الكتاب: كتاب الصلاة (ط.ق)
المؤلف: الشيخ الأنصاري
الجزء:
الوفاة: ١٢٨١
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: انتشارات الرسول المصطفى (ص)
ردمك:
ملاحظات: طبعة حجرية - انتشارات الرسول المصطفى (ص) - قم - خيابان ارام - پاساژ قدس

كتاب الصلاة
تأليف
الامام المحقق الأصولي الفقيه المجدد
الشيخ مرتضى الأنصاري (قدس سره)
1

كتاب الصلاة
بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد واله وآله الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم
أجمعين إلى يوم الدين في المواقيت وفيه فصلان * (الأول في أوقات الفرائض الخمس وفيه
مسائل) * (الأولى) لا خلاف ظاهر انى ان زوال الشمس أول وقتا لظهر وانما الخلاف في أنه من حين الزوال
يشترك الوقت بينها وبين العصر أو يختص الظهر من أول الزوال بمقدار أدائها الشهور هو الثاني والأول
محكى عن الصدوق ونسب إلى والده أيضا قدس سرهما والمعتمد ما ذهب إليه المعظم لنا مضافا إلى إما رواه الشيخ عن
داود بن فرقد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتى
يمضى مقدار ما يصلى المصلى أربع ركعات فماذا مضى ذلك فقد دخل وقت الظهر والعصر حتى يبقى من
الشمس مقدار ما يصلى أربع ركعات فإذا بقى مقدار ذلك فقد خرج وقت الظهر وبقى وقت العصر حتى
تغيب الشمس وهذه الرواية وإن كانت مرسلة الا ان سندها إلى الحسن بن فضال صحيح وبنو فضال ممن أمر
بالأخذ بكتبهم ورواياتهم مضافا إلى انجبارها بالشهرة العظيمة بل عدم الخلاف الصريح في المسألة
نظر إلى أنه لم يظهر من الصدوق المخالفة الا لا يراد اخبار الاشتراك في كتابه ونسبة المخالفة إليه
بمجرد هذا مشكل سيما بعد ملاحظة ان ما اورده من الاخبار ظاهر في اشتراك الوقت من أوله إلى آخره بين
الظهرين مع أن كلامه في الفقيه كما سيجئ صريح في اختصاص اخر الوقت بالعصر وبالجملة فنسبة القول باشتراك
الوقت من أوله إلى آخره إلى الصدوق مشكل ومما يقوى ذلك الاشكال وقوع التصريح بالاجماع في كنز العرفان وحكاية عن الحلى وفي السرائر وظهوره من كلام السيد المحكي في المختلف والمدارك واحتج للصدوق
2

باخبار الاشتراك وهي كثيرة فيها ما رواه الصدوق في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال
" إذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر والعصر وإذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب والعشاء الآخرة "
ومنها رواية عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (ع) حيث سئله عن وقت الظهر والعصر فقال " إذا زالت الشمس دخل
وقت الظهر والعصر الا ان هذه قبل هذه ثم أنت في وقت منهما جمعا حتى تعيب الشمس " ومنها ما رواه عبيد
بن زرارة أيضا عن أبي عبد الله (ع) في قوله تعالى " أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل " قال إن الله تعالى " افترض
أربع صلاة أول وقتها من زوال الشمس إلى انتصاف الليل " منها صلاتان أول وقتهما من عند زوال الشمس
إلى غروب الشمس الا ان هذه قبل هذه ومنها صلاتان أول وقتها من غروب الشمس إلى انتصاف الليل ومنها
رواية الصباح بن سبابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال " إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين " ومثلها
رواية سفيان نسبط ومالك الجهني عن أبي عبد الله (ع) ورواية منصور بن يونس والمكاتبة المروية عن محمد بن
[؟؟؟؟؟؟؟] يحيى عن أبي الحسن (ع) ورواية إسماعيل بن مهران عن الرضا (ع) والجواب إما عن روايتي عبيد فباشتمالهما
على ما يونس كون المراد من دخول الوقتين عند زوال الشمس دخولهما متعاقبين وهي قوله في الأول منهما ثم أنت
في وقت منهما حتى تعيب الشمس مع أنه لم يقل أحد ظاهرا باشتراك اخر الوقتين ونسبة إلى الصدوق وغير صحيحة كما سيجئ
وقوله في الثانية افترض أربع صلاة أول وقتها من زوال الشمس إلى انتصاف الليل وقوله ومنهما صلاتان
أول وقتهما من غرو ب الشمس إلى انتصاف الليل وقد يرد هذه الرواية وما قبلها بان قوله فيهما الا ان هذه قبل
هذه دال على تقدم وقت الأولى على الثانية وفيه ما لا يخفى فان الفقرة دالة على ثبوت الترتيب بين
الصلاتين لا بين وقتيهما واما عن الروايات الباقية فبانها على ضعفها سندا عامة بالنسبة إلى المرسلة المتقدمة
المنجبرة بما تقدم المعتضدة بالأصل فتعين تخصيصها بها ثم إنه قد يستدل على المذهب المشهور بأدلة اخر منها ما
ذكره العلامة قدس سره في المختلف وحاصله كما لخصه بعض ان القول باشتراك الوقت حين الزوال بين الصلاتين
مستلزم لاحد باطلين إما التكليف بما لا يطاق واما خرق الاجماع لان التكليف حين الزوال إن كان واقعا
بالعبادتين معا كان تكليفا بما لا يطاق وإن كان واقعا بأحدهما الغير المعين أو بأحدهما المعين وكان
هو العصر كان ذلك خرقا للاجماع وإن كان واقعا بأحدهما المعين وكان هو الظهر ثبت المطلوب و
الجواب عن ذلك بوجوه أوضحها النقص بالزمان الواسع لصلاة أربع ركعات من وسط الوقت
فإنه مشترك بين الظهرين اتفاقا مع أنه يرد عليه ما اورد على أول الوقت حرفا بحرف ومنها ما ذكره في
3

المدارك من أنه لا معنى الفريضة الا ما جاز ايقاعها فيه ولو على بعض الوجوه ولا ريب ان ايقاع
العصر في هذا الوقت على سبيل العمد ممتنع وكذا مع النسيان على الأظهر لعدم الاتيان بالمأمور به على وجهه
وانتفاء ما يدل على الصحة مع المخالفة فإذا امتنع ايقاع العصر في هذا الوقت انتفى كون ذلك وقتا لها والجواب
عن ذلك ان امتناع ايقاع العصر في هذا الوقت عمدا عند الخصم انما هو لفقدان الترتيب لا لعدم صلاحية
الوقت له ولازمه لو لم يثبت اعتبار الترتيب في صورة النسيان لم يمتنع ايقاعها قبل الظهر فدعوى عدم
الاتيان بالمأمور به على وجهه ومصادرة ان استندت إلى عدم صلاحية الوقت وعرية عن البينة ان استندت إلى
دعوى اشتراط الترتيب ولو في صورة النسيان بل يمكن ان يستدل على عدم اشتراط الترتيب مع النسيان
مطلقا حتى فيما لو وقع العصر في الجزء الأول من الوقت بصحيحة صفوان عن أبي الحسن (ع) قال سئله عن رجل نسى الظهر
حتى غربت الشمس قد كان صلى العصر فقال كان أبو جعفر (ع) وكان ابن أبي
(ع) يقول إذا امكنه ان يصليها قبل ان
تفوته للغرب بدأ بها والاصلي المغرب ثم صليها فان عمومها الناشئ من ترك الاستفصال يشمل ما لو صلى
العصر في الوقت المختص بل يمكن جعل هذا دليلا مستقلا للصدوق قدس سره اللهم لا ان يقال بانصراف السؤال بحكم
التبادر إلى غير هذه الصورة فتأمل ومنها ما ذكره غير واحد من مشايخنا وغيرهم من الروايات الدالة على
اختصاص اخر الوقت بالعصر المستلزم لاختصاص أول الوقت بالظهر بالاجماع المركب والجواب عن ذلك
ان قول الصدوق باشتراك اخر الوقت غير معلوم بل الظاهر منه قدس سره اختصاص اخر الوقت قال في الفقيه
في أواخر باب أحكام السهو في الصلاة ما هذا لفظه وان نسيت الظهر والعصر ثم ذكرتها عند غروب الشمس فصل
الظهر ثم صل العصر ان كنت لا تخاف فوات إحديهما وان خفت ان يفوتك إحديهما فابدء بالعصر ولا تؤخرها فيكون
قد فاتتك جميعا ثم صل الأولى بعد ذلك على اثرها وقال أيضا بعد هذا ومن أمته الظهر والعصر جميعا ثم ذكرهما
وقد بقى من النهار بمقدار ما يصليها جميعا بدء بالظهر ثم بالعصر وان بقى من النهار بمقدار ما يصلى إحديهما
بدء بالعصر وحكى مثل هذا التصريح عنه في المقنع واستظهر منه أيضا في الهداية ومع ذلك كله فكيف
ينبغي دعوى الاجماع المراكب قد عرفت ان الظهر يختص من أول لوقت بمقدار أدائها فاعلم أن
العبرة في أدائها بحال المصلى في ذلك الوقت باعتبار كونه قويا أو ضعيفا بطئ القراءة أو سريعها حاضرا أو مسافرا
فاقد البعض الشروط أو جامعا بجميعها حتى أنه لو فرض كون المصلى في شدة الخوف وقد دخل عليه الوقت
جامعا للشروط فوقت الاختصاص بالنسبة إليه مقدار صلاة ركعتين عوض كل ركعة تسبيحات مع يضاف إليها ولو
4

فرض كون المصلى فاقد الشروط لا تحصلها الا إذا بقى إلى الغروب مقدار ثمان ركعات فهنا لا وقت مشترك
بين الفرضين
{الأقرب ان اخر وقت الظهر للمختار} هو ما إذا بقى إلى الغروب مقدار أداء الفرضين وفاقا للمحكى عن السيد
المرتضى وابن الجنيد وسلار وابن سعيد وابن إدريس وابن زهرة قدس الله اسرارهم وحكى عن الأخيرين
دعوى الاجماع عليه وهو اختيار الفاضلين والشهيدين واكثر المتأخرين خلافا لظاهر المفيد في [المقنعة] و
المحكي عن العماني فجعلا اخر الوقت ما إذا صار الظل مقدار سبعي الشاخص وللمحكى عن الشيخ في المبسوط والقاضي
فجعلاه ما إذا صار ظل كل شئ مثله وللمحكى عن الشيخ في الاقتصار والحلبي فجعلاه ما إذا صار الظل أربعة أسباع
الشاخص لنا مضافا إلى الأصل وعموم قوله تعالى " أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل " ما رواه الشيخ
عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (ع) في قوله تعالى " أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل " قال إن الله
افترض أربع صلاة أول وقتها من زوال الشمس إلى انتصاف الليل منها صلاتان أول وقتها من عندئذ زوال الشمس إلى
غروب الشمس الا ان هذه قبل هذه ومنها صلاتان أول وقتهما من غروب الشمس إلى انتصاف الليل الا ان
هذه قبل هذه وليس في سند هذه الرواية من يتوقف في شانه سوى الضحاك بن زيد والظاهر أنه أبو مالك
الحضرمي الذي حكى فيه عن النجاشي انه ثقة ثقة إذا لم نجد فيما عندنا من الرجال في عنوان المسلمين بهذا الاسم
من يصلح لكونه هذا الرجل الا من ذكر مكنى بابى مالك نعم يحتمل ان يكون هذا الرجل ممن يذكر في الرجال أصلا
نكن فتح باب هذا الاحتمال مما ينسد باب الرجوع إلى كتب الرجال إذ لو فرض انهم ذكروا أيضا الضحاك ابن زيد
ووثقوه قلنا من أين نعلم أن هذا الرجل هو المذكور في الرجال فلعله رجل اخر غير من ذكر مشترك معه اسما وأبا و
مما يؤيد وثاقته بل يدل عليه رواية البزنطي عنه وحكى عن الشيخ في العدة في شأن البزنطي الأمة يروى الا عن
ثقة هذا كله مضافا إلى أن تقدم البزنطي عليه نعني عن تشخيص حاله حيث إن البزنطي ممن حكى اجماع العصابة على
تصحيح ما يصح عنه فلا حاجة إلى ملاحظة من بعده على ما هو أحد معاني هذه العبارة وما رواه الشيخ عن
معمر بن يحيى قال سمعت أبا جعفر (ع) يقول وقت العصر إلى غروب الشمس دل على امتداد وقت العصر إلى الغروب
5

المستلزم لامتداد وقت الظهر إلى ما قبل مقدار أداء العصر بالاجماع المركب وما رواه عن داود بن فرقد عن
بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) وقد تقدم ذكره في المسألة السابقة واعتبار سنده ويؤيد هذه الروايات
روايات أخر مثل ما رواه عبيد بن زرارة قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الوقت الظهر والعصر فقال إذا زالت
الشمس دخل وقت الظهر والعصر جميعا الا ان هذه قبل هذه ثم أنت في وقت منهما حتى تغيب الشمس وليس في
سنده الا القاسم بن عروة وهو وان لم يصرح بتوثيقه الا انه روى عنه هذه الرواية جماعة من الثقات
وهم الحسين بن سعيد والبرقي والعباس بن معروف وهذه ما يقرب صحته الرواية مع أن القاسم بن عروة هذا
الظاهر أنه مولى ابن أبي
أيوب كما يظهر من الرجال وقد روى عنه ابن ابن أبي
عمير البزنطي في بعض الروايات وهذا من
امارات وثاقته وما رواه الشيخ أيضا عن زرارة قال قال أبو جعفر (ع) " أحب الوقت إلى الله أوله حين يدخل
وقت الصلاة فصل الفريضة وان لم تفعل فإنك في وقت منها حتى تغرب الشمس " وفي طريق الرواية موسى بن
بكر الواسطي الواقفي الغير الموثق {حجة من قال بامتداد وقت الاختيار} إلى أن يصير الظل قدمين أعني سبع
الشاخص ما رواه زرارة عن أبي جعفر (ع) قال سئلته عن وقت الظهر فقال " ذراع من زوال الشمس ووقت
العصر ذراع من وقت الطهر " فذاك أربعة اقدام من زوال الشمس وما رواه حريز عن الفضلاء عن أبي جعفر (ع)
وأبى عبد الله (ع) وقت الظهر بعد الزوال قدمان ووقت العصر بعد ذلك قدمان وهذا أول وقت إلى يمضى
أربعة اقدام للعصر وبما دل على أن وقت الظهر قامة من زوال الشمس نبأ على تفسير القامة بالذراع كما في
غير واحد من الاخبار والجواب إما عن رواية زرارة فبان المراد منها تأخير صلاة الظهر إلى الذراع لأجل
النافلة لان ان مجموع وقت الظهر ذراع ويشهد بذلك ما صرح به قوله (ع) في ذيل الرواية ان حايط مسجد
رسول الله صلى الله عليه وآله كان قامة وكان إذا مضى من فيئة ذراع صلى الظهار وإذا مضى من فيئه ذراعان صلى العصر ثم قال
أتدري لم جعل الذراع والذراعان قلت لم جعل ذلك قال لمكان الفريضة فان لك ان تنتقل من زوال
الشمس إلى أن يمضى الفيئ ذراعا فإذا بلغ فيئك ذراعا من الزوال بدأت بالفريضة وتركت النافلة و
بهذا المضمون اخبار كثيرة دالة على تأخير الفريضة إلى الذراع وبمثل هذا يجاب عن رواية الفضلاء ولو
سلم عدم ظهورها فيه فلا أقل من احتمالها له احتمالا مساويا فيقع الاجماع ولو سلم ظهورها في امتداد
الوقت إلى قدمين حملناها على بيان أول أوقات الفضيلة كما سيجئ في اخبار المثل والمثلين كما يشهد مكاتبة
محمد بن فرح قال كتبت إليه أسئله عن أوقات الصلاة فأجاب إذا زالت الشمس فصل سبحتك وأحب ان يكون
6

فراغك من الفريضة والشمس على قدمين ثم صل سبحتك واجب ان يكون فراغك من العصر والشمس على أربعة اقدام و
إما عن اخبار القامة فبان حمل القامة على الذراع مما لم يشهد به الا اخبار ضعيفة فلا وجه ع لصرفها عن معناها
اللغوي والعرفي مع أن بعض اخبار القامة صريح في قامة الانسان فارجاع ما اطلق فيه القامه إلى ما فسرت فيه
بالذراع ليس بأولى من ارجاعه إلى ما فسرت فيه بقامة الانسان {حجة من قال بالامتداد إلى أن يصير ظل كل شئ}
مثله روايات منها ما رواه الشيخ في الصحيح عن أحمد بن عمر عن أبي الحسن (ع) قال سئلته عن وقت الظهر و
العصر فقال وقت الظهر إذا زاغت الشمس إلى أن يذهب الظل قامة ووقت العصر قامة ونصف إلى قامتين
ومنها رواية يزيد بن خليفه قال قلت لأبي عبد الله (ع) ان عمر بن حنظلة أتانا عنك بوقت فقال إذا لا يكذب
علينا قلت ذكر انك قلت إن أول صلاة افترضها الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وآله الظهر فقال الله تعالى " أقم الصلاة لدلوك
الشمس " فإذا زالت الشمس لم يمنعك الا سبحتك ثم لا تزال في وقت الظهر إلى أن يصير الظل قامة وهو اخر وقت
الظهر فإذا صار الظل قامة دخل وقت العصر فلم تزل في وقت العصر حتى تصير الظل بقامتين وذلك المساء قال
صدق ومنها صحيحة البزنطي قال سئلته عن وقت صلاة الظهر والعصر فكتب قامة للظهر وقامة للعصر
ومنها رواية محمد بن حكيم قال سمعت العبد الصالح (ع) وهو يقول أول وقت الظهر زوال الشمس واخر وقتها
قامة من الزوال وأول وقت العصر قامة واخر وقتها قامتان قلت في الشتاء والصيف سواء قال نعم
والجواب عن الجميع بعد تسليم سلامة السند حملها على وقت الفضيلة لاشتمال كل منها على ما يشهد
بذلك إما الأولى فلان قوله (ع) وقت العصر قامة ونصف إلى قامتين محمول على وقت الفضيلة لأنه القابل للترتيب
والتفاوت دون وقت الاختيار فوجب حمل وقت الظهر فيها على الفضيلة قضية للمقابلة وحذرا عن
التفكيك واما الثانية فلان قوله (ع) فإذا صار الظل قامة دخل وقت العصر ليس المراد به وقت الأجزاء لصحة
العصر قبل ذلك اجماعا فتعين ان يكون المراد وقت فضيلة العصر إما بناء على استحباب التفريق كما هو مذهب
جماعة واما بناء على أن المراد بوقت العصر وقت فضيلتها المختصة بها بحيث لا يشاركه الظهر فيه في الفضيلة
وعلى التقديرين فمعنى الحديث حينئذ هو انه إذا صار الظل قامة فهذا اخر وقت فضيلة الظهر وبعده يدخل
وقت أصل فضيلة العصر بناء على استحباب التفريق أو يدخل الوقت المختص بفضيلة العصر بحيث لا يشاركها
الظهر وإن كان العصر قبله أيضا فضيلة بناء على عدم التفريق ومثل هذا الشاهد موجود أيضا في الروايتين
الأخيرتين لان الوقت المحدود وللعصر فيهما ليس وقتا للاجزاء قطعا فتعين ان يكون للفضيلة ومقتضى
7

المقابلة حمل وقت الظهر أيضا على الفضيلة ولو سلم عدم شهادة هذه الأمور في الاخبار بإرادة وقت
الفضيلة فلا أقل من تتطرق الوهن لا حل هذه الأمور في ظهور هذه الأخبار في إرادة وقت الاختيار {وقد عرفت غير مرة} ان الحقيقة
المتعقبة بما يصلح ان يكون صارفا لها لا دليل على اعتبارها فيحصل لذلك اجمال بالنسبة إلى وقت الاختيار
والفضيلة فلا يزاحم بها ما قدمنا من الأخبار الدالة على بقاء وقت الاختيار للمصلى إلى اخر النهار ثم لو سلم
عدم الوهن وسلامة ظهورها دار الأمريين صرف هذه عن ظواهرها إلى الفضيلة وبين تقييد تلك الأخبار
بما عد المختار فلو اغمض النظر عن موافقة الكتاب فلا دليل على ترجيح التقييد على التجوز بقول مطلق فيحصل
التكافؤ ويرجع إلى الأصل وهو موافق للمختار فان قلت حمل الوقت في هذه الأخبار على وقت الفضيلة دون الاختيار مما يأباه كثير من الاخبار
مثل قوله (ع) في رواية عبد الله بن سنان لكل صلاة وقتان وأول الوقت أفضله وليس لاحد ان يجعل اخر
الوقت وقتا الا في عذر من غير علة وقوله (ع) في صحيحة عبد الله بن سنان أيضا لكل صلاة وقتان وأول الوقتين
أفضلهما ووقت صلاة الفجر حين ينشق الفجر إلى أن يتجلل الصبح السماء ولا ينبغي تأخير ذلك عمدا ولكنه وقت
لمن شغل أو نسى أو نام ورواية أبو بصير قال قال أبو عبد الله (ع) اعلم أن لكل صلاة وقتين أول وآخر
فأول الوقت رضوان الله وأوسطه عفو الله واخره رضوان الله وأول الوقت أفضله وليس لاحد ان
يتخذ اخر الوقت وقتا انما جعل اخر الوقت للمعتل والمريض والمسافر إلى غير ذلك من الاخبار قلت لا تصريح
في هذه الأخبار بحرمة التأخير عن الوقت كما اعترف به الشيخ في التهذيب بل ربما يشعر قوله فيها وأول الوقت
أفضله ثبوت أصل الفضيلة للوقت الأخر ولو فرض ظهورها فيها جاء فيها ما ذكرنا أخيرا في النقض عن
اخبار القامة {ومما يؤيد إرادة} وقت الفضيلة من الوقت الأول وفي هذه الأخبار ما رواه الشيخ في الصحيح
عن زرارة قال قلت لأبي جعفر (ع) أصلحك الله وقت كل صلاة أول الوقت أفضل أو أوسطه أو اخره فقال
أوله قال رسول الله صلى الله عليه وآله " ان الله يجب من الخير ما يعجل " فان استشهاده بكلام النبي صلى الله عليه وآله يدل على أن تقديم الصلاة
في أول الوقت انما هو من باب تعجيل الخير ولا شك في أنه مستحب ونحوها رواية أخرى لزرارة والظاهر أنها
صحيحة قال قال أبو جعفر (ع) واعلم أن أول الوقت ابدء أفضل فتعجل الخيرة ما استطعت {واعلم أنه قد يستدل}
بهذا المطلب بموثقة زرارة قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن وقت صلاة الظهر في القيظ فلم يجيبني فلما إن كان بعد ذلك قال لعمر بن سعد بن هلال ان زرارة سئلني عن وقت صلاة الظهر في القيظ فلم اخبره خرجت
بذلك فاقرئه منى السلام وقل له إذا كان [ظلك] مثلك فصل الظهر وإذا كان ظلك مثليك فصل العصر
وفي هذا الاستدلال ما لا يخفى فان الرواية لا تدل الا على الرخصة في الصلاة بعد المثل والمثلين في
8

الظهر في القيظ أعني شدة الحر ولا يستفاد منها أزيد من ذلك فتأمل و {يمكن ان يراد} بهذه الرواية انه
إذا صار ظلك مثل يعين عليك الظهر ولا يجوز لك فعل نافلتها وكذلك يتعين العصر إذا صار ظلت
مثليك {حجة من قال بامتداد الوقت للمختار إلى أن يصير الظل} أربعة اقدام وهي أربعة أسباع الشاخص
ما رواه الشيخ عن إبراهيم الكرخي قال سئلت أبا الحسن (ع) موسى متى دخل في وقت الظهر قال إذا زالت الشمس
فقلت متى يخرج وقتها فقال من بعد ما يمضى من زوالها أربعة اقدام ان وقت الظهر ضيق ليس كغيره
قلت فمتى يدخل وقت العصر فقال إن اخر وقت الظهر أول وقت العصر قلت فمتى يخرج وقت العصر فقال وقت
العصر إلى أن تغرب الشمس وذلك من علة وهو تضييع فقلت له لو أن رجلا صلى الظهر من بعد ما يمضى
من زوال الشمس أربعة اقدام أكان عندك غير مؤد لها فقال إن كان تعمد ذلك ليخالف السنة لم يقبل منه
كما لو أن رجلا اخر العصر إلى قرب ان تغرب الشمس متعمدا من غير علة لم تقبل منه ان رسول الله صلى الله عليه و
آله وقت الصلاة المفروضات أوقاتا وحد لها حدودا في سنة للناس فمن رغب عن سنة من سنته
الموجبات كان مثل من رغب عن فرائض الله تعالى وما رواه الشيخ عن الفضل بن يونس قال سئلت أبا الحسن
الأول (ع) قلت المرأة ترى الطهر قبل غروب الشمس كيف تصنع بالصلاة قال ذا زالت الظهر بعد
ما يمضى من زوال الشمس أربعة اقدام فلا تصلى الا العصر لان وقت الظهر دخل عليها وهي في الدم وخرج
الوقت وهي في الدم فلم تجب عليها ان تصلى الظهر وما طرح الله عنها من الصلاة وهي في الدم أكثر و
الجواب إما عن الرواية الأولى فبضعف السند بإبراهيم وإن كان الراوي عنه الحسن بن محبوب مع عدم
صراحة دلالتها ولا ظهورها في المط نظرا إلى المراد بوقت العصر في قوله (ع) اخر وقت الظهر أول وقت العصر ليس هو
وقت اجرائها اجماعا فتعين ان يكون المراد وقت فضيلتها المختصة بها فيقوى بذلك احتمال كون المراد
بخروج وقت الظهر بمضي أربعة اقدام خروج وقت فضيلته أيضا وليس في ذيل الرواية ما ينافي في هذا المعنى
صريحا وان توهم منه في بادي النظر كما لا يخفى واما عن الرواية الثانية فبضعفها أيضا بالفضل بن
يونس مع أنها بظاهرها من خروج وقت المعذور أيضا بمضي أربعة اقدام مما لم يقل به غير الشيخ في التهذيب
ثم لو فرض اعتبار سند الروايتين ولو لأجل تقديم ابن محبوب على إبراهيم والفضل كان حكم معارضتهما
مع اخبار التوسعة ما ذكرنا في الجواب عن القولين السابقين فتلخص من جميع ما ذكرنا من أول المسألة
امتداد وقت اجزاء الظهر إلى أن يبقى من الغروب مقدار أداء العصر وان الأفضل الاتيان بها قبل ان يصير ظل
9

كل شئ مثله وأفضل منه الاتيان بها قبل مضى أربعة اقدام وأفضل من هذين الاتيان بهما قبل ان يمضى قدمان
(المسألة الثانية) {اخر وقت العصر غروب الشمس} وفاقا للمحكى عن المرتضى وابن الجنيد وابن زهرة
وابن إدريس وحكى عنهما الاجماع على ذلك واختاره معظم المتأخرين بل كلهم عدى نادر من متأخريهم خلافا
للآخرين فجعلوا وقتها [للخيار] أدون من ذلك وان اختلفوا في تعيينه بعد اتفاقهم ظاهرا على امتداد الوقت
لذوي الاعذار إلى الغروب فمنهم من حده باصفرار الشمس للغروب وهو المحكي عن المفيد ومنهم من حده بصيرورة
ظل كل شئ مثليه وهو المحكي عن الشيخ في المبسوط والقاضي والحلبي وسلار وابن حمزه ومنهم من حده بمضي
ذراعين وهو المحكي عن العماني {لنا مضافا} إلى الأصل ما تقدم من الاخبار في الظهر {حجة المفيد} ما رواه في التهذيب
عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله (ع) ان الموتور أهله وماله من ضيق صلاة العصر قلت وما الموتور قال
لا يكون له أهل ولا مال في الجنة وقلت وما تضيعها قال يدعها حتى تصفر وتغيب الشمس وقول ابن أبي
الحسن (ع) في رواية
إبراهيم الكرخي المتقدمة وقت العصر إلى أن تغرب الشمس وذلك من علة وهو تضيع وقوله في ذيلها لو أن رجلا
اخر العصر إلى قرب ان تغرب الشمس متعمدا من غير علة لم تقبل منه والجواب عن الأولى بعد فرض سلامة السند
انها لا تفيد سوى الكراهة وعن الثانية بعد فرض سلامة سندها ان المراد بعدم القبول ليس عدم الأجزاء
لسقوط الامر والقضاء بفعلها حينئذ اجماعا فلابد من حمله على عدم الكمال وهو مسلم ولا يضرنا {حجة الشيخ} وابتاعه
ما تقدم مع جوابه في المسألة السابقة من الأخبار الدالة على امتداد الوقت إلى القامة والقامتين وحجة
{العماني} ما تقدم (مع جوابه صح) في حجة القول بامتداد وقت الظهر إلى الذراع والقدمين وما رواه الشيخ عن سليمان بن
خالد عن أبي عبد الله (ع) قال العصر على ذراعين فمن تركها حتى يصير على ستة اقدام فهو المضيع والجواب
عن ذلك بعد عدم صحة السند ما مر من استفاضة الاخبار بل تواترها من فعل النبي صلى الله عليه وآله العصر بعد ما مضى
من فيئ الجذار ذراعان فلا بد من حمل الرواية على تأكد استحباب المبادرة إليها بعد الذراعين فإنها لا ترك
إلى ستة اقدام {ومما يقرب} إرادة وقت الفضيلة من هذه الرواية وأمثالها الواردة في تحديد وقت الظهرين
بما دون الغروب شدة اختلافها بحيث لا تنظم الا بالحمل على اختلاف مراتب الفضيلة وتلخص مما ذكرنا امتداد
وقت الاختيار للعصر إلى الغروب وان الأفضل فعلها قبل اصفرار الشمس وأفضل من ذلك فعلها قبل ان
يصير ظل كل شئ مثليه وأفضل من هذين فعلها قبل ان يمضى أربعة اقدام واعلم أن ظاهر كثير من الاخبار استحباب
تأخير الظهر عن أول الزوال وتأخير العصر عن الطهر وان اختلفت في تحديد مقدار التأخير فيها فمنها ما دل
10

على تحديده بالذراع والذراعين والقدمين وأربعة اقدام كصحيحة زرارة والفضلاء المتقدمين وحجة
{من قال بامتداد} وقت الظهر إلى القدمين {والاخبار} المستفيضة الحاكية لفعل رسول الله صلى الله عليه وآله وانه كان يصلى الظهر
إذا صار فئ الجدار ذراعا والعصر إذا صار فيئه ذراعين ورواية يعقوب به شعيب عن أبي عبد الله (ع)
قال سئلته عن وقت الظهر فقال إذ كان الفيئ ذراعا ونحوها رواية زرارة عن أبي عبد الله (ع) قال وقت
الطهر على ذراع إلى غير ذلك من الاخبار ومنها ما دل على تحديده بالمثل والمثلين كرواية عمر بن سعد بن
هلال المتقدمة إذا كان ظلك مثلك فصل الظهر وإن كان ظلك مثليك فصل العصر ومنها ما دل على تحديد وقت الظهر بقدم ونحوه
كرواية سعيد الأعرج عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن وقت الظهر أهو إذا زالت الشمس فقال بعد الزوال
بقدم أو نحو ذلك الا في السفر ويوم الجمعة فان وقتها إذا زالت ومثلها رواية إسماعيل بن عبد الخالق
ومنها ما دل على استحباب ان يكون الفراغ من الظهر ونافلتها والشمس على قدمين وأن يكون الفراغ من العصر ونافلتها
والشمس على أربعة اقدام كمكاتبة محمد بن الفرج المتقدمة ومنها ما دل على تحديد مقدار تأخير الظهر عن
الزوال ومقدار تأخير العصر عن الظهر بفعل نافلة كل من الفرضين طال أو قصر وهو كثيرة منها ما رواه
الشيخ في الصحيح عن حماد عن عيسى بن ابن أبي
منصور قال قال لى أبو عبد الله (ع) إذا زالت الشمس فصليت سبحتك
فقد دخل وقت الظهر والمراد وقت الفضيلة قطعا وما رواه الشيخ في الصحيح عن أحمد بن محمد بن يحيى قال
كتب بعض أصحابنا إلى ابن الحسن (ع) روى وعن ابائك القدم والقدمين والأربعة والقامة والقامتين وظل
مثلك والذراع والذراعين فكتب (ع) لا القدم ولا القدمين إذا زالت لا شمس فقد دخل وقت الصلاتين
وبين يديها سبحة وهي ثمان ركعات فان شئت طولت وان شئت قصرت ثم صل الظهر فإذا فرغت كان بين
الظهر والعصر سبحة وهي ثمان ركعات ان شئت طولت وان شئت قصرت ثم صل العصر وما رواه عن عمر بن
حنظلة قال كنت أقيس الشمس عند ابن أبي
عبد الله (ع) فقال يا عمر الا أنبئك ما بين من هذا قلت بلى جعلت فداك
قال إذا زالت الشمس فقد وقع وقت الظهر الا ان بين يديها سبحة وذلك إليك فان أنت خففت فحين تفرغ
من سبحتك وان طولت فحين تفرغ من سبحتك إلى غير ذلك من الاخبار والذي يقتضيه النظر في هذا المقام ان
يقال إنه لما ثبت بالدليل العقلي والنقلي استحباب المبادرة بالعبادة المأمور بها في أول الوقت وثبت أيضا
بالاجماع بل الضرورة استحباب النافلة قبل الفريضتين اقتضى الجميع بينهما استحباب التأخير بمقدار أداء النافلة
كما صرح به في الأخبار الأخيرة ولا دليل على استحباب تأخير الظهر من الزوال وتأخير العصر من الظهر إلى غاية
11

ولو فرغ من النافلة قبلها عدى ما يتراءا من الأخبار السابقة وغيرها مما يظهر منه استحباب التفريق
بين الظهرين وليس في شئ منها تصريح باستحباب تأخيرهما حتى عن وقت اجزائهما بغير [مقدر] أداء النافلة كما يظهر
بالتأمل فيها ومما صرح فيه بان استحباب التأخير عن أول الوقت الأجزاء انما هو لأجل النافلة مضافا إلى ذيل
صحيحة زرارة المتقدمة الحاكية لفعل رسول الله صلى الله عليه وآله الظهر بعد الذراع والعصر بعد الذراعين ما رواه زرارة
عن أبي جعفر (ع) قال صلاة المسافر حين تزول الشمس لأنه ليس قبلها في السفر صلاة وانشاء اخوها إلى وقت
الظهر في الحضر غير أن أفضل ذلك ان يصليها في أول وقتها حين تزول الشمس ومن هذه الرواية يظهر ان استثناء
يوم الجمعة والسفر من تحديد وقت الظهر بالقدم ونحوه في روايتي سعد الأعرج وإسماعيل بن عبد الخالق
المتقدمين ليس الا لأجل ثبوت نافلة الزوال في يوم الجمعة والسفر وان التحديد بالقدم ونحوه تخمين لأجل
النافلة ومما يدل على عدم ثبوت التفريق مضافا إلى ما تقدم صحيحة زرارة قال قلت لأبي جعفر (ع) بين الظهر و
العصر حد معروف قال لا دلت بظاهرها على عدم ثبوت حد معروف بين الظهرين لا وجوبا ولا استحبابا وفي
تقيد الحد بالمعروف ايماء لطيف إلى علم زرارة بثبوت حد غيره مضبوط بينهما وهو مقدار أداء نافلة العصر
إما الاخبار الحاكية لتأخير رسول الله صلى الله عليه وآله الظهر إلى الذراع والعصر إلى الذراعين فلا تدل الاعلى التأخير و
يحتمل ان يكون لأجل انتظار حضور الناس أو فراغهم من النافلة أو لتطويله صلى الله عليه وآله نافلته إلى الذراع والذراعين
أو لبيان جواز التأخير واما روايتا يعقوب وزرارة وأمثالهما فلقوة احتمال ان يكون المراد بوقت الظهر فيها
الوقت المختص بها الغير الصالح لنافلتها كما يرشد قوله (ع) في رواية إسماعيل الجعفي وانما جعل الذراع لئلا
يكون تطوع في وقت فريضة وكذا القول في اطلاق وقت العصر على ما بعد الذراعين في الاخبار مع احتمال
اخر فيه وهو ان يكون المراد لوقت العصر الوقت المختص به من حيث الفضيلة بحيث لا يشاركها الظهر حينئذ في الفضيلة
وبه يذب في هذا المقام عما دل على أن أول وقت العصر اخر وقت الظهر كما في رواية إبراهيم الكرخي المتقدمة أوان
أول وقت العصر قامة كما في روايتي يزيد بن خليفه ومحمد بن حكيم المتقدمتين ولا يستفاد منهما استحباب التأخير
إلى هذا المقدار واما رواية عمر بن سعد بن هلال فقد عرفت انها لا تدل الاعلى التأخير في شدة الحر فتأمل
ويمكن ان يكون المراد منها انه إذا كان ظلك مثلك فيتعين عليك الظهر بمعنى انه لا يجوز النافلة وكذلك يتعين
العصر إذا صار ظلك مثليك وما ما دل على التحديد بالقدم ونحوه فالظاهر أنه تخمين لأجل النافلة كما يدل عليه
استثناء يوم الجمعة والسقر نعم في كثير من الاخبار ظهور تام في استحباب العصر عن وقت اجزائها لا لأجل
12

النافلة بحث لا يحتمل شيئا مما ذكر من ما رواه الشيخ في التهذيب في الصحيح عن
معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال المستحاضة تنتظر أيامها فلا تصلى ولا يقربها بعلها فإذا جازت
أيامها ورأت الدم يثقب الكرسف اغتسلت للظهر والعصر تؤخر هذه وتعجل هذه وللمغرب والعشاء الآخرة
غسلا توخر هذه وتعجل هذه واغتسلت للصبح فان الحكم برجحان تأخير الظهر وتعجيل العصر ليس الا
لادراك فضيلتهما فلو لم يكن أول وقت فضيلة العصر اخر وقت فضيلة الظهر لم يكن معنى لتفويت رجحان
المسارعة إلى الظهر على المصلى بالامر بتأخيرها ومنها
ما رواه عن حريز عن أبي عبد الله (ع) قال إذا كان الرجل يقطر منه البول والدم إذا كان حين الصلاة اتخذ
كيسا وجعل فيه قطنا ثم علقه عليه وادخل ذكره فيه ثم صلى بجمع بين الصلاتين يؤخر الظهر ويعجل
العصر باذان وإقامتين ويؤخر المغرب ويعجل العشاء باذان وإقامتين ويفعل ذلك في الصبح والتقريب فيها
ما تقدم في الصحيحة السابقة عليها ومنها مرفوعة أحمد بن محمد بن عيسى عن سماعة عن أبي عبد الله (ع) ان الشمس إذا
طلعت كان الفئ طويلا ثم لا تزال تنقص حتى تزول فإذا زالت زادت فإذا استنبت الزيادة فصل
الظهر ثم تمهل قدر ذراع فصل العصر ومنها رواية زرارة قال قلت لأبي عبد الله (ع) أصوم فلا أقيل
حتى تزول الشمس فإذا زالت الشمس صليت نوافلي ثم صليت الظهر ثم صليت نوافلي ثم صليت العصر ثم تمت
وذلك قبل ان يصلى الناس قال يا زرارة إذا زالت الشمس دخل الوقت ولكن أكره لك ان تتخذه وقتا دائما ويمكن
التقضى عن الصحيحتين الأوليين بالحمل على صورة رجاء انقطاع الاستحاضة والسلس في وقت يتمكن المكلف من
الاتيان بها في وقت فضيلتها وعن الثالثة بضعف السند وعن الرابعة مضافا إلى ضعف السند بالحمل على التقية
لاشتهار استحباب تأخير العصر بنى الطايفة الغوية كما يشعر به قوله (ع) أكره لك غاية الأمر وقوع التكافؤ
بينها وبين ما تقدم من الأخبار الدالة على عدم ثبوت حد معروف بين الظهرين وان الحد بينهما ليس أزيد من
مقدار نافلة العصر تممتا وقصرت فيجب التساقط والرجوع إلى عموم ما دل من العقل والنقل على رجحان المسارعة
إلى الخير وتعجيله وابراء الذمة عن الفرض الكذائي كما يرشد قوله (ع) بوقت فصلهما فإنك لا تدرى ما
ما يكون بل يمكن ان يستدل على استحباب الجمع بين الظهرين بالخصوص برواية عباس الناقد عن أبي عبد الله (ع)
13

{لا خلاف ظاهرا كما في كلام جماعة} وعن آخرين في أن أول وقت صلاة المغرب غروب الشمس وانما الخلاف فيما
يتحقق به الغروب والأظهر المغرى إلى الأكثر ممن تقدم وتأخر انه انما يعلم بزوال الحمرة المشرقية وان اختلف
ظواهر عباراتهم في كفاية ذلك أو اعتبار جواز الحمرة عن قمة الرأس إلى ناحية المغرب وقيل إنه عبارة من غيبوبة
القرص عن العين في الأفق مع عدم الحايل وهو المحكي عن الشيخ وفي المبسوط والسيد والإسكافي والصدوق لنا على ما
اخترناه مضافا إلى الأصل ما رواه ثقة الاسلام في الكافي والشيخ في التهذيب في كتاب الصوم عن ابن ابن أبي
عمير عمن
ذكره عن أبي عبد الله (ع) قال وقت سقوط القرص ووجوب الافطار وان تقوم بحذاء القبلة وتتفقد الحمرة التي
ترتفع من المشرق فإذا جارت قمه الرأس إلى المغرب فقد وجب الافطار وليس في سنده الأسهل بن زياد الآدمي
وامره سهل بعد توثيق الشيخ إياه واكثار المشايخ الرواية عنه ولا يضر أيضا ارساله بما اشتهر من أن مراسيل
ابن ابن أبي
عمير في حكم المسندات فتأمل ولاشتهاد مضمونها بين الأصحاب فقد حكى عن المحقق في المعتبران عليه عمل
الأصحاب وهو مشعر بدعوى الاجماع وما رواه الشيخ في التهذيب عن يزيد بن معاوية عن أبي جعفر (ع) قال
إذا غابت الحمرة من هذا الجانب يعنى من المشرق فقد غابت الشمس من شرق الأرض وغربها وليس في السند
سوى القاسم بن عروة ولا يقدح بعد كون الراوي عنه ابن ابن أبي
عمير بل والبزنطي أيضا في بعض الروايات على الظاهر
ولعله لهذا وصف في المختلف هذه الرواية بالصحة وأراد انها في حكم الصحة والا فلا اعرف له وجها وما رواه
في الفقيه في الصحيح عن بكر بن محمد عن أبي الحسن الأول (ع) حين سئل عن وقت المغرب قال إن الله تعالى يقول في كتابه
لإبراهيم (ع) فلما جن عليه الليل رأى كوكبا فهذا أول الوقت وجه الدلالة ان المشار إليه بهذا هو زمان جنان
الليل الذي رأى فيه إبراهيم (ع) كوكبا ولا يخفى ان جنان الليل عليه ستره بظلمة ولا يتحقق الا إذا ذهب الحمرة إلى
جانب المغرب وقد يتوهم دلالة هذا الصحيح على خلاف المطلب نظرا إلى أن الكوكب يرى قبل ذهاب الحمرة سيما زهرة
بناء على ما اشتهر انها التي رائها إبراهيم (ع) وجه التوهم ان رؤية إبراهيم (ع) للكوكب انما وقع عندنا جن عليه
14

الليل كما هو صريح الآية فهذا الزمان هو المشار إليه بقوله (ع) فهذا أول الوقت فكأنه (ع) قال زمان رؤية
إبراهيم (ع) للكوكب هو أول الوقت لا ان مطلق زمان رؤية الكوكب هو أول الوقت مع أن رؤية الكوكب لغير من
يدقق النظر من متعارف أوساط الناس لا يتحقق الا بعد ذهاب الحمرة وما رواه عن عمار عن أبي عبد الله (ع)
قال انما امرت أبا الخطاب ان يصلى المغرب حين زالت الحمرة فجعل هو الحمرة من قبل المغرب وفي معنى هذا الاخبار
اخبار كثيرة كرواية ابن أشيم المروية في التهذيب في هذا الباب ورواية يعقوب بن شعيب والروايات الواردة
في الإفاضة عن عرفات المحدودة اجماعا على الظاهر بغروب الشمس والرضوي وفيه الدليل على غروب الشمس
ذهاب الحمرة من جانب المشرق {ثم إن هذه} الاخبار وان دل بعضها على كفاية مجرد ذهاب الحمرة من المشرق
وان لم تجز عن قمة الرأس الا انه مقيد بما دل على اعتبار جوازها عنها كما عرفت من رواية سهل بل صحيحة بكر بن
محمد حيث إن جنان الليل لا يتحقق الا بعد جواز الحمرة عن قمة الرأس فظهر بذلك ضعف ما ربما يظهر من بعض
من كفاية زوال الحمرة عن المشرق لاطلاق بعض الأخبار المتقدمة {حجة القول الثاني الاخبار} القريبة من
التواتر الدالة على أن وقت المغرب غروب الشمس أو سقوط القرص المتحقق لغة وعرفا بسقوط قرصها وغيبوبتها
من الأفق الحسى كما صرح به في مرسلة علي بن الحكم عن أحدهما انه سئل عن وقت المغرب فقال إذا غاب كرسيها
قلت وما كرسيها قال قرصها قلت متى تغيب قرصها قال إذا نظرت إليها ولم تره ويؤيده رواية سماعة قال
قلت لأبي عبد الله (ع) في المغرب انا ربما صلينا ونحن نخاف أن تكون الشمس باقية خلف الجبل أو قد سترها
منا الجيل فقال ليس عليك صعود الجبل ورواية زيد الشحام قال صعدت مرة جبل ابن أبي
قبيس والناس يصلون
المغرب فرأيت الشمس لم تغب انما تواترت خلف الجبل من الناس فلقيت أبا عبد الله (ع) فأخبرته بذلك فقال لى
ولم فعلت ذلك وبئس ما صنعت انما تصليها إذا لم ترها خلف الجبل غابت أو غارت ما لم تحللها سحاب أو
ظلمة فإنما عليك مشرقك ومغربك والجواب إما عن الأخبار الدالة على التوقيت بالغروب والسقوط
فبما أجاب به في المختلف وغيره من أنه لا كلام ولا خلاف في أن أول الوقت غروب الشمس وانما الكلام فيما به
يتحقق الغروب وقد فسر في الأخبار المتقدمة بزوال الحمرة فهى مفسرة لتلك الأخبار المتواترة أو القريبة
منه لا معتبرة لشئ زايد على ما اعتبر فيها ومن هنا يظهر ان نسبة قول الثاني إلى من عبر عن أول وقت المغرب
بغروب الشمس كالسيد في الجمل ونحوه لمجرد هذا التعبير لا يخلو عن نظر الاحتمال ان يكون قد عبر بذلك تبعا
للاخبار لكن يقول بعدم تحقق الغروب الا بزوال الحمرة ومما يدلك على هذا ان ابن ابن أبي
عقيل صرح على ما في المختلف
15

بان أول وقت المغرب سقوط القرص ثم قال وعلامته ان يسود أفق السماء عن المشرق وذلك اقبال الليل
وتقوية الظلمة في الجو فانظر إلى تصريحه بان أول الوقت سقوط القرص ثم جعل علامته اسوداد الأفق المشرقي
وتقوية الظلمة في الجو نعم الانصاف ان المتبادر من غيبوبة الشمس وغروبها وسقوط قرصها هو السقوط
عن النظر المتحقق قبل زوال الحمرة ولكن هذا الظهور غير مقاوم لما دل تصريحا على اعتبار زوال الحمرة لأن الظاهر
يدفع بالنص نفى الكلام في الاخبار المصرح فيها بدخول الوقت بسقوط القرص عن النظر فنقول إما رواية
علي بن الحكم المتقدمة فهى مرسلة ضعيفة خالية عن الجابر وكذا رواية سماعة مضافا إلى أنه (ع) لم يزد الجواب
على أنه ليس عليك صعود الجبل فلعل معناه ان مناط الغروب هو ذهاب الحمرة ولا يجب عليك الصعود وانما عبر بهذا الكلام
لما فيه من ابهام كفاية سقوط القرص عن النظر وإن كان خلف الجبل كما عليه عوام العامة ومن ذلك يجاب
عن قوله (ع) في رواية الشحام وانما عليك مشرقك ومغربك واما ذمه على صعود الجبل فلانه كان استكشافا
لخطاء جهل العامة وهذا موجب لثور ان الفتنة وبالجملة فلم أجد على هذا المطلب خيرا صحيحا صريحا نعم قد
يتوهم دلالة بعض الصحاح على ذلك صريحا بحيث لا يمكن حمل غيبوبة القرص فيه على زوال الحمرة وهو الذي
رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن... عليه السلام قال وقت المغرب إذا غاب القرص فان رايته بعد ذلك وقد
صليت أعدت الصلاة ومضى صومك وتكف على الطعام ان كنت أصبت منه شيئا بناء على أنه لو كان المراد من
غيبوبة القرص ذهاب الحمرة لا غيبوبته عن النظر لم يكن معنى لرؤيته بعد ذلك فهذا خبر صحيح صريح في المط
وفيه ان غيبوبة القرص عن النظر التي اعتبره أصحاب القول الثاني ليس المراد به مجرد عدم ابصاره ولو
لحيلولة مثل حبل كما استفيد من رواية الشحام المتقدمة المحمولة على التقية بقرينة ذم الشحام على استكشاف
خطأ المخالفين الموجب لثور إذا الفتنة فافهم بل المراد من غيبوبة القرص عندهم على ما حكى من اتفاقهم عليه
هو سقوط عن الأفق الحسى بحيث لا يرى في شئ من حوالي ناحية المصلى ولا يخفى ان هذا المعنى أيضا ينافيه
رؤية القرص بعده الا إذا فرض اعتقاد الغيبوبة لموجب شبهة من غيم أو ظلمة ونحوهما ومع هذا القرض
يستقيم إرادة ذهاب الحمرة أيضا من الغيبوبة في الصحيح فافهم ثم لو سلم صحة بعض الأخبار وصراحة يكون
غاية الأمر وقوع التعارض بينه وبين ما دل على اعتبار زوال الحمرة فيجب ترجيح أدلة اعتبار زوال الحمرة
بموافقة المشهور ومخالفة الجمهور لا يقال إن بناء الجمهور على اعتبار استتار القرص عن النظر وإن كان
خلف الجبل كما يشعر به رواية سماعة والشحام المتقدمتان فلا يكون قول الثاني من قوله المسألة موافقا
16

لهم لأنا نقول الظاهر على ما عن صريح المنتهى ان بناء علمائهم على اعتبار الغيبوبة عن الأفق الحسى كما عليه أرباب
القول الثاني الا ان جهالهم وعوامهم يفعلون ذلك لمفرط عدم المبالاة و {اعلم أنه حكى هنا قولان} آخران (أحدهما)
اعتبار اسوداد أفق السماء من المشرق حكى هذا عن ابن ابن أبي
عقيل ولعله لما رواه الشيخ في التهذيب عن محمد بن علي
قال صحبت الرضا (ع) في السفر فرأيت يصلى المغرب إذا أقبلت المفحمة من المشرق يعنى السواد وفيه انه على فرض المنافات
لما عليه المشهور لا يقاوم الأدلة المتقدمة المعتضدة بالكثرة والشهرة ثم إن ظاهر عبارة ابن ابن أبي
عقيل المحكية
سابقا عن المختلف لا يأبى الحمل على المذهب المشهور فراجع الثاني ما حكى عن الصدوق من اعتبار بدو ثلاثة أنجم
ولعله لما رواه الشيخ في باب الصوم من التهذيب عن زرارة قال سئلت أبا جعفر (ع) عن وقت افطار الصائم
قال حين يبدو ثلاثة أنجم وفيه انه شاذ مخالف لما عليه المعظم مع أنه قابل للحمل على المذهب المشهور لان
الغالب ان بدو ثلاثة أنجم لغير من يدقق النظر من أوساط الناس انما يحصل مع زوال الحمرة ولو فرض حصوله
بعده بيسير لم يكن به باس من جهة رجحان الاحتياط في الصوم حتى يحصل اليقين بتجاوز الحمرة عن قمة
الرأس ثم إن في ذيل هذا الخبر انه (ع) قال لرجل ظن أن الشمس قد غابت فأفطر ثم ابصر الشمس بعد ذلك قال
ليس على قضاء فتدبر {الاظهر امتداد} وقت المغرب إلى أن يبقى لانتصاف الليل مقدار أربع فإذا
بقى هذا المقدار اختص الوقت بالعشاء وهي المحكي عن السيد وابن الجنيد وابن زهرة وابن إدريس محكيا
عنه دعوى الاجماع ونسب هذا القول إلى المشهور وعن العماني والشيخين والسيد في الناصريات والقاضي و
الديلمي والحلبي وابن حمزه انتهائه بغيبوبة الشفق واختاره بعض متأخري المتأخرين لنا على ما اخترنا
مضافا إلى الأصل ما رواه الشيخ في التهذيب عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (ع) في قوله تعالى " أقم الصلاة
لدلوك الشمس إلى غسق الليل " قال إن الله افترض أربع صلاة أول وقتها من زوال الشمس إلى انتصاف الليل
منها صلاتان أول وقتهما من زوال الشمس إلى غروب الشمس الا ان هذه قبل هذه ومنها صلاتان أول وقتهما
من غروب الشمس إلى انتصاف الليل الا ان هذه قبل هذه وليس في سنده من يتوقف فيه سوى الضحاك بن
زيد الذي روى عنه البزنطي وقد تقدم في مسألة الظهرين حسن حاله في نفسه وبملاحظة رواية البزنطي
عنه وما رواه الشيخ عن داود بن فرقد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال إذا غابت الشمس فقد
دخل وقت المغرب حتى يمضى مقدار ما يصلى المصلى ثلث ركعات فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت المغرب
والعشاء الآخرة حتى يبقى من انتصاف الليل مقدار ما يصلى المصلى أربع ركعات فإذا بقى مقدار ذلك فقد
17

جرح وقت المغرب وبقى وقت العشاء الآخرة إلى انتصاف الليل وارساله غير قادح بعد وجود ابن فضيال
الذي ورد الامر في بعض الأخبار المعتبرة بالأخذ بكتبه ورواياته وكذا كتب أولاده احمد ومحمد وعلى ورواياتهم
وما رواه الشيخ عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (ع) قال إذا غربت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين إلى
نصف الليل الا ان هذه قبل هذه وليس في سنده من توقف في شانه سوى القاسم مولى ابن أبي
أيوب الغير الموثق
صريحا في الرجال وهو غير قادح بعد رواية البزنطي عنه من وجهين كما لا يخفى مضافا إلى موافقته للأصل
وفتوى الأكثر والاجماع المنقول عن الحلى والمحصل المركب المدعى في المختلف حيث إن كل من قال بامتداد
الظهرين إلى الغروب قال بامداد العشائين إلى انتصاف الليل وربما يتوهم صحة الاستدلال في المقام
بما رواه الشيخ في التهذيب عن داود البصري قال كنت عند ابن أبي
الحسن الثالث (ع) يوما فجلس يحدث حتى غابت
الشمس ثم دعا يشمع وهو جالس يتحدث فلما خرجت من بينة نظرت وقد غابت الشفق قبل ان يصلى المغرب
ثم دعا بالماء فتوضأ وصلى وليس فيه سوى داود البصري ولا يقدح مع كون الراوي عنه أحمد بن محمد بن
عيسى الذي اخرج من قم من كان يروى عن الضعفاء مثل البرقي وسهل بن زياد فكيف رضي بان يروى وهو نفسه
عن غير ثقة ولكن الاستدلال به في المقام فاسد لان فعل الإمام (ع) المغرب بعد الشفق في وقت ما لا تدل على
جوازه مطلقا ولو لغير المعذور لان الفعل لا عموم فيه فيتحمل ان يكون تأخيره لا جل عذر لاحتمال كون الحديث
بعد الغروب بأمر لازم مع أنه يظهر من بعض الأخبار وكلام بعض القائلين بانتهائه بغيبوبة الشفق للمختار
جواز التأخير لا ولى القدر {حجة الآخرين اخبار} منها ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن بكر بن محمد عن أبي الحسن الأول صلى الله عليه وآله
عن أبي عبد الله (ع) قال سئله سائل عن وقت المغرب فقال إن الله تعالى يقول في كتابه لإبراهيم (ع) فلما جن عليه الليل
رأى كوكبا فهذا أول الوقت واخر ذلك غيبوبة الشفق ومنها ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان
عن أبي عبد الله (ع) وقت المغرب حين الشمس إلى أن تشتك النجوم ومنها ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن يقطين قال سئلته عن الرجل تدركه صلاة المغرب في الطريق أيؤخرها إلى أن يغيب الشفق قال لا بأس بذلك في السفر
واما في الحضر فدون ذلك شيئا ومنها ما رواه الشيخ في الموثق بابن فضال عن جميل دراج قال قلت لأبي عبد الله (ع)
ما تقول في الرجل يصلى المغرب بعد ما يسقط الشفق فقال لعله لا باس دل بمفهومه على ثبوت الباس بالتأخير
لا لعلة وهو ظاهر في التحريم ومثله صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (ع) لا باس ان يؤخر المغرب في السفر حتى يغيب الشفق
وبمضمونها اخبار اخر مثل رواية إسماعيل بن مهران ومرسلة سعيد بن جناح عن الرضا (ع) ورواية زرارة عن
18

أبى جعفر (ع) وموثقة إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله (ع) والمحكى عن الفقه الرضوي ويؤيد ذلك كله ما ورد مستفيضا
من أن لكل صلاة وقتان الا صلاة المغرب فان لها وقت واحد بناء على حمل الوقتين لكل صلاة على الفضيلة
والاجزاء دون الاختيار والاضطرار لان للمغرب أيضا وقت اضطراري اتفاقا فلا معنى لاستثنائها فمعنى هذه الأخبار
والله العالم ان لكل صلاة وقت فضيلة ووقت الأجزاء الا المغرب فان لها وقت واحد للفضيلة و
الأجزاء وليس وقت اجزائها مغاير الوقت فضيلتها كما في غيرها من الصلاة ويمكن الجواب عن هذه الأخبار بعد
الاعتراف باعتبار سندها وظهور دلالتها بالحمل على وقت الفضيلة جميعا بين ظواهر هذه والنصوص السابعة البصرية
بامتداد الوقت إلى انتصاف الليل وهذا الحمل أولي من حمل الأخبار السابقة على المضطر وتخصيص هذه بالمختار من وجوه الأول
ان الأخبار السابقة معتضدة بما عرفت سابقا من المرجحات فتعين التصرف في مخالفتها الثاني ان الحمل
الأولى ليس فيه الا مخالفة للظاهر في الأخبار الدالة على انتهاء الوقت بغيبوبة الشفق وفي الحمل الثاني مخالفة
للظاهر فيها بالتقييد بالمختار وفي الأخبار السابقة بالحمل على المضطر الثالث ان حمل الأخبار السابقة على
المضطر مع اطلاقها المنصرف بحكم الغلبة إلى صورة الاختيار حمل بعيد الرابع اشتمال كثير من الاخبار المحدودة
لاخر الوقت بغيبوبة الشفق على تحديد أول العشاء بها وستعرف انها محمول على الفضيلة فكذا تحديد آخر المغرب
صون السياق الكلام عن الاختلاف ثم غاية الأمر تكافؤ الاخبار من الطرفين فوجب الرجوع إلى
موافقة الأصل وهو مع المختار {بقى الكلام في الاخبار} المستفيضة الدالة على أن لكل صلاة وقتان الا المغرب
حيث إن المعروف بين الأصحاب ان للمغرب أيضا وقتان وان اختلفوا في أنهما للاختيار والاضطرار وللفضيلة
والاجزاء ويمكن ان يحمل على المبالغة والتأكيد في الاتيان بها في الوقت الأول حتى كان الوقت الثاني الذي
هو للاجزاء على قول وللإضطرار على قول اخر لا يعد وقتاله بل الفعل فيه كالفعل خارج الوقت وبه يعلل ما في
بعض هذه الأخبار من أن جبرئيل على نبينا واله وعليه السلام اتى النبي صلى الله عليه وآله لكل صلاة بوقتين
غير المغرب فان وقتها
واحد وكيف كان فالاحتياط في هذه المسألة المشكلة لا ينبغي تركه بتقديم الصلاة على غيبوبة الشفق
ودونه في الاحتياط ان لا يؤخر إلى ربع الليل ودونه ان لا يؤخره إلى ثلث الليل ودون الكل ان لا يؤخره
إلى أن يبقى لانتصاف الليل مقدار أداء سبع ركعات وإن كان الأقوى جواز التأخير إليه كما عرفت ومقتضى ما ذكرنا
من الاخبار في اثبات المختار كون الصلاة قضاء بعد الوقت المذكور للمضطر وللمختار خلافا للمحكى عن المحقق في
المعتبر من امتداد الوقت للمضطر إلى أن يبقى إلى الفجر مقدار ما يصلى المغرب والعشاء وتبعه على ذلك صاحب المدارك
19

لما رواه الشيخ في الزيادات التهذيب في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال إن نام رجل أو نسى ان يصلى المغرب
والعشاء الآخرة فان استيقظ قبل الفجر قدر ما يصليهما كليتهما فليصلهما وان خاف ان يفوت إحديهما فليبدء
بالعشاء وان استيقظ بعد طلوع الفجر فليصل الصبح ثم المغرب ثم العشاء ونحوها رواية حماد عن شعيب عن أبي
بصير عن أبي عبد الله (ع) ويؤيدهما ما دل من الاخبار على أن المرأة إذا طهرت قبل طلوع الفجر صلى المغرب والعشاء
ورواية عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (ع) قال لا يفوت الصلاة من أراد الصلاة لا يفوت صلاة النهار
حتى تغيب الشمس ولا صلاة الليل حتى تطلع الفجر ولا صلاة الفجر حتى تطلع الشمس ويمكن ان يجاب عن روايتي ابن
سنان وأبى بصير بان موضع الدلالة فيهما ليس الا وجوب تقديم العشاء على المغرب فيما إذا لم يسع مقدار الباقي
من الليل لأدائهما وليس الغاء الترتيب الا لاختصاص الوقت بالعشاء وهذا يستلزم كون ما قبله وقتا للمغرب
بالاجماع المركب وفيه مع الدليل على كون الغاء الترتيب انما هو لكون الباقي مختصا بالعشاء لم لا يجوز ان يكون
هذا القوت خارجا عن وقت الصلاتين لكن يجب أو يستحب تقديم قضا العشاء على قضاء المغرب إذا لم يتمكن من
قضاء كليتهما في ليلة الفوت مع أن الاجماع المركب المدعى ممنوع وبدونه لا يتم الاستدلال فلعل وقت العشاء
باق المضطر إلى طلوع الفجر قال في الحدائق انه قد نقل عن الشيخ في الخلاف أنه قال لا خلاف بين أهل العلم في أن
أصحاب الاعذار إذا لم درك أحدهم قبل الفجر الثاني مقدار ركعة انه يلزمه العشاء الآخرة هذا كله مع
اختصاص الخبرين بالنوم والنسيان فلا يعمان تمام المدعى وقد يجاب عنهما بموافقتهما لمذهب العامة فلتحملا
على التقية وفيه ان الترجيح بموافقة العامة فيما إذا كان تعارض الخبرين على غير وجه الاطلاق والتقييد
والا فالمقيد الموافق للعامة لا يطرح في مقابل المنطلق المخالف له لان اخبار علاج التعارض لا تشتمل
هذا القسم منه كما لا يخفى عر من راجعها الا ان يقال إن النوم قد يكون في أول الوقت متعمدا مع ظنه
بأنه لا يستيقظ قبل الانتصاف وهذا ليس داخلا في المضطر ويشمله الروايتان فليستا أخص من الأخبار الدالة
على خروج الوقت بالانتصاف الا بعد تخصيصها بواسطة الاجماع ونحوه بالمضطر وحينئذ فيدور الامر
بين ارتكاب التخصيص فيهما وبين الحمل على التقية ولا مرجح وفيه منع دوران الامر بين التخصيص والحمل على
التقية بل يجمع بينهما بان يقال إن العام مخصص في الواقع بغير المتعمد ويتأذى التقية بدلالته ظاهره على العموم
مع أن الغالب في النوم عن العشائين هو النوم مع ظن الاستيقاظ والنوم عنهما مع ظن عدمه نادر فلا
ينصرف إليه الاطلاق ولو سلم شموله له كان اخراجه عنه تقيدا هينا كتقييد ما دل على خروج الوقت
20

بالانتصاف بصورة الاختيار فإنه أيضا صرف للمطلق إلى أفراه الغالبة فكلا التقييدين هينان مع صحة
الدليل المقيد واعتضاده بالأصل واما الاخبار الامرة بالصلاتين إذا طهرت الحايض قبل طلوع الفجر
فلا يبعد حملها على استحباب قضائهما حينئذ كما ذكره الشيخ في التهذيب الا ان سياق بعضها يأبى ذلك وهو ما اشمل
منها على الامر بفعل الظهرين إذا طهرت قبل غروب الشمس فإنه واجب عندنا وفاقا للشيخ في غير التهذيبين و
إما الخبر الأخير فهو ضعيف سندا ومع ذلك فالأحوط للناسي والنائم بل مطلق المضطر إذا فاتهم الصلوتان
قبل الانتصاف ان يصليا بعده من غير تعرض للأداء والقضاء {الاظهر انه لا يتوقف دخول} وقت
العشاء على غيبوبة الشفق بل على مضى مقدار أداء المغرب كما تقدم في أول وقت العصر وهو المحكي عن الأكثر
وقيل بعدم دخوله لغير المعذور الا بعدها وهو المحكي عن الشيخين لنا على ذلك الأخبار المستفيضة منها
صحيحة زرارة المتقدمة في أول وقت الظهر الدالة على أنه إذا غابت الشمس دخل وقت المغرب والعشاء ومنها
روايتا عبيد بن زرارة ورواية ابن فرقد المتقدمة في المسألة السابقة في أدلة القول المختار ومنها
ما رواه الشيخ في زيادات التهذيب عن سهل بن زياد عن إسماعيل بن مهران قال كتبت إلى الرضا (ع) ذكر
أصحابنا انه إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر والعصر وإذا غربت الشمس دخل وقت المغرب والعشاء الآخرة
الا ان هذه قبل هذه في السفر والحضر وان وقت المغرب إلى ربع الليل فكتب (ع) كذلك الوقت غير أن وقت المغرب
ضيق واخر وقتها ذهاب الحمرة ومصيرها إلى البياض في أفق المغرب ويظهر من هذه الرواية ان دخول وقت
المغرب والعشاء بغروب الشمس كان معروفا بين الامامية في ذلك الوقت فتأمل وخصوص الأخبار المستفيضة الدالة
على جواز تقديم صلاة العشاء على مغيب الشفق منها ما رواه الشيخ في الموثق بابن بكير عن زرارة عن أبي عبد الله (ع)
قال صلى رسول الله (ص) بالناس الظهر والعصر في جماعة من غير علة وصلى بهم المغرب والعشاء الآخرة قبل الشفق من
غير علة في جماعة وانما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله ليتسع الوقت ومنها ما رواه عن إسحاق بن عمار قال سئلت أبا عبد الله (ع)
يجمع بين المغرب والعشاء في الحضر قبل ان يغيب الشفق من غير علة قال لا باس ومنها ما رواه في الموثق بابن فضال
عن زرارة قال سئلت أبا جعفر (ع) وأبا عبد الله (ع) عن الرجل يصلى العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق فقال الظاهر
لا بأس به ومنها ما رواه عن الحلبي قالا كنا نختصم في الطريق في الصلاة صلاة العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق
وكان متأمن يضيق بذلك صدره فدخلنا على ابن أبي
عبد الله (ع) فسئلناه عن صلاة العشاء الآخرة قبل سقوط
الشفق فقال لا باس بذلك قلنا وأي شئ الشفق قال الحمرة حجة الشيخين ومن وافقهما قدس الله أرواحهم
21

روايات كثيرة منها ما رواه في الصحيح عن عمران بن علي الحلبي قال سئلت أبا عبد الله (ع) متى تجب العتمة قال إذا
غاب الشفق والشفق الحمرة ومنها ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن بكر بن محمد وفيه وأول وقت العشاء
ذهاب الحمرة واخر وقتها إلى غسق الليل نصف الليل ومنها مفهوم ما رواه الشيخ ان الحلبي بسندين أحدهما الصحيح والاخر حسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) قال لا باس بان تعجل العتمة في السفر قبل
ان يغيب الشفق ومثله مفهوم موثقة جميل بن دراج بابن فضال وفيه قلت فالرجل يصلى العشاء الآخرة
قبل ان يسقط الشفق قال لعلة لا بأس وبمضمونها اخبار كثيرة اخر مثل رواية محمد بن عيسى عن يونس عن يزيد بن
خليفه عن أبي عبد الله (ع) ورواية زرارة عن أبي جعفر (ع) ويمكن الجواب عن هذه الخبار بحملها على وقت الفضيلة
وهو أولي من حملها على المختار وحمل ما تقدم على المعذور لكون هذه الأخبار موافقة للمشهور كما عن الخلاف
والمنتهى والتصرف فيها أولي مع أن الحمل على المعذور غير مستقيم في موثقتي زرارة وعمار المتقدمتين
للتصريح فيهما بجواز التقديم من غير علة وبعيد في غيرهما لكونه حملا للمطلق على الفرد الغير الغالب ولكن
لا ينبغي ترك الاحتياط بتأخير الصلاة إلى مغيب الشفق واعلم أنه صرح بعض بان الخلاف المتقدم في مسألة
اشتراك أول الزوال بين الصلاتين أو اختصاص مقدار أداء الظهر بها جار في العشائين أيضا وان
الصدوق القائل بالاشتراك هناك قائل به هنا أيضا لكن لم نقف على تصريح بذلك هنا في كلام
الصدوق نعم روى في الفقيه صحيحة زرارة الدالة على أنه إذا غابت الشمس دخل وقت المغرب والعشاء لكنه روى
أيضا مرسلا انه إذا صليت المغرب فقد دخل وقت العشاء فإن كان نسبة الاشتراك إليه لا يراد رواية زرارة
كانت نسبة الاختصاص إليه أولي لايراده هذه المرسلة المقيدة لرواية زرارة ولا فرق في روايات الموردة
في الفقيه التي التزم بصحتها وأعتقد حجيتها بينه وبين الله بين المرسلة والصحيحة وكيف كان فلو فرض
قوله أو قول غيره هنا أيضا بالاشتراك كان الكلام عليه كما عرفت في الظهرين {الاظهر}
الأشهر امتداد وقت العشاء الآخرة إلى نصف الليل وهو المحكي عن السيد وابن الجنيد وسلار وابن زهرة
وابن إدريس وقيل بامداد وقته إلى ثلث الليل للمختار وهو الظاهر من المفيد وحكى عن ابن عقيل ان وقتها (الأول)
ربع الليل لنا على ما اخترناه مضافا إلى الأصل وظاهر الكتاب بناء على تفسير الغسق بالانتصار الأخبار المستفيضة
منها صحيحة زرارة المروية في زيادات التهذيب عن أبي جعفر (ع) وفيها ففيما بين دلوك الشمس
إلى غسق الليل أربع صلاة سماهن وبينهن ووقتهن وغسق الليل انتصافه ومنها ما رواه الشيخ أيضا
22

عن البزنطي عن الضحاك بن زيد عن عبيد بن بن زرارة عن أبي عبد الله (ع) في قوله تعالى " أقم الصلاة لدلوك الشمس
إلى غسق الليل " قال إن الله افترض أربع صلاة أول وقتها من زوال الشمس إلى انتصاف الليل منها صلاتان أول وقتهما من زوال الشمس إلى غروب الشمس الا ان هذه قبل هذه ومنها صلاتان أول وقتهما من غروب
الشمس إلى انتصاف الليل الا ان هذه قبل هذه ومنها مرسلة داود بن فرقد المتقدمة ومنها رواية
عبيد بن زرارة المتقدمة في اخر المغرب ومنها صحيحة بن محمد المتقدمة في المسألة السابقة وبمعناها
اخبار كثيرة مثل رواية ابن أبي
بصير عن أبي جعفر (ع) وروايتي المعلى بن الخنيس والحلبي ومرفوعة ابن
مسكان عن أبي عبد الله (ع) المذكورة كلا في باب الأوقات من زيادات التهذيب حجة القول الثاني ما رواه
الصدوق في الفقيه بسنده إلى معوية ابن عمار وقت العشاء الآخرة إلى ثلث الليل وما رواه الشيخ عن محمد بن عيسى عن
يونس عن يزيد بن خليفة عن أبي عبد الله (ع) قال وقت العشاء حين تغيب الشفق إلى ثلث الليل ونحوها رواية
زرارة عنه (ع) والجواب إما عن الرواية الأولى فبالحمل على وقت الفضيلة جمعا وهذا أولي من حمل الآية
والاخبار على صورة الاضطرار وبهذا يجاب عن الأخيرتين مع أنهما ضعيفان إما أوليهما فيزيد بن خليفه
وإن كان الراوي عنه يونس الذي حكى اجماع العصابة عن تصحيح ما يصح عنه لان الراوي عنه محمد بن عيسى
الذي حكى عن الصدوق وشيخه ابن الوليد عدم الاعتداد بما يرويه عن يونس مع أن في هذا الاجماع كلاما
واما حجة القول الثالث فلم نقف عليها واحتج له في المختلف بمكاتبة إسماعيل بن مهران قال كتبت إلى أبى
الحسن الرضا عليه السلام انه ذكر أصحابنا انه إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر والعصر وإذا غربت دخل وقت
المغرب والعشاء الآخرة الا ان هذه قبل هذه في السفر والحضر وان وقت المغرب إلى ربع الليل فكتب (ع) كذلك
غير أن وقت المغرب ضيق واخر وقتها ذهاب الحمرة ومصيرها إلى البياض في أفق المغرب ولا يخفى ان هذه الرواية
لا دلالة لها على المذهب المذكور لا يتمحل شديد وتعسف بعيد ثم إن مقتضى النصوص المذكورة خروج الوقت
بانتصاف الليل مطلقا من غير تفرقة بين المضطر والمختار خلافا للمحكى عن جماعة منهم المحقق في المعتبر
فقالوا بامتداد الوقت المضطر إلى طلوع الفجر لما تقدم من الروايات في اخر وقت المغرب وهذا حسن لظهور
روايتي ابن سنان وأبى بصير السابقين في هذا المطلب مضافا إلى ما تقدم في اخر وقت المغرب من دعوى
الشيخ في الخلاف المحكي نقلها عنه في الحدائق عدم الخلاف في لزوم العشاء على من أدرك ركعة قبل طلوع الفجر
لكن بعض المتأخرين حملوا الروايتين على التقية لموافقة مضمونها الفتوى الفقهاء الأربعة وفيه ان التقية
23

تتأدى بدلالة ظاهرهما على عموم الحكم للمختار والمضطر ولا ينافى ذلك إرادة خصوص المضطر منهما في نفس
المتكلم (ع) لأجل قيام الدليل على خروج وقت الاختيار بالانتصاف بل يمكن القول بعدم احتياجهما إلى التقييد
لان المتبادر من النوم عن العشائين بحكم الغلبة هو النوم عنهما لا متعمدا وكيف كان فيصير الروايتان بعد
ملاحظة تقييدهما أو تقيدهما أخص من الأخبار الدالة باطلاقها على خروج الوقت مطلقا بالانتصاف فتعين
تقيدها بهما لكن لا يخفى ان مورد الروايتين النائم والناسي ولا دليل على الحاق غيرهما من المضرين وقد
يرد حمل الروايتين المذكورتين على المضطر باستلزام ذلك ثبوت أوقات ثلثة للعشاء أحدها للفضيلة
والثاني للاجزاء والثالث للاضطرار وهذا مخالف للاخبار الكثيرة الدالة على أن لكل صلاة وقتين
وفيه ان الظاهر أن المراد بالوقتين المجعولين لكل صلاة وقت الفضيلة والاجزاء وكيف كان يقتضى الاحتياط
في المقام ترك تعرض المضطر سيما النائم والناسي لنية الأداء والقضاء إذا صلى العشاء بعد الانتصاف وقد
عرفت نظيره في المغرب ولكن الاحتياط هنا أشد واكد {أول وقت صلاة} الصبح طلوع الفجر الثاني
بلا خلاف فتوى ونصا وانما الخلاف في اخره فالمشهور امتداده إلى طلوع الشمس حكاه في المختلف عن السيد وابن
الجنيد والمفيد وسلار وابن البراج وأبو الصلاح وابن زهرة وابن إدريس وعن الشيخ في المبسوط وابن ابن أبي
عقيل امتداده
للمختار إلى طلوع الحمرة المشرقية وللمضطر إلى طلوع الشمس والمختار ما ذهب إليه المشهور لنا على ذلك مضافا
إلى الأصل ما روى في الصحيح وغيره من أن لكل صلاة وقتان وقد ظهر مما ذكرنا في أوقات ساير الصلاة ان
الأول منهما للفضيلة لا لا اختيار والثاني للاجزاء فنقول لا خلاف في كون ما بعد طلوع الحمرة إلى طلوع
الشمس وقتا لها وان اختلفوا في كونه وقتا للاجزاء أولا اضطرار وقد عرفت ان الوقت الثاني للاجزاء ويدل
على ذلك أيضا ما رواه الشيخ عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال وقت صلاة الفجر ما بين طلوع الفجر إلى طلوع
الشمس الأصبغ بن بناته قال قال أمير المؤمنين (ع) من أدرك ركعة من الغداة قبل طلوع الشمس كان
كمن أدرك الغداد قامة وما رواه عن عميد بن زرارة عن أبي عبد الله (ع) قال لا تفوت صلاة النهار حتى تعيب
الشمس ولا صلاة الليل حتى تطلع الفجر ولا صلاة الفجر حتى تطلع الشمس وهذه الروايات وإن كانت مشتركة
في الضعف الا انها منجزة بالشهرة وحكاية الاجماع عن السرائر وموافقة للأصل مع أن الرواية الأولى
وان اشتملت على موسى بن بكر الا ان الراوي عنه عبد الله بن المغيرة وهو من أصحاب الاجماع حجة العماني والشيخ
ما رواه عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال وقت الفجر حين ينشق الفجر إلى أن يتحلل الصبح السماء ولا ينبغي
24

تأخير ذلك عمدا لكنه وقت لمن شغل أو نسى أو نام وما روى من أن لكل صلاة وقتين وليس لاحد ان يجعل اخر
الوقتين وقتا الا في علة وما رواه الشيخ عن أبي بصير المكفوف قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الصائم متى
يحرم عليه الطعام قال إذا كان الفجر كالقبطية البيضاء قال فمتى نحل الصلاة فقال إذا كان كذلك فقلت
الست في وقت من تلك الساعة ان يتطلع الشمس فقال لا انما بعدها صلاة الصبيان والجواب عن
هذه الروايات أولا بعدم دلالة شئ منها على امتداد الوقت إلى طلوع الحمرة وثانيا بالحمل على وقت
الفضيلة لعدم صراحتها ولا ظهور ما عد الأخيرة في حرمة التأخير ولو سلم ظهورها تعين مخالفة
الظاهر جمعا وهذا أولي من حمل الاخبار الأولة على المضطر كما عرفت مرارا ولو تساوى الحملان وجب
الرجوع إلى مقتضى الأصل كما تقدم في نظائره ثم إن مقتضى اطلاق ما دل من العقل والنقل على رجحان المبادرة
إلى فعل الواجب ان يكون الأفضل الشروع في فريضة الفجر في أول ما يطلع الفجر ويؤيده بل يدل عليه
خصوص ما رواه الشيخ عن البزنطي عن عبد الرحمن بن سالم عن إسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد الله (ع) اخبرني
عن أفضل المواقيت في صلاة الفجر قال مع طلوع الفجر ان الله تبارك وتعالى قال إن صلاة الفجر كان مشهورا
يعنى صلاة الفجر تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار فإذا صلى العبد صلاة الصبح مع طلوع الفجر أثبتت له مرتين
تثبته ملائكة الليل وملائكة النهار ولكن المستفاد من بعض الأخبار رجحان تأخيره عن أول الفجر
مثل ما روى من أنه كان النبي يصلى ركعتي الصبح وهو الفجر [؟؟؟] إذا اعترض الفجر وأضاء حسنا وفي صحيحة محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد الله (ع)
رجل صلى الفجر حين طلع الفجر قال لا باس فان المستفاد من السؤال شكه في رجحان ذلك ومن الجواب
عدم رجحانه كما يستشم من قوله لا باس ويمكن حمل فعل النبي (ع) على انتظار الجماعة والمتنفلين وأن يكون
المراد من قوله وأضاء حسنا أضاء ضوء بينا غير خفى فيكون المعنى انه كان يصلى إذا بين له ضوء الفجر
ويكون إشارة إلى عدم جواز الشروع مع الاشتباه ويؤيد هذا الحمل ما روى من أنه صلى الله عليه وآله كان يغلس بصلاة
الفجر أي يصليها في ظلمة اخر الليل واما صحيحة ابن مسلم فيمكن حملها على كون نفى الباس إشارة إلى
مرجوحية ذلك من حيث استلزامه لترك نافلة الفجر ان ان لم يصليها قبل الفجر ومخالفة العامة المفرضة
للضرر ان صلها قبل الفجر فلعل المراد ان الراجح الاشتغال بنافلة الفجر مع طلوعه موافقة للعامة ثم
الشروع في الفريضة هذا كله مع أن ظهور نفى الباس في اثبات المرجوحية أو نفى الرجحان ممنوع فلعله بمجرد
توهم الباس لكن هذا التوهم المخالف لما ثبت بضرورة الدين من عدم الباس بالصلاة مع طلوع الفجر
25

بعيد من مثل محمد بن مسلم الذي من أجل فقهاء أصحاب الصادق (ع) فلابد ان يكون للسؤال جهة أخرى
لا مجرد المبادرة إلى الصلاة مع الطلوع وهذا كاف في سقوط الاستدلال بالرواية لما نحن فيه في
أوقات النوافل الظاهر عدم مشروعية فعل شئ من نافلة الظهرين قبل الزوال ويدل عليه مضافا إلى
الأصل العمومات الدالة على وضع الشارع إياها بعد الزوال فيكون الفعل الواقع قبله غير
موضوع من الشارع مثل ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحارث البصري عن أبي عبد الله (ع) قال سمعته
يقول صلاة النهار ست عشرة ركعة ثمان إذا زالت الشمس وثمان بعد الظهر وما رواه عن حماد
عن شعيب عن أبي بصير قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن التطوع بالليل والنهار قال الذي يستحب الا
يقصر عنه ثماني ركعات عند زوال الشمس الحديث وما رواه في الموثق بابن بكير عن زرارة قال
قلت لأبي عبد الله ما جرت به السنة في الصلاة فقال ثماني ركعات الزوال الحديث إلى غير ذلك
من العمومات وخصوص مفهوم صحيحة محمد بن مسلم الآتية إلى غير ذلك من الاخبار واما ما في بعض الروايات
من جواز تقديمها على الزوال مثل ما رواه الشيخ عن القاسم بن الوليد الغفاري قال قلت لأبي
عبد الله (ع) جعلت فداك صلاة النهار النوافل كم هي قال هي ست عشرة ركعة أي ساعات النهار
شئت ان تصليها صليتها الا انك ان صليتها في مواقيتها كان أفضل وما رواه عن علي ابن الحكيم
عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال قال لى صلاة النهار ست عشرة ركعة صليها أي النهار شئت ان
شئت في أوله وان شئت في وسطه وان شئت في آخره وما رواه عن عبد الاعلى قال سئلت أبا عبد الله (ع)
عن نافله النهار قال ست عشرة ركعة متى ما نشطت به علي بن الحسين (ع) كان له ساعات من النهار يصلى
فيها فإذا شغله ضيفه أو سلطان قضاها انما النافلة مثل الهدية متى ما اتى بها قبلت ومنها
ما رواه عن محمد بن عذافر قال قال أبو عبد الله (ع) صلاة التطوع بمنزلة الهدية متى ما اتى بها
قبلت فقدم منها ما شئت واخر منها ما شئت فلا يقاوم شئ منها ما قدمنا من الروايات
لضعف ما هو الصريح منها في جواز التقديم على الزوال وهي مرسلة علي بن الحكم وعدم صراحة
باقيها مع ضعف بعضها أيضا إذ يحتمل ان يراد بقوله (ع) في الرواية أي ساعات النهار ما بعد
الزوال ويحتمل أيضا قويا ان يكون المراد من قوله (ع) في الثالثة متى ما نشطت أي سواء كان في
وقتها أو بعد خروجه كما يدل عليه استشهاده (ع) بقضاء علي بن الحسين (ع) للصلاة التي اشتغله عنها
26

سلطان أو ضيفه ومثلها قوله (ع) في الرابعة فقدم منها ما شئت واخر منها ما شئت فان المراد من
التقديم فعلها في الوقت الأول أو في أوله ومن التأخير فعلها في اخر وقتها أو بعد خروج وقتها
ولا ينافى هذا المعنى تنزيل النافلة منزلة الهدية لأنها بمنزلتها بعد تعلق الامر بها لا مطلقا وكيف كان
فليس في سلم السند من هذه الأخبار تصريح بجواز تقديم نافلة الزوال عليه حتى يرفع اليد من اجله
عن ظواهر ما قدمنا من الاخبار ثم لو سلم تنزلا صراحتها في ذلك تعين حملها على ما إذا علم المكلف
بأنه لو لم يقدمها على الزوال اشتغل عنها بعده وان يتمكن منها المفهوم ما رواه الشيخ في الصحيح
عن محمد بن مسلم قال سئلت أبا جعفر (ع) عن الرجل يشتغل عن الزوال أيتعجل من أول النهار
فقال نعم إذا علم أنه يشتغل فيعجلها في صدر النهار كلها ويؤيده ما رواه في الصحيح عن إسماعيل بن
جابر قال قلت لأبي عبد الله (ع) انى اشتغل قال فاصنع كما تصنع صل ست ركعات إذا كانت الشمس في
مثل موضعها صلاة العصر يعنى ارتفاع الضحى الأكبر واعتد بها من الزوال {الاظهر الأشهر انتهاء وقت} نافلة الظهر بصيرورة الظل الحادث قدمين أعني سبع الشاخص وبعبارة
ثالثة ذراعا من قامة الانسان وانتهاء وقت نافلة العصر بصيرورة الظل أربعة اقدام وقيل بانتهاء
وقت نافلة الظهر بصيرورة ظل كل شئ مثله وانتهاء العصر بصيرورته مثلين وقيل بامتدادهما
إلى ما قبل اخر وقت الفريضة {لنا على ما اخترناه} مضافا إلى العمومات الناهية عن التطوع في وقت
الفريضة خرج منها ما قبل القدمين واجماعا وبقى الباقي خصوص صحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع) الحاكية
لفعل النبي صلى الله عليه وآله الظهر بعد الذراع والعصر بعد الذراعين قال (ع) بعد ذلك أتدري لم جعل الذراع
والذراعان قلت لم جعل ذلك قال لمكان الفريضة النافلة فان لك ان تنفل من زوال الشمس إلى أن يمضي
الفئ ذراعا فإذا بلغ فيئك ذراعا من الزوال بدأت بالفريضة وتركت النافلة وإذا بلغ فيئك
ذراعين بدأت الفريضة وتركت النافلة فان ظاهرها وجوب ترك النافلة بعد بلوغ الفئ
ذراعا {ولو نوقش} في إفادة الجملة الخبرية للوجوب أمكن التفصي عنها بوجهين (الأول) ان مفهوم
الغابة في قوله (ع) لك ان تتنفل إلى أن يمضى الفئ ذراعا الدال على أنه ليس له النفل بعد ذلك كان
في الحكم بعدم جواز النافلة بعد ذلك قبل الفريضة (والثاني) ان الجملة الخبرية يفيد الرجحان
قطعا فإذا كان ترك النافلة راجحا كفى ذلك في انتفاء الصحة فان المفروض ان أدلة رجحان فعل
27

نافلة الزوال قد خصصت بذلك فلا يبقى بعد ذلك دليل على رجحانها فتأمل ويؤيد هذه الصحيحة موثقة
عمار الساباطي الطويلة المروية في زيادات الصلاة من التهذيب عن أبي عبد الله (ع) أنه قال للرجل ان
يصلى الزوال ما بين الزوال وبين ان يمضى قدمان إلى أن قال وان مضى قدمان قبل ان يصلى ركعة
بدء بالأولى ولم يصل الزوال الا بعد ذلك {حجة القول} الثاني أصالة عدم خروج الوقت وبقاء
الرجحان بعد مضى القدمين وما دل على أن حايط مسجد رسول صلى الله عليه وآله كان قامة فإذا مضى من فيئة ذراع صلى الظهر فإذا مضى من فيئه
ذراعان أصل العصر بضميمة ما دل على أن المراد بالقامة الذراع ورواية زرارة إذا كان ظلك
مثلك فصل الظهر وإذا كان ظلك مثليك فصل العصر بناء على أن الامر بفعل الظهر بعد المثل دال
على تعينه واختصاص الوقت به في مقابلة ما قبل المثل حيث إن المكلف مخير فيه بين فعل الظهر و
نافلتها لاشتراك الوقت بينهما والجواب إما عن الأصل فيما تقدم من الدليل عموما وخصوصا
على خروج الرجحان والرخصة بعد مضى القديم واما عن الاستدلال باخبار القامة المبنى على
تفسير القامة بالذراع ففساد المبنى لان الاخبار المفسرة للقامة بالذراع ضعيفة جدا فلا برفع
اليد عن المعنى للغوى والعرفي للقامة من اجلها مع أن هذا التفسير يرده صريح صحيحة زرارة السابقة
حيث قال فيها فإذا بلغ فيئك ذراعا بدأت بالفريضة فإنها صريحة في أن العبرة بذراع من قامة الانسان
وهو سبعا الشاخص واما عن رواية زرارة فلان الاستدلال بها مبنى على أن يكون سؤال زرارة
عن الوقت المختص بالفريضتين الغير المشترك بينهما وبين نافلتهما وهو غير معلوم بل الظاهر أن
سؤاله كان عن وقت الصلاتين في القيظ يعنى شدة الحر ولو كان السؤال عن وقت المختص
بالفريضتين لم يكن معنى لتخصيصه بالقيظ {ثم اعلم أن القائلين} بامتداد وقت النافلة إلى المثل
بين من استثنى مقدار أداء الفريضة من هذا الوقت وبين من اطلق القول بالامتداد إلى المثل
ورواية زرارة انما يتجه الاستدلال به على تقدير صحته على القول الثاني دون الأول {حجة القول
الثالث} أصالة بقاء الامر بالنافلة إلى أن يتقن ارتفاعه ولا يتيقن الا إذا ضاق وقت الفريضة
والعمومات المتقدمة الدالة على جواز تقديم النافلة وتأخيرها وانها بمنزلة الهدية وخصوص ما
رواه الشيخ في الموثق عن سماعة قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يأتي المسجد وقد صلى
أهله أيبتدى بالمكتوبة أو يتطوع قال إن كان في وقت حسن فلا باس بالتطوع قبل الفريضة وان
28

كان خاف القوت من أجل ما مضى من الوقت فليبدء بالفريضة وهو حق الله ثم ليتطوع ما شاء
الامر موسع ان يصلى الانسان في أول وقت الفريضة والفضل إذا صلى الانسان وحده ان يبدأ بالفريضة
إذا دخل وقتها ليكون فضل أول الوقت للفريضة وليس بمحظور عليه ان يصلى النوافل من أول الوقت إلى
قريب من اخر الوقت والجواب إما عن الأصل والعمومات فبما تقدم واما عن الموثقة فباحتمال ان
يكون المراد بالوقت الحسن وقت فضيلة الفريضة المشترك بينها وبين نافلتها ولا ينافيه قوله وإن كان
خاف الفوت لان المراد خوف فوت وقت فضيلة الفريضة ولكن هذا الاحتمال انما يلايم القول بامتداد
وقت النافلة إلى أن يبقى إلى المثل مقدار أداء الظهر إذ حينئذ يتجه ان يقال إذا خاف المكلف فوت وقت
فضيلة الفريضة بان يبقى من بلوغ الظل مثل الشاخص مقدار أداء الظهر فليبدء بالفريضة لئلا
تتأخر عن وقت فضيلتها الذي بلغ من شدة اهتمام المشهور في محافظته إلى أن ذهب طائفة بحرمة
التأخير عنه مع الاختيار واما بناء على المختار من امتداد وقت النافلة إلى مضى القدمين فلا وقع
لهذا الحمل لان المراد من وقت فضيلة الظهر الذي إذا خاف فوته وجب الابتداء بالفريضة وإذا
لم يخف فوته جاز التنفل إن كان وقت صيرورة الظل مثل الشاخص فلا ريب في عدم جواز النافلة قبله مطلقا
على المختار بل يجوز إذا لم يمضى القدمان وإن كان وقت مضى القدمين فلا يستقيم وجوب البدئة بالفريضة مع خوف فوته لان المختار جواز فعل النافلة قبل مضى القدمين وان استلزم تأخير الظهر عنهما
اللهم الا ان يراد بخوف فوتها خوف فواتها في وقته الأفضل المختص بها الغير الصالح لنافلتها و
هو أول ما بعد مضى القدمين لكن لا يخلو ذلك عن بعد فالأولى ان يحمل التطوع في هذه الرواية على غير الرواية اليومية من النوافل كما يدل عليه قوله (ع) والفضل إذا صلى الانسان وحده ان يبدأ
بالفريضة إذا دخل وقتها ليكون فضل أول الوقت للفريضة فإنه لا خلاف فتوى ونصا في استحباب تقديم نافلة الظهر في أول الوقت وتأخيرها عنه بمقدار أداء نافلة فكيف يكون الفضل
تقديم الفريضة على النافلة في أول الوقت اللهم الا ان يراد بالوقت الداخل
ثم لو سلم بعد التقييد المذكور في الرواية كان أولي من اطراحها لما تقدم من الأدلة على المختار المعتضدة
بعمل جمهور الأخيار الموافقة للاحتياط المطلوب في ملة سيد الأبرار ثم إنه قد يستفاد من بعض الأخبار
امتداد وقت نافلة الزوال إلى أن يذهب ثلثا القامة وهما روايتان رواهما الشيخ في زيارات
التهذيب بسندين ضعيفين عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) ولم اقف على قائل بمضمونها ولو اشتغل
بالظهر قبل التنفل ثم فرغ منها ولم يمض وقت النافلة فهل له الاتيان بها أداء أم لا وكذا الكلام
في العصر وجهان بل قولان منشأهما انه هل يكون لوصف تقدم نافلة الظهرين عليها مدخلية في كون
29

النافلة أداء بمعنى ان وقت نافلة الظهر هو إذا لم يمض قدمان ولم يجئ بالظهر فإذا انتفى أحدهما
انتفى الأداء وكذا وقت نافلة العصر إذا لم يمض أربعة اقدام ولم يجيئ بالعصر أم لا الاظهر الأول
للاخبار الكثيرة الظاهر في كون نوافل الظهرين موضوعة ومقررة قبلها مثل موثقة سليمان بن خالد
بعثمان بن عيسى الذي حكى القول بأنه من أصحاب الاجماع عن أبي عبد الله (ع) قال صلاة النافلة ثمان ركعات
حين تزول الشمس قبل الظهر وست ركعات بعد الظهر وركعتان قبل العصر الحديث ومثلها الأخبار الكثيرة
الدالة على أنه إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر الا ان بيزيد بها سبحة منها ما رواه الشيخ
في الصحيح عن أحمد بن محمد بن يحيى قال كتب بعض أصحابنا إلى ابن أبي
الحسن (ع) روى عن ابائك القدم والقدمين
والأربعة والقامة والقامتين وظل مثلك والذراع والذراعين فكتب (ع) لا القدم ولا القدمين
إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين وبين يديها سبحة هي ثمان ركعات فان شئت طولت و
ان شئت قصرت ثم صل الظهر فإذا فرغت كان بين الظهر والعصر سبحة وهي ثمان ركعات ان شئت طولت و
ان شئت قصرت ثم صل العصر إلى غير ذلك من الاخبار {لو نذر الصلاة النافلة} في وقت
الفريضة على القول بعدم مشروعيتها بأصل الشرع فهل ينعقد أولا وجهان بل قولان قد يستظهر الثاني
للأدلة الدالة على اشتراط الرجحان في متعلق النذر الظاهرة في اعتباره فيه مع قطع النظر عن النذر
وليس للنافلة في الوقت المذكور مع قطع عن تعلق النذر بها واخراجها عن النفل إلى الوجوب مشروعية
بالفرض حتى يصح نذرها والحاصل ان تعلق الوجوب بها بسبب النذر موقوف على مشروعيتها بل رجحانها
بمقتضى أدلة اشتراط الرجحان في متعلق النذر ومشروعيتها فرع وجوبها لأنها غير مشروعة ما دامت
متصفة بالنفل فيلزم الدور الصريح فان قلت فعلى هذا إذا نذر مطلق الصلاة النافلة فلا يشرع
فعلها ولا يحصل البرء بفعلها في وقت الفريضة لأنه إذا فرض عدم مشروعية النافلة في وقت الفريضة
فيختص متعلق النذر بالنافلة في غير ذلك الوقت فيخرج المائي به في ذلك الوقت عن متعلق النذر قلت
ليس الامر كذلك لان الحكم بعدم المشروعية كراهة أو تحريما انما يتعلق بالصلاة النافلة لا بمعنى المتصفة
نوعا بالنفل بحسب أصل الشرع لأنه خلاف ظاهر الأدلة الدالة على حكم المسألة نعم لو قيل به فلا اشكال
في عدم حصول البرء بفعلها في وقت الفريضة ولا بمعنى المتصفة شخصا بالنفل فعلا لأنه مستلزم لاجتماع
حكمين متضادين ولا بمعنى المتصفة بالنفل ولولا الكراهة أو التحريم لقبح الحكم على مثلها حينئذ بأحدهما بل بمعنى
30

المتصفة شخصا بالنفل فعلا لولا الخصوصية الموجبة للكراهة أو التحريم فمعنى كراهة النافلة في وقت
الفريضة أو تحريمها هو ان الصلاة التي لو فرض وقوعها في غير هذا الوقت كانت متصفه بالاستحباب
غير مشروعة في هذا الوقت وغير خفى ان النذر إذا تعلق بالنافلة بقول مطلق فلا يصدق عليها لو فرض
وقوعها في غير وقت الفريضة انها مستحبة فلا تكون متصفة بالكراهة أو التحريم إذا وقعت في وقت
الفريضة فان قلت إن المحصل مما ذكرت هو ان النذر المخرج النافلة إذا وقعت في غير وقت الفريضة
عن النفل إلى الوجوب هو الذي أوجب خروج النافلة إذا وقعت في وقت الفريضة عن الكراهة أو الحرمة
وجعلها قابلة لتعلق النذر بها.. فتعلق بها وحاصله ان النذر حقق مورده القابل لتعلقه به
فتعلقه به وهذا أمر غير معقول إذ لا يعقل وجود الموضوع وتحققه في الخارج بنفس ايجاد الحكم وتحققه
قلت إن النذر لا يتعلق بالنافلة بوصف انها مطلوبة بالامر الاستحبابي بل يتعلق بالصلاة التي لولا
النذر لكانت مطلوبة على وجه الاستحباب وهذا ليس موضوعا الكراهة أو الحرمة لما عرفت من أنها انما تتعلقان
بالصلاة التي هي مطلوبة استحباب بالفعل لولا الخصوصية الموجبة لها فخروج مورد النذر عن مورد
الكراهة أو الحرمة ليس لأجل صيرورته واجبا بالنذر حتى يكون النذر محققا لمورده بل خروجه لأجل عدم
ملاحظة لا استحباب الفعلي فيه خلافا لمورد الكراهة أو الحرمة نعم لو تعلق النذر بالصلاة المستحبة
بملاحظة انها مستحبة حتى يكون تعلقه حقيقة على إطاعة الامر الاستحبابي الوارد في هذا الفعل
فلا مناص عن القول بعدم البر من النذور في وقت الفريضة لأنه انما نذر إطاعة الامر الاستحبابي
الوارد في النافلة وكلما وجد أمر استحبابي بالنافلة يبر بإطاعته والمفروض انه لا أمر بالنافلة
في وقت الفرض فلا إطاعة فلا برء لكن الكلام ليس فيه بل فيما إذا تعلق النذر بما هو موضوع فعلا
للامر الاستحبابي مع قطع النظر عن استحبابه فعلا فتأمل حتى لا يختلط عليك الفرق بين تعلق النذر بما
هو مستحب فعلا بملاحظة انه مستحب لأنه راجع في الحقيقة إلى تعلق النذر بإطاعة الامر الاستحبابي وبين
تعلق النذر بالعنوان الذي يثبت له الاستحباب لولا النذر في الاستقبال {يجب} بالوجوب
الشرطي أو التكليفي {استقبال عين الكعبة} أو الاستقبال بالغير إليها مع تيسير {المشاهدة} بل المحاذاة ولو لم يشاهد واستقبال
جهتها مع عدم التيسر {لأجل البعد عنها في فرايض الصلاة} اختيارا {وعند الذبح} مع التمكن {وعند احتضار
الميت ودفنه والصلاة عليه} وقد تقدم تفصيل الكلام فيما يتعلق بالميت وسيأتى
31

بالنسبة إلى غيره وما ذكره المصنف من اعتبار استقبال المصلى العين للقادر والجهة للبعيد هو أصح القولين للأصحاب
ويدل على الأول بعد الأصل والاجماع المحكي عن كنز العرفان والمعتبر ما دل على كونه الكعبة قبلة للناس
جميعا من الأخبار المتواترة وهي الدليل على الثاني أيضا بعد الاجماع المحقق في الجملة والمحكى فان كونها
قبلة للبعيد العاجز عن استقبال العين لا معنى له الا وجوب استقبال جهتها والتوجه إلى سمتها مضافا إلى
قوله تعالى فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم وما دل من الاخبار على وجوب
التوجه نحوها من كل مكان خلافا للمحكى عن الشيخين والطبرسي مع دعوى الأخيرين الاجماع وسلار و
قاضى وابن حمزة وابن زهرة والمحقق في الشرايع بل أكثر الأصحاب على ما ذكر الشهيدان فافتوا بما في مرسلة
الحجال عن أبي عبد الله (ع) ان الله تعالى جعل الكعبة قبلة لأهل المسجد والمسجد قبلة لأهل الحرم وجعل
الحرم قبلة لأهل الدنيا ونحوها رواية بشر بن جعفر الجعفي والنبوي المحكي عن المعتبر والمنتهى ومرسلة
الصدوق وفي المحكي عن العلل ان الكعبة قبلة المسجد والمسجد قبلة مكة ومكة قبلة الحرم والحرم قبلة
الدنيا وزاد الشيخ فاستدل بما دل على رجحان التياسر لأهل العراق معللا بما لفظه ان نور الحجر عن يمين
الكعبة أربعة أميال وعن يسارها ثمانية أميال كله اثنا عشر ميلا فإذا انحرف الانسان ذات اليمين
خرج عن حد القبلة لقلة انصاب الحرم وإذا انحرف ذات اليسار لم يكن خارجا عن حد القبلة وبان
لكل مصلى جهة والكعبة لا تكون في الجهات كلها ولا كذلك التوجه إلى الحرم لأنه طويل يمكن ان يكون كل
واحد متوجها إلى جزء منه والجواب عن الاخبار بعد ضعف سندها وخلوها عن الجابر لوهن الشهرة
والاجماع المنقولين على مضمونها بشهرة الخلاف بل الاجماع عليه بين المتأخرين وبعض القدماء كالسيد
والإسكافي بضعف الدلاة بناء على أن القبلة لأهل الدنيا ليست عين الحرم لعدم امكان توجه البعيد
إليها وإن كان طويلا ولذا اتفقوا على اجتزاء البعيد بالعلامات الآتية التي لا تعين الا جهة الحرم و
الكعبة وإن كان الظاهر من الدليل الأخير للشيخ امكان توجه البعيد إلى جزء من العين وهو الذي فهمه
جماعة حيث أو ردوا عليه بما سيجئ من بطلان صلاة بعض الصف المستطيل الا ان الانصاف انه مخالف للمجوس
وان عين المسجد ليست أيضا قبلة لقاطبة أهل الحرم إذ يتعذر أو يتعسر على من كان في اقصى الحرم مواجهة
عين المسجد مضافا إلى أنه حكى الاجماع غير واحد على أن من تمكن من مشاهدة الكعبة يجب عليه مواجهتها
وان خرج عن المسجد وحكى التصريح بهذا الحكم وبوجوب استقبال عين المسجد لمن تمكن منه وان خرج عن
32

الحرم عن جماعة من أرباب هذا القول كالشيخ والقاضي وابن حمزة فالأولى حينئذ حمل الروايات على
إرادة جهتي المسجد والحرم كما ذكره جماعة تبعا للذكرى ولعل وجه الاختلاف في التعبير مع اتحاد الجهتين
هو انه كلما ازداد ذو الجهة بعدا يعبر عن جهته بما هو أوسع كما يشهد به التعبيرات العرفية عن جهات الأماكن
والبقاع واما رواية العلل فلم يقل بها أحد واما ما دل على التياسر فمع ضعفه سندا الا دلالة لها بعد ما ذكرنا
ان قبلة البعيد جهة الحرم اتفاقا لعدم تمكنه من العين قطعا فهو على تقدير تسليمه حكم تعبدي قال به المشهور
من أهل القولين واما الدليل الأخير للشيخ فهو بظاهره مخالف للمحسوس لان أهل العراق والخراسان
بناء كما ذكره جمع من اتحاد قبلتهم كيف يمكن لكل مصل منهم ان يتوجه إلى عين جزء من الحرم بل اللازم
على هذا التقدير على ما ذكره جماعة بطلان صلاة بعض الصف الذي يزيد طوله على سعة الحرم لان
الخطوط الخارجة المتوازية لا تلتقي ابدا فكيف يصح صلاة أهل الإقليم الواحد بعلامة واحدة وقد تصدى
جمال الملة في حاشية الروضية لدفع هذا أولا يمنع كون الخطوط الخارجة متوازية بناء على كروية الأرض
فحينئذ المانع من التقائها كما تلتقي الخطوط الخارجة من محيط الدائرة في فنقطة واحدة هي قطبها وثانيا بان
العلم بخروج بعضهم عن العين لا ينافى صحة صلاة كل واحد منهم لعدم علمه بذلك كما لو اختلفوا في الاجتهاد
ثم قال نعم يستشكل بلزوم عدم صحة الجماعة إذا كان بينه وبين الامام ما يزيد عن قدر الحرم ثم احتمل اندفاع
ذلك بالتزام صحة صلاتهما كما لو أنتم أحد واحدى المنى في الثوب المشترك بالآخر ثم اورد على ذلك بان
هذا رجوع في الحقيقة إلى القول بالجهة إذ ليس التعويل على هذا في صحة صلاة كل واحد على القطع بعدم خروجه
عن حد الحرم بل على صلاته إلى سمت احتمل كونه فيه وقطع بعدم خروجه عنه وهو ليس الا اعتبار والجهة
ولا
نزاع فيه انتهى أقول لا يخفى ان المفروض انه ما ذكره [قه؟] لا يغنى في دفع ما اورده على الشيخ في استدلاله على أن قبلة البعيد
هي عين الحرم دون الكعبة لعدم امكان استقبال المصلى الجزء من الكعبة وامكان استقباله الجزء من الحرم
فان ما ذكره من الوجهين في تصحيح صلاة الصف الزايد على طول الحرم بعينه جاز في تصحيح صلاة الصف
الزائد على طول الكعبة كما اعترف هو به حيث اورد نظر هذا على ما ذكره في الروضة من أنه لو كان
القبلة للبعيد عين الكعبة لزم بطلان صلاة بعض الصف الزايد على طول الكعبة مع أنه يرد على
الوجه الثاني مما ذكره ما اعترف به أخيرا من أن فيه التزام عدم كون القبلة هي عين الحرم إذ يحتمل عند كل واحد من الامام والمأمور المتباعدين بما يزيد على طول الحرم ان يكون خارجا عن العين فكيف
يكون العين قبلة لهما مع جهلها باستقبالها وعلى الوجه الأول ان المقدار القليل من التقوس الحاصل
33

بسبب كروية الأرض لموقف ذلك الصف الطويل لا يوجب التقاء الخطوط الخارجة واتصالها بالحرم كما هو
معلوم بالحدس ويمكن ان يستعلم بالحس ثم إن ظاهر المتن اختصاص الجهة بالبعيد والحق به جماعة
القريب العاجز عن العلم بالعين وهو حسن مع شمول أدلة الجهة له والا فالأقوى والأحوط له تحصيل
الظن بالعين ويمكن إرادة ذلك من المتن بان يراد باستقبال العين استقبالها علما أو ظنا واعلم أنهم
اختلفوا في تعريف الجهة التي هي قبلة البعيد ولا ثمرة في ذكرها بعد اتفاق كلهم أو جلهم على
وجوب اعمال العلامات الآتية وشبهها نعم ربما يظهر من جماعة من متأخري المتأخرين عدم وجوب ذلك
وانه يكفى ان يصدق في العرف التوجه إلى جانب الكعبة لقوله تعالى فولوا وجوهكم شطر المسجد الحرام بل
لعموم قوله تعالى " أينما تولوا فثم وجه الله " خرج منه ما خرج بالاجماع وقوله (ع) في صحيحة معوية بن عمار ما بين المشرق
والمغرب قبله وفي صحيحة زرارة لا صلاة الا إلى القبلة قلت وأين حد القبلة قال ما بين المشرق والمغرب
وربما استظهر سيد مشايخنا في مناهله ذلك من عبارتي المعتبر والمنتهى حيث عرفا الجهة بالسمت
الذي فيه الكعبة قال فإذا كان الكعبة في جهة الجنوب أو الشمال كانت القبلة بالنسبة إلى النائي جميع
ما بين المشرق والمغرب وإذا كانت في جهة المشرق أو المغرب كان جميع ما بين الشمال والجنوب قبلة
بالنسبة إلى النائي ثم قال ولا فرق حينئذ بين علمه بعدم استقباله الكعبة أو ظنه أولا ثم نسب ذلك إلى
مجمع الفائدة والمدارك والذخيرة وحكى عن بعض الأجلة نسبة إلى أكثر المتأخرين ثم استدل لهم بما
ذكرنا من الكتاب والسنة وأيدهما بالسيرة المستمرة بين المسلمين من المسامحة في أمر القبلة فيما يعتبر
فيه القبلة من أمورهم المهمة كالصلاة والذبح ونحو ذلك أقول الظاهر أن كون مجموع ما بين المشرق
والمغرب قبلة وان علم أو ظن بكون الكعبة في جزء معين من هذه الجهة مع كونه مخالفا للأخبار المتواترة الدالة على كون الكعبة قبلة لجميع الناس خلاف ظاهر الفقهاء كما صرح به وحيد
عصره في شرحه على المفاتيح بل صرح بان صلاة العالم المتعمد على هذا الوجه خلاف طريقة المسلمين
في الاعصار بل هو عندهم مثل منافيات ضروري الدين ويظهر ذلك من غيره أيضا نعم حكى الشهيدان
في الذكرى والمقاصد العلية عن بعض العامة ان المشرق قبلة لأهل المغرب وبالعكس والجنوب قبلة لأهل الشمال
وبالعكس ويظهر منهما ان المخالف بين المسلمين منحصر في ذلك ولأجل ما ذكرنا اتفقوا على عد من انحرف
عما يقتضيه الامارات إلى ما بين المشرق والمغرب من أقسام المصلى إلى غير القبلة وان استدلوا على صحة
صلاته بما دل على أن ما بين المشرق والمغرب قبله لكن ليس غرضهم من ذلك اخراجه عن مسألة الخاطئ في
34

القبلة بل اظهار ان الانحراف ما لم يصل إلى محض التيامن والتياسر غير مضر في نفس الامر وان أضر مع
التعمد كما يشهد بذلك اتفاقهم على وجوب الرجوع إلى الامارات المذكورة وعلى وجوب الاستدارة إذا
تبين في أثناء الصلاة انحرافه إلى ما بين المشرق والمغرب ودل عليه أيضا موثقة عمار عن أبي عبد الله (ع)
في رجل صلى على غير القبلة فيعلم وهو في الصلاة قبل ان يفرغ من صلاته قال إن كان متوجها إلى
ما بين المشرق والمغرب فليحول وجهه إلى القبلة ساعة يعلم وإن كان متوجها إلى دبر القبلة فليقطع
الصلاة ثم يحول وجهه إلى القبلة ثم يفتح الصلاة ورواية القاسم بن وليد عن الرجل تبين له وهو
في الصلاة انه على غير القبلة قال يستقبلها إذا ثبت ذلك وإن كان فرغ منها فلا يعيدها فان المراد
منه بقرنية نفى الإعادة بعد الفراغ عدم تعد به عما بين المشرق والمغرب وقد حكم الإمام (ع) فيها وفي
الموثقة السابقة بوجوب الاستقبال إلى القبلة فيعلم من الجواب والسؤال عدم كون ما بين المشرق
والمغرب قبله ومما ذكرتا يظهر ان التمسك بقوله تعالى " أينما تولوا فثم وجه الله " في غاية الضعف لمخالفته
للاجماع فتوى ونصا على عدم كون مضمونه حكما للعارف المختار في الفرائض بل هي إما في النوافل أو عند
الضرورة أو التحير كما يظهر من النصوص المختلفة والتمسك بعمومه بعد خروج ما خرج من الجهات القابلة
للتوجه كاليمين واليسار والخلف بالنسبة إلى بعض المكلفين مستهجن جدا بشهادة السياق واما صحيحتا
زرارة ومعوية بن عمار فقد عرفت وجوب توجيههما بما يخرجهما عن مخالفة الاجماع واما اليستره
المدعاة فلعمري انها على العكس كما تقدم من كلام شارح المفاتيح من أن من انحرف فاحشا عن الجهة
المعلومة ينكر عليه أشد الانكار نعم يتسامحون في تحصيل الجهة على وجه الدقة لكن لا على هذه المسامحة
بحيث يسلبون عن هذا الشخص عنوان التوجه إلى القبلة فالمحقق في ذلك والقول الفصل هو ان ما
يجب استقباله من جهة الكعبة ليس امره بذلك الضيق بذلك الضيق حتى يجب كما ذكر بعضهم مراعاة بلاد العراق من
حيث التشريق والتغريب ولا بتلك السعة حتى يجعل مجموع ما بين المشرق والمغرب قبلة كما يظهر ذلك
من التدبر في الأدلة من الكتاب والسنة وفتاوى الفقهاء وسيرة أواسط الناس ممن لا يحتمل في حقه
عدم المبالاة في أمر دينه ولا الوسواس وعليه شواهد كثيرة من اعظمها ترك النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام
للتعرض لأمرها ببيان ضابط لبلادهم فضلا عن غيرها مع كونه من الأهم المهمات وترك أصحابهم رضوان
الله عليهم للتعرض لأمرها بالسؤال عن أئمتهم مع أنهم كانوا يسئلونهم عن كثير مما لا يحتاج إليه الا
35

نادرا فالظاهر أن الأئمة (ع) وأصحابهم كلهم قد اكتفوا بما هو معلوم عند أغلب الناس بأدنى التقات إلى
نسية بلده مع مكة زادها الله شرفا إما الكثرة التردد أو بملاحظة أوضاع النجوم من الشمس والقمر
وغيرها من الكواكب لا على وجه الدقة في علم الرصد أم التقليد من رصدي دقيق بل كملاحظتها عند القصد
إلى تعيين جهات ساير البقاع والبلاد عند إرادة السير إليها في البر والبحر لا عند الإشارة إلى جهتها
تسامحا التميز جهتها من بين الجهات الأربع حتى يرجع ذلك إلى ما بين المشرق والمغرب فتدبر نعم لو علم أو
ظن سمت القبلة بأزيد من ذلك فالظاهر عدم جواز التعدي عنه بحيث يصح السلب عرفا ولا بأس باليسير ولو عجز عن معرفة أزيد ما بين المشرق والمغرب علما [أو غنا] فلا يبعد أيضا القول باكتفائه بالصلاة
إلى أي جزء شاء ولا يجب عليه تكرار الصلاة وان قلنا بالتكرار للمتحير لاختصاص دليله بالمتحير في أربع
جوانب مع أنه لا يبعد ان يكون الوجه في الاقتصار على الأربع ادراك ما بين المشرق والمغرب وهو حاصل
للمكلف في مفروض مسئلتنا مضافا إلى ما سيجئ من الروايات المعتبرة في المتحير ومخالفتها للمشهور فيما
نحن فيه غير معلومة إذ لعل مقصودهم من التكرار في محله ادراك الجهة المذكورة المفروض حصولا
لهذا الشخص والحاصل ان القدر المخالف النصوص والفتاوى والسيرة وهو كون ما بين المشرق والمغرب
قبلة حتى بالنسبة إلى العالم أو المتمكن من تميز الجهة الخاصة علما أو ظنا دون غيره كالمتحير والناسي والظان و
غير ذلك وسيجئ تمام الكلام في مسألة التحير ويستحب الاستقبال في النوافل تارة كاستحباب الطهارة
فيها كما إذا فعلت مع الاستقرار واخرى كاستحباب السورة كما إذا صلت غير مستقر ولذا يصلى مع
الاختيار على الراحلة سفرا ولو مع الاستدبار اجماعا نصا وفتوى وحضرا على المشهور كما
قيل ونسبه اخر إلى الشيخ والمتأخرين وعن الخلاف دعوى الاجماع عليه والاخبار به مع ذلك مستفيضة
ففي صحيحة الحلبي انه سئل أبا عبد الله (ع) عن صلاة النافلة على البعير والدابة قال نعم حيث ما كان متوجها
قلت استقبل القبلة إذا أردت التكبير قال لا ولكن تكبر حيثما كان متوجها وكذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وآله
وصحيحة ابن الحجاج انه سئل أبا عبد الله (ع) عن الرجل يصلى النوافل في الأمصار وهو على دابة حيثما
توجهت قال لا باس ونحوها صحيحة حماد بن عثمان وفي صحيحة أخرى لابن الحجاج عن أبي الحسن (ع) قال
سئلته عن صلاة النافلة في الحضر على ظهر الدابة إذا خرجت قريبا من أبيات الكوفة أو كنت
مستعجلا بالكوفة قال إذ كنت مستعجلا لا تقدر على النزول وتخوف فوت ذلك ان تركته وأنت
36

راكب فنعم والا فان صلاتك على الأرض أحب إلى خلاف للمحكى عن العماني وظاهر الحلبي من المنع عن
فعلها على الراحلة حضر أو هو ضعيف بما عرفت ويلحق بالراكب الماشي فيجوز له النافلة ولو مستدبرا في
السفر اجماعا على الظاهر المصرح به في محكى المنتهى وللاخبار المستفيضة ففي صحيحة معوية بن عمار عن أبي عند الله (ع)
لا بأس بان يصلى الرجل صلاة الليل في السفر وهو يمشى ولا باس ان فاتته صلاة الليل ان يقضيها بالنهار
وهو يمشى يتوجه إلى القبلة ثم يمشي ويقرء فإذا أراد ان يركع حول وجهه وجهه إلى القبلة وركع وسجد ثم
مشى وصحيحة يعقوب بن شعيب قال سئلت أبا عبد الله صلى الله عليه وآله عن الصلاة في السفر وانا امشي قال أوم
ايماء واجعل السجود أخفض من الركوع وعن المعتبر نقلا عن جامع البزنطي عن حماد بن عثمان عن الحسين بن
المختار عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن الرجل يصلى وهو يمشى تطوعا قال نعم قال البزنطي وسمعته
انا من الحسين بن المختار واطلاق هذه الرواية يشمل الحضر أيضا فيجوز فيه النافلة ماشيا على المشهور
كما قيل ويقتضيه اطلاق الاجماع المحكي عن المنتهى على الجواز للماشي وفي الرياض تبعا لوحيد عصره في شرح المفاتيح
دعوى عدم الفصل بين الراكب والماشي الحاضرين وربما يستدل للجواز باخبار ظاهرة في السفر بصحيحه
ابن عمار المتقدمة ونحوها لو واردة في مقام بيان كيفية صلاة الماشي مثل رواية إبراهيم بن ميمون
ان صليت وأنت تمشى كبرت ثم مشيت فقرات فإذا أردت ان تركع أومأت ثم أو مات بالسجود وليس في
السفر تطوع الحديث وليس في الفقرة الأخيرة شهادة أو اشعار بورود الحكم في الحضر بل هو [للتنبئة]
على لزوم ترك الروابت النهاري به في السفر كما لا يخفى ثم إن الظاهر سقوط الاستقبال رأسا كما عن الشيخ
وجماعة الطاهر الترخيص في فعل مجموع الصلاة على الراحلة [حيثما] توجهت سيما في مقام البيان وتصريح
ذيل صحيحة الحلبي المتقدمة ورواية إبراهيم الكرخي أنه قال لأبي عبد الله (ع) انى أقدر على التوجه نحو القبلة
في المحمل قال هذا الضيق إما لكم برسول الله صلى الله عليه وآله أسوة خلافا للمحكى الحلى وعن جماعة فاوجبوا الاستقبال بالتكبير و
لعله لصحيحة معوية بن عمار المتقدمة الظاهرة في وجوب ذلك على الماشي فيجب على الراكب لعدم الفرق و
لمصححه ابن ابن أبي
نجران عن الصلاة في المحمل في السفر قال إذا كنت على غير القبلة فاستقبل القبلة ثم كبر
وصل حيث ذهب بل بغيرك ويحمل على الاستحباب جمعا تظاهر صحيحة معوية بن عمار الامرة بالركوع والسجود
مستقبلا مع استفاضة الاخبار بالايماء لهما بقى الكلام في جواز النافلة إلى غير القبلة مع الاختيار و
الاستقرار على الأرض فالمشهور كما قيل على المنع لان العبادات توقيفية ولم يعها من أحد
37

من الحجج صلوات الله وسلامه عليهم فعلها كذلك ولقوله تعالى صلوا كما رأيتموني اصلى ولعموم صحيحة زرارة
لا صلاة الا إلى القبلة ويضعف الأول بحصول التوقيف باطلاقات الصلاة وخصوص أدلة النوافل
وما سيأتي من أدلة الجواز والثاني بضعف السند وقصور الدلالة من وجوه مذكورة في بعض مباحث
الأصول والثالث بظهور الصحيحة في الفريضة أو رهن شمول اطلاقها للنافلة بقرنية قول الراوي
في ذيلها قلت فمن صلى لغير القبلة أو في يوم غيم في غير الوقت قال يعيد مع أن الصحيحة صريحة في تحديد
القبلة بما بين المشرق والمغرب فلا تدل على اعتبار أزيد من ذلك في النافلة الا ان يثبت الازيد
بالاجماع فتأمل ومن هنا قيل والقائل الشيخ والمحقق وجماعة من متأخري المتأخرين وفي الذكري في
بحث مكان المصلي نسبة إلى كثير من الأصحاب بجواز فعلها للمختار المستقر إلى غير القبلة لأصالة عدم
الاشتراط وفحوى جوازها غير مستقر واطلاق أدلة الصلاة والنوافل وعموم قوله تعالى أينما تولوا
فثم وجه الله خرج منه الفريضة ويؤيد العموم ما عن العياشي في تفسيره والراوندي في فقه القران
والمحقق والمصنف في المعتبر والتذكرة من ورود الرواية بأنها نزلت في النافلة ولا يعارضها ما عن
الشيخ في النهاية والطبرسي في مجمع البيان من أنها نزلت في التطوع في حال السفر لعدم التعارض ان أريد
مورد النزول وان أريد اختصاص حكمها بالمسافر فهو مناف لما دل على جواز النافلة للراكب والماشي إلى
غير القبلة حضرا ولا مجال لتوهم التزام خروج ما خرج بالدليل لأن المفروض ان الاخبار المفسرة ناصة
باختصاص حكمها بالمسافر وليس فيها لفظ عام كما لا يخفى ولظاهر قوله (ع) في صحيحة زرارة ولا تقلب وجهك
عن القبلة فتفسد صلاتك فان الله عز وجل يقوم لنبيه صلى الله عليه وآله في الفريضة " فول وجهك شطر المسجد الحرام "
دلت على أن تشريع القبلة على وجه الوجوب انما كان في الفريضة ويؤيده رواية علي بن جعفر عن أخيه (ع) قال
سئلته عن الرجل يلتفت في صلاته هل يقطع ذلك صلاته فقال إذا كانت الفريضة والتفت إلى خلفه
فقد قطع صلاته وإن كانت نافلة لم يقطع ذلك صلاته ولكن لا يعود ولا يبعد ان يكون المراد من النهى عن
العود الكراهة والا فلا تحريم مع عدم كونه قاطعا الا ان يحمل مورد السؤال على النسيان فتأمل ونحوها
المحكي عن مستطرفات السرائر بدون زيادة النهى عن العود ويؤيده أيضا ما عن تفسير العياشي بسنده
إلى زرارة في حكم الصلاة في السفر في السفينة والمحمل وفي اخرها قلت فالتوجه نحوها يعنى القبلة في كل
تكبيرة قال إما النافلة فلا انما يكبر على غير القبلة ثم قال كل ذلك قبلة للمتنفل أينما تولوا فثم وجه الله
38

وسيجيئ تمام الرواية في الصلاة في السفينة فان مورد الرواية وإن كان هو المسافر الا ان هذا لا
يوجب تقييدا طلاق المتنفل سيما مع الاستشهاد باطلاق الآية وكيف كان فهذا القول لا يخلوا عن قوة
وإن كان الأحوط الترك لضعف ما [اجنبا] به عن قاعدة التوقيف وصحيحة زرارة وربما يتوهم مشروعية
الفعل على هذا الوجه بمجرد وجود القول به واحتمال الدليل عليه تسامحا في مدارك السنن وفيه نظر فان
التسامح مختص بمقتضى أدلته بما إذا لم يكن لذلك الثواب الملتمس طريق متيقن فعند دوران المستحب بين
المطلق والمقيد لا وجه لاتيان فرد اخر من المطلق تسامحا نعم لو لم يتمكن عن المقيد أمكن بيان بفرد اخر
إذ لا طريق إلى ادراك الثواب المحتمل الا العمل بهذا الاحتمال وتمام الكلام في محله وكيف كان لا يجوز
ذلك المذكور من الصلاة على الراحلة والى غير القبلة في الفريضة الا مع التعذر كالمطاردة راكبا وماشيا
والمرض المانع من النزول ويجب الاستقبال حينئذ مهما أمكن والمحافظة على الاستقرار مع التيسر ثم إن المنع
عن فعل الفريضة على غير القبلة مما لا اشكال فيه ولا خلاف وكذا على الراحلة وان تمكن من الاستقبال
والاجماع عليه كالاخبار المستفيضة ففي صحيحة عبد الرحمن عن أبي عبد الله (ع) لا يصلى الفريضة على
الدابة
الا مريض يستقبل به القبلة وتجزيه فاتحة الكتاب ويضع بوجهه في الفريضة على ما امكنه من شئ ويؤمى
في النافلة ايماء وفي رواية ابن سنان أيصلى الرجل شيئا من المفروض راكبا قال لا الا من ضرورة وفي التوقيع
إلى الحميري انه يجوز مع الضرورة الشديدة وقريب منه توقيع اخر وفي رواية منصور بن حازم قال سأله
أحمد بن النعمان فقال اصلى في محملي وانا مريض قال إما النافلة فنعم واما الفريضة فلا قال فذكر احمد شدة
وجعه وقال إذا كنت مريضا شديد المرض فكنت امرهم إذا حضرت الصلاة ان يقيموني فاحتمل بفراشي
فأوضع وأصلي ثم احتمل بفراشي فأوضع في محملي وظاهر هذه الأخبار طرا سيما الأول والأخير عدم
الاكتفاء في الجواز بمطلق العسر المرخص في ترك الواجبات فان المريض المستثنى في الصحيحة الأولى هو
الذي لا يمكن من استقبال القبلة بنفسه الا ان الظاهر من الاخبار الأخر كالاخبار الحاكية لصلاة رسول الله صلى الله عليه وآله في المحمل
يوم المطر وغيرها يدل على اعتبار الشدة فان نزول الرجل الصحيح في يوم المطر عن المحمل ليس بذلك
العسر مضافا إلى أنه يكفى في الرخصة عمومات نفى العسر والحرج واما المريض المستثنى في الصحيحة فلا يبعد ان
يكون عجزه عن الاستقبال بنفسه لا بمجرد المرض بل يضمنه ما يعرض المسافر على الدابة من التعب بحيث يصعب
عليه صرف الدابة إلى القبلة أو صرف نفسه في المحمل مع أن قوله يستقبل لا يظهر كونه وصفا للمريض
39

بل هو انشاء حكم من الإمام (ع) في بيان كيفية صلاته كما يظهر من سياق الرواية وحينئذ فذكر استقبال
الغير به جرى على ما هو الغالب من أن المريض في السفر لا يخلو من صاحب يراقبه ويباشر خدماته واما الرواية
الأخيرة فحكاية الإمام (ع) لقضية نفسه بعد ذكر أحمد بن النعمان لشدة وجعه وعدم ترخيصه في ترك
النزول وإن كان ربما يظهر منه وجوب تحمل مثل تلك المشقة التي تحملها الإمام (ع) الا انه مع ذلك لا يأبى
الحمل على الاستحباب إذا القول بوجوب النزول على مثل هذا المريض خلاف الاجماع ثم إنه لا فرق في
اطلاق النصوص ومعاقد الاجماعات بين ان يتمكن من استيفائه الافعال على الراحلة وبين عدمه كما
هو مذهب الأكثر بل نسبه غير واحد إلى المشهور خلافا للمحكى عن المصنف قدس سره في النهاية تبعا لما حكاه المحقق
في الشرايع عن بعض واختاره من متأخري المتأخرين جماعة لدعوى انصراف الاطلاقات النصوص و
معاقد الاجماعات إلى الغالب ولا يخلوا عن قوة فيجوز الصلاة في المحمل إذا تمكن من أفعال الصلاة ولم [؟؟]
الاستقرار بسبب مشى الدابة كما قد يتفق أحيانا الا ان الأقوى في النظر ان مبنى المنع في النصوص و
أكثر الفتاوى على حصول الاضطراب الحاصل للمصلى ولو بواسطة الراحلة سواء تمكن من باقي الافعال
أم آل وان قلنا إن هذا الاضطرار لا يقدح في الاستقرار المعتبر في الصلاة لولا النص ولذا عنون
في الذكي مسئلتي الصلاة على الراحلة مع التمكن من استيفاء الواجبات والصلاة على الدابة المعقولة
بعد مسألة الصلاة على الراحلة بحيث يظهر انها من فروع هذه لا من افرادها الداخلة تحت اطلاق
عنوانها وإن كان ملحقا بها في المنع عنده وعند جماعة بل نسب إلى المشهور لكن الأقوى فيها الجواز
إذا تحقق ساير الافعال والشروط لما استظهرناه من مبنى المنع ولانصراف الاخبار إلى غيرها
وكذا على الدابة الواقفة إذا أمن الحركة المنافية للاستقرار أو الاستقبال واولى منها الا رجوحه
المعلقة بالحبال ثم إنه لا فرق في الاطلاقات بين أقسام الفرايض الأصلية وان استحب العارض كالمعادة
واولى منها المحتاط بها ولا بينها وبين الواجب بالنذر كما صرح به في محكى المبسوط والتحرير ورسالة
شاذان بن جبرئيل القمي والذكرى بل عن التذكرة ان المنذورة لا يصلى على الراحلة لأنها فرض عندنا
وتبعه في الذكرى حيث علل المنع بأنها بالنذر أعطت حكم الواجب ولا فرق بين ان ينذرها راكبا أو
مستقرا وفيه انه مبنى على كون الحكم متعلقا بمطلق الواجب وهو في محل المنع إذ لا يبعد دعوى انصراف
الاطلاقات إلى الواجبات لو لم ندع اختصاصها بالفرايض اليومية ومقابلة الفريضة بالنافلة في
40

بعض الأخبار لا اشعار فيها بالتعميم إذا المتبادر من الناقلة أيضا خصوص النوافل المتعارفة لا
مطلقها مع أن الشيخ روى بطريقه المصحح عن علي بن جعفر عن أخيه (ع) قال سئلته عن رجل جعل الله عليه ان يصلى
كذا وكذا هل يجزيه ان يصلى ذلك على دابته وهو مسافر قال (نعم صح) ويقيده بحال الضرورة لا وجه له كتضعيف
سندها على بعض الطرق ولو نذر نافلة معينة على الراحلة فالأقوى انعقادها وان قلنا بعدم صحة المنذورة المطلقة على الراحلة لان ظاهر الاخبار المنع عن فعل الواجب على الراحلة لا عن فعل ما وجب على الراحة كما لا يخفى
الا ان يدعى ان المنساق من الاخبار منافاة صفة الوجوب للاتيان على الراحلة وفيه تأمل ثم إن المصنف
قدس سره كالمحقق طاب ثراه لم يتعرض لحكم الصلاة في السفينة اختيارا وقد جوزه في كثير من كتبه وفاقا للمشهور
كما قيل وقيده اخر بالشهرة العظيمة التي لا يبعد معها شذوذ المخالف للأصل والأخبار المستفيضة ففي مصححة
جميل بن دراج أنه قال لأبي عبد الله (ع) تكون السفينة قريبة من الشط فاخرج وأصلي قال صل فيها إما
ترضى بصلاة نوح على نبينا واله وعليه السلام ولا اشعار في الاستشهاد بصلاة نوح على اختصاص الحكم
بحال الاضطرار كما أدعاه في الروض ورواية المفضل بن صالح انه سئل أبا عبد الله (ع) عن الصلاة في
الفرات وما هو أصغر منه من الأنهار في السفينة قال إن صليت فحسن وان خرجت فحسن ونحوها رواية يونس
بن يعقوب بزيادة ربما توهم اختصاص السؤال بالنافلة أو توهن عمومها للفريضة وعن تفسير العياشي
عن زرارة قال قلت لأبي عبد الله (ع) الصلاة في السفر في السفينة والمحمل سواء قال النافلة كلها سواء
تومئ ايماء أينما توجهت دابتك وسفينتك والفريضة تنزل لها عن المحمل الا من خوف فان خفت
أو مات واما السفينة فصل فيها قائما وتوخ القبلة بجهدك فان نوحا قد صلى الفريضة فيها قائما
متوجها إلى القبلة وهو مطبقة عليهم قلت وما كان عليه بالقبلة وهي مطبقة عليهم قال كان جبرئيل
يقومه نحوها قالت فالتوجه نحوها في كل تكبير قال إما النافلة فلا انما يكر على غير القبلة قال كل ذلك
قبلة للمتنفل أينما تولوا فثم وجه الله ومصححة علي بن جعفر عن أخيه (ع) قال سئلته عن الرجل هلى يصلح له ان
يصلى في السفينة الفريضة وهو يقدر على الجدد قال نعم لا بأس إلى غير ذلك من الاطلاقات خلافا للشهيدين
في الذكرى والروض وحكاه اولهما عن الحلبي والحلى بل صرح في الدروس على ما حكى بان ظاهر الأصحاب ان
الصلاة في السفينة مقيدة بحال الاضطرار الا ان يكون مشدودة ويوهن الحكايتين ما عن كاشف
اللثام بان الحلبي والحلى لم يصرحا بالمنع وانما تعرضا للمضطر إلى الصلاة في السفينة كالسيد في الجمل
41

ولا ظهور لذلك في اختصاص هذه الصلاة بالمضطر وبانه لم يظهر لى ما استظهره في الدروس من الأصحاب
الا ان يكون قد استظهره من اشتراطهم الاستقرار منعهم عن الفعل الكثير في الصلاة ثم اخذ في
الاعتراض عليه وكيف كان فاحتج للمنع بحسنة حماد بن عثمان بن هاشم قال سمعت أبا عبد الله (ع) يسئل ان
الصلاة في السفينة قال إن استطعتم ان تخرجوا فاخرجوا وان لم تقدروا فصلوا قياما وان لم
تستطيعوا فصلوا قعودا وتحروا القبلة ومضمرة علي بن إبراهيم قال سئلته عن الصلاة في السفينة
قال يصلى وهو جالس إذا لم يمكنه القيام ولا يصلى في السفينة وهو يقدر على الشط وبان القرار
ركن في القيام وحركة السفينة تمنع من ذلك وبان الصلاة فيها مستلزمة للحركات الكثيرة الخارجة عن
الصلاة ولا يخفى ضعف الوجهين الأخيرين لمنع ما ذكر من الاستلزام كمنافاة حركة السفينة لاستقرار
المصلى والروايتان المانعتان محمولتان على الفضلية الخروج أو صورة عدم التمكن من استيفاء الافعال
بل لا يبعد دعوى ظهور المضمرة في ذلك وهذا أولي من حمل الاخبار للتقدر على صورة تعسر الخروج بل يأبى عنه
بعضها كالحمل على صورة ربط السفينة مضافا إلى ترجيح تلك الأخبار بالشهرة العظيمة خصوصا بناء
على صحة ما تقدم عن الكشف من عدم تعرض الحلبي والحلى للمنع وبعد التكافؤ فالمرجع هو الأصل والعمومات
الحاكمة بصحة الصلاة في كل مكان مباح لأن الظاهر من الاجماع عدم توفيقية الصلاة بالنسبة إلى الأمكنة
بحيث يطالب الدليل على صحتها في كل مكان مكان بالخصوص وإن كان الاحتياط يقتضى الاخذ بالمتيقن عند
كل شك ثم إن مقتضى الأدلة القطعية الدالة على وجوب أفعال الصلاة وشروطها اختصاص الجواز بصورة
التمكن من ذلك كما حكى التصريح به عن غير واحد لكن المحكي عن كشف اللثام بان ظاهر المبسوط والوسيلة
والتهذيب ونهاية الاحكام الاطلاق وهو ضعيف لمنع اطلاق في الأخبار المتقدمة المجوزة لكونها مسوقه
لبيان أصل الجواز فمقام دفع توهم المنع قياسا على الراحلة فلا تقوى على تخصيص الأدلة القطعية الدالة
على اعتبار الشروط والافعال الموجبة للخروج عن السفينة مقدمة لتحصيل تلك الواجبات ولو فرض
ظهور بعض الأخبار في الرخصة مع عدم التمكن من الاستيفاء لم ينهض بعد الإغماض عن سنده لعدم معلومية
انعقاد الشهرة على مضمونه بل معلومية عدمه لتخصيص الأدلة القطعية المتعددة للتكثرة ويظهر من
الحدائق ان الخلاف انما هو في صورة عدم التمكن وفيه نظر بل الظاهر من استدلال المانعين بفوات الاستقرار
أو لزوم الفعل الكثير ان تحقق باقي الشروط والافعال مفروغ عنه ولو فرض صحة ما ذكره كان الأقوى
42

في المسألة المنع ثم إن كلام بعض المانعين وإن كان مطلقا يشمل السفينة الواقفة نظير ما اطلقوه في
الراحلة الا ان الظاهر أنه لا خلاف في الجواز إذا كانت السفينة واقفة كما يظهر من عبارة الدروس
المتقدمة وصرح به فيما عن المحقق الثاني كما لا خلاف ولا اشكال في جواز الصلاة في الجارية منها
مع الاضطرار ويجب حينئذ مراعاة ما يمكن منها من الافعال والشروط للاجماع على قاعدة الميسور لا تسقط
بالمعسور في خصوص الصلاة كما يستفاد من التتبع وإن كانت هذه القاعدة مقررة في غيرها مضافا إلى أن
المتبادر عرفا من أدلة الشروط اعتبارها بقدر الامكان من غير أن يكون للهيئة المجموعة مدخلا في
اعتبار الشرط بحيث إذا لم تقدر على مراعاته في الكل يسقط مراعاته في البعض مضافا إلى أن مقتضى أدلة
الشروط مثل قوله (ع) لا صلاة الا إلى القبلة كون الفاقدة للقبلة في مجموعها غير صحيحة خرج من ذلك ما إذا
راعى الشروط فيها بقدر الامكان وبقى الباقي وكيف كان فلا يحتاج الحكم المذكور إلى [اتينائه] على مسألة
ان الامر بالكل أمر بالاجزاء أصالة أم لا كما عن الذخيرة مع أن في صحة هذا الابتناء كلاما مذكورا في محله
ومما ذكر يعلم وجوب استقبال القبلة في تكبيرة الاحرام والاستمرار عليه بان يدور مع القبلة ولو دارت السفينة
إلى أن يحصل العجز فيسقط ويدل على ما ذكره مضافا إلى القاعدة المتقدمة الاجماع والأخبار المستفيضة
قيل بل ربما كانت متواترة ففي رواية سليمان بن خالد فان دارت السفينة فليدر معها ان قدر على ذلك
وفي رواية الحلبي يستقبل القبلة ويصف رجليه فإذا دارت واستطاع ان يتوجه إلى القبلة والا فليصل حينما
توجهت وفي رواية يونس به يعقوب عن الصلاة المكتوبة في السفينة وهي تأخذ شرقا وغربا قال استقبل
القبلة ثم كبر ثم در مع السفينة حيث دارت بك وفي المرسل المحكي عن الهداية فان دارت السفينة فدر معها
وتحر القبلة وفي خبر سويد بن عقلة إذا صليت في السفينة فأوجب الصلاة إلى القبلة فان استدارت
فأثبت حيث أوجبت وغير ذلك من الاخبار ومنها مضافا إلى الاجماع المدعى يعلم تقديم مراعاة القبلة على
الاستقرار الذي يفوت بالدور ان نعم لو أمكن الجمع بالسكوت حال الحركة وجب مع عدم امكان الاستقبال
حيث توجهت مع اقتضاء المقام للبيان ومن أن الجهة المذكورة أقرب إلى القبلة في نظر الشارع ولذا أمر
المتحير بادراكها بتكرار الصلاة إلى أربع الجهات وعذر الخاطئ في القبلة إذا لم يخطأ تلك الجهة مضافا إلى التصريح
بكونها قبلة مطلقا في صحيحة زرارة ومعوية بن عمار المتقدمين خرج من ذلك المتعمد القادر وهذا أقوى
ولو عجز عن ذلك ففي وجوب استقبال صدر السفينة قولان يشهد لأولهما بعض الأخبار الضعاف الخالية
43

عن الجابر وللثاني خلو النصوص المعتبرة الواردة في مقام البيان وهو الأقوى والأول أحوط واعلم أن
مقتضى أدلة وجوب الصلاة إلى القبلة وجوب تحصيل العلم بها جهة أو عينا ظاهرا و
يحصل العلم بالمشاهدة أو ما يقوم مقامها وعد منه محراب المعصوم (ع) الذي بناه أو بنى بحضرته فقرده
من دون عذرا وصلى فيه من دون انحراف وعد من ذلك محارب مساجد كثيرة في المدينة والكوفة و
البصرة لكن لا يخفى ان العلم ببقاء شئ منها على بنائه السابق والعلم بصلاة المعصوم (ع) فيه من دون انحراف
مشكل فان أولي تلك المساجد في ذلك مسجد النبي صلى الله عليه وآله بالمدينة ومسجد أمير المؤمنين (ع) بالكوفة وقد ذكر
المجلسي ره في البحار ما يدل على تغيرهما بعد تصريحه بانحراف مسجد الكوفة بأزيد من عشرين درجة مما
يقتضيه القواعد وكذا مسجد السهلة ومسجد يونس قال ولما كان أكثر تلك المساجد مبنية في زمان
مر وغيره من الخلفاء لم يمكنهم (ع) القدح في ذلك فأمروا بالتياسر لأجل ذلك وعللوه بالوجوه الخطابية
[لامكاتهم] وعدم التصريح بخطاء الخلفاء وما ذكره أصحابنا من أن محراب مسجد الكوفة صلى فيه أمير المؤمنين (ع)
ولا يجوز الانحراف عنه انما يثبت إذا علم أن الإمام (ع) بناه ومعلوم انه لم يبنيه أو صلى فيه من غير انحراف
وهو أيضا غير ثابت بل ظهر من بعض ما نسخ لنا من الآثار القديمة عند تعمير المسجد في زماننا ما يدل على
خلافه كما سنذكره في المزار مع أن الظاهر من بعض الأخبار ان هذا البناء غير البناء الذي كان في زمن أمير
المؤمنين (ع) بل ظهر له من بعض الأدلة والقرائن ان محراب مسجد النبي صلى الله عليه وآله بالمدينة أيضا قد غير عما كان في زمانه صلى الله عليه وآله
لأنه على ما شاهدنا في هذا الزمان موافق لخط نصف النهار وهو مخالف للقواعد الرياضية من انحراف
قبلة المدينة إلى اليسار قريبا من ثلثين درجة ومخالف لما رواه العامة والخاصة من أنه صلى الله عليه وآله رؤيت له الأرض
ورأى الكعبة فجعله بإزاء الميزاب فان وقف بحذاء الميزاب يصير القطب الشمالي محاذيا لمنكبه الأيسر و
مخالف لبناء بيت الرسول صلى الله عليه وآله الذي دفن فيه مع أن الظاهر أن بناء البيت كان موافقا لبناء المسجد وبناء
البيت أوفق بالقواعد من المحراب وأيضا مخالف لمسجد قبا ومسجد الشجرة وغيرهما من المساجد التي
بناها النبي صلى الله عليه وآله أو صلى فيها ولذا خص بعض الأفاضل ممن كان في عصرنا حديث المفضل وأمثاله في التياسر
على مسجد المدينة وقال لما كانت الجهة وسبعة وكان الأفضل بناء المحراب على وسط الجهات الا ان
يعارضه مصلحة كمسجد المدينة حيث بنى محرابه على خط نصف النهار لسهولة استعلام الأوقات مع أن
وسط الجهات فيه منحرف نحو اليسار حكموا باستحباب التياسر فيه لمحاذى المصلى وسط الجهة المتسعة
44

وسيأتى مزيد توضيح لتلك المقاصد مع الاخبار والقرائن الدالة عليها في كتب المزار انتهى كلامه
رفع مقامه وربما يمنع من كون محراب المعصوم (ع) من الأدلة العلمية وان علم بقائه على بنائه وصلاة المعصوم
فيه من دون انحراف بمنع وجوب عمل المعصوم (ع) العلم في تلك الصلاة فلعله اكتفى بالجهة العرفية إما لمنع
تمكنه في ذلك الوقت من العلم العادي البشرى وعدم تكليفه بالعمل بعلومهم المختصة واما لمنع وجوب العمل
بالعلم للبعيد مع استقبال ما يصدق عليه الجهة عرفا أو لعله اكتفى بسبب شرعي يقوم مقامه العلم كالبينة
ونحوها وإن كان مخالفا للواقع سيما إذا كان مورد العمل من قبيل الشروط العلمية التي لا يوجب اختلالها
فساد العبادة في الواقع كما قال الأمير (ع) الا أبالي أبول أصابني أم ماء إذ المراد وعلى فرض الإغماض عن الكل
فلعل الإمام (ع) صلى على وضع المحراب تقية ودفع ذلك ونحوه بالأصل يخرج العلامة عن كونه قطعية
ليقدم على غيرها وكيف كان لو فقد تيسر العلم عول على العلامات المنصوبة للدلالة عليها المذكورة
في كتب الفقه وغيرها وسيأتي جملة منها لبعض الآفاق واشتراط التعويل عليها بفقد العلم يكشف
من عدم كونها مقيدة للعم مع أن الظاهر المصرح به في كلام بعض ومحكى آخرين منهم المصنف في المنتهى تبعا للمحقق
في المعتبر والشهيد في الذكرى انها تفيد العلم بالجهة إذا أحرزت على وجهها المعتبر وان أراد العلم بالعين
فهو حق الا انه لابد من تخصيص العلم المذكور في أول الكلام أيضا بالعين فيبقى العبارة خالية عن ذكر العلم
بالجهة التي هي قبلة البعيد والبلوى بها أعم الا ان يقال ايجاب التعويل على تلك العلامات مع فرض
افاداتها العلم بالجهة والحكم بأنه يجتهد مع الخفاء أي خفاء تلك العلامات في قوة التصريح بأنه يجب على
من فقد العلم بالعين كالبعيد العلم بالجهة باعمال تلك العلامات ومن فقد ذلك يجتهد في الامارات
الموجبة للظن بالجهة ويمكن أيضا ابتناء الكلام على عدم كون العلامات مفيدة للعلم لأغلب الناس
لعدم اطلاعهم على وجه دلالتها على الجهة بل هذا مخفى على من عدا الرصدى الدقيق المباشر لملاحظة
طول البلد وعرضه بالنسبة إلى طول مكة زادها الله شرفا وعرضها فيكون مرجع [جل] الناس في ذلك
إلى قول أهل الرصد وقولهم لا يفيد الا الظن لان فهم علم دقيق لا يؤمن فيه الخطاء في الاحكام والاشتباه
في الموضوعات والمحاسبات وغيرها بل ربما حكى عن بعض أنه قال وافرط فيما قال إن شيئا من كلامهم لا
يفيد علما ولا ظنا ولا وثوق لنا باسلامهم فضلا عن عدالتهم فكيف يحصل لنا علم أو ظن بصحة ما يلقونه
إلينا من قواعدهم وهذا القول وإن كان مصادما للوجدان الا ان دعوى حصول العلم منها بجهة الكعبة
45

لكل أحد مشكل بل غايته الظن وحينئذ فوجه تقدم هذا الظن على الظن الذي يحصله بالاجتهاد بعد خفاء تلك
العلامات إما قيام الاجماع على العمل بها بعد فقد العلم فيكون ظنا مخصوصا مقدما على مطلق الظن واما
لان المراد من الاجتهاد مع خفاء هذه العلامات اعمال الأمارات الظنية الدالة على هذه العلامات
فان الاجتهاد في يوم الغيم مثلا أو الليل انما هو بتحصيل الظن بجهة المشرق والمغرب وموضع الجدي
وغيره من الكواكب ولازم ذلك تقديم نفس العلامات على اماراتها لان الظن الحاصل من نفس الامارة
أقوى من الحاصل من اماراتها لتعدد احتمال الخطاء في الثاني ووحدته في الأول فتأمل ومما يدل على تقديم
هذه العلامات على الاجتهاد الظني صحيحة زرارة يجزى التحري ابدا إذا لم يعلم أي وجه القبلة والظاهر بل
المقطوع ان المراد بالعلم بوجه القبلة الذي قدمه الإمام (ع) على التحري ليس الا الاعتقاد الحاصل من اعمال
هذه العلامات إذ لو يوجد غيرها للبعيد غالبا ثم إن البينة القائمة على هذه العلامات الظاهر أنها مقدم
على الظن المطلق بل ربما يقوى جواز الاعتماد عليها مع التمكن من العلم بتلك العلامات لأنها حجة شرعية كما
يشهد به الاستقراء وحكى وجود نص صحيح على عموم حجيتها ويظهر من الايضاح دعوى الاجماع على حجتيها
إذا شهدت بالقبلة للأعمى ولكن الاحتياط لا يترك ثم إن صحيحة زرارة المتقدمة ظاهرة بل صريحة في
جواز العمل بالظن والتحري عند تعذر العلم والاخبار في ذلك مستفيضة كنقل الاجماع بل ادعى
المصنف في المنتهى تبعا للمحقق وفي المعتبر اتفاق أهل العلم الا ان المحكي عن المبسوط وجوب الصلاة إلى أربع
جهات إذا فقد العراقي ما نصب له العلامات وهو على تقدير شموله لمن تمكن من الظن شاذ وإن كان يدل
عليه ظاهر مرسلة خراش الآتية في الصلاة إلى أربع بما ربما يستشكل في جواز الاحتياط بالتكرار حينئذ ولا
بعد في مشروعية بعد الامتثال على حسب الظن لحسن الاحتياط لاحراز ما بين المشرق والمغرب وللخروج
عن الخلاف في المسألة فتوى ورواية ثم إن الظاهر من التحري والاجتهاد الواردين في النصوص والفتاوى
هو بذل الجهد في تحصيل الظن فان التحري هو طلب الحري بالعمل أو الأحرى بالعمل من غيره وفي موثقة
سماعة اجتهد برأيك وتعمد القبلة جهدك ويترتب على ذلك ان مجرد حصول الظن غير كاف ما امكنه
مراجعة الامارات الأخر المحتلمة لكونها مفيدة لظن اخر أقوى مما حصل نعم لو ياس من المعارض الأقوى
فالظاهر عدم وجوب تقوية الظن بل ظاهر اطلاق كلمات كثير منهم وصريح قليل هو الاكتفاء بمجرد الظن
وعدم لزوم الفحص وكيف كان فان فقد الظن الاجتهادي بالقبلة الذي هو في المرتبة الثانية أو الثالثة
46

من مراتب تحصيل الجهة صلى إلى أربع جهات كل فريضة على المشهور بل عن ظاهر المعتبر والمنتهى وجامع المقاصد
ومحكى الغنية الاجماع عليه وبذلك ينجبر المرسل قلت جعلت فداك ان هؤلاء المخالفين علينا يقولون
إذا أطبقت السماء علينا واظلمت فلم نعرف السماء كي وكنا وأنتم سواء في الاجتهاد فقال ليس كما يقولون إذا كان
كذلك صلى لأربع وجوه ونحوها مرسلة الكليني بحذف قصة المخالفين ولا يقدح اشتمالها على نفى الاجتهاد
في القبلة مع انا لا نقول به لامكان تأويلها ولو بعيدا بما لا ينافي ذلك كما ارتكبه في الرياض ولا
ارسالها وضعف المرسل لانجبارها بما عرفت مضافا إلى موافقها لأصالة وجوب تحصيل يقين البراءة
عن التكليف باستقبال القبلة الواقعية ولا يحصل الا بالأربع لانتفاء وجوب الزايد لقا بالاجماع واما الكون قبلة
المتحير ما بين المشرق والمغرب فلابد من ادراكها مضافا إلى استصحاب عدم براءة الذمة بالصلاة إلى جهة
واحدة خلافا للمحكى عن العمان وظاهر ابن بابويه ومال إليه المصنف قدس الله في المختلف والشهيد في الذكرى
واختاره من متأخري المتأخرين جماعة لضعف الخبر المذكور ووهن الاجماعات المزبوره بمصير كثير إلى
الخلاف كالعماني وابن بابويه والكليني من القدماء وتقوية المصنف والشهيد وغيرهما من المتأخرين
والظاهر أن عدا ابن زهرة لم يدعوا الاجماع المصطلح وانما ادعوا اتفاق أعيان أهل الفتوى من أصحابنا
وكيف يدعى المصنف في المنتهى الاجماع ويميل في المختلف إلى الخلاف وتبعه الشهيد وبعد ذلك يدعى
المحقق الثاني الاجماع وبعد ذلك فالمرجع إلى أصالة البراءة عن وجوب التعدد للاجماع على عدم وجوب
الصلاة إلى القبلة الواقعية وان اقتضت الأدلة اللفظية والأوجب تكرار الصلاة أزيد من عشر مرات
ودعوى نفى وجوب الزايد بالرواية معلومة الفساد مما ذكر في تضعيف الرواية ودعوى نفيه بالاجماع على ذلك
مدفوعة أولا بان هذا الاجماع مركب من قول المشهور وقول من اكتفى بالواحد منعا لتعلق التكليف
بالواقع إما لعدم اقتضاء أدلة التكاليف وذلك إما لورود الدليل على خلاف وذلك على ما سيجئ من الاخبار
فالقول بوجوب الزائد على الأربع تداركا المواقع مخالف للمشهور في حكم الزائد ومخالف لغير المشهور
في صغرى تعلق التكليف بالواقع ومخالفة الاتفاق على هذا الوجه غير مضر لان حصول الحدس القطعي
برضاء المعصوم (ع) لا يحصل غالبا من هذا الاتفاق نعم لا مناص عن اعتباره لو علم بدخول شخص المعصوم (ع)
فيهم أو في قولهم على طريق القدماء وتمام الكلام في محله واما ثانيا فلان الاجماع على نفى الزايد كاشف عن
عدم وجوب مراعاة الواقع في الامتثال لما قرر في محله من أن تجويز ترك بعض المقدمات العلمية كاشف عن
47

عدم ايجاب ذي المقدمة اللهم الا ان يقال بان ذلك انما يلزم لو أوجبنا الأربع من باب كونها من
بعض المقدمات العلمية إما لو قلنا بان الاجماع دلنا على كونها بدلا عن الواقع ولا دليل على بدلية الواحدة
والحاصل ان مقتضى الأدلة استحقاق العقاب بترك القبلة الواقعية خرج من ذلك من اتى بالأربع
فالأولى حينئذ منع تحقق الكشف في الاتفاق المذكور هذا كله ان جعل المناط في التكليف القبلة الواقعية
إما لو تعلق التكليف مما بين المشرق والمغرب لأنها قبلة في الجملة كما يظهر من الصحيحتين السابقتين فامتثال
ذلك وان أمكن بالأربع الا انه يمكن أيضا بالثلث كما سيجئ ولم يقولوا به فالالتزام بالأربع لا بدله من
مستند آخر بل الموجود في المسألة الروايات الدالة على التخيير مثل الصحيح عن ابن ابن أبي
عمير عن بعض أصحابه عن
زرارة قال سئلت أبا جعفر (ع) عن قبلة للتحير فقال يصلى حيث يشاء وصحيحة زرارة يجزي المتحير
أينما توجه إذا لم يعلم أين وجه القبلة واحتمال تصحيفها مما تقدم من قوله (ع) في صحيحة زرارة المتقدمة
يجزى [المتحرى] ابدا إلى آخره كما في المثقى وعن غيره خلاف الأصل والظاهر وقول الصدوق بأنه نزلت هذه
في قبلة المتحير أينما تولوا فثم وجه الله فان الظاهر أن اخباره بذلك على وجه القطع ليس الا عن رواية
معتبرة عند لكنها لم توجد في روايات الخاصة وان وجدت في روايات العامة كما عن مجمع البيان عن
جابر نعم في رواياتنا ما يظهر منه شمول الآية للمتحير مثل رواية محمد بن الحصين قال كتبت إلى العبد
الصالح عن الرجل يصلى في يوم غيم في فلاة من الأرض ولا يعرف القبلة فيصلى حتى إذا فرغ من صلاته
يدت له الشمس فإذا هو قد صلى لغير القبلة أيعتد بصلاته أم يعيدها قال يعيدها ما لم يفته الوقت أو
لم يعلم أن الله يقول قوله الحق أينما تولوا فثم وجه الله الخبر فان الظاهر من الاستشهاد بالآية المسوقة
في مقام التوسعة والرخصة ان المصلى والرخصة ان المصلى انما صلى إلى جهة على وجه التخيير لا على وجه الالتزام بها لظنها
قبلة مع أنه لو منع الظهور فيكفى الاطلاق فيحكم بعموم الجواب لترك الاستفصال ودعوى ظهورها في
المتحرى ممنوعة جدا وإن كان الغالب عدم خلو المحير من ظن ولو ضعيفا لكن مثل هذه الغلبة لا تغنى
عن الاستفصال على تقدير عدم عموم الحكم للفرد الغير الغالب ثم إن جماعة من المتأخرين بنوا على أن
ما نسيناه إلى الصدوق من قوله ونزلت هذه الآية في قبلة المتحير من تتمة صحيحة معوية بن عمار المذكور
في الفيه متصلا بهذا الكلام فيكون حينئذ من أقوى أدلة المسألة لكن الانصاف ظهور كونه من كلام
الصدوق وكيف كان فهذا القول لا يخلوا عن قوة لهذه الأخبار المعتبرة السليمة عن الموهن ولو لم
48

يكن الا مرسلة بن أبي عمير التي هي في حكم الصحيح لكفى ويمكن حل رواية خراش أيضا على الاستحباب أو على أن
مقصود الإمام (ع) الرد على ذلك العامي الطاعن على الراوي بأنكم أيضا قد لا تجدون بدا من الاجتهاد فرده
الإمام (ع) بامكان تحصيل العلم هنا أيضا بالصلاة إلى أربع جهات وهذا الحمل وان بعد ليس بأبعد من تأويل
الرواية على وجه تستقيم دلالتها على وجوب الأربع عند عدم التمكن من الاجتهاد الا ان الاحتياط ولا ينبغي تركه
بتكرار الصلاة أربعا بل أزيد في بعض الموارد كما ستقف عليه انشاء الله تعالى ثم إنه نسبت إلى ابن طاوس المقول
بالقرعة في المقام فيحتمل ان يريد الاقراع بين الجهات الأربع وان يتصف الأفق نصفين فتخريج بالقرعة
النصف المشتمل على القبلة ثم ينصف المخرج ويقرع وهكذا إلى أن يتقى مقدار الجهة العرفية
وان يقرع بين كل نقطتين يكون ما بينهما أزيد من الجهة العرفية وعلى أي احتمال فمستنده
عموم القرعة لكل أمر مشكل ويضعفه عدم الاشكال بوجود أصالة التخيير أو الاحتياط على
الخلاف المطرد في نظاير المسألة ووجود الروايات على الاحتياط أو التخيير كما عرفت وينبغي
التنبيه على أمور (الأول) ظاهر النص سيما مرسلة الكليني والفتاوى وجوب كون الصلاة على
جهات متقاطعة على زوايا قوائم عرفية لا حقيقية ولو استندنا في الحكم إلى باب المقدمة فالامر
كذلك أيضا لان الاجماع قال على نفى الزايد على أربع صلاة على هذا الوجه نعم لو استندنا فيه إلى
وجوب ادراك ما بين المشرقين أمكن الاقتصار على ثلث جهات بحيث يحصل مثلث متساوي الأضلاع
فإنه إذا صلى كذلك كان البعد بين كان نقطتين صلى إليهما مائة وعشرين درجة فان وافق القبلة إحديهما
فذاك والا كان منتهى بعده عنها بمقدار نصف العبد المذكور وهو ستون درجة وهو لا يبلغ اليمين
واليسار إذ لابد فيه من الانحراف بقدر ربع الدور وهو تسعون درجة (الثاني) ذكر في الروض ان
المصنف قدس سره أراد بقوله صلى إلى أربع جهات كل فريضة انه لو اجتمع فرضان في وقت واحد كالظهرين
لم يجز الشروع في الثانية حتى يصلى الأولى إلى أربع ليحصل يقين البراءة من الأولى عند الشروع في الثانية كالصلاة
في ثوبين أحدهما نجس فيصير الصلاة إلى أربع جهات بمنزلة فريضة واحدة ويتفرع على ذلك أنه لو
أدرك من اخر وقت الظهرين مقدار أربع رباعيات تعينت العصر لان الجميع مقدار أدائها على
تلك الحال انتهى أقول الثابت من الأدلة اعتبار الترتيب بين الظهر والعصر الواقعين وهذا لا
يختل إذا صلى العصر إلى الجهة التي صلى الظهر إليها قبل ان يتم جهات الظهر الهم الا ان يستظهر
49

من طريقة الأصحاب ان الواجب في العبادات العلم التفضيلي بها وباحرازها للشرائط بالامتثال بمعنى
ان يعلم عين الاشتغال كونها هي العبادة المطلوبة الجامعة للشروط لا ان يأتي بأمور يعلم باشتمالها
على الجامع للشروط ولذا لا يجوز الصلاة إلى الجهات المتعددة مع امكان العلم بالقبلة تفصيلا بل
ومع امكان الظن وفيما نحن فيه وان لم يكن احراز العلم بالقبلة تفصيلا الا ان العلم بالترتيب يمكن فيه ذلك
بان يعلم عند الاشتغال بجهات العصر ان هذا العصر المحتمل لكونها واقعية مترتبة بالفعل على الظهر لا
انها مترتبة عليها على تقدير كونها واقعية بحيث يحصل العلم بالترتيب بعد الفراغ كما يحصل العلم بالقبلة
لكن الانصاف ان هذا لم يثبت بدليل يطمئن به النفس كما بيناه في مسألة ما لو تمكن من الصلاة في ثوب
طاهر يقيني فهل يجوز الاتيان بصلاتين في ثوبين مشتبهين ولو سلم ذلك كما يظهر كونه مفروغا عنه
بين الأصحاب فهو مختص بما إذا كان الاقتصار على العلم الاجمالي بالاحراز الشروط مستلزما لتكرار العبادة
الذي هو غير معهود في الشريعة مع التمكن من واحد معلوم تفصيلا مع كونه انسب مقام العبودية بان
يعلم حين الاشتغال بكون ما اشتغل هو الذي أريد منه واما إذا كان التكرار حاصلا من جهة غير فقد
الشرط مما لا يمكن احرازه تفصيلا فلا دليل على لزوم العلم التفصيلي من جهة سائر الشروط لأن المفروض عدم التمكن من العلم التفضيلي بالمهية المطلوبة بحيث يعلم عند الاشتغال انها هي المطلوبة منه كما لا يخفى
فان قلت إذا شك في براءة ذمته عن الظهر فالأصل عدم البراءة فكما لا يجوز الدخول في العصر المقطوع
ولا المحتمل مع القطع بعدم البراءة فكذلك مع الشك فيها قلت المانع من الدخول في العصر المقطوع والمحتمل
عند القطع بعدم البراءة عن الظهر انما هو للقطع باختلاف الترتيب في الأول واحتماله في الثاني وهذه
العلة ان وجدت مع الشك منعت الدخول كما لو صلى العصر إلى جهة غير ما صلى الظهر إليها ولو انتفت كما
فيما نحن فيه لم يكن مانع من الدخول وقد تقرر في باب الاستصحاب ان الحكم في السابق إذا كان معللا
بعلة يقطع بانتفائها في زمان الشك فلا يجرى الاستصحاب لاحتياج الحكم إلى علة أخرى نعم لو كان
فرضان مرتبان بحيث لا يحدث التكليف بالثاني الا بعد البراءة من الأول كالظهرين بالنسبة إلى أول
الوقت مثلا أمكن اثبات عدم وجوب الثاني مع الشك في البراءة عن الأول فلا يشرع الدخول في
محتملاته مع امكان ان يقال هنا لا دليل على لزوم العلم تفصيلا بوجوب شئ في اطاعته بل يكفى في
تحقق الإطاعة للامر الذي يعلم المكلف اجمالا بأنه إما تعلق بالفعل أو سيتعلق به العلم بأنه يتحقق في
التكليف متصفا بالوجوب جامعا لشرائط الواجب فينوي العصر بعد ظهر واحد من أول الوقت
50

قصدا إلى أن يحصل من هذا وما بعده امتثال الامر الذي يتعلق به عند فعل واحد من المحتملات وان
شئت فقايس ذلك بإطاعة الأوامر العرفية بحد الإطاعة متحققة بما ذكرنا فافهم واما ذكره أخيرا
من أنه لو أدرك من اخر الوقت مقدار أربع رباعيات تعينت العصر فهو حسن لو ثبت اعتبار القبلة
مع ضيق الوقت نعم يتفرع على ما ذكره من كون الأربع بمنزلة صلاة واحدة انه لو مضى من الوقت
انقض من ثمان صلاة فحاضت المرأة لم يجب عليها قضاء العصر الثالث لو قصد المصلى الاقتصار على
بعض الجهات كان ما فعله فاسدا سواء انكشف الحال أو لم ينكشف ولو قصد الاتيان بالكل فانكشف
بعد بعض الصلاة مطابقة ما فعله للواقع فالظاهر الأجزاء لأنه اتى بالفعل الداعي التقرب إلى الله يتحقق الواقع
به أو بغيره فاتفق تحقيقه به خلافا لبعض المعاصرين زعما منه انحصار امتثال أوامر الصلاة في أربع صلاة
أو صلاة واحدة مع علمه حين الاشتغال بكونها إلى القبلة وفيه ما ذكرنا من أن المحصل للامتثال للكل هو
الاتيان بما هو مطابق للواقع في المواقع لداعى التقرب واما لو انكشف بعد تمام الصلاة انحراف الكل عن القبلة
فلا ينبغي الخلاف في الأجزاء اجرائه لعموم ما بين المشرق والمغرب قبلة وفحوى ما سيجئ في الظان والمتحير العاجز
عن التكرار الرابع انه خ لا يجب على المتحير تأخير الصلاة ولو مع رجاء زوال تحيره لاطلاق النص والفتوى
وفحوى ما تقدم من عدم وجوب التأخير على الظان الراجي لحصول العلم فان العلم الاجمالي أقوى من الظن من
حيث البدلية عن العلم التفصيلي الخامس يجوز ان يصلى إلى غير الجهات التي صلى إليها الظهر بان
يصلى هكذا وقطعه بمخالفة القبلة في إحدى الصلاتين غير جائز لاطلاق الدليل الكاشف عن عدم اعتبار
القبلة الواقعية مع أن الظاهر أن الوجه في تكرار الصلاة أربعا ادراك ما بين المشرقين وهذا يحصل في
تكرار الصلاة الأخرى إلى غير الجهات الأولى السادس المتردد بين جهتين أو ثلث يجب عليه التكرار
لقاعدة المتقدمة مع امكان استفاده المناط من النص ويقوى في النظر عدم وجوب التكرار إذا كان مترددا
في جهات غير خارجة عما بين المشرقين لما استظهرنا سابقا من كون الوجه في تربيع الصلاة في النص والفتوى
هو ادراك ما بين المشرقين مضافا إلى ما عرفت من الروايات في اقتصار المتحير على صلاة واحدة خرج منها مراعاة
للنص المنجبر نقبوى المشهور مورده وهو المتحير في الجهات الأربع أو ما دونها مع عدم احراز ما بين المشرقين
ويؤيده بل يدل عليه أيضا عموم الصحيحتين في كون ما بين المشرقين قبله خرج العالم العامد وبقى الباقي
ومما ذكرنا يظهر ان المتحير الخارج عن مورد النص كالمقصر في تحصيل العلم أو الظن حتى ضاق الوقت عن التعلم
51

لا يجب عليه أزيد من الأربع لأنه يدرك بها ما بين المشرقين والا فمقتضى القاعدة المتقدمة وجوب
التكرار ان يحصل بعدم الانحراف عن القبلة الا يسيرا لعدم تحقق الاجماع والنص على نفى الزايد
على الأربع في خصوص المقام السابع انه لو تعذر عليه الصلاة إلى الأربع اقتصر على الممكن لان مقتضى
وجوب التوجه إلى القبلة الواقعية وجوب التكرار مهما أمكن ليقطع بان الصلاة إلى القبلة الواقعية إما
تحققت واما انها سقطت عنه بالعجز ولكن الانصاف ضعف هذا الوجه سواء كان العجر عن جهة معينة
أو جهة لا بعينها فالعمدة استظهار ذلك من النص وكلام الأصحاب وكيف كان فلا اشكال في أنه مع عموم
العذر لما عد الجهة الواحدة يصلى إلى أي جهات شاء ومن جمله الاعذار ضيق الوقت فلا يجب عليه اتمام
باقي الجهات بعد خروج الوقت مع احتماله ثم إنه قد تبين مما ذكرنا من وجوب العمل بالظن مع تعذر العلم وانه
لا فرق بين الظنون ولا بين الاعذار ان الأعمى وما يشبهه من العامي الغير العارف بالعلامات والعارف
العاجز عن الاعتبار لطرو بعض الاعذار بل العارف القادر على الاجتهاد بل المجتهد فعلا إذا كان قول
الغير عندهما أوثق من اجتهادهما يجب على كل واحد منهم ان يقلد العالم أو الظان عادلا كان أو كافرا ذكرا أو أنثى
بالغا أو غيره وعن الشيخ وجوب الصلاة على الأعمى إلى أربع جهات وظاهر المصنف قدس سره كما هنا فهمه غير واحد
اختصاص التقليد بالأعمى دون اخويه ولازمه وجوب التكرار عليهما ولعله لظهور أدلة التحري في المباشر الاجتهاد
وعموم ما دل على وجوب التكرار من النص والقاعدة لهما بل للأعمى لولا الاجماع وثبوت الجرح الشديد
المنفى في اخويه لقدره اولهما على التعلم ندور اتفاق العذر للثاني ويضعه منع ظهور أدلة التحري
في مباشرة ملاحظة الامارات بل الظاهر أن الغرض من الامر بالتحري الذي هو طلب الأحرى بالاستعمال هو
حصول الطرف الأحرى من غير فرق بين ان ينشأ عن ملاحظة الامارات وبين ان ينشأ عن التقليد وقد
اشتهر خذ الغايات والترك المبادى واستظهر في الذكرى وجوب الأربع على العارف العاجز عن الاعتبار قال
لان القدرة على أصل الاجتهاد حاصلة والعارض سريع الزوال وهو ضعيف ويتلوه في الضعف ما في
الروض من منع تقليد الكافر بل المسلم المجهول للنهي عن الركون إلى الكافر ووجوب التبين في خبر محتمل
الفسق وعدم الدليل على العمل بمطلق الظن فتعين عليه الصلاة إلى أربع جهات نعم لو كان التقليد من باب
التعبد لا من باب إفادة الظن نظير التقليد في الأحكام الشرعية كان اللازم الاقتصار فيه على
المتيقن وهو قول العدل لكن يبقى على مدعى حجية قول العدل مع عدم إفادة الظن إقامة الدليل
52

والا فاللازم وجوب الصلاة أربعا لانحصار الطريق في العلم والبينة ومطلق الظن ولا دليل على
ما سوى الثلاثة ثم إن ظاهر لفظ التقليد هو قبول الغير المستند إلى الاجتهاد فالرجوع إلى المخبر بمحل القطب
عن حس ليس تقليدا كما صرح به في الذكرى ونسبة في الروض إلى الأصحاب فما عن الشيخ من وجوب الصلاة
على الأعمى إلى أربع جهات وعدم جواز التقليد له لا يرد عليه ما ذكره كثير من مخالفة السيرة ولزوم الحرج
الشديد عليه في أغلب الأوقات مع ورود الاخبار بامامة الأعمى إذا كان من يسدده وذلك لان محل كلام
الشيخ هي صورة تعذر العلم على كل من البصير والأعمى مع قدرة البصير على الاجتهاد دون الأعمى ولا ريب في
ندرة وقوعه ولو اخبره اثنان بجهتين مع عدم المرجح في البين ففي تخييره بينهما أو وجوب جمعه بين الجهتين
أو تساقطهما ووجوب التربيع وجوه أقواها الثاني ان حصل له منها الظن بنفي الثالث والا فالثالث
ولو اخبره كل من البينتين بجهة فالأقوى الأول ويحتمله الأول إذا كان المخبر الواحد عدلا بناء على كونه
كالبينة حجة شرعية لا من باب الوصف كما أن الأقوى كون البينة كالمخبر لو اعتبرنا في حجيته إفادة الظن
كما لا يبعد في غير مقام رفع الخصومة ويجوز للمكلف ان يعول على قبلة أهل البلد مع عدم علم الخطاء اجماعا
على ما عن التذكرة فلا يجب الاجتهاد بل لا يجوز في أصل الجهة لامتناع خطأ أهل البلد خلف عن سلف عادة
ويجوز في التيامن والتياسر لان احتمال الخطاء من مؤسسها غير بعيد وتقرير الخلف لعله لعدم وجوب
الفحص عليهم فلم يطلعوا على خطأ ويعرف قبلة البلد بمحاريب المبنية في مساجده ومقابرهم ومذابحهم ثم
الظاهر من عنوان التعويل على قبلة البلد ما لو كان جهة قبلة البلد مجهولة للشخص لعدم العلم بطولها
وعرضها بالنسبة إلى مكة زادها الله شرفا فيجوز له الاعتماد على الجهة التي بنوا على كونها قبلة و
استمروا عليها المكشوف عنها بمحاريبهم ومقابرهم ونحوها واما لو كانت قبلة البلد معلومة الصحة ووجد
محراب أو مقبرة لم يعلم انطباقهما عليها فلا يظهر من هذا العنوان أو معقد اجماع التذكرة جواز الاعتماد
عليه وعدم وجوب الاجتهاد ولو مع احتمال الظن الأقوى بخلافه وإن كان يشمله اطلاق بعض العنوانات
وكيف كان فالأنسب الرجوع إلى قاعدة وجوب التحري والاخذ بالأوثق والتقويل على فعل الواضع حملا له
على الحصة مشكل والمضطر إلى فعل الفريضة على الراحلة يجب عليه ان يستقبل القبلة في جميع
الصلاة ان تمكن ولو بالركوب منحرفا أو مقلوبا والا يتمكن فبالتكبير ان أمكن لما تقدم في صلاة السفينة
من وجوب الاستقبال مهما أمكن والا يمكن سقط الاستقبال عنه وكذا الماشي إذا اضطر إلى
53

الصلاة ماشيا وهل يجب يجزى ما بين المشرق والمغرب وجهان تقدما في الصلاة في السفينة وكذا في
تقديم الانحراف يمينا أو شمالا على الاستدبار ولو تعارض الركوب [والمشي] قدم أكثرهما استيفاء للشرائط
والأركان ان تساويا ففي ترجيح الركوب إذا لا يحصل معه الا حركة غرضية أو ترجيح المشي إذ يحصل معه
القيام أو التخيير لتعارض الاستقرار الذاتي والقيام ولظاهر الآية فان خفتم فرجالا أو ركبانا وجوه خيرها
أوسطها لتحقق القيام مع المشي وان فات وصفه وهو الاستقرار مضافا إلى اطلاق النهى عن الصلاة
على الراحلة على غير من يشق عليه النزول فتأمل ثم إنه قد جرت عادة الفقهاء يذكر بعض العلامات لبعض
الآفاق وقد قدم المصنف منها علامة أهل العراق لكونها منصوصة في الجملة فقال وعلامة أهل العراق ومن
والاهم أي ورائهم بالنسبة إلى جهة القبلة وعد منه المحقق الثاني أصفهان وفارس وآذربايجان والري
وخراسان وسمرقند إلى بلاد الترك جعل مطلع الفجر وهو المشرق على المنكب وهو مجمع العضد والكتف
الأيسر والمغرب على المنكب الأيمن والظاهر المصرح به في كلام كثير بل نسبه في الروض إلى المشهور ان المراد
المشرق والمغرب الاعتداليان إذ جعل مطلقهما على المنكين غير ممكن وجعل أحدهما على أحدهما يوجب
انحراف الأخر عن الأخر انحرافا بينا وجعل الجدي مكبرا كما عن المشهور وربما يصغر ليتميز عن الجدي الذي
هو أحد البروج وهو نجم مضئ في جملة أنجم بصورة سمكة يقرب من القطلب الشمالي الجدي رأسها والفرقدان
ذنبها يجعلها العراقي بحذاء المنكب الأيمن إما مطلقا كما هو ظاهر المصنف والمحكى عن غيره أو حال استقامته أعني
غاية ارتفاعه أو انخفاضه كما قيده كثير لأنه حينئذ على دايرة نصف النهار المارة على القطبين القاطعة للأفق
نصفين ومن العلامات لهم أيضا جعل عين الشمس عند الزوال على طرف الحاجب الأيمن مما يلى الانف والمروى
من هذه العلامات هو الجدي ففي رواية محمد بن مسلم قال سئلته عن القبلة قال (ع) ضع الجدي على قفاك و
صل والراوي كوفي كما صرح به في الروض وغيره وفي مرسلة أخرى مروية في الفقيه قال رجل للصادق (ع)
انى أكون في السفر ولا اهتدى إلى القبلة فقال له أتعرف الكوكب الذي يقال له الجدي قال نعم قال اجعله على
يمينك فإذا كنت في طريق الحج فاجعله بين الكتفين وقد جمع بين الروايتين بحمل القفاء في الأولى على موضع
خاص وهو محاذى المنكب الأيمن وهو على بعده لا تشهد له الرواية الثانية الا إذا أريد من اليمين بقرينة
الرواية الأولى اليمين من طرف الخلف فينصرف ظاهر اطلاق كل واحدة من الروايتين بنص الأخرى
لكنه مع ذلك مع أنه يشمل الكتف الأيمن فالانصاف ان مقتضى الجمع إرادة مجموع الجانب الأيمن من القفاء
54

هذا بعد فرض اتحاد الراويتين في الإقليم وهو غير معلوم مع أن مقتضى العمل بهذا الجمع عدم جواز العمل بالعلامة
الأولى والثالثة لان اللازم من مراعاة كل منها وقوع الجدي بين الكتفين فالانصاف انه لا يستفاد من
الروايتين في كيفيته وضع الجدي ما يغنى عن الرجوع إلى قواعد الهيئة بملاحظة أطوال البلد واعراضها
بالنسبة إلى طول مكة وعرضها زادها الله شرفا فان زاد طول البلد وعرضه على طولها وعرضها
قسمت القبلة جنوبي غربي وان نقصا فشمالي شرقي وان زاد الطول ونقص العرض فشمالي غربي وان عكس فجنوبي غربي شرقي وتوضيح ذلك في الجملة انهم قسموا الربع المسكون المشتمل على
الأقاليم السبعة طولا وعرضا فطوله من مبدء العمارة من جانب المغرب وهي جزائر خالدات أو ساحل البحر
الغربي على الاختلاف إلى منتهاها من الجانب الشرقي ويقال له [كنك ذر] ومجموع ذلك من الجزائر مائة
وثمانون جزء ومن ساحل البحر مائة وسبعون جزء من نصف دائرة عظمي من دوائر الفلك المقسومة
كل واحدة بثلثمائة وستين جزء وعرضه من خط الاستواء أو من جهة الجنوب حيث يكون ارتفاع
القطب الجنوبي ستة عر درجة على اختلاف القولين لبطلميوس إلى حيث يكون ارتفاع القطب
الشمالي ستة وستين درجة وهذا مجموع عرض الربع المسكون ان ابتدء به من خط الاستواء وعلى
القول الآخر يزيد عليها ستة عشر فيصر اثنين وثمانين درجة إذا عرفت ذلك فطول كل بلد عبارة عن قوس
من معدل النهار محصور بين دائرة نصف النهار ذلك البلد ونصف نهار اخر طرف العمارة من الجانب
الغربي وعرض كل بلد عبارة عن قوس من دائرة نصف النهار فيما بين معدل النهار وسمت الرأس و
طول مكة من جزائر الخالدات على ما ذكره غير واحد من أهل الرصد سبعة وسبعون جزء وعشر دقايق
هي سدس جزء وعرضها من خط الاستواء أحد وعشرون جزء وأربعون دقايق هي ثلثا جزء فحينئذ فكل
بلد كان عرضه أكثر من مكة زادها الله شرفا يكون مكة واقعة في طرف الجنوب من ذلك البلد فان وافقها
في الطول كانت مكة واقفة في نقطة الجنوب من ذلك البلد ويكون القطب الشمالي بين كتفي المستقبل و
المشرق والمغرب الاعتداليان على منكبيه وعين الشمس عند الزوال مايلة إلى عينه اليمنى وان زاد طوله على
طولها انحرفت قبلته عن نقطة الجنوب إلى المغرب بمقدار تفاوت الطولين وان نقص عنه انحرفت
عنها نحو المشرق كذلك وحينئذ فكل بلد يكون طوله أكثر من بلد اخر يكون انحراف قبلته نحو المغرب أزيد الا ان يكون
عرضه أقل منه وقس على ما ذكرنا حال البلاد التي هي أقل عرضا من مكة فان قبلتها شمالية مستقيمة
ان ساوى طولها طول مكة وان زاد عليها لزم الانحراف نحو المغرب وان نقص لزم الانحراف نحو المشرق
55

ومما ذكرنا ظهران العلامات الثلث المذكورة في كلام المصنف وغيره قدس الله اسرارهم لأهل العراق
غير مطابقة والجمع بينها كما في المقاصد العلية يحصل بأحد أمرين (الأول) بتقيد كلماتهم بحمل العلامة
الأولى والثالثة على أطراف العراق الغربية كالموصل ونحوها مما قارب مكة في الطول وتقيد الثانية
بأوساط العراق ككوفة وبغداد والمشهد والحلة ونحوها مما يزيد طوله على طول مكة ويبقى أطراف العراق
الشرقية كالبصرة ونحوها غير منصوص عليه في كلماتهم فان قبلتهم أزيد انحرافا إلى المغرب من أوساط العراق
ولذا علمت فيما حكى على ما صح بجعل الجدي على الخد الأيمن (والثاني) اغتفار هذا التفاوت في اعتبار الجهة
فان مسامتة البعيد لا يؤثر فيها هذا لاختلاف ويؤيده اطلاق رواية ابن مسلم الذي هو من سكان
الكوفة في وضع الجدي على القفاء وما نسبه في الذكرى إلى أكثر الأصحاب من جعل قبلة العراق وخراسان
واحدة مع ما قيل من أن طول جملة من بلادها يزيد على مكة بستة عشر درجة وطول كوفة يزيد عليها
بدرجتين بل في المقاصد العلية ان انحراف قبلة خراسان إلى المغرب يقرب من نصف ما بين نقطتي
المغرب والجنوب وقوى في المقاصد العلية الوجه الأول بعد ان نفى البعد عن الثاني مع مبالغته في الروض
في نفى الوجه الثاني والانصاف ان كلا من الوجهين في غاية البعد إما (الأول) فلانه مضافا إلى كونه اجمالا في
مقام البيان بل اغراء بخلاف الواقع مناف لما نسب إلى الأكثر ومنهم المصنف والمحقق قدس سرهما من
اتحاد قبله خراسان والعراق فان شيئا من العلامات الثلاث لا ينطبق على بلد ينحرف قبلته إلى
المغرب قريبا من نصف ما بين نقطتي الجنوب والمغرب واما الثاني فلرجوعه في الحقيقة إلى عدم وجوب
المسامته على البعيد وما ذكر من أن مسامتة البعيد لا تؤثر فيها هذا الاختلاف مخالف للمحسوس
فان من استقبل في بلده نقطة الجنوب وعلم أن مكة زادها الله شرفا متوسطة فيما بين نقطتي الجنوب
والمغرب فهو غير مسامت لمكة قطعا ولو جاز هذا المقدار من التياسر عن مكة مسامحة لزم جواز مثله في
التيامن عنها فيجوز لهذا الشخص استقبال نقطة المغرب إذا المفروض ان نسبة نقطي المغرب والجنوب إلى
مكة في هذا الفرض قريبة من التساوي أو متساوية مع أنهم حكموا ببطلان العبادة مع التغريب المحض
ووجوب الإعادة فيما لو ظهر ذلك بعد ظن المطابقة فضلا عما لو تعمده فتأمل هذا كله مع أن سياق
كلماتهم في بيان هذه العلامات ظاهرة في المداقة آبية عن المسامحة ولذا خصوا موضع الجدي بحذاء
المنكب الأيمن ولم يطلقوا ذكر القفاء تبعا لرواية ابن مسلم واعلم أن المشهور كما صرح
56

به جماعة انه يستحب لهم أي لأهل العراق التياسر قليلا وعن ظاهر جماعة من القدماء ومنهم الشيخ في
الخلاف مدعيا عليه الاجماع وجوبه فظاهر جماعة انه مبنى على كون قبلة البعيد هي الحرم وانصابه عن يسار
الكعبة أكثر الا ان الظاهر اطراده على القولين ولذا قال به جماعة منهم الفاضل هنا وفي جملة من كتبه والشهيد
في الذكرى مع قولهم بان القبلة هي الجهة وإن كان [المترائي] من مستند الحكم هو كون الحرم قبلة البعيد ففي
رواية المفضل قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن التحريف لأصحابنا ذات اليسار عن القبلة وعن السبب فيه قال إن
الحجر لما أنزله الله تعالى من الجنة ووضع في موضع جعل انصابه كذا من حيث يلحقه نور الحجر فهى عن يمين الكعبة
أربعة أميال وعن يسارها ثمانية أميال فإذا انحرف الانسان ذات اليمين خرج عن حد اليمين وإذا
انحرف ذات اليسار لم يخرج عن حد الكعبة القبلة وفي مرفوعة علي بن محمد عن أبي عبد الله (ع) ان قيل لم صار
الرجل فيحرف في الصلاة إلى اليسار فق ان الكعبة لستة حدود أربعة منها على يسارك واثنتان
منها على يمينك فمن أجل ذلك وقع التحريف إلى اليسار والحق ان الروايتان ضعيفتان وما ذكر فيها من
التعليل من المتشابهات فان التياسر لا يستلزم مواجهة عين الأنصاب ولو كانت مائة ميل فان جوزنا
المسامحة في القبلة بحيث لا يقدح فيه الانحراف اليسير شمالا ويمينا صح الحكم بالاستحباب بمقدار [يتساع]
فيه بفتوى المشهور وان لم تكن رواية والا فلا تنفع الروايتان في اثبات الحكم المخالف للأصل ولذا منعه
جماعة منهم المحقق والشهيد الثانيان بل حكى عن الأولين أيضا في النافع وظاهر الدروس وحيث إن
المستفاد من النصوص الموجبة للاستقبال والواردة في طريق وضع الجدي والفتاوى المخصصة
لكل إقليم بعلامة مع تقارب العلامات ويؤيدها ان صريح للرواية الأولى عدم جواز الانحراف إلى اليمين
ولو قليلا عدم جواز المسافحة فالأقوى عدم جواز التياسر عما اقتبضته اعمال العلامات وصدق عليه التوجه العرفي وإن كانت
الجهة العرفية والمطابقة العلامات وسيعه في نفسها فان ذلك لا يقتضى جواز الانحراف عن أصل تلك الجهة
وانما يقتضى جواز تلك الانحراف إلى اجزاء الجهة يمينا وشمالا ولا يبعد إرادة هذا المعنى من الروايتين
فيكون المستحب حينئذ هو الميل عن وسط الجهة التي اقتضته الامارات إلى يسار المصلى بحيث لا يخرج عن
اجزاء الجهة فيكون التياسر من القبلة إلى القبلة لا عن القبلة كما ذكره المحقق قدس سره في جواب سلطان
الحكماء والمتكلمين الخواجة نصير الدين الطوسي حيث اورد عليه بان التياسر إن كان إلى القبلة فواجب وإن كان
عنها فحرام ثم كتب المحقق في توضيح الجواب رسالة ذكرها في المهذب البارع وقد تقدم في مسألة
57

محراب المعصوم (ع) عن البحار حمل هاتين الروايتين على التقية وانه حكى عن بعض معاصريه اختصاص مضمونها
بمسجد النبي صلى الله عليه وآله وعلامة أهل الشام وهو دمشق وما والاها جعل نبات النعش الكبرى وهي سبعة كواكب
أربعة منها نعش وثلث منها نبات حال غيبوبتها وهو انحطاطها وذنوبها إلى المغرب خلف الاذن اليمنى وجعل
الجدي عند طلوعه وهو غاية ارتفاعه خلف الكتف اليسرى وظاهره ان انحراف الشامي عن نقطة الجنوب إلى
المشرق أقل من انحراف العراقي عنها إلى المغرب وجعل مغيب سهيل وهو اخذه الانحطاط وميله عن دائرة
نصف النهار على العين اليمنى وطلوعه وهو كما قيل بروزه وعلى الأفق المرئي بين العينين واما طلوعه بمعنى
غاية ارتفاعه فجعله بين العينين يستلزم استقبال نقطة الجنوب لما صرح به غير واحد من ارتفاع كل
كوكب عبارة عن كونه على دائرة نصف النهار فيتحد مع قبلة العراقي بناء على بعض العلامات المتقدمة
لهما وجعل الصبا بالفصر وفتح الصاد وهو كما صرح به جماعة ريح محلها ما بين مطلع الشمس والجدى وحكى
في الذكرى والروض قولا بان مبدء هبوبها من مطلع الشمس على الخد الأيسر والشمال بفتح الشين ريح
محلها ما بين الجدي ومغرب الشمس على الكتف الأيمن وجعل الرياح علامة مع أنها لا تعرف غالبا الا بعد
معرفة المشرق والمغرب المغيتة عن استعلام القبلة بالرياح المفروض في بعض الصور التي تعرف الرياح من
غير جهة المشرق والمغرب كالبرودة والرطوبة ومقابلهما وغيرهما من علامات الرياح كإثارة السحاب وفي
جعل الرياح ونحوها كالقمر علامات دلالة على توسعة الجهة بالمعنى الذي قدمنا ولذا جعلها في الذكرى
وغيره من أضعف العلامات معللا باضطراب هبوبها وصرح فيه بأنه تتقارب فيها قبلة العراقي والشامي لاتساع
زواياها لكن الظاهر من الروض عدم جواز الاعتماد عليها وعلى منازل القمر عند التمكن من الجدي لكن ظاهر
المصنف والشهيد وغيرهما كالشيخ ابن أبي
الفضل الشاذان بن جبرئيل القمي في رسالته وجعل الرياح في عداد
سائر العلامات وعلامة أهل المغرب جعل الثريا عند طلوعها عن اليمين والعيوق بالتشديد وهو كما قيل نجم يضئ
في طرف [المجره] على الشمال وجعل الجدي مستقيما على صفحة الحذا لا يسر وذكر في الروض المراد هنا بعض أهل
المغرب كالحبشة والنوبة وان ذكراه لأصحاب مطلقا لان البلاد المشهورة في زماننا بالمغرب [كطراييس] قيروان قبلتها نقطة المشرق بل ويميل عنها نحو الجنوب يسيرا فهى بعيدة عما ذكره انتهى وعلامة اليمن
جعل الجدي عند طلوعه أو انحفاظه بين العينين وجعل سهيل عند مغيبة بين الكتفين وجعل الجنوب بفتح
الجيم ريح مقابل للشمال محله ما بين المشرق والجنوب أو مطلع سهيل كما في الذكرى على مرجع الكتف الأيمن
58

