيث إن الماء الملاقى للنجاسة مشكوك الكرية والقلة فالأصل قلته وهذا الأصل وارد على
أصالة طهارة الماء كما في الفرع المذكور قلت إن الملاقاة التي هي سبب للنجاسة لم يحرز وقوعها قبل الكرية فالأصل عدمها قبلها و
الحاصل ان هنا حادثين مجهولي التاريخ فيرجع إلى أصالة طهارة الماء وقاعدتها فان المقام حقيق به وأجاب بعض المعاصرين بان
الالتزام بعدم طهارة الماء المذكور ليس منكرا فلا يحكم عليه بالطهارة ولا النجاسة فهو لا ينجس الطاهر ولا يطهر النجس كما في المشكوك
18

كريته إذا لاقته النجاسة على وجه قوى إذ كما أن الكرية شرط وقد شك فيها فكذلك الطهارة شرط وقد شك فيها مع امكان الفرق بان الشرط
عدم العلم بالنجاسة قبل البلوغ لا الطهارة انتهى وفيه ان السيد ادعى الاجماع على الحكم بطهارة الماء المذكور وقد اعترف بهذا الحكم من
خالفه في المسألة كالفاضلين والشهيد واما الماء المشكوك في كريته فلا معنى للتوقف فيه لان المرجع فيه إما أصالة عدم الكرية أو أصالة بقاء
الطهارة أو تساقطهما والرجوع إلى قاعدة الطهارة واما قوله إذ كما أن الكرية شرط الخ فلم احصل معناه فان الكرية شرط مخالف للأصل فالأصل
عدمها عند الشك والطهارة إما شرط لدفع الكر النجاسة لكنه مطابق للأصل والأصل بقائها عند الشك ولا حاجة إلى ما ذكره من الفرق
مع أن فيه ما فيه (وما كان منه) أي من الماء المحقون يبلغ من حيث الوزن أو المساحة (كرا فصاعد الا ينجس) الا ان يغير عين النجاسة ولو في ضمن المتنجس (أحد)
أوصافه على التفصيل المتقدم في الجاري بلا خلاف نصا وفتوى الامام توهمه عبارة المفيد وسلار على ما يأتي وظاهر النص والفتوى كون الكرية مانعة
عن نجاسة الماء إما النص فلان المستفاد من الصحيح المشهور إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه ان الكرية علة لعدم التنجيس ولا نعنى بالمانع الا ما يلزم من وجوده
العدم واما قوله صلى الله عليه وآله خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شئ الا ما غير لونه وقوله (ع) في صحيحة حريز كلما غلب الماء ريح الجيفة فتوضأ واشرب ونحو ذلك
فهى وإن كانت ظاهرة في كون القلة شرطا في النجاسة بناء على أن القليل هو المخرج عن عمومه فلا بد من احرازها في الحكم فإذا شك في كون ماء
خاص قليلا أو كثير أوجب الرجوع إلى تلك العمومات الا انه لما دلت اخبار الكر كما تقدم على كون الكرية مانعة ونفس الملاقاة سببا بل هذه الأخبار
بنفسها دالة على هذا المعنى حيث إن الخارج منها هي القلة وهي أمر عدمي باعتبار فصلها يرجع الامر بالآخرة إلى مانعية الكثرة التي هي مفاد
اخبار الكثير فكان اللازم تقييد الماء في هذه الأخبار بالكثير جزء داخلا في موضوع الماء المحكوم بعدم الانفعال فتلك
العمومات ليست من قبيل ما كان من عنوان العام مقتضيا للحكم وعنوان المخصص مانعا هذا كله مضافا إلى ما دل بعمومه على انفعال الماء
خرج منه الكر مثل قوله (ع) في الماء الذي يدخله الدجاجة الواطية للعذرة انه لا يجوز التوضي منه الا ان يكون كثيرا قدر كر من الماء وقوله (ع)
فيما يشرب منه الكلب الا ان يكون حوضا كبيرا يستسقى منه فان ظاهرهما كون الملاقاة للنجاسة سببا لمنع الاستعمال والكرية عاصمة ومن هنا
يظهر انه لا بد من الرجوع إلى أصالة الانفعال عند الشك في الكرية شطرا وسيأتي ضعف ما يحتمله بعضهم في هذا المقام سواء شك في
مصداق الكر كما إذا شك في كرية ماء مشكوك المقدار غير مسبوق بالكرية أم في مفهوم كما إذا اختلف في مقدار الكرا وفي اعتبار اجتماعه أو
استواء سطوح اجزائه ولم يكن هناك اطلاق في لفظ الكر ونحوه يرجع إليه ووجه الرجوع إلى العموم في الأخيرين واضح لأن الشك في التخصيص
وكذا الوجه في الرجوع إليه مع الشك في المصداق إذا كان الماء مسبوق بالقلة لاستصحاب عدم الكرية ومثل هذا الاستصحاب وإن كان مخدوشا
عند التدقيق لعدم احراز الموضوع فيه الا ان الظاهر عرفا من أدلة الاستصحاب شموله وأما إذا لم يكن مسبوق بالكرية إما لفرض وجوده دفعه واما للجهل
بحالته السابقة لترادف حالتي الكرية والقلة عليه فقد يتأمل في الرجوع فيه إلى العمومات بناء على أن الشك في تحقق ما علم خروجه كما في قولك أكرم العلماء
الا زيدا إذ شك في كون عالم زيدا أو عمرو ولا يلزم من الحكم بخروجه مجازا ومخالفة ظاهر محوجة إلى القرينة الا ان الأقوى فيه الرجوع إلى العموم إما
لان أصالة عدم الكرية وان لم يكن جارية لعدم تحققها سابقا الا ان أصالة عدم وجود الكر في هذا المكان يكفي لاثبات عدم كرية هذا الموجود بناء على
القول بالأصول المثبتة واما لأن الشك في تحقق مصداق المخصص يوجب الشك في ثبوت حكم الخاص له والأصل عدم ثبوته فإذا انتفى حكم الخاص
ولو بالأصل ثبت حكم العام إذ يكفي في ثبوت حكم العام عدم العلم بثبوت حكم الخاص دون العكس فتأمل والفرق بين المثال وما نحن فيه ان في الاجراء المثال دائر
بين المتبائنين وفيما نحن فيه بين الأقل والأكثر والمتيقن خروج المعلومات واما لان عنوان المخصص في المقام من قبيل المانع عن الحكم الذي اقتضاه عنوان
العام فلا يجوز رفع اليد عن المقتضى الا إذا علم بالمانع ومع الشك فالأصل عدم المانع وإن كان ذات المانع كالكرية فيما نحن فيه غير مسبوق بالعدم و
الفرق بين ما نحن فيه وبين المثال ان عنوان المخصص في المثال ليس من قبيل المانع بل هو قسيم فكان العام عند من المتكلم منقسم إلى قسمين كل منهما يقتضى حكما
مغايرا لما يقتضيه الأخر ولأجل بعض ما ذكرنا افتى جماعة كالفاضلين والشهيد بنجاسة الماء المشكوك في كريته نظر إلى أصالة عدم الكرية
الحاكمة على استصحاب طهارة الماء ويمكن حمل كلامهم على الغالب وهو البلوغ تدريجا فلا يشمل ما لم يكن مسبوق بالقلة نعم احتمل في موضع من المنتهى
الرجوع إلى استصحاب الطهارة مستدلا عليه بقاعدة اليقين والشك ولعله لاعتضاده بقاعدة الطهارة والا فقاعدة اليقين جارية في الكرية غالبا بل
دائما كما عرفت ومما ذكرنا يظهر ما في كلام بعض انه إذا شك في شمول اطلاقات الكر واطلاقات القليل لبعض الافراد فالأصل يقضى بالطهارة
وعدم تنجسه بالملاقات نعم لا يرفع الخبث به بان يوضع فيه كما يوضع في الكر والجاري وإن كان لا يحكم عليه بالنجاسة بمثل ذلك بل يحكم بالطهارة فيؤخذ
منه ماء ويرفع به الخبث على نحو القليل ولا مانع من رفع الحدث به لكونه ماء طاهر أقول والسر في ذلك أن احتمال الكرية كافية في حفظ طهارته و
عدم تنجسه ولكن لا يكفي ذلك في الأحكام المتعلقة بالكر كالتطهر به من الأخباث بوضع المتنجس في وسطه ونحو ذلك ثم جواز التطهير به على هذا النحو
19

انتهى وظاهر كلامه بقرينة ذكره في ذيل عنوان اعتبار تساوى السطوح في الكر ان مراده الشك في شرط اعتصام الكر وانفعال القليل وهو الوجه الثالث
من وجوه الشل الثلاثة التي ذكرناها وقد عرفت انه لا اشكال في وجوب الرجوع فيه إلى عموم الانفعال وكانه تخيل تبعا لصاحب الحدائق ان كلا من
القلة والكثرة أمران وجوديان لابد من الرجوع عند تردد الماء بينهما إلى ما يقتضيه الأصل في احكام القليل والكثير الا ان صاحب الحدائق رجع إلى
الاحتياط لكونه الأصل عنده فيما لا نص في وأنت خبير بان القليل مع أنه أمر عدمي باعتبار فصله العدمي لم يترتب في الأدلة حكم عليه وانما يترتب على
ما ليس بكر كما يستفاد من قوله (ع) الا ان يكون كثيرا قدر كر وقوله إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه الدال على كون السبب في عدم الانفعال الكرية فمع
الشك فيه يحكم لعدم المسبب لأصالة عدم السبب ونظير ذلك ما زعمه بعضهم في التذكية والموت من وجوب الرجوع إلى الأصول في الاحكام إذا شك
فيهما وبالجملة فلا ينبغي الاشكال في الحكم بالنجاسة مع الشك في الكرية مطلقا نعم هذا الحكم في الصورة الأخيرة لا يخفى عن اشكال وان ذكرنا له وجوها
بقى الكلام في مسألة عنونها متأخر والمتأخرين وأطالوا فيها الكلام وهي انه هل يشترط في موضوع الكرا وحكمه تساوى سطوحه أم لا والأصل
في ذلك على ما كلام وجدنا العلامة قده في التذكرة حيث قال لو وصل بين الغديرين بساقيه اتحد ان اعتدل الماء والا ففي حق السافل فلو نقص الاعلى عن كر
نجس بالملاقات ولو كان أحدهما نجسا فالأقرب بقائه على حمله مع الاتصال وانتقاله إلى الطهارة مع الامتزاج انتهى وظاهره ان السافل
لا يقوى العالي ولا يعصمه نعم يتقوى ويعتصم به سواء كان العالي كرا أم متمما له ومراده بالاتحاد في حق السافل وعدمه في العالي الاتحاد من حيث
الحكم والا فلا يتصور حصول موضوع الاتحاد من أحد الطرفين بل لابد إما من التزام عدم الاتحاد العرفي مع عدم الاعتدال مطلقا خرج من
ذلك السافل واما من التزام الاتحاد مطلقا خرج العالي وتبعه على ذلك كله في الدروس حيث قال لو كان الجاري لا عن مادة ولاقته النجاسة
لم ينجس ما فوقها مطلقا ولا ما تحتها إذا كان جميعه كرا فصاعدا الا مع التغير انتهى فحكم بتقوى السافل بالعالي
القليل المتمم له ثم ذكر بعد ذلك
اتحاد الواقف مع الجاري المساوى أو العالي ولو كالفوارة دون السافل فالمجتمع من العبارتين ما تقدم عن التذكرة فت؟ ومثلها ظاهر كشف الالتباس
في الغديرين المتواصلين بل الموجز لكنهم قدس الله اسرارهم خالفوا ذلك في مادة الحمام فاشترطوا فيها الكرية معللا ذلك باتصالها
بنجاسة السافل لو لم يكن كرا ويستفاد هذا القول أيضا من اعتباره الدفعة في القاء المطهر بناء على ما في شرح الروضة من أن الوجه في
ذلك أن لا يختلف سطوح الماء فيفعل السافل ويظهر أيضا من جامع المقاصد عند مناقشة في قول الذكرى ويطهر بالقاء كر فكر الخ قال في
عدو ماء الحمام كالجاري إذا كانت له مادة هي كر فصاعدا انتهى فان ظاهره عدم تقوم السافل بالعالي القليل في الحمام الذي هو أولي بسهولة الامر من
غيره وقال في الذكرى والا ظهر اشتراط الكرية في المادة حملا للمطلق على المقيد ثم قال وعلى القول باشتراط الكرية يتساوى الحمام وغيره لحصول
الكرية الدافعة للنجاسة وعلى العدم فالأقرب الاختصاص لحكم الحمام لعموم البلوى وانفراده بالنص انتهى وتبعهما في ذلك مع المقاصد حيث قال في
شرح العبارة المتقدمة اشتراط الكرية في المادة انما هو مع استواء السطوح بان يكون المادة أعلى أو أسفل مع اشتراط القاهرية
بفوران ونحوه في هذا القسم إما مع استواء السطوح فيكفي بلوغ المجموع كرا كالغديرين إذا وصل بينهما بساقية فحصل العلامة والشهيد
قولان اختار ثانيهما مع؟ المقاصد ولهما قول ثالث يظهر من كلماتهما كبعض كلمات المعتبر والمنتهى قال في المعتبر الغدير ان الظاهران إذا وصل
بساقية صارا كالماء الواحد فلو وقع في أحدهما نجاسة لم ينجس ولو نقص كل منهما عن الكر إذا كان مجموعهما مع الساقية كرا فصاعدا انتهى
وفى المنتهى لو وصل بين الغديرين بساقية اتحدا واعتبر الكرية فيهما مع الساقية جميعا وقال في القواعد لو اتصل الواقف بالجاري
لم ينجس بالملاقات انتهى نعم قيده في مع؟ المقاصد بعدم علو القليل واما الشهيد قده فقد اكتفى في اللمعة في تطير القليل النجس بملاقاته
كرا من غير تقييد بعدم علوا النجس فإذا كان السافل رافعا للنجاسة عن العالي فهو أولي بدفعها عنه نعم لا يظهر من هذا الكلام حكم ما لو كان
المجموع كرا ويمكن استفادة هذا المذهب من عبارة الدروس المتقدمة التي ذكرنا انها موافقة التذكرة فان الحكم بعدم انفعال الجاري
لا عن مادة إذا لاقي جزئه المتوسط بين ما فوقه وما تحته إذا كان المجموع كرا لا يكون الا مع تقوم الجزء الأوسط الملاقى بما هو أسفل منه
الا إذا فرض العلو على وجه قيام بعض اجزائه على بعض كالعمود أو شبهه فان هذا ليس من مختلف السطوح وذكر في الموجز وشرحه ان الجاري لا عن مادة
الملاقى للنجاسة إن كان قليلا انفعل سافله فقط وإن كان كثيرا لم ينفعل عاليه ولا سافله لكن ذكرا في مادة الحمام انها لو لم يكن كرا انفعلت
بنجاسة الحياض وهذا مناف بظاهره للأول وممن صرح بالاطلاق الفتوى من الطرفين شيخنا الشهيد الثاني قده في الروض فقال بعد كلام له في هذا الباب
وتحرير هذا المقام ان النصوص الدالة على اعتبار الكثرة مثل قوله (ع) إذا كان الماء قدر كر وكلام أكثر الأصحاب ليس فيه تقييد الكر المجتمع بكون
سطوحه مستوية بل هو أعم منه ومن المختلفة كيف اتفق انتهى وذكر بعد ذلك أيضا ما هو أصرح من ذلك في التعميم لتساوي السطوح ومختلفها
وتبعه في ذلك سبطه السيد في المداك نعم خالفه في ذلك ولده المحقق قده في المعالم فلم يستبعد اعتبار المساواة قال لان ظاهر أكثر الاخبار المتضمنة
20

لاشتراط الكر والكمية اعتبار الاجتماع في الماء وصدق الواحد والكثير عليه وفى تحقق ذلك مع عدم المساواة في كثير من الصور نظر والتمسك في عدم
اعتبارها بعموم ما دل على عدم انفعال مقدار الكر باطلاقات مدخول أولا لأنه من باب المفرد المحلى وعمومه ليس بالوضع بل باعتبار منافاة عدم
ارادته للحكمة وهي انما يتصور مع عدم احتمال العهد وتقدم السؤال عن بعض افراد المهية عهد الظاهر فان ظاهر النص السؤال عن الماء المجتمع
نعم يثبت العموم في ذلك المعهود بأقل ما يندفع به محذور الحكمة وربما يتوهم ان هذا من تخصيص العام بسبب خاص وقد عرفت انه لا عموم
فيه على وجه يتطرق إليه التخصيص انتهى أقول ولا اشكال في أن المناط في عدم انفعال الماء ليس الا مجرد كون الماء المتصل الواحد كرا واما احتمال
مدخلية هيئة خاصة من الاجماع أو غيره فلا يصفى إليه ومنع العموم في الاخبار خصوصا ما لم يكن منها مسبوقا بسؤال يمكن دعوى تخصيص الكلام
لو تخصصه به لا وجه له وتبادر بعض الهيئات مثل الاجتماع في محل واحد متساوي السطوح أو غير ذلك من قبيل تبادر ما حضر في الذهن من
افراد المطلق لا نسبه من الأسباب كحضور الماء الصافي في الذهن من لفظ الماء أو ماء كل بلدة في ذهن أهله ولا اعتبار بهذا أصلا ولا
يكاد يسلم عنه مطلق فالواجب تشخيص موارد الوحدة وإناطة الحكم بها لا يتساوى السطوح واختلافها فرب ماء مختلف السطوح يعد ماء
واحدا فان الجاري لا عن مادة على ارض منحدرة لا يعد كل جزء منه ماء مستقلا لعدم مساواة سطحه لسطح الجزء الآخر ومن هنا الزم في المدارك القائلين
بعدم تقوى الاعلى بالأسفل بلزوم نجاسة نهر عظيم يجرى لا عن مادة على ارض منحدرة وربما التزم بعضهم على ما حكى كون اجزاء هذا الماء لعدم
استواء سطوحها بمنزلة مياه منفصلة وبأنه ينفعل جميع اجزائه عند وصول الماء النجس إليها لا للاتصال لأنه مع اختلاف السطوح في حكم
الانفصال وبنى ذلك على اختصاص أدلة انفعال القليل بالماء المجتمع لا مطلق المنفصل والا فينجس الا على بملاقات الأسفل إذا لم يبلغا كرا وفيه
ما فيه وبالجملة فالاتحاد الحقيقي العرفي مع اختلاف السطح في بعض الصور مما لا يقبل الانكار إذا عرفت ما ذكرناه من أن المناط في اعتصام الماء
المتصل البالغ هي الوحدة العرفية فاعلم أن اجزاء الماء المتصل بعضها ببعض إما ان يتساوى السطوح واما ان يختلف وعلى الثاني إما ان يكون الماء
ساكنا بان يحبس الماء في اناء موضوع لاعلى الاستقامة واما ان يكون جاريا وعلى الثاني إما ان يكون الاختلاف على وجه التسنيم كالمنصب من ميزاب
أو جدول قائم واما ان يكون على وجه الانحدار بان يجرى على ارض منحدرة وعلى التقديرين إما ان يبلغ أحد المختلفين كرا واما ان لا يبلغ الكر
الا المجتمع منها فهنا أقسام الأول متساوي السطوح والظاهر عدم الخلاف في تقوى بعضه ببعض عدا ما تقدم عن ظاهر صاحب اللمعة من دعوى
انصراف اطلاق أدلة إلى الماء المجتمع المتقارب الأجزاء وظاهر مفهوم ما دل على اعتبار المادة المنصرفة إلى الكر في اعتصام ماء الحمام بدعوى
شموله لصورة تساوى المادة وذيها لكن دعوى الاختصاص في الأول كالشمول في الثاني ممنوعة جدا ولذلك قيد جامع المقاصد اطلاق القواعد
اعتبار الكرية في مادة الحمام بما إذا لم يتساوى السطحان قال والا كفى بلوغ المجموع كرا كالغديرين المتواصلين بساقية وكيف كان فالأقوى التقوى لتحقق
وحدة الماء حتى لو كان الساقية بين الغديرين في غاية الدقة لان كل جزئين متصلين إلى الماء يعد ان جزءا واحدا من الماء عرفا وكذا المتصل بهما إذا المتحد مع
المتحد متحد عرفا فيتحد جميع الماء وما يوهمه اطلاق التعدد عليهما أحيانا فيقال انهما ماءان فهو جاز في كل متصل واحد كصبرة الحنطة فالتعدد باعتبار
ما قبل الاتصال ولذا لا يطلق ذلك لو علم بكون أحدهما سائلا من الأخر فليس اطلاق المتعدد عليه باعتبار قلة العرض في بعض سطحهما والوحدة
باعتبار تساوى عرض جميع السطح ولذا لو فرض اناء من صفر أو غيره مصوغ على هذه الهيئة كان اناء أو أحدا والماء المصبوب فيه ماء أو أحدا الثاني
ان يكون الأجزاء مختلف السطوح مع سكون الماء كما لو حبس الماء الماء في اناء مصوغ أو موضوع على وجه يختلف سطوحه والظاهر هنا وحدة الماء لما
ذكرنا من اتحاد كل جزئين منه عرفا وكذا المتصل بهما ولذا لو فرض نقصان المجموع عن الكر حكم بنجاسة الاعلى بملاقاة الأسفل النجاسة لان الثابت
عدم السراية إلى الاعلى مع الجريان لا مع السكون الثالث مختلف السطحين على وجه التسنيم مع عدم كرية أحدهما ففي عدم تقوى أحدهما بالآخر
كما هو صريح جميع كلمات المحقق الثاني والمبسوط بعض كلمات العلامة والشهيد أو تقوى كل منهما بالآخر كما هو ظاهر بعض كلمات العلامة والمحقق على تقدير
شمول الغديرين المتواصلين لما نحن فيه وبعض عباير الدروس والموجز وشرحه وصريح الشهيد الثاني في الروض وسبطه أو تقوى الأسفل
بالأعلى دون العكس كما تقدم عن العلامة في كرة وبعض كلمات الشهيد والموجز شرحه أقوال وربما يعرض على المفصل بأنه ان ثبت اتحاد المائين المختلفين
وجب الحكم بتقوى كل منهما والا لم يحكم به أصلا ويمكن ان يبنى ذلك على كفاية أحد الامرين في التقوى من الاتحاد كما في صورة التساوي
أو الغلبة والقهر كما في تقوى الأسفل بالأعلى القاهر عليه كما كبروا نظير ذلك في رفع النجاسة حيث اعتبروا علو المطهر أو مساواته وعلل ذلك كاشف
الالتباس ثبوت الاتحاد معا التساوي والقهر مع العلو فالدفع نظير الرفع ولعل منشأ ذلك فحوى التقوى بالمساوى فان العالي ولى منه بالتقوى كما
في صورة الرفع لكن يرد عليهم منافاة ذلك لاعتبار هؤلاء الكرية في مادة الحمام والأقوى في بادي النظر هو القول الأول لتحقق الاتحاد عرفا
بالتقريب المتقدم في اتحاد كل جزئين متصلين وهكذا المتصل بهما مع أن اتحاد العالي مع عمود الماء النازل من الميزاب أو الجدول القايم واضح
21

عرفا فيتحد حكما مع الماء المستقر في الأسفل بالاجماع خصوصا إذا كان أصله نازلا عن العالي فان دعوى الوحدة هنا أوضح ويؤيد الاتحاد قوله (ع) ماء الحمام
كماء النهر يطهر بعضه بعضا جعل (ع) المادة بعضا من ماء الحمام مع تسنمها عليه وقوله (ع) في صحيحة داود بن سرحان هو بمنزلة الماء الجاري فان الظاهر رجوع
الضمير إلى المجموع من المادة وما في الحياض وكذا قوله ماء الحمام لا ينجسه شئ واستدل المحقق الثاني على عدم التقوى بان الاعلى لا ينجس بنجاسة الأسفل اتفاقا
فلا يطهر بطهارته ويمكن التقصي عن ذلك بقيام الاجماع على عدم سراية النجاسة إلى الاعلى في الماء بل ولا في غيره من المايعات ولو مع تحقق الوحدة كما هو
واضح عند العرف في الماء النازل شبه العمود من الميزاب فالأولى التمسك على عدم التقوى بما دل على اعتبار المادة في ماء الحمام المنصرف اطلاقها بحكم الغلبة
إلى الكر فان مفهوم عدم الاعتصام إذا كان المجموع كرا فإذا ثبت عدم اعتصام الأسفل بالأعلى في الحمام ثبت في غيره بالاجماع والأولوية فان الحمام أولي
بالتسهيل من غيره ولذا لم يعتبر المحقق الكرية في مادته بل ولا في مجموعه مع أنه يمكن عدم الحاجة إلى الاجماع والأولوية بناء على أن المستفاد من القضية
الشرطية في قوله (ع) إذا كانت له مادة مع القول بمفهوم هنا اتفاقا عليه المادة لاعتصام ماء الحمام فيتعدى بمقتضى العلة من منطوقه إلى كل ماء
قليل له مادة هي كر ومن مفهومه إلى كل ماء قليل لم يكن له مادة هي كر كما فيما نحن فيه واما الفحوى المتقدمة فهى أولا ممنوعة بان الا ظهر في حكمته عدم انفعال
الكثير انتشار النجاسة في اجزائه وتوزيعها عليها فيستهلك فيه ولا يتقوى عليه وهذا مفقود مع علو بعضه بل الأولى على هذا تقوى
الاعلى لو لاقي نجسا بالأسفل لانتشار النجاسة منه إلى المجموع دون تقوى الأسفل الملاقى وثانيا انها معارضة بما تقدم من دليل اعتبار
كرية العالي في تقوى الأسفل به هذا كله مع امكان حمل كلمات من حكم بتقوى الأسفل هنا على صورة العلو على وجه الانحدار ويكون الحكم في
التسنيمي عندهم بمثل الميزاب وشبهه كمادة الحمام التي هي كذلك غالبا وهذا أيضا وجه جمع بين كلماتهم المتنافية ظاهرا كما عرفت فان ظاهر عبارتي
المعتبر والمنتهى غير التسنيم الرابع هو القسم الثالث لكن مع كون العالي كرا وظاهر العبائر المتقدمة عن جماعة كالعلامة والشهيد في كتبه والمحقق الثاني
تقوى الأسفل به بل ربما ادعى بعض وحكى شارح الدروس الاتفاق عليه لكنه شكل لان العلامة في المنتهى والتذكرة مع اعتباره الكرية في مادة الحمام تردد
في الحاق غير الحمام به الا ان ايراد الالحاق من حيث عدم اعتبار الدفعة في تطهيره ولان الشهيد في الدروس والذكرى كما عن جامع المقاصد بعد حكمهما بتطهر
البئر بالامتزاج مع الكثير والجاري منعا تطهرها لو تسنم الجاري والكثير عليه من فوق معللا بعدم الاتحاد في التسنم ولان شارح الروضة وجه حكم العلامة
قده باعتبار الدفعة في الكثير الملقى على الماء النجس بأنه لولاها لزم اختلاف سطوح الكثير عند القائه فينفعل ما ينزل منه بملاقات النجس وتقدم
عن صاحب المعالم أيضا ان اللازم على القول باعتبار تساوى السطوح في الكر اعتبار الدفعة في التطهير لئلا
يختلف سطوح الماء الملقى ومن المعلوم
ان القول باعتبار الدفعة لا يختص بما إذا لم يزد المطهر على الكر ومقتضى ما تقدم من صاحب المعالم من دعوى انصراف الكر إلى الماء المجتمع المتقارب عدم
الاعتصام هنا وكذا مقتضى استدلال جامع المقاصد على عدم تقوى العالي المتمم بالسافل بان العالي لا ينجس بنجاسة فلا يطهر بطهارته وسيأتي و
كيف كان فلا يوجد في المقام دليل على الاعتصام ممن يعترف بعدم الوحدة في المسألة السابقة لان كثرة العالي لا دخل لها في تحقق الوحدة ولا في
غلبة العالي والاستناد في ذلك إلى ما ورد من كفاية المادة في عدم انفعال الحمام مشكل لاحتمال اختصاص الحكم الحمام ولذا قيل بعدم اعتبار الكرية فيها الا ان يقال إن
المستفاد منها كما تقدم علية وجود المادة لعدم انفعال ماء الحمام فيتعدى إلى كل ماء قليل له مادة متسنمة عليه هي كر فصاعدا والمادة لغة وعرفا
ما يستمد منه فيشمل الكر المتسنم أيضا هذا مضافا إلى رواية ابن أبي يعفور ماء الحمام كماء النهر يطهر بعضه بعضا بناء على أن النهر هو الجاري ولولا
عن نبع ومقتضى التشبيه ثبوت احكام كل من الطرفين للاخر فيثبت لماء النهر حكم ماء الحمام الا ما خرج بالدليل وضعف الرواية منجبر باشتهار مضمونه هذا
مضافا إلى ما عرفت من تقريب الوحدة في المسألة السابقة بشهادة العرف ودلالة قوله (ع) يطهر بعضه بعضا على وحدة المادة وذيها فيكفي عمومات
عدم انفعال الكر وتبقى الرواية مؤيدة الخامس اختلاف السطحين مع انحدار أحدهما زائدا على ما يلحق عرفا بالمساوى مع كل نقص منهما عن الكر ويظهر من
العباير المتقدمة فيه ثلاثة أقوال التقوى من الطرفين وهو المستفاد من ظاهر عبائر جماعة تقدمت كالدروس والموجز وشرحه حيث حكموا بتقوى الأسفل
بالأعلى فيلزم العكس بالاجماع وهو صريح الروض والمدارك وربما ينسب إلى اطلاق المعتبر والمنتهى في الغديرين المتواصلين بساقية وفيه تأمل لامكان
دعوى ظهوره في التساوي وشبهه وعدمه كما تقدم من ظاهر بعض كلمات العلامة والشهيد وجميع كلمات المحقق الثاني وتقوى السافل بالعالي
دون العكس كما تقدم عن التذكرة وبعض عبائر الدروس والموجز وشرحه بناء على عدم فرقهم بين الانحدار والتسنيم والأقوى هو القول الأول لأن الظاهر
وحدة الماء عرفا فيشمله أدلة الكر واما القول الثاني فالظاهر تفرد المحقق الثاني به على ما يقتضيه استدلاله بان عدم نجاسة العالي بالسافل
يقتضى عدم طهارته بطهارته واما العلامة والشهيد فكلاهما المتقدم في اعتبار كرية مادة الحمام الظاهر في عدم التقوى مطلقا مختص بما هو الغالب
في مادة الحمام من تسنمها لعل القول الثالث كذلك بناء على ظهور العالي والسافل في كلمات الأصحاب في التسنيم واعلم أن القليل المتغير لا يطهر
بزوال تغيره عن قبل نفسه اجماعا لان عله التنجيس فيه الملاقاة دون التغير وهي لم تزل واما الكر المتغير فالمشهور انه لا يطهر أيضا بزوال تغيره
22

من قبل نفسه ولا بتصفيق الرياح فيه ولا بوقوع أجسام طاهرة فيه تزيل تغيره من دون اتصاله بمعتصم أو امتزاجه به لاستصحاب النجاسة حتى من
المنكرين للاستصحاب بناء على تسمية ما نحن فيه عندهم بعموم الدليل وللامر بوجوب النزح في البئر المتغير حتى يزول تغيره بناء على أن حتى للانتهاء
دون التعليل خلافا للمحكى عن يحيى بن سعيد إما بناء على ما ذهب إليه في طهارة الماء باتمامه كرا كما بناه عليه بعض للمرسل المشهور إذا بلغ الماء كرا
لم يحمل خبثا بناء على أن الخارج من ذلك حال تغير الكر فيدخل ما بعده في العموم أو فرض نصفى كر زال تغيرهما فاجتمعا وان ثبت هنا ثبت في غيره
بالاجماع ولذا ذكر صاحب المدارك وجماعته تبعا للمحقق في المعتبر ان هذا لازم القول بجبر البلوغ أو لقاعدة الطهارة بناء على عدم جريان استصحاب النجاسة
لان موضع النجاسة هو المتلبس بالتغير أو المردد بين ما حدث فيه التغير في زمان وما تلبس به وعلى التقديرين فلا يعلم بقاء الموضوع الذي هو شرط
في جريان الاستصحاب وللاخبار الظاهرة في اعتبار فعلية التغير في النجاسة مثل قوله كلما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضأ واشرب وقوله (ع) لا باس
إذا غلب لون الماء لون البول وقوله (ع) إن كان النتن الغالب على الماء فلا توضأ ولا تشرب ونحو ذلك أو يكون كلمة حتى في صحيحة ابن بزيع للتعليل
أو للانتهاء مع استظهار دخولها على العلة الغائية مثل قوله تفكر في العبارة إلى أن تفهمها ويرد الأولى مضافا إلى فساد المبنى كما تقدم ضعف
الابتناء فان الأدلة التي اعتمدوها في ذلك القول لا دلالة لها على ما نحن فيه فان عمدة تلك الأدلة الحديث المشهور إذا بلغ الماء كرا لم يحمل
خبثا وهو مخصوص نصا واجماعا بالخبث الذي لا يكون مغيرا للماء فإذا ثبت النجاسة بالتغير كانت مستصحبة ولو قيل إن القدر الثابت من المخصص
بالمتغير ما دام متغير أو إما ما بعد زوال التغير فهو داخل في العموم قلنا هذا بعينه وأورد على التمسك بقوله (ع) في الصحيح إذا كان قدر كر لم ينجسه شئ كما لا يخفى
كذا حكاه في الحدائق عن بعض الأفاضل وفيه ان المخرج في الخبر المتقدم ليس هو القذر المغير إذا الخبث ليس اسما للعين وانما هو معنى قائم بالجسم النجس فالمعنى ان
الكر لا يتصف بالنجاسة ولا يحملها فخروج صورة التغير انما هو من عموم الأحوال فالمخرج حالة التغير وغيرها داخل تحت الاطلاق المفيد العموم نعم لو فرض
المخرج هو الماء المتغير من بين افراد المياه حتى يكون هذا الحكم مختصا بالماء الغير المتغير وكان حكم الماء المتغير مسكوتا عنه في هذا الخبر أو فرض
المخرج هو الخبث الحاصل من التغير وكان حكم الخبث بعد زوال التغير مسكوتا عنه أمكن التمسك في محل السكوت بالاستصحاب لكن التخصيص بأحد الطريقين
غير ثابت فيلزم خروج ما لو اجتمع الكر من مياه نجسة زوال تغيرها ومن هنا يعلم أنه لو سلم عدم جريان العموم بالنسبة إلى الكر الذي تغير ثم زال تغيره
لكن لا تأمل في جريان العموم بالنسبة إلى الكر المجتمع من المياه المذكورة فإذا ثبت الطهارة هنا ثبت في غيره بالاجماع واما ما ذكره من النقص بالصحيحة
المشهورة إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ ففيه انها لبيان حكم الدفع فلا معنى للتمسك به عند الشك في الرفع فالاستصحاب سليم ويرد على الثاني
انه يكفي في جريان الاستصحاب حكم الصرف بان هذا الماء كان نجسا وإن كان مقتضى الدقة ترديد المشار إليه بهذا بين الذات المشتركة بين
المتغير وما زال عنه فيمنع نجاسته لان المسلم نجاسة خصوص ما تلبس بالتغير وبين خصوص المتلبس وهذا الموجود الغير المتلبس لم يكن نجسا
لكن بناء الاستصحاب على المصاديق العرفية للقضايا المتيقنة سابقا وقد نبهنا على أن مقتضى الدقة الخدشة في استصحاب الكرية بل هو أولي
بعدم الجريان من الاستصحاب فما نحن فيه ويرد الثالث بان الظاهر من الاخبار إناطة الحكم بغلبة الماء على أوصاف النجاسة أو غلبتها عليه في أول الأمر
فلا يشمل ما كان غالبا بعد إن كان مغلوبا واما كلمة حتى في صحيحة ابن بزيع فهى ظاهرة في غير التعليل ودخولها على الغاية المقصودة من النزح
غير معلوم وعلى تسليمه فالغاية هو ذهاب الطعم والريح الحاصل بامتزاجه بالماء الطاهر المتجدد بالنزح لا مطلق ذهابهما والكر من الماء الذي عليه
المدار في عدم الانفعال وان ورد إناطة الحكم بغيره مما لابد من ارجاعه إليه ولو بتكلف أو طرحه لعدم المقاومة الف ومائتا رطل على
المشهور بل هي الغنية الاجماع عليه وظاهر المنتهى والمعتبر وصريح غيرهما عدم الخلاف فيه ويدل عليه مرسلة ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا وعليه الأصحاب
كما في الحدائق والظاهر كون التقدير فيها بالرطل العراقي الذي هو مائة وثلاثون درهما على المشهور لمكاتبة الهمداني عن أبي الحسن (ع) ان الصاع ستة أرطال
بالمدني وتسعة أرطال بالعراقي ووزنه الف وماءة وسبعون وزنه وعن التحرير انه مائة وثمانية وعشرون وأربعة أسبع ونسبه إلى الغفلة ومستند
الحمل على العراقي صحيحة ابن مسلم ان الكر ستمائة رطل فان الظاهر الاتفاق على أن المراد به ليس العراقي ولا المدني فيتعين الحمل على المكي وهو عند الأصحاب كما
في الحدائق ضعف العراقي فيكون مبينا للمرسلة مع كفايتها للاستناد واما احتمال حملها على المدني كما ذكره شيخنا البهائي فيكون تسعمائة بالعراقي
فيقرب من مسامحة القميين فيرده رواية علي بن جعفر الواردة في انفعال ألف رطل من الماء وقع فيها أوقية من دم وربما استظهر إرادة العراقي من
المرسلة لكن المرسل عراقيا ولارادة العراقي بدون نصب القرنية في بعض الأخبار كما في رواية الكليني النسابة التي استشهد بها في الحدائق ويضعف
الأول بان المرسل غير المخاطب مع ملاحظة عرف السائل لها وجه إذا ذكر اللفظ في السؤال فأعاده الإمام (ع) في الجواب لا ما إذا لم يذكر الا في كلام
الإمام (ع) واما الرادة العراقي في بعض الاطلاقات فمع ان الراوي فيه عراقي معارضة بالمثل بل أقوى ففي صحيحة زرارة ان الوضوء بمد والمد رطل
ونصف الصاع وستة أرطال مع أن زرارة لم يكن مدنيا واضعف مما ذكر التمسك بعد تسليم تكافوء الاحتمال بأصل الطهارة وعموم قوله (ع)
23

وسلم خلق الله الماء طهورا لم ينجسه شئ فان الأصل مدفوع بما ثبت من علية الكرية لعدم الانفعال الدالة على أن الملاقاة بنفسه مقتضية
الانفعال ولا يتخلف عنه المانع والمانع مدفوع بالأصل واما العموم فبعد تسليم الرواية والاغماض عن الطعن عليها لعدم ورودها في
أصول أصحابنا فهو لأجل الجمع بينه وبين قوله (ع) إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ الدال على علية الكرية لعدم التنجيس مقيد بالكر وان كونه لا
ينجسه شئ انما هو باعتبار كريته فتكون الكرية قيدا للموضوع وهو الماء الذي لا ينسجه شئ فكلما شك في كريته فلا يجوز الحكم عليه بعدم التنجيس بمقتضى
العموم لأنه شك في موضع العالم لا فيما خرج منه فافهم وقد نبه على ما ذكرنا في رد الأصل شيخنا في تمهيد القواعد في مسألة الشك في كرية الماء حيث
حكم بالنجاسة ورد أصالة الطهارة بان الملاقاة سبب في التنجيس ثم ذكر ان هذا هو الشايع بين الفقهاء واعترض عليه في الحدائق بمنع كون الملاقاة
مقتضية للتنجيس بل هي مع القلة وهي غير متحققة وفيه ان القلة لم يذكر في الأدلة عنوانا للانفعال وانما المذكور فيها ان الماء الذي يدخله الحمامة
والدجاجة الواطئة للعذرة لا يجوز استعماله الا ان يكون كرا من ماء وان الماء الذي لاقاه الكلب لا يستعمل الا ان يكون حوضا كبير أو ان الماء إذا
لم يكن كرا يتنجس بالنجاسة ومعلوم ان مقتضى هذه العمومات النجاسة إلى أن يثبت كون المشكوك فيه خارجا عنها والا اقتصر على المتيقن نعم قد
يتوهم ان مقتضى الثالث كون عدم الكرية شرطا في الانفعال لكن يمكن احرازه بالأصل فان الأصل عدم تحقق مناط الاعتصام فيما كان ألفا ومأتين
بالعراقي وقد نبه على ما ذكرنا في زاد العموم شيخنا في المعالم بان الأخبار الدالة على اعتبار الكرية اقتضت كونها شرطا لعدم الانفعال فما لم يدل
دليل شرعي على حصول الشرط يجب الحكم بالانفعال ثم قال وبهذا يظهر ضعف احتجاجهم بالأصل على الوجه الذي قرروه وتنظر فيه في الحدائق
بان شرطية الكرية لا يقتضى الحكم بالانفعال مع عدم العلم بالشرط لان المشروط عدم عند عمد الشرط في الواقع لا عند عدم العلم به مع أنه
معارض بدلالة الأخبار المذكورة على أن القلة شرط في الانفعال فما لم يدل دليل على حصول الشرط يجب الحكم بعدم الانفعال انتهى ولا يخفى
ان مقصود صاحب المعالم عدم جواز التمسك بعمومات الطهارة وان اللازم التمسك بعموم النجاسة وان عدم الدليل على كون الأقل كرا يكفي
في الرجوع إلى العموم أو ما كان كل من طوله وعمقه وعرضه ثلاثة أشبار ونصف على المشهور وفى الغنية الاجماع عليه ويدل عليه رواية الحسن بن صالح
الثوري عن أبي عبد الله (ع) إذا كان الماء في الركى كرا لم ينجسه شئ قلت وكم الكر قال ثلاثة أشبار ونصف عمقها في ثلاثة أشبار ونصف عرضها والظاهر أن
المراد من العرض هو سطحه المشتمل على الطول والعرض كما سيأتي في الصحيحة المحددة للكر بالذراع والشبر مع أن الطول لو كان انقص من ثلاثة
ونصف لم يسم الازيد عرضا فلا أقل من وجوب كونه مساويا له فالعرض هنا مثل قوله عرضها كعرض السماء والأرض نعم يدخل على هذا السطح
المستدير البالغ ثلاثة أشبار ونصفا مع أنه ليس كرا اجماعا ويمكن اخراجه بان الظاهر من الرواية كون مجموع الثلاثة ونصف من العمق ثابتا
في تمام سطح الكر لا في خط منه فيخرج الدائرة ويمكن اخراجها بالاجماع فهو من باب تقييد المطلق وهذا الايراد وارد في جميع الروايات ويمكن
الاستدلال عليه برواية أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) إذا كان الماء ثلاثة أشبار ونصفا في مثله ثلاثة أشبار ونصف في عمقه من الأرض فذلك الكر و
يمكن تقريب دلالتها نظير ما تقدم في الرواية السابقة من أن معنى كون الماء ثلاثة أشبار ونصف كون سطحه المشتمل على الطول والعرض بهذا المقدار
ويكون في عمقه صفة لثلاثة أشبار ونصف وهي يدل على مثله يعنى إذا كان سطحه ثلاثة أشبار ونصف في
ثلاثة أشبار ونصف ثابتة في عمقه و
يعضد ما ذكرنا سقوط مثله في بعض نسخ المنتهى والمحكى عن نسخة مقروة على المجلسي مصححة ودلالة الروايتين وان لم يخل عن تكلف الا انهما نصان في
زيادة النصف على الثلاثة فيرجحان على رواية إسماعيل بن جابر ان الكر ثلاثة أشبار في ثلاثة أشبار الاحتمال سقوط النصف فيها وعدم احتمال
زيادته في الروايتين واعتضادهما بالشهرة واجماع الغنية وان طعن في عليه المعتبر بوجود الخلاف لكن أيده في المنتهى بشذوذ قول القميين
وهما أولي بالترجيح بهما من أقرئيه هذه المساحة بما ورد من التحديد بالقلتين وأكثر من راوية وتقديرا لكر بقوله (ع) نحو حبى هذا ومما تقدم
من المختار في وزن الكر وأيده بما أرسله الصدوق من أنه ما كان ثلاثة أشبار طولا في ثلاثة أشبار عرضا في ثلاثة أشبار عمقا هذا كله مع مخالفته
رواية إسماعيل للرواية عن علي بن جعفر عن أخيه (ع) في جرة فيها ألف رطل من الماء فوقع فيه أوقية من دم هل يصلح شربه فان ألف رطل على ما اعتبره بعضهم
شبر من الماء لوجده الفين وثلاثمائة وثلاثة وأربعين مثقالا يقرب من ثلاثين شبرا فلا معنى للحكم بانفعاله واحتمال نقصانه عن سبعة وعشرين
شبر الثقل الماء بعيد في الخارج وفى مورد الرواية ومع فرض التكافؤ فالمرجع إلى عموم أدلة النجاسة كما تقدم خلافا لمن عرفت وهنا رواية صحيحة
أخرى ذكر في المدارك انها أصح رواية عثر عليها في المقام وهي صحيح إسماعيل بن جابر في الماء الذي لا ينجسه شئ قال (ع) ذراعان عمقه وذراع وشبر سعته والذراع
قدمان كما يظهر من باب المواقيت والمراد بسعته سطحه المشتمل على الطول والعرض فيصير مكسره ستة وثلاثين واحتمل في المعتبر العمل بها لكن ذكر في المنتهى
انه لم يقل أحد بهذا المقدار واستجود حمل الشيخ قده لها على ما إذا بلغ الحد بالأرطال ويؤيده ما عن المحدث الاسترآبادي من انا اعتبرنا الكر
بالوزن فوجدناه قريبا من هذا المقدار والمعروف من صاحب المدارك استشكاله في العمل بالصحيحة إذا خالف عمل الأصحاب وهنا أقوال أخر ضعيفة أحدها
24

قول الإسكافي بما بلغ مكسره مائة شبر وما أبعد ما بينه وبين قوله في الوزن بالأرطال العراقي أو ما بلغ قلتين والثاني قول الراوندي وما بلغ هو ابعاده
إلى عشرة ونصف من غير تكسر ولم نجد ما يمكن من الاستدلال له واستدل له شارح الروضة برواية أبي بصير المتقدمة بجعل في بمعنى مع فلا يعتبر
الضرب وفيه ما لا يخفى ثم إن لازم هذا القول اختلاف افراد الكر وأقل فروضها كما في الروض ما كان طوله عشرة أشبار ونصف مع كون كل من عرضه وعمقه
شبرا وذكر بعضهم في أبعد فروضه ما كان عمقه تسعة أشبار وعرضه نصف شبرا وما في الروض أولي لان ظاهر المنقول عن الراوندي هو
اعتبار الشبر المكعب ولهذا لم يذكروه مخالفا للمشهور في أصل التحديد ثلاثة ونصف وانما ذكره في المنتهى في فروع هذا التحديد وان المشهور يعتبرون
في الابعاد الضرب وان انكسر ولا يعتبره قطب الدين قده والثالث المحكي عن ابن طاوس قده من التخيير بين هذه الروايات فان أراد الظاهري فله
وجه وان أراد الواقعي وحمل الزايد على الاستصحاب فلا يعرف له وجه كما لم يعرف وجه لتقدير الكر على المشهور بالوزن والمساحة مع كونه بالوزن أقل
دائما فان تصحيح التحديد بأحد الامرين من الأقل والأكثر مشكل جدا نعم لو تفاوت الحد ان يحسب اختلاف المياه ثقلا وخفة كما قيل إنه قد يقرب التفاوت
إلى قريب العشر كان له وجه لكن يعارضه ان الشبر في السابق كان أزيد لطول أبدان السابقين وأعضائهم وبالجملة فالظاهر أنه لا ينبغي الارتياب في كون
الكر بحسب المساحة أزيد وقد تقدم ان بعضها اعتبره فوجد الوزن قريبا من ستة وثلاثين شبرا وإذا اعتبر أشبار السابقين يصير أقل من ذلك ولم
أجد من دفع الاشكال نعم دفعه بعض بوجه أشكل وهو منع علم الإمام (ع) بنقص الوزن دائما عن المساحة ولا غضاضة فيه لان علمهم ليس كعلم الخالق
فقد يكون قدروه بأذهانهم الشريفة واجري الله الحكم عليه انتهى وفيه ما لا يخفى فان هذه يرجع إلى نسبة الغفلة في الأحكام الشرعية بل الجهل
المركب إليهم وتقرير الله سبحانه إياهم على هذا الخطاء تعالى الله وتعالوا عن ذلك علوا كبيرا ثم إن هذا التحديد كغيره من التحديدات الشرعية مبنى على
التحقيق دون التقريب لأنه مقتضى الظاهر اللفظ نعم قد يتسامح في اطلاق ألفاظ المقادير على ما نقص أو زاد إذا كان بحكم المعدوم بالنسبة إلى الحكم المتعلق
بذلك المقدار ويتفاوت في أصل المسامحة وفى مقدارها الاحكام وحيث كانت الأحكام الشرعية تابعة للحكم الخفية لم يعلم جواز المسامحة في متعلقاتها
فهى أضيق دائرة عن المقادير المتعلقة للأحكام الطبية
(واما) القسم الثالث من المياه فهو (ماء البئر) وهو ما لا يصح سلب البئر عنه عرفا وأوضحه في
غاية المراد بأنه مجمع ماء نابع من الأرض لا يتعداها غالبا ولا يخرج عن مسماها عرفا ولا يخرج هذا التعريف عن خدشات فالأولى وكوله إلى العرف
والظاهر عدم صدق ماء البئر على ما يجرى إليها من العيون الجارية وإن كان المجتمع يسمى بئرا مطلقا أو مع نبع ماء منه غير ما يجرى إليها والمصباح فيحتمل وجوب
النزح منه وان اتصل بالجاري للاطلاقات والأقرب عدم الحاجة إليه لمنع شمول أدلة انفعال البئر الا لمائة أو خلى وطبعه لا إذا اتصل بالجاري ثم
لو فرض الشك في صدق البئر على مجمع ماء كما في العيون الراكدة فان قلنا بنجاسة البئر مطلقا فالأقوى فيها الفرق بين الكر والقليل إذ لا دليل
على طهارة القليل منها لعدم ثبوت كونها من الجاري مع ما عرفت من التأمل في اعتصام الجاري القليل لولا الشهرة والاجماعات المدعاة وشذوذ
المخالف في المسألة واما رواية ابن بزيع المشتملة على التعليل بالمادة فهى إذا لم نقل به في موردها وهو البئر لفرض القول بنجاستها فكيف نتعدى منه
واما على القول بطهارة البئر مطلقا ففي الحكم بالطهارة هنا اشكال لما عرفت من أن التعليل فيها يحتمل الرجوع إلى الجزء الأخير منها وهو ترتب
ذهاب التغير على النزح وعلى تقدير الظهور في الرجوع إلى الفقرة الأولى أو الثانية أو كليتهما فيعارضها ما دل على انفعال القليل فلا بد من ارتكاب
التخصيص في تلك الأخبار أو مخالفة الظاهر في الرواية لا بعنوان تخصيصها بالكر حتى يلغو التعليل بالمادة بل يصرف التعليل إلى الجزء الأخير وأولوية
التخصيص في خصوص المقام ممنوعة لقوة العمومات وضعف ظهور التعليل وعلى فرض التكافؤ فيمكن الرجوع إلى مفهوم ما دل على اشتراط المادة
المشتملة على الكر في اعتصام ماء الحمام بناء على ما تقدم من أن الظاهر الجملة الشرطية علية المادة المشتملة على الكر للاعتصام فكما يتعدى من منطوقه
إلى كل ماء قليل متصل بمادته المشتملة على الكر كذلك يتعدى من مفهومه إلى كل ماء قليل انتفت فيه تلك العلة وتوهم ان النسبة بينهما عموم من وجه
فيتعارضان في ما إذا كان الماء القليل مادة كر مدفوع بان مادة الاجتماع غير قابلة للخروج عن المفهوم والا لغى اعتبار الكرية في المادة
وكانت العلة نفس المادة نعم يمكن ان يقال إنه لو علم كون مادة العين الراكدة كرا وعلم اتصالها بها حين الملاقاة لم ينفعل لمنطوق العلة
في ماء الحمام فإنه يتعدى إلى غيره كما عرفت أدلته المخصصة لأدلة انفعال الماء القليل ويبقى تعليل الصحيحة مؤيدا كعمومات الطهارة وفى تطهرها بالنزح
المزيل لو انفعل بالتغير وجه إما الرجوع التعليل في الصحيحة إلى الفقرة الثانية فقط أو مع الأولى واما لان المادة إذا فرضت كرا فاخرج منها بسبب
نزح بعض الماء مقدار مزيل للتغير فقد زال تغيره بماء معتصم فيطهر كما عرفت سابقا وكيف كان فإنه ينجس ماء البئر كغيره بتغيره بالنجاسة اجماعا
نصا وفتوى وهل ينجس بالملاقات ولو كان كثيرا كما قال أكثر القد ماء كالصدوقين والمشايخ الثلاثة واتباعهم والحلى وابن سعيد والمحقق والفاضل في
بعض كتبه والشهيدين بل عن الأمالي انه من دين الإمامية وعن الاقتصار والغنية وظاهر التهذيبين ومصريات المحقق الاجماع وفى السراير
نفى الخلاف فيه وفى شرح الجمل الاجماع وعن كاشف الرموز ان عليه فتوى الفقهاء عن زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى يومنا هذا وفى الروضة كاد يكون
25

اجماعا أو لا ينجس ولو كان قليلا كما عن العماني وابن الغضايري والشيخ في التهذيبين والعلامة في أكثر كتبه وشيخه مفيد الدين محمد بن محمد بن
الجهم وولده وصاحب التنقيح والموجز وجامع المقاصد والمحقق الميسي والشهيد الثاني على ما صح عن رسالة المصنف في المسألة وجمهور
المتأخرين عنه أو يفرق بين القليل والكثير كما عن البصروي وحكاه في المنتقى عن جماعة قيل وهو لازم للعلامة المفصل في الجاري بين القليل
والكثير وفى الملازمة نظر لكن لا يبعد استظهاره منه في المنتهى ثم المحقق مع ما حكى عن مصرياته من الاجماع على الحكم بالنجاسة قال هنا فيه
تردد وإن كان الا ظهر التنجيس لما ذكر في المعتبر من النقل المستفيض عن الصحابة بايجاب النزح وانه كان معلوما منهم وان اختلفوا في
في مقدار النزح والأخبار المتواترة الدالة على وجوبه وربما استدل أيضا بالاجماعات المنقولة المعتضدة بالشهرة العظيمة ورد تواتر
الاخبار والنقل بالنزح بعد تسليم دلالته على النجاسة حمل ذلك على الاستحباب لما سيأتي من الامارات واما الاجماع والشهرة فموهون بما عرفت
من الخلاف من كثير من العلماء وربما استدل أيضا ببعض الاخبار الظاهرة في النجاسة مثل صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع قال كتبت إلى رجل أسئله ان
يسئل أبا الحسن الرضا (ع) عن البئر يكون في المنزل للوضوء فيقطر فيه قطرات من بول أو دم أو يسقط فيها شئ من عذرة كالبعرة ونحوها ما الذي
يطهرها حتى يحل الوضوء منها للصلاة فكتب (ع) في كتاب ينزح منها دلاء وفيه ان دلالتها ليس الا من باب التقرير بضميمة أصالة عدم الخوف
في الردع بالكتابة وهو معارض بظهور قوله ينزح دلاء في كفاية نزح مطلق الدلاء للدم والبول والعذرة فيتعين حمل الجملة الخبرية
على الاستحباب فيكون نزح مقدار من الدلاء مستحبا لكل واحد وإن كان الأفضل ما ورد في المقدار المعين لكل واحد إذ لو حمل على الوجوب
لم يجز حمله على ظاهره من التخيير بين الدلاء في النجاسات المذكورة اجماعا فلا بد إما من التزام اجمال الرواية وان المقصود بيان ايجاب أصل
النزح بمقدار من الدلاء وان النزح طريق تطهير البئر وتفصيله موكول ببيان ما يجب في كل واحد من النجاسات إلى مقام اخر واما من التزام نصب
القرنية لإرادة العدد الخاص من لفظ الدلاء بالنسبة المسؤول عنها وشئ من الامرين المخالفين لظاهر الرواية بل صريحها لا يلتزمه
أحد لأجل أصالة عدم ردع الإمام (ع) بل الظاهران السايل بعد ملاحظته لكلام الإمام (ع) لم يشك في أنه ردعه بهذا الكلام عن اعتقاده هذا
مضافا إلى أن ابن بزيع روى الرواية الآتية التي هي أظهر من هذه في عدم انفعال البئر وبصحيحة علي بن يقطين عن أبي الحسن (ع) عن البئر يقع فيها
الحمامة أو الدجاجة أو الفارة أو الكلب أو الهرة فقال يجزيك ان ينزح منها دلاء فان ذلك يطهره انشاء الله تعالى وهذه أظهر دلالة من الأولى لوقوع
التطهير في كلام الإمام (ع) الا ان الامر بنزح الدلاء أظهر هنا في الاستحباب من حيث كونه أظهر في مقام البيان فيبعد جدا حملها على بيان نوع المطهر
وإحالة تفصيل كل واحد من النجاسات المذكورة إلى مقام اخر فالأولى حمل لفظ التطهير هنا على إرادة إزالة القذارة والنفرة الحاصلة من وقوع
تلك الأشياء وبصحيحة ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع) إذا أتيت البئر وأنت جنب فلم تجد دلو أو الأشياء تغترف به فيتمم بالصعيد فان رب الماء رب
الصعيد ولا تقع في البئر ولا تفسد على القوم مائهم وفيه ان الاستدلال مبنى على فرض بدن الجنب نجسا ولا شك في أن وقوعه في البئر ينجس البئر
فلا يرفع الحدث بل يزيد ويحتاج بالآخرة إلى التيمم فليس محذورا لوقوع في البئر راجعا إلى ما يضر بالقوم كما هو ظاهر الرواية بل هو لغو صرف
وزيادة في نجاسة بدنه فالتعليل بهذا أولي بل متعين حيث إن محذور فساد الماء يرتفع بنزح دلاء منه فلا دلالة في الرواية على المطلوب ويكون النهى
عن افساد الماء لأجل استقذار القوم ذلك أو لاثارة الوحل من البئر أو لصيرورته مستعملا في الحدث الأكبر فالانصاف ان هذه الصحيحة أظهر
في عدم الانفعال والعجب ممن حكى عنه في المنتقى مساواة ظهور هذه الصحيحة في الدلالة على الانفعال لصحيحة ابن بزيع الآتية الدالة على عدم
الانفعال وموثقة عمار الواردة في وقوع الكلب والفأرة والخنزير قال ينزف كلها فان غلبت الماء ينزف يوما إلى الليل ثم يقام عليه قوم يراوحون
اثنين اثنين فينزفون يوما إلى الليل وقد طهرت وفيه ان نزح الكل للأشياء المذكورة لعله خلاف الاجماع ولذا حمله الشيخ على صورة التغير وبحسنة
الفضلاء بابن هاشم قالوا قلنا له (ع) بئر يتوضأ منها يجرى البول قريبا منها أينجسها فقال إن كان البئر في
أعلى الوادي يجرى فيه البول من تحتها
وكان بينهما قدر ثلاثة أذرع أو أربعة أذرع لم ينجس شئ من ذلك وإن كان أقل من ذلك نجسها قال وإن كان البئر في أسفل الوادي ويمر الماء عليها
وكان بينه وبين البئر تسعة أذرع لم ينجس وما كان أقل من ذلك فلا تتوضأ منه فقلت له فإن كان مجرى البول يلصقها وكان لا يلبث على الأرض فقال
ما لم يكن له قرار فلا باس وان استقر منه قليل فإنه لا يثقب الأرض ولا قعر له حتى يبلغ البئر وليس في البئر منه باس فتوضأ منه انما ذلك استنقع
كله والانصاف ان هذه الحسنة وان لم يحمل على ظاهرها من حيث عدم انفعال البئر بمجرد قرب المبال فيها الا انها ظاهرة في الانفعال عند العلم
بوصول البول إليها ونحوها في الظهور قوله (ع) في رواية ابن مسكان عن أبي بصير وكل شئ يقع في البئر ليس له دم مثل العقرب والخنافس وأشباه
ذلك فلا باس لكنها كالروايات الأربع المتقدمة على فرض تسليم ظهورها في الانفعال وجميع اخبار النزح مع الإغماض عن ظهورها في الاستحباب
وتسليم دلالة وجوب النزح على النجاسة معارضة بالصحاح المستفيضة وغيرها هي أقوى دلالة من تلك الأخبار ففي صحيحة محمد بن إسماعيل بن
26

بزيع ماء البئر واسع لا يفسده شئ الا ان يتغير فينزح حتى يذهب اللون ويطيب الطعم ودلالتها واضحة والا يلتفت إلى ما ذكر لها في المعتبر وغيره من التأويل
وصحيحة علي بن جعفر عن أخيه (ع) عن ماء بئر وقع فيه زنبيل من عذرة يابسة أو رطبة وزنبيل من سرقين أيصلح الوضوء منها قال لا باس وصحيحة معاوية بن
عمار لا يغسل الثوب ولا يعاد الصلاة مما يقع في البئر الا ان ينتن وصحيحة الأخرى في فارة تقع في البئر فتوضأ منها وصلى وهو لا يعلم يعيد
صلاته ويغسل ثوبه فقال لا يعيد صلاته ولا يغسل ثوبه وبمعناها موثقة ابان ورواية جعفر بن بشير عن أبي عنبسة وصحيحة محمد بن مسلم عن أبي
جعفر (ع) في البئر يقع فيها الميتة فقال إن كان لها ريح ينزح عشرون دلوا بناء على أن النزح لزوال الريح غالبا بالعشرين أو للاستحباب ان لم يرجع
الضمير إلى البئر وصحيحة زرارة عن الحبل من شعر الخنزير يستقى به الماء من البئر هل يتوضأ من ذلك الماء قال لا باس بناء على أن البئر لا ينفك غالبا
عن ملاقاة الحبل وان أمكن ان يقال إن ماء الدلو لا ينفك أيضا عن ملاقاة ما يتقاطر من الحبل لكنه لا يقدح في المطلوب كما لا يخفى ونحوها
أو دونها في الظهور رواية زرارة في جلد الخنزير يجعل دلوا يستقى به الماء قال لا باس بناء على أن محل البيان وإن كان هو نفى الباس عن استعمال
جلد الخنزير واستعمال الماء النجس الذي يستقى به الا انه لو انفعل البئر كان ينبغي التنبيه على ذلك لئلا يستعمل البئر بعد ذلك قبل النزح ونحوهما
مرسلة علي بن حديد عن بعض أصحابنا قال كنت مع أبي عبد الله (ع) في طريق مكة فصرنا إلى بئر فاستقى غلام أبى عبد الله (ع) دلوا فخرج فيه فأرتان فقال أبو عبد
الله (ع) ارقه واستقى آخر فخرج فيه فارة فقال (ع) ارقه فاستقى الثالث فلم يخرج فيه شئ فقال (ع) صبه في الاناء فصبه ورواية محمد بن القاسم عن أبي الحسن (ع)
في البئر يكون بينها وبين الكنيف خمس أذرع أو أقل أو أكثر يتوضأ منها قال ليس يكره من قريب ولا بعيد ويتوضأ منها ويغتسل ما لم يتغير الماء وأرسل
الصدوق عن مسعدة عن الصادق (ع) انه كان في المدينة بئر وسط مزبلة فكانت الريح تهب ويلقى فيه العذرة وكان النبي صلى الله عليه وآله يتوضأ منها وموثقة
أبي بصير قلت لأبي عبد الله (ع) بئر يستقى منها ويتوضأ به وغسل به الثياب وعجن منه ثم علم أنه كان فيها ميت قال لا باس يغسل منه الثوب ولا يعاد منه
الصلاة وموثقة أبى أسامة قال إذا وقع في البئر البط والدجاجة والفاره ينزح منها سبع دلاء قلنا فما تقول في ثيابنا وصلاتنا ووضوئنا وما أصاب
ثيابنا قال لا باس وعن البئر يقع فيها زنبيل عذرة يابسة أو رطبة قال لا باس إذا كان فيها ماء كثير فان الكثرة العرفية غير معتبرة في الماء اجماعا فهى
للتحفظ عن التغير ولم يثبت الحقيقة الشرعية في لفظ الكثير حتى يكون الرواية دليلا للقول باعتبار الكرية في البئر فهذه اخبار اثنى عشرة بين صريح
في المطلوب وظاهر فيه ولو قدرت معارضة ظواهرها ما تقدم من اخبار النجاسة كان الواجب على المصنف ترجيح هذه عليها هذا كله
مضافا إلى مخالفة اخبارنا للعامة وموافقها للعمومات طهارة الماء واستلزام العمل باخبارهم لطرح اخبار معتبرة كثيرة في مقام التعارض في
مقدار النزح واما الشهرة ونقل الاجماع هو بالاطلاع على فساد المستند ومخالفة جماعة كثير من أهل التحقيق والتدقيق لهم ثم على فرض التكافؤ
فالواجب الرجوع إلى العمومات ومع التنزيل فإلى أصالة الطهارة هذا مضافا إلى لزوم الحرج الشديد خصوصا في البلاد التي ينحصر مائهم في البئر ولذا
قال كاشف الغطاء ما حاصلة ان من لاحظ ذلك لم يحتج إلى النظر في الاخبار عامها وخاصها واما القول باعتبار الكرية في البئر المنقول عن البصروي
ومحتمل انه لازم قول العلامة قده في الجاري فوجهه عموم أدلة انفعال القليل ولا يعارضها عموم أدلة طهارة البئر لانصراف الاطلاق فيها إلى
ما يبلغ الكر لأنه الغالب في الأبار ولذا أمروا (ع) أحيانا بنزح مائة دلوا وسبعين دلوا والكر من غير تقييد بكون الماء كثير اعتمادا على الغالب و
دعوى ان العمومات مخصصة بما دل على طهارة البئر عند التغير بنزحها حتى تزول التغير فلولا اعتصام الماء لا نفعل ما يخرج منها بملاقات المتغير
مدفوعة باحتمال كون النزح مطهرا تعبديا على خلاف القاعدة وخصوص رواية الحسن بن صالح الثوري المتقدمة في الكر من قوله (ع) إذا كان
الماء في الركى كرا لم ينجسه شئ وقوله (ع) في موثقة عمار السابقة في أدلة المختار لا باس إذا كان الماء كثيرا بحمله على الكثير الشرعي لأنه أقرب من حمله
على ما إذا لم يتغير وقوله (ع) في صحيحة بن بزيع المتقدمة ماء البئر واسع لا يفسده شئ بناء على ابقاء الوسعة بمعناها الحقيقي وهي الكثرة الفعلية
وجعل القضية محمولة على الغالب كما يشعر به كونه توطئة وتمهيد العدم الافساد وإرادة الوسعة من حيث الحكم أو الوسعة من حيث الاستعداد
لمكان المادة مرجوحة بالنسبة إلى حمل القضية على الغالب وعن الفقه الرضوي وكل بئر عمقها ثلاثة أشبار ونصف في مثلها فسبيلها سبيل
الجاري الا ان يتغير لونها أو طعمها أو رائحتها ولولا اعراض الأصحاب عن هذا القول أمكن المصير إليه وعن الجعفي اعتبار الذراعين في عدم
انفعال الماء ولم نعثر له على وجه ثم المختار من طهارة البئر فالمشهور بينهم استحباب النزح وينسب إلى الشيخ قده في التهذيب وجوب النزح أو تبعه العلامة
قده في المنتهى فان أرادوا به الوجوب الشرطي لما يشترط فيه الطهارة من الشرب والاستعمال في المأكول والطهارة به من الحدث والخبث بمعنى عدم
جواز هذه الأمور قبل النزح فليس النجاسة الا ما منع استعماله في هذه الأمور فإذا تحقق المنع عن هذه الأمور تحققت ولزمها نجاسة الملاقى فلا يرد ان الثمرة تطهر في عدم تنجس ملاقيه فتأمل وان أرادوا الوجوب النفسي
ففي غاية البعد وعن ظاهر الروايات ثم إن في الروايات قراين كثيرة على الاستحباب منها ما تقدم من الامر بنزح دلاء لنجاسة واحدة والنجاسات
فان إرادة الوجوب يوجب إرادة خلاف ظاهر اللفظ ومنها ورود اخبار متعارضة هنا فان الحمل على الوجوب يوجب طرح بعضها بخلاف الحمل على الاستحباب
27

وطريق تطهيره المتعارف المتفق عليه وإن كان مشاركا مع غيره من المياه النجسة في المطهر كما أن غيره قد يشاركه في التطهير بالنزح إذا كان ذا
مادة ينبع بالنزح كما في ظاهر صحيحة بن بزيع المتقدمة وأفتى به بزيع المقدمة وأفتى به الشيخان في الغدير النابع واما مشاركته مع غيره فهو
القوى على القول باعتبار الامتزاج مع المعتصم في التطهير قال في القواعد ولو اتصلت بالماء الجاري طهرت تساوى قرارهما واختلفا وفى البيان ويطهر بمطهر
غيره بالنزح لكن في المعتبر إذا جرى إليها الماء المتصل بالجاري لم يطهر لان الحكم متعلق بالنزح ولم يحصل وظاهره المنع ولو مع تساوى
القرارين وفى الدروس والذكرى طهارتهما بالامتزاج بالجاري والكثير ما لو تسنما عليها من فوق فالأقوى انه لا يكفي لعدم الاتخاذ في المسمى أقول
قد صرح الشهيد في الدروس بان الواقف المتصل بالجاري مع علو الجاري متحد معه بل تقدم في مسألة اشتراط تساوى السطوح في الكر دعوى الاتفاق
على الاتحاد مع علو المعتصم والمصباح فلا وجه لمنع تطهر البئر بالامتزاج مع المعتصم المتحد معه ومن ذلك يظهر ضعف دفع المنافاة بينهما بان الكلام
هناك في الدفع وهنا لم في الرفع واضعف منه احتمال خصوصية في البئر مفقودة في غيره وجه الأضعفية تصريحهم برد المحقق حيث ادعى
خصوصية في البئر من حيث اختصاص تطهرها بالنزح وكيف كان فالأقوى كون ماء البئر على القول بالانفعال كماء القليل فيما يطهر به فيبتنى ارجاع
الخلاف هنا إلى الخلاف هناك في كيفية التطهير وما يظهر من تعليل المعتبر من اختصاص تطهير البئر بالنزح لا مستند له الا الاخبار الظاهرة
في انحصار المطهر في النزح مثل قوله (ع) في صحيحة بن بزيع نزح دلاء في جواب قول السائل ما الذي يطهرها الظاهر في الحصر ونحو ذلك والظاهر حملها
على الغالب من تعذر التطهير بغير النزح أو تعسره ثم اللازم في صورة اتصاله بالجاري وصدق الاتحاد الرافع للنجاسة بالامتزاج أو بمجرد
الاتصال على الخلاف الالتزام باعتصام ماء البئر وعدم انفعاله (المصباح) بما يقع فيه ولا باس به إما لو تطهر بالقاء كر عليه فقد يقال إن اللازم من
القول بتطهره بذلك الالتزام أيضا بصيرورة ماء البئر معتصما لا ينفعل بما يقع فيه لان دليل التطهر بالقاء الكر عدم قبول الكر للانفعال واتحاد
ماء البئر معه بالامتزاج أو بمجرد الاتصال ولازم ذلك عدم قبوله للنجاسة الخارجية بعد ذلك فيكفي في اعتصام البئر ابدا القاء كر عليه ويمكن
ان يقال إنه ان استهلك به الكر في البئر بعد وقوعه دخل في حكم البئر فيشمله أدلة ويخرج عن مورد أدلة الكر وحصول التطهير به انما هو
بأول الوقوع والتطهير امتزاج البئر مع شئ منه معتصم وبه الاستهلاك المصباح والمستهلك هو الواقع الملبس في الوقوع فلا منافاة بين كونه
رافعا وكونه غير واقع لاتلاف زمانهما وان استهلك البئر بالكر الملقى عليه لقلتها جدا كان لها حكم الكر لعدم صدق البئر عليهما وان شك
رجع إلى أصالة عدم استهلاك البئر أو إلى أصالة عدم الانفعال على اختلاف الانطار في ذلك وكيف كان فيطهر ينزح جميعه عرفا وان بقى
منها شئ يسير هو منه بمنزلة ما يبقى بعد انفصال الغسالة من الثوب والاناء وفى حكم النزح اخراج مائها باجرائه من ساقية وغوره على خلاف
فيه من حيث انفعال العايد بأرض البئر وجانبه التي لا دليل على طهارتهما بغير النزح وما في حكمه من اخراج الماء واما احتمال كون العايد هو الغير
فلا يقدح بعد احتمال عدم عوده وأصالة عدم ملاقاة هذا العايد ان وقع فيها مسكر منجس له ولا يكون الا مع كونه مايعا بالأصالة ولو
بنى على عموم كل مسكر خمر وفى النبوي المروى عن أبي جعفر (ع) وقول أبى الحسن ان الله لا يحرم الخمر لاسمها ولكن حرمها لعاقبتها فما كان عاقبة الخمر فهو خمر لم
يفرق بين الجامد المايع ولو بنى على ظهور التنزيل في خصوص حرمة التناول خرج ما عدا الخمر لاختصاص ما فيه الامر بنزح الكل بالخمر مثلا قوله (ع)
في رواية الحمصي وان مات فيها بعير أو صب فيها خمر فلينزح نعم لو قيل بنزح الجميع فيما لا نص فيه عم الحكم لغير الخمر من هذه الجهة بل لولا هذا لم يعم الحكم
في الخمر أيضا لاختلاف الاخبار فيها أيضا ففي رواية كردويه عن البئر يقع فيها قطرة دم أو نبيذ أو مسكر أو بول أو خمر قال ينزح ثلاثون دلو أو في خبر
زرارة بئر وقع فيها قطرة دم أو خمر قال الدم والخمر والميتة ولحم الخنزير كلها سواء ينزح منها عشرون فان غلب الريح ينزح حتى تطيب وحكى
في المعتبر عن المقنع الافتاء بمضمونه ثم احتمل العمل والتفصيل بين القطرة والكثير كما في الدم وكانه (قده) يحمل الثلاثين على الاستحباب كما فهمه منه كاشف
اللثام ولو فرض عدم القول الفرق أو شذوذه كما عن المنتهى أمكن العمل كان في المقنع وحكى عن الذخيرة لقوته وحمل الثلاثين على الفضل ونزح
الجميع على الأفضل كما يشهد به الجمع بينهما وبين ما لا يجب له نزح الجميع اتفاقا كصحيحة معاوية بن عمار في البئر يبول فيها الصبى أو يصيب فيه البول
أو الخمر قال ينزح الماء كله ورواية ابن سنان فان مات فيها ثور أو صب فيها خمر فلتنزح الا ان المشهور ما في المتن وعن السراير عليه الاجماع وعن
الغنية الاتفاق فالعمل عليه مع كونه (أحوط) أو وقع فيه فقاع كما افتى به الشيخ ومن تأخر عنه على ما حكى ولا مستند له الا ما ورد من أنه خمر وفيه
انصراف التنزيل إلى خصوص الحرمة أو إليها والى النجاسة نعم لو قيل بالجميع فيما لا نص فيه كما استدل به في المعتبر تم الحكم بالجميع كما يتم
ان وقع فيه عصير عنبي (أو منى أو أحد الدماء الثلاثة في قول مشهور) بل عن السراير والغنية الاجماع على
غير العصير مصرحا إلى الأول بعدم الفرق بين
كون المنى من مأكول اللحم غيره وربما كان اطلاق بعض الأخبار في الدم للفروق بين قليله وكثيره منافيا لهذا الحكم ولذا قال في المعتبر
بعد حكاية اطلاق المقنعة والمصباح بعدم الفرق ورد الفرق بينهما وبين غيرها من الدم بمجرد العفو عن قليله دونها ان الأصل ان حكمها
28

حكم بقية الدماء عملا بالأحاديث المطلقة أقول دعوى الانصراف ممكن فيرجع إلى ما لا نص فيه لكنها مشكلة أو ممنوعة ولو مات فيها بعير فلا
خلاف في وجوب نزح الجميع وعن السرائر والغنية الاجماع عليه وتقدم صحيح الحلبي في الخمر وفى رواية ابن سنان وان مات فيها ثور أو نحوه نزح كله إما وقوعه ميتا
فالظاهر أنه كذلك الاخبار في علية ملاقاة الميتة للحكم نعم ظاهر رواية زرارة المتقدمة في الخمر ان في الميتة الواقعة عشرين ولم أجد عاملا بها
ولا بما ورد في مطلق الدابة وورد في الحمار والجمل كر من ماء وذكر جماعة كالحلي والمقداد والمحقق والشهيد الثاني وغيرهم ان البعير منزلة الانسان
يشمل الذكر والأنثى وعن شرح الفاضل الهندي ان عليه اتفاق أهل اللغة قال لكن الأزهري قال هذا كلام العرب لا يعرفه الا خواص أهل العلم باللغة
ثم حكى عن الشافعي في الوصية قولا بأنه لو قال اعطوه بعير ألم يكن لهم ان يعطوه ناقة فحمل البعير على الجمل لان الوصية مبنية على عرف الناس لا على محتملات
اللغة التي لا يعرفها الا الخواص ثم حكى عن الغزالي في البسيط ان المذهب انه لا تدخل فيه الناقة وخرج طوايف من أصحابنا قولا ان الناقة تندرج فيه
ومن كلام أئمة اللسان ان البعير كالانسان والناقة كالمرأة انتهى ما عن شرح الفاضل أقول مقتضى الجميع ان لفظ البعير موضوع للمطلق لكن
شاع استعماله في المقيد ولذا قال في الخلاف البعير الجمل فالأولى ادخال الناقة فيما لا نص فيه وكذا الحال في شموله للصغير حكاه الفاضل المتقدم
عن ظاهر فقه الثعالبي لكن عن الصحاح والمحيط ومهذب اللغة انه يقال له ذلك إذا أجذع وعن القاموس انه الجمل الباذل ثم المشهور كما في كلام جماعة
الحاق الثور بالبعير وهو الأقرب لصحيحة ابن سنان المتقدمة والظاهر اختصاصه كالبعير بالأهلي مع احتمال شمولها للوحشي أو الحاقه بالأهلي العطف نحوه
عليه في رواية ابن سنان ويحتمل دخول الثور في حكم البقرة الوارد فيها نزح الكر لكن الأقوى الأول لانصراف الثور وربما الحق بما ذكر في نزح الجميع
عرق الإبل الجلالة وعرق الجنب من الحرام وبول ما لا يؤكل لحمه وروثه عدا بول الرجل والصبي وخروج الكلب والخنزير حيين والفيل ولا يتم الحكم
في شئ منها الا بايجاب الجميع فيما لا نص فيه مع دخول بعضها في اطلاق بعض النصوص وكيف كان (فان تعذر) لغلبته وكثرته في نفسه أو لتجدد
النبع لا لمانع اخر اقتصارا على مورد النص (استيعاب مائها) أجمع (تراوح عليها أربعة رجال) يريح اثنان منهم الآخرين وهما إما يشتغلان بالنزح
كما عن صريح السرائر واما يدخل هما البئر فيملي الدلو بمجرد وصولها إلى البئر لئلا يحتاج النازح إلى تكرار إخاضة الدلو في الماء للامتلاء كما عن
الشهيد الثاني ولم يظهر من النص تعيين أحد الوجهين ولذا احتاط المولى الورع التقى المجلسي قدس (ره) بدخول واحد في البئر ووقوف اثنين للنزح
خروجا عن الشبهة وعلى كل تقدير فلا يجزى واحدا واحدا وان فرض انه ينزح بذلك بالاثنين دفعة ويعتبر قيام الآخرين للنزح أول زمان التعب
والكل عن النزح في الأولين ليصدق الإراحة وليكن مدة الاشتغال بنفس النزح (يوما إلى الليل) فيجب تهيئة المقدمات قبل اليوم حتى ارسال الدلو
في البئر على الأحوط والمستند في ذلك خبر عمار الوارد في بئر وقع فيها كلب أو فارة أو خنزير قال ينزح كلها فان غلب الماء فلينزح يوما إلى الليل ثم يقام
عليها قوم يتراوحون اثنين اثنين فينزحون يوما إلى الليل وقد طهرت الخبر بناء على تنزيله على صورة تغير الماء بما وقع فيه والا فنزح الجميع
للمذكورات خلاف الاجماع مع أنه لو كان للاستحباب كفى المطلوب لدلالته على بدلية التراوح عن نزح الجميع المطلوب وجوبا أو استحبابا ثم إن
الرواية خالية في المعتبر عن لفظ ثم لكنها موجودة في غيره وظاهرها وجوب التراوح بعد النزح منه يوما كاملا وليس كذلك وقد ذكر في توجيهه وجوه
مثل قراءة ثم بفتح الثاء أو سقوط كلمة قال بعدها ويؤيده حكاية ذكره عن بعض النسخ أو ان المراد بالنزح يوما نزح الجميع يوما ثم إذا لم
ينزح في يوم تراوح عليها أربعة والكل كما ترى الا ان هذه اللفظة لا يخل بالمراد بعد الاجماع على عدم وجوب ما عدا التراوح عند غلبة الماء وصراحة
الرواية في وجوب التراوح ويؤيدها المرسل عن الرضا (ع) فان تغير وجب ان ينزح الماء فإن كان كثيرا وصعب نزحه فالواجب عليه ان يكترى أربعة رجال
يستقون منها على التراوح من الغدوة إلى الليل ثم إن مقتضى وجوب الاقتصار في كيفية التطهير التوقيفية على المتيقن عدم الاجتزاء بالنساء
ولا الخناثى ولا الصبيان ولا بالملفق من نصفى يوم وليلة ولا الاكتفاء بالاثنين وان نزحا ما ينزح الأربعة ولا بثمانية رجال في نصف يوم
بدلوين أو أزيد ولا فرق في عدم الاجتزاء بما ذكرنا في الفروع بين التمكن من العمل على ظاهر النص في تلك البئر أو تعذره كما لو لم يكن الا النساء أو الصبيان
أولم يمكن الا الملفق أو غير ذلك ثم إن مقتضى النص عدم جواز تركهم لترح واشتغالهم أجمع بشئ ولو كان ضروريا كالاكل كل لامكان الاشتغال به في زمان
الراحة ومن ذلك الصلاة فليس لهم الاشتغال جميعا بالصلاة لكن ذكر جماعة تبعا للذكرى جواز الصلاة لهم جماعة ولعل وجهه عموم أدلة
استحبابها الشامل لهؤلاء وفيه ما لا يخفى فإنها ساقطة عن المعذور ولأجل ما ذكرنا اورد عليهم بأنه مثل استثناء ساير المستحبات كتشييع الجنايز
وقضاء حاجة المؤمن ونحو صبي يرد عليهم ان اللازم استثناء زمان مقدمات الجماعة أعني سعيهم إلى المسجد وانصرافهم نعم يجوز لهم الجماعة على
التناوب بان يقف الامام ويقف معه واحد يصلى معه ركعة ثم ينفرد ويتم صلاته مخففا مقدار ركعة من الامام فيقوم مقام أحد النازحين و
يجئ هو يلحق الامام وينفرد الأخر فيتم صلاته بمقدار الركعة الثالثة للامام فيقوم مقام النازح الأخر فيجئ هو ويلحق في الرابعة ولو حصل في
أثناء التراوح تغير في البئر بحيث ينزح مائها أجمع فهل يكفي بالتراوح أو يعدل إلى منزح الجميع ولو زاد عن يوم التراوح وجهان الأقوى و
29

الأحوط الثاني لان التراوح مطهر مع الغلبة فإذا انتفت مع نجاسة البئر كان مقتضى الدليل طهرها بنزح الجميع ولو تبين في أثناء نزح الجميع غلبة الماء
وتعذر نزحها أو عرضت بعد عدمها فالأقوى في الصورة الأولى كون ما نزح محسوبا من التراوح إذا فرض اجتماعه الشروط وفى المقام فروع كثيرة
لكن فائدتها (بعد البناء على) استحباب النزح يسيرة والله العالم (وينزح كر) تقدم تحديده وزنا ومساحة (ان مات فيها دابة) والظاهران المراد بها هنا الخيل
كما عن بعض (أو حمار أو بقرة) إما الحمار فلا كلام فيه ففي رواية عمر بن سعيد بن هلال سئلت أبا جعفر (ع) عما يقع في البئر ما بين الفارة والسنور إلى الشاة
كل ذلك يقول سبع دلاء قال حتى بلغت الحمار فقال كرمن ماء قال وأقل ما يقع في البئر عصفور ينزح منها دلو واحد وفى المعتبر عطف البغل على الحمار وهي
زيادة معتبرة ويظهر من سوق الرواية عموم حكم الحمار لما ماثلها في الجثة جعل الحيوانات أصنافا بحسب الجثة فيشمل البقرة ولو كان في الرواية
لفظ الجمل احتمل إرادة ما بينهما في الجثة وفى صحيحة ابن سنان إذا سقط في البئر دابة صغيرة أو نزل فيه حية ينزح منها سبعة دلاء وان مات
فيها ثور أو نحوه أو صب فيها خمر ينزح الماء كله وفى صحيحة الفضلاء زرارة ومحمد بن مسلم ويزيد بن معاوية عن أبي عبد الله (ع) وأبى جعفر (ع) في البئر
يقع فيها الدابة أو الفارة أو الكلب والطير فيموت قال يخرج ثم ينزح من البئر دلاء والظاهر أن المراد من الدابة الصغيرة المماثلة للسنور والكلب دون
ما يدب على الأرض كما فسرها به أولا في الصحاح ولا خصوص ما يركب كما فسرها به ثانيا لأن الظاهر أنه أراد ما يقرب من الشاة والكلب والسنور وأشباهها
لكن العلامة قده استظهره منها بعد نفى الأول وجعل اللام إما للعموم واما لتعريف الميتة فيفيد العموم قال فإذا ثبت ذلك دخل فيها الحمار
والفرس والبغل والبقر والإبل غير أن الإبل والثور خرجا بما دل على نزج الجميع لهما قال فان قلت يلزم التسوية بين ما عده الامام قلت خرج ما استثنى
بدليل منفصل فيبقى الباقي لعدم المعارض وأيضا التسوية حاصلة من حيث الحكم بوجوب نزح الدلاء وان افترقت بالقلة والكثرة وذلك شئ لم يتعرض (ع)
له ظاهران لقايل أن يقول إن ما ذكرتموه لا يدل على بلوغ الكرية ويمكن التمحل بان يحمل الدلاء على ما يبلغ الكر جمعا بين المطلق والمقيد خصوصا مع الاتيان
بجمع الكثرة لا يقال إن حمل الجمع على الكثرة استحال إرادة القلة منه والا لزم الجمع بين إرادتي الحقيقة والمجاز وان حمل على القلة كذلك لأنا نقول لا
نسلم استحالة الثاني سلمناه ولكن ان حمل على معناه المجازى وهو مطلق الجمع لم يلزم ما ذكرنا على أن لنا في كون الصيغ المذكورة حقايق في الكثرة أو
مجازات نظر أو بعض المتأخرين استدل بهذه الرواية على وجوب النزح للحمار دون الفرس والبقرة والحقهما بما يرد لم فيه نص وقد روى مثل هذه الروايات
البقباق عن أبي عبد الله (ع) انتهى ولا يخلو كلامه قدس من مواقع للنظر ثم الظاهر أن مراده ببعض المتأخرين المحقق في المعتبر لكنه قده لم يستدل برواية
الفضلاء بل برواية ابن سعيد المتقدمة الناصة على حكم الحمار ثم اورد رواية الفضلاء قال هذه لم يتضمن قدر الدلاء التي ينزح ومن المحتمل ان يكون مما
يبلغ الكر فيكون العمل بالمبنية أولي ثم ذكر الفرس والبقر ونسب الحاقهما بالحمار إلى الثلاثة وطالبهم بدليل الالحاق فان احتجوا برواية ابن سعيد قلنا
هي مقصورة على الحمار والبغل فان قالوا هي مثلها في العظم طالبناهم بدليل التخطي إلى المماثل من أين عرفوه ولو ساغ البناء على المماثلة في العظم لكانت البقرة
كالثور ولكان الجاموس كالجمل وربما كانت الفرس في عظم الجمل ثم قال ومن المقلدة من لو طالبة بدليل المسألة لادعى الاجماع بوجوده في الكتب
الثلاثة وهو غلط وجهالة ان لم يكن تجاهلا قال فالأوجه ان يجعل الفرس والبقرة في قسم ما لم يتناوله نص على الخصوص انتهى كلامه رفع مقامه وهو في
غاية الجودة الا انا قد ذكرنا انه قد يفهم من الاخبار ان المراد بالحمار والبغل أمثال ما كان في جثتهما ويخرج ما خرج بالدليل كالثور والجمل ولذا عمم جماعة الحكم
فذكر في السرائر الخيل والبغال والحمير أهلية كانت أو غير أهلية والبقرة وحشية أو غير وحشية أو ما ماثلها في مقادر الجسم وادعى في الغنية الاجماع على الخيل
وشبهها وهو مراد المحقق ببعض المقلدة في عبارته المتقدمة وعن الوسيلة والا مباح الحمار والبقرة وما أشبههما وعن المهذب من الخيل والبغال والحمير
وما أشبههما في الجسم والظاهر أن الكل فهموا من رواية الحمار وغيرها ما ذكرنا من إرادة المثال بالجملة اخبار منزوحات البئر لا يكاد يمكن الالتيام بينهما الا ان ما
فهمه الجماعة ليس ببعيد عن مساق الاخبار لكن نظر المحقق قده حيث أنكر عليهم إلى الصراحة أو الظهور اللفظي في الاخبار وانكاره في غاية الجودة كما أن انكار
ظهور ما ذكرنا من سوق الاخبار في غير محله والله العالم ونزح سبعين دلوا بالدلو المعتاد على تلك البئر كما هو صريح بعض وظاهر ما سيذكره المصنف
ان مات فيها انسان اجماعا كما عن الغنية والمنتهى وظاهر غيرهما ومستنده رواية عمار الساباطي عن رجل ذبح طيرا فوقع دمه في البئر قال ينزح منها دلاء هذا
إذا كان ذكيا فهو هكذا وما سوى ذلك مما يقع في البئر فيموت فأكثره الانسان ينزح منها سبعون دلوا وأقله العصفور ينزح له دلو واحد وظاهر اللفظ
يشمل الصغير والأنثى بلا خلاف وكذا الكافر على المشهور ونسب في الروض إلى الأصحاب وخالف فيه الحلى ووافق الإسكافي فحكم بالجميع مستدلا بان الكافر
إذا وقع وخرج حيا وجب له نزح الجميع فكيف إذا مات فيها وفيه ما ذكره في المعتبر من وجوب الجميع الكافر الخ فان النص في موت الانسان نص
على الكفار بعمومه وإذا لم يجب في ميتة الا سبعون فأولى في حيه انتهى وتوجهه ان مقتضى هذه الأولوية عدم اجتماع الحكم بوجوب الجميع للكافر الخ
والسبعين له إذا مات في البئر فمقتضى القاعدة اخراج الكافر الخ عن حكم ما لا نص فيه لاطلاق الرواية بوجوب السبعين الكافر إذا مات فيها المستلزم
لملاقاته لها حيا فيخرج عن موضوع ما لا نص فيه فما صنعه من تقييد الرواية لحكم ما لا نص فيه يشبه طرح أدلة اللفظية بمقتضيات الأصول
30

المحكمة فيما لا نص فيه ودعوى ان النزح انما وجب للموت فلا يدل على حكم الكافر من حيث كفره فالاطلاق غير مجد مدفوعة بأنه ان أريد بذلك منع عموم الانسان
في النص للكافر فلا شاهد فيه وان أريد انه وإن كان شاملا له الا انه أوجب نزح السبعين لأجل موته فهو ساكت عما يجب نزحه الكفر ففيه ان الجهتين
في الكافر متلازمتان فلا معنى للسكوت عن إحديهما فهو نظير ما إذا حكم الشارع بصحة الصلاة في ثوب عليه
عذرة الكلب ناسيا فإنه لا يمكن ان يدعى
ان الحكم بالصحة من جهة نجاسة الثوب بالعذرة لا من جهة استصحاب فضلة مالا يؤكل لحمه أو العكس لان الجهتين متلازمان يقبح السكت عن إحديهما
في مقام البيان فإنهم هذا ولكن الانصاف ظهور الرواية في حكم الحيوانات التي تحدث النجاسة فيها بالموت لا ما ينفعل الماء به قبل الموت فمرجع الخلاف إلى
دعوى الاطلاق في النص وعدمه فقول الحلى لا يخرج عن وجه ثم إن مورد الرواية موت الانسان في البئر فلو وقع ميتا كان خارجا عن النصوص لكن ربما
ادعى القطع بكفاية السبعين لان الموت في البئر إما أشد حكما واما مساو وفيه نظر نعم لو استفيد من النص ان السبعين لأجل انفعال البئر بنجاسة موت
الانسان فلا فرق بين الموت في البئر أو خارجه كان في محله وكذلك ساير الموارد التي ورد مقدر لموت حيوان في البئر وهل يفرق بين ميت المسلم والكافر ان
قلنا بوجوب الجميع في موت الكافر وجهان مبنيان على أن المستفاد كون السبعين للنجاسة الحاصلة من الموت التي لا فرق فيها بين المسلم أو للنجاسة الحاصلة
من موت المسلم والحاصلة من موت الكافر لعله أغلظ الا ترى ان موت الانسان أغلظ حكما من الموت العصفور مع أن النجاسة في كلها مستندة إلى الموت
وهذا هو الأقوى خلافا للشهيد والمحقق الثانيين فاختارا عدم الفرق معللا بعموم النص مع اختيارهما وجوب الجميع لموت الكافر بعد وقوعه حيا و
اعترضهما بعض المعاصرين بما حاصله ان النص ظاهر في موت الانسان في البئر فان سلم شموله للكافر اكتفى بالسبعين مطلقا والا وجب نزح الجميع
مطلقا فالتفصيل بين موته فيه ووقوعه ميتا لا وجه له أقول نظر المفصل إلى ما عرفت من أن المستفاد من النص ان السبعين لأجل نجاسة الموتى
ولا فرق بين المسلم والكافر في النجاسة الحاصلة بالموت واما ايجاب نزح الجميع لموت الكافر فليس للفرق بين موته وموت المسلم بل لخصوص ومن نجاسته
الكفرية حال الحياة ويطهر بنزح خمسين دلوا ان وقعت فيها عذرة رطبة أو يابسة فذابت لرطوبتها الذاتية أو المكتسبة من الماء هذا هو المشهور
كما عن غير واحد وعن المعتبر عدم الوقوف على شاهد له ويمكن الاستشهاد برواية أبي بصير سئلت أبا عبد الله (ع) عن العذرة يقع في البئر قال تنزح
منها عشر دلاء فان ذابت فأربعون أو خمسون بناء على أن كلمة أو ترديد من الراوي فيؤخذ بأكثر الاحتمالين لاستصحاب النجاسة ولكن الانصاف
ان ظاهر المروى ان لفظ أربعون أو خمسون كليهما من الإمام (ع) فيكون على التخيير ويحمل الزايد على أفضل الفردين ويؤيده ما عن الصدوق من أنه يطهر
بأربعين إلى خمسين ثم العذرة خرؤ الانسان كما من جماعة من أهل اللغة ولكن ظاهر الشيخ في التهذيب في باب بيع العذرة اطلاقها على فضلة غير
الانسان وهو ظاهر الحلى حيث أضاف العذرة هنا إلى ابن ادم وصريح المعتبر حيث قال إن العذرة أو الخرء مترادفان يعمان فضلة كل حيوان ويشهد لهم خبر عبد الرحمن
عن الرجل يصلى وفى ثوبه عذرة من انسان أو سنور أو كلب ورواية ابن بزيع المتقدمة في البئر يقع فيها شئ من عذرة كالبعرة ونحوها والاطلاق
وإن كان أعم من الحقيقة الا ان الاشتراك المعنوي أولي من المجاز ويمكن ان يجعل اللفظ مشتركا معنويا منصرفا إلى عذرة الانسان وعلى كل تقدير
فيبقى فضلة غير الانسان من غير المأكول غير منصوص كعذرة الكافر ان قلنا بانصراف النص إلى عذرة المسلم وان على المحكي عن الشهيد قده في وجه تسمية
العذرة انها سميت به لأنها كانت تلقى في العذرات وهي الا فيه وقال في الصحاح العذرة فتاء الدار سميت بذلك لان العذرة كانت تلقى في الأفنية
أو وقع فيها دم كثير عرفا كذبح الشاة على المشهور بل عن الغنية الاجماع عليه وفى السرائر وينزح لساير الدماء النجسة من ساير دماء الحيوانات سواء كان مأكول
اللحم أو غيره نجس العين أو غيره ما عدا دم الحيض والاستحاضة والنفاس إذا كان الدم كثيرا وحد أقل الكثير شاة خمسون دلوا وللقليل منه وحده
ما نقص عن دم شاة عشر دلاء بغير خلاف الا من شيخنا المفيد قده فإنه ذهب إلى أن لكثير الدم عشر دلاء وللقليل خمس دلاء والأحوط الأول
وعليه العمل انتهى والمحكى عن الصدوق وظاهر الشيخ في الاستبصار ان الكثير الدم من ثلاثين إلى أربعين وقربه الفاضلان في المعتبر والمنتهى والمختلف
وحسنة في الذكرى واستوجهه في الروض وقواه ابن فهد في المقتصر وقربه الفاضل الهندي قال لا يخلو عن قرب لان المروى صحيحا عن علي بن جعفر (ع)
عن أخيه صلى الله عليه وآله في رجل ذبح شاة فاضطرب وقعت في البئر وأوداجها تشخب دما قال ينزح منها ما بين ثلاثين إلى أربعين وطرح هذا الصحيح لأجل
الشهرة والاجماع المدعى في الغنية وعدم الخلاف المدعى في السرائر مع مخالفة المشايخ الأربعة من القد ماء والفاضلين والشهيدين من
المتأخرين في غير محله نعم العمل بالمشهور وأحوط ثم المراد من الصحيحة من ثلاثين إلى أربعين لا ما بينهما ليخرج الطرفان لأن الظاهر دخول الغاية نظر
ما عن المصباح من أن للدم ما بين الواحد إلى العشرين وسيأتي قوله سئلته عما يقع في البئر ما بين الفارة والسنور إلى الشاة حيث إن المراد
من الفارة إلى الشاة فما ذكره بعضهم من الخدشة في نقل المصنف قده لمعنى الرواية في غير محله وهنا رواية اخر مخالفة للروايتين ثم الظاهر
من الكثير الكثير في نفسه وتحديد أقله بدم الشاة لم يظهر له مستند وعن قطب الدين الراوندي ملاحظة الكثرة والقلة بالإضافة إلى ماء البئر
كثرة وقلة ونقله قطب الرازي عن العلامة وقد عرفت عدم العثور على مستند الحكم فضلا عن اناطته بلفظ الكثير ليتكلم في معناه ثم إن ظاهر كلماتهما
31

كالنصوص شمول الحكم لدم نجس العين ولا لحاقه بغير النصوص وجه والله العالم (ويطهر) بنزح أربعين ان مات فيها ثعلب أو أرنب أو خنزير أو سنور
(أو كلب وشبهه) وزاد في السرائر الشاة والغزال وابن اوى وابن عرس قال وما أشبه ذلك في مقدار الجسم على التقريب ولعل المستند رواية
على الضعيفة بالقاسم بن محمد الجوهري المنجبرة فعلم الحلى عن أبي عبد الله (ع) في الفارة يقع في البئر قال سبع دلاء وعن الطير والدجاجة تقع في
البئر قال سبع دلاء والسنور عشرون أو ثلاثون أو أربعون دلوا وللكلب وشبهه ونقل في المعتبر الرواية عن كتاب الحسين بن سعيد سئلته عن السنور
فقال أربعون دلوا وللكلب وشبهه وفى رواية سماعة إن كان سنور أو أكبر منه نزحت ثلاثين دلوا أو أربعين وفى صحيحة أبى أسامة خمس دلاء للسنور والكلب
وفى روايتي ابن يقطين والبقباق ينزح دلاء لموت الكلب وفى رواية أبى مريم ينزح في البئر في موت الكلب وفى رواية أبي بصير والظاهر أنه لبث بقرينة ابن مسكان
فان سقط فيها كلب فقدرت ان تنزح مائها فافعل والأوفق في الجميع بين الاخبار العمل برواية الخمس وحمل ما زاد على الاستحباب وفى رواية إسحاق بن عمار
فإذا كانت شاة وما أشبهها فتسعة أو عشرة وفى رواية عمرو بن سعيد بن هلال سئلت عما يقع في البئر ما بين الفارة والسنور إلى الشاة قال كل ذلك
يقول سبع دلاء واما ما عن الهداية والمقنع من النزح من الثلاثين إلى الأربعين في الكلب والسنور فلم نعثر له على رواية وكذا ينزح أربعون لبول الرجل لرواية
علي بن حمزة عن أبي عبد الله (ع) قال بول الرجل قال ينزح منه أربعون دلوا وضعف ابن أبي حمزة غير قادح بعد الانجبار بنسبة في المعتبر إلى الأصحاب
وفى الغنية إلى الاجماع وعن كشف اللثام عدم الخلاف نعم اعتذر المحقق قده عن علي بن أبي حمزة بان كونه واقفيا غير قادح في روايته عن الصادق (ع)
لا تغيره بعد موت الكاظم (ع) ولعله لأن الظاهر أن من تحمل الحديث عن الإمام (ع) يبادر إلى نقله وروايته لغيره وثبته في كتابه والظاهران من سمعه
انما سمعه فيه قبل موت الكاظم (ع) ويبعد ان يكون قد ترك الرواية من زمان الصادق (ع) إلى زمان الرضا (ع) غير مروية ولا مثبوته في الكتاب و
المصباح فالاعتراض على المحقق قده بان العبرة بحال الراوي لاحال التحمل في غير محله وفى المنتهى علي بن أبي حمزة لا يعول على روايته غير أن
الأصحاب قبلوها وبذلك يطرح ما يعارض الرواية من الاخبار ثم إن مورد النص والفتوى بول الرجل وظاهره الذكر البالغ وفى السرائر ان الاخبار
متواترة من الأئمة الطاهرين (ع) على أنه ينزح لبول الانسان أربعون دلوا وظاهره الشمول للمرأة فضلا عن الصغير وهو المحكي عن التحرير بل وعن الغنية
والاصباح والإشارة (و) يطهر (بنزحه عشرة للعذرة الجامدة) إذا خرجت قبل ميعانها فالجامدة مقابل الذائبة التي تقدم نزح خمسين لها وهو أولي
من التعبير باليابسة لخروج الرطبة غير المايعة عنها وعدم دخولها في الذائبة المنزوح لها خمسون ومستند الحكم رواية أبي بصير المتقدمة ولقليل
(الدم) عرفا (كدم) ذبح الطير (والرعاف) اليسير وفى السرائر حد أكثر القليل ما نقص عن دم الشاة لم نعثر له على مستند كالحكم بالعشر فيه نعم نسبه في
السرائر روايات أصحابنا والمروى مستفيضا فيه دلاء وفى غير واحد منهما وضعف الدلاء باليسيرة ولم يظهر وجه دلالتها على العشرة وقد ذكر
الشيخ قده وغيره في تقريب الاستدلال بها وجوها غير خالية عن النظر ولو تكرر وقوع القليل بحيث بلغ الكثير فالظاهر ثبوت مقدار الكثير لا
مقدرات القليل لصدق وقوع الدم الكثير فان الكثير لا يقع غالبا الا تدريجا فلو تعلق حكم القليل بأول ما يقع منه ثم بما بعده لم يبق حكم
للكثير غالبا والفرق بين اتصال الوقوعين وانفصالهما غير معقول مع جريان دليل وجوب مقدرات القليل فيه وهو كون كل وقوع نسبيا
المقدر القليل فرجوع المجموع إلى المقدر الكثير يحتاج إلى دليل وسيأتي تمام الكلام انشاء الله تعالى ويطهر بنزح سبع لموت الطير كما عن
الثلاثة واتباعهم بل على المشهور لرواية يعقوب بن عثمان إذا وقع في البئر الطير والدجاجة والفأرة فانزح منها سبع دلاء ومضمرة سرعة عن
الفارة يقع في البئر والطير قال إن أدركته قبل ان ينتن نزح منها سبع دلاء ورواية علي بن أبي حمزه عن الطير والدجاجة يقع في البئر قال سبع دلاء
وعن الفقه الرضوي إذا سقط في البئر فارة أو طاير أو سنور نزح منها سبع بدلو هجر وهو أربعون رطلا وإذا انفسخ نزح منها عشرون
دلوا وفى صحيحة أبى أسامة ينزح الخمس للطير والدجاجة لكن لم يعثر على عامل به وكذلك رواية إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه (ع) ان عليا يقول الدجاجة
ومثلها يموت في البئر ينزح دلوان أو ثلاثة وإذا كانت شاة وما أشبهها فتسعة أو عشرة ثم الطير من الحمامة إلى النعامة كما عن كثير من كتب العلامة
والموجز شرحه وفى الذكرى ان الصادق (ع) فسره بذلك وفى كلام جماعة الحمامة والدجاجة وما أشبهها وعن اخر أو ما على قدر جسمها وعن ثابت
الاقتصار عليهما وفى السرائر الموت الطاير جميعه بعامة كانت أو غيرها من كباره أو صغاره ما عدا العصفور وما في قدر جسمه وعن الصهر شتى ان
كل طاير في حال صغره ينزح له دلو واحد كالفرخ لأنه يشابه العصفور والمشهور عدم الفرق وكذا حكم الفارة إذا انفسخت على المشهور لرواية أبي سعيد
المكارى إذا وقعت الفارة في البئر فتسلخت فانزح منها سبع دلاء وفى خبر أبي عينه إذا خرجت فلا باس وان تفسخ فسبع دلاء واعتذر في الروض عن
ضعف أبي سعيد بورود الاطلاق بالسبع في الفارة وبالثلاث فيها فيجمع بينهما بالتفسخ والعدم والرواية كالامارة الدالة على الفرق وان لم يكن
حجة في نفسها لكن في المنقول عن مسائل علي بن جعفر (ع) ينزح عشرون دلوا إذا انقطعت ونحوه الرضوي السابق في الطير وفى صحيحة أبى أسامة خمس مع التفسخ ثم
المذكور في كلام جماعة تبعا للمفيد قده عطف الانتفاخ على التفسخ وفى لك؟ وكشف الالتباس انه المشهور بل عن الغنية الاجماع عليه واقتصر في اللمعة على الانتفاخ
32

وهو مؤذن باتحادهما كما قال في السرائر ان حد التفسخ الانتفاخ وغلطه في المعتبر وكشف الالتباس ووجهه الفاضل الهندي بان الانتفاخ يوجب تفرق
الأجزاء وان لم ينقطع في الحس وان لم يبن بعضها بعض بينونته ظاهرة قال ولكن قد يشك في دخوله في المتبادر منه عرفا وان أيده الاحتياط وكذا بول
الصبى وهو الذي يتغذى بالطعام ولم يبلغ فإن لم يتغذ بالطعام فسيجئ حكمه وان بلغ فهو رجل مضى حكمه ومستند الحكم رواية منصور بن حازم عن أبي
عبد الله (ع) قال ينزح سبع دلاء إذا بال فيه الصبى أو وقعت فيها فارة أو نحوها لكن في صحيحة معوية بن عمار المتقدمة في الخمر ينزح الكل لبول الصبى كالخمر
وعن الصدوق والسيد ينزح الثلاثة لبول إذا الصبى اكل الطعام وفى المعتبر لم نعثر له على نص وفى السراير ان رواية السبع أحوط وعليه العمل والاجماع
وفى رواية علي بن أبي حمزه مسألة عن بول الصبى الفطم يقع في البئر فقال دلو واحد وظاهر النص عدم الشمول للصبية فيبقى تحت غير المنوص ولو
تغذى بالطعام مع عدم استغنائه عن الرضاع ففي الحكم اشكال ومقتضى الأصل (السبع) وكذا (لاغتسال الجنب فيه) ولو ترتيبا كما يقتضيه الاطلاق مع قوة
انصرافه إلى الارتماس ولذا خصه به في السرائر نعم رواية أبي بصير عن الرجل يدخل البئر فيغتسل منها قال
ينزح سبع دلاء ظاهرة في الترتيب فالأقوى
تعميم الحكم ان لم يكن منها تصحيف فيها بل ظاهر كثير من الاخبار كصريح المحكي عن جماعة تعميم الحكم لمطلق مباشرة الجنب وان لم يغتسل المثل صحيحة ابن مسلم
إذا دخل الجنب البئر ينزح منها سبع دلاء ورواية عبد الله بن سنان ان سقط في البئر دابة صغيرة أو نزل فيها جنب فانزح منها سبع دلاء والانصاف
ان اطلاقها ينصرف إلى الاغتسال بل لو ادعى انصرافها بحكم غلبة الوجود إلى الارتماس لم يكن بعيدا كما هو الظاهر من لفظ الوقوع في رواية الحلبي و
ان وقع فيها فانزح منها سبع دلاء وقوله (ع) في رواية ابن أبي يعفور المتقدمة في أدلة نجاسة البئر ولا تقع في البئر ولا تفسد على القوم مائهم الا
ان هذا الظهور لم سلم لا ينافي ظهور رواية أبي بصير في الترتيب فيجمع بينهما على تقدير اعتبار السند والدلالة بكون كل من الفردين سببا للحكم لا
بحمل المطلق على المقيد وهل يعم الحكم الكافر وجهان من اطلاق الرواية ومن طهورها في كون المقدر للجنابة من حيث هي فانفعال البئر بنجاسة الكفر
يوجب نزحا البتة وهذا هو الأقوى بل ظاهر السرائر عدم وجود القول بخلافه ومن ذلك يظهر انه لو كان على بدن نجاسة عينية وجب لها مقدرها كما لو
مات فيها حيوان ملوث بنجاسة أخرى ولا فرق فيها بين المنى وغيره ودعوى ملازمة بدن الجنب للمنى غالبا فعدم التعرض للتقييد في الرواية تصير دليلا
للاطلاق وإن كان مسوقا لحكم الجنب من حيث الجنابة مشكلة وهل النزح لسلب الطهورية أم لنجاسة البئر أم تعبد شرعي ظاهر المعتبر والمحكى عن المختلف
الأول والمحكى عن كتب الشهيد الثاني الثاني وحكى عن بعض الثالث وينفيه ظاهر لفظ الافساد في الرواية المتقدمة كما ينفى الأول ان ظاهره عدم
ترتب اثر عليه فلا يطهر من الحدوث لا الخبث بل ظاهره عدم الصلاح فيه رأسا فلا يصلح الشرب وهذه الأمور لوازم النجاسة الا ان نجاسة البئر
بما لا يكون نجسا أصلا خصوصا على القول بان الموجب للنزح اغتسال الجنب فيه لا مجرد ملاقاته له في غاية البعد خصوصا بملاحظة لزوم نجاسة بدن
المغتسل بالماء بعد الاغتسال وهو محذور أولي بتعليل النهى عن الوقوع في البئر به في الرواية من افساد الماء على القوم خصوصا مع أن طهارة البدن
عن النجاسة أولي من الطهارة عن الحدث فيجب ان يكون وجوب التيمم معللا بعدم الامر بالاغتسال إذا استلزم حدث ونجاسة البدن كما لا أمر به إذا استلزم
بقائها على ما تقرر في مقامه فالاحتمال الأول أقوى الا ان لا يعلم برواية الافساد فالتعبد أقوى ويبقى جواز استعمال الماء بعد الاغتسال مبنيا
على جواز رفع الحدث بالمستعمل وعدمه مطلقا أو بشرط القلة فان الظاهر أن جريان البئر لا يوجب اعتصامه عن هذا الانفعال كما لا يعصمه عن الانفعال
بالنجاسة ولو اغتسل فيها من حدث غير الجنابة ففي عدم وجوب شئ أصلا أو وجوب نزح الجميع أو وجوب المقدر للجناية وجوه متدرجة في القوة
وفى رفع الجنابة بالاغتسال قولان مقتضى الأصل وظاهر رواية الافساد الأول وربما يستدل بها على الفساد من جهة قوله ولا تقع في البئر ولا تفسد
على القوم مائهم وفيه ان ظاهرها كون الافساد علة للنهي عن الوقوع نعم لو كان مجرد وقوع الجنب في البئر مفسدا لها كان ظاهر النهى عنه موجبا للفساد
كما في قوله لا تغتسل مرتمسا في نهار رمضان فتفسد صومك ودعوى انه من قبيل قوله لا تغتسل ارتماسا في ماء الغير فإنه مفسد لمائه وغير راض
بذلك بان يكون المنهى عنه هو ما يوجب الافساد لولا النهى مستلزمة لالتزام عدم فساد البئر بهذا الاغتسال المنهى عنه ولذا لا يصير الماء في المثال
مستعملا في رفع الحدث الأكبر الا ان يلتزم بذلك في المثال وان الماء يصير مستعملا بالاغتسال الصحيح لولا النهى ولو أغمضنا عن هذه الرواية
كان الأقوى صحة الاغتسال وا قلنا بنجاسة البئر به لأنها بعد الفراغ ويطهر بنزح السبع لوقوع الكلب فيها وخروجه حيا على المشهور كما عن الذكرى
لرواية أبى مريم عن أبي جعفر (ع) إذا مات الكلب في البئر ترحت وقال إذا وقع فيها ثم خرج حيا نزحت سبع دلاء وشذوذ ظاهر صدره غير قادح مع احتمال
حمله على الاستحباب ورواية أبى أسامة بالاكتفاء بالخمس مع ظهورها في موت الكلب غير معمول بها في الحي وعن الحلى وجوب الأربعين الواجب في موته
لطرح خبر السبع لكونه من الآحاد ويطهر بنزح خمس لذرق الدجاج مطلقا عند الشيخ القائل بنجاسته أو خصوص الجلال كما عن المفيد والديلمي و
الحلى واعترف غير واحد بعدم العثور على دليل عليه مطلقا نعم يمكن ان يقال به في الجلال من جهة كونه غير منصوص أو وجوب الجميع أو داخل في مطلق العذرة
الواجب فيها ما تقدم من التفصيل بين الذائبة وغيرها الا ان الاجماع على عدم وجوب ما زاد على الخمس أوجب الاقتصار عليها وبنزح ثلاث لموت الحية على المشهور
33

كما عن الذكرى بل عن السراير نفى الخلاف وفى المعتبر يمكن الاستدلال عليه برواية الحلبي إذا مات في البئر حيوان صغير فانزح دلاء لكن في رواية ابن سنان الدابة
الصغيرة ويحتمل حملها على الاستحباب لكن تقييد الدلاء بها أولي وهو فتوى ابن بابويه على حكاية المختلف وحكى في المعتبر كما عن المنتهى عنه دلوا واحدا
وعن المفيد الحاق الوزغة وعن الحلبي العقرب وعن الشيخ كلاهما والكل ضعيف بعد القول بطهارة ميت غير ذي النفس نعم في صحيحة معاوية بن عمار عن الفارة
والوزغة يقع في البئر ينزح ثلاث دلاء ومنها يطهر حكم الفارة إذا لم تنفسخ لكن ظاهر عطف الوزغة عليها الاستحباب وحكى وجوب السبع بها لبعض الاطلاقات
وعن ابن بابويه دلو واحد (وينزح دلو واحد لموت العصفور) وشبهه لرواية عمار أقل ما يقع في البئر فيموت فيه العصفور ينزح له دلو واحد ويظهر منها
حكم شبهه وصرح في المعتبر والمنتهى بقبول رواية عمار هذه وبول الصبى الذي لم يتغذى بالطعام قيل لرواية علي بن أبي حمزه عن بول الصبى الفطيم قال
ينزح له دلو واحد ولعله حملها على المشرف على الفطام وعن المهذب البارع ان الرضيع هو المعبر عنه في الروايات بالفطيم وعن ابن زهرة والحلبي
وجوب الثلاث وفى رواية كردويه قال سئلت أبا الحسن (ع) عن البئر يدخلها ماء المطر وفيه البول والعذرة وأبوال الدواب وأرواثها وخرء الكلاب
قال ينزح منها ثلاثون دلوا وضعف كردويه مجبور برواية ابن أبي عمير عنه مع أن الشهرة في المسألة حكيت عن جماعة كالموجز والروضة وغيرهما و
اعلم أنه قد اختلف عبارات الأصحاب في بيان الدلو التي ينزح بها العدد القدر ففي المبسوط انه دلو العادة التي يستقى بها دون الدلاء الكبار
لأنه لم تقيد في الخبر وهو كقول المصنف قده هنا ما جرت العادة باستعمالها وفى السرائر دلوا العادة دون الشاذة التي يستقى بها ودون
الصغار والكبار الخارجة عن المعتاد والأغلب لأنه لم يقيد في الخبر وفى الغنية والكافي انه دلو البئر المألوف وفى الوسيلة الدلو دلو العادة ونحوه
في المنتهى والتحرير وفى المعتبر هي المعتادة صغيرة كانت أو كبيرة لأنه ليس في الشرع لها وضع فيجب ان يتقيد بالعرف وفى التذكرة الحوالة في الدلو على
المعتاد لعدم التقدير الشرعي وفى كتب الشهيد انها المعتادة إذا عرفت هذا فالمراد بدلو العادة في كلام هؤلاء يحتمل في بادي النظر العادة المستقرة
في زمان صدور الروايات بناء على أن إرادة الفرد المعتاد على هذا الوجه لا يحتاج إلى التقييد لأنه المتبادر لكن يدفعه مضافا إلى أن ما يمكن
تسليمه تبادر ذلك من الاخبار لتعارف ذلك العادة في زمان صدورها لا من كلمات العلماء الاعلى تقدير اعتياد ذلك في زمانهم أيضا وهو
غير معلوم ان من المعلوم عدم استقرار العادة في ذلك الزمان على دلو مضبوط على جميع الأبار التي هي مشمول الروايات لاختلاف ذلك
باختلاف الأبار وما ينزح له وبه مع أنه إذا أريد المعتاد على إرادة خصوص مصداقه المحقق في ذلك الزمان بل الظاهر مفهومه المحقق في كل
زمان وما ينزح له وبه مع أنه لو اعتبر عادة ذلك الزمان وجب اعتبار مقدار تلك الدلو لأن المفروض عدم العلم بها في هذا الزمان المتأخر
فضلا عن الاعتياد بها فلا وجه لاعتبار العدد في الدلو المنزوح به في هذا الزمان وكان يلزمهم القطع بكفاية المقدار مع أن العلامة ذكر
في مسألة كفاية دلو تسع العدد انه لا نص لأصحابنا ينافيه واما العلامة ومن تأخر عنه فهم بين متردد في كفاية مقدار الدلاء إذا اخرج بغير العدد
المعتبر أو قاطع بعدهما هذا مع أن التأمل في كلام غير واحد منهم يوجب القطع بعدم إرادة هذا المعنى مثل قوله في المعتبر صغيرة أو كبيرة فان معنى ذلك
عدم الفرق بينهما وان النزح يجزى بكل منهما إذا اعتيدت ولا ريب ان المعتادة في زمان الصدور أحدهما فلا معنى لاجزاء غيرها ومن بعض ما ذكرنا
يظهر فساد احتمال ان يراد بالمعتاد ما هو المعتاد في كل زمان لاختلاف العادة باختلاف العادة باختلاف ما نزح منه وله وبه ولان اللازم المصباح أيضا اعتبار المقدار لا
العدد ولأنه لا معنى للتسوية في عبارة المعتبر بين الصغيرة والكبيرة فالظاهر إرادة ما هو المعتاد على تلك البئر كما صرح به المحقق والشهيد الثانيان
وهو الذي يلتم عليه العبارات المتقدمة كلها وأظهرها فيه عبارة السرائر حيث احترز بالعادة عن الشاذة التي يستقى بها فان المراد بها بقرينة عطف
الصغار والكبار عليها ما شذ الاستقاء بها وإن كانت متوسطة في الصغر والكبر ثم المستند في ذلك اطلاقات الرواية فان ظاهر قول الإمام (ع)
للسائل عن حكم البئر النجس انزح منها دلاء هو الدلو المعتاد على البئر كما لو أمر المولى عبده بنزح دلاء من بئر معين واطلاقه وان شمل ما لو كان
على ذلك البئر دلو غير ما اعتيد عليه لكن الغالب عليه لما كان هو الدلو المعتاد عليه جاز إرادة خصوص ذلك اعتمادا على الغلبة وهل المراد
من المعتاد على تلك البئر ما اعتيد على نوعها أو شخصها ظاهر النص والفتوى الثاني مع أن نوع البئر لا عادة فيها منضبطة الا ان يراد ما
يليق بها بحسب الضيق والسعة وإرادة ذلك ليس بأولى من إرادة ما يليق بالنازح والمنزوح له وبه المتعين ما يستعمل عليها غالبا ثم إنه
يشكل الامر فيما إذا لم يكن للبئر دلو معتادة لعدم النزح منها أو للنزح بها بكل ما يتفق من الدلاء أو بغير الدلو من الظروف المختلفة والكلام في
ذلك غير منقح في كتب الأصحاب والاخذ فيها بالمتيقن في التطهير لعله أقوى مع أنه أحوط فروع الطهارة الأول حكم صغير الحيوان المتعلق به
الحكم حكم كبيره بعد عدم انصرافه إلى الكبير انصرافا معتدا به الان الصدق مفروغ عنه فإذا تحقق عدم الانصراف حكم بالاطلاق الثاني
اختلاف أنواع النجاسة المتخالفة المقدور كالانسان والكلب أو المماثلة كالشاة والكلب موجب لتضاعف النزح لاستصحاب النجاسة
ولا يعارضه أصالة عدم تعدد المؤثر ولان مقتضى دليل كل نوع سببية وقوعه لاشتغال الذمة بنزح المقدر فتعدد السبب يقضى
34

بتعدد الاشتغال وهو يقضى بتعدد الامتثال وقد يخدش في هذا الدليل تارة بمنع المقدمة الأولى فان الأسباب الشرعية لا يجب ان
يكون مؤثرات حقيقة بل قد يكون معرفات يجوز تعددهما على حكم واحد شخصي كما إذا اجتمع سببان لنزح جميع الماء والمصباح فإذا كان ظاهر الدليل
اتحاد المسبب ولو نوعا كما هو المفروض فلا حاجة إلى ارتكاب تعدده الشخصي بتعدد الاشخاص ولو نوعا بل ينبغي حمل السبب على المعرف ويشهد له
انه لا يفهم عرفا فرق بين ورود الأسباب المتعددة لحكم شخصي مثل قوله إن زنى زيد فاقتلوه وان ارتد فاقتلوه وبين ورودها الحكم واحد بالنوع قابل
للتعدد الشخصي مثل ان قدم زيد من السفر فأضفه وان زارك في بيتك فأضفه ويضعف بان تعدد الواحد النوعي شخصا بسبب تعدد علل وجوده
ليس تصرفا في اللفظ فإن كان مقتضى اطلاق الأدلة سببيه جميع مصاديق السبب من غير فرق بين المسبوق بسبب اخر وغيره لزم عقلا تعدد الحكم
الواحد بأنوع في الخارج بخلاف صرف ظاهر الدليل عن التأثير المستقل واخرى بمنع المقدمة الثانية نظر إلى أن اللازم من تعدد السبب تعدد الوجوب
وهو لا يقتضى تعدد الواجب بل قد يجتمع الايجابات المتعددة في واجب واحد التأكيد أو لجهات متعددة تقتضيه كما في مثال قتل زيد المتقدم والأوامر
المتعددة بالصلاة والزكاة وغيرهما ويضعف بان المسبب للأسباب المتعددة ليس هو الطلب الصادر من المتكلم ضرورة حصوله قبل وجود
السبب بنفس الكلام الدال على السببية بل المسبب المتأخر عن سببه هو اشتغال الذمة بالفعل الفلاني ومن المعلوم ان تعدد الاشتغال لا يكون
الا مع تعدد المشتغل به كما لوجدت اشتغال ذمة درهم أو بضيافة مرتين فإنه لا اشكال في تعدد الفعل ودعوى ان المتحقق بعد الشرط هو
تنجز الطلب فهو بمثابة تكرار الطلب المنجز بقوله اضرب اضرب مدفوعة بعد تسليم ظهور التأكيد في المثال المذكور بالفرق بينهما وفهم اشتغال الذمة
فيما نحن فيه على نحو ما يفهم عند افتراق أحد السببين عن الأخر والسر في ذلك أن المستفاد من أدلة السببية
كون السبب سببا لنفس الفعل ومؤثرا
فيه في نظر الامر وهو الذي دعاه إلى الامر به عنده فلا يرضى بتخلفه عنه فاللازم من تعدد السبب وتعدد التأثير تعدد الفعل لا مجرد تعدد
طلبه فافهم فإنه لا يخلو عن دقة وثالثة بمنع المقدمة الثالثة بناء على كفاية الفعل الواحد لامتثال تكليفين وان علم تعددهما كما في الأغسال في ظاهر
جماعة وأشار إليه العلامة هنا في المنتهى وفى ان الظاهر عدم كفاية الفعل الواحد في تحقق الامتثال ولا أقل من الشك فلا يتيقن الخروج من العهدة
ولا اطلاق هنا يتمسك به إذ لا كلام في كفاية أي فرد يكون انما الكلام في صدق الإطاعة والامتثال المتكلفين بايجاد واحد فافهم هذا مع ما عرفت
من أن السبب مؤثر في وجود الفعل في نظر الامر فلا بد من تعدده ورابعة بان القاعدة وان اقتضت عدم التداخل الا ان من المعلوم في خصوص
المقام ان النزح لإزالة النجاسة الحاصلة من ملاقاة ما وقع فيه والنجاسة وان تعددت افرادها كما يكشف عن ذلك اختلاف كيفية ازالتها
الا ان الثابت من ذلك كفاية مزيل أحد الافراد الإزالة الفرد الخلا المساوى له في كيفيتها فيكفي مزيل واحد للنجاسة الحاصلة من وقوع شاة و
كلب لان الفرض اتحاد نجاستهما لاتحاد مزيلهما وكفاية مزيل الأشد لإزالة الأضعف فيتداخل الأقل مقدارا تحت الأكثر ويضعف بان ذلك
مبنى على تداخل النجاسات أضعفها في أشدها كما في غير هذا المقام لكن ذلك غير معلوم في المقام ولا يجوز قياسه على غيره كما يكشف عن ذلك
الفرق فيه بين المتفقات في غيره والجمع فيه بين المختلفات فالمتيقن من اجتماع النجسين تضاعف النجاسة وصيرورة النجسين الواردين بمنزلة
نجس واحد قدر له مجموع مقدريهما ولولا اطلاق الأدلة في كفاية مقدر كل نجس له ولو حال انضمام نجس اخر وضعف دعوى ظهورها
في وقوع تلك النجاسة لا غير كان ينبغي الرجوع عند انضمام النجاسات إلى حكم ما لا نص فيه وهو نزح الجميع كما سيأتي ثم إن المخالف في المسألة
العلامة في جملة من كتبه واستدل في المنتهى بان بفعل الأكثر يمتثل الامرين فيحصل الأجزاء ثم اعترض على نفسه بلزوم اجتماع علل متعددة على
معلول واحد ودفعه بأنه لا استحالة في اجتماع المعرفات وظاهر دليله منع المقدمة الثالثة للدليل المتقدم وظاهر اعتراضه وجوابه منع المقدمة الأولى
وقد عرفت ما عندنا ومما ذكرنا من الدليل يظهر انه لا فرق بين قوع النجسين مجتمعين أو متعاقبين في وجوب تضعيف النزح وانه لا ينبغي الاشكال
في تضعيفه بوقوع نجسين مع التماثل بشرط عدهما في العرف فردين لحصول الفصل بينهما على وجه يصدق تعدد الوقوع فان الدليل
المذكورات فيه بعينه حتى فيما إذا كان المتكرر فردين أو افراد أعلق المقدر على الطبيعة الصادقة عليها وعلى الفرد الواحد كالخمر والبول
ودعوى القطع بعدم الفرق في الحكم بين مقدار من البول وقع دفعة أو وقع كل جزء منه دفعة وانا نفهم من أدلة وقوع هذه الطبايع ان
السبب وجودها في البئر ولو بوقعات متعددة ممنوعة فالقاعدة المتقدمة من سببية كل جزء وقوع المقدر جارية هنا أيضا إذا الموجود أولا
من مصاديق الطبيعة مؤثر تام باعتبار تحقق الطبيعة فيه فإذا وجد فيه ثانيا كان مؤثر تاما مستقلا كالأول فلا بد له من اثر غير الأثر
المتقدم عليه إذ لا يعقل تأثير المتأخر في المتقدم وقد ذكر بعض المعاصرين في الجواب عن ذلك بعد الاعتراف به ان الدليل لما دل على أن العذرة
ينزح لها خمسون دلوا وكانت مهية صادقة على القليل والكثير واشتغل الذمة بالنزح بالوقوع الأول وجاء الوقوع الثاني انقلب الفرد الأول
إلى الثاني فصارت مصداقا واحد للماهية وهكذا كلما يزداد فيدخل تحت قوله (ع) العذرة المذابة ينزح لها خمسون وليس هذا الا كتعداد النوع
35

الواحد من الحدث الأصغر أو الأكبر كالبول مرات والجنابة مرات انتهى ولم يعلم له محصل يرجع إلى منع أحد مقدمات الدليل المذكور وان صيرورة
الوقوعين أو الواقعين بعد الوقوع الثاني مصداقا واحدا هل يرد الوقوع الأول عن السببية المستقلة بعد وجوده على هذا الوجه أو
الوقوع الثاني يؤثر في المسبب المتقدم أو انه لغو محض وكل لغو محض وكل ذلك تقييد لاطلاق الأدلة وصدق ان العذرة ينزح لها خمسون على الكل انما
يوجب حدوث سبب متأخر عن الكل لا انقلاب ما حدث بالأول إلى كونه مسببا عن المصدق الواحد الصادق على الكل وهذا واضح نعم ما ذكره انما
يتوجه في الفرد المستمر الواحد عرفا حيث إنه لا يعد سببا الا بعد انقطاعه كما سيجئ واما الحدث فقد علم من الشرع اتحاده فلا يتعدد وان اختلف
نوعه ولا ينقلب الفرد الأول فيه الا الثاني بعد تحققه سواء بخلاف المقام الذي علم فيه التعدد ولو مع تساوى المتعدد في التأثير كالكلب والأرنب
الذين لا يوجب أحدهما الا ما يوجبه الأخر فأين ما علم فيه اتحاد ولو مع اختلاف نوع السبب عما علم فيه تعدد المسبب ولو مع اتحاد نوع
السبب إذا اختلفا في الضعف والحاصل انه لا فرق في مقتضى الأدلة اللفظية بي اختلاف التعدد المتكرر نوعا أو ضعفا وبين اختلافهما شخصا
نعم فرق بينهما من حيث إنه لا يفرق في الأوليين وقوع المتعدد دفعة أو متعاقبين بخلاف الثالث فإنه إن كان موضوع الحكم بالمقدر الفرد الواحد منه
فوقوع المتعدد دفعة حكم المتعاقبين واحتمال خروج ذلك عن مورد النص ضعيف وإن كان موضوع الحكم بالمقدر طبيعة كلية صادقة على القليل
والكثير لا يحصل التعدد فيها الا بالتعاقب مع الفصل الموجب لصدق التعدد واما لو وقعت العذرة مستمرة منفصلة أو منفصلة بما اجمالا يوجب التعدد
عرفا كان في حكم الفرد الواحد وتوهم جريان الدليل المذكور حيث إنه يتحقق بأول الوقوع تأثير السبب فيجب المقدر ثم ما يقع في الان الثاني مؤثر تام أيضا
يوجب المقدر مدفوع بان الواقع أولا لا يحكم بكونه سببا مستقلا الا بعد انقطاعه نظير حصول امتثال الامر المتعلق بالطبيعة الصادقة على
القليل والكثير المندرجة في الحصول كالأمر بالقراءة والمشي حيث إن الفرد المحقق
للامتثال ما انقطع عليه الفعل لا أول ما يوجد من ذلك الفعل
ليقع الباقي لغو أو مما ذكرنا ظهر رجحان أحد طرفي تردد المصنف قده ولو سلم التكافؤ بناء على ما تقدم من معارضة ظهور المسبب في الاتحاد لظهور سببيته
الطبيعة في سببية كل فرد أو معارضة الظهور اللفظي عدم تضاعف النجاسة بتعدد الافراد ولذا لو وقع دفعة ما وقع على التعاقب لم يؤثر قطعا الا
مع تبدل العنوان كما سيجئ في الدم وجب المصير إلى ما اختاره المصنف بقوله أحوطه التضعيف فان الاحتياط في مثل المقام لازم بلا اشكال بقى في المقام
انه إذا حصل من تعاقب الفردين من العنوان عنوان اخر كما إذا وقع دمان قليلان متعاقبان يصدق على المجموع الدم الكثير ففي الحكم اشكال من حيث إن
الدم الأول قد أوجب نزح العشرة والدم الثاني بمقتضى اطلاق حكم دم القليل لا يوجب الا نزح عشرة أيضا لكن يصدق بعد وقوعه انه وقع في البئر دم
كثير فيجب خمسون ودعوى انصراف اطلاق أدلة دم الكثير إلى صورة وقوعه عرفية مع دعوى انصراف اطلاق أدلة دم القليل إلى صورة عدم
تعقبه بدم آخر يوجب زيادة تأثر الماء واحداث اثر محدثة بعينه كوقوع الدم الكثير دفعة متكافئتان في التسليم والمنع فالأحوط الرجوع إلى أكثر
الامرين بل الأقوى ذلك توضيحه ان الوقوعين بملاحظة مجموعهما سبب واحد للخمسين وبملاحظة كل منهما منفردا سببان للعشرة يوجبان عشرين ولا يحكم
هنا بالسبعين بتوهم اقتضاء المجموع خمسين وكل منهما عشرة لان مغايرة المجموع لكل واحد مغايرة اعتبارية فلا تعدد في الخارج فالمؤثر الوقوعان
بأحد الاعتبارين فالموجود في الخارج على سبيل البدل إما أسباب متعددة للعشرة واما سبب واحد للخمسين فلا وجه لالقاء تأثير مصداق السبب
الموجب للأكثر واما الموجب للأقل فلا ينبغي تأثيره لكنه يتداخل في الأكثر لما ذكرنا من عدم الجمع بين مقتضاهما ليحكم بالسبعين والحاصل انه بعد
البناء على تداخل مقتضى المصداقين لوجودهما على سبيل البدل بأحد الاعتبارين فلا معنى لتداخل الأكثر في الأقل الا اسقاط الزايد مع وجود سببه و
هو طرح لاطلاق دليله من غير تقييد بخلاف تداخل الأقل في الأكثر فإنه لا يوجب الغائه فلو فرضنا ان التعبد يقتضى أزيد من الخمسين كما إذا وقع
القليل سبع مرات فصار بالثامن كثيرا فإنه وان صدق على المجموع وقوع الدم الكثير الا انه يصدق أيضا وقع فيه سبع مرات بل ثمانية دماء قليلة
فلا معنى لالغاء ما يوجبه كل مرة وليس في ذلك الغاء لمقتضى مصدق الدم الكثير وذكر الشهيدان والمحقق الثاني مسألة تحقق الكثرة بالدم
الثاني فحكموا بمنزوح الكثير ولم يعلم مذهبهم فيما إذا كان مقدور دم الكثير أقل من مقدور دم الكثير أقل من مقدور الدماء المتعددة القليلة ومما ذكرنا يظهر انه لو وقع نجس واحد
شخصي مكررا كما إذا وقع الكلب مرات وخرج حيا فان اللازم تعدد النزح الا ان يستظهر خلاف ذلك من النص واعلم أن بعض الحيوان ان صدق
عليه عنوانه كما إذا نقص منه بعض الأجزاء الغير المقومة الصدق فلا اشكال في حكمه وان لم يصدق عليه دلك فهو داخل فيما لا نص فيه الا انا نعلم
عدم زيادة حكمه على حكم الكل فيجرى عليه حكم الكل و ح؟ فيترتب عليه احكامه حتى عدم تداخل مقدره مع وقوع فردين منها أو تكرر فرد واحد
منه و ح؟ فالجزء الواقع مكرر الا يتداخل مقدره فضلا عما لو وقع جزء آخر بعد الأول بل لو سلمنا التداخل في تكرار الكل لم يبعد عدم التداخل
في الجزئين لأنهما بمنزلة فردين يدعى ان كل واحد منهما بمنزلة كله فكأنه قد تكرر الا ان ظاهر المصنف قده منع التداخل مطلقا في الجزء الذي يكون بعضا من
جمله بشرط يكون لها مقدر غير الجميع حتى تحيور التكرار فيه وكان وجه المنع منع التعدد مع تكرر وقوع الجملة بناء على النجاسة الشخصية لا يتعدد
36

فاثرها والجزء لا يزيد على حكم جملته فإذا وقع الجزء الثاني فكأنه وقع جملة ثانيا والمقدمتان قابلتان للنظر هذا كله مع الوقوع على التعاقب إما
مع وقوع أكثر من جزء دفعة فلا يزيد حكم ابعاضها عن جملتها ثم على ما اختاره المصنف قده من عدم التعدد أو مع الوقوع دفعة لو وقع جزء ان لم يعلم كونهما
من جملة واحدة فوجهان من أصالة عدم وقوع الجزء من حيوان اخر ومن أصالة بقاء النجاسة الا ان ايجاب التعدد لانتقاض اليقين بالنجاسة بيقين
الطهارة لا ينافي ترتيب اثار عدم وقوع الجزء من حيوان كما لو يعلم لم كون النجاسة في الثوب مما يحتاج إلى التعدد أو لا فإنه يجمع بين حكم بقاء النجاسة
وأصالة عدم وصول ما يحتاج إلى التعدد الا ان يفرق بين المثال وبين ما نحن فيه فان نجاسة كل واحد مما لا يحتاج إلى التعدد وما يحتاج تتحد
مع الأخرى كما يكشف عن ذلك تداخل حكمهما في الغسل إما ما نحن فيه فقد التزمنا فيه بتعدد النجاستين على وجه لا يدخل أحدهما في الأخر فالنجاسة
المستصحبة ان أريد بها الحاصلة بالسبب الأول فقد ارتفعت به قطعا وان أريد بها الحاصلة بغيره فهى مشكوكة الحدوث الا ان يدعى ان النجاسة مع
هذا يعد في العرف أمرا واحدا مستمرا وان فرض تعددها في الوجود بمقتضى تعدد أسبابها ولعله لأجل ذلك رجح في الذكرى القول بالتعدد في هذا الفرع
لكن علله بالاستظهار ولعله أراد الاحتياط اللازم وهذا كله مع العلم بان الجزئين من نوع واحد ومثله ما لو احتمل تغاير النوعين فالاستصحاب
أوضح وبعض من التزم بأنه لا يجب في الصورة الأولى الا نزح مقدر واحد استصحابا لطهارة البئر السابقة فرق في هذه الصورة الثانية بين ما
لو علم جزء منهما انه من جملة خاصة وشك في الأخرى انه من تلك الجملة أم لا فلم يبعد الاكتفاء بنزح مقدار الجملة المعلومة استصحابا لطهارة البئر
من الأخر وان لم يعلم بأحد الجزئين لم يبعد القول بوجوب مقدر الجميع الاستصحاب النجاسة ولأنه كما إذا وقع حيوان لم يعلم أنه كلب أو غيره فتأمل
الثالث إذا لم يقدر فيما بأيدينا من الأدلة الشرعية للنجاسة منزوح وجب الاخا بمقتضى استصحاب الأحكام الثابتة بعد الوقوع بالأدلة
المخصصة لعمومات جواز استعمال الماء تكليفا ووضعا وينزح جميع مائها كما عليه المشهور ولا مجال هنا لاجزاء أصالة البراءة لأن الشك في ترتب
اثار الطهارة على الماء أعني إباحة الاستعمال وصحته لا في التكليف ولو فرض وجوب النزح مقدمة لواجب فمن المعلوم ان المقدمة لذلك الواجب هو
تطهير ماء البئر تكليف به بمفهوم معلوم لا يكفي في الخروج عنه الا القطع بتحققه في الخارج وليس النزح من حيث هو مقدمة لذلك الواجب حتى
يجرى فيه عند دوران الامر بين الأقل والأكثر أصالة البراءة على المختار من جريانها مع الشك في اجزاء الواجب أو شروطه ونظير ما نحن فيه ما إذا أمرنا
بتطهير الثوب فشككنا في حصول الطهارة بغسل الثوب مرة أو مرتين إذا لم يكن هناك اطلاق يقتضى كفاية المرة
فان الامر بالغسل أمر حقيقة بالتطهير
المشكوك في تحققه بالغسل مرة هذا على القول بنجاسة البئر بالملاقات وان قلنا بكون النزح تعبدا فان جعله هذا القائل واجبا مستقلا
غير معتبر في جواز استعمال الماء كان الأقوى وجوب الاخذ بالأقل المتيقن بناء على جريان الأصل في الأجزاء وان جعله شرطا لإباحة الاستعمال
كان الحكم فيه كالسابق من الاخذ بالاستصحاب لعدم كون الشك في الحكم التكليف بل في ارتفاع المنع السابق والأصل عدمه ثم إن هنا قولين آخرين
لم يعلم المستند لهما وهو نزح أربعين ونزح ثلاثين واضعف منهما ما احتمله في المعتبر وربما حكى قولا من عدم وجوب شئ اقتصارا على موضع النص
لكن ذكر ان هذا لا يتأتى على القول بالنجاسة وكيف كان فان تعذر نزحها لم يطهر الا بالتراوح بلا خلاف على الظاهر ولعله لفهم التعدي من حديث التراوح
واحتمال تعطيل البئر لو قام لأخل بالحكم بتطهره بنزح الجميع مع التمكن إذا لا وجه له المصباح وربما يقال بوجوب نزح ما يزيلا قل مراتب المحقق بتلك النجاسة وفيه
نظر وإذا تغير بما يقع في البئر أحد أوصاف مائها كان طهره عند القائلين بعدم الانفعال حكم الجاري المتغير بالنجاسة في كفاية زوال تغيره بما يتجدد
من مائها بالنزح بل ربما قيل بكفاية زوال تغيره بالنزح وان لم يتجدد ماء لظاهر قوله (ع) في صحيحة ابن بزيع فينزح حتى يذهب اللون ويطيب الطعم و
يضعف بان الاطلاق محمول الغالب فلا يشمل ما لو زال التغير بالنزح من دون تجدد نبع واضعف منه القول بعدم الاعتبار النزح وكفاية زوال
تغيره لاتصاله بماء المادة المعتصم بناء على أن علة النزح في الصحيحة زوال تغيره فهو المقصود دونه وذكره لكونه مقدمة له في الغالب وفيه انه
موقوف على كون حتى للتعليل والظاهر كونها للغاية ولو سلم فاطلاق زوال التغير ينصرف إلى الغلب وهو الحاصل بالممازجة المتجدد فإنه
هو الذي يترتب على النزح واما زوال التغيير بنحو اخر فالظاهر عدم دخل النزح فيه غالبا فضلا عن استناده إليه على وجه العلية واما القائلون
بانفعال البئر بالملاقات فالمحكى عنهم أقوال تبلغ سبعة أو ثمانية بعد اتفاقهم على وجوب إزالة التغير أحدها ما قيل من أنه ينزح حتى يزول التغير عملا
بظاهر ما دل على كفاية زوال التغير في طهارة مثل قوله (ع) في صحيحة ابن بزيع المتقدمة في أدلة الطهارة ماء البئر واسع لا يفسده شئ الا ان
يتغير طعمه أو ريحه فينزح حتى يذهب اللون ويطيب الطعم بناء على تأويلها عند القائلين بالنجاسة بان المراد من افساد المنفى صيرورة مائه نجس
العين بحيث يتوقف طهارته على استهلاكه في ماء اخر فان اخراج الدلو الواحد لنجاسة البئر بالعصفور أو الثلاثة لغيرها قد لا يوجب تجدد نبع الماء
فضلا عن امتزاجه بجميعه فضلا عن استهلاكه فيه وهابا بخلاف المتغير فإنه لابد من امتزاجه التام بماء جديد وموثقة سماعة عن أبي عبد الله (ع) عن الفارة
يقع في البئر أو الطير فان أدرك قبل ان ينتن ينزح دلاء وإن كان سنورا أو أكبر منها نزحت منها ثلاثين دلوا أو أربعين وان أنتن حتى يوجد
37

النتن في الماء نزحت البئر حتى يذهب النتن من الماء وصحيح الشحام عن أبي عبد الله (ع) في السنور والدجاجة والكلب والطير قال إذا لم يتفسخ أو
يتغير طعم الماء فيكفيك خمس دلاء وان تغير الماء فخذ منه حتى يذهب الريح وخبر زرارة قال قلت لأبي عبد الله (ع) بئر قطرت فيها قطرة دم أو
خمر قال الدم والميت والدم ولحم الخنزير كلها واحد فان غلب الريح نزحت حتى يطيب بناء على تقديم هذه الأخبار على ظاهر ما سيأتي من اخبار وجوب
نزح الجميع بناء على حمل تلك على ما إذا توقف زوال التغير على نزح الجميع بينهما أقرب من ذلك وعلى ظاهر ما دل على وجوب المقدر للنجاسة
الواقعة الشامل بالاطلاق أو بالفحوى لصورة تغيره بها بناء على منع شموله لها لفظا ولا فحوى هذا ولكن الانصاف قصور دلالة الأخبار المتقدمة
إما الصحيحة فقد تقدم ظهورها في عدم انفعال البئر بالملاقات ووجوب صرفها إلى معنى يلايم القول بالنجاسة على القول بانفعال البئر وأقرب وجوه
الصرف ما تقدم من كون المراد بالفساد فساده بحيث لا يصلح الا بالممازجة التامة مع ماء جديد من المادة وهذا ثابت مع التغيير منتف مع غيره ولا ريب ان
الرواية على هذا صريحة في حاجة الماء المتغير إلى النزح أزيد مما يحتاجه الماء مع عدم التغير فلا يدل على كفاية زوال التغير وان لم ينزح المقدر لأنه
يلزمه كون الماء مع عدم التغير أفسد منه مع التغير وهذا خلاف ما استظهر من الرواية بل كل تأويل يفرض في الصحيحة ليوافق مذهب المستدل بها حيث
يقول بنجاسة البئر بالملاقات لا يخلو عن صراحة كون الفساد مع التغير أقوى وأشد وأحوج إلى اخراج الماء وبالجملة فاستدلال القائلين بالنجاسة بهذه
الصحيحة مع ردهم لها تارة بكونها مكاتبة واخرى بالتأويل وثالثة بعدم المعارضة مع أدلة وجوب النزح في غاية الاشكال فضلا عن تقديم ظهورها
على ظهور اخبار المقدرات وظهور اخبار وجوب نزح الجميع واما ما بعد الصحيحة من الاخبار فهى في مقام عدم كفاية المقدار المذكور في مواردها التطهير مع
التغير إذ من المعلوم عدم زوال التغير بما دون خمس دلاء أو سبع أو عشرين فلا يدل على ما هو المطلوب من كفاية زوال التغير وان لم يبلغ المقدر والثاني
ما قيل بل استظهر انه المشهور من أنه ينزح جميع مائها إما لأن النجاسة الحاصلة بالتغير غير منصوص المقدر بناء على ظهور اختصاص أدلة المقدرات
بصورة عدم التغير واما للأخبار الواردة بنزح الجميع للتغير مثل قوله (ع) في رواية معاوية لا تعاد الصلاة ولا يغسل الثوب بما يقع في البئر الا ان ينتن
فان أنتن غسل الثوب وأعاد الصلاة ونزحت البئر وفى رواية أبى خديجة إذا انفسخت الفارة ونتن الماء كله وخبر منهال فإن كانت جيفة قد أجيفت
فاستق منها مائة دلو فان غلب الريح عليها بعد مائة دلو فانزحها كلها ورواية عمار الواردة في التراوح عن بئر يقع فيها كلب أو فارة أو خنزير قال ينزف
كلها بناء على حملها على صورة التغير كما ذكره الشيخ والجواب منع كون النجاسة مع التغير مما لا نص فيه لما سيجئ من شمول اخبار المقدرات له وكذا اخبار
وجوب إزالة التغير وان لم يدل كل واحد من هذين القسمين على كفاية مضمونه كما تقدم واما الأخبار المذكورة فهى محمولة على ما إذا توقف زوال التغير على
نزح الجميع إذ لا جمع أقرب من ذلك وربما احتمل فيها الحمل على الاستحباب وعلى هذا القول فان تعذر نزح الجميع لغزارته ففيه احتمالات بل أقوال أحدها
ما اختاره المصنف قده؟ وفاقا للمحكى عن الإسكافي والصدوقين والسيد والشيخ وابن حمزه من أنه نزاوح عليها أربعة رجال ومستندهم ما تقدم من
رواية عمار المتقدمة أخيرا في اخبار هذا القول لكن الظاهر أنهم يشترطون إزالة التغير حتى بعد التراوح إذ لم يعهد من أحد القول بطهارة الماء التغير
فعلا عليه ويحمل اطلاق الرواية أيضا ثانيها الاكتفاء حينئذ بزوال التغير حكى عن الشيخ في النهاية والمبسوط وعن كاشف الرموز نقطه عن المقنعة ولعل
وجهه حمل اخبار زوال التغير أو انصرافا على ما هو الغالب من تعذر نزح الجميع وفيه مع عدم امكان هذا الحمل في رواية عمار بل معارضتها لتلك الأخبار
ان اخبار زوال التغير كما تقدم لا ظهور لها في مورد يزول التغير قبل نزح المقدر فينبغي الحكم عند تعذر نزح الجميع بأكثر الامرين من المقدر
ومزيل التغير وهو ثالث هذه الأقوال وعليه المحقق في النافع والمعتبر قيل واستحسنه كاشف الرموز ونسبه إلى الحلى وفى النسبة نظر ثم إن الجمع بين
محصل هذا الجمع وهو الكثر الامرين وبين رواية عمار الدالة على الترواح لما تضده بعمل الأصحاب في موارد تعذر نزح الجميع بينهما باعتبار أكثر
الأمور من المقدر ومزيل التغير والتراوح وهذا رابع الاحتمالات ان الا يقال إن الاحتمال الأول راجع إلى هذا لان التراوح غالبا يكون بعد استيفاء
المقدر واما زوال التغير فقد عرفت انه لابد منه عند القائلين بالاحتمال الأول وهو أقوى هذه الثلاثة الخامس لزوم أكثر الامرين من المقدر
ومزيل التغير وهو المحكي عن الشيخ والحلى والمختلف والمسالك واستوجهه في المدارك ولعل وجهه الجمع بين ما دل على الامرين فان أدلة المقدر
شاملة له من حيث اعتبار المقدر إما من باب الاطلاق باعتبار شمولها لوقوع النجاسة قبل حدوث التغير واما من باب الفحوى نعم ظهورها
في كفاية المقدر مطروح بما دل على وجوب إزالة التغير ولا ظهور لها في كفاية ذلك حتى يطرح بما دل على أدلة المقدرات مع أنه متعين على
تقدير الظهور وبعبارة أخرى لكل منهما ظهور لفظي في اعتبار مضمونه في التطهير وظهور عقلي في كفاية ذلك فيطرح ظهور كل منهما في الكفاية
بظهور الأخر في الاعتبار لأنه أقوى مضافا إلى أن المرجع بعد التكافؤ استصحاب النجاسة وفيه ان مقتضى هذا الجمع ازاله التغير أولا ثم استيفاء
المقدر لان استيفائه أو بعضه قبل زوال التغير غير مجد لأنه نظير ما إذا استوفى المقدر أو بعضه قبل اخراج عين النجاسة لان بقاء التغير دليل
بقاء عين النجاسة مضافا إلى أن ظاهر الاخبار اعتبار النزح حال عدم التغير لذهاب النجاسة الحاصلة بالملاقات ومعلوم عدم مدخلية
38

النزح في ذهاب هذه النجاسة ما دام الماء متغيرا فالأقوى من هذا هو القول السادس وهو انه يجب إزالة التغير أو لا ثم استيفاء المقدر
ثم على هذين القولين لو لم يكن للمنزوح مقدر فالظاهر وجوب نزح الجميع كما صرح به بعض أهل كل من القولين كما صرحوا بالتراوح عند تعذر نزح
الجميع وحكى عن صاحب المعالم والذخيرة كفاية زوال التغير مع عدم المقدر وكفاية أكثر الامرين مع التعذر فهذه أقوال سبعة والقول السادير لا يخلو
عن قوة والأحوط هو القول الثالث ويستحب ان يكون بين البئر بل مطلق ماء المجتمع المحتاج إليه في الاستعمال ذا مادة أو غيره والبالوعة وهي ثقب
في وسط الدار كما عن الصحاح أو بئر يحفر ضيق الرأس يجرى فيها ماء المطر ونحوه كما عن القاموس وخصها في الروضة بمجمع ماء النزح بعد أن فسرها في الروض
بمرمى مطلق النجاسات خمس أذرع بذراع اليد وهي كما عن القاموس ما بين المرفق وطرف الإصبع الوسطى وحدها جماعة في باب المسافة بخمسة وعشرين
إصبعا عرضا إن كانت المتوسطة بينهما صلبة مثل ارض الجبل وشبهه أو كانت البئر فوق البالوعة بحسب قراريهما أو سطح مائهما والا يكن الأرض
صلبة والاقرار البئر على فسبع هذا هو المشهور على الظاهر وفى مرسلة قدامة بن أبي زيد قال سئلته كم أدنى ما يكون بين البئر بئر الماء والبالوعة قال.
إن كان سهلا فسبع أذرع وإن كان جبلا فخمس ثم قال يجرى الماء إلى القبلة إلى يمين ويجرى عن يمين القبلة إلى يسار القبلة ويجرى عن يسار القبلة إلى يمين
القبلة ولا يجرى عن يمين القبلة إلى دبر القبلة وفى رواية الحسن بن رباط قال سئلته عن البالوعة يكون فوق البئر إذا كانت أسفل من البئر فخمسة
أذرع وإن كانت فوق البئر فسبعة أذرع من كل ناحية وذلك كثير وجمع المشهور بينهما تقييد حكم السبع في الروايتين مع مع إرادة عدم فوقية البئر
من الفقرة الثانية من الرواية الثانية ان المتبادر من مثله نقيض الشرطية الأولى لا ضدها وحاصل هذا الجمع كفاية كل من صلابة الأرض وفوقية
البئر في الخمس فيكون الخمس في أربع صور من الست وظاهر الارشاد عكس هذا الجمع بتقييد حكم الخمس في الروايتين مع ابقاء الفقرة الثانية من الرواية
الثانية على ظاهر من خصوصية فوقية البالوعة في الارشاد ويستحب تباعد البئر عن البالوعة بسبع أذرع إن كانت الأرض رخوة أو
كانت البالوعة فوقها والا فخمس وعن بعض النسخ الواو بدل أو فيوافق ظاهر ما عن التلخيص من أنه يستحب تباعد البئر عن البالوعة بسبع أذرع مع
الرخاوة والتحية والا فخمس ولما في السرائر يستحب ان يكون بين البئر التي يستقى منها وبين البالوعة سبعة أذرع إذا كانت البئر تحت وكانت الأرض
سهلة وخمسة أذرع إذا كانت فوقها والأرض أيضا سهلة وإن كانت الأرض صلبة فخمس ومستند هذا القول الجمع بين الروايتين بتقييد حكم
السبع في إحديهما بالآخر الا ان الفقرة الثانية باقية على ظاهرها من إرادة خصوص فوقية البالوعة على ظاهر السراير ويراد بها نقيض الفقرة
الأولى وهو عدم فوقية البئر بناء على ظاهر التلخيص ونسخة الارشاد وهنا جمع رابع وهو تقييد فقرتي الرواية الثانية بالأولى فيكون
المدار على الصلابة والرخاوة وهو المحكي عن ظاهر الصدوق ثم إن بعض مشايخنا المعاصرين بعد تزييف جمع المشهور بعدم جريانه على القواعد من
غير بيان وجه ذلك قال إن المستفاد من مجموع الروايتين ان السبعة لها سببان وهي السهولة وفوقية البالوعة والخمسة أيضا لها سببان الجبلية
واسفليته البالوعة ويحصل التعارض عند تعارض سببين كما إذا كانت الأرض سهلة والبالوعة أسفل فلابد من مرجح خارج وكذا إذا كانت
الأرض جبلية والبالوعة فوق البئر ولعله بالنسبة إلينا يكفي الشهرة في الترجيح فيحكم كل منهما على الأخر
بمعونتها وبالنسبة إليهم لا نعلم المرجح
ولعله دليل خارج وفيه مع أن تعارض السببين انما يكون بعد الفراغ عن دليلهما وعدم تصرف فيهما كما في تعارض النيتين ونحوه في المقام من قبيل
تعارض الدليلين وتعيين وجوه التصرف ليثبت بذلك الخمس بتعدد السبب كالمشهور أو السبع كالارشاد أو اختصاص كل منهما بسبب
واحد كالصدوق ان جمع المشهور لعله ناظر إلى أن الصلابة وفوقية البئر من قبيل المانع وان البعد بما دون السبع مظنة لتوهم نفوذ النجاسة
من البالوعة الا ان يكون هنا مانع من النفوذ من صلابة أو علو البئر فوجوب السبع مع السهولة أو تساوى القرارين ليس مستند إليهما بل إلى عدم
المانع عن النفوذ فيما دون مع وجود مقتضى النفوذ وهو استعداد الماء للنفوذ إلى سبعة أذرع من جوانبه لو خلى وطبعه مع امكان ان يقال إن
هذا الجمع مطابق للأصل لأصالة عدم استحباب السبع عند صلابة الأرض إذا كانت فوق البئر بناء على اجراء أصالة العدم هنا دون
أصالة عدم الامتثال بالمستحب وعدم ارتفاع ملا حظه الشارع من مظنة النفوذ مع القرب فكان أولي من قول الارشاد والصدوق نعم الا وفق
بالأصل من ذلك قول التلخيص لحكمه بعدم السبع مع تساوى القرارين في الأرض الرخوة لكن تقييد أحد فقرتي السبع بالآخر لا وجه له لعدم التنافي لعدم التنافي لا وجه لاطراح اطلاق
السبعة في الرواية الأولى ومما ذكرنا عرفت قوة قول المشهور مع قطع النطر عن الشهرة ثم إن المحكي عن الإسكافي في مختصره ما لفظه لا استحب الطهارة
من بئر يكون بئر النجاسة التي يستقر فيها النجاسة من أعلاها في مجرى الوادي الا إذا كان بينهما في الأرض الرخوة اثنى عشر ذراعا وفى الأرض
الصلبة سبعة ذرع فان ان تحتها والنظيفة أعلاها فلا باس وإن كانت محاذيتها في سمت القبلة فإذا كان بينهما سبعة أذرع فلا باس لما رواه
ابن يحيى عن سليمان عن أبي عبد الله (ع) انتهى أقول هي رواية سليمان الديلمي عن أبي عبد الله (ع) عن البئر يكون إلى جنبها الكنيف قال إن مجرى العيون
كلها من مهب الشمال فإذا كانت البئر النظيفة فوق الشمال والكنيف أسفل منها لم يضرها إذا كان بينهما أذرع وإن كان الكنيف فوق النظيفة
39

فلا أقل من اثنى عشر ذراعا وإن كان تجاها بحذاء القبلة وهما مستويان في مهب الشمال فسبعة أذرع الخبر والظاهر أنه قده فهم من اطلاق الأرض
الرخوة لأنها الغالب وتحديده البعد في الصلبة بسبع لرواية الحسن بن رباطة المتقدمة في اعتبار السبع مع فوقية البالوعة بناء على أن
المراد بالفوقية أعم من حيث الجهة بحملها على الصلبة لكونها الفرد المتيقن من الاطلاق كالرخوة في هذه الرواية فيطرح ظاهر كل بنص الأخر لكن
فيه اطراح لرواية ابن أبي يزيد رأسا أو حملا لها على أقل مراتب الاستحباب كما أشار إليه جامع المقاصد حيث قال إن طريق الجمع حمل ما دل على الزيادة
على المبالغة في الاستحباب والمصباح فيعتبر الفوقية والتحتية باعتبار المجرى فان جهة الشمال فوق بالنسبة إلى ما يقابلها كما دل عليه الرواية وانما يظهر
اثر ذلك مع التساوي في القرار ويضم إلى الفوقية والتحتية باعتبار القرار والى صلابة الأرض ورخاوتها فيحصل أربع وعشرون صورة انتهى أقول
ويشير إلى علو جهة الشمال ما تقدم من قوله (ع) في رواية ابن أبي يزيد المتقدمة ولا يجرى من القبلة إلى دبر القبلة فان دبر قبلة العراقي هي جهة الشمال و
إما تحصيل الصور الأربع وعشرين فواضح لان الست السابقة يضرب في أربع هي كون البئر في طرف الشمال والبالوعة في طرف الجنوب وعكسها
وكون البئر في طرف المغرب وعكسها واما تقييد علو الجهة بعلو القرار بصورة عدم معارضته به فيشكل استفادته من الاخبار
وان ساعده الاعتبار وحاصل ذلك كفاية الخمس في الجميع صور صلابة الأرض وهي اثنا عشرة وجميع صور علو البئر حسا من صور الرخاوة وهي أربع من
اثنتي عشرة وصورة واحدة من صور تساوى القرارين وهي صورة علو البئر جهة ويجب السبع فيما عدا ذلك وهي جميع الصور الأربع من صورة قرار علو البالوعة
وثلاث من صور تساوى القرارين وربما يشكل بما ذكره شارح الدروس ان فوقية القرار إما ان تعارض فوقية الجهة فيكون بمنزلة المتساويين
أولا فعلى الأول ينبغي السبع في ثمان لخروج واحدة من الصور الأربع لفوقية قرارا البئر المحكوم فيها بالخمس وعلى الثاني ينبغي السبع في ست لخروج صورة
واحدة من الصور الأربع لفوقية قرار البالوعة ودعوى ان علو الجهة في البئر تعارض بعلو البالوعة حسا فلا يوجب كفاية الخمس بخلاف علو الجهة في
البالوعة فإنه لا يعارض بعلو البئر حسا بل يكون علو البئر كالسليم تحكم الا ان يقال إن المستفاد من الاخبار قيام علو الجهة في البئر في مقام علوها
حسا إذا لم يعارض بعلو حسي وفيه ان العلو الحسى في طرف البالوعة لا يؤثر شيئا ولذا حكمه حكم عدمه وتساوى القرارين فكيف يعارض علو الجهة فتأمل وعلى كل
حال فلا اشكال في أنه (لا يحكم بنجاسة البئر) بمجرد قربها من البالوعة (الا ان يعلم وصول ماء البالوعة إليها) وتغيرهما بأوصاف النجاسة على المختار
من عدم انفعال البئر أو مطلقا على القول بالانفعال لقوله (ع) حين سئل عن البئر يكون بينها وبين الكنيف خمسة أذرع أو أقل أو أكثر يتوضأ
منها قال ليس يكره من قرب ولا بعد بتوضئ منها ما لم يتغير الماء واعتبار التغير على المختار لكونه سببا في النجاسة وعلى القول الآخر
لأنه الكاشف غالبا عن نفوذ الماء النجس من الكنيف (وإذا حكم بنجاسة الماء) لم يجز (ولم يجز) بل حرم كما في القواعد والبيان وغيرهما (استعماله)
(في الطهارة) بالمعنى الشامل لإزالة الجنب والتنظيف المطلوب في الأغسال والوضوءات المندوبة وغيرها من موارد رجحان استعمال الماء إما عدم
الأجزاء فلعدم ترتب الأثر المقصود من هذه الأمور عليه واما الحرمة فلان المفروض فعله بقصد ترتب الأثر عليه والا لم يكن مستعملا (للماء) في
الطهارة ولذا قال كاشف اللثام ان استعماله في صورة الطهارة والإزالة مع اعتقاد عدم حصولهما لا اثم فيه وليس لا استعماله فيهما انتهى و
عن النهاية ان المراد بالحرمة عدم ترتب الأثر ولعله لأنه المستفاد من النهى الوارد في مقام بيان الموانع كاستفادة الحكم الوضعي من الامر الوارد
في بيان مقام الشروط وهذه غير الحرمة الناشية من ذات الفعل ولذا صح جعل الحكم مطلقا غير مختص بصورة العلم والاختيار فان الحرمة
الذاتية لا يجرى فيها لمن تطهر معتقد الطهارة الماء أو مكرها عليه وربما سيظهر في المقام تحقق الحرمة الذاتية أيضا من ظواهر
النهى عن التوضي بالماء النجس ونحوه وحكمهم بوجوب اجتناب المائين المشتبهين في الطهارة عن الخبث في ظاهر كلامهم فان الحرمة
التشريعة لا تمنع عن الاحتياط بالجمع بين الواجب وغيره المحرم تشريعا كما في اشتباه المطلق بالمضاف واشتباه القبلة والفائتة وغير ذلك
لعدم تحقق عنوان التشريع مع الاحتياط ويضعف الاستظهار من ظاهر النواهي بان النهى فيها وارد في مقام رفع اعتقاد الأجزاء الحاصل
من اطلاق أوامر الطهارة فان الامر المطلق كقول الشارع توضأ وصل وقول الموكل اشتر لي رقبة يدل على الرخصة في الوضوء بالماء
النجس والصلاة في الثوب النجس وشراء الرقبة الغير المؤمنة وهذه الرخصة رخصة وضعية حاصلة من تخيير العقل في امتثال المطلق في ضمن
أي فرد كان فإذا ورد بعد ذلك قوله لا تتوضأ بالماء النجس ولا تصل في الثوب النجس ولا تشتر رقبة غير مؤمنة لم يرد بذلك الا رفع ذلك الرخصة
أعني رفع الاذن عن امتثال المطلق في ضمنا الفرد المنهى عنه وان الامتثال في ضمن هذا الفرد غير ما دون فيه ومعلوم ان هذا لا يوجب تحريما أصلا فضلا عن أن يكون ذاتيا نعم التعرض من امتثال فيما لم يأذن الشارع في الامتثال به تشريع محرم بالأدلة الأربعة
ولا يجوز ان يكون حرمة هذا التشريع بتلك النواهي لأنها محصلة لموضوع التشريع فلا يصح ان يكون منهيا عنه بها واما حكمهم بوجوب
اجتناب المشتبهين فلأجل النص الوارد بوجوب التيمم معهما فيقتصر على مورد النص وما يفهم منه التعدي إليه كأزيد من الإنائين واشتباه
نجس العين بالطاهر وغير ذلك ما سنذكر في فروع المسألة وكذا يحرم استعمال ماء النجس في الاكل بخلطه مع المأكول بالعجن والطبخ وغيرهما وفى
40

الشرب منفردا أو ممزوجا الا عند الضرورة المسوغة لسائر المحظورات وظاهر العبارة كجميع من تأخر عنه اختصاص الحرام بهذه الاستعمالات دون
غيرها كسقي الدابة والشجر وبل ا لطين به وعجن الصبغ به كالحناء وغيره من الاصباغ وظاهر الشيخ قده في المبسوط عدم جواز استعماله بحال وهو
الظاهر أيضا من جماعة من القدماء كالمفيد والسيدين والحلى في باب الأطعمة والأشربة بل المكاسب حيث حرموا الانتفاع بالمتنجس مطلقا وقد ذكرنا
في المكاسب ما يوضح جواز الانتفاع في غير الأكل والشرب والاستصباح تحت الظل على خلاف في الأخير وتخيل بعض من ملاحظة ظواهر كلمات القدماء
وظواهر بعض الأخبار ان الأصل في المتنجس حرمة الانتفاع به الا ما خرج بالدليل وقد قوينا في ذلك الباب ان الأصل بالعكس كما يظهر من المحقق و
جماعة قال في المعتبر الماء النجس لا يجوز استعماله في رفع حدوث ولا إزالة خبث مطلقا ولا في الأكل والشرب الا عند الضرورة وأطلق الشيخ رحمه الله
المنع عن استعماله الا عند الضرورة لنا ان مقتضى الدليل جواز الاستعمال فنترك العمل به فيما ذكرنا بالاتفاق والنقل وبقى الباقي على الأصل انتهى
(ولو اشتبه الاناء) النجس ذاتا وبالعرض (بالطاهر) الواحد أو المتعدد المحصور (وجب) مقدمة للعلم بالاجتناب عن النجس الواقعي الواجب بحكم العقل الملزم
لدفع العقاب المحتمل مع ارتكاب أحدهما الامتناع عنهما فان الاقدام على مالا يؤمن فيه المفسدة والعقاب في القبح كالاقدام على ما يقطع فيه بذلك على
ما حكم به العقل وشهد به جماعة والى ما ذكرنا يرجع استدلال الشيخ في الخلاف على هذا الحكم بأنه متيقن النجاسة في أحدهما ولا يؤمن من الاقدام على
استعماله وقرر هذا العلامة في كتبه بان الاجتناب الواجب لا يتم الا باجتنابهما واما استدلال المحقق عليه بان يقين الطهارة معارض بيقين
النجاسة فهو مشعر بالتسالم على وجوب الاحتياط في مثل المقام في نفسه الا انه قد يتوهم جريان أصالة الطهارة المتيقنة الحاكمة على الاحتياط كما سيجئ
فدفعه قده كما سيجئ بالمعارضة الموجب في مثل المقام لتساقطهما وقد يمنع وجوب الاحتياط في المسألة إما لمنع شمول الخطاب بالاجتناب لغير
المعلوم نجاسة تفصيلا واما لمنع وجوب الموافقة القطعية للتكاليف الواقعية وجعل المسلم هي حرمة القطع بالمخالفة واما لحكم المشهور في
الظاهر بالطهارة والحل في كل مشكوك النجاسة والحرمة غاية الأمر عدم جواز ارتكاب المشتبهين للزوم العلم بالمخالفة ولا مانع من ارتكاب
أحدهما للرخصة المستفادة من أدلة أصالتي الحل والطهارة فهو نظير ما إذا رخص الشارع للمتحير في ترك الصلاة إلى بعض الجهات فيكون ترك
المشتبه الأخر في المقام كفعل الصلاة إلى بعض الجهات امتثالا ظاهريا للتكليف بالواقع والكل مدفوع بما بين في الأصول مستقصى وحاصل رفع
الأول ظهور الخطابات في وجوب الاجتناب عن النجس الواقعي والالزم ارتفاع النجاسة في الشبهة المحصورة وحاصل دفع الثاني استقلال
العقل بوجوب تحصيل اليقين بالموافقة وعدم قناعته باحتمال الموافقة مع فرض ثبوت تكليف يقضى بالاجتناب عن النجس الواقعي وحاصل
دفع الثالث عدم جريان أدلة طهارة ما لم يعلم نجاسة وحلية ما لم يعلم حرمته لان جريانه في كلا المشتبهين يوجب المخالفة القطعية وفى أحدهما
المعين دون الأخر ترجيح بلا مرجح وفى أحدهما المخير غير مستفاد من تلك الأدلة لان أحدهما المخير فيه غير داخل تحت العام مع أن أحدهما للعين
واقعا خارج لكونه معلوم الحرمة فإذا وجب الاجتناب عنه بحكم هذه الأخبار وجب الاجتناب عما يحتمله بحكم العقل فهذه العمومات بضميمة حكم العقل
دالة على المطلوب فتأمل هذه كله بملاحظة القاعدة الجارية في كل شبهة محصورة بين المشتبهين والا فالاتفاقات المستفيضة كافية في المسألة بل
يكفي فيها النص الامر بإهراقهما (فإن لم يجد غيرهما) يتمم وهما موثقا سماعة وعمار عن رجل معه اناء ان وقع في أحدهما قذر ولا يدرى أيهما هو و
لم يقدر على ماء غيرهما قال يهريقهما ويتيمم وعن المعتبر والمنتهى عمل الأصحاب بهما وقبولهم لهما
ثم إن في المسألة أمورا يحسب لها الأول انه لا فرق
في المشتبهين بين كونهم مسبوقين بالطهارة كما في مورد الرواية أو بالنجاسة أو غير معلوم الحالة السابقة لشمول ما ذكر من القاعدة ومعقد
الاتفاقات المنقولة وفحوى الروايتين ويحتمل ضعيفا الفرق بين الصور بالحكم بجواز ارتكاب أحدهما في الأول دون الأخيرتين أو في الأولى
والأخيرة دون الثانية (الثاني) لو انصب أحد الإنائين المشتبهين وجب الامتناع من الأخر لبقاء حكم العقل الثابت قبل الانصباب ولا معنى لارتفاعه
بتعذر الامتناع عن المنصب فهو مسقط للتكليف بالامتناع وربما يتمسك هنا باستصحاب وجوب الاجتناب فيه ان الحكم بوجوب الاجتناب
عقلي من باب المقدمة العلمية وهو باق يقينا نعم لو كان الاشتباه في الإنائين بعد انصباب أحدهما على وجه لا يثبت التكليف بالاجتناب عن المنصب على
تقدير العلم التفصيلي بكونه هو النجس كما لو انصب في البالوعة وغيرهما مما لا يؤثر انصبابه فيه شيئا لنجاسة أو لاستهلاكه للمنصب كالماء الكثير المستهلك
له أو جففته الشمس بعد الأنصاب حيث صار محله طاهر ألم يجب الاجتناب عن الباقي لعدم العلم بالتكليف الفعلي بالاجتناب عن النجس الواقعي المردد
بين المشتبهين لاحتمال كون النجس هو المنصب فأصالة الطهارة في الأخر سليمة ومثل عدم ثبوت التكليف بالاجتناب عن أحد المشتبهين على تقدير
العلم التفصيلي بحرمته أو نجاسة عدم تبخر التكليف به عرفا على ذلك التقدير لعدم ابتلاء المكلف به وقبح التكليف به في العرف الا مشروطا
بابتلائه به كما لو قطع بوقوع النجاسة إما في الماء الموضوع عنده أو في الثوب الشخص العابر من عنده الذي لا ابتلاء له فعلا بثيابه بحيث لو فرض صدور
التكليف منجزا بالاجتناب عن ثيابه كان لغوا عرفا بل لا يحسن التكليف المذكور الا مشروطا بابتلائه بها واتفاق وقوعها في يده فان التكليف
41

بالاجتناب عن النجس الواقعي المردد بين هذا الماء وذلك الثوب غير منجز لاحتمال كون النجس هو ذلك الثوب ومثله ما لو عبر الشخص في ارض يعلم
بوقوع النجاسة في ثوبه أو في تلك الأرض التي لا حاجة قريبة له إلى استعمالها فيما يشترط طهارته وكذلك لو علم اجمالا بوقوع النجاسة على الماء أو ظهر
الاناء الذي لا يبتلى به في الاستعمالات المشروطة بالطهارة كما هو مورد صحيحة علي بن جعفر (ع) الواردة في رجل رعف فامتخط فصار الدم قطعا صغارا
فأصاب انائه فقال (ع) ان لم يكن شئ يستبين في الماء فلا باس وإن كان شيئا بينا فلا حيث حملها المشهور في مقابل الشيخ قده على ما إذا تحقق إصابة الدم
للإناء ولم يتحقق اصابته للماء فلم يجعله الامام من قبيل الشبهة المحصورة ووجهه ما ذكرنا من عدم تنجز التكليف بالاجتناب عن استعمال النجس المردد
إذ لو علم تفصيلا بكون النجس هو ظهر الاناء لم يكن عليه تحريم منجز أصلا ومما ذكرنا يظهر ما في كلام السيد قده في المدارك حيث قال بعد منع بعض مقدمات
دليل الاجتناب انه يستفاد من قواعد الأصحاب انه لو تعلق الشك بوقوع النجاسة في الماء أو خارجه لم ينجس الماء ولم يمنع من استعماله وهو مؤيد لما
ذكرنا انتهى فان المراد بخارج الماء إن كان جسما اخر يصح التكليف عرفا منجزا بالاجتناب عنه كمأكول أو مشروب اخر أو ما يلبسه أو يسجد عليه في الصلاة
منعنا حكم الأصحاب بالطهارة في أحدهما وإن كان مما لا يبتلى المكلف بالنهي عن استعماله بالفعل كظهر الاناء أو ارض لا يبتلى المكلف بالسجود عليها
أو التيمم بها فالوجه في الحكم بطهارة الماء عدم التكليف الفعلي بالاجتناب عن استعمال النجس الواقعي منجزا واما ما أجاب به عنه في الحدائق أولا
بما حاصله ان ما فرضه من الشبهة الغير المحصورة وثانيا بان القاعدة المذكورة انما يتعلق بالافراد المندرجة تحت ماهية واحدة والجزئيات التي
تحويها حقيقة واحدة إذا اشتبه طاهرها بنجسها فيفرق فيها بين المحصور وغير المحصور لا وقوع الاشتباه كيف اتفق انتهى ففيه إما أولا فلان ما فرضه
في المدارك غير ظاهر في غير المحصور بل المستفاد من قواعد الأصحاب انه لو كان طرف الشبهة موضعا خاصا من ظهر الاناء أو لباس الغير حكم بطهارة
الماء أيضا وثانيا ان ما ذكره من إناطة حكم الشبهة المحصورة بالافراد المندرجة تحت ماهية واحدة غير منضبط أو لا إذ ما من مشتبهين الا و
يمكن جعلهما فردين لماهية واحدة ولا دليل على تخصيص القاعدة به ثانيا فان مستند تلك القاعدة من العقل والنقل لا اختصاص له بما ذكر
أصلا كما لا يخفى الثالث ان الساري من حكم النجس الواقعي إلى كل من المشتبهين هو الحكم التكليفي أعني وجوب الاجتناب لان الاجتناب عن كل واحد مقدمة
علمية للواجب واما الحكم الوضعي وهي نفس النجاسة فلا يعقل سرايتها إليهما بل هي قائمة بما هو نجس واقعا وحينئذ فملاقي أحدهما لم يعلم
بملاقاته لنجس وانما علم ملاقاته لما يجب الاجتناب عنه مقدمة فهو باق على أصالة الطهارة فلا يجرى فيه دليل وجوب الاجتناب عن النجاسة
الواقعية بعد حكم الشارع بأنه طاهر غير نجس وانما وجب الاجتناب عن نفس المشتبهين لعدم جريان أصالة الطهارة في شئ منهما لان الأصلين مع العلم
الاجمالي في هذا المقام متساقطان وتوهم ان الموجب لسقوط أصالة الطهارة في المشتبه الملاقى بالفتح وهي معارضتها بأصالة طهارة المشتبه
الأخر موجود بعينه في الثالث الملاقى بالكسر فيسقط أصالة طهارته أيضا فيجب الاجتناب عنه مقدمة الواجب الواقعي مدفوع بان الشك في طهارة
الثالث ونجاسته مسبب عن الشك في طهارة المشتبه الملاقى أو صاحبه وقد تقرر في تعارض الأصول ان الأصل الجاري في الشك السببي كالدليل
بالنسبة إلى الأصل الجاري في الشك المسبب سواء كان معارضا له أم معاضدا فأصالة الطهارة في كل من المشتبهين كدليلين بالنسبة إلى أصالة
طهارة الثالث فإذا تساقطا وجب الرجوع إلى ذلك الأصل وهذه قاعدة مطردة في كل أصلين تعارضا وتساقطا فإنه يرجع إلى الأصل في آثارهما
سواء كان الأصل جاريا في اثر أحدهما كان إذا وقع رطوبة مشتبهة بين الماء والبول على الثوب فإنه يحكم بطهارة الثوب أم كان جاريا في اثار كليهما كما
إذا وقع ثوب بعضه متنجس في كر مردد بين الماء المطلق والمضاف والبول فإنه يرجع بعد تعارض أصالتي عدم وقوعه في المطلق وفى المضاف
بأصالة بقاء طهارة المايع ونجاسة الثوب وبالجملة فالأصل الجاري في الشك المسبب عن شك جرى فيه أصلان مكافئان سالم عن المعارض متبع في
جميع المقامات فإذا جرت أصالة الطهارة خرج موردها عن المقدمة العلمية وعن وجوب الاجتناب نعم لو لاقي الأخر ملاق أيضا وجب الاجتناب عنهما
لدخولهما تحت الشبهة المحصورة ولو فقد أحد المشتبهين بعد ملاقاته الثالث لم يزل أصالة الطهارة في الثالث واختص وجوب الاجتناب بالمشتبه
الأخر ولو كان الاشتباه بعد الملاقاة والفقد كان الملاقى مع الباقي من الشبهة المحصورة ثم إن المخالف في
الأصل العلامة قدس سره في المنتهى
حيث حكم بأنه لو استعمل أحد الإنائين وصلى به لم يصح صلاته ووجب غسل ما اصابه لان المشتبه كالنجس ثم نقل عن بعض امامة عدم وجوب غسل ما
اصابه لان المحل طاهر بيقين فلا يزول طهارته بالشك وأجاب بأنه لا فرق في المنع بين يقين النجاسة وشكها ههنا وان فرق بينهما في غيره
المنتهى وفيه ان اليقين بالنجاسة موجب المتيقن بنجاسة ما اصابه واما الشك فيها فلا يوجب اليقين بنجاسة ما اصابه فيبقى على اصاله الطهارة
وعدم الفرق بين اليقين والشك هنا شرعا انما هو في وجوب الاجتناب لا في تنجيس الملاقى فالفرق الحسى بين اليقين والشك موجود و
التسوية الشرعية بينهما لم يثبت في المقام وانتصر صاحب الحدائق لما في المنتهى بان المستفاد من استقراء موارد الشبهة المحصورة اعطاء الشارع
المشتبه بالنجس والحرام حكمهما قال الا ترى ان ملاقاة النجاسة بعض اجزاء الثوب مع الاشتباه بباقي اجزائه موجب لغسله كلا وفيه انا لم نجد في
42

موارد الشبهة المحصورة مورد أزاد الشارع فيه على ايجاب الاجتناب عن المشتبهين والعجب من استشهاده قده بما ذكره في مسألة الثوب مع أن
المشهور لم يزد فيه على وجوب الاجتناب عن النجس الواقعي في الصلاة الذي لا يتم العلم به الا بالاجتناب عن هذا الثوب قبل غسل مجموعه واما
نجاسة ما لاقي موضعا منه فليست الا عين المدعى نعم يمكن ان يقال إن الظاهر من وجوب الاجتناب عن شئ من النجاسات كالميتة مثلا وجوب الاجتناب عن
ملاقيه كما يستفاد من بعض الأخبار وكلمات بعض الأصحاب حيث إن الاجتناب المطلق يعم الاجتناب عن الملاقى فتأمل الرابع لو اشتبه أحدهما بطاهر وجب
الاجتناب عنهما لعين الدليل الجاري في أصل المشتبهين نعم لو عللنا الحكم في نفس المشتبهين بالنص المعتضد بالاتفاق فان تعدينا من مورد النص
إلى أزيد من إنائين فلا ينبغي الاشكال في هذا الفرض والا فالأقوى عدم الالحاق الا إذا بنينا على أن الحكم المشتبه حكم النجس فحينئذ يجب الاجتناب عنهما
لكن قد تقدم ضعف المبين ومن هنا نظر في ذلك صاحب المعالم معللا بخروجه عن مورد النص والوفاق الخامس انه لا اشكال في وجوب التيمم مع انحصار الماء
في المشتبهين لأجل النص والاجماع المتقدمين وهل هو على القاعدة ليتعدى إلى ما لا يشمله النص أو لا الذي ينبغي ان يقال إنه ان لم يمكن الجمع بينهما
مع القطع بوقوع صلاته مع طهارة البدن عن النجاسة الواقعية الحاصلة له من استعمال النجس إما بتطهير البدن بعد الوضوء بأحدهما من الماء الآخر
أو بالصلاة عقيب كل وضوء من الموضأين تعين التيمم لفحوى ما دل من النص والاجماع على تقديم رفع النجاسة الموجودة على الطهارة المائية إذ
الجمع بينهما في الوضوء يوجب الغاء حكم النجاسة المتيقنة مراعاة للطهارة الحدثية المتيقنة والجمع بين الوضوء بأحدهما والتيمم يوجب الغاء احتمال
النجاسة الغير المدفوع بالأصل مراعاة لاحتمال الطهارة وكلاهما مدفوع بالفحوى المذكورة لكن هذا مبنى على أن يصلى مع بقاء رطوبة الوضوء على
بدنه والمنع عن النجاسة المحمولة إما إذا جففها أو قلنا بعدم قدح حمل النجاسة فاحتمال نجاسة البدن مدفوع بالأصل واحتمال نجاسة الرطوبة لا يقدح
احتمال فمراعاة حصول الطهارة الحدثية سليمة عن المعارض وان أمكن ذلك فعلى القول بتحريم الطهارة بالنجس حرمة ذاتية لا تشريعية تعين التيمم أيضا
إما لما ذكره غير واحد من تغليب جانب الحرمة عند تعارضها مع الوجوب واما لان الواجب له بدل وهو التيمم بخلاف الحرام ففي التيمم نوع جمع بين الواجب
وترك الحرام وكانه لذلك يجب التيمم في كل مورد يلزم من الطهارة المائية فوات واجب لابدل له ولا يختص بما لا يلزم منه فعل محرمه والسر انه فهم من
أدلة التيمم عند العذر في استعمال الماء الشمول لمورد مزاجة واجب أو استلزام محرم وعلل في بعض الأخبار تقديم مراعاة ساير الواجبات و
المحرمات على الطهارة المائية بان الله جعل الماء بدلا فتأمل لو تطهرهما سهوا مع فرض تطهر بدنه عن النجاسة الحاصلة له من استعمالهما
فالظاهر صحة الوضوء لعدم النهى وكذا لو تطهر بأحدهما معتقد انه ماء ثالث غير أحد المشتبهين الا ان يقال إن القائل بالحرمة الذاتية يعترف
بشرطية الطهارة لماء الوضوء وهي غير محرزة هنا فيجب ضم التيمم واما على القول بالحرمة التشريعية فالأقوى وجوب الجمع كما إذا اشتبه المطلق
بالمضاف ولو تطهر بأحدهما معتقدا انه غير أحد المشتبهين لم يصح لعدم احراز شرط الوضوء وقد تقدم ان لا دليل على الحرمة الذاتية والمصباح
فيمكن تنزيل النص لأجل تطبيقه مع القاعدة على ما إذا لم يتمكن من إزالة النجاسة المتيقنة عن بدنه وتكرار الصلاة مع كل وضوء وإن كان ممكنا
الا انه قد لا يمكن من أزلتها للصلاة الآتية ولساير استعمالاته المتوقفة على طهارة يده ووجهه وبالجملة فترك الاستفصال لا يفيد العموم
في هذا المورد بالنسبة إلى صورة غير صورة لزوم وقوعه في المحذور من استعمال النجس في الصلاة والأكل والشرب ونجاسة ما يتضرر من نجاسة
من المأكول والمشروب ونحوهما السادس هل يجب الإراقة تعبدا كما يظهر من المقنعة أو الامر بها كناية عن عدم الانتفاع بها أو بيان لاشتراطها
في التيمم وجوه بل أقوال من ظاهر الامر ومن عدم وجوب إراقة نجس العين من الاناء فضلا عن المتنجس ومن أن السؤال عن حكم الشخص من حيث إنه
لا يجد ماء غيرهما ويريد الصلاة لا عن مطلق حكمهما حتى يجاب بوجوب الاهراق فالظاهر أن الإراقة مقدمة للتيمم وخير الوجوه أوسطها
(السابع) لو انصب أحدهما فهل يعمل على طبق النص أو يعمل بالقاعدة بخروجه عن مورد النص وهو الجمع بين الوضوء بالباقي والتيمم وجهان
أقويهما الأول لأن الظاهر من النص كون كل منهما في حكم العدم والأحوط الوضوء بالباقي والصلاة ثم التيمم والصلاة أو الوضوء ثم
تجفيف الرطوبة لئلا يكون حاملا في الصلاة للمشتبه بالنجس الذي يجب اجتنابه في الصلاة ثم التيمم (الثامن) هل يجوز إزالة النجاسة بأحدهما أو
بهما لولا يجوز وجوه من اطلاقات الغسل بالماء خرج ما علم نجاسة وبها يدفع استصحاب نجاسة المحل نعم لو كان النجس المردد بينهما مضافا لم
يكن مورد للاطلاقات ومن أن الطهارة شرط وهي غير محرزة الا إذا غسل بهما متعاقبا فإنه يعلم حينئذ غسله بماء طاهر فيقطع بزوال نجاسته
السابقة وتنجسه بالماء النجس غير معلوم لاحتمال غسله به أولا فلا يؤثر فيه فالماء المتنجس مردد بين وقوعه على محل نجس فلا حكم له و
وقوعه على محل طاهر فيؤثر فيه والأصل بقاء تلك الطهارة ولو فرض معارضتها بأصالة بقاء النجاسة المعلوم ثبوتها عند ملاقاة الماء
النجس وان لم يعلم نجاسته المسببة عنه كان غاية الأمر تساقطهما فيرجع إلى قاعدة طهارة الأشياء هذا هو الذي اختاره جماعة منهم السيد
العلامة الطباطبائي رحمه الله حيث قال في منظومته وان تواردا على رفع الحدث لم يرتفع وليس هكذا الخبث ومن أن المرجع بعد تساقط
43

الأصلين عموم ما دل على وجوب غسل الثوب من النجاسة المرددة فإذا فرضناها بولا دل قوله عليه السلام اغسل ثوبك من أبوال مالا يؤكل
لحمه على وجوب الغسل عقيب كل بول والامر بالغسل وان لم يعلم بقائه الا ان الاحتياط اللازم عند الشك في سقوط الامر يقتضى وجوب
الغسل ويرده انا نقطع بان وجوب الغسل لتحصيل الطهارة فإذا حصلت ولو بحكم الأصل سقط وحاصل ذلك أنه يفرض كل فرد من النجاسة
الملاقية سببا لوجوب غسل الثوب منها فإذا تحقق بعد زمن العلم بالحال الغسل بهما فالنجاسة الملاقية للثوب من أحد المشتبهين مع
الطهارة الحاصلة له من استعمال الأخر نظير الحدث مع الطهارة في تقدمها عليه والفرق بين المقام ومسألة الطهارة والحدث
جريان الأصل فيه لا فيها والمقام يحتاج إلى تأمل تام ولو فقد أحد المشتبهين فهل يجب غسل الثوب النجس بالآخر وجهان من أنه بعد الغسل محكوم
بنجاسة شرعا بالاستصحاب فلا يفيد خصوصا فيما يلزم فيه تكثير النجاسة ظاهرا حيث يحكم بالاستصحاب بنجاسة أزيد من موضع النجس المتيقن بناء
على أن مقتضى النجاسة تنجس الماء المغسول به لان ما حول المحل النجس لا ينفعل بالغسالة ولم يعلم كونها غسالة ومن أن عدم العلم بالنجاسة أولي في
نظر الشارع من العلم بها حتى فيما يلزم منه تكثير النجاسة في الواقع لاستصحاب طهارة ما عدا المحل النجس اليقيني وعموم تنجس ملاقي النجس بعد تخصصه
بما عدا أطراف المحل النجس من قبيل المخصص بالمجمل يرجع فيه إلى الأصل فتأمل
{الطرف الثاني} في الماء (المضاف وهو كل مايع) يصح اطلاق
اسم الماء عليه لعلاقة المشابهة الصورية فيخرج المايعات التي لا يصح اطلاق اسم الماء عليها الا من باب المبالغة في الميعان كما يقال للدهن والعسل
المايعين مبالغة في ميعانهما وهو على أقسام منه ما حصل بالتصعيد كماء الورد وشبهه ومنه (ما
اعتصر من جسم كماء) الحصرم والنيمو (أو مزج به مزجا)
(يسلبه الاطلاق) كالمرق والخل وماء الزعفران ثم إن سلب الاطلاق موكول إلى العر ف ولا عبرة بكمية أحدهما وفى المبسوط تحديده بعدم أكثرية المضاف
وعن القاضي المنع مع التساوي متمسكا بالاحتياط في مقابل تمسك الشيخ بأصالة الجواز وظاهر من تأخر عنهما الصدق العرفي وهو قد يكون واضحا
وقد يكون خفيا على العرف الشك في اندارج هذا الفرد تحت المطلق أو المضاف فيجب حينئذ الرجوع إلى الأصول وعن مقتضاها انفعاله بالملاقات
ولو كان كثير الان الأصل في ملاقي النجس النجاسة ولذا استدل في الغنية على نجاسة الماء القليل بالملاقات بقوله تعالى والرجز فاهجر لان المركوز
في أذهان المتشرعة اقتضاء النجاسة في ذاته للسراية كما يظهر بتتبع الاخبار مثل قوله (ع) في الرد على من قال لا ادع طعامي من أجل فارة ماتت
فيه انما استخففت بدينك حيث إن الله حرم الميتة عن كل شئ فان اكل الطعام المذكور لا يكون استخفافا بحكم الشارع بحرمة الميتة يعنى
نجاستها الا من جهة ما هو المركوز في الأذهان من استلزام نجاسة الشئ لنجاسة ما يلاقيه ويدل عليه أيضا ان المستفاد من أدلة كرية الماء انها
عاصمة عن الانفعال فعلم أن لانفعال مقتضى نفس الملاقاة فإذا شك في اطلاق مقدار الكر واضافته لم يتحقق المانع عن الانفعال و
المفروض وجود المقتضى له نظير الماء المشكوك في كريته مع جهالة حالته السابقة ومن جميع ما ذكرنا يظهر ضعف التمسك في المقام
بأصالة عدم الانفعال ثم إن العلامة بعد موافقة المشهور على اعتبار الصدق اعتبر في خلط المضاف المسلوب الصفات كمنقطع الرايحة من
ماء الورد تقديرها وحكى عنه تقدير الوسط منها دون الصفة الشخصية الموجودة قبل السلب قال في الذكرى فحينئذ يعتبر الوسط في المخالفة
فلا يعتبر في الطعم حدة الخل ولا في الرايحة ذكاء المسك وينبغي اعتبار صفات الماء في العذوبة والرقة والصفاء واضدادها انتهى ولم يقم على
هذا القول دليل معتبر ولو امتزج المطلق بالمضاف على وجه يعلم بعدم صدق الاسمين فالظاهر اجراء احكام المضاف عليه لان سلب اسم الماء
عنه يكفي في عدم ترتب اثاره وقد يتخيل احتمال ترتب اثار المطلق على اجزاء المطلق الموجودة فيه وترتب اثار المضاف على اجزاء المضاف كذلك بناء على عدم استهلاك
أحدهما بالآخر فيصح ارتماس الجنب لانغماره بالاجزاء المائية الموجودة فيه بالفرض وفيه ان الاحكام منوطة بالماء العرفي وهو ما كان
لاجزائه اتصال لا كالاجزاء المتلاشية في المضاف ولو امتزج الماء بمايع غير مضاف كالدبس أو بجامد فشك في سلب الاطلاق
فمقتضى الأصل بقاء الاطلاق وقد يخدش فيه بان ما نحن في من قبيل الشك في اندراج هذا الجزئي الحقيقي تحت العنوان وهذا
لم يكن متيقنا في أن السابق وما كان مندرجا في السابق تحت ذلك العنوان كان جزئيا حقيقيا اخر متشخصا بمشخصات اخر وفيه ان
الظاهر من كلمات العلماء في نظائر هذه المسألة جريان الاستصحاب وان المراجع في تعين الموضوع في الاستصحاب وبقائه في الان
اللاحق ليحمل عليه المستصحب هو العرف ولذا اتفقوا على اجزائه فيما لو شك في بقائه على القلة أو الكثرة بعد زيادة شئ من الماء عليه
أو نقصانه عنه ونحو ذلك وهو أي المضاف مع طهارة أصله طاهر لكنه لا يزيل حدثا أصغر ولا أكبر ولا حكمهما عن مثل السلس والمستحاضة
ولا شبههما من القذارة المعنوية التي يطلب لأجلها الأغسال المنسوبة وبعض الوضوءات اجماعا كما هو صريح جماعة ونفى الخلاف عنه
في المبسوط بين الطائفة وفى السرائر بين المحصلين لكن في المعتبر عن الخلاف حاكية جواز الوضوء بماء
الورد عن بعض أصحاب الحديث
منا وحكى هو عن ابن بابويه في كتابه أنه قال لا باس بالوضوء والغسل من الجنابة والاستياك بماء الورد قال وربما كان مستنده رواية
44

سهل بن زياد عن محمد بن عيسى عن يونس عن أبي الحسن (ع) عن الرجل يغتسل بماء الورد ويتوضأ به للصلاة قال لا باس به وردها تازة يضعف
سندها بسهل وابن عيسى واخرى باحتمال إرادة التنظيف والماء المخلوط بقليل لا يسلبه الاطلاق والأولى ما في التهذيب انها شاذة أجمعت
العصابة على ترك العمل بها ومنه يعلم عدم جواز حملها على الضرورة كما عن العماني (ولا يزيل) أيضا (خبثا على الأظهر) بل المشهور للأصل وقوله (ع)
كيف يطهر من غير ماء وقوله (ع) في حديث كان بنوا إسرائيل إذا أصاب أحدهم قطرة البول قرضوا لحومهم بالمقاريض وقد وسع الله عليكم
بأوسع ما بين السماء والأرض وجعل لكم الماء طهورا فان قصر الحكم على الماء في مقام الامتنان يدل على انحصار المطهر فيه ومنه
يظهر جواز الاستدلال بقوله تعالى وأنزلنا من السماء ماء طهورا الا ان يكون الامتنان باعتبار مطهريته من الحدث أيضا لكنه غير وارد على
الرواية وقوله صلى الله عليه وآله طهور اناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب ان يغسل ثلاثا أولهن بالتراب فان ظاهره الحصر وما دل على وجوب
صرف الماء الكافي للطهارة عن الحدث في إزالة الخبث والتيمم من غير استفصال بين وجود المضاف المزيل للنجاسة وما ورد في بيان كيفية تطهير
الاناء وغيره مما ظاهره تعيين الماء للإزالة وهي كثيرة متفرقة في أبواب النجاسات وبذلك كله يقيد اطلاق أوامر الغسل لو سلم عدم ظهورها
في كونه بالماء المطلق إما لوضعه له كما ادعاه في المنتهى والذكرى أو لانصرافه إليه كما هو الاظهر خلافا للمحكى المفيد والسيد قدس سرهما في شرح
الرسالة على ما في المعتبر قال فيه يجوز عندنا إزالة النجاسة بالمايع الطاهر غير الماء وبمثله قال المفيد في المسائل الخلافية وحكى عن المحقق في بعض
رسائله ان السيد أضاف ذلك إلى مذهبنا واحتج له في المعتبر بالاطلاقات الغسل وبان الأصل جواز الإزالة بكل مزيل المعين فيجب عند الامر المطلق
جوازه تمسكا بالأصل وبان الغرض إزالة عين النجاسة ويشهد لذلك ما رواه حكم بن حكيم الصيرفي قال قلت للصادق عليه السلام لا أصيب الماء
وقد أصاب يدي البول فامسحه بالحايط والتراب ثم تعرق يدي فامسح وجهي أو بعض جسدي أو يصيب ثوبي قال لا باس وعن غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله (ع)
عن علي صلوات الله عليه قال لا باس بان تغسل الدم بالبصاق وأجاب عنه في المعتبر بمعارضة الأصل بأصالة المنع عن الدخول في الصلاة وبانصراف
الاطلاق إلى المتعارف كما في قول القائل استفى وبان زوال النجاسة بالتراب لا يقول به الخصم وخبر غياث متروك أو محمول على جواز الاستعانة
في غلسه بالبصاق ولقد أجاد فيما أجاب غير أن معارضة الأصل بأصالة المنع محل نظر واما نسبة ذلك إلى مذهبنا فقد وجهه المحقق بان مذهبنا من
العمل بالبرائة الأصلية ما لم يثبت الناقل وهنا لم يثبت ولولا هذا التوجيه لظننا موافقة بعض من تقدم عليهما لهما في هذه المسألة ثم إنه حكى
عن السيد قده انه بعد ما تفطن للاعتراض على التمسك بالاطلاقات بدعوى انصرافها إلى المعتاد وهو الغسل بالماء دفع ذلك أولا بان
تطهير الثوب ليس الا إزالة النجاسة عنه وقد زالت بغير الماء مشاهدة لان الثوب لا يلحقه عبادة وبأنه لو كان كذلك لوجب المنع عن غسل
الثوب بماء الكبريت والنفط ولما جاز ذلك اجماعا علمنا عدم الاشتراط بالعادة وان المراد بالغسل ما يتناوله اسمه وفيه منع كفاية زوال
العين مشاهدة في طهارة الثوب والا لما احتاج إلى الغسل والنقض بماء النفط والكبريت مندفع بالفرق بين الانصرافين مع أن شمول
المطلق أو حكمه لبعض الافراد النادرة لا يوجب التعدي إلى غيره منها ثم إن المحدث الكاشاني بعدان حكى عن السيد جاوز تطهير الأجسام
الصيقلية بالمسح بحيث يزول العين عنها لا زوال العلة قال وهو لا يخلو من قوة إذ غاية ما يستفاد من الشرع وجوب اجتناب أعيان النجاسات
إما وجوب غسلها بالماء من كل جسم فلا فما علم زوال النجاسة عنه قطعا حكم بتطهره الا ما خرج بدليل يتقضى اشتراط الماء كالثوب و
البدن ومن هنا يظهر طهارة البواطن بزوال العين وطهارة أعضاء الحيوان النجسة غير الآدمي كما يستفاد من الصحاح انتهى ولا يخفى
ضعف ما ذكره من جهة مخالفته للفتاوى والأخبار الكثيرة الصريحة أو الظاهرة والاستصحاب حكم النجاسة المتفق عليه بين الكل حتى الاخبارين
بل عد مثله المحدث الأمين الاسترآبادي من ضروريات الدين ثم المضاف كغيره من المايعات والجوامد الرطبة حتى لاقته نجاسة أو متنجس
(نجس) سواء في ذلك (قليله وكثيره) لان الكثرة غير عاصمة في غير الماء المطلق (ولم يجز استعماله اختيارا في اكل ولا شرب) اجماعا منقولا بل
محصلا يستفاد من قاعدة تنجس كل مايع بالملاقاة النجاسة أو المتنجس بل كل ما لاق برطوبة متعدية منها ما دل على وجوب الاجتناب عن
النجاسات حيث يستفاد (منها) وجوب الاجتناب عن ملاقيها وقد تقدم انه استدل في الغنية بقوله تعالى والرجز فاهجر على نجاسة الماء القليل
بملاقات النجاسة وان لأجل هذه الاستفادة عد الامام من ارتكب الطعام الملاقى للميتة مخففا للشارع في تحريمه لها حيث قال إن الفارة
أهون على من أن ادع طعامي لأحلها فقال (ع) انما استخففت بدينك فان الله حرم الميتة من كل شئ ومنها ما دل على نجاسة السمن والزيت
إذا ماتت فيه الفارة إذا كان ذائبا فان الظاهر منه علية الذوبان والميعان للتأثر فيستفاد منه نجاسة المضاف وكل مايع ولهذا استدلوا
بهذه الاخبار على انفعال المضاف واعترضهم بعض من لم يتفطن لإناطة الانفعال بالميعان في هذه الأخبار بان موردها ليس من المضاف
ومنها ما دل على وجوب إراقة المرق الذي وجد فيه فارة بل ما دل على طهارة القدر الواقع فيه دم معللا بان النار يأكل الدم فان الظاهر منه
45

وجود المقتضى للانفعال الا ان الغليان مطهر له كما في العصير ومنها ما دل على نجاسة سؤر اليهودي والنصراني فإنه يشمل المضاف وكل مايع ثم إن
مورد أكثر هذه الأخبار وإن كان ظاهرا في القليل الا ان المستفاد منها ان العلة في الانفعال هي الملاقاة للمايع ولو كان كثيرا بل يستفاد
من أدلة اعتصام الكثير المطلق ان كرية الماء عاصمة والا فالمقتضى للانفعال في الكثير أيضا موجود كما يشهد بذلك استناد عدم الانفعال إلى
الكرية فهى مانعة وإذا استند عدم الشئ إلى وجود مانعه دل على وجود المقتضى له ولذا كان استناد الفقير الذي لا يملك شيئا في ترك التجارة
إلى خوف الطريق قبيحا عرفا بل كذبا لان ظاهر الاستناد إلى ذلك وجود المقتضى للتجارة فيه ثم إن تنجس المايع بالنجس يستلزم تنجس الجامد الرطب
باعتبار ما عليه من الرطوبة إذ لا نعنى بنجاسة الثوب الا قيام رطوبة نجسة به فثبت ان كلا من المايع والجامد ينجس بملاقات النجاسة نعم هنا شك
من بعض المتأخرين في تنجس الشئ بملاقات المتنجس الذي ليس معه نجاسة عينية بل قوى عدمه لاستظهار ذلك من بعض الأخبار و فيه
منع الظهور ومعارضته بكثير من الاخبار مع كونه اجماعيا بل ضروريا عند المتشرعة بقى الكلام في أن السراير في المضاف على نحوها في
المطلق فلا يسرى من السافل أولا بل عدم السراية في المطلق انما خرج عن عموم الملاقاة بالاجماع والضرورة قولان أظهرها وأشهرها
الأول بل الظاهر أنه مذهب الكل عدا سيد مشايخنا في مناهله مدعيا شمول اطلاق فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم على انفعال المضاف بالملاقات
لما إذا كان المضاف عاليا وفيه ان ظاهرهم تنجس المضاف مطلقا على نحو تنجس المطلق القليل بل الملاقاة في كلامهم غير معلوم الشمول لهذا
الفرد خصوصا عند من لا يرى اتحاد العالي مع السافل وبالجملة فالقاعدة المتقدمة المستفادة من الاخبار أعني نجاسة المايع الملاقى للنجس لم
يعلم شموله للاجزاء العالية من المايع الملاقى بعضه للنجس فلا حظها جميعا بل المركوز في أذهان المتشرعة عدم السراية ولذا استقرت
سيرتهم على العمل على ذلك بل صرح في الروض بأنه لا يعقل سراية النجاسة من الأسفل إلى الاعلى وهو وإن كان ممنوعا الا ان دعويه كاشفة
عن عدم وجدانه الخلاف في ذلك عن أحد من العقلاء فضلا عن العلماء هذا كله مضافا إلى الاجماع الظاهر من كلام غير واحد منهم
الشهيد الثاني في الروض ومنهم السيد العلامة الطباطبائي في المصابيح في خصوص ماء الورد في منظومته حيث قال وينجس القليل والكثير
منه ولا يشترط التغير ان نجسا لاقي عدا جار على الملاقى باتفاق من خلا وادعى صاحب المدارك القطع بعدم السراية ولا
فرق عند التأمل بين دعوى القطع ودعوى الاجماع ودعوى التواتر التي ذكر المحقق الثاني انها لا تقتصر عن دعوى الاجماع ولم
اقف على كلام في ذلك لمن قبلهم الا انه يمكن ان يستظهر من جماعة كالمحقق والعلامة وابن إدريس في مسألة إزالة الخبث بالمضاف عدم
السراية حيث إنهم ذكروا من أدلة عدم جواز الإزالة بالمضاف ان ملاقاة المضاف للنجس يوجب تنجسه ولو كان العالي وما في الاناء منفعلا
عندهم بملاقات النجاسة لكان أشنع في الزامه وأنسب بالذكر قال في المعتبر في بيان أدلة المنع الثاني ان ملاقاة النجاسة موجب للنجاسة
والنجس لا يزول به النجس لا يقال لما ارتفعت النجاسة بالماء معا تنجسه بالملاقات فكذا المايع لأنا نمنع نجاسة الماء مع وروده على النجاسة
كما هو مذهب علم الهدى في الناصريات أو نقول مقتضى الدليل المنع فيهما ترك العمل به في الماء اجماعا لضرورة الحاجة انتهى ونحوه ما في
المنتهى والسرائر مع الاقتصار في الأول على الوجه الثاني في دفع النقض وفى الثاني على الوجه الأول ومرجع الوجه الثاني إلى تنجس الماء
عند الغسل وقيام الدليل على التطهر ومعلوم ان تنجسه مختص بالجزء المنصوب على النجس فعلم من ذلك أن الزام القائل بجواز الإزالة
بتنجس هذا المقدار دون باقي المضاف الكائن في الاناء ومرجع الوجه الأول إلى أن ورود الماء يوجب عدم انفعاله ولو كان قليلا والمراد
عدم انفعال المقدار المصبوب لا الباقي في الاناء وبالجملة فكلامهم ظاهر في أن احتجاجهم على القائل بجواز الإزالة بالمضاف بنجاسة نفس
المقدار المصبوب من المضاف بالملاقات وتقدم انه لو كان النجاسة سارية إلى العالي وما في الاناء كان الا نسب بل اللازم ذكر ذلك ولم
يبق موقع للنقض بالماء المطلق فان عدم السراية فيه إلى العالي وما في الاناء من أبده البديهيات ولم يحتج إلى التقصي بالاجماع وضرورة
الحاجة كما لا يخفى وعلى كل حال فالقول بعدم السراية متعين لان دليل النجاسة كما تقدم إما القاعدة المستفادة من تتبع الاخبار واما المستفادة
من أدلة الكرية الدالة على أنه مانع ولولاه لكان المقتضى للانفعال موجودا في النجاسات لان دليل السراية باطل كما تقدم في الماء المطلق إما القاعدة
فالاتصاف انه لم يستفد منها الا السراية إلى المساوى أو السافل خصوصا بعد مشاهدة السيرة العظيمة المستقرة على ذلك مع اطلاعهم على
نجاسة المضاف بالملاقات واما ما ذكر من أدلة مانعية الكر عن الانفعال وقيام المقتضى في نفس النجاسات بعد تسليم عدم ظهور اختصاص
ذلك بالماء ليس فيه تعرض لكيفية التنجيس لان قول الشارع الشئ الفلاني منجس أو مطهر لا دلالة فه على كيفية التطهير ولا التنجيس الا ببيان
تفصيلي من الشارع أو اجمالي يكشف عنه ما هو المركوز في أذهان المتشرعة والبيان التفصيلي مفقود والاجمالي المكشوف عنه في الأذهان
هي السراية مع تساوى السطوح أو علو النجاسة دون غيرهما بل عرفت من روض الجنان انه لا يعقل سراية النجاسة إلى العالي والظاهر أن
46

مراده عدم تعقل المتشرعة له وعدم دخوله في أذهانهم لاعدم المعقولية المصطلح عليه عند أهل المعقول ثم إن هذا كله مع جريان العالي
واما مع وقوف العالي على السافل من غير جريان فلا اشكال في النجاسة كما لو ادخل إبرة نجسة في قارورة من ماء الورد فإنه لا اشكال في
انفعال جميعه ولا خلاف وكذا الماء المطلق كما تقدم والاحتياط لا ينبغي تركه كما لا ينبغي تركه في موارد الاشتباه في العلو المعتدية وعدمه وإن كان ظاهر
عباير بعضهم في الماء المطلق كفاية مطلق العلو الا ان في بعض افراده لا يبعد الحاقه بالتساوي والاحتياط لا
ينبغي تركه (واعلم) ان طريق
تطهير المضاف المتنجس غير مذكور في كلام المصنف قدس سره والمشهور فيه ان يختلط بالماء المعتصم حتى يصير ماء مطلق والمستند في ذلك أمور
الأول القطع بعدم اختلاف المائين الممتزجين غاية الامتزاج فيلزم إما طهارة المضاف وهو المطلوب أو نجاسة المعتصم وهو مخالف
لأدلة اعتصامه الثاني استفادة ذلك مما دل على عدم انفعال الماء الكثير بوقوع الأبوال النجسة والدم والعذرة إذ من المعلوم ان هذه
النجاسات يوجب إضافة اجزاء من الماء مجاورة لها ولو يسيرة بل يوجب صيرورة أنفسها بالاختلاط مضافة فحكم الشارع بطهارة
الجميع لا يكون الا بالاستهلاك (الثالث) ان المضاف النجس يصير ماء مطلقا فيطهر بامتزاجه بالكثير اجماعا كما تقدم في تطهير الماء القليل
المنفعل ودعوى اعتبار كون الامتزاج بالكثير بعد صدق كونه ماء مطلقا والمفروض ان اطلاقه بالامتزاج فلا مطهر له بعد صيرورته
مطلقا مدفوعة بان المقصود من الامتزاج تلاشى الأجزاء ولو قبل صيرورته ماء مطلقا إذا المفروض انعقاد الاجماع على أن الماء المطلق
المتلاشى في اجزاء الكثير لا يقبل النجاسة العارضة ولا يتحمل النجاسة السابقة الكائنة فيه ومرجع هذا إلى الوجه الأول وهو عدم اختلاف
الأجزاء المتلاشية في الطهارة والنجاسة ومما ذكرنا يظهر انه لا فرق بين صيرورة الماء المطلق متغيرا بأوصاف المضاف المتنجس وعدمها
بناء على المشهور من عدم انفعال الكثير بتغير أوصافه بالمتنجس ويأتي على القول بانفعاله به عدم الطهارة لخروج الماء بالتغير عن الاعتصام
وقد يستفاد من كلام الشيخ في المبسوط والمحقق في المعتبر والعلامة والتحرير قال في المبسوط انه يعنى المضاف لا يطهر الا بان يختلط بما زاد عن
الكر الطاهر المطلق ثم نظر فيه فإن لم يسلبه اطلاق اسم الماء ولا غير أحد أوصافه فان سلبه أو غير أحد أوصافه لم يجز استعماله وان لم يغيره
ولم يسلبه جاز استعماله فيما يستعمل فيه المياه الطاهرة انتهى وفيما عندنا من النسخة عطف غير بالواو لا بأو وفى المعتبر لو كان المايع الواقع في
الماء نجسا فان غلب أحد أوصاف المطلق كان نجسا ولو لم يغلب أحد أوصافه وكان الماء كرا فان استهلكه الماء صار بحكم المطلق وجاز استعمالها
أجمع ولو كانت لنجاسة جامدة جاز استعمال الماء حتى ينقص عن الكر ثم ينجس الباقي مما فيه عين النجاسة وفى التحرير ويطهر يعنى المضاف بالقاء
كر عليه فما زاد دفعه بشرط ان لا يسلبه الاطلاق ولا يغير أحد أوصافه انتهى وعن بعض النسخ وان غير أحد أوصافه وهو المطابق لما في باقي
كتبه كما أن الظاهر من عبارة المعتبر إرادة نجس العين بقرينة قوله في الأخير ولو كانت النجاسة جامدة إلى اخره فتأمل ويمكن ان يريد تغير أوصافه
بما في المضاف من صفة عين النجاسة ومراده من الشرطين بقاء الماء على اطلاقه واعتصامه وبيان التغير الموجب للنجاسة موكول إلى مقامه
فالمتيقن مخالفة الشيخ قدس سره في المبسوط كما فهم جماعة كالعلامة والشهيد وغيرهما وقد تقدم ان بعض أدلة الانفعال بالمتغيرة مطلقا وان
اوهم ذلك الا ان التأمل في المجموع يعطى الاختصاص بنجس العين وعلى كل تقدير فلا ينبغي الاشكال في أنه لو سلب المضاف اطلاق الماء الكثير
تدريجا انفعل جميعه وان لم يبق عنوان المضاف أيضا كما لو القى الدبس المتنجس في الكر لا دليل على طهره بمجرد ملاقاته للكر ومماسة الكر لبعض
سطوحه لعدم جريان الأدلة السابقة وفقد غيرها عدا ما يتوهم من اطلاق مطهرية الماء وقد مر انه على تقدير الإغماض عن سنده و
اطلاقه لا ظهور في كفاية ملاقاة بعض سطوح النجاسة بل هو إما مجمل من حيث كيفية التطهير واما محمول على ما هو المركوز في الأذهان
ويستفاد من الروايات من اعتبار غلبة الماء على النجاسة وهي مفقودة فيما نحن فيه فإذا بقى المضاف على نجاسة ينجس به الماء المسلوب الاطلاق
لمخالطة بعضه لأنه مضاف لاقي نجسا وينجس به ما بقى من الماء المطلق إذا صار أقل من كر والا فبعد صيرورته قليلا نعم لو فرض ان استهلاك
المضاف في الماء المطلق وحدوث اضافته صار دفعة حقيقية أمكن ان يقال إن المضاف لم يلاق نجسا بل الكثير بتلاشيه فيه صار مضافا
والمفروض حدوث الطهارة بنفس التلاشي لان الكثير لا ينفعل فالاختلاط سبب للتطهر والإضافة معا ولو شك في طهارة المضاف حينئذ شك
في نجاسة الكر والأصل عدمهما فيتساقطان ويرجع إلى قاعدة الطهارة لكن فرض الامتزاج دفعة مما لا يوجد في الخارج وبدونه لا مناص عن
التزام النجاسة كما ذكرنا بل ينبغي الحكم بالانفعال مع الدفعة إذا القى الكر على المضاف على ما فرضه في المنتهى لان محله يبقى على النجاسة فينجس
المضاف بملاقاته كما نبه عليه كاشف اللثام تبعا لجامع المقاصد فظهر ضعف ما ذكره العلامة في ظاهر المنتهى والقواعد من كفاية مجرد
الاتصال بالكر بل نسب ذلك إلى ما عدا النهاية من كتبه وفى نظر لتصريحه في التحرير والتذكرة على اشتراط بقاء الاطلاق بل في موضع من
المنتهى التصريح بان الماء الكثير المخلوط بالمسك أو الزعفران النجس لو سلب الاطلاق تنجس والفرق بين المسئلتين مشكل وربما يتوهم من عبارة
47

الذكرى أيضا موافقته ويندفع بالتأمل ومن جهة ظهور ضعف قول العلامة قد حاول بعضهم تأويله بما هو أضعف فان القول
مشهور عن العلامة قال في القواعد لو نجس المضاف ثم امتزج بالمطلق الكثير فغير أحد أوصافه فالمطلق على طهارته فان سلبه الاطلاق
خرج من لونه مطهر الا طاهرا انتهى وفى المنتهى ويطهر المضاف بالقاء كر دفعة وان بقى التغير ما لم يسلبه الاطلاق فيخرج عن الطهورية انتهى ولا
يخفى ان كلامه صريح في الامتزاج فرده كما في الروضة باشتراط وصول الماء إلى كل جزء من النجس محل نظر إذ لا منافاة بين الوصول وصيرورة الماء
مضافا نعم لو كان الوصول تدريجا يمكن التطهير كما لو فرض كون المضاف في غاية الحموضة أو الرايحة فاختلط باضعافه من الكثير واستهلكه إلى
جنسه فان وصول الماء إلى كل جزء محقق ولذا لو كان هذا المقدار من المضاف قليل الطعم أو الرايحة انقلب مطلقا وكما يعتبر اطلاق الاسم في مزج
النجس من المضاف بكثير المطلق فكذا لو مزج طاهره بالمطلق (اعتبر) في ترتب احكام الماء على المجموع من (رفع الحدث) (والخبث به) وغير ذلك (اطلاق الاسم)
فيجب (المصباح) إزالة الحدث والخبث به لو لم يوجد غيره وفى وجوب المزج قولان الشيخ والعلامة من تعلق الحكم بوجوب الإزالة على الوجدان وقبل
المزج غير واجد لان وجود جزئي المركب لا يكفي في وجوده ولذا يصدق عدم وجدان السكنجبين في الدار أو السوق مع وجدان اجزائه ومن أن الظاهر أن
المراد من الوجدان بقرينة تعليل الحكم في الكتاب والسنة بنفي الحرج هو تيسر التحصيل وهو حاصل في الفرض كما لا عبرة بالوجدان مع عدم تيسر
الاستعمال فكذا لا عبرة بعدم الوجدان مع تيسر التحصيل (ويكره الطهارة بالماء المسخن بالشمس في الآنية) لقوله صلى الله عليه وآله فيما رواه إبراهيم بن عبد الحميد
عن أبي الحسن (ع) لعايشة لما وضعت قمقمتها بالشمس لتغسل رأسها وجسدها لا تعودي فإنه يورث البرص وفيما رواه إسماعيل بن زياد عن أبي عبد الله (ع)
الماء الذي تسخنه الشمس لا تتوضؤا به ولا تغتسلوا به ولا تعجنوا به فإنه يورث البرص والمراد الكراهة للاجماع ظاهر أو ظهور التعليل في
ذلك فان مخافة البرص حكمة الكراهة دون الحرمة ولما عن الصادق (ع) من نفى الباس بالوضوء بالماء الذي يوضع في الشمس وظاهرهما كراهة
مطلق الاستعمال ولو مع عدم قصد الاستسخان كما عن النهاية والمهذب والجامع وظاهر المحكي عن الخلاف كراهة التوضي مع القصد وهو صريح السرائر
أيضا مع تخصيصه الكراهة بالطهارتين وفى الذكرى الحق العجين بالطهارة وظاهر الرواية الأخيرة بقاء الكراهة مع زوال السخونة خلافا لجماعة و
عدم الفرق بين القليل وغيره وان حصه بعض كالمصنف قده وغيره بالآنية بل عن العلامة في التذكرة والنهاية الاجماع على الاختصاص وظاهر النهى
من حيث شموله لمطلق الاستعمال الكراهة المصطلحة فيشكل اتحاده مع العبادة في الوجود الخارجي واشكل من ذلك حكم الشهيد الثاني في الروض
ببقاء الكراهة مع انحصار الماء قال ولا منافاة بين الوجوب والكراهة كما في الصلاة وغيرها من العبادات على بعض الوجوه فلو لم يجد ماء غيره
لم يزل الكراهة وان وجب استعماله عينا لبقاء العلة مع احتمال الزوال وقد تقرر في الأصول ان الكراهة الجامعة مع العبادات الراجحة لا يكون
بالمعنى المصطلح مع وجود البدل لها فكيف يجامع ما لا يدل له من العبادات وحمل الكراهة على غير المصطلح لا يستقيم مع إرادة الكراهة المصطلحة
بالنسبة إلى غير العبادة من الاستعمالات ويمكن ان يقال إن النهى للارشاد كما ذكره أولا في الروض معللا بان المصلحة دنيوية فلا ينافي رجحان الفعل
لمصلحة أخروية وفيه مع منع رجوع دفع الضرر الدنيوي إلى المصلحة الدنيوية ومنافاة ذلك لحكم الأصحاب قاطبة بالكراهة الظاهرة في
المصلحة انه لا يصلح وجها للحكم بالكراهة مع الانحصار لان النهى الارشادي لا يخلو عن طلب الترك كما في نواهي المريض وأوامره وإن كان لا
يترتب على موافقتها سوى خاصية نفس المأمور به والمنهى عنه الموجودة مطلقا حتى حال أمر الشارع بمخالفتها كما فيما نحن فيه فان الموجود
هنا مصلحة الطلب الارشادي لا نفسه ويكره الطهارة (بماء المسخن بالنار) لكن في خصوص (غسل الأموات) اجماعا محكيا عن غير واحد لصحيحة زرارة
عن أبي جعفر (ع) لا تسخن الماء للميت ولا تعجل له النار ونحوها رواية يعقوب بن يزيد عن أبي عبد الله (ع) وقوله (ع) لا يقرب الميت
ماء حميما وظاهر الكل خصوصا بملاحظة ذيل الأولين كراهة استعماله ولو في مقدمات الغسل كإزالة النجاسة عن بدنه ويحتمل ان يراد بقول المصنف
قده في غسل الأموات أعم منه وما يتعلق به والمحكى عن الشيخ من استثناء ما إذا كان على بدنه نجاسة لا يقلعها الا الماء الحار شاهد عليه و
ظاهر التسخين أعم من كونه بالنار خصوصا بملاحظة الرواية الأخيرة وهو أيضا ظاهر من اطلاق التسخين الا ان التعجيل بالنار في ذيل الخبرين يصلح.
بان يستظهر به إرادة الأخص ثم لا اشكال في استثناء صورة الحاجة ومنها ما لو تعسر على الغاسل لبرد يضربه وعن بعض الروايات قوله (ع)
بعد النهى الا ان يكون ماء باردا جدا فتوقى الميت مما توقى نفسك فيحتمل ان يراد بذلك إذا كنت محتاجا إلى توقية نفسك من استعماله فلا باس
بان توقى الميت منه وتغسله بالماء الحار والتعبير بتوقيت الميت المشعرة بالاحترام للإشارة إلى أن التسخين حينئذ ليس تعجيلا له بالنار
بل ينبغي ان يقصد به احترامه كما في حال حياته ويحتمل ان يراد به انك وان صبرت على تغسيله بالماء زاد ألما شديدا لان المباشر له ليس الا يدك المعتادة
على تحمل البرد الا انه ينبغي ان يوقى جسد الميت عن البرودة الشديدة لو استعملته على جسدك بقدر استعماله كما وكيفا وزمانا أشرفت نفسك
على الهلاك وعلى المعنى الأول لا يكون استثناء زايدا على حاجة الغاسل وعلى ان يكون أمر أمرا زايدا عليه حيث إن الرواية محتملة للأول مع كونها
48

ضعيفة فرفع اليد عن الكراهة الثانية بالأدلة المعتبرة مشكلة جدا والله العالم ويكره الاستشفاء بالعيون الحارة ذكر ذلك جماعة وحكى عليه روايات
فلا باس بالقول به واعلم (ان الماء المستعمل في رفع الخبث) غير مطهر عن الحدث على ما هو المعروف بين أصحابنا كما صرح به في المقنعة والمبسوط و
العبارة المحكية في السرائر عن السيد والوسيلة والسرائر والمعتبر وكنت أكثر من تأخر عه وفى المعتبر والمنتهى الاجماع على ذلك وعن المعالم
دعوى الاجماع على عدم ارتفاع الحدث بماء الاستنجاء فالمقام أولي ويدل عليه رواية عبد الله بن سنان الماء الذي يغسل به الثوب أو يغتسل به من
الجنابة لا يتوضأ منه وأشباهه لكن في دلالتها بعد الإغماض عن سندها نظر من حيث اقترانه بالماء المستعمل في رفع الجناية ولا نقول فيه بالمنع لكن يمكن
حملها على نجاسة المحل كما في التذكرة ومن الغريب ما في المبسوط في اغتسال الجنب ترتيبا انه إن كان على بدنه نجاسة أزالها ثم اغتسل فان خالف واغتسل
أولا فقد ارتفع حدث الجنابة وعليه ان يزيل النجاسة ان لم يزل وان زالت بالاغتسال فقد أجزء عن غسلها انتهى وهل هو (ينجس سواء تغير)
بعين النجاسة أو لم يتغير أو طاهر مع عدم التغير فيه أقوال متكثرة باعتبار ظاهر كلمات الأصحاب واعلم أن هذا الخلاف بعد الاتفاق على
نجاسة ماء القليل بملاقات النجاسة وان ورد عليها إما لو قلنا بعدم نجاسة القليل مطلقا كالعماني أو مع وروده
عليها كالسيد في ظاهر الناصريات
والحلى في ظاهر كلامه عند حكاية ذلك عن السيد فلا يعقل انكار الطهارة بما يرد على المتنجس لتطهيره كما هو محل النزاع وبالجملة فالخلاف في استثناء
الغسالة من كلية انفعال الماء القليل مطلقا فعد مثل العماني والسيد والحلى من القائلين بالطهارة كما وقع من كاشف الالتباس حيث نسب القول
بالطهارة في محل الخلاف إلى شيوخ المذهب قال كابن عقيل والشيخ والسيد وابن إدريس لا وجه له الا إرادة تكثير سواد أهل هذا القول
نعم لو خص بالسيد والحلى بالطهارة بالماء الوارد للإزالة كان لما ذكر وجه والأقوى النجاسة وفاقا للفاضلين وأكثر من تأخر عنهما وحكى
عن الاصباح وظاهر المقنع وفى الذكرى عن ابن بابويه وكثير من الأصحاب عدم جواز استعمال الغسالة وظاهر اطلاقه النجاسة وفى التحرير
والمعتبر في باب غسل المس الاجماع على نجاسة المستعمل في الغسل إذا كان على البدن نجاسة واختلف قول الشيخ قدس سره لكن ظاهره في
مواضع من المبسوط اختارا هذا القول (أحدها) في المستعمل حيث إنه بعد الحكم بأنه طاهر مطهر من الخبث لا من الحدث قال هذا إذا كان أبدانها
خالية عن نجاسة فإن كان عليها شئ من نجاسة فإنه ينجس الماء ولا يجوز استعماله بحال انتهى (والثاني) في باب تطهير الثياب قال وإذا ترك تحت
الثوب النجس إجانة وصب عليه الماء وجرى الماء في الإجانة لا يجوز استعماله لأنه نجس انتهى (الثالث) في باب الصلاة في حكم الثوب والبدن
والأرض قال والماء الذي يزال به النجاسة نجس لأنه ماء قليل خالط نجاسة وفى الناس من قال ليس بنجس إذا لم يغلب على أحد أوصافه بدلالة ان
ما يبقى في الثوب جزء منه وهو طاهر بالاجماع فما انفصل عنه فهو مثله وهذا قوى والأول أحوط والوجه فيه ان يقال إن ذلك عفى عنه
للمشقة وانتهى مراده بالأحوط ليس مجرد الاحتياط المستحب والا لم يحتج إلى ابطال دليل الطهارة بقوله والوجه فيه إلى اخره فالتعبير به لكون دليل الحكم
مطابقا للاحتياط والا فليس المبسوط رسالة عملية للعوام يرشدهم فيها الاحتياطات المستحبة المختفية عليهم لعدم الاطلاع على الخلاف في المسألة
وهو واضح ويزيده وضوحا تتبع مثل هذه الموارد من المبسوط وعلى هذا فقوله وهو قوى مجرد تقوية قد ردها بقوله ولاوجه فيه إلى اخره
ومذهبه النجاسة وفى نسبة القول بالطهارة إلى بعض الناس اشعار بعدم القائل بها من الخاصة وله قدس سره عبارات اخر يظهر منها قوله
بالطهارة مطلقا أو فيما عدا الغسلة الأولى يأتي انشاء الله تعالى ويدل على المختار وجوه (أحدها) الاجماعان المنقولان المتعضدان بالشهرة
المحققة على ما عرفت (الثاني) عموم أدلة انفعال الماء القليل مثل قوله (ع) إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ وتوهم عدم العموم في المفهوم
من جهة صيرورة الشئ نكرة في سياق الاثبات وان ارتفاع السلب الكلى في المنطوق أعم من الايجاب الكلى في المفهوم كما في قولك إذا خفت من الله فلا تخف
من أحد وإذ جاءك زيد فلا تكرم أحدا مدفوع أولا بان مقتضى القاعدة إفادة المفهوم في هذه للموجبة الكلية لان انتفاء الحكم عن كل واحد
من الافراد في طرف المنطوق إذا فرض استناده إلى وجود الشرط الذي هو ظاهر في العلية التامة المنحصرة على ما هو المفروض من القول بحجيته
مفهوم الشرط لزم عقلا من ذلك أن كل فرد منها إذا انتفى الشرط يثبت له الحكم المنفى في المنطوق وهذا أوضح جدا نعم لو استفيد من المنطوق
كون الشرط علة للحكم العام بوصف العموم وبعبارة أخرى علة لعموم الحكم كان المنفى في المفهوم هو ذلك الحكم الثابت للحكم العام بوصف العموم
فيكفي ثبوته لبعض الافراد لكن العموم في السالبة الكلية لبس من قيود السلب حتى يكفي في انتفائه انتفا قيده ولا يصلح ان يكون من قيود المسلوب
والا لم يكن السلب كليا نعم لو قامت القرينة من الخارج على أن الشرط ليس علة منحصرة لحكم الجزاء بل له أسباب اخر لعدم المقتضى أو وجود مانع اخر كما في المثالين المذكورين حيث يعلم من الخارج ان لعدم الخوف من كثير من الآحاد ولعدم اكرام كثير من الناس أسباب اخر وليس عدم الخوف
والاكرام في كل أحد مستند إلى الخوف من الله أو مجئ زيد بالبديهة لم يفد المفهوم الا ثبوت الحكم المنفى في المنطوق عن الافراد المستند
عدم الجزاء فيها إلى عدم الشرط لكنك خبير بأنه لا مناص مع عدم القرينة عن التزام الكلام في كون الشرط سببا منحصرا لا يشتركه
سبب اخر يقوم مقامه فان هذا هو معنى القول بمفهوم الشرط وانكاره انكار له ولهذا أنكر السيد المرتضى قده مفهوم الشرط استناد
49