أي أسفله وذكر الشهيد في الألفية ان العلامة لليمنى عكس علامة الشامي والأولى في ذلك كله ما ذكرنا من
اعمال قواعد الهيئة وملاحظة طول البلد وعرضه بالنسبة إلى مكة زادها شرفا أو الرجوع إلى من يعلمها
ومع عدم التمكن فيكفيه التوجه إلى الجهة العرفية التي قد يبلغ إلى ربع الدور ولا يجب حينئذ الاحتياط لما ذكرنا
فيما بين المشرق والمغرب والمصلى في جوف الكعبة حيث تصح صلاته فيه إما للضرورة أو لكونها نافلة كما هو
اجماع نصا وفتوى أو قلنا بصحة الفريضة فيه وإن كانت مكروهة كما هو المشهور المعروف عمن عدا الشيخ
المدعى للاجماع على المنع والقاضي وعلى الصحة رواية موثقة منجبرة بالشهرة صارفة لبعض الصحاح الظاهرة
في الحرمة إلى الكراهة وحينئذ فيكفيه ان يستقبل أي جدرانها شاء بل أي جزء من فضائها وان لم يكن جدار
كما لو استقبل الباب وليس له عتبة لان مقتضى دليل الجواز بضميمة ما دل على اعتبار القبلة في الصلاة
كون كل جزء منها قبلة ولا ينافى ذلك قوله تعالى " فول وجهك شطر المسجد الحرام " لأنها للبعيد وفي رواية
ضعيفة انه يصلى مستلقيا ومنه يعلم ضعف الاستدلال على المنع بفوات الاستقبال والمصلى على سطحها
حيث قلنا بالجواز إما اضطرارا أو مطلقا للعمومات خلافا للمحكى عن القاضي وابن سعيد المحتج لها بما عرفت
منعه من فوات الاستقبال يصلى قائما لعمومه أدلة وجوب القيام ويكفيه في الاستقبال ان يبرز بين يديه شيئا
يستقبله في جميع أحوال الصلاة وعن الخلاف والنهاية والقاضي وجوب ان يستلقى ليستقبل البيت المعمور
فيؤمى ايماء تعمض عنه للركوع والسجود وفتحهما للرفع عنهما كما في رواية الهروي وهي على ضعفها مخالفة لأدلة
وجوب القيام والركوع والسجود وعن الصدوق في الفقيه وجوب الاضطجاع ولا دليل عليه الا ان يريد
خصوص الاستلقاء ولو صلى باجتهاد أو تقليد أو لضيق الوقت أو مع السعة ان قلنا بالتخيير لتخير ثم
انكشفت فساده أو فساد علمه بوقوعه إلى غير القبلة أعاد مطلقا أي وقتا وخارجا إن كان حين
العمل مستديرا على المشهور كما في الروضة وحاشيتها لفوات المأمور به واقعا فيقضى ولعموم قوله (ع) في صحيحة
زرارة لا تعاد الصلاة الا من خمسة الوقت والطهور والقبلة والركوع والسجود في صحيحه الأخر لا صلاة
الا إلى القبلة قلت فأي حد القبلة قال ما بين المشرق والمغرب قبلته قلت فمن صلى لغير القبلة أو في يوم غيم في غير وقت
قال يعيد ورواية معمر بن يحيى قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن رجل صلى على غير القبلة ثم تبين له القبلة
وقد دخل وقت صلاة الأخرى قال يصليها قبل ان يصلى هذه التي قد دخل وقتها الا ان يخاف فوت
التي دخل وقتها ورواية عمار عن الصادق (ع) في رجل صلى على غير القبلة فيعلم هو في الصلاة قبل ان
59

يفرغ من صلاته قال إن كان متوجها إلى ما بين المشرق والمغرب فليحول وجهه إلى القبلة حين يعلم وإن كان
متوجها إلى دبر القبلة فليقطع صلاته ثم يحول وجهه إلى القبلة ثم يفتتح الصلاة وعن النهاية
انه وردت رواية بأنه إذا صلى إلى استدبار القبلة ثم علم بعد خروج الوقت وجب إعادة الصلاة
وفي الجميع نظر إما الاطلاقات الثلاثة الأول فهى مقيدة بما سيأتي من الاخبار المفصلة بين بقاء الوقت
وخروجه ودعوى عدم شمول تلك الاطلاقات الآتية لصورة انكشاف الاستدبار إن كان من جهة
ندرة انكشاف الاستدبار إلى هذا الحد مع فرض الاجتهاد ففيه ان بعض تلك الأخبار غير مختص بالاجتهاد
كما سيأتي مع أنه على هذا ينبغي تخصيص الانكشاف فيها بالاستدبار وإن كان من جهة ندرة اتفاق وقوع الصلاة
إلى النقطة المقابلة حتى لغير المجتهد كالمتحير مثلا ففيه انه لا فرق بين تلك النقطة ونقطه أخرى
غيرها من حيث غلبة اتفاق الصلاة في إحديهما وندرته في الأخرى مضافا إلى ما سيأتي من أن الأقوى
ان المراد من الاستدبار هو العرفي لا الحقيقي ورواية ابن يحيى مع ضعفها لا شاهد لتقييدها
بصورة الاستدبار والاجماع مخصص لاحد المتعارضين المتباينين لا يوجب حمل المخصص منهما
نصا ليقدم على الأخر ويقوى على تخصيصه وإن كان ربما يفهم ذلك عرفا في المخصص اللفظي كما قرر
في محله مع امكان حمل وقت صلاة أخرى على وقت فضيلتها واما رواية عمار فالظاهر منها بقاء
الوقت كما لا يخفى واما المرسلة فهى ضعيفة مجردة عن شهرة يعتد بها كيف والمحكى عن سيدنا
المرتضى وابن إدريس وابن سعيد والمحقق والمصنف في جملة من كتبه والشهيد في الذكرى والدروس
والمحقق والشهيد الثانيين وعامة من تأخر هو عدم وجوب القضاء ثم إن الظاهر من الاستدبار في
كلمات الأصحاب هو العرفي لا استقبال خصوص النقطة المقابلة للقبلة ويؤيده مضافا إلى وجوب
الرجوع إلى العرف في مثل المقام تقسيمهم جواز انكشاف الخطاء إلى أقسام ثلثه الانحراف اليسير و
التشريق والتغريب والاستدبار ولا اشكال في عدم دخول ما تعدى عن التشريق والتغريب داخلا
في شئ من القسمين الأولين فتعين دخوله في الثالث أو اهمالهم لذكره موضوعا وحكما وهو يعيد في
الوقت خاصة دون خارجه إن كان حين العمل مشرقا أو مغربا إما وجوب الإعادة في الوقت فيدل عليه قبل الاجماع
المحقق والمستفيض العمومات المتقدمة مضافا إلى خصوص ما يدل أيضا على نفى القضاء خارج الوقت
مثل صحيحة عبد الرحمن عن أبي عبد الله (ع) إذا صليت وأنت على غير القبلة ثم استبان لك انك صليت على
60

غير القبلة وأنت في وقت فاعد وان فاتك الوقت فلا تعد وصحيحة سليمان بن خالد قال قلت لأبي عبد الله (ع)
الرجل يكون في قفر من الأرض في يوم غيم فصلى لغير القبلة ثم يضحى فيعلم انه صلى لغير القبلة كيف
يصنع قال إن كان في وقت فليعد صلاته وإن كان مضى الوقت فحسب اجتهاده ونحوها صحيحة ابن يقطين
وغيرها من الاخبار وهل المراد بالمشرق والمغرب خصوص نقطتهما أم يعم ما تعداهما ولم يبلغ الاستدبار
العرفي وجهان لا ثمرة في الترجيح بينهما على المختار من عدم وجوب القضاء مع الاستدبار أيضا وعلى
المشهور فالأقوى الثاني لاطلاق هذه الأخبار النافية للقضاء واختصاص أدلة ثبوت القضاء
بالاستدبار العرفي وكذا الوجهان في اختصاص الحكم بخصوص نقطتي المشرق والمغرب أو عمومه
لمطلق نقطتي اليمين واليسار كنقطتي الشمال والجنوب لمن كان قبلته نقطة المغرب أو نقطة المشرق و
العموم منها أوضح لعموم الأدلة ولا يعيد لا في الوقت ولا في خارجه إن كان حين العمل منحرفا إلى ما بينهما
بالاجماع المستفيض والأخبار المستفيضة منها صحيحة زرارة المتقدمة الدالة كصحيحة معوية بن عمار
على أن ما بين المشرق والمغرب قبلة وبها يقيد اطلاق كثير من الفتاوى وكفتوى المقتمة والنهاية والغنية
ونحوها ككثير من الروايات المتقدمة بوجوب الإعادة في الوقت على من صلى إلى غير القبلة بل لا يبعد دعوى
التقيد بناء على أن ما بين المشرق والمغرب قبلة حقيقة ولو للمجتهد المتحير وشبهها وهل المراد بما بين
المشرق والمغرب مطلق ما بين اليمين واليسار فيشمل ما بين الجنوب والشمال إن كان قبلته نقطة المغرب
أو نقطة المشرق أو خصوص ما بين الجهتين اشكال من عموم وجوب الإعادة في الوقت لمن صلى إلى غير
القبلة ومن المستظهر من الأدلة إناطة الحكم بالانحراف اليسير والفاحش وعلى كل حال فينبغي القطع
بعدم الاعتبار بها لمن كان قبلته غير نقطتي الجنوب والشمال وما يقربهما إذ ربما يكون القبلة على وجه يكون
ما بين المشرق والمغرب متجاوزا عن حد اليمين واليسار بل ملحقا بالاستدبار فلا تأمل في وجوب الإعادة
عليه بل القضاء على المشهور
{الأول القيام} قدمه على
61

النية والتكبير لاعتباره في كليهما ولو من جهة وجوب مقارنتها وهو أولي من تأخيره نظر إلى أنه
لا يجب حتما الا بعدهما لأنه لا ينافى حقيقته بسبق المعرفة وهو ركن في الصلاة مع القدرة باجماع العلماء كما في المعتبر وعن
جماعة بل علماء الاسلام كما في المنتهى مضافا إلى ظهور الأدلة اللفظية وقضاء أصالة الركنية بناء
على تفسير الركن بما تبطل الصلاة تبركه عمدا أو سهوا كما يظهر من الكتاب والشرايع ونحوهما
وصرح به في المعتبر والمنتهى والذكرى وحكاه الأول عن الشيخ ولو ضم إلى تركه زيادته كما في جامع
المقاصد والروض ومجمع الفائدة وعن المهذب ناسبين له إلى الأصحاب سقط التمسك بالأخيرين
واحتاج إلى استثناء زيادة القيام في كثير من الموارد وكيف كان فقد استشكل جماعة من المتأخرين
أو لهم فيما اعلم المحقق الثاني اطلاق القول بركنية القيام بان ناسي القراءة وابعاضها صلاته
صحيحة مع فوات بعض القيام المستلزم لفوات المجموع وعدلوا عن القول بالاطلاق إلى ما حكوه
عن الشهيد قدس سره في بعض تحقيقاته من أن القيام بالنسبة إلى الصلاة على انحاء فهو شرط في حال
النية وركن في حال التكبير وكذا المتصل منه بالركوع وواجب في حال القراءة فلو سهى وكبرا و
ركع جالسا بطلت صلاته بخلاف ما لو قرء جالسا فالركن منه في الركعة الأولى هو المقدار الذي
يسع للافتتاح والمسمى الذي عنه يتكون تقوس الركوع وان حصل في ضمن ما للافتتاح وفي ساير
الركعات هو الأخير وهو حسن ان ثبت الاجماع على ركنيته في نفسه كما هو ظاهر معاقد الاجماعات
والا فيمكن القول بعدمه واستناد بطلان صلاة من كبر جالسا إلى فقد شرط التكبير لا فقد القيام
الركني كما يساعده قوله (ع) في موثقه عمار لا يعتد بالتكبير وهو قاعد واستناد بطلان صلاة من ركع
جالسا إلى عدم تحقق الركوع القيامي الذي هو ركن في حق القائم أعني الانحناء عن استقامة مع
الوقوف على القدمين لا إلى ترك القيام مع تحقق الركوع كما أدعاه الفاضل في شرحه على الروضة
وتبعه في الرياض وركوع الجالس وإن كان ركوعا لأنه هو الانحناء سواء كان عن اعتدال القيام
أو عن اعتدال القعود الا ان الركن ليس هو المشترك بين الركوعين كما يؤمى إليه تحديدهم الركوع
الركني للقائم في بابه ويؤيده اعتراف بعض القائلين بركنية هذا القيام بعدم انفكاك تركه عن
ترك الركوع ويزيده تأييدا قوله (ع) " لا تعاد الصلاة الا من خمسة " الدال على حصر مستند بطلان
الصلاة المنعقدة صحيحا في الاخلال بالركوع أو السجود وحينئذ فيقوى احتمال كون القيام الذي
62

عنه يركع ركنية باعتبار مقدمية للركوع وشرطية للافتتاح وإن كان واجبا مستقلا في الجملة
ويكون اجماعهم على ركنية بالمعنى الأعم من النفسي والمقدمي كيف وقد يطلقون الركن على المقدمات
الخارجة كاطلاق الركن على النية في كلام كثير ممن قال بشرطيتها واطلاقه على دخول الوقت كما عن
العماني وعن استقبال القبلة كما عن ابن حمزة ويتفرع على ما ذكرنا عدم اعتبار شروط القيام الآتية
في القيام المتصل بالركوع الا إذا وقع فيه واجب كالقرائة أو ركن كالافتتاح ولكن الانصاف ان
الخروج عن يقتضى ظاهر الاجماعات المستفيضة مشكل بل غير صحيح فالمذهب ما حققه المتأخرون
ولا منافاة بين كون القيام الذي يركع عنه ركنا مستقلا ومقدمة لتحقق الركوع القيامي بناء
عن أن الركن من الركوع ليس هو القدر المشترك بين ركوعي القائم والقاعد لكن ربما يستظهر من
المصنف والشهيد قدس سرهما في القواعد والذكرى في مسألة ما لو تجدد قدرة العاجز عن القيام
بعد القراءة حيث حكما بأنه يجب حينئذ القيام للهوى إلى الركوع ان وجوب القيام حينئذ من باب المقدمة وكذا
ما ذكره في الذكرى فيما لو تجدد القدرة حال الركوع انه يقوم منحيا وليس له الانتصاب لئلا يزيد ركنا
نعم علل هذا الحكم في جامع المقاصد بقوله لئلا بزيد ركنين وأظهر من هذا كله كلام له في الذكرى
في رد بعض العامة في مسألة ناسي السجدة الثانية انه لو ذكرها قائما وقد جلس بعد الأولى لا يجب عليه
الجلوس ثانيا للسجدة للنسية فلاحظ ولا خط تفسيره من الفاضل في شرح الروضة والله العالم ثم إن الظاهر
من كلام بعضهم كالشهيد الثاني في الروض والمسالك وسبطه ان المراد بالقيام المتصل بالركوع
هو المتصل بجزء من هوية وان حصل الفصل بين اجزاء الهوى ولذا حكم فيمن نسى الركوع بعد الهوى له
قليلا انه يقوم منحنيا إلى ذلك الحد وظاهر اطلاق الآخرين بل صريح بعضهم وجوب الانتصاب
في هذه الصورة أيضا وهو الأقوى بناء على ما ذكرنا من أن ركوع القائم هو الانحناء عن اعتدال
القيام وكيف كان فظاهر القولين وجوب اتصال القيام بجزء من هوى الركوع وعدم جواز
الفصل بينهما بأجنبي فلو هوى بقصد السجود أو لغرض اخر غير الركوع فلما بلغ حد الركوع نوى
جعله ركوعا لم يجز مضافا إلى ما سيجئ في بطلان الفرض من وجوب قصد الركوع في الهوى و سيجيئ أيضا للكلام تتمة في مباحث السهو انشاء الله تعالى واعلم أن الركن من
القيام هو الانتصاب المحقق بنصب فقار الظهر أعني عظامه المنتظمة في النخاع ومنه الاستقامة
ضد الاعوجاج فيخل به الانحناء ولو يسيرا إذا سلب عنه اسم الاستقامة وكذا الميل إلى اليمين واليسار
63

ولا يضره اطراق الرأس بل عن التقى استحباب ارسال الذقن إلى الصدر لكن في مرسلة حريز تفسير
النحر بإقامة الصلب والنحر وعليه العمل استحبابا ويجب فيه أمور خارجة عن مفهومه على الظاهر
ومنها [الاستقبال] وعدم الاستناد إلى شئ على وجه الاعتماد على المشهور بل عن المصنف قدس سره
في المختلف وابن الجمهور في شرح الألفية الاجماع عليه لتوقف البراءة عليه وللتأسي الواجب عموما
وخصوصا لقوله صلوا كما رأيتموني اصلى ولصحيحة حماد الواردة في تعليم الصلاة ولتبادر الاستقلال
من القيام بل في الايضاح ان القيام هو الاستقلال وعن المحقق الثاني والفريد البهبهاني انه داخل
في مفهوم القيام للتبادر وصحة السلب عن غيره أو التبادر ايجاده من غير معاون من اطلاقات الأوامر
كما عن المحقق الثاني والمقدس الأردبيلي وابن الجمهور ولصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع)
قال لا تمسك بخمرك وأنت تصلى ولا تستند إلى جدار الا أن تكون مريضا ورواية عبد الله بن بكير
المحكية عن قرب الإسناد قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الصلاة قاعدا أو متوكئا على عصى أو
حائط قال لا ما شأن أبيك شأن هذا ما بلغ أبوك هذا بعد وفي الوجوه المتقدمة على الروايتين
نظر فهما العمدة بعد اعتضادهما بالشهرة ونقل الاجماع الذي لا ينافيه المحكي عن الحلبي من كراهة
الاعتماد على ما يجاور المصلى من الأبنية إما لاحتمال إرادة الحرمة من الكراهة كما قبل انه شايع
في كلام القدماء أو لان خروجه غير مضر بالاجماع المحقق فضلا عن المنقول نعم مال إليه جماعة من
متأخري المتأخرين فحملوا النهى المقدم على الكراهة بقرنية صحيحة علي بن جعفر عن أخيه عليهما السلان
عن الرجل هل يصلح له ان يستند إلى حائط المسجد وهو يصلى أو يضع يده على الحائط من غير مرض
ولا علة فقال لا باس وعن الرجل يكون في صلاة فريضة فيقوم في الركعتين الأوليتين هل يصلح
له ان يتناول حائط المسجد فينهض يستعين به على القيام من غير ضعف ولا علة قال لا باس وفي موثقة
ابن بكير لا باس بالتوكي على عصى والتوكي على الحائط وفيه ان الرواية الأخيرة محمولة على المريض حملا للمطلق على
المقيد واما الأولى فهى محمولة كما في كلام جماعة على الاستناد العاري عن الاعتماد جمعا إذا الحمل على الكراهة
لا يتأتى الرواية الثانية من الروايتين المتقدمتين وفي الايضاح حمل رواية الجواز على التقية
والحاصل انها لا تقاوم أدلة المنع من وجوه ثم إن ظاهر المحقق الثاني في جامع المقاصد عدم
جواز الاستناد في النهوض أيضا ولعله لما تقدم من تبادر ايجاد القيام من غير استعانة وفيه نظر
64

لان النهوض من المقدمات الصرفة والا لما جاز النهوض إلى الركعة الأولى مستعينا وهو باطل مع أن
ذيل صحيحة علي بن جعفر المتقدمة صريح في الجواز فهو الأقوى ومنها القيام على الرجلين ذكره الشهيدان
والمحقق الثاني وغيرهم وعن الحدائق انه لا خلاف فيه وانه اتفاق الأصحاب قيل لعدم الاستقرار
مع القيام على الواحدة ولأنه كاللاعب ولكثير مما ذكر في الاستقلال والتبادر هنا قوى ويؤيده
ما ورد في آداب تباعد الرجلين فان الظاهر منها كون القيام عليهما مفروغا عن وجوبه نعم في بعض الأخبار
عن النبي صلى الله عليه وآله انه كان يصلى وهو قائم يرفع أحد رجليه حتى انزل الله تعالى " طه ما أنزلنا عليك
القرآن لتشقى " وفي السند بل الدلالة ضعف لا يخفى عن من لاحظها والظاهر أيضا وجوب الوقوف على
أصلا القدمين لا على الأصابع للتبادر المذكور مع اخلاله بالاستقرار غالبا وفي رواية ابن أبي
بصير
ان نزول الآية السابقة كان لوقوفه صلى الله عليه وآله على أطراف أصابع رجليه ولا يبعد وجوب الاعتماد عليهما في
الجملة بمعنى عدم كفاية مجرد مماسة أحدهما للأرض وعن البحار انه المشهور واما بمعنى التساوي في الاعتماد
فالظاهر عدم وجوبه عليه يحمل حسنة ابن أبي
حمزة بابن هاشم قال رأيت علي بن الحسين في فناء الكعبة في
الليل وهو يصلى فأطال القيام حتى جعل يتوكأ على رجله اليمنى ومرة على رجله اليسرى مع ظهورها في
النافلة ومما ذكرنا من التبادر يطهر الوجه في عدم جواز التباعد بغير الرجلين بحيث يخرج عن متعارف
القيام وعن ابن الجمهور انه لا خلاف في ذلك بل يمكن ان يفهم هذا من الانتصاب فان الظاهر منه كون
القائم كالشاخص المنصوب ومنها الاستقرار بمعنى الوقوف المقابل للجري والسكون المقابل للاضطراب
ويدل عليه مضافا إلى الاجماع المصرح به في الايضاح في باب الصلاة على الراحلة وشرح المفاتيح للفريد
البهبهاني وشرح الشرايع لبعض مشايخنا المعاصرين والمحكى عن المسالك الجامعة رواية السكوني
المنجزة بعمل الأصحاب كما في موضع من الذكرى أو بشهرتها بينهم كما في باب القراءة منه بزيادة نسبة
الوقف في مضمونها إلى بعض المتأخرين عن الرجل يريد ان يتقدم قال يكف عن القراءة حال مشيه و
نحوها رواية يونس الواردة في المشي في الإقامة المروية في باب الإقامة وفي ذلك الباب أيضا في
رواية سليمان بن صالح وليتمكن في الإقامة كما يتمكن في الصلاة فإنه إذا اخذ في الإقامة فهو في
صلاة دلت عرفا على لزوم التمكن في الصلاة وإن كان مستحبا في الإقامة وأظهر من الكل رواية الحلبي
عن أبي عبد الله (ع) عن الصلاة في السفينة فقال إن كانت محملة ثقيلة إذا قمت فيها لم تتحرك فصل
65

قائما وإن كانت خفيفة تكفا فصل قاعدا الا ان يحمل التحريك على ما تكفا معه السفينة أي تقليب
بقرنية المقابلة فيخرج عن الدلالة على المطلب وفيما سبق كفاية وفي المفاتيح والرياض ان الاستطراد
مأخوذ في مفهوم القيام وفيه تأمل نعم لا يبعد اخذ الاستقرار بمعنى الوقوف وعدم المشي في
مفهومه ودعوى ان للتبادر من القيام عرفا الوقوف على القدمين لكن سلبه عن الماشي مشكل
وكيف كان فمقتضى الأصل اشتراط القيام بالصفات المذكورة ولو في حالة النسيان أو الخروج
عن الاختيار مضافا إلى أن اعتبارها في القيام ترجع ان تقييد أدلة القيام المعتبر حتى في الحالتين
المذكورتين بها وليس في أدلة التقييد ما يتقيد بحال العمد والاختيار عدا ظاهر التكليف في صحيحة
ابن سنان في الاستقلال ولا يقدح بعد ظهور تاليتها في الحكم الوضعي بل ظهورها أيضا بعد
ملاحظة النواهي الواردة في موانع العبادات الظاهرة كلا أو جلا في الارشاد وبيان إفادة مجرد
المانعية وحينئذ فناسي الاستقرار وأخواته في القراءة أو في التكبير كناسي نفس القيام واما ناسيها
عند الركوع فلا شئ عليه لو قلنا باعتبارها في القيام المتصل لأنها واجبات خارجة
عن مهية القيام فات محلها بالدخول في الركوع فلا يقدح تركها كما لا يقدح مع العجر على ما أشار
إليه قدس سره بقوله {فان عجز} عن الاستقلال {اعتمد على شئ} مقدور ولو بأجرة ميسورة بلا خلاف نصا
وفتوى لعموم كلما أغلب الله عليه فالله أولي بالعذر المعدود من الأبواب التي تنفتح عن كل واحدة
منها الف باب ورواية سماعة ما من شئ حرم الله تعالى والا وقد أحله لمن اضطر إليه واطلاق موثقة
ابن بكير المتقدمة ونحوها رواية سعيد بن يسار وخصوص روايتي المختار في مسألة الاستقلال
وبهذين العمومين الدالين على اختصاص اعتبار القيود في أصل القيام بحال التمكن يستدل على
طرد الحكم في ساير الصفات إذا عجز عنها مقدما جميع ذلك على الجلوس حتى الاستقرار عند المصنف
على ما حكى عنه المشهور في الروض واختاره لعموم أدلة القيام واختصاص مقيد انها بصورة امكان
مراعاتها واليه يرجع ما قبل من أن فوات الوصف أولي من فوات الموصوف واستشهد عليه بالاتفاق
على تقديم القيام معتمدا على القعود ومعناه ان رفع اليد من القيد أولي من رفع اليد من أصل
المقيد وان أريد به معنى اخر فلا دليل عليه الا الاعتبار المجرد عن الاعتبار ويؤيده رواية المروزي
قال قال الفقيه (ع) المريض انما يصلى قاعدا إذا صار بالحالة التي لا يقدر فيها ان يمشى مقدار صلاته
66

إلى أن يفرع من صلاته واما التمسك باستصحاب وجوب القيام فان أريد مقيدا بالاستقرار فلا
شك في ارتفاعه وان أريد مع قطع النظر عنه فيكفى فيه عموم أدلة وجوب القيام في نفسه ولو منع دلالة
العمومات الا على وجوبه مقيدا بما يعتبر فيه من الاستقرار ونحوه فهو أيضا جار في الاستصحاب
لمنع وجوب القيام سابقا الا مقيدا وقد ارتفع القيد فلا يبقى المقيد هذا ان اخذ الاستقرار
قيد للقيام وان أخذناه واجبا مستقلا في أصل الصلاة كالقيام فيتعارض استصحابا وجوب
القيام ووجوب الاستقرار بل يتعارض حينئذ عموم أدلة وجوب القيام مع عموم أدلة الاستقرار
فيهدم الاستدلال المتقدم وبعد ملاحظة ضعف سند الرواية بل دلالتها لاحتمالها لما حكى عن المفيد قدس سره
كما سيجيئ لابد من الرجوع إلى المرجحات والظاهر أن مراعاة الاستقرار أرجح لا لما دل على الرجوع إلى
القعود عند العجز عن القيام المتبادر منه القيام مستقرا ولا لان العبادة تتوقف على النقل و
المنقول هو الجلوس لضعف الأول بان مساق تلك الأدلة مثل قوله (ع) صل قائما وان لم تستطع
فجالسا بيان وجوب أصل القيام على القادر والجلوس على العاجز لا بيان وجوب كيفيات
القيام ووجوب الجلوس للعاجز عنها ولهذا لا يقدم الجلوس على الاستقلال ونحوه قولا واحدا
وضعف الثاني باشتراك الصلاة ماشيا والصلاة قاعدا بالتعبد بهما في النافلة اختيارا وفي
الفريضة إذا اضطر إليهما وانما كلام في الترجيح إذا اضطر إلى أحدهما بل لأهمية الاستقرار فيه
نظر الشارع على ما يستفاد من ملاحظة أصل وضع الصلاة المبنية على الخشوع والسكون
المطلق بامساك القوى عن التصرف في الجوارح والجوانح ولا شك في الترجيح بالأهمية عند تعارض
الواجبين كما يعلم بالتتبع ولان الطمأنينة أقرب إلى حال الصلاة وصورتها مضافا إلى ما عرفت
سابقا من دعوى غير واحد اخذ الاستقرار في مفهوم القيام بحيث يسلب القيام عن الماشي وانه
ليس بذلك البعيد بل يمكن القول بصحة سلب اسم المصلى عن الماشي والاجتزاء به مع الاضطرار إليه
لا يستلزمه مع عدمه فان محافظة صورة الصلاة التي هي جزء كمادتها واجبة مهما أمكن ولذا
عدوا الفعل الكثير الماحي مبطلا مع عدم ورود نص فيه وكيف كان فترجيح الاستقرار لا يخلوا عن قوة
وفاقا للشهيد في الذكرى والمحقق الثاني في جامعه وصاحب المدارك وجماعة هذا في الاستقرار
المقابل للمشي والجري واما المقابل للاضطراب مع الوقوف فترجيحه مشكل لعدم مساعدة
67

ما ذكرنا من المرجح عليه فالقول بترجيح القيام حينئذ لا يخلوا عن قوة الا ان يثبت الاجماع المركب وهو
بعيد ويمكن الاستدلال لترجيح القعود في هذه الصورة المستلزم لترجيحه في الصلاة المتقدمة
بالأولوية القطعية والاجماع المركب بما تقدم من رواية الحلبي الواردة في الصلاة في السفينة من أنها
إن كانت محملة ثقيلة إذا قمت فيها لم تتحرك فصل قائما وإن كانت خفيفة تكفاء فصل قاعدا لكن قد عرفت
انه لا يبعد ان يراد وجوب الجلوس مع خوف ان تكفاء السفينة أي تنقلب لو قام فيها كما هو
المحسوس في الصغار من السفن وليس فيها دلالة على المطلق يحتمل في هذه الصورة التخيير لعدم المرجح
كما ذهب إليه غير واحد في كتاب الصورتين والله العالم ومما ذكرنا يظهر انه لو دار الامر بين اهمال
الاستقرار واهمال الاستقلال أهمل الثاني وبالغ المصنف قدس سره على ما حكى فعكس وانه لو دار الامر
بين الاستقرار والوقوف على القدمين أو تباعد الرجلين قدم [الأولون] قلنا بان الاستقرار من
الصفات المعتبرة في القيام لا من واجبات أصل الصلاة ولا ينافي ذلك اثبات اعتبار الوقوف على
القدمين وتقاربهما في القيام بتبادرهما من اطلاقاته بتوهم انهما حينئذ يصيران بمنزلة الانتصاب
المأخوذ في مفهومه مقدمين على ما ثبت اعتباره من التقيدات الخارجة المختصة بحال التمكن بمقتضى
عموم ما غلب الله ونحوه للاجماع على أن الركن هو مجرد القيام المحدود بالانتصاب وما عداه أمور
خارجة معتبرة فيه عند التمكن ملغاة مع فمع تعارض بعضها مع بعض وعدم ورود التعبد
بالترجيح لا بد من الترجيح الخارجي وقد عرفت سابقا انه مع الاستقرار لا أهمية والأقربية إلى
هيئة الصلاة التامة التي هي جزء صوري لا بد عند تعذرها من ملاحظة الأقرب إليها فالأقرب
كما يلاحظ ذلك في الأجزاء المادية إذ التأمل الصادق والذوق المستقيم يشهد بجريان قاعدة
الميسور لا يسقط بالمعسور في الصلاة كما تجرى في المادة ولو دار الامر بين مراعاة الوقوف على
القدمين والاستقلال فالظاهر ترجيح الثاني لان ما دل على جواز [الاستناد] للمريض لا يشمل القادر
على الاستقلال بقدم واحد فبقى داخلا في عموم المنع عن الاستناد في روايتي ابن سنان وابن بكير
المتقدمين ولو دار الامر بين الوقوف على قدم واحد وتباعد الرجلين فلا يبعد تقديم الأول لما
ذكرنا في الاستقرار ولو دار بين التباعد والاعتماد قدم الاعتماد لعموم أدلته للعاجز عن
الاستقلال في القيام المتعارف من حيث الهيئة ولا ينقض بما ذكرنا من تقديم الوقوف على قدم واحد
68

على الاعتماد لا يخفى من الفرق بينهما ولو دار الامر بين شئ من هذه الصفات عد الاستقرار الذي
قد عرفت ترجيحه في الجملة على أصل القيام وبين ترك الانتصاب فالظاهر ترجيح الانتصاب لأنه المأخوذ
في مفهوم القيام كما صرح به بعض وهو الظاهر ممن حده بالانتصاب كما عن جمهور الأصحاب فيقدم
على القيود الخارجة عنه المختص اعتبارها بحال التمكن كما عرفت في تحقق معنى قولهم فوات الوصف
أولي من فوات الموصوف ومن هنا قال في الذكرى لو تردد الامر بين الانحناء وبين تفريق الرجلين
تعارض الفوز بقيام النصف الاعلى والأسفل وفي ترجيح أيهما نظر أقربه ترجيح قيام الاعلى
لان به يتحقق الفرق بين الركوع والقيام ولبقاء مسمى القيام معه ثم الظاهر أن الانحناء بجميع انحنائه
مقدم على القعود ولو بلغ حد الركوع ويشعر كلام المصنف قدس سره في المنتهى بعدم الخلاف فيه الا من
بعض العامة في مسألة ما إذا قصر السقف أو كانت السفينة مظللة ويشعر به أيضا ما سيجئ من
حكم الأصحاب على ما في الذكرى بوجوب القراءة في حال الهوى إلى القعود إذا تجدد العجز عن
القيام هذا كله مضافا إلى صحيحة ابن يقطين عن أبي الحسن (ع) قال سئلته عن السفينة لم يقدر صاحبها
على القيام أيصلي فيها وهو جالس يؤمى أو يسجد قال يقوم وان حتى ظهره ثم المنحني ان قدر على زيادة
الانحناء للركوع وجب كما صرح المصنف في باب الركوع والا فالظاهر أنه يجلس للركوع ويحتمل الايماء له في
حال الانحناء واعلم أن الانحناء باعتبار صفاته المأخوذة فيه أعني الاستقلال وتقارب
الرجلين والوقوف عليهما والاستقرار وتعارض بعضها مع بعض حكمه حكم القيام فان عجز عن الانحناء
أيضا ولو معتمدا واقفا على أحد الرجلين أو مفرقا بينهما قعد فيما يعجز عنه من الصلاة أو ايعاسها
بالاجماع بقسميه والعجز أمر وجداني موكل [مللى] الانسان الذي هو على نفسه بصيرة وعن المفيد
تحديده بان لا يقدر على المشي بمقدار صلاته لرواية المروزي المتقدمة مع ما فيها ضعف السند
وعدم الدلالة على ذلك ولو دار الامر بين القيام لقرائة ركعة وبين القيام لركوعها فقيل
كما عن نهاية الاحكام بتقديم الأول لقدرته على القيام حين القراءة فيجب عليه للعمومات فإذا طرء
العجز ركع جالسا فان قلت إن وجوب الأجزاء ليس كوجودها على وجه الترتيب بل وجوبها
في ضمن وجوب المركب يتحقق قبل الشروع فعند كل جزء يكون هو وما بعده سواء في صفة الوجوب و
المفروض ثبوت العجز عن أحدهما لا بعينه فتصف المقدور وهو الواحد على البدل بالوجوب
69

وهو معنى التخيير الا ان يوجد مرجح كما عن المبسوط والسرائر ومحتمل جماعة في جانب القيام للركوع
لادراك الركوع القيامي والقيام المتصل بالركوع وربما يؤيد بما ورد في الجالس من أنه إذا قام في اخر
السورة فركع عنه احتسب له صلاة القائم قلت أولا ان الجزء الثاني انما يجب اتيانه قائما بعد اتيان
الواجبات المتقدمة عليها التي منها القيام والفرض ان اتيانه قائما كذلك غير ممكن فلا يقع التكليف به
فتعلق الوجوب بالاجزاء وان لم يكن فيه ترتيب كنفس الأجزاء الا انه انما يتعلق بكل شئ مقدور
في محله وهذه قاعدة مطردة في كل فعلين لو حظ بينهما الترتيب شرعا ثم تعلق العجز بأحدهما على البدل
كما في نذر الحج ما شيا فعجز عن بعض الطريق وكما فيمن عجز عن تغسيل الميت بالاغسال الثلاثة فإنه
يجب في الموضعين وأمثالهما اتيان المقدار المقدور بحسب الترتيب الملحوظ فيهما عند القدرة على المجموع
وثانيا ان المستفاد من قوله (ع) إذا قوى فليقم ونحوه ان وجوب القيام في كل جزء وعدمه يتبع
قدرة المكلف عليه وعجزه عنه في زمان ذلك الجزء وما ذكر في السؤال انما ليتقيم إذا كان تقييد
الواجبين المترتبين في الوجود دون الوجوب بالقدرة بمجرد اقتضاء العقل له الحاكم بكفاية ثبوت
القدرة في جزء من وقت الوجوب ولم يرد دليل لفظي يدل على اشتراط وجوب الفعل بالقدرة
عليه عند حضور زمانه المستلزم لسقوطه عمن عجز عنه حينئذ وإن كان يقدر قبله وبعد زمان الوجوب
على ما يتمكن معه من الفعل في زمانه وحينئذ فيسقط ما ذكر من الترجيح واما أدلة احتساب صلاة الراكع
عن اخر السورة صلاة القائم فهى وان وردت في النافلة الا انها لا يخلوا عن تأييد سيما بملاحظة ما
ورد من أن أول صلاة أحدكم الركوع ومن فحوى ما ذكرنا يستفاد حكم ما لو دار الامر بين القيام و
الايماء للركوع والسجود وبين الجلوس والاتيان بهما عن جلوس وان تردد فيه المحقق الثاني قال
من فوات بعض الأفعال على كل تقدير وهو مؤيد لما قدمناه من عدم صلاحية تقدم الفعل
للترجيح ثم قال ويمكن ترجيح الجلوس باستيفاء معظم الأركان معه انتهى ويرتفع تردده قدس سره مضافا
إلى ما ذكره أخيرا باطلاق قوله (ع) من لم يستطع ان يصلى قائما فليصل جالسا فان الظاهر منه الرخصة
في العقود لمن لا يستطيع الاتيان بالصلاة المتعارفة المشتملة على الركوع والسجود على قيام وقد
توهم بعض من عبارة المنتهى دعوى اتفاق علمائنا على وجوب القيام في هذه المسألة حيث قال لو امكنه
القيام وعجز عن الركوع قائما أو السجود لم يسقط عنه فرض القيام بل يصلى قائما ويؤمى للركوع ثم
70

يجلس ويؤمى للسجود وعليه علمائنا وبه قال الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة يسقط عنه القيام
إلى أن قال احتج أبو حنيفة بأنها صلاة لا ركوع ولا سجود فيسقط القيام كالنافلة على الراحلة
انتهى ولا يخفى ان فرض مسألة المنتهى فيمن عجز عن الركوع والسجود على كل حال كما لا يخفى ثم إن
فرض القاعد الركوع والسجود مع الامكان ويجب في ركوع القاعد الانحناء إلى أن يصير بالنسبة
إلى القاعد المنتصب كالراكع بالإضافة إلى القائم المنتصب لأنه المفهوم من اطلاق الامر بالصلاة
لان الملحوظ في الصلاة المقيدة بالقيام مع القدرة وبالقعود مع العجز مركب واحد يعتبر فيه وجوبا
استحبابا ما عدا نفس القيام وما يستتبعهما من الوظايف الشرعية مثل بحول الله وقوته عند
النهوض ونحوه والهيئات التكوينية مثل تجافى أسفل البطن عن الفخذين ورفعهما المتحققين في
ركوع القائم ومنه يظهر ضعف قول الذكرى بوجوب رفع الفخذين في ركوع الجالس لأصالة بقاء
وجوبه الثابت حال القيام فان رفعهما من لوازم الانحناء القيامي لا مما يجب فيه شرعا مع أنه منقوض
بالتجافي المذكور الذي لم يقل أحد ظاهرا بوجوبه نعم الأحوط للجالس في الفريضة عجزا ما ذكره
قدس سره لأنه أقرب إلى ركوع القائم سيما إذا قدر على الارتفاع زيادة عن حال الجلوس ودون
ما يحصل به أدنى ركوع القائم وأوجبناه تحصيلا للواجب بقدر الامكان ثم إن المعروف في
ركوع القاعد كيفيتان إحديهما ما تقدم من مقايسته بركوع القائم والاخرى ان ينحنى بحيث
يحاذي جبهته موضع سجوده وهو اكمله كما أن أكمل ركوع القائم يستلزم محاذاتهما أيضا وأدناه
ان ينحنى بحيث يحاذي جبهته ما قدام ركبتيه والظاهر أن الأخيرة حد تقريبي يعرف به ما ذكر في
الأولى من المقايسة بأقل ركوع القائم وأكمله ولو عجز القاعد عن أدنى الركوع وجب عليه الانحناء
بقدر الامكان لعموم أدلة الميسور لا يسقط بالمعسور ويجب عليه ذلك للسجود ولا يجب عليه تقليله
الركوع لتحقق الفرق بينه وبين السجود لان الفرق بينهما ليس أمرا تكليفا يصلح ان يهمل لمراعاته
ما ثبت وجوبه من تتمه الانحناء بل هو لازم تكويني للتكليف بالانحناء للسجود بل لا يهمل لمراعاته
ما ثبت استحبابه فلو قدر على أكمل الركوع لم يجب عليه تقليله والاكتفاء بأدنى الواجب ليتحقق
الفرق وفاقا للشهيد في الذكرى والمحكى عن المصنف قدس سره في النهاية وجماعة إذا المفروض ثبوت
استحباب أكمل الركوع ولم يكلف للسجود بأزيد منه ولا باس بعدم تحقق الفرق إما لو قدر على
71

أدنى الركوع فلا يجوز له تقليله لمراعات الفرق قولا واحدا واما ما اشتهر في الاخبار بل وفتاوى
الأصحاب كما في الذكرى من وجوب كون السجود اخفض من الركوع فإنما هو في الايماء بالرأس أو بالعين
الذي لا دخل له في انحناء الركوع والسجود وانما جعله الشارع بدلا فجعل الأقل عن الركوع
الأخفض للسجود فليس وجوبه من جهة نفس وجوب الركوع والسجود بقدر الميسور ليثبت وجوب
الانحناء للعاجز بقدر الامكان للركوع والسجود وان لم يحصل الفرق ولهذا لا يجب في الايماء
الا مسماه للركوع واخفض منه للسجود كما سيجئ نعم لو كان مدرك الايماء هو قاعدة وجوب
الانحناء أو لو للرأس يقدر الامكان وجب فيه أيضا الانحناء بقدر الامكان لكل منهما ويعتبر في القعود ما يعتبر في القيام من الاعتدال والاستقلال
والاستقرار الا ان الأول ليس مأخوذا في مفهوم القعود فترجيحه على اخويه عند التعارض
يحتاج إلى دليل نعم هو ركن في موضع ركنية القيام كما هو ظاهر الروض وصريح كشف الغطاء
وكانه للبدلية ولو عجز عنه بجميع الانحناء اضطجع على جانبه الأيمن عند المعظم وفى المعتبر والمنتهى
انه مذهب علمائنا وفي الغنية وعن الخلاف الاجماع عليه لقول ابن أبي
عبد الله (ع) في رواية عمار
المبدل بحماد في المعتبر والذكرى والروض وجامع المقاصد يوجه كما يوجه الرجل في لحده وينام على
جنبه الأيمن فإن لم يقدر ان ينام على جنبه الأيمن فكيف ما قدر فإنه جائز ويستقبل بوجهه القبلة
ثم يؤمى بالصلاة ايماء وفي المرسلة المريض يصلى قائما فإن لم يستطع صلى جالسا فإن لم يستطع صلى
على جنبه الأيمن فإن لم يستطع على جنبه الأيسر فإن لم يستطع استلقى واومى ايماء وجعل وجهه
نحو القبلة وجعل سجوده اخفض من ركوعه ونحوها مرسلة أخرى عن الدعائم وضعف سند
الروايات منجبرة بالشهرة والاجماعات المحكية مع كون رواية عمار موثقة معتضدة بالأصل
فهى حجة مستقلة بل لولاها أشكل الركون إلى الأوليين لخلو عبارة جماعة كعبارة الشرايع والنافع و
عبارة الكتاب كما عن المقنعة وجمل السيد والوسيلة والألفية وموضع من المبسوط عن التقييد
بالأيمن مع اقتضاء المقام للبيان بل عن صريح الشيخ والمصنف طاب ثراهما في التذكرة والنهاية
التخيير بين الجانبين ويجب عليه استقبال القبلة بلا خلاف ظاهر كما عن الذخيرة ونسبه في المنتهى
إلى علمائنا وتدل عليه الموثقة وذيل مرسلة الدعائم المتقدمين بل اطلاقات الاستقبال بما
أمكن وفي وجوب اعتدال القامة عند الاضطجاع والاستلقاء نظر والأقوى العدم فإن لم
72

يتمكن من الاضطجاع على الأيمن اضطجع على الأيسر على المعروف بين المتأخرين لمرسلة الصدوق
المنجبرة ضعفها بالشهرة بل لعدم الخلاف المستظهر من عبارة المفاتيح وفيه نظر مضافا إلى
اطلاقات وجوب الاضطجاع كتابا وسنة خرج العاجز عنه بالمرة وخصوص قوله (ع) في الموثقة و
يستقبل بوجهه القبلة حيث إن استقبال الوجه إليها لا يحصل الا مع الاضطجاع كذا في الروض وشرح
الروضة لكنه محل نظر لكثرة استعمال التوجه إلى القبلة في المستلقى أيضا بل ربما يدعى دلالة قوله
فيها فإن لم يقدر فكيف ما قدر على التخيير بين الاضطجاع على الأيسر والاستلقاء وهو أيضا محل نظر كما
صرح به بعض الأجلة الشيوع استعمال مثل هذه العبارة في وجوب الاتيان بالشئ بالقدر المستطاع
والمقدور فلا يدل على التخيير بين الحالات المقدور عليها وظاهر عبارة الرياض عدم القول
بالتخيير نعم استظهره بعض الأجلة من كتب المصنف قدس سره وفي ظاهر الغنية الاجماع على الاستلقاء بعد العجز
عن الأيمن لكن كلامه بعد التأمل لا يدل على ذلك لأنه ليس يصدد استيفاء جميع المراتب وحكاه
في الرياض عن ظاهر جماعة ولعلها مثل عبارة الغنية في عدم الظهور على ما استظهره بعض سادة
مشايخنا وكيف كان فهو مخالف لاطلاقات الصلاة على الجنب كتابا وسنة وإن كان موافقا لذيل
رواية الدعائم المتقدمة الخالية عن الجابر وعلى كل تقدير فان قدر المضطجع على الركوع أو السجود
أو على شئ من الا؟؟ لهما تعين والا أو ماء لهما بالراهن أو بالعين على التفصيل الآتي ولو عجز عن
الاضطجاع مطلقا استلقى قولا واحدا لرواية محمد بن إبراهيم المروى عن المشايخ الثلاثة عن الصادق (ع)
يصلى المريض قائما فإن لم يقدر على ذلك صلى جالسا فإن لم يقدر ان يصلى جالسا صلى مستلقيا
يكبر ثم يقرء فإذا أراد الركوع غمض عينيه ثم سبح فإذا سبح فتح عينيه فيكون فتح عينيه رفع رأسه
من الركوع فإذا أراد ان يسجد غمض عينيه ثم سبح فإذا سبح فتح عينيه فيكون فتح عينيه رفع رأسه
من السجود ثم يتشهد وينصرف وفي مرسلة الصدوق فيمن شبكة الريح ان استطعتم ان
تجلسوه فاجلسوه والا فوجهوه إلى القبلة ومروه فليؤم برأسه انما ويجعل السجود اخفض من الركوع
ولا يقدح ظهور الرواية الأولى كغيرها في تعيين الاستلقاء بعد العجز عن الجلوس الذي هو مخالف
لفتوى الطائفة عدا شاذ من أصحابنا لم يعباء به جماعة كثيرة من الأصحاب حيث ادعوا الاجماع
على خلافه بل للكتاب والسنة كما تقدم بل للاجماعات المستفيضة وموافق الفتوى الأصحاب
73

الرأي كما في المنتهى لوجوب يقيدها بصورة العجز عن الاضطجاع ويستفاد من اطلاق الثانية وجوب
توجيه المستلقى إلى القبلة وظاهر جماعة وجوب استقبالها بباطن قدميه أيضا وفي كشف اللثام و
الرياض الاجماع عليه وفي رواية عبد المسلم بن صالح المحكية عن العيون ان لم يستطع ان يصلى جالسا
فليصل مستلقيا ناصبا رجليه بحيال القبلة فان أريد من الرجلين القدمان لم يخالف المشهور
وفي رواية الدعائم ورجلاها يلى القبلة وفيه اجمال ثم المضطجع والمستلقى ان قدرا على الركوع والسجود
أو بعض الانحناء لهما تعين لهما كما مر والا فيؤميان كسائر من تعذر عليه الانحناء رأسا لهما بالرأس مع
الامكان كما عن جمل السيد والمحقق والمصنف قدس سره في جملة من كتبه والصيمري والكركي وجميع ما تأخر عنهم
بل حكى عن المشهور بل عن مذهب الأصحاب لا لان الايماء بالرأس أقرب إلى حقيقة المبدل كما قيل لعدم
مدخلية انخاء الرأس في مفهوم الركوع والسجود بل لما تقدم من الروايات في صلاة العاري و
لحسنة الحلبي بابن هاشم المريض إذا لم يستطع القيام والسجود يؤمى برأسه ايماء وان يعض جبهته
على الأرض أحب إلى وستعرف محمل ذيلها ورواية الكرخي في رجل شيخ لا يستطيع القيام إلى الخلا
ولا يمكنه الركوع والسجود قال ليؤم برأسه ايماء فإن كان له من يرفع الخمرة فليسجد فإن لم يمكنه
ذلك فليؤم برأسه نحو القبلة ايماء ونحوها المرسلة المتقدمة فيمن شبكته الريح المعمول بها
بين الأصحاب كما في شرح الروضة وجميع ما دل على وجوب كون الركوع اخفض من السجود حيث إن
الأخفضية لا تتحقق في تغميض العين الا مجازا وبل جميع اطلاقات الايماء حيث إن المتبادر منه ان يكون
بالرأس بل لا يكاد يوجد في الروايات اطلاق الايماء هل تغميض العين ولعله الوجه في عدم تقيد الايماء
بالرأس في كلام المصنف قدس سره هنا وغيره ممن اطلق ولجميع ما ذكرنا يجب حمل ما ورد من التغميض على
صورة العجز عن الايماء بالرأس كما يشهد به وروده في المستلقى العاجز غالبا عن ذلك وهو الوجه
أيضا في اقتصار غير واحد على التغميض في المستلقى بل في الغنية دعوى الاجماع عليه وهذا أولي من
حمل اطلاقات الايماء بالرأس على المضطجع خاصة لو سلم تكافؤهما وقيل يجب على المؤمى وضع شئ
على جبهته حال الايماء مطلقا ومع التمكن من الاعتماد عليه أم لا وجوه لا يخلوا أولها عن قوة لموثقة
سماعة في المضطجع ويطمع على جبهته شيئا إذا سجد فإنه يجزيه ولا يكلف الله ما لا طاقة له به و
نحوها مرسلة الصدوق عن المريض لا يستطيع الجلوس أيصلي وهو مضطجع ويضع شيئا على جبهته
74

قال نعم لم يكلف الله الا طاقته ورواية علي بن جعفر المحكية عن قرب الإسناد عن المريض الذي لا
يستطيع القعود ولا الايماء كيف يصلى وهو مضطجع قال يرفع مروحته إلى وجهه ويضع على جنبيه
ويكبر هو وقد يحتمل في المسألة التخيير بين الايماء والوضع مع أفضلية الثاني ولعله للجمع بين رواياتها
الخالية كل واحدة عن ذكر الأخر ويستشهد له نجسة الحلبي السابقة ورواية زرارة المصححة
عن سجود المريض فقال يسجد على الأرض أو على المروحة أو على سواك يرفعه هو أفضل من الايماء
ولا يخفى ما في هذا الجمع والاستشهاد إما الأول فلان مقتضى الجمع بين الاخبار هو الجمع بين
مضامينها مع الامكان وعدم التعرض في روايات كل من الامرين للاخر ليس له ظهور يغلب
ظهور التعين من الامر فيها مع أن قوله إذا سجد في موثقة سماعة دال على الجمع لأن الظاهر من قول إذا سجد
إذا اومى للسجود واما الاستشهاد برواية الحلبي وزرارة فان الظاهر منهما أفضلية وضع الجبهة على
الشئ مع الانحناء بل هو صريح قوله (ع) في الأولى يضع جبهته على الأرض وفي الثانية يسجد على
الأرض ولا خلاف في وجوب ذلك بل وجوب أقل الانحناء والوضع مع الامكان كما صرح به في المعتبر
والمنتهى في باب السجود وأين هذا من محل الكلام الذي هو وضع الشئ على الجبهة مع الاعتماد أو بدونه
من دون انحناء للبدن رأسا فاللازم حينئذ تنزيل الروايتين على من يتمكن من الوضع على الأرض لكن
بصعوبة فقد رخص الشارع في العدول عن هذه المشقة إلى الايماء مع الأفضلية تحملها وهذا
أولي من حمل بعض الأفضلية فيهما على ما لا ينافى التعين وكيف كان فالروايتان مؤولتان أو منزلتان
وقد يستدل الوجوب وضع الشئ على الجبهة بوجوب مماسة الجبهة للشئ مع الانحناء ولا يسقط
الأول بتعذر الثاني ولا يخلوا عن تأمل ويجب جعل السجود اخفض من الركوع لما ورد في صلاة العاري
مع عدم القول بالفصل ولمرسلتي الصدوق المتقدمتين بالمنجزتين بما في شرح الروضة في هذا الباب وفي
الذكرى في باب اللباس من نسبة إلى الأصحاب وفي كشف اللثام في باب السجود ان الاخبار والفتاوى
ناطقة وبه ان حكى فيه عن المقنعة والصدوق ان السابح يعكس الامر وقواه لكنه لضعف مستنده
المذكور هناك وندرة القائل به ولا يوهن في الشهرة الجابرة هذا مضافا إلى ما في المستفيضة
الواردة في الصلاة ماشيا وعلى الراحلة من مراعاة أخفضية السجود وهي وإن كانت ظاهرة
في النافلة الا ان مقتضى القاعدة اتحاد النافلة والفريضة في الكيفيات المعتبرة مضافا إلى أن
75

مراعاة شئ في النافلة يقتضى مراعاته في الفريضة بالأولوية بل بالاجماع المركب فلا اشكال في
المسألة كما لا اشكال في أنه إذا عجز عن الايماء بالرأس اوى بالعين بلا خلاف لرواية محمد بن إبراهيم
المتقدمة ولا يقدح اختصاصها بالمستلقى بعد طهور عدم القول بالفصل الا عن شاذ
وهل يجب هنا جعل السجود اخفض بان لا يبالغ في التغميض للركوع كما في جامع المقاصد والروض وعن الوسيلة والجامع والمراسم أم لا كما عليه آخرون الأقوى الثاني للأصل وخلو رواية
التغميض عنه مع وروده في مقام البيان مضافا إلى أن الأخفضية لا تتحقق في التغميض الا
مجازا أو لو لم يتمكن من الايماء بالعينين أو ماء بواحدة ولو عجز عن ذلك ففي كشف الغطاء انه يؤمى
ببعض أعضائه كيده مثلا ولعله المطلقات الايماء واختصاص تقييدها بالرأس أو العين بحال
التمكن وفيه اشكال الا ان مراعاته أحوط ثم إن ظاهر النصوص والفتاوى الاكتفاء في الايماء
بمسمى تحريك الرأس أو تغميض العين للركوع وأزيد منه للسجود نعم يعتبر في الرفع من الركوع و
السجود إقامة الرأس وتمام فتح العين وهل يجب ان يقصد بهذه الافعال كونها تلك الأفعال ظاهر
جماعة نعم لأصالة الاشتغال ولأنه لا يعد التغميض ركوعا و [الفسخ] قياما الا بالنية إذ لا ينفك
المكلف عنهما غالبا فلا يتمحضان للبدلية الا بالقصد ولأن هذه الأمور كما لا بخل وزيادتها ونقصانها في الصلاة التامة فكذا لا تخل في الناقصة استصحابا لحكمها ولا شك ان ما هو بدل
عن الركوع والسجود يخل زيادته ونقيصته قضية البدلية فلابد ان يكون ما هو ركن مغاير ألما ليس
كذلك وليست المغايرة الا بالنية ولان مفهوم الايماء لا يتحقق ظاهرا الا بالنية وفي الكل نظر
لورود الاطلاقات على أصالة الاشتغال وعدم اشتراط القصد في البدلية لصيرورتها أفعالا
في تلك الحالة فكيفى في نيتها نية أصل الصلاة بل لو طرء الانتقال إليها في الأثناء كفى معرفة بدليتها
والاستمرار على نية الصلاة السابقة وان تغيرت أفعالها لعدم اختلاف حقيقة الفردين و
الفرق بين الابدال والافعال الأصلية بأنها متعينة متميزة فلا تفتقر إلى نيات تخصها
بخلاف الابدال فإنها مشتركة بين العادة والعبادة فلابد من النية ليتعين للعبادة مردود بان
صيرورة الافعال الأصلية عبادة انما هي لأجل التعبد بها في الصلاة المنوبة عبادة والا فهى في
حد ذاتها أيضا حركات عادية فإذا قصد التعبد بالابدال في ضمن الصلاة خرجت كالمبدلات
76

من العادة إلى العبادة واما حديث اخلال نقصها مطلقا ظاهر بالصلاة فلا دخل له بالمطلوب واما
زيادتها فلو سلمنا اخلالها مطلقا على حسب اخلال مبدلاتها اغماضا عن القدح في عموم البدلية و
التفاتا إلى اطلاق الايماء والتغميض على الركوع والسجود وبالعكس فلا تلازم بين اعتبار القصد
في الاخلال نظر إلى عدم صدق الزيادة الا مع قصد البدلية وبين عدم اعتباره في الامتثال
اكتفاء بنية أصل الصلاة بل حيث عرفت سابقا ان الايماء للركوع والايماء للسجود متحدان
مصداقا فيما عدا أقل مراتبه المختص بالركوع واخرها المختص بالسجود فلا يترتب على المزيد حكم
زيادة الركوع أو السجود الا بقصد أحدهما نعم لو قصد كون المزيد جزء غير الركوع والسجود
بطل العمل من جهة الزيادة على الأجزاء لا من جهة زيادتها وقد ظهر مما ذكرنا ان ما ذكره في
شرح الروضة من أن الخلاف في اعتبار القصد في الاخلال بالزيادة مبنى على الخلاف في اعتباره
في تحقق البدلية محل نظر واما دعوى اخذ النية في مفهوم الايماء فلو سلم فإنما هو في تحقيق معناه
المصدري والقدر المطلوب في أفعال الصلاة المشتملة على معان لا توجد الا بالقصد والالتفات
كالتكبير والتشهد والقنوت والتسليم ليس الا أشباح تلك الأفعال دون انشاء مفاهيمها
ولذا اعترض على الشهيد في الدروس حيث قال إنه يجب في التشهد الاتيان بلفظه ومعناه ولو
عجز عن الايماء رأسا خطر الافعال بباله ذكرا للأقوال أو ابدالها بلسانه مع الامكان و
الا فبقلبه كما في كلام جماعة وكذا لو لمن يقدر على الاستلقاء نام على وجهه خلاف المختصر بحيث لو
رفع رأسه استقبل القبلة لأنه التوجه المستطاع وحكم ايمائه كالمستلقي وانها مراتب العجز
في كلام جل الأصحاب إلى الاستلقاء والايماء بالعين انما هو لأجل متابعة النصوص الواصلة
إليهم في مراتب العجز فيكفى في غيرها عموم الأدلة مثل قوله (ع) في الموثقة صلى كيف ما قدر والآية
ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا وأدلة ما لا يدرك كله بعد ضم فهم العرف والأصحاب
واعلم أن قول المصنف قدس سره وكذا القول في باقي الركعات كالمستغنى عنه إذ لم يسبق منه قدس الله ما يوهم
اختصاص الاحكام المتقدمة بالركعة الأولى ولو تجدد عجز القائم باقسامه قعد في أي فعل كان
من غير استيناف للصلاة ان علم باستمرار العجز إلى اخر الوقت بلا خلاف ولا اشكال بل ومع العلم
بعدمه كما يقتضيه اطلاق كلام المعظم هنا وفيما لو تجدد قدرة العاجز واستدل عليه جماعة
77

تبعا للذكرى بأصالة الصحة والامتثال المقتضى للاجزاء ويشكل بان ارتفاع العجز وثبوت
القدرة على الصلاة قائما في جزء من الوقت موجب لاختصاص الوجوب بذلك الجزء ولذا لو علم
في أول صلاته بطر والعجز له في الأثناء وارتفاعه قبل خروج وقت الصلاة لم يجز له الدخول بناء
على ما تحقق من وجوب تأخير أولي الأعذار في صورة العلم بارتفاعها قبل خروج الوقت وكذلك
الكلام في القدرة المتجددة في الأثناء فإنها كاشفة عن عدم تعلق الامر بالفعل عند الدخول
فيه فما اتى به من الأجزاء قاعدا انما كان باعتقاد الامر وتخليه كالمأتي به منها قائما في الصورة
الأولى كما يوضح ذلك كله فرض العلم بتجدد الوصفين قبل الدخول في الفعل ولا ريب ان ايتان
الشئ بتخيل الامر به ليس مجزيا عن المأمور به الواقعي لكن الظاهر عدم الخلاف الصريح في عدم
وجوب الاستيناف الا عن بعض العامة وان احتمل الوجوب في النهاية على ما قيل ولعل وجه اتفاقهم
على الحكم دعوى ان المستفاد من الأدلة مثل قوله إذا قوى فليقم وقوله (ع) فإن لم تستطع قائما
فصل جالسا عموم وجوب القيام والرخصة في القعود لما إذا طرء موجبها في الأثناء فالاستمرار
في الصلاة مستفاد من هذه الأدلة لا من قاعدة الجزاء والنهى عن الأبطال الممنوعين بأنهما
انما يثبتان مع تحقق الامر لا مع تخيله واعتقاده وكيف كان إذا بنينا على الاستمرار فإن كان العجز
قبل القراءة أو في أثنائها قعد قاريا عند المصنف قدس سره والأكثر كما في الروض بل نسبه في الذكرى إلى
الأصحاب لكن حكاه في الدروس على ما حكى عنه بلفظ القيل فيجمع بين هما بإرادة مشايخه المعاصرين
والمقاربين كالفاضل والفخر والعميد وابن سعيد وغيرهم والا فقيل بخلو كلام من تقدم عليهم
عن الحكم وكيف كان فهو الاظهر لا لان الانتقال والهوى واجب فلا يشترط الاستقرار إذ لا منافاة
بين وجوبهما وشرطية كما لو وجب المشئ في الصلاة لغرض فإنه يجب السكوت ولا لان كل مرتبة
من الانحناءات الغير القارة المندرجة إلى القعود هيئة خاصة مستقلة من القيام يجب ان
يوقع فيها ما يسعها من القراءة وليست قابلة لاعتبار الاستقرار فيها لمنع كونها متصفة
بالوجوب الأصلي بناء على ترجيح الاستقرار لكونه معتبرا في أصل الصلاة بل تصير حينئذ مقدمات
للقعود فدعوى كونها على عدم قرارها من أفعال الصلاة مصادرة بل لعموم أدلة القيام
ولو مع الانحناء التام وعدم الدليل على اعتبار الاستقرار بمعنى عدم الحركة في المقام لان
78

التعويل في وجوبه على الاجماع المفقود هنا ولو سلم جريان الدليل رجع الامر إلى تعارض الاستقرار
بالمعنى المزبور مع القيام وقد تقدم قوة ترجيح الثاني خلافا للمحق الثاني وصاحب المدارك كما
عن الأردبيلي نظرا إلى أن الطمأنينة أقرب إلى هيئة الصلاة وهو ضعيف بما تقدم آنفا من أن الأقرب
والمقدم على القيام هي الطمأنينة بمعنى الوقوف وعدم المشي لا بمعنى عدم الحركة ومنه ظهر ضعف
ما في كشف اللثام بعد استشكاله لحكم الأكثر تبعا للذكرى معللا بتعليله من أن الاستقرار شرط
مع القدرة ان القراءة هاويا كتقديم المشي على القعود واضعف منه ما في الذكرى من تقويه وجه
الاشكال المزبور برواية السكوني الدالة على وجوب الكف عن القراءة حال المشي ثم على المختار من
القراءة حال الهوى فهل يجب عليه الاشتغال بها فورا الظاهر نعم بناء على ما يقتضيه القاعدة من وجوب
المبادرة إلى الصلاة في زمان يعلم بعدم التمكن بعده من احراز واجباتها الاختيارية وفي حكم
الصلاة ابعاضها فيجب المبادرة إليها مع العلم المذكور ويحتمل العدم بناء على تحكيم أدلة التوسعة
وعلى الأول فلو عصى فهل تبطل الصلاة للاخلال عمدا بما يجب فيها أم لا إذ لا يلزم من ذلك الاخلال
بالجزء فيأتي ببدله في حال القعود غاية الأمر عصيانه بتركه الصلاة مع القراءة قائما إلى أن وجب
عليه الصلاة مع القراءة قاعدا وهذا هو الأقوى ثم إذا قرء هاويا واتفق اتمام القراءة في حال الهوى فان
امكنه الركوع القيامي عن ذلك الهوى وجب والا فيجلس للركوع ومثله ما إذا طرء العجز بعد القراءة
وان لم يتمكن في الموضعين الا من صورة الركوع من غير طمأنينة تسع الذكر وجب الذكر هاويا
أو بقائه منحنيا إلى أن يجلس فيسبح مطمئنا على الخلاف المتقدم في القراءة ولو لم يتمكن من ذلك
فالظاهر سقوط الذكر ويحتمل حينئذ الجلوس للركوع تقديما للذكر والطمأنينة على الركوع القيامي ولو
طرء العجز بعد الدخول عن القيام في الركوع فحكم الذكر هاويا أو جالسا مطمئنا باقيا على انحنائه
ما تقدم ولو تعذر البقاء على الانحناء تعين هنا سقوط الذكر والطمأنينة وإن كان العجز بعد تمام
الركوع قعد مطمئنا بدل القيام على الركوع ان لم يقدر على مسمى رفع الرأس عن أقل مراتب
الركوع وان لم يبلغ حد الانتصاب والا سجد عنه {ولو تجدد قدرة العاجز قام} للقراءة أو لا تمامها
من غير استيناف ولو استحبابا خلاف للمحكى عن الذكرى وجامع المقاصد ساكتا عنها بلا خلاف
هنا ظاهرا الا ان يستلزم فوات الموالاة بين القراءة لطول زمان فهو منه فيحتمل حينئذ وجوب تقديم
79

القراءة ناهضا أو قاعدا على خلاف المقدم ترجيحا للموالاة من القراءة والسكوت ترجيحا للقيام
فيها ووجوب الاستيناف بعد النهوض جمعا بينهما وهو الأقوى وإن كان الأول أيضا قويا
ولو كان في أثناء كلمة ففي وجوب اتمامها قاعدا أو ناهضا على الخلاف أو السكوت واستينافها
قائما وجهان مبنيان على كون تجدد القدرة على اتيان الفعل صحيحا في وقته كاشفا على عدم
تعلق الامر بناقصه قبل القدرة كما سبق في صدر المسألة ولو خف بعد القراءة وتمكن من
القيام للركوع وجب لوجوب الركوع عن قيام كما يظهر من الشهيد في الذكرى في مسألة نسيان
إحدى السجدتين وعلله جماعة من المتأخرين تبعا للروض والمدارك بتحقق القيام المتصل بالركوع
ولا منافاة بين التعليلين عند التأمل فتأمل وفي وجوب الطمأنينة في هذا القيام قول ضعيف الوجه
ولو خف في الركوع قبل الطمأنينة بقدر الواجب أو بعدها قبله قام منحنيا ولم يجز له الانتصاب
لئلا يزيد ركنا كما في الروض والذكرى بل ركنين كما في جامع المقاصد ويسكت عن الذكر حال
الارتفاع ولو كان في أثناء كلمة أو ما بحكمها فقد تقدم في القراءة ان الأولى اتمامها ثم استينافها
وان خف بعد الذكر وجب القيام للاعتدال وكذا لو خف بعد الاعتدال قبل الطمأنينة فيه
ولو قدر على الاعتدال دون الطمأنينة قام قيل والأولى الجلوس بعده مطمئنا فيه وهو حسن
ولو خف بعدها ففي الذكرى الأقرب وجوب القيام ليسجد عن قيام وتبعه في الجعفرية والمقاصد
العلية وفيه اشكال كما عن التذكرة والنهاية بل منع كما في كلام بعض لمنع مدخلية الهوى عن قيام
في مهية السجود كما سيجئ في بابه (الثاني) من الواجبات بالمعنى الأعم من الشرط (النية) وهي لغة
العزم وأريد به عند الفقهاء القصد المقارن حتى أنه صرح في الايضاح وجامع المقاصد عند
شرح قول المصنف قدس سره ولو نوى في الأولى الخروج في الثانية ان استعمال النية هنا مجاز وفيه
اشكال بل منع ان أرادوا به الحقيقة المشترعة فضلا عن الشرعية وكيف كان فلا ريب في اعتبار
النية في الصلاة بل في كل عبادة ويدل عليه الأدلة الأربعة وإن كان دلالة بعضها لا يخلوا عن
مناقشة انما الكلام في شرطيتها وجزئيتها وقد أطال جماعة البحث وطواه آخرون لقلة فائدته
ولم نقف في أدلة الطرفين على ما يعتمد على الا ان المستفاد من الاطلاقات العرفية والشرعية
ان النية في الصلاة وسائر العبادات كنهى في غيرها من الأعمال خارجة من مفهومها فالأقوى
80

انها من الشروط كما في المعتبر والمنتهى وغيرهما فلا يعتبر فيه ما يعتبر في الصلاة من القيام والاستقبال وغيرهما
بناء على كونها الصورة المخطرة الا من حيث اعتبار مقارنتها لتكبيرة الاحرام ان استلزم فقدها
عدم المقارنة وربما يستظهر من استدلال بعض القائلين بجزئيتها بأنه يعتبر فيها ما يعتبر
في الصلاة كون ذلك مسلما ومتفقا عليه فهو استظهار ضعيف لجواز كون الصغرى مثبته
لا مسلمة مع أن في البيان ان الأقرب وجوب القيام في النية وعن المصنف في بعض كتبه انه الأقوى
وهو يؤذن بعدم الاتفاق وان صرح في جامع المقاصد في أول باب القيام بثبوت الاتفاق
على اعتبار القيام في النية وكيف كان فلا ريب في أنه يجب فيها تعيين الصلاة مع تعددها في حق
المكلف إما بسبب تعدد التكليف بالصلاة المختلفة ذاتا كالظهر والعصر كما يكشف عن ذلك
اختلاف احكامها وكذلك الأداء والقضاء واما بسبب التخيير في التلكيف الواحد بين أمرين أو
أمور مختلفة كذلك ولا فرق في الكل بين ما إذا أتحدث لصورة أو اختلفت من جهة الكلم كالصبح
العشاء أو من جهة الهيئة كاليومية مع الآيات أو من جهتهما كالظهر والجمعة ووجه اعتبار التعين
في هذه المواضع بعد استكشاف تغاير الحقايق من تغاير الاحكام في الفروض المذكورة عدم تحقق
امتثال الامر المختص بكل واحد من المتعدد الا بالقصد إليه بعنوانه المأمور به ولا يجدى صرف المشترك
من العملين أو المقدار المشترك بينهما إلى أحدهما بالنية اللاحقة أو بالمميزات اللاحقة لان قصد
الامتثال معتبر عند الشروع واما مع عدم اختلاف المتعدد الواجب عينا أو تخييرا الا من حيث الوجود
من دون اختلاف في الحقيقة بان يرجع تعدد التكليف في الأولى إلى التكليف بتكرار الفعل لواحد
ويرجع تخيير المكلف في الثاني إلى عدم ملاحظة الشارع الا للقدر المشترك فلا يشترط نية
التعيين كما لا يشترط إذا اتحد التكليف كما لو لم يكن على المكلف الا صلاة واحدة فان قصد الامتثال
تعيين له وجملة القول في ذلك أنه مع تعدد الامر بفعلين مشتركين في تمام الصورة كالظهر والعصر والزكاة والخمس أو في بعض الصورة كالصبح مع العشاء أو الظهر والجمعة لا
مناص من قصد التعيين ان علم اختلاف المتعدد في الحقيقة في نظر الشارع كالأمثلة المتقدمة
وكذا إذا احتمل ذلك واما ان علم عدم الاختلاف في الحقيقة في نظر الشارع كصلاتين متماثلين
وجثيا بالنذر أو قضاء عن مثلهما الفائت مع جهل الترتيب وكالقصر والاتمام في مواضع التخير
على أقرب الوجهين فلا يعتبر التعيين ثمر الظاهر أن الخلاف الواقع بين الفقهاء في بعض الموارد خلاف
81

في اختلاف الحقيقة واتحادها ففي القواعد ان النوافل المسببة لابد في النية من التعرض لسببها
وفي كشف اللثام ان الأقرب الاشتراط في بعضها كصلاة الطواف والزيارة والشكر دون
بعض كصلاة الحاجة أو الاستخارة ودون ذوات الأوقات إذا لم يكن لها هيئات مخصوصة كصلاة
العيد والغدير أقول ولعل وجهه ان الثابت من أدلة هاتين الصلاتين استحباب كون سؤال
الحاجة أو طلب الخير عقيب التنفل بركعتين أو في أثنائه فمعنى استحباب صلاة الحاجة أو الاستخارة
استحباب التنفل قبلها ودعوى خروجها حينئذ عن ذوات الأسباب ممنوعة أو سهله لكن الأقوى
هنا أيضا اشتراط التعيين كما في ذوات الأوقات مطلقا لما ذكرنا من أنه يكفى في اعتبار التعيين احتمال
اختلاف الحقيقة ومنه يعلم وجه اشتراط تعيين الفطر أو الاتمام في مواضع التخيير كما في البيان و
جامع المقاصد والموجز والجعفرية وشرحها وان علله في جامع المقاصد باختلاف احكامهما
مثل ان الشك في المقصورة مبطل مطلقا بخلاف التمام فلابد من [؟؟؟] ليترتب على كل واحد حكمه وليس
الا النية قال ولا يستقيم ان يقال ترتب حكم الشك عليه يتوقف على التعيين الواقع بعده لان اثر السبب
التام لا يجوز تخلفه فان قيل يكون كاشفا فلا تخلف قلنا بل مؤثر لان تعيين العدد انما تؤثر
فيه النية اللاحقة على ذلك انتهى وما ذكره وإن كان لا يخلوا عن تأمل الا انه قد عرفت كفاية احتمال
اختلاف الحقيقة القائم فيما نحن فيه الا ان يمنع ذلك بما ثبت من جواز العدول عن أحدهما إلى الآخر
بناء على تسليم قاعدة كلما لا يتعين في العمل لا يتعين في النية كعكسها ولذا لا يجب في الصلاة تعيين
كونها من المستحبات أو بدونها أو غير ذلك من المشخصات الغير المقومة الا ان يحتاج إليه من
جهة أخرى مثل نية المأمومية التي تتوقف عليها عنوان الاقتداء الذي تترتب عليه احكام كثيرة
ولذا لا يجب نية الانفراد ولا نية الإمامة ويجوز العدول عن المأمومية إلى أحدهما وعدم
جواز العكس لا يقدح في عكس الكلية المزبورة لثبوت المانع كما في محله الا ان يقال في منع القاعدة
المزبورة ان جواز العدول بعد فرض اخذه سليما والاغضاء عن دعوى ترتبه على مسلمة اعتبار
نية التعيين فيه دون العكس لا يكشف الا عن قابلية كل جزء وقع من العمل على خصوص أحد الوجهين
لان يصرف إلى الأخر وهو يستلزم قابلية ما وقع على وجه مطلق للصرف إلى أحدهما المعين
بالأولوية وتنقيح المناط ان ثبت جواز الشروع في العمل على هذا الوجه وهو عين محل الكلام
82

ولعله لذا جمع في البيان بين القولين بوجوب التعيين وبقاء التخيير قال والأقرب اشتراط نية
القصر والاتمام وانه لا يخرج بها عن التخيير نعم يمكن ان يقال في توجيه عدم اعتبار التعيين بعد
تسليم اختلاف حقيقة الفردين ان التعيين انما يعتبر في مختلفي الحقيقة إذا تعلق بكل منهما
أمر مخصوص إما إذا تعلق الامر بالقدر المشترك كصلاة الظهر مثلا ثم بين الشارع تخيير
المكلف في امتثال هذا الامر الواحد الكلى بين فردين منه مختلفين بالحقيقة والاحكام فان
اشتركا في تمام العمل وجب التعيين وان اشتركا في بعضه كما فيما نحن فيه كفى في تعيين أحد الفردين
ليترتب عليه الاحكام تميزه عن الأخر ببعضه الأخر ويجب أيضا {قصد الوجه} الذي وقع عليه العبادة
من الوجوب والندب {ولا يكفى قصد التقرب} بها بل عن التذكرة الاجماع عليه وعن
الكتب الكلامية ان مذهب العدلية انه يشترط في استحقاق الثواب على واجب ان يوقعه لوجوبه أو وجه
وجوبه وعن الروض ان المشهور اعتبار استحضار أحد الوصفين وصفا وغاية وعن بعضهم
اعتبار أحدهما وعن اخر اغناء الوصفي عن الغائي وعن ثالث العكس وأياما كان فلم أتحقق على
اعتباره دليلا عدا ما قيل من وجوب اتيان المأمور به على وجهه الممنوع ان أريد بالوجه ما يعم
الوجه العارض بعد تعلق الطلب كالوجوب والندب والاداء والقضاء ونحوهما والمسلم ان أريد به ما
ما لابد منه في تعيين ذات المأمور به وعدا اجماع التذكرة الموهون سندا كالمحكى عن العدلية
بمصير جماعة إلى خلافه ودلالة باحتمال اختصاصها ككلام نفس المجمعين بصورة توقف تعيين
الفعل المعتبر عقلا ونقلا عليه كما يظهر من استدلالهم عليه بان جنس الفعل لا يستلزم وجوهه
فكلما يمكن ان يقع على أكثر من وجه واحد افتقر اختصاصه بأحد الوجوه إلى النية فينوي الظهر مثلا
ليتميز عن بقية الواجبات والفرض لتمييز عن ايقاعها ندبا كمن صلى منفردا ثم أدرك الجماعة وإن كان
الظاهر من تمثيلهم بمن صلى منفردا ثم أدرك الجماعة بل صريحه وجوب نية الوجه بمجرد تعدد الفعل و
اشتراكه بين الواجب والندب في أصل الشرع وان لم يجتمعا على المكلف في زمان واحد فلا تغنى
الوحدة الواقعية الفعلية مع التعدد بحسب القابلية الذاتية لكنه لا يقدح في ارجاع مسألة
نية الوجه إلى مسألة التعيين المجمع عليها بزعم لزوم التعيين مع التعدد والشاتي أيضا فظهر ان
الاجماع المدعى على اعتبار نية الوجه ناش من تحقق الاجماع على لزوم التعيين عند الاشتراك
83

بزعم تحقق الاشتراك بمجرد قابلية الفعل بذاته لوقوعه على وجهين ولو بالنسبة إلى مكلفين
وحيث عرفت ان الوجه في اعتبار التعيين هو توقف الامتثال عليه مع الاشتراك الفعلي و
إما مع وحدة الفعل واقعا فقصد امتثال الامر الواحد تعيين للمأمور به ظهر انه لا وجه لاعتبار
نية الوجه الا فيما يعتبر فيه التعيين لاختلاف الحقيقة وينحصر التعيين في قصد الوجه فمع عدم
اختلاف الحقيقة لا يعتبر قصد الوجه وان اختلف المتعدد من حيث الوجه كما إذا أمر العبد وجوبا
بصوم يوم وندبا بصوم يوم اخر فإنه يكفى ايقاع كل واحد منهما للتقرب من غير تعرض لوجه
ولو اقتصر على فعل واحد سقط الواجب وكذا لو اختلفا في الحقيقة ولم ينصح التعين في قصد
الوجه ومما ذكرنا يظهر انه لا يبعد صحة العبادة وان نوى الوجه المخالف اشتباها بل وعمدا إذا
كان الداعي على الاتيان بالفعل اتصافه بالمطلوبية المطلقة وفاقا للمحكى عن المحقق قدس سره في بعض
تحقيقاته المحكية في باب الوضوء وكذا الكلام في نية الأداء والقضاء التي حكم بوجوبها أكثر الأصحاب
بل عن التذكرة عليه الاجماع وقد عرفت عدم الدليل على أكثر من اعتبار التعيين مع الاشتراك
الفعلي كما لو كان عليه حاضرة وفائتة إما مجرد قابلية الفعل لهما ولو بالنسبة إلى مكلفين أو
حالين فلا إذ المقصود من التعيين التعين ومنه يظهر انه لا يقدح نية الخلاف هنا أيضا اشتباها
أو عمدا مع عدم حصول التشريع المفوت لنية التقرب واما التمسك هنا وفي المسألة السابقة
بقاعدة الاحتياط فيما يحتمل مدخلية في العبادة ففيه بعد فرض تسليم وجوبه انه مختص بما إذا
كان الشك في مدخلية شئ في مهية العبادة على وجه التقييد أو التركيب واما بعد احراز
المهية بقيودها فإذا شك في حصول الامتثال للامر المتعلق بها فالمحكم هو عرف العقلاء
وحكمهم بتحقق الإطاعة وعدمه ولا ريب في حكم العرف فيما نحن فيه بتحقق الإطاعة المطلوب عقلا
ونقلا بمجرد تحققها من غير اعتبار خصوصية زائدة ثم القدر الواجب من النية بحكم الأدلة
الأربعة إرادة اتيان الفعل لامتثال أمر الله بحيث يكون الباعث على كل جزء منه هو تحقق
الامتثال بالكل وهذا المعنى يتوقف على تصور الفعل المعين وغايته مقارنا لنفس الفعل
أو لما هو مرتبط به بحيث يكون مجموعها في نظر المكلف وارادته فعلا واحدا والا فمجرد تصور الفعل وغايته والعزم عليه مع الاشتغال بفعل أجنبي لا يكفى في صدور الفعل في وقته بل لابد
84

من توجه جديد حين الاشتغال بالفعل أو بما هو مرتبط به منضم معه واما اعتبار استحضار إرادة
[الكافتة] في النفس المنبعثة عن تصور الفعل وغايته عند القيام إلى الفعل والاشتغال بما هو مرتبط به
والالتفات إليها في أول جزء من العمل حتى حكموا بوجوب ايقاعها للصلاة عند أول جزء التكبير فلم
يدل عليه ما دل على اعتبار النية في تحقق الإطاعة والاخلاص المقرون مع العمل وليس وراء أدلة
النية ما يدل على اعتباره مع أن الاستحضار المذكور ليست نية بل هو التفات إلى النية الحاصلة
في النفس المستمرة فعلا مع العمل من أوله إلى آخره بحكم قوله لا عمل الا بالنية الظاهر في اعتبار تلبس
مجموع العمل بنفسها الا بحكمها نعم هو مؤكد للإرادة الكامنة إذ لا شبهة في أنها تضعف بالذهول
ولذا يعدل عنها بتجدد داع اخر لم ينهض لمعارضتها مع الالتفات التفضيلي وينبغي مراعاته في
الصلاة التي أعظم الطاعات ويؤيده ما ورد في حكمة رفع اليدين عند التكبير انها احضار
النية واقبال القلب على ما قال وقصد وربما يستأنس له بما رواه في زيادات الصلاة من التهذيب
عن زرارة قال سئلت أبا جعفر (ع) عن الفرض في الصلاة فقال الوقت والطهور والقبلة و
التوجه والركوع والسجود والدعاء قلت وما سوى ذلك قال ستة في فريضة بناء على أن المراد
بالتوجه هو الاستحضار المقارن والا فمطلق التوجه ولو كان منفصلا عن نفس الفعل مما لابد منه
عقلا في تحقق أصل الإرادة التي لا يخفى على زرارة بل على أدنى جاهل اعتبارها في الصلاة ولو
كان المراد بالتوجه التوجه بالتكبير في افتتاح الصلاة كما هو شايع الاستعمال في الاخبار لم يخرج أيضا
عن اشعار بكون التوجه عند التكبير بل استحباب قرائة أية التوجه أيضا يشعر بذلك لكن لا يبلغ
شئ مما ذكر حد ايجاب الاستحضار اللهم الا بضميمة ذهاب المعظم ودعوى الاجماع واستمرار السيرة
وربما يستظهر ان مراد القائلين بالاحضار والاستحضار اعتبارهما حيث يكون المكلف خاليا
عن التصور السابق التي يكون الإرادة منبعثة عنه وهو صح من غير تراض الخصمين لان صريح كلام
بعضهم كالمصنف قدس سره في المنتهى والشهيد عدم الاكتفاء بالتصور السابق ولو؟؟؟؟ ونسبوا الاكتفاء
إلى بعض العامة كما في المنتهى وقال في الذكرى لو فرق بين التكبير وبين التقريب بقوله انشاء الله تعالى
بطلت الا ان يكون مستحضرا لها بالفعل حال التلفظ انتهى ومما يتفرع على ما ذكره من أن النية
الاستحضار المذكور الالتجاء إلى أنه لا يجب استمرارها فعلا إلى اخر العمل لتعسر ذلك بل تعذره
85

بل ولا إلى آخر التكبير للتعسر ولعدم الفرق بين ما عدا جزئه الأول وبين ساير الأجزاء ولظاهر الاجماع المحكي واضعف من هذا ما يحكى من وجوب ايقاعها بين اجزاء التكبير مستوعبة لها ولغاية وهنه ارجعه
في شرح الروضة إلى سابقه بدعوى تسامح قابلة في التعبير فيكفى استمرارها حكما إلى الفراغ بمعنى انه لا
يوقع جزء منه على ما يخالف النية الأولى واما على ما ذكرنا في معنى النية تبعا للمحققين من متأخري
المتأخرين فهذا المعنى هو الاستمرار الفعلي للنية التي قد دل مثل قوله لا عمل الأبنية على وجوب تلبس
العمل جزء فجزء بنفسها لا بحكمها وكيف كان فالاستمرار بالمعنى المذكور مما لا ريب فيه ويدل عليه نفس الأدلة
الأربعة الدالة على اعتبار أصل النية وفي الايضاح ان عليه اجماع المسلمين واما الاستمرار بمعنى ان لا يحدث في أن
من أنات العمل وان لم يكن مشتغلا بجزء منه ما ينافى النية الأولى فاختاره المصنف هنا تبعا لما قواه الشيخ
أخيرا في الخلاف وفرع عليه ما ذكره بقوله ولو نوى الخروج عن الصلاة في الحال وثانية بطلت وهو
مختار الشهيدين والمحقق الثاني وفخر الاسلام وحكى عن جماعة لأن النية الأولى إذا زالت فان جددت
اختل شرطها وهي المقارنة لأول العمل والا فقد أصلها في باقي الأجزاء ولان بعد رفع اليد عن النية
الأولى خرجت الأجزاء السابقة عن قابلية انضمام الباقي إليها ولان استمرار حكم النية شرط اجماعا وقد
زال ولان ظهر قوله (ع) لا عمل الا بنيته نظير قوله لا صلاة الا بطهور أو الا إلى القبلة عدم جواز خلو
ان من أنات العمل عن النية كالطهور والقبلة ولأنه حين نوى الخروج خرج من الصلاة إذ لا يشترط
في الخروج فعل مخل بها بل العمدة هي نية الخروج فلابد من دخول مجدد فيها بنيته وتكبيرة مجددتين و
لان نية الخروج كما قيل موجب لوقوع باقي الافعال بلا نية وفي الكل نظر إما في الأول فلان المسلم وجوب مقارنة
نية تمام العمل للتكبيرة لا النية المجددة للابعاض الباقية بل اللازم مقارنتها لأولها وامنا في
الثاني فلانها مصادرة واما في الثالث فلمنع تحقق الاجماع واما في الرابع فلان الظاهر منه وجوب
تلبس كل جزء نيته لا تلبسه في كل ان نيته الكل نظير التلبس بالظهور لأنه غير متصور هنا و
إما دعوى كون آن من الآنات المتخللة بين الأجزاء معدودا من اجزاء الصلاة فهى ممنوعة كما لا يخفى
على من لاحظ تحديد أفعال الصلاة في كلام الشارع والمتشرعة وما في الخامس فلمنع تحقق الخروج شرعا
بمعنى الانقطاع بمجرد نيته لان القواطع محصورة وصدق الخروج عرفا لا يقتضى الانقطاع
لحكمهم بعد العود إلى الباقي يتحقق الصلاة الذي هو المدار في الامتثال إذا لمن يرد من الشرع اعتبار
86

أمر اخر وجودا أو عدما واما في السادس فان أريد وقوع باقي الافعال بلا نية مستمرة من الابتداء فبطلانه
ممنوع وان أريد وقوعها بلا نية أصلا فليس الكلام الا فيما إذا جدد النية لها فالحق الصحة وفاقا
لجماعة منهم المحقق قدس سره لعدم الدليل على اعتبار أزيد من الاستمرار بالمعنى الأول ووضوح تحقق
الامتثال بمجرده وعدم الديل على كون نية الخروج من القواطع وقد يستدل أيضا باستصحاب
الصحة وبعموم قوله تعالى لا تبطلوا أعمالكم وقوله (ع) لا تعاد الصلاة الا من خمسة وبقوله تحليلها التسليم
الحاضر للمخرج عن الصلاة المنعقدة صحيحة في التسليم وفي الجميع نظر إما في الأول فلان المستصحب إن كان
صحة الأجزاء السابقة فلا يجدى بل لا يجدى القطع بها مع الشك في امكان انضمام الباقي إليها مستجمعة
للشروط لأجل الشك في شرطية الاستمرار بالمعنى المبحوث عنه الذي لا يقبل التدارك بعد نية الخروج
وإن كان صحة الكل فلم يتحقق بعد واما استصحاب حرمة الأبطال فهو موقوف على كون رفع اليد عن هذه
الصلاة ابطالا لها فلعله بطلان وانقطاع لا قطع وابطال مع أنه لو سلم هذا الاستصحاب أو استصحاب وجوب
الاتمام أو غيرهما من الاستصحابات المتصورة في المقام عدى استصحاب الصحة فلا ينفع في نفي وجوب
لإعادة الذي هو مقتضى الاشتغال اليقيني لأنها بالنسبة إليه من قبيل الأصول المثبة بل اللازم حينئذ [الجع]
بين الاتمام والإعادة عملا بالأصول ومما ذكرنا يظهر الجواب عن انه الأبطال واما قوله لا تعاد فهو
مسوق الحكم الاخلال بالاجزاء المعلومة سهوا كما بين في بحث الخلل واما قوله تحليلها التسليم
فلان الضمير إشارة إلى الصلاة المستجمعة لجميع الشرائط التي يمنع الخصم تحققها مع نية الخروج مع أن
ظاهره حصر التحليل بعد الفراغ عما عدا التسليم فيه لا حصر قواطع الصلاة فيه هذا واعلم أن حكم
التردد في الخروج وعدمه في الحال أو ثانيه حكم نية الخروج في عدم الأبطال ويشترط في الكل تحديد
النية عند الشروع في باقي الافعال خلافا لما يتوهم من اطلاق مثل الشرايع فلو اتى ببعضها خاليا عن
النية فلا شبهة في بطلانه وفي ابطاله للصلاة وان تداركه ما سيجئ في المسائل الآتية وفي القواعد
لو نوى في الأولى الخروج في الثانية فالأقرب عدم البطلان ان رفض القصد قبل البلوغ إلى الثانية
وظاهره يشمل صورة الاشتغال وهو
ضعيف لمنافاته للاستمرار بالمعنى الأولى الذي قد مر اعتباره قولا واحدا وفي حكم نية الخروج في ثاني الحال
ما إذا علقه على أمر معلوم الوقوع وفي حكم التردد ما إذا علقه على ما يحتمل الوقوع ولم يمتنع الامتثال
87

عقلا أو شرعا عند وقوعه كالموت والحيض مثل مجئ زيد ونحوه واما التعليق عليهما فلا يقدح لأنه قاصد
للامتثال ما دام الامتثال ممكنا ولو علقه على ما لا يحتمل وقوعه فالظاهر أنه لا يقدح الا إذا اتفق حصول المعلق
عليه ولم يرفض التعليق وظاهر المصنف في القواعد الصحة في التعليق على مثل مجئ زيد مع عدم حصول
المعلق عليه وعنه في درسه احتمال انكشاف البطلان من حين التعليق ويظهر الثمرة إذا علم المأموم بتعليق
الامام ولم ينفرد من حينه ولو نوى فعل المنافى فاختار في القواعد الصحة على اشكال ومختاره حسن وفاقا
للشيخ واكثر الأصحاب كما في المدارك وغيره لكن مع الذهول عن كونه منافيا ومع عدمه فالأقرب انها
ترجع إلى نية الخروج {ولو نوى الريا} ببعضها المعدود جزء أصليا واجبا {أو غير الصلاة بطلت} الصلاة
ان مضى على تلك النية قولا واحدا وكذا ان تداركه بناء على أن تداركه يستلزم الزيادة المبطلة لأن المفروض
ان الجزء المذكور قد نوى به جزء الصلاة في ضمن نية أصل الصلاة المستمرة حكما إلى الاتيان به
فهو انما قصد الريا أو غير الصلاة في الجزء على أنه جزء لكن في صدق الزيادة بتداركه مع رفع اليد عن
جزئية ما اتى به أولا ثم في ابطال مطلق الزيادة لمثل قوله من زاد في صلاته أعاد نظر ولو مضى على نية الريا أو
غير الصلاة في مقدمات الأجزاء كالنهوض للقيام فالظاهر عدم البطلان وإن كان في أدلة حرمة الريا و
ابطاله ما ربما توهم عدم قبول العبادة بمجرد اشتماله على الريا وكذا لو مضى عليهما في الافعال المستحبة
لان بطلان الجزء المستحب لا يوجب الاخلال بالاجزاء الواجبة التي هي المناط في تحقق الامتثال للامر الوجوبي
وان لم يحصل امتثال الامر الاستحبابي المتعلق بنفس المستحب أو بالعبادة المشتملة عليه ولو فرض تعلق نيته
أول العمل بهذا الفرد المشتمل على هذا الفعل لم يكن مناط الامتثال الا المهية المشتركة بين هذا الفرد
وبين غيره العاري عن هذا الفعل ولذا يجوز العدول عنه إليه في الأثناء ولا يجب نية أحدهما في الابتداء
فقصد الريا بالفعل المذكور مع قصد التقرب بجميع الأفعال الواجبة لا يزيد على تركه فيها {ومما
ذكر يظهر الجواب} عن التمسك للابطال بما دل على بطلان كل عمل لم يخلص لله مثل رواية علي بن سالم قال
الله سبحانه انا خير شريك من أشرك معي غيري في عمل لم اقبله الا ما كان خالصا لى ورواية زرارة وحمران
لو أن عبدا عمل عملا يطلب به وجه الله والدار الآخرة فادخل فيه رضاء أحد من الناس كان مشركا
وغير ذلك مما دل على بطلان العمل المشترك على وجه الإشاعة أو التبعيض كما فيما نحن فيه فانا لا نمنع بطلان
هذه العبادة بمعنى مخالفته للامر الخاص المستحب المتعلق بهذا الفرد الخاص ولا يلزم منه عدم مطابقته
88

للامر بمطلق المهية الموجودة فيه الذي هو مناط التقرب بالعمل من حيث كونه واجبا نعم لو كان الفعل
المتصف بالاستحباب متصفا بالوجوب التخييري مثل سورة الجمعة المستحبة في ظهر الجمعة والتسبيح الراجح
في الأخيرتين على الفاتحة فقصد الرياء بهما فلا اشكال في بطلان العبادة بذلك كما لا يخفى ومما ذكرنا
يظهر حكم ما لو نوى الريا بالزائد على الواجب من الافعال كطول الركوع والسجود وقد يستثنى منه ما إذا
كثر بحيث يلحق بالفعل الكثير ويشكل مضافا إلى أن هذا ليس في الحقيقة استثناء عما نحن بصدده من عدم
ابطال الرياء من هو حيث إذا تعلق بجزء من العمل بان مناط ابطال الفعل الكثير هو محو صورة الصلاة والظاهر
عدم تحقق المحو عرفا مع كون الزايد من جنس أفعال الصلاة كيف ولو تحقق المحو بطول مثل الركوع والسجود لم
يجز مطلقا ولو قصد به التقرب وإن كان المنوي به الرياء أو غير الصلاة قولا مستحبا فظاهر جماعة فيه البطلان بناء
على أنه يصير كلاما خارجا عن الصلاة فيكون مبطلا لها وفي المقدمتين نظر الامكان منع صيرورته بإحدى
النيتين كلاما خارجا بعد كونه في حد ذاته دعاء أو قرآنا وامكان دعوى حصر الكلام المبطل بما يعد عرفا من
كلام الآدميين فلا يبعد القول بعدم البطلان وإن كان قولا طويلا واحتمال البطلان مع الكثرة من
جهتها وإن كان قائما لكنه مضعف بما ذكرنا ومع ذلك فالبطلان لا يخلوا عن قوة فيما إذا نوى الرياء لأن الظاهر
من كلماتهم عدم الخلاف في كون الكلام المحرم مبطلا بل حكى عن نهاية المصنف في مسألة قول آمين في الصلاة
الاجماع على أن الكلام الغير السائغ مبطل وحكى شارح الروضة الاجماع على بطلان الصلاة بالدعاء
المحرم مضافا إلى عمومات ابطال الكلام وخروج الدعاء والقرآن إما با وامرهما واما بالاجماع وكلاهما
مفقودان وفي قوله (ع) في مرسلة الصدوق كلما ناجيت به ربك في الصلاة فليس بكلام إشارة لطيفة
إلى أن حكم الكلام مطلقا الأبطال والتحريم لكن المناجاة نزلت منزلة غير الكلام وأظهر منه قوله صلى الله عليه وآله
في صحيحة الحلبي كلما ذكرت الله عز وجل والنبي صلى الله عليه وآله فهو من الصلاة دل على أن ذكر الله والنبي صلى الله عليه وآله انما لا
يفسد لكونه من الصلاة وغير خارج عنها في نظر الشارع والا فعموم عن الكلام الخارج بحاله
فافهم واعلم أنه كما يعتبر استمرار نية التقرب فكذا يعتبر استمرار نية التعيين ونية الوجه والاداء
والقضاء في موضع اعتبارهما فلا يجوز العدول عن الظهر مثلا إلى غير ولا عن الفريضة إلى النافلة ولا
من الأداء إلى القضاء الا ما استثنى من المسائل الثلث والضابط ان كلما يعتبر قصده في الابتداء فلا يجوز
العدول عنه في الأثناء {الثالث} من الواجبات {تكبيرة الاحرام} سميت به وبالافتتاح لان بها يحصل الدخول
89

في الصلاة ويحرم ما كان محللا قبلها ففي المعتبر ان الدخول في الصلاة لا يتحقق الا باكمالها وبه قال الشيخ وهو ظاهر الذكرى ولعله لظاهر قوله (ع) تحريمها التكبير منضما
إلى ما دل على تحريم المنافيات في الصلاة ويشكل بان فرض جزئيتها مستلزم للدخول في الصلاة
بأول جزء منها لان جزء الجزء جزء اللهم الا ان يقال بان اخر التكبير كاشف عن الدخول في أوله كما صرح به
السيد في الناصريات في مسألة التسليم على ما حكاه في الذكرى في باب التسليم قال السيد على ما في الذكرى لا يقال الاجماع على أنه
ما لم يتم التكبير لا يدخل في الصلاة فيكون ابتدائه وقع خارج الصلاة فكيف يصير بعد ذلك منها لأنا نقول
إذا فرغ من التكبير تبين ان جميع التكبير من الصلاة وله نظائر انتهى لكن عقبه في الذكرى بقوله ولمانع
ان يمنع توقف الدخول في الصلاة على تمام التكبير لا يكون داخلا في الصلاة عقيب
النية للاجماع على وجوب مقارنة النية لأول العبادة وهذا الاجماع يصادم الاجماع المدعى نعم لو قيل
ببسط النية على التكبير توجه ما قاله السيد انتهى وفيما ذكره على السيد من المنع ثم توجيهه بناء على
القول ببسط النية نظر إما في الأول فلان الاجماع انما انعقد على مقارنة النية للجزء الأول الواقعي
من الصلاة وقد اعترف السيد يكون تمام التكبير كاشفا عن كون أوله المقارن للنية من اجزاء الصلاة
واما في التوجيه فلان بسط النية يقتضى وقوع الجزء الأول بلا نية المخالف للاجماع على المقارنة اللهم الا
ان يريد بالبسط الاستمرار إلى آخر التكبير كما رجحه في الذكرى لكن الجمع بين الاجماعين المذكورين بما ذكرنا
من اعتبار المقارنة للجزء الأول الواقعي أولي من الجمع باعتبار الاستمرار ثم الظاهر أن وجه الحكم بالكشف
المذكور هو الجمع بين المقدمات الثلث أعني حصول التحريم بمجموع التكبير وتحريم المنافيات في الصلاة وكون
جزء الجزء جزء فما في المدارك من أن الحكم بالكشف تكليف مستغنى عنه وان لحق تحقق الدخول بمجرد الشروع في
التكبير وان توقف تحريم المنافيات على انتهاء التكبير حكم اخر محل نظر لان الجمع بما ذكروه أولي من تخصيص أدلة
تحريم المنافى في الصلاة بما بعد التكبير {وهي ركن} في الصلاة {تبطل بتركها عمدا أو سهوا} اجماعا محققا ومحكيا
وان قال في البيان الأقرب انها جزء من الصلاة ويدل على ركيته بالمعنى المذكور روايات كثيرة مطابقة
للأصل والروايات المخالفة محمولة أو مطروحة واما ابطال زيادتها مطلقا فهو مستفاد عن عموم قوله من زاده ونحوه وحيث انها عن الأسود التوقيفية ولم يرد في مقام بيانها اطلاق
لفظي يدفع به اعتبار الخصوصيات الآتية المقومة لوجودها الخارجي الغير القابلة لأجل ذلك لجريان أصالة
البراءة فيها وجب الاقتصار على {صورتها} المنقولة المأتي بها في مقام بيان الواجب و؟؟ {الله أكبر}
لعدم تيقن البراءة والدخول في الصلاة بدونها مضافا إلى النبوي المنجبر بظاهرها في المنتهى
90

والغنية وعن غيرها من الاجماع لا يقبل الله صلاة امرء حتى يضع الطهور مواضعه ثم يستقبل القبلة
ويقول الله أكبر {وقد} يستدل برواية حمار الواردة في بيان تعليم الصلاة وقوله يا حماد (ع) هكذا أصل وفيه
نظر فلو خالف ذلك بان {عكس} ترتيب الكلمتين {أو اتى بمعناها} في لفظ يؤدى مؤداها في العربية
أو غيرها {مع القدرة} على نفسها أو اتى بها {قاعدا معها} أي مع القدرة أو ناهضا بحيث شرع فيه
{قبل استيفاء القيام} أو هاويا إلى الركوع كما يتفق للمأموم {أو أخل} بشئ منها {ولو بحرف واحد بطلت}
لمخالفته للمأمور به بلا خلاف في شئ من ذلك ظاهرا الا من الشيخ في الخلاف حيث جوز وقوع بعض التكبير
هاويا على ما حكى عنه وهو ضعيف وقريب منه عن الإسكافي من كراهة تعريف أكبر ولعله أراد بها
الحرمة ومن الاخلال بالحرف الواحد الاخلال بهمزة الوصل في لفظ الجلالة ولو مع وقوعها في الدرج
لتقدم التلفظ بالنية أو بعض أدعية الافتتاح فيجب الوقف على الكلام السابق مقدمة لتحصيل
اليقين بالافتتاح الذي لا صلاة بدونه كما في النص والفتوى والوقف على لفظ النية لا ينافى مقارنة
معناها للتكبير بل يمكن دعوى ان ترك الوقف عليها لا ينافى وجوب قطع الهمزة لان التلفظ بها كلام
لغو معترض لا يعد معه الكلمة المتأخرة وسطا حتى يسقط همزتها فتأمل واطلاق الامر بأدعية التوجه الدال
على تخيير المكلف في الوقف على اخرها وعدمه ليس حاكما على أصالة الشغل في التكبير كاشفا عن جواز اسقاط
همزتها عند ترك الوقف على اخذ الدعاء لان تلك الاطلاقات لا تقضى الا جواز الدعاء على نهج العربي المقتضى
لجواز تحريك اخر الكلمة إذا لم يكن بعدها كلمة تجب شرعا ولو بحكم قاعدة الشغل اثبات همزتها الوصيلة
فلا يتوهم الاعتراض بان قاعدة الشغل لا يقاوم الاطلاق مضافا إلى أن تلك الاطلاقات واردة في مقام
بيان رجحان القراءة لا بيان كيفيتها ومنه ظهر ضعف القول بجواز اسقاط همزة الوصل مع التلفظ
بالدعاء فضلا عن النية {والعاجز} عن العربية {يتعلم} وجوبا بعد دخول وقت الصلاة بل قبله لمن يعلم
بعدم التمكن بعده في وجه قوى كما هو شأن كل مقدمة علم بامتناع تحصيلها في زمان تعلق الوجوب
مع تحقق الخطاب بذيلها غير مقيد بالتمكن منها في الوقت ولا يجوز منه الصلاة بدون التكبير الصحيح
مع سعة الوقت ورجاء التعلم ولو مع عدم التقصير لأنه قادر على الصلاة التامة لقدرته على
تحصيلها بالاشتغال بالتعلم فلا يعد من المعذور في شئ كما لو احتاج تحصيل الساتر إلى زمان
طويل نعم لو عجز عن الاشتغال بالتعلم مع رجاء حصول العلم به في اخر الوقت فهو من أولي الأعذار لكن
91

عليه أيضا الانتظار لأن عدم تمكن المكلف من الفعل التام في جزء من الوقت موجب لعدم شمول
الامر التخييري للتولد من توسعة الوقت لذلك الجزء كما لا يخفى {نعم لو كان} المعجوز عنه في أول الوقت
من الشروط كالستر مع ثبوت اختصاص اشتراطها بحال التمكن ففي جواز الصلاة بدونه في أول الوقت
مع رجاء حصوله فيما بعد وعدمه وجهان مشهوران في مسألة أولي الأعذار والأقوى هناك أيضا
وجوب الانتظار كما بين في محله ويمكن جريان الوجهين في الجزء المعجوز عنه أيضا فيتحد عنوان الشروط
والاجزاء {ثم لو تعذر} عليه التعلم إما لضيق الوقت أو لليأس عنه فان عرف الملحون من التكبيرة في إحدى
كلمتيها أو فيهما مع اطلاق التكبيرة عليه عرفا فالظاهر وجوبه مقدما على الترجمة لاشتماله على معنى
التكبير والقدر الميسور من لفظه فلا يسقط بالمعسور والا اتى بترجمته أعني ما يرادفه في لغة أخرى
نسبه فني المدارك إلى علمائنا ثم احتمل السقوط وهو محجوج بقوله (ع) لا صلاة بغير افتتاح المعتضدة
بما أدعاه من الاتفاق بل قوله صلى الله عليه وآله تحريمها التكبير بناء على أن لفظ التكبير كالتحميد والتسبيح ونحوهما من
المصادر الموضوعة لانشاء مناديها وهو في التكبير الثناء على الله بصفة الكبرياء المتحقق بالعربي
غاية الأمر قيام الدليل على وجوب كونه في ضمن القول المخصوص بالنسبة إلى القادر فيبقى على اطلاقه
بالنسبة إلى غيره فالتقييد انما أريد من الخارج لا من التلفظ بقرنية الخارج نعم لو ادعى انصرافه إلى الفرد
المتحقق منه في ضمن القول المخصوص أو جعل من المصادر الجعلية المتولدة من الألفاظ كالبسملة
والحولقة والتحليل ونحوها فيراد منه التلفظ بالعبارة المخصوصة سقط الاستدلال المذكور لكن
كلتا الدعويين على خلاف الصل والظاهر مضافا إلى استلزام ذلك تقييد الفقرة المزبورة بل وخبر
الافتتاح أيضا بلا قادر و {لعل ما ذكرنا} هو مرجع استدلال الجماعة على الحكم المذكور بان التكبير
ذكر والمقصود منه المعنى فإذا تعذر اللفظ الخاص عدل إلى معناه والا فهذا الوجه بمجرده اعتبار
لا يصح لوجوب الترجمة فضلا عن تقديمها على ذكر عربي اخر ومما ذكرنا ظهر انه لا فرق في الترجمة
بين اللغات وتقييد بعضهم انه يحرم بلغته محمول على غلبة الزام المترجم بلغته وقيل بالترتيب بين
العرابي والسرياني والفارسي وغيرها لنزول كثير من الكتب بالأوليين ونزول كتاب المجوس بالثالث
وما قيل من أنها لغة حملة العرش والكل ضعيف {والأخرس} الذي سمع التكبيرة وأتقن الفاظها ولا
يقدر على التلفظ بها أصلا ومن بحكمه في العجز عن النطق {يعقد قلبه بها} أي بصيغة التكبير في حال
92

تحريك اللسان أو الشقة أو اللهات حركة منطبقة على الصيغة المخطرة جزء بجزء بان تكون حركة
لسانه تعبيرا عن التكبيرة بمنزلة كلام غير متمايزة الحروف لأنه المقدور في حقه من التكبير ولموثقة
مسعدة بن صدقة المحكية عن قرب الإسناد عن مولانا الصادق (ع) انك قد ترى من المحرم من العجم
لا يراد منه ما يراد من العاقل المتكلم الفصيح وكذلك الأخرس في القراءة في الصلاة والتشهد وما أشبه
فهذا بمنزلة العجم والمحرم لا يراد منه ما يراد من العاقل المتكلم الفصيح واما الاكتفاء عند حركة اللسان
بنية كونها حركة التكبيرة الراجعة إلى نية البدلية كما هو ظاهر بعض ممنوع أو محمول على الأخرس
الذي لم يسمع التكبيرة ولكن [عرفا] وعرف اجمالا ان في الصلاة صيغة يتلفظ بها فان الظاهر كفاية
مجرد تحريك لسانه ناويا كونها التكبيرة وتدل عليه رواية السكوني ان تلبية الأخرس وتشهده
وقرائته للقران في الصلاة تحريك لسانه والإشارة بإصبعه وظاهر الرواية اعتبار الإشارة
بالإصبع مع التحرك وهو الأقوى في هذا القسم للرواية المنجبرة بما في الرياض من عدم الخلاف في اعتبار
الإشارة وان قال في الروض انه ذكرها بعضهم فلا أقل من عمل الأكثر مضافا إلى أن المتعارف في
الأخرس ابراز مقاصده بحركة اللسان أو اللهات أو الشفتين مع الشارة باليد فقد ارجعه الشارع
في تكلمه بالألفاظ المعتبرة في عباداته معاملاته إلى ما اعتاده في ابراز ساير مقاصده ومن هذا
الوجه الاعتباري منضما إلى ظهور سياق الرواية في إرادة المثال من التلبية والقراءة يظهر
شمول الحكم لما نحن فيه واحتمال اختصاص الإشارة في الرواية بمن لم يتمكن من تحريك اللسان فيكون جمعهما في الرواية باعتبار قسمي الأخرس القادر على التحريك والعاجز عنة بعيد واما
القسم الأول فالأقوى عدم اعتبارها فيه بناء على المتبادر من الأخرس بحكم الغلبة هو
غيره {واما} الخرس الذي لا يعرف ان في الوجود الفاظا وأصواتا فان أمكن افهامه معنى التكبير اجمالا
افهمه وامر بعقد قلبه عليه الاجماع ظاهرا كما حكى على عدم السقوط عنة وعدم القدرة على
أزيد منه ومن تحريك اللسان والإشارة إلى ذلك المعنى المستفاد وجوبها من الرواية المتقدمة
المنجبرة بما عرفت من الاشتهار المعتضدة بما مر من الاعتبار ولا يتوهم ان عقد القلب بالمعنى غير معتبر
بالنسبة إلى القادر على التلفظ وقصد المعنى تفصيلا فكيف يجب على العاجز عنهما لان التلفظ
باللفظ الدال بالوضع على المعنى المستلزم للقصد إلى المعنى التفضيلي اجمالا يغنى عن الالتفات
93

إليه تفصيلا وإذا تعذر الالتفات اجمالا إلى المعنى التفضيلي في ضمن اللفظ الموضوع له تعين
الالتفات تفصيلا إلى المعنى الاجمالي الذي افهمه لما عرفت من أن المقصود الأصلي معنى التكبير مع أنه
لولا اعتبار قصد المعنى هنا لم يكن شئ يشار بإصبعه أو بيده إليه والتزام وجوب افهامه
الصيغة اجمالا فيشير إليها ليس بأولى من التزام وجوب افهام معناها لما عرفت من أن المقصود
الأصلي هو معنى التكبير وانه هو التبكير الحقيقي نعم لو تعذر افهام المعنى افهم الصبغة اجمالا
واعلم أنه يستحب افتتاح مطلق الصلاة ولو نافلة في وجه قوى وفاقا لجماعة منهم المفيد و
المحقق والشهيدان والحلى والمصنف قدس الله اسرارهم في المقنعة والمعتبر والمنتهى والذكرى و
الروض بسبع تكبيرات احديها تكبيرة الافتتاح على المعروف عن غير والد المجلسي المحكي عنه كون
الافتتاح بمجموع ما يختاره من الثلث أو الخمس أو السبع الظاهر الاخبار مثل قوله (ع) في رواية
أبي بصير إذا افتتحت فكبر ان شئت واحدة وان شئت ثلثا وان شئت خمسا وان شئت سبعا
وكل ذلك مخبر عنك غير انك إذا كنت إماما لم تجهر الا بواحدة ونحوها غيرها المحمولة بقرينة
الاجماع على اتحاد التحريمة المنقولة عن الأصحاب في البحار بعد حكاية القول المزبور عن والده
والمدعى في كلام كل من ادعى الاجماع على التخيير على إرادة بيان أصل استحباب التكبيرات والابتداء
بها في الصلاة بناء على معلومية كون الافتتاح منها هي المقرونة بالنية {ويدل} عليه ما ورد
في المستفيضة من استحباب جهار الامام بواحدة إذا الظاهر أن فائدة الجهر علم المأمومين
بدخول الامام في الصلاة وكيف كان فالمعروف بين الأصحاب ان المصلى يتخير في السبع أيها شاء
[قرتها] بالنية وجعلها تكبيرة الافتتاح عند الأصحاب كما في المنتهى والذكرى وبلا خلاف
كما عن المفاتيح وشرحه والبحار ويدل عليه ذيل رواية السابقة وصحيحتي الحلبي فإذا كنت إماما
يجزيك ان تكبر واحدة تجهر فيها تسرستا وصرح جماعة كما عن المشهور ان الأفضل جعلها
الأخيرة وحكى عن الذكرى نسبته إلى الأصحاب وفي الحكاية نظر {وكيف كان} ففي المدرك وكشف
اللثام انه لم يعرف ماخذه لكن في شرح الروضة لكاشف اللثام الاستدلال عليه برواية ابن أبي
بصير
وفيها بعد ذكر الدعاء بعد التكبيرات الثلث بقوله اللهم أنت الملك الحق المبين والدعاء عقيب
الاثنين بقوله لبيك وسعديك وعقيب السادسة بقوله يا محسن قد اتاك المسئ قال (ع) ثم تكبر
94

للاحرام وفي الرضوي أيضا واعلم أن السابعة هي تكبيرة الاحرام وفي رواية معوية بن عمار و
عبد الله بن مغيرة وغيرهما ان التكبير في الفرائض الخمس خمس وتسعون تكبيرة منها تكبيرات القنوت
خمس ولا يقف التكبيرات على هلا العدد الا إذا كان ما عدا واحدة من السبع خارجة عن الصلاة و
جميع ذلك كاف في الاستحباب المذكور مضافا إلى أنه ابعد عن طرو المبطل ولو لم يكن الا فتوى جماعة
بالاستحباب كفى ذلك فيه مضافا إلى أنه أحوط للخروج عن الخلاف المحكي عن ظاهر المراسم والكافي
من تعين جعلها الأخيرة وقد سبقهما على هذا في الغنية مدعيا عليه الاجماع ولعله لظاهر ما
ذكرنا من أدلة المشهور التي لا تنهض دلالة لاثبات الوجوب مضافا إلى وهنها بما عرفت من
دعوى الاتفاق على التخيير بل معارضتها لظاهر الخبرين الواردين في علة زيادة [الست] على
تكبيرة الاحرام وهي ان الحسين (ع) كان إلى جنب النبي صلى الله عليه وآله فافتتح رسول الله صلى الله عليه وآله فكبر الحسين (ع) قد كان قد ابطأ
عن الكلام حتى خافوا ان يكون (ع) أخرس فكرر صلى الله عليه وآله التكبير إلى سبع وكبر الحسين (ع) ويظهر ذلك أيضا من
غيرهما ولذلك حكم جماعة من متأخري المتأخرين بتعين جعلها الأولى وهو كسابقة في الضعف
لقصور الخبرين عن إفادة الوجوب سيما في مقابلة اطلاقات التخيير المعتضدة بالاتفاقات
المنقولة على التخيير ولكن الأحوط جعلها الأخيرة أو الاتيان بما بعد التحريمة بقصد مطلق الذكر
{ولو كبر ونوى الافتتاح ثم كبر ثانيا كذلك} أي بنية انه الافتتاح سواء قارنه نية الصلاة أم
تجارة عنها على ما في جامع المقاصد لان مقارنة النية شرط لصحة التكبيرة ولا لركنيتها {بطلت}
الصلاة للزيادة الواقعة على جهة التشريع فتبطل اتفاقا إذا تعمده واما إذا وقع سهوا فقيل
لزيادة الركن بناء على ما هو المسلم بينهم من بطلان الصلاة بريادة كنقيصة هذا كله إذا لم ينو
الخروج من الصلاة أو نواه وقلنا بعدم البطلان بنية الخروج والا كان البطلان مستندا إليها
فتنعقد الصلاة بالثاني ان قارنه النية ثم على تقدير ابطال الثاني فلا ريب في عدم انعقاد
الصلاة به وان قارنه نية الصلاة فان كبر ثالثة مع نية الصلاة صحت وهذا في صورة تعمد
زيادة الثاني واضح ضرورة عدم تحقق الانعقاد بالتكبير المنهى عنه واما مع عدم النهى كما
في حال السهو أو النافلة بناء على عدم حرمة ابطالها فقد يشكل بأنه لا مانع من حصول الامرين
به الأبطال والانعقاد وقد يدفع بان بطلان التكبير الثاني لوقوعه في حال الصلاة مانع
95

عن تأثيره ضرورة عدم امكان التأثير في حال صحة الصلاة وهي انما تنتفى باخر جزء من التكبير
الثاني فكيف يتصور تأثيره بأول اجزائه للعقد والاحرام وفيه نظر يعلم منه النظر في الحكم بفساد صلاة
من زعم تمام صلاته فاحرم لصلاة جديد نافلة أو غيرها مضافا في هذا الفرض إلى منع تحقق
التكبير في الفريضة المتلبس بها على أنه جزء منها {ويستحب رفع اليدين} بها وبباقي التكبيرات سيما
للامام بغير خلاف بين العلماء كما في المعتبر والمنتهى بل علماء الاسلام كما عن جامع المقاصد و
عن الصدوق انه من دين الإمامية لان رفع اليدين ضرب من الابتهال والتبتل والتضرع
فأحب الله ان يكون العبد في وقت ذكره مبتهلا متبتلا متضرعا ولان في رفع اليدين احضار
النية واقبال القلب على ما قصد كما عن علل الفضل عن الرضا (ع) ولان زنية الصلاة رفع الأيدي
عند كل تكبيرة كما في الخبر المحكي عن مجمع البيان في تفسير قوله تعالى وانحر خلافا للمحكى عن السيد
فأوجبه عند كل تكبيرة جاعلا له من منفردات الامامية متمسكا بظاهر الامر به في الكتاب والسنة
المحمول على الندب لقرائن كثيرة تظهر من الاخبار كالمتقدم عن العلل والمجمع وكرواية علي بن
جعفر (ع) الصحيحة على الامام ان يرفع يده في الصلاة وليس على غيره فإنه لا مناص عن حملها على
الاستحباب المؤكد سيما وان أرده الوجوب النفسي في التكبيرات سيما في المستحبة منها بعيدة والحمل على الندب أولي من الوجوب الشرطي ولعل السيد أراد من الوجوب تأكد الاستحباب
لأنه جعله من منفردات الامامية الذين لم يعرف القول بالوجوب عن واحد منهم الا الإسكافي
في خصوص تكبيرة الاحرام لظاهر بعض الأخبار في خصوص التحريمة وكيف كان فيستحب على المختار
ان يكون الرفع إلى {شحمتي اذنيه} كما عن كثير من الأصحاب بل عن المحكي عن الخلاف الاجماع عليه
ويدل عليه المحكي عن الرضوي واستدل عليه في المعتبر برواية أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال إذا
افتتحت وكبرت فلا يتجاوز اذنيك ونحوها حسنة زرارة بابن هاشم وفي صحيحة صفوان قال
رأيت أبا عبد الله (ع) إذا كبر في الصلاة يرفع يديه حتى يكاد يبلغ اذنيه وفي صحيحة معوية بن
عمار قال رأيت أبا عبد الله (ع) حين يفتتح الصلاة يرفع يديه أسفل من وجهه قليلا وفي
صحيحة ابن سنان يرفع يديه حيال وجهه ومثلها رواية منصور بن حازم بزيادة قوله واستقبل
القبلة ببطن كفيه وفي رواية اصبغ بن بناته عن أمير المؤمنين (ع) في تفسير قوله تعالى وانحر معناه
ارفع يديك إلى النحر ولكن في رواية عمر بن يزيد و عبد الله بن سنان تفسيره برفعهما حذاء
96

الوجه ونحوهما في التفسير رواية جميل بزيادة استقبال القبلة باليدين وعن الشيخ ان بالرفع
إلى المنكبين رواية عن أهل البيت ويستفاد من مجموع هذه الأخبار بعد ملاحظة مطلقات الرفع
التخيير بين الكل واستحباب أصل الرفع بناء على عدم حمل المطلق على المقيد في السنن والآداب أو بناء
على التسامح بمجرد احتمال دلالة المطلقات على استحباب المسمى وكون اخذ القيود مستحبا في مستحب ثم
المشهور في كيفية الرفع بل في المنتهى وعن المعتبر ما يظهر منه الاتفاق عليه الابتداء بالرفع عند ابتداء
التكبير والانتهاء عند الانتهاء لأنه الظاهر من الرفع وقت التكبير أو الرفع بالتكبير الوارد كل منهما
في الروايات والظاهر كفاية المقارنة العرفية وعن بعض ان التكبير بعد الرفع وقيل الارسال لظاهر
الحسنة إذا افتتحت الصلاة فارفع كفيك ثم ابسطهما بسطا ثم كبر ثلث تكبيرات عن ثالث انه
حال الارسال قيل لعله لدعوى ان المراد من البسط في الرواية هو الارسال ثم إن المحكي عن الأكثر بل عن
بعضهم ان الظاهر اتفاقهم عليه استحباب ضم ما عدا الابهام من الأصابع ان المحكي عن البحار عن
كتاب زيد النرسي عن أبي الحسن (ع) انه فرق بين الأربع وبين [الخنضر] والظاهر أنه شاذ كما عن المصابيح
واختلفوا في تفريق الابهام وضمه إلى الأربع فعن الإسكافي والمفيد والسيد والقاضي و
الحلى التفريق وجعله في الذكري أولي ثم قال والكل منصوص انتهى ولعل مستند القول بالضم ظاهر رواية
حماد الدالة على أنه (ع) ارسل يديه على [فخديه] قد ضم أصابعه فان الظاهر منها بقرينة ورودها في بيان
حدود الصلاة الكاملة كون الضم كالارسال مقدمة للرفع مضمومة الأصابع مع أنه لو فرقه في
حال الرفع لحكاه حماد مقدمة ويدل عليه أيضا صدر رواية زيد النرسي المتقدمة ولا يقدح فيه
شذوذ ذيلها واما التفريق فلم أعثر له على مستند كما اعترف به بعض ويستحب اسماع الامام لمن
خلفه تكبيرة الاحرام ليقتدوا به إذ لا يعتد بتكبيرهم قبله كما عن المشهور وفي المنتهى لا نعرف فيه
خلافا لعموم ما ورد من استحباب اسماع الامام من خلفه ما يقوله ولا ينبغي المناقشة بعدم كونه إماما
قبل التحريمة بعد ما اطلق عليه ذلك مثل قوله إذا كنت إماما يجزيك ان تكبر واحدة تجهر فيها وقوله في
رواية ابن أبي
بصير إذا كنت إماما لم تجهر الا بتكبيرة ونحوهما وقد يستفاد من هذه الرواية كالمحكى من مداومة
النبي صلى الله عليه وآله استحباب الاخفات بالبواقي ويسر المأموم لعموم لا ينبغي لمن خلفه ان يسمع الامام شيئا
وتخيير المنفرد للاطلاق وعن الجعفي استحباب الجهر له للنبوي الضعيف سندا ودلالة وينبغي
97

عدم المد بين الحروف كمد الألف التي بين اللام والهاء بحيث يخرج عن مقداره الطبيعي أو مد همزة
لفظ الجلالة بحيث لا يخرج إلى الاستفهام أو اشباع فتحة الباء بحيث لا يخرج إلى اكبار الذي هو
جمع كبر بالتحريم وهو الطبل الذي له وجه واحد والا بطل ان قصدهما اجماعا وعلى الأقوى
ان لم يقصدهما وفالجماعة منهم الشارح في الروض معللا بأنه لا اعتبار للقصد في دلالة اللفظ
على معناه الموضوع له وفيه مع منع دلالة اللفظ على المعنى المغاير للتكبير مع عدم قصده الا
إذا لم يكن التلفظ به للتكبير جاريا على القانون العربي والا فان قلنا بورود الاشباع في الحركات
في لغة العرب إلى أن ينتهى إلى الحروف كما في المنتهى كان اللفظ من حيث الهيئة مشتركا بين اسم
التفضيل والجمع فلا بأس به ما لم يقصد المعنى الأخر فالعمدة في المنع وجوب الاقتصار على المتيقن
وعدم التعدي إلى غيره وإن كان موافقا للقانون ومنه يعلم وجه المنع عن ذكر المفضل عليه مثل
قوله من كل شئ من أن يوصف وان فسر بهما في الاخبار كما في القواعد وغيره وفيه نظر لان الزيادة
لا يخرج المزيد عليه عن الهيئة الموظفة ومنه يعلم قوة جواز عطف شئ اخر مثل قوله أجل وأعظم
خلافا للعامة الطباطبائي في الموضعين وكذا زيادة مد الألف بين اللام والهاء المحكوم في كلام
المحقق والمصنف وغيرهما قه؟ باستحباب تركه لأنها أيضا لا تخرج عن توفيقية الهيئة بل الحكم بتوقيفية
مثل هذه الخصوصيات مستلزم للحرج الشديد مضافا إلى منع الدليل على اعتبارها لانصراف
الإشارة في قوله هكذا أصل إلى غير هذه الخصوصيات فينفي وجوبها باطلاق هذا الامر ومما
ذكرنا أيضا يعلم جواز اظهار ضم الراء وعدم وجوب الجزم وإن كان أقوى في الاعتبار من سابقه
الا ان ظاهر قوله صلى الله عليه وآله التكبير جزم الاستحباب كما في الروض والمفاتيح وعن غيرهما وعن بعض اتفاق
الأصحاب عليه {الرابع} من الواجبات {القراءة وتجب الحمد} اجماعا محققا ومستفيضا في الفريضة
{السنائية} بل الأحادية كصلاة الاحتياط والمنذورة على الأقوى {وفي الأوليين}
باليائين المثناتين وهو الأشهر كما في الروض ويجوز بالتاء تثنية أوله كما في الروض وشرح الروضة
وهي مؤنث أول الأسمى كما أن الأولى مؤنث أول الوصفي كما عن أبي حيان في الارتشاف فظهر ما
في جامع المقاصد من عدم استعمال الأولة وكيف كان فليست قرائة الفاتحة ركنا على المشهور
بل عن الخلاف دعوى الاجماع ويدل عليه الأخبار المستفيضة الدالة على عدم الإعادة بنسيان
98

ما عدا الخمسة كما في قوله (ع) لا تعاد الصلاة الا من خمسة أو بنسيان خصوص القراءة مثل ما في ورد في
ناسي القراءة في صلاته تارة أليس قد أتممت الركوع والسجود قال بلى قال تمت صلاتك واخرى إذا
حفظت الركوع والسجود تمت صلاتك وما ورد من أن القراءة سنة كما يظهر من صحيحة ابن سنان
من الله فرض من الصلاة الركوع والسجود وصرح به في صحيحة بن مسلم بزيادة ومن نسى القراءة فقد
تمت صلاته وبذلك ظهران القول بالركنية كما عن محكى الشيخ وعن التنقيح نسبة إلى ابن حمزة وان
قال بعض انى لم أجده في وسيلة ضعيف جدا وان دل عليه ظاهر النبوي المشهور لا صلاة الا
بفاتحة الكتاب المصرح به في صحيحة ابن مسلم من أن تارك القراءة لا صلاة له الا ان يبدأ بها في جهر أو
اخفات وكذا رواية سماعة {ثم إن مقتضى} بعض ما تقدم من أدلة المختار اختصاص البطلان بصورة
تعمد الترك المتبادر منه القصد إليه مع العلم بالوجوب نعم الجاهل به عندهم كالعامد دون الجاهل بالموضوع الذي
يتركها لاعتقاد عدم الوجوب في خصوص الموضع مثل ما لو صلى نية الاقتداء فبان عدم الامام
أو فقد شرط من الشروط المطلقة للجماعة أو زعم أن الامام في إحدى الأوليين فلم يقرء فتبين بعد
الركوع انه كان في غيرهما ومثله ما إذا صلى رجلان نوى كل منهما الايتمام بصاحبه مع أن الصحة
فيما قبل السئلة الأخيرة ثابته من غير هذه الجهة إما في الأولتين فلما دل على عدم إعادة الصلاة
خلف الكافر بعد تبين كفره فان فحواه يدل على عدم الإعادة خلف من تبين عدم ايتمامه فإذا انضم ذلك
آل ما ورد من الامام المخالف قدام المأمور بمنزلة الجدار بمعنى ان وجوده كعدمه غير مؤثر دل على
صحة الصلاة مع عدم الامام أو فساد الايتمام فتأمل واما في الثالثة فلان المأموم وإن كان حال
قيام الامام مخاطبا بالقرائة بناء على وجوبها على المأموم المسبوق الا ان ذلك المكلف سقط عنه
عند ركوع الامام وتعين عليه المتابعة في الركوع ولذا لو تبين له ذلك في حال قيامه وركوع الامام
لم تجب القراءة عليه ووجب المتابعة في الركوع وتمام الكلام في باب الجماعة وكيف كان فيشكل ما
ذكرنا في أصل المسألة بان ظاهر كلام جماعة كالفاضلين والشهيدين وغيره بطلان الصلاة في
المسألة الأخيرة معللين بترك القراءة وأيدوه برواية السكوني الواردة في المسألة ولعله الدعوى
صدق تعمد الترك عليه المبطل فتوى ونصا فان التعمد قد يكون للعصيان وقد يكون للجهل بالحكم
أو الموضوع والتبادر المدعى ممنوع فالأقوى البطلان مطلقا كبطلان النافلة مع تركها فيها أيضا
99

على المشهور بل المعروف عن غير المصنف في التذكرة لاطلاق أكثر ما تقدم مضافا لأي قاعدة اتحاد النافلة
والفريضة في الأجزاء والشروط الا ما خرج وتوقيفية النافلة والنبوي المرسل كل صلاة لا يقرء فيها
بفاتحة الكتاب فهى [خداج] أي ناقص ويشعر به أيضا رواية إسماعيل بن جابر أو ابن سنان قال قلت
له أقوم أخبر الليل وأخاف الصبح فقال اقرأ الفاتحة واعجل واعجل فان التأكيد في الاعجال مع الامر
بتمام الفاتحة في ضيق الوقت الذي قد ويرخص [لأحبه انى] ترك بعض واجبات الصلاة ظاهر في وجوبها
في س النافلة بمعنى اعتبارها فيها فظهر ضعف ما حكى عن التذكرة ورجع عنه في المختلف كما
قيل من عدم وجوبها فيها ولعله لعموم المنزلة في قوله (ع) ان النافلة بمنزلة الهدية متى ما اتى
بها قبلت حيث إن النقص من الهدية لا يوجب عدم قبولها بناء على أن قوله متى ما اتى بها قبلت
ليس مقيدا للمنزلة بل هو من الاحكام المتفرعة عليها ورواية علي بن أبي حمزة الضعيفة قال سئلت أبا عبد
الله (ع) عن الراحل المستعجل ما الذي يجزيه في النافلة قال ثلث تسبيحات في القراءة وتسبيحه
في الركوع وتسبيحة في السجود والعمل على المشهور ويجب فيما ذكر من الفريضة بعد الحمد قرائة
سورة كاملة على الأشهر بين من تقدم وتأخر وعن الانتصار والغنية والوسيلة وشرح
القاضي للجمل الاجماع عليه بل وعن الصدوق وعن الخلاف والمبسوط نسبة إلى ظاهر روايات
أصحابنا ومذاهبهم مثل رواية يحيى بن عمران الهمداني انه كتب إلى ابن أبي
جعفر (ع) يسئله عمن ترك
البسملة في السورة فكتب (ع) يعيد وحسنة عبد الله بن سنان بابن هاشم عن أبي عبد الله (ع)
قال للمريض ان يقرء في الفريضة فاتحة الكتاب وحدها ويجوز للصحيح في قضاء صلاة التطوع
بالليل والنهار ومفهوم صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال لا باس بان يقرء الرجل بفاتحة الكتاب
في الركعتين الأوليين إذا ما أعجلت به حاجة أو تخوف شيئا وما ورد في المعتبر ما في باب الجماعة
من المر مسبوق بقرائة أم الكتاب وسورة فإن لم يدرك السورة تامة اجزه أم الكتاب وما
روي عن الفضل بن شاذان عن الرضا (ع) انما أمر الناس بالقرائة في الصلاة لئلا يكون القران
مهجورا مضيعا وليكن محفوظا مدروسا ولا يضمحل ولا يجهل وانما بدء بالحمد في كل قرائة دون
سائر السور لأنه ليس شئ من القران والكلام جمع فيه من جوامع الخير والحكمة بما جمع في سورة
الحمد إلى آخره وما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله (ع) اقرأ بسم الله الرحمن الرحيم
100

في فاتحة الكتاب قال نعم قلت فإذا قرأت الفاتحة اقرأ بسم الله الرحمن الرحيم مع السورة قال نعم
فان السؤال في المقامين انما هو عن وجوب قرائة البسملة والا فجوازها بل استحبابها غير قابل
للسؤال ويؤيد هذه الروايات روايات أخرى كثيرة جدا مثل ما يظهر منه اعتقاد الراوي
لوجوب السورة وتقرير الإمام (ع) إياه كروايتي علي بن جعفر عن أخيه والصيقل عن أبيه صلوات
الله عليهما المسؤول فيهما عن اجزاء فاتحة الكتاب وحدها مع الاستعجال وصحيحة محمد بن مسلم
المتقدمة في تارك الفاتحة وفيها بعد قوله لا صلاة له الا ان يبدأ بها في جهرا أو اخفات
قلت فأيهما أحب إليك إذا كان خائفا أو مستعجلا يقرء سورة أو فاتحة الكتاب قال فاتحة الكتاب ومضمرة محمد بن إسماعيل أكون في طريق مكة فتزل للصلاة في مواضع فيها الاعراب أتصلي المكتوبة
على الأرض تقرأ أم الكتاب وحدها أم نصلى على الراحلة فنقرء فاتحه الكتاب والسورة فقال
إذا خفت فصل على الراحلة المكتوبة وغيرها وإذا قرأت الحمد والسورة أحب إلى ولا ارى
بالذي فعلت بأسا وربما يستدل على المطلب بنفس الامر الإمام (ع) بالصلاة على الراحلة للحرمة
اجماعا مع الاختيار لمراعاة السورة وفيه نظر لأن الظاهر أن امره بذلك من جهة ثبوت أصل
الخوف هناك المستفاد من قوله فتزل للصلاة في مواضع فيها الاعراب وان تفاوتت مراتبه
بالاقتصار على الفاتحة أو زيادة السورة عليها فان هذا المقدار لا يوجب الاختلاف في أصل الخوف وعدمه فكان الامام ودعه عما اعتقد من جواز الصلاة مخففة
في منازل الخوف تخفيفا للخوف ونهاه عن النزول لأجل الصلاة في مثل تلك المنازل وفي الرواية
قرائن على ما قلنا كما لا يخفى ومثل ما دل على حرمة العدول بعد النصف الظاهرة في وجوب الاتمام
ومثل ما ورد في بيان كيفية صلاة الآيات وكميتها لزرارة ومحمد بن مسلم السائلين عنهما بقولهما
كم هي ركعة وكيف يضلهما فقال عشر ركعات وأربع سجدات تفتتح الصلاة بتكبيرة وتركع
بتكبيرة حيث إنه لم يتعرض لوجوب السورة ولا الفاتحة فيها مع وجوبهما فيما كما دلت عليه
ذيل هذه الرواية وغيرها فقد أحال ذلك على علم السائل بوجوب السورة كالفاتحة
في كل فريضة وكذا ما ورد في بيان صلاة العيدين مع وجوب
السورة فيهما كما اعترف به بعض منكري وجوبها في غيرها مدعيا عليه الاجماع إلى غير ذلك مما
تعف عليه المتتبع كيف ويكفى في مثل المسألة التي لا يبعد في مثلها لزوم الاحتياط تحكيما
101

لقاعدة الشغل واحد مما قدمناه من الاخبار بعد الاعتضاد والانجبار بالاجماعات المستفيضة
المعتضدة بالشهرة العظيمة التي لا يبعد معها دعوى ندرة المخالف لرجوع المحقق والمصنف قدس سرهما
على تقدير تسليم ميله إليه في المنتهى عنه في كتبهما المتأخرة واضطراب العبارة المحكية عن خلاف
الشيخ مضافا إلى نسبة الوجوب فيه إلى ظاهر روايات الأصحاب ومذاهبهم مع احتمال ان يكون
اورد في النهاية مضمون بعض الأخبار الدالة على عدم الوجوب ايراد الاعتقاد كما ينادى به الحلى
في كثير من الموارد فلم يبق الا الإسكافي والديلمي مع أن الغالب كما قيل مطابقة فتوى الأول منهما لفتاوى
العامة حتى أنه في الرياض كثيرا ما يجعل فتواه قرينة على حمل الخبر الموافق لها على التقية كما اتفق
ذلك فيما نحن فيه على تقدير فتواه بعدم الوجوب والا فالمحكى عنه ظاهر في جواز التبعيض لا ترك السورة
رأسا نعم حكى عن ظاهر العماني حيث قال وأقل ما يجزى في الصلاة من القراءة عند آل الرسول صلى الله عليه وآله
فاتحة الكتاب مع أنه حكى عنه في المختلف على ما قيل القول بالوجوب فلعله أراد أقل المجزى بالنسبة
إلى الجميع حتى المستعجل وخائف ضيق الوقت فلم يبق فيما استقر عليه صريح أداء المتقدمين
والمتأخرين إلى زمان صاحب المدارك الا الديلمي نعم تبعه صاحب المدارك وجماعة ممن تأخر عنه
لصحيحة ابن رئاب والحلبي أو صحيحتها بناء على التعدد عن الصادق (ع) ان فاتحة الكتاب تجوز
وحدها في الفريضة المحمولة على صورة العذر كما تقدم وصحيحتي سعد بن سعد وزرارة
الدالتين على جواز التبعيض المحمولتين على النافلة وما ورد من تبعيض الصادقين عليهما السلام
في صلاتهما وحمل على التقية بقرنية قول الصادق (ع) بعد الصلاة انما أردت ان أعلمكم و
وقوله (ع) بعد السؤال عن فعل أبيه (ع) انما صنع ذا ليفقهكم ويعلمكم وعلى أحد هذه المحامل الثلاثة
تحمل جميع ما ورد في هذا الباب من التبعيض الدالة بضميمة الاجماع المركب المدعى في كلام بعض على عدم
وجوب السورة اغماضا عما يظهر من المحكي عن الإسكافي ولو سلم تعارض أحدهما مع احتمال
حمل اخبار المختار على الاستحباب بناء على تمشيه في جميعها كفى في الترجيح مطابقة الأصحاب و
موافقة الكتاب ومخالفة الكلاب كالشافعي وغيره من الجمهور كما في المعتبر والمنتهى مع كونه
مقتضى الاحتياط اللازم هنا أو المطلوب في كل باب ثم إن الخلاف في المسألة على ما في المعتبر والمنتهى والمدارك
منحصر في الفرائض مع الاختيار وسعة الوقت وامكان التعلم وصرحوا بعدم الخلاف في غير ذلك
102

فلا يجب في النوافل بالنص ومنه ما ورد في صلاة الاحتياط والاجماع نقله الا إذا اخذ السورة
المطلقة أو سورة خاصة في كيفيتها فلا تشرع من دونها الا ان يقصد بها امتثال مطلق
الامر بالنافلة لا النافلة الخاصة وكذا لا يجب مع الاضطرار ولو بان يشق عليه لمرض يطلب
معه تخفيف الصلاة لحسنة ابن سنان المتقدمة في أدلة المشهور واطلاق المريض فيها محمول
بل منصرف إلى ما ذكرنا وفي كشف اللثام دعوى النص والاجماع على خروج المريض والمستعجل وظاهره
ككثير من النصوص المتقدمة كفاية مطلق الاستعجال لغرض ديني ولو لم يبلغ حد الوجوب أو
دنيوي ولو لم يبلغ حد الاضطرار ولا باس به بعد قيام الدليل عليه الرافع لاستبعاد كون مطلق
الحاجة عذرا في ترك الواجب وفي الحكم بترك السورة لمتابعة الامام في الركوع بجواز نية الانفراد
في جميع الأحوال ايماء إلى ذلك وإن كان المتابعة عذرا في ترك ما هو أهم من السورة كالفاتحة
وبدلها كلا أو بعضا إذا فات بهما لحوق الامام في الركوع ومن فحوى ما ذكرنا يعلم سقوط السورة
مع ضيق الوقت بحيث يخرج الوقت بقرائته وان أدرك منه ركعة فان ادراك مجموع الصلاة
في وقتها غرض مطلوب للعقلاء والمتدينين مضافا إلى اطلاق نفى الخلاف في الكتب المتقدمة وعن
الحدائق ومع ذلك فالحكم لا يخلوا عن اشكال لو هن نفى الخلاف بمصير بعض ناقليه كالمصنف قدس سره
في التذكرة إلى عدم السقوط وتردد في النهاية وقواه في جامع المقاصد وكانه مال إليه في شرح
الروضة واما الوجه المذكور فيشكل بان مرجع ادراك مجموع الصلاة في وقتها إن كان إلى الغرض
الدنيوي أو الديني المندوب فهو على تسليمه فرضا لا يوجب أزيد من الرخصة والمقصود الغريمة
وإن كان إلى الغرض الديني الحتمي فهو فرع الامر بادراك الصلاة في الوقت وهو بعد فرض السورة
جزء منها ممنوع ضرورة عدم جواز الامر بفعل في وقت يقصر عنه وسقوط السورة حينئذ عين محل
الكلام وأهمية الوقت انما هي بالنسبة إلى الشرائط الاختيارية دون الأجزاء الا ان يتمسك بفحوى
تقديم الوقت على كثير من الشرائط التي علم أنها أهم في نظر الشارع من السورة مع أن دعوى
الاتفاق على المسألة في المعتبر والمنتهى وعن غيرهما مما لا مساغ لردها مضافا إلى امكان منع دلالة
أدلة وجوب السورة على وجوبها في المقام ويتخير المصلى في الزائد على الأوليين بين قرائة
الحمد وحدها من غير سورة وبين التسبيح باجماع علمائنا كما في ظاهر المنتهى والذكرى والروض
103

والمدارك وعن الخلاف والمختصر والمهذب وجامع المقاصد وارشاد الجعفرية والمفاتيح وبلا خلاف
كما عن السرائر والبحار والاخبار به قريب من التواتر بل هي متواتره عن أهل البيت (ع) كما في
المعتبر والمنتهى ثم إن معقد هذه الاجماعات هو المنفرد واما غيره فسيأتي الخلاف فيه في باب الجماعة
نعم عن الخلاف ان من نسى القراءة في الأوليين فالقراءة له أحوط وفي محكى التنقيح عن الشيخين تعين
القراءة حينئذ وفي الروض انه مال إليه في الخلاف وعن المبسوط ان في رواية تعين القراءة لكن الموجود
من الروايات بأيدينا ما يدل على خلاف ذلك كقوله (ع) لمن نسى القراءة في الأوليين انى أكره ان اجعل اخر صلاتي أولها وكيف كان فاختلف في التسبيح كما وكيفا
فالأشهر كما عن المقاصد العلية والأكثر كما عن مجمع الفائدة كفاية أربع تسبيحات صورتها سبحان
الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر لصحيحة زرارة قال قلت لأبي جعفر (ع)
ما يجزى من القول في الركعتين الأخيرتين قال إن تقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر
وفي خبر محمد بن حمزة في علة فضل التسبيح ان النبي صلى الله عليه وآله لما كان في الأخيرتين ذكر ما رأى من عظمة الله [فلاهش]
فقال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فلذلك صار التسبيح أفضل من القراءة والخدشة في الأولى
كما في كشف اللثام بأنه يمكن ان يكون بياننا لاجزاء ما يقال لا عددها كاحتماله في الثانية ليس في
محلها وبها تقيد اطلاق ما دل على كفاية مطلق الذكر كما في رواية علي بن حنظلة أو مطلق التسبيح والتحميد
كما في صحيح ابن زرارة أو بزيادة التهليل والتكير ونقصان التحميد كما في حسنة زرارة بابن هاشم
أو مع نقصان التهليل كما في رواية الحلبي مع أن ذكر الجميع كذكر مطلق التسبيح في كثير من الاخبار
إشارة اجمالية إلى ذكر المعهود كالإشارة بالقرائة إلى خصوص الفاتحة واما ما دل على أن أدنى ما
يجزى هو سبحان الله ثلثا كما في رواية فهو محمول على صورة الضرورة جمعا كما أن صحيحة زرارة المحكية
عن أول السرائر عن كتاب حريز عن أبي جعفر (ع) قال لا تقرأ في الركعتين الأخيرتين من الأربع الركعات
المفروضات شيئا إما ما كنت أو غير امام قلت فما أقول فيها فقال إذا كنت إماما أو وحدك فقل
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ثلث مرات ثم تكبر وتركع محمولة على الاستحباب نظرا
إلى أن السؤال ليس عما يجب قوله في الأخيرتين لان نهيه (ع) عن القراءة فيها ليس للتحريم قطعا
فالسؤال عما ينبغي ان يقال بدل القراءة فلا يدل على تعيين الذكر فظهر ضعف ما عن النهاية
الاقتصار والعماني والتلخيص والبيان والمهذب من وجوب التسبيحات الأربع ثلثا وقد رجع عنه
الشيخ في المبسوط وكذا الشهيد في اللمعة والدروس والمحكى عن العماني في المعتبر والمنتهى القول بالعشر
نعم اختاره غير واحد ممن قاربنا عصرهم وقد روى هذا الصحيح عن الصدوق بحذف التكبير وزيادة
قوله تكمله تسع تسبيحات ونحوه في الحذف ما عن مستطرفات السرائر مع ابدال الزيادة بقوله
104

ثلث مرات وهذا أيضا مما يوهن التمسك بها للقول بالأنثى عشر مضافا إلى ذكر الرواية في المعتبر
والمنتهى عن كتاب حريز مطابقا لما في المستطرفات ولأجل ذلك كله يقوى الظن بزيادة التبكير فيما
رواه الحلى في باب الصلاة من السرائر سيما مع حكاية القول بالتسع عن حريز وحكاية القول
بالعشر عن الحلى واما التمسك للتسع فهو وإن كان حسنا من جهة ترجيح ما في المستطرفات أو كتاب
الصدوق الا ان مثل هذا الاضطراب في المتن يمنع عن مكافئة الرواية لما تقدم من صحيحة زرارة
مضافا إلى انها لا تدل على الوجوب والى اعتضاد الصحيحة بما دل على ثبوت التكبير في هذا الذكر ولعله
لهذا اختار جماعة وجوب تكبير واحد زائدا على التسع بعدها إما للأدلة الخارجية واما لجعل التكبير في
قوله ثم تكبر وتركع ما عدا تكبيرة الركوع المستغنى عن ذكرها هنا بمعلومية ثبوتها للركوع لكنه
أيضا خلاف الظاهر كما لا يخفى وإن كان ظاهر عطف التكبير على التسبيح يعطى الوجوب والأدلة الخارجية
الدالة على وجوب التكبير انما تؤيد صحيحة المختار ولا تقيد هذه الا على أن يكون التكبير عقيب كل
من التسبيحات الثلث ليقع جوابا لما تضمنه الرواية من السؤال عما ينبغي ان يقال لان الاثني عشر
منتهى الاستحباب على المعرف عن غير العماني القائل باستحباب الخمس والسبع الذي لا يعمل عليه الا
لمتابعة هذا الشيخ العظيم الشأن في استحباب ذكر الله كما في الذكري تسامحا في طرق السن ثم إن
لأصحابنا رضوان الله عليهم في ترجيح التسبيح على القراءة مطلقا كما عن العماني وظاهر الصدوقين
والحلى وجملة من متأخري المتأخرين أو القراءة مطلقا كما عن الحلبي واللمعة والمدارك أو للامام مطلقا
والتسوية في غيره كما في الشرايع وعن غيره أو التسبيح للمأموم كما عن المنتهى والمنفرد كما عن الدروس أو
ان تيقن دخول مسبوق معه كما عن الإسكافي وغيره أقول منشاها اختلاف الاخبار واختلاف
وجوه الجمع بينها ثم إن المعروف عدم وجوب الاستغفار وفي المنتهى الأقرب انه ليس بواجب ولعله
في مقابل الروايات المخالفة مثل ظاهر قوله (ع) في صحيحة عبيد بن زرارة بعد السؤال عن ذكر الأخيرتين
فتسبح وتحمد لله وتستغفر لذنبك وان شئت فاتحة الكتاب فإنها تحميد ودعاء فان عطف الاستغفار
على الواجب ظاهر في وجوبه مضافا إلى تعليل اجزاء الفاتحة بكونها تحميدا ودعاء مع أن الدعاء في المبدل
ليس الا الاستغفار الا ان يقال المراد اشتمالها على ذكر المبدل وزيادة ومثل قوله (ع) في حسنة زرارة
بابن هاشم مشيرا إلى ما عدا الأولين سبع ركعات هي سنة ليس فيهن قرائة انما هو تسبيح وتكبير و
105

تهليل ودعاء ونحوها غيرها ومن ظريف ما رشح من فلم السيد الداماد في رواشحه توجيه الصحيحة الأولى
طاعنا على من مال إلى وجوب الاستغفار من معاصريه أو احتاط به لأجلها بان الواو بمعنى حتى والمراد
كون الاستغفار غاية للتسبيح والتحميد والأحسن حمل الروايتين على استحباب الدعاء بقرينة خلو غيرهما
الوارد في مقام البيان عنه على كثرتها {ثم إنه ان قلنا} بوجوب الاستغفار فهو عقيب الذكر فان أوجبنا
تكراره ثلث مرات كرر عقيب كل مرة لأنه مقتضى تقييد مطلق التسبيح المستعقب للاستغفار بالتكرار
{والأقوى وجوب الترتيب} بين الاذكار الأربعة وفاقا للمشهور كما عن جامع المقاصد بل الموالاة أيضا
لظاهر الصحيحة المتقدمة وفي المعتبر الأشبه عدم وجوب الترتيب لورود بعض الروايات بتقديم التحميد و
هو حسن ما استوجهه من جواز العمل بكل ما ذكر من الروايات {وهل يجوز العدول} عن كل واحد
من القراءة والتسبيح إلى الأخر قولان من الأصل وكون الذكر والقرآن لا يقدح زيادتهما ومن انه ابطال
[لل؟ ول] كما في الذكرى بل موجب للزيادة عمدا لأنه نوى بالأول الجزئية وفي كلا الوجهين نظر يعلم ما تقدم
في تضاعيف المسائل والظاهر عدم اعتبار نية قصد تعيين أحدهما بل يجزى ما جرى منهما على لسانه بنية
الصلاة المركوزة ولو قصد تفصيلا أحدهما فاستبق لسانه إلى الآخر فإن كان من غير نية
فيجب استينافه أو غيره وإن كان لغفلته عن القصد التفضيلي وكان الاتيان بما سبق لسانه بنية الصلاة
المركوزة أجزء لما مر نعم في بعض الروايات الواردة في سجدتي السهو رجحانهما فيما إذا أردت ان تقرأ فسبحت وإذا
أردت ان تسبح فقرات فان ظاهره وجوب الرجوع إلى ما أراد بقرنية قوله قبلها إذا أردت ان
تقوم فقعدت أو أردت ان تقعد فقمت الا ان يحمل القراءة مقام التسبيح على ما لا يجرى عنه كالسورة
وابعاضها وابعاض الفاتحة والمشهور وجوب الاخفات في هذا الذكر وعن الغنية الاجماع عليه
للاحتياط ولعموم البدلية المستفادة من مثل قوله (ع) في صحيحة عبيد بن زرارة وان شئت فاتحة الكتاب
فإنها تحميد ودعاء حيث دلت على أن اجزاء الفاتحة لكونها من افراد التحميد والمفروض ثبوت الاخفات في الفاتحة لما سيجئ فلولا اتحاد الفاتحة مع التسبيح في الكيفية لم تكن العلة في اجزاء الفاتحة مجرد
كونا فردا من التسبيح بل هو مع كونه بوصف الاخفات ولما شهد به في الذكرى من ورود عموم النص
بالاخفات ولصحيحة زرارة في رجل جهر فيما لا ينبغي الجهر فيه إلى آخره بناء على ترك لفظ القراءة فيها
وان اشتملت رواية أخرى لزرارة عليها ولا شك ان التسبيح مما لا ينبغي الجهر فيه للاتفاق ظاهرا
106

على رجحان الاخفات فيه ولرواية علي بن يقطين المصححة قال سئلت أبا الحسن (ع) عن الركعتين [اللتين يضمنت]
فيهما الامام أيقرأ فيهما بالحمد وهو امام تقيدى به قال إن قرأت فلا بأس وان سكت فلا بأس والظاهر أن
المراد بالركعتين هما الأخيرتان وقد اعتقد السائل ان الموظف فيهما الاخفات وقرره
الإمام (ع) وجميع الوجوه لا يخلوا عن نظر فالعمدة هو الاجماع المعتضد بالشهرة العظيمة حيث لم يخالف
في المسألة الا الحلى المصنف قدس سره في بعض كتبه وما عن موجز الحاوي نعم قواه غير واحد من متأخري
المتأخرين مثل أصحاب الذخيرة والبحار والحدائق مضافا إلى أنه أحوط وإن كان في تعينه نظر إذا الظاهر أن
اجماع الغنية على الاخفات فيما عدا الجهرية مختص باخفات القراءة كما لا يخفى عن من لاحظها وقد
يحكى عن بعض استحباب الجهر بها ولعله لخبر رجاء بن الضحاك وهو ممن سعى على قتل الإمام (ع) كما قبل انه
صحب الرضا (ع) من المدينة إلى المرو فكان يقرء في الأولتين ويسبح في الأخيرتين بناء على أنه سمع
التسبيح وأقل الجهر ان يسمع الغير والدلالة كالسند في الضعف ومثله ما أشهر في بعض الأزمان المتأخرة
في بلاد البحرين من وجوب الجهر على الامام في الركعتين الأخيرتين وفساد صلاة من أخفت بالتسبيح لما
ورد من أنه ينبغي للامام ان يسمع من خلفه مع أن أصحابنا قديما وحديثا فهموا من لفظ ينبغي الاستحباب
واستدلوا بالرواية على استحباب الجهر للامام بالتشهد واذكار الركوع والسجود ثم إنه لو شرع في
الزائد على القدر الواجب فهل يجب اتمامه بشروط الواجب بناء على اتصاف الفرد الكامل بالوجوب كما
هو مذهب جماعة في الروضة انه ظاهر النص والفتوى أم لا بل يجوز تركه وتغييره عن صفة الوجوب
وجهان أقويهما الثاني لأن الظاهر أن التخيير هنا بين الأقل بوصف الأقلية وبين الأكثر فكلما وجد منهما في الخارج
حصل به الامتثال ولا ينافيه قصد الأخر أولا لما مر في النية من أن القصد إلى الخصوصيات الغير المقومة
لحقيقة الواجب وان وقعت متعلقة للأوامر المتعددة التخيرية لا يمنع العدول إلى الأخر ولو لم
يحسن القراءة وجب عليه التعلم لما يجهله منها اجماعا بعد دخول الوقت بل قبله لمن يعلم بعدم التمكن قبله
في وجه تقدم في التكبيرة وظاهر العبارة كغيرها وجوب التعلم عينا فلا يسقط بالتمكن من الايتمام فلو تركه
في السعة وأنتم اثم وصحت الصلاة قيل ولعله لان الايتمام ليس من أفعاله ليتخير بينه وبين التعلم لتوقفه
على ما لا يدخل في قدرته من وجود الامام وهو الشيخ في الجواهر وبقائه وسائر شروط الجماعة فتركه للتعلم ترك للواجب مع
عدم العلم بما يسقطه وفيه نظر ظاهر فالتحقيق ان اطلاق وجب التعلم في كلامهم ليس الا كالطلاق
107

وجوب أصل القراءة في الصلاة غير مناف للسقوط إذا اطمأن بالتمكن من الايتمام ومثل الايتمام
اتباع القارئ والقراءة من المصحف خلافا في الأخير للمحكى عن الشيخ في كتبه والمصنف قدس سره في التحرير
وولده والشهيدين وللكركي الانصراف أدلة القراءة إلى القراءة عن ظهر القلب ولأنه صلى الله عليه وآله لم يأمر الأعرابي
بالقرائة من المصحف ولوجوب تعلم اجزاء الصلاة ومنها القراءة ولان القراءة من المصحف مكروه
اجماعا كما عن الايضاح ولا شئ من المكروه بواجب ولخصوص الخبر عن الرجل والمرأة يضع المصحف امامه
ينظر فيه يقرء يصلى قال لا يعتد بتلك الصلاة والكل ضعيف حتى الخبر فلا مخرج عن الأصل و
اطلاقات المؤيدة القارئة برواية الصيقل في الرجل يصلى وهو ينظر في المصحف يقرء فيه بضع السراج قريبا
منه قال لا بأس بذلك وحمله الأولون على النافلة ولا شاهد كه فالجواز أقوى وفاقا للمحكى عن المحقق
وعن المصنف قدس سره في التذكرة والنهاية وجماعة من متأخري المتأخرين ويظهر من الذكرى جريان هذا
الخلاف في اتباع القارئ ومقتضى ما ذكرنا وجوب الايتمام عند ضيق الوقت وعدم التمكن من اخويه
وقد يستشكل ان لم ينعقد الاجماع عليه بان مقتضى اطلاق النصوص والاجماعات المنقولة ثبوت الأحكام الآتية
لمن لا يحسن القراءة وليس المراد منه من لا يحسنها مدة العمر بل عند الحاجة إليها وهو صادق في
المقام وفيه نظر لان مفروض كلامهم صورة وجوب العلم المتفرع على وجوب القراءة فان ضاق الوقت عن
التعلم ولم يتمكن من أحد الثلاثة المذكورة قرء ما يحسنه منها اجماعا محققا في الجملة فإن كان مجموع
الفاتحة أو هي مع بعض السورة اقتصر عليه ولم يعوض عن المجهول بلا خلاف على ما في المنتهى ويظهر من
الذكري أيضا حيث جعل محل الخلاف وجوب كون العوض بقدر الفاتحة وعدمه وإن كان بعض الفاتحة
فإن لم يصدق عليه القران فالظاهر عدم وجوب قرائته كما صرح به الفاضلان والشهيدان أو غيرهم والمراد
صدق قرائة القران عرفا لا مجرد التكلم بما يعد من القران لغة ويترتب عليه احكامه من حرمة
المس محدثا وحرمة التلفظ به جنبا إذا كان من إحدى الغرائم وان صدق عليه انه قران وان المتلفظ
به يقرء القران قرئها اجماعا محققا ومحكيا وظاهر عبائر الجماعة في اعتبار تسمية البعض قرانا
اعتبار صدق القران عليه في نفسه ولو مع عدم القصد ويشهد له ان النبي صلى الله عليه وآله أمر الأعرابي بالتسبيحات
الأربع مع كون ما عدا التكبير منها مذكورا في القران والنبوي الأخر إن كان معك قرآن فاقرء به
والا فاحمد الله وهلله وكبره حيث جعل فيه التحميد والتهليل خارجا عن القرآن كما صرح به الشهيد
108

والمحقق الثاني وهل يقتصر على ما يحسن كما هو ظاهر العبارة كعبارة الشرائع واللمعة وصريح
المعتبر والمنتهى والمدارك أو وجوب التعويض عنه كما في الروض انه المشهور بين المتأخرين قولان
من أصالة البراءة واقتضاء الامر بالقدر المستطاع اجزائه كالأمر في النبوي إن كان معك قرآن
فاقرء به ومن الاحتياط في العبارة وان كلما دل على البدلية عند تعذر جميع الفاتحة دل على
اعتبارها عن كل جزء منها ولعموم فاقرؤا ما تيسر ولعموم قوله لا صلاة الا بفاتحة الكتاب خرج
الصلاة المجردة عنها المشتملة على بدلها ولقوله (ع) في علل الفضل انما أمر الناس بالقرائة في الصلاة
لئلا يكون القرآن مهجورا مضيعا إلى أن قال وانما بدء بالحمد دون غيرها من السور لأنه جمع فيه من
جوامع الخير والكلم ما لم يجمع في غيرها فان ظاهر ما يدل على أن مهية القراءة مطلوبة في نفسها
لحكمة عدم هجر القران وخصوصية الفاتحة لحكمة أخرى ففقد الخصوصية لا يوجب سقوط المهية
ولان النبي صلى الله عليه وآله أمر الأعرابي بالتسبيحات الأربع مع بعد ان يكون جاهلا بالتسمية بل وبضم كلمتي رب
العالمين إلى التحميد الذي هو من اجزاء التسبيحات فيحصل له ثلث آيات فلو لا وجوب التعويض ولو
بالذكر لاستغني بالآيات الثلث عن الذكر وهذه الأدلة لا يخلوا عن نظر الا ان القول بالتعويض
لا يخلوا عن قوة وعليه فهل يتعين تكرار ما يعلم من الفاتحة كما عن التذكرة والمنظومة وغيرهما
لا قربيته إلى الفائت أو يتعين الابدال من غيرها المغاير لها صورة لا بمجرد القصد كما في [بسامل]
السور الآيات المكررة في القران مع القدرة كما عليه جماعة لعموم فاقرؤا ما تيسر والنبوي إن كان
معك قران فاقرء به والا فاحمد الله وهلله وكبره وصحيحة ابن سنان لو أن رجلا دخل في الاسلام
ولا يحسن ان يقرء القرآن أجزئه ان يكبر ويسبح ولا ن الشئ الواحد لا يكون أصلا وبدلا ولان المستفاد
من رواية العلل المتقدمة ان تقديم الحمد لحكم متفرقة في آياتها لا توجد في غيرها ولا شك في أنها
لا تحرز بتكرار بعضها ونحوها ما ورد من أن اسم الله الأعظم مقطع في أم الكتاب وهذا هو الأقوى
وأقربية بعض الفاتحة إلى بعضها الغائت ممنوعة جدا ولو عجز عن غير ما يعلم فهل يجب التكرار كما حكى
نسبة إلى جماعة أو يجب الابدال بالذكر لان بدليته عن مجموع الفاتحة عند تعذرها يقتضى بدلية بعضه عن بعضها ولان الشئ الواحد لا يكون أصلا وبدلا ولان النبي صلى الله عليه وآله أمر الأعرابي بالذكر
مع بعد عدم علمه بالقران حتى البسملة مع كون الحمد الله من القرآن وكذا لا إله إلا الله فلولا وجوب الذكر
109

لامره بتكرار التحميد مع البسملة وضم كلمتي رب العالمين ليحل ثلث آيات أو بدونهما الأقوى
الثاني ويحتمل قويا سقوط الابدال حينئذ كما اختار بعض السادة المعاصرين لعدم الدليل على
التكرار مضافا إلى الأجزاء المستفاد من قوله فاقرؤا ما تيسر والنبوي إن كان معك قران فاقرء به و
ضعف النبوي المشتمل على أمر الأعرابي بالذكر الا ان يقال إن ضعفه منجبر بذكر الامامية له في كتبهم على وجه
الاستناد مضافا إلى صحيحة ابن سنان الدالة على وجوب الذكر على جاهل القرآن الذي يبعد جهله
بالبسملة والتحميد الا ان يقال إنها مسوقة لبيان حكم فرض فرضه فلا ينافى في ندرة المفروض لينصرف
إلى الغالب وان جهل الجميع ولم يعلم شيئا من الفاتحة قرء من غيرها بلا خلاف ظاهرا الا ما يوهمه
ظاهر عبارة الشرايع وظاهر المحكي عن الشيخ في المبسوط من التخيير بين قرائة غيرها والذكر قيل
ولم نزلها موافقا ويدل عليه صحيحة ابن سنان والنبويين المتقدمين مضافا إلى المستفاد من قوله فاقرؤا
ما تيسر من الوجوب العيني وعلى المختار فان علم سورة كاملة قرء منها ما يساوى الحمد ثم أعادها أو
غيرها لعموم فاقرؤا ما تيسر ولان الابدال عن الفاتحة الثابت مع الجهل بالسورة لا يسقط بالعلم بها
والا لم يجب التعويض عن الفاتحة بالقران أصلا وهو خلاف الاجماع لان ما يعلمه من السورة أو بعضها
انما يمتثل ايجاب السورة التي لا يسقط رأسا بتعذر بعضها مضافا إلى عموم لا صلاة الا بفاتحة الكتاب
خرج ما إذا عوض عنها ولكن فيه ما مر من النظر خلافا للمنتهى فلم يوجب التعويض هنا ولعله للأصل و
امتثال أو أمر القراءة وسقوط أمر الفاتحة وعدم ثبوت الامر يبدلها على الخصوص بل وجوب القران
غيرها لامتثال أمر القراءة لا لخصوص بدل الفاتحة مضافا إلى قيام شبهة القران في هذا المقام كما في كشف اللثام والجميع كما ترى بل التعويض هنا متعين وان لم نقل به فيما تقدم من صورة
معرفة بعض الفاتحة لامكان ان يقال هناك بكفاية ما يعلم منها عما لا يعلم لظاهر الأجزاء في حديث
الامر بالمستطاع بخلاف ما نحن فيه ولعله لذا افتى في التحرير هناك بعدم وجوب التعويض عن
الفائت واستشكل فيه هنا ثم إن صريح المعتبر والمنتهى كما عن التحرير عدم وجوب كون العوض
بقدر الفاتحة لما مر في جواز الاقتصار على ما يعلمه من الفاتحة وفيه ما تقدم من أدلة وجوب التعويض
عن الفائت المستلزم لوجوب المساواة هنا بالاجماع ظاهرا والأولوية القطعية فإنه إذا لم يكتف
بثلث ابات من نفس الفاتحة فكيف بها من غيرها فالأقوى وجوب كونها بقدرها وفاقا لجماعة كما
110

عن التذكرة والشهيدين والمحقق الثاني وهل المراد قدرها في الآيات أو في الحروف أو فيهما
ان تيسروا الا ففي الحروف أقوال خيرها أوسطها وهو المشهور كما في الروض إذ لا عبرة بالآيات في كم
القراءة والتلاوة ولذا لو أمر بكتابة مقدار الفاتحة لم يفهم غير ما ذكرنا والمدار على الملفوظ من الحروف
دون المرسوم وفي همزات الوصل قولان أقويهما عدم الاعتبار لعدم تعين التلفظ بها وكذا ما يقرء على
وجهين كملك ومالك واما اعتبار التوالي قيل فلا خلاف أجده وفيه وعن ارشاد الجعفرية الاجماع عليه
ولعله لوجوب مراعاة صفات المبدل في البدل وفيه ان المسلم وجوب تساويهما في الاحكام لا في الصفات
فالبدل بصفاته المختصة به قائم في الاحكام والآثار مقام المبدل فالأولى التمسك بظهور الامر بالقرائة
في المتوالى ولو لم يحسن الا المتفرقة أجزأت ان لم تخرج بذلك عن القران والا فهو داخل فيمن لم يحسن
من القراءة شيئا وسبح الله وهلله وكبره كما في كلام جماعة وعن الحدائق انه المشهور وفي الذكرى و
عن النهاية زيادة التحميد وعن مجمع البرهان نقص التهليل وعن موضع من الخلاف ذكر الله وكبره وعن
اخر منه وجب ان يحمد الله مكان القراءة اجماعا وفي اللمعة ذكر الله بقدرها وفي صحيحة ابن سنان أجزئه
ان يكبر ويسبح ويصلى وفى النبوي المتقدم فاحمد الله وهلله وكبره وفى اخر تقدم التسبيحات الأربع والعمل
به أولي جمعا بين الأقوال والروايات وخروجا عن خلاف من أوجب ذكر الأخيرتين كما استوجهه في الذكرى
بعد ما حكاه عن الإسكافي والجعفي وتبعه الثانيان في جامع المقاصد والروض وحكى عن [المي‍؟؟] والموجز
وكشف الالتباس ويمكن ارجاع صحيحة ابن سنان إليه بان يراد من التكبيرة تكبيرة الاحرام ومن التسبيح
تسبيحات الأربع التي يطلق عليها التسبيح في الاخبار كثيرا إما تغليبا أو لاشتمال الفقرات الأربع
على تنزيه الله سبحانه والمراد أجزئه ان يفتتح الصلاة ويسبح عن القراءة ويصلى وهل يجب ان يكون بقدرها
أي القراءة أو الفاتحة أم لا أقوال ظاهر العبارة كصريح الفريد في شرح المفاتيح هو الأول وربما
يظهر من عبارة الخلاف المتقدمة وجب ان يحمد الله مكان القراءة اجماعا لكن في المنتهى وعن الذخيرة و
البحار عدم الخلاف في الاقتصار على الفاتحة مع الجهل بالسورة وضيق الوقت عن التعلم وهو الظاهر
من الذكري حيث خص الخلاف في وجوب مساواة الذكر للفاتحة الأوفق بالأصل لاختصاص أدلة
التعويض بجاهل الفاتحة فلا يجب التعويض عن السورة في حق العالم بها لا يجب في حق الجاهل بهما أيضا لعدم
القول بالفصل وصريح المعتبر والمنتهى عدم وجوب المساواة مطلقا ولعله لمعنى اقتضاء البدلية لتساوي
111

الا في الاحكام مع أنه سيجئ كفاية التسبيحات الأربع مرة واحدة بدل الفاتحة في الأخيرتين فهو الأقوى
ولو عجز عن الذكر العربي فالأقوى ان ترجمة الفاتحة مقدمة على ترجمة الذكر لاشتمال الفاتحة على الذكر الا
ان يلتزم بوجوب ترجمة الذكر البدلي فتقدم لأنها يصدق عليه التسبيح كما تقدم في تكبيرة الاحرام
بخلاف ترجمة الفاتحة التي لا يصدق الفاتحة عليها نعم لو لم يحسنها تعين ترجمة الفاتحة ولا يجوز ترجمة
الآيات المشتملة على القصص لصيرورته كلاما خارجا عن القران والذكر ولو عجز عن الجميع ففي
التذكرة والنهاية والدروس والموجز وشرحه وجب ان يقوم بقدر القراءة واستحسنه في الروضة والروض
وعن الجعفرية ان في بعض الأخبار ايماء إليه واحتمل وجوب تحريك لسانه كالأخرس وما ذكروه حسن ان
ثبت وجوب القيام بمقدار القراءة إما إذا كان الثابت وجوب القيام حال القراءة فلا وقد يرد بان
وجوب القيام تبعي وفيه نظر ثم يجب على العاجز المذكوران يتعلم ظاهر العبارة كغيرها عدم سقوط وجوب التعلم
بالتمكن من الايتمام أو متابعة الهاوي وقد مر ان الأقوى سقوطه مع الاطمينان بحصول الصلاة على أحد الوجهين
ولو ارتفع التعذر في أثناء الصلاة بعد الفراغ عن البدل مع بقاء محل القراءة فعن جماعة وجوب الاتيان
بالأصل ولعله لكشف تجدد القدرة قبل الركوع عن عدم الامر واقعا بالبدل وانما يختل الامر لتخيل
استمرار العجز مع امكان دعوى ظهور أدلة البدلية فيها مع استمرار العجز عكس ما ادعى في مسألة بدلية الجلوس
عن القيام عند العجز فراجع وتأمل والأخرس يحرك مع الصوت لسانه بالمعنى الأعم من لهواته وشفيته
بالقرائة ويعقد قلبه بها بان ينوى كونها حركة قرائة لان الحركة بنفسها تصلح لغيرها كما في الروض و
جامع المقاصد مفسرين به كلام كل من اشترط عقد القلب بمعناها وهو حسن بالنسبة إلى من يعرف ان في
الوجود كلاما وقرائة ولا يعرف أزيد من ذلك واما من سمع الفاظ القراءة وأتقنها بل تكلم بهامدة
فالظاهر عدم الاكتفاء بمجرد نية كون الحركة حركة قرائة بل لابد من تطبيق الحركة على حروف القراءة جزء
فجزء بحيث يكون صوته بمنزلة كلام غير متمايزة الحروف انه المقدور في حقه من القراءة بل هي منه
قرائة عرفا كما أن من لا يعرف ان في الوجود الفاظا أو قرائة وصوتا كما في غالب الأخرس الخلقي فلا
يبعد وجوب عقد قلبه عند تحريم اللسان بمعنى آيات القراءة إذا أمكن افهامه إياها ولا بعد في
وجوب ذلك عليه وعدم وجوبه على غير الأخرس لان التلفظ بالألفاظ المستقلة في الدلالة على المعاني
[مغز] عن عقد القلب بمعناها بخلاف حركة اللسان التي لا تعد قرائة ولا قدرا ميسورا منها فيجب القصد
112

تفصيلا إلى المعنى لتكون حركة لسانه مع هذا القصد بمنزلة تلفظ غيره ولا ريب ان هذا منه أقرب إلى
القراءة من حركة اللسان ناويا انها القراءة التي لا يعلم أنها من أي مقوله ويمكن ان يحمل على هذا
القسم ما في الذكري وعن الدروس والبيان من أن الأخرس يعقد قلبه بمعناها إذا أمكن افهام معانيها
كلا وانه ان تعذرا فهم بعضها وحرك لسانه به وامر بتحريك اللسان بقدر الباقي وان لم يفهم معناه
تفصيلا ثم قال وهذه لم أر فيها نصا وتعرض له الثانيان بان القصد إلى المعنى لا يجب على غير الأخرس
فضلا عنه واحتمل في الروض ان يكون مراده بفهم المعاني فهم ما به يتميز بين الفاظ الفاتحة ليتحقق
القصد إلى اجزائها جزء فجزء مع الامكان ثم استحسنه وفي كشف اللثام ان ما في كتب الشهيد مسامحة
أو ان المراد من معنى القراءة هي الألفاظ وانه ان أراد معانيها فقد يكون اعتبارها لأنها لا تنفك
عن ذهن من عقد قلبه بالألفاظ إذا عرف معانيها وأنت خبير ببعد هذه المحامل عن ظاهر كلام الشهيد
نعم ذكر في الكشف في وجه حكم الشهيدان الأصل هو المعنى وانما سقط اعتباره عن الناطق باللفظ
رخصة فإذا سقط اللفظ وجب العقد بالمعنى والظاهر أن مراده ان الأصل هو ملاحظة المعنى مع اللفظ
لا ان المقصود الأصلي هو المعنى لمنع ذلك في القراءة التي أمر بها الناس لئلا يكون القران مهجورا كما
في علل الفضل لكن فيه ان الأصل المذكور لا ينفع بعد عدم اعتباره قطعا في الناطق وعدم الدليل على اعتباره
في الأخرس فالأولى توجيه حكم الشهيد بما يكون دليلا عليه لا بالاعتبار المحيض وقد عرفت ان الدليل
هو كون حركة لسانه مع قصد المعنى الذي افهمه أقرب إلى القراءة من قصد كون الحركة حركة قرائة فهو المتعين
بعد اتفاقهم ظاهرا على وجوب العقد بشئ والأولى الجمع بين العقدين {ثم إنه هل يجب} على الأخرس الإشارة
بالإصبع كما في رواية السكوني تلبية الأخرس وتشهده وقرائته للقران في الصلاة تحريك لسانه
والإشارة بإصبعه الأقوى نعم في القسم الأول والثالث من أقسام الأخرس الثلاثة المتقدمة للرواية
المؤيدة بان المتعارف في الأخرس ابراز مقاصده بحركة اللسان أو اللهوات أو الشفتين مع الإشارة
باليد فقد ارجعه الشارع في تكلمه بالألفاظ المعتبرة في عباداته ومعاملاته المعتادة في ابراز
ساير مقاصده واما القسم الثاني ففي انصراف لفظ الأخرس في الرواية إليه نظر من غلبة غيره مع أنه حيث فرض تكلمه بالألفاظ غير متمايزة الحروف فليس في نفسه مطلب ومعنى يشير إليه بيده فهو قار في الحقيقة
بكلام كالمندمج واما الأخرس الذي لا يمكن تفهيمه القراءة أو المعاني ولو اجمالا فالظاهر سقوط تحريك
113

اللسان عنه لعدم الدليل عليه الا ما يتوهم من أن التحريك كان واجبا مع القراءة فلا يسقط بسقوطها
وفيه ما لا يخفى واما رواية السكوني فهى بقرنية ذكر الإشارة فيها محمولة على من يمكن تفهيمه شيئا من
القراءة أو المعنى ليشير إليه كالقادر على الكلام الجاهل بالقران والذكر الذي تقدم ان الأحوط بل
الأقوى ان يقف بقدر القراءة والله العالم وفي حكم الأخرس من عجز عن النطق لعارض واما من لا يقدر
على اصلاح لسانه [كالتمثام] والفافا والألتغ أو لغيرها فهو يأتي بالمقدور لفحوى ما مر في الأخرس وفي
موثقة مسعدة بن صدقه عن مولانا الصادق (ع) انك قد ترى من المحرم من العجم لا يراد منه ما يراد من
العالم الفصيح وكذلك الأخرس في القراءة في الصلاة والتشهد وما أشبه ذلك فهذا بمنزلة العجم والمحرم
لا يراد منه ما يراد من العاقل المتكلم الفصيح وفي رواية السكوني عن الصادق (ع) عن النبي صلى الله عليه وآله ان الرجل الأعجمي في
أمتي ليقرء القران بعجمية فترفعه الملائكة على عربيته وفي الخبرين بلال عند الله شين والظاهر عدم
وجوب الايتمام على من ذكر لعموم أدلة استحباب الجماعة بالنسبة إلى جميع المكلفين وان وجبت على
بعضهم في بعض الأحوال مثل من ضاق وقته عن التعلم فان استحباب الجماعة ذاتا له لا ينافى وجوبها وعليه
في هذا الحال بخلاف من ذكر فان ايجاب الجماعة عليهم يستلزم تخصيص العمومات بالنسبة إلى الاشخاص
ولعله الفارق بين المقامين فتأمل مضافا إلى عدم الخلاف ظاهرا في عدم لزوم الجماعة عليهم واستلزام
ايجابه العسر الأغلبي الذي يكون مناط الدفع الحكم على الاطلاق لا دائرا معه وجودا وعدما ولا يجزى
عن القراءة الترجمة لها مع القدرة عليها اجماعا لعدم صدق قرائة الفاتحة والسورة على ترجمتها
ولو دار الامر بين الترجمة والذكر قدم الثاني لصحيحة ابن سنان والنبويين المتقدم ذكرها ولو دار الامر
بين ترجمتهما فقد مر الكلام ولا يجزى القراءة مع الاخلال بحرف منها عمدا اجماعا كما في كشف اللثام
وعند علمائنا أجمع كما في المعتبر وبلا خلاف كما في المنتهى وعن الذخيرة لان الفاتحة اسم للمجموع المنتفى
بانتفاء جزء منه ولا عبرة بالمسامحات العرفية فلو أخل فإن كان المتروك حرفا من كلمة بحيث خرج
بذلك عن كونه قرانا فان اقتصر عليها بطلت صلاته للنقص بل وللزيادة حيث قصد بالمأتى به الجزئية
وللكلام الخارج وان لم يقصد الجزئية فللأول والثالث وان لم يقصر فللأخيرين وان لم يكن جزء
من كلمة كواو العطف فللنقص مع عدم التدارك وللزيادة معه والاخلال بالتشديد مع اثبات المدغم
متحركا اخلال بالكيفية المعتبرة في الحرف وساكنا اخلال بالموالاة المعتبرة في الكلمة ومع حذفه اخلال
114

بالحرف ولما لم يكن كاملا في التلفظ عطفه بقوله حتى التشديد بل في الروض وجامع المقاصد انه اخلال
بحرف وزياده وهو ادغامه حيث إن الادغام بمنزلة الاعراب الذي يبطل الاخلال به في المشهور بل
عند علمائنا أجمع كما في المعتبر وعن غيره أيضا نفى الخلاف لكن عن التذكرة انه أقوى القولين والظاهر أنه
إشارة إلى ما حكى عن السيد من كون الاخلال الغير المغير للمعنى مكروها غير مبطل واقتصر في المعتبر والمنتهى
على نسبة الجواز إلى بعض العامة وكيف كان فضعفه ظاهر لان الاخلال بالاعراب مطلقا اخلال بالجزء الصوري
للقرائة المأمور بها كما في المنتهى وكشف اللثام فيكون منهيا عنه فيخرج من القرآن إلى كلام الآدميين
كما في جامع المقاصد فيبطل من وجهين أو وجوه كما تقدم في الاخلال بالحرف وقد ذكر الشارح وسبطه
ان المراد بالاعراب ما تواتر نقطه في القران لا ما وافق العربية فان القراءة سنة متبعة وهو حسن
مع عدم العلم يكون ذلك الاعراب الخاص من قياسات القراءة ومقتضيات قواعدهم في العربية بناء
على ما حكى من المصاحف كانت في الصدر الأول غير معربة ولا منقطة وان أبا اسود الدئلي اعرب
مصحفا واحدا في زمان خلافة معاوية وقد شهد غير واحد ممن شاهد المصاحف الموجودة في خزانه
مشهد الرضا (ع) بخط مولانا أمير المؤمنين وأولاده المعصومين صلوات الله عليهم بكونها كذلك ويؤيد
ذلك ما ذكر في سبب تدوين النحوان رجلا قرء بمسمع من أمير المؤمنين (ع) قوله تعالى " ان الله برئ من
المشركين ورسوله " بالجر فامر (ع) أبا الأسود بتدوين النحو ولقنه بعض قواعده نعم دعوى كون جميع اعرابها
موكولا مفوضا إلى ما يقتضيه قواعد العربية خلاف الظاهر بل المقطوع إذا الظاهر أن أكثر الاعرابات و
النقط كانت محفوظة في الصدور بالقرائة على مشايخها خلفا عن سلف لان اهتمام الصحابة و
التابعين بالقرآن أشد من أن يهملوا الاعرابات والنقط المتلقاة عن النبي صلى الله عليه وآله واليه ينظر ما حكى عن بعضهم
من أن أئمة القراءة لا يعمل بشئ من حروف القران على الافشى في اللغة والا فليس في العربية بل على
الا ثبت في الأثر والأصح في النقل وإذا ثبت الرواية لم يردها قياس عربية ولا فشو لغة لان القراءة
سنة متبعة انتهى وعن بعضهم ان المردود في القراءة ما وافق العربية والرسم ولم ينقل وهذا
مرتكبه مرتكب لعظيم من الكبائر وقد جوزه بعضهم فعقد له مجلس وأجمعوا على منعه انتهى نعم يوهن
ذلك حكاية تجردها المذكورة المشتملة على تصرف القراء في الاعرابات والنقط على ما يوافق
مذهبهم في اللغة والعربية فلا ينفع توجيه التجريد بان يحمل على أن ضبط رسوم اعراب الكلام في
115

الكتابة لم يكن متعارفا سواء في ذلك اعرابات أواخر الكم وحركات موادها من حيث استغنائهم
عن ذلك بانطلاق ألسنتهم بها كانطلاق السنة أهل العجم بحركات كلماتهم على مقتضى العادة و
الجبلة [الأول يصرف عنه ما دف] لظاهر العطف في لفظة ورسوله في الآية السابقة منضما إلى
الغفلة عن المعنى فجروا كتابة القران على مقتضى عادتهم في كتابة غيره وبالجملة ان علم كون الاعراب الخاص
المضبوط في المصاحف مأثورا عن مهيطه فلا اشكال في وجوب اتباعه وكذا ان احتمل ذلك لعدم
العلم يكون غيره قرانا بمادته وصورته واما مع العلم بكونه عن قياس عربي في مذهب بعض القراء بل وكلهم فالظاهر
عدم وجوب متابعتهم وجواز القراءة بغيره إذا وافق العربية لان الاعراب من حيث هو ليس مقوما
للكلام النوعي وإن كان مقوما للشخصي حيث إن من اجزائه الصورية كحركات [البينة] المقومة لهما ولذا لو قرء أحد دعاء الصحيفة بأحد اعرابين صحيحين لغة مع عدمه علمه بموافقة الاعراب الذي اعربه سيد الساجدين
عليه وعلى ابائه وأبنائه أكمل صلاة المصلين صدق عليه انه قرء دعاء الصحفية ولو سلبه عنه أحد كان
كاذبا في سلبه فإذا لم يكن مقوما للكلام النوعي الذي هو المأمور به دون الشخصي فليس اعتباره الا من
حيث محافظة ما علم اعتباره في قرائة القران من عدم اللحن العربي فإذا فرض عدم اللحن فيه فلاوجه
لعدم الاجتزاء به وما سبق من حكاية دعوى انهم لا يتصرفون في شئ من الحروف الشامل لاعرابها بالقياس
ممنوع ومن هنا طعن نجم الأئمة تبعا للزجاج في قرائة حمزة واتقوا الله الذي تسألون به والأرحام
بجر المعطوف بأنها صدرت عنه جريا على مذهبه ومذهب غيره من الكوفيين من جواز العطف على
الضمير المجرور بلا إعادة الجار وان تواتر القراءات السبع غير مسلم وعن الزمخشري الطعن في رواية
ابن عامر قتل أولادهم شركائهم بالفصل بين المتضايفين نعم طعن بعض شراح الشاطيبيه على مثل نجم
الأئمة والزمخشري والزجاج من أرباب العربية الطاغتين في قرائة اقراء بأنهم اعتمدوا في قواعدهم
الكلية وفروعهم الجزئية على كلام أهل الجاهلية وبنقل الأصمعي ونحوه من يبول على قدمه نظما ونثرا
ويحتجون به ويطعنون تارة في قرائة نافع واخرى في قرائة ابن عامر ومرة في قرائة حمزة وأمثالهم
فإنهم ان لم يعتقدوا تواتر القراءة فلا أقل من أن يعتبروا صحة الرواية من أرباب العدالة وهذا
الطعن كما ترى مردود بأنه بعد ما ثبت ان القرآن نزل على لسان الأصمعي ونحوه ممن يبول على قدمه ولم يثبت
صحة قرائة حمزة في لسانهم لا تواترها عن النبي صلى الله عليه وآله فتخطئه اجتهاد الحمزة في قرائته لا تقدح في عدالته
116

ومنه يظهر ضعف ما حكاه في ذلك الشرح أيضا عن بعض أهل التفسير الطاعن على الزجاج المخطئ
لقرائة الجر المذكورة ان مثل هذا الكلام مردود عند أئمة الديني لان القراءات التي قرئها القراء
ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله تواتر يعرفها أهل الصنعة فمن رد ذلك فقد رد على النبي صلى الله عليه وآله وهذا المقام محذور
لا تقلد فيه أئمة اللغة والنحو انتهى فقد حصل مما ذكرناه ان المتبع من الاعراب الموجودة في المصاحف
ما لم يعلم استناده إلى القياس ومنه يظهر حكم غير الاعراب مما اعتبره القراء ولو بأجمعهم من بعض افراد الادغام ونحوه من القواعد المقررة عندهم لتجويد قرائة مطلق الكلام قرانا أو غيره مما لا يدخل
له في صحة الكلام من حث العربية إذا علم استنادهم فيه إلى اقتضاء قاعدة التجويد الجارية في مطلق ما
يتلى من القران والدعاء فان مثله ليس من مقومات القران من قبيل حركات البنية وترتيب الحروف
والكلمات ولا من مصححاته في العربية لأن المفروض كونها غير موجبة للحن في الكلام ولذا ترى القارئ
المتبحر يهملها في المحاورة وعند قرائة عبائر الاخبار والكتب بل مطلقا عند الاستعجال ولا يعد لاحنا
ولعله لذا احتمل الشارح قدس سره على ما حكى عنه ان يكون مرادهم من الوجوب فيما يستعملونه تأكد الفعل
كما اعترفوا به اصطلاحهم على الوقف الواجب وعلى تقدير ارادتهم المعنى الحقيقي فلا دليل على وجوب
متابعتهم بعد احراز القرآنية والصحة اللغوية عدا ما دل على وجوب القراءة على الوجه المتعارف بين
القراء من الاجماع المنقول مستفيضا بل متواترا كما في مفتاح الكرامة على تواتر القراءات السبع أو
العشر المفسر تارة بتواتر كل واحد منها عن النبي صلى الله عليه وآله واخرى بانحصار المتواتر فيها وثالثة بتواتر جواز
القراءة بها بل وجوبها عن الأئمة (ع) المستلزم لعدم جواز القراءة بغيرها لعدم العلم بكونه قرانا
مضافا إلى دعوى الاجماع بالخصوص على عدم الجواز بالغير وما ورد من الروايات الامرة بالقرائة
كما يقرء الناس كما في رواية سالم بن ابن أبي
سلمة أو كما تعلمتم كما في مرسلة محمد بن سليمان أو كما علمتم كما في رواية
سفيان بن السمط مع امكان دعوى انصراف اطلاق الامر بالقوامة إلى المتعارف منها سيما في تلك
الأزمنة وليس في شئ من هذه دلالة على المطلب لمنع التواتر بالنسبة إلى الهيئة الحاصلة من اعمال تلك
القواعد المقررة عندهم لتجويد الكلام العربي من حيث هو كلام لا من حيث إنه قران مع صدق القران
على المجرد عنها صدقا حقيقيا جزما وصحته من حيث العربية قطعا بحكم الفرض مع أنه لو سلم تواتر الهيئة
عن النبي صلى الله عليه وآله فلا دليل على وجوب متابعة كل هيئة قرئها صلى الله عليه وآله ولو من جهة اعتياده بها في مطلق الكلام
117

حيث إنه أفصح من نطق بالضاد سيما وان خصوصيات الهيئات غير منضبطة فالمدار في غير ما ثبت اعتباره
من خصوصيات الهيئات على ما يصدق عرفا معه التكلم بما تكلم به النبي صلى الله عليه وآله في مقام حكاية الوحي
وان اختلفا في المد والغنة أو في مقدارهما وفي الوقف والوصل واما الاخبار الامرة
بالقرائة كما يقرء الناس ونحوها فملاحظتها مع الصدر والذيل يكشف عن أن المراد حذف
الزيادات التي كان يتكلم بها بعض الأصحاب بحضرتهم صلوات الله عليهم إلى أن يقوم القائم
روحي وروح العالمين فداه وعجل الله فرجه فيظهر قران أمير المؤمنين (ع) والحاصل ان مدار
اعتبار الخصوصيات في القراءة على أحد أمور ثلثه أحدها كونها مقوما المقرانية من حيث
المادة أو الصورة وبه يثبت مراعاة الحروف وترتيبها وموالاتها وحركات بنية الكلمة ونحو
ذلك الثاني كونه مصححا للعربية وبه يثبت وجوب مراعاة جميع قواعد العربية في الأبنية
واعراب الكم الثالث كونه مأثورا عن النبي صلى الله عليه وآله إما مجرد ذلك بناء على أصالة وجوب التأسي في غير ما
خرج بالدليل أو مع ثبوت الدليل على اعتباره وإذا فرض خروج ما اتفق عليه القراء من الأولين فلابد
من اثبات تواتره أولا عن النبي صلى الله عليه وآله ثم إقامة الدليل على وجوب التأسي فيه بناء على منع قاعدة التأسي
سيما في الخصوصيات العادية وكلتا المقدمتين [صعبة] الاثبات ومما يوهن الأولى ما عرفت من حكاية خلو المصاحف
عن الاعراب والنقط فضلا عن المد ونحوه حتى اختلفوا فيه اختلافا فاحشا خطأ كل واحد منهم مخالفه
بل قيل إن كل واحد من القراء كان يمنع عن قرائة من تقدم عليه من السبعة وربما خطأهم الإمام (ع)
الذي هو من أهل البيت الوحي كما في جزئية البسملة لغير الفاتحة من السورة وتخطئتهم (ع) ابن مسعود
الذي هو عماد القراء في اخراج المعوذتين عن القران مضافا إلى أنه يستدلون غالبا في قواعدهم
إلى مناسبات اعتبارية ولما يتمسكون فيه بالأثر فلو كان القران بتلك الخصوصيات متواترة
لاستندوا في الجميع إلى اسنادهم المتواترة كما يفعلون في قليل من المواضع ودعوى ان ذكرهم
للمناسبات انما هو لبيان المناسبة في الكيفية المأثورة لا لتصحيحها بنفس تلك المناسبة كما هو
داب علماء النحو في ذكر المناسبات مع أن قواعدها توقيفية اجماعا غير مجدية بعد ما علمنا أن
مستندهم في التوقيف هو مجرد موافقة القراءة أحد المصاحف العثمانية ولو باحتمال
رسمه له كملك ومالك مع صحة سندها قال الجزري في كتابه على ما حكى عنه كل قرائة وافقت العربية
118