إلى عدم ظهوره في انحصار السبب فلعل المجئ سبب لاكرام زيد ويقوم مقامه عند انتفاء سبب اخر فلا ينتفى الجزاء وثانيا لو سلمنا عدم
دلالة المفهوم بمقتضى نفس التركيب على العموم لكن القرينة هنا عليه موجودة لان المراد بالشئ في المنطوق ليس كل شئ من أشياء العالم بل
المراد ما من شانه تنجيس ملاقيه من النجاسات المقتضية للتنجيس فإذا فرض كل فرد منها مقتضيا للتنجيس وكانت الكرية مانعة لزم عند انتفاء
الكرية المانعة ثبوت الحكم المنفى لكل فرد من الشئ باقتضائه السليم من منع المانع وأول المثالين من هذا القبيل فان المنفى مع ثبوت الخوف من
الله هو الخوف عن كل من يوجد فيه مقتضى الخوف عنه فمع عدم الخوف من الله يثبت الخوف عن كل واحد من هذه المخوفات باقتضاء نفسه و
من هذا القبيل قولك إذا توكلت على الله فلا يضرك ضار والفرق بين هذا الجواب وسابقه يظهر بالتأمل واما (ثالثا) فلان عدم العموم
في المفهوم من جهة لفظ الشئ لا يقدح في الاستدلال أصلا لان محل الحاجة في المقام هو عموم الحكم لجميع انحاء الملاقاة من ورود الماء
مطلقا أو بقصد الإزالة فانا نفرض الثوب نجسا بالنجاسة التي يعترف الخصم بانفعال الماء بها مع عدم غسلها فيدل المفهوم على تنجس ذلك الماء
وهذا كاف ومن المعلوم ان الثوب النجس بنجاسة ينجسه التلاقي لماء قليل لا يتعدد افراده بكونه مغسولا بذلك الماء أو غير مغسول حتى يدعى عدمه
عموم الشئ لجميع افراده فالعمدة في المقام الكلام في عموم المفهوم بالنسبة إلى انحاء الملاقاة لا بالنسبة إلى لفظ الشئ فنقول ان من
الواضح عند المتشرعة انهم لا يفهمون من تنجيس الشئ النجس لغيره الا تأثيره به عند التلاقي من غير فرق بين
أنحائه الا ترى انه لو شك في تأثير
الشئ بملاقات النجس بالرطوبة من فوقه أو من تحته أو عن أحد جانبيه رد عليه في ذلك كافة المتشرعة وكذا لو شك في تفاوت الدواعي و
الأغراض في الملاقاة بان يكون من عرضه الملاقاة ازالته أو عدم ازالته ومما ذكرنا يظهر انه لا حاجة في اثبات عموم الحكم بصورتي الورودين إلى التشبث بعموم لفظ الماء
بعد تسليم عدم عموم الشئ في المفهوم كما وقع من العلامة الطباطبائي لان التحقيق ان عموم الكلام لصورتي الورودين من عموم الأحوال لا عموم
الافراد حتى يحتاج إلى اثبات عموم الشئ أو الماء وبالجملة فلا أظن التأمل في عموم المفهوم المذكور الا من قلة التأمل ولذا لم يتأمل فيه بعد
مخالفة العماني أحد الا لدليل مخصص كما وقع من السيد والحلى قدس سرهما في التفرقة بين الورودين ولذا جعل في الذكرى ماء الغسالة من
مستثنيات الماء القليل على القول بطهارته وقد ذكر في المعتبر في الطعن على رواية تطهير الأرض بالذنوب انها منافية للأصول لأن الماء
للتفصيل عن محل النجاسة لأنه قليل لاقي نجسا وقد صدر عن بعض المعاصرين في حاشيته على المعالم في مسألة مفهوم الشرط مع بعض
المحققين المدعى لعموم مفهوم الرواية في حاشية على المدارك مالا يليق بهما فراجعهما ويعضد ما ذكرنا من القاعدة العمومات الدالة على
جواز رفع الحدث بالماء الطاهر فإنه يدل بعكس النقيض على أن كل مالا يرفع الحدث ليس بطاهر وخروج الماء المستعمل في رفع الحد ث الأكبر
على القول به أو ماء الاستنجاء لا يقدح في العمومات اللفظية وبتقرير اخر لو كان هذا الماء طاهرا لجاز رفع الحدث به وسند الملازمة
الاطلاقات وسند بطلان التالي ما تقدم من الاجماع والنص (الثالث) بعض الأخبار مثل ما في الخلاف من أنه روى العيس بن القاسم قال
سئلته عن رجل إصابة قطرة من طشت فيه وضوء فقال إن كان من بول أو قذر فيغسل ثوبه وإن كان من وضوء للصلاة فلا باس وظاهر نسبته الرواية
إلى العيس وجدانه في كتابه لعدم احتمال المشافهة وطريق الشيخ إلى كتاب العيص حسن جدا فالقدح في الرواية بالارسال ضعيف الغاية أو ضعف
منه القدح فيها بالاضمار فإنه لا يقدح مع الاطمينان بان المسؤول هو الإمام (ع) وان الاستغناء عن التصريح باسمه الشريد لسبق ذكره
في أول الرواية فيستهجر تكراره في الكلام الواحد المشتمل على سؤالات متعددة والمنشأ في ذلك تقطيع الاخبار لداعى جعل الروايات
مبوبة أو عدم تعلق غرض الفقيه بصدر الرواية أصلا والشهيد قده في الذكرى وان ارتكب في حمل الرواية على صورة التغير لكنه أحسن في
عدم تضعيفه لسندها ويمكن ان يستدل أيضا بموثقة عمار الواردة في الاناء أو الكوز القذر كيف يغسل وكم مرة يغسل قال بغسل ثلاث
مرات فيه يثب الماء فيتحرك فيه ثم يفرغ منه ثم يصب منه ماء اخر ثم يتحرك ثم يفرغ ثم يصب فيه ماء ويحرك ثم يفرغ منه وقد طهر دل على وجوب
افراغ المياه الثلاثة ولو كانت الغسالة طاهرة لم يجب الا فراغ خصوصا في الثلاثة غاية الأمر وجوب صب ماء اخر غير الماء السابق على القول بان
الغسالة على تقدير طهارتها غير مزيلة للخبث ولو قيل إن الا فراغ لتوقف تحقق مفهوم الغسل على اخراج الغسالة قلنا فلم لا يجب إذا فرضنا الغسلة
باجزاء ماء معتصم عليه كالكثير والجاري والمطر فيعلم ان الا فراغ ليس الا لنجاسة الغسالة فإذا غسل بالمعتصم لم ينفعل بملاقات المحل لكن الانصاف
عدم ظهور هذه الرواية في المطلوب لان الامر بالافراغ فيما عدا الأخير بعد الالتزام بعدم مطهرية الغسالة من الخبث لعدم الفائدة في ابقائه
وخلط الماء الجديد به واما في الأخيرة فالاستقذاره عرفا في الشرب وعدم جواز إزالة الحدث والخبث به بالفرض واضعف من هذا الاستدلال ما في
السرائر والمنتهى من الاستدلال برواية عبد الله بن سنان المتقدمة الناهية عن التوضي بماء يغسل به الثوب بناء على إرادة مطلق التنظيف والا فعدم رفع
الحدث بالغسالة لا يدل على نجاستها والقول الأخر في المسألة الطهارة مطلقا ولم يحك صريحا عن أحد منا لان الشيخ في المبسوط نسب طهارة ما يزال به
50

النجاسة إلى بعض الناس ولم يعلم أنه من الامامية واستدل له بطهارة ما يبقى في الثوب من اجزائه اجماعا فكذا المنفصل ولا يخفى ان هذا مختص بالغسلة
المطهرة واما المحقق فلم يذكر في المقابل القول بالنجاسة مطلقا الا قول الشيخ بطهارة الغسلة الثانية نعم جزم في الخلاف وأول المبسوط
بطهارة ماء الغسلين من الولوغ الا انه رجع بعد ذلك إلى ما حكينا عنه من جعله النجاسة مطلقا أحوط وأوضحنا ان مثل هذا فتوى لا احتياط
مستحب واما العلامة قدس سره في المنتهى فجعل محل الخلاف الغسلة التي يطهر المحل بعدها وقد اشتهر حكاية هذا القول عن المرتضى والحلى قدس سرهما وقد
عرفت انهما ان قالا بعدم انفعال الماء الوارد ولو على النجاسة العينية الغير القابلة للطهارة فالكلام معهما كالعماني مفروغ عنه في محله وان
خصا بالوارد للتطهير فما ذكر السيد في دليل ذلك مختص بالغسلة الأخيرة فيما يحتاج إلى التعدد لأنه قده ذكر انه لو حكمنا بنجاسة الماء الوارد لزم
لولا يطهر الثوب الا بايراد كر عليه وقرره الحلى على ذلك وحاصله الاستدلال بثبوت الطهارة بايراد القليل من غير حاجة إلى الكثير فدل على عدم
انفعال الماء الوارد للإزالة ومن المعلوم ان هذا منتف فيما عدا الغسلة الأخيرة لان المحل بعده نجس ولو ورد عليه كر من الماء وبالجملة استدلال
السيد قده إما أخص من مدعاه واما ان مورد كلامه الغسلة المطهرة والأليق هو الثاني لان جعل العلة مخصصة للحكم أولي من نسبة الخطاء إلى
المتكلم ثم إن المحقق لم يفهم من كلامه المحكي عن المصباح في ماء الاستنجاء قوله بالطهارة وقال إنه صريح في العفو دون فكيف يصرح بالطهارة
في غير ماء الاستنجاء نعم صرح الحلى بطهارة ماء غسلتي الولوغ ولم يعلم منه حكم غير الاناء بل ظاهر المحكي عنه في المعتبر عند الاستدلال
على عدم سراية النجاسة من الميت انه لو كان مباشر الميت نجسا لم يكن الماء الذي يستعمله في غسل المس طاهرا مع أن الاجماع على طهارته وهذا ظاهر
في نجاسة الوارد لان المستعمل في غسل المس وارد على البدن واما ابن حمزة في الوسيلة فجعل أولا الماء عشرة أقسام وعد منها المستعمل ومنها الماء
النجس ثم قال إن المستعمل ثلاثة أقسام المستعمل في الوضوء والمستعمل في غسل الجنابة والحيض ونحوهما والمستعمل في إزالة النجاسة وقال إن الأول
يجوز استعماله في (ثانيا) رفع الحدث وإزالة الخبث والأخير ان لا يجوز ذلك فيهما الا ان يبلغا كرا فصاعدا انتهى ثم ذكر في حكم الماء النجس انه لا يجوز
استعماله بحال الا حال الضرورة للشرب فالاقتصار في حكم المستعمل على عدم جواز التطهير به والتيمم في حرمة الاستعمال للماء النجس مع جعلهما عند
القسمة متقابلين ظاهر في قوله بطهارة الغسالة مطلقا ولذا نسب في الذكرى إليه والى البصري والتسوية بينهما وبين الماء المستعمل لكن قوله أخيرا
يدل على نجاسة الماء الرافع للحدث الأكبر عنده ويؤيده انه حكم في الماء القليل بنجاسة بارتماس الجنب فيه بعد ما حكم بنجاسته لوقوع النجاسة
فيه واستبعاد ذلك منه لنقل الاجماع على طهارة ذلك الماء يدفعه قوله بعدم جواز إزالة الخبث بذلك الماء مع نقل العلامة وولده فخر الدين
الاجماع على جواز إزالة الخبث به ومما ذكرنا ظهر ان نسبة هذا القول إلى المرتضى وجل الطبقة الأولى كما في اللوامع أو إلى شيوخ المذهب كالمرتضى
وابن إدريس وابن حمزه والشيخ والعماني كما في كشف الالتباس لم يقع في محله وكيف كان فما استدل أو يمكن ان يستدل به لهم وجوه (أحدها) الأصل بعد منع
كلية انفعال الماء القليل كما في الروض وشرح الجعفرية وغيرهما وقد تقدم فساد ذلك مستوفى الثاني ما يظهر من كلام السيد الذي ارتضاه الحلى وكاشف
الالتباس وحاصله انه لو انفعل لم يطهر المحل به لان النجس غير مطهر ولو أريد تقريره على وجه يشمل غسالة الأولى قيل لو كان نجسا لم يؤثر في التطهير
وفيه ان الملازمة ليست عقلية لانتقاضها بحجر الاستنجاء وتيمم القليل النجس كرا ينجس على ما يظهر من جماعة واستندا الطهارة إلى اجتماعهما دون
كل منهما مشترك الورود لامكان دعوى كون الغسل ناقلا للنجاسة من محله إلى الماء كما هو المركوز في أذهان الناس وليس بأبعد من ارتفاع النجاسة
باجتماع نجسين وثبوتها شرعا ليس الا لعموم اشتراط طهارة الماء في إزالة النجاسة أو لعموم تنجس ملاقي النجس فكيف يوجب طهارته والظاهر أن
مستند الأول هو الثاني إما الأول فالمتيقن منه اعتبار طهارة الماء من غير جهة الملاقاة المزيلة بان يكون نجسا قبل الملاقاة أو حينها بغير
نجاسة المحل إذ ليس هنا عموم لفظي يتمسك به والقاعدة المستفادة من منع الوارد لا يفيد الا اشتراط عدم تنجسه بالنجاسة الخارجة عن المحل
كما لا يخفى على منصف فلا يكون دعويه العلم بعموم القاعدة خالية عن مجازفة فان العموم المستفاد من تتبع جزئيات القاعدة لابد من أن يستند
إلى ورود نص عام لفظي قابل لاخراج مثل حجر الاستنجاء وتيمم القليل النجس كرا ينجس عنه وأين هذا المدعى في المقام عند المنصف من دعوى
عموم أدلة الانفعال ولذ ترى المركوز في الأذهان هو عدم كون النجس مطهر أو مع ذلك بنائهم على نجاسة الغسالة وطهارة المحل بعد الاطلاع على
عمومات الانفعال وليس ذلك الا لكون نجاسة الماء من جهة المحل من غير قادحة في التطهير بل لولا أدلة الانفعال أيضا لفهموا من أدلة غسل النجاسة
بالماء انتقالها عن المحل إليه فتأمل واما قاعدة نجاسة الملاقى للنجس فلا ريب في شمولها لكل من الماء والمحل إذا اللازم من نجاسة الماء بالمحل
نجاسة المحل بالماء لحصول الملاقاة من الطرفين فالتزام عدم نجاسة الماء والا لنجس المحل ولم يطهره ليس بأولى من التزام عدم نجاسة المحل به
بل الأول أبعد لان ما تأثر من الشئ لا يؤثر فيه ذلك الأثر نعم لا يبعد ان يؤثر فيه خلافه ينقل ما فيه إلى نفسه فتلخص عن ذلك كله انه لا دليل على لزوم
عدم نجاسة الماء المطهر حتى من جهة ملاقاة المحل والمحل ومما ذكرنا يظهر ان المتشبث في المقام بقاعدة تنجس كل متنجس مع عدم تنجيس الغسالة
51

لمحلها لا وجه له أصلا ثم إن الدليل المذكور بعد تسليم عمومه معارض بان الغسالة لو كانت طاهرة لجاز التطهير بها من الحدث لان التفكيك بينهما
يوجب التقييد في اطلاق ما دل على جواز رفع الحدث بالماء الطاهر خرج ماء الاستنجاء كما خرج حجره من الدليل المذكور وحاصل المعارضة ان هذا
الماء جمع بين ما هو لازم للطهارة الا ما خرج وهو تطهير المحل ولازم للنجاسة الا ما خرج وهو عدم جواز رفع الحدث به ثانيا فأدلة المتلازمتين
متعارضة الا ان يقال بعد تسليم عموم الدليل المذكور انه كما يعارض بالاطلاقات المذكورة كذلك يعارض بأدلة انفعال الماء القليل و
التعارض بين الكل بالعموم من وجه فيجب التوقف والرجوع إلى أصالة عدم الانفعال لكن يمكن منعه بان ارتكاب التقييد في دليل واحد خصوصا
مثل هذا الاطلاق الذي لم يسلم الا تنزلا أولي من ارتكابه في الأدلة المتعددة فلا يرجع إلى الأصل مع امكان ان يقال إن المرجع بعد التوقف هو ما استقر في
أذهان المتشرعة عن انتقال النجاسة من المحل إلى الماء الا ان يدفع ذلك بان هذا لأجل قياسهم النجاسة على القذارة الخارجية التي يستهلك
في الماء ويتوزع فيه إما بعد اطلاعهم على أن كل جزء من الماء يكتسب قذارة المحل بعينها فيتحاشون عن انفعال الماء بالمحل وصيرورة كل
قطرة من الماء كالرطوبة النجسة من البول أو الدم التي أريد ازالتها بالماء مع زوال النجاسة من المحل كما يفهم ذلك لو قيل لهم ان هذا الماء
المنصب على المحل لإزالة ما به من رطوبة الوسخ الفلاني يصير كل جزء صغير منه متصفا بوسخ تلك الرطوبة فالأولى رفع اليد عن تصويرات العرف
وقياسات الأمور الشرعية بأشباهها من الأمور الحسية والرجوع إلى الأدلة اللفظية الشرعية أو الأصول الثالث طائفة من الاخبار (منها)
ما ورد في تعليل طهارة ما الاستنجاء في رواية الأحول المحكية عن العيون وفيها أو تدرى لم صار يعنى ماء الاستنجاء لا باس به قلت لا والله قال لأن الماء
أكثر من القذرة فان المراد من الأكثرية ليس خصوص الكم بل المراد استهلاك القذر في الماء الذي يورده عليه فدل على أن كل ماء ورد على قذر
فاستهلكه بحيث لم يظهر فيه أوصافه كان طاهر أو منها ما ورد في غسالة الحمام التي لا تنفك عن الماء المستعمل في إزالة النجاسة مثل مرسلة الواسطي
عن بعض أصحابنا عن أبي الحسن عليه السلام انه سئل عن مجمع الماء في الحمام من غسالة الناس قال لا باس ومنها ما ورد من صب الماء على الثوب من بول الصبى
ومنها ما ورد من أمر النبي صلى الله عليه وآله بتطهير المسجد من بول الأعرابي بصب ذنوب من الماء عليه
قال في الخلاف والنبي صلى الله عليه وآله
لا يأمر بطهارة المسجد بما يزيد تنجيسا فيلزم ان يكون الماء باقيا على طهارته ومنها قوله (ع) في صحيحة محمد بن مسلم في غسل الثوب اغسله في المركن
مرتين وان غسلته في ماء جار فمرة واحدة ولعل وجه الدلالة ان نجاسة الغسالة ويوجب نجاسة المركن فلا يطهر بالغسلة الثانية خصوصا مع احاطتها
بجميع ما ينجس منه بالأولى ومنها ما ورد عن الثوب يصله البول فينفذ إلى الجانب الآخر وعن الفرو وما فيه من الحشو قال اغسل ما أصاب منه ومس جانب
الأخر فان أصبت شيئا منه فاغسله والا فانضحه و (منها) ما دل على نفى العصر فان التحرز عن الغسالة خرج فيد كثير من المقامات من جهة جريانها إلى غير محل
النجاسة وبالنسبة إلى المقدار المتقاطر والمقدار المتخلف قيل بل لو اتفق ان بعض الناس صب على فمه بقى يهز رأسه لقطع الغسالة المتخلفة في
شعر شاربه ولحيته ومنخره لعدوه من المجانين بل من المخالفين لشريعة سيد المرسلين صلى الله عليه وآله بل هؤلاء الحاكمون بالنجاسة لا ينظرون شيئا من ذلك
ويبقى متقاطر على ثيابهم بل لعل المتخلف المتساقط عليهم أكثر من المنفصل بمراتب شتى أقول إما الخبر الأول فيرد عليه ان قوله أو تدرى لم صار
لا باس به ظاهر عند التأمل في أن هذا الحكم خارج عن مقتضى القاعدة الأولية كما يدل عليه ابتداء الإمام (ع) بعد حكمه بنفي الباس لتعريض السائل للسؤال
عن علة الحكم ويشعر به التعبير عن جعل الحكم بلفظ صار الدال على الانتقال فهذا الكم الخارج عن مقتضى القاعدة الأولية إما طهارة ماء
الاستنجاء بالخصوص الخارج عن قاعدة نجاسة الغسالة أو طهارته من حيث كونها غسالة خارجة عن قاعدة انفعال الماء القليل ولا دليل على الثاني
لاحتمال الأول والتعليل بالأكثرية مخالف لهما بل هو دال على طهارته من حيث إنه ماء قليل لم يتغير بالنجاسة فيدل على مذهب العماني لكنه مع عدم
التزام المستدل به ينافي ظهور صدره في كون الحكم على خلاف القاعدة الأولية لأن عدم انفعال الماء القليل على القاعدة الأولية اللهم الا ان
يراد بها ما استفيد من أدلة النجاسات بان النجاسة مقتضيته لتنجيس ملاقيه كما أوضحناه فيما تقدم وكيف كان فعموم التعليل لا يقول به المستدل
وتوجيهه مشترك بين مطلق الغسالة وخصوص ماء الاستنجاء وليس المقام من العام المخصص ليقتصر فيه على ما عدا الغسالة مع أن مثل هذا التخصيص
مستهجن في العام فضلا عن التعليل المطلوب فيه بل المقصود منه الاطراد والتعدي واما رواية الغسالة فان ظاهرها لا يدل على كونها مستعملة في
إزالة الأخباث وقيل غالبا لا يخلو عن ذلك قلنا غالبا لا يخلو عن ملاقاة نجس العين فان تعليل النهى في كثير من الأخبار الكثيرة باغتسال أصناف
الكفار الظاهر في عدم الانفكاك لا أقل من حمله على كون الغالب ذلك فلا بد من حمل الرواية على ماء مجتمع خاص لم يعلم بملاقاته لنجس وهي الغسالة
التي دفع الخلاف في طهارتها ونجاستها والأقوى طهارته ومع احتمال الرواية لإرادة صورة اتصال الماء المجتمع بالمادة كما يشهد به رواية
حنان انى ادخل الحمام في السحر وفيه الجنب وغير ذلك فأقوم واغتسل فينتضح على بعد ما افرغ من مائهم قال أليس هو جار قلت بلى قال ولا باس
ورواية بكر بن حبيب ماء الحمام لا باس إذا كان له مادة وقوله (ع) ماء الحمام كماء النهر يطهر بعضه بعضا في جواب من قال اخبرني عن ماء الحمام
52

يغتسل الجنب واليهودي والنصراني والمجوسي واما رواية الصب في بول الصبى فلا يدل على طهارة غسالته المنفصلة ولا نقول أيضا بنجاسة مالا يلزم
انفصاله عن المحل واما رواية الذنوب فهى رواية أبي هريرة على ما في المعتبر عن الخلاف قال بعد حكايتها انها عندنا ضعيفة الطريق ومنافية للأصول
لأنا بينا ان الماء المنفصل عن محل النجاسة نجس تغير أم لم يتغير لأنه ماء قليل لاقي نجسا واما رواية الغسل في المركن مرتين فلا ينافي القول بنجاسة
الغسالة ولذا عمل بها العلامة وغيره إما بالتزام نجاسة المركن والماء الباقي فيه واما بالتزام طهارة المركن بالغسلة الثانية كالخشبة التي يغتسل عليها
الميت وكيد الغاسل واما رواية الفرو وما فيه من الحشو فلا يدل على ما اصابه البول من جانبيه وسيجئ انه لا يتحقق الا باخراج الغسالة منه و
على نضح ما لم يصب النجاسة عليه بعد المس على جانبه الأخر والنضح ليس للاحتياط لعدم كفايته في الغسل قطعا بل هو تنظيف صوري تعبدي
كالرش مع جفاف المتلاقين واما لزوم الجرح فإن كان من جهة كثرة الابتلاء بذلك فهو في محل المنع مع أن اعتبار الحرج النوعي مع قيام الدليل ساقط
والحرج الشخصي مسقط لأكثر التكاليف ومنها الاجتناب عن الغسالة لا لنجاسة ما دل الدليل على نجاسته وما ذكره من ابتلاء الشخص أحيانا بتطهير
فيه وعده فيما يفعله من قطع الغسالة عن موارد نزولها من المجانين منقوض عليه بما لو فرض تعسر الغسالة ودعوى ندرته لا ينفع لان غرضه استهجان
نفس الفعل وعده خارجا عن فعل العقلاء بل المتشرعة كما ذكره لا المشقة من جهة كثرة الابتلاء ولا ريب انه لا ينبغي الاعتناء بمثل هذه الخطابيات
في رفع اليد عن القاعدة المعدودة من الأصول في لسان مثل المحقق والشهيد وغيرهما من الفحول واما القول الثالث في المسألة فهو التفصيل بين
الغسلة المطهرة وغيرها مطلقا سواء كان في الثوب أو البدن أو الاناء ولو في ولوغ الكلب وهو المحكي صريحا عن العلامة الطباطبائي وكل من قال بان
الغسالة كالمحل بعدها ولعل حجته على النجاسة فيما عداها ما تقدم وعلى الطهارة فيها ان ملاقاته للمحل سبب في طهارته والظاهر من أدلة انفعال
القليل انفعاله لما يكون نجسا حين الملاقاة لا ما يكون الملاقاة سببا لزوال نجاسة وقد مر انه لا يدخل في أذهان العرف صيرورة الماء الملاقى للمحل
النجس بمنزلة نفس النجس مع طهارة المحل الملاقى وقياسه على إزالة الأوساخ الحسية قد عرفت بطلانه بإبداء الفرق الواضح وقد تقدم ان كيفية تنجيس
الشئ أمر لم يدل عليها جامع شامل للمقام والمستفاد من تتبع المقامات الخاصة لا يشمل الملاقاة المزيلة وتقدم انه إذا عرض على العرف صيرورة كل جزء
صغير من الماء بمنزلة عين الأثر الموجود في الثوب من الوسخ أنكروا طهارته به وإذا عرض عليهم طهارته به أنكروا صيرورته كذلك فإذا فرض قطعهم
بالثاني لم يفهموا من أدلة الانفعال شمولها لهذا النحو من الملاقاة المزيلة فلم يبق الا عموم معاقد الاجماعات في نجاسة الماء القليل الملاقى للنجس أو
مطلق الجسم الرطب الملاقى له لكن من المعلوم عدم إرادة القائلين بطهارة الغسالة هذا العموم من كلامهم في دعوى الاجماع واما القائلون بنجاستها
فلو اكتفى بهم كفى قولهم بنجاسة الغسالة في دعوى الاجماع علها فتأمل واما رواية العيص المتقدمة فالاستدلال بها في المقام مبنى على كفاية الغسلة
الواحدة في مطلق القذارات والا أمكن حمل الرواية على الغالب من اجتماع الغسالتين بل يمكن حملها بناء على الاكتفاء في التطهير بالغسلة الواحدة.
كالاجماعات السابقة على ما هو الغالب من اجتماع الأجزاء المنفصلة من المحل قبل زوال العين فان المنفصل عن المحل قبل زوال العين عنه
ليس منفصلا من الغسلة المطهرة فحكمه كالمنفصل من الغسلة الأولى بل هو أشد منه بل لا ينبغي ان يكون محلا للنزاع لان النزاع في المنفصل
عن الغسل المؤثر في التطهير الشرعي الواجب كونه بالماء المطلق الطاهر والمنفصل قبل زوال العين انما انفصل عن غسلة غير معتبرة في
نظر الشارع لعدم إفادتها الا زوال العين الذي يحصل بالماء المضاف والنجس والمسح بجسم طاهر أو نجس ولذا احتاج الثوب بعده إلى غسلتين
لكن يكفي في الأولى منهما استمرار الصب الأول انا ما بعد زوال العين ومما يشهد بخروج هذا الماء عن محل النزاع ان من جملة الأقوال في هذه المسألة
القول بان الغسالة كالمحل بعدها وجعلوا هذا القول مقابلا للقول بكونها كالمح قبل الغسل ومن المعلوم ان هذا الماء المنفصل قبل زوال
العين لا فرق بين ان يكون كالمحل بعده أو قبل الغسل لان المحل بعده على ما كان عليه وتفصيل الكلام في ذلك أن الماء المنفصل عن المحل ينقسم باعتبار
حالات المحل إلى أقسام أربعة لأنه إما ان يكون واردا على المحل قبل الحكم بطهارته أو
بعده على والأول منهما فاما ان لا يحصل به طهارة المحل أو يحصل فالأول قد عرفت هنا انه لا ينبغي التأمل في نجاسة بل لا ينبغي ان يكون محلا
للخلاف لعدم جريان شئ من أدلتهم فيه عدا منع عموم أدلة الانفعال وهو في مثل هذا الفرد كما ترى والثاني قد عرفت سابقا ان الظاهر من المبسوط
والخلاف والمعتبر والمنتهى والناصريات والسرائر ان محل الخلاف غيره لكن ظاهر بعض وصريح آخرين وجود القول به والثالث هو المتيقن من محل
النزاع وقد نفينا البعد عن القول بطهارته بناء على منع عموم أدلة الانفعال بالملاقات بل سائر الأدلة للملاقات التي يحصل بها الطهارة وعلى هذا فالمنفصل من الثوب قبل تمام عصره من الثانية نجس لبقاء المحل حين الملاقاة على النجاسة وعدم زوالها بها واما الرابع هو الوارد على
المحل بعد الحكم بطهارته فلا ينبغي الاشكال ولا الخلاف في طهارته لعدم المقتضى للنجاسة لكن في الروض ان الشهيد قده في حاشية منه على الفتية حكى
عن بعض الأصحاب قولا بان الغسالة كالمحل قبل الغسل وان حكم بطهارة المحل بل وان ترامت الغسلات لا إلى نهاية محتجا بأنه ماء قليل لاقي نجسا وبيانه
ان تطهير المحل بالقليل على خلاف الأصل المقرر من نجاسة القليل بالملاقات فيقتصر فيه على موضع الحاجة وهو المحل دون الماء ثم قال ويدفعه
53

حكما الشارع بالطهارة بعد تمام الغسلات فلا اعتبار بما يحصل بعد ذلك انتهى أقول الذي ينبغي ان يحمل عليه كلام هذا القائل انه إذا فرض تحقق
الغسلة المطهرة ولم ينفصل الماء عن المحل فالمحل طاهر والماء الموجود فيه نجس فإذا غسل مرة أخرى لاقي مائه الماء الباقي من الغسل المطهر والمفروض
انه نجس وان طهر المحل فينفعل به الماء الثاني واما القول بان الماء في الغسلة الغير المؤثرة إذا ورد على المحل الطاهر الخال عن الماء النجس نجس فهو مما
لا ينبغي من الشهيد حكايته فكيف من بعض الأصحاب اختياره ويمكن ان يستفاد ذلك من المحكي عن نهاية العلامة بمن انه يحتمل ان يكون الماء نجسا
انفصل عن الغسلة المطهرة أو لم ينفصل فان المراد من قوله لم ينفصل عدم انفصاله عن الغسلة المطهرة لا انفصاله عن غيرها من الغسلة
المتقدمة كما زعم فان المناسب حينئذ مقابلة الغسلة المطهرة بقوله أو غيرها لا مقابلة الانفصال بقوله أو لم ينفصل وحينئذ فإذا فرض
نجاسة غير المنفصل فكلما لا قاه الماء نجس به وان ترامى إلى غير النهاية وهذا القول حسن جدا بل هو الذي ينبغي أن يقول به كل من يقول بنجاسة
الغسالة لأن النجاسة لا يختص بما بعد الانفصال كما يظهر من العلامة في المختلف حتى يورد عليه كما في الذكرى بلزوم تأخر المعلول وهو النجاسة
عن العلة وهي الملاقاة وإن كان الايراد غير وارد لمنع تمام العلة بالملاقات بل يلتزم بطهارة المحل للاجماع ونجاسة الماء ولو في المحل بعموم
أدلة الانفعال الا انه لا يؤثر في المحل نجاسة فيكون ذلك تخصيصا في قاعدة ان كل نجس منجس بناء على عمومها لمثل ما نحن فيه كما تقدم فيكون
ما يلاقى هذا الماء قبل الانفصال من الماء وغيره من الأجسام نجسا ومنه يعلم أنه لو كان الماء باقيا في المحل من الغسلة الأولى فصب عليه الماء
لم يعد هذا الصب غسلة مطهرة لأنه لا يطهر الماء الأول لأن الماء النجس لا يطهر المحل ثم إن ما ذكر من عدم انفصال
الغسالة بعد تحقق الغسل واضح في غسل ما يحتاج إلى العصر بناء على خروج العصر عن مفهوم الغسل والا لم يتحقق الطهارة قبله كما في البدن
وان قلنا بدخول انفصال الغسالة في مفهوم الغسل فيه واما بناء على كفاية مجرد الصب فيه ففرض بقاء الغسالة في المحل وطهارته مع عدم انفصال
الغسالة يتصور في القطرات العالقة بطرف البدن المحتاجة في الانفصال إلى العلاج بنفض اليد أو اخذها بخرقة أو يد أو غير ذلك فلابد من ملاحظة
ان مثلها داخلة الغسالة المبحوث عنها أم لامن انه جزء من الماء المستعمل في إزالة الخبث وهو محل النزاع لا في عنوان الغسالة حتى يقال إنها اسم لما
ينفصل بالغسل كما في أمثالها من هذا الوزن كالقراضة والنخامة والنخالة مع احتمال عموم الانفصال لما هو مشرف عليه وان الحكم بالنجاسة معلق على
الماء القليل الملاقى المحل المحكوم بطهارته اجماعا بعد الغسل نفس البدن والرطوبة الكائنة عليه لعدم اعتبار التجفيف اجماعا الا من ظاهر المفيد
في اناء الولوغ ومن أن ظاهر كثير من كلماتهم الاختصاص بالمنفصل فعلا بنفسه حين الصب أو بعده بيسير دون المحتاجة في الانفصال إلى العلاج
بل صريح عبارة المبسوط المتقدمة ان ما يبقى على البدن طاهر اجماعا وهو يشمل مثل هذه القطرات ولا يختص بالرطوبة الكائنة على المغسول
وكيف كان فالأقوى طهارتها لاطلاق الامر يصب الماء من غير تقييد بشئ اخر بعد الصب من علاج لفصل الماء
ودعوى ان الاطلاق يظهر منه
طهارة المحل بمجرد الصب ولا كلام فيه انما الكلام في طهارة ما على طرف المحل من بقية الماء كما أن اطلاق الامر بغسل الثوب بناء على دخول العصر
في مفهوم الغسل لا ينافي نجاسة ما يرسب فيه من الغسالة ووجوب اخراجه بعصر ونحوه لأجل ذلك مدفوعة الظاهر كون اخبار الغسل و
الصب في مقام علاج البدن والثوب النجسين حتى يجوز استعمالها فيما يتوقف على الطهارة ومعلوم ان طهارة المحل مع نجاسة القطرات العالقة
لا ينفع في استعمال الثوب ولذا لو قلنا بعدم دخول العصر في مفهوم غسل الثياب ولم يدل دليل من الخارج على اعتباره لم نقل بوجوبه لاخراج ماء
الغسالة بل لو قلنا بوجوب اخراجه لكن الثوب بعد العصر لا يخلو عن قطرات عالقة على الثوب الملوي تنجذب عند انحلاله من إلى ومما يوضح ذلك ما في
رواية عمار المتقدمة الواردة في تطهير الاناء من ادخال الماء وافراغه منه ثلاث مرات حيث دل على طهارته بمجرد افراغ الماء منه فان لازم الحكم بطهارة
الكوز بمجرد الافراغ جواز جعله على الاستقامة بعد قلبه لا فراغ الماء منه ومن المعلوم انه لا ينفك بعد الا فراغ عن قطرات عالقة على فم الكوز
ويؤيده أيضا خلق روايات الاستنجاء من البول والغايط الواردة في مقام البيان عن نفض البدن عن القطرات الباقية هذا كله على تقدير
القول بنجاسة الغسالة حتى في الغسلة المطهرة إما على القول بطهارتها فلا اشكال في القطرات الباقية منها ولا في الباقية من الغسلة
الأولى من حيث جواز ايراد الماء الثاني قبل فصلها وعدم انفعال الماء الثاني بها لاطلاقات الصب أو الغسل مرتين وعدم تقييد الغسلة الثانية
بكونها بعد القطرات الباقية من الأولى ولا يرد هنا مثل ما ورد سابقا من أن الاجتزاء بالمرتين في طهارة المحل لا ينافي نجاسة الماء
لان وجوب اخذ قطرات الأولى مضاف للاجتزاء بالصب الثاني كيفما اتفق حتى أن جماعة ذهبوا إلى الاجتزاء عن الصب الثاني باستمرار الأول وان
اختلفوا بين مجتز في الاستمرار بمقدار الصبين كالذكرى ومعتبر فيه كونه بمقدارهما والفصل المتخلل بينهما كما في المدارك وعن غيره بقى الكلام
في أمور (الأول) انه حكى في المدارك عن جماعة ان كل من قال بطهارة الغسالة اعتبر ورود الماء على النجاسة ولا دليل على الملازمة لا من
أدلتهم ولا من عنواناتهم سواء أراد من ذلك أن القائل بالطهارة اعتبر في الغسل الورود حتى لا يسمى ما ورد عليه النجاسة غسالة لعدم زوال
54

الخبث به أم أراد ان الإزالة وان تحققت بايراد النجس على الماء الا ان الطهارة منحصرة في صورة الإزالة بالعكس وكلام الشهيد في الدروس
حيث جعل التفصيل بين ورود الماء وعكسه قولا في مسألة ما يزيل به الخبث يدل على وجود القول بالطهارة مع الاعتراف بعدم اعتبار الورود
في الإزالة ومال في الذكرى في مسألة الغسالة إلى الطهارة وفى مسألة إزالة النجاسات إلى عدم اعتبار الورود الثاني قد عرفت عدم الخلاف
في عدم جواز رفع الحدث بالغسالة على تقدير القول بالطهارة واما إزالة الخبث بها على هذا القول ففيه قولان ظاهر المبسوط وصريح الوسيلة
المنع قال في المبسوط ولا يجوز إزالة النجاسة الا بما يرفع به الحدث نعم لو استند في عدم انفعال الغسالة إلى ما يقتضى نفى الباس عنه أمكن الجمع
بينه وبين أدلة انفعال القليل بكونها نجسة معفو عنها من حيث تنجيس الملاقى فيرجع في جواز غسل النجاسة بها إلى اشتراط الطهارة في ماء الإزالة
أو يكفي ان لا يؤثر في نجاسة المحل وقد تقدم عبارة الوسيلة في أول المسألة بل ربما حكى عن بعض ان المنع من رفع الحدث دون الخبث للاجماع
لكن حكى عن بعض الجواز الاختصاص الدليل المانع برفع الحدث وهو الأقوى لاطلاقات أدلة الغسل بالماء ودعوى انصرافها إلى غير هذا
الفرد مجازفة والاستصحاب لا يقابل الاطلاقات وقد يستظهر من بعض الأخبار المنع مثل رواية عمار المتقدمة الامرة بافراغ ماء الغسالة
عن الكوز بناء على أن الوجه فيه عدم جواز استعماله ثانيا في الغسلة اللاحقة وفيه انه ان أريد ظهورها في عدم جواز تحريك الماء في الاناء ثانيا
لحصول الغسلة اللاحقة ففيه ان ذلك لعدم حصول تعدد الغسل وان أريد ظهورها في عدم جواز استعمال الماء المفرغ ثانيا فلا ريب ان الرواية
واردة على نحو المتعارف من عدم جمع الغسالة ثم استعمالها ويمكن ان يقال إن بناء المسألة على الاستناد في عدم انفعال الغسالة على غير منع عموم
أدلة الانفعال الثالث انه إذا قلنا بالنجاسة فمقتضى القاعدة كون حكمها كمطلق النجاسات التي لم يرد في غسلها نص خاص بالوحدة والتعدد
الا ان الاعتبار يقتضى بأنها لا يكون أشد من المحل قبلها فإذا انفصلت من الغسلة الأخيرة لزم بحكم الاعتبار الاكتفاء في ازالتها بالمرة الواحدة
وان قلنا بوجوب التعدد فيما لا نص فيه على الوحدة أو التعدد الا ان الاعتناء بهذا الاعتبار مشكل جدا ولو قلنا في مطلق النجاسة بالتعدد فغسالة
ما نص على كفاية الوحدة فيه محتاجة على هذا إلى التعدد الا ان فحوى كفاية المرة في محلها يدل على الاكتفاء بها فيها وليس هذا كالاعتبار السابق
لأنا لم نعلم أن المناط في الاكتفاء المحل بالغسلة الباقية حصول الخفة في نجاستها لاحتمال كون الوجه فيه هو لزوم التسلسل واستحالة التطهير بخلاف
ما اكتفى في ازالته بامرة الواحدة فان الظاهر أنه لخفة النجاسة فلا يعقل أشدية غسالته الا ان يقال لعل الوجه في الاكتفاء بالمرة في الأصل لزوم
الحرج لعموم الابتلاء به وهذا غير جاز في غسالته كما أن ما دون الدرهم معفو من نفس الدم دون غسالته فالأحوط بل الأقوى مراعاة حكم النجاسة
في الغسالة وإن كان طهارة المحل متوقفة على أقل من العدد لاستيفاء بعض غسلاته أو لغير ذلك الا ان يعلم كونه لأجل خفة نجاسة فلا يزيد حكم
الفرع على الأصل الرابع محل الخلاف في الغسالة ما عدا ماء الاستنجاء فإنه لا باس به كما عن مصباح السيد وفى السرائر مدعيا الاجماع عليه تارة و
عدم الخلاف فيه أخرى ومعفو عنه كما في المنتهى وعن غيره ولا ينجس الثوب والبدن كما في المقنعة وعن غيره والمحكى عن ظاهر جماعة الاتفاق عليه بل
هو طاهر كما صرح به في الكتاب والقواعد واشتهر بين المتأخرين وعن غير واحد نقل الاجماع عليها والأصل في المسألة الأخبار المعتبرة ففي حسنة
الأحول اخرج من الخلاء فاستنجى بالماء فيقع ثوبي في الماء الذي استنجيت به قال لا باس ورواها في العلل بزيادة قوله (ع) أتدري لم صار لا باس به
قلت لا والله قال لأن الماء أكثر من القذر ورواه محمد بن النعمان عن أبي عبد الله (ع) قلت له استنجى ثم يقع ثوبي به وانا جنب فقال لا باس
ورواية عبد الكريم بن عتبه الهاشمي قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يقع ثوبه على الماء الذي يستنجى به أينجس ذلك ثوبه قال لا وظاهر عدم
تنجيس شئ مما يلاقيه الطهارة كما أن المتبادر المركوز في الأذهان المتشرعة ان التنجيس في الجملة من لوازم مهية النجس وان لم ينجس بعض الأشياء كما أن
الغسالة لا ينجس المحل فإذا فرض انهم سمعوا ان هذا الماء إذا القى على مثله أو أقل بقى ذلك الماء على طهارته جزموا بطهارة الماء الملقى بل لم يفهم الطهارة في
غالب ما سئل عنه في الروايات الامن الجواب بعدم وجوب غسل ملاقيه ومنه يظهر ان القول بمحض العفو دون الطهارة جمعا بين أدلة نجاسة الغسالة
وهذه الأخبار كما ترى بل بالمتعين تخصيص ما دل على انفعاله من عمومات انفعال الماء القليل ورواية العيص المتقدمة بما عدا المقام وهو أولي من
تخصيص القاعدة المستفادة من تعدى نجاسة كل متنجس والتحقيق ان هذه القاعدة ساقطة باعتبار القطع بخروج الفرد المردد بين ماء الاستنجاء و
ملاقيه عن عمومه فيبقى أدلة تنجس ماء القليل وأدلة عدم الباس بماء الاستنجاء على حالها من عدم التعارض لان التعارض بينهما فرع شمول القاعدة
المذكورة لهذا الماء فالقول بأنه نجس لا ينجس ملاقية فنجاسة الغير المنجسة المستفاد من أدلة انفعال الماء القليل وأدلة عدم تنجيسه الثوب مما لا
محيص عن الالتزام بها واما الاجماع على الطهارة دون العفو فلم يثبت لخلو كلام السيد في المصباح والمفيد في المقنعة والشيخ في المبسوط والحلى
في السرائر عن التصريح بالطهارة مع أنه لا ينفع ممن قال بطهارة الغسالة لأن الطهارة عنده على القاعدة والاتفاق الملفق من القول بكونه
استثناء من نجاسة الغسالة والقول بكونه على قاعدتها من الطهارة لا يثمر الظن فضلا عن الحدس القطعي الذي هو المناط في تحقق الاجماع عند
55

المتأخرين هذا ويمكن ان يقال إن الأخبار المذكورة معارضة نفسها لأدلة تنجس القليل فتخصصها لأن النجاسة في الشرع إما وجوب الاجتناب
عن الشئ في الصلاة والاكل وما الحق بهما كما في قواعد الشهيد قده أو صفة منتزعة عن هذه الأحكام فإذا حكم الشارع بأنه لا باس بالثواب الواقع
في ماء الاستنجاء فهو كالتصريح بجواز الصلاة والطواف فيه وإذا لم ينجس الطعام المطبوخ به جاز اكله فإذا لم يجب الاجتناب عنه في الصلاة ولا في
الاكل لم يكن نجسا واما ساير الأحكام كحرمة شربه وادخاله المسجد ونحوهما فإنما جاء من أدلة وجوب الاجتناب عن النجس والمفروض عدمه ويمكن ان يستفاد
ذلك من التعليل المتقدم في قوله (ع) لأن الماء أكثر من القذر بناء على أن ظاهره عدم انفعال الماء بالقذر وعدم تأثره منه بل استهلاكه له وهذا
الكلام من قبيل قوله (ع) فيما ورد على الثوب من ماء المطر الواقع على النجاسة لا باس ما اصابه من الماء أكثر فتأمل ثم المراد بالعفو الاجماع على عدم تنجس
ملاقيه يحتمل أمورا (الأول) ان يكون حكمة في الطهارة كما حكى عن بعض فيكون الاختلاف في التعبير وهو بعيد وتمسكهم بالحرج في الاجتناب لا اشعار
فيه به فضلا عن الدلالة (الثاني) ان يكون نجس معفوا عنه على الاطلاق بمعنى ان لا يحكم عليه بتكليف من التكاليف المتفرعة على النجاسة
وهو الذي استظهره المحقق الثاني من النص وكلام الأصحاب والظاهر رجوع هذا إلى القول بالطهارة بناء على أن النجاسة حكم شرعي بالاجتناب
في أمور أو منتزعة من ذلك الحكم الشرعي نعم يظهر الثمرة في غير الأحكام الشرعية من الخواص وفى الأحكام الشرعية الغير الالزامية المتعلقة بالنجس عدا ما
أجمع على وحدة حكم الطهارة والنجاسة في واجبه ومستحبه كالصلاة ولو قلنا بان الطهارة أمر وجودي لا مجرد عدم النجاسة ظهرت الثمرة في الأمور المشروطة
بالطهارة إذا لا يكفي حينئذ ارتفاع حكم النجاسة عن هذا الماء (الثالث) وهو الذي استظهره في المدارك عن عبارة الذكرى إذ لا يجب الاجتناب عنه فيجوز
شربه واكل الطعام المختلط به وحمله في الصلاة وادخاله في المسجد ولا يجب ازالته مما يجب تطهيره ولا ينفع في جواز التطهير به حاصله انه لا يترتب عليه اثاره
وتسميته عفوا باعتبار عدم وجوب الاجتناب عنه (الرابع) ان لا يتعدى نجاسة إلى ملاقيه فهو معفو عنه من حيث السراية وهو ظاهر ما تقدم من المصباح
السرائر وظاهر المنتهى حيث قال عفى عن ماء الاستنجاء إذا وقع شئ منه على ثوبه وبدنه وقد عرفت ان ظاهر اخبار المسألة وكلمات من لم يصرح بالطهارة
هو هذا الأخير ومنه يظهر ما في كلام جامع المقاصد على كلام الشهيد قده في الذكرى حيث قال ويظهر الثمرة بين العفو والطهارة في استعماله حيث قال
عليه اللازم أحد الامرين إما عدم اطلاق العفو عنه واما القول بطهارته لأنه إذا باشره بيده ثم باشر ماء قليلا فلم يمنع الوضوء منه كان طاهرا
لا محالة والا وجب من مباشرة ماء الوضوء إذا كان قليلا فلا يكون العفو مطلقا وهو خلاف ما يظهر من الخبر وكلمات الأصحاب انتهى إذ لا يخفى
ان عدم تنجس لاقيه وصحة الوضوء بماء لاقاه على ما هو صريح الخبر وظاهر الأصحاب لا يوجب الحكم بجواز استعماله في إزالة الحدث والخبث وان أراد
به ان ظاهر الخبر وكلام الأصحاب العفو المطلق يجعل وجود صفة النجاسة كعدمها فلا نسلم انه ظاهر كلام بعضهم فضلا عن جميعهم لما عرفت
من كلمات من لم يصرح بالطهارة والأقوى على تقدير عدم القول بالطهارة بالعفو بالمعنى الرابع وعلى القول بالطهارة عدم جواز رفع الحدث به
لاطلاق ما تقدم في حكم الغسالة من نقل الاجماع على أن ما يزال به النجاسة لا يرفع الحدث فتأمل إما جواز رفع الخبث به فلا يخلو عن قوة للاطلاقات
السليمة واما الوضوء والغسل الغير الرافعين ففي جوازهما اشكال من الاطلاقات ومن أن الظاهر من الأوامر الواردة في الأغسال والوضوءات
الغير الرافعة كونها على نحو الرافعية فإذا أمر الحايض بالوضوء أو بغسل الاحرام مثلا فكأنه وكل جميع ما يعتبر فيه إلى ما تقرر في الوضوء والغسل والواجبين
مع أن الظاهر أن المراد من هذه الطهارات تنظيف يكون من شانه رفع الحدث إذا صادفه وهذا لا يخلو عن قوة ثم إن المصرح به في كلام جماعة عدم الفرق
بين المخرجين وهو ظاهر كل من اطلق الاستنجاء بناء على شموله بشهادة جماعة لغسل مخرج البول وبه يستقيم
الاستدلال العموم باطلاق لفظ الاستنجاء
في الاخبار المؤيد بغلبته عدم تفارق التخلي من المخرجين ولا فرق أيضا بين المخرج الطبيعي وغيره إذا كان معتادا كما قيد به بعض بل مطلقا لاطلاق الأدلة
ودعوى الانصراف لو تمت لم يدخل المعتاد من غير الطبيعي أيضا والانصاف ان للانصراف مراتب نعلم باعتبار بعضها واهمال بعضها الأخر فان انصراف
هذا اللفظ إلى غسل موضع النجو وهو الغايط واضح لمن تتبع موارد استعماله في الاخبار وكلمات الأصحاب حيث يقابل الاستنجاء فيها بغسل مخرج البول
مع أن مذهب الأصحاب كما في غير واحد عدم الفرق ولو تعدت النجاسة تعديا فاحشا يخرج ازالته عن اسم الاستنجاء فلا ريب في عدم دخوله تحت الاطلاق
لكن الظاهر الصدق مع تعديه بالخروج وإن كان على خلاف العادة مع اتحاد الموضع عرفا فالأقوى وإن كان خلاف الأحوط عموم العفو ما لم
تتغير أحد أوصاف الماء المنفصل بالنجاسة المفروضة لعموم ما دل على نجاسة المتغير وإن كان أعم من اخبار الاستنجاء من وجه لكن عموم النجاسة أقوى
مضافا إلى انصراف اخبار الباب إلى غير صورة التغير ومفهوم العلة في رواية العلل بناء على أن المراد بالأكثرية الماء من القذر استهلاكه له وعدم
ظهور اثره فيه فلو ظهر اثر النجاسة في الماء لم يعف عنه ومن هنا يمكن توجيه ما ذكره بعضهم من اشتراط عدم زيادة وزن الماء بعد الاستعمال لظهور اثر
النجاسة فيه حينئذ ولكنه ضعيف لضعف الاشعار في الرواية المذكورة والعمدة في حكم تغير الأوصاف الاجماع مع التشكيك في اطلاق
اخبار الاستنجاء نعم ينبغي ان يستثنى من ذلك التغير الحاصل للجزء الأول من الماء الوارد على المحل خصوصا إذا ورد قليلا بالتدريج فان الاستنجاء
56

غالبا لا ينفك عن هذا التغير فإذا انفصل الجزء المتغير ووقع على الأرض ينجس به ما يقع بعد ذلك عليه ولو فرض عدم انفصاله متغيرا لكن المحل
ينجس بهذا الماء المتغير وإزالة هذه النجاسة ليس استنجاء لأنه غسل موضع النجو من النجاسة الخارجة عنه ومن المعلوم ان اخراج مثل هذا عن
اخبار الاستنجاء يوجب التقييد بغير الغالب وهو أبعد من تخصيص أدلة نجاسة المتغير أو تيمم ماء الاستنجاء لما يشمل مثل هذا والانصاف ان الماء
الوارد أولا المتغير بالنجاسة إذا انفصل متغيرا فوقع على الأرض فلا يبعد الحكم بنجاسة وان بقى على المحل وكان الوارد عليه المنفصل من المحل غير
متغير كان طاهرا عملا باخبار نجاسة الماء المتغير بمقدار لا يلزم منه ارتكاب التقييد البعيد في اخبار الباب بحيث يلحق الحكم فيها بغير المفيد لقلة
فائدته خصوصا في مقام ترك الاستفصال ثم إن قول المصنف قده (أو تصيبه نجاسة من خارج) ليس حقيقة من قيود حكم المسألة الذي هو عدم انفعال
ماء الاستنجاء بنجاسة محل الغسالة باستعماله فتنجسه بنجاسة خارجة كالاستثناء المنقطع ولذا اهمله بعض الا ان العبارة لما أفاد اطلاق الحكم بالطهارة
نبه على اشتراط بقائه على الطهارة بعدم انفعاله من نجاسة خارجة والمراد به الخارج عن نجاسة النجو فيشمل النجاسة التي تلاقيه بعد الانفصال
أو قبله مما هو على المحل أو خرج منه كالدم المصاحب للبول أو المتنجس بنجاسة النجو كالدود والحصاة المتنجس والودي الخارج عقيب البول ولو سبقت اليد
إلى المحل فهل يعد نجاسة خارجة أو لا قولان أقواهما العدم لاطلاق الاخبار مع عدم استمرار الطريقة على تقديم الصب نعم لو وضع يده لا يقصد لاستنجاء
كانت كالمتنجس الخارج ولو وضع بقصده ثم اعرض فان عاد فكما لو لم يعرض وان لم يعد فلا اشكال في نجاسة غسالة اليد والله العالم والماء المستعمل
في الوضوء المسبب عن حدث أصغر أو أكبر أو لاعنه وكذا الأغسال المسنونة طاهر بضرورة مذهبنا مطهر عن الحدث والخبث اجماعا نعم ذكر في المقنعة
ان الأفضل تحرى المياه الطاهرة التي لم يستعمل في أداء فريضة (ولا سنة والماء المستعمل) في الغسل المقصود به رفع الحدث الأكبر طاهر اجماعا وان لم
يستقل بالرفع بناء على أن الحدث الأكبر فيما عدى الجنابة يرتفع بمجموع الغسل والوضوء وحينئذ فيشمل اطلاق العبارة كبعض الأدلة الوضوء المذكور وهل
يرفع الحدث المستعمل فيه باستعماله في موضع صب لغسل غيره فيه للمصنف قده تردد في بادي النظر من جهة اختلاف الاخبار وكلمات الأصحاب فان صريح
المقنعة والمبسوط والوسيلة والمحكى عن الصدوق والقاضي قدس سرهم العدم لرواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) أنه قال لا باس بالوضوء بالماء
المستعمل وقال الماء الذي يغسل به الثوب لو يغتسل به من الجنابة لا يتوضأ منه وأشباهه والماء الذي يتوضأ به الرجل فيغسل به وجهه ويده في اناء
نضيف فلا باس ان يأخذه غيره ويتوضأ به بناء على أن صدر الرواية قضية مهملة قد فصلها الامام بالفقرتين الأخيرتين والنهى محمول على التحريم بقرينة
العطف على غسالة الثوب وليس في سند الرواية الا أحمد بن هلال المرمى بالغلو تارة وبالنصب أخرى وبعد ما بين المذهبين لعله يشهد بأنه لم يكن له مذهب
رأسا لكن التأمل في القرائن يكاد يلحق الرواية بالصحاح منها ان الراوي عنه الحسن بن فضال وبنو فضال ممن ورد في شأنهم في الحسن كالصحيح عن العسكري (ع)
خذوا ما رووا وذروا ما رأوا مع أن هذه الحسنة مما يمكن ان يستدل بها على جواز العمل بروايات مثل ابن هلال مما روى حال الاستقامة ولذا استدل
بها الشيخ الجليل أبو القاسم بن روح قدس سره حيث افتى أصحابه بجواز العمل بكتب الشلمغاني فقال بعد السؤال عن كتبه أقول فيها ما قاله
العسكري (ع) لما سئل عن كتب نبي فضال خذوا ما رووا إلى اخره (ومنها) ان الراوي عن ابن فضال هنا سعد بن عبد الله الأشعري وهو ممن طعن على
ابن هلال حتى قال ما سمعنا بمتشيع يرجع من التشيع إلى النصب الا أحمد بن هلال وهو في شدة اهتمامه بترك روايات المخالفين بحيث حكى عنه أنه قال لقى إبراهيم بن
عبد الحميد أبا الحسن الرضا (ع) فلم يرو عنه فترك روايته لأجل ذلك فكيف يجوز ان يسمع من ابن فضال الفطحي ما يرويه عن ابن هلال الناصبي
الا ان يكون الرواية في كتاب معتبر مقطوع الانتساب إلى مصنفه بحيث لا يحتاج إلى ملاحظة حال الواسطة أو محفوفة بقرائن موجبه للوثوق بها
ومنها ابن هلال روى هذه الرواية عن أبي محبوب والظاهر قرائته عليه في كتاب ابن محبوب المسمى بالمشيخة الذي هو أحد الأصول الموصوفة في أول؟؟
بالصحة واعتماد الطايفة عليها وحكى عن ابن الغضايري الطاعن كثيرا فيمن لا يطعن فيه غيره ان الأصحاب لم يعتمدوا على روايات ابن هلال الا ما يرويه
عن مشيخة بن محبوب ونوادر ابن أبي عمير وحكى عن السيد الداماد الحاق ما يرويه ابن هلال عن الكتابين بالصحاح ومنها اعتماد القميين على الرواية
كالصدوقين وابن الوليد وسعيد بن عبد الله وقد عدوا ذلك من امارات صحة الرواية باصطلاح القدماء فالانصاف ان الوثوق الحاصل
من تزكية الراوي خصوصا من واحد ليس بأزيد مما يفيده هذه القرائن فالطعن فيها بضعف السند كما في المعتبر والمنتهى مع عدم دورانهم مدار تزكية
الراوي محل نظر ويؤيد الرواية المذكورة روايات أخر مثل ما ورد من النهى عن الاغتسال بضالة الحمام معللا بأنه يسيل فيها ما يغتسل به الجنب وولد الزنا و
الناصب لنا أهل البيت وهو شرهم فان الظاهر كون سيلان كل واحده من غسالات هؤلاء علة مستقلة في المنع إذ لاوجه لذكر الجنب مع كون العلة في
المنع غيره كما لا يخفى والصحيح عن ابن مسكان قال حدثني صاحب لي ثقة انه سئل أبا عبد الله (ع) عن الرجل ينتهى إلى الماء القليل في الطريق ويريد
ان يغتسل وليس معه اناء والماء في وهادة فان اغتسل رجع غسله في الماء كيف يصنع قال ينضح بكف بين يديه وكفا من خلفه وكفا عن يمينه و
كفا عن شماله ثم يغتسل فان الظاهر كون ما ذكره الإمام (ع) علاجا لدفع المحذور الذي قرره (ع) من رجوع الغسالة في الماء
57

فلا بد من حمل النضح وفى الجهات الأربع على وجه يمنع من رجوع الغسالة في الماء والظاهر أن رشها حول الوهادة يوجب سرعة جذب الأرض للماء
ويمكن حمله على نضح البدن بالماء من الجهات الأربع حتى يتعجل وصول الماء إلى البدن فيتم غسله قبل رجوع الماء في الوهادة والجواب عن رواية
ابن سنان بوجوب حملها على صورة تلوث بدن الجنب بالنجاسة فان الغالب خصوصا في تلك الأزمنة إزالة النجاسة عند الغسل ولذا اشتمل أكثر ما ورد في
كيفية غسل الجناية على إزالة النجاسة فيكون الماء الذي يتوضأ به الرجل ويغسل به وجهه ويده في اناء نظيف مقابلا لماء الغسل من حيث عدم
انفعاله بالنجاسة حال الاستعمال ولا بعد الانفصال بخلاف ماء الغسل فإنه ينفعل في أحد الحالين وكيف كان فالتقييد المذكور أولي
من تقييد ما سيجئ من الأدلة وبمثله يجاب عن رواية غسالة الحمام فيكون المانع في كل واحدة من الغسالات المذكورة في الروايات نجاستها
الذاتية أو العرضية كما يشهد له تعليل المنع في الاخبار باشتمال غسالة الحمام على غسالات الكفار والنواصب وانه لا خلق أنجس من الكلب و
الناصب أنجس منه فان هذا كله ظاهر في كون المانع هي النجاسة هذا مع أنه يظهر من بعض الأخبار امارة الكراهة مثل قوله (ع) من
اغتسل في الماء الذي اغتسل فأصابه الجذام فلا يلومن الا نفسه قلت إن أهل المدينة يقولون إن فيه شفاء من العين قال كذبوا يغتسل فيه
الجنب وولد الزنا والناصب وهو شرهما ومن كل خلق ثم يكون فيه شفاء من العين الحديث وقد سئل عن ماء الحمام قال لا تدخله الا بازار ولا.
تغتسل من ماء آخر الا ان يكون فيه جنب أو يكثر أهله فلا يدرى فيه جنب أم لا قال استثناء صورة الشك في وجود الجنب في ماء الحمام دليل على أن المنع
لو كان في المستثنى فإنما هو على وجه التنزه وقد يظهر من بعض الأخبار ان السؤال من الغسل بماء الحمام في الاخبار من جهة النجاسة لا رفع الحدث مثل
صحيحة محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد الله (ع) الحمام يغتسل فيه الجنب وغيره فاغتسل من الماء قال نعم لا باس ان يغتسل منه الجنب والقد اغتسلت فيه
ثم جئت فغسلت رجلي وما غسلتهما الا بما لزق بهما من التراب وقريب منها غيرها وعلى ما ذكرنا من صورة تلوث بدن الجنب بالنجاسة يحمل الصحيحة الأخيرة مع أن
الظاهر على المتأمل ان لا دلالة فيها ظاهرة لا من حيث التقرير ولا من جهة العلاج إذ من المحتمل كون المعالج والمقرر عليه هو محذور الكراهة دون
الحرمة فالأقوى بحسب الأدلة هو الجواز وفاقا للسيدين والحلى والفاضل في جملة من كتبه والشهيدين والمحقق الثاني والمحكى عن سلار وابن سعيد للأصل
والاطلاقات الكثيرة قال لكن الأحوط كما هنا وفى المعتبر العمل بما صار إليه الأولون من المنع لقوة رواية ابن سنان المتقدمة من حيث الصدور والدلالة فتقييدها
بمجرد اطلاق الأدلة بعيد جدا ولم نقف في الباب على خبر خاص ظاهر في الرخصة وما تقدم مما ظاهره الكراهة فمورده الاغتسال في الماء الذي
يغتسل فيه فيقرب جمله على الكثير
وينبغي التنبيه على أمور الأول انه لا ينبغي الاشكال في الجواز في الماء الكثير وان قلنا بالمنع في غيره لاختصاص
دليل المنع بما يغتسل به لا فيه قال في المعتبر لو منع هنا المنع ولو اغتسل في البحر وفى المقنعة ولا ينبغي ان يرتمس الجنب في الماء الراكد فإنه إن كان
قليلا أفسده ولم يطهر به وإن كان كثيرا خالف السنة بالاغتسال فيه ولا باس بارتماسه في الماء الجاري واغتساله فيه انتهى ولو تمم الماء
المستعمل كرا فصريح المبسوط والوسيلة رفع المنع معللا في الأول بأنه بلغ حدا لا يحمل خبثا وفيه ما تقدم في مسألة تيمم الماء النجس كرا الثاني
ان لا ينبغي الاشكال على القول بالمنع في القطرات المنتضحة من بدن المغتسل في الاناء بل في كل يسير من الماء المستعمل الممتزج مما يضمحل فيه إذ لا يصدق
التوضي منه ولا الاغتسال به مع الاضمحلال وليس العبرة هنا بالاستهلاك المرادف للاستحالة حتى يمنع تحققها في امتزاج الشئ نجسه بل المراد صيرورته
بحيث لا يصدق انه توضأ منه أو اغتسل به بل يمكن التزام الجواز مع تساويهما في المقدار حيث إن ظاهر دليل المنع كون الاغتسال به وظاهر انحصار
الغسل به الا ان يقال إن المراد استعماله في الغسل وإن كان بضميمة غيره فيختص الجواز بصورة الاضمحلال وظاهر النهى جريان الخلاف فيها لكن عن
الصدوق وهو أحد المانعين أنه قال وان اغتسل الجنب فترى الماء من الاناء أو سال من بدنه في الاناء فلا باس ويدل عليه مضافا إلى ما ذكروا إلى
لزوم العسر صحيحة الفضيل قال سئل أبو عبد الله عن الرجل يغتسل فينضح من الأرض في الاناء قال لا باس هذا انما قال الله تعالى (ما جعل عليكم في)
الدين من حرج وصحيحة شهاب بن عبد ربه عن أبي عبد الله (ع) في الجنب يغتسل فيقطر الماء من جسده فينضح الماء من الأرض في الاناء انه لا باس به
وصحيحة عمرو بن يزيد قلت لأبي عبد الله (ع) اغتسل من الجنابة مغتسل يبال فيه ويغتسل من الجنابة فيقع في الماء ما ينزو من الأرض قال لا باس
الثالث ظاهر العلامة في المنتهى وعن النهاية انه لا يشترط في صدق المستعمل انفصاله عن البدن حيث فرع على مذهب الشيخ قدس سره انه لو اغتسل
من الجنابة وبقى في العضو لم يصبها الماء لم يخبر صرن البلل الذي على العضو إلى تلك اللمعة وعلله بان الشيخ قده لم يشترط في الاستعمال الانفصال
انتهى وفى الذكرى انه يصير الماء مستعملا بانفصاله عن البدن فلو نوى المرتمس في القليل بعد تمام الارتماس ارتفع حدثه وصار مستعملا بالنسبة
إلى غيره وان لم يخرج انتهى والظاهر أن غرضه من هذا التفريع ان المراد بانفصاله من حيث الاستعمال المحصل للغسل ولا يعتبر مفارقة
البدن وكانه أشار بذلك إلى ضعف ما في النهاية من احتمال ان لا يصير هذا الماء مستعملا معللا بان الماء ما دام مترددا على بدن المغتسل
لا يصير وعن المعالم بعد نقل ان الشهيد في الذكرى صرح بعدم اعتبار الخروج وتردد العلامة في النهاية ان التحقيق ان الانفصال انما يعتبر
58

في صدق الاستعمال بالنسبة إلى المغتسل فما دام الماء متردد على العضو لا يحكم باستعماله والا لوجب افراد كل موضع من البدن بماء جديد ولا ريب في
بطلانه والاخبار ناطقة بخلافه والبدن كله في الارتماس كالعضو الواحد واما بالنسبة إلى غير المغتسل فصدق الاستعمال بمجرد إصابة الماء
للمحل المغسول بقصد الغسل وحينئذ فالمتجه في صورة الارتماس صيرورة الماء مستعملا بالنسبة إلى غير المغتسل بمجرد النية والارتماس وتوقفه
بالنظر إليه على الخروج والانتقال وحكم في المنتهى بصيرورته مستعملا بالنسبة إليهما فبل الانفصال والوجه ما ذكرناه انتهى أقول مستمدا من
الله ان موضوع المنع في النص هو الماء الذي يغتسل به وفى الفتاوى هو الماء المستعمل رفع الحدث ومن المعلوم ان المراد بهما واحد وهو الماء
المستعان به للغسل والمجعول آلة له بعد التوصل به إلى ما قصد الاستعانة عليه فكل جزء قصد تفصيلا أو اجمالا عند صب الماء غسله به والاستعانة
به عليه لا يصير الماء قبل استيفائه بالغسل مستعملا لان الممنوع هو استعماله في غير الاستعمال المحقق لموضوع كون الماء مغتسلا به أو مستعملا
ومجرد استعماله في الجزء الأول وان كفى وان في صدق كونه مستعملا الا انه ما دام مشتغلا بالاستعمال قاصدا له يعد استعمالا واحدا لا
استعمالا اخر للمستعمل بل يمكن التزام ان غرضة غسل المجموع بالمجموع على وجه التوزيع فعند التحقيق هذا الباقي غير مقصود بالاستعمال في الجزء
السابق بل صب لغيره وهذا وان لم يلتفت إليه المغتسل تفصيلا الا ان المركوز في ذهنه ذلك وكذا لو قصد غسل موضع بمجموع الماء ثم غسل موضع اخر
به فالظاهر أنه مستعمل لأنه قصد استعمال المستعمل لكن يلزم على الالتزام المذكور ان يجوز لغير المغتسل ان يأخذ ما بقى من الماء المصبوب قبل استيفاء
غسل ما قصد به غسله به ويستعمله ولا أظن أحدا يلتزم بذلك فالأولى ما ذكرناه أولا من تسليم كون الكل مستعملا في الجزء الأول الا ان استعماله
فيما قصد غسله عند الصب من الأجزاء اللاحقة متحد عرفا مع هذا الاستعمال ولا يعد استعمالا اخر للمستعمل ولا فرق فيما ذكرنا بين العضوين والعضو الواحد
فلو بقى من رأسه شئ فقصد عند صب الماء ان يغتسل به بقيه رأسه وجانبه الأيمن جاز بل لا فرق بين المنفصل عن البدن والمتصل فلو صب الماء صب
على رأسه بقصد غسل مجموع الرأس والرقبة فتساقط بعض الماء من أطراف اذنيه جاز ان يأخذه ويستعمله في غسل أو بقية اذنه لما ذكرنا
من أن هذا الجزء الزايد عن غسل محله قصد به غسل الباقي وظهر مما ذكرنا أيضا انه لو صب الماء على البدن بقصد غسل جميع ما يفي المصبوب به
من دون تعين للمغسول لم يكن مستعملا وان بلغ إلى ما بلغ لأنه قاصد اجمالا لغسل كل جزء بما يبقى من الماء في بدنه بعد غسل سابقه نعم لو انفصل
لم يجز اخذه ويدل عليه ويشير إلى جميع ما ذكرنا رواية هشام بن سالم عن أبي عبد الله (ع) اغتسل من الجنابة وغير ذلك في الكنيف الذي سال فيه
وعلى نعل سنديه فاغتسل وعلى النعل كما هي فقال إذا كان الماء الذي يستعمل من جسدك يصيب أسفل قدميك فلا تغسل قدميك هذا كله إذا
اغتسل بالصب والاستعمال إما لو ارتمس تمام بدنه أو بعضه في الماء القليل ففي صدق عنوان المستعمل وما يغتسل به خصوصا في بعض المقامات كما إذا
غمس طرف إصبعه في ماء ناقص عن الكر بيسير اشكال فلو ثبت الاجماع المركب كان الماء مستعملا بغمس تمام ما أريد غمسه لا بمجرد غمس بعضه فإذا نوى
خارج الماء وارتمس فلا يصير مستعملا الا بعد تمام غسله وان لم يخرج من الماء فإذا أراد بعد الغمس ان ينوى تحت الماء بغسل واجب اخر لم يجز
الرابع هل يجوز إزالة النجاسة بهذا الماء أم لا قولان أحدهما المنع وهو ظاهر ما تقدم من المقنعة والوسيلة وموضع من المبسوط وفى التهذيب
الجنب حكمه حكم النجس إلى أن يغتسل فمتى لاقي الماء الذي يصح فيه قبول النجاسة فسد انتهى والاخر الجواز وهو للمبسوط أيضا وفى المنتهى وعن فخر الدين
انه اجماع والظاهر أن مرادهما اتفاق من نسب إليه المنع في مسألة رفع الخبث وهو خصوص الشيخ لأنهما لم يذكرا جميع من خالف في المسألة أو ان دعويهما
مستنبطة من اختصاص دليل المنع بخصوص رفع الحدث كما يظهر من المنتهى وكيف كان فمقتضى الاطلاقات الجواز ولا دليل على المنع عدا ما ربما يتوهم من عموم
التوضي في رواية ابن سنان المتقدمة لمطلق التطهير ولو من الخبث فان اطلاق التوضي على الاستنجاء كثير ودعوى ثبوت الحقيقة الشرعية في غير لفظ
الوضوء من مشتقات هذه المادة غير ثابتة الا ان الانصاف ظهور صدر الرواية وذيلها في غير رفع الخبث لكن الظاهر شموله للوضوءات المستحبة
وفى حثوله لما عدا الرافع منها كوضوء الحايض والجنب فيشمل الأغسال المسنونة بعدم القول بالفصل نظر أقربه ذلك لما تقدم من أن المطلوب في
هذه الوضوءات والأغسال على ما يظهر من الأدلة ما أمر به الشارع في رفع الحدث ولذا لا يحتاج إلى الدليل الخاص في احراز سايرا شرايط الغسل و
اجزائه فيها الخامس لو اغتسل فاسدا ففي صيرورته مستعملا وجهان من صدق اغتسال الجنب ومن أن العبرة برفع الحدث وعلى الثاني فلو نهى المالك عن
رفع الحدث بمائه فارتمس فيه فهل يصير مستعملا وجهان من نهى المالك فيفسد فلا يرتفع الحدث فلا يصير مستعملا كما لو فسد غسله لمفسد اخر ومن انه إذا
لم يصر مستعملا فيصح فيرتفع الحدث فيحرم يصح وهكذا ويدفع برجوع النهى إلى رفع الحدث لولا النهى فافهم
الثالث في الأسئار بالهمزة بعد
السين جمع سؤر وهو لغة كما عن كشف اللثام البقية من كل شئ أو من الطعام والشراب أو خصوص الماء قيل إنه في عرف الفقهاء ماء قليل لاقي جسم
حيوان وكانه أراد بيان مرادهم من لفظ السؤر الواقع في باب المياه مقابلا للمطلق والمضاف وهو حق وقد صرح في المقنعة والسرائر كما عن ظاهر
جماعة بإرادة هذا المعنى في المقام والأولى ابقاء السؤر حتى في هذا المقام على معناه العرفي واشتراك غيره معه في الحكم الثابت له شرعا من حيث
59

استعماله وظاهرهم اعتبار القلة في الماء والذي يستفاد من الاخبار اطلاقه على الكثير مثل قوله عليه السلام يشرب من سؤر الكلب الا إذا كان حوضا
كثيرا يستقى منه وهو أيضا ظاهر التذكرة والمحكى عن الهداية وكذا اطلاقه على بقية الطعام كما في المنتهى عن اكل سؤر الفارة وقول أمير المؤمنين (ع)
ان الهرة سبع لا باس بسؤره فانى لا ستحيي من ربى ان ادع طعاما لأجل ان الهرة اكلت فان الاستشهار قرينة عموم السؤر المأكول والظاهر من
بعض الأخبار عدم اختصاصه بمباشرة الفم لقوله (ع) في خبر العيص لا توضأ من سؤر الحايض وتوضأ من سؤر الجنب إذا كانت مأمونة تغسل يديها
قبل ان يدخلها الاناء وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يغتسل هو وعايشة من اناء واحد وكيف كان فأسئار الحيوانات كلها طاهرة عدا
سؤر ما كان نجس العين أي الكلب والكافر والخنزير ولذا كان في سؤر المسوخ تردد للمصنف من جهة التردد في نجاستها ولكن الطهارة عنده
فيها (أظهر ومن عدا الخوارج) لكونهم نواصب (والغلاة من أصناف المسلمين) إذا لم ينكر ما علم أو علم بالضرورة كونه من (الدين طاهر الجسد والسؤر)
وسيأتي تفصيل ذلك انشاء الله تعالى والتلازم بين الجسم والسؤر في الطهارة هو المشهور ومقتضى الأدلة الا ان ظاهر السرائر نجاسة سؤر
ما يمكن التحرز عنه من حيوان الحضر غير الطير والمأكول اللحم والظاهر ارادته عدم جواز الاستعمال كما يظهر من كلامه في باب النجاسات فيوافق ما في المبسوط
والمهذب من منع الاستعمال فهم ينكرون التلازم بين طهارة السؤر وجواز استعماله وان حكى في المعتبر عن المبسوط النجاسة لكنه تسامح في
التعبير ويمكن إرادة حقيقة النجاسة لان مرجعها إلى منع الاستعمال ومستند الشيخ على ما ذكره في الاستبصار قوله (ع) كل ما اكل لحمه فلا باس بان
يتوضأ بسورة ويشرب فان مفهومه بناء على القول بمفهوم الوصف أو المبتدء المتضمن معنى الشرط يدل على أن السبب المنحصر والعلة التامة
في جواز الوضوء بسؤر المأكول كونه ماكولا فإذا انتفى هذا الوصف عن حيوان في أول الأمر أو بعد كونه ماكولا كالجلال والموطوء انتفى جواز الوضوء
والشرب ولو وجد غير مأكول يجوز الوضوء بسؤره لم يكن اكل اللحم سببا منحصرا في الجواز لقيام غيره مقامه ومنع دلالة جملة الشرط على انحصار السبب هو
هو بعينه انكار مفهومه كما وقع من السيد المرتضى قده فظهر بهذا التقرير فيما أجاب به العلامة قده عن هذا الاستدلال وارتضاه
الشيخ محمد قده في شرح الاستبصار ردا على والده في المعالم حيث انتصر للشيخ قده بما أوضحناه من أنه يكفي في المفهوم انقسام غير المأكول إلى ما لا
يجوز الوضوء بسؤره والى ما يجوز فليس سالبة وكليتهما انما هو سالب الكلية وقد أوضحنا ذلك أيضا في مسألة الغسالة عند التكلم في مفهوم قوله (ع)
إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ فالأولى الجواب عن ذلك بعدم المقاومة سند العدم صحة الرواية ودلالة لان اللازم من الاخذ بظاهرها من
التحريم تخصيص لأكثر ما دل على طهارة بعض الأسئار كسؤر الهرة معللا بطهارتها ونجاسة بعضها كسؤر الكلب معللا بنجاسته وجواز استعمال
سؤر ما عدا الكلب فاللازم حمله على الكراهة وان الباس المنفى في المنطوق أعم من الحرمة ويكره سؤر الحيوان الجلال وهو المتغذى بعذرة الانسان
إلى حد يحرم لحمه على الوجه المذكور في باب الأطعمة والأشربة لا الاطلاق ما تقدم في سؤر كل طاهر وان حرم اكله بناء على طهارة الجلال وعن الشيخ والسيد
وابن الجنيد النجاسة واستدل لهم بعدم خلو لعابه عن النجاسة ونقض ببصاق شارب الخمر (وكذا سؤر اكل الجيف) لعين ما ذكر في الجلال مع حلية اكل بعض
افراده لكن الحكم فيهما كغيرهما من الحيوانات الطاهرة المزاولة للنجاسات مقيد بما إذا خلا موضع الملاقاة من عين النجاسة أو المتنجس وعبر بعضهم باثرها
والمراد اثره الحسى لا الشرعي ففي عبارات اكل دلالة على عدم اعتبار طهارة موضع الملاقاة بعد ملاقاة النجاسة بالماء المطهر وانه لا يجرى هنا
استصحاب تنجس موضع الملاقاة وان علم عدم وجود المطهر وهو اجماع نعم حكى عن النهاية اعتبار احتمال حصول طهارته بوروده على كثير مطلق
أو ورود المطر والقليل عليه الا ان المشهور كما ادعاه في الحدائق وغيره على عدم اعتبار الاحتمال أيضا والحكم بطهارة السؤر مع القطع بعدم
حصول المطهر الشرعي فقد صرحوا كما في المبسوط والسرائر والمعتبر والتذكرة وغيره بأنه لو اكلت الهرة فارة ثم شرب من ماء قليل لم ينجس غابت الهرة أو لم
تغب ومما يحقق الشهرة بل يظهر منه الاتفاق ان الأصحاب بين مفت بكراهة سؤر الجلال واكل الجيف ومانع منه ولم يستند المانع الا إلى
التعبد أو وجود اجزاء النجاسة في لعابه فاتفق المانعون المجوزون على أن ملاقاة فمه للنجاسة مع العلم العادي غالبا بعدم ملاقاة المطهر الشرعي بعد اكل
العذرة والجيفة لا يؤثر وكيف كان فالظاهر تحقق الشهرة في المسألة بل عن الشيخ في الخلاف دعوى الاجماع عليه مستكشفا ذلك من أن الأصحاب حكموا بطهارة
سؤر الهرة وان دعوى ورودها في مقام بيان حكم سؤر الهرة من حيث الطهارة والنجاسة الذاتيتين كما يشهد به تعليل الطهارة في بعض تلك الأخبار
بان الهرة سبع كتعليل نجاسة سؤر الكلب بأنه نجس فلا ينافي كون حكم السؤر من حيث تنجس الحيوان بالنجاسة العرضية هي النجاسة ممنوعة بعد
كون الغالب في الحيوان ملاقاته للنجاسة بل كونه دائما محكوما بالتنجس ولو بحكم الاستصحاب ومما يدل على إرادة طهارة السؤر على الاطلاق لا خصوص
الطهارة الذاتية ما وقع في النص والفتوى من استثناء صورة وجود النجاسة العينية على جسم ذي السؤر فإنه لا وقع لهذا الاستثناء مع إرادة
الطهارة الذاتية ففي خبر عمار وقد سئله عن ماء يشرب منه باز أو صقرا وعقاب فقال (ع) كل شئ من الطير يتوضأ مما يشرب منه الا ان ترى في
منقاره دما فان رأيت في منقاره دما فلا تتوضأ منه ولا تشرب ومما يمكن ان يستدل به في المقام أيضا صحيحة علي بن جعفر المروية في التهذيب وقرب
60

الاسناد في حديث قال سئلته عن الفارة والحمامة والدجاجة وأشباهها تطأ العذرة ثم تطأ الثوب أيغسل الثوب إن كان استبان من اثره شئ فاغسله
والا فلا الخبر فان ترك الاستفصال عن رطوبة الثوب ويبوسته والاستفصال عن وجود عن عين النجاسة وعدمه دليل على أن الثوب لا يتنجس الا عن
النجاسة العينية الموجودة على الحيوان لا من نفس الحيوان وان لاقي النجاسة والا لوجب الاستفصال عن رطوبة الثوب ولغى الاستفصال بوجود عين
النجاسة وعدمها كما لا يخفى ودعوى ظهور الثوب في اليابس فحسن الاستفصال عن وجود عين النجاسة ممنوعة إذ لا سند للظهور وإذا تأملت
الرواية وجدتها أوضح دلالة من اخبار السؤر وخبر عمار لما تقدم في اخبار السؤر من ظهورها مع قطع النظر عن فهم الأصحاب في الطهارة الذاتية
واما لاستثناء في خبر عمار فلأجل كون السؤال عن الطهارة الفعلية فلم يعلم كون المقام الا مقام بيان الطهارة الفعلية بعد احراز الطهارة الذاتية
بطهارة عين هذه الحيوانات ثم إن غلبة ملاقاة الهرة وغيرها النجاسات لا يوجب العموم في روايات السؤر لصورة العلم بعدم الطهارة الشرعية بعد
الملاقاة ولذا ورد في طهارة شاب المشركين وأوانيهم ما ورد من الجواز مع أن أحد ألم يقل فيهما بكونهما كالسؤر في عدم اعتبار العلم بملاقات النجاسة إذا
لو يوجد العين الا ان يقال انا لم نلتزم بذل في أواني المشركين وثيابهم لتقيدها في بعض الأخبار بصورة عدم العلم باستعمالهما بملاقات النجاسة
بخلاف ما نحن فيه وبالجملة فقد علم أن النظر في اخبار أواني المشركين وثيابهم الملبوسة والمنسوجة إلى أصالة الطهارة كما يظهر من بعضها بخلاف ما نحن فيه فان الأخبار الواردة في أسئار ما يعلم طهارته من الحيوانات كالحمام والدجاجة وغيرهما لم يستثن فيها الا صورة وجود النجاسة على
جسم الحيوان والمناصب على تقدير إناطة الحكم بأصالة الطهارة استثناء صورة العلم بتنجس نفس الجسم الا ان يدعى ان العلم بوجود النجاسة يراد به ذلك
وكيف كان فالظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب في أن جسم الحيوانات لا يعامل معها معاملة غيرها من كفاية العلم بنجاستها في زمان في وجوب الاجتناب عنها
إلى أن يعلم طهارتها نعم هذا وجه محكى عن الشافعي ولعله كاف بضميمة ما تقدم من الاخبار ودعوى الاجماع واما صورة العلم بعدم المزيل الشرع
فهو مورد الخلاف الا ان أكثر من تعرض للمسألة عمم الحكم لها الا العلامة في النهاية حيث اشترط احتمال حصول المزيل الشرعي بورود الحيوان
على كر أو جار فيكون هذه المسألة مستثناه في الحقيقة عن مسألة اعتبار استصحاب النجاسة أو حكومة استصحابها على استصحاب طهارة
الملاقى والحاصل ان هذا الحكم مخلف لاحدى قواعد اقتضتها العمومات احديها قاعدة تنجيس النجاسات العينية لما يلاقيها حتى أجسام الحيوانات
الثانية عدم زوال نجاسة المتنجس ولو كان جسم حيوان بمجرد زوال عين النجاسة عنه الثالثة تنجيس المتنجس ولو كان جسم حيوان لما يلاقيه من
المياه وغيرها الرابعة ان النجاسة إذا ثبت في محل فهى مستصحبة الخامسة ان استصحاب نجاسة الشئ حاكم على استصحاب طهارة ملاقيه فلو بنى على اخراج
ما نحن فيه عن إحدى الثلاث الأول عم الحكم لصورة العلم بعدم ورود المزيل الشرعي ولو بنى على عمومها تعين اخراج ما نحن فيه من إحدى الأخيرتين
والمطابق لاطلاق اخبار الباب هو الأول فان الأخبار المذكورة إما مسوقة لبيان الطهارة الذاتية فلا دخل لها فيما نحن واما مسوقة
للطهارة الفعلية بملاحظة ملاقاة النجاسة الخارجية فلا وجه لتقييدها بصورة احتمال زوال نجاستها بمطهر شرعي ثم الأولى اخراج المقام
من القاعدة الثالثة لأصالة بقاء الأولين على عمومها ولا يرد ذلك في الثالثة لان مستندها راجع إلى الاستصحاب فيصلح اخبار الباب للورود
عليه بجعل زوال العين من جملة المطهرات فلا يلزم من ذلك طرح الاستصحاب كما لا يخفى مضافا إلى أن الاستصحاب في الحكم الشرعي محل كلام وإن كان
قد يقال إن الاستصحاب في مثل ذلك مما اتفق على اعتباره ويسمى مثله بعموم النص الا انه غير ثابت مضافا إلى أن التخصيص في القاعدتين الأولين
في غاية الندرة كما في الغسالة فلو انفعل لم ينفصل بما يمكن ان يدعى ان النجاسة إما ان يؤثر في المحل الرطب أو المايع أو يتأثر منه وليس في الشرع
غير ذلك وهذا بخلاف زوال النجاسة بزوال العين فإنه قد وجد اجماعا في بعض المواضع مثل تطهير الشمس والأرض والاستحالة وقد قال
السيد بطهارة كل جسم صقيل بزوال عين النجاسة مستدلا بان الغرض زوال العين وقد ذكر الشيخ في التهذيب والاستبصار انه إذا امضى على عظم
الميتة سنة لم يجب غسل الثوب منه ومعلوم ان المراد صورة رطوبة الثوب وهو وإن كان ضعيفا الا ان المقصود من ذكره الاستيباس وقد جزم
جماعة كالشهيدين والمحقق الثاني في الجعفرية وشارحيها وصاحب الموجز وشارحه على ما اخترناه حيث عدوا زوال العين من المطهرات في
الحيوان الا ان يقال إنه لا ثمرة يترتب على الحكم بنجاسة الحيوان بملاقات عين النجاسة لان اثار النجاسة ما دامت الغير مستندة إليها ومع
زوالها فالمفروض الطهارة فيقوى ان يكون مراد من حكم بالطهارة بزوال العين عدم انفعاله بالملاقات نظير حكمهم بطهر البواطن لكنه مدفوع
بان عدم ظهور الثمرة لا يقتضى رفع اليد عن القواعد فإذا اقتضت القاعدة العمل بالعموم في انفعال كل ملاقي للنجس وجب القول به وإذا دل الدليل
على عدم ترتب احكام النجاسة بعد زوال العين حكم بطهارة المحل بعد النجاسة بل بناء المحصلين لقواعد الاستدلال ارتكاب تقدير المعدوم
موجود أو الموجود معدوما إذا اقتضته القواعد مع أن الثمرة في بعض الموارد ربما يظهر المتأمل ومما ذكرنا يظهر ان الحكم في ظهر البواطن كذلك
كما هو ظاهر كلماتهم في عد زوال العين من المطهرات العشر في البواطن والحيوان غير الآدمي بقى الكلام في مستند الكراهة في سور الجلال واكل
الجيف ولعله لعدم كونهما مأمونين واتهامهما بعدم خلو موضع الملاقاة فيهما من عين النجاسة وهذا المناط مستفاد من فحوى صحيحة العيص من
61

النهى عن سؤر الحايض مطلقا والجنب التي لا يؤمن حيث قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن سؤر الحايض قال لا توضأ منه وتوضأ من سؤر
الجنب إذا كانت مأمونة وتغسل يدها قبل ان يدخل الاناء ولعل حكمة الاطلاق في الحايض استمرار النجاسة عليه أياما فيبعد خلو يدها عن
النجاسة لأنها تبدل الخرقة وتغيرها كثيرا الا إذا كانت متحفظة ورعة عن النجاسة بخلاف الجنب فان زمان تلوثها بالنجاسة يسير فالتحفظ عنها
لسهولته موجود أغلب الناس الا إذا كانت ممن لا تبالي وما في الصحيحة من اطلاق الحايض وموافق للمبسوط مخالف للمشهور فان المشهور تقييدها
إما بالمتهمة كما عن جماعة واما بغير المأمونة كالمصنف قده تبعا للآخرين ولعله للصحيحة المذكورة باسقاط لفظة لامن أولها كما في رواية التهذيب و
الاستبصار فيكون قوله إذا كانت مأمونة قيدا للجنب والحايض أو لتعارض الروايتين فالمتيقن كراهة المقيد لكن الأخبار المطلقة كثيرة مثل قوله (ع)
في رواية عنبسة اشرب من سؤر الحايض ولا تتوضأ منه ورواية أبى بصيرها يتوضأ من فضل وضوء الحايض قال لا وفى رواية أبى هلال المرأة
الطامث اشرب من فضل شربها ولا أحب ان توضأ منه وتقييدها بالمأمونة وان وردت في غير واحد من الاخبار مثل صحيحة رفاعة المروية في السرائر ان
سؤر الحايض لا باس به ان يتوضأ إذا كانت تغسل يديها وصحيحة علي بن يقطين عن الرجل يتوضأ بفضل الحايض قال إذا كانت مأمونة فلا باس الا انه
لا يتعين حمل الأخبار المطلقة لاحتمال المقيد للحمل على شدة الكراهة في محل القيد وخفتها في غيره لكن الانصاف ان ظاهر نفى الباس في المقيدات
بعد العلم بعدم الحرمة في غير المأمونة نفى الكراهة رأسا مع أنه لو تكافؤ الاحتمال ان يرجع إلى الأصل هذا كله بناء على أن غير المأمونة في العرف هي
المتهمة وان جعلناها أعم كما هو مقتضى اللغة لم يكن تعارض بين المطلق والمقيد ولا بين قول المبسوط وقول من عبر بغير المأمونة بناء على إرادة الفرد
المتعارف من مطلق الحائض وهو غير المتحفظ والورع عن النجاسات بحيث يظن ويوثق بطهارة يدها فحاصل مذهبهم كراهة سؤر الحايض من حيث هي
للظن النوعي بعدم طهارة يدها فهى متهمة نوعا الا ان يكون خصوص الشخص بحيث تؤمن من ذلك لشدة تورعها عن النجاسات لكن الانصاف ان المراد
بالمأمونة الفرد المتعارف وهي التي لا تتهم لقلة مبالاتها بالنجاسة ويؤيدها ما في رواية السرائر من قوله يغسل يديها بدل المأمونة فان مقابلها
من لا تغسل يديها وهي المتهمة وغسل اليد أمر متعارف عقيب تلوثها خصوصا بالقاذورات المستنفرة ومما ذكرنا يظهر ان ما في المدارك والذخيرة من أن
إناطة الكراهة بغير المأمونة أولي من اناطتها بالمتهمة لان النص يدل على انتفاء محل الكراهة إذا كانت مأمونة وهي أخص من كونها غير متهمة انتهى محل
نظر إما أولا فلاتحادهما عرفا واما ثانيا فلان انتفاء الكراهة منوط في رواية السرائر بغسل اليدين ومفهوم الكراهة مع عدم غسلهما وليس المراد
العلم بذلك الا كان سؤرها نجسا بل المراد كونها مظنة لترك الغسل وهي المتهمة كما أن المراد بالغسل في المنطوق كونها مظنة لذلك على ما هو المتعارف
ثم إن ظاهر الاخبار اختصاص الكراهة بالوضوء بل في بعضها مقابلة الشرب بالوضوء الظاهرة في نفى الكراهة لكن المحكي عن ظاهر الأكثر عدم الفرق بل
عن الوحيد البهبهاني ان الاقتصار على الوضوء لم يقل به فقيه والظاهر أن التعميم محل وفاق انتهى أقول لو ثبت الاجماع على التعميم أمكن حل أدلة
الفصل على تفاوت الكراهة ثم ظاهر إناطة الكراهة بالاتهام وعدم الامن تعدى الحكم إلى كل متهم لعدم التوقي من النجاسات كما هو المحكي عن ظاهر
الشيخين والحلى والمحقق وصريح البيان والروضة مضافا إلى ما يظهر من اخبار اخر من استحباب التنزه عمن لا يتنزه ورواية ابن أبي يعفور
عن الرجل أيتوضأ من فضل المرأة قال إذا كانت تعرف الوضوء بناء على أن الظاهر من الوضوء الاستنجاء أو إزالة مطلق الخبث مضافا إلى الامر بالاحتياط
في مظان النجاسة وأنكر هذا الحكم غير واحد من متأخري المتأخرين بل ذكر بعضهم انه مجرد استحسان لعدم المستند مع ما دل على كون الوضوء
من فضل جماعة المسلمين أحب إلى من الوضوء من ركو أبيض وفيه انه يكفي في المستند ما عرفت وكون الوضوء من سؤر المسلمين أحب من الوضوء من
الركو الأبيض في الرواية انما هو مع عدم النقص فيه من جهة من الجهات فيكون مزيته على الوضوء من الركو كونه أسهل وأيسر ومحل الكلام ثبوت
الكراهة من جهة الظن النوعي بنجاسة سؤر المتهم مع كون شخص الماء مشكوك الطهارة إما مع ظن نجاسة الماء فلا ينبغي التأمل في رجحان الترك
ويكره أيضا استعمال سؤر البغال والحمير مطلقا كما هو ظاهر العبارة أو خصوص الأهلية كما فسره جماعة منهم الكركي والميسي وصاحب المدارك مستدلين على
الحكم بكراهة لحمهما ومنع كاشف اللثام الكبرى ويمكن الاستدلال بمضمرة سماعة سئلته هل يشرب سؤر شئ من الدواب أو يتوضأ منه قال
إما الإبل والبقر فلا باس والنبوي كل شئ يجتر فسؤره حلال ولعابه حلال بناء على أن المراد بالحلية ما لا باس فيه أصلا والمرسلة كان يكره (ع)
سؤر كلما لا يؤكل لحمه بناء على إرادة الأعم مما لا يعتاد اكله أو لم يخلق للاكل كما يظهر هذا الاستعمال من بعض اخبار نجاسة بول الحمير والبغال
فتأمل وعمم جماعة الحكم للدواب كلها وفى غير واحد من الاخبار نفى الباس عن شرب سؤر الحمار والفرس والبغل لكن الظاهر ورود ذلك في مقابل
الكلب فيحمل على نفى الحرمة لا الكراهة وآخرون صرحوا بكراهة سؤر ما لا يؤكل لحمه ولعله لما مر من قوله كل ما اكل لحمه فلا باس بان يتوضأ من
سؤره ويشرب ويكره أيضا (سؤر الفارة) في المشهور على الظاهر بل قيل إنه المعروف من المذهب ففي حديث المناهي نهى رسول الله صلى الله عليه وآله
عن اكل سؤر الفارة لكنه لا يدل على حكم الماء من حيث الشرب والتوضئ ومن القريب ما عن باب تطهير الثياب من نهاية الشيخ ان الفارة كالكلب
62

إذا أصاب ثوبا برطوبة وجب غسل موضع الإصابة ونزل على الاستحباب المؤكد وقيل المعروف من المذهب كراهة سؤر (الحية) أيضا لرواية
أبي بصير عن حية دخلت حبا وخرجت منه قال إن وجد ماء غيره فليهرق وعن المدارك تبعا للمعتبر عدم الكراهة قال يكره أيضا استعمال (ما مات فيه الوزغ)
بل خرج منه حيا على ما رواه هارون بن حمزة الغنوي قال سئلته عن الفارة والعقرب وأشباه ذلك يقع في الماء ويخرج حيا هل يشرب من ذلك الماء
ويتوضأ قال يسكب منه ثلاث سكبات قليله وكثيره بمنزلة واحدة ثم يشرب منه ويتوضأ غير الوزغ فإنه لا ينتفع
بما يقع فيه وبمضمونها افتى في
النهاية وتعارض بالاخبار الخاصة مثل صحيحة علي بن جعفر والعامة فيما لا نفس له ويدل على حكم (العقرب) إذا مات رواية سماعة عن جرة وجد فيها
خنفسا قد مات قال القه وإن كان عقربا فارقه وتوضأ من ماء غيره وهو محمول الاستحباب لما دل على أنه (انما ينجس الماء بموت الحيوان ذي النفس)
(السايلة دون ما لا نفس له) كما سيجئ ذلك في باب النجاسات واعلم أنه قد تقدم قول الشيخ قده بان (مالا يدركه الطرف من الدم لا ينجس الماء)
مستدلا بصحيحه علي بن جعفر المتقدمة في ذيل مسألة الماء القليل وعرفت ضعف دلالتها وان الأقوى ما قيل من أنه ينجسه ولا أقل من أنه هو
الأحوط غالبا والمحكى عن الشيخ تعميم الحكم لمطلق النجاسات ولم يعلم له ماخذ ولا ان الشيخ يتعدى من دم الانف إلى غيره أو يقتصر على مورد الصحيحة و
احتملهما في الذكرى ولا انه يتعدى من الماء إلى كل جسم رطب كالثوب لم يقتصر على مورد النص لكن الشهيد قده في الذكرى نسب إليه التعدي إلى
الثوب ولعل الفرق بينه وبين التعدي من دم الانف مع أنه أظهر ان المنفعل في الجسم الرطب حقيقة هو الجزء المائي فعدم انفعال الماء يدل على عدم انفعاله
قال في فروع قول الشيخ لو طارت الذبابة عن النجاسة إلى الثوب أو الماء فعفو عند الشيخ واختاره المحقق في الفتاوى لعسر الاحتراز ولعدم
الجزم ببقائها لجفافها بالهواء وهو يتم في الثوب دون الماء انتهى أقول إما حكم الشيخ بالعفو فلم يعلم في الثوب وما ذكرناه من الفرق ضعيف واما
حكم المحقق قده بالعفو لعسر الاحتراز فلا يخلو عن تأمل واما عدم الجزم ببقائها لجفافها فيحتمل ان يكون المراد بالجفاف زوال عينها فيصير طاهرا
بزوال العين لا جفافها مع بقاء جرمها إذا الغالب مجرد رطوبة رجل الذبابة بالنجاسة لا لزوق جرمها به مع أن الشك فيه كاف نعم قد يقال إن أصالة
بقاء الرطوبة عند الشك فيه حاكمة على أصالة بقاء طهارة الماء لأن الشك فيها مسبب عن الشك في بقاء الرطوبة كما في وقوع الثوب المستصحب
الرطوبة على ارض نجسة ويمكن التخلص بان مجرد بقاء الرطوبة لا يترتب عليه تنجيس الا بواسطة مقدمة خارجية هي تأثر الملاقى به وصيرورته رطبا
بالسراية فالمنجس والحقيقة هو تأثر في النجاسة بها لاكتساب شئ من رطوبته لا مجرد ملاقاته لها وإن كان يعبر عن ذلك مسامحة بما ظاهره ان
المنجس هو مجرد الملاقاة وحينئذ فاثبات النجاسة باستصحاب الرطوبة لا يمكن الأبناء على القول باعتبار الأصول المثبتة
(الركن الثاني)
(في الطهارة المائية وهي وضوء غسل وفى الوضوء فصول الأول في الاحداث الموجبة للوضوء) والحدث هنا اسم مصدر أو مصدر وقد يطلق
مسامحة على العين كالبول والغايط وقد يطلق على الحالة الحاصلة عقيب ذلك فيقال ان الوضوء رافع للحدث والمراد بالموجب سبب الوجوب لا
فاعله لأنه الشارع والمراد الوجوب الشرعي ويحتمل إرادة اللغوي وهو الثبوت في الشريعة ولو على وجه الاستحباب فيكون مراد فالسبب وحصره
في الستة مبنى على إرادة ما يوجب خصوص الوضوء فيخرج ما أوجبه مع الغسل والمراد الموجب بالشأن فيدخل حدث المحدث وغير المميز وعلى كل
حال فاطلاق الموجب والسبب على الأمور المذكورة يدل على أن المكلف في نفسه لا يثبت عليه وضوء شرعا فلو فرض مكلف لم يحدث منه حدث
لم يجب عليه الوضوء جاز له الدخول في الصلاة لعدم كونه محدثا فالحدث أمر وجودي والطهارة عدمه عمن من شانه وجوده فيه ويدل عليه
أيضا تفسير الحدث بالحالة المانعة فيكون المنع عارضا للمكلف وقد يقال إن الطهارة أيضا وجودية طارية لنسبة إباحة الصلاة إليها فالمكلف
بنفسه لا تباح له الصلاة ولاطلاق الناقض على الاحداث والمنقوض ظاهر في الوجودي ولظاهر قوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا واطلاق
قوله (ع) إذا دخل الوقت وجب الصلاة والطهور ولحكمهم بان الشاك في المتأخر من الحدث والطهارة يجب عليه الوضوء والا لكان حكمه كالشاك في
المتأخر من الخبث والطهارة في بنائه على أصالة وقد فرع على هذا ان المكلف المخلوق دفعة كآدم (ع) مثلا لا يحكم عليه بالطهارة ولا بالحدث
فما كانت الطهارة شرطا فيه لم يجز بدونها وما كان الحدث مانعا منه جاز ويدفع الأول بان صدق المبيح بملاحظة مسبوقية بالحدث المانع و
لذا اكتفى بنية رفع الحدث عن قصد الاستباحة واما اطلاق الناقض فلا ظهور له في كون المنقوض وجوديا كما يشهد له شمول اخبار لا تنقض اليقين
للأمور الوجودية والعدمية مع أن الطهارة المنقوضة عدم مسبوق غالبا بالوجود فيشبه الموجود فتأمل واما الآية فالمراد منها باطباق المفسرين كما
حكى وبنص الإمام (ع) في غير واحد من الاخبار القيام من النوم فهى دليل على خلاف المطلوب مع أنها على تقرير الاطلاق معارضة بقوله تعالى وان
كنتم مرضى أو على سفرا وجاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فان ظاهره استناد وجوب التيمم الذي هو بدل
الوضوء إلى المجئ من الغائط لا إلى المكلف من حيث هو ودعوى ان ذلك لكون الغائط سببا لنقض الطهارة السابقة ورجوع المكلف بعده
إلى حالته الأصلية المقتضية للطهارة ليست بأولى من حمل اطلاق أية القيام على ما هو الغالب من كون القائم الغير المسبوق بالطهارة الذي هو
63

المراد من الآية مسبوقا بالحدث فوجوب الوضوء لأجل رفع تلك الحالة العرضية واما وجوب الطهور عند دخول الوقت فمسلم لكن الطهور لا يصدق
الا بالنسبة إلى المحدث ولا كلام في وجوبه عليه واما حكمهم بوجوب الوضوء على الشاك في المتأخر من الحدث والوضوء فلا يدل على المدعى لحكمهم فيما حكى
عنهم بوجوب الغسل على الشاك في المتأخر من الجناية والغسل مع أن أحدا لم يقل بكون غسل الجنابة باقتضاء الحالة الأصلية للمكلف فالوجه في
حكمهم هناك بوجوب الطهارة انه لما علم من الأدلة ان الحدث مانع فلابد من احراز العلم بعدمه ولو بحكم الأصل والأصل غير جار هناك لتعارض الأصلين
وهذا غير ما نحن فيه وهو انه إذا فرض العلم بعدم صدور الحدث من الشخص يجوز له الدخول في الصلاة وان لم يتوضأ واما ما ذكر من الفرغ فهو على
تقدير تسليم الأصل غير متوجه فإنه قد ورد لا صلاة الا بطهور وان الطواف بالبيت صلاة وقال تعالى لا يمسه
الا المطهرون فاشترك الغايات
الثلاث في اعتبار الطهارة فيها فما الذي تباح بدون الطهارة فالتحقيق ان الطهارة والحدث من قبيل الطهارة والخبث والموت والتذكية و
غيرهما من الأعادم المقابلة للملكات بل الطهارة والقذارة لغة أيضا كذلك ثم إنه يغير عن هذه الأمور بالنواقض فان أريد الناقض بالشأن و
أضيف الناقض إلى الطهارة الصغرى أو إلى الوضوء الموجب لها ولو شانا كان مساويا للسبب لدخول الحدث ممن لم يتطهر أصلا ومن المحدث وخروج الجنابة
وأخواتها ولا فائدة مهمة في تحقيق العنوان الجامع المانع لهذه الأمور وانما المهم التعرض لتفصيلها
وهي ستة ثلاثة منها خروج البول وما في حكمه
من البلل الخارج بعده مع عدم الاستبراء والغايط وهو معروف ومع الشك يرجع إلى الأصل والريح ولا اشكال ولا خلاف في ايجاب هذه للوضوء
إذا خرجت من الموضع المعتاد خروجه منه لأغلب افراد الانسان والاخبار به متواترة وظاهر اطلاق الاخبار ومعاقد الاجماع وأكثر العباير
وصريح بعض عدم اعتبار الاعتياد الشخصي في المعتاد النوعي وفى الحدائق نفى الخلاف فيه وعن شارح الدروس دعوى الاجماع عليه صريحا بل
عن الرياض حكايته عن الفاضلين لكن يمكن دعوى انصباب الاطلاقات في الكل على الغالب المتعارف من الاعتياد الشخصي اللهم الا ان لا يعتنى بهذه
الانصرافات ويتمسك في ذلك باطلاق الأخبار الدالة على النقض بما يخرج من الموضع الطبيعي وإن كان المعتاد غيره ويشكل ذلك على من يعتبر
الاعتياد الشخصي في غير الموضع الطبيعي حملا للإطلاقات الدالة على النقض بمطلق الثلاثة على المتعارف وتمسكا بما دل على اختصاص الناقض بما
يخرج من الطرفين اللذين أنعم الله بهما عليك فان دعوى الانصراف وأدلة الاختصاص موجودة فيما يخرج من الطبيعي مع عدم الاعتياد فالعمدة
إذا الاجماع وهو غير بعيد خصوصا بملاحظة انهم كما في المعتبر والتذكرة وغيرهما يدعون الاجماع أولا على الموضع الطبيعي ثم يذكرون غير
المعتاد فيذكرون فيه ما يذكرون من النقض وعدمه والتفصيل بين الخارج من المعتاد وغيره أو الخارج مما دون المعتاد وغيره وكان هذا
منشأ ما تقدم عن الرياض من الحكاية والمسألة لا يخلو عن الاشكال الا ان الذي يسهل الامر ان الأقوى عندنا كما سيجئ النقض مطلقا
ولو خرج الغايط (مما دون المعدة) من الموضع الغير الطبيعي (نقض) وان لم يصر مخرجه معتادا في (قول) الشيخ والقاضي والحلى والتذكرة وظاهر كل من
اطلق بالثلاثة بل صريح الحلى والتذكرة وظاهر المطلقين النقض بما يخرج مما فوق المعدة خلافا للشيخ والقاضي استناد إلى منع تسميته غايطا فلا خلاف
بينهم في النقض بمطلق الغائط من غير اعتبار الاعتياد لعموم قوله تعالى أو جاء أحد منكم من الغائط وقوله (ع) في رواية زكريا بن ادم انما
ينقض الوضوء ثلاث البول والغائط والريح وفى رواية أفضل بن شاذان لا ينقض الوضوء الا بول أو غايط أو ريح أو جنابة مضافا إلى ذيل رواية العلل
الآتية {و} لكن (الأشبه) عند المصنف انه (لا ينقض) وأجاب في المعتبر عن اطلاق الآية والروايات بانصرافها إلى المعتاد فيقيد به ثم ذلك بالاخبار
للقيدة مثل صحيحة زرارة قلت لأبي جعفر وأبى عبد الله (ع) ما ينقض الوضوء فقالا إما يخرج من طرفيك الأسفلين من الذكر والدبر من
الغائط والبول أو منى أو ريح والنوم حتى يذهب العقل وفى صحيحة أخرى لزرارة لا ينقض الوضوء الا ما خرج من طرفيك أو النوم وموثقه أديم بن
الحر سمع أبا عبد الله (ع) يقول ليس ينقض الوضوء الا ما خرج من طرفيك الأسفلين اللذين أنعم الله عليك بهما وفى صحيحة ابن بزيع عن أبي الحسن الرضا (ع)
في حديث طويل قال قال أبو جعفر (ع) لا ينقض الوضوء الا ما خرج من طرفيك اللذين جعل الله لك أو قال أنعم الله بهما عليك وغير ذلك من الاخبار
المقيدة وفى دعوى التقييد في الاطلاقات لأجل الانصراف أو التقييد بالمقيدات نظر إما الانصراف فلمنع اعتبار مثله والا لجرى فيما دل على
نجاسة البول والغائط ولوجب الاقتصار في النقض على الخارج من الموضع الطبيعي المعتاد نوعا وشخصا مع كون الخروج والخارج من جميع الجهات
على الوجه المتعارف الغالب والاقتصار بهذا النحو خلاف الاجماع ولو بنى على هذه الانصرافات لاختل جل القواعد المبتنية على الاطلاقات
بل كلها إذ ما من مطلق الأولى منصرف ولانس الذهن ببعض افرادها فلا ينبغي طرحها خصوصا في مقام اعطاء القاعدة الا إذا كانت بحيث
يعلم المتكلم جواز الاتكال على ذلك الانصراف في إرادة المقيد من المطلق وينسب من عمل باطلاقها على الغفلة عن طريق المحاورة وانى لنا
باثبات هذا في المقام واما دعوى تقييد الاطلاقات بالمقيدات فلا تبنائه على كون الصلة مناطا في الحكم وليس كذلك لان الموصول ليس للعموم للزوم
تخصيص الأكثر بل المراد به المعهود فيكون الصلة معرفا لذلك المعهود وموضحا له نظير الأسفلين بالنسبة إلى الطرفين فإنه موضح لا مقيد
64

ولا ريب ان هذه الثلاثة لا يخرج الا من طرفي المخاطب ودعوى ان الموصول وإن كان لعهد الجنس الا ان من المعلوم ان هذا النوع بنفسه ليس
ناقضا فالمراد خروجه من المخرج المتعارف نوعا أو شخصا كما أن المراد من حرمة الأعيان حرمة الفعل المتعارف المتعلق بها ومنه يظهر فساد قياس
ما نحن فيه على الحكم بنجاسة البول والغايط مدفوعة بان الظاهر في مثل ذلك الخروج واما كونه المخرج المتعارف فلا كما لا يخفى ثم إن الظاهر بمعونة
صدر بعض الروايات ان الحصر اضافي بالنسبة إلى غير هذه الأجناس الثلاثة لا غير الافراد الخارجة من غير المخرجين مثل صحيحة أبى نصر المروى
عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن القى والحجامة وكل دم سايل فقال ليس في هذا وضوء انما الوضوء عن طرفيك اللذين أنعم الله بهما عليك وأجاب
في التذكرة عن المقيدات بحملها على الأغلب وفيه انه لو بنى الامر مراعاة الغلبة في المقيدات وجب مراعاتها في المطلقات فيكفي في خروج غير المتعارف
فالأجود ما ذكرنا من أن الصلة موضح للمعهود وظهور إضافة الحصر بالنسبة إلى غير الثلاثة فلا دلالة فيه على نفى الحكم عن غير المعتاد ليعارض المطلقات فيقيدها ومما ذكرنا من عدم اعتبار التعارف وعدم قدح الانصراف في المطلقات
يظهر الوجه فيما ذكره المصنف قدس سره وجماعة بل حكى عليه الاجماع من غير واحد من أنه (لو اتفق
المخرج) قبلا أو دبرا (في غير الموضع المعتاد)
(نقض) واستدل عليه في المعتبر بأنه مما أنعم الله به وفيه ان ما دل على النقض بما يخرج من الطرفين اللذين أنعم الله بهما عليك مختص بطرفي المخاطب
ومن كان مثله من الافراد المتعارفة فلا يشمل غيره فلا مستند للحكم عدا الاطلاقات بعد تنزيل القيود المذكورة في المقيدات على الإشارة إلى الجنس
وموضحا للمعهود المراد من الموصول دون المفهوم الكلى الصادق على المخرج المتعارف وغيره {و} كذا الحكم (لو خرج الحدث من جرح) ولو في أول مرة
مع انسداد المخرج الطبيعي كما صرح به جماعة وعن المنتهى الاجماع عليه كما عن ظاهر المدارك واستدل عليه في المعتبر لصيرورته منعما به وفيه
ما عرفت من أنه ان بنى على ملاحظة الاختصاص بالمتعارف فلا معنى في عدم دخول مثل هذا الجرح في الطرفين اللذين أنعم الله بهما بل هو كما قيل
من النقمة لا من النعمة الا من حيث خرج الأذى منه يجرى ذلك مع عدم انسداد الطبيعي فالعمدة في الحكم هي المطلقات ولأجلها يتجه الحكم لو لم
ينسد الطبيعي بالنقض وخرج من غيره ثم صار معتاد أو انقطع إما مع الاعتياد فهو المعروف بل لم يحك الخلاف فيه الا عن شارح الدروس
وقواه في الرياض بناء على اختصاص المطلقات والمقيدات بالمخرج الطبيعي وعدم العبرة بالاعتياد الشخصي وانما التزم بالنقض مع انسداد
الطبيعي لمكان الاجماع والقطع بعدم ارتفاع الأثر عن الاحداث الثلاثة الصادرة عن هذا المكلف وفيه ما عرفت سابقا من عدم العبرة بهذا
الانصراف واما مع عدم الاعتياد فهو ظاهر اطلاق من تقدم على المحقق قده بل هو صريح بعضهم كالحلي والشيخ فيما تقدم من استناده في منع
النقض بما يخرج من فوق المعدة إلى منع تسمية غايط ولم يزد الحلى في رده على دعوى التسمية فعلم من ذلك أن الكبرى مسلمة بين الطرفين بل
عند الكل وممن اختار هذا القول من المتأخرين العلامة في التذكرة وهو الأقوى لما ذكرنا من اطلاقات الاخبار المعتضدة باطلاق فتاوى
القدماء ومعقد اجماع الغنية ويؤيده المروى عن فقه الرضا (ع) لا تغسل ثوبك الا مما يجب عليك في خروجه إعادة الوضوء في الحسن كالصحيح
عن علل الفضل عن أبي الحسن الرضا (ع) انما وجب الوضوء مما يخرج عن الطرفين خاصة ومن النوم دون ساير الأشياء لان الطرفين هما طريق
النجاسة وليس للانسان طريق يصيبه النجاسة من نفسه الا منهما فأمروا بالطهارة عندما يصيبه تلك النجاسة من أنفسهم وهذه الرواية
الشريفة وإن كانت مشتملة على فقرات ثلاث تصلح مستندا لأقوال ثلاثة (فالأولى) قوله (ع) انما وجب الوضوء بما يخرج من الطرفين خاصة إلى اخره
فإنه يصلح دليلا لما تقدم عن شارح الدروس (الثاني) قوله (ع) لان الطرفين هنا طريق النجاسة ولا طريق للانسان يصيبه النجاسة من نفسه
الا منها فان ظاهره انه لو كان له طريق اخر يصيبه النجاسة من نفسه منه كان الخارج منه أيضا ناقضا فيصلح دليلا لمن اعتبر في غير الطبيعي الاعتياد
أو انسداد الطبيعي كما هو المشهور بين المتأخرين واما بدون الاعتياد فلا يصدق الطريق على المخرج وقوله (ع) فأمروا بالوضوء عندما يصيبهم تلك
النجاسة من أنفسهم يصلح مستندا لما اخترناه الا ان الاظهر في الرواية هذه الأخير ولا يخفى طريق ارجاع الباقي ثم اعلم أن الكلام في
الريح من حيث المخرج اخويه نعم قد يشكل من جهة ان مطلق الهواء الخارج من منفذ يسمى ريحا فإذا خرج الهواء فان علم أنه ذلك الهواء
الذي يقال له الريح عند خروجه من مخرج المتعارف كان حكمه البول والغائط والا فلا ومن هنا يعلم حكم الريح الخارج من قبل المرأة فإنه
قد يدخله الهواء عند المجامعة أو غيرها فيخرج وله صوت فإذا احتبس فخرج بعد الغسل وفى أثنائه لم يوجب شيئا لكن في المعتبر والتذكرة وشرح الموجز ان
الريح الخارج من قبل المرأة ينقض لعلهم أرادوا ما يكون ريحا حقيقيا خرج من غير مخرجه وعن الحلى والمنتهى والشهيدين والمحقق الثاني وغيرهم
عدم النقض وحكى عن بعض نقض الريح الخارج عن ذكر الرجل والأقوى ما ذكرنا والرابع النوم مطلقا كما في الأخبار المتواترة وتقييده في كلام
المصنف وغيره لا يراد به تقسيمه إلى (الغالب على الحاستين) وغيره فان غيره لا يسمى نوما حقيقة وان اطلق عليه مسامحة ولذا قال (ع) في رواية زيد
الشحام لما قال له يوجب الخفقة والخفقتان قال ما أدرى ما الخفقة والخفقتان ان الله تعالى يقول إن الانسان على نفسه بصيرة كان علي (ع)
يقول من وجد طعم النوم قاعدا أو قائما وجب عليه الوضوء ولما كان مبادى النوم قد تشتبه بالنوم جعل الشارع لذلك معيارا وهي الغلبة على الحاستين
65

واعتبار الغلبة على السمع وإن كان يغنى عن البصر الا ان التعبير به في كلمات الأصحاب لرفع توهم كفاية الغلبة على البصر لاطلاق النوم عليه أحيانا
فهو مسوق لا لبيان اعتبارها حتى يغنى عنه اعتبار ما هو أخص منها فافهم ثم إن النوم اطلق في بعض الأخبار وقيد في صحيحة زرارة بنوم العين و
الاذن والقلب وفى موثقة ابن بكير بعدم سماع الصوت وفى صحيحة أخرى لزرارة وغيرها بذهاب العقل ومرجع الكل واحد لان الغلبة على السمع
يستلزم على البصر فالوجدان أو الغلبة على السمع يلازم الغلبة على القلب لقوله (ع) في صحيحة زرارة في مقام بيان النواقض والنوم حتى تذهب
العقل ثم قال وكل النوم يكره الا ان تسمع الصوت ثم إنه لا فرق في النقض بالنوم بين هيأت النائم من القيام والقعود والانفراج والاجتماع وحكى
عن الصدوق قده عدم لزوم الوضوء على من نام قاعدا بدون انفراج لرواية الحضرمي قال سئلت أبا عبد الله (ع) ينام الرجل وهو جالس قال (ع) كان
علي (ع) يقول إذا نام الرجل وهو جالس مجتمع فليس عليه وضوء وإذا نام مضطجعا فعليه الوضوء وأرسل الصدوق عن أبي الحسن (ع) انه سئل
عن الرجل قد وهو قاعد هل عليه وضوء قال لا وضوء عليه ما دام قاعدا إذا لم ينفرج وفى رواية ابن حمران انه سمع عبدا صالحا يقول من نام
وهو جالس لا يتعمد النوم فلا وضوء عليه وفى رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) هل ينقض وضوئه إذا نام وهو
جالس قال إذا كان في المسجد يوم الجمعة فلا وضوء عليه وذلك لأنه في حال الضرورة وهذه الروايات لعدم العامل بها حتى الصدوق لعدم العلم
بذلك الا من روايته بعض تلك الروايات مع روايته قبل ذلك للرواية المطلقة في النقض معارضة بأقوى منه مما صرح فيه بالتعميم لحالة
الجلوس أو ورد في خصوص النوم قاعدا مضافا إلى الاطلاقات فينبغي تأويلها بإرادة غير الغالب على السمع أو حلمها على التقية لان المحكي عن الشافعي عدم
نقض النوم قاعدا متمكنا مقعدته من الأرض لكن حمل رواية أبى جعفر الباقر (ع) على التقية من الشافعي بعيد جدا والامر هين (و) اعلم (ان في معنى)
(النوم كلما أزال العقل) أو غطاه من جنون أو سكر أو اغماء أو غير ذلك بلا خلاف ظاهر وعن التهذيب اجماع المسلمين عليه وفى المنتهى لا نعرف فيه
خلافا بين أهل العلم وفى المدارك اجماع أصحابنا وعن الخصال ان من دين الإمامية ان مذهب العقل ناقض وعن البحار ان أكثر الأصحاب نقلوا الاجماع
عليه وهذا يزيد على دعوى الاستفاضة وعن الكفاية نسبته إلى الأصحاب والتأمل في دليله وكان مراده مستند الجمعتين إذ ليس في الاخبار ما يدل على
ذلك الا من باب الإشارة والتلويح كما في الاخبار المشترطة في النوم اذهاب العقل واستدل عليه في المعتبر برواية معمر بن خلاد قال سئلت أبا الحسن
(ع) عن رجل به علة لا يقدر على الاضطجاع والوضوء يشتد عليه وهو قاعد مستند بالوسايد فربما أغفى عليه وهو قاعد على تلك الحال
قال يتوضأ قلت له ان يشتد عليه قال إذا خفى عليه الصوت فقد وجب عليه الوضوء بناء على أن قوله إذا خفى عليه الصوت ظاهر في علة خفاء الصوت
للوضوء من غير مدخلية خصوص الاغفاء الذي هو النوم كما في الصحاح وعن القاموس وفى هذا الاستدلال نظر لأن الظاهر علة خفاء الصوت على
النائم للوضوء وفرق بين ايجاب الوضوء على النائم لأجل خفاء الصوت وبين وجوبه عليه ان اخفى عليه الصوت نعم لو جعل الضمير المجرور رابعا إلى مطلق الانسان
كان للاستدلال وجه وليس كذلك نعم في هذه الرواية وكثير من روايات النوم اشعار بان الوجه في ناقضيته ذهاب العقل وفى المروى عن علل الفضل بعدما
تقدم من علة وجوب الوضوء مما يخرج من الطرفين قوله (ع) واما النوم فان النائم إذا غلب عليه النوم يفتح كل شئ منه واسترخ فكان أغلب الأشياء عليه
مما يخرج منه الريح فوجب فيه الوضوء لهذه العلة الخبر ولا ريب في جريان هذه العلة في كل مذهب للعقل وكيف كان ففي الاجماعات كفاية (والسادس الاستحاضة)
القليلة وهي الدم المعهود الذي لا يثقب الكرسف خلافا للمحكى عن العماني فلم يوجب به شيئا وربما يوهمه كلام من لم يذكرها في النواقض والإسكافي فأوجب
به غسلا في اليوم والليلة وعلى خلافها الأخبار المستفيضة وتفصيل احكامها يأتي انشاء الله تعالى واعلم أن مقتضى الحصر المستفاد من الأخبار المستفيضة
(انه لا ينقض الوضوء مذى) وهو كما في مرسلة ابن رباط ما يخرج عقيب الشهوة واليه يرجع ما عن غير واحد من أنه ما يخرج عقيب الملاعبة و
التقبيل ونحوهما وعن الهروي انه ارق ما يكون من النطفة عند الممازجة والتقبيل وعن ابن الأثير انه البلل اللزج الخارج عقيب ملاعبة النساء وعن
الشهيد الثاني انه ماء رقيق لزج يخرج عقيب الشهوة وفى الحدائق انه بسطه نظر بعض متأخري علمائنا فقال المذي ماء رقيق أصفر لزج خروجه بعد تفخيذ
وتقبيل وكيف كان فالمعروف من غير الإسكافي عدم النقض به مطلقا للأصل والأخبار المستفيضة الحاصرة للنواقض والاجماعات المنقولة والأخبار المستفيضة
الخاصة وفى بعضها ان سال من ذكرك شئ من مذى أو ودي وأنت في الصلاة فلا تقطع له الصلاة ولا تغسله ولا ينقض له الوضوء
ان بلغ عقبك وفى بعضها انه بمنزلة المخاط والبصاق والنخامة ولا فرق فيها بين كون المذي عقيب الشهوة أولا بل عرفت من أهل اللغة الاختصاص
بالشهوة كما في مرسلة ابن رباط المتقدمة وقد صرح فيها بأنه لا شئ فيه وفى مرسلة ابن أبي عمير عن غير واحد من أصحابنا انه ليس في المذي من الشهوة
ولامن الإنعاظ ولا من القبلة ولا من مس الفرج ولا من المضاجعة وضوء ولا غسل ولا يغسل منه الثوب والجسد وما عن الشيخ عن شيخه ابن محبوب
عن عمرو بن يزيد قال اغتسلت يوم الجمعة بالمدينة وتطيبت ولبست أثوابي فمرت بي وصيفة ففخذت بها وأمذيت وامنت هي فدخلني من ذلك ضيق
فسئلت عن ذلك أبا عبد الله (ع) فقال ليس عليك وضوء وعن الإسكافي التفصيل بين الخارج عن شهوة ولا منها لقوله (ع) لمن سئله عن المذي يخرج
66

من الرجل أجد لك فيه حدا ان خرج منك على شهوة فتوضأ وان خرج منك على غير ذلك فليس عليك وضوء وفى صحيحة ابن يقطين بعد السؤال
إن كان من شهوة نقض وخبر الكاهلي بعد السؤال ما كان منه من شهوة فتوضأ ولا يخفى ان حملها على الاستحباب متعين لكون بعض ما تقدم نصا
في عدم الوجوب كالاخبار الامرة بالوضوء من المذي ولولا عن شهوة ويمكن حمل الكل على التقية لكن التقية تؤذى بظهورها في الوجوب ولو
أريد فيها خلافه بالقراين المنفصلة فلا وجه لرفع اليد عن الحكم الاستحباب ولا ينقض الوضوء أيضا (وذي ولا ودي) بالدال المهملة وهو ماء يخرج عقيب
البول كما في مرسلة ابن رباط وزاد جماعة انه ماء ثخين ولا اشكال ولا خلاف في عدم النقض الا إذا علم خروج البول على وجه يعد بولا إما
لو استهلك اجزاء لطيفة منه في الودي قبل الخروج فلا حدث ولا خبث واما الوذي بالمعجمة ففي مرسلة ابن رباط انه يخرج من الأدواء وظاهر الأمراض
ولا ينقضه أيضا (دم ولو خرج من أحد السبيلين عدا الدماء الثلاثة التي) هي تنقض الوضوء ويوجب ما عدا الاستحاضة القليلة منها الغسل نعم في
رواية حسن بن علي سمعته يقول رأيت أبى عبد الله (ع) وقد رعف بعد ما توضأ دما سائلا فتوضأ وفى خبر عبيد بن زرارة قال سئلت أبى
عبد الله (ع) عن رجل اصابه دم سائل قال يتوضأ ويعيد قال وان لم يكن سايلا توضأ وبنى قال ويصنع ذلك بين الصفا والمروة الخبر وهما على
تقدير سلامة الدالة محمولان على استحباب ولا ينقضه (قيء ولا نخامة ولا تقليم ظفر ولا حلق شعر) بل في خبر زرارة عن أبي جعفر (ع) وقد سئلته
عن الرجل يقلم أظفاره ويجز شاربه ويأخذ من شعر لحيته ورأسه هل ينقض ذلك وضوئه قال يا زرارة كل هذه سنة والوضوء فريضة وليس شئ من
السنة ينقض الفريضة وان ذلك ليزيده تطهير أو في خبر أبي هلال قلت له (ع) أينقض القئ والرعاف ونتف الإبط الوضوء قال وما تصنع بهذا هذا
قول المغيرة بن سعد لعنه الله تعالى يجزيك من الرعاف والقيئ ان تغسل ولا تعيد الوضوء وقد تقدم حكم النخامة
وبداهة عدم نقضها في اخبار
المذي ولا ينقضه أيضا (مس ذكر ولا قبل ولا دبر منه) أو من غيره خلافا للمحكى عن الصدوق من النقض بمس الرجل باطن دبره أو إحليله أو فتحه وعن الإسكافي
النقض بمس ما انضم إليه الثقبتان ومن ظاهر الفرج من غيره لشهوة إذا كان محرما ومس باطن الفرجين محرما ومحللا وفى خبر عمار عن الرجل يتوضأ ثم
يمس باطن دبره قال نقض وضوئه وان مس باطن إحليله فعليه ان يعيد الوضوء وإن كان في الصلاة قطع الصلاة ويتوضأ ويعيد الصلاة وان فتح
إحليله أعاد الوضوء وأعاد الصلاة وفى خبر أبي بصير إذا قبل الرجل المرأة أو مس فرجها أعاد الوضوء ولا يخفى ما فيها من القصور من وجوه ولا ينطبق أيضا
(لمس امرأة ولا اكل ما مسته النار) بلا خلاف (ولا ما يخرج من السبيلين) لما عرفت من الاخبار الحاصرة (الا ان يخالطه شئ من النواقض) لما تقدم في تفصيل
النواقض وكذا لا ينقض الوضوء الارتداد عن ملة ولا عن فطرة مع قبول التوبة ومع عدمه فلا عبرة في النقض وعدمه لعدم قبول المشروط بالطهارة
منه ولو وقع بعد تمام الغسلات بطلا لامتناع المسح بالماء النجس وقبل تمامها بنى على ما فعل بعد التوبة بلا فصل يخل بالموالاة مع اتمام الوضوء
بماء طاهر ودعوى حبط ما سبق وصيرورته كالعدم على الاطلاق ممنوعة نعوذ بالله من شرور النفس والشيطان خصوصا ما يوبق الأديان و
يضعف الايمان
الثاني من الفصول المتعلقة بالوضوء (في أحكام الخلوة وهي ثلاثة الأول في كيفية التخلي ويجب فيه) كما في غيره من الأحوال
(ستر العورة) عن الناضر المحترم عدا الزوجة والمملوكة الخالية عن مانع الاستمتاع ويدل على وجوب الستر قوله تعالى قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم و
يحفظوا فروجهم فان أحد انحاء الحفظ من أن يطلع عليه خصوصا بمعونة تفسيره ذلك فيما أرسله الصدوق عن الصادق (ع) انه سئل عن قوله تعالى قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم و
قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم ويحفظوا فروجهم قال كل ما كان في كتاب الله من حفظ الفرج فهو من الزنا الا في هذا الموضع فإنه للحفظ من أن ينظر إليه
وما عن أمير المؤمنين (ع) في تفسيرها لا ينظر أحدكم إلى فرج أخيه المؤمن أو يمكنه من النظر إلى فرجه ثم قال قل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن ويحفظن
فروجهن أي ممن يلحقهن النظر وما ذكره الصدوق قده في باب جملة من مناهي النبي صلى الله عليه وآله قال إذا اغتسل أحدكم في فضاء من الأرض.
فليحاذر على عورته وما روى من أنه صلى الله عليه وآله قال يا علي إياك ودخول الحمام بغيره ميزر ملعون ملعون الناظر والمنظور إليه وقال لا يدخلن
أحدكم الحمام الا بمئز وفى صحيحة حريز لا ينظر الرجل إلى عورة أخيه وقد يستدل على وجوب الستر بان الكشف إعانة على النظر وفيه نظر وفى النبوي
المروى بطريق كالصحيح وفى مرسلة بن الحكم لا يدخل الحمام الا بمئزر وغض بصرك ونحوها رواية حمزة بن الحذاء من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا
يدخل الحمام الا بميزر ونحوها عن أبي جعفر (ع) نعم في صحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن عورة المؤمن على المؤمن حرام قال نعم
قلت عن سفله قال ليس حيث تذهب انما هو إذاعة سره وفى رواية حذيفة بن منصور قلت لأبي عبد الله (ع) شئ يقول الناس عورة المؤمن على المؤمن
حرام فقال ليس حيث يذهبون انما عورة المؤمن ان يزل زلة أو يتكلم بشئ يعاب عليه فيحفظ عليه ليعيره به يوما ما قيل ونحوهما رواية زيد
الشحام في معنى الحديث قال ليس ينكشف فترى منه شيئا انما هو ان يتزرى عليه أو يعيبه وظاهرهما حصر المراد من النبوي في ذلك لكن غايته عدم
دلالتهما على ما نحن فيه ويمكن حمله على أن المراد بالحضر في إذاعة الستر حصر المقصود المهم من الكلام في الافشاء فكأنه لكمال العناية به هو المعنى لا
غير واما الاطلاع على الأمور الظاهرة الذي تخيل الناس انه المعنى لا غير بل الاطلاع على العيوب الباطنة بالتجسس عنها الذي هو أشد من الأول فكلاهما
67

سهل في جنب الافشاء وبذلك يجمع بينهما وبين موثقة حنان قال دخلت انا وأبى وعمى وجدى حماما بالمدينة فإذا رجل دخل بيت المسلخ فقال
ممن القوم فقلنا من أهل العراق قال وأي العراق قلنا كوفيون قال مرحبا بكم يا أهل الكوفة أنتم الشعار دون الدثار ثم قال ما يمنعكم من الأزر فان
رسول الله صلى الله عليه وآله قال عورة المؤمن على المؤمن حرام إلى أن قال فسئلنا عن الرجل فإذا هو علي بن الحسين (ع) أقول وقد ورد
في غير واحد من الاخبار ما يظهر منه الكراهة منها المحكي في الفقيه عن النبي صلى الله عليه وآله انه كره دخول الحمام الا بميزر ونحوه نبوي
اخر وموثقة ابن أبي يعفور قال سئلت أبا عبد الله (ع) أيجرد الرجل عند صب الماء يرى عورته أو يصب عليه الماء ويرى عورة
الناس فقال كان أبى (ع) يكره ذلك من كل أحد وعن بعض متأخري المتأخرين انه لو لم يكن مخافة خلاف الاجماع لأمكن القول بكراهة
النظر دون التحريم جمعا كما يشير إليه ما رواه في الفقيه عن الصادق (ع) أنه قال أكره النظر إلى عورة المسلم فاما النظر إلى عورة من ليس
بمسلم مثل النظر إلى عورة الحمار فتسهل الجمع بين الروايات انتهى ولا يخفى ان الجمع بحمل الكراهة في هذا الخبر على التحريم أولي من وجوه ثم إن
ظاهر هذه الرواية اختصاص حرمة النظر بعورة المسلم كما جزم به المحدث العاملي فيما حكى عنه في كتاب البداية وهو أيضا ظاهر الصدوق ويدل
عليه أيضا حسنة بن أبي عمير عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال النظر إلى عورة من ليس بمسلم مثل النظر إلى عورة الحمار ويؤيدهما
اختصاص ما دل على المنع بعورة المسلم وعدم ما يدل على العموم عدا النبوي التقدم وفى إفادته للعموم كلام فضلا عن بقائه عليه مع الخبرين
المذكورين نعم العمدة في تأييد النبوي الشهرة وعدم نقل الخلاف فيه والا كان العمل بالخبرين قويا ثم المشهور ان العورة ثلاثة الدبر والقضيب و
البيضتان للأصل ومرسلة أبى يحيى الواسطي العورة عورتان القبل والدبر مستورا بالأليتين فإذا سترت القضيب والبيضتين فقد سترت
العورة وفى رواية محمد بن حكم ان الفخذ ليس من العورة وفى الفقيه حكاية عن الصادق (ع) انه كان يطلى عانته وما يليها ثم يلف ازاره
على طرف إحليله ويدعو قيم الحمام فيطلى ساير بدنه وعن القاضي انها من السرة إلى الركبة وعن الحلبي انه لا
يتم الا بستر نصف الساق و
يمكن استناد القاضي إلى عمومات النهى عن دخول الحمام الا بميزر ورواية قرب الإسناد إذا زوج الرجل أمته فلا ينظر إلى عورتها والعورة
ما بين السرة والكربة وفى خبر الأربعمائة عن الخصال انه ليس للرجل ان يكشف ثيابه عن فخذه ويجلس بين قوم والعمل على المشهور وهذه الروايات
فيما نحن فيه محمولة على الاستحباب ولذا قال في الغنية والوسيلة ان ما بين السرة والركبة عورة يستحب سترها ثم إن ظاهر جماعة ان العبرة في الحفظ
والنظر بلون البشرة ومرادهم به نفس لا خصوص اللون حتى يكفي في الستر سبغها بلون اخر بل المراد مقابل الحجم وانصراف أدلة منع الناظر والمنظور
إليه وحرمة الكشف إلى صورة التجرد ولعله لصدق الستر الواجب في قوله (ع) إذا سترت القضيب والأنثيين فقد سترت العورة فيكفي سترها بساتر
لطيف مع ظهور شكلها على ما علي عليه ويؤيده ما رواه الصدوق عن عبد الله المرافقي وقد تقدم في المسألة السابقة إلى قوله فيطلى ساير بدنه وفيه
فقال قوله له قيم الحمام يوما من الأيام ان الذي يكره ان أراه قد رايته فقال (ع) كلا ان النورة ستره ومرسلة جعد بن عمر عن بعض أصحابنا قال كان أبو جعفر
(ع) يقول من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام الا بميزر قال فدخلت ذات يوم من الأيام الحمام فتنور فلما أطبقت النورة على بدنه
القى الميزر فقال له مولى بابي أنت وأمي انك توصيت بالميزر ولزومه وقد ألقيته عن نفسك فقال إما علمت أن النورة قد أطبقت العورة خلافا
للمحكى عن المحقق الثاني وغيره من وجوب ستر الحجم ولعله لصدق النظر إلى العورة مع النظر إلى الحجم إذا لم يكن الحايل غليظا كما لو طلى العورة بنورة رقيقه
أو جعل القضيب في كيس رقيق يحكى حجمه كما هو ومنع الانصراف المذكور ويمكن حمل الروايتين على اطباق النورة الكثيرة للعورة خصوصا مع التصاق القضيب
بالبيضتين فيصير الجموع مع النورة كومة واحده لا يتميز حجم القضيب هذا إذا طلى القضيب حتى الحشفة لكنه غير متعارف فيشكل التمسك
بالروايتين واما الاكتفاء في تستر المرأة بدنها بستر البشرة فلعله لان المحرم عليه ابداء الزينة وليست الا البشرة فتأمل والمسألة محل
اشكال وإن كان ما عليه الأكثر لا يخلو عن قوة ثم إنه لا يعتبر في الناظر البلوغ لاطلاق أية الحفظ ورواية لعن المنظور إليه ومرفوعه سهل بن
زياد لا يدخل الرجل مع ابنه في الحمام فينظر إلى عورته ومرسلة محمد بن جعفر عن بعض رجاله عن أبي عبد الله (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله
لا يدخل مع ابنه الحمام فينظر إلى عورته وقال ليس للوالدين ان ينظرا إلى عورة الولد وليس للولد ان ينظر إلى عورة الوالد وقال لعن
رسول الله صلى الله عليه وآله الناظر والمنظور إليه في الحمام بلا ميزر ثم مقتضى وجوب الاقتصار على المتيقن من تقييد هذه المطلقات هو
غير الميزر ناظرا كان أو منظورا إليه فإنه بمنزلة البهائم ويدل عليه في الجملة جواز تغسيل المرأة ابن خمس سنين وتغسيل الرجل بنت خمس سنين ويظهر من
المعتبر في مسألة الغسل التوقف استناد إلى أصالة حرمة النظر فان أراد النظر إلى ما عدا الصورة فظاهر الاخبار جواز النظر إلى ذي الخمسة
سنين بل والى غير البالغ والبالغة وان أراد النظر إلى العورة فالظاهر أن معياره التميز مع أن حرمة النظر إلى العورة لا يوجب التوقف من
حيث عدم مماثلة الغاسل والمغسول واما المجنون فلا يلحق المميز وكذا السكران والظاهر أن معيار الاحترام في الناظر والمنظور إليه واحد
68

وهو بلوغ الانسان حدا يستنكف بحبلته عن النظر إلى سوأته ثم الحفظ الواجب يتحقق بعدم تعريض العورة للنظر بالكشف في موضوع لا يا من
عن وجود الناظر فيه أو تجدده واما النظر ففي كون حرمته كذلك فيحرم الوقوف من دون غض في موضع لا يا من وقوع نظره على المحرم أولا
وجهان من اطلاق الامر بغض البصر آية ورواية ومن ظهور إرادة غضه عن المحرم والأول أقوى والثاني أحوط (ويستحب ستر البدن كله) بقعوده
في مكان لا يراه الناس لقوله (ع) في مدح النبي صلى الله عليه وآله انه لم ير على بول ولا غايط وفى مدح لقمن على نبينا واله وعليه السلام انه لم يره
أحد على بول ولا غائط ولا اغتسال لشدة تستره وتحفظه وقوله (ع) من اتى الغايط فتستر أما ستر بدنه بعباء ونحوه كما يقتضيه مقابلة البدن
بالعورة في عبارة المصنف قده فلم أعثر على دليل استحبابه (ويحرم استقبال القبلة) عينا أو جهة واستدبارها بمقاديم بدنه ومنها أصل القضيب و
البيضتان فالمستلقى على القبلة مستقبل خصوصا إذا رفع ساقيه وبال أو تغوط أو مستدبر وكذا المضطجع الموجه إلى القبلة وبالجملة فالاستقبال
بالنسبة إلى الكل شئ واحد والاختلاف في هيئات المستقبل وما اختاره من الحرمة هو المشهور وفى الغنية كما عن الخلاف عليه الاجماع ويشهد
له ظواهر اخبار غير نقية السند أو الدلالة ومن ثم اختار بعض الكراهة والعمل على المشهور ثم إن في غير واحد من الاخبار حرمة استقبال القبلة ببول
ولا غايط وبمثله عبر جماعة وظاهره انه لو انحرف بعورته عن القبلة حين البول لم يضر الاستقبال بساير بدنه وأظهر من ذلك قول الشهيد في
الألفية ويجب ستر العورة والانحراف عن القبلة بها قبل ويظهر ذلك من التفتيح حيث حرم الاستقبال بالفرج دون الوجه والبدن فمن بال مستقبلا و
حرفت ذكره عنها لم يكن عليه باس أقول الظاهر أن هذا التفريع استنباط من الناضر في عبارة التفتيح والا فصرف طرف الذكر وعن القبلة لا يوجب
انحراف تمام الفرج عنها قال شارح الموجز في شرح قول أبى العباس قدس سره ويجتنب القبلة وعكسها عند الحاجة بفرجه إلى اخره وانما قال بفرجه
لم يقل بالبول لان المحرم هو الاستقبال بالفرج لا بالبول فلو استقبل بفرجه وميل إحليله إلى غير القبلة وبال كما يفعله بعض الجهال لم يجز إذ لا فرق بين
أصل الفرج وطرفه انتهى اللهم الا ان يدعى ان الظاهر من الاستقبال بالفرج جعل رأس الفرج مما يلي القبلة فالقضيب إذ انحرف رأسه عن القبلة لم يستقبل
به ولذا تكلم غير واحد في عبارة الشهيد في الألفية واستظهر بعضهم منها كفاية إمالة طرف القضيب لصدق الانحراف بها واخر فجعل باء التعدية متضمنا
لمعنى المصاحبة فمعنى سرت به أو ذهبت به أخذته معي في السير والذهاب ورده الأول بتصريح جماعة على عدم الفرق بن همزة التعدية وبائها ونقضه
اخر بقوله تعالى ذهب الله بنورهم لكن هذا كله مستغنى عنه بحمل العورة على مجموع القبل والدبر إذ الانسان لا تمكنه الانحراف بها الا بانحراف بدنه عن
القبلة نعم لو أريد خصوص العورة التي يتخلى خصوص العورة التي يتخلى منها أعني المخرجين فلا باس باستقبال البيضتين القبلة مع انحراف مخرج البول لأنه لم يستقبل القبلة
ببول صح ما ذكر من أن ترك الاستقبال بالعورة يتحقق بتحريفها خصوصا مع تصريح الأخبار باستقبال القبلة ببول أو غايط الا انها واردة مورد الغالب
من ملازمة الاستقبال بالبول الاستقبال بالبدن وندرة الانحراف بخصوص الفرج كما أنه يمكن دعوى ذلك في المطلقات منه الظاهرة في استقبال
نفس المتخلي بان المناط الاستقبال بخصوص العورة الا انه لما كان محققا في الغالب باستقبال الشخص وقع النهى عن الجلوس مستقبلا لئلا يقع
العورة إلى القبلة لكن هذا بعيد في اخبار الاستدبار فان الظاهر منها مرجوحته الاستدبار من حيث مخالفته لاحترام القبلة وخصوص العورة
لادخل لها في هذا المعنى لان البول على ظهر القبلة وكذا مواجهته بمقدم القضيب لا ينافي احترامها بخلاف جلوس الشخص مستدبرا لها لهذا الفعل
فقد يمكن ان يلاحظ فيه نوع من الإهانة وكيف كان والمشهور هو المتعين بل لم نجد من صرح بخلافه وان حكى عن مجمع الفوائد انه نسب ذلك
إلى توهم بعض وحكاه في الحدائق صريحا والأحوط الجمع بين الانحراف بتمام البدن والعورة معا فلا يدير العورة إلى طرف القبلة إذا كان غير مستقبل ببدنه ويستوى
(في ذلك الصحارى والأبنية) لاطلاق الاخبار وضعف ما استدل به للجواز في الأبنية كما سيجئ {و} حينئذ {يجب الانحراف} بالبدن أو العورة
{عن القبلة في موضع قد بنى على ذلك} ان أمكن والا لم يقعد في ذلك الموضع مع التمكن من غيره وعليه يحمل صحيحة ابن بزيع قال دخلت على أبى الحسن (ع)
وفى منزله كنيف مستقبل القبلة وسمعته يقول من بال حذاء القبلة ثم ذكر فانحرف عنها اجلا لا للقبلة وتعظيما لها لم يقم من مقعده ذلك حتى يغفر
له ورواه البرقي في المحاسن فإنه لو سلم ان بناء الكنيف كان بأمر الإمام (ع) وان المراد بالكنيف المقعدة دون بيت الخلاء لم يدل ذلك على جواز
القعود للتخلي على وضع البناء نعم في ذلك الرواية اشعار بكون الترك مستحبا لان المناسب في مقام بيان لطف الواجب ذكر العقاب المتوعد على
تركه مقتصرا عليه أو مع ذكر الثواب الموعود على فعله كما في الصلاة دون الاقتصار على ذكر الثواب المقر عند بيان المستحبات لكن هذا الاشعار لا يرفع به
اليد عن ظواهر الاخبار ثم إنه لو اشتبه القبلة وجب الفحص لثبوت النهى عن الاستقبال والاستدبار ولا يحصل الاجتناب عن النهى عنه الا بالفحص
فلو لم يحصل الا الظن ففي وجوب العمل به وجه لعدم استقلال العقل بالتخيير بين الجهات في مثله والالتزام بسقوط التكليف مخالف لاطلاق الأدلة
الا ان يدعى اختصاصها بصورة التمكن المفقود مع عدم العلم فتأمل ولو دار الامر بين الاستقبال والاستدبار ارتكب الثاني لأنه أهون ولو دار الامر
بين أحدهما وبين كشف العورة فالظاهر أهمية الستر ثم مقتضى الأصل الاقتصار في التحريم على حال التخلي فيجوز عند الاستبراء والاستنجاء لكن في
69

رواية عمار قال سئلته عن الرجل يريد ان يستنجى كيف يقعد قال عليه السلام كما يقعد للغايط ورد بعض الفحول دلالتها بعد الإغماض عن سندها
بان المراد من ذلك الرد على العامة حيث يقعدون للاستنجاء نحوا اخر من زيادة التفريح وادخال الا نمله أقول ادخال الأنملة لم يوجبه الا
محمد بن الحسن الشيباني وزيادة التفريح لم أعثر عليه مسندا إلى أحد من العامة وعلى تقديره فظاهر الرواية السؤال عن جميع الكيفيات التي يحب القعود
عليها فالجواب يدل على العموم فيشمل الاستقبال والاستدبار فتأمل والله العالم
{الثاني في الاستنجاء} وهو استفعال من النجو وما يخرج من البطن
أو الغايط كما في الصحاح وفيه استنجى أي مسح موضع النجو أو غسله وفيه عن الأصمعي استنجيت النخلة إذا التقطت رطبها واستنجيت الشجرة قطعته من
أصله وكان المسح مأخوذ من الاستعمال الأول والغسل من الثاني وشرعا كما في الذكرى إزالة البول والغايط الناقضين عن مخرجهما ويرد عليه إزالة
القذر المتعدى عن المخرج منهما وعمد الملازمة بين ناقضية الخبثين وصدق الاستنجاء على ازالتهما كما لا يخفى فالأولى فيه الرجوع إلى العرف وكانه قده
تصدى لبيان المعنى العرفي على وجه يدخل فيه بعض الافراد الخفية ولا خلاف في وجوب أصل الاستنجاء بمعنى اشتراطه في الصلاة لعموم ما دل على
وجوب إزالة النجاسة عن البدن وخصوصا الاخبار في المقام بل ظاهر بعضها اشترطه في الوضوء بمعنى إعادة الوضوء مع نسيان الاستنجاء من البول كما عن
الصدوق لكنه ضعيف ولا خلاف أيضا (في أنه يجب غسل مخرج البول بالماء) ولو كان مضافا على قول السيد قدس سره وإن كان ضعيف الأخبار العامة
والخاصة في عدم كفاية غيره ففي صحيحة زرارة ويجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار واما البول فلا بد من غسله بالماء وفى رواية يزيد بن معوية ولا يجزى من
البول الا الماء لكن الوجوب انما يثبت مع القدرة ويسقط لا معها كما في واجب وفى وجوب إزالة العين كما صرح به الشيخان وابن حمزه والحلبي و
المحقق والعلامة والشهيد وغيرهم بل الظاهر أنه المشهور وعدمه كما حكى عن ظاهر المتأخرين قولان يشهد لثانيهما الأصل وان الواجب هو التطهير لا جزء
له خارجا ولا ذهنا حتى يجرى فيه قاعدة وجوب الاتيان بالميسور وما أستطيع مع أن في جريانها في الأجزاء الغير الخارجية كلاما ويمكن ان يستدل
له باطلاق ما دل على أن حد الاستنجاء النقاء كما في حسنة ابن المغيرة الآتية بناء على عموم الاستنجاء فيه للبول وحصول النقاء بإزالة العين فقط ولذا
استدل به جماعة في كثير من مسائل الاستجمار الذي لا يشترط فيه ذهاب غير العين الامر تقييد الاطلاق في الغسل بالماء بإزالة الأثر مع
القدرة فيبقى صورة العجز داخلة في اطلاق كفاية النقاء لكن سيأتي ان الرواية غير شاملة للاستجمار وان عممها له جماعة وحمل النقاء على زوال الأثر
أولي من حمله على زوال العين وتقييده من الخارج بزوال الأثر الخروج الحد عن كونه حدا والتصرف في ظاهر التحديد بعيد مع أن الظاهر من النقاء
هو زوال الأثر لأنه بمعنى النظافة لغة واضعف من ذلك استدلال العلامة قده بخبر عبد الله بن بكير عن الرجل يبول ولا يكون عنده الماء فيمسح ذكره
بالحايط قال كل شئ يابس زكى لأن الظاهر كونه بمنزلة الزكي في عدم سراية النجاسة لا في حكم اخر من
احكام الطاهر ولا دليل على وجوب جعل البدن
النجس بحيث لا يسرى نجاسته نعم يجب التحفظ حتى لا ينجس به ثوبه أو موضع اخر من بدنه وقريب منه في الضعف ما تمسك به في الوسائل من خبر زرارة
ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) عن طهور المرأة في النفاس إذا طهرت وكانت لا تستطيع ان تستنجي بالماء انها ان استنجت أعقرت هل لها رخصة
ان تتوضأ من خارج وتنشفه بقطن أو خرقة قال نعم ينقى من داخل بقطن أو خرقة الخبر فان ظاهر الرواية غسل ظاهر الفرج وتنشيف داخله والداخل
لا يجب غسله الا ان يراد من الداخل ما يظهر عند قعودها للتخلي بحيث يجب غسله مع القدرة لكونه من الظاهر ويمكن الاستدلال عليه بعموم مثل قوله
تعالى والرجز فاهجر وقوله تعالى في الخمر وشبهه فاجتنبوه ونحو ذلك حيث دلت هذه على وجوب هجر النجاسات واجتنابها في الصلاة ونحوها وأقل
مراتب الهجر والاجتناب إزالة عينها وفى مثل هذه يجرى قاعدة الميسور لا يسقط بالمعسور ويمكن الاستدلال عليه أيضا بما دل على المنع عن الصلاة
في النجس فان العين ما دامت في البدن يصدق انه صلى في النجس لان كلمة في التلبس لا الظرفية نظير قوله (ع) كلما لا يؤكل في الصلاة في بوله وروثه
وكل شئ منه غير جائز وإذا زالت العين لم يصدق انه صلى في النجاسة نعم صلى مع نجاسة البدن ومناط هذا الاستدلال ان الصلاة في النجس عنوان
للمنع غير الصلاة بنجاسة البدن فإذا تعذر تحصيل الثاني لم يسقط الأول ويمكن منع ذلك ولو قلنا بعدم جواز حمل النجاسة في الصلاة كان وجوب
إزالة العين أوضح ولا ريب ان ما ذكره وأحوط في وجوب تخفيف حكم النجاسة كما إذا لم يقدر الا على غسل الثوب من البول مرة بل وكذا ازاله بعض
اجزائه دون الباقي وجهان واعلم أنه قد اختلف الاخبار
وكلمات الأصحاب (في أقل ما يجزى) من الماء في إزالة البول ففي رواية نشيط بن صالح عن أبي عبد الله
(ع) سئلته كم يجزى من الماء في الاستنجاء من البول قال مثلا ما على الحشفة من البلل وبه عبر في المقنعة والمبسوط وقبلهما الصدوق وبعدهما
جماعة ونسبه جماعة إلى المشهور والمراد من الحشفة مطلق المخرج المعتاد وان لم يكن طبيعيا بل وغير المعتاد أيضا والاستدلال به للمرتين مبنى على
إرادة التعدد من المثلين لأنه حكم إزالة مطلق البول والمراد من البلل هي الأجزاء اللطيفة المائية المعبر عنها عرفا بالرطوبة لا نفس الرطوبة كما ظنه
بعض فاعترض على من فسره بالرطوبة بأنها عرض لا يقدر به الماء وزعم ذلك وجها لوجوب رفع اليد عن ظاهر الرواية والانصاف ان سند الرواية
لا يخلو عن اعتبار وخصوصا مع انجبارها بالشهرة بحيث عبر الأصحاب بمتنها واما الرواية الأخرى لنشيط بن صالح عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله
70

(ع) قال يجزى من البول ان تغسله بمثله فهى ضعيفة سندا بالارسال ودلالة بعدم معلومية معارضتها للأولى الا على تقدير إرادة مثل المثلان
الكائن على المخرج ومن المعلوم عدم تحقق الغسل به ولذا ارتكب الشيخ قده البعيد في تأويله بارجاع الضمير إلى البول الخارج وكيف كان فرواية
المشهور لا قصور فيها من حيث السند والمعارض الا ان المراد بها لا يخلو عن التباس نظرا إلى أنه يحتمل فيه وجوه فالذي استظهر الشهيدان أو المحقق
الثاني والفاضل الميسي من الرواية ومن كلام من عبر من الأصحاب بمتنها هو الغسل مرتين قال في الذكرى واما البول فلا بد من غسله ويجزى مثلاه مع
الفصل للخبر ويمكن استظهار ذلك من العلامة حيث اختار في المنتهى مذهب أبي الصلاح من كفاية إزالة العين واحتج عليه بكفاية ذلك في الغايط نفى
البول بطريق أولي ثم ذكر رواية المثلين وتوقف فيها من جهة الراوي فان ظاهره ذكر الرواية في مقام المعارضة وربما نسب إلى المحقق أيضا في المعتبر حيث
أيد الرواية المذكورة بما دل على وجوب صب الماء مرتين لكنه قده ذكر تأييدا اخر ينافي ذلك وهو ان الغسل بالمثل لا يحصل معه اليقين بغلبة المطهر
على النجس وهو الظاهر من الصدوق في الفقيه ومحكى الهداية قال ويصب على إحليله من الماء مثل ما عليه من البول يصبه مرتين وهذا أدنى ما يجزى وهذا
الاحتمال في نفسه بعيد من جهة ان الغسل لا يحصل بمثل البلل حتى يكون المثلان بغسلتين الا ان يراد من البلل القطرة المختلفة غالبا بعد انقطاع
البول كما قيل مع أنها ساكته في مقام البيان عن ذكر تعدد الغسل ولا دليل عليه غيرها فان ما دل على صب الماء مرتين من البول ظاهر الاختصاص
بما إذا أصاب الجسد من الخارج ولأجل ذلك حملها جماعة من الأصحاب كما حكى على الغسلة الواحدة وجعلهما بيانا لأجل ما يتحقق به استيلاء الماء على النجس
فان الغسل والجريان وان لم يحصل بمثلي البلل الا ان اعتبار تضاعف البلل لا يبعد ان يجعل كناية عن الغلبة والاستيلاء وهو الذي يظهر مما ذكرنا
من المعتبر من تأييد الرواية بان اليقين بغلبة المطهر لا يحصل بالغسل بالمثل نعم ينافي ذلك تأييدها بروايات التعدد أيضا والتأويل يمكن في كليهما وربما
يستظهر من الشهيد في البيان حيث إنه قال ويجب غسل البول بالماء خاصة وأقل مثلاه مع زوال العين والاختلاف هنا في مجرد العبارة انتهى إذ
من الواضح ان ظاهر جماعة كفاية مجرد الغسل وتحقق الجريان فإذا فرض كون الاختلاف في مجرد العبارة تعين حمل المثلين على ما يتحقق به الجريان
إذ العكس بعيد ولذا جزم العلامة الطباطبائي بان مراد الشهيد ارجاع المثلين إلى كفاية المرة بإرادة ما يتحقق مع الغلبة نعم في جامع المقاصد ان ما في
البيان ليس بجيد لان الخلاف ليس في العبارة انتهى وربما ينسب استظهار هذا المعنى إلى كل من صرح بكفاية المرة المزيلة أو يظهر منه ذلك كالسيدين والشيخ
في الجمل والحلبي والقاضي والحلى وابن حمزة والعلامة في المختلف والمنتهى وفيه نظر لان القول بكفاية المرة لا يدل على استظهار ذلك من رواية المثلين
أو حملهما على الكفاية عن الغلبة فان صريح المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى جعل الرواية معارضة للفتوى بكفاية إزالة العين وكذلك ظاهر الحلى
في السراير حيث قال وأقل ما يجزى من الماء لغسله ما يكون جاريا ويسمى غسلا وقد روى أن أقل ذلك مثلا ما عليه من البول وان زاد على ذلك
كان أفضل فان ظاهره مقابلة الرواية لفتواه فتأمل نعم يمكن ان شهرة الرواية بين العلماء قديما وحديثا مع عدم الفتوى بالتعدد منهم يدل على
عدم فهمهم منا الا مطلق الغسل وهنا احتمل ثالث في الرواية وهو إرادة المثلين في تحقق الغسل مع كون الواجب غسلتين فالرواية متعرضه لأقل
ما يعتبر في كل غسلة وتعدد الغسلة يفهم من دليل اخر وربما يحتمل ذلك في عبارتي الفقيه والهداية فراجع وهو بعيد فيهما وفى غيرهما من النص
والفتوى وابعد منه ما احتمله بعض من كون التحديد بالمثلين تعبديا وعدم كفاية مطلق الغسل ولو حصل بالأقل من المثلين والانصاف ان الرواية
لا ينبغي طرحها من جهة السند ولا يستقيم ظاهرها الا بإرادة القطرة المتخلفة غالبا على الحشفة لا مجرد البلل للقطع بعدم تحقق الغسل المعتبر
اجماعا بمثليه ولا أربعة أمثاله ومثل تلك القطرة المتخلفة يحصل به أقل الغسل والجريان قطعا وحينئذ فحمل الرواية على التعبد بوجوب الزايد
عما يتحقق به أقل الغسل في غسلة واحدة من البعيد بحيث لا يبعد دعوى القطع بعدمه فتعين إرادة الغسلتين من المثلين كما فهمه من عرفت من
الأساطين ثم من البعيد ان يصرح الشهيد في البيان بان اختلاف بين العلماء في هذه المسألة بمجرد العبارة ويريد بذلك اتفاقهم في المعنى على كفاية
الغسلة الواحدة كما ادعاه بعض الأجلة على ما عرفت مع خرقه لهذا الاتفاق في الذكرى بالجزم بوجوب المرتين واطلاعه على تصريح الصدوق
بذلك أليس من جملة العبارات عبارته في الذكرى وعبارة الصدوق في الفقيه والهداية فكيف تنطبق على الغسلة الواحدة فلو عكس الامر و
ادعى ان مراده اتفاق الكل في المعنى على وجوب المرتين كان أقرب وإن كان مشتركا مع الأول في كونه في خير المنع لان الاختلاف بين العلماء في كفاية
المرة والمرتين مما لا ينبغي انكاره وكيف كان فاظهر الاحتمالات في الرواية إرادة المرتين ويؤيدها صحيحة البزنطي المروية في المستطرفات عن نوادره
قال سئلته عن البول يصيب الجسد قال صب عليه الماء مرتين فإنما هو ماء إما بناء على عموم موردها لما نحن فيه كما ادعاه بعض ويشهد له تأييد المحقق قده
رواية المثلين بها واما لان التعليل بكونه ماء يدل على أن العلة في ذلك نفس هذه النجاسة الخاصة أعني البول بين دون مدخلية الحل الملاقى له في
هذا الحكم الا ان يدعى رجوع التعليل إلى كفاية الصب في مقابل الحاجة إلى الدلك كما ينبى عنه مرسلة الكليني انه ماء وليس بوسخ وبالجملة فذكر العلة
في مقام تسهيل أمر البول وهو لا يصح علة لاعتبار المرتين فيه في مقام المرة لكن يدفع هذا ظهور اللفظ في كون العلة لمجموع الحكم وهو الصب
71

مرتين فيدل على أن كل نجس مائي لاقي محلا يكون تطهيره بالصب مرتين فيحمل على أن النجاسة في نفسها يحتاج إلى المرتين واكتفى هنا بالصب
لعدم الجرم له ومن هنا استدل بعضهم بفحواه على وجوب المرتين في غير البول من النجاسات فتأمل هذا كله مضاف إلى استصحاب النجاسة أو حكمها
عند من يسمى مثل هذا الاستصحاب بالتمسك بعموم الدليل إذ لا حاكم على هذا الأصل عدا بعض الاطلاقات الظاهرة الورود في مقام
البيان مثل قوله (ع) في موثقة يونس بن يعقوب أو صحيحة قلت لأبي عبد الله (ع) الوضوء الذي افترضه الله تعالى على العباد لمن جاء من
الغائط وبال قال يغسل ذكره ويذهب الغائط ثم يتوضأ مرتين مرتين ومرسلة نشيط بن صالح المتقدمة انه يجزى من البول ان يغسله بمثله
بناء على اخراج غير الاستنجاء منه بما دل على المرتين عند إصابة البول الجسد فيبقى نصا في الاستنجاء ويؤيدهما ما ذكره في المنتهى من فحوى كفاية
إزالة العين في الاستنجاء من الغائط اجماعا ويشهد لمنع الفحوى حكم جماعة في غير الاستنجاء بلزوم التعدد في البول وكفاية المرة في غيره والمرسلة
ضعيفة مخالفة للمشهور والمراد من المثل فيها مشتبه لعدم امكان إرادة مثل المغسول منه وهو البلل وإرادة مثل الخارج مع عدم تقدم ذكره في غاية
البعد وان ارتكبه الشيخ قده فلا ينهض مع ذلك لمعارضة رواية المثلين وعلى تقديرها فالواجب الرجوع بعد فرض التكافؤ إلى اطلاق الغسل في رواية
يونس بن يعقوب الا انه الاطمينان بورودها في مقام بيان الوضوء المفترض من الله بجميع تفاصيله ولذا لم يذكر كثير من واجبات الاستنجاء فلا يبعد ان
يكون واردا في مقام بيان الوضوء الواجب إزالة الخبث ورفع الحدث مع أن قوله ثم توضأ مرتين مرتين في بيان مقام الوضوء المفترض لا يخلو عن التباس
ومع ذلك فالأولى والأحوط الرجوع إلى الاستصحاب المذكور {و} يجب {غسل مخرج الغايط} مع تلوث ظاهره بالنجاسة لا مطلقا كما يوهمه بعض فروع المنتهى
{بالماء} عند تعينه عليه واختياره له {حتى يزول العين والأثر} كما في غير الاستنجاء لحسنة ابن المغيرة قلت هل للاستنجاء حد قال لا ينقى ماثمة وفى بعض
النسخ لا حتى ينقى ماثمة ولقوله (ع) فيما رواه في المعتبر عن الحسين بن أبي العلاء عن الثوب يصيبه البول قال اغسله مرتين الأولى للإزالة والثانية
للانقاء بحمل إزالة العين والانقاء على إزالة الأثر والرواية وإن كانت أجنبية عما نحن فيه الا ان فيها دلالة على تغاير إزالة العين للانقاء
فيظهر منها ان في المحل بعد إزالة العين شيئا يجب ازالته واصطلح عليه جماعة من الأصحاب تبعا للشيخ في المبسوط بالأثر واختلف في حقيقة بعد الاتفاق.
على وجوب ازالته بالغسل وعدم وجوبها عند الاستجمار فعن جماعة منهم الشهيد الثاني والفاضل الميسي انها اجزاء لطيفه عالقة بالمحل لا تزول
الا بالماء والحصر في مقابل الاستجمار على الوجه المتعارف إذ لا ريب في زوالها بالمايعات الأخر وبالاستجمار مع المبالغة الخارجة عن العادة و
مرجع ذلك إلى ما عن المحق الثاني انه ما يتخلل على المحل عند التنشيف والمسح وعن بعض انه اللون وكان مراده اللون الزايل بأدنى مبالغة في
المس وهو الذي حكى عن المنتهى والنهاية الجزم بوجوب ازالته والا فمطلق اللون لا يجب ازالته بالنص والاجماع وعن بعض انه الرطوبة المختلفة بعد
قلع الجرم ورود بأنه من العين وتوضيح الرد ان الرطوبة المجردة الموجودة بعد المسح بالأحجار يجب قلعها اجماعا وعند الغسل لا تتميز رطوبة
مجردة من الأثر النجاسة عن رطوبة الماء المستعمل في قلع الجرم الا ان يراد رطوبة حاصلة من ملاقاة ماء الغسل لاجزاء لطيفة من الجرم ممتازة عن
رطوبة نفس الماء وتبقى ناشفة عند قلع الجرم بغير الماء وعن بعض انها النجاسة الحكمية الباقية بعد إزالة العين فيكون إشارة إلى تعدد الغسل و
لعله استفاد ذلك من ذيل رواية ابن أبي العلاء المتقدمة المشعرة بان النظافة في نظر الشارع غير إزالة العين وهذا التفسير في غاية الضعف لأن النجاسة
الحكمية بعد زوال العين حكم شرعي وزوالها عبارة عن طهارة المحل شرعا فكيف يجعل في كلمات الأصحاب
حد الغسل مع أن التعدد في
الاستنجاء من الغايط منفى اجماعا على ما تقدم عن المنتهى فكيف يحمل عليه كلام من صرح بأنه لاحد للاستنجاء الا النقاء وفى كشف الغطاء ان
المراد بالأثر الأجزاء التي لا تحس والظاهر أنه أراد عدم الاحساس بالبصر للطافتها وان أحسن بها باللمس والا فمن أين يعلم بقائها وزوالها فيرجع إلى
التفسير الأول وهو أوضح التفاسير نعم يبقى الدليل على وجوب ازالتها فإن كان صدق الغايط عليها أو عدم صدق النقاء المحدد به الاستنجاء
في الرواية السابقة مع وجودها فيه امكان منع الامرين ان اللازم من الثاني عدم تحقق النقاء في الاستجمار مع اشتراط حصوله فيه اجماعا ومن
الأول كون اجزاء الغايط الموجودة المحسوسة ولو باللمس طاهرة لاتفاق أصحابنا ظاهرا كما ستعرف على طهارة المحل بعد الاستجمار وهو مخالف
للأدلة القطعية الدالة على نجاسة الغايط اللهم الا ان يمنع صدق الغايط عليها ويلتزم بوجوب ازالتها في الغسل لأدلة الغسل الظاهرة بعد ضم بعضها إلى بعض في اذهاب الأثر
والتنظيف العرفي وهو المراد بالنقاء في حسنة بن المغيرة ورواية ابن أبي العلاء المتقدمين ويؤيد ذلك أن الواجب في الاستنجاء هو اذهاب الغايط اجماعا
ونصا في موثقة يونس بن يعقوب المتقدمة فلو كان الأثر غايطا لزم مخالفة النص وكيف كان فلا اشكال في أنه (لا اعتبار بالرايحة) المجردة التي
من قبيل العرض الباقي في محل النجاسة واليد بلا خلاف لقوله (ع) في حسنة ابن المغيرة قلت ينقى ماثمة ويبقى الريح لا ينظر إليه نعم لو كان الرايحة
في الماء نجس ونجس محله والعفو عنه كما يوهمه المحكي عن الشهيد لاوجه له نعم لو شك في قيام الرايحة بالماء أو المحل بالطهارة ويحتمل استصحاب
النجاسة (وإذا تعدى الغايط المخرج) مخرج النجو كما في المبسوط والغنية وكتب الفاضلين والشهيد والمحقق الثاني أو حواشي الدبر كما فسره به الشهيد الثاني
72

وأبو العباس ونسبه في الحدائق الأصحاب أو الشرع كما في السرائر وهي بتحريك الراء حلقة الدبر (لو يجز) في تطهيره (الا الماء) اجماعا كما في التذكرة و
الغنية وفى المعتبر انه مذهب أهل العلم وعن الانتصار انه لا خلاف فيه ويكفى ذلك بعد الأصل لانجبار الخبر العامي المروى في المعتبر والمنتهى عن
الجمهور عن علي (ع) انكم كنتم تبعرون بعرا واليوم تثلطون ثلطا فاتبعوا الماء الاحجار وقوله (ع) يكفي أحدكم أحجار إذا لم يتجاوز محل العادة
والروايتان وان كانتا عاميتين الا ان استدلال الخاصة بها كاف في انتظامهما في تلك الأخبار خصوصا مع ما رواه الشيخ قده في العدة عن الصادق
(ع) إذا نزلت بكم حادثة لا تجدون حكمها فيما يروى وعنا فانظروا إلى ما رواه عن علي (ع) وبذلك كله يمكن تقييد ما سيجئ من اطلاق اخبار
الاستجمار والاستغناء عن دعوى انصراف تلك الاطلاقات إلى صورة عدم التعدي حتى يرد عليه مضافا إلى منع الانصراف ان اللازم من ذلك الاقتصار في الحكم
بطهارة ماء الاستنجاء أيضا على هذا المنصرف مع أن جماعة منهم كالشهيدين وغيرهما صرحوا بما يقتضيه اطلاق غيرهم أيضا من عدم الفرق هناك
بين صورتي التعدي وعدمه مستندين في ذلك إلى الاطلاق فلا يقال إن المستند هناك لعله الاجماع والانصراف بحاله فيؤخذ به هنا نعم لو بنى على
طرح الخبرين بناء على ما ذكره صاحب الحدائق من منع انجبار الاخبار العامية أو طعن في دلالتهما بان ظاهر الأولى الاستحباب ظاهر الثانية تجاوز
محل العادة وهو أزيد من المخرج الذي هو معقد الاجماع تعين القول بمقتضى اطلاق اخبار الاستجمار والحكم بكفاية الاحجار الا مع التفاحش
المخرج عن حد الاستنجاء الملتزم معه بنجاسة الماء كما قواه جماعة تبعا للمحقق الأردبيلي وشتان ما بينه وبين ما يظهر من بعض شراح الجعفرية حيث
فهم المخرج الحقيقي وجعل الحواشي هي المتعدى إليها لاعنها والقول المفصل في ذلك أن المتيقن من معاقد الاتفاقات ما في السرائر من اعتبار تعدى
الشرح الظاهر في التعدي عنه وهو أزيد من حواشي الدبر كما انها أزيد من المخرج فلا يضر وصول النجاسة إليه إذا كان ذلك بالخروج و
إما إذا اتفق ذلك بعده فلا دليل على الرخصة ولهذا استجود في المنتهى ما اشترطه الشافعي من عدم قيام المتخلي معللا بان النجاسة تنتقل من مكان
إلى مكان ولو شك في التعدي فالأصل عدمه واستصحاب النجاسة لا ينظر إليه لورود ذلك الأصل عليه فتأمل والا حوط الغسل ولو زال مقدار التعدي
بالماء لم يصر الباقي كغير المتعدى نعم (إذا لم يتعد) مجموع ما خرج (كان مخيرا بين الماء) مع إزالة العين والأثر به (و) بين الاحجار المزيلة المعين بلا خلاف فتوى
ونصا ففي صحيحة زرارة ويجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار وفى صحيحة الأخرى جرت السنة في اثر الغايط بثلاثة أحجار ان تمسح العجان ولا تغسله وفى
مرسلة بن عيسى جرت السنة في الاستنجاء بثلاث أحجار ويتبع بالماء وفى رواية يزيد بن معوية يجزى من الغايط المسح بالأحجار ولا يجزى من البول
الا الماء وفى موثقة زرارة عن أبي جعفر (ع) قال سئلته عن التمسح بالأحجار قال كان الحسين (ع) يتمسح بالأحجار وفى صحيحة زرارة كان الحسين بن
علي (ع) يستنجى بالكرسف ولا يغسل ومداومته (ع) على ترك الغسل مع أن (الماء أفضل) لما ورد في سبب نزول ان الله يحب التوابين ويحب
المتطهرين وان الناس كانوا يستنجون بالكرسف والأحجار ثم أحدث الوضوء وهو خلق كريم مع كون المناسب له (ع) الجمع بين الماء الاستجمار الذي هو (أكمل)
لبعض ما تقدم محمولة على بعض الوجوه المرجحة لترك هذا المستحب ثم ظاهر العبارة كغيرها استحباب الجمع مع التعدي ولا يكاد يظهر صريحا مما عثرنا
عليه من الاخبار ويمكن الاستدلال عليه بما تقدم من رواية الجمهور عن علي (ع) ويؤيده ان الظاهر أن الأنصاري الذي نزل فيه الآية المذكورة استنجى
بالماء بعد الاحجار مع لين بطنه الظاهر في التعدي لأنه لم يمكن ترك الاحجار المأمور بها في الاستنجاء قابل مع أنه يكفي في الاستنجاء فتوى الفقيه
فكيف فتوى الجمع الكثير (و) اعلم أن ظاهر الأخبار المتقدمة انه لا (يجزى أقل من ثلاثة أحجار) وان حصل النقاء بما دونه كما هو صريح المقنعة والسرائر وظاهر
المبسوط والكافي والمحكى عن المراسم وصريح الفاضلين والشهيدين وغيرهم بل عن جماعة انه المشهور في وشرح الجمل القاضي وعدد الاحجار عندنا ثلاثة
لا يقصر على أقل منها ويكفى لهم قبل ظاهر الأخبار المتقدمة الأصل لعدم اطلاق حاكم عليه في المقام عدا ما يتراءى من حسنة بن المغيرة المتقدمة قلت هل
للاستنجاء حد قال لا ينقى ماثمة أو حتى ينقى ماثمة كما في بعض النسخ قلت ينقى ماثمة ويبقى الريح قال الريح لا ينظر إليه وموثقة يونس بن يعقوب أو صحيحة
قلت لأبي عبد الله (ع) الوضوء الذي افترضه الله لمن جاء من الغايط أو بال قال يغسل ذكره ويذهب الغايط ويتوضأ مرتين مرتين وفى الأول
ان الظاهر كون مورد السؤال الاستنجاء بالماء لقلة وجوده بل استعماله في ذلك الأزمنة المتأخرة عن زمن الصحابة والتابعين ولان النقاء هنا
وإن كان لغة النظافة التي هي صفة المحل لكن استناده هنا إلى ما في المحل قرينة على إرادة الإزالة وعموم الموصول يقتضى ظهوره في زوال جميع ما في
المحل حتى الأثر الذي من الأجزاء وذلك لا يكون الا في الغسل بالماء ولان الظاهر أن الريح المسؤول عنه هو الباقي في المحل بشهادة وجودة
في اليد والا فلا يمكن استشمام المحل ولا يكون ذلك الا في الغسل إذ مع المسح لا يوجد في اليد شئ ولان المراد من النقاء إما زوال العين واما زوال
الأثر فعلى الأول لا يصح تحديد الاستنجاء به وعلى الثاني لا يصح تحديد الاستجمار به فتعين إرادة أحدهما وليس الا الاستنجاء بالماء إما للاتفاق
على ارادته وان اختلفوا في إرادة الأعم منه واما لان الإرادة خصوص الاستجمار من لفظ الاستنجاء في غاية الندرة واما لان وجود الريح في المحل
بعد الاستجمار لا يعلم الا من جهة العلم ببقاء الأجزاء اللطيفة وهي أولي بالسؤال عن انها تقدح في الطهارة أم لا من الريح وحينئذ فيكون السؤال
73

عن خصوص الريح قرينة على إرادة الغسل بالماء الذي لا يبقى معه في بعض الأوقات الا الريح بشهادة الريح الموجود في اليد وتوهم ان النقاء في كل
شئ نجسه فاسد لان النقاء الواقع حدا ليس المراد به الطهارة الشرعية كيف وقد جعل في هذا الخبر مدا لها بل المراد به معناه اللغوي أعني
النظافة المستعملة عرفا في زوال العين والأثر كما تقدم في رواية ابن أبي العلاء الواردة في غسل الثوب مرتين مرة للإزالة ومرة للنقاء واخرى في
الأعم من زوال الأثر الصادق مع زوال العين فقط لكن بشرط القرينة مثل نسبة إلى الحجر فقط كما في قول الفقهاء إذا لم ينق المخرج بثلاثة أحجار
وجب الزايد وقد عرفت ان شيئا من المعنين لا يلايم إرادة العموم من الاستنجاء هذا كله مضافا إلى معارضته بما دل على وجوب الثلاثة فيمكن حمل
الحسنة على نفى التحديد في الطرف الزايد على الثلاثة إذا لم ينق بها ويحال التحديد في طرف الناقص على ما هو الغالب من عدم النقاء بما دون الثلاثة
لكن الانصاف حينئذ ان حمل تلك الأخبار على الغالب من عدم النقاء بما دون الثلاثة أظهر فالعمدة ما عرفت من عدم عموم الرواية للاستجمار واما رواية
يونس بن يعقوب فمورد السؤال فيها الوضوء وهو ظاهر في التطهر بالماء كما يدل عليه الرواية المتقدمة سابقا من أن الناس كانوا يستنجون ثم أحدث
الوضوء وحينئذ فالمراد ذهاب الغايط بالماء وانما عبر فيه بالإذهاب وفى الذكرى بالغسل للاستهجان بذكر الدبر دون الذكر كما لا يخفى ان اللازم
في تطهير المخرج هو الا ذهاب عينا واثرا دون مجرد الغسل المجامع لبقاء الأثر أو للتوسع في العبارة وبالجملة فليس في العدول عن الغسل إلى الا ذهاب
ظهورا في إرادة الا ذهاب ولو بالاستجمار ولو بحجر واحد بحيث يزاحم ظهور لفظ الوضوء في إرادة التنظف بالماء مع أن المزاحمة كافية في سقوط
الاستدلال ويحتمل بعيد الإرادة الطهارة من الحدث بقرينة قوله لمن جاء من الغائط الظاهر في الفراغ عن الاستنجاء فيكون ذكر غسل الذكر
واذهابه تطفلا لكن لا يناسبه الجواب عن الوضوء المفترض بقوله ثم توضأ مرتين مرتين فان التعدد في الغسلات غير واجب اجماعا بل الخلاف في جوازه مع أن ذكر
الاستنجاء تطفلا يخرج الاطلاق عن قابلية الاستدلال لعدم سوق الكلام لبيان تفاصيله نظير قوله إذا فرغت من الاستنجاء فافعل كذا وإذا نسيت الاستنجاء
فأعد صلاتك في عدم جواز التمسك باطلاق لفظ الاستنجاء في هذا الكلام ومن ذلك يظهر فساد ما وقع من التمسك في المقام باطلاقات الاستنجاء بناء
على ما في الصحاح والقاموس من الإشارة إلى المعنى المعهود عرفا لهذا اللفظ وهو الغسل بالماء أو المسح مطلقا كما في الصحاح أو بالحجر كما عن القاموس
مع أن اللازم عليه ان يجعل المسح بغير الحجر خارجا عن مسمى الاستنجاء تبعا للقاموس وكذا غسل مخرج البول خارجا عنه لغة فيعلم من ذلك كله
ان لا اعتبار بمثل هذه الاطلاقات والتقييدات في كلام أهل اللغة المسوقة للإشارة إلى المعنى المعهود أو كلام الشارع أو الفقهاء المسوق
لذلك بل نزل تقييداتهم على ذكر الفرد الغالب من باب المثال واطلاقاتهم على الإشارة إلى المعنى المعهود المعلوم تفاصيله من مقام اخر ومما
ذكرنا ظهر ضعف القول بعدم التحديد بالثلاثة وكفاية ما يحصل به النقاء كما يحكى عن ظاهر جماعة ممن تقدم على المحقق كابن حمزة وابن زهرة
والقاضي وصريح جماعة ممن تأخر عنه كالعلامة في المختلف وصاحبي المدارك والذخيرة وغيرهما وحكاه في السرائر والتذكرة والروض عن المفيد
والموجود في المقنعة في باب التيمم قوله فإن كان حدثه من الغايط استبرأه بثلاثة أحجار طاهرة لم تستعمل في إزالة نجاسة قبل ذلك يأخذ منها
حجرا فيمسح بها مخرج النجو ثم يلقيه ويأخذ الحجر الثاني فيمسح به الموضع ويلقيه ويمسح بالثالث ولا يجوز له التطهير بحجر واحد انتهى واعلم أن ظاهر المعتبر و
المنتهى عدم الفرق بين الحجر وغيره في عدم الاكتفاء بالأقل من ثلاث مسحات ولولا ذلك أيضا لكفى الأصل في لزوم التعدد فيه بناء على أن المذكور في
الاخبار بلفظ الواحد كالكرسف والمدر والعود ونحو ذلك يراد به بيان الجنس وليس في مقام بيان المقدار الكافي نظير قولهم لا يجزى في البول الا الماء ثم إن
المناسب للقول المشهور ما تقدم من المفيد قده ووافقه المصنف قده بل عن المفاتيح وشرحها نسبة إلى المشهور من أنه (يجب امرار كل حجر على موضع النجاسة)
ليتحقق تكرار المسح المقصود من التثليث والا فلا فرق بين إزالة ما في موضع النجو بحجر واحد وبين توزيع الاحجار الثلاثة على اجزاء الموضع خصوصا
مع كون ما في كل جزء منه أزيد من مجموع ما على الموضع في الصورة الأولى لكن الانصاف ان هذه مناسبة اعتبارية لا يصح الركون إليها بل يجب متابعة
ظاهرا النص ولذا جوز كثير ممن قال بوجوب الثلاث جواز التوزيع استناد إلى اطلاق النص كما صرح بالحكم والمستند الشيخ والفاضلان والشهيدان
بل عن الذخيرة انه المعروف من مذهب الأصحاب وقد نبه في المعتبر بعد جمعه بين وجوب التثليث على ما
ذكرنا من الابهام والدفع بقوله قده لا يقال إذا
قسمت الاحجار على المحل جرت مجرى المسحة الواحدة لان المسحة الواحدة لا يتحقق معها التعدد وبالجملة فما اختاره المصنف هنا هو الأقوى للأصل
وعدم اطلاق بل الظاهر من اخبار التثليث بحكم الغلبة إرادة تكرار المسح على الموضع واما اطلاق النقاء في حسنة ابن المغيرة واذهاب الغايط في موثقة
يونس فقد عرفت حاله ويؤيده قوله (ع) فيما تقدم من صحيحة زرارة جرت السنة في اثر الغايط بثلاثة أحجار ان يمسح العجان فان العجان المراد
به هنا الدبر ظاهر في مجموعه ثم الظاهر لا كيفية في المسحات المتكررة نعم ذكر في التذكرة ان الأحوط ان يمسح بكل حجر مجموع الموضع بان يضع واحدا
على مقدم الصفحة اليمنى ويمسحها به إلى مؤخرها ويديره إلى الصفحة اليسرى فيمسحها من مؤخرها إلى مقدمها فيرجع إلى الموضع الذي بدا منه ويضع
الثاني على مقدم الصفحة اليسرى ويفعل به عكس ما ذكرنا ويسمح بالثالث الصفحتين والوسط انتهى ونحوه عن نهايته وعن الإسكافي انه جعل حجرا
74

للصفحتين وحجرا للمخرج (و) اعلم أن ظاهر خلوا الاخبار عن ذكر المبالغة في الاستجمار بما يزيد عن المعتاد هو انه يكفي مع إزالة العين دون الأثر لان
الأثر لا يزول الا بمبالغة تامة خارجة عن المتعارف وهو حرج ينافيه تشريع الاستجمار للرخصة والتسهيل وظاهر العبارة طهارة المحل كما هو صريح
الفاضلين والشهيدين والمحقق والثاني وظاهر المفيد فيما تقدم منه والمبسوط حيث ذكر انه لا باس بغسل المخرج بالمايع المضاف بعد استجمار وحكى عن صريح
النزهة لابن سعيد بل ظاهر الفاضلين انحصار الخلاف في الطهارة بعد الاجماع على العفو عن اثر النجاسة في الشافعي وأبي حنيفة مستدلين ببقاء اثر
النجاسة واستدل الفاضلان قدس سرهما على الطهارة بقول صلى الله عليه وآله لا تستنجوا بالعظم والروث فإنه لا يطهر ان وكانه في مقابل العامة والا
فالرواية غير ثابتة عندنا مضافا إلى معارضتها بظاهر قوله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين المفسر بالاستنجاء بالماء وكذا قوله فيه رجال
يحبون ان يتطهروا فان ظاهر الاطلاق عدم كون الاستجمار تطهير أصلا والأولى الاستدلال بظهور اخبار الباب في كون الاستجمار مطهرا
كالغسل أو قوله (ع) في صحيحة زرارة لا صلاة الا بطهور ويجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار بناء على أن المراد بالطهور الأعم مما يرفع الخبث وكيف
كان فإذا لم يتق المخرج عن العين بالثلاثة وجب الزائد حتى نقى بلا خلاف مضافا إلى الأصل بناء على انصراف الاطلاقات إلى الغالب من حصول
النقاء بها ويؤيده حسنة بن المغيرة بناء على تسليم ظهورها فيما يعم الاستجمار وحملها على نفى الحد في طرف الزيادة لمعارضة اخبار الثلاثة اعتبار الظاهرة
في أنه (لو نقى بدونها اكملها وجوبا) وفى انه (لا يكفي استعمال الحجر والواحد من ثلاث جهات) كما تقدم من ظاهر الفقيه وهو ظاهر المبسوط وجمل السيد والكافي و
السراير والمصنف والشهيد الثاني وجماعة لظاهر تلك الأخبار المؤيد بتقييد الاحجار بالابكار في بعض تلك الأخبار بناء على أن المراد بتعدد
الاحجار في المطلقات وإن كان تعدد المسحات الا ان المراد بالبكر الحجر الغير المنفعل بهذا الاستنجاء فيشترط في المسحة الثانية كونه بحجر غير مستعمل في هذا
الاستنجاء هذا كله مضافا إلى الأصل وعدم الاطلاق عدا ما عرفت مما عرفت حاله خلافا للعلامة وجماعة ممن تأخر عنه مستندين إلى اطلاق النقاء واذهاب
الغايط في الروايتين السابقتين بعد دعوى ظهور اخبار الثلاث في تثليث المسحات بل قطع به في المختلف وجعله من الواضحات حيث قال أي عاقل يفرق بين
كونه متصلا ومنفصلا ويشهد له انه يلزم من الاقتصار على ظاهر الاخبار عدم جواز غير الحجر وهو خلاف الاتفاق لكن في الاطلاقات ما عرفت
واما اخبار التثليث فهى مشتملة على خصوصيات ولا يلزم من التعدي عن بعضها لأجل تنقيح المناط بنص أو اجماع قولي أو عملي التعدي عن الباقي بل مدار
الاستنباط من النصوص الخاصة في كل باب من أبواب الفقه بل كل مسألة على الغاء بعض الخصوصيات والاقتصار على بعضها والاجماع هنا منتف لمكان
الخلاف بل اشتهاره كما عن بعض الأساطين وان ادعى في الروض اشتهار الخلاف وكانه بين المتأخرين بقى دعوى القطع بالغاء خصوصية التعدد كما
تقدم عن المختلف والعهدة على مدعيه فان القطع مع كون الخلاف معروفا في المسألة بعيد الحصول واما التعدي عن الاحجار كل جسم طاهر قالع للنجاسة
فهو المشهور بل عليه في الغنية كما عن الخلاف دعوى الاجماع ويشهد له جعل الأصحاب كلا المنع عن الاستنجاء بالعظم والروث والمحترم من قبيل
الاستثناء ويؤيده تعليل المنع في بعض الأخبار بما هو كالمانع ففي رواية ليث المرادي سئلته عن استنجاء الرجل بالعظم والبعر والعود فقال إما العظم
والروث فطعام الجن وذلك مما اشترطوا على رسول الله صلى الله عليه وآله فان السكوت عن حكم العود وتعليل المنع يما يخص العظم والروث
مشعر بوجود المقتضى في الكل ووجود المانع في طعام الجن مع أن الاستنجاء بالمدر والخزف والكرسف منصوص في روايتي زرارة والعود في رواية
ليث المتقدمة وقد يتمسك في ذلك تبعا للمبسوط والمعتبر باطلاق النقاء واذهاب الغايط في الروايتين المتقدمتين ومن المعلوم ان الاطلاق فيها ليس
مسوقا لبيان ما به الاستنجاء بل لو سلم لها اطلاق فإنما هو بالنسبة إلى مقدار المسح كما يشعر به لفظ الحد وكلمة حتى في بعض نسخ الرواية اعلم أنه يشترط فيما
يستنجى به أمور (أحدها) ما أشار المصنف قده إليه بقوله (ولا يستعمل الحجر المستعمل) سواء انفعل أم لا كالثاني والثالث المستعمل بعد النقاء كما يقتضيه اطلاق
اطلاق جماعة منهم المفيد قده فيما تقدم من عبارته التي جمع فيها بين اشتراط الطهارة وان لا يكون مستعملا في إزالة نجاسة ومنهم ابن حمزة
في الوسيلة حيث جعل من التروك الواجبة استعمال الحجر المستعمل والحجر النجس وحينئذ فلا يجدى التطهير في المنفعل لان غاية الأمر صيرورته كغير المنفعل
ولعله لظاهر الابكار في المرسلة المتقدمة المعتضدة بالأصل لكن عن المصابيح انه لو طهر المتنجس بالاستنجاء أو غيره جاز استعماله اجماعا ويقرب هذه
الدعوى اكتفاء ابن زهرة في معقد اجماعه عن هذا الشرط باشتراط الطهارة وهو أيضا ظاهر المبسوط فإنه وان اشترط أو لا عدم الاستعمال الا انه اطلق فيما
بعد أن الحجر المتنجس إذا طهر جاز استعماله ولا يبعد حمل كلام الأولين على ما قبل إزالة النجاسة ولذا جاز لغيره استعماله وصرح المحقق الذي ذكر في شانه
انه لسان القدماء في المعتبر بان مرادنا بالمنع من الحجر المستعمل الاستنجاء بموضع النجاسة منه إما لو كسر واستعمل المحل الطاهر منه جاز وكذا لو أزيلت النجاسة
عنه بغسل أو غيره وتبعه في هذا التصريح جل من تأخر عنه كالعلامة والشهيدين في اللمعة وشرحها والمحقق الثاني وابن فهد وغيرهم وما ادعاه في
المصابيح من الاجماع قريب جدا فيعم الابكار في الرواية لما رجع إلى طهارته السابقة فان ما أزيل تلوثه كغير الملوث ابتداء وان أبيت الا عن ظهوره
في غير المستعمل رأسا بينا الا ضعف الرواية وعدم صلوحها لتقييد المطلقات فليحمل على ما ذكرنا ولو على جهة التأويل أو على الاستحباب هذا
75

كله بالنسبة إلى ما تلوث من الاحجار واما المستعمل منها بعد النقاء تعبدا فالظاهر جواز استعمال غيره له بناء على أن العبرة بالطهارة لا البكارة كما
صرح به في التذكرة وهو ظاهر المحقق والشهيد الأولين وصريح الثانيين وكذا استعمال هذا الشخص له في غير هذا التطهير كما صرح به في المقاصد
العلية وبنى جوازه في هذا التطهير على وجوب التعدد في الماسح وهو كذلك أيضا بالنسبة إلى الحجر المتنجس الذي أزيل نجاسته أيضا واعلم أنه لا
فرق بين المتنجس بالاستجمار به والمتنجس بغيره في عدم الجواز الا بعد إزالة النجاسة والظاهر عدم الخلاف فيه مضافا إلى الأصل بناء على ما تقدم
من عدم الاطلاق ويستفاد من فحوى ذلك أنه لا يجوز استعمال (الأعيان النجسة) وعن التذكرة والتحرير والغنية الاجماع عليه ولو قلنا باكتساب
النجاسة خارجية اتضح وجه المنع لان ما في المحل يتنجس حينئذ ومن هنا قيل إنه لا بد بعد ذلك من الغسل بالماء إما لو تنجس المحل به فلا اشكال
في لزوم ولا يجوز الاستجمار بالعظم والروث الطاهرين اتفاقا على الظاهر المصرح به في المعتبر والمنتهى وفى الغنية والروض كما عن جماعة دعوى
الاجماع عليه مضاف إلى الأخبار الواردة في المسألة نعم يظهر من العلامة في التذكرة التردد ولعله لعدم ظهور لا يصلح في رواية ليث المتقدمة في
التحريم بل يحتمل الحكم التكليفي أعني الكراهة والفساد وهو لازم التحريم نعم عن الدعايم من أنهم عليهم السلام نهوا عن الاستنجاء بالعظام والبعر وكل طعام
وعن مجالس الصدوق ان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن الاستنجاء بالروث والرمة يعنى العظم البالي ويمكن دعوى انجبار ضعفهما بالشهرة لكن
في الفقيه ولا يجوز الاستنجاء بالعظم والروث لان وفد الجان جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا متعنا يا رسول الله صلى الله عليه وآله
فأعطاهم الروث والعظم فلذلك لا ينبغي ان يستنجى وظاهر ذيله يعارض صدوره عن الخلاف روى سلمان ان رسول الله صلى الله عليه وآله
أمرنا ان نستنجي بما ليس فيها رجيع ولا عظم ولعل الاتفاقات المستفيضة يصلح لجبر السند بل الدلالة في هذه الأخبار بل هي حجة بالاستقلال ثم إن
معقد الاجماعات المتقدمة وأكثر الاخبار الروث دون مطلق الرجيع أو البعر فينبغي الاقتصار عليه لكن الانصاف انه لا يبعد دعوى إرادة العموم
لان السؤال في رواية ليث المتقدمة عن البعر فذكر الروث في الجواب يدل على أن المراد به مطلق الرجيع وتخيل ان عدو له (ع) عن مورد السؤال
إلى الروث دليل على الاختصاص انما يحسن لو كان البعر عاما للروث إما إذا كان ظاهره عرفا مغاير للروث فهو دليل على إرادة العموم من الروث كما لا
يخفى الا ان يقال إن الامر دائر بين إرادة التعميم من البعر وبين ارادته من الروث فيسقط الاستدلال فافهم ويشهد للتعميم الاستدلال في المنتهى
بقوله صلى الله عليه وآله من استنجى بعظم أو رجع فهو برئ من محمد صلى الله عليه وآله (و) لا يجوز الاستنجاء (بالمطعوم) أيضا اجماعا على ما عن صريح الغنية
وظاهر المنتهى لفحوى تعليل الحكم في العظم والروث بأنها طعام الجن وبذلك كله يمكن دعوى انجبار ما عن دعائم الاسلام نهوا (ع)
عن الاستنجاء بالعظم والبعر وكل طعام فان اخبار هذا الكتاب من المراسيل القابلة للانجبار عن البحار بعد نقل هذا الكتاب وأحوال مصنفه
ان اخبار هذا الكتاب يصلح للتأييد والتأكيد وأنكر صاحب الحدائق على هذا الكتاب ويفهم من الحكم في المطعوم تحريم استنجاء كل محترم يلزم من الاستنجاء
به هتك حرمته وان فهم يلزم ذلك من مطلق تنجيسه فان للاستنجاء خصوصية في الأذهان ولا يجزى استعمال صقيل يزلق عن النجاسة ولا يزيلها ولو
(استعمل ذلك لم يطهر) لعدم قلعه للنجاسة بخلاف الأجسام السابقة فان تحريم استعمالها لا يدل على فساده وفاقا لجماعة بل عن شرح الموجز
دعوى الشهرة عليه وخلافا الآخرين وعن الغنية الاجماع عليه ولو كان مستند التعدي عن الأجسام المنصوصة إلى غيرها الاجماع كان المتعين هو
الحكم بالفساد للأصل وعدم الدليل فتأمل
(الثالث في سنن الخلوة وهي مندوبات ومكروهات فالمندوبات) أمور (منها) ستر البدن بان يبعد عن الناس
أو يدخل بيتا أو حفيرة (ومنها) ارتياد موضع مناسب للبول فإنه من فقه الرجل كما في الروايات (ومنها) تغطية الرأس اتفاقا كما عن المعتبر والذكرى و
غيرها ويكفى مثل ذلك في الاستحباب نعم في مرسلة البرقي في كان الصادق (ع) إذا دخل الخلاء يقنع رأسه وأرسله في الفقيه أيضا وعن الفقيه أيضا
ينبغي للرجل إذا دخل الخلاء ان يغطى رأسه اقرارا بأنه غير مبرئ نفسه من العيوب انتهى وعن المفيد قدس سره وليغط رأسه إن كان مكشوفا ليأمن
بذلك من عبث الشيطان ومن وصول الرايحة الخبيثة إلى دماغه وهو سنة من سنن النبي صلى الله عليه وآله وفيه اظهار الحياء من الله لكثرة نعمه
على العبد وقلة الشكر منه انتهى وفى بعض الروايات التستر عن الناس ولو بالبعيد أو دخول بيت (ومنها التسمية) عند الدخول والخروج لرواية
معاوية بن عمار إذا دخلت المخرج فقل بسم الله وبالله اللهم إني أعوذ بك من الخبيث المخبث الرجس النجس الشيطان الرجيم وإذا خرجت فقل بسم الله
وبالله والحمد لله الذي عافاني من الخبيث المخبث وأماط عنى الأذى وفى مرفوعة سعد بن عبد الله إلى الصادق (ع) من أكثر عليه السهو فليقل
إذا دخل المخرج بسم الله وبالله أعوذ بالله من الرجس النجس الخبيث الشطان الرجيم ومنها تقدم الرجل اليسرى عند الدخول واليمنى
عند الخروج عكس المسجد قال في المعتبر لم أجد لهذا حجة غير أن ما ذكره الشيخ وجماعة من الأصحاب حسن وذكر جماعة ان المدار في الصحراء على موضع
الجلوس ويحتمل اختصاص الحكم في كلام من ذكره بالبينات بقرينة الدخول والخروج ومنها التسمية عند التكشف
للبول وغيره فان الشيطان
يغض بصره عنه كما في الرواية ومنها الاعتماد على الرجل اليسرى وفتح اليمنى ومنها الاستبراء من البول على المشهور وعن الغنية والوسيلة الوجوب
76

وهو ظاهر الاستبصار وهو ضعيف لعدم الدليل ولظاهر الصحيحة إذا انقطعت دورة البول وصب الماء وفى كيفية الاستبراء خلاف أحوطه
ما سيذكره المصنف في باب الجنابة من أنه المسحات التسع وأصح ما ورد فيه صحيحة ابن مسلم قال قلت لأبي جعفر (ع) رجل بال ولم يكن معه ماء
قال يعصر أصل ذكره إلى طرفه ثلاث عصرات وينتره فان خرج بعد ذلك شئ فليس من البول وانما هو من الحبايل والنتر على ما في النهاية جذب فيه
حفوة وقوة وربما استظهر من الصحيحة ان المتنجس لا ينجس وعن التذكرة والدروس ذكر التنحنح ثلاثا بعد المسحات وظاهر الأكثر اختصاص الاستبراء
بالرجل كما هو مورد الاخبار وقيل بثبوته للأنثى وانها تستبرئ عرضا وعن المنتهى ان الرجل والمرأة سواء ومنها تعجيل الاستنجاء ومنها ان لا
ينقطع الاستجمار الاعلى وتر ومنها الدعاء بالمأثور عند الاستنجاء بما رواه عبد الرحمن بن كثير في حكاية وضوء أمير المؤمنين (ع)
قال ثم استنجى وقال اللهم حصن فرجى واعفه واستر عورتي وحرمني على النار وما أرسله الصدوق عن النبي صلى الله عليه وآله انه إذا استوى
جالسا للوضوء قال اللهم اذهب عنى القذى والأذى واجعلني من المتطهرين وعند الفراغ بما رواه أبو بصير عن أحدهما (ع) إذا فرغت فقل
الحمد لله الذي عافاني من البلاء وأماط عنى الأذى ومنها البدئة في الاستنجاء بالمقعدة لموثقة عمار (و) منها (تقديم اليمنى عند الخروج) وقد
تقدم التسامح في ماخذه (والدعاء بعده) يقول أمير المؤمنين (ع) الحمد لله الذي رزقني لذته وابقى قوته في جسدي واجري عنى اذاه يا لها
نعمة يقوله ثلاثا وأرسل عن النبي صلى الله عليه وآله انه إذا دخل الخلاء يقول الحمد لله الحافظ المؤدى وإذا خرج مسح بطنه وقال الحمد لله الذي
أخرج عنى اذاه وابقى قوته فيالها من نعمة لا يقدر القادرون قدرها والمراد بالحافظ الموذي معطى قوتي الماسكة والدافعة
(واما المكروهات)
فهى أيضا أمور (منها الجلوس في الشوارع) فعن الخصال بسند معتبر عن أمير المؤمنين (ع) في جملة حديث قال ولا تبنى على المحجة ولا تتغوط عليها وصحيحة
عاصم بن حميد عن أبي عبد الله (ع) قال قال رجل لعلي بن الحسين (ع) أين يتوضأ الغرباء ببلدكم قال تتقى شطوط الأنهار والطرق النافذة
وتحت الأشجار المثمرة ومواضع اللعن قيل له وأي موضع اللعن قال أبواب الدور ومنه يستفاد كراهة الجلوس في المشارع وتحت الأشجار المثمرة
وفى بعض الروايات عبر بمساقط الثمار وفى النبوي برواية السكوني تحت شجرة فيها ثمرتها وظاهره الاختصاص بما فيه الثمرة بالفعل وهو أخص
من الأولين نعم في المحكي عن العلل عن الباقر (ع) ان لله عز وجل ملائكة موكلين بنبات الأرض من شجر ونخل فليس من شجرة ونخلة الا ومعها من
الله عز وجل ملك يحفظها وما كان فيها ولولا أن فيها من يمنعها لاكلها السباع وهوام الأرض إذا كان فيهما ثمرهما وانما نهى رسول الله
صلى الله عليه وآله ان يضرب خلائه تحت شجرة أو نخلة ق أثمرت لمكان الملائكة الموكلين بهما ولذلك تكون الشجرة والنخلة نساء إذا كان فيه حمله لان الملائكة
تحضره الا ان الجمع بين الكل لا مانع منه فلا وجه للتقييد مع ضعف المقيد واعلم أن (مواطن النزال) وشبهها يمكن ان يستفاد حكمه (من مواضع اللعن) المنصوص
عليه في تلك الصحيحة بناء على أن تفسيرها فيه بأبواب الدور تمثيل لها كما يظهر عن جماعة مضافا إلى التصريح به في مرفوعة الكافي عن مولينا أبى الحسن (ع)
وهو غلام صغير لأبي حنيفة حين سئله عن انه أين يضع الغريب ببلدكم اجتنب أفنية المساجد وشطوط الأنهار ومساقط الثمار ومنازل النزال
ولا تستقبل القبلة ببول ولا غائط وارفع ثوبك وضع حيث شئت ومنها التخلي على القبور ومنها استقبال الشمس والقمر المرسل لا تستقبل الشمس
ولا القمر وظاهره الاستقبال بمقاديم البدن الا ان في رواية السكوني نهى رسول الله صلى الله عليه وآله ان يستقبل الرجل الشمس والقمر بفرجه
وعليه فلو انحرف عن القبلة ببدنه ومال طرف إحليله مقابلا للنيرين كان مكروها ولو عكس فالظاهرة أيضا ثبوت الكراهة أيضا لان أصل الذكر باق
على الاستقبال وقد تقدم في استقبال القبلة عبارة الموجز وستر وجهه فصدق الاستقبال بالفرج مع أن المدبر حينئذ أيضا مستقبل لهما الا ان
يخص الحكم بمخرج البول ثم الاستقبال وان صدق على مجرد مقابلة الجهة الا ان الظاهر إرادة استقبال جرم النيرين من غير حايل كما يدل عليه حسنة
الكاهلي عن أبي عبد الله (ع) أنه قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يبولن أحدكم وفرجه باد للشمس والقمر يستقبل وفى حديث المناهي نهى ان
يبول الرجل وفرجه باد للشمس أو القمر وما عدا الأول من الاخبار مختص بالبول وظاهرا الأكثر كالمصنف قده التعميم وفى مرسلة الفقيه لا تستقبل
الهلال ولا تستدبره وعن نهاية العلامة التصريح بعدم كراهة الاستدبار (ومنها) استقبال الريح بالبول لرواية عبد الحميد المسؤول فيها عن
حد الغايط لا تستقبل الريح ولا تستدبرها وصريحها شمول الاستدبار وعدم الاختصاص بالبول بل الاختصاص بالغايط الا إذا أريد من
الغايط المسؤول عن حده ما أريد من قوله جاء أحد منكم من الغايط وكان وجه الكراهة عند من خصه بالاستقبال والبول ما عن الخصال بسنده
عن أمير المؤمنين (ع) إذا بال أحدكم فلا تستقبل ببوله الريح وان الاستقبال مظنة رد البول إليه فيكون مستفاد من وجه كراهة البول
في الأرض الصلبة المنصوص عليه في رواية ابن مسكان عن الصادق (ع) قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله أشد الناس توقيا للبول حتى أنه
كان إذا أراد البول عمد إلى مكان مرتفع من الأرض أو مكان يكون فيه التراب الكثير كراهة ان ينتضح عليه وفى رواية السكوني من فقه الرجل ان يرتاد
موضعا لبوله وظاهر الرواية ارتفاع الكراهة بعلو مكان الرجل عن مصب البول بل بكل علاج يؤمن معه رد البول ويكره البول أيضا في ثقوب
77

الحيوان وفى الماء جاريا وأشد منه كراهة إذا كان واقفا وعليه يحمل رواية عنبسة عن البول في الماء قال لا
باس إذا كان جاريا وصحيحة ابن
مسلم لا باس بان يبول الرجل في الماء الجاري وكره ان يبول في الراكد بقرينة مرسلة مسمع نهى رسول الله صلى الله عليه وآله ان يبول الرجل في الماء
الجاري وقال إن للماء أهلا وعن الخصال بسنده عن أمير المؤمنين (ع) لا يبولن الرجل من سطح في الهواء ولا يبولن في ماء جار فان فعل شيئا من ذلك
فأصابه شئ فلا يلو من الا نفسه فان الماء أهلا وللهواء أهلا وفى مرسلة الفقيه ان البول في الماء الراكد يوجب النسيان ومورد الاخبار كعبارة المصنف
البول الا ان التعليل بان الماء أهلا ربما يعم الحكم للغايط بالفحوى ولعله منشأ الحاق الأصحاب كما حكى عنهم عموما ومنها البول قائما ومنها مس الذكر باليمين
عند البول ومنها البول مطمحا به في الهواء أو يكره الأكل والشرب حال الكون في بيت الخلاء واستدل عليه بما أرسله في الفقيه عن أبي جعفر (ع)
قال دخل (ع) الخلاء فوجد لقملة خبر في القذر فغسلها ودفعها إلى مملوك معه فقال يكون معك لاكلها إذا خرجت فلما خرج (ع)
قال للمملوك أين اللقمة فقال اكلتها يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله فقال إنها ما استقرب في جوف أحد الا وجبت له الجنة فأنت حر وانا أكره ان
استخدم رجلا من أهل الجنة وعن العيون رواية هذه القصة بثلاثة أسانيد عن الرضا (ع) عن ابائه عن الحسين بن علي (ع) ولعل القصة
اتفقت منهما (ع) ثم الرواية على تقدير دلالة تأخير الاكل فيها على أن المانع عن المبادرة وتعجيل ادراك هذه المثوبة هو كراهة الاكل في بيت الخلاء
وكونه (ع) في أثناء التخلي بحيث لا يمكن الخروج والاكل ثم العود وكراهة استصحاب الخبر معه حتى يخرج مختصة بالخبر ولعل لخصوصية مدخلا في
كراهة الاكل فلا يتعدى إلى كل مأكول فضلا عن الشرب الا ان فتوى الأصحاب بل بعضهم يكفي في الكراهة لكن يشكل مع علم المستند وظهور عدم
دلالته (ومنها السواك) المضمرة التهذيب المرسلة في الفقيه ان السواك في الخلاء يوجب البخر (و) منها (الاستنجاء باليمين) لنهى النبي صلى الله عليه وآله
عنه في مرسلة يونس وفى رواية السكوني ان الاستنجاء باليمين من الجفاء قال الصدوق وروى أنه لا باس إذا كانت اليسرى معتلة (و) منها الاستنجاء
من الغايط أو البول إذا لم يكن بالصب (باليسار وفيها خاتم عليه اسم الله) لرواية أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال قال أمير المؤمنين (ع)
من نقش خاتمه اسم الله فليحوله من اليد التي يستنجى بها في التوضي ورواية الصيرفي قلت لأبي الحسن الرضا (ع) الرجل يستنجى وخاتمه في إصبعه و
نقشه لا إله إلا الله فقال أكره ذلك له فقلت جعلت فداك أو ليس رسول الله صلى الله عليه وآله وكل واحد من ابائك عليهم السلام يفعل ذلك
وخاتمه في إصبعه قال بلى ولكن أولئك كانوا يتختمون في اليد اليمنى فاتقوا الله وانظروا لأنفسكم وفى رواية وهب بن وهب عن أبي عبد الله (ع)
قال كان نقش خاتم أبى العزة لله وكان في يساره ويستنجى بها لكن وهب عامي خبيث بل من اكذب البرية مع امكان حملها كما قيل وان بعد على نزعه
عند الاستنجاء ثم الظاهر أن الكراهة انما هي مع الامن من التلويث والا فهو حرام ثم ظاهر خبر الصيرفي عدم كراهة استصحاب الخاتم المذكور لاطباق
النبي والأئمة صلى الله عليه وآله على المداومة عليه الا ان في غير واحد من الاخبار كراهة استصحابه ولو مستورا غير مستعمل في موضعه كرواية
أبان بن عثمان عن أبي القاسم قلت لأبي عبد الله (ع) الرجل يريد الخلاء وعليه خاتم فيه اسم الله تعالى فقال ما أحب ذلك قلت فيكون اسم محمد
قال لا باس بل ظاهر بعضها الحرمة كرواية أبى أيوب قلت لأبي عبد الله (ع) ادخل الخلاء وفى يدي خاتم فيه اسم الله تعالى قال لا ولا تجامع فيه وعن قرب الإسناد
بسنده عن علي بن جعفر (ع) عن أخيه (ع) قال سئلته الرجل يجامع ويدخل الكنيف وعليه الخاتم فيه ذكر الله أو شئ من القران أيصلح
ذلك قال لا ورواية عمار لا يمس الجنب درهما ولا دينارا عليه اسم الله تعالى ولا يستنجى وعليه خاتم فيه اسم الله تعالى ولا يجامع وهو عليه ولا يدخل
المخرج وهو عليه ولعله لذلك عبر الصدوق في الفقيه بقوله قده ولا يجوز للرجل ان يدخل الخلاء ومعه خاتم عليه اسم الله أو مصحف فيه القران
لكن قوله بعد ذلك فان دخل عليه خاتم عليه اسم الله تعالى فليحوله من يده اليسرى إذا أراد الاستنجاء ظاهر في الكراهة وكيف كان فيشكل الجمع
بين هذه الأخبار وبين الخبر المتقدم ولا يحضرني الان وجه جمع ظاهر وعلى أي حال فظاهر الاخبار اختصاص الكراهة بكون الخاتم في اليد
فلا يظهر من الاخبار كراهة مطلق الاستصحاب كما عبره في الفقيه وتبعه غيره بل ظاهرها كراهة كونه في محله ثم إنه نسب إلى المشهور الحاق اسم
الأنبياء والأئمة صلوات الله عليهم باسم الله وهو حسن من حيث الاعتبار الا انه لا دليل عليه من النص بل رواية أبى القاسم المتقدمة ظاهرة
في نفى الكراهة وحملها على ما إذا كتب الاسم لا بقصد النبي صلى الله عليه وآله بعيد (ومنها الكلام) ففي رواية صفوان نهى رسول الله صلى الله عليه وآله
ان يجيب الرجل الأخر وهو على الغايط أو يكلمه حتى يفرغ وبظاهر النهى عبر الصدوق فقال لا يجوز الكلام في الخلاء لنهى النبي صلى الله عليه وآله
عن ذلك ولكن الظاهر عن ارادته الكراهة وعليها يحمل النهى في الخبر أيضا كما يرشد إليه التعليل في رواية أبي بصير لا يتكلم على الخلاء فان من تكلم
على الخلاء لم يقض حاجته الا ان يكون تكلمه بذكر الله تعالى الرواية الحلبي لا باس بذكر الله وأنت تبول فان ذكر الله حسن على كل حال فلا تسأم من
ذكر الله وفى صحيحة أبى حمزة عن أبي جعفر (ع) مكتوب في التورية التي لم يتغير ان موسى على نبينا واله و (ع) ربه فقال إلهي نأتى على
مجالس أعزك واجلك ان أذكرك فيها فقال يا موسى ان ذكرى حسن على كل حال والظاهر الحاق ذكر النبي صلى الله عليه وآله بذكر الله حكما أو
78

موضوعا كما يرشد إليه ما سيأتي من كون الاذان ذكر الله فتأمل وفى صحيحة الحلبي يقرء النفساء والحايض والجنب والرجل يتغوط في المخرج القران قال
يقرؤن ما شاؤوا والمراد قرائة أي مقدار شاؤوا من القران أو قرائة ما شاؤوا من قران وغيره كالأدعية وعلى كل حال فتخصيصها برواية عمر بن
يزيد سئلت أبا عبد الله (ع) عن التسبيح في المخرج وقراءة القران قال لم يرخص في الكنيف في أكثر من أية الكرسي أو تحميد الله أو أية وفى رواية
الصدوق أو أية الحمد لله رب العالمين بعيد بل مستهجن ويمكن حمل الصحيحة على مالا ينافي الكراهة كما في الجنب والحايض والنفساء والمراد غير الكراهة
المصطلحة لان الاذان في صحيحة أبى حمزه لا يراد مجرد الجواز بل المراد المشروعية الثابتة في أصل القراءة المسؤول عن ثبوتها في هذه الأحوال ومما
عد من الذكر حكاية الاذان ففي الصحيح عن أبي جعفر (ع) يا ابن مسلم لا تدعن ذكر الله على كل حال قال ولو سمعت المنادى ينادى بالاذان وأنت
على الخلاء فاذكر الله وقل كما يقول المؤذن وفى رواية أبي بصير ان سمعت الاذان وأنت على الخلاء فقل كما يقول المؤذن ولا تدع ذكر الله في تلك الحال
فان ذكر الله حسن على كل حال وظاهر قوله فقل كما يقول المؤذن شموله لحكاية الحيعلات ولهذا طعن بعض على الشهيد الثاني حيث أنكر النص في
ذلك واستشكل في الاستدلال عليه بعمومات الذكر لان الحيعلات ليست من الذكر قال الا ان تبدل بالحولقة لكن الانصاف ان روايتي العلل لا
يخلوا ظهورهما المذكور من الموهن حيث علل الحكاية فيهما بأنهما من ذكر الله ومن المعلوم ان الحيعلات ليست منه والتزام كونها منه فلا يكون التعليل
اختص من الحكم حتى يخصصه أو يوهن عمومه مخالف للعرف واللغة لكن الانصاف ان ظهور الامر بالحكاية في حكاية الكل أقوى فيحمل التعليل على التغليب أو
على أن اشتملا على الذكر مع كونه عملا واحدا هو المسوغ للتكلم به ويؤيد إرادة جميع فصول الاذان من غير تبديل رواية سلمان بن عقيل قلت لأبي الحسن
الأول (ع) لأي علة يستحب للانسان إذا سمع الاذان أن يقول كما يقول المؤذن وإن كان على البول والغايط قال لان ذلك يزيد في الرزق
فان التعليل المذكور ظاهر في إرادة حكاية جميع فصوله لأنها هي التي تزيد في الرزق مع أنه لو اختص المحكي بما كان منه ذكرا لم يكن وجه للسؤال
عنه وكان الأنسب تعليله بذكر الله لأنه أصلح لحكمة الاستحباب واقعا وأفيد للمخاطب حيث يستفيد منه عموم رجحان الذكر فعلم أن هذا عنوان غير
عنوان ذكر الله ولذا يمكن ان يستدل به على جواز التكلم بكلمات يضطر إليه الانسان في أمور دينه أو دنياه وضابطه (كل حاجة يضر فواتها نظير)
ضرر فوات زيادة الرزق بترك حكاية الاذان ويمكن ان يؤيد الحكم بما تقدم في رواية أبي بصير من جعل حكمة النهى عدم قضاء الحاجة الشاملة
للدنيوية فان مثل هذا لا تعارض فوات الحاجة الحاضرة ويؤيده نفى الجرح بناء على جريانه في الحكم الغير الإلزامي وان الضرورات تبيح المحظورات
فالضرورات العرفية وان لم تبلغ مراعاة حد الوجوب تبيح المكروهات ومنه يعلم أن حال الاضطرار مستثنى من جميع المكروهات
الفصل
الثالث في كيفية الوضوء وهي أفعاله الواقعة في جواب قول السايل كيف يتوضى لا ما هو أحد الاعراض التسعة (و) الافعال فروض و
سنن إما فروضه والمراد بها مطلق الواجبات أو المستفاد وجوبها من الكتاب ولو عموما كآية الاخلاص وهي (خمسة) ولم يعد منها المباشرة و
الترتيب والموالات لأنها قيود مأخوذة في تلك الأفعال ليس لها وجود مستقل ممتاز عنها وليست معتبرة في المركب من حيث هو ولذا لم يذكروا
هذه الأمور في واجبات الصلاة أو لأنها شروط وهو بصدد الأجزاء لكنه ينتقض بالنية فإنه عند المصنف قده أشبه بالشرط بل شرط
أو لان وجوب ما عداها غير مستفاد من الكتاب وينتقض بالمباشرة فالوجه هو الأول ومنه يظهر ان تخميسها أولي من الزيادة بادخال الترتيب
والموالات كما في النافع والقواعد أو زيادة المباشرة كما في الذكرى حيث قال إن واجباته المستفادة من نص الكتاب ثمانية وتكلف في استفادة
الترتيب من الكتاب بما لا يخفى على من راجعه وحكى عن الشيخ الاستدلال على الموالاة بإفادة الامر للفور وارتضاه في الجملة في اخر كلامه وكيف كان
فالأوجه ما فعله المصنف قده والامر سهل (الأول) من الفروض (النية) وهي واجبة في الوضوء اجماعا محققا ومستفيضا والمحكى عن الإسكافي من
الاستحباب محمول على الصورة المخطرة أو شاذ مطروح وقد اشتهر الاستدلال على ذلك قبل الاجماع بقوله تعالى وما أمروا الا ليعبدوا الله
مخلصين له الدين وقوله صلى الله عليه وآله انما الأعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى وقوله (ع) لاعمل الا بنية والآية ظاهرة في التوحيد
ونفى الشرك من وجوه منها لزوم تخصيص العموم بأكثر من الباقي ومنها عطف إقامة الصلاة وايتاء الزكاة على العباد الخالصة عن الشرك
وهو التوحيد والحصر اضافي بالنسبة إلى العبادة الغير المخلصة عن الشرك وبما ذكرنا فسره جماعة فعن مجمع البيان مخلصين له الدين أي لا
يخلطون بعبادته عبادة من سواة وعن البيضاوي أي لا يشركون به وعن النيشابوري تفسيره بالتوحيد وجزم بذلك شيخنا البهائي في الأربعين
وكيف كان فلا اشكال في أن الآية لا تدل على انحصار المأمور به في العبادة ليستفاد منه ان الأصل في كل واجب ان يكون عبادة كما زعمه بعض
لينفع فيما نحن فيه وانما يمكن ان يدعى دلالتها على أن العبادة لم يؤمر بها الا على جهة الاخلاص ولهذا استدل الفاضلان في ظاهر المعتبر وصريح
المنتهى بها على وجوب الاخلاص في الواجب المفروغ كونها عبادة لكنه أيضا مبنى على كون المراد بالدين الطاعة أو الأعم منها ومن العبادة ليدل على
وجوب اخلاص عبادة الله عن عبادة الأوثان وطاعته تعالى عن الرياء ونحوه لكن الظاهر بقرينة عطف الصلاة والزكاة إرادة الاخلاص في العبادة
79

وهو التوحيد فقد حكى الله سبحانه في الآية الشريفة من تكاليف أهل الكتاب أهم أصول الدين وفروعه ومن تأمل نظاير الآية مما ذكر فيه
العبادة على وجه الاخلاص مثل قوله تعالى قل الله أعبد مخلصا له دين وقوله تعالى فاعبدوا الله مخلصا له الدين الا لله الدين الخالص والذين
اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم الا ليقربونا إلى الله إلى غير ذلك من الآيات ظهر له ما استظهرناه من إرادة التوحيد في مقابل الشرك واما الاخبار
فحملها على ظاهر ممتنع وعلى نفى الصحة بمعنى ترتب الأثر موجب للتخصيص الملحق للكلام بالهزل الا ان يراد من النية مطلق قصد الفعل فيراد من
الروايات ان الفعل الغير المقصود لا يعد من اعمال الفاعل لأنه صادر بغير قصده وارادته فان من أكرم رجلا لا يقصد انه زيد لم أكرم زيد بهذا
العنوان من أفعاله الاختيارية فالعمل عمل من حيث العنوان المقصود دون غيره من العناوين الغير المقصودة لكن هذا المقدار لا ينفع فيما نحن فيه لأنا نطالب
بدليل وجوب كون الوضوء بعنوانه الخاص عملا اختياريا للمكلف ثم لا يكتفى كغسل الثوب بحصوله من المكلف ولو من دون قصد لعنوانه يقصد
الفعل بعنوان اخر فيتبعه حصول هذا العنوان من دون قصد فدعوى بقاء هذه الأخبار على ظواهرها من إرادة الحقيقة والتمسك بها لما نحن
فيه خطأ فاحش مع أن إرادة ظاهرها يشبه الاخبار عن الواضحات مع أن في بعض تلك الروايات ما يمنع عن ذلك مثل قوله (ع) لاقول الا بعمل
ولا عمل الا بنية ولا نية الا بإصابة السنة وفى اخر لا قول ولا عمل ولا نية الا بإصابة فالأظهر في هذه الأخبار حمل النبويين منها على إرادة نفى
الجزاء على الأعمال الا بحسب النية فالعمل لا يكون عملا للعبد يكتب له أو عليه الا بحسب نيته فإذا لم يكن له نية فيه لم يكتب أصلا وإذا نوى كتب على حسب ما
نواه حسنا أو سيئا واما قوله لا عمل بنية فالظاهر منه الا إرادة العمل الصالح وهي العبادة المنبعثة عن اعتقاد النفع فيه ثم النية لغة
وعرفا وشرعا (إرادة) الشئ والعزم عليه والقصد إليه ففي الصحاح نويت كذا إذا عزمت عليه وقد تضاف كالإرادة إلى محل الفعل المراد كما يقال أراد بي
فلان بسوء أي أراد السوء بي ومنه ما في المنتهى انه يقال نواك الله بخير أي قصدك وهي مقارنة للمراد تارة ومنفصلة عنه أخرى بان يكون مقيدا بأمر
مترقب كما إذا أراد السفر غدا وقد يدعى صيرورة النية حقيقة في إرادة الفعل الغير المقيد بقيد مترقب فيلزم المقارنة للدخول فيه فيكون النية أخص من
الإرادة لكن هذه الدعوى لم يثبت وان ادعاها غير واحد قال في المبسوط ووقت النية عند أول جزء من الصلاة واما ما يتقدمها فلا اعتبار بها
لأنها يكون عزما انتهى وظاهر اخر العبارة مغايرة النية للعزم وعن فخر الدين قده في الايضاح التصريح بان النية حقيقة في الإرادة القارنة
وفى الذكرى ان الإرادة المتقدمة عزم لا نية وعن فخر الدين قده أيضا في رسالته النية انه عرفها المتكلمون بأنها إرادة من الفاعل للفعل
مقارنة له والفرق بينه وبين العزم انه مسبوق بالتردد دونها ولا يصدق على إرادة الله انها نية فيقال أراد الله ولا يقال نوى الله
وعرفها الفقهاء بأنها إرادة ايجاد الفعل المطلوب شرعا على وجهه انتهى وظاهر كلامه عموم تعريف الفقهاء للمقارن وغيره الا ان أيريد بيان
للمغايرة من حيث المتعلق فقط وحينئذ فيمكن ان يحمل على تحديد النية الصحيحة كما نريهم يأخذون شرايط الصحة في تحديد غيرها من العبادات و
والمعاملات ويحتمل ان يبنى على وضع هذه اللفظة عند الشارع أو المتشرعة للصحيحة كغيرها من ألفاظ العبادات بل المعاملات عند جماعة ثم وصف
الإرادة بأنه تفعل بالقلب توضيحي إذ لا محل لها غيره ويمكن تعريضا على من استحب التلفظ بها كما عن بعض الشافعية أو أوجبه ويمكن ان
يحترز عن إرادة الله سبحانه فإنها لا تسمى نية وقد تقدم عن المنتهى نواك الله بخير فراجع وتأمل ويمكن ان يكون إشارة إلى أن النية هي الإرادة
التفصيلية التي تعد فعلا للقلب وهي التي يجب في أول كل عمل كما هو صريح المشهور دون الامر المركوز في الذهن الموجود في الذهن في أثناء العمل
وهي التي تعبر عنها المتأخرون بالداعي ويجعلونها النية كما حكى ذلك عن المحقق الأردبيلي وشيخنا البهائي والمحقق صدر الدين الشيرازي والمحقق
الخونساري وجماعة ممن تأخر عنهم بل استقر عليه المذهب في هذا العصر توضيح محل الخلاف انه لا خلاف بين العقلاء في أن الفعل الاختياري
لابد وان يسبقه متصلة به إرادة باعثة عليه منبعثة عن تصوره مشتملا على منفعة أو دفع مضرة ثم لا فرق بين الجزء الأول من الفعل ما
عداه من الأجزاء في كون كل منها حركة اختيارية وفعلا اختياريا كالكل الا انه يكفي في اتصاف ما عداه بكونه أمرا اختياريا بما يبقى مركوزا
في الذهن من التصور والقصد المنفصلين المذكورين المتعلقين بمجموع الفعل أولا وان شئت فسمه إرادة متصلة تستمر الحركة باستمرارها
ولذا قال المحقق الطوسي قده في التجريد والحركة إلى مكان يتبع اراده بحسيها وجزئيات تلك الحركة يتبع تخيلات وارادات جزئية يكون
السابق من هذه علة للسابق للعد لحصول حركة أخرى فتتصل الإرادات في النفس والحركات في المسافة إلى اخرها انتهى ثم المراد باجزاء
الفعل ما كان مربوطا به بجامع بحكم العادة النوعية أو الشخصية مثلا إذا تصور المختار المشي إلى السوق لأجل شراء اللحم فقام للبس ثيابه وفعله
كفى القصد المقتضى في أول قيامه واما لبس ثيابه وفعله فضلا عن أول جزء من المشي فيكفي فيها الامر المركوز في الذهن وان ذهل عن هذه الأفعال
تفصيلا لكنها أفعال اختيارية صادرة عن قصد واختيار يترتب عليها الفعل الاختياري لو فرض صدوره من أوله إلى اخره بالقصد
والتصور التفصيليين نعم لو لم يكن الحركة اللاحقة مرتبطة بالسابق لم يكتف بقصد المجموع في أول الأمر بعد تصوره فمن أراد شراء اللحم
80