ولو بوجه ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا وصح سندها فهى القراءة الصحيحة سواء
كانت من السبعة أم غيرهم إلى أن قال هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف لا نعرف
من حد منهم خلافه وما عداها ضعيفة أو شاذة أو باطلة سواء كانت من السبعة أو غيرهم انتهى ثم
صرح في اخر كلامه بان السند لا يجب ان يتواتر وان ما قيل من أن القرآن لا يثبت الا بالتواتر لا يخفى
ما فيه وأنت خبير بان السند الصحيح بل المتواتر باعتقادهم من أضعف الاسناد عندنا لانهم يعتمدون
في السند على من لا يشك نحن في كذبه واما موافقه أحد المصاحف العثمانية فهى أيضا من الموهنات
عندنا سيما مع يمشكهم على اعتبارها باجماع الصحابة عليها الذين جعل الله الرشد في خلافهم
حيث إنه غير من القران ما شاء ولذا اعرضوا عن مصحف أمير المؤمنين (ع) لما عرضه عليهم فأخفاه
لولده القائم عليهم السلام وعجل الله فرجه وطنجوا المصاحف الأخر لكتاب الوحي فلم يبق من الثلاثة المذكورة
في كلام الجزري التي هي المناط في صحة القراءة دون كونها من السبعة أو العشرة كما صرح هو به في ذيل
ما ذكرنا عنه ما نشاركهم في الاعتماد عليه الا موافقة العربية التي لا تدل الا على عدم كون القراءة
باطلة لا كونها ثورة عن النبي صلى الله عليه وآله مع أن حكاية طبخ عثمان ما عدا مصحفه من مصاحف كتاب الوحي
وامره كما في شرح الشاطبية كتاب المصحف عند اختلافهم في بعض الموارد ترجيح لغة قريش معللا
بان أغلب القران نزل عليها الدال على أن كتابة القران وتعيين قرائتها وقعت أحيانا بالحدس
الظني بحكم الغلبة وجه مستقل في عدم التواتر ولعله لذلك كله أنكر تواتر القراءات جماعة من
الخاصة والعامة مثل الشيخ في التبيان وابن طاوس ونجم الأئمة وجمال الدين الخوانساري والسيد
الجزايري وغيرهم من الخاصة والزمخشري والزركشى والحاجي والرازي والعضدي من العامة وعن
الفريد البهبهاني في حاشيته على المدارك كما عن غيره ان المسلم تواتر جواز القراءة بها عن الأئمة (ع)
واما ما ادعى من الاجماع على عدم جواز القراءة بغير القراءات السبع أو العشر فإنما هو في الشواذ
التي لا يعلم كونها قرانا كما يؤمى إليه استدلالهم عليه بأنه ليس بقرآن بناء على وجوب تواتر كل ما هو قران
أو بأنه لم يعلم كونه قرانا بناء على عدم وجوب تواتر كل جزء من القران لا في مثل فك بعض الادغام
أو ترك المد المخالفين لقرائة القراء مع العلم بصدق القران عليه كما تقدم واما دعوى انصراف
للأوامر المطلقة بالقرائة إلى المتعارفة منها سيما في تلك الأزمنة فهى ممنوعة إذا قلنا بانصراف
119

المطلق إلى الكامل وهو أيضا ممنوع فظهر مما ذكرنا عدم الدليل على اعتبار كثير مما اتفقوا على اعتبار
وإن كان بعضها مما اعتبره كثير من الأصحاب كالمد المتصل وهو في أحد حروف المد إذا تعقبه همزة
في كلمة واحدة {وعن فوائد الشرايع} انه لا نعرف في وجوبه خلافا وعلله في جامع المقاصد بان
الاخلال به اخلال بالحرف ولعله أراد ان الحرف بدون المد غير تام وفيه منع والا لم يفرق بين
المتصل والمنفصل وعلله القراء بمناسبات ضعيفة و {ربما يراد} من المد المتصل ما كان حرف المد و
موجبه في كلمة واحدة سواء كان موجبه همزة أو سكون لازم في مدغم لازم أو عارض أو غير مدغم
نحو جاء وسوء وجيئ ودابة وتأمروني وحروف فواتح السور الثلاثية المتوسطة بحرف المد التالي
للحركة المجانسة مثل ق ون وطسم ونحوها ولو قلنا بوجوب المد فالظاهر كفاية مسمى الزيادة على
المد الطبيعي ولا يجب ما اصطلح عليه القراء من تحديده بالالفات واما الادغام الصغير وهو ما إذا
كان أول المتماثلين أو المتقاربين ساكنا فقد صرح غير واحد بوجوبه وعن فوائد الشرايع أيضا
لا نعرف فيه خلافا وهو ان سلم في المتماثلين لأجل فوات الموالاة يفكه ففي المتقاربين اشكال من عدم
الدليل الا ان يثبت ان العرب لا يتلفظ بالحرف المدغم في المتقاربين المتجانسين الا مبدلا ومشددا فيكون الفك فيها بدلا للحرف بغيره لكنه لم يثبت الا في ادغام لام التعريف في الحروف الأربعة عشر
المسمى بالحروف الشمسية ولذا قال في المنتهى ان في الفاتحة أربعة عشر تشديد بلا خلاف وعن التذكرة
أيضا الاجماع عليه وقد أوجب القراء أيضا الادغام الصغير بلا غنه في التنوين والنون المتطرف الساكن
إذا وقع بعدها الراء واللام على خلاف ضعيف في الغنه مع اللام ومع الغنه في الميم والنون وكذا
الواو والياء على المعروف عن غير خلف وأوجبوا اظهارهما مع حروف الحق واخفائهما مع الغنة
والاخفاء حالة بين الاظهار والادغام من غير تشديد في البواقي غير الياء وقلبهما ميما عنده وفي
شرح الشاطبية عن بعضهم انه أجمع القراء واهل العربية على وجوب عند الياء ميما واخفاء
الميم المقلوبة مع الغنه وقد نقل حكاية الاتفاق على الادغام الصغير أيضا في مواضع مثل ادغام الذال
في الظاء نحو إذ ظلموا والدال في التاء نحو قد تبين والعكس نحو وعدتني وادغام تاء الثأنيث في
أدال والطاء نحو قد أجيبت دعوتكما وآمنت طائفة واللام في الراء نحو قل ربى واما الادغام
الكبير وهو ما إذا كان أحد المتماثلين والمتقاربين متحركا نحو ما سلككم في سقر والم نخلقكم فلا اعرف
120

القول بوجوبه لاحد من أصحابنا كما اعترف به بعض مشايخنا المعاصرين حاكيا الاعتراف به عن بعض
مشايخه وان أفرط بعضهم حتى حكم على ما حكى عنه بوجوب مراعاة صفات الحروف من الاستعلاء والهمس والاطباق
والغنة ونحوها ولعله بعض ما ذكر في توجيه اعتباره اتفق عليه القراء وقد عرفت ان الأقوى وفاقا لجماعة
عدم اعتباره قال في كشف الغطاء لا يجب العمل قرائتهم الا فيما يتعلق بالمباني من حروف وحركات وسكنات [؟؟]
أو بناء التوقيف على العشرة انما هو فيها واما المحسنات في القراءة من ادغام بين كلمتين أو مدا ووقف أو تحريك
ونحوها فايجابها كايجاب مقدار الحرف في تمام الكتابة والمحسنات في علم البديع والمستحبات في مذهب أهل التقوى
وفرقه بين ما يتعلق المباني وغيره مبنى ظاهرا على ما عرفت من مدخلية الأول في الخصوصيات المقومة القرآنية
بخلاف الثاني فلا وجه لما اعترض عليه من عدم الفرق نعم يجوز القراءة على طبق قرائتهم بل قرائة واحد منهم وان
اشتمل على ما يخالف الأصل مثل الحذف والابدال والإمالة إذا لم يخطئه مثله من القراء أو أهل العربية كما
عرفت من رد قرائة ابن عامر من الزمخشري في الفصل بين المتضائفين في قتل أولادهم شركائهم ووجه الجواز
صدق القرآنية وعدم اللحن من حيث العربية ومجرد ارتكاب الحذف والابدال ونحوهما من أحد السبعة الذين هم
من فحول أهل العربية الذين استقرت سيرة الفريقين قديما وحديثا على الركون إليهم لا يوجب التزلزل في
صحة الكلام من حيث العربية وكيف يحتمل ان يكون مثل الإمالة الكبرى التي يقرء بها الكسائي وحمزة الذين تلمذ
اولهما على أبان بن ثعلب المشهور في الفقه والحديث الذي قال له الإمام عليه السلام اجلس ومسجد رسول الله صلى الله عليه وآله
وافت الناس وثانيهما الذي قرء على الامام ابن أبي
عبد الله جعفر بن محمد عليهم السلام وعلى حمران بن أعين الجليل في الرواة
القارئ على ابن أبي
الأسود الدئلي القارئ على مولانا أمير المؤمنين (ع) مع اشتهارهما بذلك وعدم هجر قرائتهما
وجوبا لذلك لحنا في العربية ومبطلا للصلاة فما يظهر من بعض المعاصرين من التأمل في بعض القراءات
للمشتملة على الحذف والابدال ليس على ما ينبغي قال في المنتهى واجب القراءة إلى ما قرئه عاصم من طريق ابن أبي
بكر بن
عياش وطريق ابن عمر وبن العلا فإنها أولي من قرائة حمزة والكسائي لما فيها من الادغام والإمالة وزيادة المد
وذلك كله تكلف ولو قرء به صحت بلا خلاف بقى الكلام في حكم قرائة الثلاثة تمام العشرة وهم أبو جعفر و
يعقوب وخلف ففي الروض ان المشهور بين المتأخرين تواترها ثم قال تبعا للمحق الثاني في جامعه وممن شهد
بتواترها الشهيد في الذكرى ولا يقصر ذلك عن ثبوت الاجماع بخبر الواحد انتهى واعترضهما غير واحد ممن
تأخر عنهما بأنه رجوع عن اعتبار التواتر والتحقيق بعد عدم ثبوت تواتر السبعة وفاقا لجماعة ممن تقدم ذكرهم
121

وجوب إناطة حكم القران من جواز القراءة في الصلاة والاستناد إليه في الاحكام على ما هو موجود في المصاحف
الموجودة بأيدي الناس أوما ثبت انها قرائة كانت متعارفة مقررا عليها في زمن الأئمة (ع) والله العالم وحكى عن
بعض أهل هذا الفن ان القراءة المنسوبة إلى كل [قار] من السبعة وغيرهم منقسمة إلى المجمع عليه والشاذ غير أن هؤلاء
السبعة لشهرتهم وكثرة الصحيح المجمع عليه في قرائتهم يركن النفس إلى ما نقل عنهم فوق ما نقل عن غيرهم {ولا يجرى}
القراءة أيضا مع مخالفة ترتيب الآيات على الوجه المنقول المتعارف اجماعا لمخالفة المأمور به واولى منه ترتيب
الكلمات والجمل لفوات النظم الذي هو مناط الاعجاز فلو خالف عمدا أعاد الصلاة ان فرض بذلك خروجه عن
القرآنية أو قلنا بالخروج عنها بمجرد النهى المدخل له في كلام الآدميين أو بان زيادة جزء في الصلاة مبطلة
بناء على أنه فعل ذلك بقصد الجزئية فلو تداركها لزم الزيادة والا لزم النقصان أو لأنه نوى بتعمد ذلك في
اجزاء الصلاة الخروج عن الصلاة للشروعة وفي كل مقدمتي الوجوه الثلاثة نظر لمنع النهى عن القراءة مع مخالفة
الترتيب الاعلى وجه الارشاد المقتضى لعدم احتسابه من الصلاة لا التحريم الا من باب التشريع الذي قد يمنع
كونه موجبا الا لتحريم نفس الاعتقاد لا نفس الفعل وعلى تقدير تسليمه فخروجه بذلك عن القرآنية ممنوع واما
حديث الزيادة فقد تقدم مراد والكلام في صغراه وكبراه وكذا بطلان الصلاة بنية الخروج لو سلم تحققها
بمجرد افساد الجزء فالحكم بالحصة مع عدم الفرض المتقدم لا يخلوا عن قوة ولعل اطلاق كلمات الأكثر في حكمهم ببطلان
الصلاة مع التعمد في مقام بيان ان الاخلال بذلك في قرائة الصلاة مبطل لها لا انه مبطل حتى إذا تدارك
القراءة كما تقدم احتمال مثله في حكمهم ببطلان الصلاة إذا نوى ببعض اجزائها الرياء أو غير الصلاة نعم صريح
الشهيد والمحقق الثانيين في أمثال المقام بطلان الصلاة مع التدارك أيضا ومما ذكرنا يظهر قوه ان لا
تبطل الصلاة {مع قرائة السورة أولا} الا إذا اكتفى بها أو قصد بها الجزئية ولو استحبابا وبقى على قصده
إلى أن قرء الفاتحة للاخلال بالسورة والفاتحة التي لا يجدى وقوعها في حال نية الاخلال بالسورة الرافعة
لاستمرار نية الصلاة بناء على القول بوجوب السورة والاخلال بالفاتحة فقط بناء على القول باستحباب
السورة ومما ذكرنا يظهر ما في المدارك من حكمه بالصحة بمجرد إعادة السورة بعد الفاتحة المقروة في حال
زوال نية الصلاة الصحيحة بنية ترك السورة بعد الحمد بل بها وبنية جزئية السورة المقدمة وكذا ما في
الذكري من أنه لو لم توجب السورة لم يضر التقديم على الأقرب لأنه اتى بالواجب وما سبق قران لا تبطل الصلاة
إذ لا يخفى ان المفسد حينئذ امران أحدهما قصد جزئية ما ليس جزء والثاني الاستمرار عند الافعال الباقية على
122

هذه النية المنافية لنية أصل الصلاة ولو كان تقديمها لا بنية الجزئية فلا يضر وان قيل بوجوب السورة
فما في كشف اللثام بعد حكاية ذلك الحكم عن الذكرى من أنه لو أراد العموم للعمد فعسى ان لا يريد بنية الجزئية
تعريض لا توجيه ولو كان تقديم السورة سهوا فلا خلاف في عدم الأبطال ومقتضى اطلاق كلامهم كصريح
كشف اللثام عموم الحكم لما إذا كانت السورة المقدمة طويلة موجبة للفعل الكثير ولعله للأصل وعموم لا تعاد
وعدم الرافع عدا ما يتوهم من كونها فعلا كثيرا الممنوع بان المبطل منه هو الخارج الماحي لصورتها والخارج هنا
من جنس أفعال الصلاة بل قصد به جزء الصلاة غافلا عن عدم تقدمها على الفاتحة فلا يوجب محو الصورة
وقد تقدم نظيره فيما إذا نوى بالزائد على الواجب من أفعال الصلاة الرياء أو غير الصلاة ويؤيده ما سيجئ
من جواز العدول ووجوبه فيما إذا شرع في إحدى الغرائم فذكر قبل بلوغ أية السجدة وما عن قرب الإسناد
عن علي بن جعفر (ع) انه سئل أخاه عليهما السلام عن الرجل يصلى له ان يقرء في الفريضة فيمر بالآية فيها التخويف فيبكى
ويرد الآية قال يرد القران ما شاء وما ورد في ناسي الفاتحة وانه يعيد ما لم يركع وما ورد من اطلاقات
جواز قرائة القرآن في الصلاة الشامل للكثير والطويل والعمدة عدم محو صورة الصلاة مع القراءة بقصد
الجزئية غفلة ولا يجوز القران بين السورتين المتحقق عند المصنف والمحقق والشهيد الثانيين مع الزيادة
على سورة إما بين الكاملتين فالظاهر أنه مذهب كثير من القدماء كالشيخ والسيد بل عن الصدوق انه من دين الإمامية
وعن الانتصار الاجماع عليه واختاره جماعة من المتأخرين على ما حكى منهم المصنف قدس سره للأخبار المستفيضة
المحمولة عند أكثر المتأخرين كالحلي والمحقق والشهيدين والكركي وغيرهما تبعا للشيخ في الاستبصار والسيد على
ما حكى عن المصنف في محكى التذكرة وكانه في غير كتبه المعروفة على الكراهة بقرنية صحيح علي بن يقطين عن أبي
الحسن (ع) عن القران بين السورتين في المكتوبة والنافلة قال لا بأس والمحكى عن مستطرفات السرائر عن حريز
عن زرارة عن أبي جعفر (ع) لا تقرنن بين السورتين في الفريضة فإنه أفضل وصرف ظاهر تلك الأخبار
أولي من حمل هذه على التقية المستبعدة في زمان مولانا الباقر (ع) لان تقديم المخالف العامة على الموافق
لها في غير تعارض النص والظاهر كما في محله مضافا إلى اشعار التعليل في الأخبار الكثيرة المانعة بالامر باعطاء
كل سورة حقها من الركوع بان هذا على خلاف الأولى نعم يبعد حمل المذكور في مثل قوله لا تقرأ في المكتوبة
بأقل من سورة لا أكثر بناء على تحريم الأقل فلابد من إرادة مطلق المرجوحية وهو أولي مما في الروض من أن
النهى في الرواية متعدد وحرف النهى فيها مكرر فيحمل الأول على التحريم والثاني على الكراهة كما لا يخفى
123

وكيف كان فظاهر هذه الرواية كعبارة المصنف وصريح الروض وجامع المقاصد والمحكى عن الاقتصار والخلاف
والكافي ورسالة عمل اليوم والليلة شمول الحكم لمطلق الزيادة على السورة فان الظاهر من لفظ الأكثر فيها وإن كان تعدد
الآحاد لا الابعاض الا ان مقابلته الأقل يدل على إرادة مطلق الا زيد منه الصادق ولو بتكرار بعض السورة
بل يمكن دعوى تعميم القران لغير صورة التكرار من مطلق الزيادة سيما مع وصل الأخر بالأول لكن الظاهر عدم ثبوت
الحكم في ذلك لان المستفاد من الأخبار الكثيرة المعللة للحكم بان لكل سورة ركعة فاعطها حقها هو اختصاص
منع الزيادة بالسورتين وكون مطلق الزيادة مرجوحا للرواية لا لأجل تحقق القران وإن كان ممكنا لكنه
بعيد سيما مع ضعف سند الرواية بمحمد بن عبد الحميد المختلف فيه وأمكن جبرها بما يلوح من كلام جماعة
منهم الفاضلان في مسألة قرائة الغريمة من عموم محل الخلاف لزيادة البعض أيضا فيمكن دعوى عدم القول
بالتفصيل بين زيادة السورة وبعضها بل كلام شارح الروضة في تلك المسألة صريح في ذلك ودعوى
معارضة الرواية بما دل على جواز العدول فاسدة أولا بان الظاهر من القران هو نية الجمع بين السورة والزائد
من أول الأمر أو بعد الشروع والظاهر من العدول هو رفع اليد عما شرع فيه والقصد إلى ما يعدل إليه ولذا جعل
غير واحد الأصل في العدول الحرمة لأنه ابطال للعمل وثانيا ان أدلة العدول أخص مطلقا من الرواية
وكذا معارضة الرواية بما دل على جواز تكرير الآية من القرآن لما سيجئ من أن تكرار السورة أو الآية ليس من القرآن
مضافا إلى أن تلك الأخبار عام للنوافل والفريضة فتخصص بالرواية المختصة بالمكتوبة والتحقيق ان عنوان
القرآن بين السورتين والجمع بينهما الوارد في الاخبار لا يشمل الموضوع المذكور والرواية مع قصور سندها
لا يخلوا عن قصور الدلالة وان استظهرنا من لفظ الأكثر فيها مطلق الازيد والاجماع المركب أيضا غير ثابت
فلابد من ملاحظة الأصل فان جعلناه الجواز كما يظهر من بعض بناء على أن المكلف به مطلق السورة الصادق
مع الواحدة والتعدد فلا اشكال بعد طرح الرواية وان جعلناه المنع بناء على أن المتيقن جزئية السورة الواحدة
وليس في المقام اطلاق يشمل جزئية مهية السورة المشتركة بين الواحدة والمتعددة فاتيان البعض من السورة
الأخرى بقصد انه من قرائة الصلاة يحتاج إلى توقيف مفقود في المقام فان قلنا بالحرمة والبطلان مع زيادة
[السورة] التامة فالفرض ملحق به بحكم الأصل ويبقى الرواية المذكورة مؤيدة إما لو قلنا بالكراهة الرافعة
لحكم أصالة عدم المشروعية فيثبت مشروعية الآيتان بالبعض أيضا بالاجماع المركب أو الفحوى مع امكان منعها
واما الكراهة فيحكم بها لأجل الرواية وان قصرت دلالة أو سندا هذا كله مع قصد كون الزايد من جملة قرأته
124

الصلاة ولو قصد به الجزئية المستقلة فلا اشكال في البطلان كما لا اشكال ظاهرا في عدم المرجوحية
لو لم يقصد به قرائة الصلاة بل يدخل حينئذ في القران المستحب عموما ما لم يخل بالموالاة ويخرج عن محل الخلاق
كما في المدارك وكشف العظاء وعن الحدائق والبحار وغيرها كما يظهر من ملاحظة الأخبار الواردة وقوله (ع)
في أكثرها اعط كل سورة حقها من الركوع والسجود ومقابلتها الفريضة بالنافلة التي لا ريب في كون زيادة السورة
فيها بقصد الوظيفة لا القران الخارج عن الصلاة واستثناء والضحى والم نشرح من الجميع بين السورتين وقوله
لا تقرأ بأقل ولا أكثر مع أن النهى عن الأقل انما هو بعنوان كونه وظيفة هذا كله مضافا إلى عموم أدلة قرائة القران فتحصل
مما ذكرنا ان قراءة سورة أو بعضها عقيب السورة يتصور على وجوه ثلاثة أحدها ان يأتي بقصد انها جزء
مستقل ومشروع في نفسه وجوبا أو استحبابا والثاني ان يأتي بقصد انها قرائة قران أمر بها الثالث ان يأتي
بقصد انه من قرائة الصلاة الواجبة الممتثلة في ضمن مجموع السورتين والظاهر الذي ينبغي ان يكون محل الكلام
هو الثالث واما الثاني فلا ينبغي الاشكال في عدم المرجوحية نعم في بعض الروايات ما يشعر بها واما الأول
فلا ينبغي الاشكال ولا الخلاف في كونه مبطلا قال في جامع المقاصد بعد ذكر حكم القران والحاق بعض
السورة بها ولو قرن على قصد التوظيف شرعا وجوبا أو استحبابا حرم وأبطل قطعا انتهى وربما يغرى إليه
وإلى بعض من تأخر عنه تخصيص محل النزاع بما إذا اتى به على الوجه الثاني من الوجوه الثلاثة بحمل قوله ولو
قرن على قصد التوظيف على ما يعم قصد كونه من القراءة المعتبرة وفيه نظر وكذا في جعل تكرار السورة الواحدة
أو الفاتحة أو الآية منها لا للتدارك من القران لظهور النصوص والفتاوى في غيره بغيره الا ان يتمسك بعموم قوله (ع)
لا تقرأ بأقل من السورة ولا أكثر ولا يخلوا عن تأمل بل منع وعليه فلو قصد به ما قصد في القران من ادخاله
في القراءة المعتبرة فلا يبعد القول بالتحريم وان كرهنا القران لأجل ورود الدليل على كراهة المخرج عن
حكم أصالة عدم الشرعية المتقدمة ولو قصد به التوظيف أبطل قطعا {ويجب الجهر} بالقرائة {في الصبح وأوليي
المغرب وأوليي العشاء والاخفات بها في البواقي} على المشهور بل اجماعا كما في الغنية وعن الخلاف وظاهر التبيان
وعن السرائر نفى الخلاف عن عدم جواز الجهر في الركعتين الأخيرتين والاخفائية لرواية زرارة بسند الصدوق
إليه قلت له رجل جهر بالقرائة فيما لا ينبغي الجهر فيه أو اخفى فيما لا ينبغي الاخفات فيه قال أي ذلك فعل
متعمدا فقد نقض صلاته وعليه الإعادة وان فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدرى فلا شئ عليه ونحوها
أخرى بزيادة في السؤال قوله أو ترك القراءة فيما ينبغي القراءة فيه وهذا مؤكد لظهور النقص في البطلان
125

وعدم جواز إرادة نقص الثواب منه واستحباب الإعادة وعن الصدوق بسند الحسن إلى فضل بن شاذان في
حديث ذكر العلة التي من اجلها جعل الجهر في بعض الصلاة دون بعض ان الصلاة التي يجهر فيما انما هي في أوقات
مظلمة فوجب ان يجهر فيها ليعلم المار ان هناك جماعة فان أراد ان يصلى صلى لأنه ان لم ير جماعة علم ذلك من جهة
السماع والصلاتان اللتان لا يجهر فيهما انما هما النهار في أوقات مضيئة فهى من جهة الرؤية لا يحتاج فيهما
إلى السماع وفي رواية محمد بن حمران عن الصادق (ع) في علة الجهر والاخفات ان النبي صلى الله عليه وآله لما اسرى به إلى السماء كان أول
صلاة فرض الله عليه الظهر يوم الجمعة فأضاف الله إليه الملائكة فيصلون خلفه فامر نبيه صلى الله عليه وآله ان يجهر بالقرائة
ليبين لهم فضله ثم فرض عليه العصر ولم يضف إليه أحد من الملائكة وامره ان يخفى القراءة لأنه لم يكن ورائه أحد ثم
فرض عليه المغرب وأضاف إليه الملائكة وكذا العشاء الآخرة فلما كان قرب الفجر نزل ففرض الله عليه الفجر فأمره بالاجهاد
ليبين للناس فضله كما بين للملائكة وقد يستدل بقوله تعالى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها واتبع بين
ذلك سبيلا ولا يخفى ما فيه وان ضم إليها ما ورد في تفسيرها بل قيل بدلالتها على الخلاف وفيه أيضا نظر ظاهر
خلافا للإسكافي فاستحبهما في مواضعهما وعن السيد انه من السنن المؤكدة وهو شاذ وان مال إليه مطلقا
أو لولا خوف الاجماع جماعة أولهم الشارح المحقق المقدس واستدل لهم بالآية السابقة مع النظر فيها ورواية علي بن جعفر
الموصوفة بالحصة عن أخيه موسى (ع) قال سئلته عن الرجل يقرء من الفرايض ما يجهر فيه هل عليه ان لا يجهر قال إن شاء
جهر وان شاء يجهر وهي لمخالفتها للمشهور موافقتها فيه لمن حدا ابن ابن أبي
ليلى من الجمهور محمولة على التقية
ومجرد وجود موافق لهم منا لا يمنع من ذلك ثم إن مقتضى صحيحة زرارة معذورية الناسي والجاهل وعن التذكرة
الاجماع عليه ويشترط في معذوريته الجاهل عدم تردده حين العمل والا لم تأت منه نية التقرب والظاهر عدم الفرق
فيه بين الجاهل بأصلهما أو محلهما لاطلاق الرواية ولا بين الجاهل بحكمهما وموضوعهما كمن تخيل أدنى الجهر
اخفات لأنه لم يتعمد الجهر وان تعمد فعل ما هو جره في الواقع ولا يضره انصراف قوله لا يدرى إلى من لا يدرى
بأصل الحكم لأن الظاهر من قوله وإن كان ناسيا إلى آخره هو ما عدا صورة التعمد بالجهر والاخفات في غير محلهما
ولو كان في صلاة الظهر فظنها عشاء فجهر فالظاهر أنه داخل في الساهي هذا كله في حكم الجهر والاخفات من
حيث وظيفة الصلاة فاخفات المأموم المسبوق أو المرأة لكون صوتها عورة الظاهر أنه خارج عن مدلول الرواية
فلا يعذر فيه الجاهل مع احتمال المعذورية أيضا عملا باطلاق الرواية واجماع المحكي أو تنقيحا المناط الحكم أو
لاختصاص أدلة اشتراطهما في الموضعين بصورة الالتفات والأقوى ما تقدم ولو ذكر الناسي أو علم الجاهل
126

في الأثناء لم يعد إما سبق من القراءة ولو كان بعض كلمة ولا ما سبق لسانه إليه بعد الذكر لعدم تعمده في ذلك واسناد
المخالفة فيه إلى السهو اوال جهل السابق ثم إن المصرح به في كلام جماعة ان أقل الجهر ان يسمع غيره التقريب
والاخفات ان يسمع نفسه أو كان بحيث يسمع لو كان سميعا بل في المعتبر انه اجماع العلماء وفي المنتهى انه لا
خلاف فيه وعن البيان نسبة إلى الأصحاب وظاهر ذلك ان صورة اسماع الغير داخل في الجهر مطلقا كما
أفصح عنه ما في المنتهى من تعليل حديد الاخفات بما حكيناه عنه بان ما دونه لا يسمى كلاما ولا قرانا وما زاد عليه
يسمى جهرا وما في المعتبر والمنتهى كما عن التذكرة من الاستدلال على رجحان بالبسملة بما عن بعض الصحابة
من أن النبي صلى الله عليه وآله صلى فقرء البسملة قال في تقريب الاستدلال واخبارهم بالقرائة اخبار بالسماع ولا نعنى بالجهر
الا اسماع الغير انتهى وأصرح منها ما عن الحلى من أن حد الاخفات أعلاه ان تسمع أذناك القراءة وليس له حداد بي
بل إن لم تسمع اذناه القراءة فلا صلاة له وان سمعه من عين يمينه أو يساره صار جهرا فان تعمده بطلت صلاته وعن محكى الراوندي في تفسيره ان أقل الجهر ان تسمع من يليك واكثر الاخفات ان تسمع نفسك لكنها كما ترى
مخالفة للعرف بل اللغة أيضا فان الجهر كما عن الصحاح رفع الصوت وعن المجمل ان الجهر الاعلان بالشئ والخفت اسرار
النطق به فتأمل مضافا إلى أن التزام الاخفات بحيث لا يسمع الغير عسر بهذا بل في كشف اللثام عسى ان لا يكون مقدورا
مع أنه لا يبعد ان يكون مراد الفاضلين من التحديد المذكور وما هو المشهور بين المتأخرين الراجع إلى ما يوافق العرف
وإن كان هذا التأويل بعيدا في عبارة المعتبر والمنتهى الا ان حملها على ظاهرهما ابعد لما عرفت من أن المحقق صرح في
النافع الذي جعل المعتبر له بمنزلة شرح مشتمل على تحرير مسائله وتقرير دلائله كما ذكره في أول المعتبر بان أدنى الاخفات
ان يسمع نفسه وهذا نص في أن الاخفات فرد اخر يتحقق باسماع الغير وكذا المصنف في التحرير على ما حكى عنه و
لعله لذلك كله قال في جامع المقاصد بعد ذكر حد الجهر والاخفات في عبارة القواعد ان الحدين تحتاجان
إلى قيد زايد وهو صدق العنوانين في العرف فان ظاهره انه تفسير لكلام المصنف لا انه بيان لمذهب نفسه المخالف
لظاهر عبارة المتن ومع ذلك كله فالأحوط مراعاة أدنى الاخفات حيث إن التأويل في كلام الجماعة المتقدمة
بعيد جدا نعم ليس له الاقتصار على مثل الهمهمة بحيث لا يسمع نفسه من الحروف الا ما كان فيه صفير بل لابد من
اسماع نفسه إذا كان سميعا مجموع الحروف لعدم صدق القراءة بدون ذلك كما في المعتبر والمنتهى بعد دعوى
الاجماع مضافا إلى حسنة زرارة بابن هاشم لا تكتب بين القراءة والدعاء الامام سمع نفسه وموثقه سماعه المفسرة
للاخفات المنهى عنه في الآية بما دون السمع وأصرح منهما رواية إسحاق بن عمار المفسرة للآية فاحتمال كفاية سماع
127

الهمهمة لصحيحة الحلبي هل يقرء الرجال وثوبه على فيه قال لا بأس بذلك إذا سمع اذنيه الهمهمة وصحيحة علي بن جعفر (ع)
عن الرجل يصلح ان يقرء في صلاته ويحرك لسانه بالقرائة في لهواته من غير أن يسمع نفسه قال لا بأس يحرك لسانه
يتوهم توهما ضعيف لما تقدم من الأدلة على وجوب اسماع النفس الذي لا ينافيه صحيحة الحلبي لان الهمهمة كما عن
القاموس الصوت الخفى فهو لا ينافي حمل الصحيحة على خصوص المسموع منه جواهر الحروف بقرينة ما تقدم من المقيدات
نعم عن نهاية ابن الأثير انها كلام خفى لا يفهم ولعل المراد منه من لا يفهمه الغير لكن في كلام الطريحي انها ترديد الصوت
في الصدر وهو غير قابل للتأويل الا ان العرف يأبى عن تخصيصه بذلك فان اطلاق الهمهمة على الكلام الخفى الذي
يسمعه النفس بل الغير أيضا إذا كان قريبا مما لا ينكر فيقيد الصحيحة بهذا الفرد واما الصحيحة الثانية فهى محمولة
على ما إذا كان خلف المخالف لما دل على أنه يجزى من القراءة معهم مثل حديث النفس وكما يعتبر في الاخفات عدم
التفريط فكذا يعتبر في الجهر عدم الافراط كما عن العلامة الطباطبائي وغيره بل عن آيات الاحكام للفاضل الجواد
نسبة إلى فقهائنا المعشرة بدعوى الاجماع ويدل عليه مضافا إلى قوة احتمال كونه ماحيا لصورة الصلاة
صحيحة ابن سنان قلت لأبي عبد الله (ع) على الامام ان يسمع من خلفه وان كثروا قال ليقرء قرائة وسطا ان الله
تبارك وتعالى ويقول ولا تجهر بصلاتك لا تخافت به أو قريب منه غيرها من الاخبار المفسرة للآية مثل موثقة
سماعة ورواية اسحق به عمار والمرسل المحكي عن تفسير علي بن إبراهيم واعلم أنه لا جهر على النساء اجماعا كما في كلام
جماعة للأصل ولرواية علي بن جعفر (ع) المحكية عن قرب الإسناد انه سئل أخاه موسى (ع) عن النساء هل عليهن جهر
بالقرائة قال لا الا أن تكون امرأة تؤم النساء فتجهر بقدر ما تسمع قرائتها وظاهر ذيلها وجوب الجهر
في المستثنى ولو نظفر بقائل به كما في كشف اللثام وغيره فيمكن حملها على الاستحباب أو الجواز لدفع توهم
المنع وهو المصرح به في كلام جماعة مع عدم سماع الأجنبي للأصل والرواية المذكورة وصحيحة ابن يقطين عن أبي
الحسن (ع) قال سئلته عن المرأة تؤم النساء ما حد رفع صوتها بالقرائة والتكبير فقال بقدر ما تسمع ومثلها
صحيحة علي بن جعفر (ع) ولفظه تسمع فيها بضم التاء بقرنية الرواية الأولى لكن الاستدلال بها موقوف على
القول بمضمونها من جواز امامة النساء كما سيجئ فالعمدة هو الأصل مضافا إلى ظهور عدم الخلاف بل
قد يقال وفاقا للمحكى عن جماعة بجواز الجهر لهن في الاخفاتية نظر إلى اختصاص أدلة الاخفات كالجهر بالرجل
وهو ضعيف لان قاعدة اشتراك الرجل والمرأة في الاحكام لا يخرج عنها الا بدليل ومجرد الخلاف في المسألة لا يوجب
رفع اليد عن القاعدة المجمع عليها كما لا يخفى على المنصف مضافا إلى اشعار الروايتين المتقدمين في علة
128

الجهر والاخفات بان الاخفات هو الأصل والجهر انما شرع الداعي المزاحم في حق المرأة بالستر المطلوب منها
واما مع سماع الأجنبي فيحرم الجهر بناء على أن صوتها عورة يحرم سماعها واسماعها واحتمال وقوع
التعارض بين أدلة وجوب الجهر بناء على شمولها للمرأة ولو بحكم قاعدة الاشتراك وبين أدلة تحريم الاسماع
توهم فاسد كتوهم كون الصلاة ضرورة مبيحة والمتجة الفاسد مع التحريم لتوجه النهى إلى صفة لازمة
متحدة وجودا مع القراءة إذا الصوت الذي يحرم اظهاره ليس الا تلك الألفاظ نعم لو قلنا بان صوتها ليس بعورة
فلا اشكال في الجواز واما الخنثى فان ألزمناها بالاحتياط وجب عليه الجهر مع عدم سماع الأجنبي وأحوط من
ذلك تكرارها للصلاة وكذا يجب اخراج الحروف من مخارجها الشخصية الطبيعية الثابتة لها عند العرب
فيجب على الأعجمي الرجوع إليهم في الحروف التي ليس لها مخرج عند العجم كالذال والظاء والضاد والتي يخرجونها
من مخرج الزاء المعجمة لان الاخلال بالمخرج اخلال بالحروف واما ساير صفات الحروف من الجهر والاستعلاء
والاطباق وغيرها فلا دليل على وجوب مراعاتها نعم هي مستحبة وان احتمل عدم الاستحباب في موضع من مجمع
الفائدة الا انه استحسن حكم الشارح الاستحباب هنا وكذا يجب البسملة في أول الحمد اجماعا وكذا في أول السورة
لأنها جزء مما عدا سورة براءة من السور على المعروف عن غير الإسكافي المحكي عنه كونها افتتاحا لغير الفاتحة
لبعض النصوص المحمولة على التقية أو على عدم وجوب اكمال السورة الذي مر ضعفه في مسألة وجوب السورة
الكاملة ويجب الموالاة في القراءة بان لا يفصل بين كلماتها المرتبطة بما يخرج الكلام عن النظم كما لو فصل
بين المتضائفين والمتعاطفين والجار والمجرور ونحوها أو يمزج الكلمات مطلقا بغيرها من جاء يسلب اسم القران
ولا بين الآيات والفقرات بما يعتد به مما يخرج عن منصرف اطلاق القراءة المأمور بها في الأدلة لا مطلق
الفصل كيف وقد ورد المر بسؤال الرحمة والتعوذ من النقمة عند ايتيهما ونحو ذلك مما ورد استحبابه في أثناء
القراءة واطلاق الحكم بوجوب الموالاة وجعل هذه الأمور مستثناه عن قدح الموالاة لا يخفى ما فيه وكيف كان
فيعيد القراءة لو قرء خلالها ما يخل بالموالاة سهوا على المشهور كما عن المقاصد العلية بل يظهر من الروض
نسبة إلى باقي الأصحاب بعد ما حكى عن الشيخ قدس سره والمصنف قدس سره في النهاية البناء على ما مضى الذي لا اشكال في
ضعفه بعد اعتبار الموالاة في القراءة المنضم إلى قاعدة عدم معذورية الناسي للشرط مع بقاء محل الشروط
ثم ظاهر الحكم بوجوب إعادة القراءة في المتن وغيره وإعادة مجموعها ولا وجه له بعد احراز الموالاة بإعادة
بعضها فلو فصل بين الجار والمجرور بشئ كفى إعادة الجار وكذا المتضائفين نع لو انقطع التوالي بين مجموع
129

ما سبق وبين الباقي اتجهت اعادته وكان كلام المصنف وغيره من المطلقين مختص بما إذا اختلت الموالاة
المعتبرة في أصل القراءة لا بين خصوص جزئين منها هذا مع نسيان الاخلال بالموالاة واما مع تعمده فيظهر
من الروض ان مذهب الجماعة فيه البطلان لتحقق النهى المقتضى للفساد فان أراد ذلك مع المضي عليه فلا
اشكال فيه ولا خلاف كما لا اشكال فيه أيضا إذا خرج القران بالفصل بين كلماته عن القرآنية بان يمزجه بغيره مزجا يسلب
الاسم عنه واما مع عدم الامرين فلا وجه للفساد عدا الأمور المتقدمة في نظائر المسألة مع وجوه النظر فيها
ولذا حكى عن المبسوط والتذكرة والدروس والموجز وكشف الالتباس وجوب استيناف القراءة القراءة حينئذ ومال إليه
في مجمع الفائدة وجزم به في المدارك ولو نوى القطع وسكت على وجه يخل بالموالاة لا بصورة الصلاة أعاد على ما يحصل معه
الموالاة سواء نوى قطع القراءة مع نية عدم العود الراجع إلى قطع الصلاة أو نوى قطع القراءة بنية العود وكذا
الحكم لو سكت لا نية القطع سواء كان السكوت عمدا أو نسيانا أو لأجل السعال أو نسيان الآية وان استثنى
الأخيرين بعضهم لكن الأقوى انها لا يقصران عن النسيان مع أن مقتضى دليل اعتبار الموالاة من الخروج بدونها
عن نظم الكلام أو القران أو عن منصرف اطلاق الامر بالقرائة هو الاعتبار في جميع الصور نعم يتوجه على من حكم في المسألة
السابقة بالبطلان إذا أخل بالموالاة بان قرء خلالها من غيرها عمدا من جهة النهى المقتضى للفساد كالشارح قدس سره
الحكم بالبطلان هنا مع السكوت المخل بالموالاة عمدا الا ان يعلل الفساد هناك بتعلق النهى بالقرائة الأجنبية
فيدخل في كلام الآدميين لكن هذا الدليل مع ممنوعية كلتا مقدمية لم يتمسكوا به هناك ثم إن مناط إعادة
القراءة وعدمها في المسألة هنو السكوت المخرج للقرائة عن التوالي وعدمه إما نية قطع القراءة وعدمها فلا مدخل
له في الحكم فلو سكت لا مع نية القطع سكوتا يخل بالموالاة وجبت إعادة القراءة فلم يعرف حينئذ وجه لاقحام المصنف تبعا
لشيخه في الشرايع قدس الله روحهما نية القطع في مناط الإعادة حتى يترتب عليه قوله بخلاف ما لو فقد أحدهما
الا ان يريد من السكوت مطلقه ولو قصيرا ويجعل مجرد السكوت المسبب عن نية قطع القراءة مخلا بالموالاة
فيقيد السكوت بنية القطع للاحتراز عن السكوت لأهل الوقف أو غرض اخر فيستقيم حينئذ إناطة الإعادة لمجموع الامرين نعم يبقى عليه ان اللازم حينئذ كون نية قطع القراءة مع الاشتغال بها لا يقدح فيها وهو خلاف التحقيق
فلابد من تقييد الحكم بما إذا رفض القصد قبل الاشتغال وهو بعيد عن الفرض أو ينزل على ما اختاره في القواعد
من أن نية الخروج وعن الصلاة في الزمان المستقبل فضلا عن القراءة لا يقدح إذا رفض النية قبل بلوغ الزمان
ويمكن أيضا حمل عبارة المصنف على ما حكى عن الشيخ من إعادة الصلاة مع السكون بنية القطع وان اعترض
130

عليه بأنه ينافى حكمه بعدم بطلان الصلاة بنية فعل المنافى فكيف بنية قطع القراءة إذ لو سلم ان نية القطع
مع السكوت قطع كما ذكرنا في توجيه كلام المصنف فليس قطعا للصلاة ولا منافيا لها الا إذا نوى عدم العود
لكن يمكن توجيهه بان نية قطع القراءة للتلبس بها الذي بنى على الاكتفاء بها في الصلاة وعدم الاتيان بغيرها
نية لقطع الصلاة والخروج عنها فقد تقدم ان الذي قواه الشيخ في الخلاف هو البطلان بنية الخروج و
يحرم قرائة إحدى السور الغرائم في الفرائض على الأشهر كما في الذكرى والروض بل المشهور عمن عدا الإسكافي
من القدماء مع كون المحكي من كلامه ليس نصا في الجواز كما اعترف به في كشف اللثام فإنه لم يزد على أن قال لو قرء سورة
من العزائم في النافلة سجد وإن كان في فريضة أو ماء فإذا فرغ قرئها وسجد فيحتمل الحمل على صورة السهو أو
التقية الداعية لقرائتها أحيانا مضافا إلى ما في الروض من احتمال ان يريد بالايماء ترك قرائة أية السجدة
بقرنية قوله فإذا فرغ قرئها وسجد فيناسب مذهب الإسكافي من جواز تبعيض السورة كما دلت عليه موثقة
عمار الآتية وكيف كان فعلى عدم الجواز الاجماع عن صريح الانتصار والخلاف والغنية ونهاية الاحكام
وكشف الالتباس وارشاد الجعفرية وظاهر التذكرة وشرح جمل السيد للقاضي وعن شرح الفريد البهبهاني
انه اجماع وان الإسكافي خارج معلوم النسب وفي مجمع الفائدة الظاهر عدم الخلاف في عدم جواز الاكتفاء
بقرائتها على تقدير وجوب سورة كاملة وتحريم اتمامها والبطلان مع انتهى ويكفى ما ذكر في المسألة مضافا
إلى النهى عنه في رواية زرارة وليس فيها الا القاسم بن عروة وان خص في الروض الطعن فيها بوجود ابن بكير الذمي
هو من أصحاب الاجماع لا تقرأ في المكتوبة بشئ من العزائم فان السجود زيادة في المكتوبة ونحوها في الاشتمال على
التعليل المحكي عن كتاب علي بن جعفر وفي رواية سماعة لا تقرأ في الفريضة واقرء في التطوع وضعفها لو كان بخبر
بالشهرة العظيمة التي قد عرفت انه لا يبعد دعوى عدم المخالف على أحد الوجهين المتقدمين في عبارة الإسكافي
كما أن صحة الاخبار المخالفة موهونة بها محمولة لأجلها على التقية لاطباق العامة على الجواز كما عن جماعة بل يجب
حملها في أنفسها على النافلة أو على صورة النسيان أو التقية الداعية لقرائتها في بعض الأوقات لاختصاص
اخبار المنع بغير هذه فالميل إلى الجواز وحمل اخبار المنع على الكراهة ضعيف جدا ولا فرق ظاهرا في الفرايض
بين اليومية وغيرها وبالجملة ما يقابل التطوع كما يظهر من رواية سماعة المتقدمة مضافا إلى دلالة التعليل
في سابقتها حيث إنه لا فرق بين الفرائض في المنع عن الزيادة فيها ثم إن حرمة قرائة هذه السور لا ينفك عن
بطلان الصلاة لو اكتفى بها بناء على وجوب السورة الكاملة بل ولو قلنا بعدم وجوب السورة كاملة
131

أيضا لان قرائة البعض منها انما وقعت للداعي المحرم وهي قرائة الكل أو حال نية قطع الصلاة في المستقبل بالقرائة
المحرمة فلا تجزى بل بفساده يفسد الصلاة بناء على ما تقدم غير مرة عن جماعة منهم الشهيد والمحقق الثانيان من أن تعلق النهى بالجزء يستلزم فساد الكل ولذا حكم الشارح هنا بفاسد الصلاة بمجرد
الشروع في العزيمة مضافا إلى أن ظاهر النهى في أمثال المقام هو التنبيه على الفساد نعم لو أراد الاقتصار
على ما عدا أية السجدة منها بناء على جواز التبعيض أو مع قصد سورة كاملة غيرها بناء على جواز القران
فلا تحريم كما صرح به في المعتبر والمنتهى والذكري والروض فان اقتصر على ما قرء منها لزم تبعيض السورة الذي
مر ضعف القول به وان رجع إلى غيرها لزم القران وهو محرم ويمكن الاستدلال على بطلان الصلاة
بقرائة آية السجدة فقط أو مع غيرها من السورة بان قرائتها مبطلة الصلاة من جهة توجيه الامر
في الصلاة بالسجدة المبطلة لها لعموم أدلة ابطال الزيادة وخصوص ما في الايضاح وعن التنقيح من
الاجماع على أن زيادة السجود للتلاوة في الفريضة حرام يعنى من حيث هي هي لولا الامر بها فتبطل الصلاة
بنفس الامر بابطالها بفعل السجدة خلالها لا من حيث إن الامر بالسجدة مستلزم للنهي عن الصلاة حتى
يتوقف الحكم بالبطلان على القول بحرمة الأضداد الخاصة ومن هنا حكموا ببطلان صلاة من وجب عليه
اخراج ما يدافعه من الاحداث الثلث لتضرره بالامساك نعم لو منع فورية السجود لأجل التلبس بالصلاة
لم يتوجه البطلان كما صرح به جماعة منهم فخر الدين في الايضاح والشهيد في الذكري ولو أريد اثبات
بطلان الصلاة بالشروع في إحدى السور بقصد السورة الموظفة للصلاة انضم إلى ما ذكر من فورية السجود حتى في الصلاة
وجوب اكمال السورة وحرمة القرآن ولو بين سورة وبعض أخرى وحيث كان المختار كراهة الفراق فلا وجه
للحكم بالبطلان بمجرد الشروع الا في الفرضين المتقدمين وهو قصد الاقتصار
بناء على وجوب اكمال السورة أو قصد تجاوز أية السجدة في القراءة ثم لا يخفى ان الاستدلال المذكور
انما يثبت البطلان لو قرء أية السجدة واما حرمة قرائتها لو قرائة السورة فلا يثبت إذ لا نهى قبل القراءة
وبعدها لا أمر بالصلاة الا ان يقال إن حرمتها من جهة كونها تسبيبا إلى الامر بابطال الصلاة ولو سلم
تحريمه فيرد مثله فيما إذا قلنا بكون التلبس بالصلاة ما نعا عن الفورية فان السجدة وإن كان يسقط فوريتها
لأجل الصلاة الا ان التسبب إلى ايجاد موجبها في أثناء الصلاة تسبيب إلى الامر بتأخير السجدة التي كان
من حقها التعجيل نظير الامر بابطال الصلاة التي كان حقها الاتمام فلا وجه حينئذ لما ذكره الجماعة من توقف
132

الاستدلال على ثبوت الفورية حتى في الصلاة الا ان يريد وأتوقف الاستدلال بالبطلان دون التحريم لكن
الظاهر أنهم يريدون اثبات كلا الامرين ومما ذكرنا يظهر الوجه في فتوى جماعة منهم المصنف قدس سره في بعض كتبه
على ما حكى والشهيد الثاني في الروضة وشارحها بتحريم الاستماع لاية السجدة مع عدم وجوب السجدة في الصلاة
فان فورية السجود إذا سقطت لأجل التلبس فلا وجه لتحريم الاستماع الا كونه تسييبا إلى الاخلال بفورية السجود
ولو أمر الشارع من جهة أهمية اتمام الصلاة بل قد يصاف إلى ذلك البطلان بمجرد الاستماع بناء على ثبوت
فورية السجدة حتى في الصلاة لأنه بعد الاستماع بصير مأمورا حال الصلاة بالسجود المبطل فتبطل بمجرد
الامر بالمبطل وان لم يوجده وما ابعد ما بينه وبين قول الشهيد في التبيان بعدم حرمة الاستماع فضلا عن
ابطاله ومحصل نظر الأولين في الحكم بابطال القراءة وتحريمها وحرمة الاستماع دون ابطاله على ما ذكرنا
سابقا من قضية التسبيب إلى أن أدلة الفورية لا تشمل حال التلبس بالصلاة بل ملاحظة الاخبار الآمرة بالايماء
في الصلاة في الفروع الآتية تبنى عن أهمية الصلاة وحينئذ فلا أمر بالسجدة بعد القراءة حتى تبطل الصلاة
للامر بابطالها الا ان التسبيب إلى مزاحمة المضيقين الموجب لسقوط أحدهما ولو كان بأمر الشارع بمنزلة ترك
الساقط اختيارا حرم القراءة والاستماع لكن حرمة القراءة المأتي بها على وجه الجزئية لما كانت موجبة
عند الجماعة لبطلان الصلاة لما تقدم منهم غير مرة في الجزء المنهى عنه حكموا بالبطلان واما الاستماع فلما
لم يستلزم حرمت شيئا لم يحكموا بالابطال هذا مقتضى استدلالهم المركب من المقدمات المتقدمة واما بناء على
التمسك بالاخبار والاجماعات فلا يحتاج إلى ذلك ولم تدل أيضا على ابطال الاستماع الا ان يدعى ان الظاهر
من التعليل في الروايتين المتقدمتين بكون السجود زيادة في المكتوبة هو لزوم السجدة في الصلاة لأجل تحقق موجبها
فالنهى عن القراءة لأجل لزوم ابطال الصلاة ولو بأمر الشارع به والاستماع أيضا موجب للسجود كالقرائة فيجب
ابطال الصلاة بمجرده لكن لا يبعد ان يقال إن المراد ان السجود لما كانت زيادة في المكتوبة فان فعلها أبطلت
صلاتك وان تركتها أخللت بحقها من التعجيل فلذلك لا يجوز فعل موجبها فورود المحذور في طرفي السجود تركا
وفعلا هو السبب في النهى لا ان السجود الزايد المبطل لما كان لازما بمجرد تحقق الموجب كان فعل الموجب حراما لكونه سببا
إلى ابطال الصلاة حتى يكون المحذور الموجب للنهي هو خصوص وجوب فعل السجود في الصلاة المستلزمة
لبطلانها بمقتضى التعليل والا لوجب الحكم ببطلان الصلاة يعنى وجوب ابطالها فيما إذا قرء أو استمع سهوا
مع أنه قيل بعدم وجدان خلاف في عدم بطلان الصلاة حينئذ وان احتمل المعترف بعدم وجدان الخلاف في الصحة
133

البطلان للتعليل المذكور ولان أدلة فورية السجود حاكمة ببطلان الصلاة بمجرد تحقق موجبه فلا يزاحمها
نواهي الأبطال لان المحقق في المقام البطلان لا الأبطال وفي التعليل ما عرفت من عدم دلالته الا على لزوم المحذور
في قرائة الغريمة من جهة السجود فعلا أو تركا لا لزومه من جهة فعله اللازم في الصلاة وفيما ذكره من حكومة أدلة
الفورية ما لا يخفى من انصرافها إلى غير المقام والصريح منها في الشمول للمقام ليس الا التعليل الذي قد عرفت منع
دلالته على تقديم الفورية على اتمام الصلاة ولو سلم عموم تلك الأدلة فغاية الامر تعارضها مع أدلة الأبطال
وكون المحقق فيما نحن فيه البطلان لا الأبطال موقوف على سلامة الخطاب بالسجود الذي به يحصل الأبطال عن
مزاحمة أدلة النهى عن الأبطال فالمرجع بعد التعارض هو أصالة البراءة بالسجود في الصلاة عن التكليف وأصالة تأخر التكليف به ولعله السر في
عدم ظهور القائل بالبطلان في المسألة كما اعترف به من احتمله نعم اختلفوا بين قائل بتأخير السجود لما أشرنا إليه من
عدم الدليل على تعلق التكليف حال الصلاة بعد تعارض الأدلة مضافا إلى ما علم من أهمية اتمام الفريضة كما
ذهب إليه العلامة الطباطبائي في منظومته مشيرا إلى الوجهين بقوله والأصل بالتأخير فيه يقتضى إذا منع
البدار حق الفرض وبين قائل بوجوب الايماء في الصلاة لرواية سماعة وان ابتليت بها مع امام لا يسجد فيجزئك
الايماء والركوع وخبر ابن أبي
بصير ان صليت مع قوم فقرء الامام اقرأ باسم ربك الذي خلق أو شيئا من العزائم
ولم يسجد فاوم ايماء والمحكى عن كتاب المسائل لعلي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سئلته عن الرجل يكون في
صلاة في جماعة فيقرء انسان السجدة كيف يصنع قال يؤمى برأسه قال وسئلته عن الرجل يكون في صلاة فيقرء
اخر السجدة قال يسجد إذا سمع شيئا من العزائم الا ان يكون في فريضة فيؤمى برأسه ايماء نعم قد استشكل
العلامة المتقدم إليه الإشارة في الايماء من حيث إن مقتضى بدلية للسجود كونه بحكمه في ابطال زيادته لكنه مع
ضعفه في مقابلة النصوص فيه انه لا دليل على كون ايماء غير العاجز بدلا عن السجود حتى فيما نحن فيه مع قوة احتمال
ان يكون الحكمة في تشريعه هو الفرار عن محذور زيادة السجود فكيف يوجب الوقوع فيه وبين جامع بين
الايماء في الصلاة والسجود بعده ولعله للجمع بين محتملي المكلف به والا فلا ارى له وجها من أن الجمع وجه ضعيف
وجود الاخبار بالايماء ومنه يظهر ضعف القول الرابع بوجوب السجدة في الصلاة كما في كشف الغطاء
بناء على منع بطلان الصلاة باتيان سجدة العزيمة لمنع صدق الزيادة في الصلاة بالاتيان بفعل خارج مشابه
للفعل الصلاتي من حيث الصورة بل مخالف له بناء على أنه لا يعتبر في سجدة التلاوة تساوى موضع الجبهة والموقف وغيره و
لعموم بعض الروايات الدالة على وجوب السجدة في الصلاة بعد تقييدها بالنوافل أو بصورة السهو في الفرائض
134

وهو قوى قواه بعض المعاصرين لولا عموم اخبار اللايماء وخصوص التعليل المتقدم في الروايتين المتقدمتين بأن
السجود زيادة في المكتوبة مضافا إلى ما تقدم من الايضاح والتنقيح من الاجماع على عدم جواز سجود للتلاوة
في الصلاة وفي كلام بعض سادة مشايخنا انه لا يبعد دعوى الاتفاق على عدم جواز السجود وفي الصلاة في
خصوص المسألة واما ما دل على وجوب السجود في الصلاة إذا قرء العزيمة كصحيحة محمد بن مسلم الآتية فهى طاهرة
في خصوص النافلة فالأقوى الايماء والأحوط السجود أيضا بعد الصلاة هذا كله إذا تجاوز أية السجدة سواء
أكمل السورة أم لا وهل يكفى بما اكمله أو باكمال ما بقى قولان الأقوى نعم ووجه العدم عدم اعتناء الشارع بها في
مقام الجزئية ويضعف بان المستفاد من الأدلة والفتاوى ان عدم الاعتناء لأجل عدم جواز تعمد قرائة أية
السجدة فالفساد تابع للنهي كما لا يخفى ولو شرع في السورة ساهيا ثم تذكر قبل بلوغ أية السجدة فالظاهر وجوب العدول ولو تجاوز
النصف لأصالة بقاء الامر بالسورة الكاملة وما دل على تحديد العدول بما إذا لم يتجاوز النصف لا يشمل
ما نحن فيه لظهورها في العدول اقتراحا ولا يقدح في المقام أيضا حرمة القرآن لو قلنا به لاختصاصها بصورة
التعمد في الزايد والمزيد فاحتمال بطلان الصلاة لدورانها بين محذوري القران وتبعيض السورة ضعيف
جدا ثم إن المعروف بين الفقهاء تخصيص المنع بالفريضة فيجوز قرائتها في النوافل وعن الحدائق انه لا
خلاف فيه وعن الخلاف الاجماع عليه ويدل عليه مضافا إلى الأصل ومفهوم التقييد بالمكتوبة في الروايتين
المتقدمتين ومنطوق موثقة سماعة السابقة جميع روايات الجواز بعد تقييدها بما تقدم بما عدا الفريضة
مثل لحسنة الحلبي بابن هاشم ع ن الرجل يقرء بالسجدة ثال يسجد ثم يقوم فيقرء فاتحة الكتاب فيركع ويسجد ركوعا موثقة سماعة ومثل صحيحة ابن مسلم عن الرجل يقرء السجدة فينسبها حتى يركع ويسجد قال يسجد إذا ذكر إذا كانت من العزائم ومنها مضافا إلى عموم أدلة وجوب المبادرة مع عدم المانع يظهر
وجوب السجود لها في أثناء الصلاة وليس ذلك زيادة في أفعال الصلاة كما سمعت مع أن المنع عن الزيادة
مختص بالمكتوبة كما في التعليل السابق وغيرها من الروايات ولو نسيها في محلها اتى بها عند تذكرها لصحيحة بن مسلم
المتقدمة المعتضدة بأدلة الفورية وبحكاية نفى الخلاف عن بعض كتب الصنف قدس سره ومتى سجد لها فقام
ولم يبق شئ من قرائته قرء الفاتحة ندبا ليركع عن قرائة لحسنة الحلبي وموثقة سماعة المتقدمين وكذا
لا يجوز قرائة ما يفوت بقرائته الوقت المضروب لتلك الفريضة أو لاحقته كالعصر المعروف عن الظاهر
الشيخ في المبسوط والفاضلين والشهيدين والكركي وعن الحدائق نسبة التحريم والبطلان إلى الأصحاب وفي
الرياض لا خلاف الا عن متأخر المتأخرين حيث فرعه على وجوب اكمال السورة وحرمة القران الممنوعين
135

عنده وفيه ان وجوب اكمال السورة كاف في تحريم الشروع فيها بقصد الاقتصار كما هو محل الكلام وان نقل
بحرمة القران ودعوى انه حينئذ يعدل إلى سورة قصيرة وما اتى به من القراءة غير مضر ممنوعة بان المأمور به مع
ضيق الوقت هي الصلاة مع سورة قصيرة لامتناع ايجاب غيرها ولو تخييرا فاتيان غيرها بقصد الجزئية
والاقتصار عليها زيادة محرمة بل كلام خارج لخروجه بالتحريم عن القرآنية إما لو شرع فيها لا بنية الاقتصار
بل بنية العدول إلى غيرها عند ضيق الوقت فلا كلام لاحد في الجواز على القول بجواز القران نعم يرد على ما
ذكره الشارح من البطلان بمجرد الشروع انه لا دليل على ذلك الا ما سبق في نظائر المسألة من أن النهى في الجزء
يستلزم فساد الكل وان القراءة المحرمة كلام أجنبي وقد مر أيضا ان للنظر فيه مجالا بل قد يناقش في الفساد
مع اتمامها أو مع الاشتغال بها حتى فات الوقت بأنها لا توجب الاخلال بشئ مما تعتبر في الصلاة عدا السورة
الساقطة لضيق الوقت ولو بسبب الاشتغال بالقرائة المحرمة إذا الظاهر عدم الفرق في الضيع فالمسقط للسورة
بين كونه لعذرا وبسوء اختيار المكلف نعم قد يوجب الاشتغال بها الاخلال بالموالاة بين الفاتحة و
بين ما يجب عليه قرائته من السورة القصيرة لكن البطلان به منحصر بصورة حصول المقدار المخل قبل الحكم بسقوط
السورة وبالجملة فاتمام المسألة بمجرد القواعد مشكل الا ان يتمسك فيها برواية سيف بن عميرة عن الخضرمي
عن الصادق (ع) لا تقرأ في الفجر شيئا من آل حم فان الظاهر كون النهى لفوت الوقت كما أفصح عنه رواية الأخرى عن
عامر بن عبد الله قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول من قرء شيئا من آل حم في صلاة الفجر فاته الوقت وما في سندها
منجبر بما عرفت من الشهرة والاتفاق المحكي لكن في دلالتها على أزيد من التحريم المقدمي لأجل افضائه إلى ترك
الفعل الواجب في وقته المضروب نظر بل منع ومجرد هذا التحريم بل التحريم التشريعي الحاصل من استلزام الامر بالشئ أعني السورة القصيرة عدم الامر بضده بل التحريم استقلالي بناء على استلزام الامر بالشئ
النهى عن الضد لا يثبت الافساد الجزء وقد عرفت غير مرة ضعف ما دل على أن فساد الجزء وتحريمه مستلزم
لفساد الكل ما لم يوجب نقص جزء أو شرط والسورة القصيرة وان انتفت هنا لكنها ساقطة لضيق الوقت
الذي ثبت كونه عذرا حتى إذا كان بسوء اختيار المكلف وقد يوجه الحكم بالبطلان فيما إذا فرض تشاغله
بالسورة الطويلة في الركعة الأولى إلى أن خرج الوقت بعدم ورود التعبد بهذه الصلاة الملفقة إذ
القدر الثابت من صحة الملفقة في الشريعة ما إذا أدركت من الوقت ركعة أو شرع في الصلاة بظن
السعة ثم تبين عدم سعتها لركعة وفيه ان صحة التلفيق في الفرض الثاني ليست الا لأجل الدخول في العبادة على الوجه المشروع مع كون الصلاة مطلوبة من المكلف بمجرد دخول الوقت إلى اخر أوقات تمكنه
136

منه غاية الأمر ان الطلب في خارج الوقت بأمر جديد غير الأمر الأول بمعنى احتياجه إلى الامر الجديد والا
فالمطلوبية مستمرة وكيف كان فالحكم في المسألة لا يتم الا باجماع أو بقاعدة افساد الجزء [الفاسل] وكيف كان
فلو شرع في السورة الطويلة أو بظن سعة أو غفلة عن طولها ثم تنبه رجع ولو بعد تجاوز [؟؟؟؟]
إلى سورة أخرى ان وسع الوقت لها والا فيركع عن بعض تلك السورة والعدول المحرم بعد تجاوز النصف
في الفرض الأول بل القران بناء على تحققه فيما نحن فيه كتبعيض السورة في الفرض الثاني كلها غير قادح
في المقام كما مر وسيجئ {ويحرم قول امين} بعد الحمد على المشهور وقد حكى الاجماع عليه عن المشايخ الثلاثة
والمصنف وغيرهم والروايات به مستفيضة خلافا للمحكى في الذكرى عن الإسكافي فجوزه ومال إليه في المعتبر مع أنه
حكى فيه عن المشايخ الثلاثة الاجماع على تحريمها وابطال الصلاة بها ولعله للأصل وعموم أدلة
جواز الدعاء ولصحيحة جميل قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن قول الناس في الصلاة جماعة حين يقرء فاتحة
الكتاب امين قال ما أحسنها واخفض الصوت بها والنظر في الجميع ظاهر بعد الاخبار والا جماعات المستفيضة
مضافا إلى منع دلالة الصحيحة نظرا إلى أن قوله ما أحسنها إن كان بصيغة التعجب فمع منافاته للامر بخفض الصوت
بها انما يدل على الاستحباب الذي هو مذهب العامة فيتعين حملها على التقية وإن كان جملة نافية فقد
يرد بانة لا دلالة فيها على الاذن وفيه ا ن الجواز مستفاد من قوله واخفض الصوت بها الا ان يقال إنه يحتمل حينئذ
ان يكون هذا الكلام اخبار من الراوي بان المعصوم (ع) لم يعلن هذا الكلام لأجل التقية أو يكون أمرا ويكون الضمير في قوله بها راجعا إلى الجواب فقد أمر (ع) بعدم اعلان هذا الجواب وخفض الصوت بها عند الشيعة ويحتمل على التقديرين ان يكون
ولقد أجاد في الذكرى حيث قال إن الرواية تنادي على نفسها بالتقية ويشير إلى ذلك مضافا إلى أن
راوي هذه الرواية قد روى المنع أيضا صحيحة معوية بن وهب عن مولانا الصادق (ع) قال قلت له أقول
امين إذا قال الامام غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقال هم اليهود والنصارى بناء على عدوله عن جواب
السؤال إلى تفسير المغضوب عليهم والضالين وليس ظاهرا الا لأجل التقية وإن كان ضمير الجمع راجعا
إلى قائلي هذه الكلمة فهى ظاهرة بل صريحة في التحريم ثم إن الاخبار وإن كانت بلفظ النهى الا ان الظاهر أن
المراد في أمثال المقام التنبية على الفساد مضافا إلى كفاية الاجماعات المستفيضة على البطلان مضافا
إلى ما سبق تقويته من أن الكلام إذا صار منهيا عنه يدخل في كلام الآدميين وإن كان بذاته دعاء
أو قرانا بل قد يحكم بتحريمه وابطاله من جهة عدم كونه بالذات دعاء أو قرانا فيحرم ويبطل كما هو المشهور
137

بين الفقهاء واهل العربية {قال في كشف اللثام} انه المشهور المروى عن النبي مرفوعا في معاني الأخبار
عن الصادق (ع) وانها كلمة تقال أو تكتب للختم كما روى أنها خاتم رب العالمين وقيل إنها يختم بها براءة أهل الجنة
وبرائة أهل النار انتهى وعن التنقيح اتفق الكل عليه وعن الانتصار لا خلاف في أنها ليست قرانا ولا دعاء
مستقلا وعن ظاهر الغنية ان العامة أيضا متفقون عليه وفي النسبة نظر وعن حاشية الفريد البهبهاني
في موضع ان امين عند فقهائنا من كلام الآدميين {ولكن الظاهر أن هذه} الدعاوى وكلها مستندة
إما إلى الرواية المروية في المعاني أو مثلها واما إلى ما حكى من أهل العربية من أن أسماء الافعال أسماء
لألفاظها لا انها مرادفات لها فهى اسم للدعاء والاسم مغاير للمسمى كما صرح به جماعة من أصحابنا وعن
الكشاف انها صوت سمى به كما أن رويد وحيهل وهلم أصوات سمى بها الافعال وعن حاشية
الفريد البهبهاني ان امين اسم للفظ الفعل باجماع أهل العربية بل هو بديهي عندهم والظاهر أن مرادهم
هو ان هذه الكلمة لا ينشئ بها المطلب الذي هو حقيقة الدعاء وانما هي علم للفظ ينشئ بها الطلب فالفرق
بين قول امين وقل استجب هو ان الأول يكشف عن قيام حالة بالنفس تقتضي التكلم باستمع فيتكلم بما هو
علم لها لينتقل المخاطب إلى كون الاستجابة مراده والثاني ينشئ بها الطلب فكلمة امين مثل الأصوات
التي تجعل معرفات وللمطالب وعلى أي حال فيرد على ما ذكروه انه إن كان الاستناد إلى الرواية فمع انها
غير معلومة السند والدلالة الا ريب في أنها لا تسلب صدق الدعاء عليه عرفا فيدخل في عموم أوامر الدعاء
في كل حال حتى في الصلاة الا ان يقوم الدليل على المنع عن هذا الدعاء الخاص واما منع صدق الدعاء
عليه فهو أمر عرفي لا يرجع فيه بعد تحقق الصدق العرفي إلى الاخبار الآحاد ومنه يظهر انه لا ينفع في
نفى صدق الدعاء عليه عرفا ما ادعى من أنها اسم للفظ الفعل لا مرادف له فانا ندعى مع ذلك كونه
داخلا في عموما ما ورد من أنه كلما كلمت به ربك فهو من الصلاة مضافا إلى ما حكى عن الأئمة [؟؟ يسمه] شارح
الروضة إلى المحققين من منع ما ادعوه من كون أسماء الافعال أسماء لألفاظها لعموم استحضار المتكلم
بها الفاظ الافعال في بعض الأحيان فهى في الحقيقة مرادفات لها واضافتها إلى الافعال للملابسة حيث إنها
ليست أفعالا لعدم اشتقاقها و {لعله لما ذكرنا} من منع كونه من كلام الآدميين منضما إلى منع دلالة
النواهي المتعلقة بخارج العبادة على فسادها اقتصر في المدارك على الحكم بالتحرم ومنع الأبطال وقد
ظهر بما ذكرنا ضعفه كضعف القول بالكراهة واضعف منها المنع عن قول اللهم استحب كما عن ظاهر
138

الفاضلين وهل يختص التحريم والبطان بما إذا قاله اخر الحمد كما هو صريح كلام بعض ومنصرف اطلاق
الآخرين والمتقين من الاخبار أم تعم جميع حالات الصلاة كما هو مقتضى اطلاق كلام بعض وصريح
آخرين كما عن الخلاف مدعيا عليه الاجماع كالمصنف في تحريره قولان أقواهما الأول بناء على ما تقدم منع من كونها
من كلام الآدميين ومنع حجية اجماع المنقول ما لم يفد الاطمينان بالحكم فبقى أصالة الجواز بل استحبابها
بناء على ما عرفت من كونها ولو على تقدير كونها من أسماء الألفاظ داخلة في الدعاء المستحب عموما وخصوصا
في الصلاة حتى ورد انه فيها أفضل من قرائة القران مضافا إلى ورود بعض الأدعية المشتملة على هذه
الكلمة كدعاء صنمي قريش الذي كان يقنت به أمير المؤمنين (ع) ودعاء اخر مشتمل عليها حكى عن المهج و
البلد الأمين نسبة إلى مولانا ابن أبي
إبراهيم (ع) وما عن مفتاح لفلاح من ذكر بعض القنوتات المشتملة
يليها نعم لو قيل بجوازها في النافلة أمكن حمل هذه الأخبار عليها لكن الظاهر من اطلاق الفتاوى ومعاقد
الاجماع سيما المستدل عليها بكون امين من كلام الآدميين التعميم كما هو مقتضى اطلاق غير واحد من الاخبار
فلا يحمل لتلك الأخبار المجوزة لكن الأصناف ان الأحوط مع ذلك الاجتناب في جميع الأحوال لاطلاق
كثير من الاجماعات المحكية وصراحة اجماعي الخلاف والتحرير في العموم بل صراحة كل اجماع استدل مدعيه
على معقد الاجماع بما يوجب عموم الحكم مثل كونه عملا كثيرا وعدم كونه قرانا ولا دعاء بل عرفت استفاضة
نقل الاجماع على خروجه عنها فهى حجة أخرى مستقلا مضافا إلى ما مر من الاجماعات على
عدم كونه قرانا ولا دعاء ثم لا ريب في جواز قولها للتقية بل يجب وجوبها إذا توقف الاتقاء عليه والظاهر
الاجماع على عدم البطلان حينئذ حتى ممن جعله داخلا في كلام الآدميين الذي لا يوجب الاكراه عليه رفع حكمه
بل يكون الاكراه عليه اكراها على ابطال الصلاة الا ان الظاهر أن التقية عنوان مستقل غير عنوان الكراهة
ولذا يصح معها ما لا يصح مع الاكراه بل مع التقية عن غير المذهب ولو تركها مع التقية فالظاهر أنه لا
يبطل الصلاة وان فعل محرما {ويستحب الجهر بالتسمية في مواضع يتعين فيها} القراءة والاخفات بها على المشهور
للنصوص المستفيضة منها عموم ما دل على أنه من علامات المؤمن وما عن العيون بسنده الحسن كالصحيح إلى
الفضل بن شاذان عن الرضا (ع) فيما كتبه إلى المأمون والاجهار ببسم الله الرحمن الرحيم في جميع الصلاة سنة
بل في رواية الأعمش المحكية عن الخصال ان الاجهار ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة واجب ومقتضى
اطلاق كثير من الاخبار عدم الفرق بين الامام والمنفرد فتخصيص الحكم بالامام كما عن الإسكافي
139

شاذ ومثله ما عن الحلى من تخصيص الحكم بأولى الظهرين حاكيا له عن جمل الشيخ استنادا إلى شمول أدلة
وجوب الاخفات في الركعات الأخيرة للبسملة ولا مخرج له لتقييد أكثر أدلة الجهر بمواقع تعين القراءة
وانصراف مطلقاتها إليها وبحكم التبادر ويضعفه منع انصراف المطلقات مضافا إلى عدم الدليل
المعتمد على وجوب الاخفات في الأخيرتين كما عرفت عدا الاجماع المفقود في البسملة بل ظاهر المعتبر نسبته
عدم الفرقة في الحكم بالاستحباب بين الأوليين وغيرهما إلى جميع الأصحاب وما حكاه الحلى عن جمل
الشيخ حيث قال فيه ويستحب الجهر بها في الموضعين بناء على إرادة الظهرين من لفظ الموضعين ممنوع
بما احتمله في المنتهى من إرادة الفاتحة والسورة مضافا إلى أنه لا دلالة في الكلام على مطلب الحلى الا من
باب مفهوم اللقب وما يدعى ان مفهوم اللقب معتبر في كلام الفقهاء فهو على اطلاقه خلاف المحسوس
بل التحقيق انه قد يفهم منه ذلك بقرنية المقام وما ابعد ما بين هذا القول وقول القاضي بوجوب
الجهر بها حتى في الأخيرتين ولعله لبعض الاطلاقات المستظهر منها الوجوب وخصوص رواية الأعمش
المتقدمة وظهور الاطلاقات في الوجوب ممنوع بل الانصاف سوقها ساق بيان الفضلة كما ينادي بذلك
جعله من العلامات الخمس للمؤمن ويظهر من رواية العيون ورواية الأعمش مع ضعفها سندا قاصرة
دلالة عن إفادة الوجوب المصطلح مع أن المحكي عن الحلى عدم الخلاف بين المسلمين في جواز الاخفات في بسلمة
الأخيرتين ولعله لذلك خص الوجوب والحلى بالأوليين وحكى عن ظاهر الأمالي ويظهر وجهه وضعفه
مما ذكرنا والأحوط في المسألة عدم ترك الجهر في الأوليين وترك القراءة في الأخيرتين وهل يعم الحكم
ما لو وجب الاخفات لعارض الجماعة أم لا والظاهر الثاني لانصراف هذه الأخبار إلى غيرها فيبقى اطلاق
ما دل على الاخفات بالقرائة خلف الامام مثل قوله في تلك الأخبار قرء في نفسه بام الكتاب وعموم
قوله لا ينبغي للمأموم ان يسمع الامام ما يقوله سليما عن المقيد مع أنه لو سلم الانصراف فغاية الامر تعارض
المطلقين بالعموم من وجه ولا دليل على الاستحباب مع أنه إذا سقط الجهر في موارد وجوبه لمراعاة
جانب الامام اللايق بالاحترام فسقوطه في موارد ندبه أولي ويستحب أيضا {الترتيل في القراءة}
وهو تبيين الحروف من غير مبالغة كما عن المعتبر والمنتهى وبيان الحروف واظهارها ولا يمد بحيث [نسبة
العناء] به كما عن النهاية والتذكرة وغيرهما وتبيين الحروف بصفاتها المعتبرة من الهمس والجهر والاستعلاء
والاطباق والغنة كما عن [المنفلية] والترسل فهيا من غير تغن كما عن الصحاح وتحسين تأليفها كما عن
140

القاموس والتؤيد فيها تبيين الحروف واشباع الحركات كما عن الزمخشري ومرجع عبارتي النهاية والمغرب
والكل متقارب والجمع بين الجميع مستحب وفي بعض الأخبار تفسير قوله تعالى " ورتل القران ترتيلا " بنية
بيانا ولا تهذه هذه الشعر ولا [؟؟؟] الرمل ولكن أقرع به القلوب القاسية ولا تكن بهم أحدكم
اخر السورة ولهذه السرعة [النثر] التفريق وعن الصادق صلى الله عليه وآله نحو ان تتمكث فيه وتحسن صوتك ومرسلة ابن أبي
عمير وينبغي للعبد إذا صلى ان يرتل في قرائته فإذا مر باية فيها ذكر الجنة والنار سئل الله الجنة
وتعوذ من النار وإذا مر بنا أيها الناس ويا أيها الذين امنوا فيقول لبيك ربنا وعن علي (ع) انه حفظ الوقوف
وبيان الحروف وفسره به في الذكري الا أنه قال أداء حروف وهو حسن الا انه غير مقصود في عبارة المتن لأنه
ذكر {الوقوف على مواضعه} بعنوان علي حده كما في الشرايع واعلم أن مواضع الوقف عند القراء على ما
حكى عن جماعة منهم أربعة ينقسم الوقف باعتبار وقوعه فيها إلى أقسام أربعة الأول التام وموضع اللفظ
الذي لا يتعلق بما بعده لفظا ولا معنى سواء كان اخر الآية كآخر البسملة ويوم الدين ونستعين ولا الضالين
أو لم يكن في لفظ الجلالة في قوله تعالى وما يعلم تأويله الا الله على بعض الوجوه والثاني الكافي وهو ما يتعلق بما
بعده من حيث المعنى فقط سواء كان اخر أية كقوله مما رزقناهم ينفقون أولا ككلمة من قبلك في قوله
تعالى وما انزل الله من قبلك وهذان القسمان يشتركان في عدم وجوب إعادة الموقوف عليه وجواز الابتداء بما بعده
والثالث الحسن وهو عكس الكافي وهو ما يتعلق بما بعده لفظا لا معنى وهذا القسم يجب الابتداء بالموقوف عليه
قيل أو ما يكون الموقوف عليه كلاما تاما لكن يتعلق به ما بعده لفظا ولا معنى والوقوف الحسنة في الفاتحة عشرة على
ما حكى عن النفلية وشرحها بسم الله والرحمن والحمد الله والعالمين والرحمن الرحيم ونعبد والمستقيم وعليهم
الأول وعليهم الثاني وعرفت ان التام فيها أربعة والقبيح ما يتعلق بما بعده لفظا ومعنى كالوقف على المضاف
هذا محصل ما حكى عنهم لكن تحديد التعلق المعتبر في القسمين بحيث لا يوجد في الأخر صعب لكن الامر سهل بعد
حكاية الاجماع عن جماعة على جواز الوقف باقسامه حتى القبيح على مصطلح القراء لما حكى عن محققيهم من أنه
ليس المراد منه الممنوع شرعا بل الممنوعية في مقام التجويد والترتيل ويؤيد ما ذكرنا رواية علي بن جعفر (ع) المصححة عن أخيه في الرجل يقرء في الفريضة فاتحة الكتاب وسورة بنفس واحدة قال انشاء قرء في نفس وانشاء في غيره
فان ظاهرها وان اختص بالتسوية بين القراءة بنفس والقراءة بأزيد لكن سوق الكلام يعطى انه
لا حرج في أن يقرء على ما يشأ مطلقا نعم ليس له ان يجمع بين جميع الوقوف الأربعة عشر للفاتحة لخروجها
141

بذلك عن النظم فالمراد انه لو أراد الوقف فالأحسن اختيار التام ثم الحسن ثم الكافي ولا يبعد ان يكون مراد
المصنف رحمه الله وغيره هو استحباب المحافظة على الوقوف التامة إذا لا يستحب غيره من الوقوف نعم الوقف القبيح
خلاف الأولى ثم إنه لو وقف على جزء الكلمة اضطرارا فلا اشكال في وجوب إعادة الموقوف عليه ولو
وقف على المضاف ففي وجوب اعادته وجهان أحوطهما الوجوب إذ لا يخاف منه صدق الزيادة ولا صدق
القران بعد ما حكم القراء بجواز الإعادة بل بوجوبه الشرطي للترتيل المستحب في القراءة حتى في حق هذا
المرتكب الموقف القبيح ومنه يظهر أيضا جواز الإعادة بل حسنها الذي حكموا به في الوقف الحسن لكن عدم
الوجوب في هذا القسم هو المتعين وفي الوقف القبيح أيضا لا يخلوا عن قوة ثم إن المصرح به في كلام جماعة عدم جواز
الوقف مع ابقاء حركة الأخر ويسمى الوقف على الحركة وكذا عدم جواز الوصل بالسكون بل عن المحدث
الزاهد التقى المجلسي انهما غير جائزين باتفاق القراء واهل العربية وانكر ذلك جماعة محتجين بصدق
القراءة مضافا إلى صحيحة علي بن جعفر السابقة والأظهر ان يقال إما الوصل بالسكون فأقوى فيه عدم
الجواز لان الحركة في اخر الكلمة من قبيل الجزء الصوري فإذا وقف عليها سقطت لقيام الوقف مقامها في عرف
العرف وعند القراء واهل العربية واما سقوطها مع الوصل فهو نقص للجزء الصوري ولا فرق بين
حركات الأواخر وغيرها في أن ابدالها أو حذفها موجب لتغيير الجزء لصوري نعم قد يحكى جواز الوصل
بالسكون عن غير المشهور كما يظهر من الروض والروضة وقد يخص ذلك بالفقرات المستقلة التي تعد كل منها كلاما
مستقلا كفصول الاذان ونحوها على ما حكاه شارح الروضة عن ابن الا بناري عن أهل اللغة ثم قال ووجهه
ظاهر وعلله بما ذكرنا من استقلال الفصول إلى وقد تردد قد المصنف قدس سره في ظاهر عبارة المنتهى فيمن عجز عن تعلم الاعراب
على الاستقامة بين ترك الاعراب الخطاء والتسكين وبين عدمه قال ينشأ ذلك من أن حذف الحركات يبطل الجزء
الصوري من الكلام ومن أن الواجب عليه الاعراب الصحيح وترك الخطاء وقد فات الأول فيجب الثاني والأخير أقرب
انتهى إلى فان صورة نعبد بالجزم غير صورتها بالضم فان السكون هيئة مغايرة للحركة فتسكين الأخر في المضارع
المعرب في حال الوصل مخالف لقواعد العربية وكذا سكون المبتدء المعرب في الحمد وكذا سكون كاف إياك في الوصل
مخالف لوضعه اللغوي وقد عرفت وجوب متابعة اللغة والعربية في القراءة واما الوقف على الحركة فلا دليل
على منعه عدا ما يستفاد من حكم القراء بلزوم حذف الحركة وقد عرفت هنا وفيما سبق في بحث وجوب المد والادغام
عدم وجوب ما يلتزمونه نعم يمكن ان يقال إن هذا أيضا من قواعد العربية حيث إنهم عنونوا في علم العربية
142

باب الوقف وصرحوا بوجوب حذف حركة الاسم وصلة ضمير المذكر مع حركته حال الوقف وابدال التنوين في
النصف ألفا وقلب تاء التأنيث هاء وغير ذلك من قواعد الوقف المتعلقة بالاجزاء المادية أو الصورية
ولهذا ادعى المحدث المتقدم إليه الإشارة الاجماع من أهل العربية على المنع لكن الاشكال عليه مشكل سيما
مع قوة كون المنشأ فيه ما ذكرنا من تعرض أهل العربية لقواعد الوقف فان مجرد هذا منهم لا يدل على كون
مخالفة ذلك عندهم مسقطا للكلام مادة أو صورة عن العربية فإنهم تعرضوا لكثير مما لا يجب [كثحب] الإمالة
ونحوها الا ان يقال إن ظاهر حكمتهم بوجوب مراعاة تلك القواعد مدخليتها في صحة الكلام من حيث العربية
سيما ومن المشاهد ثبوت اللحن بالغاء بعض قواعد الوقف مثل قلب تاء التأنيث هاء فهم وان عنونوها
في العربية الا انهم صرحوا بعدم وجوبها بخلاف الوقف فلا ينبغي ترك الاحتياط ثم بناء على جواز الوقف على
المحرك فإذا كان بعده همزة الوصل نطق بها لحصول الوقف ولو حصل الفصل بالوقف على المتحرك واضطرارا لم يجب
الابتداء بالموقوف عليه وان قلنا بعدم جواز الوقف على المتحرك لحصول الامتثال بذلك الجزء ويحتمل وجوبه
لوجوب مراعاة النظم بين الفقرات ثم إنه لا يتعين في الوقف التنفس قطعا ولا السكوت بمقدار النفس بل
مسمى الوقف كاف ظاهرا في اللحن مع الحركة وفي الخروج عنه مع السكون ويؤيد ما ذكرنا بل يدل عليه ترك
الاستفصال في الصحيحة السابقة المجوزة لقرائة السورة بنفس واحد ومن مستحبات القراءة في الصلاة وغيرها
سؤال الرحمة والتعوذ عن النقمة عند تلاوة آيتها بلا خلاف ظاهرا بل اجماعا كما عن الخلاف والتبيان لعمومات
رجحانها وخصوص مرسلة البرقي وأبى احمد قيل يعنى ابن ابن أبي
عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال ينبغي
للعبد إذا صلى ان يرتل في قرائته فإذا مر باية فيها ذكر الجنة وذكر النار سئل الله الجنة تعوذ بالله من
النار وإذا مر بيا أيها الناس ويا أيها الذين امنوا يقول لبيك ربنا ونحوها موثقه سماعة قال قال أبو
عبد الله (ع) ينبغي لمن قرء القران إذا مر بأنه فيها مسألة أو تخويف ان يسئل عند ذلك خير ما يرجوا و
يسئل العافية من النار ومن العذاب ويستحب قرائة قصار السور الموصوفة باعتبار كثرة
فواصلها أو قصور فواصلها أو باعتبار اشتمالها على الحكم لمفصله أي الغير المنسوخة بالمفصل
المحدودة باعتبار من سورة محمد صلى الله عليه وآله إلى اخر القران على ما في التبيان من نسبة إلى أكثر أهل العلم أو من ق أو من
الضحى أو من الحجرات أو من الجاثية أو من الأنفال أو من الصافات أو من الصف أو من تبارك أو من انا
فتحنا أو من الرحمن أو من الانسان أو من الأعلى والأول لا يخلوا عن قوة للشهرة الكافية في المقام ويمكن
143

ان ينطبق عليه المروى عن الكليني بسنده إلى سعد الإسكاف عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال أعطيت السور الطوال مكان
التورية [؟؟] مكان الإنجيل والثاني مكان الزبور وفضلت بالمفصل ثمان وستون سورة وهذا العدد
من سورة محمد صلى الله عليه وآله إلى اخر القران واحتمال غير ذلك مدفوع بعدم القول به بين المسلمين ثم المحكي عن الطبرسي
بعد اختيار هذا القول إن مطولات المفصل إلى عم ومتوسطاته إلى الضحى وقصاره البواقي وكيف كان
فالمشهور كما في المدارك استحباب قرائة القصار في الظهرين والمغرب ولم يوجد عليه خبر انما المروى مصححا عن
محمد بن مسلم ان الظهر والعشاء الآخرة فقرء فيهما سواء أو العصر والمغرب سواء واما العدة فأطول واما
الظهر والعشاء الآخرة فسبح اسم ربك الاعلى والشمس وضحها ونحوها إما والعصر والمغرب فإذا جاء نصر الله
والفتح والهيكم التكاثر ونحوها واما الغداة فعم يتسائلون وهل اتيك حديث الغاشية ولا أقسم بيوم
القيمة وهل اتى على الانسان ونحوها معتبرة بابن محبوب حاكية لقرائة رسول الله صلى الله عليه وآله في فرائظة الخمس وتسوية
الظهر والعشاء وبين العصر والمغرب والعمل بهما قوى وفاقا لجماعة ومما ذكر يظهر انه يستحب ان يختار من المفصل
متوسطاته في العشاء ومطولاته في الغداة أو بإزاء ما ذكر اخبار اخر مرجحة لسورتي التوحيد والقدر
فعن الكليني عن أبي علي بن راشد انه قلت لأبي الحسن (ع) جعلت فداك انك كتبت إلى محمد بن الفرج تعلمه ان أفضل
ما يقرء في الفرائض انا أنزلناه وقل هو الله أحد وان صدري ليضيق بقرائتها في الفجر فقال لا يضيق
صدرك فان الفضل والله فيهما وفي التوقيع إلى الحميري كما عن الاحتجاج من ترك سورة مما اتى فيها الثواب و
قرء قل هو الله أحد وانا أنزلناه لفضلهما اعطى ثواب ما قرء وثواب السورة التي ترك ويمكن الجمع بينهما على
بعض الوجوه ويستحب أيضا قرائة سورة هل اتى على الانسان في صبح الاثنين وصبح الخميس كما عن الشيخ والجماعة
وعن الصدوق زيادة استحباب قرائة الغاشية في الركعة الأخرى مستندا ذلك إلى رواية رواها عمن صحب
الرضا (ع) من أنه (ع) قال من قرء بهما في صلاة الغداة يوم الاثنين ويوم الخميس وقاه شر اليومين وفي رواية أخرى
استحباب من قرء هل إلى في كل غداة خميس زوجه الله من الحور العين ثمانمائة عذرا وأربعة الآف ثيب وحوراء
من الحور العين وكان مع محمد ويستحب أيضا قرائة الجمعة والا على ليلة الجمعة في العشائين على المشهور كما عن الحدائق بل
عن الانتصار الاجماع عليه وانه مما انفردت به الإمامية لرواية منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع) قال الواجب
على كل مؤمن إذا كان لنا [السيغة] ان يقرء في ليلة الجمعة بالجمعة ويصح اسم ربك الا على وفي صلاة الظهر بالجمعة
والمنافقين فإذا فعل ذلك فكانما يعمل بعمل رسول الله صلى الله عليه وآله وكان جزائه وثوابه وعلى الله الجنة وهنا أقوال كابدال الاعلى
144

بالمنافقين أو التوحيد ويستحب قرائة سورة الجمعة التوحيد في [صحيتها] لرواية الحسين بن ابن أبي
حمزة
وعن الخلاف الاجماع وابدل جماعة التوحيد بالمنافقين لما ورد من أن قرائتهما نسية يوم الجمعة في الغداة
والظهر والعصر فلا ينبغي لك ان تقرأ بغيرهما في صلاة الظهر من يوم الجمعة ويستحب قرائة الجمعة و
المنافقين في الظهرين يوم الجمعة وفي صلاة الجمعة على المشهور لما تقدم من رواية ابن حازم وغيرها بل في بعض الصحاح
ان من تركها فلا صلاة له وفي اخر من لم يقرء بهما ويجوز للمصلى العدول من سورة لا يتعين اتمامها العارض إلى
غيرها في الجملة للاجماع والنصوص المستفيضة مثل رواية الحلبي المصححة في كشف اللثام وفيها أحمد بن محمد
بن عيسى عن ابن مسكان وفي شرح الفريد ان بينهما واسطة عن أبي عبد الله (ع) قال من افتتح سورة ثم بدا له
ان يرجع في سورة غيرها فلا باس الا قل هو الله فلا يرجع منها إلى غيرها وكذلك قل يا أيها الكافرون وفي رواية
عمر وبن ابن أبي
نصر المصححة يرجع من كل سورة الا من قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون وعن قرب الإسناد
باسناده عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) عن الرجل إذا أراد ان يقرء سورة فقرء غيرها هل يصلح له ان
يقرء نصفها ثم يرجع إلى التي أراد قال نعم ما لم يكن قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون مضافا إلى
أصالة بقاء التخيير ما لم يحصل الامتثال بأحد فرديه واطلاق أدلة القراءة السليمين عن معارضة ما يصلح
مزاحما لهما عدا ما يظهر من الشهيد والمحقق الثانيين من أن العدول ابطال للمعدول عنه فيكون منهيا
عنه للآية وما ربما يتخيل من أنه مستلزم للزيادة عمدا حيث إنه يأتي بالمعدول عنه بقصد الجزئية وما
يتوهم من أنه قران والأصل فيه التحريم للعمومات وفي كل من مقدمتي الوجوه الثلاثة نظر تقدم إليه الإشارة
سابقا وكيف كان فلا اشكال في أصل العدول كما لا خلاف ظاهرا في أن جوازه ليس على اطلاقه وانما
الاشكال والخلاف في أنه هل يجوز ما لم يتجاوز النصف كما اختاره المصنف هنا وفي القواعد والمنتهى
وفاقا للمعتبر كما عن المقنعة والمبسوط والمهذب والاصباح والبيان والألفية وعن جماعة انه المشهور
لعموم أدلة جواز العدول خرج ما إذا تجاوز النصف وخصوص رواية قرب الإسناد المتقدمة وأصرح منها رواية
دعائم الاسلام وخصوص مقطوعة ابن أبي
العباس المروية في الذكري عن البزنطي عنه في الرجل يريدان يقرء
السورة فيقرء في أخرى قال يرجع إلى التي يريد وان بلغ النصف وضعف سنده لا يقدح بعد ايراد البزنطي
الذي لا يروى للسندات الا عن ثقة فكيف يروى وما لم يقطع باسناده إلى الإمام (ع) ودلالتها على المقصود
أيضا واضحة فان الظاهر من قوله فيقرء من الأخرى هو ان يقرء قصدا لا انه يقرء لا عن قصد حتى يقال
145

انه لا كلام في وجوب الرجوع عنها وان فرغ منها ورواية ابن أبي
بصير المصححة في الرجل يقرء في المكتوبة
بنصف السورة ثم ينسى فيأخذ في أخرى حتى يفرغ منها ثم يذكر قبل ان يركع قال يركع ولا يضره وجه الدلالة
انه لو حرم العدول ببلوغ النصف لم يجزء بالمعدول إليها الا ان يقال إن التحريم مختص بالتعمد فالناسي تجرئ
بما اتى مع عدم النهى ولعله لذا قال في جامع المقاصد انه لا دلالة لها بوجه واما موثقة عبيد بن زرارة انه
يرجع ما بينه وبين ثلثها فهى شاذة وحملت على الشروع في الثلث الثاني ولا يخفى ما فيه خلافا للمحكى عن
السرائر وجامع الشرايع والموجز والدروس والروض وجامع المقاصد وحكاه في الذكرى عن الجعفي والإسكافي
ولعله لمخالفة العدول للأصل ما تقدم وقد عرفت ان مقتضى الأصل والعموم والخصوص جوازه
الا في التوحيد والجحد فلا يعدل منها على المشهور بل كاد يكون اجماعا كما في شرح الفريد وان الشهرة بل
الاجماع عليه كما في مجمع الفائدة وعن البيان نسبة إلى فتوى الأصحاب وعن الانتصار التصريح بالاجماع
عليه للأخبار المستفيضة المتقدم بعضها خلافا للمحقق في المعتبر ذكرها لعموم فاقرؤا ما تيسر وعدم
قوة الاخبار لتخصيصها وفيه مع استفاضة الاخبار بل تواترها بقرنيه عمل السيدين والحلى بها انه لا
معنى للحكم بالكراهة أيضا الا ان يكون للخروج عن الخلاف وكيف كان {فلا يعدل} عنها {الا إلى الجمعة والمنافقين
ومع العدول} من سورة إلى أخرى {يعيد البسملة} لان البسملة التي قرئها أولا كانت جزء من المعدول وعنها فلا
تقير جزء من المعدول إليها ومجرد اشتراك البسملتين في السورة لا يوجب قابلية كل منها لان يصير جزء
من سورة صاحبها مثلا بسملة سورة التوحيد هي البسملة الشخصية التي نزلت معها وكذا بسملة الجحد و
بسملة غيرها فإذا بسمل بقصد حكاية تلك البسملة الشخصية النازلة مع التوحيد يصدق انه قرء جزء
من سورة التوحيد ويصح ان يسلب عنه قرائة جزء غيرها من السور فإذا ضم إليها غيرها فلا تنقلب عن جزئية
الأولى إلى جزئية لان ما وقع على وجه لا ينقلب عما وقع عليه وبعبارة أو ضح ان بسملة وهل يعتبر قصد السورة
عند ارادتها أو يكفى في أثناء الفاتحة أو يكفى قبل الصلاة أو يكفى اعتبار سورة التحقيق ان يقال إن
كان العادة أو العزم أورثا داعيا في النفس ينبعث عنه البسملة والسورة بمجموعها حتى البسملة اتجهت
الصحة وهو الوجه فيما لو جرى لسانه على بسملة وسورة والا فبمجرد العادة لا يغنى عن اليقين فمعنى اغنائها
عن التعيين اغنائها عن التعيين بالالتفات التفضيلي لحصول التعيين بالداعي المركوز كل سورة
بحسب وجودها الأصلي القائم بمتكلمه الأولى أعني الملك أو النبي صلى الله عليه وآله أو غيرهما كلام شخصي وموجود مغاير
146

لبسملة السورة الأخرى ومعنى قرائة المكلف تلك البسملة التكلم بالفاظها النوعية بقصد حكاية
ذلك الكلام الشخصي فالمقوم لجزئية البسملة للكلام الشخصي القائم بالمتكلم الأول هو انضمامها إليه وتركبه
منها ومن غيرها ولجزئيتها لكلام المكلف القارئ هو قصد حكاية ذلك الجزء فعلم من ذلك قرائة
البسملة التي قصد بها حكاية بسملة الاخلاص النازلة معها لا يعقل ان يصدق عليها قرائة جزء
سورة الجحد إذا رفع اليد عن الاخلاص وضم إليها بقية سورة الجحد ونظير ذلك الكلام المشترك
بين القران وبين مصراع من بيت غير مقتبس منه فان القران هو الكلام الشخصي المنزل من عند الله
القائم بمتكلمه الأول وغيره وهو الكلام الشخصي القائم بالشاعر فالقارئ إذا قصد حكاية كلام الله المنزل
الشخصي صدق عليه القران ولا يعقل بعد ما ضم إليه بقية كلام ذلك الشاعر ان يصدق على
ما قرء أولا انه قرء مصراع بيت فلان الشاعر فعلم أن بسملة كل سورة باعتبار كل من وجودها
الأصلي القائم بالمتكلم ووجودها الحكائي القائم بالقارى موجود مغاير لبسملة سورة أخرى
باعتبار وجوديها المذكورين نعم هما مشتركان في جزء الماهية وهي الصورة الخارجية للبسملة المعينة مؤخر التي
هي عبارة عن قطعة شخصيته من الكلام الشخصي المنزل ولا ريب ان قصد المحكي الخاص مقوم لوجود الحاكي من
حيث إنه حاك إلى مقدم وتغايرهما في الوجود الحكائي ليس باعتبار قصد كونها جزء لاحدى السورتين حتى يقال إن
الجزء إذا كان تحت مهية قابلة لمركبين فقصد جزئيته لأحدهما لا تخرجه عن الاشتراك والقابلية
بل تغايرهما كون المقصود في إحديهما حكاية الكلام الشخصي النازلة مع السورة إلى فعلم من ذلك ان قياس البسملة
بالنسبة إلى السورة على الجزء المشترك بين مركبين خارجيين عينيين مثل العسل الذي هو جزء مشترك بين
السكنجبين والاطريفل أو القائمة المشتركة بين قائمة السرير وقائمة الباب مثلا قياس مع الفارق
إذا الجزء في كل من المركبين هو تمام الموجود العيني القابل لهما وقصد جزئيته لأحدهما لا يخرجه عن قابلية الجزئية
للاخر كما عرفت في البسملة من أن تغاير البسملتين في الوجود الحكائي ليس بهذا الاعتبار بل باعتبار
أمر داخل في مفهوم الوجود الحكائي ومن قبيل الا مثلة المذكورة للمركبات الخارجية البسملة المنقوشة
في الكتاب فان جزئيتها لكل سورة تكتب بعدها باعتبار هذا الوجود النقشي الخارجي وقصد نقشها
لسورة لا يخرجها عن قابلية جزئيتها لاخرى كتخليل ماء العنب لخصوص واحد من السكنجبين والاطريفل
وتحت قطعة من الخشب قائمة لخصوص السرير أو الباب ثم على تقدير الإغماض عن دقيقة مدخلية قصد
147

حكاية الكلام الشخصي في صيرورة البسملة جزء وتسليم كون السورة على حد ساير المركبات الخارجية العينية
نقول إن المأمور به في الصلاة هو قرائة السورة وصدق هذا العنوان متوقف على كون الشخص في كل جزء
قاصد القراءة تلك السورة أي كل جزء منها ولا ريب ان الآتي بالبسملة بقصد كونها جزء من سورة التوحيد
يصدق عليه انه اتى يجزئها ولم يلت بجزء من سورة الجحد فإذا ضم باقي الجحد فلا يصدق على الفعل المتقدم
منه قرائة جزء من سورة الجحد حتى يصدق عليه انه قرء كل جزء منها وان سلمنا انه يصدق على الموجود
الخارجي المجتمع في الذهن من الأجزاء الموجودة تدريجا انها سورة الجحد لكن المناط صدق الاشتغال
بقرائة سورة الجحد عند الاشتغال بكل جزء جزء منه نظير ذلك في المركبات الخارجية ما إذا أمر السيد
عبده بالاشتغال بتحنت السرير في قطعة من الزمان فإذا اشتغل في بعض ذلك الزمان بتحنت قائمة بقصد
قائمة الباب فلا ينفعه ضمن بقية الأجزاء بنية السرير في صدق انه اشتغل بتحنت السرير في الزمان المأمور به
فالمعتبر هو ان يصدق عليه حين القراءة انه يقرء السورة الفلانية ولا شك في توقفه على أن يقصد بكل جزء
مشترك قرائة تلك السورة حتى أنه لو قصد ببعض اجزائها في وسطها انها جزء لسورة أخرى لم يصدق
عليه حين الاشتغال بذلك الجزء انه مشغول بقرائة تلك السورة وان سلمنا انه يصدق على ما قرء انه
سورة كذا بمعنى ان المجتمع في الذهن من الأجزاء المنقضية كالمجتمع في الخارج من الأجزاء المنقوشة وكما أنه
إذا قصد حين الكتابة كتابة البسملة بقصد سورة التوحيد لا يصدق عليه انه يكتب سورة الجحد و
كذا إذا كتب ساير الأجزاء الاثنائية بقصد سورة لا يصدق عليه في تلك الحال كتابة سورة أخرى
لم يصدق على الجميع انها سورة كذا وانه كتب سورة كذا أي انه كتب ما هو مصدق في العرف لسورة كذا الموجودة
في الخارج بالوجود النقشي فالمنقوش في الذهن من السورة كالمنقوش منها في الخارج ثم بما ذكرنا في
التقرير الأول يظهر ما في القول بان معنى كون البسملة بقصد هذه السورة العزم على جعلها جزء من
سورة يشخصها بمشخصها من بين السور فهو من قبيل التشخص بالغايات ومن المعلوم عدم صيرورتها
بذلك من الشخص ومنشأ هذا التوهم أيضا قياس البسملة بالنسبة إلى السورة على الجزء المشترك بين
المركبين وقد عرفت فساده وان اشتراك السور في البسملة ليس من قبيل اشتراك المركبات الخارجية في
بعض الأجزاء ومما ذكرنا يظهر انه كما لا يكون البسملة المقصودة لها سورة معينة قابلة لا تصير جزء
من سورة أخرى إما لأجل مدخلية صورة قصد حكاية بسملة تلك السورة في مفهومها قصد وجودها
148

مع قصد لا يعقل ضم قصد اخر إليه فلا يكون جزء من المعدول إليها واما لأجل هو انه فان سلمنا عدم
مدخلية قصد الحكاية في مفهومها لكن لا يصدق عليه إذا اشتغل ببعض الأجزاء على قصد جزئية سورة
ثم ضم إليها بقية الأخرى انه قرء تلك السورة الأخرى مجرد سورة غير معينة
بالبسملة لا يوجب قابليتها لان تضم إلى سورة معينة فتصير بذلك جزء منها بحيث يصدق بعد ضم البقية انه
قرء السورة المعينة يعنى قرء جميع اجزائها لأن المفروض ان الجزء من تلك السورة هو البسملة النازلة
معها فما لم يقصد القارئ حكاية تلك لا بسملة لا يصدق عليه انه قرء بسملة تلك لما عرفت من أن
الوجود الحكائي لبسملة سورة الذي تعرض له القراءة مغاير للوجود الحكائي لبسملة أخرى فان قلت
هذه البسملة التي قرئها بقصد سورة لا بعينها لا شك في أنه يصدق عليه القران فإذا صدق عليه
القران فاما ان يصدق عليه انه بعض من سورة دون سورة واما ان يصدق عليها انها بعض من كل
سورة بمعنى انها قابلة لها إذا لو لم يصدق عليه انها بعض سورة أصلا لم يصدق عليه القران وقد فرض
الصدق قطعا والفرض انه لا يصدق عليه بعض من سورة دون أخرى فتعين انه قابل لكل سورة قلت
كونه قرانا مسلم ويصدق عليها انها جزء من سورة بمعنى انها قابلة لان يقصد بها حين القراءة
كل سورة لا ان هذه التي لم يقصد بها سورة قابلة لان تصير بعد الضم جزء من كل سورة ولا تنافى بين
ان يصدق كلي على شئ كالقران على البسملة التي لم تقصد لسورة وان لا يصدق عليه انه جزء من هذه
السورة ولا من ذيك ولا من تلك نظيره ما إذا طلب المخاطب الآيتان برجل منهم شايع فإنه يصدق
عليه انه طلب رجلا لكن لا يصدق عليه انه طلب زيدا ولا انه طلب عمروا ولا انه طلب بكرا وإن كان كل من
اتى به حصل الامتثال لكن الكلام في تمثيل القراءة وتشبيهها بالطلب وانه لا يجب على ما يعرض لا واحد المبهم ان
يعرض لشئ من الآحاد الخاصة فانا نرى بالعيان ان من قصد بالبسملة مجرد القران لا يصدق عليه انه قرء
بعض سورة التوحيد ولا بعض سورة كذا ولا بعض سورة العزيمة فكل حكم يترتب على سورة خاصة و
جزئها لا يترتب على قرائة هذه البسملة فإذا أمر الشارع تخييرا بقرائة سورة من بين السور فلابد من أن
يصدق حين القراءة انه مشغول بالسورة الفلانية وهذا مسلوب عن هذا الشخص فان قلت
يكفى بعد الاتمام ان بصدق انه قرء سورة كذا قلت لا يصدق عليه بعد الاتمام انه قرء سورة كذا لما عرفت
من الوجهين في أن قرائة سورة كذا لا تصدق الا إذا كانت حين الاشتغال بكل جزء انه قار لسورة كذا
149

ومشغول والا يصدق سورة كذا على المجتمع في الذهن المنقوش فيه من قيل صدقها على المجتمع المنقوش في
الخارج نعم لو كانت السورة موضوعة للقطعة المعينة من القران المبدوة ببسملة استقام ما ذكر لكن قد
عرفت فساد ذلك وان السورة اسم للقطعة المبدوة ببسملتها وان شئت فاجعل البسملة داخلة في
تلك القطعة وقل السورة اسم لاحدى القطعات المشخصة المعينة فلابد من امتثال الامر التخييري بها ان
يصدق بعد القراءة انه قرء تلك القطعة المشخصة والعرف لا يحكم بهذا الصدق الا إذا شرع في تلك
القطعة ناويا لها بأول جزء منها ثم إنه قد يتوهم دلالة اخبار العدول على جواز الاكتفاء بالبسملة
المقصود بها سورة أخرى وقد يتوهم من رواية المعراج جواز قصد البسملة من غير قصد سورة معينة
حيث إن الله سبحانه أمر نبيه صلى الله عليه وآله بالبسملة فسمى لا يقصد سورة معينة ثم امره بالحمد أو التوحيد وفساد
التوهم الأول يظهر بالتأمل في اخبار العدول وفساد الثاني بان قضية المعراج هي السبب لوجوب قرائة
تلك البسملة التي أمر الله بها نبيه صلى الله عليه وآله لأجل التوحيد وهو لا يحصل الا بالقصد إليه واما النبي صلى الله عليه وآله
فلم يكن البسملة يومئذ مشتركه بين السور مع أن النبي صلى الله عليه وآله سمى بقصد ما يأمره الله من السور أو بقصد
الامتثال ولم يكن هو صلى الله عليه وآله مكلفا بسورة من السور حتى يكون اهمال القصد موجبا لعدم صدق قرائة
السورة وقد يتوهم أيضا ان فتوى الشهيد والمحقق الثاني وغيرهما بالاكتفاء بما لو جرى على لسانه بسملة مع
سورة مستدلين بتحقق الامتثال مناقض لما ذكرنا وذكروا وفيه ان الغرض من وجوب القصد وجوب كون
البسملة مقصودة ولو بالقصد الاجمالي إذ لا ريب ان من جرى لسانه على بسمله وسورة بداع واحد مركوز
في ذهنه فقد قصد اجمالا إلى بسملة تلك السورة وبعبارة أخرى الداعي المركوز داع لقرائة مجموع
السورة ومنها البسملة فالحكم بكون البسملة بعضا من تلك السورة لقصدها اجمالا لا لان القصد غير شرط
فينزل كلام من اطلق وجوب الإعادة لو لم يقصد سورة على صورة قصد الخلاف لما ذكره الشهيد والمختصر
من عدم اعتبار القصد غاية الأمر اعتبار عدم قصد الخلاف وقد يسلم وجوب القصد ويقال بكفاية
قصد السورة التي يوقعها الله في قلبه وفيه انه قول بعدم وجوب القصد لان القائل بوجوب القصد
انما يقول به لأجل كون البسملة من دونه لا يتعين كونها لسورة معينة الا بالقصد فإذا قصد الشخص بالبسملة جزء
السورة التي يقذفها الله في قلبه فهو بعد ذلك إما مخير في ضم أي سورة شاء أم لا والثاني خلاف المفروض
والأول لا يتحقق الا بعد كون البسملة قابلة لكل ما يجوز له ان يختاره فصارت البسملة قابلة لجميع السور
150

فأين المعين لها بخصوص ما يقذفه الله في قلبه فهذا قول بعدم وجوب قصد السورة المعينة من حيث لا
يشعر قائلة واعجب من ذلك ما قيل في توجيهه من أن الاشتراك يقطع بذلك ويرتفع ليت شعري فأين محل الاشتراك
الا ان يقال إنه فرق بين ان يقصد سورة غير معينة وبين ان يقصد خصوص ما يقذفها الله في قلبه
فيفرق بين الموضعين لكن فيه ما مر من أن هذا المقدار الا يرفع عموم قابلية البسملة الذي كان هو الداعي
على وجوب القصد مع أنه مدفوع بان المكلف لا ينفك عن أن يقصد بتلك البسملة جزئيتها لما يقع فيه من السورة
وإن كان لا يعلم خصوص ما يقع منه ثم قياس هذا الفرض على ما إذا قصد بالبسملة أطول السور وأقصرها
مع عدم علمه بذلك حين البسملة قياس مع الفارق لان قصد البسملة النازلة مع اقصر السور وأطولها
يكفى ويجب عليه بعده اختيار ذلك بخلاف قصد ما يوقعه الله في قلبه فإنه يكون باقيا على التخيير
فالبسملة باقية على القابلية ومنه يظهر الكلام فيما إذا تعين السورة بنذر أو ضيق أو عدم معرفة غيرها
فان البسملة المقررة فيه غير قابلة لغيرها بسم الله الرحمن الرحيم الحمد
لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله المعصومين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين {الخامس}
من أفعال الصلاة {الركوع وهو ركن تبطل الصلاة بتركه عمدا مطلقا} اجماعا بل ضرورة وسهوا مع تجاوز
المحل كذلك على المشهور وعن المبسوط انها لا تبطل بتركه في أخيرتي الرباعية إذا ذكر بعد السجدتين بل يسقط
السجود فيركع ثم يسجد وهو في الحقيقة نفى لركنية السجود ولا {يجب في كل ركعة} الا {مرة واحدة} فلو زاد عمدا أو
سهوا بطلت صلاته خلافا للمحكى عن المبسوط من قول بعض فإنه لو نسى سجدتين في ركعة حتى ركع فيما بعدها
أسقط الركوع واكتفى بالسجدتين بعده وجعل الركعة الثانية أوله والثالثة ثانيه والرابعة ثالثة وحكى
عن ابن سعيد الافتاء بذلك في خصوص الأخيرتين ويرد ذلك كله الأخبار المعتبرة المعتضدة بفتوى المعظم
كما سيجئ في باب الخلل نعم لا باس في الاحتياط بمراعاة ذلك واتمام الصلاة ثم اعادتها {ويجب الانحناء فيه}
اجماعا ويجب ان يكون {بقدر} يمكن من أن {تصل راحتاه إلى ركبتيه} وفاقا لجماعة للتأسي والسيرة ولقوله (ع)
في صحيحة زرارة وتمكن راحتك من ركبتيك ولصحيحة حماد الواردة في تعليم صلاة وللاحتياط واكتفى جماعة
بل عن البحار نسيته إلى المشهور بمقدار يتمكن من ايصال أطراف الأصابع إلى الركبتين لصحيحه زرارة فان
أو صلت أطراف أصابعك في ركوعك إلى ركبتيك أجزئك وأحب إلى أن تمكن كفيك من ركبتيك وحينئذ يحمد الأدلة
السابقة جمعا على الأفضلية واما وضع اليد على الركبة فقال في الحدائق انه لا خلاف بين الأصحاب يصح الاجماع فيما اعلم أنه لا يجب وضع اليدين على الركبتين و [قد نقله.؟] حكم
151

الاجماع عليه فان تم والا ففيه نظر ويجب الذكر فيه اجماعا ويكفى به مطلقا على رأى استقر به المصنف قدس سره
في المنتهى وارتضاه جماعة ممن تقدم عليه وكثير ممن تأخر عنه وعن السرائر نفى الخلاف عنه لصحيحة هشام بن الحكم
عن أبي عبد الله (ع) يجزى في الركوع ان أقول مكان التسبيح لا إله إلا الله والحمد الله والله أكبر قال نعم كل ذلك
ذكر الله ومن عموم التعليل في قوله كل ذلك ذكر الله يتسفاد كفاية مطلق الذكر مضافا إلى عدم القول
بالفصل بين التهليل والتكبير والتحميد وبين ساير الاذكار نعم عن الشيخ في النهاية قول بانحصار الرخصة
بالأوليين والمشهور بين المتقدمين كما في الحدائق والمعظم كما في الذكرى على تعيين التسبيح وعن الغنية والانتصار
والخلاف الاجماع عليه لقوله (ع) في صحيحة الحضري قال قال أبو جعفر (ع) أتدري أي شئ حد الركوع قلت لا قال تسبيح
في الركوع ثلث مرات تقول سبحان ربى العظيم وبحمده وفي السجود سبحان ربي الأعلى وبحمده فمن نقص واحدة
نقص ثلث صلاته ومن نقص ثلثين نقص صلاته ومن لم يسبح فلا صلاة له وفي معناها صحيحة زرارة
عن أبي جعفر (ع) قال قلت له ما يجزى من القول في الركوع والسجود قال ثلث تسبيحات في ترسل وواحدة تامة تجزى و
نحوهما غير واحد من الأخبار المعتبرة وحملها الأولون على الأفضلية وان التسبيح هو الأصل في ذكر الركوع وان غيره
يجزى من باب الرخصة وهو حسن لكن العمل بالروايات الكثيرة المعتضدة بفتوى المعظم والاجماعات المنقولة
والسيرة المستمرة أحسن مع أنه أحوط ثم إن الاظهر في وجه الجمع بين اخبار التسبيح الظاهر في وجوب
ثلث وبعضها الأخر في كفاية واحدة هو حمل الثلث على الصغريات والواحدة على الكبرى ويشهد لذلك ملاحظة
مجموعها مضافا إلى صحيحة زرارة المتقدمة بل رواية مسمع المتقدمة أيضا وادعى في المنتهى اتفاق الموجبين
للتسبيح على كفاية الواحدة الكبرى أو ثلث صغريات وهو مناف لما حكى عنه في التذكرة من نسبة القول ثلث
كبريات إلى بعض علمائنا ويجب في حال الذكر الطمأنينة بقدره بلا خلاف كما في الحدائق وحكى فيه الاجماع
عن الفاضلين وغيرهما وفي المنتهى انه يجب الطمأنينة فيه أي في الركوع بقدر الذكر الواجب والطمأنينة
هي السكون حتى يرجع كل عضو إلى مستقره وان قل وهو قول علمائنا أجمع ويدل عليه ان المنقول من فعل
النبي صلى الله عليه وآله والأئمة والمروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال قال للاعرابي الذي علمه الصلاة ثم اركع حتى تطمئن وفي رواية محمد بن بكر الأزدي المحكي عن قرب الإسناد
عن الصادق (ع) أنه قال إذا ركع فليتمكن وعليه فلو اتى ببعض الذكر مع عدم الطمأنينة بطل الذكر
بلا اشكال وهل تبطل الصلاة المحكي عن الروض نعم لتحقق النهى ويجئ الذكر فيه اجماعا كما في المنتهى والذكرى وجامع
المقاصد وعن جماعة وهل يتعين التسبيح كما هو الأشهر بل المشهور كما في الرياض ومذهب المعظم كما في الذكرى
152

بل عن الانتصار الاجماع على ايجابه وانه من متفردات الامامية وفي الغنية الاجماع على أقل التسبيح وعن الخلاف
والوسيلة الاجماع على تسبيحة واحدة وهو المحكي عن القديمين والصدوقين والمشايخ الثلاثة وجماعة
أم يجزى مطلق الذكر كما عن المبسوط بل والنهاية والجامع على خلاف في حكاية مطلق الذكر عنهما أو خصوص التهليل
والتكبير وعن الحلى نافيا عنه الخلاف وهو ظاهر المعتبر والذكري في باب الركوع لكن الظاهر منه في السجود موافقة
المشهور نعم هو صريح المنتهى والروض والروضة وشرحها وجامع المقاصد والايضاح وكنز العرفان وغيرها
وبالجملة أكثر المتأخرين قولان أقواهما الثاني للأصل على ما ذكره جماعة منهم المصنف في المختلف والشهيد في
غاية المراد وفيه نظر ولو على القول بالبرائة عند الشك في الشرطية والجزئية ولصريح روايتي الهشامين
ابني الحكم وسالم الصحيحتين عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له أيجزي عنى ان أقول مكان التسبيح في الركوع و
السجود لا إله إلا الله والحمد الله والله أكبر قال نعم كل هذا ذكر الله وفي التعليل تصريح بكفاية مطلق الذكر
مضافا إلى عدم القول بالفصل بين مورد الرواية وغيرها وحمله على صورة الضرورة للجهل أو ضيق الوقت
مما يضحك التكلي إذ أي زمان بسبع الذكر ولا يسع التكبير أو أي جاهل يعلم الأول دون الثاني ومثلهما رواية
مسمع المصححة عن أبي عبد الله (ع) قال لا يجزى الرجل في تسبيحه أقل من ثلث تسبيحات أو قدرهن ولأجل هذه تحمل
الاخبار الظاهرة في تعيين التسبيح على الأفضلية وعلى كونه الذكر الموظف في الأصل مثل رواية هشام بن سالم
الراوي للصحيحة المتقدمة قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الذكر في الركوع والسجود قال تقول في الركوع سبحان
ربى العظيم وبحمده وفي السجود سبحان ربي الأعلى وبحمده الفريضة من ذلك تسبيحه والسنة في الثلث والفضل في سبع
فيحمل الفرض على المفروض من الذكر في الكتاب العزيز في أصل تشريع الصلاة ليلة المعراج ولا ينافيه بدلية شئ
اخر عنه وكيف بدلية الصغريات الثلث عن مورد الرواية ثابتة بالنص والاجماع كما سيجئ عن المصنف واما صحيحة
زرارة قال قلت لأبي جعفر (ع) ما يجزى من القول في الركوع والسجود قال ثلث تسبيحات في ترسل وواحدة تامة تجرى
فهى محمولة على السؤال عن مقدار ما يجزى من القول المعهود المتعارف من التسبيح كما يشهد به صحيحة علي بن يقطين
عن أبي الحسن (ع) قال سئلته عن الركوع والسجود كم يجزى فيه من التسبيح قال ثلث وتجزيك واحدة ونحوها
صحيحة الأخرى وعلى أحد الوجوه الثلاثة المذكورة يحمل حد الركوع والسجود المسؤول عنه في رواية الحضرمي قال قلت
لأبي جعفر (ع) أي شئ حد الركوع والسجود قال تقول سبحان ربى العظيم وبحمده ثلثا في الركوع وسبحان ربى
الا على وبحمده ثلثا في السجود فمن نقص واحدة نقص ثلث صلاته ومن نقص اثنين نقص ثلثي صلاته ومن
153

لم يسبح فلا صلاة له ويشهد لاحد المحامل المذكورة ان ترك التسبيح المذكور جائز إلى بدله من الصغريات الثلث كما سيجئ
وان النقص المذكور في الرواية لا ريب في أن المراد به نقص الفضيلة فيحمل نفى الصلاة في قوله لا صلاة له على نفى الفضيلة
فكأنه عبر به عن نقص الثلث الباقي وبالجملة فليس في اخبار تعيين التسبيح ما يكافؤ رواية المختار في صراحة الدلالة
ولا اعتبار في كثرة الظواهر مع صراحة الأقل وصحة سنده والشهرة العظيمة بين القدماء المعتضدة بالاجماعات
المحكية موهونة بشهرة خلافه بين المتأخرين المعتضدة بنفي الخلاف عن الحلى وبذيل عبارة الا مالي الآتية أو
محمولة كالاخبار بقرنية حكايتي الحلى والا مالي على إرادة المتعين من الذكر في الوظيفة الأصلية في مقابل
أبي حنيفة والشافعي واحمد المنكرين لاستحباب هذا التسبيح المعروف بين الامامية قال في الأمالي على ما حكى عنه
انه من دين الإمامية الاقرار بان الذكر في الركوع والسجود ثلث تسبيحات وان من لم يسبح فلا صلاة له الا ان يهلل
أو يكبر أو يصلى على النبي صلى الله عليه وآله بعدد التسبيح وظاهر العبارة كون الاستثناء أيضا من دين الإمامية نعم يوهنها
ظهورها في قيام الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله مقام الذكر ولم نعرف له قائلا من الامامية فضلا عن كونه من دينهم
الذي يجب الاقرار به وان ورد في الاخبار ما يمكن ان يستفاد منه عموم تشبيه الصلاة بالذكر مثل رواية ابن أبي
بصير
قال قلت لأبي عبد الله (ع) اصلى على النبي صلى الله عليه وآله وانا ساجد فقال نعم هو مثل سبحان الله والله أكبر وفي صحيحة ابن سنان
ان الصلاة على نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم كهيئة التسبيح والتكبير الا ان في اثبات هذا الحكم بهما مع كونه
مهجورا بين الأصحاب مضافا إلى ضعف دلالتها على العموم اشكالا بل منعا ثم إن الأقوى على القول بتعيين التسبيح
التخيير بين واحدة كبرى وثلث صغيرات أعني سبحان الله وفي المنتهى ان الموجبين للتسبيح اتفقوا عليه لأنه المستفاد
من الاخبار بعد ضم بعضها إلى بعض ففي صحيحة معوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله (ع) أخف ما يكون من التسبيح قال
ثلث تسبيحات مترسلا تقول سبحان الله سبحان الله سبحان الله ونحوها مضمرة سماعة مضافا إلى جميع ما دل من
المستفيضة على اجزاء ثلث تسبيحات الظاهرة في الصغريات واما ما دل على كفاية الواحدة الكبرى فما تقدم من
روايتي هشام والحضرمي هذا مع أن في الروايات ما يستفاد منه التخيير كصحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع) قال قلت له ما
يجزى من القول في الركوع والسجود قال ثلث تسبيحات في ترسل وواحدة تامة تجزى فان الظاهر من التامة هي الكبرى
مضافا إلى أن جعل الثلث والواحدة في قالب الأجزاء يقتضى عدم اندراج الواحدة في الثلث وقريب منها صحيحتا
علي بن يقطين المتقدمتان بعد حمل الواحدة فيهما وان خلت عن وصف التمام على الكبرى بقرنية ما دل على عدم
اجزاء أقل من ثلث صغريات الا للمريض عند الأصحاب كما في المعتبر واجماعا كما في المنتهى لصحيحة معوية بن عمار عن
154

أبى عبد الله (ع) قال قلت له أدنى ما يجزى المريض من التسبيح قال تسبيحه واحدة وفي المرسل المحكي عن الهداية بعد ذكر اجزاء سبحان الله ثلثا ان التسبيحة الواحدة تجزى للمعتل والمريض والمستعجل ثم إن الظاهر تعين زيادة كلمة
وبحمده أو بدلها في قوله سبحان ربى العظيم وبحمده لذكرها في كثير من الاخبار بل أكثر الاخبار المتضمنة لهذا
التسبيح الخاص وعن حاشية المدارك انها مذكورة في تسعة اخبار منها رواية الحضرمي المتقدمة وهي وان لم تدل
على وجوب خصوص هذا التسبيح الخاص لما تقدم من التخيير بنيه وبين الصغريات الثلث بل ومطلق الذكر الا
انها ظاهرة في جزئية الكلمة المذكورة للتسبيح المذكور فالاخبار الخالية عنها محمولة على وكون ذلك
على ما هو المتعارف المعهود بين الشيعة في كل عصر ويؤيد ذلك أيضا قوله في رواية مسمع لا يجزى أقل من [؟؟؟]
تسبيحات أو قدرهن فان الظاهر أنه لا يتحقق مساواة الكبرى للثلث الا بإضافة كلمة وبحمده بل قيل إنها
بعد إضافة هذه الكلمة تنحل إلى ثلث تسبيحات لان التعظيم المستفاد من لفظة العظيم والتحميد المستفاد
من كلمة وبحمده أيضا تسبيحات لرجوعهما إلى معنى التسبيح الذي هو التنزيه عن النقايص ومما ذكرنا من
رواية مسمع يظهر الوجه في وجوب كون الذكر المطلق بقدر التسبيحة الكبرى أو الثلث مضافا إلى ما دل
على تخصيص الصغرى الواحدة بالمريض بل وما دل على عدم اجزاء أقل من ثلث صغريات ويجب الطمأنينة
بضم الطاء وسكون الهمزة بعد الميم المفتوحة وهي سكون الأعضاء واستقرارها في هيئة الراكع
باتفاق علمائنا كما في المعتبر والمنتهى وباجماعهم كما في جامع المقاصد وعن الناصريات والغنية قيل وهي معنى
قوله (ع) في رواية أقرب الاسناد إذا ركع أحدكم فليتمكن وقوله صلى الله عليه وآله لمن علمه الصلاة ثم اركع حتى تطمئن راكعا
وعن الخلاف دعوى الاجماع على ركنيتها ويضعف مع موافقته للأصل بعموم قوله لا تعاد الصلاة الا من
خمسة وما دل على أن ملاك صحة الصلاة حفظ الركوع والسجود الا ان يراد من ركنيتها كونها مأخوذة في
الركوع
شطر أو شرطا ولا يبعد مساعدة العرف عليه لكنه لا يخلوا عن الاشكال وكيف كان فالمعروف انه يجب الطمأنينة حال الذكر
بقدره وفي ظاهر المعتبر والمنتهى دعوى الاتفاق عليه مستدلين على ذلك بان الذكر فيه واجب فلابد من السكون
بقدر أداء الواجب ومرجعه إلى وجوب الطمأنينة في جميع الأقوال الواجبة لما تقدم في مسألة القيام من
الاجماعات المحكية على اشتراط الاستقرار في الصلاة في هيئاتها الأربع وهي القيام والركوع والسجود والجلوس
لا إلى ما زعمه غير واحد من أن الذكر في حال الركوع واجب ولا يتم الا بالسكون بمقداره فاعترضوا عليه بأنه
يمكن ان يشرع في الذكر في أول انحنائه فيزيد في الانحناء إلى أن يتم الذكر في أثناء الهوى الزائد أو إلى أن يعود
155

إلى أقل الركوع أو بأنه يمكن ان يبقى في مرتبة من الانحناء لكن مضطربا حتى احتمل بعضهم لدفع الاعتراض بهذين
الفرضين ان يكون مرادهم من الطمأنينة هنا البقاء على الركوع وعدم الرفع عنه حتى يؤدى واجب الذكر
ولا يخفى ما فيه حيث إنهم صرحوا بتقسيرا الطمأنينة في المقام بسكون الأعضاء واستقرارها وعلى أي حال
فلو شرع في الذكر الواجب قبل البلوغ إلى حد الركوع أو أتمه ناهضا فإن كان ناسيا فلا شئ عليه في الثاني
واعاده في الأول في حال الركوع كما لو اتى بشئ منه غير مطمئن وإن كان عامدا بطلت صلاته في الثاني اجماعا
لتعمده الاخلال بالواجب واعاده في الأول كالناسي وفاقا للمصنف في القواعد والشهيد في الذكرى فيما لو اتى بشئ
مع عدم الطمأنينة لان فساد الجزء لا يستلزم فساده إذا أمكن تداركه ثانيا خلافا لجماعة منهم المحقق و
الشهيد الثانيان فحكموا ببطلان الصلاة لما مر منهم غير مرة من بطلان الصلاة بتعمد ابطال جزء منه
لوجوه تقدمت مع ما فيها هذا كله في القادر على الطمأنينة واما العاجز فلا اشكال في عدم وجوبها عليه
والأقوى وجوب اتمام الذكر عليه حال الركوع وإن كان غير مطمئن فلا يجوز له الخروج عن حد الراكع قبل اكمال
الذكر خلافا فالظاهر شيخنا الشهيد في الذكرى فجوز ان يتم الذكر رافعا رأسه وفيه نظر ويجب رفع الرأس
من الركوع إلى أن ينصب قائما قيام القراءة فلو هوى قبله لا لعذر بطلت صلاته وإن كان لعذر مستمرا إلى السجود سقط
مع النسيان بناء على عدم ركنية كما هو المشهور لقوله لا تعاد ونحوه مما مر في نفى ركنية طمأنينة الركوع خلافا
للشيخ لعموم لا صلاة لمن لا يقم صلبه الذي يجب رفع اليد عنه بالعمومات المتقدمة وإن كان المتراءي في بادي النظر
تعارضهما بالتباين الجزئي لكن دقيق النظر يقتضى حكومة العمومات عليه كما تقدم نظيره في لا صلاة الا بفاتحة
الكتاب مع أن الأخبار المستفيضة الدالة على إناطة صحة الصلاة بمحافظة الركوع والسجود عن النسيان
وباتمامهما كالنص في عدم قدح نسيان غيرهما ولو ارتفع العذر قبل وضع الجبهة في السجود فالظاهر وجوب التدارك
لبقاء الامر والمحل وفاقا للمصنف قدس سره وقواه شيخنا الشهيد في الذكرى حاكيا عن المبسوط عدم الوجوب معللا
بأنه حكم بسقوطه وخرج محله فوجوب العود يحتاج إلى دليل وتبعه عليه في البيان وان قوى أخيرا ما قواه
في الذكري في هذه المسألة ومسألة ما لو أتم الركوع فسقط التي حكم الشيخ فيها أيضا بعدم العود لما ذكره
من أصالة البراءة المدفوعة باستصحاب بقاء التكليف بالرفع والاشتغال بالصلاة للشك في البراءة بترك
التدارك وتجب الطمأنينة وهو ان يعتدل قائما ويسكن ولو يسيرا اجماعا محققا ومستفيضا والكلام
في ركنيتها المحكية عن خلاف الشيخ كما مر ويجوز التطويل فيه بغير السكوت الطويل الماحي وفي الذكري ان بعض
156

المتأخرين اختار قول بعض العامة انه لو طولها بذكر أو قرائة بطلت صلاته لأنه واجب قصير فلا يشرع فيه
التطويل وهو ضعيف الا ان يمحو صورة الصلاة بطولها كما في الروض ولو عجز المصلى عن الانحناء إلى حد
الراكع اتى بالممكن من الانحناء بلا خلاف ظاهر وعن المعتبر الاجماع لعموم الميسور لا يسقط بالمعسور فان الظاهر
جريان تلك القاعد في الأجزاء الصورية من حيث ملاحظة الأقرب إلى صورة الجزء المعسور فالأقرب كما
يستفاد من تتبع النصوص والفتاوى وفي كل جزء جزء من اجزاء الصلاة كما تقدم بعض ذلك في الواجبات
المقدمة من القيام والتكبيرة والقراءة سيجئ في باقيها فليس اجزاء هذه القاعدة مبنيا على كون الهوى
للركوع من الواجبات الأصلية للصلاة مع أن الظاهر كونه من مقدمات الركوع نظير الهوى للسجود والنهوض
للقيام كما صرح به غير واحد منهم الشهيد الثاني في بعض مسألة الشك بعد تجاوز المحل والفريد البهبهاني
في شرحه في باب الركوع والعلامة الطباطبائي في منظومته مفرعا على ذلك صحة الركوع فما لو هوى لغير الركوع
ثم نوى الركوع قال {ولو هوى لغيره ثم نوى صح كذا السجود بعد ما هوى إذا لهوى فيهما مقدمة خارجة
لغيره ملتزمة} والظاهر أن مراده ما لو هوى بنية غير الركوع ولم يصل حد حال الراكع إما لو وصل حد الراكع
فأراد ان يجعله ركوعا فالظاهر عدم الصحة وفاقا لجماعة منهم المصنف والشهيد قدس سرهما لأن الظاهر من الركوع هو الانحناء
الخاص الحدوثي الذي لا يخاطب به الامن لم يكن كذلك فلا يقال للمنحني انحن نعم لو كان المراد من الركوع مجرد الكون
على تلك الهيئة بالمعنى الأعم من الحادث والباقي صحن لكن الظاهر خلافه فالهوى وإن كان مقدمة الا ان ايجاد مجموعه
لا بنية الركوع يوجب عدم تحقق الركوع المأمور به لأجل الصلاة وسيجئ نظيره في السجود بل يمكن الحكم بعدم
جواز اتمام الانحناء بنية الركوع الذي جوزه في المنظومة وغيره في غيرها ولو هوى غافلا لا بقصد الركوع
ولا بقصد فالظاهر غيره أيضا عدم الأجزاء لا لان أفعال الصلاة تفتقر إلى قصد كل في محله تفصيلا بل لأن الظاهر أن
مجرد الهوى لا يسمى ركوعا عند المتشرعة الا إذا وقع بقصده فان من انحنى لاخذ شئ لا يقال إنه ركع ولا
يوجب وقوع ذلك في الصلاة مرارا زيادة للركن ودعوى ان عدم القدح هنا لأجل عدم قصد كون هذا الانحناء
من أفعال الصلاة فلا يسمى زيادة يمكن دفعها انه لو سلم صدق الركوع عليه لم يفرق بين قصد كونه من الصلاة
وعدمه فإنهم صرحوا تبعا للنص بان السجود للغريمة زيادة في المكتوبة فتأمل وكيف كان فكفاية النية الاجمالية
المشمرة في كل جزء جزء انما تؤثر في الاستغناء عن نية القربة ونية الجزئية في كل جزء تفصلا لا عن القصد الذي
لا يتحقق عضوان الجزء كالركوع والسجود الا به نعم لو ثبت ان الركوع مثل القيام لا يحتاج تحقق عنوانه إلى أزيد من
157

حصول صورته في الخارج توجه ما ذكر من عدم اعتبار القصد بل ما منع سابقا من كفاية الاستمرار بنية الصلاة
وان أحدث لغيرها الوضع الوضع عن الايماء والأقوى الجميع عملا بروايات الامرين مضافا إلى دلالة الرواية سماعة
عليه فان قوله إذا سجد يعنى إذا اومى للسجود كما لا يخفى فيمسك ما يصح السجود عليه محازيا برأسه على وجه
يحصل ملاقاته للجهة إذا أو ماء برأسه وربما احتمل في كشف اللثام الجمع بينها بالتخيير بين الامرين وهو ضعيف
بان مقتضى الجمع الجمع والتخيير طرح واضعف من هذا الاستشهاد له بروايتي الحلبي وزرارة الدالين على أن
وضع الجبهة على الأرض ورفع سواك أو مروحة يسجد عليه أو حب وأفضل من الايماء بالرأس ولا يخفى ان موردهما
وضع الجبهة على الشئ اعتماد وانحناء في الجملة والظاهر أنه لا خلاف فيه كما في المعتبر والمنتهى وعن الذخيرة في باب
السجود وأين هذا من وضع الشئ على الجبهة وقد عرفت ان الروايتين مؤولتان كما عن الحدائق أو منزلتان على
الرخصة في الايماء وأفضلية تحمل المشقة في الانحناء في الجملة إلى المسجد المرفوع بقى هنا شئ وهو ان اخبار
وضع الشئ على الجبهة كلها في الاضطجاع فان ثبت اجماع مركب والا فلا نحكم بوجوبه للمستلقي مع أن المضطجع
يحصل له بايمائه نوع اعتماد على المسجد بخلاف للستلقى الا ان يستدل على وجوبه بقاعدة الميسور فتعم المستلقى
أيضا ويجب جعل السجود اخفض ايماء من الركوع بمعنى ان لا يؤمى بالركوع إلى اقصى ما يمكنه لمرسلتي الصدوق
المنجبرتين بما ورد في المعتبرة في صلاة النافلة ماشيا وعلى الراحلة مع اتحاد كيفية الايماء في النافلة والفريضة
للأصل مضافا إلى الأولوية وظهور الاجماع المركب وبما في الذكرى من نسبته إلى الأصحاب وفي كشف اللثام
في باب السجود من نسبة إلى منطوق الاخبار والفتاوى وان حكى فيه عن المقنعة والصدوق ان السابح يعكس
الامر ويجعل الركوع اخفض ومجرد الايماء بالرأس من دون انحناء القامة ليس جزء من الانحناء الركوع حتى
يقال بأنه يجب بقدر الامكان فلا معنى لوجوب نقصه ليحصل الفرق كما أنه لا يجوز للقادر على أقل الركوع تقليل
الانحناء لتحصيل الفرق مع أنه يمكن ان يقال في القادر على الانحناء الغير البالغ حد الركوع انه يجب عليه التقليل
في الركوع لأنه لا يدرك الركوع الحقيقي على كل حال فيدور الامر بين فوات أقرب الانحناءات إلى الركوع
وبين فوات الفرق بين ركوعه وسجوده ولا مرجح لكن الانصاف عدم جواز التقليل حينئذ والأصل في ذلك ان
الفرق بين الركوع والسجود ليس أمرا تكليفيا حتى يحتمل ان يهمل لمراعاته شئ من واجب الركوع وانما هو لازم قهري
يتسع ما وجب في السجود من الانحناء الزائد على انحناء الركوع فالتكليف بالانحناء إلى أحد الركوع أو إلى القريب منه
ثابت على القادر عليه مطلقا فإن كان مكلفا في السجود بالانحناء الزايد على المقدار الواجب للركوع حصل الفرق
158

والا لم يحصل ومن هنا استقرب في الذكري بل حكى عن جماعة جواز الانحناء إلى أكمل الركوع وان لم يقدر على
أزيد منه للسجود فلم يهملوا مستحبا لمراعات الفرق وان ضعفه في جامع المقاصد لكنه ضعيف واما الايماء
بالرأس فإن كان المستند في وجوبه منحصرا في كون القدر المستطاع من الركوع والسجود كان حكمها حكم الانحناء
فلا يجوز التقليل منه للركوع فيحصل الفرق الا ان يرد النص في ذلك وإن كان المستند فيه النص كما هو الظاهر
نظر إلى أن حركة الرأس ليس قدرا مستطاعا من الركوع والسجود فهو بدل شرعي للركوع والسجود جعل الشارع
ما للسجود منه اخفض مما للركوع كما في نفس الانحناء وان تعذر الايماء برأسه للعجز عن تحريكه جعل قيامه للنية
والتكبير والقراءة والركوع فتح عينه معا وركوعه تغميضها ورفعه عنه فتحهما وسجوده للأول تغميضهما ورفعه
منه فتحهما وسجوده ثانيا تغميضهما ورفعه فتحهما كما في رواية محمد بن إبراهيم المنجبرة بالعمل ولا يقدح اختصاصه
بصورة الاستلقاء لعدم القول بالفصل على الظاهر الا من صاحب الحدائق على ما حكى وهل يجب جعل السجود
هنا اخفض من الركوع بان لا يبالغ في تغميص الركوع كما في الروض وجامع المقاصد وعن جماعة فيه نظر من
خلو الرواية المتضمنة للتغميض عنه مع اقتضاء المقام للبيان بل ظهورها في عدمه ومن عموم إحدى المرسلين
المتقدمتين الا ان يحمل اطلاق الايماء فيهما على الايماء بالرأس سيما مع ذكر الأخفضية فيه الغير المتحققة في التغميض
الا مجازا فتصير كالأخرى مضافا إلى خلوها في المقام عن الجابر وفي كشف الغطاء انه إذا تعذر عليه الايماء
بالعينين أو ماء بواحدة وإذا تعذر عليه ذلك أيضا فبأعضائه الأخر ولعله لمطلقات الايماء فيجب امتثالها
مع العجز عن فعله بالرأس والعين لكنه محل نظر وهل يجب مع الايماء بالعين وضع الشئ على الجبهة فيه نظر لان ظاهر
الأخبار المتقدمة المتضمنة للوضع بحكم التبادر منصرف إلى المضطجع القادر على حركة الرأس الا ان يثبت عدم
القول بالفصل واعلم أن الظاهر من الاطلاق كفاية مسمى تحريك الرأس في ايماء الركوع ووجوب الزيادة عليه للسجود
فحينئذ يكون أول مراتب حركة الرأس مختصا بالركوع واخر مراتبها الممكنة للمريض مختصا بالسجود والوسائط مشتركة
بينهما وهل يجب ان يقصد بهذه الابدال كونها تلك الأفعال ظاهر جماعة نعم لأصالة الاشتغال ولأنه
لا يعد التغميض مثلا ركوعا والفتح قياما الا بالنية إذ لا ينفك المكلف عنها غالبا فلا يصيران بدلا الا ما يقصد
ولأن هذه الأمور كما لا يخل نقصانها وزيادتها الصلاة في الصحيحة كذا لا يخل بالناقصة استصحابا لحكمها ولا
شك ان ما هو بدل عن الركوع والسجود يخل نقصانه وزيادته قضية للبدلية فلابد ان يكون ما هو ركن
مغايرا لما ليس بركن وليست المغايرة الا بالنية ولا ن مفهوم الايماء لا يتحقق ظاهرا الا بالنية فكأنها منصوص
159

عليها في أدلة الايماء وفي الكل نظر لورود اطلاقات الأدلة على أصالة الاشتغال وعدم اشتراط القصد في
البدلية كما في الركوع جالسا لصيرورتها أفعالا في تلك الحالة فيكفى في نيتها نية أصل الصلاة كالافعال
الأصلية والفرق بان الافعال الأصلية متعينة متميزة ليست عادية فلا يفتقر إلى نيات تخصها بخلاف هذه
فإنها مشتركة بين العادة والعبادة فلابد من النية لتعين العبادة مردود بان صيرورة الافعال الأصلية
عبادات انما هل لأجل قصد التعبد بها في الصلاة المنوية عبادة والا فهى في حد ذاتها حركات عادية للمكلف
كابدالها وإن كانت الابدال في حد ذاتها أغلب صدورا من المكلف فإذا قصد التعبد بتلك الابدال في ضمن نية
الصلاة خرجت من العادة إلى العبادة السادس من الواجبات السجود وهو لغة الخضوع كما في كلام جماعة
وعن [الق؟] مجيئه للانحناء والانتصاب معا وشرعا وضع الجبهة بالانحناء على الأرض ولو بوسائط لا
خصوص
الأرض أو ما انبته لما مر وسيجئ من أن هذا من شروط المسجد في الصلاة وليس مأخوذا فيه ولا شرطا في مطلق السجود
واضعف من ذلك تعريضه شرعا بما يعم الايماء بالرأس أو العين لظهور مغايرتهما للسجود عرفا وشرطا بل قد عرفت
المناقشة في عموم بدليتها واما مدخلية وضع الجبهة فمما لا ريب فيه عند الشرع واحتمال عدمها ضعيف جدا
ويجب في كل ركعة من الصلاة سجدتان اجماعا قيل بل يشبه ان يكون من ضروريات الدين وهما معا ركن بمعنى انه
تبطل الصلاة بتركهما رأسا عمدا وسهوا حتى في أخيرتي الرباعية على المشهور كما سيجئ في باب الخلل انشاء الله تعالى
ولا تبطل بترك أحدهما لأنها ليست ركنا وليس الاخلال بها اخلالا بأصل السجود فيندرج في عموم قوله لا تعاد
الصلاة الا من خمسة الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود نعم يرد [خ؟] ان مقتضى ذلك كون مهية السجود
ركنا فيلزم بطلان الصلاة بزيادتها في ضمن الواحدة كما عن ثقة الاسلام والسيد في الجمل و [الحلبيين] والحلى الا
ان يقال بان هذا لا يقدح في ركنية المهية بناء على أن البطلان بالزيادة ليس مأخوذا في مفهوم الركن لغة ولا عرفا
ولا عند الفقهاء فان الظاهر من المحقق في كتبه والمصنف في المنتهى وغيره والشهيد في الذكرى تفسير الركن كما
هنا بما يبطل الاخلال به عمدا وسهوا وهو الذي يساعد عليه العرف واللغة واما ما ذكره الشهيد و
المحقق الثانيان والمقدس الأردبيلي كما عن المهذب من أن الركن عند الأصحاب ما يبطل زيادته أيضا
مشعرا بدعوى الاجماع على هذا التفسير فالظاهر أنه ليس مأخوذا في مفهوم الركن وانما هو خارج لازم له غالبا
فعدم بطلان الصلاة بزيادة سجدة واحدة لأجل النص [استثناء] على حكم ثابت للاركان غير مأخوذ
في مفهوم الركنية لا عن عموم ركنية مهية السجدة المعبر عنها بالسجود في قوله لا تعاد وغيره من الاخبار مثل
160

قوله الصلاة ثلاثة أثلات ثلث طهور وثلث ركوع وثلث سجود وقوله إذا حفظت الركوع والسجود ونحو ذلك
مع أنه يمكن ان يقال بعد ما جعل الشارع الزيادة على المسمى بواحدة واجبا غير ركن فالزيادة عليه بواحدة
بعد الواحدة الواجبة زيادة في الواجب لا في الركن لكن يرد عليه ان اللازم أن تكون الرابعة أيضا زيادة في الواجب
واما قولهم إنهما معا ركن فالمراد انها ليستا ركنين بل ركن واحد فاثبات الركنية للمجموع في مقابل سلبها
عن كل واحدة المصرح به في المنتهى لا في مقام اخذ الاجماع في الركنية والعدول عن قولهم أحدهما ركن لدفع
توهم اختصاص الركنية بالأولى وكون الثانية فعلا اخر واجبا خارجا عن الركن ليكون انكشاف فسادها موجبا
لإعادتها مع إعادة الثانية إذا تذكر قبل الركوع وبطلان الصلاة إذا تذكر بعده واما
دفع الاشكال الوارد على ركنية السجدتين مع عدم ابطال نقص أحدهما ولا زيادتها مع تسليم اخذ حكم
الزيادة في مفهوم الركن ففي غاية الاشكال وقد ذكر فيه وجوه منها ان الركن في المفهوم المردد بين
سجدة بشرط لا وبين سجدتين بشرط لا وبين ثلثه بشرط لا فإذا ترك رأسا ترك الركن وإذا اتى بثلث
لم يزد فيه وفيه مع منافاته لظاهر كلماتهم من كونهما معا ركن ما قيل عليه من أن اللازم حينئذ استناد البطلان
في الأربع فما زاد إلى نقص الركن لا زيادته الا ان يبدل السجدتين بشرط لا بهما لا بشرط فيستغنى عن اخذ الثلث
بشرط لا ويرجع إلى ما ذكره المجلسي في البحار بعد ترييف ذلك القول بما حكينا ان الركن هو المفهوم المردد بين
الواحدة بشرط لا والاثنين لا بشرط وفيه ما ذكرنا من منافاته لظاهر كلماتهم مع أن من المعلوم ان ترك الثانية لا مدخلية
له في جعل الواحدة ركنا بحيث يكون اتيان الثانية محصلا لفرد من الركن وتركها محصلا لفرد اخر ومنها ما ذكره
كاشف اللثام في شرح الروضة أسوة لغير واحد من المعاصرين ان المراد بركنيتها كون اتيانهما معا وتركهما معا
مبطلا للصلاة واعترف بان هذا اصطلاح اصطلحوا عليه وان خالف مفهوم اللفظ لغة وعرفا وفيه ان هذا
حكم السجدتين عند الأصحاب ولا كلام فيه وانما الكلام في تطبيق هذا الحكم على حكمهم بركنية السجدتين وتفسيرهم
الركن بما يبطل الاخلال به فان لفظ الاخلال الظاهر في الترك الحاصل بترك الحد الجزئين وان أمكن حمله
على خلاف ظاهر لغة وعرفا كما ذكره الا ان ظاهرهم ان المراد به مجرد الترك كما يقتضيه وجه التعبير بالركنية فإنها
إذا قلنا بان المجموع ركن فإذا فقد الجزء فقد الركن فإذا حكم مع ذلك بصحة الصلاة فلا معنى لجعل المجموع
فالاشكال ليس في دلالة ظاهر تعريفهم على ارتفاع الركن بترك الواحدة حتى يقال إن مرادهم خلاف مفهوم
اللفظ لغة وعرفا وانما الاشكال في تعقل الركنية للمجموع مع الحكم بصحة صلاة تارك جزء المجموع ولذا صرح
161

المجيب قبل هذا الواجب بقليل عند ذكر خلاف الشيخ في ترك السجدتين في أخيرتي الرباعيتين بأنه لا يمكن الخلاف
في أن ترك الركن مبطل مطلقا إذ لا معنى للركن الا ذلك وان خلاف الشيخ انما هو في الركنية مطلقا أو في الجملة
هذا كله إذا أريد من مخالفة مفهوم اللفظ لغة وعرفا ومخالفة مفهوم اللفظ الاخلال الظاهر في [مجرد] الترك
لا تركهما معا وان أريد مخالفة مفهوم لفظ الركن لغة وعرفا ففيه انه اعتراف بورود الاشكال في حكمهم
بركنيتهما مع اتحاد مصطلحهم في معنى الركن في جميع الأركان كما صرحوا به في أول ذكر الأركان وليس دفعا
للاشكال مع أنهم الا قليل قد صرحوا في التفريع على ركنيتها بما ذكروه في غيرهما على وجه يشعر باتحاد معنى
الركن في المقامين من أنه تبطل الصلاة بالاخلال بهما عمدا أو سهوا ومنها ان الركن المجموع الا ان الشارع
أقام الواحدة مقامه وفيه انه ان أريد ان الواحدة بدل أولي من تقييدها بكونهما بشرط لا فهو رجوع عن كون
الركن المجموع وان أريد ان الشارع اكتفى في صورة النسيان بواحدة لثبوت الدليل فهو اعتراف بالخروج عن
مقتضى الركنية لقيام الدليل ومنها ما قيل إن الركن هو الأولى لأنها فرض الله عز وجل والثانية فرض النبي صلى الله عليه وآله
كما في حديث المعراج وفيه ان اللازم عدم البطلان بزيادة الف سجدة والبطلان بالاتيان بسجدة بقصد الثانية بزعم
فعل الأولى وكيف كان فالظاهر أن أقرب التوجيهات ما ذكرناه أولا من كون الركن مهية السجود وكونها في ضمن
الثنتين واجب اخر لا ركن فسمى السجود الموجود في ضمن السجدتين كمسمى الركوع الموجود في ضمن الكون الركوع
الطويل بمقدار الذكر الواجب فلا يتوهم انه يلزم على هذا ان يكون كل واحدة ركنا لتحقق المهية في ضمنها فان
الشارع جعل الزايد على المسمى الشايع في المجموع لا خصوص الثانية واجبا غير ركن لا يبطل الاخلال به سهوا
أوضح فسادا من هذا ما توهم من أنه يلزم على ذلك ان يكون الاتيان بالسجدتين زيادة في الركن مفسدة للصلاة
وجه الفساد ان الآتي بالسجدتين آت بماهية السجود في ضمن السجدتين واصل ماهية السجود وايجادها في ضمن
السجدتين واجب فأين الزيادة المفسدة إذ لا يخفى على أحد ان الزيادة التي حكموا بابطالها إذا كان الزايد
ركنا وبعدم ابطالها إذا كان واجبا هو الزايد على واجبات الصلاة بل ومستحباتها فحكموا بابطاله إن كان
من جنس الأركان وبعدمه إن كان من غيره وأين ذلك من جعل الزايد على مسمى الركن واجبا وهذا واضح لا غبار
عليه ويؤيد ما ذكرنا من ركنية مسمى السجود اجزاء احكام الركن عليه في كثير من الموارد مثل ما هو المعروف منهم
من أنه إذا نسى الركوع دخل في السجود بطلت صلاته مع أنه لا يلزم من تدارك الركوع
ومراعاة الترتيب الا زيادة سجدة واحدة ولا خلاف بينهم ظاهرا في أن زيادة غير الركن سهوا
غير مبطلة والتمسك في المسألة أيضا مشكل لأن اطلاق أدلة استيناف الصلاة إذا نسى الركوع
حتى سجد معارض باطلاق ما دل عن الصحاح على أنه إذا نسيت شيئا من الصلاة ركوعا
أو سجودا أو تكبرا فاقض الذي فاتك وعمومات ابطال الزيادة مع تسليم دلالتها مخصصة باجماعهم ظاهرا على
162

عدم ابطال زيادة غير الركن سهوا وبخصوص ما ورد في المعتبرة من أنه لا يفسد الصلاة بزيادة سجدة ومثل
اتفاقهم على أن من سجد ثم ذكر انه لم يأت بالقيام مطمئنا بعد الركوع فلا يجب عليه تداركه وليس فيه نص حتى
يقال إنه خصوص من مثل اتفاقهم على أن ناسي الذكر والطمأنينة في السجود لا يرجع لئلا فيهما مع عدم ورود
النص بذلك ويجب السجود على سبعة أعضاء من أعضاء المصلى الجبهة وهي كما حكى في الروض وشرح الروضة
وظاهر غيرهما ما بين الجنبين وقصاص الشعر والحاجبين ففي صحيحة زرارة إذا مست جبهته الأرض لما بين
حاجبيه وقصاص شعره فقد اجزاء عنه ومثلها حسنة الاخيرى بابن هاشم وفي صحيحة زرارة المحكية عن الفقيه ورواية
مروان بن هاشم المصححة عن التهذيب ما بين قصاص الشعر إلى طرف الأنف مسجد ونحوهما رواية يزيد والظاهر أنه
لا اختلاف بين الاخبار لان الجبهة عضوا واحد معروف طرفه الأسفل متصل بطرف الانف الاعلى و
صحيحتها زرارة محمولتان على الغالب من اتصال موضع الحاجبين بطرف الانف الاعلى ولذا اتفقوا كما في
الذكري على وجوب مسح الجبهة في التيمم إلى طرف الأنف الاعلى والكفين فسرهما الشارح وبعض اخر في الكتابين
المتقدمين أيضا ما يشمل الأصابع وقد صرح أيضا في الذكرى وجامع المقاصد كما عن التذكرة بكفاية وضع
الأصابع تمسكا باطلاق صحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع) عن رسول الله صلى الله عليه وآله السجود على سبعة أعظم الجبهة واليدين
والركبتين والابهامين من الرجلين وترغم بانفك ارغاما الخبر ونحوها المحكي عن قرب الإسناد عن محمد بن عيسى عن
عبد الله بن ميمون القداح عن أبي جعفر بن محمد عليهما السلام وقد حكيت الصحيحة المذكورة عن الخصال بطريق
حسن إلى زرارة بابن هاشم بابدال لفظة اليدين بالكفين والظاهر بل المقطوع ان الرواية واحدة وظاهر
اختلافهما بعد أصالة عدم الخطاء في حكاية أحدهما يعطى ان المراد بالكفين مطلق اليد إلى الأصابع لا خصوص ما
فوق الأشاجع إلى الزند كما يشهد له شيوع اطلاقهما عليه في أبواب الوضوء والغسل والتيمم واما العكس بان
يراد من اليدين خصوص الكفين فهو بعيد إذ التعبير عن المقيد بالمطلق في مقام البيان قبيح خصوصا مع عدم شيوع
إرادة خصوص الكف من اليد مضافا إلى تصريح بعض أهل اللغة كما عن القاموس بان الكف اليد إلى الكرع ودعوى
انه ظاهر في العرف فيما فوق الأشاجع غير معلوم والمعلوم كونه كذلك عند أهل فارس الذين يستعملون لفظه الكف
مضافا إلى أن لفظ الكف لشيوعه {في مطلق الزند في الزند إلى الأصابع إلى الكف} شيوعا يمنع عن حمله على معناه الحقيقي لو فرض ثبوته غير
قابل لتقييد اليد بما فوق الأشاجع بل المتيقن تقييده بما عدى منا فوق الزند مع أن اللازم بعد اختلاف
163

الصدوق والشيخ في نقل الرواية هو الرجوع إلى غيرهما من الأخبار المشتملة على ذكر اليد كرواية أقرب الاسناد
المتقدمة وما ورد في علة قطع السارق من أصول الأصابع وتفسير ان المساجد لله انها لو قطعت مما دون المرفق
لم يبق له يد يسجد عليها وبهذه الرواية يعارض ما في صحيحة حماد بنسخة الكافي من قوله (ع) في تفسير في أن المساجد لله من ذكر
الكفين وهذا هو السر في تفسير الشارح وغيره الكف في عبائر العلماء بما ذكرنا والا فمجرد فتواهم بكفاية مطلق
اليد لا يوجب تفسير كلام الغير بذلك وتريهم يعبرون في صدر المسألة بالكف ثم يحكمون بكفاية وضع الأصابع نعم
في المحكي عن بعض كتب المصنف التعبير ببطن الراحة وهو ظاهر فيما فوق الأشاجع ويجب السجود على عظمي الركبتين و
الركبة بضم الراء وسكون الكاف موصل أعال الساق وأسافل الفخذ والابهامين لما تقدم في صحيحة زرارة وفي
صحيحة حماد في تعليم الصلاة وأنامل ابهامي الرجلين الا انه (ع) بعد ذلك في تعدد الأعضاء السبعة ذكر الابهامين
وعن كشف الالتباس ان المشهور التعبير بالابهامين وعن ظاهر جمل السيد وسرائر الحلى وجوب أناملهما وعن شرح
جمل السيد للقاضي ان هذه السبعة أعني ما ذكره في الجمل مما لا خلاف فيها وفيه نظر وهل يجزى ظاهر هما الظاهر
نعم لاطلاق الاخبار وعن الموجز تعينه وعدم جواز وضع رؤسهما مع أن في الروض جعل وضع الرؤس أحوط الا ان
يريد بها الأنامل خروجا عن خلاف السيد والحلى نعم عن المنتهى ان الأقرب جواز السجود بظاهر الابهامين وهو يعطى
كون غير الظاهر مقطوعا به واو قطع أنملة الابهامين فالظاهر تعين السجود بالباقي دون ساير الأصابع نعم لو قطع
عن أصله ودار بين السجود على محله وعلى غيره من الأصابع فلا يبعد تعين الثاني كما عن غير واحد وكيف كان فالظاهر
كفاية المسمى في الجميع إما في ما عدا الكفين والجبهة فالظاهر أنه لا خلاف فيه لاطلاق الأدلة واما الكفان فكذلك على
ما في المدارك وعن الذخيرة وفي المنتهى التردد فيه ولم نعرف وجهه ووجه فرقه بينهما وغيرهما مع اطلاق الأدلة
في الكل على نهج واحد الا ان يدعى ظهور الأدلة في الاستيعاب فيجب مع التمكن ولا يمكن في الركبتين ولا في
الابهامين
ما بعد ظهر من رواية حماد رجحان وضع الأنامل واما الجبهة فخرجت بالدليل وهو الأخبار الصحيحة وغيرها من المعتبرة الدالة على كفاية
شئ مما بين قصاص الشعر وطرف الانف أو الحاجبين مضافا إلى ما دل على جواز السجود على السواك والعود
كما في الصحيحة المحكية عن الفقيه والتهذيب في صلاة الغريق وفي الزيادات في كيفية الصلاة وموثقة عمار المتقدمتين الا ان يقال السواك
الموضوع على الجبهة لا ينقص لطوله عن الدرهم ومنه يظهر ضعف ما عن الفقيه والدروس والذكرى من اعتبار
الدرهم ناسيا له في الثالث إلى كثير من الأصحاب لصحيحة زرارة بعد تجديد الجبهة بما بين قصاص الشعر والحاجبين قال
فإنما سقط من ذلك إلى الأرض أجزأك مقدار الدرهم وطرف والانملة وعن دعائم الاسلام وأقل ما يجزى ان نصيب الأرض
164

من جبهتك مقدار درهم وكذا عن الرضوي وفي دلالة الأولى وسند الثانيتين ضعف لا يخفى الا ان يلتزم
بان السجود على الأرض عرفا لا يصدق أو يشكل صدقه على وضع ما دون الدرهم لكنه ضعيف بعد تصريح الأخبار
بكفاية ما مس الأرض أو أصابها أو وضع عليها أو يسقط عليها من الجبهة الا ان يقال بانعقاد الاجماع
على عدم كفاية شئ من العنوانات ما لم يصدق عليه اسم السجود وفيه انا لا نضائق من اعتبار صدق السجود عرفا
الا ان حصره في الدرهم ممنوع نعم لو ورد تحديده بذلك كان مناسبا لطريقة الشارع من تحديد التقريبان
بضابط تحقيقي يكون تحقيقا في تقريب لكن ورود النص ممنوع وتقريب دلالة الصحيحة المتقدمة بمجرد هذه
المناسبة تمسك في الحقيقة بها في الأحكام الشرعية وفساده لا يخفى واضعف منه ما يظهر من المحكي عن
الإسكافي والحلى من كفاية الدرهم ممن بجبهته علة الظاهرة في لزوم الاستيعاب للصحيح المروى عن زياد إلى التهذيب
عن علي بن جعفر عن أخيه قال سئلته عن المرأة تطول قصتها فإذا سجدت وقعت بعض جبهتها إلى الأرض وبعض
يعطيه الشعر هل يجوز ذلك قال لا حتى تضع جبهتها على الأرض وهو مع تسليم دلالته محمول على الاستحباب كما
صرح به في رواية يريد المتقدمة من أن وضع الجبهة كلها أفضل مع أن الظاهر من الروض ومجمع الفائدة عدم القائل بلزوم
الاستيعاب وعن الحدائق الاتفاق عليه واعلم أنه قد تقدم في مقدمات الصلاة اعتبار كون مسجد الجبهة مما يصح
السجود عليه فلو سجد على كور العمامة فإن كان لأجل كونه مما لا يصح السجود عليه فلا اشكال في عدم جوازه وإن كان
لكونه محمولا كما حكى عن الشيخ عاطفا عليه السجود على طرف الرداء فهو ضعيف كما صرح به جمهور من تأخر عنه من
الأصحاب مع أن المحكي عن الاستدلال الشيخ على ما افتى به بأنه قد ثبت عدم جواز السجود على الملبوس وجميع ذلك ملبوس
لا يصح عليه السجود مشعر بل مصرح بكون وجه المنع ليس هو الحمل وان جزم به بعض واحتمله آخرون نعم قد يشكل من
جهة ان المتبادر من السجود لزوم انفصال الموضوع عليه عن العضو الموضوع فلو ربط تربة بين الجبهة والعمامة
لأجل التقية أو غيرها ففي صحة السجود عليها تأمل كما في شرح الفريد البهبهاني وتبعه في التأمل بعض من تأخر عنه
وهو وان في محله الا ان الظاهر من اطلاقهم الحكم بجواز السجود على كور العمامة الذي لا ينفصل غالبا عند السجود
هو الجواز فيكون المعتبر في السجود هو الاعتماد على الأرض بالانحناء الخاص بحيث يصدق كون الجبهة موضوعة عليها
وكون الأرض موضعا لها فما في الاخبار من أنه يسجد على الأرض وإن كان المتبادر منه هو الوضع على ما
انفصل الا ان المستفاد هو إرادة كون الأرض أو ما قام مقامها موضعا للجبهة ولو على وجه الابقاء
لا على وجه الاحداث فمعنى الامر بالوضع اجعل جبهتك موضوعة عليها نعم لو كان الوصل مأخوذا في السجود
165

استقام عدم صدق امتثال الامر السجود الذي هو أمر بالايجاد بمجرد ابقاء الوصل قال في البيان على ما حكى لو كانت العمامة مما
يصح السجود عليه أو ادخل بين الجبهة والعمامة مسجدا صح وفي المنتهى على ما حكى لو وضع بين جبهته وكور
العمامة منا يصح السجود عليه كقطعة من خشب يستصحبها في قيامه وركوعه فإذا سجد كانت جبهته موضوعة عليها
صحت صلاته ونحو ذلك عن التحرير والذكرى ويظهر من اقتصار نسبة الخلاف إلى الشيخ في البيان والذكرى
عدم الخلاف عن غيره وقد عرفت ان ذيل كلام الشيخ في الخلاف مشعر بعدم المخالفة ويعتبر في سجود الصلاة عدم
علو موضع الجبهة على الموقف بأزيد من لبنة بكسر اللام مع سكون الباء أو بفتح اللام وكسر الباء على المعروف بين الشيخ
وبين من تأخر عنه من الأصحاب بل عند جميعهم كما في جامع المقاصد وظاهر الذكرى وفي المطالع الظاهر أنه
مما أطبق عليه الأصحاب وفي المعتبر والمنتهى كما عن التذكرة تحديد العلو الممنوع بما يعتد به ناسبين له
إلى علمائنا ثم حكاية التحديد بأزيد من اللنبة عن الشيخ ويدل على ما ذكره الفاضلان مصححه عبد الله بن سنان
قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن موضع جبهة الساجد يكون ارفع من مقامه قال لا ولكن مستويا فان اطلاق
الارتفاع الممنوع هو ما يعتد به في العرف وكذلك المتبادر المساواة العرفية التي لا يقدح فيها ارتفاع يسير وقد
يقال إن المراد استواء نفس موضع السجود لا مساواته لموقف المصلى لان الاستواء غير المساواة وفيه ان الظاهر
من الاستواء ذلك لكن ملاحظة السؤال قرنية على إرادة المساواة مضافا إلى أن المطلب انما يتم بقوله لا و
يدل على ما ذكره الشيخ واتباعه رواية أخرى متصفة بالمحسن وفاقا لغير واحد بناء على تميز النهدي لعبد الله بن سنان
عن الصادق (ع) قال سئلته (ع) عن السجود على الأرض المرتفعة قال إذا كان موضع جبهتك مرتفعا عن موضع بذلك
قدر [لبنة] فلا بأس وعن بعض النسخ يديك بالتحتانيتين وعن الكافي عن رجليك ودلالتها على وجه الأول والثالث
واما على الثاني مع مرجوحية لأن الظاهر أن مورد السؤال عن السجود على الأرض المرتفعة المرتفعة عن مقام المصلى
لا عن موضع يديه لأنهما موضوعان على نفس الأرض التي يسجد عليها المحاذاة مسجدهما لمسجد الجبهة
مع تقارب المسجدين فلا يعد خصوص موضع السجدة أرضا مرتفعة بالنسبة إلى ارض مسجد اليدين فالمراد
المسجود على الأرض التي قام فيها للصلاة المرتفعة بعضها عن بعض أو خصوص مسجد الجبهة المرتفع عن
الموقف مع أن اعتبار عدم علو مسجد الجبهة عن خصوص مسجد اليدين بأزيد من لبنة لم يقل به أحد لان
أصحابنا بين معتبر ذلك بين مسجد الجبهة والموقف كالمعظم وبين من اعتبره بالنسبة إلى بقية المساجد كالشهيد (ره)
مع أن مقتضى اطلاق الرواية الأولى وهو النهى عن مطلق العلو خرج مقدار اللبنة فما دون وبقى الازيد ولا نعلم
166

كونه علو الا يعتد به فيكفى ذلك في التمسك بالاطلاق مع أن مقتضى الحكمة عدم حوالة معيار العلو على المعتد به
لاختلافه في أقطار الناس فلابد في الحكمة من تحديد تحقيقي يكون ضابطا تقريبيا للعلو المعتد به كما في
ساير التحديدات الشرعية والعلو الممنوع في امام الجماعة وان لم يذكر له في كلام العلماء حد عدا الاعتداد به
وعدمه الا انه في الاخبار قد حد بمثل الدكان وشبهه ثم إن الظاهر عدم تخالف تحديد الشيخ مع تحديد الفاضلين
قدس الله أرواحهم لان ظاهر المحكي عن الشيخ تجويز مقدار اللنبة لكون العلو بمقدارها لا يعتد به ففي المبسوط
وينبغي ان يكون موضع السجود مساويا لموضع قيامه ولا يكون ارفع منه الا بمقدار ما لا ليعتد به مثل اللنبة
وشبهها فإن كان أكثر منه لم يكن جائزا انتهى فعلى هذا تتطابق الفتاوى والأدلة في التحديد بما لا يعتد به
ويبقى تحديد ما لا يعتد به باللبنة مستفادا من الاخبار وكيف كان فلا اشكال في التحديد المذكور في طرفي
الوجود والعدم ولا نعرف فيهما خلاف نعم عن ابن الجنيد جواز اللبنة في العلو والهبوط عند الاضطرار لا الاختيار
وظاهر المحكي عنه هو اعتبار عدم انخفاظ مسجد الجبهة أيضا عن الموقف كما اختاره الشهيد و
تبعه على ذلك في الروض كما عن الموجز والمدارك ويظهرهن جامع المقاصد ارتضائه لصحيحة عبد الله بن سنان
المتقدمة ولكن مستويا وابدله في جامع المقاصد بمعاوية بن عمار سهوا من القلم ولموثقة عمار في المريض يقوم
على فراشه ويسجد على الأرض فقال إذا كان الفراش غليظا قدر آجرة أو أقل استقام له ان يقوم عليه ويسجد
على الأرض وإن كان أكثر من ذلك فلا وهي صريحة في المط كما في جامع المقاصد فالخدشة في دلالتها كما عن الخراساني
ضعيفة نعم ادعى الاجماع على خلاف مضمونها من جواز الانخفاظ في التذكرة على ما حكى وهو ظاهر الأكثر أيضا
مع امكان الخدشة في الصحيحة بان وجوب المساواة لا قائل به لجواز اللبنة اجماعا فيحمل على الاستحباب وفيه
ان الظاهر المساواة في مقابل التفاوت المعتد به ولذا اطلق المنع عن الارتفاع أيضا وكيف كان فما ذكره الشهيد و
الجماعة لا يخلوا عن قوة فان الاجماع المنقول وإن كان بمنزلة خبر صحيح عند بعض الا ان الموثق أرجح منه
عندنا سيما مع اعتضاده بظاهر الصحيح بقى الكلام في وجوب تساوى مواقف باقي المساجد ظاهر المحكي
عن المصنف قدس سره في بعض كتبه والشهيد نعم وتبعهما في الجعفرية والمقاصد العلية ولعله لظاهر حسنة ابن
سنان المتقدمة الدالة على مراعاة عدم العلو بين موضع الجبهة وبين موضع البدن الظاهر في مسقط جسد
المصلى حال السجود أو مجلس المصلى عند الرفع عنه إذ حينئذ يعتبر مساواة موضع الركبتين للقدمين
واما مساواة موضع اليدين فهى حاصلة غالبا بمساواة موضع الجبهة لتقارب موضعيهما جدا فلذلك
167

اكتفى بمساواة موضع البدن وكيف كان فحمل موضع البدن على موضع القدمين في غاية البعد نعم يرد عليه
ان غاية ما يدل مفهومه ثبوت الباس إذا ارتفع موضع الجبهة عن موضع البدن أزيد من لبنة فلعل المنع
حينئذ باعتبار ارتفاعه عن خصوص موضع القدم من موضع البدن فلا يدل على البطلان في محل الكلام وهو ما إذا
تساوى موضعا الجبهة والقدم وارتفع موضع الجبهة عن موضع الركبتين أو اليدين ثم إن الظاهر عدم الفرق
في صورة الارتفاع بين التدرج والتسرح كالتل وسيل الماء وفي شرح الروضة انه المشهور ولعله لاطلاق
النص والفتوى ثم إن الظاهر ملاحظة المساواة بين موضع الجبهة وموقف المصلى حال السجود فان تفاوتا
بان كان موقفه حال القيام أسفل ثم انتقل عند السجود إلى ما يساوى موضع الجبهة صح ولا عبرة أيضا بالابهامين لأنه لو
فرض ادخال ابهامه حال السجود في موضع منحدر بل جعل مشط قدميه فيه مع كون رجليه عند الجلوس مساويا
لمسجد الجبهة صح ظاهر العدم تفاوت في انحنائه بذلك ومناط حكمهم هو وجوب زيادة الانحناء إلى أن
يصير موضع جبهته مساويا لموقفه فالتعبير بالموقف الظاهر في موقف المصلى في جميع الأحوال مبنى على الغالب ثم اعلم أن
الانحناء إلى هذا المقدار الظاهر أنه داخل في سجود الصلاة وان لم يدخل في مطلق السجود ولو للتلاوة أو
الشكر أو السجود المحرم لتعظيم غير الله وليس في سجود الصلاة واجبا زائدا على مفهوم السجود وان سبق
ذلك إلى بعض الافهام لملاحظة صدق السجود عرفا على الانحناء الغير البالغ ذلك المقدار لان المتبادر من
السجود شرعا وضع الجبهة بالانحناء على الأرض ولو بوسائط فإذا اعتبر الشارع فيه انحناء خاصا فهذا المقدار
لابد ان يكون عنه الوضع فمن وضع الجبهة على محل رفع من الموقف بأزيد من لبنة ثم جرها إلى مكان
مسا وفعلى قول من يحكم بتحقق السجود عرفا بالأول فلابد ان يكون الانحناء المتأخر والوضع المتأخر على
المكان المساوى خارجين عن أصل السجود والحاصل انه إذا كان المعتبر عند الشارع وضع الجبهة بانحناء خاص
فهذا لا ينحل في الخارج إلى فعلين والحاصل ان السجود إما الانحناء إلى أن يمس جبهته ما يساوى موفقه
ولا ريب انه بعد ما أمر بالانحناء الخاص فالفعل الواجب وهو الانحناء الخاص واجب واحد فإذا انحنى لا إليه
فصدق السجود عليه لا يوجب صدق اتيان فعل من أفعال الصلاة حتى يلزم الزيادة بأرفع واما ان يكون
هو الوضع عن الانحناء ولا ريب أيضا في أنه بعد ما وجب الانحناء الخاص فالواجب هو الوضع عنه فإذا وضع عما
دونه فلم يتحقق سجود الصلاة وان صدق على مثله السجود إذا أراد به سجدة التلاوة أو الشكر أو غيرهما
فان قلت فإذا رفع رأسه حينئذ فيصدق زيادة السجود ان لم يصدق زيادة فعل من أفعال الصلاة فلا يرتفع محذور
168

الرفع قلت انما يلزم الزيادة لو نوى به السجود إما لو لم ينو فلا يلزم تحقق زيادة السجود فليس هذا
الزيادة الا مثل الانحناء الزايد مقدار الركوع مع عدم قصد الركوع به وكيف كان فالحاصل ان السجود
الواجب الخاص فعل واحد وليس مشتملا على واجبين ينفك أحدهما عن الأخر نعم هو مركب عقلي من المطلق
والخصوصية وهو لا يوجب تعدد واجب الصلاة فان المعيار في تعدد الواجب تعدده خارجا والمراد باجزاء
الصلاة التي تقدح زيادتها هي الخارجية دون العقيلة واما وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه لطهارته
وكونه من الأرض فهو أمر خارج عن حقيقة السجود بل هو من شروط المسجد كطهارة مكان المصلي على
القول به وليس واجبا من واجبات الصلاة أيضا لعدم كونه فعلا خارجيا من أفعال الصلاة وانما هو شرط
من شروط المكان الخاص أعني مكان الجبهة ولذا ذكر ذلك الفقهاء في مقدمات الصلاة فإذا وضع جبهته
على ما لا يصح السجود عليه فقد اتى بحقيقة السجدة ووجوب وضعه على ما يصح انما هو لتحصيل شرط المسجد
فهذا الوضع الثاني ليس محصلا لمفهوم السجود وانما هو محصل لخصوصية الوضع الحاصل أو لا الذي هو
السجود والفرق بين الوضع الثاني المحصل لتساوي والمسجد والموقف والوضع الثاني المحصل لكون السجود
على ما يصح السجود عليه في كون الأول محصلا للسجود الصلاتي بعد ان لم يحصل وكون الثاني محصلا لشرطه
بعد حصوله وهو ان الوضع الثاني في الأول موجد لهيئة أخرى لأصل الانحناء السجودي فهو صورة أخرى
من صور الانحناء غير الحاصلة أولا التي لم يكن هي الفعل المأمور به في الصلاة بخلاف الوضع الثاني في الثاني
فإنه ليس موجد الهيئة أخرى بل هو نفس ذلك الفعل الأول وانما تفاوت بصفة المسجد فنسبة الوضع الثاني
في الأول إلى السجود كنسبة الانحناء الزائد على مسمى الانحناء إلى الركوع حيث إنه محصل الأصل فعل الركوع
ونسبة الوضع الثاني في الثاني إليه كنسبة الاستقرار والطمأنينة في الانحناء الركوعي فافهم ذلك و
يتفرع على ما ذكرنا جواز الرفع لو سجد على المرتفع أزيد من اللبنة والأخبار الناهية عن الارتفاع محمولة
على المرتفع الذي يصح معه السجود لكن لا يريد ان يسجد عليه لعد استوائه ومشقه الصبر عليه إلى الاذكار
الثلث والأدعية وعدم حضور القلب كما ينبئ عن ذلك قوله فتقع جبهتي على الموضع المرتفع وقوله إذا
وقعت جبهتك على النكبة منكبه فلا ترفعها فان الغالب ان الانسان لا يريد السجود على النكبة وهي الأكمة المنحدرة
الرأس أو التل الصغير ويشهد له الامر في بعض الأخبار بالرفع ثم الوضع وكما يجوز الرفع كذلك يجوز الجر
ولا يشكل بان الجر لا يحصل به السجود والمفروض أيضا عدم حصوله في الوضع الأول لارتفاع المسجد لأنا
169

تمنع عدم الصدق لما عرفت انه الصاق الجبهة بالأرض بالانحناء سواء كانت الجبهة منفصلة عن الأرض إلى تمام
الانحناء أو اتصلت به بعد مقدار منه نعم لو اتصلت به قبل أصل الانحناء ففي تحقق السجود اشكال فان قلت
إذا صدق السجود في الوضع المساوى بمجرد الجر بعد ان لم يصدق في الوضع الأول فكيف يحكم بالجر بعد تحقق
السجود على ما لا يصح السجود عليه فإنه مستلزم لتعدد السجود قلت السجود يحصل بالجر لكن صدق السجود قبله
لا يوجب تعدد السجود إذ لا يتحقق التعدد الا بالفصلين السجودين إما بالانتصاب ولو قليلا عن الانحناء واما
بانفصال الجبهة عن المسجد وان لم ينتصب بل يزيد في الانحناء إلى موضع اخفض من مسجده بالتدرج لا بالانحلال
وربما منع حصول التعدد بهذا الأخير بل حكم بجوازه مع وضع الجبهة على ما لا يصح لتحصيل الشرط وبجوازه لتحصيل
فضيلة مساواة المسجد للموقف وفيه اشكال بل الاظهر تعدد السجود بذلك ثم لو تعذر الجر لاحراز شرط المسجد
ففي كلام بعض سادة مشايخنا انه لا كلام في جواز الرفع حينئذ وفيه اشكال لعدم الدليل على وجوب
تدارك الشرط مع لزوم زيادة السجدة ولو فرض كونه شرطا مطلقا فاللازم الحكم بابطال الصلاة لأنه أخل
بشرط مطلق هو كالركن ويلزم من تداركه زيادة سجده فهو كناسي الركوع إلى أن يسجد وذو الدمل يجب عليه وضع الباقي
السليم ولو بان يحفر لها حفيرة يضع الدمل فيه ليضع السليم على الأرض ووجوبه من باب المقدمة ولو استوعب
الدمل الجبهة سجد على أحد الجنبين نسب إلى الأصحاب وفي الشرح وجامع المقاصد لا خلاف في تقديمهما على
الذقن واستدل عليه بوجوه ضعيفة قيل مع استلزامه الانحراف عن القبلة وفيه ان الظاهر كراهيته لا تحريمه
وهل يتعين تقديم اليمنى على اليسرى أوجبه الصدوقان وبه رواية عن تفسير علي بن إبراهيم وهو أحوط وإن كان
في تعينه نظر {السابع التشهد} وهو لغة تفعل من الشهادة وهي كما في المعتبر والمنتهى وجامع المقاصد
والروض وعن حبل المتين والقال الخبر القاطع وظاهر هؤلاء عدم اعتبار كون الاخبار عن حس وهو الظاهر
من اطلاقات هذه المادة في العرف والشعر وسيجئ تمام الكلام فيه في باب الشهادات وشرعا ما يؤتى به في الصلاة
من الشهادتين وقد يضاف إلى ذلك الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله كما في جامع المقاصد وعن الخلاف
ويشهد له رواية ابن أبي
بصير الآتية والأظهر الأشهر في النصوص بل في كلمات الأصحاب الأول وإن كان قد يستعمل
فيما يشمل الصلاة تغليبا {ويجب عقيب كل ركعة ثانية وفي اخر الثلاثية والرباعية أيضا} بالاجماع المحقق والمحكى
ولا يعباء بما يحكى عن صاحب الفاخر من اجزاء شهادة واحدة في التشهد الأول لصحيحة زرارة قال قلت لأبي جعفر (ع)
ما يجزى من القول في التشهد الأول قال إن تقول اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له قلت ما يجزى
170

من تشهد الركعتين الأخيرتين قال الشهادتان وتحمل هذه من جهة مخالفة ظاهرها للاجماع البسيطة المركب
الحاصل من الفاء الفرق في النص والفتوى بين التشهدين على اجزاء الابتداء بهذه الفقرة في مقابل ما ذهب إليه
العامة من تقديم التحيات أو في مقابل نفى وجوب تقديم ساير الاذكار المعروفة عند الخاصة ولا بما يحكى عن
الصدوق من أن أدنى التشهد الشهادتان أو يقول بسم الله وبالله ثم يسلم لرواية عمار ان نسى الرجل التشهد
في الصلاة فذكر أنه قال بسم الله وبالله فقد جازت صلاته وان لم يذكر شيئا من التشهد أعاد الصلاة
ونحوها رواية قرب الإسناد وهما شاذتان جدا محمولتان كما عن الشيخ على بعض الوجوه البعيدة التي هي أولي
من طرحهما وهل يجزى فيهما {الشهادتان لله} عن شانه بالتوحيد ولرسول الله صلى الله عليه وآله بالرسالة
بقوله اشهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله كما يستفاد من اطلاق العبارة ونظائرها وصريح المنتهى و
القواعد ونسبه في الذكرى إلى ظاهر الأصحاب وخلاصة الاخبار مع أنه جعل بعد ذلك ظاهر الاخبار
المنع عن إضافة الرسول إلى الضمير إذا سقط لفظ عبده أو لابد من ضم وحده لا شريك له في الأولى و
قول وأشهد أن محمدا عبده ورسوله في الثانية كما هو ظاهر المعتبر والروض وفي كشف اللثام انه المشهور
أولا يتعين الأول في الأولى مع تعين الثاني في الثانية كما عن المقنعة أو مع جواز حذف عبده مع إضافة الرسول إلى
لفظ الجلالة حينئذ لا إلى الضمير كما هو ظاهر البيان والذكرى والشرايع وعن الحدائق انه المشهور أقوال أقواها
ثانيها لصحيحة محمد بن مسلم عن الصادق (ع) قال إذا استويت جالسا فقل اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له
واشهد ان محمد عبده ورسوله ثم تنصرف وفي صحيحة زرارة السابقة زيادة وحده لا شريك له ويلزم
زيادة لفظتي عبده ورسوله وفي الثانية بعدم القول بالتفكيك ونحوهما روايات أخر وبها يقيد اطلاق
ما دل على الاجتزاء بالشهادتين مع امكان ان يقال بورودها في مقام نفى وجوب تقديم شئ عليهما واما حذف كما
واشهد في الفقرة الثانية من التشهد الأول فيحتمل ان يكون من أحد الرواة كما يقويه ذكرها في التشهد
الثاني مع أن الظاهر عدم القول بالفرق بين التشهدين والحاصل ان القول باجزاء الشهادتين على الاطلاق
ضعيف جدا بل لم يعرف قايل بكفاية اشهد ان لا اله الا هو وأن محمدا سيد رسله والاطلاقات إما في مقام
نفى وجوب الزايد فلا يجوز التمسك بها واما في مقام كفاية الشهادتين على الوجه المتعارف في الشهادة
لله بالوحدانية ولرسوله صلى الله عليه وآله بالرسالة فاما ان يبقى على اطلاقها في كفاية
جميع الافراد المتعارفة ويحمل ما ورد من التقييد على بيان أحد الافراد أو الاستحباب واما ان يحمل
171

المطلق على المقيد وحيث إن المقيد فيما نحن فيه متعدد ففي بعض الأخبار ما ذكرنا من الزيادة في الشهادتين
وفي رواية أبي بصير حذف واشهد وفي رواية حسن بن الجهم فيمن أحدث حين جلس في الرابعة إن كان قال اشهد
ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فلا يعيد فلابد من الترجيح ومع عدمه فالتخيير مع كون المشتمل
على الزائد أفضل الفردين ويجب فيه أيضا الصلاة على النبي وآله صلى الله عليه وآله اتفاقا كما يظهر
من جامع المقاصد والمعتبر والمنتهى والغنية والذكرى كنز العرفان وعن الناصريات والمبسوط وشرح الجمل
للقاضي وحبل المتين وغيرها واستدل عليه جماعة بقوله تعالى يا أيها الذين امنوا صلوا عليه فان
ظاهره وجوب الصلاة في الجملة وليس الوجوب مختصا بغير الصلاة اجماعا ولا يخلوا عن تأمل ولكن
الاخبار به مستفيضة ففي رواية زرارة من صلى ولم يصل على النبي وتركها متعمدا فلا صلاة له ونحوها
رواية أخرى لزرارة وما حكى عن اعلام الدين للديلمي عن النبي صلى الله عليه وآله من صلى ولم يذكر الصلاة على وعلى إلى
سلك به غير طريق الجنة وعدم ذكر الآل فيما عدى الأخير وضعف سند الأخير المشتمل عليه منجبر بعدم
القول بالفصل والأخبار المستفيضة الدالة على عدم اجزاء الصلاة على النبي بدون الصلاة على آله
صلى الله عليه وآله ولكن العمدة الاجماعات المستفيضة نقلا حتى أن الشيخ قال بركنيتها المضعفة
بمثل قوله لا تعاد وخصوص رواية زرارة المتقدمة ومما ذكر من الأدلة يظهر شذوذ ما يحكى عن ظاهر
الصدوق في الفقيه من عدم وجوب الصلاة المحتمل استناده إلى مثل صحيحة ابن مسلم المتقدمة الدالة على
الانصراف بعد الشهادتين وصحيحة زرارة المتقدمة وقوله (ع) في رواية زرارة المصححة إن كان الحدث
بعد الشهادتين فقد مضت صلاته ويجب حمل الأولين على الانصراف عن التشهد في الأولى واجزاء الشهادتين في الثانية فيه الذي لا ينافى وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وان لم يكن جزء من التشهد كما عرفت من اختصاصه شرعا بالشهادتين
وتحمل الخيرة على الناسي بناء على استحباب التسليم أو النسيان له أيضا بناء على القول بعدم البطلان
الصلاة بنسيان التسليم وان أحدث وكيف كان فيجب صرفها عن ظاهرها الشاذ المخالف للاجماع بل
يجب حمل كلام الصدوق على خلاف ظاهره لما ذكر من الاجماع ولما ذكره في أماليه عن أن من دين الإمامية
انه يجزى في التشهد الشهادتان والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله مضافا إلى ما سيجئ من حكاية القول بوجوب
الصلاة على النبي كلما ذكر ولو في غير الصلاة عنه ولجميع ما ذكرنا يقوى حمل كلام والده المحكي عن رسالته
حيث لم يذكر فيها عند بيان التشهد الأول عدا الشهادتين على ما لا ينافى القول بوجوب الصلاة نعم
172

عن الإسكافي التصريح باجزاء الشهادتين في التشهد إذا لم تخل الصلاة عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله
وآله (ع) في أحد التشهدين ولعله لاطلاق ما دل من الأخبار المتقدمة على وجوب الصلاة في الجملة الذي يسقط
بامتثاله مرة واحدة ويرده الاجماعات المتقدمة الجابرة للنبوي إذا تشهد أحدكم في صلاته فليقل
اللهم صل على محمد وال محمد ومنه يظهر تعين هذه العبارة في الصلاة كما هو الأشهر كما في الذكرى خلافا
للمحكى عن ظاهر المقنعة والمراسم فاجتزء بها وبقوله صلى الله عليه وآله وعن نهاية الاحكام بقوله صلى الله على
رسوله وآله أيضا ولعل الأول المضمرة سماعة في المصلى خلف غير المعدل يجلس بقدر ما يقول اشهد ان
لا الله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وآله ونحوها رواية
ابن الجهم المتقدمة والثاني لاطلاقات الامر بالصلاة من الاخبار ومعاقد الاجماعات ولصحيحة ابن اذنية
المروية في بيان صلاة المعراج ثم إليه يا محمد صل على نفسك وعلى أهل بيتك فقال صلى الله على
وعلى أهل بيتي والرواية ضعيفة سندا والاطلاقات مسوقة لبيان وجوب أصلها لا لاطلاق عبارتها
ولذا اطلق ذلك أيضا كل من جزم بالتقييد أو مقيدة بما ذكرنا من النبوي المنجبر بالشهرة العظيمة واما رواية
المعراج فهى لا تدل على المطلوب كما لا يخفى ثم إن المشهور عدم وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله عند ذكره تلفظا
وسماعا بل عن الناصريات والخلاف والمعتبر والمنتهى الاجماع عليه للأصل وخلو كثير من النصوص و
الأدعية المشتملة على ذكره صلى الله عليه وآله عن الصلاة خلافا للفاضل المقداد في كنز العرفان والمحكى عن
الصدوق والبهائي وصاحب المدارك والبحار والمحدث الكاشاني والبحراني والفاضل المازندراني والشيخ
عبد الله بن صالح البحراني لاخبار أصحها سندا وأوضحها دلالة صحيحة زرارة المروية في باب الاذان
قال (ع) وصلى على النبي صلى الله عليه وآله كلما ذكرته أو ذكره عندك ذاكر لكن سياق الرواية تدل
على الاستحباب مضافا إلى أن عموم البلوى به كان يقتضى اشتهار وجوبه على تقدير الوجوب بين العوام فضلا
عن العلماء وكان منافيا لهذا الخفاء حتى ادعى الاجماع مستفيضا على نفى الوجوب مع أن كثيرا من الأخبار الواردة
في الباب منادية بالاستحباب مثل قوله صلى الله عليه وآله في الخبر المحكي عن الارشاد ان النجيل كل النجيل من ذكرت
عنده فلم يصل على ونحوه المحكي عن معاني الأخبار وقوله صلى الله عليه وآله من ذكرت عنده ولم يصل علي أخطاء طريق الجنة
إلى غير ذلك من أمثال هذه الأخبار التي يسمع منها صحيحة الاستحباب الأول التسليم على رأى محكى
عن الشيخين والقاضي والحلى ابن طاوس بل أكثر القدماء كما في الذكرى مواقفا لهم في ذلك كالمصنف في أكثر كتبه
173

والمختصر والشهيد الثانيين وكثيرة من متأخري المتأخرين بل حكى انه قول جمهور المتأخرين للأصل ولأنه لو كان
من الصلاة لم تجب سجدة السهو بفعله نسيانا في أثناء الصلاة ولم يتحقق قطع الصلاة بالتسليم عمدا في غيره وضعه لقوله صلى الله عليه وآله انما صلاتنا
هذه تكبير وقرائة وركوع وسجود وصحيحة لفضلاء إذا فرغ من الشهادتين فقد مضت صلاته فإن كان
مستعجلا في أمر يخاف ان يفوته فسلم وانصرف أجزأه وصحيحة ابن مسلم المتقدمة إذا استويت جالسا فقل اشهد
ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ثم تنصرف خرج عن ظاهر الصحيحتين لوجوب
الصلاة على النبي وآله صلى عليه وآله وسلم بقى الباقي والمستفيضة الدالة على أن الحدث بعد التشهد لا يوجب
بطلان الصلاة منها ما تقدم من رواية ابن الجمم ومنها رواية زرارة المصححة عن الرجل يصلى ثم يجلس فيحدث
قبل ان يسلم قال تمت صلاته ومنها الموثق عن الرجل يصلى المكتوبة فقضى صلاته ويتشهد ثم ينام قبل
ان يسلم قال تمت صلاته وحسنة الحلبي إذا التفت في صلاة مكتوبة عن غير فراغ فاعد الصلاة
إذا كان الالتفات فاحشا وان كنت قد تشهدت فلا تعدو في رواية معوية بن عمار المصححة الواردة
في صلاة الطواف ثم تشهدوا حمد الله واثن عليه وصل على النبي صلى الله عليه وآله واسئله ان يتقبل منك ورواية
علي بن جعفر المصححة عن أخيه (ع) عن الرجل يكون خلف الامام فيطول الامام التشهد فيأخذ الرجل البول أو يتخوف
على شئ يفوت أو يعرض له وجع كيف يصنع قال يتشهد هو وينصرف ويدع الامام وموثقة يونس بن يعقوب
عن أبي الحسن (ع) قال قلت له صليت يقوم فقعدت للتشهد ونسيت ان أسلم عليهم فقالوا ما أسلمت علينا فقال
ألم تسلم عليهم وأنت جالس قلت بلى قال لا باس عليك ولو نسيت حين قالوا لك ذلك استقبلتهم بوجهك
فقلت السلام عليكم ورواية زرارة المصححة المروية عن الكافي قال قلت له من لم يدر في أربع هو أم اثنتين
وقد أحرز الثنتين قال يركع ركعتين وأربع سجدات وهو قائم بفاتحة الكتاب ويتشهد ولا شئ عليه
ونحوها مصححة محمد بن مسلم المروية عن التهذيب في الشك بين الثنتين والأربع ورواية الحلبي إذا نسى
ان يسلم خلف الامام اجزاء تسليم الامام وما ورد من الاخبار فيمن زاد ركعة من أنه إن كان جلس عقيب الرابعة
بقدر ما يتشهد صحت صلاته ويجاب عن الأصل تارة بمنع جريانها في اجزاء العبادة وفيه انه لا مانع من
اجزائه فيما كما يظهر من الأصحاب في أكثر الأبواب واخرى بمعارضة مع استصحاب عدم الخروج عن الصلاة
وتحريم ما كان حراما اقبل التسليم وفيه ان بعد الحكم ببرائة الذمة عن الصلاة بعدم ثبوت وجوب التسليم يثبت
الخروج عن الصلاة الموجب لحلية ما كان محرما لان الخروج يحصل بسقوط التكليف مضافا إلى ما عرفت من
174

ان استصحاب عدم الخروج عن الصلاة انما يجرى إذا شك في فعل ما ثبت جزئية لا في جزئيته ما لم يفعله واما
استصحاب تحريم ما كان محرما فهو انما ثبت سابقا من حيث كونه ابطالا ولم يثبت صدق هذا العنوان على فعل
تلك الأفعال المحرمة بعد الفراغ عن التشهد فالأولى تسليم الأصل والجواب عنه بما سيجئ من الأدلة نعم في التمسك
بجميع ما بعده نظر إما فيما ذكره من الملازمة بين كونه من الصلاة وعدم وجوب سجدة السهو بفعله نسيانا
في أثناء الصلاة وعدم تحقق القطع بفعله فيها عمدا فلكونها ممنوعة لعدم الدليل عليها كما لا يخفى واما
الروايات وتحضر في الأولى اضافي بالنسبة إلى كلام الآدميين كما هو واضح بملاحظة ما ورد بهذا المضمون من
الاخبار النبوية بل ببعد ان يكون مجموعها رواية واحدة يحذف بعضها تارة وتنقل بالمعنى أخرى
ويذكر تمامها ثالثه واما الرواية الثانية فذيلها أدل على وجوب التسليم من صدرها على الاستحباب مع أن
ظاهره نفى وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله مع امكان الحمل على التقية لا ان بناء العامة على تأخير الشهادتين
عن التسليم بقوله السلام علينا مع احتمال ان يكون قوله مضت صلاته أي الافعال الأكيدة المهمة منها
كما في قوله (ع) أول صلاة أحدكم الركوع مع أن وجوب التسليم لا ينافى كونه خارجا عن الصلاة مخرجا عنها كما سيجئ
واما الرواية الثالثة فالانصراف فيه محمول على الانصراف مع التشهد أو عن الصلاة بالتسليم أو يكون
المراد من الانصراف التسليم كما أن المراد من الافتتاح التكبير ويؤيده ما ورد انه إذا قلت السلام علينا إلى آخره
فهو الانصراف ويؤيده أيضا ان الظاهر من الجملة الخبرية وجوب الانصراف ولا يجب الا بالتسليم واما
الروايات الأربعة الدالة على عدم بطلان الصلاة بتخلل الحدث بينها فلا يدل الاعلى خروج التسليم على
الأجزاء الواجبة لا على نفى وجوبه وسيجئ ان هذا ليس خرقا للاجماع المركب مع أنه يمكن ان يجاب عما عدا رواية
ابن الجهم بان المراد من التسليم في رواية زرارة وتاليها هو قول السلام عليكم وادعى في الذكرى انه
المتعارف بين العامة والخاصة يعلم ذلك بتتبع الاخبار والتصانيف ثم استشهد على ذلك بكلام الشيخ في
الخلاف ويكون المراد من التشهد في حسنة الحلبي ما يعم التسليم مع امكان حمل الكل على التقية عن مذهب أبي
حنيفة القائل بان الخروج يتحقق بالتسليم وبالحدث مطلقا واما رواية معوية بن عمار فليس لها دلالة الامن حيث ترك التعرض ولا ريب ان المقام ليس مقام بيان واجبات صلاة الطواف المتحدة مع واجبات صلاة الفريضة
لمثل معوية بن عمار مع احتمال إرادة ما يشمل التسليم من التشهد فيكون المذكور بعده من الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله من
الاذكار المستحبة بعد الصلاة لتحصيل استجابة الدعاء لقبول الصلاة واما رواية علي بن جعفر (ع) فالانصراف
175

فيها محمول على التسليم بل عن نسخة الفقيه وزيادات التهذيب زيادة قوله ويسلم في الرواية ويؤيده غيرها
من الأخبار الدالة على أن المأموم إذا عرضت له حاجة فيسلم ويدع الامام كروايتي زرارة والحلبي المصححتين
واما الموثقة فالظاهر من التسليم المنسى فيها هو قول السلام عليكم بقرنية قول يونس نسيت ان أسلم عليهم
وقول المأمومين لم تسلم علينا واما روايتا زرارة وابن مسلم ففيها مع أن دلالتها من جهة ترك التعرض
الذي لا يدل في مثل المقام على عدم الوجوب كما مر في رواية معوية بن عمار في صلاة الطواف مع احتمال كون
الترك تقية ان المراد من التشهد فيهما التشهد بالمعنى الأعم فإنه قد يطلق على ما يعم التسليم بقول السلام
علينا ويؤيد ذلك رواية أبي بصير حيث قال بعد ذكر ما ينبغي ان يقال إذا جلس في الرابعة من التشهد الكامل
ثم قل السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام على أنبياء الله ورسله السلام على جبرئيل والملائكة
المقربين السلام على محمد بن عبد الله خاتم النبيين لا نبي بعده السلام علينا وعلى عباد 7 الله الصالحين ثم
تسلم واما الروايات الواردة فيمن زاد ركعة فإن كان المراد من الجلوس بقدر التشهد فيها مجرد الجلوس كان
تقية عن مذهب ابن أبي
حنيفة وإن كان هو الجلوس مع التشهد ففيه انها لا تدل على استحباب التسليم إذ لعله حكم
شرعي ورد في الزيادة على الصلاة مع أن مجرد القول باستحباب التسليم لا يوجب وقوع الزائد خارجا فتأمل
وكيف كان فليس في الروايات ما لا يقبل التوجيه أو الحمد على التقية لما سيجئ من الروايات التي هي أكثر وأصرح
منها في الدلالة وابعد عن مذاهب العامة وأقرب إلى طريقة الامامية المستمرة وأوفق بالاحتياط بل بظاهر الكتاب
على ما ذكره غير واحد وإن كان لا يخلوا عن نظر فمن تلك الأخبار ما هو في الاشتهار كالشمس في رابعة النهار فلا
يقدح فيه الارسال مع كونها مستندة في الكافي عن أبي عبد الله (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله مفتاح الصلاة الوضوء
وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم دلت الرواية على حصر التحليل في التسليم إما من جهة ان المصدر المضاف
يفيد العموم فيكون جميع افراد التحليل مصاديق للتسليم واما من جهة ان التسليم حيث وقع خبرا فلا يصح ان
يكون أخص فلابد ان يكون مساويا أو أعم واما من جهة ان الظاهر من الرواية ان للصلاة تحريما وتحليلا ولا
يعرفهما المخاطب فعرفهما إياه فالإضافة للعهد فدلالتها على أنه لا يحل له المنافيات بدون التسليم ظاهرة و
يلزمه كونه من الأجزاء الواجبة كما لا يخفى واما سندها فقد عرفت انها مسندة في الكافي ومع ذلك فهى
مروية عن الصدوق في العيون بسنده الحسن كالصحيح إلى الفضل بن شاذان عن الرضا (ع) فيما كتبه إلى المأمون
قال ولا يجوز ان تقول في التشهد الأول السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين لان تحليل الصلاة التسليم
176

فإذا قلت هذا فقد سلمت وعنه عن الفضل أيضا عنه (ع) قال انما جعل التسليم تحليل الصلاة ولم يجعل بدلها
تكبيرا وتسبيحا أو ضربا اخر لأنه لما كان في الدخول في الصلاة تحريم كلام المخلوقين والتوجه إلى الخالق
كان تحليلها كلام المخلوقين وابتداء المخلوقين في الكلام أولا بالتسليم وعن الخصال عن الأعمش عن جعفر بن محمد عليهما السلام انه لا يقال في التشهد الأول السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين لان تحليل الصلاة
هو التسليم فإذا قلت هذا فقد ورد في المرسل المروى عن علي بن الحسين عليهما السلام قيل له ما افتتاح الصلاة
قال التكبيرة الاحرام قال ما تحليلها قال التسليم وعن معاني الأخبار عن الفضل بن عمر قال سئلت أبا عبد
الله (ع) عن العلة التي من اجلها وجب التسليم في الصلاة قال لأنه تحليل الصلاة إلى أن قال قلت فلم
صار تحليل الصلاة التسليم وفي رواية عبد الله بن الفضل الهاشمي قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن التسليم
في الصلاة قال التسليم علامة الا من وتحليل الصلاة إلى أن قال فجعل التسليم علامة للخروج من
الصلاة وتحليلا للكلام وامنا من أن يدخل في الصلاة ما يفسدها والسلام اسم من أسماء الله تعالى
واقع على الملكين الموكلين به ودلالة هذه الأخبار بعد ضم بعضها إلى بعض على جزئية التسليم ووجوبه
وحصر التحليل فيه غير مختفية مع وضوح سند بعضها فالخدشة في سند النبوي المذكور بالارسال كما
عن جماعة منهم الشهيد في الذكرى ليس في محلها خصوصا بعد استدلال المرتضى قدس سره به وكذا ابن زهرة
مع أنها لا يعمل ان الا بالاخبار القطعية
مع دعواه الاجماع في الناصريات كما في الذكرى وغيرها على أن من قال لجزئية التكبير قال بوجوب التسليم
فيها وانه منها وإن كان يوهن هذه الدعوى ما حكينا
عن الذكرى من ذهاب أكثر القدماء إلى ندبية التسليم بكلتا صيغتيه بل نسبه في موضع اخر إلى القدماء
من غير إضافة لفظ الأكثر مع أن أحدا منهم لم يقل بعدم جزئية التكبير وهذه الحكاية وان لم يظن مطابقها
لواقع بعد تحقق القول بالوجوب عن كثير من القدماء والمتأخرين بل أكثر الطبقتين سيما مع احتمال
ان يريد جملة منهم من التسليم خصوص السلام عليكم ويؤيده ما في الدروس من أن الموجبين اتفقوا على هذه
الصيغة والظاهر أن النادبين يندبون ما أوجبه الموجبون وفي البيان السلام (علينا لم يوجبها أحد من القدماء
بل القائل بوجوب التسليم يجعلها مستحبة كالسلام على الأنبياء والملائكة غير مخرجة من الصلاة والقائل
بالندب يجعلها مخرجة كما عرفت دعوى الشهيد انه المتعارف بين الخاصة والعامة بل الظاهر أن العامة
لا يطلقون التسليم على غيرها لان قول السلام علينا عندهم من اجزاء التشهد الأول وليس مخرجا والاحتمال
177

المذكور هو الظاهر من كلام الشيخين الذين نسب إليهم القول بندبية التسليم على ما يظهر مما ذكره المفيد في المقنعة في
مسألة ان التسليم في ركعتي الوتر لا يجوز تركه ومما ذكره الشيخ في شرح هذا الكلام وأصرح من ذلك ما حكى
في الذكرى عنه الخلاف انه فيه قال الاظهر من مذهب أصحابنا ان التسليم مسنون ومنهم من قال هو واجب دليلنا
على الأول رواية أبي بصير إذا كنت إماما فإنما التسليم ان يسلم على النبي صلى الله عليه وآله وتقول السلام علينا فإذا قلت
ذلك فقد انقطعت الصلاة ثم تؤذن القوم مستقبل القبلة السلام عليكم ومن نص الا خبر استدل بما
روى عن النبي صلى الله عليه وآله تحليلها التسليم وفي الذكرى وغيرها عن الشيخ أنه قال في المبسوط من قال من أصحابنا ان
التسليم سنة يقول إذا قال السلام علينا إلى آخره فقد خرج من الصلاة ومن قال إنه فرض فتسليم واحدة
تخرج من الصلاة وينبغي ان ينوى بها ذلك وينوى بالثانية السلام على الملائكة أو من على يساره الا
ان ما ذكره السيد أيضا من الاجماع على عدم الفرق بين التكبير والتسليم في الدخول موهون بما مر من القول
بالندب وسيجئ من وجود القائل بالوجوب وعدم الجزئية بل حكى عن بعض انه قول الأكثر لكنه اوهن في
ظننا من الدعويين السابقتين من الناصريات والذكرى وكيف كان فالظاهر أن الفقرة المتقدمة المروية بالطرق
التي عرفت كافية في اثبات المطلب مضافا إلى أن هنا من طوايف الاخبار ما يغنى عن الفقرة المذكورة منها
ما دل على فساد صلاة المسافر بالاتمام من الاخبار المصححة المذكورة في باب صلاة المسافر في بعض الأخبار
ككثير من التفاوى وتعليل الفساد بأنه زاد في فرض الله عز وجل وهي بعمومها ما لو نوى القصر ثم بعد
التشهد نسى فقام وأتم بل ما لو نوى الخروج ثم توهم وجوب الاتيان لنسيان الموضوع أو لنسيان
الحكم فقام وأتم فما احتمله فني المدارك وشرح الروضة وكشف اللثام والرياض معا كمجمع الفائدة
من تقييد النصوص بما إذا نوى التمام ابتداء يحتاج إلى دليل ثم وجه الدلالة في تلك الاطلاقات هو
ان امتثال الامر الوجوبي بالصلاة لو حصل بالفراغ من التشهد لم يقدح زيادة ما بعده لأن المفروض
وقوعه خارج الصلاة وتوجيه البطلان على القول بالندب كما في جامع المقاصد بان فعل الركعتين
بقصد الاتمام يقتضى الزيادة في الصلاة فالبطلان لذلك لا لعدم التسليم يدفعه ان الركعتين إذا
وقعتا بعد الفراغ من الصلاة بل بعد قضى الخروج على ما فرضنا فتكون الزيادة واقعة خارج
الصلاة ولذا صرح الشيخ والحلى في الاستبصار والسرائر على ما حكى عنهما في مسألة ما إذا زاد
ركعة خامسة بان زيادة الركعة في اخر الصلاة لان تفسدها للفراغ عنها بالتشهد واستحباب التسليم
178

لكن الانصاف ان ما ذكراه من نفى صدق الزيادة بمجرد تحقق التشهد حتى مع نية البقاء في الصلاة
وتأخير التسليم الذي هو من الأجزاء على القولين مخالف للعرف والى ما ذكرنا يرجع ما ذكره في الروض
من أن الصلاة انما تتم عند القائل بندب التسليم بنية الخروج أو بالتسليم وإن كان مستحبا أو بفعل
المنافى ولم يحصل وقد يتوهم انه رجوع إلى مذهب ابن أبي
حنيفة القائل بالتخيير بين الخروج بالمنافى أو
بالتسليم وهو توهم صرف لان القائل بالندب يمنع وجوب الخروج لكنه انما يدعى ان الخروج لا يحصل ما لم ينو
الخروج أو يسلم أو يفعل المنافى واما مجرد الفراغ عن التشهد ولو مع العزم على البقاء في الصلاة فلا
يصدق معه الخروج وهذا معنى حسن إليه يرجع كلام المحقق الثاني في جامع المقاصد الذي عرفت حكايته عنه بل
كلام الشهيد في الذكرى نعم يرد عليهم ما ذكرنا من عموم النص والفتوى لما إذا نوى الخروج بعد التشهد أو
لم ينو شيئا ثم عزم على الحاق الركعة فلا يبعد سلب الزيادة لو لم يجب التسليم كما فرضنا في تقريب
الاستدلال مع أن سلب الزيادة في مثل هذه الصور أيضا مشكل ولاجله يشكل التمسك بالاخبار بل
يشكل وان فرضنا عدم صدق الزيادة في هذه الصور لان المستفاد من التعليل المذكور في بعض الأخبار
واكثر التفاوى بوقوع الزيادة في الصلاة يوجب تخصيص الحكم لغير الفروض التي لا يصدق
فيها الزيادة ولعله لذلك كله قد ذهب إلى البطلان في هذه المسألة من لم يقل بوجوب التسليم كالمفيد
والشيخ مدعيا ثانيها كالمرتضى الاجماع على الحكم معللا بتحقق الزيادة مع أن الفروض التي ذكرناها
من موارد عدم صدق الزيادة فروض نادرة لا ينصرف إليها الاطلاق مع امكان ان يقال الحكم المذكور مما
يقضى به الدليل وليس من جهة الزيادة ومنه يظهر ان الحكم بالصحة فيما إذا زاد خامسة على جميع فروضه
ليس لأجل ما ذكره الشيخ والحلى من حيث الانطباق على القاعدة بل من جهة النصوص الواردة في المسألة
ثم توهم عدم تعقل طرو الفساد بعد تحقق الواجبات مدفوع بامكان كون عدم الحاق الزايد
بقصد الجزئية مشروطا في تحقق الامتثال بل تعقل الحكم هنا أوضح من تعقل الحكم بكون السمعة
والعجب مبطلين بمعنى ايجابهما للإعادة لان العجب انما يتحقق بعد تحقق الإطاعة كما لا يخفى فلا يعقل
كون الامتثال مشروطا بعدم حصول العجب بعد العمل فافهم ومنها ما دل على عدم انقطاع الصلاة
قبل قول المصلى السلام علينا إلى اخره ومنها رواية الحلبي المصححة عن أبي عبد الله (ع) قال كلما ذكرت
الله عز وجل هو من الصلاة وان قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد انصرفت
179

وفي رواية ابن أبي
بصير المحكية في التهذيب مشيرا إلى الفقرة المذكورة فإذا قلت ذلك فقد انقطعت
الصلاة ورواية ابن أبي
كهمس قال سئلته عن الركعتين إذا جلس فيهما للتشهد فقلت وانا جالس السلام
عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته انصراف هو قال لا ولكن إذا قلت السلام علينا وعلى عباد الله
الصالحين فهو انصراف ومثلها حسنة الفضل بن شاذان ورواية الأعمش المتقدمتين ورواية
أبي بصير الواردة في أكمل التشهدين المحكية في المعتبر عن البزنطي عن معوية بن عمار عنه حيث قال بعد قوله
السلام علينا إلى آخره فإذا قلت ذلك فقد خرجت عن الصلاة ومنها رواية ابن أبي
بصير الموثقة المحكية عن
زيادات التهذيب قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول في رجل صلى الصبح فلما جلس في الركعتين قبل ان يتشهد
رعف قال فليخرج وليغسل انفه ثم ليرجع فليتم صلاته فان اخر الصلاة التسليم وظاهر كون التسليم
اخر الصلاة هو كونه اخر المهيتها المشتركة بين جميع افرادها حتى أقل الواجب ولا يتحقق ذلك الا بوجوب
التسليم إذا على تقدير كونه جزء مستحبا فليس اخر الا للفرد الكامل لا للطبيعة ولهذا لو حد الشارع
عبادة أخرى واجبة كالحج بان أولها كذا واخرها كذا فهم منه الوجوب مضافا إلى أن كونه تعليلا لوجوب
الاتمام المعلوم من ظاهر الامر المعتضد بصراحة السؤال في بقاء التشهد عليه يعين إرادة الأجزاء الواجبة
ومنها ما ورد من الامر بالفضل بين كل ركعتين من النوافل بتسليمة فان الظاهر أن الامر الموجوب بمعنى
اللزوم واللا بدية في الصحة فتأمل ومنها الأخبار الكثيرة الامرة بالتسليم عقيب الصلاة مثل صلاة
الاحتياط والتي يحتاط لها وما ورد في باب الجماعة مما لا يحصى كثيرة ثم إن المشهور بين الموجبين هو
القول بالجزئية لا الوجوب المستقل وعن التنقيح بل عن أكثر الأصحاب كما في شرح الروضة دعوى
الاجماع على الجزئية على تقدير الوجوب ويدل عليه جل الأدلة المتقدمة فان الظاهر الإضافة في تحليلها
التسليم كما في إضافة تحريمها وإضافة مفتاحها يقتضى الارتباط بالصلاة وإن كان الارتباط
في الوضوء على وجه الشرطية وفي التحريم والتحليل على وجه الجزئية مضافا إلى أن معنى التحليل تحليل
المنافيات المحرمة في أثناء الصلاة فإذا انتهت الصلاة قبل التسليم حلت المنافيات بنفس الفراغ
مضافا إلى التصريح في رواية عبد الله بن الفضل المتقدمة بان التسليم جعل أمنا من أن يدخل في
الصلاة ما يفسدها واما الأخبار الدالة على بطلان صلاة المسافر إذا تم فهى على تقدير دلالتها صريحة
في الجزئية واما ما دل على حصول الانصراف بقول السلام علينا فهى أيضا كما عرفت ظاهرة بل بعضها
180

صريحة في عدم الخروج عن الصلاة قبله واما رواية ابن أبي
بصير فهى أيضا صريحة في الجزئية واما اخبار
النافلة فهى أيضا ظاهرة في اللزوم واللا بدية لا الطلب المستقل وكذا سياق الأدلة الامرة بالتسليم سيما
ما اردف فيها التسليم لسائر الأجزاء ظاهرة في الوجوب التبعي وبالجملة فالحكم بالوجوب المستقل ضعيف
وقد اختاره جماعة من متأخري المتأخرين تبعا للمحكى عن قواعد الشهيد وصاحب البشرى والجعفي
وشيخنا البهائي وابن الجمهور لأصالة عدم المدخلية وللروايات المتقدمة الدالة على عدم بطلان
الصلاة بحصول الحدث قبل التسليم وبقوله (ع) في رواية ابن ابن أبي
يعفور فيمن صلى الركعتين من المكتوبة
فلا يجلس فيهما حتى يركع قال يتم صلاته ثم يسلم ويسجد سجدتي السهو (ونحوها غيرها الوارد في المسألة المذكورة أو صرح منها ما ورد
في تلك المسألة عن سليمان بن خالد عن الصادق (ع) حيث قال وان لم يذكر حتى يركع فليتم الصلاة حتى إذا فرغ فليسلم وليسجد سجدتي السهو) وفي الجميع نظرا ما في الأصل
ففيه مع عدم رجوعه إلى محصل ومعارضته بأصالة البراءة المعتضدة في المقام بأصالة الاشتغال
واستصحاب احكام الصلاة فتأمل انه لا وقع له في مقابل الأدلة واما الروايات المتقدمة فقد عرفت
الجواب عنها وان المراد بالتسليم في روايتين منها هو التسليم الأخير لأنه المتبادر الشايع المتعارف
كما مر عن الذكرى دعوى انه المتعارف بين الخاصة والعامة بل قيل إنه فيه كالحقيقة العرفية والمراد بالتشهد في ثالثها ما يعم التسليم ورواية ابن الجهم مخالفة لظاهرها للاجماع على وجوب الصلاة على النبي وآله صلى الله
عليه وآله وسلم مع احتمال حملها كالجميع على التقية ومما ذكرنا في انصراف التسليم إلى المتعارف يظهر الجواب
عن الروايات الواردة في ناسي التشهد ثم إن الثمرة بين الجزئية والاستقلال كثيرة جدا واعلم أنهم
اختلفوا في صورة التسليم الواجب أو المستحب على الخلاف المتقدم فمذهب المصنف وجماعة إلى أن صورته
السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أو السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إما الأول فلما مر من
دلالة الأخبار المستفيضة عموما من حيث كونه مصدقا للتسليم الذي جعل تحليلا وخصوصا في رواية
أبي بصير وفيها محمد بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال إذا كنت إماما فإنما التسليم ان تسلم على النبي صلى الله عليه وآله
وتقول السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فإذا قلت ذلك فقد انقطعت الصلاة ثم تؤذن
القوم فتقول وأنت مستقبل القبلة السلام عليكم وكذلك إذا كنت وحدك تقول السلام علينا
وعلى عباد الله الصالحين مثل ما سلمت وأنت امام فإذا كنت في جماعة فقل مثل ما قلت وسلم على
من عن يمينك وشمالك إذا لم يكن على شمالك أحد فسلم على الذين على يمينك ولا تدع التسليم على يمينك إذا لم يكن على شمالك أحد هذا كله مضافا إلى ما تقدم من الأخبار الدالة على الخروج
من الصلاة بالسلام علينا فان بعد الخروج والفراغ لا يعقل وجوب جزء اخر الا ان يوجه بما سيجئ وقد
181

ذكر الشيخ في التهذيب في مسألة صلاة الوتر ان عندنا من قال السلام علينا فقد انقطعت صلاته
وذكر الشهيد في الذكرى ان اخبار الخروج بالسلام علينا مما لم ينكرها أحد من الامامية وفي موضع
ان الانقطاع بالسلام علينا دل عليه الاخبار وكلام الأصحاب والظاهر أن نسبته إليهم من جهة عدم
انكارهم لتلك الأخبار كما تقدم منه سابقا لا من جهة تصريحهم بذلك واما ما ذكر في البيان من أن السلام
علينا لم يوجبه أحد من القدماء بل القائل بوجوب التسليم يجعلها مستحبة كالسلام على الأنبياء والملائكة
غير مخرجة والقائل بندب التسليم يجعلها مخرجة فلا يبعد ان يكون مراده ان عدم الخروج بالسلام
علينا لازم قول موجبي التسليم المتفقين على تعيين السلام عليكم كما يظهر من الدروس لا انهم قائلون
به صريحا وينكرون لمدلول اخبار الانصراف بالسلام علينا الذي صرح في الذكرى بأنه لم ينكرها أحد من الامامية ووجه الملازمة ما أشار إليه في الذكرى بعد حكاية القول
بوجوب السلام عليك قال وينافيه ما دل على انقطاع الصلاة بالصيغة الأخرى مما لا سبيل إلى رده
فكيف يجب بعد الخروج من الصلاة وهو كلام متين يشد ما أسلفنا سابقا من أن الفرض الباعث لايجاب
التسليم هو التحليل الحاصل بالصيغة الأولى مضافا إلى أن قول الرضا (ع) فيما كتبه إلى المأمون في تعليل المنع
عن قول السلام علينا في التشهد بان تحليل الصلاة التسليم وإذا قلت هذا فقد سلمت راجع إلى قياس من الشكل
الأول وهو ان قول السلام علينا يحتمل عدم المنافات وكل تسليم تحليل وبه يدفع ما ربما تسليم بين القول بوجوب السلام عليكم وبين القول بالانصراف
بالسلام علينا كما في الذكرى عن البشرى من أنه لا مانع من أن يكون الخروج بالسلام علينا وان يجب السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته بل ربما جزم به جماعة على ما حكى بناء على أنه مقتضى العمومات الامرة بالتسليم المختص
عند العامة والخاصة بالصيغة الثانية كما في الذكرى وخصوص رواية ابن أبي
بصير الواردة في أكمل
التشهد ونحوها الامرة بتلك الصيغة بعد قول السلام علينا ولا منافاة بين الفراغ من الصلاة و
بقاء احكامها من حرمة المنافية إلى أن يتحلل بالتسليم نعم لو حصلت المنافات قبل تلك الصيغة بغير
اختيار أو بسوء اختيار لم تبطل الصلاة ويضعف هذا القول مضافا إلى القياس المتقدم المستفاد
من الحسنة المتقدمة الدالة على تحقق امتثال أوامر التسليم بقول السلام علينا ان ظاهر اخبار الانصراف
والفراغ والخروج عن الصلاة بالسلام علينا هو عدم وجوب شئ بعده مع أن هذا الوجه لا يصلح دافعا
للايراد الذي ذكره المتوجه على القائلين بالوجوب الظاهر كلامهم بل الصريح في الجزئية وهذا
الذي ذكرا التجاء عن هذا الايراد إلى القول بوجوبه الخارجي إذا الجزئية مع الاعتراف بالخروج عن
182

الصلاة والفراغ عنها قبله مما لا يعقل عند القائلين بالوجوب اللهم الا ان يقال إن صدق الفراغ والخروج
يقتضى عدم جزئية شئ بعده للصلاة ولو على وجه الاستحباب الثابت للصيغة
الأخيرة اجماعا إذا خرج بالأولى وكما يمكن دفعه بان المراد بالفراغ والخروج من الهيئة الركنية الواجبة ولا ينافى عدم
الخروج عن الهيئة المركبة المستحبة يمكن ان يقال المراد من الفراغ هو الفراغ والخروج عن الصلاة باعتبار
اجزائها المطلوبة فيها المرتبطة التي ينافيها تخلل الحدث بينها وهذا لا ينافى كون التسليم جزء لم يلاحظ فالاتصال
بالاجزاء السابقة على وجه يقدح تخلل المنافى بينها فتأمل وقد يحمل كلام موجبي الصيغة الثانية على
وجوبها بالأصالة الغير المنافى لسقوط الغرض منها بالاتيان بالصيغة الأولى التي هي من مستحبات
التشهد الأخير ويقال ان ذلك نظير وجوب الوضوء بعد الوقت الساقط بالوضوء المرغب فيه قبل الوقت
للتأهب والحكم باستحباب الصيغة الثانية بعد الأولى من قبيل الحكم بالاستحباب تجديد الوضوء وفيه مع ما لا
يخفى من الفرق بين مسألة وضوئي التأهب والتجديد وبين الصيغتين ان مرجع هذا الكلام إلى أنه لا يجب
الصيغة الثانية الا على من ترك الأولى ولا ريب في استحباب الصيغة الأولى في التشهد الأخير ولا في استحباب
الاتيان بالثانية بعد الأولى ومع هذه الأحكام كيف يعلم كون الثانية هي الواجبة إمالة دون الأولى
فان الأدلة الامرة بها مقيدة بصورة ترك الأولى وما في بعضها كرواية ابن أبي
بصير من الامر بهما جميعا فلا مناص
عن حملها عن الاستحباب فليس هنا ما يدل على وجوب تلك الصيغة الا ما دل على وجوبها عند ترك الأولى
وما دل على وجوب مطلق التسليم وشئ منهما لا يثبت الا وجوبها تخير التحقيق ان يقال إن مقتضى استحباب
اتيان الأولى المخرجة للمكلف عنه للصلاة وللصيغة الثانية عن الوجوب هو كون التحليل بالصيغة الأولى أفضل الفردين
لا ان الواجب هي الثانية والأولى من الأجزاء المندوبة المسقطة عن الواجب ثم آن القول بتعين السلام علينا
للخروج ضعيف جدا فهذا شاذ قطعا إذ لم يحك الا عن أبي سعيد في الجامع وقد صرح غير واحد باجماع العلماء
بل المسلمين على الخروج بالصيغة الثانية مضافا إلى العمومات وخصوص بعض الأخبار واما القول بتعيين
الصيغة الثانية للخروج فقد عرفت ضعفه من الأدلة التي قدمناها نعم الظاهر عدم الخلاف في استحبابها
وهل هي من الأجزاء المستحبة أم من المستحبات المستقلة وجهان من ظاهر أدلة استحبابها كرواية ابن أبي
بصير
ونحوها الظاهرة في أنه من مستحبات الصلاة ومن روايات الخروج بالسلام علينا الظاهرة في الفراغ
من الصلاة نعم رأسا بالصيغة الأولى ثم لو قدم الصيغة الثانية فهل تستحب الأولى أم لا لم يوجد في الاخبار ما يدل على استحبابها
183

نعم افتى به المختصر والشهيد في اللمعة ووجهه غير واضح ثم لو اقتصر على الصيغة الثانية فهل يجوز الاقتصار بالسلام
عليكم أو لابد من إضافة ورحمة الله الأول محكى في البيان عن الأكثر وهو الأقوى لعموم الاخبار وخصوص
بعضها كرواية الحضرمي عن الصادق (ع) قال قلت له انى اصلى بقوم فقال تسلم واحدة ولا تلتفت به السلام
عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام عليكم ومثلها في حذف الزيادة وروايات أخر الا انها واردة بعد
الصيغة الأولى فلا تدل على جواز الحذف مع الاقتصار والمشتمل على الزيادة حكاية
فعل الإمام (ع) لا تفيد أزيد من الرجحان واما زيادة وبركاته فعن المنتهى عدم الخلاف في نفى وجوبه
لعدم الدليل عليه مع أن في الروايات ما يدل على العدم مثل رواية الحضرمي المتقدمة واما عن البزنطي
عن ابن ابن أبي
يعفور عن الصادق صلوات الله عليه قال سئلته عن تسليم الامام وهو مستقبل القبلة
قال يقول السلام عليكم ونحوها رواية ابن أبي
نصر المتقدمة الا ان يقال إنه حذف الباقي فيها اتكالا
على المعروفية وهو حسن ان وجد دليل على الوجوب كما هو المحكي عن الغنية وصريح الألفية وظاهر اللمعة
والكتاب ونحوهما ولعله لذكر لفظة وبركاته في حديث المعراج واما الصيغة الأولى فلا ينبغي الريب
في وجوب كمالها لا لعموم ما دل على أنه إذا قال السلام علينا إلى آخره فقد خرجت من الصلاة الدال على أنه
إذا لم يقله لم يخرج حتى يقال بوجوب تخصيصها بمنطوق ما دل بعمومه على تحقق التحليل بالتسليم
مع أن عموم تلك الاطلاقات محل تأمل إما لانصرافها إلى المتعارف واما لورودها في مقام بيان
أصل جنس التحليل فيكون بعضه سببا لا ينافى سببية المجموع ولو قال سلام عليكم ففي الأجزاء نظر وهل
يجب ان ينوى بالتسليم انه يخرج به من الصلاة أم لا قولان أقويهما العدم لعدم الدليل على وجوب
النية فان المخرجية حكم من احكام التسليم كما هو ظاهر عموم تحليلها التسليم وصريح خصوص روايتي العيون والخصال
السابقتين عن قول السلام علينا في التشهد معللا بان التسليم محلل فلا يحتاج إلى قصد تحقق الاخراج به
مع أن نية الخروج به موجودة في أول الأمر فيكفى استدامتها فلا وجه لما التزمه موجب النية من اعتبار
مقارنتها للتسليم كما في الذكرى ودعوى كون نظم السلام مناقضا للصلاة ولهذا يبطلها لو رفع
في أثنائها حيث إنه خطاب ادمى فإن لم يقترن به ما يصرفه إلى التحليل كان مناقضا للصلاة مبطلا لها
ضعيفة جدا لان نظم السلام مناقض للصلاة إذا وقع في أثنائها لا في اخرها الذي هو موضع شرعي
لها مع أن دعوى احتياج حصول التحليل إلى ما يصرفه إليه أول الكلام فانا نقول محلل في نفسه بحكم الشارع
184

من غير حاجة إلى ما يصرفه إليه واضعف من هذا الوجه قياس تحليل الصلاة على تحليل الحج والعمرة واضعف
منها الوجه المحكي عن غاية المراد من أن التسليم عمل يخرج من الصلاة فتجب له النية لعموم انما الأعمال بالنيات
وفيه انه ان أريد النية الفعلية للتسليم فلا يحتاج إليها بل تكفى الحكمية وان أريد ما يعمها فهى
حاصلة وان أريد نية الخروج بالتسليم الخروج ليس بعمل بل العمل هو التسليم المقرون بالنية الحكمية
والخروج من احكام ثم لو نوى عدم الخروج فان رجع إلى نية غير التسليم المأمور لأجل الخروج فسد وافسد الصلاة لوقوعه قبل التسليم لصحيح وان رجع إلى قصد عدم ترتب لخروج على التسليم كما من ربه به فهو قصد لغو
لا يضر بالخروج ولو ذكر إحدى الصيغتين في أثناء الصلاة فان قصد الدعاء فالظاهر عدم الأبطال واما
ما دل على النهى عن قول السلام علينا في التشهد وانه مبطل للصلاة فمحمول على ما إذا قصد التحيه كما يفعله العامة
مع احتمال الأبطال مطلقا لاطلاق الروايات وان قصد به التحيه فالظاهر البطلان لعموم ابطال وخصوص
رواية العلل الدالة على أن التسليم من كلام الآدميين الذي حرم بالتحريم وان قصد به الخروج عن الصلاة
فإن كان سهوا ففي ابطاله وكون ما يتدارك من تتمه الصلاة فرضا مستأنفا أو عدمه لوقوعه في غير محله
وجهان ظاهر الأخبار الواردة في تلك المسألة الثاني وإن كان عمدا فالظاهر أنه مبطل لا لنية الخروج بل لعدم
قصد الدعاء فيدخل في كلام المبطل مضافا إلى النهى عنه فيدخل في الكلام المحرم ولو قصد بتسليم الصلاة التحيه
لم يقدح بل ورد انه موضوع للتحية على المسلم عليهم ومشروع لأجل ذلك ولو قصد به الدعاء أيضا لم
يقدح لعدم وجوب قصد ما شرع له مع أن الدعاء أيضا تحية ولو لم يقصد شيئا ولا قصد مخاطبا أيضا
جاز ثم اعلم أن الخلاف المذكور في المسألة المتقدمة من تعيين إحدى الصيغتين إذا انضم إليه الخلاف في وجوب
نية الخروج مما لا يمكن فيه الاحتياط المراعاة الأقوال وان قلنا بعدم اعتبار نية الوجه لأنه ان اكتفى بإحدى
الصيغتين لم يخرج عن مخالفة القائل بتعيين ما تركه وان اتى بهما فان نوى الخروج بالأولى احتمل وجوب الثانية
فيبطل بالتسليم المتقدم منه الخروج وان نوى الخروج بالثانية احتمل وجوب الأولى ووجوب نية الخروج
نعم لو جمع بين الصيغتين من غير نية خروج بالأولى كان أحوط الاحتمالات وأحوط منه الاتيان بالسلام
على النبي صلى الله عليه وآله لحكاية القول بوجوبه عن التأخر ومال إليه المقدار في كنز العرفان حاكيا له
عن بعض معاصريه مستدلا عليه بالآية الممنوعة دلالتها مضافا إلى الاجماع في المنتهى ويدل على نفى وجوبه
رواية ابن أبي
كهمس المتقدمة الدالة على جواز ذكر هذه الصيغة في التشهد فإنه يدل على أنه ليس تحليلا
فإذا لم يكن تحليلا فلا يجب الا أن يقول بوجوبه من غير جهة التحليل فتأمل {ويستحب ان يسلم المنفرد} متوجها
185

إلى القبلة غير مؤمي إليها بالرأس ولا بغيره اجماعا كما في الذكرى وإن كان ظاهر اللمعة كما عن النفلية لكنه ليس
بجيد بل يؤمى بمؤخر عينيه إلى يمينه إما الأول فهو مذهب الأصحاب كما في المدارك ويدل عليه ما روى
في الصحيح عن عبد الحميد بن غواص ان كنت تؤم قوما أجزأك تسليمة واحدة عن يمينك وان كنت مع امام
فتسليمتين وان كنت وحدك فواحدة مستقبل القبلة واما الايماء إلى اليمين فهو المعروف عن غير
الشيخ في الجمل والمبسوط ويدل عليه ما رواه في المعتبر عن البزنطي عن عبد الكريم عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله (ع)
إذا كنت وحدك فسلم تسليمة واحدة عن يمينك واما كون الايماء بمؤخر العين فلم يظهر وجهه وإن كان
مشهورا وظاهر الرواية التفات تمام الوجه وليس راجحا اتفاقا وصرفه إلى إرادة الايماء بمؤخر العين كما
عليه المشهور ليس أولي من حمله على الايماء بالأنف كما عن الفقيه والمقنع والاقتصار وان عبر فيه بطرف
الانف مع أن الايماء به مستلزم بالايماء بالوجه قليلا فيتحد مع ما عن الانتصار والسرائر مع دعوى اولهما
الاجماع عليه المعتضدة مضافا إلى أقربته إلى حقيقة التسليم عن النهى برواية المفضل بن عمر الآتية و
جميع ذلك لا يقصر عن تقييد ما دل على مرجوحية الالتفات على القبلة لو سلمنا انصراف الالتفات إلى
ما يعم مثل هذا اليسير مع أنه لا يلزم تقييد لو قلنا بكون الايماء بعد ذكر واجب السلام كما فهمه المحقق الثاني
من عبارة الشهيد في الذكرى حيث قال يبتدى به أي بالتسليم مستقبل القبلة ثم يكلمه بالايماء إلى الجانب الأيمن أو
الأيسر وإن كان ما فهمه خلاف ظاهر العبارة مخالفا المقتضى الأدلة الدالة على مقارنة التسليم لكونه عن يمين
لا اكماله عن يمين وكان الداعي على هذه المضايقة ومضايقة الأصحاب في الالتفات بأزيد من العين
هو كمال التحفظ في الصلاة وقد عرفت ان ملاحظة النصوص والفتاوى منضمة بعضها إلى بعض لا يقتضى
رجحان المحافظة على ترك هذا المقدار من الالتفات بل لوضع صدق الالتفات عليه لم يكن بعيدا والامام
أيضا يسلم واحدة عند معظم الأصحاب بل في الغنية وعن الانتصار والخلاف وتهذيب النفس والتذكرة
الاجماع عليه ويدل عليه الاخبار مثل صحيحة منصور عن أبي عبد الله (ع) الامام يسلم واحدة ومن ورائه
يسلم اثنتين فإن لم يكن عن شماله أحد سلم واحدة ومقابلة الامام بالمأموم مع حكمه باستحباب التكرار
للمأموم كالصريح في نفى الاستحباب للامام فما في رواية عبد الحميد من قوله (ع) يجزيه تسليمة واحدة فالمراد
به الأجزاء في مقام الكمال في مقابل المأموم الذي لا تجزيه الواحدة في مقام الأكملية وقريب منهما رواية
الحضرمي قلت له انى اصلى بقوم قال سلم بواحدة ولا تلتفت خلافا للمحكى عن الإسكافي فقال إن كان الامام
186

في صف مسلم عن جانبيه وهو ضعيف بما مروا المراد بالالتفات المنهى عنه في رواية الحضرمي هو الالتفات
كله كما يفعله العامة والا فالمعظم على أنه يستحب للامام ان يشير بصفحة وجهه إلى اليمين بل عن صريح الانتصار
الاجماع عليه للجمع بين رواية ابن عواض المتقدمة وبين ما دل على وجوب استقبال القبلة {والمأموم
يسلم على الجانبين إن كان على يساره أحد بل} بلا خلاف لرواية ابن عواض المتقدمة أحدهما على يمينه وان
لم يكن على يمينه أحد والثانية على يساره والا أي وان لم يكن على يساره أحد فعن يمينه لا غير لرواية
ابن عواض أيضا وفيها وان لم يكن على يسارك أحد فسلم واحدة وعن الصدوقين كفاية الحائط على اليسار
في التسليمتين وعن الصدوق زيادة ثالثة للرد على الامام والايماء للمأموم كالامام بصفحة الوجه لظهور
التسليم عن اليمين في الروايات إلى ذلك بعد ملاحظة كراهة الالتفات كلية أو تحريمه ويدل عليه وعلى
مذهب الصدوق وفي التثليث ما عن المفضل بن عمر ويستحب ان يقصد الامام
بتسليمه الملكين كما في عدة روايات من أنها تحية الملكين وان يقصد الأنبياء والملائكة عليهم السلام لحديث
المعراج من تسليم النبي صلى الله عليه وآله عليهم لما رآهم خلفه وان يضم إليهم الأئمة عليهم السلام لما في عدة اخبارهم من عدم قبول
الصلاة على النبي من دون الصلاة على آله عليهم السلام فكيف السلام على سائر الأنبياء وان يقصد المأمومين
للمرسل عن أمير المؤمنين (ع) تسليم الامام خطاب للجماعة بالأمان والسلامة من عذاب الله ولرواية
المفضل السابقة من أن تسليم الامام يقع على الملكين وعلى المأمومين قال في الذكرى ويستحب قصد الامام
التسليم على الأنبياء والأئمة عليهم السلام والحفظة والمأمومين لذكر أولئك وحضور هؤلاء والمشار
إليه في الأول الأنبياء والملائكة وفي الثاني الحفظة والمأمومين وفيه انه ان أراد ذكرهم في التسليم المستحب
بقوله السلام على أنبياء الله وملائكته المقربين فيه مع أنه يقتضى اختصاص استحباب هذا القصد لمن
ذكر تلك الفقرة ومع أن المتجه حينئذ ادخال الملائكة في المخاطبين ان ذكر الأنبياء انما يوجب استحباب
التسليم عليهم إذا لم يذكروا في خير التسليم ولذا لا يستحب لأجل ذكر النبي صلى الله عليه وآله في قول
القائل اللهم صلى على محمد وآل محمد الصلاة عليه مرة أخرى وإن كانت المرة الأخرى بل المرات الغير
المشاهية مستحبة لكن ليس لأجل ذكره فيما قبله من الصلاة مع أن الاستحباب على هذا استحباب خارجي
وليس من مستحبات الصلاة نظير ما لو سمع في الصلاة ذكر الأنبياء أو ذكرهم في قنوته مثلا ومما
ذكرنا يظهر الجواب لو أراد ذكرهم في ضمن السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين مع أن الأنسب
187

على هذا ان يضم إلى من ذكر جميع الصالحين من الجز والانس فالأظهر ان يقال إن المستحب في الصلاة هو قصد
من ذكرنا لما ذكرنا من الاخبار واما ضم الملائكة ومسلمي الجن والإنس كما فعله في اللمعة فهو مستحب خارج واما
المأموم فهو يقصد الملكين والأنبياء والملائكة لما ذكر من الروايات ويقصد رد الامام لأنه حياه وهل
يجب قصد رده قيل نعم لعموم الآية وقيل لا وهو الأقوى لعدم تمحضه للتحية ويقصد أيضا من على يمينه
لما يستفاد من رواية المفضل المتقدمة ويقصد بالثانية الرد على من في شماله ولو لم يكن من هنا جف قلمه
الشريف في مسألة السلام ويتلوها انشاء الله مسألة التوجه بسبع تكبيرات إلى اخر الصلاة في مجلد آخر انشاء الله
{الثاني من المستحبات التوجه بسبع تكبيرات} في خصوص الفريضة اليومية كما عن الحلى نسبة إلى بعض
الأصحاب ومطلق الفرايض كما عن السيد في المحمديات أو بزيادة أول ركعة من أولتي صلاة الليل وأولتي
نافلة الزوال ونوافل المغرب والأولى من ركعتي الاحرام كما عن الصدوق أو بزيادة الوتر عليها كما عن
المبسوط والنهاية والتذكرة والتحرير أو مع ابدال ركعتي الاحرام بركعتي الشفع كما عن المراسم وفي
جميع الصلوات فرايضها ونوافلها كما عن ظاهر الإسكافي والمقنعة والمعتبر والسرائر والمختلف وظاهر
المنتهى والذكرى وأخويه والروضة ومجمع لا فائدة والحبل المتين واختاره جماعة من متأخري المتأخرين
بل عن الكفاية انه المشهور وهو الأقوى للاطلاقات الممنوع انصرافها إلى اليومية كما ربما يستند إليه
القول الأول ولا إلى مطلق الفرائض كما ربما يستدل للثاني ولا مقيد لها بخصوص ما ذكر في القول
الثالث والرابع والخامس وعن الشيخ في التهذيب بعد حكاية القول الثالث عن علي بن بابويه انه لم أجد به
خبرا مسندا وعن البحار ان الأصحاب اعترفوا بعدم النص فيه ولكنه موجود في الرضوي وكذا الرابع والخامس
على ما اعترف بعض سادة المعاصرين ويستحب ان يكون بينها ثلثة أدعية مأثورة في رواية رفعها شارح
الروضة إلى ابن أبي
بصير عن أبي عبد الله (ع) انه يكبر ثلاثا يدعو اللهم أنت الملك الحق المبين إلى آخره ثم يكبر اثنين
ويقول لبيك وسعديك إلى آخره ثم واحدة ويقول يا محسن قد اتاك المسئ وقد امرت المحسن ان يتجاوز عن
المسئ وأنت المحسن وانا المسئ وصل على محمد وآل محمد وتجاوز عن قبيح ما تعلم منى ثم يكبر للاحرام قال وفي
رواية أخرى تقول بعد السادسة ربى اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي الآية ويجوز ان يكبر السبع ولاء
للاطلاقات ولما حكاه زرارة في الموثق من فعل الصادق (ع) ويجوز الاقتصار بثلث وخمس والتبعيض في الأدعية
{واعلم أنه قد تقدم الكلام} في أن أحدها تكبيرة الاحرام على المشهور المعروف عن غير والد المجلسي المدعى على
188

خلافه للجماع وان المكلف مخير في جعل أيها شاء للاحرام على المشهور المدعى عليه الاجماع في كلام
جمع خلافا لمن خصه بالأخيرة كظاهر الغنية والمراسم والكافي ولمن خصه بالأولى كما عن جمع من متأخري
المتأخرين وقد مر ضعفهما نعم الأفضل جعلها الأخيرة لخصوص رواية ابن أبي
بصير السابقة وان اعترف شارح
الروضة في كشف اللثام كصاحب المدارك بأنه لم يجد على ذلك دليلا على الرضوي {الثالث القنوت}
وهو لغة كما قيل يجئ لمعان متعددة كالطاعة والخشوع والصلاة والدعاء والعبادة والقيام وطول
القيام والامساك عن الكلام والسكون وفي عرف الشارع والمتشرعة الدعاء في الموضع المخصوص من
الصلاة والظاهر من كلام الأصحاب وبعض النصوص عدم اخذ رفع اليدين في مفهومه وان المراد بالدعاء
ما يشمل الثناء على الله بالتهليل والتسبيح كما في كلمات الفرج ورجحانه اجماعي بين الخاصة وكثير من العامة
والمشهور بيننا استحبابه وفي المعتبر والمنتهى دعوى اتفاق علمائنا على الاستحباب والظاهر ومرادهما مطلق
المحبوبية في مقابل بعض العامة لا الاستحباب بالمعنى الأخص المقابل للوجوب المختلف فيه بين الخاصة بل
ذكر أهل الخلاف بعد ذلك في عنوان مستقل ومثل هذا في الكتابين كثير فقد يتوهم الغافل ويدعى
الاجماع على الاستحباب بالمعنى الأخص ويجمع بين دعوى الاجماع وحكاية الخلاف من المدعى بان المخالف
لمعلومية نسبه لم تعين مدعى الاجماع بمخالفته وأنت خبير بان هذا الكلام مع صحته اغماضا عما ذكرنا انما
يتمشى فيم إذا عبر المدعى بلفظ الاجماع واما إذا قال اتفق علمائنا كما وقع في [عيار] في الكتابين في هذه
المسألة فلا وقع لهذا التوجيه وقد اتفق مثله في رفع اليدين في التكبير حيث إن المصنف قدس سره في المنتهى نفى
الخلاف في استحبابه بين أهل العلم في مسألة تكبيرة الاحرام وفي مسألة تكبير الركوع نسب القول باستحبابه
إلى أكثر أصحابنا وحكى قول المرتضى بالوجوب وكيف كان فقد حكى الخلاف في المسألة عن الصدوق فقال
الوجوب ونسب إلى العماني موافقته مطلقا أو في خصوص الجهرية على اختلاف الحكاية عنه وعن الحبل المتين
الميل إليه والأقوى المشهور لصحيحة البزنطي عن أبي الحسن الرضا (ع) قال قال أبو جعفر (ع) في القنوت
في الفجر ان شئت وان شئت فلا تقنت قال أبو الحسن وإذا كانت التقية فلا تقنت وانا أتقلد هذا و
رواية عبد الملك من عمر وقال سئلت أبا عبد الله (ع) عن القنوت قبل الركوع أو بعده قال قبله ولا بعده
فان النفي يرجع إلى الوجوب بقرنية الاجماع ما على الرجحان قبل الركوع ومستند قول الصدوق
ظاهر الامر في قول الله تعالى وقوموا الله قانتين وصحيحة زرارة المروية في زيادات التهذيب قال قلت
189

لأبي جعفر (ع) ما فرض الله من الصلاة قال الوقت والطهور والركوع والسجود والقبلة والدعاء
والتوجه وقوله (ع) في رواية وهب القنوت في الجمعة والعشاء والعتمة والوتر والعذاة فمن ترك
القنوت رغبة عنه فال صلاة له وقوله (ع) في رواية عمار ان نسى الرجل القنوت في شئ من الصلاة
حتى يركع فقد جازت صلاته وليس عليه شئ وليس له ان يدعه متعمدا وصحيحة محمد بن مسلم فمن نسى القنوت قال
يقنت بعد الركوع فإن لم يذكر فلا شئ عليه وغير ذلك من ظواهر الامر في بعض الأخبار وفي الاستدلال
بالجميع نظر ظاهر لعدم تعين حمل القنوت في الآية على هذا المعنى الاعلى تقدير ثبوت الحقيقة الشرعية
في هذا اللفظ في ذلك الزمان ودونه خرط القتاد والدعاء في صحيحة زرارة محتمل الذكر الواجب في
الركوع والسجود لان الدعاء في القنوت ما يعم التسبيح والتهليل بل قيل أفضله كلمات الفرج واما الرواية
فهو محمول على تأكد الاستحباب مع أن الوعيد انما هو على الترك رغبة عنه الظاهر في التولي والاعراض
كما فيمن رغب عن سنتي فليس منى لكن هذا ضعيف بان الترك على هذا الوجه أيضا لا يوجب بطلان الصلاة
وكيف كان فتحمل الرواية وما بعدها على تأكد الاستحباب بقرنية ما تقدم وغيره بل يحتمل حمل كلام الصدوق
على ذلك لأنه لم يزد على ما في رواية وهب من نفى الصلاة لتاركه الا ان قال إن القنوت سنة
واجبة وإرادة تأكد الاستحباب عن الوجوب في كلامه غير بعيده ثم إنه لا شك في عموم رجحان القنوت
في جميع الصلوات فرضها ونفلها لموثقة زرارة القنوت في كل صلاة وفي موثقة محمد بن مسلم القنوت
في كل ركعتين في التطوع والفريضة ومحله في الركعة الثانية قبل الركوع في جميع الصلوات عدا ما
سيجئ بالاجماع المحكي والاخبار مثل رواية زرارة وابن الحجاج القنوت في كل صلاة قبل الركوع في
الركعة الثانية وعن ظاهر المعتبر والروضة جوازه قبل الركوع لرواية الجعفي القنوت قبل الركوع وان
شئت بعده ويرده رواية ابن عمار لا اعرف قنوتا الا قبل الركوع وقد يحمل على التقية لحكاية التخيير
عن بعضهم كما في شرح الروضة {في صلوات الآيات} وربما [قضاف] إلى الكسوف
إما تغليبا كما قيل وفيه نظر واما لاختصاصها به في بدو تشريعها فسميت بذلك كما في بعض الأخبار و
تجب هذه الصلاة عند كسوف الشمس والقمر وهو انطماس نورهما كلا أو بعضا اجماعا نصا وفتوى ومقتضى
اطلاق أكثر الفتاوى كجمع النصوص شمول الحكم لانكساف الشمس بباقي الكواكب غير القمر إذا أحسن به
المكلف أو يثبت بالبينة كما حكى ان رؤيت الزهرة في جرم الشمس كاسفة لها واليه مال في الذكرى
190

ونص في كشف اللثام كما عن حاشية الارشاد للفخر والحقوا به كسوف ساير الكواكب ويضعفه انصراف
اطلاقات النصوص والفتاوى إلى غير ذلك الذي لا يظهر الا للأوحدي من الناس نعم لو فرض كونه مخوفا لمن اطلع عليه وجب على من اطلع عليه مع امكان منع صدق الكسوف
على كسوف ساير الكواكب نعم لو فرض كون أحد الامرين مخوفا وجبت الصلاة على من اطلع عليه بل ربما
يتأمل في كسوف أحد النيرين بغيرهما من حيث إنه ليس مخوفا الا للمنجم فقط لا عامة الناس فربما يخاف المنجم
عن بعض الاقترانات ولكن التأمل في غير محله لان الكسوف المذكور مخوف لكل من أحسن به ولا دخل في ذلك
للمنجم وغيره ولا يقدح في وجوب الصلاة على من أحسن بالخوف عدم خوف من لم يحس واما حديث خوف المنجم عن بعض الاقترانات فلا دخل له فيما نحن فيه أو ثبت عنده لدخوله في عنوان المخوف السماوي
فان الأقوى الحاقه بجميع افراده بالكسوف كما عن القديمين ومحكى الصدوقين والمشايخ الثلاثة وسلار
والقاضي وابن زهرة وابن إدريس ونسبه في المدارك إلى الأكثر بل عن الشيخ في الخلاف والقاضي الاجماع عليه
وهو الظاهر من الغنية بل من المنتهى حيث لم يحك الخلاف الا عن العامة ويدل عليه مضافا إلى ما عرفت صحيحة
زرارة ومحمد بن مسلم كل أخاويف السماء من ظلمة أو ريح أو قرع فصل له صلاة الكسوف حتى تسكن وعن
الفقيه عن الفضل عن الرضا (ع) انما جعلت للكسوف صلاة لأنها أية من آيات الله لا يدرى لرحمة ظهرت
أم لعذاب فأحب النبي صلى الله عليه وآله ان تفزع أمته إلى خالقها وراحمها عند ذلك ليصرف عنهم شرها ويقيهم مكروهها
كما صرف عن قوم يونس حين تضرعوا إلى الله عز وجل وفي رواية محمد بن مسلم ويزيد بن معوية عنهما (ع) انه
إذا وقع الكسوف أو بعضه هذه الآيات صلها ما لم يتخوف ان يذهب وقت الفريضة وما ورد من أن التكبير يرد
الريح فالمراد به غير المخوف بالذات العامة من متعارف أوساط الناس إذ لا عبرة بخوف بعض النفوس التي
يسرع إليها الانفعال ولا يعدم خوف بعض النفوس التي لا تنفعل بعظايم الأهوال أو بعدم خوف الكل
لأجل غلبة وقوع ذلك ثم إن المراد بأخاويف السماء في الصحيحة ظاهرا ما يحدث منها فوق الأرض و
يكون الوجوب في الزلزلة مستفاد من الاجماع وسائر الأخبار ويحتمل ان يراد بها المنسوبة إلى
خالق السماء كما يقال الآفة السماوية والقضاء السماوي ويشمل حينئذ الآيات كلها مثل الزلزلة وخسف الأرض
والصيحة والصاعقة وخروج النار من الأرض أو ظهورها في الهواء ونحو ذلك وإرادة هذا المعنى وإن كانت
بعيدة من الرواية لكن الظاهر من كلام غير واحد من الأصحاب شمول المخوف السماوي ولكل مخوف ولو
كان أرضيا ولذا استظهر في الذكرى من حكم الإسكافي وابن زهرة بوجوب الصلاة لكل مخوف السماوي
وجوبها [للزله] واستدل على ثبوت الحكم لساير الآيات بالصحيحة المذكورة وحكى الشهيد الثاني في المقاصد
191

العلية عن البيان وجوبها لكل أية مخوفة مع أنه في البيان قيد المخوف بالسماوي وهذا كله مما يستأنس
لعموم لرواية الا ان يدعى الفرق من عبارات الفقهاء في تعبيرهم بأخاويف السماء وبين المذكور في الصحيحة
بان يسلم إرادة مطلقا لخوف من عبارات الفقهاء لا من الرواية كما أشار إليه شارح الروضة وكيف كان
فالتصريح بالتعميم ظاهر من كثير من القدماء والمتأخرين حيث عبر بعضهم كالمصنف بالآيات من غير تقييد كالمحكى
(عن العماني والسيد في الجمل وسلار أو مع تقييدها بالعظيمة كالمحكى عن القاضي مع ظهور كلامه في دعوى الاتفاق لأجل تعبير بقوله عندنا أو بالآيات التي لم تجربها العادة كالحلي وبالمخوفة كالمحكى)
عن المصنف في المختلف والشهيدين وفي كلام بعض سادة مشائخنا استظهار الشهرة بل دعوى عدم ظهور
الخلاف ولعله لعموم التعليل في حسنة الفضل المتقدمة بل وفي الصحيحة المتقدمة أيضا حيث إن المستفاد منه
ان غاية الفعل السكون المكنى به عن ذهاب الآية الذي هو المطلوب للخائفين فعله كلما حدث ما يطلب
ذهابه من المخوفات ويؤيده بل يدل عليه أيضا قوله في صحيحة ابن مسلم المتقدمة فيجب إذا وقع الكسوف أو بعض
هذه الآيات صلها بناء على أن المشار إليه هي جميع افراد الآيات بوصف استحضارها في الذهن لا جمله من
افرادها المعهودة بين المتكلم والمخاطب في الخارج ولعله إلى ذلك كله نظر العلامة الطباطبائي حيث قال في منظومة
ومقتضى العموم في الرواية فرض الصلاة عند كل أية لكن الواجب تقييد الآية في كلامه قدس سره بالمخوف من
جهة احتمال كونها مقدمة لغضب أو مستعقبا لشر لا من جهة خوف الابتلاء به كالطاعون ونحو كما هو ظاهر
{وكيفية صلاة الآيات} اجمالا ان يصلى ركعتين في كل ركعة خمس ركوعات وسجدتان
وجعلها عشر ركعات في أكثر النصوص وكثير من الفتاوى مبنى على إرادة المعنى اللغوي أو ما يشمل
ما قبله من القراءة والثاني انسب بظاهر الحضرمي مثل قوله (ع) هي عشر ركعات وأربع سجدات والمعروف
سيما بين المتأخرين دخول السجود في مهية الركعة المصطلحة عن ابن طاوس في البشرى والمحقق في
الفتاوى البغدادية كمال الركعة بالركوع قيل ويشعر به كلام الراوندي ويظهر من كلام الشيخ حيث
قال إنها عشر ركعات بأربع سجدات وعن ابن حمزة التردد في ذلك والأقوى قول المشهور للتبادر
لاطلاق الركعتين عليها في بعض النصوص كرواية عبد الله بن سنان الآتية ورواية القداح الحاكيتين
لفعل رسول الله صلى الله عليه وآله من أنه صلى بالناس ركعتين فيكون قرينة على إرادة المعنى اللغوي فيما اطلق عليه
عشر ركعات ولا يصح العكس لعدم صحة التجوز أو بعده وكيف كان فحكم أشك في عدد الركوعات لا يبتنى
على ذلك كما قد يتخيل بل الحكم فيه البناء على الأقل مطلقا للأصل واختصاص أدلة البناء على الأكثر
بالركعة بالمعنى المتأخر كما يستفاد من تتبع تلك الأدلة وكذا أدلة البطلان بالشك في الأوليين
192

كما هو واضح لمن تأملها وعلى أي تقدير وتفصيل الكيفية المذكورة ان يكبر للاحرام مقارنا للنية المعتبرة
لعموم لا عمل الا بنية ولا صلاة بغير افتتاح ثم يقرء الحمد بلا خلاف نصا وفتوى لعموم لا صلاة الا بفاتحة
الكتاب وبخصوص ما سيجئ من الصحاح وله ان يقرء بعد الحمد سورة تامة ثم يركع ثم يقوم يقرء فيقرء الحمد أيضا
وسورة أخرى أو عين تلك السورة ثم يركع هكذا يركع خمسا ثم يسجد سجدتين ثم يقوم ويصلى الركعة
الثانية كذلك يتشهد ويسلم هذه أفضل كيفياتها وأحوطها ويجوز له ان يقرء في القيام الأول
بعض السورة فيقوم من الركوع وحينئذ له ان يتمها في القيام الثاني من غير أن يقرء الحمد وانشاء [وزع] السورة
على الركوعات للركعة الأولى وكذا يوزع على ركوعات الثانية ثم إن استيفاء احكام صورة التبعيض
وفروعه يتم بتنقيح المطلب في مسائل كل من القيامات فنقول إما القيام الأول فلا اشكال في وجود
الحمد فيه لما مر وسيجئ واما عدم جواز اخلاله من السورة فالظاهر أنه موضع وفاق نصا وفتوى حتى ما لو قرء
سورة كاملة فيما بعده من القيامات واما جواز الاقتصار على بعض السورة فالظاهر أنه مما لا خلاف فيه
نعم حكى عن المقنعة وجمل السيد ومهذب القاضي الاقتصار على ذكر الكيفية الأولى وليس ذلك بنص في
المخالفة ولذا ادعى الاتفاق على جواز التبعيض في المعتبر والمنتهى كما عن التذكرة وجامع المقاصد و
التنقيح مضافا إلى جميع ما ورد في كيفية هذه الصلاة ففي صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم قالا سئلنا أبا جعفر (ع)
عن صلاة الكسوف كم هي ركعة ويكف يصليها قال هي عشر ركعات وأربع سجدات تفتتح الصلاة بتكبيرة
وتركع بتكبيرة وترفع رأسك بتكبيرة الا في الخامسة التي تسجد فيها وتقول سمع الله لمن حمده و
تقنت في كل ركعتين قبل الركوع وتطيل القنوت والركوع لعى قدر القراءة والركوع والسجود فان
فرغت قبل ان ينجلى فاقعد وادع الله حتى ينجلى فان انجلى قبل ان تفرغ من صلاتك فأتم ما بقى بجهة [؟؟؟؟] قلت كيف القراءة فيها قال إن قرأت سورة
في كل ركعة فاقرء فاتحة الكتاب فان نقصت من السورة شيئا فاقرء من حيث نقصت ولا تقرأ فاتحة
الكتاب الجزء في صحيحة الرهط المروية في التهذيب بعد ذكر الكيفية الأولى كما في الصحيحة قال قلت فان
هو قرء سورة واحدة في الخمس ركعات ففرقها بينها قال أجزئه أم الكتاب في أول مرة وان قرء خمس سور
كان مع كل سورة أم الكتاب الخبر وفى صحيحة الحلبي المروية في الفقيه عن الصادق (ع) عشر ركعات وأربع
سجدا تركع خمسا ثم تسجد في الخامسة ثم تركع خمسا ثم تسجد في العاشرة وان شئت قراءت سورة
في كل ركعة وان شئت نصف سورة في كل ركعة فإذا قرأت سورة في كل ركعة فاقرء فاتحة الكتاب
193

وان قرأت نصف سورة أجزأك ان لا تقرأ فاتحة الكتاب الا في أول ركعة حتى استأنف أخرى الخبر وفى
المحكي عن الحلى في السرائر نقلا عن جامع البزنطي عن الرضا (ع) قال سألته عن القراءة في صلاة الكسوف هل
يقرء في كل ركعة بفاتحة الكتاب قال إذا ختمت سورة وبدأت بأخرى فاقرء فاتحة الكتاب وان قرأت سورة في ركعتين
أو ثلاثة فلا تقرأ فاتحة الكتاب حتى تختم السورة الخبر ونحوها المحكي عن قرب الإسناد فلا اشكال في بعض
السورة بعد الاجماعات المنقولة والصحاح المذكورة وظاهر اطلاق أكثرها جواز الاقتصار على أقل من أية
وفاقا لجماعة خلافا لصريح الروض وهو ضعيف وهل يجب ان يكون هذا البعض أو السورة أم يجوز قرائة
أي بعض كان كما استظهره في شرح الروضة مقتضى الاطلاقات المتقدمة الثاني ويؤيدها اطلاق قوله (ع)
في موثقة ابن أبي
بصير الواردة في كيفية صلاة الكسوف وفيها تقرأ في كل ركعة مثل يس والنور إلى أن قال
قلت فمن لم يحسن يس وأشباهها قال فليقرء ستين أية في كل ركعة لكن الانصاف ان هذه الاطلاقات
مسوقة لبيان حكم اخر فمقتضى التوقيفية عدم الجواز الا ان يدعى ان الظاهر من الاخبار وجوب قرائة
الفاتحة وسورة في مجموع الركعات كما سيجئ واما الثاني فلا اشكال ولا خلاف في وجوب القراءة فيه في
الجملة فان قرء في القيام الأول سورة كاملة فالمشهور انه يجب عليه استيناف الحمد لظاهر الامر في الأخبار السابقة
المعتضدة بقرنية مقابلته باجزاء تركها في صورة عدم اكمال السورة وبحكاية الاجماع على
طبقها عن ظاهر جماعة فلا وجه لما حكى عن الحلى من جواز تركها مع الاكمال مضافا إلى توقيفية العبادة
سيما هذه الصلاة عدا ما احتج له في البيان بان الركوعات كركعة واحدة وفيه ما لا يخفى وفى الذكرى برواية
عبد الله بن سنان عن الصادق (ع) قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فصلى ركعتين قال في الأولى فقرء
سورة ثم ركع فأطال الركوع ثم رفع رأسه فقرء سورة ثم ركع فأطال الركوع فعل ذلك خمس ركوعات قبل ان
يسجد ثم سجد سجدتين ثم قام في الثانية ففعل مثل ذلك فكان له عشر ركعات وأربع سجدات وفيه مع ضعف
سنده بالارسال ان ترك التعرض في حكاية فعل النبي صلى الله عليه وآله للفاتحة لا يدل على عدم وجوبها
فلعله معلوم من الخارج كما يشهد له عدم التعرض لذكرها في الركعة الأولى مع أن الظاهر بل المقطوع ان النبي صلى الله عليه وآله
لم يدع الفاتحة في ركعة من العشر كيف وقد نقل عنه انه طول الصلاة في الكسوف حتى غشى على بعض
القوم من جهة الطول ويكف يقرء السور الطوال ويترك الفاتحة مع جواز ان يكون المراد بالسورة
معناها اللغوي فيكون المقصود منها ان النبي صلى الله عليه وآله قرء في كل ركعة جملة من القرآن من غير تعرض لتعينها
194

ثم إن ما ذكرنا من وجوب إعادة الحمد ضابط كلي في كل قيام أكمل السورة في سابقه كما يستفاد من الاخبار ثم إن
قرء الفاتحة فالظاهر أنه لا يتعين عليه القراءة من أول السورة وان لم يقرء المصلى في القيام الأول سورة كاملة
فلا اشكال ولا خلاف في أنه يجوز له ان يبتدى بالسورة من موضع قطعها من دون إعادة الحمد وله ان يتمها
في هذا القيام فيكون قد قرء سورة في ركعتين كما هو صريح صحيحة البزنطي وظاهر صحيحة الحلبي فما في الذكرى و
عن النهاية من احتمال حصر التبعيض في توزيع سورة على الخمس ضعيف جدا ثم هل يكون ترك الحمد رخصة
أو غريمة ظاهر بعض الأخبار واكثر الفتاوى الثاني والأظهر الأول وفاقا لصريح بعض وظاهر المنتهى حيث
عبر عن الحكم بقوله لا تجب وعن المبسوط وجامع الشرايع التعبير بلا يلزم وفى الروضة التعبير بلا يحتاج الظهور
ورود نواهي القراءة في مقابلة الامر بها مع اكمال السورة في السابق ثم هل يجوز للمصلى ان يقرء من تلك
السورة من غير موضع قطعها أم لا قولان اولهما للشهيدين والثاني لظاهر المشهور لصريح قوله فاقرء
من يحث قطعت المقيد لاطلاق بواقي الأخبار المتقدمة وهل يجوز العدول إلى سورة أخرى فيقرأها كلا
أو بعضا قولان المحكي عن المبسوط والنهاية الأول وهو مختار الشهيدين لاطلاق صحيحة الحلبي وموثقة
أبي بصير المتقدمتين وفيه مع أن الاطلاق مسوق لبيان حكم اخر وجوب تقييده بقوله فاقرء من حيث
قطعت ثم لو قرء من غير موضع القطع بناء على جوازه فهل يجب عليه إعادة الحمد مطلقا كما هو ظاهر الروض لان المتيقن
من سقوطها ما إذا قرء من موضع القطع ولما في شرح الروضة من العدول عن ترتيبها بمنزلة اتمامها
واستيناف سورة أخرى ولا يجب مطلقا لصحيحة الحلبي إذا قرأت نصف سورة أجزأك ان لا تقرأ فاتحة الكتاب الا
في أول ركعة حتى تستأنف أخرى بناء على أن الظاهر الاستيناف بعد اتمام الأولى ويفصل بين ما إذا ابتداء
بسورة أخرى أو بتلك السورة بناء على جواز تكرار ما قرأ أو لا كلا أو بعضا كما ذكره في البيان أو بناء على ما
ذكرنا في احكام القيام الأول من جواز القراءة من وسط السورة واخرها وبين غيره فيجب إعادة الحمد و
الأول دون الثاني أقواها الأول {إما لو أكمل سورة} في الأول وأراد تكرارها في الثاني فالظاهر وجوب
إعادة الحمد لكن ظاهر وجوه الاخبار مثل قوله خمس سور اعتبار التغاير والظاهر أنه وارد مورد الأغلب
{واما القيامات الأخر فحكمها} حكم القيام الثاني في جميع ما ذكروا تزيد انه لو قرء المصلى في القيام الثاني
أول سورة بعد إن كان ختم سورة في القيام الأول فالظاهر أنه لا تجب القراءة من موضع القطع بل له ان [يقيده]
بسورة أخرى وليس عليه إعادة الحمد لان السبب في وجوبها هو اكمال السورة السابقة لا مجرد الافتتاح
195

بسورة ومنه يظهر انه لو أكمل في القيام الثاني سورة فيجب في القيام الثالث الفاتحة وان لم يقصد الافتتاح
بأول سورة واما القيام الرابع فلا يزيد حكمه على القيام الثالث وكذا الخامس الا انه يجب فيه ان يكمل السورة
إذا لم يكن أكمل سورة في [النايات] السابقة واما لو أكمل فلا يجب عليه الاكمال بدله السجود عن بعض سورة فإذا أقام
عن السجود فيجب عليه قرائة الحمد ولا يجتزى على القراءة من حيث القطع والظاهر أنه مما لا خلاف فيه لقوله عليه السلام
في صحيحة الحلبي وان قرأت نصف سورة أجزأك ان لا تقرأ فاتحة الكتاب الا في أول ركعة فان ظاهرها وجوبها
في أول ركعة من الركوعات الخمس في كل ركعة لا مجموع العشر ونحوها قوله (ع) في صحيحة الرهط اجزاه أم الكتاب
أول مرة يعنى من المراتب الخمس كما هو ظاهر السؤال بل صريحه الا ان يحمل ذلك على ما يقع غالبا من الاتيان بالفاتحة
في أول ركعة من الخمس ويضعفه على تقدير صحة الخروج عن ظاهره على الغلبة الحمل بلا دليل حينئذ على هذه
الكيفية مع التبعيض فيجب الاقتصار على الكيفية الأولى التي صرح بها الإمام (ع) من عدم التبعيض لا من
باب أصالة الاشتغال بل لعدم العلم بسقوط الحمد في أول كل ركعة من الخمس في صورة التبعيض وعدم ثبوت
بدلية هذا الفرد المشكوك عن تلك الكيفية الأولى فاحتمال عدم وجوبها وان وجب في واحد من الركوعات
تخيير العموم صحيحة البزنطي ونحوها ضعيف نعم بعد الفاتحة له القراءة من موضع القطع بشرط قرائة سورة
كاملة في مجموع باقي الركوعات لاستفادة اعتبار ذلك من الاخبار ووقتها أي وقت
هذه الصلاة فني الكسوفين من ابتداء الكسوف باجماع علمائنا بل علماء الاسلام كما في المنتهى والاخبار به
مستفيضة منها صحيحة جميل قبل وقت صلاة الخسوف في الساعة التي تنكسف فيمتد إلى ابتداء الانجلاء كما
عن المقنعة وكثير من كتب الشيخ والوسيلة والمراسم والسرائر وإشارة السبق للحلبي والجامع والنافع و
كثير من كتب المصنف والبيان والظاهر أنه المشهور بل عن شرح الكتاب للفخر نسبة إلى الامامية وعن والده
قدهما في التذكرة انه قول علمائنا وان سبق منه في المنتهى اختيار القول الآخر بعد حكايته عن الحلبي وجعله
لايحا من كلام السيد والعماني لكن من المحتمل وقوفه بعد تأليف المنتهى على عدم مخالفة هؤلاء كما يشهد له
حكاية القول المشهور عن الحلبي في إشارة السبق مع أن المحكي عنه في المنتهى انه لم يزد على قوله إن وقتها
ممتد بمقدار الخسوف والكسوف ويحتمل ان يراد منه مقدار حدوث الكسوف إلى انتهائه نظير قول المصنف في
التحرير الذي صرح فيه بانتهاء الوقت بابتداء الانجلاء انه يستحب إطالة الصلاة بقدر زمان الكسوف
فلم يبق الا السيد والعماني ولم يحك عنهما التصريح بخلاف المشهور فلعله وقف بعد ذلك على موافقتها
196

أيضا المشهور ولذا افتى في كتبه المتأخرة عن المنتهى بقول المشهور مستدلا كما عن التذكرة بزوال الحذر
وحصول رد النور المستفاد إناطة الحكم بهما من الاخبار مثل صحيحة زرارة وابن مسلم الدالة على كون الغاية
السكون ورواية الفضل المتقدمة المشعرة بكون الغاية صرف شر الآية ووقاية مكروهها وهذه الأمور
تحصل بمجرد الاخذ في الانجلاء بحكم حدس أغلب الناس الخائفين بل حكم العادة وقد صرح بذلك كله الصادق (ع)
في صحيحة حماد قال ذكرنا له (ع) انكساف والقمر وما يلقى الناس من شدته فقال (ع) إذا انجلى منه شئ فقد انجلى ويؤيده
ما قيل من أن المراد بالناس العامة الذين يرون بقاء هول الآية الموجب لبقاء الوقت عندهم إلى تمام الانجلاء
على ما حكى عنهم لكن الانصاف ان هذا غير مستفاد من الرواية فان لقاء الشدة من الخسوف ليس له ربط
معتد به بمسألة بقاء وقت صلاته عندهم إلى تمام الانجلاء بل الظاهر من الرواية إرادة إزالة الخوف عن
الناس وادخال الطمأنينة في قلوبهم بعد الاخذ في الانجلاء وحاصل المراد حينئذ ما ذكره في المعتبر من إرادة
تساوى الحالتين في زوال الشدة وعليه فلا دلالة للرواية على قول المشهور ولو أريد تقريب الاستدلال
به بان المراد ان الانجلاء الذي جعل حدا للوجوب في ساير الاخبار هو انجلاء جز منه ورد عليه ان هذا
المعنى لا ربط له بما ذكره له حماد وكيف كان فالاستدلال بالخبر المذكور مشكل واشكل منه الاستدلال
بسابقيه من روايتي زرارة والفضل بل هما أقرب إلى القول الآخر لان السكون كناية عن ذهاب مطلق
الآية لا ظهور امارة الذهاب وشر الآية ومكروهها غير مأمون قبل الذهاب بالكلية ولا يزول الخوف
بجريان العادة أو حكم الحدس بعدم المكث على المقدار الباقي والا لم يكن وجه لحدوثه لجريان العادة
بالانجلاء وحكم الحدس به قبل الاخذ أيضا وحينئذ لا وجه للخروج عن مقتضى أصالة بقاء التكاليف والتوسعة
إلى تمام الانجلاء وفاقا للمحكى عن السيد والعماني والحلبي و [المح] في المعتبر والشرايع والمصنف في المنتهى و
الشهيدين في الدروس والروضة وشارحها و [المح] الثاني وكثير من متأخري المتأخرين للأصل ولان
انكساف البعض كان سببا للوجوب فكذا استدامته وان المتقضي هو الخوف لا يزول الأبرد النور
كله وقد تقدم امكان استفادة ذلك من صحيحة زرارة وحسنة الفضل ولما في صحيحة الرهطان
رسول الله صلى الله عليه وآله صلاها في كسوف الشمس والناس خلفه ففرغ حين فرغ وقد انجلى كسوفها
ورواية عمار عن الصادق (ع) ان صليت الكسوف إلى أن يذهب الكسوف من الشمس والقمر وتطول ففي صلاتك
فان ذلك أفضل فان ذهاب الكسوف انما يكون بالانجلاء التام ويؤيده ما دل على استحباب تطويل
197

هذه الصلاة وقرائة السورة الطوال فيها فان هذا لا يلائم القول بخروج وقته بالأخذ بالانجلاء
انه لا يكاد يتحقق العلم به أو الظن إذ لا وثوق بقول الرصدي غالبا والتزام ورود الاخبار في الصورة
النادرة أعني حصول العلم أو الظن المعتبر فيه ومنه الاتكال على أصالة بقاء الكسوف في مقام الشك لأجل
ادراك المستحب مشكل إذ الظاهر أن الاحتياط في ادراك الصلاة في الوقت وان قلنا بعدم وجوبه أرجح
من ادراك مزية الصلاة بتطويل سورتها التي يحتمل سقوطها رأسا وعدم مشروعيتها فضلا عن وجوب
تقصيرها مع تحقق الخوف بفوات الوقت فان الخوف لا يزول بأصالة البقاء ولا يعارض ذلك بما
إذ أحد الوقت تمام الانجلاء فإنه خ ليس أمرا ذهبا بل هو تدريجي فيحد تطويلها المستحب إلى قريب التمام بحيث
يخاف خروج الوقت بزيادة التطويل فهو نظير طلوع الشمس وغروبها المعلوم قرب زمانهما و
بعده بالحس وقد يستدل أيضا بمثل قوله (ع) إذا فرغت قبل ان ينجلي فاعد ومناط الاستدلال ان
الإعادة فعل الموقت في وقته وفيه ان هذا اصطلاح متأخر ولا بعد في استحباب الفعل ثانيا في وقت
ثان خارج عن وقت وجوبه فهذا القول هو الأقوى وإن كان الأحوط عدم التأخير عن أول الانجلاء
ومعه فالأحوط فعلها بقصد القربة المطلقة الناشئة عن رجحان مراعاة احتمال بقاء التكليف ثم إن
المستفاد من هذا النزاع اتفاق الفريقين على كون صلاة الكسوفين موقته وانهما ليسا من قبيل الأسباب
المحضة لوجوب الصلاة ويدل على التوقيت قوله (ع) وقت صلاة الكسوف الساعة التي تنكسف ومثل
رواية عبد الله الحلبي عن صلاة الكسوف تقضى إذا فاتتنا قال ليس فيها قضاء وقد كان في أيدينا انها
تقضى
وجميع ما دل على وجوب القضاء إذا اطلع عليه بعد الانجلاء واحتراق
تمام القرص وعدم وجوبه بعد الاطلاع إذا لم يحترق القرص وعلى ذلك فلو قصر الوقت بشروطها المفقودة سقطت أداء وقضاء إما الأول فلاستحالة التكليف في الوقت واما القضاء فلانه فعل الموقت
خارج وقته والمفروض ان ذلك الزمان لم يكن وقتا ولا فرق في ذلك بين ان يكون بمقدار ركعة أو بعض ركعة
واما ما دل على أن من أدرك ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت كله فهى مختص بما إذا كان الوقت مساويا
بل أزيد لكن لم يدرك منه الا مقدار ركعة فلا دخل له بما نحن فيه وبعبارة أخرى مدلول الرواية فيما
إذا قصر المكلف عن أداء مجموع الفعل في الوقت الوافي به ومحل الكلام ما إذا قصر الوقت عن أداء مجموع الفعل
فيه فظهر ما حكى عن البحار من القول بالوجوب مطلقا ولو لم يتسع الوقت لمقدار ركعة وعن الذخيرة
198

الميل إليه الا ان يحملا جميع ما ورد في الاخبار من ظواهر التوقيت وقت الشروع وانه متى لم ينبته الوقت
وجب التلبس ولا يجوز التأخير والاخبار غير أبية عن هذا المعنى سيما صحيحة زرارة وحسنة الفضل المعللة
للصلاة بالسكون وصرف شر الآية قال في البيان ووقتها أي الصلاة في [الموافى] أي ما عد الكسوفين
مدة السبب فان قصر فلا وجوب الا الزلزلة ويحتمل الوجوب بمجرد السبب وان لم يسع الزمان في الكسوف
وغيره وقد اومى إليه في المعتبر ويحتمل اشتراط ركعة مع الطهارة انتهى لكن المحقق في المعتبر والمصنف في
النهاية ظاهرهما التردد مع سعة وقت الكسوف للركعة بمجرد وجود السبب نعم يرد عليهما ان الكسوف إن كان من
قبيل الموقت اتجه الحكم بالسقوط مع القصور مطلقا ولو وسع ركعه وإن كان من قبل المسبب اتجه الثبوت كذلك فيحرم مع
عزم ادراك الركعة والتردد معه لا وجه له عدا ما مر من قوله من أدرك ركعة ما الوقت وقد عرفت ان
المراد به ادراك بعض من الوقت بسبع ركعة فلا دخل له بما نحن فيه وكيف كان فظاهر الاخبار الامرة بهذه
الصلاة لا تدل على أكثر من وجوب التلبس عند ظهور الآية سيما ما جمع فيه بين الكسوف وغيره من الآيات التي اتفق
في بعضها على عدم الوقت كالزلزلة واختلفوا في بعضها الأخر مثل الرياح والأخاويف مع أن اللازم من
التوقيت عدم جواز الدخول في الصلاة الا مع العلم بسعة الوقت أو الظن المعتبر وهما نادران بل اطلاق
الصحيحة والحسنة يدل على بقاء الطلب ما لم يسكن وما لم يصرف الشر وأصرح منهما رواية زرارة ومحمد بن مسلم
المصححة عن أبي جعفر (ع) أنه قال وان فرغت قبل ان ينجلى فاقعد ودع الله حتى ينجلى وان انجلى قبل ان تفرغ
من صلاتك فأتم ما بقى فان اطلاقه يشمل ما لو لم يدرك ركعة ويخصص ذلك بما إذا أطال الصلاة
استحبابا ثم اتفق خروج الوقت كما يظهر من صدر الرواية لا يخلوا عن نظر لكن الانصاف ان هذا القول
مما لا ينطبق على الاخبار ولا على كلمات الأصحاب إما الاخبار فلان ظاهر الصحيحة والحسنة وجوب مجموع
الفعل للسكون ودفع المكروه ومع العلم بتحققهما قبل وجود الفعل بتمامه لا يعقل كونهما غاية له واما
غيرهما من الاخبار فاما ما اطلق فيه القضاء والفوت فلا يخفى ظهوره في التوقيت بالمعنى المشهور لا توقيت
الجزء الأول من الفعل بجزء من الوقت وتكميل الباقي من خارجه كما مرو سيجئ نظيره في توجيه توقيت
صلاة الزلزلة على ما تكلفه المصنف في النهاية و [المح] الثاني في حاشية الشرايع واما الاخبار الامرة بالصلاة
في وقت الكسوف فان حملت على السببية المطلقة لزم منه جواز تأخير الدخول في الصلاة إلى ما بعد الانجلاء
وهو باطل اجماعا وان دفعنا ذلك باستفادة الفورية منها فمع ان الظاهر من العلماء عدم القول
199

بفوريتها إذا علم اتساع زمان الكسوف لما سيجئ في اجتماع الكسوف واليومية مضافا إلى ما يظهر من رواية
من خطبه النبي صلى الله عليه وآله حال الكسوف قبل الصلاة يلزم فيه جواز تطويلها إلى ما بعد الانجلاء
وهو أيضا باطل اجماعا على الظاهر المحكي عن بعض نعم لو منعنا عن بطلان هذين اللازمين أعني الفورية
وعدم جواز التطويل إلى ما بعد الانجلاء كما يظهر تقوية الفورية من بعض المعاصرين ومع الاجماع
على عدم جواز التطويل من بعضهم الأخر أمكن المصير إلى ظاهر تلك الأخبار ان لم يعارضه ظهور ما
تقدم من الاخبار في التوقيت المعتضد بمصير الأصحاب قاطبة إليه إذا لم يذكر ذلك الا الشهيد في البيان
بعنوان الاحتمال واما تردد الفاضلين في المعتبر والنهاية فقد عرفت انه مختص بمن أدرك ركعة من
جهة احتمال كون ادراك الركعة مقام ادراك الكل كما صرح بذلك في النهاية لا من جهة احتمال عدم
التوقيت في هذه الصلاة كما استظهره صاحب المدارك تبعا للبيان من كلام المحقق فما ورد عليه بعدم
الفرق على هذا بين ادراك ركعة وعدمه واما ما ادعى من الاخبار الجامعة في الحكم بين جميع الآيات
حتى الزلزلة المتفق على عدم توقيتها فان أريد به صحيحة زرارة المشتملة على ذكر أخاويف السماء
فهو غير شامل للزلزلة الا على تأويل بعيد في إضافة الأخاويف إلى السماء مع أن ظاهرها كما تقدم
التوقيت وان أريد مثل قوله في صحيحة ابن مسلم إذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات صليتها ففي شموله للزلزلة
أيضا منع ظاهر لاحتمال كون المشار إليه الآيات السماوية غير الزلزلة مع أنه لو سلم عموم الروايتين
للزلزلة كما هو ظاهر التعليل في حسنة الفضل فلابد إما من حملها على مطلق السببية الغير المنافى للتوقيت
دون السببية المحضة المقابلة له واما من تخصيصها بغير الزلزلة فتكون أدلة على توقيت غير الزلزلة
من الآيات التي قد الحقها المصنف بالكسوفين بقوله وكذا الرياح والأخاويف لا تجب الصلاة لها الا
مع سعة زمانها للصلاة بل لها مع شرائطها المفقودة ونسبه في الذكرى إلى الأصحاب لما تقدم من
استظهار ذلك من صحيحة زرارة وحسنة الفضل المعللين للصلاة بالسكون ورفع شر الآية حيث إنه
لا يستقيم التعليل الا إذا كان مجموع الصلاة قبل السكون كما سبق بيانه بل ربما يدعى ان قوله (ع) في
صحيحة ابن مسلم إذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات ظاهرا أيضا في التوقيت لكن التحقيق عدم ظهوره
فيه أصلا بل الظاهر منه مطلق السببية المجامع للتوقيت والسببية المحضة واما ظهور التعليل في الصحيحة
والحسنة فهو مسلم لكنه انما يجدي إذا أريد العلة الغائية الحقيقة وهو محل تأمل بل التأمل في
200

كثير من موارد وجوب هذه الصلاة مع عدم كون السكون ورفع الشر غاية مثل ما إذا قطع بتحققهما
من دون الصلاة ومثل وجوب الفعل قضاء بعد السكون ومثل دخولها للزلزلة بعد السكون اجماعا مع بعد
دعوى خروجها عن عموم تعليل الحسنة وغير ذلك من الموار يشهد بان المراد بالتعليل في الحسنة هي الصحيحة
أيضا ليس الا ابدء حكمة تشريع أصل هذه الصلاة لا العلة الغائية المطردة التي ينتفى المعلوم بانتفائها
ليثبت التوقيت بل قد أطال الكلام بعض سادة المعاصرين في عدم استقامة حمل قوله حتى يسكن
في الصحيحة على التعليل من جهة ان السكوت ليس مترتبا على صلاة المصلى بحيث لا يتحقق لولاها وجزم
بكون حتى لانتهاء النهاية وتردد الرواية بين إرادة استحباب التكرار إلى أن تسكن وإرادة استمرار
وقته إلى أن تسكن مع أن حمل الروايتين على التوقيت توجب خروج كثير من الآيات رأسا كالصاعقة والصحيحة
ونحوهما وخروج باقيها في كثير من الأحوال حيث لا تمتد بمقدار الصلاة والحمل على بيان المطلق
السبب وكون العلة علة للتشريع كما يظهر من قوله (ع) في صدر الحسنة وانما جعلت الكسوف صلاة إلى آخره أولي من
ارتكاب ذلك التخصيص والحاصل انه لا دليل يعتد به على توقيت ما عد الزلزلة من سائر الآيات فالمرجع إلى
الاطلاقات الظاهرة في السببية بحكم اقتضاء القضية الشرطية ولو كانت مصدرة بكلمة إذا والحاق سائر
الآيات بالزلزلة في كونها أسبابا للوجوب لا أوقاتا للواجب وفاقا للمحكى عن الوسيلة حيث قال أول وقت
صلاة الزلازل والرياح السود أول وقت ظهورها وليس لاخره وقت معين واختاره المصنف في المنتهى والشهيد و
الدروس بعد ان نسب خلافه في الذكرى إلى الأصحاب وهو المحكي عن الموجز والتحرير وقواه في الروض وجزم
به جماعة من المعاصرين بل نسبه بعضهم إلى ظاهر أكثر القدماء وقد عرفت قوته للاطلاقات مضافا إلى
الاستصحاب في بعض الصور الذي لا يعارضه أصالة البراءة في بعضها الأخرى وعن المصنف قدس سره في التذكرة
والنهاية التفصيل بين ما يقصر زمانه غالبا عن مقدار الصلاة كالصحيحة والصاعقة ونحوها [فكالزلزلة] في
السببية وبين ما لأي قصر فكالكسوفين ولعله لاستظهار التوقيت من التعليل في الصحيحة [والحشه] خرج
منها الآيات القاصرة غالبا التي لا يمكن تشريع التوقيت وفيه بعد ما عرفت في التعليل المذكور ان المناسب
حينئذ إناطة التوقيت بالآية الشخصية التي تسع الصلاة دون ما يسعها غالبا فيكون المدار في التوقيت
والسببية إلى سعة شخص الآية للصلاة دون نوعها والقول الثاني الحكم بالتوقيت في جميع ما عدى الكسوفين
حتى الزلزلة إما باعتبار سعة الزمان للصلاة في الكل كما يحكى عن الحلبي في الإشارة وظاهر القاضي في
201

شرح الجمل وان ادعى الشهيدان أو غيرهما على ما حكى الاجماع على عدم اعتبار ذلك في الزلزلة واما يجعل
أول ظهور الآية أولا لوقت الصلاة ويمتد بمقدار الصلاة ولو سكنت قبله ثم يصير قضاء وهو الذي
احتمله في النهاية وقواه في كشف اللثام وعن حاشية الشرايع للمحق الثاني توقيت صلاة الزلزلة
لا بمعنى صيرورتها قضاء بل بمعنى كونها أداء وانما قال وانما قلنا إنها أداء لان الاجماع واقع على كون
هذه الصلاة موقته والتوقيت يوجب نية الأداء ولما كان وقتها لا يسعها وامتنع فعلها فيه وجب
المصير إلى كون ما بعده صالحا لايقاعها فيه حذرا من التكليف بالمحال وبقى حكم الأداء مستصحبا
لانتفاء الناقل وروعي فيها الفورية من حيث إن فعلها خارج وقت السبب انما كان بحسب الضرورة
فاقتصر في التأخير على قدرها وفي ذلك جمع بين القواعد المتضادة وهي توقيت هذه الصلاة مع قصر
وقتها واعتبار سعة الوقت لفعل العبادة انتهى وفي معناه ما حكى عن تلميذه في العزية ويرد عليه انه لا داعى
لارتكاب ذلك كله والاجماع على التوقيت نعم ظاهر عبارات كثير منهم كونها أداء والمراد منه
نفى سقوط الوجوب بانقضاء الزلزلة واما الفورية فسيجئ لام تركها أي الصلاة المكسوفين
عمدا أو نسيانا حتى خرج الوقت قضاها حتى لو احترق بعض القرص ونسى الصلاة وفاقا للمحكى عن الأكثر
بل عن المعظم بل عن ظاهر الخلاف الاجماع حيث قال من ترك صلاة الكسوف كان عليه قضاؤها وإن كان
قد احترق القرص وتركها متعمدا كان عليه الغسل وقضاء الصلاة ولم يوافق في ذلك أحد من الفقهاء
دليلنا اجماع الفرقة انتهى فبذلك كله بخبر ضعف سلة الكافي إذا علم بالكسوف ونسى ان يصلى فعليه
القضاء وفي ذيل رواية ابن أبي
بصير المروية في الزيادات فان أغفلها أو نام وجب قضاؤها ونحوها موثقة
عمار وان أعلمك أحد وأنت نائم فعلمت ثم غلبتك عينك فلم تصل فعليك قضاؤها بناء على أنه لا فرق
بين النسيان وساير الاعذار كغلبة النوم وبها يخصص ما دل على عدم القضاء في صلاة الكسوف إذا فاتت
كما في صحيحة علي بن جعفر ورواية الحلبي المخصصتين لعموم ما دل على وجوب قضاء المنسى من الصلوات ومنه
يعلم أن استدلال بهذه العمومات غير مجد مع وجود المخصص فالواجب الرجوع إلى مخصص المخصص خلافا للمحكى
عن جمل السيد ونهاية الشيخ ومبسوطه والوسيلة والمهذب والجامع والانتصار والكيدري ولعله
لصحيحة علي بن جعفر ورواية الحلبي المتقدمتين خرج من اطلاقهما ما خرج وفيه ان ما نحن فيه أيضا قد خرج
بما مر من الروايتين المعتضدتين واضعف مما ذكر القول لعدم القضاء على الناسي مع احتراق تمام القرص
202

وهذا القول وان لم يظهر قائله ولذا حكى عن القاضي في شرح جمل السيد انه ادعى كالشيخ في الخلاف الاجماع
على الحكم الا ان المحكي عن بعض الكتب نسبته الحكم بالوجوب إلى الأكثر وكيف كان فلا ريب في ضعفه بما ذكر و
بفحوى ما سيجئ من الوجوب على الجاهل عند احتراق تمام القرص ومن فحوى أدلة صورة النسيان يظهر حكم
ما إذا ترك متعمدا مضافا إلى دعوى عدم الخلاف فيه بالخصوص عن الحلى بل عن الخلاف وشرح الجمل
والغنية التصريح بالاجماع خلافا للمحكى عن السيد في المصباح والشيخ في ظاهر التهذيبين ثم إن
وجوب الفعل في ثاني الوقت للزلزلة مما لا اشكال فيه بناء على سببيتها للصلاة بل هي أداء دائما وكذا
ساير الآيات لو قلنا بكونها كالزلزلة في التسبيب وصدق الأداء دائما واما لو قلنا بكونها أو مع الزلزلة
ملحقة بالكسوفين في توقيت صلاتها فوجه القضاء في صورتي تعمد الترك ونسيانه عموم أدلة قضاء الفوائت
إما لو جهلها حتى خرج وقتها فلا قضاء فيها وان قلنا فيها بالتسبيب على المشهور بل في الروض انه لا
نعلم بالوجوب قائلا صريحا وفي المدارك لأصالة البراءة وفحوى ما دل على عدم الوجوب في الكسوفين
مع عدم احتراق القرص بل صريح ما دل على أن الصلاة في جميع الآيات كلها سواء وفي الكل نظر لاندفاع
الأصل بأدلة قضاء الفوائت ومنه صدق الفوت مستندا إلى عدم تعلق الوجوب في الوقت فاسد
ان أريد الوجوب الفعلي لعدم اشتراطه في وجوب القضاء اتفاقا وان أريد الوجوب الواقعي فهو
ثابت لم يتغير بالجهل كما لو جهل المكلف كون الشهر شهر رمضان ودعوى مدخلية العلم في سببية
الوقت واحتمالها مدفوعة بظاهر الأدلة كما لا يخفى على من لاحظ حسنة الفضل بن شاذان المشتملة
على ذكر علة صلاة الآيات بل غيرها مما اشتمل على التكليف المختص بغير الجاهل دال أيضا على
ثبوت الوجوب الواقعي للجاهل وان لم ينجز عليه التكليف كما هو المفهوم من الخطابات التعليقية في
العرف والعادة لان طريقة العقلاء اخذ العلم بالموضوع والحكم من شروط تنجز التكليف لا من شروط
الحكم الواقعي الا ان يتمسك في ذلك بما في مرسلة المقنعة من قوله (ع) إذا أرأيتم ذلك فافزعوا إلى الله
بالصلاة حيث علق الوجوب على الرواية ولكن مؤديها عند التأمل يرجع إلى غيرها واما دعوى توقف
تحقق التخويف على العلم الذي هو سبب الوجوب دائما ينفع لو كان المناط حصول الخوف بالآية لا حصول
الآية المخوفة مع أن اعتبار تخويف جميع الاشخاص ممنوع مع أن هذا لا يستقيم في مثل الكسوف
الغير الملحوظ فيه عنوان التخويف واضعف مما ذكر ما أشار إليه شارح الروضة في منع العمومات
203

المذكورة من منع صدق الفريضة على تلك الصلاة المتروكة لامتناع تكليف الغافل فان ظاهر هذا
الكلام يقتضى عدم القضاء الا على متعمد الترك ومما يكذبه صريحا اسناد النسيان إلى الفرائض و
اطلاق النوم منها كثيرا في الاخبار ومما يؤيد ما ذكرنا من صدق الفوت مع الجهل أيضا قوله (ع)
في صحيحة علي بن جعفر (ع) في صلاة الكسوف إذا فاتتك فليس عليك قضاؤها مع أن أدلة قضاء الفرائض لا
تنحصر فيما علق الحكم فيه على الفوت بل يظهر من كثير منها تعليقه على نفس الترك كما قرر في مسألة
القضاء وإما فحوى ما دل على عدم الوجوب في الكسوفين فممنوعة لان الحكم المذكور فسي الكسوفين مختص بحال
عدم احتراق تمام القرص إذ مع الاحتراق يجب كما سيجئ والمعلوم كون الكسوف بطبيعته أشد من ساير
الآيات لا ان كل فرد منه كذلك مع أن الأولوية اعتبارية ظاهرا نعم ورد في الرواية ان كسوف الشمس أشد
على الناس والبهائم وفي صحيحة الرهط ان الصلاة في هذه الآيات كلها سواء وأشدها وأطولها
كسوف الشمس [؟؟؟] فتكبر بافتتاح الصلاة إلى اخر الرواية وفي دلالتها على الأولوية المدعاة نظر واما
ما ورد من التسوية بين صلاة الآيات مثل صحيحة المذكورة وغيرها فالظاهر منه إرادة المساواة
في الكيفية لا في الاحكام سيما في محال وجوب القضاء مع أن الكسوف قد يجب فيه القضاء كما في صورة
الاحتراق اجماعا فدعوى مساواة ساير الآيات للكسوف في صورة عدم الاحتراق تحكم بارد فالحكم
بوجوب القضاء كما قواه في الروضة والذخيرة وبعض كتب المعاصرين واحتمله في محكى النهاية قوى
جدا خصوصا في الزلزلة بناء على اطلاقهم ان صلاتهما أداء دائما اللازم منه بقاء الوقت بعد زوالها
ولذا قوى احتمال الوجوب في النهاية ومال إليه الفريد البهبهاني أيضا في المحكي عنه وقد عرفت ان
الأقوى عدم الفرق بينها وبين غيرها من الآيات في وجوب الفعل بعد العم بتحقق الآية سواء قلنا بكون الكل
من باب الوقت أو من باب السبب أو التفضيل بين الزلزلة وغيرها بل لولا وجود النص في الكسوفين
تعين الحكم بالوجوب فيهما أيضا كما حكى عن المقنعة والكافي لأبي الصلاح والمهذب بل حكى عن الصدوقين
والإسكافي وظاهر الشيخ والسيد في الخلاف والانتصار مدعيين عليه الاجماع كالحلي في السرائر
للعمومات المتقدمة وخصوص مرسلة حريز إذا انكسف القمر واستيقظ الرجل فكسل ان يصلى فليغتسل
من غدو ليقص الصلاة وان لم يستفظ ولم يعلم بانكساف القمر فليس عليه الا القضاء بغير غسل
وفي المحكي عن جل السيد انه روى القضاء على كل حال وربما ينتصر له برواية ابن أبي
بصير فان أغفلها
204

أو نام عنها وجب قضاؤها وفيه ان ظاهرا نسيان الصلاة أو النوم عنها بل في دلالة مرسلة
حريز أيضا لاختصاصها بصورة احتراق تمام القرص بقرينة ذكر الغسل فلم يبق الا المرسل المحكي
عن الجمل وهو مع احتمال إرادة مرسلة حريز لا ينهض [؟؟؟] مطلب الا بالجابر المفقود في المقام و
عمومات القضاء مخصصة كما تقدم بصحيحة علي بن جعفر (ع) وغيرها المتقدمتين ومنه يظهر الوهن
في اجماع الحلى حيث نص على انعقاده على قاعدة قضاء الفوائت واجماع الانتصار ظاهر في إرادة
الموجبة المهملة في مقابل العامة القائلين بالسلب الكلى واجماع الخلاف معنون بترك صلاة الكسوف
فظاهر الترك كونه مسبوقا بالعلم بالوجوب ومع تسليم اطلاقه فلابد من تقييده بغير المسألة لذهاب
المعظم فيها على الخلاف بل لم يحك الخلاف في محكى التذكرة الا عن المفيد وإن كان الخلاف غير منحصر فيه
كما عرفت وجهه من غيره وان تنظر بعض في نسبته إلى بعض من تقدم كوالد الصدوق والإسكافي و
كيف كان فلا ريب في ذهاب المعظم على خلافه وانه لا يجب القضاء على الجاهل بالآية الا في الكسوف
بشرط احتراق القرص أجمع وهو الأقوى في المستثنى منه والمستثنى بل عن شرح الجمل للقاضي الاجماع على الأول
وعن التذكرة ما عرفت ويدل عليه مضافا إلى ما مر من عموم عدم القضاء في صلاة الكسوف خصوص
صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم إذا انكشفت الشمس كلها واحترقت ولم تعلم وعلمت بعد ذلك فعليك القضاء
وان لم تحترق كلها فليس عليك قضاء ونحوها رواية حريز في التهذيب ورواية الفضيل بن يسار في
الفقيه وبها يستدل على الحكم في المستثنى مضافا إلى الاجماع المحكي عن شرح الجمل للقاضي ونفى الخلاف
عن بعض اخر هذا كله فيما لو ترك صلاة الآيات لعذر عقلي كالنسيان والجهل واما لو تركها لعذر شرعي
كفقد الظهور فالظاهر وجوب القضاء في الكسوف لصدق الفوت كما إذا فقد الطهور لليومية وما تقدم
من عموم نفى القضاء عن فائتة الكسوفين غير منصرف إلى هذا الفرد من الفوت ويمكن معارضة ذلك
بدعوى الانصراف في أدلة القضاء أيضا لما تقدم من عدم انحصار أدلة القضاء في أدلة الفوت مع
وهن ذلك العموم بكثرة التخصيص واما الحائض فان أدركت من أول وقت الكسوف مقدار الصلاة
مع الشرايط المفقودة المطلقة وجب القضاء سواء فقدت الشرائط الاختيارية أم لا إذ بفقدها لا
يفقد التكليف فيدخل في عموم التعليل المستفاد من أدلة قضاء الحائض للصلاة اليومية في هذا
الفرض فان تعليل وجوب القضاء بأنها فرطت في الصلاة [اوضبعتها] يدل على ما نحن فيه مضافا إلى
205

صدق الفوت حينئذ وان لم تدرك هذا المقدار لم يجب القضاء للأصل وعموم ما دل على أن الحايض لا يقتضى
الصلاة مع امكان دعوى عدم صدق الفوت وان أدركت من أول الوقت مقدار الصلاة من غير
صورة فالظاهر أيضا عدم القضاء لأن الظاهر من التعليل بتضييع الصلاة هي ترك الصلاة التامة
وان فقدت بعض الشرائط المفقودة وان أدركت من اخر الوقت مقدار ركعة مع الشرائط المطلقة
المفقودة وجب أيضا ومع الترك فعليها القضاء الا فلا أداء ولا قضاء هذا في الكسوف واما غيره
فالظاهر أنها كالكسوف إذا أدرك من مجموع زمان الآية وما بعدها مقدار الصلاة مع الشرايط المطلقة المفقودة وان لم يتسع للشرائط الاختيارية وان لم يدرك ذلك المقدار لم يجب الفعل ولو قلنا بكون
تلك الآيات أسبابا لا أوقاتا إذ ليس المراد بسببيتها السببية المطلقة على حد سببية الجنابة
لوجوب الغسل والاتلاف للضمان لعدم الدليل على ذلك بل المتيقن هي مدخلية جزء من وقت الآية
في سببية الصلاة فمن أدركه جامعا لشرائط الوجوب الواقعي وان لم يتنجز عليه التكليف كالجاهل
على ما اخترنا أو لشرائط تنجز الخطاب بالدخول في الفعل ليخرج الجاهل على المشهور ويدخل الناسي
وجب عليه الصلاة ومن لم يدركه فلا يجب ومن هنا تبين ان ما أدعاه [المح؟] الثاني من الاجماع على توقيت
صلاة الزلزلة معناه كون وقتها دخيلا في السبب لان السبب مجرد حركة الأرض حتى يجب على الصبى
بعد البلوغ كالغسل والوضوء والظاهر أن التوقيت بهذا المعنى اجماعي {ويستحب في صلاة الآيات
جماعة عندنا} كما في كشف اللثام بل عن التذكرة والخلاف الاجماع عليه لاطلاق أدلة الجماعة عموما
وخصوصا في خصوص هذه الصلاة ففي رواية ابن ابن أبي
منصور إذا انكسف الشمس والقمر فانكسف كلها فإنه ينبغي
للناس ان يفزعوا إلى امام يصلى بهم واما كسف بعضه فإنه يجزى الرجل ان يصلى وحده وظاهرها
وجوب الجماعة مع احتراق القرص كما يحكى عن الصدقين وكذا عن المفيد في خصوص القضاء لكن ذيلها
يدل على رجحان الجماعة أيضا فضلا عن جوازها مع عدم الاحتراق وقد حكى عن ظاهر الصدوقين وجوب
الجماعة مع الاحتراق والانفراد مع عدمه والرواية تدل بصدرها على الأول و [بلنلها] على خلاف
الثاني فليحمل التفصيل على تأكد الاستحباب أو عدمه كما يشهد له اطلاق رواية محمد بن يحيى الساباطي
عن الرضا (ع) عن صلاة الكسوف تصلى جماعة أو فرادى قال أي ذلك شئت ونحوها رواية نوح بن
عبد الرحيم والظاهر جواز اقتداء المعيد بهذه استحبابا بمثله ما سيجئ من أن الظاهر اختصاص أدلة المنع
206

عن الجماعة في النافلة بالنافلة الذاتية ثم ظاهر الاخبار المرغبة في جماعة هذه الصلاة عدم
التعرض فيها لبيان كيفيتها اتحادها مع الجماعة في اليومية من حيث الاحكام والشرايط مثل ان الامام لا
تحمل سوى القراءة في الركعة التي ادركها المأموم ولو في ركوعها ومثل وجوب المتابعة اختيارا
لا في بعض موارد النص مثل قعوده للتشهد مع قيام الامام ونحو ذلك ومن ذلك يظهر ما ذهب إليه
المشهور على ما قيل من أنه لو لم يدرك الامام في الركوع الأول من هذه الصلاة لم يجز الدخول معه
بحيث يحتسب ذلك ركعة بل يصير حتى يدخل بالثانية أو يدخل معه بمحض نية المتابعة كما يتابعه إذا أدركه
بعد ركوع الركعة الأخيرة ووجه عدم الجواز انه إذا لم يدرك القيام الأول لم يتدارك الفائت
منه من الركوعات بطلت صلاته لان الامام لا يتحمل الركن اجماعا وان تداركه قبل السجود أو أتمها
من ركوعات الركعة الثانية ثم تدارك ما نقص منها في الركعة الثانية بين الركوعات أو بعدها
قبل السجود لزم مخالفة الامام في الركن بان يأتي بالأركان لنفسه من غير عذر بل يلزم الانفراد
بالنسبة إلى ذلك الركن ثم الرجوع إلى الجماعة وكل ذلك مناف لقوله (ص) في الخبر المشهور انما جعل الامام
إماما ليؤتم به فإذا كبر فكبر واو إذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا دل على أن المقصود الأصلي من
تشريع الجماعة متابعة الامام في الافعال سيما في مورد الخبر من الدخول في الصلاة وبالركوع و
السجود فدل على أن كل ما لم يقصد الشارع فيه المتابعة في الافعال فليست الجماعة فيه بمشروعة لعدم
تحقق العلة الغائية فهذا هو السر في عدم جواز الايتمام مع اختلاف هيئة الصلاتين والا فعدم
الجواز فيها ليس لأجل عدم امكان قيام المأموم بوظائف نفسه ثم اللحوق بالامام فان المصلى
للكسوف مع من يصلى الصبح يمكن تطويل الامام السجود حتى يفرغ المأموم من ركوعاته فيلحقه وبالجملة
فمطلوبته الاقتداء في كل فعل من لوازم ماهية الجماعة كما يستفاد من الخبر المذكور فكل صلاة للمأموم
لا يطلب في أفعالها متابعة الامام فلا تشرع فيه الجماعة ومما ذكرنا يعلم أنه يكفى في الاستدلال
بالرواية ثبوت مطلوبية المتابعة وان لم يكن شرطا في صحة الصلاة أو الجماعة فلا وجه لما يقال في الجواب
عنها ان وجوب المتابعة تعيدي لا شرطي ولا لما قيل مظن انه لا يعتبر في المتابعة المقارنة بل المراد ان يشتغل
بما يفعله الامام قبل فراغه منه وهو حاصل فيما نحن فيه إذا أتم الركوعات ولحقه في السجود
لان المقصود من المتابعة الفائتة هو المتابعة في الركوعات التي يفعلها مستقلا مع أنه مأمور
207

بان لا يركع الا بركوع الامام وان لا يسجد الا بسجوده ولا وجه أيضا لما اورد من النقض بفوت القدوة في
بعض الأحيان لعذر كما إذا زوحم المأموم عن الركوع والسجود أو سهى عن أحدهما بل عنهما حتى قام الامام فان ذلك يقدح في بقاء
الجماعة بل في العلم قبل الصلاة بتحقق المزاحمة أيضا لا يقدح في الابتداء لان الرخصة
في الابقاء مع اتفاق فوت القدوة في بعض الأفعال أو الرخصة في الابتداء مع العلم بالفوت لا ينافى
كون المقصود للشارع هو الاقتداء والايتمام إذ رب غاية تفوت ولا تحصل وبمضي الشارع لمعلولها
مع أن الرخصة في الشروع في الايتمام مع العلم بفوات القدوة المتابعة غير معلوم وان استدل له بروايتين
وردتا فيمن زوحم عن الركوع والسجود في صلاة الجمعة بدعوى استفادة الحكم منها مع العلم بتحقق
المزاحمة لكنه يحل نظر ومنع يظهر بمراجعة تلك الأخبار وانما المنافى لكون العلة الغائية الاقتداء
هو كون المقصود للشارع في خصوص صلاة عدم المتابعة مع بقاء الإمامة والايتمام كما في الاقتداء
في صلاة الآيات باليومية نعم قد خرج من الكلية المزبورة نحلف المأموم للتشهد المختص به حيث يقعد
المأموم مع قيام الامام لكن الفرق بين التشهد والركوع هو ان الشارع لما أوجب التشهد في محل
تشهد المأموم لم يسقط وجوب المتابعة عنه لان يقوم ويلحق الامام ولو في الركوع فإذا لم يمهله للقرائة
أو التسبيح في الركعة الثالثة امره الشارع بتركها والمتابعة في الركوع وهذا لا يتحقق فيما نحن فيه لأنه
إذا لم يمهله الامام حتى يركع فان أمر بترك الركوعات خالف ما دل على بطلان الصلاة بالسهو عن
الركن فضلا عن التعمد وان امره بالتخلف عن سجود الامام لزم ما قلناه من خلاف غرض الشارع نعم لو أمر الشارع
الامام بتطويل السجود كان حسنا لكنه كما ترى مناف لوضع الجماعة والحاصل ان استقلال المأموم
بركن أو أكثر من أفعال صلاته انما يصح إذ اتفق فوت الاقتداء لا مطلقا ولعله لما ذكرنا من كون استقلال
المأموم في الركوعات الباقية عليه أمر مفروغ الفساد اقتصر الفاضلان في الاستدلال على عدم جواز
الدخول بان الركوع ركن لا يتحمله الامام وان زاد الشهيد في الذكرى على ذلك ما ذكرنا من لزوم التخلف
عن الامام ثم مما ذكرنا يظهر ان ما قواه [المح] الثاني من جواز الدخول إلى محل الافتراق فيفرد محل نظر
أيضا لما ذكرنا من أن الظاهر من الرواية انحصار شرعية الجماعة في صلاة أو بقية صلاة في صورة يكون
مقصود الشارع الايتمام بافعالها لا ما إذا كان مقصوده التخلف عن بعض أفعالها نعم لو كان المستفاد
من دليل مشروعيتها المشروعية مع تحقق الايتمام بابعاض الصلاة لا غير توجه الحكم المذكور لكن
208

الظاهر أن مشروعية الجماعة ولو في جزء من الصلاة تابعة لكون الصلاة إلى اخرها من الامام إلى المأموم
قابلة للايتمام بافعالها فلا يتوهم من ذلك انكار جواز الدخول مع قصد الانفراد في الأثناء إذ
المنكر هو جوازه مع تحقق الانفراد قهرا في الأثناء وبعبارة أخرى شرعية الاقتداء في البعض تابعة
لشرعية في الكل فكل صلاة من الامام أو المأموم لم يطلب الايتمام فيها في مجموع ما يقابله من صلاة الأخر
فالجماعة غير مشروعة فيها كلا وبعضا لا ان شرعيته في البعض تابعة لفعلية الاقتداء في الكل حتى
يدفع ذلك بجواز الدخول مع تعمد الانفراد من أول الأمر أو مع العلم بطر والعذر هذا كله مضافا إلى ما دل
على أن الركعة التي لا تدرك ركوعها مع الامام لا تعد مع الامام بركعة وهو صادق فيما نحن فيه فان الظاهر أن
حكم كل واحد من الركوعات حكم ركوع الصلاة فبفواته تفوت الركعة ولا ينفع ادراك الركوع الأخر
والا لكان حكم الركوع مختصا بالخامس من هذه الركوعات هذا كله مضافا إلى أصالة عدم مشروعية
الجماعة وعدم انعقادها لترتب الاحكام المخالفة للأصل ولا مدفع عن هذا الأصل عدى ما يتوهم من
استصحاب جواز الدخول سابقا وعمومات الجماعة وعموم إذا فاتتك مع الامام شئ فاجعل ما استقبلت
من الصلاة أول صلاتك وفي الجميع نظر إما في الاستصحاب فلان الدخول فيه سابقا الذي قطعنا
بجوازه هو الركعة الكاملة للامام والذي يراد اثبات جوازه هو جزء الركعة وان شئت قلت الجائز
أولا هو الدخول في الركوع الأول والذي يراد تجويزه هو الدخول في الركوع الثاني واما في العمومات
فلاختصاصها بالصلاة التي يطلب فيها الايتمام في جميع الأفعال إلى فراغ صلاة أحدهما لما عرفت
من دلالة قوله انما جعل الامام إماما واما الرواية فهى ظاهرة في أن المدرك لابد ان يجعل أو الصلاة
في مقابلة العامة الجاعلين له اخرها لا في أن الادراك بأي شئ وما حده فبيان ما به يدرك موكول إلى
غيره من الاخبار وقد عرفت انها تدل على أن ادراك الركعة بادراك الركوع المفقودة في المقام الاعلى
جعل كل قيام مع ركوعه ركعة وقد عرفت ان التحقيق ظهور الركعة فيما يشتمل على السجود ومن البين انه
لا يمكن الحكم بادراك الركعة بهذا المعنى بمجرد ادراك بعض الركوعات ودعوى انصراف الركوع في تلك الأخبار
إلى الركوع الواحد في اليومية لا غير يدفعها ان البناء على ذلك وفتح هذا الباب يوجب سقوط
الاستدلال بالرواية المتقدمة لاثبات جواز الدخول بل سقوط الاستدلال بجميع اخبار الجماعة
لاحكام جماعة الكسوف فالتحقيق ان المستفاد من الاخبار هو كون صلاة الكسوف ركعتين في كل ركعة
209

خمس ركوعات فيثبت لكل ركعة منه في الجماعة ما ثبت لركوعات اليومية في باب الجماعة حتى في اشتراط
ادراك الركعة بادراك الركوع الراجع في الحقيقة إلى عدم اعتبار حضوره حين القراءة وكما يكون كل ركعة
منه مثل ركعة اليومية في احكام الجماعة كذلك كل ركوع من الخمس حكم ركوع الركعات اليومية حتى في احكام
الجماعة ولا يتوهم ان مقتضى ذلك ادراك الركعة بادراك بعض منها لان كلا منها كركوع اليومية سبب في ادراك
الركعة أن ادراك الركعة لا يتحقق بادراك ما عدى الأول قطعا لما عرفت من أن المراد بادراك الركعة احتساب ما
مضى بركعة هذا كله مع أن المستفاد من أدلة هذه الصلاة وجوب الحمد في القيام الأول قطعا وعدم وجوبه في غيره
الا إذا فرغ من سورة وأراد أخرى ومن البين ان هذا المأموم لم يقرء الحمد فيه ولم يقتد بامام حتى يسقط عنه ولذا
التزم من جوز الاقتداء وجوب الفاتحة في الركوعات التي ينفرد بها نعم لو قلنا بما حكى في كشف اللثام من ظاهر حل
لمعقود في حل العقود من سقوط الركوعات التي لم يدركها سقط القراءة الملازمة عليه أيضا بالأولوية لكنه
كما في الكشف غريب مخالف لظواهر الأدلة وكيف كان فالمسألة لا تخلوا عن مخالفة الأصل بل الأصول فلا يقدم
عليها بمجرد امكان المعالجة أو ورود بعض التخلفات أو التخالفات في نظائرها في الجماعة ولذا لم ينازع أحد
في الحكم المذكور إلى زمان بعض المعاصرين نعم يظهر من الفقهاء كون الجواز وجها في المسألة لكن لم يصير إليه
أحد منهم فيما اعترفوا به ويستحب إطالة الصلاة بقدر الكسوف بلا خلاف ظاهر بل عن جماعة الاجماع عليه
للاخبار كموثقة عمار ان صليت الكسوف إلى أن تذهب الكسوف عن الشمس والقمر وتطول صلاتك فان ذلك
أفضل وكصحيح الرهط الحاكي لتطويل النبي صلى الله عليه وآله ففرغ حين فرغ وقد انجلى كسوفها ونحوها رواية ابن القداح
إذا النبي صلى الله عليه وآله صلى بالناس ركعتين وطول حتى غشى على بعض من خلفه من طول القيام ونحوها المرسل المحكي
عن المقنعة وفي رواية محمد بن مسلم ان صلاة الكسوف أطول من صلاة خسوف القمر والظاهر أن المراد استحباب
الأطولية إذا لم يأت بالمستحب الذي هو الطويل بقدر زمان الآية ويستحب الإعادة للصلاة لو لم ينجلى على المشهور
لموثقة عمار المتقدمة خصوصا ذيلها وهو قوله فيهما وان أحببت ان تصلى فتفرغ من صلاتك قبل ان يذهب
السكوف فهو جائز وأصرح منه صحيحة محمد بن مسلم مات فرغت قبل ان ينجلى فاقعدوا دع الله سبحانه حتى ينجلى
ولذلك كله يحمل قوله (ع) إذا فرغت قبل ان ينجلى فاعد صلاتك على الاستحباب ومن ذلك كله يظهر ضعف ما
حكى عن جماعة من القول بوجوب الإعادة واضعف منه ما عن الحلى من كون الإعادة تشريعا والظاهر ثبوت
الاتفاق على خلافه ويستحب أيضا اجماعا كما عن جماعة قرائة السور الطوال كالكهف والحجر على ما في صحيحة
210

زرارة ومحمد بن مسلم باستثناء ما إذا شق التطويل على من خلفه فيكون تطويل النبي صلى الله عليه وآله حتى غشى على بعض
من خلفه محمولا على داع ومثل يس والنور كما في موثقة ابن أبي
بصير وفيها ابدال ستين آية لمن لا [يخس] يس
وأشباهها ومساوات الركوع والسجود في الطويل للقرائة لقوله (ع) في الموثقة المذكورة ويكون ركوعك مثل قرائتك
وسجودك مثل ركوعك وفي صحيحة زرارة وابن مسلم المتقدمة وتطيل القنوت والركوع على قدر القراءة
والركوع والسجود فالظاهر أن كلمة والركوع أخيرا زيادة ويؤيده ما قيل من أن الصحيحة مروية في الخلاف بحذف
تلك الكلمة والمحكى عن جماعة عدم التعرض لاستحباب مساواة السجود ولا القنوت للقرائة وكأنهم [فصلوا]
قوله (ع) والركوع على قدر القراءة جملة خبرية وقوله السجود بالنسب عطفا على القنوت وهو خلاف الظاهر و
الأولى مساواة القنوت لها أيضا كما عن الذكرى والدروس وجماعة بل قبل لا أجد فيه خلافا بل عن الغرية
الاجماع عليه ثم الظاهر من الروايتين ان المراد مساواة كل ركوع للقرائة التي ركع عنها لا لمجموع القراءات
الخمس ولا لمجموع ما تقدمه منها لكن الاظهر استحباب إطالة الركوع بمقدار الطول المستحب في القراءة فلا
ينتفى وظيفة التطويل في الركوع إذا لم يقم بها في القراءة فقوله وليكن ركوعك مثل قرائتك بعد
قوله بلا فصل تقرأ مثل يس والنور يعنى انه يستحب ان يكون الركوع بقدر قرائة إحدى السورتين
لا بمقدار قرائتك الشخصية التي صدرت منك كيف والحمل على هذا المعنى موجب للحكم بعدم استحباب التطويل
في الركوع الا إذا طول في القراءة مع أن معاقد الاجماعات على تطويله مطلقة وقد صرح بعض من استظهر
المعنى الذي ذكرنا أولا بان المراد من مساواة السجود للركوع مساواته للركوع الذي يسجد عنه ولازمه
ذلك أيضا في القنوت ولا يخفى عليك بعده وعلى ما ذكرنا فلا اشكال ويستحب أيضا التكبير عند الرفع
من كل ركوع كما يستحب عند الاخذ فيه وعن المعتبر والمنتهى والتذكرة نسبة ذلك إلى علمائنا لصحيحة محمد بن مسلم
تركع بتكبيرة وترفع بتكبيرة الا في الخامسة التي تسجد فيها تقول سمع الله لمن حمده وظاهر العبارة تأتى السنة
بالتكبير حال الرفع كما عن ظاهر بعض وبعده كما عن ظاهر اخر وهو ظاهر الصحيحة فان ظاهر الرفع بالتكبير إرادة
الأعم من تأخر التكبير عن الرفع بقرنية عطفه على الركوع بالتكبير ومقارنته له مع عدم اشتراط تأخر
التكبير عن الركوع اجماعا وكيف كان فالتكبير ثابت في كل رفع الا في الخامس والعاشر تقول سمع الله لمن
حمده اجماعا كما عن جماعة للصحيحة المتقدمة ونحوها صحيحة الرهط المتقدمة ثم ترفع رأسك في الخامسة فإذا
رفعت رأسك قلت سمع الله لمن حمده ثم تخر ساجدا ثم تقوم فتصنع كما صنعت في الأولى نعم عن النفلية وشرحها
211

وجود رواية عن إسحاق بن عمار في عموم التسميع إذا ركع بعد ما فرغ من السورة وان لم يكن الخامسة والعاشرة
ويتخير المكلف لو اتفق وجوب هذه الصلاة مع الحاضرة ما لم يتضيق وقت الحاضرة عند الأكثر كما في المعتبر
بل عن التذكرة نفى الخلاف عن وجوب الاشتغال للحاضرة مع اتساع وقتها لكن يحتمل ان يكون مراده جواز
تأخير الحاضرة عن أول الوقت لا جواز تقدم صلاة الآية عليها فيكونان نظير الظهر والعصر ويقربه
وان بعد في نفسه حكاية وجوب تقديم الحاضرة عن ظاهر جماعة كالصدوقين والسيد في المصباح والشيخ في
النهاية وابن حمزة وابن البراج بل عن التنقيح نسبته إلى الأكثر الا ان يريد و [بوقت] الفريضة في كلامهم وقته
المضيق فيجتمع مع نفى الخلاف عن عدم وجوب تقديم الحاضرة وينحصر الخلاف في وجوب تقديم صلاة الآية
كما حكى عن السيد والعماني والآبي والحلى مدعيا في السرائر الاجماع عليه حاكيا عن الشيخ الموافقة في جمل العقود
لكن الظاهر أن نسبة هذا القول إلى هؤلاء كلا أو بعضا ناشئ عن التعبير في المسألة بما ظاهره الوجوب الذي
لابد من حمله على الجواز في مقام توهم [الخطر] الذي هو ظاهر جماعة من القدماء على ما عرفت إذا المحكي عن كلام
الحلى صريح في عدم تعين تقديم الكسوف مع أن المحكي عن جمل العقود الذي جعله الحلى موافقا لنفسه هو
عين ما في النهاية التي لم يزد فيها على أن قال خمس صلوات يصلين على كل حال بل قيل ومثله المحكي عن
كلام المرتضى وكيف كان فلا محيص عن مذهب المشهور لأصالة التخيير في الموسعين وعمومات الاذن في صلاة
الكسوفين أي وقت اتفقا مثل ما دل على أن خمس صلوات يصلين في كل حال وخصوص ما دل على الاذن
فيها في خصوص وقت الفريضة مثل قوله (ع) في الصحيحة إذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات صليتها ما لم يتخوف
ان يذهب وقت الفريضة وبه يحمل ما ورد من الامر بالابتداء بالفريضة كما في المصحح عن صلاة السكوف في وقت
الفريضة قال ابدء بالفريضة على الاستحباب أو يقيد بالوقت المضيق واما الصحيح ربما ابتلينا بالكسوف
بعد المغرب قبل العشاء الآخرة فان صليت السكوف خشيت ان تفوت الفريضة قال إن خشيت ذلك فاقطع
صلاتك واقض فريضتك ثم عد فيها فحمله على خوف فوات وقتا جزاء العشاء وإن كان بعيدا فيدل على
وجوب قطع الكسوف لأجل ادراك أول وقت العشاء المستلزم لعدم جواز الدخول فيه في أول وقت
الفريضة بطريق أولي الا ان الحمل المزبور مما لا معدل عنه بقرينة ما تقدم واما القول بوجوب تقديم
صلاة الكسوف فلعله مستند إلى ظاهر قوله في الصحيحة صليتها ما لم تتخوف ان تذهب وقت الفريضة مع
خوف فوت صلاة الكسوف وعدم الخوف على الفريضة في السعة ولكن الامر في الصحيحة في مقام توهم
212

الحضر الناشئ من رجحان ترك الصلاة في بعض الأوقات واما خوف فوات صلاة الكسوف فهو على تسليمه وعدم
امكان رفعه بأصالة بقاء الكسوف موجب للمبادرة إلى تلك الصلاة مطلقا من غير فرق بين مزاحمة الفريضة
وعدمها هذا مع توسعة وقتهما واما مع توسعة الكسوف فقط فلا اشكال ولا خلاف في وجوب تقديم الحاضرة
كما لا خلاف ظاهرا في العكس مع العكس على ما يقتضيه القاعدة نعم في الكشف عن ظاهر الصدوق والنهاية و
المهذب والجامع تقديم الفريضة وان اتسع وضاق وقت الكسوف أقول وهو أيضا مؤيد لما ذكرنا من احتمال
ارادتهم من وقت الفريضة وقتها المضيق واما مع تضيقهما فمقتضى القاعدة وإن كان هو التخيير كما في الموسعين
الا ان الظاهر انعقاد الاجماع كما عن التنقيح وعدم الخلاف كما في كشف اللثام على تعيين [كفريضة] ولعله لأهمية الفريضة
ثم إنه لو اشتغل بهذه الصلاة مع ظن السعة لليومية فبان ضيقها فلا اشكال في وجوب القطع مع سعة
وقت صلاة الكسوف بالعلم أو الظن ببقائه أو بناء على عدم توقيت هذه الصلاة بل في الكشف عن الفاضلين
دعوى الاجماع على ذلك لان في القطع أداء لحقهما ولصحيحة محمد بن مسلم صليتها ما لم تتخوف ان يذهب وقت
الفريضة فان تخوفت فابدء بالفريضة واقطع ما كنت فيه من صلاة الكسوف فإذا فرغت من الفريضة
فارجع إلى حيث كنت قطعت واحتسب بما مضى ونحوها الصحيحة الأخرى المتقدمة ربما ابتلينا بالكسوف
الخبر ونحوهما مصححة الخزاز وكذا مع ضيق وقت صلاة الكسوف أيضا بناء على أن مقتضى عدم جواز الشروع
فيها فيه حينئذ الابتداء انكشاف فسادها في الأثناء لعدم تعلق الامر بها من أول الأمر مضافا إلى دعوى كاشف
اللثام تعميم الاجماع الذي نقله عن الفاضلين لهذه الصورة لكن فيه نظر لان ظاهر عبارتي المعتبر والمنتهى دعوى
الاتفاق في صورة بقاء وقت الكسوف بعد الفريضة بحيث يتم الصلاة المقطوعة أو يستأنفها على
الخلاف الآئى مع أن المحكي عن التذكرة والنهاية التردد في وجوب القطع هنا من جهة عروض الأهمية لصلاة
الكسوف أيضا بسبب الشروع لكنه ضعيف لان غاية ما يوجبه الشروع هو حدوث تكليف آخر من جهة وجوب
الاتمام لكنه مع أن بانكشاف ضيق الحاضرة ينكشف عدم الدخول في صلاة الآية على وجه الصحيح الموجب
لحرمة الأبطال بل قد يقال إن الامر بالقطع حكم من الشارع بالبطلان لا ابطال وان عرفت فساد ذلك في
مسألة قرائة الغرائم ان غاية الأمر انضمام تكليف اخر إلى أصل التكليف بصلاة الكسوف بان يجتمع فيها وجوب
أصلها ووجوب اتمامها سيما مع أن وجوب الاتمام من توابع وجوب الأصل فلا يوجب زيادة الأهمية وعلى
تقدير الاستقلال فاجتماع الواجبات لا يوجب غابتها على ما هو أهم من كل منها الا في بعض المواضع وما نحن فيه
213

ليس منها عند التدبر وكيف كان فالظاهر أن أهمية الحاضرة اتفاقية ولازمها وجوب قطع غير الأهم لان السر في تقديمه
عند الشروع هو عدم مطلوبية غير الأهم إذا استلزم ترك الأهم وهذا موجود في الأثناء نعم ربما يقال بناء
على ما احتملنا سابقا من كون الكسوف من باب الأسباب لا الأوقات بل يكفى التلبس بالصلاة في جزء من زمان
السبب بأنه يكفى عند ضيق الوقت الاشتغال بجزء من صلاة الكسوف ولو بتكبيرة ثم قطعها والاتيان بالحاضرة
وفيه مع ابتنائه على ما قدمناه ضعفه انه مبنى على جواز الشروع في الفعل مع العلم بقطعه في الأثناء وهذا
وإن كان في نفسه غير مضر لان القطع ليس ابطالا حتى ينافى نية الاتمام المعتبر في الابتداء بل هو فصل بين
اجزاء العمل لكن الكلام في حصول الرخصة باتيانها مفصولة الأجزاء من غير عذر ولم يثبت ثم إنه لو اشتغل
بصلاة الكسوف مع الامر بغيرها فهل يبطل أم لا وجهان مبنيان على مسألة الضد الا ان يقال بالبطلان من
جهة الامر بالقطع الراجع إلى ايجاب ترك ما فيه لكن الظاهر أن هذا الامر مقدمي والمقصود الاتيان بالفريضة
سيما بناء على أن المراد بالقطع المأمور به ليس ابطال العمل بحيث يستأنفه بعد الحاضرة بل المراد ترك اتمامه إلى
الفراغ وكيف كان فلو خرج وقت صلاة الكسوف عند الفراغ من الحاضرة المضيقة فالظاهر وجوب قضائها
إذا فرط في تأخيرهما بل في تأخير صلاة الآية فقط قيل إنه مما لا خلاف فيه ويدل عليه مضافا إلى صدق الفوت
العلة المستفادة من الأخبار المتقدمة في وجوب القضاء على من استيقظ فكسل ان يصلى حتى نام ثانيا بل
الأقوى وجوب القضاء مع التفريط في تأخير الحاضرة فقط وإن كان جائزا شرعا كما عن الشهيد في الذكرى و
البيان وعن الشهيد والمحقق الثانيين ولعله لاستنادهما لهما إلى ما تقدم من تقصيره وصدق الفوت بل
المدار في وجوب القضاء على التقصير بمعنى اختيار الترك اقتراحا المقابل لعدم التمكن شرعا لو عقلا كما يستفاد
من اخبار وجوب القضاء على من حاضت بعد مضى الوقت مقدار الصلاة بل قد يقوى وجوب القضاء مع العذر
في التأخير إذا كان مصاحبا للوجوب كما عن الشارح في شرحي الكتاب والشرايع حيث قال إن فرط في الحاضرة وجب
القضاء والا فإن كان التأخير لعذر لا يمكنه معه الفعل مع وجوبها عليه فالظاهر أنه كذلك وإن كان العذر غير
مصاحب للوجوب كالحيض والصغر والجنون ففي وجوب القضاء وجهان من عدم التفريط وعدم سعة الوقت
التي هي شرط استقرار الوجوب ومن سعته في نفسه وانما المانع الشرعي منع منه ثم قال وعدم القضاء لها
أوجه انتهى ولقد أجاد شارح الروضة حيث استجوده
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله وآله الطاهرين
ولعنة
214

الله على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين في الخلل الواقع في الصلاة
وهو إما عن عمد واما عن السهو وهي كما في الصحاح الغفلة وهي توجب النسيان تارة والشك أخرى فإن كان
عن عمد فلا اشكال في بطلان الصلاة ويدخل في العامد الجاهل مطلقا وان لم يأثم القاصر منه لعموم الامر
مع بقاء الوقت وأصالة عدم سقوطها بما فعل واستثنى من ذلك لأجل النص الجاهل بوجوب الجهر والاخفات فيما
يجبان فيه من حيث ذات الفريضة إذا لم يكن مترددا ليتمكن من قصد التقرب إما إذا وجب الاخفات لأجل الاقتداء أو على المرأة
لكون صورتها عورة فلا يبعد عدم المعذورية لانصراف النص إلى غير ذلك مضافا إلى اختصاصه بالرجل فتأمل
وإن كان عن سهو فمنه مالا حكم له ومنه ما له حكم وقد أشار المصنف قدس سره إلى القسم الأول بقوله لا حكم للسهو مع
غلبة أحد الطرفين على الأخر المتحققة بمجرد الظن وان لم يكن قويا بل يبنى على المظنون مطلقا ويجعله كالمعلوم
على المشهور لعموم النبوي المورد في كتب الفتاوى على وجه يشعر بقوله إذا شك أحدكم في الصلاة فلينظر
أخرى ذلك إلى الصواب وليبين عليه ورواية صفوان المصححة إذا لم تدركه صليت ولم يقع وهمك على شئ
فاعد الصلاة وغيرها مما ورد في بعض الموارد المؤيدة بقاعدة نفى العسر وتنظر فيه غير واحد بأنه لا عسر
مع عدم الكثرة ومعها يسقط حكم الشك وفيه نظر لان أدلة كثير الشك مختصة بكثرة الشك العارضة
لبعض الاشخاص أحيانا في بعضها انه مرض شيطاني أو مقدمة له واما كثرة الشك بالمعنى الأعم من الظن
فهى فطرية لجميع الناس الا ما شذ فالمناسب لنفع الجرح التفصيل فيه بين الظن وغيره لا سقوط حكمه مطلقا
كما لا يخفى ومقتضى اطلاق بعض ما ذكر وفحوى الأخر المعتضدين بحكاية الاجماع عن غير واحد عدم الفرق
بين الاعداد والافعال ولذا اشتهر ان المرء متعبد يظنه وان لم نعثر في ذلك على رواية قال في المختلف
في رد الحلى في مسألة ما لو فاته من الصلاة ما ترد وبين الخمس ان غلبة الظن تكفى في العمل بالتكاليف الشرعية
اجماعا انتهى في شرح الفريد البهبهاني قدس سره في مسألة ما لو فاته ما لا يحصى عدده ان الاكتفاء بالظن
فيما لا يمكن فيه تحصيل اليقين هو الأصل والقاعدة الشرعية الثابتة المقررة في جميع المقامات و
البناء في الفقه على ذلك بلا شبهة انتهى ومما ذكر ظهر ضعف منع الحلى وبعض من مال إليه عن العمل بالظن
فيما عدا أخيرتي الرباعية من الاعداد استنادا إلى اخبار دلت على اعتبار حفظ عدده واليقين إذ يجب تخصيصها
وان كثرت بمفهوم رواية صفوان المتقدمة المعتضدة بما مر وظن التباين الجزئي بينهما وهم لا يخفى
وكذا لا حكم الناسي القراءة أو ناسي الجهر والاخفات في جميع مواضعهما أو ناسي ابعاض القراءة مثل
215

الحمد وحدها أو السورة وحدها أو بعض اجرائها حتى ركع فإنه يمضى في جميع ذلك للنص بل يمضى في الجهر والاخفات
وان لم يركع على المشهور لعموم النص مضافا إلى عدم ثبوت اعتبارهما مع النسيان ولذا يعذر الناسي الاخفات
خلف الامام في مقام وجوب القراءة عليه والمرأة بناء على كون صوتها عورة وان قوى انصراف النص إلى
ما إذا وجب الاخفات لذات الفريضة كما مر وكذا لا حكم لناسي ذكر الركوع والطمأنينة فيه حتى ينتصب
لاستلزام تداركه زيادة الركن مضافا إلى خصوص الرواية عن رجل نسى تسبيحه في ركوعه أو سجوده قال لا
باس بذلك ولا لناسي الرفع عن الركوع أو الطمأنينة فيه حال الانتصاب حتى سجد بلا خلاف لما دل بعمومه على أنه
إذا تم الركوع والسجود تمت صلاته وان عارضه ما دل على وجوب تدارك المنسى الا ان العمل على الأول ومنه
يظهر انه لا حكم لناسي الذكر في السجدتين أو إحديهما أو السجود على ما عدا الجبهة من الأعضاء السبعة أو الطمأنينة
فيهما أو الجلوس مطمئنا بينهما اعلم أنه قد استفاضت الروايات في بطلان الصلاة بالزيادة فيها وقد
يقع الاشكال في معنى الزيادة في الصلاة وانه هل يتحقق بمجرد الاتيان بفعل من أفعال الصلاة فيها زائدا
على القدر الموظف وجوبا أو استحبابا فلو قرء سورة أو بعض سورة في الصلاة زائدا على القراءة الموظفة
بطلت صلاته أو يشترط ان يأتيه بقصد الجزئية وعلى الأول فهل يكفى في صدق الزيادة مجرد صورة
الجزء حتى يكون الانحناء بصورة الركوع زيادة أم لا فمن سجد سجدة الشكر لم يزد فيها لأنها ليست من اجزاء الصلاة
وان شابهتها في الصورة الظاهر المتبادر من الزيادة في الصلاة هو الاتيان بجزء من اجزائها على أنه منها فلو
انحنى لقصد اخر لم يزد وكذا لو سجد بقصد الشكر لم يزد فيها الا ان بعض تلك الروايات يدل على عدم اعتبار
قصد الجزئية في صدق الزيادة مثل رواية زرارة الواردة في قرائة العزمية المعللة بان السجود زيادة
في المكتوبة إذ لا ريب ان سجدة الغريمة واجب مستقل لا يؤتى بها بقصد الجزئية للصلاة ومع ذلك فقد
جعلها الشارع زيادة في المكتوبة الا ان يقال إن هذا الحكم في خصوص السجدة لا يوجب التعدي إلى غيرها مع
انا نشاهد عدم صدق الزيادة فلعل المعتبر في الصلاة هو ان لا يقع فيه سجدة عدا سجدتي الركعة فيكون
السجدة الزائدة مبطلة وكيف كان فحكم الشارع بان السجود للغريمة زيادة لا يوجب التعدي عن المصاديق
العرفية للزيادة الواردة في سائر الأخبار نظير ذلك ما ورد في بعض الروايات ان التكفير عمل وليس في
الصلاة عمل ثم لا فرق في المأتي به بقصد الجزئية بين ان يكون في محله أو في غير محله ويعتبر كونه مستجمعا لشرائط
الجزئية فلو فقد بعضها لم يكن زيادة مثلا لو وضع جبهته على غير الأرض وما أنبتت منها فإن كان عمدا
216

فصلوته باطلة لأجل النهى المتعلق بالجزء وإن كان جهلا بالموضوع فيجوز الرفع ولا يلزم الزيادة ثم إن
الزيادة في صورة العمد مبطلة من وجهين أحدهما نفس الزيادة والثاني من حيث التشريع وقد يتمحض الثاني فيما إذا
زاد بقصد الجزئية شيئا من غير أفعال الصلاة ثم إن أدلة ابطال الزيادة انما تعارض صحيحة الدالة على أنه لا تعاد
الصلاة الا من خمسة إذا قلنا بأنها مختصة بالاخلال بما يعتبر في الصلاة فعلا أو تركا لا عن تعمد كما هو الظاهر المنساق
إلى الذهن من الصحيحة لكن أدلة الزيادة حيث إنها أيضا مختصة بصورة الزيادة لا عن عمد فيكون أخص مطلقا من الصحيحة
فيخصصها كما أنه لو لم ندع الاختصاص من الطرفين لكانت أخص من الصحيحة وقد يتوهم ان قوله (ع) في رواية سفيان
السمط تسجد سجدتي السهو في كل زيادة تدخل عليك أو نقصان تدل على صحة الصلاة بالزيادة والنقيصة السهوية
فتعارض ما مرض أدلة الزيادة وقد أجيب عنه بان المراد بالزيادة والنقيصة الداخلتين اجماعا هما غير [لتبعيتين] فلا
تنفع الرواية في اثبات الصحة ونفى الأبطال فيما شك في ابطاله من الزيادة والنقيصة وفيه نظر لا يخفى إذا الرواية لا تقييد
فيها فيكون الامر بسجدة السهو عموما في كل زيادة أو نقيصة هو بنفسه دالا على الصحة وعدم البطلان بما يقع سهوا من
الزيادة والنقيضة وهذا نظير ما وقع من بعض من أن أية " أوفوا بالعقود " لا تدل على صحة إما شك في صحته من العقود لان
اللزوم المستفاد من أوفوا انما يتعلق بالعقود الصحيحة اجماعا إذ لا لزوم مع عدم الصحة فالتحقيق في الجواب هو ان الرواية
واردة في مقام حكم اخر فهى نظير قولنا يستحب ان يقرأ دبر كل صلاة كذا فإنه ليس من عمومات صحة الصلاة بحيث يتمسك به
عند الشك في صحة صلاة ولا منافاة بين العموم وبين ورود العام في سياق حكم اخر غير الحكم المحمول على العام كما في قولك
اشرب الماء فوق كل غذاء فإنه لا يدل على جواز اكل كل غذاء وليس عمومه يعلم من السياق ان الطلب انما وقع بعد ملاحظة الصحة
في الصلاة وجواز الاكل في الغذاء في الكلام في معنى الزيادة في الصلاة التي قد دلت المستفيضة على ايجابها البطلان
الصلاة اعلم أن الآتي بجزء من الصلاة إما ان يأتي به صحيحا واما ان يأتي به فاسدا واما ان يأتي به مشكوكا فان اتى به
صحيحا فالاتيان به مرة أخرى بقصد انه من أفعال الصلاة موجب لبطلان الصلاة سواء كان عمدا أو سهوا الا ان الوجه
في الأبطال عمدا أمر ان أحدهما أدلة الزيادة والثاني عدم حصول الامتثال لعدم حصول المأمور به حيث إنه جعل هذا
المأتي جزء منه والمفروض انه ليس جزء منه فالمركب منه ومن غيره ليس مأمورا به ثم إنه لو شرع في الجزء على الوجه الصحيح ثم
ابطله ورفع اليد عنه فإن لم يقصد الاتيان به ثانيا ولم يأت به فلا اشكال في البطلان وان قصد الاتيان به [؟؟؟]
فهل يصح أم يبطل بمجرد بطلان الأول وجهان من تحقق الزيادة ومن عدمه صدق الزيادة عرفا حيث إنه أبطل ذلك
الجزء ورفع لا يد عنه واتى به ثانيا فلم يزد على أفعال الصلاة وقياس ماهية الصلاة على المعاجين بدعوى صدق
217

الزيادة بافساد جزء وضعه فيها ثم ابطله وادخل ذلك فيها مرة أخرى قياس لا يخفى فارقه فان مجرد تخلله بين اجزاء الصلاة
لا يوجب صدق الزيادة الا إذا اعتنى الفاعل به بحيث عده جزء ومع رفع اليد عنه والبناء على استينافه
فلا يعد زيادة نظير عدول المصلى عن سورة إلى أخرى فإنه لم يمنعه أحد من جهة تحقق الزيادة وان منعوه في غير
موضع الاتفاق من جهة النهى عن ابطال العمل حيث إن الجزء عمل والحاصل ان المبطل للجزء الرافع لليد عنه المستأنف
له لا يعد في العرف مزيدا في اجزاء الصلاة والأصل في ذلك ان المكلف مخير في الجزء المتصور وقوعه على خصوصيات
متعددة بين جميع تلك الخصوصيات فكما انه مخير بينها قبل الشروع وفيه كذلك التخيير باق بعده ففي أثناء الجزء
مخير بين ابطاله واستينافه وبين اتمامه والاعتناء به فإذا لم [يتعين] بما سبق منه واستأنفه فلا يلزم الزيادة
في الأجزاء عرفا نعم لو اعاده بعد الاتمام على وجه الإعادة ورفع اليد عن المأتي أو على وجه التكرار وقصد
الجزئية عد زيادة وان قصد الاتيان به ولم يأت به فواضح الفساد وان لم يقصد الاتيان ثم اتى به مع القصد
والقربة فمبنى على وجوب الاستمرار في النية بمعنى وجوب العزم المستمر من أول الصلاة إلى اخرها كلما التقت
إليها ولو اتى به فاسدا فان اكتفى به فلا اشكال في الفساد وان قصد الاكتفاء ثم لم يكتف به فالصحة مبنية
على عدم قدح مثل هذا القصد في الاستمرار الحكمي وان لم يكتف به ولم يقصد الاكتفاء فهل يصدق الزيادة
أم لا وجهان أم لا بل قولان من صدق الزيادة ومن عدم اعتناء الفاعل ولا الشارع به في مقام الجزئية
فان الفاعل الآتي به على وجه الجزئية فاسدا إذا رفع اليد عنه واتى به ثانيا كان لم يسبق فلا يصدق عليه انه
زاد لأن المفروض ان هذا الجزء في نظر الشارع والفاعل بمنزلة المعدوم وان اتى به مع الشك في الصحة فإن كان
الشك قبل الاتيان فقد اتى به فاسدا لعدم جواز المضي على الشك الا بأمر شرعي ظاهر وإن كان بعده
فإن كان مما حكم الشارع فيه بوجوب الإعادة كان يكون قبل الدخول في غيره مع عدم الظن بالفعل فتجب عليه الإعادة
فلو انكشف صحته ثانيا كان ما اتى به زائدا لا عن عمد فإن كان ركنا بطل والا فلا وإن كان مما حكم الشارع فيه المضي فكالمأتى
به صحيحا في عدم وجوب الاتيان بل عدم جوازه وهل له الاتيان به احتياطا أم لا الظاهر نعم إن كان سائقا في
الصلاة تعمده وان لم يحتج إليها سواء كان راجحا كقرائة أية من الحمد أو السورة وكزيادة تسبيح على الثلث أو
زيادة الشهادتين في التشهد أو الصلاة على النبي وآله صلى الله عليه وآله أو مباحا كالقيام والجلوس فيما إذا شك قبل السجود
في القيام بعد الركوع والجلوس فيما إذا شك في الجلسة بين السجدتين قبل وضع الجبهة في السجدة الثانية
وتبطل الصلاة أيضا بتعمد الكلام بحرفين فصاعدا مما أي من الكلام الذي ليس بقران ولا دعاء
218

مباح ولا ذكر اتفاقا محققا على الظاهر ومنقولا في كلام جماعة وهي الحجة في المسألة بعد النصوص المستفيضة
واطلاق المنصوص والفتاوى حيث نسبه في شرح المفاتيح إلى الفقهاء وعن الذخيرة بقى الخلاف
يشمل المهمل ويؤيده رواية من أن في الصلاة فقد تكلم واما لتكلم الكلام سهوا فالظاهر عدم الخلاف في عدم
ابطاله وادعى عليه جماعة الاجماع ويدل عليه بعض النصوص نعم لو طال زمان التكلم [التحق] بالفعل
الكثير وصرح في جامع المقاصد والروض بان التسليم في غير موضعه من الكلام وهو الظاهر من كلام الشهيد
[والمح؟] في الذكرى والمعتبر في باب سجدتي السهو ويلوح من المنتهى في ذلك الكتاب وفي باب كلام في الصلاة ولو أكره على الكلام ففي الحاقه بالعامد وجه لانصراف رفع
النسيان في الخبر المشهور إلى رفع المؤاخذة أو تردده بينه وبين رفع جميع الأحكام فلا ينفع في المقام ويلوح
من المنتهى وفي ذلك الباب وفي باب الكلام في الصلاة ولو أراد القراءة أو ذكرا من اذكار الصلاة فسبق
لسانه إلى كلام خارج من غير اختيار ففي ابطاله وجهان من اطلاق الأدلة وقوه انصرافها إلى غير المقام و
هذا الوجه آت في الاطلاقات بالنسبة إلى صورة الاكراه ويمكن الفرق بتحقق القصد في الاكراه دون السبق
وظاهر الاطلاقات اعتبار القصد تكلم بظن اتمام الصلاة فالأقرب الحاقه بالنسيان لمصححة محمد بن مسلم الآتية
في مسألة نقص الركعة أو الركعتين خلافا للمحكى عن جماعة ولعله للاطلاقات المقيدة بالمصححة ويؤيده الاتفاق
ظاهرا على أن من سلم في الركعتين ولم يأت بما ينافى الصلاة بعد التسليم لم يجب عليه الاستيناف بل يتم صلاته
مع تحلل التسليم الذي هو الكلام كما عرفت الا ان يمنع من ذلك ولا يقوم مقام التكلم الإشارة ولو من الأخرس
وإن كانت إشارته بمنزلة كلامه في كثير من العبادات والمعاملات والأقوى ان الحرف الواحد المفهم المقصود
به الافهام مبطل لأنه كلام عرفا بل لغة كما عن نجم الأئمة ويصدق عليه انه من كلام الآدميين ويشمل الكلام
بحرفين الحرف المتصل بحرف المد نحو يا ولا وفي بطلان الصلاة بالحرفين المتولدين من التنحنح إذا تميز في الخارج
نظر والأقوى البطلان لصدق الكلام ودعوى انصرافه إلى غيره أو الشك في ذلك فيرجع إلى أصالة عدم الأبطال
ممنوعة وعموم لا تعاد الصلاة الا من خمسة مخصص بعموم قاطعية الكلام ويؤيده رواية عمار النافية
للباس عن التنحنح في الصلاة لاسماع الجارية واما النفخ والانين بحيث يتولد منهما حرفان فالظاهر صدق الكلام عليها
لان النفخ للتعارف لا يتولد منه حرفان متميزان فإذا تولد منه حرفان متميزان فيخرج من النفخ إلى التكلم وكذا
الأنين وفيهما اشكال واما الحرف الواحد الغير المفهم فالظاهر عدم الخلاف في عدم ابطاله كما في الروض وبالاجماع
صرح في المنتهى والذكرى منع صدق الكلام أو انصرافه أو الشك في ذلك قبل والتكلم بحرفين من غير تركيب نحوب
219

الظاهر عدم البطلان به ولا يخلوا عن اشكال واما استثناء القران من الكلام فلا اشكال فيه لعدم صدق
كلام الآدميين وانصراف الاطلاقات المانعة إلى غيره مضافا إلى عموم أدلة قرائة القران ولو قصد افهام
الغير بما يناسب المطلب من الآيات فان قصد تلاوة القرآن لأجل ان السامع يفهم المطلب عنه من جهة المناسبة
فلا اشكال في الصحة كما أنه لو عبر عن مبطله بعبارة اتفق مماثلتها للقرآن من غير قصد القرآنية أصلا فلا اشكال
في البطلان وان قصد القران والافهام فالظاهر عدم البطلان لما روى أن أمير المؤمنين (ع) قرء في صلاته فاصبر ان وعد الله
حق قاصدا به اسكات ابن الكوا واما عمومات القراءة فلا تنصرف إلى المقام كما لا يبعد دعوى انصراف أدلة
الكلام إلى غيره فبقى تحت أدلة الجواز وعدم القطع من الأصول والعمومات ومن هنا يتجه عدم البطلان لو
قصد مجرد الافهام كمن عبر عن المطلب بعبارة قرآنية واما فعل أمير المؤمنين (ع) فالمتيقن انه قصد الافهام
واما كون القصد تبعيا أو مستقلا أو مشتركا فلا يعلم واما استثناء الدعاء المتضمن للثناء على الله جل
شانه أو على النبي وآله صلوات الله عليهم أجمعين أو لطلب شئ غير محرم فالظاهر أنه مما لا خلاف فيه ويدل
عليه عمومات الدعاء مثل قوله تعالى ادعوني مضافا إلى خصوص ما دل على أنه كلما ذكرت الله والنبي صلى الله عليه وآله في
الصلاة فلا باس به وما دل على عدم ايجاب الإعادة على من قال اللهم رد على فلان ناقته إلى غير ذلك
والظاهر أنه لا فرق بين كون الدعاء بحيث المخاطبة مع الله كان يقول اللهم اغفر لى أو لفلان وبين غيره
كما في قوله رضي الله أو رحم الله فلانا أو رحمك الله مخاطبا لمن يستحق الترحم لان ذلك كله طلب من الله
ومن هذا القبيل ما لو قصد بصيغ السلام الدعاء أي طلب السلامة من الله لا محض التحية وكذا تسميت
العاطس بقول يرحمك الله وجوابه بقول يغفر الله لك كل ذلك لاطلاقات الاجماعات المنقولة نعم لا يبعد دعوى
انصراف اطلاق ما دل على جواز الدعاء من الكتاب والسنة على التخاطب مع الله فلا يشمل المخاطب والمحاورة
مع الآدميين بالجملة الدعائية الا ان هذه الدعوى لا تتأتى في اطلاقات الاجماعات لتصريح نقله الاجماعات
كالعلامة والشهيد في الذكرى وصاحب المدارك والرياض بتعليل استحباب تسميت العاطس بكونه دعاء
فيجوز وهو الظاهر من كلام المحقق حيث إنه ادعى فتوى الأصحاب على جواز الدعاء في الصلاة وقال في مسألة
ما لو سلم عليه بغير اللفظ المذكور وأراد به سلام عليكم انه لو ادعى له وكان مستحقا للدعاء وقصد الدعاء
لا رد السلام لم امنعه لما ثبت من جواز الدعاء في أحوال الصلاة وكذا قال في مسألة التسميت بالدعاء
بعد التردد في جواز ان الجواز أشبه بالمذهب وأيضا فان الظاهر عدم الخلاف في جواز تسميت العاطس
220

في الصلاة مع أنه لم يرد فيه نص خاص والظاهر أن جوازه من جهة انه دعاء كما صرح به العلامة والشهيدان
[والمح؟] الثاني وغيرهم من المتأخرين واما الاستدلال بعموم استحباب التسميت بحيث يشمل المصلى فمحل نظر لان
استحبابه ذاتي فلا ينافى تحريمه من جهة كونه مبطلا كما أن أدلة استحباب الجماع في وقت خاص أو استحباب
اكل شئ خاص لا يعارض أدلة تحريم الافطار في نهار رمضان وذلك لان أدلة تحريم الكلام انما دل عليه من
حيث إنه مبطل كما دل عليه بعض الأخبار ولا ينافى الاستحباب الذاتي كون الشئ مبطلا لعبادة ومحرما
من جهة الأبطال كما لا يخفى هذا كله مع أن التسميت فسره جماعة من أهل اللغة كما حكى عنهم بالدعاء لاحد
بالخبر وكيف كان فصدق الدعاء لغة وعرفا غلى مثل قوله سلمك الله أو رزقك الله أو نحو ذلك مما لا يخفى
دعوى انصراف اطلاقه إلى ما كان مخاطبة مع الله غير مسموعه ولم يعرف التأمل في ذلك عدا ما من المولى المحقق البهبهاني
في شرح المفاتيح وسيدنا المعاصر صاحب المطالع ولعله لما ذكرنا صرح في المناهل بعدم الخلاف في جواز رد
مثل صبحك الله بالخير وشبهه بقصد الدعاء هذا كله في الدعاء لغير النبي صلى الله عليه وآله واما الدعاء له مخاطبا إياه كما في
قوله صلى الله عليك يا رسول الله فالظاهر عدم الاشكال في جوازه لقوله (ع) كلما ذكرت الله والنبي صلى الله عليه وآله
فهو من الصلاة وليس بكلام ولا يبعد الحاق الأئمة به صلوات الله عليه وعليهم السلام ثم إن الظاهر ثبوت الاتفاق
على ابطال الدعاء بالمحرم وحكى الاجماع عليه عن التذكرة والمقاصد العلية ولعل وجهه اندراجه تحت
ما دل على بطلان الصلاة بكلام الآدميين خرج منه الدعاء بالمباح بالاجماع المعلوم عدمه بل خلافه في المقام
وباطلاق ما دل على عدم الباس بمناجاة الرب والتكلم معه ولا ريب في انصرافه إلى طلب المباح ولعمومات
استحباب
الدعاء المخصصة قطعا بغير المحرم ثم إن تحريم طلب المحرم لم يعثر على ما يدل عليه نعم لا شبهة في قبح طلب القبيح
واما حرمته الشرعية فمحل تأمل وهل يعم الحكم ما إذا جهل تحريم المطلوب أم لا ظاهر جماعة الأول مع استناد الجهل
إلى التقصير لعدم كونه حينئذ عذرا وهو الأقوى لما ذكرنا من عدم شمول أدلة تجويز الدعاء لطلب المحرم لطلب هذا
المحرم الواقعي سيما بناء على تكليف هذا الشخص بتركه وعدم كونه معذورا فيبقى تحت أدلة الكلام ثم إنه
هل يجوز الدعاء بأي لغة كانت أم لا يجوز الا بالعربي قولان من اطلاق النص والفتاوى ومن قوة
انصرافها إلى العربي وورودها في مقام حكم اخر وهو جواز التكلم بالأقوال الخارجة من الصلاة في خلالها
فيبقى ما دل على ابطال الكلام سليما ولا يعارضه عموم استحباب الدعاء فيرجع إلى أصالة عدم الأبطال لما
عرفت من أن الاستحباب في أمثال المقام ذاتي فلا ينافى التحريم العارضي من جهة كونه مبطلا كما لا تعارض
221

بين أدلة استحباب إجابة المؤمن عند ندائه أو وجوب إجابة الوالدين عند دعائهما وأدلة ابطال الكلام
وكذا تبطل الصلاة بالالتفات إلى ورائه وإن كان بوجهه فقط على بعد في الفرض لعموم
ما دل على بطلان الصلاة بالالتفات مطلقا أو مقيدا بكونه فاحشا الصادق فيما نحن فيه أو بكونه إلى خلفه و
خصوص ما دل على البطلان بتحويل الوجه أو صرفه أو قلبه عن القبلة كمصححة محمد عن الرجل يلتفت في صلاته
قال لا وحسنة الحلبي إذا التفت في صلاة مكتوبة من غير فراغ قاعد الصلاة إذا كان الالتفات فاحشا
وعن الخصال الالتفات الفاحش يقطع لا صلاة وعن الفقيه مرسلا فان التفت حتى ترى من خلفك فعليك
إعادة الصلاة وجعل مضمونه في الأمالي من دين الإمامية على ما حكى والمحكى عن المستطرفات عن جامع البزنطي
عن الرضا (ع) إذا كانت الفريضة والتفت إلى خلفه فقد قطع صلاته فيعيد ما صلى ولا يعتد به وبمضمونه
المحكي عن كتاب المسائل لعلي بن جعفر وقرب الإسناد ومصححة علي بن جعفر عن الرجل بكون في صلاته فيظن إذا ثوبه
قد انحرف أو اصابه شئ هل يصلح له ان ينظر فيه قال إن كان في مقدم ثوبه أو جانبه فلا باس وإن كان في مؤخره
فلا يلتفت فإنه لا يصلح ومن القسم الثاني مصححة زرارة ولا تقلب وجهك عن القبلة فتفسد صلاتك
ورواية ابن أبي
بصير وان تكلمت أو صرفت وجهك عن القبلة فاعد ورواية محمد فإذا حول وجهه فعليه ان
يستقبل الصلاة استقبالا واما مفهوم مصححة زرارة ان الالتفات يقطع الصلاة إذا كان بكله فلا يصلح معارضا
لتلك الأخبار المتقدمة كما لا يخفى مضافا إلى أخصيته بعضها ثمل مصححة علي بن جعفر فيمن ظن أن ثوبه قد
انحرق ومعارضته مع بعضها وإن كان بالعموم من وجه الا ان المرجع حينئذ إلى العمومات الدالة على البطلان بمطلق الالتفات
أو صرف الوجه أو تحويله عن القبلة والحاصل ان الأخبار المتقدمة بين ما هو أخص منه كمصححة علي بن جعفر (ع)
بل ومرسلة الفقيه المنجبرة بدعوى الأمالي وما هو أعم منه من وجه مثل ما د على تقييد الالتفات بالفاحش
واضرابه وبين ما هو أعم منه كالخبر الأول من القسم الأول وجميع اخبار القسم الثاني وحينئذ فالواجب تخصيص
المفهوم المذكور بما هو أخص منه ولو فرض عدم نهوضه لتخصيصه تعارض مع ما هو أعم منه من وجه وتعين
الرجوع إلى ما هو أعم منه أعني اخبار القسم الثاني واما رواية عبد الحميد الصريحة في كراهة الالتفات و
عدم تحريمه فيجب تخصيصها بتلك الأخبار المتقدمة فلا يجوز الرجوع إليها عند تعارض المفهوم مع بعض
ما تقدم بالعموم من وجه وكيف كان فلا مناص عن رفع اليد عن المفهوم أو حمل الالتفات في منطوقه
على الالتفات يمينا وشمالا كما في جامع المقاصد مؤيدا بان ذلك هو الظاهر من لفظ الالتفات واما مصححة
222

الفضيل ورواية القماط المتقدمتين في مسألة من أحدث في أثناء الصلاة فظاهر الأولى وصريح الثانية
يدل على عدم قدح الاستدبار بكل البدن والظاهر أنه مخالف للاجماع فإنه مبطل اتفاقا فتوى ونصا كما
عرفت من منطوق مصححة زرارة ولو عمل بتلك الروايتين عمل بهما في موردهما من تعلل الحدث كما عرفت
من أن تخلل الحدث على القول بعدم ابطاله قد ساغ في مورده ما لم يسغ في غيره واما الالتفات بالوجه يمينا
وشمالا فالظاهر أنه غير مبطل وان دل عليه أكثر العمومات المتقدمة لكن يجب تخصيصها بما هو أخص منها
مما تقدم منطوقا ومفهوما لكنه مكروه كما في المنتهى ونسبه إلى جمهور الفقهاء ورواية عبد الحميد محمولة عليه
واما الالتفات بكل البدن يمينا وشمالا فالظاهر أنه مبطل وان لم يشتغل في حاله بشئ من أفعال الصلاة لان
ظاهر منطوق مصححة زرارة بل صريحها ان الالتفات من القواطع والظاهر من القاطع هو ما يبطل الصلاة بمجرد
تخلله كما لا يخفى ثم إن الأبطال في موضعة هل يختص سورة التعمد أم يعم غيره وجهان من عموم الاخبار ومن
المشهورة رفع عن أمتي والتعميم أقوى لظهور المقبولة في رفع المؤاخذة أو احتماله له احتمالا مساويا هذا كله
إذا التقت في خلال أفعال الصلاة واما إذا فعل فعلا من أفعال ملتفتا فإن كان ملتفتا بكله أو مستدبرا
بوجهه فلا شبهة في البطلان للاطلاقات وفحوى البطلان بالالتفات في خلال الافعال وإن كان ملتفتا بوجهه
إلى أحد الجانبين فظاهر اطلاقات النصوص والفتاوى عدم البطلان وهو محل اشكال من جهة عموم أدلة
الاستقبال في الصلاة والاستقبال لا يتحقق الا بعد التوجه إلى القبلة الا ان يخصص تلك العمومات بما
مر من أدلة عدم الباس بالالتفات يمينا وشمالا فتأمل ويبطل أيضا بتعمد القهقهة اجماعا محققا على الظاهر
ومحكيا في كلام غير واحد ويدل عليه النصوص الكثيرة ولا يبطل بصدوره سهوا اجماعا في الذكرى
وجامع المقاصد والروض ويدل عليه عموم لا تعاد الصلاة أيضا بعد انصراف أدلة الأبطال إلى حال
العمد واما إذا صدر لا عن اختيار المقابلة لا عب ونحوه فالأقوى البطلان للاطلاقات وحكى ظهور الاتفاق
عليه من التذكرة ولا يقطع الصلاة التبسم اجماعا كما يظهر من جماعة ويدل عليه موثقة سماعة قال
مسئلته عن الضحك هل يقطع الصلاة قال إما التبسم فلا يقطع الصلاة واما القهقهة فهى تقطع
الصلاة التبسم وظاهر هذه الرواية حيث لم يذكر قسما ثالثا للضحك في مقام الاستفصال عن مورد السؤال وهو
الضحك المطلق هو عدم ثبوت الواسطة بين التبسم والقهقهة وحيث ثبت عرفا بل ولغة كما يظهر عن
بعض كون التبسم هو الضحك بلا صوت فالمراد بالقهقهة غيره وهو ما له صوت مطلقا سواء كان فيه
223

ترجيع أو شدة أو حكاية قه قه أم لم يكن فيه شئ من ذلك كما حكى هذا التعميم عن جماعة من أهل اللغة و
بذلك فسره في الروض في مقام دعوى الوفاق على كونها مبطلة فيظهر من ذلك تحقق الاجماع على الحكم
هذا الاطلاق فيكون جابرا للموثقة الظاهرة في الاطلاق أيضا {ويبطل بالفعل الكثير} الذي ليس من الصلاة
اجماعا كما في كلام جماعة وانما اختلفوا في تحديده فعن جماعة انه ما يسمى كثيرا في العرف وعن أخرى انه ما يخرج
به فاعله عن كونه مصليا وعن ثالثه انه ما إذا اطلع على فاعله يقال إنه معرض عن الصلاة ولا اشكال في الأبطال
إذا بلغ الحد الثاني واما التحديد الأول فهو غير منضبط لان الكثرة من الأمور الإضافية ويختلف صدقه
بحسب اختلاف المقامات فقيد يقال إن هنا حنطة كثيرة ويراد بالكثير مقدار من منتشر في الأرض وقد يقال في
القبة حنطة
كثيرة وقد يقال إن في هذه القرية حنطة كثيرة أو في البلد وكذا غير الحنطة ما يتصف بالكثرة ويختلف بحسب
الموارد ولا شك ان العرف لا يفرق بين حركة الأصابع من أول الصلاة إلى اخرها وبين الوثبة الفاحشة الواقعة
في أثناء كلمة واحدة من أقوال الصلاة بان يسلبوا الكثرة عن الأول ويطلقوها في الثاني لو لم يفرقوا بالعكس ومع تسليم الانضباط فلا دليل على تحقق البطلان بتحقق الكثيرة ويحتمل ان يقال في صورة التذكر للنقص
المذكور بعد التشهد يحكم بصحة الصلاة ووجوب الاتيان السجدتين ثم التشهد ثم اتمام الصلاة ثم قضاء
سجدة واحدة نظر إلى أن مقتضى الشك في سجدتي الركعة الثانية بعد الفراغ عن المحل وإن كان هو عدم
الاتيان لكن العلم الاجمالي بفوات جنس السجدة المتردد بين واحدة من الأولى وواحدة من الثانية أو ثنتين من
الثانية أو ثنتين من الأولى بعد رفع الاحتمال الثالث بأصالة عدم تحقق المبطل يوجب البراءة اليقينية
بالجمع بين فعل سجدتين لثانية في الصلاة رعاية لاحتمال كون المنسيتين منها مع فرض بقاء محل تدارك
المنسى وفعل سجدة واحدة بعد الصلاة رعاية لاحتمال كون الفائت من كل ركعة واحدة وقد اتى بما
الركعة الثانية في محله وبقى عليه ما للركعة الأولى فيقضيها بعد الصلاة ويحتمل ان يقال في هذه الصورة بوجوب
الاتيان بسجدة واحدة بعد التشهد لان احتمال فوات السجدتين من الركعة الأولى لا يلتفت إليه لأصالة عدم
المبطل لا للشك بعد تجاوز المحل حتى يقال باشتراكه بين جميع الاحتمالات فلا بد إما من طرحها المستلزم للمخالفة
المقطعية التفصيلية أو من اهمال قاعدة الشك بعد تجاوز المحل في جميعها فتبطل الصلاة فيبقى
بعد عدم الالتفات إلى ذلك الاحتمال احتمال كون الفائت من كل واحدة سجدة واحدة وكون الفائت في
الأخيرة سجدتين والمتيقن منهما وجوب سجدة واحدة في الركعة الثانية لبقاء محلها واما فوت الزايد فيها
224

فليس بمعلوم مع تجاوز المحل نعم يجب قضاء سجدة واحدة للعلم بأنها فاتت إما من الأولى واما من الثانية لكنها
لما لم يتعين فواتها في الثانية مع تجاوز المحل لم يجز الاتيان بها فيها ولما لم يجز تركها رأسا لما دل من وجوب تدارك
المنسى إما في الصلاة أو خارجه وجب تلافيها بعد الصلاة لكن كل ذلك مبنى على اعتبار أصالة عدم المبطل فيما
نحن فيه أي في الشك في أن ما وقع يقينا هل وقع على وجه الأبطال على وجه لا يبطل وعلى ان نفى أحد الاحتمالات
بالأصولي الظاهرية يوجب ان يعامل مع بقاء الاحتمالات معاملة ما لو علم واقعا انتفاء الاحتمال المدفوع بالأصل
والا ما ذا كان الاعتبار بأصالة عدم الالتفات إلى الشك بعد تجاوز المحل فقد عرفت ان أعمالها بالنسبة إلى
الركعتين موجب للمخالفة القطعية التفصيلية فتعين اهمالها لئلا يلزم الترجيح بلا مرجح فيبقى أصالة عدم
فعلها في الركعة الأولى المستلزم للبطلان وأصالة الامر للشك في كون اتمام هذه الصلاة موجبا
للامتثال سليمتين عن المعارض ثم إن التحقيق أيضا في صورة الشك بعد الفراغ الإعادة بناء على كون الأجزاء
المنسية اجزاء حقيقية متممة للصلاة لا يرتفع الامر بالصلاة إذا ذكرها قبل فعل المنافى الا بعد فعلهما و
إن كان تخرج عن الجزئية إذا لم يذكرها الا بعد فعل المنافى على بعض الأقوال وجه البطلان هو ان المكلف
بعد الفراغ قاطع ببقاء التكليف عليه لان السجدتين ان كانتا من ركعة واحدة فهو مكلف بتحصيل الصلاة
على وجه الاستيناف وان كانتا من ركعتين فهو مكلف به على وجه اتمامها بفعل الأجزاء المنسية
فالقول بعدم وجوب شئ عليه مخالف للمعلوم تفصيلا من عدم ارتفاع التكليف عنه فيدور الامر
بين الجمع بين الإعادة وفعل الأجزاء المنسية وبين {بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله وآله الطاهرين
ولعنة
الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين في الخلل الواقع في الصلاة وهو إن كان}
عن عمد بالاخلال بما مدخلية له في صحة الصلاة فلا اشكال في البطلان لفرض المدخلية ويدخل في
العامد الجاهل المتقطن لعموم الخطابات في زمان من الأزمنة ولو اجمالا الا في مسألة الجهر والاخفات فلا تبطل
فيما يعتبران فيه من حيث ذات الفريضة واما من حيث كونه مأموما أو من حيث كون صوت المؤنة عورة بناء على
القول به فالمتجه فيها عدم المعذورية وكذا الظاهر عدم المعذورية في الجهر في الأخيرتين من الجهرية على
القول بوجوب الاخفات لأن الظاهر الجهر في الصلاة الاخفاتية نعم مقتضى عموم المعذورية عدم الفرق بين افراد
225

الجاهل وفرق البعض ضعيف نعم يتجه فيمن دخل متردد الاجل عدم تأتى قصد التقرب وفي وجوب التدارك
قبل الركوع قولان حكى الخلاف أيضا في وجوب سجدة السهو هنا ولو علم وجوب الجهر أو الاخفات
وجهل شرطيتهما للصلاة ففي المعذورية تأمل من اطلاق الاخبار وانصرافها إلى الجاهل بأصل الوجوب
الأصل في السهو عما له مدخل في الصلاة شرطا أو شطرا مع عدم التذكر في اثنائنا البطلان
لعدم الاتيان بما أمر به وتخيل الاتيان غير الاتيان نعم انقلب هذا الأصل لعموم لا تعاد الصلاة الا من خمسة
الظهور الوقت والقبلة والركوع والسجود المؤيد بغيره يشعرا ويدل على أن مع حفظ الركوع والسجود واتمامها
لا يقدح نسيان شئ واما مع التذكر في أثنائها فمقتضى القاعدة وجوب الاتيان بالمنسى وما بعده لبقاء
الامر به وبالترتيب الا ان يثبت سقوطه بحكم الشارع بالمضي أو بلزوم الاستيناف وقد يقال إن نسيان الركوع
والسجود في محلها اخلال بها وان لم يذكر قبل الدخول في ركن اخر فدل عموم الاستثناء في قوله (ع) لا تعاد
الصلاة على وجوب الاستيناف لكن تعارضها صحيحتا ابن سنان وابن حكيم الآتيتان فتأمل ويدل على ما ذكرنا
أيضا قوله (ع) في مصححة عبد الله بن سنان إذا نسيت شيئا من الصلاة ركوعا أو سجودا أو تكبيرا فاصنع الذي فاتك
سهوا ومصححة حكم بن حكيم عن الرجل ينسى الركعة أو السجدة أو الشئ منها قال يقضى ذلك بعينه ولا
يعيد الصلاة لكن ظاهرهما [اعتقار] الزيادة الحاصلة بسبب التدارك لان التدارك لا ينفك عنها فلابد من
تقييد عمومات الزيادة أو تقييد القضاء بما بعد الصلاة والكل مشكل بل الأخير مستلزم لطرح قوله لا تعاد
الصلاة الا من خمسة ومنها الركوع والسجود الأصل في زيادة فعل من أفعال الصلاة البطلان للمستفيضة
من الاخبار منها رواية ابن أبي
بصير من زاد في صلاته فعليه ومثلها حسنة بكير وروايتا زرارة وعلي بن جعفر الواردتان
في المنع عن قرائة الغرائم في الصلاة معللا بان السجود زيادة في المكتوبة والمحكية في المناهل عن تفسير
العياشي في إعادة من أتم صلاة القصر ناسيا معللا بأنه زاد في فرض الله عز وجل {من نسى
تكبيرة الافتتاح} لم تنعقد صلاته حكى الاجماع عليه عن جماعة مستفيضا ويدل عليه الاخبار والمعارض
مطروح أو مؤل وفي حكمه من نسى القيام في حال التكبير وكذا من نسى الركوع حتى سجد السجدتين لان الاخلال
به مبطل وتداركه يوجب الزيادة أو اختلال الترتيب مضافا إلى خصوص الاخبار وفي المسألة قول بحذف
السجدتين ورواية مصححة حملها الشيخ على الأخيرين فقال به فيهما وهي مطروحة بمثلها الصريح في البطلان
فيرجع بعد فرض التكافؤ إلى قاعدة ابطال الزيادة ان تعارض بقاعدة تدارك المنسى فيجب الرجوع إلى
226

عمومات اخبار الباب الواردة فيمن نسى الركوع بالبطلان ولو تذكر قبل الدخول في الثانية فالمعروف البطلان
لتلك العمومات لا لان التدارك يوجب خللا حتى يرد عليه ان زيادة سجدة واحدة لا تخل بالنص وفى حكم
الركوع السجدتان إذا لم يذكرهما حتى ركع في الركعة الأخرى لعين ما تقدم والمخالف شاذ ولو استند إلى عموم تدارك
المنسى عورض بما دل على البطلان بالزيادة عموما وبزيادة الركوع خصوصا كما في قوله ويعيدها من ركعة و
باختلال الترتيب المستفاد شرطية المطلقة من الاجماع وقوله (ع) في موثقة ابن عمار في ناسي الركوع انه يستقبل
حتى يصنع كل شئ موضعه والترجيح مع المعارض {لو زاد في الصلاة} ركعة بطلت صلاته عند الأكثر
كما عن غير واحد لعموم أدلة بطلان الزيادة في الصلاة وخصوص رواية إذا استيقن انه صلى خمسا أو ستا
وعن المتأخرين كما في المسالك تقييد هذه الحكم بما إذا لم يجلس عقيب الرابعة بقدر التشهد استنادا
إلى روايات أخص من أدلة البطلان أجيب عنها تارة بضعف الدلالة وهو ممنوع واخرى بموافقة العامة
وهي من المرجحات الخارجية الغير الجارية في العام والخاص المطلقين اللهم الا ان يمنع من نهوض كل خاص
ولو اعتبر سنده لتخصيص القاعدة المستفادة من الاخبار المتكثرة المعتضدة بعمل الأصحاب حتى فيما نحن فيه
حيث إن المفصلين مثل المحقق في المعتبر ومثله لم يمنعوا ابطال الزيادة وانما منعوا من تحققها لما زعموا
من أن بالجلوس يحصل الفصل بين الواجب والزايد فلم يزد فيه شيئا ولم ينقص منه الا تشهدا وتسليما وعن
الحلى تقييد الحكم بما إذا تشهد ونسى التسليم وهو حسن بناء على عدم كون التسليم من الأجزاء الواجبة وان
أمكن دعوى تحقق الزيادة عرفا لو قيل بكونه جزء مستحبا ثم في تسرية الحكم بالصحة إلى ما إذا نسى أزيد من ركعة
أو انقص منها وجهان مبنيان على أن وجه الصحة هو عدم وقوع الزيادة في الأثناء كما عرفت من المحقق
أو ورود النص الموجب للاقتصار عليه لو شك في الركوع أو اعتقده عدمه فركع فذكر في
الركوع انه ركع فالأظهر بطلان الصلاة لقاعدة ابطال الزيادة عموما وخصوصا في قوله لا يعيد الصلاة
من سجده أي مر زيادتها ويعيدها من ركعة وعن جماعة انه يرسل نفسه واستند لهم تارة بمنع تحقق زيادة
الركوع بمجرد هذا الهوى بل ينصرف إلى هوى السجود وان لم ينوه ونواه لغيره مع كونه هو الواجب في الواقع
فيكفى في حصوله به النية الاجمالية الحاصلة في أول الصلاة وقد أشبع الكلام في هذا التوجيه في الذكرى
وهو فاسد اجمالا بالقطع بصدق الركوع معه وعدم توقفه على رفع الرأس وتفصيلا بما أشبع الكلام
قسم في الروض واخرى كما في المدارك بأنه لا يعد دليل على الأبطال بهذه الزيادة وهو كالأول في الضعف
227

{لو سلم ثم تيقن نقصان عدد صلاته} اتى بما نقص ان لم يأت بما ينافى الصلاة بوجه لامكان التدارك
من غير خلل وان وقع ما ينافى الصلاة بوجوده بطلت الصلاة لعموم أدلة ابطال ذلك المنافى ولصحيحة محمد بن
مسلم في رجل دخل مع الامام في صلاته وقد سبقه الامام بركعة فلما فرغ الامام خرج مع الناس ثم ذكر انه
فاتته ركعة قال يعيد ركعة واحدة يجوز له ذلك إذ ما لم يحول وجهه عن القبلة فإذا حول وجهه عن القبلة
استقبل الصلاة استقبالا ورواية الحسين بن ابن أبي
العلى قلت أجئ إلى الامام وقد سبقني بركعة في الفجر فلما
سلم وقع في قلبي انى أتممت فلم أذل أذكر الله حتى طلعت الشمس فذكرت ان الامام قد سبقني بركعة قال إن كنت
في مقامك فأتم بركعة وان كنت قد انصرفت فعليك الإعادة ويتم المطلوب مع تخلل الحدث بالاجماع المركب
وفيها حجة على من لم يبطل الصلاة بالاستدلال سهوا وفى البيان ان ظاهر أكثر الأصحاب مع الاستدبار الاتمام بناء على أنه لا يبطل سهوا ويمكن القول بالابطال وجعل الاتمام فرضا مستقلا كما سيجئ في تخلل الفصل
الطويل فتأمل خلافا للمحكى عن والد الصدوق فلا يعيد لاخبار معتبرة سند الا تعارض الأدلة الخاصة و
العامة من وجوه [شتى] كموافقه ا لعامة كما قيل و [مخالفة] الخاصة عدا ابن بابويه بل عن غير واحد موافقة
كلامه المشهور وان وقع ما لا ينافى الصلاة بوجوده فالمحكى عن الأكثر وجوب الاتمام لبقاء الامر والمحل ومصححة
محمد بن مسلم في رجل صلى ركعتين من المكتوبة فسلم وهو يرى أنه قد أتم الصلاة وتكلم ثم ذكر انه لم يصل غير
ركعتين قال يتم ما بقى من صلاته ولا شئ عليه ونحوها مصححة زرارة وعن العماني والشيخ والحلبي والغنية
والوسيلة الإعادة عن بعض هؤلاء الاجماع عليه ولعله لعموم مصححة جميل عن رجل صلى ركعتين ثم قام قال
يستقبل خرج منه إذا لم يوقع منافيا واشتمال الرواية على ذكر سهوا النبي صلى الله عليه وآله موجب لحمل ذلك الجزء على التقية
لا غير وعن ظاهر النهاية ومحكى المبسوط تخصيص الصحة بالرباعيات ولعله لاختصاص الاخبار المصرحة بالاتمام
مع الكلام بها وعدم ثبوت الاجماع المركب فلا يبقى في غيرها الا اخبار مطلقه معارضة بمطلقات ابطال
الكلام ووقوع السهو في الثنائية والثلاثية والأوليين من الرباعية لكن العمل على فرض التكافؤ على أصالة
الصحة لا أصالة الاشتغال مع أنه لا يبعد دعوى الاجماع المركب ثم إن ظاهر روايتي محمد بن مسلم وابن ابن أبي
العلا
المتقدمتين بل صريحهما انه لا يقدح طول الفصل أو الفعل الكثير سهوا ولو كان ما حيا لصورة الصلاة مع أن الظاهر أن
محو صورة الصلاة يبطل ولو سهوا فلا بد إما من حمل الروايتين وغيرهما على ما إذا لم
بطل الفصل واما على أن التدارك فرض مستقل مع تحقق المنافى كما احتمله في البيان وفرع عليه الحكم بالصحة
لو فعل بعد ذكر النقص منافيا اخر غير ما فعله قبل ذكره وإن كان هذا التفريع لا يخلوا عن منع نعم يظهر من غير
228

واحد من الروايات الحكم وقوع التكلم بعد ذكر النقص من قبيل [فتاوى]
الأجزاء واما من القول بان الصورة الاتصالية المعتبرة في الصلاة انما هي بين اجزاء الركعة الواحدة
لا بين اعداد الركعات لتلك الأخبار واما من القول بان طول الفصل الحاصل سهوا لا يضر لأجل تلك الأخبار
ويترتب على ذلك أنه لو سلم قبل السجدتين في غير الركعة الأخيرة وطال الفصل وجب الاستيناف
على بعض الوجوه ولو سلم قبل الركوع فهو نقص للركعتين فيأتي بهما ولو نقص شيئا من الركعة الأخيرة
فإن كان سلم فالظاهر أن له حكم نسيان ذلك الشئ في أثناء الصلاة فإن كان ركنا كالسجدتين فتبطل وإن كان
واحدة أو تشهدا يقضى وان لم يسلم فإن لم يأت بما بعد الناقص أيضا كان جلس للسجود فذهل عن الصلاة
أو زعم اتمامها فطال الفصل بطل بنى على ما تقدم من الوجوه ويمكن القول بالتدارك هنا على جميع الوجوه
لفحوى تدارك تمام الركوع وعدم قدح الفصل الطويل فيها والقول بالبطلان مع كون الناقص ركنا للخروج
عرفا من الصلاة وان لم يسلم فيصدق انه أخل فيها بركن ولو نسى التسليم فان قلنا بعدم كونه جزء واجبا
فلا ينبغي الاشكال في الصحة وان قلنا به فالأكثر على أن حكمه حكم نسيان الركعة إذ لا مخرج عن الصلاة شرعا غيره
فكلما وقع قبله من المنافى وقع في الصلاة وقد يستشكل فيه تارة بعموم ما دل على أن نسيان غير الركن لا يبطل
ويندفع بان المبطل هو المنافى لا نسيان التسليم اللهم الا ان يقال إن المحقق هنا بحكم العرف هو خلو الصلاة
على التسليم لا وقوع المنافى في أثناء الصلاة كما هو حال فبيان الجزء الأخير كلما يترك الجزء الأخير الافعال الخارجية
التدريجية أو يقال إن الدليل انما دل على كون المنافيات قواطع للصلاة ومعنى القطع تفكيك الأجزاء وهدم
الهيئة الاتصالية واسقاطا لاجزاء اللاحقة عن الحاقها بالاجزاء السابقة وهذا انما يستلزم بطلان
الصلاة من حيث فوات لحوق الأجزاء اللاحقة بقاء الهيئة الاتصالية فإن كان ذلك عمدا وكان الجزء
الباقي ركنا بطلت الصلاة من حيث فوات الركن وإن كان الجزء الباقي غير ركن وكان حصول القطع وتفكيك
الهيئة الاتصالية سهوا لم يبطل بحكم كل ما دل على عدم بطلان الصلاة بترك غير الركن فالقول بصحة الصلاة
لا يخلوا عن قوة لما عرفت من منع الصغرى تارة وهو منع كون المنافى واقعا في أثناء الصلاة بل التحقيق عرفا
خلو الصلاة من التسليم ومنع الكبرى أخرى وهي ان المنافى في أثناء الصلاة يوجب قطع الصلاة والقطع انما
يستلزم البطلان إذا كان المنافى من الأجزاء الساقط عن قابلية الاتصال بالاجزاء السابقة ركنا أو كان المنافى
عمدا هذا كله مضافا إلى خصوص ما دل على أن الحدث والالتفات قبل التسليم لا يبطلان بعد تقييدهما بصورة
229