ثم زيارة مؤمن لم يكتف في صدور زيارة المؤمن التصور والقصد المتعلقان في أول الشروع بالشراء والزيارة بل لابد عند الاشتغال بالمشي
للزيارة من تصور وقصد متجددين إذا عرفت هذا فنقول ان من تصور الصلاة مع مقدماتها من الأذان والإقامة مشتملة على غاية هي
إطاعة أمر الله سبحانه بها فقام واشتغل بالاذان والإقامة فاذن وأقام وكبر وقرء وركع وسجد وفعل ذلك في الركعة الأخرى فلا فرق بين
مجموع العلم المصاحب بعضه المتصور والقصد المنفصلين وبين الجزء الأول منه المأتي به معهما وبين باقي الأجزاء التي لم يوجد فيها قصد وتصور تفصيلي
أصلا في كون كل من الثلاثة أمورا اختيارية صادرة من إرادة واختيار فالخلاف حينئذ في أن النية هي الإرادة التفصيلية المنبعثة عن
تصور الفعل وغايته المقارنة لأول الجزء المفقود؟ فعلا فما عداه وإن كان حكما مستندا ما على ما يأتي من تفسير الاستدامة الحكمية فإنها لقم منها
ومن ذلك الامر المركوز في الذهن المعبر عنه في لسان المتأخرين بالداعي إلى الفعل والباعث عليه الذي هو أيضا من قبيل الإرادة كما عرفت
المحقق الطوسي وان لم يشعر به الفاعل فيكون كل جزء من العمل واقعا عن إرادة مقارنة إما تفصيلية كما في
الجزء الأول إما اجمالية كما فيما
عداه وبعبارة أخرى كما يجوز الإرادة عند غسل اليدين في الوضوء ولا يقدح غروبها عند غسل الوجه ويكون العمل الواجب وهو الوضوء الذي
أوله غسل الوجه واقعا مع النية فلا باس بتقديم النية عند احضار الماء للوضوء أو اخذ الإبريق للصب ولا يقدح غروبها عند غسل اليدين
ويمكن ان يجعل خلافهم بعد اتفاقهم على كون النية هي الإرادة التفصيلية المتوقفة على الاخطار في أن المعتبر مقارنة تلك الإرادة لنفس المأمور به
أو يكفي مقارنتها لما يتعلق به بما يعد معه فعلا واحدا والأظهر في كلماتهم جعل محل الخلاف هو الأول إذا عرفت هذا علمت أن ما نسب إلى المشهور
من أن النية هي الصورة المخطرة بالبال وانها عندهم حديث نفس ممتد وانها عندهم مركبة لا بسيطة لا يخلو عن شئ لأن النية عند هؤلاء الإرادة
المنبعثة عن تصور الفعل وتصور غايته فالصورة المخطرة مقدمة للنية لانفسها نعم ربما يظهر من بعض كلماتهم ان النية أمر ممتد زماني كما لا
يخفى على من راجع ما في الذكرى وغيرها من الثمرات المذكورة لجزئية النية وشرطيتها واضعف من ذلك ما ظن استناد المشهور وركونهم إليه فيما
اختاره قال في مفتاح الكرامة أظن أن الباعث لهم على ما ذكروه حصر القوى الباطنة في الحواس الخمسة المشهورة فلما حصروا القوى الباطنة
المؤثرة في حدوث الأشياء والعلة الغائية الموجدة لها في المخطر بالبال إذا لو لم يكن حاضرة في البال لم تصدر عنها شئ لعدم حضورها في الذهن
والمعدوم لا يؤثر وكذا إذا كانت موجودة في الذهن الا انها في الحافظة لا في البال لان الساهي والناسي لتلك الصورة والغافل عن العلة الغائية
كيف يصدر عنه معلولها المتوقف عليها فلا بد أن تكون ملحوظة حتى تؤثر ثم قال وليس الامر كما ذكروه لأنه كثيرا ما لا يكون العلة الغائية و
الداعي حاضرا في بال بل يكون في أوايل الحافظة أو الخيال ومع ذلك توجد اثر أبينا ظاهرا شديدا مثل الصادر عن المخطر بالبال من غير تفاوت
أصلا ونحن نشاهد بالعيان ان الفعل الكثير الأجزاء لا يصدر عن المخطر الا الجزء الأول منه والباقي يحث من الموجود في أوايل الحافظة بل كثيرا ما
يقع مجموع الفعل عنه انتهى ولا يخفى على المتأمل ما فيه فضلا عما في ارتباطه بمذهب المشهور واضعف من الكل ما قيل من أن حاصل الفرق بين القول بالداعي
ولقول بالاخطار ان مرجع الأول إلى ايجاب العلم بالحضور وقت الفعل بخلاف الثاني يكتفى بالحضور من دون علم والتفات وما عساه يظهر
من بعضهم من أنه بناء على الداعي يكتفى بوجوده وان غاب عن ذهنك حال الفعل ولذا لم يفرقوا بين الابتداء والاستدامة مما لا ينبغي الالتفات
إليه ويقطع بفساده وكيف يعد مثل هذا الفعل في العرف بمجرد هذا العزم السابق منويا ومقصودا واما بان يفرق بينهما ان المراد بالداعي
انما هو العلة الغائية الباعثة للمكلف على ايجاد الفعل في الخارج وهو ليس من النية بناء على تفسيرها بالقصد والإرادة فاطلاق لفظ
النية عليه في لسان بعضهم انما هو بحسب الاصطلاح المتأخر
فنقول حينئذ يكتفى بقيام الداعي في المكلف لكن لا بد من حصول الإرادة
حين الفعل وان غفل عن الداعي في ذلك الوقت لكن بحيث لو سئل يقول افعل هذا لذلك الداعي وبهذا يظهر الثمرة بينه وبين القول بالاخطار
ولعله الأولى بناء على يجعل المدار بناء على الداعي على ما يعد في العقل انه فعل ساه خال عن القصد فيكفي بذلك انتهى ولم أجد لما ذكره
من الفرقين بين القولين محصلا وليت شعري هل اعتبر القايل بالاخطار العلم بالحظور أو اعتبر القايل بالداعي الحضور ومتى فرق القايل
بالداعي بين غيبته الداعي عن الفعل ثم لو أجد فرق بين ما ارتضاه أخيرا وجعله الأولى وبين ما ذكره وقطع بفساده
اخر مع أنه الحق الذي لا محيص عنه ولم يعرف من القائلين بالداعي غيره وان قطع هذا القايل بفساده أيضا فيما سيجئ في مسألة الاستمرار
الحكمي كما سيجئ وكيف كان فالأقوى ما اختاره المتأخرون وحاصله ان العبادة لا تتوقف شرعا على أزيد مما تتوقف عليه عقلا الا ان الغاية
فيها هي الإطاعة والتقرب ولعل هذا مذهب كل من أهمل ذكر النية من القدماء اتكالا في اعتبار أصلها على حكم العقل باعتبارها في كل
فعل اختياري وفى اعتبار غاية التقرب إلى ما هو اللازم من فرض كونه من العبادات المأخوذ فيها قصد التعبد والإطاعة ويدل عليه مضافا إلى أصالة
عدم اعتبار أمر زايد على ما يصدق معه الإطاعة والعبادة جميع ما دل على اعتبار النية في العمل من قوله صلى الله عليه وآله انما الأعمال بالنيات
81

وقوله (ع) لا عمل الا بالنية وقوله لكل امرى ما نوى فان ظاهر الكل اعتبار النية في كل جزء من العمل خصوصا مع عده عملا كما في مجموع
الأجزاء الواجبة من الوضوء فإنه عمل قطعا فيعتبر تلبسه بالنية ولا يكون متلبسا بها فعلا إذا قدمت عند غسل البدن الا إذا جعلنا النية
أعم من الامر المركوز الذي لا ينافيه الغفلة والذهول التفصيلي ومن هنا اعترفوا بان مقتضى الدليل اعتبار استمرار النية فعلا إلى اخر العمل
لعدم اختصاص اعتبار النية بالجزء الأول الا ان تعذر ذلك أوجبت الاكتفاء بالاستمرار الحكمي الآتي تفسيره قال الشهيد قده في قواعده قضيته
الأصل استحضار النية فعلا في كل جزء من اجزاء العبادة لقيام دليل الكل في الأجزاء لأنها عبادة ولكن لما تعذر ذلك في العبادة البعيدة
المسافة وتفسر في القرينة اكتفى في بالاستمرار الحكمي انتهى ولولا اعترافهم بذلك أمكن ان يوجه اكتفائهم بالاستمرار الحكمي بان لفظ النية في الأدلة
المذكورة كلفظ الإرادة والقصد ظاهر في القصد الا ان مقتضاها تلبس الفعل بالنية ويكفى في ذلك كون العمل عن نية ولا يعتبر
وجودها في كل جزء منه ولكن هذا لا ينفعهم فيما ذكرنا عليهم إذا اللازم حينئذ الاكتفاء بتقدم النية عند مقدمات العمل الخارجة عنه كاحضار
الماء واخذ الإبريق للصب إذ يصدق معه أيضا كون الوضوء عن نية ثم إنهم اختلفوا في جزئية النية وشرطيتها وذكروا لكل منها وجها لا أظنها
تامة في المطلوب والأقوى عقلا ونقلا كونها شرطا إما العقل فلحكمه بتوقف الفعل عليها لا تركبه منها ومن غيرها واما النقل فلأنهم
عرفوا النية كما تقدم سابقا بالإرادة المقارنة للعمل الا ان يقال إنه لا خلاف في خروج النية عن حقيقة المنوي وانما الخلاف في العمل الشرعي
المعدود من العبادات هل هو الفعل مع نيته أو بشرط كونه منويا لكن المتعين مع ذلك كونها شرطا لقوله صلى الله عليه وآله تحريمها التكبيرة
وقوله افتتاحها التكبير واما قوله (ع) لاعمل الأبنية ونحوه فيحتمل كونه من قبيل لا صلاة الا بطهور وقوله لا صلاة الا بفاتحة الكتاب
والثمرة يظهر في اشتراطها بشروط الصلاة مثل الطهارة والستر والاستقبال والقيام ورده الشهيد بان المقارنة المعتبرة فيها للتكبير
ينفى هذه وفيه ان المقارنة لا يوجب الاعتبار هذه الأمور في الجزء الأخير منها دون مجموعها الا ان يقال إن النية هي القصد البسيط المتأخر
في الوجود عن تصور المقصود فهى غير قابلة لان يختلف مع كون أول التكبير في القيام والاستقبال فضلا عن الطهارة والستر هذا كله على
مذهب المشهور واما على ما اختاره المتأخرون فلا اشكال في كونها شرطا هذا حقيقة النية البسيطة في نفسها (و) إما كيفيتها باعتبار
المنوي فهى (ان ينوى ايقاع الفعل المتصور له ولو اجمالا بجميع قيوده المشخصة له التي لها دخل في تعلق الامر به لأجل الغاية التي بها يكون
العبادة عبادة مأمورا بها والحاجة إلى تصور الفعل بجميع القيود المذكورة لتصحيح كون تلك الغاية داعية إلى الايقاع إذ لو لم يتصوره بجميع
تلك القيود لم يتصور كونه مأمورا به لان المتصور (المصباح) غير المأمور به فلا يتصور كون الداعي إليه تلك الغاية لأنها لا تدعو إلى غير ما يترتب عليه
والخلاف هنا في مقامين (أحدهما) في وجوب ملاحظة بعض القيود المشخصة للفعل الثاني في اعتبار ملاحظة (الوجوب أو الندب) أو وجههما في الغاية
بان يوقع الفعل لأجل وجوبه أو ندبه قربة إلى الله تعالى إما المقام الأول فتوضيحه ان القيود المأخوذة في متعلق الأمر على أقسام (أحدها) ما يكون محققا
لنفس العنوان المأمور به كما لو كلف بقضاء صلاة نيابة عن زيد فان قصد كون الصلاة عنه مقوم لنفس الموضوع لان الموضوع حقيقة هي النيابة
عن زيد في تدارك ما فات والفعل بدون قصد النيابة لا يكون نيابة ونحوه الامر بضرب اليتيم تأديبا فان الموضوع حقيقة هذا التأديب فلو قصد
التشفي أو مجرد الايلام كان ظلما ولا كلام في وجوب قصد مثل هذا القيد (الثاني) ما يكون مميزا له عن فرد اخر من العنوان كتقييد الظهرية في قوله صل
صلاة الظهر وهذا على قسمين لان ذلك المميز إما ما خوذ قيدا للعنوان في الأدلة الشرعية كقوله صل صلاة الظهر وقوله صل نافلة الفجر و
كغسلي الجنابة والجمعة وغير ذلك واما ان لا يكون كذلك كما إذا أمر وجوبا بصوم يوم فان صوم يوم يعلم أنه في نفسه غير متصف بالوجوب والا لوجب
صوم كل يوم بل لخصوصية ملحوظة فيه مفقودة في الزائد عليه والأول على قسمين أحدهما ان يكون الفرد الآخر مأمورا به بالفعل كما إذا كان
عليه صلاة مندوبة أو منذورة متحدة مع صلاة الظهر (والثاني) ان يكون الفرد الآخر غير مأمور به بالنسبة إلى المخاطب كما إذا لم يكن عليه الا صلاة الظهر
(إما) الأول من القسم الأول فالظاهر الاتفاق على وجوب تعيينه بالقيد المأخوذ فيه إذ بدون ملاحظة القيد لا يقع امتثلا لشئ من الامرين لان
الموضوع في كل منهما عنوان مقيد هذا مضافا إلى ما سيجئ في القسم الثاني وهو ما إذا لم يكن الفرد الآخر مأمورا به بالفعل كما إذا لم يكن عليه الا صلاة
الظهر فان الظاهر فيه أيضا عدم كفاية القصد إلى مطلق الصلاة كما هو المعروف ولم ينقل فيه خلاف حتى من العامة لان مطلق الصلاة ليس
موضوعا للوجوب لأنها قد يقع مندوبة ولو بالنسبة إلى غير هذا المكلف أو بالنسبة إليه في غير هذا الوقت فالوجوب حقيقة معلق بالصلاة المقيدة
التي هي المشتملة على المصلحة الوجوبية دون غيرها فهى المأمور بها وهي التي تدعوا الغاية الحاصلة من فعل المأمور به إلى فعلها دون فعل مطلق
الصلاة ومما ذكرنا يندفع توهم ان المحوج إلى قصد القيد هو اشتراك العنوان بين فردين مأمور بهما فعلا ليتميز امتثال أحد الامرين عن الأخر كما في القسم
الأول إما إذا لم يكن عليه الا صلاة واحدة فلا حاجة إلى المميز وحاصل الدفع ان المحوج إلى المميز هو لزوم تصور الفعل على الوجه الذي صار
82

متعلقا للامراذ تصوره وقصده على غير ذلك الوجه لا يصح معه كون الداعي إلى فعله هو القرب هذا ولكن لا يخفى عليك ان ما استند إليه
في اعتبار التعيين في هذا القسم وسابقه انما يثبت لزوم احضار القيد المأخوذ في العنوان إذا لم يعين موضوع الامر بوجه اخرا ما لو تميز بوجه آخر
كما لو كان الاشتراك في القسم الأول بين واجب ومستحب فقصد إلى الصلاة الواجبة أو قصد في القسم الثاني ما وجب عليه بالفعل مع
عدم الالتفات في القسمين إلى كونه ظهرا أو مع الجهل به والتردد بينه وبين غيره اغنى ذلك عن استحضار قيد الظهرية قال في الذكرى لو نوى فريضة
الوقت اجزا عن نية الظهر أو العصر لحصول التعيين إذ لا مشارك لها هذا إذا كان في الوقت المختص إما في المشترك فيحتمل المنع لاشتراك الوقت
ووجه الأجزاء ان قضية الترتيب يجعل الوقت مختصا بالأول ولو صلى الظهر ثم نوى فريضة الوقت أجزء وإن كان في المشترك انتهى (واما)
القسم الثالث وهو ما لم يكن القيد المأخوذ واقعا في موضوع الامر مذكورا مع عنوان المأمور به كما إذا أمر وجوبا بصلاة ركعتين فيجب ان يعلم أو لا انه لا
يتصور فيه الا القسم الثاني من القسمين المتصورين في القسم الأول لان اشتغال الذمة في زمان واحد بفعلين مختلفين في نظر الامر متحدين في جميع
الخصوصيات المذكورة في الخطاب المتوجه بكل منهما غير صحيح بان يقول صم يوما ويقول أيضا صم يوما لأنهما ان كانا على وجه الوجوب رجعا إلى
قوله صم يومين فلا اختلاف في موضوعهما حتى يحتاج كل منهما إلى قصد مميزه وإن كان أحدهما على وجه الوجوب والاخر على وجه الاستحباب فان كانا
مما لا يوجدان الا تدريجا كان الموجود أولا واجبا والاخر مندوبا ففي كل زمان لا يوجد الا تكليف واحد فلا اشتراك للصوم فعلا بين الواجب
والمندوب ولان طبيعة صوم اليوم إذا فرضت مطلوبة على وجه لا يرضى بتركه فالمنطبق عليها ليس الا الفرد الواقع أولا إما الواقع ثانيا فهو مرضى الترك
قطعا ولو فرض الفعلان المختلفان بالوجوب والاستحباب مما يمكن ايجادهما دفعة كاعطاء درهم واعطاء درهم
اخر رجع الامر إلى كونه اعطاء الواحد
لا بشرط الزيادة واجبار واعطاء الواحد بشرط الزيادة أفضل افراده فيصير كصورة التدريج في اختصاص الزمان الأول بالوجوب والثاني بالاستحباب
فتحصل مما ذكرنا ان اشتراك الفعل في هذا القسم بين الفردين المختلفين اشتراك بالقوة دون الفعل ومنه يظهر ان وصفى الوجوب والندب لا يقع
الحاجة إليهما في صورة اشتراك ما في ذمة المكلف فعلا بين الواجب والمندوب لما عرفت ان الاشتراك الفعلي انما يكون مع تقيد عنوان كل منهما أو أحدهما
في الأدلة الشرعية بقيد ومعه يكفي ملاحظة القيد في التميز عن ملاحظة الوجوب والندب كما يكفي ملاحظتهما عن ملاحظة القيد كما عرفت فيما تقدم فالحاجة
إليهما انما هي مع اشتراك العبادة بحسب قابليتها في نفسها ولو مع قطع النظر عن هذا المكلف أو هذا الوقت بين فردين والمشهور اعتبارهما بل ظاهر الفاضلين
في المعتبر والتذكرة عدم الخلاف فيه الا من بعض العامة حيث حكى في المعتبر عن ابن هريرة خاصة ان نية الظهر يكفي عن نية الفرضية مستندا إلى أن
الظهر لا يكون الا فرضا ثم رده بان جنس الفعل لا يستلزم وجوهه الا بالنية وكل ما أمكن ان يقع على أكثر من وجه واحد افتقر اختصاصه بأحد الوجوه إلى
النية فينوي الظهر ليتميز عن بقيه الصلاة والفرضية ليتميز عن ايقاعه ندبا كمن صلى منفردا ثم أدرك الجماعة وكونها أداء ليتميز عن القضاء انتهى وقد
سبقه إلى اعتبار الفرضية في صلاة الظهر للتميز عن المعادة ندبا مع الجماعة في المبسوط وفى التذكرة إما الفرضية والندبية فلا بد من التعرض لهما
عندنا لان الظهر يقع على وجهي الفرض والندب كصلاة الصبى ومن أعادها للجماعة يتخصص لأحدهما الا بالقصد ثم حكى عن أبي حنيفة وابن أبي هريرة
انه يكفي صلاة الظهر عن الفرض لان الظهر لا يكون الا واجبة قال وتقدم بطلانه انتهى لكن هؤلاء الأساطين اكتفوا في المبسوط والشرايع و
التحرير بكفاية القربة في صوم رمضان وغاية توجيه ما ذكروه من لزوم التميز عن الفرد المغاير له في الوجه وان لم يكن ذلك في ذمة المكلف ما
أشرنا إليه في أول المسألة انه يجب ان يتصور المكلف متعلق الأمر حتى يكون الداعي له هو القرب الحاصل من فعل المأمور به ومن المعلوم ان تصور
صلاة الظهر من حيث هي ليس تصورا للمأمور به بل هي مشترك بين ما هو واجب في نظر الشارع كما بالنسبة إلى المكلف الذي لم يصل وما هو مندوب
كالصبي المميز ومن صلى منفردا فأدرك الجماعة ومن المعلوم ان اختلاف الافراد في الوجوب والندب لا يكون الا لخصوصية موجودة في إحديهما مفقودة في
الأخرى فالموضوع للوجوب هي صلاة الظهر مع تلك الخصوصية لما لم يكن معلومه بالتفصيل للمكلف وكان وصف الوجوب معرفا لها كاشفا عنها وجب
القصد إلى الفعل المتصف بوصف الوجوب نعم لو لم يلتفت المكلف إلى اشتراك الفعل بحسب القابلية بين الواجب وغيره أو اعتقد عدم أو شك فيه
واستكشف من ظاهر الامر الموجه إليه ان الواجب هو عنوان المأمور به كفى قصد العنوان لأنه الموضوع في زعم المكلف ومما ذكرنا يظهر ما في كلام
شارح الروضة حيث قال بعد منع ان الوجوب والندب من وجوه الفعل وانما هما من وجوه الامر قال في رد الاستدلال على وجوب قصد الوجه ايقاع
الفعل على وجهه انه ان أريد وجوب ايقاع الفعل على وجوهه وصفاته وخواصه التي تعلق الامر بالفعل مقيدا بها فهو مسلم لكن الوجوب والندب ليسا
من ذلك وان أريد ايقاعه على وجوه الامر فغير مسلم بل لا محصل له توضيح ما في هذا الكلام ان الوجوب والندب معرفان لتلك الفرض والخصوصيات
كما أوضحنا الا من نفس من تلك القيود فان قلت ما يتصوره المكلف من مطلق صلاة الظهر مختصة بالواجبة بملاحظة هذا الفاعل الخاص والزمان الخاص
فالخصوصيات المشخصة لمتعلق الامر المميزة له عن متعلق الندب موجودة فيه فهى ممتازة في نفسها قلت تصور المكلف الفعل من حيث صدوره عن خصوص
83

الفاعل وفى خصوص ذلك الزمان تصور له بعنوان وصف الوجوب لان ملاحظة خصوص صنف الفاعل ككونه بالغ غير مؤد للفرض انما هو من أدلة وجوب
الفعل على البالغ وندبه على غيره فهو مسبوق بملاحظة وجوب الفعل أو ندبه ولو لم يتصوره من حيث صدوره عن خصوص الفاعل لم يتصور الموضوع
هذا ولكنك خبير بان غاية ما ثبت من هذا الوجه مضافا إلى انتقاضة بصوم اليوم الذي هو من رمضان الذي عرفت اكتفائهم فيه بمجرد القربة
مع أنه يقع أيضا مستحبا من الصبى والشاك في الهلال وحراما من الحايض والمسافر وجوب القصد إلى العنوان المذكور في الخطاب بوصف انه
مطلوب بهذا الطلب الشخصي ليكون قصد هذا الوصف المعرف للخصوصيات المأخوذة في وضوئه المميزة له عن الفرد المستحب بمنزلة قصدها ما توصيفه
بخصوص الوجوب أو الندب فلا بل لو قصد خصوص أحدهما بحضور جنس الطلب لكون المكلف عالما بالوجوه التفصيلي ذاكرا له فهو والا كفى في احراز
موضوع المأمور به توصيفه بالطلب الشخصي الموجد واقعا وهذا المقدار لا يفي بما ادعوه في هذا المقام من وجوب استحضار وصف الوجوب أو
الندب ولو لم يحضر الا باعمال روية ووجوب استعلامه بالاجتهاد أو التقليد كما صرح به العلامة قده في غير واحد من كتبه وهو ظاهر غيره
ممن اطلق وجوب قصد الوجه الظاهر في وجوبه المطلق المستلزم لوجوب معرفته من باب المقدمة بل صرحوا بوجوب الجزم في جميع مشخصات
النية فلا يجزى التردد بين الواجب والندب ومما ذكرنا يظهر انه لو نوى الوجوب في المندوب جهلا وبالعكس صح العمل لان المقصود الأصلي اتيان
الفعل من حيث إنه مطلوب للمولى بالطلب الثابت له واقعا الا انه اعتقد ذلك الطلب على خلاف ما هو عليه فهو كمن قصد الاقتداء بالشخص الحاضر
من حيث هو حاضر الا انه اعتقده زيدا فبان عمرو أو أولي بالصحة ما لو نوى الندب مع الشك في دخول الوقت والوجوب مع الشك في خروجه
لأجل الاستصحاب فبان الخلاف لوجود الامر الشرعي في الظاهر بخلاف المصورة السابقة وصرح في التذكرة بوجوب الإعادة مع التمكن من تحصيل الظن
وكذا لو نوى الوجوب أو الندب في الثاني عملا بالظن فظهر الخطاء فصرح بالإعادة مع التمكن من العلم ولعلهما مبنيان على عدم جواز الاعتماد على
الاستصحاب مع التمكن من الظن وعدم جواز العمل بالظن مع التمكن من العلم والأخير حسن والأول محل تأمل وغاية ما يوجه ان جواز العمل بالاستصحاب
لا ينافي الإعادة لتقصيره في الفحص كما في الصائم المستصحب الليل وفيه ما فيه هذا مع الجهل بالحكم إما لو تعمدا نية الخلاف فالأولى البطلان
لكونه تشريعا وما عن المحقق قده من أن الاخلال بنية الوجوب ليس مؤثرا في بطلان الوضوء ولا اضافتها مضرة وما يقوله المتكلمون من أن
الإرادة تؤثر في حسن الفعل وقبحه فإذا نوى الوجوب والوضوء مندوب فقد قصد ايقاع الفعل على غير وجهه كلام شعري ولو كان له حقيقة
لكان الناوي بخطاء في نيته ولم يكن النية مخرجه للوضوء عن التقرب انتهى فكأنه محمول على غير صورة التعمد وتوجيه على ما ذكرنا من أن حقيقة القصد
تعلق بموافقة الطلب الشخصي المتعلق بالفعل قال شارح الروضة بعد حكاية هذا عنه ان كلامه في غاية السقوط إذ من أوضح الأشياء ان نية
الوجوب فيما ندب الله إليه وعكسها مناقضة ومعارضة له تعالى فكيف لا ينافي في القربة ثم قال ويجوز ان يكون مراده ما وقع سهوا أو غفلة
أو خطأ في الاجتهاد ولى في غير الأخير تأمل انتهى أقول والامر واضح لان المجتهد مأمور بالوجه الظاهري بل هو الوجه في حقه وتوجيهه
فيما عداه على ما ذكرنا نعم صرح في الذكرى بان قصد الخلاف عمدا صحيح على عدم اعتبار قصد الوجه فلو عدل شارح الروضة عن المحقق إليه
في الاعتراض كان أولي ولو علم بوجوب الوضوء مع اشتغال ذمته بواجب وندبه بدونه الا انه اعتقد عدم الاشتغال أو نسيه فنوى الاستحباب
النفسي للوضوء أو الغيري لأجل مندوب فان قصده بوصف انه مطلوب بهذا الطلب الموجود فيه فعلا الا انه اعتقده ندبا لاعتقاده عدم سبب الوجوب
فهو كما تقدم في الجهل بالحكم وان قصده بعنوان ذلك المستحب لاعتقاد تحقق ذلك العنوان هنا ففي الصحة اشكال وان قلنا بكفاية الوضوء
المندوب للدخول في العبادة الواجبة من حيث إن ما نواه غير موجود والموجود غير منوى قال في البيان ولو نوى مشغول الذمة بواجب الندب
لم يجز وكذا العكس وقيل يصح العكس لأنه يؤكد الندب انتهى وكلامه يحتمل الجهل بالحكم والموضوع وكذا الاشكال فيما لو نوى التجديد فبان واجبا
الا ان الصحة هنا لا تخلو عن بعد ومما ذكرنا أيضا يظهر انه لو شك في الحدث بعد اليقين بالطهارة فتوضأ احتياطا فان كشف كونه محدثا
أجزأت طهارة إذا المقصود من الاحتياط فعل ما احتمل وجوبه واقعا فالوجوب على تقدير ثبوته واقعا ملحوظا للمحتاط لكن المصرح به في القواعد
والبيان وجامع المقاصد البطلان بناء على اعتبار الوجوب المقام الثاني في اعتبار ملاحظة الوجوب والندب غاية وهو مذهب
كثير وفى الروضة في باب الصلاة انه مشهور وان اختلفوا بين من يظهر منها الاقتصار على اخذهما غاية كالحلبي في الكافي والعلامة في القواعد و
الارشاد وابن فهد في الموجز وبين من يظهر منه اعتبار اخذهما وصفا مميزا وغاية كالغيبة والوسيلة والسرائر والمنتهى وكل من استدل على
اعتبارهما بحصول التميز عن المندوب ووجوب ايقاع الفعل على الوجه الذي كلف بايقاعه عليه بناء على دلالة الوجه الأخير على لزوم اعتبار
الوجه غاية كما فهمه الشهيدان ونسبه في الذكرى في باب الصلاة إلى المتكلمين قال إنهم لما أوجبوا ايقاع الواجب لوجوبه أو وجه وجوبه جمعوا
بين الامرين يعنى الوصف والغاية فينوي الظهر الواجب لكونه واجبا انتهى والذي ينبغي ان يقال إنه إما ان يراد من الوجوب والندب المجعولين
84

غاية الشرعيان وهو طلب الشارع على وجه الحتم أو عدمه فهو راجع إلى جعل الغاية موافقة إرادة الله التي هو عين القربة المجعولة غاية بالاتفاق
فالقربة مغنية عنه كما أنه مغن عنها ولذا احترز في النهاية عن اتيان الفعل لوجوبه أو ندبه أو وجههما عن الاتيان به للرياء وطلب الثواب وحكى هذا الاحتراز
في الروض عن بعض تحقيقات الشهيد قده وان تأمل فيه الحاكي واما ان يراد بهما العقليان الثابتان للأفعال في أنفسها مع قطع النظر عن أمر الشارع كما هو
ظاهر اطلاقات المتكلمين مثل قولهم إنه يشترط في التكليف زيادة على حسن الفعل يعنى عدم الجرح ان يكون فيه صفة بان يكون واجبا أو مندوبا إن كان
التكليف بفعل يشترط أيضا علم المكلف بصفات الفعل لئلا يأمر باجتناب واجب أو مندوب إلى غير ذلك من موارد استعمال الوجوب والندب وصرح به
الشيخ أيضا في مواضع من العدة في اثبات النسخ ما لفظه ان الشئ لا يجب بايجاب موجب وانما يجب بصفة هو عليها يقتضى وجوب ذلك الشئ و
انما يدل ايجاب الحكم على أن له صفة الوجوب لا بان يصير واجبا بايجاب لان ايجاب ما ليس له صفة الوجوب يجرى في القبيح مجرى ايجاب الظلم والقبيح ثم
اخذ في الاستدلال على كون وجه الوجوب في السمعيات كونها الطافا ومصالح ويظهر منه هذا أيضا في مسألة ان الامر للوجوب وغيرها وكيف كان
فلا دليل على اعتبار هذا المعنى في الغاية كيف وأكثر العوام بل بعض الخواص يعتقدون عدم وجوب كون الفعل الواجب واجبا عقليا بل يكفي في
التكليف حسنه ولا يتوقف على حسن المكلف به والذي يجب وجوده فيه هو خصوصية مرجحة لوقوعه في خير التكليف الابتلائي بان كان حسن التكليف
مشروطا بتعلقه بهذا الفعل وبعبارة أخرى تكون المصلحة في التكليف بهذا الفعل دون غيره والحاصل انه ليس علينا في العبادات الا تصور الفعل
بجميع قيوده الداخلة في تعلق الامر به والقصد إلى فعله طاعة لله وهذا مما يحصل على مذهب العدلية والا شاعرة للوجوب العقلي والزايد
على ذلك الذي يختص تحققه بمذهب العدلية لا دليل على اعتباره مع أن ظاهر من اعتبر لوجوب والندب في الغاية انه أراد بهما الشرعيين دون العقليين
ولذا فسر في جامع المقاصد وشراح الروضة وجهه الوجوب والمندوب بما هو سبب ايجاب الشارع أو ندبه نعم استدلالهم على المطلب بما نسب إلى
العدلية وصرح به بعضهم كالمحقق الطوسي من أنه يشترط في استحقاق الثواب على الواجب والمندوب الاتيان به لوجوبه أو ندبه أو وجههما مع أن
ظاهرهم إرادة العقليين ربما يوهم إرادة المستدلين أيضا بهما وعلى أي حال فجعل الوجوب الشرعي غاية موافقة إرادة الشارع وجعل
الوجوب العقلي كذلك راجعا إلى اعتبار القربة بأحد معانيها لم يدل عليه دليل وما اشتهر عن العدلية يمكن منع دلالته على اشتراط جعل
الوجوب غاية وان ادعاه الشهيدان في الذكرى والروض بل مرادهم ملاحظته على جهة التوصيف بان يأتي
بالواجب من حيث إنه واجب عقلي ليطابق
غرض الشارع حيث إن غرضه حمل العباد على الواجبات في العقل من حيث أنفسها كالعدل ونحوه أو لتقربها فيما هو واجب في نفسه كالواجبات
السمعية التي اشتهر انها لطف في الواجبات العقلية فالموضوع في الواجب الشرعي هو الواجب العقلي والموضوع للواجب العقلي هو وجهه المقتضى
له فاللطف موضوع للوجوب العقلي فإذا قصد المكلف باتيانه وجه الوجوب فقد قصد الموضوع الحقيقي وإذا قصد الوجوب العقلي قصد ما
هو لازم مسا وللموضوع وبالجملة فالمظنون كل الظن إرادة المتكلمين ملاحظة الوجوب والندب العقليين أو وجههما في اتيان ما أمر به ليؤتى به على وجه
عنوانه الذي أمر به في الحقيقة فأين هذا من جعل الوجوب الشرعي غاية كالقربة حتى أنه حكى الشهيدان عن بعض الاشكال في عبارة النية وهي
افعل كذا لوجوبه قربة إلى الله من حيث اشتمالها على غايتين بلا عاطف فتقضى عنه بوجوه منها ان الوجوب غاية للفعل والقربة غاية للفعل
المعنى بالوجوب ومنها التزام تجويز ترك العطف في مثل ذلك كما سمع عن بعضهم ومنها غير ذلك ثم إن المراد من وجه الوجوب والندب كما ذكره
جامع المقاصد وشارح الروضة علية شرع الحكم والسبب الباعث عليه وحكى الثاني عن الشهيد في رسالته ان المتكلمين فيه على أربعة أقوال (الأول)
انه لا وجه له الا الامر وهو مذهب الا شاعره (الثاني) انه اللطف في الواجبات والمندوبات العقلية (الثالث) انه الشكر قال وهو راجع إلى اللطف
لكنه لا في التكليف العقلي مطلقا بل في نوع منه وهو الشكر (الرابع) انه وجود المصلحة في الفعل والمفسدة في الترك ثم حكى عن الشهيد في تلك الرسالة موافقة
ما في الغنية من أن الوجه وجوب الوضوء استباحة الصلاة والأولى ان لا يقصد من يريد قصد وجه الا الوجه الواقعي المعلوم عند الله
للوجوب والندب إذ ليس على الوجوه المذكورة دليل يطمئن نعم قوله تعالى أقم الصلاة ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ربما يدل على تعليل الوجوب
باللطف ويؤيده قوله تعالى انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة ويمكن التفصيل
بين فعل العبادات وترك المحرمات وتوجيه الأول باللطف والثاني بدفع المفسدة وكان هذا أظهر من الكتاب والسنة الواردة في بيان علية شرع
الواجبات والمحرمات وقد تلخص مما ذكرنا انه لا يعتبر شئ في الوضوء على وجه الغائية الا القربة التي هي أعلى الغايات وأشرفها لمن يطع الله لتحصيل الفوائد
والغايات والا فالانسان الكامل لا يقصد بطاعته القربة من حيث إنه فائدة عايدة إليه بل الباعث له أهلية المطاع للإطاعة فيريد المتقرب
إليه لأنه محبوب عنده فلا داعي له على الفعل الا القيام بما يستحقه المطاع من حيث ذاته لامن حيث احسانه إليه ودونه من يقصد بطاعته أداء
بعض ما يستحقه الله عليه من الشكر ولا يقصد بها عود فائدة إليه ولو أراد من شكره مزيد النعم أو دوام الموجود خرج عن غاية الشكر ودونه
85

من يقصد مجرد الرفعة والتقرب عنده فلا شئ أحب إليه منه وهذا أول مراتب الطالبين بإطاعتهم تحصيل الفوايد لأنفسهم ودونه من يطلب
بطاعته التقصي عن البعد من الله وهاتان الفائدتان حاصلتان من الإغماض عن الجزاء ودونهما من يطلب ما يبذل على العمل ودونه من
يقصد بها التقرب لدخول الجنة لان في تركها البعد الموجب لدخول النار وحيث إن التقرب في الصورتين الأخيرتين غير مقصود لذاته بل لأجل
التوصل إلى الملاذ النفسانية أو دفع المنافرات قيل بعدم صحة العبادة فيهما قال في القواعد إما نية الثواب والعقاب فقد قطع أكثر الأصحاب
بفساد العبادة بقصدهما وعن أجوبة المسايل المهنائية للعلامة قده اتفقت العدلية على أن من فعل فعلا لطلب الثواب أو لخوف العقاب لا يستحق
بذلك ثواب والأصل في ذلك أن من فعل فعلا ليجلب نفعا أو يدفع به ضررا فإنه لا يستحق المدح على ذلك والآتيان المذكورتان في السؤال أعني قوله
تعالى لمثل هذا فليعمل العاملون وقوله تعالى وفى ذلك فليتنافس المتنافسون لا دلالة فيهما على كون غرضهم لفعله مثل ذلك انتهى وعن الرازي في تفسيره الكبير
اتفاق المتكلمين على عدم صحة هذه العبادة وما أبعد ما بين هذا القول وتفسير ابن زهرة للقربة بأنها طلب المنزلة الرفيعة عند غسل ثوبه و
عن الحلبي من أنه يستحب للمصلى ان يرجو بفعلها مزيد الثواب والنجاة من العقاب وكيف كان فهو ضعيف ولذا نسبه في الذكرى إلى توهم قوم لان القدر الثابت
من أدلة وجوب الإطاعة والعبادة هو ان يكون الفعل لأجل أمر الله سبحانه واما ايجاب الفعل بهذا الداعي فربما يكن لداع اخر فإنه لا يشترط في صدق
الإطاعة ان لا يكون الغرض منها شيئا اخر ويشهد له صدق المطيع على الخدام والعبيد القائمين بالخدمة ولا دليل على اعتبار أزيد من ذلك ثم
المدح على هذا النحو من الإطاعة ثابت إذا قيس هذا الشخص إلى من لا يعتنى بثواب الله ولا يبالي بعقابه لضعف اعتقاده بهما أو لغلبة شهوته
على عقله القاطع بوجوب تحمل الكلفة العاجلة لدفع المضرة العظيمة وإن كانت أجلة فضلا عما لو كان في تلك الكلفة مع ذلك منفعة عظيمة أجلة
فالانصاف ان من يطيع لرجاء الثواب أو لخوف العقاب أو لهما معا يحصل له من جهة رجائه وخوفه منزلة عند الله يكون إليها معراج الراجين و
الخايفين فقد تحقق من الشخص المفروض عنوان الإطاعة وحصل له التقرب وان لم يكن التقرب مقصودا له بالذات لما عرفت من أن نفس العمل راجيا
أو خائفا متقرب وإن كان الداعي إلى فعله هو الخوف فالعامل لأجل الخوف مستحق للثواب لقربه وان لم يقصد لعلمه حصول الثواب فان من عظيم
السلطان خوفا يستحق ما يستحقه الطامعون وليس هذا الا لاستحقاقه المدح ولذا مدح الله الراجين والخايفين فما ذكره العلامة في أجوبة
المسائل من أن هذا الشخص لا يسمى جواد أحق الا انه يوصف بحسن اليقين وكونه مطمئنا بما وعد الله خائفا مما أو عده غير مغرور بملاذ الدنيا
ولا ريب في استحقاق هذا الشخص للمدح والثواب نعم من خاف ولم يرد بعلمه دفع الخوف ولم يرد بعلمه جلب المرجو بل عمل لله ورجى الدفع والجلب من
تفضله لا مجازاته كان أعلى مرتبة من ذلك ولا ينبغي دعواها الا لمن ادعاها بقوله صلوات الله عليه ما عبدتك خوفا من نارك ولا طمعا في جنتك
ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك والمراد انى وان كنت طامعا خائفا لكن لا أريد بعبادتي اجلب المرجو ولا دفع المخوف هذا كله مضافا إلى الآيات
والأخبار الواردة في بيان ثواب الطاعات وعقاب العاصي والامر بتحصيل ثواب الله ودفع العقاب مضافا إلى ما دل على أن العبادة على ثلاثة عبادة
الاجراء وعبادة العبيد وعبادة الأحرار وهي أفضل فان التفضيل يدل على صحة الأولين وملخص الكلام ان الثابت من أدلة وجوب التعبد فيما ثبت
كونها عبادة هو لزوم صدق الإطاعة أو حصول غرض الشارع من الامر بهذه العبادات وهو المقرب والأول مستلزم للثاني لما ذكرنا من أن المطيع
يحصل له بترجيح داعي الامر على الهوى والاعتناء بوعد الشارع ووعيده قرب فيكفي تحقق الثاني وان لم يصدق الأول كما فيمن يفعل الفعل لأجل
المصلحة الكافية الداعية إلى ايجاب الشارع له إذا كانت مما يتعلق بأمر الآخرة لان مرجعه حينئذ إلى حصول القرب به وان لم يصدق هنا الإطاعة الا ان
الغرض منها حاصل نعم المصلحة الموجودة فيه من قبيل الخواص الراجعة إلى الأمور الدنيوية كان علم بالتجربة ان صلاة الليل يدر الرزق مع قطع النظر
عن أمر الشارع لم يصح العمل بها فعله لذلك نعم لو ترتب ذلك الامر الدنيوي على إطاعة الله عز وجل في مثل صلاة الحاجات التي توصل بطاعة الله إليها
وليس المقصود هي الحاجات نفسها بل لو قصد الثواب على هذا الوجه أيضا وكان الداعي فعل العبادات مجرد الثواب لا لأنه أمر به المولى كان
العمل فاسدا ولعله مراد من ذكر بطلان العبادة بقصدهما قال في محكى النهاية في باب الصلاة ويجب ايقاع الواجب لوجوبه والمندوب لندبه
أو لوجههما لا للرياء وطلب الثواب وغيرهما انتهى فيحتمل موافقه من تقدم إليهم الإشارة وما ذكرنا من إرادة الثواب يعنى مطلق العوض من الله
لا من حيث الإطاعة كالأجير على العمل فان الفرق بينه وبين الخادم الذي يخدم لأجل انتظام معاشه واضح فان الأول يطلب العوض بإزاء العمل
والثاني بإزاء الإطاعة ويحتمل ان يريد من الثواب العوض العايد عليه عن المخلوقين من حيث كونه في اعتقادهم من أهل الصلاة الذين أمر الله بصلتهم
والاحسان إليهم فيكون تفسيرا للرياء ثم إن ظاهر قوله قده لوجوبه أو لوجهه إرادة الغاية الأصلية التي هي القربة ولذا احترز بها عن الرياء و
طلب الثواب ففيه تأييد لما قدمنا في الوجوب الغائي من كونه بالمعنى الشرعي راجعا إلى قصد القربة ولما ذكرنا من أنه يكفي عن قصد الامر قصد الوجه
الموجب لايجاب الشارع وهل تجب في الوضوء المبيح للصلاة لا مطلق الوضوء لعدم اعتبارهما فيه اتفاقا كما ستظهر مع ما ذكر من الوجه والقربة
86

نية (رفع الحدث) كما عن بعض كتب الشيخ أو يجب نية (استباحة الصلاة) أو غيرهما مما اشتراط بالطهارة كما هو ظاهر اللمعة تبعا للمحكى في غاية المراد عن
السيد أو أحدهما كما في المبسوط وموضع من الوسيلة والسرائر مدعيا اجماعنا والمعتبر وأكثر كتب العلامة والشهيد وفخر الدين في رسالة
النية وغيرهم أو كلاهما كما هو ظاهر الكافي والغنية وموضع اخر من الوسيلة وحكى عن الاصباح والرازي والمصري والقاضي أو لا يجب شئ منهما
كما هو ظاهر النهاية والمحكى عن البشرى أقوال (والأظهر) منها عند المصنف قده الأخير (وانه لا يجب شئ) منهما وعليه جماعة من متأخري المتأخرين
للاتفاق على أنه لا يجب ان ينوى في الفعل ما عدا مشخصاته وغايته ولا شئ منهما غاية له ولا مشخصا لأنهما اثران مترتبان على ايقاع الوضوء
بقيوده المشخصة لغاية القربة فالرفع والإباحة من احكام امتثال الامر بالوضوء واتيانه على الوجه الذي أمر به لا من الوجوه التي يقع الوضوء عليها
حتى يجب اخذه قيدا للفعل المقيد به قربة إلى الله فالوضوء المعين المأتي به قربة إلى الله رافع للحدث ومبيح للصلاة لا ان الوضوء المعين
الرافع للحدث أو المبيح للصلاة مأتى به قربة إلى الله كيف ولو كان الفعل المعين في نفسه رافعا للحدث أو مبيحا للصلاة لم يشترط في صحة الوضوء
قصد القربة لان رفع الحدث حينئذ كرفع الخبث يكفي في سقوط الامر مجرد وجوده في الخارج بأي غاية كان ومن هنا يظهر فساد الاستدلال على اعتبار
أحدها بما دل على وجوب الوضوء من حيث كونه طهورا مثل قوله إذا دخل الوقت وجب الصلاة والطهور فيجب قصد العنوان المأمور به لعدم تحقق الامتثال بدونه
بل عرفت سابقا وجوب قصد قيود العنوان فلا بد ان يقصد إلى هذه الأفعال بعنوان حصول الطهارة ورفع الحدث بها توضيح الفساد انه لو فرض الامر
متعلقا بعنوان التطهير أعني رفع الحدث أو استباحة الصلاة كان ذلك الامر توصليا قطعا إذ لا يقصد منه عدا حصول التطهير في الخارج ولو لم
يقصده ولم يشعر به إذ بعد حصوله على أي وجه يسقط الامر جزما فالمأمور به بالامر التعبدي المدخل له في العبادات المعتبر فيها قصد القربة هي
الافعال التي تصير سببا لحصول التطهر في الخارج بعد اتيانها في الخارج منويا بها بعد تعينها بجميع مشخصاتها التقرب إلى الله تعالى ونظير الامر
بالتطهر كل أمر يعنون بعنوان مترتب على عبادة كأوامر الإطاعة وما في معناها كقول الامر ابرء ذمتك مما عليك فان هذه كلها أوامر توصلية لم يعتبر
لغرض التعبد بمضمونها وانما أريد حصول مضمونها في الخارج فتحصل مما ذكرنا ان الفعل المأمور به على جهة التعبد لم يؤخذ فيه رفع الحدث و
الذي اخذ فيه رفع الحدث لم يؤمر به على جهة العبادة ومن هنا أيضا يظهره ضعف ما استدل به في المعتبر والمنتهى وغيرهما على اعتبار الاستباحة التي
يتحقق تارة برفع المانع وهو الحدث واخرى برفع منعه كما في المستحاضة والسلس ونحوهما بقوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم قالوا إن
الظاهر منه كون ذلك لأجل الصلاة كما يقال إذا لقيت الأسد فخذ سلاحك وإذا لقيت الأمير فخذ أهبتك فلا بد من ايقاع الافعال لأجل
الصلاة أي اباحتها وجه الضعف انه لا يفهم هذا التعليل في الآية كالأمثلة الا من تعليق وجوب الفعل على إرادة القيام إلى الصلاة إذ لا وجه
لوجوب الفعل عند إرادة ذلك الفعل الا توقف ذلك المراد على ذلك الفعل لان إرادة الشئ لا يكون سببا المطلوبية فعل قبله الا لارتباط بينهما ومن المعلوم ان
الذي يتوقف عليه الصلاة هو ايقاع هذه الأفعال المشخصة بجميع قيودها لغاية الاخلاص فكأنه قال والله العالم إذا أردتم القيام وجب
عليكم من أجل الصلاة هذه الأفعال مع النية المشتملة على المميزات والغاية وبعبارة أخرى يجب عليكم لأجل
الصلاة الوضوء بجميع شرائطها
لا انه يجب عليكم هذه الأفعال المقيدة بقيد انها الصلاة على أن يكون قصد كونه للصلاة من مشخصات الفعل لان هذا مما لا يقتضيه
سببية الشرط للجزاء ولا مقتضى لإرادته من الكلام غير قضية السببية واضعف من الكل الاستدلال على ذلك بقوله صلى الله عليه وآله انما لكل
امرئ ما نوى فإذا لم ينو رفع الحدث لم يقع والا كان له ما لم ينو وجه الضعف ان معنى قوله صلى الله عليه وآله ان له ما نوى أي يرجع فائدته إليه
وفائدة هذه الأفعال المنوية هي الطهارة ورفع الحدث والفائدة لا يحتاج إلى نية الا ترى انه إذا نوى استباحة الصلاة يباح له غيرها مما
يشترط فيه الطهارة ويكمل له ما يشترط في كماله وان لم يخطر بباله بقى في نية الوضوء امرؤ لابد من التنبيه عليها (الأول) مقتضى ما
ذكرنا كون الطهارة يعنى الرفع والاستباحة متفرعة على تحقق الوضوء على وجه العبادة والمرفوض انه لا يكون عبادة الا بعد الامر ليتمكن
فيه قصد موافقة إرادة الشارع ولا أمر بالوضوء لأجل الصلاة الا على وجه الوجوب المختص بالمقدمات حيث إن رفع المانع وهو
الحدث أحد المقدمات فتحقق الامر الغيري يتوقف على كونه مقدمة ومقدميته بمعنى رفعه للمانع متوقفه على اتيانه على وجه العبادة المتوقفة على
الامر به فيلزم الدور وبعبارة أخرى ايجاب الوضوء لأجل الصلاة يتوقف على كون الوضوء في نفسه مقدمة لها وهو مناف لما التزمنا من أن رفع الحدث
لاذى باعتباره صار الوضوء مقدمة من احكام الاتيان بالوضوء امتثالا للامر فلا بد إما من التزام أمر اخر غير الوجوب الغيري فيكون امتثاله
محصلا لمقدمية الوضوء فتجب من حيث المقدمية بالوجوب الغير واما من التزام كون الرفع ملحوظا في الوضوء قبل الامر الغيري فيصير منشأ له لكن
الأول خلاف الفرض والثاني مستلزم لعدم اعتبار القربة في الوضوء من جهة توقف رفع الحدث عليها بل كان رفع الحدث كرفع الخبث من لوازم
الفعل وهو مخالف للاجماع يمكن رفع الاشكال بوجهين أحدهما ان الوضوء في نفسه له عنوان واقعي راجح في ذاته رافع للحدث بشرط القصد إلى ذلك
87

العنوان واتيان الفعل من حيث كونه بذلك العنوان فهى مقدمة مع قطع النظر عن الامر فيؤمر به أمرا غيريا ولما كان ذلك العنوان مجهولا لا يمكن
القصد إليه وجب القصد إليه اجمالا باتيان ذلك الفعل لأجل إرادة الشارع فان ارادته وأمره به من حيث ذلك العنوان فالقصد إلى
موافقة أمر الشارع قصد اجمالي إلى ذلك العنوان واما حصول التقرب للفاعل فاعتبار رجحانه الذاتي الذي لولا الوجوب الغيري لكان
مستحبا نفسيا بل هو كذلك مع الوجوب الغيري عند بعض والقول بان الوجب الغيري لا يصير منشأ للتقرب والاستحباب فعلا غير موجود
حتى بتقرب بامتثاله لأن المفروض ايقاع الفعل لوجوبه مدفوع بمنع عدم حصول التقرب بالواجب الغيري إذا كان في نفسه عبادة مطلوبة ندبا
نظير الصوم الذي يجب مقدمة للاعتكاف المنذور غاية الأمر عدم زيادة ثوابه لأجل هذا الوجوب فإنه لا يوجب الثواب ولا يزيله لكن يبقى الاشكال
في التيمم بناء على عدم رجحانه في نفسه فلا منشأ لحصول التقرب فيه فتأمل (الثاني) ان الفعل في نفس ليس مقدمة فعلية وانما هو يصير مقدمة
إذا اتى به على وجه العبادة فإذا أراد الشارع الصلاة المتوقفة على تلك المقدمة الموقوفة مقدميها على الامر وجب الامر به مع نصب الدلالة
على وجوب الاتيان به على وجه العبادة بناء على أن وجوب قصد التعبد في الأوامر انما فهم من الخارج لا من نفس الامر فهذا الامر محقق لمقدميته
مغن عن أمرا اخر به بعد صيرورته مقدمة والمسألة محتاجة إلى التأمل الثاني حكى في الحدائق عن بعض متأخري المتأخرين ان من ليس من نيته
فعل الصلاة بعد الوضوء لا يجوز له الوضوء ولو فعله كان باطلا بل لو كان من نيته فعل الصلاة ولم يفعلها تبين بطلانه انتهى أقول
الكلام هنا في مقامات الأول جواز الوضوء بنية الوجوب وعدمه لمن لم يرد فعل الفريضة الثاني جواز الوضوء له مطلقا الثالث انه لو
نواها ولم يفعلها فهل ينكشف بذلك بطلان الوضوء أم لا (إما المقام) الأول فصريح كلام جماعة عدم الاعتبار منهم العلامة في جملة من كتبه كالتذكرة
والمنتهى والنهاية والقواعد حيث ذكر ان من ليس عليه واجب فنوى بالوضوء الوجوب وصلى به إعادة الصلاة فان تعددتا يعنى الصلاة والطهارة مع
تخلل الحدث أعاد الأولى انتهى فان صحة نية الوجوب من دون التفات إلى اشتغال ذمته بواجب يقتضى صحته مع الالتفات وان لم يرد الفعل بطريق
أولي وقد حكى هذا عن ولده فخر الدين قده بل قيل إنه هو الذي نبه والده على ذلك بعد أن افتى بوجوب إعادة الكل نعم ناقشها جامع المقاصد و
غيره في صحة نية الوجوب مع عدم اعتقاده بل اعتقاد عدمه لكن هذا أجنبي عما نحن فيه وهو أيضا صريح الذكرى قال فيها من عليه موجب ينوى
الوجوب في طهارته ما دام كذلك فلو نوى الندب عمدا أو غلطا بنى على اعتبار الوجه والحدث يرتفع وان لم يقصد ما عليه من الواجب لان وجوب الوضوء
مستقر هنا عند سببه انتهى بل هو ظاهر الشهيد الثاني وجماعة ممن تأخر عنه بل نسب إلى المشهور من أن الوضوء في وقت اشتغال الذمة بالواجب لا يكون
الا واجبا وعلل ذلك كاشف اللثام بأنه لما اشتغلت ذمته بواجب مشروط وجب عليه وإن كانت موسعه فكيف ينوى بها الندب وإن كان بقصد ايقاع ندب
مشروط فأين معنى الندب انه لا يجب عليه مع أنه وجب وليس هذا كمن عليه واجب فيصلى ندبا ان جوزناه لشافي الصلاتين انتهى لكن يحتمل ان يريدوا من
هذا الكلام مجرد عدم ندب الوضوء في حق من اشتغلت ذمته بواجب مشروط به لا جواز نية الوجوب وان لم يرد الاتيان بذلك المشروط
فلعلهم مانعون من الوضوء مطلقا لمن لم يرد فعل الواجب كما هو ظاهر ما حكاه صاحب الحدائق فيما تقدم فتأمل وممن صرح بعدم الاعتبار قصد الصلاة
في صحة فعل الوضوء الواجب صاحب الحدايق الا ان بعض كلامه ربما يشعر بأنه أخطاء محل الكلام فإنه بعد ما حكى عن بعض ان من لم يكن من نيته فعل
الصلاة بعد الوضوء لم يجز له الوضوء ولو فعله كان باطلا وحكى عن الأصحاب ما يناسب هذا القول وما ينافيه نسب هذا القول إلى الضعف و
القصور مستندا إلى عدم الدليل عليه قال لا يخفى ان الواجب هو الوضوء والصلاة والآتيان بأحد الواجبين وان لم يأت بالآخر بعده غير مضر
بصحته فمن أين لا يجوز له الوضوء وهو مخاطب به وواجب عليه غايته انه يجب عليه الصلاة معه ولكن وجوب الصلاة موسع عليه وحينئذ فلو
توضأ أول الوقت لأجل الصلاة في اخره فلا مانع من صحته انتهى ولا يخفى انه لم ينكر أحد صحته الوضوء في أول الوقت لأجل ان يصلى في اخره ولا
يقبل الانكار وانما الكلام في أن من لم يرد الصلاة الا بوضوء اخر بعد نقض هذا الوضوء كمن أراد الوضوء في أول الوقت لقرائة القران وهو قاصد إلى
النوم بعد القراءة ثم القيام إلى الصلاة فان الامتثال بالواجب الغيري والآتيان به لأجل الشارع توصلا إلى إباحة الصلاة مع عدم قصد
التوصل به إلى الغير بل لغرض اخر لا يعد إطاعة وموافقة لذلك الامر ولا يصلح لا يكون هذا الفعل إطاعة لذلك الامر الغيري الا ترى انه
إذا أمر المولى بتحصيل المال لأجل شراء اللحم، الواجب عليه فحصل العبد المال لغرض اخر لا دخل له بشراء اللحم لو يعد تحصيله هذا بداعي أمر المولى
ولم يمكن ان ينبعث عنه وهذا ما قويناه أولا وإن كان مؤداه مغايرا لاطلاق ما تقدم حكايته في كلام صاحب الحدائق كما لا يخلو عن قوة الا ان
يقال بملاحظة ما ذكرنا سابقا ان قصد التقرب في الوضوء انما هو باعتبار رجحانه الذاتي لا باعتبار وجوبه المقدمي فإذا لم يكن هذا الوجوب
داعيا إليه لم يقدح ذلك في صحته واتصافه بالوجوب نعم الوجوب يكون ملحوظا فيه على وجه التوصيف لا العلة الغائية فتأمل فما ذكر الأكثر كما
عرفت لا يخلو عن وجه وربما استظهر بعض من عاصرناه من كلمات الأصحاب في تقسيم الوضوء إلى واجب ومندوب وجعل الواجب ما كان لصلاة
88

واجبة أو طواف واجب كما في عبارة الشرائع والجعفرية أو الوضوء للصلاة والطواف المفروضين كما في عبارة الجامع أو الذي يؤدى بصلاة
مفروضة كما في عبارة المراسم ان مجرد وجوب الغاية لا يؤثر في كون الوضوء المأتي به واجبا ولو لم يوجد لأجل تلك الغاية بل الواجب ما وجد
لأجل الغاية الواقعة لكن الظاهر أن قوله في الشرائع ما كان للصلاة أي ما ثبت في الشريعة لأجل الصلاة وبهذا الاعتبار يكون واجبا
للغير لا ما تحقق في الخارج من المكلف لأجل الصلاة ويدل على ذلك اطلاق قول كلام المحققين فيما بعد ويجب الغسل إذا بقى من طلوع الفجر
من يوم يجب صومه بقدر ما يغتسل الجنب ولصوم المستحاضة حيث لم يقيداه بصورة إرادة الجنب والمستحاضة صوم ذلك اليوم هذا مع أن جعل
الواجب من الوضوء والغسل هو الفرد الموجود في الخارج المنوي به الصلاة لا ينفك عن القول بوجوب نية استباحة الصلاة والحال ان المحقق في
الشرايع قايل بعدم وجوب الاستباحة ولا رفع الحدث في الوضوء الواجب واما عبارة الجامع فلم يحضرني حتى انظر فيما قبلها وما بعدها واما عبارة
المراسم ففيها مسامحة واضحة لان ما يؤدى به الواجب قد يكون واجبا وقد لا يكون وكذلك ما يؤدى به المندوب ومع أن ظاهر هذه الكلمات معارضة
بظهور أكثر كلماتهم في أن وجوب الوضوء لأجل الصلاة وبذلك يكون واجبا للغير ففي المبسوط بعد التقسيم فالواجب هو الذي يجب لاستباحة الصلاة
أو الطواف لا وجه لوجوبه الا هذين ونحوها عبارة السرائر وهما صريحان في أن الصلاة غاية لوجوب الوضوء لا ان الوجوب يعرض للوضوء المأتي به لأجل
الصلاة فقولهما هو الذي الخ حصر للواجب في قسمين باعتبار غاية الوجوب ونحوهما في جعل الغاية للوجوب عبارات العلامة في كتبه كالقواعد
والتحرير والنهاية والارشاد وقد أطال المعاصر المتقدم قدس الله روحه في حمل عبارتي المبسوط والسرائر وما وافقهما على مطلبه بما لا يخلو عن نظر و
منع مضافا إلى ما تقدم في عبارة الشرائع من أن اللازم من جعل الواجب هو الفرد المأتي به لأجل الصلاة هو اعتبار نية الاستباحة في الوضوء
الواجب فما لم يرد به الصلاة لا يكون واجبا مأمورا به مع أن الشيخ والحلى وصاحب الجامع والعلامة لا يتعين عندهم في الوضوء واجبا كان أو مندوبا
قصد الاستباحة بل يكتفون عنه برفع الحدث فتأمل (واما المقام) الثاني فاعلم أن بعض متأخري المتأخرين جوز الوضوء بنية الندب في وقت وجوب
المشروط به ولكن ظاهر كلمات أكثر من تقدم انه لا يجوز الوضوء بنية المندب لمن عليه وضوء واجب وان لم يقصد الا غاية يستحب لها الطهارة ولازم
ذلك أن مثل هذا يقصد الوجوب ويشكل حينئذ بناء على اعتبار الوجوب غاية حيث إن الداعي ليس وجوب الوضوء بل هو جهة الندب الموجودة
الا ان يلتزم بان هذا الذي لا يقصد الاتيان بالواجب المشروط بالطهارة لا يشرع له الوضوء لان الاتيان بغاية الندب غير صحيح لعدم الندب
والآتيان به لوجوبه خلاف مقصود الفاعل فالوضوء المندوب عندهم بمنزله صلاة النافلة لمن عليه فريضة ولا يريد الاتيان بها على القول بحرمة
التنفل نعم لو اعتقد وجوبه لغاية مندوبة كالتأهب أو لنفسه فصادف وجوبه الواقعي لاشتغال ذمته بغايته وقع منه الوجوب في محلها كما تقدم من الجماعة
أو بمنع اعتبار نية الوجه الاعلى وجه التوصيف بان يقصد اتيان هذا الوضوء الواجب عليه لأجل غاية لا يوقعها لها لكن يوقعها لغاية الندب ولا يظن
بهم التزامه واما على ما استوجهناه من عدم جواز نية الوجوب الا عند إرادة الواجب المشروط ففي جواز ايقاع الوضوء بنية الندب وجهان مبنيان على
جواز اجتماع الوجوب والاستحباب الفعليين في الشئ الواحد والأقوى المنع منه وان جوزناه في غير المقام نظرا إلى وحدة حقيقة الوضوء الواجب
والمستحب ولذا لا يجوز الاتيان بأحدهما عقيب الأخر بناء على أن المندوب رافع الحدث فكان مهية رفع الحدث اجتمع فيها جهتا الوجوب والندب
نظير اجتماعهما في قتل زيد مثلا وغيره من الأمور الغير القابلة التكرار نعم لو فرضنا المندوب غير رافع كالوضوء للنوم بل مطلق الوضوء المندوب لغاية غير مشروطة
برفع الحدث على القول بعدم جواز الدخول به في العبادة جاز اتصافه بالندب لأنه فرد مغاير للفرد الواجب فيصير من قبيل صلاة النافلة في وقت الفريضة
على القول بجواز ها ومن هنا يتجه ابتناء ما ذكروه من عدم كون الوضوء في وقت الواجب المشروط به الا واجبا على اتحاد حقيقة الواجب والمندوب
حتى يمتنع اتصافه بهما معا وليس تعدد عنوانه من حيث كونها مقدمة لواجب ومقدمة لمستحب مجوزا لذلك لان
المفروضة عدم تفاوت العنوانين فيهما
عنوانان لشخص واحد وعلى ما ذكرنا من عدم كونه مندوبا بالفعل فهل يجوز الاتيان به لمن لا يريد غاية الوجوب موافقة لجهة ندبه الموجودة فيه بالفعل وان لم يكن الندب موجودا أولا فلا يشرع الوضوء لهذا الشخص لعدم قصدة الواجب المصحح لاتيانه على وجه الوجوب وعدم
استحبابه فعلا ليصح الاتيان به على وجه الندب الأقوى الأول إذا القدر اللازم في الامتثال الموجب لاستحقاقه الثواب ملاحظة جهة الطلب
الموجودة في الفعل وإن كان نفس الطلب المتفصل بتجويز الترك مفقود الوجود الجهة المانعة من الترك فان فقده على هذا الوجه لا ينافي كون ملاحظة
منشأ الاستحقاق الثواب كما هو واضح بملاحظة طريقة العقلاء في مثل المقام فراجع وهذا الوضوء له حكم المندوب وإن كان واجبا لانطباقه على
ما أمر به وجوبا وليس من باب اسقاط الواجب بالمستحب ولنشر إلى بعض ما وجدنا من كلمات المتأخرين من المانعين لما تقدم عن الشهيد الثاني و
غيره بل نسب إلى المشهور من أن الوضوء لا يكون في وقت العبادة المشروطة به الا واجبا فمنهم صاحب المدارك على ما حكى عنه حيث إنه نسبه ذلك إلى
المتأخرين قال ولم يقم دليل على ذلك عندنا ومنهم المحقق المدقق السلطان في حاشية الروضة حيث ذكر عند قول الشهيد لأنه في وقت العبادة الواجبة
لا يكون الا واجبا ما لفظه فيه نظر لأنا لا نسلم انه لا يكون في وقت العبادة الواجبة الا الوضوء الواجب لان الوضوء في كل وقت مستحب انتهى
89

وحكى عنه في حاشية أخرى أنه قال إن الظاهر بناء على ما ذكره الشارح على مذهب من يقول إن في وقت العبادة الواجبة لا يصح الاتيان بالمستحب انتهى
واعترض جمال الدين في حاشية الروضة بان هذا التحقيق ذكره الشارح وغيره في خصوص الوضوء ولو جعل بنائه على ما ذكره فلا اختصاص له بالوضوء
انتهى وقال بعد حكاية الحاشية الأولى عن السلطان ولا يخفى ما فيه لأنه إذا وجب عليه الوضوء لوجوب الصلاة فكيف يكون مستحبا ولعل مراده ان
للوضوء في كل وقت غاية يستحب الوضوء لها كالكون على الطهارة فحينئذ يجوز للمكلف الاتيان بالوضوء المندوب لها وان وجب أيضا عليه لغاية أخرى
والمصباح فقصد الندب فيه ليس بمعنى كونه مندوبه في نفسه مطلقا حتى يكون فاسدا باعتبار كونه واجبا بل بمعنى مندوبا لتلك الغاية والحاصل
انه يقصد الوضوء ندبا للكون على الطهارة لكون الوضوء مندوبا له من غير قصد إلى كونه واجبا عليه من جهة أخرى ولا دليل على عدم جواز الوضوء
على هذا الوجه واعلم أن القول بان الوضوء في حال واحد لا يكون واجبا وندبا مشهور بين الأصحاب والظاهر أن مرادهم انه لا يجوز الوضوء بقصد
الندب مع اشتغال الذمة بواجب مشروط به ويتوجه عليه ما أشرنا إليه الا ان يقال إن بناء كلامهم على اشتراط قصد الوجوب والندب والنية
بمعنى وجوب قصد حال الفعل في نفسه مطلقا من غير نظر إلى خصوص غاية إذ لا شك في وجوب الوضوء عليه حال اشتغال ذمته بمشروط
به فإذا وجب عليه ولم يقصد ذلك الندب باعتبار بعض غاياته لم يصح لكن اثبات شرط قصد الوجوب والندب على هذا الوجه دونه
خرط القتاد انتهى ثم حكى عن والده قده في شرح الدروس جواز الوضوء ندبا مع اشتغال ذمته بموجب الوضوء فان جوزنا التداخل كما هو
الظاهر يكون كافيا عن الواجب أيضا والا فلابد من وضوء اخر للواجب انتهى ولا يخفى ان مبنى كلام والده قده كالسلطان في الحاشية الأولى على
تعدد حقيقة الواجب والمندوب ومبنى كلام المشهور على منع الندب الفعلي ومبنى كلام جمال الدين قده على ما ذكرنا من ملاحظة جهة الندب
فتدبر (واما) المقام الثالث فاعلم أن ظاهرا المشهور انه متى وقع الوضوء الواجب الرافع للحدث المبيح للصلاة يترتب عليه اثره وهو ارتفاع الحدث
منجرا من غير تعلق على تحقق الصلاة بعده فان المقدمة إذا تحققت، تحققت واجبة ويترتب عليها احكام الواجب وان لم يحصل ذو المقدمة في الخارج
وقد خالف هنا بعض في المسألة الفرعية والأصولية في هذا المقام إما في الأولى فقد حكى في الحدائق عمن تقدم عنه انه لا يجوز فعل الوضوء
لمن لم يكن من نيته فعل الصلاة وان لو كان من نيته فعل الصلاة ولم يفعلها تبين بطلانه انتهى واما في المسألة الأصولية فقد حكى بعض
المعاصرين في حاشيته على المعالم انه ربما يتوهم ان المقدمة انما تتصف بالوجوب إذا تعقبها ذو المقدمة وتوصل بها إليه فإذا لم يحصل ذو المقدمة
لم يكن المقدمة موجودة على صفة الوجوب وقد زيفه المحشى الحاكي الا انه ارتضاه بعض اخر من المعاصرين وبالغ فيه في مواضع من كتابه وان عدم
تحقق ذي المقدمة يكشف عن عدم اتصاف المقدمة بالوجوب فقاس المقدمات بلوازم الواجب في أنها إذا لاحظها الطالب بوصف التجرد والانفراد
عن الواجب لم يكن مطلوبة له أصلا هذا ولكن الحق ما عليه المشهور في المسئلتين إما المسألة الفرعية فظاهرهم الاتفاق على أن الوضوء بنية رفع
الحدث أو استباحة الصلاة متى وقع على وجهه جامعا لشرايط الصحة ارتفع به الحدث وان لم يتحقق معه الصلاة التي نواها بل مطلق الصلاة ويدل
على مضافا إلى أصالة عدم اشتراط الصحة بتعقب المشروط قوله (ع) إذا توضأ فإياك ان تحدث وضوءا حتى تستيقن انك قد أحدثت ويحتمل بعيدا استناد
هذا القائل إلى ما دل على أن الطهور ثلث الصلاة ونحوه مما دل على كونه بمنزلة الجزء حتى في بطلانه إذا لم يلحقه باقي الأجزاء لكنه كما ترى واما
المسألة الأصولية فقد تحققت في محلها وان وجوب المقدمة لمعنى موجود فيها بالفعل غير معلق على حصول ذيلها وهو توقف الواجب عليها وأداء
تركها إلى تركه فكلما تحقق في الخارج اختيارا بعد الطلب خصوصا لداعى الطلب فقد وقعت مطلوبة نعم لصاحب المعالم في مسألة الضد كلام في وجوب
المقدمة فليراجع وكيف كان فالظاهر أن الوضوء المنوي به الواجب المراد به الاتيان بصلاة أو غيرها مما يتوقف عليه يقع رافعا للحدث وان لم يحصل
الفعل بعده الأمر الثالث اشتراط نية الرفع عند القايل به لا يتعقل في الوضوء المجامع للحدث الأكبر كوضوء الجنب والحايض ولا في وضوء المتطهر
كالمتجدد وهل يختص بالوضوء الذي يراد لأجل الصلاة وشبهها مما يتوقف على الطهارة أو يعم مطلق الوضوء الصادر من المحدث بالحدث الأصغر
ولو لغير ما يتوقف على الطهارة كالتلاوة ودخول المساجد ونحوهما فلا يترتب عليها غايتها بدون نية الرفع ظاهر
جماعة من المتأخرين كصاحب المدارك
وغيره هو الأول حيث عنونوا الخلاف في جواز الدخول في الصلاة بالوضوءات المندوبة واستدلالهم على الجواز بدعوى ان مطلق الوضوء المشروع
رافع للحدث والاعتراض على هذا الاستدلال بان المشروعية لا يستلزم رفع الحدث كما في الأغسال المندوبة إذ لو اعتبر في صحتها نية رفع الحدث لم يكن وجه
للخلاف في جواز الدخول بها في الصلاة لان الحدث عندهم معنى واحد إذا ارتفع جاز الصلاة ولم يكن وجه للاستدلال على الجواز بالدعوى
المذكورة ولا للاعتراض عليه بان نية الرفع متحققة بالفرض وهذا هو الظاهر من كلام الحلى في السرائر أيضا حيث قال اجماعنا منعقد على أنه
لا يستباح الصلاة الا بنيته رفع الحدث أو استباحة الصلاة فاما ان توضأ الانسان بنية دخول المساجد أو الكون على طهارة
أو الاخذ في الحوائج لان الانسان يستحب له في هذه الأحوال طهارة فلا يرتفع بذلك حدثه ولا يستبيح بذلك الدخول في الصلاة انتهى و
90

ظاهره ان الوضوءات المذكورة مشروعة غير رافعة ويحتمل بعيدا إرادة فساد هذه الوضوءات بهذه النيات وعدم حصول غاياتها الا بنية
رفع الحدث وظاهر جماعة هو الثاني بل يستفاد من جامع المقاصد انه ظاهر كل من اشترط نية الرفع أو الاستباحة وانما يكتفى بعضهم بقصد
الغاية المستحب لها الوضوء بدعوى ان قصدها قصد لرفع الحدث قال بعد ذكر الوضوءات المندوبة هل يعتبر في الوضوء الواحد من الأمور المذكورة نية
الرفع أو الاستباحة لمشروط بالطهارة ليتحقق غايته أم يكفي قصد الغاية ينبغي ان يقال بابتناء ذلك على أن نية الطهارة مكملة له هل هي كافية
في رفع الحدث لا فان قلنا بالأول كفت الغاية والا فلا بد من أحد الامرين وبدونه لا يقع الوضوء صحيحا كما يظهر من كلامهم في نية الوضوء بناء
على اشتراط نية الرفع أو الاستباحة ويحتمل الاكتفاء بنيته الغاية تمسكا بعموم ولكل امرء ما نوى ويظهر من المصنف قده في الوضوء للتكفين فإنه
استحبه وتردد في جواز الدخول به في الصلاة انتهى أقول ما استظهره من المصنف قده في الوضوء للتكفين من عدم الملازمة بين استحباب الوضوء
وبين عدم ارتفاع الحدث به وعدم جواز الدخول به في الصلاة هو الذي استظهرناه من السرائر وهو الذي اختاره المستظهر في مسألة الوضوء
لتلقين الميت وجزم به فخر الدين في الايضاح واما ما استظهره من كلامهم فالمراد به اطلاقهم القول باشتراط نية الرفع أو الاستباحة في
الوضوء فان ظاهره كونها كساير الشرايط معتبرة في جميع افراد الوضوء ويؤيده ظواهر كلماتهم الأخر قال في المبسوط في نية الوضوء وكيفيتها
ان ينوى رفع الحدث أو استباحة فعل من الافعال التي ليس من شرطها الطهارة لكنها مستحبة مثل قراءة القرآن طاهرا ودخول المسجد و
غير ذلك لم يرتفع حدثه لان فعله ليس من شرطه الطهارة وحكم الجنب في الباب حكم المحدث سواء الا ان الجنب في بعض أفعاله له يشترط الطهارة
مثل دخول المسجد والجلوس فيه فإنه ممنوع منه ولا يجوز له الا بعد الغسل وليس كذلك المحدث فإذا نوى الجنب استباحة دخول المسجد والجلوس
فيه ارتفع حدثه واما الاجتياز فيه فحكم الجنب والمحدث فيه سواء انتهى فان بعض الفحول وان فهم منه ان مراده ان الوضوء الذي يتوضأ
للصلاة لابد من قصد أحد الامرين لا مطلق الوضوء لكن هذا مناف لتسوية حكم غسل الجنب مع الوضوء معه فان الغسل للاجتياز في المسجد ان
ارتفع مع الحدث فلا معنى لعدم جواز الدخول به في المسجد والجلوس فيه وان لم يرتفع به الحدث وقع فاسدا لا مشروعا غير رافع فالغسل للاجتياز
عنده نظير الوضوء لقرائة القران ولكن قد يقال إن المرفوض في كلام الشيخ الوضوء والغسل بنية استباحة ما لا يتوقف على الطهارة
فلعل الفساد من هذه الجهة ولا ريب فيه وفيه ان الظاهر ارادته من الاستباحة مجرد الدخول في القراءة لا احراز جوازه ولذا حكم
الفاضلان في المعتبر والمنتهى والتذكرة بصحة الوضوء والغسل في الفرض الذي ذكره الشيخ وفى الوضوء للكون على الطهارة مستدلين بتحقق
قصد رفع الحدث وتبعهما الشهيد في الذكرى فان هذا الاستدلال يدل منهم على تسليم اعتبار نية الرفع في مطلق الوضوء الا انهم مدعون
تحققها في الفروض المذكورة أقول لا يخفى ان أدلة اشتراط نية رفع الحدث أو الاستباحة التي ذكروها لا تدل على اعتبارها في مطلق الوضوء كيف
ولا يعقل في بعض افراده فإذا ورد الامر بالوضوء لأجل غاية فإن لم يعلم منه مطلوبية لأجل مطلوبيته رفع الحدث في تلك الغاية فلا دليل على اعتبار
قصد رفع الحدث فيه ثم إن قلنا بان كل وضوء مشروع للمحدث يقتضى رفع الحدث كما سيجئ فيرتفع الحدث وان لم ينوه والا كان من قبيل الأغسال
المندوبة المطلوبة لغاياتها وان علم مطلوبيتها لأجل مطلوبية ارتفاع الحدث في تلك الغاية فان قصد بالوضوء رفع الحدث فلا اشكال في
صحة الوضوء بمعنى ترتب جميع اثاره عليه لارتفاع كما سيجئ التنبيه عليه في كلام المحقق الثاني وان قصد نفس الغاية فان قصد
جوازها الوضعي بمعنى الصحة أو التكليفي بمعنى الإباحة في مقابل الحرمة فهذه النية لغو لجواز الفعل بدون الوضوء فلا يصلح جعله غاية
وان قصد كمال الغاية فقد قصد ما يتوقف على الطهارة فلا فرق بينه وبين صلاة النافلة في توقفهما على الوضوء وان علم الامر يكون هو ليس المطلوبية ارتفاع الحدث في الغاية فالوضوء أولا يرتفع به الحدث لعدم قصده ولا قصد ما يستلزمه لكن هذا الوضوء
في المحدث بالحدث الأصغر لم يوجد له مورد ومما ذكرنا ظهر ان المراد بالصحة المجعولة في القواعد والذكرى ونحوهما محلا للخلاف في الوضوء
كقرائة القران ونحوه يترتب جميع الآثار عليه لارتفاع الحدث به كما اعترف به المحقق الثاني في مسألة الوضوء لتكفين الميت إذا عرفت هذا ظهر
لك ان الأقوى ان كل وضوء مندوب يقع من المحدث بالأصغر فهو رافع لحدثه توضيح ذلك أن الوضوءات المندوبة على أقسام منها ما يفعله لغاية يترتب
جوازها على ارتفاع الحدث كصلاة النافلة ومس كتابة القران ندبا ويلحق به الوضوء للتأهب وهذا لا خلاف في ارتفاع الحدث به واستباحة الدخول
به في الصلاة وغيرها وإن كان يظهر من صاحب الحدائق وجود الخلاف فيما فعل لغير الصلاة من الغايات
المتوقفة على الطهارة لكنه غير صحيحة كما تقدم
من المبسوط والسرائر ومنها ما يفعل لغايات لا يتوقف على الطهارة وهو على أقسام منها ما يتوقف فضيلة الغاية المقصودة على ارتفاع الحدث كقرائة
القران المجعولة غاية للوضوء ومثله كل عمل مندوب توقف فضله على ارتفاع الحدث واولى منه ما كان نفس الغاية فيه ارتفاع الحدث كالكون
على الطهارة ومنها ما لم يثبت توقف الغاية المقصودة فيه الا على نفس الوضوء دون الطهارة بمعنى رفع الحدث كما في السعي إلى قضاء الحاجة والنوم
وبعض أفعال الحج التي لم يدل الدليل الا على استحباب الوضوء فيها دون عنوان الطهارة بمعنى رفع الحدث وهذا الوضوء غير متحقق على وجه
91

اليقين لأن الظاهر في موارد جميع استحباب الوضوء استحباب الطهارة ورفع الحدث وفيها الوضوء المأتي بها استحبابا عقيب مثل المذي والتقبيل وشبههما مما
يستحب الوضوء منه ومنها الوضوء المأتي به للتجديد إذا انكشف سبق الحدث ويلحق به الوضوء المأتي به احتياطا ومنها الوضوء المأتي به استحبابا
باعتقاد الحيض فيكشف عدمه وثبوت الأصغر وهنا قسم نلمس وهو ما لو نوى المحدث بالأصغر وضوءا مطلقا ذكره الفاضلان والشهيد في
الذكرى مقابلا للوضوء للغايات حتى الكون على الطهارة وحكموا فيه بالبطلان ولم يعلم مراد هم منه ولو أريد به الوضوء المأتي به لا لغاية ولا
للكون على الطهارة خرج عن القسم وهو الوضوء المندوب لكونه على هذا الوجه تشريعا محرما ثم الأقسام كلها محل الخلاف وفى المدارك نسب القول
المختار إلى المعروف بين الأصحاب بل حكى عن بعض الاجماع وفيه ما لا يخفى على المتتبع فان القول بعدم ارتفاع الحدث بالوضوء لقرائة القران
الذي هو أولي الأقسام الأربعة بالصحة قد اختاره جامع المقاصد بعد أن حكى عن الشيخ والحلى وجماعة وفى الروض ان المشهور عدم كفاية التجدد
إذا ظهرت الحاجة إليه بل عرفت من الحلى دعوى الاجماع على عدم كفايته الا ان يحمل كلام المجوزين على الوضوء المندوب المشروع ويعترفون بعدم مشروعية
الوضوء لعدم نية رفع الحدث ويكون مراد المانعين اعتبار رفع الحدث في صحة بالوضوء المندوب فلا خلاف بينهم المصباح في جواز الدخول في الصلاة
بالوضوء المندوب الصحيح الا ان خلافهم في الصحة لكن هذا خلاف ما عرفته سابقا من أن النزاع في ذلك بعد الفراغ عن المشروعية بدون
نية رفع الحدث فافهم وكيف كان فما حكاه في المدارك عن بعض الأصحاب من الاجماع على الصحة فلعل منشئه عبارة أخرى للحلى في السرائر حيث قال
ويجوز ان يؤدى بالطهارة المندوبة الفرض من الصلاة باجماع أصحابنا انتهى ومن نظر في مساق العبارة المذكورة ولاحظ السرائر ظهر له ولو بقرينة
ما تقدم من دعوى الاجماع على الممنوع ان مراده بالطهارة المندوبة هي المأتي بها بنية الندب لصلاة النافلة ونحوها والعبارة المذكورة بعينها ذكرها
ابن زهره في الغنية واستدل عليه أيضا الاجماع ثم ذكر ان من خالف في ذلك من أصحابنا فغير معتد به وربما يجعل هذه الفقرة قرينة على إرادة
مطلق المندوب نظرا إلى أنه لا خلاف بين أصحابنا ظاهرا في جواز الدخول في الفريضة بالوضوء المأتي به لصلاة النافلة لكن الانصاف ان سياق ظهوره
كلامه فيما ذكرنا أقوى من ظهور هذه الفقرة فلا حظ ونظير اجماع الغنية والسراير في الايهام المذكورة ما في التذكرة والمنتهى ففي الأول يجوز ان
يصلى بوضوء واحد جميع الصلوات فرايضها وسننها ما لم يحدث سواء كان الوضوء فرضا أم نفلا وسواء توضأ لنافلة أو لفريضة قبل وصول
وقتها أو بعده مع ارتفاع الحدث بلا خلاف إما بقاء الحدث فقولان سيأتي تحقيقها انتهى وفى المنتهى بوضوء واحد ما شاء من الصلوات
وهو مذهب أهل العلم انتهى ولا يخفى ان مساقهما أجنبي عما نحن فيه وكيف كان فالظاهر أن كثيرا من الأصحاب على خلاف ما استظهره في المدارك منهم
وإن كان الأقوى في النظر ما اختاره قده إما في القسم الأول فلان المفروض انه توضأ وضوءا نوى به ما يتوقف على ارتفاع الحدث وهي فضيلة
القراءة فلا فرق بينه وبين نية جواز مس كتابة القران وإباحة الدخول في الصلاة وبعبارة أخرى استحباب قرائة القران مرفوع الحدث يدل
على استحباب نية رفع الحدث لها في الوضوء فإذا اتى بالوضوء كذلك حصل الغاية المقصودة منه أعني رفع الحدث وهذا معنى ما في المنتهى تبعا للمعتبر من أنه
نوى شيئا من لوازمه صحة الطهارة وهو ايقاع القراءة على وجه الكمال ولا يتحقق الا برفع الحدث فيكون رفع الحدث منويا واعترضه في جامع المقاصد
بان المفروض نية القراءة لا النية على هذا الوجه المعين إذ لو نواه على هذا الوجه ملاحظا ما ذكر لكان ناويا رفع الحدث فلا يتجه في الصحة
اشكال فعلى هذا الأصح في المتنازع فيه البطلان واليه ذهب الشيخ والحلى وجماعة هذا بناء على اعتبار نية الرفع والاستباحة فعلى القول
بعدم اعتبارهما في النية فلا اشكال في الصحة انتهى أقول لا يفهم للوضوء بنية قرائة القران معنى غير قصد وقوع القراءة على الوجه الأكمل هو
كون القارئ مرتفع الحدث فنية القراءة يرجع إلى نية رفع الحدث نعم لو فرض ان مجرد كون القارئ متوضأ وان لم يرتفع حدثه مستحب فهو
وإن كان خلاف المستفاد من أدلة القراءة والكون على الطهارة مع كونه مستلزما لكون استحباب القراءة مرتفع الحدث اكد فيستحب
الوضوء بنية رفع الحدث الا ان لما ذكره قده من انفكاك نية القراءة عن نية رفع الحدث على هذا الفرض وجه ويتجه أيضا ما ذكره في الايضاح
في وجه عدم صحة هذا الوضوء من أنه يعنى نية القراءة مثلا غير مستلزم لرفع الحدث لان كل ما كان مستلزما للشئ منع اجتماعه مع نقيضه وهنا
يمكن اجتماعه مع الحدث حتى يكون ناويه غير ناو لرفع الحدث هذا ولكن المفروض ان المستفاد من الأدلة كون فضيلة القراءة موقوفة على ارتفاع
الحدث ثم الكلام في الفرض المذكور وهو ما إذا ثبت استحباب الوضوء لأجل القراءة وان لم يرتفع حدثه داخل في القسم الثاني والحق فيه أيضا
ارتفاع الحدث به بناء على أن الوضوء المشروع الواقع من المحدث بالأصغر رافع لحدثه لا محالة ويدل على هذا المبنى وجوه الأول ان الامر بالوضوء
في الكتاب والسنة أمر مقدمي يفيد وجوبه للغير وقد أشرنا في الأمر الأول إلى أن اللازم من هذا كون الوضوء في نفسه مقدمة للصلاة رافعا لمانعها و
صيرورة هذا منشأ لوجوبه وقد أشرنا إلى الجمع بين هذا وبين عدم كون الوضوء رافعا لمانع الصلاة الا بعد تعلق الامر به واتيانه امتثالا
لذلك الامر لكن المناسب لهذا الاستدلال الوجه الأول من وجهي الجمع المتقدمين فراجع ويؤيد ذلك ما ورد في علة الاستحباب الوضوء
92

للصلاة من قول أبى الحسن الرضا (ع) وانما أمر بالوضوء وبدئ به لان يكون العبد طاهر إذا قام بين يدي الجبار لما جائه إياه مطيعا له فيما
امره نقيا من الأدناس والنجاسة مع ما فيه من ذهاب الكسل وطرد النعاس بين يدي الجبار فان الرواية ظاهرة بل صريحة في أن رفع الحدث
من قبيل الخاصية المترتب على ذات الوضوء وهو المنشأ للامر به فثبت ان مهيته الوضوء لما كانت رافعة للحدث أمر بها لان الوضوء المأمور به
لأجل الصلاة المأتي به لأجلها رافع (الثاني) ان الوضوء مستحب في نفسه وهو رافع للحدث ومبيح للدخول في الصلاة فكلما أمر به ندبا لغاية
ترتب عليه ذلك الأثر وهو رفع الحدث مع قابلية المحل لا في مثل الحايض والجنب لان المأمور به في الأوامر الغيرية هو المأمور به في الأوامر
النفسي واحتمال تغاير حقيقي المأمور به في الأوامر الغيرية والمأمور به الامر النفسي يدفعه ظواهر الأدلة في المقامين فالامر الغيري
المتعلق بالوضوء في الحقيقة أمر يحصل ذلك الأثر المترتب على فعل الوضوء إما استحباب الوضوء في نفسه فالظاهر أنه مما لا خلاف فيه كما في كشف اللثام
وقد صرح به الحلى والفاضلان والشهيدان وغيرهم ويدل عليه الاخبار الآتية واما انه رافع للحدث فالظاهر الأدلة الدالة على استحبابه في ذلك
مثل قوله تعالى ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين فإنه يدل على استحباب التطهر في والتطهر نفسه إما خصوص التطهر من الحدث واما أعم منه ومن التطهر
من الخبث ومثل قول علي (ع) الوضوء على الطهور عشر حسنات فتطهروا فان ظاهر الامر الاستحباب النفسي ولا اختصاص له بمورده من وضوء
التجديدي ومثل قوله (ع) حكاية للحديث القدسي من أحدث فيما يتوضأ فقد جفاني ومن توضأ ولم يصل ركعتين فقد جفاني ومن توضأ
وصلى ركعتين ودعاني ولم أجبه فيما سئله من أمر دينه أو دنياه فقد جفوته ولست برب جاف فان الظاهر من الرواية استحباب التوضي للمحدث
لمجرد رفع الحدث لا لأجل صلاة ركعتين فظاهره ان ترك الوضوء جفاء وترك الصلاة جفاء اخر فهما مطلوبان مستقلان لا ان المقصود
من الوضوء الصلاة كما لا يخفى ومثل ما عن الأمالي من قوله (ص) يا انس أكثر من الطهور يزد الله في عمرك وان استطعت أن تكون بالليل والنهار
على طهارة فافعل إذا مت على طهارة مت شهيدا ومنه يظهر جواز الاستدلال بما عن نوادر الراوندي عن أمير المؤمنين (ع) كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله
إذا بالوا توضؤا أو تيمموا مخافة تدركهم الساعة فان الظاهر بقرينة رواية انس مخافة ادراك ساعة الموت على غير طهارة فيفوتهم ثواب
الشهادة هذا ولكن لا يخفى ان هذا الوجه موقوف على ورود الامر أولا بالتوضئ والعلم بترتب الأثر عليه من الخارج إما لو فرض ورود الامر أولا
بالتطهير من الحدث فيدل ذلك على الامر من باب المقدمة بالتوضئ فيكشف ذلك عن كون الوضوء في نفسه مقدمة ويترتب عليه الأثر فيرجع هذا
الوجه إلى الوجه الأول فتدبر الثالث انا قد بينا عدم اشتراط نية الرفع أو الاستباحة في الوضوء وكفاية القربة وكل ما قلنا بكفاية نية
القربة ارتفع الحدث بالوضوء المندوب الاجماع المركب وعدم القول بالفصل من جماعة منهم فخر الدين والمحقق الثاني حيث نفيا الاشكال
في صحة الوضوءات المذكورة بناء على كفاية نية القربة وعدم اعتبار نية الرفع أو الاستباحة ومنهم الشيخ والحلى في عبارتهما المتقدمة من المبسوط و
السرائر حيث فرعا عدم ارتفاع الحدث بالوضوءات المذكورة على الانعقاد الاجماع على اعتبار نية الرفع أو الاستباحة الرابع بعض الأخبار الظاهرة
في هذا المعنى مثل ما يظهر منه اطلاق الطهور على الوضوء بقول مطلق ولازمه ترتب احكام الطهور عليه مثل ما عن الخصال في حديث الأربعمائة
إذا توضأ أحدكم فليسم إلى أن قال فإذا فرغ من طهوره قال كذا الخ ومثل ما استدل به صاحب المدارك على هذا المطلب من قوله (ع) في موثقة ابن بكير
إذا استيقنت انك توضأت فإياك ان تحدث وضوء حتى تستيقن انك أحدثت دلت على النهى عن الوضوء بقصد الوجوب أو رفع الحدث عقيب
اليقين بالوضوء من دون تفصيل بين افراد الوضوء المتيقن فدل على كفاية كل وضوء ويمكن ان يقال إن انه مسوق لبيان كفاية عدم اليقين
بالحدث بعد اليقين بالوضوء بعد الفراغ عن كون الوضوء المتيقن رافعا للحدث فافهم وما استدل به غيره من قوله (ع) لا ينقض الوضوء الا حدث
فإنه دال على كون الحدث ناقضا للوضوء بقول مطلق ولازم ذلك كون الوضوء أيضا رافعا للحدث إذ لو جامعه لم ينقض به لعدم التنافي ويمكن ان يمنع
الملازمة كما في الأغسال المندوبة الصحيحة مع الحدث الأصغر مع انتقاضه به على أقوى القولين واضعف من الكل واستدل به ثالث من حسنة
زرارة قال قلت لأبي جعفر (ع) الرجل يصلى بوضوء واحد صلوات الليل والنهار قال نعم ما لم يحدث وفيه ان السؤال عن صحة ان يصلى بوضوء واحد
أزيد من واحده بعد الفراغ من جواز صلاة واحدة به والكلام فيما نحن فيه في صحة أصل الصلاة بالوضوءات المذكورة وكيف كان فالعمدة
في اثبات المطلب الوجه الأول ويؤيده الباقي فافهم ومن هذه الوجوه بأسرها يعلم الصحة في القسم الثالث وهو الوضوء التجديدي وفاقا للشيخ والمحقق
وجماعة الا ان الاخبار هنا أوضح دلالة مثل ما تقدم من قوله (ع) الوضوء بعد الطهور عشر حسنات فتطهروا وفى مرسلة سعد ان الطهر على الطهر
عشر حسنات فان اطلاق الطهر على الوضوء التجديدي يكشف عن كونه مثل الوضوء الأول في احداثه نظافة باطنة لو صادفت الحدث رفعه وتوضيح هذا
المعنى ما ورد من أنه نور واطلاق التجديد عليه في النص والفتوى ويؤيده ما نسبه في الذكرى إلى ظاهر الاخبار والأصحاب من أن شرعية المجدد
للتدارك منوى به تلك الغاية وتوضيحه انه إذا كان الحكمة في تشريعه تأثيره فعلا لو كان المكلف محدثا لعدم الطهارة رأسا أو الخلل في السابقة
93

فالمكلف ناو اجمالا لرفع الحدث به لو فرض كونه محدثا ولذلك قال الشيخ بصحته مع اشتراط النية ترفع
والاستباحة وطعن عليه الحلى وتعجب منه
العلامة وانتصر له في غاية المراد بان نية الاستباحة انما يعتبر مع التذكر إما إذا ظن المكلف حصولها فلا فإذا جدد فصادف حدثا في نفس الامر
كان مرتفعا كيف وهم يعلمون شرعية المجدد باستدراك ما عساه فات في الأول ومثله استحباب الغسل في أول ليلة من شهر رمضان تلافيا لما
عساه فات من الأغسال الواجبة والاتفاق واقع على اجزاء يوم الشك ندبا والصدقة بدرهم تمرا تلافيا لما جاز لزومه في الاحرام انتهى لكن هذا
التوحيد لا يصلح في مقابل العلامة الذي لا يقول بكفاية الوضوء الاحتياطي المنوي به التدارك صريحا فضلا عن هذا الوضوء الذي يكون حكمته
الاحتياط والتدارك فالأولى ان يقال إن قصد تجديد الوضوء قصد لاحداث تلك النظافة التي ذكرنا ان المستفاد من الاخبار كونها من جنس النظافة
الأولى فترفع الحدث لو صادفته نعم التوجيه الذي ذكره في غاية المراد حسن جدا لو قصد بالوضوء التجديدي الاحتياط والتدارك صريحا بان يلتفت
إلى احتمال خلل في الطهارة الأولى فتوضأ بداعي التجديد على تقدير عدم الخلل والتدارك على تقدير الخلل فان الظاهر صحة هذه النية كما
يستفاد من النصوص الواردة في نظايره التي ذكر الشهيد جملة منها ومن هنا يظهر حكم الوضوء المستحب عقيب المذي وأخويه حيث إن
الظاهر أن المطلوب بالوضوء فيها تكميل النقص الداخل على الطهارة بسبب هذه الأمور والانصاف ان التجديد بملاحظة حكمه أولي برفع
الحدث من هذا الوضوء فتأمل ويظهر أيضا حكم الوضوء المأتي به لمحض الاحتياط مع كون المكلف محكوما ظاهرا بالطهارة لاستصحاب أو شك بعد الفراغ ونحو ذلك فان
الأقوى صحته وارتفاع الحدث به لو صادفه وهو أولي بذلك من الوضوء التجديدي ثم إن المحقق في المعتبر ذكر في الوضوء التجديدي ان الوجه فيه الصحة
إذا نوى بالثانية الصلاة لأنها طهارة شرعية قصد بها فضيلة لا تحصل الا بها وذكر انه لو نوى به وضوء مطلقا لم يصح قال في الذكرى ان هذا الفرق
يشعر بان المجدد عنده قسمان انتهى وقد تقدم عن المحقق في الوضوء للقرائة انه ان نوى وضوءا مطلقا لم يصح فلا بد من التأمل في مقصوده
ثم إن الكلام في الوضوء المجدد جهة أخرى وهي نية الوجه فان من يعتبر نية الوجه لا بد له بعد القول بصحة هذا الوضوء والاغماض عن اعتبار نية
الرفع والاستباحة من التفصيل بين ما إذا اتحد المتجدد والمتجدد في الوجه وبين إذا ما اختلفا وكذلك الكلام في الوضوء الاحتياطي والأقوى عدم
اعتبار ذلك وان قلنا باعتبار نية الوجه ويظهر وجهه مما تقدم في نية الوجه واما القسم الرابع وهو وضوء الحايض والجنب إذا ظهر عدم
الحدثين حال الوضوء فلم يتعرض له الأكثر نعم في البيان ولا يجزى وضوء الحايض ولو ظهر بعد الوضوء انقطاعه والأقوى فيه الصحة بناء على ما استفدناه
من الاخبار من أن الوضوء حقيقة واحدة له تأثير واحد وهي نظافة معنوية فان وجدت محلا قابلا للتأثير اثرت وان لم يكن المحل قابلا فإن كان لوجود
الأثر قبل الوضوء أكده كما في الوضوء المجدد ثم التأثير يكون بارتفاع الحدث إذا كان أصغر وبتخفيف الحدث الأكبر عطلتا أو لبعض الافعال
كالنوم والاكل والذكر في أوقات الصلاة فالمؤثر في المحدث بالأصغر والأكبر شئ لكن يختلف اثره باعتبار المحل فإذا تبين كون الحايض منقطعة
الدم اثر الوضوء اثره نعم من يعتبر نية الوجه أو نية الرفع أو الاستباحة فيشكل عليه الحكم بالصحة فافهم والمسألة محتاجه إلى التأمل وانما أطلنا
زمام الكلام في هذا المقام لكون المطلب حقيقا بالاهتمام ولما ذكر المصنف اعتبار النية في الوضوء وعدم رفعه الحدث الا بها تفطن بحال إزالة
الخبث (و) قال إنه (لا يعتبر النية) يعنى مطلق القصد فضلا عن قصد التقرب في (إزالة النجاسات) لان المقصود منها زوال النجاسة وقد علم من الشرع
حصوله بمجرد إصابة المتطهر للنجس ولو من دون قصد ولا شعور من أحد مثل قوله كل شئ يراه المطر فقد طهر وقوله مشير إلى غدير من الماء
ان هذا لا يصيب شيئا الا وقد طهره وقوله كلما أشرقت عليه الشمس فقد طهره هذا كله مضافا إلى اطلاقات الامر بالغسل عن النجاسات فان
ظاهر الامر سقوط التكلف باتيان المأمور به بأي وجه كان نعم قد يقال إن ظاهر تلك الأوامر اعتبار المباشرة وكل واجب اعتبر فيه المباشرة
اعتبر فيه النية وفيه مضافا إلى ظهور كثير من أدلة تطهير النجاسات في عدم لزوم المباشرة ان الاجماع بل الضرورة قائمة على عدم وجوب
المباشرة في إزالة النجاسة ومما ذكر ظاهر انه لا وجه للاستشكال في المقام حتى قال في المدارك ان الفرق بين ما يجب فيه النية من الطهارات
ونحوها وما لا يجب فيه من إزالة النجاسة وما شابهها ملتبس جدا لخلو الاخبار من هذا البيان انتهى وان ظاهر الامر عدم اعتبار النية وجوب
مباشرة المأمور به وهما متنافيان لان كل فعل وجب فيه المباشرة وجب فيه النية بالاجماع والاستقراء الا انه بعد ما ثبت من الخارج عدم
اعتبار المباشرة بقى ظاهر اللفظ من عدم اعتبار النية سليما عن المعارض نعم ربما ادعى ان الأصل الثانوي المستفاد من أدلة اعتبار النية في جميع الأعمال
مثل قوله تعالى وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين وقوله صلى الله عليه وآله انما الأعمال بالنيات وقوله (ع) لاعمل الا بنية تقتضي كون كل
عمل متوقفا على النية الا ما خرج وقد أوضحنا في الأصول وأشرنا هنا في أول مسألة النية إلى عدم تمامية هذا الأصل فراجع (ولو ضم) المتوضى إلى (نية)
(التقرب) بالوضوء إرادة شئ اخر فلا يخلو إما ان يكون مباحا مثل التبرد والتسخن ونظافة العضو وغير ذلك من المقاصد المباحة واما ان يكون
محرما كالرياء والسمعة أو محرما اخر واما ان يكون راجحا شرعا فالكلام في مقامات ثلاثة إما المقام الأول فالمحكى في قواعد الشهيد عن ظاهر الأكثر
94

والمصرح به في المبسوط والمعتبر وبعض كتب العلامة انه لا يحل ذلك في الصحة وكانت طهارته مجزية واستدل له جماعة بما في المبسوط والمعتبر من أنه
نوى الواجب وزيادة وزيد عليه ان هذا الضمايم من اللوازم فهى حاصلة وان لم يقصد وأورد عليه بمنع حصول الواجب مع عدم الاخلاص المعتبر فيه
المقتضى لكون الامر هو الداعي بالاستقلال وحصول اللازم لا يستلزم قصده والقادح هو القصد دون الحصول كما أن مقصود المرائي وهو
مدحه حاصل مع أن قصده قادح اجماعا ولذا اختار العلامة في بعض كتبه تبعا لجماعة كما في الروض البطلان وتبعه عليه فخر الدين والشهيدان
في البيان والقواعد والروض والمحقق الثاني وصاحب الموجز وغيرهم ولهم مضافا إلى ما ذكر من اعتبار الاخلاص المنافى لاشتراك الداعي ما دل
على حصر العباد فيمن يعمل طمعا في الثواب ومن يعمل خوفا من العقاب ومن يعمل حبا فان الله ظاهر الحصر بطلان عبادة غيرهم وما عدا الحب من الأمور الراجعة
إلى الله عز وجل راجع إليه بأدنى تأمل وهنا تفصيل احتمله الشهيد في قواعده ونسبة الجزم إليه سهو قال بعد ترجيح مذهب المتأخرين ويحتمل ان
يقال إن كان الباعث الأصلي هي القربة ثم طرء التبرد عند الابتداء بالفعل لم يضر ولو كان الباعث الأصلي هو التبرد فلما اراده ضم القربة
لم يجز وكذا إذا كان الباعث مجموع الامرين لا انه لا أولوية المصباح فتدافعا وتساقطا فكأنه غيرنا وانتهى وحكى الجزم بهذا التفصيل عن غير واحد
من المتأخرين وزاد الفاضل الهندي فنزل اطلاق الأصحاب على ذلك أقول الظاهر أن مراد الشهيد بالباعث الأصلي هو المستقل في البعث وبالطارئ
ما أكده من غير أن يكون له مدخل في البعث نعم ثمرة تأكيده ربما يظهر في مقامات اخر مثل ما إذا طرء على الباعث الأصلي ما يزاحمه في البعث لولا تأكده
بهذه الضميمة لكنه في ذلك الفرض أيضا يخرج عن الاستقلال والحاصل ان فرض مدخلية الضميمة يوجب تركب الباعث قد حكم فيه بالفساد والمصباح
فلا يبعد ما في شرح الفاضل من تنزيل اطلاق الأصحاب عليه كما يشعر به عنوان المسألة هنا بضم نية التبرد إلى نية التقرب الظاهر في حصول نية التقرب
الذي فسر المصنف قده الاخلاص بها في المعتبر واستدلاله فيه تبعا للمبسوط على الصحة بكون نية التبرد زيادة غير منافية فان ظاهره عدم دخلها في
أصل الفعل ثم إنه يدخل في عبارة الشهيد قده ما لو كان تركب الباعث من مجموع التقرب والتبرد من حيث كون كل منهما جزءا غير قابل في نفسه
للاستقلال في البعث لو انفرد عن الأخر وما كان التركيب فيه باعتبار كون كل منهما لو خلى وطبعه باعثا مستقلا في البعث الا ان اجتماعهما أوجب
بمقتضى استحالة اجتماع علتين على معلول واحد وامتناع الترجيح بلا مرجح استناد الفعل إلى المجموع المركب وربما يقرب الصحة في الثاني تبعا لكاشف
الغطاء ولعله لدعوى صدق الامتثال المصباح وجواز استناد الفعل إلى داعي الامر لان وجود الداعي المباح وعده المصباح على السواء نعم يجوز استناده
إلى الداعي المباح أيضا لكن القادح عدم جواز الاستناد إلى الامر لا جواز الاستناد إلى غيره الا ترى انه لو أمر المولى بشئ وامر الوالد بذلك الشئ فاتى
العبد به مريدا لامتثالهما بحيث يكون كل منهما كافيا في بعثه لو انفرد عد ممتثلا لهما وفيه منع جواز استناد الفعل إلى كل منهما لامتناع وحدة
الأثر وتعدد المؤثر ولا إلى أحدهما للزوم الترجيح بلا مرجح بل هو مستند إلى المجموع والمفروض ان ظاهر أدلة الاخلاص واعتبار القربة يبقى مدخلته
شئ اخر في العمل واما المثال المذكور فيمتنع فيه صدق امتثال كل من المولى والأب نعم لما اجتمع الامر ان في فعل شخصي واحد لا يمكن التعدد فيه لم يكن
بد من الاتيان به مريد الموافقة الامرين وهذا غاية ما يمكن في هذا الفرض من موافقة الامر بخلاف ما نحن فيه فإنه يمكن تخليص الداعي لموافقة
الامر وتحصيل التبرد بغير الوضوء ان أمكن والا فعليه تضعيف داعي التبرد وتقوية داعي الاخلاص فان الباعثين المستقلين يمكن ملاحظة
أحدهما دون الأخر كما لو أمر الشارع بانقاذ ولده الغريق فإنه قد ينقذه لمحض محبة الولد من غير ملاحظة أمر الشارع وإن كان ينقذه لو كان
غير ابنه لمحض الامر ولو تكلف لا عن شوق وقد يكون الامر بالعكس فيكون الباعث المستقل أمر المولى وإن كان الداعي الأخر موجودا بالفعل بحيث
لولا أمر المولى لفعله بهذا الداعي كجميع ما كان يصدر عن أمير المؤمنين (ع) من المشتهيات والملاذ النفسانية حيث كانت يصدر منه (ع)
لموافقة أوامر الله المتعلقة بها باعتبار من الاعتبارات مع وجود الداعي المستقل الأخر بحيث لو فرضنا عدم رجحان ارتكابه شرعا من وجه من الوجوه كان
يرتكبه بمقتضى الداعي النفساني الموجود فيه وقد يكون أحد الداعي من مستقلا والاخر مؤكدا ولا كلام فيه أيضا انما الكلام فيما إذا اشتركا في التأثير
الفعلي وأمكن للمكلف تخليص القربة في البعث ثم إن محل الخلاف الضميمة المباحة الدخيلة في أصل العمل واما الموجبة لاختيار بعض افراده على
بعض فلا اشكال ولا خلاف في عدم قدحها ضرورة ان مقتضى التخيير في افراد الكلى تفويض الخصوصيات إلى الدواعي النفسانية للمكلف فاختيار
الوضوء بالماء البارد في الصيف والحار في الشتاء لأجل التبرد أو التسخين غير قادح في الامتثال قطعا (واما المقام) الثاني فاعلم أن المعروف
بين الأصحاب بطلان العمل بضميمة الرياء ويدل عليه مضافا إلى حرمة الرياء الثابتة بالنص والاجماع الموجبة لفساد العمل المتحد معه في الوجود
وعدم الاخلاص المقتضى لعدم حصول الإطاعة مع الضميمة المباحة كما عرفت فضلا عن المحرمة الأخبار الدالة على كون العمل المرئي فيه مرودا
مكتوبا في صحايف السيئات مثل رواية السكوني عن أبي عبد الله (ع) قال قال النبي صلى الله عليه وآله ان الملك ليصعد بعمل العبد مبتهجا به
فإذا صعد بحسناته يقول الله عز وجل اجعلوها في سجين فإنه ليس إياي أراد بها فان تعليل ثبت العمل في كتاب الفجار لعدم انحصار مراد العاقل
95

في الله عز وجل صريح في المطلب ورواية أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) يجاء بالعبد يوم القيمة قد صلى فقال يا رب قد صليت ابتغاء
وجهك فيقال له هل صليت ليقال ما أحسن صلاة فلان اذهبوا به إلى النار ثم ذكر مثل ذلك في القتال وقراءة القران والصدقة
ورواية علي بن سالم عن أبي عبد الله (ع) قال يقول الله عز وجل من أشرك معي غيري في عمل لم اقبله الا ما كان لي خالصا وفى رواية
سفيان بن عنبسة عن أبي عبد الله (ع) قال افعل الخاص الذي لا يحمدك عليه الا الله عز وجل وفى صحيحة زرارة وحمران عن أبي جعفر (ع)
لو أن عبدا حمل يطلب به وجه الله والدار الآخرة وادخل فيه رضي أحد من الناس كان مشركا إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة وقد اشتهر عن
السيد قده ان دخول الرياء في العمل موجب لسقوط ثوابه لا لعدم اجزائه معنى وجوب فعله ثانيا والعقاب على
تركه ويمكن ان يستدل له بعد
سقوط الأخبار الدالة على عدم قبول العلم المرائي فيه بما قرره قده من أن القبول أخص من الأجزاء فعدمه أعم بان منشأ الفساد إن كان مجرد تركب
الداعي لم يقدح ذلك كما تقدم في الضميمة المباحة عن ظاهر الأكثر وإن كان حرمة الرياء المتحد مع العمل في الوجود الخارجي فهو مبنى على كون الرياء هو
العمل المقصود به الخلق دون الخالق وامتناع اجتماع الأمر والنهي إما لو كان هو قصد ذلك فالمحرم هو قصد ذلك لا العمل المقصود به ذلك ولو قلنا
بجواز اجتماع العبادة في الوجود مع ما هو محرم كما نسب إلى السيد لم يقدح تحريم نفس العلم أيضا نعم يمكن الاستدلال المصباح بمثل قوله لا عمل الا بنية وانما
الأعمال بالنيات الا ان القول بعدم قدح الضميمة المباحة يوجب توجيه هذه الأدلة بما يسقط معه الاستدلال بها في هذا المقام أيضا هذا
ولكن المذهب ما على المشهور لان ظاهر عدم القبول عرفا هو الفساد وعدم الأجزاء وكثرة استعماله في عدم الثواب الكامل لا يوجب رفع اليد عن
الحقيقة وبعض الأخبار المتقدمة ظاهرة في العقاب على العمل من حيث نفس العبادة فلا يسمع دعوى كون الرياء هو نفس القصد ولا ينفع القول
بجواز اجتماع الأمر والنهي لان اختلاف متعلق الأمر والنهى بحسب الداعي فان المنهى هي الصلاة لداعى الرياء فتأمل نعم يمكن المناقشة في بعض
الروايات السابقة بعدم دلالتها على حرمة العمل فان أظهرها رواية السكوني فإنها ظاهرة بقرينة ابتهاج الملائكة به في استجماعه لشرائط الصحة
إذ لا يخفى عليهم الشرائط المعتبرة في العبادة كالوضوء المأتي به لمحض التبرد والتسخين وكذل المأتي به لمحض مدح الناس فلا بد من حمل الرد فيها
على عدم القبول الكامل من جهة الرياء الخفي الذي لا يمكن الزام كل أحد بدفعه وابطاله للعمل فيحمل الرواية على مكلف خاص يكون هذا العمل منه
كالسيئة وإن كانت من غيره حسنة فان حسنات الأبرار سيئات المقربين ويكون المراد بالسجين المحل الهابط السافل مقابل العليتين بالنسبة
إلى هذا المكلف ويشهد له تفسير السجين في بعض الروايات بالأرض السابعة والعليتين بالسماء السابعة وكيف كان فالاستدلال بها لا
يخلو الاشكال بعد الإغماض عن كونها رواية السكوني الا ان العمل على المشهور غير محتاج إليه وهنا أمور الأول انه لا فرق بين كون الرياء
علة مستقلة أو جزء من العلة مستقلا لو تجرد عنه أو غير مستقل إما لو كان تبعا بالمعنى المتقدم وهو التأكيد الداعي الذي استظهرنا سابقا
انه مراد المجوزين للضميمة ففي بطلان العبادة به اشكال من اطلاق قوله (ع) في صحيحة زرارة المتقدمة ثم ادخل فيه رضي أحد من الناس فإنه يصدق
على مثل ما نحن فيه لان الفعل مستند إلى الداعي المتأكد فللمؤكد دخل في هذا الداعي الشخص ويؤيده قوله (ع) للمرائي ثلاث علامات ينشط إذا
إذا رأى الناس ويكسل إذا كان وحده ويحب ان يحمد في جميع أموره فان الظاهر من نشاطه بمرئى الناس شوقه وتأكد داعيه إلى العمل والمراد
من الكسل عند الخلوة وقوع العمل عنه متكاسلا وهو عين ما نحن فيه ومن أن ظاهر أكثر أدلة الرياء الاختصاص بصورة استقلاله في البعث أو
تركب الباعث فيراد المصباح من الادخال في صحيحة زرارة ادخاله في الباعث على وجه الجزئية لا التأكيد ومن النشاط والكسل في رواية سفيان
المتقدمة الهمة على العمل والتقاعد عنه والمسألة لا يخلو عن اشكال الثاني ان ضم الرياء انما يبطل الفعل الذي انضم إليه فإذا كان جزء لعبادة بطل
فان أمكن تداركه فهو والا بطل الكل فإذا غسل اليد اليسرى غسله ثانية مستحبة بقصد الرياء بطل الوضوء من جهة امتناع المسح بالماء الخارج
عن الوضوء وإذا كان من الأجزاء المستحبة ولم يتداركه لم يلزم من بطلانه الا بطلان المركب من حيث كونه فردا مستحبا من الواجب فلا يبطل ما
عدا ذلك الجزء من الأجزاء التي تلتئم منها أقل الواجب بل يصدق انه اتى بالفرد الواجب بمحض القربة ولا فرق في ذلك بين ان يكون المنوي ابتداء
هو ذلك الفرد المستحب وان يبدو له ذلك عند إرادة الاتيان بذلك الجزء لان نية الفرد الخاص لا يوجب البقاء عليها لان ما لا يجب نيته ابتداء لا يجب البقاء عليها لان ما لا يجب نيته ابتداء لا يجب البقاء عليه فكأنه عدل
عن الفرد المستحب إلى أقل الواجب بل نوى ابتداء الرياء بذلك الجزء المستحب لم يكن الا كما لو نوى تركه وربما يتخيل البطلان خصوصا في الصورة
الأولى حيث إنه نوى بمجموع ما نوى التعبد به الرياء ولو باعتبار جزء ويقويه ظاهر ما تقدم من قوله عليه (ع) ثم ادخل فيه رضي أحد
من الناس وقوله (ع) حكاية عنه تعالى من عمل إلى ولغيري تركته لغيري فإنه يصدق على ما نحن فيه انه عمل لله سبحانه ولغيره فيكون
متروكا لغيره ويدفعه انه يصدق أيضا انه اتى بأقل الواجب تقربا إلى الله تعالى ومقتضى ذلك اعطاء كل بمصداق حكمه فالمركب من حيث إن الجزء
المستحب داخل في حقيقته متروك فاسد ليس له ثواب ويستحب عليه العقاب باعتبار جزئه وما عدا ذلك الجزء من حيث إنه مصدق الكلى اتى به
96

تقربا صحيح على أحسن الأحوال هذا كله إذا قلنا إن مرجع استحباب الأجزاء إلى الاستحباب الفرد المشتمل عليها بان يكون اجزائه واجبة للفرد الأفضل كما
هو الظاهر من استحباب الشئ على وجه الجزئية إما إذا كان الشئ مستحبا نفسيا في العبادة فالامر أوضح إذ لا تركيب الواجب منه المصباح أصلا (الثالث) لا فرق في بطلان
العمل بضم الرياء بين دخله في أصل العمل أو في ترجح بعض افراده على بعض فليس الرياء كالضميمة المباحة التي تقدم انها لا يقدح في ترجيح بعض
الافراد على بعض والوجه فيه واضح فان الامر بالكلى انما يلزم منه التخيير في الافراد المباحة دون مطق الافراد حتى المحرمة مع أنه يصدق عليه
انه عمل هذا العمل الخاص لغير الله ولا يتوهم استلزام ذلك للاعتراف بفساد الفرد المشتمل على الجزء المستحب المرائي فيه لان متعلق النهى حقيقة
هو هذا الجزء المغاير لباقي الأجزاء في الوجود ووجود الكل في ضمن باقي الأجزاء مغاير لوجوده في ضمن المشتمل عليه فلا محذور في اتصاف أحدهما بالواجب
والاخر بالحرمة بخلاف الفرد المتشخص بالخصوصية المقصود بها الرياء فإنه متحد مع المحرم وبعبارة أخرى المنتهى عنه لجزئه انما يرجع النهى إلى جزئه
والمنهى عنه لوصفه المشخص لوجوده يرجع النهى إلى محل الوصف وهو نفس الفرد الموجود نعم أو وقع الرياء في بعض الخصوصيات الخارجة عن الفرد
من حيث الوجود لم يقدح وان انتزع عنه صفة قائمة بالفرد فاستقبال القبلة في حال الوضوء رياء لا يبطل الوضوء وان صدق انه توضأ مستقبلا
وكذا التحنك في الصلاة ومن هنا يفرق في الكون في مكان خاص رياء بين الصلاة فيبطل وبين الوضوء فلا يبطل واما الزمان فالظاهر عدم
الفرق في بينهما فمن توضأ قبل الوقت للتهيؤ رياء يبطل (الرابع) كما ذكره بعض علماء الأخلاق طلب المنزلة عند غيره تعالى بالعبادة
وظاهره اختصاصه بداعي مدح الناس فلو قصد بذلك دفع الذم عن نفسه كما لو راعى في القراءة آدابها الغير الواجبة دفعا لنسبة النقص إليه
بجهله بطريقة القراء لم يكن بذلك باس وظاهر الأخبار الواردة في باب الرياء أيضا الاختصاص بذلك نعم لو كان دفع الضرر داعيا مستقلا
إلى أصل العمل دون الخصوصيات فسد ولو كان جزء الداعي بنى على ما تقدم في الضميمة المباحة لأنه أحد افرادها وقال الشهيد قده في قواعده و
يتحقق الرياء بقصد مدح الرائي والانتفاع به أو دفع ضرره ثم قال فان قلت فما تقول في العبادة المشوبة بالتقية قلنا أصل العبادة
واقع على وجه الاخلاص وما فعل فيها تقيه فان له اعتبارين بالنظر إلى أصله فهو قربة وبالنسبة إلى ما طرء من استدفاع الضرر فهو لازم لذلك
فلا يقدح في اعتباره إما لو فرض احداثه صلاة تقية فإنه من باب الرياء انتهى وقوله أو دفع ضرره عطف إما على الانتفاع فيكون كلاهما
غاية للمدح واما على المدح فيكون غاية مستقلة وعلى هذه فمطلق الرياء ليس محرما لان التوصل إلى دفع الضرر ولو بطلب المنزلة عند
الناس وطلب مدحهم له لا دليل على تحريمه بل قد يجب وظاهر الاخبار حرمة الرياء بقول مطلق فالأجود تخصيص حقيقة الرياء بما هو ظاهر
التعريف الأول من طلب المنزلة بتحصيل ما لم يكن حاصلا من المنافع المحرمة أو المباحة فدفع الضرر من الضمايم الغير المحرمة وحكمه يعلم منهما
فما ذكره قده في العقايد يحتاج إلى تأمل نعم يبقى على ما ذكرنا طلب المنزلة عند الناس لتحصيل غاية راجحة كترويج الحق وإماتة الباطل بكلمته المسموعة
فالظاهر عدم دخوله في الرياء لان مرجعه إلى طلب المنزلة عند الله ولو نوقش في الصدق منعنا حرمته لان عموم حرمة الرياء معارض بعموم رجحان
تلك الغاية ثم إن السمعة وهي ان يقصد بالعمل سماع الناس به فيعظم رتبته عندهم من افراد الرياء واما حب استماع الناس لعلمه من دون ان يفعله
لذلك فهو كحب ورؤية الغير لعمله وسروره بذلك من دون ان يعمل لذلك مما ورد عدم الباس به ففي حسنة زرارة سئلت أبا عبد الله (ع) عن الرجل
يعمل العمل من الخير فيره انسان فيسره ذلك فقال لا باس ما من أحد الا وهو يحب ان يظهر له في الناس الخير إذا لم يكن يصنع ذلك لذلك قوله
ما من أحد محمول على إرادة ذلك من حيث الفطرة والجبلة أو على أن أكثر افراد الانسان لا يخلو عن ذلك غاية الأمر ان المخلصين انما يحبون ذلك
لأغراض راجحة شرعا كما سيجئ وغيرهم يحبه لقلة الوثوق باطلاع المعبود تعالى عليه وهو خلق ذميم يفضى إلى الرياء لان من أحب شيئا مال إلى
تحصيله لكنه لا يفسد العلم لأنه خارج عنه وغير قادح في غرض العامل وعن بعض الكتب أنه قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وآله استر العمل لا يحب ان يطلع
عليه أحد فيطلع عليه أحد فيسرني فقال صلى الله عليه وآله لك اجران اجر السر واجر العلانية والمراد باجر العلانية إما ما حصل له من حب الناس له باطلاعهم
على حسن باطنه فيكون قد حصل له ثوب الآخرة باخلاصه وكراهة اطلاع الغير على ما بينه وبين الله وثواب الدنيا بحسن ذكره بين الناس
واما ما حصل له بسروره على اطلاع الغير عليه من حيث صيرورته سببا للاقتداء الغير به من اجر من أعلن بالعمل إرادة لاقتداء الناس به في الخير
ثم إن الكلام في الضميمة المحرمة غير الرياء والسمعة يعلم مما تقدم فيهما فان الضميمة إن كانت من قبيل العنوان فلا اشكال في قصده كون مبطلا
لصيرورة الفعل الواحد عنوانا لواجب ومحرم فيكون حراما وإن كانت من قبيل الغاية كان قصدها منافيا للاخلاص مع أن الفعل لأجل الغاية
المحرمة محرم ولو مقدمة فيلزم اجتماع الواجب والحرام ومنه يعلم أنه لا فرق بين كون الحرام غاية لأجل العمل أو لترجيح بعض خصوصياته على بعض
المقام الثالث في الضميمة الراجحة والظاهر أنها لا تخل بالعبادة وفى المدارك عدم الخلاف في الصحة هنا وعن شرح الدروس الاتفاق عليه
وهو غير بعيد لأنها تؤكد القربة المقصودة بها لتأكيد مطلب المتعلق بها من حيث تخل تحصيل راجحين بها لكنها انما يوجب التأكيد إذا كان
97

المقصود الأصلي الوضوء والضميمة من قبيل المشوق والمرغب إليه إما لو انعكس الامر وكان ذلك الراجح هو المقصود الأصلي ففي تحقق الإطاعة
بالوضوء نظر ثم إن مسألة جواز قصد الضمايم المباحة لا دخل له بمسألة جواز التداخل في التكاليف التي اختلفوا فيها كما قد يتوهم لان الكلام
هنا في مفهومين متغايرين يتصادقان في موضوع خارجي واحد قد أمر بكل واحد منهما أمرا مستقلا موجبا لثواب مستقل على الموافقة
وعقاب مستقل على المخالفة ولا اشكال في تحقق امتثال الامر بهما إذا قصد ذلك نعم قد يشكل إذا لم يكن أحد العنوانين مقصودا بالأصالة
والكلام في مسألة التداخل كما سيتضح في مسألة تداخل الوضوءات والأغسال يقع تارة في اتحاد التكليف وتعدده واخر في أنه على فرض
التعدد هل يكون بينهما تبائن جزئي حتى يتصادقا أو لا يتصادقا ولابد من التعدد فإذا ثبت وحدة التكليف كما في أسباب الوضوء فلا اشكال
في التداخل القهري وإذا ثبت التعدد مع التباين فلا اشكال في عدم التداخل وإذا ثبت التعدد مع التصادق صار كمسألة الضميمة الراجحة
فافهم واعلم أن وقت النية بناء على المشهور من أنها الإرادة التفصيلية المقارنة للفعل هو أول أفعال الوضوء المعدودة فعلا واحدا فإذا
قصد المكلف الاتيان بالفرد الكامل وهو المشتمل على الأجزاء المستحبة فلا بد من تقديمها عند أول جزء من هذا الفرد الكامل وهو غسل اليدين
المأمور به في الوضوء كما عن المشهور ونسب إلى الشيخ وأكثر الأصحاب ولا اشكال فيه بناء على ما ذكر من كون غسلهما أول الافعال من جهة انه
كيف ينوى الوجوب ويقارنه بما ليس بواجب ويجعله داخلا فيها لان نية الوجوب في الفرد المشتمل على المندوب
ولو أشكلت لم يفرق بين كون
المندوب أول الافعال وبين عدمه وكلما يقال في الأجزاء المستحبة المتخللة فهو جاز في الجزء الأول المستحب كما لا يخفى والمناسب لمذهب المشهور من اعتبار
قصد الوجه هو ان ينوى الاتيان بالفرد الكامل الاتيان بالواجب لوجوبها وبالمندوب ولندبه وهو الذي يظهر من كلام بعضهم كالعلامة
حيث قال في الاقتصاد ويجب معرفة واجبات الصلاة من مندوباتها ليوقع كلا على وجهه والمصباح فالمقارنة معتبرة بالنسبة إلى مجموع النيتين ومجموع العلم فكما لا
يقدح مع وجوب أول الأجزاء عدم مقارنة نية المندوبات بفعلها كذلك لا يقدح مع استحباب أول الأجزاء عدم مقارنة نية الواجبات لها ويظهر
من الروض في مسألة تداخل الأغسال كفاية نية الوجوب في الفرد المشتمل على الأجزاء المستحبة وفيه نظر ثم إن كون غسل اليدين من
الأجزاء المستحبة للوضوء بالشروط الآتية هو المشهور الا ان مستنده غير واضح فان ما استدل به على الاستحباب لا يدل مثل صحيحة بكير وزرارة انهما
سئلا أبا عبد الله (ع) عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله فدعا بطشت أو بتور فيه ماء فغسل كفه ثم غمس كفه اليمنى في البتور فغسل وجه لها لا دلالة لها
على الجزئية فلعل الغسل لرفع النجاسة المتوسمة فيكون مقدمة مستحبة لغسل الأعضاء فمرجعه إلى استحباب صيانة ماء الوضوء وأعضائه عن النجاسة المحتملة
مع أن ظاهر بعض الأخبار ذلك مثل رواية الهاشمي سئلت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يبول ولم يمس يده اليمنى شئ أيدخلها في وضوئه قبل ان
يغسلها قال لا حتى يغسلها قلت فإنه استيقظ من نومه ولم يبل أيدخل يده في الاناء قبل ان يغسلها قال لا لأنه لا يدرى حيث باتت يده فيغسلها
وهذا نظير الامر وجوبا إذا كان اليد متيقن النجاسة فإنه لا يعتد بذلك من الأجزاء الواجبة ولو قيل إن رفع النجاسة المتوهمة حكمة للحكم و
كذا يكون مستحبا مع القطع بالنجاسة قلنا تقدير التسليم لا يصير بذلك من اجزاء الوضوء أيضا بل مستحب تعبدي للاغتراف باليد والاشتمال بها
وبالجملة فاستحباب غسل اليدين يحتمل وجوها أربعة الاستحباب النفسي نظير السواك والاستحباب الغيري وهو إما على أن يكون
مرة مستحبا نظير الغسلات في الوجه واليدين واما على أن يكون على وجه الشرطية لكون ماء الوضوء أو أعضائه على الوجه الكامل
أعني متيقن الطهارة واما على أن يكون على وجه شرط الكمال لاستعمالها في الاغتراف والغسل تعبدا وظاهر الاخبار أحد الأخيرين والذي
يجدى هو الثاني وقد حكى عن السيد في بعض كلماته الاكتفاء بالنية عند غسلهما مع تسليم الاستحباب على الوجه الثالث والحكم من فحوى ذلك
بكفاية النية عند غسل اليدين إذا وجب لإزالة النجاسة المتيقنة وفيه ما لا يخفى ولأجل ما ذكرنا توقف جماعة الحكم في المشهور كما قال مقام صاحب البشرى على
ما حكاه الشهيد ره بل ظاهر الحلي في السرائر انكار ذلك في الوضوء لكنه قال به في غسل الجنابة ومما ذكرنا ظهر انه لا يجوز تقديم النية عند التسمية و
السواك لأنهما انما استحبا لوقوع الوضوء على الوجه الكامل كما يدل عليه قوله (ع) من سمى على وضوئه طهر جميع بدنه فان هذا وأمثاله ظاهر
في كون التسمية أمرا خارجا موجبا لتأثير كل فعل من أفعال الوضوء كمال اثره نظير التسمية على كل أمر في صيرورتها سببا لبركته وبعد والشيطان
عنه ففي رواية العلا بن فضيل إذا توضأ أحدكم ولم يسم كان للشيطان في وضوئه شرك وان اكل أو شرب أو لبس وكل شئ صنعه ينبغي ان يسمى عليه
فإن لم يفعل كان للشيطان فيه شرك ونحوها غيرها من الروايات واما السواك فهو مستحب مؤكد امام الوضوء وما ورد من أن السواك شطر
الوضوء معارض بقوله (ع) الاستياك قبل ان يتوضأ والحمل فيه أولي واما المضمضة والاستنشاق فالظاهر كونهما من الوضوء بل عن نهاية الاحكام
لا خلاف في أنهما من سنن الوضوء وفى الروايات انهما من الوضوء ونفى كونهما منه في بعض اخر محمول على الوضوء الواجب وعليه فلا اشكال في جواز
النية عندهما الا انه يحتمل ان يكونا منظفين مستحبين لأجل الصلاة قبل الوضوء لا انهما من اجزاء الوضوء ولذا كان الأولى تأخير النية إلى (ما)
98

(يتضيق فيه) اجماعا وهو (عند غسل الوجه) كما عن البيان والنفلية والمحقق الأردبيلي قده وتلميذيه صاحبي المدارك والمعالم وغيرهم واعلم أنه لا خلاف
عند المشهور حيث فسروا النية بالإرادة التفصيلية كما عرفت في أنه (يجب استدامة حكمها) في كل جزء من الوضوء ولا يضر انقطاعها في الأثناء مع عدم
الاشتغال بفعل اتفاقا كما سيجئ ثم إن الوجه في وجوب هذه الاستدامة ما دل على اعتبار النية في العمل إذ مع عدم الاستدامة يقع الجزء الواقع حاله
غير منوى واما كفاية الحكمية وعدم ايجاب الاستدامة الفعلية فتعذرها أو تعسرها وتخيل بعضهم ان الدليل على وجوب الحكمية انه لما تعذرت الفعلية
لم تسقط الحكمية لقاعدة الميسور لا يسقط بالمعسور فاخذ في الرد عليها تارة وعدم جريانها في المقام أخرى نعم قد يورد عليه ان اللازم
من تعذر الفعلية دائما مراعاتها بقدر الامكان لكن الانصاف انه عسر جدا وان اللازم من تعذر الفعلية عدم وجوب احظار المنوي بقيودها
التفصيلية فلم لا يكفي باحظاره بعنوان اجمالي وفيه ان العسر انما هو بالتزام الاحظار وعدم الذهول والغفلة عنه وكيف كان فلا غبار في وجوب
هذا المقدار وانما البحث مع المشهور في اعتبار الزايد من ذلك في أول العمل وهلا جعلوا النية الفعلية هذه التي سموها حكمية وكيف كان فالمراد
بها كما عن الشيخ والفاضلين والمحقق والشهيد الثانيين وغيرهم ان لا ينتقل من ذلك النية إلى نية تخالفها فإنه إذا كان كذلك كان حكم النية السابقة
يعنى اثرها العقلي والشرعي والعرفي مستمرا غير منقطع ثم اللازم من عدم الانتقال إلى نية الخلاف انه كلما توجه ذهنه إلى الفعل المنوي في أثناء
الاشتغال به تجدد له قصد تفصيلي وعزم على اتيان الفعل على النحو المنوي سابقا لان صدور الفعل الاختياري من المتردد غير معقول
كما عرفت سابقا والمفروض انه غيرنا وللخلاف فلا يبقى الا كونه عازما على المضي في الفعل قاصدا له تفصيلا نعم الفرق بين هذا القصد التفصيلي
والنية الابتدائية كون النية في الابتداء مشتملة على قيود الفعل والغاية تفصيلا وهذا مشتمل عليهما اجمالا وإن كان القصد تفصيليا لكونه مع الشعور والالتفات
واما العزم والقصد الاجمالي المجامع لعدم الشعور فهو موجود دائما وان لم يتوجه الذهن ولم يلتفت إلى الفعل لما عرفت من كلام المحقق الطوسي وغيره
من أنه يحدث انا فانا إرادة جزئية بحسب الحركات وان لم يشعر الفاعل بها وبالجملة فهناك أمور ثلاثة النية التفصيلية وهي إرادة الفعل مع الشعور
به وبجميع مشخصاته وغايته وهي معتبرة في أول العمل وإرادة تفصيلية مع الشعور به بعنوان اجمالي من حيث المشخصات وإرادة اجمالية من دون
شعور بالفعل أصلا فإذا تحقق الأول من هذه الأمور ولم تحدث بعدها الانتقال إلى خلافها حصل الامر ان الأخير ان لكن الأول منهما
موقوف على توجه الذهن إلى الفعل وتذكره له ثم إن حكم المشهور بوجوب الاستدامة بذلك المعنى مختص بحال تذكرة الفاعل الفعل والتفاته
إذ وجوبها حال ذهوله وعدم تذكره للفعل تكليف للغافل وايجاب التذكر عليه دائما على ما فر منه من التعذر والقناعة بالاستدامة الحكمية
عن الفعلية إذا عرفت ذلك سهل عليك ارجاع ما ظاهره المنافاة لتفسير المشهور إليه إما ما ذكره في الذكرى من أن معنى الاستدامة البقاء على
حكمها والعزم على مقتضاها فهو وان جعله الشهيد والمحقق الثانيان مقابلا للمشهور الا ان مراده عند التأمل ان الواجب على المكلف هو البقاء
والعزم وانما يصير المكلف موردا لتكليفه بهما ووجوبهما عليه إذا توجه ذهنه إلى الفعل فمعناه انه يجب على المكلف إذا ذكر الفعل في أثناء الاشتغال
به ان يبقى على حكم النية الأولى ويعزم على مقتضاها وقد عرفت ان هذا لا ينفك عن عدم نية الخلاف الذي هو تفسير المشهور ووجوب عدم نية
الخلاف لا ينفك عن وجوب العزم والمضى على النية الأولى بعد بداهة عدم امكان صدور الحركة الاختيارية بدون إرادة ولأجل ما
ذكرنا نسب الفاضل المقداد الذي هو أحد تلامذة الشهيد ولا يخفى عليه موارد مخالفته للأصحاب تفسير الشيخ للاستدامة إلى الفقهاء مسفها باتفاقهم عليه وانما دعى الشهيد إلى تفسيرها بذلك لأن عدم نية الخلاف أمر عدمي لا ينبغي ان يفسر به الاستدامة ولا ان يجعل في خير
الوجوب وهو كذلك فان تفسير الشيخ ومن تبعه عند التأمل لا يخلو عن مسامحة من هذه الجهة فان استدامة النية نظير أحدثها أمر وجودي
واقع في خير الوجوب عند التفات المكلف إلى الفعل وخطوره في ذهنه لكن وجوب احداثها مطلق بالنسبة إلى الاخطار فيجب اخطار الفعل
بمشخصاته لأجل إرادة المقارنة ووجوب استدامتها مشروط بخطور الفعل في ذهن المكلف وتذكره له إذ لو وجب الاخطار مقدمة لها يرجع
إلى الاستدامة الفعلية وربما يوهم هذا المعنى تفسير الاستدامة في الغنية والسرائر بان يكون المكلف ذاكرا لها غير فاعل لنية تخالفها لكنه
بظاهره خلاف الاجماع فينبغي ان يجعل قوله غير فاعل تفسيرا للذاكر كما قيل أو يجعل قوله ذاكر حالا لا خبرا فمعنى الاستدامة ان يكون الشخص في حال
التذكر للنية السابقة والالتفات إليها غير فاعل لنية تخالفها فافهم ولذا لم يجعل أحد هذا التفسير تفسيرا ثالثا لتفسيري المشهور والشهيد مع دعوى القائل
به الاجماع على ومما ذكرنا يظهر اتحاد التفسيرين المحكيين في قواعد الشهيد قده فإنه بعد بيان الاكتفاء بالاستمرار الحكمي قال وفسر بتجديد القوة
كلما ذكر ومنهم من فسره بعدم الاتيان بالمنافى وقد فسرناها في رسالة الحج انتهى وليس في كلام الشهيد الا تعدد العبارة في التفسير ولا دلالة
فيه على اختلاف بينهما في المعنى فان الكل متفقون على وجوب تجدد العزم إذا ذكر إذ لو لم يتجدد العزم عند التذكر وقع ذلك الجزء لا محالة بنية مخالفة
لنية الوضوء لان وقوع الحركة الاختيارية لا بنية ممتنعة ونية الوضوء مفروض العدم وكيف كان فتجدد العزم عند الذكر لابد منه مع فرض عدم
نية الخلاف واما اختصاص وجوبه بصورة التذكر فلان وجوبه مطلقا يستلزم وجوب التذكر مقدمة فيرجع إلى الاستدامة الفطنه وظهر مما ذكره
99

ضعف الفرق بين قول الشهيد والمشهور بوجوب تجديد العزم كلما ذكر على الأول دون الثاني لان تجديد العزم عند التذكر واجب اتفاقا كما عرفت
ومما يشهد لما ذكرنا من اتحاد التفاسير كلها انه لا خلاف في عدم وجوب اخطار الفعل بعد النية الأولى ولا في أن العزم التفصيلي على الفعل
يتوقف عقلا على خطوره في الذهن ولا في أن مجرد عدم نية الخلاف ليس قابلا لتعلق التكليف به خصوصا حال الذهول عن الفعل ولا في أنه
إذا خطر الفعل في ذهنه في الأثناء وجب عليه العزم على الفعل على الوجه المنوي أولا وترك العدول إلى اتيان الفعل بنية أخرى وبالجملة
فلا أظن في المقام اختلافا الا في التعبير وربما يجعل الثمرة بين تفسيري الشهيد والمشهور بطلان العبادة بالتردد في أثنائها على الأول دون
الثاني وفيه ما لا يخفى فان الكلام في استدامة النية في أفعال الوضوء لا في أحوال الوضوء اتفاقا توضيح ذلك أن اعتبار المصنف وجماعة استدامة
النية (إلى عند الفراغ) ربما يوهم ان نية القطع أو الخلاف في الأثناء مخل بالوضوء وان فعل كل جزء منها بالنية الأولى الانقطاع الاستدامة
وليس كذلك لأن النية ابتداء واستدامة انما تعتبر في العمل وهو المركب من الأجزاء فمقتضى لاعمل الا بنية عدم وقوع الشئ من العمل لا عن نية
فالاستمرار في كلامهم انما يلاحظ بالنسبة إلى الفعل المعدود أمرا مستمرا متصلا في مقابل انقطاعها في أثناء العمل المستلزم لوقوع جزء منه
بلا نية لا بالنسبة إلى الأكوان المتخللة بين اجزاء العمل حتى يقع فيه نية القطع في بعض تلك الأكوان فضلا عن التردد فالاستدامة بجميع تفاسيره
على تسليم تخالفها في المعنى انما يلاحظ في أفعال الوضوء لا أحواله بلا خلاف فاخذ الثمرة المذكورة لا وجه له نعم ذهب جمع إلى التزام ذلك في
الصلاة بناء على ما استفيد من أن الأكوان المتخللة بين اجزائها من الأكوان الصلاتية يعتبر فيها ما يعتبر في اجزائها من الطهارة والستر والاستقبال
فخلو بعض هذه الأكوان عن النية مخل وتمام الكلام في محله نعم لو قلنا بحرمة ابطال العمل على وجه يشمل الوضوء كان استمرار النية واجبا بمعنى
وجوب اتمام الوضوء وحرمة ابطاله وسيجئ التعرض لذلك في الموالاة ثم انا قد أشرنا في أول المسألة إلى أن البحث عن الاستدامة كمسألة
المقارنة المتقدمة انما هو على القول بالاخطار واما على القول بالداعي فالبحث عنها ساقط لقضاء ضرورة العقل بلزوم المقارنة والاستدامة
الفعلية للنية بهذا المعنى إلى اخر الفعل وتخيل بعضهم جريان المسئلتين على القول بالداعي بناء على ما ذكره هنا وتقدم منه في أول النية من أنه
يعتبر بناء على القول بالداعي الخطور في الابتداء دون العلم به وان ذلك مدار الفرق بينه وبين الاخطار والا فلا فرق بينهما بالنسبة إلى عدم الاعتداد
بعبادة الغافل في الابتداء فيكون الفرق بين الابتداء والاثناء على الداعي ان الغفلة والذهول الماحيين لخطور الصورة يقدحان في الابتداء
دون الأثناء فتأمل جدا أو يقال بناء على القول بالداعي لابد في الابتداء من القصد إلى الفعل وان لم يلتفت الذهن إلى الداعي بخلاف الأثناء
فإنه يكتفى به وان وقع من غير قصد ثم اعترض على ما حكاه عن الرياض تبعا للمحقق الخونساري والوحيد البهبهاني وصاحب الحدائق بما حاصله
سقوط مسئلتي المقارنة والاستدامة الحكمية بناء على القول بالداعي بان فيه مالا يخفى لأنه مع مخالفة بعض ما هو مجمع عليه ظاهرا مستلزم لصحة
وقوع العبادة بعد حصول الداعي مع الغفلة الماحية لأصل الخطور كما يتفق في الأثناء وهو بعيد جدا أو انهم يلتزمون فساد ما وقع فيها في
أثناء ذلك وهو أبعد ثم قال وما أدرى ما الذي دعاهم إلى ذلك مع أن القول بالداعي لا يقتضيه كما تقدم انتهى أقول ما ذكره هنا وفيما تقدم منه
في أول النية من وجهي الفرق بين القولين واستبعاد صحة العبادة مع الذهول عنه في أولها بل قطعه بفساد ذلك فيما تقدم منه يظهر ما فيه بمراجعة
ما تقدم منا في تحرير محل الخلاف ومحصله ان أهل الداعي لا يزيدون في أمر النية على ما يتوقف صدور الأفعال الاختيارية عليه عقلا وهي
الآراء المسبوقة بتصور الفعل وغايته المقرونة بأول جزء من الحركات المعدودة في العادة فعلا واحد كالقيام للذهاب إلى السوق واشتراء
اللحم والقعود للوضوء واخذ الإبريق للصب والاستقبال بالاذان والإقامة للصلاة فلا يقدح غفلته بالمرة وذهوله عن الفعل والداعي حين
الشروع في المشي أو في أفعال الوضوء أو في احرام الصلاة كما لا يقدح غفلته فيما بعد ذلك من اجزاء العمل لأن النية عندهم أعم من الإرادة
التفصيلية المتوقفة على الخطور ومن المركوزة في الذهن مع عدم شعور الفاعل بها واما القائلون بالاخطار فيلتزمون بدل وجوب الإرادة
التفصيلية مقارنة لأول المأمور به ولا يجوزون الغفلة عنده وان قارنته بعض مقدماته المعدودة معه فعلا واحدا ويكتفون فيما بعد ذلك بالإرادة
الاجمالية المنفكة عن الشعور
تفريع يأتي على كل من القولين المتقدمين في اعتبار رفع الحدث وهو انه (إذا اجتمعت في) المكلف (أسباب) للحدث الأصغر مختلفة
نوعا دفعه أو مترتبة (توجب) أي تثبت (الوضوء) في الشرع وجوبا أو استحبابا لكمال واجب كالقئ والرعاف (كفى وضوء واحد) اجماعا بل ضرورة
عند العلماء ويكتفى في غاية هذا الوضوء بعد توصيفه بالوجوب أو الندب عدن المصنف هنا بنية التقرب ولا يحتاج إلى رفع ضم الحدث إليه
فضلا عن تعيين الحدث الواحد أو المتعدد الذي تطهر منه لان الحدث المسبب عن الأسباب المختلفة أمر واحد لا تعدد فيه كما في الاحداث الموجبة
للغسل حتى يتوقف صحة الوضوء على قصد رفع كل ما وقع منها فلا يرتفع ما لم ينو رفعه ليترتب انه متى قصد رفع حدث واحد فإن لم يقع هذا الحدث
بطل الوضوء نظير نية رفع الجناية في غسل الحيض وان وقع مع غيره اختص الواقع بالرفع ان لم يقصده عدم ارتفاع غيره والا ففيه
100

وجوه قيل ببعضها واحتمل الباقي رفع الكل وخصوص المنوي وعدم الرفع أصلا ثم الاكتفاء بالوضوء الواحد ليس من باب تداخل المسببين
كما سيجئ في تداخل الأسباب ولذا لم يجز تعدد الوضوء بتعدد الحدث الا من باب تداخل السببين في التأثير والتسبيب وكما لا تداخل في الوضوء
بالنسبة إلى أسبابه كذا لا تداخل بالنسبة إلى غاياته بل الوضوء فعل واحد يطلب لأمور متعددة يترتب جميعها على رفع الحدث بالوضوء ولا فرق بين
الغاية الواجبة والمندوبة والملفقة ولا بين أسباب الملزمة له كالاحداث الخمسة والموجبة لرجحانه كالقئ والرعاف وربما استوجه كون التداخل في
مثل ذلك كالاغسال المندوبة رخصة لا عزيمة والا وجه خلافه واعلم أن المصنف قده ذكر مسألة تداخل الأغسال هنا استطرادا لان أسباب.
الغسل عنده كأسباب الوضوء كما سيأتي من المعتبر ولذا قال
(وكذا لو كان) الواجب (عليه) أو الثابت شرعا بالنسبة إليه ولو استحبابا أغسال متفقه في الوجه
(أو مختلفة كفى عنها غسل واحد) بلا خلاف في ذلك في الجملة والأصل في ذلك مع مخالفته في الأصل قول أبى جعفر (ع) في صحيحة زرارة المروية في
السرائر عن كتاب محمد بن علي بن محبوب وعن كتاب حرير إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزأك غسلك ذلك للجنابة والجمعة وعرفة والنحر والحلق والذبح
والزيادة فإذا اجتمعت لله عليك أجزأك غسل واحد قال ثم وكذلك المرأة يجزيها غسل واحد لجنابتها واحرامها وجمعتها وغسلها من حيضها وعيدها
وفى رواية ابن عيسى عن علي بن حديد عن جميل بن دراج عن بعض أصحابنا عن أحدهما (ع) إذا اغتسل الجنب بعد طلوع الفجر اجزاء عنه ذلك
الغسل من كل غسل يلزمه في ذلك اليوم وفى رواية شهاب بن عبد ربه وان غسل ميتا توضأ ثم اتى أهله ويجزيه غسل واحد لهما وفى غير واحد
من الروايات كفاية غسل واحد للجنابة والحيض وقد يضاف إلى ذلك كله أصالة التداخل في المسببات هنا بناء على أن امتثال كل من أوامر هذه
الأغسال يحصل بغسل واحد وان لم نقل بتداخل الأسباب في التأثير واستلزامه كون التداخل قهريا كأسباب الوضوء وهو هنا خلاف الفرض لمخالفته
لاطلاق أدلة سببيتها بخلاف التداخل في أمثال المسببات فإنه مقتضى الاطلاق في الأوامر الواردة بالمسببات بعد تحقق أسبابها وغير موجب
للتداخل القهري بل هو نظير تداخل كليين في فرد واحد كما في أضف فقيرا وأكرم هاشميا وقد استد ل بهذا غير واحد تبعا للعلامة قده في بعض
كلماته وفيه ان التداخل في المسببات في أمثال المقام أسوء حالا من التداخل في الأسباب نظر إلى أن التداخل في الأسباب مخالف لظاهر أدلتها
كما مر في منزوحات البئر واما التداخل في المسببات بعد تسليم استقلال الأسباب في التأثير فغير ممكن لان الفردين المتحدين مفهوما لا يعقل اتحادهما
لان كونهما في الخارج فردين انما هو بتعدد الوجود وقياسها على المفهومين مثل أكرم هاشميا وأضف فقيرا واضح الفساد لامكان اتحاد المفهومين
في الخارج بتصادقهما في فرد واحد واما الفردان من مفهوم واحد فلا يعقل اتحادهما والسر فيه ان فرض تعدد المسبب يتوقف على تغاير بينهما
إما في الذهن وان حصل الاتحاد في الخارج كما في المفهومين واما في الخارج كما في فردين من مفهوم واحد واما الموجود الواحد المفهوم واحد فلا
يعقل فيه تعدد حتى يفرض فيه استقلال كل سبب بمسببه ودعوى ان الفردين المسببين وكالجنابة والمس مثلا ليس كل منهما سببا من حيث
مفهومه المشترك بينه وبين الفرد المسبب للسبب الأخر والا لم يتخالفا في الآثار فتخالفهما في الآثار يدل على كون كل فرد منهما معرفا لعنوان يترتب عليه تلك
الآثار فيرجع الامر إلى مفهومين يمكن اتحادهما في فرد واحد يتصادقان فيه مدفوعة بان اللازم من ذلك عدم جواز تداخلهما لعدم العلم بكون
ذينك المفهومين قابلا للتصادق في فرد واحد نعم ربما يقال إن ظاهر أدلة الأغسال اتحاد حقيقة الغسل الذي يوجبه أسبابه فما يوجبه الجنابة من الغسل
عين ما يوجبه الحيض فيكشف ذلك عن اتحاد حقيقة هذه الأسباب ورجوعها إلى حدث واحد كما في أسباب أصالة عدم التداخل المصباح إلى
وجوب تكرار هذه الحقيقة الواحدة بتكرر افراد الحدث الواحد وهذا خلاف الاجماع فان تعدد الأغسال بتعدد أسبابها وعدم الاكتفاء فيها
بواحد مبنى على اختلاف حقايق الاحداث والأغسال وعدم كونها كموجبات الوضوء كما لا يخفى على من لاحظ كلماتهم لكن الانصاف انه لا ظهور
معتد به لتلك الأدلة في اتحاد حقيقة الأغسال وإن كان يوهمه اطلاقاتها مع أن هنا ما يدل على تعدد ما يجب على المكلف عند تعدد الأسباب
فيدل على اختلاف حقايقها لما ادعى من الاجماع على عدم التعدد على تقدير اتحاد حقيقة الأغسال والاحداث مثل قوله (ع) إذا اجتمعت لله
عليك حقوق أجزئها عنك غسل واحد فان ظاهر الحقوق وظاهر قوله أجزأها عنك المتضمن لمعنى الاسقاط تعدد الواجب ومثل قوله (ع)
في غسل الحيض والجنابة تجعلهما غسلا واحدا فان استناد الاتحاد إلى جعل المكلف في مقام الأداء والامتثال ظاهر في تعدد هما في أنفسهما
وقوله وأجزء من كل غسل يلزمه في ذلك اليوم فإنه ظاهر في تعدد الأغسال وقوله كل غسل قبله وضوء الا غسل الجنابة فان ضاهره اختلاف أنواع
الغسل وتوهم انه يمكن ان يكون الاختلاف اضافيا فيتحد الحقيقة مدفوع بان المراد مجرد تمايز كل من الأغسال عن غيره وان غسل الحيض والجنابة
ليسا كغسلي جنابة متعاقبين يكون الثاني بحسب المفهوم عين الأول لا تغاير بينهما الا في الوجود وهذا المقدار كافي في عدم جواز التداخل وليس
المراد بالنوع النوع المنطقي المقابل للصنف هذا مع أن الشك في المسألة بوهن الاطلاقات بأمثال هذه الامارات كاف في الأصل الذي قررنا فالمستند
في ثبوت التداخل في مورده هي الأخبار المتقدمة فلا بد من تشخيص مدلولها من حيث عمومها لجميع صور اجتماع الأغسال واختصاصها ببعضها فنقول
101

ان الأغسال المجتمعة إما واجبة أو مندوبة أو مختلفة فيها فهنا مسائل الأولى ان يجتمع أسباب وجوب الغسل وله صور الأولى ان ينوى الجميع والظاهر
دلالة الأخبار المذكورة على التداخل فيها بل هو المتيقن من مدلولها كما ستعرف والظاهر أنه موضع وفاق كما مر عن شرح الدروس نعم ربما يتوهم
الخلاف ممن اعتبر في تداخل الأغسال التي أحدها الجنابة نية الجنابة كما في السرائر لكن الظاهر أنه أراد منه الجنابة لا بشرط في مقابل نية خصوص غيرها لا نية
الجنابة بشرط عدم نية الغير الصورة الثانية ان ينوى رفع الحدث أعني ما في المكلف من الحالة المانعة عن الدخول في المشروط بالطهارة والظاهر أنه
لا خلاف في التداخل فيه أيضا كما في شرح الجعفرية لان مرجعها إلى الصورة الأولى الصورة الثالثة ان ينوى خصوص غسل الجنابة والمشهور الاجتزاء
به عما عداه بل صريح السرائر وجامع المقاصد الاجماع عليه وفى شرح الجعفرية عدم الخلاف فيه وكذا في شرح الموجز رادا بذلك على من حكى قولا بعدم
الاجتزاء به من غسل استحاضة ولعل في هذه الاجتماعات كفاية وربما يستدل عليه بالاخبار المتقدمة أيضا ولا يخلو عن نظر لأن الظاهر منها نية
الجميع كما لا يخفى نعم ربما كان في مرسلة جميل إذا اغتسل الجنب بعد طلوع الفجر أجزئه غسله ذلك عن كل غسل يلزم عليه في ذلك اليوم ظهور في كون
الرافع من الجنب غسل الجنابة واستدل جامع المقاصد عليه مضاف إلى الاخبار والاجماع بان الحدث الذي هو عبارة عن النجاسة الحكمية متحد وان
تعدد أسبابه فإذا نوى ارتفاعه بالسبب الأقوى بالإضافة إلى غيره وهو استدلال حسن بناء على جعل الأسباب كأسباب الحدث الأصغر ولا
يحتاج معه إلى دعوى الإقوائية والا ضعيفة مع كونها في محل المنع واستدل شارح الدروس عليه بصدق الامتثال عرفا قال لأنه إذا طلب شئ من
أحد ثم اتى بذلك المطلوب وان لم يكن اتيانه من جهة ذلك الطلب لم يسغ في العرف ان يقال معترضا عليه انك لم تأتى بذلك المطلوب خصوصا إذا كان اتيانه من جهة طلب اخر من ذلك الطالب كما فيما نحن فيه نعم القدر المسلم على تقدير تماميته انه لابد من الاتيان في الأوامر الإلهية
التي من قبيل العبادات بالمأمور به متقربا إلى الله فالمأمور به في الحقيقة امتثال الطبيعة المقيدة بكونه على وجه الاخلاص والتقرب ولا شك ان الاتيان بالمطلوب
فيما نحن فيه في المتقرب ولا نسلم انه يلزم ان يكون المنظور ذلك الطلب بخصوصه ثم اورد على نفسه بمنافات ذلك لما ورد من الأعمال بالنيات وان لكل امرئ ما نوى
وأجاب بعد المنع عن دلالتهما على أن غير المنوي لا يحصل له بأنه يمكن ان يقال فيما نحن فيه لا نسلم انه لم ينو في الفرض المذكور امتثال أمر مما عدا الجنابة لان الامتثال
كما عرفت يحصل باتيان الفعل مع الاخلاص فعند قصد ذلك الفعل يقصد الامتثال أيضا ضمنا ولا نسلم ظهور الروايات في اعتبار القصد الصريح
ثم قال فان قلت مع حصول الامتثال وسقوط الذم والعقاب وعدم بقاء توجه التكليف فهل يحصل الثواب والاجر على ذلك الفعل قلت الظاهر على
قاعدة التحسين والتقبيح العقليين كما هو الحق استحقاق مدح وثواب على ذلك الفعل لان الفعل لابد ان يكون له في نفسه حسن حتى يؤمر به
وحسنه لا بد ان لا يكون مشروطا بشئ والا لأمر بذلك الشرط أيضا غاية الأمر تسليم اشتراط ذلك الامر بالقربة واما اشتراط ان يكون الاتيان
بخصوص ذلك الامر فلا فلابد ان يحصل للمكلف ما يترتب على ذلك الفعل من المنافع الدنيوية أو الأخروية نعم لا نأبى من أن يكون الاتيان بقصد ذلك
الامر بخصوصه حسنا لحكم العقل به ظاهرا وقد فاته ذلك الحسن ثم استدل على المطلب بعموم الروايات المتقدمة ثم قال ما ملخصه انه لولا الدليل الأول
المثبت لكفاية الفعل الواحد لامتثال جميع الأوامر أشكل التمسك بالروايات لكونها معارضة بأدلة وجوب غسل الحيض الدالة على وجوب
امتثالها فيدور الامر بين تقييدها بغير صورة اتيان غسل الجنابة وتقييد هذه الروايات بصورة نية الجميع والثاني أولي لكثرة المعارضات وأرجحية سندها
مع أن ظاهر روايات الكفاية بقاء وجوب الأغسال وكفاية غسل واحد لها لا سقوط بعضها وكذا لو شككنا في تحقق امتثال الجميع للشك المصباح
في تخصيص أدلة وجوب غسل الحيض انتهى موضع الحاجة ملخصا أقول ما ذكره قدس سره أضعف ما ذكره المحقق الثاني قده لأنه إذا ثبت
تعدد التكليف والمكلف به كما حققنا سابقا واعترف هذا المحقق في اخر كلامه وفيما قبله من كون امتثال أمر غسل ما عدا الجنابة حسنا
بالاستقلال وان لذلك الغسل حسنا مستقلا وعلم من العقل واعرف ان الامتثال لأمر يجب امتثاله لا يتحقق الا مع قصد عنوان
المأمور به واتيانه للامر به فكيف يعقل ان يكون امتثال أحد الامرين امتثالا للامر الأخر وان لم يقصده ولا التفت إلى متعلقه وهل يكون
ذلك الا مع رفع اليد عن تعدد المكلف به والالتزام كون الأوامر المتعددة راجعة إلى فعل واحد ومع دعوى عدم اعتبار القصد إلى
الامر والمأمور به في تحقق الامتثال والأول خلاف الفرض والثاني خلاف العقل والنقل كما لا يخفى واضعف من هذا ما فرعه على قاعدة
التحسين والتقبيح من المدح والثواب على الفعل الغير المقصود فان القاعدة المذكورة مع تسليم دلالتها على اعتبار ثبوت الحسن في المأمور به
وعدم كفاية وجود الحسن في نفس التكليف ان المتصف بالحسن والقبح لا يكون الا العنوان المقصود الملتفت إليه دون العنوان المتحقق في
ضمن عنوان مقصود من دون التفات فان اكرام زيد إذا لم يلتفت الفاعل تصحبه لاكرام عمرو ولم يقصده لا يترتب عليه مدح ولا ذم
بل لو تحقق فإنما يتحقق من غير اختيار فلا يتصف بالحسن والقبح أصلا واما ما ذكره أخيرا من أنه لولا دليل الامتثال أشكل التمسك بالروايات
من جهة المعارضة ففيه انا في سعة من هذه المعارضة بدعوى ظهور الاخبار في نية الجميع فتكون هذه الأخبار حاكمة على أصالة عدم
التداخل كاشفة عن كون الأغسال المتعددة قابلة للتصادق في فعل واحد نعم لو عممناه لصورة نية البعض لظهور أدلة الأغسال
102

ورواية الحقوق في تعدد التكليف كشف اخبار التداخل الدالة بالفرض على كفاية نية البعض عن اتحاد حقيقتها وحقيقة الاحداث
الموجبة لها لكن لا يبعد تقديم اخبار التداخل وحكومتها على تلك الأدلة وسيجئ تفصيل الكلام في ذلك ثم الظاهر عدم الحاجة إلى الوضوء
لان غسل الجنابة يكفي عن الوضوء المسبب عن أي سبب كان كما هو ظاهر قوله تعالى وان كنتم جنبا فاطهروا حيث إنه تعالى فصل بين الجنب وغيره
كما لا يخفى ويؤكد الاستدلال بهما ما رواه محمد بن مسلم قال قلت لأبي جعفر (ع) ان أهل الكوفة يروون ان عليا (ع) يأمر بالوضوء
قبل غسل الجنابة قال (ع) كذبوا ما وجدوا ذلك في كتاب علي (ع) ان الله عز وجل يقول وان كنتم جنبا فاطهروا ان الإمام (ع) استشهد بالآية
على عدم وجوب الوضوء على الجنب ويمكن الاستدلال بما ورد من أن غسل الجنابة ليس قبله ولا بعده وضوء بناء على أن المنفى هو مطلق الوضوء
الشامل للمسبب عن أسباب الغسل لا مدخلية الوضوء في رافعية غسل الجنابة كما هو الظاهر حتى لا ينافي ثبوت الوضوء بأسبابه الأخر وقال
شارح الدروس بعد الاشكال في سقوط الوضوء لولا الاجماع انه لو قيل بان كفاية غسل الجنابة ليس من جهة امتثال الجميع بل لسقوط
غيره به كان عدم وجوب الوضوء ظاهرا من غير مناقشة كما لا يخفى انتهى وهو متجه لو كان معنى سقوط غيره به ارتفاع الحدث الأخر به إما
لو أريد سقوط غسل اخر به فلا ينافي في بقاء وجوب الوضوء عليه ثم إن ظاهر كلمات الأصحاب عدم الفرق في كفاية غسل الجنابة عما عداه
بين عدم الالتفات إلى ذلك الغسل وبين الالتفات إليه وقصد سقوطه وبين قصد عدم سقوطه ونوقش في شرح الدروس والمفاتيح
في شمول الاجماع للصورة الأخيرة وهو في محله لو كان دليل المسألة الاجماع المحقق إما الاجماع المدعى في السرائر وجامع المقاصد فهو مطلق
كالاخبار على تقدير دلالتها الا ان يدعى انصراف المطلق في معقد الاجماع ومورد النص إلى غير هذه الصورة لكن الأرجح في النظر شمول
فتوى الجمعين لهذه الصورة وإن كان اطلاقهم منصرفا إلى غيره لان ظاهرهم المصرح به بعضهم كون غسل الجنابة رافعا لحدث الحيض والرفع غير
متوقف على ما ذكر نعم يشكل الامر عند من استشكل ذلك الحدث الأصغر إذا نوى عدم ارتفاع بعض الاحداث (الصورة) الرابعة ان يقصدها
عدا غسل الجنابة كغسل الحيض وهو تارة يفرض مع غسل الجنابة واخرى مع غيره (إما) الأول فالكلام فيه في مقامين الأول صحة هذا الغسل
على ما نويه وفيه اشكال من حيث اطلاقات الامر بذلك الغسل واقتضاء الامر للاجزاء وقوله لكل امرئ ومما سيجئ من عدم كفايته عن الجنابة
فارتفاع الأضعف مع بقاء الأقوى غير معقول واطلاقات الأوامر غير شاملة لما نحن فيه لان وجوب غسل الحيض هنا عينا خلاف الاجماع
المنعقد على جواز الاقتصار على غسل المتعين عليه فان تعين الشئ على المكلف مع تعين ما يسقطه عليه لغو وتخييرا غير معقول إذ لا بدل
له الاعلى القول بعدم كفاية الجنابة مع قصد عدم ارتفاع حدث الحيض والاشكال وارد على من لا يقول بذلك وهم الأكثر وسيأتي
في المقام الثاني ما يدفع به هذا الاشكال ويظهر منه صحة هذا الغسل بالنسبة إلى نفسه (المقام) الثاني في كفايته عن غسل الجنابة واختاره
المصنف هنا وفى المعتبر وتبعه المحقق الثاني والشهيدان ونسبه شارح الجعفرية إلى المشهور وهو غير ثابت
كما ستعرف واستدل عليه في المعتبر بأنه
يعنى الغسل بنية خصوص الحيض غسل صحيح نوى به الاستباحة فيجزى وأوضحه في جامع المقاصد بما تقدم منه في الاستدلال على كفاية
غسل الجنابة عن غيره من اتحاد الحدث وان تعدد أسبابه وزاد على ذلك وجهين أحدهما اطلاق الأخبار المتقدمة والثاني الدليل الذي قرره على
وجهين وجعل أوضحهما انه لو لم يجز غسل الحيض عن الجنابة عند وجوبهما امتنع وجوبه والثاني واضح البطلان بيان الملازمة ان وجوب الفعل
يقتضى القطع بترتب الأجزاء على الاتيان به مشتملا على جميع وجوه الوجوب وسقوط الطلب عن المكلف وغسل الحيض على ذلك التقدير لا يترتب
على فعله الأجزاء ولا سقوط الطلب وانما يترتب الأجزاء على فعل الغسل المقارن له وهو الجنابة ووجوده كعدمه فيكون التكليف به تكليفا
بما لا يجزى وهو ممتنع أو يقال وجوب غسل الحيض على تقدير عدم اجزائه عن غسل الجنابة ليس أحد أقسام الوجوب فيجب انتفائه بيان الملازمة ان
الوجوب ينقسم باعتبار الفعل إلى الحتمي والمرتب والمخير ووجوب غسل الحيض في الفرض المذكور على تقدير عدم اجزائه عن الجنابة ليس واحد منها
فينتفى وجوبه وإذا انتفى وجوبه على تقدير عدم الأجزاء عن الجنابة وجب بحكم العكس ان يجزى على تقدير الوجوب وهو المطلق انتهى كلامه رفع مقامه (وقيل)
بعدم الكفاية وانه (إذا نوى غسل الجنابة أجزء عن غيره وإذا نوى غيره لم يجز عنه) نسب إلى الشيخ وهو صريح السرائر والوسيلة وبعض كتب
العلامة والايضاح والموجز وشرحه بل أكثر من تعرض للمسألة بل ربما يستظهر من السرائر شمول الاجماع المدعى فيه على كفاية غسل الجنابة
لعدم كفاية غيره قال إن كانت المرأة حايضا ثم طهرت فقبل ان يغتسل جائها زوجها فالواجب عليها ان يغتسل غسل الجنابة دون الحيض لان
غسل الجنابة له مزية وقوة وترجيح على غسل الحيض لأنه لا خلاف في أنه يستباح بمجرد الصلاة وليس كذلك غسل الحيض وأيضا غسل الجنابة
عرف وجوبه من القران وغسل الحيض عرف وجوبه من السنة ثم ضعف الوجه الأخير بعدم الفرق بين ما ثبت من الكتاب وما ثبت بالسنة
المتواترة ثم قال والمعتمد في ذلك الاجماع انتهى فان الظاهر أن التعليلين المذكورين لأجل مزية غسل الجنابة الكاشفة عن عدم كفاية غيره عنه
103

والا فكفايته عن غيره يكتفى فيه تساوى الغسلين ولا يحتاج إلى اثبات الترجيح فالعدول عن كلا التعليلين أو أحدهما إلى الاجماع ظاهر في إرادة
الاجماع على الترجيح فيثبت مرجوحية غسل الحيض وعدم كفايته وهو المطلوب فافهم وكيف كان فافهم فهذا القول هو الأقوى للأصل وضعف
ما استدلوا به على الكفاية إذ لم يثبت اتحاد الحدث ولا شاهد عليه بل الشاهد على خلافه فان حدث الحيض يوجب حرمة الوطي أو كراهته بخلاف
حدث الجنابة وقد تقدمت الامارات الدالة على اختلاف حقايق الأغسال واما الاطلاقات فقد عرفت ظهورها في قصد الجميع مع معارضتها بالموثق
كالصحيح عن أبي عبد الله (ع) في رجل جامع امرأته فتحيض قبل ان تغتسل من الجنابة قال غسل الجنابة عليها واجب ورواه في السرائر عن كتاب
ابن محبوب وظاهرها عدم كفاية غسل الحيض عن غسل الجنابة وما في شرح الدروس من أن وجوب غسل الجنابة عليها لا ينافي سقوطه بغسل الحيض
والثمرة تظهر في استحقاق عقابين على تركهما ففيه ان ظاهرها وجوب الغسل عليه بعنوان انه غسل الجنابة واما ما ذكره جامع المقاصد أخيرا ففيه ان
معنى اجتماع وجوب غسل الحيض والجنابة رفع الحدثين وهو قد يتحقق بغسل واحد منوى به رفعهما أو خصوص الجنابة وقد يتحقق بفعل غسل
الحيض أو لا فيرتفع به حدث الحيض ويترتب عليه اثاره من ارتفاع حرمة الوطي أو كراهته وجميع احكام الطاهر من الحيض ويبقى رفع الجنابة بغسل اخر
فغسل الحيض أحد فردي الواجب التخييري بالنسبة إلى أحد الواجبين وهو رفع حدث الحيض لا بالنسبة إلى وجوب رفع الحدث المطلق واستباحة الصلاة نعم
لو لم يترتب على غسل الحيض اثر لا يتوقف على غسل الجنابة أمكن دعوى لغوية ايجاب غسل الحيض الا ان ذلك يكون كاشفا عن اتحاد حقيقة الحدثين
فيرجع إلى الوجه الأول وهو ادعاء اتحاد الحدث ويمكن الاستدلال على المطلب بما يظهر منه كون الحيض أعظم من الجنابة فيرتفع برافعه نظير الجنابة
بالنسبة إلى الحدث الأصغر مثل رواية سعيد بن يسار في المرأة ترى الدم وهي جنب أيغتسل من الجنابة قال قد اتاها ما هو أعظم من ذلك وما يظهر
منه كون كل من الحيض والجنابة بمنزلة الأخر في الحكم كصحيحة زرارة ومحمد بن مسلم قالا قلنا له الحائض والجنب يدخلان المسجد قال لا يدخلان المسجد الا
مجتازين ان الله تبارك وتعالى يقول ولا جنبا الا عابري سبيل حتى تغتسلوا فان الاستدلال بآية الجنب لحكم الحايض يدل على اتحاد حدثهما أو كون حدث
الحيض أعظم وعلى أي تقدير فيرتفع برفع الحدث ورواية الاحتجاج في حديث الزنديق مع أبي عبد الله (ع) وفيه قال الزنديق فما علة غسل الجنابة
وقد اتى الحلال وليس من الحلال تدنيس قال إن الجنابة بمنزلة الحيض وذلك أن النطفة دم لم يستحكم الخبر والظاهر أن المراد بالدم هو الذي يستحيل
إليه النطفة وهي العلقة والا فالنطفة دم استحال إليها وما يظهر منه اتحاد غسل الجنابة والحيض كصحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) في المرأة
تحيض وهي جنب هل عليها غسل الجنابة والحيض واحد وفى الجميع نظر إما في الأول فلان الظاهر أن الأعظمية الصالحة ان يكون وجها
لعدم وجوب غسل الجنابة عليه عدم قابلية الحيض للارتفاع فلا فائدة في ايجاب غسل الجنابة عليه لأنه لا يجب الا للصلاة فهو مساوق لتعليل عدم
وجوب غسل الجنابة على الحائض في بعض الأخبار بأنه قد جائها ما يفسد الصلاة إذ المراد افساد لا يقبل الاصلاح والا لم يمنع من وجوب غسل
الجنابة مع أن الأعظمية لا يجدى لجواز ارتفاع الأقوى وبقاء الأضعف كالحيض بالنسبة إلى الحدث الأصغر واما الآية فالاستشهاد بها من جهة
ان كلما يحرم على الجنب يحرم على الحايض ولا يدل على العكس ولا ينفع واما رواية الاحتجاج فهى ضعيفة واما الرواية الأخيرة فظاهرها بقرينة
السؤال عن وجوب غسل الجنابة والحيض الموجود منها في الخارج يكون واحد لا انهما في الشرع شئ واحد وبالجملة فلم نطفر على شئ
قابل الورود على أصالة عدم التداخل نعم استدل بعض القائلين بالتداخل بما تقدم في كفاية غسل الجنابة من صدق الامتثال وقد عرفت انه
ليس بشئ واعلم أن ظاهر المحقق في المعتبر والعلامة في التذكرة بل نسب إلى غيرهم على وجه يشعر بعدم ظهور الخلاف ان الكلام في كفاية ما عدا غسل الجنابة
عنه انما على هو القول بعدم اغنائه عن الوضوء إما على القول بالاغناء فلا كلام ولا اشكال في كفاية كل واحد عن الأخر ولعل وجهه اتحاد حقيقة الأغسال
على هذا القول وكفاية كل واحد في إباحة الصلاة ولا يخلو عن التأمل لامكان منع الملازمة فان اختلاف اثار الاحداث كجواز وطى الجنب من غير
كراهة وكراهة وطى الحايض أو حرمته يدل على اختلاف حقايقها فرفع بعضها بارتفاع بعض اخر يحتاج إلى دليل منه يظهر ان الأغسال ما عدا
غسل الجنابة لا دليل على اتحاد حقايقها وان اتحدت من حيث الاغناء عن الوضوء أو عدمه لكن شارح الدروس استظهر الاطباق على كفاية بعضها
عن بعض ولعل منشأ استظهار الاطباق ما استظهرناه من الوجه مما ذكرنا عن المعتبر والمنتهى وغيرهما من كفاية بعض الأغسال عن بعض إذا اشترك
الكل في الاغناء عن الوضوء فان لازم ذلك الوجه اتحاد حقايق ما عدا غسل الجنابة لأنها مشتركة إما في الاغناء عن الوضوء واما في الحاجة إليه
فالكلام فيه نظير الكلام في كفاية غير غسل الجنابة عنه والأقوى عدمه الا ان يثبت ما استظهر من الاطباق أو ما ادعوه في الاخبار من الاطلاق
(الصورة) الخامسة ان يقصد غسلا مطلقا من دون إضافة إلى حدث ولا قصد استباحة الصلاة ولا كلام في فساده بناء على اعتبار رفع الحدث أو
الاستباحة واما على عدم اعتبارهما فالأقوى ذلك أيضا لعدم العلم بكون أوامر الاغتسال تمثيل بذلك لعدم ثبوت كونها حقيقة واحدة رافعة
لحدث واحد نظير الوضوء فلعلها متباينة كلية أو متصادقة يتوقف امتثالها على نية الجميع نعم لو ثبت اطلاق الاخبار لم يبعد القول بالصحة
104

فتلخص مما ذكرناه في اجتماع الأغسال الواجبة التداخل مع نية الجميع أو نية خصوص الجنابة على تأمل فيما إذا قصد عدم ما عداه فالاحتياط في ترك
هذا القصد لاحتمال اخلاله بالغسل والأحوط ان يغتسل غسل الجنابة قاصد الارتفاع ما عداه من الاحداث ثم الاتيان بالغسل
الأخر احتياطا (بقى هنا أمران الأول) ان التداخل في مورد جوازه رخصة أو عزيمة نسب غير واحد من المعاصرين إلى ظاهر الأكثر الأول بل نسبه
الفاضل القمي قده في بعض مؤلفاته إلى ظاهر الأصحاب مع اعترافه بعدم مصرح به سوى المحقق الأردبيلي قده والظاهر أن منشأ النسبة تعبيرهم
بلفظ الأجزاء لكن الذي يظهر بعد ملاحظة كلماتهم ان ظاهر الأكثر بل صريحهم هو الثاني وان أسباب الغسل كأسباب الوضوء لان القائلين بالتداخل
بين من لا يرى الوضوء في غير الجنابة وقد عرفت تصريح جماعة بعدم الاشكال في التداخل المصباح قال في المعتبر فإن لم نشترط الوضوء مع غير غسل الجنابة
كفى الغسل الواحد بنية أيها اتفق انتهى ومقتضى هذا الكلام عدم الحاجة إلى قصد التداخل وان سقوط الأخر قهري وقد عرفت ان منشأه اتحاد
حقيقة الأغسال واما غير هؤلاء كالمحققين والشهيد وغيرهم فممن اكتفى بكل غسل واجب عن الأخر فقد عرفت كلام الأولين في المعتبر وجامع المقاصد
التصريح في اتحاد الحدث الأكبر كالأصغر وكفاية كل واحد من الأغسال في استباحة الصلاة وكلام المصنف هنا أيضا ظاهر في العزيمة حيث حكم بكفاية
وضوء واحد عند اجتماع أسبابه ثم عطف عليه الأغسال مؤذنا بان معنى الكفاية في المتعاطفين واحد وهو عدم مشروعية الزايد والتعبير بالكفاية
هنا وبالاجزاء في الاخبار للإشارة إلى أن الرخصة والتخفيف ملحوظ في تشريع الحكم لا في أداء المكلف ومن هنا يستظهر ذلك من كلام الشهيد أيضا
حيث قال وتتداخل موجبات الوضوء وكذا موجبات الأغسال على الأقوى واجزاء غسل الجنابة عن غيره دون العكس تحكم واما القائلون بكفاية غسل الجنابة
عن غيره دون العكس فمن أنكر منهم أو استشكل في شرعية غسل الحيض قبل الجنابة كالعلامة في بعض كتبه فلا يعقل عدم التداخل عنده لأنه ان قدم
غسل الجنابة كفى قهرا غيره كما يظهر من استدلالهم بان غسل الجنابة أقوى وان قدم غيره لم يصح نعم من قال بصحة غسل غير الجنابة كما قويناه أمكن كون
التداخل عنده رخصة بمعنى ان له ان يقدم غير غسل الجنابة فيتعدد الأغسال وله ان يقدم الجنابة فيكتفى به قهرا وقد تحصل مما ذكرنا انه ان
نوى غسل الجنابة لم يقل أحد بجواز غسل اخر بعده وان نوى غيره فالمحققان والشهيد بل المشهور كما في شرح الجعفرية انه كذلك بناء منهم على كون أسباب
الغسل كأسباب الوضوء موجبة لحدث واحد واما غيرهم فإن لم يقل بصحة ذلك الغسل عن نفسه فلا يتصور التعدد عنده وان قال بصحته أمكن تعدد
الغسل فظهر ان الأكثر على كون التداخل في الأغسال كالتداخل في أسباب الوضوء عزيمة نعم لو ادعى ان بنائهم في الوضوء ليس على العزيمة كان هناك كذلك
(الثاني) ان الغسل الواحد الكافي عن المتعدد لا شك في كونه من العبادة التي يستحق بها الثواب ويشترط فيها قصد الامتثال والقربة فلا بد فيه
من أمر وهو بناء على أصالة التداخل في الأسباب هو الامر الواحد المتعلق بذلك الغسل الواحد وعلى أصالة التداخل في الامتثال هو كل من الأوامر
المتعلقة بكل واحد من الأغسال فالغسل الواحد امتثال حقيقي للأوامر المتعددة واما على المختار من أصالة عدم التداخل واقتضاء تعدد الأوامر
لتعدد الامتثال فلا بد من جعل النصوص الواردة في المسألة إما كاشفة عن وحدة حقيقة المأمور به في تلك الأوامر نظير ما هو مقتضى الأصل عند
القائل بالتداخل في تأثير الأسباب فيجب المصباح قصد غسل واحد لحدث واحد حاصل بأول الأسباب واما كاشفة عن كون الأوامر المتعددة بالاغسال المتعددة
على وجه يمكن تصادقهما في عنوان واحد كساير المفاهيم المغايرة المتصادقة في بعض الأوقات نظير ما هو مقتضى الأصل عند القائل بالتداخل في الامتثال
فيجب قصد تحقق جميع الأغسال في ضمن الغسل الواحد وهذا أوفق بما ذكرنا من الامارات الظاهرة في تعدد تلك الأغسال واما الاكتفاء بغسل الجنابة
عن غيره فليس فيه امتثال الأوامر غسل الحيض أصلا خلافا لما تقدم من شارح الدروس وقد عرفت ضعفه عقلا وعرفا والمصباح فان استفدنا هذا الحكم من
الاخبار بناء على شمولها لصورة نية الجميع ونية البعض فيكشف عن ذلك عن اتحاد حقيقة الاحداث على خلاف
ما استفدناه من الامارات المتقدمة و
اللازم حينئذ بمقتضى اطلاق الاخبار كفاية ما عدا غسل الجنابة عنه لكنا قد استظهرنا اختصاص الاخبار بصورة نية الجميع واخترنا عدم كفاية ما
عدا غسل الجنابة فالحكم بكفاية غسل الجنابة عما عداه لا يكون الا لأجل الاجماع والشهرة ومرسلة جميل المتقدمة ويجعل هذه كاشفة عن ارتفاع
حدث الحيض مثلا بغسل الجنابة فلا يبقى أمر بغسل الحيض حتى تمثيل ارتفاع حدث النوم قبل الجنابة بغسل الجنابة وسقوط امتثال قوله إذا
نمت توضأ (المسألة الثانية) ان يجمع أغسال مستحبة فان نوى الجميع بغسل واحد فالمشهور ظاهرا على كفايته ويظهر من الارشاد عدمه وهو
وإن كان أوفق بالأصل الا ان ظاهر الصحيحة المتقدمة المشتملة على ذكر الحقوق على خلافه وتوهم اختصاصها بصورة وجود الغسل الواجب مدفوع
بان الغسل الواجب انما ذكر فيها على سبيل الفرض يعنى ان الغسل الواحد مجز عن غسل الجنابة أو الحيض على تقدير وجودهما لا ان المورد مختص بمن
عليه غسل جنابة أو حيض كما لا يخفى على المتأمل مع أنه يكفي قوله (ع) إذا اجتمعت لله عليك حقوق إلى اخره فان المراد ثبوت الحقوق وهي الأغسال ولو على
وجه الاستحباب لا خصوص الواجبات لان مورد الرواية مشتمل على الأغسال الواجبة والمستحبة اللهم الا ان يجعل الكلام فقره مستقلة غير واردة
في مورد الفقرة السابقة لكنه خلاف الظاهر ولو نوى بعضها كالجمعة ففي اجزائه عن غيره كغسل العيد وجهان أقويهما العدم للأصل بعد
105

ظهور الصحيحة المذكورة في نية الجميع وربما يستدل للاجزاء بقوله (ع) في رواية عثمان بن يزيد ان اغتسل بعد الفجر كفاه غسله إلى الليل في كل موضع يجب فيه
الغسل من واغتسل ليلا كفاه غسله إلى طلوع الفجر وقد اعتنى جماعة بدلالتها واهتم بعضهم بسندها حتى نقل في الحدائق عن بعض مشائخه المتأخرين
ان الظاهر أن عثمان بن يزيد مصحف عمر بن يزيد بقرينة رواية عذافر عنه لكن الظاهر عدم دلالتها على المطلوب رأسا بل الظاهر منها ان كل
موضع ثبت فيه الغسل لأجل المكان كدخول الحرم والمسجدين والمشاهد أو لأجل الفعل كالزيارة والطواف فاغتسل لأجل تلك الغاية في أول
النهار كفاه ذلك إلى الليل ولم يحتج إلى اعادته لو تأخر فعل تلك الغاية عنه وكذا لو اغتسل في أول الليل كما ورد ذلك في غيرها من الروايات بل في بعضها
ان غسل يومك يجزيك لليلتك والعجب من بعض مشائخنا قده حيث استدل بها أيضا في المقام ثم التداخل هنا في صورة نية الجميع رخصة أو عزيمة
الأقوى هو الأول بناء على الاخبار كاشفة عن تعدد حقايق هذه الأغسال وتصادقها فيجوز امتثال أوامرها بمواد افتراقها كما يجوز بمادة
تصادقها وهل يعتبر في نية الجميع العلم بها تفصيلا أو يكفي قصد كل غسل عليه في الواقع وان يعلم به أو اعتقد بعدمه وجهان أقويهما الأول
(المسألة الثالثة) ان يجتمع أغسال بعضها واجب وبعضها مستحب فان نوى خصوص الواجب فإن كان جنابة فالمشهور كما عن جماعة سقوط المستحب به
كما في المبسوط والخلاف والسرائر ومحكى الجامع وظاهر الوسيلة والبيان ومحكى المسالك وجماعة ممن تأخر عنهم بل عن غير واحد حكاية الاتفاق عليه
وهو الظاهر من السرائر لمرسلة جميل وفحوى ما رواه في باب الصوم من الفقيه من كفاية غسل الجمعة لمن نسى غسل الجنابة المعتضدة بحصول المقصود من
الغسل المندوب وفى التعويل على المرسلة سند أو دلالة في مقابل قولهم (ع) انما الأعمال بالنيات ولا عمل الا بنية المطابق أو المنجبر أو
المؤيد بأصالة عدم السقوط حتى على القول بالتداخل لان المسلم منه ايجاد الفعل الواحد بقصد امتثال طلبين لا كفاية امتثال خصوص
أحد الطلبين عن الأخر مع عدم قصد امتثاله ما لا يخفى واما الفحوى ففي أصلها مع اختصاصه بالناس منع كدعوى حصول المقصود ومن هنا اتجه
استشكال المحقق في المعتبر بل منع العلامة والمحقق الثاني وغيرهما ومما ذكرنا يعلم حكم غير غسل الجنابة من الأغسال الواجبة بل يعلم حكم
ما إذا نوى خصوص المستحب وانه لا يجزى عن الواجب لعدم الدليل عليه حتى المرسلة عدا بعض الاطلاقات المتقدم مع دعوى ظهورها أو انصرافها
إلى الغسل الواقع بنية الجميع وما تقدم من رواية الفقيه المختصة بالناسي الغير المقاومة لمثلها نعم الظاهر صحة ذلك الغسل للاطلاقات خلافا للشيخ
في المبسوط لان المقصود منه كما يستفاد من أدلته التنظيف وهو كمال لا يحصل الا للمتطهر وفى نهوض هذا الوجه لتقييد الاطلاقات خصوصا بملاحظة
ما ورد في المستفيضة من استحباب غسل الاحرام للحايض الكاشف عن معقولية حصول التنظيف للمحدث منع واضح فلا مانع عن الاطلاقات وأما إذا
نوى الواجب والمستحب كليهما فظاهر المشهور الأجزاء عن كليهما بل في الخلاف الاجماع على اجزاء غسل واحد للجنابة والجمعة ويدل عليه ما تقدم
من رواية الحقوق وحيث دلت تلك الرواية على تعدد الحقوق والتكاليف وكفاية الواحد في امتثال الجميع كشفت عن كون حقايق تلك الأغسال
قابلة للتصادق وحينئذ فيجتمع في الفرد الواحد عنوانان واجب ومستحب نظير مصاديق عنواني الواجب والمستحب في الموارد الشرعية والعرفية كما إذا
أمر السيد باكرام زيد وجوبا واكرام عمر واستحبابا فأكرم رجلا كان اكرامه اكراما لهما بقصد امتثال الامرين ولا يعد مثل ذلك من اجتماع الحكمين
المتضادين أعني الوجوب والاستحباب لان المجتمع هو جهتهما لا أنفسهما كما إذا اتى بفرد واحد يكون مصداقا لواجبين فان المثلين كالضدين لا يجتمعان
ثم إن هذا يشكل بناء على اعتبار نية الوجه في الواجبات والمستحبات فان نية الامرين هنا غير ممكنة ولهذا استشكل نية الجميع في المقام بعضهم و
أبطلها آخرون ففي محكى الجامع في هذا المقام وان نوى الواجب والمندوب قيل يجزى عنهما وقيل لا يجزى لان الفعل الواحد لا يكون واجبا
وندبا انتهى جزم العلامة في كثير من كتبه بالبطلان وعلله في المختلف بأنه ان نوى الوجوب عن الجمعة والجنابة لا يجزى لأنه نوى الوجوب عما
ليس بواجب وان نوى الندب لم يوقع غسل الجنابة على وجهه وان نواهما معا كان الفعل الواحد قد نوى فيه الوجوب والندب فلا يقع عليهما ولا
على أحدهما لأنه ترجيح بلا مرجح انتهى وفى الذكرى انه مشكل لتضادي وجهي الوجوب والندوب عن قواعده انه لو نوى الجنابة والجمعة بطل لتنافى
الفعلين وذكر في الروض ما في المختلف وعن كشف اللثام جواز تداخل الواجب والندب إن كان الواجب غسل الجنابة للنص والا فلا لتضاد الاحكام
انتهى وقد تصدى جماعة من الأصحاب لدفع هذا الاشكال فدفعه في الذكرى بان نية الوجوب يستلزم نية الندب لاشتراكهما في الترجيح ولا يضر اعتقاد
منع الترك لأنه مؤكد للغاية ومثله الصلاة على جنازتي بالغ وصبى بل مطلق الواجبة انتهى والمراد من التمثيل مطلق الواجبة من حيث اشتمالهما
على الافعال المندوبة كما سيجئ من الروض وما ذكره هنا قد اختاره في الذكرى في مسألة الصلاة على الموتى حيث قال والأقرب جواز الجمع بين من
يجب عليه ومن يستحب لاطلاق الاخبار في ذلك فحينئذ يمكن الاكتفاء بنية الوجوب لزيادة الندب تأكيدا ويمكن ان ينوى الوجهين معا بالتوزيع
قاله في التذكرة لعدم التنافي لاختلاف الاعتبارين ويشكل بأنه فعل واحد عن مكلف واحد فكيف يقع على وجهين انتهى وأشار بما في التذكرة
إلى قول العلامة فيها في الصلاة الواحدة على المتعدد من الأموات ما لفظه لو كانوا مختلفين في الحكم بان وجب على بعضهم واستحب على اخر لم يجز
106

جمعهم بنية متحدة الوجه ولو قيل باجزاء الواحدة المشتملة على الوجهين بالتقسيط أمكن انتهى وفى القواعد الشهيد بعدما تقدم من الحكم بالبطلان ما لفظه و
يحتمل الأجزاء لان نية الوجوب هي المقصودة فتلغو نية الندب أو نقول يقعان فان غاية غسل الجنابة رفع الحدث وغاية غسل الجمعة النظافة فهو
كضم التبرد إلى التقرب انتهى وما ذكره من أن نية الوجوب هي المقصودة يحتمل رجوعه إلى ما في الذكرى ويحتمل كونه وجها ثالثا في رفع الاشكال وذكر
في الروض بعد تقوية اعتبار نية السبب في الغسل المندوب قال ويمكن سقوط اعتبار السبب هنا ودخوله تحت الوجوب كما في الاذكار المندوبة
خلال الصلاة الواجبة والصلاة على جنازتي من زاد على الست ومن نقص انتهى أقول تقرير الاشكال هنا من وجهين (أحدهما) كون الفعل
الواحد محكوما بالوجوب والاستحباب وان لم يعتبر نية الوجه (الثاني) امتناع نية الوجوب والندب معا في الفعل الواحد ومنشأ التنافي هو
الأول ثم إنه قد تقرر في موضعه عدم اجتماع حكمين فعليين على فعل واحد سواء كانا متضادين كالوجوب وغيره أم متماثلين كوجوبين ونحوهما فكما ان
اتصاف غسل واحد بالوجوب واستحباب الفعليين لا يجوز فكذا لا يجوز اتصافه بوجوبين وكما يكن اجتماع وجوبين في فعل واحد بان يكون
عنوانا لكليين واجبين كذلك يمكن اجتماع جهتي وجوب وندب فيه كإطاعة الوالد وإجابة الصديق المجتمعين في فعل واحد ولا ريب ان غسل
الجمعة وغسل الجنابة إذا قلنا بكونهما مفهومين متصادقين كما يظهر من رواية الحقوق كان مصداقهما مجمعا لجهتي الوجوب والندب لا لنفس
الوجوب والندب الفعليين بل الفعل متصف فعلا بالوجوب دون الاستحباب لان وجود الجهة المانعة من الترك لا يزاحمه وجود جهة أخرى غير مانعة
من الترك بخلاف العكس وحينئذ فان اعتبرنا في العبادة نية الوجوب أو الندب لم ينو هنا الا الوجوب ولو اكتفينا بنية وجههما بالمعنى المتقدم في
مسائل النية نواهما معا ويمكن تطبيق ما ذكرنا على جميع ما ذكره الشهيد فان مراده من لغوية نية الندب عدم الفائدة فيه لان الفعل غير متصف
بالفعل الا بالوجوب وإن كان الجهة النادبة موجودة فيه ومراده من وقوعهما معا وقوع الغايتين المقصودتين من الواجب والمندوب ومراده
من تأكد الوجوب بالندب تأكد جهته من حيث إن الرجحان يصير اكد من دون معارضة المصلحة إذا الندب يحتاج إلى مصلحة غير مانعة من الترك أو مجوزة
للفعل من جهته لامن جميع الجهات حتى يعارض الجهات الموجبة ولذا يسقط الاستحباب بمجرد طريان سبب الوجوب الأصلي بسبب النذر أو المقدمي
بسبب صيرورته مقدمة لواجب ومما ذكرنا يظهر مراد العلامة ره في التذكرة من نية الوجهين في الصلاة الواحدة على البالغ ستا والناقص عنها
نعم يتأتى على مذهب من جواز اجتماع الحكمين المتضادين في فعل واحد من جهتين نية الوجوب والندب الفعليين ولهذا تقصى بعضهم عن هذا
الاشكال لكن الظاهر أن العلامة لا يقول بذلك واما ما ذكره في الروض من التمثيل بالصلاة الواجبة المشتملة على الاذكار المندوبة من حيث إن
تلك الصلاة فرد من مطلق الصلاة فيجب ومشتملة على المندوب فيكون مندوبة لجواز تركها لا إلى بدل فان المقتصر فيها على الواجب هو بدل عن
مجموع الأجزاء الواجبة الموجودة في الفرد المشتمل على المندوب لا عن مجموع الواجب والمندوب يمكن ان يريد ان المقصود أصالة هو الواجب و
المندوب وانما يؤتى به تبعا والاحتمال الأول انسب فعطف هذا المثال على مثال الصلاة على بالغ وغيره والثاني هو الذي صرح به في القواعد حيث
علل الاكتفاء بنية الوجوب بان المندوب في حكم التابع ونية المتبوع يغنى عن نية التابع ثم إن المحكي عن صاحب الذخيرة انه تقصى عن الاشكال أولا
بان الدليل لما دل على الاجتزاء بغسل واحد عن الغسلين يلزم ان يقال إحدى الوظيفتين يتأدى بالأخرى بمعنى انه يحصل له ثوابها وان لم يكن
من افرادها حقيقة كما تتأدى صلاة التحية بالفريضة والصوم المستحب بالقضاء (وثانيا) بان ما دل على استحباب غسل الجمعة مختص تصوره
لا يحصل سبب الوجوب والمراد من كونه مستحبا انه مستحب من حيث نفسه مع قطع النظر عن طريان العارض المقتضى للوجوب انتهى أقول مرجع الأول
إلى وجوب قصد خصوص الجنابة لا كليهما والاشكال مفروض في الثاني دون الأول واما الثاني فان أريد به وجوب غسل الجمعة لعارض فهو
بعيد جدا وان أريد وجوبه من حيث مصادقة مع عنوان واجب فالاشكال في أنه محكوم بالاستحباب المضاد للوجوب أولا فلا يجوز قصده
والمفروض قصد الغسلين واضعف من الوجهين ما ذكره بعض المعاصرين وهو ان هذا الفرد ليس مصداقا للكليين حتى يلزم الاشكال بل
هو أمر خارج عنهما فهو من قبيل فرد لكلي اخر اجتزى الشارع به عن الواجب والمندوب لكن لما شابههما في الصورة سمى بالتداخل والا فهو ليس
غسل جنابة وغسل جمعة ليرد ذلك ثم قال فان قلت هذا الغسل واجب أو مستحب أو كلاهما قلت هو حيث يقوم مقام الأغسال الواجبة فهو
أحد فردي الواجب المخير بمعنى ان المكلف مخير بين ان يأتي بالفعلين أو بالفعل الواحد المجزى عنهما وحيث
يقوم مقام الواجب والمندوب فهو
مندوب محضا لأنه يجوز تركه لا إلى بدل لان بدله الواجب والمستحب جميعا يجوز تركه والاقتصار على الواجب فقط وهو ليس بدلا عنه فيجوز تركه
لا إلى بدل فلا يكون واجبا ينوى بناء على اشتراط نية الوجه الندب فيه مع نية الاجتزاء به عن الواجب والمندوب وعلى عدم الاشتراط
ينوى القربة مع نية الاجتزاء به عن الجميع انتهى أقول لا يخفى ان الامتثال المقصود في العبادات لا يكون الا بعد تعلق الامر بها والامر بهذا
الفعل الخارج عن مصداق الفعلين المأمور بهما بأمر مستقل ليس الا ما كشف عنه قوله (ع) أجزأك عنهما غسل واحد إذ ليس بعد قطع النظر
107

عن الامر بغسل الجنابة والامر بغسل الجمعة سوى ذلك فإذا فرض تعلق الامر به فهذا الفعل الثالث قد اشترك مع كل من الغسلين في تحقق
مصلحتهما به فلا مح يكون كل من الامرين المتعلق بخصوص كل من الغسلين أمرا تخييريا وهذا الأمر الثالث المستفاد من حديث التداخل أمرا تخييريا اخر
فيرجع الامر إلى أن مطلوب الشارع من الجنب في يوم الجمعة هو أحد الفردين من الغسل المنوي به خصوص الجنابة المطابق لأوامر غسل
الجنابة ومن الغسل الثالث المنوي به الاجتزاء عن الجميع المطابق للامر المستفاد من حديث التداخل وان مطلوب الشارع من الجنب المذكور استحبابا هو
أحد الفردين من الغسل المأمور به خصوص الجمعة المطابق لأوامر غسل الجمعة ومن الغسل الثالث المنوي به الاجتزاء عن الجميع المطابق للامر المستفاد
من دليل التداخل فيرجع الامر بالأخرى إلى صيرورة هذا الفرد الثالث أحد فردي المطلوب وجوبا من الجنب المدرك ليوم الجمعة واحد فردي المطلوب
منه ندبا فعاد المحذور من اجتماع الحكمين المتضادين في فعل واحد على وجه أشنع لان التخيير العقلي في الواجب والمستحب يمكن القول باجتماع فردين
منه في مصداق واحد بخلاف التخيير الشرعي فالتحقيق ما عرفت سابقا من أن أدلة التداخل خصوصا رواية الحقوق يكشف عن كون مفاهيم الأغسال
متصادقة فاشكال اجتماع الواجب والمستحب في مصداق واحد لا محيص عنه وطريق الدفع ما ذكره العلامة والشهيدان أو المراد اجتماع الحكمين المتضادين
كما التزمه بعض المحققين
{الفرض الثاني غسل الوجه} وهو لغة كما عن ظاهر بعضهم ما يواجه به وعن الناصريات انه لا خلاف في ذلك وعن
المصباح المنير انه مستقبل كل شئ والمراد به هنا (ما بين منابت الشعر في مقدم الرأس إلى طرف الذقن طولا) بلا خلاف ولا اشكال بل نسبه في المعتبر و
المنتهى إلى مذهب أهل البيت (ع) (وما اشتملت عليه الابهام والوسطى عرضا) وهذا التحديد هو المعروف بل الظاهر المصرح به في كلام بعضهم
عدم الخلاف في ذلك والمستند في ذلك صحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع) حيث قال له اخبرني عن الوجه الذي ينبغي ان يتوضأ الذي قال الله تعالى
فاغسلوا وجوهكم فقال الوجه الذي أمر الله بغسله الذي لا ينبغي لاحد ان يزيد عليه ولا ينقص عنه ان زاد عليه لو يوجر وان نقص عنه اثم ما
دارت عليه الابهام والوسطى من قصاص الشعر إلى الذقن وما جرت عليه الإصبعان مستديرا فهو من الوجه وما سوى ذلك فليس من الوجه قال قلت
الصدغ من الوجه قال لا والظاهر أن المراد بدوران الإصبعين احاطتهما ولذا عبر في المبسوط بما بين الابهام والوسطى ويمكن تصوير شبه دائرة من مجموع
الإصبعين بان يوضع طرفاهما منضمين على وسط الناصية ثم تفرقا ويجرى الابهام من اليمين والوسطى من اليسار إلى أن يجتمعا ثانيا في اخر الذقن و
المراد بالقصاص منتهى منبت الشعر من الناصية وهذه الفقرة بيان لمجموع الوجه وقوله وما جرت عليه الإصبعان من الوجه بيان للخط الطولى
الفاصل بين الوجه وغيره فهو في قوة التأكيد لما قبله واعترض شيخنا البهائي قده على هذا التفسير بلزوم دخول النزعتين بالتحريك وهما البياضان
المكتنفان بالناصية من الطرفين ويرده ان المراد بالقصاص ليس مطلق منتهى منبت الشعر الذي يأخذ من كلمة من الناصية ويرتفع عن النزعة ثم
ينحدر إلى مواضع التحذيف ويمر فوق الصدغ حتى يتصل بالعذار بل المراد منتهى الناصية وهو واضح واعترض أيضا بلزوم دخول الصدغين
مع نص الرواية على خروجهما وفى ان الصدغ خارج عن التفسير المذكور في المنتهى والمنسوب إلى الفقهاء وهو الشعر الذي بعد انتهاء العذار المحاذي
لرأس الاذن وينزل عن رأسها قليلا نعم المصرح به في الصحاح كما عن غيره انه ما بين العين والاذن وانه يسمى الشعر المتدلى عليه صدغا والظاهر أن
الفقهاء بملاحظة التصريح في الصحيحة على خروج الصدغ وظهوره في خروجه عن الحد لا اخراجه عن حكم المحدود حملوا الصدغ فيها على المعنى الأخير
المذكور في اللغة وهو الشعر المتدلى بناء على أن الشعر المذكور متدل غالبا على ما يحاذي منتهى العذار لا على مجموع ما بين العين والاذن لأنه
غير متعارف فالصدغ في كلام الفقهاء يراد به ولو مجاز موضع الشعر المذكور ومتدلاه وهذا مع مخالفته لظاهر النص والفتوى هو الوجه
الجامع بين كلمات الفقهاء وأهل اللغة ضرورة عدم ثبوت حقيقة اصطلاحية للصدغ لم يعرفه أهل اللغة ولولا تصريحهم بخروج الصدغ بجميع
اجزائه عن حد الوجه أمكن حمل الرواية على نفى كون مجموعه من الوجه الجامع لكون بعضه منه لكنه خلاف ظاهرها واما العذار وهو الشعر
النابت على العظم النائي أي المرتفع الذي هو سمت الصماخ الذي يتصل أعلاه بالصدغ وأسفله بالعارض فالمشهور كما في الحدائق خروجه وفى التذكرة
ان العذار وهو ما كان على العظم الذي يحاذي وتد الاذن ليس من الوجه عندنا خلافا للشافعي ويمكن حمله على مجموع العذار لأنه قال قبل
ذلك ولا يجب غسل ما بين الاذنين والعذار من البياض ثم قال تبعا للمعتبر ولا ما خرج عن الإصبعين من العذار فان كلمة من ظاهرها التبعيض
ولو أراد البيان لقال ولا العذار لكن له كلام اخر ظاهر في إرادة خروج كله كما أن للمعتبر كلاما ظاهرا في دخول كله فراجع وصريح المبسوط والخلاف والمحكى
عن الإسكافي الدخول وكذا صريح المرتضى قده وجده الناصر حيث حكى في الناصريات عن الناصر وجوب غسل العذار بعد نباتها لوجوبه قبل نباتها
ثم رده بان حكمه حكم اللحية والشعر إذا علاء البشرة انتقل الفرض إليه وكذا الشهيد والمحقق الثانيين لعلهما
يريدان بعضه الغير المحاذي للصدغ الذي
صرحا بخروجه لكن الظاهر خروج أزيد منه لان ما حوته الإصبعان عند كون اليد على ما يقابل الصدغين أزيد منه عند كونهما على ما يقابل العذارين
لمكان نتو الانف فإذا كانت اليد بمقابلة لرأس الانف ربما خرج كله فلاحظها واما العارضان وهو ما نزل عن العذارين من الشعر فصرح في المنتهى
108

بخروجهما والشهيد والمحقق الثانيان بدخولهما بل عن اولهما الاتفاق عليه ويشكل دخول ما قابل الاذن منه وما يقرب منه لعدم وصول الإصبعين إليه
ولا اشكال في دخول أكثره فتنزيل القولين على التبعيض كما قطع به بعض غير بعيد ثم إن صاحب المدارك لما لاحظ ان اليد إذا وضعت على ما يقرب الذقن
فيتجاوز ما بين الإصبعين عن العارضين الجاه ذلك إلى دعوى ان تحديد العرض بما بين الإصبعين مختص بوسط تدوير الوجه لا لكل خط عرضي
منه ما بين القصاص والذقن وفيه مع منافاته لكلمات الأصحاب حيث يعللون الخروج والدخول في الصدغ والعذار ومواضع التحذيف بوصول
الإصبعين وعدمه انه مناف لظاهر الصحيحة وما ذكره لا يصلح للصارف لان التحديد بذلك بالنسبة إلى ما يمكن توهم دخوله في الوجه كالصدغ والعذار
والبياض الفاصل بين العذار والاذن وبعض العذار لا بالنسبة إلى ما يقطع بخروجه عنه كالجزء من الرقبة مما يلي العارضين قريبا من الذقن
وكذا المراد من القصاص هو منتهى الشعر من الناصية لا مطلقه فيشمل منتهاه المار على أعلى النزعتين إذ لا يتوهم دخولهما وبالجملة فالمراد من الصحيحة
هو التحديد المذكور بالنسبة إلى ما يمكن توهم دخوله أو قال بعض العامة بدخوله وإن كان مقتضى مفهومه منطبقا على معنى يوجب دخول معلوم الخروج
كالنزعتين وما يتجاوز من العارضين إلى الرقبة ومما ذكرنا يظهر ان ما دقق النظر فيه شيخنا البهائي قده وارتضاه المحدث الكاشاني قده طعنا على
تفسير المشهور بدخول ما هو خارج بالاتفاق أعني النزعتين والصدغين بعيد في الغاية قال قده في أربعينه والذي يظهر لي من الرواية ان كلا من
طول الوجه وعرضه هو ما اشتمل عليه الإصبعان إذا ثبت وسطه وأدير على نفسه حتى يحصل شبه دائرة فذلك القدر هو الذي يجب غسله ثم ذكر ان
قوله من قصاص الشعر إما حال من الخبر واما متعلق بدارت يعنى ان الدوران يبتدى من قصاص الشعر منتهيا إلى الذقن ولا ريب انه إذا اعتبرت الدوران
على هذه الصفة للوسطى اعتبر للابهام عكسه تتميما للدائرة المستفاد من قوله (ع) مستديرا فاكتفى (ع) بذكر أحدهما عن الأخر وأوضحه بقوله
(ع) وما جرت عليه الإصبعان مستديرا فهو من الوجه فقوله مستديرا حال من المبتدأ وهذا صريح في أن كلا من طول الوجه وعرضه شئ واحد
هو ما اشتمل عليه الإصبعان عند دورانهما كما ذكرنا والمصباح فيستقيم التحديد ولا يدخل فيه مواضع التحذيف ولا الصدغان لان أغلب الناس إذا طبق
الخط المتوهم من انفراج ما بين الابهام والوسطى ما بين قصاص ناصية إلى طرف ذقنه واداره مثبتا وسطه ليحصل منه الدائرة وقعت مواضع التحذيف
والصدغين خارجة عنها فالتحديد المشهور يزيد على ما فهمنا من الرواية بنصف تفاضل ما بين مربع معمول على دائرة قطرها انفراج الإصبعين
وتلك الدائرة على مثلثين تحيط بكل منهما خطان مستقيمان وقوس من تلك الدائرة ومواضع التحذيف
والصدغان واقعين في هذين المثلثين انتهى كلامه رفع مقامه وانما جعل التفاوت بينه وبين المشهور نصف
التفاضل لان النصف الآخر من تحت الدائرة خارج من الوجه على كل مذهب والحاصل ان المربع المعمول
على الدائرة له أربع زوايا ثنتان من فوق وثنتان من تحت ومجموع تفاضل المربع على الدائرة بأربع زوايا
وأربع مثلثات ونصفه مثلثان ثم إنه يرد على ما ذكره قده مضافا إلى بعده عن فهم العرف الذي هو الملحوظ للشارع وامنائه
(ع) في بيان الاحكام أولا ان جعل كل من الطول والعرض شيئا واحدا هو انفراج ما بين الإصبعين
غير صحيح غالبا لان الغالب ان ما بين القصاص إلى الذقن يقصر عما بين الإصبعين نعم ربما يقرب من
انفراج ما بين السبابة والابهام المقتصر عليه في الصحيحة على رواية العياشي والا فالموجود في الكتب المعروفة الوسطى فقط أو مع
السبابة والمصباح فاطلاق الطول على ما بين القصاص والذقن مع كونه اقصر من عرض الوجه باعتبار قامة الانسان (وثانيا) ان اعتبار الدائرة التي
تثبت وسطها في وسط الخط الواصل بين القصاص والذقن يوجب خروج جزء من الجبهة والجبينين لان خط الجبهة مستقيم أو منحدب أقل
من انحداب القوس المتوهم عليه من دائرة المذكورة بل يوجب خروج شئ من اللحيين كما صرح به في الذخيرة وتبعه غير واحد (وثالثا) ان ما قربه
من خروج الصدغين ان أراد بهما مجموع ما بين العين والاذن على ما صرح به أهل اللغة فخروجه مخالف للاجماع وان أراد ما تقدم عن
المنتهى وغيره فهو خارج على التفسير المشهور واما النزعتان فلا يدخلان في تحديد المشهور بالبديهة واما (رابعا) فلان ما ذكره من جعل الدوران مبتديا من
القصاص منتهيا إلى الذقن ان أراد به دوران أحد الإصبعين فهو خلاف ظاهر الرواية بل ظاهرها إما دوران المجموع أو دوران كل منهما وان
أراد به دوران المجموع فهو لا يبتدى من القصاص ولا ينتهى إلى الذقن لان دور كل منهما من حيث المبدء والمنتهى عكس الأخر كما اعترف به واما قوله مستديرا
فهو صفة لمصدر محذوف أي جريانا مستديرا لان الإصبعان يجريان من القصاص إلى الذقن على وجه الاستدارة لاستدارة الوجه عرفا
وبالجملة فلا أظن في ما ذكره المشهور شيئا من القصور والله العالم ولا عبرة بالأنزع وهو من انحسر شعره عن القصاص المتعارف ولا الأغم وهو من على بعض جبهته الشعر بل يغسلان من القصاص المتعارف ثم المراد من الوجه هو العضو المخصوص المعلوم صغيرا وكبيرا كأسامي ساير الأعضاء واما
الإصبع الواقع ضابطا لحده فالمراد الإصبع المتعارف لأوساط الناس (ولا) عبرة (لمن تجاوزت أصابعه) عن المقدار الواجب غسله (من العذار أو قصرت)
(عنه بل يرجع كل منهما إلى مستوى الخلقة) لانصراف المطلق خصوصا الواقع ميزانا وضابطا إلى المتعارف الغالب ولا يجرى هذا الانصراف في
109

لفظ الوجه لأن المفروض اضافته إلى المكلف ووجه كل مكلف أمر واحد شخصي نعم لو قدر شيئا بمقدار الوجه انصرف إلى المتعارف كما أنه لو كلف
كل أحد بغسل مفهوم ما اشتمل عليه الإصبعان مما يواجه به وجب مراعاة مقدار الإصبع زاد على العضو المعلوم أو نقص ولو قدره
لكل مكلف بإصبعه دواعي ذلك وجهه صغيرا أو كبيرا ولو حدد الوجه المضاف إلى المكلف بمقدار إصبعه
المضاف أيضا بان حد وجه كل أحد
بما اشتمل عليه إصبعاه فان علم إرادة المفهوم في الحد فالمتبع هذا الإصبع الشخصي كما أنه علم إرادة مفهوم الوجه وانما ذكر ميزانا
فيحمل التحديد على اختصاصه بالافراد المتعارفة من المكلفين والا وقع التعارض ظاهر الحد والمحدود واعلم أن المشهور المحكي عن بعض حواشي
الألفية الاتفاق عليه انه (يجب ان يغسل من أعلى الوجه إلى الذقن) الوضوءات البيانية ولما أرسله في المعتبر والمنتهى والذكرى من قوله (ع) وقد أكمل
وضوئه هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة الا به قال في المعتبر أي بمثله أو أرسله الصدوق عن النبي صلى الله عليه وآله أو عن الصادق (ع) بناء على أنه
صلى الله عليه وآله لم ينكس في الغسل قطعا وللمروى في قرب الإسناد قال قلت لأبي الحسن (ع) كيف أتوضأ للصلاة قال لا تعمق في
الوضوء ولا تلطم وجهك بالماء لطما ولكن اغسله من أعلى وجهك إلى أسفله بالماء مسحا ويرد على الأول ان الوضوءات البيانية مشتملة على
مندوبات مع أن اثبات الوجوب بها مشكل مع أن المشتمل على الغسل من الأعلى ليس فيه هو انه وضوء بياني واما رواية قرب الإسناد فالامر فيه محمول
على الاستحباب قطعا لتقييده بكونه على وجه المسح في مقابل اللطم واما المرسلة فهى مجملة باعتبار المشار إليه بقوله هذا هل هو نوع الوضوء فمدلوله
اشتراط الصلاة بالوضوء أو شخص الوضوء باعتبار جميع مشخصاته فيلزم تخصيص الأكثر الموجب لهذرية الكلام أو بعض مشخصاته فالمتيقن ما علم وجوبه
من الخارج وبهذا يندفع ما يقال إن هذه المرسلة كالمقيد المجمل المطلقات الكتاب والسنة فان المرسلة لو بقيت على عمومها الدال على وجوب المماثلة
من جميع الجهات الا ما خرج كان مقيدا للاطلاقات قطعا والا كان الشك في أصلا التقييد بما زاد على المتيقن فافهم فينجه ما حكى عن جماعة منهم الشهيد
وابنى سعيد وإدريس من جواز العكس وقال به أو مال جماعة تبعا لصاحب المعالم وشيخنا البهائي اللهم الا ان يمنع اعتبار الاطلاقات لا لانصرافها
إلى التعارف وهو الابتداء من الأعلى لمنع تعارف الابتداء من الأعلى بل هو نادر فان الغسل المتعارف هو صب الماء على الجانب الا على من خصوص
القصاص بل لورودها كاكثر الاطلاقات الواردة في العبادات كمسح الوجه والأيدي في التيمم وشبه ذلك في مقام ايجاب أصل العبادة لا بيان
كيفيتها والمصباح فيرجع إلى الأصول فان قلنا بأصالة الاشتغال في هذا مقام فهو والا لم يجد جريان أصالة البراءة بعد قوله (ع) لا صلاة الا بطهور
الذال على وجوب احراز الطهور المراد به الرافع والمبيح فيشك في حصوله بغير المتيقن والمسألة محل اشكال وما عليه المشهور أحوط بل أقول بملاحظة
ما سيجئ في غسل اليد بعد عدم القول بالفصل بنية وبين غسل الوجه كما هو ظاهر الفاضلين والشهيد وجماعة وعليه فهل يجب غسل الاعلى
فالأعلى أم يكفي الابتداء منه ظاهر المتن الأول وهو ظاهر المقنعة والمبسوط والوسيلة حيث منعوا من استقبال الشعر في غسل اليدين بناء على أن
وجه المنع هو النكس كما فهمه في المنتهى لكن هذا انما يدل على عدم جواز غسل جزء قبل الاعلى المسامت له لا مطلقا نعم ظاهر العلامة في
المختلف في مسألة غسل اللمعة المنسية ان كل من أوجب الترتيب منع من غسل الأسفل قبل الاعلى ولو لم يسامته بل ظاهر الخلاف ان القول
بوجوب الابتداء بالأعلى ملازم للترتيب على هذا الوجه قال في مسألة من نسى لمعة ولا أوجب غسل جميع ذلك العضو بل من الموضع المتروك إلى
اخره ان أو جبنا الابتداء من موضع نفسه والموضع خاصة ان سوغنا العكس لكن الغسل على هذا الترتيب حقيقة محال عقلا على القول
بعدم الجزء الذي لا يتجزى وعادة على القول بوجوده الا ان يرمس عضوه تحت الماء فينوي انغساله جزءا فجزءا على الترتيب المذكور واما الغسل
كذلك عرضا بحيث يغسل عضوه عرضا إلى اخره على أدق ما يمكن من الخطوط العرضية فهو حرج بنفسه أوله نفسه وعلى الوجه الميسور يدفعه ما
يظهر من الوضوءات الحاكية لوضوء رسول الله صلى الله عليه وآله حيث إنه (ع) وضع الماء على جبينه فاسد له على أطراف لحيته ثم أمر يده
على وجهه وانه وضع الماء على مرفقه اليمنى فامر كفه على ساعده حتى جرى الماء على أطراف أصابعه ويؤيده ان غسل العضو عرضا خلاف المتعارف
بين المتشرعة المتلقى من فعل صاحب الشريعة خلفا عن سلف بل الالتزام الاعلى فالأعلى بالنسبة إلى خصوص الأجزاء المسامتة حرج أيضا وإن كان
دون الأول ولذا استوجهه في المقاصد العلية بعد رد الترتيب الحقيقي على الوجه الأول بعدم الامكان واختيار العرفي على ذلك الوجه فقال
وفى الاكتفاء فيه بكون كل جزء من العضو لا يغسل قبل ما فوقه على خطه وان غسل ذلك الجزء قبل الاعلى من غير جهته وجه وجيه وقال في
الذكرى بعد حكاية ما تقدم من المتقدم في رد ابن الجنيد ولك ان تقول هب ان الابتداء من موضع من نفسه واجب ولا يلزم غسله وغسل
ما بعده إذا كان قد حصل الابتداء اللزوم ترتب اجزاء العضو في الغسل فلا يغسل لاحقا قبل سابقه وفيه عسر منفى بالآية انتهى وما ذكره
جيد جدا فان الأدلة ذكروها لوجوب الابتداء بالأعلى لا يدل على الترتيب بين الأعضاء بل خلوا الوضوءات البيانية عن التعرض لما عدا
المنع من استقبال شعر اليدين ورد اليد إلى المرفق مشعر بل ظاهر في عدم وجوب أزيد من العكس في الغسل بعد الابتداء بالأعلى فلا يبقى على تقدير
110

عدم الاعتناء بالاطلاقات الا قاعدة الاحتياط المقتضية للزوم احراز الطهور بمقتضى ما تقدم من قوله (ع) لا صلاة الا بطهور وهي لا تقاوم
أدلة نفي الحرج فالقول بكفاية الترتيب بين معظم الأجزاء بحيث يصدق عرفا الترتيب ولو ادعى من باب المسامحة في الجزء اليسير كما هو الشأن في
كثيرا من المفاهيم التي يكتفى فيها بالتقريب دون التحقيق لا يخلو عن قوة وإن كان مقتضى الأصول اللفظية البناء على التحقيق في مقام الصدوق عدم
الاكتفاء بالمسامحة والتقريب لكن قد يصير تعسر التحقيق كتعذره قرينة على كفاية التقريب ويمكن الاستدلال على عدم وجوب الترتيب بين
اجزاء العضو بما رواه في العيون عن الرضا (ع) عن الرجل يبقى من وجهه إذا توضأ موضع لم يصبه الماء قال يجزيه ان يبله ببعض جسده بناء على أنه
وان سلم ظهورها فيما يبقى الموضع بعد الفراغ الا انه لمخالفة الاجماع يكون قوله إذا توضأ على ما إذا اشتغل بالوضوء فيحمل على ما إذا لم يفت
معه الترتيب بين الأعضاء فسكوته عن بل ما بعده من اجزاء العضو ظاهر في عدم الوجوب فتأمل ثم إن ظاهر وجوب الابتداء بالأعلى عدم جواز المقارنة
بين الأجزاء لا المنع عن النكس فقط نعم لا يفرعون على ذلك الا المنع عن النكس وفى شهادته على إرادة خصوص ذلك نظر والمسألة محل اشكال
(ولا يجب غسل ما استرسل من اللحية) بلا خلاف بيننا لخروجه عن حدا الوجه المأمور بغسله في النص المحدد له بالذقن مع كون الأغلب خروج اللحية
عن حده وعدم كون السؤال عن نفس الوجه مع قطع النظر عن اللحية والعارض ومن هنا لا يلتفت إلى كون منبته في المحدود على ما سيجئ في اليد ولو
اتفق الوجه قليل العرض والطول فلا يتم من اللحية والعارض لوجوب ارجاعه إلى مستوى الخلقة فلا يزيد على ما يغسله المستوى والمشهور ظاهرا عدم
استثنائه الدليل وقوله (ع) ان زاد عليه لم يوجر وعن الإسكافي استحبابه ولعله لقول (ع) في بعض الوضوءات وأسدله على أطراف لحيته واطلاق اخبار
الا مره بأخذ الماء من اللحية عند الجفاف مضافا إلى التسامح في أدلة السنن لكن لا يثبت بذلك كون مائه ماء الوضوء حتى يجوز المسح به فإنه وان ثبت غياب
الهيئة المركبة من مغاير الافعال وغسل المسترسل الا انه لا يثبت كون غسله من اجزاء الوضوء وصيرورته أفضل فردي الوضوء باعتبار اشتماله على
هذا الفعل باعتبار تركبه منه ومن غيره فهو قيد له لا جزء والتقييد داخل والقيد خارج (ولا يجب تخليلها) أي اللحية وايصال الماء في خلاله العمل
ما استترته من البشرة والشعر (بل يغسل) الموضع (الظاهر) الذي لا شعر عليه أو المبين في خلال ذلك الشعر بيان ذلك أن الشعر إما كثيف واما ضعيف
والكثيف ما لا يرى البشرة من خلاله ولا اشكال في عدم وجوب تخليله نعم قيل باستحبابه وسيجئ واما الخفيف فقد اضطرب فيه كلمات المتأخرين في اثبات
الخلاف فيه وعدمه وفى تعيين محل الخلاف على تقدير ثبوته فنقدم أولا بعض كلمات من عثرنا عليه أو على حكايته فنقول قال ابن الجنيد كل ما أحاط به
الشعر وستره من البشرة أعني شعر العارضين والشارب والعنفقة والذقن فليس على الانسان ايصال الماء اللحية بالتخليل وانما اجرى الماء على الوجه
والساتر له من الشعر ثم قال ومتى خرجت اللحية ولم يكثر فيوارى بنباتها البشرة من الوجه فعلى المتوضى غسل البشرة كما كان قبل انبات الشعر حتى
يستيقن وصول الماء إلى البشرة التي يقع عليها حسن البصر إما بالتخليل أو غيره لان الشعر إذا ستر البشرة قام مقامها فإذا لم يسترها على المتطهر
ايصال الماء عليها انتهى وقال ابن أبي عقيل على ما في المعتبر ومتى خرجت اللحية ولم يكثر فعلى المتوضى غسل الوجه حتى يستيقن وصول الماء إلى بشرته لأنها لم
تستر مواضعها انتهى وقال السيد قده ومن كان ذا لحية كثيفة يغطى بشرة وجهه فالواجب عليه غسل ما ظهر من بشرة وجهه وما لا يظهر مما يغطيه
اللحية لا تلزم ايصال الماء إليه ويجزيه اجراء الماء على اللحية من غير ايصال إلى البشرة المستورة ثم حكى عن الناصرات وجوب غسل العذار بعد نبات
اللحية كوجوبه قبل نباتها قال قده وهذا غير صحيحة والكلام ما في قدمناه في تخليل فانا بينا ان الشعر إذا على البشرة انتقل الفرض إليه وعن
الخلاف انه لا يجب ايصال الماء إلى ما يستره شعر اللحية ولا تخليلها ثم استدل بالأصل واجماع الفرقة وصريح المبسوط والمعتبر بل المشهور كما
في الذكرى وغيره عدم وجوب تخليل الشعر كثيفا كان أو خفيفا ورد في التذكرة والخلاف قول الشيخ وقال في التذكرة وأما إذا كان الشعر خفيفا
لا يستر البشرة فالقوى عندي غسل ما تحته وايصال الماء إليه وبه قال ابن أبي عقيل لأنها بشرة ظاهرة من الوجه وقال الشيخ لا يجب تخليلها كالكثيفة
والفرق ظاهر انتهى وقال في الخلاف محتجا لمذهب الإسكافي بعد اختياره واستظهار موافقته للسيد في مقابل قول الشيخ ان الواجب غسل الوجه وانما
انتقل إلى اللحية النابتة لانتقالي الاسم إليه لان الوجه اسم لا يقع به المواجهة وانما يحصل بها ذلك مع الستر ومع عدمه فلا فان الوجه مرئى
وهو المواجهة به دون اللحية لأنها لم تستره فلا ينتقل الاسم إليها ثم احتج للشيخ برواية تبطين اللحية وأجاب عنه بجمله على الساتر دون
غيره انتهى وعكس في المنتهى فاختار قول الشيخ بعد مقابلته لقول ابن أبي عقيل تبعا للمعتبر وقال كما في التحرير انه ان فقد الشعر وجب غسل موضعه
وان وجد فالواجب امرار الماء على ظاهر الشعر واحتج لذلك بعد الاختيار بأنه شعر تستر ما تحته بالعادة فوجب انتقال الفرض إليه قياسا
على شعر الرأس انتهى واحتج في المعتبر بان الوجه اسم لظهر فلا يتبع الغائب انتهى وهو قده أول من أثبت الخلاف في هذه المسألة دون العلامة
كما زعمه صاحب الحدائق وطعن عليه بان مقتضى التأمل عدم الخلاف والنزاع رأسا فتحصل مما ذكرنا ان ظاهر الفاضلين وجود الخلاف في المسألة
واحتمل شهيد الذكرى في كلام من أوجب غسل البشرة يعنى البشرة التي لا شعر عليها قال فلا يخالف الشيخ والجماعة وجزم ذلك المحقق الثاني قال
111

وعبارة البعض وان أشعرت بوجوب تخليل الخفيف الا انها عند التحقيق يفيد خلاف كما عليه الباقون وقال قبل ذلك في رد ما تقدم من
المختلف من منع انتقال الاسم إلى اللحية مع عدم سترها للبشرة ما لفظه قلنا ينتقل فيما تستره من البشرة فان كل شعرة يستر ما تحتها قطعا
واما ما بين الشعر فلا كلام في وجوب غسله انتهى فعل ما احتمله الشهيد وجزم به جامع المقاصد يكون قول العلامة بوجوب تخليل الخفيف مخالفا للكل
وتبعه فيما جزم به صاحب الحدائق مدعيا للمسالك ان التخليل عبارة عن ايصال الماء إلى البشرة المستورة وايصاله إلى الظاهر لا يسمى تخليلا وقال
الشهيد الثاني في شرح الألفية بعد ميله إلى قول المشهور خلافا للمتن مستدلا عليه قبل الاخبار بان الوجه اسم لما يواجه به ظاهرا فلا يتبع
غيره واعلم أن الخلاف في غسل بشرة الخفيف انما هو في المستور منها كما بيناه لا في البشرة الظاهرة خلال الشعر على كل حال فإنه يجب غسلها
اجماعا لعدم انتقال اسم الوجه عنها وعدم إحاطة الشعر بها فعلى هذا لابد في خفيف الشعر من ادخال الماء إلى البشرة التي بين شعره وغسل ما ظهر
والمصباح فتقل فائدة في ذلك انتهى وتبعه في تقليل الفائدة في المدارك وغرضه ان غسل البشرة الظاهرة يتوقف
غالبا على غسل المستورة وعكس شارح
الدروس فنفى الريب عن عدم الخلاف في المستورة بالشعر الخفيف وان الشيخ والمحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى نافون لذلك في المستورة وانحصار
الخلاف في الظاهرة خلال الشعر واستظهر ذلك ولده قده؟ في حاشية الروضة وفيه انه مناف لاستدلال الشيخ باجماع الفرقة على عدم وجوب
ايصال الماء إلى ما تستره شعر اللحية واستدلال المنتهى باستحالة ايصال الماء إلى ما تحت الشعر بغرفة واحدة وبأنه شعر ستر ما تحته بالعادة وجب
انتقال الفرض إليه قياسا على شعر الرأس وبالاخبار الخاصة خصوصا الحصر في صحيحة انما يغسل ما ظهر وكذا استدلال المعتبر قبل ذكر الاخبار بان الوجه
اسم لما ظهر فلا يتبع غيره ومن العجب ان شارح الدروس لم يذكر من هذه المنافيات سوى دليل المعتبر واعترف بأنه استدل به المحقق على نقض مدعاه
وهو نفى التخليل في الكثيف وادعى انه استدل على تمام مطلبه بالاخبار واضعف من ذلك ما عن حبل المتين من عدم الخلاف في عدم وجوب غسل
الظاهر وفى وجوب غسل المستور قال ومن هنا قال مشايخنا ان النزاع في هذه المسألة قليل الجدي وانتهى وحكى ذلك عن بعض من تأخر عنه و
فيه ان النزاع المصباح لفظي كما صرح به الوحيد البهبهاني قده في شرحه على المفاتيح لا قليل الجدوى وعن الحبل أيضا احتمال ان يكون الخلاف في الخفيف بمعنى
ما يستر في بعض الأحوال دون بعض وعن العلامة الطباطبائي انه فصل في الخفيف بين ما يكون حائلا حاكيا كالثوب الرقيق فلا يجب غسله إما البشرة
التي في خلاله مما لا شعر عليها أصلا كما إذا كان حواليها وليس عليها أو دار عليها وهي في وسطه كاللمعة فإنه يجب غسلها وينزل على ذلك كلمات
الأصحاب واجماعاتهم وقد أنكر ذلك كله كاشف اللثام وادعى فيما سيأتي من كلامه وجود ما يكون مستورا دائما تحت الخفيف أو مكشوفا بل كل
جزء مما احاطه تستر أحيانا وتكشف أحيانا والذي يظهر بالتتبع وقوع الخلاف في كل من الظاهر والمستور كما ستعرف ثم إن ظاهر كلام العلامة
وجماعة ممن تبعه ان المراد بالخفيف ما ترى البشرة من خلاله وهو الظاهر من توصيف الكثيف والكثير في كلام السيد والقديمين بكونه يغطى بشرة
الوجه ويوارى البشرة أو مواضع الشعر لكن لم يعلم أن العبرة في الستر والظهور بمجلس التخاطب كما في المقاصد العلية أو المعتبر في الستر أو في الظهور
ذلك وهل المراد الستر بجميع الأحوال كما هو ظاهر كلام السيد والقديمين أو العبرة في الظهور بجميع الأحوال في الستر بكثرة الشعر في المحل المستور أو بما
يعلم الاسترسال إليه من موضع اخر معدود عرفا من أحوال الشعر ومواضعه أو لا يشترط ذلك وحيث اختلف كلمات العلماء في ثبوت أصل الاخلاف
ثم في تعيين محله ثم في مناطا الستر والظهور فالواجب تفصيل الكلام في أقسام الشعر وبيان احكامها على حسب ما يقتضيه الأدلة فنقول مستعينا
بالله جل ذكره ان الظاهر أن لفظ الوجه موضوع للعضو المخصوص ولو كان محاطا بالشعر الكثيف فكلما لم يثبت خروجه بالدليل فيجب غسله
فحينئذ نقول إن الشعر إذا كان ساترا في جميع الأحوال بكثافته وكثرته فلا اشكال في قيامه الوجه والاخبار ففي صحيحة زرارة
قال قلت له أرأيت ما كان تحت الشعر فقال كل ما أحاط به الشعر فليس على العباد ان يغسلوه الخبر وأما إذا كان ساترا دائما بالاسترسال
فإن كان الاسترسال قليلا كشعر الشارب والعنفقة بحيث يستر ما تحته دائما فلا يبعد عدم وجوب غسله لصدق الإحاطة وكونه داخلا
في معقد اجماع الخلاف وصدق ما تحت الشعر وإن كان الاسترسال كثيرا نعم لو كان منبته خارجا عن حد الوجه فاسترسل إليه قليلا ففيه اشكال
وإن كان الاسترسال كثيرا فالظاهر وجوب غسل ما تحته لصدق الوجه عليه ودعوى اعتبار المواجهة الشخصية في صدقه ممنوعة ولا أقل من
الشك فيه ودوران الامر بينه وبين غسل ظاهر ذلك الشعر فيجب الاحتياط لكونه من دوران الامر بين المتباينين الا ان يقال إن وجوب
غسل الشعر ثابت قطعا لأنه من توابعه كالشعر في اليد فالشك في وجوب غسل البشرة وعدمه وأما إذا كان الستر بملاحظة بعض الأحوال
دون بعض كالشعر الخفيف الذي يستر بعض المواضع في حال ويستر بعض الأخر في حال فيمكن رؤية البشرة بتمامها منه ولو باختلاف الأحوال فإن كان
الشعر قائما غير ملتف بعضه ببعض فالظاهر وجوب غسل ما تحته وإن كان ملتفا بعضه ببعض فصار الحالي لسعة منافذه ففي وجوب
غسل البشرة اشكال أقواه الوجوب مع الظهور في مجلس التخاطب والمواجهة المتعارفة لعدم صدق الإحاطة التي فهم منه العلماء الستر والتغطية
112