وقوعهما نسيانا بناء على وجوب التسليم ويندفع بان تقييدهما بالنسيان ليس بأولى من تقييد التسليم
بالتسليم المتعارف وهو قول السلام عليكم بعد قول السلام علينا فالأولى الاستدلال له بصحيحة زرارة الدالة
على أن من أحدث بعد السجدة الأخيرة قبل التشهد يتطهر ويطلب مكانا نظيفا للتشهد بعد حكمه بحكم الاجماع
على صورة الحدث سهوا ويظهر منه حكم الحدث قبل التسليم على القول بوجوبه
من ترك سجدتين ولم يدر انهما
من ركعة أو ركعتين فان ذكر ذلك في الركعة الثانية قبل التشهد فالظاهر وجوب الاتيان بالسجدتين
لأن الشك راجع إلى شكوك ثلثه شك في نسيان السجدتين من الركعة الأولى وشك في نسيان السجدتين في الركعة الثانية مع عدم الدخول في فعل آخر وشك في نسيان سجدة واحدة
في الركعة الأولى واخرى من الثانية ومقتضى الأول والثالث عدم البطلان لأن الشك بعد تجاوز
المحل ومقتضى الشك الثاني وجود التدارك ويحتمل في هذه الصورة وجوب قضاء سجدة واحدة بعد الصلاة
230

لتحصيل البراءة اليقينية من المنسى وعدم العبرة بالشك بعد تجاوز المحل انما هو مع عدم العلم الاجمالي فوات
شئ تردد بين ما بقى محله وما تجاوز محله واما عدم العبرة بالشك بعد المحل لأجل الحكم بعدم البطلان بناء على
احتمال نسيانها من الركعة الأولى فللشك في تحقق المبطل وهذا الشك ليس مجامعا لعلم الاجمالي والحاصل
ان الشك في فوات سجدة أو سجدتين أو عدم فوات شئ في الركعة الأولى من حيث احتمال فوات السجدتين شك
في تحقق المبطل من غير مزاحمة علم اجمالي فلا يلتفت إليه من حيث احتمال سجدة وإن كان شكا بعد
تجاوز المحل فكان ينبغي ان لا يلتفت إليه الا انه لما كان مجامعا للعلم الاجمالي بفوات شئ مردد بين ما بقى
محله وما فات محله فيجب تدارك ذلك الفائت الواقعي ولا يحصل الا بالجمع بين اتيانه في محله وقضائه بعد
الصلاة لا يقال فعلى هذا يجب قضاء السجدتين بعد الصلاة لان احتمال فواتها من الأولى وان لم يلتفت
إليه من حيث كونه مبطلا لكن يجب الالتفات إليه من حيث كونه جزء منسيا لأنا نقول فوات السجدتين مبطل
والا يجب بل القضاء وان ذكر بعد التشهد بناء على أن الدخول في التشهد موجب لعدم [الالتفاب] إلى الشك
في السجدتين فالأقوى البطلان لدوران حكمه في نفس الامر بين وجوب الاستيناف ووجوب الاتيان بالسجدتين
واشتغاله ببقية اجزاء الصلاة مخالف لحكمه الواقعي قطعا وغير واجب في نفس الامر جزء فلا يجوز وإذا تردد
الامر بين وجوب السجدتين ووجوب الاستيناف فمقتضى استصحاب بقاء الامر بالصلاة عدم الاكتفاء في امتثاله
بالاتيان بالسجدتين فان قلت إن الشك في كونها من ركعتين أو ركعة يوجب الشك في وقوع المبطل في
الصلاة والأصل عدمه قلت كذلك الشك المذكور يوجب الشك في فوات السجدتين من الركعتين بعد تجاوز
المحل فلا يلتفت إليه فان عمل بالأصلين لزم القطع بمخالفة الواقع ودعوى جواز المخالفة القطعية كما في كثير
من الموارد سيما في الشبهات الموضوعية مسلمة إذا لم يرجع إلى العلم التفصيلي بالمخالفة وما نحن فيه من هذا
القبيل للعلم التفصيلي بان اشتغاله ببقية اجزاء الصلاة غير مطلوب واقعا فكيف يجزى مع العلم بعدم تعلق
الامر بها مع أن أصالة عدم وقوع المبطل معارض بأصالة عدم السجدة في الركعة الأولى رأسا فيصير
كتارك السجدتين فيها يقينا وهذا الأصل مقدم في نفسه على استصحاب الصحة لأن الشك في الصحة وعدمها سبب عن الشك في الفعل وعدمه الا ان الوارد على هذا الأصل أصالة عدم الالتفات إلى
الشك بعد التجاوز عن محله وهذا الأصل مشترك بين أمرين يقطع من العمل به فيهما مخالفة الواقع
قطعا وان ذكر ذلك بعد الفراغ عن الصلاة فالظاهر عدم الاعتناء لما دل على عدم الالتفات بعد الفراغ
231

من الصلاة وهل يجب قضاء السجدتين أم لا لا يبعد العدم تمسكا بمقتضى أصالة عدم الوجوب
الا ان يقال إن وجوب إحدى الامرين في الواقع يقيني إما قضاء السجدتين واما
إعادة الصلاة فيجب إما الجمع بينهما من باب البراءة القطعية أو طرحهما نظرا إلى
عدم المبالاة بالمخالفة القطعية ما لم يفض إلى مخالفة العلم التفصيلي أو يجب قضاء
السجدتين لعموم ما دل على وجوب ما نسى في الصلاة وان نسيان بعض اجزائها لا يوجب
الإعادة بل يوجب القضاء فقط كما في رواية ان الحكم أو تجب الاعاده فقط
الاستصحاب بقاء الامر بالصلاة والشك في سبب وجوب قضاء السجدتين لو ذكر
نقص الصلاة قبل الشروع في الاحتياط اتى بما يجب عليه مع عدم تخلل المنافى المطلق واستأنف معه ولو
ذكره في الأثناء فإن كان في أثناء احتياط موافق للفائت كما وكيفا كالركعة من قيام للشك بين الثلث والأربع فالظاهر الاجتزاء
باتمامه وفى جواز الاجتزاء حينئذ بالتسبيح وجه قوى ولو ذكر حينئذ نقص ركعتين فالظاهر أنه يثنى الركعة ويصير ما احتاط
للرابعة ثالثة ولا ضير فيه وإن كان مخالفا له كما كالركعتين من قيام إذا ذكر كونه صلاته ثلث ركعات في
الشك بين الثنتين والثلث والأربع فإن لم يتجاوز محل الحاجة أتم الركعة ويحتمل بطلان الاحتياط ووجوب
تدارك الناقص كالمسألة الأولى لان هاتين الركعتين انما جعلنا التدارك النقص على تقدير الثنتين و
المتداركة على تقدير الثلث هي ركعتا الجلوس وفيه نظر لأنا إذا بيننا على أن زيادة التكبير غير مبطلة فالركعة
الأولى التي جعلها الشارع لتدارك الثلاثة يتدارك بها الرابعة ضرورة عدم مدخلية خصوصية يعتد في ذلك
وانما لم يكتف بالركعتين من قيام في هذا الشك إذ على تقدير الثلث يلزم زيادة ركعة مبطله فأوجب ركعتين
جالسا لتكون الركعتان قائما على تقدير [الثلث] نافلة ولو تجاوز محل الحاجة فإن كان في قيام الثانية هدمه وإن كان بعد الركن يبنى على مسألة زيادة ركعة أو يبطل الاحتياط لعدم قيامه مقام الفائت فيتدارك بعض
الصلاة وإن كان مخالفا له كيفا وكما إذا كان في الركعة الأولى من الجلوس وتذكر كون صلاته ثلثا فإن كان قبل
القراءة قام وأتم الركعة وإن كان بعدها احتمل الحاقه به إذ غاية الأمر فوت القيام للقرائة
ويحتمل الاجتزاء بفعلهما من جلوس ويحتمل اعادتها لاستصحاب الامر واقتضائه للاجزاء لمفهوم قوله إذا فعلته
ثم ذكرت لم يكن عليك شئ الدال على أن الذكر قبل الفعل يعنى في أثناء يوجب شيئا صورة
قبل الشروع لكن الانصاف ان المستفاد من الاخبار وجوب الاحتياط للبدلية ولعدم التمكن من فعل
الجزء على وجه العلم فإذا حدث التمكن من اتمام الصلاة كما هي فلا يشرع البدل ومنه يعلم الحال لو تبين الحال
بعد الركوع إلى اكمال السجدتين ولو تبين حينئذ فالظاهر اتمام الصلاة بقيام الركعتين مقام الركعة قائما ولو كان
مخالفا كما وكيفا كما لو تبين انهما ثنتان وقد قدم ركعتي الجلوس إذ لا ينصرف الا إلى فان أكمل سجدتي الثانية قام فأضاف
إليها ركعة وإن كان قبله فالأقوى كما عرفت اتمام الصلاة للاحتياط ولو تبين النقص بعد الصلاة فالظاهر
الأجزاء ولو أحدث بينهما بناء على عدم بطلان الاحتياط بتخلل المنافى فذكر انها ثلث وقد شك بين
الثنتين والثلث والأربع وقدم ركعتي القيام فالظاهر أنه [لا غير] تخلل الركعتين لكونه بأمر الشارع
من شك في عدد الواجبة الثانية أعاد بوجه الا فيما حكى نسب ذلك في المعتبر كما عن التذكرة والمنتهى
232

إلى علمائنا واستثنى في الأخير ابن بابويه فحكى عنه التخيير بين الإعادة والبناء ويدل على هذه الكلية رواية
سماعة وفيها ان الجمعة إذا سهى فيها الامام فعليه ان يعيد الصلاة لأنها ركعتان واطلاق الاجماعين كالرواية
يشمل ما لو وجب الثنائية بالعرض كالمنذورة ونحوها كما نقل التصريح به عن محكى كلامه جماعه وهو حسن لو كان
تعلق هذا الحكم للصلاة الواجبة باعتبار كونها واجبه كعدم جواز فعلها على الراحة ونحوه واما لو كان
باعتبار تعلقه بنات الصلاة بان يكون تيقن الركعات شرطا في ذات الصلاة فيختص ذلك بالواجبة لعدم
اعتبار هذا الحكم في ذات المندوبة اجماعا ومما ذكر يعلم أنه لا يمكن الاستدلال للتعميم بعموم قوله في الرواية
لأنها
ركعتان خرج منه النافلة قبل عروض الوجوب لان التعليل يدل بظاهرها على أن الشك من المبطلات في كل
ركعتين لذاتهما فاللازم اخراج النافلة مطلقا حتى بعد الوجوب فهى من أدلة عدم التعميم مضافة إلى ما دل
على التخيير عند الشك في النافلة بناء على ظهورها فيما هو نفل بالذات وفى شمول الواجبة لما استحب بالعرض كالمعادة
لادراك الجماعة وجه قوى نظر إلى ما مر من تعلق هذا الحكم بالصلاة من أجل ذاتها لامن أجل وجوبها مضافا
إلى اطلاق ما دل على البطلان بالشك إذا تعلق بعنوانات الفرايض كالفجر والجمعة وصلاة السفر فإنها تشمل ما
لو صار مستحبا واما المعادة من أجل الاحتياط المستحب فلا ينبغي الشك في بطلانها بالشك كما لا يخفى و
اطلاق الأدلة يشمل ما إذا كان الشك بالزايد على الركعتين كالشك بين الاثنتين والثلث بعد احراز
الثنتين والظاهر أنه لا قائل بالفصل وهل يبطل الصلاة بنفس الشك فيكون الشك كالحدث قاطعا بوجوده
أم المراد انه لا يجوز المضي في الصلاة عليه فلو تروى وحصل له المصحح لم تبطل الظاهر الثاني لأن الظاهر أن الإعادة
من عدم جهة المضي على الشك كما صرح به في رواية ابن ابن أبي
يعفور المصححة الواردة فيمن لم يدر كم صلى بقوله فاعد ولا
تمض على الشك وكذا في قوله في مصححة أخرى حتى يكون على يقين وعليه فهل يجب التروي أم لا وجهان الأقوى
الأول لعموم حرمة الأبطال مع أن الظاهر أن الشك هو التحير الحاصل بعد اعمال الروية قليل الا مجرد التردد الابتدائي وعليه فيكفى بمسماه الا إذا علم أنه يحصل بالتروي الظن الصحيح بأحد الطرفين فيجب ولو طال لعموم حرمة الأبطال لو ادخل في رباعية فشك بين الاثنين
والثلث بعد الاكمال فذكر أن عليه ثلثيه فهل له البناء على الثلث والعدول إلى الثلاثية أم تبطل وجهان
الأقوى الثاني ولو كان ذلك مع شكه بين الثلث والأربع فالظاهر وجوب البناء واتمام الرباعية ثم الاتيان
بالثلاثية وجه القوة في المسألة الأولى ان مقتضى أدلة عدم ترتب الشك في المغرب وجوب ضبط عددها
ابتداء واستمرارا فالمغرب المشكوك في عددها ليس مطلوبة للشارع ولو انعكس الامر بان شك في الثلاثية
ثم ذكران عليه رباعية فالظاهر أن له البناء والعدول إلى الرباعية وإذا منبأ المسئلتين على أن عدول كاشف
233

أو ناقل من حينه فهو غير صحيح إذ على فرض النقل بحكم بعدم صحة العدول في المسألة الأولى وصحة في الثانية
ولو شك المسافر المخير في عدد الركعات بعد احراز الثنتين فان نوى القصر ابتداء فالظاهر البطلان لحصوله بمجرد
التخيير فلا ينفعه العدول إلى الاتمام لو جوزناه الا ان يعلم قبل التروي وقلنا بتوقف البطلان على التروي
اللهم الا ان يقال إن نية القصر لا تعين القصر لأنه لو أتم نسيانا صح لان القصر والاتمام ليسا من المقدمات و
لذا يجوز العدول عن أحدهما إلى الأخر في الأثناء فبمقتضى ما دل على حرمة الأبطال يجب عليه البناء على الأكثر كما لو
سهى بعد نية القصر فزاد ثالثه فإنه يتعين عليه العدول إلى التمام والاتمام بل لا يحتاج إلى العدول ومضافا
إلى أصالة صحة الصلاة وعموم ما دل على البناء إذا تعلق الشك بما زاد على الثنتين بعد احرازهما وان الظاهر
من التعليل بأنهما ركعتان إذ لا يصدق على صلاة المكلف في مواضع التخيير انها ركعتان ويمكن ان يقال إن
النية وان لم يتعين شيئا الا انه يوجب صدق اسم الثنائية على تلك الصلاة الشخصية فتبطل لذلك نعم لا
ينبغي الاشكال في البطلان إذا قلنا بان النية تعين المنوي ومما ذكرنا يظهر حكم ما لو لم ينو شيئا من القصر
والاتمام أو نوى الاتمام من شك في المغرب أعاد نسبه في المعتبر إلى علمائنا وكذا عن المنتهى
والتذكرة والسرائر وعن الاستبصار والخلاف دعوى الاجماع ويدل عليه غير واحد من الاخبار مثل رواية محمد بن
مسلم عن أحدهما قال سئلته عن السهو في المغرب قال يعيد حتى يحفظ أنها ليست مثل الشفع والمراد بالشفع
الرباعيات وفيها دلالة على بطلانها بالشك وان تعلق بالركعة والثالثة وبه معتضد العمومات كثيرة تعارض ما دل
على وجوب البناء فيها على الثلث عند الشك بين الثنتين والثلث كروايتي عمار مضافا إلى ما عن الاستبصار
من شذوذها ومخالفتها للاجماع وموافقتها للعامة وفي معتبرة موسى بن بكير في المغرب إذا لم تحفظ
ما بين الثلث والأربع فاعد صلاتك نعم مصححتي زرارة ان في عشر ركعات من الخس التي فرض الله ليس فيهن وهم
سبع أضافها النبي صلى الله عليه وآله فيهن الوهم لو شك في أوقات صلاة الكسوف وقد بنى على كون صلاته ركعتين أو عشر أو
تفصيل ذلك إن اطلاق الركعة على نفس الركوع المحرز قد ورد في بعض الأخبار مثل ما ورد أو لم جعلت الصلاة
ركعة وسجدتين ولم تصر ركعتين وسجدتين فأجاب بان الركوع من قيام والسجود من قعود وفعل القيام كفعلين
من جلوس وقد يطلق على الركوع وما يسلم من الأجزاء كما اطلق على صلاة الكسوف انها عشر ركعات
وتوهم إرادة الركوع منها يدفعه التأمل في تلك الروايات وقد يطلق على الجملة المشتملة على السجدتين
أيضا وهو شايع فلابد من تعيين المتبادرين المعينين الآخرين بعد القطع بعدم إرادة الأولى نقول الظاهر
234

ان الاستعمال لا آخر أشيع وهو المتبادر لكن لا مطلقا بل المتبادر منه الجملة المشتملة على ركوع واحد وسجدتين ويؤيده
كون الاطلاق من باب مناسبة الكل والجزء وحينئذ فما دل على أن الشك مبطل فيما كان ركعتين لا يشمله فيجب الرجوع
إما إلى أصالة اشتراط حفظ الاعداد المقتضية للبطلان أو أصالة عدم الزيادة المقتضية للصحة في غير موارد
الاجماع على البطلان إذا شك في فعل من أفعال الصلاة فإن كان في موضعه اتى به وإلا مضى في
صلاته على الحكمين الاتفاق نصا وفتوى ففي الصحيح إذا خرجت من شئ ودخلت في غيره فشكك ليس بشئ وفي
اخر كلما شككت بشئ مما قدد مضى فامضه كما هو وفي رواية ابن أبي
بصير كل شئ شك فيه مما قد جاوزه ودخل في غيره فليمض
ولا كلام في أصل الحكم إنما الكلام في مواضع الأول الظاهر من الشك في الفعل لغة وعرفا هو الشك في أصل
وجوده لا الشك في صحته مع العلم بوقوعه الا ان تقييد المشكوك فيه بالقيود
المذكورة في الاخبار من كونه قد مضى أو جاوزه أو خرج منه الظاهرة بل الصريحة في كون وجوده مفروضا
يوجب إرادة الشك في شئ منه شرطا أو شطرا لكن المورد في الرواية الأولى والثالثة لما كان هو الشك
في أصل الوجود كما يظهر من صدرهما تعين حمل التجاوز والمضى والخروج على مضى المحل والتجاوز و
الخروج عنه فيبقى قوله شك فيه باقيا على معناه اللغوي والعرفي من الشك في أصل وجوده وحينئذ فالمراد
بالشك في الشئ في الرواية الثانية كلما شككت فيه مما قد مضى ومثل قوله انما الشك إذا كنت في شئ
لم تجزه وقوله بعد السؤال عن رجل شك في الوضوء بعد ما فرغ هو حين توضأ أذكر منه حين
يشك وقوله كلما مضى من صلاتك وطهورك فذكرته تذكرا فامضه فلا إعادة عليك فيه هو الشك
في شئ منه جزءا وشرطا ويحتمل ان يراد من الشك في الروايتين المتقدمتين من الشك في الوجود
والشك في الصحة ويراد من الخروج عنه والتجاوز عن محله لكنه بعيد ويترتب على ذلك أنه إذا شك
في وقوع فعل من أفعال الصلاة على الوجه الصحيح ولم يدخل في غيره فعلى المعنى الأعم يرجع إلى المشكوك
فيه المفهوم الروايتين وعلى المختار ويخرج عن مورد مفهومهما ويدخل في الروايات الأخيرة الدالة
على عدم الالتفات بل على المعنى الأعم أيضا لابد من تقييد الروايتين بتلك الأخبار لان النسبة بينهما وإن
كانت عموما من وجه الا ان للاخبار الأخيرة ظهورا تاما في كون الشك قبل الدخول في الغير المترتب عليه
شرعا بل التعليل المستفاد من قوله هو حين يتوضأ كالنص في عدم اعتبار الدخول في الغير كما لا يخفى
مضافا إلى أن المفهوم لا يقاوم المنطوق مضافا إلى قوة احتمال خروج قيد الدخول في الغير مخرج الغالب في
235

زمان حدث والشك واعتبار الدخول في الغير فيما إذا كان الشك في أصل الوجود ليس لأجل هذا التقييد
بل لتوقف صدق التجاوز عن المحل والخروج عنه عليه ومع التكافؤ فيرجع إلى أصالة الصحة في فعل المسلم
وإن كان الشك من الفاعل إلا أنه ليس لهذا الأصل عدا الاجماع والسيرة الذين لا عموم فيهما لينفع في محل
الشك دليل عام سوى تلك الأخبار الأخيرة فيبقى أصالة عدم الفعل وبقاء الامر سليمتين الثاني
ان المراد يتجاوز المحل لا يخلوا عن أحد أمرين أحدهما التجاوز عن محل مطلوبيته فمحل القراءة باق ما لم يركع ومحل
الركوع باق ما لم يسجد ومحل السجدة والتشهد باق ما لم يركع في الركعة الأخرى واما التكبير إذا تركه
حتى قرء فليس مطلوبا بوجه التدارك في هذه الصلاة بل في ضمن صلاة مستأنفه كالركوع إذا تركه حتى سجد
أو القراءة إذا تعمد تركه حتى ركع والمعنى المذكور هو المتبادر من مضى محل الفعل والتجاوز والخروج عنه ولعله
لذا حكى عن النهاية ووجوب الرجوع للسجدة والتشهد إذا شك فيهما قبل الركوع في الركعة الأخرى لكن
يرده صريح قوله (ع) في رواية إسماعيل بن جابر المصححة ان الشك في السجود بعد ما قام فليمض كل شئ شك
فيه مما جاوزه ودخل في غيره فليمض فان حمل التجاوز فيها على ما ذكرنا يقتضى خروج المورد عنه الثاني
التجاوز عن موضعه الذي قرره الشارع له في ضمن ترتيب أفعال الصلاة حيث جعل لكل منها موضعا خاصا
فان الشارع جعل قرائة الحمد قبل السورة فمتى قرء السورة على أنه من أفعال الصلاة فقد تجاوز عن موضع
الفاتحة ولذا يقال يجب عليه الرجوع والتدارك المتوقف صدقهما على تحقق المضي والفوت فاعتبار المحل
في الوجه الأول بالنسبة إلى طلب الشارع وفي الثاني بالنسبة إلى نفس الفعل المترتب على وجه خاص ثم الفعل
المترتب تارة يلاحظ ترتيبه بالنسبة إلى جميع اجزائه التي يصدق على كل منها انه فعل فيقال انه قرائة البسملة
فعل مترتبة قبل قرائة الآية الأولى من الفاتحة بل كل كلمة منها من حيث إنها فعل لها موضع خاص في الصلاة
يتحقق المضي والتجاوز والخروج واخرى يلاحظ ترتبه بالنسبة إلى اجزائها المستقلة بالعنوانية في كلام
الشارع وكلمات الفقهاء كالتكبير والقراءة والركوع والسجود والتشهد وعلى كلا الاعتبارين فتارة
يعمم الفعل بالنسبة إلى الواجب والمستحب وقد يختص بالواجب إما خصوص الذاتي منه أو ما يشمل القدمى
كان هوى والنهوض وقد اختلفت أقوال الفقهاء شكر الله سعيهم في المراد بالروايات الواردة في الباب و
الجمع بين مختلفاتها وقد عرفت بطلان إرادة الوجه الأول بصريح الصحيحة المتقدمة واما ما احتمل في الوجه
الثاني فاوفقها بعموم الروايات وان قل القائل بها من غير جماعة من متأخري المتأخرين هو الاحتمال الأول
236

وليس في الروايات لفظ الفعل حتى يدعى انصرافه وانصراف لفظه غير المقابل له إلى الافعال المستقلة بالعنوان
المعهودة في الأذهان المعدودة عند البيان أو إلى خصوص الواجبة منها أو إلى خصوص الأصلية أو اختصاص
موارد السؤال في بعضها ببعض لا يوجب تخصيص عموم الجواب فضل عن أن يحصل من ضم الجواب إلى السؤال
مفهوم مخالف يوجب تقييد العمومات الغير المصدرة بمورد خاص كما وقع توهمه من بعض من لا يظن به ذلك وعلى
ما ذكرنا فلا يتحقق المعنى والخروج عن محل الشئ الا بعد الدخول في غيره فذكر الدخول في الغير في الروايتين
السابقتين بعد ذكر الخروج عن (المشكوك صح) فيه والتجاوز عنه لبيان ما به يتحقق التجاوز وانه يتحقق بمجرد
الدخول في أمر مغاير له وإن كان ظاهر العطف سيما بلفظة ثم يقتضى المغايرة إذ العطف بالواو لا يقتضى
الا المغايرة في بالمفهوم وهي حاصلة والاستغناء عن ذكر التجاوز بالدخول في الغير مشترك والعطف بثم
المقتضى للتغاير في الوجود ليس بمغير اتفاقا فالنكتة في ذكرها لتقريب الحكم بعدم الرجوع بذكر ما يدل على التراخي
بين فعل المشكوك وفعل ما بعده أو غير ذلك ولكن الانصاف ان الحكم بالتعميم مشكل لان قوله (ع) في رواية إسماعيل
بن جابر ان شك في الركوع بعد ما سجد فليمض وان شك في السجود بعد ما قام فليمض كل شئ شك فيه مما جاوزه
ودخل في غيره فليمض دال بمفهوم القيد الوارد في حيز الشرط لا في حيز التحديد أو لعموم موثقة عبد الرحمن
الظاهرة في وجوب تدارك التحفظ إذا شك فيه عند النهوض إلى القيام على أن هذا الحكم وهذا التحديد
منطبق على القاعدة الكلية المدلول عليها بقوله كل شئ (شك صح) إلى اخر إذ لا معنى لاخراج مورد القاعدة وسبب
بيانها عن عمومها فيدل على أن مطلق الغير لا اعتبار به في عدم الالتفات ولاجله سرى الاشكال في معنى الدخول
في الغير في صحيحة زرارة إذا خرجت من شئ ودخلت في غيره الثالث ان الغير الذي يتحقق بالدخول فيه
التجاوز عن محل المشكوك هو ما كان له مدخل في الفعل المترك صحة أو كما لا فالدخول في فعل خارج لا يوجبه
التجاوز ولو كان مما جرت عادت المصلى بفعله بعد فعل المشكوك فيه لما عرفت من أن العبرة في بالمحل بالترتيب
الملحوظ بين اجزاء المركب لا الملحوظ بين المشكوك وفعل خارج فمن اعتاد بذكر خاص بعد الفاتحة قبل
ا لسورة فدخل فيه فشك في الفاتحة فهو خارج عن محل الفاتحة بملاحظة الترتيب الذي اعتاده بين الفاتحة
والذكر واما بملاحظة الترتيب الثابت بين اجزاء الصلاة فمحل الفاتحة باق ولو قراها قراها في مرتبتها
من غير رجوع وعود إلى محلها الا بالنسبة إلى الترتيب الخاص الجعلي فيها وبين ما اعتاده الرابع لو خرج عن
المحل فشك ثم ذكر نسيان بعد فعل المشكوك كما لو قام فشك في السجود ثم ذكر نسيان التشهد فهل يتشهد
237

في المشكوك وجهان من صدق التجاوز عرفا وان انكشف الغاء ما دخل فيه ومن أن بالرجوع إلى المنسى يدخل
في المحل وهذا أقوى لا لخروجه بالرجوع عن صدق تجاوز المحل بل لان ظاهر الأدلة هو الاستمرار على ذلك
التجاوز الأولى والمضى عليه وهذا المعنى لا يمكن هنا لفرض وجوب الرجوع وإن كان لتدارك المنسى (فيخرج صح) عن مورد
الخبر ويرجع إلى اصاله عدم الفعل وقد يتحقق الفرق بين ما لو طرء الشك قبل تجاوز المنسى أو الرجوع وما
إذا طرء بعد التذكر أو بعد الرجوع وههنا فروع الأول لو صلى جالسا ورفع رأسه عن السجود ولم يدخل
في فعل من أفعال الركعة الأخرى فشك في تحقق السجدة الثانية فان تردد في جلسة بين جلسته ما بين السجدتين
وجلسة القراءة فلا اشكال في وجوب التلافي لعدم تجاوز المحل قطعا وان علم أنها الثانية بمعنى انه شك
في نسيان السجدة الثانية والظاهر أيضا وجوب التلافي لبقاء المحل ومنع بدلية الجلوس عن القيام بحيث
يترتب عليه جميع احكامه مع أن صدق التجاوز بالدخول في القيام أمر عرفي لا يتعدى إلى الشرعي الثاني
هل يجب التروي في هذا الشك أم لا وجهان من اطلاق النصوص والفتاوى أو انصراف الشك إلى المستقر عرفا
الثالث هل المضي رخصة أو عزيمة ظاهر النصوص والفتاوى الثاني وعن الذكرى وفي غيرها احتمال الرخصة
ولعله لورود الامر بالمضي مورد توهم وجوب الرجوع مؤيدا بان حكمة الحكم رفع الجرح ويضعف إذا لم يجب
الرجوع لا يبقى دليل على جوازه فيخرج المأتي به عن اجزاء الصلاة واما حكمة الجرح فكثيرا ما توجب العزيمة
نعم لو قيل بجريان أو أمر الاحتياط فيمكن اتيانه لادخال الجزئية لكنه في غير الركن لان اجمال القضية الموجب
رجحان الاحتياط في العمل معارض باحتمال الزيادة الموجب ورجحان الاحتياط بالترك وهكذا وكذا لو
شك في تعيين الشك بان يعلم حدوث الشك ويشك في أنه كان شكا مبطلا أو موجبا للتدارك أم لا أو
يشك في أنه كان مع رجحان أحد الطرفين أم لا ودفع الرجحان بالأصل غير معقول الا ان يراد به طروه لا
اتصاف الاحتمال به لو شك في المشكوك فيه فإن كان في الاتيان به فان أوجبه الشك الأول تداركه إن كان
في محله ومضى ان يتجاوز والا بنى على تركه ولو شك في تعيين المشكوك فيه وكان فعلا تردد فيه بين أمرين
فإن كان في محلهما اتى بهما والا مضى وإن كان عددا فإن كان في أثناء الصلاة رجع إلى ما عليه حال الشك
الثاني ويعمل به قبل ان لم يدر عند الجلوس انه شك بين الاثنتين والأربع أو بين الثلث والأربع فهو في
الحقيقة شاك بين الثنتين والثلث والأربع فيعمل عمله ويحتمل ضعيفا العمل بالشك الجامع كما في سابقه
ولو كان أحدهما موجبا لسجدتي السهو ففي وجوبها وجهان مبنيان على عدم مدخليتهما في صحة الصلاة
238

وعدمها... الشك في موجب الشك وهو إما الاحتياط واما سجدتا السهو والشك إما
في الاتيان بهما لأصالة عدمه واتيانه بحكم الامر المستصحب لا من جهة طرو الشك حتى يشمله قوله لا سهو في سهو
وكذا إن كان الشك في بعض واجباتهما الا ان يقال إن وجوب الاتيان أيضا من احكام الشك والا فالامر
المحتمل الواقعي بالفعل لا يؤثر تكليفا مع قطع النظر عن جعل الشارع إياه بمنزلة المقطوع وجعل احتمال عدمه
بمنزلة العدم فإذا رفع الشارع حكم الشك فصير الاحتمال الذي أمر الشارع يجرى عليه في هذا المقام بمنزلة
المعدوم في هذا المقام وهذا نظير ما حكم الشارع بأنه إذا خرجت من شئ ودخلت في غيره فشكك ليس بشئ
مع أن الأصل عدم الاتيان به وما ذكرنا يظهر حال الشك في عدد ركعات الاحتياط أو السجدتين فان مقتضى
نفى حكم الشك هو ان لا يجب عليه شئ من أجل كونه شاكا فإذا شك في النقص والتمام بنى على التمام ولا يلزم
عليه من جهة احتمال النقص شئ وإذا شك في التمام والزيادة بنى على عدمها ولا يلزم عليه من أجل احتمال
الزيادة استيناف أو سجدة سهو وهذا كله حسن لولا ما قدمنا سابقا من أن الرواية ظاهرة في إرادة خصوص
الشك وان المراد الشك في العدد كما يدل قوله ورواية حفص ليس على الامام سهو ولا على من خلفه سهو و
قوله في مرسلة وليس في المغرب سهو وكما يدل عليه التتبع وان المراد بالسهو الثاني موجبه والشك في نسيان
الشئ شك في نفس الشئ فيراعى حكمه وكذا الشك في فعل المنسى أو اجزائه أو عدده أو في موجب النسيان
أعني سجدتي السهو وابعاضها وعددهما ويحتمل بناء على قوله لا سهو في سهو عدم الالتفات إلى ذلك كله
والشك في تعيين المنسى إن كان على وجه التردد بين أمرين يجب تداركهما وجب والا لم يلتفت إليه وان تردد
بين مبطل وغيره... من شك في الأولتين أعاد عند علمائنا كافة كما عن جماعة عدا ابن بابويه
للروايات المستفيضة وما يخالفها مطروح أو محمول بالشك في تحققهما وفي شمول الحكم لأولتي صلاة
الأعرابي مطلقا أو مع وجوبها بالنذر اشكال بل منع ونص في الشاك في الأوليين من لم يدركم صلى
مضافا إلى ورود الروايات ولعل الاجماع عليه بالخصوص... إذا حصل الأولتين وتيقنهما وشك
في الزايد (فيهما صح) فالصور المتعارفة ذكرا ووقوعا خمس ويتحقق تحصيل الأولتين برفع الرأس من السجدة الثانية
عند المشهور في تحققه باكمال الذكر الواجب فيها وجه قوى لا لخروجه به عن الركعتين فإنه كونه في الركعتين
مما لا ينكر عرفا لكن لا ينافى ذلك صدق تحقق الركعتين وتيقنهما الذي هو مناط الصحة كما يستفاد من
الاخبار ولا منافاة بين تحقق الماهية وعدم الفراغ من الشخص نعم لو ثبت من الأدلة ابطال الشك في العدد
239

الواقع في الأوليين توجه ما ذكروه وهنا قولان مرتبان في الضعف أحدهما تحققه بالركوع والثاني تحققه
بوضع الجبهة في السجدة الثانية الأولى الشك بين الاثنين والثلث وحكمه يستفاد من عمومات البناء على
الأكثر والاحتياط بما يوجب الاتمام على تقدير النقصان واما الرواية في خصوص الحكم فلم توجد إلا ما في
دلالته تأمل بل منع والمشهور هنا بل المحكي عليه الاجماع عن الانتصار والخلاف هو جواز تبديل ركعة
القيام بركعتين عن جلوس مع صراحة بعض الموثقات في الامر بالقيام وظهور اخر فيه أيضا ولعله للمرسلة
المروية في الصورة الثانية بناء على إتحاد حكم المسئلتين عند الأصحاب كما حكى أو على اتحاد موضوعهما
في الجملة فان من نهض لركعة أو دخل فيها فشك في أنه صلى ركعتين أو ثلثا (يصدق عليه الشاك في الثالثة والرابعة ولذا يستفصل الإمام (ع) في بعض الروايات الواردة في من شك انه صلى ركعتين أو ثلث صح) في أنه ان دخل في الثالثة
فكذا وكذا إلى أخره ويؤيد ما ذكروه ان حمل الامر بالقيام في الاخبار المبنية لجميع احكام الشكوك على وجه
القاعدة الكلية المطردة والكلمة الجامعة كما يستفاد من بعضها التصدر بقوله (ع) الا أجمع لك السهو
كله في كلمتين على الوجوب العيني والتزام التقييد فيها بالنسبة إلى الصورة الثانية والرابعة اللتين لا خلاف
في جواز الجلوس في احتياطهما يوجب صرفها عن مساقها ولعله لبعض ما ذكرنا من اتحاد حكم هذه الصورة
مع الثانية أو موضوعهما أو كون العمومات الظاهرة في القيام محمولا على بيان أحد الفردين حكم المحقق في المعتبر
في هذه الصورة أولا بالركعتين جالسا ثم قال ولو صلى ركعة قائما لم استبعد صحته والا فمقتضى مراعاة
ظاهر الاخبار تعين القيام الثانية الشك بين الثلث والأربع والمعروف عمن عدا ابن بابويه (تعين صح) البناء على الأكثر
والاحتياط وعنه التخيير بينه وبين البناء على الأقل وهو شاذ مخالف للأخبار المستفيضة بل المتواترة كما عن
العماني وظاهر أكثر الاخبار تعين الجلوس في الاحتياط كما عن العماني والجعفي الا ان في مرسلة جميل وقبله
علي بن حديد ان المصلى بالخيار بينه وبين ركعة قائما مضافا إلى ظهور العمومات في تعين القيام المعروف إلى
التخيير جمعا والتفاتا إلى ما ذكرنا من بعد ارتكاب التقييد عن مساقها الثالثة الشك بين الثنتين والأربع
والمعروف فتوى ورواية فيه ما دل عليه العمومات مضافا إلى الروايات الخاصة وعن ابن بابويه الإعادة لمصححة
محمولة على محامل أقر بها وقوع الشك قبل اكمال الركعتين وقوى في المدارك احتمال التخيير بين المعروف و
البناء على الأقل لصحيحة زرارة القابلة للارجاع إلى المذهب المشهور الرابعة الشك بين الثنتين والثلث
والأربع والمعروف (فيه صح) نظير سوابقه من البناء على الأكثر والاحتياط والمشهور في احتياطها ركعتان قائما
وركعتان جالسا كما دل عليه مرسلة ابن ابن أبي
عمير وعن ابن بابويه والإسكافي تبديل الأولتين بواحدة ولعله
240

لرواية ابن الحجاج المصححة عن أبي إبراهيم (ع) عن أبي الحسن وفي سندها ما ترى ومتنها مروى في بعض النسخ على
طبق المشهور وفي تعيين الركعتين جالسا أو جواز تبديلهما بركعة أو تعينه أقوال الظاهر أن الأكثر على الأول جمودا
على المرسلة المتقدمة وعن المفيد وسلار الثالث ولعله لظاهر العمومات وعن الفاضل والشهيدين والمحقق الثاني
الثاني للجمع بين المرسلة والعمومات بالتخيير الراجح على التقييد البعيد عن مساق العمومات وهو حسن وإن كان الأول
أحسن وأحوط وفي وجوب تقديم ركعتي القيام قولان نسب العدم في المسالك والذكرى إلى الأكثر مع وقوع العطف
في المرسلة بثم ولعله لعدم صراحتها في الترتيب على وجه تقييد العمومات مع بعده الخامسة الشك بين الأربع
والخمس
فإن كان بعد اكمال السجدتين فالمعروف تمام اكمال الصلاة للاخبار مضافا إلى أصالتي عدم الزيادة وعدم المبطل
وإن كان في حال القيام فالمشهور بل في شرح الفريد البهبهاني انه كاد يكون إجماعا بل ادعى الاجماع عليه وفي غيره حلى
عن جماعة عدم الخلاف هو هدم القيام وعمل الصورة الثانية لا لرجوعه إليها بعد اهدم حتى يقال إنه لا دليل على
الهدم وقلب الشك ولا بد من تشخيص حكم الموضوع حال حدوث الشك بل لدخوله حال القيام في عمومات البناء على
الأكثر وإن كان الشك حال الركوع أو بعده قبل اكمال الركعة ففيه وجهان البناء على الأقل للأصل والبطلان قيل
لخروجه عن المنصوص والتردد بين محذوري الاكمال المعرض للزيادة والهدم المعرض لنقيصة وفي ظاهر التعليلين
نظر لا يخفى ويمكن توجيههما بان المستفاد بعد التأمل من نصوص السهو في العدد بعد التأمل هو انحصار العلاج في البناء
على الأكثر فحيثما لا يمكن لا يصح اتمام العمل على وجه يحتمل ان يكون ما يأتي به زائدا غير محتاج إليه ومما يشعر بذلك قوله (ع)
في موثقة عمار قال سئلته عن السهو قال الا أعلمك شيئا إذا فعلته ثم ذكرت انك نقصت أو أتممت لم يكن عليك شئ
وقوله (ع) في موثقه الأخرى أجمع لك السهو كله في كلمتين الظاهر في أنه يستفاد منه وجوب معالجة الشك بهذا النحو
المتعذر مع البناء على الأقل لا حكم علاج الشك في العدد غير البناء على الأكثر والا لم يجمع احكامه في الكلمتين وتخصيص
العلاج بما إذا لم يلزم البطلان من البناء على الأكثر لا قرينة عليه والامر بالبناء عليه في ذيل الروايتين لا يدل على أن
المراد بالسهو الذي تعرض الامام لجميع احكامه هو سهو في عدد خاص أو لا تنافى بينه وبين كون العلاج (الصحيح صح) في أصل
السهو كلية منحصر في ذلك كما هو ظاهر واما خروج أحكام السهو في الافعال فليس بقرينة الذيل بل لأن الظاهر
من السهو في الروايتين هو السهو في أعداد الصلاة كما لا يخفى على المتتبع مثل قوله الإعادة في الأولتين و
السهو في الأخيرتين على الامام وقوله إذا سهوت فابن على الأكثر وقوله (بعد ما سأله صح) عن السهو في المغرب قال يعيد ومما يؤيد
ما ذكرنا حكم الإمام (ع) بوجوب الإعادة مع السهو في الأوليين معللا بقوله حتى يثبتهما أو حتى يستيقن انه قد أتم
241

أو حتى يكون على يقين منهما فإنه لا يخفى ان هذه العلة تحصل مع البناء على الأقل لتيقن (تحقق صح) الأولتين معه وانما
يطرأ معه احتمال الزيادة فلولا ان البناء على الأقل الموجب لحدوث احتمال الزيادة مبطل (بل يكن وجه لتعليل صح) ايجاب الإعادة بتحصيل
اليقين بالأوليين فحكمه (ع) بوجوب الإعادة إنما هو لعدم امكان اعمال العلاج المقرر لاستلزامه الامضاء في الصلاة
شاكا في تحقق الأوليين ثم إن الوجهين المتقدمتين من البناء على الأقل جاريان في غير صور الشك المتقدمة من الصور
لغير الداخلة تحت المنصوص عليها وقد تعرضوها في الكتب المبسوطة..... لو ظن أحد الطرفين إذا أحرز
الأوليين بنى عليه ولو كان مبطلا على ما يقتضيه اطلاق عبائرهم ومعاقد اجماعا تهم وكذا إذا تعلق ظنه بهما على
المشهور لعموم النبويين إذا شك أحدكم في الصلاة فلينظر أخرى ذلك إلى الصواب وليبين عليه وفي الأخر إذا شك
أحدكم فليتحر وخصوص رواية صفوان المصححة إذا لم تدرك صليت ولم يقع وهمك على شئ فاعد الصلاة وبها
يخصص ما دل على وجوب الإعادة إذا لم يحفظ الأوليين وحتى يكون على يقين خلافا للمحكى عن الحلى وظاهر جماعة
فالحقوا الظن (بهما بالشك للعمومات والمشهور من غير خلاف يعتد به عدم الفرق في صح) بين الاعداد والافعال بل حكى الاجماع عليه من غير واحد وبه ينجبر ضعف النبويين المذكورين وكتب
الفتاوى على وجه الاعتناء وان خلت عنها كتبهم في الروايات مضافا إلى أن وجوب العمل بالظن في الركعات يوجبه في
اجزائها بطريق أولي مضافا إلى ما اشتهر من أن العمل في الشرعيات على الظن عند تعذر العلم قال الفريد البهبهاني
في مسألة ما إذا فاته ما لا يحصى عدده ان الاكتفاء بالظن فيما لا يمكن فيه تحصيل اليقين هو الأصل والقاعدة الشرعية
الثانية المقررة في جميع المقامات والبناء في الفقه على ذلك بلا شبهة وفي المختلف في باب قضاء الصلاة المرددة
في رد ابن إدريس ان غلبة الظن يكفى في العمل بالتكاليف الشرعية اجماعا ويؤيد ذلك ما ورد من تعليل عدم الالتفات
إلى الشك بعد الفراغ بقوله هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك المستفاد منه مراعاة الامارات المفيدة
لغلبة وقوع المشكوك فيه وكذا رفع الحكم عن كثير الشك معللا بان التشكيك من الشيطان والا فالفعل يقع
(غالبا صح) على الوجه الصحيح ورفع الحكم عن سهو المأموم والامام مع حفظ صاحبه إلى غير ذلك ويؤيد ذلك لزوم
الجرح مع الالتفات إلى الاحتمال المرجوح وما قيل في دفعه من أن عروض الشك بالمعنى الأعم لو لم يبلغ حد
الكثرة فلا جرح في مراعاته وان بلغه سقط حكمه للكثرة ففيه ان كثرة السهو الذي سقط حكمه هو التشكيك
الشيطاني المعارض لبعض الاشخاص لا الشك بالمعنى الأعم من الظن الذي هو مقتضى جبلة الانسان وعادته
الثانية من عدم تذكر أكثر ما مضى من أفعاله فان أدلة كثير الشك لا تدل على حكم مثل هذا الشخص كما لا يخفى
على من لاحظها فمراعات أدلة نفى الجرح الناشئ من مراعاة مطلق الشك بالمعنى الأعم يقتضى الفرق بين المرجوح
242

والمساوي وتخصيص الالتفات بالثاني دون العكس ودون تعميم السقوط وقد عرفت أيضا ان الظاهر من حكمة
سقوط حكم السهو عن (كثيره صح) هي ملاحظة غلبة وقوع الفعل على الوجه الصحيح وكون التشكيك والوسوسة من
الشيطان.. لا ريب في اشتراط صلاة الاحتياط بجميع شروط الصلاة الواجبة والمعروف من غير
شاذ اعتبار النية وتكبيرة الافتتاح فيها أيضا لأنها صلاة مبتدئة بعد الفراغ والانصراف بنية التمام
عن الأصل كما يستفاد من الاخبار فلابد فيها من افتتاح ومفتاح وهو التكبير ومنه يظهر وجه الحاجة إلى التشهد
والتسليم مضافا إلى دلالة الاخبار مع كون التشهد والتسليم محتاجا إليهما على تقدير النقص لوقوعهما في غير
محلهما والظاهر وجوب الاخفات فيها على القول به في الأخيرتين لان المستفاد من الاخبار وجوبها لتكون متممه
؟
للأصل على تقدير نقصها فيعتبر وقوعها قابلة للتتميم ولا ينافى ذلك احتياجها إلى التحريمة لأنها في نظر الشارع
مفتاح للدخول ومنه يظهر وجه اعتبار اتحاد الجهة الإدائية والقضائية لو اعتبرنا في نية الأصل ولم تجب
فيها السورة ومقتضى ذلك وإن كان جواز الاكتفاء فيها بالتسبيح الا انه لما اعتبرنا فيها كونها قابلة للنقل
على تقدير التمام تعين الفاتحة واحتاج إلى التحريم والتحليل الا ان يقال بعدم اعتبارها في النافلة أيضا فالعمدة
في الحكم هي الأخبار الخاصة المعينة للفاتحة في بعض الموارد المتمم بعدم الفصل وفي البطلان بتخلل الحدث قولان من أن
التسليم على تقدير النقص وقع في غير محله فيبطل بالمنافى وانه قد أمر بسجدتي السهو مع التكلم بين صلاة الأصل و
الاحتياط وان ظاهر الامر باتمام ما نقص في موثقة عمار كون (الشخص صح) في أثناء الصلاة ومن أن التسليم بأمر
الشارع بعد البناء على الأكثر واقع في محله (و) فخرج ولهذا وجب افتتاح صلاة الاحتياط بالتكبير والامر بالاتمام
في الموثقة كناية عن فعل المتمم بصلاة مبتدئه ولهذا يجب فيها الافتتاح وتتعين الفاتحة ويجوز الجلوس ووجوب
الفورية وإن كان مجمعا عليه كما هو صريح الروض وظاهر الذكرى الا ان على تقدير كونه شرطا كما هو ظاهر الاخبار
لا تعبديا كما هو ظاهر الاجماعين لا يدل على البطلان من جهة المنافى لجواز وقوع المنافى مع عدم الاختلال
بالفورية وما دل في السجدتين للمسلم على فرض تسليم سنده ودلالته على المدعى لا يثبت على المطلوب فهذا هو
الأقوى وفاقا للحلى والفاضل وولده والمحقق (الثاني صح) والشهيدين وكثير ممن تأخر عنهم بل أكثرهم والأقوى الحاق الأجزاء المنسية
بصلاة الاحتياط في هذا الحكم لخروجها من الجزئية المحضة ولذا احتاجت إلى أمر جديد وحصل الفراغ
من الصلاة وليس هنا شبهة احتمال وقوع التسليم في غير محله فالامر هنا أوضح على عكس من جعل البطلان
هنا أولي منه في المسألة السابقة واما الفورية فقد ادعى في الذكرى الاجماع عليها ويظهر من فخر الاسلام
243

ان محل الخلاف جواز تخلل المنافى بعد تذكر الجزء إما ذكره بعد التخلل فيخرج عن الجزئية وان وجب الاتيان ويؤيده ما ورد من أن
ناسي التشهدان كان قريبا يرجع إلى مكانه ويتشهد والا طلب مكانا نظيفا ويتشهد فيه وفي وجوب تقديم الأجزاء
على الاحتياط لكثرة الفصل على تقدير العكس
أو العكس لكونها متممة للعدد واقعة في موقعها على تقدير النقص بخلاف الأجزاء فإنها
قضاء أو للاعتبار وسبق السبب كما احتمله في كرى أو التخيير مطلقا ولعدم الترجيح وجوه أقواها الثاني ثم الرابع
لو تذكر نقص الصلاة فاما ان يتذكر النقص المحتمل أو غيره وعلى التقديرين فاما ان يكون قبل صلاة الاحتياط أو بعده أو
في أثناء الاحتياطين أو في أثناء احتياط واحد وعلى الأخيرين فاما ان يكون المأتي مطابقا للمنقوص كما وكيفا أو مخالفا
له فيهما أو في أحدهما فإن كان قبل صلاة الاحتياط فدخل في مسألة نقص الركعة أو أزيد المتقدمة سابقا وإن كان بعده
فان تذكر النقص المحتمل فالأقوى الصحة لأصالة الأجزاء والصحة مضافا إلى صريح رواية عمار الا أعلمك شيئا إذا فعلته
ثم ذكرت انك نقصت أو أتممت لم يكن عليك شئ وظاهر غيرها الدال على كون الاحتياط متمما واقعيا على تقدير
النقص وان زال الشك ولا فرق فيما ذكر بين ما إذا تخلل المبطل قبل صلاة الاحتياط وعدمه خلافا للمحكى عن الدروس
ولا بين تحقق الفصل بين الأصل والمتمم بما يخل بنظم الصلاة كما لو شك بين الثنتين والثلث والأربع ثم ذكر بعد
الاحتياطين انها ثلث وعدمه بل لا يضر ذلك على القول ببطلان صلاة الأصل المنافى لان المراد به ما عدا الاحتياط المأمور
به والا لم يتحقق التتميم حينئذ على تقدير الشك ابدا وان تذكر نقصا لم يحتمله عند الشك فإن كان أزيد من الاحتياط
اتى بالقدر الزائد كما لو تذكر بعد الاحتياط للثلث والأربع ان صلاته كانت ركعتين فيقوم ويصلى ركعة أخرى
ويحتمل وجوب ركعتين فيما لو اختار الجلوس للاحتياط وإن كان انقص منه كما لو احتاط للثنتين والأربع ثم ذكراها
ثلث فالظاهر هنا وجوب الاتيان بالرابعة فيكون الاحتياط نافلة ويحتمل كونهما فصلا في أثناء الصلاة مبطلا لها
لان الشارع لم يجعلهما نافلة الا على تقدير الأربع وإن كان في أثناء احتياط واجد طابق المنقوص كيفا فان ساواه
كما وكيفا فلا اشكال في الصحة باتمام الاحتياط ولو وقع المنافى قبل الاحتياط بناء على صحته معه ويحتمل البطلان هنا
لرجوع بما بقى من الاحتياط بعد التذكر اتى بالجزئية المحضة ولو نقص عنه اكمله ولو زاد عنه اقتصر على القدر المطابق فان تجاوزه
كما لو تذكر الشاك في الثنتين والثلث والأربع بعد الركوع الثاني من ركعتي القيام ان صلاته كانت ثلثا فالأقوى
الاحتمالات هنا وجوب تلافى المنقوص وفي بطلان الركعتين واتمامهما واحتسابهما نافلة وجهان (لا يخلو اولهما عن قوة ولو خالفه كيفا ففي وجوب اتمامه مطابقا مع الامكان أو بطلانه مطلقا وتلافي المنقوص وجهان أقويهما صح) من جهة ظواهر
الأصول ومترائي الروايات الأول ولكن دقيق النظر يقتضى الثاني نعم لو تذكر النقص بعد الفراغ عما يختلف فيه القائم والقاعد
244

فلا يبعد الحكم بوجوب الاتمام والأحوط الجمع مطلقا...... لو حدث له شك بعد شكه فان تعلق بنفس
مورد الأول كما لو شك أولا بين الثنتين والثلث ثم احتمل الأربع أيضا أو تيقن الثلث واحتمل الأربع كان له حكم الثاني
سواء ارتفع الأول كما في المثال الثاني أم لا كما في الأول وجهه ظاهر وان تعلق بغيره كما إذا شك بين الثنتين و
الثلث فيبنى؟ وفعل الرابعة ثم طرء له الشك في فعلها فلا اشكال في أنه يبنى على فعلها أيضا لعمومات البناء على فعل ما شك فيه
من الأخيرين ولا ولا في وجوب الاحتياط لها انما الكلام في أنه هل يحتاط لكل من الشكين ركعة مستقلة نظرا إلى
انهما سببان مستقلان لحكمين لم يجب الاحتياط بركعتين قائما وركعتين جالسا لرجوع شكه إلى كون صلاته ركعتين
أو ثلثا أو أربعا وجهان من أن ظاهر الأدلة الشك المذكور هو اتحاد مورد الاحتمالات بان يشك في أن ما
اكمله هي الثانية أو الثالثة أو الرابعة وإن كان حدوث أحد الاحتمالات متأخر عن الأخر كما تقدم لا ان يشك في أن
ما اكمله هي الثانية أو الثالثة مع القطع بأنها ليست رابعة ثم يشك في فعل الرابعة التي عزم عليها فان الشارع سبق
حكمه في الموارد الأول بالثلث والاتيان بالرابعة والاحتياط بعدها بركعة فإذا شك في فعل الرابعة والمفروض
انه محكوم بالبناء على فعلها والاحتياط لها ومن أن مناط الاحتياط في الشك بين الثنتين والثلث والأربع بركعتين
قائما وركعتين جالسا على ما اتضح من الاخبار هو اتمام الصلاة باحتياط واحد كما يستفاد من قوله فصل ما
ظننت انك نقصت ولهذا لم يكتف بركعتين منفصلتين في صورة الشك بين الثنتين والثلث والأربع مع
سلامته مع الفصل بين الأصل والاحتياط بالنافلة اللازم مما أوجبه فيها من ركعتين قائما وركعتين جالسا على تقدير
كون الصلاة ثلثا مضافا إلى أن الشك بين الثنتين والثلث الظاهرة في انحصار طرفيه فيهما (ظاهره في استمرار هذا الشك إلى الشروع فيها صح) كما عرفت في الاحتياط
وكذا أدلة الشك بين الثلث والأربع مضافا إلى انها ظاهرة في الثلث الواقعي لا الثابتة بحكم الشرع عند الشك
بينها وبين الثنتين فهذه الانصرافات الثلاثة في الأخبار الخاصة بموجب لعدم ظهور حكم هذه الوجوه فلنرجع إلى
العمومات وقد عرفت من أن موردها الاتمام باحتياط واحد هذا على تسليم انصراف أدلة الشك بين الثنتين والثلث
والأربع إلى غير ما نحن فيه والا فالانصاف ان دعوى انصراف مع شمولها لما نحن فيه كما ادعاها الفريد البهبهاني
لا شاهد لها فافهم..... قد اشتهر في السنة الفقهاء حتى نسب إلى جميعهم انه لا سهو في سهو والأصل
في هذه العبارة مرسلة يونس وفي رواية حفص ابن البختري المصححة وفيها ابن هاشم ليس على الامام سهو ولا على من
خلفه سهو ولا على السهو سهو والظاهر من السهو المنفى الشك كما لا يخفى على من تتبع مظان استعمالاتها في الاخبار والمراد
نفى موجبه بالتصرف في النفي أو في المنفى والمراد بالسهو الثاني هو موجب الشك أيضا وحاصل المعنى انه لا احتياط
245

أو لا شك في صلاة الاحتياط أي لا حكم للشك وهو المراد من قوله في الرواية الأولى ليس على الامام سهو إلى أخره وقوله في
المرسلة ليس في المغرب سهو يعنى لا حكم للشك فيه بل يبطل الصلاة فنفى الشك قد يجامع الصحة وقد يجامع الفساد وجملة
الاحتمالات المتصورة في الروايتين مع قطع النظر عن الظهور المدعى ان المراد بالسهو المنفى إما النسيان أو الشك أو الأعم
منهما وبنفيه نفى حكمه الذي يوجبه نفس الشك أو نفى تداركه أو مطلق الحكم وهو الظاهر والمراد بالسهو الثاني موجب السهو
بأحد المعاني الثلاثة المتقدمة كما هو الظاهر أو متعلقه أعني المشكوك فيه والمسهو واما إرادة نفسه فغير جايزة لان حكم السهو
ثابت شرعا في السهو وإلا لزم الخلف بل إرادة السهو أيضا خارجة بدليل الاجماع على ثبوت أحكام السهو في السهو كما لا يخفى أو
متعلقه يعنى المشكوك أو المسهو أو موجبه لكن كثير من هذه الاحتمالات خلاف الظاهر أو خلاف المقطوع كما سننبه عليه
ولنشرع؟ إلى حكم هذه الاحتمالات في ضمن مسائل الأولى الشك في أصل الشك في الشئ وحكمه جعل الشك المشكوك
فيه كالعدم للأصل فليلتفت إلى نفس الشئ في هذا الآن فإن كان مشكوكا فيه عمل بما يقتضيه حكم الشك فيه مثلا لو شك
في حال القيام في أنه شك في الركعة السابقة في الأولتين أم لا يبنى على عدمه ويلتفت الآن إلى عدد الركعات فان شك
فيها عمل على مقتضى معرفة احكام صور الشكوك والسهو الكثيرة الوقوع شرط في صحة الصلاة وان لم تتفق فيها أم لا وجهان
من عدم الدليل ومن انه يعتبر في النية الجزم بايقاع الفعل على وجه يكون مطلوبا للشارع ومع احتمال وقوع السهو على
وجه لا يعلم المكلف بعد عروضه بطريق الامتثال مع كون ذك الاحتمال احتمالا لا يدفع بالأصل فيشك بالتمكن من
اتمام العمل على الوجه المطلوب فلا يتحقق الجزم وبعبارة أخرى عروض السهو أو الشك لمثل هذا الشخص موجب لبطلان صلاته
لأنه لا يعلم بعلاجه لأن الشك قد يوجب البطلان وقد يوجب التلافي مع المزعمتين أو بدونها وقد لا يوجب شيئا
منهما فالجاهل لا يتمكن من المضي في الصلاة الكذائية على وجه التقرب والمفروض انه أكثري الوقوع بحيث يكون ما لا يقع فيه
شك كالمعدوم فلا يجوز التمسك في نفى عروضه الأثناء بأصالة العدم فلا يتحقق العلم ولا ما قام مقامه شرعا بعدم
المبطل فلا يتحقق العزم إلى اتيان تمام العبادة المطلوبة فتبطل ويمكن الجواب بأحد وجهين الأول منع عدم امكان
أصالة العدم إما لمنع كون غلبة العروض على وجه يمنع من اجزاء أصالة عدم العروض سيما مع العزم على التحفظ واما
لمنع غلبة عروض خصوص ما يوجب التلافي أو البطلان والاحتياط من أقسام الشكوك الثاني منع عدم تحقق
العزم ولو سلمنا عدم اجزاء أصالة عدم العروض بدعوى انه يكفى في النية ان يعزم عند إرادة الشروع على الاتيان بصلاة
مطلوبة للشارع إما بهذا الفعل الذي شرع فيه ان لم يتفق فيه شك واما بفعل أخرى وهذا ليس ترديدا في أصل الفعل
ولا في الأفعال الاختيارية بل ترديد من جهة الأمور الاتفاقية الخارجية عن الاختيار هذا كله إذا قلنا بعدم كون التحفظ
246

عن السهو والشك مقدورا واما إذا قلنا بمقدوريته فلا اشكال في تحقق العزم مع البناء على التحفظ ثم على القول بعدم
الاشتراط فهل يجب معرفتها بالوجوب المستقبل المجرد عن الشرطية أم لا الظاهر الوجوب مقدمة بمعنى وجوبه لئلا يقع في
محذور الأبطال إذ المضي على الشك من غير معرفة حكمه ابطال أيضا كالقطع واما أصالة عدم العروض فلا يجدى لاستلزامها
الوقوع في الأبطال المحرم غالبا وان شئت فقل ان ثبوت العلم الاجمالي بوقوع السهو كثيرا وإن كان في المستقل (يمنع صح) عن اجراء الأصل مع أن الظن يقوم مقام العلم عند تعذر العلم كما هو المفروض فيما نحن فيه ولا ينقض بتعلم مسائل التجارة
للتاجر حيث إن تركه يفضى إلى الوقوع في المعاملات الفاسدة والتصرفات المحرمة مع أنهم حكموا بالاستحباب لأنا نلتزم
بالوجوب المقدمي هناك أيضا عند إرادة ايقاع المعاملة المشكوك في صحتها والتصرف فيما ينتقل إليه بتلك المعاملة
إذا ظن بوقوعه في الحرام فان وجوب الشئ قد يكون لأجل خوف للوقوع في الحرام مثل النكاح إذا خاف بتركه الوقوع في الزنا
حيث إنه مكلف بتركه الوطي الحرام وحيث انه موقوف بحسب ظنه على الوطي بالمحللة ولم يتعين عليه والمراد بالظن في المقام
هو الظن النوعي الحاصل من غلبة الوقوع لا خصوص الظن في كل صلاة وذلك لصدق خوف الوقوع في الحرام ثم إن مقتضى
ما ذكرنا من وجوب معرفة احكام (الخلل صح) هو وجوب تمييز واجبات الصلاة من مستحباتها وأركانها من غيرها
إذ بدونها لا تعرف احكام الخلل وبعد في التزام ذلك حيث يقتضيه الدليل وقد يتوهم ان وجوب بالعمل باحكام
الخلل (انما هو بعد تحقق الخلل صح) من الشك ان أو السهو فقبله لا يجب فلا يجب معرفتها لعدم وجوب المقدمة قبل وجوب ذيها وهذا توهم فاسد
لأن المفروض عدم التمكن من المعرفة بعد تحقق الشك فلو لم يجب عليه لزم إما عدم وجوب العمل بتلك الاحكام على الجاهل
واما عدم الوجوب العقلي للمقدمة لان قبل تحقق الشك لم يكن حكم من الفعل على ما زعمه المتوهم وبعده لا يكون يحصل
المعرفة مقدوره على ما هو المفروض واللازم بقسميه باطل إما الأول فللاجماع ولعموم ما دل على وجوب الأحكام المذكورة
واما الثاني فللاتفاق على وجوب المقدمة بالوجوب العقلي نعم يمكن ان يقال إن ما ذكر لا ينهض على اثبات
الوجوب المقدمي قبل وجوب ذي المقدمة لجواز ان يكون وجوب المعرفة وجوبا نفسيا ثابتا بالاجماع وإن كان الحكمة في
وجوبها هو العمل لكنه ضعيف إذ الاجماع لم ينعقد الا على أن الجاهل التارك لتلك الأحكام معاقب على تركها وهو (لا يلازم صح)
وجوب المعرفة نفسا واما وجوب المقدمة قبل وجوب ذيها فهو انما لا يتحقق قبل الخطاب بذيلها واما بعده وإن كان
خطابا مشروطا بتحقق شئ بعلم أو بظن تحققه في المستقبل فيجب المقدمات الغير المتمكن من تحصيلها في زمان الوجوب
المستقبل ويجب في صحة صلاة المأموم ان يكون في الامام شروط أحدها التكليف بان يكون بالغا عاملا إما
اعتبار العقل فموضع وفاق نصا وفتوى نعم لو كان أدوارا صح حال افاقته ولا عبرة باحتمال طروه في أثناء الصلاة لأصالة
247

عدمه مع أن طروه لا يوجب الا بطلان الجماعة فينفردا ويعدل إلى غيره بناء على جواز الاستنابة في المقام وما قيل من أن
أصالة عدم الطرو لا يؤثر في حصول الاطمينان المعتبر في نية الجماعة فلابد من اعتبار الاطمينان وكذا الحال في جميع الشروط
التي لا بد من بقائها إلى اخر الصلاة قد عرفت فساده في مسألة ادراك الامام في الركوع وان هذه الشروط التي ليست
تحت قدرة المكلف يكفى فيها حكم الشارع بكون الافعال الصادرة من المكلف المعزوم عليها في ابتداء العبادة مقرونة
بها مستصحبة لها ولو بحكم الاستصحاب الشرعي والمعتبر في النية الجزم بصدور اجزاء الفعل الاختيارية منه واما
مقارنتها للشروط والكيفيات المعتبرة فيها الخارجة عن اختيار المكلف فيكفى فيها حكم الشارع ببقائها بعد إن كانت
متيقنة في أول الصلاة ويحكى عن المصنف قدس سره في التذكرة في باب الجمعة المنع معللا باحتمال عروضه له
في الأثناء وباحتمال خروج المنى منه حال جنونه فيبقى جنبا ولكن لا يخفى ضعفهما لان الأصل عدمهما مع أن المانع الثاني يمكن
ان يتدارك بالغسل كما حكى عن النهاية استحبابه لأجل ذلك واما اعتبار البلوغ فهو المشهور وعن الرياض عن صوم
المنتهى نفى الخلاف فيه إما بناء على القول بعدم شرعية عبادة الصبى فواضح لان صلاته لا تتصف بالصحة وانعقاد
الجماعة به مأموما كما تقدم انما كان للدليل المفقود في المقام مع انا قد ذكرنا ان هذا الحكم دليل على شرعية عباداته
كما في شرح الارشاد المقدس (المحقق صح) واما بناء على شرعيتها فلعدم انصراف الاطلاقات الا إلى المكلف فيبقى غيره تحت أصالة
عدم الضمان مضافا إلى فحوى ما دل على اعتبار العدالة حيث إن الفاسق مع أن فيه حاجزا عن معصية الله عز وجل في
الجملة لا يجوز له الايتمام فالصبي العالم بعدم معاقبة أولي بالمنع مع أنه لا يؤمن من اخلاله ببعض ما يعتبر في الصلاة شرطا
أو شطرا مع أن صلاته نافلة فلا يجوز الايتمام به مع أن المستفاد من اشتراط العدالة اشتراط بلوغه لأنها فرعه لكن
الانصاف ان ذلك وغيره مما ذكروه وجوه ضعيفة لا تقوى على تخصيص العمومات المستفادة من الاخبار الحاصرة للممنوع عن
الاقتداء به في خمسة أو ستة لولا العلوي المنجبر بما ذكر من الشهرة لا يؤم الغلام حتى يحتلم فان أم جاز صلاته وفسد صلاة
من خلفه خلافا للمحكى عن الشيخ في الخلاف فجوز امامة المراهق مدعيا عليه الوفاق ويحكى عن السيد في بعض كتبه ويشهد
له خبر طلحة بن زيد وغياث بن إبراهيم المجوزان لامامة الصبى وأذانه وما ورد في جواز صدقته وعتقه وامامته
مع بلوغ العشر وكلها ضعيفة إما الاجماع فلما ترى من مخالفة الكل له حتى مدعيه في جملة من كتبه نعم قيل إنه محكى عن
بعض كتب السيد واما الخبران فلضعفهما العاري عن الجابر واما المجوز لعتقه وصدقته فلمخالفته هنا وفي باب الصدقة
والعتق لفتوى المعظم المطابقة للأصول والأدلة وللشهيد في الدروس فجوز إمامته لمثله مطلقا ولغيره في النفل إما الأول
فلا يبعد بناء على شرعية الجماعة لهم كأصل الصلاة بناء على ما ذكرنا سابقا من كون المستحبات؟ الغير المختصة بالمكلفين
248

من دليل خارج مستحبة في حقهم وان حديث رفع القلم عنهم انما هو في الواجبات والمحرمات نعم لو قيل باختصاص أدلة استحباب
الجماعة بالمكلفين بحكم الانصراف كما تقدم في اشتراط البلوغ أو قلنا بعموم أدلة اشتراط بلوغ الامام لمطلق الامام توجه
منع هذا القول وبهذا الأخير يضعف ما ذكره من صحة إمامته في النافلة ولعله بناء على أن صلاته حيث كانت
نافلة فلا
يجوز الاقتداء به في الفرض لما عرفت من عدم الدليل على جواز الاقتداء في الفرض الا في المعادة وضعف هذا الوجه ظاهر
كضعف أصل الحكم مما عرفت من عموم الدليل واعلم أن هذه الأخبار لا تدل الا على كفاية تحقق هذه الصفات في الخارج في قبول
شهادة الشاهد واما ان ذلك لأجل كونه طريقا ظنيا أو تعبديا إلى الملكة وان العدالة هي بنفسها حسن الظاهر المستفاد
من هذه الصفات المذكورة فلا تدل فإذا لابد لمدعى ان العدالة هي الملكة من إقامة الدليل على ذلك حتى تحمل تلك
الصفات المذكورة في الأخبار السابقة على الطريق إليها فنقول ان القائل بكون العدالة هي حسن الظاهر أن أراد به انها
نفس هذه الصفة إلى عدالة الظاهر وحسنه فهذا خلاف المتبادر من لفظ العدالة الا ترى انه إذا انكشف لنا ان الشخص الحسن
الظاهر كان فاسقا في نفس الامر من أول ما عرفناه وعاشرناه الا انه خفى علينا امره الباطني فيصدق حينئذ انه لم يكن عادلا
بل كان فاسقا والحاصل ان المتبادر من العدالة هي الصفة الباطنية وانها حسن الباطن دون حسن الظاهر نعم قد يحكم العرف
بحسن الباطن من جهة ان الظاهر عنوان الباطن وبهذا يظهر فساد ان يراد من العدالة ملكة تعديل الظاهر وبعبارة أخرى ملكة
الستر بان تكون هيئة نفسا نية تبعثه على ستر عيوبه عن الناس وتعديل ظاهره بينهم مضافا إلى أن ملكة التدليس
على هذا تدخل في ملكة العدالة اللهم الا ان يقال إن العدالة ملكة التستر عن الناس من جهة الحياء من الله في التجاهر بمعصيته
وملكة التدليس هو ملكة التستر حياء من الناس لخوف سقوط محله عن القلوب أو لطمع ميلها إليه لكن يشكل الامر في التمييز
حينئذ هذا كله مضافا إلى أن الظاهر من أرباب هذا القول جعل حسن الظاهر طريقا إلى العدالة لا نفسها كما يظهر من (س)
قال ويعلم العدالة بالشياع والمعاشرة الباطنية وصلاة عدلين خلفه ولا يكفى الاسلام في معرفة العدالة خلافا
لابن الجنيد ولا التعويل على حسن الظاهر على الأقوى انتهى ومثله المحكي عن الذكرى والبيان والجعفرية والموجز والكفاية و
المدارك والروض (بل في.. وذهب مقدار في الكتابة صح [أصله ناقص]) وكيف كان فدعوى ان العدالة عبارة عن مجرد حسن الظاهر أو ملكة تحسينه فاسد جدا وعلى تقدير
القول به فينفيه ظاهر الأخبار الدالة على أن المعيار حسن الباطن وان المعتبر هو الوثوق به مثل قوله (ع) لا تصل الا خلف من
تثق بدينه وأمانته وقوله إذا كنت خلف امام تتولاه وتثق به وقوله (ع) في شهادة الضيف إذا كان عفيفا صاينا إلى
غير ذلك مما دل على اعتبار عتقه وصلاحه وخيريته فان هذه كلها أمور باطنية اعتبرها الشارع في الشاهد والامام
وان أرادوا به ما هو الظاهر من كلماتهم على ما عرفت من أن حسن الظاهر طريق ظاهري إلى العدالة فان أرادوا بذلك انه
249

طريق تعبدي على ما يظهر من قوله في مرسلة يونس إذا كان ظاهره ظاهرا مأمونا جازت شهادته ولا يسئل عن باطنه وقوله من
صلى الخمس في جماعة فظنوا به خيرا أو كل خير كما عن الفقيه وقوله (ع) في رواية ابن ابن أبي
يعفور والدليل على ذلك كله ان يكون ساترا
لعيوبه اكتفى به في الدلالة على الصفات ذكرها سابقا وقوله (ع) في رواية العيون والخصال من عامل الناس فلم يظلمهم إلى أخر
إلى غير ذلك ففيه ان اطلاق هذه الأدلة منصرفة إلى صورة إفادة هذه الصفات الظاهرة منه الظن بحسن الباطن ولو أبيت الا
عن اطلاقها فنقول انها مقيدة بما دل على اعتبار الوثوق وكونه ممن يرضى صلاحه وعفته مع أن قوله (ع) من صلى لخمس في جماعة
فظنوا به خيرا أو كل خير يدل على أن المناط في ترتب الآثار هو ظن الخير بالشخص لا مجرد الافعال الظاهرة وانما اعتبرت لسكون أسبابا
لظن الخير الذي تترتب عليه الاحكام فظاهر الخبر ان الآثار تترتب على رؤية الشخص مصليا في الجماعة بواسطة حصول الظن
من ذلك بالخير فهذا على خلاف المطلق أدل وأيضا فقوله (ع) من عامل الناس إلى أن قال وجبت اخوته قرينة على إرادة حصول
الوثوق بذلك من الأوصاف المذكورة لعدم وجوب اخوة غير الثقة المعتمد المظنون فيه حسن الباطن وكذلك قوله (ع) في صحيحة
ابن ابن أبي
يعفور لأنه لولا ذلك لم يكن لاحد ان يشهد لاحد بالصلاح فإنها قرينة على إرادة الكشف بل قوله في... [هذا البياض واقع في الأصل]
المأمومية من ارتكاب القبايح في الواقع وكيف فهذه الأخبار لا اطلاق فيها وعلى فرضه فتصرف إلى صورة كشف حسن الظاهر
عن حسن الباطن وعلى فرض عدم الانصراف فيقيد بما عرفت بل يمكن ان يقيد اطلاقاتها بما دل على اعتبار العفة والصلاح
والصيانة والأمانة حيث إن الظاهر من تلك الأخبار اعتبار العلم بهذه الصفات ولا أقل من الظن المصحح للتوصيف عرفا
اللهم الا ان يقال إن هذه الأوصاف إذا اعتبر تحققها في نفس الامر وحيث دل الدليل على أن حسن الظاهر طريق إلى هذه الأوصاف
وان لم يحصل الظن منه بها فلا حاجة إلى حصول الظن المصحح للحمل عرفا بل يكفى وجود الطريق التعبدي المصحح للحمل شرعا فالأجود في
الجواب ما ذكرنا من أنه لم يظهر من الاخبار كون مجرد حسن الظاهر كاف في الحكم بترتب احكام العدالة وان لم يفد ظنا
بحسن الباطن الذي ذكرناه من الحالة النفسانية الرادعة للهوى عن مخالفة الشرع بالنسبة إلى جميع الكباير في غالب الأحوال
وان صار مغلوبا للهوى في بعض الأحوال نظرا إلى غلبة القوة الشهوية أو الغضبية مع أنه لو سلم ترتب احكام العدالة بمجرد
حسن الظاهر لكن من ابن ثبت ان حسن الظاهر نفس العدالة كما يظهر من بعض مشايخنا المعاصرين كيف وقد
عرفت ان
المنقول في الدروس وغيرها عن أرباب هذا القول هو كون حسن الظاهر طريقا إلى العدالة واما جعله طريقا كشفيا فلا يأباه أرباب
القول بالملكة ثم إنه قد مال بعض المعاصرين إلى جعل العدالة عبارة عن نفس اجتناب الكباير كما يظهر من كلام ابن حمزة وابن إدريس
على ما تقدم وكون حسن الظاهر طريقا إليه وفيه أولا ان العدالة ليست نفس الاجتناب لان العدالة من الصفات
لامن الافعال مضافا إلى عدم مساعدة عرف المتشرعة عليه وكذا كلام الفقهاء عدا ما تقدم من المحكي عن ابن إدريس وابن حمزة
250

ولا دليل في الاخبار عليه عدا ما ربما يتوهم من قوله (ع) في صحيحة؟ ابن ابن أبي
يعفور ويعرف باجتناب الكباير التي اوعد الله عليها
النار حيث إنه عطف على قوله بان تعرفوه بالستر والعفاف فيكون المعنى تعرف العدالة بان يعرف باجتناب الكباير لكن
لا يخفى ان هذا لا يستلزم أن تكون العدالة عبارة عن نفس الاجتناب بل يمكن ان يكون الاجتناب طريقا إليها وتكون هي الحالة
الراسخة فتعرف هذه الحالة من اثارها كما يعرف المؤثر بالآثار معرفة انية وثانيا ان أريد بذلك جعل حسن الظاهر طريقا (تعبديا صح)
إلى الاجتناب فلا دلالة على ذلك في الاخبار عدا قوله (ع) في رواية ابن ابن أبي
يعفور والدليل على ذلك ان يكون ساترا لعيوبه إلى أخره
ولا يخفى انه لا يدل على كون الستر طريقا تعبديا إلى الاجتناب لانصرافه إلى صورة إفادة الستر الظن بالترك ويرشد إليه قوله
عليه السلام في ذيله في مقام اعتبار التعاهد للجماعة ولولا ذلك لم يكن لاحد ان يشهد لاحد بالصلاح فان ظاهره ان مداومة
الجماعات انما يعتبر لكونه مظنة للصلاح الذي هو عبارة عن عدم فساد أموره لمخالفتها للشرع واما قوله (ع) من عامل الناس
فلم يظلمهم إلى قوله فهو ممن ثبتت عدالته فلا يدل أيضا على كون العدالة نفس هذه الأفعال المذكورة وأشباهها بل يدل
على كون هذه الأفعال طريقا إلى العدالة فهو على عكس المطلوب أدل اللهم الا ان يجعل هذه الأفعال الثلاثة المذكورة طريقا
للحكم بموافقة باقي أموره للشريعة وهي عبارة أخرى عن اجتناب القبايح وكيف كان فجعل نفس الاجتناب عدالة لا دليل
عليه فضلا عن جعل حسن الظاهر طريقا إلى الاجتناب والظاهر من كلام المعاصر المذكور المائل إلى هذا الاحتمال ان الداعي إلى
هذا دفع ما يورد على كل من القول بالملكة والقول بحسن الظاهر من أن المستر للعيوب الحسن الظاهر عند عامة الناس الواجد
لملكة العدالة الذي هو عدل واقعي عند أرباب القولين إذا اطلع منه على معصية خفية لم يتظاهر بها عند أحد فيجب ان
يحكم بعدالته على القولين إذ لم ترتفع عنه بمجرد ذلك الملكة ولا حسن الظاهر مع أنه محكوم بعدم العدالة عند من اطلع على
ذلك منه اتفاقا على الظاهر واما لو جعلنا العدالة عبارة عن الاجتناب وجعل عن الاجتناب وجعل حسن الظاهر طريقا فلا يلزم ايراد لان الطريق
انما يعتبر إذا لم ينكشف الواقع ولا يخفى ان الفرار عن هذا يمكن على القول بالملكة بان يقال إن العدالة هي الملكة الباعثة
على ملازمة التقوى فما دامت الملكة متصفة بالبعث على التقوى والزجر عن المعاصي فهى عدالة وإذا وقعت المعصية
فالملكة في حال الوقوع غير متصفة بالزجر والبعث ولذا يتصف الفاعل بالفسق ثم لو تاب وذم على ما فعل اتصف الملكة
بالبعث والزجر إذ بواسطة اتصافها بالصفة المذكورة ألزمت النفس بالتوبة وحصلت الندامة ولا ينافى ذلك ما سنشير
إليه من أن المراد بالملكة الحالة القاهرة لقوتي الشهوة والغضب بالنسبة إلى جميع المعاصي في أغلب الأحوال بان يقال إن هذه
الحالة موجودة فيه في حال المعصية لان المراد بهذا التفسير هو ان هذه الحالة لا يجب أن تكون وظيفتها المنع في جميع الأحوال بحيث
لا يوجد للانسان حال يغلب فيه القوتان على تلك الحالة القدسية بل يعتبر ان يكون من شأنها الغلبة على القوتين (في الأغلب صح) لكن
251

لا يكون عدالة إذا اتصفت بالغلبة والبعث فإذا صارت مغلوبة فلا يسمى عدالة لأنها هي الملكة المتصفة بالبعث مع أنه سيجئ
ان العدالة ان جعلناها عين نفس الاجتناب عن جميع القبايح فلا يكون حسن الظاهر طريقا إليه لان ترك المعاصي الخفية التي ليس من
شأنها الظهور ولا يعلم ولا يظن بحسن الظاهر فلا بد من أن يكون الطريق إليه (ظنا هي صح) المكلة وحينئذ فيكون حسن الظاهر كاشفا ظنيا
عن المكلة وهي امارة على الاجتناب وسيأتى تفصيل هذا بقى الكلام في مستند القائل بالملكة وقد عرفت ان ظاهر مرادهم بالملكة
هي الحالة النفسانية وان عبر بعضهم بالملكة واخر بالهيئة الراسخة وثالث بالكيفية الراسخة الا ان الذي فهمه منه بعض السادة
المعاصرين هي الحالة والمراد منها الأعم مما يحصل بعد المزاولة ومما يحصل دفعه بالماء الخشية في قلبه كما قد يتفق فالمراد بها
الحالة النفسانية القاهرة لسلطان الهوى الآخذة بزمام قوتي الشهوة والغضب إلى ملازمة التقوى في غالب الأحوال وهذه حالة
مبينة سهلة الحصول تشاهد في المطيعين من عبيد سائر الموالى ولا يقدح غلبة القوتين عليها في بعض الأحوال لتقويهما
بالأمور الخارجة الاتفاقية الشخص من الاضطرار أو يموهان الامر على صاحبه فتقعد الحالة المذكورة على المدافعة لضعف
البصيرة المحركة لها على الدفاع والغالب في حصول الكباير من أهل العدالة هو الثاني كما أن الغالب في حصول المعصية من
مطيعي عبيد أهل الدنيا هو الأول أو أمر ثالث وهو عدم اطلاع المولى كما أن هنا أيضا قسما ثالثا وهو تلبيس النفس الأخر
على الشخص برحمة الله تعالى وغفر انه بعد التوبة وتدارك السيئات بالحسنات لكنهما في الحقيقة راجعة إلى
القسم الثاني ويمكن
الفرق بينهما بان النفس في القسم الثاني تموه على الانسان في أصل مبغوضية العمل وفي هذا القسم في عفو الله سبحانه ومما ذكرنا
تبين ان هذه الحالة لا تزول بمجرد ايقاع الكبيرة نعم يزول وصفها أعني سلطانها على الهوى ويبقى زائلا والهوى غالبا بعد
صدور المعصية ما لم يحصل الندامة فإذا حصلت الندامة رجع الهوى إلى مغلوبية والحالة المذكورة إلى سلطنتها
فالعدالة هي الحالة الباعثة الغالبة مع تلبسها بوصف البعث والغلبة ولا ريب ان الانسان إذا فعل كبيرة وبقى غير نادم
عليها مع الالتفات إليها (فليست صح) الموجودة فيه غالبة على الهوى والا لندم عليها قطعا لان من اثار غلبتها على الهوى
هو الندم كما هو مشاهد في المخالفات العرفية فان قلت قد يفعل المعصية ويذهل عنها فلا يندم عليها قلنا يكفى في رجوع
غلبة الحالة بغض صاحبها لتلك المعصية اجمالا بعنوان انه من معاصي الله وان لم يلتفت إليها تفصيلا حتى يندم عليها
واما الدليل على كون العدالة هي الحالة المذكورة فهى صحيحة ابن ابن أبي
يعفور المتقدمة الدالة على أنه يعرف عدالة الرجل بان
يعرفوه بالستر والعفاف وكف الجوارح الأربع فان الظاهر من العفاف هي الحالة النفسانية وكذا المراد من الكف ليس مجرد تحققه
في زمان بل المراد ان يكون وصف الكف ثابتا له بان يوجد فيه الحالة الموجبة للكف فان الانسان لا يعلم أنه كاف عفيف
ما لم يحصل له الحالة النفسانية ولا يصدقان بمجرد تحققهما في زمان ما فالحالة الموجبة للكف هي العدالة ولو لم يكن في
252

الصحيحة الا ذكر العفاف لكان كافيا في المقام من جهة ان العفة من الصفات النفسانية والمراد بها ملكة التعفف
عن القبايح ففي الحقيقة الدلالة فيها من وجهين الأول انه اخذ فيها العفة وهي صفة نفسانية بل ملكة من الملكات
كما لا يخفى الثاني اخذ الكف حيث إن المراد تحققه على وجه يكون من الأوصاف الثابتة للشخص لا من الافعال الحادثة الصادرة
عنه في زمان من الأزمنة ولا يكون ذلك الا مع الحالة الموجبة لكن الذي يخطر بالبال في وجه ذكر هذه الأمور الثلاثة هو
ان الستر بنفسه لا يكفى (ما لم يتحقق العفاف وأيضا لا يكفى صح) في تحقق العدالة الا بعد تحقق اثرها وهو الكف فلو تحقق وصف العفة ومع ذلك لم يكف نفسه
عن حرام فهو ليس بعادل فالاجتناب فعلا معتبر في العدالة ويقدح فيها ارتكاب القبايح ولو مع بقاء صفة العفة ولما
كان ذكر كف الجوارح الأربع بقول مطلق موهما لاشتراط عم مشاهدة المعصية منه أصلا عقبه بقوله ويعرف
باجتناب الكبائر التي أو عد الله عليها النار ولما كان العلم بالاجتناب عنها لا يتحقق للغير ولو مع المعاشرة إذا القبايح
الخفية مثل الافطار في الخلوة وجماع الحايض ونحو ذلك لا يعلم بالمعاشرة نصب لذلك دليلا ظنيا بقوله والدليل على
ذلك كله ان يكون ساترا لعيوبه إلى اخر ما ذكره من اعتبار المواظبة على الجماعة التي تورث الظن بتحقق العفة والصلاح
ويوجب حسن ظن الناس ويدل على اعتبار الملكة أيضا الاخبار الأخر الدالة على اعتبار العفة والصيانة والصلاح
والوثوق بالدين والأمانة فان كون الثلاثة الأول من الأوصاف الثبوتية لا ينكر والوثوق أيضا لا يحصل الا بعد الظن
بل الاطمينان بتحقق الحالة المانعة عما يقتضى خلاف الأمانة ولا يحصل بمجرد رؤية الشخص غير مرتكب لمعصية ولو بعد
المعاشرة الا ان يكشف ذلك عن كونه لملكة لا من باب الاتفاق فان مرادنا باعتبار الملكة هو اخراج من يجتنب
المحرمات ويأتي بالواجبات على وجه الإطاعة لكن لا لحالة وحدانية باعثة له على إطاعة الله سبحانه في الجميع بل لمجرد
اتفاق اختيار الطاعة على المعصية في كل مورد مورد حتى توافقت الاتفاقات فان الظاهر أن هذا ليس بعادل لأنه لا يصدق
عليه بمجرد العفة والصلاح ولا يوثق به بمجرد ذلك بقى هنا شئ وهو ان غاية ما دل عليه صحيحة ابن ابن أبي
يعفور هو
ان معرفة الشخص بهذه الصفات موجب لمعرفة عدالته كما يرشد إليه قوله عليه السلام بعد قول المسائل بم يعرف عدالة
الرجل قال بان يعرفوه بالستر والعفاف على أن معرفته بالستر والعفاف طريق إلى معرفة عدالته واما ان العدالة
من الصفات والملكات فلا وكذلك الاخبار الأخر انما دلت على اعتبار الصيانة والعفة ونحوهما في الشاهد لا ان
هذه بعينها أو الحالة اللازمة المساوية لها هي العدالة وحينئذ فيحتمل أن تكون العدالة عبارة عن استقامة الانسان
وعدم انحرافها واقعا عن طريقة الشرع الا ان الشارع جعل هذه الصفات طريقا إلى الاستقامة المذكورة الواقعية ولا ينافى
ذلك جعل اجتناب الكبائر طريقا لمعرفة العدالة في قوله (ع) ويعرف باجتناب الكبائر التي اوعد الله عليها النار لان المراد
253

من هذا الاجتناب هو الاجتناب الظاهر للناس عند معاشرته ومخالطته عن المعاصي التي تظهر للناس مثل قتل المسلم و
الإهانة بالمؤمنين وشتمهم والظلم وقد جعله الشارع طريقا إلى الحكم عليه بأنه مجتنب في الواقع عن الجميع حتى عن المعاصي الخفية
مثل الافطار في الخلوات ونكاح الحائض والسرقة عند الفرصة وبغض المؤمنين فالاجتناب عن المعاصي التي تظهر للناس
عند وجودها طريق إلى العدالة التي هي الاجتناب عن الجميع مع أنه لو دل قوله يعرف باجتناب الكبائر على مغايرة الاجتناب
للعدالة لدل قوله (ع) بان يعرفوه بالستر والعفاف على كونهما مغايرين للعدالة لأنهما في سياق واحد وظهر بذلك ضعف
ما يقال من أن ظاهر الصحيحة ان الاجتناب طريق معرفة العدالة لا نفسها فيكون من باب الاستدلال بالمعلول على العلة
وقد نفى الشبهة عن هذا الظهور بعض ساداتنا المعاصرين وأنت خبير بان ظاهر الصحيحة ليس الا انه يعرف العدالة بان
يعرف الرجل بالكف ويعرف بالاجتناب وان معرفة الكف والاجتناب سبب معرفة العدالة وليس فيها دلالة على أن
العدالة هو ما أوجب الاجتناب لا نفسه وحينئذ يمكن ان يقال إن العدالة عبارة عن الاستقامة الواقعية وملكة العفة
والتحرز التي سموها بالعدالة طريق إليها لان الحكم باستقامة الباطن في الماضي والحال والاستقبال لا يمكن الا مع تحقق
الملكة إذ لا اطمينان ببقاء الأحوال فجعل الملكة دليلا عليها من قبل الدليل اللمى وحيث تعذر العلم بالملكة
اكتفى بالاستقامة الظاهرية الموجبة للظن بالملكة الموجبة للظن باستقامة الباطن واقعا الذي محط نظر الشارع
في اعتبار العدالة في الشهادات والجماعات وهذا ظاهر لمن تأمل في أن غرض الشارع لا يتعلق أولا وبالذات الا بتحقق
صفة الطاعة والتحرز عن القبايح في الشاهد والامام ليطمئن بصدق الشاهد ويحرز الفضيلة بالاقتداء مع الامام
لكن الظاهر أن هذا القول خلاف المشهور وإن كان يظهر من المحكي عن جماعة بل عن المجلسي في البحار ان الأشهر وعن
الخراساني ان الأقرب الأشهر في معناها أن لا يكون مرتكبا للكباير ولا مصرا على الصغاير وعلى هذا فمجرد فعل الكبيرة
يقدح في تحقق العدالة لعدم تحقق الاجتناب وبقى شئ اخر وهو ان فعل الصغيرة لا يقدح في العدالة اجماعا ممن
قسم المعاصي إلى قسمين فعلى القول بان العدالة عبارة عن الملكة ان قلنا بان المراد ملكة اجتناب الكباير بحيث
لا يقدح عدم ملكة الكف عن الصغاير فهذا موقوف على تمييز الفاعل بين الصغائر والكبائر والا فحصول (ملكة صح) الكف
عن الكبائر من باب الاتفاق دون الصغائر لا يتحقق غالبا وان قلنا المراد ملكة اجتناب جميع المعاصي الا ان فعل الصغيرة
لا يقدح فان لوحظ في الملكة اتصافها بالمنع فعلا فلا ريب في عدم اتصاف الملكة بالمنع حين الفعل فيخرج عن العدالة
نعم لو قلنا إن العدالة هي الملكة التي من شأنها المنع وان لم تمنع الا ان الدليل قام على فسق مرتكب الكبيرة دون
الصغيرة ففيه ان قيام الدليل على تحقق الفسق بذلك دليل على اعتبار عدمها في العدالة فان المنقول على صريح جماعة
254

كالمحقق في الشرايع والنافع والعلامة والشهيد ونحوهم بل الظاهر عدم الخلاف كما صرح به بعض في زوال العدالة بموافقة
الكباير فعدم فعل الكبيرة مأخوذ في العدالة فلابد من اخذه في العدالة إما بادخالها في الملكة بإرادة الملكة (المتلبسة صح) بالمنع عن الكباير وقد عرفت ان خصوص الكباير لو أخذت في متعلق الملكة كان بعيدا لان تحقق الملكة بالكباير فقط دون
الصغائر موقوف على التمييز بينهما فان الشخص قد لا يفرق بينهما كما هو الغالب في العوام واكثر الخواص بل العلماء في تعداد الكبائر
مختلفون فقد يعتقد العوام بعض الكبائر صغيرة وبالعكس مع أنه يشكل الامر في أن المدار حينئذ على معرفة عنوان كونه
كبيرة أو على ملكة اجتناب ذات تلك المعاصي التي عدها الشارع كبيرة ولو اخذ فيها مطلق الاجتناب عن المعصية أشكل بعدم فسق مرتكب الصغيرة وان جعلت عبارة عن الملكة التي من شأنها الاجتناب عن الكل مع قيد عدم
الاتيان فعلا بالكبيرة فهو أيضا خلاف ما يظهر من عباداتهم من الاقتصار في تعريفها على الملكة وأما بناء على ما
احتملنا من أن العدالة هي نفس الاجتناب عن الكباير في الواقع فيكون فعل الكبيرة قادحا دون الصغيرة ويظهر
من بعض المعاصرين ان فعل الكبيرة يزيل اثر العدالة لانفسها وهو بمعزل عما يستفاد من النصوص والفتاوى لما
عرفت في صحيحة ابن ابن أبي
يعفور من اعتبار كف الجوارح واجتناب الكبائر ولا يخفى دلالتها على عدم الحكم بالعدالة
مع عدم الكف ومع الارتكاب واما الفتاوى فلما عرفت من أن صريح الجماعة الجزم بزوال العدالة بموافقة الكبائر
فلاحظ كلام الفاعلين والشهيدين بل في كلام بعض السادة المعاصرين نفي الخلاف في ذلك ولا اشكال في ذلك
نعم قد يشكل الامر فيما لو فعل كبيرة مع الجهل بأنها كبيرة أو باعتقاد انها صغيرة فظاهر إطلاق النصوص والفتاوى
القدح اللهم الا ان يدعى انصرافها إلى صورة العلم بكونها كبيرة نعم الجهل بالحكم غير قادح في القدح قطعا واما
ارتكاب الصغيرة مع الجهل بأنها كبيرة فالظاهر عدم قدحه أيضا نظر إلى اطلاق الفتاوى وفيها امكان دعوى
الانصراف ويمكن التفصيل بين اعتقاد كونها كبيرة وبين الجهل الساذج فيحكم بالقدح على الأول لان الفاعل
له في حكم المتجري على الكبيرة في أن الحالة النفسانية الغالبة على قوتي الشهوة والغضبية لا تبقى متصفة بالبعث
على ترك الكبيرة حينئذ وقد عرفت أن المعتبر في الحالة المعتبر عنها بالملكة هو أن تكون متصفة بصفة البعث على ترك
الكبائر بالفعل بحيث لو فعل كبيرة زالت الملكة المتصفة لزوال
وصفها لكن هذا مبنى على أن العدالة هو الملكة
الباعثة على اجتناب الكبائر بوصف كونها كبائر إما إذا قلنا بأنها الملكة الباعثة على اجتناب ذوات المعاصي
التي عدها الشارع كبيرة فلا يمكن الحكم بالفسق على هذا الشخص وانما يحكم بفسقه لو اتى بمعصية من الصغائر معتقدا انها
255

المعصية التي من الكبائر مثل انه قتل مرتدا فطريا اعتقد انه مسلم مؤمن......... أعلم ان الأقوال في الكبائر
مختلفة جدا ووردت اخبار كثيرة على انها هي ما أو عد الله عليها النار لكن يشكل ان كثيرا من افراد المعاصي التي لم تعد
من هذه أكبر بحكم العقل المستقل عند الله مما اوعد الله عليه النار مثل الحبس المحصنة ليزني بها أحد أعظم عند الله من
قذفها والدلالة على عورات المسلمين المفضية إلى قتلهم وأسرهم أعظم عند الله من (الفرار عن صح) الزحف أو اكل مال اليتيم وكذا سعاية المؤمن
إلى الظالم المفضية إلى قتله أعظم من غيبته بما فيه وهكذا اللهم الا ان يقال إن هذه كلها من أكمل افراد الظلم الذي أوعد
الله عليه النار قوله عز وجل انا اعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وقوله تعالى ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم
النار وحينئذ فتتسع دائرة الكبائر ويمكن ان يقال إن المراد بما ورد في الاخبار هي الكبائر النوعية وهي التي توعد بالنار على فعل
نوعها وغير هذه ليست كبائر بالنوع وإن كان قد يصير بعض اشخاصها كبيرة بل أكبر من بعض الكبائر النوعية ولعله
إلى هذا ينظر ما حكى عن بعض من انك ان أردت ان تعرف الفرق بين الكبيرة والصغيرة فاعرض مفسدة الذنب على مفاسد
الكبائر المنصوص عليها فان نقصت عن أقل مفاسدها فهى من الصغائر والا فمن الكبائر ثم إن اختلاف الاخبار في عدد الكبائر
محمول على اختلاف مراتبها فحينئذ فكلما ثبت بنص معتبر كون الشئ كبيرة فيؤخذ به ولا يعارضه ترك ذكرها
في نص اخر والا
فإن كان بحسب العقل المستقل أقبح من إحدى الكبائر المنصوصة فهى أيضا كبيرة لأن الظاهر أن اتصاف الذنب بالكبيرة ليس الا
من جهة عظمته وشدة قبحه عند الله عز وجل لا لأجل خصوصية مرتبة من القبح أو لخصوصية أخرى فالظاهر أن مثل هذا
أيضا قادح في العدالة لعموم ما دل على اعتبار كف الجوارح عن المعاصي فان قلت إن الخارج من هذا العموم هي الصغيرة النفس
الامرية وإذا فرض الشك في كونها صغيرة أو كبيرة فكيف يتمسك بالعموم قلت يتمسك حينئذ بأصالة عدم تحقق العدالة
فيمن ليس له ملكة الكف عن هذه المعصية المشكوك في كونها كبيرة وقد تعارض بأصالة بقائها فيمن وجدت له ملكة الكف
عن جميع المعاصي الا انه ارتكب بعد ذلك تلك المعصية المشكوكة لكن غاية الأمر تعارض الأصلين فيتعين الرجوع إلى أصالة
عدم ترتب اثار العدالة هذا مضافا إلى أنه يمكن ان يقال ثم إن قوله في الصحيحة وغيرها مما عرف الكبائر فيها بأنها مما اوعد الله
عليها النار يحتمل ان يراد به ما اوعد الله في خصوص ظاهر الكتاب المجيد عليها خصوص عذاب النار وهو الذي قد يدعى تبادره
من هذه الفقرة لكن يشكل بان بعض المعاصي المذكورة في الصحيحة تمثيلا للكبائر ليس من هذا القبيل مثل شرب الخمر وعقوق
الوالدين والزنا ويحتمل ان يراد بذلك ما اوعد الله عليها النار سواء كان ذلك في الكتاب أو أوحى بذلك إلى نبيه صلى الله عليه وآله
فبلغه الأوصياء صلوات الله عليهم أجمعين وحينئذ فكلما عد في النصوص من الكباير يكشف ذلك عن انه اوعد الله عليها النار
ويحتمل ان يراد من النار مطلق العذاب فيكون كلما توعد عليه بالخصوص قد اوعد عليه النار والدليل على ذلك الجمع
256

بين ما خص الكبائر بما اوعد عليه النار وبين ما ورد في وجه كون المعاصي كبيرة بأن الله سبحانه أوعد عليه في كتابه كما ورد في رواية
الثقة الاجل سيدنا عبد العظيم بن عبد الله الحسنى تعداد كبائر ليس مما أوعد عليه النار بل لم يوعد عليه الا بلسان الرسول مثل
استدلاله (ع) على كون شرب الخمر كبيرة بان الله نهى عنه كما نهى عن عبادة الأوثان وان ترك الصلاة من الكبائر لقوله صلى الله عليه وآله من ترك
الصلاة متعمدا فقد بريئ من ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وآله ونحو ذلك ومما يشهد لذلك قوله عليه السلام في الصحيح الغناء مما أوعد
الله عليه (عليها) النار ثم تلا الآية ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله الآية والظاهر أن المقصود من
تلاوة الآية الاستشهاد بكون الغناء مما اوعد الله عليها النار ولا يخفى انه ليس في الآية الا ذكر العذاب المهين اللهم الا ان
يقال إن الاستشهاد قرينة على أن المراد بالعذاب المهين النار فتأمل وكيف كان فالأظهر ما ذكرنا من دوران الحكم
بالكبيرة مدار النص المعتبر أو حكم العقل المستقل بكونه مثل المنصوص أو أعظم وان الموجود في المنصوص ذكر الكبائر النوعية
إلى أخر...... تعرف العدالة بالصحيحة المتأكدة الموجبة للاطلاع على سريرته ولا يعتبر حصول العلم
لتعسره بل لتعذره فلو لم يكتف فيه بالظن لزم تعطيل الشهادات والجماعات وما قام للمسلمين سوق مع ما علم من الشارع من تسهيل الامر فيها والامر باستخلاف أحد من المأمومين عند حصول عذر للامام وما مر في أدلة القائلين بحسن
الظاهر من الاكتفاء بأدنى امارة مثل ان يعرف منه خير وان يصلى الخمس في جماعة وان يعامل الناس ويعدهم و
يحدثهم فلا يظلمهم ولا يخلفهم ولا يكذبهم وكون ظاهره ظاهرا مأمونا وبالجملة فمقتضى القاعدة وإن كانت
اعتبار القطع بالعدالة الا انه حيث دلت الأخبار الكثيرة على كفاية حسن الظاهر في الشهادة مع ما علم من
اعتبار العدالة فيها استفيد من تلك الأخبار كون حسن الظاهر طريقا ظنيا كافيا في الحكم بالعدالة في مرحلة
الظاهر ما لم يعلم الخلاف والمعيار في حسن الظاهر ما دل عليه مرسلة يونس إذا كان ظاهره ظاهرا مأمونا جازت
شهادته ولا يسئل عن باطنه وقوله (ع) في صحيحة ابن ابن أبي
يعفور والدليل على ذلك ان يكون ساتر العيوبة حتى يحرم
على المسلمين تفتيش ما وراء ذلك من عثراته وعيوبه ويكون منه التعاهد للصلوات الخمس إلى اخر ما ذكر في بيان
الترهيب على ترك الجماعة وقوله في رواية علقمة فمن لم تره بعينك مرتكب معصية ولم يشهد عليه شاهدان
هو من أهل السر والعدالة بناء على أن المراد عدم رؤية المعصية بعد المعاشرة ثم إن الظاهر أنه لا يكفى في الطريق
إفادتها الظن بالذات بحيث لولا بعض الموانع لأفادة فعلا فالمعاشرة التي توجب الاطلاع على أحوال تقييد الظن
بالعدالة لولا بعض الموانع الخارجية الموهنة لا يكفى بل يعتبر الظن الفعلي بالملكة وهل يجوز التعديل بمجرد هذا
الظن أم يعتبر العلم أو يكفى الظن القوى المصحح للحمل عرفا بان يقال هذا عادل وجوه أوسطها الأخير ويظهر
257

أولها من قوله عليه السلام في صحيحة ابن ابن أبي
يعفور بعد الحث على الجماعة ولولا ذلك لم يكن لاحد ان يشهد لاحد بالصلاح حيث دل
على أن البناء في الشهادة بصلاح شخص رؤيته مواظبا للصلوات في الجماعة وأصرح من ذلك قوله (ع) فيها والدليل على
ذلك ان يكون ساتر العيوبة حتى يحرم على المسلمين تفتيش ما وراء ذلك من عثراته وعيوبه ويجب عليهم تزكيته واظهار
عدالته وقوله عليه السلام فيما حكى عن الصدوق في الخصال بسنده عن عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام
ثلث من كن فيه أوجبت له أربعا على الناس إذا حدثهم فلم يكذبهم وإذا وعدهم فلم يخلفهم وإذا خالطهم لم يظلمهم وجب
عليهم ان يظهروا في الناس عدالته ويظهر فيهم مروته ويحرم عليهم غيبته ووجبت اخوته ويؤيده ما يستفاد منه من أنه
كلما يجوز للشاهد ان يعمل به يجوز له ان يشهد عليه مثل رواية حفص القاضي الواردة في يد المسلمين ولولا الاكتفاء
بذلك لا نسد باب التعديلات فينسد باب المرافعات سيما للحكام الواردة في البلاد بل للحاكم البلدي في البلاد
الكبيرة ويحتمل بعيدا الاقتصار في الجواز على صورة العلم لما دل من الأدلة على اعتبار العلم في الشهادة ويعرف أيضا
بالشياع أي باخبار جماعة يفيد الظن بثبوت الملكة وان لم يكونوا عدولا والدليل على اعتباره مضافا إلى ما دل على كفاية
الظن بالعدالة من تعذر العلم ذيل رواية ابن ابن أبي
يعفور وهو قوله فإذا سئل عن قبيلته ومحلته قالوا ما رأينا منه
الا خيرا وما روى من أن النبي صلى الله عليه وآله إذا تخاصم إليه رجلان فأقام المدعى الشهود المجهولين بعث صلى الله عليه وآله رجلين من أصحابه
في قبيلتهما ليسألا عن أحوال الشهود فإذا رجعا بخير أجاز شهادتهما وان رجعا بخبر قبيح دعا المتخاصمين إلى الصلح و
لم يفضحهما ويؤيده قوله (ع) من ولد على الفطرة وعرف بالصلاح إلى أخره هذا كله مضافا إلى السيرة المستمرة الجارية
في ترتب اثار العدالة على الشخص بمجرد التسامع والتظافر فان الخلق الكثير يقتدون بالامام في الصلاة ولم يشهد
عند كل أحد عدلان على عدالة الامام بل لم يحصل لهم الا الظن بالتسامع ونحو ذلك والظاهر أن الشياع أيضا (كذا) ان يستند
الشاهد إليه في تعدليه لبعض ما عرفت وتعرف أيضا بشهادة عدلين وان لم يحكم الحاكم لعموم ما دل على قبول شهادة الشاهدين
وقد أثبتنا هذا العموم باخبار معتبرة مضافا إلى ظهور الاجماع عموما وفي خصوص المقام وللإستقراء القريب من القطعي و
هل يجوز للشاهد الاستناد إلى شهادة عدلين الأقوى ذلك لبعض ما مر وسيجئ وهل يثبت بشهادة عدل واحد
الأقوى نعم إذا حصل منه الوثوق بالمعدل لما يظهر من الاخبار كفايته وكفاية مطلق الظن منها قوله (ع) من صلى
الخمس في جماعة فظنوا به كل خير حيث دل على أن ظن الخير بالمصلى جماعة ظن في موقعه والمقصود الأصلي ليس مجرد ظن الخير و
انما هو ترتيب اثار الخير بعد الظن به ويؤكد ذلك ما في بعض الأخبار من زيادة قوله عليه السلام بعد قوله فظنوا به خيرا وأجيزوا
شهادته فان الظاهر أن عطف قوله وأجيزوا شهادته على قوله فظنوا من قبيل عطف العلة الفائية على معلولها
258

كما هو شايع ذايع في الأمثلة العرفية والاخبار والآيات وحينئذ فدلالته على ترتب قبول الشهادة على ظن الخير واضحة
غاية الوضوح ومنها قوله (ع) لا تصل الا خلف من تثق بدينه وأمانته ومنها ما ورد في قبول شهادة القابلة
إذا سئل عنها فعدلت فان ظاهره كفاية الواحد في التعديل ومنها ما دل على كفاية الرضا بالدين والصلاح في
الاستشهاد مثل ما روى عن مولانا العسكري (ع) في تفسير قوله تعالى ممن ترضون من الشهداء إلى غير ذلك بل يمكن ان يستفاد
من الأخبار المتقدمة في استناد الشاهد إلى ظنه الحاصل من المعاشرة جواز استناده إلى مطلق الظن وإن كان موردها
الظن الحاصل من المعاشرة والاطلاع على مواظبة الجماعة بقى هنا شئ وهو ان العدالة هل هي معتبرة في الايتمام
فقط أو هي معتبرة في أصل الجماعة بحيث لو علم الإمام بفسق نفسه لم تحصل به الجماعة فلو كانت الجماعة شرطا في صحة
الصلاة كالجمعة والمعادة جماعة بطلت صلاة الامام بل صلاة الكل في نفس الامر بل لا يبعد بطلان صلاة نفسه
في غيرها إذا جعل الإمامة من مقومات صلاته وجعل الصلاة بوصف الجماعة معروضة لنية القربة وكذا لو شك
فبنى على ما يعمله المأمومون المشهور على الأول ولا يستفاد غيره من الاخبار عدا ظاهر المحكي عن مستطرفات
السرائر عن كتاب السياري عن الباقر عليه السلام قال قلت له (ع) قوم من مواليك يجتمعون فتحضر الصلاة فيتقدم بعضهم
فيصلى جماعة قال إن كان الذي يؤم بهم ليس بينه وبين الله طلبة فليفعل حيث إنه بمفهومه يدل على أن من علم الفسق
لا يجوز له أن يفعل ويؤيده ما دل على أن ساير الشروط شروط الإمامة مثل قوله عليه السلام خمسة لا يؤمون الناس
ومن هنا مال بعض متأخري المحدثين إلى هذا القول وتعدى إلى غير الإمامة من الافتاء والطلاق ونحوهما ولا يخفى ان
الخبر المذكور ضعيف قاصر عن إفادة الحكم المذكور وما دل على أنه خمسة لا يؤمون فليس المراد منه بحكم التبادر الا منع اقتداء
الناس ولا دلالة فيها على أنه إذا لم يعلم المأموم بهذه الصفات لم يجز له التقدم واضعف من الاستدلال المذكور ما
يتوهم من أنه إذا كانت العدالة شرطا في صحة صلاة المأموم فإذا علم الإمام فسق نفسه فقد علم بطلان صلاة المأموم
واقعا وإن كان المأموم هو بنفسه يعتقد صحته ومع العلم ببطلان صلاة المأموم يبطل الجماعة في نفس الامر فلا يجوز
للعالم به وهو الامام ترتيب اثار الجماعة الصحيحة عليها ووجه الضعف ان الشرط في الايتمام هو ظهور العدالة للمأموم
لا تحققها في نفس الامر ولذا عبر بعضهم عن هذا الشرط بظهور العدالة ثم إن التعدي عن ورد الخبر المذكور من مثل
المحدث المزبور الذي يطعن دائما على فقهائنا بالتعدي عن موارد الصدور عجيب جدا فان اشتراط العدالة في الأمور
التي تعتبر فيها ليس على نهج واحد فقد يكون شرطا بالنسبة إلى طرف واحد من أطراف الواقعة مثل عدالة الأجير
فإنها معتبرة في صحة الاستيجار قطعا فاللازم في كل مقام ملاحظة أدلة الاشتراط وانها هل تفيد الاشتراط إلى
259

أي شخص ويعتبر في الامام طهارة المولد لصريح بعض الأخبار ولكن فيها عدم جواز الاقتداء بولد الزنا فالمعتبر هو عدم
العلم بكونه ابن زنا لانصراف لفظ ولد الزنا في تلك الأخبار إلى المعلوم مضافا إلى أن ظاهرهم الاتفاق على الحكم بطهارة
مولد من لم يعلم أنه ولد من الزنا واستدل عليه في الروض بأصالة سلامة النسب ومرجعها إما إلى الغلبة أو أصالة
الصحة الشرعية في الأنساب كالافعال بل لعل ذلك أيضا يرجع إلى الفعل ويشترط ان لا يكون الامام قاعدا إذا كان يوم
بقيام بلا خلاف صريح ونسبه في المنتهى إلى علمائنا وعن غيره أيضا دعوى الاجماع وبهذا كله ينجبر ضعف الروايات الواردة
في المسألة وهل يتعدى منه إلى المنع عن امامة (المضطجع بالقاعد الظاهر ذلك لوحدة المناط خلافا للمحكى عن الشيخ فاقتصر على موضع النص وفي المنع عن امامة صح) القائم المستند بالمستقل تردد وكذا في المضطجع على الجنب الأيسر بالمضطجع
على الأيمن وكذا في جواز امامة القاعد المتمكن من القيام للركوع والسجود بالقائم المؤمى وفي الايضاح الأصح عندي أنه
كلما اشتملت صلاة الامام على رخصة في ترك واجب أو فعل محرم بسبب اقتضاها وخلى المأموم عن ذلك السبب
لم يجز الايتمام من رأس لان الايتمام هيئة اجتماعية يقتضى أن تكون الصلاة مشتركة بين الإمام والمأموم وان صلاة
الامام هي الأصل وهذا متفق عليه انتهى أقول الظاهر أن المشار إليه في قوله هذا متفق عليه هو ما ذكره من الوجهين
للاستدلال والا فاصل الكلية التي ادعاها ليست اتفاقية لما تقدم من مخالفة الشيخ وغيره في غير المقام ويؤم
القاعد مثله والقائم القاعد بغير خلاف ظاهر أو ظاهر إطلاق الخبر والفتوى اعتبار هذا الشرط ودوران الحكم
مداره وجودا وعدما ابتداء واستدامة فلو عرض للقائم القعود تعين الانفراد ولو عرض للقاعد القيام صح الاقتداء
ويشترط أيضا أن لا يكون الامام أميا أي لا يحسن قرائة الفاتحة والسورة أو ابعاضهما كما صرح به غير واحد وعن الرياض عدم
الخلاف فيه بينهم إذا كان يؤم بقار بلا خلاف ظاهر وعن صريح جماعة دعوى الاجماع عليه مضافا إلى انصراف ما دل على
ضمان الامام للقرائة وانه يجزيك قرائته بما إذا كانت قرائته صحيحة وهذا هو الوجه في الحكم دون ما ربما يتوهم من أن
صلاة الامام حينئذ ناقصة لأنه ان أريد عدم كما لها فلا دليل على اعتبار كمال صلاة الامام وان أريد فسادها لعدم
استجماعها للاجزاء على الوجه المطلوب ففيه منع واضح لفرض صحتهما بالنسبة إلى فاعلها إذا لم يطلب منه غيرها فكيف
لا يكون جامعة للاجزاء على الوجه المطلوب وان أريد انها غير صحيحة بالنسبة إلى الأوامر الأولية الأصلية الصادرة في
الأجزاء وإن كانت مطابقة للأوامر الثانوية الاضطرارية ففيه منع قدح ذلك في الايتمام لعدم الدليل عليه إذ غايته
رجوعه إلى نقص الصلاة بالمعنى الأول الذي قد عرفت عدم قدحه بل لا يقدح ذلك حتى لو قلنا بان الصلوات الاضطرارية
ليست صلاة حقيقية بناء على وضعها للجامعة لجميع الأجزاء والشروط الاختيارية وان ما عداها ابدال شرعية أمضاها
الشارع بحكم الميسور لا يسقط بالمعسور إذ لا دليل على قدح ذلك في الاقتداء فان الذي ثبت اعتباره هو كون صلاة الامام مسقطة
260

للقضاء والإعادة بالنسبة إلى نفسه وكونها فاسدة عند المأموم بمعنى انه لو فعلها كانت فاسدة لا تقدح وما تقدم من الايضاح
غير متضح الوجه ثم إنه فلو أئتم القارئ بالأمي فلا اشكال في بطلان صلاته على ما تقدم واما صلاة الأمي فإن لم يمكن له الايتمام فلا
اشكال في صلاته مع امامة الأمي إذ لا وجه للفساد خلافا للمحكى عن بعض العامة وان تمكن من الايتمام فهل تبطل صلاته لأجل
وجوب الايتمام عليه أم لا لعدم وجوبه عليه التحقيق ان يقال إنه ان تمكن من تعلم القراءة والصلاة مع القراءة الصحيحة في الوقت فلا
اشكال في بطلان صلاته بدون الايتمام قبل تعلم القراءة وإن لم يتمكن منه فإن كان لتقصيره حتى ضاق الوقت فالأقرب وجوب
الايتمام عليه أيضا لاستصحاب وجوب الصلاة الصحيحة المشتركة بين ذات القراءة الصحيحة وبين الصلاة على الجماعة وبمجرد تعذر
فرد واحد عليه لا يسقط القدر المشترك وإن كان لأجل قصوره وعدم التمكن من التعلم فالظاهر عدم وجوب الايتمام عليه لأنه
غير مكلف بالصلاة مع القراءة عينا وهو واضح ولا كثيرا حتى يتعين أحدهما بالعجز عن الأخر لان الوجوب التخييري فرع القدرة
على البدلين وعدم الدليل على وجوب الايتمام عليه والحاصل ان عموم تكليفه بالصلاة لم يقيد في حقه بقوله لا صلاة الا
بفاتحة الكتاب حتى يجب الاقتصار في الخروج عنه على صورة الاقتداء وبعبارة أخرى الايتمام مسقط للقرائة الواجبة فان وجبت
القراءة لزم الاتيان بها أو بمسقطها وان لم تجب للعجز تسقط بنفس العجز ولا يجب اسقاطه بالايتمام فان قلت إن الشارع
إذا أمر بالصلاة اليومية ثم أمر ندبا بالجماعة فهو راجع إلى أن الشخص مخير بين أن يصلى منفردا فيقرء لنفسه وبين أن يصلى
جماعة فيجتزى بقرائة الامام فهو مخير بين فعل القراءة وفعل ما تسقط معه فإذا تعذر القراءة وجب البدل قلت التخيير
بين الانفراد والجماعة ليس تخييرا بين فعل القراءة وفعل ما تسقط معه بل الجماعة والانفراد صفتان لأصل الصلاة والتخيير
بينهما باق بحاله بالنسبة إلى هذا العاجز أيضا فانا نقول أيضا بأنه مخير بين الانفراد والجماعة والخصم يمنع من بقاء الانفراد
له نظرا إلى عجزه عن أحد طرفي التخيير وهو الانفراد مع القراءة الصحيحة لنفسه ونحن نمنع من اعتبار القراءة مطلقا في أحد طرفي
التخيير وهو الانفراد بل نخصصه بصورة القدرة فصلوة الجماعة ليست بدلا على الانفراد المجامع للقرائة الصحيحة بل بدل عن
الانفراد المعتبر فيه القراءة مع القدرة اللهم الا أن يقال إن عموم لا صلاة الا بفاتحة الكتاب يدل على بطلان الصلاة بدون
الفاتحة خرج منه العاجز عن القراءة والايتمام معا قطعا فبقى الباقي ومنه العاجز عن القراءة القادر على الايتمام لكن الانصاف
ان العموم الذكور مضافا إلى توقفه على عدم الانصراف الموجود فيما نحن فيه لظهور انصرافه إلى صورة القدرة مخصص بما دل
على سقوط القراءة عن العاجز مثل صحيحة عبد الله بن سنان المقدمة في مسألة القراءة الدالة على أن الله انما فرض من الصلاة
الركوع والسجود الا ترى ان رجلا لو دخل في الاسلام ولم يعرف القراءة أجزئه التسبيح وقد ظهر مما ذكرناه
انه لا يجوز امامة
اللاحن بالمتقن وكذا امامة المبدل حرفا لعدم قدرتهما على القراءة المعتبرة فلا تسقط قرائتهما القراءة عن المأموم فلا
261

يشمله قوله عليه السلام يجزيك قرائته أو قوله عليه السلام الامام ضامن لان الضامن لابد أن يكون متمكنا من أداء المضمون
عن المضمون عنه ولا فرق بين ما إذا قرء المأموم كما في الجهرية التي لا تسمع الهمهمة أو الاخفاتية لو قلنا بجواز القراءة فيها و
بين غيرها لان ظاهر اخبار الضمان هو كونه بحيث ضمن ويتحمل عنه واللاحن ليس بحيث يتحمل القراءة عن المأموم فلا يصح إمامته
وان جاز للمأموم لو وجب عليه القراءة مع عدم سماع الهمهمة ولا فرق في اللحن أعني الغلط في الاعراب بين مغير المعنى وغيره
لعموم الدليل بل عموم ما دل من الاجماعات المتقدمة في مسألة الأمي بناء على أن اللاحن لا يحسن القراءة فيدخل في الأمي خلافا
للمحكى عن الحلى فأجاز الاقتداء مع لحن الامام على وجه لا يغير المعنى وعن بعض اخر الجواز مع اللحن والظاهر ضعفهما بعد ما عرفت
مضافا إلى ما ربما يستفاد من بعض النصوص من اشتراط كون الامام مأمونا على القران مثل مصححة عبد الله بن سنان
إذا كنت مع امام لا تجهر بالقرائة حتى يفرغ وكان الامام مأمونا على القران فلا تقرأ خلفه في الأولتين ويجزيك التسبيح في
الأخيرتين فإنها بمفهومها تدل على وجوب القراءة خلف الإمام الغير المأمون على القران ولو من جهة اللحن والظاهر أن وجوب
القراءة خلف الإمام كناية عن عدم جواز الاقتداء به بل الظاهر أن اعتبار الامن على القراءة مختص بجهة الأمية أو اللحن ولا
يشمل الا (عن) من جهة انه يترك القراءة عصيانا لأنه حينئذ فاسق ومن البعيد جعل القيد في الرواية راجعا إلى اعتبار العدالة ويدل على
المطلب أيضا ما دل على أنه لا بأس بامامة العبد إذا كان قاريا فإنه بمفهومه يدل على عدم جواز إمامته إذا كان أميا ومع ملاحظة
انصراف القراءة في المنطوق إلى الصحيحة ينقدح وجه دلالة المفهوم على عدم جواز الاقتداء مع اللحن ولو لم يغير المعنى وقريب من
هذه الرواية ما دل على جواز امامة العبد إذا كان أكثرهم قرانا بناء على أن يكون المراد ان يكون من خلفه انقص قرائة منه
فيكون أكثر بهذه الاعتبار أو يكون المراد من اعتبار أكثريته ان لا يكون غيره أكثر قراءة
منه بل يكون إما مساويا واما أقل وعلى التقديرين يتم المطلوب وحاصل الكلام في هذا المقام هو ان اختلال قرائة الامام
له خصوصية على ما يستفاد من الأدلة الشرعية وليس كاختلال ساير الواجبات منه للعذر فتبين من جميع ذلك ان
الامام إذا صلى صلاة واقعية اضطرارية فيصح اقتداء المختار خلفه الا إذا كان عذره متعلقا بالقرائة أو يدل دليل
خاص على عدم الجواز كما مر في مسألة امامة القاعد ومن في حكمه وبعبارة أخرى مقتضى القاعدة جواز اقتداء المختار بالمضطر ولا
يضر مخالفتهم في التكليف لأجل اضطرار الامام وعدم اضطراره فيصح اقتداء الطاهر بمن تنجس لباسه مع عدم التمكن من
الطهارة واقتداء المتطهر بالسلس والمبطون ونحو ذلك وليست مخالفتهما في المعذورية والعدم الا كمخالفتهما في
الحكم الواقعي الاختياري مثل اقتداء المرأة التي يجب عليها الاخفات وستر جميع البدن بالرجل الذي لا يجب عليه شئ من
ذلك واقتداء الرجل في ظهره المقصورة بعشاء الامام التامة مع أن المأموم يجب عليه الاخفات ونية القصر والتسليم في
262

الركعتين ولا يجب ذلك على المأموم ويشعر بما ذكرنا انه يكفى في جواز امامة الامام حكم الشارع عليه بصحة صلاته ولو من جهة العدد
والاضطرار ما ورد في امام قول أجنب ولم يكن معهم ما من يكفيه للغسل فهل يتوضؤن ويؤم بعضهم بعضا فقال عليه السلام لابل يتيمم
الامام ويؤمهم لان الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا فان قوله فان علة لجواز الإمامة لأنه الجواب في مقام توهم وجوب
الاقتداء بواحد اخر من القوم فقد علل جواز الإمامة بجعل الشارع التيمم طهورا أي مبيحا لصلوته من جهة الاضطرار فدل على أنه
كلما حكم الشارع بصحة الصلاة وإباحة الدخول فيه ولو من جهة معذورية المكلف كفى ذلك في جواز الإمامة بقى الكلام
فيما إذا خالف صلاة الامام الواقع الاختياري في نظر المأموم بحيث يعتقد المأموم فساد صلوات الامام واقعا مع عدم تحقق فساد عند
الامام وهذا على قسمين لأن عدم تحقق الفساد إما أن يكون من جهة عذر عقلي رافع لتكليفه بالواقع كالسهو والجهل المركب
وعدم الالتفات سواء تلعق بالموضوع مثل كون الامام معتقد التطهر والمأموم يعلم بأنه محدث أو يعتقد ثوب الامام
جلد غير المأكول أم تعلق بالحكم مثل ان ينسى الامام الحكم أو يخطأ في طريق الاجتهاد (والاستنباط ويخطأ في المستنبط صح) بان ينسى الفحص أو ينسى عن حال الراوي
أو ينسى ما بنى عليه المسألة في الأصول ونحو ذلك مما يكون خطأ في الاجتهاد دون أن يصيب في الاجتهاد واما أن يكون
تحقق الفساد في نظر المأموم لعذر شرعي كالنص الاجتهادي أو التقليد مثل أن يترك الامام الطمأنينة في السجدة لاجتهاده أو تقليده
في عدم وجوبها مع أن المأموم يراه واجبا ومثل أن يستصحب غير المأكول مع اعتقاد المأموم بطلان الصلاة به وقد يكون
هذا أيضا في الوضوح مثل أن يشهد عند الحاكم عدلان بان هذا الثوب خز والمأموم يعتقده ولو بشهادة عدلين آخرين انه جلد
حيوان اخر غير مأكول اللحم ونحو ذلك فما كان من قبيل القسم أول أي يكون العذر فيه عقليا فالأقوى عدم جواز الاقتداء
بالامام المعذور لان ما يأتي به من العمل غير مأمور به من الشارع فليست بصلاة إذ مجرد اعتقاد الامر وتخيله أو عدم
الالتفات إلى عدم الامر ليس أمرا كما هو واضح فان المحدث النفس الامرى المعتقد (للتطهر صح) غير مكلف في نفس الامر بالصلاة
في تلك الحالة فما يفعله ليس مأمورا به من طرف الشارع لا في الواقع كما لا يخفى ولا في الظاهر لعدم توجه
خطاب في الطاهر
الا انه حيث يعتقد انه مأمور واقعا فيفعل الفعل بقصد الامتثال وإلا فلا أمر من الشارع لا واقعا ولا ظاهرا نعم انما
يحكم عليه من اطلع على اعتقاده المخالف بوجوب الاتيان بما اعتقده واستحقاق العقاب لو تركه من جهة التجري
من دون أن يخاطب بان اعمل على طبق معتقدك وقد حقق ذلك مستقصى في مسألة عدم اقتضاء الامر العقلي الحاصل
من النسيان أو الاعتقاد المخالف أو عدم الالتفات للاجزاء ويمكن ان يستفاد المطلب المذكور وهو عدم جواز
الاقتداء من تضاعيف روايات منها ما تقدم سابقا من الرواية الدالة على جواز امامة المتيمم للمتوضئين معللا بان
الله سبحانه جعل التيمم له طهورا وحكم عليه بالطهارة فهو بمفهومه دال على أن من لم يحكم الشارع له بالطهارة الاختيارية والاضطرارية
263

لا يصح الاقتداء ومنها ما ورد في رواية صحة الاقتداء بالأعمى إذا كان من يسدده ويوجهه حيث دل بمفهومه على أنه إذا لم يكن
من يسدده لم يصح الاقتداء به ومن الواضح إن الأعمى مع عدم توجهه إلى القبلة يعذر في صلاته ما دام لم ينكشف الخلاف فلو اكتفى في جواز الاقتداء بمعذورية الامام في الاخلال بالشروط لم يكن معنى لاشتراط إمامته بوجود من يسدده ويوجهه
ومنها قوله عليه السلام ليكن الذين يكون الامام منكم أولوا لأحلام والنهى فان نسى الامام أو تعليما قوموه فإنه بظاهره دال
على وجوب تقويم الامام إذا نسى شيئا من أفعال الصلاة والظاهر أن الوجوب شرطي لا استقلالي واشتراطه ليس الا باعتبار
توقف صحة الاقتداء على عدم فساد صلاة الامام مع اطلاع المأموم والا لم يجب التقويم ومنها ما حكى عن دعائم الاسلام
حيث حكم أمير المؤمنين (ع) بوجوب الإعادة على من صلى مع عمر بعد تبين ان الامام كان جنبا معللا بأن الناس بامامهم
يركعون ويسجدون فإذا فسد صلاة الامام فسد صلاة المأموم والخدشة فيه من حيث السند أو من حيث الدلالة حيث إن
الكلية المزبورة غير معمول بها في موردها لان تبين جنابة الامام لا توجب الإعادة على المأموم المردودة بانجبار مضمون
الرواية وبأن العلة المذكورة ليست علة حقيقة لفساد صلاة الذين صلوا مع عمر لان صلاتهم فاسدة من وجوه لا تحصى
فالتعليل المذكور صوري لا يقدح فيه مخالفة مورد الصوري للفتوى وثانيا بأن عدم العمل بالعلة في موردها
لا يوجب طرح العلة لان منصوص العلة ليس من قبيل القياس بالطريق الأولى حتى يبطل التمسك به بعد وجوب طرحه
في مورده هذا خلاصة الكلام في القسم الأول واما القسم الثاني فقد عرفت انه على قسمين الأول ما كان الاشتباه في الحكم
والثاني ما إذا كان الاشتباه في الموضوع إما الأول مثل ان يصلى الامام بغير الطمأنينة بعد السجدة الثانية مع
كون الطمأنينة واجبة عند المأموم وقد بنى غير واحد من مشائخنا المعاصرين تبعا لبعض من تقدم عليهم صحة الايتمام
وعدمها على مسألة أخرى وهي أن الحكم الذي رآه المجتهد من الأدلة الظنية هل هو حكم واقعي ثانوي مجعول في حقه
أم هو من باب العذر المسقط للتكليف بالواقع فان قلنا بالأول صح الايتمام لان صلاة الامام صحيحة في نفس الامر بالنسبة
إليه كصلاة الفاقد للماء مع التيمم فيجوز الاقتداء به وان قلنا بالثاني فلا يجوز الايتمام لان المأتي به ليس صحيحا في نفس الامر
وانما يراه المصلى صحيحا فاسقط الشارع عنه التكليف بالواقع فهى صلاة فاسدة أسقطت الصلاة الصحيحة الواقعية فيكون
كالقسم الأول المتقدم أعنى الداخل ببعض الشروط أو الأجزاء لعذر عقلي مزيل للتكليف بالواقع نعم العذر هناك عقلي
لا يجوز معه التكليف بالخلاف والعذر هنا شرعي يجوز معه التكليف بالاحتياط وترك العمل بالظن الا انه أسقطه الشارع
لليسر وقد يرجع أيضا إلى العذر العقلي أقول يقع الكلام هنا تارة في صحة الابتناء أخرى في تعيين المبنى إما الأول
فنقول ان المراد بالحكم الاجتهادي الذي بنى جواز الايتمام على أنه واقعي ثانوي أو حكم عذرى إن كان هو الحكم التكليفي أعنى
264

التكليف بالصلاة من دون الطمأنينة أو معها فلا ريب في انقلابه وكونه واقعيا ثانويا إذا الفرض صحة اجتهاد المجتهد فهو
مكلف بما حصل له الظن بمقتضى الأدلة الدالة على حجية ذلك الظن فانقلاب الحكم التكليفي للمجتهد مما لا خلاف فيه
ولا ريب يعتريه إذ لا يرتاب أحد في أن المجتهد إذا أدى ظنه إلى تحريم عصير العنب مع كونه حلالا في الواقع فقد حرم
عليه بجعل الشارع شربه وان حل واقعا فتعلق التحريم به من الشارع مقتضى نفس الدليل الدال على حجية دليل التحريم
نعم لو قال قائل بان الأمارات الشرعية لم يجعلها الشارع دليلا ولم يوجب العمل بها وانما يعمل بها المجتهد من جهة
إفادتها الظن بالواقع ومن حيث كشفها عن الواقع الذي لا يتمكن من تحصيل العلم به وقد امضى الشارع هذا العمل
بمعنى انه أسقط معها التكليف بالواقع لا انه لاحظ في الحكم المظنون مصلحة بعد تعلق الظن به وأوجب العمل به
للمصلحة الداعية إليه فيكون جميع ما ورد من الشارع في حجية الأمارات الظنية واردة في مقام بيان الرخصة
في العمل بها وعدم تحتم الوصول إلى الواقع إما بالاحتياط أو الفحص الزائد المفضى إلى العلم مع رجائه لكنه خلاف ظاهر
تلك الأدلة وظاهر الأصحاب وكيف كان فعلى فرض سريان الخلاف في الجعل وعدمه بالنسبة إلى الحكم التكليفي
أيضا نقول إن القول بانقلاب التكليف لا يستلزم جواز الاقتداء لان مجرد موافقة الصلاة للامر الواقعي
الثانوي لا يوجب صحة الاقتداء مع كون الصلاة فاسدة عند المأموم ومخالفة للامر الواقعي إذ لا دليل على كفاية
مجرد موافقة الامر الشرعي في جواز الاقتداء مع علم المأموم بالفساد واقعا وبالجملة فالاكتفاء في الاقتداء
بمجرد مطابقة الصلاة لتكليف الامام لابد له من دليل ولسنا الان بصدره لكن نقول إنه لو اكتفى به لاكتفى به
فيما إذا قلنا بعدم انقلاب التكليف إذ حينئذ وان لم تكن الصلاة مطابقة للامر الواقعي الثانوي إذ لا واقعي حينئذ
بل مجرد عذر الا انه لا خلاف كما لا ريب في أن الشارع جعله في حكم الواقعي الأولى في اسقاط القضاء والإعادة
وحينئذ فيترتب على هذه الصلاة جميع الأحكام الثابتة للصلاة الواقعية وعلى فاعلها جميع أحكام المصلى و
منها جواز الاقتداء به والقول بترتب جميع الآثار عليها دون جواز الاقتداء ترجيح من غير مرجح والحاصل
ان صحة الاقتداء إن كان من اثار امتثال الامر الواقعي سواء كان واقعيا أوليا أو ثانويا فلا ريب في أن صلاة المجتهد
بناء على القول بعدم الجعل أيضا قدر رتب عليه في الطاهر جميع أحكام الصلاة الواقعي فجواز الاقتداء ليس موقوفا على
كون الصلاة مأمورا بها واقعا بل يكتفى فيها بكونها في حكم المأمور به الواقعي هذا كله أن أريد بالحكم الذي بنى جواز
الاقتداء على انقلابه وعدمه هو الحكم التكليفي الثابت للامام وان أريد به الحكم الوضعي أعني صحة الصلاة وعدمها
بان يقال إن كانت هذه الصلاة صحيحة واقعا صح الاقتداء وإن كانت فاسدة اكتفى بها الشارع من فاعلها عذرا
265

لم يصح الاقتداء فنقول ان أريد من الصحة مطابقة الامر ومخالفته فيؤل الكلام إلى الحكم التكليفي لان الصحة بهذا المعنى
تابعة للحكم التكليفي وعدمها لعدمه وقد تقدم الكلام وان أريد بالصحة ترتب الآثار التي رتبها الشارع على أصل
الصلاة غير سقوط الامر وتحقق الامتثال مثل جواز الاقتداء وجواز الاستيجار بناء على عدم كونهما من اثار الموافقة
للمأمور به واثار سقوط الامر وإن كان مشروطين بكون الصلاة مما يسقط التكليف الا ان سقوط الامر بمجرد لا يكفى
في ترتهما فنقول إذا بنينا على حكم الشارع واقعا بصحة الصلاة المجردة عن الطمأنينة الصادرة عمن يرى عدم وجوبها
فهذا لا يستلزم جواز الاقتداء لان الصلاة انما جعلت صحيحة بالنسبة إلى المصلى فترتيب جواز الاقتداء من غيره
المخالف له في الرأي لا يجوز بل يعتبر جعل الصحة أيضا بالنسبة إلى من يريد ترتيب الأثر فان قلت إن هذا المخالف
أيضا حاكم بصحة صلاته لصحة اجتهاده عنده بالفرض قلنا انما يحكم بصحة صلاته بالنظر إلى نفسه ومن شابهه
أو قلده ولا يحكم بصحة صلاته بقول مطلق حتى يترتب عليه الأثر والفرق بينه وبين صلاة المتيمم ان المتيمم حكم
الشارع بصحة الصلاة الصادرة عنه بالنسبة إلى كل أحد لان دليل صحته عام لكل أحد فإذا قال الشارع الصلاة
الصادرة من المتيمم صحيحة يترتب عليه الآثار فلا فرق في هذا الحكم بين المتيمم وغيره فهى صحيحة بالنسبة إلى الكل
واما الصلاة الصادرة عمن يرى عدم وجوب الطمأنينة مجردة عنا فالدليل الدال على حجية ظن المجتهد انما دل
على صحة الصلاة المذكورة بالنسبة إلى نفس المصلى ومن تبعه ليس الا فالجعل هنا خاص بالمجتهد كما أن المجعول أيضا
صحة الفعل الصادر عن خصوص المجتهد ومن تبعه وفي التيمم الجعل عام للمتيمم وغيره وإن كان المجعول صحة الفعل
الصادر عن خصوص ذلك المتيمم هذا كل مع قطع النظر عن الجعل الحاصل للمأموم المجتهد في فساد الصلاة من دون الطمأنينة
والا فهو أيضا يقتضى عدم ترتب الأثر على الصلاة المجردة على الطمأنينة من أي فاعل صدرت لان ظنه انما تعلق بفساد
الصلاة المجردة من أي شخص صدرت فكل صلاة مجردة قد جعلت بالنسبة إليه فاسدة فلا يجوز له ترتيب اثار الصحيح عليها وان صدرت من غيره فلا يجوز له الاقتداء الذي هو من اثار الصحة نعم لو قلنا بان ظنه انما يوجب جعل الحكم بالنسبة
إليه في أفعاله الصادرة عنه أو عمن لم يسبق له اجتهادا وتقليد واما بالنسبة إلى من اجتهد أو قلد بخلافه فظنه لا
يؤثر جعلا في حقه بالنسبة إلى فعل ذلك المخالف له لكنه فاسد لان ظنه حجة في حقه وليس مظنونه الا حكم الله
الواقعي الأول العام لجميع أفعال المكلفين فان قلت يكفي في جواز الاقتداء الحكم بصحة الصلاة بالنسبة إلى المصلى ولا
يعتبر صحتها في حق غيره وبعبارة جواز الاقتداء من اثار صحة الصلاة بالنسبة إلى المصلى ولا يعتبر فيه أن يكون صحيحا
بالنسبة إلى المأموم قلت فيكفى إذا في جواز الاقتداء الحكم على المصلي بترتيب أثار الصحة وان لم يحكم بنفس الصحة
266

بناء على القول بالعذر وعدم الجعل لان الشارع إذا حكم في حقه بترتيب أثار الصحة وقد فرضت ان جواز الاقتداء
من اثار الصحة عنده فلا مانع حينئذ من جواز الاقتداء توضيح ذلك انا إذا قلنا بان المراد بالصحة هو كون
الفعل على وجه يترتب عليه الآثار التي منها جواز الاقتداء فمعنى جعل الصحة بالنسبة إلى الامام الذي اكتفيتم
به هو كون الفعل في حقه منشأ لترتب الأثرا أعني جواز الاقتداء وحينئذ فإذا لم يجعل الصحة بهذا المعنى بالنسبة إليه
لكن جعل الشارع هذا الفعل بالنسبة إليه بمنزلة الصحيح الواقعي فقد صار هذا الفعل بالنسبة إليه منشأ لترتب
الأثر فيترتب عليه جواز اقتداء الغير به لأن المفروض ان جواز اقتداء الغير به اينط بكون الفعل عند المصلى و
بالنسبة إليه منشأ لترتب الأثر وحاصل ذلك يرجع إلى أن الصحة التي اينط بها جواز اقتداء الغير لا نعقل
منها معنى الا كون الفعل على صفة تقتضي ترتب الأثر فإذا لا فرق بين القول بجعلها واقعا بالنسبة إلى المصلى
وبين القول بحكم الشارع على المصلى بترتب الآثار إذا بكلا الوجهين يحصل للفعل صفة تقتضي ترتب الأثر
فتأمل مع إن صحة الصلاة ليست بالمعنى الذي قلنا من كونها منشأ لترتب الآثار غير سقوط الامتثال بحيث يكون
سقوط الامتثال أيضا واحد منها بل التحقيق ان الآثار المترتبة على الصلاة الصحيحة كلا انما هي من اثار موافقتها
للامر أو اسقاطها للإعادة وقد عرفت ان الشارع جعل هذه الصلاة مسقطة وموافقة للامر الواقعي الثانوي
على القول بالجعل وبمنزلة الموافقة على القول بعدم الجعل وكيف كان فالذي ينبغي ان يقال في المسألة هو ان جواز الاقتداء وعدمه مبنى على أنه هل
يكفي في صحة الاقتداء مطابقة العمل لخصوص تكليف الامام وإن كان مخالفا لحكمه الواقعي عند المأموم أو كما أنه
لابد من موافقته لتكليف الامام وعدم علمه بمخالفته لحكمه الواقعي كذلك لابد ان يكون بهاتين الصفتين عند
المأموم بان يكون موافقة عنده لتكليف الامام ولا يعلم مخالفته لحكم الامام الواقعي واما مجرد مخالفته لتكليف
المأموم فليس مؤثره في الفساد قطعا إذ لا عبرة بتوافق تكليفي الإمام والمأموم فالكلام في أن المأموم كنفس الامام
بالنسبة إلى الصلاة أو كما انها تسقط الامر عن الامام كذلك تسقط الصلاة مع القراءة فيعتبر في المأموم وكالامام
عدم العلم بمخالفة الواقع واما ان صلاة الامام لابد أن تكون مطابقة لصلاة المأموم فليس مما يحتمل فيه و
الانصاف وقوع الشك في صحة الايتمام والعمومات الدالة على جواز الاقتداء لا تشمل مثل ذلك كما لا يخفى هذا كله
مضافا إلى ما أشرنا إليه من أن مقتضى القاعدة هو ان المأموم إذا ظن بفساد صلاة الامام فيجب عليه ترتيب اثار
الفساد عليها ومن جملتها تحريم الاقتداء وعدم سقوط القراءة عن المأموم بها هذا إذا ظن المأموم بفساد صلاة
الامام اجتهاد أو تقليدا واما إذا قطع به فالامر أظهر لأنه يقطع ان الامام لا يأتي بما هي صلاة في نفس الامر وهذا الامر المتعلق به
267

متعلق بشئ اخر وهو معذر وفي امتثال الامر الصلاتي فان قلت فعلى هذا إذا ظن المجتهد بفساد معاملة صدرت
ممن يظن صحتها فيحرم على ذلك المجتهد ترتيب اثار المعاملة الصحيحة عليها فإذا تزوج مجتهدا ومقلد بالغة رشيدة بدون
اذن أبيها والمفروض ان أبا المتزوج يذهب اجتهادا أو تقليدا إلى فساد نكاحها من غير اذن وليها فيحرم على هذا آلات
النظر إلى المتزوجة المذكورة بل يجوز له نكاحها باطنا وكذلك لو اشترى مجتهد شيئا بالعقد الفارسي فلا يجوز لمن
يذهب إلى فساد ذلك اشتراء ذلك الشئ منه أو اتهابه أو استعارته إذ يجب عليه ترتيب اثار المعاملة الفاسدة على
تلك المعاملة مع أن السيرة على خلافه ظاهرا قلت أولا انه لم يعلم مخالفة السيرة لما ذكرنا لندرة العلم للمجتهد
أو مقلده بوقوع المعاملة على وجه يراه فاسدا بل الغالب الشك فيحمل على الصحة الواقعية لا على الصحة عند الفاعل
فقط حتى يعود المحذور وثانيا انها معارضة بما إذا غسل من يرى الاكتفاء بالمرة الثوب مرة فيجوز لمن يعتبر المرتين
مباشرته ومشاورته والصلاة في ذلك الثوب وكذا من يرى عدم انفعال القليل بالملاقات وكذا يجوز لمن يعتبر في
التذكية فرى الأوداج الأربعة ان يأكل من ذبيحة من يكتفى بفرى الودجين مع أن الظاهر أن السيرة على خلافه
لكن الانصاف الفرق بينهما بان جواز النظر وجواز الاشتراء انما هما من اثار زوجية امرأته لابنه وملكية شئ
للبايع وقد يتحقق الزوجية والملكية في اعتقاد الابن والبايع فيترتب عليه الآثار فالآثار المذكورة اثار مترتبة
على شئ مضاف إلى خصوص المكلف الإضافة أعني كونه ملك البايع أو زوجه يتحصل بتحقق سببهما في مذهب المضاف
إليه بخلاف مثل جواز الصلاة في الثوب الطاهر وجواز أكل اللحم المذكى فإنهما مترتبان على الطهارة والتذكية الواقعيتين
ولم يحصلا في اعتقاد الشخص وحصولها في اعتقاد الغاسل والمذكى يفيدان الطهارة والتذكية بالنسبة إليه والحاصل
ان الآثار ان ترتبت على شئ مضاف إلى شخص خاص كملك زيد وزوجة عمر و فبمجرد تحقق السبب في اعتقاد زيد وعمرو
يتحقق إضافة الملك والزوجة إليهما وان ترتبت على أمر واقعي لم يلاحظ فيه اضافته إلى خصوص شخص كالطاهر والمزكى
فلابد من أن يترتب كل أحد الآثار على طبق ما يعتقده من تحقق ذي الأثر واقعا وعدم تحققه فان قلت إن تحقق
سبب الملكية والزوجية في اعتقاد زيد وعمرو انما توجب صيرورة الملك والزوجية ملكا وزوجة لزيد وعمرو
في حقهما لا ملكا وزوجة لهما في الواقع ومن البين ان الشارع أباح النظر للأب إلى زوجة ابنه الواقعية لا زوجة
ابنه في اعتقاد ابنه وكذا الكلام في الملكية فلم يحصل الفرق وبعبارة تحقق سبب المضاف بالنسبة إلى المضاف إليه انما
يوجب تحقق الإضافة بالنسبة لا الإضافة الواقعية التي تترتب الآثار عليها دون غيرها هنا أمر أن أحدهما
زوجة زيد في الواقع والثاني زوجة زيد بالنسبة إلى زيد والذي يترتب عليه الآثار هو الأول ولم يتحقق بالنسبة
268

إلى أب الزوج قلت نعم ولكن الظاهر من ترتيب الآثار على هذه المضافات الاكتفاء بتحقق الإضافة ولو في اعتقاد المضاف
إليه وهو في العرف والكثير الا ترى انه لو قيل نهبوا أموال فلان لا يستفاد منه الا ما هو مال له في اعتقاده وبنى على تملكه وكذا
الاحكام التي رتب الشارع على اهلاك الكفار والمخالفين وأزواجهم فان المتبادر من ذلك ما هو ملك أو زوجة لهم في
مذهبهم وان يتحقق سبب الزوجية والملكية في اعتقادنا والحاصل ان الظاهر من قوله (ع) " الناس مسلطون على أموالهم و
تسلطهم على ما هو مال لهم في اعتقادهم " ولهذا يحكم بعموم هذا الخبر للمؤمن والكافر والمخالف وكذا الظاهر من قوله وحلائل
أبنائكم وان شئت فقل ان الشارع اكتفى في تحقق هذه الإضافات وترتب الآثار عليها عند كل أحد بتحقق الإضافة
في مذهب الشخص المضاف الا ترى انه امضى نكاح الكافر بعد اسلام الزوجين فان اقرار المجتهد على مذهبه في عمله بالنسبة إلى
جميع المكلفين ليس بدون من اقرار المخالف والكافر على دينه واما مسألة جواز الايتمام فهو ليس من هذا السبيل لعدم الدليل
على ترتب صحة الاقتداء على صحة صلاة الامام عند الامام كما عرفت مع منع العموم مضافا إلى ما تقدم من قول أمير المؤمنين
إذا فسد صلاة الامام فسد صلاة المأموم بل قوله (ع) فان نسى الامام أو تعاما قوموه يدل على ذلك نظر إلى أن نسيان بعض
الواجبات وإن كان لا يقدح في فساد صلاة الامام حتى في الواقع لأنها اجزاء علمية ولذا لا يجب اعادتها بتذكرها بعد مضى محلها
ولا إعادة الصلاة بعد التذكر في الوقت الا ان انكشاف الواقع للمأموم يقدح في صلاته المرتبطة بصلاة الامام بل وكذا
قوله يؤم الأعمى إذا كان من يسدده حيث إن صلاة الأعمى إلى بعض جهات الخلاف لا تفسد واقعا لعدم وجوب الإعادة
في الوقت فقد جعل علم المأموم قادحا في الايتمام لكن هذه الأدلة انما تجرى عند العلم القطعي باختلال صلاة الامام
واما مع الظن به اجتهادا أو تقليدا فلا يدل شئ منها على البطلان وكفى بالقاعدة المتقدمة دليلا على عدم جواز الاقتداء
ويمكن الخدشة فيها أيضا بأن الظن الاجتهادي الحاكم بجزئية الطمأنينة للصلاة لا يوجب في مرحلة الظاهر لا وجوب الصلاة
مع الطمأنينة على صاحبها ويحكم أيضا بان الامام مأمور واقعا بالصلاة معها فالمجردة الصادرة عن الامام مخالفة لحكمه
الواقعي لكن الحكم بعدم جواز الاقتداء ليس مترتبا على مخالفة الحكم الواقعي بل هو مترتب على مخالفة الحكم الظاهري الا
ان يدعى عدم العموم في البين فلابد من أن يقتصر على القدر المتيقن وهو ما لم يكن مخالفا للواقع والظاهر معا فيرجع
الكلام بالآخرة إلى دعوى عدم العموم وهذا الخدشة جارية في صورة القطع بالمخالفة أيضا فالعمدة إذا منع العموم
على وجه يشمل ما لو كان صلاة الامام باعتقاد المأموم الحاصل من القطع أو الظن المعتبر مخالفة للواقع وبعبارة أخرى
مغايرة للصلاة الواقعية التي أمر الله بها وبإقامتها جماعة بل يمكن القطع بعدم العموم إذ لا يرتاب ذو مسكة في أن
قوله الصلاة مع الامام كذا أو الصلاة جماعة كذا وإذا صلى الامام فحكمه كذا ليس المراد بالصلاة في هذه الأقوال
269

الا الماهية الواحدة الآتي لا تختلف في الواقع باختلاف الاجتهاد وان اختلف باختلاف سائر الأحوال فإذا فرض ان المأموم
اعتقد قطعا أو بالظن الثابت ان هذا الذي يفعله الامام ليست تلك الماهية الواقعية التي أمر الله بالجماعة فيها فكيف
يقتدى به كيف يجدي في ذلك اعتقاد الامام بأنها هي تلك الماهية ولذلك امثله عرفية منها ما إذا قال إذا ضع عبدي
الفلاني الايارج الفلاني فخذ منه شيئا وادخله في المعجون الذي امرتك بتركيبه فإذا اعتقد صاحب الايارج بتركبها من أجزاء
يعتقد العبد المأمور ان المركب من تلك الأجزاء ليس بايارج فهل تجد من نفسك ان تحكم عليه بوجوب الاخذ والادخال
حاشا ومن ذلك يظهر الكلام فيما إذا كان تخالف اعتقادهما في الاشتباه الموضوعي وعمل الامام فيه بمقتضى امارة شرعية
يراها المأموم مخالفة الواقع مثل إذا شهد عند الامام شاهدان بان هذا الثوب من المأكول يلبسه في الصلاة والمأموم
يعتقد انه من غير المأكول نعم لو كان في الشرايط العلمية لم تقدح المخالفة لأن عدم تحقق الشئ المذكور في نفس الامر لا يجعل
الصلاة مخالفة للصلاة الواقعية لان الشرط تحقق ذلك الشئ في علم المكلف واعتقاده العلمي أو الظني المعتبر لا تحققه واقفا
ففقده واقعا لا يوجوب فقد الصلاة الواقعية ومن ذلك ظهر انه لا يجوز لاحد المتخالفين الاستيجار من الأخر
ولا يسقط عنه بفعل الأخر ما وجب عليه كفاية كصلاة الميت أو ما يسقط بفعل المتبرع كصلاة التحمل عن الميت بناء على
سقوطه عن الولي بفعل المتبرع وهكذا غيره من الأمور التي علقها الشارع على الصلاة الواقعية فترتيب الآثار مختص
بالمتوافقين في الاعتقاد وهذا هو الأصل الذي لا محيص عنه اللهم الا أن يقول أحد بالتصويب في الحكم الأولى والا فالقول
بالتصويب في الحكم الثانوي لا يجدى إذ الاحكام مترتبة على الصلاة الواقعية الأولية كما لا يخفى ودعوى ان الشارع جعل هذا
الفعل بمنزلة الصلاة الواقعية بالنسبة إلى الفاعل وغيره المخالف في الاعتقاد غير ثابت كما عرفت في مسألة الملكية و
الزوجية وانهما انما يترتب عليهما الآثار إذا تحققا عند الفاعل لأجل ما ادعيا من أن المتبادر من أدلة ترتب الأثر على
الموضوعات المضافة إلى المكلفين كاملاكهم وأزواجهم ترتيبها بمجرد تحقق الإضافة في مذهب الشخص المضاف إليه وطريقته وان
لم يتحقق عند من يريد ترتيب الآثار واما في غير الأمور المضافة إلى الاشخاص الخاصة كالتذكية والطهارة ونحو ذلك فلا
يكون مجرد صدور ما هو سبب في اعتقاد الفاعل موجبا لترتب الآثار عليه عند كل أحد حتى المخالف له فإذا غسل أحد الثوب
مرة فليس طاهرا عند كل أحد نعم لو باع المايع الملاقى لذلك أثوب واخذ الثمن جاز لكل أحد التصرف فيه لأنه صار من املاك
الغاسل ولو في مذهبه وطريقته وكيف ففيما نحن فيه لم يدل دليل على أن ما يعتقده المصلى صلاة إذا أوقعها فيجب على أحد
ترتيب اثار الصلاة الواقعية عليه اللهم الا ان يدعى ان هذا أيضا من قبيل المضافات إلى الاشخاص الخاصة فان الشارع
أمر بالاقتداء بالإمام العادل في صلاته فيكفى كونها صلاة ولو في طريقته فتأمل ومما ذكرنا من القاعدة يظهر انه لو كان
270

المأموم محتاطا في مسألة جزء أو شرط ويرى وجوب الاحتياط في الشك فيهما فلا يجوز له الاقتداء بمن لا يأتي بذلك الجزء
أو الشرط اجتهادا أو من باب أصالة البراءة وكذا من التزم بطريقة الاحتياط وترك التقليد والاجتهاد فلا يجوز
له الاقتداء بمن ترك بعض الأمور المحتملة للشرطية أو الجزئية ثم إن مثل ترك الشئ المعتبر عند المأموم اتيانه بنية الندب
إذا رأى المأموم قدح نية الخلاف بل ولو لم يقدح ذلك عنده بناء على أن الشئ المذكور إذا كان مستحبا باعتقاد الامام
فالذي يأتي به بنية الوجوب ليس صلاة باعتقاد المأموم فكأنه اتى بغير الصلاة مصاحبا لذلك الجزء المستحب فتأمل
واما لو اتى به بنية القربة فلا اشكال في صحة الايتمام ولو اعتقد الامام جزء زايدا على ما يعتقده المأموم فإن كان
المأموم شاكا في وجوب ذلك الجزء وانما نفاه بأصل البراءة والامام ظان أو قاطع بالجزئية أو آت به على وجه الاحتياط
اللازم فالظاهر صحة الاقتداء لما سيأتي من قوة الصحة مع العلم بعدم الوجوب فان الصحة هنا أقوى فان اتى به بنية القربة
فلا اشكال في الصحة كما لا اشكال في البطلان لو اتاه بنية الاستحباب لو رأى الامام بطلان الصلاة بنية الخلاف
ولو رأى المأموم ذلك فقط ورأى الامام الصحة مع نية المخالف ففي الصحة وجهان من أن هذه الصلاة صحيحة واقعا باعتقاد
المأموم حيث إنه لا يرى وجوب ذلك الجزء فوجوده في الصلاة حيث نوى فيه الوجه المخالف كعدمه ومن أن الجزء واجب في
حق الامام واتيانه بصفة الاستحباب مبطل له عند المأموم فكأنه لم يأت بما هو واجب عنده والأقوى الصحة لان الضابط
ان كلما ثبت عند المأموم فساد صلاة الامام بناء على مقتضى اجتهاد الامام لكنه خالفه في أصل الاجتهاد فيكون
هذا الفعل مطابقا للواقع عند المأموم دون الامام وللظاهر عند الامام دون المأموم فيصح الاقتداء وان اتى
الامام ذلك الذي يعتقد وجوبه بنية الوجوب أشكل الاقتداء من حيث إن هذا الفعل الذي يأتي به الامام على وجه
التركيب ليس بصلاة بل الصلاة بعضه ويقوى الصحة من حيث إنه قد اتى بالواقع مع زيادة لا تؤثر بطلانا مع اعتقاد عدم
الزيادة فان ابطال ضم الزائد على وجه الجزئية انما هو مع علم من يزيد لعدم الجزئية لا مع اعتقاده لها هذا ان
اعتقد
زيادة جزء وان اعتقد زيادة شرط فلا اشكال في الصحة ثم إن ما ذكرنا في عدم جواز ايتمام من شك في صحة صلاة الامام
إما لكونه يرى وجوب الاحتياط في المسألة أو لالتزامه بالاحتياط بترك طريقي الاجتهاد والتقليد انما هو في الشبهة
الحكمية التي لا تجرى فيها أصالة الحمل على الصحة كما لا يخفى على من عرف مدرك هذا الأصل ومورده واما إذا كان في الشبهة
الموضوعية مثل ان يعتقد الامام دخول الوقت فيشرع في الصلاة والمأموم شاك في دخول الوقت حين شروع الامام
لكنه يتيقن دخوله في أثناء صلاة الامام فيجوز له بعد العلم الدخول مع الامام ولا يقدح ذلك شكه في صحة ما سبق من صلاة الامام من حيث الشك في دخول الوقت ثم إن هذا كله فيما إذا كان اختلافهما في
اجزاء الصلاة وشروطه واما إذا كان في الأمور الاتفاقية مثل ان مذهب الامام انه إذا سهى عن الركوع فسجد السجدتين
271

فليلق السجدتين ويأتي بالركوع ومذهب المأموم البطلان فالظاهر جواز الاقتداء لعدم المانع فان اتفق فتبطل صلاة
المأموم ويفعل المأموم ما يشاء ومن الشرائط الخاصة الذكورية وتترتب على اشتراطها انه لا تؤم المرأة الرجل
بالاجماع المحكي مستفيضا بل الاجماع المحقق وبه ينجبر ضعف الاخبار وقد يستدل بما دل على مرجوحية محاذاة المرأة
الرجل في الصلاة مع أن الجماعة لان مها المحاذاة أو تقدم الامام فالجماعة ملزومة لمحرم أو مكروه وهو باطل إما بناء على
تعلق المرجوحية هناك بالصلاة فلا يجامع استحبابها واما بناء على كون المرجوح هو نفس التقدم والمحاذاة فلان
الجماعة مستلزمة لمرجوح ويمكن ان يقال إن الكراهة المتعلقة بذات الصلاة بمعنى قلة الثواب لا ينافى استحباب الجماعة
لكن الظاهر أن الامر بالجماعة المستلزمة لما يوجب نقص الثواب لا يقع من الشارع فالأحسن في دفع هذا الاستدلال
وقوع المعارضة بين اطلاقات الجماعة بعد تقييدها باعتبار عدم تقدم المأموم وبين اطلاقات مرجوحية المحاذاة
فلا بد إما من القول بعدم مشروعية الجماعة أو بعدم قدح تقدم المأموم فيها أو بعدم مرجوحية المحاذاة في الجماعة
ولما كانت المرأة لا تؤم الرجل الواقعي بناء على اشتراط الذكورية في امام الرجل الواقعي فلا تؤم المرأة الخنثى المشكل
لاحتمال كونها رجلا ولا تؤم الخنثى بالخنثى لاحتمال كون الامام امرأة والمأموم رجلا
وتؤم المرأة بالنساء على المشهور بل عن الخلاف وتذكرة ومحكى الغنية وارشاد الجعفرية وظاهر المعتبر عليه الاجماع
ويظهر من المنتهى انه قول من عدا علم الهدى من أصحابنا والنصوص به مستفيضة معتبرة في نفسها لصحة غير واحدة
منها مضافا إلى اعتضادها بالعمومات عموما وبالاجماعات خصوصا وبها ترجح على غيرها من المستفيضة وفيها الصحيح الدالة
على عدم جواز امامتها في المكتوبة المؤيدة بالسيرة المستمرة على التزام ترك الاقتداء سيما مثل سيدتنا الزهراء (ع)
ومن يتلوها من بنات الأئمة (ع) وقد تحمل تلك الأخبار على إرادة المكتوبة منها أعني مثل الجمعة والعيدين ولا يخفى
بعده وقد تحمل الأخبار المانعة على الكراهة وقد تحمل على ما هو الغالب في النساء من عدم العدالة وعدم المعرفة
بفقه الصلاة وقد عمل بظاهرها جماعة من علمائنا على ما حكى عنهم كالمرتضى والإسكافي والجعفي والمصنف قدس
الله اسرارهم في المختلف والمحقق البهبهاني في شرح المفاتيح وبهذا يحصل الوهن في دعوى الاجماع وان أدعاه
غير واحد مع معارضتها بعمل السيد بتلك الأخبار الدالة على تواترها عنده وإن كان هذا موجود في المقابل
من عمل ابن زهرة لكن الظاهر أن معتمد ابن زهرة على الاجماع لا الاخبار فليس في ذلك تقوية لاخبار الجواز مع أن
المصنف ره مع ما حكى من تذكرته من دعوى الاجماع على الجواز ذهب في المختلف إلى المنع مع أن أدلة الجواز لا تصريح فيها في
خصوص الفريضة فيقبل الحمل على النافلة وإن كان تقييدا بالفرد النادر لكن العمل على المشهور لان اخبار المنع موهونة
272

بفتوى الأكثر على الخلاف مرمية بالنذور كما في المنتهى وعن المعتبر موافقته لمذهب أكثر العامة حيث قالوا بالكراهة كابى
حنيفة ومالك إحدى الروايتين عن أحمد ومع تسليم التساقط فيرجع إلى العمومات المعتضدة بغلبة اشتراك الذكور والإناث
واما دعوى السيرة على التزام الترك فممنوعة وغاية الامر انه لم يسمع وقوع ذلك من أجلة النساء من سيدتهن
الزهراء صلوات الله عليها مع ويكره ان يأتم
حاضر بمسافر وكذا العكس لموثقة البقباق المحكية عن [يب؟] لا يأتم الحضري بالمسافر ولا المسافر بالحضري فان ابتلى بشئ
من ذلك فان قوما حاضرين فإذا أتم الركعتين سلم ثم اخذ بيد بعضهم فقدمهم فافهم ومصححة ابن أبي
بصير لا يصلى المسافر
مع المقيم فان صلى فلينصرف في الركعتين وعن الفقيه انه روى أنه ان خاف على نفسه من أجل من يصلى معه صلى الركعتين
الأخيرتين وجعلها تطوعا قيل وفي رواية البقباق داود بن الحصين وحكى عن الشيخ أنه قال إنه واقفي وكذا عن ابن عقدة
لكن وثقة النجاشي من غير تعرض لمذهبه الظاهر في اماميته وعن المدارك ان الظاهر أن اعتماد الشيخ فيما قاله على ابن عقدة
وابن عقدة زيدي جارودي مات على ذلك كما قيل فلا يعارض قوله وإن كان صريحا في واقفية داود قول النجاشي وإن كان
ظاهرا في اماميته وعن الفقه الرضوي واعلم أن المقصر لا يجوز له ان يصلى خلف المتم ولا يصلى المتم خلف المقصر
وإذا ابتليت بقوم لم تجد بدأ من أن تصل معهم فصل ركعتين وسلم وامض لحاجتك إلى أن قال وان كنت صليت خلف
المقصر فصل معه ركعتين فإذا سلم فقم وأتم صلاتك وخالف في المسألة علي بن بابويه ره على ما حكى عنه فمنع من ايتمام كل
منهما بالآخر ولا مستند له ظاهرا عدا صدر موثقة البقباق والرضوي ولا يخفى دلالة ذيلهما على الجواز لكن
صريح الرضوي تقييد
الجواز بالضرورة في الصورتين وظاهر الموثقة تقييد جواز امامة المسافر بالضرورة ولعل ذك مما يقول به الشيخ الأجل
المذكور وكيف كان فالأقوى ما ذهب إليه المشهور من الجواز للاخبار الكثيرة الصريحة في الجواز وليس موثقة البقباق
ذيلها صريحة في التقييد بالضرورة لان قوله ابتلى أي اتفق له ذلك ووجه التعبير بالابتلاء انه لا ينبغي له ان يطلب من
المقيمين الاتيان بالمكروه وهو الاقتداء فان اتفق انهم التمسوا منه الإمامة واقدموا على هذا المكروه فليفعل كذا
وكذا ثم إن مصححة ابن أبي
بصير لا يبعد حملها على التقية من جهة ان بناء جمهور العامة على أن المسافر إذا صلى خلف المقيم
يجب عليه التمام فنهى عليه السلام عن الاقتداء خلف المقيم حذرا من الوقوع في خلاف التقية لو سلم في الركعتين وفي
بطلان الصلاة لو أتم مسافرا ويرشد إليه ما تقدم من المرسلة المحكية عن الفقيه الامرة بجعل الركعتين الأخيرتين
تطوعا مع الخوف من الامام أو الجماعة الذين يصلون معهم ومن هنا يظهر ان وجه الامر في الاخبار المجوزة لصلاة
المسافر خلف المقيم بجعل ما يصلى مع الامام من الركعتين الأخيرتين سبحة أو نافلة هو مراعاة التقية وعدم ابطال
273

الصلاة بالاتمام وحينئذ فيحتمل حمل النهى عن الايتمام بالمقيم في الموثقة على التقية أيضا بل وفي الرضوي أيضا ولا ينافى
ذلك تضمنه للامر بصلاة ركعتين والتسليم والانصراف لاحتمال ان يراد من الركعتين ركعتين اخر بين بعد الفريضة
المقصورة ويؤيد ذلك مضافا إلى تنكير لفظ ركعتين انه لولا ذلك لم يناسب ان يعلق هذا الحكم على الاضطرار حيث قال
فان ابتليت بقوم لم تجد بدأ من أن تصل معهم فصل ركعتين وسلم وانصرف لكن الانصاف ان الموثقة آبية عن الحمل على
التقية لمنافات ذيلها للتقية حيث دل على وجوب تسليم المسافر خلف المقيم في الركعتين {ثم إن الكراهة} مختصة بالصلاة
المقصورة فلو أتم المسافر لكونه في أحد المواطن أو لفقد شروط القصر أو صلى القضاء تماما أو اقتدي في الثنائية والثلاثية
فالظاهر عدم الكراهة لانصراف الأدلة إلى غير ذلك و {هل يتسامح} باحتمال عدم الانصراف بناء على ثبوت التسامح
مع اجماع الدلالة لأجل حكم العقل بجلب المنفعة المحتملة وان لم تدل اخبار التسامح على الاستحباب في هذا القسم الظاهر
لا لعدم كون هذا الاحتمال احتمالا معتدا به يعتمد عليه العقل فيبقى عمومات أدلة استحباب التسامح سليمة واعلم أن
ظاهر الروايات المجوزة للايتمام خلف المقيم دلت على التسليم في الركعتين ومقتضاها عدم استحباب الانتظار إلى أن
يتم الامام بل عدم جوازه خلافا للمحكى عن جماعة من المتأخرين كالفاضل والشهيدين ونحوهم حيث أجاز والانتظار
حتى يتم الامام فيسلم بهم بل عن الشهيدين سراية الحكم إلى المأموم الناقص صلاته عن صلاة الامام كمن يصلى الصبح بعشاء
الامام ولعل مستندها عموم استحباب الجماعة وكراهة مفارقة الامام وحمل الأخبار السابقة الامرة بالتسليم على عدم
جواز اتمام المأموم المسافر تبعا لامامة المقيم رد ألما عليه عامة العامة العمياء من وجوب المتابعة كما في المنتهى في
باب صلاة المسافر وحينئذ فلا يبعد الحكم باستحباب الانتظار إما لعمومات استحباب الجماعة المستلزم لاستحباب ابقائها كابتدائها
واما الفتوى مثل الجماعة بعد عدم دلالة العمومات السابقة الامرة بالتسليم على بيان عدم جواز القيام مع الامام إلى
الركعة الثالثة والرابعة لا وجوب التسليم في مقابل عدم جواز الانتظار لعدم فورية التسليم اجماعا على الظاهر و
اغتفار السكوت الطويل في الجماعة مع امكان اعتبار الاشتغال بالذكر والدعاء حتى يتم الامام الا ان يقال باستلزام
ذلك محو صورة الصلاة للفصل الطويل بين التشهد والتسليم سيما ان قلنا بانتظارهم للامام في التشهد أيضا
{ومما ذكرنا} يظهر فيما حكى عن الروض وغيره من أنه يستحب للامام ان ينتظر تمام صلاة المأمومين إلى أن يفرغوا فيسلم
بهم وقد ناقش في الحكمين غير واحد لعدم الدليل وتوفيقية العبادة مضافا في الثاني إلى رواية البقباق المتقدمة
الدالة على تسليم الامام في الركعتين واستخلافه لغيره فتأمل {ويكره} أيضا {استنابة المسبوق} ولأدائه إلى مفارقة الجماعة
وللاخبار أيضا وروى أنه لا ينبغي ان يستناب الا من شهد الإقامة {وكذا يكره امامة الأجذم} والأبرص على المشهور
274

بين المتأخرين وعن الانتصار دعوى الاجماع وبها مضافا إلى عمومات الاقتداء بمن يوثق بدينه وأمانته وبالأقرء
وخصوص الرواية المحكية عن المحاسن عن الحسين بن ابن أبي
العلاء قال سئلته عن المجذوم والأبرص يؤمان السليمين قال نعم
قلت هل يبتلى الله بهما المؤمن قال نعم وهل كتب الله البلاء الا على المؤمن {ونحوها} رواية عبد الله بن يزيد
بحمل ما ورد في الأخبار المعتبرة من المنع عن إمامتهما على الكراهة وان بعد من أجل ضمهما إلى من لا تصح إمامته اجماعا
خلافا للمحكى عن الشيخ والسيد في بعض أقوالهما فمنعا عن امامتها لتلك الأخبار وعن الخلاف دعوى الاجماع ولو
تكافأ الأدلة تعين الرجوع إلى العمومات وهل يكره امامتها لمثلهما الظاهر نعم للعموم {وكذا} يكره امامة {المحدود} عن
فسق {بعد توبته} لسقوط محله عن القلوب وقد ورد النهى عن إمامته في غير واحد من الأخبار المعتبرة وتحمل على ما قبل
التوبة لاردافه ممن لا يصح الاقتداء به فبعد حمل النهى على الكراهة وحينئذ فتخلوا الكراهة عن المستند ويكتفى فيها بفتوى
الجماعة للتسامح الا ان تمسكهم بنقص رتبته يوهن كونه منشأ للتسامح إذ يعتبر في الفتوى احتمال استنادها
إلى الرواية لا إلى الوجه الاعتباري مع انتقاضه بامامة الكافر بعد الاسلام مع أنه لم يقولوا بكراهة إمامته نعم
يمكن ان يحكم بالكراهة لأجل احتمال عموم الروايات وفتوى ابن أبي
الصلاح بالمنع مستند إلى ظاهر تلك العمومات و
{كذا} يكره امامة الأغلف إذا تعذر عليه الختان لبعض الاخبار وفي بعضها تعليل عدم إمامته بان ضيع من السنة
اعظمها وهو يدل على إرادة القادر على الاختتان وقد يستدل المنع إمامته بكونه حاملا للنجاسة التي تبقى في الغلفة
وفيه نظر لا يخفى وكذا تكره امامة من يكرهه المأمومون للاخبار أيضا وعد في بعضها من الذين لا تقبل لهم صلاة
وفي المنتهى ان كراهة المأموم إياه لا توجب الكراهة إذ الاثم على من يكرهه و {كذا} يكره امامة {الأعرابي بالمهاجرين}
للاخبار الكثيرة قيل والمراد بالاعراب سكان البوادي وفي بعضها تعليل النهى بكونهم من أهل الجفاء في الوضوء
والصلاة وهو مستند الكراهة مضافا إلى امكان حمل سائر الأخبار عليها وان بعد وفي بعض الأخبار تخصيص النهى
بامامة المهاجرين ولا يبعد دعوى تبادر وهذا أيضا من الباقي فالحكم بالكراهة لمثلها مشكل الا ان يكتفى فيها بمجرد
احتمال العموم وكذا يكره ان يؤم المتيمم عن الحدث الأصغر أو الأكبر عن المتوضئين أي المتطهرين مطلقا أو التعبير
بالمتوضئين تبعا للنص ووجه الكراهة بعض الأخبار الناهية ووجه الصحة العمومات لان الفروض صحة صلاة المتيمم واقعا
وإن كان اضطراريا وقد تقدم في مسألة اقتداء القائم بالقاعد ما يدل على أنه لا يقدح اختلاف الإمام والمأموم
به في الحكم الواقعي من جهة الاختيار والاضطرار مضافا إلى خصوص غير واحد من النصوص مثل مصححه جميل في امام قوم
أجنب وليس معه من الماء ما يكفيه للغسل ومعهم ما يتوضأون به أيتوضأ بعضهم ويؤمهم قال لا ولكن يتيمم الامام ويؤمهم
275

فان الله جعل الأرض طهورا ونحوها مع التجرد عن التعليل موثقة ابن بكير ورواية ابن أبي
أسامة وغيرهما والظاهر أن
التعليل المذكور في المصححة لصحة الاقتداء لا لأصل وجوب التيمم على الامام لان السؤال انما هو عن ذلك لا عن حكم الامام
من حيث تكليف نفسه كما لا يخفى فيستفاد منه بمعونة ما ثبت عند المعظم من أن التيمم طهور بمعنى ان مبيح الدخول
في العبادة المشروطة بالطهارة لا انه رافع للحدث صحة الاقتداء بكل من جعل في حكم الطاهر وأبيح له الدخول في الصلاة
فيصح اقتداء المرأة الطاهرة بالمستحاضة إذا فعلت ما يجب عليها للعبادة والصحيح بالسلس والمبطول والطاهر بمن على ثوبه
أو بدنه نجاسة لا يقدر على ازالتها كما صرح بجميع ذلك في المنتهى لكن ينافيه حكمه فيه بعدم جواز اقتداء المتطهر
بفاقد الطهورين إذا قلنا بوجوب الصلاة عليه ولعله لملاحظة مفهوم العلة الدالة على أن الحكم بجواز الاقتداء
بالتيمم لأجل انه مستعمل لطهور فدل بمفهوم التعليل على أن من لم يستعمل الطهور لا يجوز الاقتداء به سواء كان
مختارا أو مضطرا كفاقد الطهورين وفيه ان المستفاد من التعليل هو ان الحكم بجواز الاقتداء لأجل ان الشارع أباح
له الدخول في الصلاة فيجوز له الاقتداء بكل من يجوز له الدخول في الصلاة ومنه الفاقد بعد فرض وجوب الصلاة
عليه ولو علم المأموم بعد ما صلى خلف من كان في نظره بعد الاجتهاد
عادلا مسلما متطهرا {فسق الامام أو كفره أو حدثه} بعد الصلاة أجزئه ولم يعد على المشهور لقاعدة الأجزاء بالنسبة إلى أصل الصلاة
الجماعة أيضا كما سيأتي وللاخبار المستفيضة في كل من مسئلتي الكفر والحدث ويلحق بالكفر الفسق بالاجماع المركب القطعي
والأولوية القطعية من جهة ان الكفر أعظم مطلق أنواع الفسق ومن جهة ان الكفر والحدث موجبان لفساد الايتمام
وفساد صلاة الامام والفسق ليس موجبا للأخير فهو أولى لكن الأولوية على الوجه الأول وعلى الوجه الثاني ظنية {ومما
ذكرنا يعلم الحكم فيما لو ظهر} بطلان صلاة الامام لأجل تعمد النجاسة أو نسيانها لان الكافر لا يخلو عنها وكذلك لو
ظهر انحراف الامام عن القبلة أو لاستصحاب غير المأكول أو لعدم السجود على ما يصح عليه أو لغير ذلك لكل ذلك للأولوية
بالنسبة إلى الكفر والحدث مضافا إلى العلة المنصوصة في قوله (ع) فيمن صلى بقوم ركعتين ثم اخبرهم انه ليس على وضوء قال
يتم القوم صلاتهم فإنه ليس على الامام ضمان فان معناه ان الامام ليس بضامن ومتحملا لصلاة المأموم بحيث يكون فساد
صلاته موجبا لعدم براءة ذمة المأموم من جهة ان من يتحمل عنه لم تصح صلاته بل كل منهما يؤدى ما عليه على حسب تكليفه
وهذه علة عامة في جميع موارد بطلان صلاة الامام فتأمل فإنه يمكن حمل التعليل على غير هذا المعنى كما لا يخفى {ويؤيد}
ما ذكرنا أيضا العلة المنصوصة في المصحح في الأعمى يوم القوم وهو على غير القبلة قال يعيد ولا يعيدون ولأنهم قد تحروا
دل على تحريهم وامتثالهم بمقتضى تكليفهم كاف في صحة صلاتهم ولا يضرهم بطلان صلاة الامام {ثم إنه بعد} ما حكمنا بصحة
276

الصلاة فهل تصح الجماعة أم لا وتظهر الثمرة في العبادة المشروطة بالجماعة كالجمعة والعيد والمعادة والمنذورة جماعة
الأقوى صحة الجماعة لأن الظاهر أن صحة صلاة الامام من الشروط العلمية للجماعة لا الشروط الواقعية إذ لم يستفد اشتراطها
الا من الاجماع والمتيقن منه هو اعتباران لا يعلم المأموم حين الاقتداء بفسادها وهذا دليل اخر على صحة الصلاة لان
صحة الجماعة مستلزمة لصحة الصلاة ولا رافع لهذه القاعدة الا المحكية عن الدعائم عن علي عليه السلام في قصة صلاة عمر بالناس
جنبا وحكمه عليه السلام بوجوب الإعادة عليه وعليهم وعلله (ع) بقوله لان الناس بامامهم يركعون يسجدون فإذا فسد
صلاة الامام فسد صلاته المأموم فان ظاهرها يدل على فساد الصلاة المستلزم لفساد الجماعة وما يتخيل من أن انكشاف
بطلان صلاة الامام يرجع إلى انكشاف كون ما صلاه غير الصلاة الواقعية فإذا لم يكن ما فعله صلاة لم تتحقق
الجماعة لأنها من صفات الصلاة وحيث لا صلاة فلا جماعة وهذا الوجه انما يوجب بطلان الجماعة لا بطلان صلاة
المأموم لا غابة ما ثبت اعتباره في صحة صلاة المأموم هو عدم العلم بفساد صلاة الامام ولكن كلا الوجهين ضعيفان
إما الرواية فلضعفها الخالي عن الجابر واما الوجه المذكور فلمنع كون الجماعة بالنسبة إلى المأموم مشروطة بتحقق الصلاة
الواقعية بل يكفى فيها عدم العلم بكونها غير الصلاة الواقعية وكونها من صفات الصلاة الواقعية بالنسبة إلى الامام
ولا كلام في بطلان صلاته فضلا عن جماعته واما المأموم فلما كان ما صلاه صلاة واقعية بالفرض إذا الكلام في هذا
الوجه في بطلان جماعة المأموم وصحتها واما صحة أصل صلاته فمفروغ عنها في هذا الوجه الا ان يقال إن تحقق الجماعة
يتوقف على كون ما يأتي به كل من الإمام والمأموم صلاة واقعية فإذا انكشف كون أحدهما أعني فعل الامام غير الصلاة
الواقعية انكشف عدم تحقق الجماعة كما أنه لو انكشف فساده صلاة المأموم مع انحصاره انكشف فساد جماعة الامام وان
صحة صلاته ثم إنه قد يناقش في قاعدة الأجزاء بالنسبة إلى صحة صلاة المأموم مع تبين حدث الامام نظرا
إلى أن المتيقن من أدلة سقوط القراءة وعدم بطلان الصلاة بزيادة الركن للمتابعة صورة صحة صلاة الامام واقعا
وان مقتضى الأصل الاقتصار في السقوط وفي زيادة الركن لادراك المتابعة على الاقتداء بمن يصلى الصلاة الواقعية
ولا يكفى فيه عدم العلم بالفساد وفرق بين هذه المسألة ومسألة تبين الكفر والفسق إذ مقتضى الأصل في الأول وهو
عدم السقوط الا مع صحة صلاة الا واقعا فإذا انكشف فساد صلاة للامام واقعا انكشف عدم سقوط القراءة عن المأموم
واقع فيجب عليه الإعادة واما في المسئلتين الأخيرتين فالأصل وإن كان يقتضى ذلك الا ان الأدلة قامت على الاكتفاء
في صحة الاقتداء المستلزم للسقوط بمجرد الوثوق بالدين والأمانة المتحقق فيمن تبين كفره أو فسقه فان الشرط وهو
الوثوق بدينه وأمانته حين الصلاة حاصل لم يتخلف فثبت ان الكفر والفسق شرطان علميان أقول أولا
277

ان التعويل على أصالة الصحة في فعل الامام وهو الدخول مع الطهارة بحكم الشارع يوجب ترتب جميع اثار الجماعة
ولا يرفع اليد عنها بظهور الخلاف لما ثبت من أن اتيان المأمور به بالامر الظاهري الشرعي موجب للإجزاء ولو بعد كشف
الخلاف وثانيا ان مقتضى اطلاقات الجماعة من حيث عموم الامام هو صحة الجماعة مطلقا خرج منه من علم حين
الاقتداء بفساد صلاته وبقى الباقي وحاصل ذلك ما أسلفنا سابقا من أن صحة صلاة الامام من المشروط العلمية للجماعة
لا الشروط الواقعية فتأمل و (ثالثا) ان قضية ما ذكره لو سلم يستلزم فساد الاقتداء وهو لا يستلزم بطلان أصل
الصلاة مطلقا بل لا بد من تقييده بما إذا لم يوجد ما يوجب بطلان صلاة المنفرد من الاخلال بالقراءة أو زيادة
الركن لأجل المتابعة أو رجع إلى الامام في الشك الذي يوجب بطلان صلاة المنفرد كما تقدم في مسألة ما لو تداعيا
في الإمامة والايتمام مع أنه يمكن الخدشة في البطلان بمجرد الاخلال بالقرائة نظر إلى عموم قوله لا تعاد الصلاة
الا من خمسة وبمجرد الزيادة في الركن مع اذن الشارع فيه وامره به وبالشك الموجب لبطلان صلاة المنفرد ومع تكليفه
حين [الشك] بالبناء على قول الإمام وعدم وجوب الاستيناف عليه في ذلك الزمان ووجوب الاتمام عليه لكن هذا
كله مشكل بل المتحقق انه مع بطلان الجماعة يراعى في صحة صلاة المأموم عدم وقوع ما يبطل صلاة المنفرد {وخالف}
في المسائل الثلث السيد والإسكافي فأوجبا الإعادة على ما حكى عنهما لكن عن المنتهى والمختلف عدم نسبة الخلاف
في مسألة الحدث إلى السيد وكيف كان فمستند السيد على ما ذكر له هو فساد صلاة المأموم ولا يخفى انه
مصادرة ورواية إسماعيل بن مسلم الآتية ولو سلم عمومها وجب تخصيصها باخبار المختار وحملها على صورة العلم
بكونه مخالفا قبل الاقتداء وعن الصدوق عن بعض مشائخه الإعادة فيما لا يجهر فيه دون ما يجهر ويرد القولين
الروايات المتقدمة فان صحيحة ابن ابن أبي
عمير الواردة في قوم خرجوا من خراسان وكانوا يؤمهم رجل فلما صاروا إلى الكوفة
علموا انه يهودي فقال عليه السلام لا يعيدون كالصريحة في عدم وجوب الإعادة في الصلاة الاخفائية {ثم انك}
قد عرفت ان مقتضى القاعدة المستفادة من أصالة الأجزاء وتنقيح المناط والأولوية والتعليلين المتقدمين في
الروايتين هو عدم بطلان صلاة المأموم بفساد صلاة الامام وهل يلحق بكفر الامام وفسقه سائر شرائط الامام
في صحة الصلاة بانكشاف فقدان بعضها م يقتصر على مورد النص الأقوى الالحاق لقاعدة الأجزاء والأولوية حيث إن
الاسلام بالمعنى الأخص من شروط صحة الصلاة وصحة الاقتداء واما غيره عد الجنون فهو من صحة شروط الاقتداء
مضافا إلى امكان استفادة ذلك من التعليل المتقدم بأنه ليس على الامام ضمان واعلم أن بعض من ناقش في أصالة الأجزاء
278

في مسألة تبين الحدث اعترف بها في الكفر والفسق لما ذكرنا عنه سابقا من أن ظاهر مثل قوله عليه السلام صل خلف من تثق بدينه وأمانته كون الايمان والعدالة من الشروط العلمية لا الوجود حيث علق الاقتداء على الوثوق
بهما لا على وجودهما في نفس الامر وفيه ان الظاهر أن الخبر في مقام بيان طريق الدين والاثبات والأمانة لا في مقام ان
الشرط هو نفس الوثوق لا نفس الدين والأمانة الواقعيين فهذا الخبر أيضا بمنزلة أصالة الحمل على الصحة التي دلت
على الاذن في الاقتداء خلف من اعتقد صحة صلاته ثم تبين فساده فكما انه قيد الاقتداء بصحة الصلاة الواقعية كذلك
قيد بالايمان والعدالة الواقعيين في رواية إسماعيل بن مسلم عن الصادق عليه السلام عن الصلاة خلف رجل
يكذب بقدر الله قال ليعد كل صلاة صلاها خلفه إلى غير ذلك مما دل على أنهم بمنزلة الجدر في جواب من سئل
عن الصلاة خلف المخالفين وقوله لا تعتد بالصلاة خلف الناصب وغيرهما والحاصل ان الرواية المذكورة
انما وردت في مقام اشتراط الوثوق وعدم جواز الاقتداء بالمجهول وانه لابد من طريق ولو ظنيا إلى عدالة
الشخص كما لا يخفى كما يشهد له ما رواه الكشي على ما حكاه في الحدائق عن يزيد بن حماد علي بن الحسن (
ع) قال قلت له
اصلى خلف من لا اعرف قال لا تصل الا خلف من تثق بدينه (وهل يلحق بشروط الامام) ساير شروط
الجماعة من القرب والمشاهدة وعدم العلو أم لا أم يفصل بين ما فل دليله على كونه من الشرايط الوجودية مثل
اشتراط المشاهدة المستفاد من قوله عليه السلام وإن كان بينهم سترة أو جدار فليس ذلك لهم بامام وبين
ما لم يستفد الا كونه من الشرايط العلمية مثل القرب وعدم العلو المستفادين من الاجماع فيحكم في الأول بالفساد
وفي الثاني بالصحة الا إذا انتفى بانتفائه أصل الجماعة كالبعد المفرط فإنه داخل فيما سيجئ حكمه من صورة انكشاف
عدم الجماعة رأسا الأقوى عد اللحوق الا إذا قلنا في المسألة الآتية باللحوق وهي ما إذا تبين عدم الجماعة كما
إذا اقتدى بمن يعتقد بأنه إما فبان جدارا أو مأموما أو آتيا بصورة الصلاة أو اقتدى بشخص على أنه زيد فبان
عمروا مع عدالة عمرو أو فسقه وهكذا ومقتضى القاعدة هنا عدم الأجزاء نظر إلى أن دخوله ابتداء في الجماعة
ليس بأمر الشارع وانما هو مقتضى اعتقاده المخالف للواقع فهو معتقد لكونه مأمورا بالجماعة لا انها مأمورا
بها من الشارع الا ان هنا بعض الأخبار القابلة لا يستفاد منه صحة الصلاة منها المصحح المتقدم أعني قوله
عليه السلام ما هم عندي الا بمنزلة الجدر وقوله اقرأ خلف الناصب كأنك وخدك حيث إنه دل على أنه لا فرق
بين كون الامام مخالفا وبين ان لا يكون امام وحاصله ان وجود الامام المخالف لا يتفاوت مع عدم الامام
أصلا ولا يترتب على وجوده في نظر الشارع حكم شرعي ومن المعلوم انه إذا تبين كون الامام مخالفا صحة الصلاة
للاجماع المركب والأولوية بالنسبة إلى تبين كونه يهوديا فإذا تبين عدم الامام فاما ان نقول حينئذ بالصحة وإما
279

ان لا نقول بها فان قلنا بالصحة فهو والا لزم ان يكون وجود الامام المخالف مصححا للصلاة بخلاف ما لو عدم الامام
رأسا فقد فرض ان وجود الامام المخالف كعدمه ومنها مصححة زرارة قال قلت لأبي جعفر (ع) رجل دخل مع قوم في صلاتهم
وهو لا ينويها فأحدث امامهم فاخذ بيد ذلك الرجل فقدمه فصلى بهم أتجزيهم صلاتهم بصلاته وهو لا ينويها صلاة فقال (ع)
لا ينبغي لرجل ان يدخل مع قوم في صلاتهم وهو لا ينويها صلاة بل ينبغي له ان ينو بها صلاة فإن كان قد صلى فان له
صلاة أخرى والا فلا يدخل معهم وقد يجزى عن القوم صلاتهم وان لم ينوها فان الظاهر أن السؤال عن اجزاء صلاة
القوم بعد ما تبين لهم انه لم ينوها ولا ريب ان الصلاة مع عدم نية الصلاة في أفعالها ليست بصلاة وانما هي صورة
صلاة فلم يتحقق أصل الجماعة ومع ذلك حكم بصحة صلاتهم ولكن يعارضهما ما دل على أن الرجلين الناويين كل منهما
للايتمام المنكشف لهما ذلك بعد الفراغ يجب عليهما الإعادة لانكشاف كون امام كل واحد منهما مأموما لكن غاية الأمر
حينئذ الحكم بالبطلان لأجل بطلان الجماعة إذا افضى إلى الاخلال بالقرائة أو عروض ما يبطل صلاة المنفرد كزيادة الركن
أو الشكوك المبطلة والا فلو فرض عدم اختلال شئ فالظاهر أن الصحة كما لو اقتدى به في الأخيرتين مثلا بل قد يمكن
القول بالصحة وان لزم الاخلال بأحد الأمور المذكورة كما تقدم إليه الإشارة وربما يؤمى إليه ما في الذكري حيث
قال فيها بعد ما حكم بان الامام إذا بان محدثا فسد الجمعة إن كان متمما للعدد والا صحت لما سيأتي في الجماعة قال وربما
فرق الحكم هنا وهناك لان الجماعة شرط في الجمعة ولم تحصل في نفس الامر بخلاف ما في الصلوات فان القدوة إذا فاتت
فيها يكون قد صلى منفردا وصلاة المنفرد هناك صحيحة بخلاف الجمعة انتهى نعم اعترضه في المدارك بان فوت الجماعة
يستلزم بطلان الصلاة للاخلال بالقرائة هذا كله فيما لو تبين اختلال صلاة الامام أو ساير شروطه أو ساير
شروط الجماعة أو اختل ماهيتها بعد الفراغ إما لو تبين في الأثناء فالظاهر الحكم بالصحة في كل موضع حكم بها بعد
الفراغ والبطلان في موضع البطلان وحكم الصلاة بعد بطلان الجماعة ما عرفت من الصحة مع عدم الاخلال بوظيفة
المنفرد والبطلان معه ويلزم من قال بالإعادة في المسألة السابقة القول بالإعادة هنا أيضا الا ان يفرض
بطلان الجماعة في موضع لم يخل المأموم بوظيفة المنفرد فإنه حينئذ يمكن ان نقول بالصحة نظر إلى أن بطلان الجماعة بعد
الفراغ يوجب الاخلال بوظيفة المنفرد فبطلت الصلاة من هذه الجهة واما إذا تبين في الأثناء مع بقاء محل
القيام بوظيفة المنفرد فلا وجه للبطلان كما أنه يمكن للقائل بالصحة هناك أن يقول هنا بالفساد ووجوب الاستيناف
إما لأجل ان الصحة على خلاف الأصل خرج منه التبين بعد الفراغ وبقى الباقي واما لأجل ما في الذكرى والمنتهى والمحكى
السرائر من وجود رواية عن الحلبي بوجوب الاستقبال إذا تبين في الأثناء كون الامام محدثا واما لعدم جواز العدول
280