والمنع من وقوع حس البصر عليه مضافا إلى صدق الوجه عليه كما ذكر الا ان يقال إن المستفاد من الرواية ان البحث والنقر غير واجب وانما الواجب
اجراء الماء على الوجه فالمحتاج في غسله إلى أزيد من الاجراء باليد من تنقير وادخال الأنملة ونحو ذلك لا يجب غسله وبما ذكرنا تبين ان
الشعر الخفيف الذي يكون ساتر البعض الموضع وغير ساتر للبعض الأخر على ما ذكره المحقق الثاني من أن كل شعرة تستر ما تحتها من البشرة قطعا
لا يتصور الا ان يريد الستر في بعض الأحوال أو يريد الساتر بامتداده على الموضع أو استرساله عليه وقال كاشف اللثام بعد تفسير الخفيف
بما ذكروه انه لا يخفى ان الشعر إذا خف كان من شانه ستر اجزائه لجميع ما تحتها وخلالها من البشرة بالتناوب باختلاف أوضاع الرائي والمرئي فلا يخلو شئ
منه من الاستتار تحتها في بعض الأحيان لبعض الأوضاع ومن الانكشاف في بعض الأحيان وهذا جهة تحير المتأخرين في البشرة المستورة أو
المنكشفة خلاله ودعوى بعضهم الاجماع على وجوب غسل المكشوفة وقصره الخلاف على المستورة انتهى واختار هو قده الوجوب وهو حسن
على ما فرضه من عدم الستر دائما خلال الخفيف ثم إنه لا فرق فيما ذكرنا بين شعر اللحية وغيرها ولا بين الرجل والمرأى (و) انه (لو نبت للمرأة لحية)
(لم يجب تخليلها) على التفصيل المتقدم (ويكفى إفاضة الماء على ظاهرها) من دون تبطين حتى لو غسل البشرة لم يجز
(الفرض الثالث)
من فروض الوضوء الثابتة بالكتاب بل السنة والاجماع غسل اليدين والواجب فيه غسل الذراعين بالأدلة الثلاثة
وكذا غسل
(المرفقين) بناء على كون إلى في الآية معنى مع كما هو غير عزيز في الاستعمال والا فيكفي السنة الاجماع المستفيضين ففي رواية الهيثم
بن عروة التميمي سئل أبا عبد الله (ع) عن قوله تعالى فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق فقلت هكذا ومستحب ظهر كفى إلى المرافق
فقال ليس هكذا تنزيلها انما هي فاغسلوا وجوهكم وأيديكم من المرافق ثم أمر يده من مرفقه إلى أصابعه وفى الصحيح الحاكي لوضوء رسول الله صلى الله عليه وآله موضع
الماء على مرفقه فامر كفه على ساعد وفى اخر فغرف بها غرفة فافرغ على ذراعه اليمنى فغسل بها ذراعه من المرفق إلى الكف لا يردها إلى
المرفق وفى الخلاف قد ثبت عن الأئمة عليهم السلام ان إلى في الآية بمعنى مع ودعوى القطع بالثبوت كدعوى التواتر أو الاجماع فلا يقصر هذا
المرسل عن الصحيح ثم إن ظاهر معظم الفتاوى كمعاقد الاجماعات هو وجوب غسل المرفق أصالة ففي الخلاف غسل المرفقين واجب مع اليدين
وبه قال جميع الفقهاء الا زفر وفى المعتبر الواجب غسل اليدين مع المرفقين ثم استدل على دخول المرفق بان عليه الاجماع من عدا زفر ومن لا عبرة
بخلافه وفى المنتهى أكثر أهل العلم على وجوب ادخال المرفقين خلافا لبعض أصحاب مالك وداود وزفر وعن كشف اللثام دعوى الاجماع على الادخال
الا من زفر إلى غير ذلك من عباراتهم لكن ظاهر الشهيد في الذكرى وصريح جماعة ممن تأخر عنه كالمقداد والمحقق والشهيد الثانيين وغيرهم
ثبوت الخلاف في أن وجوب غسل المرفقين اصلى أو مقدمي ومنشأ ذلك أن جماعة من أساطين المدعين الاجماع على وجوب غسل المرفق الظاهر
في وجوبه أصالة كالفاضلين والشهيد افتوا في المعتبر والمنتهى والارشاد والنفلية في مسألة الأقطع بعدم وجوب غسل طرف العضد قال في المنتهى
بعد تعليل سقوط غسل اليد في الا قطع من المرفق سقط فرض غسلها بفوات محلها وللشافعي في غسل العظم الباقي وهو طرف العضد وجهان
أصحهما الوجوب لان غسل العظمين المتلاقيين من العضد والمرفق واجب فإذا زال أحدهما غسل الأخر ونحن نقول انما وجب غسل طرف العضد توصلا
إلى غسل المرفق ومع سقوط الأصل انتفى الوجوب انتهى وصرح في النفلية باستحباب غسل ما بقى من المرفق فبناة الشارح على وجوب غسل المرفق
مقدمة نعم جعل الوجوب في الذكرى أقرب ولذا استظهرنا منه ثبوت الخلاف أقول فعلى ما ذكره المتأخرون يكون الأقوال في المسألة ثلاثة
الوجوب الأصلي والمقدمي وعدم الوجوب رأسا المنسوب إلى زفر ومن تبعه والظاهر أن الأقوال الثلاثة لا تأتى في المرفق بمعنى واحد فلا بد إما من تثنية
الأقوال وجعل محل الخلاف في الوجوب الأصلي واما من بناء الخلاف في وجوب الدخول أصلا أو مقدمة وعدمه رأسا على الخلاف في معنى
المرفق كما سيجئ وان من يقول بعدم الوجوب رأسا يكون المرفق عنده مجموع العظمين المتداخلين من الذراع والعضد كما فسره به في الروض
مستفيد إياه من تفسيره في التذكرة بأنه مجمع عظمي الذراع والعضد فان مجموع المقدار المتداخل من العظمين يمكن نفى وجوبه أصلا لعدم
الدليل عليه بناء على ظاهر الآية وليس مقدمة لغسل الذراع وانما المقدمة جزء من طرف العضد أو نقول بأنه الحد المشترك الذي لا وجود له
الا بطرفي الذراع والعضد ولا دليل على وجوب غسله أصالة وليست قابلة للمقدمة بل لو فرض وجوبه أصالة لابد من ارجاع وجوبه إلى وجوب
غسل في الذراع والعضد وأظهر ان الاجماع منعقد على وجوب غسل المرفق أصالة الا ان وجوب غسل طرف العضد أصالة مبتنى على
دخوله في المرفق قال بدخوله فيه كالعلامة في التذكرة والشهيد في الذكرى قال بوجوبه ومن قال بخروجه عنه كما صرح به فيما تقدم من
المنتهى حيث قرر قول الشافعي الصريح في خروج طرف العضد عن المرفق وانما أنكر وجوب غسله مقدمة لغسل المرفق قال بعدم وجوب غسله
ولذا حمل الشهيد قده في الذكرى فنوى المحقق قده تارة بابتنائه على دخول المرفق مقدمة واخرى على كون المرفق طرف الساعد وجعل القول بالمقدمية مبتنيا على جعل
إلى للانتهاء لا بمعنى مع وقد صرح في المعتبر بان إلى في الآية بمعنى مع وانه يجب غسل اليدين مع المرفقين فتعين ان يكون مبناه هو جعل
113

المرفق طرف الساعد وفاقا للمنتهى والشافعي أو المفصل واما عبارة النفلية فيمكن ان يراد مما بقى من المرفق أحد طرفيه المقومين له لأجزأه
بناء على أنه هو المفصل وهو الحد المشترك الذي لا يقوم الا بطرفين وبالجملة فالخلاف في مسألة الا قطع مبنى على الخلاف في تفسير المرفق
لا في وجوبه أصالة أو مقدمة نعم يمكن ان يكون مراد من أثبت الخلاف في وجوب المرفق أصالة أو مقدمة إرادة المرفق بالمعنى المختار عنده وهو
المجمع بقى الكلام معنى المرفق ففي التذكرة انه مجمع عظمي الذراع والعضد والمراد به كما قيل الموضع الذي يجتمع فيه العظمان فيتداخلان و
ظاهره إرادة المجموع ولذا عبر به في الذكرى والمجمع ويحتمل ان يراد به اجتماعها أي انضمام أحدهما إلى الأخر فيكون تمام المقدار المتداخل
من العظمين ويشهد له تعبير الروض بأنه العظمان المتداخلان ويحتمل ان يراد المحل الذي يتلاقيان ويتواصلان فيه فيتداخلان فيكون مركبا من طرفي
العظمين من جميع الجوانب وعن جماعة من أهل اللغة بل قيل إنه المعروف بينهم انه موصل العضد بالساعد كما عن المغرب أو موصل الذراع في العضد كما
عن الصحاح والقاموس والمراد بموصل الذراع في العضد يحتمل ان يكون محل تواصلهما إلى المحل الذي يتواصلان فيه فرجع إلى المجموع بمعينيه لان الوصل
والجمع بمعنى الضم مرجعهما إلى واحد ولذا جعل شارح الدروس تفسير التذكرة قريبا من هذا التفسير ويحتمل ان يراد من موصل الذراع في العضد
طرف الذراع الواصل بالعضد أو فيه وهو الذي يحتملها ما تقدم من عبارة المعتبر والمنتهى ويحتمل ان يراد به الحد المشترك الذي يطلق عليه الموصل باعتبار
والمفصل باعتبار كما استظهر شارح الدروس من الموصل ولذا حكى عن بعضهم بل المشهور كما في الحدائق بل ظاهر اللغويين كما عن بعض اخر انه المفصل قال
في الحدائق المرفق كمنبر ومجلس المفصل وهو رأس عظمي الذراع والعضد كما هو المشهور أو مجمع عظمي الذراع والعضد فعلى هذا شئ منه داخل في الذراع وشئ
منه داخل في العضد انتهى ومما يؤيد اتحاد المفصل والموصل عدم ذكر بعضهم كالروضة وغيرها القول بالموصل مع أنه هو المصرح به في كلام جماعة من
أهل اللغة بل المعروف منهم على ما عرفت وظاهر شرح الدروس اتحاد الثلاثة لأنه ذكر أولا تفسير أهل اللغة بالموصل ثم قال وقريب منه ما في التذكرة
ثم قال وفسر أيضا بالمفصل وهو مثل الأول وكيف كان فالظاهر من كل من نص على وجوب ادخال المرفقين في الغسل هو إرادة المجمع إذ مرجع وجوب غسل
الحد المشترك إلى وجوب غسل الذراع أصالة وجزء من العضد مقدمة لان الحد المشترك ليس أمرا خارجا عنهما على القول بعدم الجزء الذي لا يتجزى
وهذا مما لا يحتاج إلى التعبير عنه بمثل العبارة المذكورة بل الحكم فيه المصباح نظير وجوب غسل جزء من الرأس مقدمة لغسل الوجه ومنه يظهر صحة
الاستدلال بما تقدم عن الخلاف من أنه ثبت من الأئمة (ع) ان إلى في الآية بمعنى مع فان ظاهر ذلك كون المرفق جزءا خارجا مغاير للذراع ولا يكون
ذلك الا مع إرادة المجمع فيكون مغايرته للذراع باعتبار اشتماله على جزء خارج منه وهو طرف العضد لكن يرد على الاجماع ما عرفت من أن جماعة
من هؤلاء المصرحين بالحكم المذكور والمدعين للاجماع عليه لو يوجبوا غسل جزء من العضد عند قطع اليد من المرفق على ما تقدم من الخلاف واضعف
مما ذكر الاستدلال بما سيجئ من وجوب غسل من قطع من المرفق ما بقى من عضده بناء على الاجماع على وجوب عدم الزايد عن المرفق أصالة و
سيتضح ذلك في مسألة الا قطع ثم الدليل على كونه هو المجمع وان ضعف الا ان كونه نفس المفصل أيضا لم يثبت لان كلام اللغويين على تقدير صحته مع عدم
إفادة القطع يمكن الارجاع إلى المجمع وليس نصا بل ولا ظاهرا في إرادة الحد المشترك خصوصا مع معارضته بما يظهر من جماعة من العلماء بل من الكل بناء
على ما عرفت فالمسألة محل توقف والمرجع إلى أصالة البراءة لولا قوله (ع) لا صلاة الا بطهور الدال على وجوب احراز الطهور واما التمسك بما يظهر منه
الاقتصار على غسل الذراع فلا يخلو عن نظر والاحتياط مطلوب على كل حال (ويجب البدءة بالأعلى) على الوجه المتقدم في غسل الوجه كما عن أحد قولي
السيد لما مر في غسل الوجه والمروى عن ارشاد المفيد بسنده عن علي بن يقطين انه كتب (ع) إلى علي بن يقطين بعد ارتفاع التهمة عنه صلاح حاله
عند السلطان يا علي توضأ كما أمر الله اغسل وجهك مرة واحدة فريضة واخرى اسباغا يديك من المرفقين كذلك وامسح بمقدم رأسك
وظاهر قدميك من فضل نداوة وضوءك فقد زال ما كنا نخاف منه عليك والسلام والمحكى عن كشف الغمة عن كتاب علي بن إبراهيم في حديث النبي صلى الله عليه وآله
انه علمه جبرئيل الوضوء على الوجه واليدين من المرفق ومسح الرأس والرجلين إلى الكعبين وعن تفسير العياشي عن صفوان في حديث غسل اليد
عن أبي الحسن (ع) قال قلت له هل يرد الشعر قال إن كان عنده اخر والا فلا والمراد حضور من يتقى منه فلو غسل منكوسا لم يجز لما مر من رواية
ابن عروة التميمي فأمر يده من المرفق إلى أطراف أصابعه والوضوءات البيانية خصوصا المتعرضة في غسل كلا اليدين لعدم رد الماء إلى المرفق كما في صحيحة
زرارة وبكير واعلم أن قول المصنف قده (ويجب البدئة باليمين) مع تعرضه بعد ذلك لوجوب الترتيب لم يعلم له وجه ظاهر الا دفع توهم كون غسل اليدين
فعلا واحدا كما في مسح الرجلين لظاهر قولهم الوضوء غسلتان ومسحتان فيكون الترتيب الآتي مختصا بأفعال الوضوء لا اجزاء فعل واحد فتأمل ومن
(قطع) بعض محل الفرض (من يديه غسل ما بقى) منه مبتديا (من) أول (المرفق) بلا خلاف وعن المنتهى نسبة إلى أهل العلم للأصل بمعنى الاستصحاب بناء على
جريانه في المقام كما قرر في الأصول أو بمعنى أصالة الاشتغال إذا أريد اثبات وجوبه في الجملة وان وجب التيمم أيضا تحصيلا لليقين بإباحة الصلاة
ولروايتي رفاعة المسؤول في إحديهما عن الأقطع وفى الأخرى عن الأقطع اليد والرجل ففي الأول يغسل ما قطع منه وفى الأخيرة يغسل ذلك عن
114

المكان الذي قطع منه وعن الحسن في الأقطع سئلته عن الأقطع اليد والرجل قال يغسلهما والضمير إما مفردا ومثنى راجع إلى اليدين أو المراد
بالغسل الأعم من المسح أو يحمل على التقية في خصوص الرجل ويدل على الحكم أيضا القاعدة المستفادة من قوله (ع) الميسور لا يسقط بالمعسور وما لا
يدرك كله لا يترك كله وإذا أمرتكم بشئ فاتوا منه ما استطعتم وقد يناقش في جريان هذه القاعدة بعد الإغماض عما ذكره شارح الدروس وغيره
من الخدشة في دلالتها وسندها بان وجوب الوضوء انما هو لرفع الحدث أو إباحة الصلاة نظير غسل الثوب مرتين لإزالة الخبث فالواجب
حقيقة هو الطهر وليس مركبا ذا اجزاء (ويدفع) بان عموم القاعدة لهذا المقام يكشف عن حصول الغرض المقصود من الكل وهو الطهر بالاجزاء
الممكنة نعم لو علم من الخارج عدم حصوله بها فلا مجال لجريان هذه القاعدة كما في مثال الغسل مرتين فانا نعلم أن الواجب وهو الطهر لا يحصل
بها فلا يجوز التمسك بهذه القاعدة لوجوب المرة مع الاعتراف بعدم حصول الطهارة كما تقدم نظيره في وجوب إزالة العين عن المخرج إذا لم يمكن
التطهير بإزالة العين والأثر (وان قطعت اليد من) الحد المشترط فان فسرنا (المرفق) بذلك الحد (سقط غسلها) بفوات محله وان فسرناه
بمجموع العظمين وجب غسل ما بقى عنه منه من العضد للقاعدة المتقدمة بل الاجماع على تقدير هذا التفسير وان قطع من فوق الحد المشترك
بان قطع جزء من العضد سقط الوجوب قولا واحدا وان توقفنا في تفسير المرفق رجع إلى الاحتياط من جهة قوله (ع) لا صلاة الا بطهور
وإن كان مقتضى الأصل البراءة بعد اجمال اليد لاجمال حده وربما يتمسك بالعمومات المتقدمة وصحيحة علي بن جعفر عن أخيه (ع) عن الرجل
قطعت يده من المرفق كيف يتوضأ قال يغسل ما بقى من عضده بل يجعل هذه دليلا على كون المرفق بمعنى المجموع إذ لا يجب غسل ما زاد على
المرفق أصالة اجماعا وفيه ان مبنى الاستدلال على إرادة القطع من الحد المشترك وبقاء العضد بتمامه والمصباح فلا بد من التصرف في الجواب إما
بإرادة غسل ما بقى من المرفق من عضده بمعنى انه يغسل من عضده ما بقى من المرفق واما بالحمل على الاستحباب ولا شك في أولوية الثاني واما العمومات
المتقدمة فالظاهر منها بحكم الغلبة هو الأقطع مما دون المرفق اعلم أن السيد في المدارك حمل كلام المحقق على
قطع رأس العضد بقرينة
تصريح المصنف قده بوجوب غسل المرفق أصالة وذكر المحقق الثاني في حاشية الشرايع بعد ما فسر المرفق بالمفصل ورأس عظمي الذراع والعضد
وانه يجب غسل المرفق أصالة انه يجب المصباح غسل جزء من العضد من باب المقدمة ثم ذكر في قول الماتن ولو قطعت من المرفق ان المراد ان المرفق
قطع حقيقة بناء على وجوب غسله بالأصالة ولو قلنا بوجوبه من باب المقدمة سقط غسل ما بقى منه إذا قطعت الذراع انتهى فتأمل فيما ذكره
(ولو كان له ذراعان) دون المرفق وان علم زيادة إحديهما (أو) كان له (أصابع زائدة على) الخمس (أو لحم نابت) على جزء مما دون المرفق أو غير ذلك
ومنه الشعر والظفر وان طالا وجب غسل الجميع بلا خلاف في ذلك على الظاهر واستظهر شارح الدروس الاجماع عليه ونفى الريب عنه في المدارك.
إما لكونه معدود اجزءا من اليد كالإصبع الزايدة واما لكونه تابعا يفهم من الامر بغسل اليد من المرفق إلى الأصابع غسل ذلك والظاهر وجوب غسل
البشرة المستورة خلال الشعر ليشمل قوله (ع) إذا مس جلدك الماء فحسبك ولأنه اليد حقيقة دون الشعر وانما خرج ما تحت شعر الوجه بما مر من
الدليل الغير الجاري هنا لان قوله (ع) ما احاطه الله به الشعر فليس للعباد ان يطلبوه ولا ان يبحثوا عنه مختص بشعر الوجه بقرينة قوله (ع) بعد
ذلك ولكن يجرى عليه الماء واما غيره فيجب اتفاقا غسل نفسه وما تحته من الشعور المستورة بالشعر الظاهر المحاطة به فالموصول للعهد
نظير الموصول في مورد السؤال وهو قوله أرأيت ما أحاط به الشعر واما قوله (ع) انما يغسل ما ظهر فهو مع ضعف سنده وارد في نفى
وجوب المضمضة والاستنشاق فالمراد به مقابل الجوف والباطن لا المستور خصوصا تحت الشعور (ولو كان) شئ من ذلك (فوق المرفق لم يجب غسله)
لعد كونه يدا مستقلة ليدخل في عموم وأيديكم إلى المرافق وعدم عده جزء أو تابعا لمحل الفرض من اليد الواجب غسلها ولذا حكم في البيان
بان الجلدة المتدلية من محل الفرض إلى غيره يسقط غسله ونفى عنه الخلاف وربما يشتبه معنى العبارة في بادي النظر فيتوهم ان
المراد ما تدلى رأسه على غير محل الفرض ولا ريب في وجوب غسل ذلك لأنه كالنائب في المحل لكن المراد بقرينة ان الجلدة المعلقة لا تبدلي على ما فوق
محل انقلاعه ان ينكشط الجلدة في محل الفرض الكشاط مستمر إلى غير محل الفرض بحيث كان مبدء تدليه منه ولو كان انهائه إليه أيضا فلو كان مبدء
تدليها من محل الفرض وجب غسلها وإن كان مبدء انقلاعه من غير محل الفرض كما صرح به في البيان تبعا للمعتبر وكتب العلامة وربما يحتمل هنا عدم
وجوب الزايد من المقدار المنقطع عن محل الفرض دون الفاضل ابقاء لكل منهما على حكمه السابق ثم إن ظاهر عبارة المصنف حيث علق وجوب
الغسل بكونها دون المرفق فيظهر منه ان الشرطية الثانية في قوة النقيض لها دون الضدان ما كان من هذه الأشياء محاذيا للمرفق لا متباعدا
وهو كذلك بناء على أنه مجموع العظمين هذا كله حكم ابعاض اليد (ولو كان له يد مستقلة) مشتملة على المرفق أو محله ثابتة من المنكب أو من بعض
العضد إذ لو كانت بعض يد كذراع أو كف دخل في المسألة الأولى ولذا لم يفصل هنا بين كونه فوق المرفق أو تحته لاختصاص الموضوع هنا
باليد المستقلة وبالجملة فالكلام في المسألة الأولى في ابعاض اليد كالذراع والكف والإصبع من حيث جزئيتها أو تبعيتها لليد الواجب غسلها
115

وهنا في بعض مصاديق اليد من حيث شمول اليد في الآية لها أو خروجها عن مصاديق اليد في الآية لاختصاصها بالأصلية دون الزايدة ومن ذلك
يظهر وجه عدم تفصيل المصنف هنا فإن كانت أصلية وجب غسلها لصدق اليد عليه كما لو كان له وجهان وإن كانت زائدة لم يجب غسلها عند
جماعة نعم إذا كانت تحت المرفق وجب غسلها للتبعية لا للصدق لانصراف الأدلة إلى الأصلية وهو لا يخلو عن تأمل أو منع لصدق اليد عليها وعدم
صحة سلبه والانصراف الخطوري من دون تصديق الذهن بعدم الإرادة غير قادح والا سقط جل الاطلاقات بل كلها مع أن الانصراف لو سلم
قدمه فليس في المقام على وجه يوجب ظهور المطلق في الأصلية لتحتاج إرادة الأعم من الزايدة إلى القرينة غاية الأمر صيرورته في خصوص الأصلية
بمنزلة المجاز المشهور فيتوقف في الشمول وعدمه فيرجع إلى الاحتياط اللازم من جهة قوله (ع) لا صلاة الا بطهور لا صالة البراءة من جهة الشك في
الجزئية فالقول بوجوب غسلها كما في المختلف تبعا للمصنف لا يخلو عن قوة ومنه يظهر انه لو كانت مشتبهة بالأصلية بحيث لم يتميز عنها بالامارات
التي ذكروها مثل التساوي في البطش ونحوه (وجب غسلها) أصالة بالطريق الأولى لان مثلها مما لا يجترى على الحكم بخروجه عن المطلقات بعد كونه
على وجه تساوى الأصلية في أكثر خواصها نعم لو قلنا بعدم وجوب الزائدة غسلت مع الاشتباه من باب المقدمة ويجب المسح بكل منهما مقدمة أيضا
ثم لا فرق في اليد الزائدة بين ان يكون لهما مرفق وان لا يكون إذا كان لها محل المرفق واما ما في المدارك من أن اليد الزائدة لو لم يكن لها مرفق
لم يجب غسلها قطعا فعل مراده خصوص الذراع والكف ولا اشكال في عدم وجوب غسلها الا إذا كانت دون المرفق لأجل التبعية واما
اليد التامة فمجرد عدم اشتمالها على المرفق لا تسقط غسلها لو كان واجبا على تقدير المرفق كما لو كانت الأصلية بلا مرفق
(الفرض الرابع)
من فروض الوضوء الثابتة بالكتاب ولو باعلام الإمام (ع) بكونه دالا عليه (مسح) بعض (الرأس) قال الله سبحانه وتعالى فامسحوا برؤسكم وأرجلكم إلى
الكعبين بناء على النص الوارد عن أبي جعفر (ع) بإفادة الباء في الآية للتبعيض فروى زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال قلت له إما تخبرني
من أين علمت وقلت إن المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين فضحك وقال يا زرارة قاله رسول الله صلى الله عليه وآله ونزل به الكتاب من الله لان الله تعالى يقول
فاغسلوا وجوهكم فعرف ان الوجه كله ينبغي ان يغسل ثم قال وأيديكم إلى المرافق ثم فصل بين الكلامين فقال وامسحوا برؤسكم فعرفنا حين قال
برؤسكم ان المسح ببعض الرأس لمكان الباء ثم وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه فقال وأرجلكم
إلى الكعبين فعرف حين وصلهما
بالرأس ان المسح بالرأس ببعضها ثم فسره رسول الله صلى الله عليه وآله للناس فضيعوه الخبر ولعل المراد بقوله (ع) ثم فسره إلى اخره، تفسير رسول الله صلى الله عليه وآله البعض الواجب
في المسح والمراد إما تضييع الناس للمفسر بالفتح وقولهم مسح الجميع واما تضييع التفسير وقولهم بعدم تعيين المقدم ويحتمل ان يراد به التصريح
منه صلى الله عليه وآله بمقتضى الآية وعدم اكتفائه صلى الله عليه وآله بما يستفاد من ظاهر الآية حتى يمكن الاشتباه فيه أو الغفلة كما اتفقت لزرارة حتى سئل
الإمام (ع) هذا ولكن الانصاف تعسر اثبات التبعيض من الآية لولا تفسير أهل الذكر عليهم السلام لان الباء لو سلم مجيئه للتبعيض الا
انه لا يتعين هنا لذلك بل يحتمل الالصاق وغيره كما في قوله (ع) في صحيحة أخرى لزرارة وبكير في المسح الحاكية لوضوء رسول الله صلى الله عليه وآله ان الله تعالى
يقول يا أيها الذين امنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق إلى أن قال ثم قال وامسحوا برؤسكم وأرجلكم إلى
الكعبين فإذا مسح بشئ من رأسه أو بشئ من قدميه ما بين الكعبين إلى أطراف الأصابع أجزأه الخ ولا يخفى ان الباء في قوله بشئ من رأسك أو
بشئ من قدميك ليس للتبعيض لان الممسوح شئ منهما إذ ليس المراد بعض البعض واحتمال ارادته للمبالغة في كفاية المسمى بان يراد ان
أي بعض فرض من الرأس يكفي بعضه بعيد جدا وكيف كان فعدم تفطن زرارة لدلالة الآية في محله قال في كنز العرفان بعد ذكر الخلاف في الباء
في الآية وحكاية انكار مجئ الباء للتبعيض عن أهل العربية والتحقيق انها تدل على تضمين الفعل معنى الالصاق فكأنه قال إلصقوا المسح
برؤسكم وذلك لا يقتضى الاستيعاب وعدمه انتهى وما ذكره لا يخلو عن قرب فان المسح كما يتعدى إلى مفعوله بعلى كثير التضمن معنى الامرار عليه كذلك لا باس
بتعديه إليه بالباء التضمن معنى مرور اليد به فيقال مسحت يدي براس التيمم (والواجب) فيه طولا وعرضا (ما يسمى مسحا) على المشهور وعن التبيان انه مذهبنا
وعن مجمع البيان وظاهر المحقق الأردبيلي قده في آيات الاحكام الاجماع عليه لكن عن التنقيح انه مذهب أصحابنا الا الشيخ في النهاية والصدوق
قدس سرهما لروايتي زرارة المتقدمتين خلافا للمحكى عن ظاهر النهاية حيث قال وتجزى إصبع عند الخوف من كشف الرأس ولا يجزى أقل من ثلاث
أصابع مضمومة للمختار وعن الفقيه وحد مسح الرأس ان يمسح بثلاث أصابع مضمومة من مقدم الرأس والمحكى في المعتبر عن مسائل الخلاف السيد قده
انه أوجب الثلاث ويشهد لهذا القول رواية معمر بن خلاد عن أبي جعفر (ع) يجزى من المسح على الرأس موضع ثلاث أصابع وكذا القدمين وما ورد
في صحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع) المرأة يجزيها من مسح الرأس ان تمسح مقدمه قدر ثلاث أصابع ولا يلقى عنها خمارها بناء على الاجماع على عدم الفرق
بين الرجل والمرأة وعدم الاغناء بما في الذكرى عن الإسكافي من الفرق بينهما وكفاية الإصبع في الرجل وعن محمد بن عيسى قال قلت لحريز يوما
يا عبد الله كم يجزيك ان تمسح من شعر رأسك في وضوئك قال مقدار ثلاث أصابع وأشار إلى السبابة والوسطى والثالثة وكان يونس يذكر
116

عنه فقها كثيرا الظاهر أن مثل حريز لا يفتى في الشرعيات الا بما سمعه وكان مستند تفصيل النهاية الجمع بين الاخبار بشهادة رواية حماد عن الحسين
عن أبي عبد الله (ع) في رجل توضأ وهو متعمم فثقل عليه نزع العمامة لمكان البرد قال ليدخل إصبعه (والجواب) عن الرواية الأولى انها ضعيفة السند
بل قاصرة الدلالة من حيث الحاق الرجلين بالرأس وقد ادعى غير واحد تبعا للمقاصد العلية ان الاكتفاء به في الرجلين بأقل من الثلاث موضع وفاق
لكن يرده تصريح التذكرة بان وجوب الثلاث قول بعض علمائنا وظاهر المختلف أيضا عدم التفصيل بينه وبين الرجل لأنه لم يستدل
لوجوب الثلاث في الرأس الا بصحيحة البزنطي عن أبي الحسن الرضا (ع) قال سئلته عن المسح على القدمين كيف هو فوضع كفه على أصابعه فمسحها
على الكعبين إلى ظاهر القدم فقلت له جعلت فداك لو أن رجلا قال بإصبعين من أصابعه هكذا فقال الا بكفه لكن لا يخفى مخالفة ظاهر
الرواية للقول بكفاية الثلاث فلا مناص من حمله على الاستحباب وعن الثانية احتمال رجوع الأجزاء إلى مسح مقدار الثلاث باعتبار قيده وهو عدم
القاء الخمار كما يومى إليه رواية الحسين بن زيد بن علي عن أبي عبد الله (ع) لا تمسح المرأة بالرأس كما يمسح الرجال انما المرأة إذا أصبحت مسحت رأسها و
تضع الخمار عنها فإذا كان الظهر والعصر والمغرب والعشاء تمسح بناصيتها واما فتوى حريز فلعلها مستنبطة اجتهادا من ظواهر روايات الثلاث
بزعم خلوها عن المعارض أو رجحانها عليه أو البناء عليها للاحتياط في العبادة واما رواية حماد فلا دلالة على الاضطرار مع أن مسح مقدار
الثلاث يحصل بادخال الثلاث فلا شهادة فيه على التفصيل واما الجمع بين الاخبار فيمكن بحمل الثلاث على الاستحباب ثم إن ظاهر جماعة ان كل من نفى
وجوب الثلاث اكتفى بالمسمى وليس اعتبار خصوص مقدار الإصبع قولا ثالثا في المسألة ولذا نسب في المختلف إلى المشهور الاكتفاء بإصبع واحد و
استدل لهم كالخلاف والمعتبر باخبار كفاية المسمى وعبر في الفقيه في مسح الرأس بالإصبع وفى مسح القدمين براس المسبحة وفى المعتبر قال في مسألة
مسح القدمين انه يكفي ولو مقدار الإصبع مستدلا باخبار المسمى ثم قال تذكرنا عدم وجوب الاستيعاب وانه يكفي لو مسحه قدر أنملة من رؤوس
الأصابع ولا يخفى ان الأنملة ورأس المسبحة أقل من عرض الإصبع ولذا ذكر في الروض ان التعبير بالإصبع لبيان آلة المسح وهو بعيد والأولى ان
يوجه الاتحاد بان التحديد بالإصبع لأجل غلبة تحقق المسمى به لا بدونه أو لغلبة التعبير عن الأقل بذلك نظير تحديد الافتراق المسقط الخيار
المجلس بالخطوة الا انه ربما ينافي ذلك كله تصريح جماعة بعدم كفاية الأقل من الإصبع قال قده في التهذيب بعد الاستدلال على ما في المقنعة من
كفاية الإصبع باطلاق الآية ولا يلزم على ذلك ما دون الإصبع لأنا لو خلينا والظاهر لقلنا بجواز ذلك لكن السنة منعت من ذلك وفى الذكرى
بعد أن ذكر ان الواجب المسمى قال ولا يجزى أقل من إصبع قاله الراوندي وفى الدروس ثم مسح مقدم الرأس بمسماه ولا يجزى أقل من إصبع وعن
المشكاة ان في أجزء أقل من الإصبع نظر انتهى وكيف كان فلا دليل على خصوص مقدار الإصبع يعتد به في تقييد المطلقات وان ادعى في التهذيب
ورود السنة بذلك الا انا لم نعثر في السنة الا على التحديد بالثلاث المحمول كما عرفت على (المندوب) مسح (مقدار ثلاث أصابع) مضمومة كما صرح به
جماعة موضوعة (عرضا) على المقدم أو مأخوذا ذلك المقدار من عرض الرأس وعلى أي تقدير فهو كغيره ساكت عن مقدار الامرار فيكفي مسمى امرار
الأصابع الموضوعة وهذا هو الظاهر من غيره ففي المقنعة يجزى إصبع يضعها عليه عرضا والثلاث أسبغ انتهى يعنى ان وضع الثلاث لأجل الامرار
المحقق لمعنى المسح أسبغ وذكره في التذكرة عن بعض العامة في الاكتفاء بالمسمى قولا بكفاية شعره وعن اخر ثلاث شعرات ولا يخفى صراحة ذلك في أن
محل الكلام في عرض الرأس لا في مقدار الامرار على طوله وفى النفلية عد من جملة المستحبات المسح بثلاث أصابع عرضا وهو ظاهر أو صريح في إرادة
عرض الرأس ويشهد لذلك التسوية بين الرأس والقدم في كفاية المسمى أو الإصبع واستحباب الزايد على ذلك ومن المعلوم ان هذا التقدير في القدم
من حيث العرض لا من حيث مقدار الامرار وفى هنا يعلم صراحة رواية معمر بن خلاد الجامعة بين الرأس والرجلين في مسح الثلاث فيما ذكرنا وهي عمدة أدلة
الاستحباب ويتلوه في الوضوح ما تقدم عن حريز ويؤيده أيضا الاستدلال للشيخ على كفاية ادخال الإصبع تحت العمامة لخائف البرد إذ لو أريد الامرار
مقدار ثلاث لحصل بادخال الإصبع أيضا وفى جامع المقاصد المراد بثلاث أصابع في عرض الرأس إما في طوله فيكفي ما يسمى به ماسحا وفى حاشية الشرايع
ان لمسح الرأس تقديرين في طوله وعرضه إما في الطول فما به يتحقق صدق المسح فما صدق عليه إلى عرض ثلاث أصابع انتهى وكيف كان فهذا هو ظاهر
أكثر النصوص والفتاوى بل ظاهر المحكي عن شرح الدروس الوفاق حيث جعل محل النزاع بين القائلين بوجوب الثلاث والأكثر بالنسبة إلى عرض
الرأس قال واما بالنسبة إلى طوله فالظاهر أنه يكفي الامرار في الجملة انتهى وعن الشهيد الثاني في شرح النفلية عند قول الشهيد قده المسح بثلاث
أصابع مضمومة عرضا أي في عرض الرأس خروجا عن خلاف (كذا) لكن قال في المسالك في شرح العبارة المتقدمة ان قوله عرضا حال من الأصابع
والمراد مرور الماسح على الرأس بهذا المقدار لا كون آلة المسح ثلاث أصابع مع مرورها أقل من مقدار الثلاث وسيجئ استحباب مسحه بهذا
المقدار وكونه أفضل الفردين ان أوقعه دفعة وإن كان ذلك نادر أو لو كان على التدريج كما هو الغالب فالظاهر أن الزايد على المسمى موصوف
بالاستحباب انتهى وقال بعد الاعتراف بما تقدم منه ان ظاهر الخبر ان المعتبر في الثلاث كونهما في طول الرأس بان يمر منه على مقدار ثلاث
117

أصابع ولو بإصبع انتهى وقد عرفت ان عمدة أدلة الثلاث التي حكى عن السيد الاقتصار عليها رواية معمر بن خلاد وهي بقرينة الحاق الرجل
لا يراد منها الا عرض الممسوح لا مسافة الامرار ودعوى ان المسح هو الامرار فقوله الواجب منه ما يسمى مسحا يعنى امرار أو المندوب مقدار ثلاث
أصابع يعنى الامرار بهذا المقدار فالمقصود في تحديد الواجب والمستحب مقدار الامرار لا موضعه فإرادة مسح المقدار خلاف الظاهر مدفوعة
بان المسح امرار الماسح فتحديد أقله بما يسمى مسحا ظاهر في إرادة ذلك من حيث كل واحد من اليد والرأس والامرار فإذا قال المستحب مقدار ثلاث أصابع
فلا يراد منه الا هذا المقدار من الرأس فان جعلنا قوله عرضا قيد للمقدار الممسوح تعين ما صرح به المحقق الثاني تبعا لظاهر الأكثر وان جعلناه
للأصابع كما فعله في ذلك كان ساكتا عن كون الممسوح وهو مقدار عرض الأصابع عرض الرأس بان يضع ثلاث أصابع أو مقدارها من واحدة على
العرض فيمرها في الجملة أو طوله بان يضع إصبعا واحدة ويمرها بمقدار ثلاث فيتأدى السنة بكل منهما فالعبارة إما ظاهرة في خلاف ما
استظهره واما ساكتة عنه من حيث الخصوص فيعمه وغيره لكن ظاهر غيرها من العبارات كما قدمنا ما ذكرنا وكذلك بعض النصوص فالاحتمالات
ثلاثة بملاحظة هذا القدر في العرض وملاحظته في الطول وملاحظته بأحدهما وتأدي السنة بأيهما كان وهنا احتمال رابع وهي ملاحظة
التقدير من حيث موضع الأصابع بان يكون عرضه مقدار عرض الثلاث وطوله مقدار طولها الذي هو طول إصبع سواء كان مقدار عرضها
من عرض الرأس وطولها من طوله أم بالعكس ولعله لظاهر قوله (ع) في رواية معمر بن خلاد المتقدمة موضع ثلاث أصابع بناء على أن الإصبع ظاهر في تمامه وفيه
ان المراد به هو من خصوص العرض بقرينة الحاق الرجل بها في ذلك وعن المحدث الاسترآبادي الظاهر من الروايات ان يكون الممسوح من عرض الرأس
كونه بقدر طول إصبع ومن طوله بقدر ثلاث أصابع مضمومة ومن الروايات المشار إليها صحيحة زرارة المشتملة على قوله (ع) ويمسح ببلة يمناك ناصيتك
فان المتبادر مسحها كلها وقوله (ع) المرأة يجزيها من مسح الرأس ان تمسح مقدمه قدر ثلاث أصابع ورواية معمر بن خلاد انتهى وفى ظهور ما استظهره
من الروايات نظر ثم إن تحقق مسح هذا المقدار ملحوظا من حيث الطول يكون دفعة ويكون تدريجا إما الثاني فظاهر واما الأول فبان يضع
مقدار الثلاث من الإصبع أو الأصابع على طول الرأس فيمرها في الجملة فان كل جزء من محل الأصابع ممسوح دفعة واحدة وكلاهما كثير الوقوع
وإن كان التدريج أغلب لكن ذكر في المسالك والمدارك انه نادر وظاهرهما ندرته في نفسه واما مسح المقدار المذكور من حيث العرض فالدفعي منه
واضح واما التدريجي منه فيمكن هكذا بان يضع مقدار إصبعين وزيادة لا يبلغ واحدة على الرأس معوجا فيمسح موربا إلى أن يحصل مربع مورب
يكون الخط الذي يقطعه مثلثين في عرض الرأس على الاستقامة مقدار ثلاث أصابع هكذا ثم إن الظاهر أن مسح مقدار الثلاث مع كونه دفعة
أفضل الفردين والكلام في اجتماع الوجوب والاستحباب الفعليين فيه محرر في الأصول واما مع التدريج ففي كون الزائد مستحبا محضا خلاف و
الأقوى انه جزء للفرد الواجب الذي هو أفضل الفردين لحكم العرف على مجموع المقدار بكونه فردا واحدا للمسح الا ترى انه لو فرض عدم استحباب
الزيادة على المسمى لم يعد عرفا من اللغو بل عدوا المشتغل به مشتغلا بالإطاعة ويدل عليه اطلاق النص
والفتوى المستحب على مجموع الثلاث
فيعلم انه أفضل الفردين نعم لو ثبت من الأدلة استحباب تمام المسمى ثلاثا ليكون حكما حادثا بعد امتثال الواجب تعين اتصاف الزايد بالاستحباب
ويختص آلة المسح بباطن اليد (ويختص) موضع (المسح بمقدم الرأس) فلا يجزى مسح المؤخر أو أحد الجانبين بلا خلاف للأخبار المستفيضة المقيدة
لاطلاقات مسح بعض الرأس وما ورد من جواز مسح المؤخر مؤل أو محمول على التقية في العمل أو في البيان أو لا اشكال ولا خلاف في شئ من ذلك
انما الاشكال في أن ظاهر بعض النصوص كبعض الفتاوى وجوب مسح الناصية ففي صحيحة زرارة ثم تمسح ببلة يمناك ناصيتك وقال في الفقيه
فيمسح من مقدم رأسه مقدار ثلاث أصابع مضمومة من ناصيته إلى قصاص شعر رأسه مرة واحدة انتهى وقال في السرائر وأقل ما يجزى في مسح الناصية ما
وقع عليه اسم المسح وفى المعتبر والتذكرة استدل على وجوب مسح المقدم بان النبي صلى الله عليه وآله مسح بناصيته وفعله في مقام البيان فيجب اتباعه فان ظاهر هذا
الاستدلال إرادة الناصية من المقدم وفى الذكرى يجوز المسح بكل من البشرة والشعر المختص بالمقدم لصدق الناصية عليهما انتهى قال في التذكرة
الناصية ما بين النزعتين وهو أقل من نصف الربع وعن مصباح المنير انه حكى عن أهل اللغة ان النزعتين هما البياضان المكتنفان بالناصية وباقي
النصوص والفتاوى اطلق فيها المقدم والظاهر منه ضد المؤخر لكن عن القاموس عدا الناصية أحد معاينة فهل المراد بها واحد بإرادة المقدم
من الناصية كما جزم به في محكى المصباح ويقرب منه تحيد الناصية بربع الرأس في كلام البيضاوي وتفسير الناصية بشعر مقدم الرأس في كلام غيره
أو العكس كما تقدم عن القاموس وحكاه في الحدائق عن بعض معاصريه مدعيا عليه الاتفاق ممن عدا الشهيد الثاني وبعض من تبعه أو المقدم أعم
من الناصية وعليه فهل يحمل على المقيد أو نزل المقيد على ما لا ينافيه وجوه أظهرها الأول أعني إرادة المقدم من الناصية في صحيحة زرارة وكلمات
من تقدم كما يظهر بالتأمل في ساير عباراتهم وعلى تقدير كون المقدم أعم فلا دليل على تقييده بالناصية لعدم ذكرها في شئ من الاخبار المبنية
للوضوء قولا وفعلا عدا الصحيحة المذكورة وما ورد في أن المرأة تضع الخمار في الصبح والمغرب وتمسح بناصيتها لكنهما لا تنهضان للتقييد لوجوب
118

حملها على الاستحباب لان ظاهر الأولى مسح جميع الناصية وهو ليس بواجب اجماعا فيحمل على الاستحباب ولا اجماع على عدم استحباب مسح جميع الناصية
والأظهر من ذلك جعل التخصيص بالناصية لان الغالب في مسح المقدم مسحها وانما يرفع العمامة والقناع لمسح ما فوقها على خلاف العادة الداع
واما الثانية فمحمولة على الاستحباب على المشهور من عدم وجوب وضع القناع والأحوط الاقتصار على الناصية وكما يختص الممسوح بمقدم الرأس كذلك
يختص الماسح باليد بلا خلاف نصا وفتوى وفى حسنة ابن أذينة في حديث المعراج الحاكي لخطاب النبي صلى الله عليه وآله بالوضوء وفيه ثم امسح رأسك مما بقى في يديك من
الماء الحديث قال الظاهر أن المراد ما بقى في يدك من الماء الذي غسلت وهل يشترط ان يكون بالكف يعنى ما دون الزند المحكي من جماعة ذلك قال في
الذكرى لو تعذر المسح بالكف فالأقرب جوازه بالذراع ولعله لتبادر ذلك من أدلة المسح لأجل الغلبة ولبعض الوضوءات البيانية مثل ما رواه
زرارة وبكير عن فعل الباقر (ع) وفيه ثم مسح رأسه ببلل كفه وفى رواية أخرى بفضل كفه والتبادر لأجل غلبة الوجود فهو مجرد خطور الفرد الغالب في
الذهن لا على أنه المراد ولذا لا يعتمد عليه في غسل الوجه واليدين ولا بالنسبة إلى باطن الكف مع أن غلبة الوجود بالنسبة إلى اطلاق الآية ممنوعة جدا وفى
الوضوءات البيانية ما مر من قصور الدلالة فالتمسك بالاطلاقات غير بعيد نعم لو شك في الاطلاقات من حيث كون الغلبة موجبة لاجمالها نظير
المجاز المشهور وجب الرجوع إلى الاحتياط اللازم من قوله لا صلاة الا بطهور وهل يتعين بباطن الكف فيه مما ذكر من التبادر وظاهر الوضوءات
البيانية وجلعه في الذكرى أولي وهذا أيضا يكشف عن عدم الترابط بالنادر المذكور في المقامات نعم الأحوط ذلك لما تقدم وهل يعتبر ان يكون
باليمنى فيه وجهان بل قولان من صحيحة زرارة وتمسح ببلة يمناك ناصيتك وهو ظاهر الإسكافي وحكى عن بعض متأخري المتأخرين ومن أن حمله على
الاستحباب أو على إرادة المعتاد عند المتشرعة أولي من تقييد المطلقات الكثيرة الواردة في مقام البيان وبقى حكاية بعض الوضوءات البيانية ثم
مسح مقدم رأسه وظاهر قدميه ببلة يساره وبقية بلة يمناه فان عدم تعرض الحاكي للترتيب يدل على فهمه عدم الاعتناء به على سبيل الوجوب
فافهم والظاهران المشهور بل في الحدائق ان ظاهرهم الاتفاق عليه والاحتياط لا ينبغي تركه في الحدائق عن جملة من الأصحاب اختصاص المسح
بالأصابع وهو أشكل من سابقه وإن كان ظاهرا من بعض العباير المذكورة في تحديد مقدار الممسوح بالإصبع والأصابع والاحتياط مطلوب ثم إنه
إذا تعذر المسح بباطن أصابع اليد اليمنى بناء على وجوب ذلك فمقتضى ظاهر النظر التخيير بين الافراد الفاقدة لبعض هذه القيود ويحتمل الفرق
بين ما ثبت من القيود بانصراف المطلقات وبين ما ثبت بالوضوءات البيانية وبين ما ثبت بالتقييد الخارجي ففاقد الأول كالعدم وفاقد الثاني
يؤخذ به عملا بالاطلاقات السليمة عن التقييد لاختصاصه بالمجاز وفاقد الثالث يبنى على كيفية ورود المقيد فان استظهرنا منه الورود في مقام بيان
المطلقات إما لدلالة المقيد على ذلك مثل قوله هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة الا به ونظيره ما ذكرنا في قوله مسح الرأس على المقدم واما للقول
بكون تقييد المطلق تجوزا فيه واستعمالا له في المقيد فكالأول وإن كان الظاهر منه التكليف المستقل بالمقيد فهو كالثاني وكيف كان فالذي استقر
عليه المذهب الان كما في المعتبر انه (يجب ان يكون) المسح (بنداوة الماء) المستعمل وجوبا أو استحبابا (في الوضوء) بلا خلاف ممن عدا الإسكافي بل عن الشيخ والسيدين
دعوى الاجماع عليه بل قيل إن عبارة الإسكافي لا تدل على الخلاف لأنه قال إذا كان في يده نداوة يستبقها من غسل يديه مسح بيمينه رأسه ورجله اليمنى
وبيده اليسرى رجله اليسرى ولو لم يستبق ذلك اخذ ماء جديدا لرأسه ورجليه انتهى إما لاحتمال الماء الجديد لما يأخذه من لحيته ونحوها واما لاحتمال إرادة عدم
امكان الاستبقاء ثم إن ظاهر كلامه كفاية جفاف اليد في الاستيناف وظاهر الذكرى تصريح بعض اخر اشتراطه بعدم البلل على عضو من أعضاء الوضوء قابل للاخذ منه ثم إن شارح الموجز حكى عن الإسكافي في موضع اخر انه لو تعذر بقاء البلل للمسح جاز الاستيناف للضرورة ونفى الحرج
انتهى وهذا إما رجوع واما قرينة على ما احتملناه في كلامه وكيف كان فلا يعتد بخلافه على تقدير المخالفة وان فرض قدحه في الاجماع للنصوص الكثيرة
الورادة في المسألة (منها) ما عن المفيد في ارشاده عن محمد بن إسماعيل عن محمد بن الفضل عن علي بن يقطين وفيه بعد أمر علي بن يقطين بالوضوء على وجه التقية وفعل ابن يقطين كما
امره (ع) وصلاح حاله عند الرشيد كتب (ع) إليه يا علي توضأ ما أمر الله تعالى اغسل وجهك مرة واحدة فريضة واخرى اسباغا
واغسل يديك من المرفقين وامسح بمقدم رأسك وظاهر قدميك من فضل نداوة وضوئك فقد زال ما كنا نخاف عليك (ومنها) الصحيح المروى
عن الكافي والسؤال المتضمن لقصته أمر النبي صلى الله عليه وآله الوضوء ليلة المعراج وفيه ثم امسح رأسك بفضل ما بقى في يدك من الماء ورجليك إلى الكعبين
(ومنها) ما ورد في ناسي المسح من أنه يأخذ من بلة لحيته وفى بعضها انه ان لم يبق عليه بلل الوضوء اعاده كمرسلة الصدوق عن الصادق (ع) ان نسيت مسح
رأسك فامسح عليه وعلى رجليك من بله وضوئك فإن لم يبق في يدك من نداوة وضوئك شئ فخذ من لحيتك وامسح به رأسك ورجليك فإن لم
يكن لك لحية فخذ من حاجبيك فإن لم يكن بقى من بلة وضوئك شئ فأعد الوضوء وفى رواية مالك بن أعين فإن كان في لحيته بلل فليأخذ منه و
ليمسح رأسه وان لم يكن في لحيته بلل فلينصرف وبعد الوضوء والخدشة فيها باحتمال كون الامر بالإعادة لفوات الموالاة بالجفاف مدفوعة بان
عدم بقاء بلل قابل للاخذ لا يستلزم الجفاف المفوت للموالاة هذا كله مضافا إلى الاخبار الحاكية للوضوءات البيانية الناصة في غير واحد بعدم
استيناف الماء لكن يمكن الخدشة في الأخبار البيانية بما مر غير مرة مضافا إلى اختصاصها بصورة وجودة النداوة في اليد وكذلك رواية المعراج قضية
119

في واقعة مجملة بل ظاهرة في بقاء البلل ورواية ابن يقطين محمولة على الغالب نعم قد يستدل الإسكافي بروايات أبي بصير ومعمر بن خلاد وعمارة بن أبي
عمارة الظاهر في تعيين المسح بماء جديد مع التمكن من المسح ببقية البلل والمنع عنه وحملها حينئذ على التقية متعين نعم يمكن الاستدلال له بخبر منصور
عن أبي عبد الله (ع) فيمن نسى مسح رأسه حتى قام في الصلاة قال ينصرف ويمسح رأسه ورجليه وفى خبر أبي بصير إن كان استيقن ذلك انصرف فمسح على
رأسه ورجليه واستقبل الصلاة وان شك فلم يدر مسح فيتناول من لحيته إن كانت مبتلة وإن كان امامه ماء فليتناول منه وليمسح به
رأسه بناء على شمول حكم النسيان الصورة بقاء البلل الموجب لبقاء الموالاة وعدم بقائه بمقدار يصلح للأخذ منه للمسح لكنها واجبة التقييد
بما تقدم من الاخبار ثم إن ظاهر اطلاق رواية علي بن يقطين وصدر مرسلة الصدوق انه لا فرق في النداوة الممسوح بها بين ان يكون من اليد أو من ساير
الأعضاء نعم مع وجود البلل فيها يكون الاخذ من الخارج غير محتاج إليه ولا ينافي اطلاق المرسلة قوله فيها فإن لم يبق في يدك من نداوة
وضوئك لان قوله من نداوة وضوئك إشارة إلى أن العبرة بما في اليد من حيث إنه نداوة الوضوء واليد كالظرف له لا انها مقيدة بكونها في
اليد فهذه الفقرة نظير قوله بعد ذلك فإن لم يكن لك لحية مسوق لبيان الأسهل فالأسهل عادة لا الترتيب لعدم الترتيب بين اللحية وغيرها اتفاقا على
الظاهر وعلى هذا فقول المصنف قدس سره (ولو جف ما على يده اخذ من لحيته وأشفار عينه) تعليق مبنى على المعتاد من عدم اخذ بلل المسح من غير اليد مع
وجوده عليها ولذا قال في المدارك بعد اختيار عدم الترتيب بين اليد وغيرها تبعا لجده ان التعليق في كلام الأصحاب خرج مخرج الغالب واعترض على ذلك
الوحيد البهبهاني بأنه لا معنى لذلك إذا كان الاخذ جايزا مطلقا فلو كان الظاهر لهم عدم اشتراط الجفاف لصرحوا بذلك ولم يكن عبارتهم صريحة
في الاشتراط انتهى وحاصله انهم لو اقتصروا على قولهم يجب المسح ببقية بلل الوضوء لم يحتج إلى تعدد العنوان في كلامهم لواجد بلة اليد وفاقدها ومنه
يظهر ان ما حكى عن العلامة الطباطبائي من أن المشروط بجفاف اليد وجوب الاخذ من غيرها لا جوازها لا يخلو عن نظر لان ذلك كله كان يؤدى
بإضافة البلة إلى مطلق الوضوء بعد خصوص اليد الا ان يقال إن تعدد العنوان في كلامهم للإشارة بعنوانهم الثاني إلى رد ابن الجنيد المسوغ
للاستيناف مع جفاف خصوص اليد هذا ولكن الانصاف ان هذه المحامل انما تحسن إذا استفيد الحكم من ساير كلماتهم والا فنسبة الحكم إليهم
بمجرد ذلك لا وجه له خصوصا مع اتفاق أكثرهم على التصريح بهذا الاشتراط كما في المقنعة والمبسوط والسرائر وكتب الفاضلين والشهيد وعن
الانتصار ان مما تفردت به الإمامية القول بان مسح الرأس يجب ببلة اليد فان استأنف ماء جديدا لم يجز حتى أنهم يقولون إذا لم يبق في اليد
بلة إعادة الوضوء انتهى نعم اطلق في المتن كما في الوسيلة والتذكرة والارشاد والذكرى أنه يكون ان يعتبر المسح ببلة الوضوء وأطلق البلل في
المعتبر والألفية والجعفرية وفى المبسوط يمسح ببقية النداوة ويمكن حمل الاطلاق في هذه الكلمات على الغالب وهو بلل اليد فليحمل من الطرفين و
يمكن ذلك في الاخبار أيضا إذ كما يجوز حمل تقييد البلة باليد في الاخبار على الغالب من عدم الحاجة إلى اخذ البلل من غيرها يجوز حمل المطلق
منها كالروايتين المتقدمتين على الغالب المتعارف وهي بلة اليد ومنه يظهر ضعف ما تمسك به في الروض مما دل على اخذ ناسي المسح من بلل
لحية من دون تقييد بعدمه في اليد إذ لا يخفى ان الغالب في الناسي عدم بقاء البلل على يده ومن الانصاف ان اطلاق المرسلة ورواية ابن يقطين وكذا
اطلاق فتاوى من اطلق البلل أقوى من مقيدات النصوص والفتاوى في التقييد مع أن اللازم على تقدير تكافوء الحملين هو الرجوع إلى اطلاق الآية
والروايات الدالة على وجوب مجرد مسح اليد والثابت بالاجماع استصحاب الماسح لبلل إما كونه بلل خصوص اليد فلم يثبت فالقول
بالاطلاق إذ لا يخلو عن قوة وفاقا لظاهر الألفية والموجز وشرحه وصريح المسالك والروض والمقاصد العلية والمدارك والمشارق وغيرها
بل الكل بناء على ما ذكره الشهيد الثاني من حمل كلماتهم على إرادة الترتيب العادي لا الشرعي الا ان المسألة لا تخلو عن اشكال فلا ينبغي فيها ترك
الاحتياط وعلى القول بوجوبه فهل يجب الاقتصار على ما يعتاد المسح به من باطن أصابع الكف على القول بوجوب ذلك أو يؤخذ باطلاق اليد في
المقيدات وجهان من الاطلاق وقوة احتمال انصرافه إلى بلل ما يجب المسح به وعليه فلا يجوز الاخذ من ظاهر اليد فضلا عن الذراع مع وجود البلل
من الباطن نعم لو فقد بلل الباطن ففي تعيين الاخذ من الظاهر أو الذراع مخيرا فيهما أو مترتبين كما هو ظاهر الذكرى أو التخيير بينها وبين اللحية
وجوه وهل يجوز الاخذ من باطن اليسرى انما يصح المسح به إذا كان أصل
المسح باليسرى فلا يجوز نقله إلى ماسح اخر والاحتياط لا ينبغي تركه ولو أمر يده على ذراعه الأيسر عند غسلها أكثر مما يتحقق به الاستظهار الواجب أو
المستحب في الغسل ففي كون ذلك بمنزلة مزج البلل الذي يجب المسح به بماء اخر كما إذا غسلها مرة ثالثة وعدمه وجهان لا يبعد ابتنائهما على أن
الزياد على أقل الافراد هل يتصف بالوجوب أو لغو محض إذا علم عدم اتصافه بالاستحباب كما في المقام ثم إن المراد ببلل الوضوء هو الباقي من الماء
المشتمل في الوضوء فلو جرى منه إلى غيره فإن كان أجنبيا عن محل الوضوء كالجاري من الوجه إلى العنق والصدر فلا اشكال في عدم جواز المسح به كما لا
اشكال في جوازه إذا كان باقيا في محله إما إذا جرى على محل مغسول فالظاهر أنه ليس كالأجنبي وإن كان الماء أجنبيا بالنسبة إليه ولو بقى لمعة فصبت
120

لغسلها ماء جرى عليها وعلى غيرها من المحل المغسول قبل ذلك ففي جواز المسح به اشكال لكونه غير معدود من فضل الوضوء فيدخل في مسألة
مزج بلل الوضوء بماء الغسلة الثالثة الا ان يكون قليلا جدا بحيث يعد من التوابع الصرفة لغسل اللمعة ثم إن اطلاق اللحية في كلام المصنف قده وغيره تبعا
للنصوص من غير تقييد بظاهر ما كان في حد الوجه يحتمل ان يكون من جهة كون تخليل باطن اللحية وغسل المسترسل منها مستحبا ويحتمل ان يكون المراد
منه خصوص ما تقدم في غسل الوجه من القدر الذي يجب غسله ويحتمل ان يراد جواز الاخذ منها وان لم يكن غسل الزائد واجبا ولا مستحبا لعده
عرفا من الماء المستعمل في الوضوء ما لم ينفصل من المحل العرف للغسل ولو باعتبار جزئه بل يحتمل ان يجوز المسح بالماء المستعمل لأصل الوضوء ولو من باب
المقدمة الوجودية أو العلمية فيؤخذ من جزء الرأس الذي غسل مقدمة ومن المواضع المشكوكة المحكوم بوجوب غسلها بقاعدة الاحتياط بل ومن
المواضع التي حكم باستحباب غسلها بمجرد خبر ضعيف أو فتوى فقيه تسامحا لأنه يكون من اجزاء الفرد المندوب وباعتبار اشتماله على هذا الجزء لكن في
جميع ذلك نظر بل لا يبعد وجوب الاقتصار على ما ثبت بالدليل كونه من مواضع الغسل أصالة ويترتب على ما ذكرنا انه لو غسل بدنه ارتماسا فان نوى
الغسل عند الاخراج جاز المسح بها وان نواه بالغمس ففيه اشكال من جهة كون ذلك كغمس العضوين في الماء بعد غسلهما وصرح في محكى البشرى بما ذكرنا
من الفرق بين قصد الغسل بالخروج وعدمه وقواه في الذكرى واما ما ذكره جماعة كالمحقق والعلامة والشهيد وعبرهم من أنه لو غمس أعضائه في الماء دفعة
فاخرج أعضائه مرتبا صح غسل الأعضاء وافتقر إلى المسح فيكون حمله على تحقق الغسل بالخروج ولذا ذكروا بعده انه لو لم يترتب في الاخراج صح غسل الوجه
نزولا واليمنى خروجا نعم يظهر من ذلك أنه لا يعتبر قصد تحقق الغسل بالادخال أو بالاخراج بل يكفي قصد تحققه في ضمن هذا المجموع وسيأتي بعض
الكلام في المسائل الثمان التي ذكرها المصنف قده المشهور بقى الكلام في مقدار البلة إما حدها باعتبار القلة فالظاهر اعتبار تأثيرها في الممسوح
بللا ولو ضعيفا وفاقا للمحكى عن النهاية في غير حال الهواء والحر المفرطين حيث قال وهل يشترط في حال الرفاهة التأثير في المحل الأقرب ذلك
انتهى وسيأتي عن غيرها أيضا لان المستفاد مسح الرأس بالبلل بان يكون البلل ممسوحا نظير مسح رأسه بالدهن لا مسحه باليد متلبسا بالبلل ومصاحبا
له فلو لم يتأثر الممسوح بها إما لغلبة رطوبة خارجة على الماسح بحيث يكون تأثير المحل بهذه الرطوبة الخارجة واما لغلبة الرطوبة على الممسوح
فالظاهر عدم الأجزاء لكن الظاهر من المحقق قده في المعتبر انه لا يقدح شئ منهما لأنه استوجبه جواز المسح بعد الغسلة الثالثة التي صرح بأنها غير مشروعة قال
لا ينفك عن ماء الوضوء الأصلي ثم قال بعده لو كان في ماء وغسل يديه مسح رأسه ورجليه لان يديه لا ينفك عن ماء الوضوء ولا يضره ما كان على
قدميه من الماء انتهى وسبقة في هذا الفرع الحلى في السرائر مستدلا بأنه مسح غير خلاف وعموم ظواهر الآيات والاخبار يشمله ثم ذكر ان له في
هذه المسألة رسالة أقول وفى كلا الحكمين نظر لما ذكرنا من أن ظاهر الاخبار وجوب ايصال البلة بواسطة اليد على أن يكون اليد آلة في الايصال لا وجوب
ايصال اليد المبلولة قال في الذكرى الغرض بالمسح عندنا وصول البلة بواسطة اليد فلا يكفي وصول البلة وحدها انتهى وفى المنتهى في رد من قال
بكفاية بل موضع المسح بالمطر قال لان الشرط هو استعمال الماء الباقي من نداوة الوضوء وعن الإسكافي المبالغة في ذلك وانه يكفي ادخال اليد في
الماء والمسح على الرجل عند الضرورة انتهى وهو غير بعيد عن فتوى المحقق بالمسح بالبلة الباقية من الغسلة الثالثة وقد عرفت ان الأقوى فيه
المنع وفاقا لجماعة ممن تأخر عنه بل في لف؟ عن والده عدم جواز المسح على المحل مع رطوبته ثم قال وليس ببعيد لحرمة التجديد ومعا الرطوبة يكون المسح
بماء جديد انتهى لكن ظاهر التعليل إرادة الرطوبة الغالبة والا لم يصدق المسح بماء جديد قطعا وفى التذكرة لو كان على الرأس أو الرجل رطوبة
ففي المسح عليها قبل تنشيفها اشكال انتهى والتنشيف اخذ الماء من المحل لا تجفيفه وجعله يابسا في مقابل المبلول فالظاهر العبارة انه لا اشكال
بعد التنشيف وان لم يجف العضو كما نص عليه في الذكرى بعد حكاية الخلاف في المسألة قال لو غلب ماء المسح رطوبة الرجلين زال الاشكال قال
في الدروس ويشترط غلبة ماء الوضوء على الرطوبة وفى المقاصد العلية في مسألة عدم جواز الاستيناف انه يتحقق الاستيناف بانتقال البلل الموجود
على جزء من العضو الممسوح إلى جزء اخر بواسطة الماسح فلو كان العضو رطبا ولم ينتقل البلل منه بالمسح لم يضر انتهى وهو صريح أيضا في عدم
قدح البلل اليسير لكنه استند في قدح الكثير إلى انتقال البلل دون استهلاك رطوبة الماسح المانع من صدق المسح بالبلل وهذا ليس
مختصا بالبلل الأجنبي بل يجرى في بلل الوضوء إذا جرى مع وصوله إلى الممسوح إلى جزء اخر منه وهو بناء على ما اختاره في هذا الكتاب وفى الروض
من أن المسح والغسل متباينان إذ الجريان والانتقال المحقق لمفهوم الغسل يعتبر عدمه في تحقق المسح ورد بذلك على الشهيد ره في الذكرى حيث
قال لا يقدح اكثار ماء الوضوء لأجل المسح لأنه من بلل الوضوء وكذا لو مسح بماء جار على العضو وان أفرط الجريان لصدق الامتثال ولان الغسل
غير مقصود انتهى وقال في الألفية بعد اعتبار الجريان في الغسل وعدم كفاية الامساس إما في المسح فيجزى انتهى قال في المقاصد العلية في
شرح العبارة انه يستفاد من لفظ الأجزاء انه لو جرى الماء على العضو الممسوح أجزء فعلى هذا يكون بين الغسل والمسح عموم وخصوص من
وجه ثم قال بعد ذكره مادة الاجتماع ومادة الافتراق والحق اشتراط عدم الجريان في المسح مطلقا وان بين المفهومين تباينا كليا لدلالة الآية
121

والاخبار والاجماع على اختصاص أعضاء الغسل به وأعضاء المسح والتفصيل قاطع للشركة وقد نقل العلامة وغيره الاجماع على أن
الغسل لا يجزى عن المسح ولا شك ان الماء الجاري على العضو على هذا الوجه غسل لتحقق مفهوم فيجوز سوق الاجماع على عدم اجزائه ثم قال
لا يقال إن الفرد المجزى من المسح مع الجريان هو جريان الماء الممسوح به لا اجزاء غسل موضع المسح وفرق بين الامرين فأجاب بان تحقق الغسل لا
يتوقف على كونه بماء جديد ثم أجاب عن استدلال الذكرى بالامتثال وعدم قصد الغسل ان الامتثال انما هو بالمسح وتحققه أول الداعي وعدم
قصد الغسل لا يقدح في تحققه لان الاسم تابع لتحققه دون النية انتهى والظاهر أن بينهما عموما من وجه فيصدق في محل الممسوح انه غسل بما انتقل
من الماء الموجود فيه من جزء إلى جزء ومسح بالبلل العالق باليد نعم البلل المغسول به غير البلة الممسوح بها فان أريد تصادق المسح والغسل بالنسبة إلى
ما به؟؟ كما هو ظاهر الذكرى حيث فرض المسح بالماء الجاري على العضو حتى يتحدا في المصداق فهو ممنوع وان أريد تصادقهما بالنسبة إلى المحل وان
تعدد ما يتحققان به أعني البلل فهو حتى لكن الغسل المحقق مع عدم قصده بل مع عدم قصد جزئية لا يوجب بطلان ان يكون المحل مغسولا و
ممسوحا ولم يدع أحد اجزائه عن المسح حتى يخالف الاجماع نعم يشكل تحقق المسح بالبلة العالقة باليد مع جريان البلل المنتقل إلى المحل من جزء
إلى جزء لاستهلاكه فيه الا ان يلتزم بعدم قدح استهلاكه مطلقا كما تقدم عن المحقق والحلى وغيرهما أو إذا كان البلل المغسول به بلل الوضوء و
كيف كان (فإن لم يبق) في محل الوضوء غسلا أو مسحا (نداوة) للاخذ والمسح بها وإن كان متمكنا من ذلك مع الاستيناف (استأنف) لوجوب
الاتيان بالمأمور به مع القدرة كما لو تعذر عليه اتمام الوضوء لعذر اخر وقد تقدم هنا خلاف الإسكافي وما كان حجة عليه من الاخبار وان لم
يتمكن من ذلك إلى اخر الوقت ولو بعلاج فمقتضى قاعدة الميسور وجوب المسح بماء جديد لان المسح بنداوة الوضوء كان واجبا وبعبارة أخرى
وجب عليه ايصال البلل للقيد بكونه من الوضوء فإذا تعذر ذلك سقط خصوص كونه من بلل الوضوء ويمكن الخدشة في ذلك بعدم جريان
قاعدة الميسور في القيود فالأولى ان يقال بسقوط المسح رأسا لا وجوب المسح ببلل اخر ومنه يظهر ضعف ما يقال إن اللازم وجوب مسح اليد
على الرأس بلا نداوة لأنه ان بنى على سقوط القيد خاصة تعيين ببلل غير الوضوء والا فلا معنى لابقاء أصل المسح بتعذر الممسوح به الذي
هو أحد أركانه الا ان يقال إن ظاهر المطلقات وجوب مسح الرأس ومجرد امرار اليد عليه وثبت بالدليل وجوب كونه ببلل الوضوء فإذا سقط
هذا القيد لاختصاص أدلته بصورة التمكن اختص مورده بالمتمكن من بلل الوضوء فيرجع غيره إلى اطلاق المسح لكن الانصاف ان المستفاد
من الأدلة كون اليد واسطة في ايصال البلل فليس مطلق المسح بمعنى امرار اليد مطلوبا قابلا لإرادته مستقلا من العاجز لكنه مردود
بان الآية لا اطلاق فيه من حيث وجود الممسوح به وعدمه بل ظاهرها بقرينة مقابلة الغسل المسح بالبلة نعم هو مطلق من حيث بلل الوضوء
وبلل اخر ومقتضى القاعدة ما ذكروه من بقاء وجوب مطلق البلل إذا تقدمه البلل الخاص وربما استظهر وجوب المس بلا بلل من التحرير حيث قال
في مسألة الموالاة لو جف ماء الوضوء لحرارة الهواء المفرط جاز البناء ولا يجوز استيناف ماء جديد للمسح انتهى لكن التأمل يقتضى بعدم
دلالته على هذا لان المراد من جواز البناء مع حرارة الهواء سقوط حكم الجفاف من حيث الموالاة فلا يقدح ولا يجب معالجته حتى يبقى الرطوبة
في العضو السابق عند غسل اللاحق بان يغسل كل جزء قليل بماء كثير كما سيجئ تفصيله في مسألة الموالاة لكن لا يجوز ذلك المسح بماء
جديد بل يجب العلاج حتى لا يجف الجزء الذي يمسح به باكثار الماء عليه وحاصلة ان حرارة الهواء عذر في فوات الموالاة بمعنى مراعاة الجفاف
بل هي معتبرة مع اعتدال الهواء وليس عذرا في تجديد الماء للمسح وكيف كان فالمسألة مبنية على جريان قاعدة الميسور في القيود المتعسرة ولا
يبعد دعويه مع مساعدة الفهم العرفي كما ذكروه في مراتب العجز عن القيام للصلاة مضافا إلى رواية عبد الاعلى الآتية في المسح على الحايل
ومن هنا يعلم عدم جواز الانتقال إلى التيمم لأنها أخص من عمومات التيمم بل لو كان مستند المسألة قاعدة عدم سقوط الميسور بالمعسور كان الظاهر
التقديم لان أدلة التيمم انما ثبت شرعيتها مع تعذر الطهارة المائية وعموم هذه الروايات حيث تقيد أدلة وجوب المسح بالبلل بصورة الاختيار
فلا يقدح عدمه عند الضرورة يثبت كون الوضوء الناقص طهارة مائية مبيحة فالعمل بهذه العمومات يوجب خروج ما نحن فيه عن موضوع
التيمم أعني التخصص وطرح تلك العمومات مستلزم للتخصيص بلا قرينة ومن هنا صحت قاعدة كلية في تقديم الوضوء الناقص على التيمم لكن
سيجئ في مسألة الجبيرة التأمل بل النظر في ذلك وانه لو عمل بهذا لم يبق مورد للتيمم إذ ما من أحد الا وهو
يقدر على بعض الوضوء الناقص
لفقدان بعض اجزائه أو قيودها وانتظر لتمام الكلام الا ان القول بالتيمم فيما نحن فيه لم يعرف لاحد نعم في هامش نسخة التحرير الموجودة عندي
محكيا عن المصنف في باب الموالاة قال ولو جف الوضوء لحرارة الهواء المفرط جاز البناء ولا يجوز استيناف ماء جديد للمسح انتهى فعلق عليه
المحشى ما لفظه فلو تعذر المسح بالبلل انتقل إلى التيمم عند المصنف وعند الشهيد يستأنف ماء جديدا فيمسح به انتهى نعم قال العلامة في النهاية لو اتى
بأقل الغسل أو حال الحرارة والهواء المفرطين بحيث لا تبقى رطوبة في اليد وغيرها فالأقرب المسح إذ لا ينفك عن أقل رطوبة وان لم تؤثر ولا
122

يستأنف ولا يتيمم وهل يشترط في حال الرفاهة تأثير المحل الأقرب ذلك المنتهى لكنه أيضا لا يدل على المسح باليد الخالية عن أقل الرطوبة نعم
فرق في الرطوبة بين حالتي الاختيار والضرورة فاعتبر سرايتها إلى الممسوح والأول دون الثاني فافهم وكيف كان فالمسح باليد المجردة لم يقل
به أحد فهما اعلم (والأفضل في مسح الرأس) ان يقع (مقبلا ويكره) ايقاعه (مدبرا على الأشبه) وان حاز عند المصنف وجماعة بل قيل هو المشهور لما في المعتبر من
اطلاق الآية وصريح الرواية الصحيحة لا باس بمسح الوضوء مقبلا ومدبرا بل بما دل على جواز النكس في الرجلين بناء على ثبوت الاجماع المركب بينهما و
بين مسح الرأس ويمكن تقييد الاطلاق بما قيدوا به اطلاق غسل الأيدي بالابتداء من الأعلى من الوضوءات البيانية المشار إليها بقوله صلى الله عليه وآله
هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة الا به واما الصحيحة فالمروي في موضع اخر إضافة المسح إلى القدمين ويبعد تعدد الرواية مع أن تخصيص المسح
بالقدمين كالتخصيص بالتوسعة في المسح بمسح القدمين مع كون ترك القيد أعم فايدة لا يخلو عن اشعار بالتخصيص مع أن الاقبال والادبار في المسح
يناسبان القدم فان الاقبال هو تحريك الماسح بيده مقبلا إلى نفسه وبدنه كان اليد المتحركة للمسح مقبل إليه تحريك اليد والادبار كأنها
مدبرة عنه والمناسب في مسح الرأس الصعود والهبوط لامن جهة الفوق والتحت ومن ذلك يظهر انه لو فرض من أن الرواية لا باس بمسح الوضوء أمكن
جعل ما ذكرنا قرينة على إرادة مسح الرجلين واما الاجماع المركب فغير ثابت ولما ذكرنا أو بعضه منع عن النكس جماعة منهم الصدوق والسيد و
الشيخين في المقنعة والخلاف وابن حمزة والشهيد في ظاهر الدروس وجماعة بل عن غير واحد انه المشهور بل عن الخلاف دعوى الاجماع وعن الانتصار
انه مما انفردت به الإمامية ولعله أقوى مع أنه أحوط ثم وجه الأفضلية عند المصنف والجماعة لعله التأسي بالحجج صلوات الله عليهم ولا يصير الفرد الآخر
بمجرد ذلك مكروها فلعل الكراهة هنا بمعنى أولوية الترك كما فسرها في محكى جامع القاصد ولذا عبر جماعة بالجواز (ولو غسل موضع المسح لم
يجزه) عن المسح بلا خلاف من كل من أوجب المسح ولا فرق في عدم الأجزاء بين تحقق المسح في ضمن الغسل بناء على تصادقهما في بعض الموارد وعدمه
وفى هذه العبارة دلالة على أن المسح لا يجوز تحققه مع الغسل كما استفاده في الروض والمقاصد العلية من هذه العبارة الواقعة في معقد اجماع لعلامة
من أن المسح لا يتحقق في ضمن الغسل وفى السرائر في مسألة الوضوء بالثلج ان حد الغسل ما جرى على العضو المغسول والمسح بخلافه ثم ادعى انه لا خلاف
بين فقهاء أهل البيت (ع) ان الغسل غير المسح وفى الذكرى في رد من ادعى من العامة ان المراد بالمسح في الآية هو الغسل الخفيف ان المعلوم من
الوضع تغاير حقيقتي الغسل والمسح الا ان الانصاف امكان حمل العبارة ونظيرها الوارد في النص ومعقد اجماع العلامة على الغسل المحقق
بدون المسح كما هو الغالب من حصوله ولو بالنسبة إلى بعض العضو لصب الماء أو على المحقق بدون قصد المسح وان تحقق مصداقه فان مجرد حصوله
من دون قصد لا يكفي قطعا لان الفعل بدون القصد لا يعد من الأفعال الاختيارية والتحقيق ما عرفت من أنهما مفهومان متغايران يوجدان
بحركة واحدة في محل واحد فامرار اليد لأجل بل المحل بما في الماسح مسح واجراء الماء ونقله من الجزء الأول من المحل إلى الجزء الثاني منه غسل وهو
حاصل أيضا بالامرار المذكور وفى صحيحة زرارة لو أنك توضأت فجعلت مسح الرجلين غسلا ثم أضمرت ان ذلك من المفروض لم يكن ذلك بوضوء
وليس فيها دلالة على تباين المسح والغسل ولا على تصادقهما كما يتخيل كل من الامرين بل الظاهر ولو كان بفرده المباين للمسح لا يجزى
عن المسح إذا قصد الاجتزاء به في الوضوء ويؤيد ذلك قوله (ع) فيما بعد ابداء بالمسح على الرجلين فان بدء لك غسل وغسلته فامسح بعده ليكون
اخر ذلك المفروض الحديث (ويجوز المسح على الشعر المختص بالمقدم) لصدق الناصية عليه فيشمل ما دل على مسحها مثل ما روى من مسح النبي صلى الله عليه وآله
على ناصيته وصحيحة زرارة ثم يمسح ببلة يمناك ناصيتك وما ورد من أن المرأة في الفجر والعشاء تمسح بناصيتها واطلاقها وان عم شعرها
الخارج عن حد الرأس الا انه مقيد بأدلة مسح الرأس كما أن تلك الأدلة مقيدة بأدلة الناصية في مقابل غيرها من مواضع الرأس ثم إن المستفاد
من تلك الأخبار المتضمنة تعذر التخليل غالبا هو ان المراد بالرأس ما يعم الشعر مطلقا حتى مع تيسر التخليل لا إرادة ذلك في خصوص صورة
تعذر التخليل بقرينة سقوط التكليف عن المتعذر حتى يرجع في صورة تيسر التخليل إلى ظهور لفظ الرأس في خصوص البشرة كما بنى عليه
في غسل الجنابة بل يدل عليه كلما دل على مسح الرأس أو مقدمه خصوصا موضع أربع أصابع بناء على أن الغالب وجود الشعر المانع من مسح البشرة
بل مورد بعض الأخبار صورة وجود الشعر كالمرفوعة فيمن تخضبت رأسه بالحناء ثم يبدو له في الوضوء قال لا يجوز حتى يصل بشرته الماء وفى
كتاب علي بن جعفر هل يصلح للمرأة ان تمسح على خمارها قال لا يصلح حتى تمسح على رأسها وظاهر ان تخليل الشعر لأجل مسح مقدار الإصبع
فضلا عن أربع أصابع كالمتعذر عادة غالبا نعم يسهل ذلك بالنسبة إلى الغسل حيث إنه يكفي فيه ايصال الماء وكيف كان فهذا الحكم أمر
ظاهر مستفاد من الاخبار قبل الاجماع ولا يحتاج إلى التمسك فيه بما ورد من قوله (ع) كلما أحاط الله به الشعر فليس على العباد ان يطلبوه
ولا يبحثوا عنه ولكن يجرى الماء عليه بناء على عدم تخصيص عمومه بذيله المختص بمورد الغسل وترجيح الاستخدام على التخصيص في أمثال
المقام مع أنه أردء الوجوه في المسألة أو جعل الاجراء عبارة عن مطلق الايصال الأعم من ايصال البلل كما في رواية الحناء
123

المقدمة لان المراد بالطلب والبحث هو التخليل الذي عرفت تعذره غالبا في المسح وهو المختصر لعموم الموصول وتخصيصه بصورة التمكن
ليس بأولى من تخصيص الموصول بموارد الغسل الذي هو ظاهر مورد السؤال مضافا إلى رواية الشيخ للرواية انه ليس للعباد ان يغسلوه ثم إن
المتيقن من عموم الرأس في الاخبار للشعر الكائن عليه هو خصوص النابت عليه (فلو جمع عليه شعرا من غيره ومسح عليه لم يجز) ويشكل بالنابت فوق
القدم التي عليه بحيث يتعذر تخليله ومسح ما تحته من البشرة أو الشعر النابت عليها فان ما ذكر من ظهور الاطلاق في الأعم جار هنا نعم إن كان
تدليه على نحو من الانفصال الذي لا يصدق على مسحه مسح القدم توجه منع اجزاء للمسح عليه وكذا يشكل المنع من المسح على رؤوس شعر
القدم المجتمع عليه الغير المنبسط بحيث إذا مد خرج عن حد الرأس وظاهر استثناء ما خرج بمده عن حد الرأس هو الخارج فعلا بمده عن حده
لأمالوا مد لخرج لكن ادعى شارح الدروس ان المشهور بين القوم بحيث لم نعرف فيه خلافا عدم جواز المسح الا على أصول ذلك المجتمع ثم اعترف بان
في اثباته بالدليل اشكالا وكذا الاشكال فيما لو مسح شعر المقدم الممدود عليه إذا فرض قيامه عليه لمانع عن امتداده أو اخذه بيده
ليمسح عليه وكذلك يمكن الاستشكال فيما لو كان بين شعره الممدود عليه وبين البشرة حايل ولو رقيقا إما لو كان الحايل فوق الشعر
فلا اشكال في عدم جواز المسح عليه ولو كان رقيقا حاكيا البشرة غير مانع عن دخول بلة المسح إليها فضلا عما (لو مسح على العمامة وغيرها
مما يستر موضع المسح) بلا خلاف في ذلك كله بين الخامسة نعم حكى الخلاف عن أبي حنيفة في الحايل الرقيق وكفى بخلافه دليلا على خلافه وعلى
جل ما ورد في اخبارنا مما يوهم جواز المسح على الحذاء على التقية أو بعض المحامل الأخر وان بعدت
(الفرض الخامس مسح الرجلين) ويجب
المسح على ظاهر القدمين باجماعنا ولا استيعاب فيه عرضا باجماع الأصحاب واخبارهم المتواترة معنى نعم قيل بوجوب مقدار ثلاثة أصابع حكاه
في التذكرة كرواية معمر المتقدمة في مسح الرأس المحمولة على الاستحباب كما افتى به العلامة نعم في صحيحة البزنطي قال سئلت أبا الحسن الرضا (ع) عن المسح
على القدمين كيف هو فوضع كفه على أصابعه فمسحها إلى الكعبين فقلت جعلت فداك لو أن رجلا قال بإصبعين من أصابعه قال لا الا بكفه كلها
يعنى كفاية الإصبعين فيأبى الحمل على الاستحباب وروى عبد الاعلى قال قلت لأبي عبد الله (ع) عثرت فانقطع ظفري فجعلت على إصبعي مرارة
فكيف اصبغ بالوضوء قال يحرف هذا وأشباهه من كتاب الله عز وجل ما جعل عليكم في الدين من حرج امسح عليه ولولا وجوب الاستيعاب لم يكن
للاستشهاد بالآية الظاهرة في نفى ايجاب الحرج ولا للامر بالمسح على ما وضع عليه المرارة وجه ويؤيدهما ما دل على مسح ظهر القدم الظاهر في
استيعاب الظهر ولم يعاب ظاهرهما عامل الا الصدوق في ظاهر الفقيه حيث قال وحد مسح الرجلين ان تضع كفيك على أطراف أصابعك من
رجليك وعدهما إلى التعين انتهى وفى المدارك لولا اجماع المعتبر والمنتهى لأمكن القول بالمسح بكل الكف لصحيحة البزنطي ومال إليه المحقق
الأردبيلي قده وفيه ان الصحيحة لا يكون دليل ولا اجماع المعتبر والمنتهى مانعا إما الأول فلمعارضتها بحسنة زرارة بابن هاشم وفيها بعد
الاستشهاد على وجوب الاستيعاب في الغسل بقوله (ع) فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق قال ثم قال تعالى وامسحوا برؤسكم وأرجلكم
فإذا مسحت بشئ من رأسك أو بشئ من قدميك ما بين كعبيك إلى أطراف أصابعك فقد أجزأك فان المتفرغ على التبعيض المستفاد من الآية هو
المسمى في العرض لوجوب استيعاب ما بين الكعب والأصابع في الطول اجماعا خصوصا مع أن الاستيعاب في العرض وكفاية المسمى في الطول لم يقل به أحد
فالرواية كالصريحة في عدم وجوب المسح بكل الكف على وجه لا يقبل التقييد لصحيحة البزنطي ونحوها حسنة الحلبي بابن هاشم الواردة في اخذ
ناسي المسح البلل من لحيته لمسح رأسه ورجليه فان المأخوذ من اللحية لا يكفي لمسح الرأس والرجلين بالكف كلها هذا ما حضرنا من الاخبار التي يعمل
بسندها صاحب المدارك واما الاخبار الغير الصحيحة فالصريح منها في هذا المطلب مستفيضة كمرسلة الصدوق ورواية جعفر بن سليمان الواردتين
في ادخال الخف المخرق ومرسلة خلف بن حماد الواردة في اخذ البلل لمسح الرأس والرجلين من الحاجبين وأشفار العين ورواية معمر بن خلاد
المتقدمة في اجزاء مسح موضع ثلاث أصابع من الرأس والرجلين إلى غير ذلك واما اجماع المعتبر والمنتهى هو على عدم وجوب استيعاب الرجل بالمسح
لا ظهر القدم بل مقدار موضع الكف منه نعم لو فهم من كلاهما ما فهمه جده قده في الروض من دخول جواز مسح مقدار إصبع في حيز الاجماع
اتجه ما ذكره من منافاة هذا الاجماع للصحيحة لكنك عرفت فساد هذه الاستفادة في مسألة مسح الرأس فالأولى حمل الصحيحة على الاستحباب وان
بعد كما أشرنا إليه ويؤيده بعد جهل البزنطي بالواجب من المسح إلى زمان السؤال واما رواية عبد الاعلى فيمكن أيضا حملها على الاستيعاب ويجعل دليلا
على جريان قاعدة نفى الحرج في المستحبات أيضا أو على استيعاب المرارة الموضوعة أو العصابة المشدودة عليها لجميع الأصابع ثم إنه لو اختار
المسح على بعض الرجل الذي لا ينتهى إلى الكعب بالمعنى كالخنصر وجب تحريف خط المسح حتى ينتهى إلى الكعب والظاهر وجوب المسح على البشرة
فلا يجزى على الشعر لان القدم حقيقة فيها ولا قرينة هنا على إرادة ما يعم الشعر ولو لم يوجد موضع خال من الشعر مما بين الكعب ولم يمكن كان
كالمسح على الجبيرة واما حدة طولا فهو من رؤوس الأصابع إلى الكعبين بلا خلاف ظاهر والوضوءات البيانية واما صحيحة زرارة المتقدمة إذا
124

مسحت بشئ من رأسك أو بشئ من قدميك ما بين كعبك إلى أطراف أصابعك فقد أجزء فقد يتوهم كون الموصول
فيها تحديد الممسوح منه دون
الممسوح نظير تحديد موضع مسح الرأس بالمقدم لان الموصول إن كان بدلا عن القدمين فدلالته على كون ما بين القدم والكعب نظير الرأس محلا للمسح
واضحة وان جعل بدلا عن الشئ بان يكون المراد به مسح من القدمين شيئا هو ما بين الكعب إلى أطراف الأصابع فان جعل الباء في شئ للتبعيض
كان كالأول في وضوح الدلالة على ما ذكرنا وان جعل زائدة أو المجرد الالصاق فهو وان دل على الاستيعاب طولا لكنه يدل على الاستيعاب عرضا
أيضا يجب مسح جميع ما بين الامرين طولا وعرضا وهو خلاف الاجماع فيجب مخالفة الظاهر في الآية والأصل عدمها نعم لو جعل مع كونه بدلا عن الشئ.
موصوفة يعنى إذا مسح من القدمين شيئا يكون من الكعب إلى أطراف الأصابع فان أريد مما بين العكب إلى الأصابع ما يقع متوسطا بينهما فلا يدل على الاستيعاب
الطولى وان أريد منه ما بين الامرين بان يكون أوله أحدهما واخره الأخر فيدل على مطلب المشهور وهو الاستيعاب لكنه خلاف ظاهري الموصول ولفظ ما بين هذا
ولكن يندفع هذا التوهم تفريع الامام قوله (ع) إذا مسحت إلى اخره على الآية ظاهرة في الاستيعاب الطولى وكفاية المسمى في العرض بحيث يظهر منه (ع)
الاستدلال على ما قاله والاستشهاد عليه بالآية كما لا يخفى على من لاحظ الرواية من أولها ولا ريب ان شيئا من المعاني المحتملة المذكورة لا يصح للتفريع
على ظاهر الآية على ما هو منطبق عدا مذهب المشهور وإن كان احتمالا مرجوحا في نفسه أو مساويا لما في الاحتمالات لكن هذا مبنى على ظهور الآية في
الاستيعاب الطولى بناء على كون إلى بمعنى مع كما عرفت سابقا إذ لا معنى حينئذ لمسح مسمى الكعب أو جعل الغاية للممسوح هو البعض المستفاد من الباء لا للممسوح
منه لكن الانصاف ان الآية بعد صرفها عن ظاهرها الذي هو كون الغاية للمسح ظاهرة في كونها غاية للأرجل فيكون الممسوح بعض هذا العضو المعنى
إلى الكعب (و) الكعبان هما (قبتا القدمين) كما في المقنعة وزاد فيها امام الساقين ما بين المفصل والمشط إلى أن قال إن الكعب قدم واحده وهو ما على منه
في وسط القدم على ما ذكرنا وادعى الشيخ قده في التهذيب الاجماع على هذا المعنى وكذا الشهيد في الذكرى وعن الانتصار ومجمع البيان وغيرهما انهما
العظمان النابتان في ظهر القدم مدعيا في الأول الاجماع وفى ظاهر الثاني اتفاق الامامية وفى المعتبر انهما العظمان النابتان في وسط القدم
مدعيا عليه اجماع فقهاء أهل البيت (ع) وبالجملة فلا اشكال ولا خلاف بين الامامية في أنهما في ظهر القدم ولبسا العظمين الذين في جانبي
الساق وانما وقع الاشكال في مقام اخر وهو ان العلامة قدس سره فهم من هذه العبارة الواردة من علمائنا رضوان الله عليهم في تفسير الكعب بعد
اعترافه بان الكعب هو ما ذكروه لا غير أنه هو العظم النائي الواقع في مجمع الساق وقد اخذ بعض من تأخر عنه في التشنيع عليه بمخالفته
للاجماع والاخبار وقول أهل اللغة فذكروا في رده كلمات العلماء التي هي عين ما ذكر من العبارات ومن الاخبار ما ورد من وصفه (ع) و
الكعب في ظهر القدم وما دل على عدم وجوب ادخال اليد الماسحة تحت الشراك وادعى في الذكرى كما عن المدارك ان لغوية الخاصة متفقون على أن
الكعب هو الناشر في ظهر القدم وفى الذكرى ان عميد الرؤساء صنف كتابا في الكعب أكثر فيه من الشواهد على أنه الناتى في ظهر القدم
امام الساق وما يقع مقعد الشراك وعن نهاية ابن الأثير ان قوما ذهبوا إلى انهما الكعبان اللذان في ظهر القدم وهو مذهب الشيعة قال ومنه
قول يحيى بن الحارث رأيت القتلى يوم زيد بن علي فرأيت الكعاب في وسط القدم وعن المصباح انه ذهب الشيعة إلى أن الكعب في ظهر القدم و
حكى هذه النسبة في مجمع البحرين عن بعض اخر أيضا وفى مقابل هؤلاء من طعن على القول بان الكعب هو العظم الناتى بأنه لا شاهد له لغة ولا عرفا
ولا شرعا كما صرح به في كنز العرفان بعد اختيار مذهب العلامة أقول الانصاف ان الطعن على العلامة لكل من الثلاثة المذكورة في غير محله وإن كان
الأقوى في المسألة ان الكعب ليس في مجمع الساق والقدم الا ان ذلك ليس من الوضوح بمكان يوجب الطعن على مخالفه لمخالفة النصوص والفتاوى
وكلام اللغة كما أن قول العلامة ليس من الوضوح بحيث يطعن على مخالفه فيخلوا عن الشاهد رأسا كما عرفت من كنز العرفان بل الانصاف ان
المسألة لا تخلو عن غموض وخفاء منشأ ذلك أن العلامة لم يخالف الامامية في تفسير الكعب فإنه قده قال في التذكرة ان الكعبين هما العظمان الناتيان في
وسط القدم وهما معقد الشراك أعني مجمع الساق والقدم ذهب إليه علمائنا أجمع وبه قال الشيباني انتهى وفى المنتهى ذهب علمائنا إلى أن الكعبين هما
العظمان الناتيان في وسط القدم وهما معقد الشراك وبه قال الشيباني انتهى وما ذكره في الكتابين بعينه هو الذي ادعى في المعتبر اجماع فقهاء
أهل البيت (ع) عليه وهذه العبارة هي المحكية عن السيد والطبرسي والشيخ والحلى وغيرهم على ما حكى وكيف كان فلم يذكر أحد من القدما و
اتباعهم ما يخالف ما ذكره العلامة في الكتابين مدعيا عليه الاجماع سوى المفيد قده حيث عبر بقبتي القدمين والشيخ وان ادعى في التهذيب الاجماع على
هذا التفسير الا ان تعبيره في كتبه الأخر بعين ما ذكره العلامة يدل على اتحادهما عنده كما أن القول المحقق في المعتبر أولا ان الكعبين قباء القدمين
ثم تفسيره بما ذكرنا عنه مدعيا الاجماع عليه صريح مفهوم هذا التفسير مع القبة فعلم من ذلك أن العلامة زعمه لم يخالف أحدا
الا انه يدعى إرادة العلماء من هذه العبارة ما ذكره فلا ينبغي ان يرد عليه بكلمات هؤلاء بل ينبغي ان يطالب الدليل والقرينة على ما يدعيه في
كلمات العلماء وسنذكره ما يصلح له وله ان يجعل استدلالهم بصحيحة الأخوين المفسرة الكعب بالمفصل وغيرها مما سنذكره قرينة على ما استفاده
125

من كلماتهم كما سيجئ تفصيله ثم إن العلامة قده افتى في المنتهى والتحرير والتذكرة بعدم وجوب ادخال اليد تحت الشراكين في المسح على النعل
العربية وعلله في الأول بأنه لا يمنع مسح موضع الفرض وزاد في الثالث وهل يجزى لو نخلف ما تحته أو بعضه اشكال أقربه ذلك وهل يستحب
إلى ما يشبهه كالسير في الخشب اشكال وكذا لو ربط رجله بستر للحاجة وفى العشب اشكال انتهى ومن هنا يظهر ان الرد على العلامة باخبار عدم
استبطان الشراك لا يخلو عن نظر لالتزامه بمضمونها في كتبه وقد صرح فيما تقدم من التذكرة والمنتهى بان الكعب معقد الشراك فلا بد إما من
جعل معضد الشراك في تلك الأزمنة هو مجمع الساق والقدم كما يظهر من تعليل المنتهى واما من التزام خروج ذلك بالنص كما يستفاد من فروع
التذكرة مع أن الكعب إذا كان معقد الشراك عند المشهور فمن قال منهم بوجوب ادخال الكعب في الممسوح كما عن المحقق والشهيد الثانيين بل ربما
حكى نسبة إلى الأصحاب ورد عليه الاشكال من جهة اخبار عدم استبطان الشراك واما ما ادعى من مخالفة ما ذكره العلامة لقول أهل اللغة
من الخاصة فلم نتحقق ذلك الا ما حكاه في الذكرى عن عميد الرؤساء وقد حكى كاشف اللثام قول العلامة عن جماعة من أهل اللغة واما ما
حكى في النهاية والمصباح ولباب التأويل عن الشيعة فلا ينافي مذهب العلامة لما عرفت من تفسير العلامة وغرضهم اختصاص الشيعة بجعل الكعب في
ظهر القدم دون الجانبين كما يقوله العامة مع جماعة من العامة كالرازي والنيشابوري حكى عنهم انهم نصوا على أن الامامية وكل من أوجب
المسح قالوا إن الكعب عبارة عن عظم مستدير موضوع تحت عظم الساق حيث يكون مفصل الساق والقدم كما في أرجل الحيوانات وزاد الرازي
فنسبه إلى محمد بن حسن الشيباني وان الأصمعي كان يختار هذا القول وحجتهم ان اسم الكعب يطلق على العظم المخصوص فوجب ان يكون في حق
الانسان كذلك والمفصل يسمى كعبا ومنه كعاب الرماح لمفاصله انتهى وعن الكشاف وطراز اللغة ان كل من أوجب المسح قال هو المفصل بين الساق والقدم
انتهى ومن البعيد عادة اتفاق هؤلاء على الافتراء على الشيعة بما يظهر كذبه لكل ناظر في كلامهم خصوصا مع تقدم بعضهم على العلامة فلا يحتمل ان يكون
منشأ لنسبة انتشار ذلك من العلامة قده فزعموه مذهبا لكل الشيعة كما وقع نظيره في نسبتهم إلى الشيعة انكار العمل بخبر الواحد بملاحظة مذهب
السيد وموافقيه وبالجملة فالانصاف ان كلمات الأصحاب خصوصا من عبر بقية القدم إذا ادعى الاجماع عليها ظاهرة في خلاف ما قاله العلامة قده
فصرفها عن ظاهرها موقوف على ظهور في الاخبار التي استدلوا بها في هذه المسألة وغيرها من كلماتهم المرتبطة بالمقام فيما ذكره بحيث يغلب على
ظهور كلماتهم ليصرفها إلى ما ذكره العلامة رحمه الله وأظهر ما يمكن ان يجعل من كلماتهم واستدلالاتهم صارفا لتلك الظواهر أمران الأول صحيحة
الأخوين التي استدل بها الشيخ والمحقق على مطلبهما وفى اخرها قلنا أصلحك الله فأين الكعبان قال هيهنا يعنى المفصل دون عظم الساق فان ظاهره
ان تفسير المشار إليه من الراوي وقوله دون عظم الساق من الإمام (ع) (وأجيب) عنها تارة باحتمال المفصل فيها للمفصل الكائن في وسط القدم لأنه
مفصل أيضا أو لأنه محل الفصل في حد السارق (واخرى) باحتمال إرادة ما يقرب منه (وثالثة) باحتمال كون التفسير من كلام الراوي فلا يكون حجة و
الكل في غاية البعد فهى متساوية في البعد للتأويل في عبارات القوم لأن اطلاق المفصل على الكاين في وسط القدم الذي لا يعرفه أكثر الناس بل لا يتبين
لكثير من الخواص بالمشاهدة بل المساس نظير إرادة العظم المستدير من العظم الناتى أو إرادة وسط القدم عرضا أو غير ذلك من التأويلات التي لابد من
ارتكابها وارجاعها إلى ما فهمه العلامة منها واما إرادة المفصل بمعنى محل الفصل للسارق فهو أبعد لان المفصل قد ورد في بعض نصوص حد السارق
وفى كثير من فتاوى الأصحاب بيانا لمحل قطع السارق فهو معنى عرفي وقع معرفا لحد قطع السارق فكيف يكون استعماله بملاحظة كونه مفصلا عند السرقة
مع أنه لم يعهد استعماله باعتبار الفصل في حد السرقة في رواية ولا عبارة حتى يقاس عليه محل الكلام واما كون التفسير من الراوي للصحيحة المذكورة
فظهوره مسلم الا ان هذا ليس تفسير اللفظ مجمل حتى يناقش في قبوله منه وانما وقع بيانا لإشارة الإمام (ع) بقوله ههنا ومثل هذا من الاخبار
الحسية مسموع من الراوي بلا كلام وبالجملة فالانصاف ظهور الرواية على ما ذكره الشيخ قده في تفسير القدم لكن في الكافي بعد قوله دون عظم
الساق قوله فقلنا هذا ما هو فقال هذا من عظم الساق والكعب أسفل من ذلك فان المشار إليه في ذلك غير معلوم فيحتمل ان يكون وسط
القدم وهو أسفل من عظم الساق بحسب الابتداء من قامة الانسان فقوله دون عظم الساق من كلام الراوي يعنى أشار إلى المفصل الذي هو
دون عظم الساق أي أدون منه وهو مفصل وسط القدم الثاني ما استند إليه في المنتهى أيضا من الأخبار الدالة بظواهرها على استيعاب
ظهر القدم بالمسح وفيه ان الاستيعاب غير مراد فيها جزما مع أنها نظير أدلة المسح على الرأس ان مقدمه واردة في مقام القضية المهملة ثم إن
مما يمكن ان يستدل به لمذهب العلامة ما ورد في حد السارق من صحيحة زرارة المروية في الفقيه ورواية عبد الله بن هلال المروية في الكافي
والتهذيب من أن السارق يقطع رجله اليسرى من الكعب ويترك له من قدمه ما يقوم عليه ويصلى ويعبد الله بضميمة ما دل على انها يقطع من المفصل
كما في الفقه الرضوي ورواية معاوية بن عمار المروية عن نوادر ابن عيسى عن أحمد بن محمد يعنى ابن أبي نصر عن المسعودي عن معاوية بن عمار عن أبي
عبد الله (ع) انه يقطع من السارق أربع أصابع ويترك الابهام ويقطع الرجل من المفصل ويترك العقب يطأ عليه الخبر مع أن ظاهر
126

الأخيرة من روايتي الكعب حصر المتروك فيما يمكن ان يقوم عليه ولا ريب انه العقب لا غير ومنه يظهر وجه تأيد الروايتين ومطابقتهما الاخبار
اخر في أنه يقطع الرجل ويترك العقب فان ظاهرها قطع ما عدا العقب ولذا صرح الشيخان في المقنعة والنهاية التي هي مضامين الاخبار وسلار
بأنه يقطع من أصلا الساق ويترك له العقب بل يظهر الحلى دعوى الاجماع قال في السرائر قطعت رجله اليسرى من مفصل المشط ما بين قبة
القدم واصل الساق ويترك له بعض القدم الذي هو العقب يعتمد عليها وهذا اجماع فقهاء أهل البيت (ع) والمراد بالمشط بقرينة
جعله ما بين القبة واصل الساق تمام ظهر القدم كما يطلق عليه الان إذ لا مفصل بين القبة واصل الساق عدا مفصل الساق مع أن داب الحلى
الفرض لمخالفة الشيخين في المقنعة والنهاية ونسب في كنز العرفان إلى أصحابنا والأخبار الواردة عن أئمتنا انه
يقطع الرجل ويترك العقب وهو
ظاهر في عدم ترك غيره ومنه يعلم معنى المشط وفى المحكي عن الحلى انه يقطع مشط رجله اليسرى من المفصل ويترك له مؤخر القدم والعقب و
صرح جماعة كالمحقق والعلامة والشهيدين بأنه يقطع من مفصل القدم نعم ربما يظهر من المحكي عن جماعة من القدماء كالسيد والشيخ و
الحلى وابن حمزة التصريح بخلاف ذلك مدعيا عليه في الخلاف اجماع الفرقة واخبارهم وانه المشهور عن علي (ع) الا انه لا يبعد حملها على ما نص
عليه الجماعة المتقدمة بعد اتحاد مراد الجميع لدعوى جماعة الاجماع في المسألة وعدم الخلاف فيما بين الخاصة كما أن روايتي الكعب وان أمكن
تفسيرهما برواية سماعة الواردة في أنه يقطع الرجل من وسط القدم الا ان الأخبار الدالة على المفصل أظهر وأكثر وأرجح لموافقتها الاخبار الظاهرة
في قطع ما عدا العقب فيحمل رواية الوسط على إرادة ما بين عجز القدم وهو العقب وما عداه إلى الأصابع فيلتئم الاخبار باتحاد الكعب والمفصل
وقطع ما عدا العقب كما التأم كلمات الأصحاب بناء على عدم الخلاف في المسألة بارجاع الظاهر منها إلى النص وقد عكس في الرياض في باب الحدود وهو
بعيد للزوم طرح النص منها بالظاهر وابعد منه حمله اخبار المفصل على التقية لموافقتها لمذهب العامة مع أن قلت الاخبار صريحة في مخالفة
العامة من حيث صراحتها في وجوب ابقاء العقب وقد ظهر مما ذكرنا ضعف الاستدلال لظاهر المشهور بالنصوص والفتاوى المذكورة في قطع السارق كما
فعله العلامة البهبهاني قده بل عرفت ان الاستدلال بها العلامة أولي ثم أولي لكن الانصاف ان هذا كله فرع اتحاد موضوع المسئلتين والعلم بكون محل
القطع هو الكعب المبحوث عنه في الطهارة وهو قابل للمنع فان أحدا لم ينكر اطلاق الكعب لغة وعرفا على غير هذا المعنى المشهور الا ترى ان الشهيدين مع طعنهما
على العلامة هنا بمخالفة الاجماع صريحا كالفاضلين بقطع السارق من مفصل القدم الظاهر في مفصل الساق لا مفصل القبة وبالجملة فصرف كلمات
الأصحاب في معاقد اجماعاتهم عن ظواهرها في غاية الاشكال خصوصا مع تصريح بعض مدعى الاجماع بعدم مشروعية مسح الرجلين إلى عظم الساق
كالشيخ في المبسوط بل لا يجرى في بعضها كدعوى الشهيد وصاحب المدارك اجماع اللغويين منا على معنى الكعب ودعوى الشهيد وغيره الاجماع على أن
المراد قبة القدم وغيرهما من دعاوى الاجماع المتأخرة عن العلامة المطعون بها عليه اللهم الا ان يقال إنها مستندة إلى ظاهر كلمات ما تقدم
عليهم في فتاويهم ومعاصر اجماعاتهم فلا ينهض دليلا والا لعورض بدعوى العلامة ومن تبعه الاجماع على الكعب بالمعنى الأخر مع احتمال اطلاعه على
قرينة صارفة لم يطلع عليها الآخرون والمثبت مقدم على النافي فالانصاف تساقط الدعاوي بعد العلامة للعلم باستناد كل منهما إلى ما فهمه
من كلمات المجمعين فبقى الاجماعات المحكية في كلمات من تقدم فالتمسك بها في اثبات الكعب بالمعنى المشهور لا غبار عليه مضافا إلى اخبار عدم استبطان
الشراك فان مقتضى العمل بظاهر ما دل على وجوب استيعاب الممسوح طولا جعل معقد الشراك خارجا محل عن الفرض ولا يتم الا بجعل اخر محل
الفرض قبل معقد الشراك ولا يناسب ذلك مذهب العلامة مع تصريحه في المنتهى بوجوب ادخال الكعب في المسح وسيجئ تمام الكلام فيه (ويجب)
(المسح على بشرة القدمين) فلا يجزى على شعرهما في ظاهر كلمات الأصحاب كما في الحدائق والتمسك في الجواز بعموم قوله كل ما أحاط الله به إلى اخره قد عرفت
ضعفه لكن الانصاف ان وجود الشعرات الضعيفة المتفرقة لا يمنع من صدق المسح على الرجل وايجاب ازالتها دائما حرج والتخليل في المسح غير
ممكن والمسح على شعر الرأس قد تقدم وجهه ولا يجوز أيضا على حائل خارجي من خف وغيره معا الاختيار بلا خلاف ظاهر بل اجماعا محققا
من عبارة التذكرة المتقدمة في مسألة الكعب حيث قال ويجوز المسح على النعل من غير أن يدخل يده تحت الشراك ثم قال ولو تخلف ما تحته أو
بعضه ففيه اشكال أقربه الجواز وهل ينسحب إلى ما يشبهه كالستر في الخشب اشكال وكذا لو ربط رجليه بسير للحاجة وفى العبث اشكال
انتهى وهو الظاهر من الذكرى حيث ذكر بعد نقل عبارة الإسكافي الدالة جوار المسح على النعل كلما لا يمنع وصول اليد إلى مماسة القدمين
وبعد حكاية استشكال العلامة في التذكرة في سير الخشب والمربوط لحاجة أو عبثا قال إما السير للحاجة فيلحق بالجباير واما العبث فان
منع فالأقرب الفساد إذا أوجبنا المسح إلى الكعبين وهو الأقرب كما مر لأنه يتخلف شئ خارج عن النص انتهى بل هذا الاستثناء لازم لكل
من داخل الكعب في الممسوح سواء قال بأنه مفصل الساق والقدم كالعلامة أم قال بالمشهور كالمحقق الثاني لان الكعب عندهم معقد الشراك
فلا بد من ستره لجزء منه لكن العلامة في المنتهى مع ايجابه ادخال الكعب استدل على عدم وجوب استبطان الشراك تبعا للمحقق في المعتبر الذي صرح
127

فيه بعدم وجوب ادخال الكعب بأنه لا يمنع مسح محل الفرض وقد سبقهما إلى ذلك التعليل الشيخ في التهذيب حيث حمل المسح على النعل الوارد في الاخبار
على النعل العربية لأنها تمنع من ايصال الماء إلى ما يجب مسحه ونحوهما المحكي في الذكر عن ابن الجنيد وهو أيضا صريح ابن إدريس في السرائر حيث منع بعد
ذكر النعل العربي عن المسح على ما يحول قال سواء كان منسوبا إلى العرب أو العجم والذي ينبغي ان يقوله انه لا ينبغي التأمل في عدم وجوب استبطان
الشراك كما في الأخبار المعتبرة وظاهر ما تقدم من الأصحاب في تفسير الكعب بأنه معقد الشراك كونه على جزء من الكعب وحينئذ يكشف هذه الأخبار
بعمومها عن خروج بعض الكعب عن محل المسح فلا فرق حينئذ بين الشراك وغيرها ومن الغرائب جمع العلامة في المنتهى بين القول بكون الكعب
هو المفصل وكونه معقد الشراك ودخوله في الممسوح وتعليل عدم استبطان الشراك بعدم منعه لمسح محل الفرض ثم إن ظاهر اخبار الشراك
بأجمعها هو المسح على النعلين وربما يستظهر منه قيام الشراك مقام محله كالجبيرة ولعل حكمته الوسعة على العباد وحينئذ فيكون هذه الأخبار على خلاف القاعدة الا ان يراد من المسح على النعلين المسح على الرجل ويكون ذلك تسامحا في التعبير من جهة لصوق النعل فيكون المسح عليها مسحا على
النعل ويشهد له وقوع هذا التعبير في كلام الأصحاب مع تعليل أكثرهم بعدم كونه مانعا عن مسح محل الفرض
مع أنهم لا يريدون مسح الشراك قطعا
وكيف كان فلا يصح المسح على الحائل ولا يعد جزءا من الوضوء (الا) إذا كان (للتقية) من المخالفين فإنه يصح حديث حسن بلا خلاف فيه في الجملة للحرج بتركه
فيسقط اعتبار مماسة الماسح للبشرة لقوله تعالى ما جعل عليكم في الدين من حرج فيمسح عليه كما نطق به رواية عبد الاعلى المتقدمة في وضع المرارة
على الرجل هذا مضافا إلى الأخبار الخاصة ففي رواية أبى الورد وهل فيهما يعنى المسح على الخفين رخصة قال لا الا من عدو تقيه أو ثلج تخافه على
رجليك لكن في صحيحة زرارة المروية عن الكافي في باب الأطعمة والأشربة قلت لأبي جعفر (ع) هل في المسح على الخفين تقية قال لا تتق في ثلاث قلت
وما هن قال شرب المسكر والمسح على الخفين ومتعة الحج وروى هشام في الصحيح عن أبي عمر قال قال أبو عبد الله (ع) يا أبا عمر تسعة أعشار الدين في
التقية ولا دين لمن لا تقية له والتقية في كل شئ الا في شرب النبيذ والمسح على الخفين ومتعة الحج وعن الدعائم عن الصادق (ع) التقية ديني و
دين آبائي الا في ثلاث شرب المسكر والمسح على الخفين وترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم وفى صحيحة زرارة قلت هل في مسح الخفين تقية قال
ثالث لا اتقى فيهن أحدا شرب المسكر ومسح الخفين ومتعة الحج قال زرارة ولم يقل الواجب عليكم ان لا تتقوا فيهن أحدا الخبر وكلام زرارة
يحتمل ان يريد به انه (ع) بين حكم نفسه (ع) لا حكمنا فلعل الحكم مختصه به ويحتمل ان يريد به انه لم يوجب التقية في هذه الثلاثة كما في سائر مواردها
لا انه أوجب علينا تركه فكان هذا مستثنى من عموم لا دين لمن لا تقية له كما في رواية الدعائم فيكون التقية هنا رخصة لا عزيمة كالتقية
في اظهار كلمة الكفر ويكون النهى في صحيحة الكافي محمولا على المرجوحية ويمكن ان يحمل رواية أبى الورد على مورد الضرر الفعلي دون التقية المبتنية
على ملاحظة الضرر النوعي على الشيعة باشتهارهم بمخالفة جمهور الناس دون الضرر الفعلي اللاحق للشخص بترك هذا الفعل الخاص و
يشهد لهذا الحمل عطف البرد المعتبر فيه الضرر الشخصي اجماعا لكن هذا مبنى على أن التقية لا يعتبر فيه ترتب الضرر الفعلي على الترك بل الحكمة
فيها ملاحظة اللاحق من اجتماع الشيعة على تركها واشتهارهم بخلافها وهذا وإن كان يظهر من جملة من الاخبار الا ان المستفاد من كثير منها
خلاف ذلك ففي رواية البزنطي عن إبراهيم بن هاشم قال كتبت إلى أبى جعفر الثاني (ع) أسئله عن الصلاة خلف من تولى أمير المؤمنين (ع)
وهو يمسح على الخفين قال فكتب لا تصل خلف من يمسح على الخفين فان جامعك واياهم موضع لا تجد بدا من الصلاة معهم فاذن لنفسك
وأقم إلى اخر الرواية وفى رواية معمر بن يحيى كلما خاف المؤمن على نفسه فيه ضرورة فله فيه التقية وفى معناها ما ورد من أن كل شئ يضطر إليه
ابن ادم ففيه التقية فان ظاهرها بيان ضابط التقية ومدارها نفيا وثباتا والمرسل المحكي في الفقه الرضوي عن العالم (ع) لا
تصل خلف أحد الا خلف رجلين أحدهما من تثق به وبدينه وورعه والاخر من تتقى سيفه وسوطه وشره وبوايقه وشنعته فصل خلفه على
سبيل التقية والمداراة وعن دعائم الاسلام بسنده عن أبي جعفر (ع) لا تصلوا خلف ناصب ولا كرامة الا ان تخافوا على أنفسكم ان تشيروا
ويشار إليكم فصلوا في بيوتكم ثم صلوا معهم واجعلوا صلاتكم معهم تطوعا إلى غير ذلك من الاخبار التي يقف عليها التتبع وكيف كان
الاظهر اعتبار ترتب الضرر على مخالفة التقية في خصوص الواقعة فتكون التقية كسائر الاعذار الا انه اختلف في أنه هل يعتبر في شرعيتها عدم
المندوحة والعجز عن أداء الواجب على النهج المشروع فيجب عليه التأخير مع سعة الوقت ورجاء التمكن في اخره على القول بذلك في أولي الأعذار ويجب
الانتقال من مكان التقية إلى مكان الامن وكذا غيره من أنواع التخلص أم لا يجب بل يكفي ترتب الضرر على مخالفة التقية حال الفعل وان قدر على
التخلص بتغير الوقت أو المكان أو إقامة المخالف من مجلسه ان تيسر وجهان بل قولان ظاهر من تمسك بأدلة الحرج كالفاضلين هو الأول وصريح
البيان وجامع المقاصد والروض هو الثاني بل قد يشعر كلام الثاني بكونه من المسلمات لأنه ذكر أولا الخلاف في بقاء اثر هذا الوضوء بعد زوال
التقية واختار البقاء ثم قال ولا يشترط في جواز ذلك ونحوه التقية عدم المندوحة وهو يؤيد بقاء الطهارة مع زوال السبب ويدل على
هذا القول ظاهر ما تقدم من رواية أبى الورد وإن كان عطف الثلج عليه ربما يشعر باتحادهما في الاختصاص بصورة عدم المندوحة عنها وكذا بعض
128

الأخبار المتقدمة لكن الغالب في العدو عدم ملازمته لتمام الوقت وامكان المقتضى عنه بخلاف الثلج المانع عن نزع الخف فحمل المطلقات
على ذلك مشكل مضافا إلى ما عن العياشي بسنده عن صفوان عن أبي الحسن (ع) وفى اخرها الوارد في غسل اليدين قلت له يرد الشعر قال إن كان
عنده اخر فعل والا فلا خلافا لصريح المدارك ومحكى بعض متأخري المتأخرين متمسكا بانتفاء الضرر مع المندوحة فيزول المقتضى وأيد الجواز
في الحدائق بالاخبار الدالة على الحث العظيم على الحث على الصلاة مع المخالف ووعد الثواب عليها حتى ورد ان الصلاة معهم كالصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وآله
مع استلزام ذلك ترك بعض الواجبات أحيانا أقول إما ما في المدارك فهو حق لو كان مدرك مشروعية التقية مجرد نفى الضرر والحرج كما
يظهر من جماعة كالفاضلين الا ان الظاهر مما ذكرنا من الاخبار وشبهها مما لم يذكر ان التقية أوسع من غيرهما من الاعذار فالمعتبر فيها ترتب الضرر على
ترك التقية في اجزاء العبادات أو شرايطها مع اتيانها بحسب متعارف حال الفاعل فلا يجب على الحاضر في ملاء المخالفين الاستتار عنهم أو الخروج من
مسجدهم أو تأخير أهل السوق صلواتهم إلى قريب الغروب حتى أنه لو كان المتعارف بحسب حال الشخص من حيث إنه جار المسجد حضور المسجد خصوصا في الامام
المتبركة مثلا كيوم الجمعة وأيام رمضان أو كان المتعارف تضيفه عندهم أو اضافتهم عنده فلا يجب في هذه الموارد التخلص عنهم واخفاء الصلاة
عنهم بل حث الشارع على المسالكة معهم نظير مسالكة بعضهم مع بعض وترك هجرانهم فالضرر معتبر مع هذا الموضوع فالمصلى معهم يرى على ما هو الحق مع هذا
الوصف ولا يحب التخلص عن الضرر بترك معتاد أمثاله في نفسه أو في أصحابه وبالجملة فالشارع تفضل على الشيعة بجعل المخالفين كالشيعة في المعاصرة
ويراعى الضرر مع هذا الحال نعم التعرض لفعل العبادة في محاضرهم من غير اقتضاء العادة له محل اشكال وان ورد في المستفيضة الحث على حضور مجامعهم
في المساجد والجنائز وغيرها الا انه لا يبعد حملها على دفع النفرة الجبلية الداعية إلى ترك معاشرتهم وترك العبادات بمحضرهم مع ايجاب ذلك
كله لظهور تشيع من لم يعرفوا تشيعه واستبانة العداوة ممن عرفوا تشيعه فيؤدى ذلك إلى استيصال أهل الحق والحاصل ان الأخبار الواردة
في الاذان في التقية على أقسام (منها) ما يدل على كونها عذرا كسائر الاعذار يعتبر فيها خوف الضرر الذي هو المسوغ للمخطورات في غير مقام التقية
كالمرض والاكراه ونحوهما (ومنها) ما دل على انها أوسع من باقي الاعذار حيث إنها لا يعتبر فيها القدرة على التخلص من الضرر المخوف بالحيل والغايات
بل يعتبر خوف الضرر مع جرى المكلف على ما يقتضيه العرف والعادة والدواعي النفسانية (ومنها) ما دل برجحان اظهار الموافقة لهم دفعا بشبهة
التشيع أو معاندة الشيعة معهم فيشرع التقية مع الامن من الضرر المترتب على تركها في القضية الشخصية فيكون دفع الضرر حكمه لتشريع
التقية فلا تدور مداره في الوقايع الشخصية ولعل المستفاد منها بعد التأمل في جميعها ما ذكرنا وهو ان التقية ليست كسائر الاعذار في
اعتبار عدم المندوحة فيها ولا كالاحكام المبنية على الرخصة الملحوظ فيها الحرج حكمة للحكم لا على علة كالقصر في السفر واعتبارا لطرفي
الصلاة ونحو ذلك وحيث كان الامر فيها أوسع من باقي الاعذار المسوغة للمخطورات فلا بد من الاقتصار على ما هو المتيقن من موارد الاخبار وهي
التقية من المخالف باخفاء المذهب عنه فالتقية عن الكفار أو ظلمة الشيعة حكمها حكم سائر الاعذار في اعتبار عدم المندوحة بل وكذلك التقية بعدم
اظهار العمل عندهم لمجرد كونه منكرا عندهم كما هو الغالب في هذه الأزمنة حيث يعلمون مذهب الشيعة في الوضوء والسجود على التربة غيرهما وليس اخفائه
عنهم لأجل تلبيس الفاعل عليهم موافقته لهم في الاعتقاد اوفى خصوص الأعمال وانما هو لمجرد كون العمل منكرا عندهم فيؤتون الفاعل من باب
الايذاء على المنكر فان في دخول هذا القسم من التقية تحت الأخبار الدالة على شرعية التقية مع المندوحة تأمل نعم كثير من عمومات التقية والتعليلات
المنصوصة في شرعية التقية من حفظ أنفس الشيعة وأموالهم واعراضهم يشمل على ذلك لكن ليس فيها أزيد من الحاقها مسائل الاعذار ويعتبر فيها
عدم المندوحة ثم إن الفعل المأتي به تقية إن كان مما سوغه في العبادة ضرورة أخرى غير التقية كالمسح على الخف الذي سوغه البرد الشديد وجب
فيه نية القربة والجزئية للعبادة فكان مباشرة اليد لبشرة الرجل ساقطة في مسح الرجل نظير المسح على المرارة المأمور به في رواية عبد
الاعلى المتقدمة فلا يجوز الاخلال به ولا بشئ من شرايط المسح المعتبرة فلو أخل عمدا أو لا عن عمد بطل لفوات لافى الواجبات غير المباشرة ولو مسح
مع التقية على البشرة فحكمه كالمتضرر بمسح البشرة يبطل عمدا إذا لم يتداركه ويصح لا مع العمد واحتل في الروض عدم الفساد في الأول لتوجه
النهى إلى أمر خارج وفيه ان الامر الخارج متحد مع المأمور به في الوجود فلا ينفع كونه خارجا نظير الغصب ودفعه بعض بانقلاب تكليفه إلى موافق
التقية فلم يأت بالمأمور به وهذا الدفع يؤذن بالبطلان مع عدم العمد أيضا ويرده منع انقلاب التكليف بل الامتثال بالمأسور به ممتنع للنهي.
كالمتضرر بالغسل ولو كان خفه نجسا ولم يتمكن من لبس طاهر فمسح عليه تقية لم يصح فوجب استينافه لان التقية لم يوجب المسح على النجس و
انما انحصرت فيه من حيث عدم الفرد الآخر وإن كان مما لم يسوغه في العبادة ضرورة أخرى غير التقية فإن كان التقية في أبنائه في العبارة
جزء كمسح الزايد على الواجب عندنا أو مستحبا كالتأمين في الصلاة والتكفير جاز اتيانه لا بقصد الجزئية وإن كان مبطلا عندنا ولو تركه
عصيانا لم تبطل العبادة ولو ألجأت التقية إلى غسل الرجلين بان قلنا بجواز ذلك في الضرورة كما إذا لم ينفك ايصال الماء إلى بشرة الرجل
129

عن الجريان كما تقدم عن الذكرى معللا بعدم القصد إلى الغسل فهو غير مخالف للواجب الاختياري وإن كان على وجه مخرج عن اسم المسح وقلنا
بجواز ذلك عند تعذر المسح كان حكمه حكم المسح على الخفين بل المشهور انه أولي لو دار الامر فيهما لكونه أقرب إلى مطلوب الشارع وهو غير بعيد
وان فرض على وجه لا نقول بكفايته عن المسح لكمال مغايرته معه كغمس الرجل في الماء فالظاهر أن العامة لا يقولون به فلو فرض كان ذلك
الوضوء كفاقد المسح رأسا وفى صحته لكون الفقد مستندا إلى التقية وعدمها لان قولهم ليس على هذا الغسل بالخصوص وانما انحصر فيه بالفرض
نظير المسح على الخف النجس وجهان (ولو زال السبب) المسوغ للمسح على الخف بل مطلق الوضوء الناقص فاما ان يكون قد صلى بها صلاة صحيحة
واقعية بان وقعت مع الياس عن زوال العذر في الوقت أو قلنا بجواز البدار في سعة الوقت لاولى الاعذار وعدم وجوب الانتظار
لزوال تلك الاعذار مطلقا أو في خصوص التقية على ما اخترنا من عدم اشتراط عدم المندوحة فيها مطلقا واما ان يكون لم يصل كذلك
فان صلى فلا اشكال في عدم وجوب الإعادة ولا القضاء لفرض الاتيان بالمأمور به واقعا نظير الصلاة بالتيمم وانما الاشكال هنا في صحة
صلاة أخرى بهذه الطهارة وقد يلوح من المحكي عن المحقق الثاني في بعض فوائده التفصيل ووجوب الإعادة للصلاة بوضوء التقية بأنه
إن كان متعلق التقية مأذونا فيه بالخصوص كمسح الرجلين في الوضوء والتكتف في الصلاة فإنه إذا فعل على الوجه المأذون كان صحيحا مجزيا
وإن كان للمكلف مندوحة من فعله التفاتا إلى أن الشارع أقام ذلك الفعل مقام المأمور به حين التقية فكان الاتيان به امتثالا يقتضى
الأجزاء فلا يجب الإعادة ولو تمكن منها على غير وجه التقية قبل خروج الوقت ولا اعلم في ذلك خلافا وأما إذا كان متعلقها لم يرد فيه نص
على الخصوص كفعل الصلاة إلى غير القبلة والوضوء بالنبيذ ومع الاخلال بالموالاة فيجف السابق كما يراه
بعض العامة فان المكلف يجب عليه
إذا انتفت الضرورة موافقته أهل الخلاف اظهار الموافقة لهم ثم أمكن الإعادة في الوقت بعد الاتيان وجب ولو خرج الوقت نظر في دليل
القضاء فان وجد قيل به لان القضاء انما يجب بفرض جديد ثم نقل عن بعض أصحابنا القول بعدم الإعادة مطلقا نظرا إلى أن المأتي به وقع
شرعيا فيكون مجزيا على كل تقدير ورده بان الاذن في التقية من جهة الاطلاق لا يقتضى أزيد من اظهار الموافقة لهم مع الحاجة انتهى كلامه
رفع مقامه أقول وما ذكره في القسم الأول من عدم وجوب الإعادة حق والأقوى عدم القضاء أيضا لعدم صدق الفوات مع فرض بدلية
المأتي به كما في الصلاة مع التيمم واما ما ذكره في القسم الثاني فان أراد بعمومات التقية العمومات الدالة على وجوبها ومؤاخذة من تركها
فلا ريب في أنها لا تدل على صحة ما تقع التقية فيه من العبادات فان التكتف إذا كان مبطلا للصلاة والاكل مبطلا للصوم واطلاق ماء الوضوء
شرطا فيه فوجوب هذه الأفعال وجوبا نفسيا لحفظ النفس أو المال لا ينافي ترتب اثرها عليها وهو الأبطال غاية الأمر ان دليل حفظ
النفس دل على وجوب الاتيان بعبادة باطلة كما دل في الاكل على وجوب الافطار في شهر رمضان واما أوامر الصلاة فلم يقع الفعل موافقة
لها لا اختيارا ولا اضطرارا كما لو أكره على الصلاة بغير طهارة فمثل هذا المأتي به لا مجال للتأمل في عدم اجزائه عن المأمور به بل يجب امتثال
الامر في الوقت وخارجه كما لو منعه مانع عن أصل الصلاة في جزء من الوقت أو في تمامه إذ لا اشكال في صدق الوقت فلا حاجة إلى النظر في أدلة
القضاء لوجود الامر الجديد بقضاء ما فات ولم يقل أحد في هذا الفرض بسقوط القضاء فضلا عن الإعادة وان أراد بعموماتها العمومات
المرخصة لاتيان العبادة المأمور بها في الشريعة على وجه التقية نظير قوله (ع) التقية في كل شئ الا في المسح على الخفين وشرب المسكر و
متعة الحج فان استثناء المسح على الخف والمتعة من العموم مع أن الممنوع فيهما هو الامتثال بأمر الوضوء والحج على وجه التقية كاشف عن
كون المستثنى هو الجواز بمعنى الرخصة في امتثال الأوامر على وجه التقية إلى غير ذلك مما يستفاد منه الرخصة في التقية في مقام امتثال
العبادات فلا ريب في أنه لا فرق بين هذه العمومات وبين الامر الخاص بالتقية في عبادة خاصة في الدلالة على أن الشارع اكتفى في مقام التقية
بالامتثال على طبق التقية وكيف كان فلا اشكال في عدم إعادة ما صلى بالامر الواقعي المتوجه إلى المكلف حال الاضطرار ولذا قال
شارح الموجز لا يجب إعادة الصلاة التي فعلها بالطهارة الضرورية اجماعا انتهى وانما الاشكال في الوضوء المأتي به على هذا الوجه
من حيث إباحة الدخول في عبادة أخرى مع التمكن من الوضوء التام له وبعبارة أخرى الخلاف والاشكال في أن هذا الوضوء مبيح لما يؤتى
به من العبادة حال الاضطرار فإذا زال (اعاده) فهو نظير التيمم لا يباح به الا الصلوات المأتي بها حال الاضطرار أو مبيح كالوضوء التام
فلا ينتقض الا بالحدث فالذي اختاره في المبسوط والمعتبر والتذكرة والمنتهى والايضاح والموجز وشرحه ومحكى كشف اللثام وحاشية
المدارك ومحكى الرياض هو الأول لعموم ما دل على وجوب الوضوء وهو مجموع الافعال الخاصة عند إرادة القيام إلى الصلاة ولو من
النوم في خصوص القيام من النوم على ما فسر به الآية فان النائم إذا قام إلى صلاتي الظهرين من نومه وجب عليه الافعال الخاصة فإذا لم
يتمكن من فعلها للظهر وتمكن من فعلها للعصر وجبت عليه فلا يقدح في الاستدلال كما زعم ورود الاخبار واتفاق المفسرين كما قيل على أن
130

المراد القيام من النوم بل الشأن في اثبات بدلية ما فعله من الوضوء الناقص عن الوضوء التام مطلقا لا من حيث خصوص وجوبه لأجل الصلاة
التي لا يتمكن من فعلها مع الوضوء التام فان ظاهر استناد الإمام (ع) في حديث المسح على المرارة إلى أية نفى الحرج إرادة لزوم الحرج من الامر بالصلاة
مع الوضوء التام في هذا الفرض والا فالوضوء في ذاته ومن حيث نفسه ليس مأمورا به فنفى الحرج لا يقيمه مقام الوضوء التام الا من حيث الحكم التكليفي
وهو وجوبه بدلا عن الوضوء التام فيتبعه الحكم الوضعي بمعنى التأثير في إباحة ما وجب له لا مطلقا حتى لا يحتاج باقي الصلات إلى مقدمة لحصول
الأثر المقصود منها على مقدمة ذلك الواجب الذي اتى به حال الاضطرار ودعوى ان الوضوء عند الزوال مقدمة للظهرين فليكتف فيه عند الحرج
بالناقص لهما وإن كان عند إرادة العصر قادرا على التام مدفوعة مع عدم جريانه في غير صورة اشتراك الصلاتين في وقت الوجوب بان الاكتفاء
بالناقص ليس الا للحرج اللازم من الامر بالدخول في العبادة الأولى مع الوضوء التام لا مطلقا ولذا لو علم أنه حال فعل العصر تمكن من الوضوء
التام لم يصح نية إباحة الفعلين لعدم ثبوت إباحة الأخيرة من أدلة الحرج فقد نوى إباحة ما لا يباح به كما لو ضم إلى نية التيمم إباحة الصلاة في حال
وجدان الماء وبالجملة فالانصاف ان دلالة الآية واضحة كما اعترف بعض المحققين الا انه قده منع عموم الآية لان إذا للاهمال وفيه ان المقصود
من هذه الخطابات بحكم فهم العرف هو بيان علة الحكم أو معرفه كما في قوله (ع) إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه وقوله إذا دخل الوقت وجب
الصلاة والطهور وغيرهما فلا بد من صرف الهمة في تتبع ما يكون حاكما على هذا العموم وهو لا يخلو من وجوه (أحدها) انه إذا خرج المضطر عن
هذا العموم وثبت ان الوضوء بالنسبة إليه مؤثر في إباحة الصلاة فيشك في بقاء هذا الحكم له أو رجوعه المختار من وجوب الوضوء التام
عليه وعدم إباحة هذا الوضوء الناقص في حقه فاللازم الحكم بالبقاء بحكم الاستصحاب فالمقام من مقام استصحاب حكم الخاص لا التمسك
بعموم العام (الثاني) ان الموجب للوضوء الاضطراري لا يقتضى الا ما فعله فيجتزى ولو وجب ثانيا لوجب بموجب جديد والفرض عدمه و
بتقرير اخر ان الوضوء إذا وجد فلا ينقصه الحدث كما في الصحيح وفى الموثقة إذا توضأت فإياك ان تحدث وضوءا حتى تستيقن انك قد أحدثت
(الثالث) ان كل وضوء رافع للحدث فإذا فرض هذا المكلف مرتفع الحدث ولو بحكم الاستصحاب لم يشمله الآية للاتفاق كما قيل باختصاص
الآية بالمحدثين وهذا غير داخل فيهم ويمكن الجواب عن الاستصحاب بان الآية مقيدة بحال التمكن من الوضوء التام لا انه مخصص بالمضطر
فكأنه قيل كلما أردتم القيام إلى الصلاة فأتوا بالوضوء التام ان تمكنتم ولو سلم كونه تخصيصا للمكلفين كان المضي أيضا انه كلما قمتم إلى الصلاة
فيجب على القادر منكم الوضوء التام ولو فرضنا زمان الاضطرار مستثنى من عموم أزمنة القيام إلى الصلاة كان المعنى انه يجب الوضوء التام في
جميع الأزمنة إرادة القيام إلى الصلاة الا حال العجز عنه وعلى أي تقدير فثبت المطلوب مع أن المقام لو كان مقام استصحاب الخاص لوجب
بعد انتقاض اثر الوضوء الاضطراري بالحدث وضوء ناقص أيضا لاستصحاب حكم المضطر له وبعبارة أخرى استصحاب حكم الخاص يقتضى وجوب
ما وجب عليه سابقا والقول بالتزام ذلك لولا الاجتماع فاسد بالضرورة لان وجوب الوضوء التام على من زال اضطراره وانتقض وضوئه (لابقاء اثر ما وجب سابقا)
الاضطراري بالحدث ليس الا بعموم الآية وبالجملة فالتمسك باستصحاب حكم الخاص فاسد جدا نعم يمكن التمسك باستصحاب الإباحة لولا عموم الآية
مع امكان ان يرد بان الموضوع في الاستصحاب مردد بين إباحة المدخول بها حال الضرورة أو كل صلاة فان الأول لا ينفع والثاني مشكوك
الحدوث نعم لو ثبت ان هذا الوضوء للحدث أمكن استصحاب الطهارة على القول بعدم تبعض الحدث زمانا وموردا لكنه غير ثابت كما سيأتي وعن الثاني
بان الوضوء ينصرف إلى التام وبانا نلتزم بأنه لا ينقض الوضوء الناقص أي لا يرفعه مع بقاء استعداده وقابليته الا الحدث والكلام هنا ليس في
انتقاض الوضوء وانما هو في صلاحية واستعداده للبقاء مع زوال العذر واما الموثقة فهى واردة في مقام عدم انتقاضه بالشك وعن الثالث
أولا منع اختصاص الآية بالمحدثين غاية الأمر تقديها بالنوم وقد تقدم عدم قدحه واما مقابلته بقوله وان كنتم جنبا فلا تدل على شئ لان
غايتها إرادة ان لم تكونوا جنبا وثانيا منع رفع الحدث وانما غاية الأمر ترتب الآثار المحققة في حال الاضطرار فيجوز الدخول به في هذا
الحال فيما يشترط بالطهارة ويحصل له كمال ما يتوقف كماله عليها في الحالة النفسانية المقتضية لاستحباب الكون على الطهارة ولا يلزم من
ذلك حصولها حال التمكن من الوضوء التام ومما ذكرنا يظهر انه لو فرض عدم التمسك بالآية فاللازم التمسك في المقام بقاعدة لزوم احراز
الطهور لقوله (ع) لا صلاة الا بطهور بناء على إرادة رفع الحدث وعدم ثبوت ارتفاع الحدث في المقام ولا إباحة ما عدا الصلاة الواقعة حال
الاضطرار حتى بالاستصحاب فافهم نعم لو ثبت في الصورة الثانية وهي ما إذا ارتفع الاضطرار قبل ان يصلى بوضوئه جواز الدخول في الصلاة مع
زوال العذر أمكن اثباته في هذه الصورة بناء على عدم القول بالفصل فلنتكلم فيها فنقول ان ما يمكن ان يستدل به على الحاقها بالصورة
الأولى هي الآية المتقدمة بتقريب ان الخارج من عمومها بحكم أدلة الاعذار وهو الحاجز عن اتيان الصلاة بالوضوء التام حتى أنه لو علم
المضطر في الحال انه يقدر عند إرادة الدخول في الصلاة من الوضوء التام لم يجز له فعل الناقص ولو فعله باعتقاد استمرار عجزه ثم طرء
131

القدرة كشف ذلك عن عدم الامر بوضوئه الناقص نعم لو ثبت من أدلة الاعذار كفاية الاضطرار في زمان الوضوء كما هو ظاهر بعض ما تقدم في
التقية لم يمكن الاستدلال بالآية على وجوب الإعادة بل أمكن ان يستدل بها على الأجزاء بتقريب ان الامر في الآية أمر غيري مقدمي فيكشف عن
وجود رابطة هذه الأفعال والصلاة أوجبت ايجابها عند وجوب الصلاة كما تقدم في اثبات رافعية مطلق الوضوء للحدث القابل للارتفاع
فإذا فرض ان أدلة الاعذار دلت على سقوط بعض الواجبات المستفادة من الآية عن العاجز عنها حين الوضوء فصار الواجب بالآية على القادر
الوضوء التام وعلى العاجز الناقص فيكشف عن ثبوت الرابطة المذكورة في كل منهما فيجوز الدخول في الصلاة فمبنى المسألة ان الاعذار
المسوغة هل يعتبر وجودها حين الغاية المأمور بالوضوء لأجلها أو يكفي وجودها عند الوضوء والظاهران عموم الحرج وما يرجع إليه وإن كان يتراءى
منه في بادي النظر كفاية وجوده عند الوضوء الا ان مقتضى التأمل ان الحرج انما يلزم من الامر بالصلاة مع الوضوء التام فهو مدار الحرج
دون الامر بالوضوء هذا ولكن المفروض في المقام لما كان جواز البدار لاولى الاعذار وكان مبناه يحكم تخيير المكلف في اتيان الفعل في أي جزء
أراد من اجزاء الوقت وان المكلف مخير في كل جزء من الوقت بين الفعل فيه على الوجه الموظف فيه بحسب حاله من القدرة على الشرايط والعجز عنها
وبين التأخير عنه فضابط العذر المسقط بعض الشرايط ثبوته في الفعل في الزمان الذي يريد وقوعه فيه وان أمكن تأخيره إلى ارتفاع القدرة
واتيان الفعل بشرائطه الاختيارية فحينئذ إذا أراد المكلف اتيان الفعل في زمان بعد زمان مقدار الوضوء من أول الوقت لكفى ثبوت الحرج في
الصلاة في ذلك الزمان فإذا توضأ في الجزء الأول من الوقت وأراد الصلاة تيسر له الوضوء التام قبل الدخول في الصلاة لم يقدح في الوضوء
السابق لحصول شرطه وهو الحرج في فعل الصلاة في الجزء الذي اختاره من الوقت فزوال العذر بعد الفراغ عن الوضوء لو أوجب استيناف
الوضوء فقد الزم تأخير الصلاة عن الوقت الذي أرادها فيه والمفروض خلافه فتحصل ان اللازم في مفروض المسألة وهو جواز المبادرة لاولى
الاعذار كفاية تحقق العذر في الزمان الذي يريد الصلاة فيه فان علم من أول الأمر طرو القدرة على الوضوء التام بعد الفراغ عن وضوئه الناقص
أو قبل الدخول في الصلاة صح وضوئه الناقص لان الزام التأخير عنه الزام لتأخير الصلاة عن ذلك الوقت ثم إن إناطة العذر بتحققه في زمان إرادة
الصلاة مبنى على ما تقدم من أن الوضوء الواجب في الوقت لا يتحقق امتثاله ممن لا يريد الصلاة بذلك الوضوء فيشترط في قصد الوجوب فيه
إرادة الصلاة به فحينئذ الوضوء الناقص مع إرادة الصلاة في الوقت المتأخر الذي تمكن ايقاع الوضوء التام له
لان هذا الوضوء ليس
مقدمة لتلك الصلاة إما لو قلنا بمقالة المشهور من أنه يكفي في اتصاف الوضوء الموجود في الخارج بالوجوب تحقق غايته في ذلك الزمان
وان لم يرد ايقاعها فيه فله اتيان الوضوء الناقص في كل جزء من الوقت لمشروعية الصلاة عقيب ذلك الوضوء بحكم أدلة سعة الوقت وان
لم يردها المكلف في ذلك الوقت لكن يخرج الكلام حينئذ عن الصورة الثانية وهي ما إذا لم يترتب عليها اثر في حال العذر إلى الصورة الأولى لان
الوضوء الناقص في هذا الفرض قد يترتب عليه اثر وهي إباحة الدخول في الصلاة بمجرد الفراغ عنه ويكون الكلام في استمرار اثره بعد وقوعه صحيحا
فان قلت لو قلنا باستحباب الوضوء الناقص لأجل الكون على الطهارة لم يبق للصورة الثانية أعني الوضوء الذي يتكلم في صحته من جهة اعتبار
العذر في حاله أو في حال ايقاع الغاية فرض إذ بمجرد الفراغ يترتب عليه الكون على الطهارة وان لم يقصد (قلت) حصول الكون على الطهارة
مع عدم قصده في أول الوضوء يتوقف على صحة الوضوء من حيث الامر المقدمي الذي يتعلق به فإذا فرض عدم الامر به مع التمكن من اتيان غايته
بالوضوء التام لم يحصل له مع أنه يمكن فرض الكلام حينئذ في زوال العذر قبل الفراغ من الوضوء المنوي به غير الكون على الطهارة وعدم فوات الموالاة
فان صريح بعض انه يأتي على القول بعدم إعادة الوضوء بزوال العذر عدم اعادته هنا نعم لو قصد بهذا الوضوء الكون على الطهارة كان لا رجه
الصحة لان الكون على الطهارة في الان المتصل بالفراغ متعذر بالوضوء التام فليكتف فيه بالناقص فتحصل من جميع ما ذكرنا ان مقتضى القاعدة
في الاقتصار على مخالفة أدلة الوضوء التام من مشروعية الوضوء الناقص مشروعية بالنسبة إلى العاجز عن تحصيل الغاية المطلوب لأجلها بالوضوء التام وعدم الاكتفاء بالعجز في خصوص زمان الايقان بالوضوء الناقص نعم ربما يستظهر ذلك من بعض ما تقدم في التقية واما اطلاق العذر
في ما عداها كالثلج المخوف والجبيرة ونحوهما فالظاهر مسوقه في مقام الجزئية وان هذه الاعذار رخصة لكن بشرط تلبس المصلى بها أو كفاية تلبس
المتوضى بها فالانصاف عدم اطلاق فيها يطمئن به النفس ويشهد لما ذكرنا انه لو بنى على الكفاية فاللازم الاكتفاء بالتلبس بهما في زمان الاتيان
بذلك الجزء العذري وان زال قبل الفراغ والجفاف مع أنهم لا يقولون به كما قيل
{مسائل ثمان الأولى الترتيب واجب} فيما بين غير الرجلين
من أعضاء (الوضوء) بان يوجد كلا منها في مرتبته بالاجماع والسنة بل بالكتاب بناء على إفادة الواو للترتيب بل مع عدمها بناء على ما في الذكرى
من أنه سبحانه غير الغسل بالمرافق والمسح بالكعبين وهو يعطى الترتيب قال ولان الفاء في فاغسلوا يفيد الترتيب قطعا بين إرادة القيام و
بين غسل الوجه فيجب البدءة بغسل الوجه قضية للفاء وكل من قال بوجوب البدئة به قال بالترتيب بين باقي الأعضاء انتهى وفى كلا الدليلين
غموض يعنى عن الخوض فيه وضوح المسألة والمراد بالترتيب هنا (غسل الوجه) قبل اليد (اليمنى) وغسل (اليسرى بعدها ومسح الرأس تاليا)
132

لليسرى أو تاليا في التأخير ومسح الرجلين أخيرا مترتبين أم لا على الخلاف المتقدم (فلو خالف) الترتيب ولو في فعل واحد من الافعال المترتبة
(أعاد الوضوء عمدا كان أو نسيانا إن كان جف الوضوء) لعدم امكان تدارك الترتيب وأطلق في التحرير الإعادة عكس ظاهر التذكرة ولا وجه له
الا إذا أريد به تعمد ايقاع الوضوء من أوله أدله خلاف الترتيب واما مع العمد في الأثناء فوجهه باشتراط المتابعة مع الاختيار على مذهبه فمما لا يرضى
به العلامة لأنه صرح في التحرير بعدم البطلان تعمد الاخلال بها مع أن مجرد الاخلال بالترتيب لا يوجب فوات المتابعة حينئذ وإن كان البلل باقيا فان
تعمد خلاف الترتيب من أول الوضوء أعاد الوضوء أيضا لعدم وقوع ما وقع مع النية وان بدا له المخالفة في الأثناء أو كان ناسيا اقتصر (على ما يحصل معه
الترتيب) على المعروف بين الأصحاب فإذا قدم شيئا على شئ أعاد المتقدم فقط ويدل عليه قوله (ع) في رواية منصور بن حازم في حديث تقديم السعي
على الطواف الا ترى انك إذا غسلت شمالك قبل يمينك كان عليك ان تعيد على شمالك وفى موثقة ابن أبي يعفور المحكي عن مستطرفات
السراير عن نوادر البزنطي قال أبو عبد الله (ع) إذا بدأت يسارك قبل يمينك ومستحب رأسك ورجليك ثم استيقنت بعد انك قد بدأت بها غسلت
يسارك ثم مسحت رأسك ورجليك لكن ظاهر بعض الأخبار وجب إعادة المتأخر أيضا ومحصله ان تقديم ما حقه التأخير فاسد مفسد للمتأخر
المحقق للتقديم ففي موثقة أبي بصير ان نسيت فغسلت ذراعيك قبل وجهك فأعد غسل وجهك ثم اغسل ذراعيك بعد الوجه فان بدأت
بذراعك الأيسر قبل الأيمن فأعد الأيمن ثم اغسل اليسار وان نسيت مسح رأسك حتى يغسل رجليك فامسح رأسك ثم اغسل رجليك وهذه الرواية
مع موافقة ذيلها لمذهب العامة فيوهن أصالة عدم التقية في صدرها يمكن جمله على الاستحباب أو على أن مورد الحكم تذكر تقدم المتأخر قبل غسل المتقدم
فيحمل إعادة الوجه واليمين على عود المكلف لتداركهما وربما يستظهر مضمون الموثقة من روايات أخر لا ظهور لها في ذلك مثل قوله (ع) في المروى
عن قرب الإسناد في رجل توضأ فغسل يساره قبل يمينه قال يعيد الوضوء من حيث أخطاء يغسل يمينه ثم يساره ثم يمسح رأسه ورجليه بناء على دعوى
ظهورها في وقوع التذكر بعد التمام ولا يخفى فسادها لان التذكر إن كان بعد الاتمام فلا يصح الحكم بإعادة الوضوء من رأس الا لفوات الموالاة
إذ بدونه لا وجه لإعادة غسل الوجه بل الظاهران المراد إعادة الوضوء من موضع الخطأ وحمل السؤال على تذكره قبل غسل اليمين ولا ينافيه
قوله توضأ الظاهر في تمام الوضوء لان عطف الغسل عليه بالفاء قرينة على إرادة الاشتغال بالوضوء وهنا اخبار اخرا قبل الحمل على التذكر قبل غسل
اليمين فلا يعارض بها الخبران السابقان نعم ظاهر المحكي عن الصدوق قده تعارض الاخبار بل ظاهره المستفاد من طريقه حمل المتعارضين على
التخيير حيث قال روى فيمن بدء بيساره قبل يمينه انه يعيد على يمينه ثم يعيد على يساره ثم قال وقد روى أنه يعيد على يساره انتهى ثم إنه لو نكس فاخر غسل
وجهه اجتزء بغسل الوجه إذا لم يحصل الاخلال بالنية إما لجعلها الداعي واما لمقارنة الاخطار لغسل اليدين
واستمرارها إلى غسل الوجه
فلو نكس ثانيا احتسب منه غسل اليمنى على ما ذكر ولو نكس ثالثا احتسب منه غسل اليسرى ويمسح بها لا باليمنى بناء على استهلاك ماء غسله الصحيح
ولو كان في ماء جار وتعاقب جريات ثلاث على أعضائه الثلاثة مقرونا بالنية اجتزء بها فيمسح رأسه ورجليه مع فرض استهلاك بلل الوضوء
في يده ولو كان في ماء واقف ومضى عليه أنات ففي جواز نية انغسال الأعضاء بترتب الانات خلاف بين الفاضلين وبين الشهيد قدس الله اسرارهم
فاستقرب الصحة في الذكرى ولا يخلو عن اشكال من جهة خفاء صدق الغسل على مجرد ابقاء الماء المحيط بالعضو على حاله والا لصدق على ابقاء الماء المصبوب على العضو على حاله فيصب على أعضائه دفعة واحدة ثم ينوى بإحاطة الماء الثاني على العضو انغساله به ولا أظن الشهيد قده
ولا غيره يلتزم ذلك والا لم يحتج تدارك الترتيب إلى غسل جديد بل كان يكتفى نية انغسال العضو بالماء الموجود عليه كالماء الواقف المحيط به فتأمل
{المسألة الثانية الموالاة} في الجملة (واجبة) اجماعا مستفيضا بل محققا (وهي) في اللغة والعرف بمعنى متابعة الافعال وتعاقبها وجعل
بعضها تابعا لبضع غير منقطع عنه واختلف في المراد بعدم الانقطاع فقيل تواصل بعضها ببعض حقيقة عرفية بان يشتغل باللاحق بغير فصل
عرفي بينه وبين السابق وقيل إنه يلاحظ التواصل وعدم الانقطاع بالنسبة إلى الأثر وهو البلل فيكفي (ان يغسل كل عضو قبل ان يجف ما تقدمه)
واتفق الكل ظاهرا على أن المتابعة عند التفريق الاضطراري هي بهذا المعنى الثاني الا ان الظاهر من المبسوط والمعتبر والمنتهى في مسألة زوال
العذر المسوغ للمسح على الخف انه لو مسح على الرجل بعد زوال العذر لم يكف لفوات الموالاة ومن المعلوم ان المفروض بقاء بلل الوضوء والا
لعلل عدم الأجزاء بلزوم المسح بالماء الجديد فلا حظ ثم القول الأول بين قولين أحدهما وجوب هذا المعنى يعنى شرطيته للوضوء وهو لصريح المبسوط
وظاهر المقنعة قال في المبسوط المتابعة واجبة وهي ان تتابع بين الأعضاء مع الاختيار فان خالف لم يجزه انتهى وفى المقنعة ولا يجوز التفريق بين الوضوء
فيغسل الانسان وجهه ثم تصبر هنيئة ثم تغسل يده بل يتابع ذلك ويصل غسل يديه بغسل ومسح رأسه بغسل يده ومسح رجليه بمسح رأسه
ولا يجعل بين ذلك مهمة الا لضرورة لانقطاع الماء وغيره مما يلجئه إلى التفريق فان فرق وضوئه لضرورة حتى يجف ما تقدم منه استأنف
الوضوء من أوله وان لم يجف وصله من حيث قطعه وكذلك ان نسى مسح رأسه ثم ذكره وفى يده بلل من الوضوء فليمسح عليه ومسح رجليه وان لم يكن في يده
بلل وكان في لحية أو حاجبه اخذ منه ما يندى به أطراف أصابعه ثم قال فان ذكر ما نسيه وقد جف وضوئه ولم يبق من نداوته شئ فليستأنف الوضوء
133

من أوله انتهى وظاهر قوله لا يجوز التفريق في مقام بيان ما يعتبر في الوضوء هو البطلان ونظير قوله قده فيما بعد ولا يجوز لاحد ان يجعل في موضع
مسح رجليه غسلا كما لا يجوز له ان يجعل موضع غسل وجهه مسحا ومما يدل على أن مراعاة عدم الجفاف مع الضرورة عنده نوع من التتابع وعدم
التفريق قوله قده في مسألة وجوب الترتيب بين الأعضاء فان ترك ذلك يعنى غسل المقدم قبل المتأخرين حتى يجف ما فرضناه من جوارحه
أعاد الوضوء مستأنفا ليكون وضوئه متتابعا غير متفرق انتهى فمحصل قول الشيخين ان الموالاة المشترطة في الوضوء (هي المتابعة بين)
(الأعضاء مع الاختيار ومراعاة) عدم (الجفاف مع) التفريق لأجل (الاضطرار) {الثاني} ان المتابعة بهذا المعنى واجب مستقل غير معتبر في صحة
الوضوء وانما المعتبر فيه اختيارا واضطرار هو المعنى الثاني وهو لصريح المعتبر وغير واحد من كتب العلامة قده وظاهر المحكي عن الخلاف بل ظاهر
المحكي عن شرح الارشاد لفخر الدين والتنقيح وجامع المقاصد وكشف الالتباس انحصار القول بوجوب المتابعة بمعنى التعاقب في هذا القول
وانه لا يبطل الوضوء الا بالجفاف وان الفائدة تظهر في الاثم وعدمه وكأنهم عولوا على ما في التذكرة حيث إنه بعد نقل القولين في تفسير الموالاة
قال وعلى القولين لو اخر حتى جف السابق استأنف الوضوء ولو لم يجف لم يستأنف بل جعل مجزيا على الأول خاصة وهو الأقرب عندي انتهى
وقد عرفت صريح المبسوط وظاهر المقنعة وكذلك الخلاف ادعى الاجماع على وجوب المتابعة ثم استدل عليه بان صحة الوضوء معها معلوم وبدونها
غير معلوم وأظهر منها عبارة المصنف هنا فان التفصيل بين حال الاختيار والاضطرار كون وجوب المتابعة فيها على نهج واحد وهو الوجوب
الشرطي لأنه الثابت حال الاضطرار وأظهر منها عبارة المعتبر حيث ادعى الاجماع أولا على اشتراط الموالاة في صحة الوضوء ثم نقل الخلاف في
تفسيرها وحكى ما تقدم من عبارة المبسوط ونحوه الشهيد في الذكرى ولأجل ما ذكر أنكر غير واحد منهم الشهيد الثاني في الروض المقاصد العلية
على العلامة والمحقق الثاني دعوى الانحصار واهمال قول الشيخ في المبسوط فجعلوا الأقوال ثلاثة بل ذكر بعض المتأخرين رابعا وهو قول
الصدوقين بكفاية أحد الامرين من المتابعة ومراعاة عدم الجفاف فأيهما حصل كفى في الموالاة فلو والى وجف لم يقدح كما لو لم يوال ولم يجف وهذا
هو الأقوى بحسب الاخبار وان ادعى في الذكرى ان الأخبار الكثيرة بخلافه وسيظهر خلافه وفقا لجماعة منهم أصحاب المدارك والمشارق
والحدائق وجماعة من تأخر عنهم بل لم نعثر على مصرح بخلافه ممن وصل إلينا كلماتهم المحكية في الذكرى غيرها لانهم قدس الله اسرارهم لم يتعرضوا
الا للجفاف الحاصل بالتفريق فحكموا بقدحه اللهم الا ان يدعى ان العبرة عندهم في البطلان بالجفاف في غير الضرورة كافراط الحرارة وانما ذكروا
التفريق لأنه السبب غالبا للجفاف أو في مقابل من منع من التفريق ولو لم يجف وكيف كان فمرجع القول المختار إلى كفاية التواصل بالمعنى الأعم
من تواصل نفس الافعال بعضها ببعض وتواصلها من حيث الأثر بان يشرع في الفعل اللاحق قبل محو اثر الفعل السابق وهو البلل فالقادح
في الوضوء هو تقاطع الافعال عينا واثرا وهو المراد بالتبعيض في قوله (ع) ان الوضوء لا يتبعض وعليه يحمل المتابعة في رواية حكم بن حكيم وغيرها
ففي موثقه أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) إذا توضأت بعض وضوئك فعرضت لك حاجة حتى يبس وضوئك
فأعد وضوئك فان الوضوء لا
يتبعض وفى رواية حكم بن حكيم المحكية عن العلل قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن رجل نسى من الوضوء الذراع والرأس قال يعيد الوضوء
ان الوضوء يتبع بعضه بعضا فان الرواية محمولة على من تذكر بعد الجفاف وتعليل البطلان باشتراط المتابعة مع ما علم من الأخبار المستفيضة
الامرة بأخذ البلل من اللحية والحاجب إذا تذكر في أثناء الصلاة لا يستقيم الا بجعل المتابعة المعتبرة في الوضوء أعم من تتابع الآثار وكون
المراد بالتبعيض المبطل هو تقاطع الافعال بالمرة عينا واثرا فإذا حصل تواصل الافعال كفى وان يتواصل الآثار أعني بلل الأعضاء.
وكذا إذا حصل تواصل الآثار ولم يحصل تواصل الافعال بأنفسها فالتحديد بالجفاف في النص والفتوى لعله بيان لأقل ما يجزى من
التتابع بحسب الغلب لا انه لو فرض تواصل نفس الافعال واتفق الجفاف لم يجز ومما ذكرنا يعلم أنه ليس في الاخبار ككلمات الأصحاب الآتية ما ينافي
هذا المعنى المحكي عن الصدوقين لا لما في المدارك في رد الشهيد المدعى لمخالفته للاخبار الكثيرة من اختصاص مورد اخبار قدح الجفاف بالجفاف
الحاصل بالتفريق فيرد عليه ان العبرة بعموم التعليل في قوله (ع) ان الوضوء لا يتبعض وقوله إن الوضوء يتبع بعضه بعضا بل لما عرفت من أن المتابعة
أعم من أن يكون من حيث الآثار توضيح ذلك أن المراد بالمتابعة في العلة المذكورة في قوله (ع) في رواية اتبع وضوئك بعضه بعضا لا يجوز ان يكون
المراد به خصوص تتابع الافعال عرفا وكذا المراد من التبعيض المنفى في الوضوء في العلة المذكورة لا يجوز ان يكون خصوص تقاطع الافعال بعينها
لما في الأخبار الكثيرة من أن الناسي للمسح يأخذ من بلل لحية وان يذكر في حال الصلاة ومن المعلوم ان المتابعة العرفية هنا غير حاصلة والقاطع
بين الافعال حاصل فيدور الامر بين ان يراد من المتابعة خصوص عدم الجفاف والمراد بالتبعيض التبعيض من حيث الرطوبة والجفاف فيكون هو المناط
وجودا وعدما في صحة الوضوء دون المتابعة الحقيقية وبين ان يراد من المتابعة الأعم من تتابع الآثار فيكون المعتبر مطلق التتابع الحاصل
بالأعيان وبالآثار ويراد من التبعيض المبطل للوضوء هو تقطيعه رأسا بحيث لا يبقى تواصل بين الافعال ولا الآثار ليكون المناط مطلق المتابعة
134

فيكفي كل فرد منه عن الأخر ويكون التحديد بالجفاف في موثقة أبي بصير تحديد الصورة فوات المتابعة بين الافعال بتفريق الغسلات ويؤيد
من ذكرنا مضافا إلى الاطلاقات ما في الرضوي والوضوءات البيانية واما حجج الأقوال الثلاثة فامضها مع أجوبتها ان حجة القول الأول
ظاهر قوله (ع) اتبع وضوئك بعضه بعضا بل قوله (ع) تابع بين الوضوء كما أمر الله وظاهر التعليلين في الروايتين المتقدمتين ويضعف الأول
مضافا إلى ما مر مرارا ان المتابعة في الافعال في مقام التعليم من العاديات فلا يدل على رجحانها فضلا عن وجوبها واما روايات المتابعة
والتبعيض فقد عرفت الحال فيها مفصلا وربما يتوهم جواز التمسك بالاجماع المنقول مستفيضا على وجوب الموالاة واعتبارها في الوضوء
بناء على أن الظاهر من لفظ الموالاة الواقع في معاقد الاجماعات هي المتابعة الحقيقة يندفع بان نقله الاجماع قد ذكروا وقوع الخلاف
بين المجمعين في معناها فيكشف ذلك عن عدم كون الاجماع على اعتبار مفهوم هذا الفظ حتى يرجع فيه إلى الظاهر المتبادر وبه يندفع أيضا
توهم جواز التمسك لاعتبار الموالاة بمعنى عدم الجفاف بالاجماع عليها المدعى في كلام كل من فسر الموالاة بعدم الجفاف بتنزيل معقد اجماعه
على تفسيره وحاصل الدفع ان تصريحهم بالخلاف في معنى الموالاة يكشف عن أن معقد الاجماع هي الموالاة بالمعنى المردد بين المعاني المختلف
فيها لا مفهوم اللفظ عرفا حتى يكون مقتضى التبادر دليلا على اعتبار المتابعة الحقيقة ولا المعنى الذي عينه مدعى الاجماع حتى يكون دليلا
على اعتبار ذلك المعنى المعين فافهم ذلك فإنه ينفعك في كثير من الموارد مثل دعوى الاجماع على نجاسة الكافر وعلى التخيير بين القصر والاتمام
في الحاير وغير ذلك من النظاير وحجة القول الثاني وهو الاجماع واقتضاء الامر المتعلق بكل عضو من أعضاء الوضوء للفور كما عن الخلاف وبقوله (ع)
اتبع وضوئك بعضه بعضا كما في المعتبر ونحوه قوله (ع) تابع بين الوضوء كما أمر الله وحكاية الاجماع موهونة بوجود الخلاف كما صرح به جماعة وبعدم
دلالته على الوجوب بمعنى ترتب الاثم واستدلاله بكون الامر للفور الظاهر في إرادة الاثم بالتخير معارض باستدلاله بالشك في الصحة مع عدم
الموالاة الظاهر في إرادة الوجوب الشرطي مع أن الثاني أظهر واما الاستدلال بكون الامر بايقاع أفعال الوضوء مفيدا للفور فلم أتحقق وجهه ولو
بعد تسليم اقتضاء الامر للفور فان الفورية بالنسبة إلى الفعل الأول وهو غسل الوجه مخالف للاجماع ولا يفيد المطلوب واما الا يدي فهى معطوفة
على الوجه فإذا لم يكن الامر بالغسل في المعطوف عليه للفور فكيف يفيده في المعطوف كما يظهر من قولك اضرب زيدا وعمرو أو (اعلم) ان هنا قولا اختص به
الشهيد في الدروس قال لو فرق ولم يجف فلا اثم ولا ابطال الا ان يفحش التراخي فيأثم انتهى ولم أعثر على وجه له ويمكن ان يكون قائلا بالاثم في ترك
المتابعة الا ان التفريق الغير المتفاحش غير قادح عنده في صدق المتابعة ولا ينافي ذلك اختياره في ذلك الكتاب كالذي ان الموالاة مراعاة الجفاف
لاحتمال كون المتابعة أمرا اخرا واجبا غير الموالاة ثبت وجوبه بمثل قوله (ع) اتبع وضوئك بعضه بعضا وكيف كان فقد عرفت ان الأقوى عدم الاثم لا
بترك المتابعة ولا بترك الموالاة بمعنى عدم الجفاف نعم لو جف بالتفريق فربما يتحقق الاثم من جهة النهى عن ابطال العمل بناء على القول بعموم النهى
عنه في جميع الأعمال الا اخرج وعليه فلا فرق بين الوضوء الواجب والمندوب لكن المبنى المذكور ممنوع كما حرز في موضعه وعلى القول بالاثم بالتفريق
لو فرق في الوضوء المتقرب فان أتم الوضوء اثم بالتفريق وان رفع اليد عنه حتى حصل الجفاف فلا اثم بناء على منع حرمة ابطال مطلق العمل ويحتمل
الاثم مع البناء على الاتمام وان بدا له في تركه بقى هنا شئ وهو ان كثيرا ممن حكى لنا كلامه بل الأصحاب بأسرهم كما هو ظاهر الذكرى قد قيدوا عدم
الجفاف بصورة اعتدال الهواء واستظهرنا تبعا للمحقق الخونساري وولده جمال الدين من هذا التقييد انه تقدير لمقدار زمان التفريق وان تأخير
الجفاف في الهواء الرطب مما لا ينفع كما أن تعجيل في الهواء الحار لا يضر لكن صرح في الذكرى بان هذا القيد للاحتراز عن افراطه في الحرارة وانه لو بقى
البلل في الهواء المفرط في الرطوبة والبرد كفى في صحة الوضوء وكذا لو أسبغ وضوئه بماء كثير فبقى البلل وتبعه غيره فصرح بان المعتبر في الجفاف الحسى لا التقديري
ولابد من ذكر كلمات المتعرضين لهذا القيد قال في المبسوط وان انقطع عنه الماء انتظره فإذا وصل إليه وكان ما غسله عليه نداوة صح وبنى عليه الوضوء
وان لم يبق عليه نداوة مع اعتدال الهواء أعاد الوضوء من أوله انتهى وهو صريح في أن القيد للاحتراز عن الافراط في الحرارة ان عدم
البقاء مع افراط البرودة أولي بالابطال وايجاب الإعادة وفى المهذب وان ترك الموالاة حتى يجف المتقدم لم يجزه اللهم الا ان يكون الحر
شديدا والريح يجف منه العضو المتقدم انتهى وفى التحرير لو فرق لعذر لم يعد الا مع الجفاف في الهواء المعتدل ولو جف لعذر جاز
البناء ولا يجوز استيناف ماء جديد وقال في السرائر حد الموالاة على الصحيح من أقوال أصحابنا المحصلين هو ان لا يجف غسل العضو المقدم في
الهواء المعتدل ولا يجوز التفريق بين الوضوء بمقدار ما يجف غسل العضو الذي انتهى إليه وقطع الموالاة منه في الهواء المعتدل انتهى و
فحوى هذا الكلام أولوية ابطال الجفاف في الهواء المفرط في البرودة فتعين ان يكون الاحتراز عن الجفاف الحاصل مع افراط الحرارة فقط
فالقيد راجع إلى الجفاف المنفى الجفاف ليكون عمده المقيد باعتدال الهواء شرطا حتى يكون انتفاء هذا العدم المقيد تارة بالجفاف المقيد
بالاعتدال واخرى بعدمه مع عدم الاعتدال إما لفرط الحرارة واما لفرط البرودة وقال في المراسم الموالاة واجبة وهي ان تغسل اليدين
135

والوجه رطب وتمسح الرأس والرجلين واليدان رطبتان في الهواء المعتدل انتهى والقيد الأخير راجع إلى تقييد غسل كل عضو برطوبة ما قبله
فيسقط هذا التقييد مع عدم الاعتدال فيخرج افراط الحرارة لا مقابله كما تقدم وعن الجعفي من فرق في وضوئه حتى يبس اعاده انتهى
وظاهر هذه العبارات كلها اعتبار الجفاف الفعلي دون مقداره نعم ربما يوهم ظاهر جملة من العبارات التقدير بمقدار زمان الجفاف في الهواء
المعتدل فلا عبرة بالجفاف قبله ولا ينفع عدمه بعده قال السيد في الناصريات ومن فرق بمقدار ما يجف معه غسل العضو الذي انتهى إليه وقطع منه
الموالاة في الهواء المعتدل وجب عليه إعادة الوضوء انتهى وقال السيد أبو المكارم قده في الغنية في الموالاة هي ان لا يؤخر غسل الأعضاء
بمقدار ما يجف ما تقدم في الهواء المعتدل انتهى وقال في الكامل هي متابعة بعض الأعضاء ببعض فلا يؤخر المؤخر عما يتقدم بمقدار ما يجفى المتقدم
في الزمان المعتدل انتهى وربما يوهم ظاهر هذه العبارات الثلاث تحديد التفريق المبطل بمقدار حصول الجفاف في الهواء المعتدل فيقدر ذلك في افراط
الحرارة والبرودة الا ان التأمل فيها يقضى بعدم ظهورها في المقدار النوعي الجفاف في الهواء المعتدل وهو الزمان الموازى لزمان الجفاف
بل يحتمل قريبا إرادة نفس الزمان الشخصي للجفاف فهو في قوة ان يقال إن لا يؤخر إلى أن يجف كما صرح بذلك في العباير المتقدمة فالانصاف ان العبارة
قابلة للامرين لا ظاهرة في المقدار النوعي ويشهد لما ذكرنا ملاحظة النظائر العرفية لهذا الكلام مثل قولك جلست عند زيدا واجلس عنده
بمقدار ان يصلى الظهر ويشهد لما ذكرنا تعبير السرائر في ذيل كلامه بالمقدار مع أن صدره كما عرفت كالصريح في اعتبار الجفاف الفعلي وكذلك ملاحظة
عبارة القاضي في المهذب والكامل وعلى ما ذكرنا من مفاد الكلمات المذكورة فهى ساكتة عن حكم التفريق مع افراط حرارة الهواء ومع قلة (الماء) أو
حرارة البدن أو بطؤ الاستعمال أو تجفيف البدن فلا يظهر منها الا حكم الجفاف بالتفريق مع اعتدال الهواء وحكم الجفاف بدون التفريق مع افراط
حرارته ولو مع اعتدال الهواء بقى الكلام في أن تلك العبارات مع ظهورها في اعتبار الجفاف الفعلي وعدم التقدير في الهواء المفرط في الرطوبة
ظاهرة في أن التفريق الموجف للجفاف والتأخير في الهواء المفرط في الحرارة غير مضر خصوصا عبارات المبسوط والمهذب والتحرير حيث فرض التقييد
بالاعتدال فيها في صورة التفريق وترك الموالاة مضافا إلى ظهور ذيل عبارة التحرير في أنه حد مرخص في البناء مع الجفاف ولا يرخص في تجديد
الماء للمسح وهذا لا يكون الا مع التمكن من ابقاء بلل الوضوء بالمتابعة أو باكثار الماء أو بالذهاب إلى مكان معتدل واحتمال سقوط المسح رأسا في
غاية السقوط نعم المحكي عن بعض النسخ يجوز بدون لا وكيف كان فلم يتعرض هؤلاء المجوزون للتفريق الموجب للجفاف مع افراط الحرارة لمقدار
الرخصة في التفريق في هذا الفرض فلابد إما من ترخيص التفريق في الهواء الحار مطلقا أو تقدير ذلك بمقدار الجفاف في الهواء المعتدل مع أنهم كما
عرفت مما استظهرناه من عبائرهم لم يبرموا بالتقدير في افراط الرطوبة فيرد عليهم سؤال الفرق نعم على ما استظهره شارح الدروس ومن تبعه منهم
جمال الدين من ظهور كلامهم في التقدير في صورتي الافراط لا يرد عليهم شئ لكنك عرفت ظهور كلماتهم في عدم تقدير الجفاف في افراط الرطوبة
وسكوتهم عن حكم مقدار التفريق الذي رخصوه في ظاهر كلماتهم في افراط الحرارة نعم صرح جماعة ممن تأخر عن العلامة كالشهيدين في الألفية و
شرحها والمحقق الثاني في الجعفرية وشارحها ان التفريق الموجب للجفاف مبطل حتى مع عدم الاعتدال بان فرض تفريق يسير أوجب الجفاف لافراط
الحرارة وانه يسقط اشتراط الموالاة الا في صورة تعذر ابقاء البلل قال في الألفية في تفسير الموالاة المعتبرة في الوضوء هي متابعة الافعال بحيث
لا يجف السابق الا مع التعذر كشدة الحر وقلة الماء قال الشارح في المقاصد العلية أي مع اجتماعهما معا فيسقط اعتبار ذلك انتهى وقال
في الجعفرية في تفسير الموالاة المعتبرة وهي ان تكمل الطهارة قبل جفاف ما تقدم ومع التعذر لشدة الحر وقلة الماء قيل بالسقوط وليس ببعيد و
حكى الشارح قولا اخرا بوجوب التيمم وضعفه فان ظاهر المتن ان سقوط اعتبار الموالاة انما هو في الصورة
التي اختلف فيها بين المسح بماء
جديد وبين التيمم وانه لا يسقط اعتبارها في مقام لا يحتاج معه إلى تجديد الماء بل ظاهر عبارة العلامة في التحرير ذلك أيضا وان استظهرنا
من صدرها خلافه بناء على اسقاط حرف النفي عن قوله يجوز كما تقدم فإنه يكون قوله ولو جف الصريح في صورة تعذر ابقاء البلل بيانا لما
احترز عنه بقيد الهواء المعتدل وظاهره ان جواز البناء انما هو في هذه الصورة ومن هنا يمكن استظهار ذلك من عبارة المعتبر أيضا حيث قال
بعد اطلاق الحكم بابطال الجفاف فرع لو جف ماء الوضوء من الحر المفرط والهواء المحترق جاز البناء واستيناف الماء الجديد دفعا للحرج انتهى
ونحوها عبارة المنتهى فان تعلق جواز البناء على الجفاف الحاصل من الحر ربما يستظهر منه عدم جوازه لو كان الجفاف بمدخلية التفريق
وبالجملة فالظاهر عدم مخالفة باقي الأصحاب الشهيد ومن تبعه وكيف كان فالمتبع هو الدليل وقد عرفت عدم الدليل على البطلان بالجفاف
مع الموالاة ولا فرق في ذلك بين حصوله اختيارا بتجفيف أو تقليل ماء وبين حصوله لضرورة واولى بعدم الفتح ما لو وقع على العضو
الممسوح أو المغسول ماء استهلك معه رطوبة الوضوء نعم على مذهب الشهيد ومن تبعه يحتمل الحاقه بالجفاف تنزيلا لاستهلاكه منزلة عدمه و
الأقوى العدم ولهذا اتفقوا على أن الغسلة الثالثة لا تبطل الوضوء لو لم يمسح برطوبتها وهل العبرة بعد الاستهلاك بجفاف تمام الرطوبة
136

نظر إلى بقاء الرطوبة الأصلية معها ما دامت باقية أو يقدر زمانه بما لو لم يطرء عليه هذه الرطوبة قطع بالثاني بعض متأخر المتأخرين
وفيه نظر ثم إن ظاهر الأكثر ان القادح هو جفاف جميع ما تقدم لاستصحاب الصحة ولعدم حصول التبعيض بالمذكور الا بذلك ولأنه الظاهر
من قوله (ع) في الرواية المتقدمة حتى يبس وضوئك وقد يستدل تبعا للمعتبر والمنتهى بما دل من النص والاجماع على الاخذ من اللحية والحواجب
والأشفار إذا نسى المسح ويمكن ان يقال إن تخصيصها بالذكر لأجل قابليتها للاخذ منها بخلاف البلل الكائن على باقي الأعضاء فإنها وان بلت
لكنها غالبا لا تقبل للاخذ منها ويؤيد ذلك أنه قد ذكر اللحية والحواجب من اعتبر بلل خصوص العضو السابق على العضو المنقطع عليه كالحلي فإنه
قال في السرائر فإن لم يكن في يده أي ناسي المسح بلة اخذ من حاجبه أو لحيته أو أشفار عينه إن كان في ذلك نداوة انتهى ولا يخفى ان ظاهر العبارة جفاف
اليد وهو مبطل عند الحلى تبعا للسيد كما عرفت من السرائر والناصريات وحكى عن المراسم والمهذب والإشارة والمحكى عن الإسكافي اعتبار وجود
البلل على مجموع الأعضاء ولعله لصدق تبعض الوضوء عند جفاف بعض الأعضاء وفيه ما لا يخفى وعلى المختار فيكفي بلل الغسل المستحب إذا لم يكن
استحبابه من جهة التسامح في أدلة السنن وبالجملة فكل بلل يجوز المسح به يكفي بقاؤه في الموالاة وقد يكفي في الموالاة ما لا يجوز المسح كما إذا انصب على يده اليمنى ماء أجنبي استهلكت رطوبتها فان بقاء هذه الرطوبة كان في الموالاة ولا يجوز المسح بها كما إذا
اغترف باليمنى غرفة لغسل اليسرى المستحب فجف ما عدا الكف المغترفة لهذا الغسل فإنه كاف في البلل لكن لا يجوز المسح به لو فرض اليداله في
الغسلة المستحبة فتركها وكيف كان فلا اشكال في رجحان الموالاة بمعنى المتابعة لرجحان المبادرة والمسارعة إلى الطاعة واما رجحانها بمعنى
كونها من مستحبات الوضوء فلا دليل عليه الا الوضوءات البيانية بناء على رجحان التأسي فيما لا يعلم وجهه خصوصا أو عموما من حيث وقوعه بيانا
لمجمل وفى دلالتها على المدعى نظر الاحتمال كون المتابعة فيها من باب جريان العادة بذلك في الفعل البياني في مقام التعليم مع أنه لا يثبت الا ما هو المتيقن من رجحان
المتابعة نفسا لا كونه من مستحبات الوضوء ومن هذا يعلم أنه لو نذر الموالاة بمعنى المتابعة وعدم التفريق على القول بعدم اشتراطه في الصحة إذا
لم يحصل الجفاف في وضوء معين فقد نذر مستحبا مستقلا في عبادة لا يوجب خثه الا الكفارة ولم يتعلق نذره بالفرد المستحب من العبادة
حتى يمكن ان يدعى ان المستحب الغيري صار بالنذر واجبا غيريا فيقدح الاخلال به في صحة الوضوء مع أنه لو فرض صيرورته واجبا غيريا بالنذر
كما لو صرح بنذر الوضوء المتصف بالتوالي لم يلزم من بطلان هذا الوضوء المقيد بالموالاة بمعنى عدم مطابقته للمأمور به بالامر النذري
بطلان الوضوء بمعنى مخالفته للمأمور به بالامر الأصلي المتعلق بالوضوء لان الامر الأصلي والامر النذري ليسا من قبيل المطلق والمقيد والظاهر أنه
لا فرق بين ان يقصد بفعله الاتيان بالمنذور أو لا يقصد مع تعين الموالاة عليه في ذلك الوضوء أو في ذلك الوقت ولنذرك بعض كلمات
الأصحاب التي هي بين ترجيح الصحة والتردد وترجيح بطلانه وتفصيل بين نذر الموالاة ونذر الوضوء الموالى فيه قال في القواعد ونذر الوضوء
مواليا فأخل بها فالأقرب الصحة والكفارة انتهى وفى الايضاح احتمل صحة الوضوء لان المنذور يشترط فيه ما يشترط في الواجب والموالات ليست
شرطا في صحة الواجب بل واجبة فيه فيصح الوضوء قال ويحتمل عدم الصحة لان الصحة المشترطة في النذر لم يحصل فيبطل لان فائدة الشرط ذلك
ولأنه لم يأت بالمنذور وقد نواه فيبطل فان قلنا بالبطلان والوقت باق أعاد ولا كفارة وان قلنا بالصحة وجب الكفارة وان خرج الوقت وجب
الكفارة سواء قلنا بالبطلان أو الصحة انتهى وقال في الذكرى فيما لو نذر المتابعة في الوضوء فأخل بها ولم يجف ان في الصحة وجهين مبنيين على
اعتبار حال الفعل واصله فعلى الأول لا يصح وعلى الثاني يصح إما الكفارة فلازمة مع تشخص الزمان قطعا لتحقق المخالفة وهذا يطرد في
كل مستحب وجب لعارض انتهى وعن جامع المقاصد البطلان استنادا إلى عدم المطابقة لان المعتبر في صحة النذر هو وحاله الذي اقتضاه النذر فما نواه
لم يقع وما وقع لم ينوه وعن المدارك لو نذر التتابع فيه واخل بها صح لان النذر أمر خارج عن حقيقته كما لو نذر القنوت في الصلاة والقول
بالبطلان ضعيف إما لو كان المنذور هو الوضوء المتتابع فيه اتجه البطلان لعدم المطابقة انتهى وفيه ان المطابقة بين المأتي به والمأمور به
بأوامر الوضوء حاصلة وقصد الاتيان بالمنذور لا ينافي قصد الاتيان بالمأمور به الأصلي كما لا يخفى وعدم
قصد المنذور أيضا لا يضر بالمأتى به
وان قلنا إن الامر بالشئ يقتضى النهى عن ضده الخاص لان فوات الموالاة يوجب فوات الوضوء المنذور إذا فرض تعين زمانه فيتم الوضوء بقصد
امتثال الامر الأصلي به ولا يقدح لو قصد امتثال الوضوء المنذور في أول العمل لأنه مشتمل على قصد الامر الأصلي أيضا فافهم والله العالم
المسألة
{الثالثة الفرض في الغسلات} غسل كل عضو تمامه (مرة واحدة) ولو بغرفات متعددة بلا خلاف ولا اشكال للكتاب والسنة المتواترة معنى
(و) إما المرة الثانية فالمشهور بل المجمع عليه كما عن جماعة انها (سنة) لقوله (ع) الوضوء مثنى مثنى ومن زاد لو يوجر بناء على إرادة المشروعية لعدم
وجوب الثانية اجماعا وقوله (ع) فرض الله الوضوء واحدة واحدة ووضع رسول الله صلى الله عليه وآله اثنين اثنين وقوله (ع) لا عجب ممن يرغبان يتوضأ اثنين
اثنين وقد توضأ رسول الله صلى الله عليه وآله اثنين اثنين وقول أبى الحسن الرضا (ع) ان الوضوء مرة فريضة واثنتان اسباغ وخبر داود
الرقي في المحكي في الوسائل عن الكشي بسنده عن داود الزربي قال قلت لأبي عبد الله (ع) جعلت فداك كم عدة الطهارة فقال (ع) إما
137

ما أوجب الله تعالى فواحدة وأضاف رسول الله صلى الله عليه وآله واحدة لضعف الناس ومن توضأ ثلاثا فلا صلاة له انا معه في دار حتى جاء
داود بن زربي فسئله عن عدة الطهارة فقال ثلاثا ثلاثا من نقص فلا صلاة قال فارتعدت فرايضي وكاد ان يدخلني الشيطان فأبصر بي أبو
عبد الله (ع) وقد تغير لوني فقال أسكن يا داود هذا هو الكفر أو ضرب الأعناق قال فخرجنا من عنده قال وكان داود بن زربي إلى جوار
بستان أبى جعفر المنصور وكان قد القى إليه أمر داود بن زربي وانه رافضي يختلف إلى جعفر بن محمد (ع) فقال المنصور انى مطلع على طهارته
فان توضأ وضوء جعفر بن محمد (ع) فانى اعرف طهارته حققت عليه القول وقتلته فاطلع وداود بن زربي يتهيأ للصلاة من حيث لا يراه فاسبغ
الوضوء ثلثا ثلثا كما امره جعفر بن محمد (ع) فما أتم وضوئه بعث إليه المنصور فدعاه قال داود فلما ان دخلت رحب في وقال قيل فيك شئ باطل وما
أنت كذلك قد اطلعت على طهارتك وليس طهارتك طهارة الرافضة فاجعلني في حل وامر له بمائة ألف درهم قال داود الرقي فالتقيت انا وداود بن
زربي أبى عبد الله (ع) فقال داود بن زربي جعلت فداك حقنت دمائنا في دار الدنيا ونرجو ان ندخل بيمنك وبركتك الجنة فقال أبو
عبد الله صلوات الله وصلوات جميع خلقه عليه وعلى ابائه الطاهرين وأولاده المعصومين ولعنات الله ولعنات جميع خلقه على أعدائهم والشاكين
فيهم أجمعين إلى يوم الدين فعل الله ذلك بك وباخوانك من جميع المؤمنين ثم قال (ع) حدث داود الرقي بما مر عليكم حتى تسكن روعته قال فحدثته
بالامر كله فقال أبو عبد الله (ع) بهذا افتيته لأنه أشرف على القتل ثم قال يا داود بن زربي توضأ مثنى مثنى ولا تزدن عليه فان زدت فلا
صلاة لك الحديث وقوله (ع) من نقص فلا صلاة أراد به الزام التثليث على ابن زربي حتى يداوم عليه ولا يهمله وان لم يجب التثليث عند العامة أيضا
في ذلك الزمان ونظير ذلك في الزام ما ليس بلازم عندهم اتقاء ما في الوسائل عن ارشاد المفيد من حكاية أمر أبى الحسن (ع) علي بن يقطين
في مكاتبته حيث كتب ان الوضوء الذي امرك به ان تمضمض ثلاثا وتستنشق ثلاثا وتغسل وجهك ثلاثا وتخلل شعر لحيتك وتغسل يديك إلى المرفقين ثلاثا وتمسح
رأسك كله وتمسح ظاهر اذنيك وباطنهما وتغسل رجليك إلى الكعبين ولا تخالف ذلك إلى غيره فلما دخل الكتاب إلى علي بن يقطين تعجب بما رسم
له أبو الحسن (ع) مما جمع العصابة على خلافه ثم قال مولاي اعلم بما قال وانا امتثل امره فكان يعمل في وضوئه على هذا الحد ويخالف جميع الشيعة
امتثالا لأمر أبى الحسن (ع) وقد سعى لعلي بن يقطين إلى الرشيد وقيل إنه رافضي فامتحنه الرشيد من حيث لا يشعر فلما نظر إلى وضوئه ناداه
كذب يا علي بن يقطين من زعم انك من الرافضة وصلحت حاله عنده وورد عليه كتاب أبى الحسن (ع) ابتدأ الان يا علي بن يقطين توضأ كما
امرك الله تعالى اغسل وجهك مرة فريضة واخرى اسباغا واغسل يديك من المرفقين كذلك وامسح بمقدم رأسك وظاهر قدميك من فضل
نداوة وضوئك فقد زال ما كنا نخاف منه عليك الحديث وانما نقلنا الحديثين بطولهما تيمنا وهو المرجو من كل ناقل وفى التوقيع الوارد إلى
العريضي الوضوء كما امرته غسل الوجه واليدين ومسح الرأس والرجلين واحد واثنان اسباغ الوضوء وان زاد اثم إلى غير ذلك مما نعثر عليها
في تضاعيف الاخبار وكثرتها مع اعتضادها بما عرفت مع صحة بعضها يغنى عن الالتفات إلى التسامح في أدلة السنن ليرد عليه قيام احتمال
عدم الاستحباب الموجب لاستهلاك ماء الوضوء فيفسد المسح به نظير ما سيأتي في الغسلة الثالثة خلافا للمحكى عن البزنطي والكليني والصدوق
من الحكم بعدم الاستحباب ووافقهم بعض متأخري المتأخرين ككاشف اللثام وغيره للوضوءات البيانية خصوصا بملاحظة وضوء أمير المؤمنين
صلوات الله عليه وقول أبى عبد الله (ع) والله ما كان وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله الا مرة مرة وما كان وضوء علي (ع) الامرة وما بين
فيه أفعال الوضوء قولا مثل قول أمير المؤمنين (ع) انظر إلى وضوئك فإنه من تمام صلاتك تمضمض ثلاثا أو استنشق ثلاثا إلى اخره وما في بعضها
من قوله (ع) بعد الفراغ عن الوضوء هذا وضوء من لم يحدث حدثا يعنى به التعدي في الوضوء وقوله (ع) من تعدى في الوضوء كان كناقضه وعن
نوادر البزنطي عن عبد الكريم بن عمرو عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع) قال اعلم أن الفضل في واحدة ومن زاد على اثنين لم يوجر ورواية
ميسرة عن أبي جعفر (ع) ان الوضوء واحدة واحدة وأرسل الصدوق عن الصادق (ع) ان من توضأ مرتين لو يوجر وأرسل أيضا ان الوضوء
مرة فريضة والثانية لا توجر والثالثة بدعة إلى غير ذلك من الاخبار ويمكن الجمع بان الثابت هو استحباب المرة الثانية بقصد الاسباغ
والمبالغة في استيعاب الماء لتمام العضو ليكون الغسلتان غسلة تامة سابغة والمنفى غسلة مستقلة في مقابل الغسلة
الأولى واما ما تضمن
الأجزاء والحلف على توحيد الغسلات في وضوء النبي والوصي صلوات الله عليهما والهما فلعله في مقابل العامة القائلين بالتثليث أو بالتثنية على
وجه الاستقلال واما مداومتها على التوحيد فلانهما معصومان من أن يغفلا عن بعض الوضوء في الغسلة الأولى فلا يحتاجان إلى الاسباغ
ويرشد إلى ما ذكرنا قوله (ع) أضاف إليها رسول الله صلى الله عليه وآله مرة لضعف الناس على أن يكون المراد قصورهم عن الاسباغ في المرة
الأولى واما الوضوءات البيانية فمع خلوها عن كثير من المستحبات ليست الا في مقام تعليم كيفية الافعال لا كميتها فتأمل ويمكن ان يراد باخبار
التثنية تثنية الغرفة لا بمعنى تعاقب الغرفتين ثم الشروع في الغسل حتى ينافيه ظواهر أكثر الاخبار بل صب غرفة واستعمالها على وجه الاسباغ
138

فإذا قل جريانه صب غرفة أخرى فيحصل الاسباغ بالمجموع لا بخصوص الأخيرة مع تحقق أقل الغسل الواجب بالأولى يرشد إليه قول زرارة
وبكير في الصحيحة الحاكية لوضوء رسول الله صلى الله عليه وآله قلنا له أصلحك الله فالغرفة الواحدة تجزى للوجه وغرفة للذراع قال نعم إذا بالغت فيها
والثنتان ثابتان على ذلك كله واما قوله (ع) ان الفضل في واحدة فيحتمل ان يراد الواحدة الزايدة على الفرض بقرينة قوله ومن زاد على اثنين لم
يوجر إذ لو انحصر الفضل في الواحدة المفروضة كان غير المأجور من زاد على الواحدة لا الثنتين بل كان من زاد على الواحدة ما زود الان المفروض عدم
استحباب الزايد فيكون فعله على أنه من أفعال الوضوء تشريعا محرما ولذا استدل بذلك في المعتبر على كون الثلاثة بدعة بل يبطل المسح بمائه على
ما اخترناه سابقا ومن هنا صح نسبة القول بالتحريم إلى كل من أنكر الاستحباب كما يظهر من الحلى حيث قال في السرائر بعد دعوى الاجماع على الاستحباب
ولا يعتد بخلاف من خالف الأصحاب بأنه لا يجوز الثانية الا ان الظاهر من ثقة الاسلام خلاف ذلك حيث قال بعد ذكر الرواية المتضمنة لقوله (ع)
ما كان وضوء علي (ع) الا مرة مرة ما لفظه هذا دليل على أن الوضوء مرة لأنه (ع) كان إذا ورد عليه أمرا ان كلاهما طاعة الله اخذ
بأحوطهما وأشدهما على بدنه وان الذي جاء عنهم (ع) ان الوضوء مرتان لمن لم يقنعه مرة واستزاده فقال مرتان ثم قال ومن زاد على مرتين
لم يوجر وهذا غاية الحد في الوضوء الذي من تجاوزه اثم ولم يكن له وضوء وكان كمن صلى الظهر خمس ركعات ولو لم يطلق في المرتين كان سبيلها سبيل
الثلاث انتهى فيصير الأقوال في المسألة ثلاثة كما هو صريح المحكي عن الخلاف حيث قال الفرض في الغسلات مرة واحدة والثانية سنة والثالثة بدعة وفى
أصحابنا من قال الثانية بدعة وليس بمعول عليه ومنهم من قال إن الثانية تكلف ولم يقل بأنها بدعة والصحيح الأول انتهى لكن إذا بنى على تغاير
الكلفة والبدعة كما هو صريح مرسلة ابن أبي عمير وجماعة فيزيد الأقوال فعن الأمالي في وصف دين الإمامية رضوان الله عليهم أجمعين ان
الوضوء مرة مرة ومن توضأ مرتين فهو جائز الا انه لا يوجر عليه انتهى وعن المقنعة التثليث تكلف ومن زاد على ثلاث فقد أبدع وكان
ما زورا انتهى وعن العماني ان تعدا المرتين لم يوجر وعن الإسكافي ان الثالثة زيادة غير محتاج إليها وعن المصباح الشيخ ان ما زاد على
الاثنين تكلف غير مجز انتهى ويمكن الفرق بين الكلفة والبدعة ان المأمور به طبيعة الغسل المتحققة بالمرة والمرتين نظير سائر المهياب التدريجية
المخير فيها بين الأقل والأكثر والثالثة أو الرابعة على اختلاف القولين زايد على المشروع فيكون بدعة ويحتمل اخبار التثنية على بيان حد
الجواز ودفع توهم استحباب التثليث أو جوازه على أن يكون الثلاثة فردا من المأمور به وحينئذ فيكون مرجع الأقوال إلى أن الواجب أقل افراد
الغسل الحاصل بالمرة الأولى ولم يشرع الزايد فيكون غير مشروع محرما وهو القول بحرمة الثانية أو مشروع على وجه الاستحباب وهو قول.
المشهور أو ان الواجب القدر المشترك بين المرة والمرتين فيكون الثانية جزءا من الواجب غير ما جور عليه بالخصوص بل الاجر على الطبيعة
المتحققة في ضمنها وهو قول من قال إن الثانية تكلف أو جايز غير مأجور عليه أو انه القدر المشترك بين المرة والمرتين والثلاث والزايد
غير مشروع فيكون محرما وهو قول المفيد والإسكافي والعماني لكن قد ذكرنا في الأصول الاشكال في اتصاف الزايد على المرة بالوجوب في الأمور
التدريجية الغير المتصلة بحيث يعد الزايد فراد واحدا كالناقص نظير القراءة والمشي والتكلم خصوصا إذا لم يتصف الفرد الأكثر بالاستحباب
نعم اختلفوا فيما إذا كان الأكثر أفضل الفردين في اتصاف الزايد بالوجوب أو الاستحباب مع أن الأقوى في مثل المقام عدم اتصافه الا بالاستحباب
وكيف كان فالأحوط عدم تكرار الغسلة الثانية وتحصيل الاسباغ المستحب قطعا إما بغرفة واحدة واما بغسلتين ناقصتين والله العالم كما أن
الأحوط بل المتعين ترك (الثالثة) فإنها (بدعة) على المشهور بل عندنا كما عن المبسوط ويدل عليه مضافا إلى أصالة عدم المشروعية فيكون فعلها بقصد
المشروعية بدعة قوله (ع) فيما تقدم من توقيع العروضي وان زاد اثم وقوله (ع) في مرسلة ابن أبي عمير المتقدمة بل مقتضى غير واحد من
الاخبار كظاهر عن الحلبي بطلان الوضوء به بل قوله (ع) في صدر رواية داود الرقي المتقدمة من توضأ ثلاثا فلا صلاة له وقوله في ذيلها فان
زدت فلا صلاة لك وقوله (ع) من تعدى في الوضوء كان كناقضه بالضاد المعجمة أو الصاد المهملة وهي محمولة على ما إذا مسح برطوبتها كما هو داب
المداومين عليها بل مجرد قصد الاتيان بها على انها من الوضوء قصد لاتيان غير ما أمر به فلا يقع الوضوء من أول الأمر الا باطلا فان من اعتقد
غير المأمور به فنواه امتثالا للمأمور به غير معذور في ذلك إذا كان مقصرا نعم لو كان قاصرا والمفروض اتيان جميع الأجزاء السابقة
امتثالا للامر المتعلق بالوضوء أمكن القول بعدم الفساد إلى أن يغسل اليسرى ثالثة فيبطل لتعذر المسح ببلل الوضوء على ما تقدم مع أن في الصحة
هنا أيضا شكا فتأمل ونظير ذلك ما لو نوى بالغسلة الثانية الوجوب بناء على أن نية الخلاف توجب بطلان الفعل فيكون غسلا أجنبيا عن الوضوء وعن
المنتهى والمدارك الفرق بين الامرين وعدم البطلان بالمسح ببلل الثانية المنوي بها الوجوب لعدم خروجه بذلك عن ماء الوضوء بخلاف الثالثة (و)
كيف كان فلا ريب في أنه (ليس في المسح تكرار) بلا خلاف عندنا لا وجوبا ولا استحبابا ويكفى فيه بعد الاجماع الأصل فان كرر بقصد المشروعية فلا يبطل
الا إذا ابتل اليد الماسحة ببلل الممسوح ومنعنا من المسح ولو نوى التكرار مشروعا من أول الأمر جاء فيه ما تقدم في قصد جزئية الغسل والله العالم
139

المسألة (الرابعة لا) اشكال في أنه (يجزى) من الماء (في الغسل) الواجب في الوضوء (ما) يسمى في العرف غسلا وفاعله غاسلا ولا يعتبر
انفصال بعض الماء المغسول به كما يعتبر في غسل النجاسات بل يجزى ولو كان الماء (مثل الدهن) أو الفعل مثل الدهن بفتح الدال في كون المقصود
ايصال الماء إلى جميع العضو لإزالة وسخ من المغسول واذهابه عنه مع الماء المنفصل عنه كما هو الملحوظ في رفع الخبث والتشبيه بالدهن في عبارات
الأصحاب كالماتن في كتبه والعلامة قده في القواعد وغيرها تبعا للنصوص ففي صحيحة زرارة وابن مسلم ان الوضوء حد من حدود الله ليعلم
الله من يطيعه ومن يعصيه وان المؤمن لا ينجسه شئ وانما يكفيه مثل الدهن وفيها دلالة واضحة على ما ذكرنا من أن التشبيه بالدهن من حيث
كون المقصود ايصال الماء إلى الأعضاء لا اذهاب قذارة من المحل لغلبة الماء عليه ثم انفصاله عنه كما هو الملحوظ في رفع القذارات الشرعية
والعرفية وليس وجه الشبه كفاية مجرد الامساس سواء جرى أم لا وفى موثقة إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) ان عليا (ع)
كان يقول الغسل من الجنابة والوضوء يجزى منه ما أجزء من الدهن الذي يبل الجسد وموثقة زرارة في غسل الجنابة افض على رأسك
ثلاث اكف وعلى يمينك وعلى يسارك انما يكفيك مثل الدهن وبالجملة فالتشبيه بالدهن في النصوص والفتاوى يحتمل كونه من حيث القلة وكونه
من حيث إن الغرض من استعماله امساس البدن دون انفصاله عنه بوسخ ويحتمل من حيث كون الاستعمال فيه أعم من كونه على وجه التمسح أو الاجراء
وعلى الأولين فهو ساكت عن نفى اعتبار الجريان واثباته نعم هو على الثالثة ظاهر في نفى اعتباره لكنه خلاف النصوص والفتاوى فلا يرفع
به اليد عن أدلة الغسل من الكتاب والسنة خصوصا ما نص فيه على الجريان ومما ذكرنا يظهر انه لا تنافى بين هذه الأخبار وبين ما دل من
الكتاب والسنة على اعتبار تحقق الغسل بناء على أن المأخوذ فيه اجراء الماء على العضو كما صرح به غير واحد فلا داعي إلى التزام كفاية مثل الدهن
في مقابل أدلة الغسل فيكون قد اكتفى الشارع عن الغسل بما ليس غسلا مستشهدا على ذلك بما دل على كفاية مس الماء للجلد ومسحه به و
اصابته له مثل قوله (ع) في صحيحة زرارة في الوضوء إذا مس جلدك الماء فحسبك وصحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) اغتسل أبى من
الجنابة فقيل له قد أبقيت لمعة في ظهرك لم يصبها الماء فقال أبى (ع) ما كان عليك لو سكت ثم مسح تلك اللمعة بيده ولا يخفى ما في الالتزام
المذكور من التعسف والتأويل في أدلة وجوب الغسل في الوضوء والغسل بحملها على بيان الفرد الغالب من فردي الواجب التخييري أو الأفضل
منها وطرح ما ظاهره اعتبار الجريان مثل قوله (ع) في حسنة زرارة الجنب ما جرى عليه الماء من جسده قليله وكثيره فقد أجزأه وقوله (ع)
ما أحاط به الشعر فليس للعباد ان يبحثوا عنه ولكن يجرى عليه الماء وقوله في صحيحة ابن مسلم الواردة في الغسل ما جرى عليه الماء فقد طهر و
موثقة إسحاق بن عمار المتقدمة بناء على كون اجرى فيها بالراء المهملة كما يظهر من التذكرة وغيرها ومن هنا اشتهر اعتبار الجريان عند الأصحاب
حتى أن المحكي عن المجلسي في حاشية التهذيب ان ظاهر الأصحاب الاتفاق عليه وعن الشهيد الثاني في بعض تحقيقاته انه المعروف بين الفقهاء
سيما المتأخرين وعن كاشف اللثام انه كذلك في العرف واللغة ونحوه الحلبي في السرائر وأقل ما يجرى من الماء في الأعضاء المغسولة ما يكون به غاسلا
وإن كان مثل الدهن بفتح الدال بعد أن يكون جاريا على العضو والا فلا يجزى به لأنه يكون ما سحا وفى أصحابنا من اطلق الدهن من
غير تقييد للجريان وقيده بذلك في كتاب اخر له والصحيح تقييده لأنه موافق للبيان الذي انزل به القران ثم حكى عن السيد في الناصريات حمل
حمل اخبار الدهن على دهن يجرى على العضو نعم ربما يقال إن الظاهر المتبادر من الغسل في العرف معنى لا يصدق على مثل الدهن بل يعتبر فيه استيلاء الماء
على المحل وانفصال بعضه عنه فالغسل عندهم لا ينفك عن الغسلة فلا بد إما من التزام ما ذكر سابقا من كون الدهن مقابلا للغسل وقد عرفت
بعده عن ظواهر اعتبار الغسل والجريان واما من حمل ذلك على بيان الفرد الخفي للغسل بل قد يتردد في صدق الغسل على هذا الفرد من جهة
تبادر غيره المردد بين التبادر الوضعي والاطلاقي وكيف كان فالظاهر عدم اعتبار امرار اليد في الغسل لما دل على كفاية الوصول والجريان
والإصابة فيجوز الامرار في الوضوءات البيانية للعادة حيث إن استيعاب الغسل للعضو بالماء القليل لا يكون الا بالامرار مع أن في ثبوت
الوجوب بها اشكالا غمس الأعضاء في الماء نعم قد يستشكل من جهة المسح باليد المغموسة الا ان ينوى الغسل بالخروج أو بالدخول والخروج معا
والأحوط ترك غمس المقدار الذي يمسح به (ومن كان في يده خاتم أو سير) أو نحوهما مما لا يصل إليه الماء بمجرد الصب على العضو (فعليه ايصال الماء إلى
ما تحته) بأي نحو كان وتخصيص السير والخاتم بالذكر في بعض العبارات بيان للفرد الغالب أو الأسهل (وإن كان واسعا) يعلم وصول الماء
إلى ما تحته بدون التحريك وإن كان فرضا نادرا في الغسل المتعارف لم يجب العلاج لحصول الوصول وانما (استحب له تحريكه) للاستظهار ويمكن
ان يقال إنه ان لم يحصل القطع بالوصول وجب التحريك وان قطع به لم يبق محل للاحتياط الا استحباب الايصال بالتحريك لا استحباب التحريك
للايصال بعد العلم بالوصول وفائدته حينئذ ان يراد دفع الشك الواقع بعد ذلك الموجب لكلفة العود إن كان قبل الفراغ ولتزلزل النفس من حيث
الواقع إن كان بعده أو لدفع تبين عدم وصول الماء إليه الموجب لكلفة الإعادة ويدل على الاستحباب مضافا إلى ما
ذكر من الاستظهار
140

رواية الحسين بن أبي العلا عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن الخاتم إذا اغتسلت قال حوله من مكانه وقال في الوضوء تدبيره فان نسيت
حتى تقوم في الصلاة فلا امرك ان تعيد الصلاة إلى اخره. بحملها بقرينة نفى الإعادة على الخاتم الواسع ويمكن ان يكون نفى الإعادة من جهة كون
الشك بعد الفراغ لكن سيأتي انه لو كان شاكا فنسى ولم يلتفت ثم التفت بعد الفراغ لم يدخل في الشك بعد الفراغ الا ان يدعى دخوله
بهذه الرواية أو يحمل النسيان على عدم الالتفات إلى هذا الشك من أول الأمر وسيأتي تمام الكلام ثم إن المصنف لم يتعرض في صريح كلامه
لحكم الشك في وصول الماء إليه بدون التخليل وفى العمل على أصالة عدم الوصول أو على أصالة عدم كون الجسد محجوبا وجهان مبنيان على اعتبار
الأصل المثبت وعدمه وتفصيل صور الشك انه إما ان يتعلق بوجود الحاجب على جزء من محل الوضوء كما لو شك في وجوب شئ من القير أو الشمع
أو الوسخ الحاجب عليه واما ان يتعلق بحجب الشئ الموجود كما لو علم بلصوق وسخ أو جسم رقيق اخر ببدنه الا انه يشك في أن مثله يحجب الماء
ويمنعه عن النفوذ إلى البدن وقد يمثل له بالخاتم والسير المشكوك في سعة وضيقه ويرده انه من قبيل أولا لأن الشك ح O في اتصال أطراف
الخاتم ولصوقها بجميع ما يحاذيها من البدن وانفصال بعضها ومجرد وجود الحاجب مع الشك مع اتصاله ولصوقه لا يخرجه عن الشك في وجود
الحاجب لان مناط الشك في الصفة أو الموصوف ان يكون ما عدا المشكوك من الأمور التي لها دخل في الحجب معلوما فالشك في لصوق الخاتم
بجميع ما يحاذيه من البدن مع العلم يحجبه على تقدير اللصوق شك في وجود الحاجب على جزء من البدن الا ان يراد من وجود الحاجب لصوقه بالبدن
في الجملة فيكون الشك في وجوده بمعنى الشك في أصل لصوقه في الجملة كما لو شك ان بيده خاتما والشك في حجبه بمعنى الشك في لصوقه التام بجميع
أطرافه على جميع ما يحاذيها من البدن بل لو بنى على المداقة التامة في حصول اللصوق التام لو يوجد شك في الحجب لان كل جسم لصق بالمحل لصوقا
تاما يمنع عن تخلل جسم اخر بينها حتى الماء فهو مقطوع الحجب فمنشأ الشك في الحجب دائما الشك في اللصوق التام وكيف كان فالشك في كل من
الحجب والحاجب مشترك في كونه مجرى أصالة عدم احتجاب البدن بحاجب الا ان عدم احتجابه بحاجب لم ينفع في المطلوب الذي هو وصول الماء إلى البدن
ومسه للجسد لان العدم المستصحب لا يثبت به ما يلزمه من الأمور الغير الشرعية كوصول الماء وان ترتب على هذه الأمور احكام شرعية الا ان يقوم
الاجماع كما ادعاه بعض أو استقرار السيرة كما ادعاه اخر على عدم الاعتناء بالشك في وجود الحاجب بالمعنى الأخير المتقدم مثل الشك في أن بيده
خاتما أو يدعى ان أصالة العدم من الامارات المعتبرة من باب الظن النوعي فحالها حال سائر الامارات الكاشفة عن الواقع يثبت بها جميع ما يقارن
مجراها من اللوازم والمقارنات لا من باب التعبد بها ظاهرا حتى يقتصر فيها على ترتيب اللوازم الشرعية وتمام الكلام في ثبوت اعتبارها على هذا
الوجه في محله واما الاجماع فالحس القطعي بتحققه غير حاصل لعدم تعرض جل الأصحاب لهذا الفرع بالخصوص واشكل منه دعوى استقرار
السيرة على وجه يكون اجماعا عمليا كاشفا عن الواقع إذ الغالب عدم التفات الناس إلى احتمال وجود الحاجب أو اطمينانهم بعدمه على وجه لا
يعبأون بمجرد امكان وجوده مع أن دعوى الاجماع والسيرة في بعض افراد هذا الشك مثل الشك في وجود قلنسوة على الرأس أو جورب في الرجل
أو وجود لباس آخر على البدن أغلظ من ذلك مجازفة والفرق بين كون الحاجب المشكوك في وجوده رقيقا أو غليظا اقتراح والحوالة على موارد
السيرة فرار عن المطلب ويمكن ان يقال بان وصول الماء إلى البشرة وإن كان من اللوازم الغير الشرعية الا ان ما يترتب عليه من الحكم الشرعي
يعد في العرف من اللوازم والأحكام الشرعية لنفس خلو البدن عن المانع بحيث يلغى في العرف وساطة اللازم الغير الشرعي بين المستصحب و
ذلك الحكم الشرعي وقد بينا انه يثبت المستصحب الأحكام الشرعية المترتبة على اللوازم الغير الشرعية الثابتة له إذا عدت الاحكام في العرف من
احكام نفس المستصحب وعدم المداقة في توسط اللازم الغير الشرعي بينها نظير استصحاب رطوبة الملاقى للنجس فان الرطوبة لا يترتب علها النجاسة
بل هي من احكام تأثر الملاقى بالنجاسة وهو لازم غير شرعي للرطوبة الا انه ملغى في نظر العرف حتى أن الفقهاء يجعلون التنجس من احكام ملاقاة
الشئ للنجس مع رطوبة أحدهما لكن هذا أيضا لا يتم في جميع موارد هذا الشك وكيف كان فلا ينبغي الاشكال في عدم جواز البناء على هذا الأصل
في صورة كون الشك عرفا في نفس الحجب لعدم الاجماع ولا السيرة ولم يدعهما مدع فأصالة عدم وصول الماء المقتضية لوجوب التخليل والتحريك
سليمة عما يرد عليه ويؤيدها صدر صحيحة علي بن جعفر عن أخيه (ع) قال سئلته عن المرأة عليها السوار والدملج في بعض ذراعها لا يدرى يجرى
الماء تحته أم لا كيف تصنع إذا توضأت أو اغتسلت قال (ع) تحركه أو تنزعه حتى يدخل الماء تحته وعن الخاتم الضيق لا يدرى يجرى الماء تحته إذا توضأ أم لا كيف يصنع قال إذا علم أن الماء لا يدخله فليخرجه إذا توضأ الخبر وقد يعارض صدرها بذيلها من حيث إن مفهوم الذيل
ان مع عدم العلم لا يجب الاخراج وقد يجاب عن المعارضة بكون المنطوق أقوى دلالة مع أنه من قبيل المقيد والمفهوم من قبيل المطلق لشمول عدم
العلم بعدم الوصول لصورتي عدم العلم بالوصول والعلم به وفيه ان مورد السؤال في المنطوق صورة عدم العلم بالوصول فالمطلق بالنسبة إليها نص
غير قابل للتقييد بما عداه إذ يصير المنطوق والمفهوم كلاهما أجنبيا عن مورد السؤال كما لا يخفى ومن هنا يعلم عدم جواز الترجيح بكون الصدر منطوقا
لان المفهوم إذا جئ به لبيان الحكم في مورد السؤال فالجملة الشرطية نص في المفهوم لا ظاهر لعدم احتمال خلوها عنه فيكون في حكم المنطوق و
141

بالجملة فتعارض المنطوق والمفهومين المذكورين هنا من قبيل المتكافئين لا رجحان للمنطوق على المفهوم لا بالتقييد ولا بكونه منطوقا والسر
في ذلك كون الكلام نصا في مورد السؤال فلا يجرى عليه بالنسبة إليه في باب الترجيح حكم المطلق ولا حكم
المفهوم فالأوفق الجمع بينهما بحمل العلم
بعدم الدخول على العلم بعدم استمرار الدخول بجعل النفي الداخل على المضارع المشعر بالاستمرار راجعا إلى نفى الاستمرار لا إلى أصل الدخول
وحاصله انه إذا علم أنه ليس بحيث يدخله الماء دائما بمجرد الاجراء فليخرجه وهذا وإن كان خلاف الظاهر الا انه لا باس به في مقابل الصدر بل هذا
المعنى هو الظاهر بملاحظة ان إحالة الجواب عن موارد السؤال المفهوم وذكر المنطوق الأجنبي عنه في غاية البعد بل كان ينبغي ان يصرح بعدم وجوب
الاخراج في مورد السؤال فلا بد من حمل المنطوق على معنى ينطبق على مورد السؤال وهو الشك في وصول الماء تحت الخاتم من جهة انه قد يتفق الدخول
وقد لا يتفق فقال إذا علم أنه بحيث لا يدخله على وجه الاستمرار فليخرجه ومما ذكرنا يظهر انه لا يدور الامر بين مخالفة ظاهر النفي بحمله على نفس الاستمرار
وبين حمل الامر على الاستحباب وهو أولي فان الدليل بنفسه ظاهر في هذا المعنى مع أن الحمد على الاستحباب كأنه بعيد عن مساق السؤال لأن الظاهر من
قوله كيف يصنع ان السؤال عما يجب على المرأة حين الوضوء فالمناسب بيان نفى الوجوب لا بيان الاستحباب فافهم ولأجل ما ذكرنا استدل في الذكرى
بالصحيحة المذكورة ولم يلتفت إلى معارضة صدرها بذيلها ثم إن هذا كله في وجوب تحصيل اليقين بوصول الماء مع الشك فيه عند غسل
العوض واما الشك بعد الفراغ فسيجئ تفصيل القول فيه في مسألة الشك في أفعال الوضوء انشاء الله تعالى المسألة
{الخامسة}
(من كان على) بعض (أعضاء طهارته) المغسولة (جباير) جمع جبيرة وهي في الأصل الألواح المشدودة على العضو المكسور قال شارح الدروس والفقهاء
يطلقونها على ما يشدونه القروح والجروح أيضا أقول ولا يبعد ان يراد بها هنا الأعم منها ومن كل ما يجعل على المكسور أو المجروح أو المقروح
شدا ولطوخا أو ضماد أولم أعثر في الاخبار على استعمالها في غير الكسر فالتعدي عنه في موارد مخالفة الأصل يحتاج إلى تتبع دليل له وكيف كان (فان)
(امكنه) غسل محلها بأحد الوجوه مثل (نزعها أو تكرار غسلها) أو غمس العضو في الماء (حتى يصل البشرة) أو غير ذلك وحجب بلا اشكال ولا خلاف
في التخيير بين الوجوه وان أو هم ظاهر بعض العباير خلاف ذلك نعم قد يستشكل فيما إذا حصل من التكرار وصول البلل مع عدم تحقق الجريان
المعتبر في مفهوم الغسل ويضعفه ان ما تقدم في أول المسألة السابقة من أن اعتبار الجريان انما هو في مقابل ايصال البلل بمس اليد
الرطبة للمحل على نحو الوضع أو الا مرار والا فلا اشكال في صدق الغسل بمجرد استيلاء الماء على العضو من دون اجراء كما في الغمس أو وضع
قطرة من الماء على جزء من العضو بحيث لا يتحرك عنه ويؤيده الموثق فيمن انكسر ساعده ولا يقدر ان يحله لحال الجبر قال يضع اناء فيه ماء و
يضع موضع الجبر في الماء حتى يصل الماء إلى جلده وقد اجزاءه ذلك من غير أن يحله (والا) يقدر على غسل بشرة العضو المجبور (أجزأه المسح عليها) عن غسل
ما تحتها بلا خلاف لقوله (ع) في حسنة الحلبي عن الرجل يكون به القرحة في ذراعه أو نحو ذلك من موضع الوضوء فيعصبها الخرقة فيتوضأ ويمسح عليها إذا توضأ
قال إن كان يؤذيه الماء فليمسح على الخرقة وإن كان لا يؤذيه الماء فلينزع الخرقة وليغسلها وفى رواية كليب الأسدي عن الرجل إذا كان كسيرا كيف
يصنع بالصلاة قال إن كان يتخوف على نفسه فليمسح على جبائر وليصل وعن تفسير العياشي بسنده عن أمير المؤمنين (ع) قال سئلت رسول الله صلى الله عليه وآله
عن الجباير يكون على الكسير كيف يتوضأ صاحبها وكيف يغتسل إذا أجنب قال يجزيه المسح بالماء عليها في الجنابة والوضوء ورواية ابن عيسى
عن الوشا عن أبي الحسن (ع) قال سئلته عن الدواء يكون على يدي الرجل أيخرجه ان يمسح في الوضوء على الدواء المطلى عليه قال نعم يجزيه
ان يمسح عليه ولا يعارضها عدم التعرض للمسح على الجبيرة في صحيحة ابن الحجاج عن أبي الحسن (ع) قال سئلته عن الكسير يكون به الجباير أو يكون به
الجراحة كيف يصنع بالوضوء وغسل الجنابة وغسل الجمعة قال يغسل ما وصل إليه الغسل مما ظهر ويدع ما سوى ذلك مما لا يستطيع غسله
ولا يدع الجباير ولا يعبث بجراحته فان ظهور هذه الرواية من حيث السكوت عن المسح لا يعارض ظهور تلك الأخبار في وجوب المسح حتى يحمل على
الاستحباب كما استجوده صاحب المدارك لولا الاجماع واضعف من ذلك معارضة تلك الأخبار بما يأتي من حسنة الحلبي وصحيحة ابن سنان من الامر
بغسل ما حول الحرج لأنها محمولة على الحرج المجرد لان ما تقدم نص في الجرح ذي الجبيرة ثم إن ظاهر السؤال في هذه الرواية وحسنة الحلبي كونه
عن قيام الجبيرة مقام البشرة في كفاية وصول الماء إليها وان المراد بالمسح المسؤول عنه هو امرار اليد على الحائل في مقام الغسل لأنه الذي يسبق
إلى الأذهان جوازه شرعا فيسئل عنه دون المسح في مقابل الغسل فان مشروعيته في محل الغسل وصيرورة مسح البدل مقام غسل المبدل مما لا
منشأ لتوهم اجزائه قبل الاطلاع على تعبد الشارع وبه يؤيد ما ذكرنا عبارة السراير قال الجباير ينزع ويمسح على العضو مع المكنة أو يكرر الماء
حتى يصل إلى البشرة والا مسح عليها انتهى فجعل المسح على الجبيرة مقابل المسح على البشرة الا ان الظاهر من كلمات جماعة من الأصحاب ان المراد للمسح
بالمعنى المقابل للغسل فان الشيخ في المبسوط جعل استيعاب الجبيرة بالمسح أحوط واستشكل وجوب الاستيعاب في الذكرى لصدق المسح على الجبيرة
بالمسح على بعضها كما في مسح الرجل والقدم فلو أريد به الامرار المتحقق في ضمن الغسل لم يكن وجه لاحتمال كون المسح على الجبيرة نظير المسح على الرأس والقدم
142

في كفاية المسمى حتى يجعل الاستغراق أحوط لان غسل مسمى الجبيرة لا وجه له أصلا قال في المعتبر الجباير ينزع ان أمكن والا مسح عليها ولو في موضع
الغسل وهو مذهب الأصحاب انتهى ثم استدل بحسنة الحلبي فان ظاهر المقابلة إرادة المسح بالمعنى الأخص وأوضح من ذلك قوله في باب التيمم يجب
استيعاب الجبيرة بالمسح لان المسح بدل عن الغسل وقال في المنتهى الجباير ينزع مع المكنة والا مسح عليها واجزاء عن الغسل انتهى والمراد بالغسل غسل
البشرة الا ان التعبير فيها بالغسل وفى الجباير بالمسح ينافي إرادة مطلق الامرار المتحقق في الغسل وقال في
الذكرى الجبيرة ان أمكن نزعها أو
ايصال الماء إلى البشرة وجب تحصيلا لمسمى الغسل والمسح وان تعذرا مسح عليها ولو في موضع الغسل انتهى ثم نقل عن المعتبر انه مذهب الأصحاب و
أظهر من ذلك كلامه في موضع اخر حيث إنه بعد استحسان قول الشيخ قده الا ان الاستيعاب أحوط قال نعم لا يجب اجراء الماء عليها لأنه لم يتعبد بغسلها
إذا لم يصل الماء إلى أصلها انتهى ونحوه بعينه عبارتا الروض والمسالك وفى جامع المقاصد يمسح الجبيرة المعهود في الوضوء وقال شارح
الجعفرية لا يجب الاجراء بل لا يجوز وما أبعد ما بينه وبين ما نقل عن نهاية الاحكام من وجوب تحقق أقل الغسل وعن كاشف اللثام انه قوى
والاخبار لا تنافيه انتهى أقول وهو كما قال على ما عرفت الا ان الفتاوى تنافيه وقد بالغ الوحيد البهبهاني قده في شرح المفاتيح في تقوية هذا
القول وتنزيل النصوص والفتاوى عليه لكن الانصاف ان إرادة اجراء الماء على الجبيرة من المسح الوارد في الاخبار مشكل فحملها على ما يتحقق معه
الغسل بعيد وتخصيصها بالمسح المقابل للغسل نظير المس على الرأس حتى لا يجوز ان يقصد الا المسح بحيث لو قصد مجرد ايصال الرطوبة إلى الجبيرة
مع عدم قصد الغسل ولا المسح لم يجز ويلزمه المنع عن الوضوء والغسل الارتماسيين أشكل فلو قيل إن الواجب هو مجرد ايصال الماء إلى الجبيرة
سواء حصل أقل الغسل أو أكثره أو لم يحصل لم يكن بعيدا ولا ينافيه الكلمات المذكورة لان معنى عدم التعبد بالغسل في كلام الشهيدين عدم
ايجاب الشارع له ويمكن ان يراد من المسح في كلماتهم المعنى المقابل للغسل الا ان الحكم به رخصة لا عزيمة كما يشهد له استدلال المعتبر والمنتهى له بنفي الضرر
والحرج فالاحتمالات في النصوص والأقوال في الفتاوى أربعة إرادة المسح المقابل للغسل مع كون الحكم عزيمة كما تقدم عن جامع المقاصد وشارح الجعفرية
وارادته مع كون الحكم رخصة كظاهر الشهيدين وإرادة ما يتحقق الغسل كما عن النهاية وكشف اللثام وإرادة الأعم منه كما هو محتمل النصوص و
أكثر الفتاوى والظاهر بين هذا وبين القول الثاني انه يجوز على هذا القول ايصال الماء بحيث لا يسمى غسلا ولا مسحا لعدم الجريان والامرار
كما لو بل الجبيرة بمجرد وضع اليد والقول بهذا غير بعيد من ظاهر الاخبار وأكثر الفتاوى وان لم أعثر على مسح باختياره ويؤيده لزوم
الحرج العظيم في الزام المسح بالمعنى الأخص وكذا الغسل ثم لا فرق بمقتضى اطلاق النصوص والفتاوى في وجوب المسح على الجبيرة وعدمه وغسلها الأقرب إلى
الواجب ولعل هذا أقوى بل وأحوط بين استيعاب الجبيرة لمواضع الغسل وكونها على بعضها كما صرح به الفاضلان والشهيدان وغيرهم قال
في المعتبر لو كان على الجميع جبايرا ودواء يتضرر به جاز المسح على الجميع ولو استضر تيمم انتهى وقال في التذكرة لو كانت الجباير على جميع أعضاء الغسل
وتعذر غسلها مسح على الجمع مستوعبا بالماء ومسح رأسه ورجليه بتقية البلل ولو تضرر تيمم انتهى وقال في الذكرى لو عمت الجباير أو الدواء
الأعضاء مسح على الجميع ولو تضرر تيمم ولا ينسحب الحكم إلى خائف البرد فيوفر بوضع حائل بل تيمم لأنه عذر نادر وزواله سريع انتهى نعم أكثر الاخبار لا يشمل هذه
الصورة لكن المناط منقح فيها ولا فرق أيضا في ظاهر الاطلاقات بين التمكن من نزع الجبيرة والمسح على البشرة وعدمه وإن كان مقتضى قاعدة
وجوب مراعاة الأقرب إلى الواجب المتعذر تقدم المسح على البشرة على المسح على الجبيرة ويمكن دعوى اختصاص اطلاقات الاخبار بل أكثر
الفتاوى بصور عدم التمكن عن النزع بل مسألة الجبيرة مفروضة في كلام أكثرهم في صورة تعذر نزع الجبيرة وإن كان الغرض من هذا الفرض
بيان اعتبار تعذر الغسل لكن دعوى ان المناط في حكم المسألة عندهم تعذر الغسل وان تيسر النزع والمسح ممنوعة هذا مع أن الجبيرة تستر بعض العضو
الصحيح ولا دليل على جوازه مع عدم الحاجة الا ان يلتزم بمسح الصحيح أو غسله ثم وضع الجبيرة والمسح عليها وثم لا يلتزمون به وإن كان أحوط
هذا ولكن لم أعثر على مصرح بذلك وربما ينسب إلى ظاهر التذكرة وهو توهم يعرف بمراجعة التذكرة فإنه قده قال فيها ما استقربناه منتهى الجباير ان أمكن نزعها نزعت
وغسل ما تحتها ان أمكن أو مسحت وان لم يمكن وامكنه ايصاله الماء إلى ما تحتها بان تكرر عليه أو بغمسه في الماء وجب لان غسل موضع الفرض
ممكن فلا يجزى المسح على الحائل انتهى ومنشأ توهم النسبة قوله أو مسحت بزعم ان معناه انه ان لم يمكن الغسل مستحب ويدفعه مضافا إلى أن
المناسب حينئذ قوله والا مسحت لا عطف المسح على الغسل نعم لو لم يقيد الغسل بالامكان توجه العطف بالإرادة مانعة الخلو بالنسبة إلى مجموع
صورتي الامكان وعدمه ملاحظة ذيله المصرح بان المفروضة في مجموع هذا الكلام التمكن من الغسل فيراد من المسح في كلامه مسح مواضع المسح
نعم ذيل كلامه مختص بموارد الغسل والترتيب بين نزعها وغسل محلها وبين غمسها وتكرار الماء جرى على العادة لا لتعيين من الشرع هذا
وفى الذكرى لم التصق بالجرح خرقة أو قطنة أو نحوهما وأمكن النزع وايصال الماء حال الطهارة وجب كما في الجبيرة والا مسح عليه ولو استفاد
بالنزع غسل بعض الصحيح فالأقرب الوجوب لان الميسور لا يسقط بالمعسور هذا مع عدم التضرر بنزعه انتهى هذا لكن يستفاد من عدم جزمهم
143

بوجوب المسح على الجرح المجرد مع الامكان عدم الوجوب هنا بطريق أولي كما سيجئ ثم الظاهر وجوب استيعاب الجبيرة بالمسح لأنه الظاهر من الاخبار
فاحتمال الحاقه بالمسح على الرأس والقدمين لا وجه له ثم إن هذا كله إذا كانت الجبيرة طاهرة (سواء كان ما تحتها طاهرا أو نجسا) وتعذر إزالة
نجاسته ووضع الجبيرة عليها إما إذا كانت نجسة وأمكن تطهيرها طهرها ومسح عليها والا ان أمكن وضع جبيرة عليها فظاهر جماعة كالعلامة قده
والشهيدين وجوب وضع خرقة طاهرة عليها بل عن المدارك انه لا خلاف فيه ويشكل بأنه إن كان لوجوب ايصال الماء إلى محل الوضوء أو ما
قام مقام كان اللازم التزام وجوب الصاق الجبيرة على الجرح المجرد مع أنهم لا يقولون به بل يكنفون بغسل ما حوله بل لا يوجب بعضهم مسح البشرة
مع الامكان ولو اعتذر هنا باطلاق النص بغسل ما حوله لم يجز فيها لو تعذر المسح عليه لنجاسة أو لعذر اخر حيث لم يلتزموا بوجوب وضع
الجبيرة مع أن قيام الخرقة الموضوعة هنا مقام البشرة ممنوع وقد حكم بعض ممن حكم هنا بوجوب وضع الطاهر هنا على الجبيرة النجسة كالعلامة قده
في التذكرة بأنه لو كان موضع من البشرة نجسا وجب التيمم فلم يحكم بوجوب وضع شئ طاهر وليس الا لعدم الدليل على قيام ما يوضع مقام
البشرة وإن كان عموم ما دل على وجوب المسح على الجبيرة المتوقف هنا على وضع الظاهر لأنه يصير جزاء من الجبيرة قابلا للمسح ففيه ان الظاهر من الاخبار
مسح الموجود من الجبيرة غاية الأمر وجوب تطهيرها من باب المقدمة إن كانت قابلة للتطهير إما وضع شئ عليها فلا يعد تطهيرا خصوصا إذا لم يصدق على.
الموضوع اسم الجبيرة بان وضعه ثم رفعه بعد المسح عليه ولذلك كله احتمل في الذكرى الاكتفاء بغسل ما حوله ولا يخلو عن قرب وإن كان الأحوط الجمع
بين وضع الطاهر وغسل ما حوله بل المسح على الجبيرة النجسة لحكاية القول بتعينه عن بعض لاطلاق اخبار الجبيرة ثم إنه يلحق بالجبيرة غيرهما مما التصق
بالبشرة لحاجة وقد ورد النص على الطلاء والخرقة والمرارة ولو الصق الحاجب عبثا أو التصق به اتفاقا وتعذر نزعه فصرح في الذكرى بالحاقه
بالجبيرة وهو حسن بناء على أن حكم الجبيرة المتعذر نزعها مطابق للقاعدة المستفادة من مثل قولهم الميسور لا يسقط بالمعسور وخصوص رواية عبد الاعلى
مولى آل سام قال عثرت فانقطع ظفري فجعلت على إصبعي مرارة فكيف اصنع بالوضوء قال يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله ما جعل عليكم في
الدين من حرج امسح عليه الخبر فان إحالة استفادة المسح على المرارة من مجرد نفى وجوب المسح على البشرة المستفادة من الآية ظاهرة في أن الواجب هو
الاقتصار في الترك على ما تعذر من مباشرة الماسح للمسوح من دون سقوط الأصل الواجب من الغسل أو المسح هذا ولكن الانصاف عدم ثبوت
القاعدة المذكورة في مثل المقام أولا ثم عدم جواز العمل بها في خصوص المقام على تقدير ثبوتها في أمثاله إما الأول فلان قاعدة الميسور انما يجرى في
الأجزاء الخارجية دون القيود التي هي الأجزاء الذهنية ولو فرض جريانها في القيود اختصت بالقيود المنتزعة من الأمور الخارجية كما إذا تعذرت
الصلاة مع طهارة الثوب لتعذر غسله إما مثل المباشرة فلا يعد من القيود بل هي مقومة لمفهوم غسل الأعضاء المأمور به في الوضوء فان غسل الوجه
لا ينقسم إلى ما كان مع المباشرة وبدونها نعم قد يطلق مسامحة على غسل القدر المشترك بين العضو ما عليه من الحايل لعدم التنبيه عليه في الشك
في الحاجب لكن هذا المقدار لا يجعل المسح على الحايل قدرا ميسورا من المسح الواجب في الوضوء فلا بد من حمل رواية عبد الاعلى على أن الراوي كان
عالما بدوران الامر بين المسح على المرارة والمسح على العضو وكان سؤاله عن وجوب رفع المرارة ثم وضعها لعدم تعسره أو سقوط ذلك واما الثاني فاذن
اللازم من اجراء القاعدة في هذا المقام وجوب غسل الجبيرة وقد عرفت ان المشهور خلافه بل اللازم منه ارتفاع التيمم بالنسبة إلى المتضرر بالغسل
لبرد أو مرض أو نحوهما لان كل مريض متمكن مباشرة أو تولية من مسح ما عليه من اللباس لبدنه بل من مسح بدنه تدريجا بيده المبلولة وأيضا فقد
اتفقوا على أن من تعذر عليه الماء لبعض الأعضاء يرجع إلى التيمم ولا يشرع له الوضوء الناقص والحق به جماعة كما عرفت ما إذا تضرر بمسح الجبيرة وما
إذا كان بعض مواضع الطهارة نجسا إلى غير ذلك مما ينافي الرجوع إلى القاعدة المذكورة وبالجملة فالبناء على مراعاة ما تضمنته ظاهر رواية
عبد الاعلى من أن تعسر القيد لا يوجب سقوط المقيد خصوصا في مثل قيد المباشرة التي هي في الحقيقة من قبيل المقوم للفعل المأمور به لا المقسم له مقطوع
الفساد وارتكاب التخصيص فيها كما ترى مع أن سياق قوله (ع) يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله يأبى عن التخصيص لان ظاهره بيان عدم الحاجة إلى
السؤال مع أن العام المخصص بتخصيصات كثيرة جدا يحتاج العمل به إلى الفحص التام بجميع أنواعه ومنها السؤال عن الإمام (ع) وبالجملة فمثل هذا
الكلام من الإمام (ع) انما يحسن في مقام لا يحتاج إلى الفحص الا بالنسبة إلى المخصصات الشايعة الحاضرة في الأذهان أكثر المكلفين هنا مع كون
الرواية غير تقية السند وروايات الميسور وما لا يدرك كله وما استطعتم قاصرة الدلالة بالنسبة إلى المقام لو اغمض عن اسنادها والحاصل
ان المسح على الجبيرة لا يوافق القاعدة خصوصا مع التمكن من مسح البشرة بل لو ثبت غسل الجبيرة كان مسح البشرة أقرب منه كيف ولم يثبت
فالحاق ما عدا مورد النص بالجبيرة يحتاج إلى تنقيح المناط ولعله منقح بالنسبة إلى كل ملصق لعذر إما الملصق لاله اتفاقا أو اختيارا فمقتضى
القاعدة غسله لتعذر مسح البشرة فيه مع أنه أحوط بناء على ما قدمنا من عدم اعتبار خصوص قصد المسح أو الغسل في بل الجبيرة هذا كله بعد
تقديم الوضوء الناقص على التيمم كما سيجئ ثم إن المصنف قده لم يتعرض لحكم الجرح المكشوف ونحوه فالمعروف الاكتفاء بغسل ما حوله مع تعذر
144

المسح عليه لحسنة الحلبي سئلته عن الجرح كيف اصنع به في غسله قال اغسل ما حوله ونحوها رواية عبد الله بن سنان عن الجرح كيف يصنع صاحبه
قال يغسل ما حوله ومقتضى اطلاقهما والسكوت عن وجوب مسح البشرة بناء على منع انصرافه إلى الغالب من تضررها بالمسح عدم الفرق بين
التمكن من المسح عليه وعدمه كما هو ظاهر جماعة وعن جماعة منهم الفاضلان قدس الله تعالى اسرارهم وجوب المسح قال في محكى النهاية لأنه أحد
الواجبين والتضمن الغسل إياه ويؤيد حكمهم بترجيح غسل الرجلين على مسح الخفين لو أحوجت التقية إلى أحدهما وفيه تأمل لان كونه أحد الواجبين
لا يقتضى قيامه مقام الأخر واما تضمن الغسل إياه فهو ممنوع نعم بينهما قدر مشترك يتضمنه كل منهما وبالجملة فقاعدة الميسور غير جارية هنا
حتى لو أجريناه في القيود بل هو نظير المباشرة التي عرفت حالها ولذا لم يحكم الأكثر بكفاية مسح أعضاء الوضوء إذا لم يتمكن من غسلها بل حكموا
بالعدول إلى التيمم واعترضوا على الشيخ قده في تقديم التمسح بالثلج على التيمم وان تبعه في المنتهى ودعوى الفرق بين تعذر الغسل لفقد الماء
وتعذره لغيره من الاعذار فيجزيه المسح في الثاني دون الأول لصدق عدم وجدان الماء فيه مدفوعة بما سيتضح من أن المناط في التيمم في الآية كما
يظهر من ذيلها هو الجرح في استعمال الماء على وجه الغسل لا خصوص الفقدان نعم استحباب المسح على
الجبيرة ربما يدل بالفحوى على المسح على البشرة لكن
بعد ملاحظة تقديم الجبيرة على البشرة في المسح والاتفاق على المسح على الجبيرة والخلاف في البشرة هنا لا تبقى الفحوى ولأجل ما ذكرنا استشكل
في المسألة جماعة من متأخري المتأخرين بل عن المدارك انه ينبغي القطع بالاكتفاء بغسل ما حوله بل عن جامع المقاصد نسبة ذلك إلى نص الأصحاب
وورود الاخبار لكن يحتمل بقرينة النسبة إلى الاخبار ان يكون ذلك بالنسبة إلى عدم وجوب التيمم لا عدم وجوب الزايد على غسل ما حوله
هذا والأحوط ما ذكره الجماعة وعليه فلو تعذر المسح على البشرة لتضرره ففي وجوب وضع الجبيرة قولان أقويهما العدم خصوصا ان أريد الوضع
قبل غسل ما حوله المستلزم لستر بعض الصحيح لاطلاق الروايتين السابقتين وكون وجوب المسح على الجبيرة في أدلتها حتى مثل قوله (ع)
إن كان يخوف على نفسه فليمسح على جبايره مفروضا في ذي الجبيرة وإن كان السؤال فيه عن مطلق الكسر الشامل للمجرد عن الجبيرة فيتوهم ظهوره في
الوجوب المطلق فيجب تحصيل الجبيرة فاسد جدا كما لا يخفى نعم حكى في الرياض دعوى عدم الخلاف في وجوب وضع الجبيرة ما لم يستر شيئا من الصحيح
ولو كان تعذر المسح بسبب النجاسة ففي الحاقها بالجبيرة النجسة في وجوب وضع طاهر عليها ثم المسح عليه أو بالبشرة الصحيحة النجسة التي حكم فيها في
المبسوط والمعتبر والتذكرة بانتقاله إلى التيمم أو بالبشرة المجروحة التي لا يمكن مسحها بناء على ما انتظرناه فيها أو المسح على الموضع النجس كما عن بعض
في مسألة الجبيرة وجوه أقواها الثالث ولنذكر عبارة الذكرى في حكم الجرح المجرد باقسامه قال قده لو أمكن المسح على محل الجرح المجرد بغير خوف
تلف ولا زيادة فيه ففي وجوب المسح عليه احتمال مال إليه في المعتبر وتبعه في التذكرة تحصيلا لسنة الغسل عند تعذر حقيقة وكانه يحمل الرواية
بغسل ما حوله على ما إذا أخاف الضرر بمسحه مع أنه ليس فيها نفى لمسحه فيجوز استفادته من الدليل اخر فان قلنا به وتعذر ففي وجوب وضع لصوق و
المسح عليه احتمال أيضا لان المسح بدل عن الغسل فينسب إليه بقدر الامكان وان قلنا بعدم المسح على الجرح المجرد مع امكانه أمكن وجوب هذا المسح لتحاذي
الجبيرة وما عليه لصوق ابتداء والرواية دالة على عدم الوجوب إما الجواز فإن لم يستلزم ستر شئ من الصحيح فلا اشكال فيه وإذا استلزم أمكن المنع لأنه
ترك للغسل الواجب والجواز عملا بتكميل الطهارة بالمسح انتهى كلامه رفع مقامه فبقى في المقام اشكال تفطن له جماعة منهم المحقق الثاني قده وهو
ان الاخبار بل فتاوى الأصحاب وقع في المجروح والمقروح والكسير بالتيمم على وجه ينافي ما ذكر هنا من النص والفتوى فلا بد من ذكر الاخبار والفتاوى في
التيمم ثم بيان مقتضى القاعدة عند دوران الامر بين الوضوء الناقص والتيمم حتى يرجع إليه عند التوقف في الاخبار ثم بيان ما يصلح محملا لتلك الأخبار
إما الاخبار فمنها صحيحة محمد بن مسلم قال سئلت أبا جعفر (ع) عن الرجل يكون به القروح والجراحة يجب قال لا باس بان لا يغتسل وتيمم
ومنها رواية جعفر بن إبراهيم الجعفري عن أبي عبد الله (ع) قال إن النبي صلى الله عليه وآله ذكر له ان رجلا اصابته جنابه على جروح كانت به
فامر بالغسل فغسل فمات قال قتلوه قتلهم الله انما كان دواء الغى السؤال والظاهر أن المراد ان الواجب عليه كان هو التيمم دون الغسل لا المسح
على الجبيرة دون غسل البشرة بقرينة ما سيأتي (ومنها) صحيحة البزنطي عن أبي الحسن الرضا (ع) في رجل يصيبه الجنابة وبه قروح أو يكون
يخاف على نفسه البرد فقال لا يغتسل يتيمم ومثلها رواية داود بن سرحان عن أبي عبد الله (ع) ومنها موثقة محمد بن مسلم عن أحدهما في الرجل
يكون به القروح في جسده فيصيبه الجنابة قال يتيمم ومنها مرسلة الصدوق عن الصادق (ع) المبطون والكسير يؤممان ولا يغتسل (ومنها)
حسنة ابن أبي عمير محمد بن مسكين وغيره عن أبي عبد الله (ع) قال قيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله ان فلانا اصابته جنابة وهو مجدور فغسلوه
فمات فقال قتلوه قتلهم الله الا سألوا الا يتمموه ان شفاء الغى السؤال قال الكليني وروى ذلك في الكسير والمبطون يتيمم ولا يغتسل هذا
ما وصل إلينا من الاخبار واما الفتاوى المخالفة بظاهرها لما ذكر هنا ففي موردين أحدهما الكسر والجرح والقرح التي عليها جبيرة لو خرقة
فان ظاهرهم الاتفاق في باب الوضوء على وجه المسح عليها واطلقوا في باب التيمم ان الكسير والمجروح والمقروح بل كل من لم يتمكن من غسل بعض أعضاء
145

الطهارة تيمم ولا يكفي بغسل الصحيح لكن هذا الشافي يرتفع بأدنى تتبع في كلماتهم فإنه يحصل القطع ان مرادهم في باب التيمم ما عدا الجبائر
والخرق المشدودة على الجرح الثاني الكسر والجرح والقرح المجرد وعمدة الاضطراب هنا ولنذكر عبارتهم فنقول قال في المبسوط في باب
التيمم ومن كان بعض جسده أو بعض أعضاء طهارته ما لا ضرر عليه والباقي عليه جراح أو عليه ضرر في ايصال الماء إليه جاز له التيمم ولا
يجب عليه غسل الأعضاء الصحيحة فان غسلها وتيمم كان أحوط سواء كان الأكثر صحيحا أم عليلا وإذا حصل على بعض أعضاء طهارته نجاسة
ولا يقدر على غسلها لألم فيه أو قرح أو جرح تيم وصلى ولا إعادة عليه انتهى وذكر نحو ذلك بعينه في الخلاف واستدل عليه باية نفى الجرح وما
قدمه من الاخبار وأشار إلى روايتي محمد بن مسكين وداود بن سرحان المتقدمين وقال في المعتبر انه لو تضرر بعض أعضائه بالماء لمرض تيمم
ولم يغسل الصحيح وقال في المبسوط ولو غسلها وتيمم كان أحوط وكذا لو كان بعض أعضائه نجسا ولا يقدر على طهارته تيمم وصلى ولا يعيد
انتهى ولا ريب ان هذا الكلام شامل للضرر لأجل الجرح والقرح المجردين المتعذر مسحهما بقرينة حكاية قول المبسوط وقال في التذكرة لو
تضرر بعض أعضائه بالماء تيمم ولم يغسل الصحيحة قال في الخلاف والمبسوط لو غسل الصحيح وتيمم كان أحوط وكذا لو كان بعض أعضائه نجسا ولا يقدر
على طهارته بالماء تيمم وصلى وهو في الصراحة في الجرح والقرح المجرد بن كعبارة المعتبر وفى المنتهى الجريح لو امكنه غسل بعض جسده
أو بعض أعضائه في الوضوء جاز له التيمم قال في الخلاف ولا يجب عليه غسل الأعضاء الصحيحة أصلا ولو غسلها ثم تيمم كان حوط وقال بعد ذلك
لو كان الجرح مما يمكن ان يشده وغسل باقي العضو ومسح باقي الخرقة التي عليه وجب ولا تيمم وان لم يتمكن من ذلك تيمم انتهى وقال في البيان الجريح
ان امكنه غسل ما عدا الحرج وجب ثم إن امكنه اللصوق على الجرح فعل ومسح عليه ولو استوعب العذرا تيمم واحتاط الشيخ بغسل
الصحيح والتيمم الكامل انتهى وقال في الدروس ولو تضرر بالماء في بعض الأعضاء تيمم وفى المبسوط يغسل الصحيحة ويتيمم انتهى وقال في الجعفرية
وخوف استعماله ولو في بعض الأعضاء كفقده انتهى ونحوه كلامه وجامع المقاصد فصرح بالتيمم ثم حكى احتياط الشيخ بالجمع بين الوضوء
والتيمم ونفى الريب عن ضعفه وهذه الكلمات كما ترى كلها صريحة بقرينة حكاية قول المبسوط في القروح والجروح المجردة نعم عبارة البيان
مختصة بالجرح المستوعب للعضو وقد ذكر هؤلاء الأساطين في النهاية والمعتبر والتذكرة وكتب الشهيد وما تقدم من جامع المقاصد ما
ينافي بظاهره لذلك فقال في النهاية بعد الحكم بوجوب مسح الجبيرة والخرقة المشدودة وإن كان جراحا غسل ما حولها وليس عليه شئ وفى
المعتبر والتذكرة لو كان به جرح ولا جبيرة غسل جسده وترك الجرح ثم ذكر قول الشافعي بالجمع وقول احمد بالمسح على الجرح واستجوداه غاية الأمر
فتوى أكثرهم بوجوب مسحه ان أمكن بدون وضع لصوق أو معه وأول من تنبه لهذا المحقق الثاني قال في جامع المقاصد بعد ما حكينا عنه
في شرح قول العلامة قده وتيمم من غسل بعض أعضائه ولا مسحه قال واعلم أن هذا لا يتمشى على ظاهره لان الجرح الذي
لا لصوق عليه والكسر الذي عليه جبيرة إذا تضرر بالماء يكفي غسل ما حوله كما نصوا عليه ووردت به الاخبار فكيف يجوز العدول عنه إلى التيمم
انتهى وفى المدارك في باب الجبيرة واعلم أن في كلام الأصحاب هنا اجمالا فإنهم صرحوا هنا بالحاق القرح والجرح بالجبيرة سواء كان عليها خرقة
أم لا وفى التيمم جعلوا من أسبابه الخوف من استعمال الماء بسبب القرح والجرح والشين ولم يشترط أكثرهم في ذلك تعذر وضع شئ عليها
والمسح عليه انتهى وقد تفطن لهذا التنافي جماعة ممن تأخر عنهم ثم إنهم تصدوا للجمع بين كلماتهم في المقامين بوجوه (منها) ما ذكره في جامع
المقاصد عقيب الكلام المتقدم عنه فقال ويمكن الجمع بان ما يسقط غسله ولا ينتقل معه إلى التيمم ما كان الجرح ونحوه في بعض العضو
فلو استوعب عضوا كاملا وجب الانتقال إلى التيمم قال ويمكن الجمع بان ما ورد النص بغسل ما حوله مع تعذر غسله هو الجرح والقرح
والكسر فلا ينتقل منه إلى التيمم بمجرد تعذرة غسله وان كثر بخلاف غيره كما لو كان تعذر الغسل لمرض اخر فإنه ينتقل إلى التيمم هنا الا ان
عبارات الأصحاب يأبى عن ذلك لان المصنف قال في التذكرة الطهارة عندنا لا يتبعض فلو كان بعض بدنه صحيحا وبعضه جريحا تيمم وكفاه
عن غسل الصحيحة وظاهر هذه العبارة الاطلاق فيكون الجمع الأول قريبا من الصواب لان اغتفار عضو كامل في الطهارة بعيد انتهى
أقول قد عرفت ان كلمات الأصحاب في باب التيمم بقرينة ذكرهم طر الاحتياط الشيخ بالجمع بين الوضوء والتيمم مع اختصاص مورد كلام الشيخ
بالجرح والقرح صريحة في اختصاص التيمم عندهم بما عدا الجرح والقرح فلا يحتاج إلى الاستشهاد بكلام التذكرة الذي لو اخذ باطلاقه
لزم منه فساد الجمع الأول الذي استصوبه وأشير إليه في عبارة البيان المتقدمة لأن عدم تبعض الطهارة شامل لما إذا كان الجرح على بعض عضو
منه بحيث يمكن غسل ما حوله ومسحه أو مسح شئ موضوع عليه بل ملاحظة عبارة التذكرة الحاكية هنا لاستدلال الشافعي القائل بالجمع في
المسألة بين الغسل والتيمم وفى فرع اخر ذكره بعد ذلك لبيان كيفية التبعيض على قول الشافعي يوجب القطع بان عنوان مسألة تبعيض الطهارة
وعدمه في التذكرة يشتمل الجرح الكائن على بعض عضو من أعضاء الوضوء وكذا ملاحظة كلامه في الجرح المجرد عن الجبيرة المتعذر غسله
146

ومسحه واستدلاله على كفاية غسل الباقي بان اعتدال بعض الأعضاء لا ينقص عن فقدانه فتحصل من جميع ما ذكرنا ان ما ذكره من الوجهين
غير مستقيم في الجميع بعد ما عرفت من صراحة كلماتهم في شمول مورد التيمم للجروح والقروح الغير المستوعبة وشمول مورد غسل الباقي للمستوعب
والانصاف انه لا يحضرني في الجمع بين هذه الكلمات وجه يطمئن به النفس وكذلك بين تلك الأخبار المتقدمة وان ذكر جماعة من أصحابنا وجوها لذلك
بحمل اخبار التيمم على غير ذي الجبيرة وحمل تلك الأخبار على ذي الجبيرة أو حمل اخبار التيمم على المستوعب وتلك الأخبار على غيره أو حمل اخبار التيمم
على ما لا يمكن مسحه أو مسح خرقة يشد عليه وحمل تلك الأخبار على ما يمكن أو حمل اخبار على الغسل وتلك الأخبار على الوضوء أو غسل ذي
الجبيرة والخرقة كما هو مورد صحيحه عبد الرحمن بن الحجاج أو حمل اخبار التيمم على صورة الضرر بغسل الصحيح وتلك الأخبار على غيرها أو حمل اخبار
الطرفين على التخيير الا ان الكل بعيد وإن كان ما قبل الأخير منها لا يخلو عن قرب بل ظهور بالنسبة إلى أكثر الاخبار وكيف كان فلا بد من
ملاحظة ما يقتضيه الأصل فيما هو غير داخل تحت المنصوص من الأمراض المانعة عن غسل العضو وانه التيمم أو الوضوء الناقص مع مسح الموضع أو
جبيرة موضوعة عليه أو بدونه فنقول ذكر شارح الدروس قده ما حاصله ان الوضوء المأمور به لما تعذر بعض أفعاله سقط الامر به لأنه
تكليف واحد بمجموع الافعال لا تكاليف متعددة والتكليف بالتيمم في الآية لا يشمل بظاهره هذه الصورة فيجب الرجوع إلى الأصل وهو
في مثل المقام مما علم وجوب شئ مردد هو التخيير الا ان الأحوط هو الجمع وهو مبنى على أن روايات الميسور وما لا يدرك كله وإذا أمرتكم بشئ
لا تنهض لضعف اسنادها بل لقصور دلالتها لتأسيس قاعدة في التكاليف ويمكن دعوى انجبار ضعفها بتمسك العلماء بها قديما وحديثا
مع ما حررناه في مقام اخر من عدم قصور دلالتها فالانصاف ان الحكم بسقوط التكليف بالكل لتعذر بعض اجزائه بأصالة البراءة في مقابل
هذه الأخبار في غاية الجرئة مضافا إلى ما قيل أو يقال من أن المقام مقام الاستصحاب الحال لثبوت التكليف قبل
التعذر وهذا الاستصحاب
وإن كان غير جار بمقتضى الدقة في تعيين موضوع المستصحب الا ان الظاهر من الأصحاب في بعض المقامات كفاية احراز الموضوع ولو بالمسامحة
العرفية كما يستصحب كريه الماء الذي اخذ منه بعد العلم بكريته فيقال هذا الماء كان كرا ويشك في ارتفاع كريته مع أن هذا الماء الموجود
لم يعلم بكريته فيراد من الماء في القضيتين هو القدر المشترك بين ما قبل الاخذ وما بعده وكذلك يقال فيما نحن فيه ان الوضوء كان واجبا قبل
هذا العذر والأصل بقائه بعده فيراد بالوضوء في القضيتين القدر المشترك بين ما قبل التعذر وما بعده أو يراد من الوجوب في القضيتين
مطلق الثبوت المشترك بين النفسي والغيري فلا ينافي كون المتيقن سابقا هو الغيري والمشكوك فيه لاحقا هو النفسي ولذا اطلق عليه
عدم السقوط في قوله الميسور لا يسقط مع أن الوجوب الغيري السابق ساقط قطعا والنفسي اللاحق لم يكن له ثبوت حتى يتصور فيه سقوط
واما ما ذكره من عدم شمول أية التيمم لما نحن فيه فهو حق بملاحظة قوله تعالى ولم تجد واما فتيمموا الا ان قوله تعالى في اخر الآية ما يريد الله ليجعل
عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم ظاهر في أن مناط شرعية التيمم هو ثبوت الجرح والضيق في اتيان أفعال الوضوء المتقدمة سابقا سواء كان لفقد
الماء أو التضرر في تحصيله أو باستعماله في جميع الأعضاء أو بعضها على الوجه المعتبر من الغسل والمسح أو مطلقا فمحصل الآية الشريفة بملاحظة
صدرها وذيلها انه كل ما كان في الاتيان بالافعال المعهودة للوضوء حرج على المكلف وجب عليه التيمم كما أن محصل أدلة الميسور وما لا يدرك
انه إذا تعذر الاتيان بجميع أفعال الوضوء وجب الاتيان ببعضها المتمكن وحيث علم بالاجماع عدم اجتماع الطهارتين على مكلف واحد خلافا
لما تقدم عن الشافعي تعارضت الأدلة من الطرفين بالعموم من وجه فيرجع من مادة الاجتماع إلى الاحتياط بالجمع بين الامرين لاستصحاب بقاء
المنع عن الدخول في الصلاة وعدم الإباحة هذا ولكن مقتضى النظر الدقيق حكومة روايات الميسور لا يسقط بالمعسور وقوله ما استطعتم
على أدلة التيمم لان مفاده ان ثبوت البعض الميسور على المكلف في زمان تيسر الكل ليس مقيدا ومنوطا بعدم تعسر شئ من الأجزاء حتى يسقط
بتعسره بل هو على كل حال وكذا قوله (ع) فاتوا منه ما استطعتم الظاهر في اكتفاء الشارع بالمستطاع في امتثال الأوامر فيكشف
عن أن الامر بكل مركب أمر بالمقدار المتمكن منه كلا كان أو بعضا وحينئذ فالامر في قوله تعالى إذا أقمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم
إلى المرافق غير مقيد بالتمكن من مسح الرأس والرجل وكذا العكس فالامر بكل من الأجزاء مشروط بالتمكن من نفسه غير مشروط بالتمكن من جزء
اخر فالتمكن من الغسل العاجز عن المسح مثلا داخل تحت الامر المنجز بغسل الوجه والأيدي لأنه متمكن منه وان لم يجب عليه المسح لعدم التمكن
فتكون الآية الشريفة بملاحظة رواية الميسور لا يسقط بالمعسور متكفلا لحكم الوضوءات الناقصة وكفايتها عند إرادة القيام إلى
الصلاة فقوله ولم تجدوا ماء إلى اخر الآية ولو بملاحظة ذيلها يصير مختصا بمن كان الحرج في وضوئه ول ناقصا بان لم يتمكن من الافعال رأسا فيرجع
إلى ما يكون الآية ظاهرة فيه قبل ملاحظة ذيلها وهو الفاقد الماء رأسا من حيث إنه ناظر إلى المعلق وحاكم على ظهوره في ارتباطه بالامر
المتعلق بالاجزاء ولأجل ما ذكرنا ترى جماعة من الأصحاب كالشيخ في الخلاف والفاضلين في المعتبر والمنتهى وغيرهم يقتصرون في مثل مسألة
147

المسح على الحايل مما تعذر فيه الاتيان ببعض واجبات الوضوء على اثبات سقوط ذلك الواجب باية نفى الجرح ولا يتعرضون لا ثبات التكليف بالوضوء
الناقص وليس ذلك الا لأجل التسالم على بقاء التكليف بالطهارة وعدم سقوطه بسقوط بعض واجباتها والا فلا بد لهم أولا ان يثبتوا بقاء
التكليف بالطهارة المائية وعدم انتقاله إلى التيمم هذا ولكن الانصاف ان الموارد التي عمل فيها على طبق هذه القاعدة في النصوص والفتاوى
بالنسبة إلى الموارد التي ترك فيها العمل بهذه القاعدة في باب الطهارة في غاية القلة بل لو بنى على اعمال القاعدة المذكور بالنسبة إلى
القيود المتعذرة انحصر مورد التيمم بفاقد الماء رأسا وخرج المرض من عداد الأسباب المسوغة للتيمم مع نص الكتاب والسنة القطعية على كونه
من أسبابه إذ ما من مريض الا ويمكن ان يمس بنفسه أو بغيره بعض جسده أو بعض الثوب الملاصق ببدنه الذي هو بمنزلة الجبيرة وهذا واضح لمن
تتبع النصوص والفتاوى فالانصاف ان المسألة في غاية الاشكال الا ان ترك العمل بتلك القاعدة في باب الطهارة في غير الموارد التي عمل
فيها المعظم لعله لا يخلو عن قوة فيحكم فيها بالتيمم لكن الأحوط في غير موارد الاجماع أو النص على الطهارة المائية الجمع بينها وبين الطهارة
الترابية والله العالم ثم انك تعرف مما ذكرنا من حكم الجروح والقروح الكائنة في محل الغسل حكم الكائن منها في محل المسح فيمسح على الجبيرة
مراعيا لكيفية المسح على البشرة وفى وجوب تكرار الماء حتى يمس البشرة وجه استظهره في جامع المقاصد تمسكا بقاعدة الميسور لا يسقط
بالمعسور فيجب امساس للبشرة وان لم يكن مسحا كما يجب مسح محل الغسل المتعذر غسله وان لم يكن غسلا ويؤيده حكمهم بترجيح غسل الرجلين
على مسح الخفين لو أحوجت التقية إلى أحدهما فان المسئلتين ظاهرا من واد واحد وكذا كان الأقوى هنا أيضا ما تقدم في وضوء التقية من أنه
إذا زال العذر المسوغ للوضوء الناقص أجزء ما فعله من الغايات المشروطة بالطهارة واستأنف الوضوء لما لم يفعله من العبادات حتى ما تطهر لأجله
وفاقا للمبسوط وظاهرا المعتبر والايضاح وشرح المفاتيح لأصالة بقاء الحدث وعدم إباحة الوضوء الناقص الا للغاية المأتي بها حال تعذر الوضوء
التام فيبقى عموم الامر به عند إرادة القيام إلى الصلاة وقوله (ع) لا صلاة الا بطهور على حاله خلافا للمحكى عن المختلف وكتب الشهيد وجامع
المقاصد والمدارك فلم يوجبوا الاستيناف وفرعه في جامع المقاصد على مقدمات الأولى امتثال المأمور به يقتضى الأجزاء الثانية يجوز ان
ينوى صاحب هذه الطهارة رفع الحدث فيحصل له لقوله (ع) لكل امرئ ما نوى الثالثة لا ينقص الوضوء الرافع للحدث الا الحدث وزوال السبب ليس
من الاحداث اجماعا فيجب استصحاب الحكم إلى أن يحصل حدث اخر ثم فرع على هذه المقدمات الحكم بعدم لزوم الإعادة في وضوئي التقية والجبيرة أقول
ويرد على الأول ان الامر بالوضوء ليس لأجل احراز إباحة الصلاة عند الدخول فيها وليس المطلوب مجرد ايجاده في الخارج فإذا وقع الكلام
في أن المباح بهذا الوضوء هي الصلاة المأتي بها حال العذر أو مطلق الصلاة فلا ينفع اقتضاء الامر للاجزاء لان المأمور به حقيقة هو فعل
الصلاة متطهرا أو الكون على الطهارة عند الدخول في الصلاة كما هو مقتضى لا صلاة الا طهور والآتيان به فيما نحن فيه أول الكلام نعم انما
يحسن هذا الكلام في مثل غسل الجمعة من المطلوبات النفسية إذا اتى به ناقصا للعذر وعلى الثانية منع جواز نية رفع الحدث بل هو كالتيمم فيسقط
المقدمة الثالثة ودعوى ان المستفاد من قوله لا صلاة الا بطهور وقوله لا يمسه الا المطهرون خصوصا مع تفسيره في الرواية بالمطهرين
من الاحداث وقوله (ع) في الصحيح لا ينقص الوضوء الا حدث وقوله إذا توضأت فإياك ان تحدث وضوء حتى تستيقن انك أحدثت ان الأصل في كل
وضوء مبيح ان يكون رافعا للحدث مدفوعة بمنع كون الطهارة في الآية والرواية بمعنى رفع الحدث بمعنى الحالة المانعة شانا من الدخول فيما
يشترط بالطهارة بل هي أعم من المبيح أو الرافع للحدث بمعنى الحالة المانعة بالفعل ومرجعه أيضا إلى المبيح فلا يجوز ان ينوى به الا إباحة الصلاة
المأتي بها حال العذر لأنها المتيقنة من اثر هذا الوضوء واما قوله لا ينقض الوضوء الا حدث ففيه مضافا إلى انصراف اطلاقه إلى الوضوء التام
ان المراد من الوضوء بقرينة نسبة النقض إليه هو الوضوء المؤثر في رفع الحدث لأنه المستعد للبقاء ابدا إذا لم يرفعه رافع والكلام في كون
الوضوء الناقص كذلك واطلاق النقض على بطلان التيمم بوجود الماء في بعض العبارات والروايات توسع لا يصار إليه عند الاطلاق واما جعل
اسناد النقض إلى الوضوء المطلق قرينة على كون مطلق الوضوء قابلا للنقض مستعد البقاء اثره ابدا ما لم يرفعه رافع فهو فاسد لأن الظاهر
في نظائره العرفية كون خصوص الفعل مقيد الاطلاق متعلقه فتأمل ولو زال العذر في أثناء الصلاة أعاد الوضوء واستأنف الصلاة
أيضا على تردد فيه ينشأ من دخوله فيها دخولا مشروعا فيمضى لاستصحاب الصحة وقوله تعالى لا تبطلوا أعمالكم ومن أن شرط الأجزاء الباقية
الطهارة ولم تحرز لما تقدم من أن المتيقن تأثير الوضوء في الصلاة المأتي بها حال العذر ولا مجال لاستصحاب الإباحة لان إباحة الصلاة
المأتي بها حال العذر المتيقن بها سابقا متيقن الارتفاع وإباحة ما عداها المشكوكة غير متيقن في السابق والأصل عدمه واما
استصحاب الصحة فغير جار في مثل المقام مما كان الشك فيه في تحقق جميع ما عدا الأجزاء السابقة من الشرائط والاجزاء وانما يجرى في مورد
الشك في انقطاع الصلاة وارتفاع الهيئة الملحوظة بين اجزائها كالتكلم وتمام الكلام في محله واما الآية فلا تدل الا
148

على ايقاع المبطل للعمل الغير الباطل في نفسه فإذا شك في صحة عمل في نفسه أو بطلانه فلا يعلم أن رفع اليد عنه ابطال له فلا يحرم
لأصالة البراءة واما إرادة مطلق رفع اليد من الأبطال حتى يكون تحريمه كاشفا عن صحة العمل فهو خلاف الظاهر مضافا إلى أن اللازم من
العمل بعموم الآية تخصيصه بالأكثر بل الباقي تحت العموم كالقطرة في جنب البحر الخارج عنه ومن هذا يظهر لك قوة القول باستيناف الصلاة
بطهارة جديد مع أنه الجملة بل هو أحوط من الاتمام والإعادة لأنه مستلزم لفوات قصد الوجه الذي قال الأكثر بوجوبه وان
لم نقل به قال في الذكر تفريعا على قول الشيخ بالإعادة لو توهم البئر فكشف فظهر عدمه أمكن وجوب إعادة الوضوء لظهور ما يجب غسله
ووجه العدم ظهور بطلان ظنه أقول لا مجال للشك في وجوب الإعادة مع فرض عدم تضرر البشرة بالغسل وان لم يستغن عن الجبيرة و
ظهور بطلان ظنه لا يوجب عجزه عن الوضوء الصحيح ولا مجال أيضا للشك في عدمه مع فرض الضرر وقيل تفريعا على القول بعدم وجوب
الإعادة لو ظهر سبق البئر ولما يعلم به حين الوضوء اتجه الإعادة أقول قوله ولو ظهر فيه نظر لأنه حين الوضوء متعبدا بظنه بالضرر فالعذر
الواقعي في حقه منع الشارع له عن الوضوء التام لا الضرر الواقعي حتى يكون ظنه طريقا إليه فيدخل في مسألة من أدي تكليفه بالطريق الظاهري
فانكشف خلافه
{المسألة السادسة لا يجوز} ولا يجزى (ان يتولى) شيئا من (وضوئه غيره) لأنه المخاطب به وظاهر الخطاب المباشرة وإرادة
الأعم منه ومن التسبيب مجاز لا يصار إليه الا مع القرينة بل هو أبعد من إرادة خصوص التسبيب في مثل قوله يا هامان بن لي صرحا نعم قد يدل
الدليل الخارجي على أن غرض الامر وداعيه إلى الامر تحصيل المخاطب الفعل ولو بالتسبب بل قد يدل على الدليل كون الغرض حصول الفعل ولو من غير
تحصيل فضلا عن المباشرة كما في الواجبات التوصلية وبالجملة فظاهر الامر عدم حصول الامتثال بغير المباشرة بل عدم سقوطه الا ان يقوه
الدليل على إرادة مطلق التحصيل فيحصل الامتثال بالتسبيب كما في أمر الشارع ببناء المسجد أو يدل دليل على كون الغرض مطلق الحصول
فيسقط به ولو من دون تحصيل هذا واما ما يقبل الاستنابة من العبادات فليس فيها تعميم المأمور به بفعل المخاطب وفعل غيره وانما ينزل الغير
منزلة المخاطب بأدلة قبول الفعل للنيابة فإن كان أدلته عامة كانت محكمة على جميع الأوامر ولو كانت من العبادات الا ان تقرب النائب من حيث إنه
انه نائب تقرب المنوب عنه كما حقق في استيجار العبادات وإن كانت خاصة حكمت في موردها وما لم يثبت فيه الدليل لم يحكم فيه بذلك التنزيل و
كيف كان فصدور الفعل من الفاعل المخاطب كوقوعه على المفعول من مقومات المأمور به لا من الأمور الخارجة عنه المعتبر فيه فكما ان ضرب
عمر وليس في شئ من المأمور به في قول الامر اضرب زيدا كذلك ضرب ضارب اخر غير المخاطب ومن ذلك كله يظهر انه لا مجال لان يقال إن
ظاهر الأوامر لا يقتضى سوى كونه مأمورا بالمباشرة واما الشرطية فلا دليل فيها عليه فتبقى عمومات الوكالة والنيابة محكمة يصح اثبات
المشروعية بها فيكون الأصل جواز الوكالة والنيابة في جميع العبادات واضعف من هذا القول تسليمه في التوصليات ومنعه في العبادات
مستندا في الفرق إلى ظهورها في إرادة القيد الظاهر في المباشرة والخلط في هذا كله بين الشرط والمقوم وبين ما نحن فيه من التولية في
الواجب وبين الوكالة والنيابة في الواجبات وبين العبادات والتوصليات مع اشتراك الكل في إرادة التعبد من الامر فيها وان سقط التعبد
بغير وفى التوصليات وبين سقوط الامر وحصول الامتثال يظهر بالتأمل فيما ذكرناه ثم إنه ربما يستدل على وجوب المباشرة بقوله تعالى ولا
يشرك بعبادة ربه أحدا بناء على ظاهره المفسر به في بعض الأخبار من تحريم الاشراك في العبادة كقول أبى الحسن الرضا صلوات الله عليه
للوشاء لما أراد ان يصب عليه الماء للوضوء فنهاه عنه فقال له لم تنهاني ان أصب عليك الماء أتكره ان اوجر قال (ع) توجر أنت وأوزر انا
فقلت له وكيف ذلك فقال إما سمعت الله عز وجل يقول فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا وها
انا أتوضأ للصلاة وهي العبادة فأكره ان يشرك فيها أحد وقوله صلوات الله عليه للمأمون لما صب الغلام على يده الماء للوضوء يا أمير المؤمنين
لا تشرك بعبارة ربك أحدا وقريب منهما غيرهما مما استشهد فيه بالآية على النهى عن الاشراك ولكن الانصاف ضعف الاستدلال بها في المقام
لان الاستدلال إن كان بظاهرها مع قطع النظر عما ورد في تفسيرها ففيه انها انما تدل على النهى عن الاشراك في العبادة بان يدخل غيره
معه في الفعل بقصد العبادة والاجر من الله تعالى ليشتركا في عبادة الله عز وجل وهذا لا يكون الا إذا كان الفعل مستحبا في كل حق منهما وهذا
ليس محرما ولا مكروها واما محل الكلام وهو مجرد صدور الفعل منهما معا وان لم يقصد شريكه العبادة بل اعانه لفرض اخر من طمع أو
خوف فلا يدخل تحت المنهى عنه الا ترى ان الاشراك مع الغير في بناء المسجد لأجرة جعلت له أو لغرض اخر غير التقرب إلى الله لا يعد من الاشراك
في العبادة فتحصل ان محل الكلام ومدلول الآية متغايران وإن كان الاستدلال بملاحظة ما ورد في تفسيرها ففيه أولا ان الاخبار متعارضة
في تفسيرها في رواية جراح المدايني عن أبي عبد الله (ع) الرجل يعمل شيئا من الثواب لا يطلب به وجه الله وانما يطلب تزكية الناس
يشتهى ان يسمع به الناس فهذا الذي أشرك بعبادة ربه أحدا ولا ريب ان إرادة ما نحن فيه وإرادة هذا المعنى لا يجتمعان في الآية من حيث
149

استعمال اللفظ فيهما لان مرجع الاشراك فيما نحن فيه إلى اشراك الغير في العابدية ومرجعة في رواية جراح المدايني إلى اشراك الغير في العبودية
والجمع بينهما في استعمال واحد مما لا يجوز ولا جامع بينهما فلا بد من ترجيح أحد التفسيرين والأوفق بظاهري النهى والعموم هو ما في رواية جراح وثانيا
ان الأخبار الواردة في تفسير الآية فيما نحن فيه أظهر في الكراهة إما الروايتان المذكورتان هنا فلان الظاهر المتعارف بين أهل الكبر
صب الخادم الماء على أيديهم فيباشرون بها غسل الوجه والا يدي فيكفونهم مؤنة حمل الإبريق والصب ولم يتعارف صب الخادم على الوجه أو المرفق
واما قوله (ع) توجر أنت وأوزر فيحمل الوزر فيه على تبعة المكروه والا فحرضه قبول الاشراك على وجه يطلب العبادة لا يجامع كون الرجل
مأجورا على الاشراك في الوضوء لأنه عمل باطل ولا على إعانة الإمام (ع) من حيث إنها إعانة على المحرم والباطل هذا مع أن جعل العبادة في الآية
عبارة عن الصلاة كما في الرواية الأولى وغيرها مما يأتي يفيد حرمة الاستعانة في المقدمات مع أنه لم يقل بها أحد فهى قرينة أخرى على الكراهة
وفى رواية الصدوق في الفقيه والعلل كان أمير المؤمنين (ع) إذا توضأ لم يدع أحدا يصب عليه الماء فقيل له يا أمير المؤمنين لم لا تدعهم
يصبون عليك الماء فقال لا أحب ان أشرك في صلاتي أحد ان الله جل ذكره يقول ولا تشرك بعبادة ربه أحدا وعنه (ع) قال قال رسول الله
صلى الله عليه وآله خصلتان لا أحب ان يشاركني فيهما أحد وضوئي فإنه من صلاتي وصدقتي فإنها من يدي إلى يد السايل فإنها يقع في يد الرحمن
وهذه الروايات كلها ما ترى ظاهره في إرادة الكراهة كما حكى فيما نحن فيه عن الإسكافي في ظاهر كلامه حيث قال يستحب للانسان ان لا يشرك في
وضوئه بان يوضيه غيره أو يعينه عليه لكنه ضعيف جدا لما تقدم لا لظاهر الآية ويمكن ان يريد الإسكافي من التوضية صب ماء الوضوء في اليد
والا فظاهر التوضية استقلال الغير لا اشتراكه ويريد من الإعانة غيرها من المقدمات القريبة ثم انك قد عرفت انه قد يقوم لدليل على أن الغرض
من الامر والدواعي إليه هو تحصيل المخاطب المأمور به أعم من التسبيب له وهذا التعميم قد يكون على الاطلاق وقد يكون على الترتيب بان يكون
الغرض التحصيل مباشرة مع امكانها فإذا تعذرت فالتسبب وقد يتوهم من ذلك استعمال الأوامر في الأعم من المباشرة مع ثبوت قيد المباشرة من الخارج
فيقتصر فيه على صورة التمكن ويحكم بأنه يجوز التولية مع الاضطرار ويظهر اندفاعه مما ذكرنا في أن المباشرة ليست من قبيل القيد بل هي مقوم
للمأمور به الا ان يقال إن تقوم الفعل بالمحل الخاص كالغسل أو المسح بالبشرة ليس بأدون من تقومه بالفاعل الاشتراك الفاعل والمفعول في
تقوم الفعل فمقتضى تفريع سقوط مباشرة المسح للبشرة في رواية عبد الاعلى المتقدمة على نفى الحرج سقوط مباشرة المكلف عند عجزه وجواز
تولية للغير وقد يؤيد بما اشتهر رواية وعملا من رواية ما غلب الله عليه فالله أولي بالعذر فإنها تدل على نفى وجوب المباشرة لا اثبات وجوب التولية
نعم الاستدلال بالقاعدة المستنبطة من رواية عبد الاعلى حسن واليها أشار في المعتبر حيث استدل على وجوب التولية بأنها توصل إلى الطهارة
بالقدر الممكن لكن تقدم في مسألة الجبيرة حسن هذا جدا لولا أن البناء على هذه القاعدة في القيود مع امكان
الفرق بين المباشرة بالنسبة إلى الفاعل
كما فيما نحن فيه وبينها بالنسبة إلى محل الوضوء الذي هو مورد رواية عبد الاعلى وان اشتركا في تقويم الفعل الشخصي الا ان الفاعل مقوم للمأمور به و
المفعول قيد مقسم له ولذا يعقل ان يدعى دلالة صم يوم الخميس على وجوب صوم غيره عند تعذره ولا يعقل دلالته على وجوب صوم غير المخاطب
إذا تعذر صومه وإن كان مقتضى التأمل ان هذا الفرق غير مجد إذ ليس معنى الغاء المباشرة فيما نحن فيه الا دعوى ان مقصود الامر مجرد تحصيل
المخاطب الفعل ولو بغيره وهذا ليس بأبعد من الغاء المباشرة في المحل بإرادة غسل ما عليه من الحائل إذا تعذرت وكيف كان فقد كفانا مؤنة التكلم
في اتمام القاعدة المستفادة من رواية عبد الاعلى قيام الاجماع فيما نحن فيه على وجوب غسل التولية مضافا إلى ما ورد من وجوب التولية في تيمم
المجدور والتوبيخ على تركه لما غسلوه فمات وربما يستدل عليه بما دل على جواز التولية في الغسل مثل صحيحة سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (ع)
في حديث انه كان وجعا شديدا لوجع فأصابه جنابة وهو في مكان بارد قال فدعوت الغلمان فقلت لهم احملوني فاغسلوني فحملوني ووضعوني
على خشبات ثم صبوا على الماء فغسلوني وفيه ان القضية محكية في صحيحة محمد بن مسلم بما ظاهره مباشرة الاغتسال فإنه روى عن أبي عبد الله (ع)
في حديث انه ذكر انه اضطر إلى الغسل وهو مريض فاتوا به مسخنا فاغتسل وقال لابد من الغسل إلى اخره فيمكن حمل الرواية الأولى على اعانته
بالمقدمات هذا مع كون ما تضمنته الرواية مخالفة للقاعدة المقررة في التيمم بل الأصول المذهب من عروض الاحتلام للإمام (ع) لان جملها
على تعمد الجنابة حين الوجع الشديد المسقط للمباشرة بعيد جدا ثم إن المحكم في صدق التشريك والتولية الممنوع عنهما اختيار المجوز ان
مع العجز هو العرف وقد يخفى التشريك صدقا وكذبا فقد يكون الغاسل حقيقة هو الصاب والمصبوب عليه خارجا بالمرة وقد يكون بالعكس
وقد يشتركان في الفعل بمعنى اختصاص كل ببعض أو بمعنى حصول كل بعض من المجموع وأمثلته العرفية غير خفية لكن في مفتاح الكرامة ان
التولية التوضية بصب الماء على أعضاء الوضوء وان تولى هو الدلك انتهى وفيه نظر ثم لا فرق في المتولي بين البالغ السليم العاقل وغيره
لأنه وإن كان يستند إليه الغسل حقيقة الا انه بالنسبة إلى الواجب على العاجز أعني تحصيل غسل أعضائه بغيره يكون بمنزلة الآلة في أنه
150

لا يلاحظ فيه الا تحقق هذا التحصيل الواجب به وحصول الفعل منه في الخارج فلا يلاحظ كونه عاملا بل بلاحظ كونه قايل للفعل ويتفرع
على ذلك أنه لا يعتبر فيه قصدا التقرب ولا النيابة وان المتولي للنية هو المأمور بالتولية وانه لو شك في فعل المتولي لا يبتنى على صحته بمعنى
عدم الاعتناء بالمشكوك فيه بل مرجعه إلى الشك العاجز في جزء من الواجب عليه وهو تحصيل غسل هذا العضو أو هذا الجزء من العضو
قبل الانتقال عن الوضوء فيجب تحصيله وفى المدارك ان النية تتعلق بالمباشر لان الفاعل حقيقة ورد بان العاجز متمكن من النية فلا يجوز
تولية الغير فيها وفيه ان مبنى هذا القول على أن هذه العبادة لما تعذرت من المباشر وجب عليه تحصيلها بغيره فالمتولى حقيقة هو الناصب عنه
في التعبد نظير النائب في ساير العبادات كالصلاة والحج والنية انما وجبت على المكلف لكونه فاعلا فإذا فرض عاجزا فلا معنى لنية الوضوء وهي
الافعال الصادرة عن المتولي فلا بد من النظر في أن أدلة التولية اقتضت الاستنابة في الوضوء أو الاستعانة فيه والتسبب وهي العبادة
في حقه والتحقيق ان دليل التولية إن كان ما ذكره في المعتبر واستفيد من رواية عبد الاعلى من وجوب التوصل إلى الواجب بقدر الامكان فالواجب
حقيقة يصدر من العاجز فيتولى هو النية ولا يحتاج إلى نية من المتولي بل يجوز وان يتولاه حيوان معلم وإن كان الدليل هو الاجماع فالمكلف
مردد بين الاستنابة والاستعانة فلا بد من الجمع بين كل واحد من العاجز والمتولي قابلا للاتيان بالعبادة ناويا فتأمل وعلى أي حال فالظاهر
وجوب المسح بيد العاجز لتمكنه من المسح بيده ولو بالاستعانة ولذا اتفقوا ظاهرا على أن المتوالى للتيمم يمسح بيدي العاجز وجهه وكفيه بل استقرب
في الذكرى الضرر بيدي العليل أيضا واما الغسل فلا يجب كونه بيد العاجز والفرق بينه وبين المسح ان اليد في الغسل مجرد آلة بخلافها في المسح
المسألة السابعة لا يجوز للمحدث يعنى غير المتوضى وضوءا مبيحا مس كتابة القران على المشهور بل عن الخلاف وظاهر غيره الاجماع عليه لقوله
تعالى انه لقران كريم في كتاب مكنون لا يمسه الا المطهرون بناء على رجوع الضمير إلى القران وكون النفي يراد به النهى وأراد التطهير من
الحدث إما لكونه حقيقة فيه واما للاجماع على عدم حرمته على غير المحدث ويؤيد الدلالة استشهاد الامام عليها بها في المقام ففي رواية إبراهيم
بن عبد الحميد المصحف لا تمسه على غير طهر ولا جنبا ولا تمس خيطه ولا تعلقه ان الله عز وجل يقول لا يمسه الا المطهرون ومرسلة حريز
انه عليه السلام قال لولده إسماعيل يا بنى اقراء المصحف فقال انى لست على وضوء قال لا تمس الكتاب ومس الورق واقرء وموثقة أبي بصير أو صحيحته
قال سئلت أبا عبد الله (ع) عمن قرء من المصحف وهو على غير وضوء قال لا باس ولا يمس الكتاب ويضعف الاجماع مع ضعف في نفسه
لعدول الشيخ في المبسوط إلى الخلاف ووافقه الحلى وابن البراج وجمع من المتأخرين على ما حكى عنهم والآية بعدم تمامية الدلالة لاحتمال
رجوع الضمير إلى الكتاب المكنون مع أن رجوعه إلى القران لايخ؟ عن نوع من الاستخدام لان الموجود في الكتاب المكنون غير النقوش الموجودة
في الدفاتر فان للقران الكريم وجودات مختلفة باعتبار وجوده العلمي واللفظي والكتبي فالأولى اسناد المس إلى الموجود في الكتاب المكنون
والمراد بالمطهرون الملائكة المتنزهون عن المعاصي أو مطلق المعصومين فان الظاهر من المطهر من طهره غيره لا من تطهر بنفسه والمراد
بالمس العلم به وادراكه ويؤيد ذلك قوله تعلى بعد ذلك في وصف هذا القران تنزيل من رب العالمين فان المنزل ما في الكتاب المكنون أو
الكلام الجاري على لسان النبي صلى الله عليه وآله لا المنقوش المصورة في الدفاتر واما رواية إبراهيم بن عبد الحميد فهى موهونة لدلالة الآية
على المدعى لا مؤيدة لان ظاهرها كون الاستشهاد بالآية لجميع الاحكام السابقة لا لخصوص الأولين فلا بد إما من حمل النهى على مطلق المرجوحية
خصوصا مع كون الجملة خبرية أو على الاخبار عن عدم مس غير المعصومين للقران الموجود في الكتاب المكنون فلا ينبغي مس وجوده الكتبي الحاكي
عن ذلك الموجود للجنب والمحدث وكذا مس خطه وتعليقه لهما وبالجملة فهذه الرواية موهونة بالاستشهاد بالآية والآية موهونة بالاستشهاد
بها للأحكام المذكورة في الرواية فلم يبق الا رواية حريز وأبى بصير ولا باس بالعمل بهما مع انجبارهما بالشهرة المحققة مع أن سندهما لا يخلو عن اعتبار
لوجود حماد في المرسلة واشتراك أبي بصير بين الموثق والصحيح ثم إن المراد بكتابة القران كما عن جماعة منهم جامع المقاصد صور الحروف قالوا ومنه
التشديد والمد وفى الاعراب وجهان أقول الأقوى الدخول لأنها نقوش هيئات الألفاظ كما أن الحروف نقوش موادها وفى الروضة
خط المصحف كلماته وحروفه وما قام مقامهما كالشدة والهمزة أقول ولا يبعد دخول ما كتب فيه رسما وان لم يتلفظ به كالالف بعد واو الجمع و
أولي منه همزة الوصل والحروف المبدلة بغيرها في الادغام وغيره كالنون المقلوب ميما ولو كتب هذا الميم أو نون التنوين بالجرة للدلالة على
الملفوظ ففي دخولهما وجهان من أنهما نقش الملفوظ ومن كونهما علامة له لا حاكيا له ولذا لو كتب متصلا بالحكمة خرجت عن صورة تلك لكلمة
وكان غلطا ثم محكى عن جماعة اختصاص الماس بما تحله الحياة وهو حسن بالنسبة إلى الشعر دون السن والظفر فان فيهما تردد أو إن كان مقتضى
الأصل حينئذ الإباحة لا كما ظن من أنه يجب مع الشك في صدق المس الاجتناب من باب المقدمة فإنه باطل جدا لان المحكم عند الشك في تحقق المفهوم
المحرم وعدمه هو الرجوع إلى أصالة الإباحة كما في المشكوك في كونه غناء ثم المدار في الممسوس على ما كان من القران حتى الكملة الواحدة أو الحرف
151

الواحد المكتوب بقصده وربما يتوهم اختصاص الحرمة بمس الجزء في ضمن مجموع القران لأنه الظاهر من الآية والروايات المتقدمة والحق خلافه ولا فرق
بين أنواع الخطوط المصطلحة وفى غيرها كما إذا اصطلح جديدا على ترسيم الحروف بصور خاصة وجهان وكذا في المحكوك وجهان من صدق المسح على المواضع
المحكوكة ومن أن ظاهر مس الكتابة المنهى عنه كون الكتابة قابلا والمحكوك ليس كذلك ثم إنه الحق بالقران لفظ الجلالة بل جميع أسمائه المختصة به ولعله
للفحوى ويردها جواز تلفظ الجنب والحايض بها مع حرمة تلفظها بالعزايم فلعل لألفاظ الكتاب العزيز مدخلا هذا ولكن الانصاف ان المستفاد من الآية
ان المناط كرامة القران وشرافته فالفحوى تامة ولو الحق به باقي الصفات المراد بها الذات المقدسة باعتبار بعض صفاته أو أفعال تعالى وفى الحاق
أسماء الأنبياء والأئمة (ع) بذلك وجه اختاره في الموجز وشرحه وذكر ان الدراهم إن كان عليها القران لم يجز مسه وإن كان اسم الجلالة
أو النبي أو أحد الأئمة (ع) جاز لمشقة التحرز انتهى وسيأتي تتمة ذلك في احكام الجنب انشاء الله تعالى ثم إنه لا اشكال في كون التحريم مختصا بالبالغين
وهل يجب على الولي منع الصبى الأقوى نعم وفاقا للمعتبر والتذكرة والذكرى وشرح الموجز وغيرهم لأن الظاهر من الآية الكريمة المسوقة لبيان
الاحترام خصوصا بملاحظة استفادة النهى فيه من الجملة الخبرية الموضوعة لان المس لا يقع في الخارج انه يجب ان لا يقع والفرق بيه وبين انشاء النهى ان فاعل
الفعل هو المنهى في الانشاء بخلاف الاخبار وحينئذ فطلب عدم المس وإن كان من المكلفين الا ان المس المطلوب عدمه عام لغير البالغين فيدل على وجوب
منع كل من يريد ايجاده ودعوى ان المستثنى منه هو غير المطهر بمعنى عدم الملكة والصبي خصوصا غير المميز ليس من شانه التطهر لأنه لا يتصف به مدفوعة
بان الملكة ملحوظة باعتبار النوع نعم يخرج من المستثنى البهايم لعدم قابليتها بالنوع للتطهر ولا يتصف بالحدث هذا مضافا إلى أن قضية إسماعيل في
المرسلة المتقدمة ظاهرة في كون إسماعيل يومئذ غير بالغ خلافا للروض وجماعة من المتأخرين للأصل وعدم الدليل لاختصاص أدلة التحريم
بالبالغين واستمرار السيرة على اعطاء المصاحف للصبيان في الكتاتيب ولا ينفك ذلك عن مسهم لها والسيرة الكاشفة ممنوعة والأصل مدفوع
بما عرفت ثم جواز مس الصغير بعد وضوئه مبنى على شرعية وضوئه وتأثيره في رفع الحدث وهو الأقوى
المسألة الثانية من به السلس
وهو الداء الذي لا يستمسك معه البول وفى القاموس هو سلس البول لا يستمسكه وحكمه انه إذا كان له فترة يسع له الوضوء والصلاة
وجب انتظارها والا فمقتضى الجمع بين أدلة كون مطلق البول حدثا ناقضا للوضوء واعتبار الطهور في الصلاة وبطلانها بوقوع الفعل
الكثير فيها هو عدم تكليفه بالصلاة الا انه خلاف الاجماع فلا بد من رفع اليد عن بعض الأدلة السابقة والا وفق بقاعدة ما غلب الله
عليه فالله أولي بالعذر العفو عما يتقاطر من البول بغير اختياره وهو الذي يحتمله عبارة المبسوط قال في اخر باب الاستحاضة المستحاضة لا
يجوز لها ان يجمع بين فرضين بوضوء واحد واما من به سلس البول فيجوز له ان يصلى بوضوء واحد صلوات كثيرة لأنه لأنه لا دليل على تجديد الوضوء عليه
وحمله على المستحاضة قياس لا نقول به وانما يجب عليه ان يشد رأس الإحليل بقطن أو يجعله في كيس أو خرقة ويحتاط في ذلك انتهى وقال بعيد ذلك
والجرح الذي لا يندمل ولا ينقطع دمه معفو عنه ولا يجب شدة عند كل صلاة وحمله على الاستحاضة قياس وكذا القول في سلس البول على ما
بينا انتهى والظاهر أن تشبيه السلس من حيث الحدث بالجرح من حيث الخبث والا فقد ذكر في السلس وجوب التحفظ عن النجاسة ويحتمل كلامه
احتمالين آخرين أحدهما انه يجب عليه ان يتوضأ عند دخول كل وقت من الأوقات الثلاثة فيصلى به ما شاء إلى أن دخل وقت اخر الثاني ان مطلق البول في حقه
غير ناقص والحدث في حقه غير البول وما احتملناه أظهر لكن في غالب افراد السلس وهو الذي يبول قريبا من المتعارف ثم يقطر منه القطرات تدريجا
إما لو فرض ان جميع بوله يخرج متقاطرا على التدريج فيحمل على أحد الاحتمالين الأخيرين وكيف كان فيمكن
الاستدلال له مضافا إلى عموم ما غلب الله
بحسنة منصور بن حازم بابن هاشم ان أبى عبد الله (ع) في الرجل يقطر منه وهو لا يقدر على حبسه قال إذا لم يقدر على حسبه فالله أولي بالعذر وليجعل خريطة
دل على أن ما لا يقدر على حبسه فهو معذور فيه فلا يوجب عليه ازالته لأجل الصلاة ولا تجديد طهارة وإن كان بين صلوتين وقريب منها
صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع) انه سئل عن تقطير البول قال يجعل خريطة إذا صلى إذا صلى ومكاتبة عبد الرحمن عن أبي الحسى (ع) في خصى
يبول فيلقى من ذلك شدة ويرى البلل بعد البلل قال يتوضأ ثم ينتضح ثوبه بالنهار مرة هذا ولكن الانصاف عدم دلالة هذه الأخبار و
لذا لم يتمسك الشيخ بما عدا الأصل إما القاعدة فلانها مسوقة لبيان ان ما غلب الله عليه من العارض المخل بالتكليف لو فرض كونه لا من قبل الله
لم يكن معفوا فهو معفو عنه ولا يوجب شيئا على المكلف فمورده فيما نحن فيه هو ما يتقاطر في أثناء الصلاة مما يوجب بطلان الصلاة
من حيث الحديثة والخبثية لو لم يكن لمرض دون ما يتقاطر بين الصلاتين ومنه يظهر ان مورد السؤال في الرواية ومحل تحير الراوي هو ما يتقاطر
في أثناء الصلاة واما الرواية الثانية فورد السؤال من حيث النجاسة واما الثالثة فيحتمل ان يراد منها التوضي لكل صلاة لا توضى واحد
لصلوات النهار فلم يبق الا الأصل وهو لا يعارض العمومات المتقدمة التي لأجلها قيل بل نسب إلى المشهور انه يتوضأ لكل لعدم الدليل
على العفو عما يقع بين الصلاتين هذا ولكن مقتضى ما ذكرنا عدم العفو عن ذلك من حيث الخبث إذا أمكن تطهير الحشفة وتغيير القطنة لكل
152

صلاة كما افتى به في الذكرى وغيرها مع أن الظاهر من الحسنة المتقدمة كفاية جعل الخريطة بل مقتضى العموم عدم العفو من حيث الحدث أيضا
عما يقع في الأثناء إذا أمكن تجديد الطهارة والبناء على ما مضى من الصلاة إذا لم يستلزم فعلا كثيرا بان كانت الطهارة تيمما أو وضوء ارتماسيا
لا يحتاج إلى فعل كثير وأما إذا احتاج إلى فعل كثير فيقع التعارض بين أدلة ابطال الفعل الكثير وأدلة حديثة مطلق البول المتضمنة إلى أنه
لا صلاة الا بطهور واما قاعدة ما غلب الله فهى قابلة لان يثبت بها المعذورية في حديثة ما يقع في الصلاة وان يثبت بها تسويغ الفعل الكثير
فيها ودعوى استلزامه لمحو صورة الصلاة منقوصة بالتزام ذلك في المبطون كما سيجئ فلم يبق الا استصحاب عدم الحدث الناقض أو اباحته
في الصلاة فهو المرجع ولو نوقش فيها فلا أقل من أصالة البراءة من وجوب الوضوء في الأثناء ولا يعارض باستصحاب عدم انقطاع الصلاة بهذا الفعل
الكثير أعني الوضوء وأصالة عدم نعتيه فالامر دائر بين الشرطية والقاطعية لأن الشك في القاطعية مسبب عن الشك في شرطية الوضوء فإذا لم
يعلم شرطية والامر به كان فعللا أجنبيا قاطعا ودوران الامر بين الشرطية والقاطعية انما هو فيما كان كل من فعله وتركه محتمل الشرطية لا ان يكون
فعله محتمل الشرطية ويترتب على عدم شرطية المستلزم لكونه كثيرا أجنبيا كونه قاطعا فافهم وبه يظهر ضعف ما في السرائر من الفصل
بين من يتوالى منه التقاطر من غير تراخ بين الأحوال فكالمشهور وبين من تراخى فيه زمان الحدث فليتوضأ للصلاة فإذا بدره وهو فيها خرج و
توضأ وبنى على ما مضى نعم ربما يستأنس له بما سيأتي من الرواية في المبطون لكن المناط غير مفتح وبما ذكرنا ظهر ان مذهب المشهور أوفق بالأصول
بناء على أن مطلق استئناف الطهارة في أثناء الصلاة فعل كثير مبطل لكن هنا قول رابع أجمع الأقوال من حيث الدليل اختاره في المنتهى وعن
جماعة من متأخري المتأخرين الميل إليه وهو انه يجمع بين الظهرين بوضوء وبين العشائين بوضوء وللصبح وضوء لصحيحة حريز إذا كان الرجل يقطر
منه البول والدم إذا كان حين الصلاة اتخذ كيسا وجعل فيه قطنا ثم علقه عليه وادخل ذكره فيه ثم صلى يجمع بين صلوتين الظهر والعصر يؤخر
الظهر ويعجل العصر باذان وإقامتين ويؤخر المغرب ويعجل العشاء باذان وإقامتين ويفعل ذلك في الصبح فان الامر بالجمع بين الصلاتين
كالصريح في عدم تجديد الوضوء بل مقتضى عوام أدلة مانعية ما يتقاطر من حيث الخبيثة الاقتصار في العفو على ما يحدث في مقدار صلوتين من الزمان
لكن ظهورها في كفاية الوضوء لكل صلوتين من باب المسكوت في مقام البيان فالجرأة على رفع اليد بها عن عموم لا صلاة الا بطهور المنضم
إلى عموم أدلة حديثة البول مشكل لكن ظاهرها وجوب المبادرة إلى الصلاة الثانية بعد الفراغ عن الأولى فالعفو عن النجاسة الزايدة
بمقدار زمان الوضوء خصوصا إذا احتاج هو أو مقدماته إلى زمان طويل يحتاج إلى دليل وقد ظهر مما ذكرنا حكم غير سلس البول ممن لا
يستمسك حدث بمقدار الصلاة فإنه ان لم يتمكن من اتيان بعض الصلاة متطهرا توضأ لكل صلاة لأصالة عدم إباحة أزيد منها بوضوئه
وكذا لو تمكن لكن احتاج تجديد الوضوء إلى فعل كثير مبطل أو قلنا إن نفس الطهارة في أثناء الصلاة ما حية لصورة الصلاة كما تقدم لان تجديد
الوضوء في أثناء الصلاة قد عرفت انه لا دليل عليه والأصل عدمه مضافا إلى ما ذكرنا من الاستصحاب لو تم نعم لو لم يستلزم تجديد الطهارة
فعلا مبطلا فمقتضى القاعدة وجوب الطهر في أثناء الصلاة والبناء على ما مضى هذا من حيث الحديثة واما من حيث نجاسة ذلك الخارج فمقتضى
القاعدة وإن كان وجوب ازالتها حتى في الأثناء إذا لم يستلزم فعلا مبطلا الا ان الحسنة المتقدمة دلت على أن النجاسة في السلس معفو عنها
من حيث إنه مما غلب الله فيقتصر على جعل الخريطة للتحفظ عن سراية النجاسة فيتعدى إلى غير البول الا ان يدعى ان المسلم ظهور الحسنة في العفو
عما يقطر في أثناء صلاة واحدة لا أزيد جزم في السرائر بوجوبها لكل صلاة وفى الذكرى الأحوط وجوب تغيير الكيس صلاة كالمستحاضة
إذا أمكن لوجوب تقليل النجاسة عند تعذر ازالتها وأنكر وجوبه في المعتبر مقتصرا على موضع النص في المستحاضة انتهى ثم إن هذا كله مع
قطع النظر عن ورود النص في بعض الافراد على خلاف مقتضى الأصل والا فهو المتبع ولذا قيل بل نسب إلى المشهور ان من به البطن وهو مرض
يوجب الاسهال إذا تجدد حدثه في الصلاة تطهر وبنى للروايات عن ابن مسلم ففي احديها المبطون يبنى على صلاته وفى الصحيحة الأخرى صاحب
البطن الغالب يتوضأ ويبنى على صلاته وفى ثالثة يتوضأ ثم يرجع فيتم ما بقى بناء على أن المراد بالتوضي إما خصوص التطهر من الحدث أو
التطهر عنه وعن الخبث إما إذا أريد به الاستنجاء فقط فلا يدل على المدعى الا بناء على أن القول بوجوب الاستنجاء في الأثناء ملازم للقول
بوجوب التطهر من الحدث وان لم يعكس كما في السلس خلافا للمحكى عن أكثر كتب العلامة فالحق المبطون في أنه يتوضأ لكل صلاة بناء على أنه لا فائدة
في التجديد لان هذا التكرر ان نقض الطهارة نقض الصلاة لما دل على اشتراط الصلاة باستمرار الطهارة وفيه ان اشتراط عدم تخلل الحدث
في أثناء الصلاة لا يدل الاعلى اشتراط الطهارة في الصلاة التي هي عبارة عن الافعال فيكفي فيه وقوع الافعال مع الطهارة ولا يقدح من هذه
الجهة تخلل الحدث إذا لطهر لأفعالها فقوله (ع) لا صلاة الا بطهور نظير قوله لا عمل الا بنية في اعتبار وجودها في اجزاء العمل لا في أحوال الكون
فيه وان لم يشتغل بجزء منه نعم تخلل الحدث وكونه ناقضا للصلاة حكم اخر ثبت بالدليل لكن المفروض ان فقد هذا الشرط لا يقدح في الصلاة.
153

اجماعا فاهماله لا يوجب اهمال مقتضى قوله لا صلاة الا بطهور هذا مضافا إلى ما تقدم من الاخبار نعم لو اغمض عنها لدعوى قصور في دلالتهما كان
الأحسن لاستدلال على هذا المذهب بأصالة البراءة عن وجوب تجديد الطهارة بعد تعارض قوله لا صلاة الا بطهور المنضم إلى أدلة اطلاق
حديثه هذا الحدث مع ما دل على بطلان الصلاة بالفعل الكثير فيرجع إلى أصالة البراءة من تجديد الوضوء لأنه مشكوك الشرطية مضافا إلى
ما تقدم من استصحاب الإباحة وصحة المضي في الصلاة على تقدير الإغماض عما اوردنا عليه سابقا ثم إن في وجوب إزالة الخبث عند تجديد الطهارة
لعموم أدلته أو عدمه لمعارضتها بأدلة ابطال الفعل الكثير في أثناء الصلاة خرج ما اتفق على جوازه وهو التطهر من الحدث فيرجع إلى أصالة عدم
الوجوب وجهين هذا كله فيمن تمكن من فعل لا صلاة بحيث لا يلزم عليه من من تجديد الطهارة والبناء على ما مضى حرج شديد لتكرره في الصلاة
إما لو كان الحدث كثير التكرر بحيث يتعذر التجديد والبناء رجع فيه إلى مقتضى القاعدة وهو مذهب المشهور في السلس والظاهران
اطلاق المبطون في كلام المشهور ينصرف إلى الأول وحكم الثاني عند هم حكم السلس كما أنه قد يدعى ان اطلاق السلس في كلامهم أيضا ينصرف إلى من
لا يتمكن من التجديد والبناء واما التمكن منه فحكمه حكم المبطون لكن لا يخفى ان الحاق الفرد من المبطون بالسلس لا يخالف شيئا من الأصول بخلاف
الحاق الفرد من السلس بالمبطون فإنه مخالف لأصالة البراءة في المشكوك الشرطية مع عدم التمكن من الاحتياط لدوران التجديد بين كونه شرطا
لو مبطلا الا بتكرار العبادة هذا مع الإغماض عن قاعدة ما غلب الله كما ذكرنا من دورانه بين ان يوجب المعذورية في ترك الطهارة أو في ايتان
الفعل الكثير لأجل تحصيلها وقد يق؟ ان أدلة ابطال الفعل الكثير لا تنصرف إلى مثل المقام وفساده غير خفى فان نفس فعل الطهارة في أثناء الصلاة
مبطل قطعا ولذا لو اشتغل أحد في أثناء بالوضوء التجديدي بطلت قطعا وانما وقع الشك فيما نحن فيه من جهة مزاحمة هذا بشئ اخر وهو
فعل بعض أفعال لا صلاة مع الحدث فلا بد من ملاحظة ما هو الا رجح في نظر الشارع إما لكونه أهم واما لكونه أيسر على المكلف ومع الشك في التعيين
فالمرجع هو الأصل واعلم أنه ذكر في السرائر ان مستدام الحدث يخفف الصلاة ولا يطيلها ويقتصر فيها على أدنى ما يجزى المصلى عند الضرورة
وقال إنه يجزيه ان يقرء في الأوليين بام الكتاب وحده وفى الأخيرتين بتسبيح في كل واحدة أربع تسبيحات فإن لم يتمكن من قرائة فاتحة الكتاب
سبح في جميع الركعات فإن لم يتمكن من التسبيحات الأربع لتوالى الحدث منه فليقتصر على ما دون التسبيح في العدد ويجزيه منه تسبيحة واحدة
في قيامه وتسبيحة في ركوعه وتسبيحة في سجوده وفى التشهد ذكر الشهادتين خاصة والصلاة على محمد واله صل يا لله عليه واله وعليهم
السلام مما لابد منه ف التشهدين ويصلى على أحوط ما يقدر عليه في بدار الحدث من جلوس أو اضطجاع وإن كان صلاته بالايماء أحوط له في
حفظ الحدث ومنعه من الخروج صلى موميا ويكون سجوده اخفض من ركوعه انتهى أقول ظاهر الاخبار في السلس ونحوه ان له ان يصلى الصلاة
المتعارفة وان هذا المرض موجب للعفو عن الحدث لا للرخصة في ترك أكثر الواجبات تحفظا عن هذا الحدث فتأمل
وسنن الوضوء أمور منها
وضع الاناء على اليمين في المشهور بل عن المعتبر والذكرى وغيرهما نسبة إلى الأصحاب واستدل عليه في الكتابين بما روى من أنه صلى الله عليه وآله
كان يجب التيامن في طهوره وشغله وشأنه كله لكن في صحيحة زرارة الحاكية لوضوء رسول الله صلى الله عليه وآله عن الباقر (ع) فدعى
بقعب فيه ماء فوضعه بين يديه والمراد بالاناء في معقد الفاق المعتبر والذكرى هو ما يغترف منه دون ما يصب منه على اليد وربما احتمل كون
اطلاق رجحان وضعه على اليمين في كلام بعضهم كاشفا عن رجحان كون الاناء مما يغترف منه لأنه المستفاد من الوضوءات البيانية وفيه
نظر لان الاغتراف من الاناء في تلك الوضوءات بعد كون الحاضر اناء يغترف منه فلا يدل على استحباب الاغتراف وليس لاحضار الاناء الذي
يغترف منه دخل في ببيان الوضوء كما لا يخفى مع أن في كثير من الوضوءات المحكية كما مر في مسألة التولية الوضوء بغير الاغتراف ومما ذكرنا يظهر انه
لو كان الماء في حوض أو نهر أمكن استحباب جعله عن اليمين ومنها الاغتراف بها بها أي باليمين لما تقدم ولبعض الوضوءات البيانية ولقوله (ع)
في حكاية وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله في العرش انه يلقى الماء بيمينه فلا جل ذلك صار الوضوء باليمين ومقتضى اطلاق الفتاوى و
النصوص عموم الحكم لغسل اليمنى فيغترف باليمنى ويصب على اليسرى مضافا إلى صريح بعض الوضوءات الحاكية من اغترافه (ع) باليمنى و
صبه في اليسرى ثم غسل اليمنى بها لكن في غير واحد منها الاغتراف باليسرى لغسل اليمنى لكن هذا يحتمل كونه فعلا عاديا بخلاف الأول
مضافا إلى عموم استحباب الوضوء والطهو ر باليمنى الا ان يستظهر منها استحباب الغسل باليمنى إذا أمكن بها وباليسار إذا لم يمكن فلا يشمل
اخذ الماء من الاناء بعد لزوم صبه على اليسار والغسل به ومنها التسمية اجماعا كما في المنتهى والذكرى وفى المعتبر انه ان اقتصر على ذكر اسم الله
اتى بالمستحب ولعله لقوله (ع) من ذكر اسم الله على وضوئه فكأنما اغتسل وفى الذكرى لو اقتصر على بسم الله أجزء لاطلاق قول النبي
صلى الله عليه وآله إذا سميت على وضوئك طهر جسدك كله والتسمية ظاهرة في قول بسم الله ولذا جعله أقل الافراد وقد روى أمر النبي صلى الله عليه وآله
من توضأ بإعادة وضوئه ثلثا فقال له أمير المؤمنين (ع) هل سميت على وضوئك قال لا قال سم على وضوئك فسمى فلم يؤمر بالإعادة
154

وحمله الشيخ على أن المراد النية وهو بعيد ويحتمل ان يكون لما ترك التسمية أنساه الشيطان بعض الواجبات فلما سمى اعاذه الله من شره
قال في الذكرى وفيه دلالة على تأكد الاستحباب والكلام في شرعية الإعادة لفوات مستحب مؤكد وفى الذكرى لو نسيها تداركها في الأثناء وكذا
لو تركها عمدا ويستحب الدعاء بعد التسمية وقراءة الحمد والقدر حكاه في الذكرى عن المفيد ومنها غسل اليدين من الزندين قبل ادخالهما الاناء
الذي يغترف منه من حدث النوم والبول مرة على المشهور للاطلاق والاقتصار عليها في الاخبار كصحيحة الحلبي كم يفرغ الرجل على يده اليمنى قبل ان يدخلها
في الاناء قال واحدة من حدث النوم واثنتان من حدث الغايط وثلث من الجنابة وفى رواية محمد بن سنان اغسل يدك من البول مرة ومن الغايط
مرتين ومن الجنابة ثلثا وأرسل الصدوق عن الصادق (ع) اغسل يدك من النوم وظاهر الصحيحة عدم استحباب الزايد فاطلاق المرتين في
الثلاثة في اللمعة مع عدم المستند له منفى بها نعم في صحيحة حريز يغسل يده من النوم مرة من والغايط والبول مرتين ولكن حملها على إرادة اجتماع الغايط
والبول كما هو الغالب وهو وإن كان خلاف الظن الا ان حمل رواية ابن سنان على أقل المستحب أيضا بعيد لكن الصحيحة أقوى سندا مع أنه يكفي
ان المقام مقام التسامح فالتعدد في البول دون النوم قوى ويمكن الحاق النوم بالبول بملاحظة تعليل الغسل عقيب النوم بأنه لا يدرى أين
باتت يده فان ظاهره كون الغسل لإزالة النجاسة الوهمية الحاصلة من ملاقاة نجاسة البول أو غيره ففي رواية عبد الكريم عتبة الهاشمي سئلت
أبا عبد الله (ع) عن الرجل يبول ولم يمس يده اليمنى شئ أيغمسها في وضوئه قبل ان يغسلها قال لا يغسلها قلت فإنه استيقظ من نومه
ولم يبل أيدخل يده في الاناء قبل ان يغسلها قال لأنه لا يدرى أين باتت يده فليغسلها فان ظاهرها انه وان لم يبل الا ان احتمال ملاقاة البول
قائم وهذا يصلح حكمة لاستحباب التعدد ولاستحباب غسل اليدين وإن كانت صريح الصحيحة الأولى ورواية عبد الكريم وظاهرا الباقي اختصاص الحكم
باليمنى خصوصا إذا قلنا باستحباب الاغتراف باليسرى لليمنى لكن الانصاف ان هذه الحكمة لا تصلح للانعكاس ولذا لم يعتبر في الغسل شرايط
التطهير فإذا جاز التخفيف في كيفية الغسل لأجل كون النجاسة وهمية جاز في كميته فيقتصر على الواحد ولا تصلح للاطراد حتى ينتفى الحكم بانتفائها
وان لم يكن علة له ولذا لم يفرق الأصحاب بين احتمال ملاقاة النجاسة وعدمه واما اختصاص الحكم بالقليل دون الكثير فليس لعدم جريان العلة بل
لاختصاص مورد الاخبار واما القليل الذي يصب منه فالاستحباب فيه قوى لاطلاق كثير من الاخبار ثم إن المشهور ان هذا الغسل من اجزاء الوضوء
ولذا جوزوا ايقاع النية عنده واستفادة ذلك من الاخبار لايخ؟ عن اشكال ويترتب على ما ذكروه انه لا يسقط الا بالامتثال وقصد
التقرب فلا يحصل بفعل الغير ولا بدون القصد ولا بقصد الرياء ولا في ضمن المحرم وجمع في المنتهى بين حكمه في مسألة اليغة بجواز النية
عند غسل اليدين معللا بأنهما من أفعاله جاز ما بذلك وبين قوله في مسألة غسل اليدين وهل هنا من سنن الوضوء فيه احتمال من حيث
الامر به عند الوضوء ومن حيث إن الامر به لتوهم النجاسة لقوله (ع) فإنه لا يدرى أين باتت يده انتهى ولو لم يرد الطهارة ففي استحباب
غسلها اشكال أقربه ذلك لعموم الامر بالغسل لمريد الغمس انتهى فان ظاهر العبارة الأولى الجزم بكونه من أفعال الوضوء وظاهر الثانية
التردد في ذلك وظاهر الثالثة ترجيح خلافه وان الغسل مستحب مستقل لأجل الغمس وجمع في التذكرة أيضا بين الجزم بجواز مقارنة النية بهما
وبقوله وفى افتقارهما إلى النية وجهان من حيث إنهما عبادة أو لتوهم النجاسة انتهى وحكى في الروض عن النهاية عدم اعتبار النية لأنها لو
تحققت لم يحتج إلى النية فالمتوهمة أولي وجزم باعتبارها لان الغسل عبادة باعتبار اشتمال الوضوء عليه ومنها المضمضة وهي إدارة الماء
في الفم والاستنشاق وهو جذبه إلى الانف واستحبابهما هو المعروف في النص والفتوى وفى الرواية أبي بصير هما من الوضوء في الرواية زرارة
ليس المضمضة والاستنشاق فريضة ولا سنة ونحوها الكلام المحكي عن العماني ويمكن حملها على إرادة السنة مقابل الفرض المستفاد من
الكتاب يعنى ليسا بواجبين في كتاب الله ولا في سنة النبي صلى الله عليه وآله ويمكن حملها على عدم كونها من الأجزاء المستحبة للوضوء نظير
غسل اليدين بل هما نظير التسمية والسواك فتأمل وليكن كل منهما ثلثا للمروى عن الأمالي المفيد الثاني ولد شيخ الطايفة عن أمير
المؤمنين (ع) في عهده إلى محمد بن أبي بكر حين ولاه مصروفيه وانظر إلى الوضوء فإنه من تمام الصلاة تمضمض ثلث مرات واستنشق ثلث
إلى أن قال فانى رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يفعل ذلك وفى مكاتبة علي بن يقطين تمضمض ثلثا واستنشق ثلثا قال في الذكرى و
كيفية ان يبدأ بالمضمضة ثلثا بثلث اكف ومع الاعواز بكف واحد يدير الماء في جميع فمه ثم يمجه ثم يستنشق أقول إما الترتيب كما صرح به
في المبسوط والروض فيستفاد من المروى في وضوء أمير المؤمنين (ع) وفيه تمضمض فقال الهم لقني حجتك
يوم ألقاك وأطلق لساني بذكرك
ثم استنشق فقال اللهم لا تحرم على ريح الخ؟ إلى أن قال بعد الفراغ من توضأ مثل وضوئي وقال مثل قولي كان له كذا وكذا وعن النهاية جواز
تعقيب كل مضمضة باستنشاق واما كون كل منهما بثلث اكف فيمكن استفادته من أدلة اسباغ الوضوء والمروى في رواية السكوني من ضوئه
صلى الله عليه وآله ليبالغ أحدكم في المضمضة والاستنشاق فان غنى ان لكم ومنفرة للشيطان ويؤيده ما سيجئ من استحباب الوضوء بمد واما
155

كفاية الكف الواحد مع الاعواز فلحصول المسمى ومنه يظهر استحباب الفعلين كيفما اتفقا من دون الاعواز للاطلاقات السالمة عن تقييد بما ينافيها
فان استحباب المقيد لا ينافي الاستحباب المطلق أيضا مثل ما تقدم من النبوي وقوله (ع) في حديث الأربعمائة المضمضة والاستنشاق سنة و
طهور للفم والأنف و ح؟ فيجوز الاقتصار على الكف الواحد كما عن ظاهر الاقتصار والجامع لكن في المبسوط ولا يكونان أقل من ثلث ولا فرق
بين ان يكونا بغرفة أو غرفتين ويستحب الدعاء عندهما يعنى بعد المج والجذب أن يقول عند المضمضة اللهم لقني حجتك يوم ألقاك وأطلق لساني
بذكرك وعند الاستنشاق اللهم لا تحرم على ريح الجنية واجعلني ممن يشتم ريحها ورواحها وطيبها ويستحب الدعاء أيضا عند غسل الوجه بقوله
اللهم بيض وجهي يوم تسود فيه الوجوه ولا تسود وجهي يوم تبيض فيه الوجوه وعند غسل اليدين بقوله عند اليمنى اللهم اعطني كتابي بيمنى والخلد في
الجنان بيساري وحاسبني حسابا يسيرا وعند غسل اليسرى اللهم لا تعطني كتابي بشمالي ولا من وراء ظهري ولا تجعلها مغلولة إلى عنقي وأعوذ بك
من مقطعات النيران وعند مسح الرأس بقوله اللهم غشني برحمتك وبركاتك وعند مسح الرجلين بقوله اللهم ثبتني على الصراط يوم تزل فيه الاقدام و
اجعل سعى فيما يرضيك عنى وزاد في الفقيه يا ذا الجلال والاكرام وعند الفراغ بقوله الحمد لله رب العالمين وعن الفقيه زكاة الوضوء أن يقول
المتوضى اللهم إني أسئلك تمام الوضوء وتمام الصلاة وتمام رضوانك والجنة ولعله للنبي صلى الله عليه وآله يا علي إذا توضأ فقل بسم الله اللهم إني أسئلك
تمام الوضوء وتمام الصلاة وتمام رضوانك وتما مغفرتك فهذا زكاة الوضوء وعن البحار عن الفقه الرضوي أيما مؤمن قرء في وضوئه انا أنزلناه في
ليلة القدر خرج من ذنوبه كيوم ولدته امه وعن البحار أيضا عن كتاب اختيار السيد والبلد الأمين من قرء بعد اسباغ الوضوء انا أنزلناه في ليلة القدر و
قال اللهم إني أسئلك تمام الوضوء وتمام الصلاة وتما رضوانك وتمام مغفرتك لم يمر بذنب اذنبه الا محقه وعن كتاب الاختيار عن الباقر (ع)
من قرء على اثر وضوئه أية الكرسي مرة أعطاه الله ثواب أربعين عاما ورفع له أربعين درجة وزوجه الله أربعين حوراء وعن تفسير الامام
الغسكرى (ع) المستمل على ثواب الوضوء انه ان قال في اخر وضوئه أو غسله من الجنابة سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا إله إلا أنت استغفرك
وأتوب إليك وأشهد أن محمدا عبدك ورسولك واشهد ان عليا وليك وخليفتك بعد نبيك وان أولاده خلفائك وأوصيائه تحاتت عنه
الذنوب كما يتحات أوراق الأشجار وخلق الله بكل قطرة من قطرات وضوئه أو غسله ملكا يسبح الله ويقدسه ويهلله ويكبره ويصلى على محمد واله الطيبين
وثواب ذلك لهذا المتوضى ثم يأمر الله بوضوئه وغسله ويختم عليه بخاتم من خراته رب العزة ومنها ما ذكره الشيخ وابن زهرة والكيدري والحلى
والفاضلان بل عن الغينة والتذكرة الاجماع عليه من أن يبدأ الرجل بظاهر ذراعيه في الغسلة الأولى وفي الثانية بباطنهما وان تفعل المرأة بالعكس
لقوله (ع) في رواية محمد بن إسماعيل بن بزيع فرض الله على النساء في الوضوء ان يبدئن بباطن أذرعهن وفى الرجال بظاهر الذراع والمراد بالفرض
التقدير والتشريع لا الايجاب قال في الذكرى والرواية مطلقة في الغسلتين وأكثر الأصحاب لم يفرقوا بين الأولى والثانية في الرجل والمرأة أقول
لعل الشيخ ومن تبعه لم يفهموا اطلاق الرواية بالنسبة إلى الغسلة الثانية كما يقتضيه الانصاف وانما رجحوا العكس في الغسلة الثانية لان المقصود منها
الاسباغ والاحتياط في الاستيعاب وكمال الامرين انما يحصل إذا ابتدء فيها بغير في الأولى ولذا ذكرا الإسكافي في كيفية غسل اليدين انه لو
اخذ بظهر ذراعه غرفة وبطنها أخرى كان أحوط انتهى فإذا استحب لأجل الاحتياط عند الاكتفاء بغسلة واحدة غرفة للظاهرة واخرى للباطن كان
مراعاة ذلك أولي عند تعدد الغسلة وبالجملة فالاسباغ الكامل لا يحصل الا بالصب من الطرفين نعم لو كانت الرواية شاملة باطلاقها للغسلة الثانية
أشبه ما ذكرناه بالاجتهاد في مقابل النص مع امكان ان يقال ح؟ ان البدأة بطرف واحد في الغسلتين مستحب شرعي والاختلاف فيها بقصد تكميل
الاسباغ أيضا مستحب اخر لكن الانصاف ظهور الرواية في الغسلة الواجبة ومنها ان يكون الوضوء بجميع غرفاته الواجبة والمستحبة وهي أربع عشرة
أو خمس عشرة غرفة بمد بلا خلاف بل عن جماعة الاجماع عليه ويدل عليه الأخبار المستفيضة ففي النبوي الوضوء مد والغسل صاع وسيأتي بعدي
أقوام يستقلون ذلك فأولئك على خلاف سنتي والثابت على سنتي معي في خطيرة القدس وفى رواية زرارة كان يتوضأ رسول الله صلى الله عليه وآله
يتوضأ بمد ويغتسل بصاع والمد رطل ونصف والصاع ستة أرطال الخبر والمراد بالرطل فيها المدني وهو يزيد عن العراقي بنصفه فالمد رطلان
وربع بالعراقي وهو مائتان واثنان وتسعون درهما ونصفا نسبه في الذكرى إلى الأصحاب وهي مائة وثلاثة وخمسون مثقالا وكسرا فكل غرفة عشرة
مثاقيل من الماء أو أزيد بقليل نعم لو لم يلاحظ الغسلات المستحبة أشكل توجيه ذلك ولذا قال في الذكرى ان هذا المد لا يكاد يبلغه ماء الوضوء الا ان
يدخل فيه ماء الاستنجاء كما تضمنته رواية ابن بكير عن أمير المؤمنين (ع) الحاكية لوضوئه (ع) حيث قال أتوضأ للصلاة ثم ذكر الاستنجاء ويؤيده
ما سيجئ في الاستعانة من صحيحة الخداء لكن فيه انها انما توضأ للاستنجاء من البول وزيادة على ماء الوضوء لا يبلغ به المد ثم ظاهر التحديد بالمد
ان الزايد ليس مستحبا بل ربما يكون مكروها لما روى من أن الله جل ذكره ملكا يكتب سرف الوضوء كما يكتب عدوانه واما قوله (ص)
في النبوي السابق وسيأتي أقوام يستقلون ذلك فيحتمل وجوها وهنا مستحبات لم يذكرها المصنف قده؟ منها السواك بكسر السين مصدر ساك
156

الشئ وساك فيه العوادي دلكه ويطلق على نفس العود كالمسواك واستحبابه في الجملة مجمع عليه وفى الحدائق لا خلاف بين أصحابنا في استحبابه مطلقا
خصوصا للصلاة والوضوء والاخبار به مستفيضة منها قوله - (ع) لكل شئ طهور وطهور الفم السواك وعن أمير المؤمنين (ع) ان أفواهكم
طرق القران فطهروها بالسواك وعن أبي جعفر وأبى عبد الله (ع) ركعتان بسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك ويتأكد عند القيام
من النوم خصوصا لصلاة الليل وفى النبوي لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك عند وضوء كل صلاة وفى رواية السواك شطر الوضوء ويتحقق السواك
بالدلك باليد للاطلاقات وفى مرسل الكافي أدنى السواك ان تدلك بإصبعك وفى رواية السكوني عن الصادق (ع) ان رسول الله صلعم؟
قال التسويك بالابهام والمسبحة عند الوضوء سواك ويستحب بقضيب الشجر قيل وأفضله الأراك قال في الذكرى والظاهر أن محله قبل غسل اليدين
لرواية المعلى بن خنيس في ناسيه قبل الوضوء قال تستاك ثم تمضمض ثلثا والأولى الاستدلال عليه بما تقدم في النبي صلى الله عليه وآله من أنه عند الوضوء
مع أنه مقتضى كونه طهور للفم الذي هو طريق للقران والدعاء ومنها صفق الوجه بالماء على ما رواه الصدوق وعن الصادق عليه السلام إذا توضأ
الرجل صفق وجهه بالماء فإنه إن كان نائما استيقظ وإن كان بردا لم يجد البرد وعورض بما في التهذيب لا تضربوا وجوهكم بالماء إذا توضأ تم وجمع
بينهما بحمل هذا على الأولى والأول على الإباحة ومنها فتح العينين عند غسل الوجه قال الصدوق وروى عن النبي صلى الله عليه وآله
افتحوا عيونكم عند الوضوء لعلها لا ترى نار جهنم قال في الذكرى ولا ينافيه حكم الشيخ في الخلاف بعدم استحباب ايصال الماء إلى داخل العين محتجا
بالاجماع وكذا في المبسوط لعدم التلازم بينه وبين الفتح وفى الذكرى أيضا لم اقف على نص الأصحاب في استحباب الاستقبال بالوضوء ولا في كراهة
الكلام بغير الدعاء ولو اخذ الأول من قولهم (ع) أفضل المجالس ما استقبل به القبلة والثاني من منافاته للاذكار والدعوات أمكن ويكره
في الوضوء منها ابقاءه في المسجد من حدث البول والغايط لرواية رفاعة سئل أبا عبد الله (ع) عن الوضوء في المسجد فكرهه من البول و
الغايط ورواية بكير بن أعين عن أحدهما (ع) إن كان الحدث في المسجد فلا باس بالوضوء في المسجد محمولة بقرينة فرض الحدث في المسجد على غير الحدثين ومنها
لطم الوجه بالماء لطما كما في رواية قرب الإسناد المتقدمة في غسل الوجه ومنها ان يستعين في طهارته بان يكل إلى الغير بعض مقدماته القرينة التي لا
تحصل غالبا الا بالتحصيل بحيث يعدها فاعلها في العرف كالمشارك له في العمل كصب الماء في اليد واعانتها على الصب وفى رفع كم المتوضى وتجفيف
موضع المسح تردد إما مثل احضار الماء أو تسخينه فلا يعد الفاعل لها كالشريك لان العمل غالبا لا يتوقف على فعلها وانما يتوقف على وجود الحاصل منها
أعني حضور الماء وسخونته إما وجود الماء في اليد فإنه لا يحصل غالبا الا بفعل المباشر للوضوء فإذا باشره غيره فقد صار كالشريك له وكانه لذلك
استدل جماعة من الأصحاب على الكراهة تبعا للإمام (ع) في بعض الأخبار المتقدمة في مسألة التولية بقوله تع؟ ولا يشرك بعبادة ربه أحدا مع أن الاشراك
الحقيقي غير حاصل بمجرد فعل بعض المقدمات فكان في تحريم المشاركة الحقيقة تبينها على كراهة المشاركة المجازية الحاصلة بملاحظة المجموع المركب
من نفس الفعل ومقدماته المتوقفة غالبا على مباشرة الفاعل ثم إن في صحيحة الحذاء المروية عن يب؟ قال وضأت أبا جعفر (ع) وقد بال وناولته
ماء فاستنجى ثم صببت عليه كفا فغسل وجهه وكفا غسل به ذراعه الأيمن وكفا غسل به ذراعه الأيسر ثم مسح بفضل النداء رأسه ورجليه الخبر
قال في الذكرى ويحمل على الضرورة وقد يترك الإمام (ع) الأولى لبيان جوازه أقول قد يعارض المكروه أمور أخر أرجح من تركه غير بيان الجواز
والأصل في ذلك أن الفعل مجمل لا يعارض القول ومنها ان يمسح بلل الوضوء من أعضائه بمنديل المداومة العامة عليه وقد جعل الرشد في خلافهم ومنه
يعلم أن الاخبار المتضمنة لفعل الأئمة (ع) للتمندل وأمرهم به بل الامر بمسح الوجه بأسفل القميص محمول على التقية بان فيه تفويت الثواب
المكتوب للمتوضئ ما دام البلل فكأنه ابطال للعمل أي تضييع له واحباط ويمكن ان يستدل أيضا برواية محمد بن حمران عن أبي عبد الله (ع) من توضأ
وتمندل كانت له حسنة وان توضأ ولم يتمندل كان له ثلاثون حسنة بناء على أن ظاهرها كون الثلثين بإزاء أصل الوضوء والتمندل موجب
لنقص ثوابه فيكون مكروها إذا كما أن ايقاع العبادة انقص ثوابا يتصف بالكراهة المصطلحة في العبادات كذا ادخال النقص عليها بعد الايقاع و
يمكن الاستدلال على الكراهة أيضا ويحتمل ان يكون الحسنة الواحدة بإزاء أصل الوضوء والزايدة بإزاء ابقاء اثر الوضوء فيكون التمندل تركا
لمستحب مستقل ولا ينبغي عده ح؟ مكروها بل ينبغي عد تركه مستحبا واستحباب الترك من حيث هو ترك وإن كان مستلزما الكراهة الفعل الا ان
تركه هنا مقدمة للابقاء المستحب
الرابع في احكام الوضوء المترتبة عليه أو على جزء منه بملاحظة وجوده في مقابل الحكم المترتب عليه بملاحظة
ايجاده كوجوبه واستحبابه في نفسه أو لأجل الغاية أو لحدوث أسباب وجوبه أو ندبة قد ذكر المصنف بعضها في ضمن مسايل
الأولى من تيقن الحدث وشك
في الطهارة بعده أو تيقنهما وشك في المتأخر تطهر لما يوجده من الافعال بعد الشك لا لما أوجده قبل ذلك فلو شك من تيقن الحدث في الطهارة
بعد ما فرغ من الصلاة مضت صلاته وتطهر لما يأتي لتقدم قاعدة نفى الشك بعد الفراغ على الاستحباب خلافا لبعض كما سيجئ ولو ارتبط اللاحق
بالسابق كما لو شك وهو في أثناء الصلاة فالأقوى وجوب التطهير والاستيناف التوقف احراز الطهارة للاجزاء اللاحقة على ذلك وسيأتي تمام
157

الكلام في مسألة الشك بعد الفراغ من الوضوء بلا خلاف ولا اشكال في الأول ويدل عليه مضاف إلى الأخبار
المستفيضة الاستصحاب متفق
عليه في مثل المقام بين العلماء الأعلام بل بين قاطبة أهل الاسلام بل عده مثله المحدث
الاسترآبادي المنكر لحجتيه الاستصحاب في بعض فوايده من
ضروريات الاسلام وقد يستدل أيضا بقوله (ع) إذا استيقنت انك أحدثت وبمفهوم قوله بعد ذلك وإياك ان تحدث وضوءا حتى
تستيقن انك قد أحدثت بناء على أن التحذير عن الوضوء بنية الوجوب قبل يتقن الحدث يدل على ثبوت الوجوب بعده لكن الانصاف ان ظاهرهما
وجوب الوضوء حين يتقن الحدث لا إذا حصل له يتقن الحدث في زمان وطرء الشك بعد ذلك ولا فرق بين فيما ذكر بين كون بقاء الحدث مظنونا أو
مشكوكا أو موهوما لاطلاق النص والفتوى واعتبار الاستصحاب لا بشرط إفادته الظن بالبقاء في خصوص مورده بل لو قلنا باعتباره من
باب الظن فالمراد به إفادته له من حيث هو لو خلى وطبعه وان ارتفع الظن بسبب بعض الموهنات الا ان لشيخنا البهائي قده في حبله المتين في عكس
المسألة وهو يتقن الطهارة والشك كلاما ظاهرا في أن اعتبار بالاستصحاب تابع للموارد الشخصية المختلفة في حصول الظن بالبقاء و
عدمه فلا يعتبر الا مع حصول الظن في خصوص المورد وسيجئ ذكره في المسألة الآتية واما الثاني فالحكم بوجوب التطهر فيه هو المشهور قديما و
حديثا إذ لا صلاة الا بطهور والشك في التلبس بالطهارة كما هو المفروض فيما نحن فيه شك في المشروط وهذا معنى ما في المقنعة والسرائر
من حيث إنه يجب عليه الوضوء ليزول عنه الشك ويدخل في صلاته على يقين الطهارة وأوضح منهما قول الشيخ في التهذيب انه مأخوذ على الانسان
ان لا يدخل في الصلاة الا بطهارة فينبغي ان يكون متيقنا بالطهارة ليسوغ له الدخول فيها ومحصل ذلك ما في المعتبر في الاستدلال على
وجوب الطهارة فيما لم يعلم الحالة السابقة على الحالتين من قوله لعدم حصول اليقين بالطهارة بل ظاهر التذكرة ان هذا هو استدلال
كل من قال بهذا القول وليس هنا من مجارى أصالة البراءة لاختصاصها بصورة الشك في شرطية الشئ لا في وجود الشرط وقد يتوهم انه إذا لم
يجعل الطهارة شرطا بل جعلنا الحدث مانعا كفى عدم اليقين بالحدث وهو حاصل في محل الكلام ويندفع أولا بما تقدم من أن الطهارة عدم الحدث
فإذا كان الحدث مانعا كان عدمه شرطا وثانيا ان المانع لا يكفي فيه عدم اليقين بوجوده بل يعتبر اليقين بعدمه ولو بحكم الأصل ومن هنا ظهر ان
حكمهم هنا بوجوب الطهارة ليس لكون الحدث حالة أصلية في الانسان كما تقدم توهمه من بعض في أول باب الاحداث بل لوجوب احراز العلم بعدمه ولو
بحكم الأصل واما دعوى ان المانع يكفي فيه عدم العلم به ولا يحتاج إلى احراز عدمه ولو بالأصل فهى ممنوعة جدا ويؤيد ما ذكرنا في الفقه الرضوي
وان كنت على يقين من الوضوء والحدث ولا تدرى أيهما أسبق فتوضأ ويمكن دعوى انجباره في المقام الشهرة المحققة وظهور الاتفاق المفهوم
من نسبة في الذكرى إلى الأصحاب وربما يستدل بقوله (ع) إذا أقمتم إلى الصلاة فاغسلوا أوجب الوضوء عند كل صلاة وكذلك قوله إذا دخل الوقت
وجب الصلاة والطهور ولم يعلم خروج ما نحن فيه عن اطلاقهما وبقوله (ع) إذا استيقنت انك أحدثت فتوضأ والمفروض انه استيقن بأنه أحدث ومنه
وجب الصلاة والطهور ولم يعلم خروج ما نحن بعد حصول أسبابه ومقتضى ذلك على ما سبق في محله من أن الأصل عدم التداخل هو كون كل واحد من تلك
الأسباب ولو وقع عقيب مثله مقتضيا لتكليف مستقل بالطهارة غاية الأمر انه إذا علم تعاقبهما اكتفى الشارع بامتثال التكليفين بفعل واحد فإذا
لم يعلم تواليهما لم يعلم سقوط التكليفين بفعل واحد فلا بد من فعل اخر ليعلم بالسقوط هذا لكن يرد على الأول ان عدم العلم بخروج ما نحن فيه عن عموم الآية
غير مجد بل لابد من العلم بدخوله فيه ولو بحكم أصالة العموم الراجعة إلى أصالة الحقيقة وهي غير جارية فيما نحن فيه لان الآية مخصصة بالمتطهر للاجماع
وبمثل قوله إياك ان تحدث وضوء حتى تستيقن انك قد أحدثت الدال على نفى وجوب الوضوء مع عدم يتقن الحدث قبله وقولهم (ع) يجوز ان يصلى
بوضوء واحد صلاة الليل والنهار والشك فيما نحن فيه في كون الشخص من مصاديق عنوان المخصص أو من مصاديق عنوان العام نظير أكرم العلماء الا
زيدا إذا شك في كون شخص زيدا أو غيره فان كونه زيدا أو غير زيد لا يؤثر في أصالة الحقيقة في العموم بعد العلم بأنه لم يخصص الا بزيد ولم يرد منه الا
معنى مجازى واحد وهو ما عدا زيد فليس الشك في المراد حتى يجرى أصالة الحقيقة وانما المشكوك صدق المراد المعلوم تفصيلا على أمر خارجي
واما قوله إذا دخل الوقت وجب الصلاة والطهور فهو إما مختص بالمحدث الممنوع من الصلاة إذا أريد بالطهور الرافع للحدث أو المبيح للصلاة فلا يجب
الا في حق الممنوع وتحقق هذا الموضوع مشكوك فيما نحن فيه فكيف يثبت الحكم واما مخصص به لمثل ما ذكرنا في الآية ان أريد بالطهور نفس الوضوء
مع قطع النظر عن كونه متلبسا بوصف رفع الحدث أو استباحة الصلاة واما قوله إذا استيقنت ففيه مضافا إلى ما ذكرنا من أن ظاهره وجوب الوضوء
حين تيقن الحدث لا بمجرد حدوثه في زمان وان ارتفع بعده بالشك مع أنه معارض بقوله (ع) في رواية ابن بكير إذا توضأت فإياك ان تحدث وضوئه
حتى تستيقن انك قد أحدثت بناء على ظاهره من إرادة الاحداث بعد ذلك الوضوء وهذا الشخص قد توضأ في زمان ولم يتيقن الاحداث بعده واما
أدلة أسباب الوضوء فيرد عليه بعد الإغماض عن تقيد السبب فيها بقرينة الاجماع على عدم مشروعية أزيد من طهارة واحدة للمعتد المتوالى منها
بما لو يقع عقيب مثله فيشترط في تأثير ما يقع منها عدم مسبوقية بمثله فالشك فيما نحن فيه كما تقدم في الآية شك في المصداق ولا يجرى أصالة
158

الاطلاق انه مسوقة لبيان وجوب الوضوء بعدها بسببها إما لو شك في أن هذا المسبب وقع عقيب السبب الذي اقتضاه وسقط عنا مقتضاه
أو لم يقع بعد ولابد من ايقاعه فيطلب لاثبات وجوب ايقاعه ليحصل اليقين بحصول اثر السبب دليل اخر غير دليل السببية وبالجملة فالحكم
بسببية شئ لوجوب شئ لا يثبت به وجوب تحصيل اليقين لوجود المسبب بل لابد من اثباته بقاعدة الاستصحاب أو قاعدة وجوب اليقين
باحراز الشرط إن كان المسبب المشكوك الحصول شرطا كما فيما نحن فيه إما القاعدة الثانية فهى التي تمسكنا بها في المقام تبعا لجماعة من الاعلام
واما استصحاب عدم تحقق المسبب فلا يخفى على أدنى محصل ما سطر في أكثر كتب الأصحاب وارتكز في أذهان أولي الألباب من معارضة باستصحاب عدم
الرافع وكما يقضى الاستصحاب بعدم تحقق المسبب وهو الوضوء بعد السبب وهو الحدث كك؟ يقضى الاستصحاب بعدم حصول الناقض وهو الحدث بعد
الطهارة المتيقنة بالفرض وهذا معنى المعتبر ان يتقن الطهارة معارض تيقن الحدث ومعناه تعارضهما من حيث مقتضاهما وهو العمل على
المتيقن عند الشك في ارتفاعه والا فهما في أنفسهما غير منافيين لأن المفروض اجتماعهما في المكلف ثم إن في المسألة أقوالا اخر أحدها ما مال إليه في
المعتبر واختاره جامع المقاصد ونسبه شارح الجعفرية إلى المشهور بين المتأخرين من التفصيل بين صورة الجهل بالحالة السابقة على الحالتين
فكالمشهور وبين صورة العلم فيؤخذ بضدها لان تلك الحالة ارتفعت يقينا فوجود الرافع لها يقيني وارتفاع ذلك الرافع مشكوك فيه
مثلا إذا كان قبلها متطهرا فانتقاض تلك الطهارة بالحدث يقيني ولم يعلم ارتفاع ذلك الحدث لاحتمال تقدم الطهارة المعلومة فيرجع
الامر إلى تيقن الحدث والشك في الطهارة ويظهر منه الحال في العكس وانه يرجع إلى تيقن الحدث والشك في الطهارة ولذا قال في الذكرى بعد
حكاية هذا التفصيل انه ان تم ليس خلافا في المسألة لرجوعه إما إلى يقين الحدث مع الشك في الطهارة أو إلى العكس والبحث في غيره انتهى وجزم كاشف
اللثام على ما حكى عنه بان اطلاق الأصحاب الحكم بوجوب التطهر مقيد بعدم علمه حاله قبل زمانهما بل حكى عن المسالك تقييد عبارة الشرايع به فتأمل
أقول إن أريد رجوع ما نحن فيه إلى عين مسئلتي الشك في الطهارة مع يتقن الحدث والعكس فلا يخفى ما فيه لان كلامهم في المسئلتين مفروض في تيقن
أحدهما والشك في وجود الأخر لا في تأثير الأخر المعلوم وجوده وان أريد رجوعه إليهما في الحكم والدليل حيث إن استصحاب بقاء الرافع للحالة السابقة على
الحالتين أعني الحدث في الأولى والطهارة في عكسها سليم عن معارضة باستصحاب بقاء حكم الأخر المعلوم وجوده أعني الطهارة في الأولى والحدث
في عكسها لان العلم بوجوده لا يكفي في استصحابه بل لابد فيه من العلم بتأثيره وهو مفقود في الفرض لاحتمال وقوعه قبل ذلك الرافع وعقيب مجانسه
فلا يؤثر شيئا وبهذا التقرير يظهرون ما ذكره في المدارك تبعا للمنتهى من أن وقوع طهارة في المسألة الأولى وحدث في المسألة الثانية يقنى
أيضا فلابد من العلم بناقص الطهارة ورافع الحدث إذ مجرد الوضوء والحدث ما لم يعلم تأثيرهما لا يعقل فيهما استصحاب لكن وفيه ما ذكره جماعة تبعا
لشارح الدروس من أن المستصحب في الاستصحاب المعارض ليس اثر ذلك الأخر الناشئ عنه حتى يقال إنه غير متيقن في السابق بل المستصحب
هو الأثر الموجود حال حدوثه وان لم يعلم بكونه ناشيا عنه فإذا كان الحالة السابقة على الحالتين هو الحدث فالطهارة رافعة له يقينا وإن كان
مستصحبا الا ان الحالة المانعة المعبر عنها بالحدث متيقن الوجود عند الحدث المعلوم حدوثه وان لم يعلم تأثيره فالأصل بقائه وان لم يكن ناشيا عنه
وقد يدفع بان الحالة المانعة المعلومة عند الحدث المتيقن مرددة بين حالة معلومة الارتفاع واخرى مشكوكة الحدوث فالشك في بقائها مسبب
عن الشك في حدوث الحالة الأخرى والأصل عدم حدوثها اللهم الا ان يمنع كون الشك في بقاء تلك الحالة المانعة مسببا عن الشك في حدوث
الحالة الأخرى بل الشكان مسببان عن الشك في تاريخ الحدث المعلوم وقوعه فاستصحاب عدم حدوث حالة مانعة أخرى كاستصحاب بقاء الطهارة
معارض باستصحاب الحالة المانعة المعلومة فغاية الامر ان هنا استصحابان وجوديا وهو استصحاب الطهارة الرافعة وعدميا وهو استصحاب
عدم حدث اخر بعد هذه الطهارة ويمكن في المقابل مثله وهو استصحاب الحالة المانعة المعلومة عند الحدث الأخر واستصحاب عدم طهارة بعده
نعم لو منع جريان الاستصحاب في الحالة المانعة المردد استنادها إلى الحدث المرتفع أو حدث اخر غيره ثم ذلك القول ثم إن نظير ما نحن فيه ما
لو غسل ثوبا نجسا بمائين يعلم نجاسته أحدهما فإنه يعارض هنا استصحاب الطهارة الرافعة للنجاسة السابقة استصحاب النجاسة المعينة
حال ملاقاة النجس من المائين وكذا لو أصاب ثوبا طاهرا كرا ان أحدهما نجس الا ان المرجع في هاتين المسئلتين إلى قاعدة الطهارة بخلاف ما
نحن فيه فإنه لا يثبت شئ من الطهارة والحدث بالأصل ويبقى ما تقدم من قاعدة الشغل المتقدمة سابقا سليمة الثاني ما عن العلامة في بعض
كتبه من الاخذ بالحالة السابقة على الحالتين استناد إلى تكافوهما الموجب لتساقطهما فيرجع إلى ما قبلهما وفيه ما لا يخفى ان أراد ظاهره وان أراد
بالطهارة خصوص الرافعة وبالحدث خصوص الناقض وبالاستصحاب التزام نوع الحالة السابقة فيرجع إلى التفصيل الثالث للأقوال والمحكى
عنه في المختلف حيث قال إذا تيقن عند الزوال انه نقض طهارة وتوضأ عن حدث وشك في السابق فإنه يستصحب حاله السابق على الزوال فإن كان
في تلك الحال متطهرا بنى على طهارته لأنه تيقن تلك الطهارة ونقض الطهارة الثانية مشكوك فيه فلا يزول اليقين بالشك وان
159

كان قبل الزوال محدثا فهو الان محدث لأنه تيقن انه انتقل عنه إلى الطهارة ثم نقضها والطهارة بعد نقضها مشكوك فيه انتهى وأورد عليه
في الذكرى وجامع المقاصد انه يجوز توالى الطهارتين وتعاقب الحدثين فلا يتعين تأخر الطهارة في الصورة الأولى والحدث في الثانية وهذا
الايراد كما ترى لعدم احتمال التوالي فيما فرضه كما نبه عليه في المدارك نعم اورد في المدارك تبعا للذكرى ان هذا التخصيص يخرج المسألة إلى اليقين
فايراد كلامه قولا في المسألة مما لا ينبغي واعتذر عن ذلك وحيد عصره في حاشية المدارك تبعا لشارح الدروس ان المسألة تتصور على
صورتين الأولى ان يكون الحدث الناقض والطهارة الرافعة كل منهما واحدا غير متعدد على اليقين والثانية وقوع كل واحد منهما على اليقين في
الجملة فالقدر للمتيقن واحد مع احتمال الزيادة باحتمال ان يكونا متحدين أو متعددين فكأنهم حملوا عبارته في
المختلف على الصورة الأولى وغفلوا
عن انه يلزم على هذا ان يكون ونقض الطهارة الثانية مشكوك فلا يزول اليقين بالشك لغوا محضا وكذا قوله والطهارة بعد نقضها مشكوك فان
هاتين الكلمتين صريحتان في التمسك بالاستصحاب وغير خفى ان مراده الصورة الثانية واليقين الحاصل بوقوع حدث في الجملة وطهارة مرافعة كك؟
لا ينفع الا بضميمة الاستصحاب كما لا يخفى فكان ما ذكره قولا في المسألة بالنسبة إلى أحد شقوقها فتأمل انتهى أقول احتمال طرو الضد على المتأخر
ودفعه باستصحاب عدمه أجنبي عما نحن فيه لان الكلام في علاج الجهل بتاريخ الحدث الناقض والطهارة الرافعة وبعد الحكم بتأخر الطهارة عن الحدث
في الصورة الأولى فاحتمال وقوع حدث بعده وعدم احتماله لا دخل فيما نحن فيه توضيح ذلك انا إذا فرضناه متطهرا قبل الزوال وفرض طهارة رافعة
وحدث ناقض وكلما فرض بعده من الطهارة واحدة أو أزيد فلا يكون رافعة حتى يقع بعده ناقض فاحتمال وقوع الطهارة الواحدة أو المتعددة بعد ذلك
غير مؤثر ثم إذا حصل الحدث فكلما يقع بعده من الاحداث لا يكون ناقضا حتى يقع بعده طهارة رافعة فالحكم بتأخر طهارة رافعة عن حدث ناقض مما لابد
منه من غير فرق بين العلم ببقائها والشك في ارتفاعها الموجب لابقائها بالاستصحاب وكيف كان فالظاهر أن اطلاق الشك هنا باعتبار أصله قبل
التروي كما اعترف به جماعة منهم الشهيدان أو ان ما ذكره ليس من قبيل الشك الذي يرجع فيه إلى القواعد بل شك يرتفع بعد الالتفات كما لو شك في عدد
السعي ثم إن العلامة قده قال في القواعد ولو تيقنهما متحدين متعاقبين وشك في المتأخر فإن لم يعلم حاله قبل زمانهما تطهر والا استصحبه انتهى والمراد
اتحادهما في العدد أي استوائهما كحدث وطهارة أو حدثين وطهارتين والمراد بتعاقبهما وقوع الحدث منهما عقيب نوع الطهارة والطهارة منهما
عقيب نوع الحدث واما تعاقب شخصهما فغير متصور ووقوع أحدهما عقيب الأخر لابد منه قيل وانما اعتبر الاتحاد والتعاقب لأنه بدونهما لا يطرد الاخذ
بمثل الحالة السابقة لأنه لو زاد عدد الطهارة على الحدث وكان قبلهما محدثا لم يكن الان محدثا أقول اعتبار الاتحاد بمعنى عدم العلم بالتعدد فهو الذي
ذكره في المختلف بقوله تيقن انه توضأ عن حدث ونقض طهارة فالخارج هو صورة العلم بتعدد الطهارة الرافعة والحدث الناقض واعلم أن
شيخنا في الروض بعد حكاية تفصيلي الفاضلين قال والذي تحصل لنا في المسألة بعد تحرير كلام الجماعة انه ان علم التعاقب فلا ريب في الاستصحاب
والا فإن كان لا يعتاد التجديد بل انما يتطهر حيث تطهر طهارة رافعة فكلام المحقق مع فرض سبق الحدث أوجه لضعف الحكم بوجوب الطهارة مع العلم
بوقوعها على الوجه المعتبر وعدم العلم بتعقب الحدث المقتضى للابطال إذا علم أنه كان قبلها محدثا ولا يرد ان يقين الحدث مكافئ ليقين الطهارة لأن الطهارة
قد علم تأثيرها في رفع الحدث والحدث لم يعلم تأثيره في نقض الطهارة لاحتمال ان يقع بعد الحدث الأول وقبل الطهارة إذا الفرض عدم اشتراط
التعاقب فلا يزول المعلوم بالاحتمال بل يرجع إلى اليقين بالطهارة والشك في الحدث وكلام المختلف في فرض سبق الطهارة أوجه لان نفى احتمال
التجديد يقتضى توسط الحدث بين الطهارتين الا ان هذا القسم يرجع إلى التعاقب فلا يحتاج إلى استدراكه هنا وان لم يتفق له تحقق هذه القيود بل
انما تحقق الطهارة والحدث والشك في المتأخر وجب عليه سواء علم حاله قبلهما أم لا لقيام الاحتمال واشتباه الحال انتهى ولا يخفى ما فيه بعد
الإحاطة بما ذكرنا وكذا ما في كلامه في المسالك مع أنه رجع إلى اطلاق المشهور ثم إن الظاهر جريان الحكم المذكور فيمن تيقن الجنابة والغسل
وشك في المتأخر كما صرح به في المنتهى في مسألة الماء المستعمل في الحدث الأكبر بل الظاهر عدم الخلاف فيه ولذا عبروا عن العنوان بلفظ الطهارة
ولو تيقن ترك عضو أو جزء منه فإن لم يجف البلل عما قبل المتروك اتى به وبما بعده بلا اشكال ولا خلاف محكى الا عن الإسكافي حيث اقتصر على
الآيتان به إذا كان دون سعة الدرهم مسندا ذلك إلى حديث أبي امامة عن النبي صلى الله عليه وآله وزرارة عن أبي جعفر (ع) وابن منصور عن
زيد بن علي (ع) ولم يذكر أصحابنا فيما حضرني من كتبهم في الاخبار والفتاوى شيئا منها نعم ذكر الصدوق انه سئل أبو الحسن (ع) عن الرجل
يبقى من وجه إذا توضأ موضع لم يصبه الماء فقال يجزيه ان يبله من بعض جسده ولا دلالة لها على تحديد الإسكافي وان تيقن الترك وقد جف البلل
عن جميع ما قبل المتروك استأنف الطهارة الشاملة للغسل على ما صرح به العلامة وأكثر من تأخر عنه كفخر الدين والشهيدين والمحقق الثاني وغيرهم
وتخيل بعض تفرد السيد في الرياض بذلك بتعجب منه وقال لم أعثر على ذلك لغيره وجعل منشأ توهم التعميم اطلاق لفظ الطهارة في كلام جماعة وهو كما
ترى وكيف كان فإن كان الشاك على حاله التي كان عليها من التلبس والاشتغال بالطهارة اتى بما شك فيه ثم بما بعده لو كان غير الجزء الأخير مراعاة
160

الترتيب لأصالة عدم الآيتان به وعدم ارتفاع الحدث وعدم إباحة الدخول في العبادة مضافا إلى الاجماع الذي نقله شارح الدروس وحكى عن الوحيد
في شرح المفاتيح نقله عن جماعة وعن كاشف اللثام استظهاره وعن المدارك نفى الخلاف فيه ولصحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع) إذا كنت قاعدا على
وضوئك فلم تدر أغسلت ذراعيك أم لا فأعد عليها وعلي جميع ما شككت انك لم تغسله أو تمسحه مما سمى الله ما دمت في حال الوضوء فإذا قمت من الوضوء
وفرغت منه وصرت في حال أخرى في صلاة أو غيرها فشككت في بعض ما سمى الله مما أوجب الله عليك فيه وضوء فلا شئ عليك فيه فان شككت في مسح
رأسك فأصبت في لحيتك بللا فامسح بها عليه وعلى ظهر قدميك فإن لم تصب بللا فلا تنقض الوضوء بالشك وامض في أصلاتك وان تيقنت انك لم
تتم وضوئك فأعد على ما تركت يقينا حتى تأتى على الوضوء وبجميع ذلك يخصص عموم ما دل على أن الشك في الشئ بعد تجاوز محله لا يلتفت إليه مثل قوله (ع)
في صحيحة زرارة إذا خرجت من شئ ودخلت في غيره فشكك ليس بشئ وقوله (ع) كلما شككت فيه مما مضى فامضه كما هو مضافا إلى ما قيل من احتمال
اختصاص الرواية الأولى بقرينة صدرها بأفعال الصلاة لكن في موثقة ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع) قال إذا شككت في شئ من الوضوء
ودخلت في غيره فشكك ليس بشئ انما الشك إذا كنت في شئ لم تجزه فان الظاهر عود ضمير غيره إلى الشئ لا الوضوء فيعارض الصحيحة الأولى وهي أخص
لامكان حمل الصحيحة ولو بعيدا على ما إذا لم يدخل في الغير لا أقل من كونه على وجه التباين دون العموم والخصوص ومقتضى القاعدة الرجوع إلى عموم
صحيحتي زرارة وأبى بصير لولا الترجيح بالشهرة ونقل الاجماع لكن الانصاف عدم ظهور رجوع الضمير إلى الشئ إذ لا مستند له مضافا إلى شهادة الذيل
برجوعه إلى الوضوء إذا المراد بالشئ في قوله إذا كنت في شئ لابد ان يكون فعلا مركبا ممتدا يتصور كون الشخص فيه فيكون الشك لامحة في بعض اجزائه
لعدم تصور كون الشخص في نفس الشئ المشكوك في تحققه وإرادة كون الشخص محل المشكوك فيه خلاف الظاهر جدا فحصل الكلام ان الشك في
شئ من أفعال الوضوء لا يلتفت إليه إذا دخل في غير الوضوء وانما الشك يلتفت إليه إذا كنت في الوضوء متجاوز عنه لكن تعارض منطوق الحضرمي
الذيل ومفهومه باعتبارين فيما إذا شك في غسل جزء من اليد بعد الفراغ عنه
فمقتضى مفهوم الحصر فيها عدم الالتفات لأنه شك في جزء من فعل
قد فرغ عنه ومقتضى منطوقها الالتفات إلى هذا الشك لأنه شك في شئ من الوضوء وهو كائن في الوضوء مشغولا به فالمشكوك فيه باعتبار كونه
جزاء من غسل اليد شك بعد الفراغ من الشئ وباعتبار كونه جزء امن الوضوء شك قبل الوضوء شك قبل الفراغ من الشئ ومقتضى القاعدة في مثل
ذلك العمل بالاعتبار الأول لوجود سببه وهو الفراغ عن الشئ الذي شك في بعض اجزائه واما اعتبار كونه جزء امن فعل لم يفرغ عنه وهو الوضوء
فليس سببا للالتفات بل الالتفات من مقتضيات نفس الشك المحكوم عليه بأصالة عدم وقوع المشكوك فيه وعدم الفراغ من الفعل المشكوك
في جزئه من قبيل عدم المانع فاجتماع الاعتبارين في الجزء الذكور من قبيل اجتماع المانع عن الالتفات وغير المانع عنه هذا ولكن تعارض دلالة
الذيل على عدم الالتفات في الجزء المذكور مع دلالته على وجوب الالتفات بالشك في فعل مستقل من أفعال الوضوء قبل الفراغ منه لأنه شك في
جزء من الفعل الذي يكون فيه ولم يجزه لأن عدم الالتفات إلى الجزء المذكور قبل الفراغ والالتفات إلى الشك في الفعل المستقل من أفعال
الوضوء قبل الفراغ تفصيل مخالف للاجماع والظاهر تقديم دلالته لصراحته في الالتفات إلى الفعل المشكوك فيه قبل الفراغ لان
مفهوم الحصر بالنسبة إلى الوضوء هو الحكم المذكور في صدر الموثقة فليس في المفهوم عموم يشمل الشك في جزء من أفعال الوضوء بعد الفراغ من ذلك
الفعل وان شئت قلت إن الوضوء تمامه في نظر الشارع فعل واحد فما دام المكلف فيه يلتفت إلى الشك المتعلق بفعل أو بجزء فعل منه وليس
كالصلاة عبارة عن أفعال متعددة وهذا نظير ما يقوله جماعة في أفعال الصلاة التي لا عبرة بالشك في سابقها إذا دخل في لاحقها من أن
المراد ليس كل جزء جزء منها بل القراءة بتمامها مثلا فعل واحد فإذا دخل في اخر أية من السورة والشك في أول أية من الفاتحة فلا يعد شكا في
الشئ بعد الدخول في غيره وبعضهم يجعلون الفاتحة فعلا والسورة فعلا اخر والحاصل ان تقييد الإمام (ع) في الموثقة عدم الالتفات
إلى الشك في شئ من الوضوء بالدخول في غير الوضوء مفرعا ذلك على قاعدة الشك بعد الفراغ ينبئ عن أن الوضوء فعل واحد لا يلغى الشك
في اجزائه الا بعد الفراغ نظير الأذان والإقامة والفاتحة على ما يراه بعض في تفسير اخبار الشك بعد الفراغ ولعل الوجه في ذلك أن الوضوء وان تركبت من اجزاء الا انها مقدمة واحدة أمر بها في الشريعة بأمر واحد مثل قوله إذا دخل الوقت وجب الطهور فتأمل ولعل هذا
الاستظهار من الاخبار هو الوجه في الحاق الغسل بالوضوء مع أن الاخبار مختصه بالوضوء ولذا اختار بعض اختصاص الحكم به والرجوع في غيره إلى
اخبار الشك بعد الفراغ وفيه ان بناء حكم الوضوء في الموثقة على قاعدة الشك بعد الفراغ ظاهر في أن الحكم في الوضوء على طبق تلك
القاعدة ولا ينطبق عليها الا بملاحظة كون الوضوء فعلا واحدا يعد الشك في اجزائه شكا في اجزاء فعل واحد قبل الخروج منه وبهذا يظهر
ان ما تقدم منا تبعا لغير واحد من كون صحيحة الباب مخصصة للعمومات الدالة على عدم العبرة بالشك بعد الفراغ ليس على ما ينبغي بل التأمل في
رواية ابن أبي يعفور والتتبع في كلمات العلماء واستدلال جماعة منهم هنا بأصالة عدم الفعل وعدم النظر إلى تلك العمومات يشهد بان
161

الحكم هنا على طبق العمومات الا ان خصوص الوضوء بتمام اجزائه لو حظ شيئا واحدا ويشهد له حكمهم بذلك في الغسل من غير تردد بل الغسل
أولي باعتبار الوحدة فيه من الوضوء لأنه حقيقة عبارة عن غسل جميع البدن دفعة أو تدريجا على ترتيب خلص هذا ولكن الانصاف انه
بعد البناء في اخبار الشك بعد الفراغ على عمومها لكل فعل مستقل كالوضوء وافعال الصلاة أو غير مستقل كاجزاء الوضوء وكل أية من القراءة
الواجبة ونحو ذلك فالحاق الغسل بالوضوء في الحكم المذكور مع اختصاص الصحيحة بالوضوء وعدم تفتيح المناط وعدم العلم بالاجماع يحتاج إلى دليل
وإن كانت الشهرة محققه اللهم الا ان يمنع ظهور تلك العمومات في العموم لكل فعل الاجل بعض القرائن المذكورة في باب الشك والسهو وعدم فهم جل
الأصحاب لهذا التعميم فيبقى موارد الشك داخلة تحت عموم أصالة عدم الفعل كما تمسك به جماعة في هذا المقام فقول المشهور لا يخلو عن قوة مع أنه أحوط
في الجملة بقى الكلام في أن الشرط ملحق بالجزء في هذا الحكم أم لا فان الشك في طهارة ماء الغسلات السابقة أو اطلاقه مثل ما بعدها أم لا وجهان من اختصاص
الصحيحة بالاجزاء فتبقى الشروط تحت عمومات الشك بعد الفراغ ومن أن الظاهر كما تقدم كشف الصحيحة عن كون الوضوء فعلا واحدا فالشك فيما يتعلق
به شك قبل الفراغ فيدخل تحت قوله وانما الشك في شئ لم تجزه ولا أقل من الشك واما أصالة صحة ما مضى من فعله فلا مستند لها غير تلك العمومات فالالحاق
أوجه وما أبعد ما بينه وبين ما يحتمل أو يق؟ من الحكم بالصحة بمعنى تحقق الشرط حتى بالنسبة إلى الافعال المستقبلة فمن شك في أثناء الوضوء في أن ما يتوضأ
به مطلق أو مضاف فيحكم بالصحة وثبوت حكم الاطلاق بالنسبة إلى الغسلات المستقبلة لأنه شك في اطلاق الماء بعد التجاوز عن محله لان محل احراز
هذا الشرط ولو بحكم العادة هو ما قبل الشروع في الوضوء كالشك في الطهارة الحديثة في أثناء الصلاة حيث إنه يمضى وفيه ما لا يخفى لان احراز
اطلاق الماء عبارة عن الغسل بالماء المطلق وليس فعلا مغاير لذلك حتى يلاحظ محله الشرعي أو العادي ومنه يعلم منع الحكم في مثال الشك في الوضوء
في أثناء الصلاة كما يشهد له رواية علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) عن رجل يكون على وضوء ويشك انه على وضوء أم لا قال إذا ذكر وهو في صلاته
انصرف وتوضأ وأعادها وان ذكر وقد فرغ من صلاته أجزئه ذلك بناء على أن المراد بالشك هو زوال اليقين بالحدوث بالوضوء لا الشك في بقائه
لوجوب استصحابه ح؟ اجماعا وكيف كان فالأقوى كون الشرط كالشطر كما قال العلامة الطباطبائي ولا شك نظير الشطر فكل ما فيه ففيه
يجرى ثم إن الحلى في السرائر استثنى من الحكم كثير الشك وتبعه جماعة من المتأخرين كالشهيدين والمحقق الثاني وصاحب المدارك وشارح الجعفرية
وكاشف اللثام وغيرهم ويمكن استدلال له مضافا إلى لزوم الجرح بما ورد في كثير الشك في الصلاة من قوله (ع) لا تعود والخبيث من أنفسكم
نقض الصلاة فتطيعوه فان الشيطان خبيث معتاد لما عود فليمض أحدكم في الوهم ولا يكثرن نقض الصولة فإنه إذا فعل ذلك مرات لم يعد إليه الشك
ثم قال انما يريد الخبيث ان يطاع فإذا عصى لم يعد إلى أحدكم وقوله (ع) إذا كثر عليك السهو فامض على صلاتك فإنه لا يوشك ان يدعك فإنما
ذلك من الشيطان وفى صحيحة عبد الله بن سنان حيث ذكر لأبي عبد الله (ع) رجلا انه عاقل ثم قال الا انه مبتلى بالوضوء فقال (ع) وأي عقل
له وهو يطيع الشيطان قلت له وكيف يطيع الشيطان قال سله هذا الذي يأتيه من أي شئ فإنه يقول لك من عمل الشيطان ويظهر من بعض الروايات
انه يعمل بالظن مثل رواية الواسطي قلت لأبي عبد الله (ع) جعلت فداك اغسل وجهي ثم اغسل يدي فيشككني الشيطان انى لم اغسل ذراعي
ويدي قال إذا وجدت برد الماء على ذراعك فلا تعد ويؤيدها رفع الجرح لكن القول بها مفقود والمراد بكثير الشك كثير الاحتمال في مقام لا
يحتمله غيره راجحا كان أو مرجوحا أو مساويا واما كثير القطع وهو المعبر عنه بالقطاع فهو من حيث عدم احتماله الخلاف يعمل بقطعه ولا ينفعه
حكم الغير بعدم اعتبار قطعه إذا القاطع لا يمكنه في مقام البناء على العمل بالواقع العمل بخلاف معتقده فلا يجوز لمن يريد صوم النهار وقطع
ببقاء النهار ان يحكم عليه بدخول الليل كما أشبعنا الكلام في ذلك في محله ولو تيقن فعل الطهارة وشك في الحدث فهو متطهر اجماعا نصا و
فتوى سواء ظن ببقائها أو ظن بارتفاعها خلافا لما يظهر من شيخنا البهائي في حبله المتين حيث أناط استصحاب الطهارة على حصول الظن الشخصي
فلو شك أو ظن الحدث كمن تطهر أول النهار ولم يتحفظ ولم يكن من عادته بقاء طهارته في زمان طويل فشك عند الغروب فلا يستصحب الطهارة
وكانه قده؟ يريد بذلك انه لو بنى على الحكم بالطهارة من باب الاستصحاب لامن باب الأخبار الخاصة فالمناط هو حصول الظن ببقاء الحالة السابقة
لكن هذا وان وجهه به شارح الدروس مخالف لمذهب القائلين باعتبار الاستصحاب من باب الظن فإنهم لا يعتبرون إفادة الظن الفعلي حتى يكون
حكم المستصحب الواحد كالحياة والزوجية والملكية في موارد الشك في بقائها مختلفا باختلاف الموارد الشخصية كما لا يخفى على من تتبع كلمات الخاصة
والعامة في موارد اجراء أصالة بقاء ما كان على ما كان ثم إن الشك في الحدث كما لا يعتبر إذا وقع بعد الطهارة فكذلك إذا وقع في أثناء
الطهارة لأصالة عدمه الموجبة للرجوع إلى اطلاقات الامر بأفعال الوضوء كتابا وسنة ولاستصحاب صحة الأجزاء السابقة وناهلها للجزئية
الفعلية الا ان ظاهر البيان الحاق الشك في الحدث قبل الفراغ بالشك في أفعال الوضوء ح؟ قال لو شك في أثناء الطهارة في حدث أو نية أو واجب
استدرك وبعد الفراغ لا يلتفت انتهى ونحوه طاهر المقنعة الا انه خص ذلك بصورة الظن بالحدث وظاهر ارادته مطلق الاحتمال قال من كان جالسا
162

على حال الوضوء لم يفرغ منه فعرض له ظن أنه قد أحدث ما ينقض وضوئه أو توهم انه قدم مؤخر أو اخر مقدما وجب عليه إعادة الوضوء من أوله
ليقوم من مجلسه وقد فرغ من وضوئه على يقين من سلامته من الفساد فان عرض له شك بعد فراعه منه وقيامه من مكانه لم يلتف انتهى ويحتمله
عبادة المبسوط أيضا قال ومن شك في الوضوء وهو جالس على حال الوضوء إعادة فان شك في شئ من أعضاء الطهارة في هذه الحال أعاد عليه وعلى ما
بعده ومتى شك فيه أو في شئ منه بعد انصرافه من الوضوء لم يلتفت إليه انتهى وفى الوسيلة عد من مواضع وجوب الإعادة الشك في الوضوء وهو جالس
عليه وان يظن الاخلال بواجب من أفعال الوضوء وان يظن فعل شئ ينقض الوضوء ثم عد من مواضع عدم وجوب الإعادة الشك في الوضوء بعد ما قام
عنه والشك في عضو منه انتهى بناء على أن المراد بالشك في الوضوء الشك في التلبس من جهة احتمال طر والحدث وهو محتمل عبارة اللمعة لكن الشارح فسره
بالشك في النية وقرره على ذلك المشحون وهذا جار في عبارتي المبسوط والوسيلة لكن لا يخفى بعده وعلى أي حال فوجه الحكم المذكور كما استفيد من
قول المفيد في المقنعة ليقوم من مجلسه الخ؟ انه يعتبر في الوضوء احراز أفعاله واحراز وجودها على الوجه الصحيح فيستأنف عند الشك في الأجزاء والشروط
كذلك واحراز بقاء صحتهما إلى حين الفراغ فيستأنف مع الشك في بقاء الصحة بل الشك في بقاء صحة الأجزاء السابقة راجع إلى الشك في وجود الأجزاء
اللاحقة على الوجه الصحيح وفيه تأمل إما أولا فلان الظاهر من أدلة الشك قبل الفراغ هو الشك في الأجزاء وثانيا ان أصالة عدم الحدث حاكمة على تلك
الأدلة لأنها بمنزلة الرافع والمزيل للشك في بقاء صحة اللاحقة ووجود الأجزاء اللاحقة على الوجه الصحيح لأن الشك في الصحة مسبب عن
الشك في صدور الحدث فإذا ارتفع بالأصل فقد أحرز بها صحة الأجزاء جميعا وهذا نظير ما لو شك قبل الفراغ في طهارة الماء الذي يتوضأ
به أو إباحة أو إباحة مكانه فان هذا الا يعد شكا في أفعال الوضوء أو صحتها قبل الفراغ
ولو شك في شئ من أفعال الوضوء أو في وجوه على
الوجه الصحيح بعد انصرافه من حالة الوضوء كما في المعتبر فعلى هذا يرجع ما دام على حاله التي يتوضأ
عليها وان فرغ من الوضوء كما اعترف به في
الروض أو من أفعال الوضوء لكنه بعيد عن ظاهر المقابلة للفقرة السابقة وان فسره به محشي الكتاب وشارحاه في المسالك والمدارك مدعيا عليه
الاجماع وهو ظاهر التذكرة والذكرى والبيان لكن في الدروس ولو انتقل عن محله ولو تقدير ألم يلتفت وكانه موافق للمتن على تفسير المعتبر و
المحكي عن جماعة من القدماء ما عرفت من المقنعة وفى السرائر لو كان العارض بعد فراغه وانصرافه عن مغتسله وموضعه لم يعتد بالشك لأنه يم يخرج
من حال الطهارة الا على يقنى كما لها وليس ينقض الشك اليقين انتهى والأقوى كفاية الفراغ في عدم الاعتناء لقوله (ع) في ذيل موثقة ابن أبي يعفور
انما الشك في شئ لم يجزه حصر الشك الملتفت إليه بما وقع حال الاشتغال وقوله (ع) في رواية بكير بن أعين في الرجل يشك بعد ما يتوضأ قال
هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك فصل بين حالة الاشتغال وما بعدها وقوله (ع) كل شئ شك فيه مما قد مضى فامضه كما هو وقوله
(ع) كلما يمضى من صلاتك وطهورك فذكرته تذكرا فامضه كما هو هذا كله مضافا إلى عمومات ما دل على عدم الالتفات بالشك في شئ
بعد الدخول في غيره فان مقتضى ذلك عدم الالتفات إلى الشك في فعل من الوضوء بعد الدخول في فعل اخر خرج من ذلك بالنص والاجماع ما إذا لم
يفرغ من الوضوء فيلتفت ولو دخل في فعل اخر وبقى الباقي وقد يعارض الأخبار المذكورة بقوله (ع) في صدر الموثقة إذا شككت في شئ من الوضوء
ودخلت في غيره فشكك ليس بشئ فاعتبر الدخول في غير الوضوء وقوله (ع) في ذيل الصحيحة المتقدمة فإذا قمت من الوضوء وفرغت منه وصرت
إلى حال أخرى صلاة أو غيرها واما التمسك بالعمومات المذكورة فلا وجه له بعد ما عرفت سابقا بشهادة بعض النصوص وكثير ن الفتاوى
من أن حكم الوضوء منطبقة على تلك العمومات الا ان الشارع لاحظ الوضوء بتمامه فعلا واحدا لا يلغى الشك فيه الا بعد الدخول في غيره و؟؟
عن المعارضة بان التصرف في صدر الموثقة وذيل الصحيحة يجعل القيد واردا مورد الغالب أولي من العكس وهو التصرف في ذيل الموثقة وصدر
الصحيحة الظاهرين في أن العبرة في الالتفات بالقعود على الوضوء والاشتغال لان ذيل الموثقة بمنزلة القاعدة لصدرها فهو يتفرع عليها
والمدار عليها كما أن صدر الصحيحة وهي الشرطية الأولى هي المتكلفة لبيان علة الحكم والشرطية الثانية بمنزلة النقيض لها ومضمونه وعدمها
لا أمر وجودي اخر كما هو المطرد في كل كلام مشتمل على شرطيتين ومن هنا تقدر على ارجاع بعض عبارات القدماء كعبارة المقنعة المتقدمة
إلى المتن واما انطباق حكم الوضوء على العمومات فالمتيقن من جعل الوضوء أمرا واحدا مع مخالفته للمحسوس بالنسبة إلى حكم الشك قبل الفراغ لا
مطلقا فكما ان الاخراج الحكمي يقتصر فيه على المتيقن كك؟ الاخراج الموضوع فيعمل في غير المتيقن بالحكم العالم على الموضوع المحسوس إلى الأصل وهو
عدم الالتفات إلى الشك في الشئ بعد الدخول في غيره لكن هذا كله في غير الجزء الأخير فلو شك فيه قبل الدخول في حال أخرى لم يعلم أنه شك بعد
الفراغ من الوضوء ولذا يعتبر فيه الدخول في غير الوضوء سواء كان حالا أخرى أو فعلا اخر فاختلاف حكم الجزء الأخير مع غيره من جهة احراز الفراغ في الثاني بمجرد فعل الجزء الأخير بخلافه في الأول فلابد في احراز الفراغ من الوضوء من الدخول في غيره فتفصيل كاشف اللثام
بين الجزء الأخير وغيره كما اخترناه ليس قولا ثالثا خارقا للاجماع المركب كما زعم نعم قد يدعى توقف تحقق الفراغ من الوضوء على الدخول
163

في غيره قد بل يتحقق بان لا يجد الانسان نفسه مشغولا بالوضوء كما ذكره شارح الدروس وقد يتحقق بان يعتقد الفراغ في زمان ويكون فيه على
يقين من الفراغ كما صرح به كاشف اللثام في مسألة من شك في عدد الطواف بعد الانصراف وفيهما تأمل إما رؤية نفسه غير متشاغل فإن كان مع
اشتغاله بفعل اخر فهو ما ذكرنا وإن كان بمجرد الاعتقاد فهو الأمر الثاني وهو اعتقاد الفراغ ولا ينفع بعد طر والشك المزيل لذلك اليقين
لعدم الدليل على اعتبار هذا اليقين بعد زواله وإن كان يظهر ذلك من جماعة حيث يعللون عدم الالتفات إلى الشك الا قبل الفراغ بوجوب تحصيل
اليقين باكمال الوضوء وعدم الاعتناء بالشك بعد حصول هذا اليقين كما عرفت من عبارتي المقنعة والسرائر المتقدمتين قال في السرائر بعد ما
قدمنا عنه وقال بعض أصحابنا في كتاب له انه ليس من العبادة ان ينصرف الانسان من حال الوضوء الا بعد الفراغ من استيفائه على الكمال وهذا غير واضح
الا انه يرجع في اخر الباب ويقول إن انصرف من حال الوضوء وقد شك في شئ من ذلك لم يلتفت إليه ومضى على يقينه وهذا القول أوضح وأمتن في
الاستدلال انتهى والفرق بين ما حكاه أولا وما ارتضاه أخيرا هو ان مناط الاستدلال في الأول هو ظاهر حال المكلف وفى الثاني عدم العبرة بالشك
بعد اليقين لكن الأول أولي ولذا استدل به في التذكرة وهو الموافق أيضا لما يستفاد من قوله (ع) هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك واما
مجرد الاعتقاد بشئ في زمان فليس دليلا شرعيا عليه حتى يرجع إليه عند الشك فيه وزوال الاعتقاد نعم لو تيقن شيئا فشك في ارتفاعه بعد اليقين
بحدوثه فمقتضى اخبار عدم نقض اليقين بالشك الحكم ببقائه وأين هذا مما نحن فيه وتخيل شمول تل القاعدة لما نحن فيه توهم يظهر اندفاعه بالتأمل في
تلك الأخبار نعم يمكن الاستدلال على مراعاة الاعتقاد بما ذكرناه من أن ظاهر حال المكلف عدم الاعتقاد باستيفاء أفعال الوضوء بأسرها الا بعد تحقق
ذلك في الخارج والغفلة والجهل المركب في الانسان عارضان نادران وهذا هو أيضا مراد المفيد قده؟ فيما تقدم من عبارة المقنعة لا ان مجرد الاعتقاد
دليل على المعتقد بعد زواله وبالجملة فلا دليل على مراعاة الاعتقاد السابق بعد الشك اللاحق لو قلنا بها الا ظاهر حال الفاعل فظهر ان مؤدى
ما حكاه الحلى أولا عن بعض الأصحاب وما حكاه عنه أخيرا شئ واحد وان زعم الحلى مغايرتهما وكون الثاني رجوعا عن الأول هذا كله مع أن الدليل
على اعتبار هذا الظاهر في غير مورد النص غير ظاهر ومورد النص هو الشك بعد الفراغ من الوضوء ومع الشك في الجزء الأخير لم يعلم الفراغ
واثباته بالاعتقاد به في زمان لا دليل عليه ان سلمنا كون الظاهر عدم الاعتقاد الا بعد تحقق المعتقد في الواقع لكن
لا دليل على اعتبار هذا
الظهور مع كونه ظهورا نوعيا لا يحصل معه الظن الشخصي في جميع الموارد وانما أطلنا الكلام لما رأينا في المقام من توهم غير واحد من اعلام
اغترار بما يتراءى من عبارة السرائر هنا وفى باب الشك في السجود بعد ما قام ان عدم نقض اليقين بالشك بمعنى عدم رفع اليد عن الاعتقاد السابق
عند طرو الشك في نفس ذلك المعتقد والتردد بين صحة ذلك الاعتقاد وفساده قاعدة معتبرة نظير قاعدة الاستصحاب التي هي عدم نقض اليقين بالشك بمعنى البناء على بقاء ما تيقن في السابق واللاحق حدوثه وشك فارتفاعه بعد الحدوث وكيف كان فلابد في احراز الفراغ عند
الشك في الجزء الأخير من الانتقال إلى حالة مترتبة على الوضوء عادة أو شرعا لاكل فعل إذا لأفعال الغير المنافية للاشتغال بالوضوء لا يكون
أمارة على الفراغ نعم لا فرق بن فوات الموالاة على تقدير التدارك وعدمه وتوهم عدم تجاوز المحل في الثاني فيدخل تحت منطوق قوله (ع)
انما الشك في شئ لم تجزه مدفوع بان العبرة بالتجاوز عن الوضوء والفراغ منه عرفا كما هو مقتضى اطلاق النص والفتوى لا مجرد بقاء محل
التدارك ثم إن المتيقن من النص والفتوى عدم الاعتبار بعد الفراغ عن الوضوء بالشك في بعض أفعاله بمعنى احتمال تركه نسيانا فلو لم يحتمل
الا تعمد الترك فالظاهر الحاقه بالأول بل الظاهر عدم القول بالفصل لاطلاق الرواية ومنع انصرافه إلى الأول ولا لأنه الظاهر من قوله (ع)
هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك لأنه بمنزلة صغرى لكبري هي انه إذا كان أذكر فلا يخل بفعل وهذه الملازمة لا تكون الا بالغاء احتمال الاخلال بعد الفراغ
اللهم الا ان يجعل الملازمة بمنصرف اطلاق السؤال إلى صورة احتمال النسيان لا غير بين كونه أذكر وبين عدم الاخلال كاشفا عن اختصاص
المورد واما دفع احتمال تعمد الاخلال بان افساد الوضوء حرام فلا يحمل فعل المسلم عليه فهو بمقدميته محل نظر فالمسألة لا تخلو عن اشكال
ونحوه بل واشكل منه ما لو كان الاخلال على تقديره حاصلا لا عن قصد كمن قطع بأنه لم يخلل الحايل الذي قد يمنع عن وصول الماء إلى البشرة
وقد لا يمنع الا انه يشك في وصوله في هذا الوضوء من باب الاتفاق فان الانصراف المقدم في مورد السؤال هنا موجود مضافا إلى عدم امكان اجراء
التعليل المذكور بالتقريب المتقدم في شموله للصورة السابقة ونحوه بل أشكل منه ما لو رأى بعد الفراغ شيئا شك في حجبه للبشرة بحيث لا يقطع لعدم
حجبه في بعض الأوقات فهذه صور ثلث مندرجة في الاشكال وإن كان ظاهر عبارة النص والفتوى شاملا لها في بادي النظر
واعلم أن جماعة
ممن تأخر عن العلامة قد تبعوه في التعرض لحكم الشك في بعض أفعال الغسل والتيمم قبل الفراغ وبعده باء منهم على اتحاد الطهارات في حكم
الشك فنحن نذكر ذلك تيمنا بمتابعتهم فنقول إما الغسل فاما ان يكون مرتبا واما ان يكون ارتماسا إما المرتب فلا اشكال في حكم ما عدا الجزء
الأخير قبل الفراغ ولا بعده لمثل قوله (ع) انما الشك إذا كنت في شئ لم تجزه وقوله كلما مضى من صلاتكك وطهورك فذكرته تذكرا فامض فيه
164

وخصوص قوله (ع) في الصحيح فان دخله الشك وهو في صلاته فليمض في صلاته ولا شئ عليه وبه يستدل على حكم الشك في الجزء الأخير
إذا دخل في ما يشترط بالطهارة أصالة أو بالنذر إما لو لم يدخل فيه فقد يشكل لعدم تحقق الفراغ من جهة عدم اعتياد الموالاة ولذا قد يفصل بين
من اعناد الموالاة فيه وغيره وهو الأقوى إما مع عدم اعتياد الموالاة فلعدم تحقق الفراغ والتجاوز والمضى واما معه فلتحقق هذه الأمور عرفا كما
تقدم في الوضوء إذ لا عبرة ببقاء محل تدارك المشكوك شرعا كما لو فرض تيقن الاخلال والا لاشترط في الوضوء وقوع الشك بعد الجفاف لكن قال في
التذكرة بعد حكم الشك في أعضاء الوضوء لو كان الشك في شئ من أعضاء الغسل فإن كان في المكان أعاد عليه على ما بعده وإن كان بعد الانتقال
فكذالك بخلاف الوضوء لقضاء العادة بالانصراف عن فعل صحيح وانما يصح هناك لو كمل الافعال للبطلان مع الاخلال بالموالاة بخلاف الغسل وفى
المرتمس وعن عادته التوالي اشكال ينشأ من الالتفات إلى العادة وعدمه أقول إن فرض الشك فيما عدا الجزء الأخير بعد الآيتان بما بعده إلى اخر العمل
والفراغ منه فلا فرق بين الوضوء والغسل لعدم مدخلية الموالاة هنا بل لو بنى على اعتبار قضاء الظاهر بان الانسان لا يدخل في الافعال
المتأخرة من الأمور المترتبة الا بعد فعل المقدم منها فلا فرق بين الوضوء والغسل ولم يبني على ذلك فلا فرق أيضا وان فرض الشك في الجزء الأخير فان
اعتبر في الانتقال عن المحل فوات تدارك محل المشكوك شرعا فينبغي ان يعتبر ذلك فيما تقدم من حكمه في الوضوء مع أن اعتبار ذلك في الشك بعد
الفراغ من الوضوء مما لم يعرف لأحدكما نبهنا عليه سابقا الا ان يراد من الموالاة المتابعة التي يفوت بمجرد القيام عن الوضوء والاشتغال بغيره بل بمجرد
الفصل وان لم يشتغل بشئ لكن صريح كلامه إرادة الموالاة المعتبرة في صحة الوضوء وهي بالمعنى المذكور غير شرط في صحة الوضوء اتفاقا على ما زعمه المض؟
في المختلف وغيره وان لم يكن الامر كك؟ فان اعتبر في الانتقال الانتقال عن المحل المتعارف المعتاد وان لم يفت الموالاة لم يكن ينبغي الاشكال منه في معتاد
الموالاة في الغسل لان الغرض اعتبار العادة في محل الوضوء فلا وجه لاهماله في الغسل مع عموم أدلة عدم الالتفات إلى الشك بعد الفراغ للوضوء
والغسل ولأجل ما ذكرنا رجح فخر الدين في الايضاح عدم الالتفات في معتاد الموالاة تمسكا بالصحيح السابق الدال على حكم الشك بعد الدخول في
الصلاة ولقضاء العادة ومما دل على عدم اعتبار الشك في الشئ بعد الخروج عنه والدخول في غيره وهو المتعين في الاستدلال ومبنى على ما
ذكره من أن المناط في الخروج عن الشئ تجاوز محله المتعارف المعتاد وان بقى محل تداركه شرعا وقد وافق الفخر على ذلك الشهيدان في الألفية و
شرحها وبعض أمالي الشهيد والمحقق الثاني في جامع المقاصد واما الارتماسي فان قلنا بوقوعه دفعة فالشك فيه دائما شك بعد الفراغ وان
قلنا بحصوله تدريجا فالعبرة بتجاوز المحل الدخول فيما لا يدخل فيه شرعا أو عادة الا بعد استكمال الغسل وقد عرفت استشكال العلامة
فيه في التذكرة مع عدم التعرض لوجه الاشكال واما التيمم ففي التذكرة انه مع اتساع الوقت ان أوجبنا الموالاة فيه فكالوضوء والا
فكالغسل وفى جامع المقاصد انه كالوضوء ويظهر الحال مما فيه ذكرنا
واعلم أن من ترك غسل موضع النجو أو البول وصلى أعاد الصلاة عامدا
كان في صلاته كك؟ أو ناسيا للموضوع أو الحكم أو جاهلا بالحكم لا بالموضوع لكونه معذورا هنا عند المض؟ وغيره ويحتمل شموله للجهل بالموضوع
ببعض أقسامه الغير الداخلة تحت الاطلاق ما دل على معذورية الجاهل بالنجاسة ويحتمل ضعيفا عدم معذورية الجاهل بهذا الموضوع الخاص لبعض
الاخبار إما حكم العامد فواضح واما الناسي فوجوب الإعادة وقتا هو المشهور والظاهر أن المسألة من جزئيات مسألة الصلاة مع النجاسة التي سيجئ
في احكام النجاسات الا انه احتمل بعض كون الخلاف هنا أقل لمكان الاخبار وكيف كان فالأقوى الإعادة وقتا وخارجا ويدل عليه مضافا إلى بعض
العمومات الشاملة لما نحن فيه وغيره خصوص الاخبار هنا ففي حسنة عمرو بن أبي نصر قال قلت لأبي عبد الله (ع) أبول وأتوضأ وأنسى استنجائي ثم
أذكر بعدما صليت قال اغسل ذكرك واعد صلاتك ولا تعد وضؤك وفى مرسلة ابن بكير يغسل ذكره ويعيد الصلاة ولا يعد الوضوء وفى رواية
ابن أبي مريم الأنصاري ان الحكم بن عينيه بال يوما ولم يغسل ذكره متعمدا فذكرت ذلك لأبي عبد الله (ع) فقال عليه ان يغسل ذكره ويعيد
علوته ولا يعيد وضوئه وفى صحيحة زرارة توضأت يوما ولم اغسل ذكرى ثم صليت فذكرت ذلك لأبي عبد الله (ع) فقال اغسل ذكرك
واعد صلاتك وظاهر الأخيرتين كون الامر بالإعادة بعد انقضاء الوقت مضافا إلى ما ثبت في محله من أن الأصل فيما يجب اعادته ان يجب قضاؤه
لان الإعادة لا تكون الا مع بقاء الأمر الأول واشتغال الذمة به فإذا خرج الوقت فقد خرج مع اشتغال ذمة المكلف به وهذا المقدار كاف في
صدق الفوات لغة وعرفا ولذا اطلق في بعض الأخبار الفوات على من صلى في النجاسة ناسيا كما سيجئ نعم في المقام اخبار تدل على عدم وجوب الإعادة
ففي رواية عمر وابن أبي نصر قلت لأبي عبد الله (ع) انى صليت فذكرت انى لم اغسل ذكرى فأعيد الصلاة قال لا وخبر هشام بن سالم عن أبي عبد الله (ع)
في الرجل يتوضأ ونسي ان يغسل ذكره وقد بال قال يغسل ذكره ولا يعيد الصلاة ورواية حماد بن عثمان عن عمار عن أبي عبد الله (ع)
لو أن رجلا نسى ان يستنجى من الغايط حتى صلى لم يعد الصلاة وفى صحيحة علي بن جعفر فيمن نسى الاستنجاء من الخلاء ان ذكر وهو في صلاته يعيد وان
ذكر وقد فرغ من صلاته فقد أجزء ذلك ولا إعادة عليه ويعضدهما ما سيجئ من الاخبار في ناسي النجاسة في الثوب والبدن بناء على كون ما نحن
165

فيه منه ولو فرض التكافؤ رجع إلى عموم قوله (ع) لا تعاد الصلاة الا من خمسة الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود بل وقوله صلعم رفع عن
أمتي الخطاء والنسيان بناء على شموله لنفى الإعادة كما يظهر من المحقق في المعتبر في مسألة ناسي النجاسة لكن الظاهر عدم شمول الرواية لنفى الإعادة
لان وجوبها ليس من اثار ما فعل نسيانا لولا النسيان بل من جهة الأمر الأول غاية الأمر انه لم يسقط بالفعل المأتي به نسيانا واما الاعتضاد بصحيحة
لا تعاد فمبنى على اختصاص الطهور فيها بالطهارة من الحدث لكن يحتمل غير بعيد إرادة مطلق استعمال الطهور لرفع الحدث والخبث كما يومى إليه قوله
في رواية أخرى لا صلاة الا بطهور ويجزيك من الاستنجاء ثلثة أحجار واما البول فلابد من غسله ولو فرض تساوى الاحتمالين سقط العام المخصص
بالمتصل المجمل عن الاستدلال به فتأمل جدا فالمتجه بعد التكافؤ الرجوع إما إلى اطلاق أدلة اعتبار الطهارة من الخبث مثل قوله لا صلاة الا بطهور
ويجزيك من الاستنجاء ثلثه أحجار واما البول فلا بد من غسله وغير ذلك مما دل على وجوب إزالة النجاسة عن محل الاستنجاء وغيره وجوبا شرطيا
أو التنزيل عن ذلك والرجوع إلى قاعدة عدم الأجزاء وبقاء الاشتغال بالامر المتوجه إلى المكلف في حال عدم النسيان وعدم سقوطه بالمأتى به نسيانا
كل ذلك بعد فرض التكافؤ والاغماض عن ترجيح اخبار الإعادة بالكثرية وعمل الأكثر ونحو ذلك نعم قد يستوجه القول بالفصل فيما نحن فيه بين بقاء
الوقت وخروجه كما عن المقنع جمعا بين ما تقدم من اخبار الطرفين بشهادة بعض الأخبار مثل موثقة عمار عن أبي عبد الله (ع) في الرجل نسي ان
يغسل ذكره بالماء حتى صلى الا انه قد تمسح بثلاثة أحجار قال إن كانت في وقت تلك الصلاة فليعد الصلاة وليعد الوضوء وإن كان قد مضى وقت
تلك الصلاة التي صلى فقد جازت صلاته وليتوضأ لما يستقبل من الصلاة لكن الرواية مع عدم صحتها تشمل على ما يوهنه مثل الامر بالإعادة مع
التمسح بثلاثة أحجار والامر بإعادة الوضوء وعدم ايجاب قضاء الصلاة مع وقوعها بلا وضوء بقرينة قوله وليتوضأ لما يستقبل الا ان يراد من
الوضوء والتوضؤ الاستنجاء بالماء ويراد بالمسح ما كان فاقد الشروط الاكتفاء به إما لتعدى النجاسة عن المحل واما لعدم كفاية الثلاثة في تطهير
المحل واما لغير ذلك والأوجه التمسك في التفصيل برواية علي بن مهزيار الآتية في مسلم ناسي النجاسة في الثوب والبدن بناء على كون ما نحن فيه من
جزئيات تلك المسألة وعن الإسكافي هذا التفصيل بالنسبة إلى البول وعن الصدوق قده؟ تفصيل اخر بين مخرج البول والغايط فلم يوجب الإعادة
من الغايط ولعله لرواية عمار وصحيحة علي بن جعفر في الاستنجاء من الغايط وكيف كان فلا ينبغي الاشكال في أنه لا يجب إعادة الوضوء لا من نسيان البول
ولا من الغايط للأصل والأخبار المستفيضة ففي صحيحة علي بن يقطين يغسل ذكره ولا يعيد الوضوء ومثلها صحيحة عمرو بن أبي نصر ورواية ابن أبي مريم
المتقدمتين نعم في موثقه أبي بصير ان أهرقت الماء ونسيت ان تغسل ذكرك حتى صليت فعليك إعادة الوضوء وغسل ذكرك وفى صحيحة سليمان بن
خالف عن أبي جعفر (ع) في رجل يتوضأ فينسى غسل ذكره قال يغسل ذكره ثم يعيد الوضوء وبظاهرها اخذ الصدوق حيث أوجب الإعادة على
ناسي غسل البول بل عن ظاهر القول عن المقنع تعميمه للمخرجين ولعله لموثقة عمار المتقدمة في ناسي غسل الدبر
ولما فرغ المصنف قده من الخلل الواقع
أو المتوهم في وضوء بخصوصه ذكر بعض احكام الخلل المتردد بين الوضوئين في مسائل الأولى من جدد وضوئه المبيح للمشروط به سواء كان بنية الندب
الثابت له بأصل الشرع أم بنية الوجوب العارض له بنذر أو إجارة ثم صلى بعدهما وذكر بعد الصلاة انه أخل بعضو مثلا أو شرط من إحدى
الطهارتين فان قلنا بوحدة حقيقة الوضوءات الغير المجامعة للحدث الأكبر ولذلك اقتصرنا على نية القربة ولم نعتبر نية الرفع والاستباحة فالطهارة
والصلاة صحيحتان بلا اشكال كما يظهر من المض؟ والعلامة وولده والشهيد والمحقق الثاني وكذا ان قلنا برفع خصوص المجدد عند تبين الحاجة إليه كما
يراه الشيخ مع عدم اقتصاره على نية القربة ووافقه على ذلك جماعة كالقاضي وابنى سعيد والحمزة والمحقق في المعتبر وقد تقدم ذلك كله في بحث النية
وتقدم هناك تعجب العلامة من هذا القول ودفع الشهيد في الذكرى له وان أوجبنا نية الرفع أو الاستباحة أعادهما عند المض؟ وأكثر من تأخر عنه
لأصالة بقاء الحدث السابق على الطهارتين لعدم العلم بارتفاعه لاحتمال الاخلال من الأولى وهنا وجه لعدم الإعادة أوفق بالقواعد وهي صحة الصلاة
والطهارة لأن الشك في الاخلال بعضو شك بعد الانتقال عن محله والعلم الاجمالي بالاخلال والشك في مورده غير مانع عن جريان قاعدة الشك
بعد الفراغ كما احتمله في الذكرى لأنه تقييد للنص والفتوى من غير دليل ومجرد العلم الاجمالي بالاخلال لو اثر لاثر فيما علم اجمالا بالاخلال بفعل
مردد بين كونه من الأفعال الواجبة أو المستحبة كما إذا تردد المتروك بين غسل اليمنى وبين المضمضة أو يتقن بترك لمعة لا يدرى انها من الغسلة الواجبة
أو المستحبة أو اغتسل غسلا للجنابة وغسلا للجمعة ثم ذكر الاخلال بعضو من أحدهما إلى غير ذلك من موارد العلم الاجمالي بالترك ودوران
المتروك بين ما يجب تداركه وبين مالا يجب ومن هذا القبيل تردد المتروك في الصلاة بين الركوع والقنوت أو القراءة وشبه ذلك مع أنه لو سلم
قدح مجرد العلم الاجمالي في قاعدة الشك بعد الفراغ لم يقتض ذلك إعادة الصلاة إذا شك بالنسبة إليها غير مجامع مع العلم
الاجمالي غاية الأمر وجوب الطهارة للصلوات المستقلة فهو كمن شك بعد الصلاة في أنه تطهر لها من الحدث السابق أم لا وقد افتى جماعة
بعدم الالتفات إليه ويدل عليه رواية علي بن جعفر المتقدمة في الشك في الشرط في الأثناء وان خالف فيه بعض ككاشف اللثام في مسألة من شك
166

بعد الطواف في أنه تطهر أم لا حيث استوجه في مقابل العلامة وغيره الالتفات إلى الشك نظر إلى اختصاص الشك بعد الفراغ بالافعال دون
الشرط ولعله قده؟ جعل حكمهم بالالتفات في باب الطهارة شاهدا على عدم عموم اطلاقاتهم للشروط لكنه معارض بقولهم في باب الطواف ثم إنه
قد حكى في الذكرى ما استوجهناه عن السيد بن طاوس قده؟ فقال خرج ابن طاوس وجها في ترك عضو متردد بين طهارة مجرية وغير مجزية انه
لا التفات فيه لاندارجه تحت الشك في الوضوء بعد الفراغ وهو متجه الا ان يق؟ اليقين حاصل هنا بالترك وإن كان شاكا في موضعه بخلاف
الشك بعد الفراغ فإنه لا يقين فيه بوجه والله الموفق
أقول ما استدركه قده؟ تقييد للنص من غير دليل فان من شك بعد فراغه في أنه
غسل يده أم لا قد يكون متيقنا انه على تقدير غسلها ترك فعلا اخر من أمور دينه أو دنياه وهو غير قادح في حكم الشك بعد الفراغ قطعا
والله العالم والثانية انه لو صلى بكل من الطهارتين أو أزيد أعاد ما صلاه بالطهارة الأولى لأصالة بقاء حدثه دون ما صلاه بالثانية
لصحة ما صلاه بها على كل تقدير بناء على القول الأول وهو الاقتصار على نية القربة أو كفاية المجدد واما على القول الآخر فيجب اعادتها أيضا لان
أصالة بقاء الحدث بعد الوضوء الأولى سليمة عن الرافع والمراد بالإعادة في كلامهم أعم من القضاء لان الموجب للفعل في الوقت وهو أصالة بقاء الحدث توجب القضاء الدخول المكلف ح؟ بحكم هذا الأصل في جملة من صلى بغير طهور النصوص على وجوب القضاء على من وجب عليه ولا يحتاج
إلى دعوى صدق موضوع الفوات هنا حتى يسلم تارة لاثباتها بالأصل ويمنع أخرى بمنع اثبات الأصل له وربما يصعب اثبات القضاء على من
وجب عليه الطهارة لأجل شكه في المتأخر من الحدث والطهارة المتيقنين فلم يتطهر لنسيان وصلى ولم يتذكر الا بعد الوقت إذ ليس هنا استصحاب حدث
حتى يحكم من اجله بأنه صلى بغير طهور وانما وجب الإعادة في الوقت لأن الشك في الشرط شك في المشروط فلا يحصل يقين البراءة الا بالطهارة وإذا
كان القضاء بفرض جديد ولو كان عموم اقض ما فات مع عدم احراز الفوات فالأصل البراءة من وجوب القضاء لكن يمكن ان يق؟ الأصل عدم الاتيان
بالفعل على وجه وان على وجهه وان المراد بالفوات في النص والفتوى ما يعم ذلك لو فرض عدم صدق الفوات فيما نحن فيه وقد استفيد من ملاحظة الاخبار تعلق
القضاء بمجرد ان يحرز ولو بالأصل عدم الاتيان بالصلاة الواقعية عمدا أو تعذرا ولذا كان الأصل فيمن شك بعد الوقت في أنه صلى في الوقت أم لا هو
وجوب القضاء وانما عدل عنه للنص المعلل له بأنه قد دخل حائل يعنى انه قد مضى محله ودخل وقت فعل اخر ثم إن هذا كله على طريقة المشهور من
الاعتناء بالشك المذكور إما على ما استوجهنا تبعا للسيد المتقدم والشهيد قده فليس عليه إعادة خصوصا لو شك بعد خروج الوقت وقد
قواه في المنتهى في هذه المسألة الثانية بعد أن اختار المشهور في المسألة الأولى كسائر كتبه في المسئلتين فقال بعد بيان الحكم المشهور وعندي في هذا شك
وهو انه قد تيقن الطهارة وشك في بعض أعضائها بعد الانصراف لأن الشك في الحاق المتروك باليقين منها هو الشك في ترك أحد الأعضاء
الواجبة فلا يلتفت إليه هو قوى انتهى وفى قوله قده؟ شك في ترك أحد الأعضاء الواجبة كقول الشهيد حاكيا عن السيد بن طاوس ترك عضو
تردد بين طهارة مجزية وغير مجزية إشارة إلى أن مطلق العلم الاجمالي وتردد المتروك بين شيئين لا يوجب عدم جريان حكم الشك بعد الفراغ لان
هذا الشك بالنسبة إلى ما لا يترتب على الشك فيه وجوب التدارك شك خال عن العلم الاجمالي كما مثلنا سابقا بتردد المتروك بين واجب ومستحب
أو بين فعل بعض من الوضوء وفعل أجنبي وكذا تردد المتروك بين ما يجب تداركه وما لا يجب انما القادح تردد المتروك في الوضوء أو الصلاة
بين أمرين يجب تدارك كل منهما على تقدير فواته فاندفع بذلك ما يق؟ في رده ان الشبهة هنا من قبيل الشبهة المحصورة التي لا يجرى الأصل في أحدهما
توضح الاندفاع ان الحكم في الشبهة المحصورة فيما إذا دار بين ما تنجز التكليف بالاجتناب عنه وبين ما لم ينتجز اجراء الأصل كما أوضحنا ذلك في الشبهة
المحصورة والثالثة انه لو صلى صلوتين بطهارتين ثم تيقن انه أحدث عقيب واحدة منهما تعارض أصالة بقاء الطهارة الأولى لصلاتها وأصالة بقاء الثانية
وأعاد الصلاتين إذا اختلفا عددا بلا خلاف ظاهرا منهم هنا وان اختلفوا في حكم ما يكن هذا من افراده وهو تيقن الطهارة والحدث وشك في المتأخر
مع كونه متطهر اقبلها فينبغي ابتناء الحكم على الأقوال في تلك المسألة ويكفى في أولها الطهارة الثابتة على اشكال ووجه الجمع عدم تيقن
البراءة الا به ومقتضى اطلاقهم عدم الفرق بين اتفاقهما في القضاء والأداء واختلافهما وإن كان ربما يتخيل مع الاختلاف الاقتصار على إعادة الثانية
لأصالة بقاء الامر به وقاعدة عدم الالتفات إلى الشك في الأولى بعد خروج وقتها واما الخدشة في الحكم مطلقا لعدم الدليل على وجوب تدارك الواجب
الواقعي حتى يجب الجميع من باب المقدمة أو يسلم المقتضى لوجوبه الا ان اليقين بالاتيان به غير ممكن لان من جملة ما يعتبر فيه نية الوجه المتعذرة
في المقام للجهل بالواجب الواقعي فقد ذكرنا فساد ذلك خصوصا الوجه الأخير مع محله ويرشد إلى ما ذكرنا التعليل في الرواية الواردة فيمن عليه فائتة
مرددة بين الخمس وانه يصلى ثلث صلوت أو جزم الحلى في المقام بالحكم المذكور مع قوله بعدم وجوب الجميع بين الصلاتين في الثوبين يعلم نجاسة أحدهما
معللا بعدم التمكن من قصد الوجه بدافتى بالصلاة عاريا وان لم يختلفا عددا وان اختلفا في الجهر والاخفاف فصلوة واحده ينوى بها ما في ذمته
على المشهور لما يستفاد من بعض الروايات من كفاية الواحدة المطابقة لعدد الفائتة وان خالفتها في الجهر والاخفات وهي مرفوعة الحسين بن
سعيد إلى أبى عبد الله (ع) المروية في المحاسن فيمن نسى صلاة من صلاة يومه ولم يدر أي صلاة هي قال يصلى ثلثا وأربعا وركعتين فإن كانت
167

الظهر أو العصر والعشاء كان قد صلى وإن كانت المغرب أو الغداة فقد صلى ومثلها مرسلة علي بن أسباط بحذف التعليل ولاجله يضعف الاستدلال
بها وان وقع من جملة بناء على تنقيح المناط وفيه اشكال حتى أن الحلى لم يعمل بالرواية في المسافر الناسي لاحدى صلواته الخمس اقتصارا على مورد النص
وذيل رواية البرقي وإن كان يظهر منه مناط الحكم الا ان دلالته على التعليل حتى يعتدى لأجله عن مورده لا يخ؟ عن قصور لاحتمال كونه تقريبا للحكم في
هذا المورد لا تعليلا حقيقيا أو بيانا لحكم الشارع بالاكتفاء بالثلث على تقدير ولعل الشهرة بين المتأخرين يجبر قصور الدلالة وان لم يكن كالشهرة
بين القدماء جابرة للسند ولأجل ما ذكرنا من قصور الروايتين عن إفادة الحكم فيما نحن فيه مع مخالفته لأصالة عدم الغاء الجهر والاخفاف عند التردد افتى
الشيخ والقاضي والحلبي وابن زهرة والحلى وابن سعيد على ما حكى عنهم بعدم كفاية الواحدة المرددة وان اكتفى من عدا الحلبي منهم بالثلث لناسي الواحدة
من الخمس لمكان الروايتين ثم الاكتفاء بالواحدة المرددة هل هي رخصة أو عزيمة وجهان أقويهما الأول لأدلة الاحتياط بعد ورود الامر بالثلث في
الرواية مورد توهم تعين الخمس ولظهور التعليل في أن الاكتفاء بالواحدة لأجل حصول المقصود به وهو يحصل بالمتعدد بل بطريق أولي كما في الذكرى
وكذا يكتفى بواحدة مرددة بين متعدد متوافق العدد لو صلى بطهارة دافعة ثم أحدث وجدد لرفعه طهارة طهارة ثم صلى بها أخرى فذكر انه أخل بعضو من
إحدى الطهارتين ولو صلى الخمس بطهارات خمس ثم يتقن انه أحدث عقيب إحدى الطهارات أعاد بناء على ما تقدم من الاكتفاء بالواحدة عما في الذمة
ثلاث فرايض ثلاثا للمغرب واثنتي للصبح وأربعا لما في الذمة من الرباعيات الثلاث وقيل كما عن الجماعة المتقدمة إليهم الإشارة يعيد خمسا وهذا أوفق بالاحتياط
وإن كان الأول أشبه بظاهر الروايتين المتقدمتين وللعلامة في القواعد في بعض فروعه كفاية الموددة عما في الذمة عبارة مشكلة اختلف في معناها
حتى أنه صنف بعضهم في ذلك رسالة قال بعد قوله قده؟ في مسألة الخمس صلوات بخمس طهارات ولو كان الاخلال أعاد أربعا صبحا ومغربا ورباعيا
مرتين والمسافر يجتزى بالثنائيتين والمغرب بينهما والأقرب جواز اطلاق النية والتعيين فيأتي بثالثة وتخير بين تعيين الظهر أو العصر أو العشاء
فيطلق الباقيين مراعيا للترتيب وله اطلاق الثنائي فيكتفى بالمرتين انتهى ولعل بملاحظة كلامه في ساير كتبه في هذا المقام مدخلا في حل هذه العبارة و
التوفيق بيد الله من يشاء نسئل الله التوفيق لما يجب ويرضى بمحمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين
قد فرغت من تسويد هذا الكتاب المستطاب بعون الله الملك؟؟ السادس والعشرين من شهر ربيع الثاني في سنه ثمان
وتسعين ومأتين بعد الألف من الهجرة المقدسة النبوية على هاجرها آلاف الثناء والتحية وانا العبد الأقل الجاني الفاني ابن مرحوم ميرزا سيد محمد رضا احمد الطباطبائي الإردستاني اللهم اغفر لي ولأمي وأبي بمحمد وعلي عليهما السلام
كتاب الغسل
بسم الله الرحمن الرحيم
إما الغسل ففيه الواجب والمندوب إما الواجب فستة أغسال لكل واحد منها سبب أضيف وليس الغسل كالوضوء حقيقة واحدة ولنورد
في أسبابه وهي غسل الجنابة وغسل الحيض وغسل الاستحاضة اللتي تشقب الكرسف وغسل النفاس وغسل مس الأموات من الناس بعد بردهم
وقبل تغسيلهم على المشهور كما سيأتي وغسل الأموات والحصر فيها مشهور وزيد عليها أغسال اخر يأتي في الأغسال المندوبة وبيان
ذلك كله في خمسة فصول يتضمن أخيرها بغسل المس الفصل الأول في الجنابة بفتح الجيم كما في الروضة وهي لغة لعبد ويطلق على
المنى كما في القاموس وهي كثير في الاخبار وفى الاصطلاح البعد الخاص قال في السرائر بعد تفسيرها بالبعد وهي في الشريعة كك؟ لبعده عن
احكام الطاهرين ونحوه في المعتبر لكن في الروض انها شرعا ما يوجب البعد عن احكام الطاهرين من غيبوبة الحشفة أو نزول المنى ولهذا كان
السبب لها فعل الشخص لاحد الامرين وهذا المعنى هو المناسب لجعل الجنابة من الاحداث الموجبة للغسل كغيره مما يوجب الغسل أو الوضوء فالمراد
من رفعها رفع اثرها وهو الحدث فالجنب من حصل منه الجنابة كالحايض والمستحاضة والنفساء واما دعوى نقل اللفظ شرعا إلى الحالة
المترتبة على الامرين وهي الحالة المانعة عن أمور مخصوصة فلم يثبت بل لا يحضرني من الروايات ما علم فيه استعمال اللفظ فهذا المعنى
168

الا ان يحمل عليه النبوي تحت كل شعرة جنابة نعم ربما يناسبه قولهم إن سبب الجنابة أمر ان وينحصر النظر فيها في ثلثة متضمنة لبيان السبب
لها والحكم المترتب عليها والغسل الواجب عقيبها إما سبب الجنابة فامر ان أحدهما الانزال للمنى بلا خلاف ولعل الاجماع عليه كالاخبار
مستفيض من غير فرق بين أحوال الانزال وافراد المنزل الا انه ورد روايات في عدم وجوب الغسل على المرأة إذا أنزلت معارضة
بما يتعين العمل به محمولة لأجل ذلك على وجوبا قربها حمل انكار وجوب الغسل على صدوره ولدفع مفسدة هي أعظم من ترك الغسل في
نادرا من الأوقات لنادر من السنون أو قد علمها الإمام (ع) بالنسبة إلى بعض موارد السؤال دون بعض والحاصل ان كتمان الحق كما يجوز بل يجب
لأجل التقية فكك؟ يجوز لغيرها من المصالح مثل وصول الحكم إلى من يجعله وسيلة لارتكاب مفاسد هي أعظم من البقاء على الجنابة وقد أمروا (ع)
في بعض الروايات العالم بهذا الحكم بكتمانه من النساء ذا علم أو ظن ترنبا للمفسدة على الاظهار لا مطلقا نفى صحيحة أديم بن الحر قال سئلت
أبا عبد الله (ع) عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل في منامه عليها الغسل قال نعم ولا تحدثوهن فيتخذنه علة الخبر فان كمان الحق مع كون محرما
قد يجب لترتب المفسدة عليه وهي جعل دعوى الاحتلام وسيلة للفجور ويمكن حمل تلك الأخبار على التقية لان مضمونها محكى عن بعض العامة وفي مرسلة
نوح بن شعيب هل على المرأة غسل إذا لم يأتها زوجها قال (ع) وأيكم يرضى ان يرى ويصبر على ذلك أن يرى ابنته أو أخته أو زوجته أو امه أو أحد
قرابته قايمة تغتسل فيقول مالك فتقول قد احتلمت وليس لها بعل ثم قال ليس عليهن في ذلك غسل فقد وضع الله ذلك عليكم فقال وان
كنتم جنبا فاطهروا ولم يقل لهن الخبر والحاصل ان كتمان الحكم المذكور لدفع مفسده مترتبة على اطلاع بعض العامة بذلك الحكم أو بعض
العوام ثم إن مقتضى اطلاق العبارة كغيرها من العباير عدم الفرق في مخرج المنى بين المعتاد وغيره وانه ليس كالحدث الأصغر ولذا قيدوا فيه واطلقوا
هنا ويظهر من الحدايق انه الأشهر الا ان ظاهرا العلامة في القواعد ومن تأخر عنه كونه كالحدث الأصغر قال في القواعد لو خرج المنى من ثقبة في
الصلب فالأقرب اعتبار الاعتياد وعدمه انتهى واستقربه ولده في الايضاح وفى البيان لو خرج من غير المعتاد فكالحدث الأصغر في اعتبار المعاودة
وعدمها انتهي وفى جامع المقاصد لو خرج المنى من ثقبه في الصلب اوفى الإحليل أو في خصيته فالفتوى على اعتبار الاعتياد و
وعدمه إما لو خرج من غير ذلك فاعتبار ذلك الاعتياد حقيق ان يكون مقطوعا به انتهى وذكر المحقق والشهيد الثانيان وصاحب المدارك
انه يحصل الجنابة للخنثى بانزال المأمن المخرجين لامن أحدهما الا مع الاعتياد وهذا أقوى لان ما تقدم في الحدث الأصغر مما يصلح مستندا
لاعتبار الاعتيادات هنا الا تقييد الحدث هناك بما يخرج من الطرفين الذين أنعم الله بها لكنا حيث قوينا هناك عدم اعتبار الاعتياد لزمنا
القول به بالاجماع المركب والأولوية ثم إنه ذكر العلامة في النهاية انه لو قلنا هناك باعتبار الخروج من تحت المعدة فالعبرة هنا بالصلب
ولعله مبنى على أن وصف خروجه من الصلب من أوصافه اللتي ينتفى حقيقة المنى بانتفائها نظير اعتبار الخروج من تحت المعدة في صدق
موضوع الغايط عند الشيخ كما تقدم هذا كله إذا علم أن الخارج منى ولو كان بلون الدم على ما قربه في الذكرى قال تغليبا للخواص واحتمل العدم لان
المنى دم فبقاء لونه يكشف عن عدم استحالته فان حصل ما يشتبه به فإن كان صحيحا وكان الخارج دافقا تقارنه الشهوة وهي المدة المعهودة
عند الانزال وفتور الجسد أي انكساره المعهود حكم عليه بأنه منى ووجب الغسل وحكم عليه قبله بما يحكم على الجنب لحصول الظن هذه الصفات
فيعتبر فيما لا طريق فيه إلى العلم ويلزم من اجراء الأصل فيه الوقوع في المخالفة القطعية لتكاليف كثيرة فان من يستيقظ ولا يرى في ثوبه الا شيئا
رطبا عليه بعض اثار المنى من الرايحة والزوجة لو بنى على اجراء أصالة الطهارة وقع أكثر الأوقات في فعل ما يحرم على الجنب ويدل عليه أيضا صحيحة
علي بن جعفر عن أخيه (ع) في الرجل يلعب مع امرأته فيقلبها فيخرج منه المنى فقال (ع) إذا جاءت الشهوة ودفع وفتر لخروجه فعليه الغسل وإن كان انما
هو شئ لم يجده له فترة ولا شهوة فلا باس وفرض كونه منيا في السؤال باعتبار المظنة أو ان اللفظ مصحف إذا المروى في كتاب علي بن جعفر فخرج
منه الشئ ثم إن القدر الثابت من هذه الصحيحة والذي يندفع به المانع من اجراء أصالة الطهارة وهي كثرة الوقوع في محرمات الجنب هي صورة
اجتماع الصفات الثلاث فيرجع في فاقد بعضها إلى الأصل الا انه يظهر من بعض الأخبار كفاية فتور الجسد ففي مرسلة ابن رباط يخرج
من الا حليل المنى والمذي والودي فاما المنى فهو الذي يسترخى به العظام ويفتر منه الجسد وفيه الغسل فان مقتضى التحديد كون الجد
خاصة لا يصدق بدون المحدود الا ان يقال إن الاطلاق فيها محمول على الغالب من عدم انفكاك الفتور عن الدفق ولذا لم يذكر الدفق
في ذيل صحيحة علي بن جعفر وبذلك يجمع بينها وبين ما دل على عدم انفكاك المنى عن الدفق وهي صحيحة ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع)
قلت له الرجل يرى في المنام ويجد الشهوة فيستيقظ فينظر فلا يجد شيئا ثم يمكث الهوين بعد فيخرج فقال (ع) إن كان مريضا فليغتسل وان
لم يكن مريضا فلا شئ عليه قلت فما فرق بينهما قال لان الرجل إذا كان صحيحا جاء الماء بدفقة قوية وإن كان مريضا لم يجئ الا بعد
وفى رواية العلل لم يجئ الا بضعف وبالجملة فالصفات الثلاث لما كأنه متلازمة غالبنا لم يكن في اطلاق ما
اقتصر فيه على احديها دلالة
169

على عدم اعتبار اجتماع الباقي فيقتصر في مخالفة الأصل على مورد الاجتماع وانه لا عبرة ببعضها فضلا عن غيرها مثل الرايحة ما هو ظاهر جماعة
ممن تأخر عن الشهيد الثاني خلافا لصريح طائفة ممن تقدمهم وظاهر الباقين ممن اقتصروا على إحدى الثلاث بل غير هل مثل الرايحة والثخانة و
البياض في منى الرجل والرقة والصفرة في المرأة بل ظاهر المحقق والشهيد الثانيين وفى جامع المقاصد والمسالك ان ذلك من المسلمات
وان ذكر الصفات الثلاث والاثنين في كلام الفاضلين لتلازمهما غالبا وانه لا خلاف في كفاية وجود الرايحة وجود الرايحة بل صرح في جامع المقاصد
بذل بل يؤيد ما استظهره ملاحظة كلام كلمات من تقدمهما من الأصحاب واستدلالاتهم والأخبار الواردة في الباب إما الكلمات فقال في
الذكرى وله أي للمنى خواص أربع خروجه بدفق بدفعات غالبا قال الله تع؟ من ماء دافق ومقارنة الشهوة وفتور الجسد وهو انكسار
الشهوة بعده وقرب رايحته من رائحة الطلع والعجين ما دام رطبا ومن بياض البيض جافا والمنى الرجل الثخانة والبياض ويشاركه فيهما
الوذي ولمني المرأة الرقة والصفرة ويشاركه فيهما المذي كل ذلك حال اعتدال الطبايع انتهى فان ذكر الخواص الأربع في مقابل الصفتين
الأخيرتين المشتركتين بين منى الرجل والوذي وبين منى المرأة والمذي مظاهر في كفاية كل واحدة من الأربع واما المحقق ره فقد ذكر هنا في
المعتبر الصفات الثلاث واقتصر في النافع الذي هو كالمتن للمعتبر على الدفق والفتور واما العلامة ره؟ فقد اقتصر في القواعد على الدفق والشهوة
وزاد عليهما في بعض كتبه الفتور وفى بعضها كالتذكرة الصفات الأخر وقال في الوسيلة وعلامته الدفق سواء كان معه شهوة أم لا وان وجد شهوة
من غير دفق وكان مريضا فكك؟ وإن كان صحيحا لم يكن ذلك منيا إذا لم يكن معه دفق انتهى وقد تبع في ذلك الشيخ في النهاية حيث قال وإذا وجد الا نسيان
ماء كثيرا لا يكون دافقا لم يجب عليه الغسل ما لم يعلم أنه مني وان وجد من نفسه شهوة الا ان يكون مريضا فانهه يجب عليه الغسل متى وجد في نفسه شهوة
ولم يلتفت إلى كونه دافقا أو غير دافق انتهى واما استدلالاتهم فقد استدل في المعتبر في المعتبر الصفات المذكورة انها صفات لازمة في الأغلب
فمع الاشتباه يستند إليها ثم قال ويؤكدها ما رواه علي بن جعفر وقال في التذكرة ولو اشتبه الخارج اعتبر بالصفات واللذة وفتور الجسد لأنها
صفات لازمة في الأغلب فمع الاشتباه يستند إليها لقول الكاظم (ع) ولا يخفى ان ظاهر هذا الاستدلال خصوصا الواقع في عبارة التذكرة الظاهرة
في اعتبار جميع الصفات زيادة على اللذة والفتور استناد إلى الصحيحة كفاية كل واحدة من هذه الصفات فذكرها من قبيل قول النحاة في
امارات الاسم انه يعرف بالجر والتنوين ودخول كلام واما الاخبار فمنها ما تقدم في صحيحة ابن أبي يعفور حيث قال الراوي مما الفرق بينهما أي بين الصحيح والمريض
قال لان الرجل إذا كان صحيحا جاء الماء بدفقته قوية وإن كان مريضا لم يجئ الا بضعف ولا يخفى ان ما ذكره في الفرق من كون منى المريض خارجا
بغير دفق لا يدل على المطلوب وهو كون الخارج بغير دفق منيا الا بملاحظة ان مجرد الشهوة عند الخروج امارة على المنى وعدم الدفق الغالب في
المنى لا يوجب وهنا في الظن المذكور لان ذلك عارض لأجل ضعف المريض فالفارق بين الصحيح والمريض في الحقيقة هو كون انتفاء الدفق في الصحيح مانعا
عن الظن من الشهوة بكون الخارج منيا بخلاف المريض فان عدم الدفق لا يمنع من حصول الظن بالمنى من أجل الشهوة فإذا وجد الشهوة فليغتسل و
بالجملة فبيان الفارق المذكور يمنع عن القول بان كفاية الشهوة في المريض وعدم اعتبار الدفق فيه لمحض التعبد ونحوها صحيحة معوية بن عمار قال سئلت أبا عبد
الله (ع) عن الرجل احتلم فلما ابنته وجد بللا قليلا قال ليس بشئ الا ان يكون مريضا فإنه يضعف فعليه الغسل والتقريب ما تقدم من أن التعليل
بالضعف لدفع مانع الظن ففرع عليه وجوب الغسل وفى حسنة حريز المروية في الكافي والعلل قال إذا كنت مريضا فاصابتك شهوة فإنه ربما كان
هو الدافق ولكنه يجئ مجيئا ضعيفا ليس له قوة لمكان مرضك ساعة بعد ساعة قليلا قليلا فاغتسل منه فان تفريع قوله فاغتسل على قوله
ربما كان هو الدافق ظاهر في كفاية الظن الحاصل من الشهوة في وجوب الاغتسال وعدم قدح انتفاء الدفق وكيف كان فالقول بكفاية بعض الامارات
المذكورة لا يخ؟ عن قوة حيث لم يعلم وجدا باقيها أو علم انتفاء الباقي لعارض كالمرض و ح؟ لو كان مريضا فانتفى الدفق لأجل الضعف كفت الشهوة
وفتور الجسد في وجوبه وكذا لو كان بدنه فاترا قبل الخروج كفت الشهوة وحدها كما صرح به في المسالك إما لو كان انتفاء بعضها لا لعارض كما
لو تجرد الخارج من الصحيح عن واحد من الشهوة والدفق أو غيرهما من الأوصاف لم يجب لتعارض الامارة الموجودة وانتفاء الامارة الأخرى المفيدة
للظن بالعدم فالأقوى ح؟ الرجوع إلى الأصل وأظنه مما لا خلاف فيه كما يظهر من حكمهم بقدح انتفاء الدفق في الصحيح وعدم قدحه في المريض
معللين ذل بان الانتفاء لأجل العارض ومما ذكرنا يظهر وجه استمرار السيرة على الالتزام بالغسل إذا انبته فوجد في ثوبه أو بدنه بللا لا يوجد
فيه الا رايحته المنى الا ان يدعى هنا العلم العادي لكن الظاهر أن منشأ سكون النفس جريان العادة بالتزام الجنابة بمجرد الرائحة فصار احتمال
العدم من جهة عدم الاعتناء كالمعدوم فتأمل وان وجد على جسده أو ثوبه منيا لا تحتمل آل كونه من جنابة لم يتطهر منها وجب عليه الغسل بلا
اشكال ولا خلاف والمسألة وان لم تحتج إلى التعرض بعد ما تقدم من كون نزول المنى موجبا الغسل الا ان بعض من تقدم على المض؟ ره؟ تعرض لها
تبعا للنص ولبعض تفاصيل العامة في هذا المقام وهي موثقة سماعة عن الرجل يرى في ثوبه المنى بعد ما يصبح لم يكن قد رأى في منامه انه قد احتلم
170

قال فليغتسل ويغسل ثوبه ويعيد صلاته وموثقته الأخرى قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الرجل ينام ولم ير في نومه انه احتلم فوجد على ثوبه وعلى
فخذه الماء هل عليه غسل قال نعم قال السيد ره فيما حكى عن مسايل خلافه عندنا ان من وجد المنى في ثوبه أو فراش يستعمله هو وغيره ولم يذكر الاحتلام
فلا غسل عليه لتجوزه ان يكون من غيره فان وجده فيما لا يستعمله سواه ولا يجوز ان يكون من غيره فيلزمه الغسل وان لم يذكر الاحتلام
ثم ذكر أقوال العامة ثم قال ويدل على صحة مذهبنا انه إذا وجد المنى ولم يذكر وهو يجوز ان يكون من غيره فلا يقين بما يوجب الغسل وهو على يقين
بتقدم براءة ذمته فإنه على أصل الطهارة فلا يخرج بذل اليقين الا بيقين مثله وإذا وجده فيما لا يلبسه ولا يستعمله غيره فقد أيقن انه منه فوجب
الغسل انتهى وقال في المبسوط بعد ذكر حكم ثوب المشترك وإن كان لا يستعمله غيره وجب عليه الغسل لأنه يتحقق خروجه منه انتهى وقال في المعتبر لو رأى
في ثوبه منيا فإن كان يشتركه فيه غيره لم يجب الغسل لاحتمال كونه من المشارك لكن يستحب الغسل احتياط ويقضى بان أحدهما جنب ولو أتم أحدهما
بصاحبه لم يجز صلاة المؤتم ولو كان منفردا اغتسل واجبا لأنه يتيقن انه منه انتهى هذا ما حضرنا من كلماتهم الظاهرة في فرض المسألة في صورة حصول
اليقين بالجنابة لكن المعروف بين من تأخر من المحقق ره؟ ان مجرد وجدان المنى في الثوب امارة موجبة شرعا للحكم بجنابته إذا لم يشتركه في الثوب
غير قال في المنتهى في مسألة الماء المستعمل في رفع الحدث الأكبر لو اغتسل من جنابة مشكوك فيها كواجد المنى في ثوبه المختص أو المتيقن لها و
للغسل الشاك في السابق منهما أو من حيض مشكوك فيه كناسية الوقت والعدد هل يكون مائه مستعمل فيه اشكال انتهى وفى محكى النهاية انه يجب عليه
الغسل عملا بالظاهر انتهى وقال في الدروس بعد التفصيل بين المشترك والمختص ولو قيل بان الاشتراك إن كان معا سقط عنهما وان تعاقب وجب
على صاحب النوبة كان وجها ولو لم يعلم صاحب النوبة فكا المعية انتهى ولا يخفى ظهور هذا الكلام بل صراحته في فرض المسألة في صورة عدم العلم و
تبعه في هذا التفصيل الشهيد والمحقق الثانيان في الروض والمسالك وجامع المقاصد وحاشيتي الارشاد والشرايع وحكم هؤلاء تبعا العلامة بأنه
يحكم ببلوغ الواجد مع امكان البلوغ في حقه باكمال اثنى عشر سنة وهذا التفصل لا يجامع العلم بكونه منيا وقال في الموجز وتوجب الجنابة بخروج
المنى من معتاد وصائرة أوثقية في الذكر أو الأنثيين ووجوده في مختص ثوب أو فراش انتهى فان عطف الوجدان على الخروج ظاهر في كونه سببا تعبديا
وقال كاشف الالتباس في شرح العبارة إذا وجد في ثوبه أو فراشه المختص به منيا وجب عليه الغسل عملا بالظاهر انتهى وقال شارح الجعفرية
في شرح قول الماتن يجب الغسل بانزال المنى ولا يشترط العلم بكونه منيا بل يثبت ولو بوجدانه في الثوب المختص به انتهى بالجملة فالمشهور
بين المتأخرين عن المحقق ره؟ كون وجد أن المنى في الثبوت المختص به سببا شرعيا ظاهريا للجنابة رجح الشارح فيه الظاهر على الأصل كما في البلل الموجود
بعد البول وقبل الاستبراء ولا اشكال وانما الاشكال في مستنده إذ لا يصلح لذلك الا موثقتا سماعة المتقدمتان ولا يخفى ان ظاهرهما خصوصا
الثانية المشتملة على وجدان المنى على فخذه صورة العلم بنزول المنى ولا يستبعد السؤال عن مثله كما لا يخفى على من تتبع أسألة الروايات ولاحظ
مزخرفات العامة التي أو جبت الشبهة في أكثر مسلمات الخاصة فالانصاف ان الخروج بها عن القاعدة المجمع عليها من عدم الخروج عن يقين الطهارة
بمجرد الشك مشكل سواء كان الشك في كونه منيا له أو لغيره أم في أن هذا المنى المعلوم كونه منه من جنابة سابقة تظهر لها أو من جنابة حادثة
الا ان يقال في الصورة الثانية ان الشخص حين خروج المنى يعلم بحدوث جنابة مرددة بين السابقة واخرى حادثة والأصل بقائها كما أن
الأصل بقاء الطهارة بعد الجنابة السابقة فهو نظير من تيقن الطهارة والحدث ولشك في المتأخر مع علمه بالحدث قبلها وإن كان المفروض
هناك طهارة وحدث غير الحدث المعلوم قبلها بخلاف ما نحن فيه الا ان مناط تعارض الاستصحابين موجود هنا أيضا ولعل هذا من القراين
على اتفاقهم هناك على وجوب الاخذ بضد الحالة السابقة إذا علم بها وفى الصحيح عن محمد بن مسلم قال سئلته عن الرجل يصيب ثوبه منيا ولم يعلم أنه
احتلم قال ليغسل ثوبه وليتوضأ الخبر والامر بالوضوء في مقابل الغسل يعن ان الطهور في حقه هو الوضوء دون الغسل ثم لو قلنا بظاهر
الموثقين من التعبد فهل يقتصر فيه على صورة حصول الظن بكونه منه أو يحكم به بمجرد الاحتمال وجهان أقويهما الأول إذ لو نزل عن ورودهما في
مقام العلم العادي كما هو الغالب فلا أقل من ورودهما في مقام الظن وعلى أي تقدير يجب الاقتصار على المتيقن من مورد الروايتين وهو وجدان
المنى على الجسد أو الثوب ولا يبعد الحاق الفراش كما صرح به بعضهم وكذا يجب الاقتصار على المتيقن من أزمنة نزول هذا المنى الموجب للحدث و
الخبث ولا يعيد الا الصلاة التي لا يحتمل تأخر الوجدان عنها وفى غيرها يكون الأصل بقاء الطهارة السابقة وفاقا للمشهور وفى المبسوط ينبغي
أن يقول يجب ان يقضى كل صلاة صلاها من اخر غسل من جنابة ومراده وجوب قضاء كل صلاة احتمل تقدم هذه الجنابة عليها فقدير وانه لا وجه
لقضاء ما صلاها بين الغسل وأول يوم يحتمل فيها الجنابة ولعل الوجه فيما اختاره العلم بوقوع بعض تلك الصلوات مع الجنابة فيجب قضاء
الجميع من باب المقدمة وفيه ان أصالة بقاء الطهارة السابقة فيما عدا الصلاة المعلوم وقوعها مع الجنابة تثبت صحة ما عداها ولذلك قوى هذا
القول أخيرا في المبسوط هذا كله حكم القضاء من حيث الحدث واما من حيث الخبث فسيأتي حكم جاهل النجاسة في حكام النجاسات ثم إنه لا اشكال
171

ولا خلاف في عدم وجوب والغسل على كل من المتشاركين في الثوب وان علم بكون أحدهما جنبا ويترتب عليه اثار الجنب الواقعي فلا يجوز الصلاة
خلف واحد منها لوجوب الاجتناب عن الصلاة خلف الجنب الواقعي نظير الصولة خلف المشتبه بالفاسق أو الكافر والصلاة في الثوب المشتبه
بالنجس والسجود على المكان المشتبه به وغير ذلك وما أبعد ما بينه وما جوزه بعض مشايخنا المتأخرين من جواز الصلاة خلف كليهما في فرضين
بل ادعى عدم ظهور الخلاف في ذلك لكن ملاحظة ما ذكرنا من الأمثلة تشهد بعدم ظهور الخلاف فيما اخترناه ثم إن الوجه في عدم وجوب الغسل على واحد
منهما ان أصالة الطهارة في كل واحد منهما في حق نفسه لا يعارضه أصالة طهارة الأخر إذا لم يكن طهارة
الأخر مما يتعلق به حكمه كجواز الاقتداء به والاكتفاء به في عدد الجمعة كما سيجئ والأصل في ذلك
ما ذكرناه في المائين المشتبهين وفى مطلق الشبهة المحصورة من أن المعتبر في تبخر التكليف بالامر المعلوم اجمالا كونه بكلا محتمليه مورد الابتلاء
المكلف والحاصل ان المدار في الأعمال المتوقفة على احتراز طهارة الواجد سواء صدرت من أحد الواجدين أو من ثالث يترتب عمله على عملهما
وعلى أحدهما على سلامة أصالة الطهارة ويترتب على ذلك أمور منهما إذا لم يترتب على عمل صاحبه وهذا مما لا اشكال فيه ولا خلاف
ومنها فساد عمله إذا ترتب صحته عمل الأخر عند الأول فلا يجوز اقتدائه به وفاقا للمحقق وفخر الدين والشهيد لان الشرط في صحة صلاة المأموم طهارته
من الحدث وطهارة امامه ولا يجوز احرازهما بالأصل للعلم الاجمالي بجنابة أحدهما فيحصل العلم التفصيلي بفساد صلاته لاختلال أحد شرطية كما
لو علم اجمالا بنجاسة مرددة بين كونها في ثوبه أو بدنه خلافا للعلامة في التذكرة قال لأنها جنابة أسقط الشارع حكمها ووافقة في المدارك لصحة
صلاة كل منهما شرعا وأصالة عدم اشتراط ما زاد على ذلك ثم ضعف استدلال المانعين بالقطع بحدث أحدهما بانا نمنع حصول الحدث الا مع تحقق
الانزال من شخص بعنيه ولهذا ارتفع لازمه وهو وجوب الطهارة اجماعا وفى الرياض لاناطته التكليف بالظاهر وعدم العبرة بنفس الامر ولو مع العلم
اجمالا ولهذا يصح صلاتهم ولا يجب الغسل عليهما قطعا ويضعف ذلك كله يمنع اسقاط الشارع حكم هذه الجنابة لعدم الدليل على المسقط مع
وجود السبب وهو الانزال إذ لا ريب انه إذا حصل العلم لأحدهما بكونه منه لم يكن علمه حدثا جديد أو انما وجب عليه الغسل بالسبب السابق فالسبب
موجود واقعا في أحدهما وانما انتفى بعض لوازمه عن كل منهما وهو وجوب الغسل الاحراز عدمه بحكم الأصل السليم عن المعارض فكل من كان منهما
أو من ثالث علمه مترتبا على عدم الجنابة فان امكنه احرازه بالأصل صح منه ذلك العمل بمعونة الأصل والا فلا والمفروض ان صلاة المأموم تترتب
صحتها على طهارة الامام اللتي لا يمكنه اجراء الأصل لمعارضة بأصالة طهارة نفسه مع كون الازم من العمل بالأصلين طرح مقتضى السبب الواقعي
الذي فرضناه سببا فسحة الاقتداء مبنية على أحد أمور كلها مخالفة لمقتضى الأدلة أحدها عدم اشتراط صلاة الامام بالطهارة الواقعية
وهذا مع استلزامه صحة الاقتداء ولو علم بجنابة الامام كما يصح لو علم بنجاسة ثوبه أو بنسيانه أحد السجدتين وشبهها مردود بالأدلة
الدالة على اشتراطها بها واقعا ولذا يجب عليه الإعادة في الوقت فان الإعادة لا يكون الا لاختلال شرط واقعي ولذا فرع العلامة قده في
القواعد صحة اقتداء علم بنجاسة ثوب الامام وفسادها على عدم وجوب الإعادة على الجاهل بالنجاسة وجوبها عليه الثاني انه يكفي
في صحة الاقتداء صحة صلاة الامام ظاهرا عند نفسه ولو لم يحرز المأموم صحتها الواقعية ولو بحكم أصالة طهارته بل يكفي عدم علمه
بالفساد وهذا وان لم يتضح فساده كالأول الا ان الظاهر من ملاحظة أدلة شرايط الامام في باب الجماعة اشتراط احراز الصحة عند المأموم ولو بأصالة
الصحة أو أصالة الطهارة أو غيرهما مما لا يجرى في المقام وقد ادعى فخر المحققين ره؟ في الايضاح الاتفاق على أن الايتمام هيئة اجتماعية يقتضى
أن تكون الصلاة مشتركة بين الإمام والمأموم وان صلاة الامام هي الأصل وفى رواية عن أمير المؤمنين (ع) إذا فسد صلاة الامام فسد صلاة
المأموم ومقتضى التلازم في الفساد انه إذا احتمل فساد صلاة الامام احتملا غير مندفع بالأصول كان صلاة المأموم كك؟ فلا يجوز الدخول
فيها لكن مورد الرواية وجوب الإعادة على من علم بعد الصلاة جنابة امامه وهو مخالف الفتوى الا انه يمكن توجيهه بان المورد لما اتفق في اقتداء
الناس بثاني الشيخين كان هذا الكلام حقا بالنسبة إلى ذلك الموارد فلا يلزم المحذور وهو طرح العمل بالرواية في موردها الشخصي واما طرحها
في نوع موردها فليس بذلك المحذور وتمام الكلام يأتي في محله انش؟ تع؟ الثالث تسليم الامرين الأولين ومنع كون الانزال المتحقق من شخص
لا بعينه موجبا للحدث وهذا لا باس بتسليمه إذا قلنا إن الحدث حالة منتزعة من وجوب الغسل فعلا وليس أمرا متأصلا يتفرع عليه وجوبه فإذا
ارتفع وجوب الغسل فعلا انتفى الحدث واقعا فكل منهما متطهر واقعي لعدم وجوب الغسل عليه فعلا وهذا مردود بما يدل على وجوب الإعادة
والقضاء على من صلى جنبا بغير علم وبالرواية المذكورة وباستلزامه تجدد الحدث عند العلم وعدم تحقق الحدث بالادخال بالنسبة إلى الصغير
والمجنون وهذا مما لا يقولون به وبالجملة فالأقوى ما ذهب إليه في المعتبر والايضاح والبيان وجامع المقاصد والمسالك وكشف الالتباس و
اللثام وغيرها ويلحق بالاقتداء اعتماد أحدهما على الأخر في تكميل عدد الجمعة ومنها اقتداء الغير بأحدهما ووطى الزوج إحدى زوجيه المعلوم
حيضها له ولها علمه بحالهما والظاهر عدم الجواز لعدم احراز طهارة الامام بالأصل لمعارضته بأصالة طهارة الأخر فيلزم
172

إما جواز الاقتداء بهما أو بأحدهما بعينه والأول مستلزم لطرح ما دل على المنع عالي الاقتداء بالجنب والثاني ترجيح بلا مرجح فيتعين عدم الجواز
فيهما نظير السجود على أحد المشتبهين بالنجس والصلاة خلف أحد المشتبهين بالفاسق أو بغيره ممن لا يصح الاقتداء به نعم لو كان الواحد الأخر خارجا
عن مورد ابتلاء المكلف كما إذا كان ميتا أو فاسقا أو يتعذر الوصول إليه كان مقتضى القاعدة الجواز وما ذكرنا في فان لمنع مما لا اشكال فيه بل
ولا خلاف بناء على ما يقتضيه قاعدتهم في الشبهة المحصورة ما وابعد ما بينه وبين ما اختاره بعض مشايخنا المعاصرين مستظهرا عدم الخلاف
فيه من جواز الاقتداء بهما في فرضين كان يأتم بأحدهما في الظهر وبالاخر في العصر وفيه مضافا إلى ما ذكرنا من أن مقتضى قاعدة الشبهة عدم
جواز الاقتداء بأحدهما انه حين أراد الدخول في العصر يقطع تفصيلا بفساد صلاة العصر إما للايتمام فيها بجنب واما الفساد الظهر المقتضى لعدم مشروعية
العصر قبل فعلها فتأمل وقد استظهر صحة الصلاتين وعدم وجوب إعادة إحديهما مما ذكره فخر المحققين الثاني في جامع المقاصد من أن
كل فعل توقف صحته على صحته فعل الأخر بطل المتوقف كصلاة أحدهما خلف الأخر وإن كان التوقف من الجانبين توقف معية بطلا معا كما في
اعتماد كل منهما على الأخر في تمام عدد الجمعة وأما إذا لم يتوقف صحة صلاة أحدهما على صلاة الأخر رأسا صحت الصلاتان والمستفاد من ذلك أنه
إذا صحت صلوتا هما في الفرض المذكور صحت الصلوتان المؤتم في كل واحدة منها بواحدة من صلاتيهما وأنت خبير بان مفاد العبارة
المذكورة صحة صلاتهما بالنسبة إلى أنفسهما في مقابل بطلانهما بالنسبة إلى أنفسهما في الجمعة الجمعة وبطلان صلاة المأموم في الائتمام وهذا المقدار
من الصحة لا ينافي عدم جواز اقتداء الثالث بتلك الصلاة إذا لم يحرز أصالة طهارة امامه لأجل المعارضة كما أن صحة صلاة الامام من أحدهما
بالنسبة إلى نفسه لا ينافي فساد صلاة الا خبر المأموم كيف ولو كفى لجاز الاقتداء بمن علم جنابته مع جهله بها لحصول لصحة الظاهرية ومما ذكرنا
يعرف وجه المنع في مثال وطى إحدى الزوجتين مع وجوب العبادة بالنسبة إلى كليهما والظاهر أن حكم استيجارهما للصلاة عن الميت كذلك ومنها
استيجار الغير لهما ولأحدهما في كنس المسجد المستلزم للمكث أو لحمه في الطواف فان الظاهر صحة ذلك لعدم توقف صحة الاستيجار على احراز طهارة
كل منهما لو بحكم الأصل بل يكفي في صحة الاستيجار إباحة الشارع وترخيصه مكثهما في ح المساجد وان وقع من كاشف الالتباس ما وقع حيث منع
من دخولهما في المسجد لكن الظاهر مخالفته للاجماع والرخصة حاصلة بحصول الطهارة الظاهرية في حق الأخر لكن لابدان يلتزم ح؟ بجواز استيجار
من يعلم جنابته إذا كان الأجير جاهلا ولا باس ومثله القول باستيجارهما أو استيجار أحدهما لقرائة العزايم بناء على جواز استيجار من علم جنابته مع جهله
والضابط في صحة فعل الثالث المترتب على صحة فعلهما أو أحدهما انها ان توقفت على احراز صحة فعلهما في الواقع ولو بمعونة أصالة الطهارة
لم يصح ذلك الفعل مع معارضة أصالة طهارة أحدهما بالصالة طهارة الأخر تفصيلا وان اكتفى فيها بصحة فعلها طاهرا في حق أنفسهما صح ذلك
الفعل والامارة المايزة بين المقامين صحة فعل الثالث وان علم تفصيلا في أحدهما بعينه ما علمه في أحدهما لا بعينه ودعوى انه قد يكون الشرط في
صحة الفعل المترتب على فعل أحدهما هي صحته الظاهرية في حق الفاعل مع عدم علم الأول تفصيلا بفساده مدفوعة بان أدلة اعتبار صحة فعل أحدهما
في فعل الثالث لا يمكن خروجه عن الوجهين لأنه لو كان فعل أحدهما على تقدير جنابته فاسدا في الواقع لم يكن بد للثالث من احراز عدم الفساد ولو
بالأصل ولو لم يكن فاسدا واقعا لم يقدح علمه بالجنابة لان الفرض ان مجرد وجود ما في الواقع غير مؤثر في الصحة الواقعية فعليك بتفريع الفروع
بعد اتقان ما ذكرنا من الضابط وتشخيص موارده من الأدلة والله الهادي بقى هنا شئ وهو انه إذا قلنا في واجد المنى في الثوب المختص الجنابة
وان لم يعلم بها عملا بظاهر الحال فهل يجب التزام الواجدين في الثوب المشترك بجنابة أحدهما لا بعينه أم لا وجهان من وجوب الاقتصار فيما خالف
قاعدة عدم نقض اليقين بغيره على مورد النص وهو الثوب المختص ومن قيام ظاهر الحال هنا وعدم تعقل الفارق بين احتمال كون الجنابة
في الثوب المختص من غير صاحبه واحتمال كونها في الثوب المشترك من ثالث فلا يعقل الغاء الأول والاعتناء بالثاني والرجوع من اجله إلى أصالة
طهارتهما ولذا الحق جماعة الواجد منهما في نوبته بالمنفرد بالثوب وهذا هو الأقوى لكن عرفت الأصل في المسألة ثم إنه ذكر جماعة بل نسبه
غير واحد إلى أصحاب انه يستحب الغسل لهما مع الوضوء الواجب عليهما في ظاهر التكليف ووجهه حسن الاحتياط وهل ينوى الوجوب أو الاستحباب
قيل بالأول ولعل وجهه ان الاحتياط انما يحصل بفعل ما احتمل وجوبه مشتملا على جميع ما يعتبر فيه حتى قصد الوجه وفيه نظر لمنع اعتبار قصد
الوجه على جهة الوصفية وعدم تحقق قصده في المقام على جهة الغائية ومن ذلك يظهر قوة الوجه الثاني والأحوط اخطار الغسل موصوفا
بالوجوب ثم لو ظهرت الحاجة إلى هذا الغسل فالظ؟ الاكتفاء لان المقصود من الاحتياط احراز الواقع والمنوى بهذا الغسل رفع الحدث
على تقدير الوجود وإذا شرع فعل لغرض فلا بد من حصوله إذا لكل امرء ما نوى خلافا للمحكى عن المحقق الثاني فاستوجه عدم الاجراء وهو لازم كل من
افتى فيما تقدم في الوضوء بان المحكوم بالطهارة شرعا لو توضأ احتياطا لم يجز عند تبين الحاجة إليه كما في القواعد والبيان ولجامع المقاصد
لعدم نية الوجوب أو عدم نية الرفع ويضعف بان نية الوجوب الوصفي حاصل على تقدير وجوبها والغائي غير معتبر خصوصا مع عدم الامكان
173

واما الرفع فهو ينوى على تقدير الحدث واعتبار قصده على وجه التخيير فيما لا يتحقق الاعلى بعض التقادير إن كان في الامتثال وسقوط الامر فالمفروض
حصوله في المقام بدونه لتعذره وإن كان في الصحة بمعنى ترتب الأثر وهو رفع الحدث الموجود ففيه ان الرفع يحصل بحكم قوله (ع) لكل امرء ما نوى الثاني
الجماع فان جامع امرأة في قبلها فهو جنب وان لم ينزل بالكتاب والسنة والاجماع من المسلمين من يوم رجع الأنصار عن قولهم بان الماء من إلى قول
المهاجرين قال الله أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا ودعوى انصراف المطلق إلى الغالب من صورة الانزال ممنوعة وقد صح عن أمير
المؤمنين (ع) في صحيحة زرارة الحاكية لمحاكاته (ع) بين المهاجرين والأنصار انه إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل ونحوها صحيحة ابن بزيع وزيد
فيها تفسير الالتقاء بغيبوبة الحشفة فيكون معنى الالتقاء مجرد المقابلة لان ختان المرأة فوق مدخل الذكر لكن في صحيحة الحلبي كان علي (ع)
يقول إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل وفى صحيحة علي بن يقطين إذا وقع الختان على الختان فقد وجب الغسل وظاهر الكل تحقق التواصل
بينهما لكن ذكر جماعة ان المراد مجرد التحاذي بينهما لعدم امكان تماسهما والامر سهل بعد تفسيره في الصحيحة بغيبوبة الحشفة لكن ظاهر بعض الأخبار
كفاية مجرد الادخال والايلاج في وجوب الغسل والمهر والرجم لكن لا يبعد كونها مسوقة لبيان عدم الاكتفاء بالتفخيذ وشبهه مما
يقرب الادخال مضافا إلى انصراف الادخال إلى أزيد من مسماه حتى ورد في بعض الأخبار انه يجب عليهما
الغسل حين يدخله وإذا التقى الختانان
فيغسلان فرجهما فأراد من ادخاله جميعه لكن الرواية لمخالفتها للنصوص والاجماع يمكن حملها على إرادة تلاقى الختانين بمجرد وضع أحدهما
على الأخر وتحاذيهما بالتفخيذ ثم إن الالتقاء سبب للجنابة من طرف الذكر والأنثي وإن كان كل واحد منهما أو أحدهما نائما أو مجنونا أو صغيرا أو
كانت الموطوءة ميتة أو حيه استدخلت ميتا بلا خلاف في شئ من ذلك للاطلاقات وان أمكن دعوى انصرافها إلى ما لا يشتمل بعض المذكورات
الا ان الانصاف لا وقع لها فان مثل هذا الانصراف لو اثر لذهب بعموم أكثر القواعد المستنبطة من الاطلاقات مضافا في وطى الميتة إلى استفادة جماعة
تبعا للسراير من قوله (ع) أتوجبون عليه الحد ولا توجبون عليه صاعا من ماء من الملازمة بين ايجاب الحد وايجاب الغسل واحتمال وروده في مقام الزام
الخصم القايل بجواز القياس كما في الحدائق قال أو انه (ع) أنكر عليهما ذلك مع مخالفته لاعتقادهم بمعنى انه كيف تقولون بهذا القول مع أنه مخالف
لمعتقدكم مدفوع بأنه لا مجال هنا للقياس كما لا يخفى وعلى تقديره فلم يظهر ان المخالفين في هذه المسألة أعني الأنصار عاملون بالقياس مط؟ خصوصا
في المقام ومستندهم في نفس الغسل السنة دون القياس مضافا إلى أن الحمل على ذلك خلاف الظ؟ إذا الضاهر ورود كلام المتكلم على طبق معتقده فالظ؟
ان وجوب الحد وعدم وجوب الغسل مما لا يجتمعان في نظر الإمام (ع) غاية الأمر انا لا نفهم الربط الواقعي بين الامرين ويمكن ان يكون المراد الظاهري
انه إذا كان الادخال مؤثرا لهذا الامر العظيم من اثار الجنابة فكيف لا يؤثر في تحقق الحدث الذي هو أخف منها ومما يؤيد إرادة الملازمة الواقعية
بين الحد والغسل قوله (ع) في صحيحة الحلبي المتقدمة كان علي (ع) يقول كيف لا يجب الغسل والحد يجب فيه فان حكاية هذا الكلام في مقام بيان الحكم الواقعي
لا يناسب صدوره من الأمير صلوات الله عليه على طريق الاسكات والالزام كما لا يخفى واستدل جماعة كالشهيدين تبعا للمبسوط على تحقق الجنابة
بجامعة الميتة بما ورد من أن حرمة الحي كحرمة الميت وزيد في بعض الأخبار بل هي أعظم وفيه نظر لعدم إناطة الجنابة باحترام الموطوء واما التمسك
بالاستصحاب لان مجامعتها قبل موتها كانت موجبة للجنابة فكذا بعد موتها لعدم العلم بتأخير الحياة فهو وإن كان صحيحا على مذاق المشهور الا انا قد
ذكرنا في محله ان مثل هذا الاستصحاب غير معتبر بل غير جار لان الموضوع الذي حمل عليه المستصحب أعني سببيته مجامعته للجنابة غير معلوم البقاء بعد الموت
واستصحاب الموضوع غير جار وتمام الكلام في محله ثم إن في استنباط جنابة الصغير فاعلا كان أو مفعولا وكذا المجنون من الأدلة المذكور غموضا من حيث إن
الجنابة فيها مستنبطة من وجوب الغسل بعد وضوح ان الغسل ليس الا لرفع الحدث المأمور به في قوله لا صلاة الا بطهور والمفروض انه لا يتصور
حدث غير الجنابة فمؤدى تلك الأدلة ان الالتقاء بسبب لوجوب رفع لحدث الجنابة عند اجتماع شرايط الوجوب ولا يستقيم هذا المعنى الا بكون
الالتقاء سببا للجنابة التي يجب رفعها عند تبخر التكليف المشروط بالطهارة كما لا يخفى لكن هذا موقوف على كون الشرايط شرايط الوجوب
وقيودا له وتقييد وجوب الغسل بها ليس بأولى من تقييد الالتقاء بها غاية الأمر انه ثبت بالاجماع ان ما عدى البلوغ والعقل كعدم النوم
والتمكن من الماء واشتغال الذمة بمشروط بالطهارة قيود للوجوب واما البلوغ والعقل فكما يحتمل كونه كغيرهما يحتمل رجوعهما إلى الالتقاء فيكون
المعنى ان الالتقاء بعد البلوغ والعقل يوجب الغسل عند تحقق ساير الشروط فيكون للوصفين مدخل في تحقق الجنابة التي هي سبب لوجوب رفعها
فان قلت تقييد الوجب بالبلوغ والعقل متيقن بالاجماع والشك في تقييد الالتقاء بهما والأصل عدمه قلت الثابت بالاجماع عدم وجوب الغسل
على الصغير والمجنون إما كون ذلك لعدم تحقق الجنابة أو لعدم وجوب رفعها فليس متيقنا فالاجماع لا يكشف الا عن القضية السلبية المذكورة وهي أعم
من كونها لرجوع القيد إلى الوجوب فلا تدل عليه ثم لو سلم رجوع التقييد إلى الوجوب لم يدل على المطلوب أيضا لاحتمال ان يكون لبعض قيود الوجوب مدخل
في تحقق الموضوع فوجوب رفع الحدث عند استجماع شرايط التكليف لعله لحصول الجنابة ح؟ فيثبت حدوث الجنابة للصغير بعد البلوغ بالالتقاء قبله فلا
174

يكون في حتى الصغير جنابة نعم لو كان القيود تقييدات لفظية بان قال إذا التقى الختانان وجب رفع الحدث عند البلوغ والعقل ودخول الوقت والتمكن من
الماء كان المتبادر من ذلك ثبوت الحدث مع قطع النظر عن هذه القيود وكونها شروطا لتحقق الحكم دون الموضوع لكن المقام ليس كك؟ بل ثبت بأدلة تلك
الشروط قضايا سلبية لا تدل على تأخر اعتبارها في الحكم عن تحقق الموضوع فافهم فإنه لا يخ؟ عن وجه نعم يمكن الاستدلال بتلك الأخبار بناء على كون الوجوب
بمعنى الثبوت فلا يحتاج إلى تقييده بشروط التكليف حتى يختص بالبالغ العاقل ويؤيده عطف المهر والحد في بعض تلك الأخبار على الغسل وتصحيح العطف بإرادة
أداء المهر عند التمكن منه ومطالبة المرأة وإقامة الحاكم الحد بعد ثبوته عنده بشرايط بعيد جدا وإن كان يقرب ذلك اختصاص الحد بالبالغ العاقل
اجماعا وعطف الحد في البعض الأخر عليه فإنه يبعد شموله للصغير والمجنون بالتقاء حال الصغر الا ان بعض الأخبار لم يذكر فيه الحد ويؤيده قوله (ع)
في الدبر هو أحد المايين فيه الغسل فان هذا الكلام مسوق لمجرد السببية لا يخصص بالورود وهذا موجب للجنابة بعد البلوغ وانما الاشكال في حال الصغر وكيف ان فالاستدلال على جنابة الصغير والمجنون يحتاج إلى مزيد تأمل ولذا
توقف في محكى التذكرة والتحرير والذكرى والذخيرة وان جامع امرأة في الدبر ولم ينزل وجب الغسل على الفاعل والمفعول على الأصح المجزوم عند الأصحاب
بل المجمع عليه بين المسلمين كما في صريح السراير وظاهر السيد حيث قال لا اعلم خلافا بين المسلمين في أن الوطي في الموضع المكروه من ذكر أو أنثى يجرى مجرى
القبل مع الايقاب وغيبوبة الحشفة في وجوب الغسل على الفاعل والمفعول وان لم يكن انزال ولا وجدت في الكتب المصنفة لأصحابنا ره؟ الا ذلك ولا
سمعت ممن عاصرني من الشيوخ نحوا من الستين يفتى الا بذلك فهذا اجماع من الكل ولو شئت ان قول انه معلوم بالضرورة من دين الرسول صلى الله عليه وآله انه لا فرق
بين الفرجين في هذا الحكم فان داود وان خالف في أن الوطي في القبل إذا لم يكن معه انزال لا يوجب الغسل
فإنه لا يفرق بين الفرجين كما لا يفرق باقي الأمة بينهما
في وجوب الغسل بالايلاج في كل واحد منهما واتصل لي في هذه الا زمان من بعض الشيعة الإمامية ان الوطي في الدبر لا يوجب الغسل تعويلا على أن الأصل
عدم الوجوب أو على خبر يذكر انه في منتخبات سعد أو غيرها وهذا مما لا يلتفت إليه إما الأصل فباطل لان الاجماع والقرآن وهو قوله تعالى أو لامستم النساء
يزيل حكمه واما الخبر فلا يعتمد عليه في معارضة الاجماع والقرآن مع أنه لم يفت به فقيه ولم يعتمده عالم مع أن الاخبار تدل على ما أوردناه لان كل خبر يتضمن
تعليق الغسل على الجماع والايلاج في الفرج فإنه يدل على ما ادعيناه لان الفرج يتناول القبل والدبر لأنه لا خلاف بين أهل اللغة وأهل الشرع انتهى أقول ربما
يتخيل انه لو كان نقل الاجماع حجة لم يكن فيما نقل من الاجماعات في مسايل الفقه أولى بالحجة منه لكنك خبير بأنه ره لم يدع الا الاجماع المعنوي وهو الاتفاق
ممن عدى الإمام (ع) وإن كان كاشفا عند الناقل الا انه لم ينقل الا الكاشف دون المكشوف عنه فنقله في الحقيقة يرجع إلى نقل أقوال العلماء دون الإمام (ع)
واما دعويه الضرورة تستلزم دعوى قول الإمام (ع) الا ان المعلوم ان هذا الحكم لم يبلغ إلى هذا الحد من البداهة والا فهذا الذي حكى عنه القول بالتفصيل
بين القبل والدبر ليس أدنى من داود الذي حكى عنه نفى الغسل مع عدم الانزال ولم يعده مخالفا للضرورة مع أن الحلى ذكر قبل دعوى اجماع المسلمين
على أنه الصحيح من الأقوال ولا يخفى ما فيها من التدافع الا ان يريد استقرار الاجماع بعد الخلاف نعم دعوى الاتفاق المذكور انما ينتفع في تحصيل
الاجماع على طريقة بعض أفاضل عصرنا حيث يجعل نقل الاتفاق الراجع إلى نقل فتاوى المتفقين بمنزلة تحصيل فتاويهم فإذا فرضت على تقدير العلم
بها كاشفة عن قول الإمام (ع) لكثرتها واحتفافها بالقراين الداخلية أو الخارجية كانت كك؟ مع فرض ثبوتها بنقل الشقة العدل الغير المسامح في
النقل والغير المعتمد في نسبة الفتاوى إلى أربابها بمجرد وجد أن دليل أو أصل لا بد لهم في اعتقاده من التزامهم بمضمونه لان ما دل على اعتبار حكاية
الثقة للروايات المشتملة على أسألة الرواة وأجوبة الأئمة (ع) دل على اعتبارها في فتاوى العلماء وقد تكلمنا على هذه الطريقة في الأصول في
مسألة الاجماع المنقول مضافا إلى أن هذه الطريقة أيضا غير مجدية في المقام إذ يوهن هذا النقل مضافا إلى مخالفة الشيخ وسلار ظهور المحكي عن الشيخ
في الحايريات في وجود هذا القول بين أصحابنا حيث حمل رواية حفص بن سوقة الآتية الامرة بالغسل على التقية لموافقتها لمذهب العامة وعدم
استشهار مضمونها بين الخاصة والا فاستشهار المذهب بين الفرقين لا يوجب طرح الخبر لمجرد موافقة العامة ولعل ما ذكرنا بعض ما لا حظه الفاضل
الورع التقى مولانا عبد الله التسترمي حيث حكى عنه بعض شراح الوسايل انه ذكر ان الاجماع الذي ذكره السيد ره؟ لا يفيد ظنا هذا ولكن منع
الظن خلاف ما نجده في أنفسنا وحمل الشيخ خبر حفص على التقية لا ينافي استشهار مضمونه بين الأصحاب إذا كان هو ومعارضه كلاهما مشهورين
من حيث الرواية ولا يبعد ان يكون مذهب الشيخ في الخبرين المشهورين رواية طرح ما خالف منهما مذهب العامة وان وافق فتوى المشهور بل هو ظ؟
مقبولة عمر بن حنظلة وغيرها من الأخبار الواردة في علاج المتعارضين ثم إذا انضمت الشهرة بين من تأخر عن الشيخ والسيد إلى حكاية السيد ره؟
ولو حظ رجوع الشيخ في نكاح المبسوط بل في صومه وفى الحايريات إلى المشهور قوى الظن وصلح مدركا للحكم وان لم نقل بحجتيه مطلق الظن لما ثبت
عندنا من حجتيه البالغ حدا يكشف قطا عن وجود دليل لو عثرنا عليه لالتزمنا به وإن كان ظنا لكشف القطعي عن وجود دليل معتبر خصوصا
مع وجود مرسلة حفص بن سؤقه عمن اخبره قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يأتي أهله من خلفه قال هو أحد المايتين فيه الغسل ويؤيده بل يدل
على الحكم ما تقدم من الملازمة بين الحد والغسل المستفاد من كلام أمير المؤمنين (ع) ومما ذكرنا يظهر وجه ما عارضها من مرفوعه البرقي عن أبي عد الله (ع)
175