إلى الانفراد من جهة ان صفة الجماعة من المقومات لكنك خبير بضعف الكل إما الأول فلما عرفت من أصالة
الأجزاء ومنها يعلم أن الرواية المذكورة في الذكرى والمنتهى لا تنهض دليلا في مقابلها لارسالها الخالي عن الجابر مع
عدم عملها بمقتضاها ومعارضتها لصريح مصححة زرارة فيمن صلى بقوم ركعتين ثم اخبرهم انه على غير طهر
قال يتم القوم صلاتهم واما الثالث فلفسادها على ما سيجئ من جواز المفارقة اختيارا مع أنها فيما
نحن فيه اضطرارية كموت الامام ونحوه ثم حيث قلنا بالصحة فإن كان بعد الركوع فلا ريب في اجزاء قرائة
الامام كما لا اشكال في وجوبها على المأموم إذا كان قبل شروعها في القراءة واما بعد فراغه عنها وقبل الركوع
فهل تجب القراءة بناء على تبين فسادها قبل فوات محلها أو لا يجب بناء على الاجتزاء بقرائة الامام ظاهرا كما لو
كان بعد الركوع فان الاجتزاء بها حينئذ ليس لفوات محلها فان فوت المحل مع عدم دليل على الاجتزاء يوجب الحكم
ببطلان الصلاة بل الاجتزاء لأجل كفاية قرائة الامام الصحيحة ظاهرا قبل تبين حدثه والحاصل انه إما ان
يحكم بصحة الجماعة إلى حين التبين واما لا فعلى الأول فلا وجه للقرائة وعلى الثاني فلابد من الحكم بالبطلان بعد
فوات المحل للاخلال بوظيفة المنفرد اللهم الا ان يقال لعل الوجه في سقوط القراءة بعد فوات محل القراءة هو
انقضاء محل القراءة مع الاجتزاء بظاهر الصحة في قرائة الامام لا مجرد الاجتزاء ولو مع الانكشاف في المحل لأصالة
عدم سقوطها مع احتمال تركب وجه السقوط من الصحة الظاهرية وفوات المحل لكن هذا الوجه ضعيف بناء على
قاعدة الأجزاء لأنها تقتضيه مع بقاء وقت الفعل سواء كان من الواجبات المستقلة ولهذا ينفى الإعادة فيها
إذ من الأجزاء الغير المستقلة نعم من يعلل الصحة بعد الفراغ بالأخبار الواردة في المسألة مع مخالفة الصحة
لأصل الاشتغال وعدم جريان قاعدة الأجزاء فلازمه الحكم هنا بعدم سقوط القراءة لا صلاته الا ان بعض
من يرى قاعدة الأجزاء في الكفر والفسق بناء على ما تقدم منه من أن الاسلام والعدالة من الشروط العلمية تمسكا
بقوله صل خلف من تثق بدينه وأمانته قد ذهب إلى عدم السقوط أيضا وهو مناف لمقتضى مذهبه ثم
على ما ذكرنا من الأجزاء بما مضى فلو كان في أثناء القراءة اكتفى بما قرء الامام ويقرء من موضع التبين ولو
شك فيما يوجب بطلان صلاة المنفرد مثل الشك في الثنائية فرجع إلى الامام ثم تبين الحدث فإن كان
بعد الانتقال عن محل الشك فالظاهر الصحة وإن كان قبله ففي الصحة وجهان من أنه كلف بالبناء
فاقتضى الأجزاء ومن انه حينئذ شاك ومنهى عن المضي في الصلاة مع الشك ولو تقدم الامام سهوا بالركوع
فقام ليعود مع الامام في الركوع فتبين اختلال الشرط فان قلنا إن الركوع الصلاتي هو الثاني لزم عليه
281

الركوع وان قلنا إن الثاني لمحض المتابعة لم تجب ثم اعلم أن المتيقن مما ذكرنا من الصحة مع التبين ما لو كان الدخول
في الصلاة بطن احراز الشروط فلو دخل في الصلاة خلف فاقد الشروط نسيانا ثم تبين الخلاف بعد الفراغ أو في الأثناء
فالظاهر بطلان الجماعة لعدم تحقق الامر الشرعي حتى حكم بالاجزاء وكذا لو [اشتبه] في الموضوع بان تخيل الامام ذلك
الشخص المعروف عنده باستجماع الشروط فبان شخصا اخرا متصفا بضده لان دخوله حينئذ في الصلاة بتخيل الامر و
تخيل الامر ليس أمرا هذا كله مع التبين إما لو طرء المانع عن الاقتداء في الأثناء فالظاهر تعين الانفراد وعدم
الفساد سواء فات أصل الجماعة أو شروطها أو شروط الامام وفي بعض اخبار الاستخلاف دلالة عليه
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد وآله وآله الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم
الدين و {تدرك الركعة بادراك الامام} في محل تكبير الركوع وان لم يكبر اجماعا فتوى ونصا و {بادراك الامام
راكعا} على الأظهر الأشهر بل عن الخلاف الاجماع عليه بل يمكن تحصيله من اطباق المتأخرين عليه بضميمة ما عن الحلى
من نسبة إلى ما عدا الشيخ (ره) من الفقهاء مدعيا تواتر الاخبار به مضافا إلى الأخبار المعتبرة المستفيضة في المسألة
وما ورد في استحباب انتظار الامام الراكع للمأموم الداخل وما دل على رخصة دخول المأموم مع الامام قبل لحوق
الصف إذا وجده راكعا وما دل على اجزاء تكبيرة واحدة للاحرام والركوع حينئذ خلافا للمحكى عن الشيختين والقاضي
فاعتبروا ادراك تكبيرة الركوع أي محلها والا فقد لا يكبر الامام إما لعدم وجوبها أو للنسيان استنادا إلى
المستفيضة عن محمد بن مسلم عن الباقر والصادق (ع) وقريب منها مصححة الحلبي إذا أدركت الامام قبل ان يركع
الركعة الأخيرة فقد أدركت الجمعة وان أدركته بعد ما ركع فهى الظهر أربعا أو قريب منها رواية يونس الشيباني
المروية في باب الأذان والإقامة من تهذيب وهي وان صح أكثرها سندا ووضحت دلالتها ووافقت الأصول
الا انها لا تقاوم ما تقدم من المستفيضة بل المتواترة من وجوه فلتحمل هي على استحباب عدم الدخول معه في تلك
الركعة معتدا بها وقد يجاب عنها بتخصيصها بالاخبار المتقدمة وفيه ان سوقها في مقام التحديد يخرجها عن احتمال
التخصيص كما لا يخفى ثم على المختار لو أدركت المأموم هاويا الامام ناهضا مع اجتماعهما في حد الركوع ففيه قولان
من صدق رفع الامام رأسه ومن اجتماعهما في الركوع الشرعي أقواهما الأول نظر إلى الأصل وتحقق رفع الرأس
الذي ينط به عدم الادراك وان عند الرفع بصدق انه لم يدركه حال الركوع لأنه خرج من الركوع الذي هو جرء من
الصلاة ودخل في مقدمات غيره فتأمل ولو شك حين تحقق الركوع منه في رفع الامام رأسه بنى على عدم الرفع كما أنه لو شك حين رفع الامام رأسه في وصوله إلى حد الركوع بنى على عدمه ولو شك بعد تحقق الركوع منه ورفع
282

الرأس من الامام في اجتماعهما في الركوع هي على عدم تحقق الاجتماع لتعارض أصالتي عدم الرفع وعدم الركوع ولو
شك قبل الدخول في الادراك فإن كان شكه مستندا إلى الجهل بمقدار مكث الامام في الركوع مع كون زمان
اتيانه للأفعال إلى أن يلحق مقدرا عنده ولو تخمينا بنى على أصالة عدم رفع رأس الأمان وإن كان مستندا
إلى الجهل باتيانه للأفعال مع كون مقدار مكث الامام معلوما أو مظنونا عنده بنى على عدم اللحوق وإن كان
شكه مستندا إلى الجهل بكلا المقدارين فليس له الدخول لتعارض أصالتي عدم ادراكه للركوع حين ركوع الامام وعدم رفع الامام رأسه حين ركوع المأموم ويظهر من بعض جواز الدخول في الصور الثلث تمسكا باستصحاب
عدم رفع الرأس والأقوى ما قلنا وقد يمنع من التعويل في الدخول على الاستصحاب مطلقا نظرا إلى أن الاستصحاب
لا يجدى في حصول الجزم بادراك الجماعة المعتبر في النية واما التعويل في بقاء المكلف على شرايط التكليف حتى الفراغ
فليس على الاستصحاب بل على الاطمينان العادي ولو فرض عدمه لم يصح الدخول لعدم الجزم كما ذكرنا وفيه نظر
فان المعتبر في النية ليس الا العزم على أن يأتي من اجزاء العبادة المنوية وشرائطها بما هو تحت قدرته واختياره
واما ما لا يكون بقاؤه وارتفاعه تحت اختياره فلا يعتبر العزم عليه بل يعتبر اليقين ولو شرعا بعدم ارتفاعها
فالمعزوم عليه الأمور الاختيارية المتصفة إلى اخر العمل بتلك الأمور الغير الاختيارية على وجه اليقين العقلي أو ما
هو بمنزلته شرعا مثلا الواجب على الناوي للصلاة ان ينوى على وجه العزم المؤكد والجزم المسدد ان يأتي بالأمور
الاختيارية المعتبرة في الصلاة شرطا أو شطرا واما تحقق الأمور الغير الاختيارية كبقاء الطهارة والعقل و
الشعور والسلامة من الحيض والمرض فلا يجب العزم عليها وانما يجب العلم بمقارنة الأمور الاختيارية لها حتى يكون
تلك الأمور الاختيارية المعزوم عليها محبوبة للشارع مقربة منه فإذا حكم الشارع في مرحلة الظاهر ببقائها وكون
الأمور الاختيارية مقرونة بها وامرنا بالبناء على ذلك فقد كفينا مؤنة العلم بها ولا يصح الاقتداء {مع جسم
حايل بين الإمام والمأموم الرجل} إذا كان بحيث {يمنع المشاهدة} بلا خلاف على الظاهر ويدل عليه صحيحة زرارة المروية
في الفقيه ان صلى قوم وبينهم وبين الامام ما لا يتخطى فليس ذلك الامام لهم بامام وأي صف كان أهله يصلون
بصلاة
امام وبينهم وبين الصف الذي يتقدمهم قدر ما لا يتخطى فليس تلك لهم بصلاة فإن كان بينهم سترة أو جدار فليس تلك
لهم بصلاة الامن كان بحيال الباب قال وهذه المقاصير لم تكن في زمان أحد من الناس وانما أحدثها الجبارون
وليس لمن صلى خلفها مقتديا بصلاة من فيها صلاة وقال وقال أبو جعفر (ع) ينبغي أن تكون الصفوف تامة متواصلة
بعضها إلى بعض لا يكون بينها ما لا يتخطى يكون قدر ذلك مسقط جسدا الانسان إذا سجد وقال أيما امرأة صلت
283

خلف امام وبينها وبينه ما لا يتخطى فليس لها تلك بصلاة قال قلت فان جاء انسان يريد ان يصلى كيف يصنع وهي
إلى جنب الرجل قال يدخل بينها وبين الرجل وتنحدر هي شيئا ثم إن جعل الجدار مقابلا للسترة انما هو باعتبار ذات
الساتر بمعنى ان الساتر قد يكون جدارا وقد يكون غيره لا باعتبار أصل الستر فحينئذ يعتبر في مانعية الستر كغيره فالجدار
المصنوع من الزجاج بحيث يشاهد من خلفه لا بأس به على الأقوى لأنه جسم شفاف كالماء والهواء نعم لا عبرة بمشاهدة
صورة الامام المنعكسة في المرأة ولا يخفى الفرق بينهما ولا يقدح أيضا الحايل القصير الذي يمنع المشاهدة حال الجلوس
فقط ولا الشباك على ما نسب إلى معظم الأصحاب خلافا للمحكى عن الشيخ في الخلاف فمنع الصلاة خلف الشبابيك واستند
له غير واحد إلى عموم المقاصير في الصحيحة المتقدمة المعتضدة بدعوى الوفاق في الغنية والخلاف وقد يمنع العموم
لان المقاصير في الصحيحة أشير بها إلى المقاصير الموجودة في ذلك الزمان وكونها مشبكة غير معلوم وهو
حسن لو استند الشيخ إلى عموم المقاصير من حيث الافراد واما إذا استند إلى اطلاق المقاصير المشار إليها
بالنسبة إلى حال تشبيكها وعدمه فلا يرد مع أن الظاهر أن الإشارة انما وقعت إلى جنس المقاصير لا خصوص
تلك الموجودة في ذلك الزمان والفرض ان جنس المقصورة في المسجد لم يكن متعارفا سابقا واخترعها
الجبارون وحينئذ فالضمير في قوله لمن خلفها راجع إلى جنس المقاصير المخترعة {فالأولى في الجواب} عن ذلك ان الاطلاق
المذكور موهون أولا بان مسألة المقاصير في الصحيحة متفرعة على مسألة الجدار الحائل وقد ذكرنا ان المتبادر
منه هو الساتر المطلق بحيث لا يرى الامام ابدا وفي قليل من الأحوال مثل حال الركوع فقط أو القريب من
السجود ونحو ذلك وحينئذ فالمراد من المقاصير بقرينة التفريع هي غير المشبكة ودعوى العكس بإرادة مطلق الجدار
الشامل للشباك بقرينة اطلاق المقاصير بعيدة أولا لان لفظ الستر أقوى ظهورا في غير الشباك من شمول
اطلاق المقاصير له بعد تسليم الاطلاق وغير نافعة ثانيا لان غاية الأمر اجمال الصحيحة بالنسبة إلى حكم الشباك
فيرجع فيه إلى الأصل والعمومات الدالة على صحة الجماعة فتأمل هذا كله على تقدير قول الشيخ ببطلان الصلاة
خلف المقاصير المحرمة وجعلها مع الشبابيك في حكم واحد والا فقد قال في ذكرى يظهر من الشيخ في المبسوط و
أبى الصلاح عدم الجواز مع حيلولة الشباك لرواية زرارة مع اعتراف الشيخ بجواز الحيلولة بالمقصورة المخرمة
ولا فرق بينهما انتهى وعلى هذا فلا خلاف في جواز الحيلولة بالمقصورة المخرمة وانما منع الشيخ وتبعه ابن أبي
الصلاح
في الشباك وحينئذ فيحتمل ان يراد من الشباك كما ذكره بعض ما يعمل من القصب ونحوه على نحو عمل الحصر والبواري بتشبيك
القصب بعضه في بعض وهذا غالبا مانع من مشاهدة من خلفه ولو كان الشباك مثل المقصورة المخرمة فلا يظهر من
284

عبارة الشيخ المحكية عن المبسوط منعه قال في المبسوط على ما حكى عنه الحائط وما يجرى مجراه مما يمنع من مشاهدة الامام يمنع من
صحة الصلاة والاقتداء بالامام وكذلك الشبابيك والمقاصير تمنع من الاقتداء بامام الصلاة الا إذا كانت محرمة
لا تمنع من مشاهدة الصفوف انتهى وكيف كان فالأقوى عدم الباس بالصلاة خلف الشبابيك المتعارفة في زماننا
ثم إن ظاهر اطلاق الصحيحة ان الستر يمنع عن الاقتداء في الابتداء والاثناء من غير فرق صورتي العلم والجهل والمانع
هو عدم مشاهدة الامام ولا المأموم فحيلولة بعض المأمومين لا يضر الا إذا علم بطلان صلاتهم فإنهم حينئذ بمنزلة الجدار
وهل يشترط ان لا يحرم الصف اللاحق الغير المشاهد للامام الا بعد تحريمة الصف السابق المشاهد له لترتفع الحيلولة
القادحة أم لا بل يكفى في عدم قدح حيلولتهم كونهم قاصدين للاقتداء الأقوى الثاني لانصراف السترة إلى غير ذلك كما لا يخفي
مع أن ظاهر الصحيحة هو وجود الساتر بين الصفوف فهذه قرنية أخرى على أن المراد الساتر الخارجي ومن هنا يمكن دعوى عدم
قدح حيلولة المأموم مع العلم ببطلان صلاته فتدبر وهل يعتبر في مشاهدة المأموم المتقدم المشاهد
أم يكفى مشاهدة المأموم المشاهد ولو كان عن أحد جانبيه فلو وقف بعض المأمومين بحذاء باب يشاهد الامام أو بعض
من هو قدامه من المأمومين فوقف عن جانبيه جماعة فهل تبطل صلاة هؤلاء لانهم لا يشاهدون من قدامهم أحدا من الامام
أو المأمومين أم يصح لانهم يشاهدون من أحد جانبيهم المأموم الواقف بحذاء الباب قولان أقواهما الأول لقوله (ع) في الصحيحة
المتقدمة فإن كان بينهم سترة أو جدار فليس لهم تلك بصلاة الا من كان بحيال الباب فان الظاهر أن الموصول مستثنى
من الصف اللاحق يعنى ان صلاة جميعهم فاسدة الا من كان منهم بحيال الباب فصلوته صحيحة لعدم تحقق المانع بالنسبة
إليه وجعل المراد من الموصول هو الصف المنعقد بحذاء الباب ليكون المستثنى منه هي الصفوف اللاحقة اللذين
يكون بينهم وبين سابقتهم سترة خلاف الظاهر جدا لان ضمير الجمع في قوله منهم راجع إلى الصف لا الصفوف كما لا يخفى
فالموصول بعض الصف لا بعض الصفوف ومع أن الأرجح حينئذ اتيان ضمير العايد بلفظ الجمع رعاية لمعنى الموصول مضافا
إلى وجوه أخر لا تخفى ثم إن ظاهر الرواية في بادي النظر وإن كان هو اشتراط عدم الحائل في الابتداء والاستدامة
الا ان قليل التأمل يشهد بعدم دلالتها على اعتباره استمرار لان قوله فليس تلك لهم بصلاة إشارة إلى الصلاة
التي صليت مع الستر والحايل وهي ظاهرة في المجموع والحكم ببطلان الصلاة التي صليت تمامها مع الحائل لا يستلزم
الحكم ببطلان ابعاضه إذا وقعت كذلك أو ببطلان الكل إذا وقع البعض كذلك الا ان يقال إن الحكم ببطلان
مجموع انما علق معلى مجرد وجود الحائل والستر ولو في بعض أوقات الصلاة لكن الانصاف ان منصرف اللفظ هو الدخول
مع الحائل فأصالة صحة الصلاة والجماعة إذا طرء الحائل في الأثناء سليمة عن الوارد لكن بشرط ان يتفق فلو تعمده بطل
285

بلا خلاف على الظاهر ثم إن الحكم المذكور مختص بالمأموم الذكر واما الأنثى فالمشهور على أنه لا يقدح الحائل
بل عن ظاهر عبارة التذكرة الاجماع عليه وبه ينجبر موثقة عمار عن الصادق (ع) عن الرجل يصلى بقوم وخلفه دار فيها نساء
هل يجوز لهن ان يصلين خلفه قال نعم إن كان أسفل منهن قلت فان بينهن وبينه حائطا أو طريقا قال لا بأس
وهي وإن كانت أعم من صحيحة زرارة المتقدمة من وجه حيث إن الحائط يشمل الطويل والقصير والصحيحة حيث قلنا بظهورها
في السترة الحائلة في جميع أوقات الصلاة أخص من هذه الجهة واعم من جهة شموله للمأموم الذكر والأنثى الا ان
الظاهر من الحائط ولو بقرينة دلالة السؤال على كونهن في دار مستقلة هو الحائط الحائل مطلقا فيصير بمنزلة الأخص
المطلق مضافا إلى اعتضادها بالشهرة والاجماع المستظهر من عبارة التذكرة ومع التساقط فالمرجع كما قيل الأصل
والعمومات وفيه نظر وكذا لا يصح الاقتداء مع علو الامام على المشهور بل المعروف عن الشيخ في الخلاف وعن التذكرة
نسبته إلى علمائنا حيث قال ولو صلى الامام على موضع ارفع من موضع الامام مما يعتد به بطلت صلاة المأموم
عند علمائنا ويمكن ارجاع فتوى الشيخ في الخلاف بالكراهة إلى إرادة التحريم فيرتفع الخلاف لعله ولذا ادعى الوفاق وفي تذكرة
ويدل على حكم المسألة مضافا إلى مفهوم قوله (ع) نعم إن كان أسفل منهن موثقة عمار عن الصادق عليه السلام قال سئلته
عن الرجل يصلى بقوم وهم في موضع أسفل من موضعه الذي يصلى فيه فقال إن كان الامام على شبه الدكان أو على
موضع ارفع من موضعهم لم تجز صلاتهم وإن كن ارفع منهم بذر إصبع أو أكثر أو أقل إذا كان الارتفاع ببطن مسيل
وإذا كان أرضا مبسوطة وكأن موضع ارتفاع فقال الامام في الموضع المرتفع وقام من خلفه أسفل منه والأرض مبسوطة
الا إنه في موضع منحدر فلا بأس وضعف سندها منجبر بما مر وتهافت بعض متنه لا يقدح في بعضه الأخر كما تقرر
ومنها مضافا إلى عدم الخلاف ظاهرا يظهر عدم قدح الارتفاع اليسير وعن التذكرة انه لو كان العلو يسيرا جاز
اجماعا والظاهر أن المرجع فيه إلى العرف دون ما لا يتخطى كما عن بعض مستندا إلى صحيحة زرارة المتقدمة المانعة عن
الفصل بما لا يتخطى وفيه نظر فلا يقدح مقدار الإصبع وما يقرب منه إذ لا يقال في العرف ان موضع الامام
أعلى من موضع المأمومين بل يعد ان موضعا واحدا ويستفاد منها أيضا ان العلو لا يقدح إذا كانت الأرض منحدرة
كما حكى التصريح به عن جماعة وعن الرياض نفى الخلاف فيه وكذا لا يقدح علو المأموم على ما هو المعروف واستظهر عدم
الخلاف فيه بعض سادة مشائخنا حاكيا عن الروض قطع الأصحاب به وعن الرياض نفى الخلاف ويدل عليه مضافا إلى
منطوق ذيل الموثقة السابقة إن كان الامام أسفل منهن موثقة عمار وإن كان رجل فوق بيت دكانا كان أو
غيره وكان الامام يصلى على الأرض أسفل منه جاز للرجل ان يصلى خلفه ويقتدى بصلاته وإن كان ارفع منه بشئ
286

كثير وقيد بعض العلو بما لم يكن مفرطا ولعله أراد ما إذا لم يخرج عن اسم الاقتداء وكذا {لا يصح الاقتداء مع تباعده أي المأموم عن الا أم بغير} واسطة صفوف مقتدية بذلك الامام بلا خلاف على الظاهر وحكى الاجماع عليه
عن جماعة وهو المستند مضافا إلى أن المستفاد من تضاعيف الأدلة مثل أدلة فضيلة الجمعة والاجتماع
والمعية والايتمام وتقديم الامام إلى الله تعالى والصلاة خلفه أو عن يمينه ونحو ذلك واعتبار رابطة بين
الامام ومجموع المأمومين في المكان يقطعها البعد كما لا يخفى وحيث إن المستند منحصر في الاجماع وما يتبادر
من الأدلة المتفرقة من اعتبار الرابطة كما ذكرنا ففي القدر المتيقن من محل الاجماع مع القطع بانتفاء تلك الرابطة
لا اشكال في الحكم بالفساد والظاهر عدم انفكاكها إذ مع القطع بانقطاع تلك الرابطة فالفساد مجمع عليه ظاهرا
إذ الظاهر أن مدرك المجمعين هو ما ذكرنا مما يفهم من متفرقات الأدلة وتوضيح ذلك ان الجماعة
هيئة مشروعة لم يبين في الاخبار على وجه يغنى عن ملاحظة السيرة المستمرة بين المسلمين إذا الظاهر أنه
لم يرد اطلاق دل على صحة الجماعة حتى تؤخذ به بعد خروج ما خرج وإن كان هذا يظهر من جماعة كالشيخ
والمحقق حيث يتمسكون في مقام الشك بالأصل والعمومات لكنها لم تثبت كلية نعم ثبت بعض الفقرات
المطلقة في الأدلة بحيث ينفع في بعض مقامات الشك كما أن الموثقة المتقدمة الواردة في الحائل بين الامام
الذكر والمرأة المأمومة مطلق بالنسبة إلى البعد وعدمه كما لا يخفى على من لاحظها وكما ستعرف في مسألة
شرائط الامام ومع عدم الاطلاق فالظاهر وجوب الاقتصار على الهيئة المتعارفة المعتادة بين المسلمين
الا ان يثبت من الدليل جواز أزيد من ذلك فالمتبع هو أحد الامرين من الهيئة المتعارفة أو الدليل الشرعي
ويقدم الثاني مع التعارض إذ لا عموم في الأول ثم إنه {حكى عن الحلى وابن زهرة} تحديدا لبعد بما لا
يتخطى بمعنى انه لا يطوى بخطوة واختاره بعض المتأخرين استنادا إلى صحيحة زرارة السابقة ان صلى قوم
وبينهم وبين الامام ما لا يتخطى فليس ذلك لهم بامام وأي صف يصلون وبينهم وبين الصف الذي يتقدمهم مالا
يتخطى فليس تلك لهم بصلاة إلى أن قال وينبغي أن تكون الصفوف تامة متواصلة لا يكون بينهما ما لا يتخطى
يكون بينهما مسقط جسد الانسان إذا سجد ولكن الظاهر من نفى الصلاة والامام في صدرها هو الفرد الكامل
بقرينة قوله وينبغي وقد يتوهم صرف قوله ينبغي إلى الوجوب بقرينة النفي السابق وهو فاسد لان لفظ ينبغي أكثر
وأظهر في الاستحباب من نفى الصلاة والامام في الكمال ولو تنزلنا عن ذلك فالحكم برجحان تمام الصفوف محمول
على الاستحباب للاجماع على عدم وجوبها فكذلك الرجحان بالنسبة إلى التواصل لأنه وقع صفة أخرى للصفوف
287

بعد وصفها بالتمامية اللهم الا ان يستعمل لفظه ينبغي في مطلق الرجحان فيستفاد وجوب التواصل من الصدر كما أنه يستفاد
استحباب التمامية من الاجماع وبه يندفع دعوى ان قوله يكون بينهما مسقط جسد الانسان إذا سجد قرينة أيضا
على
إرادة الاستحباب من لفظة ينبغي فالمعتمد في رد الاستدلال ترجيح ظهور ينبغي في الاستحباب على ظهور نفى الصلاة في
نفى الصحة ولا أقل من التكافؤ الموجب للتساقط اللهم الا ان يمنع ظهور ينبغي الا في مجرد الرجحان كما هو مقتضى مادته بل
في اللزوم حيث إن معنى ينبغي كذا يعنى حقيق ومستحق ثم إنه قد تكرر في هذه الصحيحة ذكر لفظة مالا يتخطى والظاهر أن
المراد به في الجميع هي المسافة التي لا تطوى بخطوة لبعده وليس المراد به مقدار العلو بمعنى انه لا يدخل في الخطوة المستقيمة من جهة
علوة بل يحتاج إلى خطوة لأجل الصعود عليه أو لان ذلك المقدار من العلو لو تسطح على وجه الأرض لا يطوى بخطوة أو
بمعنى انه لا يصعد عليه بالخطوة المتعارفة للصعود لان ذلك كله خلاف الظاهر وأشد مخالفة للظاهر منه إرادة الستر
والجدار الذي لا يتخطى أي يمنع من الاستطراق بالتخطي كما قد يذكر مستندا لما سبق من منع الشيخ في الخلاف الصلاة خلف
الشبابيك ثم إنه قد ينسب إلى الشيخ تقدير البعد بثلثمائة ذراع وهو غير متحقق لان عبارة الشيخ
في المبسوط على ما وجدتها محكية لا تدل دلالة واضحة على ذلك نعم حكاه عن قوم والظاهر أن مراده بهم جمع من العامة
ولذا لم ينسب هذا القول إلى الشيخ في المختلف وهل البعد القادح قادح في الابتداء والاستدامة أو في الابتداء
وجهان من ظهور المانع في المانعية المطلقة كما لا يخفى ومن أن المدرك في قدح البعد لم يكن الا الاجماع وإن كان
يستشعر أيضا من الروايات المتفرقة الدالة على اعتبار رابطة بين الإمام والمأموم الظاهر في اعتباره في جميع
أحوال الاقتداء الا ان هذا بمجرده لم يكن دليلا لولا الاجماع وحينئذ فيجب الاقتصار في المنع على المتيقن من مورد
الاجماع ويحكم بعد قدح ما عداه الاطلاق مثل الموثقة السابقة في ايتمام النسوان من خلف الدار بالامام حتى
مع فصل الحائط والطريق من غير استفصال عن مسافة الطريق ومسافة بعد الدار من مكان الامام هذا كله مضافا
إلى استصحاب صحة الايتمام والصلاة وحينئذ فلو انتهى صلاة الصفوف المتقدمة فلا تبطل صلاة اللاحقين ولا جماعتهم
وهل يعتبر في الصف السابق دخولهم الصلاة فعلا فلا يجوز للاحق البعيدان يحرم للصلاة الا بعد تحريم من
يرتفع بتوسطه البعد القادح أم لا يعتبر وجهان أقويهما الثاني لاطلاق ما دل على الرخصة في التكبير بمجرد تكبير الامام
وان المعتبر تقارب الصفوف ويصدق الصف على السابقين وان لم يدخلوا بل يكفى كونهم مستعدين له مضافا إلى
السيرة المستمرة ولزوم الحرج لولاه وهذا هو الأقوى لما عرفت من وجوب الاقتصار في البعد القادح على مورد
الاجماع الا ان يمنع هنا من وجود اطلاق بالنسبة إلى جواز دخول اللاحق قبل السابق فتبقى اطلاقات الاجماعات
288

المنقولة سليمة لكن اطلاقها بالنسبة إلى المقام أيضا ممنوع وعليه فالمتجه الرجوع إلى أصالة عدم مشروعية الدخول بناء
على منع اطلاق قوله صلى الله عليه وآله إذا كبر فكبر بالنسبة إلى المقام فتأمل ولا يصح صلاة المأموم جماعة مع وقوفه قدام
الامام اجماعا محققا ومحكيا عن جماعة وهو الحجة مضافا إلى السيرة المستمرة في التزام عدم التقدم والنبوي المشهور انما
جعل الامام إماما ليؤتم به فان الظاهر أن الايتمام لا يحصل بالتقدم وقد يستدل أيضا بوجوه أقواها المروى في التهذيب
عن الحميري في مكاتبته إلى الفقيه فوقع عليه السلام في جملة أجوبته واما الصلاة فإنها خلف القبر يجعله الامام ولا يجوز
ان يصلى بين يديه لان الامام لا يتقدم ويصلى عن يمينه وشماله وتقريب الاستدلال انه (ع) جعل القبر الشريف بمنزلة امام
الجماعة في الاحكام ثم أشار إلى عدم جواز الصلاة بين يدي القبر وعلله بان الامام لا يتقدم ولا يخفى ضعف هذا الاستدلال
لان كون القبر الشريف بمنزلة امام الجماعة لا يقتضى ان لا تجوز الصلاة بين يديه منفردا فهذا التعليل محمول على الاستحباب
كما هو المشهور في مسألة التقدم على قبر الإمام (ع) اللهم الا ان يقال إن استحباب جعل القبر الشريف بمنزلة الامام
لا ينافى عدم جواز التقدم على الامام فحاصل الخبر انه يستحب ان يجعل القبر بمنزلة الامام ونفسه بمنزلة المأموم والأرجح
له ان يصلى بين يديه لان من احكام الامام ان لا يتقدم نعم في رواية الاحتجاج لان الامام لا يتقدم ولا يساوى وهذا
مما يوهن التمسك بالخبر بناء على جواز المساواة هنا كما عن المشهور بل عن التذكرة الاجماع عليه للأصل وعمومات
الجماعة وإن كان الحكم لا يخلوا من نظر للسيرة المستمرة على التأخر وظهور النبوي المشهور في المتأخر وخصوص التوقيع المتقدم
بناء على ما في الاحتجاج وما ورد في صلاة العراة جماعة في الصحيح من أن الامام يتقدمهم بركبتيه وجميع الأخبار الواردة في
الجملة المعتبر فيها بتقديم الامام أو الصلاة خلفه ونحو ذلك مضافا إلى قاعدة توقيفية الجماعة بناء على عدم العموم فيها
بحيث ينفع المقام عدا ما يتمسك من اطلاق الروايات الواردة في قيام المأموم الواحد عن يمين الامام حيث إنه لم يتعرض
لبيان وجوب تأخره مع كون المقام مقام بيان الموقف وما ورد في الرجلين المتداعيين في الإمامة إذ لا يتصور قابلية
كل منهما للامامة الا بعد فرض جواز التساوي واطلاق قوله (ع) في التوقيع المتقدم بعد الامر بجعل القبر الشريف بمنزلة الامام
والنهى عن التقدم عليه ويصلى عن يمينه وشماله وخصوص الاجماع المحكي عن تذكرة وفي الجميع نظر إما في الاطلاقات فلورودها
في مقام بيان حكم اخر ولا نسلم ان المقام مقام البيان من جهة تساوى الموقف كما لا يكون مقام البيان من جهة عد العم لو
وعدم الحائل وعدم البعد ونحو ذلك واما ما ورد في اختلاف الرجلين في الإمامة فلما سيجيئ في مسئلته واما اطلاق
التوقيع في الصلاة عن يمين القبر ويساره فلانه في مقابل التقدم بجعل القبر خلفه فلا يدل على جواز المساواة
واما الاجماع
المحكي عن التذكرة فلا باس به لاعتضاده بالشهرة العظيمة لو تقدم المأموم عمدا فالظاهر عدم فساد
289

أصل الصلاة للأصل وعدم المخرج عنه لأن اطلاق الاجماعات المنقولة ببطلان صلاة المأموم ظاهرة في بطلانها من حيث
المأمومية بمعنى بطلان الجماعة لا بطلان أصل الصلاة وأوضح من ذلك في كونه شرطا للجماعة النبوي المشهور المتقدم
هذا كله مضافا إلى عموم لا تعاد الصلاة الا من خمسة وقوله لا يقطع صلاة المسلم شئ واما بطلان الجماعة فهو الأقوى
بالنسبة إلى ما يستفاد من اطلاق الاجماعات ويحتمل أن يكون مراعى باستمراره على التقدم أو العود إلى موقفه قبل اتيان
الامام بفعل ويستحب {ان يقف المأموم الواحد} إذا كان رجلا أو صبيا {عن يمين الامام} مع تأخره عنه
قليلا للأخبار الصحيحة الظاهرة في الوجوب المحمولة على الاستحباب للشهرة العظيمة والاجماع المدعى في المنتهى كما عن
التذكرة ويؤيدهما أو ينجبر بهما رواية الحسين بن يسار انه سمع من سئل الرضا (ع) عن رجل صلى إلى جانب رجل فقام
عن يساره وهو لا يعلم كيف يصنع ثم علم وهو في الصلاة قال يحوله عن يمينه دلت على عدم بطلان صلاة المأموم
بوقوفه عن يسار الامام في بعض الصلاة ولو مع تعمد المأموم على ما يستفاد من ترك الاستفصال ودعوى الوجوب
النفسي من غير الاشتراط لا قائل به فظهر مما ذكر ضعف ما يحكى عن ظاهر ابن الجنيد من الوجوب للصحاح الظاهرة
فيه الموهونة مضافا إلى ما ذكر بان ظاهرها الوجوب النفسي الغير المراد اجماعا فيدور الامر بين حملها على
الاستحباب والوجوب الشرطي ولو لم يكن الأولى أولي ما علم من شيوع إرادة الاستحباب من الامر سيما
إذا ورد بالجملة الخبرية كما فيما نحن فيه فليس العكس أولي فلا ينهض للاستدلال بها على الوجوب الشرطي
وان تقف العراة مع ايتمام بعضهم بعضا جلوسا {والنساء} كذلك {في صفه} أي صف الامام مع تقدم الامام العاري بركبتيه والكلام في جلوسهم مطلقا أو مع عدم امن المطلع فقد مر في باب لباس المصلي واما حكم
النساء فللاخبار وان يقف الجماعة ذكورا كانوا وأناثا والمراد ما زاد على الواحد خلفه للاخبار أيضا والخلاف
هنا أيضا محكى عن ظاهر ابن الجنيد وضعفه قد مر في مسألة اليمين لعدم القول بالفصل وقد ينتصر للمشهور
بما دل على وقوف المأموم مع عدم وجود مدخل في الصف بحذاء الامام بناء على إرادة الجنب مع المحاذاة
مثل رواية سعيد الأعرج عن الرجل يأتي الصلاة فلا يجد في الصف مقاما أيقوم وحده حتى يفرغ من صلاته
قال نعم لا باس بحذاء الامام فان الظاهر أنه يقف خلف الصفوف محاذيا للامام لا انه يقف على جنبه
محاذيا له مع أن المجانبة مع المحاذاة مكروهة أو محرمة بناء على حرمة التساوي بل يستحب أم يجب التأخر وحكى
عن الحدائق نسبة ما ذكرنا إلى فهم الأصحاب وما حكى عن الفقه الرضوي صريح في هذا المعنى ثم إن الظاهر
من الخلف هو ان يكون مجموع موقف صلاة المأموم في جهة الخلف للامام فلو تأخر عنه ولو كثيرا ما لم
290

يصل إلى هذا الحد لم يكن خلفا ويؤيده ان الاصطفاف خلف الامام كما يستفاد من الاخبار مثل قوله (ع) قاموا خلفه
لا يتحقق الا بهذا الوجه إذ لو تأخروا عن الامام بحيث يحاذي موضع سجودهم موضع ركبتيه لم يكن اصطفاف الصف
الأول خلفه وحينئذ فيشكل حكمهم بالحاق المرأة بالجماعة في استحباب وقوفها ولو مع الوحدة خلف الامام أو ابتناء
استحباب ذلك على كراهة المحاذاة للرجل والقول بوجوبه بناء على تحريمها إذ لا شك في أنه لا يجب الخلف الحقيقي
بالمعنى المتقدم بناء على حرمة المحاذاة إذ يكفى في رفع المحرم على القول به التأخر بقدر ان يكون سجودها مع ركوعه
مع أن الأخبار الواردة في امامة الرجل للمرأة دل بعضها على كون سجودها مع ركبتيه وبعضها على كون سجودها بحذاء قدميه فلا بد إما ان يحكم بوجوب
الخلف الكلى بناء على تحريم المحاذاة وهو خلاف ظاهر الأصحاب بل يظهر من كلام المنتهى الاتفاق على رفع الكراهة
أو التحريم بدون من هذا وان لم يصرح بالاجماع فيه واما ان يكون المراد من الخلف في جماعة الرجال وفي المرأة ولو واحده
هو الخلف في الجملة بمعنى تأخر بعض موقف المأموم عن الامام وهو خلاف الظاهر بل هو اليمين بناء على استحباب التأخر
عن الامام واما ان يفكك بين الخلف الذي هو موقف الجماعة بإرادة الخلف الحقيقي والذي هو موقف المرأة ويقتصر
فيه على ما يندفع به كراهة المحاذاة أو حرمتها وهو خلاف ظاهر عبارات بعضهم بل قوله في [يع] ويستحب وقوف الجماعة
والمرأة خلفه واما ان يكون المراد به هو معناه المتقدم أعني الخلف بالنسبة إلى جميع الموقوف ويكون هذا من آداب
الجماعة للمرأة زيادة على ما تندفع به الحرمة أو الكراهة ويحمل ما ورد من كون سجود المرأة [ألما؟ مة] بحذاء ركبتي الامام أو
قدميه على بيان المقدار أو الرافع لكراهة المحاذاة أو تحريمها لا بيان وظيفة الجماعة فيكون الدليل على استحباب وقوفها
خلفه كلية وهو غير هذه الأخبار وعلى أي تقدير فلا ينبغي ان يرتاب في أن مسألة تأخر المرأة عن امامها وجوبا أو استحبابا
مبنى على مسألة حرمة المحاذاة وكراهتها كما صرح به الشهيدان في الذكرى والروض لا انها مسألة مستقلة كما
ربما يتوهم من صريح المنتهى حيث اختار في مسألة المحاذاة كراهتها وفي الجماعة وجوب تأخر المرأة وكذا ظاهر المعتبر
في مسألة الجماعة حيث إنه وان لم يصرح بالوجوب الا انه استدل على التأخر بما استدل به القائلون بحرمة
المحاذاة من قوله عليه السلام أخروهن من حيث أخرهن الله لان كلام المنتهى مبنى على الرجوع في مسألة المحاذاة
عما اختارها في باب مكان المصلي من المنتهى أو على أن حكمه هنا بوجوب مقيد بالبناء على حرمة المحاذاة وان لم
يذكر القيد في الكلام الا ان الفروع التي ذكرها بعد هذه المسألة صريحة في ابتناء وجوب التأخر على حرمة المحاذاة
فراجع واما كلام المعبر فليس ظاهرا في وجوب التأخر والاستدلال بالخبر المذكور لبيان مجرد المطلوبية بناء على ما
سلف منه من أن مثل هذا الخبر محمول على الاستحباب عند إرادة الجماعة وكذا يستحب إعادة المنفرد مع الجماعة إماما
291

كان المنفرد للجماعة المنعقدة أو مأموما للاخبار الكثيرة من طرق العامة والخاصة وهل يكون هذا الاستحباب مشروطا
بانعقاد جماعة أو مطلقا يستحب تحصيلها لأجله بان يلتمس من منفرد اخر ان يجتمع معه في الصلاة أو تفصيل بين
ان يلتمس منه الإمامة أو المأمومية فيستحب الإجابة والجماعة وبين ان يلتمس هو من غيره المنفرد الجماعة فلا يستحب
وجوه لا يبعد ترجيح أوسطها لما يستفاد من الاخبار من أن المناط استحباب تحصيل الجماعة وإن كان مورد
الاخبار مختصا بمن يجد جماعة أو يلتمس منه الإمامة ولهذا يقوى الاقتصار على ذلك فلا يحكم باستحباب التماس
من صلى منفرد الجماعة بالإمامة أو الايتمام ممن لم يصل كما لا يحكم باستحباب الإعادة للرجلين اللذين صليا
منفردين لان مورد الاخبار كون إعادة الجماعة من لم يصل وهل تختص الإعادة بمن صلى منفردا أو تعمه ومن
صلى جماعة قولان يشهد لثانيهما اطلاق طائفة من الاخبار مثل مصححة ابن بزيغ قال كتبت إلى ابن أبي
الحسن عليه السلام
انى أحضر المساجد مع جيرتي وغيرهم فيأمروني بالصلاة بهم وقد صليت قبل ان آتيهم وربما صلى خلفه من يقتدى
بصلاتي والمستضعف والجاهل وأكره ان أتقدم وقد صليت الحال مع من يصلى بصلاتي ممن سميت لك فأمرني
في ذلك بأمرك انتهى إليه وأعمل به انشاء الله تعالى فكتب صل ونحوها روايات الحلبي وعمار وزرارة وهشام وغيرها
ولا ولهما أصالة عدم مشروعية العبادة سيما إعادة الفريضة مع قوله صلى الله عليه وآله لا يصلى صلاة مرتين واختصاص
الاطلاقات المتقدمة بحكم التبادر بمن صلى منفردا الا ان يقال بكفاية مجرد فتوى جماعة مع احتمال دلالة
تلك الأخبار المعتبرة وصراحة دلالة بعض غير المعتبرة مثل ما روى أن معاذا كان يصلى مع النبي صلى الله عليه وآله في
الليل ثم يرجع إلى قوم فيصلى بهم وما روى من قول النبي صلى الله عليه وآله حين دخل المسجد رجل يريد الصلاة لأصحابه
الا رجل يتصدق على هذا بناء على قاعدة التسامح في هذا المقام اللهم الا ان نمنع من تلك القاعدة بما ورد
من أنه لا يصلى صلاة مرتين فإنها وان لم تكن معتبرة الا انه يكفي في احتمال كونه محرما ذاتيا فيعارض
احتمال الاستحباب باحتمال الحرمة فتبقى أصالة عدم المشروعية سليمة عن الوارد وقد انتصر كما في الذكرى
وكلام بعض مشايخنا المعاصرين للمنع بما دل على النهى عن الجماعة في النافلة وفيه ان النهى انما هو عن
الجماعة في الصلاة التي ثبت نفلها في نفسها ولا يدل على نفى النفل عن فعل الصلاة جماعة وفرق
بين الجماعة في صلاة النفل وبين نفل الجماعة في الصلاة والمنفى بالاخبار الناهية هو الأول لا
الثاني والحاصل انه لا يرتاب ذو تأمل في أن معنى قوله لا جماعة في نافلة نفى مشروعية الجماعة
عن صلاة ثبت نفلها في نفسها وكلامنا في أنه هل تستحب الصلاة بوصف الجماعة لم صلى جماعة
292

أم لا نعم لو استفيد منها ان الجماعة في الصلاة مع تنافى وصف النفلية بحيث يستفاد ان صفتي الجماعة والنفلية
متضادتان أمكن الاستدلال بها فيما نحن فيه وتوضيح الكلام ان هنا وجوها ثلثة (أحدها) ان تتصف
الصلاة أولا بالنفل بان يؤمر ندبا بصلاة ثم يرغب في اتيان تلك الصلاة المتصفة بالنفلية جماعة فقد لوحظ
في الامر بالجماعة كون الصلاة متصفة بالنفل (الثاني) عكس ذلك بان يعرض النفل للصلاة بعد ملاحظة
اتصافها واشتراطها بالجماعة بان يؤمر نفلا بصلاة واقعة على وجه الجماعة (الثالث) ان تتصف الصلاة
في نفسها تارة بالنفلية وتارة بالجماعة من غير ترتيب بين الاتصافين فلا يكاد يتحقق هذا في المقام ضرورة إن
النفل ان عرضت لذات الصلاة من حيث هي كما هو المفروض فقد تعلق بها الجماعة بوصف كونها نفلا إذ ليس المراد
من تعلق الجماعة بالنافلة المنهى عنه الا تعلق الجماعة بصلاة متصفة في نفسها بالنفل لا ان صفة النفل مأخوذة
في موضوعية الموضوع انما المعتبر في النهى مقارنة الموضوع لتلك الصفة وان عرضت للصلاة بعد ملاحظة
تقييدها واشتراطها بالجماعة رجع إلى القسم الثاني نعم لو اعتبر في الوجه الأول ثبوت الجماعة للصلاة بوصف
كونها نفلا على وجه يكون للصفة مدخلا في الموضوع أمكن تثليث الوجوه وكيف كان فالمقام من قبيل الثاني
يعنى ان النفل تعلق بالصلاة المقيدة بالجماعة المشترطة بها من حيث الصحة فالانتصار المذكور ضعيف جدا ومثله
أو دونه في الضعف الانتصار لمذهب المجوزين بان ما ورد من النهى عن انه لا يصلى صلاة مرتين لا ينافى قاعدة
التسامح في المقام بناء على عدم ثبوته أو كذا لا بطرقنا بل [؟؟؟؟؟] العامة وان النهى نهى تشريعي والنهى التشريعي وان
صرح به لا ينافى التسامح كما لا ينافيه لو لم يصحر به اتفاقا * (ووجه ضعفه) * (أولا) ان مقصود المستدل معارضة
منشأ التسامح الذي هو لا ينهض دليلا والا لم يحتج إلى ضم التسامح معه بهذا الخبر الضعيف الطريق إذ كما أن
ضعف السند أو الدلالة لا يقدح في منشأ التسامح فكذلك لا يقدح في معارضة الدال على الحرمة لما قرر من
اشتراط خلو مورد التسامح في السنن عن امارة المرجوحية وإن كان خبرا ضعيفا اللهم الا ان يقال إن الاخبار
العامية قد امرنا بطرحها فلا تصير منشأ للمعارضة كما لا تصير منشأ للتسامح بل وجه معارضة الخبر الضعيف
لمنشاء التسامح هو انه أيضا يصير منشأ للتسامح في الطرف المخالف فإذا كان الاخبار العامية لا تصير
منشأ للتسامح فلا تقوى لمصادمة منشأ التسامح من الأخبار الخاصة وفتاوى الفقهاء اللهم الا ان يمنع من عدم
كونها منشأ للتسامح وللكلام مقام اخر واما (ثانيا) فلانه من أين علم أن النهى للتشريع فلعله في الخبر
المذكور للتحريم الذاتي كالصلاة الحائض واما (ثالثا) فلان التصريح بالنهي التشريعي يقدح في التسامح كالتحريم
293

الذاتي إذا كان النهى التشريعي واردا بأحد الأدلة المعتبرة نظرا إلى أن حاصل التسامح هو فعل الشئ رجاء ان
يكون محبوبا ومشروعا فإذا ورد دليل على عدم مشروعية فلا يبقى لرجاء المشروعية محل ودعوى ان النهى
التشريعي لم يصل إلينا هنا في دليل معتبر رجوع إلى الجواب الأول وقد عرفت منع كونه تشريعيا بل هو ذاتي بمقتضى
ظاهر اللفظ بل يكفى الاحتمال في مقام التسامح بالترك ومقام معارضة منشأ التسامح في الفعل اللهم الا ان يقال
بالتسامح في مقابل الدليل على عدم المشروعية أيضا إذا كان من الأدلة الظنية المحتملة للخلاف كما إذا ورد دليل
معتبر على إباحة شئ وورد خبر ضعيف على استحبابه فان أدلة التسامح تجرى هنا على قول لا يخلو عن قوة اللهم الا
يفرق بين ورود الدليل على الإباحة ووروده على نفى المشروعية في مثل المركبية من اجزاء جميعها راجحة
في أنفسها فان مثل هذا لو لم يدل على التحريم الذاتي يدل على أن الشارع لا يريد التقريب به بوجه من الوجوه
ولا شك في منافاة هذا المعنى للتسامح ولذا لا يحكم باستحباب الجماعة في النافلة بمجرد فتوى بعض لأجل
قوله لا جماعة في نافلة وقد ذهب الأستاذ إلى أن قاعدة التسامح لا تجرى في المهيات المخترعة وهذا القول وإن
كان الظاهر من الأدلة والفتاوى الا انه إذا صرح الشارع بنفي مشروعية عبادة فلا يفهم من الأدلة ولا من
الفتاوى التسامح في ذلك المقام ويحتمل ان يفرق بين ما إذا صرح بالنهي التشريعي في خصوص المورد فلا
يتسامح أو في
عنوان عام له ولغيره فيتسامح وفيه اشكال ثم على القول باستحباب الإعادة للجامع فهل يختص الاستحباب
بالمرة الثانية أم يتعداها قولان الأقوى الأول لظهور اختصاص الأدلة بالمرة الثانية وهل ينوى في المعادة
الندب أم يجوز نية الوجوب قولان ظاهر الأكثر الندب وصريح الشهيدين قدس سرهما جواز نية الفرض وفيه
نظر بقصد الوجوب في وجه الفعل إذ ليس الفعل متصفا بالوجوب جزما لان الفعل الأول قد وقع على جهة الوجوب
مستجمعا لشرايط اسقاط الواجب فلا يعقل نفى الوجوب عنه ولا وجوب اخر حتى يقع الفعل الثاني عليه ولكن
توجيه القول المذكور بأن المراد نية الفرض على وجه التوصيف بان يقصد كون هذا الذي يأتي به هو الذي
يسقط به امتثال الامر السابق ولا عيب في ذلك بعد اذن الشارع ورخصته في أن يجعلها الفريضة ان شاء كما
في مصححتي حفص وهشام بن سالم واخباره بأنه يختار الله اجتهما كما في رواية ابن أبي
بصير أو أفضلهما وأتمهما كما في
ثالث مرسل نعم في بعض الأخبار انها لك نافلة وفي اخر اجعلها تسبيحا ثم لو ظهر فساد الصلاة الأولى فهل
يسقط الامتثال بالثانية أم لا أم يبنى على مسألة جواز نية الفرض وجوه أقواها الأول لهذه الاخبار المذكورة
ويؤيده ان النصوص ظاهرة في كون الثانية إعادة للأولى لا صلاة مستقلة برأسها والفتاوى ناصة على لفظ
294

الإعادة فالظاهر أن اتيانها كاف في سقوط المطلوب وكذا لو اعتقد انه صلى أولا فأعادها جماعة ولو بنية لندب
فان الظاهر الاجتزاء وقد يبنى على مسألة اجزاء المندوب والظاهر أن هذا الكلام جار في جميع ما إذا ورد الامر
الندبي بإعادة عبادة لأجل فوات بعض مكملاتها وغير ذلك فان الظاهر كون المعادة قابلا لترتيب جميع احكام
المبدل عليه لأنه قد اتى بها ليتدارك بها ما فات في الأولى من الفضيلة ولا يتحقق ذلك الا بقيامها مقام
الأولى في حكم الشارع حتى يتحقق الكمال فيه واما الوضوء التجديدي فهو ليس من هذا القبيل لأنه ليس إعادة للفعل
السابق وانما هو تكرير لها كما يدل عليه قوله الطهر على الطهر عشر حسنات واطلاق لفظ التجديد عليه في النص و
الفتوى وظاهر ان التجديد غير الإعادة نعم يقوى لقول هنا أيضا بكفايته إذا ظهر فساد الأول لأن الظاهر
من التكرير هو كون الأول مماثلا للثاني لا يفترقان الا بتعدد الوجود ووجوده يسقط المطلوب لو
كان باقيا ومن هذا القبيل ما يعاد احتياطا على وجه الاستحباب فإنه [مجز] عن السابق لو ظهر فيها خلل بغير
اشكال ويمكن الحكم بكفاية الوضوء التجديدي نظر إلى أنه ربما يدعى انه يستفاد من بعض النصوص انه لتدارك
ما فات في الأول فالحكمة في استحبابه الاحتياط لكن هذه الاستفادة مشكلة نعم الحكم بكفاية التجديدي من جهة
ما تقدم والحاصل ان كل موضع أمر بإعادة شئ أو بتكراره ندبا سواء كان منشأ هذا الامر تعلق الغرض بوقوع
الشئ على الوجه الكامل كما في مسألة الجماعة أو لتدارك نقص وقع في العمل كما في قضاء الصوم لوقوع بعض ما ينقص
الأداء أو لرفع نقصان حصل في تأثيره كإعادة الوضوء بعد المذي أو لمطلوبية تعدده ومجرد تكراره بان يستفاد
من الأدلة ان لكل واحد تأثير فيكمل الأثر بالتكرار كما في الوضوء التجديدي على ما يستفاد من قوله الطهور على لطهور
نور على نور أو لحصول تيقن سقوط الامتثال بالأول فيعيده لاحتمال خلل في الأول كالإعادة احتياطا فإذا
تبين الخلل في الفعل الأول فالظاهر قيام الثاني مقامه إذ القصور المذكورة لا تحصل الا بعد كون الثاني هو عين
الأول لا تغاير بينهما الا بحسب الوجود فإذا كان كذلك فلو كان المطلوب باقيا في الواقع بعد الفعل الأول
لعدم مطابقته له فيحصل المطلوب بالفعل الثاني الذي قد فرضنا انه عين الأول في جميع الجهات الملحوظة عند
الشارع فان قلت إن الامر الوجوبي لا يسقط الا باتيان الشئ لأجل اطاعته ولم يحصل قلت الإطاعة
أمر عرفي فكما انه يحصل عرفا باتيان الفعل بداعي الامر الوجوبي كذلك يحصل عرفا باتيان الفعل ثانيا لداعى تدارك
فضيلة فائت في الأول أو نقص كان فيه أو لتحصيل اثر من الأثر الأول أو لاحتمال عدم صحة الأول عند
تبين فساد الأول ولذا {تكره القراءة خلف الإمام} المرضى في أولتي
295

الاخفاتية على الأشهر كما في كلام غير واحد وعند الأكثر كما في روضة للأصل والجمع بين ما دل بظاهره على الحرمة كاكثر اخبار الباب وبين ما دل بظاهره على الجواز كصحيحة
سليمان بن خالد قال قلت لأبي عبد الله (ع) يقرء الرجل في الأولى والعصر خلف الامام وهو لا يعلم أنه يقرء قال لا ينبغي له ان يقرأ بكله إلى الامام ورواية المرافقي عن جعفر بن محمد (ع) انه سئل عن القراءة خلف الإمام قال إذا كنت خلف الامام
تتولاه وتثق به فإنه يجزيك قرائته وان أحببت ان تقرأ فاقرء فيما يخافت فيه فإذا جهر فانصت قال الله تعالى
وانصتوا لعلكم ترحمون ومصححة علي بن يقطين عن الركعتين اللتين يصمت فيهما الامام اقرأ فيهما بالحمد وهو إمام
يقتدى به قال إن قرئت فلا باس وان سكت فلا باس ولكن هذا الجمع لا يخلو عن اشكال لأن هذه الأخبار ضعيفة
سندا أو دلالة لقوة احتمال إرادة الركعتين الأخيرتين من مورد السؤال في الصحيحة الأخيرة فيكون المراد في الجواب
نفى الباس عن السكوت عن القراءة والاتيان بالتسبيح واحتمل هذا أيضا في المصححة لا أولى بقرنية قوله وهو لا يعلم أن
الامام يقرء مع أن ظهور لا ينبغي في الكراهة ليس بأجلى من ظهور النواهي الكثيرة في التحريم واما رواية المرافقي فهى
ضعيفة مع احتمالها للاحتمال السابق ولان يراد من قوله فيما يخافت فيه الجهر على وجه لا يسمعه المأموم وكيف كان
فالخروج بهذه الاخبار الثلاثة عن ظواهر الأخبار الكثيرة مثل قوله في الصحيح من قرء خلف امام يقتدى به فمات
بعث على غير الفطرة ومثل قوله في صحيحه الحلبي إذا صليت خلف امام تأتم به فلا تقرأ خلفه سمعت قرائته أو لم
تسمع إلا أن تكون صلاة يجهر فيها بالقرائة فلم تسمع فاقرأ ونحو ذلك من الاخبار واما أولتي الجهرية فالأقوى فيهما
تحريم القراءة لسلامة أدلة تحريمها فيها عما يصلح للمعارضة سوى بعض الاشعارات الغير المعتنى به في رفع اليد
من ظهور ساير الاخبار مضافا إلى عموم الاجماع والنص بضمان الامام للقرائة فان ظاهره سقوطه عن المأموم
بمجرد الايتمام فلا يشرع له القراءة بقصد انها من الصلاة وخصوص رواية المرافقي المتقدمة الناصة في التحريم
في الجهرية بناء على أن الامر في قوله فاقرأ فيما يخافت فيه لمجرد الاذن ولذا قلنا بكراهتها بناء على العمل بتلك
الرواية وما ضاهاها وحينئذ فهى صريحة في عدم الإذن في القراءة في الجهرية ولا ينافى ذلك في الامر بالانصات فيها
في الجهرية مع أنه مستحب على المشهور لان المراد بالانصات هنا السكوت كما حكى عن بعض أهل اللغة الاستماع كما عن المفسرين
والمراد السكوت عن القراءة لئلا ينافى جواز التكلم بالذكر والدعاء كما في مرسلة الفقيه ولو سلم إرادة
الاستحباب
هنا من الامر بالانصات بمعنى الاستماع فلا ينافى حرمة القراءة كما لا يخفى وكيف كان فالأقوى بالنسبة إلى ظواهر
الاخبار التحريم نعم يمكن الدقة في أكثرها بل صريحها في رفع ظهورها في التحريم سيما بعد القول بالكراهة في
أولتي الاخفاتية كما لا يخفى على المتأمل الفطن العارف بدقائق الدلالات ويستثنى من ذلك ما أشار إليه
بقوله {الا ان لا يسمع ولو همهمة فيستحب على رأى} اختاره الأكثر وهو الاظهر لصحيحة الحلبي المتقدمة وصحيحة عبد
296

الرحمن بن الحجاج وفيها في خصوص الجهرية فان سمعت فانصت وان لم تسمع فاقرأ ونحوها رواية قتيبة المصححة
إذا كنت خلف امام مرضى به في صلاة يجهر فيها فلا تسمع قرائته فاقرأ لنفسك وان كنت تسمع الهمهمة فلا تقرأ
والامر فيها محمول على الندب إما لوقوعه في مقام رفع المنع فلا يفيد أزيد من الاذن ورفع الحرمة ويثبت الاستحباب
بالأصل وفتوى المشهور واما بقرينة صحيحة ابن يقطين في الرجل يصلى خلف من يقتدى به يجهر بالقرائة فلا تسمع
القراءة قال لا باس ان قرأ وان سكت والمراد بعدم سماع القراءة في الصحيحة ولو بمعونة مصححة قتيبة المتقدمة
وغيرها هو عدم قرائتها رأسا ثم إنه يستحب للمأموم في أولتي الاخفاتية التسبيح لروايتي الأزدي وعلي بن جعفر
عليه السلام وعليهما تحمل رواية ابن أبي
خديجة الظاهرة في وجوب تسبيح المأموم والحق في الأخيرة بالتسبيح التحميد و
الصلاة على النبي وأهل بيته صلى الله عليهم أجمعين والظاهر أن الكل من باب المثال فيستحب مطلق الذكر بل قرائة
القران حتى الفاتحة مع عدم قصد جعله جزءا للصلاة بناء على أن النهى عن القراءة تنزيها أو تحريما انما ينصرف
إلى القراءة على وجه الجزئية وعدم الاكتفاء بقرائة الامام كما يرد إليه قوله (ع) لا ينبغي ان يقرء يكله إلى الامام
وكذلك عمومات ضمان القراءة وهل يستحب الذكر في أولتي الجهرية كما حكى عن جماعة الأقوى ذلك لظواهر بعض الأخبار
ولا ينافيه الامر بالانصات بناء على كونه بمعنى الاستماع كما حكاه في كنز العرفان عن المفسرين لان الذكر
سيما الخفى منه لا ينافى في الاستماع كما يرشد إليه قوله (ع) فانصت وسبح في نفسك نعم لو جعل بمعنى السكوت كان
الذكر منافيا له الا ان الظاهر أن المراد حينئذ ولو بقرنية الاخبار المجوزة للذكر هو السكوت عن القراءة لا السكوت
المطلق ثم إن الظاهر من اطلاق النصوص والفتاوى الحكم بسقوط القراءة وهي القراءة المعينة المختصة بالأولتين
من كل صلاة وأما {ما عداهما من الركعات} فالظاهر بقاء حكمها على حالها من التخيير بين التسبيح والقراءة
مع أفضلية الأول لاطلاق ما دل على الوجوب التخييري الشامل للمنفرد والمأموم وعدم صلاحية ما سيذكر
مقيدا له مضافا إلى مفهوم الحصر النافي لضمان الامام عن المأموم سوى القراءة الظاهرة بنفسها وبقرينة الضمان
وبقرنية ساير الاخبار المتضمنة لسقوطها في القراءة المعينة المستقرة في ذمته المكلف المبدل عنها في الأولتين
بقرائة الامام فيبقى غيرها في ذمة المكلف خلافا للمحكى عن صريح الحلى وظاهر السيد واختاره بعض مشائخنا
المعاصرين لوجوه أقواها اطلاقات سقوط القراءة عن المأموم وخصوص صحيحة زرارة حيث قال بعد الحكم بالنهي عن
القراءة في الأوليين ان الأخيرتين تبع للأوليين وصحيحة ابن يقطين في الركعتين اللتين يصمت فيهما الامام وضعف
الأول واضح لوضوح انصراف المطلقات من تلك الأخبار ولو بقرنية مقيداتها في القراءة المعينة وهذا
297

واضح لا سترة فيه واما صحيحة زرارة الحاكمة بتبعية الأخيرتين للأولتين فهى محمولة على الاستحباب بمعنى أفضلية
التسبيح من القراءة لان النهى عن القراءة في الأوليين ان حمل على الحرمة فلا ريب ان الأخيرتين لا يتبعانهما لاعتراف
المستبدل بجواز القراءة وان لم يوجبها ولو تخيير أو ان حمل على الكراهة فلا مضايقة في تبعيتهما لها إذ لا
ينافى وجوب القراءة تخييرا كراهتها بمعنى أرجحية غيرها أعني التسبيح فتأمل واما صحيحة ابن يقطين فقد
عرفت انها محتملة لإرادة الأولتين من الاخفاتية والأخيرتين من كل صلاة وعلى تقدير إرادة الأخيرتين
فالسكوت فيها محمول على السكوت عن القراءة وعلى تقدير الإغماض فهى لا تعارض الأخبار الكثيرة الدالة
على وجوب القراءة تخييرا واضعف من القول المذكور القول بحرمة القراءة وهنالك أقوال أخر واحترز
المصنف قدس سره بالمرضى عن الامام الغير المرضى فإنه يجب القراءة خلفه لاختصاص أدلة السقوط بما إذا كان
خلف المرضى مضافا إلى عموم ان الأئمة المخالفين بمنزلة الجدر نعم يعذر المأموم في ترك الجهر في الجهرية اتفاقا
فتوى ونصا وفي بعض الروايات يكفيك مثل حديث النفس ولو لم تدرك القراءة تامة فهل يقطعها و
يركع أم لا وجهان من عمومات عدم السقوط خلفهم ومن بعض الروايات المجوزة للدخول معهم راكعين وهل
يشترط في الصلاة معهم عدم المندوحة أم لا قولان والأول أقوى واما الاخبار المرغبة للصلاة معهم وشهود
جنائزهم وعيادة مرضاهم فهى واردة في تلك الأزمنة حيث إنه لم يكن يندفع كيدهم عن الشيعة الا بهذه الأمور الموجبة
لعدم معرفة تشيعهم لئلا يؤخذ برقابهم كما في بعض الأخبار أو لعدم تأكيد العناد مع أئمة الشيعة كما يومى
إليه رواية عن الصادق عليه السلام في قوله رحم الله جعفرا ما كان أحسن ما يؤدب أصحابه ويجب {على المأموم} التبعية
للامام في الافعال بلا خلاف وحكاية الاجماع عليه مستفيضة والأصل فيه قبله قوله (ص) فيما حكى عن مجالس
الصدوق وغيره واشتهر في السنة الفريقين {انما جعل الامام إماما} ليؤتم به فإذا كبر فكبر واو إذا ركع فاركعوا
وإذا سجد فاسجدوا وفي الأخر المروى أيضا فيه وفي غيره {إما يخشى الذي يرفع رأسه} والامام ساجد ان يحول الله
رأسه رأس حمار وهذا كله مضافا إلى أن التبعية مأخوذة في مفهوم الايتمام والاقتداء والمعية بل جميع ما
يعتبر في الجماعة شرط لانعقادها خارج عن مفهومها الا هذا الامر حيث إنه مأخوذ في مفهومها ثم إن
المشهور كما قيل في معنى التبعية هو عدم التقدم الصادق مع المقارنة وبه صرح في الذكرى نظر إلى أن المفهوم
منها عرفا هو ربط المأموم فعله بفعل الامام بحيث يلتزم ان لا يتقدم عليه فيراقبه في الافعال ولا يتوقف
صدقها على تأخر فعل المأموم حسا كما يقال الرجلين أحدهما يتحرم بإرادة مستقلة والاخر يتحرك كحركته مراقبا
298

إياها مجتنبا عن التقدم عليه ان الأول متبوع والثاني تابع وان تقارنا في الحركة ولو سلم ان التأخر مأخوذ
في مفهومها أو في منصرفها لكن الاجماعات المحكية مختصة بوجوبها بالمعنى المشهور ولا يجوز التمسك بظاهر لفظ
التبعية الواردة في عبارات الاجماعات بعد إرادة معظم المجمعين كما قيل منها عدم التقدم كما لا يخفى نعم أول
النبويين المتقدمين ظاهر في التأخر من جهة قوله فإذا كبر فكبروا إلى أخر الرواية لا من أجل إفادة الفاء التعقيب كما
قيل حتى يقال عليه ان الفاء الجزائية لمجرد الترتب والتأخر بالمعلولية لا التعقيب والتأخر الزماني بل لان
الامر بالتكبير والركوع والسجود مترتب على تحقق هذه الأفعال من الامام كما يستفاد من اتيان الشرط بصيغة
الماضي في هذا وأمثاله واما مثل قوله وكذا قرئ القران فاستمعوا وقوله صلى الله عليه وآله في تلك الرواية بناء على بعض الروايات بعد قوله فإذا كبر فكبر واو إذا قرئ فانصتوا فهو ليس نقضا على ما ذكرنا كما توهم نظرا إلى أن المراد
بالقرائة ليس قرائة المجموع بل مطلق القراءة ولا يخفى ان الاستماع متأخر عنها أيضا وبعد التنزل فالقرينة
هنا قائمة على خلاف الظاهر كما في قوله وإذا قرأت القران فاستعذ وإذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وقوله
أهلكناها فجائها بأسنا هذا كله مضافا إلى ما سيأتي من أن تكبيرة المأموم لابد وأن يكون
متأخرا عن الامام عند المشهور فتعين إرادة التأخر من قوله فإذا كبر فكبروا ويتعين حينئذ إرادة ذلك أيضا
من الفقرتين الأخيرتين إما لوحدة السياق وقبح إرادة التفكيك من غير قرينة واما لان الحكم بالتأخر
في التكبير فرعه صلى الله عليه وآله على وجوب الايتمام فيحكم به في غير التكبير أيضا مما ذكر في الرواية ومما لم يذكر سواء في ذلك
الافعال والأقوال الا ما خرج بالدليل فتصير الرواية حينئذ قاعدة في وجوب تأخر أفعال المأموم وأقواله عن الامام
كما لا يخفى على من لاحظ مؤدى تفريع التأخير في التكبير على الايتمام اللهم الا ان يقال إن الرواية مسوقة لبيان
عدم جواز التقدم فيكون المقصود ان لا يكبر قبل تكبيره ولا يركع قبل ركوعه ولا يسجد قبل سجوده والتعبير عن
مثل هذا بهذا انما هو من جهة ان مراعاة عدم التقدم الواجب لا يحصل غالبا الا بالتأخر يدل على ذلك
تفريع هذه الأحكام على الايتمام الذي قد عرفت انه يحصل عرفا بمجرد البناء على ربط فعله بفعل غيره بحيث
لا يسبقه في الفعل ولا يتعدى عنه وحينئذ فحكم التكبير وانه لا يكتفى فيه بمجرد عدم التقدم كما سيأتي يستفاد من خارج
ثم إن الظاهر أن أصل فضيلة الجماعة لا تفوت عن المأموم بعد تأخير أفعاله عن الامام وإن أمكن
ان تنقص بل لا استبعاد في أن يفوت عنه بذلك تضاعف الصلاة الذي صرح به في المستفيضة من الأخبار
بدعوى اختصاصها ببعض افراد الاقتداء نعم لا يجوز في العقل فوت الفضيلة المترتبة على امتثال الامر الاستحباب
299

المتعلق بصلاة الجماعة مع فرض صحتها مع مقارنة المأموم للامام في الافعال والفضيلة لا تنحصر في تضاعيف
الصلاة فلا منافاة حينئذ بين فوت تضاعيف الصلاة وثبوت أصل الثواب المترتب على إطاعة الامر الاستحبابي
نعم فوت التضاعف مع اطلاق اخباره لا دليل عليه سوى ما حكى عن الصدوق من أن المأموم المقارن يكتب له صلاة
واحدة وهو لا يقاوم الاطلاقات الكثيرة وبما ذكرنا يندفع ما اورد على الصدوق وثاني الشهيدين في الروض
من أنه لا يجتمع فوات فضيلة الجماعة مع صحتها وموافقتها للأوامر المتعلقة الا ان يريد فوات أصل لفظ
الفضيلة لا خصوص التضاعف وهو بعيد عن كلامهما ومرامهما و {هل المتابعة} شرط في صحة الجماعة أو واجبة
تعبد الا تفسد الجماعة بالاخلال بها قولان من ظهور أول النبويين المتقدمين المنجبر بقاعدة توقيفة العبادة
ومن أصالة بقاء الجماعة بعد الاخلال بها وعدم المخرج عنها لان عمدة أدلة وجوب المتابعة وهو الاجماع وقد حكى
عن المشهور عدم اشتراطها في الجماعة حيث قالوا بعد حكمهم كالمصنف (ره) بأصل وجوبها فان تقدم المأموم
على الامام {عامدا استمر وإن لا} يكن متعمدا {رجع وأعاد مع الامام} ويمكن منع الأصالة المذكورة بان الجماعة
ان أخذت صفة واحدة لمجموع الصلاة فلا تتحق قبل تحقق مجموع الصلاة حتى يقال الأصل بقاؤها بل
مقتضى قاعدة التوقيفية هو ان لا تتصف الصلاة بالجماعة الا إذا تحقق المتابعة في جميع أفعالها التي توجد بعد
المتابعة وان لوحظت صفة مستمرة باستمرار الصلاة فلا شك في انقطاعها بمجرد تعدى المأموم عن الامام
ولهذا لو مضى على هذا التعدي إلى أخر الصلاة بطلت الجماعة بل الصلاة فعودها يحتاج إلى دليل ودعوى عدم
انقطاعها بمجرد التقدم ولو كان عمدا فيما إذا قصد المتابعة في بقية الافعال ظاهرة الفساد اللهم الا ان يقال إن
الجماعة والاقتداء والايتمام لا ينقطع عرفا بمجرد تقدم المأموم في فعل واحد مع عدم قصد المفارقة بل لابد
في انقطاعها إما من قصد الانفراد واما من التقدم في أفعال متعدده بحيث يخل بالاقتداء عرفا وان لم يقصد
الانفراد واما مجرد تقدمه في فعل واحد مع عدم قصد الانفراد فلا يضر بالاقتداء والمتابعة ولهذا يذم على
التقدم إذا عرفت منه نية الاقتداء ولا يذم على العدول عن أصل الاقتداء نعم لو قصد من أول الصلاة التقدم
في بعض الأفعال لم يجز بناء على أنه مخل بالعزم على الاقتداء في جميع الأفعال ونظير التقدم في فعل أو أزيد بحيث
لا يفوت معه صدق القدوة عرفا نظير التأخر عنه فيما سيجيئ من جواز التأخر عن الامام بحيث لا يفوت القدوة
معه عرفا وقد يحكم مع التقدم عمدا ببطلان الصلاة نظرا إلى تحقق الاثم باتيان الفعل متقدما على الامام والنهى
يقتضى الفساد في الجزء المستلزم لفساد الكل وقد يرد بمنع توجه النهى إلى ذات الجزء بل إلى وصفه وهو التقدم
300

فلا يحكم بالفساد فتأمل الدليل عليه عدا التصريح به في كلام جماعة كما فعله في الدروس حيث لم يذكره في جملة
الشروط بل عنونه بعد استيفاء ذكرها بقوله وتجب التبعية وقريب منه كلام الارشاد الا انه لا بعد أصلا في إرادة
الوجوب الشرطي منها بقرنية ضم وجوب المتابعة في التكبير وقد يمكن [منع] تحقق الاثم لولا الاجماع عليه لعدم
الدليل عليه إما ثاني النبويتين فلان الظاهر منه إرادة التشبيه كما ورد فيمن التفت بوجهه في الصلاة يمينا وشمالا
واما ثانيهما فدلالته على الشرطية ظاهرة حيث جعل وجوب الركوع بركوع الامام والسجود بسجود ممن متفرعات الايتمام
الذي لا ريب في عدم وجوبه فتأمل مضافا إلى أن الامر بالتكبير بعد تكبيرة ليس للوجوب لما عرفت فليكن كذلك في
اخويه والحاصل انه لا دليل لهم على وجوب المتابعة بمعنى تحقق الاثم بتركها واما الاثم في التعدي من جهة
عدم مشروعية الفعل المتعدى فيه فهو أمر تابع للوجوب الشرطي ولا يحصل الا بعد الحكم ببطلان ذلك المستلزم
لبطلان الكل لنقص الجزء ان اقتصر عليه ولزيادته لو أعيدوا ما الحكم بالاثم ابتداء من دون الشرطية حتى يستلزم
البطلان من جهة حرمة الفعل أو من جهة عدم الامر فهو لم يقم دليل عليه واضح نعم ظاهر عبارة الذكرى نسبته
إلى المتأخرين بل ظهر كلامه قبل هذه النسبة اتفاق الكل عليه حيث قال إن المأموم إذا ركع قبل الامام و
بعد تمام القراءة اثم وفي بطلان الصلاة قولان فان ظاهر هذا الكلام انه لا خلاف في الاثم وان الخلاف منحصر في البطلان وفي المدارك التصريح
بالاجماع على الاثم وكيف كان فمستند المذهب المشهور فيما ذهبوا إليه من صحة الصلاة والاقتداء ما ذكره في
الذكرى من الأصل ولعله أراد أصالة بقاء صحتهما مضافا إلى جميع الأخبار الواردة في مسألة تقدم المأموم المتفقة
في الدلالة على عدم فساد الصلاة والجماعة الا ان يقال بعدم دلالة الاخبار على الصحة مع التقدم عمدا كما
ستعرف
ويظهر من عبائر المعتبر عدم الخلاف في الصحة لأنه لم يذكر خلاف الشيخ وانما ذكر موافقة الشيخ في الحكم بلزوم الاستمرار
مع التقدم عمدا والعود مع التقدم لا عن عمد وهذا كاشف عن موافقة الشيخ في الصحة وأما ما حكى عن الشيخ من أن
من فارق الامام لغير عذر بطلت صلاته فلعل المراد منه المفارقة رأسا لا التقدم عليه بفعل أو فعلين
مع قصد بقاء القدوة فلا مخالف في المسألة ولا قائل بالشرطية واما من يقول ببطلان الصلاة لأجل النهى
فهذا ليس قولا بالشرطية بل هو من جهة اقتضاء وجوب المتابعة تعبد الحرمة التقدم فيحكم بالفساد وفيه ما عرفت
من أن النهى لأمر خارج ان هذا لا يتم فيما لو تقدم في الرفع عن الركوع ولم يصل إلى حد القيام الواجب أو عن السجود
أو عن الجلوس فان هذه مقدمات لأفعال الصلاة ولا تبطل باتيانها على الوجه المحرم {وكيف كان} فالظاهر أن
القول باشتراط التعبية وبطلان الصلاة أو الجماعة بالتقدم الذي يبدؤ للمأموم في أثناء الصلاة ضعيف
301

مخالف للأصل وعمومات الجماعة بناء على ما ذكرنا من أن التقدم بفعل أو فعلين لا يقدح في صدق الجماعة و
للأخبار المستفيضة الآتية نعم لو عزم على التقدم في ابتداء الصلاة فلا يعلم ذهاب المشهور إلى الصحة هنا
لان ظاهر كلامهم في وجوب المتابعة هو انه بعد ما صار مأموما باستجماع الشرايط المعتبرة في الجماعة فيجب
عليه متابعته في الافعال ان الوجوب التعبدي لا يتحقق على المأموم ما لم يدخل في الجماعة والأخبار الآتية أيضا
لا تدل على الصحة لأنها ظاهرة فيما إذا اتفق التقدم في الأثناء ولا يعم ما إذا نواه في الابتداء بل يظهر من كلامهم
في بحث صلاة الآيات في جواز الاقتداء بالامام مع سبقه بركوع وحكمهم بعدم جواز الاقتداء لأنه لو قضى
الركوع بعد ركوعات الامام لزم ان يتأخر عن سجود الامام ولو لم يقضه لزم الاخلال بالركوع بإرادة العزم
على ترك المتابعة في الأثناء هناك وترك المتابعة من باب الاتفاق فان حكمهم بعدم جواز التأخر ليس الا
من جهة المتابعة وهل يستلزم عدم التقدم بطريق أولى ولا يجمع بين كلامهم هناك وكلامهم هنا الصريح فيه
بجواز التقدم والتأخر بركن الا بإرادة العزم على ترك المتابعة في الأثناء هناك وترك المتابعة من باب الاتفاق هنا فيندفع ما اورده صاحب الحدائق على الشهيد والعلامة من التناقض بين
كلامهم هناك وكلامهم هنا إلى الاستحباب ثم انك قد عرفت ان الجواب في هذه الأخبار لا يحمل على
العموم بالنسبة إلى صورة التقدم عمدا إما لان مورد السؤال بحكم العلية منصرف إلى غيره هذه الصورة
واما لان الاجماع منعقد على عدم خروج صورة السهو عنها إذ لا قائل بوجوب العود مع العمد فهى كالنص
في عود الناسي فيختص بها عموم موثقة غياث المتقدمة لكن لا يخفى ضعف هذا الوجه نظرا إلى أن نصوصية
العالم بالنسبة إلى بعض الافراد لا تجدى في معارضته مع دليل مبائن له فالأولى ان يحكم بترجيحها على الموثقة المرجوحة
بالنسبة إليها من وجوه متعددة ثم إنه لو عاد المعتمد فالظاهر بطلان صلاته من أصل الزيادة واما
الناسي إذا أخل بالعود ففي صحة صلاته قولان من أنه قد اتى بما يجب عليه من الجزء ووجوب العود انما هو لأجل وجوب
المتابعة وقد عرفت انه تعبدي لا يخل تركه بالجماعة ولا بالصلاة ومن أن ظاهر الامر بالعود سيما بعد السؤال عن
وجوبه هو اعتباره في الصلاة بل إنه الجزء وان قلنا بوجوب المتابعة في نفس الأجزاء تعبدا وهل يعتبر
الذكر في الركوع والسجود المعادين الأقوى الموجوب فيما إذا تقدم فيهما وعدمه فيما إذا تقدم في الهوى عنهما وحينئذ فلو
نسى الذكر في الأول فهل يجب في الثاني أم لا وجهان من أنه واجب مستقل مغاير لواجب الصلاة فقد تجاوز محل
الذكر ومن انه من تتمة الواجب فيتلافى فيه ما فات في الأول وهذا أقوى لأن الظاهر عدم مضى محله ولو شك
المأموم بين الاثنين والثلث قبل العود حينئذ شكا سوى شك الامام لا جامع بينهما فهل يجعل شكا بعد اكمال
302

السجدتين أم قبله وجهان أقويهما الأول لان العود من تمام الركعة ولو نسى هذا الركوع فيحكم ببطلان صلاته
أم لا وجهان مبنيان على أن الركوع الواجب هو الأول أم الثاني والأقوى الأول إذ لو سلم الدليل على جزئية
الثاني فلا دليل على ركنية ثم إنه بعد ما تذكر في الركوع انه ركع قبل الامام فهل يجوز الذكر أم لا
وجهان مبنيان على أن جزء الصلاة هو الأول أو الثاني والتحقيق انه ليس له الذكر أما لعدم كونه الجزء واما للزوم
اشتغاله عن المتابعة الواجبة بسبب الطمأنينة في الركوع للذكر ولو نسى الإمام والمأموم التشهد فقاما فركع
المأموم قبل الامام عامدا ثم ذكر الامام قعد الامام ولمك يقعد المأموم ولو ركع ناسيا فهل يعود المأموم إلى التشهد بعد ما
قام أم لا وجهان مبنيان على أن المحسوب جزء هو الأول فقد ذكر التشهد بعد الركوع أم الثاني ليكون قد ذكره
قبله ومما يتفرع على ذلك أيضا انه لو ركع سهوا ثم قام للمتابعة ونوى الانفراد فهل يجب عليه الركوع
الثاني أم لا فان قلنا بوجوب الركوع عليه لان السابق لم يكن محسوبا جزء فيجب عليه القراءة لو كان ركوعه
الأول قبل قرائة الامام إما لو ركع عمدا قبل قرائة الامام فالظاهر بطلان الصلاة لأنه لم يأت بالقرائة
ولا بمسقطها مع احتمال الصحة بناء على اطلاق أدلة ضمان الامام إذ المفروض بقاء القدوة وان الظاهر أن
الانتصاب والطمأنينة الواجبين جال القراءة ساقطة بسقوطها فلا يقال إنه تركهما عمدا فيبطل بذلك ولو اتفق
السهو مرات متعددة فيجب العود ما لم يحصل ما يوجب محو صورة الجماعة أو الصلاة والا فيبطل ما يحت صورته ولو سهى فتقدم بأزيد من ركن بان ركع ثم سجد قام فاما مع التعمد فحكمه الاستمرار بناء على عدم اقتضاء النهى
الفساد واما مع السهو فالظاهر صحة الصلاة ما لم تمح صورة الاقتداء فيعود ويتدارك ما تقدمه متابعا وأعلم
ان العود في صورة التقدم بالرفع انما يجب مع العلم أو الظن بادراك الامام في الحالة الأولى لان الامر به إما من
جهة المتابعة كما استدل به عليه في المعتبر فحيث يعلم بعدم التمكن منها فلا يجب واما من جهة الاخبار فلان
في بعضها الصحيح قوله يعيد الركوع معه وهو الظاهر المتبادر من غيره أيضا واما لاستلزامه التأخر عن الامام
بناء على أن مطلق التأخر لا يجوز كما ستعرف من كلام العلامة في المنتهى اللهم الا ان يقال وجوب العود عذر
فيسقط معه حرمة التأخر واما ما إذا تقدم في الفعل فالظاهر أنه كذلك لا يجب العود الا إذا علم أو ظن الادراك
لما عرفت من أن الأصل بعد ما ثبت عدم شرطية المتابعة هو عدم وجوب الإعادة خرج منه المتيقن وهو ما إذا
علم أو ظن الادراك لأنه ظاهر مورد موثقة ابن فضال المتقدمة الوارد في التقدم سهوا في الفعل والتعدي عنه
لا يكون الا بالاجماع المركب المفقود الا في مماثله وهو ما إذا تقدم في السجود وعلم أنه لو رفع رأسه يدرك ابتداء
303

السجود معه نعم لو بنينا على أن المحسوب جزء هو الركوع الثاني دون الأول نظرا إلى أن المتابعة وان لم تكن
شرطا مع التعمد الا انه شرط إذا بنى المأموم عليها فلو سهى وتقدم لم يكن آتيا بما أمر به فيجب عليه العود وإن
لم يدرك المتابعة مع الامام وفيه ان الحكم بعد الاعتداد بالأول وكون الثاني جزء انما يتم مع تحقق الامر
بالعود وقد عرفت ان المتيقن منه هو ما إذا أدرك المتابعة وأعلم انه كما يعتبر في تحقق المتابعة الواجبة
نصا وفتوى عدم التقدم كذلك الظاهر أنه يعتبر فيها عدم التأخر الزايد عن المتعارف ويدل على ذلك جميع
ما دل على وجوب المتابعة من الاجماعات المتقدمة والنبوي المتقدم وما سيجئ من اطلاق عدم جواز مفارقة
الامام من دون عذرا ونية الانفراد وظهور عدم الخلاف من عبائر جماعة مضافا إلى ظهور عدم الخلاف
في خصوص المسألة خلافا لمن نسب إلى الشهيد في ذكرى الجواز كما يظهر من كلام صاحب الحدائق وبعض مشائخنا
المعاصرين وزاد الأول فاورد على الشهيد بان هذا مناقض لما يظهر منه في باب صلاة الآيات من عدم
جواز دخول المأموم فيما إذا سبقه الامام ببعض الركوعات لاستلزامه التخلف عن الامام لو أتى بباقي
الركوعات لنفسه ثم سجد والتحق بالامام في القيام والظاهر أن تلك النسبة غير صحيحة فلا يتوجه الايراد
إذ لا يظهر من كلام الشهيد في ذكرى في باب الجماعة الا ان التأخر بركن أو ركنين لا يبطل القدوة عندنا وظاهر
هذا نفى اشتراط عم التأخر إذ ليس بأولى من عدم التقدم ولا يظهر منه عدم حرمته وكيف يمكن ان ينسب
الحكم بعدم الحرمة إلى الأصحاب كما يشعر به قوله عندنا مع عدم تصريح أحد ممن تقدمه بالجواز بل ظاهرهم العدم
حيث اطلقوا القول بوجوب المتابعة بل ظاهر عبارة الذكرى عدم الخلاف في المنع حيث قال في مسألة
صلاة الآيات المتقدمة عند الجواب عن الايراد الذي اورده على نفسه وهو انه أي مانع من التخلف عن
الامام في السجود بما ظاهره ان الفقهاء بين من لا يسوغ التخلف أصلا وبين من يسوغه لعذر وكيف كان
فيدل على عدم الجواز مضافا إلى ما ذكر من الأخبار المستفيضة الواردة في مسألة المأموم المسبوق
انه إذا لم يمهله الامام ولم تدارك السورة أجزأته الفاتحة وقد يمنع دلالتها بان التخلف وإن لم يكن حراما
إلا أنه لا مانع من كونه عذرا في ترك السورة وهذا المنع وإن كان لا يخلو عن نظر بل منع الا ان التعويل في
أصل الحكم على اطلاقات الجماعات المتابعة مع النبوي المتقدم واما ظهور عدم الخلاف في عدم جواز المفارقة
ففي شموله للمقام تأمل لاحتمال بل ظهور إرادة خصوص المتقدم أو إرادة المفارقة رأسا نعم في رواية ابن
الحجاج في المأموم المسبوق من أن المأموم يقعد قليلا في ركعته الثانية وثالثة الامام بقدر التشهد ثم
304

يلحق الامام ما يشعر بعدم جواز التأخر فتأمل وكيف كان فالظاهر أن المراد بالتأخر المحرم هو التأخر الكثير الذي
يسلب معه المتابعة عرفا كالتأخر عن الركوع والسجود والجلوس والقيام حتى يفرغ الامام عنها ولا عبرة بالتأخر
القليل كان يلحق بالامام في أخر واحد من الافعال المذكورة أو يتأخر عنه بالنسبة إلى الافعال القصيرة
كالقيام والطمأنينة بعد الركوع والجلسة بين السجدتين فلا يقدح التأخر إلى أن يفرع الامام منها وحينئذ
فالمحكى عن المنتهى من أنه لو ترك الامام جلسة الاستراحة بناء على ندبها فنهض فلا يجوز للمأموم ان يفعلها
لان المتابعة واجبة فلا يشتغل عنها بسنة محل نظر لعدم الدليل على المتابعة بمعنى فورية وجوب الاشتغال
بما يدخل فيه الامام وترك المندوب اختصار الواجب لادراك أول جزء الفعل معه بل الدليل من أصالة
الصحة والسيرة القطعية واطلاقات أدلة تلك المندوبات يقتضى العدم هذا بالنسبة إلى الافعال واما بالنسبة
إلى الأقوال به فأما التكبيرة منها فالظاهر عدم الخلاف في أنها كالافعال في وجوب المتابعة فيها وحكاية
الاجماع عليه مستفيضة مضافا إلى أصالة عدم مشروعية الدخول والنبوي إذا كبر فكبر وأهل تجوز
المساواة فيهما قولان أقويهما العدم وعليه المعظم للأصل والنبوي المتقدم وقد يتوهم من رواية علي بن
جعفر لا يكبر الا مع الامام فان كبر قبله أعاد التكبير جواز المساواة وهو ضعيف واما غير التكبيرة فسيجئ
الكلام والتسليم ويمكن ان يكون الكلام في التكبير والتسليم خارجا عن الأقوال من جهة ان الكلام فيها من
جهة الدخول والخروج فيها من قبيل الفعل في الحقيقة وكيف كان فالمعظم على عدم وجوب المتابعة فيها وهو
الأقوى للأصل وعدم اخلاله بصدق الايتمام عرفا على الظاهر مع أنه يكفى الشك ويؤيده عدم وجوب الجهر في تلك
الأقوال على الامام فإنه يكشف عن عدم وجوب متابعة المأموم ولا يتوهم وجوب التبعية من جهة اطلاقات
الاجماعات المنقولة بعد ذهاب معظم المجمعتين إلى عدم وجوب المتابعة في الأقوال وهل تجب المتابعة في الافعال المستحبة وجهان من عموم أدلة المتابعة من غير تناف بين وجوبها واستحباب
أصل الفعل ومن عدم انصراف النص والفتوى إلى غير الواجبات فيبقى الأصل سليما عن الوارد وإنما يجب متابعة
الامام في الأفعال الواجبة عليهما فلو اتى الامام سهوا بفعل في غير محله لم يجب متابعته وكذا لو اتى بما
يجب عليه دون المأموم كالتشهد في الركعة الثانية التي هي الأولى للمأموم وكالتسليم في أخيرته بل يقوم
المأموم عند تسليمه أو بعده ويتم صلاته ولذا وكذا {لا يجوز للمأموم المسافر المتابعة} للحاضر بعد التشهد
الأول بل يسلم إذا فرغ قبل الامام وهذا كله واضح {وكذا} يجب وجوبا شرطيا {نية الايتمام} فلو لم ينوه لم
تنعقد الجماعة اجماعا محققا ومحكيا حد الاستفاضة ويدل عليه مثل قوله لكل امرئ ما نوى وقوله (ع)
305

انما جعل الامام إماما ليؤتم به إذا الظاهر أن الايتمام لا يتحقق بدون القصد فان مجرد المتابعة الصورية لا تكفى
في صدق الايتمام عند أهل العرف إذا اطلعوا على عدم القصد إليه نعم لو بنى على الايتمام بعد التحريم فهو ايتمام
حقيقة لكنه حدث في الأثناء بعد انعقاد الصلاة على الانفراد فيبنى على جواز العدول عنه وسيجيئ وكيف
كان فالظاهر كما صرح به في ذكرى انه لو لم ينو الاقتداء عند نية الصلاة كان منفردا وجب عليه القيام
بوظايف الانفراد ولا يقدح معه البناء على متابعة الامام في مجرد الحركات لا البناء على الاقتداء فإنه
عدول لكن بشرط ان لا يفضى تلك المتابعة الصورية إلى الاخلال بما يعتبر في صلاة المنفرد وهل يجوز لتبعيض
في المنوي بان ينوى الايتمام ببعض الركعات دون بعض متصلة كالركعتين الأولتين أو منفصلة كالأولى
والرابعة أو لا يجوز مطلقا أو يجوز مع الاتصال ويبنى مع الانفصال على العدول عن الانفراد وجوه أوسطها
أخيرها ويعتبران يكون الايتمام لمعين أي لامام معين على الوجه لجزئي الحقيقي فلا يكفى تعينه بعنوان كلي ولا
الجزئي الحقيقي الغير المعين كأحد هذين على وجه الانتشار أو الاجمال ولا بهما معا والدليل على ذلك كله بعد الاجماع
انصراف أدلة الجماعة إلى غيره مثل هذه ففيها منافاة لقاعدة توقيفية الجماعة من غير عموم أو إطلاق بركن إليه ويكفى
في التعيين التعيين بالإشارة الذهنية حتى لو جهل اسمه أو وصفه أو تردد فيهما فلو نوى الاقتداء بالموجود
الحاضر الذي تصوره في ذهنه مع تردده في أنه زيدا وعمروا وقصيرا أو طويلا قالوا ولو نوى الاقتداء بزيد
باعتقاد انه الشخص الحاضر فبان عمروا لم تصح وإن كان عمرو عادلا لان أيضا لان من قصد الاقتداء به لم يقتد به ومن
اقتدى به لم يقصده بالاقتداء أقول إن تم الجماع في هذه الصورة على البطلان فهو المتبع والا ففيها
ذكروه من وجه البطلان نظر مرجعه إلى منع عدم تحقق قصد الاقتداء بالنسبة إلى من اقتدى به إما (أولا)
فلانه لم ينو الاقتداء بزيد الا بعنوان انه هذا الشخص الحاضر لأنه انما ربط فعله بالفعل الشخصي الصادر
من الامام الحاضر فالائتمام بمعنى هذا الربط انما وقع قصده على زيد باعتبار انه هذه الشخص الحاضر
لا عليه من حيث هو والا لم يصح الاقتداء لان الاقتداء لا يكون في فعل شخص صادر من شخص معين فا
اقتدى بزيد باعتبار انه هذا الشخص الحاضر هذه الصلاة الشخصية فقد [اتى] قصد الاقتداء من اعتقاد اجتماع العنوانين
أعني كونه زيدا أو كونه هذا الشخص الحاضر فيقال حينئذ انه قصد الاقتداء بهذا الشخص الحاضر كما يقال إنه قصد
الاقتداء بزيد وليس القصد مقصورا على الاقتداء بزيد مع قطع النظر عن كونه هذا الشخص الحاضر فليس قصد
الاقتداء بزيد من قبيل قصد فعل اخر يتعلق به من حيث هو مع عنوان كونه شخصا حاضرا إذ الاقتداء بأحد لابد فيه من
306

ملاحظة هذا العنوان و (ثانيا) لو نزلنا عن دعوى مدخلية كونه هذا الشخص الحاضر في قصد الاقتداء بزيد
وقلنا إن المقصود هو الاقتداء بزيد من حيث هو لكن نقول إذا اعتقد ان زيدا هو هذا الشخص الحاضر فقد قصد الاقتداء بزيد من حيث هو أولا وبالذات وقصد الاقتداء بهذا الشخص الحاضر ثانيا وبالعرض من حيث إنه
زيد فان قصد ايقاع فعل على عنوان يستتبع قصد ايقاعه على عنوان اخر متحد معه في اعتقاد القاصد فان من
قصد إهانة زيد من حيث هو مع علمه بأنه ابن عمر وفاهان ابن عمرو فيصدق انه قصد إهانة ابن عمرو ولو من
حيث إنه زيد لا من حيث هو فإذا تبين ان ابن عمرو لم يكن زيدا يصدق انه أهانه بالقصد ومثل هذا
القصد التبعي كاف في صحة الاقتداء إذ لا دليل على اعتبار أزيد من أن الاقتداء بشخص لا يصح ان وقع مجرد عن القصد
المطلق ومن هنا يظهر بطريق الأولوية ان الوجه فيما ذكروه من أنه إذا اقتدى بالشخص الحاضر على أنه
زيد فبان عمروا بنى على ترجيح الإشارة أو الاسم هي الصحة لعدم تجرد الاقتداء بالشخص الحاضر عن القصد
ولو قلنا في المسألة السابقة بالبطلان كان المتجه هنا أي في مقام تعارض الإشارة مع الاسم هي الصحة
أيضا نظر إلى أن مقتضى القاعدة في تعارض الإشارة مع الاسم أو الصفة تقديم الإشارة حيث إن المقصود
بالموضوعية هو مدلول الإشارة وانما يذكر الاسم أو الوصف من باب القرينة المبنية المشار إليه الذي
عينه المتكلم عند لتلفظ بالإشارة بل قبله وليس مذكورا لان يكون موضوعا للحكم ومتعلقا له لكن هذا
مقتضى ترك الإشارة مع الاسم إذ الوصف المذكور بعده واما الامر المخطر بالبال مع كون المذكور بعد الإشارة
جزئيا حقيقا لا مثل هذا الرجل وهذا العالم ونحوه فلا يجرى فيه القاعدة المذكورة لان المخطر بالبال بعد الإشارة
ليس من قبيل القرنية المبنية حتى تكون الإشارة ممحضة للموضوعية كتمحض ما بعده للقرينية إذ لا محاورة هناك
مع الغير وحينئذ فيتجه التفصيل بين ما إذا قصد أولا وبالذات الاقتداء بالشخص الحاضر وانما عنونه بكونه زيد الاعتقاد
انه زيد فيصح الاقتداء وبين العكس فيبطل بناء على القول بالبطلان في المسألة السابقة وبين ما إذا قصدهما على
وجه سواء فيمكن الحكم حينئذ بالصحة من جهة تحقق القصد إلى الحاضر في الجملة والحكم بالبطلان من جهة ان قصد الاقتداء
بالحاضر كما يؤثر في الصحة فكذلك قصد زيد الغائب واقعا بالاقتداء في هذه الصلاة يوجب البطلان ولا
مرجح اللهم الا ان يقال فصد الاقتداء بزيد الغائب واقع في هذه الصلاة انما يوجب البطلان لو اعتقد
أو احتمل غيبته دون ما إذا اعتقد حضوره وانه هو هذا الذي قصده بالاقتداء فالصحة هنا أوجه بل قد عرفت
ان الوجه الصحة في الجميع إذ لا يعتبر في نية الاقتداء بامام معين أزيد من العزم على الايتمام به في الصلاة التي اشتغل
307

بها سواء قصده من يحث انه امام حاضر أو قصده من حيث أنه زيد بحث لو لم يكن زيد لم يقتد به ومثل
هذا القصد يترتب عليه الأثر في كثير من الموارد الشرعية ثم لو شك في أنه هل نوى الايتمام
أم لا بنى على العدم إلا أن يكون مشغولا بأفعال الجماعة مثل التسبيح في الاخفاتية بل والاستماع في
الجهرية أو القنوت في الركعة الثانية للامام فان الظاهر إنه لا يلتفت لتجاوز محله ويحتمل قويا البناء
على ما قام عليه فيبنى على الجماعة مع القيام إليها ما لم يشتغل بما هو وظيفة المنفرد كالقرائة ويحتمل ذلك مطلقا
حتى مع الاشتغال بوظيفة المنفرد لاحتمال وقوعه فلا يعارض به ما دل على وجوب البناء على ما افتتحت
الصلاة عليه {ولو صلى رجلان ونوى كل منهما الإمامة صحت صلاته} لاتيانه بما يجب عليه من القراءة
نعم لو اتفق في الأثناء شك واعتمد أحدهما على فعل صاحبه اتجه البطلان كما لو شك أحدهما بين الاثنين
والثلث قبل السجدتين فبنى على فعل صاحبه بالاعتقاد انه المأموم فتبين بعد الصلاة عدم الايتمام وكذا
يتجه البطلان لو كانت الصلاة معادة لادراك فضيلة الجماعة لانكشاف انتفائها وتبطل {لو نوى
كل منهما انه مأموم} لعدم الامام في الواقع لواحد منهما بل ظن كل منهما المأموم إما ما فترك القراءة لذلك بل
ولو قرء بنية الندب بناء على أن الندب لا يجزى عن الواجب كما قيل وفيه نظر إما (أولا) فلان الامر
الندبي بالقرائة ليس على أنها مستحب مستقبل بل معناه انه يستحب مع عدم سماع الهمهمة الا يجتزى
بقرائة الامام بل يقرء لنفسه على أنه قرائة الصلاة فيرجع حاصله إلى أن القراءة التي هي جزء لصلوته له ان
يكلها إلى الامام وله ان يتولاها بنفسه فهذه القراءة بعينها هي من اجزاء الصلاة وليست مستحبة برأسها
وأما (ثانيا) فلمنع عدم اجزاء الندب عن الوجب والحاصل ان القراءة في موضع ندبها خلف الامام
يحتمل أن تكون من الأجزاء الواجبة للصلاة يسقطها وكولها إلى الامام فالشخص مخير بين الصلاة مع القراءة
وبينها مع وكولها فهى جزء واجب لاحد فردي الواجب التخييري والمستحب عينا يعنى استحباب القراءة استحباب اختيار
هذا الفرد الذي فيه القراءة ويحتمل أن يكون من الأجزاء المندوبة في الصلاة نظير القنوت ونحوها ويحتمل
ان يكون مستحبا مستقلا نظير قول كذلك الله ربى بعد التوحيد ولا اشكال في الاجتزاء بالقرائة
على الاحتمال الأول والظاهر الاجتزاء أيضا على الثاني ويشكل الاجتزاء على الثالث بل الظاهر العدم
والظاهر أنهم بنوا عليه ومع ذلك فالحكم بالبطلان استنادا إلى مجرد ترك القراءة الواجبة محل نظر إذ لا مستند
له عدا عموم قوله لا صلاة الا بفاتحة الكتاب وهو مخصص بقوله لا تعاد الصلاة الا من خمسة الا ان يدعى
308

انصرافه إلى السهو عما عدا الخمسة فتأمل مع أنه لو فرضنا انه ما سمع همهمة صاحبه فقرء لنفسه بنية الوجوب بناء
على وجوبها في هذه الصورة فلا يتم الحكم بالبطلان استنادا إلى ترك القراءة وان استدل به جماعة كالشهيدين و
الفاضلين وغيرهم فالأولى الاستدلال على البطلان في المسألة بما روى عن علي عليه السلام أنه قال في رجلين
اختلفا فقال أحدهما كنت امامك وقال الآخر كنت امامك فقال صلاتهما تامة وان قال أحدهما كنت أنتم بك
وقال الآخر كنت أنتم بك فصلاتهما فاسدة وليستأنفا وضعف السند بالسكوني لو كان منجبر بعمل الأصحاب
كما حكى وبهذه الرواية مضافا إلى أصالة الواقعية في شروط الجماعة مطلقا الا ما خرج بالدليل يندفع ما يقال من أن
اخبار أحدهما الذي كان إماما باعتقاد صاحبه بكونه مأموما ليس بأزيد من اخباره بكونه محدثا أو غير قار مع أنه
لا يلتفت إلى أمثال ذلك لما سيجئ ثم إن ظاهر الخبر هو الاختلاف بين الشخصين بحيث يدعى كل منهما
الايتمام من دون تصديق صاحبه بل ومع تكذيبه كما هو ظاهر لفظ الاختلاف وحينئذ فلا ينطبق الحكم بالفساد على
القاعدة إما في صورة التكاذب فواضح إذ لا وجه للحكم بالفساد قطعا لان كلا منهما مكلف في عمله بمقتضى اعتقاده
واما مع عدمه وعدم التصادق كما هو المتيقن من مدلول الرواية فلان قبول قول الغير بعد الفراغ من العمل فيما
يوجب بطلان عمله من دون علم بصدقه بل ولا ظن مخالف للقاعدة وحمل الرواية على صورة التصادق بعيد
غايته والحاصل ان مقتضى القاعدة مع تصادقهما الفساد ومع تكاذبهما الصحة ومع تصديق أحدهما و
تكذيب الأخر صحة صلاة المكذب وفساد صلاة المصدق ومع عدم التصديق والتكذيب من أحد الطرفين لصحة
فالرواية حملها على صورة التصادق خلاف الظاهر من الاختلاف وعلى غيره يوجب مخالفتها للقاعدة ويحتاج
حينئذ إلى الجابر فان تم عمل العلماء بمضمونها في غير صورة التصادق قلنا بها والا فلابد من طرحها والرجوع إلى القاعدة
وظاهر كلام العلامة في جملة من كتبه والشهيد في الذكرى فرض المسألة في صورة وقوع نية الايتمام من كل منهما
وكذا ظاهر كلام المحقق في المعتبر فإنه وان عنون المسألة كما في الشرايع بقوله وان قال كل منهما كنت مأموما لم يصح
الا انه استدل على البطلان بان كلا منهما وكل القراءة إلى صاحبه يدل على أن الفرض فيما إذا وقع الايتمام من كل
منهما لا مجرد الادعاء لكن ظاهر كلام الشهيد الثاني في الروض عمل الأصحاب بالرواية حتى في صورة عدم لتصادق
حيث رد بذلك على من تردد في البطلان من جهة عدم الدليل على قبول قول الإمام بعد الصلاة ثم أعلم
ان المتبادر من النص على تقدير العمل به هو ما لو تركا القراءة كما ذكرنا واما ما إذا قرء كل منهما بنية الوجوب بناء
على وجوب القراءة مع عدم سماع الهمهمة أو قرء غفلة عن انه مؤتم ومعتقد انه منفرد أو امام بناء على أن كل حكم
309

ظاهري غفل عنه لكن وافق الحكم الواقعي فهو صحيح فالأقوى الصحة لعدم الاخلال بالقراءة وعدم شمول [النص] لهذه الصورة
ومنه يظهر انه لو اتفق هذه الاختلاف في خصوص الركعتين الأخيرتين اللتين لا تسقط القراءة فيهما عن المأموم بناء على
جواز الايتمام في الأثناء بعد تمام صلاة الامام الأول كما سيجئ فالأقوى الصحة وكذا لو اتفق ذلك في صلاة
الجنازة كما صرح بهما في الكشف فالمدار في البطلان على الاخلال بواجب مما يجب على المنفرد لا مجرد نية الايتمام بمن لم
يكن إماما بل كان مأموما فلان ذلك بنفسه لا يوجب البطلان ولذا علل في المنتهى بطلان صلاة من أتم بشخص فبان
الامام مأموما باخلاله بما يجب عليه قال لو نوى الايتمام بالمأموم جاهلا بكونه مأموما بان وجده قائما عن يسار
الامام فظنه الامام لم يكن معذورا بذلك لخلو صلاته عن القراءة انتهى وفي الذكرى صرح بعدم معذورية
من أنتم بامام فبان مأموما ولم يتعرض لتعليل البطلان بالاخلال بالقرائة لكن الظاهر من الحكم بعدم المعذورية
عدم معذوريته في ترك القراءة لا مجرد نفى المعذورية في الايتمام بمن هو مأموم واقعا إذ عدم العذر في ذلك كون
عدم مأمومية الامام شرطا واقعيا كالبديهي بخلاف الاخلال بالقرائة جهلا لوجوبها عليه وقال في الكشف
بعد ذكر شروط الامام وبعد ان ذكر فيها مثل تقدم موقفه وتقدم تكبيرته وذكوريته ووحدته وتعينه قال
ولو تجدد فوات شرط في الأثناء أو ظهر فواته فيه في الابتداء لم يقض بالفساد بل يعدل إلى الانفراد ولا يخفى ان
عدم المأمومية أيضا من شروط الامام فلا فرق بين ان يتبين تأخر تكبيرة الامام أو موقفه في الأثناء أو يظهر
امرأة وبين أن يظهر أنه مأموم أو أنه غير من نوى الاقتداء به فعلى هذا لو تبين له ذلك بعد تكبيرة الاحرام وقبل
القراءة انفرد وقرأ ولم تبطل صلاته وفاقا للمحكى عن شرح المفاتيح للمولى الأعظم شيخ المجتهدين خلافا لبعض مشايخنا
المعاصرين فحكم هنا بالبطلان ولا دليل عليه عدى اطلاق الفتاوى ببطلان الصلاة وقد عرفت ان الظاهر منهم
بعد التتبع هو بطلان الصلاة إذا أتى بها على الوجه المنوي فأخل بالقرائة بل بغيرها محافظة على متابعة الامام
مع عدم تحقق الايتمام واقعا واما إذا انتبه قبل محل الاخلال فلا وجه للبطلان كما عرفت من المنتهى وغيره و
عدا ما ربما يتخيل من أنه إذا نوى الايتمام بامام ولو لم يقع الايتمام فما نواه لم يقع وما وقع لم ينوه وفيه ان الجماعة
ليست الا صفة خارجية لا يقدح تخلفها مع قصدها في أول الصلاة في أصلها كساير الأوصاف الخارجية
فلو نوى الاقتداء برجل في المسجد فبان ان حائطا قبل الشروع في القراءة كان منفردا وقرء لنفسه لان غاية الأمر
انه نوى صفة للصلاة لم تكن فيها واقعا ويشهد لما ذكرنا الاستدلال الفقهاء كما عرفت من الفاضلين و
الشهيدين وغيرهم على البطلان في المسألة السابقة باخلال كل من المختلفين بالقرائة الواجبة ثم بالرواية
310

الضعيفة ولم يتعرض أحد منعهم لبطلان صلاتهما من جهة انهما قد نويا الايتمام بمن ليس بامام ثم إن هذا كله
إذ علما بعد الفراغ بأنهما نويا الايتمام واما إذا نوى أحدهما الايتمام والاخر الانفراد صحت صلاتهما ان لم
يخل الأول بشئ من شرائط الاقتداء وكان الثاني جامعا لشرائط الإمامة ولو نوى أحدهما الإمامة والاخر
الانفراد فلا اشكال أيضا في الصحة واما لو شكا فيما نويا فقال كل منهما لم أدر ما نويت فاطلق جماعة على ما حكى
في الذكرى القول بالبطلان ولو شكا فيما أضمراه من نية الإمامة أو الايتمام فقد حكى في الذكرى والروض عن جماعة الحكم
بوجوب الإعادة والذي يظهر قوة الحكم بالصحة مطلقا لان هذا الشك ان اتفق في الأثناء فإن كان قبل فوت
محل القراءة كما قبل الركوع قرء بنية أنه منفرد إذ لا يخلوا الواقع من أن يكونا قد نويا الايتمام أو يكون كلاهما قد
نوى الإمامة أو يكون أحدهما نوى الإمامة والاخر المأمومية ولا شك في الصحة على التقديرين الأخيرين
وكذا الأول لما تقدم من أن انكشاف هذا لا يوجب بطلان الصلاة من رأس بل يكون منفردا خلافا لمن حكم
بالبطلان هنا مضافا إلى أن مجرد احتمال وقوع النية على وجه يوجب بطلان الصلاة لا يقدح وإن كان بعد
فوت محل القراءة كما بعد الركوع فلأصالتي الصحة وعدم طرق المبطل بناء على ما عرفت من أن نية الايتمام من كل
منهما لا يوجب البطلان فضلا عن احتمالها بعد الدخول في الركوع ولا فرق في الصحة هنا بين أن يعلم ترك
القراءة أو يعلم القراءة أو يشك إذ على فرض العلم بالترك يشك في أن تركها هل كان من باب الوظيفة أو
من باب الاخلال فهذا شك في الاخلال بالقرائة بعد الركوع وقد ثبت بالعمومات عدم قدحه ومن هذا كله
يظهر وجه الصحة فيما إذ وقع الشك بعد الفراغ حتى لو علم ترك القراءة وكذا تبطل لو نوى الاقتداء بغير المعين
اجماعا وقد مر اشتراط التعيين ولا يشترط في صحة صلاة الامام نية الإمامة وان اشترطت في استحقاق
ثواب الجماعة مع الالتفات نعم لو لم يعلم بذلك فاتفق الاقتداء به من غير اطلاعه لم يبعد ان ينال الثواب
ويجوز {اقتداء المفترض بمثله وان اختلفا} كالظهر والمغرب والصبح مع العصر والعشاء اجماعا محققا ومحكيا
ولبعض الاخبار في بعض الافراد خلافا للمحكى عن الصدوق فلم يجوز الاقتداء في العصر يظهر الامام الا أن
يتوهمها العصر ولا مستند له نعم دلت مصححة علي بن جعفر على البطلان مع هذا التوهم مع امكان حملها على استحباب
الإعادة ثم إن ظاهر العبارة وغيرها من العبائر حتى متون اجماعاتهم المحكية هو عدم الفرق بين الفرائض حتى مثل
الطواف ولعله لعموم مثل قوله عليه السلام الصلاة {فريضة} وليس الاجتماع
بمفروض في الصلوات كلها ولكنها سنة إلى أخره أثبت الاستحباب للجماعة في جميع الصلاة بعد ما نفى وجوبها
311

فيها على سبيل عموم السلب أو سلب العموم واما مثل صلاة الآيات والجنازة فقد ورد النصوص في الجماعة فيها وكذا
لا فرق بين الأداء والقضاء لما مر من عموم الرواية والاجماع المنقول بل المحقق في هذا القسم واستمرار السيرة وما ورد
في الصحيح من فعل النبي صلى الله عليه وآله ما فاته بالنوم جماعة قال في الذكرى ولم أجد من قدح في هذا الخبر من جهة توهم منافاة
مضمونه للنبوة وفي المنتهى عن الشيخ عن إسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام تقام الصلاة وقد صليت
قال صل واجعلها لما فات قال وفيه دلالة على التوسعة انتهى وهو جيد وكيف كان فلا اشكال في استحباب
الجماعة في غير الطواف نعم قد يستشكل فيه من جهة دعوى انصراف المطلقات إلى غيره لكن الظاهر الحاقة بغيره
لما مر من عموم الرواية المتقدمة والاجماعات المحكية وقد يقال إن المقام ليس مما يطلب فيه الدليل التام
لكونه من اثبات السنن التي يتسامح فيها وفيه ان التسامح انما هو فيما إذا لم يتضمن المقام ثبوت
احكام مخالفة للأصل كتحمل القراءة والأوهام إذ من المعلوم ان مثل هذه لا تثبت بالاخبار الضعيفة وفتوى
الفقهاء وقد يوجه بأنه لا يقدح اثبات هذه إذا كانت تابعة لثبوت الاستحباب وانما يعتبر الدليل في إثبات
هذه الأحكام ابتداء ولذا إذا ثبت استحباب صلاة بما يتسامح فيه يحكم عليه بحرمة القطع بناء على حرمة قطع النافلة
ووجوب السورة فيها إذا نذر الاتيان بها في كل نافلة ونحو ذلك وفيه ان هذا أحسن لو كانت الأحكام المذكورة
مترتبة ومتفرعة على ثبوت صفة الاستحباب لفعل وليس المقام كذلك لأن هذه الأحكام مثل
تحمل القراءة والأوهام ووجوب المتابعة انما عرضت لذات الجماعة التي عرض لها الاستحباب لا انها عرضت
لها بعد الحكم باستحبابها بل يمكن العكس بان يقال إن الاستحباب انما عرض للجماعة بعد اعتبار لحوق هذه الأحكام
لها وحينئذ فالهيئة المشتملة على أحكام مخالفة للأصل والعمومات كيف يمكن اثبات استحبابها
بخير ضعيف أو فتوى فقيه ولو تنزلنا فغاية الامر ان هذه الأحكام والاستحباب كلها عرضت لذات
الهيئة التي يعبر عنها بالجماعة من غير ترتب في العروض لا انها عرض لها الاستحباب أولا ثم لحقتها تلك الأحكام
باعتبار كونها مستحبة أو بالعكس وحينئذ فلا يمكن اثبات مشروعيتها الا بالأدلة المعتبرة لان مشروعيتها
توجب ترتب هذه الأحكام عليها كما يوجب ترتب الثواب عليها إذ لا تفكيك بين الاستحباب وهذه الأحكام
اجماعا وعلى كل حال فظاهر جملة من العبائر وصريح بعضها في عدم الفرق في الفريضة بين الواجب بالأصل
وبالعرض كالمنذورة كما صرح به في الذكرى بقوله حتى المنذورة عندنا وهو حسن مع استفادة عموم من النص
والفتوى لكنه في غاية الاشكال بل يقوى انصرافها إلى غير المنذورة فيبقى عموم ما دل على حرمة الجماعة في النافلة
312

سليما بناء على أن المراد بالنافلة ما هو كذلك في أصل الوضع والجعل كما هو المتبادر مع أن لفظ النافلة الوارد
في أدلة حرمة الجماعة مأخوذ من النفل وهي الزيادة سمى بها النوافل لأنها زيادة على الفرائض فلا ينافى وجوبها
وصفها بالنفل الفعلي بناء على تسليم أن المراد بالنافلة ما هو نفل بالفعل لا في خصوص أصل الجعل هذا كله مضافا
إلى أصالة عدم مشروعيتها المتحقق قبل عروض الوجوب بقى الاشكال في جواز الاقتداء في صلاة الاحتياط و
بها وتوضيح الحال فيه إن الاقتداء أما أن يكون في صلاة الاحتياط بصلاة الاحتياط أو فيها بغيرها
أو في غيرها بها إما فيها بها فأما أن يكون مع الاقتداء في أصل الصلاة بمصلى الاحتياط أولا فعلى الأول الظاهر المنع لاحتمال [لا]
كونها نافلة في الواقع كما وجهه به في المدارك إذ لا يقدح ذلك مع وجوبها ظاهرا بل كونها بمنزلة الجزء لأصل الصلاة
بل لان الأدلة انما دلت على مشروعيتها في الفريضة والمتبادر منها بحكم الانصراف بل الوضع ما هو فرض في نفسه
بان تعلق به الوجوب النفسي سواء كان الاقتداء في تمام ذلك الواجب كما لو اقتدى من أول الفريضة إلى أخرها أو في بعض
اجزائه كما إذا اقتدى في بعضها الأول ثم أتم صلاته منفردا أو في بعضها الأخر كما إذا دخل في غير الركعة الأولى والحاصل
ان الدليل انما دل على اعتبار كون المقتدى فيه والمقتدى به فريضتين سواء كان الاقتداء بمجموع الامرين أو أحدهما
أو ابعاضهما واما صلاة الاحتياط فلما لم يكن وجوبها نفسيا بل وجوبها لتتميم صلاة الأصل ولم يكن
ممحضة للجزئية أيضا كالركعتين الأخيرتين لم يكن دليل على مشروعيتها فيها والحاصل ان القدر الثابت
من الأدلة هي مشروعية الجماعة في الفريضة أو في جزئها الحقيقي المحض وصلاة الاحتياط ليست بفريضة بناء
على ما عرفت من أن الظاهر من الفريضة ما اخذ فيه الفرض بمعنى الوجوب النفسي وليست أيضا جزء محضا للفريضة
ليصدق الاقتداء في الفريضة باعتبار بعضها فلم تثبت مشروعيتها فيها ومما ذكرنا يظهر ان مناط الاستدلال
ليس دعوى انصراف اطلاق الفريضة إلى غير صلاة الاحتياط حتى يمنع عنه مطلقا أو بملاحظة وروده في
بعض الأدلة بعنوان العموم الذي لا يتطرق إليه الانصراف بل مبنى الاستدلال دعوى ان مادة الفرض المأخوذة
في لفظ الفريضة هي المطلوبية النفسية نعم لو ابدل الفريضة بالواجب أمكن منع الانصراف المذكور نظرا
إلى أن مادة الوجوب لا اختصاص له وضعا ولا انصرافا بالمطلوب في نفسه وعلى الثاني وهو ما إذا لم يحصل الاقتداء
بمصلى الاحتياط في أصل الصلاة فوجه المنع فيه مضافا إلى الوجه السابق هو أن صلاة الاحتياط لا تخلوا
في الواقع إما أن يكون جزء للصلاة أو نفلا وعلى التقديرين لا يجوز إما على الثاني فواضح وأما على الأول
فلان الابتداء بالاقتداء في أثناء الصلاة لا يجوز على المشهور إلا مع الاستخلاف الخارج بالنص والوفاق
313

لعدم دليل على جوازه اللهم الا ان يقال إن وجوبها ظاهرا لا يقدح معه احتمال النفل في الواقع وكذا كونها مستقلة
في مرحلة الظاهرة لا يقدح معه احتمال الجزئية واقعا مع أنه لم تثبت كونها جزء في الواقع على تقدير الاحتياج وانما ورد
انما تمام ما نقص من الصلاة وهو أعم من الجزئية كما لا يخفى واما الاقتداء في صلاة الاحتياط بغيرها وفي غيرها
بها فوجه المنع فيهما يظهر مما ذكرنا وكيف كان فالجماعة جائزة من المفترض بالمفترض الا مع تغير الهيئة أي تغيير
هيئة الصلاتين كالاقتداء في اليومية بالآيات أو فيهما بالعيدين بلا خلاف الا من المحكي عن النجيلية في
بعض الافراد ومستنده الاجماع ظاهرا والا فعدم الجواز حتى فيما يمكن المتابعة كالدخول في الركوع العاشر
من صلاة الآيات أو في الركعة الثانية من العيدين وهو محتمل النجيلية اللهم الا ان يقال إن الدخول في بعض
الصلاة مع الامام مخالف للأصل قضى به الدليل في مورده وظاهر مورده اليومية فيقتصر عليه وعلى ما
لحق به بالاجماع المركب القطعي ويبقى ما عداه على وجوب المتابعة التي لا تحصل الا مع توافق نظم الصلاتين واما
ما يتوهم من امكان الدخول مع الامام في أول الصلاة الآيات أو العيدين ثم ينو الانفراد فمردود بان الجماعة انما تشرع
في صلاة كانت المتابعة فيها مشروعة وان لم يجب استمرارها والمفروض إن المتابعة هنا غير مشروعة
بل يجب مفارقة الامام ولا ينتقض ذلك بوجوب مفارقته فيما إذا فرغ الامام أو المأموم لان المفارقة حينئذ قهرية
بل يمكن أن يقال إن النبوي الشريف أعنى قوله صلى الله عليه وآله انما جعل الامام إما ما ليؤتم به فإذا كبر فكبر وأو إذا ركع فاركعوا
وإذا سجد فاسجدوا وفي بعض الروايات وإذا قرء فانصتوا يدل على أن العلة الغائية في شرعية الجماعة والإمامة
والايتمام هي متابعة الامام في هذه الأفعال ففي كل صلاة لا يمكن المتابعة فيها لم تشرع الجماعة لعدم حصول
غايتها ولو سلمنا عدم دلالته على نفى المشروعية مع عدم امكان المتابعة في الكل لكن نقول الظاهر من
الرواية بيان مشروعية الجماعة في مجموع الصلاة كما يدل عليه تفريعه عليه قوله فإذا كبر فكبروا فلا تدل على
المشروعية في الابعاض لكن قام الاجماع على أن كل موضع يمكن فيه الاقتداء من الابتداء يمكن فيه الاقتداء
في الأثناء فيبقى ما لا يمكن فيه الاقتداء في الابتداء باقيا تحت أصالة عدم المشروعية وهذا جار في جميع عمومات
الجماعة التي يتوهم شمولها للمقام فإنها ظاهرة كما لا يخفى في فعل مجموع الصلاة جماعة لان الصلاة اسم للمجموع فقولهم
عليهم السلام الصلاة في جماعة أو صلاة الجماعة أو حضور جماعة المسلمين أو من صلى مع الامام ظاهر في المجموع
فيكفى في عدم المشروعية في المقام عدم الدليل ويجوز اقتداء المفترض بالمتنفل بلا خلاف بيننا كما يظهر
من عبارة المنتهى لكنه فرضه في صلاة من لم يصل الظهر خلف من صلاها إذا أعادها لادراك من خلفه للجماعة
314

واستدل عليه بما ورد من الاخبار في ذلك فيحتمل ارادته (ره) خصوص والظاهر أن المراد من التنفل
هي الصلاة الفريضة ذاتا المعادة إما احتياطا أو لادراك الجماعة فلا يشمل مثل الاقتداء في الفريضة أداء أو قضاء
بمصلى الغدير أو الاستسقاء وهو الأقوى لان اطلاقات الجماعة في الفريضة ظاهرة في كون الصلاة فريضة من
الطرفين نعم الفريضة أعم مما هو كذلك أصلا وبالذات وان عرضها الامر الندبي كالمعادة احتياطا بل يمكن ان يقال إن
الصلاة التي تعاد ليست الا نفس الصلاة السابقة التي أمر بها فالامر بالإعادة أمر بفعل مثل تلك الصلاة التي
صلاها لكن ندبا فكلما عرض تلك الصلاة من الأجزاء الواجبة أو المندوبة أو الكيفيات كذلك تعرض لهذا
المأمور به بالامر الندبي ولذا يطلب الدليل على استحباب خصوص كل جزء مستحب أو هيئة مستحبة فيها ولا
يحكم بجواز فعلها على الراحلة أو جالسا أو التخيير مع الشك في أعدادها بين البناء على الأقل والأكثر وجواز
القرآن والتبعيض فيها إلى غير ذلك والحاصل ان الإعادة والقضاء فعلان متحدان مع الفعل السابق
من جميع الوجوه سواء تعلق بها لا أمر الوجوبي أو الندبي ودعوى أن الجماعة انما شرعت في الفريضة الأصلية
باعتبار عروض الامر الوجوبي لها فهى من أحكام الصلاة المتصفة بصفة الوجوب لا من احكام ذات الصلاة التي
قد تتصف بالوجوب وقد تتصف بالاستحباب وبهذا افترقت عن ساير الأمور المعتبرة في الصلاة على وجه الاستحباب
مدفوعة بان أدلة استحباب الجماعة في الفريضة وان دلت على استحباب الجماعة في الصلاة بوصف كونها فريضة
الا ان معنى كونها فريضة ليس الا انها معروضة للامر الوجوبي في قوله أقيموا الصلاة مثلا فكان الشارع قال
يستحب أن يؤتى الصلاة التي أمر بها بالامر الوجوبي في أقيموا الصلاة من حيث إنها كذلك في جماعة فقد صارت
الجماعة هيئة مستحبة للصلاة المأمور بها في أقيموا الصلاة بوصف انها مأمور بها فإذا فرضنا ان الشخص امتثل
هذا الامر الوجوبي بتلك الهيئة المستحبة أو خالية عنها فشك في ثبوت خلل في امتثاله بحيث يحتمل احتمالا
لا يجب الاعتناء به بقاء الامر الوجوبي واقعا في ذمته وان سقط ظاهرا فإذا حكم العقل أو الشرع من جهة الاحتياط
حكما استحبابيا بإعادته فقد حكم باستحباب اتيان ذلك الفعل الذي أمر به بالامر الوجوبي من حيث إنه أمر به
بالامر الوجوبي ضرورة ان الاحتياط في الواجب سواء كان واجبا أو مستحبا ليس حكما لموضوع ابتدائي وإنما
هو حكم لموضوع تعلق ولو احتمالا به الوجوب الواقعي والمفروض ان الجماعة أيضا عرضت لذلك الفعل المأمور
به بالامر الوجوبي فان قلت الجماعة صفة للمأمور به بالامر الوجوبي القطعي والامر الاحتياطي متعلق
بالفعل الذي يحتمل أن يكون مأمورا به فالمأتى به احتياطا ليس محلا ومورد للجماعة قلت الجماعة صفة للمأمور
315

به بالامر الوجوبي الواقعي نعم القطع بمشروعية الجماعة في فعل يتوقف على القطع بكونه مأمورا به والمحتاط يقطع
بكون الجماعة مشروعة على تقدير ثبوت الامر الواقعي واما على تقدير عدمه فأصل الفعل أيضا ليس بمشروع واقعا
ضرورة عدم الامر به واقعا والامر الظاهري الاستحبابي الاحتياطي كما دل على رجحان احراز الواقع من جهة
الامر الوجوبي كذلك دل على رجحان احراز الواقع من جهة الامر الاستحبابي بالجماعة وكما لا يحتاج استحباب
الاحتياط في أصل الفعل إلى القطع بتعلق الامر الصلاتي بل لو قطع به لم يكن معنى للاحتياط كذلك استحباب
ايقاع ذلك الفعل على الوجه الأكمل لا يتوقف عليه كما هو الشأن في جميع الصفات المعتبرة في الفعل الواقعي على
تقدير تعلق الامر به بحث لولا الامر لم تكن مشروعة فيه ولك ان تقول كما أن الامر الاحتياطي من جهة الامر الوجوبي
قد دل على مشروعية أصل الفعل كذلك الامر الاحتياطي من جهة الامر الاستحبابي بالجماعة إذا الاحتياط مطلوب
من كلا الجهتين والقطع بالوجوب يعتبر في تعلق الامر الاستحبابي القطعي الواقعي بالجماعة وأما الامر الاستحبابي
الاحتياطي الظاهري بالجماعة فيكفى فيه احتمال الوجوب فالمراد من استحباب الجماعة في المعادة استحباب الاحتياط
لادراك الجماعة في الصلاة التي يؤتى بها لأجل احراز الامر الواقعي على تقدير بقائه وعدم سقوطه بالفعل
الأول وبالحقيقة فهذا الفعل المعاد ليس فعلا مستقلا حتى يتكلم في اثبات استحباب الجماعة فيه وأما المعادة
لادراك الجماعة فهى ليست المعادة نافلة تعلق بها الجماعة على حد تعلقها بسائر النوافل التي ثبت نفلها مع
قطع النظر عن الجماعة ثم استحب اتيانها بالجماعة بل الاستحباب انما تعلق بإعادتها مع الجماعة فهى أيضا ليست من
قبيل الجماعة في النافلة بل من قبيل نفل إعادة الفريضة جماعة ففي الحقيقة ليست هاتان المسئلتان
مخرجتين عن عموم المنع عن الجماعة في النوافل نعم الكلام في أن الاستحباب الإعادة جماعة ثبت مطلقا أو مع
كون الصلاة التي فعل أولا من الامام أو المأموم قد فعل منفردا فلا يشرع تكرار الجماعة القول في الجماعة
وفضلها عظيم جدا ففي النبوي المحكي عن المجالس ان الركعة في الجماعة أربع وعشرون ركعة كل ركعة أحب
إلى الله من عبادة أربعين سنة وفي الأخر من صلى الفجر في الجماعة ثم جلس يذكر الله حتى تطلع الشمس كان له في
الفردوس سبعون درجة بعد ما بين كل درجتين كحضر الفرس الجواد خمسين سنة ومن صلى الظهر في جماعة كان له
في جنات عدن خمسون درجة ما بين درجتين كحضر الفرس الجواد خمسين سنة ومن صلى العسر في جماعة كان له
كاجر ثمانية من ولد إسماعيل كل منهم رب بيت تعتقهم ومن صلى المغرب في جماعة كان له كحجة مبرورة وعمرة
مقبولة ومن صلى العشاء في جماعة كان كمن أحيا ليلة القدر وفي ثالث من مشى إلى مسجد يطلب فيه جماعة
316

كان له بكل خطوة ستون الف حسنة ورفع له من الدرجات مثل ذلك فان مات وهو على ذلك وكل الله
به سبعين الف ملك يعودونه في قبره ويبشرونه ويونسونه في حدته ويستغفرون له حتى يبعث وفي رابع محكى
عن الروض للشهيد الثاني نقلا عن كتاب الإمام والمأموم لبعض علمائنا باسناده إلى ابن أبي
سعيد الخدري عنه صلى الله عليه وآله
قال اتانى جبرئيل في سبعين الف ملك بعد صلاة الظهر فقال يا محمد ان ربك يقرئك السلام واهدى إليك
بهديتين لم يهدهما إلى نبي قبلك قلت وما تانك الهديتان قال الوتر ثلث ركعات وصلاة الخمس في جماعة
قلت يا جبرئيل وما لامتي في الجماعة قال يا محمد ان كانا اثنين كتب الله لهما بكل ركعة مائة وخمسين صلاة و
ان كانوا ثلثة كتب الله لكل واحد بكل ركعة ستمائة صلاة وان كانوا أربعة كتب الله لكل واحد بكل ركعة
الف ومأتي صلاة وان كانوا خمسة كتب الله لكل واحد بكل ركعة الفين وأربعمائة صلاة وان كانوا ستة
كتب الله لكل واحد بكل ركعة أربعة الألف وثمانمائة صلاة وإذا كانوا سبعة كتب الله لكل واحد
بكل ركعة تسعة آلاف وستمائة صلاة وإذا كانوا ثمانية كتب الله لكل واحد بكل ركعة تسعة عشر
الفاء ومأتي صلاة وإذا كانوا تسعة كتب الله لكل واحد بكل ركعة ستة وثلثين ألفا وأربعمائة وإذا
كانوا عشرة كتب الله لكل واحد بكل ركعة اثنين وسبعين ألفا وثمانمائة صلاة فان زاد وأعلى العشرة
فلو صارت بحار السماوات والأرض مدادا والأشجار أقلاما والثقلان مع الملائكة كتابا لم يقدروا ان
يكتبوا ثواب ركعة واحدة يا محمد تكبيرة يدركها المؤمن مع الامام خير له من ستين الف حجة وعمرة وخير من
الدنيا وما فيها سبعين الف مرة وركعة يصليها المؤمن مع الامام خير من مائة الف دينا ر يتصدق بها
على المساكين وسجدة يسجدها المؤمن مع الامام خير من عتق مائة رقبة والأخيار في فضل الجامعة أكثر
من أن تحصى ويظهر مما ذكرنا من الاخبار أفضلية الجماعة من الصلاة منفردا في المسجد ويدل عليه
صريحا مراسلة محمد بن عمارة إلى الرضا (ع) يسئله ان الصلاة في مسجد الكوفة منفردا أفضل أم صلاته في
جماعة فقال الصلاة في جماعة أفضل مع ما روى من أن صلاة في مسجد الكوفة تعدل الف صلاة في غيره
من المساجد الا ان يقال إن الروايات السابقة محمولة على الغالب من إقامة الجماعة في المساجد والمراسلة
المذكورة معارضة بما رواه محمد بن سنان عن الرضا (ع) ان الصلاة في مسجد الكوفة فردا أفضل من سبعين
صلاة في غيره جماعة ونحوها رواية إبراهيم بن ميمون عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له ان رجلا يصلى بنا يتقدى
به فهو أحب إليك أو في المسجد قال المسجد أحب إلى بناء على ظهوره في إرادة الانفراد في المسجد والا لم يحتج
317

إلى السؤال ويظهر من بعض الأخبار التساوي مثل رواية زريق المحكية عن المجالس وغيره عن أبي عبد الله
عليه السلام صلاة الرجل في منزله جماعة تعدل أربعا وعشرين صلاة وصلاة الرجل جماعة في المسجد تعدل
ثمانية وأربعين صلاة مضاعفة في المسجد وان الركعة في المسجد الحرام الف ركعة في سواه من المساجد وان
الصلاة في المسجد فردا بأربع وعشرين صلاة والصلاة في منزلك فردا هباء منشورا لا يصعد منه شئ ومن
صلى في بيته جماعة رغبة عن المسجد فلا صلاة له ولا لمن صلى معه الا من علة تمنع في المسجد تدرك {الركعة
مع الامام بادراكه راكعا} على المشهور بل عن السرائر انه مذهب ما عدا الشيخ من الفقهاء بل عن مجمع الفائدة ان
الشيخ عدل إلى مذهب المشهور في مسألة استحباب تطويل الا أم الركوع ليلحق المأموم ولعله لذا ادعى الاجماع
في محكى الخلاف على طبق المشهور ويدل عليه الأخبار المستفيضة القريبة من التواتر بل المتواترة كما عن السرائر
منها حسنة الحلبي بان هاشم إذا أدركت الامام وقد ركع فكبرت وركعت قلل أن يرفع رأسه فقد أدركت الركعة وان رفع الامام رأسه قبل ان تركع فقد فاتتك الركعة خلافا للمحكى عن الشيخ والقاضي
انه لا تدرك ركعة الا إذا أدرك تكبيرة الركوع وانه إذا أدركه راكعا فقد فاتت الركعة ويظهر من
التوقيع الآتي وجود هذا القول بين قدماء أصحابنا وعن التذكرة والنهاية انه ليس بعيدا عن الصواب
وعن كشف الرموز التردد فيه وكل ذلك لظاهر روايات كثيرة منها روايات محمد بن مسلم
ففي احديها إذا لم تدرك تكبية الركوع فلا تدخل في تلك الركعة وفي أخرى لا تعتد بالركعة التي
لم تشهد تكبيرها مع الامام وفي ثالثة إذا أدركت التكبير قبل ان يركع الامام فقد أدركت الصلاة
وروايتي الحلبي في الجمعة إذا أدركت الامام قبل أن يركع الركعة الأخيرة فقد أدركت الصلاة وإن
أدركته بعد ما ركع في الظهر أربع ويمكن حمل النهى في رواية ابن مسلم على الكراهة بمعنى ان عدم الدخول
في هذه الركعة وان استلزم فوات الجماعة في اخر الصلاة أو فيها رأسا أفضل من فعل ركعة مع الجماعة
لم تدرك تكبيرة ركوعها فإذا فرضنا تلك الركعة الركعة الأخيرة فلا تدخل فيها الا على وجه تدرك فضيلة
الجماعة لا بركعة من الصلاة والحاصل ان الانفراد ببعض الصلاة أو بجميعها أفضل من إدراك جميعها
أو بعضها جماعة على ذلك الوجه المنهى وأجاب في الذكرى عنها بان التكبير يعتبر به عن نفس الركوع وهو بعيد واما روايتا
الحلبي فهما وان لم يقبلا الحمل على ما ذكر إذ لو أدركت الصلاة جماعة تعين فعل الجمعة لعدم الجواز العدول إلى
الظهر مع التمكن منها الا انه يمكن حمل قوله يركع على انقضاء أصل الركوع ومضيه بخروجه عنه ثم إن
318

الحمل المذكور للروايات وإن كان بعيدا الا ان مثله لما لم يمكن في روايات المشهور تعين الحمل في هذه حملا للظاهر
على ما لا يخالف النص ثم إن الشيخ (ره) حمل اخبار المشهور على ادراك الصف حال الركوع مع ادراكه الامام
بعيدا قبل ان يركع ولا يخفى ان صحيحة الحلبي المتقدمة ونحوها غير قابلة للحمل نعم لو أراد الشيخ الاكتفاء بسماع تكبيرة
الامام ولو قبل الدخول كما يظهر من بعض الأخبار وبعض كلماته في التهذيب محكى النهاية أمكن الحمل في تلك
الروايات لكن هذا القول بعيد إذا الامام قد لا يأتي بالتكبير فلا ينبغي يكون ضابطا لادراك الجماعة ثم إن
الشهيد في الذكرى ذكر ان للمأموم أحوالا (أحدها) ان يدرك الامام قبل ركوعه فيحتسب بتلك الركعة
اجماعا سواء أدرك تكبيرة أم لا (الثانية) ان يدركه حال ركوعه فاختار هنا الادراك ونسب إلى
الشيخ والقاضي انه إذا لم يلحق تكبيرة الركوع فقد فاتته الركعة انتهى ولا يخفى ما في ظاهره من التنافي الا أن يحمل
قوله في الحالة الأولى قبل ركوع الامام على ما قبل انحنائه للركوع بناء على أن الظاهر من الركوع الانحناء عن
انتصاب فيكون المراد حال القيام ويكون مراد الشيخ والقاضي من إدراك تكبيرة الركوع ان يدرك مع الامام
محلها الذي هو القيام أو يكون مراده حد الركوع الشرعي ويكون محل التكبير عند الشيخ والقاضي ممتدا من
حين القيام إلى الركوع الشرعي وفي الذكرى في صلاة الجمعة انها تدرك بادراك الركوع اجماعا وبادراكه في الركوع
على الأصح انتهى وكيف كان فاحتمال إرادة اجماع ما عدا الشيخ والقاضي في غاية البعد ثم أنه لا فرق في
اطلاق
الفتاوى والنصوص بين إدراك المأموم ذكرا قبل رفع الامام وعدمه خلافا للمحكى عن التذكرة ونهاية الاحكام
فاشترط ادراك المأموم ذكرا قبل رفع الامام ولم تعثر له على مستند كما اعترف به المحقق الثاني وصاحبا [ك]
وخيرة فيما حكى عنهم وربما يحتج له بالتوقيع الرفيع الخارج في جواب الحمرى عن الرجل يلحق الامام فيركع معه و
يحتسب بتلك الركعة فان عن بعض أصحابنا انه ان لم يسمع تكبير الامام فليس له ان يعتد بتلك الركعة فأجاب
عجل الله فرجه إذا الحق مع الامام من تسبيح الركوع تسبيحة واحدة اعتد بتلك الركعة وان لم يسمع تكبيرة
الامام وهذه الرواية تحتمل اعتبار إدراك ذكر الامام وكأنه لذا احتاط بعض المعاصرين باشتراط ذلك و
يلوح من عبارة الجعفرية كون ذلك قولا أو احتمالا قال ويدرك بادراك الامام ولو بعد الذكر الواجب
لكن لا يبعد ظهور الرواية بموافقة التذكرة وعلى أي حال فهذه لا تقاوم الروايات المتقدمة المحددة للادراك
بعدم رفع الرأس الشامل لادراك بعض الذكر أو الصوة على النبي صلى الله عليه وآله المتعارفة في هذه الأزمان
بعد الذكر وعدم ادراك شئ منهما ولا يمكن تقييد تلك الروايات بهذه الروايات على تقدير نهوضهما
319

لتلك من حيث السند لان تلك الروايات واردة في مقام التحديد فلا تقبل التقييد اللهم الا ان يدعى كون الرفع
كناية عن اتمام الذكر وفيه انه مستلزم للاكتفاء ببعض الذكر فيجب حمل الرواية على استحباب عدم الاعتداد مع
عدم ادراك الذكر والأحوط مراعاة ادراك المأموم الذكر من ذكر الامام ثم إن الظاهر أن العبرة بعدم رفع الامام رأسه عن
الركوع الشرعي وان اخذ في الرفع عن الركوع المستقر عليه ويحتمل اعتبار الركوع المستقر عليه كما هو ظاهر الروايات
في بادي النظر والأول محكى عن صريح التذكرة وغيرها ثم إنه لو شك في أن الامام حال ركوع المأموم
كان راكعا رافعا فالظاهر الحكم بعدم الادراك كما هو المشهور من الشيخ ومن تأخر عنه بل عن المنتهى التصريح
بدعوى الاجماع عليه وعلله في القواعد بترجيح الاحتياط على الاستحباب واقتصر في الذكرى على التمسك بأصالة
الشغل وفي المسالك على تعارض أصل عدم الادراك واصل عدم الرفع واحتمل في الارشاد الحكم بالادراك و
لعله لأصالة عدم رفع الامام رأسه الذي هو معيار الفوات كما يشهد به ذيل صحيحة الحلبي المتقدمة إذ قضيته كون
الرفع سببا للفوات كونه من موانع الادراك إذ لا معنى للمانع الا ما يلزم من وجوده عدم شئ اخر فحينئذ رفع الرأس مانع
عن الادراك وعدمه شرط له فإذا شك فيه رفع بالأصل ويدفعه ان المستفاد من صدر تلك الصحيحة وغيرها
ان المعيار في الادراك ركوع المأموم قبل رفع الامام وهو أمر وجودي يدفع بالأصل عند الشك في وجوده
وذيل تلك الصحيحة راجع إلى ما يقتضيه صدرها من كون السبب في الفوات هو عدم ركوع المأموم قبل رفع
الامام ضرورة ان الذيل مفهوم شرط مذكور في الكلام وانما عبر عنه برفع الامام قبل روع المأموم لعدم
التفاوت بينهما في المصداق الخارجي فقوله (ع) فان رفع الامام رأسه قبل أن تركع بعد قوله فإذا ركعت
قبل أن يرفع الامام رأسه فقد أدركت بمنزلة قوله والا تركع قبل رفع الامام بل ركعت بعده وبعبارة
أخرى رفع قبل ركوعك فقد فاتتك الركعة فسبب الفوات عدم الركوع قبل رفع الامام فإذا شك
فيه رجع إلى الأصل ثم لو سلم دلالة كل من الصدر والذيل على شرطية مستقلة ذات مفهوم
مستقل وعدم كون الذيل عبارة أخرى عن مفهوم الشرطية المذكورة في الصدر كان مفاد الصدر كون
الركوع قبل الرفع سببا للادراك وإفادة الذين كون الرفع قبل الركوع سببا للفوات فإذا شك في
كون الركوع قبل الرفع أو كون الرفع قبل الركوع فأصالة عدم الركوع قبل الرفع توجب الحكم بعد الادراك
وأصالة عدم الرفع قبل الركوع توجب الحكم بعد الفوات فيتعارض الأصلان ويرجع إلى أصالة عدم انعقاد
الجماعة وعدم ادراك الركعة وعدم براءة الذمة من التكليف بالصلاة إذا جعلت هذه ركعة مستقلة
320

ولعله إلى هذا نظر الشهيد الثاني ومن تبعه في الاستدلال على هذا المطلب يتعارض أصالتي عدم ادراك الركوع
قبل الرفع وعدم الرفع قبل الركوع والا فقد عرفت ان أصالة عدم تحقق سبب الادراك الذي هو الركوع قبل
رفع الرأس كاف ولا يعارضه أصالة عدم الرفع قبل الركوع لما عرفت من أن الرفع قبل الركوع لم يجعل سببا
للفوات حتى يكون عدمه الثابت ولو بحكم الأصل سببا لعدم الفوات وهو الادراك وانما عبر عن مفهوم اشتراط
الركوع قبل الرفع الذي هو عدم الركوع قبل الرفع ولو بحكم الأصل بالرفع قبل الركوع توسعا لان الرفع سبب
حقيقي للفوات حتى يرفع بالأصل عند الشك فان قلت الركوع قبل الرفع وإن كان هو السبب في الادراك
الا أنه لما كان هذا السبب أمرا وجوديا وهو ركوع المأموم مقيدا بقيد هو كونه قبل رفع الامام فإذا فرض ان
المأموم عالم بأنه ركع لكن لم يعرف ان الرفع كأم متحققا في ابتداء ركوعه أم لا دفع بالأصل فيثبت السبب المذكور
وهو الركوع قبل الرفع بحكم الأصل ولو من حيث اجرائه في قيده قلت هذا حسن لو كان زمان الركوع معلوما
مفروغا عنه بان يركع وبعد العلم بركوعه يشك في أن الامام راكع بعد أو رفع لا ما إذا كان زمان الركوع غير
معلوم والفرق ان في الثاني يكون كل من الركوع والرفع في أنفسهما قابلا للوقوع بعد الأخر فيعارض
الأصل بمثله بخلاف الأول فان الركوع في نفسه لا شك فيه من حيث نفسه إذا المفروض كونه معلوم العدم
في زمان معلوم الوجود في أخر فالشك في كونه قبل الرفع أو بعده لأجل الشك في الرفع وباعتبار قيده
وهو تحقق الرفع في زمانه وعدمه فإذا قيل الأصل عدم تحقق الرفع في زمانه فقد وقع الركوع في زمان علم
شرعا انه قبل الرفع فهو نظير ما إذا مات زيد وشك في حياة مورثه فإنه يورث منه اللهم الا ان يفرق
بين ما نحن فيه وبين المثال من حيث إن الركوع فيما نحن فيه ليس بنفسه سببا وعدم رفع الامام شرطا كما في
موت الشخص وحياة مورثه بل السبب ركوع الامام المأموم المقارن لركوع الامام وبقاء ركوع الامام وإن كان منشأ
واقعا وملزوما لتقييد ركوع المأموم بمقارنته لركوع الامام الا ان الأصل لا يثبت اللوازم الغير الشرعية
فلا يترتب على أصالة بقاء ركوع الامام كون ركوع المأموم مقارنا له واجتماعهما في الركوع فيصح ان يقال
الأصل عدم اجتماع المأموم والامام في الركوع وإن كان الأصل أيضا بقاء ركوع الامام حين ركوع المأموم
لكن لا منافاة بين اثبات الملزوم بالأصل ونفى لازمه الغير الشرعي أيضا بالأصل فافهم ولعله لذلك لم يفرق
في هذا المقام بين صورتي العلم بتاريخ أحدهما وعدمه من فرق بينهما في غير هذا المقام مما اشتبه فيه تقدم أحد
الحادثين على الأخر كما إذا اختلف الولدان الكافر ان المسلم أحدهما في شعبان والاخر في رمضان في أن موت
321

مورثهما كان قبل رمضان أو بعده فقد حكم الفاضلان في الشرايع والقواعد وغيرهما تبعا للمبسوط والوسيلة
باشتراكهما في الإرث لأصالة بقاء حياة المورث إلى رمضان وإن كان في اجزاء هذا الأصل لاثبات
الإرث تأملا بل نظر أو منعا ذكرناه في محل اخر ثم إن ما ذكرنا كله إذا دخل المأموم في الركوع على
الوجه المشروع ثم شك واما إذا شك في اللحوق قبل الدخول في الصلاة فالظاهر أن له ان يدخل إذا
قصد أنه ان اطمئن بعد التكبير بإدراك الركوع يركع وإلا فيصبر إلى الركعة الأخرى أو يتابعه في السجود
أو ينوى الانفراد وإن لم يقصد هذا بل قصد الركوع عقيب التكبير كما هو المتعارف فان قلنا بصحة الصلاة
إذا ركع واتفق رفع الامام رأسه وانه يلحقه في السجود من غير أن يعتد بذلك الركوع والسجود فلا إشكال
في الجواز أيضا وإلا ففي صحة صلاته ولو مع الشك اعتماد إلى أصالة بقائه في الركوع أو اعتبار مطلق
الظن بالادراك أو اعتبار الاطمينان باللحوق وجوه مبنية على اعتبار الأصل في أمثال هذه المقامات
تعبدا أو من باب الظن وعدم اعتباره مطلقا لان القصد إلى الفعل الصحيح المعتبر في العبادات لا يتحقق بمجرد
اعمال الأصل فيعتبر العلم أو الوثوق الذي يتنافى معه القصد إلى الفعل تقربا إلى الله وهذا هو الأقوى
ثم إن ظاهر النصوص والفتاوى إن إدراك الركوع حد لادراك الركعة بمعنى انه لا يعتبر فيه إدراك
القراءة أو تكبيرة الركوع بل لو لم يدخل في الصلاة لا وقت ركوع الامام فلحقه فيه كفى لا أن إدراك الركوع
والاجتماع معه فيه شرط لادراك الركعة الأولى حتى إنه لو كان تبعه من أول الصلاة ثم اتفق انه تخلف عن
الامام في الركوع لعذر من نسيان أو زحام أو نحوها لم يعتد بتلك الركعة نعم قد يتوهم هذا في بادي
النظر ويدفعه التدبر في النصوص والفتاوى واطلاق ما سيجئ من النص في أن من تخلف عن الركوع يركع
لنفسه فليحق الامام في السجود وقد تعرضوا للمسألة في فوات ركوع الركعة الأولى مع الامام في صلاة الجمعة
فلاحظ وتأمل وربما ينسب ما ذكرنا إلى بعض المعاصرين ولم نتحققه نعم ربما يظهر من المحكي عن كشف اللثام
ما يظهر منه ان ما ذكره المشهور في الركعة الأولى لا اختصاص له هنا بل ادراك أي ركعة كانت لا يتحقق الا بادراك
الركوع قال في مسألة ما لو زوحم المأموم في صلاة الجمعة عن السجود في الركعة الأولى عند شرح قول الماتن في القواعد
انه لو سجد ولحق الامام قبل الركوع تابعه ما هذا لفظه وقد أدرك الركعتين اتفاقا في الأول على خلاف يأتي
في الجماعة في الثاني انتهى وقرره على ذلك في مفتاح الكرامة لكنه قال إن ذلك الخلاف ضعيف كما بين في
محله انتهى فحاصل الأقوال ثلثة (أحدها) اعتبار الاجتماع مع الامام في الركوع في إدراك الركعة
322

الأولى بمعنى الدخول في الصلاة مع الامام في الركوع (الثاني) اعتبار الاجتماع معه فيه وان انعقدت الجماعة قبله (الثالث) اعتبار الاجتماع بقول المشهور لكن من دون اختصاص بالركعة الأولى لكن المعلوم من
النص والفتوى هو الأول يشترط {في صحة اقتداء الرجل مشاهدة الامام أو من يشاهده من المأمومين}
بالاجماع المحقق عن الظاهر والمستفيض ولصحيحة زرارة وأي صف يصلى أهله بصلاة إمام وبينهم وبين الصف الذي
يتقدمهم قدر ما لا يتخطى فليس تلك لهم بصلاة وإن كان بينهم سترة أو جدار فليس تلك لهم بصلاة إلا من كان
بحيال الباب ثم قال وهذه المقاصير لم تكن في زمان أحد وانما أحدث الجبارون ليس لمن صلى خلقها مقتديا
بصلاة من فيها صلاة وحمل الفقرة الأولى المتضمنة للتحديد بما لا يتخطى على الاستحباب والمبالغة في نقض فضيلة
الجماعة على المشهور من إحالة القرب والبعد إلى العرف لا يوجب ضعفه دلالة الفقرة الثانية على المدعى وعلى تقديره
فالوهن منجبر بما عرفت ثم ظاهر الصحيحة ان الجدار بين الصفين مبطل لصلاة أهل الصف المتأخر
أجمع إلا من كان منهم بحيال الباب إذا كان في الجدار باب يشاهد بعض أهل الصف المتأخر من تقدمهم من
الامام أو المأمومين وإن لم يكن هناك باب وكان الجدار أو السترة مستوعبا لما بين الصفين فصلوة الكل
باطلة ومقتضى هذا عدم الاكتفاء في مشاهدة المأموم المشاهد للامام بمشاهدته عن جانبيه وانه لا يكفى
مشاهدة بعض الصف لبعضهم الأخر المشاهد للامام بل لابد من مشاهدته من قدامه وإن كان يكفى ذلك
في مشاهدة الامام وهو الذي صرح به الوحيد البهبهاني ره في شرح المفاتيح ناسبا له إلى النص وكلام الأصحاب
وهو ظاهر عبائر جماعة في مسألة المحراب الداخل قال في القواعد لو وقف الامام في محراب صحت صلاة من
يشاهده من الصف الأول خاصة وصلاة الصفوف الباقية أجمع لانهم يشاهدون من يشاهده انتهى و
الظاهر أن لفظة أجمع تأكيد الأجزاء الصفوف الباقية لافرادها لدفع توهم التبعيض فيما كما يبعض في الصف الأول
بين من يشاهد الامام ومن لا يشاهد وفي الدروس في الفرض المذكور تبطل صلاة الجانبين من الصف الأول
خاصة انتهى ونحوه عبارة النافع من دون قيد خاصة وفي الشرايع لو وقف الامام في محراب داخل فصلوة
من يقابله ماضية دون من إلى جانبيه إذا لم يشاهدوه وتجوز صلاة الصفوف الذين وراء الصف الأول
انتهى وفي كل من صدر العبارة الدال على الفرق بين من يقابل الامام ومن إلى جانبيه وذيلها الدال على الفرق
بين الصف الأول والصفوف الذين ورائه في أن الأول يبعض أهله من حيث صحة الصلاة وبطلانه و
البواقي لا تتبعض دلالة ظاهرة على ما ذكرنا وهناك موضع ثالث من الدلالة وهو تقييد صلاة من
323

إلى جانبيه بقوله إذا لم يشاهدوه تصريحا بعدم الاكتفاء بمشاهدة الجانبين لمن في جانبهم ممن يقابل الامام وحمل
الصف الأول في هذه العبائر على القطعتين من الصف المنعقدتين في جناحي المحراب محاذيا له بناء على أنهما مع الامام
المتوسط بينهم صف واحد مستشهد على ذلك بكون الجانب حقيقة في المحاذي للمنكب دون المتأخر عنه الواقف
في سمت جانبيه وجعل المراد بمن يشاهد الامام من الصف الأول في عبارة القواعد هو من دخل المحراب مع
الامام كما صنعه في الرياض معترفا بان مصب عبارة القواعد فرض ناد مدعيا انه لا يبعد تعرض الفقيه للفروض
النادرة وحمل من يقابله في عبارة الشرايع على الصف المنعقد قدام المحراب بأن يكون اطلاق القابل عليه
باعتبار مقابلة بعضهم للامام كما في المسالك وعن حاشية الشرايع تفسير من إلى الجانبين بمن لا يشاهدون
الامام ولا المأموم كما عرفت من الرياض مخالف لظواهر العبائر المذكورة كما لا يخفى وكان الداعي لهم على توجيه
العبائر المذكورة مضافا إلى تعليل صحة الصفوف الباقية في ظاهر عبارتي الشرايع والقواعد بما يوجب صحة تمام
الصف الذي صفته ومقابل المحراب وهو أهم يشاهدون من يشاهد الامام ان الحكم بصحة صلاة تمام الصف
المذكور مفروغ عنه عندهم فلابد من توجيه ما يوهم خلافه من كلماتهم ولعل الامر كذلك كما ينبئ عنه ان الحكم
المذكور بعد ما ذكره الشيخ على ما حكى عنه لم يصرح أحد ممن تأخر عنه بمخالفته أو بحكاية مخالف له ولذا قال
في الكفاية ان الحكم المذكور لا أجد فيه خلافا وقريب منه ما في الرياض نعم عن الذخيرة الاستشكال في الحكم
المذكور ان لم يثبت اجماع عليه من جهة ظاهر الصحيحة المتقدمة وكيف كان فلم يظهر في المسألة مخالف
إلى زمان المحقق الوحيد البهبهاني (ره) كما تقدم مخصصا للحكم بالصحة بصاحبي المنتهى والمدارك مع أن عبارة الشيخ
المحكية في الذكرى وعبارة الوسيلة وعبائر الشهيدين والمحقق الثاني في الذكرى والجعفرية والمسالك كالصريح
في القول المذكور بل يمكن نسبة ذلك إلى كل من تعرض لهذا الشرط أعني اعتبار المشاهدة عدم الحائل بين
الإمام والمأموم وكذا بين الصفوف حيث إنهم ذكروا عنوانا واحدا بالنسبة إلى مشاهدة الامام ومشاهدة
من يشاهده ولم يجعلوا مشاهدة الامام ومشاهدة المأموم المشاهد للامام شرطين متغايرين معتبرين
على سبيل البدلية يعتبر في الأولى تحققها كيف ما اتفق وفي الثانية تحققها من قدام المصلى بل الظاهر أن
المقدار الكافي في إحديهما كاف في الأخرى ومن المعلوم بالاجماع والسيرة صحة صلاة الصف المشتمل
على الامام باعتبار مشاهدة الجانبين للامام بأطراف أعينهم فيكفى مثله في مشاهدة المصلى للمأموم المشاهد
للامام وكيف كان فكلامهم في تأدية هذا الشرط ينادى باتحاد مشاهدة الامام ومشاهدة المأموم الشاهد
324

له في الكيفية ويؤيد ما ذكرنا من كون الحكم بالصحة مفروغا بينهم ان المتعرضين لحكم استدارة الصف حول الكعبة
المختلفين فيه قد ادعى مجوزهم كالشهيد في الذكرى الاجماع عليه في الاعصار وتمسك مانعهم كالعلامة في بعض
كتبه باعتبار اتحاد الجهة فكان هذا في قوة الاجماع منهم على أن عدم مشاهدة المأمومين المستورين عن
الامام للمأموم المشاهد للامام من قدامهم غير مانع عن الاقتداء وبالجملة فلم نجد مما بأيدينا من كتب من
تأخر عن الشيخ كلاما لا يكون فيه أو في عنوانه أو في ذيله ظهور نسبه إلى المنتهى والمدارك فالظاهر أن عدم
الحكم بالصحة بل الحكم بعدمها مما تفرد به ولذا خالفه غير واحد من تلامذته كصاحب الرياض وكاشف الغطا ولعل
وجهه مضافا إلى ما ترى أي من العبائر المتقدمة استظهار هذا المعنى من النص وفاقا لصاحب الذخيرة وهو
استظهار حسن في محله الا انه يمكن ولو بمعونة عدم ظهور الخلاف في المسألة تنزيل الصحيحة المذكورة
على ما لا يخالف الحكم المشهور بان يقال إن ذكر الصف المتقدم في صدر الرواية وهو قوله (ع) وأي صف يصلى
أهله بصلاة إمام وبينهم وبين الصف الذكي يتقدمهم قدر ما لا يتخطى فليس لهم تلك بصلاة انما هو من باب المثال
وذكر الفرد الغالب من المطلق الذي هو موضوع الحكم كما هو الشايع فالمراد ملاحظة القرب بين من يريد الايتمام
وبين الصف المتصل بالامام المحكوم بصحة اقتدائه به والا فلو فرض صف منعقد عن يمين الصف المتصل
بالامام منفصلا عنه اعتبر في انفصاله له القرب والبعد يصح مع القرب ويبطل مع البعد فالميزان في القرب والبعد
هو الصف المتصل بالامام متقدما كان على هذا الذي يريد الاقتداء أو محاذيا وليس لمنصف أن يقول إن
ملاحظة القرب والبعد في هذا الفرض جاء من الاجماع الكاشف عن نص اخر دون هذا النص إذ لا فرق
بين مسألة الفرع وبين مسئلتنا في كونهما مفروغا عنهما عند الأصحاب كما عرفت وعلى هذا يكون قوله
عليه السلام وإن كان بينهم سترة أو جدار يعنى بينهم وبين من اتصل بالامام من المأمومين فالملحوظ هنا
ليس خصوص المتقدم على مريد الاقتداء به بل كل من حكم بصحة اقتدائه وحينئذ فاستثناء من بحيال الباب
من الحكم ببطلان صلاة من كان بينه وبين الصف المتصل بالامام حائل يستلزم خروج من على جانبي هذا
المستثنى من الحكم المذكور لخروجه عن موضوعه إذ ليس بينهم وبين من اتصل بالامام وهو الواقف بحيال الباب
سترة أو جدار فيصير الحكم بالبطلان بعد ملاحظة المستثنى وما يتبعه في الخروج من جهة خروجه عن الموضوع
مختصا بما إذا كان بين مريد الاقتداء ومن بين يشاهد الامام حائل ومثاله القطعتان من الصف المنعقدتان
في جناحي الباب وكانه إلى هذا نظر صاحب المدارك حيث ذكران الحصر في قوله (ع) الا من كان بحيال الباب بالإضافة
325

إلى من على يمين الباب أو يساره وهو الذي ذكروه في مسألة المحراب الداخل وحكموا ببطلان صلاته على ما عن الشيخ
والمنتهى والذكرى والجعفرية والمسالك وغيرها فلاحظ عباراتهم ومما يؤيد ما ذكرنا قوله (ع) في حكم المقاصير ليس
لمن صلى خلفها إلى أخره حيث قصر البطلان على من يصلى خلف المقاصيرى ظاهر ان المراد خلف حائطي جناحيه و
الا فالصلاة خلف [ما حقيقة] لا يعقل لعدم توجه المأموم إلى القبلة والصلاة في الصف المنعقد مواجها له ليس
صلاة خلفها بل هي صلاة قدامها ما فهى صحيحة بمقتضى السكوت في مقام البيان فينحصر الصلاة خلفها في الصلاة
خلف حائطها من اليمين أو اليسار وان أبيت الا عن لجمود عن ظاهر الصحيحة من أن الحائل بين الصف المتأخر
والمتقدم موجب لبطلان جميع الصف المتأخر الا من كان منهم بحيال الباب أبينا الا عن ضعف دلالة لصحيحة
من جهة اتحاد سياق هذه الفقرة مع سياق الفقرة السابقة المتضمنة لتحديد المسافة بما لا يتخطى المحمولة عند
المعظم على الاستحباب ولا جابر لوهنها بعد ما عرفت من ذهاب المشهور إلى خلافها كما عرفت فالمرجع إلى أصالة
عدم اعتبار المشاهد على الوجه المتنازع فيه إما للاطلاقات واما لا صلاة البراءة واستصحاب عدم انعقاد
الجماعة في الابتداء معارض بأصالة بقائها إذا عرض الستر في الأثناء هذا مضافا إلى اطلاق بعض الروايات
مثل موثقة ابن الجهم عن أبي الحسن الرضا (ع) عن الرجل يصلى بالقوم في مكان ضيق وبينهم وبينه سترا يجوز ان
يصلى بهم قال نعم هذا ومع ذلك كله فالأحوط مراعاة المشاهدة على الوجه المتنازع فان المسألة لم تصف
بعد عن ثبوت الاشكال والله العالم هذا كله في اقتداء الرجل {وكذلك اقتداء المرأة بالمرئة} مشروط بالمشاهدة
كما حكى التصريح به عن جماعة بل عن الغرية نسبة إلى علمائنا ويشمله بعض معاقد الاجماع أيضا بل وعموم الصحيحة
المتقدمة وتذكير الضمير أو التعبير بالقوم محمول على الغالب كما في ساير المطالب ومنه يظهر ان مقتضى العمومات
شمول لحكم لاقتداء المرأة بالرجل كما عن الحلى بعد حكايته بأنه وردت رخصة للنساء أن يصلين إذا كان
بينهن وبين الامام حائط ثم قال والأول أظهر وأصح ولعله أراد بالرواية موثقة عمار قال سئلت أبا عبد الله (ع)
عن الرجل يصلى بالقوم وخلفه دار فيها نساء هل يجوز لهن ان يصلين خلفه قال نعم إن كان الامام أسفل منهن
قلت فان بينه وبينهم حائطا أو طريقا فقال لا باس ولعل الحلى لم يعتمد عليه لكونه من الآحاد وحيث إن
الآحاد عندنا معتبرة فلا باس بالعمل بها بعد اعتضادها بالشهرة العظيمة نعم بينها وبين الصحيحة السابقة بناء
على عموم الحكم فيها للمرأة عموم من وجه فيمكن تخصيص الحائط بما لا يمنع من مشاهدة بعض المأمومات كما يمكن
تخصيص تلك الصحيحة بالامام الذكر كما هو الظاهر منها غاية الظهور فالثاني أولي بلا اشكال بل لولا ما عرفت من
326

الشهرة وحكاية الاتفاق أشكل اثبات الشرط المذكور في الاقتداء بالمرئة لندرة وقوعها على تقدير جوازها
فلا يشمله الاطلاقات ثم الظاهر من النص والفتوى كون هذا الشرط شرطا واقعيا فلو انكشفت السترة بينهما
بعد الصلاة بطلت الجماعة والصلاة كما هو ظاهر قوله ليس لمن صلى خلف المقاصير صلاة نعم لو اتفق ذلك
مع عدم الاخلال بوظيفة المنفرد من القراءة وترك تعدد الركوع عند التقدم على الامام سهوا فلا يبعد
الصحة بناء على تنزيل اطلاق بطلان الصلاة في الصحيحة المذكورة على الغالب من ترك القراءة فلو فرضنا الاقتداء
به في الركعتين الأخيرتين ولم يحصل ما يبطل مع الانفراد صح والظاهر أيضا ان هذا الشرط معتبر في الأثناء فلا يكفى
مجرد تحققه في الابتداء ويشترط {اجتماع المأموم والامام في الموقف} فلا يجوز مع التباعد الا مع اتصال
الصفوف اجماعا محققا في الجملة ومنقولا واختلف في تحديد البعد المانع فعن الحلبي وابن زهرة التحديد بمالا يتخطى مدعيا
ثانيهما عليه الاجماع قال لا يجوز ان يكون بين الامام والمأمومين ولا بين الصفين ما لا يتخطى من بناء ومسافة أو نهر
ثم ادعى الاجماع على ذلك انتهى حكى اختياره عن ظاهر الإشارة والمدارك والذخيرة والمفاتيح والمصابيح وصاحب
المعالم في الاثني عشرية وتلميذة في شرحها وعن الفاضلين ان السيد قال في المصباح ينبغي ان يكون بين كل صفين
قدر مسقط الانسان إذا سجد أو مريض غير غنم فان تجاوز ذلك القدر الذي لا يتخطى لم يجز انتهى وظاهر معقد اجماع الغنية
اعتبار عدم ما لا يتخطى بين مسجد أحد الصفين وموقف الأخر لأنه المتصور في توسط البناء والنهر دون ما بين
موقفي الصفين
ولا يبعد حمل عبارة المصباح عليه بان يكون مراده ولو لأجل توافق صدر الكلام وذيله التجاوز عن مقدار مسقط
الجسد بالقدر الذي لا يتخطى ويمكن سقوط حرف الباء من قلم النساخ ويمكن حمل كلام الكل بناء على ما قيل من أن
المتبادر من الصف مجموع القطر الذي يشغله جسد المصلى في حال السجود ويؤيده انه لو كان مواقف اقدام المصلين
لم يكن معنى للتحديد بما لا يتخطى بل كان اللازم التعبير باتصال الصفوف وعدم الفصل بينها رأسا سواء كان مسقط
أجسادهم مما يتخطى أو مما لا يتخطى إذا التحديد بما لا يتخطى على هذا يصير تقدير الأمكنة صلوات أهل الصف المتأخر بان
لا يشغلوا في صلاتهم ما لا يتخطى من المكان وهو كما ترى هذا كله مع أن مكان المصلي غالبا مما لا يتخطى
سيما إذا لم يعد موقف القدم الأولى للمتخطي من المسافة كما هو الظاهر وكيف كان فلو أريد مانعية البعد
بما لا يتخطى بين مواقف اقدام الصفوف فيدل على بطلانه استمرار السيرة القطعية على عدم ملاحظة شدة
الاتصال بين الصفوف على هذا الوجه وكذا بين آحاد الصف الأول إذ بناء على اعتبار اتصال الصفوف وعدم
الفصل بينها رأسا يعتبر اتصال آحاد الصف والا لكان المنفصل بقليل عن الصف المتصل بالامام المحاذي
327

له في الصف الأول باطلة وكذا من على جنب الامام إذا انفصل عنه بقليل و {دعوى} ان مانعية البعد المذكور انما
هي في حق الصف المتأخر دون المحاذي للصف الأول أو للامام {يدفعه} معلومية ان القرب الملحوظ بين المأموم
امامه وغيره من المأمومين أمر واحد لا تعدد فيه هذا كله مضافا إلى إمكان العلم بخلاف ذلك من الاخبار
ظواهرها في ذلك ونصوصها كما ستسمع واما اعتبار الحد المذكور بين مسجد الصف المتأخر وموقف المتقدم
فيمكن ان يستدل عليه مضافا إلى توقيفية الجماعة المستلزمة لوجوب الاقتصار فيها على المتيقن قول أبي جعفر (ع) في
صحيحة زرارة ان صلى قوم وبينهم وبين الامام ما لا يتخطى فليس ذلك لهم بامام وأي صف كان أهله يصلون بصلاة امام
وبينهم وبين الصف الذي يتقدمهم قدر ما لا يتخطى فليس لهم تلك بصلاة فإن كان بينهم سترة أو جدار فليس لهم تلك
بصلاة الا من كان بحيال الباب قال واما هذه المقاصير لم تكن في زمان أحد وانما أحدثها الجبارون فليس
لمن صلى خلفها مقتديا بصلاة من فيها صلاة قال وقال أيما امرأة صلت خلف امام وبينها وبينه ما لا يتخطى
فليس لها تلك بصلاة ودلالة الفقرات الثلث على المطلوب في غاية الوضوح واقتران البعد بما لا يتخطى بالسائر
بين الإمام والمأموم أقوى شاهد على اباء الرواية عن الحمل على الاستحباب والمراد بالصف صف المصلين بوصف
كونهم مصلين فالمانع هو أن يكون ما لا يتخطى بينهم في جميع أحوال صلاتهم حتى حال السجود كما أن المراد بالسائر
بينهم الساتر في جميع أحوال الصلاة على ما اعترفوا به فالمراد البعد ما بين مسجد الصف المتأخر وموقف المتقدم
مضافا إلى القراين الخارجية السابقة والرواية المذكورة في أعلى مراتب الصحة والاشتهار قد عمل بها السيد ان
الغير العاملين الا بالقطعيات وقد يروى فقراتها الأولى الحلى في مستطرفات السرائر عن كتاب حريز فلا يبعد عدة
من الاخبار القطعية وقد عرفت وضوع دلالتها ويؤيد ذلك ما ورد من الامر بلحوق الصف إذ أدرك الامام
وكبر من بعيد مع خوف فوات الركوع وجعل تلك الروايات مخصصة للصحيحة الدالة على مانعية البعد بما لا يتخطى
عن الاقتداء أولى من حمل الامر باللحوق فيها على الاستحباب مع أن ظاهر الامر فيها المقيد بخوف فوات الركوع وكونه
مسوقا لدفع توهم الخطر فال يفيد الا الاذن ويلزمه بحكم المفهوم عدم جواز ذلك عنده عدم الخوف فلابد ان
يكون في مكان لا يجوز الاقتداء فيه اختيارا فيكون الامر باللحوق في الروايات للوجوب لا محالة ويمكن الجواب
إما عن قاعدة التوقيفية فبان توقيفية العبادة لا توجب التزام الاحتياط فيها باتيان كل ما يحتمل
مدخلية فيه بل للازم الاقتصار في الاتيان على ما علم اعتباره كما قرر في الأصول واما كون الجماعة على خلاف
الأصل من حيث سقوط القراءة وأحكام الشك فيها وجواز زيادة الواجب بل الركن فيها لأجل المتابعة
328

فهو لا يوجب وجوب الاقتصار فيها على القدر المتيقن لأن هذه الأحكام كلها متفرعة على امتثال الامر بالجماعة
واحراز صحتها من حيث اسقاطها للامر المتعلق بها فإذا حكمنا بحصول الامتثال بها بالاتيان بما علم اعتباره فيها
ورفع ما شك في اعتباره بأصالة البراءة أو العدم فقد حصل الجماعة الصحيحة من حيث التكليف ويترتب عليها
ما يترتب على الجماعة الواقعية من الاحكام والآثار الا ترى ان احراز صحة الصلاة بدون الفورة ولو بضميمة أصالة
البراءة يكفي في ترتيب الأحكام الوضعية الثابتة للصلاة عليها مثل حصول القبض في وقت المسجد بها أو استحقاق
المؤجر نفسه للصلاة للأجرة وغير ذلك من الأحكام المترتبة على الصلاة الواقعية نعم لو كان هنا أحكام متفرعة
على ذات الصلاة من حيث هي مع قطع النظر عن تعلق الامر بها ووقوعها في مقام الامتثال حتى يكون الامر المتعلق
بها في عرض تلك الآثار ومن جملتها لم يكف اجراء البراءة في شرايطها واجزائها في مقام الامتثال لاثبات الاحكام
الأخر هذا كله مضافا إلى أن ما ذكر لا يجرى في الجماعة الواجبة كما في الجمعة إذ لا توفيقية في جماعتها زيادة على
توقيفية نفس الصلاة إذ احكام الجماعة فيها من سقوط القراءة ونحوها مأخوذة في أصل الصلاة وليست أصالة
وجوب القراءة وعدم سقوطها جارية فيها وضعها على عدم القراءة فيها وعدم قدح زيادة الركن لمتابعة
الامام فكلما شك في شرطية شئ للجماعة فهيا فهو شك في شرطية ذلك الشئ في نفس الصلاة إذ الجماعة شرط
لها والشك في شرط الشرط شك في الشرط فافهم نعم هذا لا يوجب اطراد الحكم فيما لم تكن الجماعة من شروطها لعدم
ثبوت الاجماع المركب بين الجمعة وغيرها إذا كان مستند الحكم في كل مقام هو الأصل فال ضير في العمل في الجمعة
بما يقتضيه البراءة وفي غيرها بما يقتضيه أصالة عدم سقوط القراءة وساير احكام المنفرد فيعمل بالأصلين المتخالفين
في مسئلتين علم باتحاد حكمهما في الخارج كما هو مذهب جماعة وليس ببعيد كما حقق في مسألة الاجماع المركب
على أنه لو سلم الاجماع المركب كان مقتضى الأصل في غير الجمعة لكونه دليلا على التكليف مقدما على أصالة
البراءة في الجمعة المقتضية لنفى التكليف باحراز ذلك المشكوك لعدم الدليل عليه هذا كله مضافا إلى بعض
الاطلاقات واما عن لصحيحة [فوجوب] حملها على الاستحباب للقراين الخارجية منها قوله عليه السلام في
صحيحة زرارة المروية في الفقيه وينبغي أن تكون الصفوف قامة متواصلة بعضها إلى بعض ولا يكون بين الصفين ما لا يتخطى ويكون بينهما مسقط جسدا الانسان إذا سجد فان الظاهر من لفظة ينبغي الاستحباب سيما إذا استند إلى إتمام
الصف الذي هو مستحب قطعا فتأمل وكذا الظاهر من عدم الفصل بين الصفين بما لا يتخطى بقرنية قوله يكون
بينهما مسقط جسد الانسان هو ما بين اقدام الصف المتأخر واقدام الصف المتقدم فيكون هذا بمقتضى
329

كشف بعض الأخبار عن بعض شاهد على أن المراد بما لا يتخطى في الصحيحة هو ما بين الاقدام فهذا هو التواصل الحقيقي
الذي قد عرفت انه لا شك في استحبابه اللهم الا ان يدعى ان اقتران حكم البعد بما لا يتخطى في الصحيحة بالسائر قرنية
على عدم إرادة الاستحباب أرجح من القرنية المنفصلة المذكورة نعم يمكن التمسك بالقراين الأخر مثل الموثقة
السابقة في مسألة الستر بين المرأة والرجل الدالة على جواز اقتدائها به إذا كان بينها وبينه حائطا أو طريقا حيث
لم يستفصل بين الحائط مع أن الفصل بالطريق يوجب البعد بما لا يتخطى قطعا وكذلك الاستثناء في ذيل الصحيحة
بقوله الامن كان بحيال الباب فان الواقف في مقابل الباب مع كون الامام أو المأمومين في الداخل يكون
بينه وبينهم ما لا يتخطى غالبا وتخصص الباب بباب المقصورة التي يقف المأموم مقابلا لها متصلا بالامام أو
كالمتصل خلاف الظاهر الا ان يدعى سوق اطلاقه في مقام بيان فقد المانع في حيال الباب من جهة المشاهدة و
كذلك اطلاق الحائط واما الطريق انه وإن كان غالبا يوجب الفصل بين المأموم وبين من تقدمه بما لا يتخطى
الا ان ارتكاب التقييد فيه أولى من حمل الفقرات الثلث المتقدمة على الاستحباب مع ما عرفت فيها من
القرنية المؤكدة وهي اقتران حكمها بحكم الساتر بين الصفوف ولم نقف على قرينة اخر للحمل على الاستحباب
نعم ذكر المحقق ان اعتبار المقدار المذكور مستبعد فيحمل على الفضيلة وكانه فهم اعتبار هذا المقدار
بين الاقدام المستلزم لاعتبار الاتصال الحقيقي بين الصفوف وهو حسن على ذلك التقدير لكنه خلاف
ظاهر القائلين بل النص كما عرفت (فروع الأول) ان اعتبار التقارب بين المأمومين والامام لا يفرق
بين حصوله من قدام المأموم أو من جانبه ولذا يجوز صلاة الصف الأول المستطيل مع أن أطراف الصف في
غاية البعد عن الامام وهكذا في الصف الثاني والثالث فلو كان الصف الأول عشرة والصف الثاني مائة
أو ألفا جاز مع اتصال الصفين فان قرب أطراف الصف باعتبار جانبهم وبعبارة أخرى العبرة باتصال
مجموع الصف الثاني بمجموع الصف الأول دون آحاده ويحكى عن صاحب الكفاية التأمل في ذلك ولم أجد
له وجها الا ان يتوهم من قوله (ع) وأي صف كان يصلى أهله بالصلاة إما وبينهم وبين الصف الذي يتقدمهم
قدر ما لا يتخطى فليس تلك لهم اعتبار تقارب آحاد الصف الثاني مع مجموع الصف الأول فيعتبر في كل واحد
من أولئك الآحاد ان يكون متصلا بالصف الأول وفيه انه خلاف الظاهر بل العبرة بتقارب مجموعي
الصفين ويصدق على الصف الثاني إذا كانوا ألفا ولوحظ مجموعهم من حيث كونهم مركبا واحدا انهم متصلون
بالصف الأول وان كانوا عشرة ويؤيد ذلك ان قوله (ع) في الفقرة السابقة ان صلى قوم وبينهم بين الامام
330

ليس المراد الا مجموع القوم دون آحادهم مع أن هذا توهم منشاؤه ان لفظ الأهل المضاف يفيد الاستغراق الافرادي
والا فلفظ الصف حقيقة في المجموع من حيث المجموع ويدفعه مضافا إلى ما ذكر ان لازم هذا ان يكون الضمير في قوله في الفقرة
الثانية بينهم سترة لو جدار مراجعا إلى الآحاد وحينئذ يكون قوله الا من كان بحيال الباب استثناء منقطعا لان من بحيال
الباب ليس بينه وبين من تقدمه سترة فلا يمكن الاستثناء المتصل الا بإرادة الستر بين مجموعي الصف المتأخر والمتقدم
(الثاني) ان ظاهر النص والفتوى ان هذا الشرط في الابتداء والاستدامة خلافا للمحكى عن قواعد الشهيد و
المدارك وعن الذخيرة استحسانه وعن الرياض الميل إليه ولم اعرف له وجها عدا اختصاص دليل الشرطية وهو الاجماع
بالابتداء وفيه ان معاقد الاجماعات تشمل الاستمرار ويتفرع على ما ذكرنا انفساخ القدوة إذا انتهت
صلاة الصفوف المتوسطة والظاهر أنها لا تعود بتجديدهم الايتمام ولا بانتقال المتأخر إلى محل الجواز كما عن [ن؟]
والمسالك وغيرهما ويحتمل بقاؤها مع انتقال المتأخر إلى موضع الجواز كما يظهر من الدروس وان جعل انتقالهم
قيل انتهاء صلاة المتخلل أولى ولعل وجهه ما يفهم من الاخبار من الرخصة في تحصيل شرط الجماعة للمأموم إذا فقد في
الأثناء مثل ما إذا مات الامام أو انتهت صلاته فقدم المأمومون واحدا أو البناء على أنه يجوز الشروع في
الاقتداء في مكان بعيد إذا خاف فوت الاقتداء ثم اللحوق بالصف ففهم من ذلك تسويغ البعد ضرورة في الابتداء
فتوسيعه في الأثناء أولى فافهم (الثالث) هل يكفى في اتصال الصفوف المتوسطة مجرد كونهم معدودين من أهل
الجماعة وان لم يكونوا مؤتمين كما إذا لم يحرموا بعد أو انتهت صلاتهم أو يعتبر تلبسهم بالصلاة وإلا فكالأجنبي
أو يفرق بين عدم تلبسهم بعد وبين انتهاء صلاتهم فيجوز لمن تأخر عنهم ان يحرم قبلهم في الأول ولا يجوز للمتأخر
البقاء على الجماعة في الثاني بناء على اعتبار هذا الشرط استدامة وجوه بل أقوال
اختلف أقوال الأصحاب {كالاخبار في حكم القراءة خلف الإمام المرضى} حتى قال في محكى روض الجنان لم اقف
في الفقه على مسألة مبلغ هذا المقدر من الأقوال وتحريرها وبيان المختار منها يحصل بالكلام في مسائل (الأولى) حكم
القراءة في أولتي الجهرية (الثانية) حكمها في أولتي الاخفائية (الثالثة) حكمها في الأخيرتين من الجهرية
الرابعة حكمها من الاخفاتية إما الأولى فنقول في حكمها ان المأموم إما ان يسمع القراءة واما ان يسمع مجرد
الصوت واما ان لا يسمع شيئا فان سمع القراءة فهى مرجوحة بلا خلاف انما الخلاف في التحريم والكراهة وأشهرهما
كما في الدروس الكراهة بل عن ظاهر التنقيح و [النجيبية] الاجماع على استحباب الانصات ممن عدا ابن حمزة قال في محكى
التنقيح ان ابن حمزة أوجب الانصات والباقي له سنوه والتحريم ظاهر المحكي عن جماعة منهم الشيخان وليس أراد الكراهة المصطلحة
331

والا بطلت الصلاة بها سواء قرأها بقصد الجزئية أو بقصد استحباب قرائة القرآن لأن المفروض عدم الرجحان وما
عرفت سابقا من الاجماع على عدم وجوبها واستحبابها يراد بالوجوب هناك الجزئية على وجه التعين وبالاستحباب
كونها أفضل من الانصات والاستماع وليس المراد بها نفى الرجحان الذاتي وكذا المراد بالمرجوحية في معقد عدم
الخلاف المتقدم فحاصل الخلاف يرجع إلى أن السقوط رخصة أو عزيمة وأعلم ان هذا الخلاف يمكن تحريره
على وجهين (أحدهما) أن يكون الخلاف في تحريم القراءة وكراهتها من جهة الخلاف في وجوب الانصات واستحبابه فعلى الأول تحرم القراءة لأنها ضد له وعلى الثاني يستحب تركها لتوقف الانصات المستحب عليه وحينئذ فلا اختصاص لهذا النزاع
بالقرائة بل ينسحب في غيرها من الذكر والدعاء فلو قلنا بتحريم القراءة حينئذ كانت مبطلة قطعا إن وقع على قصد الجزئية
وكذا ان وقعت لا بقصدها لان الكلام المحرم مبطل بناء على ما تقرر في محله من إبطال التكلم بالمحرم وإن كان ذكرا أو دعاء أو قرانا نعم كراهتها لتوقف الانصات على تركها لا يوجب ابطالها للصلاة لامكان كونها مستحبة في
نفسها مع أن تركها مقدمة لمستحب اخر كما في ساير المستحبات المتضادة (الثاني) ان يكون الخلاف في حرمة القراءة على وجه
الجزئية وكراهتها على هذا الوجه فيكون ابطالها للصلاة على القول بالحرمة من جهة التشريع وعلى القول بالكراهة
فلا تبطل لان معناها ان الانصات ووكول القراءة إلى الامام أفضل من القراءة لنفسه وعدم التعويل على قرائة
الامام فيكون حاصل الخلاف هو ان السقوط رخصة أو عزيمة فالمراد بنفي الوجوب والاستحباب وبثبوت المرجوحية
في معاقد الاجماعات المتقدمة هو نفى الرجحان على وجه الجزئية بمعنى كون عدم التعويل على قرائة الامام أرجح ومن كونها
إليه لا نفى الرجحان الذاتي وجعل القراءة بالنسبة إلى المأموم كقرائة الحائض والجنب للعزائم أو غيرها وكيف
كان فيشهد للقول بالحرمة على الوجه الثاني مضافا إلى أصالة على عدم مشروعية القراءة التي من التوقيفيات
المحتاجة إلى التوظيف لعدم ما يدل على الرخصة والقراءة بعد اختصاص ما دل على وجوبها بالمنفرد صحيحة زرارة
المروية في الكتب الثلاثة وعن المحاسن وعن مستطرفات السرائر عن كتاب حريز عن زرارة قال قال أبو جعفر (ع) كان
أمير المؤمنين (ع) يقول من قرء خلف امام يؤتم به بعث على غير الفطرة وظاهر النواهي في الأخبار المستفيضة منها
صحيحة ابن الحجاج عن الصلاة خلف الإمام قال إما الصلاة التي لا تجهر فيها بالقرائة فان ذلك جعل إليه فلا تقرأ
خلفه واما الصلاة التي تجهر فيها فإنما أمر بالجهر لينصت من خلفه فان سمعت فانصت وان لم تسمع فاقرء ومنها
الرواية المحكية عن كتاب علي بن جعفر عن أخيه (ع) قال سئلته عن الرجل يكون خلف الامام فيجهر بالقرائة وهو يقتدى
به هل له ان يقرء من خلفه قال لا ولكن لينصت لقرائته ورواية المرافقي عن جعفر بن محمد (ع) انه سئل عن القراءة خلف
332

الامام فقال إذا كنت خلف الامام تتولاه وتثق به فإنه يجزيك قرائته وان أحببت ان نقرأ فاقرء فيما يخافت
فيه فإذا جهر فانصت ان الله عز وجل يقول وانصتوا لعلكم ترحمون إلى وعموم الآية وإذا قرئ القران فاستمعوا له وانصتوا
بعد تخصيصها في صحيحة زرارة بقرائة الامام في الفريضة الدالة على إرادة الوجوب من الامر فيها وإلا لم يكن وجه للتخصيص
ففي صحيحة زرارة وان كنت خلف الامام فلا تقران شيئا في الأولتين وانصت لقرائته ولا تقرأ ان شيئا في الأخيرتين
ان الله عز وجل يقول وإذا قرئ القران فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون إلى وللتأمل في الاستدلال بهذه الرواية
وبالصحيحة الأخيرة المستشهدتين بالآية مجال بل يمكن جعل الاستشهاد بالآية شاهدا على عدم إرادة التحريم إذ
الاستماع لقرائة الامام والاصغاء إليها مستحب ظاهرا كما يظهر من عدم تعرض الأصحاب لحكم استماع قرائة الامام
في واجبات الجماعة عذا ظاهر عبارة ابن حمزة في الوسيلة حيث جعلت من واجبات الاقتداء الانصات لقرائة الامام
مع استمرار السيرة خلفا عن سلف على عدم الالتزام بالاستماع وعدم توجيه الذهن إلى شئ اخر مع أن وجوب
الانصات يوجب حرمة مطلق التكلم بالدعاء والذكر مع أن الصحيحة تضمنت النهى عن القراءة في الأخيرتين وسيأتى
انها غير محرمة فيهما قطعا فالأنسب بظاهر الاستشهاد ان يراد نفى وجوب القراءة في الأولتين لان الانصات مستحب
فلا يجامع وجوب القراءة بل يناسب استحباب تركها ودل على نفى وجوب القراءة في الأخيرتين دفعا لتوهم وجوبها الصبى
فيهما لأجل عدم القراءة في الأولتين واما تخصيص الآية بالفريضة في الرواية فلا شهادة فيها على كون الامر للوجوب
لجواز كون المراد بيان استحباب الانصات في صلاة الجماعة وكان استحبابه في غير الصلاة بالسنة لا بالكتاب فالانصاف
ان الصحيحة لا دلالة فيها على التحريم لا على الوجه الأول ولا على الوجه الثاني ومما ذكرنا يظهر حال رواية
المرافقي فان التعبير فيها عن ترك القراءة في الجهرية بالانصات مستشهد بأمر الله تعالى به في الآية يظهر منه الاستحباب
ومثلها كلما يظهر منه الامر بترك القراءة لأجل الانصات فإنه يدل على الاستحباب بعد ما ظهر ان الامر بالانصات في
الآية للاستحباب مثل صحيحة ابن الحجاج المتقدمة حيث عبر فيها عن ترك القراءة بالانصات ونحوها حسنة وزرارة
إذا كنت خلف امام تأتم به فانصت وسبح في نفسك وحيث تعين حمل الامر في هذه على الاستحباب فلا مناص
من حمل غيرها على ذلك حتى ما ورد من البعث على غير الفطرة بحمله على إرادة القراءة بقصد التعيين واللزوم كما يحكى عن جماعة
من العامة بل يمكن ان يكون الموصول في الرواية إشارة إلى نفس هؤلاء الجماعة فإنهم مبعوثون على غير الفطرة قطعا
والحاصل انه ان ثبت وجوب الانصات خلف الامام كان القراءة كغيرها مما ينافى الانصات محرمة والا فليس
لها خصوصية في التحريم ثم إن في بعض الأخبار قوله وسبح في نفسك بعد قوله وانصت ولعل المراد التسبيح
333