قال إذا اتى الرجل المرأة من دبرها فلم ينزل فلا غسل عليهما وان انزل فعليه غسل ولا غسل عليها ورواية ابن محبوب عن أحمد بن محمد من بعض الكوفيين
وبعد إلى أبى عبد الله (ع) في الرجل يأتي المرأة في دبرها وهي صائمه قال لا ينقض صومها وليس عليها غسل ومثلها مرسلة علي بن الحكم وهذه وان الخبر ارسالها
ورفعها بوجوب ابن محبوب وابن عيسى في الطريق الا انهما يقصران عن المقاومة لما ذكرنا وهذا ربما يتمسك في المقام تبعا لما تقدم عن السيد ره بملاقات
الملامسة والجماع في الفرج والادخال والايلاج ونحو ذلك وفى الكل نظر إما أية الملامسة فلان المراد بها ليس معناه اللغوي وهو مطلق اللمس وانما هي
كناية عن ملامسة معهودة خاصة ولا دليل على إرادة الوطي بل الظاهر إرادة خصوص القبل لا أقل من الشك في إرادة المطلق والمقيد فيصبر محملا إذ ليس
بعد إرادة الفرد المعهود الطلاق يرجع إليه كما لا يخفى إليه كما لا يخفى واما الجماع في الفرج لو اغمض عما في المصباح من أن الفرج من الانسان القبل ولذا تردد كاشف الرموز
في صدقه على الدبر لكن الظاهر منه بحكم الغلبة خصوصا مع إضافة الفرج إلى المرأة الجماع في القبل وكذا إضافة الادخال والايلاج فان حذف المتعلق
انما يفيد العموم إذا لم يكن هنا معهود ينصرف شموله إليه ويشهد لما ذكرنا فهم الإمام (ع) خصوص القبل من اطلاق السؤال في الروايات عن المجامعة في الفرج
وإصابة المرأة واتيان الأهل حيث علق في الجواب الحكم بوجوب الغسل في تلك السؤلات على التقاء الختانين ثم الظاهر أنه لا خلاف في أن المناط في
حصول الجنابة بوطئ الدبر والقبل واحد وهو غيبوبة الحشفة لكن استفادة ذلك من الاخبار مشكل لاختصاص هذه التحديد بالقبل الا ان يستأنس
له بقوله (ع) في رواية حفص المتقدمة هو أحد المايتين فيه الغسل ويستفاد منها اتحاد المخرجين وتنزيل كل منهما منزلة الأخر في هذا الحكم مضافا إلى الملازمة
بين الحد والغسل وظاهر الاجماع عن السيد بسيطا ومركبا ولو وطى غلاما أو رجلا فأوقبه بغيبوبة الحشفة فمن قال بعدم وجوب الغسل بالوطي في دبر
المرأة فالظ؟ انه لا اشكال عنده في عدمه بالوطي في دبر الغلام بالأولوية والاجماع المركب ومن قال بمقالته السيد من وجوب الغسل قال إنه يجب الغسل معولا
ذلك على عموم الأدلة المتقدمة في دبر المرأة مثل الاجماع البسيط الذي ادعاه السيد والحلى والمركب الذي ادعاه في المختلف والايضاح والذكرى و
الملازمة المتقدمة بين الحد والغسل بل قوله (ع) في رواية حفض المتقدمة هو أحد المايتين فيه الغسل بناء على رجوع الضمير إلى مطلق الدبر لا خصوص دبر
المرأة وخصوص قوله (ع) في حسنة الخضرمي المروية عن الكافي قال رسول الله صلى الله عليه وآله من جامع غلاما جاء جنبا يوم القيمة لا ينقيه ماء الدنيا ويمكن الخدشة في
دلالته فتأمل ثم على المختار من عدم الفرق بوطئ الدبر بين الذكر والأنثى لا اشكال في حصول الجنابة للخنثى بايلاج الواطي في دبرها إما الخنثى
الواطي فلا يحكم بجنابته كما لا يحكم بجنابة الخنثى الموطوءة في قبلها ولو كانا خنثيين وتواطيا كانا جنبين كما لو كان الخنثى واطيا وموطوءا إما موطوءة
وواطنته فهما كواجد المنى في الثوب المشترك كل ذلك لجريان أصالة العدم في غير ما علم ولو اجمالا لا كونه سببا للجنابة نعم استوجه في التذكرة حصول
الجنابة بايلاج الواطي في قبل الخنثى مستدلا بعموم رواية الالتقاء وبوجوب الحد به وفيه نظر واحتمل أيضا في ايلاج الخنثى في قبل المرأة جنابه المرأة
للعموم واستقرب في ايلاج الخنثى في دبر الغلام وجوب الغسل عليهما وحاصل هذه الكلمات تنزيل الخنثى منزلة الواضح في كل من عضويه لصدق الالتقاء والمجامعة
والموافقة وغيرها من العنوانات وفيه نظر ولا يجب الغسل بوطئ قبل البهيمة أو دبرها إذا لم ينزل وفاقا لطهارة المبسوط وكتب المض؟ والمنتهى والقواعد و
جامع المقاصد وظاهر الوسيلة والسرائر والموجز والجامع حيث قيد والموطوء بالآدمي بل المشهور كما في الحدائق للأصل وفقد ما يصرف عنه عدا ما تقدم
من الملازمة بين الحد والغسل بناء على أن الثابت في وطى البهيمة حدا واستفادة أولوية وجوب الغسل من وجوب التعذير من اولويته من وجوب الحد وفى المرسلة المروية ما أوجب
الجد أوجب الغسل وظهور عبارة السيد في الاجماع حيث قال في رد تمسك النافي لوجوب الغسل بوطئ الدبر بمفهوم خبر التقاء الختانين ما لفظه واما
الاخبار المتضمنة لوجوب الغسل بالتقاء الختانين فليست مانعة عن الجنابة في موضع اخر لا التقاء فيه على أنهم يوجبون الغسل بالايلاج في فرج
البهمية وفى قبل المرأة وان لم يكن لها ختان فقد عملوا بخلاف ظاهر الخبر فان قالوا البهيمة وان لم يكن في فرجها ختان فذلك موضع الختان من غيرها و
كك؟ من ليس بمختون من الناس إلى اخر كلامه خلافا لظاهر السيد فيما عرفت من كلامه والشيخ في صوم المبسوط والخلاف والعلامة في المختلف والشهيدين في
الذكرى والمسالك والروض والوحيد البهبهاني في شرح المفاتيح وصهره السيد في الرياض فأوجب الغسل لما ذكر من الملازمة المعتضدة بما تقدم من السيد ره
وهو غير بعيد مع أنه أحوط بقى هنا شئ وهو انك قد عرفت ان المناط في ايجاب الغسل غيبوبة الحشفة من غير فرق بين كبيرها وصغيرها لاطلاق النص واما
مقطوع الحشفة أو بعضها فليس في النصوص تعرض لحكمهما الا انه ذكر جماعة منهم بل قيل إنه المعروف بينهم بل استظهر شارح الدروس الاتفاق عليه ان مناط
الجنابة في مقطوع الحشفة ادخال قدرها وربما يستدل على ذلك بان المنساق من دليل اعتبار التقاء الختانين إرادة التقدير بهذا المقدار وانه أقل
ادخال يجب فيه الغسل وفيه ان إرادة التقدير مع مخالفته لظاهر اللفظ يوجب حمل الحشفة على المتعارف فيلزم ان يقدر في صغير الحشفة حدا وكبيرها مقدار
الحشفة المتوسطة فان التقدير بأمثال ذلك يقدر الفراد المتعارف منها بالشخص الموجود في كل مكلف ولو لم يكن متعارفا وربما يكشف من عدم استنادهم
في هذا الحكم إلى اعتبار التقدير ان أكثرهم ذكروا في مقطوع البعض كفاية ادخال الباقي مع أن اللازم على اعتبار المقدار لزوم اعتبار اتمام الباقي بما يساوى
مجموع الحشفة والأولى ان يقال بعد قيام الاجماع على تحقق الجنابة لمقطوع الحشفة بالادخال ان المعتبر إما المسمى واما ادخال المجموع واما مقدار
176

الحشفة إما إرادة المجموع فهى وان ساعدها ظاهر قوله ادخله أو أولجه الا ان ادخاله وايلاجه يصدق بادخال البعض لكن إرادة المسمى خلاف منصرف
المطلق فتعين مقدار الحشفة للاجماع على عدم اعتبار غيره بعد المسمى والمجموع ولك ان تقول ان الأدلة المطلقة كلها بذى الحشفة فمقطوعها
خارج عنها فيحتمل حصول الجنابة فيه بالمسمى ويحتمل اعتبار مقدار الحشفة والأول منتف بالأصل والثاني بالاجماع فتعين الثالث
والانصاف ان المسألة لا يخ؟ من اشكال لعدم ما يطمئن به النفس الا ان ما ذكروه لا يخل عن قوة واما المقطوع البعض ففي التذكرة والذكرى كما عن الموجز
وجامع المقاصد كفاية غيبوبة الباقي والظاهر استنادهم إلى صدق التقاء لكن قيده في الذكرى بما إذا لم يذهب المعظم والا فكمقطوع الكل ولعله
لعدم انصراف الالتقاء إلى ما يحصل بادخال شئ يسير ويتعين على استفادة التقدير من الأدلة وجوب اتمام الباقي بما يبلغ مقدار الحشفة والمسألة
مشكلة فلا ينبغي ترك الاحتياط ثم إنه لا اشكال في وجوب بادخال الملفوف بلا خلاف ظاهرا بينا واما العضو المقطوع ففيه اشكال
وكذلك اشكال في آلة المية وآلة البهيمة والاحتياط في الكل مما لا ينبغي ان يترك تفريع الغسل من الجنابة وغيرها من الاحداث كالوضوء يجب على
الكافر باقسامه عند حصول سببه لعموم الأدلة فقد ما يدل على خروج الكافر ويؤيده ما ورد في مذمة المجوس من أنهم كانوا لا يغتسلون من الجنابة
وقد تقرر في الأصول ان الكفار مخاطبون بالفروع كالأصول خلافا لأبي حنيفة لأدلة مزيفة في محلها نعم ذكر صاحب الحدايق تبعا للمحدثين الاسترآبادي
والكاشاني اخبارا زعموا دلالتها على عدم مخاطبتهم بالفروع ونهوضها لتخصيص العمومات التي لا تحصى مما يدل على عموم التكاليف الفرعية ومعارضة ما دل
بالخصوص من الآيات والاخبار على مؤاخذتهم بمخالفتها فمن الاخبار التي ذكرها في الحدايق ما نقله عن الكافي بطريق صحيحة عن زرارة قال قلت لأبي جعفر (ع)
اخبرني عن معرفة الامام منكم واجبة على جميع الخلف فقال إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وآله إلى الناس أجمعين رسولا وحجة لله على خلقه في ارضه فمن امن بالله وبمحمد صلعم؟
واتبعه وصدقه فان معرفة الامام هنا واجبة عليه ومن لم يؤمن بالله ورسوله ولم يتبعه ولم يصدقه ويعرف حقها فكيف يجب عليه معرفة الإمام (ع) وهو لامن بالله
ورسوله صلى الله عليه وآله قال في الحدائق والحديث كما ترى صريح في الدلالة على خلاف ما ذكروه فإنه متى لم يجب معرفة الامام قبل الايمان بالله ورسوله صلى الله عليه وآله فبالطريق لو
الأولى معرفة ساير الفروع التي هي متلقاه من الامام والحديث صحيح السند صريح الدلالة فلاوجه لطرحه والعمل بخلافه ومنها ما عن تفسير القمي
عن الصادق (ع) في قوله تع؟ فويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون أقوى ان الله
طلب من المشركين زكاة أموالهم وهم يشركون حيث قال
فويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون انما دعى الله العباد للايمان فإذا امنوا بالله ورسوله افترض عليهم الفرض ومنها ما عن
احتجاج الطبرسي عن أمير المؤمنين (ع) في الحديث الزنديق الذي جاء إليه مستدله بآيات من القران قد اشتبهت عليه وفيه قوله (ع) فكان أول ما قيدهم به
الاقرار بالوحدانية وشهادة ان لا إله إلا الله فلما أقروا بذلك بالاقرار لنبيه صلى الله عليه وآله بالنبوة والشهادة برسالته فلما انقادوا بذلك
فرض عليهم الصلاة ثم الصوم ثم الحج الخبر والجواب انا لا نقول بكون الكفار مخاطبين بالفروع تفصيلا كيف وهم جاهلون بها غافلون عنها وكيف
يعقل خطاب منكري الصانع والأنبياء وعلى تقدير الالتفات فيستهجن بل يقبح خطاب من أنكر الرسول بالايمان بخليفته والمعرفة بحقه واخذ الاحكام
منه بل المراد ان المنكر للرسول صلى الله عليه وآله مثلا مخاطب بالايمان به والايتمار بالوامره والانتهاء عن نواهيه فان امن وحصل ذلك كله كان مطيعا وان يؤمن
ففعل المحرمات وترك الواجبات عوقب عليها كما يعاقب على ترك الايمان لمخاطبة لها اجمالا وان لم يخاطب تفصيلا بفعل الصلاة وترك الربا
ونحو ذلك لغفلته عنها نظير ذلك ما إذا أمر الملك أهل بلد نصب لهم حاكما بالاذعان بولايته من قبل الملك والانقياد له في أوامره ونواهيه المسطورة
في طورها بيده فلم يذعن تلم الرعية لذلك الحاكم لو يلتفتوا إلى ذلك الطور ولم يطلعوا عليه أصلا فاتفق وقوعهم من أجل ذلك في كثير من
النواهي وترك الأوامر الموجودة فيه فإنه لا يقبح عقابهم على كل واحد من تلك المخالفات لكفاية الخطاب الاجمالي مع تمكن المخاطب من المعرفة
التفصيلية وبذلك يندفع ما ورد على صاحب الذخيرة من الاشكال في مسألة الصلاة مع النجاسة حيث نقل عن بعضهم الاشكال في الحاق الجاهل بالعالم
ثم قال بعده والظاهر أن التكليف متعلق بمقدمات الفعل كالنظر والسعي والتعلم والالزم تكليف الغافل أو التكليف بما لا يطاق والعقاب انما
يترتب على ترك النظر إلى أن قال ولا يخفى انه يلزم على هذا ان لا يكون الكفار مخاطبين بالأحكام وانما يكونون مخاطبين بمقدمات الاحكام وهذا
خلاف ما قرره الأصحاب وتحقيق هذا المقام من المشكلات انتهى وقد عرفت ان الغفلة زمان العمل لا يوجب قبح العقاب على الفعل لأنه زمان
امتناع الواجب عليه وانما هو مكلف حين الالتفات بالايمان بالرسول والانقياد له في جميع أوامره ونواهيه نعم ربما يتوجه الاشكال في تكليف
منكري الصانع والشرايع بالأصول والفروع وهذا غير مختص بمن يرى تكليف الكفار بالفروع بل يرد على المحدثين المذكورين المنكرين لذلك
وعلى صاحب الذخيرة ومن تبعهم كصاحب المدارك وشيخه الأردبيلي القائلين بكون العقاب على تترك النظر والتعلم فإنه لا يجرى ذلك في هذا
الكافر لغفلته عن ذلك أيضا الا ان يمنع غفلة المكلف في جميع أوقات تكليفه عن وجود الصانع بناء على اشتراط التكليف بسبق معرفة
إلهية الخالق وبان له رضا وسخطا وبأنه لا بد له من معلم من جهته ليعلم الناس ما يصلحهم ويفسدهم وحاصل الجواب ان المنفى في الأخبار المذكورة
177

هو خطاب الكافر تفصيلا بما لا يعقل امتثاله الا بعد امتثال التكليف الذي أقام المخاطب على مخالفته كخطابه بالفرايض الإلهية مع عدم تصديقه
رسالة من يخاطبه بذلك فان ذلك مستهجن جدا كما أشار إليه الامام صلى الله عليه وآله في الصحيحة الأولى بقوله كيف يجب معرفة الامام وفى الرواية الثانية يقوله
أترى ان الله طلب من المشركين والذي نثبته هو تكليفه بتصديق النبي والانقياد لأوامره ونواهيه ثم إن ما عدى الصحيحة لا ظهور لها في عدم
تكليف الكفار بالفروع وانما قد على تدرج تبليغ التكاليف كما هو صريح قوله (ع) في رواية الاحتجاج فرض عليهم الصلاة اه؟ وهذا مما لا مساغ
لانكاره كما يظهر من الاخبار المتظافرة ولا دخل له بمخالفة مهذب المش؟ فان التكليف بالزكاة والحج وان حدث بعد التكليف بالصلاة الا
انه بعد الحدوث لم يكن مختصا بالمصلين بحيث لا يكون غيرهم مخاطبا بالحج والزكاة وقد ظهر مما ذكرنا في دفع اشكال صاحب الذخيرة ضعف
استدلال صاحب الحدائق على مطلبه بان تكليف الكفار بالفروع تكليف بما لا يطاق ويدفعه مضافا إلى ما مر ان هذا الاستدلال مباين
للمطلب لان الكلام في مانعية الكفر عن التكليف دون الغفلة التي قد يوجد في الكفار وقد ينفقد فيه واضعف من ذلك استدلاله بما دل على أن
طلب العلم فريضة على كل مسلم فلم يجب بمجرد العقل والبلوغ واضعف من ذلك استدلاله باختصاص بعض الخطابات باللذين امنوا كما لا يخفى ثم إنه ره؟
قد ذكر في عداد الأدلة على هذا المطلب انه لم يعلم من النبي صلى الله عليه وآله أمر أحدا ممن دخل في الاسلام بالغسل من الجنابة كما لم يعلم منه أمر أحدهم
بقضاء صلاته مع أنه قلما ينفك أحد منهم من الجنابة في تلك الأزمنة المتطاولة ولا يخفى انه لو تم هذا لدل إما على أن لانزال ولا ادخال
لا يوجب الجنابة بالنسبة إلى الكافر واما علي سقوط كفره بسب اسلامه والأول لادخل له بمطلبه ولا أظن أحدا يقول به و
الثاني مناف لمطلبه ومناسب لمذهب المش؟ لكن يجئ انه لا خلاف منهم في عدم سقوطه عنه بعد الاسلام كما أنه لا يصح منه حال الكفر لاشتراط
العبادة بالاسلام بل وعدم التمكن من قصد التقرب وعلله في المنتهى بعد معرفته بالله ولتنجس ماء الغسل ويمكن النظر في الجميع إما اشتراط الاسلام
فان أريد في القبول الثواب فلا يدل على الفساد بمعنى عدم رفع الجنابة فان الظاهر عدم الخلاف في رفعه للحدث وان أريد في رفع الحدث فلا دليل
عليه واما عدم التمكن من القربة فهو مسلم في حق من لا يتمكن منه دون المتمكن ككثير من الفرق القائلين بوجوب غسل الجنابة وان أراد اعتبار قابلية
الفاعل للتقرب فلا دليل عليه واما نجاسة الماء بالغسل فهى تمنع من اغتساله بالقليل لا الكثير واما وجوب إزالة النجاسة عن البدن فان أريد
الخارجية فلا ينفع وان أريد العينية فهو عين الدعوى ثم إن مقتضى الدليل الأول فساد غسل المخالف فلا يحكم بارتفاع حدثه فيترتب على
المخالفين احكام الجنب حتى نجاسة العرق إذا كانت الجنابة عن حرام والظاهر عدم سقوط اعادته عنهم إذا استبصروا لان الجنابة سبب لوجوب
الغسل فإذا فرض عدم ارتفاعها بالغسل الواقع حال الخلاف وجب رفعها بعد الاستبصار إذا وجب عليه ما يشترط بالطهارة وكك؟ الوضوء
واما ما دل على عدم وجوب إعادة ما عدى الزكاة من العبادات على المخالف إذا استبصر فلا ينفع فيما نحن فيه لأنا لا نحكم عليه بوجوب إعادة ما فعله
من الغسل تداركا لما فات عنه من الغسل الصحيح حال المخالفة نظير قضاء الصلوات وغيرها وانما نحكم بتأثير الجنابة الباقية بعد الاستبصار في
المنع عن الصلاة لكن الظاهر من بعضهم كالشهيد في البيان عدم الإعادة الا ان يقال إن الظاهر من بعض روايات عدم الإعادة امضاء ما فعله
حتى كأنه وقع صحيحا ففي رواية محمد بن حكم قال كنت عند أبي عبد الله (ع) إذ دخل عليه كوفيان وكانا زنديقين فقالا جعلنا لك الفداء فقد من الله
علينا بولايتك فهل يقبل منا شئ من أعمالنا فقال إما الصلاة والصوم والحج والصدقة فان الله ينفعكما ذلك ويلحق بكما واما الزكاة فلا
لأنكما أخذتما حق امرء مسلم وأعطيتما غيره ولازم قبول الغسل منه قبول الحدث به فلا يجب الطهارة لما يستقبل كما أن لازم قبول
الصلاة سقوط الامر به وإن كان الوقت باقيا ولذا لا يحكم عليه بوجوب إعادة الصلاة إذا استبصر في الوقت بعدما صلى مع أن كل جزء من الوقت
سبب لوجوب الصلاة ولذا تجب على الكافر إذا أسلم كالصغير إذا بلغ في أثناء الوقت فعل الصلاة ووجب عليه الغسل من الجنابة السابقة
وصح منه لعدم المانع وربما يتوهم ان مقتضى النبوي المش؟ الاسلام يجب ان ينهدم ما قبله عدم وجوب الغسل عليه لان معنى هدم كلما كان
قبله عدم تأثير ما وقع حال الكفر في وجوب شئ عليه بعد الاسلام بل صيرورته بالاسلام كان لم يكن ودفعه في جامع المقاصد بما حاصله منع
عموم الموصول مجردا عن سند والأولى ان يقال مع فرض تسليم العموم ان المنفى بحكم النبوي تأثير ما كان قبل الاسلام في وجوب شئ بعده فان
فوت الصلاة والصوم في وقتهما (لوجوب القضاء فالفوت الواقع حال الكفر غير مؤثر في وجوب القضاء بعد الاسلام إما سبب الجنابة الحادث قبل الاسلام فهو في نفسه غير مؤثر لوجوب الغسل
وانما هو السبب) سبب للجنابة التي هي حالة معنوية موجبة لاحكام كثيرة كحرمة أمور عليه وكراهة حضوره عند الميت فان ثبت بالنبوي
ارتفاع الجنابة بالاسلام سقط وجوب الغسل لأنه لرفع الحدث الجنابة إما لو لم يثبت فوجوب الغسل بتأثير الجنابة الموجودة حال الاسلام لا
سببها المتحقق حال الكفر وهو نظير ما إذا أسلم قبل غروب الشمس فان وجوب الصلاة عليه من حيث وجود سبب الوجوب عليه حال الاسلام و
هو كونه في جزء من الوقت جامعا لشرايط التكليف وليس وجوبها عليه في هذا الزمان مسببا عن دلوك الشمس قبل الاسلام حتى نحكم
بعدم كونه مؤثرا وكونه كان لم يكن وحيث انه لم يثبت من حديثا الجنب ارتفاع حدث الجنابة أو الحيض بالاسلام حتى يصير متطهرا
178

يجرى عليه احكام الطاهرين لان مساق الحديث العفو والمسامحة المناسبين للأمور الراجعة إلى التكليف دون مثل الطهارة من الحيض والجنابة كان الحدث باقيا
فيجب عليه رفعه عند وجود ما يشترط به والحاصل ان النبوي مختص بما إذا تحقق تكليف قبل الاسلام بسبب من الأسباب فإنه ينقطع وينهدم
بالاسلام دون ساير الأمور فإنه لا تنقطع فالتكليف بعد الاسلام لوجود السبب ح؟ لا السبب الحادث قبله ومما ذكرنا يظهر فساد الاستشهاد بعموم
حديث ببعض الروايات التي يظهر منها تقرير الإمام (ع) لاقتضاء حديث الحبب سقوط حد الزنا عن الكافر إذا أسلم وجه الفساد ان الزنا قبل الاسلام
سبب لوجوب الحد بعده فعموم الرواية يقتضى نفيه الا لمانع بخلاف ما نحن فيه فان سبب الوجوب هي الجنابة الموجودة بعد الاسلام لا سببها الحادث
قبله والرواية المذكورة هي ما رواه المشايخ الثلاثة والطبرسي عن جعفر بن رزق الله قال قدم إلى المتوكل رجل نصراني مع امرأة مسلمة فأراد ان
يقيم عليه الحد فأسلم فقال يحيى بن أكثم قد هدم ايمانه شركه وفعله وقال بعضهم يضرب ثلثة حدود وقال بعضهم يفعل به كذا وكذا فامر
المتوكل بالكتاب إلى أبى الحسن الثالث (ع) وسئله عن ذلك فلما قدم الكتاب كتب أبو الحسن (ع) يضرب حتى يموت فأنكر يحيى بن أكثم وأنكر فقهاء
العسكر ذلك وقالوا يا أمير المؤمنين سله عن هذا فإنه شئ لم ينطق به كتاب ولم يجئ به سنة فكتب إليه (ع) ان فقهاء المسلمين قد أنكروه وقالوا ان هذا
لم يجئ به سنة ولم ينطق به كتاب فبين لنا بما أوجبت عليه الضرب حتى يموت فكتب (ع) بسم الله الرحمن الرحيم فلما رأوا با سنا قالوا أمنا بالله وحده
وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم ايمانهم لما روى بأسنا سنة الله التي قد خلت لعباده الكفر وخسر هنا لك الكافرون قال فامر به المتوكل
فضرب حتى مات فان ظاهر جواب الإمام (ع) تقريره (ع) لما فهمه القاضي يحيى بن أكثم من اقتضاء عموم حديث الحبب لدفع الحد عنه وهدم ما كان
حال الكفر بالاسلام الا انه (ع) أجاب بما وحاصله عدم نفع الايمان عند إرادة إقامة الحد عليه لكن قد عرفت ان عموم الحديث لسقوط
وجوب الحد بالاسلام لا ينافي ما نحن فيه للفرق الذي عرفت يبقى في المقام ان مقتضى عمومه سقوط حقوق الناس إذا حدث سببها حال الكفر
ولا يمكن ان يقال إن أسبابها لاشتغال الذمة وهو باق إلى ما بعد الاسلام ويكون سببا لوجوب الأداء لان نفس اشتغال الذمة
مما ينفيه حديث الجب الوارد مورد العفو والمسامحة وليس نظير الجنابة والحدث الأصغر كما هو واضح واضح منه حكومة حديث الجب على أدلة
تأثير تلك الأسباب وما دل على أنه لا مسقط لحقوق الناس الا أدائها أو عضو صاحب الحق فلا يتوهم معارضة لها بالعموم من وجه والرجوع إلى أصالة بقاء الحق
نعم يمكن التمس لعدم السقوط بما دل ان المخالف يعيد الزكاة معللا بأنه وضعها في غير موضعها وانه أبعد حق امرء مسلم وأعطاه غيره فيدل على أن حقوق الناس لا
تسقط بالايمان لكن يوهنه ان المش؟ سقوط الزكاة عن الكافر بالاسلام وان بقى عين النصاب استناد إلى حديث الجب وإن كان بين الزكاة
وديون الناس فرق من حيث إن اشتغال الذمة بحق الناس في الزكاة متفرع على تكليفه بالاخراج فإذا سقط بالاسلام التكليف سقط الاشتغال
بخلاف الديون فان التكليف بأدائها متفرع على اشتغال الذمة بها عكس الزكاة فلا يرتفع التكليف الا ببرائة الذمة
فيرجع الكلام إلى دلالة حديث
الجب على سقوط الاشتغال والمسألة محتاجة إلى التأمل واعلم أنه لو اغتسل الجنب ثم ارتد لم يعد حدث بمجرد الارتداد قطعا ثم لو عاد إلي
الاسلام لم يبطل ثواب عمله ولا شئ من عمله فضلا عن نفس الغسل للأصل وقوله (ع) في رواية زرارة من كان مؤمنا فحج وعمل في ايمانه ثم اصابته فتنة
ثم كفر ثم تاب وامن يحسب له كل عمل صالح في ايمانه ولا يبطل منه شئ ومقتضى مفهوم الرواية انه لو لم يعد إلى الايمان بطل عمله وهو كك؟ لان
الكفر محبط أو كاشف عن عدم صحته بناء على أن الصحة مشروطة بالايمان المستقر أو ان المستودع ليس بايمان وهل يعود حدثه وجهان من أن رفع
الحدث مترتب على الامتثال المستلزم للثواب فانتفائه يكشف عن عدم الامتثال الموجب لبقاء الحدث ومن أن المحبط حكم شرعي ورفع الحدث انما يترتب
على الفعل الصحيح حين الوقوع واشتراطه بالايمان المستقر غير ثابت والمسألة قليلة الجدوى واما الحكم المترتب على الجنابة فيحرم عليه قرائة كل من
سور العزائم الأربع وهي سورة التنزيل وحم السجد ه وسورة النجم وسورة اقرأ على المش؟ قال في المقنعة ولا باس ان يقرء من سور القرآن
وآيته ما شاء الا أربع سور منه فإنه لا يقرئها حتى يطهر ثم ذكر السور ثم قال لان في هذه السور سجودا واجبا ولا يجوز السجود الا لطاهر من النجاسات
انتهى ومثله استدل الشيخ في التهذيب وفى المعتبر يجوز للجنب ان يقرء من القران ما شاء الأسور العزائم الأربع روى ذلك البزنطي في جامعه عن
الحسين بن الصقيل عن أبي عبد الله (ع) وهو مذهب فقهائنا أجمع انتهى وفى التذكرة يحرم على الجنب قرائة العزائم وهي أربع سور إلى أن قال إما تحريم العزايم فبإجماع
أهل البيت (ع) وادعى الاجماع في السراير والذكرى أيضا وظاهر استدلال الشيخين حرمة قرائة مجموع السورة لاشتمالها على أية العزيمة وهو
ظاهر معقد اجماع التذكرة والمنتهى لأنه ذكر بعد ذلك في الفروع حرمة قرائة ابعاض السور ولذا حكى عن كاشف اللثام انه احتمل حرمة خصوص
أية السجدة عن عده من كتب الجماعة هذا ولكن يبعد إرادة المجموع مضافا إلى ذكرهم كراهة ما زاد على السبع عموم الجواز من غير العزائم انه لو كان
هو المجموع فإن كان باعتبار اشتماله على أية فهى المحرمة في الحقيقة ولا ينبغي التعبير عن ذلك بحرمة السورة لان ما عدى أية السجدة
منها لادخل له في الحرمة وإن كان باعتبار المجموع من حيث المجموع كان اللازم عدم تحريم قرائة خصوص ولا أظن أحد التزم به وكانه
179

لفهم ذلك كله ادعى في الروض الاجماع صريحا وفى شرح الدروس ظاهرا على حرمة قرائة بعضها حتى البسملة بل لفظه بسم كما في الروض إذا
نواها منها وقد ينسب دعوى هذا الاجماع إلى الذكرى ولم نجد فيها الا دعوى الاجماع على حرمة العزايم ثم إن ما في الروض من حرمة لفظة
بسم الله مع النية لا اشكال إذا تلفظ بها ناويا لضم غيرها مما يصدق عليه معه قرائة القران إما لو قصد الاقتصار على لفظ بسم الله ففي حرمته اشكال
من حيث عدم صدق القراءة عليه لأنها ليس مطلق التلفظ نعم إذا قصد آلة صدق انه اشتغل بالقراءة بادل حرف يتلفظ به فيها ويحرم عليه أيضا مس
كتابة القران بلا خلاف ظاهرا الا من الإسكافي فيما حكى عنه ولعل الاجماع المدعى في كلام جماع انعقد بعده أو فهموا من الكراهة في كلامه
الحرمة واما نسبة الكراهة إلى المبسوط فغير مطابقة لما وجدنا فيه واستفاضة نقل الاجماع كفتنا مؤنة الكلام في دلالة قوله تع؟ لا يمسه الا المطهرون
ودلالة رواية استشهد فيها بها للنهي عن عدة أمور بعضها مكروه قطعا وقد تقدم ذلك في حكم الحدث الأصغر أو مس شئ نقش عليه
اسم الله والمراد من الاسم لا ما يوهمه العبارة من مس الشئ التي نقش على بعض اجزائه اسم الله تع؟ كاللوح المنقوش فيه ذلك والدرهم والدينار ونحوهما
ويدل الحكم مضافا إلى فحوى الحكم السابق بعض الروايات المنجبرة بالشهرة وعدم الخلاف المحكي عن نهاية الاحكام وظهور اتفاق الأصحاب المحكي
عن المنتهى ففي موثقة عمار لا يمس الجنب درهما ولا دينارا عليه اسم الله واسم رسوله صلى الله عليه وآله قال لا باس ورواية إسحاق بن عمار عن الجنب والطامث
يمسان بأيديهما الدراهم البيض قال لا باس والصحيحة المحكي في المعتبر أيضا عن جامع النزنطي هل يمس الرجل الدرهم الأبيض وهو جنب فقال والله
انى لأتيت بالدرهم فاخذه وانى جنب وما سمعت أحدا يا؟؟ ذلك شيئا الا ان عبد الله بن محمد كان يعيبهم عيبا شديدا فيقول جعلوا سورة
من القران في الدرهم فيعطى الزانية وفى الخمر ويوضع على لحم الخنزير فهى محمولة على مس ما عدا الاسم كما يشهد له ذيل الرواية الأخيرة مع حرمة مس
سورة القران اتفاقا ثم مقتضى اطلاق عبارة المض؟ ومثلها حرمة مس كل اسم مختص به جل اسمه وإن كانت من صفاته المختصة يحسب الاستعمال أو
بل المشتركة إذا عد من أسماء الله تعالى والظاهر عدم تغيير الحكم بصيرورة الاسم جزء من أسماء المخلوق كعبد الله وعبد الرحمن على اشكال خصوصا مع كون المركب
مزجيا لا اضافيا والأولى الحاق اسم النبي صلى الله عليه وآله والأئمة (ع) وساير الأنبياء (ع) كما عن المقنع والمبسوط والغنية والوسيلة والمهذب والسرائر والجامع و
الارشاد والذكرى والدروس وجامع المصاحة وعن الأخير وجامع المصاحة وعن الأخير نسبة إلى اكبرا والأصحاب وعن الغنية الاجماع عليه ويحرم أيضا الجلوس في المساجد كما في
عباير جماعة بل دخولها كما في المبسوط والوسيلة والبيان لقوله تع؟ في الاستثناء عن عموم قوله تع؟ ولا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ولا جنبا
الا عابري سبيل والقرب كناية عن الدخول نظير قوله تع؟ في المشركين فلا يقربوا المسجد الحرام ويكفى مؤنة الكلام في دلالة الآية من حيث وجوب
ارتكاب خلاف الظ؟ فيها صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم قالا قلنا الحايض والجنب يدخلان المجسد قال (ع) الحايض والجنب لا يدخلان المجسد الا مجتازين
ان الله عز وجل يقول ولا جنبا الا عابري وعن المجمع البيان عن أبي جعفر (ع) في تفسير قوله تع؟ ولا جنبا الا عابري سبيل لا تقربوا مواضع
الصلاة من المساجد وأنتم جنب الا مجتازين نعم في بعض الأخبار كبعض الفتاوى النهى عن الجلوس والظاهر كونه كناية عن اللبث كما عبر به في بعض الكتب
و ح؟ فلا يحرم المشي فيها لا بقصد الاجتياز والعبور ولعله لظاهر قوله (ع) في صحيحة جميل بن دراج وفيه سهل بن زياد للجنب ان يمشى في المساجد كلها
ولا يجلس فيها الا المسجد الحرام ومسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وفى صحيحة أبى حمزة عن أبي جعفر (ع) لا باس ان يمر في ساير المساجد ولا يجلس في شئ من المساجد
ورواية محمد بن حمران قلت لأبي عبد الله (ع) الجنب يجلس في المسجد قال لا ولكن يمر فيه الا المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله وهذه وإن كانت أحفض
من وجه من الصحيحة الا ان تقييد المرور فيها بالاجتياز أولي من تخصيص عموم النهى عن الدخول في الصحيحة على وجه غير الاجتياز كما لا يخفى مضافا
إلى اعتضادها بظاهر الكتاب وإن كان في الاعتقاد بمثله مما يحتاج العاضد في ظهوره إلى المعضود تأمل لكن محل الحاجة هنا إلى الاعتضاد في غير محل
حاجة العاضد إلى المعضود كما لا يخفى وكيف كان فالأقوى الاقتصار على مدلول الآية وهو العبور في المسجد على وجه كونه سبيلا بان يكون
للمسجد بابان يدخل من أحدهما ويخرج من الأخر أو يحتلم في المسجد فيخرج منه من مكث ولا يجوز الدخول فيه لاخذ شئ ولو لم يستقر فيه لكن
قال في التذكرة لو كان في المسجد ماء كثير فالأقرب عندي جواز الدخول إليه والاغتسال فيه ما لم يلوث المسجد بالنجاسة وقريب منه ما في المنتهى
وقال في المدارك في باب التيمم لو لم يجد الماء الا في المسجد وكان جنبا فالأظهر ان يجوز له الدخول والاخذ من الماء والاغتسال خارجا ولو
لم يكن معه ما يغترف به فقد استقرب في المنتهى جواز اغتساله فيه وهو حسن ان لم يتحقق معه الجلوس انتهى ويظهر النظر في ذلك مما ذكرنا
حتى لو عبر الجنب في المسجد فاتفق له ماء كثير فرمى نفسه فيه بنية الغسل ففي جوازه نظر من حيث إن ايقاع نفسه في الماء ليس عبورا نعم لو اغتسل
مرتبا وهو عابر جاز ثم إن المحكي في الذكرى عن المفيد في العزية وابن الجنيد الحاق المشاهد المشرفة بالمساجد واستحسنه وحكى عن الشهيد
الثاني اختياره أيضا ولعله لوجوب تعظيمها المنافى لترخص دخول الجنب والحايض ولفحوى الحكم في المسجد بناء على ما يستفاد من بعض الأخبار
من أن سبب صيرورة بعض البقاع مجدا انه قد اصابتها شئ من دم نبي أو وصى صلى الله عليه وآله فأحب الله ان يعبد في تلك البقعة ولغير واحد
180

مما يظهر منه المنع من دخول الجنب على الامام حيا بضميمة ما ثبت من أن حرمة الميت كحرمة الحي بل أعظم وانه يجب اعتقاد حرمتهم في غيابهم عنا وحضورهم مثل ما عن الصفار في
بصاير الدرجات عن عبد الله بن الصلت عن بكر بن محمد قال خرجنا من المدينة منزل أبى عبد الله (ع) فلحقنا أبو بصير خارجا من زقاق وهو جنب
ونحن لا نعلم حتى دخلنا على ابن عبد الله (ع) فرفع رأسه إلى أبي بصير فقال يا أبا محمد إما تعلم أنه لا ينبغي للجنب ان يدخل بيوت الأنبياء فرجع أبو بصير
ودخلنا وعن ارشاد المفيد عن أبي بصير قال دخلت المدينة ومعي جويرية فأصبت منها فخرجت إلى الحمام فلقيت أصحابنا الشيعة وهم
موجهون إلى أبى عبد الله (ع) فخشيت ان يفوتني الدخول عليه فمشيت معهم حتى دخلت الدار فلما مثلت بين يديه نظر إلى ثم قال (ع) يا أبا بصير
إما علمت أن بيوت الأنبياء وأولاد الأنبياء لا يدخلها الجنب وعن كشف الغمة نقلا من كتاب الدلايل لعبد الله بن جعفر الحميري عن أبي
بصير قال دخلت على أبى عبد الله (ع) وانما أريد ان يعطيني دلايل الإمامة مثل ما أعطاني أبو جعفر (ع) فلما دخلت عليه وكنت جنبا فقال
يا أبا محمد ما كان ذلك فيما كنت فيه شغل تدخل على وأنت جنب فقلت ما فعلته الا عمدا فقال أو لم تؤمن قلت بلى ولكن ليطمئن قلبي فقال
يا أبا محمد إلى هنا وجدنا النسخة المنسوبة إليه طيب الله رمسه وأنار برهانه حرره العبد الفاني ابن مرحوم مرحوم ميرزا يد محمد رضا احمد الطباطبائي الإردستاني
181

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله المعصومين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين المقصد الثاني
من المقاصد المقصودة لبيان أسباب الغسل في ماهية الحيض الذي يعبر عنه بالمحيض كما عن السرائر وط؟ وكرى؟ للآية ونص أهل اللغة وبيان احكامه
المتعلقة به وهو لغة السيل مطلقا كما في المنتهى وعن غيره أو مقيدا بكونه بقوة كما في المعتبر وكرى؟ ومع؟ صد؟ أو سيلان الدم أو الدم السائل
كما في شرح الروضة وشرعا هو الدم الخاص الذي يتعلق به احكام مخصوصة بل قد يق؟ ان الدم الخارج من الرحم معنى لغوى له كما يظهر من جماعة
من أهل اللغة فعن الجوهري يقال حاضت المراة تحيص حيضا ومحيضا فهى حايض وحايضة إلى أن قال وحاضت السمرة وهي شجرة يسيل منها
شئ كالدم انتهى وعن القاموس حاضت المراة تحيض إذا سال دمها وعن المجمل الحيض حيض المراة وحيض السمرة وعن المغرب حاضت المراة تحيض حيضا
ومحيضا خرج الدم من رحمها وعن مجمع البحرين الحيض اجتماع الدم وبه مى الحوض لاجتماع الماء فيه وحاضت المراة تحيض حيضا ومحيضا وتحيضت
إذا سال دمها في أوقات معلومة فإذا سال الدم من غير عرق الحيض فهى مستحاضة إلى أن قال الحيضة المرة الواحدة من الحيض وبالكسر الاسم
من الحيض وهي هيئة الحيض مثل الجلسة لهيئة الجلوس والحيضة بالكسر الخرقة التي يستشفر بها المراة ومنه حديث عايشة ليتني كنت حيضه ملغاة
قال في يه؟ ويقال لها المحيضة وتجمع على المحايض انتهى ويؤيد ذلك أن المحكي عن أكثر القدماء كالشيخين وسلار والحلى والحلبي والقاضي وابن
حمزة وابن سعيد الاقتصار على تفسيره بالدم من غير تعرض لمعنى لغوى له أو شرعي وأول من ذكر له معنيين في اللغة والشرع المص؟ قده؟ في هي؟ ولعله
اخذه من عبارة المعتبر حيث قال النظر في الحيض واحكامه سمى حيضا من قولهم حاض السيل إذا اندفع فكأنه لقوته وشدة خروجه في غالب أحواله
اختص بهذا الاسم ويجوز أن تكون من روية الدم كما يقال حاضت الأرنب إذا رأت الدم وحاضت السمرة إذا خرج منه الصمغ الأحمر انتهى ولا
يخفى انه لا دلالة في هذا الكلام الا على أن تسمية هذا الدم حيضا مأخوذة من قولهم حاض إذا سال كما أن تسمية الحوض حوضا بتلك المناسبة
وليس فيه دلالة على أن ذلك الدم الخاص معنى شرعي في مقابل المعنى اللغوي والى ما ذكرنا أشار في الروض وان أضاف إليه بعض ما لا يخ؟
من نظر حيث إنه بعد ما ذكر ان الحيض لغة السيل بقوة أو مطلقا وشرعا دم يقذفه الرحم قال هذا هو الاصطلاح المش؟ من انقسام تعريفه
إلى اللغوي والشرعي وللبحث في ذلك مجال فان الظ؟ من كلام أهل اللغة انه قد يطلق لغة على هذا الدم المخصوص لا باعتبار سيلانه بقوة أو
بغير قوة بل يطلق ابتداء على مصطلح أهل الشرع فلا يكون بين التعريف اللغوي والشرعي فرق من حيث المهية انتهى ثم ذكر كلام الجوهري
المتقدم ثم قال وقد أشار إلي هذا في المعتبر حيث جرى أولا على ما هو المش؟ من أنه انما سمى حيضا من قولهم حاض السيل إذا اندفع فكأنه
لمكان قوته وشدة خروجه في غالب أحواله اختص بهذا الاسم قال ويجوز ان يكون من رؤية الدم كما يقال حاضت الأرنب إذا رأت الدم
وحاضت السمرة إذا خرج منها الصمغ الأحمر انتهى ثم وقال متى ثبت ذلك عن أهل اللغة فهو خير من النقل كما قرر ويمكن الجواب بان مطلق
استعمال أهل اللغة لا يدل على الحقيقة فإنهم يذكرون الحقيقة والمجاز سلمنا لكن حمله على الحقيقة يوجب الاشتراك والمجاز خير منه انتهى
ثم إن دعوى مغايرة المعنى اللغوي والشرعي من جهة ان معناه اللغوي لغة هو السيلان وشرعا هو السايل وان الخصوصيات المأخوذة
182

في الحيض شرعا غير مأخوذة فيه لغة ضرورة انهم ما كانوا يفرقون بين الخارج قبل سن الياس أو البلوغ بلحظة والخارج بعدهما ليسلبون
كالشارع الحيض عن الدم الفاقد للشرايط مدفوعة باطلاق الحيض لغة على السايل أيضا وبان الخصوصيات انما هي لتميز مصادق الحيض الواقعي
عن غيره فلا خلاف بين اللغة والشرع في أن دم الحيض هو الدم المخصوص المخلوق لتكون الولد المحكوم عليه باحكام كثيرة عند أهل كل شريعة وعند
الأطباء الا ان تشخيص مصاديق هذه الدم على وجه منضبطا لما خفى على غير العالم بما في الارجام كشف الشارع عن بعض الأمور المنافية لها كالدخول
في الخمسين أو تجاوز الدم عن العشرة أو نقصانه عن الثلاثة أو وقوعه بعد الحيضة الأولى بأقل من العشرة أو نحو ذلك فاطلاق الحيض عند أهل اللغة
الجاهلين بالشرع على هذه الدماء المعدودة في الشريعة من الاستحاضة انما هي بزعم كونها هي مصاديق لذلك الدم الطبيعي المعود جهلا منهم بالحال
فتأمل ومما يؤيد اتحاد المعنى اللغوي والشرعي بل يدل عليه قوله تع؟ يسئلونك عن المحيض قل هو اذى فاعتزلوا النساء في المحيض علق سبحانه
حكم الاعتزال على حقيقة المحيض الواقع في سؤالهم لهم ثم إن امص؟ قده؟ قد عرفه بخواصه الذي يشترك في العلم بها الفقيه والعامي فقال وهو في الأغلب
اسود أي مايل إلى السواد أو في النافع وشرحه اسودا واحمر لا تصافه بالحمرة في كثير من الاخبار وفى يع؟ وعن ط؟ والوسيلة وكثير من كتب المص؟ الاقتصار
على الأول ولعل المراد ما يقابل الصفرة وعن الفقيه الاقتصار على الثاني ولعله أراد مطلق الحمرة الشامل المايل إلى السواد حار يخرج
بحرقة حاصلة من دفعه وحرارته وهذه الخواص مستفادة من الحس والاخبار ففي صحيحة جعفر بن البختري أو حسنة قال دخلت على أبى عبد الله (ع)
امرأة سألته عن المرأة يستمر بها الدم فلا تدرى أحيض هو أم غيره فقال لها ان دم الحيض حار عبيط اسود له دفع وحرارة ودم الاستحاضة
أصفر بارد فإذا كان للدم حرارة ودفع وسواد فلتدع الصلاة قال فخرجت وهي تقول والله انه لو كان امرأة ما زاد على هذا وفى صحيحة معوية بن
عمار قال إن دم الاستحاضة والحيض ليس يخرجان من مكان واحد ان دم الاستحاضة بارد وان دم الحيض حار وموثقة إسحاق بن جرير قال
سالت امرأة منا ان ادخلها على أبى عبد الله (ع) واستأذنت لها فاذن لها فدخلت ومعها مولاة إلى أن قال فقالت ما تقول في المراة
تحيض فتجوز أيام حيضها فقال إن كان أيام حيضها دون عشرة استظهرت بيوم واحد ثم هي مستحاضة قالت فان الدم يستمر بها شهرا وشهرين والثلاثة كيف تصنع بالصلاة
قال تجلس أيام حيضها ثم تغتسل لكل صلوتين قال له ان أيام حيضها تختلف عيلها وكان يتقدم الحيض اليوم والثلاثة ويتأخر
مثل ذلك فما علمها به قال دم الحيض ليس به خفاء هو دم حار تجد له حرقة ودم الاستحاضة دم فاسد بارد قال فالتفت إلى مولاتها وقالت
أتراه كان امرأة وفى آلو سأل رواه عن السرائر عن كتاب محمد بن علي بن محبوب الا أنه قال أترينه كان امرأة ثم إن توصيف الدم بهذه الصفات
في الاخبار وراد مورد الأغلب والا فكثير إما يحكم بالحيضية على فاقدها وبالاستحاضة على المتصف بها كما سيجئ وربما يستظهر من هذه الأخبار
كون هذه الصفات معرفات شرعية للحيض يدور معها وجودا وعدما الا فيما ثبت خلاف ذلك بالدليل كما صرح به في المدارك و
بعض من تأخر عنه بل حكى عن الروض أيضا لكن الحكاية مخالفة للواقع ولا يرد عليهم ما قيل من كون هذه الصفات أغلبية إذ غاية الأمر كونها
امارة ظنية لا أدلة قطعية وظاهر تلك الأخبار سوقها مساق اعطاء القاعدة ولزوم الاعتماد على هذه الامارات في تشخيص الحيض
حيث اشتبه بالاستحاضة نعم لو اشتبه بالقرحة أو العذرة كان العبرة بغيرها وعلى ما ذكروه فيشكل ح؟ اطلاق ما سيجئ من الحكم بالحيضية
على كل دم يمكن ان يكون حيضا وان لم يكن بصفاته بل لا بد من الاقتصار في اجراء تلك القاعدة في الدم الفاقد للصفات على الموارد المنصوصة
أو المجمع عليها لكن الأقوى ما عليه المشهور من اختصاص الرجوع إلى تلك الصفات بصورة امتزاج الحيض مع الاستحاضة وعدم ثبوت العادة
وذلك لان استفادة هذا المطلب أعني لزوم الكم بانتفاء الحيضية مع فقد الصفات إما مفهوم قوله (ع) فإذا كان للدم دفع و
حرارة وسواد فلتدع الصلاة واما من سوق الصفات مساق بيان الميزان والمعيار واما من التصريح في الاخبار بان دم الاستحاضة
كذا واما من المستفيضة الدالة على أن الصفرة أيام الحيض ليس من الحيض وفى الكل نظر إما في الأول فلان الضمير في قوله فلتدع راجع
إلى المراة المفروضة في السؤال وهي التي يستمر بها الدم والظاهر منها المستحاضة التي اختلط عليها حيضها فمفهوم الشرط مختص بمثل
هذه المرأة الرجوع إلى الصفات في حقها مما لا كلام فيه ولا يتوهم ان اختصاص المورد بمن استمر بها لا ينافي وجوب رجوعها إلى الصفات
حتى في غير صورة الاستمرار لاندفاعه بمنع ما يوجب عموم الحك بعد رجوع الضمير إلى المرأة المتلبسة
باستمرار الدم عليها واما في الثاني
فلمنع دلالة سياق ذكر صفات الحيض الا على لزوم الحكم بالحيضية عند الاشتباه بالاستحاضة أينما وجدت لا ينفها حيث انتفت
كما هو محل الكلام مضافا إلى أن تخلف هذه الصفات وجودا وعدما في كثير من هذه الموارد يمنع عن إرادة سوقها مساق اعطاء القاعدة
والميزان كما لا يخفى واما في الثالث فلان الظ؟ من استحاضة في تلك الأخبار على ما يساعد عليه تتبع الاخبار سواء لا وجوبا بل
تصريح أهل اللغة هو الدم المتصل بدم الحيض بل خصوص الكثير من أقسامها كما في شرح المفاتيح نحن الصحاح استحيضت المراة أي
183

استمر بها الدم بعد أيامها وعن المعرب استحيضت المراة استمر بها الدم وفى الفايق والصحاح والقاموس ان العاذل اسم للعرق الذي
يخرج منه الاستحاضة وذكر الأول في تسمية العاذل انه من العذل أي الملامة لان المراة تلام بذلك عند زوجها انتهى بل لو أنكرت استعمال
هذا اللفظ في العرف وفى الاخبار في المعنى الأعم من ذلك بحيث يشمل مثل الدم المرئي في يوم واحد لا غير أو الخارج عن غير البالغ أو عن اليائسة
لم تعد مجاذ فانعم قد استعمل في كلام الفقهاء في كل من المعنى الأعم والأخص كما صرح به الشارح في الروض تبعا للماتن في يه؟ بل ربما فسرها
بعض الأصحاب بخصوص المعنى الأخص قال في سيلة الاستحاضة دم أصفر بارد تراه المراة بعد أيام الحيض أو أكثر أيام النفاس انتهى و ح؟
فما ذكر فيه صفات دم الاستحاضة انما أريد به اعطاء القاعدة والميزان لتميز دم الاستحاضة المختلط بدم الحيض اختلاط اشتباه
في فاقدة العادة ولا كلام فيه كما سيجئ واما الرابع فستعرف الجواب في قاعدة الامكان وفى مسألة الاستظهار واضعف من جميع
ما ذكرنا ما ربما بتوهم ان مفاد توصيف دم الحيض بالصفات المذكورة بمقتضى عكس النقيض هو ان كلما لم يكن متصفا بها لم يكن حيضا
وفساده واضح بعد ما عرفت من أن التوصيف بها وارد مورد الأغلب قطعا فالقضية جزئية لا كلية ثم إنه ربما يتوهم موافقة ما ذكره
هؤلاء لما في كرى حيث قال ولو اشتبه دم الاستحاضة اعتبر بالسواد والحمرة والغلظ والحرارة واضدادها لقول النبي صلى الله عليه وآله إذا كان دم الحيض
فإنه اسود يعرف فامسكي عن الصلاة وإذا كان الأخر فتوضأي ثم ذكر رواية اسحق ابن جرير المتقدمة ثم قال وبالثلاثة والعشرة اللذين هما
أقل الحيض وأكثره باتفاق انتهى ونحوها عبارة الشيخ في النهاية لكن الظ؟ انه أراد بيان كون هذه الصفات معرفات عند الاشتباه في الجملة
لا مطلقا أو يكون مراده من الاشتباه بالاستحاضة حصول هذا الاشتباه للمستحاضة كما أن المراد من قوله لو اشتبه بالقرحة أو العذرة
حصول الاشتباه لذات القرحة والعذرة المحققين لا مجرد احتمال الدم لهما وكيف كان فلا اشكال في موافقة الشهيد للمش؟ كما يظهر من مذهبه
في الفروع المترتبة على هذه المسألة مثل تحيض المبتدئة بروية الدم وان لم يكن بصفات الحيض ونحو ذلك ومما يشهد لذلك ان المص في
لف؟ لما استدل على تحيض المبتدئة بمجرد الرؤية بخبري اسحق وحفص الامرين بالرجوع إلى الصفات أجاب عنه في كرى؟ بان ظاهر الخبرين
في المستحاضة مع الاشتباه فان هذا الكلام عند التأمل قرينة على إرادة ما احتملناه أخيرا في مراده من قوله لو اشتبه دم الاستحاضة
ثم إن في اعتبار خروج الحيض من الجانب الأيسر مطلقا أو عند اشتباهه بدم العذرة أو خروجه من الأيمن كذلك خلافا سيأتي
عند تعرض المص؟ له ثانيا فان اشتبه ما ثبت شرعا انه دم الحيض لولا الاشتباه بالعذرة بضم العين المهملة وسكون الذال المعجمة
وهي البكارة بفتح الباء والمراد هنا دمها وضعت قطنة كيفما اتفق كما هو ظ؟ الروايات والمحكى من عبارة الأكثر أو بعد بعد أن يستلقى
على ظهرها وترفع رجليها كما في الروض ويظهر منه وجد هذا التقييد في بعض الروايات حيث قال إن في بعضها الامر باستدخال القطنة
من غير تقييد بالاستلقاء وفى بعضها استدخال الا صبع مع الاستلقاء وطريق الجمع حمل المطلق على المقيد والتخيير بين الإصبع والكرسف
الا ان الكرسف أظهر في الدلالة انتهى والظاهر أن ذلك سهو من قلمه الشريف حيث عد الرواية الآتية في اشتباه الحيض بالقرحة الامرة
باتسدخال الإصبع بعد الاستلقاء من روايات هذه المسألة والا فليس في روايتي المسألة الاستلقاء ولا ذكر الإصبع كما سيجئ
وكيف كان فتصبر هنية بقدر ما ينزل عليب القطنة ما يطوقها أو يغمسها ثم تخرجها اخراجا رقيقا كما في الرواية الآتية فان خرجت
القطنة مطوقة بالدم عرفا وان لم يحصل دائرة كاملة فهو دم عذرة والا يخرج كك؟ بان كانت مستنقعة فحيض والمستند في ذلك
ما عن الكافي بطريق صحيح عن خلف بن حماد قال دخلت على أبى الحسن موسى بن جعفر (ع) بمنى فقلت له ان رجلا من مواليك تزوج جارية معصرا
لم تطمث فلما افتضها سال الدم الدم فمكث سايلا لا ينقطع نحوا من عشرة أيام وان القوابل اختلفن في ذلك فقالت بعضهن دم الحيض
وقالت بعضهن دم العذرة؟ فلتتق الله ولتتوضأ ولتصل ويأتيها بعلها ان أحب ذلك فقلت له فكيف لهم ان يعلموا ما هو حتى
يفعلوا قال فالتفت يمينا وشمالا في الفسطاط مخافة ان يعلم كلامه أحد ثم نهد إلى فقال يا خلف سر الله سر الله لا تذيعوه ولا تعلموا هذا الخلق أصول دين الله بل ارضوا لهم ما رضي الله لهم من ضلال ثم عقد بيده اليسرى تسعين ثم قال تدخل القطنة
ثم تدعها مليا ثم تخرجها اخراجا رفقا فإن كان الدم مطوقا في القطنة فهو من العذرة وإن كان مستنقعا في القطنة فهو من الحيض
فاستحضى الفرج فبكيت فلما سكن بكائي فقال ما أبكاك قلت جعلت فداك من كان يحسن هذا غيرك فرفع يده إلى السماء فقال
أي والله ما أخبرك الا عن رسول الله صلى الله عليه وآله عن جبرئيل عن الله تع؟ الحديث وعن المحاسن انه أسنده عن أبيه
عن خلف بن حماد ورواها الشيخ بأدنى تغيير وفى الصحيح عن زياد بن سوقة قال سئل أبو جعفر (ع) عن
رجل اقتض امرأته وأمته فرات
دما كثيرا لا ينقطع عنها يوما كيف يصنع بالصلاة قال تمسك الكرسف فان خرجت القطنة مطوقه بالدم فإنه من العذرة تغتسل
184

وتمسك معها قطنة وتصلى فان خرج الكرسف متغمسا بالدم فهو من الطمث تقعد عن الصلاة أيام حيضها ثم إنه لا اشكال في الحكم
بالعذرة بمجرد التطوق ولا في الحكم بالحيض مع الانغماس إذا علم انتفاء الثالث كما هو ظ؟ الروايتين أو كان الدم مما يحكم عليه بالحيضية
على تقدير القطع بانتفاء العذرة لان نفى العذرة لانتفاء التطوق ملزوم لثبوت الحيض منع الخلو بينهما إما قطعا واما شرعا
إما لو لم يقطع بانتفاء الثالث وكان مما لا يحكم بحيضية لو قطع بانتفاء العذرة فالتحقيق انه لا حكم عليه بالحيضية بمجرد الانغماس فالمحصل
من ذلك أنه انما يحكم بنفي الحيض بمجرد التطوق واما ثبوته بمجرد الانغماس فلا بل ترجع المرأة ح؟ إلى علمها أو إلى القواعد المقررة في الحكم
بالحيضية على الدماء على الاختلاف الواقع بين الأصحاب فإذا رأت المبتدءة هذا الدم المشتبه وخرجت القطنة مستنقعة كان تحيضها
قبل مضى الثلاثة مبنيا على مسألة تحيض المبتدأة بمجرد رؤية الدم فإذا قلنا فيها بعدم التحيض مطلقا أو مع فقد صفات الحيض فلا يحكم
على هذا الدم المشتبه بالحيضية بمجرد الاستنقاع وهكذا والى ما ذكرنا نظر المحقق في المعتبر حيث قال ولو جاء بصفة دم الحيض و
اشتبه بدم العذرة حكم انه للعذرة ان خرجت القطنة مطوقة بالدم روى ذلك زياد بن سوقه عن أبي جعفر (ع) وخلف بن حماد عن أبي
الحسن الماضي (ع) ولا ريب انها إذا خرجت مطوقة كانت من العذرة قطعا وإذا خرجت مستنقعة فهو محتمل انتهى وغرضه ان مع الاستنقاع
فهو قابل للحيضية فيحكم عليه بها مع مساعدة دلل خارجي عليها لا بمجرد الاستنقاع فإنه لا يؤثر الا احداث احتمال الحيضية في
مقابل التطوق ولقد أجاد المص؟ في عد؟ والشهيد في البيان وبان فهد في الموجز حيث اقتصروا على الحكم بالعذرة مع التطوق بل
هذا مراد كل من ذكر الحكم بالحيضية مع الاستنقاع أيضا كما هو المحكي عن الأكثر لان الظ؟ من قولهم لو اشتبه الحيض بالعذرة انهم فرضوا
الكلام فيما لو تردد الامر بين العذرة والحيض إما بعلم المرأة أو من شهادة القوابل كما في الصحيحة الأولى واما لفرض كون الدم مما
يحكم عليه شرعا بالحيضية مع ارتفاع احتمال العذرة فان التأمل في الحكم بالحيضية مع الاستنقاع ح؟ غير معقول من العاقل لأن المفروض
كون الدم مع قطع النظر عن احتمال كونه للعذرة مما يحكم شرعا بكونه حيضا والمفروض انتفاء احتمال العذرة بالاستنقاع فلا وجه للث؟
في كونه حيضا ولأجل ما ذكرنا قيد الحلى في السرائر هذا الدم بما إذا كان في أيام الحيض فقال وان اشتبه دم الحيض بدم العذرة في زمان
الحيض فلتدخل قطنة فان خرجت منغمسة بالدم فذاك دم الحيض وان خرجت مطوقة فذاك دم عذرة انتهى وبالجملة الانغماس ولتطوق
هنا في المراعاة كحال الجانب في مسألة القرحة الآتية حيث إنه يحكم بعدم الحيضية مع الخروج عن الأيمن على أحد القولين ومع الخروج
عن الأيسر فهو قابل للحيضية يرجع فيه إلى قواعد الحيض ومما ذكرنا يظهر انه لا وجه
لاعتراض جماعة من المتأخرين على المحقق قده؟ في عدم
جزمه بالحيضية مع الانغماس تارة بان المفروض دوران الامر في الدم المذكور بين الحيض والعذرة فلا وجه لعدم الحكم بالحيضية بعد نفى
العذرة بالانغماس واخرى بأنه فرض المسألة في المعتبر فيما إذا جاء الدم بصفة الحيض ومعه لا وجه للتوقف في الحيضية مع الاستنقاع
مع اعتبار سند الحديثين وصراحتهما في الدلالة ومطابقتهما للروايات الدالة على اعتبار الأوصاف وثالثة بمنافات ذلك لما
صرح به في المعتبر وغيره بان ما تراه المرأة من الثلاثة إلى العشرة يحكم بكونه حيضا وانه لا عبرة بلونه ما لم يعلم أنه لقرح أو عذر ونقل
على الاجماع وجه اندفاع الأول ما ان عنونه في المعتبر غير مفروض فيما إدا دار الامر بين الحيض والعذرة ليلزم من انتفاء الثاني
ثبوت الأول وإن كان ظاهر الروايات دوران الامر حيث فرض فيها استمرار الدم أيام حيث إن الحكم بالحيضية ح؟ عند العلم
بعدم العذرة لأجل الاستنقاع وعدم القرحة بحكم الفرض مع أن ظ؟ الصحيحة الثانية ربما كان وقوع الدم في أيام حيضها الا ان
أصل المسألة غير مختصة بهذه الصور فان منها ما إذا رأته قبل مضى الثلاثة كيف ولزوم الحكم بالحيضية من نفى العذرة
عند العلم بنفي الثالث أمر بديهي كما لا يخفى على أحد فضلا عن مثل المحقق ويندفع الثاني بان مجرد اتصاف الدم بالأوصاف لا
يثبت حيضيته ولذا اختار المحقق وجماعة عدم تحيض المبتدئة برؤية الدم قبل مضى الثلاثة ولو كان الدم بصفة الحيض واما
الصحيحتان فقد عرفت اختصاصهما بصورة يحكم على الدم فيها بالحيضية من جهة الوجدان أو من جهة الشرع فلا يدل على حكم غيرها
ويندفع الثلاثة إلى العشرة ودعوية الاجماع عليه لا ينافي عدم الحكم بها في بعض صور
المسألة مثل ما إذا لم يمض ثلثة فان معقد الاجماع المذكر كما سيجئ مختص بما بعد الثلاثة إلى العشرة كيف مع أن المحقق وجماعة
حكموا في المبتدئة بعدم التحيض وبالجملة فالظ ان المحقق لم يخالف الأصحاب في هذه المسألة بل ولا واحدا منهم وانما توهم من توهم
مخالفته لهم من جهة ما رأى من ظاهر اطلاق ساير الأصحاب الحكم بالحيضية مع الانغماس وحكم المحقق بأنه مع الاستنقاع محتمل
للحيضية وقد عرفت مصب اطلاق حيث فرضوا المسألة فيما لو اشتبه الحيض بالعذرة وظاهره الدوران بينهما ومراد المحقق
185

حيث فرض المسألة فيما الوجاء الدم بصفة دم الحيض وهو لا يستلزم الدوران وعلى تقدير مخالفته لهم فالتحقيق ما ذكره المحقق
وحاصلة انه إذا لم يكن الدم بحيث يحكم عليه وجدانا أو شرعا بالحيضية مع فرض انتفاء العذرة فلا دليل على
الحكم عليه بها بمجرد
الانغماس لما عرفت من اختصاص الاخبار بصورة كون الدم محكوما بالحيضية عند فرض انتفاء العذرة ويمكن ان يقال إن مقتضى
اطلاق الحكم بالحيضية في الروايات بمجرد الانغماس يشمل ما لو لم يعلم مع ذلك بخروج الدم من الرحم وقاعدة الامكان لا يجرى في هذه
الصورة كما سيجئ فتعين ان يكون الحكم مستند إلى نفس الانغماس لا أصالة الحيضية وان المحقق قده؟ لا يرى أصالة التحيض في المبتدئة
قبل مضى الثلاثة مع ظهور رواية زياد بن سوقه فيه الا ان يدفع الأول بان الانغماس جعل معرفا لكون الدم من الرحم لأنه الغالب فيه
فيحكم بالحيضية لقاعدة الامكان ويدفع الثاني بان رواية زياد بن سوقه ظاهرة في أزيد من يومين إذ لا يقال إن الدم لا
ينقطع يوما على طريق السالبة الكلية مع كونه في يومين وكذا لا ينقطع يومها بناء على بعض النسخ فإنه مثل قولك فلان لا ينام
ليله وبالجملة فمورد الرواية لا ظهور فيما ينافي مذهب المحقق في المبتدئة مع أنه يكفي عدم دلالتها على مذهب المشهور عند المشهور
القائلين بالتحيض بمجرد الرؤية فافهم وقد أطلنا الكلام في ذلك انتصارا للحق أو المحقق ثم إنه لا فرق في ظ؟ النص والفتوى بين كون
الاشتباه ناشيا عن احتمال الدم في أول الأمر للحيض أو العذرة أو ناشيا عن احتمال طر واحتمال الحيض بعد تحقق دم العذرة مع
العلم ببقاء العذرة أو مع احتمال انقطاعها إما إذا تحقق سابقا واحتمل انقاعه بعد طرو العذرة فالظاهر عدم دخوله
تحت النص فالرجوع فيها إلى استصحاب الحيض من غير اختيار قوى وأقوى منه عدم وجوبه فيما لو شك في الاقتضاض (لكن ربما يستظهر من النص كون ما ذكر من التطوق والانغماس معيارا في تميز
الحيض عن العذرة يجب الرجوع إليه عند الاشتباه مطلقا فوجوب الاخبار مع عدم الشك في الافتضاض) لايخ؟ عن وجه
ومع الشك فيه فيرجع إلى قواعد الحيض وعلى كل حال فظ؟ النص والفتوى وجوب الاختبار فالعبادة من دونه فاسدة وان طابقت
الواقع الا إذا غفل عن وجوب الاختبار ولو تعذر الاختبار لكثرة الدم أو نحوه ففي وجوب البناء على أصالة الحيض أو أصالة عدمه
في غير صورة بق الحيض وجهان ولو اشتبهت الاستحاضة لذات العذرة بها ففي الحكم بالاستحاضة مطلقا لأنها الأصل بعد امتناع
الحيض أو بشرط عدم التطوق لما يستفاد من الرواية من أن التطوق امارة العذرة مطلقا أو عدمه مطلقا لخروج المورد عن الرواية
ومنع أصالة الاستحاضة وجوه خيرها أوسطها وما تراه الصبية من الدم قبل اكمال التسع سنين قمريه ليس بحيض اجماعا
كما عن جماعه بل عن المعتبر نسبه إلى أهل العلم لكن في هي عن الشافعي قولا بتحققه بأول التاسعة واخر بما بعد مضي ستة أشهر منها
وعن بعض الحنيفة قولا باحتمال في السبع واخرى في الست وحكى عن بعضهم أنه قال قد حكى ان بنتا لأبي مطيع البلخي صارت جدة وهي
من بنات ثمان عشرة سنة فقال أبو مطيع فضحتنا هذه الجارية وكيف كان فالأصل في المسألة قبل الاجماع صحيحة ابن الحجاج
ثلث يتزوجن على كل حال التي لم تحض ومثلها لا تحيض قال قلت ومتى يكون كك؟ قال ما لم تبلغ تسع سنين وهنا سؤال مشهور
بنه عليه جماعة منهما الشارح في الروض حيث قال إن المص وغيره ذكروا ان الحيض دليل على بلوغ المرأة وان لم يجامعه السن وحكموا
هنا بان الدم المرئي قبل التسع ليس بحيض فما الدم المحكوم بأنه حيض حتى يستدل به على البلوغ قبل التسع ومع بعض من عاصرناه
بين الكلامين بحمل الدم المحكوم بكونه حيضا دالا على البلوغ على الحاصل بعد التسع وقبل اكمال العشر وعلى القولين لو رأت دما
بشرايط الحيض بعد التسع حكم بكونه حيضا انتهى ثم استبعد هذا الوجه قال والأولى في الجمع بين الكلامين انه مع العلم بالسن
لا اعتبار بالدم قبله ومع اشتباهه ووجود الدم في وقت امكان البلوغ ويحلم بالبلوغ لا اشكال ح؟ انتهى أقول إن ظاهر الاستشكال
على الوجه الذي قرره انما يرد على ظاهر كلامهم حيث جعلوا الحيض دليلا مستقلا على البلوغ في مقابل السن نظير خروج المنى
بالنسبة إلى الخمسة عشر للذكور وحاصل ما ذكره من الجمع جعل الحيض كاشفا عن تحقق التسع فالعلامة هي اكمال التسع لا غير
الا انه قد يعلم بالتاريخ ويقد يستكشف عنه بالحيض فلم يندفع الاشكال عن ظاهر كلامهم الا بتأويله فتأمل مع أن مقتضى
اشتراط الحيض باكمال التسع هو عدم الحكم بالشروط الا بعد تحقق الشرط فمع الشك فيه فضلا عن نفيه بحكم الأصل لابد من
الرجوع إلى أصالة عدم المشروط ولو منع كون البلوغ شرطا بدعوى كون الصغر مانعا فاللازم عند الشك أيضا الرجوع إلى أصالة
استمرار المانع وعدم تحقق الحيض ودعوى ان عموم الحكم بالتحيض على الدم مطلقا أو بشرط اتصافه بصفة دم الحيض يرجع إليه
في المقام لسلامته عن مزاحمة ما دل على أن الحيض لا يحصل قبل التسع نظرا إلى أنه يستكشف تحقق التسع من جهة الحكم بالحيضية
على الدم المرئي لأجل العموم المذكور مدفوعة بأنه لو لم العموم المذكور فإنما هو في المراة والفرض الشك في كون ذات الدم المفروضة
امرأة نعم يمكن التمسك في الدم الجامع للأوصاف الخارج ممن شك في بلوغها التسع بالاخبار الكثيرة الدالة على ذكر وصاف
186

الحيض فإنها وان لم تدل على الانتفاء عند الانتفاء كما مر وسيأتي الا انها ظاهرة في الوجود عند الوجود ولا يعارضها ما دل على عدم تحيض لصغيرة
لما عرفت من انا نستكشف من حيضية هذا الدم بهذه الاخبار عدم صغرها الا ان يقال إن مفاد اخبار الأوصاف هو الرجوع إليها عند الاشتباه
بالاستحاضة بمعنى استمرار الدم لا مطلقا فالأقوى الاقتصار في علامة البلوغ على ما علم حيضيته إعادة بالأوصاف والقراين أو يق؟
ان العلامة للبلوغ عندهم الدم الجامع لجميع شرايط الحيض عدا البلوغ كما يقال ذلك في كون الحيض علامة لعدم
الحمل واستبراء الرحم
عنه عند من يجعل الحمل من موانع الحيض قال في محكى التذكرة الحيض في وقت الامكان دليل البلوغ لا نعلم فيه خلافا انتهى ثم إن التحديد
بالسن المذكور تحقيق لا تقريب كما هو مقتضى الأصل اللفظي والعملي في جميع الحدود الشرعية المعرفة لاحكام شرعية فاحتمال التقريب
كما عن يه؟ امص؟ قده ضعيف جدا واعلم أن المش؟ كما عن جماعة بل نبه في جامع المقاصد إلى فتوى الأصحاب ان الخارج من الأيمن مطلقا أو
بالنسبة إلى ذات القرحة فقط على الاختلاف الآتي ليس حيضا وفاقا للمحكى عن الصدوقين والشيخين والقاضي والحلى وابن حمزة وابن
سعيد والمص في كثير من كتبه والشهيد في البيان والروض والمحقق الثاني وعن الإسكافي عكس المش؟ فجعل الحيض من الجانب والأيمن زاد فجعل
الاستحاضة من الجانب الأيسر وتبعه على الجزء الأول الشهيد في ظاهر؟ وربما حكى عن ابن طاوس أيضا واختاره كاشف الغطاء والمحكى
عن ظ؟ يع؟ ولف؟ والروض ويق؟ التوقف وربما كان في محله لاختلاف متن الرواية التي هي مستند هذا الحكم فروى الكليني عن محمد بن
يحيى رفعه ع ابان قال قلت لأبي عبد الله (ع) فتات منابها قرحة في جوفها والدم سائل لا تدرى من دم الحيض أو من دم القرحة قال
مرها فلتستلق على ظهرها ثم ترفع رجليها ثم تستدخل إصبعها الوسطى فان خرج الدم من الجانب الأيمن فهو من الحيض وان خرج من
الجانب الأيسر فهو من القرحة الخبر والشيخ نقل هذه الرواية بعينها وساق الحديث إلى أن قال فان خرج من الجانب الأيسر فهو من الحيض
وان خرج من الجانب الأيمن فهو من القرحة وقد يق؟ ان رواية الشيخ أثبت لموافقتها لما ذكره المفيد والصدوق في المقنع والفقيه الذي ضمن
بصحة ما فيه وكونه مستخرجا من الكتب المشهورة والوالد قده في رسالته التي كان مرجع جميع من تأخر عنه عندا عواز النص كما صرح به غير
واحد والشيخ في يه؟ مع أن مله فيها على ما صح عنده من الرواية على ما قيل وللمحكى عن الفقه الرضوي وفيه كما عبر بعبارته في الفقيه ثم
أسنده إلى رسالة والده قدس سرهما فان اشتبه دم الحيض بدم القرحة فربما كان في جوفها قرحة فلتستلق إلى اخر ما يوافق التهذيب
ولعله لذلك كله ذكر في المعتبر ان ما في الكافي لعله سهو من الناسخ هذا كله مضافا إلى الشهرة العظيمة بين القدماء والمتأخرين سيما
بعد ملاحظة رجوع الشهيد عما في س؟ بل بين النساء فإنه المعروف بينهن كما صرح به في شرح المفاتيح وكونه موافقا لما روى من أن الحايض
إذا أردت ان تستبرء نفسها ألصقت بطنها إلى جدار ورفعت رجلها اليسرى فإنه تدل على أن الحيض في الأيسر كما نبه به في مع؟ صد ويمكن
ان يعارض موافقة رواية الشيخ لما ذكره المفيد والصدوقان بما هو معروف من ظبط الكليني وتقدمه في الحديث وما في الصبى
معارض بما عن ابن طاوس ان الحكم بكون الأيسر علامة للحيض ان ما هو موجود في بعض نسخ التهذيب الجديدة والقطع بأنه تدليس بل
عن كرى؟ ان كثيرا من النسخ الجديدة للتهذيب موافق لما في الكافي فيمكن ح؟ ان يق؟ ان رواية الكافي حجة سالمة من الاضطراب والمعارض
بل الاضطراب والتعارض انما هو في نسخ يب؟ بعضها مع بعض واما الشهرة فهى بين أرباب الحديث غير ثابته وبين أهل الفتوى ناشية
عن الترجيحات الاجتهادية مع أن تعيين الرواية بالشهرة في الحقيقة قول بحجية الشهرة فقط إذا ليس المقام مقام الانجبار ولا
من قبيل تعارض الاخبار فافهم نعم لو ثبت ولو من جهة ظاهرا الحكاية الحاكم على أصالة الاتحاد تعد الروايتين أمكن ترجيح ما في
يب؟ بموافقة المشهور لكن الظاهر بل المقطوع اتحاد الرواية واما دعوى شهرة ما ذكر بين النساء فهى غير ثابتة مع معارضتها بما
قيل إن القرحة غالبا في طرف الأمعاء والقلب مع أن ثبوت شهادتهن في ذات القرحة ممنوع جدا وفى غيرها لا يجدى بناء على
عدم الاعتبار بالجانب في غير صورة اشتباه بالقرحة كما سيجئ عن الأكثر واما رواية رفع الرجل اليسرى في الاستبراء فمعارضة
برواية أخرى دالة على رفع الرجل اليمنى عند الاستبراء وإن كانت الأولى أصح مع أن في دلالتها على المطلوب تأملا بل نظر فالمسألة
محل اشكال والعمل على المشهور لإفادة الشهرة الظن بصدور رواية يب؟ بل لو قيل بحجية الشهرة بناء على كشفها قطعا عن صدور رواية
ظنية لم يكن بعيدا كما ثبت في الأصول ثم إن المحقق في المعتبر بعد نقل القولين والرواية على رواية الكليني والشيخ قال فاذن الأقوال
في ذلك مضطربة لا محصل لها وقل ابن الجنيد يشابه ما تضمنه رواية الكليني والرواية مقطوعة فلا اعمل بها انتهى وتبعه
على ذلك في ك؟ حيث إنه بعد ذكر الاختلاف في الفتوى والرواية قال فالأجود اطراح الرواية كما ذكره المص في المعتبر ولضعفها ارسالها
واضطرابها ومخالفتها للاعتبار لان القرحة يحتمل كونها في كل من الجانبين فالأولى الرجوع إلى حكم الأصل واعتبار الأوصاف
187

انتهى وتبعه على ذلك في الذخيرة أقول إما ضعفها بالارسال فلا ينبغي التأمل في انجباره بالشهرة بين أهل الرواية والفتوى فلا
اشكال فيها من حيث السند واما اضطرابها من حيث المتن فلا يوجب طرحها لأن المفروض بعد اعتبار السند الحكم بصدور إحدى العبارتين
عن الإمام (ع) فهى مخصصة دلالة الصفات وغيرها بما عدا صورة اشتباه الحيض بالقرحة فاللازم بعد انتفاء المرجح التخيير لا الطرح والرجوع
إلى العمومات الا انك قد عرفت ان رواية يب؟ لا يخ؟ من رجحان وعلى أي تقدير فالأقوى اختصاص مراعاة الجانب بصورة اشتباه الحيض بالقرحة لا
مطلقا وفاقا للأكثر فلو خرج الدم بصفات الحيض وشروطه من الجانب المخالف مع عدم القرحة فلا يمنع ذلك عن جعله حيضا خلافا للمحكى عن
الإسكافي فاخذ في تعريف الحيض الخروج عن الأيمن وفى تعريف الاستحاضة الخروج من الأيسر على ما حكاه في المعتبر وللمص؟ هنا تبعا للمنسوب
في يع؟ إلى القيل فاعتبر الخروج من الأيسر مطلقا وهو ضعيف لوجوب الاقتصار في تخصيص القواعد إلى مورد النص والتعدي عنه باعتبار
ان الجانب إن كان له مدخل لم يختص ذلك بصورة الاشتباه بالقرحة مدفوع بأنه مجرد اعتبار لا يخصص العمومات الكثيرة هذا كله مضافا إلى
استمرار السيرة على عدم مراعاة الجانب وحكى عن جالينوس ان الحيض يخرج من الجانبين لان فم الرحم تارة يميل إلى اليمين وتارة إلى اليسار
ولا ينافيه حكم الشارع بما ذكر في ذات القرحة لاحتمال كون الغالب خروج الحيض من الأيسر فاعتبره الشارع في مورد خاص لا مطلقا
ثم إن الأكثر وان اطلقوا كون الجانب ميزانا عند اشتباه الحيض بالقرحة الا ان الظ انهم يريدون هذا الاشتباه في خصوص ذات القرحة
كما فهمه في الروض من كلامهم ويستفاد من عبارة الصدوقين والرضوي لا مجرد احتمال القرحة وان لم يعلم بها فلا يجب الفحص عن الجانب و
ان احتمل القرحة فيما يمكن فيه الحيضية ثم إن الأحوط مراعاة الكيفية المذكورة في الرواية لاحتمال ان يكون له تأثير في أصل خروج
الدم من أحد الجانبين أو في العلم بخروجه منه والكلام هنا في عدم الفرق بين صورة سبق القرحة أو بق الحيض أو الدوران بينهما
ابتداء نظير ما عرفت في الاشتباه بالعذرة وكذا حكم صورة تعذر الاختبار والحق كاشف الغطاء بالقرح الجرح قال لعدم التميز بينهما في
الباطن أو لأنهما في المعنى واحد وفيه تأمل بل نظروا علم أنه لا اشكال في أن الخارج من المرأة بعد بلوغها سن الياس لي بحيض بلا خلاف
فيه بين أهل العلم كما عن المعتبر وانما الخلاف فيما يتحقق به الياس من السن فغريه؟ والجمل وير: والمهذب واطلاق يع؟ وهي؟ وك؟ انه يتحقق ببلوغ
خمسين سنة مطلقا لصحيحة ابن الحجاج المتقدمة في حد البلوغ ومرسلة البزنطي المحكية في المعتبر عن جامعه عن بعض أصحابنا قال قال
أبو عبد الله (ع) المرأة التي يئست من المحيض حدها خمسون سنة وظ؟ يع ها والمحكى عن بعض كتب المص؟ أيضا انه يتحقق ببلوغ ستين ومال
إليه في مجمع الفايدة للأصول وقاعدة الامكان ومرسلة الكافي وكانها موثقة ابن الحجاج أو حسنة قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول
ثلاثة تتزوجن على كل حال التي قد يئست من المحيض ومثلها لا تحيض قلت ما التي يئست من المحيض ومثلها لا تحيض قال إذا بلغت ستين
سنة فقد يئست من المحيض ومثلها لا تحيض والأقوى تقييد اطلاقي الخمسين والستين وان بعد الثاني بمرسلة ابن أبي عمير عن بعض
أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال إذا بلغت المرأة خمسين سنة لم تر حمرة الا أن تكون امرأة من قريش وفاقا للمحكى عن الفقيه والمقنه وط؟
وسيله والجامع والمعتبر وكره وكتب الشهيدين ومع؟ صد؟ بل عن جملة من كتب الأصحاب انه المش؟ بل عن التبيان ومجمع البيان نسبة إلى الأصحاب
ثم إن جملة من هؤلاء الحقوا النبطية بالقرشية كما عن يله؟ والجامع وكرة والبيان ومع؟ صد؟ ناسبا له تارة إلى المش؟ كما في ض؟ واخرى
إلى الأصحاب ولم يوجد به رواية الا ما أرسله في المقنعة بقوله في كتاب الطلاق وقد روى أن القرشية والنبطية تريان الدم إلى ستين
سنة فان ثبت ذلك فعليها العدة حتى تجاوز الستين انتهى وضعفها وان قبل الانجبار بالأصول ودعوى الشهرة واطلاق رواية
الستين المتقدمة الا ان الأصول منقطعة بمرسلة ابن أبي عمير المتقدمة ودعوى الشهرة موهونة باهمال ذكره من كثير ممن قال بالستين
في الهاشمية كالشيخ والصدوق والمحقق في المعتبر فضلا عمن قال بالخمسين مطلقا بل المفيد الذي هو الأصل في رواية الخبر لم يظهر
منه العمل به واطلاق رواية الستين مع معارضتها باطلاق رواية الخمسين لا يعبؤ به بعد تخصيصها بمرسلة ابن أبي عمير فالمسألة
محل الاشكال والاحتياط مطلوب فيه على كل حال وسيجئ باقي الكلام في المسألة عند تعرض المص؟ له أيضا انش؟ تع؟ واعلم أنه لا اشكال
في كون الدم الخارج في أقل من ثلاثة أيام بلياليها وان اختلفوا في اشتراط كونها متوالية كما سيأتي وكذا الزائد عن أكثره أي أكثر مفصلا
الحيض أعني العشرة وعن أكثر النفاس على الخلاف الآتي فيه ليس بحيض بلا خلاف نصا وفتوى وسيأتي الكلام في كل من الثلاثة
ولما ذكر المص؟ من الياس سابقا على وجه الاجمال وان فصلناه في الشرح أراد ان يبين سن الياس فقال وتياس المرأة غير القرشية
والنبطية ببلوغ خمسين سنة أي اكمالها وإحديهما ببلوغ ستين وقد فصلنا الكلام في ذلك عند تعرض المص؟ ره؟ لشروط الحيض
اجمالا ولم يبق الا الكلام في القرشية والنبطية مفهوما ومصدقا أو الظ؟ ان المراد بالقرشية من انتسب بأبيها إلى قريش وهي القبيلة
188

المتولدة من النضر بن كنانة بن خزيمة من أجداد النبي صلى الله عليه وآله ولا يعرف منهم الان الا الهاشميون ويثبت المصداق بما يثبت به غيره من الأنساب
ولا عبرة بالانتساب إليها بالام على المش؟ كما في ض؟ لأنه المتبادر عرفا ولصحة السلب عن المنتسب بالام مع أن الوارد في النص قوله (ع)
الا أن تكون امرأة من قريش وهذا الظهر من لفظ القرشي والقرشية فيما ذكرنا واما الاكتفاء بالام كما استظهره في الحدائق من جملة الأصحاب
واحتمله آخرون إما لصدق الانتساب عرفا وشرعا واما لان للام مدخلا شرعا في لحوق حكم الحيض فهو خروج عن ظاهر اللفظ أو اجتهاد في مقابل النص واما
النبطية فلم يذكر أصحابنا له معنى كما اعترف به في مع؟ صد؟ نعم قد اختلف أهل اللغة في معناه فعن المعين والمحيط والديوان والمغرب و
تهذيب الأزهري انهم قوم ينزلون سود العراق وعن المصباح الميز انهم كانوا ينزلون سود العراق ثم استعمل في أخلاط الناس و
عن الصحاح والنهاية قوم ينزلون البطائح بين العراقين البصرة والكوفة وعن بعض انهم قوم من العجم وعن اخر من كان أحد أبويه عربيا
والاخر عجميا وعن اخرا انهم عرب استعجموا كقوم النعمان بن المنذر أو عجم استعربوا كاهل البحرين وعن اخر انهم قوم من العرب دخلوا العجم و
الروم واختلطت أنسابهم وفسدت ألسنتهم وذلك لمعرفتهم بانباط الماء أي استخراجه لكثرة فلاحتهم إلى غير ذلك
وعلى أي تقدير فقد
اعترف جماعة بعدم وجودهم في أمثال ذلك الأيام وظاهر ذلك انهم كانوا طائفة خاصة متصفة بما ذكره أهل اللغة من نزولهم سواد
العراق أو بين البطائح أو غير ذلك لا ان النبطية موضوع لكل من كان كك؟ لكن في كشف الغطاء بعد قوله إن النبطية في أصح الأقوال قوم
كانوا في زمان صدور الروايات ينزلون سواد العراق قال والحاق كل نازل بقصد الوطن غير بعيد وذكر كاشف الالتباس انه
يخرج النبطية عن حكمها إذا خرجت من بهذا قبل بلوغها وكيف كان فإذا لم يعلم انتساب الشخص إلى هؤلاء فالأصل عدمه ولا يعارض
أصالة عدم ارتفاع الحيض كما لا يخفى مع أن هذا الأصل لا يثبت كون الدم الخارج حيضا نعم ينفع في بعض المقامات كوجوب اعتداها
بعدة من لا تحيض وهي في سن من تحيض ومثله الكلام فيمن شك في كونه هاشميا والاحتياط مطلوب فلا يترك على حال وقد فسر الأصل
جمال الدين الخوانساري في حاشية ضة؟ تارة بالظهور الحاصل من غلبة عدم كون الشخص هاشميا واخر بأصالة عدم سقوط العبادة
ما لم يتيقن السقوط وثالثة بأصالة عدم وجوب العدة ثم استشكل في الظن الحاصل امن استقرار عادة المرأة واتصاف الدم بصفتها من الغلبة بالظن الحاصل
دم الحيض وفى أصالة عدم سقوط العبادة بالعمومات الدالة السقوط بروية الدم مطلقا أو بصفات الحيض وفى أصالة عدم وجوب
العدة بأنها معارضة بأصالة عدم بينونة الزوجة وأصالة عدم الياس ثم أطال في النقض والابرام على الأصل والعمومات وكانه غفل
عن أصالة عدم الانتساب المعول عليه عند الفقهاء في جميع المقامات أو انه لم يعتبر الأصل ولو كان عدميا في الموضوعات الخارجية
والأقوى ما ذكرنا وأقله أي الحيض ثلاثة أيام بالاجماع المحقق والمحكى حد الاستفاضة بل التواتر كالاخبار فلا شبهة فيه وانما
الاشكال والخلاف في اعتبار كونها متواليات فالمش؟ على اعتبار التوالي وحكى عن الإسكافي والصدوقين والسيد والشيخ
في غير يه؟ والحلبي والحلى وابن حمزة وابن سعيد والمحقق والمص؟ والشهيدين والمحقق الثاني وأكثر من تأخر عنهم بل في السرائر ان أقل الحيض
ثلاثة أيام متتابعات وأكثره عشرة ولا خلاف بين أصحابنا في هذين الحدين انتهى وفى الروض واما اشتراط عدم قصوره عن ثلاثة أيام
متوالية فعليه اجماع أصحابنا انتهى لكن الظ؟ منهما بل صريحهما بقرينة ذكرهما بعد ذلك الاختلاف في اعتبار التوالي ان معقد الاتفاق
هي أصل الثلاثة دون خصوص المتوالية وأوهن من ذلك استظهار نفى الخلاف مما حكى عن الجامع من أنه لو رأت الدم يومين ونصفا
وانقطع لم يكن حيضا بلا خلاف بين أصحابنا فان الظ؟ من لانقطاع الانقطاع را كما يظهر من صدر كلامه فلا يشمل ما إذا عاد
قبل العشرة نعم صرح في اخر كلامه ان الكل على خلاف رواية يونس وكيف كان فيدل عليه بعد تضعيف ما سيجئ من أدلة القول الآخر
أصالة عدم الحيض الحاكمة على أصل البراءة واستصحابها مع أنه معارض باستصحاب الأحكام التكليفية والوضعية الثابتة
لها قبل رؤية هذا الدم فيتساقطان ويبقى أصالة عدم الحيض سليمة ولا يعارضها أصالة عدم الاستحاضة وعدم تعلق
احكامها لأنا ان قلنا بثبوت الواسطة بين الحيض على ما يستفاد من كلام بعض كما سيجئ في باب الاستحاضة فلا تنافى
بين الأصلين وان قلنا بعدم الواسطة بينهما في دم لم يعلم أنه نفاس أو قرحة أو عذرة فأصالة عدم الحيض حاكمة على أصالة
عدم الاستحاضة أيضا لان المستفاد من الفتاوى بل النصوص ان كل دم لم يحكم عليه بالحيضية شرعا ولم يعلم أنه لقرحة أو
عذرة أو نفاس فهو محكوم عليه باحكام الاستحاضة و ح؟ فإذا انتفى كونه حيضا بحكم الأصل تعين كونها استحاضة
فت؟ ولو أغمضنا عن استفادة ذلك من النصوص والفتاوى قلنا أيضا ان نثبت احكام الاستحاضة بان نحكم بوجوب الصلاة
بمقتضى أصالة عدم الحيض السليمة عن المعارض في خصوص الصلاة فيجب الاغتسال مع غمس القطنة للقطع ببطلان الصلاة
189

واقعا بدونه لأنها إما حايض أو مستحاضة ويجب تجديد الوضوء لكل صلاة مع عدم الغم لان الوضوء الواحد لا يرفع حدثها قطعا
لأنه مردد بين الحيض والاستحاضة ولا ينبغي ان يتوهم امكان العكس با ينبغي بأصالة عدم الاستحاضة وجوب الأغسال وغيرها من احكام
المستحاضة ليلزم من ذلك نفى وجوب الصلاة وغيرها لما تقرر في محله من أن نفى الآثار واللوازم بالأصول لا ينفى الملزوم بخلاف اثبات
الملزوم فإنه يوجب ثبوت اللازم ومما يؤيد القول المشهور بل يدل عليه بعد الأصل مضافا إلى ما عن الفقه الرضوي وان رأت يوما
ويومين فليس ذلك من الحيض ما لم تر ثلاثة أيام متواليات ان الظ /؟ من اطلاق ظرفية الثلاثة للحيض في الاخبار استمراره في هذا الزمان
وليس هذا كما زعم من قبيل نذر صوم ثلثه أيام في عدم انفهام التوالي منه بل من قبيل نذر الجلوس في المسجد مثل ثلاثة أيام وقولك
مقدار سيلان الدم ثلاثة أيام وقولك مرض زيد ثلاثة أيام ونحو ذلك مما وقعت المدة ظرفا لفعل من شانه الاستمرار فإنه يفهم منه
ان ذكر القيد لبيان مقدار استمراره وما يقال إن ذلك يوجب ظهور تحديد الأكثر بالعشرة في الاستمرار أيضا مع عدم اعتبار
استمرار الدم فيها في تحقق الأكثر ففيه انا نلتزم بذلك في العشرة ونقول ان أكثر الحيض عشرة متوالية الا ان الشارع جعل النقاء
بين الدمين في العشرة في حكم أيام الدم على المش؟ كما سيجئ وربما يستدل في المقام بما دل من الاخبار والاجماع على أن أقل الطهر عشرة بناء
على أن لازم القول بعدم اعتبار التوالي في الثلاثة جعل النقاء المتخلل بينهما طهرا كما صرح به في الروض تبعا للمحكى عن ابن سعيد في
الجامع والمض؟ في يه؟ وفخر الاسلام في شرح الارشاد وبعض اخر ولعله من جهة ان الثلاثة المتفرقة لو لم يكن مختصة بالحيضية لم يكن
أقل الحيض ثلثة بل ربما يتحقق بها أكثر كما لو رأت الأول والخامس والعاشر فيتحصل أقل الحيض بالثلاثة المتوالية وهو خلاف
المفروض من عدم اعتبار التوالي في الأقل ويمكن ان يق؟ ان كلام أصحاب هذا القول في أيام الدم وان الاخبار انما وردت في مقام
تحديد أيام الدم قلة وكثرة كما هو ظ؟ لفظ الحيض في قولهم (ع) أقل الحيض ثلثة وأكثره عشرة ويؤيد ذلك ما في مرسلة يونس الآتية
ان قلة الحيض وكثرته باعتبار قلة الدم وكثرته وما ورد من أن أقله ثلثة وأوسطه خمسة وأكثره عشرة فالخلاف ح في أنه يعتبر
التوالي في أقل أيام الدم أو لا يعتبر فلا ينافي ذلك كون مجموع العشرة المتحقق فيها ثلثة متفرقة محكوما بالحيضية عند الشارع
مع كونها الفرد الأقل للحيض أعني الدم السائل أو سيلان الدم وهذا الذي ذكرنا من توجيه كلام القائلين بالتفرق بأنهم في مقام
بيان أقل أيام الثلاثة الرؤية لا مطلق الحيض أولي مما ذكره شارح ضه؟ في ذلك حيث قال واعلم أن للأصحاب هنا مسامحة فان كون الأقل
ثلثة لا بجامع تفرقها فان الظ؟ انها مع التفرق يكون الثلاثة وما بينها حيضا والا نقص الطهر عن أقله فالأقل لا يمكن ان يكون الا ثلثة
متوالية نعم يتحقق الخلاف في أنها مع التفرق هل يكون حيضا أم لا وإذا ثبت كونه حيضا كان من افراد الزائدة على الأقل انتهى
وحاصله ان محل النزاع ليس في الأقل بل في حيضية الثلاثة المتفرقة وإن كان من افراد الأكثر وقد تبعه على هذا الوجه جماعة
ممن تأخر عنه ولا يخفى بعده عن ظ؟ كلامهم فالأظهر في التوجيه ما ذكرنا من أن كلامهم في أقل أيام الرؤية واعتبار التوالي فيها لا الأيام
المحكوم فيها على المراة بالتحيض ولا ينافي ذلك جعل الأكثر عشرة لان المراد فيها أيضا ذلك فالعشرة المشتملة على الثلاثة في حكم الأكثر
ثم إنه قد استظهر في الحدائق اختصاص الثلاثة المتفرقة بالحيضية من مرسلة يونس وظهورها في ذلك ممنوع ولذا فهم منها في سيلة؟
كون المجموع منها ومما بينها حيضا وصرح به في المعتبر أيضا في الفرع الثالث من فروع مسألة كون النفاس أكثره عشرة والمص؟ في
التذكرة في أو اخر باب النفاس أيضا فراجع وما ذكره في الحدائق لعله تبع فيه ما عن الجامع من أنه لو رأت ثلثة متفرقة أو ساعات
متفرقة يتلفق منها ثلثة وكانت وحدها حيضا على رواية يونس وعلى خلافها الكل انتهى وليته اخذ باخر العبارة لا بأولها
وكيف كان فيكفي في المسألة ما قدمناه من الأصل والظهور المستفاد من الاطلاقات والرضوي المنجبر بالشهرة العظيمة خلاف للمحكى
في ط؟ عن بعض أصحابنا وعن الشيخ في يه؟ والتهذيبين والقاضي بل ظ؟ المحكي عنه معروفية القول حيث قال وفى أصحابنا
من قال باعتبار كونها متوالية ومال إليه جماعة من متأخري المتأخرين كالمقدس الأردبيلي وكاشف اللثام والشيخ الحر العاملي
في رسالته وصاحب الحدائق ناقلا له عن جماعة من علماء البحرين لا صالة البراءة ولقاعدة الامكان بناء على جريانها في المقام على
ما سيأتي واطلاق الاخبار بناء على منع ظهور التوالي وخصوص مرسلة يونس عن بعض رجاله عن الص؟ (ع) قال أدنى الطهر عشرة أيام وذلك أن
المراة أول ما تحيض ربما كانت كثيرة الدم ويكون حيضها عشرة أيام فلا تزال كلما كبرت نقصت حتى يرجع إلى ثلاثة أيام فإذا رجعت
إلى ثلاثة أيام ارتفع حيضها ولا يكون أقل من ثلاثة أيام وإذا رأت المراة الدم الدم في أيام حيضها تركت الصلاة فإذا استمر بها الدم ثلاثة أيام
فهى حايض وان انقطع الدم بعد ما رأته يوم أو يومين اغتسلت وصلت وانتظرت من يوم ذات الدم إلى عشرة أيام فان رأت
190

في تلك العشرة أيام من يوم رأت الدم يوما أو يومين حتى يتم لها ثلاثة أيام فذلك الذي رأته في أول الأمر مع هذا الذي رأته بعد ذلك في
العشرة فهو من الحيض وان مر بها من يوم رأت عشرة أيام ولم تر الدم فذلك اليوم واليومان الذي رأته لم يكن من الحيض انما كان من علة
إما قرحة في جوفها واما من الجوف فعليها ان تعيد الصلاة تلك اليومين لأنها لم يكن حايضا فيجب ان يقتضى ما تركته من
الصلاة في اليوم واليومين وان ثم لها لثلة أيام فهو من الحيض وهو أدنى الحيض ولم يجب عليها القضاء ولا يكون الطهر أقل من عشرة
أيام وإذا حاضت المراة وكان حيضها خمسة أيام ثم انقطع الدم اغتسلت وصلت فان رأت بعد ذلك الدم ولم يتم لها من يوم طهرت الدم
من أول ما رأت الثاني الذي رأته اتمام العشرة أيام ودام عليها عدت من أول ما رأت الدم الأول والثاني عشرة أيام ثم هي مستحاضة يعمل ما
تعمله المستحاضة وقال كلما رأت المراة في أيام حيضها من صفرة أو حمرة فهو من الحيض وكلما رأته بعد أيام حيضها فليس من الحيض الخبر
والجواب إما عن أصالة البراءة واطلاق الأدلة فبما عرفت واما عن قاعدة الامكان فبمنع الامكان بعد قيام الدليل على التوالي مع ما
فيها من الاشكال في جريانها في مثل المقام كما يأتي واما عن المرسلة فقد يجاب بقصور الند والأولى الجواب عنه بأنها مخالفة للمشهور
بل شاذة كما في الروض ومع؟ صد؟ بل قد عرفت عن الجامع ان الكل على خلافها ولعله لرجوع الشيخ عنه وعدم الظفر بمخالفة القاضي أو عدم
الاعتداد بها فالعمل بها في الأصل المتقدم مشكل نعم لولا الشهرة العظيمة كان القول بها قويا لقوة سندها وصراحة دلالتها
وربما يستدل لهم بموثقة ابن مسلم عن الص؟ صلى الله عليه وآله قال أقل ما يكون الحيض ثلاثة أيام وإذا رأت الدم قبل العشرة فهو من الحيضة الأولى وإذا
رأته بعد عشرة أيام فهو من حيضة أخرى مستقلة وحسنة الأخرى عن أبي جعفر (ع) قال إذا رأت المراة الدم قبل عشرة فهو من الحيضة
الأولى وإن كان بعد العشرة فهو من العشرة المستقلة الخبر بناء على أن ظاهرهما انها رأت الدم بعما رأته أو لا
سواء كان ما رأته
أو لا ثلثة أو أقل وفيه ان ظاهرهما كون حيضية الدم الأول مفروغا عنها ولا نسلم الحيضية الا بعد مضى ثلثة متوالية كما بنه عليه في المعتبر
ثم إن كاشف اللثام حكى هنا قولا ثالثا عن الراوندي وهو اشتراط التوالي بالنسبة إلى غير الحامل لخبر إسحاق بن عمار الجامع بين المرسلة
وما عداها من الاخبار بناء على ظهورها في التوالي قال سئلت الص؟ صلى الله عليه وآله عن المراة الحلبي ترى الدم اليوم واليومين قال إن كان دما عبيطا
فلا يصلى ذينك اليومين وإن كان صفرة فليغتسل عند كل صلوتين الخبر وفيه انه يحتمل ان يراد به ترك الصلاة بمجرد رؤية الدم وان
لزمها القضاء إذا لم يتوال الثلاثة ثم إن مقتضى ما ذكرناه سابقا من أن فهم التوالي لتبادر بيان مقدار الاستمرار من نصوص أقل الحيض هو اعتبار اتصال الدم بحيث متي وضعت الكرسف وصبرت هنيئة خرجت ملوثة ولو بمقدار رأس الإبرة من الدم وهذا هو المحكي عن ظ؟ الإسكافي
والغنية والكافي والسرائر ومع؟ صد؟ مصرحا في الأخير بان المتبادر إلى الافهام من كون الدم ثلاثة أيام حصولها فيها على الاتصال
وانه قد يوجد في بعض الحواشي الاكتفاء بحصوله في الثلاثة في الجملة وهو رجوع إلى ما ليس له مرجع انتهى وظاهره عدم معروفية هذا القول
ونحوه في الظهور عبارة غاية المرام حيث قال أقل الحيض ثلاثة أيام بلياليها متتالية بحيث لا يخلو من الفرج في أن من أنات الثلاثة وان قل
تارة وكثر أخرى وهذا مذهب الشيخ وابنى بابويه وابن إدريس ثم ذكر القول الآخر وهو كك؟ ويشهد له ما في ط؟ انه إذا رأت ساعة دماء و
ساعة طهرا كك إلى العشرة لم يكن حيضا على مذهب من يراعى ثلاثة أيام متواليات انتهى وما عن هي؟ من أنه لو تناوب الدم والنقاء في الساعات
في العشر يضم الدماء بعضها إلى بعض على عدم اشتراط التوالي انتهى وما في المعتبر والتذكرة في باب النفاس من أنها لو رأت بعد العاشر من
النفاس ساعة دما وساعة طهرا واجتمع ثلاثة أيام في عشرة كان الدم حيضا على الرواية وما تخلله وعلى القول الآخر استحاضة انتهى وهذه العبائر كلها ظاهرة في أن وجود الدم في كل من الثلاثة ساعة لا يكفي في تحقق الثلاثة على كلا القولين ولذا قال في الجامع انه
لو رأت يومين ونصفا لم يكن حيضا لأنه لم يستمر ثلاثة أيام بلا خلاف نعم مجرد اشتراط التوالي في الأيام لا يستلزم الاستمرار في جميع
أنات إياهما الثلاثة بل يكفي وجوده في كل يوم كما اختاره جماعة بل عن ك؟ وشرح يتح؟ وخيرة؟ ويق؟ نسبة إلى الأكثر واختيارهم له تبعا
للشارح في الروض حيث قال ظ؟ النص الاكتفاء بوجوده في كل يوم وان لم يستوعبه لصدق رؤيته ثلاثة أيام لأنها ظرف له ولا يجب لمظاتقه
بين الظرف والمظروف وهذا هو الظ؟ من كلام المص؟ وربما اعتبر مع ذلك في تحققه ان يتفق ثلثة فماء وما بينهما من غير زيادة ولا
نقصان فيعتبر في ذلك انها إذا رأته في أول جزء من أول ليلة من الشهر ان تراه في اخر جزء من اليوم الثالث بحيث يكون عند غروبه موجودا
وفى اليوم الوسط يكفي أي جزء منه كان وربما بالغ بعضهم فاعتبر فيه الاتصال في الثلاثة بحيث متى وضعت الكرسف تلوث به في جميع
اجزائها وقد صرح بهذا الاعتبار الشيخ جمال الدين ابن فهد في المحرر والمحقق الشيخ على في الشرح وزاد فيه ان الاكتفاء بحصوله فيها
في الجملة رجوع إلى ما لي له مرجع انتهى أقول قد عرفت ان المصرح بهذا الاعتبار جماعة من القدماء والمتأخرين بل ظاهر
191

كلام جماعة كما تقدم عدم الخلاف فيه وعدم معروفية القول الآخر وفى التذكرة ان أقل الحيض ثلاثة أيام بلياليها بلا خلاف بين فقهاء
أهل البيت عليهم السلام انتهى ثم نسب إلى أبى يوسف كفاية يومين وأكثر الثالث ولا يخفى ان فيه وفى اعتبار دخول الليالي ولو أريد به
ما بين الثلاثة دلالة على عدم كفاية وجوده في كل يوم وليلة لكنه يعلم عدم إرادة ذلك بملاحظة ما ذكره في القول الثاني وبما ذكرنا
يظهرها في كلام الشارح في الروض من الجمع بين اعترافه بدخول الليالي في الأيام وذكرها في معقد اجماع المنتهى واستظهاره كفاية وجود
الدم في كل يوم ونحوه جمال الدين قدس سره في حاشية الروضة نعم يمكن ان يستدل لما نسبه الأكثر بموثقة سماعة قال سألته عن
الجارية البكر أول ما تحيض فتقعد في الشهر يومين وفى الشهر ثلاثة يختلف عليها لا يكون ظنها في الشهر عدة أيام سواء قال فلها ان تجلس
وتدع الصلاة ما دامت ترى الدم ما لم تجز العشرة الحديث فان ترك الصلاة يومين انما يكون بان ترى الدم في اليوم الأول بعد صلاة
الظهرين ويمكن أيضا حملها على تلفيق مقدار ثلثة متوالية بان ترى الدم عصر الخميس فتقعد عن الصولة يوم الجمعة ويوم السبت وتطهر في
عصر الاحد فلا حجة فيها للأكثر كما لا حجة في قوله (ع) في مرسلة يونس فإذا رأت الدم في أيام حيضها ترك الصلاة إلى اخر الرواية كما زعم في حاشية الروض لأنها
محمولة الغالب من الاستمرار في أول زمان العادة وكذا لا حجية فيما قل عن يه؟ وهي وكرة؟ من أن الفترات المعتادة بين دفعات الحيض لا ينافي
التوالي وادعى في الأخير الاجماع عليه لان مرادنا بالتوالي عدم تخلل النقاء واستمرار التقاطر من الرحم عرفا ولو لم يخرج في الخارج ولذا فرق في يه؟
وكرة؟ بين الفترات وما يتخلل من ساعات النقاء بين الثلاثة على القول بعدم اشتراط التوالي بان دم الحيض يجتمع في الرحم ثم الرحم يقطره شيئا
فشيئا فالفترة ما بين ظهور دفعه وانتهاء أخرى من الرحم إلى المنقذ فإذا زاد على تلك فهو النقاء انتهى لكنه لا يخ؟ من منافاة لتفسير الاستمرار
بتلطخ الكرسف كلما وضعت الا ان يقيد بما بعد الصبر هيئة ولعله المراد والعجب من صاحب المدارك أو لا حيث نسب ما اختاره إلى الأكثر مع ما
عرفت من الشهرة بل ظهور الاتفاق على من كلام جماعة ثانيا حيث ادعى في مسألة التوالي ظهور الاخبار فيه مع انكاره هنا ظهورها
في الاستمرار والاتصاف في الثلاثة مع أنك عرفت ان منشأ فهم التوالي من تلك الأخبار ظهرها في الاستمرار فيلزمه التوالي فتأمل ومما
ذكرنا يظهر انه لا اشكال في دخول الليلتين بين الثلاثة لعدم الاستمرار بدونه واما ليلة اليوم الأول فالظ؟ عدم ودخوله كما لا دخل في أيام
الاعتكاف والا أيام الإقامة لعدم الدليل عليه من الشرع ولا العرف ودعوى دخول الليالي في الأيام إما بناء على أن اليوم اسم الليل والنهار
أو للتغليب كما في الروض؟؟ الجامع ص؟ ممنوعة جدا ودخول الليلتين بين الثلاثة انما هو لتحقق الاستمرار لا لدخول الليل في اليوم حقيقة
أو مجازا نعم عن هي؟ وكرة اعتبار الثلاثة بلياليها مع دعوى الاجماع عليه ولعله لذا نسب هذا القول في خيرة؟ إلى ظاهر الأصحاب لكن لا يبعد رجوع
الاجماع في الكتابين إلى أصل الثلاثة كما اعترف به جماعة منهم كاشف اللثام وصاحب الرياض نعم لو رأت الدم في أثناء النهار اعتبر ثلثة ليال
وتمام ما نقص من اليوم الأول بناء على ما هو الأقوى من كفاية اليوم الملفق وهل يجزى الملفق من الابعاض الغير المتوالية بناء على القول
بعدم التوالي اشكال من لزوم الاقتصار على ظ؟ المرسلة المتقدمة ومما تقدم عن ط؟ والجامع وهي من كفاية تلفق الساعات بناء على هذا
القول وبه صرح المص؟ في النهاية والتذكرة في باب النفاس تبعا للمحقق في المعتبر في باب النفاس كما تقدم ولا هنا التعرض للترجيح بعد ضعف ذلك
القول
ولا اشكال في أن الحيض في أكثره عشر ح أيام وحكاية الاجماع عليه كالاخبار مستفيضة والرواية الواردة بالثمانية مع شذوذها بل
مخالفتها لاجماع المسلمين كما قيل محمولة على الحد المتعارف من عدم تجاوز الحيض الثمانية لا على التحديد الشرعي والمراد بالأيام إما خصوص
أيام الدم أو الأعم منها ومن أيام النقاء المتخللة بينها بناء على المش؟ من كونها من أيام الحيض فلو رأت ثلثة فانقطع ثم عاد في العاشر وانقطع
كان ذلك أكثر أيام الحيض حقيقة على الثاني وملحقا به شرعا على الأول وعلى أي تقدير فهل المراد منها الأيام المتوالية نظير ما ذكرنا في الأقل
والأعم الظ؟ هو الأول ويمكن ابتناء المسألة على ما سيجئ من أن المراد بالطهر الذي اتفقوا على كون أقله عشرة هو مطلق حال الطهارة للمرأة
أو خصوص الطهر بين الحيضتين فعلى الأول لا يعقل عدم التوالي لان أيام النقاء المتخللة ح؟ حيض شرعا وليس كك؟ على الثاني سيما على مذهب
من لم يعتبر التوالي في الأقل لكن الأقوى اعتبار التوالي وان قلنا في مسألة أقل الطهر بان المراد به خصوص ما بين الحيضتين لما عرفت من ظهور
الأدلة في العشرة المتوالية ولم أجد فيما ذكر مخالفا بل الظ؟ من نهاية المص؟ قده؟ عدم القائل به حيث قال في احكام التلفيق وإذا جاوز لدم
بصفة التلفيق الأكثر فقد صارت مستحاضة كغير ذات التلفيق ولا قائل بالالتقاط من جميع الشهر وان لم يزد مبلغ الدم عن الأكثر انتهى نعم
يظهر من صاحب الحدائق الخلاف حيث لم يعتبر التوالي تمسكا باطلاق السالم عن مزاحمة ما دل على أن الطهر لا يكون في أقل من عشرة
بناء على ما قرره في المسألة الآتية من جواز تخلل الطهر بين اجزاء الحيضة الواحدة وان الذي لا يكون أقل من عشرة هو الطهر بين الحيضين
فحاصل مذهبه في أقل الحيض وأكثره يرجع إلى عدم اعتبار التوالي فيهما وجواز تخلل الطهر بينهما فلو رأت خمسة ثم انقطع الدم ثمانية أيام ثم عاد
192

خمسة كان الدم الثاني عنده من الحيضة الأولى وكانت الثمانية طهرا كما صرح به في هذا الفرض واستشهد على ذلك بروايات منها ذيل رواية
يونس المتقدمة وهو قوله (ع) ولا يكون الطهر في أقل من عشرة وإذا حاض المراة وكان حيضها خمسة ثم انقطع الدم اغتلت وصلت فان رأت
بعد ذلك الدم ولم يتم لها من يوم طهرت عشرة أيام فذلك من الحيض تدع الصلاة وان رأت الدم من أول ما رأت الدم الثاني تمام العشرة
أيام ودام عليها عدت من أول ما رأت الدم الأول والثاني عشرة أيام ثم هي مستحاضة ومنها رواية عبد الرحمن بن الحجاج قال سالت الصادق (ع) عن المراة إذا طلقها زوجها متى تملك نفسها فقال إذا رأت الدم من الحيضة الثالثة فهى تملك نفسها من فهى قلت فان عجل الدم عليها قبل
أيام قرئها فقال إذا كان الدم قبل عشرة أيام فهو أملك بها وهو من الحيضة التي طهرت منها وإن كان الدم بعد العشرة فهو من الحيضة الثالثة
فهى أملك بنفسها وفى معناها الرضوي قال فيه وربما يعجل الدم من الحيضة الثالثة والحد بين الحيضتين القرء وهو عشرة أيام بيض فان
رأت الدم بعد اغتسالها من الحيض قبل استكمال عشرة أيام بيض فهو ما بقى من الحيضة الأولى وان رأت الدم بعد العشرة البين فهو ما يعجل
من الحيضة الثانية وروايتي ابن مسلم المتقدمتين ما كان قبل العشرة فهو من الحيضة الأولى وما كان بعد العشرة فهو من الحيضة المستقلة بناء على أن المراد بالعشرة في الفقرتين هي العشرة
من مدة انقطاع الدم الأول لا من مدة رؤية الدم إذا لا يتأتى ح؟ الحكم بحيضية ما تراه بعد العشرة والجواب إما عن ذيل رواية يونس فيمنع
ظهوره في كون العشرة من انقطاع الدم لان الظرف في قوله لم يتم لها من يوم طهرت متعلق بالفعل لا قيد للعشرة نعم لو كان مؤخرا عنها
تعين كونه قيد الها و ح؟ فيراد بقوله (ع) ولم يتم لها من يوم طهرت عشرة أيام انه لم يتم لها من يوم نقائها إلى يوم الثاني عشرة أيام من
أول حيضها يعنى ان أيام نقائها لم يكن متممه للعشرة والمراد بالفقرة الثانية ح؟ على اضطرابها متنا ومعنى انه ان رأت الدم قبل تمام العشرة
لكن دام الدم إلى ما بعد العشرة فيجعل متم العشرة حيضا والباقي استحاضة فيكون موافقا للقول المش؟ ومناسبا للتفريع على عدم كون
الطهر أقل من عشرة هذا مع أن في حاشية لسحة يب؟ الموجودة عندي المصححة المقرورة على الشيخ الحر العاملي بدل قوله طهرت طمثت وانطباقه
على مذهب المش؟ واضح ويؤيد ما ذكرناه ان الظ؟ من العشرة في قوله في الفقرة الثانية تمام العشرة هي عين العشرة المذكورة في الفقرة الأولى
ولا ريب ان المراد تمام العشرة من مبدء ظهور الدم الأول لا من زمان انقطاعه والانصاف ان الرواية لا يخ؟ من اضطراب لا يبعد ان يكون
ناشيا من ضم الراوي حين كتابة الرواية بعض ما حفظه بألفاظه إلى ما نقله بالمعنى مع اختلاف الرواية في يب؟ والكافي فلا حظ واما
الجواب عن الرواية الثانية فباحتمال ان يراد بقوله فهو من الحيضة الأولى انه من توابعها ناش منها الا بعض منها فيكون من ابتدائية لا
تبعيضية فان الغالب ان الاستحاضة من توابع الحيض ولا يقدح في ذلك كونها في الفقرة الثانية تبعيضية قطعا
وهذا هو المناسب لاطلاق
الحكم بكونه منها حتى لو تجاوز الأول أو المجموع منهما العشرة أو على تقدير كونه بعضا منها لا بد من تقييده بما إذا لم يتجاوز المجموع عشرة
أو يق؟ ان المراد من العشرة من حين رؤية الدم الأول فيقيد الحكم بكون ما كان بعد العشرة من الحيضة الثالثة بما إذا تخلل فيها أقل الطهر
لكنه بعيد نعم هذا الوجه غير بعيد في روايتي ابن مسلم وكيف كان فللا باس بمثل هذا بملاحظة ما سيجئ من الدليل في المسألة الآتية وهي ان
أقل الطهر عشرة أيام متوالية اجماعا محققا في الجملة ومستفيضا كالاخبار منها رواية ابن مسلم ومرسلة يونس ورواية ابن الحجاج
المتقدمة جميعا في المسألة السابقة ومنها صحيحة أخرى لابن مسلم لا يكون القرء في أقل من عشرة فما زاد وأقل ما يكون عشرة من حين
تطهر إلى أن ترى الدم ولا اشكال في ذلك انما الاشكال في أن المراد بالطهر مطلق حالة للمراة التي يوجب ترتيب جميع أحكام الطهارة
أو خصوص الطهر الفاصل بين الحيضتين فلا ينافي تخلل الطهر أقل من العشرة بين اجزاء الحيضة الواحدة حتى يكون النقاء
المتخلل بين أيام الحيض معدودا من الحيض صريح جملة من معاقد الاجماع كعبارة الانتصار والغنية وهي؟ وكرة؟ الثاني وهو أيضا ظ؟ الاخبار
بأسرها إما ما عدا الصحيحة الأخيرة فواضح واما الصحيحة فلان القرء عبارة عما بين الحيضتين كما صرح به في جملة من اخبار عدة الطلاق وفى بعضها انه مشتق من القرء
بمعنى الجمع سمى به لان الدم يجتمع في هذه الأيام فإذا جاء وقت الحيض قذفه الرحم ومما يؤيد اختصاص الاجماع بما ذكرنا ما تقدم عن ابن سعيد
والمص؟ والفخر والشهيد الثاني وغيرهم من كون النقاء المتخلل بين الثلاثة المتفرقة طهرا على مذهب من لم يعتبر التوالي قال المص؟ في هي عند ذكر فروع
التلفيق إذا قلنا بالتلفيق فكل قدر من الدم لا يجعل حيضا تاما وكذا كل قدر من الطهر لكن جميع الدماء حيض واحد وجميع النقاء طهر كامل
واحد حتى أن العدة لا تنقضي بعود الدم ثلث مرات ولو كان قدر كل من النقاء طهرا كاملا خرجت العدة بعد ثلثة انتهى وبمثله صرح في
النهاية ويؤيد هذا بل يدل عليه مضافا إلى الأخبار المتقدمة مرسلة داود مولى أبى المعز العجلي عمن اخبره عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له
امراه تكون حيضها سبعة أيام أو ثمانية أيام حيضها دائم مستقيم ثم تحيض ثلاثة أيام ثم ينقطع عنها الدم وترى البياض لا صفرة ولا
دماء قال يغتسل ويصلى قلت يغتسل ويصلى ويصوم ثم يعود الدم قال إذا رأت الدم أمسكت عن الصلاة والصيام قلت فإنها ترى الدم
193

يوما وتطهر يوما فقال إذا رأت الدم أمسكت وإذا رأت الطهر سلت فإذا مضت أيام حيضها واستمر بها الطهر صلت فإذا رأت الدم
فهى مستحاضة قد أمضيت لك أمرها كله ورواية ابن أبي عمير عن يونس بن يعقوب قال قلت لأبي عبد الله (ع) المراة ترى الدم ثلاثة أيام
أو أربعة أيام قال تدع الصلاة قلت فإنها ترى الطهر ثلاثة أيام أو أربعة قال تصلى قلت فإنها ترى الدم ثلاثة أيام أو أربعة قال تدع
الصلاة تصنع ما بينها وبين شهر فان انقطع الدم عنها والا فهى بمنزلة المستحاضة ونحوها رواية أخرى ليونس بن يعقوب عن أبي بصير
عن أبي عبد الله (ع) فهذه روايات بع ظاهرة فيما ذكر لكن الانصاف عدم دلالة الأخيرين على المط؟ لان الظ؟ ان المراة المذكورة أمرت
بذلك لتحيرها واحتمالها الحيض عند كل دم والطهر عند كل نقاء إلى أن يعين لها الامر لا ان كلا من الدماء حيض في الواقع وكل نقاء طهر
كيف ولو كانت حيضا واحد لم يتجاوز العشرة ولو كانت حيضات متعددة لم يفصل بينهما أقل من العشرة ضرورة وعلى هذا أيضا
يحمل ما عن المقنع والفقيه ويه؟ والاستبصار وط؟ من الفتوى بمضمونها قال المحقق في المعتبر بعد حكاية حمل الشيخ الروايتين في الاستبصار
على امرأة اختلطت عادتها في الحيض وتغيرت عن أوقاتها وكذلك أيام أقرائها أو اشتبه عليها صفة الدم ولا يتميز لها دم الحيض عن
غيره قال وهذا تأويل لا باس به ثم قال لا يقال إن الطهر لا يكون أقل من عشرة لأنا تقول هذا حق لكن هذا ليس طهرا على اليقين بل هو دم
مشتبه يعمل فيه بالاحتياط انتهى واما رواية مولى أبى المعز فلا دلالة فيها الاعلى وجوب الآيتان بالعبادة عند النقاء ولا كلام فيه و
انما الكلام في الحكم على أيام النقاء بالطهر بعد انكشاف تخللها بين اجزاء حيض واحد ليترتب قضاء الصوم ونحوه ولا تعرض لذلك في
الرواية وليست في مقام بيانه أيضا واما الرواية المتقدمة فالمرسلة منها قد عرفت الحال في ذيلها واما صدرها فمحل الدلالة
منه على المطلب قوله (ع) فذلك الذي رأته في أول الأمر مع هذا الذي رأته في العشرة بعد ذلك في العشرة فهو من الحيض والانصاف انه لا يدل الا
على أن الدمين محكوم عليها بأنها دم الحيض واما كون أيام النقاء في حكم أيام الدم أو طهرا حقيقيا فلا تعرض له في هذه الفقرة بل في قوله (ع)
في صدر المرسلة أو في الطهر عشرة أيام دلالة على أن أيام المتخللة ليست طهرا ودعوى إرادة الطهر بين الحيضتين مدفوعة بما ستعرف
في بيان حال معاقد الاجماع نعم لو سلم ظهور ذيلها فيما تقدم عن صاحب الحدائق في المسألة السابقة كان صارفا لما ذكرنا من الظهور
لكنك عرفت من أنه لا يكون الطهر الا بين الحيضتين وما ذكرنا من دلالة صدر المرسلة على كون أيام النقاء المتخللة بين الثلاثة المتفرقة
حيضا هو الذي فهمه في سيلة؟ حيث صرح فما لو رأت الدم يوما أو يومين ثم ينقطع ثم يعود قبل انقضاء عشرة أيام بمقدار ما يتم به ثلاثة أيام
بان جمع العشرة أيام يحكم الحايض في إحدى الروايتين إذ لا ريب في أن المراد بإحدى الروايتين رواية يونس المتقدمة ونحوها المحقق
والمص قدس سرهما في المعتبر والتذكرة في أواخر باب النفاس ومما يشير إلى عد أيام النقاء في الحيض على القول بعدم التوالي في دليلهم و
فتواهم كون الثلاثة في ضمن العشرة إذا لظ؟ انه للاحتراز عن صيرورة الحيض أكثر من العشرة كما لا يخفى على الفطن واما عن روايتي ابن مسلم و
رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله الضعيفة سندا فبما تقدم من التوجيه وإن كان بعيدا الا انه أولي من طرحها لشذوذها أو مخالفتها
للمش؟ لاطلاق الاجماع في كون أقل الطهر عشرة كما عن ف؟ وغيره واما تقييده بكونه بين الحيضتين في بعض معاقد الاجماع فلان ما بين
أيام الحيض الواحد ليس طهرا عندهم مع أن ظ؟ مه؟ في هي؟ كما عن صريح كرة وصريح ف؟ الاجماع على عدم تحقق الطهر بين أيام حيض واحد
أيضا قال في المنتهى في فروع الملفق الأصل عندنا ان الطهر لا يكون أقل من عشرة فعلى هذا لو رأت بين ثلاثة أيام الحيض والعاشر نقاء
ثم رأت العاشر كان الكل حيضا ونسب كون النقاء طهرا إلى أحد قولي الشافعي وقال في كرة فان رأت ثلاثة أيام متوالية فهو حيض قطعا
فإذا انقطع وعاد قبل العاشر كان الدمان وما بينهما حيضا ذهب إليه علمائنا أجمع انتهى وفى ف؟ الاجماع على أنه لو رأت ثلاثة أيام وبعد ذلك
رأت يوما وليلة نقاء ويوما دما كان الحيض تمام العشرة واما ما حكيناه عنه سابقا فلعله محمول على فرض تلفيق الحيض من أيام الدم
فقط كما هو أحد قولي الشافعي واما ما تقدم من الجامع ونهاية المص؟ وشرح الارشاد للفخر والروض من كون أيام النقاء المتخللة
بين الثلاثة المتفرقة طهرا عند من لم يعتبر التوالي فهو غير ثابت لان ابن سعيد في الجامع كما تقدم كلامه لم يزد على أن الثلاثة المتفرقة
في العشرة وحدها حيض على رواية يونس الا وعلى خلافها الكل وهذا اعتراف بالاجماع على المذهب المختار واما فخر الاسلام
فاحكى عنه انه استدل لاعتبار التوالي بأنه لو لم يعتبر لزم إما كون الطهرا قل من عرة لو جعل أيام النقاء طهرا واما خروج الأقل عن كونه أقل لو
جعل أيام النقاء المتخللة حيضا ثم أجاب بالتزام الأول واختصاص لزوم كون أقل الطهر عشرة بما بين الحيضتين وهذا كمان ترى ليس
فيه حكاية لهذا القول عن القائلين بعدم اعتبار التوالي وانما هو انتصارا لهم بامكان ان يقولوا بذلك نعم كلام الماتن في يه؟ والشارح
في ض؟ ظ؟ في حكاية هذا القول عنهم ولعله اجتهاد في الملازمة لا حكاية فافهم مع ما عرفت من تصريح المص؟ في التذكرة تبعا للمعتبر والوسيلة
194

بكون مجموع العشرة على هذا القول حيضا بل هو أيضا ظ؟ هي؟ وط؟ قال في الأول لو رأت أقل من ثلاثة أيام ثم رأت النقاء كك؟ ثم الدم وانقطع لما
دون العشرة كان طهرا عند أكثر علمائنا وعند بعضهم يضم الثاني إلى الأول فان بلغ ثلثة فالجميع حيض وكذا لو تناوب الدم والنقاء في الساعات
انتهى ثم قال وإذا كان عادتها عشرة فرأتها متفرقة وتجاوزت تحيضت بعادتها واحتسب النقاء من الحيض عند القائلين بالتلفيق
مطلقا وعندنا بشرط ان تقدمه حيض صحيح انتهى وفى ط؟ إذا رأت ساعة دما وساعة طهرا كك؟ لم يكن حيضا على مهذب من يراعى ثلاثة أيام
متواليات ومن يقول يضاف الثاني إلى الأول فإن كان تتم ثلاثة أيام جملة العشرة كان الكل حيضا وان لم يتم كان طهرا انتهى وقد
عرفت من المحقق قده أيضا في توجيه رواية يونس بن يعقوب ارسال هذه الكلية ارسال المسلمات وبيع ذلك كله فلا يمكن الاتكال على ظ؟
روايات ابن مسلم وابن الحجاج المتقدمة واما الصحيحة الأخيرة لابن مسلم فهو من أدلة المض؟ بناء على أن تفسير القرء بما بين الحيضتين
في كثير من الاخبار وبالطهر المطلق في بعضها شاهد صدق على أن الطهر المطلق ليس الا ما بين الحيضتين ولا طهر سواه مع اه لو سلم
ما ذكره المستدل في صدر الصحيحة الا ان ذيله ظ؟ في مطلب المض؟ كما لا يخفى ويؤيد القول المش؟ ل دل عليه انه لو جوزنا الطهر الحقيقي بين اجزاء
الحيض لزم ترتب جميع أحكام الطهارة في أيام العادة إذا رأت النقاء في ساعة مع علمه بعود الدم ولذا قال في النهاية انه يجوز الطلاق
ح؟ ويخرج عن كونه بدعيا ولها حكم الطهر في الصوم والصلاة والأغسال وغيره انتهى فيكون الأخبار الكثيرة الدالة على وجوب التحيض
وترك العبادات واجراء تمام احكام الحيض في أيام العادة مقيدة بما إذا كان الدم فيها مستمرا من أولها إلى اخرها مع أن هذا فرض بعيد
ولو تنزلنا عن جميع ما ذكرنا من أدلة الطرفين كان المرجع إلى استصحاب الحيض واحكامه وأصالة عدم الطهر واحكامه لان النقاء إن كان
في أيام يمكن جعلها مع ما بعدها من أيام الدم أو بعضها حيضا فالمرجع إلى استصحاب الحيضية واحكامها وأصالة عدم الطهر واحكامه
وان لم يكن كك؟ مثل ما لو رأت خمسة ثم رأت دما بعد نقاء ثمانية أيام كان المرجع إلى أصالة عدم تحقق دم الحيض زائدا على الخمسة
لأن استصحاب الحيض منقطع هنا باتفاق القولين ومما ذكرنا يظهر أيضا ضعف التفصيل في النقاء المتخلل بين الواقع في خلال أقل الحيض
على مذهب من لم يعتبر التوالي فيكون طهرا وبين الواقع بعد تحقق أقل الحيض بمضي ثلاثة فيعد حيضا بل ظ؟ كاشف اللثام ان محل الكلام
هو الأول حيث إنه بعد دعوى الاجماع على أن أقل الحيض ثلثة متوالية قال إن ما ذكرناه من الاجماع على أن الأقل ثلثة متوالية مبنى
على أن من لم يشترط التوالي يحكم بكون الثلاثة في العشرة وما بينها من النقاء حيضا لا الثلاثة خاصة كما في شرح شاد؟ لفخر الاسلام و
الروض والهادي وذلك للاجماع على أن أقل الحيض ثلثة وأقل الطهر عشرة ولذا يحكم بدخول المتخلل من النقاء بين ثلثة متوالية وما بعدها
إلى العشرة في الحيض ولكن هؤلاء يخصصون تحديد الطهر بما بين حيضتين ودخول المتخلل بالنقاء بما بعد الثلاثة ويقولون ان الثلاثة هنا
حيضة واحدة للاجماع والنصوص على أن أقل الحيض ثلثة ولا دليل على التخصيص انتهى ولعل منشأ ما ذكره من اعتراف القائلين بعدم التوالي
يكون النقاء المتخلل بعد أقل الحيض حيضا ما تقدم من يه؟ من أنه لا قائل بالتقاط العشرة من جميع الشهر ثم إن صاحب الحدائق مع قوله بكون
النقاء طهرا أتقرب ما نسبه إلى الأكثر في مسألة اعتبار استمرار الدم في الثلاثة المتوالية أو المتفرقة من أنه يكفي ان ترى الدم في جزء
من كل يوم فيلزمه انه إذا رأى في كل يوم قبل دخول الوقت شيئا من الدم ثم طهرت في القوت وهكذا إلى اخر
عادتها ان لا يسقط
الصلاة عنها وكك؟ إذا رأت بعد الثلاثة دم الحيض في بعض ليالي رمضان ثم طهرت قبل الفجر فيجب عليها الصوم وعلى هذا القول فيمكن
فرض حائض يستمر حيضه إلى ثمانين يوما بان ترى الأول والخامس والعاشر والعشرين والثلاثين والأربعين والخمسين والستين
والسبعين والثمانين ولا يسقط عنها في هذه المدة صوم ولا صلاة بل يمكن مضى عمر المراة كله كك؟ هذا كله لو اعتبر في التلفيق اليوم
الكامل واما لو أجزنا تلفيق الساعات فربما بطول حيض واحد في سنين كثيرة كما لا يخفى وحيث علم أن الحيض لا ينقص عن الثلاثة ولا
يزيد عن العشرة لم يمتنع ان يكون ما بينهما حيضا بل قد يجب ذلك فيه للدليل الخاص الشرعي كما لمقدار الذي تراه المراة بحسب العادة المستقرة
لها وقد لا يجب فيحكم عليه بالحيضية لقاعدة الامكان الآتية إما مطلقا كما هو المش؟ واما بشرط اتصافه بأوصاف الحيض كما احتمله
الأردبيلي وجزم به جماعة ممن تأخر عنه
وقد أشار إلى ما يستقر به العادة بقوله وتستقر أي العادة بشهرين متفقين في حصول
الحيض فيهما عددا ووقتا اجماعا محققا ومستفيضا والأصل فيه قبل الاجماع مضمرة سماعة قال سألته عن الجارية البكر أول ما تحيض
تقعد في الشهر يومين والثلاثة قال فلها ان تجلس ما دامت ترى الدم ما لم تجز العشرة فإذا اتفق شهر ان عدة أيام سواء فتلك أيامها
وفى مرسلة يونس الطويلة فان انقطع الدم في أقل من سبع أو أكثر فإنها تغتسل ساعة ترى الطهر وتصلى ولا تزال كك؟ حتى
تنظر ما يكون في الشهر الثاني فان انقطع الدم لوقته في الشهر الأول سواء حتى توالى عليه حيضتان أو ثلث فقد عليم الان ا ذلك قد
195

صار لها وقتا وخلقا معروفا تعمل عليه وتدع ما سواه ويكون سنتها فيما يستقبل ان استحاضت قد صارت سنة إلى أن تجلس أقرائها
وانما جعل الوقت ان توالى عليه حيضتان أو ثلث لقول رسول الله صلى الله عليه وآله للتي تعرف أيامها دعى الصلاة أيام أقرائك فعلمنا انه لم يجعل القرء
الواحد سنة لها ولكن سن لها الأقراء وأدناه حيضتان فصاعدا الخبر وقد تبين من هذا الخبر مضافا إلى سابقه والى الاجماع بقسميه
عدم تحققها بمرة واحدة خلافا لبعض العامة نعم حكى عن شرح الكتاب لفخر الاسلام انه حكاه عن بعض أصحابنا ولكنه في غاية البعد و
كيف كان فيرده بعد ما تقدم من النص والاجماع مخالفة ذلك لمعنى العادة لغة وعرفا لأنها من العود ويصح سلبها عن المرة عرفا ثم إن
ظ؟ الروايتين كما لا يخفى على التأمل يشمل قسمين من العادة العددية خاصة والعددية والوقتية معا فتحقق العادة شرعا بالنسبة
إلى الوقت خاصة سواء كان اعتيادها من حيث أوله أو من حيث اخره أو من حيث وطه أو من حيث أحد الطرفين مع الوسط يحتاج إلى دليل
غير المضمرة والمرسلة وقد يتمسك بقوله في المرسلة فهذه لا وقت لها أيامها قلت أو كثرت وفيه انه في مقام بيان العدد والوقت
كناية عن الحيض نعم التمسك فيه بعموم مثل قوله (ع) في مرسلة يونس المتقدمة في مسألة اعتبار التوالي فإذا رأت المرأة الدم في أيام حيضها
تترك الصلاة الخبر حسن مع تحقق الصدق العرفي والظ؟ عدم تحققه بالمرتين بل الظ؟ أيام الحيض التي اعتادتها وتكرر الدم فيها كثيرا بحيث
صارت عادة عرفية فتحصل من ذلك أن احكام إعادة تدور مدار العادة الشرعية وهي المختصة بمورد الروايتين أو العادة العرفية
الحاصلة من تكرر الدم مرارا كثيرة وإن كان خارجا عن مورد هما كالوقتية المحضة الحاصلة بتوافق شهرين أو حيضتين في الوقت وكالعددية
الناقصة الحاصلة في الوقتية المذكورة كما سيجئ وككثير من افراد العادة التي ذكرها المحقق والمص؟ قدس سره في هي وغيره والشهيد قده
في كرى وغير ذلك مما يبعد استنباطه من الروايتين فلا يكفي في ثبوت حكم العادة في هذه الافراد بتكرر الدم مرتين بل لابد من تحقق
العادة عرفا فالنسبة بين العادة العرفية والشرعية عموم من وجه هذا ولكن لا يبعد ان يق؟ مضافا إلى عدم القول بالفصل بين العادة
الحاصلة من المرتين والحاصلة من أزيد ان المستفاد من الروايتين سيما الأخيرة ان توالى الحيض على نهج واحد موجب للاخذ بالجامع
بينهما في الدم الثالث سواء اتفقا في الوقت فقط أو في العدد فقط أو فيهما فيؤخذ في الأول بوقتهما وفى الثاني بعددهما وفى الثالث
بوقتها وعددهما جميعا والمراد بتوالي الحيضتين ان لا يتخلل بينهما حيض يخرجهما عن نظامها فلا يقدح تخلل نقاء شهر أو أكثر
ولا تخلل حيض لا يخرجهما عن نظامهما كما لو رأت في الشهر الأول خمسة وفى الثاني ثلاثة وفى الثالث خمسه وفى الرابع ثلثه وفى
الخامس خمسة وهكذا في كل فرد خمسة وفى كل زوج ثلثة فإنه يحكم هنا يتحقق عادتين فإذا رأت في الهشر الفرد دما مستمرا أخذت
بالخمسة وإذا استمر بها الدم في شهر الزوج أخذت بالثلاثة إلى غير ذلك من أقسام العادة والحاصل ان المستفاد من الروايتين بيان
ضابط التحديد العادة العرفية كما بين ضابط كثير السهو بقوله (ع) إذا كان الرجل ممن يسهو في كل ثلاث فهو ممن يكثر سهوه وبشير إلى ذلك
بل تنادى به قوله (ع) في الرواية الأخيرة لم يجعل القرء الواحد سنة لها وانما سن لها الأقراء وأدناه حيضتان فصاعدا فدل على أن
كلما كانت سنة المراة الاخذ باقرائها المعتادة فأقل ما يتحقق حيضتين قال في هي؟ العادة إما متفقة أو مختلفة فالمتفقة
ان يكون أيامها متساوية كأربعة في كل شهر فإذا تجاوز الدم العشرة تحيضت بالأربعة خاصة واما المختلفة فاما ان يكون مترتبة أولا
فالمرتبة كالمتفقة كما إذا رأت في الشهر الأول ثلثة وفى الثاني أربعة وفى الثالث خمسة ثم عادة إلى ثلاثة ثم إلى أربعة ثم إلى خمسة و
هكذا صار ذلك عادة فإذا تجاوز الدم في شهر العشرة تحيضت بنوبة ذلك الشهر ثم على تاليه بحسب العادة إلى أن قال ولو نسيت نوبته
فالحق عندي انها تجلس أقل الحيض ولو نسيت أحد الأخير؟؟ تحيضت بالأربعة لأنها المتعين ثم تجلس والأخيرين ثلثة ثلثة لاحتمال
ان يكون ما حيضناها فيه إلى أن قال وان لم يكن مترتبة مثل ان رأت في الأول الثلاثة وفى الثاني الخمسة وفى الثالث أربعة فان
أمكن ضبطه واعتاد فهو كالمتفق انتهى ولك ان تجرى نحو ذلك في الوقتية المحضة أيضا كان ترى في شهر أوله وفى الثاني ثانية وفى
الثالث ثالثة ثم في الرابع أوله وفى الخامس ثانية وفى السادس ثالثه وهكذا ومثال غير المترتبة أيضا واضح ثم اعتياد الوقت خاصة
قد يكون بالنسبة إلى أوله وقد يكون بالنسبة إلى اخره وقد يكون بالنسبة إلى الوسط والحاصل ان أقسام العادة أكثر من أن تذكر ذكر
بعضها المص في كتبه تبعا للمحقق وتبعهما الشهيد وغيره وان احتمل الشهيد نسخ كل عدد لما قبله وانتفاء العادة بذلك لك الا انك
عرفت الاشكال فيها تارة من جهة خروجها عن مورد النص ولعله لذا احتمل في كرى ما عرفت من النسخ واخرى في تحقق العادة
فيها بالمرتين وعرفت اندفاع الأول بكفاية عمومات العادة في ذلك والنسخ انما يكون مع عدم كونها منتظمة متنسقة واندفاع
الثاني إما بعدم القول بالفصل بين التكرار مرار أو مرتين واما بان المستفاد من النص تحديد العادة العرفية ولكن المسألة
196

بعد لا تخلو عن الاشكال ومما ذكرنا يظهر انه لا اشكال في عدم اعتبار تعدد الشهر الهلالي في تحقق العادة العددية وفاقا للمحكى
عن ف؟ وط؟ هي؟ وكرى؟ مع؟ صد؟ وغيرها ونسبه في الأخير إلى كلمات الأصحاب فلو رأت في أول شهر خمسة وفى وسطه أو اخره
خمسة كفى في العددية لكن في يه؟ ان الدم إذا استمر في الشهر الثاني تحيضت فيه بالخمسين على اشكال انتهى والظ؟ انه لا اشكال في التحيض
بخمسة واحدة لان تعدد الحيض لم يصر لها عادة واما في الوقتية فعن المحقق الثاني اعتبار تعدد الهلال فيه محتجا بان الشهر في كلام
النبي والأئمة صلى الله عليه وعليهم انما يحمل على الهلالي نظرا إلى أنه الأغلب في عادة النساء وفى الاستعمال قال ولو رأته ثلثة ثم
انقطع عشرة ثم رأت ثلثة ثم انقطع عشرة ثم رأته وعبر العشرة فلا وقت لها معلوم لعدم تماثل الوقت باعتبار الشهر انتهى وتنظر فيه
في الروض بان تكرر الطهر يحصل الوقت واحتجاجه بان الشهر في النصوص يحمل على الهلالي انما يتم لو كان في النصوص ذكر الشهر وليس الا
في مضمرة سماعة ومرسلة يونس وفى الاحتجاج بهما اشكال لضعف الثانية بارسال والأولى بجرح سماعة وانقطاع خبره انتهى
أقول إما التمسك في اعتبار الهلالي بالاخبار فضعيف بعد ما عرفت من أن المستفاد من الخبرين عموم ثبوت العادة بالمرتين
ولذا اعترف هو نفسه كغيره من الأصحاب بعدم اعتبار الهلالي في العددية ناسبا ذلك إلى كلمات الأصحاب ويكون ذكر الشهرين في
الروايتين محمولا على الغالب فمع ذلك كيف يمكن الاقتصار على الشهرين الهلاليين بل عرفت ان مقتضى الاقتصار على مورد الرواية
خروج كثير من افراد العادة كالوقتية المحضة وغيرها مما اعترف بها في جامع المقاصد فالتمسك بالخبرين الاعتبار الهلالي في غاية
الضعف واضعف منه الجواب عنهما في الروض بضعف السند واما الجواب عن عدم تماثل الوقت في غير الهلالين بتكرر الطهر فحسن توضيحه انه
إذا تكرر طهر ان متساويان كان رأت ثلثة حيضا ثم عشرة طهرا ثم ثلثة حيضا ثم عشرة طهرا ثم ثلث حيضا فيصدق على الدم المرئي بعد مضى مقدار ذلك الطهر من الحيض
الثالث انها رأت الدم في أيام حيضها لأنها اعتادت بالحيض عقيب عشرة الطهر فاليوم الحاد عشر من أيام الطهر معدود من أيام حيضها
عرفا إذا رأت الدم فيه تحيضت قال في المنتهى إذا عرف المراة شهرها صارت ذات عادة وهو اجماع أهل العلم والمراد بشهر المراءة المدة
التي دمها حيض وطهر وأقله ثلثه عشر يوما عندنا انتهى ونحوه بعينه في يه؟ وقال في ط؟ إذا رأت المبتدءة دم الحيض خمسة أيام وعشرة أيام
طهرا بعد ذلك ثم رأت خمسة أيام دم الحيض ثم عشرة أيام طهر ثم استحيضت حصلت لها عادة في الحيض والطهر يجعل حيضها خمسة أيام وأيام شهرها عشرة أيام وكذا إذا رأت دم الحيض خمسة أيام و
خمسة وخمسين يوما طهرا ثم رأت خمسة أيام حيضا وخمسة وخمسين طهرا ثم استحيضت يجعل حيضها في كل شهرين خمسة أيام لان ذلك
صار عدتها انتهى ونحو ذلك في يه؟ وغرضها من حصول العادة في الطهر حصول العادة بانحصار طهرها في عدد معين ليكون ما بعده وقت
الحيض ولا يتحيض الا فيه فيكون المراة في المثالين المفروضين معتادة في الحيض من حيث العدد والوقت إما من حيث العدد فلمعلومية عدد
أيام الحيض واما من حيث الوقت فلمعلومية أيام الطهر الحاصلة من تكرره لوقت الحيض كما عرفت من عبارة الروض فهى في الحقيقة عادة
وقتية للحيض إذ يصدق على الدم المرئي بعد كل عشرة أيام طهر في المثال الأول أو خمسة وخمسين في الثاني انها رأته في أيام حيضها وليست هذه
العادة مقصود بنفسها للطهر حتى يرد عليه ما قيل من أن مقضى الأدلة كالروايتين وغيرهما ان تكرر الحيض يثبت عادة فيه إما ان ذلك
يثبت عادة في الطهر أيضا لو فرض تساويهما كالحيض ممنوع لا دليل عليه إلى أن قال فح؟ ترجع من استمر بها الدم فيما فرضه من المثال بعد أن
تحكم بحيضية خمسة ومضى أقل الطهر إلى ما يقتضيه الأدلة من الأوصاف وغيرها فتأمل انتهى ولا ريب ان مراد الشيخ من عادة الطهر لي وجوب
الحكم بطهرية الدم المرئي فيه وإن كان محكوما عليه بالحيضية ولو بقاعدة الامكان بل غرضه تحصيل وقت للحيض حتى يتحيض بمجرد
الرؤية عند حضوره ويرجع إليه عند استمرار الدم كما عرفت من كلام الشيخ بقى الكلام ان حصول العدة الوقتية بتكرر الطهر لا يحصل
بحيضتين لان الطهرين المتساويين انما يقعان بين ثلث حيضات مع أن ظ؟ النص والفتوى حصول العادة مط؟ بحيضتين الا ان يق؟ ان العادة
هنا أيضا انما حصل بالحيضتين الأخيرتين لأنهما الوقتان ما بعد الطهر المعين دون الحيض الأول نعم يحتاج إليه
لتحقق تساوى لطهر
المحصل للوقت فقد تلخص مما ذكر انه إذا استوت الحيضتان عددا ووقتا في شهرين هلاليين متواليين حصلت العادة بمجرد تحقق الحيض
الثاني وإن كان ما بعده من الطهر مخالفا لما بعد الحيض الأول من الطهر وما إذا استوتا لا على هذا الوجه بان نقصتا عن الشهرين
أو زادتا فلا بد من تكرير طهرين متساويين كما يعلم ذلك مما ذكره الشيخ من المثالين ولعل ذلك هو مراد الشهيد من اعتبار تكرر
طهرين متساويين فيخصص ذلك بصورة حصول العادة في أقل من الشهر وفى الزايد من الشهر الا ان المنسوب إليه اعتبار ذلك مطلقا قال
في كرى؟ لا يشترط في العادة تعدد الشهر وما ذكره في الخبر بناء على الغالب فلو تساوى الحيضتان في شهر واحد كفى في العددية صرح به
في ط؟ وف؟ وكذا لو تساويا في الزيادة على شهرين إما الوقتية فالظ؟ اشتراط تكرر طهرين متساويين وقتا ولو تساويا عددا واختلفا
197

وقتا استقر العدد لا غير فح؟ تستظهر برؤية الدم الثالث ثلثة ولو عبر عن العشرة رجعت إلى العدد واما لو اختلف العدد ولم يستقر الطهر
بتكراره متساويا مرتين فلا وقت هنا قطعا وفى العدد الوجهان ويظهر من كلام الفاضل انه لا عبرة باستقرار الطهر وتظهر فائد به لو تغاير
الوقت في الثالث فإن لم يعتبر استقرار الطهر جلست لرؤية الدم وان اعتبرناه فبعد الثلاثة أو حضور الوقت هذا ان تقدم على الوقت ولو تأخر
ذلك أمكن استظهار أو يمكن القطع بالحض هنا إذ وجوده في الجملة مقطوع به وتأخر وقته يزيده انبعاثا والأقرب اتحاد الوقت انما
تؤثر في الجلوس برؤية الدم فيه وقلما يتفق دائما وفى المبسوط إذا استقرت العادة ثم تقدمها أو تأخرها الدم بيوم أو يومين إلى العشرة
فيحكم بأنه حيض فان زاد على العشرة فلا انتهى كلام الذكرى وأنت خبير بان ظ؟ كلامه الاعتراف بأنه متى وجد الدم الثالث في وقت الأولين يحكم
عليه بالحيضية فما يتفرع عليه من أنها ح؟ تستظهر برؤية الثالث وإن كان في الوقت المتقدم بناء على استظهار المبتدءة والمضطربة
فيثبت العادة بالدورة الثالثة محل نظر ولعل منشأ ذلك توقف العلم باستواء الطهر الثاني للأول على العلم بكون الدم الثالث
حيضا فلابد من استكشاف ذلك بمضي الثلاثة بناء على وجوب استظهار غير المعتادة وبعد ذلك يتحقق العادة ولذا قال في خيرة؟ على ما
حكى عنه ان في الجلوس بعد حضور الوقت قبل الثلاثة إذا رأته قبل الوقت بناء على اعتبار عادة الطهر اشكال ان قلنا باستظهار المبتداة
والمضطربة وفيه بعد الإغماض مما ذكرنا من الاحتمال في كلامه ان المعتبر عنده حصول نقاء بعد الحيض الثاني مساويا للنقاء الواقع بعد الحيض
الأول فلو زاد أو نقص لم يتحقق في حقها عادة حتى يقال تقدمت عادتها أو تأخرت فهو معترف كما عرفت بوجوب التحيض عند روية
الدم الثالث في وقت الأولين لعموم إذا رأت الدم في أيام حيضها ترك الصلاة لكنه يقول إن تحيضها ليس من جهة مجرد استواء الحيضين
بل لاستواء الطهرين أيضا مدخل في ذلك غاية الأمر انه لا ينفك رؤية الدم الثالث في الوقت المتقدم عن استواء وقت الطهرين ولذا لا
يظهر ثمرة هذا الاشتراط في هذا الفرض وانما تظهر في هذا الدم إذا وجد قبل وقت الأولين أو بعده فإنه لا يحكم بالحيضية بمجرد الرؤية
بناء على استظهار المبتداة لأنها غير داخلة في المعتادة ولا فيمن تعجل بها الوقت قبل العادة لتدخل في عموم ما دل على أن التقدم
على الحيض بيومين أو مطلقا حيض معللا بأنه ربما تعجل بها الوقت لأن المفروض عدم تحقق العادة لفقد شرطها وهو استواء الطهرين
وهذا بخلاف ما لو رأت الدم الثالث في وقت الأولين ثم رأت الرابع مقدما على الوقت أو مؤخرا فإنه وان لم تره في أيام حيضها
الا انه ان يصدق انه تعجل بها الوقت فيحكم عليه بالحيضية ومن هنا يظهر فساد ما اعترض به على الشهيد من أنه لو لم يحكم على الدم الثالث
المرئي قبل العادة بالحيضية لم يحكم عليه ولو في الرابع فما زاد إذ لا فرق بين الثالث والرابع فينفي فائدة هذا الاشتراط نعم لو قلنا بالاستظهار
في الدم المعجل قبل العادة انتفت هذه الثمرة بقى الكلام في سند الشهيد في هذا الاشتراط لو اراده على الاطلاق ولم نعثر
عليه كما اعترف به جماعة وقد عرفت انه يحتمل ان يكون مراده اعتبار استقرار الطهر في غير ما إذا استوت الحيضتان في شهرين هلاليين
متواليين بل فيما إذا استويا فيما دون أو في الزايد عليهما بل سياق عبارته لا يأبى ذلك حيث ذكرا ولا عدم اعتبار تعدد الشهر في العادة العددية
وجواز حصولها في أقل من شهرين أو في الزيادة عليهما ثم قال إما الوقتية يعنى حصول العادة الوقتية في هاتين الصورتين فالظ؟ اشتراط
تكرر طهرين متساويين فت؟ والانصاف ان عبارة الشهيد في المقام لا يخ؟ من اشكال واضطراب كما اعترف به بعض المعاصرين من الاعلام
ثم إنه هل يؤخذ بأقل العددين في العادة الوقتية المحضة ويجعل عادة لها فتسمى بالعددية الناقصة أم لا ظ؟ هي؟ وكرى؟ الأول وصريح مع؟
صد؟ والروض الثاني لعدم الاستواء والاستقامة وهو حسن ان أوجبنا الجمود على ظ؟ النص والا فالظ؟ صدق أيام الأقراء على العدد
الأقل وقد عرفت الجمود على ظ؟ النص يوجب خروج أكثر أصناف العادة لكن الأقوى عدم ثبوت العدد الناقص فلا يرجع إليها عند الاستمرار لان
الظ؟ من أدلة رجوع المستحاضة آل أيامها وترك ما عداها ثبوت أيام معلومة معينة فإذا أخذت بالأقل فلم يأخذ باقرائها وانما أخذت
بقرء واحد من أقرائها وقد نص في المرسلة الطويلة على أن النبي صلى الله عليه وآله لم يسن لها القرء الواحد وانما سن لها الأقراء هذا كله لو كان خلافا
العددي بيوم كامل ولو كان ببعض يوم فالمصرح به في كشف الغطاء انه لا يقدح وهو على اطلاقه مشكل وهل العبرة في العادة باستواء
الاخذ والانقطاع سواء كان بينهما نقاء محكوم بالحيضية على نهج واحد أو مع الاختلاف أم لم يكن أو بأيام الدم وان تخلل النقاء أو بأيام الدم
المتصل ولا ينظر إلى المنفصل بعد النقاء وجوه ظاهر أكثر العبارات الأول خصوصا قولهم ولو اعتادت النقا في أثناء العادة وكذلك أكثر
النصوص وظاهر بعضها الثاني قوله في المرسلة القصيرة كلما كبر سنها نقصت أيامها مضافا إلى انصراف اطلاق أيامها التي كانت تقعد
فيها ونحو ذلك إلى أيام الدم فتأصل وجزم بعض من قارب عصرنا آل الثالث مدعا انه المستفاد من الفتاوى والنصوص بعد امعان النظر و
يترتب على الوجوه انه لو اعتادت ثلثة ثم نقاء يوم ثم الدم يومين فأيام حيضها ستة على الأول وخمسة على الثاني وثلاثة على الثالث ثم إنه لا فوق
198

في المرتين المثبتين للعادة بين ثبوت حيضتها بالوجدان أو بقاعدة الامكان أو بالصفات مع استمرار الدم أو بالملفق من الثلاثة أو اثنين
منها إما ثبوتها بالوجدان فظ؟ واما الصفات عند استمرار الدم فلان ظ؟ روايات صفة الدم جعل الشارع إياها طريقا للحيض الواقعي
إما مطلقا كما ذهب إليه صاحب المدارك ومن تبعه واما في مورد اختلاط الحيض بالاستحاضة بعبور الدم العشرة كما هو مذهب المش؟ و
على كل تقدير فقد جعلها الشارع بمنزلة الوجدان في اثبات الحيض الواقعي كسا الطرق الشرعية للموضوعات الواقعية ومنه يظهر
ضعف قيا الرجوع إلى الصفات على الرجوع إلى الروايات للمتحيرة فكما لا يثبت بها العادة كك؟ الصفات ويظهر أيضا وجه ثبوتها بقاعدة الامكان
لان المستفاد من دليل تلك القاعدة على تقدير تماميتها جعل اجتماع الشروط وفقد الموانع المقررة في الشريعة طريقا للحيض الواقعي كما
لا يخفى على من تأمل في أدلتها بل ظ؟ الروايتين المقدمتين فميا يثبت به العادة كون الدم في المرتين حيضا بمقتضى الامكان لا الوجدان ولظ؟
انه لا خلاف في ذلك كما أنه الخلاف في ثبوتها بالصفات قال في هي: لا نعرف فيه خلافا نعم قد يشكل ف يبعض افراد التميز الحكم بتحقق العادة على الدم المحكوم بكونه حيضا
كما لو رأته في المرة الأولى اسود وفى المرة الثانية احمر ولذا تردد في كرى؟ واستقرب في ير؟ العدم هذا كله فيما يتحقق به العادة إما ما به تزول
فالظ؟ انه لا خلاف عدنا في عدم زوالها مرة واحدة خلافا للمحكى في هي؟ عن أبي يوسف بناء على مذهبه من ثبوت العادة بالمرة ولا في
زوالها بطرق عادة اخر حاصلة من تكرر الدم مرتين متساويين على خلاف العادة الأولى قال في هي لو كانت عادتها ثلثة فرات خمسة
في شهر وانقطع فهو حيض اجماعا ولو استمر في الرابع جلست عادتها الثلاثة عندنا وعند أبي حنيفة ومحمد وعند أبى يوسف تحيض خمسة
إما لو رأته في الشهر الرابع خمسة كالثالث واستمر في الخامس كان حيضها خمسة لتحقق العادة الثانية وهو اتفاق وقال انتهى أيضا في انتقال
المكان لو انتقل المكان في شهر ثم استمر في الثاني عملت على عادتها القديمة خلافا لأبي يوسف ولو رأتها مرتين ثم استمر في الثالث ردت
إلى ما رأته مرتين عندنا وعند الثلاثة انتهى والوجه فيما ذكره ظهور ذلك عرفا من أدلة العادة فإن كان في ذلك خفاء في نظر العرف بالنسبة إلى
المرتين فإنما هو لخفاء تحقق العادة بهما عندهم والا فلو فرض تحقق عادة عرفية بعد تحقق مثلها فلا يرتابون في أن مراد الشارع من وجوب
الجلوس بقدر أيام عادتها هي العادة الفعلية دون ما كان لها عادة في الزمان السابق وبالجملة فلا ريب في نسخ العادة الثانية للأولى
عند أهل العرف حيثما فرض تحقق العادة عندهم بحكمهم أو حكم الشارع إما لو تكرر مخالفة العادة لا على نسق واحد فظ كلام المنتهى عدم زوال
العادة لأنه قال في رد أبى يوسف القائل بزوالها بالتخلف مرة ان العادة المتقدمة دليل على أيامها التي اعتادت فلا يبطل حكم هذا الدليل
الا بدليل مثله وهي العادة بخلافه انتهى لكن ذلك يشكل فيما لو وقع التخلف مرارا متعددة سيما إذا صدق في العرف ان ليس لها أيام معلومة
ويؤيد الاشكال رواية إسحاق بن جرير المتقدمة في صفات الحيض قال فيها فان الدم يستمر بها الشهر والشهرين والثلاثة كيف تصنع بالصلاة
قال تجلس أيام حيضها ثم تغتسل لكل صلوتين قالت له ان أيام حيضها تختلف عليها وكان يتقدم عليها الحيض اليوم واليومين والثلاثة
ويتأخر مثل ذلك وما علمها به قال دم الحيض ليس به خفاء هو دم حار تجد له حرقة ودم الاستحاضة دم فاسد بارد الخبر دلت على الرجوع إلى
التميز مع اختلاف أوقات الدم بعد استقرار العادة العددية الا ان يقال إن المراد من اختلاف أيام حيضها اختلافها من أول الأمر بان لا يتحقق
لها عادة فالمراد من تقدم اليوم واليومين قدمه عن محله في المرة السابقة لا تقدمه وتأخره عن عادتها المستقرة إذ مجرد تقدم الدم على
العادة أو تأخره عنها باليومين أو الثلاثة لا يوجب الرجوع إلى التميز كما سيجئ وكيف كان فالرجوع في زوال العادة إلى حكم العرف غير بعيد ولما
ذكر المصنف ما يتحقق به العادة ذكر ما يتفرع على تحقق العادة وعدمه من الاحكام والكلام في احكام المعتادة وغيرها المعبر عنه بالمبتدئة
والمضطربة يقع تارة في وقت تحيضهما واخرى في مقداره بعد تحقق الحيض وقد ذكر قدس سره بعض هذه الأحكام ونحن نستوفي
الكل فنقول لا اشكال ولا خلاف في أن ما تراه المراة من الدم ذي الصفرة وهي لون الأصفر أو ذي الكدرة وهي ضد الصفا في أيام الحيض
وهي الأيام المختصة بالحيض بحسب عادة المراة حيض ويدل عليه بعد العمومات الامرة بالقعود عن الصلاة أيام الحيض خصوص المستفيضة كقوله (ع)
في مرسلة يونس القصيرة وكلما رأت المراة في أيام حيضها صفرة أو غيره فهو من الحيض وكلما رأته بعد أيام حيضها فلى من الحيض وفى المرسلة
الطويلة في حكم المضطربة انها لو كانت تعرف أيامها ما احتاجت إلى معرفة لون الدم لان النسبة في الحيض أن تكون الصفرة والكدرة في أيام
الحيض إذا عرفت حيضا كله وفى ط؟ روى عنهم (ع) ان الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض وفى أيام الطهر طهر وفى صحيحة ابن مسلم عن المراة
ترى الصفرة في أيامها قال لا تصلى حتى تنقضي أيامها وان رأت الصفرة في غير أيامها توضأت وصلت إلى غير ذلك من الاخبار التي لا يبعد
دعوى تواترها مع أن المحكي عن السيد والشيخ في الناصريات والخلاف كما سيجئ في قاعدة الامكان دعوى
الاجماع على الكليتين والجملة فلا اشكال
في المسألة بناء على ما فسرنا به أيام الحيض واما ما فسره به في ض؟ واستظهره المصنف في يه؟ وهو صريح المبسوط والسرائر من أن المراد بأيام
199

الحيض أيام امكان الحيض سواء كانت أيام العادة أو غيرها فعلى هذا تدخل المبتدئة ومن تعقب أيام عادتها دم بعد أقل الطهر وضابطه
ما أمكن كونها حيضا قال في الروض بعد تفسيرها بأيام الامكان وربما فسرت بأيام العادة والنصوص بعمومها دالة على الأول انتهى
فلا يخ عن اشكال بل نظر ومنع لعدم العموم في النصوص بل المتبادر من أيام الحيض فيها أيام العادة سيما الفقرة المتقدمة من مرسلة
يونس الطويلة وسيأتي ان ليس فيها نص صريح ولا ظاهر عم ينطبق هذا التفسير على ما سيأتي من قاعدة الامكان مع أن هذا الكلام يصير
ح؟ عبارة أخرى عن القاعدة فلا مناسبة لذكره هنا في ذيل بيان موضوع العادة ولا لقوله فيما بعد وكل دم يمكن ان يكون حيضا
فهو حيض نعم يمكن ان يستظهر إرادة هذا المعنى بقرينة مقابلة هذه الفقرة بقوله كما أن الأسود الحار الواقع في أيام الطهر فساد أي
استحاضة إذ لو لم يرد من أيام الطهر أيام امتناع الحيض في مقابل أيام امكانه بل أريد منه خصوص ما عدا أيام العادة لم يستقم الكلام على
عمومه لوجوب اخراج كثير من الافراد حتى لا يبقى الا ما امتنع كونه حيضا من أيام عادة الطهر ويندفع بان المراد أيام وجوب الطهر في مقابل
أيام وجوب الحيض لا أيام امتناع الحيض في مقابل أيام امكانه فتأمل وكيف كان فما تراه المعتادة في أيام طهرها لا يحكم عليه بالفساد
على الاطلاق بل فيه تفصيل وتوضيحه ان الدم إما ان يحدث للمعتادة قبل العادة واما ان يحدث بعدها فان حدث قبلها فالظاهر
الحكم بالحيضية ولو مع الصفرة لقوله (ع) في موثقة سماعة عن المراة ترى الدم قبل وقتها قال إذا رأت الدم فلتدع الصلاة فإنه
ربما تعجل بها الوقت ونحوه الأخبار المستفيضة الدالة على أن الصفرة قبل الحيض مطلقا أو بيومين من الحيض ولا يعارضها مفهوم
ما دل على أن المراة إذا رأت الدم في أيام حيضها تركت الصلاة ولا صحيحة ابن مسلم وان رأت الصفرة في غير أيامها توضأت وصلت
لأنهما متقيدان بالمستفيضة المذكورة مع أن الظ؟ من الشرطية في الأول سوقها لمجرد بيان الوجود عند الوجود ثم إن صريح تلك المستفيضة
كظ؟ الموثقة إناطة الحكم بتقدم الدم على وجه يصدق عليه تعجيل العادة فلو رأت عشرين يوما أو أكثر قبل عادتها فالظ؟ عدم صدق تعجيل
الوقت فاليوم واليومان محمولان على التمثيل خلافا لظ؟ المحقق والشهيد الثانيين فألحقاه بدم المبتدئة والمضطربة وان اختلفا فيهما في
التحيض بالرؤية وعدمه وللمحكى عن جماعة فاطلقوا الحاقه بما تراه في العادة بل ربما حكى عن بعض الاجماع وكان المحكي عنه كاشف اللثام كما
صرح بحكايته عنه بعض اخر لكن نسبة هذا الدعوى إليه توهم بل ظاهره اختيار ما في لك؟ من اختياره جعلها كالمبتدئة ودعواه الاجماع
انما هي على حيضية العدد الذي اعتادته المراة سواء رأتها في العادة أو متقدما عليها أو متأخرا عنها لا على تحيض المعتادة بمجرد روية
الدم قبل عادتها وذلك واضح على من لاحظ كشف اللثام وكيف كان فيشهد لهذا القول اطلاق موثقة سماعة المذكورة مضافا إلى
قاعدة الامكان ويرد على الأول منع صدق تعجيل الوقت مطلق التقدم وعلى الثاني منع جريان قاعدة الامكان بعدم استقراره كما سيجئ
في المبتدئة والمضطربة نعم في موثقة عبد الرحمن البصري المتقدمة في أكثر الحيض قال إذا رأت المراة الدم من الحيضة الثالثة فهى تملك نفسها
قلت فان عجل الدم عليها قبل أيام قرئها فقال إذا كان الدم قبل عشرة أيام فهو من الحيضة الأولى فهو أملك بها وهو من الحيضة التي طهرت
منها وإن كان الدم بعد العشرة فهو من الحيضة الثالثة وهي أملك بنفسها دلالة على وجوب التحيض برؤية الدم الثالث بمجرد مضى العشرة
من الحيضة السابقة لكن لا يبعد دعوى انصرافها إلى الدم المتصف بالصفات وسيجئ تحيض المبتدئة والمضطربة أيضا برؤية الدم
متصفا بالصفات نعم يمكن الاستيناس بها لتقريب الدلالة في موثقة سماعة بان يستشهد بها على صدق التعجيل بمجرد التقدم على العادة
قليلا كان أو كثيرا حيث إن الراوي سئل عن صورة تعجيل الدم فاستفصل الامام فيها بين ما انفصل عن الحيض السابق بعشرة وبين ما
انفصل بأقل منها هذا مضافا إلى ما يظهر من الفرق في التقدم بين اليومين والزايد عنهما احداث قول ثالث لكنه غير ثابت
ودلالة الموثقة أيضا على صدق تعجيل الوقت بمطلق التقدم ممنوعة إذا الثابت بها بعد التسليم صدق تعجيل الدم لا تعجيل الوقت فمعناه
تقدم العادة ولا منافاة بين ان تعجل الدم فترى حيضا ولا يتقدم العادة بل ترى الحيض أيضا عند حضورها والحاصل ان تعجيل الوقت
انما يصدق إذا ظن من جهة قرب الزمان بالعادة ان المرئي دم العادة تقدم على وقتها هذا كله ما لو حدث قبلها وان حدث بعدها ففي
التحيض وجهان من أن الحكم بالحيضية فيه؟؟ ولى من الحكم في صورة التقدم لان تأخره يزيده انبعاثا مع امكان دعوى عدم القول بالفرق
بين التقدم والتأخر وقوة احتمال ان يستفاد من تعليل الحكم بالتعجيل في الموثقة المتقدمة إناطة الحكم بمطلق التخلف ومنن ان الأصل عدم
الحيض وقد عرفت عدم جريان قاعدة الامكان هنا لعدم استقراره وضعف الوجوه المذكورة للتحيض مضافا إلى ما تقدم من الصحيحة وان
رأت الصفرة في غير أيامها توضأت وصلت الدالة على أن مطلق الدم المرئي أو خصوص الصفرة بعد الحيض بيومين ليس من الحيض لكن
الانصاف ان الظ من هذه الأخبار ما إذا رأت الدم في أيامها وتعدت عن أيامها بيوم أو يومين لا ما إذا حدث الدم بعد أيامها وبين المسئلتين
200

بون واضح وربما اشتبه الامر على بعض فتخيل ان الكلام هنا في المسألة الأولى فاختار في المسألة ان الدم إذا تأخر عن العادة فلابد من
الاستظهار بيوم أو يومين ومنه يظهر أيضا فاد ما أجاب به في ئق؟ عن صاحبي ك؟ وخيره؟ حيث رجحا في المسألة التحيض مع اتصاف الدم بصفات
الحيض من أن هذا مخالف للأخبار الدالة على الاستظهار إذ لا تفصيل فيها بين كون الدم بالصفات وعدمه فالحكم بالتحيض في المقام لا يخ؟ عن
اشكال كما لا يخ؟ عن قوة للوجوه المذكورة ولذا مال إلى الحكم بالتحيض من لم يحكم به في المتقدم كالشهيد والمحقق وعليه فالظ انه لا فرق بين
التأخر بزمان طويل أو قصير لأنه كلما طال الزمان زاد انبعاثا إذا المفروض انها لم ترا الدم في العادة ثم إن المحكي عن الشيخ في ط؟ أنه قال ومتى
استقر لها عادة ثم تقدمها الدم أو تأخر بيوم أو يومين حكمت بأنه من الحيض وان تقدم بأكثر من ذلك أو تأخر بمثل ذلك إلى تمام العشرة
حكم أيضا بأنه دم الحيض انتهى والظ؟ ان المراد بقوله تأخر بمثل ذلك إلى تمام العشرة ما لو تجاوز الدم العادة لاما إذا تأخر حدوث الدم عن
العادة كما فهمه في ك؟ تبعا لظ؟ كرى؟ فيكون الفرض من هذا الكلام بيان مقدار تحيض من تقدمها الدم وتأخرها مع الروية في العادة هذا
تمام الكلام فيما لو حدث الدم قبل على وجه يصدق تعجيل العادة بان تقدم بزمان قليل أو حدث بعدها طال الزمان أو قصير ولو
حدث في زمان متقدم لا يصدق معه تعجيل العادة كما لو رأته قبل عشرين يوما من العادة فقد عرفت ان اخبار التقدم على العادة لا نفى
بالدلالة على التحيض في هذا الفرض فحكمه حكم دم المبتدئة فلا بد من التعرض له وان اهمله المص؟ قدس ه؟ فنقول ان الاظهر انها يتحيض
بالرؤية بشرط اتصاف الدم بصفات الحيض وبدونه يستظهر إلى مضى ثلثة وفاقا لجماعة من المتأخرين تبعا لصاحب المدارك إما الحكم مع وجود
الشرط فيدل عليه مضافا إلى اخبار الصفات ان لم نقل بورودها في صورة تردد الامر بين الحيض والاستحاضة العرفية وهي الدم المتصل
بأيام العادة فلا ينفع في صورة عدم اختلاط الحيض بالاستحاضة رواية إسحاق بن عمار الواردة في الحبلى ترى الدم اليوم واليومين فقال إن كان
دما عبيطا فلا يصلى ذينك اليوم وإن كانت صفرة فليغتسل عند كل صلوتين بناء على عدم القول بالفصل بين الحامل وغيرها و
مفهوم ما سيجئ من صحيحة ابن الحجاج واطلاق صحيحة بان المغيرة عن أبي الحسن الأول عليه السلام في امرأة نفست فتركت الصلاة ثلثين يوما ثم طهرت
ثم رأت الدم بعد ذلك قال تدع الصلاة لان أيامها أيام الطهر قد جازت مع أيام النفاس خرج عنها الصفرة لما سيجئ ويؤيد ذلك بناء
العرف على التحيض وترتيب اثار الحيض عند الوجدان الدم بالصفات بمجرد سماع قول الشارع اعتزلوا النساء في المحيض أو غير ذلك من الخطابات
الواردة في أحكام الحائض ويشهد بما ذكرنا ما تقدم من تصديق غير واحدة من النساء للإمام (ع) عند بيان أوصاف الحيض فقال بعضهن والله
لو كان امرأة ما زاد على هذا وقال الأخرى أتراه كان امرأة واما عدم الحكم مع عدم الصفات فيدل عليه أصالة عدم الحيض السليمة من ورود
قاعدة الامكان عليها في القمام لما مر وما دل على انها ان رأت الصفرة في غير أيامها توضأت وصلت ومفهوم قوله (ع) إذا رأت المراة
الدم في أيام حيضها تركت الصلاة بناء على عدم القول بالفصل بين المبتداة وما تراه المعتادة في غير وقتها مما لا يلحق بوقتها ومفهوم
رواية الحامل المتقدمة وصريح منطوق صحيحة ابن الحجاج عن امرأة نفست فمكث ثلثين يوما أو أكثر ثم طهرت ثم رأت دما أو صفرة قال إن
كانت صفرة تغتسل ولتصل ولا تمسك عن الصلاة ولا يخفى صراحتها من حيث التفصيل بين الدم والصفرة الكاشف عن انصراف الدم في
ساير الأخبار إلى ما يقابل الصفرة خلافا للمحكى عن ط؟ والمهذب وسيلة والجامع وجملة ممن كتب المص؟ قده؟ وكرى؟ وصه؟ فقالوا بالتحيض برؤية
الدم مطلقا وإن كان صفرة بل هو الأشهر كما عن كشف الالتباس وربما ينسب إلى ظ؟ المقنعة وهو توهم لأنه لم يزد في المقنعة على أن قال إن
الحايض هي المراة التي ترى الدم الأحمر الخارج منها بحرارة فينبغي لها إذا رأته ان تترك الصلاة انتهى وكيف كان فربما تستدل لهذا القول
بقاعدة الامكان كما ذكره المص قده في هي؟ ولف؟ وباخبار الصفات المتقدمة بناء على عدم القول بالفصل بين كون المرئي متصفا بالصفات
أو غير متصف كما ادعاه أستاذ الكل في شرح المفاتيح وتبعه في الرياض وباطلاق الأخبار الدالة على ترك الصوم بمجرد رؤية الدم وانها
أي ساعة رأت الدم فقد أفطرت واطلاق صحيحة ابن المغيرة المتقدمة في أدلة المختار وخصوص الموثقة في حكم من عجل عليها
الدم قبل أيام أقرائها بناء على عدم الفصل بين المبتدئة والمعتادة إذا تقدم رمها العادة على وجه لا يلحق بالعادة بان يقدم عليها
بزمان كثير ومضمرة سماعة عن الجارية البكر أول ما تحيض تقعد في الشهر يومين وفى الشهر ثلثة لا يكون طمثها عدة أيام سواء قال فلها
ان تجلس فتدع الصلاة ما دامت ترى الدم ما لم يجز العشرة وموثقة ابن بكير إذا رأت المراة الدم في أول حيضها واستمر الدم ترك
الصلاة عشرة أيام وموثقة الأخرى في الجارية أول ما تحيض تدفع عليها الدم فتكون مستحاضة انها تنظر بالصلاة فلا يصلى حتى
يمضى أكثر ما يكون من الحيض فإذا مضى ذلك وهو عشرة أيام فعل ما تفعله المستحاضة وفى الجميع نظر إما في قاعدة الامكان فلعدم الامكان فلعدم جريانها
في المقام لعدم استقرار الامكان وجعله بحكم المستقرة بأصالة بقاء الدم إلى الثلاثة مدفوع أولا بمنع جريان أصالة البقاء
201

في مثل ما نحن فيه بل الأصل عدم حدوث الزايد على ما حدث كيف ولو ثبت بحكم الأصل بقائه إلى الثلاثة لم يحتج إلى قاعدة الامكان للاتفاق
من الطرفين على أن الدم المستمر إلى ثلثة حيض واما تحيض المعتادة برؤية الدم مع أصالة عدم حدوث الزائد فلان العادة سبب شرعي
للحكم وليس من جهة الامكان حتى يعتبر فيه الاستقرار ومما ذكرنا يظهر استقامة ما ذكره المحقق وعدم استقامة ما اعترض عليه المص فان المحكي
عنه في المعتبر بعد ما اتسدل على لزوم الاحتياط بالعبادة بان مقتضى الدليل لزوم العبادة حتى يتفق المسقط قال
ولو قيل لو لزم ما ذكرته
قبل الثلاثة لزم بعدها لجواز ان ترى ما هو اسود ويتجاوز فيكون هو حيضا لا الثلاثة قلنا الفرق ان اليوم واليومين ليس حيضا حتى يستكمل
ثلاثا والأصل عدم التتمة حتى يتحقق إما إذا استقر ثلثا فقد كمل ما يصلح ان يكون حيضا ولا يبطل هذا الا مع التجاوز والأصل عدمه انتهى
واعترضه المص؟ قده بأنه إما ان يعتبر في صيرورة الدم حيضا صلاحية له أو وجود ما يعلم أنه حيض والثاني يلزم منه ان لا يحكم بالحيضية الا
بعد الانقطاع على العشرة إذ بدونه لا يقطع لجواز ان يكون الحيض ما يتلوه وان اعتبرت الصلاحية فهى موجودة في البابين انتهى وثانيا
بأنه لو سلم جريان أصالة البقاء في الدم لكنه لا يحدى في اثبات الامكان المستقر ليدخل تحت معاقد اجماعات قاعدة الامكان لان
مراد المجمعين من الاستقرار هو الواقعي المتيقن وبعبارة أخرى الدم الموجود في ثلاثة أيام ولى لفظ الامكان المستقر واردا في نص شرعي
حتى يترتب على الثابت منه بالاستصحاب ما يترتب على المستقر الواقعي فافهم وبه يندفع ما يتوهم انه لو بين على أصالة بقاء الدم لم يجز الحكم بالتحيض
بعد الثلة لأصالة بقائه إلى ما بعد العشرة مضافا إلى أن مجرد بقائه إلى ما بعد العشرة لا يوجب عدم حيضية المرئي ابتداء الا إذا فرض حدوث
دم اخر أقوى منه وعرفت ان الأصل عدمه وان قلنا بجريان أصالة البقاء في هذه الدم الموجود مع التجاوز عن العشرة مع تجدد الدم الأقوى
ليس كانقطاع الدم على ما دون الثلاثة بحيث يكشف عن امتناع كون المرئي لولا حيضا في الوقاع ليكون احتماله موجبا لعدم استقرار الامكان
وانما هو حكم شرعي ظاهري ترجع إلى ترجيح أحد الدمين اللذين يمكن حيضية كل منهما امكانا مستقرا على الأخر لمرجح شرعي وهي الصفة
ولأجل ما ذكرنا كلا أو بعضا لم يتمسك بهذه القاعدة أحد ممن ادعى الاجماع عليها كالمحقق والمحقق الثاني وكاشف اللثام وغيرهم
عدا المص؟ قده وتبعه في شرح المفاتيح والرياض واما اخبار فقد اعترفنا بمضمونها الا ان دعوى عدم القول بالفصل ممنوعة
جدا كيف والظ؟ من كلام المص؟ في هي؟ ولف؟ في مواضع متعددة اختصاص النزاع بالدم المتصف كما اعترف به صاحب المدارك تبعا للمحكى
عن ابن فهد في المهذب البارع فاعتراض الوحيد البهبهاني وبعضه من تبعه على صاحب ك؟ في فهم هذا من كلام المص؟ كأنه لم يقع في محله بل
كلمات غير المص؟ ممن اختار التحيض بالرؤية مطلقة يمكن دعوى انصرافها إلى المتصف بالصفات سيما مع ذكرهم إياها في تعريف الحيض
فتطبيق كلامهم على عبارة المقنعة المتقدمة غير بعيدة خصوصا مع جعل الصفرة في مقابل الدم في غير واحد من النصوص كما تقدم بعضها
ومنه يظهر ضعف الاستدلال بالموثقة المتقدمة في عدة الطلاق وبصحيحة ابن المغيرة وبما دل على افطار الصائمة برؤية الدم مع أنه لا يخفى
على المتأمل سوق هذه الأخبار لبيان حكم اخر وهو ان الذم في أي زمان وقع يفطر الصائمة لدفع ما ربما يتوهم من كونه كالسفر لا يقدح
فيه حدوثه بعد الزوال وبالجملة لا ريب في أن رؤية الدم فيها كناية عن خروج الحيض فلو رضي انسان بالتمسك باطلاق الرؤية وعدم
جعلها كناية عن الخروج عن المخرج يرضى بان يتمسك باطلاق الدم ولا يجعلها كناية عن خصوص دم الحيض وهذا واضح واضعف من
ذلك كله التمسك بالموثقات الأخيرة فان المفروض فيها تحقق الحيضية وانما السؤال من مقدار التحيض كما لا يخفى وكيف كان فالظ ضعف
هذا القول ونحوه في الضعف اطلاق القول بالاستظهار إلى الثلاثة كما عن الإسكافي والسيد وسلار والحلبي والحلى والمحقق
والمص؟ في يعد؟ والمحقق الثاني والشهيد في؟ للأصل المتقدم لندفع بما تقدم وقد تقدم احتمال حمل اطلاق كلماتهم على الدم المتصف
به هذا كله في المبتداة واما المضطربة فالأقوى انها كالمبتدءة لاتحاد الدليل وعن البيان و س؟ التفصيل في المضطربة بين ظنها بالحيض
وعدمه هذا كله في وقت تحيض المرأة باقسامها من المعتادة وغيرها واما مقدار تحيضها فاعلم أنه لا اشكال في أن الدم إذا انقطع
على العشرة فهو حيض سواء في ذلك المعتادة وغيرها على المش؟ ويأتي الكلام والخلاف في بعض افرادها مثل ما بعد الاستظهار وغيره
ولو تجاوز الدم عشرة أيام رجعت المراة في تميز حيضها عن طهرها إلى ما نصبه الشارع ما يزال في حقها بحسب حالها توضيحه ان المراة
لا تخ؟ إما أن تكون بالفعل ذات عادة مستقرة واما ان لا تكون كك؟ والثانية إما أن تكون ممن سبقت لها عادة فنسيتها واما
أن تكون ممن لم تستقر لها عادة أصلا والأولى تسمى ناسية والثانية إما أن تكون مبتدئة أي ابتدء بها الدم أو ابتدأت به مرة
أو مرتين مختلفتين واما ان لا يكون كك؟ ان تكرر منها الدم مرار أو يسمى مضطربة وقد يطلق المبتدئة على الأخيرتين وعلى الاصطلاح
الأول جرى في المعتبر بل حكى عن ظ؟ ط؟ والجمل؟ والغنية؟ وئر؟ وسيله وهي؟ ويه؟ وفى النسبة إلى كثير منها نظر وعلى الثاني جرى يفي يع؟ كالمص؟
202

في بعض كتبه والشهيد ونسبه غير واحد إلى من تأخر عن المص؟ وربما يستشهد له بمرسلة يونس الطويلة حيث حصر فيها المستحاضة في ثلثة
أقسام وجعل الناسية قسما واحدا وفيه انه جعل المبتدئة بالمعنى الأخص أيضا مقابل الناسية والمعتادة فالقسم الرابع وهي من لم تستقر
لها عادة مع تكرر الدم غير مذكور في المرسلة الاعلى التقريب الذي ذكره جمال الملة في حاشية ض؟ من شمولها لمن لم يستقر لها عادة وعدم شمولها للناسية كما سيأتي وهذا الخلاف وان لم يكن فيه مزيد ثمرة الا ان المرسلة الشريفة مشتملة على فوايد كثيرة اخر فينبغي
التيمن بذكر المرسلة فنقول روى الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن عيسى عن يونس عن غير واحد انهم سئلوا أبا عبد الله (ع) عن
الحايض والسنة في وقته فقال إن رسول الله صلى الله عليه وآله سن في الحيض ثلث سنن بين فيها كل مشكل لمن سمعها وفهمها حتى لم يدع لاحد فيه مقالا
بالرأي إما إحدى السنن فالحايض التي لها أيام معلومة قد أحصتها بلا اختلاط عليها ثم استحاضت فاستمر بها الدم
وهي في ذلك تعرف
أيامها ومبلغ عددها فان امرأة يق؟ لها فاطمة بنت أبي جيش استحاضت فاتت أم سلمة رضي الله عنها فسالت رسول الله صلى الله عليه وآله في ذلك فقال
تدع الصلاة قدر أقرائها أو قدر حيضها وقال انما هو عرق فأمرها ان تغتسل وتستثقر ثبوت وتصلى قال أبو عبد الله (ع)
هذه سنة النبي صلى الله عليه وآله في التي تعرف أيام أقرائها ولم يختلط عليه الا ترى انه لم يسئلها كم يوم هي ولم يقل إذا زادت على كذا يوما فاتت
مستحاضة وانما سن لها أياما معلومة كانت لها من قليل أو كثير بعد أن تعرفها وكك؟ أفق أبى (ع) وسئل عن المستحاضة فقال انما
ذلك عرق أو ركضة من الشيطان فلتدع الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة قيل وان سال قال وان سال مثل
المثعب قال أبو عبد الله (ع) هذا تفسير رسول الله صلى الله عليه وآله وهو موافق له فهذه سنة التي تعرف أيام أقرائها ولا وقت لها الا أيامها قلت
أو كثرت واما سنة التي كانت لها أيام متقدمة ثم اختلط عليها من طول الدم وزادت ونقصت حتى أغفلت عددها وموضعها
من الشهر فان سنتها غير ذلك أن فاطمة بنت أبي جيش أتت النبي صلى الله عليه وآله فقالت انى استحاض ولا أطهر فقال النبي صلى الله عليه وآله ليس ذلك بحيض
وانما هو عرق فإذا قبلت الحيضة فدعى الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلى فكانت تغتل في كل صلاة وكانت تجلس في
مركن لأختها فكانت صفرة الدم يعلو الماء قال أبو عبد الله (ع) إما تسمع رسول الله صلى الله عليه وآله أمر هذا بغير ما أمر به تلك الا ترى انه لم يقل لها
دعى الصلاة أيام أقرائك ولكن قال لها إذا أقبلت الحيضة فدعى الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وصلى فهذا يبين ان هذه امرأة
قد اختلط عليها أيامها لم تعرف عددها ولا وقتها الا تسمعها تقول انى استحاض ولا أطهر وكان أبى (ع) يقول إنها استحيضت سبع
سنين ففي أقل من ذلك تكون الريبة والاختلاط فلهذا احتاجت إلى أن يعرف اقبال الدم من ادباره وتغيير لونه من السواد إلى غيره
وذلك أن دم الحيض اسود يعرف ولو كانت تعرف أيامها ما احتاجت إلى معرفة لون الدم لان السنة في الحيض أن تكون الصفرة والكدرة
فما فوقها في أيام الحيض إذا عرف حيضا كله إن كان الدم اسود أو غير ذلك فهذا يبين لك ان قليل الدم وكثيره أيام الحيض حيض كله إذا
كانت الأيام معلومة فإذا جهلت الأيام وعددها احتاجت إلى النظر ح؟ إلى اقبال الدم وادباره وتغير لونه من السواد ثم تدع الصلاة على
قدر ذلك ولا ارى النبي صلى الله عليه وآله قال اجلسي كذا وكذا يوما فما زادت فأنت مستحاضة كما لم تأمر الأولى بذلك وكذا افتى أبى (ع) في مثل ذلك وذلك أن
امرأة من أهلنا استحاضت فسئل أبى عن ذلك فقال إذا رأيت الدم البحراني فدعى الصلاة وإذا رأيت الطهر ولو ساعة من نهار فاغتسلي
وصلى قال أبو عبد الله (ع) فارى جواب أبى (ع) هنا غير جواب أبى (ع) في المستحاضة الأولى الا تراه قال تدع الصلاة أيام أقرائها لأنه نظر إلى
عدد الأيام وقال ههنا إذا رأيت الدم البحراني فدعى الصلاة وأمرها هنا ان ينظر إلى الدم إذا قبل وإذا أدبر وتغير وقوله البحراني شبه
قول النبي صلى الله عليه وآله ان دم الحيض يعرف وانما سماه بحرانيا لكثرته ولونه وهذه سنة النبي صلى الله عليه وآله في التي اختلط أيامها حتى لا تعرفها وانما تعرفها بالدم
ما كان من قليل الأيام وكثيره قال واما السنة الثالثة فهى للتي ليس لها أيام متقدمة ولم تر الدم قط؟ ورأت أول ما أدركت واستمر
بها فان سنة هذه غير سنة الأولى والثانية وذلك أن امرأة يقال لها حمنة بنت جحش أتت رسول الله صلى الله عليه وآله فقال انى استحضت حيضة
شديدة فقال صلى الله عليه وآله احتشى كرسفا فقالت إنه أشد من ذلك وذلك انى اتجه ثجا فقال تلجمي وتحيضي في كل شهر في علم الله ستة أو سبعة ثم
اغتسلي غسلا وصومي ثلثا وعشرين أو أربعة وعشرين واغتسلي للفجر غسلا واخرى الظهر وعجلى العصر واغتسلي غسلا واخرى المغرب وعجلى
العشاء واغتسلي غسلا قال أبو عبد الله (ع) قد بين في هذه غير ما بين في الأول والثانية وذلك لان أمر هذه مخالف لاخر تنيك الا
ترى ان أيامها لو كانت أقل من سبع وكانت خمسا أو أقل من ذلك ما قال لها تحيضي سبعا فيكون قد أمرها بترك الصلاة أياما وهي
مستحاضة غير حايض وكك؟ لو كان حيضها أكثر من سبع وكانت أيامها عشرا أو أكثر لم يأمرها بالصلاة وهي حايض ثم مما يزيد هذا
بيانا قوله صلى الله عليه وآله تحيضي وليس يكون التحيض الا للمراة التي تريد ان تكلف ما تعمل الحايض الا تراه لم يقل لها أياما معلومة تحيضي أيام حيضك
ومما يبين هذا قوله (ع) في علم الله وإن كانت الا شيئا كلها في علم الله فهذا بين واضح ان هذه لم يكن لها أيام قبل تلك قط وهذه
203

سنة التي استمر بها الدم أول ما تراه أقصى وقتها سبع وأقصى طهرها ثلث وعشرون حتى يصير لها أيام معلوم فتنتقل إليها فجميع حالات
المستحاضة تدور على هذه السنن الثلاث لا يكاد ابدا تخلو من واحدة منهن إن كانت لها أيام معلومة من قليل أو كثير فهى على أيامها وخلقتها
التي جرت عليها ليس فيه عدد معلوم موقت غير أيامها فان اختلطت الأيام عليها وتقدمت وتأخرت وتغير عليها الدم آلو انا فسنتها اقبال الدم
وادباره وتغير حالاته وان لم تكن لها أيام قبل ذلك واستحاضت أول ما رأت فوقها سبع وطهرها ثلث وعشرون فان استمر بها لدم
أشهر فعل في كل شهر كما قال لها فان انقطع الدم في أقل من سبع أو أكثر من سبع فإنها تغتسل ساعة ترى الطهر وتصلى ولا تزال كك حتى
تنظر ما يكون في الشهر الثاني فان انقطع الدم لوقته من الشهر الأول حتى توالى عليه حيضتان أو ثلث فقد علم الان ان ذلك قد صارا لها وقتا
وخلقا معروفا تعمل عليه ما سواء وتكون سنتها فيما يستقبل ان استحاضت فقد صارت سنة إلى أن تجلس أقرائها وانما جعل الوقت
ان توالى عليها حيضتان أو ثلث لقول رسول الله صلى الله عليه وآله للتي تعرف أيامها دعى الصلاة أيام أقرائك فعلمنا انه لم يجعل القرء الواحد سنة لها
ولكن ن لها الأقراء وأدناه حيضتان فصاعدا فان اختلطت عليها فزادت ونقصت حتى لا تقف بها على حد ولا من الدم على لون
عملت باقبال الدم وادباره وليس لها سنة غير هذا القول رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أقبلت الحيضة فدعى الحيضة الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي ولقوله صلى الله عليه وآله
دم الحيض اسود يعرف كقول أبى (ع) إذا رأيت الدم البحراني فإن لم يكن الامر كك؟ ولكن الدم أطبق عليها فلم تزل الاستحاضة دارة وكان الدم
على لون واحد فسنها السبع والثلث لان قصتها قصة حمنة حين قالت انى أثجه ثجا انتهى الخبر وهو مشتمل على احكام كثيرة للحايض والمستحاضة
بل ظاهره حصر من المستحاضة في الثلاث لا حصر نفى المستحاضة في ثلث كما في الروض حتى الجاء لذلك إلى ادخال من لم يستقر لها عادة
في أحد القسمين الأخيرين ثم رجح ادخالها في اولهما حيث قال إنه (ع) حصر الأقسام في الناسية والذكارة والمبتدءة ولا يخفى ان من لم يستقر لها عادة
بعد لا تدخل في الناسية ولا في الذاكرة لعادتها فلو لم تدخل في المبتدئة بطل الحصر الذي ذكره (ع) انتهى ثم قال معترضا على نفسه لا يق؟ ان قوله (ع)
في تعريفها يعنى تعريف المبتدئة وان لم يكن لها أيام قبل ذلك واستحاضت أول ما رأت يدل على خلاف مطلوبكم لأنه فسر المبتدئة بأنها من
تستحاض في أول الدور لأنا نقول إن أول التعريف صادق على المدعى وان اجرى اخره وهو انها الذي استحاضت أول ما رأت على ظاهره
بطل الحصر فلابد من حمله على وجه يصح معه الحصر وهو ان يريد بالأولية ما لا يستقر معها العادة بعد وهو أول اضافي يصح الحمد عليه وقد
دل عليه مواضع من الحديث انتهى وقد دعاه إلى التكلف الذي ذكره في قوله لأنا نقول مع كونه مخالفا لظاهر اللفظ بل صريح قوله (ع) لم تر الدم
قط؟ ورأت أول ما أدركت واستمر بها ما زعمه من دلالة الرواية على حصر المستحاضة في ثلث ولا يخفى ان ليس في موضع منها دلالة على ذلك
وانما يدل على حصر سنن المستحاضة في ثلث واضعف من ذلك ما ذكره المحقق الخونساري في حاشية الروضة من عدم ظهور الرواية في الناسية
وانما المراد بذات السنة الثانية هي من ليس لها عادة بالفعل وإن كانت لها سابقا وان المراد بقوله أغفلت أي تركت لا نسيت وأنت خبير
بان عدة مواضع من الرواية تأبى عن ذلك فالتحقيق دخول الناسية في الرواية و ح؟ فلا بد من الحاق من لم يستقر لها بإحدى الأصناف المزبورة
ولا اشكال في عدم لحوقها بالمعتادة فبقى داخلة في إحدى الأخيرين لكن الظ؟ من مساق الرواية عدم اختلاف حكم الأخيرين وان ما وقع
في الرواية من الحكم برجوع الناسية إلى التميز إلى الرواية انما هو لان الغالب في المبتدئة اتحاد لون الدم وكثرته لقوة زائدة
وفى الناسية خلاف ذلك ولذا صرح (ع) فيما بعد في الناسية بقوله وان لم يكن الامر كذلك ولكن الدم أطبق عليها وكان الدم على لون واحد
فسنتها السبع والثلث والعشرون لان قصتها قصة حمنة حين قالت انى أثجه ثجا فدلت على أن رجوع حمنة إلى الروايات انما كان لاتحاد
لون الدم الذي استفادة (ع) من قولها انى أثجه ثجا فلو فرض اختلاف الدم في المبتدئة فليس لها الرجوع إلى السبع والثلث والعشرين بمقتضى
التعليل المذكور فيجب إما الحاقها بالمعتادة وهو غير معقول واما خروج سنتها عن السنن الثلاث وهو بط؟ بمقتضى الحصر المنصوص عليه في
مواضع من الرواية فتعين الحاقها بالناسية في الرجوع إلى التميز مع أن حكمها يمكن ان يستفاد من تعليل رجوع الناسية الفاقدة للتميز إلى
الروايات ان قصتها قصة حمنة فدل على أن كل من كان مثلها لابد ان ترجع إلى الروايات وتقدم في الروايات ان ارجاع حمنة إلى الروايات
لمخالفتها للقسمين الأولين في العادة والتميز فدل على أن التميز كالعادة مقدم على الروايات مطلقا والمرجع بعده إلى الروايات مطلقا
أيضا فافهم هذا مع أن دعوى شمول السنة الثانية لمن لم يستقر لها عادة لا يخ؟ عن شهادة بعض الفقرات له فثبت من ذلك كله ان المبتدئة
والناسية لا تختلفان في الحكم المذكور في الرواية وانما ذكر كلا منهما مورد السنة على حدة من باب غلبة دخول الناسية في موضع التميز و
غلبة دخول المبتدئة في موضع الروايات ومن هنا ذكر الوحيد في شرح المفاتيح ان بالتأمل في الرواية يظهر ظهورا تاما ان حكم المبتدئة
والمضطربة واحد انتهى ومنه أيضا يظهر اندفاع ايراد صاحب الحدائق على المش؟ من اختصاص التميز بالناسية والروايات بالمبتدئة فلا وجه المتعدى
204

عن مورد كل منها إلى غيره والتسوية بينهما ولنرجع إلى حكم أقسام المستحاضة
فنقول إذا تجاوز دمها العشرة رجعت ذات العادة المستقرة
إليها باجماع العلماء عد ما لك كما عن المعتبر ويدل عليه قبل ذلك الأخبار المستفيضة بل المتواترة الواردة في المستحاضة وسيأتي جملة منها ثم إن
ظ؟ العبارة تقديم العادة على التميز عند اجتماعهما وهو المض؟ المحكي صريحا عن المفيد والسيد واتباعهم والشيخ في غير يه؟ والحلبي والحلى وابن سعيد
والمحقق والمص؟ في كتبهما والشهيدين والمحقق الثاني وغيرهم وهو الاظهر لعموم المستفيضة الدالة على وجوب رجوع المستحاضة إلى عادتها و
خصوص المستفيضة الدالة على أن الصفرة في أيام الحيض حيض المسوقة لبيان ان الصفة لا تنظر إليها في أيام العادة وقد صرح به (ع) في يقوله
في المرسلة الطويلة فيمن جهلت أيامها انها لو كانت تعرف أيامها ما احتاجت إلى معرفة لون الدم لان السنة في الحيض أن تكون الصفرة والكدرة
فما فوقها في أيام الحيض إذا عرفت حيضا إذا كانت الأيام معلومة فإذا جهلت الأيام وعددها احتاجت إلى النظر ح؟ إلى اقبال الدم وادباره
وتغير لونه إلى أن قال في اخره فهذه سنة النبي صلى الله عليه وآله في التي اختلط عليها أيامها حتى لا تعرفها وانما تعرفها بالدم وهذه المستفيضة هي المخصصة
لعموم أدلة الرجوع إلى الصفات فلا يبقى لها عموم يعارض عمومات أدلة الرجوع إلى العادة مع أن بعض اخبار الصفات صريحة في اختصاص اعتبارها
بصورة عدم العادة مثل مصححة إسحاق بن حرير قال دخلت امرأة على الصادق (ع) فقالت له ما تقول في امرأة تحيض فيجوز أيام حيضها
قال إن كان أيام حيضها دون العشرة أيام استظهرت بيوم واحد ثم هي مستحاضة قالت فان الدم يستمر بها الشهر
والشهرين والثلاثة كيف تصنع
بالصلاة قال تجلس أيام حيضها ثم تغتسل لكل صلوتين قالت له ان أيام حيضها تختلف عليها وكان يتقدم الحيض اليوم واليومين والثلاثة
ويتأخر مثل ذلك فما علمها به قال دم الحيض ليس به خفاء هو دم حار تجد له حرقة ودم الاستحاضة دم فاسد بارد ومن جميع ما ذكرنا يظهر
ضعف المحكي عن الشيخ في يه؟ وط؟ والاصباح من تقديم التميز بل ادعى في الخلاف اجماع لفرقة على أن اعتبار صفة الدم مقدم على العادة
لكنه قوى في اخر كلامه تقديم العادة كما عن ط؟ فهذا رجوع عما في يه؟ ويتلوه في الضعف ما في سياة من التخيير بينهما ثم إنه لا فرق في
اطلاق النص والفتوى بين العادة المستفادة من الاخذ والانقطاع والمستفادة من التميز لصدق أقرائها ومال المحقق الثاني إلى تقديم
التمييز على القسم الأخير قال لان الفرع لا يزيد على أصله مع احتمال الترجيح لصدق الأقراء وفيه بعد لأنه خلاف المتعارف انتهى؟ وفيه؟ ان الفرق
بين القسمين إن كان من جهة عدم تحقق الحيض الواقعي بمجرد العمل بالصفات والمتبادر من أيام قرئها الواقعية لا التعبدية مع الجهل بالواقع
ففيه ان العادة المستفادة من الاخذ والانقطاع مع كون الدم محكوما شعرا بالحيضية بمجرد قاعدة الامكان أولي بان رجح عليها
أدلة التميز كما لا يخفى فلابد من اختصاص الحكم بالحيض القطعي الوجداني أو هو خلاف الاجماع ظاهرا مع أن اللازم من ذلك عدم الاعتبار
بهذه العادة ولو لم يزاحمها التميز ومنه يظهر فساد الفرق إن كان من جهة ان المتبادر من أقرائها الاختصاص الحاصل من الاخذ
والانقطاع مع أن هذا تشكيك ابتدائي لا يقدح في عموم المطلقات بل ربما يقال إن العموم هنا لغوى وفيه نظر فالتحقيق ان الخدشة
في تحقق العادة بالتميز أو بقاعدة الامكان بحيث يترتب عليها اثار العادة ولو مع سلامة عن مزاحمة التميز أولي كما تقدم في بيان
تحقق العادة من أن ثبوت العادة بالتميز مشكل الا ان يتمسك فيه بالاجماع كما يظهر من هي و ح؟ فيمكن ان يق؟ ان القدر المسلم من الاجماع إذا ما
لم يعارضها تميز فعمومات أدلة الرجوع إلى الأوصاف سليمة عن مزاحمة الرجوع إلى العادة والمسئلة محل اشكال ولذا توقف فيه الشارح
في الروض وكاشف اللثام ثم إن ظ؟ جماعة وصريح آخرين ان محل الخلاف هو مطلق ما لو اجتمع العادة مع التميز سواء أمكن الجمع بينهما بجعل
المجموع حيضا واحدا أم لا قال في يع؟ وذات العادة تجعل عادتها حيضا وما سواها استحاضة فان اجتمع مع العادة تميز قيل تعمل على
العادة وقيل تعمل على التميز وقيل بالتخيير والأول أظهر انتهى ونحوه عبائر جماعة كالمص في لف؟ وير؟ وكاشف الرموز وصاحب الموجز وشارحه
وظ؟ هذا العنوان كما ترى يشمل صورة امكان الجمع وفى سيلة؟ بعد تقسيم غير المبتدئة إلى أقسام أربعة بحسب وجدان العادة والتميز
أو أحدهما وفقدانهما قال الثاني أن تكون لها عادة وتميز يجوز لها ان يعمل على العادة وعلى التميز مخيرة فيهما مثاله امرأة عادتها
سبعة من كل شهر ثم رأت عشرة أيام بصفة دم الحيض في شهر ثم اتصل الدم أو رأت ثلاثة أيام بصفة دم الحيض والباقي دما احمر وقد اتصل
الدم فان شاءت عملت على العادة وان شاءت عملت على التميز وأمثال ذلك كك؟ انتهى ولا يخفى امكان الجمع في المثالين في التحيض بين
العادة والتميز ومع ذلك قال بالتخيير ومنه يعلم أن مراد المحقق من اجتماع العادة والتميز في عبارة ع؟ ليس مخصوصا بصورة تعارضهما
وعدم امكان الحكم بحيضية كل منهما مستقلا أو مجتمعا لان القائل بالتخيير على الظ؟ منحصر في ابن حمزة في سيلة؟ وقد عرفت ان كلامه
في صورة امكان الجمع وأظهر من ذلك كله كلام الشيخ المحكي عن مبسوطه حيث قال واما القسم الثاني وهي التي لها عادة وتمييز مثل
أن تكون امرأة تحيض في أول كل شهر خمسة أيام فرات في شهر عشرة أيام دم الحيض ثم رأت بعدها دم الاستحاضة واتصل فيكون
205

حيضها عشرة أيام اعتبارا بالتميز وكك؟ إذا كانت عادتها خمسة أيام فرات ثلاثة أيام دما أود ثم رأت دما احمر إلى اخر الشهر فان حيضها
ثلاثة أيام وما بعدها استحاضة اعتبارا بالتميز وكك؟ إذا كانت عادتها خمسة أيام من أول الشهر فرات في أول الشهر ثلاثة أيام دما احمر
وثلاثة أيام دما اسود وأربعة أيام دما احمر واتصل كان حيضها أيام الدم الأسود اعتبار بالتميز وكك؟ إذا كانت عادتها ثلاثة أيام
من أول الشهر فرات ستة أيام دما احمر وأربعة أيام دما اسود واتصل جعل حيضها الأربعة أيام التي رأت فيها دما اسود ولو قلنا
في هذه المسائل انها تعمل على العادة دون التميز لما روى عنهم (ع) ان المستحاضة ترجع إلى عادتها كان قويا انتهى ولا يخفى ان ما ذكره
من الأمثلة مما يمكن الجمع فيه بين العادة والتميز ونحوه في الظهور بل الصراحة كلام المص؟ في التحرير قال إما الجامعة للعادة والتميز فان
اتحد الزمان فلا بحث اجماعا وان اختلف فللشيخ قولان أصحهما العمل على العادة انتهى فجعل مورد الخلاف ما عدا اتحاد الزمان
وقال في يه؟ القسم الثالث ذات عادة وتميز فان توافق مقتضاهما تحيضت بما دلا عليه وان اختلفا فان تخلل بينهما أقل طهر كما إذا رأت
عشرين يوما ضعيفا ثم خمسة أيام قويا ثم ضعيفا وعادتها الخمسة الأولى فقدر العادة حيض بحكم العادة والقوى حيض اخر بحكم
التميز وان قلنا بتقديم العادة خاصة فالخمسة الأولى حيض والثاني استحاضة وان قلنا بتقديم التميز خاصة فالخمسة السواد حيض و
الثاني استحاضة وان لم يتخلل بينهما قدر الطهر كما لو كانت تحيض في خمسة أول الشهر فرات في دور عشرة سوادا ثم حمرة واستحيضت فالأقوى
الرد إلى العادة انتهى ثم اخذ في الاستدلال عليه ثم ذكر القول بالتميز ولا يخفى ان مثاله مما يمكن الجمع فيه بين العادة والتميز بجعل مجموع
العشرة حيضا ومثل ذلك كلامه في كرة؟ حيث قال وإن كانت يعنى المعتادة عددا وقتا المتجاوز دمها العشرة مميزة فان اتفق زمان
التميز والعادة فلا بحث وان اختلف إما بالزمان كما لو كانت عادتها الخمسة الأولى فرات في شهر الاستحاضة صفة الحيض في الخمسة الثانية أو
بالعدد كما لو رأت الستة الأولى بصفة دم الحيض أو أربعة فللشيخ قولان انتهى ولا يخفى ظهور المثالين بل صراحة الأخير في كون صورة امكان الجمع
محل الخلاف وقال في مع؟ صد؟ إذا اختلفا يعنى العادة والتميز زمانا سواء اختلفا عدد أمر لا فللشيخ قولان وقال أيضا ان ذاكرة العدد الناسية
للوقت إذا عارض تميزها عدد أيام العادة لم يرجع إلى التميز بناء على ترجيح العادة على التميز انتهى ولا يخفى ان تعارض العادة والتميز في ذاكرة
العدد الناسية للوقت لا يتصور الا بزيادة أيام التميز على العادة أو نقصانها عنه ولا ريب ان الجمع ممكنا بالتحيض بالزائد
كما صنعه شارح
الجعفرية تبعا لمن عرفت حيث صرح في الناسية للوقت خاصة انه ان زاد التميز على العادة يؤخذ به لعدم التعارض وان نقص عنها يؤخذ
بها وكيف كان فلا مجال للتأمل في أن مرادهم من تقديم العادة على التميز أو العكس أو التخيير الاقتصار في التحيض على أحدهما وان أمكن
جعل المجموع حيضا واحدا ومما ذكرنا يظهر ما في كلام بعض متأخري المتأخرين من جعل محل الخلاف ما إذا لم يمكن جعل المجموع حيضا
واحدا تبعا للشارح في الروض حيث نسب إلى الأصحاب انهم ذكروا في المعتادة وقتا وعددا ان مع امكان الجمع بينهما يجمع وتجعل ما زاد
عن عادتها من أيام التميز حيضا قال لكن المص؟ في يه؟ استقرب في هذا اختصاص العادة بالحيض وفيه منع انتهى وأنت خبير بان أحدا من الأصحاب
لم يذكر الجمع بن العادة والتميز مع الامكان بجعل المجموع حيضا واحدا نعم ربما يستظهر مما تقدم من النهاية اختصاص محل الخلاف بما إذا
لم يكن الجمع بينهما بتعدد الحيض لتخلل الضعيف مقدار أقل الطهر وهو الظاهر من المسالك أيضا واما في غير هذه الصورة فالأصحاب كما عرفت
بين مقدم للتميز ومقدم للعادة ومخير فيه وكانه قده؟ لم يظفر بأكثر العبارات المتقدمة كما اعترف به قبل ذلك فيما لو زادت أيام التميز على العدد
في ناسية الوقت حيث قال انى لم أتحقق لاحد من الأصحاب تصريحا فيه بشئ غير أن اطلاق كلامهم يقتضى جعل أيام التميز كلها حيضا انتهى
وقد عرفت ان زيادة التميز على العادة معنونة في كلام كثير منهم وذكروا الخلاف في تقديم التميز أو العادة وليس لهم اطلاق يقتضى جعل
أيام التميز كلها حيضا وكان الذي دعاه ومن تبعه إلى تخصيص محل الخلاف بغير صورة امكان الجمع ما ذكره في المعتبر وهي من أنه إذا اختلف
زمان التميز وزمان العادة مثل ان ترى في أيام العادة صفرة وكدرة وقبلها أو بعدها بصفة الحيض فإن لم يتجاوز المجموع العشرة؟؟
حيض وان تجاوز ففيه قولان ويظهر من المنتهى كصريح التنقيح عدم الخلاف في الجمع مع عدم التجاوز وأصرح من ذلك عبائر الشهيد في كتبه
الثلاثة حيث قيد محل الخلاف بصورة التعارض وعدم امكان الجمع وكأنهم حملوا عدم التجاوز في عبائر الفاضلين على عدم تجاوز مجموع
التميز والعادة العشرة مع تجاوز أصل ألد إياها ولا يخفى منافة كلامهم على هذا المعنى لما عرفت من لكماتهم بل لا بد من حمل التجاوز
وعدم التجاوز على تجاوز أصل الدم وعدم تجاوزه واطلاق التميز في صورة عدم التجاوز مع اختصاص مورده بصورة تجاوز الدم العشرة
يراد به مجرد اختلاف لون الدم كما عبر به بعضهم كثيرا في هذا المقام لا التميز الجامع للشرائط ويظهر ما ذكرناه من ذكر عدم تجاوز مجموع
الدم المتصف والفاقد عن العشرة في مسائل التميز كثيرا للمتتبع في عبارتهم ومما يشهد لذلك انه ينسب في المعتبر والمنتهى إلى الشيخ في المبسوط
206

الرجوع إلى العادة مع تجاوز العشرة مع أن الشيخ لم يذكر في المبسوط مثالا واحد التجاوز العادة والتميز العشرة كما مر في الأمثلة هذا كله
مضافا إلى أن طرح الزائد على العادة ولو مع وجود الوصف هو الظ؟ من الأخبار المتواترة الدالة على أن المستحاضة تأخذ أيامها وتدع ما سواها
وأصرح منها صحيحة إسحاق بن حرير والمرسة الطويلة المتقدمتين فظهر انه لا اشكال في اختصاص العادة بالحيض وطرح التميز الا ان يق؟
بتخصيص عموما بأدلة التحيض بما بصفة الحيض وتخصيص عموم التطهر فيما لم يكن بصفته بهذه العمومات ولا ريب في اباء غير واحد من تلك العمومات
كصحيحة استحق والمرسلة عن هذا الحمل واما ما ذكره الشهيد في كتبه من تقييد محل الخلاف بصورة امتناع الجمع فيحتمل ان يريد به صورة اتفاقهما
في الزمان والعدد كما قيد المص؟ قده؟ بذلك مما عرفت من عبارتي كره؟ ويه؟ فلا مخالفة فهى لما ذكرنا ويحتمل ان يريد به الاحتراز عما ذكره الفاضلان
من عدم تجاوز مجموع الدم العشرة فلا مخالفة ح؟ أيضا ويحتمل ان يريد به ما ذكره الشهيد الثاني من الاحتراز عما لو أمكن الجمع بينهما بجعل
المجموع حيضا واحدا أو بجعل كل منهما حيضا مستقلا بان تخلل بينهما ضعيف يبلغ أقل الطهر فيرد عليه ما تقدم من مخالفته لظ؟ كلام جماعة
وصريح آخرين فضلا عن ظ؟ الاخبار ومعاقد الاجماع ويحتمل قريبا ان يريد به خصوص الجمع على أن يكون كل منهما حيضا مستقلا كما
عرفت من تصريح المص؟ قده؟ في يه؟ والشارح في المسالك وهذا أيضا لا يخز عن منافاة لظ؟ كلمات الأصحاب والاخبار الا انه يمكن جمل كلماتها
على اجتماع عادة وتميز في حيض واحد لكن ظهور الاخبار في طرح ما سوى أيام العادة سيما المرسلة الطويلة مما لا ينكر فالقول بظاهرها
كما عن جماعة من متأخري المتأخرين كصاحبي خيرة؟ وئق؟ والوحيد في شرح يتح؟ لا يخ؟ من قوة هذا كله في المعتادة واما غير ذات العادة من الأقسام
الثلاثة الباقية فمن كان منهن ذات التميز واجدة لما يميز به حيضا عن طهرها رجعت إليه أي إلى تميزه والتميز يحصل بصفات الحيض والاستحاضة
فما كان من الدم الجامع لشروط الحيض على صفته جعله حيضا وجعل ما عداه استحاضة ورجوع غير المعتادة في الجملة إلى التميز هو المعروف
بين الأصحاب بل الظ؟ كونه مجمعا عليه كما هو صريخ ف؟ وظ؟ المعتبر وهي ففي ف؟ المستحاضة إن كان لها طريق تميز بين دم الحيض والاستحاضة
رجعت إليه فإن لم يتميز لها رجعت إلى عادة نسائها أو قعدت في كل شهر ستة أيام أو سبعة أيام إلى أن قال دليلنا على ذلك اجماع الفرقة
روى حفص بن البختري فذكر الحسنة الآتية انتهى وظاهر معقد الاجماع وإن كان هي المبتدئة الا انه في مقام اخر فيد رجوع الناسية إلى
الروايات بصورة عدم التميز ثم استدل عليه بالمرسلة الطويلة مع أن حكم السبع في ظاهرها مختص بالمبتدئة بالمعنى الأخص وعن هي؟
فاقدة العادة ذات التميز كالمبتدئة والمضطربة والناسية يرجع إليه وهو مذهب علمائنا وعن المعتبر انها يعنى المبتدئة بالمعنى الأخص
والمضطربة يعنى التي لم تستقر لها عادة ترجعان إلى التميز فما شابه دم الحيض فهو حيض إذا جمع الشرائط وما شابه دم الاستحاضة ليس حيضا
وهو مذهب فقهاء أهل البيت (ع) وقال أبو حنيفة لا اعتبار بالتميز انتهى وحكى عن أبي الصلاة ارجاع المضطربة أولا إلى عادة نسائها
ثم إلى التميز ثم إلى الروايات وارجاع المبتدئة إلى عادة نسائها إلى أن تستقر لها عادة وعن الصدوق والمفيد انهم لم يتعرضوا للتميز
وظ؟ الغنية ان المبتدئة والمضطربة يرجعان إلى أكثر الحيض وأقل الطهر فيصير المسألة خلافية الا ان الأقوى ما ذكرنا للأخبار المتقدمة في
أول الحيض المشتملة على بيان صفات الحيض والاستحاضة فان المتيقن من مدلولها صورة اشتباه الحيض بالاستحاضة لاستمرار الدم ففي
حسنة حفص بن البختري قالت دخلت على أبى عبد الله (ع) امرأة فسألته عن المراة تستمر بها الدم فلا يدرى دم الحيض أو غيره فقال لها
ان دم الحيض حار عبيط له دفع وحرارة ودم الاستحاضة أصفر بارد فإذا كان للدم حراره ودفع وسواد فلتدع الصلاة فخرجت
وهي تقول والله لو كان امرأة ما زاد علي هذا وفى صحيحة معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) ان دم الاستحاضة والحيض لي يخرجان من
مكان واحد ان دم الاستحاضة بارد وان دم الحيض حار ورواية إسحاق بن حرير قال أدخلت على أبى عبد الله (ع) امرأة فسألته عن
المراة تحيض فتجوز أيام حيضها فقال إن كان حيضها دون العشرة أيام استظهرت بيوم ثم هي مستحاضة قالت فان الدم يستمر بها كشهر
والشهرين والثلاثة قال تجلس أيام حيضها ثم تغتسل فقالت له ان أيام حيضها تختلف عليها وكان يتقدم الحيض اليوم واليومين و
يتأخر مثل ذلك فما علمها به قال دم الحيض ليس به خفاء هو دم حارا له حرقة ودم الاستحاضة دم فاسد بارد فالتفتت إلى مولاة لها و
قالت اترينه كان امرأة ويظهر من ذيلها وذيل لا حسنة المتقدمة ان تميز الحيض عن الاستحاضة بهذه الصفات مما هو مركوز في أذهان النساء
ومن المسلمات عندهن بالتجربة و ح؟ فيجب التميز بها لصدق الحيض عرفا على ذي الصفة وسلبه عرفا عن فاقدها فقد تطابق العرف
والشرع على أن الأصل في غير المعتادة الرجوع إلى هذه الصفات عند الاشتباه وظهر ضعف ما اعترض به صاحب الحدائق على المش؟ من أن
الرجوع إلى التميز في مرسلة يونس المتقدمة مختص بالمضطربة وجعل فيها سنة المبتدئة الرجوع إلى الروايات وفيه مضافا إلى ما
عرفت من عدم الحاجة إلى المرسلة في وجوب الرجوع إلى التميز بل هو أصل عرفي وشرعي عند الاشتباه وقد اعترف بذلك في بعض
207

المحكي من كلامه ان مورد الرجوع إلى التميز في المرسلة وإن كان مختصا فيها بالمتحيرة الناسية الا انه لا يخفى على المش؟ فيها بتمامها ان المناط
في ذلك مجرد فقد ان العادة لا خصوص سبقها ونسيانها وان أبيت الا عن اختصاصها بموردها فيكفي في الحكم بالنسبة إلى المبتدئة بالمعنى
الأعم العمومات المتقدمة السليمة عن معارضة ما يقبل لتخصيصها عدا ما ذكره من أن حكم المبتدئة في المرسلة هو الرجوع إلى الروايات
لا التميز وما ذكره من جملة من الاخبار تدل على أن حكم المبتدئة هو الرجوع إلى الأيام مثل موثقة ابن بكير عن المراة إذا رأت الدم في أول حيضها
ترك الدم إلى عشرة أيام ثم تصبر إلى عشرين فان استمر بها الدم بعد ذلك ترك الصلاة ثلاثة أيام وصلت سبعة وعشرين يوما وموثقة
الأخرى المقطوعة قال في الجارية أول ما تحيض يقع عليها الدم فتكون مستحاضة انها تنظر بالصلاة فلا تصلى حتى يمضى أكثر ما يكون من
الحيض فإذا مضى ذلك وهو عشرة أيام فعلت ما تفعله المستحاضة ثم صلت فمكثت تصلى بقية شهرها ثم ترك الصلاة في المرة الثانية
أقل ما تترك امرأة الصلاة وتجلس أقل ما يكون من الطمث وهو ثلثة فإذا دام عليها الحيض صلت في وقت الصلاة التي صلت وجعلت وقت
طهرها أكثر ما يكون من الطهر وتركها الصلاة أقل ما يكون من الحيض وموثقة سماعة عن جارية حاضت أول حيضها فدام دمها ثلثة أشهر
وهي لا تعرف أيام أقرائها قال أقرائها مثل اقراء نسائها فان كن نسائها مختلفات فأكثر وقتها عشرة أيام وأقله ثلاثة أيام ولا يخفى
عدم نهوض شئ منها لرفع اليد عما ذكرنا من المعيار العرفي والشرعي إما المرسلة فلان ظاهرها بالنسبة إلى المبتدئة وإن كان في غير مواضع
لا يعتد فيها باختلاف الدم الا انه يظهر من قوله (ع) في اخر الرواية ان قصتها حمنة بنت جحش الخ ان تحيض المبتدئة بالأيام انما هو إذا
كانت ترى الدم على لون واحد فراجع الرواية خصوصا قوله (ع) في اخر الرواية بعد تغير الدم بالاقبال والادبار فإن لم يكن الامر كك؟
ولكن أطبق الدم عليها فلم تزل الاستحاضة دارة وكان الدم على لون واحد وحالة واحدة فسنتها السبع والعشرين لان قصتها
قصة حمنة بنت جحش حين قالت أثجه ثجا الخ؟ مع أن الظاهر المتبادر من استمرار الدم استمراره على لون واحد ومنه يظهر الجواب عن اطلاق
الموثقات ولو اغمض عن ذلك فعارضت مع أدلة التميز بالعموم ممن وجه فيرجع إلى المرجحات مثل موافقة المش؟ ومخالفة أبي حنيفة من الجمهور
ومع الإغماض عن ذلك فالمرجع اطلاقات الحيض الصادق عرفا على الواجد للصفات والمسلوب عرفا عن فاقدها فت؟ ومع الإغماض عن ذلك
فالمرجع في التشخيص الحيض في المقام وتميزه عن الاستحاضة إلى العمل بالظن وإن كان الشبهة في
الموضوع لأن المفروض انسداد باب العلم والا ما رأت
الخاصة وعدم امكان الرجوع إلى الأصل لان الخصم لا يقول به بل لم يقل به أحد عدا ما تقدم عن الغنية من الرجوع إلى أكثر الحيض وأقل
الطهر فتأمل ثم إنهم ذكروا للتميز شروطا منها ما هو كالمستغنى عنه مثل تجاوز الدم العشرة واختلاف صفة ومنها ما لايخ؟ اطلاق اعتباره
عن اشكال وهي ثلثة الأول والثاني ان لا ينقص القوى عن الثلاثة ولا يزيد على العشرة ولا اشكال فيها ان أريد قصر الحيض على الناقض
في الأول والتحيض بمجموع القوى في الثاني وما في الحدايق من الطعن في الشرط الأول مستندا إلى اطلاق الاخبار بل تصريح المرسلة بلزوم
التحيض بأقوى قليلا كان أو كثيرا فهو ضعيف في الغاية لان اخبار التميز في مقام تميز دم الحيض عن الاستحاضة بعد احراز قابلية الدم
لكونه حيضا باستجماع شرائطه والمراد بالقليل والكثير في المرسلة القليل والكثير مما يقبل الحيضية شرعا لا ما يعم الساعة والشهر مثلا
ولو فرض دلالة المرسلة على ذلك لزم تقييدها بالأدلة القطعية الدالة على تحديد طرفي الحيض نعم ربما يق؟ ان أدلة التحديد لا يوجب
طرح التميز في المقام رأسا إذ يجوز الاخذ بمقدار العشرة من الزايد في الفرض الثاني كما سيأتي عن ط؟ عملا بعموم ما دل على التحيض بالقوى الا ما
امتنع التحيض به شرعا أو الاخذ منه بمقدار عادة الأهل أو الروايات كما احتمله بعض اخر قال في ط؟ إذا رأت المبتدئة ما هو بصفة دم الاستحاضة
خمسة أيام ثم رأت ما هو بصفة الحيض باقي الشهر يحكم في أول يوم ترى ما هو بصفة دم الحيض إلى تمام العشرة بأنه حيض وما بعد ذلك المستحاضة
وان استمرت على هيئة جعلت بين الحيضة الأولى والحيضة الثانية عشرة أيام طهرا وما بعد ذلك من الحيضة الثانية ثم على هذا التقدير
انتهى وكذا يجوز اكمال القوى الناقض في الفرض الأول من طرفيه أو أحدهما بما يبلغ أقل الحيض لأنه المتيقن في مخالفة الأصل أو بعادة النساء
أو الروايات بناء على أن الظ؟ من أدلة الرجوع إليهما عدم الفرق بيني ما إذا اختلط تمام الحيض بالاستحاضة ولم يمكن التميز أو اختلط بعضه
بها كما في المقام حيث احتجنا في اكمال الناقص إلى التيمم فيكون الفرق بين هذا وبين الرجوع إلى الروايات أو عادة النساء من أول الأمر
تعين محل الاخذ بالروايات أو عادة الأهل على الأول دون الثاني وممن تبع الشيخ فيما حكيناه عنه كاشف اللثام ويد الرياض
وأضافا إليه تكميل الناقص بما في الاخبار أو بعادة النساء لكن الشيخ قده؟ صرح في المبسوط عدم جواز الاكمال فقال بعد العبارة المتقدمة
فإذا رأت أقل من ثلاثة أيام دم الحيض ثم رأت دم الاستحاضة إلى اخر الشهر فهذه لا تميز لها فليرجع إلى عادة نسائها انتهى لكن الانصاف
ان ظ؟ أدلة التميز هو التحيض بالقوى وجعل الضعيف استحاضة من دون زيادة على أحدهما من الأخر فالزائد والناقص خارجان
208

عن موردها بل قد يق؟ ان مراعاة أدلة التميز في طرف القوى بجعل الناقص حيضا ثم تكلمته من الضعيف ليس بأولى من مراعاتها في طرف
الضعيف في الفرض الأول بجعل مجموعه استحاضة فيخرج الناقص عن الحيضية لكن يرد عليه ان مراعاة عموم الحكم على الضعيف بالاستحاضة
في أدلة التميز يوجب خروج هذا المورد عن أدلة التميز إذا المفروض اختلاط الحيض بالاستحاضة فكيف يجعل تميزهما بجعل الجميع استحاضة
فيلزم من الرجوع إلى أدلة التميز طرحها والرجوع إلى غيرها من الاخبار وعادة النساء بخلاف ما لو حكمنا علي الناقص بالحيضية وعلى الضعيف
بالاستحاضة الا ما يحتاج إليه في تكميل الناقص فإنه قد حصل التميز من دون تقييد زائد على ما هو المعلوم في كل من الضعيف والقوى
من تقييده بصورة القابلية شرعا واضعف من ذلك رد ما تقدم عن الشيخ ومن تبعه بالاجماع على اعتبار الشرطين المتقدمين إذا لا يخفى
ان القدر المجمع عليه الذي دل عليه أدلة تحديد طرفي الحيض هو عدم جواز العمل بمقتضى التميز بجعل القوى حيضا والضعيف استحاضة من دون
ادخال شئ من أحدهما في الأخر فان هذا هو المخالف لأدلة تحديد الحيض قلة وكثرة ولا دليل على هذا الشرط غيرها إذا التميز على ما ذكروه
من الاكمال والنقص لا اجماع عليه كيف وان الشيخ قد صرح هو بهذا الشرط حيث قال وما تراه المراة بصفة الحيض انما يكون له حكم إذا
جمع شرطين أحدهما ان تراه بتلك الصفة ثلاثة أيام لان ما نقص عنها لا يكون حيضا الثاني ان لا يزيد على العشرة لان ما زاد على العشرة
لا يكون حيضا انتهى وكان مراده امتناع جعل تمام ما زاد على العشرة حيضا ومع ذلك فقد عرفت ما تقدم عنه فالأولى التمسك
بظهور أدلة التميز في الاكمال والتنقيص لا ان خروج هاتين الصورتين عن مورد النص لا يقصر عن خروج باقي صور التميز الغير المنصوصة
التي فهمنا من الروايات ضابطا كليا يشملها فان كون أحد الدمين القابلين كدر والاخر أصفر لا يزيد في مقام الترجيح على صورة كون
بعض أحدهما جامعا لجميع صفات الحيض مع خلو البعض الا خبر عنا أو عن بعضها وتمام الأخر خاليا عن الكل فتأمل بقى الكلام في أن التنقيص
عن القوى المتجاوز للجميع لعموم أدلة التميز الا ما امتنع شرعا لا توجب الا جعل الحيض مقدار العشرة من الدم المتجاوز من غير فرق بين المتقدم
منه والمتأخر فتخصيص الشيخ قده؟ الحيض بالعشرة الأولى لعله لمراعات قاعدة الامكان في الدم المتصف بصفة الحيض فحاصل مذهبه قده؟
ان الدم إذا اختلف لونه حكم على ما فقد صفة الحيض بالاستحاضة لامتناع كونه حيضا بدلالة اخبار التميز واما المتصف بصفة الحيض
فيحكم بحيضيته مهما أمكن ومنه يعلم مخالفة مذهب الشيخ ولمن تبعه الا انه يشكل قول الشيخ قدس سره بان قاعدة الامكان معارضة بالمثل
بالنسبة إلى العشرة اللاحقة فالأظهر ان يقال إن الفرض المذكور خارج عن مورد روايات التميز ورواية الاخذ بالثلاثة والسبعة الا
ان المستفاد من الروايات الأولى اباطة الحكم باللون مع اختلاف اللون ومن الروايات الثانية إناطة حكمها بالحيض المختلط بالاستحاضة
مع اتحاد اللون فيحكم بالاستحاضة على الأصفر وبقى الأحمر حيضا مختلطا بالاستحاضة من دون تميز فيرجع فيه إلى الروايات والشرط؟
الثالث عدم قصور الدم الضعيف وحده أو مع ما يضاف إليه من أيام النقاء عن أقل الطهر ولا اشكال في اعتبار هذا الشرط بعد ما تقدم منن ان الطهر
لا ينقص عن العشرة إذا كما يعتبر في الحكم على القوى بالحيضية استجماع شرائط الحيض كك؟ يشترط في الحكم على الضعيف بالطهرية استجماعه لشرائط
الطهر وهذا واضح لا ينبغي الخلاف فيه بل لا خلاف فيه كما عن كشف اللثام نعم قد طعن فيها صاحب الحدائق زاعما انه لا دليل هنا بل ظاهر الاخبار
ترده مثل موثقة أبي بصير عن المراة ترى الدم خمسة أيام والطهر خمسة وترى الدم أربعة أيام والطهر ستة فقال إذا رأت الدم لم تصل و
إذا رأت الطهر صلت ما بينها وبين ثلثين يوما فإذا تمت ثلاثون يوما ورأت دما صبيا اغتسلت واستثفرت واحتشت بالكرسف في كل صلاة
فإذا رأت صفرة توضأت وموثقة يونس بن يعقوب المراة ترى الدم ثلاثة أيام أو أربعة أيام قال تدع الصلاة قلت ترى الطهر ثلاثة أيام أو أربعة
أيام قال تصلى قلت فإنها ترى الدم ثلاثة أيام أو أربعة أيام قال تدع الصلاة تصنع ما بينها وبين شهر فان انقطع الدم عنها والا فهى بمنزلة
المستحاضة وحكى القول بمضمونها عن الصدوق في الفقيه والمقنع والشيخ في يه؟ وط؟ وحملهما في الاستبصار على مضطربة اختلطت دعائها
ف الحض وتغيرت عادتها وكذا أيام وكذا أيام أقرائها واشتبه عليها صفة الدم ولا يتميز لها دم الحيض عن غيره فإذا كانت كك؟ ففرضها إذا
رأت الدم ان تترك الصلاة وإذا رأت الطهر جلست إلى أن تعرف عادتها ثم قال ويحتمل ان يكون هذا حكم امرأة مستحاضة اختلطت عليها
أيام حيضها وتغيرت عادتها واستمر بها الدم فترى ما يشبه دم الحيض ثلاثة أيام وما يشتبه دم الاستحاضة ثلاثة أيام ففرضها ان
تترك الصلاة كلما رأت ما يشبه دم الحيض وتصلى كلما رأت دم الاستحاضة إلى شهر وتعمل بعد ذلك ما تعمله المستحاضة ويكون قوله
رأت الطهر عبارة عما يشبه دم الاستحاضة لان الاستحاضة حكم الطهر انتهى كلام الاستبصار أقول لا يخفى انه ليس في ظاهر الخبرين
ولا في فتوى الصدوق والشيخ بمضمونها ولا في أول الحملين الذين ذكرهما في الاستبصار منافاة لمذهب المش؟ هنا من اعتبار بلوغ
أقل الطهر في الضعيف لان معنى ذلك أن الدم الضعيف بمنزلة اخفاء الحقيقي والخبر ان يدلان على أنه لا يشترط في الطهر الحقيقي كونه عشرة
209

فهما في الحقيقة منافيان لاطلاق ما دل على اعتبار كون الطهر عشرة فاما زاد و ح؟ فلو فرض العمل بأظهرهما كما عن الصدوق والشيخ
فلابد ان يخصص بهما أدلة أقل الطهر وان يخصصا بأدلة التميز فيصير مورد التميز خارجا عنهما فأين دلالتهما على عدم اعتبار أقل الطهر
في الدم الضعيف من ذات التميز هذا كله مع ما عرفت سابقا في مسألة أقل الطهر من أنهما لا يد لان الا على وجوب التحيض كلما رأت
الدم والتعبد كلما رأت الطهر وهذا مما نقول به ولعله أيضا مراد الصدوق والشيخ من فتويهما كما اعترف به المحقق في توجيه كلام الشيخ
وقد تقدم في مسألة أقل الطهر ولا دلالة فيهما على كون كل دم حيضا واقعيا وكل طهر طهرا واقعيا كك؟ والالزم إما كون الحيض
الواحد أكثر من عشرة لو جعل جميع ما تراه في ثلثين يوما من الدم حيضا واحدا واما عدم تخلل العشرة بين الحيضتين المستقلتين
وكلاهما ضروري البطلان عند أصحابنا واما الحمل الأخير الذي ذكره في الاستبصار فهو وإن كان صريحا في عدم اعتبار بلوغ الضعيف
أقل الظهر كما اعترف به في كرى؟ الا انه لا ريب في مخالفته لظ؟ الخبرين مع أن الظ؟ ان الشيخ انما ذكره احتمالا لا على وجه يفتى به ولذا صرح
ف بمواضع من ط؟ باعتبار هذا الشرط في الدم الضعيف منها ما سيأتي ومنها قوله في محكى ط؟ انها ان رأت دم الحيض خمسة أيام مثلا
ثم رأت دم الاستحاضة وجاز العشرة ثم رأت دم الحيض يستوفى من وقت ما رأت دم الاستحاضة عشرة أيام ثم يحكم بما تراه بعد ذلك أنه
من الحيضة إلى خمسة عشر يوما ثم رأت دم الحيض كان ذلك من الحيضة الثانية لأنها استوفت أقل الطهر وكك؟ ان رأت دم الحيض أقل من
خمسة أيام ثم دم الاستحاضة وجاز العشرة المستقبلة فان رأت أولا دم الحيض سبعة أيام ثم رأت بعد ذلك دم الاستحاضة وجاز العشرة
يستوفى أقل الطهر عشرة أيام سواء انقطع الدم قبل ذلك أو تغير ورجع إلى لون الحيض أو لم يرجع لان الطهر لا يكون أقل من عشرة أيام انتهى
وكيف كان فلا اشكال في اشتراط بلوغ الضعيف أقل الطهر بنفسه أو بانضمام النقاء إذا اتفق معه لكن المتيقن من ذلك الذي يدل عليه
أدلة أقل الطهر هو ان الضعيف متى كان دون أقل الطهر لم يجز الحكم بحيضية مجموع طرفيه ولا كل واحد منهما بالاستقلال مع الحكم
على الضعيف بكونه طهرا فإذا رأت دما اسود ثم اسود فلا يجوز الحكم على كل من الأسودين بالحيضية وعلى الأصفر بالطهر انما الاشكال
في أنه هل يكون هذا الفرض خارجا عن مورد التميز كما عن المعتبر وكرة؟ نظرا إلى عدم امكان العمل بمقتضى أدلة التميز هنا لوجوب رفع اليد عنها
بالنسبة إلى الحيضة أحد الطرفين أو كون الوسط استحاضة ولا مرجح ففي الحقيقة لا يحصل التميز بالرجوع إلى أدلته في هذا الفرض أو
يكون داخلا تحتها لاقتضائها بعمومها وجوب الحكم على القوى بالحيضية ما لم تمتنع شرعا وعلى الضعيف بالاستحاضة كك؟ وعليه
فهل يجعل المجموع من القوى والضعيف حيضا مع فرض الامكان نظرا آل حيضية كل من الأسودين بمقتضى العموم فيتبعها الأصفر
ولا يمكن الحكم بطهرية الأصفر فيتبعه أحد الأسودين لان الحكم بطهرية الضعيف من باب عدم صلاحية الحيض وأصالة الطهر فإذا
تحقق علامة الحيض في الطرفين فهى العلامة لحيضية الوسط ولا يكفي امكان الاستحاضة في كون الأصفر إياها فضلا عن تبعية الأسود
له أو يحكم على أحد الأسودين بالحيضية وعلى الأخر مع الأصفر بالاستحاضة لمنع ما ذكر من كون طهرية
الضعيف من جهة عدم علامة
الحيض بل الظ؟ انه من جهة وجود علامة الاستحاضة فالأصفر واج الطهرة بمقتضى أدلة التميز كما أن الأسود واجب الحيضية ومنه يظهر
فساد قياس الدم الضعيف على النقاء المتخلل بين دمين ممكني الحيضية مع عدم تجاوز المجموع العشرة بل جعله أولي بالحكم عليه بالحيضية
ثم على تقدير تخصيص الحيضية بأحد الأسودين فهل المختص هو المتأخر كما عن ط؟ أو المتقدم كما عن كرى؟ والمدارك ويظهر عن هي؟ أي؟ أيضا لم اقف بشئ
منهما على دليل يعتد به ولعل جعل المجموع حيضا مع الامكان لا يخ؟ عن قوة ثم إن الظ؟ ان فائدة هذا الشرط منحصرة فيما إذا تخلل
الضعيف بين قوين لم يثبت حيضية أحدهما والا فلو فرض عدم مسبوقية الضعيف لقوى أو عدم ملحوقية به كان بلوغ الضعيف
وحده أو مع النقاء أقل الطهر حاصلا لا محالة وكذا لو كان متخللا بين قويين لكن ثبت حيضية أحد الطرفين بعادة أو نحوها إذ ح؟
يحصل القطع بعدم حيضية الضعيف وكونه في حكم العدم و ح؟ فيخرج القوى عن مورد التميز فظهر من ذلك أن مقصودهم من الاشتراط
ه بيان حكم صورة تخلل الضعيف بين قويين أمكن حيضية كل منهما وان ما ذكره كاشف اللثام من أنه لا خلاف في هذا الشرط انما الخلاف
فيما إذا تخلل الضعيف أقل من عشرة القويين مع صلاحية الدم للحيضية في كل من الطرفين ليس في محله لما عرفت من أن هذا هو محل الاشتراط
لا غير وسيأتي عن يه؟ ما يوضح ما ذكرنا فالأجود جعل أصل اشتراط هذا الشرط محل الخلاف كما صنع في كرى؟ وجامع صد وض؟ ومما
ذكرنا يظهر ان كل من تعرض لهذا الشرط يكون القويان الحافان للضعيف البالغ أقل الطهر عنده حيضين مستقلين فيمكن لذات التميز
حصول حيضات في شهر واحد وقد صرح به في غير موضع من هي؟ وط؟ والبيان بل ربما نسب إلى ظاهر كلمات الأصحاب بل الظ؟ من المص؟ قده؟
في يه؟ ان المقصود من هذا الاشتراط الحكم بتعدد الاشتراط الحكم بتعدد الحيض حيث قال يشترط ان لا ينقص الضعيف أو هو مع النقاء عن عشرة لأنا نريد ن
210

نجعله طهرا والقوى بعده حيضة أخرى انتهى ولعل هذا كله لعموم أدلة التميز الا انه يشكل هذا في الناسية فان ظاهر رواية يونس انها
تعرف أيامها بصفة الدم وفيها مواضع اخر من الدلالة على عدم تحيض المستحاضة أكثر من شهر فتأمل ثم إنه لا اشكال في حصول التميز بصفات
الحيض والاستحاضة المنصوصة في النصوص المعتبرة كالسود والحرارة والدفع أضدادها واما غيرها كالغلظة والنتن فالتميز بها لا يخ؟ عن
اشكال وإن كان يظهر من الشيخ والمحقق حيث اطلق الأول التميز بصفات الحيض والاستحاضة وعبر الثاني بجعل ما شابه دم الحيض حيضا
وما شابه الاستحاضة استحاضة بل عرفت في أول المسألة دعويه اجماع فقهاء أهل البيت عليهم السلام بذلك وقد صرح بذلك أيضا قدس
سره والشهيدان والمحقق الثاني وغيرهم حيث ذكورا ان القوة والضعف حصل صفات ثلث الأولى اللون فالأسود قوى الأحمر وهو قوى
الأشقر وهو قوى الأصفر والا كدر كما في يه؟ وزاد في لك؟ ان الأصفر قوى الأكدر الثانية الراحة فذوا الرايحة الكريهة قوى قليلها
وهو قوى عديمها الثالثة التخانة فالتخين قوى الرقيق ويلزمهم ملاحظة مراتب الصفات فالأشد سواد أو جرارة أو ثخانة قوى
ما دونه وذكروا ان ذا الوصفين قوى ذي الواحد إذا لم يكن أقوى منهما ولعل هذا كله لما يستفاد من الاخبار من أن العبرة بقوة الدم
وضعفه عند اشتباه الحيض بالاستحاضة كما يشعر به بل يدل عليه التعبير عن ذلك في المرسلة بالاقبال والادبار وقوله صلى الله عليه وآله دم الحيض اسود
يعرف وقوله (ع) دم الحيض ليس به خفاء الظ؟ من وكوله إلى الوضوح مع أنه لا يتضح عند العرف ولا يمتاز عن الاستحاضة الا بالقوة والضعف
مطلقا لا خصوص ما نص به في الروايات ان العبرة في التميز بمطلق الامارات المختصة بالحيض غالبا الكاشفة عند العرف عن الحيض كشفا
ظنيا لا ان العبرة بمطلق الظن حتى يلزم اعتبار الظن ولو من غير الصفات وهو باطل اجماعا ولو وجد في أحد الدمين صفة وفى الأخر أخرى مع تساويهما
في القوة ولم يمكن التحيض بمجموعهما فعن ظ؟ كرة أو محتمله التحيض بالمقدم وحكاه فها عن الشافعي ولم علم وجه الترجيح ولذا تردد في النهاية
ولو انحصر الدم في القوى والأقوى وتعارضا فلا اشكال في تقديم الأقوى بناء على التقدم ولو اجتمع معها ضعف كما لو رأت السواد
ثلثا والحمرة ثلثا ثم رأت الصفرة وتجاوزت فهل الحيض السواد خاصة كما عن المعتبر وهي وموضع من كرة؟ مستند إلى أن الحمرة مع السواد
طهر عند التجاوز مع الانفراد عن الصفرة فكذا مع الانضمام أم هو مع الحمرة كما عن يه؟ الاحكام وموضع اخر من كرة؟ لعموم أدلة التحيض بما
هو بصفات الحيض وترجيح الأقوى على القول انما هو في مقام عدم المناص عن جعل أحدهما استحاضة فلا يجرى مع الانضمام هذا مع
ما عرفت من الاشكال في ترجيح الأقوى على القوى لعدم مساعدة أدلة التميز ثم إن المستفاد من اطلاق المص؟ قده؟ الحكم برجوع ذات التميز
مطلقا إلى تميزها في مقابل رجوع المعتادة إلى عادتها مع ما عرفت من ظهور كلامه قده؟ في تقديم العادة على التميز عند التعارض
ان المضطربة إذا كانت لها عادة وفى أحد من الوقت والعدد يرجع في الأخر إلى التميز لا انها ترجع إلى التميز مطلقا حتى فيما اعتاد به من
الوقت أو العدد فالناسية للوقت الذاكرة للعدد يرجع في تعيين الوقت إلى التميز ثم بأخذ بما تقتضيه عادتها من العدد سواء زاد على ما
يقتضيه التميز أم نقص عنه وفاقا الجامع صد؟ وشارح المفاتيح وصاحب ئق؟ الا انه ذكر ان اطلاق كلام الأصحاب هو الرجوع إلى التميز
حيث إنهم اطلقوا رجوع المضطربة بجميع أقسامها إلى التميز وقد تبع في ذلك مع؟ صد حيث اعترض بهذا على كلام المص؟ في عد؟ واطلاقه رجوع
المضطربة إلى التميز وأنت خبير بضعف هذا الاعتراض بعد ما عرفت ان مرادهم رجوعها إليه فما لم يكن له فيه عادة من الوقت
أو العدد أو كليهما ويتلوه في الضعف ما في الروض حيث فرق بين زيادة التميز على العدد المحفوظ ونقصانه عنه فحكم في الثاني برجوعه
إلى العادة وقال في الأول ان اطلاق كلامهم بتقديم العمل بالتميز يقتضى جعل أيام التميز كلها حيضا ووجه الفرق بين الصورتين
بان العادة انما تقدم على التميز عند التعارض ومع زيادة أيام التميز على العدد وانقطاعه على العاشر مما دونه إذ هو الفرض لأنه
من شروط التميز لا تعارض بل يمكن الجمع بينهما بجعل الجميع حياض قال ومثل هذا آت في ذاكرة الوقت والعدد مع عبور الدم العشرة
فإنهم ذكروا هناك ان مع امكان الجمع يجمع ويجعل ما زاد من أيام التميز عن عادتها حيضا وقد أشرنا إليه فيما سلف لكن المص؟ قده؟
في يه؟ استقرب في ذاكرتهما مع زيادة التميز على العشرة ومجاورة العشرة اختصاص الحيض بالعادة وعلى هذا يمكن اختصاص العدد وفى المبنى عليه
منع انتهي أقول قد عرفت سابقا ان كل من يقدم العادة على التميز يجعل مقدار العادة حيضا والزائد استحاضة وإن كان
بصفة الحيض ما عرفت من تصريح الشيخ في ط؟ والمص؟ قده؟ في كره؟ ويه؟ وان ما نسبه الهيم في معتادة الوقت والعدد من جعل ما زاد من أيام
التميز عن عادتها حيضا خلاف ما صرحوا به هذا في معتادة العدد مضطرة الوقت ويدل على يما ذكرنا مضافا إلى عمومات ان
المستحاضة في الحايض والنفساء تقعد عدد أيامها ما في المرسلة الطويلة من قوله (ع) أرأيت لو كانت عادتها أقل من سبع لم يأمرها
بترك الصلاة وهي مستحاضة غير حايض وانها لو كانت أزيد لم يأمرها بالصلاة وهي حايض واما ناسية العدد ذاكرة الوقت فترجع
211

إلى التميز فان اتحد أول زمان التميز والوقت فتجعله أول حيضها واخر حيضها اخر التميز عملا لعموم ما دل على اعتبار الأوصاف ولو علمت
اجمالا بنقصان عددها المنسى عن مقدار التميز أو زيادته عنه أمكن تكميل الناقص في الثاني وتنقيص الزائد في الأول ويحتمل قويا الرجوع
إلى التميز لاطلاق أدلة الرجوع إلى التميز مع اغفال العادة في مرسلة يونس مع أن الغالب عدم نسيانها رأسا بحيث لا تعلمها اجمالا
بين عددين مضافا إلى اطلاق سائر أدلة التميز خرج منها ما لو علمت العادة تفصيلا لكن المستفاد من الفقرة المتقدمة في المرسلة
امتناع أمر المستحاضة بما يعلم مخالفته للعادة مضافا إلى صدق معرفة أيام الأقراء المغنية عن النظر إلى لون الدم فيما كان من العدد
في الوقت المحفوظ وان لم يتحد أول زمان التميز والوقت وتخالفا فإن كان بينهما أقل الطهر فالمحكى في شرح المفاتيح عن جماعة انها تحيض
لكل منهما فيتحيض في أول الوقت لعموم قوله (ع) إذا رأت الدم في أيام حيضها وتحيضت بها أيضا لا دلته ويحتمل العمل بالتميز لعموم أدلته ما لم
يعلم العادة العددية تفصيلا ويحتمل الاقتصار على الوقت وتعمل مما تعمله مضطربة العدد وهو أضعف الاحتمالات واختار في شرح يتح؟ لوسط
قال لعدم ظهور عموم في طرف الوقت انتهى أقول يكفي فيه عموم مثل قوله (ع) في مرسلة يونس القصيرة إذا رأت المراة الدم في أيام حيضها تركت
الصلاة الا ان الرجوع في تعيين اخر الحيض هنا إلى الروايات بعيد لاختصاصها بعادة التميز فلا بد إما من الرجوع إلى الظن واما
من الاحتياط والأول أقوى ولو لم يكن بينهما أقل الطهر ففي ترجيح العادة كما عن الحدائق لقوة دلالته وعموم الأخبار الدالة على أن
الصفرة والكدرة في وقت الحيض حيض أو التميز كما عن شرح المفاتيح لما ذكر من عدم عموم في طرف أدلة الوقت وجهان لا يخ؟ اولهما
عن قوة لما ذكرنا فان المستفاد من الاخبار سيما المرسلة ان التميز انما يعتبر إذا لم يعلم مخالفته للعادة سواء علمت العادة مفصلا أم لا
نعم لو احتمل دخول بعض أيام التميز في العادة لم يبعد جعله حيضا لعموم أدلة التميز الا ما لم يصلح للحيضية ولو من حيث مخالفته للعادة
فان فقدا أي العادة والتميز رجعت المبتدئة بكسر الدال أو فتحه وهي من ابتدأت بالحيض أو ابتدأ بها بان رأت الدم مرة أو مرتين إلى
عادة أهلها على المش؟ وعن المعتبر نسبة إلى الخمسة واتباعهم تارة والى اتفاق الأعيان من فضلائنا أخرى بل عن كرة نسبة إلى علمائنا
وظ؟ المحكي عن السرائر كصريح عن التنقيح عدم الخلاف فيه وكأنهم لم يعتدوا بما تقدم عن الغنية في المبتدئة ومنه يظهر عدم الاعتماد
بما عن يه؟ المص؟ قده؟ من التردد في هذا الحكم واحتمال ارجاعها إلى أقل؟؟ حيض للأصل والعشرة للامكان لأنه كما قيل اجتهاد في مقابل
النص المجمع عليه كما عن ف؟ وهي مضمرة سماعة قال سألته عن جارية حاضت أول حيضها فدام دمها ثلثة أشهر وهي تعرف أيام أقرائها
فقال أقرائها مثل اقراء نسائها فان كن نسائها مختلفات فأكثر جلوسها عشرة وأقله ثلثة ويؤيدها رواية زرارة ومحمد بن
مسلم عن أبي جعفر (ع) قال يجب للمستحاضة ان تنظر بعض نسائها فتقتدى باقرائها ثم يستظهر على ذلك بيوم وذكر بعض النساء لحصول
العلم العادي باتفاق الكل من عادة البعض أو من اخباره بعادة الكل أو محمول على صورة تعذر الرجوع إلى غيرها ويمكن أيضا ان يؤيد
برواية أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) النفساء إذا كانت لا تعرف أيام نفاسها فابتليت جلست مثل أيام أمها وأختها أو خالتها واستظهرت
بثلثي ذلك نعم ربما تعارض هذه الروايات بما تقدم في مرسلة يونس من تحيض المبتدئة مطلقا أو بعد فقد التميز بستة أو سبعة
في كل شهر ولكن لا مناص من تقييدها بمن تعذر عليها الرجوع إلى الأهل بقى الكلام في أن الظ؟ من جماعة كالشيخ والحلى وابن حمزة
والمحقق في غير المعتبر والمص؟ قده؟ في غير المنتهى والشهيدين والمحقق الثاني ثبوت الحكم للمبتدئة بالمعنى الأعم وهي من لم يستقر لها عاده
وان تكرر الدم منها مرارا وهو مشكل بل ظاهر جماعة منهم الفاضلان في المعتبر والمنتهى اختصاص الحكم بالمبتدئة بالمعنى الأخص لاختصاص
رواية سماعة ومعاقد الاجماعات الجابرة لغيرها بها بهذا المعنى فان الشيخ لم يدع الاجماع الاعلى رواية سماعة
مع أنه عنوان الكلام
بمن ابتدأت في الحيض وظاهرها المبتدئة بالمعنى الأخص واما المحقق في المعتبر فهو وان اطلق المبتدئة في معقد اتفاق أعيان
الفضلاء وفتوى الخمسة واتباعهم الا ان مراده بالمبتدئة المعنى الأخص كما تقدم بل هو ظاهر لفظ المبتدئة في كلام كل من اطلق
هذا العنوان نعم ربما كثير من العبائر كعبارة ط؟ وسيلة؟ والسرائر ونحوها شمول المبتدئة لمن لم يستقر لها عادة من جهة
حصرهم المستحاضة في ذات العادة والمبتدئة وكيف كان فالظ؟ ان الحجة على العموم منحصرة في اطلاق رواية زرارة وابن مسلم بعد انجبار
دلالتها بالشهرة بل ظهور الاتفاق من التذكرة واعتضادهما برواية أبي بصير مع امكان ان يق؟ ان ظ؟ كلام السائل وقوع السؤال
عن الجارية المفروضة من حيث كونها لا تعرف أيام أقرائها لا لخصوص كونها مبتدئة فالجواب الرجوع إلى عادة النساء أيضا من هذه
الجيشة ثم إن المراد بنسائها أقاربها من الطرفين أو من أحدهما كالأم والأخت والعمة والخالة كما صرح به في المعتبر وهي؟ ولك؟ بل قيل إنه
مما لا خلاف فيه لصدق نسائها على من ذكر كلهن لان الطبيعة جاذبة من الطرفين كما في كركي ومع؟ صد؟ ولا فرق بين الاحياء
212

والأموات ولا بين المتساويات لها في السن والبلد والمتخالفات كما صرح به في لك؟ للعموم وعن كتب الشهيد اعتبار اتحاد البلد ولعله
للانصراف فان للبلد ان اثرا ظاهرا في تخالف الأمزجة كما في كرى؟ وفيه نظر وكذا في المحكي عن بعض معاصر الشهيد الثاني من اعتبار البلد
فان فقدت فاقرب البلدان وكانه يعنى في هؤلاء المسافة ولعل الوجه فيه ح؟ حصول الظن لكن يخفى عدم نهوض ذلك لتخصيص النص والفتوى
ثم المحكي عن المعتبر ويه؟ الاحكام وجماعة من متأخري المتأخرين اشترطا اتفاق النساء حتى صرح في محكى يه؟ انهن لو كن عشرا فاتفقت تسع
رجعت إلى الاقران وهو الظ من ط؟ حيث ارجعها مع اختلاف نسائها إلى اقرانها وهو الظ؟ من رواية سماعة المتقدمة بل ظاهرها اعتبار
العلم بالاتفاق لأنه جعل المرجع اقراء نسائها وهو أمر وجودي لابد من احرازه لتحقق المماثلة وقوله فان كن مختلفات بمنزلة النقيض للفقرة
الأولى دون الضد وإن كان ظاهره ذلك الا انه قد تقرر في العرف تبادر النقيض من الفقرة الثانية من الفقرتين المتقابلتين في مثل
المقام ولو اغمض عن ذلك فكل منهما مشتمل على مناط وجودي لابد من احرازه في اثبات الحكم المذكور فيه فافهم لكن يشكل اشتراط الاتفاق
بان المنساق من ذلك عرفا هو اتفاق الأغلب من دون العلم بمخالفة الباقين أو مع العلم بمخالفة الشاذ مع أن تعسر تتبع الاحياء والأموات
من الأقارب الحاضرة في البلد والغائبة عنه سيما إذا كن غير محصورات عرفا لعله يصير قرينة على إرادة ما ذكرنا نعم لو علم مخالفة الباقين
فلا اعتداد ظاهرا بالغلبة لأنه داخل في قوله (ع) فان كن مختلفات الا ان يشد الخلاف بحيث لا يضر بصدق عنوان العموم العرفي في قوله اقرأ
نسائها خلافا للمحكى عن الشهيدين والمحقق الثاني وغيرهم فاعتبروا والأغلب مع الاختلاف وأجاب عنهم في المدارك بان مدرك الكم إن كان رواية
سماعة فهى بمنطوقها صريح في وجوب العدول عن عادة الأصل عند الاختلاف وإن كان موثقة زرارة فلا وجه لاعتبار الغلبة انتهى وهو
حسن الا أن يقول باطلاق الموثقة الا ما خرج كما بنه عليه في الروض وكيف كان فان اختلفن أو فقدن رجعت إلى عادة اقرانها أي من قارنها
في السن وقت الرجوع ويحتمل كفاية اخبار من هي أكبر حين كونها بسنها على المش؟ بل عن شرح الجعفرية نسبة إلى الأصحاب المتأخرين وان
اختلفوا بين من قيد الاقران باهل البلد كالمبسوط وسيلة؟ وبين من اطلق كالمهذب والسرائر بل ظاهر الروض نسبة إلى الأكثر وفى
الحكم من أصله اشكال بل منع لعدم ما يدل عليه بحيث ينهض لاطلاق الرجوع إلى الروايات عدا وجوه اعتبارية مثل غلبة لحوق المراة في
الطبع بأقرانها كما يشهد به مرسلة يونس القصيرة انها كلما كبر سنها قل حيضها إلى أن ترتفع أو دعوى عموم نسائها في مضمرة سماعة لأقرانها
أو قرائة أقرائها في موثقة زرارة اقرانها بالنون وضعف الكل واضح ومن هنا أهمل ذكر هذه المرتبة جماعة كالصدوق والسيد والشيخ
في ف؟ ويه؟ والحلبي وابن سعيد وأنكرها آخرون كالمحقق في المعتبر والمص؟ في هي؟ والفاضل المقداد والمحقق الثاني في مع؟ صد؟ وصاحب
ك؟ وغيرهم وهو الأقوى وا كان الجمع بينها وبين الروايات مع الامكان أحوط ثم إنه ليس في كلام الأصحاب تعيين للاقران كما اعترف به في
الروض فالواجب الرجوع فيه إلى اللغة والعرف فعن الصحاح القرن مثلك في السن والظ؟ تحقق المقارنة عرفا بتولدهما في سنة واحدة وفيما
زاد عنها اشكال وظ؟ كلمات المعتبرين لهذه المرتبة اعتبار اتفاق الاقران ولعل المراد من ذلك ما اخترناه في عادة نسائها ثم إن ظ؟ جماعة
منهم الماتن في محكى كرة؟ والشارح في الروض ولك ان الرجوع إلى عادة الأهل والاقران انما هو في العدد حيث ذكروا ان لها وضع الأيام حيث
شاءت ولعله لان ظ؟ الروايات لا يفيد أزيد من الرجوع إليهن من حيث العدد كما لا يخفى على المت؟ مع أن اتفاقهن في الوقت بعيد جدا بل قد
لا يصادف أيام دمها دمهن كما لو لم يستمر إلى شهر كامل والمسألة لا يخ؟ من ثوب الاشكال الا ان الظاهر من النص والفتوى ما ذكره الجماعة فتدبر
وتتبع فان اختلفن في مقابل الاتفاق الذي ذكرنا أو فقدن أي لم يوجدن على وجه يمكن الرجوع إليهن تحيضت في كل شهر هلالي بسبعة
أيام خاصة مطلقا كما عن الاقتصار والتلخيص واختاره الوحيد في شرح يتح؟ وصرهه سيد الرياض وبعض مشايخنا المعاصرون وعن ط؟ وسيلة؟
نسبة إلى رواية أو في أول الشهر كما نسبه في محكى السرائر إلى بعض أصحابنا لقول الص؟ (ع) في مرسلة يونس المتقدمة وهذه سنة التي استمر
بها الدم أول ما تراه أقصى دمها سبع وأقصى طهرها ثلث وعشرون ثم قال وان لم يكن لها أيام قبل ذلك واستحاضت أول ما رأت فوقها
سبع وطهرها ثلثة وعشرون ثم قال في اخرها وان لم يكن كك؟ بل أطبق عليها الدم على يلون فسنتها السبع والثلث والعشرون ولا يقدح
اختصاص موردها بالمبتدئة بالمعنى الأخص أو بها وبالمتحيرة لان المستفاد منها إناطة الحكم بفقد العادة والتميز كما لا يخفى مضافا إلى الاجماع
المركب وعدم القول بالفصل بين المبتدئة بالمعنى الأخص والمتحيرة وبين غيرهما ولا يعارضها قوله (ع) حكاية لقول النبي صلى الله عليه وآله لحمنة بنت جحش تحيضي
في كل شهر في علم الله ستا أو سبعا واغتسلي وصومي ثلثه وعشرين أو أربعة وعشرين لاحتمال كون الترديد من الراوي وعلى فرض كونه تخييرا
فالجمع بينه وبين الفقرات المتقدمة بعيد جدا فلا بد من الاحتياط لدوران الامر بين التخيير والتعيين نعم يعارضه موثقتا ابن بكير أوليهما
في المراة إذا رأت الدم في أول حيضها فاستمر بها الدم بعد ذلك ترك الصلاة عشرة أيام ثم تصلى عشرين يوما فان استمر بها الدم بعد ذلك
213

ترك الصلاة عشره أيام ثم تصلى عشرين يوما فان استمر بها الدم بعد ذلك ترك الصلاة ثلاثة أيام وصلت سبعة وعشرين يوما والاخرى في الجارية أول ما تحيض يدفع عليها الدم فيكون مستحاضة انها تنتظر
بالصلاة فلا تصلى حتى تمضى أكثر ما يكون من الحيض فإذا مضى ذلك وهو عشرة أيام فعلت ما تعمل المستحاضة صلت فمكثت تصلى بقية شهرها
ثم تترك الصلاة في المرة الثانية أقل ما تترك امرأة الصلاة وتجلس أقل ما يكون من الطمث وهو ثلاثة أيام فان دام عليها الحيض صلت في
وقت الصلاة التي صلت وجعل وقت طهرها أكثر ما يكون من الطهر وتركها الصلاة أقل ما يكون من الحيض ونحوهما في المعارضة مقطوعة
سماعة التقدمة في عادة أهل ولذا جمع المش؟ بالتخيير بين المرسلة وبينها بناء على أن ظاهرها تحيضها بثلاثة أيام من شهر وعشرة من اخر
وان اختلفوا بين من قسم العدد في المرسلة على النساء بحسب امزجتهن كما في هي؟ وعن يه؟ وبين من خيرهن مطلقا بين عددي المرسلة والموثقات
إما معنيا لتقديم الثلاثة على العشرة دائما كما عن ف؟ مدعيا عليه الوفاق واما مخيرا في ذلك كما فع؟ وظ؟ كشف الرموز ويه؟ الاحكام والبيان
وس؟ ناسبا له إلى أشهر الروايات وكتب الشهيد والمحقق الثانيين وبين من اقتصر على السبعة مخيرا في العددين الأخيرين كما اختاره المص؟ هنا
وفى عد؟ والتبصرة تبعا لموضع من ط؟ والوسيلة بل عن المفاتيح انه المش؟ أو معينا لتقديم العشرة كما عن يه؟ لكنك عرفت ان هذه الأقوال طرا
مبنية على ظهور الموثقات في الثلاثة من كل شهر والعشرة من اخر وهو ممنوع إذ لا يخفى ان مقطوعة سماعة ظاهرة كما اعترف به محشي
الروضة وشارحها في التخيير بين الثلاثة والعشرة وما بينهما كما عن الصدوق والسيد ويؤيده رواية الخراز عن الكاظم (ع) في المستحاضة
كيف تصنع إذا رأت الدم وإذا رأت الصفرة كم تدع الصلاة فقال أقل الحيض ثلثة وأكثره عشرة وتجمع بين الصلاتين بناء على أن المراد
به ليس لها التحيض بأقل من الثلاثة ولا أكثر من العشرة ولولا منع ظهورهما في ذلك أقل من احتمالهما له وللتخيير بين خصوص الثلاثة والعشرة
إما دائما كما يظهر اختياره من شارح ضة؟ مضيفا إليهما التحيض بالسبعة واما بجعل الثلاثة في شهر والعشرة في اخر كما فهمه المش؟ على اختلاف
أقوالهم المتقدمة وهذا الضعف الاحتمالات واما موثقتا ابن بكير فظاهرهما تعين العشرة في الشهر الأول والثلاثة في باقي الشهور كما عن
الإسكافي ولو كان المراد بالعشرة فيهما عشرة التحيض لأن المفروض وجوب التحيض في ابتداء الدم إلى العشرة كان الوظيفة التحيض بالثلاثة في كل
شهر كما استوجهه المحقق في محكى المعتبر لكن لا يبعد إرادة الإسكافي بالعشرة الأولى عشرة التحيض ابتداء الدم فيتحد القولان وكيف كان فالروايات
وان ادعى في محكى ف؟ كونها مجمعا عليها الا انه لا دلالة فيها على التحيض في شهر بالعشرة وفى اخر بالثلاثة فضلا عن أن تدل على التخيير بين ذلك
وبين مضمون المرسلة أعني السبعة معنيا أو مخيرا فيها وبين الستة = فان الجمع بينها وبين المرسلة خروج عن ظ؟ الطرفين بل صريح المرسلة من
غير شاهد عدا ما يتخيل من مقطوعة سماعة الممنع دلالتها كما عرفت مع أن مورد الكل مختصة بالمبتدئة بالمعنى الأخص فالتعميم للمضطربة
بقسميها يحتاج إلى دليل فالأقوى بعد تسليم دلالتها الرجوع إلى المرجحات وهي مع المرسلة ثم لو منع من وجود المرجح تخير الفقيه في افتاء
المراة لا المراة في تحيضها الا ان نقول في تكافؤ الخبرين بالفتوى بالتخيير في الافتاء فيستقيم ما ذكره الجماعة من تخير
المرأة ويعضده مقطوعة سماعة على أهلها الاحتمالين بل على كليهما حيث إن المتيقن من مدلولها بعد التردد بين الاحتمالين التخيير بين الثلاثة
والعشرة ومنه يعلم أنه لو فرض عدم دلالة الموثقين على التخيير المذكور كفت المقطوعة المجمع عليها كما عن ف؟ في معارضة المرسلة ولا
يقدح في ذلك اجمالها معارضة على كل حال لكن يعارضها الموثقتان بناء على ظهورهما في مذهب المحقق والإسكافي و ح؟ فالمعتبر
بعد فرض عدم الترجيح الرجوع إلى مضمون الموثقين لأصالة عدم زيادة الحيض على المتيقن ومن هنا ينقدح قوة قول المحقق بعد
ما اخترناه بل كونه أقوى منه بناء على عدم ثبوت الترجيح للمرسلة على وجه تطمئن به النفس لكن يمكن على هذا الفرض ان يق؟ ان حمل الموثقتين
على ما هو ظاهر هنا من مذهب المحق والإسكافي يوجف مرجوحيتهما لشذوذهما فلابد من طرحهما أو ارجاعهما إلى مضمون المقطوعة كما
فهمه المش؟ فينحصر التعارض بين المرسلة والمقطعة فيقوى القول بالتخيير بين المرسلة والموثقات على أحد الأقوال المتقدمة في التخيير ثم
قد تطرح المقطوعة لسندها أو اجمال دلالتها وان ادعى في المنتهى ان الأصحاب تلقوها بالقبول لكن الظاهر كون ذلك من حيث تضمنها
العادة النسائية ويتخير بين المرسلة والموثقتين فيتعين ما عن الجامع منا التخيير بين السبعة والثلاثة كما أنه قد تطرح المرسلة لضعف سندها
أو دلالتها ويقتصر على الموثقتين والمقطوعة بدعوى ظهورهما في لزوم التحيض في الشهر الأول بالعشرة وفى الثاني بالثلاثة أو على رواية
الخراز المتقدمة بدعوى ظهورها في لزوم الثلاثة الأول الأول والعشرة في الشهر الثاني نظير ما تقدم من دعوى
ظهور الموثقات في عكس ذلك
نسب القولين في محكى السرائر إلى بعض أصحابنا وقد يعكس فتؤخذ بالمرسلة وحدها لرجحانها على ما عداها و ح؟ فاما ان يحكم بالتخيير
بين الستة والسبعة لظاهر التخيير كما عن بعض واما ان يعين الستة لاحتمال كون الترديد من الرواية فيقتصر على الأقل لأنه المتيقن حكاه
في السرائر عن بعض اخر وقد يطرح الروايات جميعا لضعفها و ح؟ فاما ان يؤخذ بعمومات وجوب الاخذ باليقين لان الروايات المخصصة
214

لها معارضة بالموثقتين بناء على دلالتها على التحيض بالثلاثة في كل شهرا وبقاعدة الامكان الواردة على أصالة عدم زيادة الحيض مضافا
إلى اطلاق قوله (ع) ما تراه قبل العشرة فهو من الحيضة الأولى الممكن تطبيقه على المقام مع مراعاة ما دل على أن الحيض في كل شهر مرة وخصوص
قوله (ع) في ذيل مرسلة يونس القصيرة المتقدمة في أقل الحيض بناء على عدم اختصاصها بالمعتادة فيحكم في كل شهر بعشرة كما نسبة في هي إلى
بعض أصحابنا واما مع الغاء ذلك فيحكم بعشرة بعد كل عشرة لأقل الطهر كما نسبه إلى بعض اخر وقد تقدم عن الغنية واما ان يرجع إلى روايتي أبي بصير
ويونس بن يعقوب المتقدمتين على انها تدع الصلاة والصوم كلما رأت الدم وتصلى وتصوم كلما الطهر إلى أن تستقر لها دعاء
كما حكى عن موضع من ط؟ لكن هذا ليس قولا تاما في مسألة إذ قد لا يتخلل الطهر بين أيام الدم فلا بد من الرجوع ح؟ إلى شئ آخر فهذه عشرون
قولا في المبتدئة بناء على مغايرة قول الإسكافي لقول المحقق كلها ناشئة من الاخذ بمجموع الاخبار وببعضها أو من طرحها لضعفها سندا
أو دلالة والاقتصار على الأصل أو قاعدة الامكان مطلقا أو في كل شهر وقد عرفت ان الأقوى والأحوط هو الاخذ بالسبعة ويتلوه في القوة
ما يظهر من شارح ضة؟ من التخيير بين السبعة والثلاثة والعشرة وأحوط من ذلك التحيض بالثلاثة ثم الجمع إلى العشرة بين وظيفتي الحايض والمستحاضة
ثم هل يتخير في العدد بين وضعه فيما شاء من الشهر كما عن جماعة منهم المحقق والمص؟ في غير كرة؟ والمحقق والشهيد الثانيان بل عن الحدائق
نسبة إلى الأصحاب أم يتعين عليها وضعه أول الشهر كما عن كرة؟ واختاره كاشف اللثام وبعض اخر قولان من من اطلاق الروايات ومن دعوى
ظهورها سيما المرسلة في تقديم التحيض مضافا إلى قوله (ع) في ذيل مرسلة يونس القصيرة المتقدمة في مسألة التوالي عدت من أول ما رأت الدم
الأول والثاني عشرة أيام ثم هي مستحاضة الخبر بناء على عدم ظهورها في المعتادة وحمل قوله (ع) فإذا حاضت المرأة وكان حيضها خمسة أيام
على أنه اتفق كون حيضها خمسة فطهرت لا ان عادتها كانت خمسة هذا مع أن عليها ان تتحيض في أول رؤية الدم إلى أن يتجاوز العشرة فلا وجه
لرجوعها عن ذلك وتركها العبادة فيما بعد ذلك وقضائها ما تركته من العبادة ويرد عليه انه فقد لا يتحيض في أول الرؤية عمدا أو جهلا مع أن
عدم الوجه في رجوعها عن ذلك لا يوجب الزامها بذلك واما ذيل المرسلة القصيرة فهو بظاهرها مخالف للمش؟ موافق لما اختاره في
الحدائق من عدم لزوم تخلل أقل الطهر بين اجزاء الحيضة الواحدة نعم يتجه الاستدلال بها بناء على التوجيه الذي ذكرنا فيها في مسألة
أقل الطهر فراجع واما المرسلة الطويلة وغيرها من الروايات المسألة ففي طهورها في لزوم التقديم اشكال بل منع لان تأخير التطهير عن
التحيض أو عطفه عليه ثم انما يدل على وجوب تقديم الحيض إذا ثبت وجوب تقديمه في الدور الأول وليس في المرسلة الا وجوب التحيض في
في كل شهر سبعة أو ستة ويصدق ذلك بتحيضه في الدور الأول بسبعة من اخر الشهر ثم اغتسالها وتعبدها ثلثة وعشرين يوما ثم يتحيضها
سبعة أيضا وهكذا والحاصل ان الشهر انما وقع في المرسلة ظرفا للتحيض فقط لاله وللتطهر اللهم الا ان يعدى تبادر ذلك عرفا أو يقال
بعد أن الرواية في مقام بيان الحكم على مجموع الأيام بجعلها سبعة حيضا وثلثا وعشرين طهرا ان ظ؟ الرواية بل صريحها لزوم التوالي
في أيام الطهر في كل شهر وهو لا يحصل الا بجعل السبع أول الشهر أو اخره وحيث لا قائل بتعين الأخر ولا بالتخيير بين خصوص الأول والاخر
تعين الأول فافهم فإنه دقيق فالقول بالتقديم لا يخ؟ عن قوة مع كونه أحوط ثم لو قلنا بوجوب تقديم العدد المأخوذ فلا اشكال حيث إنها
بمجرد تجاوز الدم العشرة وفقد التميز وعادة الأهل يبنى على الروايات فان اتفق بعد ذلك تميز أو تمكن من الرجوع إلى الأهل عدل منها
إليه لكشف ذلك عن كونها محكومة بغير الروايات ويظهر من بعض كلام الشيخ انه يجمع بين التحيض بالروايات والتحيض بالتمييز الحاصل بعده
بشرط الفصل بينه وبين الحيض السابق قال في بعض فروع الاخذ بالروايات ما هذا لفظه فلو رأت المبتدئة ما هو بصفة دم الاستحاضة
ثلثة عشر يوما ثم رأت ما هو بصفة دم الحيض بعد ذلك واستمر كان ثلاثة أيام من أول الدم حيضا والعشرة طهرا وما رأته بعد ذلك من
الحيضة الثانية انتهى أنكر عليه في المعتبر والمنتهى ذلك لكن من حيث حكمه بالتميز مع استمرار الوصف أي ما بعد العشرة لا من حيث أصل التميز
واما لو قلنا بالتخيير فهلا ان تجعل الحيض من العدد الذي مضى من دمها ويجب الاختبار بمجرد تجاوز الدم مع حضور وقت العبادة الواجبة
والظ؟ انه يكفي اختيار أو التحيض في اليوم الذي فيه وهو الحادي عشر مثلا فإذا اختار الطهر فيه فلا يجب عليه جعل الحيض في أيام
معلومة من الأيام الماضية بل يكفي جعلها فيها في الجملة وكذا لو عينه في بعض ذلك الزمان فلها العدول ولو علمت باستمرار دمها
إلى الزمان المستقبل جاز لها وضع العدد أو بعضه في المدة السمتقبلة و ح؟ فهل للزوج الاعتراض عليها في اختيارها أم لا وجهان
بل قولان أقويهما ذلك بالنظر إلى الحكم التكليفي بمعنى انه يحرم عليها التحيض مع منع الزوج لا الوضعي فلو تحيضت على وجه النسيان أو غيره
فليس للزوج موقعتها كما لو استعجلت الحيض بالعلاج وفى الزامها بالرجوع وجه مبنى على استدامة التخيير حتى مع الشروع فيما اختار
وعدمها من استصحاب التخيير الحاكم على استصحاب الحكم المختار بل لاطلاق أدلة التخيير ومن أن الشروع في التحيض يوجب كون الدم
215

محكوما عليه بالحيضية في حقها شرعا ويتعين عليها الاحكام إلى أن ينقطع الدم أو تنتهي المدة المضروبة المتحيض فالشروع في التحيض بمنزلة الدخول
في أمر لازم بالاختيار فلا مجال للاستصحاب والاطلاقات مسوقة لبيان علاج المراة في ابتداء أمرها فلا عموم فيها من حيث البقاء على ما اختار
والعدول عنها هذا مع اختيارها للحيض في زمان والشروع فيه ولو اختارت التطهر في زمان فلها العدول منها إلى التحيض بناء على ما تقدم
من أن الواجب هو اختيار أحد الامرين من الطهر أو الحيض في الزمان الحاضر وانها لو اختارت الطهر فيه لم يجب عليها تعيين الحيض من بين
ما عدا ذلك الزمان فهى باق على تخييرها في التحيض وكذا لو عينه في بعض ذلك الزمان فله العدول عنه إلى غيره ومحصل حال هذه المرأة من أول
رؤيتها الدم انها تتحيض برؤية الدم مطلقا أو بعد مضى الثلاثة إلى العشرة على الخلاف المتقدم فإذا تجاوز الدم العشرة وجب عليه في اليوم
الحادي عشر عند دخول وقت العبادة المشروط بالطهارة اختيار كون ذلك اليوم طهرا أو حيضا بناء على التخيير في وضع الأيام حيث شاءت و
عدم اعتبار التوالي في أيام الطهر مطلقا أو في الدور الأول و ح؟ فيتعين عليها تكميله ما سابقه أو من لا حقه أو منهما مع القطع بالاستمرار
أو مرددة في التكميل مع احتمال الاستمرار فان اختارت كون ذلك اليوم حيضا وبنت على تكميله من سابقه اغتسلت بعد انقضاء اليوم لأنه اخر
أيام حيضها وتعبدت قائمة بوظائف المستحاضة ان استمر الدم ولها بعد النباء على تكميلها السابق العدول عنه والبناء على التكميل من اللاحق
أو من الملفق منهما ولو بنت على التكملة من اللاحق فان استمر الدم بمقدار الاكمال فهو وان انقطع قبله تعين الاكمال من السابق ويحتمل كشف ذلك عن بطلان اختياره من أول الأمر
ولو اختارت الطهر في اليوم الحادي عشر اغتسلت ولا يجب عليها تعيين أيام الحيض من جملة الماضي من الأيام أو الباقي منها ولو عينت لم يتعين
بمجرد القصد فإذا كان اليوم الثاني عشر وجب عليها أيضا اختيار أحد الامرين من الطهر أو الحيض على الوجه المقرر في سابقه وهكذا اليوم الآخر
فلو اختار الطهر في جميع الأيام الباقية من الشهر تعين الحيض في جملة العشرة الأولى فيجب عليها تعيين الحيض من بينها لتعمل على طبقه في
الشهر الثاني في بناء على وجوب موافقة الشهر الثاني للشهر الأول في الوقت كما صرح به جماعة منهم الشارح في الروض تبعا لجامع صد؟ وان قلنا
بعدم وجوب ذلك كما احتمله في ض؟ وحاشية ضة؟ ورجحه في الرياض لعموم وجوب التحيض في كل شهر سبعة والتعبد ثلثا وعشرين الصادق
من دون الموافقة في الوقت جاز لها اختيار الطهر في الشهر الثاني النبي ان يبقى من الشهر أقل مقدار يجب تحيضه هذا ما يقتضيه اطلاق الأصحاب وان لم
أفق على مصرح بشئ من ذلك ثم هل يختص التخيير في الاعداد على القول به بالدورة الأولى الأقوى العدم إذا جعلنا التخيير واقعيا بان صرفنا
الاخبار عن العينية إلى التخيير جمعا بشهادة المقطوعة المتقدمة واما لو حكمنا بالتخيير من باب التعارض بين الاخبار وفقد المرجح فالأقوى
الاختصاص لان التخيير ح؟ بين الخبرين ولا ريب ان مدلول كل واحد هو الاستمرار على العدد الذيم تضمنه ثم هذا التخيير على القول به لا يلزم
منه التخيير بين الفعل وتركه كما زعمه المض؟ قده؟ في هي؟ ويه؟ حيث قال بان اختلاف العدد في الروايات مبنى على رد المراة إلى اجتهادها ورأيها
فيما يغلب على ظنها انه أقرب إلى عادتها أو عادة نسائها أو ما يكون أشبه بلونه والالزم التخيير في اليوم السابع بين وجوب الصلاة وعدمها
ولا تخيير في الواجب انتهى وقد سبقه إلى هذا غيره على ما يظهر من محكى المعتبر وضعفه واضح لا لما ذكره في المعتبر والذكرى من وجود نظيره في تخيير
المسافر بين القصر والاتمام وكأنهما قصد ادفع الاشكال من جهة التخيير بين الأقل والأكثر وهو خلاف صريح كلام المص؟ قده؟ في بيان الاشكال
بل لانتفاصه بأيام الاستظهار وحله ان التخيير بين فعل الواجب وتركه بمعنى التخيير في ايجاد سبب وجوب الشئ وعدمه ممكن واقع نظير تخيير الحاضر
في شهر رمضان بين الإقامة والسفر والمسافر بين الإقامة وعدمها وتحصيل الاستطاعة وابقاء النصاب ودعوى ان اخيتار التحيض فيما نحن فيه
لا يصلح ان يكون من هذا القبيل إذ ليس المراد من التحيض الا تكلف وظيفة الحايض شرعا وليس هنا موضوع خارجي اختياري يكون وجوده
سببا لحكم شعر يفلا محصل لتخييرها بين التحيض والعدم الا تخييرها بين فعل العبادة وتركها وورود نظير ذلك في الاستظهار لا يجوزه ولذا
جعل هذا من شواهد وجوب الاستظهار مدفوعة بان هذا ممتنع في التخيير الواقعي بين ايجاب الشئ على نفسه وتحريمه عفى ان يكون حيضية
اليوم السابع وطهريته في الواقع منوطا باختيار المكلف وليس كك؟ بل لا يعقل ذلك فان ذلك اليوم في الواقع إما حيض واما طهر ولما
جهلت المراة بذلك تخيرت في البناء على أيهما شاءت نظير تخيير المجتهد بين الوجوب والتحريم عند دوران الامر بينهما وتخيير المقلد في
الرجوع إلى المجتهد والقائل بوجوب فعل والى القائل بحرمته ومنه يعلم الحال في أيام الاستظهار ومما ذكرنا يظهر ان الأولى تنظير ما نحن
فيه بأيام الاستظهار كما في مع؟ صد؟ دون ما ذكرنا من الأمثلة تبعا لكشف اللثام لان التخيير فيما نحن فيه بين البناء على وجوب الصوم
والبناء على تحريمه لا بين ايجاد موضوع خارجي يترتب عليه وجوب الصوم وعدم ايجاده فافهم ثم إن ظاهر النصوص والفتاوى كون الاخذ
بما تقدم من الروايات وظيفة من استمر بها الدم إلى ما بعد العشرة فلو رأت بياضا لا يبلغ أقل الطهر بين دماء يبلغ أقل الحيض كما
لو رأت ثلثة ارو أربعة دما وثلاثة أو أربعة بياضا وهكذا كما هو مورد روايتي يونس بن يعقوب وأبى بصير المتقدمتين فالظ؟ خروج
216

هذا الفرض عن مورد الروايات المتقدمة فالحكم عليها بمقتضى الروايات بان يتحيض ببعض الدماء ويكمله لو نقص عن العدد المأمور بأخذه بالبياض
المتقدم عليه أو المتأخر عنه أو كليهما مشكل واشكل منه تخييرها في التحيض بأي الدماء شائت فيحتمل الرجوع
إلى أقل الحيض مخير في جعله
أي دم شاء لعدم المرجح والرجوع إلى قاعده الامكان وتكمل ما نقص عن العشرة من بياض أحد الطرفين واما الرجوع إلى روايتي أبي بصير ويونس
فلا تنفع لأنهما دلتا على أن حكم هذه المراة بعد ثلثين يوما حكم المستحاضة ولم يبين فيهما ما يتحيض به بعد صيرورتها بحكم المستحاضة و
بالجملة فلم أجد مصرحا بشئ في هذه المسألة الا ان ظ؟ كشف اللثام حيث عد في جملة الأقوال رجوع المبتدئة والمضطربة إلى الروايات قول
الشيخ في يه؟ والصدوق بان المتخيرة تصلى كلما رأت الطهر وتدع الصلاة كلما رأت الدم ان محل الكلام في المبتدئة والمضطربة أعم من أن
يستمر بها الدم أو ينقطع ويعود لدون العشرة ويؤيده ان استمرار الدم بحيث لا يتخلل نقاء يوم أو أقل أو أكثر نادر جدا فلا يحمل عليه
اطلاق الموثقات المتقدم الواردة فيمن استمر بها الدم و ح؟ فالرجوع إلى الروايات في حثها لا يخ؟ عن قوة واما المضطربة بالمعنى الأخص
وهي الناسية لعادتها فلا يخ؟ إما ان يكون ناسية لوقتها وعددها وهي المعتبر عنا بالمتحيرة أو المحيرة لأنها تحيرت بنفسها أو حيرت الفقيه
في أمرها والأولى أولي واما أن تكون ناسية العدد دون الوقت واما أن تكون بالعكس إما الأولى فالأقوى ان حكمها حكم المبتدئة
في وجوب اخذها بمرسلة يونس بل هذا هو المتيقن من موردها وقد عرفت ان الأحوط بل الأقوى اقتصارها من تلك الرواية على السبع
فتعينها هو الأقوى وفاقا للمحكى عن ف؟ والجمل والعقود والاصباح والمهذب والكافي والتحرير والتلخيص ومجمع الفائدة وشرح المفاتيح والرياض
وعن دعوى ف؟ الاجماع عليه الا ان المحكي عن بعض نسخ تلخص ف؟ ان ذلك في الناسية لأيامها أو لوقتها فلا يشمل المتحيرة خلافا للمص هنا وفى
عد؟ والتبصرة بل الأكثر كما في كشف اللثام بل المش؟ كما عن شرح المفاتيح فحيضها بالسبعة أو الثلاثة من شهر والعشرة من اخر جمعا بين
مرسلة يونس على ما اخترناه من عدم دلالتها على الستة على وجه تطمئن به النفس وبين ما تقدم في المبتدئة من موثقتي ابن بكير وقد عرفت
عدم دلالتها في موردها على الثلاثة من كل شهر والعشرة من اخر فضلا عن التخيير بين ذلك وبين مضمون المرسلة فكيف يتعدى من موردها
إلى المتحيرة الا ان يقال بعد ما يستفاد من مرسلة يونس اتحاد المبتدءة والناسية في الرجوع إلى السبع فإذا حمل السبع فيها على التخيير
بينها وبين الثلاثة والعشرة ثبت ذلك في الناسية لان السبع لا يمكن ان يكون على التعين بالنسبة إلى الناسية وعلى التخيير بالنسبة إلى المبتدئة
فالاشكال منحصر فيما تقدم في المبتدئة من عدم دلالة الموثقتين ثم عدم مكافأتهما لمرسلة يونس خصوصا بعد اعتضادها بالاحتياط اللازم
عند دوران الامر بين التخيير والتعيين هنا أقوال أخر تبلغ خمسة عشر كلها ناشية عن الاجتهاد في فهم الروايات أو طرحها والرجوع إلى الأصل أو
القاعدة أو الاخبار الأخر كما تقدم نظيره في المبتدئة منها القول المتقدم بزيادة لزوم تقديم الثلاثة في الشهر الأول والعشرة في الثاني كما
عن الاقتصاد ومنها ذلك القول مع ضم الستة إلى السبعة في التخيير بينهما وبين موثقتي ابن بكير كما عن فع؟ ويه؟ الاحكام وكشف الرموز وكتب
الشهيدين والمحقق الثاني ونسبه في الدروس إلى أشهر الروايات وعن لك؟ ولك؟ ان هذا هو المعروف من المذهب ولعله للتصريح بالست في مرسلة
يونس وأصالة عدم كون الترديد من الراوي ويضعفه ما تقدم في المبتدئة ومنها تعيين أحد الاعداد عليها بحسب ما يوافق مزاجها كما عن هي؟
حيث قال الا نسبة ردها إلى اجتهادها ورأيها فيما يغلب على ظنها انه أقرب إلى عادتها وعاده نسائها أو ما يكون أشبه بلون الحيض و
نحوه عن يه؟ وقد تقدم في المبتدئة ان وجهه إما استظهار ذلك من الروايات واما الفرار عن محذور لزوم التخيير بين فعل الواجب وتركه و
منها تخييرها بين الستة والسبعة لمنع دلالته الموثقتين أو سراية حكمها إلى المضطربة أو ترجيحا للمرسلة عليهما عزاه في هي؟ كما عن السرائر إلى بعض
أصحابنا ومنها تحيضها بثلاثة أو سبعة تخييرا بين المرسلة بع تعيين السبع فيها وبين الموثقتين بناء على ما تقدم من ظهورهما في ذلك و
تسرية لحكم المبتدئة إلى المضطربة بشهادة اتحاد حكمهما في السبعة كما يستفاد من المرسلة على ما عرفت وحكى هذا عن المعتبر معللا له بالعمل بالرواية
واليقين ولا يخفى ضعف العلة وعدم ثبوت صدق الحكاية ومنها تحيضها بالستة لطرح الموثقتين والعمل بالمرسلة على الوجه المتقدم في المبتدئة
حكاه في هي؟ كما عن السرائر عن بعض أصحابنا وحكى عن الموجز ثبوت ذلك فيما عدا الشهر الأول ومنها تحيضها بثلاثة في الأول وعشرة في الثاني
ومنها عكس ذلك حكاهما في هي؟ كما عن السرائر لكن الموجود في محكى ئر؟ ذكر هذه الأقوال الثلاثة في المبتدئة بالمعنى الأخص وفى هي؟ ذكرها فيها
وفيمن لم تستقر لها عادة فلا حاجة إلى تجشم الاستدلال لها فيما نحن فيه والعجب من كاشف اللثام حيث قال وفى هي؟ وئر؟ ذكر في كل من المبتدئة
والمضطربة ستة أقوال مع أن في هي؟ لم يذكر الستة الا في المبتدئة بالمعنى الأعم والمحكى عن السرائر ذكرها في المبتدئة بالمعنى الأخص ولعل وجه
الأول بعد اشتراكه مع الثاني في طرح المرسلة ظهور الموثقتين ووجه الثاني تقديم العشرة في موثقة سماعة ومنها تحيضها بالثلاثة طرحا
للروايات والرجوع إلى المتيقن كما عن المعتبر واستوجهه في محكى ك؟ أو اخذا بالموثقتين بناء على ما عرفت من ظهورهما في ذلك وتسرية حكم
217

المبتدئة إلى المضطربة ومنها الاخذ بالعشرة ذكره في هي لقاعدة الامكان بعد عدم الالتفات إلى الروايات ومراعاة ما دل من الاخبار المعتضدة
بالغلبة على أن الحيض في كل شهر مرة ومنها طرح الروايات وعدم الالتفات إلى الغلبة المتقدمة واجراء قاعدة الامكان بقدر الامكان وهو ظ؟
الغنية والمحكى عن موضع من ط؟ وليس من ط؟ وعن كشف الرموز استبعاد ذلك ومنها تحيضها كلما رأت الدم وتعبدها كلما رأت الطهر إلى أن
تستقر لها عادة كما عن يه؟ والاستبصار وموضع من ط؟ وليس في هذا القول تعرض لصورة استمرار الدم وكان وجهه امكان حيضية كل دم بأصالة
عدم عوده بعد الانقطاع والا فروايتا أبي بصير ويونس مقيدتان لهذا الحكم بما بينها وبين شهر كما عن الفقيه والمقنع ومنها وجوب علمها
بالاحتياط وجمعها بين وظيفتي الحايض والمستحاضة ويعبر عنه كما عن عد؟ بالرد إلى سواء الاحتمالات كما عن ط؟ واحد وجهي سيلة؟ والمراد به فرضها
كونها حايضا بالنسبة إلى ما يحرم على الحائض وفرض كونها مستحاضة بالنسبة إلى ما يجب على المستحاضة إلى ما يجب على المستحاضة من الوضوء والغسل والعبادة الواجبة واما
المندوبة فهى محرمات الحايض ان جعلنا حرمة العبادة ذاتية وان جعلناها تشريعية فيخرج عن محرمات الحايض وواجبات المستحاضة و ح؟ فيمكن
القول بجواز لعلها احتياطا في المندوبات ولا يصدق التشريع مع قصد الاحتياط والأحوط تركها فرارا عن احتمال الحرمة الذاتية وإن كان ضعيفا
كما سنشير عليه انش؟ تع؟ ثمر ان هذا القول وإن كان بحسب العمل أصوب الأقوال الا انه بحسب الدليل أضعفها لعدم الدليل على وجوب الاحتياط
فيما نحن فيه عدا ما تخيل من ثبوت العلم الاجمالي بالحيض في زمان والطهر في زمان وعدم العلم بتعيتهما فيجب من باب المقدمة في كل زمان الاتيان
بواجبات المستحاضة لاحتمال كونها في ذلك الزمان مستحاضة وترك محرمات الحايض لاحتمال كونها حايضا وفيه بعد تسليم جريان باب المقدمة
في الأمور التدريجي والوقايع الحادثة فشيئا ان هذا الوجه انما يقتضى وجوب جعل الحيض في كل شهر ثلاثة أيام فلا يقضى بعد انقضاء
شهر رمضان أزيد منها مع أن القائل بهذا يلزمها بقضاء عشرة بل أحد عشر وأيضا؟ فهذا الوجه لا يقضى منع الزوج في جميع الزمان إذ
كما أن المنع في زمان الحيض حرام فالتمكين في زمان الطهر واجب الا ان يقال إن الواجب على الزوج الامتناع من الوطئ مطلقا من باب المقدمة
وأنت إذا تأملت ما سيجئ مما ذكروه في هذا الضابط من الفروع ان منشأه ليس ما ذكر من باب المقدمة هذا كله مع أن فيه مضافا
إلى العسر والحرج ومتنافاته كما قيل لما تقتضيه حكمة الباري مع ندرة القائل به بل في البيان انه ليس قولا لنا وهو الظ؟ من هي؟ حيث نسبه إلى الشافعي
طرحا للمرسلة المعول بها بين الأصحاب كما قيل المتضمنة لشواهد كثيرة على صحته وصدق مضمونة ثمر انه ذكر جماعة تبعا للمص؟ في كثير من كتبه
ان الاحتياط بالنسبة إلى المتحيرة يحصل بأمور الأول منع الزوج والمالك من الوطئ وامتناعهما عنه من باب المقدمة على ما ذكرنا ولو لم يجب عليهما
الامتناع لم يجب عليها المنع لان منعها يدور بين الوجوب والحرمة لان مع الحيض واجب مع الطهر حرام مع مطالبة الزوج أو السيد فلو وطئ
فلا كفارة كما عن يه؟ وفى كشف الالتباس لأصالة البراءة لان الاحتياط انما يقتضى وجوب الامتناع من الفعل من باب المقدمة لا ترتب جميع
احكام الحرام عليه كما لو ارتكب أحد الإنائين المشتبهين بالخمر فإنه وان ارتكب حراما الا انه لا يترتب عليه شئ من احكام شرب الخمر نعم لو وطئها في
تمام الشهر كل يوم مرة وجب عليه كفارات ثلث لأول الحيض ووسطه واخره وعلى القول بجعل النقاء المتخلل مطلقا أو خصوص المتخلل بين الثلاثة
الأولى بناء على عدم اعتبار التوالي فيها طهرا وجواز تلفيق الساعات فلا كفارة لاحتمال وقوع الوطي كله في زمان الطهر على هذا القول الثاني
عدم طلاقها مطلقا كما عن ط؟ ولكن في كرة لو قيل إن الطلاق يحصل في أول يوم والحادي عشر أمكن وعن النهاية المعتبر ايقاعه في يوم وبعد الثاني
إلى العاشر وفى الحادي عشر بعد مضى زمان ايقاعه في الأول وفى هي؟ يعتبر ايقاعه في أيام أربعة الأول والثاني والحادي عشر والثاني عشر والظ؟ حصول
الاحتياط بايقاعه في جزء من يوم ثم في الجزء التالي له من اليوم الحاد يعثر لان الجزء الأول إن كان طهرا فهو وإن كان حيضا امتنع ثبوت الحيض
في تاليه من اليوم الحاد يعشر ولعله مراد التذكرة فيكون المراد بالحاد يعشر في عبارتها أول جزء بعد انقضاء عشرة أيام لا مطلق اليوم الحادي عشر
لأنها ان طلقها فيه قبل ان ينقضى العشرة أو بعد أن ينقضى بأزيد من لحظة أمكن وقوع الطلاقين في الحيض ومنه يظهر ضعف ما في جامع
المقاصد من صحة طلاقها في أول يوم واخر الحادي عشر الا ان يكون كلامه وكلام التذكرة مبنيا على وحدة الحيض في كل شهر فيستقيم ما ذكر
وما تقدم عن المنتهى والنهاية مبنى على مراعاة احتمال تعدد الحيض الا ان ضبط لحظة الطلاق الأول متعسر بل متعذر مع أن زيادة
اللحظة واللحظتين على عشرة الحيض لم يثبت امتناعها كما تقدم الثالث ذكر المص؟ وغيره انها تعتد من الاطلاق بالأشهر ولا يكلف بالصبر من
جهة احتمال تباعد الحيض بالصبر إلى الياس أو استقامة الحيض للحرج قيل وللنص على اعتبار السابق الأشهر والأقراء وعن وعن المص؟ في يه؟ احتمال
الحاقها بالمسترابة الرابع ان لا يراجعها الا قبل ستة وعشرين كما في كشف الغطاء لكن في كشف اللثام انه لا يراجعها الا قبل تسعة وثلثين
ولو اتفق طلاقها في أيام تحيرها فعدتها بالنسبة إلى رجوع الزوج من الاطلاق الأول بالنسبة إلى التزويج من الطلاق الأخير كما في
كشف اللثام وعن النهاية وفى النفقة اشكال كما عن يه؟ الاحكام من الاستصحاب؟؟ ارتفاع علقة الزوجية شرعا واصل البراءة لتجدد
218

وجوبها كل يوم والأول أقوى خلافا لكاشف اللثام والأمس والسادس تركها لقراءة العزائم واللبث فيما عدا المستخدمين وعن يه؟ تجويز الطواف
وصرح في هي؟ بالمنع عنه والسابع الآيتان بالصلوات المفروضة واما النوافل فعن يه؟ ان الأقرب انه لها التنفل كالمتيمم ينتفل مع بقاء
حدثه لان النوافل من مهمات الدين فلا نمنع عنها سواء الرواتت وغيرها وكذا الصوم المندوب والطواف انتهى أقول إما الطواف فقد
عرفت المنع عنه واما النوافل فالأقوى إذ لا يعد تركها احتياط لما سيجئ من عدم كون حرمة العبادة على الحايض ذاتية بل من حيث
التشريع فينتفى حيث قصد الاحتياط بفعلها بل ربما كان الأولى تركها التغليب الحرمة على الوجوب ومما ذكر إلى لا التشريع ولذا لم يخالف أحد
في كون فعل الفريضة احتياطا في حقها ولو كانت حرمة الصلاة في حقها ذاتية لم يحصل الاحتياط بفعلها بل ربما كان الأولى تركها تغليب
الحرمة على الوجوب ومما ذكر يظهر الكلام في الصوم المندوب ثم هل يجب عليها بعد أداء الفرائض قضائها
أيضا حكم في كره؟ بعدم الوجب لأنها
إن كانت طاهرة صح الأداء والا سقط القضاء ولان فيه حرجا عظيما ثم قالوا يحتمل الوجوب لاحتمال انقطاع الحيض خلال الصلاة أو
في اخر الوقت وربما انقطع قبل غروب الشمس فيلزمها الظهر والعصر أو قبل نصف الليل فيلزمها المغرب والعشاء واختاره المص؟ في يه؟ على
ما حكى وذكر في مع؟ صد؟ في كيفية القضاء ومقدار المقتضى كلاما جامعا كفانا مؤنة الخوض في المسألة فإنه بعد حكاية وجوب القضاء عن
المص؟ قده؟ قال و ح؟ فاما ان تصلى أول دائما أو اخره دائما أو قد تصلى أوله وقد تصلى اخره ففي الأول تقضى بعد كل أحد عشر يوما
صلوتين مشتبهين لامكان ان ينقطع الحيض في أثناء العصر أو العشاء فتفسد الصلوتان ويجب قضائهما وكذا يمكن انقطاع في أثناء
الصبح فيجب قضائها فيقين البراءة يتوقف على قضاء صلوتين مشتبهين وكيفية قضائهما كقضاء الصوم سواء وإن كانت تصلى
اخر الوقت دائما قضت بعد كل أحد عشر ثلث صلوات لامكان ان يطرء الحيض في أولي الطهرين أو العشائين فتفسد الصلوتان وينقطع
في أثناء غسل الأولى منهما أو الثانية فيجب قضائها لفساد طهارتها وكيف قدر زمان صلاتها اخر الوقت فلا بد من ادراك الطهارة
وخمس ركعات فإذا قدر صحة الفرض الثاني لمصادفة غسل الظهر فالأول فاسد والا فالثاني فتقضى سبع صلوات صبحا ومغربا ورباعية
مرددة بين الثلث ثم صبحا ورباعيتين بينهما المغرب لان الفائت من يومين اثنتان وواحدة من اخر ولو كانت تصلى أول الوقت دائما
وجب قضاء مشتبهين لاحتمال الانقطاع بعد فعلهما دون ما زاد لو فرض ابتداء الحيض في أثناء الصلاة لما وجب لأنها لم تدرك من
الوقت ما يسعها ولو كانت تصلى أول الوقت تارة واخره أخرى أو وسطه دائما وجب قضاء أربع صلوات مشتبهات لامكان الابتداء
في أولها فتفسدان ويجب التدارك لامكانه وكذا يمكن الانقطاع في الثانية فتفسدان أيضا والتدارك ممكن فيجب وجاز التماثل فلا بد من
ثمان صلوات انتهى ثم قال وفى بعض حواشي الكتاب ما صورته ينبغي ان تصلى كل صلوات مرتين أول الوقت واخره لأنه إن كان أحدهما
حيضا صح الأخر قلت جاز ان ينقطع الحيض في أثناء غسل الثانية فتفسد ويجب قضائها لادراك قدر الطهارة وركعة ولا يقال بقدر
وقوع الثانية حيث ينتهى الضيق فلا يجب الأولى لأنا نقول هذا تيمم في الصبح إما الظهرين فلا فان نهاية الضيق ان تغتسل لكل من الصلاتين
مع كثرة الدم وقد بقى من الوقت قدر الطهارة مرتين وخمس ركعات فيمكن الانقطاع في أثناء الغسل فيفسد ويجب قضاء الفريضة المؤداة به
وفيها أيضا ما لفظه أو نقول إن صلت دائما أول الوقت أو اخره قضت كل أحد عشر صلاة مشتبهة وإن كانت تصلى أوله تارة واخره
أخرى قضت بعد أحد عشر صلوتين مشتبهين قلت قد بينا وجوب صلوتين في الفرض الأول لامكان الانقطاع في أثناء الثانية فتفسد الصلوتان
ويجب تداركهما وبينا في الفرض الثاني وجوب ثلث لامكان طريانه في الفريضة الأولى وانقطاعه في الغسل لتطهيرها فلا يستقيم ما ذكره
وفى الفرض الثالث وجوب الأربع لامكان طريانه في الفريضة الأولى فتفسد الفرضان ويجب قضائهما لادراك قدر الطهارة وفعلها من أول
الوقت وامكان انقطاعه في أثناء الثانية فيجب فعلهما لادراك قدر الطهارة وخمس ركعات وهذا الذي ذكره يناسب مذهب العامة
من اختصاص كل صلاة بوقت لا يشاركها فيه الأخرى انتهى كلامه رفع مقامه الثامن الغسل لكل صلاة بعد الثلاثة لاحتمال انقطاع الحيض
في كل وقت ولا تجمع بين صلوتين يغسل لاحتمال انقطاعه منهما ثم إن كانت كثيرة الدم اغتسلت لكل صلوتين وفى تداخل الغسلين وجهان
مبنيان على التداخل الا ان الشهيد في البيان جزم بعدم التداخل ولو على القول بالتداخل لان استمرار الحدث يمنع عن التداخل ومال
إليه في مع؟ صد؟ والأقوى خلافه وفاقا للروض و ح؟ فيجب عليها في اليوم والليلة ثمانية أغسال وغلى التداخل خمسة وجزم كاشف اللثام بوجوب
تأخير غسل الاستحاضة من غسل الحيض لوجوب المبادرة إلى الصلاة بعده تحرزا عن مفاجات الحدث بخلاف غسل الحيض فان احتمال
انقطاعه لا يتكرر واحتمال تأخره لا يندفع التاسع صوم شهر رمضان كله لان كل يوم يحتمل الطهر مع الغسل كل ليلة لاحتمال الانقطاع
مضافا إلى غسل الاستحاضة العاشر قضاء صوم أكثر أيا الحيض وهل يحصل بقضاء عشرة أيام كما عن الشيخ لا لأصالة عدم التشطير لان
219

الكلام بعد فرض عدم الالتفات إلى الأصول في مقابل الاحتياط بل لظهور الأيام في تجديد الحيض في غير الملفقة أم بقضاء أحد عشر لاحتمال حصول
الحيض في أثناء الأول وانقطاعه في أثناء الحادي عشر ولا دليل على احتساب بعض اليوم في أحد الطرفين يوما مع ظهور الأيام في أقل الحيض وأكثره
في الكاملة وقد سمعت دعوى الاجماع من الجامع على انها لو رأت يومين ونصفا لم يكن حيضا هذا كله مع ما عرفت من امكان منع امتناع تجاوز
الحيض عن العشرة بقليل بل صرح كاشف الغطاء بان الممتنع التجاوز بيوم كامل لكنه محل نظر وكيف كان فالأقوى سيما في مقام الاحتياط قضاء
أحد عشر كما اختاره المض؟ قده تبعا المفيد الثاني الشيخ أبى على ولد الشيخ قدس سرهما هذا كله إذا علمت المراة انها لا تحيض في الشهر الا مرة واحدة
والا فاللازم عليها قضاء عشرين أو أحد وعشرين على القولين في التشطير وعدمه فهذه هي الأمور التي تجب على المتحيرة بقى الكلام في أنه لا ينبغي
اشكال في جواز ان لها ان تقضى في هذه الأيام ما فاتها من العبادة فيها أو في غيرها لما عرفت من عدم حرمة العبادة عليها ذاتا نعم لا بد
من تكرر الفائت على وجه يحصل العلم لها بوقوعه في وقت الطهر والكلام إما في الصوم واما في الصلاة واما في الطواف إما الصوم فان علمت
بان حيضها في الشهر مرة فيحصل قضاء كل يوم بصوم يومين بينهما أزيد من ثمانية أو تسعة على القول بالتشطير كالأول والثاني عشر إلى اخر الشهر
وان لم يعلم ذلك واحتملت تعدد الحيض في الشهر فعلى قول الشيخ يصوم أول يوم وحادي عشره إذ لا يمكن اجتماعها وعلى التشطير فلا يكتفى بذلك الاحتمالا
ابتداء الحيض في أثناء الأول وانقطاعه في أثناء الحاد يعشر ولا يكتفى بزيادة الثاني عشر إذ لا يرتفع الاحتمال بل لابد من إضافة الثاني إليه
اليض؟ فتصوم أربعة أيام الأول والثاني والحاد يعشر والثاني لان الحيض ان ابتدا في الأول انتهى الحاد يعشر فيتضح ما بعده أو بالثاني صح الأول
وان انتهى في الأول صح الثاني أو في الثاني صح الحادي عشر وفى كرة وعد؟ انها تصوم تصوم الأول والثاني عشر ويوم اخر بعد الثاني وقبل الحاد يعشر
واجزاء هذا المقدار واضح بأدنى تأمل ثم إن الطريق الثاني وإن كان أقل كلفة من الأول الا ان الأول أعم نفعا إذ يمكن مراعاته
قضاء أزيد من يوم إلى تسعة أيام بخلاف الطريق الثاني والضابط فيه على ما في مع؟ صد؟ انه إذا أراد قضاء يومين أو أكثر إلى التسعة كرر المقضى
مرتين مع كون أول المرة الثانية الثاني عشر من المرة الأول وصام بين المرتين يومين متواليين أو متفرقين متصلين بالمرتين أو منفصلين
أو متصلا باحديهما فإذا أراد قضاء يومين صامت ستة أيام الأول والثاني ثم يومين قبل الثاني عشر والثالث ولو أرادت قضاء ثلاثة أيام
زادت على الأولين الثالث وعلى الأخيرين الرابع عشر ولو أرادت قضاء أربعة زادت على الثلاثة الأول رابعا وعلى الثلاثة الأخيرة الخامس
عشر وهكذا لو أرادت تسعة صامت تسعة ثم يومين ثم تسعة أخرى أولها من ثاني عشر الأول إلى العشرين فكلما فسد يوم من أيام المرة الأولى
صح بدله من الثانية وانما احتيج إلى اليومين المتوسطين لاحتمال انقطاع الحيض في أثناء اليوم الآخر من المرة الأولى كالخامس وتعود في نظيره
من الثانية وهي الخامس عشر فيفسد جميع المرتين الا الثلاثة الأولى من المرة الثانية ثم إذا أراد قضاء الصلاة والطواف نفعها ما
ذكر من الضابطة فتدبر ولو ذكرت المضطربة الوقت في الجملة دون العدد فلا يخ؟ إما ان يذكر أوله اواخره أو وسطه الحقيقي أو غير الحقيقي
أو شيئا منه في الجملة فان ذكرت أوله اكمله أقله أعني الثلاثة لتيقنه ويبقى سبعة مشكوكة وفى وجوب الاحتياط فيها بالجمع بين وظيفتي
الحايض والمستحاضة والغسل في كل وقت يحتمل الانقطاع كما عن ط؟ والجامع ويع؟ والمص؟ قده؟ في هذا الكتاب وغيره واحتمله الشهيد في كرى؟
وس؟ أو وجوب اجراء احكام الطهر عليها كما عن موضع من ط؟ والمعتبر والبيان ومحتمل الذكرى ومستحسن ك؟ أو ارجاعها إلى الروايات
إما بأخذ خصوص السبعة كما عن ف؟ مدعيا عليه الوفاق واما على التخيير بينها وبين الستة والثلاثة من شهر والعشر من شهر كما عن الشهيدين
تبعا للمص؟ في المنهى واختاره الوحيد في شرح المفاتيح والسيد في الرياض أقوال أقواها الثاني لعدم الدليل على لاحتياط مع أصالة عدم
زيادة الحيض على يا متيقن ولا يجرى أصالة بقائه لما تقدم منعدم جريان الاستصحاب في مثله ولذا لم يقل أحد بما يقتضيه هنا من وجوب
التحيض إلى العشرة واما الروايات فهى مختصة بناسية الوقت والعدد الا ان يق؟ بتنقيح المناط وان ما في الروايات عدد غالب في النساء
جعله الشارع مرجعا للمراة الجاهلة بعددها الواقعي بل يمكن ان يدعى شمول نفس المرسلة لما نحن فيه فان قوله (ع) في ذيلها وان اختلط
عليها أيامها وزادت أو نقصت حتى لا يقف منها على حد ولا من الدم على لون عملت باقبال الدم وادباره مطلق في ناسية العدد ولا مجال
لانكار شموله لذا كرة الوقت و ح؟ فقوله (ع) فيما بعد وان لم يكن الامر كك؟ ولكن الدم أطبق عليها فلم تزل الاستحاضة دارة وكان الدم على لون
واحد فسنتها السبع والثلث والعشرون دال على أن ناسية العدد مع عدم التميز ترجع إلى الروايات فهذا القول لا يخ؟ عن قوة في
خصوص السبعة كما تقدم عن ف؟ مدعيا عليه الوفاق لكن في النسبة كلام تقدم في المتحيرة واما غيرها من الروايات فغير جارية في الناسية
الاعلى ما ذكرنا في المتحيرة من أن المستفاد من المرسلة اتحاد حكم المضطربة والمبتدئة فالسبع فيها على التخيير كالمبتدئة نعم الروايات
بأسرها غير جارية فما لو علم اجمالا زيادة العدد المنسى عن الروايات أو نقصانه عنها ومما ذكرنا يظهر الكلام في ساير افراد هذا
220

القسم مثلا لو ذكرت اخره فهو نهايتها فتجعل الثلاثة حيضا والكلام في السبعة الباقية ما عرفت من الأقوال وعرفت ان مختار المص؟
قده؟ هنا وفي بعض كتبه انها تعمل في باقي الزمان الزائد على الثلاثة في الصورتين ما تعلمه المستحاضة بل وتترك ما تتركه الحايض وان لم
يذكره المص؟ ولا شيخه في المعتبر الا ان المصرح به في محكى الجامع انه لا يطأها الزوج ولا يطلقها وقد صرح في الروض تبعا لجامع صد؟
لزوم التروك على هذا القول وتغتسل لانقطاع الحيض في كل وقت يحتمل انقطاعه فيه وهو في الصورة الأولى بعد انتهاء الثلاثة وحضور وقت
العبادة المشروطة بها ومقتضى الاحتياط تأخير الاغتسال إلى اخر الوقت وهو ان يبقى مقدار الطهارة مرتين وخمس ركعات لاحتمال انقطاعه
واحتمال انقطاعه في أثناء الغسل الأول فيفسد الغسل العبادة وإن كان قائما هنا الا انه لا مفر منه ولذا قيل بوجوب قضاء عباداتها كما
تقدم في المتحير وكيف كان فيجب احراز الاحتمالات بقدر الامكان وما لا يمكن احرازه يسقط التكليف تداركه بالقضاء كما تقدم
لاحتمال الانقطاع فيه ولا يقدح احتمال الانقطاع قبله لصحة الغسل على التقديرين نعم يحتمل انقطاعه في أثناء الغسل الثاني للصلاة
الأخيرة ويجب عليها خمسة أغسال للصلوات الخمس وفى تداخلها مع الأغسال الواجبة للاستحاضة حتى يقتصر على الخمسة كما اختاره في الروض
لعموم نصوص التداخل أو عدمه كما في البيان مستدلا بان استمرار الحدث يمنع عن التداخل قولان أقويهما الأول ولعل ما قيل من منع
استمرار الحدث من التداخل انما هو لاعتبار رفع الحدث في غسل الحيض فلا يتداخل مع الغسل الغير الرافع وفيه نظر واما في الصورة الثانية
فتغسل للانقطاع في اخره لكن تجمع في السبعة السابقة بين وظيفتي الحائض والمستحاضة ومقتضى الاحتياط فيها
تقديم الصلاة في أول الوقت
حذرا من تجدد الحيض فيما بعده وعلى القول برجوعها إلى الروايات تضم إلى الثلاثة الأخيرة تمام ما اختارته منها متصلا بها ولو ذكرت
في وسط الحيض الواقع بين الطرفين وان لم تكن وسطا حقيقيا ضمت إلى الذكور يومين واقتصرت على المجموع أو ضمت إليه تمام ما تأخذه
من الروايات ومن قبل أو من بعد أو بالتفريق أو احتاطت بضم تمام العشرة من قبل ومن بعد فلو ذكرت يوما ضمت إليه تسعة من قبل وتسعة
من بعد ولو ذكرت يومين ضمت ثمانية من قبل وثمانية من بعد وهكذا ولو ذكرت الوسط أعني المحفوف بمتساويين فإن كان يوما واحدا
حفته بيومين واقتصرت على ذلك على القول الأول أو على القول الثلث وأكمله بما يناسبه من الرويات كالسبعة والثلاثة فليس لها الاحد
بالستة والا العشرة ول أخذت الثلاثة في شهر لم تأخذ العشرة في اخر للعلم بعدم بلوغ حيضها عشرة بحكم الفرض فيأخذ التسعة على الاشكال
المتقدم في شمول روايات الثلاثة والعشرة للناسية مط؟ فضلا عن العالمة بقصور عادتها عما تأخذه من الروايات وعلى القول بالاحتياط
تضم إلى الثلاثة ثلثة من قبل وثلاثة من بعد ويكفى بالستة للعلم بعدم بلوغ حيضا عشرة كما تقدم ولو ذكرت يومين خفتها بيومين أو اكملها بما
يناسبها من الروايات كالستة أو العشرة ولو اختارت العشرة لم يكن لها التحيض في الشهر الأخر بالثلاثة للعلم بزيادة حيضها عنها فيتحيض أربعة
ولو ذكرت ثلثة حفتها بيومين فتقتصر على الخمسة أو تأخذه من الروايات السبعة لعلمها بعدم كونها ستة ويزاد بها على الثلاثة ونقصانها
عن العشرة وقس؟ على ذلك ما لو ذكرت توسط ما زاد على الثلاثة ولو ذكرت وقتا في الجملة كان يعلم تحيضها أول الشهر فقط أو مع ثانية
أو مع ثالثة وهكذا إلى تاسعة ولا يدرى ان المعلوم أول الحيض أو اخره فهو الحيض المتيقن فعلى الروايات يكمله احديها ان قصر عنها قبله أو
بعده أو بالتفريق وان ساوى أحدها أو زاد اقتصرت وعلى الاحتياط تكمله عشرة وتجعله نهاية عشرة وصرح في الروض هنا وفيما
لو ذكرت وساط غير حقيقي انها على الاحتياط تكمل ما تحققه عشرة من قبل أو من بعد أو بالتفريق ولا يخفى عدم تحقق الاحتياط الا باتمام
العشرة من قبل ومن بعد كما في البيان ومع؟ صد؟ ثم هذا القسم إذا اخذ فيه العدد كاملا احتمل تسع صور كما عرفت وان لحظ فيه الكسر لم يتناه
وتقضى ذاكرة الوقت المحتملة لكون عددها عشرة صوم أحد عشر يوما لاحتمال طر والدم في أثناء الأول وانقطاعه في أثناء الأخر
ولو ذكرت المضطربة الفاقدة للتميز العدد خاصة فان علمت وقت طر والدم عليها رجعت إلى عادتها بتجاوز العشرة نص عليه في جامع المقاصد
حيث قال وموضع الخلاف الآتي ما إذا بعلم لم وقت طر والدم عليها بان عرض لها جنون ونحوه فان علمته رجع بتجاوز العشرة إلى عدد العادة
فان استمر إلى الشهر الثاني فهو محل انتهى الخلاف وهو حسن إذ لاوجه للاحتياط في الدورة الأولى مع ظهور بعض الأخبار في وجوب عمل المستحاضة
بعد التحيض بمقدار العادة والاستظهار ثم إنها ان لم تعرف قدر الدور الذي ضل فيه العدد كما لو قالت حيضي خمسة أو سبعة ولا أدرى في
كم أضللتها أو عرفت قدر الدور ولم تعرف ابتدائه كما لو قالت ودوري ثلاثون لكن لا اعرف ابتدائه أو عرفت ابتدائه ولا تعرف مقداره
كما لو قالت ودوري مبتدء يوم كذا ولا اعرف قدره فلا فرق بينها وبين المتحيرة الراجعة إلى الروايات الا من حيث نقصان العدد المحفوظ
وزيادته عن الروايات الاحتمال الا حيض والطهر والانقطاع في كل زمان نص على ذلك كله المص؟ في يه؟ والشارح في ض؟ ووجهه واضح
فان حفظت مع العدد قدر الدور وابتدائه كما لو قالت حيضتي سبعة في كل شهر هلالي أو في نصفه الأول أو الأخر فقدر العدد من
221

من أوله لا يحتمل انقطاع الذم ويحتمل الحيض والطهر وا عبده يحتملهما والانقطاع إلى اخر ما ضل فيه العدد فان أو جينا عليه الاحتياط كما هو ظ؟
الكتاب تبعاد للمعتب روط؟ عملت في كل وقت ما تعلمه المستحاضة وتترك كما تتركه الحايض وقد عرفت في المتحيرة ضعف القول بالاحتياط لعدم الدليل عليه
بل الدليل من الأصول المعتبرة على خلافه مضافا إلى استلزامه للحرج كما عرفت وجهه ولذا اختار الأكثر عدم وجوب ذلك عليها واختاروا انه لا يجب عليها
الا تحيض مقدار العادة مخيرا في وضعه حيثما شاءت مطلقا كما عن الأكثر أو بعد العجز من الاجتهاد في تحصيل الظن بموضعهما من الدور كما
عن الذكرى والبيان أو معينا عليها وضعه في أول الدور كما في كشف اللثام وخيرها أوسطها لما تقرر من وجوب العمل بمطلق الظن في كل مقام
لم يجب الاحتياط للعسر ولم يقطع الشارع النظر عن الواقع وقد ادعى المص؟ قده؟ في باب قضاء الصلوات الاجماع على العمل بالظن في الشرعيات
ومما يشير إليه في المقام قوله (ع) في مرسلة يونس الطويلة ولو كانت تعرف أيامها ما احتاجت إلى معرفة لون الدم دلت على أن الجهل بالأيام
سبب الحاجة إلى معرفة لون الدم والاستكشاف به من كون الدم حيضا أو استحاضة ولروايات وا وردت في التميز بالصفات الغالبة الا
انها لا يخ؟ عن اشعار بل دلالة عند التأمل على لزوم الاجتهاد عند الجهل بالعادة فتأمل الا ان يق؟ ان هذا كله اجتهاد في مقابل اطلاق النصوص
الامرة بأخذ المستحاضة مقدار عادتها ودعوى إرادة العادة المعلومة من حيث الوقت مسلمة في بعضها الا في جميعها ولذا ترجع من لم تستقر
لها عادة وقتية إلى العدد اجماعا كما عن الرياض والظ؟ ان لا مستند لذلك الا هذه الأخبار كلها من باب تنقيح المناط لعدم تعقل فرق بين
نسيان العادة وعلمها أو بعضها باطلاق اللفظ وعدم اختصاصه بالعادة المعلومة وقتا ومنه يظهر صحة الاستدلال بما دل على رجوع المبتدئة
إلى عادة نسائها فان الظ؟ ان ذلك من حيث قيامها مضافا إلى ما يستفاد من المرسلة الطويلة من حصر سنن المستحاضة في
الاخذ بالعادة والتميز والروايات فينتفى الاحتياط واما عادة الأهل فهى قائمة مقام العادة ومضافا إلى فحوى وجوب الاحتياط على
المتحيرة فان ذكر العدد لا يوجب زيادة التكليف قطعا لكن الاحتياط في مراعاة الظن مما لا ينبغي تركه وأحوط منه الاحتياط المطلق الذي
تعرض المص؟ بعض جهاته بقوله وتغتسل في كل وقت يحتمل فيه الانقطاع وهو ما بعد مقادر العدد من أوله وتقضى صوم عادتها المحفوظة
مع يوم زائد لاحتمال طور والدم في أثناء الأول وانقطاعه في أثناء الأخير فتفسد اليومان ثم إن هذا الذي ذكرنا من وجوب الجمع بين الوظيفتين
عند الشيخ والتخيير المطلق عند الأكثر انما يتم ان نقص العدد الذي ذكرته عن نصف الزمان الذي ضل فيه العدد كالسبعة أو العشرة في شهر أو
وساية كما لو زاد العدد عنه أي عن النصف فالزايد وضعفه أي مثله حيض من وسط الزمان كالخامس
والسادس لو كان العدد الضال ستة في العشرة الأولى لاندارجها في الحيض قطعا على كل تقدير فبقى لها من العدد أربعة متقدمة وأربعة
متأخرة فهى محيرة عند الأكثر في ضم المتقدم أو المتأخر إلى الخامس وعند الشيخ تحتاط في الأربعة المتقدمة والمتأخرة وتزيد
الاغتسال في المتأخرة لاحتمال الانقطاع لو أضلت خمسة في التسعة الأولى فالزايد نصف يوم فهو مع ضعفه حيض بيقين فالخامس حيض
ولو أضلت سبعة في عشرة فالحيض أربعة أيام لان العدد يزيد على نصف الدور بيومين وهذه قاعدة كلية ترجع إليها المسائل المعروفة
بفروع الامتزاج التي ذكر كثيرا منها جماعة تبعا للشيخ في ط؟ كان تقول حيضي عشرة وكنت امزج شهرا بشهر أي كنت اخر الشهر وأول ما بعده حائضا
فالمتيقن من الحيض لحظة من اخر كل شهر ولحظة من أوله والمتيقن من الطهر من اللحظة الأخيرة من العاشر إلى أول لخطة من اليوم الحادي والعشرين
فقد ضلت العشرة في عشرين يوما الا لحظتين وهي ما بين اللحظة من أول الشهر والخطة من اخر العاشر وما بين اللحظة من أول ليلة الحادي
والعشرين والخطة من اخر الشهر فتزيد العادة على ما ضلت فيه بلحظة فلحظتان متيقنتان وتضم إليها مكمل العبادة من أي الطرفين شاءت
على المش؟ ويحتاط فيها على قول الشيخ تغتسل للانقطاع فيما بعد الأولى من أول الشهر ولو قالت ذات العشرة كنت امزج أحد نصفى
الشهر بالآخر بيوم من النصف فالخامس عشر والسادس عشر حيض بيقين والستة الأخيرة والستة الأخيرة فقد ضلت العشرة
فيما يزيد على نصفه بيوم أعني الثانية عشر فيضم إلى اليومين ما يكملهما مما شاءت من المتقدم أو المتأخر أو يحتاط في الثمانية المتقدمة
بالجمع بين الوظيفتين ويزيد في الثمانية المتأخرة الغسل للانقطاع وعليك برد ما يرد عليك إلى ما ذكر من القاعدة ولو قالت لي في كل
شهر حيضتان كل واحدة ثمانية فلابد فيها من الطهر فمضلة العادة ما عدا ستة أيام من الثالث عشر إلى الثامن عشر إذ الحيض الأول لا
يتأخر عن الخامس ولا الحيض الثاني عن الثالث والعشرين والمتيقن من الحيضة الأولى من الخامس إلى الثامن ومن الثانية من الثالث والعشرين
إلى السادس والعشرين وكل دم يمكن شرعا أي لا يمتنع ان يكون حيضا فهو حيض سواء كان بصفة دم الحيض أم لم يكن على المش؟ بين الأصحاب
بل في مع صد؟ وشرح ضه؟ انه تكرر في كلام الأصحاب بحيث يظهر انه مما اجمعوا عليه وعن المعتبر وهي الاجماع على حيضية ما تراه المراة بين
الثلاثة والعشرة مما يمكن ان يكون حيضا وان لم تكن بصفات دم الحيض وفى نهاية المص؟ قدس سره كل دم يمكن ان يكون حيضا وينقطع
222

على العشرة فإنه حيض سواء اتفق لونه أو اختلف قوى أو ضعف اجماعا انتهى وقد استدل على ذلك بعدد دعوى الاجماع بأنه دم في زمان يمكن
ان يكون الدم حيضا فوجب ان يكون حيضا وظاهره ان هذه القاعدة من المسلمات بحيث يستدل بها لا عليها وقد تقدم في شرح قول المص؟
قده؟ والصفرة والكدرة في أيام الحيض تفسير أيام الحيض في المبسوط والسرائر بأيام الامكان وفى الوسيلة والصفرة والكدرة في أيام الحيض
وفيما يمكن ان يكون حيضا حيض انتهى وظاهره إرادة التعميم في أيام الحيض الواردة في الرواية وقال في الخلاف الصفرة والكدرة في أيام الحيض
حيض وفى أيام الطهر طهر سواء كانت أيام العادة أو الأيام التي يمكن ان يكون الدم فيها حيضا ثم حكى عن بعض العامة تخصيص ذلك بأيام العادة
ثم استدل على ذلك باجماع الفرقة وان اجماعهم حجة انتهى واستدل على القاعدة المذكورة مضافا إلى ظهور الاتفاق المعتضد ينقل الاجماعات
والى ان الأصل في دم النساء الحيضية لأنها الغلب فيها والمخلوق فيهن للحكمة المتقدمة ولان الأصل عدم الآفة الموجبة للاستحاضة أو لقرحة
أو نحوهما بالاخبار المتكثرة المختلفة في كيفية الدلالة على هذه القاعدة بحيث يشرف المتتبع على القطع بها ما في شرح المفاتيح مثل المرسلة
هذه القاعدة على المستدل بها في المبسوط والسرائر التي لا يستدل فيها باخبار الآحاد وهي قولهم الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض بناء على التفسير
المتقدم وما تقدم من روايتي يونس بن يعقوب فيمن ترى الدم ثلثة أو أربعة وترى الطهر ثلثة أو أربعة إلى شهر ومثل ما تقدم من روايتي ابن مسلم
ورواية البصري والواردة في عدة الطلاق ومرسلة يونس الدالة بأجمعها على أن تراه قبل العشرة فهو من الحيضة السابقة وما تراه بعدها
فهو من المستقبلة وما ورد فيما تراه المراة قبل عادتها من أنه حيض معللا بأنه ربما تعجل بها الوقت فدل على أن مجرد احتمال التعجيل يكفي
في الحكم بالحيضية ونحوه ما ورد من تحيض الحامل بالدم معللا بان الرحم ربما قذفت الدم وما في رواية عبد الله بن المغيرة فيمن نضت فتركت
الصلاة ثلثين يوما ثم طهرت ثم رأت الدم بعد ذلك من أنها تدع الصلاة لان أيامها الطهر قد جازت مع أيام النفاس فعلل الحكم بالحيضية
بمجرد عدم المانع ولا ينافي ذلك عدم القول بها في مدة النفاس لان تأويلها لا ينافي الاستدلال وما ورده من أن الصائمة تفطر بمجرد
رؤية الدم وما سيأتي من الحكم بالحيضية في المشتبه بالاستحاضة عند وجود الصفات وما تقدم من الحكم بها في المشتبه بالعذرة عند عدم لتطوق
وفى المشتبه بالقرحة عند خروج الدم من الأيسر في هذه المواضع بالحيض بمجرد امكانه بانتفاء علامة الاستحاضة والعذرة والقرحة وما ورد
في اخبار الاستبراء من الحكم ببقاء الحيض بمجرد خروج الدم على القطنة والتحقيق ان كثرا من المذكورات لا تدل على هذه القاعدة بوجه كأصالة
الحيض بمعنى غلبته وأصالة عدم ما عداه لان الغلبة بحيث تفيد الظن ممنوعة مع عدم الدليل على اعتبار في الموضوعات وأصالة عدم ما عدا الحيض
لا تثبت الحيض بل أصالة عدم الحيض تنفيه واما المرسلة فالظ؟ منها إرادة أيام العادة قال في الذكرى بعد حكاية التفسير المتقدم عن المبسوط
ان الذي في الكافي قوله (ع) كل ما تراه المراة في أيام حيضها من صفرة أو حمرة فهو من الحيض وكل ما تارة بعد أيام حيضها فليس من الحيض وقوله (ع)
السنة في الحيض ان يكون الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيضا كله انتهى وفيه تعريض على أن ما ذكره في المبسوط كأنه معنى مأخوذ من هاتين
الروايتين الغير الدالتين على ما استظهر لكن الشارح في الروض استظهر ما استظهره في المبسوط كما تقدم عنه فراجع واما اخبار افطار الصائمة
برؤية الدم فيه واردة في مقام بيان اطلاق وجوب الافطار في أي وقت رأت دم الحيض فلا اطلاق فيها بالنسبة إلى نفس الدم بل المراد به كما
في المعتبر الدم المعهود كما أن رؤية الدم يراد بها خروجه عن الموضع الطبيعي لا مطلق رؤيته ومما ذكرنا يظهر الجواب عن اخبار الاستبراء واما ما
دل على تميز الحيض عن الاستحاضة والعذرة والقرحة فموردها ما إذا علم من الخارج انتفاء الثالث ودوران الامر بين المشتبهين ولا شبهة في
وجوب الحكم بأحدها عند انتفاء الأخر بانتفاء علامته واما ما دل على الحكم بالحيضية معللا بالاحتمال كروايات تقدم العادة وحيض الحبلى
ففيه ان الظ؟ ان لفظ ربما للتكثير جئ به لرفع الاستبعاد ولم يقصد تعليل الحكم بالاحتمال مع أن اخبار التعجيل مختصة بما تراه العبادة قريبا
من وقتها واما روايتا يونس فقد تقدم في أقل الطهر وجوب تأويلهما واما ما دل على أن المرئي قبل العشرة من الحيضية السابقة وبعدها
من المستقبلة فالانصاف انها مسوقة لبيان ان الدم المفروغ عن حيضية ان وجد فيما قبل العشرة فهو جزء من الحيضة الأولى وان وجد بعدها
فهى من حيضة مستقبلة مع أن الظ؟ اختصاص مورد ما قبل العشرة بالدم الموجود بعد تحقق أقل الحيض ومنه يظهر أخصية اجماعي المعتبر وهي من
المطلب اللهم الا ان يستظهر منها الاجماع عليب أصل القاعدة وكونها من المسلمات كما أشرنا إليه وكيف كان فالعمدة في المقام الاجماعات
ولولاها لاشكل الحكم كما اعترف به شارح الروضة تبعا لجامع صد؟ فلو قطع النظر عن الاجماعات كان الحاصل من مجموع الاخبار وجوب
الكم بحيضية الدم في أربعة ما ورد أحدها ما تجده في أيام العادة الثاني ما تجده قريبا منها الثالث ما تجده بعد انقضاء ثلاثة أيام الرابع
ما تجده متصفا بالصفات على تأمل في عموم هذا غير مورد التميز وحيث احصر المتنسد في عموم هذه القاعدة في الاجماعات المنقولة فلا بد
من تنقيح معنى القاعدة ليعلم وفاء معاقد الاجماع فنقول الظ؟ ان المراد من الامكان ليس مجرد الاحتمال في مقابل العلم بل المراد الامكان
223

الواقعي بمعنى القابلية في مقابل الامتناع الواقعي لأنه الظ؟ من لفظ الامكان دون الامكان بمعنى عدم وجود المانع في ذهن المحتمل والمتردد
ولو سلم إرادة الأعم من ذلك حتى يكون المراد ان كلما يحتمل ان يكون حيضا فهو حيض فهذا مما لا يفي به شئ من الاخبار ومعاقد الاجماعات
المتقدمة ثم المراد من عدم الامتناع ليس هو عدم الامتناع من جميع الجهات كيف ولو ثبت ذلك كان الحيضية واجبة لا ممكنة إذ لا واسطة في الممكنات
بين الامتناع العرضي والوجوب العرضي فيصير معنى كلما لم يمتنع كونه حيضا فهو حيض كلما وجب ان يكون حيضا فهو حيض والحاصل انه لا يتحقق
عدم الامتناع على الاطلاق الا بعد العلم بانتفاء ما عد الحيض فتعين ان يراد بالامتناع عدم الامتناع من جهة الموانع التي قررها الشارع
كالصغر واليأس ونحوهما فمعنى القاعدة انه كلما لم يمتنع من جهة الموانع المقررة في الشريعة كونه حيضا بان كان جامعا لشرايطه وخاليا عن موانعه
المقررة فهو حيض وان لم نعلم كونه حيضا من جهة بعض الخصوصيات التي لا يطلع عليها الا من يعلم ما في الأرحام فان انتفاء الموانع أو اجتماع الشروط
لا يوجب تحقق مشروط وانما يلزم من وجودها أو عدمها العدم ثم المراد من عدم الامتناع لأجل الموانع الشرعية يحتمل ان يكون عدم الامتناع
واقعا من جهة لا موانع الشرعية الواقعية و ح؟ فلابد من احراز عدم الموانع الواقعية فلا يكون الشك في حيضية هذا الدم على هذا الفرض
الا مسببا عن خصوصيات وعلائم باطنية للحيض ولا يطلع عليها غير من يعلم ما في الأرحام ويحتمل ان يكون المراد عدم الامتناع من جهة ما وصل إلينا
من الموانع الشرعية و ح؟ فمجرد عدم ثبوت مانع شرعي لحيضية الدم يكون كافيا في الحكم بحيضيته ولا يحتاج إلى احراز عدم الموانع الواقعية فالمتحصل
من ذلك أن الشك في كون ما تراه حيضا لا يخ؟ عن أحد أسباب ثلثة لأنه إما ان يكون من جهة الشك في تحقق شرط شرعي أو عادى كما في الدم
الخارج من الخنثى أو الممسوح المشكوك في انوثتهما وكما لو خرج وتردد زمان خروجه بين ما قبل التسع وما بعده واما ان يكون من جهة
الشك في شرطية شئ مفقود في ذلك الدم كالتوالي ونحوه من الشروط الخلافية واما ان يكون من جهة الشك في مشخصات جزئية للحيض تختلف
باختلاف أحدا النساء لا تنضبط تحت ضابط واقعي ولا معرف ظاهري فلا يطلع عليها الا من يعلم في ما الأرحام كما إذا استمر دم في
ثلاثة أيام بحيث يعلم باستجماعه لجميع الشرائط المقررة للحيض الا انه يشك في كونه ذلك الدم المخصوص حيضا فان اجتماع تلك الشروط لا يفيد
الا احتمال الحيضية في مقابل فقدها الموجب للقطع بعدمها إما القسم الأول فالأقوى فيه اجراء أصالة عدم الحيض السليمة عن أصالة عدم
الآفة أو غلبة الحيض كما عرفت ولا دليل على اجراء القاعدة المذكورة هنا من الاخبار ولا من الاجماع إما الاخبار فلما عرفت واما الاجماع
فلان كثيرا من نقلته كأول المحققين وثانيهما وغيرهما لم يقولوا بتحيض المبتدئة والمضطربة الا بعد الثلاثة بل عرفت ان إرادة هذا من القاعدة
خلاف الظ؟ وان سلمنا العموم في معاقد الاجماع إذا المتبادر من امكان القابلية الواقعية في مقابل الامتناع لا
الاحتمال والتردد في
مقابل الجزم نعم ربما يستعمل لفظ الامكان في مقام التردد و الاحتمال الا ان المراد به الامكان في نظر الشخص لا في الواقع ولأجل ما ذكرنا
اعتبروا في الامكان تحقق شرائط الحيض قال في ضة؟ ومتى أمكن أي كون الدم حيضا بحسب حال المراة بان تكون بالغة غير يائسة ومدته بان لا
نقص من ثلثة ولا يزيد على عشرة ودوامه كتوالي الثلاثة ووصفه كالقوى مع التميز ومحله كالجانب ان اعتبرناه ونحو ذلك حكم به وانما
يعتبر الامكان بعد استقراره فيما يتوقف عليه كأيام الاستظهار فان الدم فيها يمكن كونه حيضا الا ان الحكم به موقوف على عدم عبور العشرة
ومثله القول في أول رؤيته مع انقطاعه قبل الثلاثة انتهى وقريب منه ما في جامع المقاصد وقال جمال الدين الخونساري في حاشية
الروضة في ذيل قول الشارح ويعتبر الامكان إلى اخره حمل الامكان في كلام المص؟ على بمجرد الاحتمال فقيد بما ذكروا لو حمله على الامكان النفس
الامرى بحسب القواعد الشرعية فلا حاجة إلى ما ذكره ثم قال إنه يمكن ان يكون غرضه من هذا التقييد بيان ان المراد من الامكان ليس مجرد
الاحتمال الذي قد يستعمل فيه الامكان بل هو بعد استقراره الذي مآله إلى الامكان النفس الامرى فيجب حمل كلام المص؟ عليه انتهى وظ؟
عبارة الروض وإن كان يعطى إرادة مجرد الاحتمال الا ان الظ؟ ان المقصود منه بعد تقييده بالاستقرار الامكان النفس الامرى فحاصل
هذه القاعدة كما في شرح ضة؟ ان كلما أمكن شرعا كونه حيضا بالاستجماع لشرطه والخلو عن موانعه حكم بكونه حيضا كان بصفات
الحيض أم لا كذا ذكره الأصحاب قاطعين على وجه يظهر منه اتفاقهم عليه انتهى ومن هنا يظهر انه لا يحكم على الدم بالحيضية بقاعدة الامكان
الا بعد مضى الثلاثة إذ قبله لا يستقر الامكان ولذا اختص معقد اجماعي المعتبر وهي المتقدمتين بما تراه المراة من الثلاثة إلى العشرة ثم
استدلا عليه بقاعدة الامكان مع أن تلك القاعدة على المعنى المتوهم جارية فيما قبل الثلاثة ولم يقل المحقق في كتبه بتحيض المبتدئة بمجرد
الرؤية فليس ذلك الا لعدم استقرار الامكان قبل الثلاثة نعم قد استدل المص؟ في لف؟ وهي بهذه القاعدة على تحيض المبتدئة وقد أجاب
بعضهم عن تمسكه هذا بعدم استقرار الامكان بمجرد الرؤية لكن تمسكه قده؟ بشئ لا يدل على ارتضائه بالتمسك كما لا يخفى على العارف بطريقته
في كتبه الاستدلالية ولذا اخر التمسك بها عن الاخبار وعكس في مسألة ما تراه بين الثلاثة والعشرة واما القسم الثاني من الشك
224

فالظ؟ خرجه أيضا عن مورد القاعدة لان الظ؟ من الامكان هو عدم الامتناع الواقعي من جهة ما صدر من الشارع واقعا من الشرائط أو الموانع
الواقعية والمفروض عدم العلم بذلك في ذلك القسم ولو سلم ظهور القاعدة فيما يعم هذا القسم لكن لا دليل على اعتبارها في المقام فإذا شككنا
في أن تفرق أيام رؤية الدم في جملة العشرة مانع شرعي أم لا أو التوالي شرط أم لا فلا يجوز الحكم على الدم المرئي متفرقا بأنه مما لا يمتنع في حكم
الشارع ان يكون حيضا لاحتمال امتناعه عنده من جهة اعتبار التوالي ودفع احتمال اعتبار الشارع له بحكم الأصل مدفوع بأصالة عدم الحيض
نعم لو كان هناك اطلاق ينفع في مقام الشك في شرطية الشئ المشكوك اخذ به والا بقى على حكم الأصل ولذا ترى القائلين بعدم اعتبار
التوالي تمسكوا باطلاق اخبار كون أقل الحيض ثلثة والمعتبرين للتوالي وهم المعظم رجعوا إلى أصالة عدم الحيض بعد منع الاطلاق لا إلى قاعدة
الامكان فالمتيقن من القاعدة هو القسم الثالث وعلى أي تقدير فهذه القاعدة بمنزلة أصل ثانوي وارد على أصالة عدم الحيض فإذا ثبت
من الشارع كون الدم الفلاني كالمتجاوز عن أيام العادة إلى ما فوق العشرة مثلا ليس بحيض وان استجمع سائر شرائط قابلية للحيض فهذا
الدليل مخرج لذلك الدم عن موضوع الامكان لا مخصص لقاعدة الامكان فيرجع حاصله إلى أن تجاوز الدم الزائد على أيام العادة عن
العشرة مانع شرعي لكونه حيضا نظير سائر الموانع كالصغر والياس ونحوهما ولذا جعل هذا الفرض في مع؟ صد؟ وضة؟ مثالا لعدم استقرار
الامكان كدم المبتدئة قبل الثلاثة فظهر بذلك فساد ما قيل إن هذه مخصصة وقد استثنى منها مواضع كالمثال المفروض
وما أشبهه وافسد من ذلك جعل دما الخنثى والممسوح وما شك في خروجه عن الرحم أو من الخارج من مستثنيات هذه القاعدة ولعله مبنى
على جعل الامكان بمعنى الاحتمال والتردد وقد عرفت فساده ولو أريد من الاستثناء والتخصيص الخروج الموضوعي المعبر عنه بالتخصص
وجب التزام دخول إما ينقطع على الأقل والخارج من اليائسة والصغيرة وغير ذلك من الدماء الفاقدة للشرائط في المستثنيات فالمتحصل
ان المتيقن من معاقد الاجماعات في مورد هذه القاعدة هو القسم الثالث ويمكن الاستدلال عليها فيه مضافا إلى ما ذكر باستقرار سيرة
المتشرعة على جعل الدم الخارج من المخرج حيضا ما لم يعلم كونه دما اخر بل على ذلك بناء العرف قاطبة وكما يجب الرجوع إلى العرف لاستعلام
مراد الشارع من ألفاظه التي لم يثبت له فيها حقيقة شرعية كك؟ يجب الرجوع إليه لاستعلام مصاديق ما علم ارادته من ألفاظ الشارع إذا
لم ينصب معرفا خاصا المفرقة تأمل المصاديق فإذا قال اعتزلوا النساء في المحيض وعلمنا ان المراد منه الدم المخلوق في الرحم لتربية الولد فلابد
في تمييز ان الخارج هو من ذلك الدم أو من دم اخر إما من نصب ضابط مميز له عن غيره واما من إحالة ذلك إلى العرف والشارع وان كشف هنا
ببيان ما قرر من شروط الحيض وموانعه عن عدم كون بعض الدماء حيضا كالخارج عن الصغيرة واليائسة والمنقطع قبل الثلاثة والمتجاوز
للعشرة الا ان ذلك ضابط غالبي لا يفي بتعيين جميع ما هو الحيض فعلم من اقتصاره على ذلك إحالة المكلف على ما بنى العرف على كونه من ذلك لدم
وقد عرفت ان بنائهم على أصالة الحيض في الدماء الخارجة من المخرج ويمكن جريان هذه الوجه في القسم الثاني أيضا من أقسام الشك في حيضية
الدم أعني ما كان الشك فيها من جهة الشك في شرطية أمر مفقود كالتوالي مثلا أو مانعية أمر موجود كالحمل بان يق؟ بعد بناء العرف على كون
الخارج الغير المتوالى أو الخارج من الحامل حيضا مثلا فإذا لم يصل إلينا من الشارع ما يقضى بخلافه كان بناء العرف هو المتتبع الا ان التمسك
بهذا الوجه من أصله لا يخ؟ عن نظر بناء على أن المسلم من بناء العرف هو فيما لو كان الدم بصفات الحيض ومع عدمه لا يظهر حكمهم بالحيضية كما
لا يخفى على من سألهن عن علامات الحيض وينادى بذلك ان المراة في رواية حفص بن البختري بعد ما سمع من الإمام (ع) صفات الحيض قال والله
لو كان امرأة ما زاد على هذا وقول المراة الأخرى في رواية إسحاق بن جرير بعد ما سمعت قول الإمام (ع) ان دم الحيض ليس به خفاء هو حار تجد
له حرقة قالت لمولاتها اترينه كانت امرأة ومن ذلك يظهر وجه النظر في السيرة المدعاة على هذا المطلب فلا يبقى مما يدل على قاعدة الامكان في
فاقد الصفات عدا اطلاق معاقد الاجماعات وبعض الأخبار المتقدمة مع الإغماض عما يرد عليها بل لا يبعد دعوى انصراف الدم في تلك
الاطلاقات إلى ما وجد فيه صفات الحيض كما يشهد به جعل الصفرة في مقابل الدم في جملة من الروايات فلا حظ مع أنه لو سلم عدم الانصراف
فيها كانت هي والاجماعات المنقولة معارضة أو موهونة بالاخبار الدالة على الصفات وعلى ان الفاقد لها استحاضة كالاخبار المتقدمة
في أول المسألة عند تعرض المص؟ قده؟ لتحديد الحيض وكالدالة على أن الصفرة في غير أيام الحيض ليس حيضا مثال قوله (ع) في رواية ابن مسلم وان
رأت الصفرة في غير أيامها توضأت وصلت وما دل على التفصيل فيما تراه الحامل بين كونه عبيطا وعدمه ونحو ذلك ومع التعارض ولتساقط
فالمرجع إلى استصحاب احكام الطاهر لان أصالة عدم الحيض في بعض الصور أعني ما إذا رأت الدم أولا معارض بأصالة بقاء الحيض فما إذا
رأت الدم المشكوك بعد تحقق المتيقن لعادة أو غيرها والرجوع إلى عموم أدلة أو أمر العبادة ونحوها غير صحيح بعد العلم بخروج الحايض
عن موضوعها وتحقق الاشتباه في المقام في مصدق الحايض والطاهر فلا مناص عن الرجوع إلى ما ذكرنا من الاستصحاب ولذلك كله
225

أو بعضه منع صاحب المدارك وبعض من تأخر عنه عن جريان القاعدة في فاقد الصفات بعد أن استشكل شيخه الأردبيلي تبعا لجامع صد؟ في الحكم لولا الاجماع
وما أبعد ما بينه وبين من اجراها في جميع الأقسام الثلاثة المتقدمة لكن الانصاف ان الخروج عما عليه الأصحاب مشكل والأخبار المتقدمة في صفات
الحيض قد عرفت في أول الباب اختصاص دلالتها على العدم عند العدم بصورة استمرار الدم المعبر عنه عرفا وفى الاخبار بالاستحاضة وما ورد
في الحامل من اعتبار الصفة فهو مسلم لما مر من أنه لا تتحيض غير ذات العادة بمجرد الرؤية الا مع اتصاف الدم بصفات الحيض بل يحتمل ان يكون
الحكم في الحامل كك؟ ولو كانت معتادة لعدم ثبوت الاجماع المركب بين الحامل وغيرها واما ما دل على أن الصفرة في غير أيام الحيض ليس حيضا
فهو محمول على ما بعد الاستظهار ومعناه انه لا يتحيض بها كما سيجئ والتخصيص بالصفرة انما هو لوقوعها في مورد السؤال لا لخصوصية في الصفرة
فتأمل ومما يترتب على قاعدة الامكان انه لو رأت الدم ثلاثة أيام كان حيضا وان لم يكن بالصفات وان انقطع ثم رأت اليوم العاشر خاصة
كان العاشر أيضا حيضا بلا خلاف ظاهرا كما تقدم عن ف؟ وكرة؟ لامكان كونه حيضا والاخبار به في الجملة مستفيضة منها ما تقدم في
المبتدئة من وجوب انتظارها العشرة ومنها ما تقدم من روايتي ابن مسلم من أن ما تراه قبل العشرة فهو من الحيضة الأولى وما تراه
بعدها فهو من الحيضة المستقبلة واطلاقها كاطلاق معاقد الاجماع يشمل ما لو رأت المعتادة الدم بغير صفات الحيض متجاوزا عن
عادتها ولولا الاجماع لا شكل الحكم في هذا الفرض من جهة ما دل من المستفيضة على أن الصفرة بعد أيام الحيض حيضا الا ان يراد
بها ما ذكرنا سابقا من عدم التحيض بالصفرة بعد الاستظهار وقد عرفت انه محل تأمل هذا مضافا إلى ما عرفت سابقا من الاجمال
في المعتبر في روايتي ابن مسلم لترددها بين إرادة العشرة من مبدء الحيض والعشرة من مبدء الطهر الا ان يعين الأولى في الفقرة الأولى
والثانية في الثانية بقرينة الاجماع على أن الطهر لا ينقص عن عشرة وإن كان فيه مخالفة لما هو الظاهر من اتحاد العشرة في الفقرتين أو يراد بالعشرة في الفقرتين
العشرة من مبدء الحيض ويقيد اطلاق الثانية بما إذا تخلل بينهما أقل الطهر وقد جمع المص؟ قده؟ بين الاستدلال بالفقرة الأولى لما نحن فيه و
بالثانية لاعتبار العشرة في أقل الطهر وفيه ما لا يخفى وسيجئ توضيح المطلب فيما تراه العبادة بعد العادة في مسألة الاستظهار انش؟ وحيث
فرضنا كون العاشر حيضا وعرفت سابقا ان الطهر لا ينقص عن عشرة أيام فالعشرة الملفقة في فرض المتن من أيام الدم وأيام النقاء مجموعها
حيض وكذا الحكم لو انقطع الدم لما دون العشرة والضابط ان كل دمين فصاعدا في العشرة تخللها نقاء وحكم في الأول بكونه حيضا
فالمجموع من أيام الدم والنقاء بينها حيض ويجب عليها الاستبراء وهو طلب براءة الرحم من الدم عند الانقطاع ظاهر الدون العشرة
على المش؟ بل ظ؟ المحكي عن خيرة؟ نسبة إلى الأصحاب عن ئق؟ ان الظ؟ عدم الخلاف فيه لكن عن الاقتصاد التعبير بلفظ ينبغي ولا يبعد إرادة الوجوب
منه واستدل عليه بالأخبار المستفيضة ففي صحيحة مسلم إذا رأت الحايض ان تغتسل فلتستدخل قطنة فان خرج فيها شئ من الدم
فلا تغتسل وان لم تر شيئا فلتغتسل فان رأت بعد ذلك صفرة فلتتوضأ ولتصل ومرسلة يونس عن امرأة انقطع عنها الدم فلا تدرى أطهرت
أم لا قال تقوم قائمة وتلزق بطنها وتستدخل قطنة بيضاء وترفع رجلها اليمنى فان خرج على القطنة مثل رأس الذباب دم عبيط لم تطهر وان
لم يخرج فقد طهرت تغتسل وتصلى رواية شرجيل الكندي قال قلت لأبي عبد الله (ع) كيف تعرف الطامث طهرها قال تعمد برجلها اليسرى
على الحائط وتستدخل الكرسف بيدها اليمنى فإن كان ثمة مثل رأس الذباب خرج على الكرسف وموثقة سماعة
قلت المراة ترى الطهر و
ترى الصفرة أو الشئ فلا تدرى أطهرت لا قال فإذا كان كك؟ فلتقم فتلصق بطنها إلى حائط وترفع رجلها على حائط كما رأيت الكلب
يصنع إذا أراد ان يبل ثم تستدخل الكرسف فإن كان ثمة من الدم مثل رأس الذباب خرج فلم تطهر وان لم يخرج فقد طهرت وعن الفقه
الرضوي وإذا رأت الصفرة أو شيئا من الدم فعليها ان تلصق بطنها إلى الحائط وترفع رجلها اليسرى كما ترى الكلب إذا بال وتدخل قطنة فان
خرج فيها دم فهي حايض وان لم تخرج فليست بحائض والانصاف انه لولا فتوى الأصحاب بالوجوب كان استفادته من هذه الأخبار مشكلة
لان بعضه مسوق لبيان وجوب ذلك عند إرادة الاغتسال لئلا يظهر الدم فبلغو الاغتسال ويحتمل الاشتراط شرعا إما لان الأصل
بقاء الحيض واما لتحصيل الجزم ببراءة الرحم تعبد أو ان قلنا بأصالة عدم حدوث دم في الرحم وعدم جريان أصالة البقاء في الأمور التدريجية
وبعضها مسوق لبيان كيفية استعلام براءة الرحم من غير تعرض لوجوبه والظ؟ ان موثقة سماعة أيضا من هذا القبيل وإن كان يتراءى منها
الوجوب بل وكك؟ الرضوي فالعمدة فهم الأصحاب ويمكن ان يؤيد بدعوى ان الأصل في أمثال المقام من الشبهات الموضعية التي لا تعلم غالبا
الا بالفحص هو وجوب الفحص كما تقدم في وجوب الاستعلام لمن اشتبه عليها الحيض بالعذرة أو القرحة وان قلنا بان الأصل في الشبهة
الموضوعية العمل بالأصول من دون فحص فت؟ ثم إن الظ؟ من النصوص والفتاوى ان وجوب الاستبراء انما هو مع احتمال وجود الدم فلو علم
بعدمه ولولا جل عادة قطعية لم يجب كما لا يجب إذا علم بعدم الانقطاع في الباطن وفى الاعتماد على العادة الظنية اشكال أقربه وجوب
226

الاستبراء ثم وجوب الاستبراء انما هو من باب المقدمة للعبادة المشروطة بالطهارة فلا تجب الا بوجوبها وليس شرطا في صحة الغسل الا لأجل ان الامر
بالغسل انما يتوجه على الطاهر من الحيض ويتوقف معرفة كون المرأة كك؟ على الاستبراء إذا الأصل بقاء الحيض وعدم انقطاعه ولا اشكال في عدم
صحة الغسل بدون الاستبراء ح؟ نعم لو نسى الاستبراء واغتسل ثم تبين طهره زمان الاغتسال صح الغسل بلا اشكال إما لو قلنا بعدم جريان الأصل
في الأمور التدريجية الحادثة شيئا فشيئا بل الأصل فيها عدم حدوث الزائد على ما علم حدوثه كان الأصل في المقام عدم حدوث دم الحيض
بعد ذلك ويكفى ذلك في صحة الاغتسال الا ان الأخبار المتقدمة ظاهرة في عدم جواز الاغتسال اعتماد أعلى الأصل المذكور من دون استبراء
نعم يحتمل كما عرفت سابقا كون الامر فيها للارشاد لئلا يقع الغسل وما يترتب عليه لغو أو يترتب على يما ذكرنا من جريان أصالة بقاء الحيض أو أصالة
عدمه انه لو تعذر الاستبراء استمرت على ترك العبادة حتى تقطع بالطهر على الأول واغتسلت وفعلت العبادة على الثاني وكيفية الاستبراء
ان يستدخل قطنة بأي وجه اتفق على ما عن الهدية أو المقنعة وط؟ وسم؟ المهذب والكافي وسيلة؟ والجامع والظ؟ انه المش؟ عملا باطلاق صحيحة
ابن مسلم المتقدمة لان غيرها من الاخبار لا يصلح لتقييدها لضعف سند بعضها ودلالة اخر ومعارضة بعضها مع بعض مع ورود
الصحيحة في مقام البيان فيبعد ترك القيد الا ان العمل عليها أحوط ويرجح ما دل على رفع الرجل اليسرى لتعدده وقوة سنده ثم إذا أدخلت
القطنة صبرت هنيئا كما في الروض لكن النصوص وسائر الفتاوى خال عن ذلك ولعله المتعارف عند النساء في مقام الاستعلام فلا يبعد
دعوى انفهامه عن الاطلاقات ثم تنظر فان خرجت القطنة نقية عن الدم ولو كان صفرة بناء على ما تقدم من عدم الفرق فيما تجده في
العشرة فطاهرة يجب عليها الغسل عند وجوب مشروطه ولا يجب عليها الاستظهار وان احتمل حدوث الدم فيما بعد بلا خلاف ظاهرا الا عن المص؟
قده؟ في لف؟ على ما نسبه إليه الشهيدان ولكن المصرح به في كشف اللثام انه توهم وسيجئ كلام لف؟ لا صلاة عدمه ولا يجرى هنا أصالة بقاء الحيض و
ان قلنا بجريانه في التدريجيات نعم لو تيقن العود لعادة قطعية لم ينفع الاستبراء ولو ظنت العود لعادة أو نحوها فالأقوى الحاقه بالشك والمحكى
عن س؟ الاستظهار هنا قد يؤيد بلزوم الحرج لو وجب اغسل العبادة بمجرد احتمال العود ولو ظنا بين الفرق بين الظن الحاصل من
العادة وغيره كما يظهر من صاحبي المدارك والذخيرة وجزم به جماعة ممن تأخر عنهم منهم المحقق البهبهاني قدس؟ سره وعلله أكثرهم بلزوم الحرج
ويمكن الاستدلال له بالأصل في الثاني وعموم أدلة ترك العبادة أيام العادة على ما هو للتسامي منها عرفا والا تخرج القطنة نقية من الدم
بأي لون اتفق صبرت المعتادة عددا دون العشرة عن العبادة مدة غير معينة كما يظهر من اطلاق الاستظهار في بعض الأخبار أو يوما واحدا
كما في بعض اخر ولم يعرف به قايل أو يومين كما في ثالث ولم نعثر له على قائل عدا المص؟ قده؟ هنا أو ثلثة كما عن الصدوق أو مخيرا بين الأولين كما عن
جملة من الكتب بل عن المش؟ لروايات كثيرة أو بين الأخيرين كما في بعض الرويات أو بين الثلاثة كما في رواية البزنطي أو إلى العشرة كما في عدة روايات
أو ثلث أيامها كيف كان فلا اشكال في أصل مشروعية وحكاية الاتفاق عليه مستفيضة مضافا إلى الأخبار المستفيضة بل المتواترة
ومنها مرسلة ابن المغيرة عن رجل عن أبي عبد الله (ع) قال إذا كانت أيام المرأة عشرة لم تستظهر فإن كانت أقل استظهرت ورواية يونس بن يعقوب
عن أبي عبد الله (ع) تجلس النفساء أيام حيضها التي كانت تحيض ثم تستظهر وتغتسل وتصلى ورواية إسحاق بن جرير في المراة تحيض فتجوز أيام حيضها
قال إن كان أيام حيضها دون العشرة أيام استظهرت بيوم واحد ثم هي مستحاضة قال فان الدم تستمر بها الشهر والشهرين والثلاثة كيف
تصنع بالصلاة قال تجلس أيام حيضها تغتسل لكل صلوتين الخبر وصدر مرسلة داود مولى أبى المعزا عمن اخبره عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن
المراة تحيض ثم يمضى وقت طهرها وهي ترى الدم قال تستظهر بيوم إن كان حيضها دون العشرة أيام فان استمر الدم فهى مستحاضة وان
انقطع الدم اغتسلت وصلت لكن ذيلها كما سيجئ ظاهر في عدم الاستظهار ورواية زرارة ومحمد بن مسلم المستحاضة تنظر بعض نسائها
فتقتدى باقرائها ثم تستظهر على ذلك بيوم وموثقة مالك ابن أعين عن النفساء يغشاها زوجها وهي في نفاسها من الدم قال نعم إذا مضى له
منذ يوم وضعف بقدر أيام حيضها ثم تستظهر بيوم فلا باس ان يغشاها ان أحب وموثقة زرارة تقعد النفساء أيامها التي كانت تقعد في
الحيض وتستظهر بيومين وصحيحة زرارة قلت له النفساء متى تصلى قال تقعد بقدر حيضها وتستظهر بيومين فان انقطع الدم والا اغتسلت إلى أن
قال قلت والحائض قال مثل ذلك سواء وموثقة سماعة عن المراة ترى الدم قبل وقت حيضها فقال إذا رأت الدم قبل وقت حيضها فلتدع
الصلاة فإنه ربما يعجل بها الوقت فإن كانت أكثر من أيامها التي تحيض فيهن فليتربص ثلاثة أيام بعد ما يمضى أيامها فإذا تربصت ثلاثة أيام
ولم ينقطع الدم عنها فلتصنع كما تصنع المستحاضة وموثقته الأخرى عن امرأة رأت الدم في الحبل قال تقعد أيامها التي كانت تحيض فإذا ازداد
الدم على الأيام التي كانت تقعد استظهرت بثلاثة أيام ثم هي مستحاضة ورواية محمد بن عمر بن سعيد عن أبي الحسن الرضا (ع) عن الطامث وحد جلوسها
قال تنتظر عدة ما كانت تحيض ثم تستظهر بثلث أيام ثم هي مستحاضة ورواية إسماعيل الجعفي المستحاضة تقعد أيام أقرائها ثم تحتاط
227

بيوم أو يومين فان رأت طهرا اغتسلت وان لم تر طهرا اغتسلت وصحيحة زرارة المستحاضة تكف عن الصلاة أيام أقرائها وتحتاط بيوم أو
اثنين ثم تغتسل كل يوم وليلة ثلث مرات إلى أن قال فإذا حل لها الصلاة حل لزوجها ان يغشاها وصحيحة ابن مسلم المروية عن الشيخة
لابن محبوب الحائض إذا رأت دما بعد أيامها التي ترى الذم فيها فليقعد عن الصلاة يوما
أو يومين وموثقة زرارة المستحاضة تستظهر بيوم أو يومين وموثقة الأخرى عن الطامث تقعد بعدد أيامها كيف تصنع قال تستظهر بيوم أو يومين وموثقة البصري عن المستحاضة أيطأها
زوجها وهل تطوف بالبيت قال تقعد أيام قرئها التي كانت تحيض فيه فإن كان قرئها مستقيما فلتأخذ به وإن كان فيه خلاف فلتحتط
بيوم أو يومين ورواية حمران بن أعين المروية عن المنتقى عن كتاب الاغتسال لأحمد بن محمد بن عياش الجوهري وفيها قلت فما حد النفساء قال
تقعد أيامها التي كانت تطمث فيهن أيام أقرائها فان هي طهرت والا استظهرت بيومين أو ثلثة ورواية سيعد بن يسار عن المراة تحيض ثم تطهر و
ربما رأت بعد ذلك الشئ من الدم الرقيق بعد اغتسالها من طهرها فقال تستظهر بعد أيامها بيومين أو ثلثة ثم تصلى وصحيحة البزنطي عن أبي
الحسن الرضا (ع) قال سئلته عن الطامث كم تستظهر بيوم أو يومين أو ثلثة ومرسلة عبد الله بن المغيرة عن رجل عن أبي عبد الله (ع)
في المرأة ترى الدم إن كان قرئها دون العشرة انتظرت وإن كان أيامها عشرة لم تستظهر وموثقة يونس بن يعقوب عن امرأة رأت الدم
في حيضها حتى تجاوز وقتها متى ينبغي لها ان تصلى قال تنظر عدتها التي كانت تجلس ثم تستظهر لعشرة أيام ورواية أخرى يونس في امرأة ولدت فرات الدم اثر مما كانت ترى قال (ع) تقعد أيامها التي كانت تجلس فيها ثم تستظهر بعشرة أيام ورواية أبي بصير عن أبي عبد الله (ع)
قال النفساء إذا ابتليت بأيام كثيرة مكث مثل أيامها التي كانت تجلس قبل ذلك واستظهرت بمثل ثلثي أيامها إلى أن قال وإن كانت لا تعرف
أيام نفاسها فابتليت جلست مثل أيام أمها أو أختها وخالتها واستظهرت بثلثي ذلك ثم صنعت كما تصنع المستحاضة الخبر وهذه الأخبار
كما ترى متفقة الدلالة على مشروعية الاستظهار وان اختلفت في مدته من حيث الاطلاق والتقييد بين تسعة مضامين الا ان بإزائها ما
يدل بظاهره على المنع عن الاستظهار وترتيب احكام الاستحاضة مثل رواية يونس الطويلة الصريحة في المستحاضة المعتادة لا وقت لها الا
أيامها وقوله (ع) في اخر المرسلة تعمل عليه وتدع ما سواه ويكون سنتها فيما يستقبل ان استحاضت وقوله (ع) في المضطربة
المأمورة بالتحيض سبعا الا ترى ان أيامها لو كانت أقل من سبع لما قال لها تحيضي سبعا فيكون قد أمرها بترك الصلاة أياما وهي
مستحاضة ولو كان حيضها أكثر لم يأمرها بالصلاة وهي حايض الخ؟ فان المستفاد منه ان الشارع لم يكن ليأمر بترك الصلاة بعد العادة
ومثل صحيحة معوية بن عمار المستحاضة تنظر أيامها فلا تصلى فيها ولا يقربها بعلها وان جازت أيامها ورأت الدم يثقب الكرسف اغتسلت
وصلت وموثقة ابن سنان في المراة المستحاضة التي لا تطهر قال تغتسل عند صلاة الظهر تصلى إلى أن قال لا باس بايتها بعلها متى شاء
الا أيام أقرائها وموثقة سماعة المستحاضة تصوم شهر رمضان الا الأيام التي كانت تحيض فيها ورواية ابن أبي يعفور المستحاضة إذا مضت
أيام قرائها اغتسلت واحتشت ورواية مالك بن أعين عن المستحاضة كيف يغشاها زوجها قال تنتظر الأيام التي كانت تحيض فيها وحيضها
مستقيمة فلا يقربها في عدة تلك الأيام وصحيحة زرارة عن أحدهما (ع) قال النفساء تكف عن الصلاة أيامها التي كانت تمكث فيها ثم تغتسل و
تعمل كما تعمل المستحاضة وذيل مرسلة داود مولى أبى المغز المتقدمة عمن اخبره عن أبي عبد الله (ع) وقد تقدمت في مسألة أقل الطهر قال قلت
امرأة تكن حيضها سبعة أيام حيضها دائم مستقيم ثم تحيض ثلث أيام ثم ينقطع عنها الدم وترى البياض لا صفرة ولا دما
قال تغتسل وتصلى قلت تغتسل وتصلى وتصوم ثم يعود الدم فقال إذا رأت الدم أمسكت عن الصلاة وإذا رأت الطهر صلت فإذا مضت أيام حيضها واستمر بها
الطهر صلت وإذا رأت الطهر فهى مستحاضة وفى مرسلة يونس القصيرة المتقدمة كلما رأت المراة أيام حيضها من صفرة أو حمرة فهو من الحيض و
كلما رأته بعد أيام حيضها فليس من الحيض وفي المستفيضة ان الصفرة بعد الحيض ليس من الحيض وعن ط انه روى عنهم (ع) ان الصفرة في أيام
حيض وفى أيام الطهر طهر ونحوه عن ف؟ مدعيا عليه كالناصريات الاجماع ثم المشهور بين المتأخرين الجمع بين هذه الأخبار وما تقدم
بحمل ما تقدم على استحباب الاستظهار وهذا الحمل مما يأبى عنه كثير من الأخبار المتقدمة الواردة في بيان حد
الجلوس سيما مثل
موثقة مالك بن أعين المتقدمة الدالة بمفهومها على تحريم الوقاع بعد عادة الحيض بيوم واحد مع أن الحمل المذكور مستلزم للخروج
عن ظ؟ اخبار الطرفين بلا شاهد بل لمعارض ان يعارضه بالعكس فيحمل اخبار المبادرة إلى الغسل بعد تجاوز العادة على الاستحباب وبذلك
يظهر ضعف ما عن خيرة من حمل اخبار الاستظهار على الإباحة ويحتمله عبارة المعتبر حيث عبر بان استظهار على الجواز بناء على جعل أوامر
الاستظهار واردة في مقام توهم الخطر ووجوب العبادة بمجرد انقضاء العادة ويتلوا الوجهين في الضعف الجمع بحمل اخبار الاستظهار على ما
إذا كان الدم بصفة الحيض ولعله لتخصيصها أو لا بما دل من المستفيضة على أن الصفرة بعد الحيض ليس من الحيض فتصير بعد التخصيص أخص
مما دل على وجوب الغسل بعد أيام العادة فيخصص بها فتأمل أو لشهادة صحيحة بان مسلم عن المرأة ترى الصفرة في أيامها قال عليه السلام لا تصلى
228

حتى تنقضي أيامها فان رأت الصفرة في غيرا أيامها توضأت وصلت وقوله (ع) في رواية أبي بصير ما كان يعنى من الصفرة بعد الحيض بيومين
فليس من الحيض ويؤيده عموم ما دل على اعتبار الصفات وخصوص مرسلة يونس الواردة في الاستبراء لمن انقطع عنها الدم ظاهر أو لا يدرى
أطهرت أم لا قال تقوم قائمة وتلزق بطنها بحائط وتستدخل قطنة بيضاء فان خرج على رأس القطنة مثل رأس الذباب دم عبيط لم تطهر
وان لم يخرج فقد طهرت فان اطلاقها يشمل المعتادة أو ينصرف إليها بحكم الغلبة وصحيحة ابن مسلم إذا أرادت الحائض ان تغتسل فلتستدخل
قطنة فان خرج فيها شئ من الدم فلا تغتسل وان لم تر شيئا فلتغتسل فان رأت بعد ذلك صفرة فلتتوضأ ولتصل وفيه مع اباء بعض اخبار
الاستظهار عن التخصيص المذكور كرواية سعيد بن المتقدمة الواردة فيمن ترى الشئ الرقيق من الدم بعد اغتسالها انه لو سلم قرب
هذا التخصيص في هذه الأخبار الا ان جعل الأخبار الدالة على الاقتصار على العادة مختصة بما إذا رأت الصفرة بعيد جدا فلا حظها
خصوصا المرسلة القصيرة المتقدمة واضعف من الجميع تقييد اخبار الاغتسال بعد انقضاء العادة بما عدا أيام الاستظهار وضعفه غنى
عن البيان وان مال إليه أو قال به بعض من اختار وجوب الاستظهار من مشايخنا المعاصرين ونحوه في الضعف ما ارتكبه تبعا الوحيد
عصره شارح المفاتيح من تخصيص تلك الأخبار بالدامية وهي التي يستمر بها الدم من حيضها الأول إلى الدورة الثانية فما زاد و
أنت خبير بان غير واحدة منها كصيحة زرارة المتقدمة الواردة في النفساء وكذا الفقرتان الأخيرتان المتقدمتان من مرسلة يونس
الطويلة ونحوهما ذيل مرسلة القصيرة كلما رأته بعد أيام حيضها فليس من الحيض ومرسلة داود المتقدمة ظاهرة بل صريحة في غير
الدامية نعم ظهور جملة منها في الدامية مما لا ينكر الا ان بعض اخبار الاستظهار كرواية إسماعيل الجعفي وصحيحة زرارة الواردة في
استظهار المبتدءة وموثقة البصري وصحيحة الأخرى واردة في المستحاضة التي يدعى ظهورها في الدامية فالمتعارض بحاله وربما يجمع أيضا
بحمل اخبار الاستظهار على من كانت عادتها غير مستقيمة بان يكون قد تزيد وتنقص وهذا لا ينافي كون المرأة معتادة عددية إذا المقصود اختلاف
أيامها بالزيادة عليها أحيانا بعد استقرار العادة على عدد معين أو بالزيادة والنقيصة بناء على أن هذا لا يقدح في بقاء العادة كما تقدم
في مسألة ثبوت العادة ويحمل اخبار الاغتسال بمجرد انقضاء العادة على من لا تكون في عادتها خلاف أصلا كما هو مورد روايتي مالك ابن
أعين وذيل مرسلة داود ويشهد لهذا الجمع موثقة البصري المتقدمة وبه يجمع بين صدر مرسلة داود المتقدمة وذيلها ويضعفه مضافا
إلى أن حمل اخبار الاستظهار على غير المستقيمة بعيد جدا ان ظ؟ الموثقة الشاهدة على الجمع ورودها في الدامية التي يستمر بها الدم من
عادة إلى أخرى من دون بياض أقل الطهر لان الحكم على المستحاضة بأنها تقعد أقرائها لا يكون الا في غير الدورة الأولى كما لا يخفى وقد
اعترف صاحب هذا الجمع بخروجها عن مورد الاستظهار ووجوب اقتصارها على أيامها فإنه ذكر فيما سيأتي من أن الدم متى تجاوز عن العشرة
حكم بان ما عاد العادة من أيام الاستظهار وغيرها استحاضة في رد من استدل على ذلك بمرسلة يونس الطويلة ما حاصلة ان مورد المرسلة
وهو من استمر بها الدم شهرا بل سنين عديدة خارج عن محل الكلام لان محل البحث هنا كما هو مورد الأخبار المتقدمة وصريح كلام الأصحاب
انما هو بالنسبة إلى أول الدم إذا تجاوز العادة والحاصل ان الجمع بالوجوه المتقدمة لايخ؟ عن تكلف كما أن طرح اخبار الاغتسال بعد العادة
من جهة موافقتها لمذهب من عدا مالك من الجمهور لا يخ؟ من بعد أو منع بناء على أن الوارد في الاخبار العلاجية طرح ما خالف جميع العامة
ودخل فيه ما لو خرج شاذ منهم إما مجرد الاشتهار بين أكثرهم مع مخالفة مثل مالك فوجوب الطرح ح؟ والاخذ بخلافه ليس من المرجحات المنصوصة
فلا بد من ادخاله في المرجحات الاجتهادية التابعة لظن المجتهد ولا ظن بصدور تلك الأخبار هنا تقية كما لا يخفى وهنا جمع اخر لا يخ؟ عن قرب
وهو ابقاء اخبار الاستظهار على ظاهرها من الوجوب وجعلها مختصة بصورة رجاء الانقطاع لدون العشرة كما يشهد به قوله (ع) كثير
منها فان رأت طهرا وان انقطع الدم اغتسلت وان لم ينقطع فهى مستحاضة ويؤيده مضافا إلى التعبير عنه في بعض الأخبار بالانتظار وفى
بعضها الأخر بالاحتياط الظاهر في احتمال كون الدم حيضا بسبب انقطاعه قبل العشرة ان الاستظهار طلب ظهور الحال في كون الدم
حيضا أو غيره ولا معنى لطلب ذلك مع الياس عن الانقطاع ويحمل اخبار الاغتسال بعد العادة على اليائسة عن الانقطاع لان مواردها
منحصرة في الدامية التي استمر بها الدم أشهرا أو سنين بحيث يغلب على ظنها عدم حصول الظهر بالصبر يوما أو يومين ومن هو مثلها كالنفساء
حيث إن الغالب استمرار دمها إلى ما بعد العشرة ولا ينافي ذلك ورود الاستظهار للنفساء في بعض الأخبار لأنها مقيدة بمن يحتمل الطهر كما
يدل عليه قوله (ع) فيها فان طهرت والا فهى مستحاضة ومثل النفساء من يعلم عادة من جهة كمال استقامة عادتها ان الحادث بعدها لا
تنقطع على العشرة فتزيد حيضها على عادتها كما هو مورد مرسلة داود بقى الكلام في موثقة بصرى المتقدمة التي ادعينا ظهورها في الدامية
مع التفصيل فيها بين صورتي استقامة العادة وعدمها ويمكن القول بمقتضاها بان يكون اللازم أو الراجح للدامية التي قد تزيد حيضها
229

على عادتها ان تحتاط في التحيض بزيادة يوم أو يومين على عادتها كما أنه لا باس ثبوت الاستظهار المستحاضة وإن كانت دامية إذا رحبت الانقطاع
وعليه يحمل بعض ما ورد في استظهار المستحاضة بناء على ظهورها في الدامية واما قوله (ع) في مرسلة يونس القصيرة كلما رأت المراة بعد أيام حيضها
فليس من الحيض والظ؟ ان هذا الحكم عند التجاوز عن العشرة للتصريح فيها قبل ذلك بوجوب ترك العبادة والتحيض فيما تراه قبل انقضاء العشرة
فمحصل الجمع الذي ذكرنا ان المستحاضة الدامية اليائسة من حصول الطهر لها بالاستظهار لا يشرع لها الاستظهار والظ؟ ان هذا ليس محل
كلامهم كما عرفت من بعض وادعى غيره أيضا فقال إن ظ؟ النص والفتوى اختصاص الاستظهار بالدورة الأولى وسيأتي من س؟ أيضا ان ظ؟
الأصحاب اختصاص صبر المبتدئة إلى النقاء أو العشرة بالدورة الأولى والظ؟ ان محل الكلام في المبتدئة والمعتادة واحد حيث إنهم يقولون إن
خرجت القطنة ملوثة صبرت المبتدءة إلى النقاء أو العشرة والمعتادة يوما أو يومين نعم قد يشرع الاستظهار لهذه المرأة بناء على ظ؟ موثقة البصري
المتقدمة إذا كان أيامها قد تزيد على عادتها أو تزيد وتنقص بناء على أن الأخير لا يقدح في الاعتياد به ومن الاخبار الظاهرة بل الصريحة في مغايرة
الدامية لغيرها في الاستظهار رواية إسحاق بن حرير المتقدمة في اخبار الاستظهار فلا حظ صدرها وذيلها واما غير الدامية وهي من ترى
الدم بعد الطهر الواقعي وتجاوز عادته فان رحب الانقطاع استظهر حالها في الحيض والطهر يما يحصل معه ظهور حالها من اليوم الواحد
أو الأكثر وان يئست عن الانقطاع بان علمت عادة التجاوز عن العشرة كأغلب ذوات النفاس وبعض ذوات العادة المستقيمة في الحيض بحيض يعلم أن الحادث بعد يتجاوز عن العشرة ويكون استحاضة فلا استظهار لها أيضا بقى الكلام فيما دل على أن الصفرة قبل الحيض من
الحيض وبعد أيام الحيض ليس منه فالظ؟ ان المراد بأيام الحيض ما يشمل أيام الاستظهار حيث إن أصل تشريع الاستظهار لأجل احتمال زيادة
الأيام فالأيام المحتملة لكونها أيام الحيض جعلت في الحكم الظاهري من أيام الحيض ويشهد لذلك قوله (ع) في موثقة إسحاق بن عمار ان
الصفرة إن كان بعد أحيض بيومين فليس من الحيض والتخصيص باليومين لان الغالب حصول الاستظهار بها وسيجئ تتمة الكلام في
تلك الأخبار عند بيان ما يتفرع على الاستظهار ثم إن اختلاف الاخبار في قادر استظهار إما لان ظهور الحال قد يحصل بيوم أو أحد
وقد لا يحصل الا بالصبر إلى العشرة فان المراة إذا صبرت يوما فان رجت الانقطاع صبرت أكثر من ذلك وان يئست عن انقطاعها قبل
العشرة عملت بعد اليوم المستحاضة فقولهم (ع) استظهرت بيوم أو يومين أو ثلثة يعنى بما يحصل معه ظهور الحال فانتظار العشرة
بالنسبة إلى من لا يظهر له الحال قبلها من حيث الانقطاع والاستمرار واما انه لاختلاف عادة النساء فمن كانت عادتها تسعا يظهر
له الحال بيوم وذات الثمانية يومين وهكذا والكل محمول على الصبر إلى تمام العشرة نعم الخبر الأخير من اخبار الاستظهار الدال على الاستظهار
بثلثي عادة نفسها مما لم أجد به قائلا فهو محمول على من كانت عادتها ستة أيام أو مطروح ككثير من الأخبار الواردة في تحديد النفاس كما
ستعرف انش؟ وما ذكرناه من الوجهين في اختلاف الاخبار أولي من حملها على التخيير لان التخيير في الواجب أو المستحب بين الأقل والأكثر مع عدم
كون الأكثر الفض لبل مع كونه مفضولا كما يشير به كلام كرى؟ من أن الاقتصار أحوط للعبادة غير وارد في الشرع بل لعله غير معقل كما ذكرناه في
الأصول الا ان يكون الواجب الاستظهار بالأقل ويكون الزايد ة خير الشارع فيه بين التحيض وعدمه نظير الست آلو السبع للمتحيرة قال في هي؟
قد ورد الاستظهار في الحديث الصحيح بثلاثة وقدمنا فيما مضى وروده بيوم أو يومين فهل المراد التخيير الوجه لا لعدم جواز التخيير في الواجب بل
التفصيل اعتماد على اجتهاد المراة في قوة المزاج وضعفه الموجبين لزيادة الحيض وقلته انتهى ويمكن ارجاعه إلى ما ذكرنا من أن الاستظهار
في حق كل امرأة بما يحصل معه ظهور الحال ويقرب مما ذكرنا من أن مقدار الاستظهار تابع لرجاء الانقطاع والياس عنه ما في البيان من أنها
لو استظهرت إلى العشرة مع ظنها بقاء الحيض جاز انتهى نعم يرد عليه كغيره ممن حكم بجواز ترك الاستظهار كما هو المش؟ بين المتأخرين بل المنسوب
إلى عامتهم انه لا داعي لصرف أوامر الاستظهار عن ظاهرها من الوجوب كما هو المحكي عن السيد والإسكافي والشيخين وابن إدريس بل عن ظ؟
الأكثر ويؤيده أصالة بقاء دم الحيض لا ان يعارض بأصالة الدم إلى ما بعد العشرة المستلزم للدم كونه حيضا شرعا لكن المرجع
بعد تسليم المعارضة إلى استصحاب احكام الحيض لا نفس الموضوع نعم لو قلنا بان الأصل لا يجرى في مثل المقام من الأمور التدريجية
كما نبا عليه مرارا كان الأصل عدم حدوث دم الحيض زائدا على حدث فيزول به استصحاب بقاء احكام الحايض ويتعين الرجوع ح؟ إلى قاعدة
الامكان الا ان يق؟ ان قاعدة الامكان انما استفيد من الاجماعات المحكية دون الاخبار لما عرفت من عدم نهوضها لاثباتها والمفروض
ان المش؟ بين المتأخرين عدم الحكم بالحيضية في المقام وجعل الاستظهار مستحبا هذا مع أن قاعدة الامكان كما تقدم في محله لا تجدى
في التحيض بدم متزلزل يحتمل ظهور كونها المستحاضة لعدم استقرار الامكان فت؟ فالأولى اثبات وجوب الاستظهار بظ؟ الاخبار خصوصا
ما يظهر منه توقف حل المواقعة على الاستظهار وما تقدم في روايتي ابن مسلم من أن ما تراه قبل العشرة فهو من الحيضة الأولى وفى
230

اخبار الاستبراء من أنه متى خرجت القطنة ملوثة لم تطهر خرج من اطلاقها ما بعد العشرة فتأمل ثم إنه بعد ما صبرت المعتادة مدة يظهر فيها
حاله بناء على عدم تعيين المدة تغتسل وتصوم وتتعبد فان انقطع الدم على العاشر تعين ان الجميع حيض وان ما عملت في أيام الاستظهار مطابق
للواقع وقضت ما صامت بعد الاستظهار على المش؟ بين المتأخرين منهم المحقق والمص؟ والشهيدان والمحقق الثاني ونسبه في الحدائق إلى الأصحاب
بل عن ظ؟ بعض كصريح كرة الاجماع عليه بل هو من معقد اجماع الخلاف والمعتبر والمنتهى والنهاية على أن ما تراه من الثلاثة إلى العشرة إذا انقطع
عليها حيض لأصالة بقاء الحيض واحكامه وروايتي ابن مسلم المتقدمتين في أن ما تراه قبل العشرة فهو من الحيضية الأولى مضافا
إلى اخبار الاستبراء الدالة على أنه ان خرجت القطنة ملوثة لم يطهر وليس بإزائها ما ينافيها عدا ما دل على أن ما بعد أيام الاستظهار
استحاضة بناء على عدم وجوب الاستظهار إلى الياس عن الانقطاع أو إلى العشرة مضافا إلى أنه لا يبعد كما قدمنا وجوب الاستظهار إلى العشرة
أو الياس من الانقطاع ولأجلها استشكل في الحكم المذكور لأصحاب المدارك والمفاتيح والحدائق ويدفعه ان المراد بكونها مستحاضة
بعد الاستظهار انها يجب ان تعمل عملها كما يشهد به قوله في موثقة سماعة فإذا تربصت ثلاثة أيام ولم ينقطع عنها الدم فلتصنع كما تصنع
المستحاضة فتأمل وقوله في روايات فتغتسل أو فلتصل ولا منافاة بين ان تعمل عمل المستحاضة وبين ان يحكم بعد انكشاف لخلاف
بكونها حيضا هذا مع لان المستحاضة ليس لها حقيقة شرعية يحمل عليها الا خبار ومعناها العرفي إن كان مطلق من استمر دمها بعد أيام
العادة كما عن الصحاح كانت المرأة مستحاضة قبل الاستظهار بمجرد انقضاء العادة فضلا عما بعدها لكن هذا المعنى يجامع الحيض في
الصدق ولا ينافيه كما إذا انقطع في أيام الاستظهار وإن كان معناها التي يستمر بها الدم أشهرا أو سنين بحيث لا ترى طهرا صحيحا
فلا مناص عن حمل ما دل على كونها مستحاضة بعد الاستظهار على انها بمنزلتها في حكمها لكن الظ؟ من هذا التنزيل المسوق لبيان حكم المرأة
في عملها في الحال لا فيما يترتب عليها في المستقبل كونها بمنزلتها في وجوب العادة بعد فعل الأغسال وجواز ما يحرم على الحايض إما اجزاء
ما فعلت من العبادة بعد الانقطاع على العشرة فهو حكم اخر ليس في الاخبار دلالة على ثبوته ونفيه هذا مع أنه لو سلم التعارض فالنسبة
عموم من وجه فالمرجع أصالة بقاء الحيض واحكامه فتأمل وربما يجاب عنها بان عدها مستحاضة مبنى على الغالب من انتهاء العشرة
بانتهاء الاستظهار وفيه نظر لما عرفت من ظهور الموثقة المتقدمة في أن المراة بعد تربص الثلاثة ليست على الاطلاق مستحاضة حقيقة
بل تصنع كما تصنع المستحاضة فكيف يكون بعد اليوم واليومين مستحاضة حقيقة لغلبة بلوغ الأيام بهما عشرة فتأمل نعم قد يعارض ما
ذكر ما تقدم في مرسلة يونس القصير من أن كلما رأته المرأة بعد أيامها فليس من الحيض خرج منه أيام الاستظهار وكك؟ ما دل على أن الصفرة
بعد الحيض بيومين أو مطلقا ليس من الحيض بناء على بعد حملها على المرئي بعد العشرة إذ لا اختصاص ذلك بالصفرة ويمكن التفصي إما
عما في المرسلة فيما تقدم من وجوب الجمع بينه وبين الفقرة السابقة منها الدالة على أن المرئي بعد العادة من الحيض ما لم يتجاوز العشرة و
إما اخبار الصفرة فلا بد بعد تخصيصها بما عدا أيام الاستظهار من الجمع بينها وبين ما تقدم مما دل على كون الدم المنقطع على العشرة
حيضا على إرادة ما بعد العشرة والتقييد بالصفرة مع عدم اختصاص الحكم بها لأنها وقعت في مورد السؤال فلا اشعار فيه بالفرق بينها
وبين الحمرة في عدم الحيضية أو على أن المراد في عدم كونها من الحيض عدم التحيض بها قبل انكشاف الحال في مقابل صدرها الدال على أن الصفرة
قبل الحيض حيض فان المراد به وجوب التحيض بمجرد رويته لا كونه حيضا في الواقع ولذا فرض تجاوز المجموع منه ومن العادة أو منهما ومما
بعدها عن العشرة اقتصر على العادة وجعل الطرفان استحاضة بلا خلاف يظهر منهم كما سيجئ فحاصل المراد بهذه الاخبار وجوب عدما
قبل العادة من الحيض بمعنى التحيض به ووجوب عدما بعدها من الطهر بمعنى عدم التحيض فيه من دون ملاحظة كون الأول حيضا واقعيا
منجبرا والثاني طهرا كك؟ ويشهد لذلك التصريح في بعض تلك الأخبار بان الصفرة قبل الحيض من الحيض وبعده ليس من الحيض وهي في
أيام الحيض حيض فان الفرق بين ما قبل الحيض وبين ما في الحيض لايتالى الا بإرادة التحيض فيما قبل أيام الحيض دون الحيض الواقعي
فالمراد أيضا نفى الحيض في ما بعد الحيض وربما تحمل على بيان الغالب حيث إن الغالب في الصفرة الواقعة بعد العادة كونها استحاضة
وفيه تأمل وكيف كان فالمذهب ما ذكره المص؟ من اجراء احكام الحيض على الجميع إذا انقطع الدم على العاشرة والا ينقطع عليه فلا قضاء لما صامت
ولا ريب في قضاء صوم أيام الاستظهار لوجوبه على تقديري الحيض والطهر وكذا صلاتها على المش؟ لظهور طهر ما زاد على العادة ولزوم
تركها أو جوازه في أيام الاستظهار ينافي وجوب القضاء عند انكشاف الحال كما أن فعلها الصوم بعد الاستظهار لا ينافي وجوب
القضاء هذا كله في المعتادة واما المبتدئة وهي من لم يستقر لها عادة عددية فإنها عند رؤية الدم على القطنة المستدخلة حتى تصبر تنقى
231

يقينا أو بحكم استبراء جديد لا ترى معه الدم على القطنة فان مقتضى ما تقدم من الاخبار ومن قاعدة وجوب الفحص في المقام وإن كان
الشبهة في الموضوع وجوب تجديد الاستبراء وتكريره في كل وقت انقطع الدم ظاهرا واحتمل انقطاعه في الباطن أو يمضى من أول حيضها عشرة
أيام فان انقطعت اغتسلت والا رجعت إلى التميز كما سيجئ تفصيله بلا خلاف ولا اشكال في الحكمين بعد ما
عرفت من قاعدة الامكان و
الاجماعات المحكية على حيضية ما تراه من الثلاثة إلى العشرة وما دل على كون ما تراه قبل العشرة الأولى واخبار الاستبراء الدالة
على انها مع رؤية الدم على القطنة حايض وخصوص رواية خلف بن حماد المتقدمة الواردة فيمن رأت قريبا من عشره دما لا تدرى انه دم الحيض
أو العذرة حيث قال عليه السلام إن كان من الطمث فالتمسك عن الصلاة حتى ترى الطهر وموثقة ابن بكير إذا رأت المرأة الدم في أول حيضها فاستمر
الدم ترك الصلاة عشرة أيام وموثقته الأخرى في الجارية أول ما تحيض تدفع عليها الدم فتكون مستحاضة انها تنتظر الصلاة فلا تصلى
حتى يمضى أكثر ما يكون الحيض فإذا مضى ذلك وهو عشرة أيام فعلت ما تفعله المستحاضة ومضمرة سماعة عن الجارية البكر أول ما تحيض
تقعد في الشهر يومين وفى الشهر ثلثة يختلط عليها لا يكون طمثها في الشهر عدة أيام سواء قال فلها ان تجلس وتدع الصلاة ما دامت ترى الدم
ما لم تجز العشرة وظ؟ الأولين وإن كان مختصا بالمبتدءة بالمعنى الأخص وهي التي لم ترد ما قبل ذلك لكن صريح المضمرة التعميم لكل من لم يستقر
لها عادة وهي المبتدئة بالمعنى الأعم ثم صريح الروض والموجز وشرحه تبعا للروض اختصاص ذلك بالدورة الأولى فإذا استمر بها الدم إلى
الدورة الثانية تحيضت بمقتضى التميز والروايات من غير انتظار للعشرة وقد تقدم في الاستظهار اختصاصه بالدورة الأولى ووجوب
الاخذ في الدورة الثانية إذا استمر الدم من الدورة الأولى إليها بمقتضى العادة من دون استظهار قال في الروض هذا في الشهر الأول
وفى الثاني ان وجدت تميزا عملت به وإن كان في الأول قد أخذت بما بعده لعدمه فلو رأت في الأول احمر وعبر العشرة يعنى الصبر عشرة أيام فرجع إلى نسائها
واخذت السبعة وفى الهشر الثاني رأت خمسة اسود ثم احمر وعبر العشرة أخذت الخمسة عملا بالتميز ان فقدته اغتسلت وتعبدت بعد تمام العدد
المأخوذ من عادة نسائها أو الروايات ثم إن عبر العشرة طهر صحة عملها وان انقطع عليها تبين ان الجميع حيض فتقضى ما صامت كالمعتادة
وظهر بطلان الغسل ولا اثم في الصلاة والصوم والوقاع بعد الغسل كما مر وكذا القول فيما بعده من الأدوار واما المضطربة فتغتسل
بعده ما تأخذه من الروايات مع عدم التميز ويجئ عند انقطاعه على العشرة ما ذكر انتهى؟ وفى س؟ إما المبتدئة فظ؟ الأصحاب انها تمكث في الدور
الأول إلى العشرة فإذا تجاوزت اعتبرت التميز فيما مضى ثم ذكر شروط التميز وحكم فاقدة التميز من الرجوع إلى الاقران ثم إلى الروايات إلى أن قال
فإذا جاء الدور الثاني اعتبرت التميز وعادة النساء والروايات في نفس العشرة وتعبدت في الزايد على ذلك إما المضطربة فإنها تعتبر التميز
والروايات في جميع أدوارها انتهى أقول الظ؟ انه أراد ان مع استمرار دم الدور الأول إلى الدور الثاني يرجع إلى التميز أو ما بعده من
غير انتظار للعشرة وهو حسن لظ؟ اخبار التميز الواردة فيمن استمر بها الدم الدالة على وجوب ترك العبادة برؤية الدم المتصف ووجوب الاغتسال
بروية الغير المتصف مثل قوله صلى الله عليه وآله إذا أقبلت الحيضة فدعى الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وصلى وقوله (ع) إذا كان الدم حرارة ودفع و
سواد فلتدع الصلاة لا ان مع انقطاع الدم في الدورة الأولى وتجدده في الدور الثاني يرجع إلى التميز أو ما بعده من غير انتظار للعشرة
لما عرفت من اختصاص برؤية الدم المتصف بصورة استمرار الدم وهذا المعنى مفقود مع انقطاع دم الدور الأول وهذا
واضح ثم إن مستند كون ما زاد على العادة طهرا عند تجاوز العشرة مع منافاته لأصالة بقاء الحيض واحكامه ولقاعدة الامكان مضافا
إلى الاجماع المدعى في المعتبر والتذكرة وغيرهما رواية يونس الطويلة فإنها وإن كانت في غير الدورة الأولى من ادوار المستحاضة وقد
عرفت انه لا كلام في وجوب الاقتصار فيها على العادة من أول الأمر الا ان المستفاد منها بعد التأمل ان الأحكام الثلاثة للمعتادة والمبتدئة
والمتحيرة احكام اختلاط الحيض بالاستحاضة وان حصل ذلك في الدورة الأولى فغاية الامر انها في الدورة الأولى حيث لم يحصل لها
استحاضة واستمرار دم تستظهر إن كانت معتادة وتنتظر العشرة إن كانت مبتدئة لكنها متى استظهرت أو انتظرت العشرة وتبين لها
اختلاط حيضها بالاستحاضة كان حكمها بالنسبة إلى الأيام الماضية هو حكمها في الدورة الثانية ويمكن ان يؤيد ما ذكرناه بل ربما
يستدل عليه بلفظ الاستظهار الوارد في الأخبار المتقدمة حيث إن المراد منه عرفا طلب ظهور الحال وانكشاف في كون الزائد على العادة
حيضا أو استحاضة ودعوى ان المقصود من الاستظهار الاحتياط في التحيض لاحتمال زيادة أيام العادة في هذه النوبة من دون ترقب
لظهور الحال في ذلك مخالفة لظ؟ لفظ الاستظهار بالمعتضد بفهم الفقهاء فإنك لا تريهم يتأملون في أن الدم إذا تجاوز العشرة فذات العادة
تأخذ عددها وغيرها ترجع إلى التميز أو الروايات نعم لفظ الاستظهار بنفسه شائع الاستعمال في الاحتياط وربما يستدل أيضا بما تقدم
من الأخبار الدالة على أن الدم مط؟ أو خصوص الصفرة فيما بعد أيام العادة ليس من الحيض خرج منه ما إذا لم يتجاوز العشرة ويضعف
232

ويضعف بان المراد من تلك الأخبار كما عرفت سابقا بيان حكم المرأة وعملها في تلك الأيام من عدم وجوب التحيض فيها من غير تعرض فيها
لما يترتب على ذلك بعد تجاوز العشرة كما ينادى بذلك كون السؤال فيها عن المرأة الدم قبل أيامها الظ؟ في أن المقصود بيان عمل المرأة في
تلك الأيام و ح؟ فلا اشكال في أنها مخصصة بما بعد أيام الاستظهار لوجوب التحيض فيها سيما إذا قلنا بوجوبه إلى العشرة كما يراه المستدل ومن هنا
يظهر فساد ما ذكره جماعة تبعا لما ذكره صاحب ك؟ من ظهور أدلة الاستظهار في كون أيام الاستظهار ملحقة بأيام الحيض وعدم وجوب قضاء ما تركته
فيها من الصلاة توضيح الفساد ان اخبار الاستظهار مسوقة لبيان عمل المرأة في تلك الأيام لا فيما يترتب على ذلك بعد تجاوز العشرة فهنا أمران
أحدهما التحيض في الحال والثاني ملاحظة حكم ذلك في الاستقبال ولا منافاة بين وجوب التحيض في الحال ووجوب اخراجه عن أيام العادة بعد
انكشاف المال فهذا الاستظهار نظير تحيض المبتدئة بمجرد الرؤية على القول به فان الامر به لا ينافي عدم ترتب اثار الواقع عليه إذا انقطع
الدم لدون ثلثه كما أن ما بعد الاستظهار مع الانقطاع على العشرة نظير استظهار المبتدئة بالعبادة على القول به فإنه لا ينافي وجوب عده من
الحيض إذا دام إلى الثلاثة ومما ذكرنا يظهر أيضا فساد الاستدلال المختار بما دل على أن المستحاضة تجلس أيامها بضميمة ما دل على المراة ان مستحاضة
بعد الاستظهار ووجه فساده أيضا ان اخبار المستحاضة لبيان تحيضها عند حضور أيام العادة وهذا ينفع للمستظهرة في الدور الثانية فلا تعرض
فيها لحكم ما مضى من أيام العادة والزائد عليها الا ان يستخرج منها كما ذكرنا في مرسلة يونس ان المرأة المستحاضة لا فرق بين دورتها الأولى وغيرها
في مقدار حيضها الواقعي وإن كانت في الدورة الأولى يتحيض ابتداء إلى العشرة أو إلى انقضاء أيام الاستظهار نعم مع تجاوز الدم العشرة لا فرق
بين الدورة الأولى وغيرها في وجوب رجوع المعتادة إلى عادتها والفاقدة إلى التميز أو ما بعده كما تقدم في مسألة الاستظهار ومنه يظهر انه
لو رأت المعتادة الدم في العادة وفى الطرفين قبلها وبعدها أو في أحدها ولم يتجاوز المجموع العشرة فالمجموع أعني العادة وغيرها حيض لا مكانه
وعليه يحمل رواية سماعة عن المراة ترى الدم في غير وقت حيضها قال إذا رأت الدم قبل وقت حيضها فإنه ربما تعجل بها الوقت فإن كان أكثر من أيامها
التي كانت تحيض فيهن فليتربص ثلاثة أيام بعد ما يمضى أيامها فإذا تربصت ثلاثة أيام ولم ينقطع عنها فلتصنع كما تصنع المستحاضة والا ينقطع
على العشرة فالعادة حيض دون غيرها لما تقدم في احكام الاستظهار ويأتي في الاستحاضة من أن المستحاضة وهي من استمر بها الدم
بعد أيامها إذا كانت معتادة فلا وقت لها الا أيامها تأخذ به وتدع ما سوى ذلك كما دل عليه مرسلة يونس المعتضدة في المقام
بعدم ظهور الخلاف فيخصص بها قاعدة الامكان مع أن ما قبل العادة وما بعدها من حيث الامكان على السواء فضم أحدهما دون الأخر ترجيح
من غير مرجح الا ان يقال بان اللازم من مراعاة قاعدة الامكان التخيير ويجب عليها الغسل عند الانقطاع الكامل المحقق بالوجد ان
أو بالاستبراء وجوبا مشروطا لوجوب ما يتوقف على الطهارة وكيفية كغسل الجنابة ترتيبا وارتماسا الا ان فيه الوضوء كما تقدم ويحرم
عليها في زمان رؤية الدم كل عمل مشروط صحته واباحته بالطهارة كالصلاة الواجبة أو المندوبة والطواف الواجب لتوقفه على الطهارة
والمندوب لتوقفه على جوازا لكون في المسجد الحرام ومس كتابة القران وقد تقدم في الجنب ما يدل عليه وعن الإسكافي كراهته لها ولعله أراد بها
التحريم فان عليه الاجماع عن جماعة ثم إنه لا اشكال في ترحيم الصلاة من حيث التشريع وهل هي محرمة ذاتا كقراءة العزائم أو لا حرمة فيها إذ
من جهة التشريع بفعل الصلاة الغير المأمور بها وجهان من التصريح بعدم الجواز والامر بالترك في النصوص وأكثر معاقد الاجماعات ففي صحيحة
زرارة إذا كانت المرأة طامثا لا تجوز لها الصلاة وفى صحيحة أخرى لا تحل لها الصلاة وفى أخرى إذا دفقته يعنى الدم حرمت عليها لصلاة
ونحوها غيرها وفى هي؟ يحرم على الحائض الصلاة والصوم وهو مذهب عامة أهل الاسلام ومن أن الظ؟ توجه التحريم والامر بالترك في الأدلة
على فعل الصلاة على وجه التعبد والمشروعية كما كانت تفعلها قبل الحيض ولا كلام في حرمة ذلك لأنه تشريع تعبد بما لم يأمر به الشارع
وانما تظهر الثمرة في حسن الاحتياط بها بفعل الصوم والصلاة الواجبين أو المندوبين عند الشك في الحيض مع فرض عدم أصل أو عموم يرجع
إليه فان قلنا بالتحريم الذاتي لم يخس له الاحتياط سيما بفعل المندوبة والأقوى عدمه للأصل وظهور النواهي فيما ذكرنا مع أن أمر الترك
واردة في مقام رفع الوجوب ولذا ابدل التحريم في المعتبر والنافع بعدم الانعقاد فقال في المعتبر لا تنعقد للحائض صوم ولا صلاة وعليه الاجماع و
قال المص؟ هنا ولا يصح منها الصوم وإن كان غير الأسلوب لكنته لعلها ما ذكره في الروض من التنبيه على اختلاف حكم الثلاثة مع الصوم وان
مشروطيتها بالطهارة أقوى منه للاجماع على عدم صحتها بعد النقاء قبل الغسل والخلاف فيه ويؤيد ما ذكرنا تعليل حرمة الصلاة في علل
الفضل بن شاذان بنها على حد نجاسة فأحب الله ان لا يعبد الا طاهرا وما ذكره جماعة بل ادعى عليه الاتفاق من حسن الاحتياط للمضطربة و
تتبع كلمات الفقهاء يشرف الفقيه على القطع بما ذكرنا وكذا الكلام في تحريم طلاقها مع الدخل وعدم الحمل وحضور الزوج عندها أو كونها
في حكمه كالمحبوس فان الظ؟ ان المراد به عدم انعقاد مع هذه الشروط وسيأتي تفصيل ذلك في كتاب الطلاق انض؟ ويحرم عليها اللبث وهو بمكث
233

في المساجد على المش؟ بل عن المعتبر انه اجماع وعن هي؟ انه مذهب عامة أهل العلم ويدل عليه صحيحة زرارة وابن مسلم المحكية عن علل الصدوق عن الباقر (ع)
قلنا له الحائض والجنب يدخلان المسجد أم لا فقال الحائض والجنب لا يدخلان المسجد الا مجتازين وفى حسنة ابن مسلم يدخلان المسجد ولا يقعدان
فيه ولا يقربان المسجدين الحرامين ومنها يظهر الوجه في حرمة دخولهما عليه ولا خلاف فيه ظاهرا كما يظهر من ك؟ شرح المفاتيح وان حكى عن جماعة اطلاق
الجواز في المساجد ويمكن ان يحمل على ما عدا المستجدين لأنه الغالب فاطلاقهم كاطلاق الصحيح الحائض والجنب لا يدخلان المسجد الا مجتازين وعن
سلار انه عد من المندوب اعتزال المساجد من غير فرق بينها وهو ضعيف لو أريد به ما يخالف المش؟ ثم إن الظ؟ من الاجتياز المستثنى في النص
والفتوى هو ان يدخل من أحد البابين ويخرج من الأخر وهو المراد بعابري السبيل في الآية فالتردد في جوانب المسجد في غير جهة الخروج ملحق باللبث
كما صرح به الثانيان في جامع المقاصد وض؟ تبعا للمص؟ قده؟ في يه؟ ولا يبعد ان يلحق به الدخول في المسجد الذي له باب واحد ثم الخروج منه ويحرم أيضا
عليها وضع شئ في المسجد على المش؟ بل عن ئق؟ نفى الخلاف فيه الا عن سلار لما تقدم من الرواية في
احكام الجنابة وكذا يحرم عليها قراءة شئ من
العزائم الأربع وهي السور الأربع المشتملة على السجدات الواجبة عند علمائنا أجمع كما في المعتبر وهي؟ وفى ض؟ كما عن كرى الاجماع عليه وهي الحجة
مضافا إلى الأخبار المتقدمة في احكام الجنابة وتسجد وجوبا لو قلت احديها على وجه العصيان أو غيره أو استمعت لمن يقرئها أي أصنعت إليه
لاطلاق أدلة السجود وعدم الدليل على اشتراط سجدة العزيمة بالطهارة مضافا إلى مصححة الخداء عن الطامث تسمع السجدة قال إذا كانت من العزائم فلتسجد إذا سمعتها وموثقة أبي بصير المروية في الكافي المستندة في محكى السرائر والمعتبر وف وكرة؟ إلى أبى عبد الله (ع) إذا قرئ شئ من العزائم
الأربع وسمعتها فاسجد وان كنت على غير وضوء وان كنت جنبا وإن كانت المراة لا تصلى وسائر القران أنت فيه بالخيار ان شئت سجدت وان
شئت لم تسجد خلافا للمحكى عن المقنعة ويب؟ وسيلة؟ فحرماها عليها بناء على اشتراطها بالطهارة قال في يب؟ لا يجوز السجود الا لطاهر من النجاسات
بلا خلاف ويمكن الاستدلال لهم بما عن السرائر عن كتاب محمد بن علي بن محبوب عن غياث عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال لا تقضى الحائض الصلاة
ولا تسجد إذا سمعت السجدة ومصححة البصري عن الحايض يقرأ القران وتسجد سجدة إذا سمعت السجدة قال تقرأ ولا تسجد والكل ضعيف بمنع
اعتبار الطهارة فيما عدا سجود الصلاة أو سجود السهو وليس كل سجود جزء للصلاة ولذا يجوز سجود الشكر على غير طهر واما الصحيحة فظ؟ السؤال
فيها عن جواز القراءة ووجوب السجدة فأجاب بجواز الأولى وعدم وجوب الثانية فهى تدل على عدم وجوب السجدة بالسماع من دون اصغاء
كما هو مذهب الشيخ في ف؟ والمحقق والمص؟ قده؟ مدعيا في الأول الاتفاق عليه ومما ذكر يظهر حمل الموثقة على عدم الوجوب أيضا ولا ينافيه
عطفه على نفى قضاء الصلاة الظاهر في عدم المشروعية لمنع ان المراد بيان الزائد على نفى وجوب القضاء للصلاة وان استلزم ذلك عدم
المشروعية هذا مع امكان حمل الخبرين على التقية لان القول بالمنع يحكى عن أبي حنيفة والشافعي واحمد بل عن جمهور الجمهور وما ذكرناه في توجيه
الصحيحة أولي مما ذكره المض؟ قده؟ في لف؟ حيث جعل المراد من قوله (ع) لا تسجد لا تقرأ العزيمة التي تسجد فيها اطلاقا للمسبب على السبب ولا يخفى
بعده ونحوه ما في الروض بل نسب إلى المتأخرين من أن المراد سجدت المستحبة بدليل قوله تقرأ القران وفيه ما لا يخفى ثم ترك المض؟ قده؟
لوجوب السجدة مع السماع مبنى على مذهبه من عدم وجوبها له وفاقا لجماعة بل عن ف؟ دعوى الوفاق عليه لموثقة ابن سنان عن رجل سمع
السجدة قال لا تسجد الا أن تكون منصتا لقراءته مستمعا لها أو تصلى بصلاته واما ان يكون في ناحية وأنت في أخرى فلا تسجد لما
سمعت خلافا لجماعة منهما الحلى مدعيا الاجماع على وجوبها بالسماع الاخبار تقدم بعضها وتمام الكلام في محله ويحرم على زوجها
أو مولاها وطئها قبلا بالأدلة الثلاثة بل بضرورة الاسلام ولذا صرح غير واحد بكفر مستحليه وبأنه لو كان غير مستحل عالما بالحكم
والموضوع فعل محرما فيغير وحسما لمادة الفساد كما في فاعل كل محرم وصرح جماعة بعدم حد خاص للتعزير ويناط بنظر الحاكم كما في بعض
المعتبرة وبان المحكي عن الشيخ أبى على ولد الشيخ من التعزير بثمن حد الزاني مما لم نقف له على ماخذوا الموجود في بعض الروايات ربع حد الزاني
خمسة وعشرون سوطا فعن الكليني والشيخ بسندهما إلى الفضل الهاشمي قال سألت أبا الحسن (ع) عن رجل اتى أهله وهي حايض قال يستغفر الله
ولا يعود قلت فعليه أدب قال نعم خمسة وعشرون سوطا ربع حد الزاني وهو صاغر لأنه اتى سفاحا وبسندهما عن محمد بن مسلم قال سالت
الباقر عن الرجل اتى المراة وهي حايض قال يجب عليه في استقبال الحيض دينار وفى وسطه نصف دينار قلت جعلت فداك يجب عليه شئ قال
نعم خمسة وعشرون سوطا ربع حد الزاني لأنه اتى سفاحا نعم عن القمي في تفسيره عن الصادق (ع) أنه قال من اتى امرأته في الفرج في أيام حيض فعليه ان يتصدق
بدينار وعليه ربع حد الزاني خمسة وعشرون جلدة وان اتاها في اخر أيام حيضها فعليه ان يتصدق بنصف دينار ويضرب اثنى عشرة جلدة ونصفا
ولو جهل الحكم والموضوع أو نسيهما فلا تحريم وما سيأتي عن الصادق (ع) من اتى الطامث خطأ عصى الله مول ولو اشتبه الحال فإن كان لتحيرها فقد
مضى حكمه والا فالمرجع إلى أصول الشرعية فما في هي؟ من وجوب الامتناع وقت الاشتباه كما في حال استمرار الدم مستدلا بان الاجتناب
حالة الحيض واجب والوطي حال الطهر مباح فيحتاط بتغليب الحرام لان الباب باب الفروج محل نظر كما اعترف به في مع؟ صد؟ وض؟ وك؟ وكذا
234

ما عن كرى؟ من أنه لو اشتبه الحال فيها إما لتحيرها أو لغلبة كذبها اجتنبت احتياطا لأنه اقدام على مالا يؤمن قبحه وينبه عليه قول
الصادق (ع) من اتى الطامث خطأ عصى الله انتهى وكيف كان فلا اشكال بل لا خلاف كما عن ئق؟ والرياض في أنها لو ادعت الحيض صدقت مع عدم التهمة
ويدل عليه مضافا إلى قوله تع؟ ولا يحل لهن ان يكتمن ما خلق الله في ارحامهن وانه مما يتعسر أو يتعذر إقامة البنية عليه ولا تعرف الا من قبلها
صحيحة زرارة العدة والحيض إلى النساء ونحوها حسنة بزيادة قوله (ع) إذا ادعت صدقت ورواية السكوني عن جعفر عن أبيه عن أمير المؤمنين (ع) قال
في امرأة ادعت انها حاضت في شهر واحد ثلث حيضات قال كلفوا نسوة من بطانتها إن كان حيضها فيما مضى على ما ادعت فان شهدن
والا فهى كاذبة ومن هذه الأخيرة يظهر الوجه فيما عن كرة؟ ومع؟ صد؟ وض؟ من تقييد الحكم بعدم اتهامها بتضيع حق الزوج ولكن في نهوض
الرواية لتقييد روايتي زرارة المعتضدين بالآية اشكال سيما مع أن موردها الدعوى البعيدة غاية البعد فتعدى حكمها إلى مجرد التهمة مشكل
اللهم الا مع دعوى انصراف اطلاقهما غير صورة التهمة فيكفي أصالة عدم الاعتبار ويصير الرواية مؤيدة ولو ادعت الطهر بعد الحيض
فالظ؟ أيضا القبول العموم الروايتين ولو اتفق الحيض في أثناء الوطي وجب النزع فان استدام فكالمبتدئ والزوجة في مطاوعتها كالزوج
في فعله من حيث المعصية واستحقاق التعزير دون الكفارة اجماعا كما في ض؟ لأصالة براءة الذمة وهل يجب
على الزوج كفارة أولا بل
تستحب الكفارة قولان اولهما محكى عن الصدوقين والمشايخ الثلاثة وابن زهره والقاضي وسلار وابن حمزة وابن إدريس وابن سعيد
والشهيدين في س؟ ولك؟ بل هو المش؟ إما مطلقا كما في ض؟ وبين المتقدمين كما عن جماعة بل عن ف؟ والانتصار والغنية والسرائر الاجماع
عليه للأخبار المستفيضة منها ما تقدم في مسألة تعزير الواطي ومنها رواية داود بن فرقد عن أبي عبد الله (ع) في كفارة الطمث انه
يتصدق إذا كان في أوله دينار وفى وسطه نصف دينار وفى اخره ربع دينار قلت فإن لم تكن عنده ما يكفر قال فليتصدق على مسكين واحد
والا استغفر الله ولا يعود فان الاستغفار توبة وكفارة لمن لم يجد السبيل إلى شئ من الكفارة ونحوها الرضوي ومنها رواية ابن مسلم
عمن اتى أهل وهي طامث قال يتصدق بدينار ويستغفر الله ومنها رواية أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) من اتى حايضا فعليه نصف دينار
يتصدق به ومنها مرسلة المقنع قال روى أنه ان جامعها في أول الحيض فعليه ان يتصدق بدينار وإن كان في نصفه فنصف دينار وإن كان
في اخره فربع دينار وهذه الروايات وان اختلفت الا ان الأولى منها مع الرضوي والمرسلة الأخيرة كافية بعد انجبارها
بالشهرة والاجماع المحكي عن جماعة وباقي الروايات المخالفة بظاهرها لها مؤلة بما يرجع إليها خلافا للمحكى عن نهاية الشيخ والمعتبر
ولف؟ وكرى؟ والبيان ومع؟ صد؟ والروض وغيرهم وجماعة من متأخري المتأخرين بل نسب إلى أكثرهم للأصل وشهادة اختلاف الأخبار المتقدمة
على إرادة الاستحباب وعدم كشف الاجماعات المحكية الا عن صدور الأوامر الظاهرة في الوجوب عن الأئمة لا عن صدور انشاء
بمعنى الوجوب عنهم (ع) مع وهنها لمصير من عرفت إلى خلافها هذا كله مضافا إلى صحيحة العيص بن القاسم عن رجل واقع امرأة وهي طامث
قال لا يلتمس فعل ذلك قد نهى الله عز وجل ان يقربها قلت فان فعل فعليه كفارة قال لا اعلم فيه شيئا يستغفر الله وموثقة زرارة
عن الحائض يأتيها زوجها قال ليس عليه شئ يستغفر الله ولا يعود ورواية ليث المرادي عن وقوع الرجل عمل امرأته وهي طامث
خطأ قال ليس عليه شئ وقد عصى ربه والظ؟ من الخطاء بقرينة المعصية الخطاء في الفعل ومنه الخطيئة والخطأ في الحكم مع التقصير في السؤال
دون الخطاء في الموضوع ورواية الحلبي في الرجل يقع على امرأته وهي حايض ما عليه فقال يتصدق على مسكين بقدر شبعه والمسألة في
غاية الاشكال الا ان القول بالاستحباب مقتضى الأصل فهو الأقوى وإن كان الاحتياط لا ينبغي تركه ثمر انه لا خلاف ظاهرا
في كون الكفارة هي الدينار ونصفه وربعه ويظهر من محكى المقنع العمل برواية المتقدمة وجعل الدينار رواية الا انه في الفقيه وافق
المش؟ وعلى تقدير المخالفة فهو مخالف لمعاقد الاجماعات المتقدمة والشهرة العظيمة قال في محكى الانتصار ويمكن ان يكون الوجه
في هذا الترتيب ان الواطي في أول الحيض لا مشقة عليه في ترك الجماع لقرب عهده به فغلظت كفارته والواطي في اخره مشقته شديدة
فكفارته انقص والواطي في الوسط امره بين الامرين ثم المتبادر من النصوص كتصريح فتوى جمهور الأصحاب ان كل حيض لها أول ووسط
واخر بالنسبة إلى أيامها فالأول لذات الثلاثة يوم واحد ولذات الأربعة يوم وثلث ولذات الخمسة يوم وثلثان وهكذا وعن المراسم
ان الوسط ما بين الخمسة إلى السبعة فعليه لا وسط ولا اخر لمن اعتادت ما دون الستة وكانه لاحظ الأطراف الثلاثة بالنسبة إلى
أكثر الحيض أعني العشرة فجعل الأول منه إلى الأربعة والأوسط من الخمسة إلى المسبعة والاخر من الثمانية إلى العشرة ويقرب منه المحكي
عن قطب الدين الراوندي حيث جعل العبرة بالعشرة لا العاد الا انه ثلثها تثليثا حقيقيا فذات الثلاثة ليس لها وسط ولا اخر على
القولين وهكذا وكلاهما خلاف ظ؟ الاخبار بل صريحها حيث عبر في بعضها عن الأول باستقبال الحيض ولو تكرر الوطي فلا ينبغي
235

الخلاف والاشكال في تكرار الكفارة إذا تخلل التكفين وإن كان الظ؟ من شارح المفاتيح وجود الخلاف في ذلك الا انه بعيد جدا ومع عدم
التخلل ففي تكررها بتكرره مطلقا كما عن الشهيدين والمحقق الثاني والفريد في شرح المفاتيح وعدمه كك؟ كما عن ط؟ والسرائر والتكرر مع اختلاف
الزمان بان كان أحدهما في أول الحيض والاخر في وسطه أو اخره كما عن المحقق والمص؟ والشهيد في كرى؟ وصاحبي التنقيح والمدارك أقوال أقواها
الأول بناء على أصالة عدم التداخل في سببية الأسباب ولو كانت افراد القدر مشترك لأنه إذا حصل الفرد الثاني فاما ان يكون سببا
مؤثر أو هو خلافا ظ؟ اللفظ لان ظاهره ان القدر المشترك سبب فكلما وجد فلا بد فيه من تأثير وتفرع اثر عليه واما ان يكون
سببا مؤثرا لكن يتداخل مسببا هما وهو أيضا خلاف الأصل وقد اعترف في ط؟ وئر؟ مع قولهما بالتداخل بان مقتضى عموم الدليل التعدد
قال في الأول إذا تكرر الوطي فلا نص لأصحابنا فيه معين وعموم الاخبار يقضى ان لكل دفعة كفارة وان قلنا إنه لا يتكرر لأنه لا دليل
عليه والأصل براءة الذمة كان قويا انتهى؟ وفى محكى السرائر إذا تكرر الوطي فالأظهر ان عليه تكرار الكفارة لان عموم الاخبار يقضى
بان عليه لكل دفعة كفارة والأقوى عندي والأصح انه لا تكرار لان الأصل براءة الذمة وشغلها بواجب أو ندب يحتاج إلى دليل
واما العموم فلا يصح التعلق به في مثل هذه المواضع لأن هذه أسماء أجناس ومصادر الا ترى ان من اكل في نهار شهر رمضان متعمدا
وكرر الاكل لا يجب عليه تكرار الكفارة بلا خلاف انتهى وفيه انه لا فرق بين كون السبب مصرا أو غيره فان الطبيعة إذا كانت سببا فكل وجود
من وجوداته مؤثر في ترتب المسبب عليه وإن كان مسبوقا بوجود اخر والا لخرج عن كونه من حيث هو مؤثرا فإذا فرض تأثير وجوده الثاني والمفروض
عدم معقولية تأثيره في الحكم المتقدم فلا بد ان يؤثر حكما جديدا بمقتضى التفريع والترتب المستفاد من دليل السببية فاما ان يق؟ بتداخل
الحكمين وحصول امتثالهما بوجود واحد وهو خلاف الأصل واما ان يق؟ بوجوب تعدد الامتثال وهو المطلوب ومنه يعلم أن تكرر الكفارة
في نهار شهر رمضان بتكرر الاكل في يوم واحد هو مقتضى الأصل الا ان يقوم دليل على خلافه كما اعترف به في الروض ولكن يمكن ان يق؟
على تقدير كون السبب هي الطبيعة دون كل فرد فرد انه لا يلزم من عدم تأثير الفرد الثاني من طبيعة السبب مخالفة لظ؟ اللفظ إذ ليس في اللفظ
كون على فرد سببا بل لسبب هو القدر المشترك فكأنه قال من وطئ حايضا مرة وأزيد فعليه كذا و ح؟ فإذا تحقق الفرد الا وتحقق
المسبب فإذا وجد الفرد الثاني منه فليس في الدليل دلالة على كون هذا الفرد سببا مستقلا بل حال هذا الشخص بعد هذا الفرد كحاله قبله
في الاندراج تحت الدليل الا ترى انه لو جعل طبيعة التكلم سببا لشئ فكلم الشخص بكلام طويل لم يتحقق عليه الا مسبب واحد مع أن الطبيعة تحصل
في كل جزء جزء من الكلام بتحقق مستقل ودعوى انه تكلم واحد عرفا ولذا لو تكلم بعد الأول بمدة تعدد في حقه المسبب خروج عن مفروض المسألة
إلى أن العرف يفهم سببية الافراد الا انه يعد الكلام الطويل المتصل فردا واحدا بخلاف المنفصلين وكلامنا فما إذا فرضنا ان السبب
هي الطبيعة لا الافراد ودعوى ان جميع موارد سببية الطبيعة يفهم منه عرفا سببيته افراده المتمايزة المتعددة عرفا كلام اخر لا ننكره على
الاطلاق كما لا نسلمه كك؟ بل المدار في المقامات على فهم العرف ولذا خصصنا التأثير بالافراد لتمايزة المتعددة عرفا مع أن العقل لا يفرق
بينها وبين الافراد المتصلة للعودة عرفا فردا واحدا مستمرا كالكلام الطويل ولذا لا يبعد دعوى فهم العرف على عدم التداخل في
مثل المقام وغيره من سائر الكفارات ونحوها مما يكون الجزاء فيه مقدرا بمقدار معين مثل قوله من فعل كذا فعليه مقدار كذا من الصدقة
أو الصوم أو الصلاة دون ما كان متعلق الجزاء فيه نفس طبيعة الفعل فتأمل وقد عرفت مما ذكرنا حجج الأقوال الثلاثة ثم إن المراد
بالدينار هو المثقال الشرعي من الذهب المضروب ونسبه في الحدائق إلى الأصحاب ومقتضى ذلك عدم اجزاء القيمة وفاقا للمحكى عن كتب المص؟ و
الشهيدين ومع؟ صد؟ والتنقيح والمدارك وخيرة؟ وشرح المفاتيح والحدائق اقتصارا على المنصوص خلافا للمحكى عن الموجز الحاوي وكشف
الالتباس واستظهره كاشف اللثام عن المقنعة ويه؟ وسم؟ والمهذب والغنية وهو صريح الجامع حيث قال كفر في أوله بدينار أو عشرة دراهم
وكانه للصدق العرفي مضافا إلى تعذر الدينار غالبا وشهادة الامر بالتصدق بالنصف والربع به حيث إن الظ؟ عدم كونهما مضروبين في أزمنة
صدور الأدلة مع أنه يمكن ان يدعى ان الظ؟ من الدينار هو الشئ الخاص المضروف في ذلك الزمان وكان وزنه مثقالا شرعيا فلا يعم
كل مضروب كان مثقالا من الذهب نظير الدرهم فمع تعذر ذلك المضروب الخاص يكون الأقرب إليه قيمته لا مضروب اخر لكن الكل ضعيف
لان الاطلاق العرفي مسامحة وتعذره يوجب الاقتصار على القيمة في مورد التعذر والامر بالتصدق بنصف الدينار أو ربعه مع عدم وجودهما
مضروبين ينصرف إلى القيمة وهي أقرب إليه منن الشق ودعوى مدخلي خصوص السكة القديمة في صدق الدينار ممنوعة فالأقوى ما ذكره
الجماعة وعلى تقدير اجزاء القيمة مطلقا أو في خصوص صورة العين فالظ؟ ان العبرة في القيمة بوقت الأداء زمان صدور الحكم ويحتمل
على القول باجزائها مطلقا وجوب قيمة ذلك الزمان وهي عشرة دراهم كما عرفت عن ظ؟ جماعة وصريح الجامع وعلى أي تقدير فلا يجزى
236

التبر أعني غير المسكوك على أنه أصل بل لو جوزا القيمة جوزناه بقيمته وعن المنتهى اجزاء التبر لصدق الاسم وفيه؟ نظر ومصرف هذه الكفارة مصرف
غيرها من الكفارات وهو مستحق الزكاة كما عن صريح جملة من الأصحاب وظ؟ الكل ولا يعتبر التعدد كما صرح ه جماعة تبعا للروض لاطلاق
النص ثم لا فرق في الزوجة بين الدائمة والمنقطع ولا بين الحرة والأمة وهل يتعدى إلى الأجنبية المشتبهة لو المزني بها كما في مع؟ صد؟ والروض
من عدم الاطلاق في النص المعتبر مع أنه لو وجد فلا ريب في انصرافها إلى الحليلة ومن الأولوية وعن المص؟ والشهيد اختيار الالحاق ثم إن
ظ؟ النصوص وفتوى الأكثر بل الكل اختصاص الحكم بالوطي بغير ملك اليمين فلو وطئ أمته حائضا تصدق بثلاثة امداد من طعام على ثلثة مساكين
كما عن المقنعة والانتصار ويه؟ والسرائر والمهذب والجامع بل عن السرائر نفى الخلاف فيه وعن الانتصار الاجماع عليه وظاهرهم الوجوب ولذا
استدل عليه السيد في الانتصار مع الاجماع ان الصدقة بر وطاعة فهى داخلة تحت قوله تع؟ افعلوا الخير وأمره بالطاعة فيما لا يحصى وظ؟ الامر
الايجابي يقضى بوجوب هذه الصدقة وانما خرج ما خرج عن هذه الظواهر بدليل ولا دليل على الخروج هنا انتهى وهذا الدليل وإن كان
كما ترى الا انه يكشف عن أن معقد اجماعه هو الوجوب ولم نعثر له على مستند وانما حكاه كاشف اللثام عن الرضوي فان عملنا به ولو مع الانجبار
والا كان العمل على الاستحباب تسامحا نعم روى الشيخ عن عبد الملك بن عمرو قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن رجل اتى جاريته وهي طامث قال
يستغفر الله ربه قال عبد الملك فان الناس يقولوا عليه نصف دينار أو دينار فقال أبو عبد لله (ع) فليتصدق على عشرة مساكين ولا
فرق في اطلاق كلامهم ومستندهم بين أول الحيض وغيره ولا بين القنة والمدبرة ولا للزوجة وان حرم وطئها قال في الروض وفى
المكاتبة المشروطة أو المطلقة وجهان مبنيان على الأجنبية انتهى ثم إن حكم النفساء فيما ذكر في الزوجة والأمة حكم الحائض كما نسب إلى ظ؟
الأصحاب بل في التذكرة لا نعلم فيه خلافا وعلى هذا فلو اتفق مصادفة وطى واحد لأول النفاس ووسطه واخره نظر إلى ما يتفق في النفاس
من قصر زمانه ففي تعدده اشكال واستظهر في مع؟ وصد؟ تبعا للذكرى التعدد وكانه لعموم كون النفاس
كالحيض في النص والفتوى ولذا يحكم بالتعدد
لو صادف وطى واحد اخر أول الحيض وأول وسطه والمسألة محل اشكال والاقتصار على ما يوجبه أول الوطئ لا يخ؟ من قوة وينبغي القطع
بعدم التعدد إذا قصر زمان النفاس عما يحتمل الوطئ كما عن البيان ويكره وطئ الحائض بعد انقطاعه الكامل سواء كان انقطاعها على
العادة أو بعدها بل في الروض ان الدليل والفتوى شامل للانقطاع قبلها وربما يستشكل من جهة احتمال معاودة الدم لان معاودته
في العادة من الأمور الجبلية بخلافها بعدها وانما يكره قبل الغسل على المش؟ بل عن الانتصار وفي؟ الغنية والسرائر والتبيان ومجمع
البيان واحكام القران للراوندي الاجماع عليه لأصالة الإباحة السليمة عن مزاحمة استصحاب الحرمة لأنها منوطة بأيام الحيض أو بالحائض
وقد ارتفع المناط على كل تقدير بعد الطهر من الحيض ولمفهوم قوله تع؟ ولا تقربوهن حتى يطهرن بالتخفيف كما عن السبعة والظ؟ من الطهر
مقابل الحيض كما يشهد تتبع موارد استعماله في مقابل الحيض في الاخبار التي لا تحصى هذا مع اعتضاده بظهور قوله تع؟ فاعتزلوا النساء
في المحيض في اختصاص وجوب الاعتزال بحال الحيض خصوصا بعد تفريعه على كو المحيض اذى ودعوى الحقيقة الشرعية في هذه اللفظة
ممنوعة وان سلمت في لفظ الطهارة بالنسبة إلى الافعال الثلاثة نعم قد يعارض بقراءة التشديد وأجاب عنه جماعة بوجوب الجمع بين القوائتين
إما بحمل الامر في قراءة التشديد على الكراهة كما يظهر من المعتبر واما بجعل التطهر بمعنى الطهر كما في مع؟ صد؟ وغيره فان تفعل يجئ بمعنى فعل
كتطعم وتبسم وتبين وفيه؟ أولا ان وجوب الجمع بينهما فرع ثبوت تواتر كل من القرائتين بناء على تواتر جميع القراءات السبع أو ثبوت الاجماع
على جواز العمل بكل واحد منهما كما ثبت على جواز القراءة بكل منهما وفى كلا الامرين تأمل بل منع كما سيجئ في قراءة الصلاة وثانيا
ان الجمع بحمل الطهر على الحاصلة عقيب الغسل أولي وأظهر من حمل التطهر على الطهر من الحيض هذا مع أن حمل قراءة التشديد على الكراهة لا
يخ؟ من استعمال اللفظ في المعينين لان تعدد القراءة في يطهرن لا يوجب تعدد الاستعمال في لا تقربوهن فالتحقيق بناء على عدم ثبوت تواتر
جميع القراءات وعدم المرجح لبعضها على بعض تردد اللفظ المنزل بين التشديد والتخفيف وسقوط الاستدلال بالآية من هذه الجهة بل
قد يظهر من الفقرة اللاحقة وهي قوله تع؟ فإذا تطهرن فاتوهن توقف جواز الوطي على الطهر وهو ظاهر في الاغتسال ولا يعارضه
الفقرة السابقة لما عرفت من سقوط الاستدلال به نعم ربما يعارضها ظاهر قوله تع؟ فاعتزلوا النساء في المحيض بالتقريب المتقدم
ثم على فرض ترجيح قراءة التشديد وتعارضها مع الفقرة اللاحقة فحمل الطهر على الخلو عن حدث الحيض أولي من حمل التطهر
على الخلو من دمه أو غسل الفرج أو وضوء الصلاة ومما ذكرنا يظهر ان التعارض بناء على قراءة التخفيف انما هو بين مخالفة الظاهر في
لفظ يطهرن أو تطهرن لابين مفهوم الغاية في الأول ومفهوم الشرط في الثاني كما زعم وكيف كان فلا ينهض الاستدلال بالآية على
المطلوب بل لا يضرا ظهورها في خلافه بعد الاجماعات المتقدمة الموافقة للأصل المخالفة لأكثر العامة مضافا إلى الاخبار مثل موثقة
237

ابن بكير إذا انقطع الدم ولم يغتسل فليأتها زوجها ان شاء ومرسلة ابن المغيرة امرأة إذا طهرت من الحيض ولم تمس الماء فلا يقع عليها زوجها
حتى تغتسل وان فعل فلا باس وتمس الماء أحب إلى موثقة ابن يقطين عن الحايض ترى الطهرا يقع عليها زوجها قبل ان تغتسل قال لا باس وبعد
الغسل أحب إلى ولصراحتها واعتضادها بما ذكر من الاخبار ومخالفتها لأكثر العامة يصرف ما ظاهره التحريم من الاخبار الموافقة للتقية
إلى الكراهة كموثقة أبي بصير عن امرأة كانت طامثا فرات الطهرا يقع عليها زوجها قبل ان يغتسل قال لا حتى يغتسل وموثقة سعيد بن يسار المراة
تحرم عليها الصلاة ثم تطهر فيتوضأ قبل ان تغتسل فلزوجها ان يأتيها قبل ان تغتسل قال لا حتى تغتسل واما صحيحة ابن مسلم ان أصاب زوجها
شبق فليأمرها فلتغتسل فرجها ثم يمسها ان شاء قبل ان يغتسل فليس فيها شهادة للجمع بين الاخبار بحمل اخبار المنع على غير صورة الشبق كما هو ظ؟
المحكي عن الصدوق في الفقيه والهدية أو المقنع لامكان تنزيلها على التفصيل من حيث الكراهة لا الحرمة نعم ظاهرها اشتراط ارتفاع المرجوحية
كراهة أو تحريما بغسل الفرج و ح؟ فيشترط في زوال التحريم على مذهب الصدوق أمر ان شبق الزوج وغسل الزوجة فرجها كما صرح به في حبل
المتين ويظهر من المحكي عن الغنية وف؟ بل ظاهر الأكثر اشتراط الجواز بغسل الفرج وعن الجامع اشتراطه بالغسل ووضوء الصلاة وعن ظاهر التبيان
واحكام الراوندي ومجمع البيان اشتراط أحدهما بل عن الأخير انه مذهبنا ولم نعثر على دليل لاعتبار الوضوء عينا ولا تخييرا وجوبا أو استحبابا
واما غسل الفرج فالأقوى استحبابه كما عن المحقق والمص؟ والشهيدين وغيرهما للأصل والاطلاقات مع وقوعهما في مقام البيان فيحمل الامر بالامر به
في صحيحة ابن مسلم على الاستحباب لكن الاحتياط وبالوضوء بل وترك الوطي معهما أيضا لا ينبغي تركه ثم إنه هل يجب التيمم لو اشترطنا الطهارة
كما عن هي؟ وكرى؟ وس؟ وض؟ ومع؟ صد؟ أو لا كما عن المص؟ في يه؟ قولان من عموم البدلية ورواية عبيدة في فاقدة الماء إذا غسلت فرجها وتيممت
فلا باس وموثقة عمار عن أبي عبد الله (ع) عن المراة إذا تيممت من الحيض هل تحل لزوجها قال نعم ومن أن الحكم منوط بالاغتسال وعموم البدلية
انما يراد به البدلية من حيث الاحكام المنوطة بالطهارة ورفع الحدث لا بخصوص بعض الوضوءات أو الأغسال والروايتان ضعيفتان معارضتان
بالموثقة الآتية و ح؟ فاما ان يحكم بجواز الوطي بناء على أن الاغتسال شرط اختياري واما ان يحكم بالمنع لاطلاق شرطيته مع امكان ان يق؟ ان
حدث الحيض لا يرتفع بالتيمم فهى قبل الاغتسال حايض ولذا استدل في الروض على اشتراط الصوم بغسل الحيض بأنها قبل الغسل حايض فتأمل
ولموثقة البصري عن امرأة حاضت ثم طهرت في سفر فلم تجد الماء يومين أو ثلثة هل لزوجها ان يقع عليها قال لا يصلح لزوجها ان يقع عليها حتى
تغتسل ثم على القول بزوال التحريم أو الكراهة بالتيمم ففي مشروعية لمجرد ذلك نظر وان قال في مع؟ صد؟ بعد الحكم بجواز التيمم لرفع المرجوحية
انه لا فرق بين ان يصلى به وعدمه انتهى وعلى القول بوجوب التيمم فلو تعذر الصعيد فالأقوى عدم جواز الوطي لاطلاق دليل الشرطية كما
عن المص؟ في يه؟ حيث قال ولو لم تجد الماء فالأقرب عدم وجوب التيمم لو شرطنا الطهارة فان قلنا بالتيمم وفقد التراب فالأقرب تحريم الوطي انتهى و
يحتمل انصراف أدلة الاشتراط إلى حال التمكن ويكره لها الخضاب على المعروف بين الأصحاب بل عن المعتبر وهي؟ وكره؟ نسبه إلى علمائنا لرواية الخضرمي
المحكية عن علل الصدوق عن الحائض هل تخضب قال لا لأنه يخاف عليها من الشيطان وقريب منها رواية الشيخ عن أبي بصير وفى رواية أبى جميله لا
تخضب الحائض ونحوها رواية عامر بن خداعة بزيادة قوله ولا الجنب وعن الصدوق العمل على ظاهرها من أنه لا يجوز ولعله محمول على
الكراهة كالاخبار بقرينة التصريح بعدم الباس به في رواية أبى المعز أو سهل بن اليسع ثم ظ؟ روايات المنع كمعاقد الاجماع عدم اختصاص
الخضاب بالحناء وخصه به في محكى المراسم ويحتمل كلامه بيان الفرد الغالب كما أن الاطلاق في النص والفتوى لا يبعد انصرافه إليه وكذا تخصيص
المفيد الخضاب بالأيدي والأرجل قال ويكره للحائض والنفساء ان يخضبن أيديهن وأرجلهن بالحناء وشبهه مما ذلا يزيله الماء لان ذلك
يمنع من وصول الماء إلى ظاهر جوارحهن التي عليها الخضاب انتهى وما ذكره منن التعليل يشكل بعدم مانعية اللون أو لا وبأنه تقضى التحريم ثانيا
وبان المنع عنه لأجل صحة الغسل أو كماله لا يقضى ادخاله في مكروهات الحائض بل والأولى على هذا ان يق؟ ان الأولى إزالة لون الخضاب
عند إرادة الغسل قال في كرى؟ بعد حكاية التعليل ويشكل باقتضائه التحريم وأجيب ابان المحرم المنع التام والاجزاء الحائلة خفيفة لا تمنع منعا
تاما وفيه اعتراف بالمنع في الجملة وهو غير جائز الا ان يق؟ يعفى عنه لخفته انتهى ويكره أيضا حمل المصحف بعلاقة اجماعا كما عن المعتبر
لخبر عبد الحميد لا تمسه على غير طاهر ولا جنبا ولا تمس خيطه ولا تعلقه ان الله عز وجل يقول لا يمسه الا المطهرون والتعليل بالآية الظاهرة
في الحرمة لا ينافي حمل التعليق على الكراهة لاحتمال ان يراد الاستدلال على كراهة التعليق بحرمة المس بناء على ما هو الظ؟ من أن الحكمة
في ذلك الاحترام وعن المص؟ نفى كراهة حمل الجنب له مع الغلاف والظ؟ عدم الفرق بينه وبين الحائض ويكره أيضا لمسها مشه لما تقدم
في الجنب مستوفى وكذا الكلام في قراءة القرآن غير العزائم ويكره الاستمتاع منها بما بين السرة والركبة لأنه حريم الفرج ومن
رتع حول الحمى يوشك ان يقع فيه كما في النبوي ولرواية أبي بصير قال سئل أبو عبد الله (ع) عن الحائض ما يحل لزوجها منها قال
238

وفى صحيحة الحلبي تتزر بازار إلى الركبتين ويخرج ساقها وله ما فوق الازار تتزر بازار إلى الركبتين ويخرج ساقها وله ما فوق الازار وفى رواية حجاج ابن الخشاب عن الحائض والنفساء ما يحل لزوجهما منهما قال
تلبس درعا وتضطجع معه وبظاهر هذه الروايات اخذه السيدة ضافا إلى عموم فاجتنبوا النساء في المحيض ولا تقربوهن خرج ما فوق السرة
ودون الركبة باجماع المسلمين كما عن ف؟ والمعتبر ويضعف بان الظ؟ من الآية الاحتراز عن الجماع كما يدل عليه الرواية الآتية عن تفسير العياشي واما
الاخبار فهى محمولة على الكراهة بقرينة الأخبار المستفيضة المجوزة لما عدا الوطي في القبل كرواية عبد الملك بن عمرو وما لصاحب المرأة الحائض
منها قال كل شئ ما عدا القبل بعينه وفى روايتي معوية وعبد الله بن سنان ما دون الفرج وفى رواية أخرى عن عبد الملك كل شئ دون الفرج
ثم قال انما المراة لعبته الرجل وفى مرسلة ابن بكير إذا حاضت المرأة فليأتها زوجها حيث شاء ما اتقى موضع الدم وفى رواية هشام بن سالم
عن الرجل يأتي المراة فيما دون الفرج وهي حائض قال لا باس إذا اجتنب ذلك الموضع وفى مصححة عمرو بن يزيد ما للرجل من الحائض قال ما بين
أليتيها ولا يوقب وفى رواية عمرو بن حنظلة ما للرجل من الحائض قال ما بين الفخذين وعن تفسير العياشي عن عيسى بن عبد الله قال قال أبو عبد الله
المراة تحيض يحرم على زوجها ان يأتيها لقوله تع؟ ولا تقربون حتى يطهرن فيستقيم للرجل ان يأتي امرأته وهي حايض فيما دون الفرج هذا
كله مع أن الاخبار المزبورة للسيد موافقة لكثير من العامة كما عن الاستبصار ومخالفة لا صلاة الحل وعموماته وربما يمنع دلالة تلك الأخبار
من حيث إن الحكم بان له منها ما فوق الازار يدل على أن غيره ليس له الا بمفهوم اللقب وفيه نظر لا يخفى فان هذا الكلام في جواب السؤال عما
للرجل من الحائض يفيد حصر ذلك فيه لان ما الاستفهامية يفيد العموم كما اعترفوا به في مثل قوله ما للميت من ماله فقال (ع) الثلث فالأجود
في الجواب ما ذكرنا بقى الكلام في أن السرة والركبة داخلان في المكروه أو المباح ظ؟ ف؟ والمعتبر من عدم الخلاف في أن له ما فوق السرة دون
الركبة دخولها في محل الخلاف وظ؟ عنوان أكثرهم محل الخلاف بما بين السرة والركبة خروجهما وهو الأقوى للاذن في صحيحة الحلبي باخراج سرتها
الدال بالفحوى على الاذن في اخراج الركبة ويستحب لها ان تتوضأ عند حضور وقت كل صلاة على المش؟ بل عن ف؟ اجماع الفرقة عليه واجماع غيرهم
على خلافه وهما كافيان في المقام مضافا إلى رواية زرارة عن أبي جعفر (ع) قال إذا كانت المراة طامثا فلا يحل لها الصلاة وعليها ان تتوضأ
عند وقت كل صلاة يعقد في موضع طاهر فتذكر الله وتهلله وتحمده كمقدار صلاتها ورواية الحلبي عن أبي عبد الله (ع)
قال كن نساء النبي لا يقضين الصلاة إذ احضن ولكن يحتشين حين تدخل وقت الصلاة ويتوضين ويجلس قريبا من المسجد فيذكرن الله
عز وجل ورواية زيد الشحام عن أبي عبد الله (ع) ينبغي للحائض ان تتوضأ عند كل وقت كل صلاة ثم تستقبل القبلة وتذكر الله مقدار ما
كانت تصلى وفى رواية أبين مسلم الحائض تطهر يوم الجمعة وتذكر الله قال إما الطهر فلا ولكنها تتوضأ في
وقت الصلاة ثم تستقبل القبلة
وتذكر اله ورواية معوية بنو عمار عن أبي عبد الله (ع) قال تتوضأ المرأة الحائض إذا أرادت ان تأكل وإذا كانت وقت الصلاة توضأت
واستقبلت القبلة هللت وكبرت وتلت القران وذكرت الله عز وجل وظ؟ الرواية وإن كان هو الوجوب ولذا عبر والد الصدوق قده؟ في رسالته
إليه بعين عبارة الفقه الرضوي وهو انه يجب عليها عند حضور كل صلاة ان تتوضأ وضوء الصلاة وتجلس مستقبل وتذكر الله بمقدار
صلاتها كل يوم الا انه لا اشكال في حمل الخبر على الاستحباب بقرينة ما بعده ولا يبعد ذلك أيضا في عبارة الرسالة فلا ارى وجها لترجيح
صاحب الحدائق هذا القول مع أنه لو لم تكن الاستيرة المسلمين في الاعصار والامصار على عدم الالزام والالتزام بفعل ذلك كفى في الاستحباب
ثم إنه لا اشكال في أنها لا تنوى بهذا الوضوء رفع الحدث لعدم ارتفاع حدثها ولو توضأت في وقت تتوهم انها حائض فبانت طاهرا
في هي؟ انه لا يجوز الدخول به في الصلاة لأنها لم تنوي طهارة فلم تقع والفرق بينه وبين المجدد حيث قلنا بأنه يسوغ الدخول به في الصلاة ان بان
محدثا انه نوى الفضلة التي لا تحصل الا مع الطهارة إما هنا فلما لم يتوقف الفضلة على الطهارة لم تكن الطهارة حاصلة انتهى وفيه
كلام ليس هنا محله وظ؟ الروايات والفتاوى الاكتفاء بالصلاتين المتصلتين كالظهر والعصر بوضوء واحد لان المتبادر من وقت كل صلاة
الأوقات الثلاثة دون الخمسة مع احتمالها وهل يقدح الفصل الطويل بين الصلاتين فيه وجهان أقواهما الأول لظ؟ الاخبار وهل ينقض بغير دم
الحيض من النواقض استشكله في محكى كره؟ ولعله من عموم نقض النواقض للوضوء من غير تقييد ومن أن الظ؟ من أدلة النقض في الوضوء المؤثر في الطهارة
الا ان يق؟ ان هذا الوضوء مؤثر في الطهارة بحسب حاله مطلقا أو بالنسبة إلى هذا الذكر المأمور به الذي أمرت به فهو رافع لنقص كان حاصلا
وهذا هو الأقوى قال كاشف اللثام ان في التحرير وهي وكرة؟ ويه؟ الاحكام ان هذا الوضوء لا يرفع حدثا وهو كك؟ بالنسبة إلى غير هذا الذكر
وبالنسبة إليه وجهان وان لم يشترط فيه ارتفاع الحدث الأكبر لكن يجوز اشتراط فضله ولا ينافي دوام حدث ارتفاع حكمه أو حكم غيره انتهى والأقوى
عدم رفعه الحدث مطلقا لقوله (ع) إما الطهر فلا نعم قد أشرنا إلى امكان كونه مؤثرا في تكميل الذكر الذي أمرت به ورفع النقص الحاصل قبله فان
أريد بالحدث ذلك فلا مشاحة في التسمية وهل يشرع التيمم لو فقد الماء وجهان من عموم كونه بمنزلة الماء فيتبعه في وجوب الاستعمال و
239

استحباب؟ ومن أن الظ؟ كونه بمنزلته فيما يفيد الطهارة وما في هي؟ من أنها طهارة اضطرارية ولا ضرورة مع عدم النص ولذا اختاره المص؟ في هي؟ و
ير؟ ومع؟ صد؟ وك؟ وكاشف اللثام واستشكل المص؟ في يه؟ ورجح الأول بعض المعاصرين حكاه عن ط؟ مع؟ صد؟ أو صريحه في باب الغايات لكن الظ؟
من عبارة مع؟ صد؟ في ذلك الباب القول به تسامحا في السنن لفتوى بعض الأصحاب باستحبابه حيث قال وهل يستحب التيمم في كل موضع يستحب فيه
الوضوء والغسل لا اشكال في استحبابه إذا كان المبدل رافعا أو مبيحا وانما الاشكال فيما سوى ذلك والحق ان ما ورد النص به أو ذكره من يوثق
به من الأصحاب كالتيمم بدلا من وضوء الحائض للذكر يصار إليه وما سواه على المنع حتى يثبت بدليل انتهى؟ لكن الانصاف ان القول به غير بعيد عن سياق عمومات
بدلية التراب ومثل قوله صلى الله عليه وآله يكفيك الصعيد عشر سنين مع أن التسامح فيه لفتوى الفقيه المحكية في مع؟ صد؟ أو لاحتمال دلالة أدلة التيمم غير بعيد
أيضا وهل يشرع لها الأغسال المستحبة لا اشكال فيما ورد النص به كغسل الا حرام واما غيره فالظ؟ من السرائر والمعتبر والتذكرة والموجز وشرحه
الجواز وهو المحكي عن ابن سعيد قال في محكى الأول ولا يجوز منها الوضوء والغسل على وجه يرفعان الحدث ويصح منها الغسل والوضوء على وجه لا يرفع
الحدث مثل غسل الاحرام والجمعة والعيدين ووضوئها لجلوسها في محرابها لذكر الله بمقدار صلاتها وفى المعتبر ولا يرتفع بها حدث وعليه
الاجماع ولأن الطهارة ضد الحيض فلا يتحقق مع وجوده لكن يجوز لها ان تتوضأ لذكر الله وان تغتسل لا لرفع الحدث كغسل الاحرام انتهى ذكر
بعض مشايخنا انه لا ينبغي الاشكال في صحتها منها وهو حسن لعموم الأدلة الا ان الظ؟ من المبسوط والخلاف عدمه وعلى المختار لو اغتسلت مندوبا
فهل يجزى ذلك عن وضوئها للذكر قيل لا وان قلنا باجزاء المندوب من الغسل عن الوضوء لان الظ؟ من أدلة اجزاء عنه اجزائه عن الوضوء الرافع
ويحتمل بناء على هذا القول عدم مشروعية الغسل المندوب لأنه رافع ولا يرتفع للحائض حدث كما سيجئ وهو ضعيف والأقوى كفايته عن
الوضوء بناء على هذا القول لعموم قوله أي وضوء أطهر من الغسل ولفحوى كفايته عن الوضوء الرافع وهل يشع منها الأغسال الواجبة غير غسل
الحيض ظ؟ قولهم إن الحائض لا يرتفع لها حدث هو العدم وقد عرفت من المعتبر دعوى الاجماع عليه في المسألة السابقة ويظهر من هي؟ بالنسبة
إلى غسل الجنابة حيث لم ينسب الخلاف الا إلى أكثر العامة الا ان ظ؟ المحكي عن الاستبصار جواز غسل الجنابة في الحيض وربما يستدل على ذلك
بمصححة الكاهلي عن المراة تجامعها زوجها فتحيض وهي في المغتسل تغتسل أو لا تغتسل قال لا تغتسل قد جاءها ما يفسد الصلاة وفى
دلالته نظر لا يخفى كما فيما تقدم من استدلال المعتبر على ذلك بان الطهارة فسد الحيض واستدلال المنتهى بان الحدث وملازم فإنه ان أريد
من الحدث الحالة المانعة المشتركة بين الحالات الحاصلة من أسباب الغسل فلا كلام في عدم ارتفاعها وان أريد خصوص الحدث الحاصل من
السبب الخاص فنمنع الملازمة والتضاد بين الحيض وبين الطهارة عن تلك الحالة الحاصلة من مس الميت مثلا نظير ما إذا اغتسل بعد انقطاع
الحيض غسلا للحيض بالخصوص وغسلا اخر للسبب الأخر ومنه يظهر ضعف توجيه المنع بان حدث الحيض يتحدد انا فانا حتى في زمان النقاء لأن المفروض
كونها في حكم زمان الدم فكان الحيض حدث دائم فهو مانع من الآيتان بالغسل الصحيح فإنه موقوف على انتقاض الغسل بحدث وسبب غسل
اخر في أثنائه ومنعه ظاهر مما تقدم والمسألة محل اشكال لولا الاجماع ففي موثقة عمار وعن المراة يواقعها زوجها تحيض قبل ان
تغتسل قال إن شاءت ان تغتسل فعلت وان لم تفعل فليس عليها شئ فإذا طهرت اغتسلت غسلا واحد للحيض والجنابة وهي مع اعتبار
سندها مؤيده بالاطلاقات لكن المذهب ما هو المعروف بين الأصحاب مع أنه أحوط وقد تقدم في غسل الجنابة ما يؤيده فراجع ويجب
عليها قضاء الصوم الذي فاتها في أيام حيضها أو تحيضها من شهر رمضان اجماعا وفى وجوب قضاء المنذور وشبهه الذي وافق الحيض
وعدمه قولان للشهيد والمص؟ قده؟ والتحقيق ان أدلة قضاء الصوم الحايض انما ينصرف إلى صوم شهر رمضان كما يشعر به التعليل في الروايات
الآتية فان ثبت القضاء في ذلك الفايت بدليل ثبت ذلك في الحيض وغيره من موجبات الفوات له والا فلا مطلقا دون قضاء الصلاة
اليومية باجماع علماء الاسلام والأخبار المستفيضة بل المتواترة والمروى بالسند الحسن كالصحيح عن الفضل بن شاذان عن الرضا (ع) انه
انما صارت الحائض تقضى الصيام ولا تقضى الصلاة لعلل شتى منها ان لا صيام لا يمنعها من خدمة نفسها وخدمة زوجها وصلاح بيتها
والقيام بأمورها والاشتغال بعيشها والصلاة تمنعها عن ذلك كله لان الصلاة تكون في اليوم والليلة مرارا فلا تقوى على ذلك والصوم
ليس كك؟ ومنها ان الصلاة فيها عناء تعسر واشتغال الأركان وليس في الصوم شئ من ذلك انما هو الامساك عن الطعام والشراب فليس فيه
اشتغال الأركان ومنها انه ليس من وقت يجئ الا يجب عليها فيه صلاة جديدة في يومها وليلتها وليس الصوم كك؟ لأنه ليس كلما حدث
يوم وجب عليها الصوم وكلما حدث وقت الصلاة وجب عليها الصلاة الخبر وفى رواية أبي بصير قيل له (ع) ما بال الحائض تقضى الصوم ولا
تقضى الصلاة قال لأن الصوم انما هو في السنة شهر والصلاة في كل يوم فأوجب الله قضاء الصوم ولم يوجب عليها قضاء الصلاة كك؟
وظ؟ هذا التعليل يعطى اختصاص المقضى من الصيام بشهر رمضان وغير المقضى من الصلاة بالصلاة اليومية مضافا إلى انصراف اطلاق
240