الخفى شبيه حديث النفس فيكون المراد بالانصات السكوت لأجل الاستماع عن غير مثل ذلك ومما يؤيد
الحكم بالكراهة صحيحة الحلبي إذا صليت خلف امام تأتم به فلا تقرأ خلفه سمعت قرائته أو لم تسمع الا أن تكون
صلاة تجهر بها بالقرائة ولم تسمع فاقرء فان قوله لم تسمع بملاحظة الاستثناء نص في الصلاة الاخفاتية
وسيأتى ان الحكم فيها هي الكراهة فهو كذلك في الجهرية والا لزم استعمال النهى في الحرمة والكراهة معا وإرادة نفى الوجوب
دفعا لتوهم الخطر يوجب الحكم بالوجوب في المستثنى وسيأتي خلافه وإرادة مجرد المرجوحية مرجوحة بالنسبة إلى
الكراهة فافهم نعم بعد تعارض هذا الظهور بظهور بعض الأخبار في الحرمة مثل بعث القارئ على غير الفطرة
وجب
الرجوع إلى أصالة عدم مشروعية القراءة وعدم توظيفها للمأموم فتقوى الحرمة من جهة الأصل فافهم هذا كله
مع سماع القراءة واما سماع الهمهمة فالظاهر أن حكمه حكم سماع القراءة في الكراهة والتحريم لرواية قتيبة إذا كنت
خلف امام ترتضي به في صلاة تجهر فيها بالقرائة فلم تسمع قرائته فاقرء أنت لنفسك وان كنت تسمع الهمهمة
فلا تقرأ وموثقة سماعة عن الرجل يؤم الناس فيسمعون صلاته ولا يفقهون ما يقول فقال إذا سمع صوته فهو يجزيه
وإذا لم يسمع صوته قرء لنفسه وعن السيد المرتضى ان في رواية عبيد بن زرارة ان من سمع الهمهمة فلا يقرء واما
مع عدم السماع أصلا فلا ينبغي الاشكال في جواز القراءة للأخبار المستفيضة التي أقلها دفع توهم الخطر الناشئ
من النواهي العامة وعن الرياض انه أطبق الكل على الجواز فما حكى عن ظاهر بعض من عدم الجواز ضعيف جدا وهل هو على
الاستحباب كما عن المشهور أو على الوجوب كما عن ظاهر جماعة أم على الإباحة كما عن ظاهر القاضي أقوال أجودها الأول
لعمومات السقوط وضمان الامام وخصوص صحيحة علي بن يقطين عن الرجل يصلى خلف امام يقتدى به في صلاة يجهر
فيها بالقرائة فلا يسمع القراءة قال لا باس ان صمت وان قرء ورواية حميد بن المثنى عن أبي عبد الله (ع) لما سئله حفص
الكلبي قال أكون خلف الامام وهو يجهر بالقراءة فادعوا وأتعوذ قال نعم فادع بناء على حملها على صورة عدم
السماع رأسا أو اطلاقها بناء على عدم تحريم ذلك مع السماع أو سماع خصوص الهمهمة وتقييدها بالصورتين الأخيرتين
مرجوح بالنسبة إلى الاستحباب فيهما يصرف الامر إلى الاستحباب في الأخبار المتقدمة حتى موثقة سماعة التي قوبل فيها الامر
بالقرائة فيما نحن فيه باجزاء قرائة الامام إذا سمع الهمهمة فصار له ظهور تام في الايجاب الا ان يقال بدوران
الامر بين صرف الامر في الموثقة إلى الاستحباب وتقييد الصحيحة بما إذا لم يسمع كلمات القراءة مع سماع صوتها
لكن الانصاف ان هذا التقييد مرجوح بالنسبة إلى ذلك المجاز أو مساو فيرجع إلى عمومات السقوط والضمان ثم
لا فرق في عدم السماع بين كونه لبعد المأموم أو لصمم فيه أو لمزاحمة أصوات تزاحم صوت الا أم فعن التذكرة و
334

نهاية الاحكام يستحب للأصم ان يقرء لنفسه لأنه لا يسمع ثم ظاهر الروايات رجحان قرائة الحمد والسورة وعن ظاهر
جماعة اختصاصه بالحمد خاصة ولو سمع البعض دون البعض فاظهر الوجوه القراءة عند عدم السماع والانصات عند السماع
ويحتمل وجوب القراءة كلا لأصالة ان القراءة لا سقط الا بمجموع القراءة المسموعة والظاهر أن كيفية التبعيض انه
يبتدى بما لم يسمعه فيقرء فان سمع في الأثناء شيئا اعتد به يشرط عدم اختلال الترتيب بين المسموع وغيره والا
لم يعتد به كما لو شرع في قرائة أول الفاتحة فوصل إلى مالك يوم الدين فسمع قرائة الامام للآية الأخيرة من الفاتحة
فان الاعتداد بها ثم الابتداء من الموضع القطع يوجب اختلال الترتيب فما يقرئه الامام حينئذ غير مجز لعدم وقوعه مرتبا
على ما قرأه (المسألة الثانية) في حكم أولتي الاخفاتية والأقوى فيهما كراهة القراءة وفاقا للمشهور على الظاهر
العمومات السقوط والضمان بضميمة ما دل على جواز القراءة فيهما مثل رواية المرافقي المتقدمة وصحيحة ابن يقطين قال سئلت
أبا الحسن عليه السلام عن الركعتين اللتين يصمت فيها الامام أيقرأ فيهما بالحمد وهو امام يقتدى به قال إن قرئت
فلا بأس وان سكت فلا بأس فان المراد بالركعتين إما خصوص أولتي الاخفاتية كما فهمه جماعة من الأصحاب واما
مطلق الركعات الاخفاتية ويدل على الكراهة أيضا صحيحة سليمان بن خالد أيقرأ الرجل في الأولى والعصر خلف
الامام وهو لا يعلم أنه يقرء قال لا ينبغي له ان يقرء يكله إلى الامام ويستحب التسبيح للمأموم في الصلاة الاخفاتية
لرواية محمد بن بكر الأزدي وفي رواية قرب الإسناد يسبح ويحمد ربه ويصلى على نبيه صلى الله عليه وآله ولو سمع المأموم في الاخفاتية
فالأحوط الانصات وترك التسبيح لاختصاص الرواية المذكورة بقرنية التشبيه بالحمار بصورة عدم سماع المأموم
القراءة لينصت فيستمع نعم لا دليل على وجوبه لاختصاص وجوب الانصات في الصلاة الجهرية لا في الصلاة التي
تسمع قرائتها وإن كانت اخفاتية وكذا لو نسى الامام فجهر في الاخفاتية لم يجب الانصات الا انه أحوط ولو شك المأموم
في أن صلاة الامام جهرية أو اخفاتية لبعده عن الامام وقلنا بوجوب القراءة في الجهرية مع عدم سماع الهمهمة
ففي وجوب القراءة وجهان (المسألة الثالثة) في حكم أخيرتي الجهرية فقد اختلف في حكم القراءة والتسبيح
فيهما والذي يقوى في النظر مرجوحية القراءة فيهما لصحيحة زرارة المتقدمة في المسألة الأولى الناهية عن القراءة في الأخيرتين
صريحا تارة بقوله ولا تقرأ في الأخيرتين واخرى بقوله والأخيرتان تبعان للأوليين ورواية جميل بن دراج قال
سألت أبا عبد الله (ع) عما يقرء الامام في الركعتين في اخر الصلاة قال الإمام يقرأ بفاتحة الكتاب ولا يقرأ الذين خلفه
ويقرأ الرجل فيهما إذا صلى وحده بفاتحة الكتاب فيهما ورواية معوية بن عمار عن القراءة في الركعتين الأخيرتين فقال
الإمام يقرأ بفاتحة الكتاب ومن خلفه يسبح فإذا كنت وحدك فاقرأ فيهما وان شئت فسبح بناء على أن الامر بالقرائة
335

للامام بمجرد إباحة القراءة الغير المنافية لأفضلية التسبيح فيكون نظير الصلاة في البيت بالنسبة إلى الصلاة في المسجد
وكذا أمر المنفرد بالقرائة في ذيلها فيكون هذا المعنى منفيا في المأموم فيثبت المرجوحية التي أقلها الكراهة فالقراءة
بالنسبة إلى الامام والمنفرد من قبيل الصلاة في البيت وبالنسبة للمأموم من قبيل الصلاة في الحمام هذا بناء على
عدم دلالة الامر بالتسبيح على الوجوب بقرينة عدم كون الامر بالقرائة للامام للوجوب وعلى الإغماض عن أن الامر بالقرائة
للمنفرد لمحض الرخصة والا فدلالتها على تحريم القراءة للمأموم واضحة (المسألة الرابعة) في حكم أخيرتي الاخفاتية
والأقوى فيها جواز القراءة والتسبيح إما جواز القراءة فلرواية سالم بن خديجة إذا كنت امام قوم فعليك ان تقرأ
في الركعتين
الا وأين وعلى الذين خلفك ان يقولوا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وهم قيام وإذا كنت في الركعتين
الأخيرتين فعلى الذين خلفك ان يقرؤا فاتحة الكتاب وعلى الامام ان يسبح مثل ما يسبح القوم في الركعتين الأخيرتين الحديث
والأخيرتين في ذيل الرواية تثنية الأخرى لا الأخيرة والمراد بهما الركعتان الأوليان والرواية بقرينة أمر المأموم بالتسبيح في
الركعتين الأوليين ظاهرة في الاخفاتية ورواية ابن سنان إذا كنت خلف الامام في صلاة لا يجهر فيها بالقرائة حتى يفرغ
وكان مأمونا على القران فلا تقرأ خلفه في الأوليين قال ويجزيك التسبيح في الأخيرتين قلت أي شئ تقول أنت قال
اقرأ فاتحة الكتاب حيث إن اجزاء التسبيح يدل على جواز القراءة خصوصا مع تخصيص النهى عن القراءة بالأوليين مع أن النهى فيهما
على الكراهة كما تقدم في المسألة الثانية فيدل على نفى الكراهة في الأخيرتين إذا القول بالتحريم فيهما والكراهة في الأوليين
غير معروف هذا كله مضافا إلى اطلاق المرسلة المحكية عن السرائر بقوله (ع) وروى أن المأموم يقرأ فيهما [وسبح]
والى اطلاق ما دل على التخيير بينهما لمطلق المصلى ثم إن قول الراوي أي شئ تقول أنت إلى أخره يحتمل وجوها (أحدها)
ان يكون السؤال عما يقوله الإمام عليه السلام مأموما وحينئذ فلا دلالة فيه على المدعى لان الامام لا يكون مأموما
الا تقية فهو منفرد في الحقيقة (الثاني) ان يكون السؤال عما يقوله الإمام (ع) حال الإمامة فكأنه مسألة عن
حكم الامام في الأخيرتين بعد ما بين له حكم المأموم ويحتمل ان يكون السؤال عن الأرجح من القراءة ومن التسبيح
بعد ما بين له كفايتهما فقال اقرأ فاتحة الكتاب بصيغة الامر مسألة
{تجب القراءة خلف الإمام} الغير المرضى لعدم القدوة الا صورة لقوله عليه السلام ما هم عندي الا بمنزلة الجدر و
قوليهما عليها السلام لا تعتد بالصلاة خلف الناصب واقرأ لنفسك كأنك وحدك وفي رواية دعائم الاسلام
اجعله سارية من سوار المسجد ومنه يعلم عدم اعتبار شروط الجماعة فلو تقدم في الافعال لم يضر كما صرح به بعض
بل لو رجع إلى المتابعة بطلت صلاته للزيادة ولا يجب الجهر في القراءة الجهرية للأخبار المستفيضة وهل يعتبر
336

أقل الاخفات المجزى في الصلاة أم يكفى دون ذلك وجهان من أن القراءة لا تتحقق بدون الصوت ومما دل على أنه يكفى
معهم من القراءة مثل حديث النفس كما في مرسلة ابن ابن أبي
عمير وفي صحيحة ابن يقطين اقرأ لنفسك وان لم تسمع نفسك فلا
بأس وعليها يحمل اطلاق صحيحة علي بن جعفر عن الرجل هل يصلح له ان يقرأ في صلاته ويحرك لسانه بالقرائة في لهواته
من غير أن تسمع [نفسه] قال لا بأس ان لا يحرك لسانه يتوهم توهما وعن قرب الإسناد بسنده عن علي بن جعفر عن الرجل
يقرأ في صلاته هل يجزيه ان لا يحرك لسانه يتوهم توهما قال لا باس فقد حملها الشيخ على القراءة خلف المخالف و
التحقيق ان التمثيل بحديث النفس مبالغة إذ لا يصدق القراءة مع حديث النفس فالتصرف في التمثيل أولي
من التصرف في لفظ القراءة نعم استماع النفس الذي هو المعتبر في الصلاة الاخفاتية غير معتبر فيكفى تقليب اللسان
في مخارج الحروف وان لم يظهر منه صوت وكذا في حروف الشفة والحلق ثم إنه هل يعتبر ادراك قرائة الفاتحة
قبل الركوع قولان بعد اتفاقهم ظاهرا على عدم اعتبار ادراك السورة من مرسلة علي بن أسباط في الرجل يكون
خلف من لا يقتدى به فيسبقه الامام بالقرائة قال إذا كان قد قرء أم الكتاب أجزئه يقطع ويركع وفي رواية أخرى
يجزيك الحمد وحدها ومن قوله (ع) في صحيحة ابن أبي
بصير فان فرغ قبلك فاقطع القراءة واركع معه ورواية إسحاق بن
عمار انى ادخل المسجد فأجد الامام قد ركع وقد ركع القوم فلا يمكنني ان أؤذن وأقيم وأكبر قال إذا كان كذلك
فادخل معهم في الركعة واعتد بها فإنها من أفضل ركعاتك قال اسحق ففعلت ثم انصرفت فإذا خمسة أو ستة قاموا
إلى من المخزوميين والامومين فقالوا آجرك الله من نفسك خيرا فقد رأينا والله خلاف ما ظننا بك وما قيل فيك
قلت وأي شئ ذلك قالوا اتبعناك حين قمت إلى الصلاة ونحن نرى أنك لا تعتد بالصلاة معنا فقد وجدناك
قد اعتددت بالصلاة معنا قال فعلت ان أبا عبد الله (ع) لم يأمرني الا وهو يخاف على هذا وشبهه {وهذا هو الأقوى}
وفاقا للشهيدين والمحقق الثاني وصاحب الموجز وعلى الأول فيجب إعادة الصلاة وان أدرك بعض الفاتحة وعلى
المختار فهل يجب اتمام الفاتحة في حال الركوع مع الامكان قولان من اطلاق ما مر ومن أن الضرورات تتقدر بقدرها
فان المتعذر هو القيام حال القراءة لانفسها وكذلك لو لم يمكن التشهد جالسا فان وجوبه قائما لا يخلوا عن قوة وفاقا
للمحكى عن ابني بابويه والعلامة في المختلف والشهيد في الذكري وغيرهم ويدل عليه بعد عمومات وجوب التشهد وعدم ارتفاع
وجوبه بعدم التمكن عن الجلوس له رواية ابن جندب المحكية عن محاسن البرقي قال قلت لأبي عبد الله (ع) انى اصلى المغرب
مع هؤلاء وأعيدها فأخاف ان يتفقدوني قال إذا صليت الثالثة [مكن التيك] ثم انهض وتشهد وأنت قائم
ثم اركع واسجد فإنهم يحسبون انها نافلة ونحوها المحكي عن الفقه الرضوي فيمن صلى ركعة ثم جاء [الامام المخالف] وفيه فإذا
337

صليت الرابعة وقال الامام إلى رابعته فقم معه وتتشهد من قيام وتسلم من قيام {وفي حكم القراءة} في الركوع التسبيحات
في الركعتين الأخيرتين ومما يؤيد عموم وجوب الاتيان بأفعال الصلاة على ما استطاع قوله (ع) في موثقة سماعة
عن الرجل كان يصلى فخرج الامام وقد صلى ركعة من صلاته فريضة فقال إن كان إماما عدلا فليصل أخرى وينصرف
ويجعلها تطوعا ويدخل مع الامام في صلاته كما هو ان لم يكن امام عدل [فيلبين] على صلاته كما هو ويصلى ركعة
أخرى معه يجلس قدر ما يقول اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه
و
آله وسلم ثم ليتم صلاته معه على ما استطاع فان التقية واسعة وليس شئ من التقية الا وصاحبها ما جور عليها
انشاء الله تعالى ومن هذه الرواية وغيرها يعلم عدم وجوبها الإعادة لهذه الصلاة وان أخل ببعض واجباتها
للتقية نعم الظاهر اعتبار عدم المندوحة كما يظهر من غيرها من الاخبار وحيث [انجر] الكلام إلى حكم صحة العبادة
المأتي بها التقية وعدم الإعادة فلا علينا ان نتعرض لتفصيل حكم التقية ومواردها وما يترتب على فعل التقية
وما لا يترتب وانه يعتبر فيها عدم المندوحة أولا فنقول وبالله التوفيق * (التقية) * كالتقاة اسم لا تقى يتقى أو التاء
بدل عن الواو كما في التخمة والتهمة وغيرهما وعند الفقهاء هي التحفظ من ضرر الغير بقول أو فعل مخالف للحق والكلام
يقع تارة في حكمها التكليفي واخرى في عدم ترتب الآثار المترتبة على الفعل المخالف للحق الصادر عن اختيار عليه
وثالثة في ترتب الآثار المترتبة على فعل الحق عليه ثم الأثر قد يكون سقوط الإعادة والقضاء وقد يكون
اثار اخر كرفع الحدث في الوضوء وترتب النقل والانتقال والزوجية والفراق (فالكلام في مقامات أربعة
إما حكمها لتكليفي) فهو تابع لحكم التحفظ عن ذلك الضرر المظنون فإن كان واجبا كما في الضرر على
النفس وعلى المال المجحف فيجب وإن كان مستحبا إما لقلة الضرر واما لعدم تحقق الضرر الفعلي وكون الفرض حسم مادة
الضرر المتوقع فيستحب إما الفرد الواجب فهو يبيح فعل كل محرم وترك كل واجب الا اهراق الدم للنص المخصص للعمومات
الآتية واما المستحب فلا يبيح ذلك مطلقا بل لابد من الاقتصار فيه على ما وصل من الشارع مثل الاذن في
الصلاة معهم على وجه الاقتداء والاذان لهم ومدح أسلافهم لمجرد تأليف قلوبهم فان ذلك كله غير مشروع لكن
رغب فيه الشارع حسما لمادة الضرر الذي ربما يحصل من عدم المخالطة لهم كما يظهر من الاخبار فلا يجوز ان يتعدى
من ذلك إلى غيره كذم مشايخ الشيعة المذمومين عندهم فضلا عن مذمة الأمير صلوات الله عليه عند النواصب
والأصل في إباحة الفرد الواجب لفعل المحرمات وترك الواجبات بعد عموم نفى الضرر وخصوص ما ورد في الموارد المتفرقة
قوله صلى الله عليه وآله رفع عن أمتي ما اضطروا عليه وقولهم عليهم السلام التقية في كل ضرورة وانه لا دين لمن لا تقية له ونحوها وقد اشتهر
338

ان الضرورات تبيح المحظورات وجميع هذه الأدلة حاكمة على أدلة الواجبات والمحرمات فلا يعارض بها شئ منها حتى يلتمس
الترجيح ويرجع إلى الأصل بعد فقده كما قد توهم بعض في جواز مسألة المحاكمة إلى أهل الجور عند توقف اخذ الحق
عليه (المقام الثاني) في حكم الأثر المترتب على فعل الباطل فنقول ظاهر حديث رفع ما اضطروا إليه عدم ترتب
الآثار الشرعية على ذلك الفعل الباطل إذا فعل على وجه التقية فالتكفير في الصلاة غير مبطل وكذا السجود على ما
لا يصح السجود عليه واما وجوب القضاء إذا اكل في شهر رمضان تقية فهو مع النص عليه لأجل ان القضاء مما يترتب على ترك
الصوم والاكل لازم عقلي الترك الصوم بعد كون الصوم عبارة عن ترك الأكل لا اثر شرعي له حتى يرتفع بالاضطرار
فالاكل تقية في الحقيقة تارك للصوم تقية واما الاكل ناسيا فهو وإن كان كذلك تاركا للصوم ناسيا الا ان
عدم القضاء عليه للنص والاجماع لا لحديث رفع النسيان فتأمل والتحقيق ان المراد برفع الأمور التسعة في
الرواية رفع المؤاخذة لا رفع جميع الآثار الشرعية المسببة عن الفعل الصادر على وجه الخطأ أو أخواته فاذن الفعل الصادر
على جهة التقية لا تدل الرواية على أزيد من رفع العقاب عليه فإذا اضطر للتقية في أثناء الصلاة إلى التكتف أو
غيره من المبطلات في مذهبنا أو في أثناء الصوم إلى ما يفسده فكأنه اضطر إلى ابطال الصلاة وفساد الصوم هذا
هو الذي يقتضيه الأصل وسيجئ ما يدل على خلافه واما (المقام الثالث) وهو حكم الإعادة قيل إن مقتضى الأصل
بطلان ما خالف الواقع وإن كان العمل مأمورا به لان الامر في الحقيقة متعلق بحفظ ما يلزم حفظه فالصحة وهي موافقة
الامر انما يتصف بها الحفظ والفعل مطلوب لغيره لا لنفسه فصحته بترتب غرض الحفظ عليه وهو متحقق انتهى بألفاظه
أقول وقوع العمل مخالفا للواقع لأجل التقية يقع الكلام فيه في مقامين (أحدهما) ما إذا اتفق عروض موجب المخالفة
في أثناء العمل تقية مثل ان عرض له التقية في أثناء الصلاة فتكتف أو سجد على ما لا يصح السجود عليه وهذا هو الذي
تقدم في المقام الثاني من أن مقتضى القاعدة بطلان العبادة به لعموم ما دل على بطلان العبادة بما فرض وقوعه والامر
بايجاده تقية أمر مستقل نفسي يحفظ ما يجب حفظه ومرجعه في الحقيقة بعد ملاحظة عموم ما دل بطلان العمل بوقوعه
إلى الامر بابطال العمل لحفظ ما يجب حفظه كما لو اضطر الصائم إلى الارتماس أو شرب الدواء والمصلى إلى التكلم والاستدبار
وغيرهما من المبطلات (الثاني) انه إذا أوقعه من أول الأمر كذلك فهل تسقط الإعادة أم لا فنقول انه لا إشكال
في أنه إذا اذن الشارع في ايقاع العمل في الوقت الموسع مخالفا للواقع عند التقية كما لو اتفق المكلف من أول الوقت
مع جماعة المخالفين فاذن له الشارع في الصلاة على طبق مذهبهم فصلى ثم ارتفعت التقية في باقي الوقت فنقول لا
ينبغي التأمل هنا في الصحة إذ الامر الموسع متعلق بهذا الفرد الواقع تقية فهو يقتضى الأجزاء وانما الاشكال في أن
339

الوجوب في الواجب الموسع هل يتعلق [؟؟] هذا الفرد المخالف للواقع في هذا الجزء من الوقت أم لا وهذا لابد فيه من
الرجوع إلى أدلة ذلك الجزء أو الشرط المفقود تقية أو المانع الموجود كذلك فإن كان من الأجزاء والشرايط والموانع المطلقة لم يتعلق الامر بالعقل الفاقد لها فالمكلف في هذا الجزء من الزمان الذي لا يتمكن شرعا من اتيان ذلك الجزء
أو الشرط للامر بالتقية التي لا يتحقق الا بتركه غير مكلف بالعمل فلا أمر فلا صحة وإن كان من الأجزاء والشرايط
لاختياره فان تمكن من التخلص عن التقية بغير تأخير الصلاة إلى ارتفاع التقية لم يجز الاتيان بمقتضى التقية
لتمكنه
من تحصيل الشرط أو الجزء الاختياري وان لم يتمكن الا بالتأخير فيدخل في مسألة أولى الاعذار وفيه تفصيل وخلاف
معروف والكلام فيها مشبع في محله هذا كله مع قطع النظر عن نص الشارع على تجويز العمل المخالف للواقع كما لو اذن
في الصلاة مع غسل الرجلين من أو مع المسح على الحائل وحينئذ فيحكم بالصحة وإن كان الجزء أو الشرط المفقود من الأجزاء
والشرايط المطلقة التي لم يعهد من الشارع ترخيص تركها العذر ثم كلما ثبت صحة الدخول في العمل المخالف للواقع
إما من حيث اقتضاء قاعدة أولي الأعذار واما من جهة خصوص النص ثبتت الصحة إذا عرض موجب تلك المخالفة في الأثناء
فإذا صح الدخول في الصلاة مع التكتف لم تبطل الصلاة لو عرض وجوب التكتف في الأبناء لعروض تقية لان اذن
الشارع في ايقاع تمام العمل على نحو من انحاء التقية يستلزم اذنه في ايقاع بعضه على ذلك النحو ثم إذا عرفت
انحصار صحة العمل فيما إذا اقتضتها القاعدة في أولى الاعذار بان يكون ذلك الامر المفقود مما يكون اعتباره
مختصا بغير حال الضرورة وقلنا بجواز المبادرة لهم في أول الوقت ولو مع رجاء زوال الضرورة بل القطع بزوالها
مع التأخير أو اقتضاها النص الخاص كان يأذن الشارع في اتيان الأعمال على طبق مذهب المخالفين فاعلم أنه لا فرق
في مقتضى قاعدة أولى الاعذار بين أفراد التقية لأنها عذر مطلقا سواء كانت التقية من مخالف في الدين أو المذهب
أو موافق وسواء كانت التقية في الموضوع مثل هلال ذي الحجة للوقوف بعرفات أو في الحكم مثل الصلاة متكتفا
واما من جهة النص الخاص فلابد من الاقتصار على مورده ولا ريب ان التقية من غير المخالف كالكافر الحربي أو الملي
أو الموافق للمذهب المعاند للحق ليس مورد النص الخاص ولا العام إما النص الخاص فواضح واما النص العام فلان
النصوص الامرة بالتقية وانها دين ظاهرة في التقية عن المخالفين لا عن مطلق العدو المانع عن موافقة الحق في
العمل فلا دليل على صحة العمل إذا أوقعه على طبق مذهب بعض فرق الشيعة بل الظاهر عدم شمولها للتقية في الموضوع
مثل الوقوف معهم بعرفات يوم الثامن والإفاضة ليلة التاسع لحكمهم بثبوت الهلال مع العلم بمخالفته للواقع و
كذا العمل المطابق للعمل الصادر عن عوام المخالفين مسامحة مع مخالفته لفتوى خواصهم فلم يبق في، أخبار الاذن
340

في التقية الا العمل على طبق مذهب المخالفين فالصحة الثابتة من جهة قاعدة أولى الاعذار عامة في جميع موارد التقية خاصة
من حيث اعتبار عدم المندوحة في ذلك الجزء أو في تمام الوقت على الخلاف في ذوي الأعذار واما الصحة الثابتة بالنص
المرخص للعمل فهى خاصة من جهة الموارد لما عرفت من اختصاصه بالتقية من مذهب المخالفين في الحكم وعامة من جهة عدم
اختصاصه بشرط دون شرط أو بجزء دون جزء بل اللحاظ فيه موافقة مذهب العامة وإن كان في الشروط التي لم يعهد
من الشارع اهمالها في حال الاضطرار نعم بعد ورود النص يختص اعتبار ذلك الجزء أو الشرط بغير حال التقية و
هل هي عامة من جهة وجود المندوحة وعدمها أقوال ثالثها ما عن المحقق الثاني من التفصيل بأنه إن كان متعلق التقية
مأذونا فيه بخصوصه كغسل الرجلين في الوضوء والتكتف في الصلاة فإنه إذا فعل على الوجه المأذون فيه كان صحيحا مجزيا وإن كان
للمكلف مندوحة عن فعله التفاتا إلى أن الشارع أقام ذلك الفعل مقام المأمور به حين التقية فكان الاتيان
به امتثالا وعلى هذا فلا تجب الإعادة وان تمكن من فعله على غير وجه التقية قبل خروج الوقت ولا اعلم خلافا
في ذلك بين الأصحاب واما إذا كان متعلقها لم يرد فيه نص على الخصوص كفعل الصلاة إلى غير القبلة والوضوء بالنبيذ
ومع الاخلال بالموالاة فيجف الوضوء كما يراه بعض العامة فان المكلف يجب عليه إذا اقتضت الضرورة موافقة أهل الخلاف
فيه واظهار الموافقة لهم ثم إن أمكن له الإعادة في الوقت وجبت ولو خرج الوقت في دليل ينظر يدل
على وجوب القضاء فان حصل الظفر أوجبناه والا فلا لان القضاء انما يجب بأمر جديد انتهى ثم نقل عن بعض
أصحابنا القول بعدم وجوب الإعادة لكون المأتي به شرعيا ثم رده بان الاذن في التقية من جهة الاطلاق لا
تقتضي أزيد من اظهار الموافقة مع الحاجة انتهى وظاهر هذا الكلام يعطى الاعتراف بان عدم المندوحة حين العمل معتبر
وانه لا يجوز التوضي بالنبيذ في سوق المخالفين لمن يتمكن ان يتوضى في بيته وان الكلام فيما إذا حصل التمكن
بعد ذلك والتحقيق ان الاذن من الشارع في ايقاع الواجب الموسع في جزء من الوقت يقتضى الصحة وعدم الإعادة
نعم يمكن ان يأتي بالعمل مع الياس عن التمكن من العمل الواقعي ثم بحصل التمكن فيجب الإعادة من جهة كون الأمر الأول
مبنيا على ظاهر الحال من عدم تمكنه فيما بعد لكن الكلام في الامر الواقعي بالفعل في جزء من الزمان لا الامر المبنى على
ظاهر الحال وعلى أي حال فلا فرق بين المأذون فيه بالخصوص والمأذون فيه بعمومات التقية بعد تحقق الامر
وتعلق الوجوب بالعمل في ذلك الجزء من الزمان نعم يمكن ان يدعى ان عمومات الامر بالتقية وحفظ النفس لا يقتضى الاذن
في العمل على وجه التقية مطلقا بل يقتضيه مع كون الجزء والشرط المفقودين من الأجزاء والشرايط الاختيارية
مع عدم المندوحة مطلقا أو في جزء من الوقت على التفصيل والخلاف في مسألة ذوي الأعذار كما ذكرنا سابقا
341

لا ان الاذن الحاصل منها لا يقتضى الأجزاء واما حديث عدم المندوحة فالأقوى عدم اعتباره الا حين
العمل فمن لم يتمكن في زمان إرادة عمل من اتيانه موافقا للحق صح له الاتيان به تقية وأجزاه فلا يجب على أهل السوق
الذهاب إلى المواضع الخالية لأجل الصلاة ولا سد باب الدكان والحاصل انه لا يجب رفع موضع التقية
وتبديله بموضع الاختيار حين العمل فضلا عن وجوب ذلك في جزء من مجموع الوقت لو تمكن منه إما
اعتبار عدم المندوحة حين العمل فلان التقية لا تصدق بدونه والظاهر أنه مما لا خلاف فيه فمن قدر على
* (يجب متابعة الامام في الافعال بالاجماع) * المستفيض بل للمحقق
وكان الأصل فيها ما اشتهر من النبوي وإن كان عاميا انما جعل الامام إماما ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا ولا اشكال
في ذلك انما الكلام في معنى المتابعة فان المشهور بين من تأخر عن العلامة وفاقا له ان المراد بها عدم التقدم المجامع
للمقارنة وهذا المعنى مخالف لظاهر النبوي من جهة ان الايتمام بمعنى الاقتداء كما في الصحاح وهو لا يتحقق الا بالتأخر
ودعوى حصوله باتيان الفعل بقصد التعبية وان قارنه في الوجود الخارجي ممنوعة بان المراد الاقتداء في الوجود الخارجي
والمتابعة في الحركات الخارجية كما يشهد به التفريع بقوله فإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا الظاهر في اعتبار كون الركوع
بعد تحقق الركوع من الامام سواء جعلنا الركوع عبارة عن الانحناء أو عن الهيئة الحاصلة منه ومن ذلك يظهر موضع اخر
لدلالة النبوي على اعتبار التأخر هذا كله مضافا إلى استمرار السيرة على الالتزام بالتأخر مع امكان كفاية اعتبار
عدم التقدم في اعتبار التأخر ضرورة ان احراز عدم التقدم ليسوغ له الدخول في الفعل موقوف على تأخره فيجب ولو
من باب المقدمة اللهم الا ان يفرض علم المأموم بأنه لو شرع في الفعل وقع مقار الفعل الامام أو يقال إن الكلام
فيما إذا اتفقت المقارنة فهل هو كالتقدم في الحكم أم لا فتأمل وكيف كان فقد يستأنس لجواز المقارنة بالأصل
بعد صدق الجماعة والايتمام بمجرد قصد ربط فعله بفعل الامام وبما عن جامع الأخبار ومضمونه ان من المأمومين من
لا صلاة له وهو من يركع ويرفع قبل الامام ومنهم من له صلاة واحدة وهو من يركع معه ويرفع معه ومنهم من له أربع
وعشرون صلاة وهو من يركع بعده ويرفع بعده وضعفه منجبر بالشهرة وعمل الصدوق الذي لا يفتى الا بمقتضى
الاخبار المأخوذة من الأصول المشهورة وما عن قرب الإسناد في الرجل يصلى اله ان يكبر قبل الإمام قال لا يكبر
الا مع الامام فان كبر قبله أعاد بناء على أن المراد تكبيرة الاحرام وجواز المقارنة فيها مستلزم لجوازها في
الافعال وربما يؤيد أيضا بما ورد في الرجلين اللذين ادعى كل منهما انه كان إماما وفي الكل نظر لورود
النبوي على الأصل واطلاق اخبار الاقتداء والإمامة لا يثبت جواز المقارنة وقوله تعالى واركعوا مع الراكعين يراد به و
342

الله العالم الركوع مصاحبا بجماعة المصلين من الإمام والمأموم ولا ربط له بما نحن فيه ولا تعرض فيه لما يعتبر في
أصل الركوع يعنى الصلاة ولا ما يعتبر في المصاحبة المأخوذة قيدا له كما لا يخفى واما رواية جامع الأخبار فهى معارضة
بالنوبي المذكور بل حمل المعية فيها على المعية فيها على المعية العرفية الجامعة للتأخر الحقيقي أولى من التصرف في النبوي بحمله على ما يعم
المقارنة وربما يدعى ظهوره في المقارنة من جهة كون أداة الشرط إذا الظرفية فيكون المراد اركعوا وقت ركوعه مثل
قوله تعالى وإذا قرئ القران فاستمعوا له وانصتوا ولا يخفى فساد هذه الدعوى لان مدخول إذا إذا كان فعلا ماضيا كان
ظرف الجزاء زمان تحقق الشرط في الماضي ثم إن كان الشرط دفعي الحصول اعتبر انقضاؤه مثل قولك إذا مات زيد
فافعل أو إذا تولد طفل وإن كان أمرا مستمرا كالقرائة والمشي وغيرهما كفى انقضاء الجزء الأول منه فالركوع في
النبوي ان أريد به الهيئة كان من الأول وان أريد به الانحناء كان من الثاني واما رواية قرب الإسناد فلابد من
حمل المعية فيها بعد قيام الاجماع على عدم اشتراط المقارنة على المصاحبة بالمعنى الأعم الصادق على التابع و
المتبوع في مقابل التقدم فغاية الامر ظهورها في جواز المقارنة ويعارض بها النبوي المتقدم فافهم واما حديث المتداعيين
في الإمامة فلا يدل على وقوع الصلاة من كل منهما على وجه يصلح للامامة لجواز اعتقاد كل منهما تقدمه في الافعال و
صلاحيته للامامة فيستند دعواه إلى اعتقاده فان الغالب ان المصلى إذا كان إماما ولو باعتقاده لا يراقب أفعال
المأموم فكل منهما لاعتقاده الإمامة لم يراقب أفعال الأخر فزعم كل منهما تقدمه في الافعال وبالجملة فان النبوي
الدال على اعتبار الاقتداء ظاهر في التأخر وليس هنا ما يوجب صرفه عن ظهوره اللهم الا ان يرجع إلى ما تقدم من
دعوى عدم اعتبار المتأخر الخارجي في صدق الاقتداء أو المتابعة بل يكفى فيها قصد تخصيص الفعل بزمان وقوع
الفعل عن الامام لأجل وقوعه عنه فيه كما أنه يكفى في صدق التبعية في المشي مشيه في الزمان الخاص لأجل مشى المتبوع فيه
وحينئذ فيحمل الامر بالركوع عقيب ركوع الامام على ما استظهرنا من الجملة الشرطية محمولا على الغالب من أن عدم
التقدم لا يحرز الا بالتأخر فهو له كالمقدمة العادية هذا كله مضافا إلى احتمال ان يراد من النبوي وجوب لحوق
الامام في هذه الأفعال وعدم جواز التخلف عنه فيها ويؤيده انه لو أريد عدم التقدم كان الأوفق أن يقول
فاركعوا إذا ركع كما لا يخفى على الخبير بنكات العبارات نعم يوهنه استدلال العلماء به على عدم التقدم لا عدم التخلف
ثم إن ظاهر النبوي على تقدير دلالته على عدم التقدم كون وجوبه شرطيا
بمعنى ان المأموم ما دام مأموما ليس مأذونا في الركوع لا بعد ركوع الامام أو معه ويؤيده الاستدلال في ذكرى
وغيرها به لاشتراط عدم تقدم المأموم وحينئذ فمقتضاه بطلان الصلاة لو ركع قبله مع بقائه على نية القدوة لقدم
343

الاذن فيه وفاقا للمحكى عن المبسوط حيث قال لو فارق الامام لغير عذر بطلت صلاته وهو الظاهر أيضا عن عبارة
الصدوق المحكية عنه الموافقة لما تقدم من عبارة جامع الأخبار خلافا للمحكى في الذكرى عن المتأخرين بل عن جماعة
نسبته إلى الأصحاب فجعلوه واجبا مستقلا يوجب تركه الاثم لا بطلان الجماعة فضلا عن الصلاة ويشكل مضافا
إلى مخالفته لظاهر النبوي الذي هو الأصل في وجوب المتابعة ان استحقاق الاثم على التقدم لا ينفك عن وقوع الفعل
كالركوع مثلا منهيا عنه فيفسد ودعوى رجوع النهى إلى الوصف الخارج ممنوعة نعم لو قيل إن النهى عن التقدم انما جاء من جهة وجوب
المتابعة وهو مبنى على اقتضاء الامر بالشئ النهى عن ضده الخاص وهو ممنوع كان أحسن لكن اللازم منه أن يقول
بالفساد من قال بالاقتضاء وليس كذلك هذا مع أن ظاهر قولهم تجب المتابعة الوجوب الشرطي على حد وساير واجبات
الجماعة مثل نية الايتمام وعدم التقدم في الموقف وغيرهما الا ان المعتبرين بهذه العبارة قد صرحوا بعدم إرادة
الاشتراط حتى أن الشيخ قد حكى عنه أنه قال وينبغي ان لا يرفع رأسه قبل الامام فان رفع ناسيا عاد إليه فيكون
رفعه مع رفع الامام وكذلك القول في السجود وان فعل ذلك متعمدا لم يجز له العود إليه أصلا بل يقف حتى يلحقه
الامام وكذلك المحكي عن السرائر وحينئذ فالمحكى عنه سابقا من بطلان الصلاة بمفارقة الامام لعذر يمكن حمله على
المفارقة رأسا ويؤيد ذلك قوله بعد تلك العبارة وان فارقه لعذر وأتم صحت صلاته ويمكن أيضا حمل
المفارقة المبطلة على المفارقة بأفعال الصلاة الواجبة أصالة كالركوع والسجود لوقوعها منهيا عنها دون
الأفعال الواجبة مقدمة كالرفع من الركوع والسجود والهوى إلى السجود والنهوض إلى القيام لان وقوعها منهيا
عنها لا يوجب فساد الصلاة لا جزئها فتأمل ويمكن ان ينتصر للمشهور بان صدر النبوي دال على وجوب الاقتداء
فلا يستفاد منه الا مجرد وجوب الاقتداء ما دام إماما ولا ظهور فيه كمعاقد الاجماعات في الشرطية للصلاة خصوصا
بعد تصريح المشهور بل الكل بعدم بطلان الجماعة فضلا عن الصلاة بالتقدم والأصل عدم الشرطية نعم الاثم
بالتقدم حاصل قطعا لان المتابعة أما واجبة نفسا واما شرط فيكون تركها مبطلا للصلاة
على ما تقدم من ظاهر الشيخ مع امكان ان يقال إن الشيخ لم يظهر منه دعوى الشرطية فلعله موافق للميثاق في ثبوت
الاثم الا ان هذا النهى عنده يوجب الفساد لا عند المشهور بنزاعه معهم في مسألة أصولية لا فرعية ولذا أجاب بعضهم عنه
بان النهى راجع إلى أمر خارج عن الجزء ولولا الاتفاق على الاثم في الجملة أمكن القول بشرطية للجماعة ادعى لظهور النبوي في ذلك
فيصير المأموم بالتقدم منفردا قهرا من دون اثم ولا بطلان للصلاة أيضا أو القول الشرطية لتحقق الجماعة واستحقاق
ثوابها بالنسبة إلى ذلك الجزء المقدم من دون بطلان لأصل الجماعة كما هو ظاهر بعض الأخبار الواردة في تقدم
344

المأموم الامر بالاستمرار وعدم العود المحمول على صورة تعمد التقدم كخبر غياث بن إبراهيم الآتي هذا كله حال عدم
التقدم واما التخلف عن الامام بان لا يجامع معه في الهيئات المطلوبة في الصلاة مثل الركوع والسجود والقيام فظاهر
النبوي عدم جوازه لعدم صدق الاقتداء مضافا إلى ظهور قوله فإذا ركع فاركعوا في ذلك على ما قلنا ولا ينافى ذلك
استدلال الفقهاء به على عدم التقدم لاحتمال كون محل الدلالة على ذلك صدره الموجب للاقتداء الذي يقدح فيه التقدم
والتخلف وإن كان ذيله مختصا بالتخلف ويدل على الحكم في خصوص الركوع ما دل على ترك السورة في أولتي المسبوق
بل مع الفاتحة مطلقا أو في أولييه لادراك الركوع الا ان يدعى امكان كون اللحوق في الركوع وادراك الجماعة في ذلك
الجزء مستحبا ومع ذلك يترك لأجله الواجب كما يباح قطع الصلاة لادراك الجماعة فالعمدة النبوي لو لم ندع ظهوره
في اعتبار المتابعة بمعنى عدم التقدم والتخلف في نفس الجماعة من دون وجوب له ولا اعتبار له في الصلاة كما سيجئ
توضيحه وعلى كل حال فينبغي ان يستثنى من الافعال الفعل القصير الذي يعسر المحافظة على الاجتماع مع الامام فيه كالقيام
بعد الركوع والجلوس بين السجدتين وعقيب الثانية لو أوجبناه لان التخلف في هذه لا يقدح في صدق الاقتداء
فلا يشمله النبوي وهل يجب عدم التخلف عن القيام الواجب في الجزء الأول من القراءة فيكون المعتبر ادراك قرائة
الامام في حال القيام أم يكون حال قيام مع قرائة الامام المجزية عن قرائة المأموم كحال القيام في الركعتين الأخيرتين
فلا يقدح التخلف عنه ما لم يكن فاحشا مخرجا عن صدق القدوة وجهان من أن القيام إما واجب للقرائة فهو فرع
وجوبها المفقود في حق المأموم واما واجب مستقل فاللازم منه وجوبه على المأموم بقدر القراءة إلى حال قرائة الامام
ومن أن قرائة الامام قائمة مقام قرائة المأموم فيجب على المأموم القيام ويتفرع على الوجهين وجوب الطمأنينة
على المأموم حال قرائة الامام والأول أقوى ويؤيده ما ورد من الاذن في اللحوق بالامام حال القيام والمشي
إلى الصف المتقدم ويظهر من صاحب الحدائق وجوب القيام والطمأنينة حال قرائة الامام واستند إلى ذلك في
بطلان صلاة من يركع قبل فراغ الامام من القراءة وهو ضعيف وإن كان أحوط ونحوه ما عن المنتهى من وجوب
ترك جلسة الاستراحة على المأموم لو قام الامام ثم إن الظاهر من كلمات أصحابنا في حكم التخلف أربعة أقوال
أحدها حرمته مع عدم بطلان الصلاة وبه هو الظاهر من كلام كل من أوجب المتابعة بناء على أن المراد منها
في كلامهم الأعم من عدم التقدم والتخلف كما يظهر ذلك منهم في المسألة الآتية من صلاة الكسوف وصرح به الشهيد
في الذكرى وجماعة فيما حكى عنهم في باب الكسوف فيمن لم يدرك الركوع الأول مع الامام حيث حكموا بعدم دخوله معه
استنادا إلى لزوم أحد المحذورين عليه لأنه ان اتى بالخامس بعد هوى الامام إلى السجود لزم التخلف عنه فيه ولو هوى
345

معه فإنه ركوع من الركوعات إذا الامام لا يتحمل غير القراءة الثاني بطلان الصلاة به وهو الظاهر من قول الشيخ لو فارق
الامام من غير عذر بطلت صلاته بناء على شمول المفارقة للتخلف كما عبر بها عنه بعض الأصحاب الثالث جوازه
وهو الظاهر من عبارة الموجز حيث قال ويجوز التخلف عن الامام بركن كامل والمتابعة أفضل انتهى وربما ينسب ذلك إلى
صريح الشهيد في الذكرى والمحقق الثاني في الجعفرية وفيه نظر إذ لا تعرض في كلامهما الا لكون التخلف غير مبطل للقدرة
قال في الجعفرية ولو تخلف بركن أو أزيد لم تنقطع القدوة انتهى وقال في ذكرى لو سبق المأموم اتى بما عليه والحق بالامام
سواء فعل ذلك عمدا أو سهوا أو لعذر وقد مر نظيره في الجمعة ولا يتحقق فوات القدوة بفوات ركن أو أكثر عندنا و
في التذكرة توقف في بطلان القدوة بالتأخر بركن والمروى بقاء القدوة رواه عبد الرحمن عن أبي الحسن عليه السلام
انتهى هذا مع تصريح هذين الجليلين في الذكرى وجامع المقاصد بعدم جواز التخلف في المسألة المتقدمة من
صلاة الكسوف والأظهر بحسب الأدلة رابع وهو اعتباره في الجماعة كما يشهد له ظاهر النبوي المتقدم الدال
على حصر غاية
جعل الامام في الاقتداء الذي يفوت عرفا في نحو الصلاة بمجرد التخلف عنه عمدا في هيئات الصلاة من الركوع
والسجود والقيام ومما ذكرنا يعلم أن التخلف لعذر فلا يقدح في القدوة وإن كان بأزيد لان صدق الاقتداء
باق مع عدم تعمد التخلف مضافا إلى ورود النص بذلك في باب الجمعة والجماعة نعم لو سلب اسم الاقتداء عرفا أشكل الحكم
ببقاء القدوة وهل الفائت مع التعمد الاقتداء رأسا أم في الجزء المختلف فيه وجهان ظاهر من جزم به كصاحب الحدائق
أو احتمله كالعلامة في التذكرة الأول وربما يظهر من الشهيد في ذكرى في المسألة المتقدمة من صلاة الكسوف
عدم الخلاف في بطلان الاقتداء مع التخلف عمدا حيث إنه بعد الاستدلال على عدم سلامة الاقتداء بما تقدم
عنه وعن غيره من لزوم أحد المحذورين إما التخلف عن الامام أو تحمل الامام الركوع قال فان قيل لم لا ينتظره حتى
يقوم إلى الثانية فإذا انتهى إلى الخامس من ركوعات المأموم سجدتم قال فاقتدى به في باقي الركوعات فإذا سجد الإمام
انفرد واتى بما بقى عليه قلت في هذا ترك الاقتداء قد قال صلى الله عليه وآله انما جعل الامام إماما ليؤتم به الحديث ثم قال
فان قلت فلم لا يأتي المأموم بما بقى عليه ثم يسجد ثم يلحق الامام فيما بقى من الركوعات وليس في هذه الا التخلف
عن الامام لعارض وهو غير قادح في الاقتداء لما يأتي قلنا إن من قال إن التخلف عن الامام يقدح فيه فوات
الركن فعلى مذهبه لا يتم هذا ومن اغتفر ذلك فإنما يكون عند الضرورة كالمزاحمة ولا ضرورة هنا انتهى وظاهر
الاغتفار في كلامه عدم القدح في الاقتداء لا الجواز التكليفي هذا كله بالنسبة إلى الافعال واما بالنسبة إلى
الأقوال فالكلام إما في تكبيرة الاحرام واما في غيرها إما الكلام فيها فمحصله انه لا اشكال في عدم
346

تحقق القدوة مع تقدم المأموم سواء كان عمدا أو سهوا لكن الظاهر مع عدم التعمد انعقاد الصلاة منفردا بناء
على أن الجماعة غير مقومة ومع التعمد اشكال وهل يجوز المقارنة في الشروع فيها أم يعتبر التقدم فيه مع جواز الفراغ
معه أو قبله أو مع عدمه أم لا يجوز الشروع الا بعد فراغ الامام [وجوه] مبناها بعد تسليم تحقق المتابعة بالمقارنة
انه هل يكفى في صدق الاقتداء مجرد ربط صلاته بصلاة الامام من غير فرق بين الابتداء والاثناء أو يعتبر تلبس
الامام بالصلاة وصدق المضي عليه ليكون إماما ليصح الاقتداء فيه أولا معنى للاقتداء بغير المصلى وعليه فهل يتحقق
الشروع واقعا بالدخول في التكبيرة أولا يتحقق الا بالفراغ عنها ويكون الفراغ عنه كاشفا عن الدخول بأوله
وعلى الثاني فهل يعتبر احراز المأموم لدخول الامام وعلى الثاني فهل يكفى احراز ذلك حين القطع بدخوله وتحقق
صفة المأمومية له أم يعتبر احرازه حين شروعه وانه لا يشرع الشروع الا بعد القطع بدخول الامام ثم إن
الأرجح من هذه الاحتمالات هو أولها بناء على تحقق المتابعة بالمقارنة وانه لا فرق بين الافعال وتكبيرة
الاحرام واما عدم تحقق الدخول الا بتمامها فلا دخل له في ذلك لعدم دلل على اعتبار العلم بدخول الامام
في الصلاة كما لا يعتبر العلم بدخول نفسه مع امكان دعوى احراز ذلك بأصالة عدم طرو القاطع مع أنه يمكن
فرض العلم بعدمه وربما يتمسك في نفى المقارنة بأصالة عدم انعقاد الجماعة وبالنبوي المروى في بعض طرق
العامة انما جعل الامام إماما ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا الحديث وبالمحكى عن المحاسن إذا قال الامام
الله أكبر فقولوا الله أكبر وفي الجميع نظر إما الأصل فبان امتثال أوامر الجماعة الوجوبية في مثل الجمعة وشبهها
والندبية في غيرها إذا حصل بموافقة ما علم من الشرع اعتباره بعد نفى الزايد ترتب على ذلك اثار الجماعة لان المراد
من اثارها هي الأحكام المترتبة على امتثال هذا المستحب نعم لو كان الامر بالعكس بمعنى ان الاستحباب أو الوجوب كان
يعرض للجماعة التي هي منشأ لاثار كثيرة بحيث وجب في امتثال الاستحباب احراز كون الفعل ذلك الفعل المترتب
عليه الآثار كان أصالة عدم الانعقاد حاكمة على أصالة البراءة عما شك في شرطيته مثلا لو تعلق الامر الوجوبي
أو الاستحبابي بالنكاح وعلمنا ان النكاح مشروط صحته بشرايط كثيرة فالشك في بعضها لا يوجب اجراء أصالة
البراءة عنه في مقام امتثال ذلك الامر وكذلك لو لم يكن بين تعلق الامر وترتب تلك الآثار ترتب وتفرع
فان أصالة البراءة لا تنفع في اثبات تلك الآثار واما النبوي بالرواية المذكورة فبان وجوب التكبير
عقيب تكبيرة الامام انما فرع على وجوب المتابعة التي اعترف بتحققها بالمقارنة فحينئذ فلابد ان يكون تفريع تأخير
تكبير المأموم عن تكبير الامام على ما هو ظاهر العبارة محمولا على الغالب من عدم احراز عدم التقدم والتجنب عنه
347

الا بالتأخر حتى كان التأخر مقدمة عادية لعدم التقدم وبمثل هذا يجاب عن رواية المجالس بحملها على وجوب التأخير
احراز العدم التقدم فتأمل هذا مضافا إلى أن سياقها يأبى عن حمل الامر على الوجوب
ولو قطع النظر عن السياق فيدور الامر بين تقييد التكبير بتكبيرة الاحرام أو يبقى على اطلاقه ويحمل الامر بالتأخير
على الاستحباب فظهر ان الاحتمال الأول لا يخلوا عن قوة ثم بعده يتعين الاحتمال الثاني ولو بناء على الكشف المتقدم لما
عرفت من عدم الدليل على اعتبار الدخول الواقعي في مشروعية دخول المأموم فضلا عن اعتبار احرازه نعم لو اعتبرنا
الاحراز وقلنا بالكشف فالمتعين الاحتمال الرابع وهو الأحوط جدا واما {الكلام في غير التكبيرة من الأقوال} فمحصله
ان ظاهر المشهور عدم الوجوب وصريح جماعة وفاقا للدروس والجعفرية الوجوب بل ربما احتمل أو استظهر من كلام كل
من اطلق الافعال بناء على شمولها للأقوال أو ترك ذكر الافعال وأطلق وجوب المتابعة كما في بعض العبارات ومعاقد
الاجماعات وهذا القول لا يخلوا عن قرب لعموم صدر النبوي المتقدم وذكر الركوع والسجود في ذيله من باب المثال مع ذكر
التكبير في بعض رواياته وربما يذكر لعدم الوجوب وجوه لا تنهض مقيدا للنبوي المذكور مع فرض اطلاقه بحيث يعم الأقوال
نعم يمكن ان يقال إن ظاهر النبوي عرفا وجوب الاتيان بما يأتي به الامام متابعا له وهذا مخالف لكثير من الاحكام
المستفادة من الأدلة مثل تخيير المأموم بين الفاتحة والتسبيح في الركعتين الأخيرتين وبين التسبيحة الكبرى والثلث
الصغريات في ذكر الركوع والسجود وحمل النبوي على وجوب المتابعة في هذه الأمور إذا اختاره ما اختاره الامام أو على إرادة المتابعة
في الشروع والفراغ أو الشروع فقط لا يخفى بعده توضيحه ان يقال إن الظاهر من الرواية وجوب الايتمام وعدم
التقدم في الأمور اللازمة الصدور من كل من الإمام والمأموم في محل واحد وليس المراد وجوب الاتيان بكل ما [؟؟]
الامام لأنه مع مخالفته للسياق يوجب خروج أكثر الافعال والأقوال مع أن إرادة المتابعة في أصل الفعل لا يدل
على وجوب عدم التقدم فتأمل بل المراد وجوب كون ما يأتي به الإمام والمأموم متحققا على وجه المتابعة فكل واجب
رخص الشارع أحيانا في تركه مع اتيان الامام به كشف ترخيصه عن عدم كون المتابعة فيه غاية لجعل الامام إماما
مثلا إذا تحقق الايتمام مع ترك المأموم للتشهد في غير محله مع اتيان الامام به كشف عرفا عن عدم كون المتابعة في
التشهد مقصودة حتى إذا اتفق وجوبه على المأموم لأن المفروض انه لو فرض عدم الاتيان به هنا أيضا كان الايتمام
حاصلا في نظر الشارع فإذا لم يكن لوجوده مدخل لم يكن لكيفية أعني ترتبه على فعل الامام مدخل أيضا وكذا الكلام
في التسبيح والقراءة في الأخيرتين والتسبيحة الكبرى والثلث الصغريات في الركوع والسجود فان كلا منهما غير معين على المأموم
عند اختيار الإمام فوجودها وعدمها غير ملحوظ في الايتمام واما التسليم فسيأتي القول فيه والحاصل ان جميع الأقوال
348

الواجبة مشتركة في أن حصولها من المأموم عند صدورها عن الامام غير ملحوظ للشارع في الاقتداء فيكشف عرفا عن
كون كيفيتها حال الوجود كذلك والنبوي انما يدل على وجوب المتابعة في الافعال التي لا بد من صدورها عن المأموم
وما ذكرنا استظهار عزتي فللقائل ان يدعى دلالتها على وجوب المتابعة في كل الافعال التي يوجدها الامام إذا اتفق
اتيان المأموم بها سواء كمان مما يجب دائما ولا ينفك شرعا فعله عن فعل الامام كالافعال أم كان مما اختاره المكلف
اقتراحا كما إذا اختار ما اختار الامام في الركعتين الأخيرتين أو في ذكر الركوع والسجود أم كان مما اتفق مشاركة الإمام والمأموم
كالتشهد في الأوليين أو أولتي إحديهما وأخيرتي الأخر ويؤيد ما ذكرنا استمرار السيرة على عدم الالتزام بالمتابعة
في الأقوال وان حكمة وجوب المتابعة على المأموم تقتضي وجوب الجهر على الامام لأنه أقرب إلى تحصيل الغرض من الزام
المأموم بالاحتياط أو ترخيصه في العمل بالظن فاستحباب اسماع الامام يدل على استحباب متابعة المأموم ويؤيده لزوم الحرج
غالبا في مراعاة المتابعة للصفوف البعيدة ولزوم التخلف الفاحش من ذلك أحيانا وربما يستدل أو يستشهد
باخبار تسليم المأموم قبل الامام وفيه نظر يعرف مما سيجئ في مسألة التسليم قبل الامام ومما ذكرنا في الاستظهار العرفي
يظهر عدم وجوب المتابعة في الافعال والأقوال المستحبة وانه لا يضر تركها رأسا مع اتيان الامام بها ولا المتابعة على
تقدير الاتيان وعن الروض ما يدل على وجوب المتابعة في القنوت على القول بوجوبها في الأقوال
لو سبق المأموم الامام في الركوع فاما ان يكون سهوا واما ان يكون عمدا فإن كان سهوا عاد على المشهور مطلقا كما عن جماعة
أو عن المتأخرين كما عن آخرين لمكاتبة ابن فضال إلى ابن أبي
الحسن (ع) في الرجل كان خلف إما يأتم به فيركع قبل ان
يركع الامام وهو يظن أن الامام قد ركع فلما رآه لم يركع رفع رأسه ثم أعاد الركوع مع الامام أيفسد عليه ذلك صلاته
أم تجوز تلك الركعة فكتب يتم صلاته ولا يفسد بما صنع صلاته وعدم دلالتها على حكم الناسي وعلى وجوب العود لا
يضر بعد تمام المطلب بعدم القول بالفرق بين الظان والناسي وعدم القول بجواز العود والاستمرار وعدم القول
بالفرق بين مسألتنا وما سيجئ من الموارد التي نص فيها على وجوب العود ومن هنا يظهر ضعف ما استوجهه أولا
في المنتهى من الاستمرار ولذا قوى بعده العود وربما يتوهم امكان الاستدلال عليه بالنبوي الموجب للايتمام وهو في
غير محله سواء قلنا بكون المتابعة للقدوة أو الصلاة أم قلنا بكونها واجبة في نفسها لفوات محل المتابعة
نعم لو قلنا بدلالة النبوي على وجوب الايتمام بمعنى الاتيان بالافعال التي يأتي بها الامام وان لم يجب على المأموم أمكن الحكم
بالعود من جهة النبوي حينئذ كما يظهر من استدلال الحلى على وجوب العود حيث قال لا يجوز للمأموم ان يبتدى بالشئ من أفعال
الصلاة قبل الامام فان سبقه على سهو عاد على حاله حتى يكون به مقتديا فان فعل ذلك عامدا فلا يجوز له العدول
349

فان فعل بطلت صلاته انتهى لكنك عرفت سابقا ان النبوي في مقام اعتبار المتابعة في الافعال المفروغ صدورها عن
كل من الإمام والمأموم لا في مقام ايجاب صدور يصدر عن الامام ثم إنه لو ترك العود ففي صحة صلاته كما عن الروضة و
غيرها ولعله مراد الشهيدين والمحقق الثاني وجماعة من أن الناسي لو لم يعد فهو عامد وعدمها كذلك والتفضيل
بين الرجوع قبل اتمام الامام القراءة أو بعده كما عن الغرية وربما فسر به قولهم إنه لو لم يرجع فهو عامد وجوبه بل أقوال يمكن
بناؤها على أن العود يجب للمتابعة الواجبة لنفسها والركوع الصلاتي قد تحقق فتصح الصلاة وإن كان ركوعه قبل اتمام
القراءة لخروج محلها بالدخول في الركوع الصحيح الشرعي أو لوقوع الركوع السابق فاقد الشرطة أعني المتابعة بناء على
وجوبها على نحو الشرطية فلابد من إعادة الركوع ثانيا على النحو المعتبر أو بناء على ما يفهم من الروايات الآتية في وجوب
العود مع رفع الرأس من الركوع والسجود كون ذلك معتبرا في أصل الصلاة وإن كان المأتي به سهوا هو الفعل الأصلي
للصلاة فافهم ومن ذلك يظهر ان بطلان الصلاة بترك الرجوع يجامع القول بكون المأتي به سهوا هو الفعل الأصلي
أو انه يجب التدارك بقية القراءة ولا يخفى قوة الأول إما على القول بان عدم التقدم على الامام في الفعل واجب
مستقل فواضح وكيف يجتمع الحكم باجزاء الركوع المقدم عمدا دون المتقدم سهوا واما على قول الشيخ ببطلان الصلاة
والمفارقة فلاختصاصه بما إذا كان لغير عذر والمفروض هنا العذر ولذا لم يقل ببطلان الصلاة هنا ومما ذكرنا يظهر
ضعف التفصيل بي رجوعه لتدارك بقية القراءة ورجوعه لا له واما الاخبار الامرة بالعود إلى الركوع والسجود
فلو سلم الظهور المدعى فيها فالمسلم ظهورها في اشتراط العود في بقاء القدوة لا في صحة الصلاة ولازمه بطلان
الجماعة بترك العود لا الصلاة ويشهد للظهور المذكور ظهور السؤال فيها في كونه عن علاج الجماعة لا علاج الصلاة
فلا تدل على اعتبار العود في صحة الصلاة الا ان يقال بعد تسليم ظهور تلك الروايات في شرطية العود في الجملة وتردد
مشروطه بين الجماعة واصل الصلاة كان الواجب إما العود واما لانفراد فالبقاء على الجماعة مع ترك العود مناف
لظواهر تلك الروايات فهذه هو الأقوى مع أنه أحوط وأحوط منه الاقتصار على العود لما سيجئ من الشبهة في
العدول إلى الانفراد ثم إن الظاهر اختصاص العود بما لو علم ادراك الامام في الركوع لأنه المتيقن من النص
والفتوى فلو ظن أنه لو قام للركوع ثانيا لم يلحق الامام في الركوع لم يجب العود لأنه بركوعه الثاني يتخلف عن الامام
فلا يدرك المتابعة ثم إن الظاهر عدم الفرق بين السبق إلى الركوع وبين السبق إلى السجود ولولا ظهور الاتفاق
على جواز العود كان مقتضى الأصل عدمه لصحة السجود الواقع فلا وجه لإعادته وجوب الاتيان به لأجل المتابعة قد
عرفت ان النبوي لا يدل عليه وانما يدل على وجوب كون ما يأتي به متحققا على وجه المتابعة ولو سبقه بالرفع عنهما فالمشهور
350

انه يعود إليهما ويدل عليه روايات منها صحيحة علي بن يقطين عن رجل يركع مع الامام ليقتدى به ثم يرفع رأسه قبل
الإمام قال يعيد ركوعه معه ومثلها رواية سهل الأشعري ورواية الفضيل عن رجل صلى مع امام يأتم
به ثم رفع رأسه عن السجود قبل ان يرفع الامام رأسه من السجود قال فليسجد ورواية ابن فضال عن أبي الحسن عليه السلام
قال قلت له اسجد مع الامام وارفع رأسي قبله أعيد قال اعدوا سجد وظاهره ولو بقرنية كون شأن الراوي أجل من أن
يتعمد التقدم على الامام كما قيل خصوص صورة السهو أو الظن فيها يخصص رواية غياث بن إبراهيم عن الرجل يرفع رأسه
من الركوع قبل الامام أيعود فيركع إذا ابطأ الامام ويرفع رأسه معه قال لا بصورة التعمد لكن الانصاف ان هذا التقييد
مرجوح بالنسبة إلى التجوز في الأوامر السابقة بالحمل على الاستحباب لأنه تقييد بالفرد الغير الغالب نعم لو حمل النفي
في الجواب على نفى الجواز من جهة توهم المنع لزيادة الركن بناء على كون السؤال عنه لم يتأت الحمل المذكور بل يتعين
تقييد النهى بصورة العمد للاجماع على عدم التحريم في صورة السهو فيصير أخص مطلقا من الأوامر فتقيد به ولو فرضنا ظهوره
في نفى الوجوب في مقام زعم وجوب المتابعة على الاطلاق لكن الجواب بنفي الوجوب لا يلايم ثبوت الاستحباب كما لا يخفى
ثم إنه يترتب على ما ذكرنا من كون الجزء الأصلي هو المأتي به سهوا دون المعاد أمور مثل انه لو نسى العود إلى
المتابعة بعد ما قام عن ركوعه بطل على الثاني دون الأول وانه لو نسى فدخل في السجود قبل ركوعه والامام لم
يركع بعد فسدت صلاته على الأول دون الثاني وانه لو أخل بشئ من واجباته عمدا بعد التنبه بسبق الامام
بطلت صلاته الا إذا تركها لادراك المتابعة ولو أخل به سهوا لم يجب عليه الاتيان به في المعاد وإن كان يجب فيه
ما وجب في الأول على ما هو المتبادر من قولهم عليهم السلام بعيد ركوعه هذا في السبق إلى الركوع والسجود واما لو سبق
إلى الرفع عنهما فالمعاد جزء من السابق يجب فيه تدارك ما اهمله سابقا بل يجب عليه ترك واجباتها إذا تنبه
للسبق قبل الاتيان بها إلى غير ذلك من الثمرات المترتبة على كون الجزء الأصلي هو الأول أو الثاني وقد عرفت
قوة الأول والله العالم ثم إن الأكثر لم يتعرضوا لما إذا سبق عمدا أو سهوا في غير الركوع والسجود كالقيام بعد
السجدتين أو بعد الركوع وان دل معاقد اجماعاتهم كالنبوي على وجوب المتابعة في جميع الأفعال وتعرضهم لحكم الرفع عن
الركوع قبل الا أم ليس من حيث السبق إلى القيام ولذا يعم ما لو سبق في الرفع مع بقائه منحنيا وكذا الرفع عن السجود
قبله ليس من حيث السبق إلى الجلسة الواجبة فالكلام فيما لو تابعه في الركوع عن الركوع والسجود لكن سبقه إلى القيام
والجلوس نعم في بعض العبائر ما يدل على عموم الحكم فان المحكي عن السرائر أنه قال لا يجوز للمأموم ان يبتدئ بشئ
من أفعال الصلاة قبل امامه فان سبقه على سهو عاد على حاله حتى يكون به مقتديا وان فعل ذلك عمدا فلا يجوز له العود
351

فان عاد بطلت صلاته لأنه زاد ركوعا انتهى وكذا المحكي عن المبسوط من أن من فارق الامام لغير عذر بطلت صلاته
والذي ينبغي ان يقال هنا انه ان ثبت عدم الفصل بين الركوع والسجود وغيرهما فذاك وكذا لو ثبت دلالة النبوي
على وجوب العود للمتابعة لكن قد عرفت التأمل فيها والا فمقتضى الأصل على ما عرفت سابقا عدم العود مطلقا
ثم على تقدير السحاب حكم الركوع والسجود من وجوب العود مع السهو وعدم جوازه مع التعمد لو خالف ففي الحكم بالبطلان
هنا في صورة الحكم بالبطلان في الركوع والسجود نظر منشاؤه ان المطلوب في الجلوس والقيام هيئتهما لا احداثهما والنهوض
إليهما مقدمة فإذا فرض ان السابق على الامام فيهما سهوا لم يعد كان الواجب منهما المتحقق بعد لحوق الامام هيئتهما
الحاصلة من غير حاجة إلى إعادة النهوض ثانيا بخلاف الركوع والسجود فان الواجب احداث هيئتهما بقصدهما فلا يكتفى
في الواجب منهما بالبقاء على هيئتهما بعد لحوق الامام وكذا المتعمد للسبق إلى القيام والجلوس لو هدمهما وأعادهما
ثانيا لغرض المتابعة لم يوجب ذلك بطلان الصلاة بل لو هدم قيامه وجلوسه بالانحناء لا لغرض ثم أعادهما
لم يؤثر ذلك في البطلان خصوصا إذا لم يشرع الامام في القراءة فتأمل لا خلاف ولا اشكال في اعتبار عدم
تقدم المأموم على الامام وحكاية الاجماع عليه مستفيضة والظاهر أنه شرط للجماعة فتبطل بالاخلال به ولو في
زمان يسير والعود إلى الايتمام بعده مبنى على جواز تجديد نية الانفراد فما في الذكرى من احتمال عود القدوة با
لتأخر فهو مبنى على ذلك القول أو محمول على أن الشرط شرط الجماعة في كل كون من أكوان الصلاة بحيث إذا فقد
انتفت القدوة في ذلك الجزء من الصلاة فلا تنفسخ القدوة رأسا بعد انعقاد نية الجماعة لمجموع الصلاة وهذا
ليس عدولا عن الانفراد إلى الجماعة وما فيها وفي غيرها من كلمات الأصحاب ومعاقد اجماعاتهم من اطلاق الحكم ببطلان
الصلاة لو استمر على نية الايتمام بعد التقدم محمول على ما افضى إلى اخلاله بوظيفة المنفرد كما قيده به في البيان وغيره
والا فبطلان الجماعة بنفسه لا يوجب بطلان الصلاة كما تقدم ذلك في غيره من الموانع مثل البعد والحائل الذين قد
ورد النص ببطلان صلاة المأموم معهما لكنه محمول على الاستمرار معهما على وظيفة الايتمام وهل هو شرط
واقعي أو علمي فيغتفر مع النسيان وجهان من ظاهر كلامهم ومن الأصل وامكان دعوى انصراف اطلاقهم إلى صورة
العلم ولو تقدم اضطرار الكواكب الدابة أو السفينة فالمصرح به في كلام الشهيد وجوب نية الانفراد ثم إن
المشهور جواز التساوي بل عن التذكرة الاجماع عليه واستدل له أيضا بأصالة البراءة بل اطلاقات
الجماعة واطلاق ما دل على كون المأموم الواحد عن يمين الامام من غير تنبيه على وجوب تأخره عنه بيسير مع كون
السؤال عن موقف المأموم وما ورد في تداعى الامامية والمأمومية إذ لولا جواز التساوي لو يكن كل واحد قابلا
352

للامامية والمأمومية والكل لا يخلو عن نظر وان أمكن دفعه عن بعضها فالاحتياط يقتضى المصير إلى ما عن الحلى
من وجوب تقدم الامام بيسير ولعله للسيرة المستمرة على الالتزام بذلك واستظهاره من النبوي وورود
الامر بالتقديم فيما إذا أحدث أو حدث به وفي العراة مضافا إلى توقيفية الجماعة بناء على أن الجماعة هيئة توقيفية
في الصلاة ورد فيها ثواب من الشارع وترتب عليها احكام مثل سقوط القراءة وشرطيتها في الجمعة وغير ذلك فلابد من
احراز تلك الهيئة في احراز ذلك الثواب واجراء تلك الأحكام لان الجماعة ورد الامر بها فيقتصر في امتثاله على ما علم من
اجزائها وشرايطها فافهم وراجع ما ذكرنا في بعض الشرايط المتقدمة وقد يستدل للحلى بما ورد في التوقيع الشريف
المروى في الاحتجاج جوابا للسؤال عن السجود على قبور الأئمة عليهم السلام والصلاة وراء القبر وقدامه فوقع إما السجود على
القبر فإنه لا يجوز في نافلة ولا فريضة ولا زيارة بل يضع خده الأيمن على القبر واما الصلاة فإنها خلفه بجعله
الامام ولا يجوز ان يصلى بين يديه ولا عن يمينه ولا عن شماله لان الامام لا يتقدم عليه ولا يساوى ثم إن المدارك
في التقدم والتأخر هو العرف ولا اشكال في صدقه بالتقدم بالأعقاب في حال القيام ولذا قال في محكى التذكرة
لو تقدم عقب المأموم بطل عندنا وعن المدارك انه لو تساوى العقبان لم يضر تقدم الأصابع ولو تقدم عقبه على عقبه
لم ينفعه تأخر أصابعه ورأسه قاله الأصحاب انتهى لكن صرح في المسالك باعتبار الأصابع أيضا وعن نهاية استقرابه
بعد اختيار ما تقدم عن التذكرة وربما حكى عن الأكثر ولم اعرف مستنده وربما يتوهم اعتبار تساوى المنكبين لما ورد
في تسوية الصفوف بتسوية المناكب ويرده ان الغالب ان تسوية المناكب من جهة تسوية الأعقاب وذكر تسوية
المناكب لأنه المقصود الأصلي وإن كان منشاؤه تساوى الأعقاب والظاهر الحاق حال الركوع بحال القيام فيكتفى بعدم
تقدم عقبه وان تقدم به رأسه واما حال السجود فالظاهر اعتبار منصب أصابع الرجلين لأنها بمنزلة العقب للقائم واما
حال التشهد فالظاهر اعتبار موضع الأليتين ولا عبرة بمد الرجلين من ورائه وقبضهما فالظاهر أن الملحوظ في
هذا المقام أول مقر نفس المصلى وهو موضع العضو الذي بتحركه وسكونه تتصف نفس الانسان بالحركة والسكون و
بما ذكرنا يظهر انه لا يقدح تقدم مسجد المأموم نعم استثنوا من ذلك ما لو صلوا مستدبرا حول الكعبة
فان المأموم بتقدم رأسه على الامام يصير أقرب إلى الكعبة على فيقدم على الامام ولعل وجهه ان تقدم أحد الشخصين على الأخر
ان لوحظ بالنسبة إلى الجهة التي توجها إليه كان العبرة بأول مقره وهو موضع العقب وان لوحظ بالنسبة على عين خارجي
كان العبرة بأول جزء يقرب من تلك العين فيقال انه أقرب إلى كذا إذا كان الجزء الذي يليه أسبق إليه منه ولما كان
الاعتبار في توجه الصف المستدير من ذاك الشئ باستقبال العين كان مناط التقدم بتقدم أسبق جزء منه كرؤس
353

الأصابع أو البطن في عظيم البطن أو طرف الأنف الأسفل حال القيام والركبتين حال التشهد والرأس حال السجود واما البعيد
عن الكعبة فلما كان توجهه إلى الجهة فلا يلاحظ في الأقربية إلى شئ خارجي نعم هنا كلام اخر في أصل جواز استدارة
المأمومين من جهة كون الجماعة هيئة توقيفية لابد من الاقتصار فيها على المتيقن وهو ما إذا لم يتقدم المأموم على الامام عرفا
وان لم يكن تقدم بالنسبة إلى الجهة التي توجها إليها أعني الكعبة بيانه ان التقدم قد يلاحظ بالنسبة إلى جهة خاصة من
الجهات المطلقة المنتهية إلى محدد الجهات وبهذا الاعتبار يقال لكل من الإمام والمأموم المتقابلين انه متقدم على صاحبه
بالنسبة إلى الجهة التي توجه إليها وقد يلاحظ بالنسبة إلى جهة الكعبة وحينئذ لا يصدق على أحد المتقابلين التقدم على صاحبه
لأنهما متوجهان معا إلى جهة واحدة وحيث إن معاقد الاجماعات على عدم تقدم المأموم ظاهرة في إرادة التقدم العرفي
وهو الملحوظ بالنسبة إلى مطلق الجهة ولا أقل من احتمالها له وحينئذ فمجرد كون المأموم متقدما على الامام باعتبار ملاحظة
وجهة الامام يكفى في البطلان وإن كان الامام أيضا مقدما على المأموم بملاحظة وجهة فتأمل واما ما أدعاه في ذكرى
من الاجماع عليه في كل الاعصار فهو مسلم الا ان حجية تلك السيرة محل تأمل عدم كشفه عن رضا النبي أو
أحد الأوصياء
صلوات الله عليه وعليهم الا ان يقال بعدم بلوغ التكبير من واحد منهم (ع) ولا من غيرهم من الصحابة والتابعين يكشف عن رضاهم
عليهم السلام والمسألة لا تخلوا من اشكال كمسألة صلاة المأموم في جوف الكعبة مع توجهه إلى الجهة المقابلة لجهة الامام
والله العالم ثم رسوله ثم أوصيائه الكرام صلوات الله عليهم ويعتبر في انعقاد الجماعة للمأموم قصد الايتمام لتوقف
تحقق عنوان الايتمام الذي هو مناط ترتب الآثار من سقوط القراءة ونحوه على قصده وهذا واضح ثم إن نية الايتمام كما
توجب صيرورة المأموم مأموما كذلك توجب صيرورة الامام إماما لان الامام من يأتم به غيره وان لم يعرض نفسه
لذلك فظهر ان انعقاد الجماعة ولو بالنسبة إلى الامام لا يحتاج إلى نية الإمامة بل يتحقق بنية المأموم للايتمام وفاقا
لصريح جماعة بل ظاهر المنتهى الاتفاق عليه وفي مجمع الفائدة كأنه اجماع وفي الرياض لا أجد فيه خلافا وهل يتوقف
استحقاقه الثواب عليها ظاهر الأكثر العدم ومال المحقق الأردبيلي (ره) إلى ثبوته فان أراد ثبوت ثواب امتثال أوامر
الجماعة والصلاة بالناس فلا وجه له لعدم حصول امتثالها وان أراد ترتب فضيلة ومزية على صلاته بمجرد ايتمام
غيره به مع عدم قصده ذلك أو مع عدم شعوره به فلا مضايقة فيه * (ثم إن المأموم) * لو أخل بنية الايتمام فهو
منفرد إذ لا نعنى بالمنفرد الا من دخل في الصلاة غير قاصد للايتمام نعم لو مضى في صلاته على أحكام الجماعة بطلت
صلاته وعليه يحمل ما في بعض كلماتهم من أنه لو أخل بنية الاقتداء بطلت صلاته ومعناه انه لو صلى جماعة من
دون نية الايتمام كانت صلاته باطلة لا ان من لم ينو الايتمام فصلوته باطلة فان كل منفرد غيرنا وللائتمام مع أنه
354

لو أراد بطلان الصلاة بمجرد ترك نية الاقتداء لعبر بقوله لم تنعقد صلاته لان المناسب للاخلال بأول الأجزاء
أو الشريط التعبير بعدم الانعقاد لا البطلان بل قد عرفت في مسألة التقدم في الموقف غيرها ان جميع الشروط
المذكورة في الجماعة من هذا القبيل وان عبر في بعض النصوص والفتاوى وببطلان الصلاة مع الاخلال بها فمرادهم ببطلان
الصلاة إذا مضى فيها على الجماعة مع الاخلال بالشرط نعم لو قلنا إن الجماعة مقومة للصلاة ومنوعة لها لزم من بطلانها
بطلان الصلاة لكن الظاهر امكان دعوى الاتفاق على خلافه مع عدم مساعدة الدليل عليه بل لعل الأصل على خلافه
وثم انهم قد ذكروا وجوب نية الجماعة على الامام فيما تجب فيه الجماعة من الصلوات إذا الجماعة مقومة لها فيلزم من انتفائها انتفاء
الصلاة وهو حسن لو أخل بنية الجماعة تفصيلا واجمالا إما لو نواها اجمالا في ضمن نية أصل نوع الصلاة التي
اخذ فيها الجماعة فلا وجه لبطلان الجماعة ولا الصلاة فتغنى حينئذ نية الجمعة عن الجماعة كما تغنى عن ساير شروطها وهو الذي
رجحه [صاحب حياك] والذخيرة تبعا للمحكى عن المحقق الأردبيلي قدس الله اسرارهم اللهم الا ان يقال إن الجماعة إذا كانت
مأخوذة في الجمعة فلا بد في تحققها من قصدها وليس من قبيل ساير الشروط إذ ليس فيها ما يعتبر في تحققه قصده
كما لا يخفى والأجود ما عليه جماعة تبعا للشهيد والمحقق الثاني من وجوب القصد إلى الايتمام ثم إن المحكي عن الشهيد
وصاحب الموجز وشارحه ان نية الاقتداء بعد نية الامام لا معها فيقطعها بتسليمه ثم يستأنف وعن ارشاد الجعفرية
انه يجب تأخيرها اجماعا وهذا ينافى الخلاف في جواز مقارنة الامام في تكبيرة الاحرام الا ان مدعى الاجماع على وجوب
التأخير قد فسر المتابعة المجمع عليها في التكبير والافعال بالتأخر عن الامام وكيف كان فوجوب التأخر هنا مبنى على
وجوب التأخر في التكبير لكن الامر سهل بعد كون النية عبارة عن الداعي على العمل كما لا يخفى وكما يشترط نية
أصل الايتمام يعتبر وحدة من يؤتم به وتعينه فلو نوى الايتمام باثنين بطل ايتمامه بلا خلاف ظاهر ويدل عليه بعد
توقيفية الجماعة بالتقريب المتقدم سابقا ظهور أدلة احكام الجماعة في ترتبها عند وحدة الامام وكذا لو نوى
الايتمام بامام غير معين بمعنى القابل للصدق على أكثر من شخص مثل الايتمام بأحدهما الغير المعين أو بالهاشمي الحاضر
أو زيد الحاضر مع حضور شخصين تردد المنوي بينهما ولو نوى الايتمام
بشخص فبان غير امام كالمأموم أو غير المصلى بطل ايتمامه فحكمه حكم المنفرد فان حصل فعلا أو تركا ما يوجب بطلان صلاة
المنفرد كترك القراءة أو زيادة الواجب المتابعة أو الرجوع إلى الغير في للشك بطلت صلاته لان وجود الامام شرط
واقعي للجماعة ينتفى بانتفائه في نفس الامر ولو اعتقد المأموم وجوده وهذه واضحة لان وجود الامام ركن للجماعة
وزيادة الواجب الحاصلة في الجماعة أو الرجوع إلى غيره في الشك وكذا ترك القراءة وكذا السكون الطويل مما يختص جوازها
355

بالمأموم الواقعي فإذا انتفى الامام انتفى الايتمام ولا اشكال في شئ من ذلك الا انه ربما يتخيل ان ترك القراءة
لا يوجب بطلان الصلاة الا إذا وقع عمدا واما مع اعتقاد عدم الوجوب فهو وكالنسيان كما لو اعتقد المأموم المسبوق
ان الامام في إحدى الأوليين فلم يقرء فتبين انه في الأخيرتين لكن هذه الدعوى مع عدم ثبوتها في مقابل عموم قوله (ع)
لا صلاة الا بفاتحة الكتاب لا يقدح فيما نحن فيه لان المقصود هو ان الصلاة باعتقاد الجماعة إذا اشتمل على ما يخل بصلاة
المنفرد كانت باطلة وغاية الدعوى المذكورة عدم اخلال ما ذكر بصلاة المنفرد ويؤيد ما ذكرنا من بطلان الصلاة
بل يدل عليه ما ورد في الرجلين المتداعيين للمأمومية فان كلا منهما قد نوى الاقتداء بمن تبين انه غير امام لكن
يعارضها صحيحة زرارة المروية في الكتب الثلاثة فيمن دخل مع قوم مصلين غيرنا وللصلوة ثم أحدث الامام فاخذ
بيد الرجل فقدمه عليهم قال تجزى القوم صلاتهم المعتضدة بما ورد في امام تبين كونه يهوديا فان اليهودي غير مصل في
الحقيقة اللهم الا ان يخص الصحيحة وما في معناها بموردها وهو ما إذا تحقق صورة الامامية والمأمومية فلا
تدل
على الصحة فيما نحن فيه مما انكشف عدم الامامية والمأمومية ولو بحسب الصورة كما إذا اقتدى بمن تبين انه مأموم
أو غائب عن محل الصلاة أو انه حاضر مشغول بغير الصلاة مما يتخيله الناظر صلاة أو غير ذلك لو عين الامام
بعنواني الإشارة والصفة كهذا الهاشمي فبان غير هاشمي فالظاهر صحة الاقتداء لان عنوان الامام هو المشار إليه و
نفس الهاشمي لا يصلح ان يكون عنوانا ولذا لا يجوز الاكتفاء به في التعيين ولو عينه بعنواني الإشارة والتسمية كما
لو نوى الاقتداء بهذا على أنه زيد فبان عمروا ففي صحة الاقتداء وجهان كما عن بعض وحكى عن اخر تقوية الصحة وعن
ثالث تقوية البطلان وربما تقيد الصحة بما إذا كان عمر وعاد لا أيضا والتحقيق {انه إذا ناط الاقتداء} بالشخص
الحاضر معتقدا انه زيد بحيث كان اعتقاد هذا مقارنا أو داعيا فلا ينبغي الاشكال في الصحة وإن كان الحاضر
غير عادل إذ يكفى في الصحة اعتقاد عدالته ولو من جهة اعتقاد انه الشخص الفلاني الا ان يقال إن اعتقاد العدالة
من جهة الاشتباه في الشخص لا دليل على المعذورية فيه إذا القدر المسلم من المعذورية ما لو كان الاشتباه في الصفة
دون الموصوف لكن يدفعه فحوى ما عرفت من أن الامامية والمأمومية إذا تحققت صورة فلا يقدح اختلال أوصاف
الامام حتى كونه مصليا بل العمدة في عدم قدح تبين فسق الامام الفحوى المذكورة بل لا دليل غيرها {وان ناط الاقتداء}
بزيد معتقدا حضوره بحث كان اعتقاد حضوره من جهة تصحيح الاقتداء به فبان غيره فلا ينبغي الاشكال في بطلان الاقتداء
لعدم تحقق الامام لأن المفروض ان امامه غايب بل ميت أو نائم مثلا ثم تشخيص أحد التقديرين موكول إلى نية المأموم
إذ ليس هنا لفظ يؤخذ بظاهره فلو لم يتشخص أحدهما فالوجه بطلان الاقتداء لعدم احراز شرطه وهو القصد إلى امام حاضر
356

لو نوى {كل من شخصين الإمامة} للاخر صحت صلاة كل منهما بلا خلاف بل حكى الاجماع عليه عن بعض ويدل عليه وجود
المقتضى للصحة وعدم المانع ويدل عليه رواية السكوني وظاهر اطلاقها كالفتاوى وعدم الفرق بين صورتي الاخلال
بوظيفة المنفرد كما إذا شك في العدد فرجع إلى صاحبه لكن مقتضى القاعدة فيه البطلان وعدمه وينبغي تنزيل كلمات
الأصحاب عليه لان كثيرا منهم علل الحكم بعدم اخلالهما بوظيفة المنفرد بل لا يبعد تنزيل اطلاق النص عليه بناء على ما هو
الغالب من عدم حصول الشك لهما في الأثناء {ولو نوى كل منهما الايتمام} بصاحبه بطلت صلاتهما لأن عدم
انعقاد جماعتهما مع اخلالهما بوظيفة المنفرد يوجب ذلك كما عرفت ويدل عليه أيضا رواية السكوني وضعفه
لو كان منجبر بعدم الخلاف في المسألة ولو اتفق ذلك مع عدمه اخلالهما بوظيفة المنفرد صح فعلهما كما لو قرء كل منهما بنية
الوجوب بان كانا أصم أو اتفق ذلك في الركعتين الأخيرتين لظهور خروج ذلك عن مورد النص مع ضعفه وعدم
الجابر له في المقام هذا كله لو حصل نية الايتمام من كل منهما ولو ادعى كل منهما ذلك مع عدم علم الأخر بصدقه ففي الحكم
بالصحة لانصراف النص إلى صورة العلم أو الاطمينان بصدق قول كل منهما فيرجع إلى القاعدة المقتضية للصحة لأنه شك
في الصحة بعد العمل أو الحكم بالبطلان من جهة منع انصراف الرواية إلى صورة العلم أو الاطمينان بالصدق مضافا إلى أن
الاخلال بالقرائة متحقق والمسقط لها وهي الجماعة ولو صورة غير معلوم وصحة الصلاة لو أخبر الامام بحدثه أو فقد
شرط اخر لأجل احراز الجماعة الصورية المنتفية في المقام ولذا لا يقدح هناك القطع بما أخبر به الا ان يقال إن
أصالة الصحة عند الشك بعد الفراغ يكفى في الحكم ظاهرا باحراز المسقط الا ان يدعى اختصاص مورد ذلك الأصل
بما إذا شك المكلف في صحة العمل من جهة الأمور الراجعة إليه فعلا أو تركا وهو بعيد وابعد منهما دعوى ان أصالة
الصحة لا تعارض العمومات الدالة على بطلان الصلاة بترك الفاتحة خرج منه ما إذا تيقن الايتمام وبقى الباقي ويتلوها
في البعد دعوى اطلاق النص لصورة شك كل منهما في صدق صاحبه فالحكم بالصحة حينئذ قريب ولعله لما ذكرنا قال في فوايد الشرايع
وحاشية الارشاد ان قبول في قول كل منهما في حق الأخر تردد ومما ذكرنا يظهر قرب الحكم بالصحة فيما لو شكا فيما أضمراه
كما عن المحقق والشهيد الثانيين واحتمله في محكى التذكرة والنهاية معللا بكونه شكا بعد الفراغ وان احتمل فيها
البطلان أيضا معللا بأنه لم يحصل الاحتياط في أفعال الصلاة بيقين ومرجعه إلى ما ذكرنا من القطع بالاخلال
بالقرائة والشك في المسقط وقد عرفت ابرامه ونقضه {قال المحقق الثاني} في محكى فوايد الشرايع ان الشك
في الأثناء مبطل واما بعد الفراغ فالذي يقتضيه النظر عدم الأبطال الا ان قبول قول كل منهما في حق الأخر
بعد الصلاة يقتضى تأثير الشك حينئذ حيث إن شرط الصحة لم يتحقق انتهى لكن الظاهر أن من فرق انما فرق بالنص ثم إن
357

الشك إذا وقع في الأثناء بنى على صحة ما مضى من الصلاة من الافعال التي دخل في غيرها لعين ما ذكر فيما بعد الفراغ
ويبنى فيما يستقبل على الانفراد ويجعل نفسه كأنه عدل في الحال إليه فافهم
المشهور بين الأصحاب عدم مشروعية الجماعة في النافلة عدا ما استثنى بل عن المنتهى وتذكرة وكنز العرفان دعوى
الاجماع عليه ويدل عليه الأخبار المستفيضة وبإزائها مستفيضة تدل على الجواز منها ما ورد في إمامة المرأة
ومنها ما ورد في ايتمام المسافر ومنها غير ذلك لكن الترجيح مع الاخبار الأول لصراحتها بالنسبة وبعدها عن مذهب
العامة وموافقتها للشهرة المحققة والاجماع المحكي ولو لم يكن في المسألة الا أصالة عدم المشروعية وعدم سقوط
القراءة لكفى بعد فرض تكافؤ الاخبار ولا يتوهم جريان التسامح هنا لأنه انما يجرى في اثبات أصل الثواب ولا يفيد
تحقق الامتثال الامر المقطوع به إذا شك في فرد انه مجز في امتثاله من جهة احتمال مدخلية شئ فيه وما نحن
فيه من
هذا القبيل لان الكلام في أن امتثال أوامر تلك النافلة كصلاة الليل أو صلاة الزوال أو صلاة جعفر تحصل
بالاقتداء فيها وترك وظايف المنفرد بترك القراءة وفعل السكوت الطويل وغير ذلك أم لا ومن المعلوم ان أصالة
الفساد سليمة لا تدفع بقاعدة التسامح نعم لو صلاها بنية الاقتداء ولم يحل بوظايف المنفرد بفرض جواز القراءة خلف الإمام
و [رجى] بذلك ادراك ثواب الجماعة في النافلة لم يبعد صحة الصلاة وادراك ثواب الجماعة لكن ليس هذا
من الحكم بصحة الجماعة في النافلة كما لا يخفى {وفي دخول المنذورة} فالفريضة أو النافلة وجهان بل قولان مبنيان
على إرادة النافلة بالذات من النص والفتوى أو المتصف بالاستحباب فعلا والأحوط الترك بل هو الأقوى وللأصل
لعدم شمول أدلة الجماعة في الفرض له فافهم مسألة {لا خلاف نصا وفتوى جواز إعادة من صلى منفردا}
صلاته إذا وجد جماعة إماما أو مأموما وعن العلامة في المنتهى وجماعة ممن تأخر عنه دعوى الاجماع عليه ويدل عليه
رواية هشام بن سالم الرجل يصلى الصلاة وحده ثم يجد جماعة قال يصلى معهم ويجعلها الفريضة ان شاء ومثلها
رواية حفص بن البختري باسقاط قوله إن شاء ورواية ابن أبي
بصير اصلى ثم ادخل المسجد فتقام الصلاة وقد صليت
فقال صلى معهم يختار الله أحبهما إليه ورواية الحلبي يصلى الفريضة ثم يجد قوما يصلون جماعة أيعيد صلاته
معهم قال نعم وهو أفضل قلت فإن لم يفعل قال لا بأس وصحيحة ابن بزيغ قال كتبت إلى ابن أبي
الحسن عليه السلام انى
أحضر الصلاة مع جيرتي وغيرهم فيأمرونني بالصلاة بهم وقد صليت قبل ان اتيهم وربما صلى خلفي من يقتدى
بصلاتي والمستضعف والجاهل فاكره ان أتقدم وقد صليت لحال من يصلى بصلاتي ممن سميت لك فأمرني
بذلك انتهى إليك واعمل بامرك انشاء الله تعالى فكتب صل بهم ومرسلة الفقيه اصلى في أهلي ثم اخرج إلى المسجد فيقدموني
358

فقال تقدم لا عليك وصل بهم قال وروى أنه يحسب له أفضلهما وأتمهما ثم إن ظاهر مورد هذه الأخبار إعادة
من صلى منفردا صلاته بالإمامة لقولهم لم يصلوا أو بالايتمام بهم في تلك الصلاة التي صلاها واما غيرها فلا يبعد
الحاقه به واما إعادة من صلى منفردا مع من صلى منفردا ففيه اشكال لعدم الدليل ويمكن ان يستدل عليه
بالنبوي الآتي الدال على أن الصلاة مع شخص لتحصيل الجماعة صدقة عليه فكل من الإمام والمأموم يتصدق على
صاحبه بل بما تقدم من قوله الرجل يصلى ثم يجد جماعة فان المستفاد منه إناطة الحكم بأنه اتفق له الجماعة سواء
كان منعقدا من دونه أو انعقد به وبالجملة فالمستفاد من الروايات رجحان إعادة الصلاة لتدارك فضيلة الجماعة فيهما
سواء كان مع من صلى أو لم يصلى واحدا أو متعددا انعقدت الجماعة به أو بغيره اتحدت صلاة أحدهما مع صلاة الأخر
أو اختلفت واما من صلى جماعة فان صلى ثانيا بتلك الجماعة بعينها فالظاهر عدم الجواز لا دليل عليه كما أنه لا اشكال
ولا خلاف في استحباب اعادته إماما لمن لم يصل كما روى أن معاذا كان يصلى مع النبي صلى الله عليه وآله ثم يرجع فيصلى بقومه وعن غوالي
اللآلي انه صلى الله عليه وآله قال لأصحابه الذين صلوا معه الا رجل يتصدق على هذا فيصلى معه مشيرا إلى من دخل المسجد ولم يصل
ويظهر منه جواز ايتمام من صلى جماعة بمن لم يصل لحصول التصدق عليه بالصلاة معه واما ايتمامه بمن صلى منفردا و
إمامته له ففيه اشكال وكذا ايتمامه بمن صلى جماعة غير جماعة المأموم أو إمامته له بقى
إعادة من صلى جماعة مع جماعة مبتدئة أخرى ولا يبعد جوازها العموم صحيحة زرارة فيمن صلى ودخل مع قوم في صلواتهم بغير نية
الصلاة فأحدث الامام فاخذ بيده فقدمه قال عليه السلام لا ينبغي للرجل ان يدخل مع قوم في صلواتهم وهو لا ينويها صلاة بل ينبغي ان ينويها صلاة وإن كان قد صلى فان له صلوات أخرى والا فلا يدخل معهم فقد تجزى عن القوم صلواتهم فإن لم ينوها
فروع (الأول) هل يجوز تكرار الإعادة ثانيا وثالثا وظاهر الشهيدين وبعض نعم لعموم الأدلة وفيه اشكال
لعدم النص وأصالة عدم مشروعية الإعادة وهل يجوز تسامحا في أدلة السنن من جهة فتوى الفقيه فيه اشكال
لاحتمال التحريم المستفاد من الرواية لا تصلى صلاة مرتين وقوله لا جماعة في نافلة وان سلم انصرافه إلى غير المقام لكن
الاحتمال لا يندفع بذلك مع أن عموم لا صلاة الا بفاتحة الكتاب دليل على عدم مشروعية الصلاة الخالية عن
الفاتحة وعدم حصول التقرب بها ومعه لا يتأتى قصد التقرب المعتبر في الصلاة الا ان يقال إن اخبار التسامح بعد
فرض تسليم شمولها لفتوى الفقيه مثبتة لرجحان العمل الموجب لامكان قصد التقرب فلا يحتاج إلى أمر يتحقق عدا
الامر الحاصل من تلك الأخبار ولا يعارضها الدليل المعتبر الدال على عدم حصول التقرب لأنه لا يفيد القطع فاحتمال
الرجحان والمشروعية باق وهو كاف لادخال المورد تحت أدلة التسامح مع العقل والنقل الثاني هل يجوز ان
ينوى الفرض في المعادة أو لابد من نية الندب قولان واستشهد للأول برواية برواية هشام بن سالم المتقدمة
359

الدالة على جعلها الفريضة فان أريد نية الفرض على وجه التعليل فهو مشكل بل غير معقول وان أريد نيته على
وجه لتوصيف بان ينويها الصلاة المفروضة عليه في هذا اليوم برفع اليد عما فعله فهو مما يمكن ان يعتبره الشارع من
حيث اعطاء ثواب الفريضة على المعادة إما لو لم ينوها الفريضة فالظاهر ضم ثواب جماعة هذه الصلاة إلى الصلاة
السابقة فيحصل لها بذلك ثواب الجماعة لا غيره من المكملات لو اتفقت في الثانية كما لو اتفقت في المسجد فإنه يحتسب له
ثواب ايقاع النافلة في المسجد لا الفريضة قال الشهيد والمحقق الثانيان بلزوم نية الإمامة هنا على الامام [المعيد] و
علله الثاني بانتفاء سبب المشروعية لولا ذلك ومعناه ان هذه الصلاة انما تشرع على وجه الجماعة لا في نفسها فهو كصلاة
الجمعة المستحبة ونحوها بل أولي منها لان الجمعة صلاة في نفسها وجب فيها الجماعة تحصيلا لشرط صحتها بخلاف هذه
فان المقصود الأصلي منها حصول الجماعة الثالث لو فرغ الامام من صلاته أتم صلاته فرادى لأنه اللازم من امره بالدخول
مع الامام الا ان يمنع مشروعية الدخول مع العلم بلزوم الانفراد في بعض الصلاة وهل يشرع الدخول معه في
غير محل
ادراك الركعة كالسجود وما بعده وجهان وهل له العدول عن الجماعة في هذه الصلاة فيه اشكال الرابع إذا ظهر فساد
الأولى فهل تجزى الثانية في الامتثال أم تبطل أيضا أم يجزى لو نوى الوجوب كما عن حواشي الشهيد (ره) وجوه من أن الشارع
أمر به لمجرد تدارك فضيلة فاتت في الأول ولم يأمر ثانيا بامتثال الامر فالمأتى به فعل لا يترتب عليه الا تدارك ما فات
في الأولى فإذا تبين بطلانها وعدم قابليتها لتدارك فضيلتها وقعت الثانية في غير محلها ومن أن الظاهر من
اخبار المسألة خصوصها قوله عليه السلام في رواية هشام بن سالم يجعلها الفريضة وقوله في رواية ابن أبي
بصير يختار الله أحبهما
وفي مرسلة الفقيه يحسب له أفضلهما وأتمهما اتحادهما في قابلية حصول الامتثال بهما فتكون الإعادة لتحصيل الامتثال
بالفرد الأكمل لا أمرا تبعديا يترتيب عليه اثر واحد وهو تدارك ما فات في الأولى لو كانت قابلة للتدارك و
نظير هذا يجرى في كل فعل أمر الشارع بفعله ثانيا لتدارك نقص وقع في الفعل الأول كما إذا أمر بإعادة الغسل
لتدارك المضمضة والاستنشاق وإعادة الصلاة والمأتي بها مع التيمم بالنسبة إلى بعض الاشخاص أو لنقص في
تأثير حدث بعده كما إذا أمر ندبا بالوضوء عقيب المذي أو لاحتمال زوال اثر الأول كوضوء مستصحب الطهارة احتياطا
أو لتكميل اثر الأول وتقويته كالوضوء المجدد بناء على أن له اثر كاثر الأول على ما يقتضيه قوله (ع) الطهور على
الطهور نور على نور واما ما حكى عن الحواشي فالظاهر أنه مبنى على عدم اجزاء المندوب لان المحكي عنه انه ذكر الأجزاء
من ثمرات نية الوجوب ويحتمل ان يكون وجه البناء انه إذا نوى الصلاة المفروضة عليه فيسقط الامتثال به
وإن كان الامر بذلك ندبيا بخلاف ما إذا لم ينو ذلك فإنه على ما عرفت لا يتدارك بها الأفضلية الجماعة فافهم
360

وحكى عن بعض أنه قال إن هذا من المواضع التي قيل فيها ان المستحب أفضل من الواجب مسألة لا خلاف نصا وفتوى
في عدم صحة الايتمام بالفساق ونقل الاجماع عليه مستفيض ولا اشكال في عدم انعقاد الجماعة مع علم المأموم بفسق
الامام كما الا اشكال في صحة صلاته مع جهله كما سيجئ وهل هي من موانع اقتداء المأموم فيجوز للفاسق الاقدام على الإمامة
إذا جهل بفسقه المأموم أم هو مشترك المانعية بينهما حتى أنه لا يجوز له ولو مع جهل المأموم بحاله التعرض للامامة بالقيام
بمقدماتها ووظايفها ربما يوهم ظواهر كلمات المشهور للثاني حيث ذكروا في فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم انه لا يجوز
أولا يصح امامة الفاسق لكن التأمل في كلامهم واستدلالاتهم على ذلك يعطى إرادة عدم جواز جعله إماما لما عرفت في
نية الايتمام من أن كون الشخص متصفا بصفة الإمامة لا يكون الا بايتمام الغير به والا فهو بنفسه لا يدخل في الصلاة
الا مفردا نعم ربما يكون منه اعداد نفسه وتعريضها للامامة بالتقدم على القوم والقيام بمقدماتها لكن إرادة ذلك
من كلماتهم بعيد جدا فمعنى قولهم لا تجوز امامة الفاسق لا يجوز كونه إماما الحاصل بايتمام الناس به لا تعريضه نفسه
للامامة والقيام بمقدماتها والحاصل انه لا تعرض في هذا العنوان لحكم الامام تكليفا أو وقعا وانما هو مسوق
لحكم المأموم فمن جملة معاقد الاتفاقات عبائر ما في التذكرة ونهاية ان العدالة شرط في الامام فلا تصح خلف الفاسق
وان اعتقد الحق عند علمائنا أجمع كما عن التذكرة أو جميع علمائنا كما عن النهاية وعن شرح القاضي لجمل السيد واما امامة
الفساق فعندنا انها غير جائزة وإن كان الفاسق موافقا للاعتقاد ودليلنا الاجماع الذي سلف ذكره انتهى
فان عطف معتقد الحق بلو الوصيلة يدل على أن الكلام مسوق لحكم المأموم وانه لا يجوز اقتداؤه بالفاسق مخالفا
كان أو موافقا ومن لاحظ شرح الحلى وجده نصا في إرادة بيان حكم المأموم وعن كشف الحق ذهبت الإمامية إلى أنه لا
يجوز امامة الفاسق ولا المخالف في الاعتقاد ولا المبدع وهو أظهر من الكلمات السابقة في إرادة حكم المأموم خصوصا
بعد استدلاله على ذلك بآياتي النهى عن الركون إلى الظلمة والامر بالتثبت في خبر الفاسق واما كلماتهم الأخر الناصة في ذلك
فهى أكثر من أن تذكر ولولا هذه القرائن أمكن حمل هذه الفقرة على أن امامة الفاسق غير جائزة أي لا يترتب عليه اثر الإمامة
فلا تنعقد به جماعة غاية الأمر ان المأموم لجهله به صلاته صحيحة بل يمكن القول أيضا بصحة جماعته كما سيجئ واما الامام
فلا تنعقد في حقه جماعة فلا يرجع إلى المأموم في عدد الركعات ولا يصح له الدخول في الصلوات المشروطة بالجماعة كالجمعة
والعيدين والمعادة لادراك الجماعة كل ذلك لعدم شرط الجماعة بحسب علم الإمام غاية الأمر صحة صلاته في غير هذه المقامات
ومثل هذا يجرى في الأخبار الواردة بالمنع عن امامة بعض الاشخاص مثل قوله (ع) الأغلف لا يؤم القوم وإن كان
اقرأهم لأنه منع عن السنة اعظمها وقوله (ع) ستة لا يؤمون الناس وعد منهم شارب الخمر والنبيذ ونحو ذلك فان
361

ظاهره عدم ترتب الأثر على إمامته وان الجماعة لا تنعقد به في حق كل من علم بالمانع ولو كان نفس الامام وربما يتوهم
النهى عن التعرض للامامة من بعض الأخبار مثل المحكي عن مستطرفات السرائر عن كتاب السياري أنه قال قلت لأبي جعفر
الثاني قوم من مواليك يجتمعون فتحضر الصلاة يتقدم بعضهم يصلى جماعة قال إن كان الذي يؤمهم ليس بينه وبين الله
طلبة فليفعل وظاهره المنع في صورة تحقق الطلبة أعني المعصية التي يطالب بها الله عز ذكره من حيث عدم التوبة
المكفرة لكن السياري ضعيف جدا مع امكان حمل مفهوم الرواية على الاستحباب ايثار من بينه وبين الله طلبة غيره
على نفسه وان التمس منه التقدم ومما يؤيد عدم كون الحكم الزاميا ما ذكر في ذيل الرواية المذكورة في الكتاب المذكور حيث
قال وقلت له مرة أخرى ان القول من مواليك يجتمعون فتحضر الصلاة فيؤذن بعضهم ويتقدم أحدهم فيصلى بهم فقال إن
كانت قلوبهم كلها واحدة فلا بأس قال ومن أين لهم معرفة ذلك قال فدعوا الإمامة لأهلها والحاصل ان
الرواية المذكورة لا تنهض لاثبات حكم مخالف للأصل لكن يمكن ان يقال إن الفسق مانع واقعي عن انعقاد الجماعة
ولو في حق المأموم فتعرض الامام لها مع جهل المأموم تعزير وتدليس بل غش وتلبيس يستحق الذم عليه من اطلع
على فعله فهو كالصلاة بهم غيرنا وللصلوة فان الظاهر حرمة ذلك ويؤيده فحوى ما ورد من أن الامام الذي
لا يقتصد في حضوره وركوعه وسجوده وقعوده وقيامه ردت عليه صلاته ولم تتجاوز تراقيه وكان منزلته عند الله
منزلة امام جائر متعد لم ينصح لرعيته ولم يقم فيهم بأمر الله فقال له أمير المؤمنين (ع) يا رسول الله صلى الله عليه وآله ما منزلة امام
جائر فقال هو رابع أربعة من أشد الناس عذابا يوم القيمة إبليس وفرعون وقاتل النفس وسلطان جائر والحاصل
انه ان ثبت كون الفسق مانعا في حق الامام ولو كان من الموانع العلمية حرم تعرض الامام للامامة بلا اشكال
والا فان ثبت كونه مانعا واقعيا عن الجماعة في حق المأموم كان حرمة تعرضه أيضا غير بعيد {وعلى أي تقدير} فلا
يترتب في حقه احكام الجماعة من رجوعه إلى المأموم في عدد الركعات ودخوله في الصلوات المشروطة بالجماعة ونحو ذلك
ومانعية الفسق في حق الامام وان لم تثبت الا ان مانعية الواقعية في حق المأموم غير بعيدة على ما يقتضيه اطلاق
قوله (ع) لا صلاة خلف الفاجر ولا ينافى ذلك صحة صلاة المأموم لو تبين فسق الامام كما سيجئ في مسألة تبين اختلال
شروط الامام وكيف كان فالأحوط للفاسق ان يتوب أو يترك الإمامة مسألة لا يكتفى في امام الجماعة بعدم
الفسق بل لابد فيه من العدالة ولا يتوهم ان اعتبار عدم الفسق يغنى عن اعتبار العدالة بناء على أن المراد عدم الفسق
الواقعي لان الفرق بينهما لا يكاد يلتبس على أدنى متأمل فان الاقتصار على اشتراط عدم الفسق يوجب صحة الاقتداء
بمن لم تثبت فيه ملكة العدالة ولا عرف بحسن الظاهر وفرض عدم صدور الفسق منه وكذلك يوجب صحة الاقتداء
362

بمجهول الحال لأصالة عدم الفسق بخلاف ما لو اشترطنا العدالة فان أصالة عدم الفسق لا توجب ثبوت العدالة
وان قلنا بعدم الواسطة بل الأصل أيضا عدم العدالة وكيف كان فيدل على اعتبار العدالة في الامام مضافا إلى
الاتفاق المحكي عن التذكرة ونهاية الاحكام الأخبار المستفيضة مثل المرسل المحكي عن الفقه الرضوي عن العالم (ع)
انه لا تصل الا خلف رجلين أحدهما من تثق بدينه وورعه والاخر من تتق سيفه وسوطه إلى اخر الرواية وفي رواية
أبى علي بن ارشد لا تصل الا خلف من تثق بدينه وأمانته وفي رواية تأتى انشاء الله في باب الاذان من زيادات
التهذيب إذا دخلت المسجد فكبرت وأنت مع امام عادل ثم مشيت إلى الصلاة أجزأك وموثقة سماعة عن رجل
كان يصلى فخرج الامام وقد صلى الرجل ركعة من صلاة فريضة فقال إن كان إماما عدلا فليصل أخرى وينصرف
ويجعلها تطوعا وليدخل مع الامام في صلاته كما هو وان لم يكن امام عدل فلا يبنى على صلاته كما هو إلى اخر الرواية
وظاهر ذيلها وإن كان الاختصاص بغير العدل المخالف الا انه لا يقدح في المطلوب كما لا يخفى مضافا إلى أدلة اعتبار
العدالة في الشاهد الموجب لاعتبارها في الامام بناء على عدم القول بالفصل على ما حكى عن بعض الاعلام والمراد
بالعادل في الروايتين العادل في دينه أصولا وفروعا فعدم عدالته قد يكون من جهة فسقه في أصول الدين كالمخالف
وهو المراد في الموثقة إذ غيره لا يجوز الصلاة ورائه تقية كما لا يخفى وقد يكون من جهة فسقه في فروع الدين كالمؤمن
الفاسق بجوارحه والعدالة بهذا المعنى غير ما اصطلح عليه أصحابنا من الملكة الخاصة وحينئذ فلا تدل الروايتان الا على
اعتبار العدالة أعني الاستقامة الفعلية أصولا وفروعا ولا يدل على اعتبار العدالة بمعنى الملكة حتى لا تجوز الصلاة
خلف المؤمن الذي لم تصدر منه كبيرة ولم تحصل له ملكة بعد بل ظاهره اعتبار عدم المعصية أصلا هذا مع أنه
يدور الامر في الموثقة بين ان يراد من العدل العدل من جميع الجهات أصولا وفروعا ويرتكب التقييد في قوله بعد ذلك
وان لم يكن امام عدل لان المراد به خصوص المخالف وبين ان يراد خصوص العدل من حيث أصول الدين ليكون مقابلا
للمخالف وكيف كان فالتمسك بالروايتين على اعتبار العدالة بالمعنى المصطلح مشكل جدا وما ذكره بعض المعاصرين
تبعا للمحدث المجلسي من أن التصريح باشتراط ملكة العدالة لم يقع في الاخبار لا يخلوا عن وجه وان استغراب بعض اخر من
المعاصرين لصدور ذلك عن مثل المحدث المذكور لا يخلوا عن نظر نعم الروايتان الأخرتان الدالتان على اعتبار الوثوق
بالدين والأمانة والورع ظاهرتان في اعتبار الملكة إذ لا وثوق بمن لا ملكة له بل يمكن الاستدلال بالروايتين
السابقتين بناء على أن الظاهر من العدالة فيهما هي التي فسرت في صحيحة ابن ابن أبي
يعفور الدالة على اعتبار الملكة لان
تفسير العدالة المطلقة بشئ ثم إرادة المفسر خلافه في مقام اخر من دون قرنية قبيح اللهم الا ان يقال بعد
363

تسليم دلالة الصحيحة على اعتبار الملكة ان السؤال في الصحيحة انما هو عما به تعرف العدالة هي الاستقامة الفعلية فان الاستقامة
الفعلية بترك المحرمات وفعل الواجبات وابن أمكن احرازها بأصالة الصحة في أمور المسلم كما سيجئ الا ان الشارع لم يكتف
بها في مقام الشهادة بل اعتبر انكشافها ولو ظنا فجعل الملكة التي هي المقتضية للاستقامة الفعلية علامة لها في مرحلة
الطاهر إذا شك في تحققها فلو تحققا فلو تحققت من دون ملكة كفت فالعدالة المعتبرة في الإمامة والشهادة في الاستقامة
الفعلية لا ملكتها وانما جعل الشارع الملكة دليلا عليها في مقام الشهادة فيحتاج إليها عند الشك في تحقق
الاستقامة الفعلية لا عند القطع بها واما في مقام الإمامة فلا دليل على اعتبار الملكة لأنها لم تثبت كونها نفس
العدالة ولم تثبت احتياج احراز العدالة إلى احرازها كما ثبت في مقام الشهادة فيكتفى في احرازها بأصالة الصحة
في أمور المسلمين كما بنى عليه جماعة في مقام الشهادة أيضا هذا مع الشك في الاستقامة الفعلية واما مع القطع بتحققها
فلا حاجة إلى حصول الملكة والحاصل انه لم يثبت من صحيحة ابن ابن أبي
يعفور معنى جديد للعدالة غير معناه اللغوي وهي
الاستقامة وانما وقع السؤال والجواب عما تعرف به هذه الصفة ومما ذكرنا يعرف الكلام في بعض الأخبار الأخر التي
أشير فيها إلى اعتبار العدالة في الامام مثل قوله (ع) في علل الفضل علة كون صلاة الجمعة ركعتين قال لان الصلاة
مع الامام أتم لعلمه وفقهه وعدالته إلى اخر الحديث فإنه وان دل على اعتبار عدالة الامام الا انها الا اشعار فيه باعتبار
ملكة العدالة كما عرفت نظيره في الروايتين السابقتين هذا مع أنه لا يجدى فيما نحن فيه لان مساق الرواية في بيان التشريع
أصل الجماعة ولا ريب انها شرعت في الأصل على سبيل الوجوب العيني ولا ريب في اشتراط وجوبها العيني بالامام و
نائبه الخاص ولا ريب في كون الامام معصوما ونائبه الخاص فيه ملكة العدالة لا محالة فتأمل {الحمد الله رب العالمين
والصلاة والسلام على محمد واله وآله الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين * (باب فصل الجماعة و
أقل ما تنعقد به) * {ثقة الاسلام علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابن أبي
عمير عن عمر بن اذنيه عن زرارة قال قلت لأبي عبد الله (ع)
ما يروى الناس ان الصلاة في جماعة أفضل من صلاة الرجل وحده بخمسة وعشرين صلاة فقال (ع) صدقوا فقلت الرجلان
يكونان في جماعة فقال نعم ويقوم الرجل عن يمين الامام} ويستفاد من هذا الخبر أمور (الأول) رجحان الجماعة ومزية صلاتها
على الصلاة فردا وهو ثابت في الفرائض بالكتاب والسنة واجماع المسلمين قال الله تعالى واركعوا مع الراكعين ولا
فرق في الفرائض بين اليومية أداء وقضاء وغيرها من صلاة الآيات والأموات لعموم الدليل وخصوصه في الآيات
والأموات واما الجمعة وصلاة العيدين فلم تجب الا جماعة ولم يطلب فيها الجماعة بأمر غير الامر بأصلها و (أولا لمتلزم) بالنذر
من النوافل فحكمه حكم النوافل لما سيجئ واما صلاة الاحتياط فالظاهر شرعية الجماعة فيها إذا صلى الشاكون أصل الصلاة
364

بالجماعة فاعتراهم شك يوجب احتياطا لكونها بمنزلة الجزء من أصل صلاته ولا يقدح في المشروعية كونها نافلة على تقدير
عدم احتياج الصلاة إليها فيشملها أدلة عدم مشروعية الجماعة في النافلة لعدم قدح مجرد الاحتمال في علم الله سبحانه مع وجوبها
وتنزيلها منزلة الجزء في حق المكلف ظاهرا حتى في وجوب سجدتي السهو لو تكلم سهوا قبلها ثم في شمول أدلة عدم شرعية
الجماعة في النافلة لمثل ما نحن فيه منع ظاهر ولا فرق على المختار بين ما إذا وافق احتياط الإمام والمأموم أو اختلف
كما إذا شك الامام بين الاثنين والأربع والمأموم بين الثلث والأربع أو انعكس الامر واما إذا صلى أصل الصلاة
منفردا فهل يجوز اقتداء أحد الشاكين بالآخر في صلاة الاحتياط التي أوجبها شكهما أم لا وجهان من اطلاق أدلة
الجماعة من انصرافها إلى الصلوات المتمحضة في الاستقلال ولا يبعد الأول سيما إذا قيل بجواز ايتمام أحد المنفردين بالآخر
في أثناء الصلاة وحيث حكم بمشروعية الجماعة فهل تسقط القراءة عن المأموم أم لا الظاهر الثاني لما دل على وجوب كون
الاحتياط قابلا للتبدلية عن الركعتين الأخيرتين أو إحديهما وحينئذ فالجماعة فيها تحصل بنية الايتمام والمتابعة في
الافعال واما النوافل فالمعروف بين الأصحاب حتى ادعى في كنز العرفان ان عليه اجماع علماء أهل البيت (ع) وحكى
عن المنتهى ان عليه علماؤنا أجمع عدم مشروعية الجماعة فيها الا ما استثناء كلهم أو بعضهم من الاستسقاء والعيدين
وصلاة الغدير ويدل عليه وقوله صلى الله عليه وآله فيما روى عن الرضا (ع) لا جماعة في نافلة ونحوه ما عن الخصال والعيون والرضوي والكل
وإن كانت غير نقية السند الا انها مع تعاضدها موافقة للأصل ومخالفة للعامة ومعتضدة بعدم وجدان المخالف
لما ممن يعبأ به في الفقه ونقل الاجماع عليه عن المنتهى وفي الكنز وبذلك كله يقيد اطلاقات رجحان الجماعة لو
سلم إفادتها العموم ويوهن ما دل من الصحاح وغيرها على جواز الجماعة في النافلة إما مطلقا في خصوص شهر رمضان
أو لخصوص المرأة مطلقا بناء على دلالتها على المطلب ثم الظاهر المتبادر من النافلة في الرواية وعبائر الجماعة ما هي
نافلة بالنوع فلا عبرة لشخص الصلاة حتى أنه لو وجبت النافلة بندر وشبهه لم تشرع الجماعة فيها ولو أعيدت الواجبة
استحبابا لمجرد الاحتياط ولغيره كما إذا أعيدت صلاة الكسوفين لعدم الانجلاء استحبت فيها الجماعة (الثاني)
ان صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بخمس وعشرين صلاة فيكون مع أصل الصلاة ستا وعشرين كما هو المتبادر
من لفظ الحديث نظير قولنا هذا أطول من ذاك بشير وفي بعض الصحاح انها أفضل بأربع وعشرين ليكون مع الأصل
خمسا وعشرين ويمكن تطبيق هذه الروايات عليه بتكلف و {هنا روايات أخر} في فضيلة الجماعة منها ان الصلاة
في الجماعة أفضل من الصلاة في مسجد الكوفة مع ما ورد من أن الركعة فيها بألف وحملت على الصلاة خلف العالم ولما روى
من أن الصلاة خلف العالم بألف وخلف القرشي بمائة والحسن ما روى في هذا الباب ما عن الروض عن كتاب الامام و
365

المأموم للشيخ ابن أبي
محمد جعفر بن أحمد القمي قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله اتانى جبرئيل مع سبعين الف ملك بعد صلاة الظهر
فقال يا محمد ان ربك يقرئك السلام واهدى إليك هديتين قلت ما تلك الهديتان قال الوتر ثلث ركعات و
الصلاة الخمس في جماعة قلت يا جبرئيل ما لامتي في الجماعة قال يا محمد إذا كانا اثنين كتب الله لكل واحد بكل ركعة مائة وخمسين
صلاة فإذا كانوا ثلثة كتب الله لكل واحد بكل ركعة ستمائة صلاة وإذا كانوا أربعة كتب الله لكل واحد ألفا ومأتي
صلاة وإذا كانوا خمسة {شيخنا في الحدائق عن رجال الكشي عن يزيد ابن حماد عن أبي
الحسن (ع) قال قلت له اصلى خلف من لا اعرف فقال لا تصلى الا خلف من تثق بدينه} رئيس المحدثين {باسناده الصحيح عن
زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت المرأة تؤم النساء قال لا الا على الميت إذا لم يكن أحد أولي منها ولا تتقدمهن
ولكن تقوم وسطهن في الصف فتكبر ويكبرن وباسناده الصحيح أيضا عن هشام بن سالم انه سئل أبا عبد الله (ع)
عن المرأة هل تؤم النساء قال تؤمهن في النافلة واما في المكتوبة فلا ولا تتقدمهن ولكن تقوم وسطهن} ثقة الاسلام
{عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له الصلاة خلف العبد فقال لا بأس
به إذا كان فقيها وليس هناك أفقه منه قال قلت اصلى خلف الأعمى قال نعم إذا كان من يسدده وكان أفضلهم قال
وقال أمير المؤمنين (ع) لا يصلين أحدكم خلف المجذوم والأبرص والمجنون والمحدود وولد الزنا والأعرابي لا يؤم المهاجرين}
يستفاد من هذه الصحاح الأربع ان للامام شروطا {الأول} البلوغ واشتراطه هو المشهور عن صوم المنتهى عدم
الخلاف فيه ويدل عليه مضافا إلى الأصل الصحيحة الأولى حيث إن من يثق بدينه لا يكون الا بالغا لان غيره غير مكلف بالدين
أصولا وفروعا فتأمل ولا يضر في صحة هذه الرواية بعد لقاء الكشي ليزيد بن حماد لارتفاعه باحتمال اخذه الرواية عن كتابه
المقطوع الانتساب ومع قابلية الاسناد فلا اعتناء باحتمال الارسال ويؤيد ما ذكرنا موثقة إسحاق بن عمار عن
أبي عبد الله (ع) ان عليا عليه السلام كان يقول لا بأس ان يؤذن الامام قبل ان يحتلم ولا يؤم حتى يحتلم فان أم جازت
صلاته وفسدت صلاة من خلفه خلافا للمحكى عن الشيخ في الخلاف والمبسوط فجوز امامة المراهق [؟؟] وادعى عليه الاجماع وربما
يحكى عن التنقيح نسبة إلى السيد ويدل عليه رواية غير [نقية] السند ودعوى الشيخ معارضة بالمحكى عن صوم المنتهى والخبر لا
يعارض ما مر مع مخالفته للأصل ولبعض من جواز إمامته في النافلة ولم أجد على هذا التفصيل دليلا {الثاني} الذكورية
ولا ريب في اشتراطها في امامة الذكور وقد ادعى الاجماع عليه جماعة ولا في عدم اشتراطها في امامة النساء في النافلة
المجوز فيها الجماعة وقد دل الصحيح الثاني والثالث على الأول فحوى وعلى الثاني منطوقا واما اشتراطها في امامة
النساء في الفرائض فهو محكى عن السيد والإسكافي والجعفي ونفى في المختلف {البأس} عنه وعن غير واحد من متأخري المتأخرين
366

تقويته للصحيحين المذكورين هنا وغيرهما من الاخبار خلافا للمحكى عن الأكثر بل عن الخلاف وظاهر المعتبر والمنتهى الاجماع
عليه فلم يشترطوها إما لاطلاق وموثقة ابن بكير المقيد بالصحاح أو الاخبار غير نقية السند ودعوى انجبارها بإشارة
وحكاية الاجماع غير مسموعة لعدم ايجاب الشهرة الاطمينان بالصدور مع أن غاية الأمر صيرورة الضعاف بعد الانجبار في قوة
الصحاح المخالفة لها فيحصل التعارض الموجب للرجوع إلى الأصل وما ورد في الاخبار من الترجيح بالشهرة فإنما هو بعد
حجية كل من المتعارضين بنفيه مع قطع النظر عن الشهرة مع أن المراد بها ما يعد المخالف معه شاذا نادرا كما صرح به
في قوله ودع الشاذ النادر ودعوى شذوذ الخلاف فيما نحن فيه مع ذهاب الفحول المذكورين إليه سيما مع أنه ظاهر
الكليني والصدوق وحيث أو رد الاخبار المتعددة في ذلك من غير تعقيبها بما يخالفها وميل كثير من المتأخرين إليه
مجازفة وبه يندفع ما ربما يقال من أن العمل بالمشهور هنا ليس من باب ترجيح أحد الخبرين بالشهرة بل من باب عدم
الدليل على حجية الصحيح المخالف للشهرة مع أنه لو كان الامر كذلك وجب الرجوع إلى أصالة عدم مشروعية الجماعة و
توهم الرجوع إلى اطلاقات الجماعة فاسد لعدم وجود ما يصح التمسك فيها فإنها مختصة إما بصراحتها أو بالتبادر
أو بحكم كونها في مقام حكم اخر الموجب للاجمال الموجب للاقتصار على المتيقن أعني امامة الرجل واما الاجماع المحكي
فموهون بذهاب كثير إلى الخلاف وكيف يحكم بان المراد من الاجماع الذي أدعاه في المنتهى الاتفاق الكاشف مع
ميله في المختلف إلى خلافه وقد ترجح اخبار الجواز بمخالفة العامة وهو موهون بما حكى من أن الفقهاء الأربعة على الجواز
واما تحقيق معنى العدالة وانه هل يكفى في الحكم بها مجرد ظهور الاسلام وعدم ظهور الفسق أم لابد من حسن الظاهر أم لابد
من الظن بالملكة فهو يحتاج إلى بسط كامل وتأمل تام لا يسع الوقت له لكثرة المشاغل وملخصه وجوب الرجوع في طريق
معرفتها إلى ما رواه في الفقيه بسند كالصحيح بأحمد بن محمد بن يحيى إلى ابن ابن أبي
يعفور عن مولانا الصادق عليه السلام ثم إن
العدالة كما تكون شرطا جواز اقتداء المأموم فهل يشترط في جواز امامة الامام بمعنى ان الفاسق يعاقب على الإمامة
أو لا تصح صلاته أم لا الظاهر الثاني ولعله مذهب الأكثر نعم قد عبر بعضهم عن اشتراط العدالة بقولهم انه لا يجوز امامة
الفساق الظاهر في أنها شرطا للامامة لكن الظن ان مراده اشتراطها في الاقتداء ولهذا يعقبون هذا الكلام
بالاستدلال عليه بما دل على المنع من الاقتداء بالفاسق والركون إليه وكيف كان فحيث لا دليل على حرمة امامة الفاسق
أو عدم صحة صلاته إماما فالأقوى القول بالجواز والصحة نعم قد يستفاد من الخبر السابق المروى في السرائر عدم الجواز لكنه
ضعيف بالسياري شيخ الطائفة {باسناده الصحيح إلى الحسين بن سعيد عن النظرين سويد عن عبد الله بن سنان
عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن قوم صلوا جماعة وهم عراة قال يتقدمهم الامام بركبتيه ويصلى بهم جلوسا وهو جالس
367

دل هذا الخبر الصحيح على وجوب تقدم الامام على المأموم بناء على ظهور الجملة الخبرية في الوجوب فلا يجوز مساواة المأموم للامام
كما ذهب إليه الحلى خلافا للمشهور بل حكى عن التذكرة الاجماع عليه فجوزوها للأصل والاطلاقات سيما ما دل منها
على رجحان كون المأموم الواحد عن يمين الامام وما رواه السكوني عن أبي عبد الله (ع) في رجلين اختلفا فقال أحدهما
كنت امامك وقال الآخر كنت انا امامك قال صلاتهما تامة قلت فان قال كل واحد منهما كنت أئتم بك قال فصلاتهما
فاسدة فان الحكم بصحة صلاتي كل من مدعى الإمامة لا يجامع اشتراط تقدم الامام على المأموم ادفع تقدم أحدهما لا يصح
دعوى الإمامة من المتأخر اجماعا ومع مساواتهما لا تصح منهما بناء على اشتراط تقدم الامام وفى هذه الأدلة كلها
نظر إما الأصل فلو وجب رفع اليد عنه بالصحيحة المذكورة مع أن أصالة عدم مشروعية الجماعة وأصالة عدم سقوط
القراءة نظرا إلى أن ما دل على السقوط مختص صريحا أو انصرافا بالصلاة خلف الامام ولا مع مساواة الامام كافيتان
في الحكم بوجوب التقدم في هذا المقام واما الاطلاقات فلانها غير مسوقة لبيان هيئة الجماعة فان الجماعة أمر توقيفي
لا بد من تلقيها من الشارع مضافا إلى انصرافها بحكم التبادر إلى صورة تقدم الامام ومع التنزل فهى بأجمعها حتى
ما دل منها على رجحان وقوف المأموم الواحد عن يمين الامام مقيدة بالصحيحة واما رواية السكوني فهى على ضعفها
غير دالة على المطلوب لان دعوى كل من الرجلين الإمامة ترجع إلى دعوى كل منهما انه نوى الإمامة وقام بوظايف
الامام ولا ريب في صحة صلاتهما وإن كان أحدهما متأخرا عن الأخر لان تأخره مع قيامه بوظايف الإمامة لا يقدح في
صحة صلاته وانما يفسد صلاة من تقدمه لو اقتدى به والمفروض انه لم ينو الاقتداء به بل نوى إمامته وقال أيضا بوظايف
الإمامة كالمتأخر فلا وجه لفساد صلاة واحد منهما مع قيامه بوظايف الإمامة فان قلت إذا قلنا بوجوب تقدم
الامام فنوى كل من المساويين الإمامة بطلت صلاته من حيث إنه نوى أمرا غير مشروع فتبطل الصلاة من جهة هذه
النية فلا يستقيم الحكم بصحة صلاتهما الا مع جواز المساواة قلنا لا دليل على بطلان الصلاة بهذه النية
اللاغية مع امكان ان لا تقع لاغية بحسب اعتقاد المكلف بان لا يلتفت إلى عدم تأخر صاحبه أو يلتفت لكن
يظن أنه متأخرا وسيتأخر ولو سلم وجود الدليل على بطلان الصلاة بهذه النية دار الامر بين ان يخرج بالرواية
المنجبرة عن ما دل على وجوب تقدم الامام وبين ان يخرج بها عما دل على بطلان الصلاة بهذه النية ولا ترجيح و
بالجملة فما ذهب إليه المشهور من جواز المساواة مما لم أجد عليه دليلا تطمئن به النفس فالأحوط ما ذهب إليه الحلى
وعليه فالظاهر كفاية التقدم بمسماه بحيث يتقدم عقب الامام إلى القبلة على عقب المأموم القائم ومقعد القاعد قيل
ولا عبرة بالمسجد ولا بأس به مع مساعدة العرف ثقة الاسلام عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز
368

{عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال إن صلى قوم وبينهم وبين الامام ما لا يتخطى فليس ذلك الامام لهم بامام وأي صف
كان أهله يصلون بصلاة وبينهم وبين الصف الذي يتقدمهم قدر ما لا يتخطى فليس تلك لهم بصلاة فإن كان
بينهم سترة أو جدار فليس ذلك لهم بصلاة الامن كان حيال الباب قال وقال هذه المقاصير لم تكن في زمن أحد من الناس
وانما أحدثها الجبارون وليس لمن صلى خلفها مقتديا بصلاة من فيها صلاة قال وقال أبو جعفر (ع) ينبغي أن تكون الصفوف
تامة متواصلة بعضها إلى بعض لا يكون بين الصفين ما لا يتخطى يكون قدر ذلك مسقط جسد الانسان} شيخ الطائفة
{باسناده الصحيح عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن ابن أبي
عمير عن حماد بن عثمان عن عبيد الله بن علي الحلبي عن أبي عبد الله (ع)
قال لا ارى بالصفوف بين الأساطين بأسا وباسناده الصحيح أيضا عن أحمد عن ابن ابن أبي
عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع)
قال أتموا الصفوف إذا وجدتم خللا ولا يضرك ان تتأخر إذا وجدت ضيقا في الصف وتمشى منحرفا حتى تتم الصف يستفاد
من ظاهر الرواية الأولى أمور (الأول) اشتراط ان لا يبعد المأمومون عن الامام أو عن الصف الذي تقدمهم بالمقدار
الذي لا يتخطى أي لا يتعارف طيه بخطوة وهو المحكي عن الحلبي وابن زهرة العلوي خلافا للمشهور فاكتفوا بعدم التباعد بما
يخرج به عن العادة الا مع اتصال الصفوف فلا حد حينئذ للبعد الا ان يؤدى إلى التأخر المخرج عن اسم الاقتداء وهو
الأقوى للاطلاقات السليمة عن تقييدها بصدر الصحيحة المعارضة بذيلها الدال على كون ذلك للفضيلة وهو قوله
وينبغي إلى أخره فان هذه الكلمة ظاهرة في الاستحباب فلا بد من حمل قوله في الصدر ليس لهم بامام وقوله بعد ذلك فليس
لهم تلك بصلاة على نفى الكمال وان بعد بملاحظة إرادة نفى الصحة اتفاقا من قوله فإن كان بينهم سترة أو جدار فليس ذلك لهم بصلاة وغاية الامر الاجمال الحاصل من دوران الامر بين صرف كل من الصدر والذيل عن ظاهر وقد ترد
دلالة الصدر على مذهب الحلبيين باجماله لتردد الموصول في قوله ما لا يتخطى بين البعد الذي لا يتخطى أو العلو الذي لا يتخطى أو الحائل الذي
وربما يذكر لمرجوحية الاحتمال الأول المبنى عليه الاستدلال بوجوه وفيه انه لا يخفى ظهور الرواية في الاحتمال الأول
لمن تدبر في متن الرواية وتأمل سيما على ما رواه في الفقيه فإنها مروية فيه بسند صحيح مشتمله على زيادات تعرب عن
إرادة الاحتمال الأول فإنه زاد بعد ذكر ما ذكر في الكافي باختلاف غير قادح في المطلوب قوله وأيما امرأة صلت
خلف امام وبينها وبينه وما لا يتخطى فليس لها تلك بصلاة قال قلت فان جاء انسان يريدان يصلى كيف يصنع
وهي إلى جانب الرجل قال يدخل بينها وبين الرجل وتنحدر هي شيئا ولو لم يكن الا هذه الفقرة كنت في الدلالة على
مذهب الحلبيين فالأظهر في الجواب عن الاستدلال ما ذكرنا من حمل النفي على نفى الكمال فكأنه عليه لا صلاة كاملة
لمن بعد صفة عن الصف الذي تقدمه بما لا يتخطى بل ينبغي أن تكون الصفوف متواصلة بان يكون مسجد المتأخر قريب عقب
المتقدم ثم إن عدم التباعد كما يشترط في الابتداء يشترط في الأثناء فلو عرض التباعد في الأثناء أبطل القدوة
369

كما لو كان صلاة الصفوف المتقدمة مقصورة فسلموا في الثانية وتفرقوا فتعين نية الانفراد على المتأخرين ان لم يمكنهم
المشي إلى الامام بجر الا رجل وهل يجب على الصف المتأخر ان لا يحرم بالصلاة الا بعد تحريم من تقدم عليه أم لا
وجهان أقويهما الثاني لان التقارب انما اعتبر بين الصفوف سواء دخل أهلها في الصلاة أم لم يدخلوا نعم يعتبر
قصدهم الايتمام فلو كان امام الصف المتأخر صف يصلى أهله منفردا فلا يجوز الاقتداء للمتأخر للبعد بل الحيلولة
(الثاني) اشتراط عدم السترة والجدار بين المأموم والامام بين الصفوف والظاهر عدم الخلاف في اشتراطه
في صحة ايتمام الرجال والظاهر من الرواية ان القادح هو الستر والجدار الحائل بين جميع أهل الصف وجميع صف اخر
فلو كان بين الصفين جدار لا يحول الا بين بعض أحدهما وبعض الأخر فلا يضر كما صرح به دي الصحيحة الثانية لا ارى في
الصفوف بين الأساطين بأسا فان الاصطفاف بين الأساطين مستلزم لتوسطها بين الصفوف غالبا نعم
لو فرض كون الجدار أو الستر واقعا بين أكثر أهل الصفين كما لو فرض كون كل صف من الصفين مائة وبينهما جدار
حال بين ثمانية وتسعين من أهل أحدهما ومثلهم من أهل الأخر فلا يبعد الحكم بعدم اقتداء العدد المحاذي للجدار من
أهل الصف المتأخر لصدق ان بين الصفين جدارا ولا يشمل الصحيحة الدالة على عدم الباس بالصفوف بين الأساطين
لمثل ذلك ومثله ما لو فرضنا الجدار حائلا بين جميع أهل الصفين لكن في وسطه باب بحيث يشاهد واحد من وسط
الصف المتأخر محاذيه من الصف المتقدم فان الحكم بصحة صلاة من عدا هذا الواحد ممن على يمينه وشماله مشكل بل غير
وجيه كما دل عليه قوله فليس تلك لهم بصلاة الا من كان حيال الباب الا إذا فرض مشاهدتهم كلا أو بعضا لغير من
حاذاهم من الصف المتقدم فيحكم بصحة صلاة المشاهد بناء على أن المتبادر من بينونة الجدار والستر القادحة في
اقتداء المتأخر كونها على وجه يمنع من مشاهدة المتقدم فلا قدح مع مشاهدته ولو كان المتقدم المشاهد غير محاذ
للمتأخر المشاهد ولعله لذلك أناط جماعة من الأصحاب صحة الاقتداء في هذا الباب بمشاهدة المأموم للامام أو
لمن يشاهده ويشاهد من يشاهده وهكذا وحينئذ فيحمل الحكم بفساد صلاة من عدا من بحيال الباب في الصحيحة على
ما إذا لم يتمكنوا من مشاهدة بعض أهل الصف المتقدم ومشاهدتهم بأطراف أعينهم للواقف بحيال الباب
الذي يشاهد الصف المتقدم الظاهر أنها غير مجدية بناء على أن ظاهر الرواية تحقق فساد الاقتداء بمحض وجود الحائل
بين الشخص وبين من تقدم عليه بحيث لا يشاهد أحدا منهم ولهذا خص الاستثناء بمن كان حيال الباب حيث إنه
الذي يشاهد بعض أهل الصف المتقدم ودعوى ان المراد بالموصول في قوله من كان إلى اخره هو الصف المنعقد
بحيال الباب ويكون المراد صحة صلاة جميعهم إما من كان منهم محاذيا للباب فلمشاهدته لمن تقدمه واما من كان منهم
370

على جناحيه فلمشاهدتهم إياه بأطراف أعينهم ويكون الحصر اضافيا بالنسبة إلى الصف ينعقد في إحدى جناحي الباب الحيث
لا يحاذيه أحد من أهله ليشاهد هو من في داخل الباب فتصح صلاته ويشاهده من على جنبه ولهذا تبطل صلاة الجميع فتصح
صلاتهم دعوى عرية عن البينة بل مخالفه لظاهر الكلام فان الظاهر أن المراد بالموصول الشخص الواقف حيال الباب وحصر
الصحة في صلواته اضافي بالنسبة إلى غيره من أهل صفه الواقفين عن يمينه وشماله الغير المشاهدين لاحد من أهل
الصف التقدم ومن هنا يتجه الحكم بصحة صلاة جميع الصف المتأخر عن هذا الصف لانهم يشاهدون الواقف بحيال
الباب بل المتقدم عليهم ولا يقدح في ذلك أنه لا يصدق الصف على الواحد الواقف حيال الباب بل الصف
المتقدم بالنسبة إلى هذا الصف المتأخر عن الواقف هو الصف المتقدم عليه الداخل في الباب ومعلوم ان
أهل هذا الصف المتأخر جميعا ما عدا المحاذي منهم للواقف حيال الباب لا يشاهدون أحدا من الصف المتقدم عليهم
الداخل في الباب ووجه عدم القدح ان غاية ما دلت عليه الصحيحة هو اشتراط عدم الستر والجدار بين المأموم وبين
من تقدم عليه إماما أو مأموما واحدا أو صفا كيف ولو كان المراد بين اشتراط عدم الحائل بين المأموم والصف
المتقدم لم يظهر منه اشتراط عدم الحائل بين المأموم والامام ولم يكن وجه تام في تعقيب الكلام بقوله (ع) هذه المقاصير
لم يكن في زمن أحد إلى اخر ما ذكر في حكمها ثم إن ظاهر اطلاق الستر والجدار وإن كان يشمل ما يمنع من
الاستطراق وان لم يمنع من المشاهدة كالشبابيك لكن المتبادر منهما هو الحائل عن المشاهدة فلا دليل على
بطلان الاقتداء من وراء الشبابيك بمن فيها وفاقا للمحكى عن المشهور مع أن في شمول اطلاق اللفظين سيما
الأول منهما للشبابيك نظرا خلافا للمحكى عن الخلاف فابطله مدعيا عليه الوفاق مضيفا إليه دلالة الصحيحة المذكورة
وفيه بعد منع دعوى الاجماع المذكورة منع دلالة الصحيحة المزبورة لان موضع الدلالة فيها إن كان هو المنع عن
الفصل بما لا يتخطى الشامل للشبابيك فقد عرفت ان الظاهر من الموصول في قوله ما لا يتخطى هو البعد لا الحائل و
إن كان هو اطلاق الستر والجدار فقد عرفت ان شمولهما لمثل الشبابيك [مم] انصرافا بل وضعا وإن كان هو المنع
عن الصلاة خلف الامام الداخل في المقاصير بناء على شمولها للمشبكة ففيه ان المقاصير في الرواية ليس المراد بها
العموم وانما المراد بها خصوص المشار إليها بقوله هذه المقاصير وغير معلوم كون تلك المقاصير غير مانعة من
المشاهدة
وبالجملة فقول المشهور أقوى نعم لو كان للجدار ثقبة أو ثقبتان لا يرى منهما الا شئ قليل من الامام أو المأمومين
أشكل صحة الاقتداء من خلفه وكذا لو كان للستر ثقب خفية ومنافذ ثم المتبادر أيضا من الستر ولجدارهما
الحائلان في جميع أحوال الصلاة فلا باس بما يحول في حال الجلوس دون حال القيام نعم لا فرق بين ما يستمر من أول
371

الصلاة إلى اخرها وبين ما قد يزول وقد يثبت كالستر الذي يرفعه الريح أحيانا فان عروض الستر في الأثناء
ولو حينا يبطل القدوة نعم لو قصر زمان الحيلولة غاية القصر ففي بطلان الاقتداء نظر وحيث تبطل القدوة بالحيلولة
يتعين الانفراد هذا كله في ائتمام الرجل ومثله ائتمام النساء بالمرأة فيما يجوز فيه الاقتداء لعموم الدليل فان
قوله (ع) مشيرا إلى المقاصير ليس لمن صلى خلفها مقتديا بصلاة من فيها صلاة عام في الذكر والأنثى وإن كان
ظاهر قوله فإن كان بينهم سترة أو جدال إلى آخر مختصا بالرجال مع أن تخصيص الكلام في مقام بيان الاحكام
بالذكور غالبا للتغليب للاجماع ظاهرا على الاشتراك فيما لم يدل دليل على الاختصاص فتأمل واما ائتمام النساء
بالرجل فالمشهور عدم اشتراطه بعدم الحائل بينه وبينهن بل عن تذكرة انه قول علمائنا مؤذنا بعدم الخلاف لموثقة
عمار المعتبرة بوجود أحمد بن فضال في الطريق الذي ورد الامر بالأخذ بكتبه في جملة بنى فضال قال سئلت أبا عبد الله
عليه السلام عن الرجل يصلى بالقوم وخلفه دار فيها نساء هل يجوز ان يصلين خلفه قال نعم إن كان الامام
أسفل منهن قلت فان بينه وبينهم حائطا أو طريقا قال لا بأس خلافا للحلى فطرد الاشتراط هنا أيضا ولعله
لعموم الصحيحة المذكورة التي كانت عنده متواترة أو محفوفة وضعف الموثقة وأجاب عنه بعض باختصاص الصحيحة با
لذكور وهو ناش عن جمود النظر أي الالتفات بقوله فإن كان بينهم سترة أو جدار إلى آخره وعدم الالتفات إلى حكمه
عليه السلام ببطلان الصلاة خلف المقاصير مقتديا بمن فيها الدال على اعتبار عدم الحائل بين الإمام والمأموم
ذكرا كان أو أنثى المستلزم بالاجماع وعدم الفصل لاعتباره بين الصفوف وأجاب عنه آخرون بلزوم تخصيص
عموم الصحيحة بالموثقة وفيه نظر لأن الظاهر أن النسبة بينهما عموم وخصوص من وجه فان الصحيحة عامة للذكر
والأنثى وخاصة بوجود الحائل بين المأموم وبين من تقدم عليه والموثقة خاصة بالأنثى وعامة من جهة ترك
الاستفصال لكون الدار المذكورة في السؤال على وجه يمكن ان يقف أحد حيال الباب ليرى الصفوف المتقدمة
فيصح صلاته ويريه من خلفه من الصفوف فتصح صلاتهم وهكذا وكونه على وجه لا يمكن ذلك نعم يمكن ان يقال
حينئذ انه لا ترجيح لاحد الخبرين على الأخر لان قوة سند الصحيحة معارضة باشتهار العمل بمضمون الموثقة بل عدم
الخلاف فيه كما حكى فيجب الرجوع إلى الأصل والاطلاقات الدالة على عدم الاشتراط مع أن الموثقة المذكورة
قد عرفت اعتبارها برواية احمد بنى فضال له الذين لا يقصر الخبر الحسن الوارد بالأخذ بكتبهم ورواياتهم عن
مرتبة هذه الصحيحة ويمكن ان يؤيد عمومها بما دل باطلاقه على جواز الحائل بين الرجل والمرأة في الصلاة
مثل صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) في المرأة تصلى عند الرجل قال إذا كان بينهما حاجز فلا بأس فتأمل ومع
372

ذلك كله فالأحوط ما عليه الحلى (الثالث) اشتراط لا يكون الامام أعلى موقفا من المأموم وقد استفاد ذلك من الرواية
غير واحد ولعله لان الموصول فيه في قوله ما لا يتخطى هو مطلق البعد الذي لا يتعار طية بخطوة سواء كان قائما
على الأرض كما في العلو أو مبسوطا في الأرض ولكن الانصاف ان فهم هذا المعنى لا يخلوا عن اشكال فان الظاهر من البعد المستفاد
من قوله ما لا يتخطى هو ما لا يشمل كما عرفت سابقا مع لزوم التخصيص حينئذ في الرواية نظر إلى أن العلو الذي لا يتخطى
ليس شرطا للاتفاق على جواز وقوف المأموم في مكان أعلى من الامام وانما الشرط عدم علو الامام وكيف كان فهذا
الحكم مشهور بين الأصحاب وعن التذكرة انه مذهب علماؤنا ويدل عليه مضافا إلى مفهوم الموثقة السابقة موثقة أخرى
مثلها في الاعتبار بوجود أحمد بن فضال عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن الرجل صلى بقوم وفي موضع أسفل من
موضعه الذي يصلى فيه فقال إن كان الامام على شبه الدكان أو على موضع ارفع من موضعهم لم تجز صلاتهم الحديث
خلافا للمحكى عن الخلاف مدعيا عليه الوفاق وصاحبي المدارك والكفاية لضعف الروايتين عن تخصيص الاطلاقات
بل لضعف دلالتهما إما الأولى فلان مفهوم الموثقة يدل على اعتبار علو المأموم المنفى اجماعا وارتكاب التخصيص في
عموم مفهومها باخراج صورة التساوي معارض باحتمال الحمل على الكراهة كما ذهب إليه آخرون مع ترجيحه على التخصيص باستلزامه
صيرورة الشرط كاللغو واما الثانية فلتهافت متنها بعد الفقرة التي ذكرناها منها وهو مما يزيل الاطمينان
بالبعض الغير المتهافت أيضا والاعتماد على عدم تحرفه زيادة ونقصا فكيف يقيد به الاطلاقات القطعية [الأهم]
الا ان يمنع العموم في اطلاق المطلقات من حيث هيئة الجماعة كما أشرنا إليه في مسألة وجوب تأخر المأموم فالقول
بالكراهة بل استحباب التساوي بين الإمام والمأموم لا يخلوا عن قوة ويؤيده ما رواه الشيخ في زيادات تهذيب
بسنده الصحيح عن صفوان عن محمد بن عبد الله قال سئلت الرضا (ع) عن الامام يصلى في موضع والذين خلفه
يصلون في موضع أسفل منه أو يصلى في موضع والذين خلفه يصلون في موضع ارفع منه فقال يكون مكانهم
مستويا وليس في سند الرواية الا محمد بن عبد الله المشترك لكن الراوي عنه صفوان الذي لا يروى الا عن ثقة كما
عن العدة ولكن الأحوط ما ذهب إليه المشهور بل جميع القدماء والمتأخرين عدا نادر من متأخريهم فان الشيخ الذي
نسب إليه الكراهة في الخلاف لم يستفد ذلك منه الا من جهة تعبيره بلفظ الكراهة ولا يخفى من هذه اللفظة في عرف
غير المتأخرين من الفقهاء يطلق كثيرا على الحرمة لاشتراكها معنا بينها وبين الكراهة المصطلحة مع ما حكى من أن في عبارة
الخلاف ما يعرب عن إرادة الحرمة ثم المناط في العلو الذي اعتبر عدمه من الامام هو العرف عند الأكثر وقدره
بعضهم بما لا يتخطى مستندا إلى الصحيحة المذكورة وقد عرفت انها ظاهرة في البعد المبسوط على الأرض وآخرون بشر و
373

عن التذكرة الاجماع على جوازه علوه بشبر وعلى كل تقدير فالظاهر أنه لا بأس بوقوف الامام في الطرف الأعلى من
الأرض المنحدرة لعدم شمول العلو في الفتاوى والاخبار لمثل هذا وادعى فيه عدم الخلاف هذا ما يتعلق بما يستفاد
من الصحيحة الأولى ويستفاد من الصحيحة الثانية مضافا إلى ما مر من أنه لا يقدح الحائل بين بعض أهل الصف
وبين بعض أهل صف اخر مع مشاهدة البعض المتأخر منها لغير من يحاذيه من أهل الصف المتقدم انه لا يقدح الفاصل
بين بعضي صف واحد فان الاصطفاف بين الأساطين يوجب فصل الأسطوانة غالبا بين بعضي الصف الواحد فعلى هذا
لا يقدح الفصل بينهما بنهرا وطريق أو من يصلى منفردا أو حائط حائل بينهما يمنع مشاهدة كل منهما للاخر ويستفاد من ظاهر
الصحيحة الثالثة وجوب اتمام الصف وعدم جواز تفرق بعض أهله عن بعض فلو دخل أحد المسجد فلا يقوم وحده ما دام يجد
مكانا في الصف وهو المحكي عن ابن الجنيد ويؤيده رواية السكوني عن أبي عبد الله (ع) عن أبيه (ع) قال قال أمير المؤمنين عليه السلام
قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا تكونن في [العثكل] قلت وما [العثكل] قال إن تصلى خلف الصفوف وحدك فإن لم
يمكن الدخول قام حذاء الامام فان هو عاند الصف فسد عليه صلاته الا ان الذي ظهر من قوله في الصحيحة الأولى
وينبغي أن تكون الصفوف تامة استحباب ذلك وعليه فلو كان في الصف فرجة تسع رجلا واحدا أو اثنين فانعقد صف
متأخر صحت صلاتهم حتى من كان منهم محاذيا لتلك الفرجة وكذا لو اصطف عشرة في مكان يسع اصطفاف عشرين
فجاء عشرون آخرون أو أزيد ولم يتموا الصد المتقدم بل اصطفوا ورائهم فخرج بعضهم أو أكثرهم عن محاذات الصف
المتقدم ولا يتوهم فساد صلاة بعض هؤلاء الخارجين عن المحاذاة بحصول الفصل بينهم وبين الصف المتقدم عليهم بما لا يتخطى
لما عرفت من أن المعتبر مراعاة ذلك بين مجموعي الصفين لان الصف اسم للمجموع ومعلوم ان هذا الصف اسم للمجموع ومعلوم ان هذه الصف ليس بعيدا عن
الصف المتقدم بما لا يتخطى وإن كان بعض اجزائه بعيدا بهذا المقدار أو اضعافه نعم المعتبر في مسألة اشتراط عدم الحيلولة
مراعاتها بين كل واحد من أهل الصف المتأخر وبين بعض الصف المتقدم لا بين المجموعين وهذا بقرنية الاستثناء في
قوله الا من كان حيال الباب يعنى ان صلاة من كن من هذا الصف الذي بينهم وبين من تقدمهم ستر أو جدار واقفا
حيال الباب صحيحة لأنه يرى بعض أهل الصف المتقدم عليه وصلاة من عداه فاسدة لأنه لا يرى أحد امن أهل الصف
المتقدم عليه فحكمه عليه السلام بصحة صلاة الواقف مع أنه لا يرى الا بعض أهل الصف المتقدم دليل على كفاية ذلك
وحكمه بفساد صلاة من عداه من أهل صفه مع أنه لا يصدق على مجموع الصف ان بينه وبين الصف المتقدم سترة
دليل على اعتبار المشاهدة للمتقدم في حق كل واحد من أهل الصف المتأخر نعم من فسر الموصول في قوله من كان
بالصف المنعقد بحيال الباب وجعل الحصر اضافيا بالنسبة إلى المنعقد عن جنبيه كما عرفت ضعفه سابقا جعل مسألة
374

الحيلولة بين المتقدم والمتأخر كمسألة البعد بينهما في أنها لا تبطل القدوة الا إذا ثبت بين مجموعي الصفين ولعل
هذا من مؤيدات هذا التفسير الا ان الظاهر من الموصول ما اخترناه مع أن العمل به أوفق بالاحتياط رئيس المحدثين
{باسناده الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله أنه قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول إذا دخلت المسجد والامام راكع وظننت
انك ان مشيت إليه رفع رأسه فكبر وأربع فإذا رفع رأسه فاسجد مكانك فإذا قام فالحق بالصف وان جلس فاجلس
مكانك فإذا قام فالحق بالصف} يستفاد من هذه الصحيحة الشريفة أمور (الأول) ان المأموم يدرك الركعة بادراك
الامام راكعا سواء أدرك تكبيرة للركوع ولو بالسماع أم لا ومثلها المروى في الصحيح عن الحلبي وسليمان بن خالد وهذا
القول محكى ومثلها صحيحة الحلبي المروية في الفقيه والمروى في التهذيب صحيحا عن سليمان بن خالد عن الشيخ وفي الخلاف والسيد
المرتضى وكافة المتأخرين قدس الله اسرارهم الزكية خلافا للمحكى عن المقنعة والشيخ في كتابي الاخبار والقاضي فاشترطوا في
ادراكها ادراك تكبيرة للركوع لصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام لا تعتد بالركعة التي لم تشهد تكبيرها مع الامام
وقريب منها صحيحتان اخريان عن محمد بن مسلم عنه عليه السلام وحملها الأكثر على كراهة الاقتداء وأقلية ثوابه عن الدخول مع ادراك التكبير وحمل الشيخ الاخبار الأولة على صورة سماع المأموم تكبيرة
الامام وان لم يدركها معه أقول وكلا الحملين مشكل إما الثاني فلان الصحيحة المذكورة هنا تدل على أن دخول المأموم
المسجد كان في حال ركوع الامام والأغلب عدم سماع تكبيرة الامام من خارج المسجد مع أن الصحيحة المذكورة عن محمد
بن مسلم صريحة في شهود التكبير مع الامام فكيف يستدل بها على كفاية سماع تكبير الامام من خارج المسجد واما الحمل
الأول فلان المراد من كراهة الاعتداد بتلك الركعة مع جوازه إن كان هو ان لا يعتد بها ويجئ بعدها بصلاته
تامة الركعات فهو في غاية الاشكال للزوم الزيادة في الصلاة الا ان يراد انه يتبعه فني الركوع والسجود فإذا قام استأنف
النية لكنه مناف لقوله (ع) في صحيحة أخرى من هذه الأخبار لا تدخل معهم في تلك الركعة وإن كان المراد بها عدم الدخول
في تلك الركعة مع جوازه وجواز الاعتداد بها فكيف يرجح تركه الموجب لتفويت الجماعة في تلك الركعة بل في أصل الصلاة
إذا كانت تلك الركعة هي الركعة الأخيرة مع ما ظهر من الاخبار من ثبوت الفضيلة والمزية لكل جزء جزء من الصلاة
يدرك مع الامام من التكبير والركوع والسجود وإن كان المراد بها ان تلك الركعة أقل ثوابا من الركعة التي يدرك تكبيرها
مع الامام ليكون مرجعه إلى الحث على التعجيل والاسراع إلى الجماعة عند سماع الاذان فهو لا يلايم التعبير عن ذلك بقوله
عليه السلام لا تعتد وقوله (ع) في صحيحة أخرى لا تدخل وقد ترجح الاخبار الأولة بكثرتها لان الأصل في جميع الصحاح
الأخيرة هو محمد بن مسلم نعم ورد مضمونهما في رواية يونس الشيباني وفي هذا الترجيح أيضا نظر لان الترجيح بالكثرة إن كان
لغلبة الظن بالصدور فالانصاف ان روايات محمد بن مسلم الصحيحة عنه برواية الاجلاء الثقات مثل جميل بن دراج
375

والعلاء بن زرين لا يحصل الوهن في صدورها بمجرد ورود روايتين أو ثلث ظاهرة في خلافها وإن كان للتعبد فلا
دليل عليه مع أن ما عدا صحيحة عبد الرحمن صالحة للتقييد بروايات محمد بن مسلم فلا تبقى الا صحيحة عبد الرحمن معارضة
لتلك الروايات مع أن الانصاف ان الصحيحة اقبل للحمل منها وإن كان بعيدا فقول الشيخ لا يخلوا عن قوة مع أنه أوفق بالاحتياط
وباصالة عدم سقوط القراءة عمن لا يصدق عليه المأموم ولم يدخل مع الامام حين قرائته لاختصاص ما دل على سقوط
القراءة بغيره خرج من ذلك ما إذا أدرك تكبيرة الركوع وبقى الباقي وهنا قول ثالث حكى عن روض الجنان
نسبة إلى العلامة في التذكرة وهو اعتبار لحوق المأموم الامام في ذكر الركوع ولعله لما في الاحتجاج عن محمد بن عبيد
الله الحميري انه كتب إلى مولينا الصاحب صلوات الله عليه وعلى ابائه وآله الطاهرين
وعجل الله فرجه وسئله عن الرجل يلحق
الامام وهو راكع فيركع معه ويحتسب بتلك الركعة فان بعض أصحابنا قال إن لم يسمع تكبيرة الركوع فليس له ان
يعتد بتلك الركعة فأجاب عليه السلام إذا لحق الامام من تسبيح الركوع تسبيحة واحدة اعتد بتلك الركعة وان
لم يسمع تكبيره والعمل بمضمونه أحوط وإن كان القول به خلاف المشهور وسند الرواية لا يبلغ حد الصحة وإن كان لا يقصر
عنه بعد التأمل (الثاني) انه لو دخل موضعا يقام فيه الجماعة وظن أن لحق الصف فاتته الركعة برفع الامام رأسه
جاز له الدخول في الصلاة بنية الاقتداء والركوع معهم في مكانه والظاهر أن هذا القدر من الحكم مما لا خلاف فيه وبه
روايات أخر الا ان الكلام في مواضع اخر من هذه المسألة (الأول) ان هذا الحكم مختص بصورة ظن الفوت باللحاق
أم يناط بمطلق خوفه ظاهر الصحيحة المذكورة هنا الأول الا ان المستفاد من بعض الصحاح هو الثاني مثل صحيحة محمد بن
مسلم المروية في التهذيب عن أحدهما (ع) عن الرجل يدخل المسجد فيخاف ان تفوته الركعة فقال يركع قبل ان يبلغ القوم
ويمشى وهو راكع حتى يبلغهم الثاني هل يختص جواز الدخول في الصلاة في مكانه بما إذا لم يكن هناك مانع من
الاقتداء كالبعد الذي لا يصح معه الاقتداء وعدم الحائل وعدم كون المكان أسفل من مكان الامام أو مقدما
عليه أم لا وجهان بل قولان من الأدلة الدالة على اشتراط المذكورات ومن اطلاق نصوص المسألة ولا يبعد التفضيل
بين البعد وغيره من الموانع فيجوز الأول دون الثاني إما الجواز مع البعد فلان الظاهر من صحيحة عبد الرحمن هو بعد المأموم
عن أهل الجماعة وكون هذا الحكم من باب الرخصة في الاقتداء مع البعد المانع في غير المقام ويؤيده الامر بالمشي حتى
يلحق الصف ويبلغ القوم في الصحيحتين إذ لولا البعد المانع من الاقتداء لم يجب المشي بل جاز ان يصلى جماعة في مكانه و
من هنا يمكن ان يستدل بهاتين الصحيحتين على كون البعد الكثير مانعا عن الاقتداء إذ لولا منعه عنه لو يؤمر بالمشي
وحمل الامر على الاستحباب وارجاعه إلى الامر باتمام الصفوف خلاف الظاهر اللهم الا ان يجعل الامر لرفع توهم خطر المشي فتأمل
376

وقد يؤيد ذلك أيضا بأنه لو كان البعد بما لا يجوز التباعد معه اختيارا مانعا شرعيا لم كان الحكم هنا اتفاقيا بل كان
اللازم اختصاصه بالمشهور دون من لا يجوز التباعد بما لا يتخطى مع أنه لم ينقل الخلاف عنه وفيه انه يحتمل ان يكون المانع عن البعد
بما لا يتخطى مجوزا له هنا لأجل الأدلة الواردة في المقام فان صحيحة عبد الرحمن المذكورة صريحة في بعد الشخص الداخل في
المسجد عن أهل الجماعة بما يحتاج طيه إلى المشي فالأولى التمسك في ترخص البعد بما ذكرنا من ظهور الصحيحة في البعد بما
يخرج عن المعتاد في الاقتداء واما عدم الجواز مع غيره من الموانع فلعموم أدلة منعها الا ان يقال إن غاية الأمر وقوع
التعارض بينها وبين اطلاقات المسألة فيرجع إلى اطلاقات الجماعة السليمة عن مزاحمة أدلة الاشتراط لكنه مبنى على وجود
مثل هذه الاطلاقات بحيث تدل على صحة الجماعة بقول مطلق ولم أعثر من ذلك على ما تطمئن به النفس مع ما عرفت
من أصالة عدم سقوط القراءة في محالها عن المصلى خرج عن ذلك المأموم المدرك لقرائة الامام خلفه لما دل على
كفاية قرائة الامام وضمانه إياها عمن خلفه فلا يسقط عمن لم يدركها معه الا إذا دل دليل كمن أدرك الركوع معه في
موضع لا مانع فيه من الاقتداء عد البعد وبقى الباقي وكيف كان فما ذكرناه أحوط وأحوط منه ان لا يدخل مع البعد الخارج
عن العادة أيضا كما حكى عن الفاضل المقداد دون بعض اخر فان ترك المستحبات احتياطا على الفرائض أمر مرغوب عقلا و
نقلا وإن كان ذلك الاحتياط أيضا مستحبا (الثالث) ان المشي إلى الصف انما يكون بعد القيام إلى الركعة
الأخرى وقد تضمنت الصحيحة الثانية المشي حال الركوع ويمكن حمل الأولى على ما إذا كان البعد كثيرا لا يمكن عليه في زمن
الركوع سيما بعد الفراغ عن ذكره أو حال القيام عنه وحمل الثانية على البعد القليل وحكم الشيخ في التهذيب وبعض اخر
بالتخيير بين الامرين ولا بأس به لورود الدليل على كليهما وفي جواز المشي حال الذكر في الركوع وجهان بل قولان من
اطلاق الصحيحة الثانية ومما دل على وجوب الطمأنينة وكيف كان فالأحوط هو قطع البعد المانع قبل السجود وتقدير للضرورة
بقدرها فيمشي في الركوع بعد الذكر الواجب فان بقى منه شئ فيمشيه بعد القيام عن الركوع وان لم يدل عليه الصحيحان
لعموم ما دل على جواز التقدم الرابع ان المشي جايز في الفرض المذكور ولو كان على وجه التخطي وفي الفقيه انه روى أنه
يجر قدميه على الأرض ولا يتخطى وهو أحوط وإن كان في تعينه مع الامام نظر ثقة الاسلام ورئيس المحدثين
وشيخ الطائفة {بأسانيدهم الصحاح عن زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) انه كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول
من قرء خلف امام يأتم به فمات بعث على غير فطرة} رئيس المحدثين {باسناده الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) أنه قال
إذا صليت خلف امام تأتم به فلا تقرأ خلفه سمعت قرائته أولم تسمع الا أن تكون صلاة يجهر فيها بالقرائة
فلم تسمع فاقرء} ثقة الاسلام {عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين ومحمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن صفوان}
377

بن يحيى عبد الرحمن قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الصلاة خلف الامام اقرأ خلفه فقال انا الصلاة التي لا تجهر فيها
بالقرائة فان ذلك جعل إليه فلا تقرأ خلفه واما الصلاة التي يجهر فيها فإنما أمر بالجهر لينصت من خلفه فان سمعت
فانصت وان لم تسم فاقرء} ثقة الاسلام {عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن [؟؟] قال إذا
كنت خلف امام ترضى به في صلاة يجهر فيها بالقرائة فلم تسمع قرائته فاقرء انك لنفسك وان كنت تسمع الهمهمة فلا تقرأ}
شيخ الطائفة {باسناده الصحيح عن سعد بن عبد الله عن أبي جعفر وهو أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن علي بن يقطين قال
سئلت أبا الحسن الأول (ع) عن الرجل يصلى خلف امام يقتدى به في صلاة يجهر فيها بالقرائة فلا يسمع القراءة قال لا بأس
ان صمت وان قرء} رئيس المحدثين وشيخ الطائفة {باسنادهما الصحيح عن بكر بن محمد الأزدي قال قال أبو عبد
الله (ع) انى لأكره للمؤمن ان يصلى خلف الامام في صلاة لا يجهر فيها بالقرائة فيقوم كأنه حمار قال قلت جعلت فداك
فيصنع ما ذا قال يسبح} شيخ لطائفة {باسناده الصحيح عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن ابن سنان والظاهر أنه
عبد الله كما فهمه غير واحد عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن كنت خلف الامام في صلاة لا يجهر فيها بالقرائة
حتى يفرع وكان الرجل مأمونا على القران فلا تقرأ خلفه في الأولتين قال ويجزيك التسبيح في الأخيرتين قلت
أي شئ تقول أنت قال اقرأ فاتحة الكتاب} يستفاد من هذه الروايات احكام القراءة خلف الإمام المرضى والكلام
يقع تارة في الركعتين الأولتين واخرى في الأخيرتين إما في الأولتين فجملة القول فيهما ان الامام إما
ان يكون في الصلاة الجهرية واما ان يكون في الاخفاتية فإن كان في الجهرية فاما ان يسمع المأموم قرائته متميزة
الحروف أو يسمع همهمته أو لا يسمع شيئا فإن كان الأول فالظاهر حرمة القراءة وفاقا لجماعة من القدماء والمتأخرين
للصحيحة الأولى وغيرها من الأخبار الكثيرة التي كادت تبلغ التواتر خلافا لآخرين فقالوا بكرا [تسها] بل في الدروس
انه أشهر الأقوال واستدل لهم بالأصل بناء على ضعف دلالة الروايات على الحرمة إما لورودها في مقام توهم الوجوب
واما للزوم ارتكاب التخصيص فيها لجواز القراءة بل رجحانها في بعض المواضع ولا دليل على اولويته على المجاز وفيه مع
ضعف دلالتها فان الورود في مقام توهم الوجوب لو اثر في ظهور بعضها لم يؤثر في الصحيحتين الأولتين المذكورتين
إما في أوليهما فلعدم ورود نهى حتى يحمل على رفع الوجوب المتوهم ودعوى شيوع التعبير بمثل عبارتها عن الكراهة دعوى
ركيكة فان العبارة من حيث الوضع على أغلظ مراتب الحرمة فهل لغير مجازف ان يدعى شيوع استعمالها في الكراهة
قريبا من استعمال النهى فيها والعام في الخاص ولا أظن المدعى اطلع على عشرة موارد من تلك الاستعمالات نعم لعله رأى
موردا أو موردين واما في ثانيتهما فلان النهى فيها لو كان لمجرد رفع الوجوب كان الحكم في المستثنى المذكور فيها هو الوجوب
378

وسيأتى شذوذه وضعفه واما لزوم ارتكاب التخصيص فان أريد لزومه لأجل ما دل على رجحان القراءة مع عدم سماع همهمة
الامام ففيه ان هذه التخصيص لازم على القول بالكراهة أيضا وان أريد لزومه لأجل ما دل على جواز القراءة في الصلاة
الاخفائية ففيه انه فرع القول بالجواز هناك وتسليم أدلته وسيأتى منعه مع أن التخصيص أولى من المجاز سيما المجاز
الذي لا بد ان يرتكب في الصحيحة الأولى مع أن اللازم على القول بالكراهة تجوز ان بل تجوزات لان التجوز في الصحيحة
الأول بحمل البعث على غير الفطرة فيها على المبالغة أو على نوع اخر من التأويل تجوز لا دخل له في التجوز في النهى الوارد
في خصوص الجهرية بالحمل على الكراهة أو على رفع الايجاب في مقام توهمه فما ذكرناه أقوى وأحوط وعليه فهل تبطل
الصلاة لو اتى بالقرائة المحرمة أم لا الظاهر هو الثاني نعم لو قصد كونها جزء من صلاته كالمنفرد فلا يبعد الحكم ببطلان
صلاته وإن كان في ذلك كلام ليس المقام محلا له وإن كان الثاني فالأقوى أيضا التحريم لاطلاق الصحيحة الأولى
وخصوص الثانية وبها يقيد ما دل على جواز القراءة مع عدم سماع قرائة الامام بناء على ظهور السماع المنفى
في السماع
مع تميز الحروف واما مع دعوى شموله لسماع لهمهمة كما لا يبعد فلا يحتاج إلى التقييد وإن كان الثالث فالظاهر استحباب
القراءة لصحيحة بن يقطين المذكورة هنا منضمة إلى روايات قتيبة والحلبي و عبد الرحمن المذكورات بها بعد حملها لأجل
ذيل رواية قتبة على عدم سماع مطلق الصوت حتى الهمهمة يقيد أدل من الصحاح على النهى عن القراءة سمع القراءة أم لم
يسمع بالحمل على عدم سماع الحروف متمايزة وحكى هنا القول بوجوب القراءة ويرده كالقول المحكي بحرمتها صريح صحيحة ابن
يقطين ظاهرها وإن كان تساوى الفعل والترك الا ان الأوامر في الأخبار السابقة تدل على ترجيح الفعل وقد
تمنع دلالتها على ذلك لورودها في مقام رفع توهم الخطر وفيه ان ذلك فرع مسبوقية السائل بالأدلة العامة
الحاظرة للقرائة وهي غير معلومة فتأمل وإن كان في الصلاة الاخفائية فالظاهر حرمة القراءة لاطلاق الصحيحة الأولى
الشامل للاخفائية أيضا وخصوص الثالثة ومثلها في الخصوص صحيحة أخرى عن صفوان عن ابن سنان والظاهر أنه
عبد الله كما فهمه عن أبي عبد الله (ع) بل الصحيحة الثانية المذكورة هنا إذ يحتمل قويا ان يكون المراد من قوله (ع)
سمعت قرائته أو لم تسمع انه سواء كان في صلاة جهرية يسمع فيها القراءة غالبا ولو همهمة أم كان في صلاة اخفائية
لا تسمع القراءة فيها غالبا ووجه قوة هذا الاحتمال هو ان اخراج صورة عدم سماع القراءة بعد التصريح بالتسوية
بين صورتي سماعها وعدمه لا يمكن الا بعد حمل السماع المنفى في المستثنى منه على سماع الحروف متمايزة وفي المستثنى
على سماع مطلق الصوت ولو همهمة وهذا يستلزم التفكيك فتأمل خلافا لجماعة فحكموا بالكراهة لبعض ما مر مع
ما يصلح ان يجاب به عنه في المقام ولخصوص صحيحة سليمان بن خالد المروية المعبر فيها عن النهى عن القراءة في خصوص
379

الاخفائية بلفظة لا ينبغي الظاهرة في الكراهة وصحيحة علي بن يقطين المروية في زيادات الصلاة من التهذيب عن أبي
الحسن عليه السلام عن الركعتين اللتين يصمت فيها الامام أيقرأ فيهما بالحمد وهو امام يقتدى به قال إن قرأت فلا
باس وان سكت فلا بأس ورواية عمر وبن الربيع النضري المروية في تهذيب عن أبي عبد الله (ع) إذا كنت خلف امام تتولاه و
تثق به فإنه يجزيك قرائته وان أحببت ان تقرأ فاقرء فيما يخافت به فإذا جهر فانصت قال الله تعالى عز وجل وانصتوا
لعلكم ترحمون والجواب أولا عن إما الصحيحة الأولى فبمنع لا ينبغي في الكراهة بحيث يصلح لصرف الاخبار الظاهرة في
الحرمة سيما لا صحيحة الأولى منها عن ظاهرها نعم لا نمنع شيوع استعمالها في الكراهة لكن لا ظهور له فيها وضعا ولا
انصرافا وانما يحكم بالكراهة في موارد هذه اللفظة من أجل عدم ظهورها في التحريم فيحكم بالكراهة لأجل موافقتها
للأصل ولو سلم ظهورها في الكراهة عورض هذا الظهور بظهور الصحيحة الثالثة ومثلها المروية في تهذيب في التحريم
ولما كان التعارض بينهما على وجه التساوي ولا يكون أحدهما أعم من الأخر تعين الرجوع إلى العمومات الناهية عن
القراءة كالصحيحة الأولى وأمثالها واما عن الصحيحة الثانية فبمنع دلالتها لاحتمال ان يكون المراد
بالركعتين اللتين يصمت فيهما الامام هما الركعتان الأخيرتان والظاهر أن الموصول للعهد فلا عموم يتمسك
به في الرواية بل هي مجملة واما عن الرواية فبضعفها سندا بل ودلالة لاحتمال ان يكون المراد مما يخافت به الركعتين
الأخيرتين سيأتي جواز القراءة فيهما وهنا قولان اخر ان ضعيفان في الغاية أحدهما إباحة القراءة وعدم الكراهة
والظاهر أن المراد باباحتها انهال ليست من مستحبات الاقتداء أو مكروهاتها لا انها لا رجحان فيها أصلا لان قرائة
القرآن إذا لم تكن مرجوحة فهى راجحة قطعا ويحتمل قويا ان يراد بها تساوى القراءة والتسبيح وعدم أفضليته أحدهما
على الأخر وكيف كان فلا مستند لهذا القول الا رواية النضري المتقدمة الضعيفة سند أو دلالة (والثاني)
استحبابها ولم اقف على دليل عليه ويرده صريحا مضافا إلى أدلة التحريم صحيحة الأزدي المذكورة هنا واعلم أن
ما تضمنه هذه الصحيحة من رجحان التسبيح الظاهر أنه مما لا خلاف فيه ولا في أنه ليس على وجوب الوجوب وظاهر اطلاقها يقتضى
عدم الفرق بين ان يسمع قرائة الامام الغير المجهورة لقرب مكانه عن الامام وبين ان لا يسمع ولا اشكال فيه
لو لم نقل بوجوب الانصات لاستماع القراءة إذا سمعت واما إذا قلنا بوجوبه كما يقتضيه اطلاق قوله (ع) في صحيحة معوية
بن وهب المروية في باب الجماعة من تهذيب إذا سمعت كتاب الله يتلى فانصت له ونحوها صحيحة زرارة المروية في الفقيه أشكل
الحكم باستحباب التسبيح مضافا إلى امكان دعوى انصراف الصحيحة الدالة إلى صورة عدم سماع المأموم لها لأنه الغالب في
الصلاة الاخفاتية ويمكن الجمع بين الامرين بان يسبح وينصت بناء على أن الانصات هو السكوت في مقابل الجهر
380

بالكلام لأجل الاستماع أو يكون المراد به في خصوص الآية والاخبار السكوت عن القراءة وتركها لا مطلق السكوت و
مما يؤيد اجتماع الانصات مع التسبيح ما رواه الشيخ عن زرارة قال إذا كنت خلف امام تأتم به فانصت وسبح في تغسلا
بناء على أن المراد بالتسبيح في النفس التسبيح الخفى لا الذكر القلبي ولعله لاطلاق هذه ذهب جميع من المتأخرين على ما حكى
عنهم إلى استحباب التسبيح والدعاء حتى في الجهرية ويدل عليه خصوصا ما رواه الصدوق في الموثق بعثمان بن عيسى عن أبي المعزا
حميد بن المثنى العجلي قال كنت عند ابن أبي
عبد الله (ع) فسئله حفص الكلبي فقال أكون خلف الامام وهو يجهر بالقرائة
فادعوا وأتعوذ قال نعم فادع ولا يبعد عد هذه الرواية صحيحة من جهة ان طريق الصدوق إلى كتاب ابن أبي
المعزا مذكور في
الفهرست بطريق صحيح ابدل فيه عثمان بن عيسى بصفوان وابن ابن أبي
عمير كليهما وكيف كان فالأحوط في النظر هو الاستماع
وترك التسبيح إذا سمع القراءة حتى في الاخفاتية هذا كله حكم المأموم في الركعتين الأولتين واما الآخرة و
الأخيرتان فقد دلت الصحيحة الأخيرة على اجزاء التسبيح فيهما في الصلاة الاخفاتية وفيه إشارة بل دلالة على وجوب
أحد الامرين منه ومن القراءة فيهما كما عليه العلامة في المختلف ويؤيدها عموم ما دل على وجوب أحد الامرين
في أصل الصلاة وبه يستدل على وجوب أحدهما في الصلاة الجهرية أيضا كما عليه الحلبي وابن زهرة ويمكن تخصيص
العمومات وطرح الصحيحة لضعف دلالتهما بما دل بأقوى دلالة على النهى عن القراءة فيهما مثل صحيحتي زرارة المرويتين في
الفقيه إحديهما عن أبي عبد الله (ع) وان كنت خلف امام فلا تقرأن شيئا في الأوليين وانصت لقرائته ولا تقرأن
شيئا في الأخيرتين فان الله عز وجل يقول للمؤمنين وإذا قرئ القرآن يعنى في الفريضة خلف الامام فاستمعوا
له وانصتوا لعلكم ترحمون والأخيرتان تبع للأوليين وفي الأخرى عن أبي جعفر (ع) لا تقرأ في الركعتين الأخيرتين من
الأربع الركعات المفروضات شيئا إماما كنت أو غير امام قال قلت فما أقول فيهما قال إن كنت إماما أو وحدك فقل
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ثلت مرات تكلمه تسع تسبيحات ثم تكبر وتركع ولا يخفى ان دلالة هاتين
المخصصتين لعمومات التخيير على النهى عن القراءة أقوى من دلالة الصحيحة على ثبوت بدل للتسبيح فيحكم
بسقوط الامرين كما عليه الحلى ولكن يمكن حمل النهى فيهما على الكراهة بقرنية ثانيتهما المقنعة لنهى الامام عن القراءة
الذي هو غير محمول على الحرمة اجماعا على الظاهر فيحكم بوجوب أحد الامرين للصحيحة الأخيرة المتقدمة مع كراهة القراءة و
أفضلية التسبيح لهاتين كما عليه بعض ويمكن ان يستشهد أيضا بصرف النهى فيهما عن الحرمة بصحيحة علي بن يقطين
المتقدمة في مسألة القراءة في أولتي الاخفاتية الصريحة في جواز القراءة بناء على أن المراد بالركعتين فيها هما الأخيرتان
بقرينة ما دل على تحريم القراءة في أولتي الاخفاتية كالجهرية ولكن مقتضاها وفاقا لغير واحد عدم وجوب شئ من القراءة والتسبيح
381

في الاخرتين لتصريحها بجواز السكوت فيهما فيها تخصص عمومات أدلة وجوب أحد الامرين تخييرا بحمل الأجزاء في الصحيحة الأخيرة
من الروايات المذكورة في عنوان المسألة على معنى لا ينافى في الاستحباب مؤيده بصحيحة الأزدي السابقة عليها حيث إن
ظاهر قوله فيها فيقوم كأنه حمار كراهة السكوت مطلقا ولو في غير الأولتين ولكن يمكن حمل السكوت في صحيحة علي بن
يقطين وان بعد على السكوت على القراءة فيبقى عموم ما دل على وجوب أحد الامرين تخييرا سليما عن المخصص مؤيدا بما
دل على أن الامام لا يضمن ألا القراءة كما في رواية الحسن بن بشير عن أبي عبد الله (ع) والمتبادر منها هي القراءة في الأولتين
وكيف كان فالمسألة في غاية الاشكال والاحتياط فيها بالتزام التسبيح لا ينبغي ان يترك على حال شيخ الطائفة
{باسناده الصحيح عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن يقطين عن أخيه الحسين عن علي بن يقطين قال سئلت
أبا الحسن عليه السلام يركع مع الامام يقتدى به ثم يرفع رأسه قبل الإمام قال يعيد ركوعه معه} وباسناده {الصحيح
عن أحمد بن محمد أيضا عن الحسن بن محبوب عن عبد الرحمن عن أبي الحسن (ع) قال سألته عن الرجل يصلى مع امام يقتدى به
فركع الامام وسمى الرجل وهو خلفه لم يركع حتى رفع الامام رأسه وانحط للسجود أيركع ثم يلحق بالامام والقوم في
سجودهم أو كيف يصنع قال يركع ثم ينحط ويتم صلاته معهم ولا شئ عليه} لا خلاف ظاهرا في وجوب متابعة الامام في الافعال
واستدل عليه بالنبوي المدعى انجبار ضعفه بالشهرة بل عدم الخلاف في مضمونه وانما جعل الامام إماما ليؤتم به فإذا
كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا وظاهر الخبر وجوب التأخر عن الامام نظرا إلى أن المأمومين لم يؤمروا
بالتكبير الا بعد ما يصدق انه كبر الامام ولا يصدق عليه ذلك الا بعد الفراغ وهذا الترتيب لم يستفد من جهة الفاء كما
زعم فرد بأنه لمحض الارتباط والاستلزام دون التعقيب بل من جهة ان الجزاء انما ترتب على تحقق التكبير ومضيه فلو قال
إذا كبر الامام كبروا أفاد هذا المعنى وكذا الكلام في قوله وإذا ركع فاركعوا إلى اخر فإنه ما لم يتحقق الانحناء أو وضع الجبهة على
المسجد لم يصدق انه ركع أو سجد ومن هنا يتجه القول بوجوب التأخر وعدم الاكتفاء بعدم التقدم لكنه
انما يتم مع صحة الروية وليست أو ثبوت العمل الجابر له من الأصحاب وهو أيضا غير معلوم فتحقق القول بكفاية عدم التقدم
عدم وجوب التأخر ومن هنا يتجه القول بعدم وجوب المتابعة في الأقوال وجواز التقدم وان سلمت دلالة النبوي على الوجوب
مع امكان منعها بدعوى ظهور الايتمام في المتابعة في الافعال ويؤيدها انه صلى الله عليه وآله فرع على ذلك قوله فإذا كبر فكبروا إلى أخره
من غير تعرض للأقوال عدا تكبيرة الاحرام التي لا يتحقق الدخول في الصلاة الا بها ولا يصدق الايتمام الا بمتابعته في
للدخول ولذا لم يخالف أحد في وجوب المتابعة فيها وان شئت فارجع المتابعة في التكبير إلى المتابعة في الافعال إما من
جهة ملاحظة النية واما من جهة ملاحظة أصل الدخول ويؤيد ما ذكرنا من وجوب المتابعة في خصوص التكبير
382

ما رواه غير واحد عن قرب الإسناد بسنده القريب من الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سئلته عن الرجل يصلى
مع الامام اله ان يكبر قبل الإمام قال لا يكبر الا مع الامام فان كبر قبله أعاد التكبير والاحتياط بمراعاة التأخير
عنه في الافعال وجميع الأقوال مما لا ينبغي تركه بل يمكن ان يقال بلزومه حيث إن الأصل عدم سقوط القراءة من
المأموم الا بعد تحقق صحة الجماعة المشكوك فيها في نحو المقام ولم أعثر في باب الجماعة على ما يدل من
الاطلاقات على صحة
الجماعة تقول مطلق حتى يقول عليه في موارد الشك وحيث حكم بوجوب المتابعة في الافعال فإذا أخل بها بان تقدم
على الامام فاما ان يكون ذلك منه تعمدا أو سهوا أو ظنا منه دخول الامام فيه فإن كان تعمدا فالذي يقتضيه القاعدة
بطلان الصلاة فلو تقدمه في الركوع والسجود لأنه إذا سبقه بهما كان ما اتى به غير مأمور به لما عرفت من أن المستفاد من
النبوي ان المأموم لم يؤمر بالركوع والسجود الا بعد دخول الامام فيه فان اتى به بعد دخول الامام كان قد زاد في
صلاته وان لم يأت كان قد نقص وكليهما مبطل ولو تقدمه في غيرهما كما لو رفع رأسه من الركوع والسجود أو نهض للقيام
قبله فالظاهر عدم بطلان الصلاة بذلك لأن الظاهر أن الامر بهذه الأمور من باب المقدمة العقلية للأفعال المطلوبة
بعدها فلا يلزم من اتيانها في حال عدم الامر بها سقوطها عن المقدمية ووجوب اعادتها فان قلت إن التقدم
بهذه الأمور مستلزم للاخلال بالقدر الزايد من الركوع والسجود الذي اتى به الامام ولم يأت به فقد المأموم ترك واجبا
أصليا فان عاد إليه زاد والا نقص قلت وجوب هذا القدر الزايد ليس من جهة كونه من واجبات الصلاة واجزائها
وانما هو من جهة وجوب المتابعة فتركه مخل بالمتابعة لا بأصل الصلاة ولم يثبت كون الاخلال بالمتابعة اخلالا
بالصلاة غايته ترتب الاثم بل من هنا يتوجه ان يحكم بعدم بطلان الصلاة لو تقدمه بالركوع والسجود أيضا لان
الامر في النبوي بوجوب الركوع إذا ركع الامام والسجود إذا سجد انما هو لأجل المتابعة وليس الركوع المأمور به
في أصل الصلاة التي تخلف بها المأموم مقيدا بما إذا ركع الامام بل الركوع الذي يتحقق به المتابعة فقولنا
في السابق ان ما اتى به غير ما أمر به وما أمر به لم يأت به ان أريد به ما أمر به من جهة المتابعة [فم] لكن لا يلزم من عدم
الاتيان الا الاخلال بالمتابعة وقد عرفت انه لم يثبت كونه مخلا بأصل الصلاة وان أريد به ما أمر به في أصل
الصلاة فلا [نم] انه لم يأت به غايته انه اتى به على وجه لم يتحقق فيه المتابعة وتحقق المتابعة في ضمنه ليس من
شروط صحته وانما هو واجب مستقل وحاصل الكلام ان المكلف بالصلاة مكلف بالركوع
فيها بقول مطلق فإذا كان مقيدا بامام أمر بان يتابعه في أفعال الصلاة ومعناه ان لا يركع الا إذا ركع الامام
وان لا يسجد الا إذا سجد لكن هذا الامر واجب مستقل لم يؤخذ في صحة أصل الافعال تبين من هذا ان التقدم
383

على الامام في أي فعل كان لا يوجب بطلان الصلاة نعم لو قلنا بان الامر
ثم انك قد عرفت ان التقدم على الامام مع التعمد لا يفسد الصلاة ولا الجامعة وفاقا للمعظم نعم قد يتأمل في الصحة
فيما إذا كان التقدم فعلا من أفعال الصلاة من أجل حرمة التقدم فيصير الفعل حراما إذ لا معنى لحرمة التقدم الا حرمة
ايجاد الفعل قبل الامام فيصير فاسدا وبهذا تمسك في الذكرى للشيخ قدس سره بناء على ما نسب إليه من الحكم ببطلان
الصلاة كما تقدم ويمكن ان يقال إن حرمة التقدم من باب انه ضد للمتابعة في ذلك الفعل وللمتابعة في الفعل
الذي كان الامام مشغولا به حين عدل عنه المأموم إلى فعل اخر وحرمة ضد الواجب ممنوعة ولو سلمت فالحرام هو التقدم
دون الفعل الا ان يقال بأنه وصف لازم له ولو سلم هذا كله فالفساد انما هو في ما إذا تقدم في فعل من اجزاء الصلاة واما
لو تقدم في فعل هو من مقدمات الأجزاء كرفع الرأس من الركوع والسجود والنهوض للقيام بعد السجدتين بناء على كون
هذه الأفعال مقدمات فلا مقتضى للفساد هنا وحينئذ فالدليل المذكور للشيخ أخص من مطلبه وكيف كان
فالحكم في صورة التقدم في الافعال مشكل جدا والأخبار الآتية لا تصلح للدلالة على الصحة فيها وأياما كان فحيث
قلنا بالصحة مع التقدم فمقتضى القاعدة عدم وجوب العود لعدم الدليل عليه فان وجوب المتابعة انما هو في الفعل الذي
لم يأت به المأموم كما هو ظاهر النص والفتوى ومع عدم الدليل فيحرم لعدم التوقيف مضافا إلى عمومات ابطال الزيادة
وخصوص قاعدة البطلان بزيادة الركن مطلقا وحينئذ فحكم المشهور بعدم جواز العود على طبق القاعدة لا يحتاج في
الاثبات إلى غيرها مما استدلوا به مثل موثقة غياث بن إبراهيم عن الرجل يرفع رأسه من الركوع قبل الامام أيعود
فيركع إذا ابطأ الإمام قال لا مضافا إلى عدم دلالتها إلى علي عدم وجوب العود حيث إن الظاهر السؤال عن وجوب
العود لا عن جوازه فلابد في اثبات عدم جواز المفتى به عند المشهور من ضم القاعدة المتقدمة الحاكمة بالحرمة والابطال ومعها
فلا حاجة إلى الاستدلال مع أنها معارضة بما سيأتي من الاطلاقات الدالة على وجوب العود بقول مطلق اللهم الا
ان يدعى انصراف تلك الأخبار إلى غير صورة التعمد واما وجوب العود في صورة التقدم سهوا فهو وإن كان مخالفا للقاعدة
المتقدمة الا انه صير إليه لظواهر بعض الأخبار مثل موثقة ابن فضال في الرجل كان خلف امام يأتم به فركع قبل ان
يركع الامام وهو يظن أن الامام وقد ركع فلما رآه لم يركع رفع رأسه ثم أعاد ركوعه مع الامام أيفسد ذلك صلاته
قال يتم صلاته ولا يفسد ما صنع صلاته وهذه الرواية مختصة بغير المتعمد بناء على أن المناط في تكليف المأموم بالمتابعة ظنه
بحركات الامام فالظان معذور وفي حكمه الناسي عن الايتمام لعدم القول بالفصل بين افراد العذر وهي وان دلت على
عدم الفساد بالعود الغير الملازم مع الوجوب الا ان وجوبه مستفاد من مصححة ابن يقطين عن الرجل يركع مع امام يقتدى
384