الصوم والصلاة في الاخبار إليهما ولذا اخترنا في صيام النذر الموقت عدم وجوب القضاء الا إذا قلنا بوجوبه لمطلق فوته بالحيض أو بغيره و
إما غير اليومية عند عروض أسبابها في وقت الحيض كالكسوف فاستقرب في الروض عدم القضاء تبعا للبيان ومع؟ صد؟ وفى الأخير ان عدم وجوب
قضاء الصلاة المؤقتة موضع وفاق بين العلماء وبه تواترت الاخبار وفى عدوله عن اليومية إلى الموقتة تصريح بدخول غيرها في معقد الوفاق
ولعله لاطلاق عدم قضاء الصلاة على الحائض فيعم كل صلاة من شأنها ان تقضى لكونها موقتة وفيه نظر لولا اتفاق لما عرفت من
انصراف اطلاق الصلاة إلى اليومية دون غيرها فيرجع فيه إلى عموم قضاء الفوائت الا ان يكون اجماعا ودعوى منع صدق الفوات تارة
لعدم قابلية المكلف للتكليف بالفعل في الوقت واخرى بكونها مكلفة بتركها فلا يصدق الفوات يكذبه بان ظ؟ قولهم (ع) في الأخبار الكثيرة
وفى الفتاوى تقضى الصوم ولا تقضى الصلاة وجوب ما فاتها من الصوم دون الصلاة فان القضاء تدارك ما فات ولازم ذلك
تحقق صدق الفوت مع أن وجوب القضاء ليس منوطا بصدق الفوت فقط بل المستفاد من تتبع النصوص والفتاوى ان كل صلاة تركت يجب قضائها
كما سيأتي في باب القضاء وفى الحاق المنذورة في وقت معين اتفق فيه الحيض بالموقتة قولان واستقرب في مع؟ صد؟ وجوب القضاء فلعله يفرق
بين المؤقتة بالأصل وبالعارض وقد يرد ان الظ؟ انكشاف فساد النذر وفيه انه إذا لم يكن النذر تعلق بذلك الوقت الشخصي بل تعلق بنوعه
كما لو نذرت صوم كل خميس فان اتفاق الحيض في بعض الخميسات لا يكشف عن فساد النذر ولذا صرح جماعة بوجوب القضاء لو اتفق يوم المنذور
عيدا مستند إلى بعض الروايات ثم خالف جماعة فيه لاستنادهم أيضا إلى بعض الروايات النافية لوجوب القضاء إذا سافر في اليوم
المنذور مع معارضتها بمثلها بل في كلام بعض مشايخنا المعاصرين نفى الخلاف عن القضاء إذا اتفق السفر أو المرض في اليوم المنذور و
جعله مؤيد الوجوب القضاء إذا اتفق عيدا ومن هنا يظهر فساد النظر فيما تقدم من الشهيد من وجوب قضاء الصوم المنذور في وقت معين صادفه
الحيض بان الحيض كشف عن فساد النذر ثم إن ما عدا الكسوفين من الآيات الظ؟ وجوب قضاء صلاتها الفائتة بالحيض لعدم ثبوت كونها موقتة
نعم وقع الخلاف في صلاة الزلزلة الا ان الظ؟ كما سيجئ في مرحله عدم توقيتها أيضا فيجب قضائها أيضا وفاقا للشهيد الثاني وغيره وهو حسن
على القول بان الزلزلة سبب لا وقت فلا يكون صلاتها من الموقتات لكن عن غير واحد الاجماع على كونها من الموقتات أو انها موقتة من
غير فورية كما يظهر من المسالك والمدارك وغيرهما لكن نسب بعضهم الفورية إلى الأصحاب واختار مع صد عدم القضاء مع اختياره في باب الزلزلة
بان صلاتها أداء في جميع العمر بمعنى ان زمان الآية منضما إلى ما يسع الصلاة فيما بعده زمان أول للصلاة ثم هي أداء إلى اخر العمر مع وجوب
الفور فيه زمانا فزمانا وهذا الا يخ؟ بظاهره عن منافاة لعدم القضاء ويمكن دفع المنافاة بأدنى تأمل واحتمل في النهاية كون الصلاة بعد مضى
مقدار الفعل قضاء وقواه كاشف اللثام وسقوطه عن الحائض ح؟ واضح وتمام الكلام في محله هذا كله إذا استوعب الحيض وقت الصلاة
وأما إذا لم يستوعبه فاما ان يدرك الطهر في أوله واما ان يدركه في اخره فان أدركته في أوله وقد مضى منه مقدار يصح ان تؤمر فيه بالصلاة
بان يسع فعل الصلاة مع تحصيل ما ليس بحاصل من مقدماتها الواجبة عليها بحسب حالها فلم يفعل عالما بطرو المانع أو جاهلا به وجب عليها
قضاء تلك الصلاة اجماعا محققا ومحكيا لصدق الفوات عرفا ولموثقة يونس بن يعقوب في امرأة دخل عليها وقت الصلاة وهي طاهرة فاخرت
الصلاة حتى حاضت قال تقضى إذا طهرت ورواية ابن الحجاج عن امرأة تطمث بعد ما تزول الشمس ولم تصل
الظهر هل عليها قضاء تلك الصلاة
قال نعم وظاهر اطلاق الأخيرة عدم اعتبار مضى المقدار المتقدم في وجوب القضاء الا ان يدعى انصرافها إلى صورة مضى ذلك المقدار لكن اختصاص
مورد السؤال فيها وفى الموثقة لا يوجب اشتراط ذلك في جوابهما فالاستدلال بها لاعتبار مضى ذلك المقدار مشكل الا ان يستدل بأصالة
البراءة بناء على عدم صدق الفوت الا بعد مضى ذلك المقدار وفيه انه يكفي في صدق الفوات مجرد محبوبية الفعل لو قدر عليه واتى به أو في مع
امكان صدور الفعل منه في الجملة بان تكون قبل الوقت جامعا للشرائط و ح؟ فيقوى ما احتمله المص؟ قده؟ في النهاية من كفاية مضى مقدار
الصلاة دون الطهارة فضلا عن غيرها من الشرائط اللهم الا ان يدعى بعدم تسليم صدق الفوات بمجرد المحبوبية لو تمكن وعدم توقفه على
تعلق الطلب ان المستفاد من الأدلة عدم قضاء كل صلاة كان فوتها مستند إلى الحيض ومن المعلوم ان فوات الصلاة فيما إذا لم يدرك
المحدث مقدار الطهارة مستند إلى الحيض هذا ولكن اللازم مما ذكر اعتبار مضى مقدار الطهارة دون غيرها من الشروط الاختيارية التي
لا يوجب العجز عنها انتفاء التكليف بالصلاة كما هو؟ كل من عبر بمضي مقدار الصلاة والطهارة كالمص؟ قده؟ في عد؟ تبعا للمحقق في يع؟ فان مقتضى
أدله الصلاة واختصاص أدلة تلك الشروط بصورة التمكن كما هو المفروض انه إذا علم المكلف بطرو المانع له حيضا كان أو غيره بعد زمان
لا يسع الا للصلاة والشرائط المطلقة وجب عليه فعل الصلاة خاليا عما عدا تلك الشروط فإذا اخرها والحال هذه اثم وعليه القضاء
فأي فرق بين ما لو علم بذلك أو فاجأه المانع غفلة فان مفاجأته كاشف عن كونه مأمورا في الواقع بالصلاة الخالية عن الشرائط
241

الاختيارية كما لو تضيق الوقت عن تحصيل تلك الشروط ودعوى الفرق بين الضيق الذاتي والعرضي الحاصل من مفاجأة الموانع عارية عن البنية
ولاقول بان اللازم من ذلك كفاية مضى مقدار الطهارة الترابية فقط مع أن الظ؟ كونه خلاف الاجماع مدفوع بأنه لا باس بالتزامه لولا
الاجماع وقد اطلعت بعد تحرير ما ذكرنا على موافقة الفاضل الهندي في شرح الروضة في ذلك حيث إنه بعد نقل كلمات جماعة من الأصحاب
وخلو كلمات المتقدمين عن التعرض لغير الطهارة قال والذي يقوى في نفسي اعتبار الطهارة في أول الوقت واخره وعدم اعتبار غيرها من
الشروط والفرق ان الصلاة لا يمكن فعلها بدون الطهارة بخلاف غيرها فإنها يسقط في الضرورة ومنها ضيق الوقت فان من زال عذره
في اخر الوقت ولا يجد ساترا ولا غيره من الشروط الاختيارية تعين عليه الصلاة بدونها فكيف يجوز اعتبار امكانها أجمع إما أول الوقت
فهو بمنزلة اخره لان عروض العذر بعده يكشف عن أن وقت كان الصلاة منحصرا فالمكلف بالنسبة إلى هذا المقدار من أول الوقت بمنزلته بالنسبة
إلى الأخر المضيق فانقدح من هذا انه ينبغي ان لا يشترط اتساع الوقت الا للصلاة والتيمم الا ان النص عارض ذلك بالنسبة إلى اخر الوقت
وهي رواية عبد بن زرارة ورواية الحلبي الآتيتين واما أول الوقت فلم يرد فيه ما يدل على ذلك بل عموم الأخبار الآمرة بقضاء ما أدرك
وقتها يقتضى القضاء ولو لم تدرك مقدار الطهارة المائية ولم أر من قبل الفاضلين من تعرض في أول الوقت الطهارة ولعله لاطلاق تلك الأخبار
انتهى موضع الحاجة منه ملخصا أقول وما ذكره حسن وقد تفطنا له الا انه يمكن ان يقال أولا لا نسلم تنجز التكليف وحدوثه
في حقها بمجرد القدرة على الفعل الاضطراري كما يظهر ذلك من بعضهم في باب الأوقات انما المسلم كونها كافية في بقاء التكليف فتأمل
وثانيا انه لا يلزم من وجوب الخالي عن الشرائط لاختيارية عليه إذا علم بطرو المانع وجوب قضاء الصلاة عليه لو تركها لان الواجب
مع فوت الفعل الاضطراري تدارك الفعل الاختياري الذي فات من غير بدل لا تدارك بدله الاضطراري الذي أمر به فعلا فإذا فرض
استناد فوت الاختياري إلى الحيض مع كون المفروض عدم وجوب تدارك ما فات لأجل الحيض فلا مقتضى اخر للقضاء وهذا نظير ما سيجئ من
وجوب الصلاة على الحائض إذا أدركت مع التيمم ركعة مع دلالة الاخبار كما سيجئ على عدم وجوب القضاء عليها لو تركتها هذا مضافا
إلى ما سيجئ من رواية أبى الورد المسقطة للقضاء عمن أدركت ركعتين مع اتساع وقتهما لتمام الصلاة الاضطرارية فالأقوى اعتبار
مضى مقدار جميع الشرائط المفقودة كما هو ظ؟ المعتبر وصريح كرى؟ والموجز ومع؟ صد؟ وضة؟ وكشف اللثام بل هو ظ؟ ط؟ والمهذب والجامع قال في ط؟
على ما حكى عنه ان رأت الدم وقد دخل وقت الصلاة ومضى مقدار ما يمكنها أداء تلك الصلاة ولكن قد صلت وجب عليها قضاء تلك الصلاة
وان رأت الدم قبل ذلك لم يلزمها القضاء انتهى ونحوه عن المهذب والجامع خلافا للمحكى عن الإسكافي في والسيد في المجمل فاثبتا القضاء بمضي
مقدار أداء أكثر الصلاة ولعله لاطلاق مثل رواية ابن الحجاج المتقدمة بناء على منع انصرافها إلى صورة التمكن من الجميع خرج منه ما
إذا لم يتمكن من الأكثر بالاجماع وخصوص رواية أبى الورد عن المرأة التي تكون في صلاة الظهر وقد صلت ركعتين ثم ترى الدم قال تقوم من
مسجدها ولا تقضى الركعتين قال فان رأت الدم وهي في صلاة المغرب وقد صلت ركعتين فلتقم من مسجدها فإذا تطهرت فلتقضى الركعة التي
فاتته من المغرب وهي مع شذوذها ومخالفتها للاجماع المحكي عن ف؟ على خلافها ضعيفة سندا ودلالة ومن حيث الاشتمال على مالا أظن
يلتزمه أحد من قضاء بعض الصلاة الا ان المحكي عن المقنع والفقيه التعبير بمضمونها قيل وهو مناسب لمذهب الصدوق من حكمه بوجوب الاتيان
بالركعة المنسية وان طال الزمان بل ولو بلغ الصين وفيه نظر وعن لف؟ حمل الرواية على التفصيل بين المغرب وغيرها في التفريط في الأولى
دون الثانية مع حمل قضاء الركعة على قضاء الصلاة لأجل تلك الركعة الفائتة وهو بعيد الا انه أولي من الطرح وهنا اخبار اخر دالة
على خلاف المش؟ سيجئ بيان التفصي عنها في باب المواقيت انش؟ تع؟ ولو كانت المراة ممن يجب عليها تأخير الصلاة لاخر الوقت كما لو كان فرضها
التيمم أو كان عليها قضاء الصلوات وقلنا بوجوب التأخير فيها كفى مضى مقدار الصلاة والشروط في حقها عدا التأخير إلى اخر الوقت
لان المقصود من اعتباره ايقاع الصلاة في اخر أوقات الامكان وهذا المعنى حاصل بنفس والحيض عقيب زمان يسع الفعل وما عدا
التأخير من الشروط فالحيض محقق لهذا الشرط لا مفوت له وهذا بخلاف سائر الشروط فافهم هذا كله لو أدركت الطهر في أول الوقت
ولو أدركته في اخره فإن كانت متمكنة من الآيتان فيه بركعة واحدة صحيحة وجب عليها الشروع فلو لم يفعل وجب عليها قضائها بناء على
المش؟ بل باجماعنا كما عن المدارك بل عن ف؟ وهي عدم الخلاف فيه بين أهل العلم ويدل عليه الرواية المشهورة من أدرك ركعة من الوقت
فقد أدرك الوقت كله ومصححة عبيد بن زرارة أيما امرأة رأت الطهر وهي قادرة على أن تغتسل في وقت صلاة معينة ففرطت فيها حتى
تدخل وقت صلاة أخرى كان عليها قضاء تلك الصلاة التي فرطت فيها وان رأت الطهر في وقت صلاة فقامت في تهية ذلك فجاز وقت
الصلاة ودخل وقت صلاة أخرى فليس عليها قضاء الخبر وصحيحة الحلبي في المرأة تقوم في وقت الصلاة فلا تقضى الطهر حتى تفوتها
242

الصلاة وتخرج الوقت أتقضي الصلاة التي فاتتها فقال إن كانت توانت قضتها وإن كانت دائية في غسلها فلا تقضى وصريحهما اعتبار
ادراك مقدار الطهارة فلو لم تسع الوقت الا لركعة مع التيمم لم يجب القضاء ولا الأداء باهمال الشرائط الاختيارية لأن هذه الصلاة الاضطرارية
وإن كانت أداء فهو تدارك لما فات بسبب الحيض من الصلاة الاختيارية وقد فهم من أدله عدم قضاء فوائت الحائض عدم وجوب تدارك مطلق
ما فاتها لأجل الحيض فهو نظير ما تقدم من سقوط صلاة الزلزلة عن الحائض وان لم يكن قضاء فافهم ومن هنا تعرف الكلام في باقي
الشرائط وانها كالطهارة في اعتبار سعة الوقت للمفقود منها وفاقا للمحكى عن صريح س؟ والموجز لابن فهد وشرح عد؟ وضة؟ ولك؟ وفى صحيحة عبيد
إشارة إلى ذلك يحث ان الظ؟ من التهية الأعم من تحصيل الطهارة وسائر الشروط بل وكك؟ صحيحة الحلبي كما لا يخفى وكيف كان فلو أدركت
من الظهرين أو العشائين خمسا مع الغسل قبل الغروب أو الفجر وجب الصلوتان كما عن ف؟ مدعيا فيه عدم الخلاف وابن سعيد والمحقق والمص؟
والمتأخرين وعن المهذب وموضع من ط؟ استحباب ذلك وعن الاصباح استحباب فعل الظهرين بادراك خمس قبل الغروب والعشائين بادراك أربع
قبل الفجر وهما ضعيفان ولو لم يتمكن من ركعة مع الطهارة المائية لم يجب القضاء للأصل وعدم الدليل وعن يه؟ احتمال عدم اعتبار الطهارة
هنا أيضا بناء على عدم اختصاصها بوقت وعدم اشتراطها في اللزوم بل الصحة وعن يه؟ والتهذيبين وكره؟ ويه؟ الاحكام استحباب القضاء
إذا أدركت أقل من ركعة قضاء لحق ما أدركته من الوقت لرواية الكناني إذا طهرت المرأة قبل طلوع الفجر صلت المغرب والعشاء الأخر وإذا رأت
الطهر قبل ان تغيب الشمس صلت الظهر والعصر ونحوها غيرها وعن المحقق الميل إلى الوجوب لظ؟ هذه الأخبار قال بعد ذكر كثير من الاخبار وقد
يتضح من هذا انه لا يجب على الحائض قضاء صلاة الا ما طهرت في وقتها وفرطت في الآيتان بها ثم الذي يتبين من هذه الأحاديث
ان المرأة إذا أدركت من وقت الصلاة قدر الغسل والشروع في الصلاة فاخرته حتى دخل وقت أخرى لزمها القضاء ولو قيل بذلك
كان مطابقا لمدلولها نعم لا يقضى من الصلوات إذا رأت الدم الا ما تمكنت من أدائه في حال طهرها وأهملته انتهى وهل الصلاة التي
أدركت منها ركعة أداء أو قضاء أو مبعض حكى عن ط؟ لأصحابنا فيه أقوال ثلثة مع أن المحكي عن ف؟ دعوى الاجماع على الأول مع نقله
القول الثاني عن السيد قده؟ وعن شرح الكتاب لفخر الاسلام ان الخلاف في كون الأربع من الخمس المدركة من اخر الوقت المظهر أو للعصر مبنى
على هذا الخلاف وان من قال بكون الجميع أداء لزمه الأول ومن قال بالتركيب لزمه الثاني وفيه نظر تمام الكلام في باب المواقيت انش؟ تع؟
المقصد الثالث في الاستحاضة والنفاس إما الاستحاضة هي في الأصل استفعال من الحيض يقال استحيضت
المرأة بالبناء للمجهول فهى تستحاض كك؟ لا تستحيض إذا استمر بها الدم بعد أيامها فهو مستحاضة كما في الصحاح وظاهره انه لم يسمع
استعماله بالبناء للمعلوم وظ؟ غير واحد من أهل اللغة منهم الزمخشري والفيروز آبادي ان الاستحاضة تخرج من عرق يق؟ له العاذل قال
في الفايق كان تسمية ذلك العرق بالعاذل لأنه سبب لعذل المرأة أي ملامتها عند زوجها ثم الاطلاق الاستحاضة على نفس الدم كما في
كلام جماعة ليس حقيقة شرعية ولا متشرعية بل هو إما على المجاز أو الحقيقة الفقهائية كما سيجئ وهو أي دم الاستحاضة في الأغلب
أصفر بارد رقيق كما عن الاصباح وجمل العلم والعمل وسم؟ والمهذب والغنية وسيلة؟ والكافي وكتب المحقق والمص؟ والشهيدين والمحقق
الثاني وغيرهم قدس الله اسرارهم وعن ط؟ والمصباح ومختصره والاقتصاد ويه؟ الاحكام الاقتصار على الأولين وعن المقنعة على الأخيرين
كما عن الإسكافي بزيادة الصفاء ويدل على الوصفين الأولين قوله (ع) في حسنة حفص بن البختري ان دم الحيض حار عبيط اسود له دفع وحرارة
ودم الاستحاضة أصفر بارد فإذا كان اللدم حرارة ودفع وسواد فلتدع الصلاة واما الرقة فالمحكى عن ظ؟ المعتبر وكرى التردد فيها لنسبتها
إلى الشيخين ولعله لعدم الظفر له على رواية نعم صحيحة علي بن يقطين في النفساء تدع الصلاة ما دامت ترى دما عبيطا إلى ثلثين يوما فإذا رق وكانت
صفرة اغتسلت لكن الرواية كما ترى غير معمول بها بل ولا دالة على المط؟ نعم في المحكي عن دعائم الاسلام في تفسير الاستحاضة ان دمها يكون
رقيقا يعلوه صفرة ودم الحيض إلى السواد وله غلظة ودم الحيض حار يخرج بحرارة شديدة ودم الاستحاضة بارد يسيل وهي لاتعلم
وعن الرضوي ان دم الحيض كدر غليظ منتن ودم الاستحاضة دم رقيق وضعفهما منجبر بالشهرة المؤيدة بالاستقراء بل يمكن ان يستفاد
هذا الوصف من توصيف دم الحيض بكونه عبيطا في الحسنة السابقة ونحوها وكون الاستحاضة دما فاسدا في رواية إسحاق بن جرير
فان المراد بالعبيط الصحيح الجديد والدم ما دام صحيحا لا يخلو عن غلظة ولا يفسد الا بعد رقته واما كونه يخرج بفتور فقد اعتبره
المص؟ هنا وفى عد؟ كما عن الروضتين وشرح عد؟ ولعل بمعناه ما عن يه؟ وط؟ والمقنع والفقيه حاكيا عن رسالة أبيه رضوان الله عليهما
من أنه بارد لا يحس بخروجه بل قيل الظاهر أنه لا خلاف فيه ويدل عليه اعتبار الدفع في الحيض وتوقف صاحب المدارك فيه من جهة عدم
الظفر له بمستند ليس في محله وقيد الأغلب لان الاستحاضة قد يكون بغير هذه الصفات كما أن الحيض قد يكون بهذه الصفات ثم إن ط؟
243

أكثر ما ورد من الروايات في بيان أوصاف الاستحاضة سوقها في مقام تميز الاستحاضة من الحيض عند تردد الدم بينهما فلا
يدعى على تميز الاستحاضة بها من غير الحيض حيث يعلم انتفاء الحيض الا ان ظاهر بعض اخر منها ذلك مثل ما دل على وجوب التوضي برؤية
الصفرة مطلقا فيدل على كونه حدثا في الجملة ويثبت تقسيمه إلى القليل والكثير والمتوسط لعدم القول بالفصل لكن دلالتها على كون
الخارج من الصغيرة أو اليائسة أو الناقص عن الثلاثة استحاضة في محل المنع ثم لو سلم استفادة كون مطلق ما بصفات الاستحاضة بمجرد
امتناع كونها حيضا لاحد الموانع مثل الناقص عن ثلاثة أيام مطلقا أو بشرط التوالي على القولين مما ليس في علم المكلف بقرح ولا جرح
وكذا الزائد عن أيام العادة مع تجاوز العشرة أو الزائد عن أيام النفاس وسيأتي والخارج مع سن الياس على اختلاف الأقوال فيه استحاضة
بحيث يتعلق عليه احكام الاستحاضة كنزح ماء البئر وعدم العفو عن قليله ونحو ذلك ويتعلق بصاحبتها احكام المستحاضة الا ان الاشكال
فيما لم يتصف بها مما امتنع كونه حيضا فان بعض افراده مما لم يثبت له من النص احكام الاستحاضة كالخارج من اليائسة أو الصغيرة والناقص
عن ثلثه وبعضه مما لم يدل الدليل الا على ثبوت احكام المستحاضة لصاحبته كلا أو بعضا مع ثبوت الباقي بعدم القول بالفصل وهذا
لا يستلزم كون الدم استحاضة والمرأة مستحاضة بل ظاهر بعض الأخبار وفاقا للعرف العام عدم كون جميع ما ذكر من افراد الدم استحاضة و
هو المطابق أيضا لما تقدم من الجوهري بل عرفه به بعض الأصحاب كالمفيد في المقنعة وابن حمزة في سيلة؟ حيث اخذا في تعريف الاستحاضة كونها
مرئية بعد أيام الحيض فالمتحصل من ذلك أن ما ليس بجرح ولا قرح ولا نفاس منه ما يكون استحاضة حقيقة ومنه ما يكون صاحبه في
حكم المستحاضة في كل الاحكام حتى في تأخير الحد عنها أو في خصوص ما يتوقف على الطهارة من دون ان يكون الدم في حكم الاستحاضة
ولا يلزم من ذلك كون الدم محكوما بالاستحاضة أو باحكامها كما لا يخفى ولذا ورد في كثير من الاخبار انها بمنزلة المستحاضة أو انها
تصنع كما تصنع المستحاضة ونحو ذلك ومنها ما لم يدل دليل على الحكم عليه بشئ من ذلك كدم الصغيرة واليائسة والناقص عن الثلاثة
الا ان ظاهر المحقق في الشرايع والمص؟ والشهيدين والمحقق الثاني ومعظم من تأخر عنهم ان ما عدا دم الحيض والنفاس مما ليس بقرح ولا جرح بل
لا يعلم كونه قرحا أو جرحا يحكم عليه بالاستحاضة وعن نهاية المص؟ قده انه قد يعبر بالاستحاضة عن كل دم غير دمي الحيض والنفاس خارج
عن الفرج مما ليس بعذرة ولا قرح إلى أن قال وقد يعبر بها عن الدم المتصل بالحيض وبهذا الاعتبار ينقسم إلى المبتدءة والمضطربة وعن
شرح الوحيد على المفاتيح ان كل دم يكون أقل من ثلاثة أيام ولم يكن من قرح أو جرح فهو استحاضة عند الفقهاء قال لانحصاره فيما ذكر يعنى
الحيض والنفاس إذ لا يخرج من المرأة الا ان يكون من قرح أو جرح أو عرق العاذل ولا يوجد دم غير ما ذكر بالاستقراء وقول أهل الخبرة
وحكم العقل فلا يجب في الحكم بكونه استحاضة من تقييده بما إذا كان بصفة الاستحاضة لما عرفت انتهى ومحصل ما ذكره ان كلما أمكن
كونها استحاضة وامتنع كونه حيضا فهو من الاستحاضة ولذا استدل في المعتبر على كون الدماء المذكورة استحاضة بما تقدم منه في
باب الحيض من امتناع كونا حيضا واستخراج هذه القاعدة من ظواهر الاخبار في غاية الصعوبة سيما مع تصريحهم بان الاستحاضة انما
تكون لآفة فتكون أصالة العدم بالنسبة إليها والى القروح والجروح سواء ويعضد الاشكال ظاهر بعض الأخبار مثل قوله (ع) في مرسلة
يونس القصيرة وان مر بها من يوم رأت الدم عشرة أيام ولم تر الدم فذلك اليوم واليومان الذي رأته لم يكن من الحيض انما كان من علة إما
من قرحة في جوفها واما من الجوف الخبر وفى بعض الروايات الآتية في حيض الحامل فاما ما لم يكن حيضا أو نفاسا فإنما ذلك من فتق
في الرحم اللهم الا ان يقال إن المستفاد من موارد الدماء الممتنعة كونها حيضا التي تعرض لها الشارع ابتداء أو في جواب السؤال وحكم بكونها
استحاضة حقيقة أو حكمية أو كون صاحبها مستحاضة مع احتمال وجود دم اخر في الجوف غير الحيض والاستحاضة عدم الاعتناء بهذا
الاحتمال في كل ما امتنع كونه حيضا وان لم يتعرض في الاخبار فيحصل حدس قطعي للفقيه بأنه لو تعرض الامام للدم الخارج عن اليائسة الفاقدة
لصفات الاستحاضة يحكم بكونها استحاضة مع امكان ان يقال إنه إذا حكم على الصفرة مطلقا بكونها حدثا كما تقدم استفادة ذلك
من بعض الأخبار فيكون الحمرة الممتنعة كونها حيضا كذلك بطريق أولي فتأمل ويؤيد ما ذكرنا ما سيأتي في بعض روايات حيض الحامل من قوله (ع)
فان ذلك يعنى ذلك الدم ليس من الرحم ولا من الطمث فلتتوضأ عند كل صلاة فرع عليه السلام وجوب التوضي برؤية ذلك الدم على عدم
كونه خارجا من الرحم ومعدودا من الطمث وعلى أي حال فربما يشكل الحكم في الصغيرة في أن الدم الخارج
منها مطلقا محكوم بالاستحاضة
حتى لو خرج وهي قريبة العهد من الرضاع أولها حد خاص موكول إلى العرف أو غيره وكذا الاشكال في أنه لو اشتبه الاستحاضة بالعذرة
فهل يعتبر التطوق أو اشتبه بالقرح فهل يعتبر بالجانب والاعتبار بهما غير بعيد لما يستفاد من الاخبار ان التطوق من خواص العذرة
وكذا الجانب للقرحة لكن المحكي عن الإسكافي كما تقدم في مسألة القرحة ان الحيض من الجانب الأيمن والاستحاضة من الأيسر واعلم
244

ان ظاهر المص؟ هنا ان الحمل ليس من موانع الحيض حتى يكون وجوده كسائر موانع الحيض دليلا على الاستحاضة وهذا هو المشهور كما عن جماعة
وحكى عن الصدوقين والسيد مدعيا عليه الاجماع في الناصريات وتبعهم المص؟ في جملة من كتبه والشهيدان في الذكرى والدروس ولك؟ والمحقق الثاني
في بعض كتبه وجماعة من متأخري المتأخرين وهو الأقوى لاستصحاب الحالة السابقة أعني كونها بحيث تحيض كل شهر لولا المانع
وهذه الحالة يعد عرفا أمرا متيقنا في السابق مشكوك الارتفاع في اللاحق وهو حاكم على أصالة عدم الحيض الا ان يقال بأنه
لا يثبت كون الدم حيضا فافهم ولصدق الحيض لغة وعرفا وعمومات ترك الصلاة أيام أقرائها وخصوص الأخبار المستفيضة بل
المتواترة مثل صحيحة ابن سنان عن الحلبي ترى الدم تترك الصلاة قال نعم ان الحبلى ربما قذفت الدم ونحوها موثقة أبي بصير وصحيحة ابن
الحجاج عن الحبلى ترى الدم وهي حامل كما كانت ترى قبل ذلك في كل شهر قال تترك الصلاة إذا دام والظاهر أن المراد بدوامه مقابل
انقطاعه بعد قليل وصحيحة ابن مسلم عن أحدهما عن الحبلى ترى الدم كما كانت ترى أيام حيضها مستقيما في كل شهر قال تمسك عن الصلاة
كما كانت تصنع في حيضها فإذا طهرت صلت وحسنة سليمان بن خالد قلت لأبي عبد الله (ع) جعلت فداك الحبلى ربما طمثت قال
نعم وذلك أن الولد في بطن امه غذاؤه الدم فربما كثر تفضل عنه فإذا فضل دفقته فإذا دفقته حرمت عليها الصلاة قال الكليني وفى
في؟ رواية أخرى فإذا كان كذلك تأخرت الولادة ورواية زريق ان رجلا سئل أبا عبد الله (ع) عن امرأة حامل رأت الدم قال تدع الصلاة
قلت فإنها رأت الدم وقد أصابها الطلق فراته وهي تمخض قال تصلى حتى يخرج رأس الولد فإذا خرج رأسه لم يجب عليها الصلاة
وكلما تركته من الصلاة في تلك الحال لوجع أو لما فيه من الشدة والجهد قضته إذا خرجت من نفاسها قلت وما الفرق بين دم
الحامل ودم المخاض قال إن الحامل قذفت بدم الحيض وهذه قذفت بالمخاض إلى أن يخرج رأس الولد فعند ذلك يصير دم النفاس والحيض
فاما ما لم يكن حيضا أو نفاسا فإنما ذلك من فتق في الرحم الخبر وصحيحة صفوان عن أبي الحسن الرضا (ع) عن الحبلى ترى الدم ثلاثة أيام
أو أربعة أيام تصلى قال تمسك عن الصلاة ومرسلة حريز عن أبي جعفر وأبى عبد الله (ع) في الحبلى ترى الدم قال تدع الصلاة
فإنه ربما بقى في الرحم الدم ولم يخرج وتلك الهراقة ومضمرة سماعة قال سئلته عن امرأة ترى الدم في الحبل قال تقعد أيامها التي
كانت تحيض فإذا زاد الدم على الأيام التي كانت تقعد استظهرت بثلاثة أيام ثم هي مستحاضة خلافا للمحكى عن الإسكافي والمفيد
والحلى والمحقق في الشرايع ونسبه في فع؟ إلى أشهر الروايات ولعله لأصالة عدم الحيض وللاجماع على صحة طلاق الحامل وعدم صحة
طلاق الحائض ينتج لا شئ من الحامل بحائض ورواية السكوني عن جعفر عن أبيه صلوات الله عليهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه قال ما كان الله ليجعل حيضا مع الحبل يعنى انها إذا رأت الدم وهي حامل لا تدع الصلاة الا ان ترى على رأس الولد إذا ضربها
الطلق ورأت الدم تركت الصلاة ورواية مقرن المحكية عن علل الصدوق عن أبي عبد الله (ع) ان سلمان رضوان الله عليه سئل
عليا صلوات الله وسلامه عليه عن رزق الولد في بطن امه فقال إن الله تبارك وتعالى حبس عليه الحيضة فجعلها رزقه في بطن
امه ورواية حميد بن المثنى عن أبي الحسن (ع) عن الحبلى ترى الدفقة والدفقتين من الدم في الأيام وفى الشهر والشهرين قال تلك
الهراقة ليس تمسك هذه عن الصلاة والأخبار المستفيضة بل المتواترة في استبراء السبايا بحيضة وكذا الجواري المنتقلة ببيع أو غيره والموطؤة
بالزنا والأمة المحللة للغير وفى عدة المسترابة بالحمل وفى الجميع نظر إما الأصل فلاندفاعه بما مر واما الروايات فالأولى منها
ضعيفة لا تصح لتخصيص العمومات ومكافئة الأدلة الخاصة المعتضدة بالشهرة وحكاية الاجماع وشهادة النسوان والثانية
انما تدل على حبس الحيضة عن أن تدفع مجموعها فلا ينافي بقاء مقدار الكفاية ودفع الزائد كما صرح به في حسنة سليمان بن خالد
المتقدمة واما الثالثة فلا ينافي المختار لاعتبار التوالي في الحيض إلى الثلاثة واما اخبار الاستبراء والاعتداد فيكفي في حكمها
غلبة عدم الاجتماع لان مقتضى الطبيعة عدم زيادة الدم عن المقدار الذي خلق لتربية الولد وتغذيته وهذا المقدار لابد
من احتباسه حال الحمل نعم ربما زاد على ذلك المقدار فيندفق بل ربما يقال إنه لو كان من شرط الحيض عدم الحمل كما يقوله الخصم له
يحكم بحيضية ما تراه المستبرأة والمعتدة الا بعد تحقق عدم كونها حاملا فلو توقف معرفة عدم كونها حاملا على تحقق حيضها
لزم الدور لكن يمكن ان يدفع بان معرفة كونها حاملا بتوقف على رؤية دم علم استجماعه لشرائط الحيض عدا عدم الحمل والحاصل
ان كون الحيض امارة لعدم الحمل مما لا ينكر فاحتاط الشارع للأنساب تارة بثلث حيضات واخرى خفف الاحتياط لبعض الحكم
مثل تسهيل الامر على الرجل أو المراة فاكتفى بواحدة أو ثنتين ولو امتنع اجتماع الحيض والحمل لاكتفى في الكل بواحدة ثم إن
هنا قولين آخرين أحدهما ما ذكره في ف؟ مدعيا الاجماع عليه حاصرا للخلاف بين أصحابنا في غيره وعن السرائر مدعيا انه
245

مذهب الأكثر والمحصلين وهو عدم اجتماع الحيض والحمل المستبين دون ما لم يستبن فإن كان المناط في الاستبانة ما ذكره في
الاستبصار من مضى مقدار عشرين يوما من عادتها فلعله استند في هذا التفصيل إلى الجمع بين الاخبار لشهادة مصححة الصحاف
قلت لأبي عبد الله (ع) ان أم ولدى ترى الدم وهي حامل كيف تصنع الصلاة قال فقال لي إذا رأت الحامل الدم بعد ما يمضى عشرون
يوما من الوقت الذي كانت ترى فيه الدم من الشهر الذي كانت تعتد فيه فان ذلك ليس من الرحم ولا من الطمث فلتتوضأ وتحتشي
بكرسف وتصلى وإذا رأى الحامل الدم قبل الوقت الذي كانت ترى فيه الدم بقليل أو في الوقت من ذلك الشهر فإنه من الحيضة فلتمسك
عن الصلاة عدد أيامها التي كانت تقعد في حيضها فان انقطع الدم قبل ذلك فلتغتسل ولتصل الخبر لكن المذكور في الرواية ليس الا
التفصيل بين تأخر الدم عن العادة بعشرين وعدمه وهو القول الآخر المحكي عن الشيخ في يه؟ وكتابي الاخبار من دون فرق بين
استبانة الحمل وعدمها وكيف كان ففي مكافاته لما تقدم من الاخبار منع واضح وربما يجمع بين اخبار الطرفين بحمل اخبار المنع على
ما إذا لم يتصف الدم بصفات الحيض وهو الظاهر من الصدوق في الفقيه ويمكن الاستشهاد لهذا الجمع ببعض الاخبار المفصلة مثل قوله (ع)
في رواية إسحاق بن عمار عن المرأة الحبلى ترى الدم اليوم واليومين قال إن كان دما عبيطا فلا تصلى ذينك اليومين وإن كان صفرة
فلتغتسل عند كل صلوتين ورواية ابن مسلم عن الحبلى قد استبان حملها ترى ما ترى الحائض من الدم قال تلك الهراقة من الدم
إن كان دما احمر كثيرا فلا تصلى وإن كان قليلا أصفر فلتتوضأ والرضوي الحامل إذا رأت الدم في الحمل كما كانت تراه تركت
الصلاة فإذا رأت أصفر لم تدع الصلاة ويمكن الجواب عنهما بان التفصيل بين المتصف بصفة الحيض وغيره انما هو في تحيض
المرأة قبل اكمال الثلاثة فلا دلالة فيها على التفصيل في الدم من حيث الحيضية الواقعية ويشهد لما ذكرنا ذكر اليوم واليومين
في الرواية مع أن الحيض لا ينقص عن ثلثة ولعل الكثرة والقلة في الرواية الثانية إشارة إلى انقطاع الدم بعد زمان يسير
وعدمه فعدم التحيض في القليل من حيث عدم استمرار الدم وتواليه في الثلاثة الأول هذا ان مع تقييد اخبار المنع لمسلوب الصفة
في غاية البعد وابعد منه تقييد اخبار الجواز بما تراه في العادة كما استقر به في الحدائق زاعما ان اخبار المسألة ما بين مطلق ومقيد
والواجب بمقتضى العادة المقررة حمل مطلقها على مقيدها ثم قال وبه يظهر ان ما اشتهر بينهم من القول بحيضها مطلقا
ليس بذلك انتهى وفيه ان التقييد في بعض تلك الأخبار انما وقع في السؤال وعلى فرض وروده في الجواب فلا تنافى بينه وبين المطلقات
حتى يوجب تقييدها ثم دم الاستحاضة تنقسم بحسب قلته وكثرته وتوسطه إلى ثلثة مختلفة في الاحكام حيث لا طريق عادة
إلى معرفتها الا بالفحص والاعتبار وجب على المستحاضة اعتبار الدم لتعرف كونه من أي الثلاثة كما في هي؟ والذكرى ومع؟ صد؟ وإن كان
الشبهات الموضوعية يجوز فيها العمل بالأصول قبل الفحص والاعتبار فلو لم يعتبره الامكان فسدت عادتها لعدم علمها بما يجب عليه
من الطهارة نعم لو فرض غفلتها عن ذلك واتت بوظيفتها الواجبة صحت وفى كفاية الاحتياط عن الاعتبار مطلقا أو بشرط
موافقته للاستصحاب وعدمها مطلقا وجوه خيرها أوسطها ثم أولها إما كفاية الاستصحاب عنه مع مخالفته للاحتياط لو
سبقت القلة أو أصالة عدم زيادة الدم عن حد القليلة وان لم تسبق فالأقوى العدم لما مر نظيره في الاستبراء ولعله يستفاد
من بعض اخبار المسألة ولو عجزت عن الاعتبار مباشرة أو استنابة فالأقوى الرجوع إلى الحالة السابقة أو أصالة عدم زيادة الدم
ان لم يسبق حالة بل وان سبقت الكثرة بناء على عدم الاستصحاب في التدريجيات ووجه انقسام الدم إلى الأقسام الثلاثة انه لا يخلوا إما
ان يكون بحيث إذا وضعت الكرسف يعنى القطنة لم يثقبه أي لم يغمسه ولم ينفذ من باطنه الذي بلى من باطن الفرج إلى ظاهره الذي يلي
الخرقة المشدودة فوقه واما ان يثقبه بحيث يغمسه مستوعبا وعلى الثاني فاما لا يكون بحيث يسيل من الكرسف المغموس إلى غيره
لو كان عليه واما ان يكون بحيث يسيل فالأول تسمى استحاضة قليلة والثاني متوسطة والثالث كثيرة وقد اختلف عبائر الأصحاب
في بيان مناط القلة والكثرة والتوسط فعن الفقيه حاكيا عن رسالة أبيه وف؟ والغنية والسرائر والشرايع والدروس أو الجعفرية وموضع
من المدارك وشرح المفاتيح إناطة القلة بعدم ثقب الكرسف والمتوسطة بالثقب وعدم السيلان وعن المصباح ومختصره ان
القليل مالا يظهر على القطنة والمتوسطة ما يظهر عليها من الجانب الآخر ولا يسيل وفى هذا الكتاب كما عن المختلف وير؟ والتبصرة
والتلخيص والبيان واللمعة والموجز الحاوي وكشف الالتباس إناطة القلة وقسيمها بالغمس مع السيلان وبدونه وعدمه ولعل
المراد بالعنوانات الثلاثة واحد كما نبه عليه مع؟ صد؟ وتلميذه شارح الجعفرية من أن الثقب والغمس والظهور واحد ويؤيده ان
المص؟ قده في المنتهى تبعا للمحقق في المعتبر أناط القلة بعدم الظهور والتوسط بالغمس ويشير إليه أيضا ما عن الذكرى حيث زاد الأول على
246

عدم الثقب في القليلة عدم الظهور فان الظاهر أن زيادة الظهور للايضاح والى ما ذكر يرجع ما في المقنعة ويه؟ وسم؟ وسيلة؟ من التعبير
من القليلة بان ترى الدم غير راشح وعن المتوسط ان تراه راشحا غير سايل وزاد في الأول عطف عدم الظهور
على عدم الرشح والظاهر كون
العطف للايضاح ففيه إشارة إلى اتحاد المراد مع أن الرشح الخروج شيئا فشيئا وكيف كان فالظاهر اتحاد مناط تثليث الأقسام فإن كان
اشكال في المقام فإنما هو في تثليث الاحكام والمشهور انه إن كان الدم لا يغمس القطنة أي جميعها كما في لك؟ تبعا للمحقق الثاني في فوائد الشرايع
وزاد في الأول انه متى بقى منه شئ في الخارج وان قل فالاستحاضة قليلة وجب لها تجديد الوضوء لكل صلاة نسبه في محكى التذكرة والمعتبر
إلى علمائنا الا ابن أبي عقيل وعن محكى الناصريات وف؟ ومع؟ صد؟ وظاهر الغنية الاجماع عليه لقوله (ع) في صحيحة معوية بن عمار وإن كان
الدم لا يثقب الكرسف توضأت ودخلت المسجد وصلت كل صلاة بوضوء وموثقة زرارة عن الطامث تقعد بعدد أيامها كيف تصنع
قال تستظهر بيوم أو يومين ثم هي مستحاضة فلتغتسل وتستوثق من نفسها وتصلى كل صلاة بوضوء ما لم ينفذ الدم فإذا نفذ اغتسلت
وصلت وفى معناها الرضوي وما ورد في الحامل من أنها ان رأت دما كثرا احمر فلا تصلى وإن كان قليلا أصفر فليس عليها الا
الوضوء هذا كله مضافا إلى العمومات المستفيضة الدالة على وجوب الوضوء مع صفرة الدم الملازمة غالبا لقلته كما اعترف به غير واحد
وظهر من جميع ذلك ضعف ما عن العماني من عدم كون هذا القسم من الدم حدثا استصحابا للطهارة وتمسكا بما دل على حصر نواقض
الوضوء وعن ير؟ انه لا اعتداد به وعن البيان انه متروك وعن مع؟ صد؟ انعقاد الاجماع على خلافه وخلاف الإسكافي المحكي عنه انه ان
ثقب الدم فالأغسال الثلاثة والا فغسل واحد لليوم والليلة مرة استنادا إلى صحيحة زرارة قال قال له النفساء متى تصلى قال تقعد بقدر
حيضها وتستظهر بيومين فان انقطع الدم والا اغتسلت واحتشت واستثفرت وصلت وان جاز الدم الكرسف تعصبت واغتسلت
ثم صلت الغداة بغسل والظهر والعصر بغسل والمغرب والعشاء بغسل وان لم تجز الدم الكرسف صلت بغسل واحد قلت والحائض
قال مثل ذلك سواء وموثقة سماعة المضمرة قال قال المستحاضة إذا ثقب الدم الكرسف اغتسلت لكل صلوتين وللفجر غسلا وان لم
يجز الدم الكرسف فعليها الغسل كل يوم مرة والوضوء لكل صلاة وان أراد زوجها ان يأتيها فحين تغتسل هذا إذا كان دما عبيطا
وإن كانت صفرة فعليها الوضوء لكنهما محمولتان سيما بعد ما عرفت من شذوذ هذا القول على المتوسطة والكثيرة جمعا بينها
وبين ما تقدم ثم إن صريح بعض الأخبار وكثير من معاقد الاجماعات وجوب الوضوء لكل صلاة فلا يجمع بين صلوتين بوضوء واحد
سواء كانا فرضين أو نفلين أو مختلفين كما صرح به في المنتهى ونسب التعميم للفرضين والنفلين إلى علمائنا ويدل عليه مع ما عرفت وجواب الاقتصار؟
في إباحة الصلاة لدايم الحدث على القدر المتيقن لان المستفاد من الاخبار كون دم الاستحاضة مطلقا حدثا موجبا للطهارة
وقد ادعى في التهذيب اجماع المسلمين على كونها موجبة للطهارة وفى المختلف على كونها حدثا وفى شرح الجعفرية على كونها من النواقض فالثابت
من الأدلة هو عدم تأثير الحدث الواقع بعد الوضوء وفى أثنائه بالنسبة إلى صلاة واحد بل هذا الوجه هي العمدة والا فيمكن حمل الاخبار
بل بعض معاقد الاجماع على إرادة وجوب تجديد الوضوء في كل وقت للصلاة كما يظهر من بعضها مثل قوله (ع) في رواية يونس فان رأت
دما صبيبا فلتغتسل عند وقت كل صلاة وان صفرة فلتتوضأ ولتصل وقوله (ع) في رواية أبي بصير فإذا تمت ثلاثون يوما
فرات دما صبيبا اغتسلت واستثفرت واحتشت في كل صلاة فإذا رأت صفرة توضأت إلى غير ذلك مما ورد مورد الغالب في
ذلك الزمان من التفريق بين الظهرين والعشائين مضافا إلى كثير من الأخبار الدالة على ايجاب الصفرة للوضوء بقول مطلق مع ورودها
في مقام البيان لكن الانصاف ان ظهور بعض الأخبار في تجديد الوضوء لكل فرد من الصلاة مما لا ينكر فإذا انضم ذلك إلى ظهور معاقد
الاجماعات التي لا يجرى فيها ما احتمل في الاخبار لعدم الشاهد منها بل شهادة بعضها الأخر على إرادة ظاهرها زالت الاشكال في
المسألة ولم يحتج إلى ما تقدم من وجوب الاقتصار على المتيقن لامكان الخدشة فيه بمنع ثبوت حديثة الاستحاضة من الأدلة الا
بمعنى كونه موجبا للوضوء في الجملة لا مطلقا فكون الخارج بعد الوضوء مؤثرا في المنع على الاطلاق الا ما خرج بالدليل يحتاج إلى الدليل
فصارت العمدة في التجديد النص والاجماع والمتيقن منهما التجديد لكل صلاة فريضة إذ هو المنساق من الاخبار بل من معاقد الاجماع و
دعوى إرادة الوجوب الشرطي من وجوب الوضوء حتى يشمل النفلين خلاف الظاهر فالأقوى انها إذا توضأت لفريضة جاز فعل نوافلها
إما لاستظهار دخول نوافل كل صلاة في اطلاق اسمها لأنها من توابعها ومتمماتها واما لأصالة عدم كون الخارج بعد الوضوء
موجبا للوضوء بالنسبة إلى غير فرض اخر لما عرفت من عدم الدليل على ايجابه الوضوء مطلقا حتى يقتصر في مخالفته على المتيقن فلا يبعد القول
على هذا بجواز مطلق النافلة بذلك الوضوء كما عن ط؟ والمهذب من أنه إذا توضأت المستحاضة للفرض جاز ان تصلى به من النوافل ما أرادت
247

وزاد الشيخ الاستدلال عليه بأنه لا مانع ولعله أشار إلى ما ذكرنا من الوجه وسيجيئ مثله عن المحقق في مسألة انقطاع دم المستحاضة
وربما يلتزم بهذا القول كل من قال فما سيأتي بعدم وجوب معاقبة الصلاة للوضوء لأنه يبعد ان يلتزم بان الخارج بعد الوضوء قادح
بالنسبة إلى النافلة وإن كان غير قادح بالنسبة إلى الفريضة لكن هذا الاستبعاد لازم أيضا على ما قويناه فإنه يجوز لها حينئذ ان تصلى
النوافل ما شائت ولا يجوز لها الدخول في الفريضة عقيب الفريضة الأولى لكن الانصاف انه لا جراة على انكار استفادة حديثة طبيعة
الاستحاضة من كلمات الأصحاب فلا بد من الاقتصار في العفو عن الخارج بعد الطهارة على المتيقن وهو رفع حكم الحدث بالنسبة إلى صلاة
واحدة ويجب عليها مع الوضوء تغيير القطنة لعدم العفو عن نجاستها ولو كانت أقل من درهم في محمول في باطن لا يتم الصلاة فيه الا ان
ظاهر المص؟ قده كما عن الناصريات الاجماع على وجوب ابدالها عند كل صلاة وعن ولده قده في شرح الكتاب اجماع المسلمين على وجوب التغيير
وربما يستفاد من بعض الأخبار الآتية في المتوسطة والكثيرة لكن دعوى عدم القول بالفصل كما عن المحقق البهبهاني قدس سره وتبعه في
الرياض ممنوعة كما اعترف بعض مشايخنا مع قوة احتمال كون القليلة أخف من حيث الخبث كما هي أخف من حيث الحدث مع أن ظاهر
تلك الأخبار كما سيجيئ لا يدل على أزيد من تغيير القطنة عند كل غسل لا كل صلاة بل ظاهر بعض الأخبار عدم وجوب طرح الكرسف ولو
أريد من تغيير القطنة انها إذا أخرجتها لأجل الملاحظة فيجب ابدالها أمكن تنزيل ذلك على الغالب من استلزام وضعها ثانيا لتلويث
ظاهر الفرج لكن إرادة هذا المعنى لا يخلوا عن بعد ومن بعض ما ذكرنا يظهر وجوب غسل ما ظهر من الفرج وهو ما يبدو منه عند القعود
على القدمين كما في ض؟ وعن يه؟ ثم المحكي عن المشايخ الثلاثة وسلار وابن حمزة وابن إدريس وجوب تغيير الخرقة بل نسبه كاشف للثام؟
إلى الأكثر وهو كذلك مع تلوثه بالدم بناء على الحاقها بالقطنة في عدم العفو واما مع عدم التلوث فلا وجه له نعم ان ثقب الدم الكرسف
وغمسها ظاهرا وباطنا وصارت الاستحاضة متوسطة وجب عليها تغيير الخرقة كالقطنة عند الأكثر لملاقاتها لها غالبا ولم يذكره
في الناصريات والجمل وشرحه والمهذب والغنية الا ان الظاهر عدم الخلاف في الحاقها بالقطنة التي ادعى فخر الاسلام في شرح الكتاب اجماع
المسلمين على وجوب تغييرها بل ادعى بعض دخوله في ذلك الاجماع ويجب عليها أيضا الغسل لصلاة الغداة بلا خلاف حتى من
القديمين وعن الناصريات وف؟ وظاهر الغنية الاجماع عليه ولا اشكال فيه بعد اتفاق النصوص والفتاوى انما الخلاف في الاكتفاء
به ووجوب غسلين آخرين للظهرين والعشائين فعن الصدوقين والمشايخ الثلاثة وسلار والقاضي وابن حمزة والحلبي وابن
زهرة والحلى والمحقق في غير المعتبر والمص؟ في غير المنتهى والشهيدين والمحقق الثاني وغيرهم الاكتفاء بغسل الغداة ويدل عليه ما تقدم في
القليلة من روايتي زرارة وسماعة بناء على أن المراد بالجواز فيهما التعدي عن الكرسف إلى غيره ويكون المراد بعدم الجواز صورة انغماس
الكرسف بقرينة الاجماع من غير الإسكافي على عدم وجوب الغسل في القليلة مضافا إلى شهادة ذيل رواية سماعة كما تقدم ولا يقدح
عدم التعرض فيها لبيان ما يغتسل له من الصلوات بعد انعقاد الاجماع بل الضرورة كما عرفت على أنه لصلاة الفجر كما لا يقدح ضعف
السند لو كان بعد الانجبار بما عرفت من الشهرة العظيمة والاجماعات المنقولة وربما يستدل أيضا برواية الصحاف إذا رأت الحامل
الدم قبل الوقت الذي كانت ترى فيه الدم بقليل أو في الوقت من ذلك فإنه من الحيضة فلتمسك عن الصلاة عدد أيامها التي كانت تعتد
في حيضها فإذا انقطع عنها الدم قبل ذلك فلتغتسل ثم تحتشى وتستنتفر؟ وتصلى الظهر والعصر ثم لتنظر فإن كان الدم فيما بينها وبين
المغرب لا يسيل من خلف الكرسف فلتتوضأ ولتصل عند وقت كل صلاة ما لم تطرح الكرسف فان طرح الكرسف وسال الدم وجب عليها
الغسل وان طرحت الكرسف ولم يسل الدم فلتتوضأ ولتصل ولا غسل عليها قال فإن كان الدم إذا أمسكت الكرسف يسيل من خلف الكرسف صبيبا لا يرقى
فان عليها ان تغتسل في كل يوم وليلة ثلث مرات وتحتشي وتصلى وتغتسل للفجر وتغتسل للظهر والعصر وتغتسل للمغرب والعشاء وكذلك
تفعل المستحاضة فإنها إذا فعلت ذلك اذهب الله بالدم عنها الخبر بناء على أنه (ع) علق الأغسال الثلاثة على سيلان الدم من خلف
الكرسف صبيبا لا يرقى فاطلاق الغسل فيما إذا طرح الكرسف وسال الدم محمول على الغسل الواحد وفيه انه لم يظهر من الرواية كون
قوله إذا أمسكت الكرسف إلى آخره قسيما لقوله فان طرحت الكرسف وسال بل الظاهر أنه قسيم لقوله فإن كان الدم فيما بينها وبين المغرب لا
يسيل من خلف الكرسف فقسم كلا من صورتي طرح الكرسف وامساكها إلى قسمين في أحدهما الوضوء وفى الأخر الغسل فالانصاف ان
الرواية لو لم تكن ظاهرة في خلاف المطلق من جهة ان الظاهر من لفظ الغسل في قوله (ع) فان طرحت الكرسف وسال الدم هو جنس؟ الغسل نظير
التوضي في مقابله فلا دلالة على المطلق نعم ربما يتجه الاستدلال بقوله (ع) في رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله (ع) في
حدث المستحاضة ولتستدخل كرسفا فإذا ظهر الدم على الكرسف فلتغتسل ثم تضع كرسفا اخر ثم تصلى فإذا كان دما سائلا
248

فلتؤخر الصلاة إلى الصلاة ثم تجمع بين الصلاتين بغسل واحد الخبر بناء على تعلق الأغسال الثلاثة بسيلان الدم فيعلم منه إرادة
المتوسطة في الفقرة السابقة ونحوه الاستدلال بمصححة أبي بصير فان رأت دما صبيبا اغتسلت واستثفرت واحتشت في وقت
كل صلاة فإذا رأت صفرة توضأت ونحوها رواية يونس بن يعقوب بناء على اهمال ذكر المتوسطة في الروايتين لندرتها كما في شرح
المفاتيح الا ان يقال إن الظاهر أن المراد بالصبيب مقابل القليل كما أنه قد يطلق القليل على مطلق الاستحاضة في مقابل الحيض كما في قوله (ع)
في الحامل إن كان دما كثيرا فلا تصلى وإن كان قليلا فلتغتسل عند كل صلوتين وفى رواية أخرى وإن كانت صفرة فلتغتسل عند كل
صلوتين ولكن المعتمد في الاستدلال روايتا زرارة وسماعة المتقدمتان لكن بإزائهما ما يعارضهما مثل صحيحة معوية بن عمار المتقدمة
فإذا جازت أيامها ورأت الدم يثقب الكرسف اغتسلت الظهر والعصر تؤخر هذه وتعجل هذه وللمغرب والعشاء
غسلا تؤخر هذه وتعجل
هذه وتغتسل للصبح وفى رواية زرارة المتقدمة في القليلة فإذا نفذ الدم اغتسلت وصلت فان المراد بالنفوذ فيها والثقب في
الأولى ما يرادف الجواز في روايتي زرارة وسماعة ولذا قابل في رواية سماعة بين الثقب وعدم الجواز وأصرح من ذلك قوله (ع) في رواية ابن مسلم ثم تمسك
قطنة فان صبغ القطنة دم لا ينقطع فلتجمع بين كل صلوتين بغسل دل على إناطة الأغسال بمجرد صبغ الدم للقطنة ولا ينافيه توصيف
الدم بعدم الانقطاع كما لا يخفى وقوله (ع) في مرسلة يونس الطويلة فلتدع الصلاة أيام أقرائها تغتسل وتتوضأ لكل صلاة
قيل وان سال مثل المثعب فان الظاهر أن المراد بالاغتسال للاستحاضة لكل صلاة لا للحيض بل تركه للظهور والا لزم ان يكتفى في مقام
البيان بالوضوء للاستحاضة الكثيرة وحينئذ فقوله وان سال يدل على عموم الحكم لصورتي السيلان والعدم فتأمل هذا كله مضافا
إلى عمومات وجوب الأغسال الثلاثة على المستحاضة بقول مطلق لكن الانصاف ان روايتي زرارة وسماعة أصرح دلالة على تثليث أقسام
المستحاضة فيتعين تقييد الروايات المتقدمة مع امكان دعوى انصرافها إلى الغالب من أن الدم إذا ثقب الكرسف سال منه بل
صحيحة معوية صريحة في الكثيرة لقوله (ع) بعد الامر بالاغسال تحتشى وتستثفر ولا تحنى وتضم فخذيها في المسجد وساير جسدها خارج
فظهر بذلك ضعف القول بتثنية أقسام المستحاضة بين القليلة والكثيرة كما عن القديمين وصاحب الفاخر والمحقق في المعتبر
والمص؟ قده في المنتهى وقد رجعا عنه في باقي كتبهما وتبعهم من متأخري المتأخرين جماعة كالمحقق الأردبيلي وتلميذه صاحب المعالم
والمدارك وشيخنا البهائي في الحبل وصاحب الذخيرة ومال إليه في ض؟ وهو أحوط ثم إنه لا اشكال ولا خلاف في وجوب الوضوء
لما عدا صلاة الفجر من الصلوات وانما الخلاف في وجوبه لها إما من جهة اخلاف في وجوبه مع كل غسل واما الخصوصية في هذا المقام ولذا قال بوجوبه من اكتفى
بالغسل عن الوضوء كالسيد في الجمل ونفاه بعض من لم يكتف بالغسل عن الوضوء كما عن الشيخ والصدوقين والقاضي والحلبي وابن زهرة
قال كاشف اللثام ويحتمل عبائرهم ما في نكت يه؟ من أنه انما يجب عليها الغسل لصلاة الغداة ولا يجب عليها لغيرها من الصلوات فلا
ينافي وجوب الوضوء لصلاة الغداة أيضا انتهى وكيف كان فالأقوى وجوب الوضوء إما لما تقدم من وجوب الوضوء في كل غسل غير الجنابة
واما لظاهر رواية سماعة وذيل مرسلة يونس المتقدمتين هذا مضافا إلى استصحاب المنع عن الدخول في العبادة ثم إن ظاهر أكثر الفتاوى
ومعقد اجماع الناصريات كون غسل المتوسطة لصلاة الغداة خاصة ولازمه اعتبار رؤية الدم قبل صلاة الفجر فلو رأته بعدها
سقط الغسل في ذلك اليوم للظهرين والعشائين ولو احتمل وجوبه بالنسبة إلى صلاة الغداة المستقبلة وبالنسبة إلى قضاء صلاة
غداة اليوم لو فاتت منه وقد عدا الشهيد في البيان الاستحاضة المتوسطة بالنسبة إلى ما عدا الصبح من افراد الحدث الأصغر في بيان موجبات
الوضوء وهو الظاهر من مع؟ صد؟ في مسألة وجوب الغسل للصوم مع غمس القطنة والشهيد الثاني في ضة؟ في هذا المقام وتبعه محشيها وشارحها
وشارح المفاتيح والمترائي من ظاهر كلامهم ان لا دخل لهذا الغسل في باقي الصلوات لكن المحكي عن فخر الاسلام في شرح الكتاب النص
على أن غسل المستحاضة للوقت لا للصلاة وفرع عليه شارح الروضة انه يجب الغسل حينئذ ان تجدد الغمس قبل طلوع الشمس وإن كان
بعد الصلاة وظاهره ان هذا الغسل له مدخل في الصلوات التي بعدها والا فلا وجه لوجوبه بعد الصلاة وجوبا نفسيا وقد
استظهر في كشف اللثام في موجبات الوضوء على وجه يظهر منه انه من المسلمات ان لغسل صلاة الغداة مدخلا في استباحة ما عداها
من الصلوات حتى أنها لو لم تغتسل لصلاة الصبح لزمها الغسل إذا أرادت الصلوات الباقية انتهى وهو الظاهر أيضا من شرح المفاتيح
حيث صرح بان غسل المتوسطة له مدخلية في جميع ذلك اليوم لان المتوسطة حديثة أكبر بالنسبة إليها وهو أيضا ظاهر مع؟ صد؟
حيث ذكر في موجبات الوضوء انه إذا انقطع دم المتوسطة للبئر في وقت صلوات الظهرين أو العشائين وجب الغسل إذا كان في وقت
الصبح يوجبه انتهى ولولا كونه حدثا أكبر بالنسبة إلى غير الصبح لم يجب الغسل عند انقطاعه لبقية الصلوات ومنه يعلم أن ذلك
249

مقتضى اطلاق كل من أوجب الغسل لانقطاع دم المستحاضة للبئر وفى الروض والمقاصد العلية في موجبات الوضوء جعل المتوسطة بالنسبة
إلى ما عدا الصبح كالكثيرة بالنسبة إلى العصر والعشاء بل ما ذكرنا مقتضى ما سيجيئ من اتفاقهم على أن المستحاضة لو أخلت بما عليها لم تصح
صلاتها فحينئذ لو تركت صلاة الصبح عمدا أو نسيانا وترك الغسل أيضا ثم صلت الظهر بلا غسل مع نسيان فوات الصبح أو عمدا على القول بعدم
الترتيب بطل صلاته وعلى هذا فقولهم يجب الغسل لصلاة الغداة خاصة والوضوء للبواقي يريدون به عدم وجوب غسل اخر لما
عداها في مقابل الكثيرة لا ان اثر الغسل مختص بها إذا ثبت هذا فنقول لا يبعد ان يقال إن المستفاد من الروايات الواردة في
المتوسطة هو كون غسلها لجميع الصلوات وان هذا الدم المتجاوز عن حد القليلة الغير البالغ حد الكثيرة يوجب غسلا واحدا بالنسبة
إلى جميع الصلوات الخمس ان استمر بها هذا الدم أو حدث في أوقاتها كما هو صريح روايتي سماعة فإن لم يجز الدم الكرسف فعليها الغسل كل
يوم مرة والوضوء لكل صلاة ويتلوهما في الظهور رواية زرارة المتقدمة حيث إن المراد من قوله (ع) صلت بغسل واحد انها تصلى الخمس
بغسل واحد قبالا لذات الدم الكثير حيث إنها تصلى الخمس بثلث أغسال ووجه تقديمه عند صلاة الصبح كونها أول الصلوات فلا
يصدق على من استمر بها الدم المتوسط انها صلت الخمس بالغسل الا إذا اغتسلت عند صلاة الفجر وحينئذ فلو تجدد الغمس بعد صلاة الفجر
وجب الغسل للظهرين كما أنه لو تجدد بعد صلاة الظهرين وجب الغسل للعشائين فما في النصوص من فعل الخمس بغسل واحد وما في
الفتاوى من الغسل لصلاة الغداة محمول على من استمر بها الدم المتوسط في جميع أوقات الصلاة كما أن حكمهم بوجوب ثلثة أغسال
على ذات الكثيرة محمول على من استمر بها الكثرة في جميع الصلوات فلا ينافيه وجوب الغسل للعصر فقط أو للعشاء فقط إذا حدثت الكثرة
بعد فعل الظهر أو المغرب هذا مضافا إلى اطلاق باقي الاخبار التي استدلوا بها على حكم المتوسطة مثل قوله (ع) في موثقة زرارة فإذا نفذ
الدم اغتسلت وصلت وقوله (ع) في رواية الجعفي فإذا ظهر الدم على الكرسف أعادت الغسل وأعادت الكرسف وقوله (ع) في رواية
البصري فان ظهر الدم على الكرسف فلتغتسل ثم تضع كرسفا اخر ثم تصلى فإذا كان دما سائلا فلتؤخر الصلاة إلى الصلاة ثم تصلى
صلوتين بغسل واحد والحاصل ان دلالة الاخبار على ما ذكرنا واضحة جدا ولا ينافيها شئ عدا ما يتراءى؟ من ظهور تخصيص هذا
الغسل في الفتاوى ومعاقد الاجماع بكونه لصلاة الغداة وهو الذي دعى بعض مشايخنا المعاصرين إلى المبالغة في تضعيف ما قويناه
تبعا لغير واحد من مشايخه كصاحب الرياض وكاشف الغطاء وولده الفقيه في شرح رسالته وممن يظهر منه هذا القول الشيخ علي في
حاشية الروضة بل يظهر منه انه مذهب غيره بل مذهب الكل حيث علق على قوله في الروضة انه لو تأخر الغمس عن الصلاة فكالأول انه
كالقسم الأول بالنسبة إلى صلاة الصبح ثم قال هذا ولا ينافي وجوب الغسل بالنسبة إلى الظهرين والعشائين فان حكمها مبنى على اعتبار
أوقات الصلاة وعدم اعتبارها انتهى وما ذكره في شرح العبارة وإن كان خلاف الظاهر الا ان المقصود من ذكره اظهار موافقته لمن
ذكرنا بل حكايته موافقة غيره أيضا فافهم نعم ذكر السيد العلامة في المصابيح ان المعروف في الاستحاضة الوسطى وجوب غسل واحد لصلاة
الغداة وظاهر عبائرهم في المقام ان هذا الغسل غايته خصوص صلاة الغداة فلا يتوقف عليه صحة باقي الصلوات وربما احتمل
ان يكون ذلك لجميع الخمس فيتوقف عليه صحة الجميع وعلى هذا التقدير فلو رآه في غير وقت الفجر احتمل وجوب الغسل والأصل والعمومات
تنفى ذلك وقد صرح بعضهم بنفيه وهو ظاهر الباقين انتهى وأنت خبير بان منافاة هذا التخصيص لما ذكرنا إن كان من جهة ظهوره في اختصاص
اثر الغسل بصلاة الغداة وعدم شركة غيرها معها فقد عرفت خلاف ذلك من جماعة بين مصرح بكون دم المتوسطة مطلقا حدثا
أكبر بالنسبة إلى جميع الصلوات وبين مقيد له لتعينهم الغسل بما يوجب الغسل لصلاة الفجر أو بما يوجد في جزء من وقتها وإن كان
بعد فعلها كما فهمه شارح الروضة من محكى شرح الارشاد ومع ذلك فقد عبر هؤلاء كغيرهم بوجوب الغسل لصلاة الغداة فتعين
ان يراد به نفى وجوب غسل اخر بعد صلاة الغداة وإن كان من جهة لصلاة الغداة الظاهر في عدم ثبوته لغيرها مطلقا مثل ما
لو تأخر الغمس عن صلاة الفجر فهذا وان لم يصرح به من المعبرين بالعبارة المذكورة الا نفر يسير كصاحب الرياض وجماعة ممن وافقه
الا انك قد عرفت ان هذا التعبير منهم من جهة فرضهم الكلام على من استمر بها الدم المتوسط كما أن حكمهم بوجوب أغسال ثلثة
على ذات الدم الكثير بالنسبة إلى من استمر بها الدم فلا ينافي انه لو فرض الكثرة بعد الظهرين وجب غسل واحد للعشائين أو بعد الصبح
صحت غسلان للظهرين والعشائين وكيف كان فالظاهر عدم تحقق الاجماع على خلاف الوجه الذي قويناه بل ولا الشهرة وان تراءى؟
ذلك من كلامهم فالقول به لا يخلوا عن قوة مع أنه مقتضى أصالة عدم إباحة الصلاة وبقاء تأثير الدم المتوسطة وعدم ارتفاعه الا بالغسل
مع الوضوء فافهم هذا كله إذا لم يسل الدم عن القطنة وان سال وجب عليها مع ما ذكر في المتوسطة شيئان آخران غسل للظهر والعصر
250

يجمع بينهما على سبيل الاستحباب بان يؤخر الأولى إلى اخر وقت فضيلتها وأول وقت فضيلة الثانية وغسل للمغرب والعشاء به
يجمع بينهما كذلك ولا اشكال ولا خلاف في وجوب الأغسال الثلاثة والاخبار عموما وخصوصا مستفيضة أو متواترة واما الخلاف في كفاية
الأغسال عن الوضوء كما عن ظاهر الصدوقين والسيد في الناصرية والشيخ وابن زهرة وابن حمزة والحلبي والقاضي وسلار أو وجوب
الوضوء مع كل غسل كما عن المقنعة والجمل والمعتبر وابن طاوس وشارح المفاتيح وسيد الرياض أو لكل صلاة كما عن ئر؟ وفع؟ والشرايع وكتب المص؟
والشهيدين والمحقق الثاني بل عن المختلف انه المشهور وعن المدارك والذخيرة ان عليه عامة المتأخرين أقوال خيرها أوسطها لما تقدم من عدم كفاية
الغسل عن الوضوء وعدم الدليل على الأخير مع ورود الاخبار في مقام البيان عدا ما ربما يقال من أن نقض القليل من هذا الدم للوضوء
يوجب نقض الكثير منه له بطريق أولي وفيه ما لا يخفى كما في التمسك بعموم آية الوضوء وذكر الشارح في الروض ان الأخبار الصحيحة دلت على
المشهور ولم نعثر على واحد منها كما اعترف به المحقق الأردبيلي ولمح إليه جمال الملة في حاشية ضة؟ نعم ربما يحتمل ذلك في قوله (ع) في مرسلة
يونس ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة لكن الظاهر أن المراد بالاغتسال غسل الاستحاضة لا الحيض والا لزم السكوت عن غسل الاستحاضة
مع أن بيانه أهم من الوضوء وحينئذ فقوله تغتسل وتتوضأ الظاهر أن المراد به الوضوء الذي لابد في الغسل بناء على جعل الظرف متعلقا
بالمجموع فهو محمول على الاستحباب لا محالة لما سيأتي من عدم وجوب الاغتسال لكل صلاة اجماعا وانما الكلام في مشروعيته كما ستعرف
نعم لو أريد من قوله لكل صلاة وقت الصلاة تعين حمله على الوجوب لكنه يثبت المختار واحتمال اختصاص
الظرف بخصوص التوضي
فقط خلاف الظاهر كما لا يخفى فالقول بلزوم الوضوء زيادة على الوضوء المجامع للغسل ضعيف وقد بالغ في المعتبر في تضعيفه قبل ما يختاره
في شرايعه حيث إنه بعد ما حكى عن المفيد أوسط الأقوال وعن الصدوقين والسيد والشيخ الاقتصار على الأغسال قال وظن غالط من
المتأخرين انه يجب على هذه مع الأغسال وضوء لكل صلاة ولم يذهب إلى ذلك أحد من طائفتنا وربما يكون غلطه لما ذكره الشيخ في ط؟
وف؟ ان المستحاضة لا تجمع بين فرضين بوضوء فظن انسحابه؟ على مواضعها وليس على ما ظن ذلك فحص الموضع الذي يقتصر فيه على الوضوء
والذي اختاره المفيد هو الوجه ولازم للشيخ أبى جعفر قده لان لكل غسل لا بد معه من الوضوء واما علم الهدى فلا يلزمه ذلك لان الغسل
عنده يكفي عن الوضوء انتهى فالقول بالوضوء لكل صلاة ضعيف وإن كان ربما يقال إنه أحوط لكن فيه نظر بناء على وجوب معاقبة
الصلاتين للغسل وعدم التراخي بينهما فلو توضأت في أثناء الإقامة كان أحوط ثم إن صريح بعض وظاهر آخرين وجوب تغيير القطنة
عند كل صلاة حيث ذكروا تغيير القطنة عند كل صلاة في القليلة وذكروا في الكثيرة انه يلزمها زيادة على ما يلزمها في القليلة والمتوسطة
غسلان للظهرين والعشائين الا ان ما دل على وجوب التغيير والابدال هنا لا يفيد ذلك ففي رواية فإذا ظهر الدم على الكرسف أعاد
الغسل وأعاد الكرسف ورواية البصري فإذا ظهر على الكرسف فلتغتسل ثم تضع كرسفا اخر ثم تصلى وقد عرفت انه لولا الاجماعات
المنقولة على وجوب التغيير عند كل صلاة في القليلة كان الحكم فيها مجالا للنظر وينبغي التنبيه على المور لا يتم بيان
احكام المستحاضة الا بها
الأول قيل إن الاعتبار في كثرة الدم وقلته بأوقات الصلاة اختاره في الموجز وكشف الالتباس و
جامل الدين في حاشية ضة؟ تبعا لصريح الدروس وظاهر الذكرى حاكيا بلفظ قيل ولعله المص؟ في التذكرة كما سيجيئ واستظهر في
الذكرى من قوله عليه السلام في رواية الصحاف المتقدمة ثم لتنظر فإن كان الدم فيما بينها وبين المغرب لا يسيل من خلف الكرسف فلو بناء؟
ولتصل ولا غسل عليها بل ربما يقال إن ظاهر الأخبار الواردة في هذا الباب ان وظيفة كل حالة عند وجودها في وقت الصلاة الذي
هو وقت الخطاب بتلك الوظيفة لا مطلقا وهو كما ترى ضرورة ان الاخبار انما تدل على سببية الدم باقسامه لوجوب وظيفته في وقت
الصلاة ولا تدل على أن وجود السبب في وقت الصلاة موجب لوظيفته المقررة كما لا يخفى وقد يدعى ان ظاهر الاخبار انه متى تحققت كثرة الدم
في وقت ما كفى ذلك في وجوب الأغسال الثلاثة وان انقطع بعد ذلك لكنه افراط لا يرجع إلى محصل كما لا يخفى كما أن الأول تفريط فالأظهر في
معنى الاخبار انه متى تحقق الدم الكثير لم تجز الصلاة معه الا بغسل فإذا اغتسل له ارتفع حكمه بالنسبة إلى غير ما اغتسلت له من الصلوات
وفى المتجدد بعد الغسل ما تراه في أثناء الغسل لأنه معفو بالنسبة إلى ما يغتسل له من العبادة دون غيرها وبالجملة فحال هذا الدم الكثير
حال القليل من غير تفاوت وهذا هو الظاهر من رواية الصحاف دون ما ذكره في الدروس والذكرى كما اعترف به جماعة فالأقوى انه لا عبرة بوقت
الصلاة كما في غيرها من الاحداث وان الكثرة متى حصلت كفت في وجوب الغسل وإن كانت منقطعة في وقت الصلاة فلو حصلت بعد
صلاة الفجر وانقطعت قبل الظهر وجب الغسل للظهرين وفاقا للمحكى عن المص؟ والشهيدين في البيان وضة؟ ومع؟ صد؟ وجماعة من متأخري
المتأخرين كصاحبي المدارك والكفاية وصاحب الحدائق وشارح المفاتيح وسيد الرياض وشارح ضة؟ مسند اله إلى ظاهر النصوص والفتاوى
251

ثم إن ظاهر القول اعتبار أوقات الصلاة اعتبار تحقق الكثرة فعلا في الأوقات الثلاثة في وجوب الأغسال ولذا فرع عليه غير واحد
كالشارح في الروض وشارح ضة؟ انه لو تكثر قبل الوقت ثم طرات القلة فيه لم يجب الغسل عليها على هذا القول ما لم يوجد في الوقت
متصلة أو طارية وعلى القول الآخر يجب الغسل للكثرة المتقدمة وإن كانت قد اغتسلت في أثنائها لان المتأخر عنها عن الغسل كاف
في السببية لكن قد يستظهر من عبارتي الذكرى والموجز ان الذي يعتبر وقت الصلاة لا يوجب وجود تلك المرتبة فيه بالفعل بل يعممه لما بالفعل
ولما بالقوة قال في الذكرى قيل الاعتبار في الكثرة والقلة بأوقات الصلاة فلو سبقت القلة وطرات الكثرة انتقل الحكم فلو كانت الكثرة
بعد الصبح اغتسلت للظهرين وهل يتوقف عليه الصوم نظر من سبق انعقاده ومن الحكم على المستحاضة بوجوب الأغسال وجعلها شرطا
في صحة الصوم وهو أقرب ولا فرق في الصوم بين كثرته قبل فعل الظهرين أو بعد فعلها إما بالنسبة إلى الظهرين فلا يجب ان كثر بعدهما غسل لهما
بل وان استمر إلى العشائين اغتسلت لهما قطعا وكذا ان انقطع مظنونا عوده أو مشكوكا فيه لأصالة البقاء وان سبقت منه بنى على ما مر ولو
سبقت الكثرة في الصبح اغتسلت له فلو قل عند الظهر توضأت ولو جوزت عود الكثرة فالأجود الغسل لأنه كالحاصل وان علمت الشفاء
كفاها الوضوء والطريق إلى علم الشفاء إما اعتياده أو اخبار العارف ويكفى غلبة الظن انتهى وعن الموجز ان الاعتبار بوقت الصلاة
فلو طرات الكثرة أو القلة فالحكم للموجود وان أمكن خلافه لا ان علم عوده انتهى وقال كاشف الالتباس في شرحه على العبارة اعتبار القلة
والكثرة وقت الصلاة فلو انتقلت ذات القليل إلى الكثير انتقل حكمها وبالعكس الا ان يعلم عود الأول من طريق العادة قبل خروج
وقت الصلاة فلا ينقل حكمها انتهى وقال في التذكرة لو كان الدم كثيرا فاغتسلت أول النهار وصلت وصامت ثم انقطع قبل الزوال لم
يجب غسل اخر لا للصوم ولا للصلاة إن كان للبئر ولو كان لا له وجب ولو كانت تعلم عوده ليلا أو قبل الفجر وجب الأغسال الثلاثة انتهى
وفى يه؟ ذات الدم الكثير إذا انقطع دمها في أثناء النهار للبئر لم يجب عليها بقية الأغسال ولو انتقلت ذات الكثير إلى القليل واستمر انتقل
حكمها انتهى وهذه العبارات كما ترى ظاهرة في كفاية وجود المرتبة في الوقت ولو بالقوة وظاهر عبارة المص؟ في عد؟ اعتبار الاستمرار الفعلي
إلى الأوقات الثلاثة قال وان سال وجب عليها غسل للظهر والعصر وغسل للمغرب والعشاء مع الاستمرار والا فاثنان أو واحد وعطف
عليه كاشف اللثام قوله وكذا لو وجد بعد غسل الصبح ولو لحظة وجب اثنان وكذا لو وجدت بعد غسل الظهرين ولو لحظة وجب الثالث
ما لم تبرء كما نص عليه في التذكرة انتهى ثم استدل عليه بتحقق السيلان الموجب للغسل باطلاق النصوص والفتاوى إلى أن قال وقد يوهم ظاهر
العبارة اعتبار الاستمرار بمعنى انها ان لم يستمر إلى الظهر وإن كانت بعد غسل الصبح إلى ما قبل الظهر بلحظة لم يجب الغسل الثاني وكذا
الثالث ولعله غير مراد انتهى وقد جمع الشارح في الروض بين اعتبار استمرار الدم سائلا إلى وقت العشائين في وجوب الأغسال فلو
طرات القلة بعد الصبح فغسل واحد أو بعد الظهرين فغسلان وبين قوله بعدم الاعتبار في كمية الدم بأوقات الصلاة وانه كغيره من
الاحداث متى حصل كفى في وجوب الطهارة منها في الوقت ويمكن الجمع بينهما بان المراد بالاستمرار مقابل الانقطاع رأسا بعد غسل الصبح
أو الظهرين بحيث لا يوجد بعد الغسل أو في أثنائه ما يوجب غسلا اخر لكنه بعيد ومثله جار في عبارة عد؟ ويمكن أيضا حمل الاستمرار
فيهما على ما يعم الاستمرار الحكمي بقرينة ما تقدم عن التذكرة ويه؟ كما صنعه كاشف اللثام ومما ذكرنا ظهر ان نسبة القول المختار إلى المص؟ محل
نظر إذ لم يظهر منه ذلك فيما رأينا من المنتهى والتذكرة ويه؟ وعد؟ بل ظاهر الكل مراعاة الاستمرار في الأوقات الحقيقي أو الأعم منه كما يشهد به حكمه
في الكتب الثلاثة الأولى بان الدم إذا لم يستمر إلى الزوال وانقطع للبرء لم يجب بقية الأغسال بل ربما يقال إن نسبة ذلك القول إلى البيان
كما وقع لجماعة تبعا لجامع صد؟ غير صحيح فان المذكور في البيان انه لو اختلفت دفعات الدم عملت على أكثرها ما لم يكن لبرئ انتهى بناء
على أن المراد كما قيل إنها إذا كانت بحيث يقل دمها تارة ويكثر أخرى فلتعمل على أكثر أحوالها فإن كانت في الأغلب قليلة الدم اعتبرت
القلة وإن كانت كثيرة الدم في الأغلب اعتبرت الكثرة الا ان يعلم أن القلة الطارية للبرئ قيل وهذا عين القول باعتبار الوقت أقول وفى هذا التفسير نظر وكيف كان فما ذكره من كفاية الاستمرار الحكمي
وجعله بمنزلة الفعلي خصوصا مع الاكتفاء بمجرد احتمال العود مشكل جدا إذ لا شاهد عليه الا ما ربما يستفاد من اطلاق الروايات
من أن هذا المرض الخاص موجب لهذه الأغسال الثلاثة إلى أن يحصل البرء والشفاء وانها إذا فعلتها عوفيت مما فيه مع أنه لا ريب
في صدق المستحاضة والمراة الدامية عليها قبل الشفاء كصدق الحائض في أيام النقاء وحاصل هذا الوجه ان المستفاد من كثير من
الاخبار ان الحدث الموجب للأغسال هو كونها دامية لا نفس دمها ولكن الانصاف انه خلاف المستفاد من كلمات الأصحاب ومعاقد
اجماعاتهم في كون دم الاستحاضة حدثا أو ناقصا أو موجبا للطهارة كما يظهر ذلك من أكثر الاخبار سيما الواردة في القليلة
فان الظاهر أن القليلة والكثيرة من باب واحد كما أن كليهما مع السلس والمبطون من باب واحد فتأمل هذا مع أن الأصل يقضى بالاقتصار
252

في الحكم بالحديثة على نفس الدم لأنه المتيقن ثم إن الخلاف في كفاية الاستمرار الحكمي وعدمها على القول باعتبار وقت الصلاة واضح بل
متحقق واما على القول المختار فيمكن تصويره فيما إذا رأت الكثرة قبل صلاة الفجر مع علمها بعوده ليلا فان وجوب غسل الظهر عليها
بسبب وجوده بالقوة وقت الظهر عند من اعتبر الوقت ويمكن القول به على المختار وسببه على هذا القول تنزيل وجوده بالقوة وبعد
غسل الفجر منزلة وجوده بالفعل بعد الغسل
الثاني قد صرح للص؟ انه إذا انقطع دم الاستحاضة لم يجب عليها الغسل قال في المنتهى
انقطاع دم الاستحاضة ليس بموجب للغسل فلو اغتسلت ذات الدم الكثير للصبح وصلت ثم انقطع الدم وقت الظهر لم يجب الغسل و
اكتفت بالوضوء انتهى وقال في عد؟ وانقطاع دمها للبرئ يوجب الوضوء انتهى وقد مر عبارات التذكرة ويه؟ والموجز والأظهر انه ان قلنا
باعتبار استمرار الكثرة إلى أوقات الصلاة حقيقة أو حكما فلا مناص عن الحكم بعدم الغسل لو انقطع للبرء قبل الوقت كما عرفت من
تصريح المص؟ واما انقطاعه للبرء بعد دخول الوقت فلا يرفع الوجوب المتحقق قبله سواء كانت قد اغتسلت في أثناء هذا الدم أم
لا لان المتأخر منها كاف في السببية كما حققه في الذكرى بعد ما حكى عن الشيخ ان انقطاع دمها يوجب الوضوء وان بعض الأصحاب قيده
بالبرء قال ويمكن ان يقال إن دم الاستحاضة في نفسه حدث يوجب الوضوء تارة والغسل أخرى فإذا امتثلت فإن كان حال الطهارة
منقطعا واستمر انقطاع فلا وضوء ولا غسل لأنها فعلت موجبه وان خرج بعدهما أو في اثنائهما دم ثم انقطع إما في الأثناء أو بعده
فإن كان انقطاع فترة فلا اثر له لأنه بعوده كالموجود دائما وإن كان انقطاع برء فالأجود وجوب ما كان يوجبه الدم لان الشارع
علق على دم الاستحاضة الوضوء والغسل وهذا دم الاستحاضة والطهارة الأولى كانت لما سلف قبلها من الدم ولا يلزم
من صحة الصلاة مع الدم عدم تأثيره في الحدث وهذه المسألة لم يظفر فيها بنص من قبل أهل البيت عليهم السلام ولكن ما افتى
به الشيخ هو قول العامة بناء منهم على أن حدث الاستحاضة يوجب الوضوء لا غير فإذا انقطع بقى على ما كان عليه ولما كان الأصحاب
يوجبون به الغسل فليكن مستمرا وعلى هذا لو لم يغتسل مع الكثرة للصبح مثلا ثم دخل وقت الظهر فإن كان باقيا أجزأها غسل
للظهرين لأنه رفع ما مضى من الحدث وإن كان منقطعا فالأجود وجوب الغسل وكذا لو اهملت غسلى النهار
ودخل الليل ولو اهملت
غسل الليل واغتسلت للصبح وصامت أجزء لأنه يأتي على ما سلف وإن كان الدم قد انقطع قبله وجب فغسله على ما قلناه فلو أخلت
بطل الصوم والصلاة وفى يه؟ ضل؟ قرب وجوب الغسل لو انقطع قبل فعله إما لجنونها واما لاخلالها انتهى عبارة الذكرى بعينها
وربما يورد عليه بمنع كون دم الاستحاضة مطلقا حدثا بل إن استمر إلى وقت الصلاة وفيه ان الظاهر أن كلامه ككلام الشيخ فيما
لو كان الدم موجودا وقت الصلاة فاغتسلت له أو توضأت ثم انقطع فلا يرد عليه ما ذكره فحاصل الكلام في مسألة الانقطاع
ان الدم المنقطع إن كان في نفسه سببا للطهارة فلا يسقط حكمه بالبرء وإن كان استمراره سببا سقط حكمه فالدم الكثير الموجود قبل
الوقت لما كان بنفسه سببا للغسل بعد الوقت عنده من لم يعتبر أوقات الصلاة لم يسقط حكمه بالبرء وعند من اعتبر الأوقات لما
كان استمراره سببا سقط حكمه لعدم الاستمرار واما الموجود بعد الوقت فالوجه ما حققه في الذكرى من عدم سقوط حكمه بالانقطاع
للبرئ وقال في البيان وانقطاع الدم لا حكم له إن كان لبرئ والا وجب ما كان يجب سابقا ان غسلا وان وضوء ولو شكت في البرئ
فكالمستمر إلى أن قال ولو انقطع الدم في أثناء الصلاة لم يضر عند الشيخ وهو حسن ولو انقطع قبلها حكم بالوضوء وهو قوى إن كان
السابق يوجبه والا فالأقوى الغسل انتهى والجمع بين صدر العبارة وذيلها إما بحمل الانقطاع في الثاني على الانقطاع لا للبرئ
كما نص؟ عليه واما بحمل مورد الأول على ما قبل الوقت وقد ظهر مما ذكرنا ضعف ما عن الشيخ من ايجاب الانقطاع الوضوء ان أراد الانقطاع
للبرئ كما نص عليه في عد؟ وأراد الأعم من القليل كما نص عليه صاحب الموجز وشارحه قال في الموجز لو انقطع للبرئ ولو في الصلاة
توضأت وإن كان كثيرا الا ان علمت قرب عوده انتهى وذكر شارحه في قوله وإن كان كثيرا خلافا للشهيد في دروسه حيث قال
ولو برئت وجب ما كان قبله من وضوء أو غسل انتهى ثم ينبغي على من اقتصر على الوضوء إقامة الفرق بينه وبين الغسل وقد وجه
الفرق كاشف اللثام وجمال الملة في حاشية ضة؟ بان هذا الدم يوجب الوضوء مطلقا ولا يوجب الغسل الا مع الاستمرار إلى وقت
الصلاة فعلا أو قوة وفيه ان هذا الدم انما كان يوجب الوضوء في ضمن الغسل فإذا اختص ذلك بصورة الاستمرار لم يكن وجه للوضوء
ودعوى الرجوع فيه إلى العمومات الموجبة للوضوء على المستحاضة كما ترى لأن الظاهر اختصاصها بالقليلة هذا مع أن الكلام في الدم المستمر
إلى الوقت المنقطع بعد الغسل له هذا كله على تقدير اعتبار الاستمرار واما مع عدمه فلا وجه لهذا الفرق أصلا نعم يمكن ان يقال مع
انقطاع الدم في غير الوقت لا دليل على ترتب حكم عليه بعد الوقت إذ لا يصدق عليها حينئذ عنوان المستحاضة الكثيرة الذي علق عليه
253

وجوب الأغسال الا ان وجوب الوضوء لما كان مجمعا عليه فلا مناص عن الالتزام به وهذا يناسب ما تقدم في مسألة كفاية الاستمرار
بالقوة والحاصل انا وان لم ندع ما تقدم في تلك المسألة من أن المستفاد من الاخبار إناطة الأغسال وتعلقها على عنوان المستحاضة
والمرأة الدامية وذات الدم السائل بحيث يكون تحقق هذا العنوان هو السبب من غير مدخلية للدم حتى تكون من رأت الكثرة واغتسلت
له عند الصبح له يجب عليها الغسل للظهرين إذا علمت بعود الكثرة الا ان دعوى كون المناط نفس الدم بحيث لا يكون لاستمراره ولو
بالقوة إلى وقت الصلاة بحيث يصدق عليها عند دخول الوقت انها مستحاضة مدخل في ثبوت الأغسال فكون حال الدم حال خروج
التي؟ عرية عن البينة بل الانصاف ظهور الاخبار في اعتبار بقاء هذا الوصف عند دخول الوقت الذي ينجز معه التكليف بالطهارة فتلخص من
ذلك أن المعتبر في وجوب الأغسال مجموع الامرين من رؤية؟ الدم الكثير الغير التعقب؟ بغسل واستمراره ولو بالقوة إلى وقت الصلاة
ولا دليل على وجوبها مع فقد أحد الامرين وحينئذ فانقطاع الدم الكثير للبرء قبل الوقت لا يوجب بعد الوقت سوى الوضوء للاجماع على
كون دم الاستحاضة حدثا في الجملة ولا يوجب غسلا للأصل وعدم الدليل لكن الأقوى ما قدمناه من أن المستفاد من الاخبار سببية
الاستحاضة الكثيرة للغسل كسببية خروج المنى له هذا كله في سببية الانقطاع للغسل المستقبل واما الكلام في ناقضيته وناقضية
الانقطاع للفترة للغسل الماضي كما إذا اغتسل في الوقت ثم انقطع دمها للبرء أو للفترة فتفصيله ان الانقطاع إما ان يكون بعد
الصلاة واما ان يكون في أثنائها واما ان يكون بينها وبين الطهارة واما ان يكون في أثناء الطهارة وعلى أي تقدير فالانقطاع
إما للبرء واما لفترة يعلم أنها تسع الطهارة والصلاة أو انها لا تسعهما أو يشك فيها واما متردد بينهما فإن كان بعد الصلاة
والانقطاع للبرء أو الفترة تعلم أنها تسع تجديد الطهارة والصلاة فالأقوى عدم وجوب الإعادة ويحتمل في الأول وجوبها
لكشف الانقطاع عن تمكنها عن فعل الصلاة مرفوعة الحدث واولى بالعدم لو شك في السعة فضلا عن القطع بعدمها وحيث قلنا
بعدم وجوب إعادة الغسل والصلاة فهل يجب الغسل للصوم كما في الذكرى فيه اشكال من ظهور حدثية هذا الدم ولا ينافيها الحكم
باجزاء الصلاة ومن أن الثابت توقف الصوم على الأغسال الواجبة للصلوات ولو انقطع في أثناء الصلاة فعن ظ؟ وف؟ والمنتهى والبيان
الصحة وفيه نظر بناء على الحكم بوجوب الإعادة مع الانقطاع قبل الصلاة إذ لا فرق بين الصورتين والتمسك بعموم المنهى عن الأبطال
في الصورة الأولى مع الاعتراف بالبطلان القهري في الصورة الثانية لا وجه له كما لا وجه لاستصحاب الصحة مع أنه لا يثبت وجوب
الاكمال لاحتمال تجديد الطهارة والبناء كما قيل في المبطون الا ان يفرق بينهما بان حدث المبطون متحلل بين اجزاء الصلاة فيمكن البناء على ما
سبق منها والانقطاع هنا كاشف عن حدثية ما وقع قبل ذلك من الدم فلا وجه للبناء ولو انقطع قبل الصلاة بعد الطهارة فالمشهور عدم
كفاية الطهارة السابقة لما عن ط؟ من أن دم الاستحاضة حدث وإذا انقطع وجب له الوضوء ومراده كما صرح به جماعة ان بالانقطاع يظهر
حكم حدثية الدم المتخلل بين الطهارة والانقطاع لان العفو عنه مراعى بالاستمرار وليس مراده ان نفس الانقطاع حدث فجعل الانقطاع
موجبا من جهة ان به ينكشف الايجاب فظهر ضعف ما عن المعتبر من أنه يمكن ان يقال إن خروج دمها بعد الطهارة معفو عنه فلم يكن مؤثرا
في نقض الطهارة والانقطاع ليس بحدث ونحوه ما عن الجامع من أن انقطاع دم الاستحاضة ليس بحدث فلو انقطع في الصلاة أتمتها
وان فرغت من الوضوء وانقطعت في وقت واحد صلت به انتهى وقد عرفت ان المعفو عنه الدم المستمر فالانقطاع يكشف عن عدم
كونه ذلك المعفو عنه ولذا قال في الذكرى لا أظن أحدا قال بالعفو عن هذا الدم مع تعقب الانقطاع انما العفو عنه مع قيد الاستمرار
انتهى ولولا ظهور الاجماع على حدثية دم الاستحاضة بقول مطلق حتى من المحقق حيث عبر بالعفو عما بعد الطهارة أمكن الخدشة في
حدثية مطلق دم الاستحاضة لفقد العموم الدال عليه ومنه يظهر انه لما لم يكن بد من مراعاة ظاهر الاتفاق وجب الاقتصار على ما اتفقوا
عليه من ثبوت الوضوء كما عن الشيخ وكتب المص؟ قده والموجز وشرحه دون الغسل إذا كانت كثيرة كما عليه الشهيدان والمحقق الثاني و
جماعة بناء على أن الموجب له هو الدم المنقطع وهو قد يوجب الوضوء وقد يوجب الغسل وفيه منع كون هذا الدم الواقع عقيب الاغتسال
أو في أثنائه موجبا للغسل الا إذا استمر فعلا أو بالقوة إلى وقت صلاة أخرى فيوجب الغسل لها هذا كله مضافا إلى استصحاب
الأحكام الثابتة له بعد الطهارة وقبل رؤية هذا الدم المنقطع مما يتوقف صحتها أو اباحتها على الغسل دون الوضوء ولا فرق فيما
ذكرنا بين كون الانقطاع للبرء أو للفترة ومنه يظهر انه لو علمت بالبرء في اخر الوقت أو زمان فترة تسع الصلاة مع الطهارة الحقيقية
وجب انتظاره كما صرح به المص؟ في يه؟ والمحقق الثاني وعن الشهيدين الانقطاع للفترة لا يؤثر في الطهارة لأنه بعوده بعد ذلك كالموجود
دائما وفيه نظر نعم لا اشكال في عدم اعتبار الفترة إذا علم أنها لا تسع الطهارة والصلاة ولو شكت فيها ففي البناء
254

على أصالة تأخر العود وجهان أقواها العدم لاطلاق الاخبار ولزوم الحرج في ذلك نعم إذا انكشف طول الفترة فيمكن القول بكشف ذلك
عن تكليفها واقعا بالصلاة مع الطهارة الحقيقية كما أنه لو قلنا بوجوب الإعادة فعاد قبل التمكن من الطهارة والصلاة كشف ذلك
عن عدم منع ذلك الانقطاع ومما ذكرنا يظهر حكم ما لو انقطع الدم في أثناء الطهارة فلاحظ الثالث ظاهر الاخبار وعبائر كثير
من الأصحاب كما عن صريح المقنعة وجوب الجمع بين الصلاتين بغسل واحد الا ان الظاهر المنساق من الروايات ان الامر للرخصة في مقام توهم
وجوب خمسة أغسال فلا يفيد أزيد من الجواز كما عن المص؟ في المنتهى والشهيد والمحقق الثانيين مع دعوى الثاني كصاحب المدارك القطع بالجواز
وتبعهم جماعة من متأخري المتأخرين كصاحب الذخيرة وشارح المفاتيح بل عن هي؟ استحباب ذلك لعموم الطهر على الطهر عشر حسنات
ويمكن الاستشكال بان الغسل الثاني غير مبيح ولا رافع والتجديد في الغسل غير معهود نعم يمكن التمسك له ببعض الروايات مثل مرسلة
يونس كانت تغتسل في وقت كل صلاة وقوله فيها ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة وقوله في رواية يونس بن يعقوب فإذا تمت ثلاثون يوما
فرات دما صبيبا اغتسلت واستثفرت واحتشت الكرسف في وقت صلاة وفى رواية أخرى ليونس بن يعقوب وارد في الاستظهار
ثم تنتظر عشرة أيام فإذا رأت الدم دما صبيبا فلتغتسل في وقت كل صلاة وفى دلالتها تأمل فالأحوط الجمع بناء على ما هو المشهور من
وجوب معاقبة الصلاتين للغسل
الرابع المشهور بين الأصحاب وجوب معاقبة الصلاة للغسل بل قد يظهر نفى الخلاف واستدل عليه بوجوب
الاقتصار في تسويغ الحديث الواقع بعد الغسل المخالف للأصل على مقدار الضرورة وبظاهر الاخبار مثل قوله (ع) في روايتي أبى المعزا
فلتغتسل عند كل صلوتين وفى رواية ابن سنان المستحاضة تغتسل عند صلاة الظهر بناء على ما عن الحلى من أن لفظة عند تفيد
المقارنة لأنه في لسان العرب لا يصغر كما أن قبيل وبعيد للمقارنة فكذلك عند لأنها مع ترك التصغير بمنزله قبيل وبعيد في التصغير وربما
يشعر به استفاضة الاخبار بالجمع بين الصلاتين بتأخير الأولى وتعجيل الثانية فكان أصل الجمع واجب والخصوصية مستحبة
لكن الانصاف ان الكل لا يخلوا عن نظر لكفاية الاطلاقات الواردة في مقام البيان في عدم وجوب الاقتصار على مقدار الضرورة واما
لفظ عند فالظاهر منه اضافته إلى الوقت أي زمان حضور وقت كل صلاة لا حضور فعلها ولذا قال (ع) في رواية ابن سنان ثم تغتسل عند
المغرب فتصلى والمغرب والعشاء ثم تغتسل عند الصبح فتصلى الفجر ومن هنا اختار كاشف اللثام والعلامة الطباطبائي جواز الفصل
لما ذكر من الاطلاق وقوله في رواية إسماعيل بن عبد الخالق المحكية عن قرب الإسناد فإذا كان صلاة الفجر فلتغتسل بعد طلوع الفجر
ثم تصلى ركعتين قبل الغداة ثم تصلى الغداة وفى رواية ابن بكير فإذا مضت عشرة أيام فعلت ما تفعله المستحاضة ثم صلت و
في دلالة الحديث نظر فالأجود الاقتصار على الاطلاق ويؤيده ما سيجيئ من أن المستحاضة تكتفى لجميع الغايات المتوقفة على الغسل
مطلقا ما دام وقت الصلاة باقيا بالغسل للصلاة فلا بد من تحقق الفصل بين الغسل وأكثر الغايات وتخصيص
الصلاة منها
بالاتصال بالغسل بعيد جدا فتأمل مع أن مقتضى ما ذكر من تعليل وجوب الاتصال بالاقتصار في تسويغ الحديث بعد الغسل على مقدار
الضرورة عدم جواز الفصل رأسا ولو بمقدمات الصلاة بل اللازم الاقتصار على أقل الواجب والظاهر أنه خلاف الاجماع وان
اختلفوا في تعين ما يجوز تخلله بين من عمم المقدمات كالستر والاجتهاد والاذان والإقامة بل وعن الدروس انتظار جماعة
وبين من اقتصر على الأذان والإقامة كالمحكى عن ف؟ الا ان يقال القاعدة وان اقتضت ذلك الا ان الظاهر من الاخبار ولو قلنا بدلالتها
على وجوب المعاقبة عدم المنع عن الصلاة المتعارفة ولا عن مقدماتها المقارنة لها بحسب التعارف كالستر باللباس الموجود لا
تحصيل الساتر بالشراء ونحوه والاجتهاد في القبلة اجتهادا جزئيا متعارفا عند القيام إلى الصلاة لا المتوقف على أمور كثيرة
وكالذهاب إلى مكان للصلاة فلا يجب الاشتغال بها في مكان الغسل ولعل انتظار الجماعة قليلا يعد من هذه الأمور عرفا
والحاصل ان العبرة ليست بوجب المقدمات واستحبابها بل بتقارنها عرفا وعدم تقارنها واجبة كانت أو مستحبة ومنه يظهر
انه لا باس بالغسل قبل الوقت إذا دخل الوقت بعد الغسل من غير فصل لا يتسامح به كما اختاره بعض تبعا لما عن يه؟ المص؟ الا انه
قد يستشكل من جهة عدم الدليل على مشروعية قبل الوقت لعدم حصول الطهارة بها حتى يستحب في نفسه وعدم الامر بها وجوبا
لعدم الامر بالغاية مع أن المجوز لا يجوز نية الوجوب ولعله لذا اطلق في الذكرى المنع لأنها طهارة اضطرارية ولا حاجة إليها
قبل دخول الوقت ويمكن ان يكون المراد بما تقدم عن يه؟ انها لو اغتسلت قبل الوقت لغاية مشروعة أو الطواف تطوعا أو فرضا
واتفق دخول الوقت عقيبها من غير فصل اكتفى بها للصلاة الوقتية وكيف كان فقد استثنى من ذلك تقديم غسل الغداة
لصلاة الليل كما عن الصدوقين والسيد والشيخين وجماعة من المتأخرين بل عن الذخيرة انى لا اعلم فيه خلافا وعن غيره نسبة
255

إلى الأصحاب بل ظاهر المحكي عن ف؟ انه اجماعي قال يجمع بين صلاة الظهر والعصر بغسل والمغرب والعشاء بغسل وصلاة الليل والفجر بغسل
قال ويؤخر صلاة الليل إلى قرب الفجر ويصلى الفجر بها إلى أن قال دليلنا اجماع الفرقة واخبارهم انتهى ولم يعثر له جماعة على
دليل عدا ما عن الفقه الرضوي في المتوسطة وربما يستدل عليه بما دل على الجمع بين صلوتين بغسل وفيه ما لا يخفى ثم الظاهر أنه لا
يجوز تقديمه على الوقت واستثنى عنه ما لو أرادت صلاة الليل واغتسلت غسل صلاة الغداة بمعنى انه إذا قدمته لصلاة الليل
بان ينوى بها صلاة الليل تصلى الفجر بها لا انه يشرع الغسل مطلقا قبل دخول الوقت إذا أرادت عبادة مشروطة بالطهارة و
لازمه انه لا يشرع لها عبادة مشروطة بالطهارة قبل دخول الوقت الا صلاة الليل فالظاهر أن حكمهم على سبيل الرخصة يعنى انه
يجوز لها غسل مستقل لصلاة الليل الا انها ان في؟ قدمتها على الفجر قليلا اجزا بغسل واحد وهو الظاهر من عبارة ف؟ المتقدمة بناء على أن
قوله يجمع محمول على الرخصة دون العزيمة كما تقدم ويكشف عن إرادة ذلك ما في الروض من أنه لو زادت التقديم على مقدار كفاية
صلاة الليل فهل يجب اعادته إذ لو كان المراد ما احتملنا من عدم مشروعية الغسل لها قبل الوقت ولا العبادة المشروطة به لم
يكن اشكال في وجوب اعادته لخروجه عن الفرض المستثنى فعلم من ذلك أن الاستثناء انما هو من الاكتفاء بالغسل المتقدم على الوقت
للصلاة اليومية لا في مشروعية أصل الغسل وكيف كان فهذا كله بالنسبة إلى الغسل واما بالنسبة إلى الوضوء في القليلة والمتوسطة
فالمشهور أيضا وجوب المعاقبة فمتى توضأت في أول الوقت وصلت في اخره لم يصح كما ف؟ عن ط؟ وير؟ والجامع وسيلة؟ والاصباح وجمهور المتأخرين
الا المص؟ قده في المختلف وتبعه في المصابيح مدعيا انه مذهب الأكثر حيث لم ينصوا على وجوب المعاقبة وغاياتها المتعددة مع اكتفائهم بالطهارة
الواحدة في الجميع انتهى وفيما ذكره من اكتفائهم بالطهارة الواحدة في الجميع وفى ما ذكره من اكتفائهم بالطهارة الواحدة في الجميع نظر ستعرفه فيما بعد وكيف كان فمقتضى القاعدة وإن كان
ما ذكره الأكثر الا ان الاطلاقات الواردة في مقام البيان حاكمة عليها وعلى الاحتياط اللازم في المقام لو قلنا واما الاستدلال
ببعض الأخبار المشتملة على لفظه عند كما عن الحلى فقد عرفت حاله في الغسل نعم ربما يرشد إلى وجوب المعاقبة وجوب تجديده الطهارة
لكل صلاة لأن الظاهر أن ذلك لأجل تخفيف الحدث ويؤيده استدلال الشيخ في محكى ف؟ على وجوب المعاقبة بقوله دليلنا ما قدمناه
من أنه يجب عليها تجديد الوضوء عند كل صلاة انتهى وقد ذكر ذلك فيما حكى عنه ان المستحاضة ومن به سلس البول يجب عليه
تجديد الوضوء عند كل صلاة ثم ذكر احكام الاستحاضة إلى أن قال دليلنا اجماع الفرقة واخبارهم انتهى فان الظاهر أن مراده
بما قدمه هو قوله يجب عليه تجديد الوضوء عند كل صلاة مدعيا عليه اجماع الفرقة واخبارهم وكيف كان فالمشهور هو الأحوط
وإن كان في تعينه نظر والظاهر أن محل النزاع ما إذا رأت الدم بعد الشروع في الطهارة إما لو فرض انها لم تر الدم بعد الشروع
للفترة أو للبرء فلا اشكال في عدم وجوب المعاقبة كما اعترف به بعض مشايخنا في شرحه على الشرايع بل ولا في عدم وجوب تجديد الوضوء
ما لم تر الدم لأن المفروض عدم الحدث وليس مجرد الحالة حدثا فلو أرادت غاية أخرى غير صلاة الليل فهل يكتفى لها وللفجر بغسل
واحد لان المستفاد من الفتوى والنص تسويغ التقديم بهذا المقدار لا لهذه الغاية بالخصوص أم لا لما عرفت من وجوب الاقتصار على
المتيقن وجهان أقويهما الثاني لعدم العلم بإباحة الغسل المتقدم لدخول الفجر وعدم سقوط الامر المتقدم في رواية إسماعيل بن
عبد الخالق المتقدمة فإذا كان صلاة الفجر فلتغتسل بعد طلوع الفجر ولو اغتسلت لصلاة الليل ثم عرض لها مانع عنها
ففي جواز الاكتفاء به لصلاة الفجر وجهان أقويهما الأول ويتعين الثاني بناء على ما اختاره بعض المتأخرين من أن عدم حصول
ذي المقدمة كاشف عن عدم كون المقدمة المأتي بها مطلوبة حتى لو نذر الاغتسال فاغتسل لغاية مندوبة كالزيارة فلم يفعلها
لم يبرء النذر بذلك الغسل لانكشاف عدم كونه مطلوبا فتأمل
الخامس الظاهر من الأصحاب كما ادعاه بعض المعاصرين تبعا للمحكى
عن الكفاية والحدائق وجوب الاستظهار على المستحاضة في منع الدم من الخروج بحسب الامكان ما لم يتضرر بحبسه وعليه تدل جملة
من الأخبار الآمرة بالاحتشاء والتلجم مع عدم الانحباس بدونه والاستثفار والاحتشاء ان تحشو فرجها بعد غسله شئ من قطن
أو خرقة والتلجم كما في الذكرى ان تشد على أوسطها خرقة كالتكة وتأخذ خرقة أخرى مشقوقة الرأسين تجعل أحدهما قدامها والاخر خلفها
وتشدهما بالتكة والاستثفار وهو التلجم من ثفر الدابة يقال استثفر الرجل بثوبه إذا رد طرفيه بين رجليه إلى حجرته ويسمى خرقة الاستثفار
حيضة بكسر الحاء ويدل على وجوبه مضافا إلى ما ذكر وجوب التحفظ عن نجاسة الدم مهما أمكن لكنه لا يوجب الا التحفظ عن الزائد على
ما لا يمكن والا فلا يتأثر المحل النجس بمثل نجاسة واضعف من هذا الاستدلال عليه بكونه حدثا لا بد من التحفظ منه بقدر الامكان
لأنه انما يتم إذا تمكنت من حبس الحدث لا يخرج بعد الشروع في الغسل إلى تمام الصلاة والا فالتحفظ عنه بقدر الامكان لا ينفع
256

بعد خروج شئ منه لا بالاختيار الا ان يقال إن الخارج منه بغير الاختيار مسوغ للضرورة ويتفرع عليه ما لو خرج بعد الطهارة لتقصيرها
في الشد فإنه يجب إعادة الطهارة بعد الغسل والاستظهار كما صرح به المص؟ في يه؟ والشهيد في الذكرى المحكي عنهما وجوب الاستظهار على الصائمة
تمام النهار وتبعهما في الروض لان توقف الصوم على الغسل يشعر بتأثره بالدم وفيه ان المتوقف عليه هو الغسل الواجب عليها لأجل
الصلاة لا الطهارة من حدث الدم فليس خروج الدم كحدوث الجنابة وجعل الصوم بمنزلة الصلاة في منافاتها لهذا الحدث
عدا ما لا يمكن التحفظ منه لعدم الدليل هذا كله لو خرج الدم للتقصير في الشد إما لو خرج لغلبته فإن كان الاستحاضة كثيرة لم تقدح
وإن كانت قليلة فصارت بالخروج كثيرة بطلت الطهارة السابقة لان الوضوء انما تبيح الدم القليل الطارئ بعده وكذا لو صارت
متوسطة في الصبح أو مطلقا بناء على ما قويناه في المتوسطة ولو صارت متوسطة في الظهرين أو العشائين وقلنا بعدم ايجابها الغسل
لو حدث بعد صلاة الفجر ففي الاكتفاء بالطهارة السابقة لاباحتها ما يخرج بعدها مما يتحد مع الحدث السابق في التأثير أو وجوب
اعادتها لان الطارئ حدث مغاير للحدث المتطهر عنها كما يكشف عنه ايجابه الغسل لصلاة الغداة فهو في الحقيقة حدث اخر كالبول و
نحوه مما لا اشكال في ايجابه الإعادة وجهان ثم المحكي عن وحيد عصره في شرح المفاتيح ان المستفاد من الاخبار وكلمات الأخيار
ان هذا الاستظهار قبل الوضوء في القليلة والمتوسطة لتحقق معاقبة الصلاة للطهارة مهما تيسر واما الكثرة فالظاهر من تضاعيف
الاخبار كونه عقيب الغسل ولعله من جهة ان الغسل مع الشد والاستيثاق غير متيسر ثم إن المحكي عن المص؟ والشهيد تبعا للشيخ
وجوب الاستظهار على المبطون والمسلوس قيل للنص في المسلوس مضافا إلى القاعدة الجارية فيه وفى الأول والظاهر أن المراد
بالنص في المسلوس ما ورد من اتخاذه كيسا لكن مقتضى القاعدة حشو الإحليل أو الموضع المعتاد بقطن ولذا جعله بعضهم أولي
مع امكانه ولا اشكال في تقييده بما إذا لم يتضرر بالحبس والغالب التضرر به ولعله الوجه في الاقتصار في النص على اتخاذ الكيس المانع
عن تنجس الثياب ففي صحيحة حريز إذا كان الرجل ممن يقطر بولا أو دما اتخذ كيسا وجعل فيه قطنا ثم علقه عليه ثم صلى يجمع بين
صلاتي الظهر والعصر باذان وإقامتين وظاهرها أيضا عدم وجوب تغير الكيس لكل صلاة ويدل عليه أيضا العفو عن حمل كيس
الاحتلام مع نجاسته وهو المعبر عنه في بعض الأخبار بالكمرة وتغير الشداد في المستحاضة تعبد ثم إنه هل يتعين الاستظهار
في المستحاضة بالاستثفار أو يكفي مطلق ما يحصل به الاستظهار لأن الظاهر أن المقصود منه بيان الفرد الغالب لا المتعبد ويؤيده ما قيل
من اطلاق بعض الأخبار بالاستيثاق وجهان لا يبعد الثاني قال في المدارك لم يتعرض الأصحاب لبيان زمان اعتبار الدم وكمية
القطنة مع أن الحال قد يختلف بذلك والظاهر أن المرجع فيهما إلى العادة انتهى وتبعه في ذلك جماعة منهم صاحب الذخيرة ومحشى
الروضة وكاشف الغطاء وذكر بعض مشايخنا المعاصرين ان الذي يظهر من ملاحظة اخبار الباب انها لا تقدير له بل تبقى
محتشية حتى تنقل إلى حالة أخرى إن كانت أو تغيرها عند كل صلاة كما ستسمع انتهى أقول فيه مع أن مبدء الاحتشاء غير معلوم
انه لا دليل على وجوب بقائها محتشية إلى الوقت المذكور نعم يستفاد من الاخبار انها لو بقيت كذلك إلى وقت الصلاة اعتبرها حينئذ
وهي مع فعل ذلك الذي تقدم من الغسل والوضوء وتغير القطنة والخرقة وغسل ظاهر الفرج بحسب حال الدم في القلة والكثرة والوسط
بحكم الطاهر من الحدث والخبث بلا خلاف كما عن صريح المدارك وظاهر غيره بل اجماعا كما عن الغنية والتذكرة وشرح الجعفرية وكشف الالتباس و
غيرها وظاهرها يعطى انه يجوز لها فعل ما يشترط بالطهارتين من دون تجديد شئ من المذكورات قال في محكى
المصابيح بعد ذكر
كلامهم في أنها مع الافعال بحكم الطاهران قضية ذلك عدم وجوب تجديد الوضوء والغسل لغير الصلاة من الغايات كالطواف والمس
ودخول المساجد وقراءة العزائم ونحوها ويظهر ذلك من كلماتهم في الصوم والوطي وينبغي القطع به على القول بجواز فصل العمل عن
الوضوء والغسل ومن البعيد وجوب إعادة الغسل عليها للطواف ومن المعلوم عدم وجوب استقلال دخول المساجد بغسل غير غسل
الطواف وكلام الأصحاب غير مجرد في هذا المقام انتهى وتبعه بعض مشايخنا المعاصرين فقال لا ينبغي الاشكال في ظهور عبارات الأصحاب
في عدم وجوب تجديد شئ من ذلك عليها بعد فرض محافظتها على ما وجب عليها للصلاة لأنها تكون بحكم الطاهر من هذا الدم فلا
يؤثر استمراره اثرا نعم يحتاج إلى الوضوء أو الغسل مع عروض أسباب اخر موجبة لها من الجنابة والبول ونحوهما انتهى وقد جزم بعض
اخر من مشايخنا في كتابه بكفاية الأغسال والوضوءات الواجبة في الكثيرة لجميع الصلوات التي بعدها حيث قال وتصلى غير الرواتب
والقضاء في غير أوقاتها أو فيها مؤخرا عن الصلاة من غير غسل ولا وضوء الا من حدث اخر موجب لها من بول أو منى أو نحوهما
لعموم الامر بها وعدم ثبوت مانع سوى الدم ولم يثبت مانعيته ولا وجوب الغسل لكل صلاة انما الثابت الأغسال الثلاثة
257

فتأمل انتهى أقول قد تقدم تصريحهم في القليلة بوجوب الوضوء بل جميع ما عدا الغسل لكل صلاة فرضا أو نفلا ففعل ما يجب
عليها لصلاتها المفروضة لا يغنى عن تجديدها للدخول في غيرها مما يشترط بالطهارتين ولذا صرحوا بوجوب الوضوء لكل صلاة
فرضا أو نفلا والظاهر لزوم تغيير القطنة أيضا بل ظاهر استدلالهم على ذلك بان الدم حدث فتقتصر في رفع حكمه على المتيقن لزوم التجديد للطواف
أيضا ولمس كتابة القران أيضا ولذا جزم صاحب الموجز وشارحه بلزوم تعدد الوضوء للطواف وصلاته بل تردد كاشف الغطاء في كفاية
وضوء واحد لمس واحد مستمر بعد أن جزم بوجوب تكراره بتكراره وبالجملة فالظاهر عدم كفاية أفعال القليلة لأزيد من صلاة واحدة وهذا
جار في الوضوء بالنسبة إلى الكثيرة فان الظاهر عدم كفاية وضؤاتها في أوقات أغسالها بغير صلاتها التي يغتسل لها فان من اغتسلت
وتوضأت في الاستحاضة المتوسطة لصلاة الفجر فالظاهر أنه لا يغنى ذلك عن الوضوء للصلوات الأخر المندوبة أو المفروضة غير اليومية
فالمحصل من مجموع كلماتهم ان الكافي من الافعال التي يفعل للصلاة اليومية للدخول في غيرها المشروط بالطهارة هو الغسل فقط
ولعله لذلك كله عبر في ير؟ بما حاصله وان لم يحضرني لفظه انها إذا فعلت ما عليها من الأغسال كانت بحكم الطاهر فيستبيح مع الوضوء
كلما يشترط بالطهارة ومع ذلك فربما ينافيه ما يظهر منهم من وجوب تقديم غسل الفجر إذا أرادت المستحاضة صلاة الليل فان مقتضى
الكلية المذكورة كفاية غسل العشائين لصلاة الليل اللهم الا ان يكون مرادهم كفاية الأغسال بالنسبة إلى أوقاتها فيكتفى بغسل الصبح
للدخول في كل عمل إلى طلوع الشمس ويكتفى بغسل العشائين إلى نصف الليل فلا اثر له بعده كما صرح به في الروض حيث قال كيس للمستحاضة
ان تجمع بين صلوتين بوضوء واحد سواء في ذلك الفرض والنفل بل لابد لكل صلاة من وضوء إما غسلها فللوقت تصلى به ما شائت من
الفرض والنفل أداء وقضاء مع الوضوء لكل صلاة وتغيير القطنة وغسل المحل ان أصابها الدم ولو أرادت الصلاة في غير الوقت اغتسلت
لأول الرؤية وعملت باقي الافعال لكل صلاة وكذا القول لو أرادت صلاة الليل لكن يكفيها الغسل عن اعادته للصبح على ما مر من التفصيل
انتهى ونحوه ما في بعض الحواشي المعلقة على الارشاد والظاهر أنه لفخر الاسلام حيث ذكر ان وضوء المستحاضة للصلاة يبطل بالفراغ
منها وغسلها للوقت لا يبطل الا بخروج الوقت فلو اغتسلت للصبح لم يبطل إلى طلوع الشمس فعلم من ذلك كله ان الأقوى وجوب تجديد
الوضوء لكل ما يشترط بالطهارة كما عرفت من ير؟ وحاشية شاد؟ والموجز وشرحه وض؟ وكشف الغطاء والدليل عليه ما تقدم في الكثيرة
من الوضوء لكل صلاة فمرادهم من أنها إذا فعلت ما يجب عليها صارت بحكم الطاهر هو فعل الغسل اللازم عليها والوضوء لكل صلاة أو ما
هو بمنزلته كالطواف الا ان ما وجب عليها لأجل صلاتها المفروضة من الوضوء والغسل كاف في استباحة غيرها من الصلوات الأخر
وغيرها من العبادات كما قد زعم وكيف يجمع هذا مع حكمهم بعدم جواز الجمع بين فريضة ونافلتها بوضوء واحد فما ظنك بغيرها من النوافل
وغيرها نعم لو قلنا بكفاية الوضوء الواحد مع الغسل في الكثيرة للصلاتين أمكن الاكتفاء به لباقي الصلوات إلى أن يحدث موجوب اخر للوضوء
أو الغسل نظير سائر الاحداث الكبيرة المحتاجة إلى الغسل والوضوء كما أنه لو قلنا بمقاله من يكتفى بالغسل عن الوضوء لم يجب عليها تجديد
الوضوء لفرائضها ولغيرها ولا لنوافلها فكل على مذهبه فيما يلزم على المستحاضة هذا هو الكلام في الوضوء إما الغسل فقد عرفت
تصريح الروض وحاشية الارشاد بكفايته لتمام الوقت وارتفاع اثره بعده فدعوى اتفاقهم على عدم تجديد الغسل لكل مشروط به
وكفاية الأغسال الثلاثة حتى لو خرج الوقت ممنوع بل لولا اتفاقهم على كفايته ما دام الوقت باقيا أمكن الخدشة في ذلك نظرا إلى أن
هذا الغسل من المستحاضة بمنزلة وضوء السلس والمبطون غير رافع للحدث فيقتصر في اباحته لما اشترط بالطهارة على المتيقن فيجب تجديده
لكل عبادة ودعوى ان الظاهر من الروايات كفاية الأغسال الثلاثة للمستحاضة مطلقا ممنوعة لان المنساق منها بيان ما تباح معه صلواتها
المفروضة لا بيان حالها بالنسبة إلى ساير العبادات بل لولا ظهور الاجماع على جواز دخولها بعد صلاتها المفروضة لعمل اخر مشروط
بالطهارة أمكن القول بعدم الجواز بناء على أن الطهارة الحقيقية في حقها متعذرة وإباحة الغسل الصلاتي أو المجدد للدخول في عمل
اخر مشروط بالطهارة محتاجة إلى التوقيف من الشارع وما أبعد ما بين هذا وبين ما تقدم عن بعض من جواز الدخول في كل عمل
مشروط بالطهارة بعد فعل الأغسال الثلاثة من دون تجديد وضوء ولا غسل نظر إلى أنه لا دليل من النص والفتوى على حدثية
الاستحاضة بحيث يوجب في الليل والنهار أزيد من ثلثة أغسال والتحقيق انه لا ينبغي الاشكال في أنه يستباح لها بعد غسلها للصلاة
الدخول في عمل اخر مشروط بالطهارة ما دام وقتها باقيا وهو الذي يمكن ان يدعى عليه الاجماع ولا ينافيه تمسكهم بوجوب معاقبة
الصلاة للغسل الظاهر في كون الغسل طهارة اضطرارية لا يباح به الا ما فعل بعده بلا فصل ويقتصر في العفو عن هذا الدم على
مالا يمكن الانفكاك عنه إذ لا استبعاد في العفو عن الفضل بالنسبة إلى غير الصلوات المفروضة التي يغتسل لها ويدل عليه
258

قوله (ع) في رواية البصري الآتية في وطى المستحاضة وكل؟ شئ استحلت به الصلاة فليأتها زوجها ولتطف بالبيت وما سيأتي في النفاس
من المحكي من المنتقى عن حمران بن أعين عن أبي جعفر (ع) من قوله صلى الله عليه وآله لأسماء بنت عميس حين نفست بمحمد؟ بن أبي بكر في أيام الحج إما الان فاخرجي الساعة
واغتسلي وطوفي واسعى فاغتسلت واحتشت وطافت وسعت وصلت فان الظاهر فعل العبادات الثلث بغسل واحد للنفاس والاستحاضة
الا ان يدعى احتمال اختصاص الغسل بالنفاس وكون الاستحاضة قليلة وفيه نظر هذا كله مضافا إلى لزوم الحرج في الزامها بالغسل لكل
عبادة لكن العمدة ظهور الاجماع المستفاد من اطلاقات الاجماعات المتقدمة السابقة ولولاه لكان الأقوى وجوب تجديد الغسل عند كل
عبادة مشروطة به بناء على تسالمهم على حدثية ما يخرج بعد الغسل فدعوى العفو عنه بمجردها لا تسمع ثم ظاهر تلك الاجماعات كظاهر رواية
البصري المتقدمة عدم اعتبار بقاء الوقت في كفاية الغسل للصلاة ويؤيده كفاية الأغسال للصوم مع حكمهم بمنافاته لحدث الاستحاضة
ولذا أوجب جماعة الاستظهار في منع الدم طول النهار فيكشف ذلك عن ارتفاع حكم حدثها في مجموع النهار بتلك الأغسال مع أن جعل
غسل المتوسطة للوقت معناه وجوب الاغتسال بعد خروجه لعبادة أخرى وان جاز الدخول في الظهرين والعشائين بغير غسل
وهو كما ترى ويؤيده أيضا بل يدل عليه ان المستند في حدثية دم الاستحاضة الكثيرة وايجابها الغسل إن كان النصوص الدالة عليه فلا
يدل على أزيد من ثلثة أغسال وإن كان ظهور معاقد الاجماعات الدالة على انها حدث فهو معارض بظهور كلمات المجمعين ونقله الاجماع
في كفاية الأغسال الثلاثة في رفع حكم هذا الحدث ولذا اعترف بعضهم بأنه حدث لا كالاحداث فظهر بذلك ضعف ما تقدم عن الروض
وحاشية شاد؟ من اعتبار الوقت وإن كان يؤيده حكمهم بتقديم غسل الفجر لصلاة الليل الظاهر في عدم كفاية غسل العشائين لهما وعلى
كل حال فلو فرضنا عدم سبق غسل لها في وقت صلاة كما لو حدث دم الاستحاضة في غير الوقت اوفى الوقت بعد الفراغ عن الصلاة و
أرادت فعل مشروط بالطهارة فالاشكال في مشروعية الغسل من جهة ما تقدم من أن مقتضى القاعدة عدم مشروعية الغسل لغير الرافع الا بمقدار دلالة الأدلة واما الرافع فيكفي في مشروعية اطلاقات مشروعية ما يتوقف على الطهارة من العبادات وكانه إلى هذا
نظر بعض مشايخنا المعاصرين وان لم يلمح إليه حيث استشكل فيما ذكرنا وقال قد يشعر تصفح عبارتهم هنا وفى توقف الصوم
بذلك بان طهارتها واستباحتها لتلك الغايات تابع للأفعال الصلاتية نعم قد يلحق بالصلاة الطواف لكونه صلاة ولما
ورد في قصة أسماء بنت عميس ثم قال ويرشد إلى ما ذكرنا زيادة على ما يظهر من مطاوي كلماتهم خصوصا في توقف الصوم
والوطي على الغسل عدم ذكر جملة منهم ما يتوقف على أغسال المستحاضة ووضوءاتها في غايات الوضوء والغسل ولعله لما ذكرنا
إذ ليست هي حينئذ غايات مستقلة بشرع الافعال لها حينئذ ابتداء بل هي أمور تابعة لتكليفها الصلاتي فيكون حينئذ من قبيل الاحكام
لها لكن الجرئة الجزم بذلك اعتمادا على مثل هذه الاشعارات لا يخلوا عن اشكال ونظر انتهى لكن الأقوى مشروعية العبادة لها قبل
دخول الوقت فتغتسل وترتفع به حكم حدثها كما تقدم عن ض؟ وصرح به كاشف الغطاء لان المستفاد من اخبار ايجاب الاستحاضة
الغسل والوضوء ولو لأجل الصلاة اليومية ارتفاع حكم الحدث بها مطلقا من دون اختصاص بوقت الصلاة ولذا لو اتفق
وجوب صلاة للكسوفين أو غيرهما عليها لم يكن للفقيه الالتزام بسقوطها عنها لأجل عدم تمكنها من رفع الحدث وعدم الدليل على
رفع حكم حدثها بالوضوء أو الغسل ودعوى قيام الاجماع ودلالة النص الوارد في اغتسال أسماء بنت عميس للطواف به على مشروعية
غسلها أو وضوئها لو اتفق وجوب العبادة المشروطة بهما عليها قبل الوقت ولم يقم على المشروعية للنوافل دليل كما ترى هذا مع أن
لنا ان نتمسك في ذلك بعموم استحباب النوافل مثلا وما تقدم من دعوى تقييدها بارتفاع الحدث أو حكمه والمفروض
عدم ارتفاعه هنا قطعا وعدم الدليل على ارتفاع حكمه بالغسل ما لم يدل دليل على مشروعيته مدفوعة بمنع تقييد تلك
العمومات بارتفاع الحدث أو حكمه غاية ما يستفاد من مثل قوله عليه السلام لا صلاة الا بطهور توقف الصلاة على استعمال الطهور
فالعمومات جارية في حق كل من تمكن من ذلك ويلزم من ذلك تعلق أمر الشارع باستعمال الطهور مقدمة لتلك الصلاة ويكفى؟؟
في مشروعية الغسل والوضوء لكل عبادة مشروطة بالطهارة بل لولا ما تقدم من الاجماع المنقول على عدم ارتفاع حدث الاستحاضة
بالغسل والوضوء أمكن دعوى رفع حدث الاستحاضة بهذا الغسل والوضوء المأمور بهما بهذا الامر المقدمي
ودعوى ان المراد
بالطهور استعماله على وجه يرفع الحدث أو يبيح الصلاة والأول معلوم الانتفاء هنا والثاني غير معلوم التحقق فالعام بالنسبة
إليه كالمخصص بالمجمل مدفوعة بما يظهر بأدنى تأمل ثم إن الأقوى جواز وطئها بدون الافعال كما عن المعتبر والتذكرة وير؟ والدروس والبيان
والموجز وشرحه وض؟ ومجمع الفائدة والمدارك والذخيرة وقواه في مع؟ صد؟ وشرح الجعفرية لعمومات جواز وطئ الأزواج وما ملكت
ايمانهم وقوله تعالى ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فاتوهن ورواية ابن سنان ولا باس ان يأتيها بعلها متى شاء الا
259

في أيام حيضها بل موثقة زرارة فإذا حلت لها الصلاة حل لزوجها ان يغشاها بناء على أن الظاهر من الحل لغة وعرفا حلية الصلاة لها
في مقابل حرمتها عليها لا اجزائها وصحتها في مقابل فسادها لان الحل يرادف الإباحة المراد بها المعنى الأعم الشامل للوجوب لعدم
تعقل المعنى الأخص في العبادات ويؤيده ان صحة الصلاة يتوقف على الاحتشاء والاستثفار ولا يتوقف عليهما الوطئ قطعا كيف ولو
أريد إباحة الدخول من جميع الجهات لزم توقف الوطي على اجراء سائر مقدمات الصلاة التي لا تباح الصلاة بدونها اللهم الا ان يراد
ما يتوقف عليه إباحة الصلاة من حيث الاستحاضة كما يظهر من قوله (ع) في أول الرواية المستحاضة تكف عن الصلاة أيام أقرائها ثم
تحتاط بيوم أو يومين ثم تغتسل كل يوم وليلة ثلث مرات ولتحشى لصلاة الغداة وتجمع بين الظهر والعصر بغسل وتجمع بين المغرب
والعشاء بغسل فإذا حل لها الصلاة حل لزوجها ان يغشاها بل الانصاف عدم صحة التمسك بها لمذهب الجماعة لو لم يتمسك
بها لخلافهم من حيث إن المتبادر عرفا إباحة الدخول في الصلاة في مقابل المحدث الذي لا يستبيح الصلاة وعدم اباحتها للحائض
من هذه الجهة أيضا لا من جهة الحرمة الذاتية كما أشرنا إليه في أحكام الحائض وقد صرح بما ذكرنا من إرادة الإباحة بمعنى ارتفاع
المانع عن الدخول في الصلاة قوله (ع) في رواية البصري المروية عن حج التهذيب بعد الامر بالاغتسال لكل صلوتين وكل شئ استحلت
به الصلاة فليأتها زوجها ولتطف بالبيت وفيه من الظهور ما لا يخفى ونحوها في الظهور قوله (ع) في موثقة سماعة بعد الامر بالاغتسال
ثلثة في الكثيرة وغسل واحد في المتوسطة وان أراد زوجها ان يأتيها فحين تغتسل وقوله (ع) في صحيحة مالك بن أعين قال سئلت
أبا جعفر (ع) عن المستحاضة كيف يغشاها زوجها قال تنظر أيام التي كانت تحيض فيها وحيضها مستقيم فلا يقربها في عدة تلك الأيام
من ذلك الشهر ويغشاها فيما سوى ذلك من الأيام ولا يغشاها حتى يأمرها وتغتسل ثم يغشاها ان أحب وحمل الغسل على غسل الحيض
بعيد جدا نعم هو غير بعيد في روايته الأخرى عن النفساء يغشاها زوجها وهي في نفاسها من الدم قال نعم إذا مضى منذ وضعت
بقدر عدة أيام حيضها ثم تستظهر بيوم فلا باس بعد أن يغشاها زوجها يأمرها فيغتسل ثم يغشاها ان أحب وفى المحكي عن قرب الإسناد
بعد الامر بالاغتسال قلت يواقعها زوجها قال إذا طال بها ذلك فلتغتسل ولتتوضأ ثم يواقعها ان أراد وعن الرضوي
والوقت الذي يجوز فيه نكاح المستحاضة وقت الغسل وبعد ان يغتسل وينظف لان غسلها يقوم مقام الطهر للحائض وقد
يستدل أيضا بصحيحة ابن مسلم المحكي عن المعتبر عن كتاب المشيخة لابن محبوب عن الباقر (ع) في الحائض إذا رأت دما بعد أيامها التي كانت
ترى فيها فلتقعد عن الصلاة يوما أو يومين ثم يتمسك قطنة فان يصبغ القطنة دم لا ينقطع فليجمع بين كل صلوتين بغسل
ويصيب منها زوجها ان أحب وحلت لها الصلاة وصحيحة صفوان عن أبي الحسن (ع) قلت جعلت فداك إذا مكثت المرأة عشرة أيام ترى
الدم ثم طهرت فمكثت ثلاثة أيام طاهرا ثم رأت الدم بعد ذلك أتمسك عن الصلاة قال لا هذه مستحاضة تغتسل وتستدخل قطنة
بعد قطنة وتجمع بين الصلاتين بغسل ويأتيها زوجها ان أراد بناء على أن الظاهر من الصحيحين ترتب جواز اتيان المستحاضة على
ما ذكر من الأغسال والأولى الاكتفاء بغيرهما من الروايات في تخصيص العمومات السابقة أو تقييد المطلقات بعد الغض عن ورودها
في بيان الإباحة الذاتية للوطئ التي لا تنافى توقفه على شئ اخر كما في أية الأزواج وما ملكت اليمين أو في مقام الإباحة في الجملة
كما في رواية ابن سنان وأمثالها الدالة على جواز اتيان المستحاضة فيما عدا أيام حيضها واما حملها طرا على استحباب خصوص
الاغتسال أو جميع الأفعال للوطئ أو كراهة الوطي بدونها كما عن أكثر الجماعة المتقدم إليهم الإشارة منهم المحقق والمص؟ والشهيدان
فهو في غاية البعد وبالجملة فطرحها في غاية الاشكال سيما مع موافقتها لعلم معظم القدماء بل كافتهم الا من شذ كالقاضي حيث
قال في محكى المهذب والأفضل لها قبل الوطي ان تغسل فرجها نعم اختلفوا بين من اعتبر في الإباحة جميع الأفعال كما عن الإسكافي والمقنعة
والنهاية والجمل والعقود والمراسم والسرائر والكافي بل ظاهر جماعة اتفاق القدماء عليه فعن المعتبر أو ماء الأصحاب إلى ذلك ولم يصرحوا
به وهو معنى ما قالوا ويجوز لزوجها وطئها إذا فعلت ما تفعله المستحاضة ونحوها المحكي عن المنتهى واما عدم الافعال فالذي
تعطيه عبارات أصحابنا التحريم وفى الذكرى ظاهر الأصحاب توقف حل الوطي على ما تتوقف عليه الصلاة والصوم من الوضوء والغسل لقولهم
يجوز وطئها إذا فعلت ما تفعله المستحاضة ونحوها المحكي عن شرح الجعفرية وعن التذكرة الظاهر من عبارات علمائنا اشتراط الطهارة
في اباحته قالوا يجوز وطئها إذا فعلت ما تفعله المستحاضة وعن كشف الالتباس ان ظاهر الأصحاب المنع مع الاخلال بالافعال و
بين من اقتصر على الأغسال وتجديد الوضوء كما عن ظاهر ط؟ ويه؟ الاحكام وبين من أهمل ذكر الوضوء كما
عن رسالة الصدوق والهداية
وعن مع؟ صد؟ الميل إليه أو القول به ولا اشكال فيه ان قلنا بوجوب تقديم الوضوء على الغسل عند اجتماعهما واما على المختار من عدم
260

اعتبار التقديم فيمكن اعتباره لتوقف حل الصلاة لها عليه مضافا إلى ما تقدم من رواية قرب الإسناد والتحقيق انه ان أريد بذلك
توقف الوطي على فعل الافعال لأجله وان فعلها قبل ذلك للصلاة فقد عرفت سابقا كفاية الغسل للصلاة لكل عبادة مشروطة
بالطهارة فضلا عن الوطئ وان أريد من مقتضى الاجماعات المنقولة توقفه على فعل تلك الأفعال للصلاة ففيه انه ليس في الاخبار ما
يدل عليه سوى قوله (ع) في موثقة زرارة فإذا حلت لها الصلاة حل لزوجها ان يغشاها وقوله (ع) في رواية البصري وكل شئ استحلت
به الصلاة فليأتها زوجها ولتطف البيت ولا دلالة في شئ منهما على اعتبار ما عدا الغسل إما الثاني فلما تقدم من أن الطواف
لا يكفي فيه ولا يشترط من الافعال التي فعلت للصلاة الا الغسل لاعتبار تجديد ما عداه له وعدم قدح تركها للصلاة في صحته
بعد أن فعلت له فتعين إرادة بالغسل فقط فهو المعتبر أيضا في حل الوطئ واما الرواية الأولى فان أريد من الشرط حلية الصلاة
فعلا من جهة جميع الأمور اللازمة على المستحاضة فاللازم منه عدم جواز وطئها بعد الصلاة إذ لا يجوز لها الصلاة حينئذ
فعلا لتوقفها على تجديد الوضوء والقطنة وغسل الفرج فتعين ان يراد بالشرطية إما توقف حل الوطئ على حل الصلاة
من جهة الغسل فقط واما تعلقه على حلية الصلاة فعلا من جميع الجهات في زمان ما ولو ارتفعت عند الوطئ واما عدم
جواز الوطئ الا بين الافعال والصلاة مع معاقبة الوطئ لها لئلا يخرج الافعال عن قابلية الصلاة معها والثالث مع أنه
خلاف الاجماع مستلزم لخلاف الفرض إذ بمقدمات الوطئ يخرج الافعال عن قابلية الصلاة بها لكونه اشتغالا بغير مقدمات
الصلاة مع استلزامه الاخلال ببعضها كاخراج القطنة ورفع الخرقة الملازمين لخروج الدم فدار الامر بين أحد الأولين
والأول مستلزم لتقييد الحلية بكونها من جهة الغسل فقط والثاني مستلزم لعدم مقارنة زماني الشرط والجزاء وهو خلاف
الظاهر في مثل هذا التركيب فلو لم يترجح الأول بقرينة الرواية الثانية التي تقدمت ان المراد بها استحلال الصلاة من حيث
الغسل فقط فلا أقل من التساوي فيقصر على المتيقن وهو التوقف على الغسل وينفى الثاني باطلاق الرواية الثانية في كفاية
الغسل فالأقوى توقف الوطي على الغسل فقط بل يظهر من مع؟ صد؟ ان الخلاف فيه لا غير وان المراد من الافعال في عباراتهم الأغسال
حيث قال في شرح قول المص؟ قده ومع الافعال تصير بحكم الطاهر المراد بالافعال جميع ما تقدم من الغسل والوضوء وغيرهما
إلى أن قال ويلوح من مفهوم عبارته انها بدون الافعال لا يأتيها زوجها وانما يراد بها الغسل خاصة إذ لا تعلق للوطئ بالوضوء
واختاره في المنتهى وأسنده إلى ظاهر عبارات الأصحاب واستدل بالاخبار الدالة على الاذن في الغسل بعد الوطئ انتهى بقى الكلام
في أنها ان لم تكن مسبوقة بغسل للصلاة كما لو حدثت الاستحاضة قبل الوقت فهل لها ان تغتسل لأجل الوطئ الأقوى
ذلك كما هو ظاهر روايتي مالك ابن أعين وقرب الإسناد ولو اغتسلت لعبادة مشروطة بالطهارة في غير وقت الصلاة كما مر من صحته
اكتفى به للوطئ بل الأحوط ان لا يوقع الغسل لخصوص الوطئ وأحوط منه ان لا يوقعها الا مسبوقة بالاغسال بل جميع الأفعال لأجل
الصلاة وأحوط منه ان لا توقع مع ذلك الأغسال بل تأتى بالافعال لخصوص الوطئ أيضا واما حكم اللبث في المساجد ودخول
المسجدين فالمشهور كما عن موضع من المصابيح توقف جواز دخولها على الغسل وعن موضع اخر منه انه قد تحقق ان مذهب الأصحاب
تحريم دخول المساجد وقراءة العزائم على المستحاضة قبل الغسل ثم نقل بعض الأقوال المنافية لذلك منها جواز دخولها
من غير توقف كقراءة العزائم ثم قال ولا ريب في شذوذ هذه الأقوال وحكى عن حواشي ير؟ أنه قال واما حدث الاستحاضة
الموجب للغسل فظاهر الأصحاب انه كالحيض وعن شارح النجاة الاجماع على تحريم الغايات الخمس على المحدث بالأكبر عدا المس ثم قال
وظاهرهما الاجماع على وجوب غسل الاستحاضة لدخول المساجد وقراءة العزائم ويستفاد ذلك من الغنية والمعتبر و
التذكرة انتهى أقول كان مراده مفاهيم عبارات الكتب التي ذكرها قال في الغنية ولا يحرم على المستحاضة شئ مما يحرم على الحائض
وحكمها حكم الطاهر إذا فعلت ما ذكرنا بدليل الاجماع المشار إليه انتهى وفى المعتبر ان مذهب علمائنا أجمع ان الاستحاضة
حدث تبطل الطهارة بوجوده فمع الاتيان بما ذكر من الوضوء إن كان قليلا والأغسال إن كان كثيرا يخرج عن حكم الحدث لا محالة
وتستبيح كلما تستبيحه الطاهر من الصلاة والطواف ودخول المساجد وحل وطئها وان لم تفعل ذلك كان حدثها باقيا ولم
يجز ان يستبيح شيئا مما يشترط فيه الطهارة انتهى وفى التذكرة إذا فعلت المستحاضة ما يجب عليها من الأغسال والوضوء وتغيير القطنة
والخرقة صارت بحكم الطاهر عند علمائنا أجمع إلى اخر ما في المعتبر وفى الوسيلة إذا فعلت ما تفعله المستحاضة لم يحرم عليها
شئ مما يحرم على الحائض الا دخول الكعبة انتهى وفى البيان ولا يحرم عليها شئ من محرمات الحيض إذا أتت باللازم عليها انتهى
261

وقد يخدش في ذلك كله بعدم دلالة شئ من العبارات على المطلب المذكور لان مفهوم قولهم إذا أتت بما عليه لا يحرم عليه شئ مما
يحرم على الحائض انها إذا لم تفعل انتفى هذا الحكم الكلى لا انه حرم عليها جميع ما يحرم على الحائض فان انتفاء السالبة الكلية لا
توجب الموجبة الكلية ويمكن ان يقال إن هذا الكلام من قبيل قوله (ع) إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ يدل على استناد انتفاء
الحكم في كل فرد إلى وجود الشرط فهو من قبيل المانع للأحكام النفسية في الجزاء فيفسد السلب الكلى واما الوهن فيما استظهر من العبارة
بأنه لو كان الامر كما ذكر لدلت عباراتهم على تحريم دخول المساجد على المستحاضة القليلة وعلى الكثيرة إذا أخلت بالاحتشاء والتلجم
بعد الغسل ولو مع فترة تعلم لأجلها بعدم خروج الدم إلى الطاهر فضلا عن تلويث المسجد فهو ايراد على ظاهر عبائرهم لازم على كل
تقدير ودعوى ان معنى عباراتهم انها متى أخلت بما عليها من الطهر من الحدث والخبث لم يكن بحكم الطاهر بل هي إما محدثة أو ذات نجاسة
فلا يجوز لها الدخول فيما يشترط بالمفقود من الطهارتين وحينئذ فان ثبت توقف دخول المساجد وقراءة العزائم على الطهارة من الاستحاضة
حرم عليها قبل الطهارة والا فلا هذا ولكن الانصاف ان عدم اعتبار تعبير الحرقة وشبهه مما لا ينفع من جهة الحدث مشترك الورود و
إرادة ما يعم الحدث والخبث من لفظ الطاهر مع أن في بعض العبائر انها بحكم الطاهر خلاف الظاهر فالكلام في توقف الامرين على
رفع حدث الاستحاضة لا يجدى فيه ما ذكر من العبارات الا من جهة ذكرهم دخول المساجد فيما يستبيحه الطاهر في كلام بعضهم كالمحقق
والمص؟ قدس سرهما وفيه انه عطف عليه أيضا حل الوطي الذي لا يقول المحقق بتوقفه على الطهارة من الحدث فدل على أن ذكره له فيما
يستبيحه الطاهر لا يدل بالمفهوم على عدم استباحة المحدث له مطلقا فتأمل بل يمكن الاستشهاد لذلك بما ذكروا في باب ما يجب له
الغسل (من عد دخول المساجد وقراءة العزائم مما تجب له الغسل صح) ولذا استثنى في الجعفرية عن عموم هذا الكلام غسل المس فلو لا عموم الكلام لجمع الأغسال الخمسة لم يحسن الاستثناء
هذا كله مضافا إلى ذلك الرضوي المتقدم المنجبر بما ذكرنا من نقل الاتفاق المؤيد بالشهرة المحققة فالحكم لا يخلوا عن قوة وفاقا
لصريح المحقق والشهيد والكركي وغيرهم وخلافا للمحكى عن الدروس وفى الحكاية نظر وض؟ بشرط امن التلويث ومجمع الفائدة والمدارك
والذخيرة وشرح المفاتيح والرياض والمناهل وغيرها وكذا قرائته العزائم وفاقا للوحيد في شرح المفاتيح وبعض من تأخر عنه ولو أخلت
المستحاضة بالاغسال الواجبة عليها لم يصح منها الصوم بلا خلاف بين الأصحاب كما في ظاهر المدارك وشرح المفاتيح ومستظهر الحدائق
بل عن مع؟ صد؟ وض؟ وحواشي السرائر ومنهج السداد والطالبية الاجماع عليه الامر بقضائه فيما رواه أصحابنا كما عن ط؟ ورواه في الصحيح عن
علي بن مهزيار قال كتبت إليه امرأة طهرت من حيضها أو نفاسها من أول شهر رمضان ثم استحاضت وصلت وصامت شهر رمضان
من غير أن تفعل ما تعمله المستحاضة من الغسل لكل صلوتين فهل يجوز صومها وصلاتها أم لا فكتب (ع) تقضى صومها ولا تقضى
صلاتها لان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأمر فاطمة (ع) ونسائه بذلك الخبر ولا يقدح في الاستدلال به اشتماله على ذكر الصديقة الطاهرة
مع ما هو المعروف بين الشيعة وتكاثرت به الاخبار من أنها صلوات الله عليها لم تر حمرة قط لا حيضا ولا استحاضة إذ ليس في
الرواية الا أمر النبي صلى الله عليه وآله إياها بذلك فلعله لتعليم نسوان المسلمين مع احتمال ان يكون المراد فاطمة بنت أبي حبيش التي مرد ذكرها في
حدث الاستحاضة مع أنه ليس ذكرها (ع) في رواية الصدوق في الفقيه والعلل كما لا يقدح اشتمالها على نفى قضاء الصلوات عليها
مع ما علم من الاجماع وجوب قضائها لأن عدم العمل بجزء من الرواية لمخالفته بظاهره للاجماع لا يوجب سقوط الرواية عن الحجية
في غيره وما أشبهه بالعام المخصص بل هو بالنسبة إلى دليل حجية الخبر فافهم وقد ذكروا في توجيه الرواية وجوها لا يخلوا بعضها
عن برودة يقشعر منها الجلود نعم قد يحتمل ان يكون فتقضى في الموضعين بصيغة المجهول ويراد بالقضاء الأداء كما في قوله تعالى
فإذا قضيتم مناسككم فالمراد ان الصوم يؤدى مع الاخلال بالغسل والصلاة لا يؤدى وهو وإن كان خلاف الظاهر من وجوه الا
انه أولي من طرح جزء من الرواية لكن الانصاف عدم الاعتناء بهذا الاحتمال كما لا يخفى ثم إن الرواية كما ترى مختصة بالكثيرة ولذا
كان ظاهر البيان والموجز وشرحه كما في الجعفرية والجامع بل المص؟ قده وكل من عبر بالاغسال اختصاص الحكم بالكثيرة فالتعدي إلى
المتوسطة كما هو المشهور يحتاج إلى دليل الا ان يدعى تنقيح المناط وكيف كان فالأقرب عدم الكفارة لأنها معلقة في النصوص على
الافطار لا مجرد على افساد الصوم فهو كترك النية في الصوم وعن المص؟ قده في المختلف وجوبها ولعله لكونها في حكم الجنب ولصدق ترك
الصوم عمدا مع العلم باشتراطه بالغسل ثم إنه ليس في الرواية تعرض لبيان مدخلية ما عدا الأغسال في الصوم فلا وجه لتوقفه على
الوضوء أو غيره وإن كان قد يوهمه بعض العبارات المحكية وهل يتوقف صوم كل يوم على أغسال نهاره كما عن المنتهى والتذكرة والبيان
لان الناقض النافي للصوم حدث النهار أو الفجر خاصة كما احتمله كاشف اللثام تبعا لنهاية الاحكام وان لم يوجد قائل به ولعله لان
262

غسل الظهرين بمنزلة الغسل للجنابة الحاصلة في أثناء النهار فيكفي في الصوم الدخول فيه مع الطهارة عن الحدث الأكبر أو مع ليلته اللاحقة
كما هو ظاهر كل من عبر بتوقفه على الأغسال بناء على أن الظاهر من الرواية إناطة قضاء الصوم باخلالها بما على المستحاضة من الغسل لكل
صلوتين ولا يسمع استبعاد توقفه على غسل الليلة المستقبلة مع سبق انعقاد الصوم كما قطع به جماعة منهم الشهيد في الذكرى أو مع الليلة
الماضية مطلقا بشرط عدم تقدم غسل الفجر في الليل كما اختاره في الذكرى وتبعه في ض؟ بعد أن احتمل
الاطلاق وجوه بل أقوال
أقواها الأخيران استفدنا من الرواية كون المنع للحدث وان بنينا على التعبد فالثالث لما عرفت من الظهور وعلى إناطة الحكم بالحدث
فالأقوى تقديم غسل الفجر لوجوب رفع الحدث المنافى عند الدخول في الصوم مع الامكان كغسل الجنابة ومنقطعة الحيض ولو يقينا
على ظاهر الرواية من إناطة القضاء بالاخلال بما يجب للصلاة توجه عدم الوجوب كما عليه جماعة بل ولو قلنا بإناطة الحكم بالحدث إذ لا دليل
على رفع الحدث بالغسل المقدم فان الظاهر من الرواية توقف الصوم على الغسل للصلاة وليس الغسل قبل الوقت غسلا لها والأحوط تقديم
الغسل ثم تجديده بعد الوقت للصلاة ثم إن وجوب الغسل لأحل الصوم على المستحاضة الوسطى هل يتوقف على الغمس قبل الفجر أو يكفي
الغمس قبل صلاة الفجر أو يكفي ولو بعد الصلاة وجوه الا انه لم يوجد قايل بالأول وان احتمله في الروض مع التصريح بضعفه نعم حكى
عن المحقق الثاني في حاشية السرائر انه قد وقع في بعض الحواشي المنسوبة إلى الشهيد تقييد وجوب الغسل على المتوسطة بما إذا كان الغمس
قبل الفجر قال وهذا يكاد يكون مخالفا للاجماع ويمكن ان يكون أراد بالفجر صلاته أو ان يكون سقط لفظ الصلاة من قلم الناسخ
أو ان أحد تلامذته تصرف فيه كما تصرف في غيره انتهى أقول ولعل وجه التقييد بما ذكر ان المتيقن من حدث الاستحاضة المتوسطة
منافاتها لابتداء الصوم كما في الجنابة دون استمراره وانما لم يقل به في الكثيرة لاطلاق النص وقد عرفت اختصاصه بالكثيرة
وان التعدي لو كان إلى المتوسطة فبالاجماع والمتيقن منه ما ذكرنا واما الاحتمالان الأخيران فمبنيان على ما تقدم من الغمس في المتوسط
بعد الصلاة توجب غسلا للظهرين أم لا وعرفت ان الأول لا يخلوا عن قوة
واما النفاس بكسر النون الذي هو لغة بمعنى ولادة
المرأة كما عن جماعة فدم الولادة مأخوذ من النفس بمعنى الدم كما يقال ذو نفس سائلة أو من تنفس الرحم بالدم أو من النفس التي
هي الولد يقال نفست المراة ونفست بضم النون وفتحها مع كسر الفاء فيهما وفى الحيض بفتح النون لا غير والولد منفوس ومنه الحديث
لا يرث المنفوس حتى يستهل صايحا والمرأة نفساء بضم النون وفتح الفاء وقد يفتح النون ويسكن الفاء والجمع نفاس بكسر النون مثل
عشرات وعشار وعن الصحاح انه ليس في كلام العرب يجمع فعلاء على فعال الأنفساء وعشراء ويجمعان نفساوات وعشراوات انتهى
وكيف كان فلا اشكال في أنه لا نفاس ولا حدث مع عدم الدم كما حكى انه اتفق في زمان النبي صلى الله عليه وآله خلافا لبعض العامة نعم لا فرق بين
ان يكون معها أو بعدها على المشهور بل عن ف؟ ان ما يخرج مع الولد عندنا تكون نفاسا واختلف أصحاب الشافعي لصدقه عليه
عرفا ولقوله (ع) في رواية زريق المحكية عن المجالس عن امرأة حامل رأت الدم قال تدع الصلاة قلت فإنها رأت الدم وقد أصابها
الطلق فراته وهي تمحض قال تصلى حتى يخرج رأس الصبى فإذا خرج رأسه لم يجب عليها الصلاة وكلما تركته من الصلاة في تلك الحال
لوجع أو لما فيها من الشدة والجهد قضته إذا خرجت من نفاسها قلت جعلت فداك ما الفرق بين دم الحامل ودم المخاض قال إن
الحامل قذفت دم الحيض وهذه قذفت دم المخاض إلى أن يخرج بعض الولد فعند ذلك تصير دم النفاس فيجب ان تدع الصلاة في النفاس
والحيض فاما ما لم يكن حيضا ونفاسا فإنما ذلك من فتق في الرحم ويؤيد ذلك بل يدل عليه رواية السكوني عن جعفر عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وآله
ما كان الله ليجعل حيضا مع حبل يعنى إذا رأت الدم وهي حامل لا تترك الصلاة الا ان ترى الدم على رأس الولد إذا اخذتها الطلق و
رأت الدم تركت الصلاة فان التفسير إن كان من النبي صلى الله عليه وآله أو الامام صلوات الله عليهما وآلهما فهو دليل والا فهو مؤيد خلافا للمحكى عن ظاهر
مصباح السيد وجمل الشيخ والغنية والكافي وسيلة؟ والجامع حيث فسروا النفاس بما تراه المرأة عقيب الولادة ويمكن ان يريدوا به الغالب
كما صرح به المص؟ في المختلف أو بعد ابتداء الولادة وظهور شئ من الولد كما احتمله كاشف اللثام ويحتمله كلام المعتبر وعلى تقدير المخالفة فلعلهم؟
استندوا مضافا إلى الشك في صدق النفاس المستلزم للرجوع إلى أصالة الطهر المعتضدة بصدق الحمل قبل انفصال الولد ولذا يجوز مراجعة
الزوج حينئذ لو طلقها إلى موثقة عمار عن المرأة يصيبها الطلق يوما أو يومين أو أياما فترى الصفرة أو دما قال تصلى ما لم تلد ونحوها
روى الصدوق بناء على أن الظاهر صدوق انها لم تلد الا بعد الفراغ وفيه انه محمول على الغالب كما لا يخفى وكيف كان فلا اشكال ولا خلاف في أنه
لا يتحقق النفاس بخروج الدم قبلها أي قبل الولادة ودعوى الاتفاق عليه محكية عن جماعة ولا خلاف أيضا في كونها استحاضة إذا
قلنا بان الحامل لا تحيض ولهذا قال في محكى ف؟ الذي يخرج قبل الولادة ليس بحيض عندنا إلى أن قال دليلنا اجماع الفرقة على أن الحامل المستبين
263

حملها لا تحيض وكذا الاشكال فيما إذا لم يستجمع الدم شرائط الحيض وهل يعد منها تخلل أقل الطهر بينه وبين النفاس كما عن ف؟ نفى الخلاف
عنه ويدل عليه اطلاق ان الطهر لا يكون أقل من عشرة وما دل على أن النفاس حيض محتبس وان النفساء كالحايض واطلاق موثقة عمار
ورواية زريق المتقدمتين مع أن الفرق بين دم المخاض وما تراه الحامل في رواية زريق لا محصل له الا كون المخاض من المقدمات
القريبة للولادة غالبا فدمه لا يصلح للحيضية لقربه من النفاس بخلاف الحامل الذي لم يتبين عليه المخاض فإنه يجب عليها التحيض لعدم
علمها غالبا بقرب الوضع وصحيحة ابن المغيرة في المرأة نفست فتركت الصلاة ثلثين يوما ثم طهرت ثم رأت الدم بعد ذلك قال تدع الصلاة
لان أيامها أيام الطهر قد جازت مع أيام النفاس حيث إن الظاهر هنا ان عدم مضى أيام الطهر مانع عن الحكم بحيضية الدم المرئي بعد النفاس
ولذا تواترت النصوص وتظافرت الفتاوى بان المتعدى من أكثر النفاس استحاضة فكذا المرئي قبله لعدم القول بالفصل بين المتقدم
والمتأخر كما صرح به في الروض أم لا لاطلاقات أدلة الحيض لمعتادته وقاعدة الامكان السليمة عما ذكر من الوجوه لاحتمال إرادة
الشيخ من معقد نفى الخلاف ما بين النفاس والحيض المتأخر والا فلا يتصور عنده حيض متقدم على النفاس من جهة ما ذكره مدعيا عليه
الاجماع من أن الحامل لا تحيض ويؤيده ما ذكرنا انه استدل في هذه المسألة على كون الدم قبل الولادة ليس حيضا بالاجماع على عدم
حيض الحامل من غير تعرض لاعتبار أقل الطهر واما ما دل على اعتبار تخلل أقل الطهر فلا يبعد حملها على عدم حصول الحيض اللاحق قبل انقضاء
عشرة أيام من انقضاء الدم الأول فهى تحديد للقرء وهو زمان اجتماع الدم في الرحم بعد خروجه في المرة السابقة ولذا اتفقوا على اعتبار
تقدم طهر كامل في الحيض المسبوق بالنفاس ولعل ما ذكرنا هو مراد يه؟ حيث قال لو ولدت قبل عشرة أيام يعنى من الدم الأول فالأقرب انه
استحاضة مع احتمال كونه حيضا لتقدم طهر كامل عليه ونقصان الطهر انما يؤثر فيما بعده لا فيما قبله وهنا لم تؤثر فيما بعده لان ما بعد
الولد نفاس اجماعا فالأولى ان لا يؤثر فيما قبله ونمنع حينئذ اشتراط طهر كامل بين الدمين مطلقا بل بين الحيضين ولو رأت الحامل
الدم على عادتها وولدت على الاتصال من غير تخلل نقاء أصلا فالوجهان انتهى واما ما ذكر من كون النفاس حيضا محتبسا وان
النفساء كالحائض فلم يثبت كلية على وجه يجدى فيما نحن فيه مع أن ما دل على التحديد بأقل الطهر إذا اختص اعتباره على ما عرفت بالحيضة
الثانية فالظاهر منها الحيضة الغير المحتبسة التي يحتاج إلى أن يجتمع في الرحم بعد خروج الدم في المرة السابقة ولهذا يعبر عما بينهما بالقرء
الذي هو بمعنى اجتماع الدم في الرحم فلا يجدى كون النفاس حيضا محتبسا في اشتراط مسبوقيته بطهر كامل ولذا لا يعتبر ذلك بين النفاسين
اجماعا ويعتبر بين نفاس وحيض متأخر عنه اجماعا أيضا واما الروايتان فضعيفتان واما الصحيحة فمضمونها غير محل الخلاف ودعوى
عدم الفصل ممنوعة كما ستعرف ولعله لذلك كله أو بعضه اختار العدم في المدارك والذخيرة تبعا لما حكاه فيهما وفى مع؟ صد؟ عن
التذكرة فهى ونسب إلى الحواشي المدونة من الشهيد على القواعد وربما يحكى عن يه؟ وقد عرفت عبارتها الا ان الانصاف انه لا وجه للخروج عن
اطلاق الروايتين المعتضدتين بالشهرة بل عدم الخلاف كما عن ف؟ وبما تقدم في مسألة أقل الطهر بين الحيضتين من أن المستفاد
من بعض الأخبار ومعاقد الاجماع ان حال الطهارة للمرأة مطلقا لا يكون أقل من عشرة ولذا اجنبا بها عن صاحب الحدائق حيث جوز
تخلل الطهر أقل من العشرة بين اجزاء الحيضة الواحدة فراجع الا ان في اجماع ف؟ ما عرفت وفى اخبار أقل الطهر ما لا يخفى من ظهورها في
الطهر بين الحيضتين مع أنها انما ينفى كون الأقل طهرا فلعله حيض أو نفاس أو حالة حدث بين الحالتين فالعمدة الروايتان مع أصالة
عدم الحيض السليمة عن ورود قاعدة الامكان لعدم الدليل عليها في المقام ومما ذكرنا يظهر حال التحقق اتصال الحيض بالنفاس كما
عرفت احتماله عن يه؟ ويقال هنا زيادة على الصورة السابقة ان ليس في الحكم بحيضية الدم السابق منافاة لما دل على اشتراط كون الطهر
عشرة إذ لم يحكم هنا بطهر حتى يعتبر كونه عشرة بل يحكم باتصالهما أو بكون المجموع شيئا واحدا فتأمل ثم إن ظاهر سببية الولادة
للنفاس دورانه مدار صدقها عرفا ولا اشكال في صدقها بخروج ادمى كله أو بعضه واما خروج المضغة فصدق الولادة عليه لا يخلوا
عن خفاء الا ان المعروف بين الأصحاب كما قيل الحاقه بالآدمي بل عن التذكرة انها لو ولدت مضغة أو علقة بعد أن شهدت القوابل انها لحمة ولد
ويتخلق منه الولد كان الدم نفاسا بالاجماع لأنه دم جاء عقيب حمل انتهى وفى المنتهى لو وضعت شيئا تبين فيه خلق الانسان فرات الدم
فهو نفاس اجماعا انتهى ويؤيده ما دل على أنه حيض محتبس فلا ينبغي الاشكال في حكم المضغة فضلا عن انكاره كما عن المحقق الأردبيلي
في شرح الكتاب حيث قال إن الخارج مع المضغة وبعدها ليس بنفاس وان علم كونها مبدء آدمي لعدم العلم بصدق الولادة والنفاس بذلك
انتهى واما العلقة فقد عرفت دعوى الاجماع عليها من التذكرة ونحوها عن شرح الجعفرية لكن مع التقييد فيها كما عرفت بالعلم بكونها منشأ
آدمي وحينئذ فيرتفع الخلاف فيه بعد ملاحظة استناد المانع إلى عدم العلم بكونه مبدء نشو ادمى كما عن المعتبر والمنتهى وغيرهما ومن هنا أنكر
264

الشارح في ض؟ على من توقف في الحكم مع فرض العلم بكونها مبدء نشو نعم ربما يستند في المنع إلى عدم صدق الولادة عرفا لكن الفرق بين
العلقة والمضغة مشكل الا بدعوى الاجماع في الثاني ومنعه في الأول وعن الشهيد احتمال الحاق النطفة إذا علم كونها مبدء نشو ادمى
ولعله لصدق النفاس عرفا ولكونه من الحيض المحتبس والمراد بكونها مبدء نشو ادمى اشرافها على صيرورتها علقة ولذا قيل إن العلم
بذلك متعسر بل متعذر والا فالنطفة مطلقا مستعدة لتحقق الولد منه وبهذا الاعتبار يطلق الوالد على الأب واعلم أن النفاس لا
حد لأقله بل يكتفى فيه أقل المسمى فلو رأت لحظة ولم تر بعده بطل صومها ولو رأت لحظة أخرى في اخر العشرة كان تمام العشرة
حيضا ولا خلاف في عدم التحديد بل الاجماع عليه عن ف؟ والغنية والمعتبر والتذكرة والذكرى ويدل عليه مضافا إلى إناطة الحكم بالمسمى
الصادق على القليل والكثير رواية ليث المراد عن النفساء كم حد نفاسها حتى يجب عليها الصلاة وكيف تصنع قال ليس لها
حد وفى الاستدلال بها اشكال حيث إن ظاهرها بقرينة قوله حتى يجب عليها الصلاة وقوله كيف تصنع السؤال عن حده في
طرف الكثرة ولعله لذا حمله الشيخ على أنه ليس له حد شرعي ولا يزيد ولا ينقص بل ترجع إلى عادتها وهذا
الحمل وإن كان بعيدا
بالنسبة إلى الجواب الا ان حمله على حد القلة بعيد بالنسبة إلى السؤال واشكل من ذلك الاستدلال بصحيحة ابن يقطين في النفساء كم
يجب عليها الصلاة قال تدع ما دامت ترى الدم العبيط إلى ثلثين يوما فإذا رق وكانت صفرة اغتسلت فالعمدة الاجماعات
المستفيضة بل الاجماع المحقق مضافا إلى صدق النفساء على المرأة والنفاس على دمها واما أكثره الذي يمكن شرعا وصوله إليه
ويمنع التجاوز عنه فالمشهور شهرة محصلة ومنقولة انها عشرة أيام وهو المحكي عن علي بن بابويه والمفيد في المقنعة والشيخ في كتبه
والقاضي والحلبي وابن سعيد وابن زهرة والحلى والمحقق وكاشف الرموز والمص؟ في غير المختلف والشهيدين والمحقق الثاني وصاحب الموجز
وشارحه وغاية المرام وحاشية الميسي وجل من تأخر عنهم بل من موضع من الذكرى نسبة إلى الأصحاب بل عن ف؟ والغنية الاجماع عليه و
يدل عليه مضافا إلى أنه المتيقن من النفاس المخالف للأصل موضوعا وحكما ولا يعارضه استصحاب موضوعه لمنع جريانه في التدريجيات
ولا استصحاب احكامه لأنه فرع بقاء موضوعها أعني النفساء شرعا هذا مع أن الاستصحاب لا يجرى في بعض الصور كما لو حدث الدم
بعد العشرة والى ان النفاس حيض محتبس وان النفساء بمنزلة الحائض فتأمل ما أرسله المفيد في محكى كتاب احكام النساء عن الص؟ (ع) لا يكون
النفاس لزمان أكثر من زمان الحيض وفى المقنعة بقوله وقد جاءت اخبار معتمدة في أن أقصى مدة النفاس أقصى عدة الحيض وهي عشرة أيام بناء على أن هذا
من تتمة عبارة المقنعة كما استظهره جماعة لا ابتداء كلام من التهذيب على ما يظهر من الذكرى وض؟ بل السرائر ورواية يونس بن يعقوب فلتقعد
أيام قرئها التي كانت تقعد ثم تستظهر بعشرة أيام فان رأت دما صبيبا فلتغتسل عند وقت كل صلاة الخبر فإنه لولا كون الأكثر عشرة
لم يكن للاستظهار إلى العشرة معنى ودعوى ان المراد تستظهر بعد العادة بعشرة فيوافق روايات الثمانية عشر والسبعة عشر بعيدة من
حيث السياق وإن كانت ظاهرة من حيث اللفظ فالأنسب ما ذكره في التهذيب من أن المراد من الباء معنى إلى قال لان حروف الصفات يقوم بعضها
مقام بعض ويمكن ابقاء الباء بمعناه والمراد انها تستظهر تمام العشرة هذا كله مضافا إلى الأخبار المستفيضة الدالة على رجوع النفساء المعتادة
في الحيض إلى عادتها وجعل ما سواها استحاضة مطلقا أو بعد الاستظهار بما لا يزيد على تمام العشرة فإنها تدل على امكان بلوغ
النفاس عشرة لامكان بلوغ العادة إليها وامتناع الزايد عليها لامتناع تجاوز العادة عنها حتى بزيادة الاستظهار لما دل من النص
والاجماع على أن الاستظهار لا يشرع مع بلوغ العادة بنفسها عشرة لكن الروايات كما ترى لا يثبت الا كون الأكثر عشرة بالنسبة إلى المعتادة
بحيث يمكن بلوغ نفاسها وتمنع تجاوزه عنها ولا دلالة فيها على تحديد النفاس في غيرها بل لا يدل على تحديد النفاس في حق المعتادة
أيضا لان المراد من تحديد الأكثر هو جعل المجموع نفاسا عند انقطاع الدم عليه مطلقا وان تجاوز العادة والاستظهار ولا يستفاد
هذا من تلك الروايات وربما ذكر بعضهم في تقريب الاستدلال بها ان الظاهر من الرجوع إلى العادة ان لا يزيد النفاس على أقصى
العادات التي هي العشرة وفيه ما لا يخفى كما في ما قد يستفاد منها من كون النفاس حيضا في المعنى كما في المدارك لأنه مجرد استبعاد لكون نفاس
المعتادة عادتها ونفاس غيرها أكثر من عشرة نعم ربما كان فيها دلالة من جهة الامر فيها بالاستظهار يوما أو يومين أو ثلثة بناء
على أنه لو لم يكن الأكثر عشرة لم يتحقق الاستظهار بهذا المقدار إذ المراد من الاستظهار كما عرفت نظيره في الحيض طلب ظهور الحال في كون
ما زاد عن العادة ينقطع على العشرة حتى يعد نفاسا أو لا حتى يكون استحاضة لكن يرد عليه مضافا إلى تمسك الشيخ وغيره بروايات
المعتادة الخالية عن ذكر الاستظهار رأسا وان ذكروا ما اشتمل منها على ذكر الاستظهار أيضا ان ظهور الحال لا تحصل بالصبر يوما أو
يومين الا على وجه الظن والتخمين والا فمجرد تجاوز الدم عن عادة الخمسة أو الستة بيوم لا يظهر منه كونه استحاضة فجاز الاكتفاء
265

بذلك في النفاس وإن كان أكثره أزيد من العشرة أيضا مع ما قد عرفت في مسألة الاستظهار من احتمال كون المراد من الاستظهار الاحتياط
من طرف من جهة احتمال بقاء النفاس أزيد من العادة فان استعمال هذا اللفظ في الاحتياط كثير جدا وقد أشار إلى ما ذكرنا من اختصاص
تلك الأخبار بتحديد؟ أكثر النفاس للمعتادة دون غيرها المشهور في الروض حيث قال واعلم أن الأخبار الصحيحة لم يصرح فيها برجوع المبتدئة
والمضطربة إلى العشرة بل صرح فيها برجوع المعتادة إلى عادتها ولكن فيها اشعار بذلك لأنه ورد في بعضها الاستظهار إلى العشرة كالحايض
فلو كان أكثره أقل منها لم تستظهر إليها انتهى ولكن الانصاف ان ما دل على الاستظهار إلى العشرة له ظهور تام في المطلب سواء جعلنا الاستظهار
بمعنى طلب الظهور أم جعلناه بمعنى الاحتياط فهو كاف مع ما قد عرفت من الشهرة المحققة والاجماع المنقول والمرسلة الأولى المتقدمة
عن المفيد واما قوله قد جاءت اخبار معتمدة فالظاهر أن المراد منها سواء كان من عبارة المقنعة أم من عبارة التهذيب اخبار الرجوع إلى العادة كما
يظهر من التهذيب وقد عرفت عدم دلالتها على وجه يطمئن به النفس حتى أن رواية يونس بن يعقوب المتقدمة لا يدل على المطلوب على وجه يطمئن
به النفس واما حكاية الاجماع عن ف؟ فالظاهر أنه أراد به الاجماع على نفى ما ذكره العامة من التحديد بالأربعين أو الستين فان المحكي عنه
في ف؟ أنه قال أكثر النفاس عشرة أيام وما زاد عليه حكمه حكم الاستحاضة وفى أصحابنا من قال ثمانية عشر يوما إلى أن قال بعد نقل أقوال
العامة دليلنا على صحة ذلك اجماع الفرقة انتهى ويؤيد أنه قال في ط؟ أكثر النفاس عند أكثر أصحابنا مثل أكثر الحيض عشرة وعند قوم منهم
يكون ثمانية عشر يوما انتهى وكيف كان فلو لم يكن في المسألة الا الأصل المتقدم سابقا الذي أشار إليه الشيخ في ف؟
بقوله بعد دعوى اجماع الفرقة وأيضا فان الذي اعتبرناه مجمع على كونه من النفاس وفى التهذيب بقوله بعد نقل عبارة المقنعة المتقدمة المعتمد
في هذا انه قد ثبت ان ذمة المرأة مرتهنة بالصلاة والصوم قبل نفاسها بلا خلاف فإذا طرا عليها النفاس يجب ان لا يسقط عنها
ما لزمها الا بدلالة ولا خلاف بين المسلمين ان عشرة أيام إذا رأت الدم من النفاس وما زاد على ذلك مختلف فيه فلا ينبغي ان يصير إليه
الا بما يقطع العذر وكلما ورد من الاخبار المتضمنة لما زاد على عشرة أيام فهى اخبار آحاد لا يقطع العذر أو خبر خرج عن سبب أو لتقية
انتهى وبما ذكرنا يظهر ضعف ما عن المفيد والسيد والصدوق والإسكافي وسلار وعزاه في ط؟ إلى قوم من أصحابنا وفى محكى الانتصار
ان مما انفردت به الإمامية القول بان أكثر النفاس مع الاستظهار التام ثمانية عشر يوما ويدل عليه ما عن الصدوق في العلل عن
حنان بن سدير قال قلت لأبي عبد الله (ع) لأي علة أعطيت النفساء ثمانية عشر يوما ولم يعط أقل ولا أكثر قال لان الحيض أقله ثلاثة أيام
وأوسطه خمسة وأكثره عشرة فأعطيت أوله وأوسطه وأكثره وما عن العيون فيما كتبه مولينا الرضا (ع) للمأمون قال والنفساء لا
تقعد عن الصلاة أكثر من ثمانية عشر يوما وصحيحة ابن مسلم سألت أبا جعفر (ع) عن النفساء كم تقعد قال أسماء بنت عميس نفست فأمرها
رسول الله صلى الله عليه وآله ان تغتسل لثمانية عشر يوما ولا باس ان تستظهر بيوم أو يومين وبمضمونها من دون ذكر الاستظهار صحيحة زرارة وموثقة
ابن مسلم والفضل وزرارة وعليها يحمل رواية الأعمش المحكية عن الخصال والنفساء لا تقعد أكثر من عشرين يوما وصحيحة ابن سنان
قال تقعد النفساء تسعة عشر يوما فان رأت دما صنعت كما تصنع المستحاضة فان الرواية الأولى محمولة على الاستظهار بيومين والثانية
على الاستظهار بيوم واحد والجواب إما عن الروايات المشتملة على قصة أسماء فبمعارضتها بما دل على أن رسول الله صلى الله عليه وآله انما أمر أسماء بنت
عميس بالاغتسال لأنها سألته بعد الثمانية عشر ولو سألته قبل ذلك لأمرها بالاغتسال ففي مرفوعة إبراهيم بن هشام قال سالت امرأة
أبا عبد الله (ع) فقالت انى كنت اقعد في نفاسي عشرين يوما حتى افتوني ثمانية عشر يوما قال أبو عبد الله (ع) ولم أفتوك ثمانية عشر فقال
رجل للحديث الذي روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لأسماء بنت عميس حين نفست بمحمد بن أبي بكر فقال أبو عبد الله (ع) ان أسماء سالت رسول الله صلى الله عليه وآله
وقد اتى لها ثمانية عشر يوما ولو سألته قبل ذلك لأمرها ان تغتسل وتفعل كما تفعل المستحاضة وما وراه في المنتقى نقلا عن
كتاب الأغسال لأحمد بن محمد بن عياش الجوهري عن حمران بن أعين قال قالت لي امرأة محمد بن مسلم وكانت ولودا اقرأ أبا جعفر (ع) عني السلام
وقل له انى كنت اقعد في نفاسي أربعين يوما وان أصحابنا خففوا علي فجعلوها ثمانية عشر يوما فقال أبو جعفر (ع) من أفتاها ثمانية
عشر قلت الرواية التي رووها في أسماء بنت عميس انها نفست بمحمد بن أبي بكر بذى الحليفة فقالت يا رسول الله صلى الله عليه وآله كيف اصنع فقال
لها اغتسلي واحتشى وأهلي بالحج فاغتسلت واحتشت ودخلت مكة ولم تطف ولم تسع حتى تقضى الحج فرجعت إلى مكة فاتت رسول الله
فقالت يا رسول الله صلى الله عليه وآله أحرمت ولم أطف ولم اسع فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وكم لك اليوم فقالت ثمانية عشر فقال إما الان فاخرجي
الساعة واغتسلي وطوفي فاغتسلت وطافت وسعت وأحلت فقال أبو جعفر (ع) انها لو سالت رسول الله صلى الله عليه وآله وكم لك اليوم فقالت ثمانية
قبل ذلك وأخبرته لأمرها بما أمرها قلت به فما حد النفساء قال تقعد أيامها التي كانت تطمث فيهن من أيام قرئها فان هي طهرت
266

والا استظهرت وان لم ينقطع الدم فهى بمنزلة المستحاضة تغتسل لكل صلوتين وتصلى الخبر وعلى هذا فلابد من حمل الروايات المتقدمة
الظاهرة في اكتفاء الإمام (ع) عن بيان حكم النفساء بذكر قصة أسماء على ما تقدم عن الشيخ في التهذيب من خروجه بسبب خاص أو للتقية وقال
في محكى المنتقى ولو استبعد كون التفصيل المذكور من قصة أسماء بكماله محمولا على التقية لأمكن المصير إلى أن القدر الذي يستبعد فيه
ذلك منسوخ لأنه متقدم والرجوع إلى العادة متأخر فإذا تعذر الجمع تعين النسخ ويكون التقرير للحكم بعد نسخه محمولا على التقية انتهى
وظهر مما ذكرنا سقوط التمسك بروايتي العشرين والتسعة عشر لابتنائهما على سلامة روايات الثمانية عشر لتكون الروايتان محمولتين
على الاستظهار بيوم أو يومين والا فالقول بهما خلاف الاجماع بل اتفاق المسلمين بل الاستظهار في غير المعتادة خلاف ما عليه
غير شاذ من أصحابنا واما الروايتان الأوليان فان أريد ان يرفع بهما اليد عن الأخبار المستفيضة أو المتواترة الدالة على رجوع
النفساء إلى عادة حيضها فهو في غاية الفساد وان أريد ثبوت الحكم بهما في غير المعتادة من المبتدئة والمضطربة كما صرح به في المختلف و
استحسنه في التنقيح فهو لا يخلوا من قوة لاعتضاد الروايتين بعمل مثل السيد وبدعوه الاجماع وإن كان الظاهر من عبارة الانتصار كونه في مقام
نفى الزائد ردا على العامة ففي عمله كفاية عن دعواه بل يمكن التمسك بالروايات الأخر بناء على رفع المنافاة بينهما وبين ما ذكرنا من الروايتين
بان المقصود فيهما رفع توهم الراوي بل أكثر الناس في ذلك الزمان بثبوت الثمانية عشر حتى للمعتادة لما اشتهر من قضية أسماء فاجابه (ع) بعدم
دلالة ذلك على ثبوت الثمانية عشر مطلقا ولذا لما سأله الراوي في رواية المنتقى اقتصر على بيان المعتادة تأخذ عادتها فيكشف هذا
عن اهتمامه (ع) بردعهم عن العمل بقضية أسماء في المعتادة التي هي أغلب افراد النفساوات والمحصل من ذلك كله ان ليس في روايات الردع عن
العمل بقضية أسماء الا رفع الايجاب الكلى الذي توهموه من تلك القضية والمتيقن منه الردع بالنسبة إلى المعتادة
فهى ساكتة بالنسبة إلى
تقرير العمل بها في غير المعتادة والردع عنه فيخصص بها عموم ما دل على الثمانية عشر مطلقا بغير المعتادة بقى الكلام على هذا التقدير
ان أسماء إن كانت معتادة فلا وجه للاستشهاد بقضيتها في حكم غير المعتادة وإن كانت غير معتادة كان ما دل على الردع عن العمل بقضية
أسماء معارضا لما دل على الثمانية عشر ويمكن ان يختار الأول ويكون الاستشهاد بها لغير المعتادة لمجرد اشتهار اطلاقها بين الناس و
كونه مستندا ما ثورا عن رسول الله صلى الله عليه وآله فان مولانا أبى جعفر (ع) كثيرا ما كان يسند الحكم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ليقع الحكم في قلوب الخاصة
والعامة ولذا كان (ع) قد يسند الحكم إلى جابر بن عبد الله الأنصاري رضوان الله عليه فظهر بذلك كله صحة التمسك لهذا القول باخبار
هذه القضية وعدم التنافي بينها هذا كله مضافا إلى عموم أدلة احكام النفاس والنفساء بناء على أن النفاس ليس له حقيقة شرعية
ويصدق عرفا بعد العشرة ودعوى تخصيص ذلك بما دل على أن النفاس حيض محتبس ضعيفة إذ لا اشكال في أن الاحكام الواردة في
الشريعة للحيض انما هي لغير المحتبس من الحيض فكون الحيض المحتبس بمنزلة غير المحتبس أول الكلام واضعف منه توهم تخصيص ذلك العموم
بما دل على أن النفساء كالحائض إذ لو سلم وجود دليل يدل عليه فلا يراد منه الا كون المراة المتلبسة بهذا الوصف بمنزلة المتلبسة
بذلك الوصف في الاحكام فهذا التنزيل بعد الفراغ عن اتصاف هذه بالنفاس وتلك بالحيض والكلام هنا في أن ما زاد على العشرة
نفاس حتى يكون صاحبها نفساء فيكون بمنزلة الحائض أم لا نعم ربما يقال إن ما قويناه من اختصاص الثمانية عشر بغير المعتادة قول
بالفصل غير معهود بين الأصحاب وان قال به في المختلف واستحسنه في التنقيح وفيه مع أنه يكفي في جواز الفصل ذهاب مثل المص؟ قده في مثل
المختلف الذي هو اخر كتبه واختيار صاحب التنقيح له انه لم يعلم من القدماء القائلين بهذا القول نفيهم كلا لرجوع المعتادة إلى عادتها
فقولهم أكثر النفاس ثمانية عشر قبالا لقول المشهور ان أكثره عشرة ان المراد بيان ما لا يمكن الزيادة عليه شرعا فلا ينافيه رجوع
المعتادة إلى عادتها والعجب ممن استظهر ذلك وبالغ فيه عند رد ما ذكره الشهيد في الذكرى من التنافي بين فتوى الأصحاب بالعشرة ودلالة
الاخبار على الاخذ بالعادة في هذا القول مع تقابل القولين واتحاد مساقهما واضعف من ذلك ما ادعاه من أن حمل اخبار الثمانية
عشر على المبتدئة حمل على الفرد النادر ومناف لمورد الروايات الواردة في قضية أسماء إذ لا يخفى ان الروايتين المتقدمتين لم تدلا
على وجوب قعود النفساء ثمانية عشر حتى يكون حمله على المبتدئة والمضطربة حملا على الفرد النادر بل دلت الأولى على صيرورة الأكثر
ثمانية عشر في الشرع كصيرورة أكثر الحيض عشرة والثانية أيضا صرحت بأنه لا تقعد النفساء أكثر من ثمانية عشر وليس في شئ من ذلك
تقييد المطلق بالفرد النادر واما ما ذكره في قضية أسماء فقد تبع فيه جماعة حيث زعموا ان المص؟ قده حمل قضية أسماء على المبتدئة
بالمعنى الأخص فطعنوا عليه بأنها تزوجت بابي بكر بعد ما كانت عند جعفر بن أبي طالب وولدت منه أولادا والظاهر أن مراد المص؟ قده
المبتدءة بالمعنى الأعم بل مطلق غير المعتادة الشاملة للناسية وحمل قضية أسماء على شئ من ذلك لا يبعد كل البعد واما ما ربما
267

يذكر تبعا لظاهر كلام الشيخ في التهذيب من حمل تلك الأخبار على التقية ولو لم يعلم قائل بها من العامة فلعل القائل به كان موجودا أو ان المقصود
بيان خلاف حكم الله بما يكون أقرب إليه من حكم العامة من كون الأكثر أربعين أو ستين مع استناده (ع) في ذلك إلى حكم رسول الله صلى الله عليه وآله فهو بعيد
لا وجه لارتكابه بعد سلامتها عن معارض صريح أو ظاهر إذ قد عرفت اختصاصها بغير المعتادة بقرينة اخبار العادة فالانصاف ان هذا
القول لا يقصر في القوة عن القول المشهور الا ان شهرته المحققة ونقل الاجماع عليه خصوصا مع ما قيل من رجوع السيد والمفيد عنه تمنع عن مخالفته
فالعمل عليه الاحتياط مما لا ينبغي تركه بالجمع بعد العشرة بين وظيفتي النفساء والمستحاضة ثم إن هنا قولين آخرين أحدهما محكى عن
العماني وهو ان أكثره أحد وعشرون والثاني قول ثالث محكى عن المفيد وهو أحد عشر يوما وكلاهما شاذان لم اقف لهما على مستند الا
ان المص؟ في التذكرة استدل للعماني بصحيحة البزنطي عن الباقر (ع) والمحقق في المعتبر قال بعد نقال مذهب العماني انه روى ذلك البزنطي في كتابه عن حنبل
عن زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) لكنه اعترف بعد ذلك بان هذا القول متروك والرواية نادرة واما القول بأحد عشر فلم نجد له
مستندا وعن السرائر رجوع المفيد عنه إلى العشرة واما الأخبار الواردة بالزيادة على ذلك فهى ساقطة عند الأصحاب واردة للتقية
أو الاتقاء عن الكلاب ثم إن قولهم إن أكثر النفاس عشرة يعنون به عشرة متصلة بزمان الولادة لا مطلقا ويتضمن احكاما منها
انها لو رأت دما بعد العشرة لم يكن حيضا سواء برأت قبلها أو لم تر ولا خلاف في ذلك ومنها انها لو رأت أحد عشر يوما لم يكن
الحادي عشر نفاسا وهذا محل خلاف بينهم كما عرفت وهذان الحكمان باعتبار العقد السلبي الذي يتضمنه التحديد وهو انه لا يتعدى
عن العشرة المتصلة ومقتضى العقد الايجابي امكان وقوع النفاس إلى العشرة وهذا بنفسه لا يدل على وجوب قعود كل نفساء إلى العشرة
نعم يثبت ذلك بضميمة قاعدة الامكان المجمع عليها في المقام المطابقة المعروف من حيث صدق النفساء والنفاس ودم الولادة لكنها لا
تنافى ما دل على وجوب رجوع المعتادة إلى عادتها في الحيض وجعل الباقي مطلقا أو بعد الاستظهار استحاضة بشرط التجاوز عن العشرة
كما هو المشهور أو مطلقا كما احتمل أو قيل كما أن كون أكثر الحيض عشرة لا ينافي ما دل على وجوب رجوع المعتادة إلى عادتها وجعل الباقي
مطلقا أو بعد الاستظهار استحاضة بشرط التجاوز أو مطلقا والحاصل ان القول المذكور من المشهور لا يقضى وجوب قعود المراة بالفعل
ولو كانت معتادة لدون العشرة إلى العشرة بل غايته عدم امتناع العشرة بل التحقيق ان هذا الكلام ليس مسوقا لبيان امكان الأكثر
فقط بل له ولبيان امتناع الزائد ولذا تريهم يستدلون على ذلك باخبار رجوع المعتادة إلى عادتها فإنها وان لم يعين العشرة الا
بعد إضافة الاستظهار إلى العشرة الا انها يكتفى لنفى الزائد عن العشرة وامكان كونه عشرة لامكان كون العادة عشرة بل وقوعه أحيانا
لكن الظاهر من أكثر كلمات المشهور سيما القدماء وجوب ذلك على النفساء بحيث يظهر ان مرادهم ليس بيان مجرد الامكان نظير قولهم في الحيض بل
مرادهم وجوب التنفس فعلا إلى العشرة على مطلق النفساء الا ان تنقى قبل العشرة ومن هنا ذكر الشهيد في الذكرى ان الأخبار الصحيحة المشهورة
تشهد برجوعها إلى عادتها في الحيض والأصحاب يفتون بالعشرة وبينهما تناف ظاهر انتهى وربما تصدى جماعة من المتأخرين تبعا لكاشف
اللثام لدفع التنافي والرد على الشهيد قده بما ذكره في كشف اللثام من أنه لا تنافى عندي بين الرجوع إلى العادة والفتوى بالعشرة فإنهم
يفتون بأنها أكثره لا بكونها كلها نفاسا إذا تعداها الدم وإن كانت ذات عادة ولم ينص عليه فيما اعلم غير المحقق انتهى وحاصله ان
هذا القول نظير قولهم أكثر الحيض عشرة أيام فإنه لا تنافى الحكم برجوع المعتادة إلى عادتها إذا تجاوز الدم العشرة أقول وهذا
التوجيه حسن لو استظهر الشهيد فتوى الأصحاب بالعشرة من قولهم إن أكثر النفاس عشرة إذ لا وجه لهذا الاستظهار أصلا لما عرفت
من أن هذا الكلام في مقام بيان امكان بلوغه عشرة وامتناع تجاوزه عنه لكن الظاهر أن مستند الشهيد في نسبة ذلك إليهم ملاحظة
ظاهر أكثرهم وصريح بعضهم في كلماتهم الأخر غير التحديد المذكور فان أكثر كلمات أرباب كل من القولين المتقدمين ظاهر في وجوب قعود المرأة
عشرة أو ثمانية عشر عند استمرار الدم وجعل الزائد استحاضة من غير إشارة إلى الفرق بين المعتادة وغيرها فعن الصدوق في الفقيه
انه إذا ولدت المرأة قعدت عن الصلاة عشرة أيام الا ان تطهر قبل ذلك فان استمر بها الدم تركت الصلاة ما بينها وبين ثمانية عشرة
يوما لان أسماء بنت عميس نفست بمحمد بن أبي بكر في حجة الوداع فأمرها ان تقعد ثمانية عشر يوما انتهى وعن المقنعة أكثر أيام النفاس ثمانية
عشر يوما فان رأت الدم يوم التاسع عشر من وضعها الحمل فليس ذلك من النفاس وانما هو استحاضة وتفعل بما رسمناه للمستحاضة
وتصلى وتصوم انتهى وعن الانتصار ان مما انفردت به الإمامية ان أيام النفاس مع الاستظهار التام ثمانية عشر يوما وفى التهذيب لا
خلاف بين المسلمين ان عشرة أيام إذا رأت الدم من النفاس وما زاد على ذلك مختلف فيه انتهى وعن الغنية وأكثره عشرة أيام فكل دم تراه
بعده فهو استحاضة انتهى وعن السرائر ان حكمها حكم الحائض في جميع احكامها اللازمة عليه بغير خلاف وفى أكثر أيامها على الصحيح من
الأقوال والمذاهب لان بعض أصحابنا يذهبون إلى أن أكثر أيام النفاس وما زاد على ذلك مختلف فيه إلى عند استمرار دمها ثمانية عشر
268

يوما ذهب إليه السيد المرتضى في بعض كتبه والشيخ المفيد وعدلا عنه في تضيف اخر لهما وعدل السيد عن ذلك في مسائل خلافه فإنه
قال عندنا ان الحد في نفاس المرأة أيام حيضها الذي تقعدها يعنى أكثرها انتهى وعنه أيضا انه نقل عن المفيد انه سئل كم قدر ما تقعد
النفساء عن الصلاة وكم يبلغ أيام ذلك فقد رأيت في كتاب احكام النساء أحد عشر يوما وفى الرسالة المقنعة ثمانية عشر يوما
وفى كتاب الاعلام أحد وعشرون يوما فعلى أيها العمل فأجاب بان الواجب عليها ان تقعد عشرة أيام انتهى وذكر المحقق في المعتبر
والنافع ان المراة تصبر إلى النقاء أو مضى عشرة من غير تفصيل بين المعتادة وغيرها واستدل في المعتبر على ذلك برواية يونس المتقدمة
الدالة على الاستظهار بعشرة ثم قال أليس قدر ويتم انها تستظهر بيوم أو يومين قلنا هذا يختلف بحسب عوائد النساء من عادتها
تسع تستظهر في النفاس بيوم ومن عادتها ثمان تستظهر بيومين وضابطة البقاء على حكم النفاس ما دام الدم مستمرا حتى تمضى
لها عشرة ثم تصير مستحاضة انتهى ونحوها في اطلاق وجوب الصبر إلى العشرة من غير تفصيل بين المعتادة وغيرها متمسكا برواية
يونس والجمع بينها وبين غيرها بما في المعتبر عبارة المص؟ في التذكرة وظاهرها وجوب الاستظهار في النفاس بتمام العشرة وحمل اختلاف
مقدار الاستظهار في الاخبار على اختلاف العادات ولا ينافي ذلك قوله في الحيض بعدم وجوب الاستظهار وكون مقداره
يوما أو يومين وجواز الاستظهار إلى العشرة لعدم التلازم بين المسئلتين مع احتمال الرجوع عما ذكر في الحيض واضعف من ذلك
ما اورد على المحقق قده من أنه ذكر رواية يونس في باب الحيض وأجاب عنه بان اخبار اليوم واليومين أقوى وأكثر وأشبه
بالأصل وهنا قد اخذ بها وحمل ما عداها على اختلاف العادات ولا يخفى عليك ان هذه الرواية غير الرواية التي وردت في الحيض رواها
الشيخ في باب النفاس وروى نظيرها الواردة في الحيض في باب زيادات الحيض وكيف يظن به ان يتمسك بما ورد في الحيض لحكم
النفاس وذكر المحقق في الفرع السادس من فروع مسألة أكثر النفاس انه لا ترجع النفساء مع تجاوز الدم إلى عادة نفاسها ولا
إلى عادتها في الحيض ولا إلى عادة نسائها بل يجعل عشرة نفاسا وما زاد استحاضة حتى تستوفى عشرة وهو أقل الطهر انتهى
وغلطه المص؟ في المنتهى حيث إنه بعد ما اختار ان القطنة إذا خرجت ملوثة صبرت المرأة إلى النقاء أو مضى الأكثر إن كانت عادتها
العشرة والا صبرت عادتها خاصة واستظهرت بيوم أو يومين قال وكذا البحث لو استمر الدم قال وبعض
المتأخرين غلط هنا
فتوهم ان مع الاستمرار تصبر عشرة ولا نعرف عليه دليلا سوى رواية يونس المتقدمة ثم ردها بعدم الدلالة قال إذ من المحتمل
أن تكون عادتها ثمانية أيام أو تسعة انتهى والظاهر أن تخطئة المحقق انما هو فيما حكم به في الفرع السادس من عدم رجوع النفساء
إلى عادة حيضها مع تجاوز الدم العشرة وإن كان عبارة لا يأبى عن توجيه الايراد إلى ما ذكره المحقق أو لا من اطلاق وجوب
حد النفساء إلى العشرة من غير تفصيل بين المعتادة وغيرها كما يظهر ذلك من عبارة السرائر لكنك قد عرفت انه في التذكرة وافق المحقق
في هذا الاطلاق حرفا بحرف وان خالفه في المنتهى ففصل كما عرفت وأنت إذا تأملت هذه العبارات وجدت الجميع ظاهرة في وجوب
قعودها فعلا عشرة أيام أو ثمانية عشر لا في مقام بيان مجرد امكان كونها عشرة وامتناع كونه أزيد بل الظاهر من المص؟ في المختلف والمحقق
ان القول بقعود المعتادة أيام حيضها مقابل لكل من القول بالعشرة والقول بثمانية عشر فلاحظ ويظهر ذلك أيضا مما تقدم عن
السرائر حيث عد قول السيد في مسائل خلافه بان المعتادة ترجع إلى عادتها رجوعا عما ذكره في الانتصار من أن أكثر النفاس ثمانية عشر
والحاصل ان المتتبع لكلمات الأصحاب حتى المص؟ قده في بعض كتبه كالتذكرة لا يخفى عليه ظهور كلماتهم في وجوب قعود النفساء مطلقا
إلى العشرة من غير تفصيل بين المعتادة وغيرها على خلاف ما يظهر من الأخبار الآمرة بالجلوس إلى انقضاء العادة فما في الذكرى من التنافي
بينهما في محله وتوهم ان منشأ ما ذكره في الذكرى هو مجرد فتوى الأصحاب ان أكثر النفاس عشرة في غير محله لما عرفت ان مجرد هذا لا يصح
منشأ للتوهم الا انه يمكن دفع المنافاة بان حكمهم بوجوب القعود إلى العشرة حتى في ذات العادة من جهة ايجابهم الاستظهار عليها
إلى العشرة كما يظهر من المعتبر والتذكرة لا من جهة كون النفاس الواقفي في حقها عشرة حتى يلزمها التنفس بها مع تجاوز العشرة فثمرة رجوع
المعتادة إلى عادتها والفرق بينها وبين المبتدئة والمضطربة انما يظهر عند تجاوز الدم العشرة فان ذات العادة تأخذ عادتها
وغيرها تأخذ بالعشرة نعم قد صرح المحقق بخلاف ذلك في المعتبر على ما عرفت وعرفت أيضا تخطئة المص؟ قدس سرهما وحينئذ فلا تنافى بين
قولهم بان أكثر النفاس عشرة مطلقا وانه يجب على النفساء القعود عشرة مطلقا وانه لو تجاوز دمها العشرة اخذ المعتادة بعادتها
وغيرها بالعشرة وقد جمع بين هذه المطالب الثلاثة المص؟ قده في التذكرة الا ان كلامهم في الاستظهار وانه غير واجب يأبى عما ذكرنا فافهم
وكيف كان فالأقوى في المقام وجوب الاستظهار إلى العشرة لما عرفت من رواية يونس ولا يعارضها روايات الاستظهار
269

بيوم أو يومين لما عرفت من المعتبر والتذكرة من حملهما على ما إذا تم بهما العشرة ولو قلنا بعدم وجوب الاستظهار فانقطع الدم على العاشر فالمشهور
ان المجموع نفاس للصدق عرفا ولغة ولا يعارض ذلك اخبار الاقتصار في القعود على المعتادة وعمل المستحاضة بعدها أو بعد الاستظهار
لأن هذه الأخبار لبيان وجوب معاملة الدم بعد الاستظهار معاملة المستحاضة لا كونها مستحاضة واقعا كما أنه ربما يعامل
الدم معاملة الحيض ثم ينكشف عدم كونه حيضا هذا كله مضافا إلى ظهور الاجماع البسيط في المسألة والمركب حيث إنه لم يقل اخذ بالفرق
بين الحيض والنفاس في هذا الحكم وقد عرفت الحكم بذلك في الحيض وقد يؤيد بعموم التسوية بين الحائض والنفساء وكون النفاس حيضا
فالقول باختصاص العادة بالنفاس مع الوقوف على العشرة ضعيف بقى الكلام في مستند الاخذ بالعادة فقط لو تجاوز الدم العشرة
ولعله من جهة الاستظهار بناء على ما تقدم من أن المقصود من الاستظهار ظهور حال الدم الزائد على العادة من حيث انقطاعه على العشرة
حتى يكون نفاسا أو تجاوزه حتى يكون استحاضة واما لو أريد بالاستظهار الاحتياط في جانب النفاس من حيث احتمال زيادته على
العادة فان الدم قد تزيد على العادة وقد تنقص فلا يبعد ما تقدم عن جماعة في الحيض من كون أيام الاستظهار معدودا من النفاس
وان تجاوز العشرة كما يرشد إليه اطلاق بعض الأخبار باستظهار المبتدئة بل مطلق المستمر بها الدم الشامل لصورة عدم رجائها
الانقطاع لدون العشرة فتأمل والأحوط الجمع بعد العادة إلى زمان أكثر النفاس بين احكام النفساء والمستحاضة ثم إن مقتضى كون
أكثر النفاس عشرة أو ثمانية عشر هو وجوب الرجوع إليه مع امكانه وعدم الصارف عنه لما عرفت من صدق النفاس والنفساء لغة وعرفا
فقد ذكر السيد في بعض رسائله انه لا خلاف بين أهل اللغة ان المراة إذا رأت الدم بعد الوضع يصير نفساء وحينئذ فيجب على غير المعتادة
التنفس بالأكثر وعد الأكثر نفاسا عند تجاوز الدم عنه من غير فرق بين امكان التميز وعدمه لان أدلة التميز والرجوع إلى الصفات
مختصة باختلاط الحيض والاستحاضة كما عرفت وظاهر ان المراد من الحيض ما يقابل النفاس لا ما يعمه مع أن النفاس لا يختلط بالاستحاضة
لكونه مقدما على الاستحاضة فالشك في منتهى النفاس ومبدء الاستحاضة الا ان يقال إنه لا ينافي الرجوع إلى التميز نظير معتادة
الوقت مضطربة العدد فالعمدة اختصاص أدلة التميز بالحيض بالمعنى الأخص ولا يجدى ما دل على أن النفاس حيض احتبس أو ان النفساء
كالحايض لما عرفت في أكثر النفاس ومنه يظهر ضعف ما في البيان من رجوع المبتدءة إلى التميز ثم إلى عادة أهلها والمضطربة
إلى التميز ثم إلى الروايات وهو الظاهر من عبارة الذكرى أيضا ثم إذا استحيضت النفساء بان تجاوز دمها أكثر النفاس فلا اشكال
في كون الزائد إلى عشرة أيام استحاضة وهي أقل الطهر سواء صادف عادة الحيض المعتادة أم لم يصادف كما صرح به في المنتهى لسبق
الحكم بالنفاسية على مقدار العادة من العشرة فيمتنع التحيض بعد ذلك بما في العادة مع عدم تخلل أقل الطهر واما حكم الدم بعد
عشرة الاستحاضة فيحتمل ان يكون مستحاضة مطلقا إلى أن تطهر لاطلاق ما ورد في النفساء من أنها تعمل بعد العادة عمل
المستحاضة وان بلغ الدم ما بلغ ويحتمل ان يرجع في ذلك من أول الأمر إلى سنن المستحاضة من انتظار المعتادة لعادتها واخذ
غيرها بالتميز أو بالروايات لعموم أدلة المستحاضة مثل مرسلة يونس الطويلة وأدلة الصفات وأدلة العادة والروايات
ويحتمل ان ترجع إلى ذلك بعد ما تقعد المعتادة عادتها والمبتدءة والمضطربة إلى العشرة واحتمل بعض المعاصرين وجوب
صبرها بعد النفاس إلى شهر ولم اعرف له دليلا عدا ما يظهر من بعض الروايات ان الله تعالى حد للنساء في كل شهر مرة وفيه ان هذا التحديد
في مقابل الزائد على الشهر كما يستفاد من اخبار اخر من أن ما جاز الشهر فهو ريبه لا في مقابل تعدد الحيض في الشهر وذكر في الروض
تفصيلا حيث قال ومما يتفرع على كون النفساء كالحائض في الحكم الا ما خرج انه إذا استحيضت النفساء فالمبتدأة والمضطربة
تجعلان ما بعد عشرة النفاس استحاضة حتى يدخل الشهر المتعقب الذي ولدتا فيه فترجعان في الدم الموجود في الشهر الثاني إلى التميز
ثم ترجع المبتدءة إلى نسائها ثم ترجعان إلى الروايات والمعتادة تجعل بقدر عادتها في الحيض نفاسا والباقي في استحاضة إلى تمام طهرها
المعتادة ثم ما بعده حيضا الا ان يتغير لون الدم بحيث يستفيد منه تميز لا ينافي أيام النفاس فتجعل أيام التميز حيضا لان أيام النفاس
قائمة مقام أيام العادة في الحيض وقد أسلفنا ان العادة تقدم على التميز مع التنافي لا مع امكان الجمع بينهما انتهى وربما يظهر
ما ذكره في المبتدئة والمضطربة من الموجز وشرحه وما ذكره في المعتادة صرح به المص؟ ويه؟ والأظهر ان يقال إنه ان علمنا باطلاقات
كون ما بعد النفاس استحاضة لم يكن مناص عن الاحتمال الأول غاية الأمر ان يعارض معها أدلة العادة أو الصفات بالمفهوم
والنسبة عموم من وجه فيرجع إلى أصالة عدم الحيض بل بقاء الاستحاضة ويؤيده ان تقييد تلك الاطلاقات وجعلها مختصة
بمقدار العشرة بعد العادة في غاية البعد مع أن الغالب بقاء الدم إلى أزيد من العشرة بل العشرين بعد النفاس خصوصا مثل
270

الرواية المتقدمة عن المنتقى من ذكر امرأة محمد بن مسلم انها كانت تقعد قبل ذلك أربعين يوما ثم أفتاها أصحابها بثمانية عشر
وردها الإمام (ع) إلى مقدار عادتها وجعل الباقي استحاضة فان إرادة الاستحاضة إلى عشرة ثم الرجوع إلى قواعد الحيض في
غاية البعد ومع ذلك كله فالانصاف يقتضى ان يقال إن الظاهر من تلك الاطلاقات اثبات الاستحاضة في مقابل نفى النفاس فلا
تنافى الحكم بالحيضية إذا وجدت امارة الحيض كالعادة مثلا نعم الظاهر ورودها على قاعدة الامكان فلا يحكم بعد عشرة الاستحاضة
بالحيضية بمجرد الامكان وحينئذ فالمعتادة ان حضرت عادتها بعد عشرة الاستحاضة تحيضت والا انتظرت عادتها والظاهر أنه مراد الش؟
في ض؟ من قوله إن المعتادة تجعل الزائد عن النفاس استحاضة إلى تمام طهرها المعتاد يعنى إلى أن يتم طهرها المعتاد وتحضر عادتها
وقد صرح به المص؟ في يه؟ حيث قال إنها يعنى المعتادة تجعل ما بعد النفاس حيضا إلى تمام طهرها المعتاد ثم ما بعده حيض و
لو أراد منه وجوب عمل الاستحاضة إلى انقضاء مقدار طهرها المعتاد فلا يخفى فساده من وجوه واما ما استثناه بقوله الا
ان يتغير لون الدم فيرد عليه ان مورد التميز على ما يستفاد من أدلته كما تقدم صورة امتزاج الحيض بالاستحاضة والمفروض هنا
عدم العلم بتحقق الحيض الا من باب قاعدة الامكان وهي لا تصلح للورود على الاطلاقات الدالة على كون ما بعد أيام النفاس استحاضة
كما عرفت واما المبتدئة والمضطربة فحيث لا يجرى فيها الاطلاقات المتقدمة لاختصاصها بالمعتادة فلابد من الاقتصار في الاستحاضة
على القدر المتيقن وهي العشرة بعد النفاس لأنها أقل الطهر وبعد العشرة يرجع إلى قاعدة الامكان فتتحيض مطلقا أو بشرط
صفات الحيض فان انقطع على العشرة جعلت الكل حيضا والا رجعت إلى سنن المستحاضة فما ذكره الشارح من وجوب عمل
المستحاضة إلى الشهر المتعقب لا اعلم وجهه وانما يرجع إلى التميز وغيره بعد تجاوز العشرة من زمن التحيض ولم يرجع إليه من أول الأمر
مع تحقق الاستحاضة واستمرار الدم من أول الأمر لان روايات سنن المستحاضة انما تجرى في المستمر دمها مع العلم الاجمالي
بالحيض شرعا ولو بقاعدة الامكان وهذا العلم غير حاصل بمجرد انقضاء عشرة الاستحاضة وان تحقق استمرار الدم ومما
ذكرنا يعلم أنه لا دخل لكون النفساء بمنزلة الحائض في ثبوت الأحكام المذكورة فما ذكره الشارح من أن مما يتفرع على كون
النفساء كالحائض ان النفساء إذا استحيضت بان تجاوز دمها العشرة فالمبتدأة والمضطربة إلى اخر ما ذكرنا عنه سابقا فيه
ما فيه لان كون النفاس كالحيض لا يقضى الا كونه كحيض عرض المراة في غير أيامها إن كانت معتادة وهو لا يقضى الا كون ما بعده
إلى عشرة أيام طهرا واما حكم ما بعد العشرة فليس لكون النفاس كالحيض مدخل فيه ثم إن ما ذكر المحقق سابقا في مسألة أكثر
النفاس حيث ذكر ان ما يراد من العشرة استحاضة إلى أن يستوفى أقل الطهر لا يأبى الانطباق على ما ذكرنا من الاحكام بالنسبة
إلى المبتدئة والمضطربة الا انه قده ذكر ذلك في المعتادة فراجع وتأمل ويؤيد ما ذكرنا بل يدل عليه صحيحة ابن المغيرة عن أبي الحسن (ع)
في امرأة نفست فتركت الصلاة ثلثين يوما ثم طهرت ثم رأت الدم بعد ذلك قال تدع الصلاة لان أيامها أيام الطهر
قد جازت
مع أيام النفاس وعلل القعود عن الصلاة بتعدي أيام طهرها في ضمن أيام النفاس فتدل على أن هذا بمجرده كاف في التحيض
وانه لا مانع عن التحيض بعد النفاس سوى عدم انقضاء أيام الطهر ولا ينافيه عدم حكم الإمام (ع) بحيضية ما زاد عن العشرين من زمن
الولادة مع انقضاء أقل الطهر حينئذ لاحتمال تنزيل الرواية على مذهب القائل بالثمانية أو بالأحد والعشرين واما تقرير الإمام (ع)
للسائل في قوله ترك الصلاة ثلثين يوما فلعله للتقية أو نحوها من موانع الردع لو ولدت توامين فالدم بعد الثاني نفاس
قطعا كما في المنتهى بل اجماعا على الظاهر وكذا ما بعد الأول عند علمائنا كما في المنتهى والتذكرة لصدق الاسم عرفا قال السيد في الانتصار
لا يمنع كون أحد الولدين باقيا في بطنها عن أن يكون نفاسا وأيضا أهل اللغة لا يختلفون في أن المرأة إذا ولدت وخرج الدم
عقيب الولادة فإنه يقال نفست ولا يعتبرون بقاء ولد في بطنها انتهى فظهر بذلك ضعف ما في المعتبر من التردد أولا في تحقيق
النفاس من جهة انما حامل بالثاني فان الحمل بنفسه غير مانع عن تحقق النفاس ولذا قوى أخيرا كونه نفاسا لصدق الاسم ثم إن
مقتضى كون الولادة امارة ومعرفا لنفاسية الدم الحاصل عقيبها كون كل دم منها نفاسا مستقلا سواء تراخت ولادة
أحد التوأمين عن الأخر أو ولدا متعاقبين الا ان في صورة التعاقب يكون المجموع نفاسا واحدا بحسب الصورة وإن كان في الحقيقة
متعددا وإن كان ظاهر العبارة وحدة النفاس حيث قال فعدد أيامها من التوام الثاني وابتدائه النفاس من حين ولادة الأول
الا ان هذا الحكم في الحقيقة دليل على التعدد إذ لو كان نفاسا واحدا لاعتبر العدد من الأول ومما ذكر يعلم أنه قد يمتد مجموع
النفاسين إلى عشرين وقد يكون الأول إلى العشرة ثم يتخلل الطهر بل قد يطرء بعده الحيض ثم يتولد الثاني ويحصل النفاس
271

وهذا كله يكشف عن انه لا يعتبر تخلل أقل الطهر بين النفاسين وقد يستشكل في هذا لولا الاجماع عن جهة ان النفاس عندهم كالحيض
في الاحكام سيما هذا الحكم ولذا حكموا بعدم حيضية الدم السابق على الولادة أو اللاحق مع عدم تخلل أقل الطهر في المقامين أقول
ويؤيد الاشكال حكمهم بان النقاء المتخلل بين أيام النفاس في حكم النفاس لان الطهر لا يكون في أقل من عشرة لكنك خبير بأنه لا وقع لهذا
الاشكال لان كون النفاس بمنزلة الحيض إن كان من جهة التصريح بها في الفتاوى فلا يخفى ان من صرح بهذا العموم صرح بتخصيصه بذلك
وإن كان من جهة ما دل على أن النفاس حيض احتبس فقد عرفت غير مرة انه لا ينفع في ترتب احكام الحيض بالمعنى الأخص لان هذا ليس تنزيلا
شرعيا حتى يترتب عليه جميع احكام ذي المنزلة كقولهم الطواف بالبيت صلاة بل هو اخبار عن الواقع بان النفاس في الأصل هو دم الحيض
احتبس لغذاء الولد وهذا لا يدل الا على ثبوت ما ثبت لمطلق الحيض من الاحكام لا ما ثبت للحيض المطلق الذي لا يراد به في الاخبار الا
المعنى الأخص المقابل للاستحاضة والنفاس واضعف من ذلك توهم عموم المنزلة بحيث يجدى لما نحن فيه من قوله (ع) في بعض الأخبار المثبتة
لاحكام المستحاضة ان النفساء كالحائض لما عرفت سابقا من أنه لا يجدى في تنزيل النفاس منزلة الحيض مضافا إلى عدم العموم سيما
بملاحظة مورد ذلك النص واما حكمهم بوجوب تخلل أقل الطهر بين الحيض والنفاس فقد عرفت انه منصوص مجمع عليه في الحيض المتأخر
بل المتقدم أيضا لما عرفت سابقا من الروايتين في دم المخاض مع حكاية الاجماع عن ف؟ ودعوى عدم الفصل بينه وبين المتأخر من
الشارح في الروض واما جعل النقاء المتخلل بين اجزاء النفاس الواحد نفاسا فسيأتي وجهه ثم لو سلمنا ثبوت العموم في أدلة اعتبار
كون أقل الطهر عشرة لكنها مخصصة بما دل على كون الولادة امارة ومعرفا للنفاس وعلى ان أكثر النفاس عشرة أو ثمانية عشر
فإذا فرضنا انها رأت الدم عقيب الأول فانقطع على مقدار عادتها كالتسعة ثم رأت البياض في التسعة ولدت الثاني ورأت الدم
فاما ان يرفع اليد عن عموم أدلة تحيض النفساء مقدار عادتها فيخصصها بمن لم تر بعده قبل أقل الظهر نفاسا اخر واما ان
يرفع اليد عن عموم جعل أكثر النفاس عشر فيقال ان نفاسها نفاس واحد هو عشرون مثلا أو يقال بان دم الولادة الثانية
ليس بنفاس واما ان يقال بان عموم أدلة الطهر مخصصة بما عدا ما بين النفاسين ومن الظاهر عند المتأمل المنصف أولوية التخصيص
في العموم الأخير ومع التكافؤ فالمرجع إلى أصالة الطهر بناء على عدم جريان استصحاب النفاس موضوعا ولا حكما ومن هنا ظهر ان
ما ذكره كاشف اللثام من عدم الدليل على امتناع تعاقب النفاس مستقيم وان ما اورد عليه من أن جوازه يحتاج إلى دليل بعد ما
ثبت الحاق النفاس بالحيض في اعتبار أقل الطهر سقيم ثم إنه ذكر الشارح في الروض انه يترتب على تعدد النفاسين ما لو ولدت الثاني
لدون عشرة من ولادة الأول ولم تر بعد ولادة الأول الا يوما واحدا وانقطع في باقي الأيام المتخللة بينها فإنه يحكم بكونها طهرا
وان رأت بعد ولادة الثاني في العشرة وانقطع عليها بخلاف ما لو كان نفاسا واحدا كما هو ظاهر عبارة المص؟ هنا فإنه يلزم كون الدمين
والنقاء المتخلل بينهما نفاسا كما سيأتي انتهى وتبعه في الذخيرة وحاشية ضه؟ والحدائق وظاهرهم ان اللازم من تعدد النفاس كون الدم بعد
ولادة الثاني محسوبا من النفاس الثاني فقط وان رأته فيما دون العشرة من الأول فلا يجدى الدم الثاني في نفاسية النقاء الحاصل
قبل ولادة الثاني وبعدها المتخلل بينه وبين الدم الأول فكان النفاس الأول قد انقطع ولعله خلاف مقتضى سببية
الولادة التي هي المنشأ لحكمهم بالتعدد فان مقتضاها امتداد أيام كل واحد إلى عشرة ويكون الدم في الأيام المشتركة بين الولادتين
معدودا من كل من النفاسين له حكم كل منهما فلو رأت الأول من الولادة الأولى والخامس من ولادة الثاني وكان عاشرا من الأول
والعاشر من الولادة الثانية كان كل من النقائين المتخللين نفاسا ولعله الظاهر من كاشف الغطاء حيث قال لو رأت مع كل من التوأمين
الدم كان مبدأ النفاس من الدم الأول ثم إن تخلل بينه وبين الدم الثاني أقل الطهر عشرة أيام أو أكثر كانا نفاسين مستقلين والا
فإن كان الدم الثاني والأول وما بينهما من الزمان لا يزيد على عشرة أيام كان الجميع من الدمين والبياض بينهما نفاسا واحدا و
ان زاد الدم الثاني على العشرة من حين الدم الأول اخذ منه ما كمل العادة أو العشرة على قول والزائد استحاضة والأقوى جعله
نفاسا مستقلا وطريق الاحتياط غير خفى انتهى الا ان ما ذكره من القول بتكميل العشرة من الدم الثاني وجعل الزائد استحاضة
لم أجده لاحد من أصحابنا إذ الظاهر المصرح به في كلام جماعة اتفاقهم على أن عدد أيام النفاس من الولادة الثانية وكيف كان فيمكن الاستناد
لما ذكره الجماعة بان الدم الثاني منسوب عرفا إلى الولادة الثانية وإن كان معدودا شرعا منهما بناء على مقتضى السببية المتقدمة أو يقال إن
ما دل على امتناع تخلل أقل الطهر بين اجزاء النفاس الواحد مختص بالنفاس الذي أوجبه ولادة واحدة والا فلا ارى وجها لما ذكروه
سيما مع اعتراف بعضهم كالمحقق الخونساري في حاشية ضة؟ بتداخل أيام النفاسين فيما يتفقان فيه وطريق الاحتياط لا يخفى ثم
272

انه هل يلحق الولد المنقطع قطعا بالتوأمين فيكون لكل منهما نفاس أو يحكم بنفاس واحد للمجموع ويكون مستثنى مما دل على تحديد النفاس
بعشرة فيجعل ابتدائه من ظهور الجزء الأول وعدده من انفصال الجزء الأخير أو انفصال الجزء الذي يصدق الولادة بسقوطه منفردا لاشتماله على
معظم اجزاء الولد أو منضما إلى ما سبق من الأجزاء أو يحد بحد النفاس من ظهور الجزء الأول وان انتهى الحد قبل الانفصال فيحكم بالاستحاضة
أو من انفصال الجزء الأخير أو ما يصدق بسقوطه الولادة كما تقدم فيكون السابق على الولادة استحاضة وجوه اختار أولها جماعة قال
المص؟ في النهاية لو سقط عضو من الولد وتخلف الباقي رأت الدم فهو نفاس انتهى ولا اعرف له وجها مع عدم تحقق الولادة بسقوط
القطعة كما لا وجه لتخصيص أدلة تحديد النفاس ولا لعد حده من انفصال الجزء الأخير مع كون الدم المصاحب نفاسا وحكمها كالحائض
فيما يحرم عليها ويجب ويستحب ويكره لأنه دم حيض احتبس لغذاء الولد ومنه يعلم أن النفاس لا يفارق الحيض في الخواص الا في أمور بعضها
يتعلق بالفرق بين نفس؟ الحيض والنفاس وبعضها يتعلق بالفرق بين الحائض والنفساء ويمكن ارجاع الكل إلى نفس الحيض والنفاس ومنه
يعلم أن الاستثناء في كلام المص؟ منقطع عند التحقيق فان احكام النفساء والحائض غير احكام الحيض والنفاس وكيف كان فمن الأمور
المذكورة الأقل فإنه في الحيض ثلثة وفى النفاس لحظة ومنها الأكثر فان في أكثره خلافا بخلاف أكثر الحيض ومنها ان الحيض دليل على
البلوغ بخلاف النفاس فان البلوغ يعلم بالحمل وربما يجاب عن ذلك بان دلالة الحمل عليه لا يمنع من دلالة النفاس الا ان يراد الدليل
الفعلي ومنها ان العدة ينقضى بالحيض دون النفاس لأنه مسبوق بالوضع الذي به تنقضي العدة نعم في العدة التي لا تنقضي بالوضع كعدة
المطلقة الحامل من الزنا تنقضي به ومنها ان النفساء لا ترجع إلى نسائها بخلاف الحائض ومنها ان النفساء لا ترجع إلى عادتها في
النفاس بخلاف الحائض وبالرجوع في المقامين رواية شاذة ومنها انها لا ترجع إلى التميز ولا إلى الروايات عند الأكثر بخلاف
الحائض ومنها الخلاف في اشتراط تخلل أقل الطهر بين الحيضين اتفاقا بخلاف النفاس المتأخر والظاهر أن المتقدم لا خلاف فيه ومنها
عدم اشتراط أقل الطهر بين النفاسين ولو لم تر الدم بعد الولادة ثم رأت اليوم العاشر منها فهو النفاس كما عن السرائر والجامع
والشرايع وكتب المص؟ قده ومن تأخر عنه بل عن المدارك ان هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب ويدل عليه صدق النفاس عرفا لعدم
اعتبار الاتصال بالولادة وحكم العرف نعم يشكل مع عدم الصدق أو عدم العلم به مع عدم العلم بكونه الدم المحتبس ولذا ناقش
فيه صاحب المدارك فالأولى الاستدلال له بظهور الاجماع كالاستدلال به لاعتبار كون العشرة من مبدء الولادة لا من حين رؤية الدم
وقد يستدل له برواية مالك بن أعين في النفساء يغشاها زوجها وهي في نفاسها من الدم قال إذا مضت منذ يوم وضعت أيام عدة
حيضها واستظهرت بيوم فلا باس ان يغشاها زوجها وما ورد من قول النبي صلى الله عليه وآله لأسماء بنت عميس بعد سؤالها عن الغسل منذ كم ولدت
ولا يبعد دعوى انصرافها إلى مقارنة الدم الأول (أو رأت)؟ بحكم الغلبة وكيف كان فربما يستفاد من اطلاق العبائر شمول الحكم لما إذا رأت
الدم الولادة بعد العاشر أيضا مع كونها معتادة لما دون العشرة لكن قيده جماعة كجامع صد؟ ومن تبعه بما إذا كانت غير معتادة أو
اعتادت العشرة واما معتادة ما دونها فيشترط في التنفس عدم تجاوز الدم عنها ولعله لما تقرر عندهم في الحيض من أن الدم
المتجاوز عن العادة إذا لم ينقطع على العشرة ليس بحيض فليس نفاسا أيضا ويشكل بان المستند في هذا الحكم فيما تقدم في الحيض هو
الأخبار الدالة على رجوع المستحاضة إلى عادتها وجعل ما عداها استحاضة وهي وإن كانت مختصة بما عدا الدورة الأولى للمستحاضة
الا انك قد عرفت في تلك المسألة ثبوت الحكم في الدورة الأولى بتنقيح المناط ولذا تأمل في الحكم المذكور جماعة تبعا لصاحب المدارك
وهذا الدليل مفقود فيما سمعت لأنها حيث لم تر الا العاشر وما بعده لم يصدق عليها المستحاضة حتى ترجع إلى عادتها وتدع ما
سواها وكون النفاس حيضا لا يجدى لان الحكم بكون ما تراه الحائض بعد العادة وتجاوز عن العشرة المستحاضة
انما هو لمن
استمر بها الدم إلى ما بعد العادة والعشرة لا من لم تر الا بعد العادة كما لا يخفى وحينئذ فلا يبعد جعل العاشر حيضا للصدق العرفي
المتقدم وجعل ما عداه استحاضة لما دل على أن أكثرها عشرة وما أبعد ما بينه وبين ما احتمله في الذكرى من أنه ينبغي على اعتبار
عادة الحيض في نفاس المعتادة ان يكون الخارج عنها استحاضة وان انقطع على العشرة ويضعفه ان اعتبار عادة الحيض في نفاس
المعتادة لم يستنبط الا من الأخبار الدالة على التنفس بقدر العادة وجعل ما عداها استحاضة بدون الاستظهار أو معه
وهذه الأخبار إما ان تختص بمن استمر دمها إلى العادة وتجاوز عنها كما هو ظاهرها سؤالا وجوابا فلا ريب في خروج الفرض
عنها سواء انقطع الدم على العشرة أو تجاوزها؟ فيجب الرجوع في حكمه إلى قاعدة الامكان والصدق العرفي وأدلة كون النفاس كالحيض
في كون أكثره عشرة فلا وجه لما ذكره وإن كانت الاخبار بحيث يشمل الفرض إما بالعموم اللفظي أو بتنقيح المناط فلا يخفى انهم قد
273

اعترفوا بان هذه الأخبار لا تنافي جعل ما بعد العادة نفاسا إذا استمر الدم من الولادة إلى ما بعد العادة وانقطع على العشرة
ولذا ذكروا ان الزائد على العادة عند استمرار الدم إليها وانقطاع الدم على العشرة نفاس فهى حينئذ لا تدل على كون خصوص العادة
معتبرة الا في حق من تجاوز دمها عن العشرة إما المنقطع عليها فهو نفاس بحكم هذه الأخبار وإن كان بعد العادة والعشرة فحكمها حكم
المستحاضة فافهم فمحصل ما يستفاد من الأدلة هو انها متى رأت الدم قبل العادة اتصل بالولادة أو انفصل ثم استمر إلى ما بعد العادة
والعشرة فحكمها حكم المستحاضة في الحيض في وجوب جعل عادتها لا غير نفاسا لان دعوى اختصاص الأخبار الواردة في المعتادة بمن اتصل
دمها بالولادة أو قريبا منها وإن كانت غير بعيدة الا ان الاعتناء بهذا الانصراف بعيد فلا فرق بين من استمر دمها من حين الولادة
إلى ما بعد العشرة وبين من حدث دمها في الخامس مع كون عادتها الستة أو السبعة فلو رأت معتادة السبعة الخامس إلى ما بعد العشرة فنفاسها
ثلاثة أيام وهكذا واما لو لم تر إلى ما بعد العادة ثم رأت وعبر العشرة فالظاهر خروجه عن مورد الاخبار فمقتضى الصدق تحقق النفاس
من زمان الرؤية إلى العاشر وربما يشكل إذا كان عدده أكثر من العادة كما اعتادت في الحيض ثلثة أو أربعة فلم تر النفاس الا خامس
الولادة وعبر العشرة فهل يجعل الستة نفاسا لما عرفت من اختصاص الاخبار بمن رأت في العادة ثم استمر فيرجع في هذا إلى عمومات
النفاس أو يجعل النفاس بمقدار عادتها الثلاثة أو الأربعة لان المستفاد من الاخبار على وجه الكلية ان النفساء المستحاضة كالحايض
المستحاضة لا وقت لها الا أيامها سواء رأت من الولادة إلى العادة أو لم تر الا بعد العادة فهى كحايض لم تر الدم الا بعد أيامها وعبر
عن عادتها وعن العشرة ولعل هذا هو الأقوى هذا كله عند من يقول بهذه الكلية في النفاس يعنى كل دم تجاوز عن العشرة والعادة
فالنفاس العادة إما على ما اخترناه من أنه يجب على المعتادة زيادة تمام العشرة على العادة استظهارا فالمعتادة كالمبتدئة والمضطربة
فهذه الكلمات ساقطة رأسا والمتجه عليه ما ذكره المص؟ من الاطلاق تبعا لشيخه المحقق وعلى أي تقدير فلا اشكال في أنه لا يؤخذ بشئ
مما بعد العشرة وإن كان متمما للعادة لان أكثر النفاس عشرة وليس هذا التحديد نظير تحديد أكثر الحيض في أن المراد منه ان أكثر أيام الدم
عشرة فيكون تحديد المقدار الدم فقط بل المراد منه تحديد الأيام القابلة لوقوع النفاس فيها من يوم الولادة سواء وقع فيها
مقدار العشرة أو لم يقع فيها الا مقدار يوم ولذا حكموا بأنها لو لم تر الا الحادي عشر لم يكن نفاسا مستندين في ذلك إلى أن
أكثر النفاس عشرة والقرينة على ما ذكرنا من التفسير وإن كان ظاهر العبارة تفسير المقدار الدم الاجماع على أن مبدء العشرة من
حين الولادة وعلى انه لا يعتبر اتصال الدم بالولادة ولو رأته أي العاشر والأول خاصة فالعشرة نفاس اجماعا على الظاهر المستظهر من
بعض العبائر إما الدمان فلصدق النفاس عليهما واما النقاء فلكون المراة في أيامه نفساء عرفا إذ لا يعتبر في مثل هذا المشتق
تلبس الذات بالمبدء على الدم فيشمله حينئذ كلما دل على أن النفساء تكف عن الصلاة أيام أقرائها والتزام تقييدها بمن رأت الدم مستمرا
غير مفصول بالنقاء بعيد جدا ومن هنا ظهر ان الطهر في النفاس الواحد لا يتحقق على مذهب القول بالعشرة مع أن الطهر مطلقا لا يقصر
عن عشرة لعموم النص والاجماع خرج منه النفاسان المفصولان بما دون العشرة لما تقدم سابقا فما ذكره كاشف اللثام من الايراد
على من استدل في المسألة بعدم قصور الطهر عن عشرة كالسرائر والمعتبر والتذكرة والذكرى وغيرها بالنقض بالطهر بين النفاسين لعله في غير
محله كتوقف صاحب الذخيرة حيث ذكر انه ان لم يثبت اجماع على الكلية المذكورة كان للتوقف في الحكم المذكور مجال لفقد النص الدال
عليه نعم ربما يحسن الايراد هنا من مثل صاحب الحدائق ممن ترى جواز الفصل بأقل الطهر بين اجزاء الحيضة الواحدة وينحصر اعتبار
الفصل بالعشر بين الحيضين وقد عرفت الحال فيه ثم إن الحكم بنفاسية العشرة هنا مقيد كما في السابق عند من يرى أكثر النفاس
العادة بعدم كون المراة معتادة لما دونها مع تجاوز الدم العشرة والا فالنفاس في مسألة الكتاب هو الأول قال في الروض
ويترتب على كون الأول نفاسا خاصة امكان الحكم بالحيض من الثاني عشر فصاعدا ان استفادت منه تمييزا أو لم تر في العاشر ورأت
الثاني وما بعده إلى ثلثة قد يحكم بكونها حيضا لامكانه انتهى وهو حسن هذا كله على مذهب من يحد الأكثر بالعشرة واما من يحده
بثمانية فلو لم تر بعد الأول الا الخامس عشر واستمر ثلثة فإن كانت غير معتادة أو كان في غير أيام عادتها فالظاهر الحكم بكونها نفاسا
لعموم دليل النفاس في الدم عقيب الولادة ولا يعارضها قاعدة الامكان لان ذلك العموم دليل الامتناع وان صادف أيام المعتادة
فهل يرجح عموم أدلة النفاس أو عموم أدلة التحيض في العادة وجهان ولا يبعد ترجيح دليل النفاس هذا إذا اجتمع شرائط الحيض إما إذا
كان أقل من ثلثة مثلا فالظاهر تعيين كونه نفاسا لأنه في وقت امكانه مع الصدق عرفا كما ذكرنا فيمن لم تر الا العاشر إذ لا يفرق العرف
جزما بين من رأت لحظة ثم رأت العاشر أو رأت الثاني عشر لكن ذكر في المنتهى تفريعا على هذا القول انه لو رأت ساعة بعد الولادة
274

ثم انقطع عشرة أيام ثم رأته ثلاثة أيام فإنه يحتمل ان يكون حيضا لأنه بعد أيامه بقدر طهر كامل وأن يكون نفاسا لأنه في وقت امكانه
فعلى الأول لو رأته أقل من ثلثة كان دم فساد لأنه أقل من عدد الحيض بعد طهر كامل فكان فساد أو على الثاني يكون نفاسا ولم اقف له
على نص في ذلك انتهى وفيه مواضع للنظر تعرف مما قدمناه سابقا
275