به ثم يرفع رأسه قبل الإمام قال يعيد ركوعه معه وأظهر منها صحيحة الفضل وربعي عن رجل صلى مع امام يأتم به فرفع رأسه
من السجود قبل ان يرفع الامام رأسه من السجود قال فليسجد وفي معناها موثقة محمد بن علي بن فضال ودعوى ظهور الموثقة المتقدمة
في عدم الوجوب إما لأجل ان السائل حيث سئل عن كون العود مفسدا وعدمه ظهر من ذلك أنه معتقد لعدم وجوبه وان
عدم الوجوب عنده مفروغ عنه وانما الشك في جوازه وعدم افساده فتقرير المعصوم عليه السلام يدل على مطابقة
[اعتقاده]
للواقع واما لأجل ان العود لو كان واجبا لما عبر الإمام (ع) في الجواب بقوله لا يفسد ما صنع بل كان ينبغي ان يجيب بان ما فعله كان
واجبا مسلمه لو كان مورد السؤال هو كون العود مفسدا واما لو كان مورده هو الافساد بمجرد التقدم على الامام ولو
من غير عمد بتوهم شرطية المتابعة مطلقا المستلزم لبطلان الصلاة بالاخلال بها ولو من غير عمدا وكان مورده هو
الافساد بمجموع ما فعله من التقدم ثم العود لم يكن للاستظهار المذكور وجه لكن الاحتمال الأخير بعيد جدا وعلى تقدير
ظهوره فليس يقوى على أن يصرف صريح الامر في صحيحتي ابن يقطين والفضيل عن ظهورها
اعلم أن المفارقة للامام في أثناء الصلاة إما صورية بان يتقدم أو يتأخر عنه في الافعال من غير نية الانفراد واما
معنوية بان ينوى الانفراد والنسبة بين المفارقتين عموم من وجه وعلى التقديرين فاما أن تكون المفارقة لعذر أو لغير
عذر والعذر إما السهو واما الاضطرار والاضطرار إما عقلي أو شرعي كفوات واجب مثلا وعلى التقديرين فاما
ان يعلم قبل الصلاة حصوله في أثنائها أولا وكل منها إما ملجئة إلى المفارقة إلى الأخر أو في خصوص جزء من اجزاء
الصلاة وعلى التقادير فاما ان تنمحي صورة الجماعة واما لا فان محيث صورة الجماعة فلا اشكال في بطلانها فإن كان
قبل الصلاة عالما بعروض ذلك في الأثناء بنى على صحة مثل هذه الجماعة والا فان فارقها صورة لا لعذر كان حكمه
ما تقدم في مسألة وجوب المتابعة وكذا تقدم حكم ما لو فارقه لعذر السهو والظن فبقى من افراد المفارقة
الصورية المفارقة للاضطرار فهل يجوز مطلقا أو لا يجوز مطلقا بل لابد من نية الانفراد حينئذ ليحصل المفارقة المعنوية
أيضا أو يفصل (بين الاضطرار العقلي فيجوز كما لو عرض له ثقل في بدنه فعجز عن اللحوق به في الركوع وبين الاضطرار الشرعي فلا يجوز مثل ان بقى عليه من الواجبات وقد ركع الامام أو يفصل صح) بين المفارقة في خصوص جزء وبين المفارقة الملجئة إلى اتمام الصلاة قبل الامام فيجوز في الأول دون
الثاني بل لابد فيه من نية الانفراد وجوه الظاهر الجواز مطلقا لان ما دل على وجوب المتابعة المنافى للتقدم أو التأخر
من الأدلة اللفظية منصرفة إلى صورة الاختيار بل هو بحكم العقل الحاكم بقبح تكليف العاجز مختص بها بناء على انها
واجبة مستقلا وليست شرطا في صحة الجماعة كما عليه المشهور واما مع الاضطرار فلانه يرجع إلى تعارض أدلة وجوب
ذلك الواجب أو الشرط مع ما دل على وجوب المتابعة بالعموم من وجه والظاهر تقدم أدلة وجوب ذلك الواجب لقوتها
وضعف دليل المتابعة لو كان لفظيا لقوة انصرافه إلى غير الفرض ولو كان هو الاجماع فلا يسلم في الفرض فيسلم منه
385

اطلاق ما دل على استحباب البقاء على الجماعة فيها بعد الشروع على الوجه المشروع مضافا إلى أصالة بقائها هذا كله
إذا عرض في الأثناء واما إذا علم في الابتداء بوقوعه فمقتضى استحباب لجماعة بقول مطلق واختصاص ما دل على وجوب
المتابعة فيها بغير الفرض وعموم أدلة وجوب الواجبات والشرط حتى لمثل المقام يدل على جواز الدخول مع الامام أو الترخص
في عدم المتابعة بتقديم أو تأخير إذا لم تنمح صورة الجماعة على ما هو الفرض ومما ذكرنا يظهر ان ما ذهب إليه بعض مشائخنا
المعاصرين من وجوب نية الانفراد لو عرض له عذر الجأه إلى اتمام الصلاة قبل الامام كوجع ونحوه جمعا بين ما دل على
جواز المفارقة في هذه الصورة وما دل على وجوب المتابعة فحينئذ له التخلص من الثاني بنية الانفراد محل نظر لان في
هذا الجمع طرح لما دل على استحباب اتمام الصلاة جماعة كما يستحب الابتداء بها جماعة فالأولى حينئذ الجمع بين جواز
المفارقة واستحباب استدامة الجماعة بوجوب المتابعة بجعل أدلة الأخير لفظية كانت أو غيرها (مخصوصة صح) بما عدا صورة
الاضطرار وهذا أولى من تخصيص الجماعة بغير ما يتعذر فيه المتابعة مع عدم انمحاء صورة الجماعة مضافا إلى أصالة بقاء
انعقاد الجماعة في العذر العقلي الذي يقطع بعدم بقاء وجوب المتابعة معه ولا يتوهم ان المتابعة واجبة فلا
ينبغي تركها لأجل مستحب بمعنى ان أدلة الواجبات مقدمة على أدلة استحباب المستحبات ولذا يجب ترك المستحب إذا توقف
عليه فعل الواجب من غير ملاحظة تعارض دليلهما وذلك أن المتابعة انما وجبت في مستحب أعني الجماعة فإذا لم يتمكن
منها فيها فلابد إما من الحكم بعدم استحباب الجماعة أو من الحكم بعدم وجوب المتابعة وترك المستحب ليس هنا مقدمة
للامتثال بالواجب بالواجب حتى يجب غاية الأمر ان على تقدير وجوب المتابعة في الجماعة على الاطلاق على وجه يفهم ان وجوب
المتابعة لازم مساو للجماعة المستحبة فوجب ان لا يبقى استحباب الجماعة على تقدير تعذر المتابعة وهو معارض بالمثل
فان استحباب الجماعة على الاطلاق حتى فيما يتعذر فيه المتابعة يوجب ان لا تكون المتابعة لازمة لها على الاطلاق نعم
ما ذكره من وجوب نية الانفراد فيما إذا التجاء إلى اتمام الصلاة قبل الامام إذا انمحى به صورة الجماعة حتى لكن قصد
مثل هذه المفارقة الهادمة للجماعة في الحقيقة قصد للانفراد الا ان يعرض له غفلة عن الانفراد أو يريد التشريع و
الامر معهما سهل لو لم يخل بوظايف المنفرد واما المفارقة المعنوية الحاصلة بنية الانفراد فالمشهور بل المعروف
كما قيل هو الجواز بل عن ظاهر المنتهى أو صريحه وكرة وارشاد الجعفرية ومحكى نهاية الاحكام الاجماع عليه وهو الأقوى لا
للاخبار المجوزة للتسليم قبل الامام ومفارقته في التشهد لظهورها في مورد العذر والحاجة واختصاصها
بالمفارقة في التشهد فلا يتعدى في المقامين بل للأصل فان الأصل في المستحب ان لا يجب بالشروع وكون
الجماعة
من مقومات الصلاة ممنوع بل نفس الأصل المذكور ينفى كونها مقومة لان استحباب فعل الصلاة جماعة يقتضى استحباب
386

اتمامها (جماعه لا وجوب اتمامها صح) كذلك مضافا إلى استصحاب صحة الصلاة وعدم بطلانها بنية الانفراد وقد يستفاد من بعض الروايات
كون الجماعة مما تكون مطلوبة في كل جزء جزء كما في الرواية المحكية عن كتاب الإمام والمأموم من أن تكبيرة مع الامام
تعدل كذا وركعة تعدل كذا وسجدة كذا وفيه تأمل إذ قد يرد الثواب على اجزاء الفعل مع العلم بعدم جواز تجزأته
بل قد ورد كثيرا على اجزاء المقدمة مثل من مشى إلى زيارة الحسين (ع) فله بكل قدم كذا فالمذكور في الرواية من هذا
القبيل لكن الانصاف انه لو خليت تلك الروايات وأنفسها تدل بظاهرها على مطلوبية الجماعة في كل
جزء جزء بالخصوص ولا تكون مطلوبيته موقوفة على اتصاف الباقي بالجماعة وعن الشيخ في المبسوط انه من فارق الامام
لغير عذر بطلت صلاته ومن فارقه لعذر وتمم صحت صلاته والمحكى عن ناصريات السيد انه ان تعمد سبقه إلى
التسليم بطلت صلاته ويحتملان صورة عدم نية الانفراد فتكون المتابعة عندهما إما واجبا شرطيا واما واجبا
مستقلا لكن البطلان من جهة النهى المقتضى للفساد ثم إذا نوى الانفراد فإن كان قبل القراءة تعينت عليه وإن كان
بعدها فالظاهر اجزائها عنه لعموم أدلة ضمان الامام وبها يرتفع اليد عن أصالة عدم السقوط اللهم الا ان
يدعى انصراف في الاخبار ومن ذلك يظهر حكم ما لو كان الانفراد في أثناء القراءة فان الظاهر أنه يجتزى بما قرء
مع الامام ثم إن الظاهر جواز الانفراد حتى في الركعة الأولى قبل الركوع لو دخل معه من أول الركعة وما تقدم
من اعتبار ادراك الركوع في إدراك الجماعة فالمراد به ابتداء الايتمام يعنى ان ابتدائه لا يتحقق بعد الركوع لا ان
ادراك الركوع شرط في انعقاد الجماعة مع أن المراد بالادراك يحتمل ان يكون سبق نية الايتمام على الركوع بحيث
لو أراد الركوع معه أمكن له لا خصوص فعل الركوع معه ولهذا لو دخل معه قبل الركوع ثم فات متابعته في الركوع
بان تأخر عنه سهوا أو تقدم عليه كذلك بقيت الجماعة على صحتها فلا فرق بين ركوع الركعة الأولى وركوع
غيرها ثم إن هذا كله مع استحباب الجماعة واما مع وجوبها أصالة كالجمعة فلا ريب في عدم جواز الانفراد و
كذا ما استحبت على الجماعة كالصلاة المعادة فان الظاهر أن نية الانفراد يبطلها إذ لا أمر بدونها واما الجماعة
المنذورة فلو نوى فيها الانفراد فالظاهر عدم بطلان الصلاة لعدم صيرورتها بذلك شرطا مع احتماله بناء على حرمة الانفراد
والمفارقة المقتضية للفساد وقد يقال إن نية الانفراد فيما لا يشرع فيه الانفراد لا يوجب بطلان الصلاة للغوية
النية نعم لو فارق الامام اثم من جهة المفارقة ولو خرج بها عن اسم الاقتداء بطلت الصلاة لفوات شرطها والا فمطلق
نية الانفراد لا تؤثر في البطلان وفيه نظر بناء على وجوب استدامة النية ثم إنه كما يجوز الانفراد بعد الايتمام
فهل يجوز الايتمام بعد الانفراد قولان صرح الشيخ في الخلاف على ما حكى عنه بالأول واستدل بالاجماع والاخبار
387

وفي الذكرى مال إليه وعن التذكرة انه ليس بعيدا عن الصواب ولعله لعموم أدلة الجماعة ولاستلزام العدول عن امام
بامام اخر في صورة الاستخلاف العدول عن الانفراد الايتمام لأنه يصير منفراد بمجرد تحقق العذر للامام الأول
فنية الاقتداء اقتداء بعد انفراد ويؤيده عموم قوله (ع) في صحيحة علي بن جعفر (ع) المتقدمة في مسألة الاستخلاف لا صلاة
لهم الا بامام فليتقدم بعضهم فان قوله لا صلاة لهم معناه نفى الفضيلة لما تقدم من عدم وجوب اتمام الجماعة عند
الانفراد القهري واستحباب الاستخلاف ولا ريب ان قوله فليتقدم تفريع على فضلية الجماعة ولا ريب ان الحاصل بتقدم
بعضهم هي الفضيلة فيما بقى من الصلاة فعلم أن هذا المقدار أيضا مستحب ودعوى انه مستحب لمن اتى بأول الصلاة
جماعة خلاف ظاهر اطلاق التعليل مع أن عموم قوله فليتقدم بعضهم يظهر منه مطلوبية ذلك ولو بعد المضي
في بعض الصلاة على الانفراد اختيارا زايدا على المقدار اللازم بمجرد بطلان صلاة الامام مع أن العدول
عن الانفراد إلى الإمامة جايزا اتفاقا وهو أيضا عدول إلى الجماعة لان الجماعة صفة مشتركة بين الإمام والمأموم
يلحقها احكامها ومع هذا كله فيشكل الخروج عن عمومات وجوب القراءة نظرا إلى انصراف أدلة الجماعة في الصلاة
إلى افتتاح الصلاة على الجماعة لا مجرد تحصيلها فيها كيف كان وعدم نهوض ما ذكر ما عدا العمومات واردا على أصل؟
مضافا إلى أصالة بقاء احكام المنفرد وعدم كون العدول مؤثر أو يؤيده ما ورد وأفتى به من استحباب
نقل الفريضة إلى النافلة إذا اتفقت الجماعة إذ لو جاز العدول لما ارتكب ذلك
من أجل ادراك الجماعة الا ان يقال إنه لادراك أول الصلاة جماعة
في احكام صلاة المسافر
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلم على محمد واله وآله الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم
أجمعين إلى يوم الدين المقصد الرابع في بيان احكام صلاة السفر اعلم أنه يجب التقصير اجماعا بل ضرورة
في الصلاة الرباعية من الفرائض خاصة دون النوافل باسقاط الركعتين الأخيرتين لكن بستة شروط أو خمسة
بادخال القصد في المسافة كما في النافع وقد تعد سبعة بإضافة استمرار القصد إلى أصله والامر في ذلك كله سهل
فالأول من الشروط المسافة بلا خلاف بين الفريقين عدا داود الظاهري وهي على ما في الأخبار المستفيضة
كالاجماعات ثمانية فراسخ مبدؤها من اخر بلده على ما صرح به غير واحد ويمكن استفادته من تضاعيف
الاخبار وقيل من منزله وقيل من حد الترخص وفي موثقة عمار لا يكون مسافرا حتى ليسير من منزله أو قريته ثمانية
فراسخ ولو كان له بيت واحد في برية فمبدؤها من بيته ولو كان في قرية فمن قريته كل فرسخ ثلثة أميال بلا خلاف
388

كما في المنتهى وغيره ويدل عليه بعض الأخبار والميل أربعة الآف ذراع على ما هو المشهور بين الناس كما في يع
ومقطوع به بين الأصحاب كما في صريح المدارك وظاهر غيره وحكى عن بعض أهل اللغة وفي البحار وعن الا زهري
أنه قال الميل عند القدماء من أهل الهيئة ثلثة آلاف ذراع وعند المحدثين أربعة آلاف ذراع والخلاف
بينهم لفظي فإنهم اتفقوا على أن مقداره ستة وتسعون الف إصبع والإصبع ستة شعيرات بطن كل واحد يلصق
بظهر الأخر ولكن القدماء يقولون إن الذراع اثنان وثلثون إصبعا والمحدثون يقولون إنه أربعة وعشرون
إصبعا انتهى والظاهر أن ما ذكرنا يكفى في تقدير الميل الوارد في الاخبار وعن الصحاح وغيره ان الميل تدر مد البصر
ولم يعلم مخالفته للتحديد السابق مع أنه على تقدير المخالفة أرجح للشهرة العرفية المعينة لحمل اللفظ الوارد في الاخبار
عليه المعتضدة بدعوى قطع الأصحاب وعدم معروفية الخلاف وانه أوفق كما في كلام بعض بالتحديد الأخر للمسافة المتفق
عليه نصا وفتوى أعني مسير يوم تام لسير القطار من الإبل وان اختلفوا في ترجيحه على التحديد الأول كما عن محتمل
الروض أو العكس كما عن الذكرى أو الاكتفاء في لزوم القصر على بلوغ المسافة بأحدهما كما في المدارك لظاهر قول
الصادق عليه السلام في مصححة ابن أبي
بصير وصحيحة ابن أبي
أيوب انه في بريدين أو بياض يوم والظاهر منه كفاية العلم بتحقق أحدهما
وان لم يعلم بالآخر وشموله لصورة العلم بالتخالف محل نظر وما عن الذكرى لا يخلوا عن قوة لان التقدير اضبط فيمكن ان
يكون نقصان التقدير كاشفا عن اختلال في اعتدال المسير من بعض الجهات بخلاف العكس وفي رواية عبد الرحمن
بن الحجاج والكاهلي ما يشعر بضبط مسير اليوم به وفي علل الفضل عن الرضا (ع) وانما وجب التقصير في ثمانية فراسخ لا أقل
ولا أكثر لان ثمانية فراسخ مسير يوم للعامة القوافل والأثقال فوجب التقصير في مسيرة يوم ولو لم يجب في
مسيرة يوم لم يجب في مسيرة سنة لان كل يوم يكون بعد هذا يوم فلو لم يجب في هذا اليوم لما وجب في نظيره ويمكن
الاستظهار به لكل من القولين ثم إن المراد باليوم في مسير اليوم وإن كان هو يوم الصوم على ما عزى إلى
الأصحاب الا ان الظاهر من المسير الواقع فيه هو ما تعارف وقوعه فيه لا استيعابه من أول طلوع الفجر إلى ذهاب الحمرة
لان السير على هذا الوجه غير متعارف مع أن المناط في ذلك كما عرفت من رواية العلل مسير اليوم للعامة والقوافل
ولا ينافى ذلك تحديده ببياض يوم في الصحيحة المتقدمة كما توهم بل قد يؤيده كما لا يخفى ثم إنه لا فرق الثانية
بين كونها ذهابية فقط أو ملفقة من أربعة ذهابية واخرى إيابية لمن يريد من أول الذهاب ان يرجع إلى منزله
من يومه على المشهور وعن الأمالي انه من دين الإمامية الذي يجب الاقرار وهو صريح المحكي عن الفقه الرضوي ويدل
عليه الأخبار الكثيرة الدالة على التلفيق الكاشفة عن أن المراد بالثمانية فيما ورد هو الأعم من الملفقة والمتيقن
389

من التلفيق ما إذا وقع الرجوع ليومه ثم إن هذه الأخبار تدل باطلاقها على كفاية مطلق تلفيق الأربعة ولو لم يرجع
ليومه بل رجع قبل تخلل إقامة العشرة القاطعة للمسافة أو غيرها من القواطع كما ذهب إليه العماني فيما حكى عنه وجنح إليه
بعده طائفة من متأخري المتأخرين والمعاصرين ويدل عليه أيضا الأخبار المستفيضة الآمرة بالقصر في سفر
أهل مكة ومن بمنزلتهم إلى عرفات وفيها قوله في مقام الانكار على العامة ويحهم وأي سفر أشد منه لا تتم وبالجملة
فهذا القول قوى من حيث الدليل لا موهن له الا اعراض الأصحاب عنه من زمن العماني إلى زمن المحدث الكاشاني
وصاحب البحار بل لم ينقل بعضهم هذا الخلاف بل عن الحلى وغيره دعوى الاجماع وعدم الخلاف على عدم تحتم
القصر في المقام بل لم ينسب إلى العماني الا القصر فيما لو رجع لدون العشرة وهو غير ما نسبوه إليه الا على توجيه بحمل
العشرة على الإقامة وجعل ذكرها من باب المثال لساير القواطع وهنا أقوال أخر كالقول بالتخيير في
صورة (التلفيق صح) إما مطلقا أو مع عدم الرجوع ليومه ويردهما صريح اخبار عرفة وغيرها والقول بتحتم القصر بمجرد
الأربعة ولو لم يرد الرجوع وربما نسبه القائل إلى ثقة الاسلام حيث اقتصر على ايراد اخبار الأربعة ويرده صريح
كثير من الاخبار وهذا أضعف الأقوال في المسألة ثم إن الرجوع في ليلة بمنزلة الرجوع ليومه مع اتصال السير
عرفا على ما حكى عن جماعة ومستندهم غير واضح نعم في صحيحة ابن أبي
ولاد تحتم القصر على من سار في يومه بريدا وبدا له في
الليل ان يرجع إلى منزله وسيجئ ذكره في مسألة استمرار القصد واعلم أنه يشترط في المسافة العلم بها والظاهر أن
الظن لا يكفى للأصل ويحتمل كفايته لتعذر العلم وتعسر قيام البينة واما البينة فالأقوى قبولها للاستقراء
وعموم قوله (ع) في الصحيحة إذا شهد عندك المسلمون فصدقهم ولذلك مضافا إلى ما ورد في تصديق المؤمن يحتمل الاكتفاء
بالعدل الواحد وبنى الاكتفاء به في الذكرى على كونها رواية والأظهر اعتبار الشياع هنا وان احتمل منعه بناء
على الأصل ولو تعارضت البينتان ففي تقديم المثبت لان البينة وظيفته وهو خارج أو النافي لاعتضاده
بالأصل أو التخيير لأنهما دليلان تعارضا وجوه بل أقوال أوسطها الوسط مع استناد النافي إلى العلم بالنقص ولو
جهل البلوغ ولا شئ يرجع إليه من بينة ونحوها أتم لأصالة عدم تحقق الموجب للقصر ولو صلى قصرا أعاد
ولو بعد كشف كونه مسافة وهل يجب الفحص أم لا وجهان من أصالة العدم التي لا يعتبر فيها الفحص عند اجرائها في
موضوعات الاحكام ومن تعليق الحكم بالقصر على المسافة النفس الامرية فيجب لتحصيل الواقع عند الشك إما الجمع واما الفحص
والأول منتف هنا اجماعا فتعين الثاني وربما فصل بين صورة تعسر الفحص وعدمه للوجه الثاني مع ملاحظة أدلة
العسر ولا يبعد استناد إلى حكم العرف بتعلق الخطاب الوجوبي في أمثال المقام إلى الموضوع الذي يمكن العلم به بسهولة
390

لا المعلوم بالفعل وان لم نقل بذلك في الخطابات التحريمية وإن كان للبلد طريقان يبلغ أحدهما المسافة دون
الأخر فان سلك الابعد قصر ولو كان سلوكه ميلا إلى التقصير لعموم الاخبار خلافا للقاضي فجعله كاللاهي ولو
سلك الأقرب وكان أربعة وأراد الرجوع ليومه قصر وان لم يكن أربعة أتم وان قصد الرجوع بالأبعد ليومه بناء على
المشهور من عدم كفاية التلفيق ما لم يبلغ الذهاب أربعة بل حكى دعوى الاجماع عليه فان تم فهو والا فالقول
بكفاية مطلق التلفيق قوى لما دل على إناطة الحكم بحصول الثمانية مع التلفيق مطلقا كصحيحة زرارة كان رسول الله
(صلعم) إذا اتى ذبابا قصر وذباب أربعة فراسخ من المدينة قال وانما فعل ذلك لأنه إذا رجع كان سفره ثمانية
فراسخ ونحوها غير واحد من الاخبار وإن كان أربعة ولم يرد الرجوع ليومه بنى على المسألة السابقة في كفاية مطلق
الرجوع قبل تخلل الإقامة الثاني من الشروط القصد إليها ابتداء فالهائم الذي لا مقصد له وطالب الا بق
الذي يقصد الرجوع متى وجده لا يقصر ان وان زاد سفرهما على اضعاف المسافة اجماعا على ما حكاه غير واحد و
يدل عليه روايتا صفوان وعمار المرويتان متعاقبتين في صوم التهذيب وكما يتحقق القصد استقلالا يتحقق تبعا
كالعبد والزوجة إذا لم يقصد النشوز والاباق في الأثناء ولم يحتملا العتق والطلاق لامارة ظهرت لهما ويعتبر علمهما
بقصد المتبوع مسافة وفي وجوب السؤال والفحص الوجهان وكذا في (وجوب صح) اخبار المتبوع ولا يضر جهلهما بكون المقصود المعين
مسافة كالقاصد المستقل فيقصر بعد ظهور كونه مسافة كما صرح به غير واحد لان العبرة تعلق القصد بما هو مسافة
واقعا خلافا لبعض متأخري المتأخرين لأنه في حال خروجه مع جهله بالمسافة لم يقصد السفر الشرعي ولهذا يجب عليه
التمام في هذا الحال ويضعفه انه لم يحصل من الأدلة اعتبار قصد السفر الشرعي بعنوان انه سفر شرعي وإن كان
ظاهر بعض الأخبار يوهمه بل الحاصل هو اعتبار ما هو مصداق لهذا العنوان ولو واقعا ووجوب التمام عليه حكم
ظاهري وان قلنا باجزائه بعد كشف تحقق المسافة ثم لو طرء الغير القاصد القصد في الأثناء اعتبر كون مقصوده
بنفسه مسافة لا بلوغها بضم الرجوع إليه بناء على ما سبق من أن التلفيق عندهم مختص بصورة بلوغ الذهاب
أربعة بل حكموا هنا بالتمام وعدم الضم حتى لو بلغ الرجوع بنفسه المسافة كما إذا قطع من غير قصد سبعة فراسخ
فقصد فرسخا اخرا ذهابا ثم الرجوع إلى منزله حيث خصوا التقصير بحال الرجوع إذا بلغ مسافة واطلاق رواية
عمار المشار إليها في دليل المسألة يدل على وجوب الاتمام على مثل هذا الشخص مطلقا خرج منه حال الرجوع
فبقى الباقي الا انها معارضة بموثقة عن الرجل يخرج في حاجة وهو لا يريد السفر فيمضى في ذلك فيتمادى به المضي
حتى يمضى ثمانية فراسخ كيف يصنع في صلاته قال يقصر ولا يتم الصلاة حتى يرجع إلى منزله وحملت على التقصير في
391

حال الرجوع جمعا ولا يخفى بعده واعلم أنه كما يعتبر القصد ابتداء يعتبر استمراره إلى بلوغ المسافة بمعنى عدم العدول
في أثنائها عن قصد أصل السفر الشرعي لا خصوص هذا السفر على المعروف بين الأصحاب بل حكى عن بعض دعوى الاجماع
ويمكن الاستدلال عليه بقوله عليه السلام في رواية عمار المشار إليها سابقا لا يكون الرجل مسافرا حتى يسير من
منزله أو قريته ثمانية فراسخ والمعنى بقرينة السؤال حتى يسير مع القصد واستدلوا عليه أيضا (بمصححة صح) ابن أبي
ولاد قال
قلت لأبي عبد الله (ع) انى كنت خرجت من الكوفة في سفينة إلى قصر هبيرة وهو من الكوفة على نحو من عشرين فرسخا
فسرت يومى ذلك اقصر الصلاة ثم بد إلى في الليل الرجوع إلى الكوفة فلم أدر اصلى في رجوعي بتقصير أو تمام فكيف
كان ينبغي ان اصنع فقال إن كنت سرت في يومك الذي خرجت بريدا لكان عليك حين رجعت ان تصلى بالقصر
لأنك كنت مسافرا إلى أن تصير إلى منزلك وان كنت لم تسر بريدا فان عليك حين رجعت ان تقضى كل صلاة
صليتها في يومك ذلك بالتقصير بتمام من قبل ان تريم من مكانك ذلك لأنك لم تبلغ الموضع الذي تجوز
فيه التقصير حتى رجعت فوجب عليك قضاء ما قصرت وعليك إذا رجعت ان تتم الصلاة حتى تصير إلى منزلك
ونحوها روى في الكافي في المنتظر الرفقة ورواية المروزي بناء على حمل الفرسخ فيها على الفرسخ الخراساني الذي
قيل إنه يقرب من فرسخين لكن التمسك في الأولى على وجه ينطبق على فتوى الجماعة مشكل إذا الحكم بتحتم التقصير لمن
سار أربعة فراسخ فبدا له في الرجوع لا ينطبق على فتوى الجماعة بعدم تحتم القصر مع سير الأربعة وعدم قصد الرجوع
ليومه الا إذا قلنا بأنه يكفى في استمرار القصد العدول من قصد المسافة الشخصية إلى المسافة النوعية حتى الملفقة
لكنهم وان صرح غير واحد منهم بكفاية استمرار قصد النوع الا ان ظاهر كلماتهم عدم كفاية العدول إلى الملفقة حيث
صرحوا بوجوب التمام مع التردد قبل بلوغ حد المسافة وحمل المسافة في كلامهم على الأربعة حيث إنه يحصل به المسافة
عند الرجوع كما ترى فالظاهر أن هذه الروايات منطبقة على مذهب غير المش: من كفاية الأربعة مع الرجوع قبل
تخلل القاطع واما خبر منتظر الرفقة فهو بصريحه لا ينطبق على مذهب الجماعة في اعتبار الرجوع ليومه التلفيق مضافا
إلى ما ذكرنا في سابقته وكذا رواية المروزي الضعيفة وضعفها لا ينجبر الا على تقدير حمل الفرسخ فيها على الخراساني
ليخرجها عن مخالفة الاجماع ووجوب ارتكاب هذا الحمل موقوف على اعتبار سندها إذا الخبر الضعيف المخالف
بظاهره للاجماع لا داعى إلى تأويله واخراجه عن مخالفة الاجماع إلى موافقة المشهور لينجبر ضعفه فيعمل به كما لا يخفى
مضافا إلى البعد الظاهر في حمل الفرسخ على الخراساني من وجوه لا تخفى ولو خرج قاصدا للمسافة فبلغ إلى ما دونها
فتردد في الذهاب والرجوع أتم على ما ذكره الفاضلان وغيرهما وإن كان بلغ أربعة فراسخ بناء على ما تقدم
392

من عدم كون العدول إلى الرجوع بعد الأربعة عدولا من المسافة الذهابية إلى الملفقة خلافا لبعض متأخري المتأخرين
فحكموا بالقصر مع بلوغ الأربعة إما لجعلها مع الرجوع قبل العشرة مسافة تمسكا بصحيحة ابن أبي
ولاد ورواية إسحاق بن عمار
في منتظري الرفقة ورواية المروزي واما الكفاية استمرار القصد إلى نوع ولو بالعدول إلى الملفقة إذا وقع التلفيق بالرجوع
ليومه تمسكا بالصحيحة ورواية المروزي وقد عرفت حال الكل ولو عزم على الذهاب بعد التردد فهل يعتبر كون الباقي
بنفسه مسافة أم يكفى بلوغها بضمة إلى السابق الاظهر الثاني لعدم الدليل على اعتبار القصد على وجه الاستمرار بحيث
لا يتخلل في أثنائه تردد ويدل عليه قوله (ع) في ذيل رواية اسحق في منتظري الرفقة وإذا مضوا فليقصروا نعم لو قطع
شيئا من الطريق مع التردد فلا يبعد عدم احتسابه في الضم مع احتمال الاحتساب ولو صلى تماما مع التردد ثم عزم على
السفر فالظاهر عدم وجوب الإعادة لقاعدة الأجزاء الثالث من الشروط عدم قصد قطع السفر الشرعي بنية الإقامة
عشرا فما زاد في الأثناء أي في أثناء الثمانية فلو قصد ذلك من أول الأمر أو بدا له ذلك في الأثناء أتم في موضع
الإقامة وقبله وبعده إذا لم يبلغ مسافة لعموم ما دل على وجوب الاتمام إذا دخل أرضا وقصد المقام فيها وان المقيم
في مكة عشرا بمنزلة أهلها مضافا إلى عدم ظهور الخلاف والاستصحاب ويعتبر أيضا عدم قصد قطعه بوصوله
إلى بلد بنى على دوام القرار فيه على وجه الاستيطان في جميع السنة أو بعضها فان ذلك في حكم وطنه الأصلي
الذي نشاء فيه فينقطع سفره بمجرد الدخول فيه بل في حدوده كما سيجئ ولا يشترط في ذلك شئ مما سيذكر
لعموم ما دل على قطع السفر بمجرد الدخول إلى أهله وبيته وان سبب التقصير هو البعد عن البيت والمقر بل به يتحقق
الضرب في الأرض والسفر كما يستفاد من تعليل اتمام الاعراب بان بيوتهم معهم واختصاص ما دل على اشتراط ما
سيذكر بغير ما ذكر بل بالمسألة التي ذكرها أكثر الأصحاب وهي انه في حكم الوطن الأصلي كل بلد له فيه ملك
قد استوطنه ستة أشهر ولو في سنة واحدة على ما نسب إليهم وحكى اتفاقهم عليه عن المصنف في كرة وشيخنا الشهيد
الثاني في الروض استنادا إلى صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيغ عن أبي الحسن الرضا (ع) قال سئلته عن الرجل يقصر
في ضيعته قال لا بأس ما لو ينو مقام عشرة أيام الا ان يكون له فيها منزل يستوطنه قلت وما الاستيطان قال إن
يكون له فيها منزل يقيم فيه ستة أشهر فإذا كان كذلك يتم متى دخلها وفي دلالتها على مقصودهم قصور لا يخفى
كما نبه عليه غير واحد ولذا فهم الصدوق منها الاستيطان كل سنة مضافا إلى معارضتها على هذا التقدير بغير
واحد من الصحاح الدالة على اعتبار الاستيطان الفعلي السليمة عما توهم من المعارضة بما يدل بظاهره المترائي
على كفاية كون الملك مما سكنه كصحيحة سعد بن ابن أبي
خلف أو مما توطنه كصحيحة الحلبي لمنع ظهورها في المضي لان المضي
393

في قولنا سكنت كذا وتوطنت كذا باعتبار ظهور أصل المبدء لا باعتبار انقضائه وعلى فرض الشمول فلابد من
تخصيصهما بصورة فعلية السكون والتوطن لتلك الصحاح ولا يتوهم جواز العكس لكون النسبة عموما من وجه وعلى
فرض جواز العكس فالمرجع إلى عمومات السفر لا عمومات وجوب الاتمام في الضيعة ويحتمل الملك ولو كان شجرة واحدة
كموثقة عمار واضرابها كما لا يخفى وكيف كان فمستند المشهور فيما نسب إليهم غير واضح ولذا اختار جماعة اعتبار
الاستيطان الفعلي على اختلاف بينهم في اعتبار الإقامة ستة أشهر كل سنة وعلى كل تقدير فاعتبار الإقامة ستة
أشهر والملك ليس مورده الوطن المتخذ دار مقامه في جميع السنة أو بعضها على الدوام لاختصاص أدلة اعتبارهما
بغير مثل هذا الوطن بل بمثل الضيعة ونحوها الا ان يقال بان التحديد المذكور في الصحيحة المطلق الاستيطان ولكنه
بعيد جدا بل مناف لما يشاهد عرفا في معنى الاستيطان فتأمل وكيف كان فلو كان ما بين مخرجه وموطنه
المحدود سابقا أو ما نوى الإقامة فيه عشر أتبلغ مسافة شرعية قصر في الطريق وأتم في المنزل والمقام خاصة والا
يبلغ الطريق مسافة أتم فيه أيضا كالمنزل ولو كانت له عدة مواطن عرفية أو شرعية بناء على عدم اعتبار الإقامة
في كل سنة ستة أشهر أتم فيها واعتبرت المسافة فيما بين كل موطنين فيقصر مع بلوغ ما بينهما الحد في الطريق خاصة
وفي مرسلة عبد الله بن بكير المروية في صوم التهذيب في الرجل يخرج من منزله يريد منزلا له اخر دلالة على ذلك واحتمل
المحقق الثاني صدق كثير السفر عليه في الثالثة وفيه نظر الشرط الرابع ان يكون السفر سائغا بنفسه بغايته فلا
يترخص العاصي بأحدهما اجماعا على ما حكاه مضافا إلى الأخبار المستفيضة لكن المستفاد من أكثرها عدم الترخص
مع كون الغاية معصية ويمكن الحاق القسم الأخر به من باب الفحوى مضافا إلى العموم المستفاد من تعليل عدم ترخص
الصائد بكون التصييد سفرا باطلا وانه ليس بمسير حق ومسير باطل كتعليل ترخص المشيع لأخيه بأنه حق عليه
مضافا إلى عدم الخلاف في المسألة الا عن ظاهر المحكي عن الروض ثم إن السفر المستلزم لترك الواجب ليس
معصية بناء على منع تأثير الاستلزام الا ان يدخل في عموم السفر الباطل فان صدقه لا يتوقف على كون نفس
السفر معصية ولذا اطلق في الاخبار على سفر صيد اللهو مع أن حرمة الغاية لا يستلزم حرمة ذيها وكما يعتبر إباحة
السفر ابتداء فكذا يعتبر استدامة فلو عدل عن المباح وتلبس بالسفر المحرم أتم وإن كان بعد تحقق المسافة نعم
لو لم يتلبس بما قصده من المحرم بعد تحقق المسافة على الوجه المباح بقى على التقصير حتى يتلبس ولو عدل عن المعصية
اعتبر أيضا تلبسه بالسفر المباح البالغ بنفسه مسافة من دون ضم الماضي ولا الإياب على ما عرفت من المشهور
نعم لو عدل عن المعصية المعدول إليها كفى بلوغ الباقي المنضم إلى ما قبل المعصية الا ان يطول الفصل بينهما ففي
394

الضم حينئذ اشكال واعلم أن سفر صيد غير اللهو ليس بمحرم اجماعا على الظاهر فمقتضى القاعدة ان الصائد للتجارة
يقصر في صلاته وصومه على ما هو رأى المشهور بين المتأخرين لعمومات القصر في السفر ولا يخصصها ما دل لعمومه على عدم ترخص الصائد
بقول مطلق أو ان الصيد سفر باطل لكونها مخصصة بما دل منطوقا ومفهوما على اختصاص هذا الحكم بصيد اللهو
كما يظهر من غير واحد من الروايات فهى حجة أخرى أيضا بعد العمومات كعموم ما دل على التلازم بين التقصير والافطار بعد
ثبوت كون الافطار اجماعيا في المقام ولا معارض لهذه كلها عدا ما يستفاد من الشيخ والحلى من وجود رواية نسباها
إلى الأصحاب من أنه يفطر ولا يقصر منجبرة بدعوى ثانيهما الاجماع على مضمونها واستثنائه من قاعدة التلازم بين القصر
والافطار مضافا إلى الرضوي وما ورد في أن الصيد إن كان للقوت فليقصر وإن كان لطلب الفضول فلا ولا
كرامة
ولا يخفى ضعف الجميع فالقول بالافطار والاتمام كما نسب إلى معظم القدماء ضعيف جدا الشرط الخامس عدم
زيادة السفر على الحضر بجعل السفر صنعة وكسبا كالمكارى والملاح وان لم يستوطن السفينة ومن هذا القبيل
طالب القطر والنبت إن كان راعيا ومثله طالب الأسواق والبريد واما الاعراب الصاعنين من موضع إلى
موضع طلب المواضع القطر والنبت فيتمون لان السفر حضر لهم حيث إن بيوتهم ومنازلهم معهم كما في الاخبار
وهذا الحكم مقطوع به بين الأصحاب عدا شاذ منهم ويدل عليه الأخبار الكثيرة مثل قوله (ع) في صحيحة هشام ومقطوعة
سندي بن الربيع المكارى والجمال الذي يختلف وليس له مقام يتم الصلاة ويصوم شهر رمضان ونحوها مصححة
زرارة أربعة يجب عليهم التمام في سفر كانوا أو حضر المكارى والكرى والراعي والاشتقان لأنه عملهم ونحوها
في التعليل بزيادة تفسير الاشتقان بالبريد ما عن الخصال في مرسلة ابن ابن أبي
عمير المصححة إليه وقريب منهما في
استفادة التعليل مكاتبة (محمد بن خرك صح) المروية في الكافي والخبر المحكي عن كتاب زيد النرسي وفيه في حكم الصيد و
إن كان ممن يطلبه للتجارة وليست له حرفة من طلب الصيد فان سعيه حق وعليه التمام في الصلاة والصيام لان
ذلك تجارته فهو بمنزلة صاحب الدور الذي يدور في الأسواق الخبر ويستفاد من هذه التعليلات إناطة الحكم بكون
السفر عملا له فالمعيار صدق هذا العنوان لا صدق كثير السفر حتى ينظر في أن الكثرة بأي شئ يتحقق بل يحكم بالتمام وان
لم يتحقق الكثرة خلافا لمن اعتبرها معه نظرا إلى أن المتبادر من الاطلاق هو التكرر وفيه ان عموم العلة يشمل
غير المتبادر ولمن اعتبر أحد الامرين من الكثرة أو العملية ويدفعه عدم الدليل على اعتبار الكثرة المجردة عن
العملية وانه لو صدق كثير السفر مع عدم كون السفر عملا له يقصر وان سافر عشر سفرات متواليات للعمومات بل يمكن
استفادة ذلك من حصر المهتمين في الاخبار في هؤلاء الذين يكون السفر عملا لهم دون من اتفق منه سفرات
395

متواليات لبعض الدواعي الاتفاقية ثم إن ظاهر الاخبار لزوم الاتمام على المذكورين كيف كان الا ان
المقطوع به بين الأصحاب على ما حكى ان ضابطه ان لا يقيم في بلده عشرة أيام ولعله لتقييد لفظ المقام في صحيحة هشام
والمقطوعة المتقدمتين بمقام العشرة إذ لا يعتبر غيره في الاتمام والصوم اجماعا ولمرسلة يونس المروية في صوم
(يب) عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن حد المكارى الذي يصوم ويتم قال أيما مكار أقام في منزله أو في البلد الذي يدخله
أقل من عشرة أيام وجب عليه الصيام والتمام وإن كان له مقام في منزله أو في البلد الذي يدخله أكثر من عشرة أيام
فعليه التقصير والافطار وقريب منها رواية عبد الله بن سنان ومنها إسماعيل بن مراد المكارى ان لم يستقر
في منزله الا خمسة أيام وأقل قصر في سفره بالنهار وأتم بالليل وعليه صوم شهر رمضان وإن كان له مقام في البلد
الذي يذهب إليه عشرة أيام واكثر قصر في سفره وأفطر وأورد على الاستدلال به اشكال يسهل التفصي عنها
وحكيت عن الفقيه بطريق مصحح ومتن مغاير للتهذيب يمكن ارجاعه إليه من حيث المعنى والحق المحقق في (فع) والمصنف في
غير الكتاب قدس سرهما الإقامة في غير بلده مع النية وتبعهما جمهور من تأخر عنهما ولا باس به لهذه الروايات مضافا إلى
عموم تنزيل المقيم عشرا في بلد بمنزلة أهله المستفاد من بعض الروايات فإذا صار الشخص بمجرد نية الإقامة بمنزلة
أهل البلد والمفروض ان حكم كثير السفر من أهل البلد ينقطع بإقامة العشر فكذا ناوي الإقامة ومن هنا يظهر
الوجه في الحاق إقامة العشرة بعد مضى الثلثين مترددا المنزل للمسافر منزلة أهل البلد بمقتضى بعض الأخبار فحاصل
هذا الشرط يرجع إلى اعتبار إقامة العشرة في محل ينقطع سفره فيه بمجرد الوصول أو بنية الإقامة أو بمضي الثلثين
مع التردد لكن في دلالة التنزيل في بعض الأخبار على العموم ثم استفادة حكم المسألة من العموم تأمل فالمرجع في الإقامة
في غير البلد إلى الرويات ويبقى الاشكال في الحاق الإقامة بعد الثلثين واشكل من ذلك الاكتفاء بنفس
مضى الثلثين نظرا إلى صيرورته بمنزلة الحاضر ولا يخفى ضعفه بعد تسليم عموم المنزلة لان غاية الأمر كون محل
التردد بعد مضى الثلثين بمنزلة الوطن لكن الوطن بمجرده لا يقطع كثرة السفر ما لم يحصل فيه إقامة العشرة الا
ان يقال إن المناط تحقق الإقامة عشرا وانقطاع السفر لا تحققها بعده فتأمل ثم إن ظاهر الأخبار المتقدمة
عدم اشتراط النية في إقامة العشرة في غير بلده كإقامتها في بلده الا ان الظاهر عدم الخلاف بين من
طرد الحكم في غير البلد في اعتبارها وحكى عن جماعة دعوى الاجماع عليه صريحا ولا بأس به اقتصارا في العمل بالروايات
المذكورة على مقدار انجبارها والعمل فيما عداه على العمومات وعلى كل حال فان أقام أحدهم في بلده مطلقا أو غيره
مع النية عشرا فصاعدا ثم أنشأ سفرا قصر في ذلك السفر وهل يستمر إلى أن يسافر ثلث سفرات بناء على اعتبارها
396

في حدوث عنوان الحكم أو يختص بالأول قولان أقويهما الثاني وان قلنا باعتبارها في الحدوث للاقتصار في مخالفة
العمومات على المتيقن وان الإقامة أزالت الحكم دون الاسم وقد يتمسك لاثبات المختار باستصحاب وجوب التمام بعد
انقطاع السفر الأول وفيه نظر لتغير الموضوع فتأمل جيدا والا يقم عشرة فان أقام أقل من خمسة أتم مطلقا اجماعا
وان أقام خمسة أتم ليلا ونهارا على رأى الحلى وجمهور ممن تأخر عنه وعن الحلى دعوى الاجماع عليه للعمومات خلافا
للمحكى عن الشيخ واتباعه فحكموا بأنه يتم ليلا ويقصر نهارا ويصوم شهر رمضان لصدر رواية عبد الله بن سنان
المتقدمة السقيمة سندا الضعيفة دلالة من جهة التسوية بين الخمسة والأقل الصادق على اليوم وبعضه ومن جهات
أخرى وان رويت في الفقيه بطريق صحيح كما قيل وأمكن الذب عن ضعف دلالتها لكن لا ينهض مخصصة للعمومات
الكثيرة المعتضدة بعمومات التلازم بين القصر والافطار وبذلك ظهر ضعف القول باعتبار الخمسة في التقصير
مطلقا كما عن الإسكافي كضعف قول العماني بعموم القصر من غير استثناء أحد واعلم أنه قد ورد في غير واحد من
الاخبار ان المكارى والجمال إذا جد بهما السير فليقصرا والأصحاب بين من فسرها بجعل المنزلين منزلا كما في
(في)
و (يب) مستشهدا له ببعض ما دل على أنه يقصر في الطريق ويتم في المنزل ومن حملها على ما إذا أنشأ سفرا جديدا
غير صنعتهما كما في الذكري وقربه في المدارك وحكى عن جماعة ومن حملها على ما إذا أقاما عشرة أو ما إذا قصدا
المسافة قبل تحقق وصف الكثرة ولا يخفى بعد الجميع من حيث الحملية وإن كان في الحمل الثاني نظر أيضا من حيث الحكم
بوجوب التقصير عليهما إذا أنشأ سفرا جديدا نظرا إلى العمومات السليمة عما عدا ما ربما يستفاد من تعليل اتمام
هؤلاء بكونه عملا لهم من أن الاتمام مختص بالسفر الذي هو عملهم ولا يخفى ما فيه لان الشارع علل اتمام هؤلاء بكون
أصل السفر عملا لهم فيدل على أن من كان أصل السفر عملا له يتم فيه لا بان سفرهم عمل لهم فيدل على أن كل سفر كان
عملا لشخص يتم فيه وكيف كان فلا يبعد وفاقا لظاهر المحقق الأردبيلي ومن تبعه العمل بظاهر تلك الأخبار
والحكم بان من جدبه السير من هؤلاء يقصر نظرا إلى خروجه عن السفر المعتاد الذي صار في العادة بمنزلة الحضر له و
عليه فلا اختصاص له بمن جعل المنزلين منزلا السادس من الشروط خفاء الصورة بل الشبح من الجدران
لبيوت البلد والظاهر اعتبار الاعتدال في كل من الجدار والبلد والحاسة وموضع المسافر لان ذلك
كله هو المتبادر من صحيحة محمد بن مسلم عن الصادق (ع) عن الرجل يريد السفر فيخرج متى يقصر قال إذا توارى من
البيوت بناء على أن المراد توارى البيوت عنه كما لا يخفى توجيهه وظاهر الصحيحة انحصار حد الترخص في خفاء الجدران
كما عن ظاهر المقنع الا ان الأكثر على الاكتفاء به أو بخفاء سماع صوت الاذان على أنه اذان وان لم يميز فصوله
397

أو أصل الصوت ومستندهم الجمع بين الصحيحة المتقدمة وبين صحيحة عبد الله المروية في صوم التهذيب إذا كنت
في موضع تسمع فيه الاذان فأتم فيه وإذا كنت في الموضع الذي لا تسمع فيه الاذان فقصر وإذا قدمت من سفرك
فمثل هذا بتخصيص مفهوم الصحيحة الأولى بالفقرة الثانية من الصحيحة الثانية وتخصيص الأولى منها بمنطوق
الصحيحة وعليه فلو خفى الاذان وظهر الجدران أو انعكس وجب القصر وهذا الجمع حسن لو كان المقام مقام بيان
السبب للتقصير فيحمل على تعدد السبب كما في نظائره لكن المقام بيان التحديد والحمل على تعدد الحد غير مستقيم بين الأقل
والأكثر ولعله لذا عكس المتأخرون الجمع بين الصحيحين فاعتبروا خفاء الامرين مضافا إلى عدم شمول اطلاق
الصحيحة الأولى كالفقرة الثانية من الثانية لصورة تحقق العلم باختلافهما بل الظاهر منهما هو وجوب القصر متى
تحقق أحدهما للمكلف فكان الامرين لما كان الأغلب موافقتهما واقعا حكم الشارع بالتلازم الظاهري بينهما
فاكتفى بأحدهما عن الأخر ما لم يعلم تخالفهما واما التمسك في ترجيح هذا الجمع بموافقته لاستصحاب التمام فيرده
عمومات التقصير وفي ظاهر المقنعة كالمحكى عن الديلمي اعتبار خفاء الاذان فقط ولعله لترجيح الصحيحة الثانية على
الأولى لاعتضادها بغيرها من الأخبار المستفيضة المقتصر فيها على خفاء الاذان مع احتياج الصحيحة
الأولى إلى التوجيه كما عرفت وعن والد الصدوق عدم التحديد الا بالخروج عن المنزل للمرسلة وبعض ما رواه
الشيخ في صوم التهذيب وهو شاذ ثم إنه يجب تقدير أحد الامرين على مذهب القدماء مع فقدهما كما إذا خرج عن
حضر ليس فيه اذان ولا بيوت متعارفة وتقدير كليهما على قول المتأخرين إذا استندوا فيه إلى عكس جمع القدماء
بين الصحيحين وتقدير المعدوم منهما مع وجود الآخر والفحص عن الموجود المجهول منهما بعد معرفة الآخر واما إذا استندوا
في قولهم إلى الانصراف الذي ادعينا فالظاهر أنه لا يجب تقدير المعدوم منهما ولا الفحص عن الموجود بعد تحقق الأخر
بل ولا تقدير كليهما مع عدمهما بل يكتفى بتقدير أحدهما على تأمل فيه وما ذكر في مبدء الترخص هو بعينه نهاية
التقصير عند الأكثر لعموم قوله (ع) في ذيل الصحيحة السابقة وإذا قدمت من سفرك فمثل هذا والمصححة المحكية عن
المحاسن وإذا سمع الاذان أتم المسافر وبهما يرفع اليد عن ظاهر ما دل من الأخبار المستفيضة على أنه لا يزال المسافر
مقصرا حتى يدخل أهله وبيته أو منزله المعتضد باستصحاب التقصير وعموماته لرجحانهما بالشهرة العظيمة
القريبة من الاجماع كما يظهر من الذكرى وموافقة تلك الأخبار لمذهب العامة كما عن الوسائل وغيره وقابليتها
للتأويل في لفظ الأهل والمنزل بإرادة ما يعم محل الترخص ومخالفتها في الجملة لما دل على وجوب التمام في الحضر فظهر
ضعف القول بمضمونها كما عن السيد والإسكافي ثم إن الاكتفاء في الإياب بظهور أحد الامرين على قول من اعتبر اختفاؤهما
398

في الذهاب واضح واما على قول من اكتفى فيه بأحدهما موقوف على ثبوت الدليل على أن ظهور الجدران في الإياب موجب
للتمام حتى يجمع بينه وبين ما دل على ايجاب سماع الاذان له على نحو ما تقدم في اخفائهما لكن الدليل في الإياب لم يرد
الا في خصوص الاذان ولعله لذا اقتصر عليه في (يع) كما عن التحرير الا ان ظاهر الأكثر على ما حكى عدم الاقتصار ولعلهم
ظفروا على الدليل المذكور أو استفادوا من صحيحة محمد بن مسلم وان اختص موردها بالذهاب هو كون اخفاء البيوت
حدا شرعيا بين السفر والحضر ولا مدخل فيه للذهاب والاياب وهذا هو الأقوى لكن هذا لا يناسب الحكم بكفاية اختفاء
أحدهما في القصر ولو مع العلم بظهور الامر كما يقتضيه ظاهر اطلاق المحكي عن القدماء الا ان يريدوا بذلك تحقق
وجود أحد الامرين من دون تحقق الآخر لا ولو مع العلم بتحقق عدم الآخر فيتحد مع فتوى المتأخرين على الوجه الذي ذكرنا (أخيرا صح)
واعلم أن مسألة منتظر الرفقة في أثناء المسافة قد علم سابقا من مسألة استمرار القصد وانه يقصر مع تحقق الخفاء
لاحد الامرين والجزم بالسفر أو بلوغ حد المسافة والا يحصل أحد الامرين من الخفاء مع الجزم وبلوغ المسافة أتم
إما مع عدم الخفاء فلانه دون محل الترخص واما مع عدم الجزم فلحصول التردد في أثناء المسافة ولا يجدى لمن بلغ بريدا
العزم على قطع إحدى المسافتين من الذهابية والملفقة لما عرفت من أن قصد المسافة النوعية المتحققة في الملفقة
لا تنفع عند الأصحاب فتذكر ولو نوى المقصر الإقامة إما بالقطع بتحققها أو بالعزم عليها مع الظن بعدم طرو المانع
في بلد بل أي مكان عشرة أيام انقطع سفره وأتم اجماعا محققا ونصا متواترا ففي الصحيح إذا دخلت أرضا فأيقنت
ان لك بها مقام عشرة أيام فأتم الصلاة وان لم تدر ما مقامك بها تقول غدا اخرج أو بعد غد فقصر ما بينك
وبين ان يمضى شهر فإذا تم لك شهر فأتم الصلاة وان أردت ان تخرج من ساعتك والمراد بالأرض في الرواية
هو العنوان الذي ينسب إليه الإقامة عرفا بلا واسطة كالبلد وما ضاهاها فالمقيم عشرا بأرض العراق مثلا
المتردد في بلاده لا يتم لان الإقامة عرفا تسند إلى البلد أولا والى ارض العراق بواسطته بخلاف المقيم في بلد
المتردد في محلاته فان الإقامة تنسب إلى البلد لا بواسطة نسبتها إلى محلاتها إذا الإقامة عرفا لا تسند إلى المحلة
حقيقة فالظاهر أن المعيار العرفي في محل الإقامة هو أخص عنوان تنسب إليه الإقامة حقيقة وعلى هذا ينزل ما ذكره المصنف
في المنتهى من أنه لو عزم على إقامة طويلة في رستاق ينتقل فيه من قرية إلى قرية ولم يعزم على الإقامة في واحدة
منها لم ينقطع حكم سفره لأنه لم ينو الإقامة في بلد بعينه ثم إن ظاهر اعتبار قصد الإقامة عشرا في المحل هو
انه لو نوى الخروج في أثنائها إلى ما هو خارج عن مصداق ذلك العنوان لم يتحقق نية الإقامة عشرا بل المتحقق
نية الإقامة في بعض العشر الا ان يكون المحل في غاية القرب بحيث لا يعد خروجا عن محل الإقامة وكان زمان
399

الخروج في غاية القصور بحيث لا يعد نقصا في العشرة ومنه يظهر ضعف ما يحكى عن بعض من أنه لا يقدح الخروج إلى ما دون
المسافة مع الرجوع ليومه أو ليلته وقد ضعفه جماعة من الأصحاب بعدم حصول التوالي في العشرة ولا يخلوا من تأمل لعدم ابتنائه
على مسألة تواليها بل على مسألة نقص العشرة والمبتنى على مسألة التوالي هو ما لو قصد الخروج في الأثناء إلى ما دون
المسافة أو فوقها زمانا ثم العود واكمال ما قبل الخروج عشرة ثم إنه لا فرق في المحل الخارج عرفا بين كونه على حد الترخص أو دونه
أو فوقه وبالجملة كل مكان يجوز قصد إقامة شئ من العشرة فيه لا يقدح قصد الخروج إليه في الأثناء وكلما لا فلا فلو فرضنا
بلدين مستقلين أحدهما على دون حد الترخص من الآخر فكما لا اعتبار بقصد إقامة العشرة في المجموع كذا لا اعتبار
بقصدها في أحدهما مع قصد الخروج في الأثناء إلى الآخر ودعوى ان ما دون الترخص صار في حكم محل الإقامة شرعا
من جميع الجهات ممنوعة لعدم الدليل الا على ترتيب بعض اثار ذلك المحل عليه وهو التمام لمن كان من أهله ومن هنا
يظهر ان من نوى الإقامة في بلد قبل الوصول إليه لا ينقطع سفره بالوصول إلى محل الترخص ثم إن الظاهر أن بعض اليوم
لا يحتسب بيوم كامل نعم يلفق فلو نوى الإقامة عند الزوال اعتبر إلى زوال الحاد يعشر ويظهر من المدارك منع التلفيق
وهو وإن كان تصديقا للحقيقة الا انه تكذيب للعرف حيث يفهمون من مثل المقام إرادة المقدار كما في التحديد
بالأشهر مع الاجتزاء فيه بالتلفيق اجماعا على الظاهر ومن هنا ظهر عدم اعتبار الليل مع كل يوم بل يكفى توسط
تسع ليال بين عشرة أيام للصدق العرفي ويعتبر استمرار النية إلى أن يصلى تماما فلو بدا له أو تردد اعتبر إقامة جديدة
ويدل على حكم البداء صريحا صحيحة ابن أبي
ولاد الآتية واعلم أن المعروف هو عدم الانقطاع بإقامة الخمسة كما هو
صريح صحيحة ابن وهب المعتضدة بعمومات القصر وعمومات اعتبار العشرة وعن الإسكافي حصوله بإقامة الخمسة لحسنة أبى
أيوب القابلة لمنع الدلالة والحمل على التقية وحمله الشيخ على خصوص الحرمين بقرينة رواية محمد بن مسلم وان تردد أو
عزم على الخروج ولم يتفق له قصر إلى ثلثين يوما ثم يتم ولو صلاة واحدة اجماعا نصا وفتوى وفي الاكتفاء بما بين
الهلالين وان نقص عن ثلثين وجهان أقويهما العدم إما لانصراف روايات الشهر إلى الغالب من انكسار شهر التردد
الموجب لاكمال الثلثين قولا واحدا على الظاهر واما لتقييدها بحسنة ابن أبي
أيوب المصرحة بالثلثين الشاملة لمن أدرك
ما بين الهلالين في محل التردد ولو اثرت الغلبة في اطلاق المقيد لأثرت في اطلاق المطلق فيرجع في حكم الفرد
النادر إلى أصالة القصر المستفادة من عموماته واستصحابه لكن التقييد يشكل بان إرادة خصوص الثلثين من
الشهر ولو مع عدم الانكسار غريب عرفا وشرعا إذ لفظ الشهر في مقام عدم الانكسار لا يطلق على أزيد مما بين
الهلالين كما لا يخفى ولا فرق في ظاهر اطلاق النص والفتوى بين وقوع التردد في بادية أو بلد وإن كان ظاهر
400

الاخبار يوهم الاختصاص وهل يشترط هنا كما في الإقامة عدم الخروج عن محل التردد إلى الخارج عنه عرفا ظاهر الاخبار
ذلك وان أمكن ان يستفاد منها ان المناط هو مجرد ان لا يتفق له الخروج بعزم الارتحال عن ذاك المحل نعم لو خرج
مرتحلا عنه ولو إلى ما دون المسافة ثم عاد ولو في يومه فالظاهر اعتبار ثلثين بعد العود ولو نوى المقصر الإقامة
ثم بدا له فيها قصر لان الاتمام في النصوص معلق على المتلبس بنية الإقامة أو بتيقنها مضافا إلى الاجماع عليه ظاهرا
نعم قد يتردد كما عن الروض فيما إذا كان مقصوده لا يبلغ مسافة بناء على أن نية الإقامة قاطعة للسفر فلابد من انشاء
سفر جديد ويضعف باطلاق صحيحة ابن أبي
ولاد الآتية وغيرها مما يدل على وجوب القصر إلى الثلثين مع عدم نية
الإقامة المقيدة بما إذا لم يكن قد صلى ولو فريضة واحدة بتمام مع صحتها بحسب حال المصلى فلا اثر حينئذ للبدل اجماعا
لصحيحة ابن أبي
ولاد ورواية الجعفري مؤلة ولا يخفى (يكفى) فعل نافلة الحضر ولا الفريضة الغير المقصورة ولا قضاء التامة ولو صلى
تماما في أحد مواضع التخيير كفى لان التمام بعد النية صار عزيمة ولو دخل في الصلاة بنية القصر ثم بدا له في الإقامة فأتمها
فالظاهر كفايته في لزوم الإقامة لو بدا له بعد الصلاة ولو دخل في الصلاة المنوية تماما فبدا له فإن كان قبل الركوع
في الثالثة قصرها للعمومات الآمرة بالتقصير مع عدم النية السليمة عن المخصص المختص بما إذا صلى تماما وإن كان بعده
ففي وجوب اتمامها مع تأثيرها في لزوم حكم الإقامة أو لا معه أو وجوب ابطالها واستينافها قصرا وجوه خيرها
أوسطها لأصالة صحة العمل واجزائه وعمومات تعلق الحكم على المتلبس بنية الإقامة الحاكمة على استصحاب وجوب التمام
وصحيحة ابن أبي
ولاد لا تشمل المقام كما لا يخفى ولو وجب عليه الصلاة تماما فلم يصلها حتى خرج وقتها فان بدا له قبل
قضائها فالظاهر تأثير البداء قضاها بعده أم لا والظاهر أن قضائها على التمام لأنها فاتت كذلك خلافا للمنتهى
ولعله لكشف البداء عن وجوب القصر عليه وفيه نظر لان ظاهر الاخبار ان النية سبب للتمام والبداء قبل الصلاة
رافع له وبعبارة أخرى الصلاة تماما ملزمة لحكم الإقامة ولو بدا له بعد قضائها تماما فالظاهر عدم التأثير وإن كان
قد يتأمل في ذلك من جهة انصراف اطلاق النص والفتوى إلى غير ذلك وفى قيام اكمال الصوم منزلة الصلاة اشكال
من قصر الحكم في النص على الصلاة ومن الحكم باتحاد التقصير والافطار في قوله (ع) في صحيحة ابن وهب هما واحد المستلزم
لاتحاد الصيام والاتمام فيما يترتب عليهما من الأحكام الشرعية وعلى كل تقدير فلو بدا له قيل اكمال الصوم ففي وجوب
اتمامه مطلقا أو إذا كان البدا بعد الزوال أو عدمه مطلقا وجوه بل أقوال خيرها أوسطها لأصالة صحة الصوم ووجوب
اتمامه وفحوى ما دل على وجوب اتمام الصوم إذا خرج بعد الزوال وبه تخصص عموم قوله (ع) إذا قصرت أفطرت ولو خرج
المقيم ناويا لمسافة جديدة فالظاهر أنه يقصر بمجرد الخروج عن محل الإقامة وان لم يبلغ إلى حد الخفاء لعمومات القصر القاطعة
401

لاستصحاب عدمه السليمة عن أدلة اعتبار حد الترخص المختصة عند المتأمل بمن خرج من وطنه وإن كان ظاهر صحيحة ابن
مسلم توهم الشمول لمطلق الخارج ولو خرج الحاضر إلى ما فوق حد الترخص وصلى مقصرا ثم رجع عن السفر لم يعد الصلاة
للأصل ومصححة زرارة ولا يعارضها ضعيفة المروزي وان اعتضدت بمصححة ابن أبي
ولاد واعلم أن مع اجتماع الشرايط
السبعة المذكورة بعنوان خمسة يجب القصر (عينا صح) بالضرورة من المذاهب كما قيل الا في أربعة مواطن حرم الله
وحرم رسوله صلى الله عليه وآله وهما مكة والمدينة على ما فسرا به في مصححة ابن مهزيار أو مسجداهما الأعظمان ومسجد الكوفة و
الحائر فان المكلف مخير فيها بين قصر الصلاة واتمامها والاتمام أفضل بلا خلاف في جواز التمام الا عن الصدوق
فحكم باستحباب قصد الإقامة ليتم وكانه حمل على هذا الاخبار الآمرة بالتمام عينا على الاستحباب والمصرحة
بالتخيير بقرينة ما دل على وجوب القصر مع عدم نية الإقامة مثل مصححتي ابن بزيغ وابن وهب ونحوهما مع اعتضادها
يظهر من المحكي عن الكامل عن أيوب بن نوح من أن جميع الأصحاب كانوا يقصرون في المواطن الأربعة ويقرب منه
مكاتبة ابن مهزيار المصححة لكن فيها الامر من الامام بالتمام نعم هنا روايات أبية عن الحمل المذكورة مثل (المصحح صح) الآمر بالتمام
في مكة والمدينة وان لم يصل فيهما الا صلاة واحدة قيل ونحوه الموثق وغيره والمحكى عن كامل الزيارة عن الصلاة
في الحرم قال أتم ولو مررت مارا والمصحح ان من مخزون علم الله تبارك وتعالى الاتمام في أربعة مواطن وكذا (حال صح) المكاتبة
المتقدمة ولا يبعد ترجيح هذه الطائفة من الاخبار على ما تقدم من شواهد الحمل لمخالفتها لمذهب ابن أبي
حنيفة
وموافقتها لفتوى معظم أرباب الفتاوى المرجحة على عمل أيوب بن نوح ومعاصريه لو لم يحمل على التقية لاقتصارهم
في العمل على ما عندهم من الروايات وعدم احاطتهم بجميع ما ورد من الاخبار فان الامرة منها بالتمام تبلغ على ما قيل
إلى خمسة وعشرين حتى أن السيد والإسكافي عينا الاتمام على ما حكى عنهما وإن كان الاخبار المصرحة بالتخيير
حجة عليهما ثم إن الظاهر بل المقطوع ان الاتمام مختص بالصلاة فلا يصوم المسافر للعمومات وما يظهر من اخبار
المسألة وان عارضها ظاهر قاعدة التلازم بين الافطار والتقصير ولا يتعدى الحكم المزبور؟؟؟ المشاهد الشريفة
لتواتر حرمة القياس عن أربابها خلافا للمحكى عن السيد والإسكافي ولعله لما يظهر من بعض اخبار المسألة
من أن الاتمام لشرف تلك البقاع كذيل المكاتبة المتقدمة وظاهر تلك الأخبار اختصاص الصلاة بالأداء فلو
قضى فيها ما فات في غيرها سفرا قضى قصرا ولو فات فيها فيقضى في خارجها قصرا على الظاهر لان الاتمام؟ كان
لشرف البقعة واستظهر بعض التخيير في القضاء كالأداء وهو بعيد وقد يتمسك في تعيين القصر بأنه يتعين عليه
عند الضيق فقد فات قصرا وفيه تأمل ولو ضاق الوقت الا عن أربع فالظاهر وجوب قصر الصلاتين لتقعا في الوقت
402

وكذا لو بقيت خمس وعموم من أدرك ركعة لا يدل على جواز ذلك تعمدا وعن بعض الأصحاب في الصورة الأولى احتمال اتمام
العصر وقضاء الظهر وهو ضعيف والتحقيق ان أدلة التخيير لا تنصرف إلى مثل المقام ولو سلم فالتخيير الذاتي
لا ينافى التعيين العرضي كما في سائر موارد التخيير ولو أتم القصر عالما بالحكم أعاد مطلقا في الوقت وخارجه اجماعا فتوى
ونصا ولو أتم ناسيا وجب عليه ان يعيد في الوقت على المشهور وعن جماعة دعوى الاجماع للأصل ولمصححة أبي بصير
عن الرجل نسى فصلى في السفر أربع ركعات قال إن ذكر في ذلك اليوم فليعد وان لم يذكر حتى يمضى اليوم
فلا إعادة وهي مختصة بالظهرين ويثبت في العشاء بعدم الفرق وفي مصححة العيص عن رجل صلى وهو مسافر
فأتم الصلاة قال إن كان في وقت فليعد وظاهره النسيان بل صريحه بعد اخراج العامد بالاجماع والجاهل بما
يأتي مع أنه يكفى الاطلاق وعن والد الصدوق والشيخ في المبسوط الإعادة مطلقا لعموم المستفيضة الحاكمة ببطلان
الصلاة بالزيادة ويجب تخصيصها بما ذكر مضافا إلى منع دلالة المستفيضة على أزيد من الإعادة ولو أتم
جاهلا بالحكم لا يجب ان يعيد مطلقا للأخبار المستفيضة وحكاية الاجماع عن ظاهر بعض في الجملة وعن الإسكافي
والحلبي الإعادة في الوقت لمصححة العيص المتقدمة المعارضة للمستفيضة بالعموم من وجه المرجحة عليها بالأصل
وفيه ان المستفيضة أقوى دلالة في نفى الإعادة في الوقت من شمول الصحيحة للجاهل مضافا إلى اعتضاد المستفيضة
بالشهرة العظيمة وحكاية الاجماع وعن العماني الإعادة مطلقا لعموم اخبار الزيادة وخصوص المحكي عن الخصال من
لم يقصر في السفر لم تجز صلاته لأنه زاد في فرض الله عز وجل ويجب تخصيصها بالمستفيضة ولا فرق في الحكم بين الصوم
والصلاة للصحاح المستفيضة نعم لو صام نسيانا فالظاهر وجوب القضاء لعموم صحيحة معاوية بن عمار على الظاهر إذا صام
الرجل رمضان في السفر لم يجزه وعليه الإعادة وعموم ان الصائم في السفر كالمفطر في الحضر ولو أتم لجهله في بعض
مسائل القصر كما لو أتم بعد العدول عن نية الإقامة قبل الصلاة فالأقوى معذوريته لاطلاق قوله (ع) في غير
واحد من الصحاح من صام في السفر بجهالة لم يقضه ويؤيده فحوى معذورية جاهل أصل القصر في السفر ولو
قصر الحاضر ناسيا فالأقوى وجوب الإعادة عليه بل القضاء ولو قصر جاهلا فالأقوى انه كذلك للأصل نعم
ورد في مصححة منصور بن حازم إذا أتيت بلدة وأزمعت على المقام عشرا فأتم فان تركه رجل جاهل فليس عليه إعادة
وحكى العمل به عن ابن سعيد في الجامع وهو مشكل ولو عمل به فيقتصر على مورده وهو قصر المسافر مع الإقامة ولو سافر
بعد دخول الوقت عليه في الحضر ولم يصل فيه أتم عند المصنف (ره) وغير واحد لاستصحاب التمام ولصحيحة محمد بن مسلم
وان خرج إلى سفره وقد دخل وقت الصلاة فليصل أربعا ونحوها رواية بشير النبال وفى الاستصحاب في أمثال
403

المقام منع تقرر في الأصول والصحيحة معارضة بصحيحة إسماعيل بن جابر قال قلت لأبي عبد الله (ع) يدخل على وقت الصلاة
وانا في السفر فلا اصلى حتى ادخل أهلي قال صل وأتم الصلاة قلت فدخل على وقت الصلاة وانا في أهلي أريد السفر فلا
اصلى حتى اخرج قال فصل وقصر فإن لم تفعل فقد والله خالفت رسول الله صلى الله عليه وآله وصحيحة محمد بن مسلم في الرجل يريد السفر
فيخرج حين تزول الشمس قال إذا خرجت فصل ركعتين والظاهر ترجيح هاتين على السابقتين بأشهرية مضمونهما
كما قيل بل عن الحلى دعوى الاجماع عليه واصرحية الصحيحة الأولى على تلك الصحيحة لاحتمالها إرادة الاتيان بالركعتين
قبل الدخول وبالأربع قبل الخروج وإن كان بعيدا ولو سلم التكافؤ فالمرجع إلى عمومات القصر في السفر
فالقول بوجوب القصر في المسألة أقوى وعن الخلاف التخيير مع استحباب التمام واحتمله في (يب) في مقام الجمع بين الا
خبار لرواية منصور بن حازم وفيها محمد بن عبد الحميد مع دلالتها على التخيير في عكس المسألة ولا مجال لدعوى الاجماع
المركب مضافا إلى عدم معارضتها لما سبق من تعيين القصر وموافقتها لما حكى عن بعض العامة مع احتمالها لإرادة
التخيير بين ان يصلى قبل القدوم فيقصر وبعده فيتم وعن ابن بابويه التفصيل بين ضيق الوقت فالقصر وبين
سعته فالاتمام وهو ظاهر اختياره في التهذيب لموثقة إسحاق بن عمار ومرسلة الحكم بن مسكين القاصرتين سندا
عن تخصيص ما تقدم مع عدم دلالتهما الا على التفصيل في عكس المسألة وكذلك يجب الاتمام لو دخل الوقت
في السفر وحضر قبل الصلاة لصحيحة ابن جابر المتقدمة ونحوها مصححة العيص وحملها الشيخ في (يب) على صورة سعة
الوقت للموثقة والمرسلة المتقدمتين واحتمل أخيرا التخيير كصريح المحكي عن الإسكافي لرواية منصور المتقدمة
والكل ضعيف لو لم يكن بازائها الا عمومات التمام في الحضر وان المسافر مقصر حتى يدخل أهله واضعف منه ما حكى
عن الشهيد من وجود القول بالتقصير وكذا يجب الاتمام في هذه الصورة في القضاء لأنها فاتت تماما فيقضى
كما فاتت للاخبار واما على القول بوجوب التقصير فالظاهر أنها تقضى بالتقصير لأنها فاتت كذلك وفي رواية
زرارة من نسى أربعا فليصل أربعا ومن نسى ركعتين فليصل ركعتين ولكن في روايته الأخرى فيمن دخل
عليه الوقت في السفر فلم يصل حتى قدم إلى أهله ثم نسى ان يصليها بعد القدوم انه يقضيها ركعتين لان
الوقت دخل عليه وهو مسافر ويظهر منه ومن التعليل ان العبرة بحال تعلق الوجوب كما عن السيد والإسكافي
وعن المعتبر حمل الرواية على من قدم ولم يبق مقدار تسع ركعة من الوقت فإنه يقضها قصرا لأنها فاتت
كذلك وهذا الحمل انما ينفع بمورد السؤال ولا ينفع التعليل لو استدل به الخصم ولو نوى الإقامة عشرا
في غيره بلده أتم كما تقدم وانما اعاده تمهيدا لقوله فان خرج إلى أقل من المسافة ولو بضم الإياب مع بلوغ
404

الذهاب أربعة ورجوعه ليومه عازما للعود إلى محل الإقامة واستيناف الإقامة فيه لم يقصر مطلقا بلا خلاف كما
عن كشف الالتباس وفي الرياض لانقطاع سفره الأول بالإقامة ولم يقصد بعدها مسافة غير متخللة بإقامة
العشرة وكذا لو نوى بعد العود الإقامة في غير المحل مما لا يكون بينه وبين المقصد مسافة لعين ما ذكر وإن كان
ظاهر كلماتهم الإقامة في المعاد وكذا لو قصد المرور بقاطع اخر قبل حصول المسافة ولو لم ينو العود أصلا فالظاهر وجوب (القصر صح)
عليه بمجرد خروجه عن محل الإقامة أو عن محل ترخصه على الخلاف للعمومات وحكى الاجماع عليه عن غير واحد ولو نوى
العود إلى مكان محاذ لمحل الإقامة فالظاهر أن حكمه كذلك ولو نوى العود من غير إقامة فالأقوى انه يقصر في العود و
محل الإقامة وحكى عن غير واحد عدم الخلاف فيه ولا اشكال فيه للعمومات فان المرور بمحل الإقامة بنفسه ليس من
القواطع ولا فرق بين كون محل الإقامة في جهة البلد التي يريد السفر إليها عند العود أم لا ولا بين إرادة تكرار الخروج
من محل الإقامة إلى المقصد والعود منه إليه وعدمها للعمومات قيل ويشمله ظاهر عبارة الاجماع المدعى على القصر مع
عدم إرادة العود إلى محل الإقامة ولا فرق بين ما إذا بدا له في العود بغير إقامة وغيره ولو نوى العود إلى محل الإقامة
من غير إقامة فالأقرب وجوب القصر في العود وحكى عن غير واحد نفى الخلاف فيه للعمومات فان المرور
بمحل الإقامة
بنفسه ليس من القواطع ولا فرق بين كون محل الإقامة في الجهة التي يريد السفر إليها عند العود وعدمه ولا بين
إرادة مجرد المرور بمحل الإقامة وبين إرادة المكث فيها دون العشرة ولا بين إرادة تكرار الخروج عن محل الإقامة
إلى المقصد الذي يخرج إليه بعد الإقامة وعدمها نعم قد يتأمل في صورة إرادة التكرار من جهة التأمل في حكم
العرف بجزئية مسافة الذهاب المكرر من المسافة الشرعية المقصودة الموجبة للتلبس بحكم السفر فان الشخص إذا
خرج من النجف إلى الكوفة قاصدا للرجوع إليه ثم الذهاب إليه ثم الذهاب إلى كربلاء من الكوفة أو بعد الرجوع إلى
النجف فالظاهر أن الذهاب والاياب لا يعدان من المسافة المقصودة كما أنه لو تكرر ذلك من بعض أهل النجف و
كان المقصود له الذهاب إلى ذي الكفل لم يحتسب الذهابات المتكررة جزء من المسافة لتحصل من ضمها إلى
المقصود المسافة الشرعية وكيف كان فالحكم بالتقصير عند العود إلى المقام مع إرادة الخروج منه ثانيا إلى هذا
المقصد ثم العود منه إليه مشكل من جهة عدم عده عرفا جزء من المسافة المقصودة فلم يتلبس حينئذ بالمسافة المقصودة
نعم يتعين الحكم بالقصر في العود الأخير هذا حكم العود والمعاد واما الحكم في الذهاب والمقصد فالأقوى فيه بناء على
قاطعية الإقامة لنفس السفر دون مجرد حكمه هو الاتمام فيهما إذ بعد الحكم بقاطعية الإقامة لنفس السفر لابد من
قصد مسافة شرعية جديدة لأن المفروض صيرورة ما قبل الإقامة كالمعدوم ولا ريب ان مجرد قصد المسافة لا يجدى
405

في القصر ما لم يتلبس بالضرب فيه والمفروض ان المسافة المقصودة مبدؤها العرفي من الشروع في العود عن المقصد و
ان ما قبل العود لا يحتسب من المسافة لما عرفت في الفرع السابق من أن المقدار المتكرر لا يحتسب عرفا من المسافة كما عرفت
من المثال المتقدم في السفر من النجف إلى ذي الكفل فإذا كان ابتداء المسافة من الاخذ في العود فحين الخروج
لم يتلبس بعد بالضرب في المسافة فوجب الاتمام وحاصل هذا الدليل يرجع إلى منع ضم الذهاب إلى الإياب حتى لو
كان الإياب بنفسه يبلغ المسافة ولذا حكى الاجماع عليه بقول مطلق عن ثاني الشهيدين في رسالته وعن صاحب
الغرية ومحصله ان المستفاد من السفر إلى المسافة الموجب للقصر بالنص والاجماع الظاهر المتبادر منه هو الذهابية
فقط دون الملفقة وحكم المش: بوجوب القصر فيما لو ذهب أربعا ورجع ليومه إما مبنى على ورود النص على أن
شغل اليوم مع الذهاب إلى بريد يوجب القصر ولذا لم يوجب المعظم القصر على من لم يرجع ليومه أو ليلته واما
مبنى على ورود التلفيق في خصوص الأربعة ولا يتعدى إلى غيره وما ورد من التعليل بحصول الثمانية بالأربعة
مع الرجوع فهو من باب الابداء للحكمة لا من باب التنصيص على العلة حتى يتعدى إلى غيره ولذا لم يتعد أحد سوى (مة)
في (ير) إلى التلفيق فيما دون الأربعة وادعوا الاجماع هنا أيضا على عدم ضم الذهاب إلى الإياب كما ذكروا
ذلك في ذي المنازل والهائم فإذا استفيد ما ذكرنا فلا شك في أن من أراد الخروج من مقامه إلى مكان
ثم العود إليه والذهاب إلى مسافة فلا يقال له انه متلبس بالضرب في المسافة البالغة ثمانية فراسخ أو أزيد الا
حين الشروع في العود ولو فرض كون محل العود وطنا له فلا يحكم عليه بالتلبس الا بعد العود وانشاء السفر
إلى المسافة وكيف كان فدليل وجوب التمام مع نية العود هو انه ما تلبس حين الخروج الا بمسافة لم تبلغ
الحد الشرعي والمسافة الشرعية التي قصدها انما يتلبس بها بعد الاخذ في العود نعم لو فرض انه خرج عن
موضع الإقامة ناويا لمقصد يكون على المسافة أو أزيد لكن طريقه على وجه لابد ان يبعد عن المقام مقدارا
لا يبلغ المسافة ثم يعاد في حدود المقام أو في نفسه ليذهب إلى مقصده وحينئذ فالأقوى القصر لصدق التلبس بالمسافة
حين الخروج نظرا إلى أن المقدار الذي بعد عن المقام ثم عاد إلى حدوده لم يكن مقصودا بنفسه بل هو في الحقيقة
وسط الطريق والمسافة لا مبدؤها والحاصل ان المناط في القصر عند الخروج ان يعد مسافته جزء من السفر
المقصود بحيث يتم بها المسافة لو قصرت بدونها ليتحقق التلبس بالضرب في المسافة الشرعية من حين الاخذ فيه
ولما كان هذا المعنى موجودا في هذا الفرض الأخير حكم بالقصر عنده وهذا المعنى منتف في أصل المسألة
ولذا لو فرض ان مسافة العود إلى المقام ومنه إلى أحد القواطع لا تبلغ مسافة الا بضم مسافة الخروج الناقصة
406

عن الأربع إليها لم يحكم بالقصر كما لو قصد المقيم في النجف ان يخرج إلى ثلثة فراسخ في جانب البحر ثم يعود ويذهب
إلى ذي الكفل ناويا للإقامة فيه ثم الخروج إلى وطنه فان الظاهر أنه لا مجال للحكم بالقصر في هذه الصورة على مذهب
جمهور الأصحاب القائلين بعدم التلفيق فيما دون الأربعة وليس ذلك الا لعدم احتساب الذهاب إلى مقصد
جزء من المسافة فإذا لم يكن جزء منه فإذا فرض كون الإياب بنفسه مسافة فالأخذ في الذهاب ليس تلبسا بالمسافة
الشرعية ومن هنا يعلم أنه لا فرق في عدم ضم الذهاب إلى الإياب بين بلوغ الإياب بنفسه مسافة أم لا وان التفصيل
بينهما كما حكى في الرياض في مسألة الهائم عن جماعة غير سديد ومن هنا ظهر ان عمومات قصر المسافة أعني التلبس بالسفر
البالغ حد المسافة الشرعية لا ينفع فيما نحن فيه ومثله اطلاق حكمه (ع) في صحيحة ابن أبي
ولاد بوجوب التمام بعد النية والصلاة
حتى تخرج إذ لا ريب في أن مورد سؤال ابن أبي
ولاد وهو الخروج إلى الكوفة من المدينة التي أقام بها فهو كناية عن الخروج
إلى السفر والتلبس به المفقود فيما نحن فيه وليس المراد مطلق الخروج وبعبارة أخرى ليس المقام مقام التعرض لبيان
حكم الخروج في كونه بجميع افراد موجبا للقصر وعدمه بل المقصود بيان ما قبل الخروج وحكم الخروج وانه يعتبر فيه المسافة
والقصد والتلبس والإباحة ونحو ذلك موكول إلى ما علمه السائل من الأدلة الخارجية ولو فرض جهله بها لم يجب على
الإمام (ع) في المقام التنبية بها لان سوق الكلام لغيرها وبالجملة فالمطلق في مقام بيان حكم اخر وحيث لم يوجد
في المقام اطلاق ولا عموم يدل على وجوب القصر فمقتضى استصحاب عدم حصول موجب القصر هو الاتمام في الذهاب
والمقصد كما هو مذهب جماعة من المتأخرين كالشهيدين ونحوهما وحكى عن الحدائق انه المشهور بينهم وعن اخر انه مذهب
أكثرهم لكن تنظر الحاكي في هذه النسبة وعن الذخيرة ان الشهيد الثاني ادعى الاجماع على الاتمام في الذهاب و
المقصد خلافا للمحكى عن الشيخ والحلى والقاضي ونسبه في (كرى) إلى المتأخرين وما نسب إلى المشهور بين المتأخرين (من الاتمام فالمراد المتأخرين صح) عن
الشهيد قدهم: وأدلة الشيخ هي العمومات واطلاق رواية ابن أبي
ولاد واليها يرجع ما حكى في الذكرى عنه من الاستدلال
بأنه نقض المقام بالمفارقة فيعود إلى حكم السفر وقد عرفت المنع عن العود الا بعد التلبس بالسفر البالغ مسافة وهنا
قولان آخران الأول ما نسب إلى بعض من وجوب القصر بمجرد الخروج عن موضع الإقامة إلى ما دون المسافة سواء عزم
على إقامة مستأنفة بعد العود أم لا ولعل نظر هذا القائل إلى أحد أمرين الأول ان الإقامة قاطعة لحكم السفر بمعنى
انها توجب التمام في المقام لا لنفس السفر أي لا ينضم الواقع بعدها إلى ما قبلها لعدم الدليل على ذلك بل مقتضى عمومات
القصر في السفر وظاهر اطلاق صحيحة ابن أبي
ولاد وجوبه بمجرد الخروج عن محل الإقامة الثاني انه وإن كانت الإقامة
قاطعة للسفر بحيث لا ينضم ما بعدها إلى ما قبلها لكن مجرد قصدها في أثناء المسافة لا يؤثر حتى يتحقق فعلا فإذا
407

خرج الشخص عن محل الإقامة والمفروض ان وطنه على حد المسافة أو أزيد فقد قصد المسافة الشرعية ومجرد قصد إقامة
العشرة في أثناء المسافة عند العود في محل الإقامة الأولى لا تؤثر حتى يتحقق فعلا ولا يقدح في ذلك كون مسافة ذهابه
إلى المقصد لا تبلغ مسافة بعد كون الإياب مسافة للبناء على ضم الذهاب إلى الإياب إما مطلقا أو مع بلوغ الإياب
بنفسه مسافة وفي كلا الوجهين نظر واضح إما في الأول فلان الظاهر من النص والفتوى هو ان الإقامة قاطعة
لنفس السفر وليست نظير قصد المعصية في الأثناء في عدم احتياج الرجوع عنها إلى مسافة إما دلالة النص فلقوله (ع) في صحيحة
زرارة المروية في اخر الحج من التهذيب من قدم قبل التروية بعشر أتم الصلاة وهو بمنزلة أهل مكة مضافا إلى أن ايجاب
المسافة للقصر حتى إذا تخلل فيها الإقامة محل الشك بالنسبة إلى منصرف اخبار القصر فانضمام ما بعد الإقامة إلى ما قبلها
لا يستفاد من الاخبار فيبقى استصحاب التمام وعدم حصول موجب القصر سليما ومن هنا يتجه وجه القدح في الوجه الثاني
لكن الانصاف ان دعوى انصراف الاخبار إلى غير المقام محل تأمل بل منع لان الإقامة أمر له حكم شرعي لا دخل له في
تحقق المسافة من ضم ما بعدها إلى ما قبلها فهل يجد العرف فرقا بين من قصد مسافة يتخلل في أثنائها (إقامة تسعة أيام مع قصدها ابتداء وإقامة ثمانية وعشرين يوما بدون القصد وبين من قصد مسافة يتخلل في أثنائها صح) إقامة مقدار
أربع دقائق تسع صلاة على التمام ويحكم بان اطلاق قوله (ع) إذا كان سفره مسيرة يوم قصر يشمل الأول دون
الثاني فالعمدة في ذلك هو اتفاقهم على أن ناوي المسافة مع قصد الإقامة في أثنائها يتم وليس هذا الا لكون الإقامة مانعة
من ضم ما بعدها إلى ما قبلها مضافا إلى عموم المنزلة المتقدمة ومن هذا تعرف ضعف الوجه الثاني أيضا
الثاني ما اختاره بعض متأخري المتأخرين من وجوب الاتمام في صورة قصد العود مع عدم الإقامة في الذهاب
والمقصد والاياب ومحل الإقامة زاعما ان الحكم بالقصر في شئ من ذلك ينافى ما اتفقوا عليه من قاطعية الإقامة
للسفر وجعل ما قبلها كالمعدوم إذ مقتضى ذلك اعتبار قصد مسافة جديدة في القصر ولم يحصل ولو فرض قصده
الخروج بعد العود إلى مسافة فهذا سفر لم يتلبس به بعد وانما يتلبس به بعد العود والخروج عن محل الإقامة وهو ضعيف
بالنسبة إلى حكم التمام عند العود نظرا إلى أنه يصدق عليه عند العود انه قاصد لمسافة شرعية لا يتخللها إقامة ومتلبس
بها ولذلك لو قصرت مسافة ما بعد المقام ولم يتم الا بضم مسافة العود إليه ضمت إليها جزما بل اجماعا في مسألة الهائم
إذا سار سبعة فراسخ ثم قصد فرسخا ثم العود إلى موطنه فان ذهاب الفرسخ وان لم يعد من المسافة على الأقوى كما عرفت
الا ان مقدار عوده منضم اجماعا نعم قد يشكل اعتبار مقدار العود واحتسابه فيما إذا كان الخروج عن المقام إلى دون
المسافة في صوب المقصد الأصلي كما إذا خرج المقيم من النجف إلى الخان مريدا للعود إلى النجف ثم الذهاب منه إلى كربلاء
مع عدم كون النجف على وجه يقتضى الطريق من الخان إلى كربلاء العود إليه أو إلى حدوده بحيث يعد في أثناء المسافة الممتدة
408

من الخان إلى كربلاء فان الحكم في تلك الصورة بالتلبس بالسفر بمجرد الاخذ في العود من الخان مشكل بل ظاهر العدم بل
مبدأ المسافة عرفا من النجف ولو قصرت المسافة من النجف إلى كربلاء فرضا لم تنضم إليه مع كون الخان في أثناء المسافة لان
هذا أيضا يدخل في مسألة ضم الذهاب إلى الإياب التي قد عرفت الحال فيها لكن هذه الصورة داخلة في صورة
تكرار الخروج التي قد تقدم الاشكال فيها والكلام مع هذا القائل بالتمام في العود إلى المقام مع عدم تكرر الخروج
منه وضابط ذلك ان كل مقدار من الطريق طواه المسافر ذهابا وإيابا فالمحتسب منه جزء للمسافة هو اخر
الامرين المتصل بباقي المسافة وما لم يؤخذ فيه لم يتلبس بالسفر الشرعي هذا إذا قصد التكرر من أول الأمر فلو بدا له
التكرر بعد طي ذلك المقدار مرة فالمحتسب منه هو المرة الأولى ويكون بعدها مسافرا ما لم يحصل القاطع وان
لم يحتسب ما عداها جزء للمسافة بحيث لو بدا له عن السفر بعد تكرر المرات لم يكتف بذلك في حصول المسافة ثم
انك قد عرفت مما ذكران الكل متفقون على أنه لا بد في القصر بعد الإقامة من مسافة جديدة ولا يقول أحد بالاقتصار
بمجرد السفر حتى أنه لو لم تكن المسافة الحاصلة من الخروج والعود والمنزل القاطع للسفر الذي يريد الخروج إليه بعد
العود إلى محل الإقامة تبلغ مسافة لم يكن مقصرا اجماعا على الظاهر وذكرهم الإقامة في المعاد من باب المثال
بقصد المرور بقاطع والا فالوطن كذلك وكذا الإقامة في غير المعاد وكيف كان فالظاهر الاتفاق على ما ذكرنا
وانما الخلاف في أن التلبس بتلك المسافة من زمان الخروج كما هو مذهب الشيخ أو من زمان العود كما هو مختار الشهيدين
والمحقق الثاني وقد قويناه أو عند الخروج من المعاد كما هو القول الثالث ويرشد إلى ما ذكرنا من الاتفاق
استدلال الشيخ على حكمه بالقصر مطلقا على ما في الذكرى بأنه نقص مقامه لسفر بينه وبين بلده فيقصر في مثله فجعل
الوجه في القصر تحقق مسافة التقصير واتضح بذلك فساد ما يتوهم من منافاة الحكم بالقصر في المسألة لما اتفقوا
عليه من قاطعية العشرة للسفر واعتبار المسافة الجديدة في القصر هذا كله فيما إذا نوى العود من غير إقامة
واما لو نواه مترددا فيها فالظاهر أنه يتم ذهابا وإيابا وفي المعاد لعدم القصد إلى المسافة الجديدة الغير المتخللة
بقاطع اللهم الا ان يكتفى بعدم قصد قطع المسافة بأحد القواطع ولا يعتبر قصد عدم القطع ولو نواه ذاهلا فالأقوى
انه كما لو قصد العدم فيتم ذهابا وفي المقصد ويقصر في العود ان لم يقصد في أوله الإقامة في المعاد والا أتم إذ المعتبر
في نية الإقامة وعدمها في المعاد هو زمان الاخذ في العود لأنه أول وقت تلبس السفر على المختار من وجوب
الاتمام في الذهاب والمقصد ولو خرج من المقام مترددا في العود قصر بأول خروجه ظاهرا لتلبسه بالسفر الشرعي
حينئذ عرفا هذا إذا لم يكن متردد في الإقامة على تقدير العود والا فيتم لأنه راجع إلى عدم قصد المسافة الغير المتخللة
409

بالإقامة ولو خرج ذاهلا عن العود فالظاهر أنه يقصر ولو خرج عن موضع الإقامة ومحل ترخصها ثم عاد إليه لحاجة
فقد سبق انه يقصر بخلاف ما لو عاد إلى وطنه وان بدا له عن السفر فعاد ففي المدارك انه يتم فان أراد انه يتم في صورة
خروجه إلى ما دون المسافة بنية العود دون الإقامة فهو حسن لكن لا تبقى فائدة في هذا الفرع لان هذا الشخص يتم
في ذهابه أيضا عند صاحب المدارك والظاهر أنه لم يرد هذا وان أراد انه يتم في صورة خروجه عن محل الإقامة
إلى المسافة فقد يقال إنه لا دليل على وجوب التمام لأنه نقض المفارقة بالتلبس بالسفر الشرعي لكن الظاهر أن هذا
من صاحب المدارك مبنى على ما هو المسلم منهم ظاهرا من أن نية الإقامة مع صلاة على التمام قاطعة للسفر بحيث يلحق ما قبلها
بالمعدوم فيحتاج إلى استيناف مسافة بشروطها التي من جملتها استمرار القصد إلى أن تتحقق المسافة الشرعية وهو في
المقام مفقود وعلى هذا فلو عدل عن السفر قبل بلوغ المسافة من دون عود أتم أيضا في موضع عدوله هذا كله
إذا بدا له عن السفر الخاص مع التردد واما إذا بدا له عن أصل السفر قبل العشرة فقد حصلت نية الإقامة الجديدة
فيتم من هذه الجهة ولو بدا له عن السفر الخاص بإرادة غيره فالظاهر أنه يقصر في موضع الإقامة بناء على ما تقدم من
كفاية استمرار قصد المسافة النوعية فلو خرج المقيم من كربلاء قاصدا لبلد الكاظميين (ع) ثم قبل المسافة بدا له وأراد
الذهاب إلى النجف فمر بكربلا أو حدودها بهذا القصد فالظاهر أنه يقصر لبقاء القصد إلى المسافة النوعية مع عدم
كون العبور بمحل الإقامة من القواطع وعلى هذا فلو عاد إلى المقام مترددا فلا يجدى تردده في السفر الشخصي بعد قصده
لأصل السفر كما لو حصل التردد منه في أثناء الطريق في سلوك هذه المسافة أو أخرى مع البناء على أصل السفر
فان هذا لا يضر باستمرار القصد وحينئذ فإذا رجع المقيم المذكور إلى كربلاء فان رجع بقصد مسافة أخرى فقد عرفت
انه يقصر وان رجع بقصد الإقامة عشرا أو بقصد التوطن فلا ريب انه يتم من جهة تجدد القاطع وان رجع عازما
على أصل السفر مترددا في شخصه فالمفروض انه لا يقدح في الاستمرار ويستحب أن يقول عقيب كل فريضة مقصورة
بل مطلقا كما عن جماعة منهم المصنف (ره) هنا ثلثين مرة سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر
- - - - - يمكن الاستدلال للقائل بتلفيق الثمانية مع عدم الرجوع ليومه بطوائف ثلث من الاخبار أحدها ما دل على أن
المسافة بريد ذاهبا وبريد جائيا ويجاب عنهما بعد دعوى تبادر المجئ ليومه كما استظهره بعض بلزوم تقييدها
بموثقة ابن مسلم المعللة للقصر في البريد بأنه إذا رجع بريدا فقد شغل يومه الثانية ما دل على أن قاصد
الثمانية فما زاد إذا رجع عن قصده قصران سار في يومه بريدا وهي رواية إسحاق بن عمار الواردة في منتظر الرفقة
410

المروية في الكافي وعن العلل ورواية المروزي المشتملة على أربع فراسخ المحمولة على الفراسخ الخراسانية ومرسلة
صفوان فيمن بلغ النهر وان من دون قصد ورواية ابن أبي
ولاد فيمن قصد قصر ابن أبي
هبيرة فبدا له في الليل الرجوع و
الأوليان ضعيفتان سندا مع أن ظاهر اطلاق رواية المروزي ان مطلق الإقامة العرفية الصادقة بليلة
واحدة في أثناء المسافة يوجب التمام فالقصر مختص بصورة الرجوع ليومه أو ليلته والأخيرتان يمكن حملهما على
الرجوع ليومه أو ليلته جمعا بينهما وبين الروايات الظاهرة في عدم القصر مع طي ما دون الثمانية وان رجع
بعد اليوم مثل موثقة العيص الواردة فيمن له ضيعة قريبة من الكوفة بمنزلة القادسية من الكوفة وكذا
رواية عمار فيمن سار لحاجته أربعة فراسخ أو خمسة ثم سار أربعة أو خمسة فقال لا يكون الرجل مسافرا حتى
يسير من منزله أو قريته ثمانية فراسخ وما ورد فيمن خرج من منزله يريد منزلا له اخر أو ضيعة له أخرى قال إن
كان بينك وبينه بريدان قصر والا أتم وهذا الروايات مروية في صوم (يب) وما حكى في الوسايل من
الواردة فيمن اتى سوقا يتسوق بها وهي على أربعة فراسخ فان اتاها على الدابة اتاها في بعض يوم وان اتاها
على السفن لم يأتها في يوم قال يتم الراكب الذي يرجع ليومه صومه ويقصر صاحب السفن بناء على حمل السؤال
على اختلاف الطريقين للسوق وكون طريق السفينة ابعد ولا ينافيه اطلاق قوله هي على أربعة فراسخ لان
المتعارف هو التحديد بأقرب الطرق لاستقامته خصوصا إذا كان الابعد طريق الماء المشتمل على الاعوجاجة
والدورات وحمل الرجوع ليومه في الجواب على المتمكن من الرجوع ليومه فيكون المعنى ان الراكب المتمكن من الرجوع
يتم صومه لأن المفروض عدم رجوعه لأنه ذهب إلى ذلك السوق للتسوق وهذا الوجه أولى من التوجيهات التي
ارتكبها غير واحد من شراح الرواية والحاصل ان ظاهر هذه الروايات التمام ولو رجع لغير يومه فتعارض
الروايات المتقدمة فيرجع بعد الإغماض عن الترجيح إلى اطلاق عدم القصر فيما دون الثمانية الظاهرة بل
الصريحة في الذهابية لما عرفت من تقييد اطلاقات التلفيق بموثقة ابن مسلم وثالثها الأخبار الدالة
على وجوب القصر على أهل مكة إذا ذهبوا إلى عرفات وربما تحمل هذه الأخبار على التخيير ولو من جهة
الشهرة ونقل الاجماع على عدم تعيين القصر عن ظاهر السرائر والأمالي والمختلف وبعض رسائل الشهيد
الثاني وفيه انه ان حصل التكافؤ بينها وبين ما دل على تعيين التمام مع عدم الرجوع ليومه كان اللازم
الرجوع إلى عمومات اخبار التحديد بالثمانية الذهابية ولو حصل التعارض معها أيضا وجب الرجوع إلى أصالة
التمام لا اخراج جميع المعارضات عن ظاهرها بحملها على الوجوب التخييري بل لو لم يكن هناك أصل أو عموم يرجع
411

إليه كان اللازم الاخذ بأحدهما (تخييرا صح) لا اخراجهما عن ظاهرهما لما تقرر من أن الجمع إذا كان باخراج طرفي التعارض
عن ظاهرهما من دون شهادة ثالث كان طرح أحدهما أولي منه واما الشهرة وحكاية الاجماع على عدم التمام
فان صلحت للاستناد أو الترجيح كان اللازم طرح اخبار عرفة وحملها على التخيير لكونه أولي من الطرح انما يحسن
لو لم يوجب تصرفا في غيرها بحملها على التخيير... بسم الله الرحمن الرحيم اعلم أن شروط
القصر بالنسبة إلى اعتبارها في حدوث القصر واستدامته على انحاء منها ما هو شرط للحدوث فقط وهو الضرب
في الأرض حتى يخفى عليه الاذان والجدران ودخول الوقت في السفر على قول وعدم كثرة السفر ومنها ما هو
شرط للاستمرار فقط كالتردد ثلثين يوما في مكان ومنها ما هو شرط لوجود القصر حدوثا واستمرارا كعدم
نية الإقامة فإنها مانعة عن تحقق القصر ورافعة للقصر المحقق وكذا إباحة السفر ثم إن هذا القسم الأخير
على قسمين (الأول صح) ما يكون اشتراط الحدوث به من جهة كونه رافعا كنية الإقامة فان منعها عن حدوث القصر لو حصل ابتداء
من حيث إنها قاطعة للسفر والثاني ما يكون اشتراطه في الاستمرار من جهة اشتراطه في أصل الوجود كإباحة
السفر.. إذا اعتبرت المسافة فبلغت ثمانية فراسخ ولم تبلغ مسير اليوم أو
بالعكس فان احتمل اختلال في أحد التقديرين دون الآخر اخذا بالآخر لأنه كالنص بالنسبة إلى صاحبه والا
فالأقوى التخيير لان الأخبار الدالة على تطابقهما لا بد من حملها على الغلبة لفرض العلم بالتخالف فيبقى ما دل
على كون المسافة بريدين أو بياض يوم الظاهر في التخيير سليما وكذا اطلاق ما اقتصر فيه على أحدهما الظاهر في
كفايته وان لم يبلغ صاحبه لكن الأقوى تقديم الثانية إذ حمل اخبار يطابقهما على الغلبة يوجب حمل
اطلاق مسير اليوم في الاخبار على الفرد الغالب وهو المطابق للثمانية فالتقابل بينهما في قوله مسير يوم أو بريدان
محمول على التقابل بحسب علم المكلف حيث إن علمه تارة يتعلق بالأول وقد يتعلق بالثاني لا على تقابلهما في
الواقع هذا مع أن الوارد في الاخبار تحديد مسير اليوم بسير القطار بين مكة والمدينة والاطلاع العلمي على
السير المتعارف في ذلك الزمان في تلك النواحي متعسر بل متعذر قطعا ولعله لذا أحال الإمام (ع) السائل
عن تحديد مسير اليوم (إلى الفراسخ صح) بعد ما حده له بسير القطار بين الحرمين واما ما ذكره الشهيد الثاني في ترجيح مسير
اليوم ومن عدم ضبط الفراسخ على وجه معلوم ففيه ان تحديد الفرسخ بثلاثة أميال مما لا خلاف فيه وتحديد الميل
بأربعة آلاف ذراع مما لم يعلم القول بأزيد منه بين أهل اللغة أو أهل الشرع بل المحكي بخلاف ذلك
أقل منه. المسافة المستديرة الحاصلة بان يكون الخط الموهوم الخارج من مبدء
412

حركة المسافر المنتهى إلى ذلك المبدء من قبيل الدائرة على صور احديها ان لا يقصد المسافر الا طيها بان لا
يكون غرضه حين الاخذ في الحركة الا الانتهاء إلى مبدء الحركة على الاستدارة والظاهر أنها لا تعد مسافة ذهابية
بل ملفقة ويكون مبدء العود النقطة المسامتة لمبدء الحركة والمحسوب من الثمانية ما بين النقطتين وهو قطر الدائرة
لا مقدار القوس المطوى من الدائرة فلو فرضنا مجموع الدائرة تسع فراسخ وبين النقطتين وهو القطر ثلثة
لم يتحقق في طيها مسافة القصر لان مقصده البعد عن البلد بمقدار ثلثة فراسخ ثم الرجوع ومروره في الأثناء
على المنازل انما هو بالتبع لا بقصد السفر إليها والمتبادر من أدلة تحديد المسافة تحديد ما بين مبدء حركة
المسافر والمقصد الذي يعد عرفا انه يسافر إليه لا مطلق ما يقصد الوصول إليه ولو لأجل الوصول إلى غيره
ولا يتوهم انه على هذا يكون مقدار البعد بين النقطتين أيضا لا عبرة به إذ يدفعه ان مقدار هذا البعد
مقصود جزما من السفر على وجه خاص وهي الاستدارة الثانية ان يقصد قوسا منها لأجل وقوع
بلدا وضيعة على رأس ذلك القوس ولا اشكال في احتساب المسافة مجموع ذلك القوس فإذا كان القوس نصف
الدائرة المفروضة تسع فراسخ احتسب أربعة ونصف وإن كان البعد بينه وبين مبدء الحركة ثلثة فراسخ ثم
إن كان المقصد على قوس أقل من النصف بحيث لا يبلغ أربعة لم يحصل التلفيق لان القوس الباقي من الدائرة يحتسب عودا كما صرح به في المسالك واحتمال ان ينضم إلى قوس المسافة ما يتمه نصفا مطلقا أو بشرط حصول التمام
بأصل البعد لا بجزء قوس كما لو فرضنا مجموع الدائرة اثنى عشر فرسخا أو أزيد بناء على أن هذا التتميم كان
مقصودا حين الشروع فينحصر العود في النصف الباقي مما يكذبه العرف فإنه يحكمون بالعود بمجرد الحركة من المقصد
إلى المنزل الصورة الثالثة ان يكون له على اجزاء الدائرة مقاصد متعددة فالظاهر أن منتهى
الذهاب اخر المقاصد وان قرب من محل الحركة بحيث يتحقق صورة الرجوع إلى بلده فيكون حكم المقاصد المتعددة
حكم المقصد الواحد لان المقصد في الحقيقة هو الأخير ويحتمل ان يكون منتهى الذهاب المقصد الذي لا يتحقق
عند السير إليه صورة الرجوع لأنا إذا فرضنا ذلك المقصد الكوفة والمقصد الذي يتحقق معه صورة الرجوع
هو المشهد فيصدق انه قاصد من منزله إلى الكوفة وان يمر بالمشهد عند رجوعه وهذا هو الذي اختاره أولا
في المسالك بعد ان جعل الأول احتمالا هذا كله في الدائرة التامة الحاصلة بقصد الرجوع إلى نفس مبدء
الحركة واما لو كانت دائرة ناقصة بحيث لا يريد الانتهاء إلى مبدء الحركة كهذا الشكل c فلا اشكال
في كون المسافة بأجمعها ذهابية ثم إن ثبوت طريقين للبلد قد يفرض على طريق الدائرة بالنسبة إلى مبدء
413

الحركة كما في هذا الشكل كان يريد من المشهد إلى ذي الكفل أو من المشهد إلى كربلاء ومنه إلى ذي الكفل... لا اشكال في اعتبار قصد المسافة في الابتداء بالاجماع والاخبار كخبر
عمار ومنتظر الرفقة ورواية صفوان وصحيحة ابن أبي
ولاد ولو أكره على السفر فإن لم يسلب قصده وقصد السفر
للخوف فهو كسائر التابعين من العبد والزوجة والخادم وغيرهم وان سلب عنه القصد كما لو حمل على الدابة أو
وضع في السفينة من دون قصد أصلا فالظاهر عدم القصر لعدم الإرادة فيشمله قوله (ع) في رواية صفوان
لأنه لم يرد السفر ثمانية فراسخ مضافا إلى عموم الفتوى باعتبار القصد وانصراف اطلاق المسافة في الاخبار إلى قاصد سيرها ولو لداعى الخوف وظاهر المحكي عن (ير): وجوب التقصير وحكاية وجوب الاتمام عن الشافعي
ثم تقويته أخيرا وقد عرفت انه الأقوى فاطلاق المكره في فتوى جماعة والحكم عليه بكونه كالتابع لابد ان
يحمل على غير مسلوب القصد وكذا لا اشكال في اعتبار استمرار القصد لأن الظاهر من أدلة تحديد المسافة
وان التقصير في بريدين أو ثمانية فراسخ وجوب التقصير في سفر مقدار سيره بريدان فيدل على اعتبار التلبس
بسفر مسافته بريدان فكلما يتحقق وصف التلبس بالسفر الكذائي تحقق موضوع التقصير والمفروض ان مع زوال
القصد ونية الرجوع أو التردد لا يصدق عليه انه يتلبس بالسفر المقدر بالمقدار المذكور ويدل عليه مضافا إلى
ما ذكرنا التعليل المحكي عن علل الشرايع في ذيل رواية إسحاق بن عمار المروية في الكافي الواردة في منتظر
الرفقة
قال سئلت أبا الحسن عليه السلام عن قوم خرجوا في سفر فلما انتهوا إلى الموضع الذي يجب فيه التقصير قصروا من
الصلاة فلما ساروا فرسخين أو ثلثة فراسخ أو أربعة فراسخ تخلف عنهم رجل لا يستقيم سفرهم الا به فاقاموا
ينتظرون مجيئه إليهم ولا يستقيم لهم السفر الا بمجيئه إليهم وأقاموا على ذلك أياما لا يدرون هل يمضون في سفرهم
أو ينصرفون هل ينبغي لهم ان يتموا الصلاة أو يقيموا على تقصيرهم قال (ع) ان كانوا بلغوا مسيرة أربعة فراسخ فليبقوا
على تقصيرهم أقاموا أو انصرفوا وان كانوا ساروا أقل من أربعة فليتموا الصلاة أقاموا أم انصرفوا فإذا
مضوا فليقصروا هذا ما في الكافي وزاد في محكى العلل قوله (ع) هل تدرى كيف صار هكذا قلت لا قال لان القصر
لا يكون الا في بريدين ولا يكون في أقل من ذلك فلما كانوا ساروا بريدا وأرادوا ان ينصرفوا بريدا كانوا قد ساروا
سفر التقصير وان كانوا قد ساروا أقل من ذلك لم يكن لهم الا اتمام الصلاة قلت أليس قد بلغوا الموضع الذي
لا يسمعون فيه اذان مصرهم الذي خرجوا منه قال بلى انما قصروا في ذلك الموضع لانهم لم يشكوا في مسيرهم وان
السير سيجذبهم من السفر فلما جاءت العلة في مقامهم دون البريد صاروا هكذا الرواية فان تعليل وجوب القصر في
414

السابق بعدم شكهم في المسير وعزمهم عليه وقصدهم له يدل على دوران الحكم معه بقاء وارتفاعا ولا ينافى
الاستدلال عدم العمل بظاهره من تعيين القصر في المسافة الملفقة مع الرجوع لغير اليوم لو قلنا بقول المشهور لأن عدم
اعتبار ظاهر فقرة من الرواية لا يسقط الباقي عن الحجية فان التعليل انما ورد في الحكم الاجماعي وهو عدم
التقصير بزوال القصد إذا سار أقل من أربعة فراسخ ولو قلنا بمقالة العماني واتباعه كان الاستدلال بصريح
الخبر من دون حاجة إلى التعليل كما لا يخفى ونحوه صحيحة ابن أبي
ولاد قال قلت لأبي عبد الله (ع) انى كنت خرجت من الكوفة
في سفينة إلى قصر ابن هبيرة وهو من الكوفة إلى نحو من عشرين فرسخا فسرت يومى اقصر الصلاة ثم بدا لى في الليل الرجوع
إلى الكوفة فلم أدر اصلى في رجوعي بتقصير أم بتمام وكيف كان ينبغي ان اصنع فقال إن كنت سرت في يومك
الذي خرجت فيه بريدا كان عليك حين رجعت ان تصلى بالتقصير لأنك كنت مسافرا إلى أن تصير إلى منزلك
قال وان كنت لم تسر في يومك الذي خرجت فيه بريدا فان عليك ان تقضى كل صلاة صليتها في يومك
بتقصير بتمام من قبل ان يؤتم من مقامك ذلك لأنك لم تبلغ الموضع الذي يجوز فيه التقصير حين رجعت
فوجب عليك قضاء ما قصرت وعليك إذا رجعت ان تتم الصلاة حتى تصير إلى منزلك الحديث ويجب
تقييد ظاهرها بناء على المشهور بصورة الرجوع في الليل قبل صلاة العشاء ويدل عليه أيضا رواية المروزي
المتقدمة في تحديد المسافة وفيها وفي الصحيحة الامر بقضاء ما صلى قصرا لكنهما معارضتان بما دل على عدم
وجوب القضاء فليحملا على الاستحباب كالأمر بتعجيل القضاء في الصحيحة ولو فرض التكافؤ فالمرجع إلى القاعدة
المقتضية لعدم القضاء لا لان الامر يقتضى الأجزاء حتى يمنع تحقق الامر من الشارع قبل زوال القصد و
يقال إن الثابت حين القصد اعتقاد وجوب القصر نظرا إلى عزمه للمسافة والامر الاعتقادي لا يوجب الأجزاء
على ما تقرر بل لان المستفاد من الأدلة كما عرفت وإن كان هو وجوب القصر منوطا بالتلبس بالسفر المقدر با
لمسافة وهذا المناط كان أمرا واقعيا الا ان المتبادر من الأدلة المفيدة لإناطة الحكم بهذا الموضوع الواقعي إناطة
الحكم بتحقق هذا الموضوع في اعتقاد المكلف المسبب عن عزمه بل يمكن ان يقال ليس الموضوع الواقعي للتلبس في
السفر المقدر بالمقدار المذكور الا الاشتغال بالسير عازما عليه فافهم هذا كله مضافا إلى ظهور التعليل
المذكور في رواية منتظر الرفقة في قوله (ع) انما قصروا لانهم لم يشكوا في مسيرهم فجعل العلة في وجوب التقصير
عليهم عزمهم على المسير وجزمهم به فدل على أن الوجوب الواقعي ليس منوطا بتحقق المسافة في الواقع ليكون عدم كاشفا
عن عدم ثبوت الوجوب الواقعي حين العزم غايته ثبوت الوجوب الظاهري من جهة اعتقاده فافهم وتدبر ثم
415

ان المعتبر من الاستمرار هو الاستمرار على قصد نوع المسافة لا شخصها الذي عزم عليها سابقا فلو عدل عن مقصد
إلى مقصد اخر مشترك مع الأول في بلوغه المسافة من محل الحركة الواقعة بقصد المقصد الأول بقى على القصر وكذا لو
عدل عن المسافة الذهابية أي الملفقة مع الرجوع ليومه بناء على اعتباره في المسافة أو مطلقا بناء على عدم اعتبار
الرجوع ليومه وهنا قولان آخران أحدهما محكى عن السيد الكاظمي وهو عدم بقاء التقصير لو عدل
عن المسافة الذهابية إلى الملفقة ولو مع الرجوع ليومه ولعله لعدم الدليل على اعتبار التلفيق المذكور الا إذا قصده
من أول الأمر بناء على أن الظاهر من قولهم (ع) القصر في بريدين أو بريد ذاهبا وبريد جائيا هو كون كل منهما عنوانا
لابد من التلبس بأحدهما مستمرا عليه إلى تمام المسافة فلا يجوز العدول عن الذهابية إلى الملفقة ولازمه أيضا
عدم جواز العكس نعم لا بأس بالعدول من فرد أحد النوعين إلى الفرد الآخر منه وربما يستشهد على ذلك باطلاق كلمات
العلماء في مسألة منتظر الرفقة حيث حكموا بوجوب الاتمام عليه إذا لم يبلغ المسافة فيشمل ما إذا قصد الرجوع ليومه
ويضعفه ان المستفاد من الروايات كون النوعين فرد القدر مشترك بينهما فيكفى الاستمرار على التلبس بذلك
القدر المشترك فليس حال العدول عن الذهابية إلى الملفقة الا كالعدول من فرد من الذهابية إلى فردها الآخر
والذي يدلك على هذا التأمل في اخبار التلفيق فان قوله (ع) في صحيحة جميل كان رسول الله صلعم إذا اتى ذبابا قصر
وانما فعل ذلك لأنه إذا يرجع كان سفره ثمانية يدل على أن الرجوع مطلقا أو ليومه بناء على القول المشهور متمم
للثمانية فهو بمنزلة البريد الثاني البريدي الذهاب فالعدول عن البريد الذهابي إليه كالعدول عن فرد من الذهابي إلى
اخر منه ونحوه التعليل المذكور في صحيحة ابن أبي
ولاد المتقدمة فإنه قد علل فيها وجوب القصر في الرجوع بعد ذهاب
يريد بقوله عليه السلام لأنك كنت مسافرا إلى أن تصير إلى منزلك فان حاصله تعليل القصر في الرجوع باستمرار سفره إلى ورود المنزل مع أن المفروض كون السائل في أول الأمر قاصدا للثمانية الذهابية فمورد الرواية العدول من
الذهابية إلى الملفقة ويستفاد من التعليل جواز العكس أيضا بناء على ما عرفت من أن المستفاد منه كون الذهابية
والملفقة مرجعها إلى سفر واحد إذ بدون ذلك لا يصح الحكم باستمرار السفر في الصورة المفروضة وكذا رواية المروزي
الدالة بصدرها على تحديد المسافة بالبريدين ثم حكمه بالقصر عند العدول من الذهابية إلى الملفقة سواء قيدنا الرجوع
فيها بالرجوع ليومه على المشهور أم لا ونحوها ما يستفاد من رواية صفوان الواردة فيمن خرج من بغداد يريد
ان يلحق رجلا فلم يزل يتبعه حتى بلغ النهر وان فحكم الامام بأنه يتم في رجوعه معللا بأنه خرج من بيته ولم يرد السفر
ثمانية فراسخ ثم قال ولو أنه خرج من منزله يريد النهر وان ذاهبا وجائيا كان عليه ان ينوى السفر من الليل فان
416

تعليل الاتمام أولا بعدم إرادة سفر الثمانية ثم حكمه على وجه التفريع على سابقه بأنه لو خرج من منزله مريدا للمسافة
الملفقة فعليه الافطار ظاهر بل صريح في أن المراد بالثمانية التي اعتبر أولا القصد إليها هي المشتركة بين الذهابية
والملفقة فهو أمر واحد لابد من قصده والاستمرار على ذلك الامر الواحد النوعي فالعازم أولا على الثمانية الذهابية
إذا سار أربعة ثم بدا له الرجوع ليومه أو مطلقا يصدق عليه انه مريد للسفر الثمانية أولا ويستمر عليه ونحوها
تعليل رواية إسحاق بن عمار المقدمة عن العلل لكن الاستدلال به في مقابل من يعتبر الرجوع ليومه غير صحيح لان
الرواية دالة على عدم اعتبار الرجوع فهى مطروحة عند ذلك القائل واما الاستشهاد باطلاق كلمات الأصحاب
في مسألة منتظر الرفقة فلا يجدى لان منهم من يظهر من عنوان كلامه في المسألة إرادة من خرج منتظر الرفقة
علو سفره على مجيئه كالمحقق في يع وهذا لا ربط له بمسألة الرجوع عن قصد المسافة ومن يظهر من كلامه
إرادة صورة العدول فليس فيه ظهور ولو من حيث الاطلاق لصورة قصد الرجوع ليومه بل ظاهره الترديد
على مجئ الرفقة هو انتظارهم على الاطلاق يوما أو يومين والرجوع بعد الياس عن مجيئهم نعم لو فرض انتظاره
لهم في اليوم الذي خرج إلى السفر وارادته الرجوع في ليلته ان لم يلحقوه في ذلك اليوم كان في حكمهم بالتمام
مع وصول الأربعة شهادة للقول المذكور وربما يحمل المسافة (ره) في كلامهم على ما يعم الملفقة وهو في غاية البعد وان اقتصر
عليه بعض المعاصرين في التخلص عن الاستشهاد المذكور والقول الثاني ما قواه في الرياض بعد ما حكاه وفي
ية من أن من قصد ثمانية ذهابا ثم بدا له الرجوع ولو لغير يومه وليلته تعين القصر يبقى عليه وان قلنا باعتبار الرجوع
ليومه في تعين القصر فلو قصد التلفيق من أول الأمر ففرق بين قصد التلفيق مع الرجوع لغير اليوم ابتداء فلا يتعين
القصر وبين العدول عن قصد الثمانية الذهابية إليه فيتعين عليه القصر وفاقا للشيخ في ية واستشهد تارة بالاستصحاب
واخرى بروايات اسحق وأبى ولا د والمروزي المتقدمة أقول إما الاستصحاب ففيه بعد الإغماض عما حققنا في
الأصول من عدم اعتباره في الاحكام الكلية عند الشك في المقتضى لعدم احراز الموضوع فيه انك قد عرفت في
دليل اشتراط استمرار القصد ان ظاهر الأدلة كقولهم القصر في بريدين أو بريد ذاهبا وبريد جائيا هو تعين القصر على المتلبس
بسفر الثمانية الذهاب أو الملفقة إما مطلقا كما عليه العماني أو بشرط الرجوع ليومه كما هو المشهور وعلى أي حال
فيعتبر في ثبوت الحكم ثبوت التلبس فإذا فرضنا ان التلبس بالثمانية الملفقة لغير اليوم لا يوجب تعين القصر كما هو
مذهب هذا القائل فالمعتبر في التعين التلبس بالثمانية الذهابية أو الملفقة مع الرجوع لليوم والمفروض زوال
التلبس بزوال القصد فمقتضى التحديد في تلك الأدلة عدم بقاء تعين القصر واما الروايات المتقدمة فيرد عليها
417

ما ورده هذا القائل على الأخبار الدالة على تعين القصر مع قصد التلفيق لغير يومه من أول الأمر كاخبار عرفات
وغيرها فان هذا القائل قد طرحها تارة وأولها بالتخيير أخرى ليكون ظاهرها مخالفا لما عليه من عدا العماني من
القدماء والمتأخرين عدا جملة من متأخريهم فكيف يعدل عن ذلك القول مع ذهاب جماعة إليه كالعماني إلى القول بالفرق
بين قصد التلفيق من أول الأمر فلا يتعين القصر والعدول من قصد المسافة الذهابية إليها فيتعين القصر مع أن هذا
التفصيل لم يعرف لاحد من علمائنا غير الشيخ في كتاب النهاية ذكر فيها متون الاخبار ولا تظهر فتواه بها نعم حكى عن لف
حكايته عن القاضي أيضا فان قلت إن وجه العدول عن قول العماني الاجماع المنقول عن الحلى والأمالي المعتضد بالرضوي
المنجبر بالشهرة العظيمة المطلقة على عدم تعين القصر وهذا كله مختص بما إذا أراد التلفيق لغير يومه من أول الأمر فيبقى ما إذا
رجع إليه بعد قصد الثمانية الذهابية مسكوتا عنه في معقد الاجماع وكلام أكثر القدماء وان تعرض لها المتأخرون
عن الشيخ فلا مانع من العمل فيه بظاهر الاخبار مثل ظاهر صحيحة ابن أبي
ولاد ورواية المروزي وصريح رواية إسحاق بن عمار
مع مطابقة الحكم للأصل قلت الحكم بتعين القصر في الصورة المذكورة وإن كان مسكوتا عنها في كلام كثير الا
ان الظاهر اطباقهم كسائر من تعرض للمسألة على اتحاد حكمه في تعيين القصر أو الاتمام أو التخيير مع حكم من قصد التلفيق
من أول الأمر والسند في هذه الدعوى انه لو حكم هنا بتعين القصر مع عدم الحكم به عند قصد التلفيق أولا كان ذلك
إما من جهة قصد المسافة الذهابية أو لا بدعوى عدم اعتبار استمراره فيما زاد عن الأربعة لان القدر الثابت بالدليل
هو اعتبار الاستمرار إلى أن يسير أربعة واما من جهة ان الرجوع لغير اليوم إذا كان مسبوقا بقصد المسافة الذهابية
يصير متمما للسبب المعين للقصر فاعتبار الاستمرار من أول المسافة إلى اخرها باق بحاله وحاصل هذا انه لا بد
لهذا القول إما من منع اعتبار الاستمرار فيما زاد على الأربعة واما من دعوى ان الرجوع لغير اليوم متمم بسبب التعيين إذا
كان مسبوقا بقصد المسافة الذهابية وان لم يكن كذلك لو قصد من أول الأول ولا يخفى عليك ان كلمات الجميع
في تحديد المسافة المعينة للقصر خالية عن هذا التفصيل وكذا كلماتهم في مسألة اعتبار الاستمرار ظاهرة في
اعتباره من أول الاشتغال بقطع المسافة إلى اخرها لأنه الظاهر من الاستمرار ولذا ان الحلى الذي استند إلى دعواه
الاجماع على التمام في مسألة التلفيق بغير اليوم أول من رد على الشيخ في ية وتبعه على ذلك جميع من تأخر عنه فجعلوا
هذه المسألة من فروع مسألة تعيين المسافة والحاصل ان هذا القول إما مخالف لظاهر اجماعهم في مسألة
المسافة المعينة للقصر واما لظاهر اتفاقهم في مسألة الاستمرار على أنه لا غاية له قبل بلوغ المسافة فكيف يكون
هذا
الفرع مسكوتا عنه في كلماتهم ولعمري ليس سكوت من سكت الا لكونه فرعا على مسئلتي أصل المسافة وتعين الاستمرار
418

ولذا ذكره جميع المتأخرين عن الشيخ فحكموا فيه ما يقتضيه الحكم في مسئلتي المسافة واشتراط الاستمرار وطرحوا رواية
إسحاق بن عمار وحملوا صحيحة ابن أبي
ولاد ورواية المروزي على الرجوع ليومه أو ليلته وان بعد ذلك في الصحيحة فافهم اعلم أن
قواطع السفر ثلثة أحدها الوطن وهو على ثلثة أقسام أحدها الوطن الأصلي الذي نشأ فيه ولا
اشكال ولا خلاف ظاهرا في كونه قاطعا ما لم يهجر سواء كان له فيه ملك أم لا وسواء استوطنه ستة أشهر أم لا لان
أدلة اعتبار الملك واستيطان المدة مختصة بغيره كما لا يخفى فلو فرضنا ان ولدا تولد في بلد ثم سافر به أبوه بعد
خمسة أشهر إلى بلد اخر لا بنية الهجرة فعاد إليه بعد البلوغ فالظاهر وجوب التمام عليه نعم لو هجره وليس له ملك فالظاهر
انقطاع حكمه لما في حسنة زرارة بابن هاشم ان النبي والخلفاء بعده أقاموا ثلاثة أيام بمنى وقصروا الصلاة نعم
لو بقى الملك ففي بقاء الحكم اشكال وذكر في الذكرى ان الصحابة لما دخلوا مكة قصر والخروج املاكهم ونحو ذلك للمحكى
عن الغرية والظاهر أن المراد بالصحابة المهاجرين الذين نشأوا بمكة وهذا الكلام يدل على أنه لو بقيت املاكهم
لم يقصروا ولعله لفحوى ما سيجئ من الحكم في الوطن الشرعي فان استيطان ستة أشهر في سنة واحدة في منزل إذا
كان موجبا للوطنية ما دام الملك فالوطن الأصلي مع بقاء الملك حكمه كذلك بالأولوية القطعية فتأمل الثاني
الوطن المتخذ بان يتخذ الرجل الغريب مكانا دار إقامة له على الدوام ولا خلاف ظاهرا في عدم اعتبار الملك لان
أدلة اعتبار الملك مختصة بما يتفق عبور المسافر عليه ومروره به بعد الخروج عن دار مقامته نعم وقع الخلاف في اعتبار
الاستيطان فيه ستة أشهر وظاهر الشهيد (ره) واكثر من تأخر عنه اعتباره ولعله لتقييد الاطلاقات الواردة في
الاتمام فيما يستوطنه من المنازل بصحيحة ابن البزيع المفسرة للاستيطان بإقامة ستة أشهر وسيجئ التأمل في ذلك
ولا يتوهم انها تدل على اخذ الملك في الاستيطان لقوله عليه السلام في الجواب عن الاستيطان ان يكون له منزل
يقيم فيه ستة أشهر فان الظاهر أن ذكر المنزل في تفسير الاستيطان انما هو لتمهيد ذكر الإقامة والا فقد وصف
المنزل أولا بالاستيطان بقوله (ع) الا ان يكون له منزل يستوطنه فحاصل الجواب هو ان استيطان المنزل الإقامة
فيه ستة أشهر نعم تدل تلك الصحيحة على اعتبار الملك في الضيعة كالاستيطان لكن موردها غير ما اتخذ دار مقامة
على الدوام والتمسك بها على اعتبار إقامة المدة انما هو باعتبار تفسير مطلق الاستيطان بهما فيكون تقييدا لكل
استيطان مطلق ورد في الروايات الآخر لكن هذا كله مبنى على دلالة الصحيحة على كفاية إقامة ستة أشهر بسنة
واحدة في الاستيطان وسيجئ ثم إنه لا فرق في المتخذ دار مقامة بين ان يكون بلدا واحدا أو بلدانا متعددة
على التناوب كما صرح به جماعة منهم الشهيدان في كرى ولك لكن ذلك انما يحصل بالتدريج بان ينوى الإقامة
419

في بلد في كل سنة أربعة أشهر أو ثلثة فيقيم فيه ستة أشهر ثم ينوى مثل ذلك في بلد اخر فيقيم فيه أيضا ستة أشهر ثم
بعد ذلك في بلد اخر فيقيم فيه ستة أشهر الثالث الوطن الشرعي وهو عند المشهور من المتأخرين كل منزل
قد أقام فيه ستة أشهر مع ثبوت ملك له فيه واستندوا في ذلك إلى صحيحة ابن بزيع عن الرجل يقصر في ضيعته
قال عليه السلام لا بأس ما لم ينو مقام عشرة أيام الا ان يكون له فيها منزل يستوطنه قلت وما الاستيطان
قال إن يكون له منزل يقيم فيه ستة أشهر فإذا كان كذلك يتم متى يدخلها ودلالتها على اعتبار الملك ليس من
جهة اللام في قوله له منزل إذ اللام لا تفيد الا الاختصاص خصوصا بالنسبة إلى المنازل فإنه يفيد الاختصاص من حيث
النزول بل من جهة انه لو لم يرد منه ملكية المنزل لم يكن وجه لاعتبار المنزل في الاستيطان في الضيعة لان الاستيطان
فيها لا يكون الا في منزل فكان يكفى قوله الا ان يستوطنها فافهم نعم يبقى الاشكال في استفادتهم من الصحيحة كفاية الإقامة ستة أشهر في سنة واحدة مع أن ظاهر قوله يستوطنه وقوله يقيم هو ثبوت الإقامة ستة أشهر على (الدوام فيدل على صح)
اعتبار كونه مما بنى على الإقامة فيه دائما في كل سنة وهذا المعنى هو الذي حكى عن الصدوق في تفسير الرواية واستظهره
منها جماعة من متأخري المتأخرين كصاحب المدارك وصاحب المعالم في رسالته والفاضل الجواد في شرح الجعفرية
والمحدث المجلسي في بحاره والسيد في رياضة والماحوزي في رسالته والمحدث الكاشاني في المفاتيح على ما حكى عنهم وممن بالغ
في هذا التفسير للرواية العلامة البهبهاني في شرح المفاتيح لكن الانصاف والذي يقتضيه التدقيق هو الذي فهمه
المشهور بيان ذلك ان استيطان المنزل اتخاذه وطنا أي مقرا لا عده وطنا وهذا المعنى الحدثى مما ينحصر في الماضي والاستقبال
إذ بعد الاتخاذ لا يصدق الا انه اتخذ وقبله لا يصدق الا انه سيتخذ وليس المراد منه الاستقبال قطعا فتعين إرادة
الماضي بمعنى اتخذه وطنا إذ لا معنى لإرادة الاستقبال والتلبس بالاتخاذ لأنه ليس أمرا تدريجيا حتى يصدق
التلبس بانقضاء شئ منه وبقاء شئ اخر منه ثم لما فسر الاستيطان في الصحيحة بالإقامة كان المعنى (تحقق صح)
الإقامة في الماضي فكأنه قال (ع) الا ان يكون له منزل اتخذه مقرا فلما سئل الراوي عن معنى اتخاذه وطنا حيث إنه علم أن مراد الإمام (ع) ليس ظاهره وهو اتخاذ المنزل في الضيعة مقرا دائميا لان مفروض السائل عبور الرجل من
أهله وموطنه دائمي إلى ضيعة فلا ينبغي ان يراد الاستيطان الدائمي إذ لا معنى لاستثناء هذا عن الفرض المستثنى
منه فاجابه الامام بان المراد اتخاذه مقرا في ستة أشهر فحاصل المعنى ان يكون له منزل أقام فيه ستة أشهر
والحاصل ان المضارع هنا مستعمل في المستقبل بحسب فرض المسألة لا بحسب تحقق المبدء الموضوع ومثله في غاية
الكثرة فان المفروض قد يعبر عنها بالماضي وقد يعبر عنها بالمستقبل مع كون الحكم موقوفا على تحقق مبدء الفعل فان
420

قلت إن قوله يستوطنه وإن كان بنفسه ظاهرا في الماضي لما مر من عدم المعنى للحال والقطع بعدم
إرادة الاستقبال الا ان تفسير قوله يستوطنه بصيغة يقيم التي هي ظاهرة في التلبس الفعلي لان الإقامة ليس
كالاستيطان في عدم صلاحيته الا للماضي أو الاستقبال ولا ريب ان التلبس فعلا بإقامة ستة أشهر في مكان
مع عدم كونه حين التكلم في ذلك المنزل ليس عبارة عن بنائه على إقامة ستة أشهر على الدوام مع تحقق اقامته
في الماضي لتحقق التلبس الفعلي بانقضاء جزء من ذلك الفعل واستقبال جزء آخر منه بالبناء على اتحاده في المستقبل
قلت إن قوله يقيم وقع تفسيرا للاستيطان المصدري العربي عن ملاحظة الزمان لا لقوله يستوطنه فكأنه
فسر الاستيطان بالإقامة فالتلبس الفعلي بالإقامة انما هو في الستة أشهر لا ان إقامة الستة أشهر يلاحظ التلبس بها
متجددا قضية للفعل المضارع لان الفعل هنا مسبوك بالمصدر فلا يلاحظ فيه الا التلبس الفعلي في الظرف المأخوذ
قيل للمادة لا في الزمان المستفاد من الصيغة فان قلت إن تفسير الاستيطان بالإقامة مستلزم لتفسير
يستوطنه بقوله يقيم ستة أشهر فيخرج الاستيطان عن معنى اتخاذ المقر الذي قد عرفت انه لا يصح الا للماضي
أو الاستقبال إلى معنى الإقامة الذي قد اعترفت بأنه قابل للتلبس الفعلي بها دائما قلت ليس تفسير الاستيطان
بالإقامة تفسيرا حقيقيا بمعنى تبديل لفظ بلفظ اخر متحد معه في المفهوم متفاوت في الوضوح إذ من المعلوم
ان مفهوم الاستيطان ليس عين مفهوم الإقامة وانما هو بيان لما به يتحقق اتخاذ المقر في نظر الشارع مكان
الإمام (ع) لما علق الحكم على اتخاذ المنزل مقرا كان ذلك موهما لإرادة المقر المطلق الذي ينافى فرض السائل من كون الشخص
عابرا من وطنه إلى ذلك المنزل أو ذاهبا منه إليه فسئل عن مدة القرار وانه هل هو القرار دائما أو إلى مدة
فأجاب الإمام (ع) بما حاصله ان المراد اتخاذه مقرا في ستة أشهر فاتخاذ المنزل مقرا في ستة أشهر سبب
لوجوب الاتمام بعد تحققه وانما أطلنا الكلام في ذلك لما رأينا من اختلاف المحققين في معنى هذه
الرواية وان المراد به استمرار الاستيطان الفعلي كما عرفت من الصدوق وجماعة من متأخري المتأخرين
أو تحققه ولو في الزمان الماضي كما هو المش المحكي عن المبسوط وئر وكتب المحقق ومة والشهيدين
421

والمحقق الثاني وغيره فبين من يدعى ان حمل الرواية على الاستمرار الفعلي سخيف جدا كما صرح به شارح الروضة
بل جعل كلام الصدوق مع ظهوره في إرادة الاستمرار مصروفا لا مذهب المش بقرينة استشهاده بالرواية وبين من
يدعى كون الرواية في غاية الظهور في إرادة الاستمرار الفعلي كالمحقق البهبهاني في شرح المفاتيح وقد عرفت ان مقتضى
الانصاف ترجيح ما استظهره المش من الرواية ويؤيده قوله (ع) في رواية إن كان مما سكنه أتم وإن كان مما لم يسكنه
قصر فإنه ظاهر في كفاية السكنى في الماضي فتأمل ثم على ما ذكرنا في مدلول الرواية لا يبقى فيها دلالة على ما ذكرنا
سابقا من تقييد أدلة الوطن العرفي بالاستيطان ستة أشهر لان المراد بالاستيطان هنا كما عرفت
مجرد اتخاذ المنزل مقرا في ستة أشهر فهو سبب مستقل للوطنية مع وجود الملك في مقابل الاستيطان
الدائمي فلا معنى لتقييده به وربما يتوهم هنا معنى آخر في الصحيحة بل في عبائر المش وهو ان المراد باستيطان ستة أشهر
ولو في سنة واحده هو اتخاذ المنزل في ستة أشهر مقرا دائما ومسكنا أبديا فيتم الصلاة فيه ولو هاجره
إذا كان الملك باقيا وكان منشأ ذلك هو ان المتبادر من الوطن المأخوذ في مادة الاستيطان هو المقر
الدائمي وفيه ان الرواية بعد ما دلت على إرادة الإقامة ستة أشهر من الاستيطان فلا وجه لاستظهار
اتخاذ المقر الدائمي منه الا ان يقال بان ظهور الاستيطان في الاتخاذ الدائمي قرينة على أن المراد من يقيم
هي الإقامة ستة أشهر بنية الدوام وحينئذ فيكون حاصل الجواب بيان مدة الاستيطان وكون السؤال سؤالا
عن ذلك أيضا فتأمل والحاصل ان مقتضى التفسير المذكور كون الستة قيدا للوطن المأخوذ في الاستيطان
لا للاتخاذ المأخوذ فيه بمقتضى صيغة الاستفعال فالمراد اتخاذ المنزل مقر ستة أشهر له لا اتخاذه في ستة
أشهر مقرا مطلقا واما كلمات المش فهى أشد اباء من الرواية للمعنى المذكور لان الشهيد ين والمحقق الثاني
وغيرهم ذكروا انه لابد من أن تكون الصلاة في مدة إقامة الستة على التمام لأجل الإقامة لا بسبب أخر
من شرف البقعة أو سفر المعصية نعم لو قصد الإقامة وصلى تماما ثم عدل عنها فلا بأس وأين هذا العنوان
من إرادة اتخاذ المقر الدائمي في ستة أشهر وكذلك اختلفوا في أن المنزل المتخذ وطنا دائميا هل يعتبر فيه استيطان الستة
422

أشهر الذي هو الوطن الشرعي لتحقق الوطن الشرعي مع الوطن العرفي أم لا فلو اخذ في الوطن الشرعي الاستيطان الدائمي
ستة أشهر لم يكن معنى لهذا الخلاف فقد تحصل مما ذكرنا ان الصحيحة محتملة لمعان ثلاثة أحدها وهو الذي يظهر
اختياره من المش هو ان المراد بالاستيطان مجرد إقامة ستة أشهر ولو مع التردد في البقاء والخروج إذا كان صلى
واحدة بنية الإقامة الثاني وهو ما استفاده جماعة من متأخري المتأخرين تبعا للصدوق وهو إقامة
ستة أشهر كل سنة الثالث هو الاستيطان الدائمي في ستة أشهر..... قد عد المشهور من شرائط
القصر ان لا يكون سفره أكثر من حضره وهذا الشرط جعله في المقاصد العلية شرطا لاستمرار القصر لا ابتدائه
ولعله أراد السفر الشرعي والا فالسفر الشخصي وهي السفرة الثالثة مشروط بذلك ابتداء وأورد في محكى المعتبر على طرده
بأنه يلزم ان يكون من سافر عشرين وأقام عشرة يجب عليه التمام ولم يقل به أحد وأجاب عنه في محكى الروض بان هذا اللفظ صار حقيقة شرعية فيمن لا يقيم في بلده عشرة أقول ليس مراده من الحقيقة الشرعية وضع الشارع
هذا اللفظ لهذا المعنى بل المراد إما الحقيقة العرفية للفقهاء واما ان المراد ان لكثرة السفر حدا شرعيا وهو ان لا يقيم
عشرة في منزل ولهذا قال في يع وضابطه ان لا يقيم عشرة وفي رواية عبد الله بن سنان سئلته عن حد المكارى الذي
يتم الصلاة وذكر الشيخ في محكى الجمل ان حد كثرة السفر ان لا يقيم عشرة وكيف كان فليس عدم الإقامة من قبيل مجرد
الشرط للحكم الخارج عن المشروط بل هو حد وضابط للتكرر وجودا وعدما فكل سفر يتخلل بينه وبين سابقه إقامة عشرة فهو
يعد شرعا متكررا فإذا حصل المتكرر وجب بعده التمام وهو يكون في الثالثة وكل سفر تخلل بينه وبين سابقه
يعد سفرا مبتدئا وبما ذكرنا يندفع الايراد عن العكس أيضا بان من سافر يوما وأقام تسعة أيام حتى يكون سفره
في الشهر ثلاثة وحضره سبعة وعشرين يلزمه القصر إذ ليس سفره أكثر من حضره بقى الكلام في وجه التعبير
عن الشخص المذكور بمن سفره أكثر من حضره مع أنه قد لا يكون كذلك كما في المثال ولعله مبنى على الغالب فيمن يكون
السفر عمله بقى الكلام في أن العبرة في التمام بنفس الكثرة حتى لو لم يكن السفر صنعة له كما يظهر من العنوان المتقدم
في كلام المشهور أو يكون السفر صنعة له وان لم يكن يتعدد سفره كما عن ظاهر المبسوط وية حيث عطف على هؤلاء
423

كثرة السفر وعن صريح الحلى حيث عد من العشرة الذين يلزمهم الصوم هؤلاء بعد ان عد منها كثير السفر وهو أيضا
صريح الروضة والمقاصد العلية وحكى عن النهاية والتذكرة ان المعتبر صدق الأسماء ولو بأول مرة ثم إن ظاهر كثير
منهم كفاية كثرة السفر ولو من دون الصنعة والعبرة كما تقدم عن الشيخ في الجمل ونحوه الحلى في السرائر ويظهر من جماعة
العبرة بالمجموع وهذا هو الأقوى إما عدم العبرة بكثرة السفر مجردا فلعدم الدليل عليه أصلا عدا وجه اعتباري هو ارتفاع
مشقة السفر واما اعتبار الكثرة فيمن كان عمله السفر فالظاهر التقييد الوارد في مقام التحديد في صحيحة هشام ابن الحكم
المكارى والحمال الذي يختلف وليس له مقام يتم الصلاة ويصوم شهر رمضان ونحوها رواية مقطوعة وقريب منهما
رواية أخرى عن كتاب على ابن جعفر فان المراد من المقام هي الإقامة العرفية لعدم ثبوت الحقيقة في المقام الشرعي
فنفى المقام العرفي محمول (محمولا) على الكثرة مبالغة فالمعنى ان المكارى الذي يذهب ويجئ ولا يقيم يجب عليه التمام ولو حمل المقام
على الإقامة الشرعية وهي إقامة العشرة ثبت أيضا اعتبار سفرتين ليتحقق بهما مفهوم الاختلاف الذي هو تكرر الذهاب والمجئ
فالتمام بعد تحقق الاختلاف لا في نفس السفر الذي يحصل به الاختلاف كما ذكر وفي كثير السهو ان الكثرة يتحقق بالثلاث
ونفى الحكم فيما بعدها أعني الرابعة فكذلك فيما نحن فيه التمام بعد تحقق الاختلاف وهو في الثالثة بل لو قلنا في مسألة
كثير السهو بان الحكم في الثالثة التي تتحقق بها لكثرة أمكن الفرق هنا بان الظاهر أن قوله وليس له مقام قيد لقوله يختلف
فالمعنى انه يتكرر منه السفر وليس له مقام عقيب المتكرر فلابد من تكرر عدم الإقامة أيضا ولو جعل الواو للحال كان أوضح
ثم إن هذه الرواية لو لم تكن ظاهرة في اعتبار الثلاث فغاية الامر كونها مجملة من حيث حكم الثانية فيرجع منها إلى
أصالة القصر الثانية بالعمومات واما ساير الاطلاقات الواردة في المكارى فهى وان لم تصر مجملة باجماعات
هذا القيد الا انها تنصرف إلى المكارى والحمال الذي تكرر منه السفر وكيف كان فقاعدة قصر المسافر سليمة
عن المخصص بالنسبة فظهر من ذلك عدم الدليل لما ذكره العلامة من التمام في الثانية وإن كان يمكن
اثباته من الصحيحة المتقدمة الا انه مشكل ورده في الذكرى بمنع صدق المكارى بالسفرة الثانية
وما ابعد ما بين هذه الدعوى ودعوى صدقه في الأولى ولهذا مال إليه بعض وهو المحكي
424

عن الحلى وهو بعيد ثم إن الحلى ممن ادعى الاجماع على أن الإقامة العشرة قاطعة لكثرة السفر لكن لا ينافى
هذا ما تقدم منه من اكتفائه بالسفرة الأولى وعدم اعتبار التكرر في ذي الصنعة إذ يمكن ان يكون هذا منه
فيمن يعتبر في صنعته التكرر دون ذي الصنعة أو يفرض حصول الصنعة بالسفر إلى ما دون المسافة وحينئذ فلو لم يقم
في بلده عشرة قصر بأول خروجه إلى المسافة لكنه مبنى على أن المراد بالعشرة المتوالية التي لم يتخلل بينها سفر
ولو إلى ما دون المسافة أو يفرض فيما إذا حصلت الصنعة بنفس السفرة الأولى كما يظهر من الشهيد الثاني
في الروض والمقاصد العلية بل عن المحكي عن العلامة في النهاية والتذكرة فإذا فرض ان هذه السفر كانت
مسبوقة بسفرة في غير صنعته لم يتخلل بينهما عشرة أيام أتم وان فرض تخلل الإقامة قصر نعم ذكر ابن إدريس بعد
اعتبار ثلاث دفعات في تحقق الكثرة ان الصنعة تقوم مقام تكرر من لا صنعة له فيرد عليه حينئذ كما في الذكرى ان
الصنعة إذا قامت مقام التكرر فلا فرق بين الإقامة قبل الخروج وعدمها الا ان يقال إن عدم الإقامة شرط
لحدوث الكثرة أو حكمها في غير ذي الصنعة وبقاء حكمها في ذي الصنعة ثم إن الظاهر ممن اعتبر تكرر السفر
إرادة السفر الشرعي إلى المسافة الا ان اطلاق الاختلاف في الصحيحة السابقة ربما يدل على الأعم ولم أر به قائلا ولا
إليه مائلا الا شارح الروضة ولا يخلوا من قوة إما لصدق الاختلاف واما للشك في شمول الاطلاق له فيرجع
إلى العمومات الدالة على اتمام المكاري ومن كان السفر عمله وقد عثرت بعد زمان على عبارة الموجز لابن فهل
حيث قال لو كان يكارى لأقل من مسافة ولا يقيم عشرة ثم كارى إلى مسافة أتم قال شارحه كاشف الالتباس هذا الكلام
لم أقف عليه في غير هذا الكتاب وفيه نظر لأن الظاهر من قولهم شرط القصر عدم زيادة السفر على الحضر هو السفر
الموجب للقصر لان قولهم يتم في الثالثة أو الثانية على الخلاف يدل على التقصير فيما دون ذلك وانما يتم كلامه على مذهب
ابن إدريس من أن المكارى والملاح يتمون في الأولى مع أن ابن إدريس لم يشترط التردد فيما دون المسافة قبل الأولى
انتهى ثم نقل عن حاشية لنسخة من ية مقروة على المصنف وفخر الدين رهما التصريح باعتبار السفر إلى مسافة أقول
ما ذكره حسن عند من اعتبر التعدد لزعم توقف صدق المكارى عليه لكنه ممنوع وقد صرح في المقاصد العلية
425

بل الروضة ان ذلك قد يحصل من دون حاجة إلى التعدد ولا ينبغي ان يريد من لم يسبق بسفر أصلا فلعله يريد هذا المعنى
والله العالم وهل يشترط تخلل الرجوع إلى الوطن في كل سفرة كما هو ظاهر الرواية أم يكفى في التعدد العبور إلى بعض
أوطانها وتخلل منه الإقامة كما هو ظاهر جماعة منهم الشهيد في الذكرى حيث قال لو نوى المقام في أثناء المسافة
عشرا ولما يقمها ثم سافر فالظاهر أنها سفرة ثانية سواء كان ذلك في صوب المقصد أم لا إما لو دخل إلى وطنه فإن كان
لم يقصد تجاوزه في سفره ثم عرض له سفره الآخر قبل العشرة فكالأول وحينئذ فلو تجددت له سفرات ثلاثة
على هذا الوجه أتم وإن كان على صوب القصد وإن كان من عزمه ايصال السفر في أول خروجه ومر على أوطانه فالحكم
بتعدد السفر هنا إذا لم يتخلل مقام عشرة بعيد لازما سفرة واحدة متصلة حسا وان انفصلت شرعا ومن ثم لم يذكر
الأصحاب الاجمال (الاحتمال) في ذلك ويحتمل ضعيفا احتسابها لانقطاع سفره الشرعي وكون الآخر سفرا مستأنفا ومن ثم
اشترطت المسافة ولو خرج من بلده إلى مسافة نوى المقام بها عشرا ولما يتمها ثم عاد إلى بلده فهل تحتسب هذه ثانية
فيه الوجهان انتهى كلامه رفع مقامه وظاهر كلامه ان نية الإقامة فاصلة وان قصدها من أول السفر بخلاف
المرور إلى الوطن ووجهه كما يستفاد من كلامه وصرح به أيضا في المقاصد العلية وارتضاه ان المرور إلى الوطن
في صورة العزم عليه أولا فاصل شرعي لا حسى بخلاف نية الإقامة فإنها فاصلة شرعا وحسا وللتأمل
فيه مجال من حيث إن المرور إلى الوطن أقوى في الفصل العرفي من نية الإقامة الا ان يريد الوطن الشرعي نعم
الظاهر المساواة مع الوطن الشرعي ثم إن ما ذكره الشهيد ان قدهما من تحقق الكثرة بما ذكر لا يخلوا عن
تأمل بناء على أن المدرك لاعتبار تعدد السفر إن كان ما ذكرنا من الصحيحة الدالة على اعتبار الاختلاف في المكارى
والجمال فلا يخفى عدم صدقه في كثير مما ذكراه مثل الذهاب الممتد إذ قام العشرة في مواطن منها ونحوه وإن كان
هو ما ذكره في الذكري من أن عنوان المكارى وأخويه لا يصدق عرفا غالبا ان بتثليث السفر ففيه ان
السفر الذي تخلل قصد الإقامة في أثنائه خصوصا في زمان يسير خصوصا مع عدم الصلاة تماما لا يعد
في العرف سفرتين وكذلك لو كان الحكم معلقا على عنوان كثير السفر اللهم الا ان يكون الحكم معلقا على عنوان
426

كثرة السفر وتمسك في ذلك بالاجماع المنقول في الانتصار المعتضد بالشهرة العظيمة بين القدماء والمتأخرين
المعبرين بقولهم ان لا يكون سفره أكثر من حضره أو لا يكون كثير السفر أو لم يغلب سفره ثم يقال إن المراد بالسفر
في معقد الشهرة والاجماع هو السفر الشرعي ومعلوم ان تخلل نية الإقامة القاطعة للسفر توجب تعدد
السفر لكن هذا كله مشكل......... بسم الله الرحمن الرحيم لو أنشأ من كان السفر عمله
سفرا عن عمله كالمكارى بحج فإن كان على وجه كونه مكاريا بان يحمل إلى مكة ولو بعياله وأمواله فالظاهر أنه
كغيره من أسفاره يتم لأنه من عمله وإن كان لا على هذا الوجه بان يركب البحر مثلا فيحج أو يحج مستكريا فالظاهر أنه
يقصر لانصراف اطلاق قوله المكارى يتم إلى اتمام في السفر الذي يكون فيه مكاريا ويؤيده تعليل الامام بقوله لأنه عملهم
ومفهوم رواية حرك لا ينافى ما ذكرناه ثم إن الحكم بالقصر في المسألة المذكورة ينبغي ان يخص بمن يخصص
حكم الاتمام بمن كان السفر صنعته واما من يعمم الحكم لمطلق كثير السفر وان لم يكن صنعته فلا وجه لحكمه بالقصر لأن عدم
كون هذا السفر صنعته لا يوجب القصر مع صدق كونه كثير السفر الا ان الشهيد في الدروس مع عنوانه
المسألة بكثير السفر حكم بالقصر قال بل يمكن اختصاص الاتمام بكون سفرهم لتلك الصناعات فلو سافر ولغيرها
قصر وفي البيان مع أنه ذكر أرباب الصنايع على سبيل التمثيل لكثير السفر رجح القصر فيما إذا سافر سفرا
المقصور أيسلب فيه اسم صنعته ونحوه في الموجز وشرحه فجز ما بالقصر إذا حج المكارى أقول ويمكن ان يكون
كثير السفر منهم اصطلاحا على هؤلاء ولذا ان العلامة في محكى النهاية والتذكرة مع أنه عبر بكثرة السفر تردد
فيما حكى عنه في تعدى الحكم إلى غير المنصوص عليهم..... لا اشكال في أن إقامة العشرة في بلد المسافر رافعة
لحكم كثرة السفر وظاهر عبارة الشهيد رفعها لموضوع الكثرة وهو ظاهر كل من عبر عن هذا بقوله وضابطه ان لا يقيم
عشرة كما في يع وضة أو قوله وحده كما في جمل الشيخ ولعله تبع عبارة السائل في الرواية قال ما حد المكارى الذي
يتم الصلاة ويصوم شهر رمضان لكن كلام المعصوم لا يدل على أزيد من اشتراط الحكم به لا كونه مزيلا لنفس
الموضوع حيث قال (ع) أيما مكار أقام في منزله أو في البلد الذي دخله أقل من عشرة أيام وجب عليه
427

الصيام والتمام وإن كان مقامه في منزله أو في البلد الذي يدخله أكثر من عشرة أيام فعليه القصر والافطار
وقوله أكثر من عشرة يراد به العشرة فما زاد كما في قوله تعالى وإذ كن نساء فوق اثنتين ثم إن الإقامة
في المنزل مما لا اشكال ولا خلاف فيه بل ولا في عدم اعتبار النية فيها لاطلاق النص والفتوى واما إقامة
العشرة في غير البلد فلا خلاف ظاهرا في اعتبارها وان لم يتعرض لها كثير الا ان الشهرة يكفى لجبر ضعف
الرواية المذكورة بالارسال مع أن المرسل من أصحاب الاجماع مضافا إلى اعتضاد الرواية ببعض الروايات
الآخر مضافا إلى صحيحه هشام المتقدمة المقيدة للمكارى بمن يختلف ليس له مقام والى عموم المنزلة لكن
لا شبهة في اعتبار النية في الإقامة لان الإقامة مع عدم النية سفر شرعا وليس الا مككت المسافر
في أثناء سفره ولا ينقطع به نفس السفر ولا كثرته مضافا إلى دعوى الاجماع عن الروض والبحار على اعتبارها
واطلاق النص مع ضعفه لا يقاوم هذا كله نعم ربما لا يخلو من الجمع بين الإقامة في المنزل والإقامة
في غيره اعتبار النية في المنزل أيضا بعد معلومية اعتبارها في غير لكن الظاهر عدم الخلاف
في عدم اعتبار النية هناك كما أنه لا خلاف في عدم كفاية نية الإقامة بدون تمام الإقامة ولو صلى
تماما وهل يعتبر التوالي في العشرة في المنزل الذي نص عليه الشهيدين والمحقق الثاني
في الجعفرية العدم وجعله في الروض ظاهر اطلاق الأكثر واعتبار التوالي لا يخلوا عن قوة وفاقا
لشارح الروضة للتبادر من اطلاق النص والفتوى والتزام عدم التوالي الفصل بالسفر إلى ما دون
المسافة إما السفر إليها فسفر وهل يلحق بالعشرة المنوية المتردد ثلثين يوما مطلقا أو بشرط اقامته
عشرا بعدها أو لا مطلقا وجوه بل أقوال أقر بها إلى الاعتبار أوسطها مضافا إلى عموم المنزلة في قوله والمقيم
إلى شهر بمنزلة أهل مكة وربما ينسب الأول إلى الشهرة وهو غير ثابت فان الشهيدين والمحقق الثاني
على القول الثاني والمسألة في غير معنونة في كلام القدماء على الظاهر ثم لو حصلت الإقامة فهل
مرتفع موضوع الكثرة كما صرح به الشهيد في الذكري فيحتاج إلى التعدد الذي توقف عليه في الابتداء
428

أو لا يرتفع الا حكم الكثرة في السفر الأولى بعد الإقامة فهو من موانع الحكم لا من روافع الموضوع قولا
الأقوى هو الأول لاستصحاب حكم القصر الثابت له في السفرة الأولى ولا يعارضه استصحاب وجوب التمام الثابت
له في منزله أو غيره الذي نوى فيه الإقامة ولم يقم قبل الخروج إلى السفرة الثانية فضلا عن أن يزيله لان
المستصحب هو وجوب القصر في السفر وهذا لم ينقطع بعوده من السفرة الأولى إلى بلده لان صدق القضية
الشرطية لا يتوقف على صدق الشرط ومن هنا يعلم أن وجوب تمامه في وطنه لا يجود استصحابه لأن الشك
فيه مسبب عن الشك في بقاء تلك القضية الشرطية فباستصحابها يزول الشك في وجوب التمام ولو قيل إن
الثابت بعد الإقامة وجوب القصر في السفرة الأولى إذ هو المتيقن فلا مستصحب قلنا إن الثابت في حال
الكون في الوطن هو وجوب التمام فيه ولا مستصحب حتى إذا فرض دخول الوقت عليه في بلده وخرج قبل الصلاة
بناء على أن العبرة بحال الأداء لكن الانصاف ان استصحاب وجوب القصر غير جار لان الشرط في استصحاب القضية
والحكم التعليقي هو عدم كون الشك مسببا عن تعيين الشرط المعلق عليه بان يكون الشك مسببا عن طرو
رافع لتلك الشرطية مقطوع بعدم وجوده في السابق كالنسخ ونحوه كما إذا شك في نسخ حكم وجوب
الوضوء عند تحقق المذي فإنه يحكم حينئذ بسببية المذي لاستصحاب بقائها ولا يلتفت إلى استصحاب الطهارة
الثابتة قبل حدوث المذي لزوالها بحكم الاستصحاب الأول بخلاف ما نحن فيه فان الشك في ثبوت القصر
في السفرة الثانية سبب عن كون الشرط المعلق عليه حكم القصر هو خصوص السفرة الأولى أو السفر الغير
المحقق الكثرة ليشمل السفرة الثانية أيضا فان قلت استصحاب التمام كذلك لان معنى وجوب التمام
في وطنه انه لو صلى وجب عليه ان يصلى تماما والشك في بقاء التمام من جهة احتمال كون الشرط المعلق عليه
التمام هو انه لو صلى في بلده قلت ليس المراد استصحاب التمام في الصلاة الشخصية التي دخل وقتها في
الوطن
وخرج إلى السفر قبل الصلاة فإنه استصحاب باطل كما ثبت في محله بل المراد أصالة عدم حدوث سبب
القصر قلت يعارضه استصحاب عدم حدوث العلة التامة للتمام في السفر فان قلت السبب للتمام
429

كان موجودا في السابق وهو ما قبل الإقامة والمانع الحادث أعني الإقامة يشك في كونه مانعا في السفرة
الثانية أم لا والأصل عدم مانعية له وبعبارة أخرى العلة التامة للتمام في كل سفرة كانت موجودة
وهي كثرة السفر والمتيقن ارتفاع الحكم في السفرة الأولى دون ارتفاع الموضوع والأصل بقاؤه قلت
المفروض عدم العلم بكونه مانعا فلعله الخروج قبل العشرة من مقومات الكثرة كما يقوله الشهيد ورده
بشهادة العرف على دخوله في عنوان الموضوع وان أقام أمر آخر يرجع إلى التمسك باطلاق أدلة
المكارى واخوته وسيجئ وكيف كان فللكلام من الطرفين مجال لكن الأقوى بناء على ما اخترناه في الأصول
من عدم اعتبار الاستصحاب في نفس الحكم الشرعي إذا كان الشك في مدخلية شئ في موضوع الحكم كان موجود
فارتفع أو في مدخلية عدم شئ فيه فوجد لعدم احراز الموضوع الذي يشترط في الاستصحاب اليقين ببقائه
في الآن اللاحق عدم جريان الاستصحاب من الطرفين ومع ذلك فالأقوى ما ذكره الشهيد (ره) لصحيحة هشام
المتقدمة قوله يختلف وليس له مقام فإنه علق وجوب التمام على تحقق الاختلاف المعبر المقرون
بالإقامة فإذا تحققت الإقامة فلا يجوز الاتمام الا إذا حدث اختلاف غير مقرون بالإقامة لان الاختلاف
السابق قد قرن بها هذا كله مضافا إلى أن الوجه فيما اجمعوا عليه من اعتبار عدم الإقامة
في خلال السفرات الثلاث ليس الا لكون الإقامة منافية للموضوع لا مجرد الرافعية للحكم في السفرة
التي بعدها والا لم يكن وجه لاعتبار عدم الإقامة عقيب السفرة الأولى من السفرات الثلاث لأنه
لو كان رافعا لم يكن وجه لاعتباره فيها هنا لان الحكم بعدها وجوب القصر في السفرة الثانية قطعا
واجماعا فاعتبار عدمها انما ينفع للسفرة الثالثة فينكشف ذلك عن أن مدلول الرواية عند الفقهاء
أجمع ان إقامة العشرة توجب انقطاع ما بعدها عما قبلها فلا يكون ما بعدها
تكرارا لما قبلها وهذا لا يتفاوت فيه يتخلل الإقامة بين السفرات الثلثية أو حدوثها بعدها ودعوى
ان الرواية مختصة بالثانية وانما هو الأولى من دليل آخر خلاف الانصاف ولا؟.؟؟؟ التتبع
430

لكماتهم ثم إن دليل القول بكون الإقامة رافعة للحكم في السفرة الأولى فقط هو استصحاب التمام على ما عرفت واطلاقات
وجوب التمام على كثير السفر ورواية الإقامة ساكتة بالنسبة إلى ما بعد السفرة الأولى فثبتي؟ داخلة في اطلاق كثير
السفر إما استصحاب التمام فقد عرفت واما سكوت الرواية فيمكن ان يوجب جريان استصحاب حكم المخصص دون الرجوع
إلى الاطلاقات ومبنى ذلك على أن سكوته من حيث الأزمان أو من حيث الافراد اعلم أنه قد دلت العمومات
أو الاطلاقات على أن الصلاة في حال السفر ركعتان والمراد بحال السفر ليس خصوص حالة الحركة وقطع المسافة
بل يشمل حال النزول والنوم في أثناء الطريق والاستقرار في المقصد نظير ما يقال في العرف ان فلانا في السفر
حسن الخلق أو كذا ويقول افعل كذا في السفر أو لا تفعل كذا فيه ثم إن هذه الحال ثابتة له عرفا إلى وصول وطنه
العرفي وشرعا إلى حصول أحد القواطع الشرعية من نية الإقامة أو مضى ثلثين أو المرور بالوطن الشرعي
وتعبير العلماء عن هذه الأمور بالقواطع يشهد بان السفر حالة مستمرة إلى حصولها ثم إن العمومات المتقدمة
إذا خصصت بالسفر السائغ وخرج منها ما كان من السفر معصية أو إلى معصية (فكل سفر إلى معصية أو سفر باطل لا تقصير في بالمعنى المتقدم وحينئذ فكما لا يقصر الا أنشأ سفر المعصية صح) من وطنه لا في حال المشي ولا في حال
النزول في الأثناء أو في المقصد بل ولا في الإياب وان رجع إلى أهله كما افتى به الفاضل القمي (ره) في أجوبة مسائله
بناء على صدق كونه في أثناء سفر المعصية كذلك لا يقصر إذا تجدد قصد المعصية في الأثناء بعد إباحة السفر وإن كان
ما قطع على الإباحة يبلغ المسافة أو بعد قصد المعصية يصدق انه في السفر المعصية وما تقدم من السفر المباح
قد انقضى التلبس به بانقضائه وتوهم ان السفر المباح صار حدوثه سببا لوجوب التقصير إلى أن يحصل القاطع
والمقدار المطوى على وجه المعصية غاية الأمر ان يكون وجوده كعدمه في عدم تتميم المسافة به لو احتيج
إلى التتميم كما أنه لا يوجب القصر لو كان بالاستقلال تبلغ المسافة لكنه غير مؤثر في القصر الثابت بالسبب المتقدم
مدفوع بما تقدم من أن السبب في القصر كون المصلى في أثناء السفر المباح ومسافرا بالسفر المباح ومتلبسا به
وهذا المعنى يرتفع عند العدول إلى قصد المعصية وعلى هذا فلا يعتبر في وجوب التمام على من عدل عن قصد الطاعة
بالسفر إلى قصد غاية محرمة بين ان يضرب في الأرض بقصد الغاية المحرمة أو يكون ساكنا في منزله الذي وصل إليه بالسفر
431

المباح كما يقتضيه اطلاق كلماتهم بأنه لو عدل إلى المعصية انقطع الترخص لأنه بمجرد العدول
يصدق عليه انه متلبس بالسفر الذي ليس بحق لان السابق وإن كان سفرا مستقلا مباحا انه قد انقضى التلبس
به مع فرض اعتباره مستقلا كما أن المقدار الباقي الذي هو السفر في معصية إذ لو حظ مستقلا لم يتحقق المتلبس به
بعد فالذي يصح دعوى التلبس به فعلا هو المجموع من الماضي والباقي الملحوظ سفرا واحدا ولا يخفى انه سفر باطل هذا
مع ما استفيد من الروايات كرواية الفضل الواردة في علة التقصير ان تقصير الصلاة في المنزل لأجل الجزء المتأخر من السفر
لا المتقدم ولهذا لو دخل إلى بلده أو حصل أحد القواطع وجب التمام والمفروض ان الجزء المتأخر لكونه إلى المعصية
لا يوجب الترخص ثم لو عاد إلى قصد الطاعة ففي اعتبار كون الباقي مسافة مستقلة قولان اولهما للعلامة
وجماعة ممن تأخر عنه والثاني محكى عن الصدوقين والشيخ والمحقق والشهيد في كرى؟ وجماعة ممن
تأخر عنه وهو الأقوى لصدق التلبس سفر المباح بمجرد العدول كما تقدم فيما لو عاد إلى قصد
المسافة بعد تجدد قصد الرجوع أو التردد وقصد المعصية المتخلل بين القصدين المباحين لا يوجب
سلب الصدق ومنه يظهر الفساد التمسك بالاستصحاب لان وجوب التمام عند قصد المعصية لعدم
دخوله في عنوان التلبس بالسفر الباطل كما عرفت وليس هذا العنوان مما يقبل ان يكون حدوثه كافيا
في بقاء الحكم وان ارتفع لأنه عنوان الموضوع فكما ان عنوان المسافر موضوع للحكم يرتفع بارتفاعه
فكذلك هذه الخصوصية وهي كونه مسافرا بسفر حق ومتلبسا به أو مسافرا سفر باطل ومتلبسا به موضوعان
للقصر والاتمام يدوران مدارهما وجودا وارتفاعا فان قلت فعلى هذا لو كان تمام الماضي معصية فعدل
إلى الطاعة يصدق انه متلبس بالسفر المباح ولو بعد اشتغاله بجزء من السير مع أن الظاهر الاتفاق
على توقف القصر على التلبس بمسافة مستقلة جديدة قلت قد علم من الاجماع ومن أدلة ان سفر
المعصية لا يوجب الترخص ان شيئا منه ولو يسير الا يصح ان يكون مؤثرا للقصر إذا كان مجموع المسافة
معصية توجب نفى تأثير شئ منه وعدم مدخليته في التقصير ثم لا فرق في ذلك بين ان يقطع شيئا من
432

المسافة على الوجه المحرم إذا كان المسافة تتم بضم الباقي إلى ما مضى من السفر المباح وبين ان يعدل عن القصد
المتجدد من دون قطع شئ من الطريق على الوجه المحرم لما ذكرنا من الوجه وتخلل شئ مما لا يجوز عده من
المسافة لا يقدح في ضم أحد طرفيه إلى الآخر نعم يمكن أن يعتبر هناك التلبس بجزء من السفر المباح لصدق
انه متلبس بالسفر المباح بخلاف ما إذا لم يقطع شيئا من المسافة للغاية المحرمة فإنه كما يعدل إلى الاتمام
بمجرد قصد المعصية من غير حاجة إلى التلبس بجزء من السفر كذلك يعدل منه إلى القصر بمجرد قصد الطاعة
هذا كله إذا عدل بنية إلى المعصية ويدل الغاية الأولى المباحة بغاية محرمة كما إذا قصد أولا
سفره الزيارة ثم قصد في أثنائه معصية واما إذا انشاء سفر المعصية في حال تلبسه بالسفر المباح
فهذا تارة يكون بعد تمام المسافة المقصودة كما إذا قصد الزيارة بسفره إلى كربلاء فوصل وزار ثم أراد
سيرا أخر لمعصية واخرى لكون في أثناء المسافة كما إذا وصل من المشهد إلى الخان قاصد للزيارة ثم
عند وصوله إلى الخان لم يعدل عن قصده الأول الا انه عزم في هذه الأثناء إلى مسير محرم من نهب
أو سرقة وفي كلتا الصورتين لابد من التلبس بسفر المعصية إذ بدونه لا يصدق عليه الا انه مسافر
بالسفر المباح ويدل على اعتبار التلبس ظاهر رواية السياري الآتية ولابد أيضا من كون ذلك المسير المقصود
بمقدار بغير عنوان سفره المباح إلى سفر المعصية فلو خرج من كربلاء إلى بعض بساتينها للسرقة فلا يتغير سفره
الحاصل بالذهاب إلى كربلاء بسفر أخر مركب منه ومن مقدار مسافته إلى محل السرقة بل يعد متلبسا سفر السابق
والمفروض اباحته وكذلك ما يحدثه في أثناء المسافة فمجرد الذهاب في أثناء الطريق يمينا وشمالا لبعض المقاصد المحرمة
لا يوجب اتمام الصلاة لو صلاها قبل الرجوع إلى الطريق نعم ظاهر رواية السياري كفاية مجرد العدول عن الجادة
ففيها ان صاحب الصيد يقصر فأدام على الجادة فإذا عدل من الجادة أتم وإذا رجع إلى الجادة
قصر لكنها ضعيفة سندا ودلالة وأقصى ما يقال في تصحيح دلالته ان المراد بصاحب الصيد من يريد
الصيد في أثناء السفر المباح ثم إن هذه الرواية اطلاقها يدل على التلفيق لان عودها
إلى الطريق أعم من أن يبقى مسافة أم لا مع أن القاعدة تقتضي التلفيق هنا أولى من المسألة
السابقة وهي العدول من الغاية المباحة إلى المحرمة ثم منها إلى المباحة لان السفر المباح
433

المقصود لم ينقطع هنا رأسا فيمكن دعوى بقاء التلبس بها ولو من السير إلى المعصية الا انه
الا انه يتم لتلبسه بالسفر المعصية أيضا فتأمل ومما ذكرنا من وجود الرواية والأولوية في هذه المسألة دون
مسألة العدول بالنية يعلم أنه يمكن القول بالتلفيق هنا دون السابقة إذا عرفت هذا فاعلم أنه ذكر
الشهيد في البيان مسألة العدول عن قصد الطاعة إلى المعصية ثم عنها إلى الطاعة ثم حكى عن والد
الصدوق انه لو قصد مسافة ثم مال في أثنائها إلى الصيد أتم ولو عاد عاد إلى القصر ثم قال وهذا يدل
على عدم انقطاع المسافة وحكى هذا في الذكرى عن ولده الصدوق وعن المبسوط وعن المحقق انه حسن وأنت
تعلم أن مفروض كلام هؤلاء كما هو مورد الرواية في المسألة انشاء سفر المعصية في أثناء الطاعة
لا مسألة العدول بالغاية إلى الغاية المحرمة ثم إلى المباحة ويمكن الفرق بينها للرواية ولما ذكرنا
من وجه الفرق وإن كان ضعيفا عند التأمل المشهور اشتراط القصر جفاء الجدران كما اقتصر
عليه في محكى المقنع أو الاذان كما عن ظاهر المفيد وسلار والحلى والحلبي أو أحدهما كما عن الشيخ
وابن حمزة وابن البراج بل عن الأكثر بل المش مطلقا أو بين القدماء على الخلاف بينهم أو كليهما كما عن
السيد والعماني والعلامة في كثير من كتبه بل عن المش مطلقا أو بين المتأخرين وعن والد الصدوق
عدم اعتبار ذلك بل يقصر إذا خرج من منزله إلى أن يعود وربما يعود وربما يحكى عن الإسكافي وهو شاذ كما عن المعتبر
وغيره بل عن الخلاف والاجماع على خلافه ومنشأ الاختلاف الجمع بين صحيحة ابن مسلم الدالة
على تحديد التقصير بما إذا توارى عن البيوت وصحيحة ابن سنان الدالة على تحديد القصر والاتمام ذهابا
وعودا لخفاء اذان المصر وسماعه وسيأتى تفصيله ثم إن المذكور في صحيحة ابن مسلم اعتبار
توارى المسافر عن البيوت وبه عبر في محكى المقنع واللمعة والبيان والمفاتيح والحدائق لكن المصرح به
في عبائر من عداهم توارى البيوت وخفاء الجدران عن المسافر وهو مراد من يتبع الصحيحة في التعبير أيضا
وذكر شارح الروضة ان الصحيحة من باب القلب الذي هو من محاسن الكلام وظني انه لادعى إلى ارتكاب
434

القلب مع كونه على الاطلاق من محاسن الكلام ممنوع كما قرر في محله خصوصا في مثل هذا المقام الذي هو محل لاشتباه
المقصود وتوجيه الرواية انه لما كان توارى الشخص عن شخص مستلزما لتوارى الثاني عن الأول إذا كان التواري
مسببا عن؟؟ المسافة كما هو المراد في المقام وكان الشخصان متساويين في قرة البصر على ما هو المتعارف الغالب في الناظرين
فان التفاوت بينهم في ذلك أمر عارضي لا يلحظ في التعبيرات ولا في الاحكام العرفية والشرعية فلا يفرق الحكم بين اناطته
توارى البيوت عن المسافر أو توارى الشخص عن البيوت بان لا تراه البيوت لو فرضت اشخاصا ناظرين أو أهل البيوت
الا ان الفعل الموجب لتوارى كل منهما عن الآخر وهو البعد لما لم يكن صادرا الا عن المسافر دون البيوت أو أهلها
أسند في العبارة التواري إليه والحاصل ان مؤدى العبارتين واحد واستناد الفعل إلى المسافر لكونه الموجد للسبب
دون صاحبه ثم إن منشأ الاختلاف في الأقوال المتقدمة للمشهور اختلاف صحيحتي ابن مسلم
وابن سنان فمن عمل باحديهما وطرح الأخرى فقد اقتصر على مدلولها ومن جمع بينهما يجعل كل منهما سببا مستقلا
بطرح مفهوم ما دل على الزائد بمنطوق ما دل على الناقص أو بحملهما على التخيير كما ذكره جماعة تبعا لشارح الروضة
والظاهر أن مراده التخيير في الاعتبار لأيهما وهو في غاية البعد فقد اختار اعتبار أحدهما ومن جمع بينهما باعتباره
مفهوم التحديد في كليهما فقد اختار القول الرابع والتحقيق سقوط القولين الأولين لاعتبار الروايتين واما
القولان الآخران فأظهرهما هو الأول منهما لكونه الاظهر من ملاحظة الصحيحتين لان إرادة كون كل منهما جزء
للحد في غاية البعد يكاد نقطع بعدم جواز ارادته في مقام البيان هذا ولكن التحقيق ان كلا الامرين مخالف
لظاهر التحديد في الصحيحتين بناء على اختلاف الحدين في زيادة المسافة ونقصان ما إذ مع الاتحاد يكون اعتبار
أحدهما عين اعتبار الآخر لفرض اتحادهما فإن كان كل منهما حدا مستقلا يلزم لغوية التحديد في الزائد
وإن كان مجموعهما حدا واحدا كان الحد هو الزائد ويكون اعتبار الناقص لغوا فان قلت إن
هذا ليس بعادم النظير فان الشارع جعل كلا من الوزن والمساحة حد للكر مع زيادة أحدهما على الآخر
قلت لا نمنع الورود الا انا ندعى ان الحمل على غيره مع الامكان هو المطابق لمقتضى التحديد لان الحد
435

لا يتعدد من حيث الزيادة والنقيصة ولا يتجزى وقد ذكر ولمسألة الكر أيضا توجيهان لا يحسم شئ منها مادة
الاشكال غاية الأمر زياد ان الفرد الظاهر المنصرف إليه هذا العنوان ناقص بحسب المسافة عن ظاهر
عن ظاهر عنوان ظهور الجدران فإذا أردنا الجمع فنقول ان المراد سماع الاذان تلك المرتبة المساوية
لظاهر عنوان الآخر وإن كان خلاف الظاهر وكذا لو فرضنا كون الحد الآخر ناقصا فان لرؤية الجدران وخفاء
مراتب كرؤيتها متمايزة الاشكال ورؤية أشباحها وما بين الرؤيتين وإن كان الفرد الظاهر المنصرف إليه
اطلاق اللفظ ناقصا عن الحد الآخر فينصرف عن ظاهره بإرادة المرتبة التي تساوى الحد الآخر إلى ما لتلقيق؟
ان الحد في الواقع هو أحد الامرين المذكورين في الصحيحتين والآخر راجع إليه ولو بصرفه إلى خلاف ظاهره
بيان ذلك ان كلا من خفاء الاذان وخفاء الجدران له مراتب لان سماع الاذان أعلى مراتبه سماع فصوله
متمايزة الكلمات وأدناها ان يسمع صوت يعلم ولو بقرينة الزمان أو المكان أو غيرهما انه الاذان وبينهما
مراتب كثيرة نعم ظاهر لفظ العنوان هي مرتبة متوسطة من تلك المراتب ينصرف إليه إطلاق اللفظ وكذلك
ظهور الجدران وخفائها قد يكون بالنسبة إليها متمايزه الاشكال والاشخاص وقد يكون بالنسبة إلى أشباحها
وبينهما مراتب إحديهما هي المتعارف المتبادر من اطلاق اللفظ وحينئذ فيحتمل إرادة خلاف الظاهر في كل
منهما بارجاعه إلى إرادة مرتبة خاصة منها تساوى بحسب المسافة ظاهر العنوان الآخر ولما لم يكن ترجيح
لا بقاء أحدهما المعين على ظاهره وجب التوقف فيما نحن فيه نظير مسير اليوم الواقع تحديدا للقصر في
مقابل ثمانية فراسخ حيث إنه يحمل على مسير يساوى الثمانية وان فرض ان المتعارف الوسط منه أزيد من
الثمانية أو انقص الا ان الفرق بين هذا وما نحن فيه ان في مسألة المسافة تعين التصرف في مسير اليوم سواء
كان المتعارف منه زايدا على الثمانية أو ناقصا لأنه القابل للمراتب دون الثمانية بخلاف ما نحن فيه فان
العنوانين قابلا ان للمراتب فيمكن التصرف بكل منهما بحمله على المرتبة المساوية لمتعارف الآخر فما نحن فيه
نظير العامين من وجه اللذين نقطع برجوع أحدهما إلى الآخر من دون معين فيرجع إلى عمومات القصر
436

في السفر إذ هي المرجع بعد عدم العلم بثبوت التحديد بالزائد فيجعل الناقص هو الحد فيتحد في الحاصل مع
القول الثالث لان معنى كون كل منهما حدا مستقل ان الحكم يدور مع الناقص ذهابا وإيابا والحاصل
ان الأقوى انه كل ما تحقق أحد منهما يحكم بالقصر وان لم يتحقق الآخر لأنه ان لم يعلم تفاوتهما تعين ابقاء
كل من الصحيحتين على ظاهر هما لان التعارض فرع العلم بالمغايرة وان علم تفاوتهما فيحكم أيضا بالقصر أما لان
ظاهر الصحيحتين كفاية كل منهما غاية الأمر لزوم تأويل فيما دل على التحديد بالزائل وان بعد وهذا أولى
بحكم العرف من جعل المجموع حدا واحدا المستلزم لارتكاب التأويل فيما دل على التحديد بالناقص
واما لان اللازم بعد تعارض ظاهر التحديد بالزائد المقتضى لعدم كفاية تحقق الناقص وظاهر
التحديد بالناقص المقتضى لعدم اعتبار تحقق الزائد هو الرجوع إلى عمومات القصر في مورد الشك
أعني صورة تحقق الناقص فقط واما لما اخترناه من أن الحق ان التصرف في التحديد بالناقص على القول
على القول باعتبار الاجتماع وفي التحديد بالزائد على القول بكفاية أحدهما في غاية البعد بل الاستصحاب
بل الحق لزوم ارتكاب التأويل في عنوان أحد الحدين القابل كل منهما لإرادة مراتب متفاوتة
وإن كان كل منهما ظاهر في مرتبة متوسطة بينهما بحمله على ما يساوى ظاهر الآخر وحيث
يمكن هذا التأويل في كل من عنواني التحديد بالناقص والزائد صار الدليلان نظير العامين من وجه
في وجوب التوقف فيهما بالنسبة إلى مورد التعارض والرجوع إلى العمومات وهي في المقام عمومات
القصر فافهم ثم إن المذكور في الرياض ان تخصيص كل من دليل الحدين بالآخر المقتضى
لاعتبار مجموعهما أولى من حملها على التخيير المقتضى للاكتفاء بأحدهما مضافا إلى أوفقيته باستصحاب
التمام وفيه ان حمل كل منهما على الحد المستقل بفهم العرف نظير ما إذا ورد دليلان ظاهرهما
سببية شيئين لمسبب واحد فان الحمل على تعدد الأسباب أولى من الحمل على كون المجموع سببا
واحدا واما الاستصحاب فليس هو المرجع في المقام بل المرجح أو المرجع هي عمومات القصر فافهم
437

اختلفوا فيما إذا خرج المسافر بعد قصد الإقامة في محل والصلاة فيه تماما إلى
ما دون المسافة ونوى العود إليه دون الإقامة على أقوال أحدهما القصر من حين الذهاب ذهب
إليه الشيخ والحلى ونسبه في الذكرى إلى من تأخر عن الشيخ ثانيها الاتمام ذهابا وفي المقصد والقصر
من حين الإياب ذهب إليه الشهيد في جملة من كتبه والمحقق الثاني وجماعة ثالثها الاتمام مطلقا على
حكى عن العلامة في جواب المسائل المضائية وعن الفخر في بعض الحواشي المنسوبة إليه وجماعة من
متأخري المتأخرين الرابع التفصيل بين ما إذا نوى مجرد العود فالقصر مطلقا وبين ما إذا
نوى إقامة دون العشرة فالقصر من حين الإياب ذهب إليه الشهيد في البيان وربما يستظهر
من المختلف التفصيل بين ما إذا عزم بعد العود على اتمام العشرة المنوية أولا فيتم كالناوي
لعشرة مستأنفه وبين غيره فيقصر وفيه نظر وإن كان عبارة المختلف لا يخلو اعن شئ والخامس
والسادس والسابع التفصيل بين صور المسألة بحسب أوضاع محل الإقامة والمقصد والوطن
أول من فصل هو الشهيد الثاني في رسالته المعمولة في هذه المسألة المسماة بنتايج الأفكار ثم إن
المسألة مما لم يرد فيها نص بالخصوص فاختلفا الأقوال فيها من جهة اختلاف ادراجها تحت
قاعدتين اجماعيتين في الجملة إحديهما ان ناوى الإقامة بعد الصلاة تمكنا قد انقطع سفره فلا يجدد
له حكم المسافر الا بانشاء سفره جديد جامع الشرائط القصر فكأنه يريد الخروج من وطنه والدليل على
هذه القاعدة بعد الاجماع وعموم المنزلة في قوله من أحل مكة قبل التروية بعشر فهو بمنزلة
أهل مكة اطلاق صحيحة أبى ولاد بوجوب التمام على الراوي بعد صلاة التمام إلى زمان الخروج
الظاهر في إرادة الخروج إلى وطنه الثانية إذا الذهاب لا يضم إذا لم تكن مسافة إلى الإياب إذا
كان مسافة والدليل عليه مضافا إلى أصالة التمام وظهور الاتفاق ان الظاهر من أدلة تحديد
المسافة المسافة الامتدادية لا الملفق من الذهاب والاياب الا في مسألة الأربعة مع قصد الرجوع
438

ليومه على الخلاف المتقدم فإذا لم يبلغ الذهاب المسافة وكان الإياب فالذاهب لم يتلبس بعد بسفر الإياب
فلا وجه لتقصيره لو لم يصدقه سفر موجب للقصر ثم إن الظاهر أن القائلين بالأقوال المذكورة لم يرتكبوا
التخصيص في القاعدتين المذكورتين فما ربما يوجه به من مذهب الشيخ من القول بالقصر بمجرد الخروج من أنه
لعله قائل بضم الذهاب إلى الإياب مطلقا أو بشرط بلوغه بنفسه المسافة أو يقال إنه لعله قائل
بكون المقيم بمنزلة المتوطن بالنسبة إلى محل الإقامة واما إذا خرج فلا فكلاهما توجيه بما لا يرضى صاحبه
لان الشيخ صرح بمراعاة القاعدتين في كلماته ولهذا استدل في المقام بأنه بخروجه نقض اقامته
بسفر بينه وبين بلده يقصر في مثله فان هذا الكلام صريح في رد الوجه الثاني حيث جعل الناقص
المسافة الواقعة بينه وبين بلده وكذا صرح في المبسوط بكلام هو كالصريح في رد التوجيه الأول
بل كلا الوجهين حيث قال ما حاصله انه لو قصد مسافة وقصد ان يقيم في أثنائها عشرة فلا بد
من ملاحظة المسافة بين بلده وبين ما قصد الإقامة فيه ثم بين ذلك المكان ومقصده فان هذا
كالصريح في عدم انتقاض الإقامة الا بقصد المسافة الشرعية وعدم ضم الذهاب إلى الإياب مطلقا والحاصل
ان توجيه أقوالهم على وجه لا يخالف القاعدتين مشكل والحكم بمخالفتهم في خصوص المقام للقاعدتين
أشكل والحكم بغضلتهم؟ من مقتضاهما في هذا المقام ابعد وكيف كان فالذي يقتضيه النظر
بناء على مراعاة القاعدتين ان المقدر الذي يتكرر طيه من المسافة التي بين هذا المقيم وبين
منتهى مقصده الذي يتم فيه لتوطن أو لإقامة لا يعد من المسافة المقصودة الا مرة واحدة
فان قصد التكرر من أول الأمر كما في مسئلتنا كان ابتداء التلبس المرة الأخيرة من المتكرر فالفاضل
من مكة إلى عرفة الناوي للرجوع إلى مكة لا يتلبس بسفرا الا إذا اخذ في الإياب من عرفة غير قاصد
لرجوع إليها فيقصر وان اتفق له التكرر بعد ما ذهب قاصدا لمقصده كما لو فرضنا الخارج إلى عرفة
غيرنا وللرجوع إلى مكة فاتفق له ذلك كان ابتداء التلبس من زمان خروجه إلى عرفه يكون التكرر
439

في أثناء السفر الشرعي فيقصر من حين الخروج إلى عرفة فعلم من ذلك ان مبدء التلبس بالسفر الموجب
للقصر قد يكون المرة الأولى من المتكرر وقد يكون المرة الأخيرة
وقد يكون المرة الوسطى والمعيار المرة التي
لا يريد تكرارها مرة أخرى وان باله التكرر فظهر من ذلك ان اطلاق القولين الأولين منافيان للقاعدتين
المذكورتين وأشد منافاة لهما القول بالاتمام على الاطلاق المبنى على أن ابتداء انشاء السفر عرفنا لنأوى
العود إلى محل الإقامة زمان خروجه منه بعد العود لازمان خروجه منه ابتداء ولا زمان الشروع
في العود إليه فان من خرج من المشهد إلى الكوفة ناويا العود إليه والإقامة ثمانية أيام أو تسعة
ثم الخروج منه إلى زيارة مولينا أبى عبد الله (ع) أو إلى الحلة فلا يصدق عليه حين العود من الكوفة
إلى المشهد انه متلبس بسفر الحلة أو سفر الزيارة وانما يصدق عليه انه ينشئ السفر للزيارة والحلة بعد
العود إلى المشهد والخروج منه وفيه ان مناط القصر منزعا ليس صدق السفر إلى محل حتى يقال
له غير متلبس بالسفر الفلاني لان السفر الفلاني ليس عنوانا في الأدلة وانما العنوان فيها من قصد
مسير ثمانية فراسخ غيرنا ولإقامة عشرة في أثنائه وتلبس بجزء من تلك المسافة و
من البين ان من يعود إلى الكوفة يصدق عليه هذا العنوان عرفا وان لم يصدق عليه انه مسافر إلى الحلة
أو إلى الزيارة واما ما نسب إلى لف؟ من التفصيل فهو مع عدم ثبوت النسبة كما عرفت ضعيف وان
محل الإقامة بعد المفارقة وقصد سفر جديد بمنزلة غيرها من الأماكن فالمرور إليه عابرا أو مقيما تمام
العشرة المنوية سابقا أو أقل من ذلك أو أزيد لا اعتبار به ومنه يظهر ضعف ما تقدم من نقله عن
الشهيد (ره) في البيان واما التفاصيل الحادثة من زمن الشهيد الثاني بين جماعة من متأخري المتأخرين
فأوضحها واقربها في النظر القاصر ما ذكرنا من التفصيل وجعل ضابط التلبس بالسفر الشروع
في طي مسافة غير قاصد للرجوع قبل بلوغ المسافة ويتلوه في القرب ما ذكره شارح الروضة ولا بأس
بنقل كلامه والتنبيه على موارد مخالفته للضابط اللذي ذكرناه قال قدس وتحقيق المقام ان لهذا
440

المسافر بلد انشاء منه السفر ومقصدا سافر إليه ومؤمنا نوى الإقامة فيه عشرا ومقصدا ثانيا خرج إليه
من الموضع المنوي
الإقامة فيه عشرا ليس بينها قدر المسافة ولا أراد العود ليومه أو ليلته إن كان بينها
أربعة فراسخ ثم أما ان يكون موضع الإقامة مغايرا للمقصد الأول واقعا في طريق المسافة الأولى أو
عينه فعلى الأول أما ان يكون المقصد الثاني عين المقصد الأول أو غيره فإن كان عينه فمن الظاهر أنه
لا قصر عند الذهاب إليه فان سفره الأول قد انقطع بنية الإقامة في ذلك الموضع ولم يتجدد
له سفر آخر وان عليه القصر عند العود إلى بلده سواء رجع إلى موضع الإقامة أم لا إذا لم ينو الإقامة فيه
أو في غيره مما دون المسافة من حين العود وإن كان غيره فاما في جهة البلد أو في جهة المقصد الأول
أو في جهة أخرى فعلى الأول لا قصر ذهابا وكذا عود ان لم يبلغ ما بينه وبين المقصد الأول مسافة
وان بلغها فعليه القصر وعلى الثاني لا قصر ذهابا ان لم يبلغ ما بين موضع الإقامة والمقصد الأول
مسافة وعليه القصر عودا من المقصد الأول إلى البلد ان لم يعزم على الإقامة عشرا فيما دون المسافة
وان بلغ ما بين الموضع والمقصد الأول مسافة فإن لم يرد العود إلى موضع الإقامة الا بعد الوصول
إلى المقصد فعليه القصر فإنه في الحقيقة سفرا إلى المسافة لا إلى ما دونها وان أراد العود ثم العود
إلى المقصد لم يقصر الا في العود إلى المقصد وعلى الثالث ان أراد العود إلى موضع الإقامة ثم المسير
إلى المقصد الأول فلا قصر ذهابا ولا إيابا ما لم يبلغ ما بين موضع الإقامة والمقصد الثاني مسافة
والا قصر إن كان مجموع ما بين الإقامة والمقصدين مسافة وعلى الثاني من الترديد الأول
على أن يكون موضع الإقامة عين المقصد الأول فان أراد العود من المقصد الثاني إليه فلا
قصر لا ذهابا ولا إيابا ما لم يبلغ ما بينهما المسافة وان لم يرد العود وأراد الارتحال من ذلك
المقصد إلى بلده من دون إقامة عشر فعليه القصر لا فرق في المقامين بين ان يكون المقصد
الثاني في جهة بلده أو في خلافها أو بينهما ثم إن حكم المقصد الثاني حكم الذهاب متكلما كان
441

عليه القصر في الذهاب كان عليه فيه وكلما كان الاتمام فيه كان عليه فيه انتهى كلامه (ره)
وهيضا أيضا جف قلمه الشريف من هذا الكتاب تعمده الله بالرحمة والرضا والحمد الله وصلى الله
على محمد وآله ولعنة الله على أعدائه
الحمد الله وفقني باستنساخ مقدار الثلث من هذه النسخة الشريفة والدرة المنيفة في أوائل شهر شعبان المعظم سنة خمس وثلثمائة بعد الألف من الهجرة المحمدية وانا لعبد الفاني أحمد بن الملا حسن التفرشي الطاري عفى عنهما وقد انطبعت في دار الخلافة الطهران حفت بامن والأمان والحمد الله
442